الكتاب: مختصر اختلاف العلماء المؤلف: أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة بن عبد الملك بن سلمة الأزدي الحجري المصري المعروف بالطحاوي (المتوفى: 321هـ) المحقق: د. عبد الله نذير أحمد الناشر: دار البشائر الإسلامية - بيروت الطبعة: الثانية، 1417 عدد الأجزاء: 5   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] ---------- مختصر اختلاف العلماء الطحاوي الكتاب: مختصر اختلاف العلماء المؤلف: أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة بن عبد الملك بن سلمة الأزدي الحجري المصري المعروف بالطحاوي (المتوفى: 321هـ) المحقق: د. عبد الله نذير أحمد الناشر: دار البشائر الإسلامية - بيروت الطبعة: الثانية، 1417 عدد الأجزاء: 5   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم اللَّهُمَّ صل على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَسلم [1] فِي المَاء الَّذِي خالطته نَجَاسَة قَالَ أَصْحَابنَا يُفْسِدهُ والآبار والأواني سَوَاء وَكَذَلِكَ الْجنب والمحدث إِذا اغتسلا فِيهِ أفسداه وَكره الثَّوْريّ ولوغ الْكَلْب إِلَّا أَن يكون كثيرا وَلم يجد للكثير شَيْئا وَقَالَ مَالك فِي بِئْر مُعينَة اغْتسل فِيهَا جنب إِن ذَلِك لَا يُفْسِدهَا وَذكر ابْن الْقَاسِم عَنهُ أَن الْجنب لَا يغْتَسل فِي المَاء الدَّائِم وَلَو اغْتسل فِيهِ لم يُنجسهُ إِذا كَانَ معينا وَقَالَ فِي الْحِيَاض الَّتِي يستسقى مِنْهَا للدواب لَو اغْتسل فِيهَا جنب أفْسدهُ إِلَّا أَن يكون قد غسل قبل ذَلِك فرجه وَمَوْضِع الْأَذَى مِنْهُ فَلَا يكون بِهِ بَأْسا قَالَ أَبُو جَعْفَر قد دلّ على أَن مذْهبه فِي مياه الْآبَار أَن النَّجَاسَة لَا تلحقها فَإِنَّهَا فِي حكم مياه الْبحار إِلَّا أَنه كره الإغتسال فِيهَا لنهي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْجنب عَن الإغتسال فِي المَاء الدَّائِم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا يفْسد المَاء بِالنَّجَاسَةِ إِلَّا أَن يكون تغير طعمه أَو رِيحه وَكره اللَّيْث للْجنب فِي أَن يغْتَسل فِي الْبِئْر وَقَالَ ابْن صَالح لَا بَأْس بِأَن يغْتَسل الْجنب فِي المَاء الراكد الْكثير الْقَائِم فِي النَّهر والسبخة وَكره الْوضُوء بِالْمَاءِ للصَّلَاة إِذا كَانَ أقل من قدر الْكر وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا كَانَ المَاء قُلَّتَيْنِ لم ينجس إِلَّا بِمَا غير طعمه أَو رِيحه أَو لَونه وَإِن كَانَ أقل من قُلَّتَيْنِ نجس بمخالطة النَّجَاسَة وروى مَنْصُور بن زَاذَان عَن عَطاء فِي قصَّة الحبشي الَّذِي مَاتَ فِي زَمْزَم فَأمر ابْن الزبير بنزحه فَلم يَنْقَطِع وَذَلِكَ بِحَضْرَة بقايا الصَّحَابَة فَلم يخالفوه وروى عَطاء بن السَّائِب عَن ميسرَة عَن عَليّ عَلَيْهِ الْكَرَامَة عَن بِئْر وَقعت فِيهَا فَأْرَة فَمَاتَتْ قَالَ ينْزح مَاؤُهَا حَتَّى يَغْلِبهُمْ وَالله أعلم [2] فِيمَا يَمُوت فِي الْبِئْر قَالَ إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ فِي الْبِئْر يَمُوت فِيهَا الجرذ ينْزح مِنْهَا أَرْبَعُونَ دلوا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 وَقَالَ الشّعبِيّ فِي الطير أَرْبَعُونَ دلوا وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد فِي الدَّجَاجَة أَرْبَعُونَ أَو خَمْسُونَ وَفِي الْفَأْرَة عشرُون أَو ثَلَاثُونَ وَقَالَ زفر فِي الْفَأْرَة وَالطير أَرْبَعُونَ وَقَالَ مَالك فِي الدَّجَاجَة تَمُوت فِي الْبِئْر تنزف الى أَن تغلبهم وَيُصلي كل صَلَاة صلاهَا من تَوَضَّأ بِهِ مَا كَانَ فِي الْوَقْت وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك فِي الْفَأْرَة والوزغة يَسْتَقِي مِنْهَا حَتَّى تطيب وَقَالَ الثَّوْريّ فِي الوزعة يستقى مِنْهَا دلاء وَحميد الرواسِي قَالَ لَا أعرف من قَول الْحسن بن صَالح فِيمَا يَقع فِي الْبِئْر مِمَّا ينجس أَن يستقى مِنْهَا أقل من أَرْبَعِينَ قَالَ أَبُو جَعْفَر اتِّفَاق هَؤُلَاءِ الْفُقَهَاء أَنه يطهرها نزح بعض مَائِهَا يَمُوت فِيهَا مَا يَمُوت فِيهَا مِمَّا ذكرنَا قد حصل مِنْهُم [1 ب] وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَعبد الله بن وهب لَا ينجس المَاء بِمَوْت شَيْء من ذَلِك فِيهِ إِلَّا أَن يُغير طعمه أَو لَونه أَو رِيحه وَقَالَ اللَّيْث ينجس الْبِئْر بِمَوْت الفأر فِيهِ وَلم يقدر فِي نزحه شَيْئا وَاعْتبر الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ الْقلَّتَيْنِ [3] فِي سُؤْر الْكَلْب قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَاللَّيْث سُؤْر الْكَلْب نجس وليبتدوا بِغسْل الْإِنَاء مِنْهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 وَقَالَ مَالك هُوَ طَاهِر وَيسْتَحب غسل الْإِنَاء إِذا ولغَ فِي المَاء وَإِن ولغَ فِي لبن أَو سمن فَلَا بَأْس بِأَكْلِهِ وَقَالَ فِي الحَدِيث الْمَرْوِيّ فِي الْكَلْب لَا أَدْرِي مَا حَقِيقَته وَضَعفه مرَارًا فِيمَا ذكره عَنهُ ابْن الْقَاسِم قَالَ وَكَانَ يرى الْكَلْب من أهل الْبَيْت وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ سُؤْر الْكَلْب فِي الْإِنَاء نجس وَفِي المستنقع لَيْسَ بِنَجس وَقَالَ يغسل الثَّوْب من لعاب الْكَلْب وَيغسل لحم الصَّيْد من لعابه وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ سُؤْر الْكَلْب نجس وَيغسل الْإِنَاء مِنْهُ سبعا أولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ وروى أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ قَالَ حَدثنَا أَبُو [حرَّة] عَن الْحسن إِذا ولغَ الْكَلْب فِي الْإِنَاء غسل سبع مَرَّات وَالثَّامِنَة بِالتُّرَابِ وَذهب فِيهِ الى مَا روى شُعْبَة عَن أبي التياح عَن مطرف بن عبد الله عَن عبد الله بن الْمُغَفَّل أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا ولغَ الْكَلْب فِي إِنَاء أحدكُم فليغسله سبع مَرَّات الثَّامِنَة بِالتُّرَابِ وروى هِشَام بن حسان وقرة بن خَالِد عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ طهُور إِنَاء أحدكُم إِذا ولغَ فِيهِ الْكَلْب أَن يغسل سبع مَرَّات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 وروى أَبُو نعيم عَن عبد السَّلَام بن حَرْب عَن عبد الْملك عَن عَطاء عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ فِي الْإِنَاء يلغ فِيهِ الْكَلْب أَو الهر قَالَ يغسل ثَلَاث مَرَّات [4] فِي سُؤْر الهر كرهه أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد وَابْن أبي ليلى وَرُوِيَ نَحوه عَن ابْن عمر وَأبي هُرَيْرَة وَلم ير مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَأَبُو يُوسُف وَالْحسن بن صَالح بِهِ بَأْسا وَحَدِيث أبي قَتَادَة إبي قَتَادَة إِنَّمَا فِيهِ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّهَا لَيست بنجسة إِنَّهَا من الطوافين عَلَيْكُم والطوافات وَلم يذكر حكم سؤرها فِي كَرَاهَة وَلَا إِبَاحَة [و] الْإِبَاحَة الْمَذْكُورَة فِيهِ من قَول أبي قَتَادَة وروى أَبُو عَاصِم عَن قُرَّة بن خَالِد عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ طهُور الْإِنَاء إِذا ولغَ فِيهِ الهر أَن يغسل مرّة أَو مرَّتَيْنِ شكّ قُرَّة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 وَقد روى هِشَام بن حسان عَن مُحَمَّد من قَول أبي هُرَيْرَة وَلَيْسَ قُرَّة بِدُونِ هِشَام بن حسان على أَنه قد كَانَ ابْن سِيرِين يُوقف أَحَادِيث أبي هُرَيْرَة فَإِذا سُئِلَ أَهِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كل حَدِيث أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حدّثنَاهُ إِبْرَاهِيم بن أبي دَاوُد [2 أ] قَالَ حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن عبد الله الْهَرَوِيّ قَالَ حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم عَن يحيى بن عَتيق عَن مُحَمَّد بن سِيرِين أَنه كَانَ إِذا حدث عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ فَقيل عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كل حَدِيث أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأما مَا حَدثنَا الرّبيع بن سُلَيْمَان الْأَزْدِيّ قَالَ حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن أبي أويس قَالَ حَدثنِي عبد الرَّحْمَن بن زيد بن أسلم عَن أَبِيه عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن الْحِيَاض الَّتِي بَين مَكَّة وَالْمَدينَة فَقَالُوا يَا رَسُول الله تردها السبَاع وَالْكلاب وَالْحمير فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَهَا مَا فِي بطونها وَمَا بَقِي فَهُوَ لنا طهُور فَإِنَّهُ حَدِيث لم يرد إِلَّا من هَذَا الْوَجْه وَهُوَ ضَعِيف من جِهَة عبد الرَّحْمَن بن زيد بن أسلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 [5] فِي سُؤْر الْحمار والبغل [قَالَ أَصْحَابنَا] لَا يجوز الْوضُوء بِهِ وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَقَالَ مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ يجزىء 6 - فِي سُؤْر الطير قَالَ أَصْحَابنَا مَا لَا يُؤْكَل لَحْمه مِنْهُ كره الْوضُوء بسؤرة ويجزىء وَمَا أكل لَحْمه فَلَا بَأْس بسؤره وَكره سُؤْر الدَّجَاجَة المخلاة وَقَول مَالك مثله إِلَّا أَنه قَال َ فِي سُؤْر الطير الَّذِي يَأْكُل الْجِيَف إِذا تَوَضَّأ وَصلى يُعِيد فِي الْوَقْت فَإِن مضى الْوَقْت فَلَا إِعَادَة عَلَيْهِ 7 - فِي سُؤْر الْجنب وَالْحَائِض والمشرك لَا بَأْس بِهِ عِنْد أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَقَالَ الثَّوْريّ إِن تَوَضَّأ بِفضل وضوء إِنْسَان من حدث لم يجزه وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا يغْتَسل الرجل بِفضل غسل الْمَرْأَة إِلَّا أَن يتنازعا جَمِيعًا وَقَالَ يتَوَضَّأ بِفضل وضوء الْمَرْأَة إِذا لم يغنه عَنهُ وَقَالَ مَالك لَا بَأْس بسؤر الْحَائِض وَالْجنب بِفضل وضوئهما إِذا لم يكن فِي أَيْدِيهِمَا نَجَاسَة وَلَا يتَوَضَّأ بسؤر النَّصْرَانِي وَلَا بِمَا أَدخل يَده فِيهِ الحديث: 6 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 وَقَالَ الْحسن بن صَالح لَا بَأْس بسؤر الْجنب وَالْحَائِض سُؤْر شرابهما وَيكرهُ سُؤْر وضوئهما 8 - فِيمَا لَا دم لَهُ أَو يعِيش فِي المَاء فَيَمُوت فِيهِ قَالَ أَصْحَابنَا لَا يفْسد المَاء وَقَالَ مَالك مثله فِي الزنبور وَالْعَقْرَب والضفدع والسرطان قَالَ الْأَوْزَاعِيّ الضفدع لَا يفْسد المَاء يَمُوت فِيهِ وَقَالَ الْحسن بن صَالح مَا لَا دم لَهُ لَا يفْسد المَاء يَمُوت فِيهِ وَكَذَلِكَ قَالَ فِي الحكم وأصحابنا يفسدونه بالحكم وَقَالَ الثَّوْريّ أكره مَا يَمُوت فِيهِ الضفدع وَقَالَ الشَّافِعِي موت الذُّبَاب فِي المَاء يُفْسِدهُ حَدِيث أبي سعيد وَأبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مقل الذُّبَاب فِي المَاء يُوجب أَن لَا يُنجسهُ الحديث: 8 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 9 - فِي الْخمر يَقع فِي المَاء قَالَ أَصْحَابنَا يُفْسِدهُ وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَقَالَ مَالك فِي الْخمر يُصِيب ثوب الرجل فَيصَلي فِيهِ وَهُوَ لَا يعلم أَنه يُعِيد مَا دَامَ فِي الْوَقْت وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ وَقَالَ اللَّيْث فِي أحد قوليه يُعِيد وَفِي الآخر لَا يُعِيد وَذكر اللَّيْث عَن ربيعَة أَن الْخمر لَيست بنجسة وَقَالَ الشَّافِعِي هُوَ نجس احْتج أَبُو جَعْفَر بنجاستها بِأَن تَحْرِيمهَا مُطلق كتحريم الْخِنْزِير فَكَانَت كَهُوَ فِي النَّجَاسَة 10 - فِي طَهَارَة البصاق قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَمَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ هُوَ طَاهِر وَرُوِيَ عَن الْأَوْزَاعِيّ أَنه كره أَن يدْخل سواكه فِي وضوئِهِ وَكره الْحسن بن حَيّ أَن يبصق الرجل فِي ثَوْبه وروى شُعْبَة عَن حَمَّاد عَن عَمْرو بن عَطِيَّة عَن سلمَان إِذا حك أحدكُم جلده فَلَا يمسحه ببصاق فَإِنَّهُ غير طَاهِر قَالَ شُعْبَة ثمَّ حَدَّثَنِيهِ بعد ذَلِك فَقَالَ عَن ربعي بن حِرَاش عَن سلمَان قَالَ فَذكرت ذَلِك لإِبْرَاهِيم فَقَالَ يمسحه بِالْمَاءِ الحديث: 9 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 وروى سُفْيَان عَن حَمَّاد عَن عَمْرو بن عَطِيَّة التَّيْمِيّ عَن سلمَان قَالَ إِذا حككت يدك فَلَا تبل يدك بالبصاق فَإِنَّهُ لَيْسَ بِطهُور وروى دَاوُد الطَّائِي عَن جَعْفَر الْأَحْمَر عَن حميد الطَّوِيل عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَصق فِي ثَوْبه ورد بعضه على بعض وروى إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن حميد الطَّوِيل عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى نخامة فِي الْقبْلَة فشق ذَلِك عَلَيْهِ حَتَّى رُؤِيَ ذَلِك فِي وَجهه فَقَامَ فحكه بِيَدِهِ ثمَّ قَالَ إِن أحدكُم إِذا قَامَ فِي صلَاته فَإِنَّمَا يُنَاجِي ربه فَلَا يبصق أحدكُم فِي قبلته وَلَكِن عَن يسَاره أَو تَحت قدمه ثمَّ أَخذ طرف رِدَائه فبصق فِيهِ ثمَّ رد بعضه على بعض فَقَالَ أَو يفعل هَكَذَا قَوْله تَحت قدمه يدل على طَهَارَته لِأَنَّهُ لَا يجوز للْمُصَلِّي أَن يقوم على نَجَاسَة وَقَوله أَو فِي رِدَائه يدل أَيْضا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يُصَلِّي فِي رِدَاء نجس وروى أَبُو سعيد وَأَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَحوه فِي البصاق فِي الثَّوْب ودلك بعضه بِبَعْض الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 وروى شُعْبَة عَن مَنْصُور عَن ربعي عَن طَارق بن عبد الله الْمحَاربي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا كنت فِي الصَّلَاة فَلَا تبزق تجاه وَجهك وَلَكِن ابزق عَن يسارك وَإِلَّا فتحت قدمك وَالله أعلم 11 - فِي لعاب مَا لَا يُؤْكَل لَحْمه كره أَصْحَابنَا لعاب مَا لَا يُؤْكَل لَحْمه من الدَّوَابّ وَالسِّبَاع وَلم يجيزوا الْوضُوء بِهِ قَالَ ربيعَة وَمَالك لَا بَأْس بلعاب الْحمار وَقَالَ الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ لَا بَأْس بلعاب الْحمار وَقَالَ الشَّافِعِي لعاب الدَّوَابّ وعرقها طَاهِر قِيَاسا على بني آدم وَالله تَعَالَى أعلم 12 - فِي بَوْل مَا يُؤْكَل لَحْمه قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَالشَّافِعِيّ هُوَ نجس وَقَالَ مَالك وَمُحَمّد بن الْحسن وَالثَّوْري وَاللَّيْث هُوَ طَاهِر الحديث: 11 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 وَمَا رُوِيَ من إِبَاحَة شربه للعرنيين فللضرورة كَمَا أَبَاحَ للزبير وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف لِبَاس الْحَرِير للضَّرُورَة 13 - فِي بَوْل الصَّبِي والصبية قَالَ أَصْحَابنَا هُوَ كبول الرجل وَهُوَ قَول مَالك وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا بَأْس ببول الصَّبِي مَا دَامَ يشرب اللَّبن وَلَا يَأْكُل الطَّعَام وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ بَوْل الصَّبِي لَيْسَ بِنَجس حَتَّى يَأْكُل الطَّعَام وَلَا يبين لي فرق بَينه وَبَين الصبية وَلَو غسل كَانَ أحب إِلَيّ وَرُوِيَ الزُّهْرِيّ عَن عبيد الله بن عبد الله عَن أم قيس بنت مُحصن أَنَّهَا أَتَت بِابْن لَهَا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يَأْكُل الطَّعَام فأجلسه فِي حجره فَبَال على ثَوْبه فَدَعَا بِمَاء فنضحه وَلم يغسلهُ الحديث: 13 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 قَالَ وَقد يُسمى الْغسْل نضحا وَقد يكون النَّضْح بملاقاة المَاء لَهُ من غير غسل كَمَا رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ إِنِّي لأعْلم أَرضًا يُقَال لَهَا عمان ينضح بناحيتها الْبَحْر بهَا حَيّ من الْعَرَب لَو أَتَاهُم رَسُولي مَا رَمَوْهُ بِسَهْم وَلَا حجر وَقد رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم التَّفْرِيق بَين بَوْل الْغُلَام وَالْجَارِيَة رَوَاهُ أَبُو قَتَادَة عَن أبي حَرْب بن أبي الْأسود عَن أَبِيه عَن عَليّ رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه قَالَ فِي الرَّضِيع يغسل بَوْل الْجَارِيَة وينضح بَوْل الْغُلَام وَقد رُوِيَ سماك بن حَرْب عَن قَابُوس بن الْمخَارِق عَن لبانة بنت الْحَارِث أَن الْحُسَيْن بن عَليّ بَال على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت اعطني ثَوْبك أغسله فَقَالَ إِنَّمَا يغسل من الْأُنْثَى وينضح من بَوْل الذّكر وروى أَبُو مُعَاوِيَة عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُؤْتى بالصبيان فيدعو لَهُم فَأتي بصبي مرّة فَبَال عَلَيْهِ فَقَالَ صبوا عَلَيْهِ المَاء صبا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 وَرَوَاهُ مَالك عَن هِشَام بِإِسْنَاد مثله وروى قَتَادَة عَن سعيد بن الْمسيب أَنه قَالَ الرش بالرش والصب بالصب من الأبوال كلهَا وَحميد عَن الْحسن أَنه قَالَ فِي بَوْل الْجَارِيَة يغسل غسلا وَبَوْل الْغُلَام يتبع المَاء 14 - فِي الْوضُوء بِمَاء خالطه غَيره قَالَ أَصْحَابنَا يجوز مَا لم يغلب عَلَيْهِ قَالَ مَالك لَا يتَوَضَّأ بِالْمَاءِ الَّذِي يبل فِيهِ الْخبز وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا تَوَضَّأ بزردج أَو بسناخ أَو بخل أَجزَأَهُ وَكَذَلِكَ كل شَيْء غير لَونه وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ إِذا بل فِيهِ خبْزًا أَو غَيره مِمَّا لَا يَقع عَلَيْهِ اسْم مَاء مُطلق حَتَّى يُضَاف إِلَى مَا خالطه وَخرج مِنْهُ فَلَا يجوز التَّطْهِير بِهِ قَالَ أَبُو جَعْفَر اتَّفقُوا على جَوَاز الْوضُوء بِمَاء خالطه الطين وَكَذَلِكَ كل مَاء خالطه مَا لم يغلب عَلَيْهِ الحديث: 14 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 15 - فِي نَبِيذ التَّمْر وَالْوُضُوء بِهِ أجَازه أَبُو حنيفَة عِنْد عدم المَاء وَقَالَ حميد بن عبد الرَّحْمَن الرواسِي يتَوَضَّأ بِهِ وَيتَيَمَّم عِنْد عدم المَاء وَعند وجوده وَقَالَ مُحَمَّد يتَوَضَّأ بِهِ وَيتَيَمَّم عِنْد عدم المَاء وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمَالك وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ يتَيَمَّم وَلَا يتَوَضَّأ بِهِ 16 - فِي المَاء الْمُسْتَعْمل قَالَ أَصْحَابنَا لَا يتَوَضَّأ بِهِ وَهُوَ قَول الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ مَالك رَضِي الله عَنهُ لَا يتَوَضَّأ بِهِ إِذا وجد مَاء غَيره فَإِن لم يجد تَوَضَّأ بِهِ وَلم يتَيَمَّم وَقَالَ الثَّوْريّ يجوز الْوضُوء بِالْمَاءِ الْمُسْتَعْمل وَالله أعلم 17 - فِي دم السّمك وَغَيره قَالَ أَصْحَابنَا دم السّمك طَاهِر وَكَذَلِكَ دم مَا لَيْسَ لَهُ دم يسيل نَحْو دم البق والذباب وَقَالَ مَالك فِي دم البراغيث إِذا تفاحش غسله وَإِلَّا لم أر بِهِ بَأْسا الحديث: 15 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 وَقَالَ يغسل دم الذُّبَاب وَدم السّمك وَقَالَ فِي دم الْحيض قَلِيله لَا تُعَاد مِنْهُ الصَّلَاة فِي الْوَقْت وَلَا غَيره وَكَثِيره تُعَاد مِنْهُ الصَّلَاة مَا دَامَت فِي الْوَقْت وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يفْسد الْوضُوء إِلَّا أَن يَقع فِيهِ نَجَاسَة من دم أَو بَوْل أَو غير ذَلِك فَعم الدِّمَاء كلهَا قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ الله تَعَالَى {قل لَا أجد فِيمَا أُوحِي إِلَيّ محرما} الْأَنْعَام 145 إِلَى قَوْله {أَو دَمًا مسفوحا} فَأخْبر أَن مَا بعد المسفوح فَهُوَ غير محرم 18 - فِي الأرواث قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد الأرواث كلهَا نَجِسَة وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَقَول الشَّافِعِي وَقَالَ مَالك وَزفر وَالْحسن بن حَيّ وَالثَّوْري مَا أكل لَحْمه فروثه طَاهِر كبوله قَالَ الثَّوْريّ فِي خرء الدَّجَاج لَيْسَ فِيهِ إِعَادَة وغسله أحسن وَالله أعلم 19 - إِذا مسح الروث من الْخُف وَصلى فِيهِ قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا جف الروث فمسحه وَصلى فِيهِ أَجزَأَهُ وَالرّطب لَا يجْزِيه إِلَّا الْغسْل وَهُوَ قَول أبي يُوسُف الحديث: 18 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 وَقَالَ مُحَمَّد لَا يجزىء فِي الْيَابِس إِلَّا الْغسْل عِنْدهم جَمِيعًا وَقَالَ مَالك فِي الْعذرَة إِذا وطىء عَلَيْهَا لَا يُصَلِّي حَتَّى يغسلهُ وَفِي الروث يُصَلِّي إِذا مَسحه وَإِن كَانَ رطبا 20 - فِي النَّجَاسَة فِي الثَّوْب وَالْبدن قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد فِي الدَّم والغدرة وَالْبَوْل إِن صلى وَفِيه مِقْدَار الدِّرْهَم جَازَت صلَاته وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو حنيفَة فِي الروث وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ مَالك وَزفر وَالْحسن بن حَيّ وَالثَّوْري مَا أكل لَحْمه فروثه طَاهِر كبوله وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف فِي بَوْل مَا يُؤْكَل لَحْمه حَتَّى يكون كثيرا فَاحِشا وَقَالَ زفر فِي الْبَوْل قَلِيله وَكَثِيره يفْسد وَفِي الدَّم حَتَّى يكون أَكثر من قدر الدِّرْهَم وَقَالَ الْحسن بن حَيّ فِي الدَّم فِي الثَّوْب يُعِيد إِذا كَانَ مِقْدَار الدِّرْهَم فَإِن كَانَ أقل من ذَلِك لم يعد وَكَانَ يرى الْإِعَادَة فِي الْجَسَد وَإِن كَانَ أقل من قدر دِرْهَم الحديث: 20 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 وَقَالَ فِي الْبَوْل وَالْغَائِط والقيء يُعِيد فِي الْقَلِيل وَالْكثير وَإِن كَانَ فِي الثَّوْب وَقَالَ مَالك فِي الدَّم الْيَسِير إِذا رَآهُ فِي ثَوْبه وَهُوَ فِي الصَّلَاة مضى فِيهَا وَفِي الْكثير يَنْزعهُ ويستأنف الصَّلَاة وَإِن رأى بَعْدَمَا فرغ أعَاد مَا دَامَ فِي الْوَقْت وَقَالَ فِي الْبَوْل والرجيع والمني وخرء الطير الَّذِي يَأْكُل الْجِيَف إِن ذكره وَهُوَ فِي الصَّلَاة أَنه فِي ثَوْبه قطعهَا واستقبلها وَإِن صلى أعَاد مَا دَامَ فِي الْوَقْت فَإِذا ذهب الْوَقْت لم يعد قَالَ ابْن الْقَاسِم والقيء عِنْد مَالك لَيْسَ بِنَجس إِلَّا أَن يكون الْقَيْء قد تغير فِي جَوْفه فَإِن كَانَ كَذَلِك فَهُوَ نجس وَقَالَ الثَّوْريّ يغسل الدَّم والروث وَلم يعرف قدر الدِّرْهَم وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي الْبَوْل فِي الثَّوْب إِذا لم يجد المَاء يُصَلِّي بِتَيَمُّم وَلَا يُعِيد إِذا وجد المَاء فَإِن وجد المَاء فِي الْوَقْت أعَاد وَقَالَ فِي الْقَيْء يُصِيب الثَّوْب وَلَا يعلم بِهِ حَتَّى صلى قَالَ إِنَّمَا جَازَت الْإِعَادَة فِي الرجيع وَمَضَت صلَاته وَكَذَلِكَ فِي دم الْحيض لَا يُعِيد وَقَالَ فِي الثَّوْب يُعِيد مَا دَامَ فِي الْوَقْت فَإِذا مضى الْوَقْت فَلَا إِعَادَة عَلَيْهِ وَقَالَ اللَّيْث فِي الروث وَالدَّم وَبَوْل الدَّابَّة وَدم الْحيض والمني أعَاد فَاتَ الْوَقْت أَو لم يفت وَقَالَ فِي الدَّم فِي الثَّوْب لَا يُعِيد فِي الْوَقْت وَلَا بعده وَقَالَ سَمِعت النَّاس لَا يرَوْنَ فِي يسير الدَّم يُصَلِّي وَهُوَ فِي ثَوْبه بَأْسا ويرون أَن تُعَاد الصَّلَاة فِي الْوَقْت من الدَّم الْكثير والقيح مثل الدَّم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ فِي الدَّم والقيح إِذا كَانَ قَلِيلا كَدم البراغيث وَمَا يتعافاه النَّاس لم يعد وَيُعِيد فِي الْكثير وَفِي الْبَوْل والعذرة وَالْخمر يُعِيد فِي الْقَلِيل وَالْكثير 21 - فِي نَجَاسَة الْمَنِيّ وطهارته عِنْد أَصْحَابنَا جَمِيعًا وَهُوَ نجس ويجزىء فِيهِ الفرك وَقَالَ مَالك هُوَ نجس وَلَا يجزىء فِيهِ الفرك وَقَالَ الثَّوْريّ يفركه فَإِن لم يفركه أَجْزَأته صلَاته وَقَالَ الْحسن بن حَيّ لَا يُعِيد الصَّلَاة من الْمَنِيّ فِي الثَّوْب وَإِن كثر وَيُعِيدهَا من الْمَنِيّ فِي الْجَسَد وَإِن قل وَكَانَ يُفْتِي مَعَ ذَلِك بفركه من الثَّوْب إِذا كَانَ يَابسا وبغسله إِذا كَانَ رطبا وَقَالَ اللَّيْث هُوَ نجس وَيُعِيد فِي الْوَقْت وَلَا يُعِيد بعده ويفرك من الثَّوْب بِالتُّرَابِ قبل أَن يُصَلِّي وَقَالَ الشَّافِعِي هُوَ طَاهِر ويفركه فَإِن لم يفركه فَلَا بَأْس 22 - فِي الأَرْض تصيبها النَّجَاسَة قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا يَبِسَتْ وَذهب أَثَرهَا صلى فِيهَا وَكَذَلِكَ قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَلَا يتَيَمَّم مِنْهَا الحديث: 21 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 وَقَالَ زفر وَمَالك لَا يُجزئهُ أَن يُصَلِّي عَلَيْهِ إِلَّا أَن مَالِكًا يَقُول لَا يُعِيد بعد الْوَقْت وَكَذَلِكَ قَالَ إِذا تيَمّم بِهِ وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا جف فَلَا بَأْس بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَقَالَ الْحسن بن حَيّ لَا يُصَلِّي عَلَيْهِ حَتَّى يغسلهُ وَإِن صلى قبل ذَلِك لم يُجزئهُ وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ يصب عَلَيْهِ ذنُوب من مَاء وَإِن بَال اثْنَان لم يطهره إِلَّا ذنوبان فَإِن لم يذهب رِيحه وَلم ينشف الأَرْض لَا يطهر بِالْمَاءِ 23 - فِي مِقْدَار الطّهُور قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري صَاع فِي الْغسْل وَمد فِي الْوضُوء وَلم يقدر مَالك وَالشَّافِعِيّ 24 - فِي نِيَّة الطَّهَارَة قَالَ أَصْحَابنَا يجزىء كل طَهَارَة بِمَاء بِغَيْر نِيَّة وَلَا يجزىء التَّيَمُّم إِلَّا بِالنِّيَّةِ وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يجزىء الْوضُوء بِغَيْر نِيَّة وَلم يحفظ عَنهُ فِي التَّيَمُّم شَيْء وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَاللَّيْث لَا يجزىء الْوضُوء وَلَا الْغسْل وَلَا التَّيَمُّم إِلَّا بنية الحديث: 23 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 وَقَالَ الْحسن بن حَيّ يجزىء الْوضُوء وَالتَّيَمُّم جَمِيعًا بِغَيْر نِيَّة قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلم نجد هَذَا القَوْل فِي التَّيَمُّم عَن غَيره 25 - فِي الْمَضْمَضَة والإستنشاق قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَاللَّيْث هما فرض فِي الْجَنَابَة وَغير فرض فِي الْوضُوء وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لَيست بِفَرْض فِي الْجَنَابَة وَلَا فِي الْوضُوء 26 - فِي تَخْلِيل اللِّحْيَة قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ تَخْلِيل اللِّحْيَة لَيْسَ بِوَاجِب فِي الْوضُوء وَكَذَلِكَ قَول الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ وَرُوِيَ عَن سعيد بن جُبَير أَنه قَالَ مَا بَال الْأَمْرَد يغسل ذقنه وَلَا يغسلهُ ذُو اللِّحْيَة وَهَذَا يدل على أَنه كَانَ يرى تخليلها وَاجِبا كَهُوَ قبل نَبَات اللِّحْيَة قَالَ أَبُو جَعْفَر التَّيَمُّم وَاجِب فِيهِ مسح الْبشرَة قبل نَبَات اللِّحْيَة ثمَّ يسْقط بعْدهَا كَذَلِك الْوضُوء الحديث: 25 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 27 - فِي عدد مسح الرَّأْس وَصفته قَالَ أَصْحَابنَا الْمسْح مرّة وَاحِدَة وَكَذَلِكَ قَالَ مَالك وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَقَالَ الشَّافِعِي يمسح ثَلَاثًا وَقَالَ أَصْحَابنَا إِن مسح ربع رَأسه أَجزَأَهُ وَيبدأ بِمقدم رَأسه الى مؤخره وَقَالَ الْحسن بن حَيّ يبْدَأ بمؤخر رَأسه وَقَالَ مَالك الْفَرْض مسح جَمِيع رَأسه وَإِن ترك شَيْئا مِنْهُ كَانَ كمن ترك غسل شَيْء من وَجهه وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث يمسح مقدم الرَّأْس وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ الْفَرْض مسح بعض الرَّأْس وَلم يحده قَالَ أَبُو جَعْفَر قد اتّفق الْجَمِيع على الْمسْح على الْخُفَّيْنِ أَنه مُخَالف لغسل الرجلَيْن فِي اعْتِبَار عمومهما بِالْمَسْحِ وَالله أعلم 28 - فِي الْأُذُنَيْنِ قَالَ أَصْحَابنَا هما من الرَّأْس يمسح مقدمهما ومؤخرهما مَعَ الرَّأْس وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ هما من الرَّأْس يمسح ظهورهما وبطونهما الحديث: 27 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 وروى أَشهب عَن مَالك الأذنان من الرَّأْس وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْن الْقَاسِم وَزَاد فِيهِ ويمسحهما بِمَا سوى المَاء الَّذِي يمسح بِهِ الرَّأْس قَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ بِمَاء جَدِيد وهما سنة على حيالهما لَا من الْوَجْه وَلَا من الرَّأْس وَقَالَ الْحسن بن حَيّ يغسل بَاطِن أُذُنَيْهِ مَعَ وَجهه وَيمْسَح ظاهرهما مَعَ رَأسه 29 - فِي مسح الْوضُوء بالمنديل لم ير أَصْحَابنَا بِهِ بَأْسا وَكَذَلِكَ مَالك وَالثَّوْري والآوزاعي وَكَانَ الْحسن بن حَيّ لَا يُعجبهُ ذَلِك 30 - فِي الْمسْح على الْخُفَّيْنِ قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ للمقيم يَوْمًا وَلَيْلَة وللمسافر ثَلَاثَة أَيَّام ولياليها وَرُوِيَ عَن مَالك وَاللَّيْث أَنه لَا وَقت للمسح على الْخُفَّيْنِ إِذا لبس خفيه وَهُوَ طَاهِر يمسح مَا بدا لَهُ قَالَ مَالك والمقيم وَالْمُسَافر فِي ذَلِك سَوَاء وروى ابْن الْقَاسِم عَن مَالك أَنه ضعف الْمسْح على الْخُفَّيْنِ الحديث: 29 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 31 - كَيْفيَّة الْمسْح قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري يمسح ظَاهر الْخُف دون بَاطِنه وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ يمسح الظَّاهِر وَالْبَاطِن فَإِن مسح الظَّاهِر دون الْبَاطِن أَجزَأَهُ وَإِن مسح بَاطِنه دون ظَاهره لم يجزه قَالَ أَبُو جَعْفَر وروى الْوَلِيد بن مُسلم عَن ثَوْر بن يزِيد عَن رَجَاء بن حَيْوَة عَن كَاتب الْمُغيرَة ابْن شُعْبَة عَن الْمُغيرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مسح على الْخُفَّيْنِ أَعْلَاهُ وأسفله وَذكر الْأَثْرَم أَنه سَأَلَ أَحْمد بن حَنْبَل رَضِي الله عَنهُ عَن هَذَا الحَدِيث فَقَالَ أَحْمد ذكرته لعبد الرَّحْمَن بن مهْدي فَذكر عَن ابْن الْمُبَارك عَن ثَوْر قَالَ حدثت عَن رَجَاء بن حَيْوَة عَن كَاتب الْمُغيرَة وَلَيْسَ فِيهِ الْمُغيرَة فَبَطل هَذَا الحَدِيث وروى عبد خير عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يمسح على ظَاهر الْقَدَمَيْنِ وروى ابْن أبي الزِّنَاد عَن أَبِيه عُرْوَة عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة قَالَ رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يمسح ظُهُور الْخُفَّيْنِ الحديث: 31 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 32 - فِي خرق الْخُفَّيْنِ قَالَ أَصْحَابنَا إِن كَانَ مَا ظهر من الرجل أقل من ثَلَاث أَصَابِع مسح وَلَا يمسح إِذا ظهر ثَلَاث وَقَالَ مَالك رَضِي الله عَنهُ يمسح إِذا لم يظْهر مِنْهُ الْقدَم وَإِن ظهر لم يمسح وَكَذَلِكَ قَول الثَّوْريّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يمسح على الْخُف وعَلى مَا ظهر من الْقدَم وَقَالَ الْحسن بن حَيّ يمسح على الْخُف إِذا كَانَ مَا ظهر مِنْهُ يغطيه الجورب وَإِن ظهر شَيْء من الْقدَم لم يمسح وَالله أعلم 33 - فِي الْمسْح على الجوربين لَا يُجِيزهُ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ إِلَّا أَن يَكُونَا مجلدين وَقَالَ مَالك رَضِي الله عَنهُ لَا يجزىء وَإِن كَانَا مجلدين وَقَالَ الثَّوْريّ وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالْحسن بن حَيّ إِذا كَانَا ثخينين وروى الْمُغيرَة وَأَبُو مُوسَى أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مسح على جوربيه ونعليه وَالله أعلم الحديث: 32 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 34 - فِيمَن يَنْقَضِي وَقت مَسحه أَو ينْزع الْخُف عِنْد أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيّ ينْزع خفيه وَيغسل قَدَمَيْهِ وَرُوِيَ عَن إِبْرَاهِيم وَقَالَ ابْن أبي ليلى إِذا نزع خفيه بعد الْمسْح صلى كَمَا هُوَ وَرُوِيَ نَحوه أَيْضا عَن إِبْرَاهِيم وَالْحسن الْبَصْرِيّ وَرُوِيَ عَن إِبْرَاهِيم أَيْضا أَنه يُعِيد وضوءه وَقَالَ مَالك رَضِي الله عَنهُ وَاللَّيْث إِذا خلع خفيه بعد الْمسْح أَنه إِن غسل رجلَيْهِ مكانهما أَجزَأَهُ وَإِن أخر غسلهمَا بعد نزع الْخُفَّيْنِ أعَاد الْوضُوء كُله وَرُوِيَ عَن الْأَوْزَاعِيّ أَنه يُعِيد الْوضُوء وَرُوِيَ عَنهُ أَنه يغسل رجلَيْهِ خَاصَّة وَقَالَ فِيمَن مسح على الْعِمَامَة ثمَّ نَزعهَا أَنه يمسح على رَأسه وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِنَّه يُعِيد الْوضُوء إِذا خلع خفيه بعد الْمسْح وَلم يفرق بَين أَن يتراخى الْغسْل أَو لم يتراخ وَالله أعلم 35 - فِيمَن نزع أحد خفيه قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَاللَّيْث وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ يغسل رجلَيْهِ جَمِيعًا وَهِي رِوَايَة الْأَشْجَعِيّ وَأبي نعيم عَن الثَّوْريّ الحديث: 34 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 وروى الْفرْيَابِيّ عَنهُ أَنه كَانَ بَعضهم يَقُول يغسل إِحْدَى رجلَيْهِ وَأي ذَلِك مَا فعل أَجزَأَهُ وروى الْمعَافى عَنهُ مثل ذَلِك 36 - فِيمَن نزع الْقدَم من الْخُف روى مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة أَنه إِذا أخرج الْقدَم من الْخُف الى السَّاق فَعَلَيهِ الْوضُوء وروى بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة مثله قَالَ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَكَذَلِكَ إِذا أخرج من نصف الْقدَم الى السَّاق وَقَالَ مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ مثل قَول أبي حنيفَة قَالَ مَالك وَإِن كَانَ عقبه يخرج الى السَّاق والقدم كَمَا هِيَ فِي الْخُف فَلَا أرى عَلَيْهِ شَيْئا وَرُوِيَ عَن الثَّوْريّ كَقَوْل أبي حنيفَة وروى الْفرْيَابِيّ عَنهُ أَنه إِذا أخرج صدر الْقدَم من مَوضِع الْخُف غسل قَدَمَيْهِ وَإِن بَقِي شَيْء فَلَيْسَ عَلَيْهِ وضوء وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا ظهر من رجله بعض مَا عَلَيْهِ الْوضُوء انْتقض الْمسْح وَإِن لم يظْهر مِنْهَا شَيْء لم ينْتَقض الْمسْح 37 - فِي الْمسْح على الجرموقين قَالَ أَصْحَابنَا وَأحد قولي مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ يمسح الحديث: 36 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 على الجرموقين إِذا لبسهما فَوق الْخُفَّيْنِ قبل أَن يحدث وَقَالَ مَالك فِي أحد قوليه وَالشَّافِعِيّ لَا يمسح وروى الْمُغيرَة بن شُعْبَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه مسح على الْعِمَامَة والجرموقين وروى الْعَلَاء بن الْحَارِث عَن مَكْحُول عَن الْحَارِث بن مُعَاوِيَة عَن بِلَال أَن النَّبِي صلى لله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يمسح على الجوموقين والخمار وروى ابْن وهب عَن مَكْحُول عَن الْحَارِث بن مُعَاوِيَة عَن أبي جندل عَن بِلَال مثله 38 - فِيمَن نزع أحد جرموقيه قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يمسح على الْخُف وعَلى الجرموق الآخر وَقَالَ زفر يمسح على الْخُف وَلَا يُعِيد على الجرموق الآخر الحديث: 38 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 39 - فِيمَن مسح بإصبع قَالَ أَصْحَابنَا فِيمَن مسح رَأسه أَو خفه بإصبع أَو إِصْبَعَيْنِ أَنه لَا يُجزئهُ حَتَّى يمسح بِثَلَاث أَصَابِع وَقَالَ زفر وَالثَّوْري إِذا مسح بإصبع يُجزئهُ إِلَّا أَن زفرا قَالَ الرّبع وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ الْمسْح بِبَعْض الْيَد جَائِز 40 - فِيمَن غسل رجلَيْهِ وَلبس قَالَ أَصْحَابنَا يُجزئهُ إِذا أكمل وضوءه بعد اللّبْس قبل الْحَدث وَكَذَلِكَ إِذا غسل إِحْدَى رجلَيْهِ وَلبس وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لَا يُجزئهُ إِلَّا أَن يكون لبس خفيه بعد إِكْمَال الْوضُوء وَفِي حَدِيث الشّعبِيّ عَن عُرْوَة بن الْمُغيرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَوَضَّأ فَأَهْوَيْت إِلَى خفيه لأنزعهما فَقَالَ مَه أقرا الْخُفَّيْنِ فَإِنِّي أدخلت الْقَدَمَيْنِ الْخُفَّيْنِ وهما طاهرتان وَعَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ إِذا أدخلت قَدَمَيْك الْخُفَّيْنِ وهما طاهرتان فامسح عَلَيْهِمَا الحديث: 39 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 قَالَ أَبُو جَعْفَر وَيجوز أَن يُقَال إِن رجلَيْهِ طاهرتان إِذا غسلهمَا وَإِن لم يكمل الطَّهَارَة كَمَا يُقَال صلى رَكْعَة وَإِن لم يتمم الصَّلَاة 41 - فِيمَن مسح ثمَّ سَافر قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري إِذا سَافر بعد يَوْم وَلَيْلَة أَو لم يُسَافر نزع خفيه وَإِن سَافر قبل يَوْم وَلَيْلَة أتم مسح الْمُسَافِر وَإِن أَقَامَ الْمُسَافِر أتم مسح الْمُقِيم قَالَ الشَّافِعِي إِذا مسح فِي الْحَضَر ثمَّ سَافر أتم مسح مُقيم وَلَو مسح مُسَافِرًا ثمَّ أَقَامَ أتم مسح مُقيم أَيْضا 42 - فِي عدد الْوضُوء قَالَ أَصْحَابنَا سَائِر الْأَعْضَاء ثَلَاثًا إِلَّا مسح الرَّأْس فَإِنَّهُ مرّة وَاحِدَة وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِنَّه لم يقدر فِي الْوضُوء مرّة وَلَا مرَّتَيْنِ وَلَا ثَلَاثًا لِأَن الله تَعَالَى لم يذكر عددا الحديث: 41 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 وَقَالَ الشَّافِعِي ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَالْمسح ثَلَاثًا أَيْضا 43 - فِي الْمسْح على الْعِمَامَة قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ لَا يمسح على عِمَامَة وَلَا خمار وَقَالَ الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ يمسح على الْعِمَامَة 44 - فِيمَن تَوَضَّأ ثمَّ جز رَأسه قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ رَضِي الله عَنْهُم لَا يُعِيد عَلَيْهِ المَاء وَقَالَ الثَّوْريّ وَالْحسن بن حَيّ يسْتَحبّ أَن يمر عَلَيْهِ المَاء 45 - فِي وَقت التَّيَمُّم قَالَ حَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان فِي أول الْوَقْت وَقَالَ أَبُو حنيفَة يسْتَحبّ إِذا رجا وجود المَاء أَن يتَيَمَّم فِي آخر الْوَقْت وَهُوَ قَول الثَّوْريّ الحديث: 43 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 وَقَالَ الشَّافِعِي يتَيَمَّم فِي أول الْوَقْت 46 - فِي التَّيَمُّم بالنورة وَالْحجر قَالَ أَبُو حنيفَة وَزفر وَمُحَمّد يُجزئهُ وَكَذَلِكَ غُبَار اللبد وَالثَّوْب وَقَالَ مَالك يجوز التَّيَمُّم بالحصباء والجبل وَقَالَ الثَّوْريّ يجوز التَّيَمُّم بغبار الثَّوْب واللبد وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يتَيَمَّم بالرمل وَقَالَ الشَّافِعِي يتَيَمَّم بِالتُّرَابِ مِمَّا يعلق بِالْيَدِ وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَا يجزىء التَّيَمُّم إِلَّا بِالتُّرَابِ خَاصَّة وَلَا يجزىء بغبار الثَّوْب واللبد 47 - فِي كَيْفيَّة التَّيَمُّم قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ ضربتان ضَرْبَة للْوَجْه وضربة لِلْيَدَيْنِ الى الْمرْفقين وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يجزىء ضَرْبَة وَاحِدَة للْوَجْه وَالْكَفَّيْنِ وَرُوِيَ نَحوه عَن عَطاء الحديث: 46 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 وَقَالَ الزُّهْرِيّ يمسح يَدَيْهِ الى الْإِبِط قَالَ أَبُو جَعْفَر لم يرو ذَلِك عَن أحد من الْمُتَقَدِّمين غير الزُّهْرِيّ وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَالْحسن بن حَيّ يتَيَمَّم بضربتين يمسح بِكُل وَاحِدَة مِنْهُمَا وَجهه وذراعيه ومرفقيه قَالَ أَبُو جَعْفَر لم يخبر أحد من أهل الْعلم غَيرهمَا أَنه يمسح بِكُل وَاحِدَة من الضربتين وَجهه وذراعيه 48 - من فعل صَلَاتَيْنِ بِتَيَمُّم وَاحِد قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَاللَّيْث وَالْحسن بن حَيّ يُصَلِّي مَا شَاءَ من الصَّلَوَات بِتَيَمُّم وَاحِد مَا لم يحدث أَو يجد المَاء وَقَالَ مَالك لَا يُصَلِّي صَلَاتَيْنِ بِتَيَمُّم وَاحِد وَلَا يُصَلِّي نَافِلَة ومكتوبة بِتَيَمُّم وَاحِد إِلَّا أَن تكون نَافِلَة بعد مَكْتُوبَة وَقَالَ إِن صلى رَكْعَتي الْفجْر بِتَيَمُّم أعَاد التَّيَمُّم للفجر وَقَالَ شريك بن عبد الله يتَيَمَّم لكل صَلَاة وَقَالَ الشَّافِعِي يتَيَمَّم لكل صَلَاة فرض وَيُصلي النَّافِلَة وَالْفَرْض وَصَلَاة الْجِنَازَة بِتَيَمُّم وَاحِد 49 - فِي الْمُتَيَمم يجد المَاء فِي الصَّلَاة قَالَ أَصْحَابنَا يتَوَضَّأ وَيسْتَقْبل الحديث: 48 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 قَالَ مَالك واالشافعي يَبْنِي وَلَا يتَوَضَّأ فِي صَلَاة الْجِنَازَة 50 - فِيمَن خَافَ فَوت الْعِيد والجنازة قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَاللَّيْث وَالْحسن بن حَيّ وَالْأَوْزَاعِيّ إِذا خَافَ الْفَوْت تيَمّم وَصلى وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لَا يُجزئهُ التَّيَمُّم إِلَّا فِي السّفر إِذا عدم المَاء وروى عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز عَن عُمَيْر مولى ابْن عَبَّاس عَن أبي الْجُهَيْم بن الْحَارِث بن الصمَّة الْأنْصَارِيّ قَالَ أقبل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من نَحْو بِئْر جمل فَلَقِيَهُ رجل فَسلم عَلَيْهِ فَلم يرد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم السَّلَام حَتَّى أقبل على الجدران فَمسح بِوَجْهِهِ وَيَديه ثمَّ رد عَلَيْهِ السَّلَام فَتَيَمم لرد السَّلَام فِي الْمصر وَهُوَ فرض لخوف الْفَوات لِأَنَّهُ لَو فعل بعد التَّرَاخِي لم يكن جَوَابا فَإِن قيل لم يكن الطَّهَارَة شرطا فِي صِحَة رد السَّلَام الحديث: 50 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 قيل لَهُ رد بِطَهَارَة أفضل فقد ثَبت لهَذِهِ الطَّهَارَة حكم لولاه لم يَفْعَلهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَو لم يكن قد ثَبت حكم التَّيَمُّم فِي هَذِه الْحَال لما فعله النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ولكان لَا معنى لَهُ 51 - فِي الْجنب يمر فِي الْمَسْجِد قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالثَّوْري لَا يمر فِيهِ وَقَالَ اللَّيْث لَا يمر فِيهِ إِلَّا أَن يكون بَابه الى الْمَسْجِد وَقَالَ الشَّافِعِي يمر فِيهِ وَلَا يقْعد وَعَن ابْن عَبَّاس لَا تدخل الْمَسْجِد وَأَنت جنب إِلَّا وَأَنت عَابِر سَبِيل وَقد رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِلَّا عابري سَبِيل} النِّسَاء 43 هُوَ الْمُسَافِر 52 - فِي إِبَاحَة وَطْء الْمَرْأَة فِي السّفر قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ لَا بَأْس بِأَن يَطَأهَا وَيتَيَمَّم للجنابة وَقَالَ مَالك أكره أَن يَطَأهَا وَيتَيَمَّم للجنابة وَقَالَ مَالك أكره أَن يَطَأهَا لِأَنَّهُ يدْخل على نَفسه مَا يلْزمه الْغسْل وَالله أعلم الحديث: 51 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 53 - فِيمَن مَعَه من المَاء مَا لَا يَكْفِيهِ للْغسْل قَالَ أَصْحَابنَا يتَيَمَّم وَلَا يسْتَعْمل المَاء فَإِن أحدث تَوَضَّأ بذلك إِذا كَفاهُ للْحَدَث وَقَالَ مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ لَا يسْتَعْمل المَاء إِلَّا فِي الِابْتِدَاء وَيتَيَمَّم فَإِن أحدث بعد ذَلِك تيَمّم أَيْضا وَلم يسْتَعْمل ذَلِك المَاء وَقَالَ الشَّافِعِي يسْتَعْمل ذَلِك المَاء لما يَكْفِيهِ من بدنه وَيتَيَمَّم أَيْضا قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَصح الْجمع بَينهمَا كَمَا لَا يَصح الْجمع بَين بعض الرَّقَبَة وَبَعض الصّيام فِي الْكَفَّارَات 54 - إِذا نسي المَاء فِي رَحْله وَتيَمّم قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد لَا يُعِيد فِي الْوَقْت وَلَا بعده وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَالشَّافِعِيّ يُعِيد وَقَالَ مَالك يُعِيد فِي الْوَقْت وَلَا يُعِيد بعد الْوَقْت 55 - فِيمَن خَافَ الْبرد فِي الْمصر قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد وَمَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ يتَيَمَّم وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَا يُجزئهُ التَّيَمُّم فِي الْمصر وَقَالَ الشَّافِعِي يتَيَمَّم وَيُعِيد الحديث: 53 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 فِي الْمَحْبُوس فِي الْمصر قَالَ أَبُو حنيفَة إِن لم يجد تُرَابا نظيفا لم يصل وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يُصَلِّي وَيُعِيد وَإِن وجد تُرَابا نظيفا صلى فِي قَوْلهم جَمِيعًا وَأعَاد وَقَالَ زفر لَا يتَيَمَّم وَلَا يُصَلِّي وَإِن وجد تُرَابا نظيفا وَقَالَ مَالك من خَافَ فَوَات الْوَقْت فِي الْمصر إِن ذهب إِلَى المَاء تيَمّم وَصلى وَقَالَ الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ من لم يقدر على المَاء وَالتُّرَاب لم يصل وَيَقْضِي مَا فَاتَهُ إِذا وجد المَاء وَقَالَ اللَّيْث إِذا خَافَ فَوت الْوَقْت إِن تَوَضَّأ صلى بِتَيَمُّم ثمَّ أعَاد الْوضُوء بعد الْوَقْت قَالَ الشَّافِعِي إِذا كَانَ مَحْبُوسًا لَا يقدر على تُرَاب نظيف صلى وَأعَاد إِذا قدر قَالَ أَبُو جَعْفَر قد رُوِيَ فِي قصَّة قلادة عَائِشَة أَن أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّذين بَعثهمْ لطلب القلادة صلوا بِغَيْر تيَمّم وَلَا وضوء ثمَّ نزلت آيَة التَّيَمُّم والفصل مِنْهُ بِأَن التَّيَمُّم لم يكن وَاجِبا حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ نزل بعده وَقد قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لَا يقبل الله صَلَاة بِغَيْر طهُور الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 57 - فِي المحروق والمجروح قَالَ أَصْحَابنَا إِذا كَانَ ذَلِك عَاما فِي جسده تيَمّم وَإِن كَانَ فِي الْأَقَل غسل مَا قدر عَلَيْهِ وَيمْسَح عَن الْبَاقِي إِن أمكنه وَإِلَّا تَركه وَهُوَ قَول مَالك وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا كَانَ ذَلِك لماما فِي جسده تيَمّم قَالَ الْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ يغسل مَا قدر على غسله وَيتَيَمَّم أَيْضا يجمع بَينهمَا 58 - فِي الْمسْح على الجبائر قَالَ أَصْحَابنَا يمسح عَلَيْهِمَا وَقَالَ أَبُو يُوسُف إِن ترك الْمسْح عَلَيْهِمَا وَهُوَ لَا يضرّهُ أعَاد الصَّلَاة وَهُوَ قَول مَالك وَكَذَلِكَ قَالَ الْحسن بن حَيّ وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا مسح على الجبائر وَصلى أعَاد فِي أحد الْقَوْلَيْنِ إِذا قدر على الْوضُوء وَالْقَوْل الآخر أَنه لَا يُعِيد 59 - فِي الْمُتَيَمم يؤم المتوضئين قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَزفر وَمَالك وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ يؤم المتوضئين الْمُتَيَمم قَالَ مُحَمَّد وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ لَا يؤم الحديث: 57 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 60 - فِي وضوء الأقطع قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يغسل مَوضِع الْقطع من الْكَعْبَيْنِ وَمن الْمرْفقين وَقَالَ زفر وَمَالك وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ لَيْسَ عَلَيْهِ غسله وَيسْتَحب مَسحه بِالْمَاءِ 61 - فِي تَرْتِيب الْوضُوء قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالثَّوْري وَاللَّيْث وَالْأَوْزَاعِيّ إِن فعله غير مُرَتّب أَجزَأَهُ وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يُجزئهُ 62 - فِي تَفْرِيق الْوضُوء قَالَ أَصْحَابنَا وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ يُجزئهُ وَقَالَ ابْن ابي ليلى وَمَالك وَاللَّيْث إِن تطاول أَو تشاغل بِعَمَل غَيره ابْتَدَأَ الْوضُوء من أَوله قَالَ أَبُو جَعْفَر جفاف الْوضُوء لَيْسَ بِحَدَث فَلَا ينْقضه كَمَا أَن جفاف سَائِر الْأَعْضَاء لَا يبطل الطَّهَارَة 63 - فِي الشَّك فِي الْحَدث وَالْوُضُوء قَالَ أَصْحَابنَا يَبْنِي على الأَصْل حَدثا كَانَ أَو طَهَارَة وَهُوَ قَول الثَّوْريّ الحديث: 60 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ مَالك إِذا تَوَضَّأ ثمَّ شكّ فِي الْحَدث يُعِيد الْوضُوء بِمَنْزِلَة من شكّ فِي الصَّلَاة فَلم يدر أَثلَاثًا صلى أم أَرْبعا يلغي الشَّك وَإِن عرض لَهُ ذَلِك كثيرا فَهُوَ على وضوئِهِ حَدِيث عباد بن تَمِيم عَن عَمه أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن الرجل يخيل إِلَيْهِ أَنه يجد الشَّيْء فِي الصَّلَاة قَالَ لَا ينْصَرف حَتَّى يسمع صَوتا أَو يجد ريحًا وَلم يفرق بَين أول مرّة وَبَين من يعتاده ذَلِك 64 - فِي الشَّك فِي نَجَاسَة الثَّوْب قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالشَّافِعِيّ هُوَ على طَهَارَة وَقَالَ الثَّوْريّ أحب إِلَيّ أَن يغسلهُ وَحكي عَن مَالك أَنه ينضحه بِالْمَاءِ وَقد رُوِيَ عَن جَابر بن سَمُرَة فِي الرجل يُصَلِّي فِي الثَّوْب الَّذِي يُجَامع فِيهِ أَهله أَنه يُصَلِّي فِيهِ إِلَّا أَن يرى فِيهِ شَيْئا فيغسله وَلَا ينضحه فَإِن النَّضْح لَا يزِيدهُ إِلَّا شرا وَقد رُوِيَ عَن عمر أَنه أَمر بنضحه وَالله أعلم الحديث: 64 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 65 - فِي الصَّلَاة فِي ثِيَاب أهل الذِّمَّة قَالَ أَصْحَابنَا لَا بَأْس بِهِ إِلَّا الْإِزَار والسراويل وَقَالَ الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ لَا بَأْس بِالصَّلَاةِ فِي ثِيَاب الْمُشرك وَقَالَ مَالك لَا يُصَلِّي فِي ثِيَاب أهل الذِّمَّة الَّتِي يلبسونها وَمَا نسجوه فَلَا بَأْس 66 - فِي غسل النَّجَاسَة بِغَيْر المَاء قَالَ أَبُو حنيفَة يجوز غسلهَا بِغَيْر المَاء وَقَالَ زفر وَمَالك وَمُحَمّد وَالشَّافِعِيّ لَا تطهر إِلَّا بِالْمَاءِ 67 - فِي مسح الرَّأْس ببلل فِي عُضْو غَيره قَالَ أَصْحَابنَا لَا يُجزئهُ أَن يمسح رَأسه ببلل أَخذه من لحيته وَهُوَ قَول اللَّيْث وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ يُجزئهُ 68 - فِي الْجنب ينغمس فِي المَاء وَلم يدلك بدنه قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ يُجزئهُ وَقَالَ مَالك لَا يُجزئهُ حَتَّى يتدلك الحديث: 65 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 69 - فِي الْجنب يمس الْمُصحف قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ لَا يمس الْجنب وَلَا الْمُحدث الْمُصحف وَهُوَ قَول الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ أَصْحَابنَا لَا بَأْس بِأَن يَأْخُذهُ بعلاقة أَو غلاف وَقَالَ مَالك لَا يَأْخُذهُ بعلاقة وَلَا على وسَادَة وَقَالَ اللَّيْث لَا يحملهُ بعلاقة إِلَّا أَن يُرِيد نَقله من مَوضِع الى مَوضِع فَيَأْخذهُ بعلاقة وَقَالُوا جَمِيعًا لَا بَأْس بِأَن يحمل خرجا فِيهِ مصحف 70 - فِيمَن وجد على فرَاشه منيا قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد وَمَالك وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ يغْتَسل وَإِن لم يذكر الإحتلام وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَيْسَ عَلَيْهِ غسل حَتَّى يستيقن الِاحْتِلَام وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِن وجده حِين اسْتَيْقَظَ اغْتسل وَإِن وجده بَعْدَمَا يقوم وَيَمْشي فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء وَقَالَ الشَّافِعِي أحب إِلَيّ أَن يغْتَسل 71 - فِي الِاسْتِنْجَاء قَالَ أَصْحَابنَا يستنجي بِثَلَاثَة أَحْجَار فَإِن لم ينق زَاد حَتَّى ينقي وان أنقاه حجر وَاحِد أَجزَأَهُ وَكَذَلِكَ غسله بِالْمَاءِ إِن أنقاه بِغسْلِهِ وَاحِدَة أَجزَأَهُ وَذَلِكَ فِي الحديث: 69 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 الْمخْرج وَمَا عدا الْمخْرج فَإِنَّمَا يغسل بِالْمَاءِ حَكَاهُ عَن ابْن أبي عمرَان أَنه قَالَ أَصْحَابنَا وَقَالَ مَالك تجوز صلَاته بعد الإستنجاء بالأحجار وَيغسل مَا هُنَاكَ فِيمَا يسْتَقْبل وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يجوز بِثَلَاثَة أَحْجَار وَالْمَاء أطهر وَقَالَ الشَّافِعِي يجوز بالأحجار مَا لم يعد الْمخْرج فَإِن عدا الْمخْرج لم يجز إِلَّا المَاء 72 - فِي الْجِمَاع الَّذِي يُوجب الْغسْل قَالَ أَصْحَابنَا إِذا التقى الختانان وتوارت الْحَشَفَة وَجب الْغسْل وَقَالَ مَالك إِذا مس الْخِتَان الْخِتَان وَجب الْغسْل وَقَالَ ابْن الْقَاسِم وَإِنَّمَا ذَلِك إِذا غَابَتْ الْحَشَفَة فَأَما إِذا مَسّه وَهُوَ زاهق الى أَسْفَل وَلم تغب الْحَشَفَة فَلَا يجب الْغسْل وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا التقيا وَجب الْغسْل وَهُوَ أَن يتحاذيا بِأَن تغيب الْحَشَفَة قَالَ أَبُو جَعْفَر جَاءَت بِهِ الْآثَار على ثَلَاثَة أوجه رُوِيَ عَن عَليّ ومعاذ أَنَّهُمَا قَالَا إِذا جَاوز الْخِتَان الْخِتَان فقد وَجب الْغسْل وَذَلِكَ حِين سَأَلَ عمر عَن ذَلِك وَقَالَت وَالْأَنْصَار المَاء من المَاء الحديث: 72 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 وَقَالَ سعيد بن الْمسيب قَالَ عمر وَعُثْمَان وَعَائِشَة إِذا مس الْخِتَان الْخِتَان وَجب الْغسْل وَرُوِيَ عَن عَائِشَة أَيْضا إِذا التقى الختانان وَجب الْغسْل قَالَ أَبُو جَعْفَر الأولى اعْتِبَار مماسة الختانين لَا محاذاته والالتقاء يحْتَمل الْمُحَاذَاة وَيحْتَمل المماسة كَقَوْلِه تَعَالَى {فَالتقى المَاء على أَمر قد قدر} الْقَمَر 12 73 - فِي غسل يَوْم الْجُمُعَة قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري والاوزاعي وَالشَّافِعِيّ مُسْتَحبّ وَقَالَ مَالك من اغْتسل يَوْم الْجُمُعَة فِي أول نَهَاره وَهُوَ لَا يُرِيد غسل الْجُمُعَة فإنة لَا يجزىء عنة حَتَّى يغْتَسل لرواحة لَان رَسُول الله صلى الله علية وَسلم قَالَ فِي حَدِيث ابْن عمر (اذا جَاءَ احدكم الْجُمُعَة فليغتسل) 74 - فِي وَقت الْغسْل قَالَ أَبُو يُوسُف إِذا اغْتسل بعد طُلُوع الْفجْر ثمَّ أحدث فَتَوَضَّأ فَشهد الْجُمُعَة لم يكن كمن شهد الْجُمُعَة على غسل الحديث: 73 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 قَالَ أَبُو يُوسُف إِن كَانَ الْغسْل لليوم فَإِن اغْتسل بعد الْفجْر ثمَّ أحدث فصلى الْجُمُعَة بِوضُوء فَغسله تَامّ وَإِن كَانَ الْغسْل للصَّلَاة فَإِنَّمَا شهد الْجُمُعَة على وضوء وَقَالَ مَالك إِذا أحدث بعد غسل الْجُمُعَة ثمَّ تَوَضَّأ وَشهد الْجُمُعَة أَجزَأَهُ غسله وَإِن اغْتسل أول نَهَاره لم يُجزئهُ عَن غسل الْجُمُعَة وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا اغْتسل يَوْم الْجُمُعَة من جَنَابَة أَو غَيرهَا اجزأه عَن غسل الْجُمُعَة فَهَذَا يدل على أَن مذْهبه أَن الْغسْل لليوم لَا للرواح الى الْجُمُعَة وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ الْغسْل هُوَ للرواح الى الْجُمُعَة فَإِن اغْتسل لغيره بعد الْفجْر لم يُجزئهُ من الْجُمُعَة وَقَالَ عبد الْعَزِيز بن عبد الله بن أبي سَلمَة الْمَاجشون إِذا اغْتسل ثمَّ أحدث أَجزَأَهُ الْغسْل فَدلَّ أَن مذْهبه أَن الْغسْل لليوم وَقد أختلف عَن اللَّيْث فحكي عَنهُ مَا يدل على أَن الْغسْل لليوم وَحكي عَنهُ مَا يدل على أَن الْغسْل للرواح الى الْجُمُعَة قَالَ أَبُو جَعْفَر فِي حَدِيث حَفْصَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على كل محتلم الرواح الى الْجُمُعَة وعَلى كل من رَاح الى الْجُمُعَة الْغسْل فَهَذَا يدل على أَن الْغسْل للرواح وَفِي حَدِيث جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْغسْل وَاجِب على كل محتلم فِي كل أُسْبُوع يَوْمًا وَهُوَ يَوْم الْجُمُعَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 وَهَذَا يدل على أَن الْمَقْصُود بِهِ الْيَوْم لَا الرواح فَالْوَاجِب حمل الْأَخْبَار على أَن الْمَقْصُود الْجُمُعَة لَا الْيَوْم فَإِن الْيَوْم إِنَّمَا ذكر لِأَن فِيهِ الْجُمُعَة حَتَّى تتفق مَعًا فِي الْأَخْبَار وَلِأَنَّهُم متفقون على أَنه لَو أَغْتَسِل يَوْم الْجُمُعَة بعد فَوَات الْجُمُعَة أَنه غير مُصِيب لغسل يَوْم الْجُمُعَة فَدلَّ على أَن الْمَقْصد بِالْغسْلِ الى الرواح لَا إِلَى الْيَوْم 75 - فِي جلد الْميتَة إِذا دبغ وَالصُّوف والعظم قَالَ أَصْحَابنَا وَالْحسن بن حَيّ وَعبيد الله بن الْحسن الْعَنْبَري لَا بَأْس بِالِانْتِفَاعِ بذلك كُله وَبيعه جَائِز وَقَالَ مَالك ينْتَفع بجلود الْميتَة فِي الْجُلُوس عَلَيْهَا وَلَا تبَاع وَلَا تصلى عَلَيْهَا وَلَا ينْتَفع بعظام الْميتَة وَلَا بَأْس بصوفها وشعرها وَلَا تكون ميتَة لِأَنَّهُ يُؤْخَذ مِنْهُ فِي حَال الْحَيَاة وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ تبَاع جُلُود الْميتَة بعد الدّباغ وَينْتَفع بهَا وَكَذَلِكَ قَالَ الثَّوْريّ وَقَالَ اللَّيْث لَا بَأْس بِبيع جُلُود الْميتَة قبل الدّباغ إِذا ثَبت أَنَّهَا ميتَة لِأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أذن فِي الأنتفاع بهَا وَقَالَ اللَّيْث لَا ينْتَفع بعصب الْميتَة وشعرها وصوفها الحديث: 75 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 قَالَ أَبُو جَعْفَر لم نجد عَن أحد من الْعلمَاء جَوَاز بيع جُلُود الْميتَة قبل الدّباغ وَقَالَ الشَّافِعِي وَينْتَفع بجلود الْميتَة بعد الدّباغ إِلَّا جلد الْكَلْب وَالْخِنْزِير وَلَا ينْتَفع بِعظم الْميتَة وَلَا الشّعْر وَلَا الصُّوف 76 - فِي جُلُود السبَاع قَالَ أَصْحَابنَا وَالْأَوْزَاعِيّ لَا بَأْس بِالصَّلَاةِ فِيهَا إِذا كَانَت مذكاة أَو ميتَة مدبوغة وَقَالَ مَالك لَا بَأْس بجلود السبَاع إِذا ذكيت وَكره جُلُود الْحمير المذكاة وَكره الثَّوْريّ جُلُود الثعالب وَلم يرَوا بَأْسا بجلود الْحمير وَقَالَ الشَّافِعِي يتَوَضَّأ فِي جُلُود الْميتَة وكل مَا لَا يُؤْكَل لَحْمه إِذا دبغت إِلَّا جلد كلب أَو خِنْزِير 77 - فِي النَّجَاسَة تحرق بالنَّار قَالَ أَصْحَابنَا فِي النَّجَاسَة إِذا أحرقت وَصَارَت رَمَادا فَهُوَ طَاهِر وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ فِي النَّار لَا تطهر شَيْئا وَقَالَ مَالك وَلَو طبخ قدرا بعظام الْميتَة لم يُؤْكَل مَا فِي الْقدر 78 - فِي الضحك فِي الصَّلَاة قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَعبيد الله بن الْحسن فِيهِ الْوضُوء قَالَ عبيد الله وَلَو ضحك فِي الصَّلَاة على الْجِنَازَة أعَاد الْوضُوء وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ رَضِي الله عَنْهُم لَا وضوء فِيهِ الحديث: 76 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 وَقد رُوِيَ إِيجَاب الْوضُوء من القهقهة عَن الْحسن وَإِبْرَاهِيم وَمُحَمّد بن سِيرِين قَالَ مُحَمَّد بن سِيرِين أذكر وَنحن صبيان إِذا ضحكنا فِي الصَّلَاة أمرنَا أهلنا أَن نعيد الْوضُوء وَالصَّلَاة وَهُوَ مَذْهَب أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ 79 - فِي مس الْمَرْأَة قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري لَا وضوء فِيهِ وَقَالَ مَالك رَضِي الله عَنهُ إِن مَسهَا بِشَهْوَة تلذذا فَعَلَيهِ الْوضُوء وَقَالَ اللَّيْث إِن مَسهَا فَوق الثِّيَاب تلذذا فَعَلَيهِ الْوضُوء وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِن قبل لشَهْوَة فَعَلَيهِ الْوضُوء وَإِن قبل لغير شَهْوَة فَلَا وضوء وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ إِذا مس جَسدهَا فَعَلَيهِ الْوضُوء بِشَهْوَة وَبِغير شَهْوَة 80 - فِي الْقَيْء قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد فِي الْقَيْء كُله الْوضُوء إِذا مَلأ الْفَم إِلَّا البلغم وَقَالَ أَبُو يُوسُف فِي البلغم أَيْضا الْوضُوء إِذا مَلأ الْفَم الحديث: 79 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 وَقَالَ الثَّوْريّ وَالْحسن بن حَيّ وَزفر فِي قَلِيل القلس وَكَثِيره الْوضُوء إِذا ظهر على اللِّسَان وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا وضوء فِيمَا يخرج من الْجوف من المَاء والمرارة الى الْفَم إِلَّا الطَّعَام فَإِن فِي قَلِيله الْوضُوء وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لَا وضوء فِي شَيْء من الْقَيْء 81 - فِي مس الذّكر قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَمَالك لَا وضوء من مس الذّكر إِلَّا أَن مَالِكًا يستحبه وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ فِيهِ الْوضُوء قَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِن من مس ذكره بساعده فَعَلَيهِ الْوضُوء وَقَالَ من مس ذكر الْبَهَائِم فَعَلَيهِ الْوضُوء وَقَالَ الشَّافِعِي لَا وضوء من مس ذكر الْبَهَائِم 82 - فِي الدَّم السَّائِل قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ وَعبيد الله بن الْحسن فِيهِ الْوضُوء الحديث: 81 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 قَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا كَانَ دَمًا عبيطا فَفِيهِ الْوضُوء وَإِن كَانَ مثل مَاء اللَّحْم فَلَا وضوء فِيهِ وَقَالَ مَالك لَا وضوء إِلَّا من حدث يخرج من قبل أَو دبر وَقَالَ الشَّافِعِي لَا وضوء فِيمَا خرج من غير السَّبِيلَيْنِ 83 - فِي خُرُوج الدَّابَّة قَالَ أَصْحَابنَا وَالْحسن بن حَيّ وَالثَّوْري فِي الدُّود يخرج من الدبر الْوضُوء وَإِن خرج من الْجرْح فَلَا وضوء وَكَذَلِكَ قَول الشَّافِعِي وَعَن الْأَوْزَاعِيّ رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا أَن فِيهِ الْوضُوء إِذا خرج من الدبر وَالْأُخْرَى أَن لَا وضوء فِيهِ وَقَالَ مَالك لَا وضوء فِيهِ وَإِن خرج من الدبر 84 - فِي الْوضُوء من النّوم قَالَ أَصْحَابنَا لَا وضوء إِلَّا على من نَام مُضْطَجعا أَو متوركا قَالَ أَبُو يُوسُف إِن تعمد النّوم فِي السُّجُود فَعَلَيهِ الْوضُوء قَالَ الثَّوْريّ وَالْحسن بن حَيّ لَا وضوء إِلَّا على من اضْطجع قَالَ مَالك من نَام مُضْطَجعا أَو سَاجِدا فَليَتَوَضَّأ وَمن نَام جَالِسا فَلَا وضوء عَلَيْهِ إِلَّا أَن يطول قَالَ اللَّيْث إِذا تصنع جَالِسا فَعَلَيهِ الْوضُوء وَلَا وضوء على الْقَائِم والجالس إِذا غَلبه النّوم الحديث: 83 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 وَقَالَ الشَّافِعِي على كل نَائِم الْوضُوء إِلَّا على الْجَالِس قَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا وضوء من النّوم وَإِن تَوَضَّأ ففضل أَخذ بِهِ وَإِن ترك فَلَا حرج وَلم يذكر عَنهُ الْفَصْل بَين أَحْوَال النَّائِم 85 - فِي مسح النَّجَاسَة من السَّيْف قَالَ أَبُو يُوسُف يطهره وَقَالَ زفر لَا يطهره حَتَّى يغسلهُ وَقَالَ مَالك كَقَوْل أبي يُوسُف 86 - فِي مِقْدَار الْحيض قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري أَقَله ثَلَاثَة أَيَّام وَأَكْثَره عشرَة وَقَالَ مَالك لَا وَقت لقَلِيل الْحيض وَلَا لكثيره وَقَالَ الشَّافِعِي أقل الْحيض يَوْم وَلَيْلَة وَأَكْثَره خَمْسَة عشرَة يَوْمًا قَالَ أَبُو جَعْفَر حَدِيث أم سَلمَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَرْأَة الَّتِي سَأَلته أَنَّهَا تهراق الدَّم قَالَ لتنظر عدد اللَّيَالِي وَالْأَيَّام الَّتِي كَانَت تحيض من الشَّهْر فلتترك الصَّلَاة قدر ذَلِك من الشَّهْر ثمَّ لتغتسل وَتصلي الحديث: 85 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 فأجابها بِذكر عدد الْأَيَّام والليالي من غير مَسْأَلَة لَهَا عَن مِقْدَار حَيْضهَا قبل ذَلِك وَأكْثر مَا تتتناوله عشرَة وَأقله ثَلَاثَة 87 - فِي مُدَّة النّفاس قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَاللَّيْث أَكْثَره أَرْبَعُونَ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ تقتدي بنسائها أمهاتها وَأَخَوَاتهَا فَإِن لم يكن لَهَا نسَاء فأكثره أَرْبَعُونَ قَالَ مَالك وَعبيد الله بن الْحسن وَالشَّافِعِيّ أَكْثَره سِتُّونَ ثمَّ رَجَعَ مَالك عَن هَذَا وَقَالَ يسْأَل عَن ذَلِك وَأهل الْمعرفَة وَحكى اللَّيْث أَن من النَّاس من يَقُول سَبْعُونَ يَوْمًا قَالَ عمر وَابْن عَبَّاس وَعُثْمَان بن أبي الْعَاصِ وعامر بن عَمْرو وَأم سَلمَة أَكْثَره أَرْبَعُونَ يَوْمًا فَإِن زَاد فَهُوَ اسْتِحَاضَة وَلم يقل بالستين أحد من الصَّحَابَة وَإِنَّمَا قَالَه من بعدهمْ 88 - فِي الْمُسْتَحَاضَة قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري ترد الى أَيَّامهَا الْمَعْرُوفَة الحديث: 87 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 وَكَانَ مَالك يَقُول تمسك عَن الصَّلَاة خَمْسَة عشر يَوْمًا فَإِن انْقَطع وَإِلَّا صنعت مَا تصنع الْمُسْتَحَاضَة ثمَّ ترجع وَقَالَ تستظهر ثَلَاثَة أَيَّام بعد حَيْضهَا ثمَّ تصلي وَترك قَوْله خَمْسَة عشر يَوْمًا وَسُئِلَ الْأَوْزَاعِيّ فِيمَن تستظهر بِيَوْم أَو يَوْمَيْنِ بعد أَيَّام حَيْضهَا إِذا تطاول بهَا الدَّم فَقَالَ يجوز وَلم يؤقت وقتا للأستظهار وَقَالَ اللَّيْث إِذا جَاوز الدَّم أَيَّام حَيْضهَا استظهرت بِثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ تَغْتَسِل وَتصلي قَالَ وَقد بَلغنِي ذَلِك عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَهَذَا مثل قَول مَالك الْأَخير وَقَالَ الشَّافِعِي إِن رَأَتْ دَمًا ثخينا محتدما فَتلك الْحَيْضَة تدع الصَّلَاة فَإِذا جاءها الدَّم الْأَحْمَر فَذَلِك الِاسْتِحَاضَة تَغْتَسِل وَتصلي وَلَا تستظهر بِثَلَاثَة أَيَّام فَإِن لم يكن الدَّم بِالْوَصْفِ الَّذِي قُلْنَا تركت الصَّلَاة أَيَّام أقرائها ثمَّ تَغْتَسِل وَتصلي 89 - فِي الصُّفْرَة والكدرة قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد هِيَ حيض وَمن أَيَّام الْحيض وَهُوَ قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ وَاللَّيْث وَعبيد الله بن الْحسن وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَا تكون الكدرة حيضا إِلَّا بعد الدَّم وَقد رُوِيَ عَن أم عَطِيَّة الْأَنْصَارِيَّة قَالَت كُنَّا لَا نعتد بالصفرة وَلَا بالكدرة بعد الطُّهْر شَيْئا الحديث: 89 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 وَقد رُوِيَ عَن عَائِشَة أَنَّهَا لَا تصلي حَتَّى ترى الْبيَاض خَالِصا وَكَذَلِكَ عَن أَسمَاء بنت أبي بكر 90 - فِي وضوء الْمُسْتَحَاضَة وَمن بِهِ سَلس الْبَوْل قَالَ أَصْحَابنَا فِي ذَلِك وَفِي الرعاف الَّذِي لَا يَنْقَطِع وَنَحْوه أَنه يتَوَضَّأ لوقت كل صَلَاة قَالَ مَالك لَيْسَ على وَاحِد من هَؤُلَاءِ وضوء واستحبه لَهُ وَقَالَ فِي الَّذِي بِهِ سَلس إِن كَانَ من برد وَشبهه ودام بِهِ فَلَا وضوء عَلَيْهِ وَإِن كَانَ من طول عزبة إِذا تذكر خرج مِنْهُ أَو كَانَ إِنَّمَا يخرج مِنْهُ الْمرة بعد الْمرة فَأرى أَن ينْصَرف وَيغسل مَا بِهِ وَيُعِيد الْوضُوء وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي جَمِيع ذَلِك الْوضُوء وَيجمع بَين الظّهْر وَالْعصر وَقَالَ اللَّيْث مثل قَول مَالك وَقَالَ الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ يتَوَضَّأ لكل صَلَاة 91 - تتوضأ إِذا تقدم حَيْضهَا أَو تَأَخّر قَالَ أَصْحَابنَا إِذا طهرت أَيَّامهَا وَرَأَتْ الدَّم بعد أَيَّامهَا فَهُوَ حيض الحديث: 90 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَيْسَ بحيض قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلم نجد هَذَا القَوْل عَن أحد من أهل الْعلم غَيره وَإِن تقدم حَيْضهَا فرأت الدَّم قبل أَيَّامهَا وطهرت أَيَّامهَا لم يكن حيضا عِنْد أبي حنيفَة حَتَّى ترَاهُ مرَّتَيْنِ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالثَّوْري وَاللَّيْث يكون حيضا وَقَالَ الشَّافِعِي لَا وَقت للحيضة إِذا كَانَت ترى حيضا مُسْتَقِيمًا قَالَ أَبُو يُوسُف لَيْسَ عِنْده للْحيض وَقت بِعَيْنِه إِذا كَانَ الْحيض وَالطُّهْر مُسْتَقِيمًا 92 - فِي مِقْدَار الطُّهْر قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ أقل الطُّهْر خَمْسَة عشر يَوْمًا وَأما مَالك فَفِي إِحْدَى الرِّوَايَات عَنهُ لم يؤقت فِي رِوَايَة عبد الْملك بن حبيب أَن الطُّهْر لَا يكون أقل من عشرَة أَيَّام وَعند الْأَوْزَاعِيّ الطُّهْر الْمرة قبل ذَلِك وَحكي الشَّافِعِي أَنه إِن علم أَن طهر الْمرة أقل من خَمْسَة عشر يَوْمًا القَوْل قَوْلهَا وَحكي عَن ابْن أبي عمرَان عَن يحيى بن أَكْثَم أَن أقل الطُّهْر تِسْعَة الحديث: 92 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 عشر يَوْمًا وَاحْتج بِأَن الله تَعَالَى جعل عدد كل حَيْضَة وطهر شهرا وَالْحيض فِي الْعَادة أقل من الطُّهْر فَلم يجز أَن يكون الْحيض خَمْسَة عشر فَوَجَبَ أَن يكون عشرَة حيضا وَبَاقِي الشَّهْر طهرا وَهُوَ تِسْعَة عشر لِأَن الشَّهْر لَا يكون تِسْعَة وَعشْرين 93 - فِي الْمَرْأَة ترى الدَّم فِي خلاله طهر قَالَ أَبُو يُوسُف لَا أعتبر طهرا أقل من خَمْسَة عشر وَجعله كَدم مُتَّصِل وَمُحَمّد اعْتبر مِقْدَار الدَّم طهر وَقَالَ مَالك إِذا رَأَيْت يَوْمًا دَمًا وَيَوْما طهرا أَو يَوْمَيْنِ ثمَّ رَأَتْ دَمًا كَذَلِك فَإِنَّهُ يلغي أَيَّام الطُّهْر وَيضم أَيَّام الدَّم بعضه إِلَى بعض فَإِن دَامَ بهَا ذَلِك استظهرت بِثَلَاثَة أَيَّام على حَيْضهَا فَإِن رَأَتْ فِي خلال الْأَيَّام الِاسْتِظْهَار أَيْضا طهرا ألغاه حَتَّى يحصل ثَلَاثَة أَيَّام للاستظهار وَأَيَّام الطُّهْر تصلي وتصوم ويأتيها زَوجهَا وَيكون مَا جمع من أَيَّام الدَّم بعضه إِلَى بعض حَيْضَة وَاحِدَة وَلَا يعْتد بأيام الطُّهْر فِي عدَّة من طَلَاق فَإِذا استظهرت بِثَلَاثَة أَيَّام من أَيَّام الطُّهْر وَإِنَّمَا أمرت بِالْغسْلِ لِأَنَّهُ لَا يدْرِي لَعَلَّ الدَّم لَا يرجع إِلَيْهَا وَحكى الرّبيع عَن الشَّافِعِي مثل ذَلِك قَالَ أَبُو جَعْفَر قد اتَّفقُوا أَنه لَو انْقَطع سَاعَة وَنَحْوهَا أَنه كَدم مُتَّصِل فَكَذَلِك الْيَوْم واليومين لِأَن مَا بَين الدمين فِي الْيَوْم واليومين لَو كَانَ طهرا وَمَا قبله وَبعده حيضا لَكَانَ طهرا بَين حيضتين فَكَانَ يجب أَن يعْتد بِهِ من عدتهَا الحديث: 93 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 94 - الْمُسْتَحَاضَة تتْرك الصَّلَاة جاهلة قَالَ أَصْحَابنَا تقضيها وَقَالَ مَالك لَا تقضيها وَلَو تركتهَا شهرا جاهلة قَالَ مَالك وَإِذا انْقَطع دم الإستحاضة فَأحب ان تَغْتَسِل وَإِن كَانَت قد اغْتَسَلت عِنْد خُرُوجهَا من الْحيض 95 - فِي الْمَرْأَة إِذا كَانَ حَيْضهَا خمْسا فتحيض أَرْبعا قَالَ أَصْحَابنَا تصلي الْيَوْم الْخَامِس وتصوم إِذا رَأَتْ فِيهِ الطُّهْر وَلَا يَأْتِيهَا زَوجهَا وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لزَوجهَا أَن يَطَأهَا 96 - فِي الْحَامِل ترى الدَّم قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ وَعبيد الله بن الْحسن لَيْسَ بحيض وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ تدع الصَّلَاة وَهُوَ حيض 97 - فِي النّفاس من الْوَلَد الأول قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف هُوَ من الْوَلَد الأول الحديث: 94 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 وَقَالَ زفر وَمُحَمّد هُوَ من الآخر احْتج لمُحَمد بقول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَدِيث ابْن عمر فَلْيُطَلِّقهَا طَاهِرا من غير جماع أَو حَامِلا فَجعل الْحمل كُله موضعا للطَّلَاق فَدلَّ على أَن لَا نِفَاس لِأَن مَوضِع النّفاس لَيْسَ بِموضع الطَّلَاق 98 - فِي الْمَرْأَة ترى الدَّم اسْتمرّ بهَا حكى بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة أَن حَيْضهَا عشر وطهرها عشرُون قَالَ وَقَالَ أَبُو يُوسُف يَأْخُذ فِي الصَّلَاة الثَّلَاث أقل الْحيض وَفِي الْأزْوَاج بالعشرين وَلَا تقضي صوما عَلَيْهَا إِلَّا بعد الْعشْرَة وتصوم الْعشْر من رَمَضَان وتقضي سبعا وَقَالَ إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ تقعد مثل أَيَّام نسائها وَقَالَ مَالك تعقد مَا يقْعد نَحْوهَا فِي النِّسَاء من أنسابها والدتها وأترابها ثمَّ هِيَ مُسْتَحَاضَة بعد ذَلِك وَقَالَ الشَّافِعِي حَيْضهَا أقل مَا يكون يَوْم وَلَيْلَة وَقَالَ أَبُو جَعْفَر الِابْتِدَاء حيض بِيَقِين فَلَا يخرج إِلَّا بِيَقِين كَمَا أَن شعْبَان بِيَقِين فَإِذا غم الْهلَال لم يخرج إِلَّا بِيَقِين وَكَذَلِكَ كل شهر غم فِيهِ الْهلَال 99 - فِي الْحَائِض هَل تقْرَأ لَا تقْرَأ الْقُرْآن عِنْد أَصْحَابنَا وَالثَّوْري حَائِض وَلَا نفسَاء وَلَا جنب الحديث: 98 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 وَقَالَ مَالك تقْرَأ النُّفَسَاء وَالْحَائِض مَا شاءتا وَأما الْجنب فَلَا يقْرَأ إِلَّا الشَّيْء الْخَفِيف وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ تقْرَأ الْحَائِض الْقُرْآن إِذا رحلت وَإِذا ركبت وَقَالَ اللَّيْث لَا يقْرَأ الْجنب إِلَّا عِنْد الفزعة يفزعها وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يمْنَع من قِرَاءَة الْقُرْآن إِلَّا جنب 100 - فِي الزَّوْجَة النَّصْرَانِيَّة تجبر على الأغتسال عِنْد أَصْحَابنَا لَا يجبرها وَقَالَ مَالك وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ يجبرها على الإغتسال من الْحيض وَلَا يجبرها على غسل النَّجَاسَة 101 - فِيمَا يستباح من الْحَائِض قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ لَهُ مِنْهَا مَا فَوق المئزر وَقَالَ الثَّوْريّ وَمُحَمّد يجْتَنب مَوضِع الدَّم 102 - فِيمَن وطأ امْرَأَته حَائِضًا قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَرَبِيعَة وَيحيى بن سعيد وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ أَنه يسْتَغْفر الله وَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَحكى الْمُزنِيّ عَن مُحَمَّد بن الْحسن أَنه كَانَ يَقُول فِي ذَلِك يتَصَدَّق بِنصْف دِينَار الحديث: 100 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل يتَصَدَّق بِدِينَار أَو بِنصْف دِينَار قَالَ أَحْمد مَا أحسن حَدِيث عبد الحميد عَن مقسم عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتَصَدَّق بِدِينَار أَو نصف دِينَار 103 - فِي دُخُول الْكَافِر الْمَسْجِد قَالَ أَصْحَابنَا لَا بَأْس بِهِ حَرْبِيّا كَانَ أَو ذِمِّيا وَقَالَ مَالك أرى أَن لَا يدْخل النَّصَارَى الْمَسْجِد فَقيل لَهُ الْمَسَاجِد كلهَا قَالَ نعم رِوَايَة ابْن وهب عَن مَالك وَقَالَ الشَّافِعِي لَا بَأْس أَن يبيت الْمُشرك فِي كل مَسْجِد إِلَّا الْمَسْجِد الْحَرَام 104 - فِي الْجنب ينَام ويعاود أَهله هَل يتَوَضَّأ قبل ذَلِك قَالَ أَصْحَابنَا لَا بَأْس بذلك وَإِن أَرَادَ أَن يَأْكُل تمضمض وَغسل يَدَيْهِ وَهُوَ قَول الْحسن بن حَيّ وَقَالَ مَالك لَا ينَام حَتَّى يتَوَضَّأ وضوءه للصَّلَاة ويعاود وَأَهله وَيَأْكُل قبل أَن يتَوَضَّأ إِلَّا أَن يكون فِي يَده قذر فيغسلها وَالْحَائِض تنام قبل أَن تتوضأ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ الْحَائِض وَالْجنب إِذا أَرَادَا أَن يطعما غسلا أَيْدِيهِمَا وَعَن الزُّهْرِيّ أَن الْجنب يغسل يَدَيْهِ قبل أَن يطعم الحديث: 103 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 قَالَ اللَّيْث لَا ينَام الْجنب حَتَّى يتَوَضَّأ رجلا كَانَ أَو امْرَأَة وَرُوِيَ سُفْيَان عَن أبي إِسْحَاق عَن الْأسود عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ ينَام وَهُوَ جنب وَلَا يمس مَاء قَالَ أَبُو جَعْفَر وَهَذَا مُخْتَصر من حَدِيث زُهَيْر بن مُعَاوِيَة عَن أبي إِسْحَاق عَن الْأسود عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ ينَام أول اللَّيْل وَيَجِيء آخِره ثمَّ إِن كَانَت لَهُ حَاجَة قضى حَاجته ثمَّ ينَام قبل أَن يمس مَاء فَإِذا كَانَ عِنْد النداء الأول قَامَ فَأَفَاضَ عَلَيْهِ المَاء وَإِن نَام جنبا تَوَضَّأ وضوء الرجل للصَّلَاة قَالَ أَبُو جَعْفَر قَوْله قضى حَاجته ثمَّ ينَام قبل أَن يمس مَاء قبل أَن يغْتَسل لِئَلَّا يتضاد وَقد أخبر فِي هَذَا الحَدِيث أَنه كَانَ إِذا كَانَ جنبا تَوَضَّأ ثمَّ نَام وروى إِبْرَاهِيم عَن الْأسود عَن عَائِشَة قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَرَادَ أَن ينَام وَهُوَ جنب تَوَضَّأ وروى الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن عَائِشَة قَالَت كَانَ رَسُول الله إِذا أَرَادَ أَن ينَام وَهُوَ جنب تَوَضَّأ وضوءه للصَّلَاة وروى الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَرَادَ أَن يَأْكُل وَهُوَ جنب غسل كفيه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 وَأما معاودة الْجِمَاع فقد روى أَبُو عَاصِم عَن أبي المتَوَكل عَن أبي سعيد قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَتَى أحدكُم أَهله فَأَرَادَ أَن يعود فَليَتَوَضَّأ وَلَيْسَ ذَلِك على الْإِيجَاب لِأَن أَبَا رَافع روى أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طَاف على نِسَائِهِ فَجعل يغْتَسل عِنْد كل وَاحِدَة مِنْهُنَّ فَقيل لَهُ يَا رَسُول الله لَو جعلته وَاحِدًا فَقَالَ هَذَا أزكى وأطهر وَأطيب فَأخْبر أَنه اخْتِيَار لَا إِيجَاب وروى الزُّهْرِيّ عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طَاف على نِسَائِهِ بِغسْل وَاحِد وَرَوَاهُ أَيْضا قَتَادَة وثابت عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثله 105 - فِي الْبَوْل ينضح على الثَّوْب مثل رُؤُوس الإبر قَالَ أَصْحَابنَا لَيْسَ هَذَا بِشَيْء وَقَالَ مَالك يغسل الثَّوْب من قَلِيل الْبَوْل وَكَثِيره وَقَالَ الثَّوْريّ كَانُوا يرخصون فِي الْقَلِيل مِنْهُ وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الدَّم والقيح إِذا كَانَ مثل دم البراغيث وَمَا يتعافاه النَّاس جَازَت الصَّلَاة وَالْبَوْل والعذرة وَالْخمر تُعَاد الصَّلَاة من قَلِيله وَكَثِيره وَقَالَ فِي مَوضِع آخر فِي الدَّم إِذا كَانَ لمْعَة مجتمعا وَجب غسله الحديث: 105 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 106 - فِي الْمَنِيّ يخرج من غير شَهْوَة قَالَ أَصْحَابنَا فِي الرجل يضْرب على إليته فَيخرج من ذكره مني أَن عَلَيْهِ الْوضُوء وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا جَامع ثمَّ اغْتسل ثمَّ خرج مِنْهُ شَيْء فَإِن كَانَ بعد الْبَوْل فَلَا غسل عَلَيْهِ وَإِن كَانَ قبل فَعَلَيهِ الْغسْل وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَيْسَ عَلَيْهِ غسل بَال أَو لم يبل إِذا خرج بعد الدفقة الأولى وَعَن مَالك وَالثَّوْري مثل قَول أبي يُوسُف وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ يجب الْغسْل بَال أَو لم يبل 107 - فِي غسل أحد الزَّوْجَيْنِ إِذا مَاتَ قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ تغسله وَلَا يغسلهَا وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَمَالك وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ يغسل كل وَاحِد مِنْهُمَا صَاحبه إِذا طَلقهَا رَجْعِيًا ثمَّ مَاتَ قَالَ أَصْحَابنَا تغسله مَا لم يكن الطَّلَاق بَائِنا وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لَا تغسله الحديث: 106 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 108 - فِي الْمَرْأَة تَمُوت فِي السّفر وَلَيْسَ مَعهَا نسَاء قَالَ أَصْحَابنَا إِذا كَانَ فيهم ذُو محرم يمموها وَإِن لم يكن فيهم ذُو محرم يمموها من وَرَاء الثَّوْب إِلَّا الْأمة فَإِنَّهَا تيَمّم بِغَيْر ثوب وَأما إِذا مَاتَ الرجل بِحَضْرَة النِّسَاء فَإِنَّهُنَّ ييممنه بِغَيْر ثوب إِذا كن من ذَوَات محارم وَإِن لم يكن فِيهِنَّ ذَوَات محرم ييممنه من وَرَاء الثَّوْب إِلَّا أَن تكون فِيهِنَّ أمة فَإِنَّهَا تيَمّمه بِغَيْر ثوب وَقَالَ مَالك إِن كَانَ مَعَ الرجل ذَوَات رحم محرم فَإِنَّهُنَّ يغسلنه ويسترنه وَكَذَلِكَ الْمَرْأَة تَمُوت وَمَعَهَا ذُو محرم مِنْهَا فَإِنَّهُ يغسلهَا من فَوق الثِّيَاب فَإِن لم يكن مَعَ الرجل إِلَّا أَجْنَبِيَّة يممته بِالتُّرَابِ فِي الْوَجْه والذراعين وَإِن مَاتَت امْرَأَة يممها الرجل الْأَجْنَبِيّ الْوَجْه وَالْكَفَّيْنِ وَقَالَ الثَّوْريّ ييمم الرجل الْمَرْأَة وَالْمَرْأَة الرجل وَلم يفرق بَين ذِي الرَّحِم الْمحرم وَلم يذكر التَّيَمُّم من وَرَاء الثَّوْب وَذَلِكَ إِذا لم يكن مَعَ الْمَرْأَة إِلَّا الرِّجَال وَلَا الرِّجَال إِلَّا النِّسَاء وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا كَانَ مَعهَا ذُو رحم محرم يغسلهَا من وَرَاء الثَّوْب كَمَا قَالَ مَالك وَكَذَلِكَ إِن كَانَ مَعَه ذَات رحم محرم فَإِن لم يكن إِلَّا أَجْنَبِي دفن كل وَاحِد مِنْهُمَا بِغَيْر غسل وَلَا تيَمّم وَقَالَ اللَّيْث إِذا لم يكن مَعَ الرِّجَال إِلَّا النِّسَاء وَمَعَ الْمَرْأَة إِلَّا رجال فَإِن كل وَاحِد مِنْهُمَا يلف فِي ثِيَابه وَيُصلي عَلَيْهِ وَلَا يغسل وَلَا ييمم الحديث: 108 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 109 - فِي قصّ أظفار الْمَيِّت وَحلق عانته قَالَ أَصْحَابنَا لَا يُؤْخَذ من شعر الْمَيِّت وَلَا من أَظْفَاره وَكَذَلِكَ قَول مَالك وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ تقص أَظْفَاره لَا شَيْء غَيرهَا وتدفن الْأَظْفَار فِي غير حفرته وروى أَبُو جَعْفَر عَن ابْن الْمُبَارك عَن سُفْيَان عَن خَالِد عَن أبي قلَابَة أَن سعد بن أبي وَقاص غسل مَيتا فحلق عانته قَالَ سُفْيَان فَذكرت ذَلِك لحماد فَقَالَ أفيختن لَو كَانَ أقلف 110 - فِي الضحك فِي صَلَاة الْجِنَازَة قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري لَا يُعِيد الْوضُوء وَمن شدد يَقُول يتَيَمَّم وَاسْتحبَّ عبد الله بن الْحسن أَن يتَوَضَّأ ويبتدىء 111 - فِي غسل الشَّهِيد قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ فِيمَن قتل شَهِيدا أَنه لَا يغسل وَرُوِيَ عَن الْحسن وَسَعِيد وَأَحَدهمَا إِنَّمَا لم يغسل شُهَدَاء أحد لكثرتهم الحديث: 109 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 والشغل عَن ذَلِك قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلَيْسَ على هَذَا القَوْل أحد من فُقَهَاء الْأَمْصَار غير عبيد الله بن الْحسن وَرُوِيَ الزُّهْرِيّ عَن عبد الله بن ثَعْلَبَة أَن البني صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لقتلى أحد زملوهم بجراحهم فَإِنَّهُ لَيْسَ من كلم يكلم إِلَّا أَتَى يَوْم الْقِيَامَة لَونه لون الدَّم وريحه ريح الْمسك فَجعل الْعلَّة غير مَا ذكر هَؤُلَاءِ من الشّغل 112 - فِيمَن قَتله غير أهل الْحَرْب قَالَ أَصْحَابنَا من قتل مَظْلُوما بحديدة لم يغسل وَقَالَ مَالك يغسل إِلَّا من قَتله الْمُشْركُونَ وَيغسل من قَتله اللُّصُوص والبغاة وَقَالَ الثَّوْريّ من قتل مَظْلُوما لَا يغسل وَمن أكره رجلا فَمَاتَ لم يغسل وَإِن قتل فِي قصاص لم يغسل فِي رِوَايَة الْمحَاربي وَغسل فِي رِوَايَة الْمعَافي وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ قَتِيل الْخَطَأ لَا يغسل وَالشَّافِعِيّ فِي أحد قوليه يغسل إِلَّا من قَتله أهل الْحَرْب وَفِي الآخر قَتِيل الْبُغَاة لَا يغسل الحديث: 112 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 113 - فِي غسل الْمَيِّت روى مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة غسل الْمَيِّت وَلم يذكر فِيهِ أَنه يقْعد وروى بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة أَن يقْعد بعد وضوئِهِ للصَّلَاة فليسنده إِلَيْهِ فيعصره وَإِن سَالَ مِنْهُ شَيْء غسله ثمَّ غسل سَائِر بدنه يبْدَأ بالأيمن وَلم يحك مَالك فِي غسل الْمَيِّت شَيْئا وَقَالَ يعصر بطن الْمَيِّت عصرا خَفِيفا وَقَالَ الثَّوْريّ مثل رِوَايَة بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف وَسُئِلَ الثَّوْريّ عَن الْعَصْر بعد الغسلة الأولى أم قبلهَا فَقَالَ يعصر بعد غسلة أحب إِلَيّ قَالَ الشَّافِعِي يدْخل يَده فِي فِيهِ فيمرها على أَسْنَانه وَيدخل طرف إصبعه فِي مَنْخرَيْهِ بِشَيْء من مَاء فينقيه ويسرح رَأسه ولحيته تسريحا رَفِيقًا وَحكى الْمُزنِيّ عَن الْحسن أَنه يعصره قبل أَن يوضئه قَالَ وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَفِي حَدِيث غسل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن عَليّ بن أبي طَالب أسْندهُ إِلَى صَدره وَالْتمس مِنْهُ مَا يلْتَمس من الْمَيِّت فَلم ير مِنْهُ مَا يرى من الْمَيِّت الحديث: 113 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 114 - إِذا خرج مِنْهُ شَيْء بعد الْغسْل قَالَ أَصْحَابنَا يغسل ذَلِك الْموضع وَلَا يُعَاد غسله وَهُوَ قَول الثَّوْريّ لَا بَأْس بِأَن يوضئه بِمَنْزِلَة الْحَدث وَقَالَ الشَّافِعِي يُعَاد غسله قَالَ أَبُو جَعْفَر الْغسْل عبَادَة علينا وَقد فَعَلْنَاهُ فَسَقَطت الْعِبَادَة فَإِن قيل فَإِن الَّذِي خرج طَهَارَته كالحي قيل لَهُ لَا عبَادَة على الْمَيِّت إِنَّمَا هِيَ على الْأَحْيَاء فَإِذا فَعَلُوهَا سَقَطت 115 - فِي الأغتسال من غسل الْمَيِّت قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ لَيْسَ عَلَيْهِ غسل وَقَالَ مَالك أحب إِلَيّ أَن يغْتَسل قَالَ اللَّيْث غسل عَليّ بن أبي طَالب أَبَاهُ أَو بعض عمومته فَأمره النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يغْتَسل وَكَانَ عَليّ يَأْمر بِالْغسْلِ من غسل الْمَيِّت وَأما حَدِيث الْغسْل من غسل الْمَيِّت فَرَوَاهُ سُفْيَان عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن إِسْحَاق مولى زَائِدَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من غسل مَيتا اغْتسل وَمن حمله تَوَضَّأ الحديث: 114 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 وَإِسْحَاق هَذَا غير مَعْرُوف وَقد رَوَاهُ ابْن أبي ذِئْب عَن صَالح مولى التَّوْأَمَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرُوِيَ أَيْضا عَن زُهَيْر بن مُحَمَّد عَن الْعَلَاء عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وروى مُصعب بن شيبَة عَن طلق بن حبيب عَن عبد الله بن الزبير عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يَأْمر بِالْغسْلِ من الْجَنَابَة وَمن الْحجامَة وَمن غسل الْمَيِّت وَيَوْم عَرَفَة وروى شُعْبَة عَن يزِيد الرشك عَن معَاذَة سَأَلت عَائِشَة أيغتسل من غسل الْمَيِّت فَقَالَت لَا وَرُوِيَ عَن ابْن مَسْعُود وَسعد وَابْن عمر وَجَمَاعَة غَيرهم من الصَّحَابَة أَن لَا غسل على من غسل الْمَيِّت وروى سُفْيَان عَن أبي إِسْحَاق عَن نَاجِية بن كَعْب عَن عَليّ أَنه أَتَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِن أَبَا طَالب مَاتَ فَقَالَ انْطلق فواره قَالَ فَقلت لَهُ مَاتَ مُشْركًا فَقَالَ انْطلق فواره فَلَمَّا رجعت قَالَ اغْتسل وَلَيْسَ فِي هَذَا الحَدِيث غسل الْمَيِّت وَإِنَّمَا فِيهِ اذْهَبْ فواره 116 - فِي الْمُسلم يَمُوت لَهُ قرَابَة كَافِر قَالَ أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيّ يغسلهُ ويتبعه ويدفنه حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم أَن الْحَارِث بن ربيعَة مَاتَت أمه نَصْرَانِيَّة فتبع جنازتها فِي رَهْط من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَالك لَا يغسل وَالِده إِذا مَاتَ كَافِرًا وَلَا يتبعهُ وَلَا يدْخلهُ قَبره إِلَّا أَن يخْشَى أَن يضيع فيواريه وَقَالَ اللَّيْث يمشي أَمَام جنَازَته وَلَا يمشي فِي قَبره آخر كتاب الطَّهَارَة الحديث: 116 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 = كتاب الصَّلَاة = 117 - فِي الْأَذَان على غير طَهَارَة قَالَ أَصْحَابنَا إِن أذن وَهُوَ على غير وضوء لم يعد وَيجزئهُ وَإِن أذن وَهُوَ جنب فَأحب إِلَيْنَا أَن يُعِيد وَعَن إِبْرَاهِيم لَا بَأْس بِأَن يُؤذن الْمُحدث قَالَ مُحَمَّد وَبِه نَأْخُذ وَقَالَ مَالك وَالثَّوْري لَا بَأْس بِأَن يُؤذن الْجنب وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَعبد الله بن وهب يكره أَن يُؤذن على غير وضوء إِلَّا أَن الْأَوْزَاعِيّ قَالَ إِن أحدث فِي أَذَانه مر عَلَيْهِ وَقَالَ الْحسن بن حَيّ لَا بَأْس أَن يُؤذن على غير وضوء ويعجبني أَن يتَوَضَّأ قبل أَن يُقيم وَقَالَ الشَّافِعِي يَنْبَغِي أَن يكون أَذَانه على طهر فَإِن أذن جنبا أَجزَأَهُ الحديث: 117 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 118 - فِي الْمُؤَذّن يستدير قَالَ أَصْحَابنَا يسْتَقْبل بِالشَّهَادَةِ الْقبْلَة ويحول رَأسه يَمِينا وَشمَالًا بِالصَّلَاةِ والفلاح وَإِن اسْتَدَارَ فِي الصومعة فَحسن وَكَذَلِكَ قَالَ الثَّوْريّ غير أَنه لم يذكر الإستدارة وَسُئِلَ مَالك عَن الْمُؤَذّن يستدير فَأنكرهُ وَقَالَ لَا أرى ذَلِك وَرَوَاهُ ابْن الْقَاسِم سَمَاعا وَقَالَ ابْن الْقَاسِم وَبَلغنِي عَن مَالك أَنه قَالَ إِن كَانَ يُرِيد بالإستدارة الإسماع فَنعم وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ اللَّيْث لَا يبرح الْمُؤَذّن مقَامه الَّذِي أذن فِيهِ حَتَّى يفرغ من أَذَانه كُله وَقَالَ الشَّافِعِي يلتوي فِي حَيّ على الصَّلَاة حَيّ على الْفَلاح يَمِينا وَشمَالًا وَلَا يزِيل قدماه وروى سُفْيَان عَن عون بن أبي جُحَيْفَة عَن أَبِيه أَنه رأى بِلَالًا أذن فَاسْتقْبل الْقبْلَة وَجعل إصبعيه فِي أُذُنَيْهِ وَجعل يستدير وَفِي حَدِيث آخر لِسُفْيَان عَن عون عَن أَبِيه عَن بِلَال أَنه كَانَ يَدُور فِي إِقَامَته وَفِي حَدِيث آخر إِنِّي جعلت أتتبع فَاه هَاهُنَا وَهَاهُنَا بِالْأَذَانِ وروى حَمَّاد بن سَلمَة عَن الْحجَّاج بن أَرْطَأَة عَن ابْن أبي جُحَيْفَة عَن الحديث: 118 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 أَبِيه أَن بِلَالًا أذن بالبطحاء لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجعل إصبعية فِي أُذُنَيْهِ وَجعل يستدير قَالَ أَبُو جَعْفَر حدّثنَاهُ مُحَمَّد بن خُزَيْمَة قَالَ حَدثنَا حجاج بن الْمنْهَال عَن الْحجَّاج 119 - فِي الْأَذَان قبل طُلُوع الْفجْر قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد وَالثَّوْري لَا يُؤذن للفجر حَتَّى يطلع الْفجْر وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ يُؤذن للفجر خَاصَّة قبل طُلُوع الْفجْر شريك عَن عَليّ بن عَليّ عَن إِبْرَاهِيم قَالَ شيعنا عَلْقَمَة الى مَكَّة فَخرج بلَيْل فسمعنا مُؤذنًا يُؤذن بلَيْل فَقَالَ أما هَذَا فقد خَالف سنة أَصْحَاب مُحَمَّد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لَو كَانَ نَائِما لَكَانَ خيرا لَهُ فَإِذا طلع الْفجْر أذن 120 - فِي كَيْفيَّة الْأَذَان وَالْإِقَامَة والتثويب قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ الْأَذَان وَالْإِقَامَة مثنى مثنى وَيَقُول فِي أول أَذَانه وإقامته الله أكبر أَربع مَرَّات الحديث: 119 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 قَالَ وروى الْحسن بن زِيَاد عَن أبي يُوسُف أَنه يَقُول فِي أول الْأَذَان وَالْإِقَامَة الله أكبر مرَّتَيْنِ قَالَ أَبُو جَعْفَر وروى نَحْو ذَلِك أَبُو عَاصِم عَن ابْن جريج أَخْبرنِي عُثْمَان بن السَّائِب عَن أم عبد الْملك بن أبي مَحْذُورَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقنه الْأَذَان فَقَالَ فِي أَوله الله أكبر مرَّتَيْنِ قَالَ أَبُو يُوسُف سَأَلت أَبَا حنيفَة عَن التثويب فَقَالَ حَدثنَا حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم أَن التثويب كَانَ فِي صَلَاة الْغَدَاة وَلم يكن فِي غَيرهَا وَكَانَ الصَّلَاة خير من النّوم فأحدث النَّاس حَيّ على الصَّلَاة مرَّتَيْنِ والفلاح مرَّتَيْنِ قَالَ إِبْرَاهِيم ذَلِك حسن وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف قَالَ أَبُو جَعْفَر وَمعنى مَا ذكره إِبْرَاهِيم أَن الصَّلَاة خير من النّوم يَعْنِي فِي الْأَذَان لصَلَاة الْغَدَاة بَين حَيّ على الْفَلاح وَبَين الله أكبر الله أكبر وَقَالَ الثَّوْريّ فِي التثويب وَهُوَ قَوْله الصَّلَاة خير من النّوم فِي نفس الْأَذَان قعد قَوْله حَيّ على الْفَلاح قَالَ وبلغنا عَن أبي مَحْذُورَة وبلال أَنَّهُمَا كَانَا يقولانه وَقَالَ الْحسن بن حَيّ فِي الْفجْر وَفِي الْعشَاء قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلم نجد ذَلِك التثويب فِي غير الْفجْر عَن أحد من الْفُقَهَاء غَيره الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 وَاتفقَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ أَنه لَا تَرْجِيع فِي الْأَذَان وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ يرجع وَقَالُوا جَمِيعًا يفرد الْإِقَامَة قَالَ مَالك يَقُول قد قَامَت الصَّلَاة مرّة وَاحِدَة وَقَالَ الشَّافِعِي مرَّتَيْنِ قَالَ مَالك وَاللَّيْث يَقُول فِي أَذَان الصُّبْح الصَّلَاة خير من النّوم وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْقَدِيم يَقُول وَقَالَ فِي الحَدِيث لَا يَقُول 121 - إِذا أذن وَأقَام غَيره قَالَ أَصْحَابنَا لَا بَأْس بِهِ وَهُوَ قَول مَالك وَقَالَ الثَّوْريّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ من أذن فَهُوَ يُقيم قَالَ أَبُو جَعْفَر روى عبد الرَّحْمَن بن زِيَاد بن أنعم عَن عبيد الله بن الْحَارِث الصدائي قَالَ أتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا كَانَ أَوَان الصُّبْح أَمرنِي فَأَذنت ثمَّ قَامَ الى الصَّلَاة فجَاء بِلَال ليقيم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن أَخا صداء أذن وَمن أذن فَهُوَ يُقيم وَقَالَ عبد الرَّحْمَن بن زِيَاد لَيْسَ بِالْقَوِيّ الحديث: 121 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 وروى أَبُو العميس عَن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن زيد عَن أَبِيه عَن جده حِين أرِي الْأَذَان أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِلَالًا فَأذن ثمَّ أَمر عبد الله فَأَقَامَ وَهَذَا الحَدِيث أحسن إِسْنَادًا من الأول وَالنَّظَر يدل عَلَيْهِ لِأَن الْإِقَامَة لَيست كبعض الْأَذَان لسُقُوط الْأَذَان فِي صَلَاة الْعَصْر بِعَرَفَات وَثُبُوت الْإِقَامَة فَدلَّ على أَنَّهَا غير مضمنة بِهِ فَجَاز أَن يتولاها غير من تولى الْأَذَان 122 - فِي صَلَاة الرجل وَحده هَل يُؤذن قَالَ أَصْحَابنَا يسْتَحبّ لَهُ أَن يُؤذن وَيُقِيم فَإِن كَانَ فِي الْمصر واجتزأ بِأَذَان النَّاس وإقامتهم أَجزَأَهُ وَأما الْمُسَافِر فَيصَلي بِأَذَان وَإِقَامَة وأكره أَن يُصَلِّي بِغَيْر أَذَان وَلَا إِقَامَة وَقَالَ الثَّوْريّ لَا يُصَلِّي فِي حضر وَلَا سفر بِإِقَامَة وَإِن أذن فَحسن وَأَن صلى بِغَيْر إِقَامَة عمدا فليستغفر وَلَا يجوز أَن يجتزىء بِإِقَامَة أهل الْمصر قَالَ مَالك لَيْسَ الْأَذَان إِلَّا فِي مَسْجِد جمَاعَة ومساجد الْقَبَائِل والمواضع الَّتِي يجْتَمع فِيهَا الْأَئِمَّة فَأَما سوى ذَلِك من أهل الْمصر وَالسّفر فالإقامة تجزئهم وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِيمَن صلى بِغَيْر إِقَامَة يُعِيد فِي الْوَقْت فَإِذا ذهب الْوَقْت فقد مَضَت صلَاته إِلَّا أَن يكون أذن فَإِن كَانَ أذن أَجْزَأَ عَنهُ وَقَالَ فِيمَن صلى وَحده تجزىء عَنهُ الْإِقَامَة وَالْأَذَان أفضل قَالَ أَبُو جَعْفَر إيجابة إِعَادَة الصَّلَاة لترك الْإِقَامَة لم نجده لأحد من الْفُقَهَاء غَيره الحديث: 122 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 وَقَالَ الشَّافِعِي لَا أحب أَن يُصَلِّي فِي جمَاعَة وَلَا وَحده إِلَّا بِأَذَان وَإِقَامَة 123 - فِي الْمُصَلِّي فِي مَسْجِد قد صلى فِيهِ أَهله قَالَ أَصْحَابنَا يُصَلِّي بِلَا أَذَان وَلَا إِقَامَة وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَاللَّيْث وَقَالَ اللَّيْث إِن أَقَامَ لنَفسِهِ لم أكرهه وَقَالَ مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ يُقيم لنَفسِهِ وَلَا تُجزئه إقامتهم وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْمُزنِيّ لَا أحب لأحد أَن يُصَلِّي فِي جمَاعَة وَلَا وَحده إِلَّا بِأَذَان وَإِقَامَة وَحكى الرّبيع عَنهُ أَنه إِذا صلى فِي مَسْجِد قد أذن فِيهِ لتِلْك الصَّلَاة فالإقامة تُجزئه وَيجوز أَيْضا أَن يُصليهَا بِلَا وَلَا إِقَامَة وَيُقِيم أحب إِلَيّ 124 - فِي الصَّلَوَات الْفَوَائِت هَل تقضي بِأَذَان وَإِقَامَة قَالَ أَصْحَابنَا فِيمَن فَاتَتْهُ صَلَاة وَاحِدَة أَن يُصليهَا بِأَذَان وَإِقَامَة وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن فِي الْإِمْلَاء إِذا فَاتَتْهُ صلوَات فَإِن صَلَّاهُنَّ بِإِقَامَة إِقَامَة كَمَا فعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الخَنْدَق فسحن وَإِن أذن لكل وَاحِدَة فَحسن وَلم نجد خلافًا وَقَالَ مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ يُصَلِّي كل وَاحِدَة بِإِقَامَة إِقَامَة وَقَالَ الثَّوْريّ لَيْسَ عَلَيْهِ فِي الْفَوَائِت أَذَان وَلَا إِقَامَة قَالَ أَبُو جَعْفَر روى أَبُو سعيد فِي يَوْم الخَنْدَق أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر بِلَالًا فَأَقَامَ لِلظهْرِ الحديث: 123 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 ثمَّ أمره فَأَقَامَ للعشاء وَلم يذكر فِيهِ فَصلاهَا ثمَّ أمره فَأَقَامَ للعصر فَصلاهَا ثمَّ أمره فَأَقَامَ للمغرب الْأَذَان وَالْعشَاء كَانَت مفعولة فِي وَقتهَا غير فَائِتَة فَعلم أَن مُرَاده أَنه أَقَامَهَا بِمَا يَنْبَغِي أَن يُقَام لَهَا من الْأَذَان وَالْإِقَامَة وَقد روى أَبُو قَتَادَة عَن عمرَان بن حُصَيْن أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين فَاتَتْهُ صَلَاة الْفجْر فِي السّفر صلاهَا بِأَذَان وَإِقَامَة 125 - فِي الْمَرْأَة تصلي هَل تؤذن قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالثَّوْري وَاللَّيْث لَيْسَ على النِّسَاء أَذَان وَلَا إِقَامَة قَالَ مَالك وَإِن أَقَامَت الْمَرْأَة فَحسن وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي الْمَرْأَة تصلي بِالنسَاء تؤذن إِذا شَاءَت أذانا وتقيم فأباح لَهَا ترك الْأَذَان إِذا صلت بِجَمَاعَة النِّسَاء وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحب للْمَرْأَة أَن تقيم فَإِن لم تفعل أجزأها 126 - فِي الجلسة بعد أَذَان الْمغرب قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا أذن للمغرب أَقَامَ وَلم يجلس وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يجلس بَينهمَا جلْسَة خَفِيفَة الحديث: 125 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 127 - فِي الْمُصَلِّي يسمع الْأَذَان قَالَ أَبُو جَعْفَر لم نجد عَن أحد من أَصْحَابنَا فِيهِ مَنْصُوصا وَقد حدث ابْن أبي عمرَان عَن ابْن سَمَّاعَة عَن أبي يُوسُف فِيمَن أذن فِي صلَاته الى قَوْله أشهد أَن رَسُول الله وَلم يقل حَيّ على الصَّلَاة أَن صلَاته لَا تفْسد إِن أَرَادَ الْأَذَان قَالَ أَبُو جَعْفَر وَقَول مُحَمَّد كَقَوْل أبي حنيفَة لِأَنَّهُ يَقُول فِيمَن يُجيب إنْسَانا وَهُوَ يُصَلِّي بِلَا إِلَه إِلَّا الله أَن صلَاته فَاسِدَة قَالَ أَبُو جَعْفَر فَهَذَا يدل على أَن من قَوْلهم ان من سمع الْأَذَان فِي الصَّلَاة لَا يَقُول فِيهَا وَقَالَ مَالك إِذا أذن وَأَنت فِي صَلَاة مَكْتُوبَة فَلَا تقل مثل مَا يَقُول وَإِذا كنت فِي نَافِلَة فَقل مثل مَا يَقُول التَّكْبِير وَالتَّشَهُّد وَقَالَ اللَّيْث مثل قَول مَالك إِلَّا أَنه قَالَ وَيَقُول مَوضِع حَيّ على الصَّلَاة والفلاح لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا فرغ من الصَّلَاة قَالَه قَالَ أَبُو جَعْفَر رد السَّلَام وتشميت الْعَاطِس يجب على غير الْمُصَلِّي لَا يجب على الْمُصَلِّي فَكَانَ الْأَذَان مثله 128 - فِي مَوَاقِيت الصَّلَاة آخر وَقت الظّهْر عِنْد أبي حنيفَة إِذا صَار ظلّ كل شَيْء مثلَيْهِ وروى الْحسن بن زِيَاد عَنهُ أَنه إِذا صَار ظلّ كل شي مثلَيْهِ الحديث: 127 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ إِلَى الْمثل وَقَالَ مَالك وَقت الظّهْر وَالْعصر إِلَى غرُوب الشَّمْس وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَقت الْعَصْر من حِين يصير الظل مثلين وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ من حِين يصير الظل مثله وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَمَالك وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ لوقت صَلَاة الْمغرب أول وَآخر كَسَائِر الصَّلَوَات وَقَالَ الشَّافِعِي لَيْسَ للمغرب إِلَّا وَقت وَاحِد ثمَّ قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ آخر وَقتهَا أَن يغيب الشَّفق وَقَالَ أَبُو حنيفَة الشَّفق الْبيَاض وَقَالَ أَبُو يُوسُف الشَّفق الْحمرَة وَقَالَ مَالك وَقت الْمغرب وَالْعشَاء إِلَى طُلُوع الْفجْر وَقَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ أول وَقت الْعشَاء الْآخِرَة إِذا غَابَ الشَّفق وَقَالَ أَصْحَابنَا الْمُسْتَحبّ إِلَى ثلث اللَّيْل وَيكرهُ تَأْخِيرهَا إِلَى بعد نصف اللَّيْل وَلَا يفوت إِلَّا بِطُلُوع الْفجْر وَقَالَ الثَّوْريّ أول وَقت الْعشَاء إِذا سقط الشَّفق إِلَى ثلث اللَّيْل وَالنّصف بعده وَذكر نَحوه عَن الْحسن بن حَيّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 وَأخر وَقت الْفجْر طُلُوع الشَّمْس عِنْد أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ وَذكر ابْن الْقَاسِم عَن مَالك قَالَ وَقت الإغلاس والنجوم بادية مشتكبة وَآخر وَقتهَا إِذا أَسْفر وَقَالَ أَصْحَابنَا يسفر بِالْفَجْرِ فِي سَائِر الْأَوْقَات وَهُوَ أفضل وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْحسن بن حَيّ وَقَالَ الشَّافِعِي وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث يُصَلِّيهمَا فِي آخر الْوَقْت وَقَالَ أَصْحَابنَا يُصَلِّي الظّهْر فِي الشتَاء فِي أول الْوَقْت ويؤخرها فِي الْحر حَتَّى يبرد وَقَالَ مَالك يُصليهَا والفيء ذِرَاع وَقَالَ اللَّيْث وَالشَّافِعِيّ يُصليهَا فِي أول الْوَقْت وَقَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ يُصَلِّي الْعَصْر فِي الصَّيف وَالشَّمْس بَيْضَاء نقية قَالَ جرير كَانَ سُفْيَان يُؤَخر الْعَصْر وَقَالَ اللَّيْث وَالشَّافِعِيّ يُصَلِّي الصَّلَوَات كلهَا فِي أَوَائِل أَوْقَاتهَا وَقَالَ الشَّافِعِي إِلَّا فِي شدَّة الْحر فَإِنَّهُ يبرد بِالظّهْرِ إِذا كَانَ إِمَامًا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ كَانَ عمر بن عبد الْعَزِيز يُصَلِّي الظّهْر فِي السَّاعَة الثَّامِنَة وَالْعصر الْعَاشِرَة حِين يدْخل واستجب أَصْحَابنَا وَالزهْرِيّ تَعْجِيل الْمغرب وَقَالَ مَالك يعجلها الْمُقِيم وَلَا بَأْس للمسافرين أَن يمدوا الْميل وَنَحْوه عِنْد غرُوب الشَّمْس ثمَّ ينزلُوا ويصلوا قَالَ أَصْحَابنَا الْمُسْتَحبّ من الْعشَاء تَأْخِيرهَا الى ثلث اللَّيْل وَقَالَ الشَّافِعِي الْمُسْتَحبّ أول الْوَقْت وَهُوَ قَول مَالك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 129 - فِي الشَّفق قَالَ عمر بن عبد الْعَزِيز وَأَبُو حنيفَة هُوَ الْبيَاض وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ وَابْن أبي ليلى وَالشَّافِعِيّ هُوَ الْحمرَة 130 - فِي وَقت صَلَاة الْجُمُعَة قَالَ أَصْحَابنَا وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ وَقت صَلَاة الْجُمُعَة هُوَ الظّهْر فَإِن فَاتَ وَقت الظّهْر لم تصلى الْجُمُعَة وَقَالَ مَالك يُصليهَا إِلَى غرُوب الشَّمْس وَقَالَ أَصْحَابنَا إِن دخل وَقت الْعَصْر وَقد بَقِي عَلَيْهِ من الْجُمُعَة سَجْدَة أَو الْقعدَة فَسدتْ وَيسْتَقْبل الظّهْر وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا خرج الْوَقْت قبل أَن يسلم أتمهَا ظهرا قَالَ أَبُو جَعْفَر لما كَانَ فعل الْجُمُعَة مَانِعا من قبل الظّهْر دون سَائِر فعل الصَّلَوَات دلّ على أَن الْجُمُعَة كالظهر فِي سَائِر الْأَيَّام فَثَبت أَن وَقتهَا وَقت الظّهْر 131 - فِي وَقت قيام الْمَأْمُوم الى الصَّلَاة لم يخْتَلف أَصْحَابنَا أَنهم إِذا لم يكن الإِمَام مَعَهم فِي الْمَسْجِد لَا يقومُونَ فِي الصَّفّ إِلَّا إِذا قَالَ الْمُؤَذّن حَيّ على الْفَلاح عِنْد أبي حنيفَة الحديث: 129 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 وَاتفقَ أَبُو حنيفَة وَزفر وَالثَّوْري أَن الإِمَام يكبر قبل فرَاغ الْمُؤَذّن فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالثَّوْري إِذا قَالَ قد قَامَت الصَّلَاة كبر الإِمَام وَكبر الْقَوْم وَقَالَ زفر إِذا قَالَ الْمُؤَذّن قد قَامَت الصَّلَاة نَهَضَ الإِمَام فَقَامُوا فِي الصُّفُوف فَإِذا ثنى الْمُؤَذّن فَقَالَ قد قَامَت الصَّلَاة ثَانِيَة كبر الإِمَام وَالْقَوْم ثمَّ إِذا قَالَ الْمُؤَذّن الله أكبر الله أكبر لَا إِلَه إِلَّا الله أَخذ الإِمَام فِي الْقِرَاءَة وَهُوَ قَول الْحسن بن زِيَاد وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَمَالك وَالشَّافِعِيّ لَا يكبر الإِمَام حَتَّى يفرغ الْمُؤَذّن من الْإِقَامَة ذكر أَبُو جَعْفَر مُحَمَّدًا مَعَ أبي يُوسُف وَهُوَ مَعَ أبي حنيفَة رَوَاهُ أَبُو جَعْفَر عَن أَحْمد بن عبد الله الْكِنْدِيّ عَن عَليّ بن سعيد عَن مُحَمَّد أحتج لمن قَالَ يكبر بعد فرَاغ الْمُؤَذّن بِحَدِيث الْبَراء أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا أُقِيمَت الصَّلَاة مسح صدورنا وَقَالَ رصوا المناكب والأقدام فَإِن الله يحب فِي الصَّلَاة مَا يحب فِي الْقِتَال كَأَنَّهُمْ بُنيان مرصوص وَلِحَدِيث حميد عَن أنس أقبل علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل أَن يكبر وَيدخل فِي الصَّلَاة فَقَالَ أقِيمُوا صفوفكم وتراصوا فَإِنِّي أَرَاكُم من وَرَاء ظَهْري قَالَ وَيحْتَمل أَن يكون لتعليم الْقيام لَا لِأَن من السّنة ترك التَّكْبِير حَتَّى يخرج من الْإِقَامَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 قَالَ أَبُو بكر الرَّازِيّ لَيْسَ فِي الحَدِيث ذكر فرَاغ الْمُؤَذّن وَيحْتَمل أَن يكون قد كَانَ يَقُوله قبل فَرَاغه قَالَ أَبُو جَعْفَر وَذكر حَدِيث عَاصِم الْأَحول عَن أبي عُثْمَان عَن بِلَال قَالَ قلت لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تسبقني بآمين وَهَذَا يدل على أَنه كَانَ يكبر قبل فَرَاغه 132 - مَتى يكبر الْمَأْمُوم قَالَ أَبُو حنيفَة وَزفر وَمُحَمّد وَعبيد الله بن الْحسن وَالثَّوْري يكبرُونَ مَعَ تَكْبِير الإِمَام قَالَ مُحَمَّد فَإِن فرغ الْمَأْمُوم من تكبيره قبل فرَاغ الإِمَام لم يجزه وَقَالَ الثَّوْريّ يُجزئهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمَالك وَالشَّافِعِيّ لَا يكبر الْمَأْمُوم حَتَّى يفرغ الإِمَام من التَّكْبِير احْتج بِحَدِيث أبي مُوسَى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا كبر الإِمَام فكبروا يدل على أَنهم يكبرُونَ مَعَه كَقَوْلِه وَإِذا ركع فاركعوا قَالَ أَبُو جَعْفَر وَهَذَا لَا يدل على أَن تكبيرهم يكون مَعًا لِأَنَّهُ يجوز أَن يَقُول ركع فلَان وَسجد إِذا صَار فِي حَال الرُّكُوع وَالسُّجُود وَإِن لم يفرغ مِنْهُ وَلَا يجوز أَن يُقَال كبر قبل فَرَاغه من التَّكْبِير حَتَّى يبتدئه وَاحْتج أَيْضا لمن قَالَ يكبر بعده أَن الْمَأْمُوم إِذا أَمر أَن يدْخل فِي صَلَاة الإِمَام بِالتَّكْبِيرِ وَالْإِمَام إِنَّمَا يصير دَاخِلا فِيهَا بالفراغ من التَّكْبِير فَكيف يَصح دُخُول الْمَأْمُوم فِي صَلَاة لم يدْخل فِيهَا بعد الحديث: 132 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 133 - فِي رفع الْيَدَيْنِ فِي تَكْبِير الإقتتاح وَالرُّكُوع قَالَ أَصْحَابنَا وَابْن أبي ليلى وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ لَا يرفع يَدَيْهِ إِلَّا فِي تَكْبِيرَة الإفتتاح وَقَالَ مَالك لَا أعرف رفع الْيَدَيْنِ فِي شَيْء من تَكْبِيرَات الصَّلَاة لَا فِي خفض وَلَا رفع قَالَ وافتتاح الصَّلَاة يرفع شَيْئا قَلِيلا إِن رفع قَالَ ابْن الْقَاسِم وَرفع الْيَدَيْنِ عِنْد مَالك فِي كل شَيْء ضَعِيف هَذِه رِوَايَة ابْن الْقَاسِم وَحكى ابْن وهب عَنهُ أَنه يرفع يَدَيْهِ للرُّكُوع وَبعد أَن يرفع رَأسه من الرُّكُوع روى عَنهُ أَشهب أَنه لَا يرفع إِلَّا فِي التَّكْبِيرَة الأولى وَقَالَ أَشهب عَنهُ أَيْضا إِن الإِمَام يرفع يَدَيْهِ إِذا قَالَ سمع الله لمن حَمده وَقَالَ أَبُو بكر بن عَيَّاش مَا رَأَيْت فَقِيها يرفع يَدَيْهِ من غير التَّكْبِيرَة الأولى وَعَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ وَابْن عمر أَنَّهُمَا كَانَا لَا يرفعان أَيْدِيهِمَا إِلَّا فِي افْتِتَاح الصَّلَاة قَالَ الشَّافِعِي يرفع يَدَيْهِ لافتتاح الصَّلَاة وَإِذا كبر للرُّكُوع وَإِذا رفع رَأسه مِنْهُ وَلَا يرفع فِي شَيْء من السُّجُود وَفِي الْقيام مِنْهُ وَقَالَ أَصْحَابنَا يرفع يَدَيْهِ للتكبيرة الأولى حَذْو أُذُنَيْهِ وَقَالَ الشَّافِعِي يرفعهما حَذْو مَنْكِبَيْه الحديث: 133 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 134 - فِي نظر الْمُصَلِّي الى ايْنَ يكون قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ يسْتَحبّ أَن يكون نظرة الى مَوضِع سُجُوده وَقَالَ مَالك يكون نظره أَمَام قبلته وَقَالَ شريك بن عبد الله ينظر فِي الْقيام الى مَوضِع السُّجُود وَفِي الرُّكُوع الى قَدَمَيْهِ وَفِي السُّجُود الى أَنفه وَفِي قعوده الى حجره 135 - فِي ذكر الاستفتاح قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ يَقُول سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك الى آخِره وَرُوِيَ عَن أبي يُوسُف أَنه يَقُول مَعَه وجهت وَجْهي يبْدَأ بِأَيِّهِمَا شَاءَ وَابْن الْقَاسِم كَانَ يَقُول لَا نرى أَن يَقُول سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك وَلَا نعرفه قَالَ وَلَا يَقُوله الإِمَام وَلَا الْمَأْمُوم وَلَا من يُصَلِّي وَحده وَقَالَ الشَّافِعِي يَقُول وجهت وَجْهي أَبُو سعيد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ إِذا كبر يَقُول سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك الحديث: 134 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 وروى إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة وَالْأسود أَنَّهُمَا سمعا عمر كبر فَرفع صَوته وَقَالَ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك وتبارك اسْمك وَتَعَالَى جدك وَلَا إِلَه غَيْرك ليتعلموا 136 - فِي التَّعَوُّذ فِي الصَّلَاة قبل الْقِرَاءَة قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ يتَعَوَّذ قبل الْقِرَاءَة وَقَالَ مَالك لَا يتَعَوَّذ فِي الْمَكْتُوبَة قبل الْقِرَاءَة ويتعوذ فِي قيام رَمَضَان إِذا قَرَأَ وروى أَبُو سعيد وَجبير بن مطعم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يتَعَوَّذ فِي صلَاته قبل الْقِرَاءَة 137 - فِي قِرَاءَة بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم فِي الصَّلَاة قَالَ أَصْحَابنَا وَابْن أبي ليلى وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ يقْرَأ فِي كل رَكْعَة وَقَالَ مَالك لَا يقْرَأ فِي الْمَكْتُوبَة سرا وَلَا جَهرا وَفِي النَّافِلَة إِن شَاءَ فعل وَإِن شَاءَ ترك وَقَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري يخفي الحديث: 136 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 وَقَالَ ابْن أبي ليلى إِن شَاءَ جهر وَإِن شَاءَ أخْفى وَقَالَ الشَّافِعِي يجْهر بِهِ 138 - فِي وضع الْيَمين على الْيَسَار قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ يضع يَمِينه على يسَاره قَالَ أَصْحَابنَا تَحت السُّرَّة وَقَالَ الشَّافِعِي عِنْد الصَّدْر وَقَالَ مَالك وضع الْيَدَيْنِ إِحْدَاهمَا على الْأُخْرَى فِي الصَّلَاة إِنَّمَا يفعل فِي صَلَاة النَّوَافِل فِي طول الْقيام وَتَركه أحب إِلَيّ وَقَالَ اللَّيْث يسدل الْيَمين فِي الصَّلَاة أحب إِلَيّ أَن لَا يُطِيل الْقيام فَلَا بَأْس أَن يضع يَده الْيُمْنَى على ذراعه الْيُسْرَى وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ من شَاءَ فعل وَمن شَاءَ ترك حَمَّاد بن سَلمَة عَن عَاصِم الجحدري عَن عقبَة بن صهْبَان عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله عز وَجل {فصل لِرَبِّك وانحر} قَالَ وضع الْيُمْنَى على الْيُسْرَى فِي الصَّلَاة 139 - فِي الإِمَام هَل يَقُول آمين قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ وَاللَّيْث يَقُولهَا الإِمَام ويقولها من خَلفه وَقَالَ مَالك لَا يَقُولهَا الإِمَام ويقولها المأمومون وَإِن كَانَ وَحده قَالَهَا الحديث: 138 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 وروى مَالك عَن ابْن شهَاب عَن سعيد بن الْمسيب وَأبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا أَمن الإِمَام فَأمنُوا فَإِنَّهُ من وَافق تأمينه تَأْمِين الْمَلَائِكَة غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه 140 - فِي مِقْدَار الْقِرَاءَة قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف يُطِيل الرَّكْعَة الأولى من صَلَاة الْفجْر على الثَّانِيَة وركعتا الظّهْر سَوَاء وَقَالَ مُحَمَّد وَالثَّوْري يُطِيل الرَّكْعَة الأولى من الصَّلَوَات كلهَا على غَيرهَا قَالَ وَلم نجد عَن مَالك فِي ذَلِك شَيْئا مَنْصُوصا إِلَّا أَن تَقْدِيره للْقِرَاءَة يدل على أَنه كَانَ يرى التَّسْوِيَة دون التَّفْصِيل وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحب أَن يقْرَأ الْمُصَلِّي بعد أم الْقُرْآن بِسُورَة فَإِن قَرَأَ بِبَعْض سُورَة أَجْزَأَ وَأحب إِلَيّ أَن يكون أقل مَا يقْرَأ مَعهَا فِي الرَّكْعَتَيْنِ قدر أقصر سور الْقُرْآن مثل إِنَّا أعطيناك وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ أم الْقُرْآن وَآيَة وَمَا زَاد فَهُوَ أحب إِلَيّ مَا لم يكن إِمَامًا فيقل أَبُو جَعْفَر فِي حَدِيث أبي قَتَادَة كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ يقْرَأ بِنَا فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوليين فِي صَلَاة الظّهْر ويطيل فِي الأولى وَيقصر فِي الثَّانِيَة وَيفْعل ذَلِك فِي الحديث: 140 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 صَلَاة الصُّبْح يُطِيل فِي الأولى وَيقصر فِي الثَّانِيَة وَفِي حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقوم فِي الظّهْر فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوليين فِي كل رَكْعَة قدر ثَلَاثِينَ آيَة وَفِي الآخريين نصف ذَلِك وَكَانَ يقوم فِي الْعَصْر فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوليين قدر خمس عشرَة آيَة وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ قدر نصف ذَلِك فَدلَّ هَذَا الحَدِيث على التَّسْوِيَة بَين الْقُرَّاء فِي الْأَوليين من الظّهْر وَالْعصر قَالَ وَهَذَا الْقيَاس الأخريتين لما تَسَاويا وَجب أَن يتساوى الأوليان وَحَدِيث سعد حَيْثُ قَالَ لعمر أما أَنا فأمد فِي الْأَوليين وأحذف فِي الْأُخْرَيَيْنِ وَمَا آلو مَا اقتديت بِهِ من صَلَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ عمر ذَاك الظَّن بك وَذَلِكَ يدل على التَّسْوِيَة 141 - فِي الْقِرَاءَة خلف الإِمَام قَالَ أَصْحَابنَا وَابْن أبي ليلى وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ لَا يقْرَأ فِيمَا الحديث: 141 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 جهر وَلَا فِيمَا أسر وَقَالَ مَالك يقْرَأ فِيمَا أسر وَلَا يقْرَأ فِيمَا جهر وَقَالَ الشَّافِعِي يقْرَأ فِيمَا جهر وَفِيمَا أسر فِي رِوَايَة الْمُزنِيّ وَفِي الْبُوَيْطِيّ أَنه يقْرَأ فِيمَا أسر بِأم الْقُرْآن وَسورَة فِي الْأَوليين وام الْقُرْآن فِي الْأُخْرَيَيْنِ وَمَا جهر فِيهِ الإِمَام لَا يقْرَأ من خَلفه إِلَّا بِأم الْقُرْآن وَقَالَ الْبُوَيْطِيّ وَكَذَلِكَ يَقُول اللَّيْث وَالْأَوْزَاعِيّ قَالَ أَبُو جَعْفَر وروى سُلَيْمَان بن حَيَّان قَالَ حَدثنَا ابْن عجلَان عَن زيد بن أسلم عَن ابي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا جعل الإِمَام ليؤتم بِهِ فَإِذا قَرَأَ فأنصتوا وروى جرير بن عبد الحميد عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ عَن قَتَادَة عَن أبي غلاب يُونُس بن جُبَير عَن حطَّان بن عبد الله الرقاشِي عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قَرَأَ الإِمَام فأنصتوا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 وروى الْمُعْتَمِر بن سُلَيْمَان عَن أَبِيه عَن قَتَادَة بِإِسْنَادِهِ مثله فَإِن قيل لَيْسَ يَقُول هَذَا الْكَلَام غير أبي خَالِد سُلَيْمَان بن حَيَّان فِي حَدِيث أبي مُوسَى قيل لَهُ لم يخالفهم فِي ذَلِك أحد هُوَ أتقى مِنْهُم فزيادتهم مَقْبُولَة وَقَالَ الْأَثْرَم قلت لِأَحْمَد بن حَنْبَل من يَقُول عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من وَجه صَحِيح إِذا قَرَأَ فأنصتوا فَقَالَ حَدِيث ابْن عجلَان الَّذِي يرويهِ أَبُو خَالِد والْحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ جرير عَن التَّيْمِيّ وَقد زَعَمُوا أَن الْمُعْتَمِر رَوَاهُ قلت نعم قد رَوَاهُ الْمُعْتَمِر فَقَالَ فَأَي شَيْء تُرِيدُ فقد صحّح أَحْمد هذَيْن الْحَدِيثين 142 - فِي السدل فِي الصَّلَاة كره أَصْحَابنَا السدل فِي الصَّلَاة وَهُوَ قَول الثَّوْريّ قَالَ أَبُو يُوسُف وَالثَّوْري والسدل أَن ترخي طرف ثَوْبك بَين يَديك كَمَا تصنع الْيَهُود وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يجوز السدل فِي الصَّلَاة وَلَا فِي غَيرهَا فَأَما السدل لغير الْخُيَلَاء فِي الصَّلَاة فَهُوَ خَفِيف وَقَالَ مَالك لَا بَأْس بالسدل فِي الصَّلَاة وَغَيرهَا 143 - فِي عد الْآي قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد يكره عد الْآي فِي الصَّلَاة الحديث: 142 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 وَقَالَ إِبْرَاهِيم وَابْن أبي ليلى وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ لابأس بعد الْآي فِي الصَّلَاة وَقَالَ الْمُعَلَّى عَن أبي يُوسُف لَا بَأْس بعد الْآي فِي التَّطَوُّع وَقَالَ مَالك لَا بَأْس بعد الْآي بِيَدِهِ فِي الصَّلَاة رَوَاهُ ابْن وهب عَنهُ وروى ابْن عبد الحكم عَنهُ أَنه لَا بَأْس بِهِ إِذا كَانَ الْمُصَلِّي لَا يحصي إِلَّا بذلك وَقَالَ الشَّافِعِي تَركه أحب إِلَيّ 144 - فِيمَا تجزىء بِهِ الصَّلَاة من الْقِرَاءَة قَالَ أَبُو حنيفَة أَقَله آيَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد أَقَله ثَلَاث آيَات أَو آيَة طَوِيلَة كآية الدّين قَالَ ابْن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد أسوغ الإجتهاد فِي مِقْدَار آيَة وَمِقْدَار كلمة مفهومة نَحْو الْحَمد لله وَلَا أسوغه فِي حرف لَا يكون كلَاما وَقَالَ مَالك إِذا لم يقْرَأ أم الْقُرْآن فِي الرَّكْعَتَيْنِ أعَاد وَقَالَ الشَّافِعِي أقل مَا يجزىء فَاتِحَة الْكتاب إِن أحْسنهَا فَإِن لم يحسن حمد الله وَكبر مَكَان الْقِرَاءَة لَا يُجزئهُ غَيره وَإِن كَانَ يحسن غير أم الْقُرْآن قَرَأَ سبع آيَات بعددها لَا يُجزئهُ دون ذَلِك وَإِن ترك من فَاتِحَة الْكتاب حرفا وَخرج من الصَّلَاة فَأَعَادَ 145 - فِي الْقِرَاءَة فِي الصَّلَاة فِي الْمُصحف قَالَ أَبُو حنيفَة صلَاته فَاسِدَة الحديث: 144 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ يكره وَقَالَ مَالك لَا بَأْس بِهِ للْإِمَام فِي رَمَضَان قَالَ أَبُو جَعْفَر احْتج من أجَازه بِحَدِيث عَلْقَمَة بن أبي عَلْقَمَة عَن أمه عَن عَائِشَة قَالَت أهْدى أَبُو الجهم بن حُذَيْفَة لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خميصة شامية لَهَا علم فَشهد بهَا الصَّلَاة فَلَمَّا انْصَرف قَالَ ردي هَذِه الخميصة إِلَى أبي جهم فَإِنِّي نظرت الى علمهَا فِي الصَّلَاة فكاد يفتنني فَلَمَّا لم يفْسد نظره الى الخميصة صلَاته كَذَلِك النّظر إِلَى الْمُصحف فَيُقَال لَهُ إِن نَظِير ذَلِك أَن ينظر الى الْمُصحف من غير قِرَاءَة فَلَا وَنَظِير الْقِرَاءَة فِي الْمُصحف أَن ينظر الى كتاب فِيهِ حِسَاب أَو كَلَام غير الْقُرْآن فَيَأْخُذ بِقَلْبِه فَهَذَا مِمَّا لَا خلاف فِيهِ أَنه يفْسد صلَاته وَقَالُوا إِن أَخذه مَا فِي الْمُصحف بِقَلْبِه كنطقه بِلِسَانِهِ وَلَو نطق بِالْقُرْآنِ لم يفْسد كَذَلِك أَخذه بِقَلْبِه وَلَو نطق بِالْحِسَابِ أفسد كَذَلِك أَخذه بِقَلْبِه فَيُقَال لَهُ لَو كَانَ كَذَلِك لوَجَبَ أَن يكون نظره إِلَى مَا فِي الْمُصحف وَأَخذه لَهُ بِقَلْبِه كنطقه بِلِسَانِهِ فَكَانَ يجب أَن يجزىء من تِلَاوَته وَهُوَ لَا يَقُول ذَلِك فَثَبت بذلك أَن صَلَاة غير متأمل غير الْقُرْآن إِذا أَخذه بِقَلْبِه إِنَّمَا بطلت لِأَن ذَلِك عمل كَسَائِر الْأَعْمَال المنافية للصَّلَاة فَوَجَبَ أَن يكون أَخذه الْقُرْآن بِقَلْبِه من الْمُصحف بنظره كعمله بِيَدِهِ يَكْتُبهُ إِيَّاه فَيفْسد صلَاته 146 - فِي الذّكر عِنْد تغير الْأَحْوَال بالمصلي قَالَ أَصْحَابنَا ينحط للسُّجُود وَالرُّكُوع وَهُوَ يكبر وَكَذَلِكَ يرفع وَيذكر فِي الحديث: 146 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 حَال الرّفْع وَكَذَلِكَ قَالَ مَالك إِلَّا فِي الْقيام من الجلسة الأولى لَا يكبر فِي حَال الْقيام حَتَّى يستتم قَائِما وَقَالَ الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ كَقَوْل أَصْحَابنَا وروى عبد الله بن مَسْعُود قَالَ رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكبر فِي كل رفع وخفض فَأخْبر أَن الذّكر كَانَ فِي حَال الرّفْع والخفض وَلما اتَّفقُوا فِي سَائِر الرّفْع والخفض أَن الذّكر مفعول فِيهِ وَجب أَن يكون كَذَلِك حَال الْقيام من الجلسة الأولى 147 - فِي تَسْبِيح الرُّكُوع وَالسُّجُود قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ يَقُول فِي الرُّكُوع سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيم ثَلَاثًا وَفِي السُّجُود ثَلَاثًا سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى وَقَالَ الثَّوْريّ يسْتَحبّ للْإِمَام أَن يَقُولهَا خمْسا فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود حَتَّى يدْرك الَّذِي خَلفه ثَلَاث تسبيحات وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك فِي الرُّكُوع إِذا أمكن وَلم يسبح فَهُوَ مجزىء عَنهُ وَكَانَ لَا يُوَقت تسبيحا وَقَالَ مَالك فِي السُّجُود وَالرُّكُوع فِي قَول النَّاس فِي الرُّكُوع سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيم وَفِي السُّجُود سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى لَا أعرفهُ وَلم أجد فِيهِ دُعَاء مؤقتا قَالَ وَلَكِن يُمكن يَدَيْهِ من رُكْبَتَيْهِ فِي الرُّكُوع وَيُمكن جَبهته من الأَرْض فِي السُّجُود وَلَيْسَ فِيهِ عِنْده حد الحديث: 147 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 148 - فِي الإِمَام هَل يَقُول رَبنَا لَك الْحَمد قَالَ أَبُو حنيفَة لَا يَقُول الإِمَام رَبنَا لَك الْحَمد إِنَّمَا يَقُول سمع الله لمن حَمده وَقَالَ مَالك يَقُولهَا الْمَأْمُوم وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالشَّافِعِيّ يَقُولهَا الإِمَام أَيْضا قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قَالَ الإِمَام سمع الله لمن حَمده فَقولُوا رَبنَا وَلَك الْحَمد أيوجب لَهُ الِاقْتِصَار على رَبنَا وَلَك الْحَمد فَإِن قيل يَقُوله اتبَاعا للْإِمَام قيل لَهُ يلْزمه ذَلِك فِي كل ذكر لِأَنَّهُ لَا خلاف أَن الإِمَام يقْرَأ فِي الْأَوليين بِفَاتِحَة الْكتاب وَسورَة وَلَا يقْرَأ الْمَأْمُوم السُّورَة عِنْد الْجَمِيع الحديث: 148 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 149 - فِي وضع الْيَدَيْنِ للسُّجُود قَالَ أَصْحَابنَا إِذا سجد وضع رُكْبَتَيْهِ قبل يَدَيْهِ وَإِذا رفع رَأسه فَقَامَ رفه يَدَيْهِ قبل رُكْبَتَيْهِ قَالَ الثَّوْريّ لتَضَع ركبتيك قبل يَديك قَالَ مَالك يضع أَيهمَا شَاءَ قبل الآخر قَالَ الشَّافِعِي يضع رُكْبَتَيْهِ ثمَّ يَدَيْهِ ثمَّ جَبهته ثمَّ أَنفه وروى أَبُو الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا سجد أحدكُم فَلَا يبرك كَمَا يبرك الْبَعِير وَلَكِن ليضع يَدَيْهِ ثمَّ رُكْبَتَيْهِ وروى وَائِل بن حجر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا سجد بَدَأَ بِوَضْع رُكْبَتَيْهِ قبل يَدَيْهِ الحَدِيث الأول يبطل الَّذِي ذكره مَالك قَالَ أَبُو جَعْفَر اتَّفقُوا أَنه يضع رَأسه بعد يَدَيْهِ وركبتيه ثمَّ يرفعهُ قبلهمَا ثمَّ لما كَانَت اليدان متقدمتين فِي الرّفْع فَوَجَبَ أَن تَكُونَا مؤخرتين فِي الْوَضع الحديث: 149 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 150 - فِي كَيْفيَّة الْجُلُوس فِي الصَّلَاة قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ ينصب الرجل الْيُمْنَى وَيقْعد على الرجل الْيُسْرَى هَذَا فِي الرجل وَكَذَلِكَ قَول الشَّافِعِي إِلَّا فِي الْجُلُوس فِي الرَّابِعَة من الظّهْر وَالْعصر وَالْعشَاء فَإِنَّهُ إِذا قعد أماط رجلَيْهِ جَمِيعًا فأخرجهما عَن وركه الْيُمْنَى وأفضى بمقعدته الى الأَرْض وأضجع الْيُسْرَى وَنصب الْيُمْنَى وَكَذَلِكَ الْقعدَة فِي صَلَاة الصُّبْح وَقَالَ مَالك يُفْضِي بإليتيه إِلَى الأَرْض وَينصب رجله الْيُمْنَى ويثني رجله الْيُسْرَى وَأما جُلُوس الْمَرْأَة فَإِن أَصْحَابنَا قَالُوا تقعد كأستر مَا يكون لَهَا وَقَالَ الثَّوْريّ تسدل رِجْلَيْهَا من جَانب وَاحِد وَرَوَاهُ عَن إِبْرَاهِيم وَقَالَ الشّعبِيّ تقعد كَيفَ تيَسّر عَلَيْهَا وَكَانَ ابْن عمر يَأْمر نِسَاءَهُ أَن يجلسن فِي الرَّكْعَتَيْنِ والأربع متربعات وَقَالَ مَالك جُلُوس الْمَرْأَة كجلوس الرجل وَقَالَ الشَّافِعِي تقعد الْمَرْأَة كأستر مَا يكون لَهَا فِي حَدِيث وَائِل بن حجر فَلَمَّا قعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للتَّشَهُّد فرش رجله الْيُسْرَى ثمَّ قعد عَلَيْهَا وَفِي حَدِيث أبي السَّاعِدِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما قعد فِي الجلسة الأولى ثنى رجله الْيُسْرَى فَقعدَ عَلَيْهَا وَفِي الجلسة الْأَخِيرَة الَّتِي يكون فِيهَا السَّلَام أخرج الحديث: 150 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 رجله الْيُسْرَى وَقعد متوركا على شقَّه الْأَيْسَر قَالَ أَبُو جَعْفَر وَحَدِيث أبي حميد رَوَاهُ عبد الحميد بن جَعْفَر وَهُوَ ضَعِيف عِنْدهم وَقد خُولِفَ فِي إِسْنَاده 151 - إِذا نَهَضَ من السُّجُود هَل يقْعد ثمَّ يقوم قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالثَّوْري ينْهض على صُدُور قَدَمَيْهِ وَلَا يجلس وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ إِذا رفع من السَّجْدَة جلس ثمَّ نَهَضَ مُعْتَمدًا بيدَيْهِ على الأَرْض حَتَّى يعتدل قَائِما قَالَ أَبُو جَعْفَر فِي حَدِيث أبي حميد السَّاعِدِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما رفع من السَّجْدَة قَامَ وَلم يقْعد وَفِي حَدِيث مَالك بن الْحُوَيْرِث أَنه قعد ثمَّ قَامَ وَيجوز أَن يكون قعوده كَانَ لعِلَّة الحديث: 151 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 وَفِي حَدِيث رِفَاعَة بن رَافع عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي تَعْلِيم الْأَعرَابِي ثمَّ اسجد فاعتدل سَاجِدا ثمَّ قُم وَلم يَأْمُرهُ بالقعدة فَهُوَ أولى وَقد اتَّفقُوا أَنه يرفع من السُّجُود بتكبير ثمَّ لَا يكبر تَكْبِيرَة أُخْرَى للْقِيَام فَلَو كَانَت الْقعدَة مسنونة لَكَانَ الأنتقال الى الْقيام بِالذكر كَسَائِر أَحْوَال الِانْتِقَال 152 - فِي كَيْفيَّة التَّشَهُّد قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري يتَشَهَّد بتشهد ابْن مَسْعُود وَقَالَ مَالك أحب التَّشَهُّد الي تشهد عمر بن الْخطاب التَّحِيَّات لله الطَّيِّبَات لله الصَّلَوَات لله السَّلَام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي إِلَى آخِره قَالَ الشَّافِعِي بتشهد ابْن عَبَّاس التَّحِيَّات المباركات الصَّلَوَات الطَّيِّبَات لله سَلام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته سَلام علينا وعَلى عباد الله الصَّالِحين إِلَى آخِره قَالَ أَبُو جَعْفَر رُوِيَ التَّشَهُّد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على وُجُوه مُخْتَلفَة وَاتفقَ الْجَمِيع على أَنه لَا تَخْيِير فِيهَا وَأَن الْوَاجِب اتِّبَاع مَا صَحَّ وَلم ينْسَخ وَأما مَا اخْتَار مَالك فَإِن الزاكيات لم ترو عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا رُوِيَ عَن عمر وَتشهد ابْن مَسْعُود الأولى لِأَن أَلْفَاظه مُتَّفق عَلَيْهَا فِي سَائِر مَا رُوِيَ وَلَيْسَت أَلْفَاظ تشهد ابْن عَبَّاس مُتَّفق عَلَيْهَا الحديث: 152 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 153 - فِي الْقُنُوت فِي الْفجْر قَالَ أَصْحَابنَا وَابْن شبْرمَة وَالثَّوْري فِي رِوَايَة اللَّيْث لَا قنوت فِي الْفجْر وَكَانَ ابْن أبي ليلى وَمَالك وَالْحسن بن حَيّ يرَوْنَ الْقُنُوت فِي الْفجْر قبل الرُّكُوع قَالَ الشَّافِعِي بعد الرُّكُوع وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد إِن صلى خلف من يقنت سكت وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَقَالَ أَبُو يُوسُف يقنت يتبع الإِمَام وَقَالَ الشَّافِعِي يقنت فِي الصَّلَوَات كلهَا عِنْد حَاجَة الْمُسلمين إِلَى الدُّعَاء قَالَ أَبُو جَعْفَر مَا قَالَ هَذَا القَوْل أحد غَيره وَلم يزل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُحَاربًا للْمُشْرِكين إِلَى أَن توفاه الله وَلم يقنت فِي الصَّلَوَات لِأَنَّهُ لَو قنت فِيهِنَّ لاشتهر النَّقْل بِهِ 154 - فِي ذكر الْقُنُوت قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك لَيْسَ فِي الْقُنُوت دُعَاء مُؤَقّت وَقَالَ الْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ يقنت باللهم اهدني فِيمَن هديت الحديث: 153 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 وَقَالَ عبد الله بن دَاوُد الْخُرَيْبِي إِن قنت بالسورتين وَإِلَّا فَلَا يُصَلِّي خَلفه 155 - فِي الْقِرَاءَة الْأُخْرَيَيْنِ قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ فِي فرض الْقِرَاءَة فِي الرَّكْعَتَيْنِ من الصَّلَاة وَيقْرَأ فِي الْأَوليين بِفَاتِحَة الْكتاب وَسورَة وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ بِفَاتِحَة الْكتاب قَالَ الثَّوْريّ وَأَن يسبح فِي الْأُخْرَيَيْنِ أحب إِلَيّ وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِن ترك الْقِرَاءَة فِي رَكْعَة أَو أخر قَوْله إِن صلَاته أَرْجُو أَن تكون جَائِزَة وَإِن ترك فِي رَكْعَتَيْنِ وَقَرَأَ فِي رَكْعَتَيْنِ أعَاد الصَّلَاة وَقَالَ الشَّافِعِي ان ترك حرفا من أم الْقُرْآن فِي رَكْعَة من الصَّلَاة حَتَّى خرج مِنْهَا أعَاد قَالَ أَبُو جَعْفَر وَاخْتلفت الصَّحَابَة فِي ذَلِك أَيْضا فَروِيَ عَن عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام أَنه كَانَ يقْرَأ فِي الْأَوليين من الظّهْر بِفَاتِحَة الْكتاب وَسورَة وَلَا يقْرَأ فِي الْأُخْرَيَيْنِ بِشَيْء رَوَاهُ الزُّهْرِيّ عَن عبيد الله بن رَافع الحديث: 155 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 قَالَ الزُّهْرِيّ وَكَانَ جَابر بن عبد الله يقْرَأ فِي الْأَوليين من الظّهْر وَالْعصر بِأم الْقُرْآن وَسورَة وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ بِأم الْقُرْآن وَعَن عَائِشَة أَنَّهَا كَانَت تقْرَأ فِي الْأُخْرَيَيْنِ بِأم الْقُرْآن وَعَن عَائِشَة أَنَّهَا كَانَت تقْرَأ فِي الْأُخْرَيَيْنِ بِأم الْقُرْآن وَتقول إنَّهُمَا دُعَاء 156 - الْقِرَاءَة فِي الثَّالِثَة من الْمغرب يقْرَأ بِفَاتِحَة الْكتاب قَالَ أَبُو جَعْفَر هِيَ عِنْد أَصْحَابنَا وَالثَّوْري مَوضِع دُعَاء فعلى قِيَاس قَوْلهم لَا بَأْس أَن يقْرَأ فِي الثَّالِثَة من الْمغرب بعد أم الْقُرْآن {رَبنَا لَا تزغ قُلُوبنَا} آل عمرَان 8 قَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك لَيْسَ الْعَمَل عِنْدِي على أَن يقْرَأ فِي الثَّالِثَة من الْمغرب بعد أم الْقُرْآن {رَبنَا لَا تزغ قُلُوبنَا} وَكَانَ الْحسن بن حَيّ يُعجبهُ أَن يقْرَأ فِي الثَّالِثَة من الْمغرب بِفَاتِحَة الْكتاب {رَبنَا لَا تزغ قُلُوبنَا} قَالَ الشَّافِعِي لَا أكره أَن يقْرَأ فِيهَا بعد أم الْقُرْآن بِشَيْء من الْقُرْآن سواهَا قَالَ الصنَابحِي صليت خلف أبي بكر الصّديق فَقَرَأَ فِي الثَّالِثَة بعد أم الْقُرْآن {رَبنَا لَا تزغ قُلُوبنَا} سرا الحديث: 156 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 157 - فِي مَوضِع الدُّعَاء قَالَ أَصْحَابنَا لَا يزِيد فِي الْجُلُوس الأول على التَّشَهُّد شَيْئا وَيَدْعُو بعد التَّشَهُّد الآخر بِمَا شَاءَ وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك لَا بَأْس بِالدُّعَاءِ فِي الصَّلَوَات الْمَكْتُوبَة فِي أَولهَا وَفِي أوسطها وَآخِرهَا وَقَالَ ابْن الْقَاسِم كَانَ مَالك يكره الدُّعَاء فِي الرُّكُوع وَلَا يرى بِهِ بَأْسا فِي السُّجُود وَلم يكره التَّسْبِيح فِي الرُّكُوع خلف بن تَمِيم عَن الثَّوْريّ قَالَ إِذا زَاد على التَّشَهُّد فِي الرَّكْعَتَيْنِ اسْتقْبل الصَّلَاة قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلم نجد هَذَا القَوْل عَن أحد من أهل الْعلم مِمَّن نذكرهُ فِي كتَابنَا غير سُفْيَان وَقَالَ الْأَشْجَعِيّ عَن الثَّوْريّ لَا يزِيد الإِمَام فِي الْأَوليين على التَّشَهُّد وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يَدْعُو بِمَا بدا لَهُ سَاجِدا فِي التَّطَوُّع قَالَ الشَّافِعِي إِذا فرغ من التَّشَهُّد قَامَ فِي الآخر يَدْعُو بِأَقَلّ من التَّشَهُّد وَالصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الحديث: 157 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 158 - فِي فرض الصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ الصَّلَاة جَائِزَة وتاركها مسيء وَكَذَلِكَ سَائِر الْعلمَاء سواهُم وَالشَّافِعِيّ يُوجب الْإِعَادَة إِذا لم يصل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي آخرهَا بَين التَّشَهُّد وَالتَّسْلِيم وَقَالَ إِن صلى عَلَيْهِ قبل ذَلِك لم يجزه قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلم يقل بِهِ أحد من أهل الْعلم 159 - فِي التَّسْلِيم فِي آخر الصَّلَاة قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ يسلم عَن يَمِينه السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله وَعَن يسَاره السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله وروى ابْن وهب عَن مَالك أَن الإِمَام يسلم تِلْقَاء وَجهه السَّلَام عَلَيْكُم تَسْلِيمَة وَاحِدَة وَقَالَ أَشهب سُئِلَ مَالك عَن التسليمة الْوَاحِدَة فِي الصَّلَاة فَقَالَ على ذَلِك كَانَ الْأَمر مَا كَانَت الْأَئِمَّة وَلَا غَيرهم يسلمونها إِلَّا وَاحِدَة وَإِنَّمَا حدث التسليمتان مُنْذُ كَانَت بَنو هَاشم وَقَالَ مَالك إِذا كَانَ خلف الإِمَام فَإِنِّي أحب أَن أسلم عَن يَمِينه وَعَن يسَاره وَالتَّسْلِيم خلف الإِمَام يسلمُونَ ثمَّ يردون عَلَيْهِ وَلَا أرى السَّلَام عَن أَيْمَانهم إِلَّا مجزيا عَنْهُم الحديث: 158 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 وروى عَن سعيد بن الْمسيب أَن كَانَ يسلم عَن يَمِينه وَعَن يسَاره ثمَّ يرد على الإِمَام وروى ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا صلى لنَفسِهِ فَلَا بَأْس بِأَن يسلم ثِنْتَيْنِ وَالْإِمَام تَسْلِيمَة وَاحِدَة تِلْقَاء وَجهه يتيامن قَلِيلا وَالَّذِي حصل من مذْهبه أَن الإِمَام يسلم وَاحِدَة وَالْمَأْمُوم ثِنْتَيْنِ وَلَيْسَ فِيهِ وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته وروى ابْن عبد الحكم عَنهُ أَن الْمَأْمُوم يسلم عَن يَمِينه ثمَّ يرد على الإِمَام يَقُول السَّلَام عَلَيْكُم وَقَالَ اللَّيْث أدركنا الْأَئِمَّة وَالنَّاس وهم يسلمُونَ تَسْلِيمَة وَاحِدَة تِلْقَاء وُجُوههم السَّلَام عَلَيْكُم وَكَانَ اللَّيْث يبْدَأ بِالرَّدِّ على الإِمَام ثمَّ يسلم عَن يَمِينه وَعَن يسَاره وَقَالَ مَالك فِي الْمَسْبُوق لَا يقوم الى الْقَضَاء حَتَّى يفرغ الإِمَام من التسليمتين وَقَالَ اللَّيْث لَا أرى عَلَيْهِ بَأْسا أَن يقوم بعد التسليمة الأولى وَلَا ينْتَظر الثَّانِيَة قَالَ أَبُو جَعْفَر وروى الدَّرَاورْدِي عَن مُصعب بن ثَابت عَن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد عَن جَابر بن سعد عَن سعد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يسلم فِي الصَّلَاة تَسْلِيمَة وَاحِدَة السَّلَام عَلَيْكُم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 وَخَالف الدَّرَاورْدِي فِي ذَلِك من هُوَ أحفظ مِنْهُ ابْن الْمُبَارك وَمُحَمّد بن عَمْرو جَمِيعًا عَن مُصعب وبإسناده أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يسلم عَن يَمِينه وَعَن يسَاره حَتَّى يرى بَيَاض خديه من هَا هُنَا وَمن هَا هُنَا وَاحْتَجُّوا أَيْضا بِحَدِيث عَمْرو بن أبي سَلمَة قَالَ حَدثنَا زُهَيْر بن مُحَمَّد عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يسلم تَسْلِيمَة وَاحِدَة قَالَ أَبُو جَعْفَر وَهُوَ حَدِيث واه الْإِسْنَاد لضعف رِوَايَة عَمْرو بن أبي سَلمَة عَن زُهَيْر بن مُحَمَّد كَذَا قَالَه يحيى بن معِين وَغَيره وأصل الحَدِيث إِنَّمَا هُوَ عَن عَائِشَة مَوْقُوف قد روى عبد الرَّحْمَن بن الْأسود عَن أَبِيه وعلقمة عَن عبد الله قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبُو بكر وَعمر يسلمُونَ عَن أَيْمَانهم وَعَن شمائلهم فِي الصَّلَاة السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله فِي رِوَايَة ابْن عمر وَأبي حميد السَّاعِدِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 160 - فِي وجوب السَّلَام قَالَ اصحابنا وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ لَيْسَ بِفَرْض وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ هُوَ فرض تَركه يفْسد وَقَالَ الْحسن بن حَيّ لَو سجد للسَّهْو بعد السَّلَام ثمَّ سجد وَسلم عَن يَمِينه ثمَّ ضحك قبل أَن يسلم الْأُخْرَى أَنه يتَوَضَّأ وَيسْتَقْبل الصَّلَاة قَالَ أَبُو جَعْفَر لم نجد ذَلِك عَن أحد مِمَّن يذهب إِلَى التسليمتين أَن الثَّانِيَة من فرائضها غَيره وَاحْتَجُّوا بِحَدِيث سُفْيَان الثَّوْريّ عَن عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل عَن مُحَمَّد بن الحنيفة عَن عَليّ عَلَيْهِمَا السَّلَام مِفْتَاح الصَّلَاة الطّهُور وإحرامها التَّكْبِير وإحلالها التَّسْلِيم قَالَ أَبُو جَعْفَر عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل هَذَا ضَعِيف لَا يحْتَج بِهِ وَقد روى عَاصِم بن ضَمرَة عَن عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام إِذا قعد مِقْدَار التَّشَهُّد فقد تمت صلَاته وَهُوَ قَول سعيد بن الْمسيب وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ الحديث: 160 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 161 - فِي صَلَاة اللَّيْل وَالنَّهَار قَالَ أَبُو حنيفَة وَالثَّوْري إِن شِئْت رَكْعَتَيْنِ أَو أَرْبعا أَو سِتا أَو ثمانيا قَالَ الثَّوْريّ وَكم شِئْت بعد أَن تقعد فِي كل رَكْعَتَيْنِ وَقد رُوِيَ عَن الْحسن بن حَيّ مثل قَول الثَّوْريّ وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَمَالك وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ صَلَاة اللَّيْل مثنى مثنى قَالَ أَبُو جَعْفَر قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة اللَّيْل مثنى مثنى يَقْتَضِي التسليمة فِي كل ثِنْتَيْنِ أَلا ترى أَنه لَا يُقَال صَلَاة الظّهْر مثنى مثنى لما كَانَت الأوليان مضمنتين بالأخريين 162 - فِي الْقِرَاءَة فِي رَكْعَتي الْفجْر الْحسن بن زِيَاد عَن أبي حنيفَة رُبمَا قَرَأت فِي رَكْعَتي الْفجْر حزبي من الْقُرْآن قَالَ أَبُو جَعْفَر وَهَذَا مِمَّا لَا اخْتِلَاف فِيهِ عَن أبي حنيفَة وَلَا عَن أحد من أَصْحَابه الحديث: 161 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 وروى ابْن الْقَاسِم عَن مَالك أَنه قَالَ أما أَنا فَلَا أَزِيد على أم الْقُرْآن وَحدهَا لقَوْل عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُخَفف رَكْعَتي الْفجْر حَتَّى أَقُول أَقرَأ فيهمَا بِأم الْقُرْآن أم لَا وَذكر عَنهُ ابْن الْقَاسِم أَيْضا أَنه يقْرَأ فِي كل رَكْعَة مِنْهَا بِأم الْقُرْآن وَسورَة من قصار الْمفصل وَإِن قَرَأَ بِأم الْقُرْآن وَحدهَا فِي كل رَكْعَة أَجْزَأَ وَذكر عَنهُ ابْن وهب فِي رِوَايَة أَنه لَا يقْرَأ فيهمَا بِأم الْقُرْآن وَقَالَ الثَّوْريّ يُخَفف فَإِن فَاتَهُ شَيْء من اللَّيْل فَلَا بَأْس بِأَن يطول وَقَالَ الشَّافِعِي يُخَفف قَالَ أَبُو جَعْفَر وروى الْأَعْمَش عَن أبي سُفْيَان عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفضل الصَّلَاة طول الْقُنُوت 163 - فِي وجوب الْوتر قَالَ أَبُو حنيفَة هُوَ وَاجِب وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد سنة مُؤَكدَة لَيْسَ لأحد تَركهَا وَلَيْسَ بِوَاجِب الحديث: 163 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 وَقَالَ مَالك وَالثَّوْري وَاللَّيْث سنة وَقَالَ الشَّافِعِي لَيْسَ بِفَرْض 164 - فِي الْوتر على الرَّاحِلَة فِي السّفر قَالَ أَصْحَابنَا لَا يصليه على الرَّاحِلَة وَقَالَ مَالك وَالثَّوْري وَاللَّيْث وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ يُصَلِّي على الرَّاحِلَة أَي وَجه تَوَجَّهت ويوتر عَلَيْهَا غير أَنه لَا يُصَلِّي عَلَيْهَا الْمَكْتُوبَة وروى نَافِع عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُصَلِّي على رَاحِلَته ويوتر بِالْأَرْضِ وَعَن مُجَاهِد أَن ابْن عمر كَانَ يُوتر بِالْأَرْضِ 165 - فِي كَيْفيَّة الْوتر قَالَ أَصْحَابنَا ثَلَاث لَا يسلم إِلَّا فِي آخِرهنَّ ويقنت قبل الرُّكُوع وَيرْفَع يَدَيْهِ فِي التَّكْبِير ثمَّ يرسلهما وَرُوِيَ عَن أبي يُوسُف أَنه رفعهما فِي الْقُنُوت الحديث: 164 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك الْوتر ثَلَاث يسلم فِي الرَّكْعَتَيْنِ وروى ابْن وهب عَنهُ إِن أوتر بِوَاحِدَة أَجزَأَهُ وروى ابْن الْقَاسِم عَنهُ أَنه قَالَ مَا أقنت فِي رَمَضَان وَلَا فِي غَيره وروى ابْن وهب عَنهُ لَيْسَ فِي الْوتر قنوت وَلَا رفع يَد وَقَالَ الثَّوْريّ الْوتر ثَلَاث يقنت قبل الرُّكُوع فَإِن شِئْت أوترت بِرَكْعَة وَإِن شِئْت بِثَلَاث وَإِن شِئْت بِخمْس وَإِن شِئْت بِسبع وَإِن شِئْت بتسع وَإِن شِئْت بِإِحْدَى عشرَة وَلَا تسلم إِلَّا فِي آخِرهنَّ وَالَّذِي أجمع عَلَيْهِ من الْوتر أَنه ثَلَاث وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ تجوز الْوتر بِوَاحِدَة وَلَا يرفع يَدَيْهِ فِي الْقُنُوت ثمَّ يرسلهما وَقَالَ اللَّيْث أحب إِلَيّ أَن يُوتر بِثَلَاث وَإِن أوتر بِوَاحِدَة أَجزَأَهُ وَلَا قنوت فِيهِ إِلَّا فِي النّصْف الثَّانِي من رَمَضَان وَلَا يرفع يَدَيْهِ فِي الْقُنُوت فِي الْوتر وَقَالَ اللَّيْث أَنا أسلم فِي رَكْعَتي الْوتر وَقَالَ الشَّافِعِي وَالَّذِي أخْتَار أَن أُصَلِّي إِحْدَى عشرَة رَكْعَة يُوتر بِوَاحِدَة وَلَا قنوت فِيهِ إِلَّا فِي رَمَضَان فِي النّصْف الآخر قَالَ أَبُو جَعْفَر الأولى أَن يكون الْقُنُوت قبل الرُّكُوع لِأَن الذّكر الْمسنون فِي الرَّكْعَة الأولى وَهُوَ ذكر الإستفتاح قبل الرُّكُوع وَلَا يرفع يَدَيْهِ كَمَا لَا يرفع فِي الدُّعَاء بعد التَّشَهُّد 166 - فِيمَا يصلح أَن يدعى بِهِ فِي الصَّلَاة قَالَ أَصْحَابنَا يدعى فِيهَا بِكُل شَيْء من الْقُرْآن وَمَا يشبه الدُّعَاء وَلَا يشبه الحَدِيث الحديث: 166 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك لَا بَأْس بِأَن يدعى فِي الصَّلَاة على ظَالِم وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَنهُ لَا بَأْس بِأَن يَدْعُو بِجَمِيعِ حَوَائِجه فِي الْمَكْتُوبَة حوائج دُنْيَاهُ وآخرته فِي الْقيام وَالسُّجُود وَالْجُلُوس وَكَرِهَهُ فِي الرُّكُوع قَالَ مَالك وَبَلغنِي عَن عُرْوَة أَنه قَالَ لأدعو الله بحوائجي كلهَا فِي الصَّلَاة حَتَّى بالملح وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا بَأْس بِأَن يُسَمِّي وَأَهله فِي الْمَكْتُوبَة أَو يَدْعُو لَهُ بعد التَّشَهُّد الْأَخير وَقَالَ الشَّافِعِي يَدْعُو بِكُل مَا دعِي الله بِهِ وَرغب فِيهِ إِلَيْهِ أَو دعِي بِهِ لأحد أَو عَلَيْهِ سمى أَو لم يسم وَإِنَّمَا يقطعهَا مَا خُوطِبَ بِهِ آدَمِيّ من كَلَام النَّاس قَالَ أَبُو جَعْفَر وَفِي حَدِيث ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد ذكر التَّشَهُّد ثمَّ ليختر من الدُّعَاء أعجبه إِلَيْهِ وَفِي حَدِيث مُعَاوِيَة بن الحكم عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن صَلَاتنَا هَذِه لَا يصلح فِيهَا شَيْء من كَلَام النَّاس إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيح وَالتَّكْبِير وتلاوة الْقُرْآن 167 - فِيمَن أَحَق بِالْإِمَامَةِ قَالَ أَصْحَابنَا يؤم أقرؤهم لكتاب الله وأعلمهم بِالسنةِ فَإِن اسْتَووا فأكبرهم سنا وَإِن كَانَ غَيره أَقرَأ وهما فِي الْقِرَاءَة سَوَاء فأورعهم الحديث: 167 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 قَالَ مُحَمَّد إِنَّمَا قيل أقرؤهم لِلْقُرْآنِ لأَنهم كَانُوا فِي ذَلِك الزَّمَان أقرؤهم أفقههم وَقَالَ مَالك يؤمهم أعلمهم إِذا كَانَت حَاله حَسَنَة قَالَ وَإِن للسن حَقًا فَقيل لَهُم أكبرهم سنا أَكْثَرهم قُرْآنًا قَالَ لَا قد يقْرَأ من لَا يكون فِيهِ خير وَقَالَ الثَّوْريّ يؤمهم أقرؤهم فَإِن كَانُوا سَوَاء فأعلمهم بِالسنةِ فَإِن كَانُوا فِي ذَلِك سَوَاء فأقدمهم هِجْرَة فَإِن كَانُوا فِي ذَلِك سَوَاء فأكبرهم سنا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يؤمهم أفقههم فِي دين الله وَقَالَ اللَّيْث يؤمهم أفضلهم وَخَيرهمْ وَقَالَ اللَّيْث فِي قوم اجْتَمعُوا فِي مَكَان فَكَانَ جَمِيعهم رَضِي وقراءتهم وَاحِدَة فَإِنَّهُ عَسى أَن يكون أحْسنهم خلقا وَقَالَ الشَّافِعِي يؤمهم أقرؤهم وأفقههم فَإِن لم يجْتَمع ذَلِك يقدم أفقههم إِذا كَانَ يقْرَأ مَا يَكْتَفِي بِهِ الصَّلَاة فَحسن وَإِن قدم أقرؤهم إِذا علم مَا يلْزمه فَحسن وَيقدم هَذَانِ على من أسن مِنْهُمَا فَإِن اسْتَووا أمّهم أسنهم فَإِن اسْتَووا فَقدم ذُو النّسَب فَحسن أَبُو قبيل عَن عبَادَة بن الصَّامِت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَيْسَ منا من لم يجل كَبِيرنَا وَيرْحَم صَغِيرنَا وَيعرف لعالمنا روى ابْن الْمُبَارك عَن خَالِد الْحذاء عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْبركَة مَعَ أكابركم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 168 - فِي مَوضِع الإِمَام وَالْمَأْمُوم كره أَصْحَابنَا أَن يُصَلِّي الإِمَام على دكان وَأَصْحَابه على الأَرْض قَالَ وَرُوِيَ عَن أبي يُوسُف فِي الْإِمْلَاء أَنه إِذا كَانَ مَوضِع الإِمَام أرفع بِمِقْدَار قامة فَهُوَ الْمَكْرُوه وَإِن كَانَ أقل فَلَيْسَ بمكروه وَلم يذكر فِيهِ خلافًا وَقَالَ مَالك أكره أَن يكون مَوضِع الإِمَام أرفع فَإِن فعل فَعَلَيْهِم الْإِعَادَة وَإِن خرج الْوَقْت إِلَّا أَن يكون على دكان يسير الِارْتفَاع وَكره الْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ أَن يكون مَكَان الإِمَام أرفع وَلم يكرههُ اللَّيْث قَالَ الشَّافِعِي إِذا أَرَادَ أَن يعلم من يأتم بِهِ فَلَا بَأْس ليقتدي بِهِ من وَرَاءه وَيسْجد على الأَرْض عَن سهل بن سعد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما عمل لَهُ الْمِنْبَر ثَلَاث دَرَجَات جلس عَلَيْهِ وَكبر فَكبر النَّاس خَلفه ثمَّ ركع على الْمِنْبَر ثمَّ رفع فَنزل الْقَهْقَرِي فَسجدَ فِي أصل الْمِنْبَر ثمَّ عَاد حَتَّى فرغ من صلَاته فَصنعَ كَمَا صنع فِي الرَّكْعَة الأولى فَقَالَ يَا أَيهَا النَّاس إِنَّمَا صنعت هَذَا لتأتموا بِي ولتعلموا صَلَاتي قَالَ أَبُو جَعْفَر وَصحح الْحَدِيثين فِي الْكَرَاهَة وَفِي الْإِبَاحَة أَن الْمِنْبَر لم يكن بِمِقْدَار قامة الحديث: 168 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 وَحَدِيث سلمَان على مَا هُوَ أَعلَى مِنْهُ 169 - فِيمَن اقْتدى بِالْإِمَامِ فِي سطح الْمَسْجِد قَالَ أَصْحَابنَا صلَاته جَائِزَة إِذا لم يكن قُدَّام الإِمَام وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك لَا بَأْس بِهِ غير الْجُمُعَة فَإِن صلى الْجُمُعَة كَذَلِك أعَاد وَإِن خرج الْوَقْت وَقَالَ اللَّيْث لَا بَأْس يصلوا الْجُمُعَة رَكْعَتَيْنِ فَوق ظهر الْمَسْجِد وَفِي الدّور على الدكاكين وَفِي الطّرق إِذا كَانَت طَاهِرَة وَإِذا اتَّصَلت الصُّفُوف وَرَأى النَّاس بَعضهم بَعْضًا حِين يصلونَ بِصَلَاة الإِمَام وَقَالَ الشَّافِعِي إِن صلى رجل فِي طرف الْمَسْجِد وَالْإِمَام فِي طرفه وَلم يتَّصل الصُّفُوف أَو فَوق ظهر الْمَسْجِد أَجزَأَهُ وروى عَن أبي هُرَيْرَة أَنه صلى يَوْم الْجُمُعَة فَوق ظهر الْمَسْجِد بِصَلَاة الإِمَام فِي الْمَسْجِد رَوَاهُ ابْن أبي ذِئْب عَن صَالح مولى التَّوْأَمَة أَنه صلى مَعَه كَذَلِك 170 - فِي أم الْوَلَد تصلي بِغَيْر قناع قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ تصلي بِغَيْر قناع وَقَالَ مَالك فِي أم الْوَلَد إِن صلت بِغَيْر قناع فَأحب إِلَيّ أَن يُعِيد مَا دَامَت فِي الْوَقْت وَلست أرَاهُ وَاجِبا عَلَيْهَا كوجوبه على الْحرَّة الحديث: 169 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 وَقَالَ مَالك فِي الْأمة تصلي بِغَيْر قناع إِن ذَلِك سنتها وَكَذَلِكَ الْمُكَاتبَة والمدبرة وَالْمُعتق بَعْضهَا قَالَ أَبُو جَعْفَر لم يَخْتَلِفُوا فِي الْأمة وَأم الْوَلَد أَنه فِي سَائِر أَحْكَامهَا لَا فرق بَينهمَا 171 - فِي الْمَرْأَة تحضر الْجَمَاعَة ذكر أَبُو جَعْفَر عَن مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة أَن النِّسَاء كَانَ يرخص لَهُنَّ فِي الْخُرُوج إِلَى الْعِيدَيْنِ فَأَما الْيَوْم فَإِنِّي أكرهه قَالَ وأكره لَهُنَّ شُهُود الْجُمُعَة وَالصَّلَاة الْمَكْتُوبَة فِي جمَاعَة وأرخص للعجوز الْكَبِيرَة أَن تشهد الْعشَاء وَالْفَجْر فَأَما غير ذَلِك فَلَا قَالَ وروى بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف وَأبي حنيفَة أَنه قَالَ خُرُوج النِّسَاء فِي الْعِيدَيْنِ حسن وَلم يكن يرى خروجهن فِي شَيْء من الصَّلَوَات مَا خلا الْعِيدَيْنِ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا بَأْس أَن تخرج الْعَجُوز فِي الصَّلَوَات كلهَا وأكره ذَلِك للشابة وَقَالَ مَالك لَا يمْنَع النِّسَاء الْخُرُوج إِلَى الْمَسَاجِد وَأما الإستسقاء وَالْعِيدَيْنِ فَإِنِّي لَا أرى بَأْسا أَن تخرج كل أمْرَأَة متجالة هَذِه رِوَايَة ابْن الْقَاسِم وَقَالَ عَنهُ أَشهب إِن المتجالة تخرج إِلَى الْمَسْجِد وَلَا تكْثر التَّرَدُّد والشابة تخرج إِلَى الْمَسْجِد الْمرة بعد الْمرة وَكَذَلِكَ فِي الْجَنَائِز يخْتَلف فِي ذَلِك أَمر الْعَجُوز والشابة فِي جنائز أَهلهَا وقراباتها وَقَالَ الثَّوْريّ لَيْسَ للْمَرْأَة خير من بَيتهَا وَإِن كَانَت عجوزا الحديث: 171 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 قَالَ الثَّوْريّ قَالَ عبد الله الْمَرْأَة عَورَة وَأقرب مَا تكون إِلَى الله تَعَالَى فِي قَعْر بَيتهَا فَإِذا خرجت استشرفها الشَّيْطَان وروى ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ ائذنوا للنِّسَاء بِاللَّيْلِ يَعْنِي إِلَى الْمَسْجِد قَالَ أَبُو جَعْفَر فَدلَّ على أَن النَّهَار بِخِلَافِهِ وروت أم عَطِيَّة كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخرج الْحيض وَذَوَات الْخُدُور يَوْم الْعِيد فيعتزلن الْحيض ويشهدن دَعْوَة الْمُسلمين فَقَالَت امْرَأَة فَإِن لم يكن لِأَحَدِنَا جِلْبَاب قَالَ فلتعرها أُخْتهَا جلبابا قَالَ أَبُو جَعْفَر وَيحْتَمل أَن يكون ذَلِك والمسلمون قَلِيل فَأَرَادَ التكثير بحضورهن إرهابا لِلْعَدو وَالْيَوْم فَلَا يحْتَاج إِلَى ذَلِك 172 - فِي السُّجُود على كور الْعِمَامَة قَالَ أَصْحَابنَا يجوز وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ وَقَالَ مَالك أكرهه وَيجوز وَالْحسن بن حَيّ يُعجبهُ السُّجُود على الْجَبْهَة وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يجوز الحديث: 172 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمرت أَن أَسجد على سَبْعَة آرَاب وَلَو سجد على رُكْبَتَيْهِ وَيَديه وَرجلَيْهِ وَهِي مستورة جَازَ السُّجُود على الْجَبْهَة وَهِي مستورة 173 - فِي الصَّلَاة على الطنافس قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ لَا بَأْس بِهِ وَكره مَالك السُّجُود على الطنافس وَبسط الشّعْر والأدم وَكَانَ يَقُول لَا بَأْس بِأَن يقوم عَلَيْهَا ويركع عَلَيْهَا وَلَا يسْجد عَلَيْهَا وَلَا يضع كفيه عَلَيْهَا وَلَا يرى بَأْسا بالحصباء وَمَا أشبههَا مِمَّا تنْبت الأَرْض 174 - فِي الصَّلَاة فِي الْكَعْبَة قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ يُصَلِّي فِي الْكَعْبَة الْفَرْض وَالنَّقْل وَقَالَ مَالك لَا يُصَلِّي فِيهَا الْفَرْض وَلَا الْوتر وَلَا رَكعَتَا الطّواف وَلَا رَكعَتَا الْفجْر وَيُصلي التَّطَوُّع الحديث: 173 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 قَالَ أَصْحَابنَا وَإِن لم يكن بَين يَدَيْهِ مَا يستره من بِنَاء الْكَعْبَة أَجزَأَهُ وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يُجزئهُ قَالَ أَبُو جَعْفَر رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ إِنَّمَا أَمر النَّاس أَن يصلوا إِلَى الْكَعْبَة وَلم يؤمروا أَن يصلوا فِيهَا 175 - هَل يرْكَع الْمَأْمُوم دون الصَّفّ قَالَ مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة يكره للْوَاحِد أَن يرْكَع دون الصَّفّ ثمَّ يتَقَدَّم وَلَا يكره ذَلِك للْجَمَاعَة وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث لَا بَأْس أَن يرْكَع الرجل وَحده دونهَا الصَّفّ وَيَمْشي إِلَى الصَّفّ إِذا كَانَ قَرِيبا قدر مَا يلْحق قَالَ أَبُو جَعْفَر روى ابْن عجلَان عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَتَى أحدكُم الصَّلَاة فَلَا يرْكَع دون الصَّفّ حَتَّى يَأْخُذ مَكَانَهُ من الصَّفّ 176 - فِي الْمُنْفَرد خلف الصَّفّ قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ يُجزئهُ وَقَالَ مَالك لَا بَأْس بذلك وَكره أَن يجذب إِلَيْهِ رجلا الحديث: 175 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 234 وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ من صلى خلف الصَّفّ وَحده أعَاد قَالَ أَبُو جَعْفَر احْتج الشَّافِعِي بِحَدِيث أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى فِي بَيت أم سليم فأقامني واليتيم وَرَاءه وَأقَام أم سليم خلفنا قَالَ أَبُو جَعْفَر هَذَا لَا حجَّة فِيهِ على أَن الإِمَام إِذا لم يكن مَعَه إِلَّا رجل وَاحِد قَامَ عَن يَمِينه وَلَو كَانَ بدله امْرَأَة قَامَت خَلفه 177 - فِيمَن لم يكن بَين يَدَيْهِ ستْرَة هَل يخط قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَاللَّيْث الْخط لَيْسَ بِشَيْء وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ السَّوْط بعرضه أحب إِلَيّ من الْخط وَقَالَ الشَّافِعِي يخط بَين يَدَيْهِ فِي الصَّحرَاء قَالَ أَبُو جَعْفَر وروى سُفْيَان الثَّوْريّ عَن إِسْمَاعِيل بن أُميَّة عَن أبي عَمْرو بن مُحَمَّد بن حُرَيْث الْعَدوي عَن جده سمع أَبَا هُرَيْرَة قَالَ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا صلى أحدكُم فليجعل تِلْقَاء وَجهه شَيْئا فَإِن لم يكن مَعَه شَيْء فلينصب عَصا فَإِن لم يكن مَعَه عَصا فليخطط خطا ثمَّ لَا يضرّهُ مَا مر بَين يَدَيْهِ قَالَ أَبُو جَعْفَر أَبُو عَمْرو بن مُحَمَّد هَذَا وجده مَجْهُولَانِ لَيْسَ لَهما ذكر فِي غير هَذَا الحَدِيث الحديث: 177 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 178 - فِي الصَّلَاة نصف النَّهَار قَالَ أَصْحَابنَا وَالْحسن بن حَيّ لَا يصلى نصف النَّهَار إِلَّا يَوْم الْجُمُعَة خَاصَّة وَقَالَ الشَّافِعِي مثل ذَلِك وَقَالَ مَالك لَا أكره الصَّلَاة وسط النَّهَار إِذا اسْتَوَت الشَّمْس فِي وسط النَّهَار السَّمَاء لَا فِي يَوْم الْجُمُعَة وَلَا فِي غَيره وَلَا أعرف هَذَا النَّهْي وَمَا أدْركْت أهل الْفضل وَالْعِبَادَة إِلَّا وهم يهجرون وَيصلونَ نصف النَّهَار وروى زُهَيْر بن مُحَمَّد وَمَالك عَن زيد بن أسلم عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي عبد الله الصنَابحِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الشَّمْس تطلع وَمَعَهَا قرن الشَّيْطَان فَإِذا ارْتَفَعت فَارقهَا ثمَّ إِذا اسْتَوَت قارنها فَإِذا زَالَت فَارقهَا فَإِذا دنت للغروب قارنها فَإِذا غربت فَارقهَا وَنهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الصَّلَاة فِي تِلْكَ السَّاعَات قَالَ زُهَيْر فِيهِ عَن الصنَابحِي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم 179 - فِيمَن صلى قُدَّام الإِمَام قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ فِي رِوَايَة الْبُوَيْطِيّ لَا يُجزئهُ وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث يُجزئهُ الحديث: 178 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 180 - فِي السُّجُود على ظهر رجل قَالَ أَصْحَابنَا يُجزئهُ والاستحباب التَّأْخِير حَتَّى يرفع الرجل رَأسه فَيسْجد بِالْأَرْضِ وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ أَنه يُجزئهُ وَقَالَ مَالك لَا يُجزئهُ وَيُعِيد وَرُوِيَ عَن عمر من آذاه الخشن فليسجد على ثَوْبه أَو يسْجد على ظهر أَخِيه وَلَا مُخَالف لَهُ من الصَّحَابَة 181 - فِي الإقتداء بِالصَّبِيِّ قَالَ أَصْحَابنَا لَا يجوز وَهُوَ قَول اللَّيْث وَالْحسن بن حَيّ وَكَرِهَهُ الثَّوْريّ وَلم يذكر الْجَوَاز وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ يجزئهم 182 - فِيمَن بَينه وَبَين الإِمَام طَرِيق أَو نهر قَالَ أَصْحَابنَا لَا يُجزئهُ إِلَّا أَن يكون الصُّفُوف مُتَّصِلَة فِي الطَّرِيق وَهَذَا قَول اللَّيْث وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ وَقَالَ مَالك لَا بَأْس إِذا كَانَ النَّهر صَغِيرا وَإِن كَانَ بَينهم وَبَين الإِمَام طَرِيق فَلَا بَأْس وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا صلى قرب الْمَسْجِد وقربه مَا يعرفهُ النَّاس من أَن يتَّصل بِالْمَسْجِدِ فَيصَلي مُنْقَطِعًا عَن الْمَسْجِد أَو فنائه قدر مِائَتي ذِرَاع أَو ثَلَاثمِائَة الحديث: 180 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 ذِرَاع أَو نَحْو ذَلِك فَإِذا جَاوز ذَلِك لم يجز وَكَذَلِكَ الصَّحرَاء والسفينة وَالْإِمَام فِي الْأُخْرَى وَلَو أجزت أبعد من هَذَا أجزت أَن يُصَلِّي على ميل وَمذهب عَطاء أَن يُصَلِّي بِصَلَاة الإِمَام من عَملهَا وَلَا أَقُول بِهَذَا 183 - فِي سُجُود الْقُرْآن قَالَ أَصْحَابنَا أَربع عشرَة فِيهَا الأولى من الْحَج وَقَالَ الثَّوْريّ قَالَ مَالك أجمع النَّاس على أَن عزائم سُجُود الْقُرْآن إِحْدَى عشرَة سَجْدَة لَيْسَ فِي الْمفصل مِنْهَا شَيْء آلمص والرعد والنحل وَبني إِسْرَائِيل وَمَرْيَم وَالْحج أَولهَا وَالْفرْقَان والهدهد وآلم تَنْزِيل وص وحم تَنْزِيل قَوْله {إِن كُنْتُم إِيَّاه تَعْبدُونَ} فصلت 37 وَقَالَ اللَّيْث اسْتحبَّ أَن يسْجد فِي سُجُود الْقُرْآن كُله وَسُجُود الْمفصل مَوضِع السُّجُود من حم السَّجْدَة {إِيَّاه تَعْبدُونَ} وَقَالَ الشَّافِعِي أَربع عشرَة سَجْدَة سوى سَجْدَة ص فَإِنَّهَا سَجْدَة شكر وَرُوِيَ عَن عمر أَنه سجد من الْحَج سَجْدَتَيْنِ قَالَ أَبُو جَعْفَر رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه سجد فِي ص وَقَالَ ابْن عَبَّاس فِي سَجْدَة حم أَسجد بأجزأ الْآيَتَيْنِ كَمَا قَالَ أَصْحَابنَا الحديث: 183 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 وروى زيد بن ثَابت أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يسْجد فِي النَّجْم وَقَالَ عبد الله بن مَسْعُود سجد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي النَّجْم قَالَ أَبُو هُرَيْرَة سجدنا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي {إِذا السَّمَاء انشقت} و {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق} 184 - فِي السَّامع للسجدة قَالَ أَصْحَابنَا يسجدها السَّامع سَوَاء كَانَ التَّالِي رجلا أَو امْرَأَة وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا قَرَأَ السَّجْدَة من لَا يكون لَك إِمَامًا من رجل أَو امْرَأَة أَو صبي وَأَنت تسمعه فَلَيْسَ عَلَيْك السُّجُود وَإِن سجد التَّالِي فَلَيْسَ على السَّامع أَن يسجدها إِلَّا أَن يكون جلس إِلَيْهِ وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك إِنَّمَا تجب السَّجْدَة على الرجل يقْرَأ على الْقَوْم يكونُونَ مَعَ الرجل يأتمون بِهِ فَإِذا سجد سجدوا مَعَه وَلَيْسَ على من سمع سَجْدَة من إِنْسَان قَرَأَهَا لَيْسَ لَهُ بِإِمَام أَن يسجدها بقرَاءَته تِلْكَ السَّجْدَة وَقَالَ الثَّوْريّ فِي الرجل يسمع السَّجْدَة من الْمَرْأَة قَالَ يَقْرَأها هُوَ وَيسْجد الحديث: 184 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 وَقَالَ أَبُو جَعْفَر وَهَذَا لَا معنى لَهُ وَقد ذكر عَن مَالك مَا يشبه هَذَا قَالَ ابْن الْقَاسِم عَنهُ فِيمَن قَرَأَ سَجْدَة فِي صَلَاة نَافِلَة فَكبر ثمَّ نسي أَن يسجدها حَتَّى ركع قَالَ أحب أَن يَقْرَأها فِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة ثمَّ يسجدها وَهَذَا فِي النَّافِلَة فَأَما فِي الْفَرِيضَة فَلَا يَقْرَأها وَإِن قَرَأَهَا وَلم يسْجد ثمَّ ذكر فِي الثَّانِيَة لم يعد قرَاءَتهَا مرّة أُخْرَى وَقَالَ اللَّيْث إِذا سمع السَّجْدَة من غُلَام سجدها وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْبُوَيْطِيّ من سمع رجلا قَرَأَ فِي غير الصَّلَاة سَجْدَة فَإِن كَانَ جَالِسا إِلَيْهِ يستمع الْقِرَاءَة فَسجدَ فليسجد مَعَه فَإِن لم يسْجد وَأحب المستمع أَن يسْجد فليسجد 185 - فِي وجوب السَّجْدَة قَالَ أَصْحَابنَا سَجْدَة التِّلَاوَة وَاجِبَة وَقَالَ ابْن الْقَاسِم كَانَ مَالك لَا يُوجِبهَا قَالَ وَلَا أحب للقارىء تَركهَا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ لَيست بواجبة وَقَالَ اللَّيْث إِنَّمَا السَّجْدَة على من جلس إِلَيْهَا واستمع لَهَا الحديث: 185 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 186 - فِي سُجُود التِّلَاوَة فِي الْوَقْت الْمنْهِي عَن الصَّلَاة فِيهِ قَالَ أَصْحَابنَا لَا يسجدها عِنْد الطُّلُوع والزوال والغروب وَيسْجد بعد الْعَصْر وَالْفَجْر قَالَ زفر إِن سجد عِنْد الطُّلُوع والغروب أَو نصف النَّهَار أَجزَأَهُ إِذا تَلَاهَا فِي ذَلِك الْوَقْت وَإِن كَانَ تَلَاهَا قبل ذَلِك أَجزَأَهُ أَيْضا وَقد أَسَاءَ وَقَالَ مَالك لَا يسْجد بعد الْعَصْر وَالْفَجْر كَمَا لَا يُصَلِّي وَذَلِكَ فِي رِوَايَة ابْن وهب وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَنهُ يسْجد فِي هذَيْن الْوَقْتَيْنِ مَا لم تَتَغَيَّر الشَّمْس أَو تسفر فَإِذا أسفرت أَو أصفرت الشَّمْس لم يسْجد وَقَالَ الثَّوْريّ يُؤَخر السَّجْدَة بعد الْفجْر وَبعد الْعَصْر فَأَما الطّواف والجنازة فَلَا بَأْس بذلك مَا دَامَت فِي وَقت وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا يسْجد فِي الْأَوْقَات الَّتِي يكره فِيهَا الصَّلَاة وَكَذَلِكَ قَالَ الْحسن بن حَيّ وَاللَّيْث بن سعد وَقَالَ الشَّافِعِي يسْجد بعد الْعَصْر وَالْفَجْر 187 - إِذا ركع عَن سُجُود التِّلَاوَة قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَاللَّيْث وَالْحسن بن حَيّ إِن شَاءَ ركع بهَا فتجزئه من السَّجْدَة وَقَالَ مَالك لَا يرْكَع بهَا فِي صَلَاة غَيرهَا قَالَ أَبُو جَعْفَر روى شُعْبَة عَن أبي إِسْحَاق عَن الْأسود عَن عبد الله فِي الحديث: 186 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 الرجل يقْرَأ فِي الصَّلَاة بِسُورَة آخرهَا سَجْدَة قَالَ إِن شَاءَ ركع وَإِن شَاءَ سجد ثمَّ قَامَ فَرَكَعَ وَسجد قَالَ أَبُو جَعْفَر وجدنَا فِي الصَّلَاة خضوعين الرُّكُوع وَالسُّجُود فَكَانَ السُّجُود مَفْعُولا عِنْد التِّلَاوَة فَالْقِيَاس أَن يكون الآخر مثله قَالَ الله تَعَالَى {وخر رَاكِعا} ص 24 وَسجد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ص وَسُئِلَ عَنْهَا ابْن عَبَّاس فَقَالَ {أُولَئِكَ الَّذين هدى الله فبهداهم اقتده} الْأَنْعَام 90 وَقد كَانَ نَبِيكُم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر بالأقتداء بِدَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ أَبُو جَعْفَر فَدلَّ على أَن اقتداءه كَانَ بِهِ فِي الخضوع الَّذِي كَانَ مِنْهُ فَثَبت أَن الرُّكُوع وَالسُّجُود سَوَاء فِي الحكم عِنْد التِّلَاوَة وَإِن كَانَ المُرَاد الخضوع بِأحد هذَيْن الْفِعْلَيْنِ 188 - فِي سنة السُّجُود للتلاوة قَالَ أَصْحَابنَا يكبر إِذا سجد وَإِذا رفع وَلَا تَسْلِيم فِيهَا وَقَالَ مَالك إِذا تَلَاهَا فِي صلَاته كبر إِذا سجد وَإِذا رفع وَإِذا قَرَأَهَا فِي غير صَلَاة فَكَانَ يضعف التَّكْبِير قبل السُّجُود وَبعده ثمَّ قَالَ أرى أَن يكبر وَكَانَ لَا يرى السَّلَام بعْدهَا وَقَالَ الشَّافِعِي يكبر وَيرْفَع يَدَيْهِ حَذْو مَنْكِبَيْه وَلَيْسَ فِيهِ تشهد وَتَسْلِيم الحديث: 188 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 وَرُوِيَ عَن عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ وَأبي الْأَحْوَص وَأبي قلَابَة وَابْن سِيرِين أَنهم كَانُوا يسلمُونَ إِذا رفعوا من سُجُود التِّلَاوَة وَعَن الْحسن وَإِبْرَاهِيم أَنه لَا يسلم وَقَالَ أَبُو جَعْفَر اتَّفقُوا على أَن تَالِيهَا فِي الصَّلَاة لَا يسلم فَإِنَّهُ بعد رفع رَأسه مِنْهَا يعود إِلَى حَاله قبل ذَلِك كَذَلِك فِي غير الصَّلَاة 189 - فِي سُجُود الشُّكْر أَبُو حنيفَة لَا يرى بِهِ بَأْسا وَمَالك يكرههُ وَقَالَ مُحَمَّد وَاللَّيْث لَا بَأْس بِهِ وَقَالَ الشَّافِعِي أحب سُجُود الشُّكْر وروى أَبُو بكرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا جَاءَهُ شَيْء يسره خر سَاجِدا لله تَعَالَى وروى أَن عليا عَلَيْهِ السَّلَام وَأَصْحَابه سجدوا لله حِين وجدوا المخدج إِلَيْهِ وَكَعب بن مَالك لما بشر بِالتَّوْبَةِ سجد الحديث: 189 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 وَقَالَ الله تَعَالَى {إِنَّمَا يُؤمن بِآيَاتِنَا الَّذين إِذا ذكرُوا بهَا خروا سجدا} السَّجْدَة 15 فمدحهم على ذَلِك تعظيمهم إِيَّاه بِالسُّجُود عِنْد ذكر آيَات رَبهم 190 - فِي الإِمَام هَل يقْرَأ فِي الصَّلَاة سَجْدَة التِّلَاوَة قَالَ أَصْحَابنَا لَا يقْرَأ سَجْدَة تِلَاوَة فِي صَلَاة لَا جهر فِيهَا وَقَالَ مَالك أكرهه فِيمَا يجْهر وَفِيمَا لَا يجْهر وَقَالَ الثَّوْريّ لَا بَأْس أَن يقْرَأ الإِمَام فِي الْمَكْتُوبَة سَجْدَة وَقد رُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقْرَأ يَوْم الْجُمُعَة فِي صَلَاة الصُّبْح آلم تَنْزِيل و {هَل أَتَى على الْإِنْسَان} فَهَذَا مِمَّا يجْهر فِيهِ وروى يزِيد بن هَارُون عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ عَن أبي مجلز قَالَ وَلم أسمعهُ مِنْهُ عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سجد فِي صَلَاة الظّهْر فَرَأى أَصْحَابه أَنه قد قَرَأَ تَنْزِيل السَّجْدَة قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يعلم فِي هَذَا الْبَاب غير هَذَا الحَدِيث وَقد فسد بِمَا ذكر سُلَيْمَان التَّيْمِيّ فِيهِ أَنه لم يسمعهُ من أبي مجلز قَالَ أَبُو جَعْفَر وَإِذا لم يجْهر فَلَو قَرَأَ سَجْدَة وَسجد لم يدر النَّاس لما سجد للتلاوة فِي الصَّلَاة أَو فِي غَيرهَا أَو سُجُود وشكر فيسجدون من غير علم مِنْهُم لما سجدوا لَهُ الحديث: 190 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 191 - فِي كَيْفيَّة قِرَاءَة الْمُنْفَرد قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا صلى وَحده فَأَسْمع أُذُنَيْهِ أَو رفع ذَلِك أَو خفض ذَلِك فِي نَفسه أَجزَأَهُ والجهر أفضل وَذَلِكَ فِي الصَّلَاة الَّتِي يجْهر فِيهَا الإِمَام وَقَالَ مَالك الْمُنْفَرد بجهر وَيسمع نَفسه وَفَوق ذَلِك قَلِيلا وَالْمَرْأَة تسمع نَفسهَا وَلَيْسَ شَأْن النِّسَاء فِي هَذَا الْجَهْر وَكَانَ مَالك لَا يرى مَا قَرَأَ بِهِ الرجل فِي الصَّلَاة فِي نَفسه مَا لم يُحَرك بِهِ لِسَانه وَقَالَ الثَّوْريّ الإِمَام يسمع من خَلفه وَالْمُنْفَرد يسمع أُذُنَيْهِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِيمَن صلى فِي بَيته صَلَاة اللَّيْل إِن شَاءَ جهر وَإِن شَاءَ أسره وَمن فَاتَهُ بعض صَلَاة الإِمَام فِيمَا يجْهر فِيهِ فَيقوم فيقضيه أَنه يسمع أُذُنَيْهِ فَقَط قَالَ أَبُو جَعْفَر الْقيَاس للمنفرد الْإخْفَاء لِاتِّفَاق الْجَمِيع أَنه فِي الْجَهْر دون الإِمَام وَأَنه لَا يجْهر كَمَا يجْهر الإِمَام 192 - فِيمَن أدْرك الإِمَام قَاعِدا قَالَ أَصْحَابنَا يكبر تَكْبِيرَة الإفتتاح ثمَّ أُخْرَى يقْعد بهَا فَإِذا نَهَضَ الإِمَام قَامَ مَعَه بتكبيرة وَقَالَ مَالك إِذا أدْركهُ سَاجِدا كبر لإحرامه وللسجود وَيقوم إِذا فرغ الإِمَام بتكبيرة قَالَ وَلَو أدْرك مَعَ الإِمَام رَكْعَة وفاتته ثَلَاث نَهَضَ بِغَيْر تَكْبِير الحديث: 191 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 لِأَن الإِمَام حَبسه وَقد كبر هُوَ حِين رفع رَأسه من السُّجُود وَإِذا أدْرك مَعَ الإِمَام رَكْعَتَيْنِ ثمَّ قَامَ يقْضِي بتكبيرة لِأَن جُلُوسه فِي وسط صلَاته وَقَالَ الثَّوْريّ إِن أدْركهُ رَاكِعا أَو سَاجِدا كبر للْإِحْرَام ثمَّ أُخْرَى للرُّكُوع أَو السُّجُود وَإِن أدْركهُ سَاجِدا كبر لإحرامه وَجلسَ وَلم يكبر للجلوس وَقَالَ اللَّيْث إِذا أدْركهُ جَالِسا كبر ثمَّ جلس وَقَالَ الشَّافِعِي من دخل الْمَسْجِد فَوجدَ الإِمَام جَالِسا فِي آخر صلَاته فليحرم قَائِما وليجلس مَعَه وَلم يذكر تَكْبِيرا وَإِذا سلم الإِمَام قَامَ بِلَا تَكْبِير وَإِن أدْركهُ فِي اثْنَتَيْنِ جلس مَعَه كَذَلِك ثمَّ ينْهض بتكبير قَالَ أَبُو جَعْفَر لم يَخْتَلِفُوا أَنه إِذا أدْركهُ رَاكِعا أَو سَاجِدا أَنه ينْتَقل من الْقيام الى الرُّكُوع وَالسُّجُود بتكبير كَذَلِك الى الْقعُود حَتَّى يكون قعوده تاليا للتكبير كالركوع 193 - فِي مصلي الْفَرْض إِذا اقْتدى بالمتنفل قَالَ أَصْحَابنَا لَا يُجزئهُ وَقَالَ مَالك لَا أحب ذَلِك وَكَرِهَهُ الثَّوْريّ وَقَالَ الشَّافِعِي يُجزئهُ 194 - فِي الصَّلَاة خلف الْجنب وَنَحْوه قَالَ أَصْحَابنَا يُعِيد وَهُوَ قَول الْحسن بن حَيّ وَقَالَ ابْن شبْرمَة من قَرَأَ خَلفه أَجزَأَهُ وَمن لم يقْرَأ أعَاد الحديث: 193 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 وَقَالَ مَالك يُعِيد وَلَا يعيدون واذا ذكر ذَلِك فِي صلَاته قدم رجلا فَبنى بهم وانتقضت صلَاته وَلم تنْتَقض صلَاتهم وَقَالَ فِي الإِمَام إِذا ذكر وَهُوَ يُصَلِّي صَلَاة مَكْتُوبَة انتقضت صلَاتهم وَصلَاته وَلم يَجعله مثل من صلى على غير وضوء وَقَالَ ابْن الْقَاسِم أَيْضا عَن مَالك فِيمَن صلى بِقوم وَهُوَ جنب وَهُوَ يعلم بذلك مُتَعَمدا إِنَّهُم يعيدون الصَّلَاة وَقَالَ الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ لَا يعيدون وَقَالَ الشَّافِعِي وَإِن ائتم بِكَافِر ثمَّ علم أعَاد وَلم يكن هَذَا إسلاما مِنْهُ قَالَ عبيد الله بن الْحسن فِي يَهُودِيّ صلى بِقوم وهم لَا يَشْعُرُونَ أَنه يَهُودِيّ أَنه يكون مُسلما بِصَلَاتِهِ بهم فَإِن أَبى ذَلِك استتبته وَاحْتج بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من صلى صَلَاتنَا وَإِذا صلى خلف جنب جَازَت صلَاته قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ أَنه لَو اقْتدى بِهِ مَعَ الْعلم بِحَالهِ لم تجزه صلَاته كَذَلِك إِذا لم يعلم وَكَذَلِكَ حَال الْجَهْل كَمَا لم يخْتَلف حكم الْعلم وَالْجهل فِي يقينه 195 - فِي صَلَاة الْعُرْيَان قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري يُصَلِّي قَاعِدا بِالْإِيمَاءِ وَإِن كَانُوا جمَاعَة صلوا وحدانا فَإِن صلوا جمَاعَة قعد الإِمَام وسط الصَّفّ وصلوا بِالْإِيمَاءِ وَهُوَ قَول الْحسن بن حَيّ وَقَالَ زفر وَالشَّافِعِيّ يصلونَ قيَاما بركوع وَسُجُود وَإِن قعدوا لم يجزهم وَقَالَ مَالك يصلونَ قيَاما أفرادا يتباعد بَعضهم من بعض وَيصلونَ قيَاما الحديث: 195 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 فَإِن كَانُوا فِي ليل مظلم لَا ينظر بَعضهم بَعْضًا صلوا جمَاعَة ويقدمهم إمَامهمْ وَقَالَ اللَّيْث إِن كَانَ وَحده صلى قَائِما يرْكَع وَيسْجد وَإِن كَانُوا جمَاعَة صلوا قعُودا يَرْكَعُونَ ويسجدون وَيكون الإِمَام فِي وَسطهمْ فِي الصَّفّ مَعَهم 196 - فِيمَن فَاتَتْهُ صَلَاة الْفجْر قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ يُصَلِّي رَكْعَتي الْفجْر ثمَّ يُصَلِّي الْفجْر قَالَ مَالك يُصَلِّي صَلَاة الصُّبْح وَلَا يرْكَع رَكْعَتي الْفجْر قَالَ ابْن وهب وَسُئِلَ مَالك هَل كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين نَام عَن الصُّبْح حَتَّى طلعت الشَّمْس ركع رَكْعَتي الْفجْر فَقَالَ مَا علمت 197 - فِي الإِمَام يسمع خَفق نعال من يُرِيد صلَاته قَالَ أَبُو جَعْفَر حَدثنَا ابْن أبي عمرَان قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن شُجَاع قَالَ حَدثنَا أَبُو حنيفَة الْخَوَارِزْمِيّ قَالَ سَأَلت أَبَا حنيفَة عَن الإِمَام إِذا سمع خَفق النِّعَال من خَلفه وَهُوَ رَاكِع أينتظر أَصْحَابهَا قَالَ لَا يفعل وَإِن فعل فَصلَاته فَاسِدَة قَالَ وأخشى عَلَيْهِ قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلم نجد هَذِه الرِّوَايَة عَن أبي حنيفَة من غير هَذِه الْجِهَة أَعنِي فِي إِعَادَة الصَّلَاة وَذكر الْمُعَلَّى بن مَنْصُور قَالَ أَبُو يُوسُف وَسَأَلت أَبَا حنيفَة عَن ذَلِك قَالَ لَا ينتظرهم الحديث: 196 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 قَالَ أكره أَن يدْخل فِي صلَاته مَا لَيْسَ مِنْهَا وأخشى أَن يكون انْتِظَاره الْقَوْم عَظِيما لِأَنَّهُ يُشْرك فِي صلَاته غير الله وَقَالَ مَالك لَا ينتظره وَلَو انْتظر هَذَا انْتظر آخر ثمَّ آخر وَكَذَلِكَ قَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَقَالَ الشَّافِعِي لَا ينتظره ولتكن صلَاته خَالِصَة لله تَعَالَى قَالَ وروى الْكَرَابِيسِي عَنهُ أَنه لَا بَأْس بانتظاره وروى عبد الله بن شَدَّاد بن الْهَاد عَن أَبِيه أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى إِحْدَى صَلَاتي الْعشَاء وَهُوَ حَامِل أحد ابنيه الْحسن أَو الْحُسَيْن فَوضع الْغُلَام عِنْد قدمه الْيُمْنَى فَسجدَ بَين ظهراني صلَاته سَجْدَة أطالها فَرفعت رَأْسِي من بَين النَّاس فَإِذا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ساجد وَإِذا الْغُلَام رَاكب ظَهره فعدت فسجدت فَلَمَّا صلى قَالُوا يَا رَسُول الله إِنَّك سجدت بَين ظهراني صَلَاتك سَجْدَة أطلتها ألشيء أمرت بِهِ أم كَانَ يُوحى إِلَيْك قَالَ كل ذَلِك لم يكن وَلَكِن ابْني ارتحلني فَكرِهت أَن أعجله حَتَّى يقْضِي مني حَاجته وروى أَبُو هُرَيْرَة وَأنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سمع صَوت صبي وَهُوَ فِي الصَّلَاة فَخفف وَكَانَ فِي الصَّلَاة الأولى انْتِظَاره آتيه فِي الصَّلَاة حَتَّى قضى حَاجته مِنْهُ وَفِي الْآخِرَة تخفيفه الصَّلَاة لبكاء الصَّبِي فَدلَّ أَن فَاعل هَذَا وَشبهه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 لَا يخرج بِهِ من الصَّلَاة وَلَا خلاف أَن الإِمَام يجوز لَهُ أَن ينْتَظر حُضُور الْجَمَاعَة مَا لم يخْش فَوَات الْوَقْت قبل أَن يدْخل فِي الصَّلَاة 198 - فِي رد السَّلَام فِي الصَّلَاة قَالَ أَصْحَابنَا تفْسد صلَاته إِذا رده بِكَلَام وَإِن رده بِإِشَارَة فقد أَسَاءَ وَصلَاته تَامَّة وَقَالَ الثَّوْريّ لَا يرد حَتَّى يُصَلِّي فَإِذا صلى رد السَّلَام قَالَ مَالك لَا بَأْس بِأَن يسلم على الْمُصَلِّي وَيرد الْمُصَلِّي بِالْإِشَارَةِ وَقَالَ الشَّافِعِي يُشِير بِهِ فِي الصَّلَاة وروى عَن صُهَيْب مَرَرْت برَسُول الله صلى الله عله وَسلم وَهُوَ يُصَلِّي فَسلمت عَلَيْهِ فَرد إِلَيّ إِشَارَة روى ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَى قبَاء فَجَاءَهُ الْأَنْصَار يسلمُونَ عَلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي فَأَشَارَ إِلَيْهِم بِيَدِهِ وروى أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ أَن رجلا سلم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرد عَلَيْهِ إِشَارَة وَقَالَ كُنَّا نرد السَّلَام فِي الصَّلَاة فنهينا عَن ذَلِك وَلم يذكر فِيهِ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ فِي الصَّلَاة حِين رد بِإِشَارَة الحديث: 198 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 وَقَوله كُنَّا نرد السَّلَام فِي الصَّلَاة فنهينا عَن ذَلِك يَقْتَضِي ظَاهِرَة النَّهْي عَن سَائِر وُجُوه الرَّد وَقَالَ عبد الله بن مَسْعُود سلمت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يرد عَليّ وَقَالَ إِن فِي الصَّلَاة شغلا قَالَ وَيحْتَمل أَن تكون إِشَارَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى من سلم عَلَيْهِ على وَجه النَّهْي لَهُم عَن السَّلَام عَلَيْهِ وروى أَبُو الزبير عَن جَابر كُنَّا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سفر فَبَعَثَنِي فِي حَاجَة فَانْطَلَقت إِلَيْهَا ثمَّ رجعت إِلَيْهِ وَهُوَ على رَاحِلَته فَسلمت عَلَيْهِ فَلم يرد عَليّ فِي الصَّلَاة بِإِشَارَة وَلَا غَيرهَا وَقَالَ عَطاء سَأَلت جَابِرا عَن الرجل يسلم عَليّ وَأَنا أُصَلِّي قَالَ لَا ترد عَلَيْهِ حَتَّى تقضي صَلَاتك وَقَالَ سُفْيَان عَن جَابر قَالَ مَا أحب أَن أسلم على الرجل وَهُوَ يُصَلِّي وَلَو سلم عَليّ لرددت عَلَيْهِ قَالَ أَبُو جَعْفَر يَعْنِي بعد الصَّلَاة 199 - فِي إِعَادَة الْجَمَاعَة فِي الْمَسْجِد قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ إِذا صلى فِيهِ أَهله لم يعد الْجَمَاعَة فِيهِ وَإِن كَانَ مَسْجِدا على الطَّرِيق صلى فِيهِ الحديث: 199 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 قوم جمَاعَة ثمَّ جَاءَ آخَرُونَ فَلَا بَأْس بِأَن يصلوا جمَاعَة وَقَالَ اللَّيْث لَا تُعَاد الْجَمَاعَة فِي تِلْكَ الصَّلَاة فِي الْمَسْجِد الَّذِي على الطَّرِيق غير من صلى فِيهِ قوم جمَاعَة ثمَّ جَاءَ آخَرُونَ فَلَا بَأْس بِأَن يصلوا جمَاعَة فِي الصَّحرَاء ويجمعون فِيهِ صَلَاة أُخْرَى وَقَالَ بعض أهل الحَدِيث يُعَاد فِي الْمَسْجِد الَّذِي لَهُ إِمَام ومؤذن وَاحْتَجُّوا بِمَا روى وهيب بن خَالِد قَالَ حَدثنَا سُلَيْمَان الْأسود النَّاجِي قَالَ حَدثنَا أَبُو المتَوَكل عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى رجلا يُصَلِّي وَحده فَقَالَ أَلا رجل يتَصَدَّق على هَذَا يُصَلِّي مَعَه قَالَ وَهَذَا لَا حجَّة فِيهِ لِأَنَّهُ لم يذكر أَنه كَانَ فِي مَسْجِد قد صلى فِيهِ أَهله وَفِي إِسْنَاده سُلَيْمَان النَّاجِي وَهُوَ غير مَعْرُوف قَالَ وَقد رووا فِيهِ أَيْضا حَدِيثا فِي حَدِيث يحيى بن أَيُّوب عَن عبيد الله بن زحر عَن الْقَاسِم قَالَ وَهَذَا الْإِسْنَاد وَلَا تقوم الْحجَّة بِمثلِهِ قَالَ وَلَو جَازَت إِعَادَة الْجَمَاعَة لدعي النَّاس إِلَيْهَا بِالْأَذَانِ وَلَا خلاف أَنه لَا يُعَاد الْأَذَان وَالْإِقَامَة 200 - فِي الصَّلَاة بعد طُلُوع الْفجْر قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري لَا يُصَلِّي تَطَوّعا بعد طُلُوع الْفجْر إِلَّا رَكْعَتي الْفجْر الحديث: 200 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 252 وَقَالَ مَالك إِذا غلبته عينه ففاته رُكُوعه وَحزبه الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فأرجو أَن يكون خَفِيفا أَن يصليه بعد طُلُوع الْفجْر وَأما غير ذَلِك فَلَا يُعجبنِي أَن يُصَلِّي بعد انفجار الصُّبْح إِلَّا رَكْعَتي الْفجْر لم يَخْتَلِفُوا أَنه لَا يُصَلِّي تَطَوّعا مُبْتَدأ لَيْسَ هُوَ حزبه الْفَائِت فَالْقِيَاس أَن يكون مَا فَاتَهُ من حزبه مثله لِأَنَّهُ تطوع كَالصَّلَاةِ بعد الْفجْر وَبعد الْعَصْر لم يخْتَلف فِيهِ حزبه الْفَائِت والمبتدأ وَقد رُوِيَ كَرَاهَة ذَلِك عَن أبن عمر 201 - إِذا ركع فِي بَيته رَكْعَتي الْفجْر ثمَّ أَتَى الْمَسْجِد هَل يُصَلِّي لدُخُوله قَالَ أَصْحَابنَا وَاللَّيْث وَالْأَوْزَاعِيّ إِذا صلى رَكْعَتي الْفجْر فِي بَيته ثمَّ أَتَى الْمَسْجِد وَلم تقم الصَّلَاة أَنه لَا يرْكَع لدُخُول الْمَسْجِد وَيجْلس وَقَالَ مَالك فِي رِوَايَة أَشهب يرْكَع أحب إِلَيّ وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَنهُ أحب إِلَيّ أَن يقْعد 202 - فِيمَا يجزىء من السُّجُود قَالَ أَبُو حنيفَة وَإِن سجد على أَنفه أَو على جَبهته أَجزَأَهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالشَّافِعِيّ إِذا لم يسْجد على جَبهته لم يجزه وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِن لم يلصق أَنفه بِالْأَرْضِ لم يجزه الحديث: 201 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 روى عَامر بن سعد عَن أَبِيه قَالَ أَمر العَبْد أَن يسْجد على سَبْعَة آرَاب وَجهه وكفيه وركبتيه وقدميه أَيهمَا لم يَقع فَهَذَا ينقص وروى اللَّيْث قَالَ حَدثنِي ابْن الْهَاد عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الْحَارِث عَن عَامر بن سعد بن أبي وَقاص عَن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِذا سجد العَبْد سجد مَعَه سَبْعَة آرَاب وَجهه وَكَفاهُ وَركبَتَاهُ وَقَدمَاهُ فَأجَاز السُّجُود بِوَضْع الْوَجْه أَي مَوضِع كَانَ مِنْهُ وروى ابْن عُيَيْنَة عَن ابْن طَاوس عَن أَبِيه عَن ابْن عَبَّاس أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يسْجد على سبع يَدَيْهِ وركبتيه وأطراف أَصَابِعه وجبهته وروى ابْن جريج عَن ابْن طَاوس بِإِسْنَادِهِ وَقَالَ فِيهِ الْجَبْهَة وَالْأنف وَفِي حَدِيث سُفْيَان عَن عمر وَعَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يسْجد على سَبْعَة أعظم فَقُلْنَا إِن الْآرَاب الْمَذْكُورَة فِي الحَدِيث الأول هِيَ الْعِظَام الْمَذْكُورَة فِي هَذَا الحَدِيث والجبهة عظم وَمَا يسْجد من طرف الْأنف لَيْسَ بِعظم 203 - فِي كف الثِّيَاب قَالَ أَصْحَابنَا وَاللَّيْث وَالْأَوْزَاعِيّ لَا يكف ثَوْبه وَلَا شعره فِي الصَّلَاة وَقَالَ مَالك إِن كَانَ يعْمل عملا قبل ذَلِك فشمر كميه أَو جمع شعره الحديث: 203 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 أَو كَانَ ذَلِك هَيئته ولباسه فَلَا بَأْس أَن يُصَلِّي كَذَلِك وَإِن لم يكن كَذَلِك فَلَا خير فِيهِ 204 - إِذا فرغ الإِمَام هَل يقْعد قَالَ أَصْحَابنَا كل صَلَاة بعْدهَا نَافِلَة مسنونة فَإِنَّهُ لَا يقْعد وَيقوم إِلَى النَّافِلَة وَمَا لَيْسَ بعْدهَا نَافِلَة كالفجر وَالْعصر فَإِن شَاءَ قَامَ وَإِن شَاءَ ترك بعد وَقَالَ مُحَمَّد ينْتَقل فِي الصَّلَوَات كلهَا ليتَحَقَّق الْمَأْمُوم أَنه لم يبْق عَلَيْهِ شَيْء من الصَّلَاة من سُجُود وسهو وَلَا غَيره وَرُوِيَ عَن أبي بكر الصّديق أَنه كَانَ إِذا سلم فِي الصَّلَاة كَأَنَّهُ على الرضف حَتَّى ينْتَقل وَقَالَ مَالك يقوم وَلَا يقْعد فِي الصَّلَاة كلهَا إِلَّا إِذا كَانَ إِمَام مَسْجِد الْجَمَاعَة وَإِن كَانَ إِمَامًا فِي سفر لَيْسَ بِإِمَام جمَاعَة فَإِن شَاءَ نحى وَإِن شَاءَ أَقَامَ وَقَالَ الثَّوْريّ يقوم أَو ينحرف وَقَالَ الشَّافِعِي يقوم إِلَّا أَن يكون مَعَه نسَاء لينصرفن 205 - فِي كَيْفيَّة صَلَاة الْقَاعِد روى الْحسن بن زِيَاد عَن أبي حنيفَة وَزفر أَنه يجلس كجلوس الصَّلَاة فِي التَّشَهُّد وَكَذَلِكَ يرْكَع وَيسْجد وَقَالَ أَبُو يُوسُف يكون فِي حَال قِيَامه متربعا وَإِذا أَرَادَ أَن يرْكَع وَيسْجد ضم الحديث: 204 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 رجلَيْهِ كَمَا يجلس فِي الصَّلَاة وَكَذَلِكَ الموميء يجلس فِي حَال قِيَامه متربعا وَفِي رُكُوعه وَسُجُوده كجلوس التَّشَهُّد قَالَ أَبُو جَعْفَر لم نجد هَذِه الرِّوَايَة عَن أبي يُوسُف فِي جُلُوسه متربعا فِي الْقيام وَترك التربع فِي حَال الرُّكُوع وَالْمَشْهُور من قَوْله وَقَول مُحَمَّد أَنه يكون متربعا فِي حَال الرُّكُوع وروى ابْن عبد الحكم عَن مَالك أَنه يتربع فِي حَال قِيَامه وركوعه فَإِذا أَرَادَ السُّجُود تهيء للسُّجُود فَسجدَ وَذَلِكَ على قدر مَا يُطيق وَقَالَ الثَّوْريّ يتربع فِي حَال الْقِرَاءَة وَالرُّكُوع ويثني رجلَيْهِ فِي حَال السُّجُود فَيسْجد وَكَذَلِكَ قَالَ اللَّيْث وَقَالَ الشَّافِعِي يجلس فِي صلَاته كجلوس التَّشَهُّد فِي رِوَايَة الْمُزنِيّ والبويطي يُصَلِّي متربعا فِي مَوضِع الْقيام قَالَ أَبُو جَعْفَر وَرُوِيَ عَن أم سلمى أَنَّهَا صلت متربعة من رمد كَانَ بهَا وَعَن أبن مَسْعُود لِأَن اجْلِسْ على رضفين أحب إِلَيّ من أَن اتربع فِي الصَّلَاة 206 - فِي صَلَاة المومىء قَالَ أَصْحَابنَا إِذا صلى مُضْطَجعا تكون رِجْلَاهُ مِمَّا يَلِي الْقبْلَة وَوَجهه الحديث: 206 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 مُسْتَقْبل الْقبْلَة وَكَذَلِكَ قَالَ مَالك وَقَالَ الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ يُصَلِّي على جنبه وَوَجهه الى الْقبْلَة قَالَ أَبُو جَعْفَر الْقَاعِد يسْتَقْبل بِوَجْهِهِ الْقبْلَة كَذَلِك المضطجع 207 - فِيمَن فَاتَتْهُ الْجَمَاعَة فِي مَسْجده قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك إِن شَاءَ صلى فِي هَذَا الْمَسْجِد وَإِن شَاءَ فِي مَسْجِد آخر يُصَلِّي فِيهِ الْجَمَاعَة إِلَّا أَن مَالِكًا قَالَ إِلَّا أَن يكون فِي الْمَسْجِد الْحَرَام وَمَسْجِد الرَّسُول عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فَلَا يخرجُوا ويصلوا وحدانا لِأَن هذَيْن المسجدين أعظم اجرا مِمَّن صلى فِي الْجَمَاعَة وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا فاتتك الصَّلَاة فِي جمَاعَة فِي مَسْجِد قَوْمك فصل فِي مَسْجِد قَوْمك وَلَا تتبع الْمَسَاجِد وَإِن فرطت فِيهِ أتيت مَسْجِدا آخر قَالَ مَعْنَاهُ أَنه إِذا خرج يُرِيد الْجَمَاعَة فِي مَسْجِد قومه راجيا لذَلِك فَسبق بِهِ فَلهُ ثَوَاب الْجَمَاعَة فَلَا معنى لطلبه الْجَمَاعَة فِي غير مَسْجِد قومه فَإِن فرط فِي الْخُرُوج الى مَسْجِد قومه لم يكن لَهُ ثَوَاب جمَاعَة فَالْأولى بِهِ أَن يطْلب الْجَمَاعَة حَيْثُ كَانَت حَتَّى يكْتب لَهُ ثَوَاب الْجَمَاعَة وَاحْتج لمَالِك بِأَن صَلَاة الْجَمَاعَة تفضل على صَلَاة الْفَذ بِخمْس وَعشْرين دَرَجَة كَمَا رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَصَلَاة فِي الْمَسْجِد الْحَرَام الحديث: 207 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 وَمَسْجِد النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أفضل من صَلَاة فِي غَيرهمَا فَلذَلِك لم يدركهما بِفضل الْجَمَاعَة فِي مَسْجِد غَيرهمَا 208 - فِيمَن افْتتح الصَّلَاة بِغَيْر الله أكبر قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد وَالثَّوْري وَاللَّيْث إِذا افْتتح الصَّلَاة بالتهليل والتحميد وَنَحْوه أَنه يُجزئهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَا يُجزئهُ إِذا كَانَ يحسن التَّكْبِير قَالَ مَالك لَا يجزىء من الْإِحْرَام للصَّلَاة إِلَّا الله اكبر وَلَا من السَّلَام من الصَّلَاة إِلَّا السَّلَام عَلَيْكُم وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يجزىء إِلَّا الله أكبر وَالله الْأَكْبَر 209 - فِيمَن أدْرك الإِمَام رَاكِعا فَلم يرْكَع قَالَ أَصْحَابنَا وَالْأَوْزَاعِيّ إِذا أدْركهُ رَاكِعا وَأمكنهُ الرُّكُوع فَلم يكبر حَتَّى رفع الإِمَام رَأسه أَنه لَا يعْتد بِتِلْكَ الرَّكْعَة وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ ابْن أبي ليلى فِي رِوَايَة اللَّيْث وَزفر يعْتد بِتِلْكَ الرَّكْعَة وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن الْحسن بن زِيَاد وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا أدْركهُ وَهُوَ رَاكِع فَكبر وتشاغل حَتَّى رفع الإِمَام رَأسه لم يعْتد بِتِلْكَ الرَّكْعَة وَإِذا أدْركهُ وَهُوَ رَاكِع ثمَّ غَلبه النّوم حَتَّى رفع الإِمَام الحديث: 208 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 رَأسه وَقد أدْرك مَعَه مَا لَو ينم ركع مُتَمَكنًا مَعَ الإِمَام اتبعهُ فِي تِلْكَ الرَّكْعَة وَقد رُوِيَ عَن ابْن عمر إِذا أدْرك الإِمَام وَهُوَ رَاكِع فَكبر قبل أَن يرفع الإِمَام رَأسه فقد أدْرك الرَّكْعَة وَقد رُوِيَ عَن عمر وَابْن مَسْعُود إِذا رفع أحدكُم رَأسه قبل الإِمَام فليضع رَأسه ثمَّ ليمكث بِقدر مَا رفع قبله فَأمره بِقَضَاء مَا ترك من السُّجُود بعد رفع رَأسه 210 - فِيمَن فَاتَتْهُ الْجَمَاعَة فتطوع قبل الْمَكْتُوبَة قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك إِذا أَتَى الْمَسْجِد قد صلي فِيهِ فَلَا بَأْس بِأَن يتَطَوَّع قبل الْمَكْتُوبَة إِذا كَانَ فِي وَقت وَقَالَ الثَّوْريّ أبدأ بالمكتوبة ثمَّ أتطوع إِن شِئْت وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَن اللَّيْث فِي ذَلِك وَفِي كل وَاجِب من صَلَاة أَو صِيَام أَو نذر فَإِنَّهُ يبْدَأ بِالْوَاجِبِ قبل النَّقْل وَرُوِيَ عَنهُ أَنه إِن أدْرك الإِمَام فِي قيام رَمَضَان وَلم يكن صلى الْعشَاء أَنه يُصَلِّي مَعَهم فَإِذا فرغ صلى الْعشَاء وَإِن علم أَنهم فِي الْقيام قبل أَن يدْخل الْمَسْجِد فَوجدَ مَكَانا طَاهِرا فَليصل الْعشَاء ثمَّ ليدْخل مَعَهم فِي الْقيام وَقَالَ الْحسن بن حَيّ يبْدَأ بالفريضة وَلَا يتَطَوَّع حَتَّى يفرغ من الْفَرِيضَة فَإِن كَانَ الظّهْر فرغ مِنْهَا وَمن الرَّكْعَتَيْنِ ثمَّ يُصَلِّي الْأَرْبَع الَّتِي لم يصلها قبل الظّهْر الحديث: 210 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 قضى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَكْعَتي الْفجْر فِي حَال الْفَوات 211 - فِي الْقِرَاءَة بِالْفَارِسِيَّةِ قَالَ أَبُو حنيفَة يُجزئهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالشَّافِعِيّ لَا يُجزئهُ إِذا كَانَ يحسن الْقِرَاءَة بِالْعَرَبِيَّةِ وَكَذَلِكَ التَّكْبِير وَقَالَ مَالك أكره أَن يحلف الرجل بالعجمية 212 - فِيمَن مَعَه ثوب نجس لَا يجد غَيره قَالَ روى بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة أَنه إِن شَاءَ صلى عُريَانا وَإِن شَاءَ صلى فِي الثَّوْب وَلم يفرق بَين مقادير النَّجَاسَات الَّتِي فِيهِ وَقَالَ مُحَمَّد فِي الْإِمْلَاء عَن أبي حنيفَة إِذا كَانَ فِيهِ دم أَكثر من قدر الدِّرْهَم لم يجزه أَن يُصَلِّي عُريَانا يومىء وَإِن شَاءَ صلى فِي الثَّوْب الحديث: 211 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 وَقَالَ مُحَمَّد لَا يُجزئهُ إِلَّا أَن يُصَلِّي فِي الثَّوْب وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث يُصَلِّي فِي الثَّوْب النَّجس وَإِن أصَاب ثوبا غَيره أعَاد فِي الْوَقْت وَلم يعد ان مضى الْوَقْت وَإِن كَانَ مَعَه ثوب حَرِير صلى فِيهِ دون الثَّوْب النَّجس وَيُعِيد فِي الْوَقْت إِن وجد غَيره وَقَالَ الثَّوْريّ يُصَلِّي فِي الثَّوْب النَّجس أحب إِلَيّ من أَن يُصَلِّي عُريَانا وَإِن كَانَ مملوءا دَمًا وَقَالَ اللَّيْث وَالشَّافِعِيّ لَا يُصَلِّي فِيهِ وَيجزئهُ الصَّلَاة عُريَانا إِذا كَانَ ثَوْبه غير طَاهِر 213 - فِي النَّجَاسَة مَوضِع الْقَدَمَيْنِ أَو السُّجُود بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة إِذا كَانَ فِي مَوضِع قَدَمَيْهِ بَوْل أَكثر من قدر الدِّرْهَم فَصلَاته فَاسِدَة وَلَا تفْسد عَلَيْهِ فِي مَوضِع السُّجُود وَقَالَ أَبُو يُوسُف يُعِيد تِلْكَ السَّجْدَة فَإِن لم يفعل حَتَّى خرج من الصَّلَاة فَسدتْ صلَاته وروى مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف أَيْضا وَقَالَ زفر صلَاته فَاسِدَة فِي مَوضِع الْقيام وَمَوْضِع السُّجُود الرُّكْبَتَيْنِ وَالْيَدَيْنِ وَيجزئهُ صلَاته عِنْدهم وَقَالَ مَالك يُعِيد الصَّلَاة فِي الْوَقْت وَإِن لم يكن إِلَّا فِي مَوضِع الْكَفَّيْنِ وَحده أَو مَوضِع الْجَبْهَة أَو الْقَدَمَيْنِ وَقَالَ الْحسن بن حَيّ يُجزئهُ مَا لم يكن مقَامه أَو شَيْء من مساجده على القذر الحديث: 213 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 وَقَالَ الشَّافِعِي يُعِيد إِن صلى وَفِي مَوضِع سُجُوده أَو رُكْبَتَيْهِ شَيْء من أَبْوَال الْإِبِل أَو أبعارها قَالَ أَبُو جَعْفَر السُّجُود على مَوضِع النَّجَاسَة كلا سُجُود فَيفْسد إِذا خرج مِنْهَا وَإِذا وضع رُكْبَتَيْهِ على النَّجَاسَة كَانَ بِمَنْزِلَة من لم يَضَعهَا وَلَا يفْسد 214 - فِي الْحَائِض تطهر فِي آخر الْوَقْت روى مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة فِي الأَصْل إِذا طهرت فِي آخر وَقت الظّهْر فاغتسلت وفرغت قبل خُرُوج الْوَقْت صلت وَإِن أخرت الْغسْل فَإِن عَلَيْهَا أَن تَغْتَسِل وَتصلي الظّهْر وَإِن لم يُمكنهَا الْغسْل حَتَّى يذهب الْوَقْت لم يكن عَلَيْهَا قَضَاء الصَّلَاة وَلم يذكر خلافًا وَلَا فرقا بَين قَلِيل الْحيض وَبَين كَثِيره وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَان عَن مُحَمَّد فِي نوادره وَلم يذكر خلافًا أَنَّهَا إِذا كَانَت أَيَّامهَا عشرا فَانْقَطع الدَّم قبل طُلُوع الْفجْر فِي وَقت لَا يقدر على الْغسْل حَتَّى يطلع الْفجْر أَنَّهَا تَصُوم وَلَا تقضي وتغتسل وَتصلي الْعشَاء الْآخِرَة وَلَا يملك زَوجهَا رَجعتهَا وَلَو كَانَت أَيَّامهَا خمْسا فَانْقَطع الدَّم قبل طُلُوع الْفجْر فِي وَقت لَا يقدر على الْغسْل حَتَّى يطلع الْفجْر فَإِنَّهَا تَصُوم وتقضي وتغتسل وَلَا تصلي الْعشَاء وَزوجهَا يملك الرّجْعَة حَتَّى تطلع الشَّمْس وروى ابْن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد فِي نوادره الحديث: 214 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 فِي امْرَأَة تطهرت من حَيْضهَا فِي وَقت صَلَاة وَلم يبْق عَلَيْهَا فِي الْوَقْت إِلَّا قدر مَا تدخل فِي الصَّلَاة فَلَيْسَ عَلَيْهَا قَضَاء تِلْكَ الصَّلَاة وَلم نجد فِيهِ خلافًا وَذكر مُحَمَّد بن خَالِد عَن أَصْحَابه الحرانيين فِي اخْتِلَاف زفر وَأبي يُوسُف فِي الْمَرْأَة تحيض قبل غرُوب الشَّمْس وَلم تصل الْعَصْر فِي مِقْدَار مَا لَو أَرَادَت أَن تصلي الْعَصْر لم يفرغ مِنْهَا حَتَّى تغيب الشَّمْس قَالَ كَانَ قَول زفر إِن عَلَيْهَا قَضَاؤُهَا وَرَوَاهُ عَن أبي حنيفَة وَقَالَ يَعْقُوب لَيْسَ عَلَيْهَا قَضَاؤُهَا وَرَوَاهُ عَن أبي حنيفَة وَقَالَ مَالك إِذا طهرت قبل غرُوب الشَّمْس فاشتغلت بِالْغسْلِ فَلم تزل مجتهدة حَتَّى غربت الشَّمْس لَا أرى أَن تصلي شَيْئا من صَلَاة النَّهَار وَقَالَ فِي الطاهرة تنسى الظّهْر وَالْعصر حَتَّى تصفر الشَّمْس ثمَّ تحيض فَلَيْسَ عَلَيْهَا قَضَاؤُهَا فَإِن لم تَحض حَتَّى غَابَتْ الشَّمْس فعلَيْهَا الْقَضَاء ناسية كَانَت أَو متعمدة وَقَالَ مَالك إِذا رَأَتْ الطُّهْر عِنْد غرُوب الشَّمْس فَأرى أَن تَغْتَسِل ثمَّ تصلي فَإِن فرغت فِي غسلهَا قبل غرُوب الشَّمْس فَإِن كَانَ فِيمَا أدْركْت مَا تصلي الظّهْر وركعة من الْعَصْر فلتصل الظّهْر وَالْعصر فَإِن كَانَ الَّذِي بَقِي من النَّهَار لَيْسَ فِيهِ إِلَّا قدر صَلَاة وَاحِدَة وَهِي الْعَصْر فلتصلها وَإِن لم يكن بَقِي من النَّهَار إِلَّا قدر رَكْعَة وَاحِدَة فلتصل تِلْكَ الرَّكْعَة ثمَّ تقضي مَا بَقِي من تِلْكَ الصَّلَاة وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا طهرت من آخر النَّهَار فَإِنَّمَا عَلَيْهَا الْعَصْر وان صلت الظّهْر مَعهَا فَهُوَ أحب إِلَيّ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا طهرت قبل مغيب الشَّمْس صلت الظّهْر وَالْعصر وَإِن طهرت قبل طُلُوع الْفجْر صلت الْمغرب وَالْعشَاء وَقَالَ اللَّيْث إِذا بَقِي من الْوَقْت مَا يُمكنهَا أَن تصلي الْعشَاء فعلَيْهَا وَإِن لم تدْرك مِنْهُ إِلَّا مِقْدَار مَا تصلي الْعشَاء فَلَيْسَ عَلَيْهَا الْمغرب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا طهرت قبل مغيب الشَّمْس بِرَكْعَة أعادت الظّهْر وَالْعصر وَكَذَلِكَ قبل الْفجْر بِرَكْعَة أعادت الْمغرب وَالْعشَاء وَاحْتج بقول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أدْرك رَكْعَة من الْعَصْر قبل أَن تغرب الشَّمْس فقد أدْرك قَالَ أَبُو جَعْفَر يحْتَمل أَن يكون ذَلِك قبل النَّهْي عَن الصَّلَاة عِنْد طُلُوع الشَّمْس وَعند غُرُوبهَا فَينْسَخ بِالنَّهْي وَقد رُوِيَ عَن شُعْبَة عَن سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أدْرك رَكْعَة من صَلَاة الصُّبْح قبل طُلُوع الشَّمْس فقد أدْرك الصَّلَاة وَمن أدْرك رَكْعَتَيْنِ من الْعَصْر قبل أَن تغرب الشَّمْس فقد أدْرك الصَّلَاة فَذكر فِي هَذَا الحَدِيث رَكْعَتَيْنِ فَلم يجز لَهُ اعْتِبَار الرَّكْعَة دونهمَا 215 - فِي الْمغمى عَلَيْهِ هَل يقْضِي قَالَ أَصْحَابنَا إِذا أُغمي عَلَيْهِ يَوْمًا وَلَيْلَة قضى وَإِن كَانَ أَكثر لم يقْض وَقَالَ مَالك من أُغمي عَلَيْهِ فِي وَقت صَلَاة فَلم يفق حَتَّى ذهبت وَقتهَا الحديث: 215 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 ظهرا كَانَت أَو عصرا وَالْعصر وَقتهَا إِلَى مغيب الشَّمْس فَلَا إِعَادَة عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْمغرب وَالْعشَاء وقتهما اللَّيْل كُله وَقَالَ عبد الله بن عبد الحكم عَن مَالك وَإِذا طهرت وَقد بَقِي من الْوَقْت مَا تَغْتَسِل أَو تصلي خمس رَكْعَات فعلَيْهَا قبل الْفجْر أَربع رَكْعَات صلت الْمغرب وَالْعشَاء وَإِن كَانَ أقل من ذَلِك صلت الْعشَاء وَإِن بَقِي عَلَيْهَا قبل الْفجْر مِقْدَار رَكْعَة قبل طُلُوع الشَّمْس صلت الصُّبْح وَإِذا أَفَاق الْمغمى عَلَيْهِ فَهُوَ كَمَا وصفت لَك فِي الْحَائِض وَقَول اللَّيْث كَذَلِك وروى قبيصَة عَن سُفْيَان فِيمَن أغمى عَلَيْهِ يَوْمَيْنِ وليلتين ثمَّ أَفَاق بعد طُلُوع الشَّمْس فَأحب إِلَيّ أَن يقْضِي وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا أُغمي عَلَيْهِ يَوْمًا وَلَيْلَة ثمَّ أَفَاق قبل مغيب الشَّفق فَإِنَّهُ يُصَلِّي الظّهْر وَالْعصر وَإِن أَفَاق قبل طُلُوع الْفجْر صلى الْمغرب وَالْعشَاء وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا أُغمي عَلَيْهِ خمس صلوَات فَمَا دونهن قضى ذَلِك كُله إِذا أَفَاق وَإِن أُغمي عَلَيْهِ أَيَّامًا قضى خمس صلوَات ينظر حِين أَفَاق فَيَقْضِي مَا عَلَيْهِ وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن يقْضِي الْمغمى عَلَيْهِ مَا فَاتَهُ وَإِن طَال بِمَنْزِلَة النَّائِم وَلَيْسَ كَالْمَجْنُونِ وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا أَفَاق الْمغمى عَلَيْهِ وَقد بَقِي عَلَيْهِ من النَّهَار قدر مَا يكبر تَكْبِيرَة وَاحِدَة أعَاد الظّهْر وَالْعصر وَإِذا أَفَاق وَقد بَقِي عَلَيْهِ من اللَّيْل قبل أَن يطلع الْفجْر قدر تَكْبِيرَة قضى الْمغرب وَالْعشَاء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا خلاف أَنه لَو جن قبل دُخُول وَقت الصَّلَاة فَلم يفق حَتَّى خرج الْوَقْت أَنه لَا قَضَاء عَلَيْهِ وَلَو لم يجن ونام كَانَ عَلَيْهِ الْقَضَاء والمغمى عَلَيْهِ كَالْمَجْنُونِ لِأَنَّهُ لَا يفِيق بالتنبيه 216 - فِي محاذاة الْمَرْأَة فِي الصَّلَاة قَالَ اصحابنا إِذا اشْتَركَا فِي صَلَاة وَاحِدَة أفسدت عَلَيْهِ وَهُوَ قَول الْحسن بن حَيّ وَقَالَ مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ لَا يفْسد عَلَيْهِ 217 - فِي دُخُول الْمَرْأَة فِي صَلَاة الرجل من غير نِيَّة لإمامتها قَالَ أَصْحَابنَا إِلَّا زفر لَا يَصح دُخُولهَا فِي صلَاته إِلَّا أَن ينويها وَقَالَ مَالك وَزفر وَالشَّافِعِيّ يَصح 218 - فِي الْحَدث فِي الصَّلَاة قَالَ أَصْحَابنَا فِي سَائِر الْأَحْدَاث إِذا سبقه فِي الصَّلَاة فَإِنَّهُ يتَوَضَّأ وَيَبْنِي وَهُوَ قَول ابْن أبي ليلى وَقَالَ ابْن شبْرمَة ينْتَقض صلَاته فَإِن كَانَ إِمَامًا قدم رجلا فَيصَلي بَقِيَّة صلَاته فَإِن لم يفعل فصلى كل وَاحِد مِنْهُم مَا عَلَيْهِ أَجزَأَهُ وَالْإِمَام يتَوَضَّأ وَيسْتَقْبل وَقَالَ مَالك إِذا رعف فِي أول صلَاته قبل أَن يرْكَع وَيسْجد سَجْدَتَيْنِ فَإِنَّهُ يغسل الدَّم عَنهُ وَيرجع فَيُعِيد الْإِقَامَة وَالتَّكْبِير وَالْقِرَاءَة وَمن أَصَابَهُ فِي وسط الحديث: 216 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 صلَاته فليبن مَا مضى وَلَوْلَا خلاف من مضى لَكَانَ الْكَلَام وَابْتِدَاء الصَّلَاة أعجب إِلَيّ وَقَالَ مَالك لَا يَبْنِي فِي الْقَيْء وَلَا يَبْنِي أحد إِلَّا فِي الرعاف وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا كَانَ حَدثهُ من رُعَاف أَو قيء تَوَضَّأ وَبني حَدثهُ من بَوْل أَو ريح أَو ضحك أعَاد الْوضُوء وَالصَّلَاة وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِن كَانَ حَدثهُ من قيء أَو ريح تَوَضَّأ واستقبل وَإِن كَانَ من رُعَاف تَوَضَّأ وَبنى وَكَذَلِكَ دم غير الرعاف وَقَالَ الشَّافِعِي فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ يسْتَأْنف وَفِي الْأُخْرَى يَبْنِي وَقَالَ أَبُو جَعْفَر رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْقَيْء والرعاف الْوضُوء وَالْبناء فِي حَدِيث عَائِشَة وروى عَن عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام فِيمَن أحدث فِي صلَاته من بَوْل أَو قيء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 أَو رُعَاف أَو غَائِط أَنه يتَوَضَّأ وَيَبْنِي وَعَن عمر أَنه تَوَضَّأ من الرعاف وَبنى وَعَن ابْن عمر وعلقمة مثله قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلَا نعلم لهَؤُلَاء مُخَالفا من الصَّحَابَة إِلَّا شَيْئا يرْوى عَن الْمسور بن مخرمَة فَإِنَّهُ قَالَ يبتدىء صلَاته 219 - فِي غسل مَوضِع الْحجامَة قَالَ أَبُو جَعْفَر سَائِر الْفُقَهَاء يغسلهُ وَقَالَ اللَّيْث بن سعد لَا بَأْس يمسحه ثمَّ يُصَلِّي وَلَا يغسلهُ 220 - فِي اسْتِخْلَاف الإِمَام عِنْد الْحَدث قَالَ أَصْحَابنَا إِن لم يقدم وَاحِد مِنْهُم حَتَّى خرج الإِمَام من الْمَسْجِد بطلت صَلَاة الْقَوْم وَإِن تقدم وَاحِد مِنْهُم قبل خُرُوجه لم تبطل وَبنى على صَلَاة الأول وَقَالَ مَالك يجوز أَن يقدم آخر وَإِن تكلم لِأَنَّهُ لَا يَبْنِي وَإِن لم يتَكَلَّم وَقَالَ الشَّافِعِي يصلونَ فُرَادَى وَإِن أمّهم أحدهم أجزأهم فَلم يَخْتَلِفُوا أَن الإِمَام الْمُحدث إِن يقدم على أَنه بعد الْحَدث على حكم إِمَامَته وَبعد خُرُوجه من الْمَسْجِد لَا يجوز أَن يبْقى على حكم الْإِمَامَة فَإِنَّهُ الحديث: 219 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 لَا يَصح الِاقْتِدَاء بِهِ 221 - فِيمَن ظن أَنه أحدث فَانْصَرف قَالَ أَصْحَابنَا أَن خرج من الْمَسْجِد بطلت صلَاته وَإِن لم يكن خرج عَاد فَبنى وَقَالَ مَالك يسْتَقْبل وَلَا يَبْنِي وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا ظن أَنه أحدث أَو أَنه على غير وضوء فاستخلف ثمَّ خرج فَعلم أَنه على وضوء أَن صلَاته تَامَّة إِن رَجَعَ وَبنى وَأما الْقَوْم فأرجو أَن يجزئهم وَأَن يستقبلوا أحب إِلَيّ 222 - فِيمَن تكلم أَو سلم سَاهِيا فِي صلَاته قَالَ أَصْحَابنَا وَابْن أبي ليلى وَأَبُو الزِّنَاد إِذا سلم سَاهِيا لم تفْسد صلَاته وَقَالَ أَصْحَابنَا إِن تكلم سَاهِيا فَسدتْ قَالَ أَبُو جَعْفَر كَانَ ابْن أبي عمرَان يَقُول فِي السَّلَام تفْسد أَيْضا وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ من سلم أَو تكلم سَاهِيا بنى الحديث: 221 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 وروى عَن الثَّوْريّ رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا إِن كَلَام النَّاس يفْسد وَالْأُخْرَى أَنه لَا يفْسد وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا سلم نَاسِيا وَانْصَرف ثمَّ ذكر فَإِنَّهُ يقْضِي مَا بَقِي من صلَاته وَإِن دخل فِي التَّطَوُّع ثمَّ ذكر ألغى التَّطَوُّع إِذا لم يكن ركع وَيَقْضِي بَقِيَّة الْفَرْض فَإِن أحدث اسْتَأْنف الصَّلَاة وَرُوِيَ عَن الْأَوْزَاعِيّ أَنه إِن لم يذكر مَا ترك حَتَّى أحدث أَو تَوَضَّأ قضى مَا ترك وَإِن ذكرهَا وَهُوَ طَاهِر فَلم يقضها حَتَّى بَال اسْتَأْنف قَالَ الْحسن بن حَيّ وَعبيد الله بن الْحسن لَا تفْسد الصَّلَاة نَاسِيا قَالَ الْحسن فَإِن دخل فِي صَلَاة أُخْرَى كَانَ قطعا للأولى وَقَالَ ابْن وهب عَن اللَّيْث فِي الرجل يسهو عَن بعض صلَاته فيذكر ذَلِك بَعْدَمَا انْصَرف إِلَى منزله أَو إِلَى السُّوق أَو بعد صَلَاة أُخْرَى قَالَ كُنَّا نرى أَنه يَبْنِي على مَا صلى وَإِن تبَاعد ذَلِك ثمَّ يسْجد للسَّهْو مَا لم ينْتَقض وضوء تِلْكَ الصَّلَاة لِأَنَّهُ لَا يَبْنِي بعد الْحَدث 223 - فِي اخْتِلَاف حَال الإِمَام وَالْمَأْمُوم فِي الْعذر وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَزفر وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ يَقْتَدِي الْقَائِم بالقاعد وَقَالَ مَالك وَالْحسن بن حَيّ وَالثَّوْري لَا يجزئهم وَيجزئهُ الحديث: 223 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف مُحَمَّد لَا يَقْتَدِي من يرْكَع وَيسْجد قَاعِدا أَو قَائِما بالمومىء وَقَالَ زفر يَقْتَدِي بِهِ 224 - إِذا زَالَ الْعذر فِي الصَّلَاة قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد فِيمَن صلى بإيماء رَكْعَة ثمَّ صَحَّ أَن يسْتَقْبل وَلَو كَانَ قَاعِدا يرْكَع وَيسْجد ثمَّ صَحَّ بنى فِي قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَلَا يَبْنِي فِي قَول مُحَمَّد وَقَالَ زفر يَبْنِي فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا قَالَ وروى زفر عَن أبي حنيفَة فِي المومىء أَنه يَبْنِي وَلم يذكر خلافًا وروى بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة أَنه إِذا صَار إِلَى حَال لَا يقدر فِيهَا على الْقيام وَلَا على السُّجُود أَنه يسْتَقْبل وَقَالَ أَبُو يُوسُف يَبْنِي 225 - فِيمَن لم يصل رَكْعَتي الْفجْر وَأدْركَ الإِمَام قَالَ أَصْحَابنَا إِن خشِي أَن تفوته الركعتان مَعَ الإِمَام دخل مَعَه وَإِن رجا أَن يدْرك رَكْعَة صلى رَكْعَتي الْفجْر خَارج الْمَسْجِد ثمَّ يدْخل مَعَ الإِمَام وَقَالَ إِذا كَانَ دخل الْمَسْجِد فَلْيدْخلْ مَعَ الإِمَام الحديث: 224 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 وَقَالَ مَالك إِذا كَانَ دخل الْمَسْجِد فَلْيدْخلْ مَعَ الإِمَام وَلَا يركعهما وَإِن لم يدْخل الْمَسْجِد فَإِن لم يخف أَن يفوتهُ الإِمَام بالركعة فليركع خَارج الْمَسْجِد وَلَا يركعهما فِي شَيْء من أفنية الْمَسْجِد الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ الْجُمُعَة اللاصقة بِالْمَسْجِدِ وَإِن خَافَ أَن تفوته الرَّكْعَة مَعَ الإِمَام فَليصل مَعَه وَقَالَ الثَّوْريّ إِن خشِي فَوت رَكْعَة دخل مَعَه وَلم يصلهمَا وَإِن كَانَ قد دخل الْمَسْجِد وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا دخل الْمَسْجِد يركعهما إِلَّا أَن يُوقن أَنه إِن قعد فَاتَتْهُ الرَّكْعَة الْآخِرَة فَأَما الرَّكْعَة الأولى فليركع وَإِن فَاتَتْهُ وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا أَخذ الْمُقِيم فِي الْإِقَامَة فَلَا تطوع إِلَّا رَكْعَتي الْفجْر وَقَالَ الشَّافِعِي من دخل الْمَسْجِد وأقيمت صَلَاة الصُّبْح فَلْيدْخلْ مَعَ النَّاس وَلَا يرْكَع رَكْعَتي الْفجْر وروى شُعْبَة عَن عَمْرو بن دِينَار عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أُقِيمَت الصَّلَاة فَلَا صَلَاة إِلَّا الْمَكْتُوبَة وروى أَبُو عَاصِم عَن زَكَرِيَّا بن إِسْحَاق عَن عَمْرو بن دِينَار عَن سُلَيْمَان بن يسَار عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثله وروى إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن مجمع الْأنْصَارِيّ عَن عَمْرو بن دِينَار عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 وروى سعيد بن مَنْصُور عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عَمْرو بن دِينَار عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي هُرَيْرَة مَوْقُوفا قَالَ سعيد فِي آخِره فَقلت لِسُفْيَان مَرْفُوع قَالَ نعم وروى حَمَّاد بن سَلمَة وَحَمَّاد بن زيد جَمِيعًا عَن عَمْرو بن دِينَار عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي هُرَيْرَة مَوْقُوفا وَرُوِيَ عبد الله بن مَسْعُود أَنه دخل الْمَسْجِد وَقد اقيمت الصَّلَاة فصلى إِلَى اسطوانة فِي الْمَسْجِد رَكْعَتي الْفجْر ثمَّ دخل فِي الصَّلَاة بِمحضر من حُذَيْفَة وَأبي مُوسَى قَالَ أَبُو جَعْفَر حَدثنَا حَمَّاد عَن ابْن معبد قَالَ حَدثنَا يُونُس بن مُحَمَّد قَالَ حَدثنَا حَمَّاد عَن سعد بن إِبْرَاهِيم عَن حَفْص بن عَاصِم عَن مَالك بن بُحَيْنَة قَالَ أُقِيمَت صَلَاة الْفجْر فَأتى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على رجل يُصَلِّي رَكْعَتي الْفجْر فَقَامَ عَلَيْهِ لاث بِهِ النَّاس فَقَالَ أتصليها أَرْبعا ثَلَاث مَرَّات قَالَ أَبُو جَعْفَر يحْتَمل أَن يكون النَّهْي لِأَنَّهُ جمع بَين الصَّلَاتَيْنِ من الْفَرْض وَالنَّفْل فِي مَوضِع كَمَا نهي من صلى الْجُمُعَة أَن تصلى بعْدهَا تَطَوّعا فِي مقَام حَتَّى يتَقَدَّم أَو يتَكَلَّم 226 - فِيمَن فَاتَتْهُ رَكعَتَا الْفجْر قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف لَا يفضيها وَقَالَ مُحَمَّد أحب أَن يَقْضِيهَا إِذا طلعت الشَّمْس الحديث: 226 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 وَقَالَ مَالك أَنا أحب أَن يركعهما بعد طُلُوع الشَّمْس وَقَالَ الشَّافِعِي يركعهما بعد طُلُوع الشَّمْس فِي رِوَايَة الْمُزنِيّ وَقَالَ الْبُوَيْطِيّ عَنهُ بعد طُلُوع الشَّمْس وَاحْتج من اخْتَار قبل طُلُوع الشَّمْس بِحَدِيث قيس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَآهُ يُصَلِّي رَكْعَتي الْفجْر قبل طُلُوع الشَّمْس فَلم يُنكره قَالَ أَبُو جَعْفَر هُوَ حَدِيث مَقْطُوع لِأَنَّهُ فِي كتب اللَّيْث مَقْطُوع على يحيى بن سعيد ويروي عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ عَن قيس جد يحيى بن سعيد وَمُحَمّد بن إِبْرَاهِيم لم يكن سمع قيسا 227 - فِي سَجْدَتي السَّهْو قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري بعد السَّلَام وَقَالَ مَالك إِن كَانَ نُقْصَانا فَقبل السَّلَام وَإِن كَانَ لزِيَادَة فَبعد السَّلَام قَالَ وَلَا اخْتِلَاف عَن مَالك أَنه إِذا كَانَ لزِيَادَة ونقصان أَنه قبل السَّلَام وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ قبل السَّلَام الحديث: 227 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 228 - هَل فِي سُجُود السَّهْو تشهد قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَاللَّيْث وَالثَّوْري يتَشَهَّد بعدهمَا وَهُوَ قَول مَكْحُول وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَيْسَ فِيهَا تشهد 229 - فِيمَا يُوجب سُجُود السَّهْو قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قَامَ فِيمَا يقْعد أَو قعد فِيمَا يُقَام أَو سلم سَاهِيا فِي وسط الصَّلَاة أَو ترك قِرَاءَة فَاتِحَة الْكتاب أَو أَخّرهَا أَو التَّشَهُّد أَو الْقُنُوت أَو تَكْبِير الْعِيدَيْنِ أَو كَانَ إِمَامًا فجهر فِيمَا يُخَافت أَو خَافت فِيمَا يجْهر فَعَلَيهِ سُجُود السَّهْو وَلَيْسَ فِي تَكْبِير الرّفْع والخفض وَالتَّسْبِيح وَشَيْء من الذّكر سوى مَا ذكرنَا وَقَالَ مَالك إِذا جلس فِي مَوضِع الْقيام أَو قَامَ فِي مَوضِع الْجُلُوس أَو سلم سَاهِيا أَو نسي التَّشَهُّد أَو ذكر الله تَعَالَى بعد التَّشَهُّد أَو ترك تَكْبِير الرّفْع أَو الْخَفْض أَو نسي تَكْبِيرَة وَاحِدَة فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَإِن نسي أَكثر سجد وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا نسي الْقِرَاءَة فِي الْأَوليين أَو قَامَ فِيمَا يجلس أَو جلس فِيمَا يُقَام أَو جهر أَو خَافت فِيمَا يجْهر فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَإِن سَهَا عَن التَّشَهُّد سجد وَقَالَ اللَّيْث إِذا ترك التَّشَهُّد نَاسِيا وَهُوَ جَالس سجد للسَّهْو وَإِن أسر فِيمَا يجْهر فِيهِ فَعَلَيهِ السُّجُود وَلَو كَانَ مَكَان الله أكبر سمع الله لمن حَمده لم يكن عَلَيْهِ سُجُود الحديث: 228 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 وَقَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي من سَهَا عَنهُ فِي تَكْبِيرَة سوى تَكْبِيرَة الِافْتِتَاح أَو جهر فِيمَا يسر فِيهِ أَو أسر فِيمَا يجْهر فِيهِ فَلَا سُجُود عَلَيْهِ إِلَّا فِي عمل الْبدن فَإِذا نسي آمين وتسبيح الرُّكُوع وَالسُّجُود فَلَا سُجُود عَلَيْهِ 230 - فِي الإِمَام إِذا سَهَا وَلم يسْجد قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري لَا يسْجد من خَلفه وَقَالَ مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث يسْجد من خَلفه 231 - فِيمَن سَهَا عَن سَجْدَتي السَّهْو قَالَ أَصْحَابنَا إِذا كَانَ عَلَيْهِ سُجُود السَّهْو فنسي أَن يسْجد حَتَّى تكلم سقط عَنهُ وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك إِذا وَجب سُجُود السَّهْو قبل السَّلَام فَسَهَا عَنهُ فَإِن كَانَ ذَلِك قَرِيبا فليسجدهما وَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَإِن تبَاعد ذَلِك وانتقض وضوءه فليعد الصَّلَاة قَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك فَإِن كَانَ عَلَيْهِ سُجُود السهود بعد السَّلَام لم يفْسد عَلَيْهِ فَإِذا فرغ مِمَّا هُوَ فِيهِ سجد للسَّهْو الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ قَالَ وَكَانَ مَالك يَقُول سجدتا السَّهْو ليستا من الصَّلَاة وَقَالَ اللَّيْث إِذا سَهَا عَن سُجُود السَّهْو فَلم يذكرهُ إِلَّا وَهُوَ فِي آخر رَكْعَة فِي الْعَصْر مَعَ الإِمَام وَهُوَ مِمَّا يفعل قبل السَّلَام فَإِنَّهُ إِذا سلم الإِمَام فَليصل الصَّلَاة الَّتِي كَانَ سَهَا فِيهَا ثمَّ يسْجد سَجْدَتي السَّهْو ثمَّ يُعِيد صَلَاة الْعَصْر الحديث: 230 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 قَالَ وَإِن كَانَ سَهْوه ذَلِك بعد السَّلَام بِأَنَّهُ مَا سجدهما قطّ وَيُعِيد الصَّلَاة وَقَالَ الثَّوْريّ وَيسْجد سَجْدَتي السَّهْو بعد الْكَلَام إِذا ذكر سَهْوه وَكَذَلِكَ قَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا نسي سَجْدَتي السَّهْو بَعْدَمَا تكلم وَقَامَ سجدهما وَقَالَ الشَّافِعِي وَإِن ذكر سَجْدَتي السَّهْو بعد أَن سلم قَرِيبا أعادهما وَإِن تطاول لم يعد 232 - فِي الشاك فِي صلَاته قَالَ أَصْحَابنَا إِن كَانَ أول مَا شكّ اسْتقْبل وَإِن لَقِي ذَلِك غير مرّة تحرى وَرُوِيَ عَن الثَّوْريّ أَنه يتحَرَّى وَرُوِيَ عَنهُ أَيْضا أَنه يَبْنِي على الْيَقِين وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يتحَرَّى وَإِن نَام فِي صلَاته وَلَا يدْرِي كم صلى اسْتَأْنف صلَاته وَقَالَ الْحسن بن حَيّ يتحَرَّى وَقَالَ اللَّيْث إِذا كَانَ هَذَا نسي وَلَا يزَال الشَّك سجد سَجْدَتي السَّهْو وَإِن لم يكن يلْزمه قبل اسْتَأْنف تِلْكَ الرَّكْعَة لسجدتيها وَسجد للسَّهْو وَإِن لم يكن يلْزمه الحديث: 232 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 233 - فِيمَن سَهَا مرَارًا قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ يسْجد سَجْدَتي السَّهْو وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا سَهَا عَن التشهدين كليهمَا فَذكر بَعْدَمَا سلم قبل أَن ينْصَرف فَإِنَّهُ يسْجد سَجْدَتَيْنِ ويتشهد وَإِن هُوَ لم يذكر ذَلِك حَتَّى ينْصَرف فليسجد أَربع سَجدَات 234 - إِذا سَهَا عَن تَكْبِيرَة الإفتتاح قَالَ أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيّ يُعِيد صلَاته وروى ابْن الْقَاسِم عَن مَالك أَنه يُعِيد صلَاته من أَولهَا وروى ابْن وهب عَن مَالك فِي الإِمَام ترك تَكْبِيرَة الإفتتاح حَتَّى يفرغ أَنه يُعِيد وَيُعِيد من خَلفه وَإِن كَانَ من خَلفه قد كبر وَقَالَ وَسُئِلَ مَالك عَن رجل دخل مَعَ الإِمَام فِي صَلَاة فنسي تَكْبِيرَة الإفتتاح وَتَكْبِيرَة الرُّكُوع حَتَّى صلى رَكْعَة ثمَّ ذكر أَنه لم يكن كبر عِنْد الإفتتاح وَلَا عِنْد الرُّكُوع وَكبر فِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة قَالَ يبتدىء صلَاته أحب إِلَيّ وَلَو سَهَا عَن الإِمَام عَن تَكْبِيرَة الإفتتاح وَكبر للرُّكُوع أَجزَأَهُ إِذا نوى بهَا تَكْبِيرَة افْتِتَاح الصَّلَاة وَقَالَ مَالك فِي الَّذِي يُصَلِّي لنَفسِهِ فَيتْرك تَكْبِيرَة الإفتتاح وَتَكْبِيرَة الرُّكُوع وَهُوَ مَعَ إِمَام أَو وَحده ثمَّ ذكر فَإِن كَانَ مَعَ الإِمَام كبر إِذا ذكر وَإِن لم يذكر حَتَّى ينْصَرف فقد أَجْزَأت عَنهُ صلَاته وَإِن كَانَ وَحده ألْقى مَا قبل ذَلِك ثمَّ اسْتقْبل التَّكْبِير وَإِن لم يذكر حَتَّى ينْصَرف أعَاد الصَّلَاة الحديث: 233 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 وَقَالَ اللَّيْث قَالَ ربيعَة إِذا سَهَا عَن تَكْبِيرَة الْإِحْرَام أعَاد صلَاته قَالَ وَكَانَ يحيى بن سعيد يرى أَنه إِذا كبر تَكْبِيرَة الرُّكُوع أَن صلَاته مجزئة عَنهُ وَقَالَ ذَلِك ابْن شهَاب وَقَالَ اللَّيْث فَإِن لم يكبر تَكْبِيرَة الرُّكُوع وَلَا تَكْبِيرَة الْإِحْرَام إِلَّا أَن يفْطن لذَلِك فَكبر تَكْبِيرَة الْإِحْرَام فِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة فيعتد بهَا ويلغي مَا كَانَ قبلهَا 235 - فِي الرجل يُصَلِّي الظّهْر خمْسا قَالَ أَصْحَابنَا إِن كَانَ لم يقْعد فِي الرَّابِعَة قدر التَّشَهُّد أضَاف إِلَيْهَا أُخْرَى وَتشهد وَسلم وَيسْجد للسَّهْو واستقبل الظّهْر وَإِن كَانَ قعد فِي الرَّابِعَة كَذَلِك يفعل وأجزأته وَإِن لم يضف إِلَيْهَا أُخْرَى وَسلم فِي الْخَامِسَة فَلَا شَيْء عَلَيْهِ قَالَ أَبُو جَعْفَر وَقَالَ زفر إِن قطع على الْخَامِسَة قضى رَكْعَتَيْنِ فَرَوَاهُ عَن أبي حنيفَة قَالَ ابْن أبي ليلى وَأَبُو الزِّنَاد يسْجد سَجْدَتَيْنِ فِي الْخَامِسَة وَهُوَ جَالس بعد أَن يسلم وَقَالَ مَالك لَا يضيف إِلَيْهَا وَيسْجد للسَّهْو وَقَالَ الثَّوْريّ إِن لم يقْعد فِي الرَّابِعَة قدر التَّشَهُّد اسْتقْبل وَإِن كَانَ قد قعد قدر التَّشَهُّد أَجزَأَهُ وَسجد للسَّهْو وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا لم يبْق عَلَيْهِ فِي الرَّابِعَة إِلَّا التَّسْلِيم فَزَاد رَكْعَة جَاهِلا أَنه يُعِيد الصَّلَاة وَإِن فعل ذَلِك نَاسِيا أَجْزَأته صلَاته وَسجد للسَّهْو الحديث: 235 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا ذكر وَهُوَ فِي الْخَامِسَة وَقد وَصلهَا بِسَجْدَة أَو لم يسْجد قعد فِي الرَّابِعَة أَو لم يقْعد فَإِنَّهُ يجلس للرابعة ويتشهد وَيسْجد للسَّهْو وروى إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة عَن عبد الله أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى الظّهْر خمْسا فَقيل لَهُ أَزِيد فِي الصَّلَاة قَالَ وَمَا ذَاك قَالَ صليت خمْسا فَسجدَ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالس وَلَيْسَ فِيهِ أَنه كَانَ قعد فِي الرَّابِعَة أَو لم يقْعد قَالَ أَبُو جَعْفَر وَحدثنَا يزِيد بن سِنَان قَالَ حَدثنَا أَبُو عَاصِم قَالَ أخبرنَا ابْن جريج قَالَ أَخْبرنِي مُحَمَّد بن مرّة عَن عبد الرَّحْمَن بن الْأسود عَن أَبِيه عَن عبد الله بن مَسْعُود أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى الظّهْر خمْسا فَلم يقْعد فَسجدَ سَجْدَتي السَّهْو قَالَ مُحَمَّد بن مرّة مَجْهُول لَا يعرف قَالَ أَبُو جَعْفَر وَقد روى زيد بن أسلم عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا صلى أحدكُم فَلم يدر أَثلَاثًا صلى أم أَرْبعا فليبن على الْيَقِين ويدع الشَّك فَإِن كَانَت صلَاته نقصت فقد أتمهَا وَكَانَت السجدتان ترغمان الشَّيْطَان وَإِن كَانَت صلَاته تَامَّة كَانَ مَا زَاد والسجدتان لَهُ نَافِلَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 وَلم يفرق بَين قعوده فِي الرَّابِعَة وَبَين تَركه فَدلَّ على أَنه لَا فرق بَين أَن يقْعد أَو لَا يقْعد قَالَ أَبُو بكر أَحْمد بن عَليّ الرَّازِيّ قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فليبن على الْيَقِين ويدع الشَّك قد اقْتضى الْقعُود فِي الرَّابِعَة لِأَنَّهُ لَا يكون ثَابتا على الْيَقِين إِلَّا كَذَلِك 236 - فِيمَن سَهَا عَن سَجْدَة أَو أَكثر مِنْهَا قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ إِذا أَتَى فِي كل رَكْعَة مِنْهَا السَّجْدَة وَترك بَاقِي السَّجْدَة وأتى الى آخر صلَاته فسجدهن وَعَلِيهِ سُجُود السَّهْو وَقَالَ أَصْحَابنَا إِن لم يقْعد فِي الرَّكْعَة بِسَجْدَة حَتَّى ركع فالركوع الثَّانِي لَغْو لَا يعْتد بِهِ وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث إِذا ترك من الرَّكْعَة سَجْدَة وَاحِدَة لم يعْتد بالركعة الثَّانِيَة مَا لم يسْجد تِلْكَ السَّجْدَة وَكَذَلِكَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ الْحسن بن حَيّ فِي رجل صلى أَربع رَكْعَات وسها أَن يسْجد لشَيْء مِنْهَا ثمَّ ذكر وَهُوَ جَالس فِي الرَّابِعَة أَنه لَا يسْجد ثَمَانِي سَجدَات وَيسْجد للسَّهْو وتجزئه صلَاته قَالَ فَإِن فعل ذَلِك جَاهِلا مُتَعَمدا فَإِذا ركع الثَّانِيَة قبل أَن يسْجد للأولى فَسدتْ صلَاته واستقبل الحديث: 236 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 237 - فِي سَهْو الْمَأْمُوم قَالَ أَصْحَابنَا من سَهَا خلف الإِمَام لَا يسْجد للسَّهْو وَهُوَ قَول مَالك وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ اللَّيْث إِن تكلم سَاهِيا قبل سَلام الإِمَام فَلَا سُجُود عَلَيْهِ بعد سَلام الإِمَام 238 - فِي الْمَسْبُوق إِذا لم يدْرك سَهْو الإِمَام قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري يتبع فِي سُجُود السَّهْو فَإِذا فرغ قضى مَا سبق بِهِ وَقَالَ مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ إِذا كَانَ سُجُود الإِمَام بعد السَّلَام لم يُتَابِعه الْمَسْبُوق وَلكنه يسْجد لنَفسِهِ إِذا قضى مَا سبق بِهِ وَإِن كَانَ سُجُوده قبل السَّلَام تَابعه فِيهِ وَقَالَ الشَّافِعِي يسْجد بعد الْقَضَاء 239 - إِذا جهر فِيمَا يُخَافت أَو خَافت فِيمَا يجْهر قَالَ أَصْحَابنَا إِن كَانَ سَاهِيا وَكَانَ إِمَامًا سجد للسَّهْو وَإِن كَانَ وَحده فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَإِن فعله عَامِدًا فقد أَسَاءَ وَصلَاته تَامَّة الحديث: 237 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 وَقَالَ ابْن أبي ليلى يُعِيد بهم الصَّلَاة إِذا كَانَ إِمَامًا وَقَالَ مَالك عَلَيْهِ سُجُود السَّهْو وَحده مَأْمُوما كَانَ أَو إِمَامًا إِلَّا أَن يكون نسيا خَفِيفا وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا جهر الإِمَام فِيمَا يُخَافت جَاهِلا أَجزَأَهُ وأجزأ من خَلفه وَلَيْسَ عَلَيْهِ سُجُود السَّهْو وَإِن فعله سَاهِيا أجزأهم أَيْضا وَعَلِيهِ سُجُود السَّهْو وَإِن خَافت فِيمَا يجْهر فِيهِ جَاهِلا أَجزَأَهُ وَلم يجز من خَلفه وَلَا سَهْو عَلَيْهِ وَإِن فعله سَاهِيا أَجزَأَهُ وَلم يجز من خَلفه وَعَلِيهِ سُجُود السَّهْو وَإِن خَافت فِيمَا يجْهر فِيهِ فَلم يسمع أحدا مِمَّن خَلفه غير رجلَيْنِ أجزأهم كلهم إِذا سمع قِرَاءَته رجلَانِ خَلفه وَإِن سمع وَاحِد لم يجز وَقَالَ اللَّيْث إِذا أسر فِيمَا يجْهر فِيهِ فَعَلَيهِ سُجُود السَّهْو 240 - فِيمَن نسي رَكْعَة من صَلَاة وَلَا يدْرِي أَيَّة صَلَاة هِيَ قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ يُعِيد صَلَاة يَوْم وَلَيْلَة وَقَالَ زفر يُصَلِّي أَربع رَكْعَات يَنْوِي بهَا الظّهْر الَّتِي عَلَيْهِ وَيقْعد فِي الثَّانِيَة وَالثَّالِثَة وَالرَّابِعَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف يتحَرَّى فَإِن لم يكن مَعَه تحر صلى خمس صلوَات وَقَالَ مُحَمَّد فِيمَا ذكره ابْن أبي عمرَان عَن أَصْحَاب مُحَمَّد الحديث: 240 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 أَنه يُصَلِّي ثَلَاث صلوَات يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ سوى الْفجْر إِن كَانَت عَلَيْهِ وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يُصَلِّي أَربع رَكْعَات بِإِقَامَة وَقَالَ الْحسن بن حَيّ يُعِيد خمس صلوَات فَإِن لم يدر أَفِي سفر كَانَ أَو فِي حضر أعَاد خمس صلوَات مُسَافِرًا وَخمْس صلوَات حَاضرا إِلَّا الْمغرب وَالْفَجْر فَإِنَّهُمَا فِي السّفر والحضر سَوَاء وَقَالَ اللَّيْث فِي الرجل ينسى فِي الظّهْر وَالْعصر رَكْعَة لَا يدْرِي من أَيَّتهمَا نسي قَالَ إِن كَانَ وضوؤه لم ينْتَقض صلى رَكْعَة لِلظهْرِ وركعة للعصر وَسجد سَجْدَتي السَّهْو لركعة الظّهْر وَسجد سَجْدَتي السَّهْو لركعة الْعَصْر وَإِن كَانَ وضوؤه قد انْتقض صلى الظّهْر ثمَّ الْعَصْر قَالَ أَبُو جَعْفَر يُعِيد خمس صلوَات تَارِكًا الْقيَاس لِأَنَّهُ يُجزئهُ أَن يَنْوِي مَا عَلَيْهِ من الصَّلَاة من بعيد كَمَا جَاءَ فِي قَضَاء رَمَضَان وَفِي الزَّكَاة وَإِن لم يعلم من أَي حول وككفارة رَمَضَان وَالْحج وَإِن لم يعلم من أَي حجَّة 241 - فِيمَن نسي صَلَاة الْوتر حَتَّى صلى الصُّبْح قَالَ أَصْحَابنَا يَقْضِيه وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَرُوِيَ عَن الثَّوْريّ أَنه قَالَ إِذا طلعت الشَّمْس فَإِن شَاءَ قضى وَإِن شَاءَ لم يقْض الحديث: 241 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 284 وَقَالَ مَالك يصليه قبل صَلَاة الْفجْر فَإِن لم يفعل حَتَّى طلعت الشَّمْس فَلَا قَضَاء عَلَيْهِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يَقْضِيه مَتى ذكره فِي يَوْمه حَتَّى يُصَلِّي عشَاء الْآخِرَة فَإِن لم يذكرهُ حَتَّى صلى الْعشَاء الْآخِرَة فَلَا يَقْضِيه بعد طُلُوع الْفجْر وَقَالَ الشَّافِعِي من نسي الْوتر حَتَّى صلى الصُّبْح أَنه لَا يُعِيد 242 - فِي تَرْتِيب الْفَوَائِت قَالَ أَصْحَابنَا هُوَ وَاجِب فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة إِذا كَانَ فِي الْوَقْت سَعَة للفائتة وَصَلَاة الْوَقْت فَإِن زَاد على الْيَوْم وَاللَّيْلَة لم يجب التَّرْتِيب وَالنِّسْيَان يسْقط التَّرْتِيب وَقَالَ مَالك يجب التَّرْتِيب وَإِن نسي الْفَائِتَة إِلَّا أَن يَقُول إِن كَانَت الْفَوَائِت كَثِيرَة بَدَأَ بِصَلَاة الْوَقْت ثمَّ صلى مَا كَانَ نسي وَإِن كَانَت الْفَوَائِت خمْسا ثمَّ ذكرهن قبل صَلَاة الصُّبْح صَلَّاهُنَّ قبل الصُّبْح وَإِن صلى الصُّبْح ثمَّ ذكر صلوَات صلى مَا نسي فَإِذا فرغ أعَاد الصُّبْح مَا دَامَ فِي الْوَقْت فَإِن فَاتَ الْوَقْت لم يعد وَقَالَ الثَّوْريّ يُوجب التَّرْتِيب إِلَّا أَنه لم يرو عَنهُ الْفرق بَين الْقَلِيل وَالْكثير لِأَنَّهُ صلى رَكْعَة من الْعَصْر ثمَّ ذكر أَنه سُئِلَ عَمَّن صلى الظّهْر على غير وضوء أَنه يشفع بِرَكْعَة ثمَّ يُصَلِّي فيستقبل الظّهْر ثمَّ الْعَصْر وَرُوِيَ عَن الْأَوْزَاعِيّ فِي إِحْدَى رِوَايَتَيْنِ إِسْقَاط وجوب التَّرْتِيب وَفِي الْأُخْرَى إثْبَاته وَقَالَ اللَّيْث إِذا ذكرهَا وَهُوَ فِي صَلَاة وَقد صلى رَكْعَة فَإِن كَانَ مَعَ الإِمَام فَليصل مَعَه حَتَّى إِذا سلم صلى الَّتِي نسي ثمَّ أعَاد الصَّلَاة الَّتِي صلاهَا مَعَ الحديث: 242 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 الإِمَام وَإِن كَانَ صلى رَكْعَة أتم إِلَيْهَا أُخْرَى وَسلم وَأعَاد مَا نسي ثمَّ أعَاد هَذِه وَإِن ذكرهَا فِي الثَّالِثَة أَو الرَّابِعَة أتم الصَّلَاة ثمَّ أعَاد الصَّلَاة الَّتِي نسي وَهَذِه الَّتِي ذكرهَا فِيهَا وَقَالَ إِذا ذكر الصُّبْح وَهُوَ مَعَ الإِمَام فِي الْجُمُعَة فَإِذا فرغ الإِمَام فَليصل الصُّبْح ثمَّ يُعِيد الظّهْر أَرْبعا فَإِن لم يذكر الصُّبْح إِلَّا بعد صَلَاة الإِمَام صلى الصُّبْح وَلَا يُعِيد الظّهْر لِأَنَّهُ يخرج من الْوَقْت وَلَو نسي الظّهْر فَذكرهَا بَعْدَمَا فرغ من الْعَصْر فَإِنَّهُ يُعِيد الظّهْر وَالْعصر وَلَو ذكره بعد الْمغرب أَو بعد يَوْمَيْنِ فَإِنَّهُ يُعِيد الَّتِي نسي فَقَط لِأَنَّهُ قد خرج من الْوَقْت وَقَالَ فِيمَن نسي صَلَاة يَوْم وَلَيْلَة إِنَّه يبْدَأ بِمَا بَدَأَ الله تَعَالَى بِهِ الأول فَالْأول ثمَّ الَّذِي حضر وقته وَإِن كَانَ الَّذِي نسي صلوَات كَثِيرَة صلى مَا حضر وقته ثمَّ صلى مَا نسي وَقَالَ الْحسن إِذا صلى صلوَات بِغَيْر وضوء أَو نَام عَنْهُن قضى الأولى فَالْأولى وَإِن جَاءَ وَقت صَلَاة تَركهَا وَصلى مَا قبلهَا وَإِن فَاتَهُ وَقتهَا حَتَّى يبلغهَا وَإِن كَانَ تَوَضَّأ بِمَا يُجِيزهُ بعض النَّاس وَبَعْضهمْ يُوجب الْإِعَادَة كَالَّذي يتَوَضَّأ من بِئْر تَمُوت فِيهَا الدَّابَّة أَو يُصَلِّي وَفِي ثَوْبه الدَّم الْكثير فَإِنَّهُ يقْضِي الأولى فَالْأولى فَإِذا جَاءَ وَقت صَلَاة صلاهَا حَتَّى يحضر فِي الْجَمَاعَة وَلَا يؤخرها إِلَى آخر الْوَقْت ثمَّ يُصَلِّي بعد ذَلِك مَا بَقِي عَلَيْهِ مِمَّا يقْضِي وَقَالَ إِن نسي الفائته جَازَت مَا بعْدهَا مَا لم يذكرهَا قبل قعودة قبل التَّشَهُّد فَإِنَّهُ إِن ذكرهَا قبل ذَلِك قضى الْفَائِتَة ثمَّ هَذِه وَقَالَ الشَّافِعِي الإختيار أَن يبْدَأ بالفائتة فَإِن لم يفعل وَبَدَأَ بِصَلَاة الْوَقْت أَجزَأَهُ وَلَا فرق بَين الْقَلِيل وَالْكثير قَالَ أَبُو جَعْفَر روى مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر من نسي صَلَاة فَلم يذكرهَا إِلَّا وَرَاء الإِمَام فَإِذا سلم الإِمَام فَليصل الَّتِي نسي ثمَّ ليصل بعْدهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 286 الصَّلَاة الْأُخْرَى وَلَا نعلم عَن أحد من الصَّحَابَة خلَافَة 243 - فِيمَن ذكر الْوتر وَهُوَ فِي الْفجْر قَالَ أَبُو حنيفَة الْفجْر فَاسِدَة إِلَّا أَن يكون فِي آخر الْوَقْت وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا يفْسد الْفجْر وَقَالَ مَالك إِن ذكرهَا وَهُوَ خلف لَا يقطع الإِمَام ويمضي وَالَّذِي يَأْخُذ بِهِ فِي خَاصَّة نَفسه أَن يقطع وَإِن كَانَ خلف الإِمَام وَهَذَا أحب إِلَيْهِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يمْضِي فِي صلَاته ثمَّ يقْضِي الْوتر بعد طُلُوع الشَّمْس وَإِن لم يقضه فَلَا حرج 244 - فِي الْفَوَائِت هَل تقضى فِي جمَاعَة قَالَ أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيّ تقضى فِي جمَاعَة وَلَيْسَ فِيهِ عَن مَالك رِوَايَة وَيَقُول أَصْحَابنَا لَا بَأْس بِأَن تقضى جمَاعَة وَقَالَ اللَّيْث يقضون فُرَادَى 245 - تحرى فَأَخْطَأَ الْقبْلَة وَصلى قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري لَا يُعِيد وَهُوَ قَول الْحسن بن حَيّ الحديث: 243 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 287 وَقَالَ مَالك وَعبد الْعَزِيز الْمَاجشون وَالْأَوْزَاعِيّ يُعِيد مَا دَامَ فِي الْوَقْت وَلَا يُعِيد بعد الْوَقْت وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا صلى إِلَى الشرق ثمَّ رأى الْقبْلَة إِلَى الْمغرب اسْتَأْنف فَإِن كَانَ شرقا ثمَّ رأى أَنه منحرف وَتلك جِهَة وَاحِدَة كَانَ عَلَيْهِ أَن ينحرف ويعتد بِمَا مضى 246 - فِيمَن قَامَ إِلَى الْقَضَاء قبل فرَاغ الإِمَام قَالَ أَصْحَابنَا إِن قَرَأَ بعد قعُود الإِمَام مِقْدَار التَّشَهُّد مَا يجزىء بِهِ الصَّلَاة فَصلَاته جَائِزَة وَإِن لم يكن كَذَلِك فَصلَاته فَاسِدَة وَقَالَ مَالك إِذا صلى رَكْعَة وسجدتين ثمَّ سلم الإِمَام لم يعْتد بِمَا صلى قبل سَلام الإِمَام وَلَو ركع وَلم يسْجد قبل أَن يسلم رَجَعَ فَقَرَأَ وابتدأ الْقِرَاءَة من أَولهَا ثمَّ أتم صلَاته وَسجد للسَّهْو قبل السَّلَام وَقَالَ قبيصَة عَن سُفْيَان الثَّوْريّ إِذا ظن أَن الإِمَام قد سلم فَقَامَ فصلى رَكْعَتَيْنِ فَإِنَّهُ يجلس وَلَا يحْتَسب بهما وَلَا سَهْو عَلَيْهِ وَقَالَ الْبُوَيْطِيّ عَن الشَّافِعِي لَا يعْتد بِمَا صلى قبل السَّلَام ويقضيه وَلَا سَهْو عَلَيْهِ 247 - فِيمَن أوتر وَهُوَ يرى أَنه قد صلى الْعشَاء قَالَ أَبُو حنيفَة فِيمَن صلى الْعشَاء على غير وضوء أَنه لَا يُعِيد الْوتر الحديث: 246 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 288 وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَمَالك وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ أَنه يُعِيد 248 - فِيمَن أغفأ خلف الإِمَام فَتَوَضَّأ وَقد صلى الإِمَام بعض صلَاته قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري فِي النَّائِم خلف الإِمَام والمحدث إِذا جَاءَ وَقد صلى الإِمَام بعض صلَاته أَنه يبْدَأ بِالْأولَى فَالْأولى وَلَا يتبع الإِمَام حَتَّى يبلغ مَا يصليه وَقَالَ أَصْحَابنَا إِن تبع الإِمَام ثمَّ قضى مَا ترك أَجزَأَهُ وَقَالَ زفر لَا يُجزئهُ أَن يبْدَأ بآخر صلَاته قبل أَولهَا قَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا نعس أَو سَهَا حَتَّى سجد الإِمَام إِن ظن أَنه يُدْرِكهُ قبل أَن يرفع رَأسه من السُّجُود فليركع وليجلس وَإِلَّا فَلَا يعْتد بهَا وليركع إِذا فرغ من الصَّلَاة وَقَالَ مَالك من أدْرك الرَّكْعَة يَوْم الْجُمُعَة فزحمه النَّاس بَعْدَمَا ركع فَلم يقدر على السُّجُود حَتَّى فرغ الإِمَام أَنه يُصَلِّي الظّهْر أَرْبعا وَإِن زحمه النَّاس يَوْم الْجُمُعَة بَعْدَمَا ركع الإِمَام فَلم يقدر حَتَّى ركع الإِمَام الرَّكْعَة الثَّانِيَة فَلَا أرى أَن يسْجد وليركع مَعَ الإِمَام هَذِه الرَّكْعَة الثَّانِيَة ويلغي الأولى ويضيف إِلَيْهَا أُخْرَى قَالَ فَإِن زحمه النَّاس بَعْدَمَا ركع الإِمَام وَقد ركع مَعَه رَكْعَة فَلم يقدر الحديث: 248 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 على أَن يسْجد مَعَه حَتَّى سجد الإِمَام وَقَامَ فليتبعه مَا لم يرْكَع الإِمَام الرَّكْعَة الثَّانِيَة وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك فِي الرجل يسهو مَعَ الإِمَام وَهُوَ قَائِم فِي صلَاته حَتَّى يسْجد الإِمَام وَيقوم فِي الثَّانِيَة قَالَ يتبعهُ فِيمَا سبقه مَا لم يرفع رَأسه من السَّجْدَة الثَّانِيَة وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي رجل نعس مَعَ امام فى صَلَاة الصُّبْح فَلم يعلم حَتَّى ركع الامام قَالَ يتبعهُ وان لم يعلم حَتَّى اسْتَوَى قَائِما فَإِنَّهُ يمْضِي مَعَه فَإِذا سلم الإِمَام يقْضِي ركعته الأولى وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا نَام خلف الإِمَام حَتَّى صلى رَكْعَة أَو رَكْعَتَيْنِ فَإِنَّهُ يبْدَأ بِمَا صلى الإِمَام الأول فَالْأول حَتَّى يدْرك الإِمَام وَلَو كَانَ أحدث ثمَّ جَاءَ وَقد صلى الإِمَام رَكْعَة أَو رَكْعَتَيْنِ صلى مَعَه مَا أدْرك ثمَّ يقْضِي مَا سبقه الإِمَام وبقراءة قَالَ إِذا خرج يتَوَضَّأ فَلَيْسَ مَعَ الإِمَام إِن أفسد صلَاته لم تفْسد عَلَيْهِ والنائم لَا يخرج من صَلَاة الإِمَام لِأَنَّهُ يفْسد عَلَيْهِ مَا يفْسد على الإِمَام وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا رعف خلف الإِمَام فِي الْمَكْتُوبَة يو الْجُمُعَة فَإِنَّهُ إِذا جَاءَ صلى مَعَه مَا أدْرك ثمَّ يقْضِي الرَّكْعَة الَّتِي رعف فِيهَا بسجدتيها وَقَالَ فِي الرجل يسهو مَعَ الإِمَام وَهُوَ قَائِم فِي صلَاته حَتَّى سجد الإِمَام وَيقوم فِي الثَّانِيَة فَإِنَّهُ يرْكَع وَيسْجد ثمَّ يتبع الإِمَام مَا لم يرفع الإِمَام رَأسه من الرُّكُوع من الثَّانِيَة فَإِذا لم يدْرك حَتَّى رفع الإِمَام رَأسه من الرَّكْعَة الثَّانِيَة فَليصل مَعَ الإِمَام مَا بقى من الصَّلَاة ثمَّ يُعِيد تِلْكَ الرَّكْعَة بِسَجْدَة وَيسْجد سَجْدَتي السَّهْو وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن يتبع الإِمَام ثمَّ يقْضِي مَا سبقه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا زحم فَلم يقدر على السُّجُود حَتَّى قضى الإِمَام سُجُوده سجد وَتبع الإِمَام إِذا قَامَ واعتد بهَا فَإِن كَانَ ذَلِك فِي الأولى فَلم يُمكنهُ السُّجُود حَتَّى ركع الإِمَام فِي الثَّانِيَة لم يكن لَهُ أَن يسْجد لركعته الأولى إِلَّا أَن يخرج من إِمَامَته قَالَ أَبُو جَعْفَر اتَّفقُوا أَن من فَاتَهُ رُكُوع أَو سُجُود مَعَ إِمَامه وَقد كَانَ دخل مَعَ إِمَامه فِي أول صلَاته ثمَّ قدر على أَن يَأْتِي بِمَا فَاتَهُ من ذَلِك قبل دُخُول إِمَامه فِي الرَّكْعَة الَّتِي تتلو هَذِه أَنه يَأْتِي بِمَا تَركه وَلَا يُؤَخِّرهُ إِلَى خُرُوجه من صَلَاة الإِمَام وَكَذَلِكَ إِذا دخل مَعَ الإِمَام فِي الرَّكْعَة الَّتِي تلِي هَذِه قَالَ أَبُو جَعْفَر وَقَول زفر الَّذِي ذكرنَا هُوَ الْقيَاس فِي إِفْسَاد صلَاته إِذا تبع الإِمَام وَترك مَا قبله لاتفاقهم على أَن الْمَسْبُوق وَلَو نوى أَن يُصَلِّي مَعَ الإِمَام مَا سبقه بِهِ دون مَا هُوَ فِيهِ فَسدتْ صلَاته قَالَ أَبُو بكر هما مفترقان من قبل أَن يدْرك أول الصَّلَاة تَابع الإِمَام فِي الْحَالين بَدَأَ بالفائت أَو بِصَلَاة الإِمَام وَأكْثر مَا فِيهِ ترك التَّرْتِيب وَذَلِكَ لَا يفْسد عِنْدهم والمسبوق إِذا دخل فِي صَلَاة الإِمَام أَو نوى قَضَاء الْفَوَائِت فَهُوَ مُنْفَرد فِيهَا بِفِعْلِهِ وَمن انْفَرد عَن صَلَاة الإِمَام بعد دُخُوله فِيهَا قبل فرَاغ الإِمَام مِنْهَا فَسدتْ صلَاته 249 - فِي الرجل يحدث فِي رُكُوعه أَو سُجُوده قَالَ أَصْحَابنَا يُعِيد مَا أحدث فِيهِ وَلَا يعْتد بِهِ وَقَالَ مَالك من رعف بَعْدَمَا ركع أَو بَعْدَمَا رفع رَأسه من رُكُوعه وَسجد سَجْدَة وَاحِدَة من الرَّكْعَة رَجَعَ فَغسل عَنهُ الدَّم وألغى الرَّكْعَة وسجدتيها وأستأنف قِرَاءَة تِلْكَ الرَّكْعَة من أَولهَا الحديث: 249 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 291 250 - فِي الْجمع بَين الصَّلَاتَيْنِ قَالَ أَصْحَابنَا لَا يجمع بَين الصَّلَاتَيْنِ فِي وَقت وَاحِد مِنْهُمَا إِلَّا بِعَرَفَة والمزدلفة وَقَالَ مَالك يجمع الْمَرِيض فِي الْمَطَر والظلمة وَلَا يجمع فِي السّفر إِلَّا أَن يجد بِهِ السّير فَيصَلي الظّهْر فِي آخر وَقتهَا وَالْعصر فِي أول وَقتهَا وَالْمغْرب فِي آخر وَقتهَا وَالْعشَاء فِي أول وَقتهَا إِلَّا أَن يرتحل بعد الزَّوَال فَيجمع بَينهمَا فِي تِلْكَ السَّاعَة فِي المنهل قبل أَن يرتحل وَالْمغْرب فِي آخر وَقت الْمغرب وَالْعشَاء بَعْدَمَا يغيب الشَّفق وَلم يذكر فِي الْمغرب وَالْعشَاء كَمَا ذكر فِي الظّهْر وَالْعصر عِنْد الرحيل من المنهل وَقَالَ اللَّيْث يجمع الْمَرِيض والمبطون بَين الصَّلَاتَيْنِ الظّهْر وَالْعصر وَالْعشَاء وَلَا يجمع فِي السّفر إِلَّا إِن ارتحل وجد بِهِ السّير وَقَالَ الشَّافِعِي يجمع بَين الصَّلَاتَيْنِ فِي السّفر إِذا نوى الْجمع عِنْد الأولى والمطر مثل السّفر فِي جَوَاز الْجمع الحديث: 250 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 251 - فِيمَن أدْرك الصَّلَاة هَل فعله أول الصَّلَاة أَو آخرهَا قَالَ ذكر مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة إِن الَّذِي يَقْضِيه أول صلَاته وَكَذَلِكَ يقْرَأ فِيهَا وَلم يجد خلافًا وَقَالَ مَالك يقْرَأ فِي الْأُخْرَيَيْنِ الَّتِي أدْرك الإِمَام فِيهَا بِأم الْقُرْآن وَسورَة فِي كل رَكْعَة وَقَالَ الثَّوْريّ يصنع فِيمَا يقْضِي مثل مَا يصنع الإِمَام وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ مَا أدْرك من صَلَاة الإِمَام فَهُوَ أول صلَاته وَقَالَ الْحسن بن حَيّ أول صَلَاة الإِمَام أول صَلَاتك وَآخر صَلَاة الإِمَام آخر صَلَاتك إِذا فاتك بعض الصَّلَاة وَقَالَ الشَّافِعِي مَا أدْرك من الصَّلَاة فَهُوَ أول صلَاته قَالَ أَبُو جَعْفَر قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام مَا أدركتم فصلوا وَمَا فاتكم فاقضوا يدل على أَن الَّذِي يصليه مَعَ الإِمَام هُوَ الَّذِي يصليه الإِمَام قَالَ وَلَو كَانَ مَا يَفْعَله الإِمَام أول صلَاته لاستحال أَن يكون قَاضِيا لشَيْء فَائت لِأَن الَّذِي يُصَلِّي فِي مَوْضِعه لَيْسَ بفائت وَفِي إِجْمَاعهم أَنه يقْضِي بَقِيَّة الحديث: 251 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 صلَاته كَمَا وَردت السّنة دَلِيل على أَن الَّذِي يَقْضِيه فَائت وَأَن الَّذِي صلى مَعَ الإِمَام لَيْسَ مدْركا للفائت فَإِن قيل فَلم يَأْمُرهُ إِذا قضى الْفَائِت بالتشهد وَقد قعده قبل ذَلِك عدل فِي مَوْضِعه قيل لَهُ لِأَنَّهُ لم يفعل التَّسْلِيم وَمن سنة التَّسْلِيم أَن يكون عقيب التَّشَهُّد 252 - فِيمَن صَار من الرُّكُوع إِلَى السُّجُود قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد يُجزئهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَا يُجزئهُ وَهُوَ قَول مَالك قَالَ ابْن وهب عَن مَالك يلغي تِلْكَ الرَّكْعَة وَلَا يعدها من صلَاته إِذا لم يرجع صلبه وَقَالَ ابْن عبد الحكم عَنهُ إِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع ثمَّ يهوي سَاجِدا قبل أَن يعتدل أَنه يُجزئهُ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ إِذا لم يرفع رَأسه من الرُّكُوع لم يعْتد بِتِلْكَ الرَّكْعَة حَتَّى يقوم فيعتدل صلبه قَائِما وروى سُفْيَان الثَّوْريّ عَن الْأَعْمَش عَن عمَارَة بن عُمَيْر عَن الحديث: 252 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 أبي معمر عَن أبي مَسْعُود الْأنْصَارِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تجزىء صَلَاة لَا يُقيم فِيهَا الرجل صلبه إِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع وَالسُّجُود وَفِي حَدِيث رِفَاعَة بن رَافع فِي تَعْلِيم الْأَعرَابِي ثمَّ ارْفَعْ واعتدل قَائِما ثمَّ اسجد فاعتدل سَاجِدا ثمَّ اجْلِسْ فاطمئن جَالِسا ثمَّ اسجد فَإِذا صليت صَلَاتك على هَذَا فقد أتممتها وَمَا أنقصت من ذَلِك فَإِنَّمَا تنقص من صَلَاتك قَالَ أَبُو بكر جعله إِيَّاهَا نَاقِصَة يدل على الْجَوَاز 253 - فِيمَن لم يقْرَأ بِفَاتِحَة الْكتاب وَقَرَأَ بغَيْرهَا قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ يُجزئهُ وَقد أَسَاءَ إِن تعمد ذَلِك وَقَالَ مَالك إِن ترك قِرَاءَة فَاتِحَة الْكتاب فِي الْأَوليين وَقَرَأَ بغَيْرهَا فَإِنَّهُ يُعِيد صلَاته وَقَالَ إِن نسي أم الْقُرْآن فِي رَكْعَة فَإِنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ أَن يلغي تِلْكَ الرَّكْعَة الحديث: 253 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 وَيُعِيدهَا وَلَو سجد سَجْدَتَيْنِ قبل السَّلَام رَجَوْت أَن تجزىء عَنهُ ركعته هَذِه وَقَالَ الشَّافِعِي إِن ترك من أم الْقُرْآن حرفا وَهُوَ فِي الرَّكْعَة رَجَعَ إِلَيْهَا وأتمها وَإِن لم يذكر حَتَّى خرج من الصَّلَاة وتطاول أعَاد 254 - فِي ترك الْقِرَاءَة فِي الصَّلَاة إِذا قَرَأَ فِي رَكْعَتَيْنِ من الصَّلَاة الْمَفْرُوضَة جَازَت صلَاته فِي قَول أَصْحَابنَا وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْحسن بن حَيّ وَإِن لم يقْرَأ فِي ثَلَاث رَكْعَات بطلت صلَاته وَقَالَ مَالك فِيمَن لم يقْرَأ فِي صلَاته أَنه يُعِيدهَا وَإِن ذهب الْوَقْت وروى شُعْبَة عَن يحيى بن سعيد عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم أَن عمر قَالَ لَهُ رجل إِنِّي صليت صَلَاة لم أَقرَأ فِيهَا شَيْئا فَقَالَ لَهُ عمر أَلَيْسَ قد أتممت الرُّكُوع وَالسُّجُود قَالَ بلَى قَالَ تمت صَلَاتك قَالَ شُعْبَة حَدثنِي عبيد الله بن عمر الْعمريّ قَالَ قلت لمُحَمد بن إِبْرَاهِيم مِمَّن سَمِعت هَذَا الحَدِيث قَالَ من أبي سَلمَة عَن عمر الحديث: 254 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 296 255 - فِيمَن صلى فِي بَيته الْفَرْض ثمَّ أدْرك الإِمَام قَالَ أَصْحَابنَا لَا يُصَلِّي مَعَه الْفجْر وَالْعصر وَالْمغْرب وَيُصلي مَعَه الْعشَاء وروى ابْن وهب عَن مَالك لَا بَأْس أَن يُصَلِّي مَعَ الإِمَام من كَانَ قد صلى فِي بَيته صَلَاة الْمغرب فَإِنَّهُ إِذا أَعَادَهَا صَارَت شفعا قَالَ فَإِذا لم يدْرك مَعَ الإِمَام فِي هَذِه الصَّلَاة رَكْعَة فَإِن صلَاته الأولى تُجزئه وَكَذَلِكَ إِذا أحدث فِي هَذِه يَعْنِي الَّتِي دخل فِيهَا فَصلَاته فِي بَيته هِيَ صلَاته وَقد بلغنَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من أدْرك من الصَّلَاة رَكْعَة فقد أدْركهَا قَالَ مَالك وَإِذا وجدهم فِي آخر الصَّلَاة جُلُوسًا فَلَا يدْخل مَعَهم وليقم على صلَاته الَّتِي صلى فِي بَيته قَالَ وَهَذَا لَا يدْرِي أَي هَاتين الصَّلَاتَيْنِ هِيَ الْفَرِيضَة وَإِنَّمَا ذَلِك إِلَى الله تَعَالَى أَيَّتهمَا شَاءَ قَالَ مَالك كل من صلى فِي جمَاعَة وَإِن لم يكن إِلَّا وَاحِدًا فَلَا يُعِيد الحديث: 255 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 تِلْكَ الصَّلَاة مَعَ الْجَمَاعَة وَإِن أُقِيمَت وَهُوَ فِي الْمَسْجِد خرج وَلم يصل مَعَهم وَقَالَ الثَّوْريّ يُعِيد الصَّلَاة كلهَا مَعَ الإِمَام فِي الْجَمَاعَة إِلَّا الْمغرب وَالْفَجْر وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا كَانَ فِي الْمَسْجِد وَقد أَخذ الْمُؤَذّن فِي الْإِقَامَة لم يخرج حَتَّى يُصَلِّي وَذَلِكَ فِي سَائِر الصَّلَوَات وَإِن كَانَ قد صلاهَا وَإِن أذن وَلم يَأْخُذ الْإِقَامَة لَا يخرج إِلَّا فِي الْفجْر وَالْعصر وَإِذا صلى مَعَ الإِمَام فالفريضة هِيَ الأولى وَقَالَ الشَّافِعِي يُصَلِّي الرجل الَّذِي قد صلى مرّة مَعَ الْجَمَاعَة كل صَلَاة فَالْأولى فَرِيضَة وَالثَّانيَِة سنة تطوع وروى بسر بن محجن الديلِي عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَآهُ وَقد أُقِيمَت الصَّلَاة قَالَ فَجَلَست وَلم أقِم الصَّلَاة فَلَمَّا قضى صلَاته قَالَ لي أَلَسْت مُسلما قلت بلَى قَالَ فَمَا مَنعك أَن تصلي مَعنا فَقلت قد كنت صليت مَعَ أَهلِي فَقَالَ صل مَعَ النَّاس وَإِن كنت قد صليت مَعَ أهلك فَفِي هَذَا الحَدِيث الْأَمر بِاتِّبَاع الإِمَام فِي غير تعْيين الصَّلَاة وَفِي حَدِيث عبد الله بن الصَّامِت عَن أبي ذَر قَالَ أَوْصَانِي خليلي أَن أُصَلِّي الصَّلَوَات لوَقْتهَا وَإِن أدْركْت الإِمَام وَقد سَبَقَك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 فقد أجزأتك وَإِلَّا فَهِيَ نَافِلَة وَفِي حَدِيث يزِيد بن الْأسود عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا صليتما فِي رحالكما ثمَّ أتيتما النَّاس وهم يصلونَ فَصَليَا مَعَهم فَإِنَّهَا لَكمَا نَافِلَة فَأخْبر أَن الثَّانِيَة نَافِلَة والنافلة مَنْهِيّ عَنْهَا بعد الْعَصْر وَالْفَجْر وَإِن يكون وترا 256 - فِي الْفَتْح على الإِمَام قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري يفتح على الإِمَام وَقَالَ أَصْحَابنَا إِن فتح عَلَيْهِ لم تفْسد صلَاته وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لَا بَأْس أَن يفتح على الإِمَام وروى خَليفَة بن حُصَيْن عَن أبي نصر وَهُوَ عبد الرَّحْمَن بن أدينة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ تردد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي آيَة فِي صَلَاة فَلَمَّا قضى الصَّلَاة نظر فِي وُجُوه الْقَوْم فَقَالَ مَا صلى مَعكُمْ أبي بن كَعْب الحديث: 256 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 فَرَأى الْقَوْم إِنَّمَا تفقده ليفتح عَلَيْهِ وروى أَبُو إِسْحَاق عَن الْحَارِث عَن عَليّ كرم الله وَجهه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تفتح على الإِمَام وَهَذَا يفْسد مَا روى عَطاء بن السَّائِب عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ أَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ إِذا استطعمكم الإِمَام فأطعموه يَعْنِي الْفَتْح على الإِمَام وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا نابكم شَيْء فِي صَلَاتكُمْ فَسَبحُوا فَلَمَّا كَانَ تسبيحه لما ينوبه مُبَاحا ففتحه على الإِمَام أَحْرَى أَن يكون مُبَاحا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 300 257 - فِي النفخ فِي الصَّلَاة قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد وَالثَّوْري إِذا كَانَ يسمع يقطع الصَّلَاة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمَالك وَعبيد الله بن الْحسن لَا يقطع ويكرهونه عَطاء ب السَّائِب عَن أَبِيه عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ كسفت الشَّمْس على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فصلى بِالنَّاسِ فَنفخ فِي آخر سُجُوده وَقَالَ رب أَلا تعدني أَن لَا تُعَذبهُمْ وَأَنت فيهم وَقَالَ أَبُو جَعْفَر وَلَا خلاف أَن النفخ فِي الصَّلَاة مَكْرُوه وعَلى أَن النفخ الْمَذْكُور فِي هَذِه الصَّلَاة مَنْسُوخ كَمَا نسخ الْكَلَام فِي الصَّلَاة 258 - فِيمَن صلى وَهُوَ حاقن قَالَ أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيّ وَعبيد الله بن الْحسن يكره أَن يُصَلِّي وَهُوَ حاقن وَصلَاته جَائِزَة إِن لم يتْرك شَيْئا من فروضها الحديث: 257 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا خَافَ أَن يسْبقهُ الْبَوْل قدم رجلا وَانْصَرف قَالَ لَا يَخْتَلِفُونَ أَنه لَو شغل قلبه بِشَيْء من أَمر دُنْيَاهُ لم يسْتَحبّ لَهُ الْإِعَادَة فَكَذَلِك إِذا شغله الْبَوْل 259 - فِي الصَّلَاة فِي الْمقْبرَة وَالْحمام ومعاطن الْإِبِل قَالَ أَصْحَابنَا يكره قبْلَة الْمَسْجِد فِي حمام أَو مَقْبرَة أَو مخرج وَأَن يُصَلِّي على قَارِعَة الطَّرِيق قَالَ وَلَا خلاف عِنْدهم أَن الصَّلَاة فِي معاطن الْإِبِل جَائِزَة وَأَنه إِنَّمَا يكره خوف العطب بهَا وَقَالَ الثَّوْريّ أكره الصَّلَاة فِي الْمقْبرَة وَلَا يُعِيد وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ أكره الصَّلَاة فِي الْمقْبرَة وَالْحمام وعَلى قَارِعَة الطَّرِيق وأكره الصَّلَاة فِي أعطان الْإِبِل وَإِن طرح عَلَيْهَا ثوبا وَيُصلي فِي مراح الْغنم وَالْبَقر وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يُصَلِّي فِي معاطن الْإِبِل فَإِن صلى وَلَيْسَ فِيهَا نَجَاسَة أَجزَأَهُ وروى أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الأَرْض كلهَا مَسْجِد إِلَّا الْحمام والمقبرة وروى وائلة بن الْأَسْقَع عَن أبي مرْثَد الغنوي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لَا تصلوا إِلَى الْقُبُور وَلَا تجلسوا عَلَيْهَا الحديث: 259 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه نهى عَن الصَّلَاة فِي أعطان الْإِبِل وأباح فِي مرابض الْغنم وَهَذَا لخوف العطب لِأَنَّهُ لَو كَانَ لأجل النَّجَاسَة لم يفرق بَينهمَا 260 - مَتى يقوم الْمَسْبُوق الى الْقَضَاء روى مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم إِذا سلم الإِمَام فَلَا يَتَحَرَّك الرجل حَتَّى ينْتَقل الإِمَام إِلَّا أَن يكون الإِمَام لَا يفقه وَقَالَ مُحَمَّد وَبِه نَأْخُذ لأَنا لَا نَدْرِي لَعَلَّ عَلَيْهِ سجدتا السَّهْو فَإِذا كَانَ مِمَّن يفقه أَمر الصَّلَاة فَلَا بَأْس بالإنتقال وَذَلِكَ فِيمَن فَاتَهُ شَيْء من الصَّلَاة وَمن لم يفته لِأَنَّهُ لَا يَأْمَن أَن يكون على إِمَامه شَيْء يجب عَلَيْهِ إِتْيَانه بِهِ وَقَالَ مَالك يقوم الْمَسْبُوق لقَضَاء مَا عَلَيْهِ بعد سَلام الإِمَام قبل أَن يقوم فَإِن كَانَ الإِمَام نوى تسليمتين ينتظره حَتَّى يفرغ من سَلَامه كُله وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا يقوم أحد قبل قيام الإِمَام إِلَّا أَن يقوم رجل فِي قَضَاء مَا سبقه بِهِ الإِمَام وَقَالَ الشَّافِعِي يثب الإِمَام سَاعَة يسلم إِلَّا أَن يكون مَعَه نسَاء فَيثبت لينصرفن قبل الرِّجَال الحديث: 260 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 261 - فِيمَن يسلم فِي دَار الْحَرْب وَلَا يعلم أَن عَلَيْهِ صَلَاة قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِن كَانَ فِي دَار الْحَرْب فَلَا قَضَاء عَلَيْهِ وَقَالَ زفر عَلَيْهِ الْقَضَاء فِي الصَّلَاة وَالصِّيَام وَإِن كَانَ فِي دَار الْإِسْلَام فَعَلَيهِ الْقَضَاء فِي قَوْلهم وَقَالَ مَالك فِي الْمُسْتَحَاضَة تتْرك الصَّلَاة شهرا وَنَحْو ذَلِك جاهلة لَا تعلم أَن عَلَيْهَا الْغسْل أَنه لَا شَيْء عَلَيْهَا وَتَسْتَغْفِر الله تَعَالَى وَلَا قَضَاء عَلَيْهَا وَقَالَ الثَّوْريّ فِيمَن تحتلم وتجهل وجوب الْغسْل فَيصير كَذَلِك إِذا عَاد أَو عشرَة حَتَّى وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِيمَن أسلم فَلم يقم إِلَّا يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ قذف أَو سرق أَو سكر أَو زنى أَنه يضْرب فِي الزِّنَا مُحصنا أَو غير مُحصن مائَة جلدَة ويدرأ مَا سوى ذَلِك حَتَّى يعرف حُدُود الْإِسْلَام قَالَ أَبُو جَعْفَر {وَمَا كُنَّا معذبين حَتَّى نبعث رَسُولا} الْإِسْرَاء 15 وَلم يَأْمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُعَاوِيَة بن الحكم بِإِعَادَة الصَّلَاة لِأَن الْحجَّة لم تكن قَامَت عَلَيْهِ بِتَحْرِيم الْكَلَام فِي الصَّلَاة فِي حَال حظر الْكَلَام لأَنهم إِن أَنْكَرُوا عَلَيْهِ فِي الصَّلَاة وسكتوه 262 - فِيمَن بِعَيْنيهِ عِلّة يُصَلِّي مُسْتَلْقِيا لصلاح عَيْنَيْهِ قَالَ أَصْحَابنَا إِذا نزع المَاء من عَيْنَيْهِ وَأمر أَن يستلقي أَيَّامًا على ظَهره فَإِنَّهُ يُصَلِّي بِالْإِيمَاءِ الحديث: 261 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 وَقَالَ مَالك أكره أَن يفعل ذَلِك قَالَ أَبُو جَعْفَر قد روى عَمْرو بن دِينَار عَن أبن عَبَّاس أَنه سَأَلَ بعض أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبا هُرَيْرَة وَغَيره من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فكلهم كَرهُوا ذَلِك لَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ أَنه لَو خَافَ أَن يسْجد أَن ينزل المَاء فِي عَيْنَيْهِ أَنه يُصَلِّي بِالْإِيمَاءِ فَكَذَلِك فِي علاج عَيْنَيْهِ 263 - فِي الْمَرْأَة تؤم النِّسَاء كرهه أَصْحَابنَا وَمَالك وَقَالَ أَصْحَابنَا إِن أمتهن قَامَت فِي وسط الصَّفّ ويؤمهن بَعضهنَّ أحب إِلَيّ من أَن يصلين وحدانا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يؤمهن بَعضهنَّ وَتقوم فِي وسط الصَّفّ قَالَ أَبُو جَعْفَر الصَّلَاة فِي الْجَمَاعَة فرض على الرِّجَال إِلَّا أَنه إِذا قَامَ بِهِ بَعضهم سَقَطت عَن البَاقِينَ وَالنِّسَاء لَا فرض عَلَيْهِنَّ فِي حُضُور الْجَمَاعَة وَإِنَّمَا هِيَ رخصَة أَو مكرمَة فَلَا يصلين جمَاعَة إِذْ لَا فَضِيلَة فِيهَا لَهُنَّ 264 - فِي الْعَوْرَة مَا هِيَ قَالَ أَصْحَابنَا وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ الحديث: 263 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 مَا دون السُّرَّة إِلَى الرّكْبَة عَورَة وَقَالَ ابْن أبي ذِئْب الْعَوْرَة من الرجل الْقبل والدبر دون غَيرهمَا وَقَالَ مَالك السُّرَّة لَيست بِعَوْرَة وأكره للرجل أَن يكْشف فَخذه بِحَضْرَة زَوجته قَالَ أَبُو جَعْفَر روى مُحَمَّد بن أبي حَرْمَلَة عَن عَطاء بن يسَار وَسليمَان بن يسَار وَأبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ مُضْطَجعا فِي بَيته كاشفا عَن فَخذه فَاسْتَأْذن أَبُو بكر ثمَّ عمر فَأذن لَهما على تِلْكَ الْحَال ثمَّ اسْتَأْذن عُثْمَان فَجَلَسَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَسوى ثِيَابه فَسئلَ عَن ذَلِك فَقَالَ أَلا أستحي مِمَّن تَسْتَحي مِنْهُ الْمَلَائِكَة قَالَ أَبُو جَعْفَر وَهَذَا الحَدِيث من رِوَايَة مُحَمَّد بن أبي حَرْمَلَة وَقد رَوَاهُ من هُوَ فَوْقه بِخِلَاف ذَلِك وروى مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن يحيى بن سعيد عَن عَائِشَة أَن أَبَا بكر اسْتَأْذن على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرَسُول الله لابس مِرْطًا لأم الْمُؤمنِينَ ثمَّ أَسْتَأْذن عمر وَهُوَ على تِلْكَ الْحَال ثمَّ اسْتَأْذن عُثْمَان فَاسْتَوَى جَالِسا وَقَالَ لعَائِشَة اجمعي عَلَيْك ثِيَابك فَلَمَّا خرج قلت لَهُ فَقَالَ إِن عُثْمَان رجل كثير الْحيَاء وَلَو أَذِنت لَهُ على تِلْكَ الْحَال خشيت أَن لَا يبلغ إِلَيّ فِي حَاجته الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 وَقد روى عَليّ وَابْن عَبَّاس وَمُحَمّد بن جحش وجرهد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْفَخْذ عَورَة 265 - فِي قدم الْمَرْأَة هَل هِيَ عَورَة قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري قدم الْمَرْأَة لَيست بِعَوْرَة وَإِن صلت وقدمها مكشوفة لم تفْسد صلَاتهَا وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث تستر قدمهَا فِي الصَّلَاة قَالَ مَالك فَإِن لم تفعل أعادت الصَّلَاة مَا دَامَت فِي الْوَقْت وَقَالَ الشَّافِعِي مَا عدا كفيها عَورَة وَرُوِيَ عَن أم سَلمَة أَنَّهَا كَانَت تَأمر النِّسَاء بتغطية الْقدَم فِي الصَّلَاة وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس وَابْن عمر {إِلَّا مَا ظهر مِنْهَا} النُّور 31 الْوَجْه والكفان وَرُوِيَ عَن ابْن مَسْعُود الثِّيَاب والقرط والدملوج والخلخال والقلادة الحديث: 265 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 266 - فِي كَيْفيَّة الإقعاء قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك يكره الإقعاء فِي الصَّلَاة حُكيَ عَن أبي عبيد إِن جُلُوس الرجل على أليته ناصبا فَخذيهِ كَالْكَلْبِ تَفْسِير أَصْحَاب الحَدِيث أَن يضع أليته على عَقِبَيْهِ بَين السَّجْدَتَيْنِ وَقد روى أَبُو إِسْحَاق عَن الْحَارِث عَن عَليّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تقعين على عقبيك فِي الصَّلَاة أَبُو هُرَيْرَة نهاني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن أقعي فِي صَلَاتي إقعاء الْكَلْب وروى الْأَعْمَش عَن عَطِيَّة الْعَوْفِيّ قَالَ رَأَيْت العبادلة يقعون فِي الصَّلَاة عبد الله بن الْعَبَّاس وَعبد الله بن عمر وَعبد الله بن الزبير وَيحْتَمل أَن يكون ذَلِك لعذر الحديث: 266 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 وَقد ذكر حبيب بن أبي ثَابت أَن ابْن عمر كَانَ يقعي بَعْدَمَا كبر 267 - فِي الأنين فِي الصَّلَاة قَالَ أَبُو حنيفَة إِن كَانَ من خوف الله لم يقطع وَإِن كَانَ من وجع قطع وَرُوِيَ عَن أبي يُوسُف أَن صلَاته تَامَّة فِي ذَلِك كُله لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو مَرِيض أَو ضَعِيف من الأنين فِي الصَّلَاة وَقَالَ مَالك الأنين لَا يقطع صَلَاة الْمَرِيض ونكرهه للصحيح وَكَذَلِكَ قَالَ الثَّوْريّ قَالَ الشَّافِعِي إِذا كَانَ لَهُ عجا يقطع 268 - فِي التَّسْبِيح فِي الصَّلَاة قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد إِذا كَانَ التَّسْبِيح جَوَابا قطع الصَّلَاة وَإِن كَانَ من الحديث: 267 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 309 مُرُور الْمَار بَين يَدَيْهِ لم يقطع وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَا يقطع وَإِن كَانَ جَوَابا وَقَالَ مَالك أرى التَّسْبِيح لمن نابه فِي الصَّلَاة للرِّجَال وَالنِّسَاء وَكَانَ لَا يرى التصفيق للنِّسَاء ويضعفه وَقَالَ الثَّوْريّ أكره التنحنح فِي الصَّلَاة وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا نادته أمه وَهُوَ فِي الصَّلَاة فَإِنَّهُ يسبح التَّسْبِيح والتصفيق للنِّسَاء سنة وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذن الرجل فِي صلَاته التَّسْبِيح وَإِذن الْمَرْأَة لتسبيح التصفيق وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن التنحنح للْحَاجة إِلَى إِنْسَان لَا يقطع كَا لتسبيح والتصفيق وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا نابه شَيْء فِي صلَاته سبح وتصفق النِّسَاء عبد الله بن نجي عَن عَليّ كَانَ لي من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مدخلات كنت إِذا دخلت عَلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي تنحنح أَبُو حَازِم عَن سهل بن سعد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من نابه فِي صلَاته شَيْء فليسبح فَإِنَّهُ إِذا سبح الْتفت إِلَيْهِ وَإِنَّمَا التصفيق للنِّسَاء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 269 - فِيمَن دخل فِي صَلَاة تطوع ثمَّ قطع قَالَ أَصْحَابنَا فِيمَن دخل فِي صِيَام تطوع وَصَلَاة تطوع فأفسده أَو عرض فِيهِ مَا يُفْسِدهُ فَعَلَيهِ الْقَضَاء وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ إِذا أفطر وَقَالَ مَالك إِذا أفْسدهُ هُوَ فَعَلَيهِ الْقَضَاء وَإِن طَرَأَ عَلَيْهِ مَا أخرجه مِنْهُ فَلَا قَضَاء عَلَيْهِ وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا دخل فِي صَلَاة فَأَقل مَا يلْزمه رَكْعَتَانِ وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا أفسد مَا دخل فِيهِ تَطَوّعا فَلَا قَضَاء عَلَيْهِ وَقَالَ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي الْحَج وَالْعمْرَة إِذا أفسد أَنه يلْزمه الْقَضَاء وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كسر أَو عرج فقد حل وَعَلِيهِ الْحَج من قَابل وَمَعْنَاهُ قد حل لَهُ أَن يحل مَا يحل بِهِ الْمحصر كَمَا يُقَال للْمَرْأَة إِذا انْقَضتْ عدتهَا قد حلت للرِّجَال وَالْمعْنَى تَزْوِيج مُسْتَقْبل وَقَالَ الله تَعَالَى {فَلَا تحل لَهُ من بعد حَتَّى تنْكح زوجا غَيره} الْبَقَرَة 230 على معنى يَتَزَوَّجهَا فَيحل لَهُ وَقد روى أنس بن سِيرِين عَن ابْن عَبَّاس وَابْن عمر أَنه سَأَلَهُمَا فَقَالَ صمت يَوْم عَرَفَة فجهدني الصَّوْم فأفطرت فَقَالَا اقْضِ يَوْمًا مَكَانَهُ الحديث: 269 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 270 - فِيمَن افْتتح الصَّلَاة قَائِما ثمَّ قعد قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ يجوز أَن يقْعد وَقَالَ الْحسن بن حَيّ وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يُصَلِّي قَائِما وَلَا يجلس 271 - فِي عدد قيام رَمَضَان قَالَ أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيّ يقومُونَ بِعشْرين رَكْعَة سوى الْوتر وَقَالَ مَالك تسع وَثَلَاثُونَ رَكْعَة بالوتر سِتّ وَثَلَاثُونَ وَالْوتر وَقَالَ هَذَا الْأَمر الْقَدِيم الَّذِي لم يزل النَّاس عَلَيْهِ عَن السَّائِب بن يزِيد أَنهم كَانُوا يقومُونَ فِي رَمَضَان بِعشْرين رَكْعَة وَأَنَّهُمْ كَانُوا يعتمدون على العصي فِي زمن عمر بن الْخطاب الْحسن بن حَيّ عَن عَمْرو بن قيس عَن أبي الْحَسْنَاء أَن عَليّ بن أبي طَالب أَمر رجلا أَن يُصَلِّي بهم فِي شهر رَمَضَان بِعشْرين رَكْعَة الحديث: 270 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 272 - الْقيام مَعَ النَّاس افضل أَو التفرد روى الْمُعَلَّى عَن أبي يُوسُف قَالَ من قدر أَن يُصَلِّي فِي بَيته كَمَا يُصَلِّي مَعَ الإِمَام فِي رَمَضَان فَأحب إِلَيّ أَن يُصَلِّي فِي الْبَيْت وَكَذَلِكَ قَالَ مَالك وَقَالَ مَالك كَانَ ربيعَة وَغير وَاحِد من عُلَمَائِنَا يَنْصَرِفُونَ وَلَا يقومُونَ مَعَ النَّاس قَالَ مَالك وَأَنا أفعل ذَلِك وَمَا قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا فِي بَيته وَقَالَ الشَّافِعِي صَلَاة الْمُنْفَرد فِي قيام رَمَضَان أحب إِلَيّ وَقَالَ اللَّيْث لَو أَن النَّاس فِي رَمَضَان قَامُوا لأَنْفُسِهِمْ ولأهليهم كلهم حَتَّى يتْرك الْمَسْجِد لَا يقوم فِيهِ أحد كَانَ يَنْبَغِي أَن يخرجُوا من بُيُوتهم إِلَى الْمَسْجِد حَتَّى يقومُوا فِيهِ لِأَن قيام النَّاس فِي شهر رَمَضَان من الْأَمر الَّذِي لَا يَنْبَغِي تَركه وَهُوَ مِمَّا سنّ عمر بن الْخطاب للْمُسلمين وجمعهم عَلَيْهِ الحديث: 272 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 313 وَقَالَ اللَّيْث فَأَما إِذا كَانَت الْجَمَاعَة فِي الْمَسْجِد فَلَا بَأْس أَن يقوم الرجل فِي بَيته أَو لأهل بَيته وَقَالَ أَبُو جَعْفَر وكل من اخْتَار التفرد فَيَنْبَغِي أَن يكون ذَلِك على أَن لَا يقطع مَعَه الْقيام فِي الْمَسَاجِد فَأَما التفرد الَّذِي يقطع مَعَه الْقيام فِي الْمَسَاجِد فَلَا وَقد قَالَ قوم إِن الْجَمَاعَة فِي ذَلِك أفضل مِنْهُم عِيسَى بن أبان وبكار بن قُتَيْبَة والمزني وَأحمد بن أبي عمرَان وَاحْتج ابْن أبي عمرَان بِحَدِيث أبي ذَر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج لما بَقِي سبع من الشَّهْر فصلى بهم حَتَّى مضى ثلث اللَّيْل ثمَّ لم يصل بهم السَّادِسَة ثمَّ خرج اللَّيْلَة الْخَامِسَة فصلى بِنَا حَتَّى مضى شطر اللَّيْل فَقُلْنَا يَا رَسُول الله لَو نفلتنا فَقَالَ إِن الْقَوْم إِذا صلوا مَعَ الإِمَام حَتَّى ينْصَرف كتب لَهُم قيام تِلْكَ اللَّيْلَة ثمَّ خرج اللَّيْلَة الثَّالِثَة فصلى بِنَا حَتَّى خشينا أَن يفوتنا الْفَلاح يَعْنِي السّحُور الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 وَاحْتج آخَرُونَ بِحَدِيث مُوسَى بن عقبَة عَن أبي النَّضر عَن بشر بن سعيد عَن زيد بن ثَابت أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم احتجر حجرَة فِي الْمَسْجِد من حَصِير فصلى فِيهَا رَسُول الله ليَالِي حَتَّى اجْتمع إِلَيْهِ نَاس ثمَّ فقدوا صَوته فظنوا أَنه قد نَام فَجعل بَعضهم يَتَنَحْنَح ليخرج إِلَيْهِم فَقَالَ مَا زَالَ بكم الَّذِي رَأَيْت من صنيعكم مُنْذُ اللَّيْلَة حَتَّى خشيت أَن يكْتب عَلَيْكُم قيام اللَّيْل وَلَو كتب عَلَيْكُم مَا قُمْتُم بِهِ فصلوا أَيهَا النَّاس فِي بُيُوتكُمْ فَإِن أفضل صَلَاة الْمَرْء فِي بَيته إِلَّا الْمَكْتُوبَة فَأخْبر أَن التَّطَوُّع فِي الْبَيْت أفضل مِنْهُ فِي الْمَسْجِد لَا سِيمَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مَسْجده وَقد رُوِيَ عَن ابْن عمر وَإِبْرَاهِيم وَالقَاسِم وَسَالم وَنَافِع إِنَّهُم كَانُوا يَنْصَرِفُونَ وَلَا يقومُونَ مَعَ النَّاس قَالَ أَبُو جَعْفَر قد أَجمعُوا أَنه لَا يجوز للنَّاس تَعْطِيل الْمَسَاجِد عَن قيام رَمَضَان وَكَانَ هَذَا الْقيام وَاجِبا على الْكِفَايَة فَمن فعله كَانَ أفضل مِمَّن أنفرد بِهِ كالفروض الَّتِي هِيَ الْكِفَايَة من فعلهَا أسقط فرضا وَكَانَ فعلهَا أفضل من تَركهَا كَذَلِك مَا ذكرنَا 273 - فِي الْحَال الَّتِي يُصَلِّي فِيهَا التَّطَوُّع على الرَّاحِلَة قَالَ أَصْحَابنَا وَالْحسن بن حَيّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ يجوز التَّطَوُّع على الرَّاحِلَة خَارج الْمصر فِي السّفر الَّذِي تقصر فِيهِ الصَّلَاة أَو لَا تقصر الحديث: 273 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 وَقَالَ مَالك وَالثَّوْري لَا يتَطَوَّع على الرَّاحِلَة إِلَّا فِي سفر تقصر فِي مثله الصَّلَاة وَقَالَ أَبُو يُوسُف يُصَلِّي فِي الْمصر على الدَّابَّة بِالْإِيمَاءِ لحَدِيث يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ عَن أنس بن مَالك أَنه صلى على حمَار فِي أَزِقَّة الْمَدِينَة يومىء إِيمَاء 274 - فِي قتل الْقمل فِي الصَّلَاة قَالَ ذكر مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة عَن عَاصِم بن أبي النجُود عَن أبي رزين عَن عبد الله بن مَسْعُود أَنه أَخذ قملة فِي الصَّلَاة فدقها ثمَّ قَالَ {ألم نجْعَل الأَرْض كفاتا أَحيَاء وأمواتا} المرسلات 25 26 قَالَ مُحَمَّد وَبِه نَأْخُذ لَا نرى بدفن القملة وقتلها فِي الصَّلَاة بَأْسا وَلم يحك خلافًا وَقَالَ أَبُو يُوسُف قد أَسَاءَ وَصلَاته تَامَّة وَقَالَ مَالك لَا يَقْتُلهَا فِي الْمَسْجِد وَلَا يَطْرَحهَا لَا يدفنها فِيهِ فِي الصَّلَاة وَفِي غير الْمَسْجِد لَا بَأْس بِأَن يَطْرَحهَا وَلَا يَقْتُلهَا فِي الصَّلَاة الحديث: 274 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 قَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِن قتل قملة أَو حلمة أَو عقربا فِي الصَّلَاة فَصلَاته تَامَّة قَالَ اللَّيْث أكره قتل الْقمل فِي الْمَسْجِد وَتركهَا فِي الصَّلَاة أحب إِلَيّ وَلَو قَتلهَا لم يكن عَلَيْهِ شَيْء قَالَ أَبُو جَعْفَر لَو حك بدنه لم يكره كَذَلِك أَخذ القملة وطرحها 275 - فِي النّوم قبل الْعشَاء روى عَن أبي حنيفَة حَدِيثا إِسْمَاعِيل بن عبد الْملك عَن مُجَاهِد قَالَ لِأَن أصليها وحدي أحب إِلَيّ من أَن أَنَام قبلهَا ثمَّ أصليها فِي جمَاعَة قَالَ مُحَمَّد وَبِه نَأْخُذ وَكره النّوم قبل صَلَاة الْعشَاء وَلم نجد خلافًا وَقَالَ مَالك أكره النّوم قبلهَا والْحَدِيث بعْدهَا وَقَالَ الثَّوْريّ مَا يُعجبنِي النّوم قبلهَا وَقَالَ اللَّيْث فِي قَول عمر بن الْخطاب فِيمَن رقد بعد الْمغرب فَلَا أرقد الله عينه إِنَّمَا ذَلِك بعد ثلث اللَّيْل سيار بن سَلامَة عَن أبي بَرزَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ لَا يحب النّوم قبل صَلَاة الْعشَاء وَلَا الحَدِيث بعْدهَا وَكَانَ يُؤَخر الْعشَاء الْآخِرَة إِلَى ثلث اللَّيْل وروى أَنه مَا كَانَت من نومَة أحب إِلَى عَليّ من نَومه قبل الْعشَاء الحديث: 275 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 وَكَانَ ابْن عمر يرقد قبل الْعشَاء الْآخِرَة ويوكل من يوقظه قَالَ أَبُو جَعْفَر يحْتَمل الْكَرَاهَة على أَنَّهَا بعد دُخُول وَقت الْعشَاء وَالْإِبَاحَة قبل دُخُول وَقتهَا 276 - فِي الْأُمِّي يُصَلِّي بِمن يقْرَأ قَالَ أَبُو حنيفَة صلَاتهم جَمِيعًا فَاسِدَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد صَلَاة الإِمَام وَمن لم يقْرَأ تَامَّة وَقَالَ مَالك فِي إِمَام أم أُمِّيين وقراء ثمَّ جَاءَ بَعْدَمَا قَرَأَ قراء فَدَخَلُوا فِي صلَاته أَنه يُعِيد الْقِرَاءَة وَلَا يُعِيد الأميون الَّذين خَلفه وَلَو صلى أُمِّي لنَفسِهِ وَهُوَ يجد قَارِئًا يُصَلِّي بِهِ يُعِيد أبدا قَالَ أَبُو جَعْفَر وَسمعت أَبَا خازم يَقُول جَوَاب ابي حنيفَة فِي هَذِه الْمَسْأَلَة دَلِيل على أَن الْأُمِّي لَا يُصَلِّي وَحده وَهُوَ يقدر أَن يُصَلِّي خلف من يقْرَأ قَالَ أَبُو جَعْفَر وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَدِيث رِفَاعَة بن رَافع فِي تَعْلِيم الْأَعرَابِي ثمَّ اقْرَأ إِن كَانَ مَعَك قُرْآن وَإِن لم يكن مَعَك قُرْآن فهلل وَسبح وَاحْمَدْ الله وَلم يقل لَهُ صل خلف قارىء 277 - فِي إِمَامَة ولد الزِّنَا قَالَ أَصْحَابنَا غَيره أحب إِلَيْنَا الحديث: 276 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 318 وَقَالَ مَالك أكره أَن يكون ولد الزِّنَا إِمَامًا لَهُم وشهادته جَائِزَة فِي كل شَيْء إِلَّا فِي الزِّنَا فَإِنَّهُ لَا يجوز وَهُوَ قَول اللَّيْث وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا بَأْس بِأَن يؤمهم ولد الزِّنَا قَالَ الشَّافِعِي أكره أَن ينصب من لَا يعرف والداه إِمَامًا ويجزىء من خَلفه قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ يؤم الْقَوْم اقرؤهم لكتاب الله إِلَى آخر الحَدِيث وَلم يذكر النّسَب وَكَذَلِكَ فِي الشَّهَادَة قَالَ {مِمَّن ترْضونَ من الشُّهَدَاء} الْبَقَرَة 282 فالجمع بَينهمَا سَوَاء 278 - فِي الْمُرْتَد هَل عَلَيْهِ قَضَاء مَا ترك من الصَّلَاة قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ لَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاء مَا ترك من الصَّلَاة أَو من الزَّكَاة قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري عَلَيْهِ حجَّة الْإِسْلَام وَإِن كَانَ قد حج قبل الرِّدَّة وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاء حج وَلَا صَلَاة وَلَا صَوْم وَقَالَ الشَّافِعِي عَلَيْهِ مَا ترك من صَلَاة أَو زَكَاة الحديث: 278 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319 279 - فِي النَّصْرَانِي يُصَلِّي بالمسلين هَل يكون بذلك مُسلما قَالَ أَبُو جَعْفَر سَمِعت ابْن أبي عمرَان عَن مُحَمَّد بن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد بن الْحسن وَلم يذكر خلافًا بَين أَصْحَابه فِي نَصْرَانِيّ رَأَيْنَاهُ يُصَلِّي إِذا كَانَ فِي مَسْجِد من مَسَاجِد الْمُسلمين فَهُوَ مُسلم وَإِن كَانَ فِي غير مَسْجِد لم يكن بذلك مُسلما وَلَو أذن فِي مئذنة أَو حَيْثُ يُؤذن الْمُسلمُونَ فِي الصَّلَاة فَهُوَ إِسْلَام وَإِن كَانَ حَيْثُ لَا يُؤذن للصَّلَاة فَلَيْسَ ذَلِك مِنْهُ بِإِسْلَام وَإِن رَأَيْنَاهُ متجردا كَمَا يتجرد الْمُسلمُونَ فِي إحرامهم وَطَاف بِالْبَيْتِ فَذَلِك إِسْلَام وَإِن رَأَيْنَاهُ كَذَلِك فِي سوق أَو غَيره فَلَيْسَ بِإِسْلَام قَالَ أَبُو جَعْفَر وروى ابْن سَمَّاعَة أَيْضا عَن مُحَمَّد أَنه إِذا قَامَ مقَام الإِمَام بِالنَّاسِ فِي الصَّلَاة كَانَ بذلك مُسلما وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي نَصْرَانِيّ سَافر مَعَ مُسلمين فَأمهمْ ثمَّ عرفُوا أَنهم يعيدون ويعاقب وَإِن كَانَت امْرَأَة مسلمة مَضَت صلَاتهم وَقَالَ الشَّافِعِي إِن ائتم بِكَافِر ثمَّ علم أعَاد وَلم يكن هَذَا إسلاما مِنْهُ وَيُعَزر قَالَ أَبُو جَعْفَر فِي حَدِيث خَالِد بن الْوَلِيد حِين غزا قوما فِي خثعم فَاعْتَصمُوا بِالسُّجُود فَقَتلهُمْ فوداهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنصْف الدِّيَة الحديث: 279 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 320 فِي تغميض الْمُصَلِّي عَيْنَيْهِ قَالَ أَبُو جَعْفَر عِنْد أَصْحَابنَا مَكْرُوه وَهُوَ قَول الثَّوْريّ قَالَ الثَّوْريّ لِأَن الْيَهُود تَفْعَلهُ وَهُوَ قَول اللَّيْث فِي الْمَكْتُوبَة والنافلة وَقَالَ مَالك لَا بَأْس بِهِ فِي الْمَكْتُوبَة والنافلة قَالَ أَبُو جَعْفَر يكره قبض الْيَدَيْنِ وَكَذَلِكَ تغميض الْعَينَيْنِ وَأَيْضًا الْمُسْتَحبّ للْمُصَلِّي تَفْرِيق أَعْضَائِهِ لَا ضمهَا أَلا ترى أَنه يُؤمر بمجافاة يَدَيْهِ عَن جَنْبَيْهِ 281 - فِي الصَّلَاة بسترة الْمُحدث قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَالثَّوْري لَا بَأْس بِهِ وَرُوِيَ نَحوه عَن الزُّهْرِيّ وَقَالَ الشَّافِعِي وَيسْتر الْمُصَلِّي فِي صلَاته نَحوا من عظم الذِّرَاع وَلَا يستر بِامْرَأَة وَلَا دَابَّة وَعَن عَائِشَة كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي وَأَنا مُعْتَرضَة بَين يَدَيْهِ الحديث: 281 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 321 282 - فِي صَلَاة الطّواف بعد الْفجْر واالعصر كرهها أَصْحَابنَا وَمَالك حَتَّى تطلع الشَّمْس وَحَتَّى تغرب وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَقَالَ الشَّافِعِي لَا بَأْس بِهِ وَرُوِيَ عَن عمر ومعاذ بن عفراء أَنَّهُمَا لم يصليا بعد الطُّلُوع 283 - فِي كَيْفيَّة تَكْبِير التَّشْرِيق وَوَقته قَالَ أَبُو حنيفَة من صَلَاة الْفجْر يَوْم عَرَفَة إِلَى صَلَاة الْعَصْر من يَوْم النَّحْر وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالثَّوْري إِلَى عصر آخر أَيَّام التَّشْرِيق يَقُول الله أكبر الله أكبر مرَّتَيْنِ إِلَى آخِره وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ من صَلَاة الظّهْر يَوْم النَّحْر إِلَى صَلَاة الْفجْر من آخر أَيَّام التَّشْرِيق يكبر ثَلَاثًا وَرُوِيَ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ وَعبد الله فِي صفة التَّكْبِير كَقَوْل أَصْحَابنَا يكبر مرَّتَيْنِ فِي أَوله قَالَ أَبُو جَعْفَر لما كَانَت أَفعَال الْحَج مُتَعَلقَة بِيَوْم عَرَفَة إِلَى آخر أَيَّام التَّشْرِيق وَجب أَن يكون التَّكْبِير مَفْعُولا فِيهَا كلهَا الحديث: 282 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 322 284 - فِيمَن يجب عَلَيْهِ التَّكْبِير قَالَ أَبُو حنيفَة هُوَ على المقيمين فِي الْجَمَاعَات المكتوبات فِي الْأَمْصَار وَلَيْسَ على النِّسَاء وَلَا على الْمُسَافِرين إِلَّا أَن يصلوا مَعَ المقيمين وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَمَالك وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ وَالْحسن بن حَيّ على كل مصلي فرض الرِّجَال وَالنِّسَاء وَالْمُنْفَرد فِي الْجَمَاعَة وَرُوِيَ عَن الثَّوْريّ أَنه لَيْسَ على الْمَرْأَة 285 - فِي الْمَسْبُوق هَل يكبر مَعَ الإِمَام قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ لَا يكبر مَعَ الإِمَام وَلكنه يقْضِي الْفَائِت ثمَّ يكبر إِذا فرغ وَقَالَ ابْن أبي ليلى يكبر مَعَ الإِمَام ثمَّ يقوم فَيَقْضِي 286 - إِذا قَامَ بعد الصَّلَاة أَو أحدث هَل يكبر قَالَ أَصْحَابنَا إِذا نسي الإِمَام التَّكْبِير حَتَّى خرج من الْمَسْجِد لم يكن عَلَيْهِ تَكْبِير وَلَو ذكر فِي الْمَسْجِد عَاد إِلَى مَكَانَهُ فَكبر وَإِن أحدث قبل أَن يتَكَلَّم بَعْدَمَا سلم مُتَعَمدا فَلَا تَكْبِير عَلَيْهِ فَإِن سبقه كبر فِي مَكَانَهُ وَيكبر من خَلفه فِي هَذِه الْوُجُوه كلهَا الحديث: 284 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 323 وَقَالَ مَالك إِذا قَامَ الإِمَام وتباعد فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَإِن كَانَ قَرِيبا قعد وَكبر وَإِن ذهب وَلم يكبر كبر الْقَوْم وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا قَامَ من مَجْلِسه فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يعود وَيكبر مَاشِيا أَو فِي مجْلِس إِن صَار إِلَيْهِ وَلَا يدع من خَلفه التَّكْبِير وَتَركه هُوَ 287 - فِيمَن نسي صَلَاة أَيَّام التَّشْرِيق فقضاها فِي غير أَيَّام التَّشْرِيق قَالَ أَصْحَابنَا وَلم يكبر أَيْضا قَالَ الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ إِذا فَاتَتْهُ صَلَاة أَيَّام التَّشْرِيق فقضاها فِي غَيرهَا كبر وَقَالَ الشَّافِعِي يكبر خلف الْفَرَائِض والنوافل قَالَ أَبُو جَعْفَر الْقيَاس أَن يكبر للصَّلَاة الْفَائِتَة من صَلَاة اللَّيْل أَنه يَقْضِيهَا بِالنَّهَارِ ويجهر فِيهَا وَلَيْسَ كرمي الْجمار لِأَنَّهُ مَخْصُوص بِوَقْت الصَّلَاة الَّتِي يكبر عقبيها لَيست مَخْصُوصَة بِوَقْت 288 - فِيمَن يَسْتَطِيع الْقيام وَلَا يقدر على الرُّكُوع وَالسُّجُود قَالَ أَصْحَابنَا فِي الرِّوَايَة الْمَشْهُورَة يُصَلِّي قَاعِدا يومىء إِيمَاء وَرُوِيَ عَن أبي يُوسُف أَنه يُصَلِّي قَائِما ويومىء بِالرُّكُوعِ فَإِذا بلغ الحديث: 287 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 مَوضِع السُّجُود جلس فَأومى وَرُوِيَ نَحوه عَن مَالك وَاللَّيْث قَالَ أَبُو جَعْفَر وَرُوِيَ عَن أم سَلمَة أَنَّهَا صلت متربعة من رمد كَانَ بهَا والرمد لَا يمْنَع الْقيام وَمن جملَة النّظر أَن الْعَاجِز عَن بعض رَقَبَة الظِّهَار أَو بعض الصّيام كالعاجز عَن جمعه كَذَلِك الْعَاجِز عَن بعض أَفعَال الصَّلَاة كالعاجز عَن جمعيه 289 - فِي وَقت الْأَذَان بِعَرَفَة قَالَ أَصْحَابنَا يُؤذن إِذا صعد الإِمَام الْمِنْبَر وَيجْلس كَالْجُمُعَةِ وَرُوِيَ عَن أبي يُوسُف أَنه يُؤذن قبل خُرُوج الإِمَام كَمَا يُؤذن لِلظهْرِ وَقَالَ مَالك إِن شَاءَ أذن وَالْإِمَام يخْطب وَإِن شَاءَ بَعْدَمَا يفرغ من خطبَته وَقَالَ الشَّافِعِي يخْطب الإِمَام الْخطْبَة الأولى فَإِذا جلس أَخذ الْمُؤَذّن فِي الْأَذَان وَأخذ هُوَ فِي الْكَلَام وخفف الْكَلَام الآخر حَتَّى ينزل لفراغ الْمُؤَذّن من الْأَذَان وَرُوِيَ عَن مُحَمَّد بن عَليّ وحاتم بن إِسْمَاعِيل عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن جَابر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَاح حِين زَالَت الشَّمْس فَوقف بِعَرَفَة فَخَطب النَّاس على نَاقَته قَالَ عَليّ بن مُحَمَّد وَأذن الْمُؤَذّن الظّهْر ثمَّ أَقَامَ فصلى الظّهْر وَلم يعد الْخطْبَة قَالَ أَبُو جَعْفَر فَهَذَا رُوِيَ فِيهِ أثر فَلَا يَنْبَغِي الْخُرُوج عَنهُ الحديث: 289 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 325 290 - فِي كَيْفيَّة الْجمع بِعَرَفَة والمزدلفة قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري يجمع بِعَرَفَة بِأَذَان وَاحِد وَإِقَامَتَيْنِ وبالمزدلفة بِأَذَان وَإِقَامَة وَإِن تطوع بَينهمَا أَقَامَ الْعشَاء إِقَامَة أُخْرَى وَقَالَ مَالك يُصَلِّي بِعَرَفَة كل وَاحِدَة من الصَّلَاتَيْنِ بِأَذَان وَإِقَامَة وَكَذَلِكَ الْمزْدَلِفَة وَقَالَ الشَّافِعِي يجمع بِعَرَفَة بِأَذَان وَإِقَامَتَيْنِ وَيجمع بِالْمُزْدَلِفَةِ بإقامتين 291 - فِيمَن فَاتَهُ الْجمع بَين الصَّلَاتَيْنِ بِعَرَفَة هَل يجمع وَحده قَالَ أَبُو حنيفَة وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ إِذا لم يجمع مَعَ الإِمَام صلى كل وَاحِدَة لوَقْتهَا وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَمَالك وَالشَّافِعِيّ يجمع وَحده بَين الصَّلَاتَيْنِ وَرُوِيَ عَن ابْن عمر وَعَائِشَة مثل قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد من غير مُخَالف من الصَّحَابَة 291 - فِيمَن صلى الْمغرب من الْحَاج دون الْمزْدَلِفَة قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد وَالثَّوْري لَا تُجزئه الحديث: 290 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 326 وَقَالَ مَالك إِن كَانَت بِهِ عِلّة أَو بدابته أَجزَأَهُ وَإِن لم يكن بِهِ عِلّة لم تُجزئه وَيُعِيد وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَالْأَوْزَاعِيّ تُجزئه وَقَالَ الشَّافِعِي إِن أدْرك نصف اللَّيْل قبل أَن يَأْتِي الْمزْدَلِفَة صلاهما دون الْمزْدَلِفَة 292 - فِي تَحْسِين الصَّوْت بِالْقُرْآنِ قَالَ كَانَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يَسْتَمِعُون الْقُرْآن بالألحان وَقَالَ أَبُو جَعْفَر وَهَذَا على أَن اللّحن لَا يكون فِيهِ زِيَادَة هجاء الْحُرُوف وَقَالَ ابْن الْقَاسِم سُئِلَ مَالك عَن الألحان فِي الصَّلَاة فَقَالَ لَا يُعجبنِي وَأعظم القَوْل فِيهِ وَإِنَّمَا هَذَا غناء يتغنون بِهِ ليأخذوا الدَّرَاهِم عَلَيْهِ وَقَالَ ابْن وهب سُئِلَ مَالك عَن النَّفر فِي الْمَسْجِد يَقُولُونَ لرجل حسن الصَّوْت اقْرَأ علينا يُرِيدُونَ حسن صَوته فكره ذَلِك وَقَالَ إِنَّمَا هُوَ يشبه الْغناء فَقيل لَهُ أَرَأَيْت الَّذِي قَالَ عمر بن الْخطاب لأبي مُوسَى ذكرنَا رَبنَا قَالَ إِن من الْأَحَادِيث أَحَادِيث سمعناها وَأَنا أنفيها وَالله مَا سَمِعت هَذَا قبل هَذَا الْمجْلس وَقِرَاءَة الْقُرْآن بالألحان قَالَ أَبُو جَعْفَر حَدثنَا الْبَراء بن عمرَان قَالَ سَمِعت مُحَمَّد بن سعيد الحديث: 292 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 التِّرْمِذِيّ يَقُول أَنا قَرَأت لحنا عِنْد يحيى بن سعيد فَصعِقَ فَكَانَ وَفَاته مِنْهُ وَقَالَ ابْن أبي عمرَان قد ذكرت ذَلِك لأبي خَيْثَمَة زُهَيْر بن حَرْب فَقَالَ أَنا حضرت ذَلِك مِنْهُ وَمن يحيى بن سعيد وَقَالَ الشَّافِعِي لَا بَأْس بِهِ عبد الله بن الْمُغَفَّل رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم فتح مَكَّة قَرَأَ {إِنَّا فتحنا لَك} الْفَتْح 1 فَرجع فِي قِرَاءَته وقرأه عبد الله بن الْمُغَفَّل فَرجع قَالَ أَبُو إِيَاس لَوْلَا أَن يجْتَمع عَليّ النَّاس لقرأت بذلك اللّحن الَّذِي قَرَأَ بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وروى سُفْيَان عَن الْأَعْمَش وَمَنْصُور عَن طَلْحَة بن مصرف عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْسَجَة عَن الْبَراء قَالَ زَينُوا الْقُرْآن بِأَصْوَاتِكُمْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 وَرَوَاهُ أَبُو عوَانَة عَن الْأَعْمَش بِإِسْنَادِهِ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثله وَالزهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا أذن الله لشَيْء مَا أذن لنَبِيّ يتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ وَابْن أبي مليكَة عَن ابْن أبي نهيك عَن أبي لبَابَة عَن عبد الْمُنْذر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ منا من لم يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ فَقلت لِابْنِ أبي مليكَة فَإِن لم يكن لَهُ صَوت وَلم يحسن قَالَ حسنه مَا اسْتَطَعْت فِي الْمَسْجِد يكون فَوْقه أَو تَحْتَهُ بَيت قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا جعل فِي وسط دَاره مَسْجِدا أَو بَيْتا لَهُ مَسْجِدا أَو فَوْقه بَيْتا لَهُ آخر أَو تَحْتَهُ أَنه لَا يكون مَسْجِدا وَله أَن يَبِيعهُ وَقَالَ مُحَمَّد فِي ذَلِك كُله هُوَ مَسْجِد وَلَا يَبِيعهُ وَلَا يُورث قَالَ أَبُو جَعْفَر وقفنا على قَول أبي يُوسُف كَقَوْل مُحَمَّد وَقَالَ مَالك كَذَلِك وَقَالَ الْحسن بن حَيّ مثل قَول أبي حنيفَة 294 - فِي الْموضع الَّذِي تجوز فِيهِ الْجُمُعَة قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَعبيد الله بن الْحسن لَا جُمُعَة إِلَّا فِي مصر الحديث: 294 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329 جَامع لَا تصح الْجُمُعَة فِي السوَاد وَقَالَ مَالك تصح الْجُمُعَة فِي كل قَرْيَة فِيهَا بيُوت مُتَّصِلَة وأسواق مُتَّصِلَة يقدمُونَ رجلا يخْطب وَيُصلي بهم الْجُمُعَة وَإِن لم يكن لَهُم إِمَام وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا جُمُعَة إِلَّا فِي مَسْجِد جمَاعَة مَعَ الإِمَام وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا كَانَت قَرْيَة مجتمعة الْبناء والمنازل وَكَانَ أَهلهَا لَا يظعنون عَنْهَا إِلَّا ظعن حَاجَة وهم أَرْبَعُونَ رجلا أحرارا بالغين غير مغلوب على عقلهم وَجَبت عَلَيْهِم الْجُمُعَة وَرُوِيَ عَن عَليّ كرم الله وَجهه لَا جُمُعَة وَلَا تَشْرِيق إِلَّا فِي مصر جَامع وَلَا يرْوى عَن أحد من الصَّحَابَة خِلَافه 295 - فِي عدد من تصح مِنْهُ الْجُمُعَة قَالَ أَصْحَابنَا وَاللَّيْث ثَلَاثَة سوى الإِمَام وَرُوِيَ عَن أبي يُوسُف اثْنَان سوى الإِمَام وَبِه قَالَ الثَّوْريّ وَالْحسن بن حَيّ إِذا لم يحضر الإِمَام إِلَّا رجل وَاحِد خطب عَلَيْهِ وَصلى بِهِ الْجُمُعَة وَلم نجد فِيهِ عَن مَالك شَيْئا وَاعْتبر الشَّافِعِي أَرْبَعِينَ رجلا قَالَ أَبُو جَعْفَر الْجمع الصَّحِيح ثَلَاثَة لاتفاقهم أَنهم يقومُونَ خلف الإِمَام الحديث: 295 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 330 والاثنان مُخْتَلف فِي حكمهمَا فَقَالَ يكون أَحدهمَا عَن يَمِينه وَالْآخر عَن يسَاره وَقَالَ آخَرُونَ خَلفه فَوَجَبَ اعْتِبَار الثَّلَاثَة الْمُتَّفق على كَونهم جمعا بِمَنْزِلَة من فَوْقهمَا 296 - فِي الْجُمُعَة خلف العَبْد وَالْمُسَافر قَالَ أَصْحَابنَا وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ تجوز الْجُمُعَة خلفهمَا وَقَالَ زفر لَا يجزىء الإِمَام والمأمومين وَقَالَ مَالك لَا يُصَلِّي العَبْد الْجُمُعَة بِالنَّاسِ فَإِن فعل أعادوا لِأَنَّهُ لَا جُمُعَة عَلَيْهِ وَقَالَ الْحسن بن حَيّ لَا يعجني الإِمَام أَن يقدم الْمُسَافِر فِي الْجُمُعَة وَإِن شهد الْخطْبَة قبل أَن يدْخل مَعَه فِي الصَّلَاة لِأَن الْمُسَافِر لَيْسَ عَلَيْهِ جُمُعَة وَإِن شهد الْجُمُعَة حَتَّى يدْخل فِيهَا 297 - فِي الْجُمُعَة فِي موضِعين من الْمصر قَالَ مُحَمَّد يجمع فِي موضِعين وَلم نجد خلافًا وَقَالَ أَبُو يُوسُف إِن كَانَ الْمصر جانبين كبغداد تجوز وَإِن لم يكن كَذَلِك لم تجز وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا صلى الْخَلِيفَة فِي قصره بحشمه الْجُمُعَة لم تجز إِلَّا أَن يفتح الْبَاب وَيَأْذَن للنَّاس فِي الصَّلَاة مَعَه فَتجوز صلَاتهم إِن صلوها قبل صَلَاة أهل الْمَسْجِد وَإِن صلوها بعد لم تجز فِي قَول أبي يُوسُف وَتجوز فِي قَول مُحَمَّد لِأَنَّهُ يُجِيز الْجُمُعَة فِي موضِعين الحديث: 296 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 331 وَذكر أَبُو سُلَيْمَان عَن مُحَمَّد أَنه إِذا خرج الْأَمِير إِلَى الْجَبانَة للأستقساء فصلى بِالنَّاسِ الْجُمُعَة وَهُوَ على غلوة فِي مصر وَصلى خَلِيفَته فِي الْجَامِع أَنه تجزئهما جَمِيعًا وَقَالَ مَالك لَا تجوز الْجُمُعَة إِلَّا فِي مَسْجِد الْجَامِع وَإِن اسْتخْلف الإِمَام من يُصَلِّي بِالنَّاسِ الْجُمُعَة وَصلى وَهُوَ فِي الْعَسْكَر الْجُمُعَة لم تجزه قَالَ الشَّافِعِي لَا يجمع فِي مصر وَإِن عظم إِلَّا فِي مَسْجِد وَاحِد قَالَ أَبُو جَعْفَر رُوِيَ عَن عَليّ كرم الله وَجهه أَنه صلى الْعِيد بِالنَّاسِ بالجبانة واستخلف رجلا يُصَلِّي بضعفة النَّاس فِي الْمَسْجِد وَلَا يُقَال ذَلِك من طَرِيق الرَّأْي وَقد حَضَره الصَّحَابَة فَلم يخالفوه فَإِن قيل روى شُعْبَة عَن مُحَمَّد بن النُّعْمَان سَمِعت أَبَا قيس يحدث عَن هزيل أَن عليا عَلَيْهِ السَّلَام أَمر رجلا أَن يُصَلِّي بضعفة النَّاس فِي الْمَسْجِد يَوْم فطر أَو يَوْم أضحى وَأمره أَن يُصَلِّي أَرْبعا قَالَ لِأَن النَّاس إِنَّمَا يَحْتَاجُونَ يَوْم الْعِيد إِلَى السُّلْطَان لأجل صَلَاة الْعِيد لَا لغَيْرهَا من التَّطَوُّع وَقد أجمع الْمُسلمُونَ على أَن التَّطَوُّع لَا يجمع فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 332 الْمَسَاجِد إِلَّا فِي شهر رَمَضَان وَلَو جَازَ ذَلِك لَكَانَ يَوْم الْعِيد وَغَيره فِي ذَلِك سَوَاء وَمُحَمّد بن النُّعْمَان هَذَا لَا يعرف أَيْضا وَيدل على هَذَا تأييد مَا ذكرنَا مَا رُوِيَ عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ إِذا انْصَرف إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ فأدلج فَأخْبر أَن الصَّلَاة كَانَت معهودة فِي مسجدين قَالَ وَقَول مَالك إِن الْجُمُعَة لمن صلى فِي الْجَامِع لَا معنى بِهِ لِأَن صِحَّتهَا إِنَّمَا تتَعَلَّق بِالْإِمَامِ والمصر لَا بِالْمَسْجِدِ لِأَن للْإِمَام أَن ينْقل الْجَامِع إِلَى حَيْثُ يرَاهُ 298 - إِذا صلى الإِمَام فِي الْخطْبَة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَصْحَابنَا يستمع النَّاس وينصتون وَهُوَ قَول مَالك وَالثَّوْري وَاللَّيْث الشَّافِعِي وَرُوِيَ عَن أبي يُوسُف أَن الإِمَام إِذا قَرَأَ فِي خطبَته {إِن الله وَمَلَائِكَته يصلونَ على النَّبِي} الْأَحْزَاب 56 أَنه يَنْبَغِي للنَّاس أَن يصلوا على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي تِلْكَ الْحَال وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا صلى الإِمَام على النَّبِي سكت حَتَّى يصلوا النَّاس فَإِن لم يسكت أنصت النَّاس وأمنوا على دُعَائِهِ 299 - فِيمَا يقْرَأ بِهِ فِي الْجُمُعَة قَالَ أَصْحَابنَا بِمَا قَرَأَ فَحسن وَيكرهُ أَن يؤقت فِي ذَلِك شَيْئا من الْقُرْآن نَفسه الحديث: 298 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 333 وَقَالَ الثَّوْريّ لَا يتَعَمَّد أَن يقْرَأ فِي الْجُمُعَة السُّور الَّتِي جَاءَت فِي الْأَحَادِيث وَلكنه يتَعَمَّد أَحْيَانًا ويدع أَحْيَانًا وَقَالَ مَالك أحب أَن يقْرَأ بهل أَتَاك حَدِيث الغاشية مَعَ سُورَة الْجُمُعَة وَقَالَ الشَّافِعِي يقْرَأ فِي الأولى بِسُورَة الْجُمُعَة وَفِي الثَّانِيَة إِذا جَاءَك المُنَافِقُونَ وروى النُّعْمَان بن بشير أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقْرَأ فِي الْجُمُعَة وَفِي الْعِيد بِسُورَة الْجُمُعَة وَهل أَتَاك حَدِيث الغاشية وروى ابْن عَبَّاس وَأَبُو هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقْرَأ فِي الْجُمُعَة بِسُورَة الْجُمُعَة وَإِذا جَاءَك المُنَافِقُونَ فَثَبت أَنه كَانَ يقْرَأ هَذِه مرّة وَهَذِه مرّة وَأَنه لَا تَوْقِيت فِيهِ 300 - فِي التخطي الْمَكْرُوه يَوْم الْجُمُعَة قَالَ مُحَمَّد فِي الْإِمْلَاء قَالَ مَالك لَا بَأْس بالتخطي بعد خُرُوج الإِمَام وَقَالَ مُحَمَّد أرَاهُ قبل خُرُوج الإِمَام وَلَا أرَاهُ بعده وَلم نجد خلافًا بَين أَصْحَابه وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك يكره التخطي إِذا قعد الإِمَام على الْمِنْبَر وَلَا بَأْس بِهِ قبل ذَلِك إِذا كَانَ بَين يَدَيْهِ فرج وَكره الثَّوْريّ التخطي الحديث: 300 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 334 قَالَ الْأَوْزَاعِيّ التخطي الَّذِي جَاءَ فِيهِ القَوْل إِنَّمَا هُوَ الإِمَام يخْطب فكره لهَذَا أَن يفرق بَين اثْنَيْنِ قَالَ الشَّافِعِي أكره تخطي رِقَاب النَّاس يَوْم الْجُمُعَة قبل دُخُول الإِمَام وَبعده لما فِيهِ من سوء الْأَدَب قَالَ أَبُو جَعْفَر حَدِيث أبي سعيد وَأبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من اغْتسل يَوْم الْجُمُعَة اسْتنَّ وَمَسّ من طيب إِن كَانَ عِنْده وَلبس أحسن ثِيَابه ثمَّ خرج حَتَّى يَأْتِي الْمَسْجِد فَلم يتخط رِقَاب النَّاس وأنصت إِذا خرج الإِمَام كَانَ كَفَّارَة لما بَينهَا وَبَين الْجُمُعَة الَّتِي قبلهَا وَفِي حَدِيث سلمَان ثمَّ رَاح فَلم يفرق بَين اثْنَيْنِ 301 - فِيمَن فَاتَتْهُ الْخطْبَة وَبَعض صَلَاة الْجُمُعَة قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف إِذا أدركهم فِي التَّشَهُّد صلى رَكْعَتَيْنِ وَقَالَ مُحَمَّد وَزفر أَرْبعا قَالَ ابْن أبي عمرَان عَن مُحَمَّد بن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد بن الْحسن أَنه قَالَ يُصَلِّي أَرْبعا وَيقْعد فِي الثِّنْتَيْنِ الْأَوليين قدر التَّشَهُّد فَإِن لم يقْعد أَمرته أَن يُصَلِّي الظّهْر أَرْبعا وَقَالَ مَالك وَالْحسن بن حَيّ وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ يُصَلِّي أَرْبعا لِأَن مَالِكًا قَالَ إِذا قَامَ يكبر تَكْبِيرَة أُخْرَى الحديث: 301 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 335 وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا أدْرك الإِمَام جَالِسا لم يسلم صلى أَرْبعا سوى الظّهْر وَأحب إِلَيّ أَن يستفتح الصَّلَاة وَقَالَ عبد الْعَزِيز بن سَلمَة إِذا أدْرك الإِمَام يَوْم الْجُمُعَة وَعِنْده أَن الإِمَام قد خطب قَائِما يُصَلِّي إِلَيْهَا رَكْعَة أُخْرَى ثمَّ يسلم فَإِن أخبرهُ النَّاس أَن الإِمَام لم يخْطب وَأَنه صلى أَرْبعا صلى رَكْعَتَيْنِ وَسجد سَجْدَتي السَّهْو قَالَ أَبُو جَعْفَر وَرُوِيَ عَن عَطاء بن أبي رَبَاح فِي الرجل تفوته الْخطْبَة يَوْم الْجُمُعَة أَنه يُصَلِّي الظّهْر أَرْبعا قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ أَنه لَو لم يشْهد الْخطْبَة ثمَّ أحدث فَذهب يتَوَضَّأ ثمَّ جَاءَ فَأدْرك مَعَ الإِمَام رَكْعَة أَنه يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فَلَمَّا كَانَ فَوَات الرَّكْعَة لَا يمنعهُ فعل الْجُمُعَة كَانَت الْخطْبَة أَحْرَى بذلك فَدلَّ على بطلَان قَول عَطاء قُلْنَا اتّفق الْبَاقُونَ أَنه إِذا أقبل إِلَى الْجُمُعَة وَعلم أَن الإِمَام قَاعد فِيهَا للتَّشَهُّد أَنه يَأْتِيهَا فاستحال أَنه يَأْتِيهَا وَلَا يدْخل مَعَه وَثَبت لُزُوم دُخُوله مَعَه أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قضى مَا فَاتَ وَهُوَ رَكْعَتَانِ 302 - فِيمَن كَانَ خَارج الْمصر هَل عَلَيْهِ إتْيَان الْجُمُعَة قَالَ أَصْحَابنَا الْجُمُعَة على من كَانَ بِالْمِصْرِ وَلَيْسَ على من كَانَ خَارج الْمصر الْجُمُعَة وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث من كَانَ بَينه وَبَين الْمصر ثَلَاثَة أَمْيَال فَعَلَيهِ الْجُمُعَة الحديث: 302 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 336 303 - فِيمَن أدْرك الإِمَام فِي الْخطْبَة هَل يرْكَع قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالثَّوْري وَاللَّيْث يقْعد وَلَا يرْكَع وَقَالَ الشَّافِعِي يرْكَع وَاحْتج بِحَدِيث جَابر وَأبي سعيد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر رجلا دخل وَهُوَ يخْطب أَن يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ قَالَ أَبُو جَعْفَر وَهَذَا فِي حَال كَانَ الْكَلَام مُبَاحا فِي حَال الْخطْبَة لِأَنَّهُ ذكر فِي حَدِيث أبي سعيد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَى بِالصَّدَقَةِ فَأعْطى رجلا مِنْهَا ثَوْبَيْنِ فَلَمَّا كَانَت الْجُمُعَة الْأُخْرَى طرح الرجل بِأحد ثوبيه فصاح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِهِ وَقَالَ خُذْهُ ثمَّ قَالَ انْظُرُوا إِلَى هَذَا جَاءَ تِلْكَ الْجُمُعَة وَذكر الحَدِيث وَلم نعلم خلافًا أَن مثل هَذَا الْكَلَام مَحْظُور فِي الْخطْبَة ثمَّ قد روى أَبُو هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قلت لصاحبك يَوْم الْجُمُعَة انصت وَالْإِمَام يخْطب فقد لغوت وَقَالَ رجل لأي شَيْء نزلت هَذِه السُّورَة فَلَمَّا قضى صلَاته قَالَ أَي الرجلَيْن مَالك فِي صَلَاتك إِلَّا مَا لغوت فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صدق فَجعل الْمَسْأَلَة عَن تَارِيخ نزُول السُّورَة لَغوا الحديث: 303 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 337 وروى عبد الله بن بسر أَن رجلا جَاءَ يتخطى رِقَاب النَّاس يَوْم الْجُمُعَة فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اجْلِسْ فقد آذيت وأثمت يرويهِ عبد الله بن وهب عَن مُعَاوِيَة بن صَالح عَن أبي الزَّاهِرِيَّة عَن عبد الله بن بسر 304 - فِي الْوَقْت الَّذِي يكره فِيهِ الْكَلَام يَوْم الْجُمُعَة قَالَ أَبُو حنيفَة خُرُوج الإِمَام يقطع الصَّلَاة وَالْكَلَام جَمِيعًا وَيكرهُ الْكَلَام مَا بَين فَرَاغه من الْخطْبَة ودخوله فِي الصَّلَاة وَقَالَ مَالك وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ لَا بَأْس بالْكلَام قبل أَن يَأْخُذ فِي الْخطْبَة وَقَالَ الثَّوْريّ خُرُوجه يقطع الصَّلَاة وَكَلَامه يقطع الْكَلَام قَالَ أَبُو جَعْفَر روى ابْن شهَاب عَن ثَعْلَبَة بن أبي مَالك الْقرظِيّ أَنهم كَانُوا فِي زمن عمر بن الْخطاب يَوْم الْجُمُعَة يصلونَ حَتَّى يخرج عمر فَإِذا خرج أَو جلس على الْمِنْبَر وَأذن الْمُؤَذّن جَلَسُوا يتحدثون حَتَّى إِذا سكت الحديث: 304 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 الْمُؤَذّن وَقَامَ عمر سكتوا فَلم يتَكَلَّم أحد وَحدث مَالك عَن أبي النَّضر مولى عمر بن عبيد الله عَن مَالك بن أبي عَامر أبي أنس أَن عُثْمَان كَانَ يَقُول فِي خطبَته وَمَا يدع ذَلِك إِذا قَامَ الإِمَام يخْطب يَوْم الْجُمُعَة فَاسْتَمعُوا وأنصتوا فَإِن للمنصت الَّذِي لَا يسمع من الْحَظ مثل مَا للمنصت السَّامع قَالَ وَحدثنَا إِبْرَاهِيم بن منقذ قَالَ حَدثنَا المقريء قَالَ حَدثنَا جرير بن حَازِم قَالَ حَدثنَا ثَابت الْبنانِيّ عَن أنس بن مَالك قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رُبمَا نزل عَن الْمِنْبَر وَقد أُقِيمَت الصَّلَاة فَيعرض لَهُ الرجل فيحدثه حَدِيثا طَويلا ثمَّ يتَقَدَّم إِلَى الصَّلَاة 305 - فِي تشميت الْعَاطِس فِي الْخطْبَة قَالَ أَصْحَابنَا لَا يرد لَا يرد السَّلَام وَلَا يشمت الْعَاطِس وَقَالَ مَالك لَا يشمت وَكَذَلِكَ الْأَوْزَاعِيّ وَقَالَ الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ لَا بَأْس برد السَّلَام وتشميت الْعَاطِس الحديث: 305 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 339 قَالَ لما كَانَ مَأْمُورا بالإنصات كَالصَّلَاةِ لم يشمت كَمَا لَا يشمت فِي الصَّلَاة فَإِن قيل رد السَّلَام فرض والصمت سنة قَالَ أَبُو جَعْفَر الصمت فرض لِأَن الْخطْبَة فرض إِنَّمَا تصح بالخاطب والمخطوب عَلَيْهِم كَمَا يَفْعَلهَا الْخَاطِب فرضا فَكَذَلِك المستمع فرض عَلَيْهِ ذَلِك 306 - من لَا يحضر الْجُمُعَة هَل يصلونَ جمَاعَة الظّهْر فِي الْمصر قَالَ أَصْحَابنَا لَا يُصَلِّي الظّهْر جمَاعَة فِي الْمصر يَوْم الْجُمُعَة سَوَاء كَانُوا مرضى أَو محبسين وَهُوَ قَول الْحسن وَالثَّوْري وَقَالَ مَالك يصلونَ جمَاعَة وَقَالَ اللَّيْث وَالشَّافِعِيّ يصلونَ جمَاعَة وَقَالَ اللَّيْث فِي مَسْجِد أَو غَيره وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن يُصَلِّي الظّهْر جمَاعَة فِي غير مَسْجِد أَو فِي الجبان 307 - فِيمَن اقْتدى بِالْإِمَامِ خَارج الْمَسْجِد قَالَ أَصْحَابنَا من اقْتدى بِالْإِمَامِ وَلَيْسَ بَينه وَبَينه طَرِيق أَو طَرِيق اتَّصَلت بِهِ الصُّفُوف فَصلَاته جَائِزَة وَكَذَلِكَ قَالَ اللَّيْث الحديث: 306 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 340 وَقَالَ مَالك يُصَلِّي حول الْمَسْجِد فِي أفنية الدّور والحوانيت سَوَاء كَانَت الصُّفُوف مُتَّصِلَة أَو لم تكن وَإِن كَانَ بَينهم وَبَين الإِمَام طَرِيق فَأَما دَار أَو حَانُوت فَلَا يدْخل إِلَّا بِإِذن فَلَا يَنْبَغِي أَن يُصَلِّي فِيهَا بِصَلَاة الإِمَام يَوْم الْجُمُعَة أَو قريب من الْمَسْجِد لِأَنَّهَا لَيست فِي الْمَسْجِد وَقَالَ لَا بَأْس أَن يُصَلِّي غير الْجُمُعَة فِي الدّور والحوانيت إِذا كَانَ بَين الدّور وَبَين الْمَسْجِد كوى يرَوْنَ مِنْهَا مَا يصنع النَّاس وَقَالَ الشَّافِعِي إِن صلى بالرحبة أَو طَرِيق مُتَّصِل بِالْمَسْجِدِ أَو برحبته وصفوف مُتَّصِلَة أَو مُنْقَطِعَة فصلاتهم مجزئة إِذا عقلوا صَلَاة الإِمَام قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ فِي سَائِر الصَّلَوَات أَن حكمهَا فِي الدّور كهي فِي الْمَسْجِد فَوَجَبَ أَن يكون كَذَلِك الْجُمُعَة 308 - فِي التَّطَوُّع بعد الْجُمُعَة قَالَ أَصْحَابنَا يُصَلِّي بعْدهَا أَرْبعا وَقَالَ فِي مَوضِع آخر سِتا وَقَالَ الثَّوْريّ إِن صليت أَرْبعا أَو سِتا فَحسن وَقَالَ الْحسن بن حَيّ يُصَلِّي أَرْبعا وَقَالَ مَالك يَنْبَغِي للْإِمَام إِذا سلم من الْجُمُعَة أَن يدْخل منزله وَلَا يرْكَع فِي الْمَسْجِد لما رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ ينْصَرف بعد الْجُمُعَة وَلم يرْكَع فِي الْمَسْجِد الحديث: 308 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 341 قَالَ وَمن خَلفه أَيْضا إِذا سلمُوا فَأحب أَن ينصرفوا وَلَا يركعوا فِي الْمَسْجِد وَإِن ركعوا فَذَلِك وَاسع وَقَالَ الشَّافِعِي مَا أَكثر الْمُصَلِّي من التَّطَوُّع بعد التَّطَوُّع بعد الْجُمُعَة فَهُوَ أحب إِلَيّ قَالَ أَبُو جَعْفَر رُوِيَ عَن ابْن عمر أَنه رأى رجلا يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بعد الْجُمُعَة فَدفعهُ وَقَالَ أَتُصَلِّي الْجُمُعَة أَرْبعا قَالَ وَكَانَ ابْن عمر يُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ فِي بَيته وَيَقُول هَكَذَا فعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيحْتَمل أَن يكون ذَلِك على نَحْو مَا رُوِيَ عَن عمر لَا يُصَلِّي بعد صَلَاة مثلهَا وَقد رُوِيَ السَّائِب بن يزِيد عَن مُعَاوِيَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر أَن لَا توصل صَلَاة بِصَلَاة حَتَّى يخرج أَو يتَكَلَّم فأباح هَذَا الحَدِيث فعل صَلَاة بعْدهَا إِذا جعل بَينهمَا فاصلا من كَلَام أَو خُرُوج وَقد روى أَبُو هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كَانَ مِنْكُم مُصَليا بعد الْجُمُعَة فَليصل أَرْبعا وَقد روى عَن عَطاء قَالَ صليت مَعَ ابْن عمر يَوْم الْجُمُعَة فَلَمَّا سلم قَامَ فصلى رَكْعَتَيْنِ ثمَّ قَامَ فصلى أَرْبعا ثمَّ انْصَرف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 342 وَتَصْحِيح الْحَدِيثين أَنه فعل الأولى قبل أَن يبلغهُ حَدِيث مُعَاوِيَة ثمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ وَقد روى إِسْرَائِيل عَن أبي إِسْحَاق عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ قَالَ قدم عبد الله فَكَانَ يُصَلِّي بعد الْجُمُعَة أَرْبعا فَقدم بعده عَليّ فَكَانَ يُصَلِّي بعْدهَا رَكْعَتَيْنِ وأربعا فأعجبنا فعل عَليّ واخترناه 309 - فِي الْخَلِيفَة إِذا كَانَ مُسَافِرًا هَل يجمع قَالَ أَصْحَابنَا إِذا كَانَ فِي مصر يجزئهم وَقَالَ زفر لَا يُجزئهُ وَلَا يجزئهم وَقَالَ مَالك إِذا مر بقرية تجمع فِي مثلهَا جمع بهم وَقَالَ الشَّافِعِي يُجزئهُ ويجزئهم 310 - فِي الْجمع بمنى قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف تجمع بمنى من لَهُ ولَايَة الصَّلَاة هُنَاكَ الحديث: 309 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 343 وَقَالَ مُحَمَّد وَمَالك وَالشَّافِعِيّ لَا تجمع 311 - إِذا قعد على الْمِنْبَر هَل يسلم قَالَ أَبُو حنيفَة خُرُوج الإِمَام يقطع الْكَلَام وَهَذَا يدل على أَنه يمنعهُ السَّلَام وَقَالَ مَالك لَا يسلم وَأنْكرهُ وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا اسْتَوَى قَائِما على الْمِنْبَر سلم وَذكر فِيهِ حَدِيثا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَبُو جَعْفَر لم يرو عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ذَلِك شَيْء صَحِيح وَرُوِيَ فِيهِ أَحَادِيث ضِعَاف وَالْقِيَاس يمْنَع مِنْهُ لِأَنَّهُ إِذا تقدم للْإِمَامَة لَا يسلم والمؤذن إِذا أشرف على النَّاس لَا يسلم فَكَذَلِك إِذا صعد على الْمِنْبَر 312 - فِي أقل مَا يجزىء من الْخطْبَة قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا خطب بتسبيحة أَجزَأَهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا يُجزئهُ حَتَّى يكون كلَاما يُسمى خطبه الحديث: 311 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 وَقَالَ مَالك من سبح أَو هلل وَلم يخْطب فَإِنَّهُ يُعِيد مَا لم يصل وَإِن صلى فَلَا إِعَادَة عَلَيْهِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا التبست عَلَيْهِ الْخطْبَة فَإِن كَانَ تشهد أَمر الْمُؤَذّن فَليقمْ الصَّلَاة وَيصلونَ الْجُمُعَة رَكْعَتَيْنِ وَقَالَ الشَّافِعِي أقل مَا يَقع عَلَيْهِ اسْم خطْبَة الْجُمُعَة فِي الْخطْبَتَيْنِ جَمِيعًا أَن يحمد الله تَعَالَى وَيُصلي على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ويوصي بتقوى الله وَيَدْعُو إِلَى الْآخِرَة فَإِن لم يخْطب خطبتين يجلس بَينهمَا صلى الظّهْر أَرْبعا قَالَ أَبُو جَعْفَر إِن لم يخْطب خطبتين يجلس بَينهمَا لم تجزه الْجُمُعَة خلاف الْإِجْمَاع مَا قَالَ بِهِ غَيره وَلما كَانَ لَو خطب خطبتين قَاعِدا جَازَت الْجُمُعَة وَلم يَقع بَينهمَا فصل كَذَلِك يجوز إِذا قَامَ مَوضِع الْقعُود 313 - فِي الْجُمُعَة بِغَيْر سُلْطَان قَالَ أَصْحَابنَا لَا تجزىء وَذكر عَن مُحَمَّد أَن أهل مصر لَو مَاتَ وإليهم جَازَ أَن يقدموا رجلا يُصَلِّي بهم الْجُمُعَة حَتَّى يقدم عَلَيْهِم وَالِي قَالَ أَبُو جَعْفَر روى مَالك عَن الزُّهْرِيّ قَالَ شهِدت الْعِيد مَعَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ وَعُثْمَان مَحْصُور فجَاء فصلى ثمَّ انْصَرف فَخَطب وَهَذَا أصل من أَن كل سَبَب يخلف الإِمَام عَن الْحُضُور إِذْ على الْمُسلمين إِقَامَة رجل يقوم بِهِ وَهَذَا كَمَا فعل الْمُسلمُونَ يَوْم مُؤْتَة لما قتل الْأُمَرَاء الحديث: 313 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 345 اجْتَمعُوا على خَالِد بن الْوَلِيد وَأَيْضًا فَإِن المتغلب وَالْخَارِج على الإِمَام تجوز الْجُمُعَة خَلفه فَمن كَانَ فِي طَاعَة الإِمَام أَحْرَى بجوازها خَلفه 314 - إِذا أحدث الإِمَام فَقدم الْقَوْم رجلا قَالَ أَصْحَابنَا إِن كَانَ قد دخل فِي الصَّلَاة بنى على الْجُمُعَة وَإِن لم يكن دخل فِيهَا بِأَن تقدم بِإِذن الإِمَام أَو قدم صَاحب شرطة أَو القَاضِي جَازَ وَإِن كَانَ غير ذَلِك صلوا الظّهْر وَقَالَ مَالك يُجزئهُ ويجزئهم كَسَائِر الصَّلَوَات وَقَالَ الشَّافِعِي إِن أحدث الإِمَام فِي صَلَاة الْجُمُعَة فَتقدم رجل بأَمْره أَو بِغَيْرِهِ أمره وَقد كَانَ دخل مَعَ الإِمَام قبل حَدثهُ فَإِنَّهُ يُصَلِّي بهم رَكْعَتَيْنِ وَإِن لم يكن أدْرك مَعَه التَّكْبِير صلوها ظهرا لِأَنَّهُ كَانَ مبتدئا قَالَ الْمُزنِيّ يشبه هَذَا إِذا كَانَ إِحْرَامه بعد حدث الإِمَام 315 - فِي الْعِيدَيْنِ يَجْتَمِعَانِ هَل يجزىء أَحدهمَا عَن الآخر قَالَ أَصْحَابنَا الأول سنة وَالْآخر فرض يشهدهما وَلَا يجزىء أَحدهمَا عَن الآخر وَهُوَ قَول مَالك الحديث: 314 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 346 وَقَالَ الْحسن بن حَيّ يجزىء أَحدهمَا عَن صَاحبه وَالْأَفْضَل أَن يجمعهما وَإِن اكْتفى بالعيد وَصلى الظّهْر فِي بَيته كَانَ ذَلِك وَاسِعًا لَهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى فَإِن ترك الْعِيد مجمعا على حُصُول الْجُمُعَة كَانَ ذَلِك وَاسِعًا روى شُعْبَة عَن الْمُغيرَة عَن عبد الْعَزِيز بن رفيع عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ اجْتمع عيدَان على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي يَوْم قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيهمَا شِئْتُم أجزأكم وروى هَذَا الحَدِيث سُفْيَان عَن عبد الْعَزِيز بن رفيع عَن أبي صَالح قَالَ اجْتمع عيدَان على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِنَّا مجمعون فَمن شَاءَ أَن يجمع فليجمع وَمن شَاءَ أَن يرجع فَليرْجع فَذكر فِي هَذَا الحَدِيث إِبَاحَة الرُّجُوع وَفِي الأول الْأُخْرَى وروى عُثْمَان أَنه قَالَ فِي مَسْأَلَة من أحب من أهل الْعَالِيَة أَن ينْتَظر الْجُمُعَة فلينتظرها وَمن أحب أَن يرجع فَليرْجع فقد أَذِنت لَهُ فخض أهل الْعَالِيَة لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِم جُمُعَة وَقَالَ الله تَعَالَى {إِذا نُودي للصَّلَاة من يَوْم الْجُمُعَة فَاسْعَوْا إِلَى ذكر الله} الْجُمُعَة 9 وَلم يخصص يَوْم عيد من غَيره الجزء: 1 ¦ الصفحة: 347 316 - إِذا نفر النَّاس عَنهُ بعد الدُّخُول فِي الْجُمُعَة قَالَ أَبُو حنيفَة إِن كَانَ سجد فِي الرَّكْعَة الأولى سَجْدَة بنى عَلَيْهَا وَإِن لم يسْجد من الأولى حَتَّى نفروا عَنهُ يسْتَقْبل الظّهْر أَرْبعا وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا افْتتح الْجُمُعَة وهم مَعَه ثمَّ نفروا عَنهُ صلى الْجُمُعَة وَقَالَ الْحسن عَن زفر صلَاته فَاسِدَة وَكَذَلِكَ لَو نفروا عَنهُ بَعْدَمَا صلى رَكْعَة أَو رَكْعَتَيْنِ مَا لم يتَشَهَّد أَن صلَاته فَاسِدَة وَهُوَ قَول الْحسن بن زِيَاد قَالَ وروى عَمْرو بن خَالِد عَن أَصْحَابه الحروريين عَن زفر أَنهم إِذا نفروا عَنهُ بَعْدَمَا صلى رَكْعَة بنى على الْجُمُعَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف يسْتَقْبل الظّهْر أَرْبعا قَالَ وَقَالَ زفر لَو نفروا بَعْدَمَا افْتتح الصَّلَاة بنى على الْجُمُعَة أَيْضا وَرَوَاهُ عَن أبي حنيفَة وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا لم يبْق مَعَه إِلَّا الْوَاحِد والإثنان وَهُوَ فِي خطبَته أَو بَعْدَمَا فرغ مِنْهَا أَنهم إِن لم يرجِعوا إِلَيْهِ فَيصَلي بهم الْجُمُعَة صلى أَرْبعا وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا دخل فِي الْجُمُعَة بِجَمَاعَة ثمَّ انْفَضُّوا عَنهُ فَفِيهَا قَولَانِ أَحدهمَا أَنه إِن بَقِي مَعَه اثْنَان حَتَّى تكون صلَاته جمَاعَة أجزأتهم الْجُمُعَة وَالْقَوْل الآخر لَا تجزئهم حَتَّى يكون مَعَه أَرْبَعُونَ الحديث: 316 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 348 قَالَ أَبُو جَعْفَر شَرط صِحَة الْجُمُعَة الإِمَام والمأمومين فَلَمَّا كَانَ الْمَأْمُوم تصح بِهِ الْجُمُعَة مَعَ الإِمَام وَلم يدْرك جَمِيعهَا كَذَلِك يَنْبَغِي أَن تصح للْإِمَام مُشَاركَة الْمَأْمُومين فِي بعض صلَاته 317 - فِيمَن صلى الظّهْر فِي بَيته ثمَّ يَأْتِي الْجُمُعَة قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِن لم يَأْتِ الْجُمُعَة أَجْزَأته وَإِن أَتَى الْجُمُعَة انتقضت عِنْد أبي حنيفَة بالسعي إِلَيْهَا وَعِنْدَهُمَا حَتَّى يدْخل فِي الْجُمُعَة وَقَالَ زفر وَالثَّوْري وَمَالك وَالشَّافِعِيّ لَا يُجزئهُ الظّهْر إِلَّا بعد فرَاغ الإِمَام من الْجُمُعَة 318 - فِي السّفر يَوْم الْجُمُعَة قَالَ أَصْحَابنَا لَا بَأْس بِهِ قبل الزَّوَال وَبعده إِذا كَانَ يخرج من مصره قبل خُرُوج وَقت الظّهْر حَكَاهُ مُحَمَّد فِي السّير من غير خلاف وَقَالَ مَالك أحب لَهُ أَن لَا يخرج بعد طُلُوع الْفجْر وَلَيْسَ عَلَيْهِ بِحرَام وَبعد الزَّوَال لَا يَنْبَغِي أَن يُسَافر حَتَّى يُصَلِّي الْجُمُعَة وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ لَا يكون السّفر يَوْم الْجُمُعَة حَتَّى يُصَلِّي بهم قَالَ أَبُو جَعْفَر روى حَمَّاد بن سَلمَة عَن الْحجَّاج بن أَرْطَأَة عَن الحكم بن عتيبة عَن مقسم عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجه عبد الله بن رَوَاحَة الحديث: 317 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 349 وجعفرا وَزيد بن حَارِثَة فَتخلف عبد الله فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لغدوة فِي سَبِيل الله أَو رَوْحَة خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا قَالَ فراح مُنْطَلقًا قَالَ أَبُو جَعْفَر وَقد روى سُفْيَان عَن الثَّوْريّ عَن الْأسود بن قيس عَن أَبِيه عَن عمر بن الْخطاب قَالَ لَا تحبس الْجُمُعَة عَن سفرة وَلَا يعرف عَن أحد من الصَّحَابَة خِلَافه قَالَ أَبُو جَعْفَر وَجَمِيع الْفُقَهَاء يبيحون السّفر لَيْلَة الْجُمُعَة إِلَّا إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ إِذا أرد السّفر يَوْم الْخَمِيس فليسافر غدْوَة إِلَى أَن يرفع النَّهَار فَإِذا أَقَامَ إِلَى الْعشي فَلَا يخرج حَتَّى يُصَلِّي الْجُمُعَة وَرُوِيَ عَن الْحسن وَابْن سِيرِين قَالَا لَا بَأْس بِالسَّفرِ يَوْم الْجُمُعَة مَا لم يحضر الْجُمُعَة قَالَ أَبُو جَعْفَر وَمَا ذَكرْنَاهُ عَن مُحَمَّد أَن لَهُ أَن يُسَافر إِذا كَانَ يخرج من الْمصر قبل خُرُوج وَقت الظّهْر فَإِنَّمَا ذهب فِيهِ إِلَى أَن فرض الْوَقْت إِنَّمَا يتَعَلَّق بآخر الْوَقْت فَإِذا كَانَ مُسَافِرًا من غير آخر الْوَقْت لم يكن من أهل فرض الْجُمُعَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 350 319 - فِي الإِمَام يقدم من لم يشْهد الْخطْبَة قَالَ أَصْحَابنَا إِن كَانَ قد دخل يؤم الْجُمُعَة وَإِن لم يكن دخل فِيهَا صلى الظّهْر أَرْبعا وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَفِي رِوَايَة أُخْرَى عَنهُ إِذا أحدث بَعْدَمَا صلى رَكْعَة وَقَالَ مَالك إِذا أحرم الإِمَام وَمن خَلفه ثمَّ أحدث فَقدم رجلا لم يدْرك مَعَه الْإِحْرَام فَيحرم هَذَا الرجل بَعْدَمَا أحرم أَن صلَاتهم منتقضة لَا تجوز لأَنهم بِمَنْزِلَة من يحرم بِصَلَاتِهِ قبل الإِمَام وَلَا يُصَلِّي هَذَا الْمُسْتَخْلف يَوْم الْجُمُعَة لِأَنَّهُ لَا يُصليهَا الْمُنْفَرد وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا أحدث الإِمَام قبل أَن يدْخل فِي الصَّلَاة فَقدم رجلا لم يشْهد الْخطْبَة أَنه أرج وَإِن فعل ذَلِك وَإِن فعل ذَلِك أَرْجُو أَن تجزئهم صلَاتهم وَحكى ابْن عبد الحكم عَنهُ أَنه إِن اسْتخْلف رجلا لم يشْهد الْخطْبَة أجزأهم وَيجب أَن يقوم من حضر الْجُمُعَة وَقَالَ اللَّيْث إِذا أحدث بعد الْفَرَاغ من الْخطْبَة فَقدم رجلا لم يشْهد الْخطْبَة صلى رَكْعَتَيْنِ وَقَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي إِن أحدث فِي صَلَاة الْجُمُعَة فَتقدم رجل بأَمْره أَو بِغَيْر أمره وَقد كَانَ دخل مَعَ الإِمَام قبل حَدثهُ فَإِنَّهُ يُصَلِّي بهم رَكْعَتَيْنِ وَإِن لم يكن أدْرك مَعَه التَّكْبِير صلوها ظهرا لِأَنَّهُ صَار مبتدئا وَقَالَ الْبُوَيْطِيّ لَا يؤم فِي يَوْم الْجُمُعَة إِلَّا من شهد الْخطْبَة أَو صلى رَكْعَة الحديث: 319 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 351 بسجدتيها مَعَ الإِمَام فَأَما من أحرم مَعَه وَلم يصل رَكْعَة وَلم يدْرك الْخطْبَة فَلَا يؤم فِيهَا فَإِن أم صلى أَرْبعا قَالَ أَبُو جَعْفَر لما جَازَ لَهُ أَن يقدم من شهد الْجُمُعَة لغير عذر وَلم يكن بِمَنْزِلَة الصَّلَاة إِذا دخل فِيهَا أَنه لَا يقدم غَيره لغير عذر علمنَا أَن الْخطْبَة متضمنة للْإِمَام الْجُمُعَة فَإِذا فعلهَا صحت الصَّلَاة فَجَاز أَن يقدم للصَّلَاة من لم يشهدها 320 - فِيمَن أحدث خلف الإِمَام فِي الْجُمُعَة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا تَوَضَّأ وَقد فرغ الإِمَام فَإِن شَاءَ أتم الْجُمُعَة فِي بَيته وَإِن شَاءَ رَجَعَ إِلَى الْمَسْجِد فأتمها وَقَالَ مَالك لَا يبْنى على الْجُمُعَة إِلَّا فِي الْمَسْجِد لِأَن الْجُمُعَة لَا تكون إِلَّا فِيهِ وَقَالَ اللَّيْث أستحب لَهُ الرُّجُوع إِلَى الْمَسْجِد فِي سَائِر الصَّلَوَات حَيْثُ تيَسّر قَالَ أَبُو جَعْفَر صِحَة الْجُمُعَة مُتَعَلقَة بِالْمِصْرِ لَا بِالْمَسْجِدِ لِأَن الْمَسْجِد لَو خرب خرابا يمْنَع الصَّلَاة فِيهِ لم يبطل بذلك حكم الْجُمُعَة عَن أهل الْمصر وَلَو خرب الْمصر حَتَّى صَار صحراء وَبَقِي الْمَسْجِد لم يصل فِيهِ فَجَائِز للمحدث أَن يَبْنِي على الْجُمُعَة فِي بَيته 321 - فِي الْمَرِيض وَالْمُسَافر يصليان الظّهْر ثمَّ زَالَ الْعذر هَل يصليان الْجُمُعَة قَالَ أَصْحَابنَا إِن شهد الْجُمُعَة بعد ذَلِك كَانَت الْجُمُعَة هِيَ الْفَرْض الحديث: 320 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 352 وانتقضت الظّهْر وَقَالَ زفر وَالشَّافِعِيّ أَن يشهدها وَإِن شَهِدَهَا لم تكن جُمُعَة وَهُوَ قَول الْحسن وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن يُصَلِّي الْجُمُعَة كَمَا قَالَ أَصْحَابنَا قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد الظّهْر وَاجِبَة يَوْم الْجُمُعَة كوجوبها فِي سَائِر الْأَيَّام سَوَاء غير أَن من كَانَ بَالغا غير مَعْذُور أسقطها بِفعل الْجُمُعَة وَقَالَ زفر فرض الْوَقْت هُوَ الْجُمُعَة فَإِذا صلى الظّهْر كَانَ منتظرا بِهِ مَا يكون مِنْهُ فِي الْجُمُعَة على مَا قَالَ أَبُو حنيفَة 322 - فِي الْأَمِير إِذا خطب للْجُمُعَة ثمَّ قدم عَلَيْهِ أَمِير آخر قَالَ أَصْحَابنَا إِن اكْتفى الثَّانِي بِخطْبَة الأول صلى الظّهْر أَرْبعا وَإِن أَعَادَهَا صلى رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ قَول مَالك وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ قَالَ أَبُو جَعْفَر الْقيَاس أَن يجتزىء بِخطْبَة الأول وَيُصلي رَكْعَتَيْنِ لِأَن الْخطْبَة للصَّلَاة وَقد فعلت 323 - فِيمَن ابتلع شَيْئا فِي صلَاته قَالَ أَصْحَابنَا إِن كَانَ بَين أَسْنَانه شَيْء فابتلعه أَو قلس من ملْء فَمه ثمَّ رَجَعَ وَدخل جَوْفه لم يقطع صلَاته وَقَالَ مَالك إِن كَانَ بَين أَسْنَانه شَيْء فابتلعه لم يقطع صلَاته وَإِن ابتلع شَيْئا من طَعَام يجده فِي حلقه وَهُوَ مثل الْحبَّة وَمَا أشبههَا لم يقطع الحديث: 322 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 353 وَقَالَ اللَّيْث إِذا ابتلع طَعَاما يجده فِي حلقه يُعِيد صلَاته وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا كَانَ بَين أَسْنَانه فازدرده لم يقطع صلَاته إِذا كَانَ مَوضِع الرِّيق لَا يملكهُ بِلَا مضغ فَإِن مضغه قطع صلَاته 324 - فِي الْكَلَام بعد صَلَاة الْفجْر قَالَ أَصْحَابنَا يكره الْكَلَام بعد طُلُوع الْفجْر إِلَى أَن يُصَلِّي الْفجْر الْأَخير وَقَالَ مَالك لَا يكره قبل صَلَاة الْفجْر وَإِنَّمَا يكره بعْدهَا إِلَى طُلُوع الشَّمْس سماك بن حَرْب عَن جَابر بن سَمُرَة كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا صلى الْفجْر يقْعد فِي مَجْلِسه حَتَّى تطلع الشَّمْس 325 - فِي الصَّلَاة فِي السَّفِينَة قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا كَانَت سائرة يُصَلِّي قَاعِدا فِيهَا إِن شَاءَ وَإِن كَانَت موثقة إِلَى الشط لَا يُصَلِّي قَاعِدا إِلَّا أَن لَا يقدر على الْقيام وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَمَالك وَالشَّافِعِيّ لَا يجوز أَن يُصَلِّي قَاعِدا إِلَّا أَن لَا يقدر على الْقيام وَرُوِيَ عَن أنس كَقَوْل أبي حنيفَة من غير خلاف عَن أحد من الصَّحَابَة وروى أَبُو يُوسُف عَن حُصَيْن بن عبد الرَّحْمَن عَن مُجَاهِد قَالَ كُنَّا مَعَ جُنَادَة ابْن أبي أُميَّة فِي الْبَحْر وَكُنَّا نصلي قعُودا ونتحرى الْقبْلَة فِي السَّفِينَة فهذان رجلَانِ من الصَّحَابَة قد قَالَا مثل قَول أبي حنيفَة من غير خلاف الحديث: 324 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 354 فَإِن قيل رُوِيَ عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة مِنْهُم أَبُو سعيد أَنهم صلوا قيَاما قيل لَهُ يحْتَمل أَن يَكُونُوا فَعَلُوهَا قيَاما وَإِن لم تكن وَاجِبَة كَذَلِك وَيحْتَمل أَن تكون السَّفِينَة غير سائرة وَأَيْضًا قد خُولِفَ بَين الصَّلَاة فِي السَّفِينَة وَبَينهَا على الأَرْض لَا يُصَلِّي وَهِي سائرة كَمَا يُصَلِّي على الدَّابَّة فَجَاز ترك الْقيام 326 - فِي مِقْدَار السّفر الَّذِي تقصر فِيهِ الصَّلَاة قَالَ أَصْحَابنَا مسيرَة ثَلَاثَة أَيَّام ولياليها وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْحسن بن حَيّ وَقَالَ مَالك ثَمَانِيَة وَأَرْبَعُونَ ميلًا فَإِن لم تكن فِيهَا ثَلَاثَة أَمْيَال فمسيرة يَوْم وَلَيْلَة للقفل وَهُوَ قَول اللَّيْث وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يَوْم تَامّ وَقَالَ الشَّافِعِي سِتَّة وَأَرْبَعُونَ ميلًا بالهاشمي الحديث: 326 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 355 وَرُوِيَ عَن ابْن عمر ثَلَاثَة أَيَّام عَن ابْن عَبَّاس يَوْم وَلَيْلَة 327 - فِي العَاصِي هَل يقصر قَالَ أَصْحَابنَا يقصر الْمُسَافِر عَاصِيا كَانَ أَو مُطيعًا وَهَذَا قَول الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَقَالَ مَالك إِن خرج إِلَى الصَّيْد وَهُوَ معاشه قصر وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا سَافر فِي مَعْصِيّة لَا يقصر وَلَا يمسح مسح السّفر 328 - فِي الملاح هَل يقصر فِي سفينته قَالَ أَصْحَابنَا يقصر إِذا كَانَ فِي سفر حَتَّى يصير إِلَى قريته فَيتم وَهُوَ قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا كَانَ فِيهَا أَهله وقراره يقصر إِذا أكراها حَتَّى يَنْتَهِي إِلَى حَيْثُ أكراها فَإِذا انْتهى أتم الصَّلَاة وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا كَانَت السَّفِينَة بَيته وَلَيْسَ لَهُ منزل غَيرهَا فَهُوَ فِيهَا بِمَنْزِلَة الْمُقِيم يتم فَإِن السّفر هُوَ النقلَة والملاح غير منتقل بسفينته فَهُوَ كَغَيْرِهِ الحديث: 327 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 356 329 - فِي الْمُسَافِر يدْخل فِي صَلَاة الْمُقِيم قَالَ أَصْحَابنَا يُصَلِّي صَلَاة الْمُقِيم وَإِن أدْركهُ فِي التَّشَهُّد وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَقَالَ مَالك إِذا لم يدْرك مَعَه رَكْعَة صلى رَكْعَتَيْنِ قَالَ أَبُو جَعْفَر لما صَحَّ لَهُ الدُّخُول فِي آخر صلَاته وَيلْزمهُ سَهْوه وانْتهى عَنهُ سَهْو نَفسه لأجل إِمَامه كَذَلِك يلْزمه حكم إِقَامَته فِي الْإِتْمَام 330 - فِي قصر الصَّلَاة بمنى وعرفة قَالَ أَصْحَابنَا أهل مَكَّة يتمون الصَّلَاة بمنى وعرفة وَقَالَ الشَّافِعِي يقصرون وَإِن كَانَ سَاكِنا مُقيما بمنى أتم وَمن كَانَ سَاكِنا بِعَرَفَات أتم الصَّلَاة بِعَرَفَات وَقصر بمنى قَالَ أَبُو جَعْفَر لَيْسَ الْحَج مُوجبا للقصر لِأَن أهل منى وعرفات إِذا كَانُوا حجاجا أَتموا وَلَيْسَ هُوَ مُتَعَلقا بالموضع لهَذِهِ الْعلَّة وَإِذا كَانَ كَذَلِك فَإِنَّمَا هُوَ مُتَعَلق بِالسَّفرِ وَأهل مَكَّة مقيمون هُنَاكَ فَلَا يقصرون وَلما كَانَ الْمُقِيم لَا يقصر لَو خرج إِلَى منى كَذَلِك الْحَاج وَقَالَ عَطاء وَمُجاهد لَيْسَ على أهل مَكَّة قصر فِي الْحَج الحديث: 329 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 357 331 - فِي الْمُسَافِر يُصَلِّي أَرْبعا قَالَ أَصْحَابنَا إِن قعد فِي الثِّنْتَيْنِ قدر التَّشَهُّد مَضَت صلَاته وَإِن لم يقْعد فَصلَاته فَاسِدَة وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا قعد فِي الثِّنْتَيْنِ لم يعد وَقَالَ حَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان إِذا صلى أَرْبعا مُتَعَمدا أعَاد إِذا كَانَ ذَلِك مِنْهُ الشَّيْء الْيَسِير وَإِذا طَال ذَلِك فِي سَفَره وَكثر لم يعد قَالَ الْحسن إِذا افْتتح الصَّلَاة على أَنه يُصَلِّي أَرْبعا اسْتقْبل الصَّلَاة حَتَّى يبتدئها بِالنِّيَّةِ على رَكْعَتَيْنِ وَإِن صلى رَكْعَتَيْنِ وَتشهد ثمَّ بدا لَهُ أَن يتم فصلى أَرْبعا أعَاد وَإِن نوى أَن يُصَلِّي أَرْبعا بَعْدَمَا افْتتح الصَّلَاة على رَكْعَتَيْنِ ثمَّ بدا لَهُ فَسلم فِي الرَّكْعَتَيْنِ أَجْزَأته صلَاته وَقَالَ مَالك إِذا صلى الْمُسَافِر أَرْبعا فَإِنَّهُ يُعِيد مَا دَامَ فِي الْوَقْت فَإِذا مضى الْوَقْت فَلَا إِعَادَة عَلَيْهِ قَالَ وَلَو أَن مُسَافِرًا افْتتح الْمَكْتُوبَة يَنْوِي أَرْبعا فَلَمَّا صلى رَكْعَتَيْنِ بدا لَهُ فَسلم أَنه لَا تُجزئه وَلَو صلى مُسَافر بمسافرين فَقَامَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ فَسَبحُوا بِهِ فَلم يرجع فَإِنَّهُم يَقْعُدُونَ ويتشهدون وَلَا يتبعونه وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يُصَلِّي الْمُسَافِر رَكْعَتَيْنِ فَإِن قَامَ إِلَى الثَّالِثَة وصلاها فَإِنَّهُ يلغيها وَيسْجد سَجْدَتي السَّهْو وَقَالَ الشَّافِعِي لَيْسَ للْمُسَافِر أَن يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ إِلَّا أَن يَنْوِي الْقصر مَعَ الْإِحْرَام فَإِن أحرم وَلم ينْو الْقصر كَانَ على أصل فَرْضه أَرْبعا الحديث: 331 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 358 332 - فِي مُدَّة الْإِقَامَة قَالَ ابْن عمر وأصحابنا وَالثَّوْري إِذا نوى إِقَامَة خَمْسَة عشر يَوْمًا فَإِن كَانَ أقل قصر قَالَ سعيد بن الْمسيب وَمَالك وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ إِذا نوى الْإِقَامَة أَرْبَعَة أتم وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا نوى الْإِقَامَة ثَلَاثَة عشر أتم إِن نوى أقل قصر وَقَالَ الْحسن بن حَيّ أَن مر الْمُسَافِر بمصره الَّذِي فِيهِ أَهله وَهُوَ منطلق مَاض فِي سَفَره قصر فِيهِ الصَّلَاة مَا لم يقم عشرا فَإِن أَقَامَ بِهِ عشرا أَو بِغَيْرِهِ من سَفَره أتم الصَّلَاة قَالَ أَبُو جَعْفَر روى ابْن عَبَّاس وَجَابِر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فتح مَكَّة صَبِيحَة الرَّابِعَة من ذِي الْحجَّة فَكَانَ مقَامه إِلَى وَقت خُرُوجه أَكثر من أَربع وَقد كَانَ يقصر الصَّلَاة فَدلَّ على سُقُوط الِاعْتِبَار بالأربع وَقد روى أَبُو حنيفَة عَن عمر بن ذَر عَن ابْن عَبَّاس عَن ابْن عمر قَالَ إِذا قدمت من بَيت بلدك وَأَنت مُسَافر وَفِي نَفسك أَن تقيم بهَا خمس عشرَة لَيْلَة فأكمل الصَّلَاة بهَا وَإِن كنت لَا تَدْرِي مَتى تظعن فاقصرها وَلم يرو عَن أحد من السّلف خِلَافه الحديث: 332 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 359 فَإِن قيل قد رُوِيَ عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي عَن سعيد بن الْمسيب من أجمع على أَربع وَهُوَ مُسَافر أتم الصَّلَاة قيل لَهُ قد روى عَن هِشَام عَن دَاوُد بن أبي هِنْد عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ إِذا اقام الْمُسَافِر خمس عشرَة أتم الصَّلَاة وَمَا دون ذَلِك فليقصر 333 - فِي الْإِقَامَة فِي دَار الْحَرْب قَالَ أَصْحَابنَا فِي الْجَيْش يدْخلُونَ إِلَى دَار الْحَرْب فيحاصرون مَدِينَة ويعزمون على إِقَامَة خَمْسَة عشر يَوْمًا أَنهم يقصرون وَحكى ابْن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة إِذا نوى الْمُسَافِر الْمقَام فِي بَريَّة خَمْسَة عشر قصر وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد هُوَ مُقيم وَقَالَ مَالك فِي الْحَرْب مثل قَول أَصْحَابنَا وَكَذَلِكَ اللَّيْث وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا أَقَامَ بِبَلَد لتأهب الْحَرْب قصر فِي مثل الْمدَّة الَّتِي قصر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَكَّة بعد الْفَتْح سبع عشرَة أَو ثَمَانِي عشرَة لِأَنَّهُ كَانَ متأهبا للحرب الحديث: 333 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 360 334 - إِذا نوى الْإِقَامَة بعد الصَّلَاة قَالَ أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيّ إِذا فرغ الْمُسَافِر من صلَاته وَسلم ثمَّ نوى الْإِقَامَة وَهُوَ فِي الْوَقْت لم يتم وَلم يعد الصَّلَاة قَالَ مَالك إِن أعَاد فَهُوَ حسن وَأحب إِلَيّ أَن يُعِيد 335 - فِيمَن نوى الْإِقَامَة فِي الصَّلَاة قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ يُتمهَا أَرْبعا وَقَالَ مَالك إِذا صلى رَكْعَة ثمَّ بدا لَهُ الْإِقَامَة يضيف إِلَيْهَا رَكْعَة أُخْرَى ويجعلها نَافِلَة ثمَّ يبتدىء صَلَاة مُقيم قَالَ أَبُو جَعْفَر نِيَّة الْإِقَامَة تلْزم الْإِتْمَام فَلَا تفْسد الصَّلَاة كعتق الْأمة فِي الصَّلَاة تلزمها تَغْطِيَة الرَّأْس وَلَا تفْسد صلَاتهَا 336 - فِي مُسَافر صلى بمقيمين قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ إِذا صلى مُسَافر بمقيمين فَسلم قَامَ المقيمون يتمون وحدانا بِغَيْر إِمَام وَقَالَ مَالك أحب أَن يقدموا رجلا مِنْهُم فَيصَلي بهم وَفِي ذَلِك سَعَة إِن شَاءَ الله تَعَالَى قَالَ أَبُو جَعْفَر صلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَهْل مَكَّة رَكْعَتَيْنِ قَالَ أَتموا صَلَاتكُمْ الحديث: 334 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 361 فَإنَّا قوم سفر وَقد فعل عمر مثل ذَلِك بعده وَلم يَأْمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقصر المقيمين أَن يجمع بَينهم فِيمَا بَقِي 337 - فِي الْمُسَافِر يُصَلِّي رَكْعَة ثمَّ يحدث فَيقدم الْقَوْم مُقيما قَالَ أَصْحَابنَا إِذا صلى مُسَافر بمسافرين ومقيمين فأحدث بَعْدَمَا صلى رَكْعَة وَقدم مُقيما فَإِنَّهُ يتم صَلَاة الأول ثمَّ يتَأَخَّر وَيقدم مُسَافِرًا يسلم وَيسلم المسافرون وَيُقِيم المقيمون فيقضون وحدانا وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَقَالَ مَالك يُصَلِّي الْمُقِيم تَمام صَلَاة الأول ثمَّ يُشِير إِلَى من خَلفه بِالْجُلُوسِ ثمَّ يقوم وَحده فَيتم أَرْبعا ثمَّ يقْعد ويتشهد وَيسلم وَيقوم من خَلفه من المقيمين فيتمون لأَنْفُسِهِمْ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ يتمون كلهم الصَّلَاة مَعَ الْمُقِيم الْمُقدم قَالَ أَبُو جَعْفَر الثَّانِي خَليفَة الأول يفعل مَا كَانَ على الأول فعله أَلا ترى أَنه لَو قدمه بَعْدَمَا صلى رَكْعَة وَإِنَّمَا أدْركهُ فِي الثَّانِيَة أَنه يقْعد إِذا صلى رَكْعَة لِأَن على الأول أَن يجلس وَإِن كَانَ وَحده لم يقْعد وَكَانَ حكم هَذِه الصَّلَاة حكم صَلَاة الإِمَام الأول فَلذَلِك كَانَ على مَا قَالَ الحديث: 337 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 362 338 - من سَافر قبل دُخُول الْوَقْت قَالَ أَصْحَابنَا إِذا خرج من مصر قبل خُرُوج الْوَقْت صلى رَكْعَتَيْنِ وَإِن قدم الْمصر قبل خُرُوج الْوَقْت أتم وَقَالَ الْحسن عَن زفر إِن جَاوز أَبْيَات الْمصر وَلم يبْق عَلَيْهِ من الْوَقْت إِلَّا مِقْدَار مَا يُصَلِّي رَكْعَة فَإِنَّهُ مفرط وَعَلِيهِ أَن يُصَلِّي الْعَصْر أَرْبعا وَإِن قدم من سفر فَدخل مصره وَلم يبْق من الْوَقْت إِلَّا قدر رَكْعَة أتم الصَّلَاة أجد لَهُ فِي ذَلِك تأليفه وَقَالَ أَبُو يُوسُف إِذا خرج من الْوَقْت شَيْء قصر وَإِن قدم وَقد بَقِي من الْوَقْت شَيْء أتم قَالَ أَبُو جَعْفَر لما كَانَت وَقت الصَّلَاة وقتا خَاصّا لسَائِر النَّاس وَجب أَن يكون وُجُوبهَا مُتَعَلقا بِوُجُود الْوَقْت وَلَوْلَا ذَلِك لما جَازَ فعلهَا قبل آخر الْوَقْت كَمَا لَو صلى قبل دُخُوله 339 - فِي الْمُسَافِر يدْخل فِي صَلَاة مُقيم يقطعهَا قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قطعهَا صلى صَلَاة مُسَافر وَقَالَ الْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ يُصَلِّي صَلَاة مُقيم وَإِن قطعهَا الحديث: 338 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 363 قَالَ أَبُو جَعْفَر دُخُوله لم يَجعله مُقيما وَإِنَّمَا يلْزمه الْإِتْمَام على وَجه الإتباع أَلا ترى أَن صَلَاة أُخْرَى إِذا صلاهَا لنَفسِهِ قصر فَإِذا قطع صلَاته بَطل حكم الإتباع وَهُوَ مُسَافر فَيصَلي صَلَاة مُسَافر 340 - فِيمَن قدم الْمصر الَّذِي سَافر إِلَيْهِ وَلم ينْو إِقَامَة وَلَيْسَ بمنزله قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ يُصَلِّي صَلَاة مُسَافر مَا لم يعزم على الْإِقَامَة وَقَالَ الشَّافِعِي إِن أَقَامَ فِيهِ بِغَيْر خوف أَرْبَعَة أَيَّام أتم قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلم يقل بِهَذَا القَوْل أحد غَيره وَقد رُوِيَ عَن سعد وَابْن عمر وَعبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة وَابْن عَبَّاس فِي رِوَايَة أَنه يقصر أبدا من غير تَوْقِيت رَوَاهُ أَبُو إِسْحَاق السبيعِي عَن زَائِدَة بن عُمَيْر الطَّائِي عَنهُ وروى عَاصِم عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس أَنه يقصر مَا بَينه وَبَين تِسْعَة عشر يَوْمًا فَإِذا أَقَامَ أَكثر من ذَلِك صلى أَرْبعا وروى سُفْيَان عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ إِذا أَقمت عشرا فَأَتمَّ الصَّلَاة وروى ابْن عجلَان عَن نَافِع عَن ابْن عمر إِذا أَقمت اثْنَي عشر يَوْمًا الحديث: 340 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 364 فَأَتمَّ الصَّلَاة وروى عَنهُ غَيره أَنه يقصر فِي غير تَوْقِيت وَهَذِه الْأَقْوَال كلهَا خلاف قَول الشَّافِعِي 341 - فِيمَن نسي صَلَاة السّفر حَتَّى أَقَامَ أَو صَلَاة الْمُقِيم حَتَّى سَافر قَالَ أَصْحَابنَا من فَاتَتْهُ صَلَاة فِي السّفر ثمَّ أَقَامَ بعد خُرُوج الْوَقْت قصر وَإِن سَافر بعد خُرُوج الْوَقْت وَقد فَاتَتْهُ الصَّلَاة أتم وَهُوَ قَول مَالك وَالثَّوْري وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَعبيد الله بن الْحسن وَالشَّافِعِيّ يُصَلِّي صَلَاة مُقيم فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ جَمِيعًا وَرُوِيَ عَن الشَّافِعِي رِوَايَة أُخْرَى إِذا تَركهَا فِي السّفر صلى صَلَاة سفر 342 - فِي الصَّلَاة فِي حَال الْقِتَال قَالَ أَصْحَابنَا لَا يُصَلِّي وَقَالَ مَالك وَالثَّوْري يُصَلِّي بإيماء وَإِن لم يقدر على الرُّكُوع وَالسُّجُود وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا لم يقدر على الرُّكُوع وَالسُّجُود من الْقِتَال كبر بدل كل رَكْعَة تَكْبِيرَة وَقَالَ الشَّافِعِي لَا بَأْس أَن يضْرب فِي الصَّلَاة الضَّرْبَة ويطعن الطعنة وَإِن تَابع الطعْن وَالضَّرْب أَو عمل عملا يطول بطلت صلَاته الحديث: 341 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 365 343 - فِي كَيْفيَّة صَلَاة الْخَوْف قَالَ أَصْحَابنَا تقوم طَائِفَة مَعَ الإِمَام فَيصَلي بهم رَكْعَة وسجدتين وينصرفون ثمَّ تَأتي الطَّائِفَة الْأُخْرَى فَيصَلي بهم رَكْعَتَيْنِ وسجدتين ويسلمون وحدانا بِغَيْر قِرَاءَة وينصرفون ثمَّ تَأتي الطَّائِفَة الْأُخْرَى فيقضون رَكْعَة بِغَيْر قِرَاءَة وَقَالَ ابْن أبي ليلى إِذا كَانَ الْعَدو بَينهم وَبَين الْقبْلَة جعل النَّاس طائفتين وَيُكَبِّرُونَ ويركعون جَمِيعًا وَكَذَلِكَ الإِمَام والصف الأول وَيقوم الصَّفّ الآخر فِي وُجُوه الْعَدو فَإِذا قَامُوا من السُّجُود سجد الصَّفّ الْمُؤخر فَإِذا فرغوا من سجودهم قَامُوا وَتقدم الصَّفّ الآخر وَتَأَخر الصَّفّ الأول فَيصَلي بهم الإِمَام فِي الرَّكْعَة الْأُخْرَى كَذَلِك فَإِن كَانَ الْعَدو فِي دبر الْقبْلَة قَامَ الإِمَام وصف مَعَه مُسْتَقْبل الْقبْلَة والصف الآخر مُسْتَقْبل الْعَدو فيكبر وَيُكَبِّرُونَ جَمِيعًا ويركع ويركعون جَمِيعًا ثمَّ يسْجد الصَّفّ الَّذِي مَعَ الإِمَام سَجْدَتَيْنِ ثمَّ يَنْقَلِبُون فيكونون مستقبلي الْعَدو ثمَّ يَجِيء الْآخرُونَ فيسجدون وَيُصلي بهم الإِمَام الرَّكْعَة الثَّانِيَة فيركعون جَمِيعًا وَيسْجد مَعَه الصَّفّ الَّذِي مَعَه ثمَّ يَنْقَلِبُون إِلَى الْعَدو فِي الْقبْلَة وَيَقُول أبي حنيفَة إِذا كَانَ الْعَدو فِي غير الْقبْلَة فَروِيَ عَن الثَّوْريّ مثل قَول أبي حنيفَة وَرُوِيَ أَيْضا مثل قَول ابْن أبي ليلى وَقَالَ إِن فعلت ذَلِك فَجَائِز وَرُوِيَ عَن أبي يُوسُف أَنه لَا تصلى بعد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة الْخَوْف بِإِمَام وَاحِد وَإِنَّمَا تصلى بإمامين كَسَائِر الصَّلَوَات الحديث: 343 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 366 وَقَالَ مَالك يتَقَدَّم الإِمَام بطَائفَة وَطَائِفَة بِإِزَاءِ الْعَدو فَيصَلي بهم رَكْعَة وسجدتين وَيقوم قَائِما وتتم الطَّائِفَة الَّتِي لم تصل فَيقومُونَ مكانهم وَتَأْتِي الطَّائِفَة الْأُخْرَى فَيصَلي بهم رَكْعَة وسجدتين ثمَّ يتَشَهَّد وَيسلم ثمَّ يقومُونَ فيتمون لأَنْفُسِهِمْ الرَّكْعَة الَّتِي بقيت قَالَ ابْن الْقَاسِم كَانَ مَالك يَقُول لَا يسلم الإِمَام حَتَّى تتمّ الطَّائِفَة الْأُخْرَى لأنفسها ثمَّ يسلم بهم لحَدِيث يزِيد بن رُومَان ثمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيث الْقَاسِم وَفِيه أَن الإِمَام يسلم ثمَّ تقوم الطَّائِفَة الثَّانِيَة فيقضون وَقَالَ الشَّافِعِي مثل قَول مَالك إِلَّا أَنه قَالَ إِن الإِمَام لَا يسلم حَتَّى تتمّ الطَّائِفَة الثَّانِيَة لأنفسها ثمَّ يسلم بهم وَقَالَ الْحسن بن حَيّ مثل قَول أَصْحَابنَا إِلَّا أَنه قَالَ الطَّائِفَة الثَّانِيَة إِذا صلت مَعَ الإِمَام وَسلم الإِمَام قَضَت لأنفسها الرَّكْعَة الَّتِي لم يصلوها مَعَ الإِمَام ثمَّ تَنْصَرِف وتجيء الطَّائِفَة الأولى فتقضي بَقِيَّة صلَاتهَا قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ الله تَعَالَى {ولتأت طَائِفَة أُخْرَى لم يصلوا فليصلوا مَعَك} النِّسَاء 102 فَأخْبر أَنهم يدْخلُونَ فِيهَا دُخُولا مُخْتَلفا وَمَا ذهب إِلَيْهِ مَالك من ذَلِك فَإِنَّهُ ذهب إِلَيْهِ لحَدِيث رَوَاهُ عَن يزِيد بن رُومَان عَن صَالح بن خَوات عَمَّن صلى مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكر فِيهِ أَن الطَّائِفَة الأولى صلت الرَّكْعَة الثَّانِيَة قبل أَن يُصليهَا عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَهَذَا لم يروه إِلَّا يزِيد بن رُومَان وَقد خُولِفَ فِيهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 367 فروى شُعْبَة عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أَبِيه عَن صَالح بن خَوات عَن سهل بن أبي حثْمَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى بهم صَلَاة الْخَوْف فَصف صفا خَلفه وَصفا مصافا لِلْعَدو فصلى بهم رَكْعَة فَفِي هَذَا الحَدِيث أَن الطَّائِفَة الأولى تقض الرَّكْعَة الثَّانِيَة إِلَّا بعد خُرُوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من صلَاته وَهَذَا أولى لقَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام إِنَّمَا جعل الإِمَام ليؤتم بِهِ وَقَالَ إِنِّي امْرُؤ قد بدنت فَلَا تبادروني بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُود وَفِي حَدِيث مَالك عَن يزِيد بن رُومَان أَن تِلْكَ الصَّلَاة إِنَّمَا كَانَت من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِذَات الرّقاع وَقد روى يحيى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة عَن جَابر قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِذَات الرّقاع فصلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 368 أَرْبعا وكل طَائِفَة رَكْعَتَيْنِ فاضطرب حَدِيث يزِيد بن رُومَان اضطرابا شَدِيدا فَإِن قيل يجوز فِي صَلَاة الْخَوْف انصراف الطَّائِفَة الأولى عَن الصَّلَاة قبل الإِمَام كَمَا جَازَ الْمُضِيّ قيل لَهُ الْمُنْفَرد إِذا كَانَ مُنْهَزِمًا يُصَلِّي سائرا بإتفاق فَكَانَ لما ذكرنَا أصل مُتَّفق عَلَيْهِ من نَظَائِره وَلَيْسَ للفراغ من الصَّلَاة قبل الإِمَام نَظِير فِي أصل 344 - فِي كَيْفيَّة الْمغرب فِي الْخَوْف قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ يُصَلِّي بالطائفة الأولى رَكْعَتَيْنِ إِلَّا أَن مَالِكًا واالشافعي قَالَا يقوم الإِمَام قَائِما حَتَّى يتموا لأَنْفُسِهِمْ ثمَّ يُصَلِّي بالطائفة الثَّانِيَة رَكْعَة أُخْرَى ثمَّ يسلم الإِمَام وَتقوم الطَّائِفَة الثَّانِيَة فيقضون رَكْعَتَيْنِ وَقَالَ الشَّافِعِي إِن شَاءَ الإِمَام ثَبت جَالِسا حَتَّى تتمّ الطَّائِفَة الأولى لأَنْفُسِهِمْ وَإِن شَاءَ قَامَ قَائِما وَيسلم الإِمَام بهم بعد الطَّائِفَة الثَّانِيَة وَقَالَ الثَّوْريّ يقوم صف خَلفه وصف موازي الْعَدو فَيصَلي بهم رَكْعَة ثمَّ يذهبون إِلَى مقَام أُولَئِكَ وَيَجِيء هَؤُلَاءِ فَيصَلي بهم رَكْعَة ويجسلون فَإِذا قَامَ ذهب هَؤُلَاءِ إِلَى مصَاف أُولَئِكَ وَجَاء أُولَئِكَ فركعوا وسجدوا وَالْإِمَام قَائِم لِأَن قِرَاءَة الإِمَام لَهُم قِرَاءَة وجلسوا ثمَّ قَامُوا يصلونَ مَعَ الإِمَام الرَّكْعَة الثَّالِثَة فَإِذا جَلَسُوا وَسلم الإِمَام ذَهَبُوا إِلَى مصَاف أُولَئِكَ وَجَاء الْآخرُونَ فصلوا رَكْعَتَيْنِ ذهب الثَّوْريّ إِلَى أَن عَلَيْهِ التَّعْدِيل بَين الطَّائِفَتَيْنِ فَيصَلي لكل وَاحِدَة الحديث: 344 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 369 رَكْعَة وَقد ترك هَذَا الْمَعْنى حِين جعل الطَّائِفَة الأولى أَن يُصَلِّي مَعَ الإِمَام الرَّكْعَة الأولى الثَّالِثَة والطائفة الثَّانِيَة إِنَّمَا صلت الرَّكْعَة الثَّانِيَة مَعَه وَقَالَ الثَّوْريّ إِنَّه إِذا كَانَ مُقيما فصلى بهم الظّهْر أَنه يُصَلِّي بِالْأولَى رَكْعَتَيْنِ وبالثانية رَكْعَتَيْنِ فَلم يقسم الصَّلَاة بَينهم على أَن يُصَلِّي كل طَائِفَة مَعَه رَكْعَة على حيالها وَمذهب الثَّوْريّ فِي هَذَا مُخَالف لِلْأُصُولِ من وَجه آخر وَذَلِكَ أَنه أَمر الإِمَام بِأَن يقوم بِهِ قَائِما حَتَّى تفرغ الطَّائِفَة الأولى من الرَّكْعَة الثَّانِيَة وَهَذَا مُخَالف لِلْأُصُولِ على نَحْو مَا ذكرنَا فِي حَدِيث يزِيد بن رُومَان 345 - فِيمَن صلى فِي الْخَوْف بعض صلَاته رَاكِبًا وَبَعضهَا نازلا قَالَ أَبُو حنيفَة فِي المتطوع إِذا صلى رَكْعَة رَاكِبًا وَهُوَ يومىء ثمَّ نزل بنى وَإِن صلى رَكْعَة نازلا ثمَّ ركب اسْتقْبل وَلم يذكر مُحَمَّد فِي هَذِه الْمَسْأَلَة خلافًا وَقَالَ مَالك إِن صلى آمنا رَكْعَة ثمَّ خَافَ ركب وَبنى وَإِن صلى رَاكِبًا رَكْعَة وَهُوَ خَائِف ثمَّ أَمن نزل وَبنى وَإِن صلى رَاكِبًا رَكْعَة وَهُوَ خَائِف ثمَّ صلى أُخْرَى رَاكِبًا فَهُوَ حسن وَقَالَ الثَّوْريّ إِن دخل فِي الصَّلَاة رَاكِبًا ثمَّ نزل فَأحب أَن يُعِيد فَإِن لم يتقلب وَجهه عَن جِهَته لم يكن عَلَيْهِ إِعَادَة لِأَن النُّزُول خَفِيف وَإِن كَانَ نازلا فَركب أفسد لِأَن الرّكُوب عمل أَكثر من النُّزُول الحديث: 345 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 370 346 - فِي أهل الْقرى هَل يصلونَ صَلَاة الْعِيد قَالَ أَصْحَابنَا هِيَ الْأَمْصَار والمدائن وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث فِي أهل الْبَادِيَة لَا بَأْس بِأَن يُصَلِّي بهم وَاحِد مِنْهُم فِي الْعِيد رَكْعَتَيْنِ يجْهر فيهمَا بِالْقِرَاءَةِ وَيكبر سبعا وخمسا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يُصَلِّي بهم رَكْعَتَيْنِ ويعظهم وَهُوَ جَالس وَلَا يرفع صَوته فِي قِرَاءَته وَقَالَ الشَّافِعِي يُصَلِّي الرجل وَالْمَرْأَة صَلَاة الْعِيد 347 - صَلَاة الْعِيد فِي مسجدين قَالَ أَصْحَابنَا لَا بَأْس بِأَن يُصَلِّي الإِمَام فِي الْجَبانَة ويخلف رجلا يُصَلِّي بِالنَّاسِ فِي مَسْجِد وَهُوَ قَول ابْن أبي ليلى وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ مَالك لَا يُصَلِّي فِي موضِعين وَلَا يصلونَ فِي مَسْجِدهمْ وَلَكِن يخرجُون كَمَا خرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم 348 - فِيمَن تفوته صَلَاة الْعِيد قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري إِن شَاءَ صلى لنَفسِهِ رَكْعَتَيْنِ وَإِن شَاءَ أَرْبعا وَإِن شَاءَ لم يفعل الحديث: 346 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 371 وَقَالَ مَالك فِي النِّسَاء إِذا لم يشهدن فِي صَلَاة الْعِيد أَنَّهُنَّ إِن صلين فليصلين مثل صَلَاة الإِمَام يكبرن كَمَا يكبر الإِمَام وَلَا يجمع بِهن الصَّلَاة أحد يصلين أفرادا وان تركن ذَلِك فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ شَيْء وَيسْتَحب لَهُنَّ فعلهَا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ من فَاتَتْهُ صَلَاة الْعِيد من النِّسَاء وغيرهن فَإِنَّهُنَّ يقضينها فِي بُيُوتهنَّ وَلَيْسَ بِلَازِم وَقَالَ اللَّيْث لَيْسَ على النِّسَاء أَن يصلين فِي بُيُوتهنَّ صَلَاة الْعِيد وَإِن فعلن فَحسن قَالَ وَمن جَاءَ وَقد صلى الإِمَام صلى رَكْعَتَيْنِ وَقَالَ الشَّافِعِي يُصَلِّي الْعِيد الْمُنْفَرد فِي بَيته وَالْمُسَافر وَالْعَبْد وَالْمَرْأَة وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث فِي رجل فَاتَتْهُ صَلَاة الْعِيد لَيْسَ عَلَيْهِ صَلَاة فِي الْمصلى وَلَا فِي بَيته وَلَا أرى بَأْسا أَن يُصَلِّي إِن شَاءَ فِي بَيته وَإِن شَاءَ فِي الْمصلى يكبر سبعا وخمسا وَهُوَ قَول عبيد الله بن الْحسن 349 - فِي مَوضِع التَّعَوُّذ والإستفتاح فِي الْعِيد قَالَ أَصْحَابنَا يستفتح بعد التَّكْبِيرَة الأولى وَقَالَ أَبُو يُوسُف يتَعَوَّذ عقيب الاستفتاح ثمَّ يكبر وَقَالَ مُحَمَّد يُؤَخر التَّعَوُّذ إِلَى بعد التَّكْبِيرَة وَمَالك لَا يرى التَّعَوُّذ وَلَا الاستفتاح فِي سَائِر الصَّلَوَات وَقَالَ الثَّوْريّ يستفتح بعد التَّكْبِيرَة الأولى وَكَذَلِكَ الشَّافِعِي وَلم يذكرَا مَوضِع التَّعَوُّذ الحديث: 349 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 372 وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يستفتح بَعْدَمَا يفرغ من التَّكْبِير كُله وَإِن أَرَادَ أَن يقْرَأ فَيَقُول سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك إِلَى آخِره ثمَّ يتَعَوَّذ ثمَّ يقْرَأ قَالَ أَبُو جَعْفَر لما كَانَ الإستفتاح مسنونا فِي سَائِر الصَّلَوَات عقيب التَّحْرِيمَة الَّتِي يكبرها فِي صلب الصَّلَاة كَانَ كَذَلِك فِي صَلَاة الْعِيد وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن الإستفتاح قبل تَكْبِير الْعِيد والتعوذ بعد لِأَن التَّعَوُّذ للْقِرَاءَة أَلا ترى أَن الْمَأْمُوم يستفتح وَلَا يتَعَوَّذ لِأَنَّهُ لَا قِرَاءَة عَلَيْهِ 350 - فِي رفع الْيَدَيْنِ فِي تَكْبِير الْعِيد قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد وَالثَّوْري يرفع يَدَيْهِ فِي التَّكْبِير الأول وَفِي الزَّوَائِد وَلَا يرفع يَدَيْهِ فِي الرُّكُوع وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَأَبُو يُوسُف لَا يرفع يَدَيْهِ فِي شَيْء من تَكْبِيرَات الْعِيد وَهُوَ قَول مَالك وَقَالَ اللَّيْث وَالشَّافِعِيّ يرفع يَدَيْهِ فِي تَكْبِير صَلَاة الْعِيد 351 - فِيمَا يقْرَأ بِهِ فِي صَلَاة الْعِيد قَالَ أَصْحَابنَا رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يقْرَأ فيهمَا بسبح اسْم رَبك الْأَعْلَى وَهل أَتَاك حَدِيث الغاشية وَمَا قَرَأَ من شَيْء أَجزَأَهُ وَقَالَ مَالك يقْرَأ بالشمس وَضُحَاهَا وبسبح اسْم رَبك الْأَعْلَى وَهل أَتَاك حَدِيث الغاشية وَنَحْوهَا الحديث: 350 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 373 وَقَالَ الشَّافِعِي يقْرَأ فِي الْعِيدَيْنِ بسبح اسْم رَبك الْأَعْلَى وَهل أَتَاك حَدِيث الغاشية روى سَمُرَة بن جُنْدُب مثله عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وروى أَبُو رَاقِد اللَّيْثِيّ سَأَلَهُ عمر بن الْخطاب عَمَّا كَانَ يقْرَأ بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْأَضْحَى وَالْفطر فَقَالَ كَانَ يقْرَأ بقاف واقتربت السَّاعَة وَهَذَا يدل على أَنه لَا تَوْقِيت فِي الْقِرَاءَة 352 - فِي كَيْفيَّة صَلَاة الْعِيد قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري خمس فِي الأولى وَأَرْبع فِي الْأَخِيرَة ويوالي بَين الْقِرَاءَتَيْن وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ سبع فِي الأولى وَخمْس فِي الْأَخِيرَة وَيبدأ فيهمَا جَمِيعًا بِالتَّكْبِيرِ رُوِيَ مثله عَن أبي يُوسُف وَقَالَ الشَّافِعِي وَلَا يعْتد بتكبيرة الإفتتاح وَالرُّكُوع وَقَالَ الْحسن بن حَيّ عَن أبي إِسْحَاق عَن الْحَارِث عَن عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام أَنه كَانَ يكبر فِي الْفطر إِحْدَى عشرَة تَكْبِيرَة يكبر حِين يفْتَتح الصَّلَاة ثمَّ يقْرَأ ثمَّ يكبر خمْسا ويركع بإحداهن ثمَّ يقوم فِي الثَّانِيَة يقْرَأ ثمَّ يكبر خمْسا يرْكَع بإحداهن وَكَانَ يكبر وَاحِدَة يفْتَتح بهَا الصَّلَاة ثمَّ يقْرَأ ثمَّ يكبر تكبيرتين يرْكَع بِإِحْدَاهُمَا ثمَّ يقوم إِلَى الثَّانِيَة فَيقْرَأ ثمَّ يكبر تكبيرتين يرْكَع بِإِحْدَاهُمَا الحديث: 352 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 374 وَكَانَ الْحسن بن حَيّ يَأْخُذ بِهَذَا وَرُوِيَ قَول أَصْحَابنَا عَن ابْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس فِي الرِّوَايَتَيْنِ وَأبي مُوسَى وَأنس بن مَالك وَابْن الزبير وَقد رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس سبع فِي الأولى وَخمْس فِي الثَّانِيَة وَرُوِيَ شُعْبَة عَن قَتَادَة وخَالِد الْحذاء عَن عبد الله بن الْحَارِث أَنه صلى خلف ابْن عَبَّاس فِي الْعِيد فَكبر أَرْبعا ثمَّ قَرَأَ فَرَكَعَ ثمَّ قَامَ فِي الثَّانِيَة فَقَرَأَ ثمَّ كبر ثَلَاثًا ثمَّ كبر وَركع وَلم يرو عَن أحد من الصَّحَابَة سبع وَخمْس مِمَّن لم يخْتَلف عَنهُ فِيهِ غير أبي هُرَيْرَة فَإِنَّهُ رُوِيَ ذَلِك فِي غير اخْتِلَاف عَنهُ فِيهِ فَكَانَ مَا كبر هَؤُلَاءِ الْآخرُونَ أولى لِأَن فِيهِ زِيَادَة على مَا كبر أَبُو هُرَيْرَة 353 - فِيمَن فَاتَتْهُ رَكْعَة من صَلَاة الْعِيد ذكر فِي الأَصْل أَنه إِذا قَامَ يقْضِي وَهُوَ وَالْإِمَام يريان تَكْبِير ابْن مَسْعُود الحديث: 353 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 375 فَإِنَّهُ يفعل فِي الثَّانِيَة مثل مَا يَفْعَله ابْن مَسْعُود فِي الثَّانِيَة وَلم يذكر خلافًا قَالَ أَبُو جَعْفَر وَحدثنَا ابْن أبي عمرَان عَن بكر الْعمي عَن هِلَال الرَّأْي عَن يُوسُف السَّمْتِي عَن أبي حنيفَة أَنه يفعل فِي الَّتِي يقْضِي مَا يفعل ابْن مَسْعُود فِي الأولى لِأَنَّهُ إِنَّمَا يقْضِي الرَّكْعَة الأولى لَا الثَّانِيَة وَقَالَ مَالك وَالثَّوْري كَمَا كبر الإِمَام وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يكبر خمْسا فِي الَّتِي يقْضِي لِأَنَّهَا آخر صلَاته وَالَّتِي أدْرك مَعَ الإِمَام أول صلَاته فَإِذا كبر الإِمَام خمْسا فِي الْآخِرَة فليكبر هُوَ تكبيرتين قبل أَن يرْكَع 354 - فِيمَن سبقه الإِمَام قبل التَّكْبِير قَالَ أَصْحَابنَا إِذا أدْرك الإِمَام فِي صَلَاة الْعِيد وَقد سبقه بِرَكْعَة يرى فِيهَا تَكْبِير ابْن عَبَّاس وَالْمَأْمُوم يرى تَكْبِير ابْن مَسْعُود فَإِنَّهُ يكبر فِيمَا يقْضِي تَكْبِير ابْن مَسْعُود وَقَالَ مَالك وَالثَّوْري وَابْن حَيّ يكبر كَمَا كبر الإِمَام لِأَنَّهُ يقْضِي صَلَاة الإِمَام وَقَالَ مَالك لَو أدْركهُ فِي الْجُلُوس كبر كَمَا يكبر الإِمَام أَيْضا 355 - هَل يكبر يَوْم الْعِيد فِي طَرِيق الْمصلى قَالَ أَصْحَابنَا إِنَّه يكبر فِي طَرِيق الْأَضْحَى ويجهر فِي ذَهَابه إِلَى الحديث: 354 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 376 الْمصلى وَلَا يكبر يَوْم الْفطر وَقَالَ مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ يكبر فِي خُرُوجه إِلَى الْمصلى فِي الْعِيدَيْنِ جَمِيعًا وَقَالَ مَالك يكبر فِي الْمصلى إِلَى أَن يخرج الإِمَام فَإِذا خرج الإِمَام قطع التَّكْبِير وَلَا يكبر إِذا رَجَعَ وَقَالَ الشَّافِعِي يجب إِظْهَار التَّكْبِير لَيْلَة الْفطر وَلَيْلَة النَّحْر وَإِذا غدوا إِلَى الْمصلى حَتَّى يخرج الإِمَام وَفِي مَوضِع آخر حَتَّى يفْتَتح الإِمَام الصَّلَاة قَالَ أَبُو جَعْفَر وَمن كبر يَوْم الْفطر تَأَول فِيهِ قَول الله تَعَالَى {ولتكبروا الله على مَا هدَاكُمْ} الْبَقَرَة 185 وَرُوِيَ عَن زيد بن أسلم أَنه تَأَول ذَلِك على تَكْبِير يَوْم الْفطر وَعَن ابْن عمر أَنه كَانَ يَوْم الْفطر وَيَوْم الْأَضْحَى يكبر وَيرْفَع بذلك صَوته حَتَّى يخرج إِلَى الْمصلى قَالَ أَبُو جَعْفَر وَيحْتَمل قَوْله {ولتكبروا الله على مَا هدَاكُمْ} تَعْظِيم الله تَعَالَى بالأفعال وبالأقوال كَقَوْلِه تَعَالَى {وَكبره تَكْبِيرا} الْإِسْرَاء 111 وَقد روى ابْن أبي ذِئْب عَن شُعْبَة مولى ابْن عَبَّاس قَالَ كنت أَقُود ابْن عَبَّاس إِلَى الْمصلى فَيسمع النَّاس يكبرُونَ فَيَقُول مَا شَأْن النَّاس أكبر الإِمَام فَأَقُول لَا فَيَقُول أمجانين النَّاس فَأنْكر ابْن عَبَّاس التَّكْبِير فِي الطَّرِيق إِلَى الْمصلى وَهُوَ يدل على أَن المُرَاد عِنْده هُوَ التَّكْبِير الَّذِي يكبره الإِمَام فِي الْخطْبَة مِمَّا يَصح أَن يكبره النَّاس مَعَه وَقد روى حَنش بن الْمُعْتَمِر عَن عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام أَنه ركب بغلته يَوْم الْأَضْحَى فَلم يزل يكبر حَتَّى إِلَى الْجَبانَة وروى عَن أبي قَتَادَة أَنه كَانَ يكبر يَوْم الْعِيد حَتَّى يبلغ الْمصلى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 377 قَالَ أَبُو جَعْفَر الْقيَاس أَن يكبر فِي الْعِيدَيْنِ جَمِيعًا لِأَن صَلَاة الْعِيدَيْنِ لَا يَخْتَلِفَانِ فِي التَّكْبِير وَالْخطْبَة بعدهمَا وَسَائِر سُنَنهمَا كَذَلِك فِي سنة التَّكْبِير فِي الْخُرُوج إِلَيْهِمَا قَالَ وَكَانَ أَبُو عمرَان يَحْكِي عَن أَصْحَابنَا جَمِيعًا أَن السّنة عِنْدهم فِي يَوْم الْفطر أَن يكبر فِي الطَّرِيق إِلَى الْمصلى حَتَّى يأتوه وَلم يكن يعرف عِنْدهم مَا حَكَاهُ الْمُعَلَّى 356 - إِذا أدْرك الإِمَام بعد التَّكْبِير قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد إِذا أدْركهُ فِي الرُّكُوع كبر وَركع وَكبر للعيد فِي الرُّكُوع مَا لم يرفع الإِمَام رَأسه وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَا يكبر للعيد فِي الرُّكُوع وَرُوِيَ مثله عَن هِلَال بن يحيى عَن يُوسُف السَّمْتِي عَن أبي حنيفَة وَقَالَ مَالك إِذا نسي التَّكْبِير وَأدْركَ الرَّكْعَة فَلم يذكر ذَلِك حَتَّى ركع مضى وَلم يكبر مَا فَاتَهُ وَسجد سَجْدَتَيْنِ قبل السَّلَام وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا سبقه الإِمَام بِالتَّكْبِيرِ وَأدْركَ الرَّكْعَة لم يقْض التَّكْبِير قَالَ أَبُو جَعْفَر الْقيَاس لَا يكبر الإِمَام فِي الرُّكُوع لِأَن الإِمَام لَو لم يكبر حَتَّى ركع لم يكبر للرُّكُوع ويمضي فِي صلَاته كَذَلِك الْمَأْمُوم 357 - فِي التَّطَوُّع قبل صَلَاة الْعِيد أَو بعْدهَا قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ لَا يُصَلِّي قبل صَلَاة الْعِيد وَيُصلي بعْدهَا إِن شَاءَ الحديث: 356 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 378 وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث لَا يُصَلِّي قبلهَا وَلَا بعْدهَا فِي الْمصلى وَيُصلي بعْدهَا فِي غير الْمصلى وَقَالَ الشَّافِعِي يُصَلِّي قبلهَا وَبعدهَا كَمَا يُصَلِّي الْجُمُعَة وَبعدهَا وروى ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج يَوْم عيد فصلى رَكْعَتَيْنِ لم يصل قبلهَا وَلَا بعْدهَا فَثَبت أَنه لَيْسَ كَالْجُمُعَةِ واستخلف عَليّ كرم الله وَجهه أَبَا مَسْعُود فَخَطب أَبُو مَسْعُود النَّاس فَقَالَ يَا أَيهَا النَّاس لَا صَلَاة قبل الإِمَام يَوْم الْعِيد وَلم يرو عَن غَيره خِلَافه وعَلى أَن مثله لَا يُقَال بِالرَّأْيِ إِنَّمَا طَرِيقه التَّوْقِيف 358 - فِي صَلَاة الْكُسُوف هَل هِيَ فِي سَائِر النَّهَار عَن أَصْحَابنَا لَا يُصَلِّي فِي الْأَوْقَات الْمنْهِي عَن الصَّلَاة فِيهَا وَقَالَ مَالك فِي رِوَايَة ابْن وهب لَا يُصَلِّي للكسوف إِلَّا فِي حِين صَلَاة وَلَكِن إِن جَاءَ حِين صَلَاة وَالشَّمْس لم تنجل صلوا وَإِن انجلت قبل ذَلِك لم يصلوا وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَنهُ لَا أرى أَن يُصَلِّي للكسوف بعد الزَّوَال وَإِنَّمَا سنتها أَن تصلي ضحى إِلَى زَوَال الشَّمْس وَقَالَ اللَّيْث يُصَلِّي للكسوف نصف النَّهَار لِأَن نصف النَّهَار لَا يثبت لسرعة الشَّمْس الحديث: 358 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 379 وَقَالَ الشَّافِعِي يُصَلِّي نصف النَّهَار وَبعد الْعَصْر وَقَالَ اللَّيْث حججْت سنة ثَلَاث عشرَة وعَلى الْمَوْسِم سُلَيْمَان بن هِشَام وبمكة عَطاء بن أبي رَبَاح وَابْن شهَاب وَابْن أبي مليكَة وَعِكْرِمَة بن خَالِد وَعَمْرو بن شُعَيْب وَقَتَادَة وَأَيوب بن مُوسَى وَإِسْمَاعِيل بن أُميَّة فكسفت الشَّمْس بعد الْعَصْر فَقَامُوا قيَاما يدعونَ الله فَقلت لأيوب بن مُوسَى مَا لَهُم لَا يصلونَ وَقد صلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ النَّهْي قد جَاءَ فِي الصَّلَاة بعد الْعَصْر فَلذَلِك لَا يصلونَ وَأَن النَّهْي يقطع الْأَمر 359 - فِي كَيْفيَّة صَلَاة الْكُسُوف قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري رَكْعَتَانِ كَهَيئَةِ صَلَاتنَا ثمَّ الدُّعَاء حَتَّى ينجلي فَإِن صلوا جمَاعَة قَالَ أَبُو حنيفَة لَا يجْهر وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يجْهر وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ أَربع رَكْعَات فِي أَربع سَجدَات وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَتسن الْقِرَاءَة وَيقْرَأ بَين كل ركوعين بِأم الْقُرْآن قَالَ الشَّافِعِي وَنَحْو مِائَتي آيَة روى ابْن عَبَّاس وَعَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ركع ركوعين قبل السُّجُود فِي كل رَكْعَة الحديث: 359 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 380 وَرُوِيَ عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يرْكَع ثَلَاث رَكْعَات ثمَّ يسْجد رَوَاهُ حَمَّاد بن سَلمَة عَن قَتَادَة عَن عَطاء عَن عبيد بن عُمَيْر عَن عَائِشَة وَرَوَاهُ سُفْيَان عَن حبيب بن أبي ثَابت عَن طَاوُوس عَن ابْن عَبَّاس أَنه ركع ثَلَاث رَكْعَات ثمَّ سجد وَالرِّوَايَة الأولى عَن عَائِشَة ويرويها مَالك عَن زيد بن أسلم عَن عَطاء بن يسَار عَن ابْن عَبَّاس وروى عبد الله بن عَمْرو وَسمرَة بن جُنْدُب أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى صَلَاة الْكُسُوف كَهَيئَةِ صَلَاتنَا وروى سَمُرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى صَلَاة الْكُسُوف كَهَيئَةِ صَلَاتنَا وروى سَمُرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى صَلَاة الْكُسُوف لم يسمع لَهُ صَوت وروى سُفْيَان بن حُسَيْن عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جهر بِالْقِرَاءَةِ فِي كسوف الشَّمْس الجزء: 1 ¦ الصفحة: 381 وَرُوِيَ عَن عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام أَنه جهر بهَا 360 - فِي كسوف الْقَمَر قَالَ أَصْحَابنَا الصَّلَاة حَسَنَة وحدانا لَا يصلونَ جمَاعَة وَهُوَ قَول مَالك ويصليها الْمُنْفَرد كَهَيئَةِ صَلَاتنَا وَقَالَ عبد الْعَزِيز بن أبي سَلمَة الْمَاجشون مثل ذَلِك وَقَالَ اللَّيْث لَا يجمع فِيهَا وَيُصلي الرجل على نَحْو كسوف الشَّمْس وَقَالَ الشَّافِعِي يُصَلِّي فِي كسوف الْقَمَر كَمَا فعل فِي كسوف الشَّمْس فِي رَكْعَة رَكْعَتَيْنِ وَرُوِيَ ذَلِك عَن ابْن عَبَّاس وَعُثْمَان بن عَفَّان قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خير صَلَاة الْمَرْء فِي بَيته إِلَّا الْمَكْتُوبَة وَخص مِنْهُ صَلَاة الْكُسُوف بِالْجَمَاعَة وَلم يصل فِي كسوف الْقَمَر فَهِيَ على أصل مَا كَانَت عَلَيْهِ فَإِن قيل قد خطب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي كسوف الشَّمْس فَهَلا كَانَ من سننها الْخطْبَة قيل لَهُ لِأَن النَّاس قَالُوا إِن الشَّمْس كسفت لمَوْت إِبْرَاهِيم بن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأعلمهم أَنه لَيْسَ كَذَلِك وَكَانَت الْخطْبَة من أجل ذَلِك الحديث: 360 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 382 361 - فِي الإستسقاء قَالَ أَبُو حنيفَة لَيْس َ فِي الإستسقاء صَلَاة وَلَكِن يخرج الإِمَام فيدعو وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَمَالك وَالشَّافِعِيّ يُصَلِّي الإِمَام بهم رَكْعَتَيْنِ ثمَّ يخْطب وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ يخْطب خطبتين قَالَ مَالك وَلَا يكبر فِيهَا تَكْبِير الْعِيد وَلَا يخرج الْمِنْبَر وَلَكِن يتَوَكَّأ الإِمَام على عَصا وَإِنَّمَا يكون الإستسقاء فِي ضحى النَّهَار لَا فِي غير ذَلِك قَالَ أَبُو يُوسُف ويحول رِدَاءَهُ إِذا مضى صدر من خطبَته وَلَا تحول الْعَامَّة وَقَالَ مَالك إِذا فرغ من خطبَته إستقبل الْقبْلَة وحول رِدَاءَهُ وحولت الْعَامَّة أرديتهم وَكَذَلِكَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ الشَّافِعِي تَكْبِير الإستسقاء كتكبير الْعِيد وَقَالَ اللَّيْث الْخطْبَة فِي الإستسقاء قبل الصَّلَاة ويخطب خطبيتين كَالْجُمُعَةِ ويحول الإِمَام رِدَاءَهُ وَلَا يحول النَّاس أرديتهم قَالَ أَبُو جَعْفَر روى حَاتِم بن إِسْمَاعِيل عَن هِشَام بن إِسْحَاق بن عبد الله بن كنانه عَن أَبِيه عَن ابْن عَبَّاس أم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج فِي الإستسقاء متذللا متواضعا متضرعا حَتَّى أَتَى الْمصلى فَلم يخْطب كخطبتكم هَذِه وَلَكِن لم يزل فِي الدُّعَاء والتضرع وَالتَّكْبِير فصلى رَكْعَتَيْنِ كَمَا يُصَلِّي فِي الْعِيدَيْنِ الحديث: 361 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 383 قَالَ أَبُو جَعْفَر هِشَام ابْن إِسْحَاق وَأَبوهُ غير مشهورين فِي الْعلم وَلَا يثبت برواياتهما حجَّة وَقَوله كَصَلَاة الْعِيد يحْتَمل أَن يُرِيد بِهِ أَنه صلى رَكْعَتَيْنِ لَا فِي بَاب التَّكْبِير وَكَأن التَّشْبِيه وَاقِفًا من جِهَة الْعدَد لَا من جِهَة التَّكْبِير كَمَا قَالَ الله تَعَالَى {وَلَا طَائِر يطير بجناحيه إِلَّا أُمَم أمثالكم} الْأَنْعَام 38 وَلم يكن المُرَاد أَنَّهَا أُمَم أمثالنا فِي النُّطْق والتعبد وَنَحْوهَا وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّهَا أُمَم كَمَا نَحن أُمَم وَقد روى الزُّهْرِيّ عَن عباد بن تَمِيم عَن عَمه عبد الله بن زيد أَنه رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا خرج يَسْتَسْقِي فحول إِلَى النَّاس ظَهره واستقبل الْقبْلَة يَدْعُو ثمَّ حول رِدَاءَهُ وَصلى رَكْعَتَيْنِ وَلم يذكر فِيهِ تَكْبِيرا 362 - فِي وَقت الصَّلَاة على الْجِنَازَة قَالَ أَصْحَابنَا لَا يصلى عَلَيْهَا عِنْد الطُّلُوع والغروب وَنصف النَّهَار وَيصلى فِي غَيرهَا من الْأَوْقَات وَقَالَ مَالك لَا بَأْس بِالصَّلَاةِ على الْجِنَازَة بعد الْعَصْر مَا لم تصفر الشَّمْس فَإِذا اصْفَرَّتْ لم يصل على الْجِنَازَة إِلَّا أَن يكون يخَاف عَلَيْهَا فَيصَلي عَلَيْهَا وَلَا بَأْس بِالصَّلَاةِ على الْجِنَازَة بعد الصُّبْح مَا لم تسفر فَإِذا أَسْفر فَلَا يُصَلِّي عَلَيْهَا إِلَّا أَن يخَاف عَلَيْهَا هَذِه رِوَايَة ابْن الْقَاسِم الحديث: 362 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 384 وَذكر ابْن عبد الحكم عَنهُ أَن الصَّلَاة جَائِزَة فِي سَاعَات اللَّيْل وَالنَّهَار عِنْد طُلُوع الشَّمْس وَعند غُرُوبهَا وَقَالَ الثَّوْريّ لَا يصلى عَلَيْهَا إِلَّا فِي مَوَاقِيت الصَّلَاة وَتكره الصَّلَاة عَلَيْهَا نصف النَّهَار وَحين تغيب الشَّمْس وَبعد الْفجْر قبل أَن تطلع الشَّمْس وَقَالَ اللَّيْث لَا يصلى عَلَيْهَا فِي السَّاعَة الَّتِي يكره فِيهَا الصَّلَاة وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يصلى عَلَيْهَا مَا دَامَ فِي الْوَقْت مِيقَات الْعَصْر فَإِذا ذهب عَنْهُم مِيقَات الْعَصْر لم يصلوا عَلَيْهَا حَتَّى تغرب الشَّمْس وَقَالَ الشَّافِعِي يصلى على الْجَنَائِز فِي كل وَقت 363 - فِيمَن احق بِالصَّلَاةِ على الْمَيِّت قَالَ أَبُو حنيفَة إِمَام الْحَيّ أَحَق بِالصَّلَاةِ على الْمَيِّت ثمَّ الْأَب وَقَالَ أَبُو يُوسُف الصَّلَاة على الْمَيِّت إِلَى وليه وَقَالَ مَالك الْأَخ أولى بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ من الْجد لِأَنَّهُ أقعد بِالْمَيتِ قَالَ مَالك وَالِي الْمصر أَو صَاحب الشرطة إِذا كَانَت الصَّلَاة إِلَيْهِ أَحَق بِالصَّلَاةِ على الْمَيِّت من وليه وَالْقَاضِي إِذا كَانَ هُوَ الَّذِي يَلِي الصَّلَاة وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك وَاللَّيْث الابْن أَحَق بِالصَّلَاةِ على أمه من أَبِيهَا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ الْوَالِي أَحَق بِالصَّلَاةِ على الْمَيِّت من وليه وَكَانَ الْحسن يُعجبهُ تَقْدِيم الإِمَام على الْمَيِّت وَيَقُول هُوَ من السّنة وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن الإِمَام أَحَق بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ من الْوَلِيّ الحديث: 363 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 385 وَقَالَ الشَّافِعِي الْوَلِيّ أَحَق من الْوَالِي وَالْولَايَة للْعصبَةِ روى الْأَعْمَش عَن إِسْمَاعِيل بن رَجَاء عَن أَوْس بن ضمعج قَالَ سَمِعت أَبَا مَسْعُود الْأنْصَارِيّ يَقُول قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يؤم الرجل فِي سُلْطَانه وَرَوَاهُ شُعْبَة عَن إِسْمَاعِيل بن رَجَاء بِإِسْنَادِهِ وَقَالَ لَا يؤم أَمِير فِي إمارته قَالَ أَبُو جَعْفَر وَأما مَا حكيناه عَن أبي حنيفَة أَن إِمَام الْحَيّ أَحَق فَإِنَّهُ إِذا لم يحضر الصَّلَاة عَلَيْهِم وَالِي مصرهم فَإِذا حضر الْوَالِي فَالصَّلَاة إِلَيْهِ فِي قَوْله وَفِي قَول سَائِر أَصْحَابه وَكَانَ ابْن أبي عمرَان يَقُول إِنَّمَا جعل الصَّلَاة إِلَى أَئِمَّة الْحَيّ فِي ذَلِك الْوَقْت لأَنهم كَانُوا لَا يقدمُونَ حِينَئِذٍ للصَّلَاة بهم فِي الْمَسْجِد إِلَّا من لَا يصلح لغيره مِنْهُم أَو يتقدمه لما هُوَ عَلَيْهِ من الْفضل وَقد زَالَ الْآن ذَلِك فَلَا اعْتِبَار بأئمة الْحَيّ فِيهِ 364 - أَيْن يقوم الْمُصَلِّي على الْمَيِّت قَالَ أَصْحَابنَا يقوم بحذاء الصَّدْر من الرجل وَالْمَرْأَة وَحكى ابْن أبي عمرَان عَن مُحَمَّد بن شُجَاع أَنه قَالَ كَانَ أَبُو حنيفَة يرى أَن يقوم من الْجِنَازَة حِيَال الْوسط كَمَا يقوم الإِمَام وسطا من الْمَأْمُومين وَقَالَ أَبُو يُوسُف يقوم من الْمَرْأَة وَسطهَا لِأَنَّهَا مستورة بالنعش وَمن الحديث: 364 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 386 الرجل حِيَال صَدره لِأَنَّهُ إِن قَامَ وَسطه وَقع بَصَره على فرجه وَلَعَلَّ ذَلِك أَن يَبْدُو وَقَالَ الثَّوْريّ يقوم مِنْهَا بحذاء الصَّدْر وَرُوِيَ عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى على امْرَأَة نفسَاء فَقَامَ عَلَيْهَا عِنْد وَسطهَا قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلَا نعلم خلاف ذَلِك عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا يجوز خِلَافه قَالَ أَبُو حنيفَة وَزعم زاعم أَن قيام الْمُصَلِّي على الْمَرْأَة بحذاء وَسطهَا لَعَلَّه أَنه لم يكن نعوش فَكَانَ يقوم بحذاء يَسْتُرهَا عَن الْقَوْم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 387 وَاحْتج بِمَا روى يزِيد بن هَارُون عَن همام عَن أبي غَالب وَذكر حَدِيث أنس وقيامه وَسطهَا وَرِوَايَته ذَلِك عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَبُو غَالب فَسَأَلت عَن قيام أنس على الْجِنَازَة فَقيل لي إِنَّمَا كَانَ ذَلِك قبل النعوش فَكَانَ الإِمَام يقوم عِنْد عجزها يَسْتُرهَا من الْقَوْم قَالَ أَبُو جَعْفَر وَهَذَا محَال لِأَن النعوش قد اتَّخذت فِي خلَافَة أبي بكر الصّديق وَكَانَ أول من اتَّخذت لَهُ فَاطِمَة بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَذَلِكَ أَنَّهَا قَالَت لَهُم قبل وفاتها إِنِّي امْرَأَة ضئيلة يراني النَّاس بعد وفاتي فَقَالَت أم سَلمَة وَأَسْمَاء بنت عُمَيْس إِنَّهَا رَأَتْ فِي أَرض الْحَبَشَة النعوش فَاتخذ لَهَا نعش فَحملت فِيهِ وَبقيت النَّاس على ذَلِك إِلَى يَوْمنَا هَذَا 365 - فِي عدد تَكْبِير الْجِنَازَة قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ أَربع تَكْبِيرَات لَا يزِيد عَلَيْهِنَّ وَكَانَ ابْن أبي ليلى يكبر خمْسا وروى شُعْبَة عَن عَمْرو بن مرّة عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى عَن زيد بن أَرقم أَنه كَانَ يُصَلِّي على جنائزنا فيكبر عَلَيْهَا أَرْبعا فَكبر يَوْمًا خمْسا فَسئلَ عَن ذَلِك فَقَالَ كبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خمْسا وَيحْتَمل أَن يكون ذَلِك ثمَّ تَركه وَأَن الزِّيَادَة يمْضِي فِي الْمصلى عَلَيْهِ وَقد روى الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الحديث: 365 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 388 نعى للنَّاس النَّجَاشِيّ فِي الْيَوْم الَّذِي مَاتَ فِيهِ ثمَّ خرج إِلَى الْمصلى فَصف بهم وَكبر عَلَيْهِ أَربع تَكْبِيرَات قَالَ سعيد بن الْمسيب قَالَ عمر كل ذَلِك قد كَانَ خمس وَأَرْبع فَأمر عمر بِأَرْبَع وَقَالَ إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قبض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالنَّاس مُخْتَلفُونَ فَمنهمْ من يَقُول كبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرْبعا وَمِنْهُم من يَقُول كبر خمْسا وَآخر يَقُول سبعا فَلَمَّا كَانَ عمر جمع الصَّحَابَة فَقَالَ لَهُم انْظُرُوا أمرا تجتمعون عَلَيْهِ فأجمع أَمرهم على أَربع تَكْبِيرَات مثل التَّكْبِير فِي الْفطر والأضحى وَرُوِيَ عَن عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام أَنه كَانَ يكبر على أهل بدر سِتا وعَلى أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خمْسا وعَلى سَائِر النَّاس أَرْبعا وروى عَلْقَمَة عَن ابْن مَسْعُود أَنه سُئِلَ عَمَّن كبر خمْسا فَقَالَ لَيْسَ فِيهِ شَيْء مَعْلُوم وَقد يحْتَمل أَن يكون ذَلِك كَانَ مِنْهُ قبل اجْتِمَاع النَّاس على أَربع وَقد رُوِيَ عَن ابْن مَسْعُود أَربع 366 - إِذا كبر الإِمَام خمْسا قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف إِذا كبر الإِمَام خمْسا قطع الْمَأْمُوم بعد الْأَرْبَع وَسلم الحديث: 366 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 389 وَقَالَ زفر يكبر مَعَ الإِمَام مَا كبر ثمَّ رَجَعَ أَبُو يُوسُف إِلَى قَول زفر وَهُوَ قَول الثَّوْريّ فِي رِوَايَة وَرُوِيَ عَنهُ أَنه لَا يكبر وَيسلم وَقَالَ مَالك وَالْحسن بن حَيّ وَعبيد الله بن عمر وَلَا يكبر مَعَه الْخَامِسَة 367 - فِي الْجَنَائِز إِذا اجْتمعت قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك إِن كَانُوا رجَالًا فَإِن شَاءَ جعلهم وَاحِدًا خلف آخر وَإِن شَاءَ جعلهم صفا وَاحِدًا وَإِن كَانُوا رجَالًا وَنسَاء جعل الرِّجَال مِمَّا يَلِي الإِمَام وَالنِّسَاء مِمَّا يَلِي الْقبْلَة وَكَذَلِكَ قَالَ الثَّوْريّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ إِن الرِّجَال مِمَّا يَلِي الإِمَام وَقَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ يَجْعَل النِّسَاء مِمَّا يَلِي الإِمَام وَالرِّجَال مِمَّا يَلِي الْقبْلَة وَقد روى حَمَّاد بن سَلمَة وَيحيى بن صبيح عَن عمار بن أبي عمار مولى الْحَارِث بن نَوْفَل أَنه شهد الصَّلَاة على أم كُلْثُوم بنت عَليّ امْرَأَة عمر وعَلى ابْن لَهَا يُقَال لَهُ زيد فوضعا جَمِيعًا فِي الْمصلى وَالْإِمَام يَوْمئِذٍ سعيد بن الْعَاصِ وَفِي النَّاس ابْن عَبَّاس وَالْحسن وَالْحُسَيْن وَابْن عمر وَأَبُو هُرَيْرَة وَأَبُو سعيد الْخُدْرِيّ وَأَبُو قَتَادَة وَنَحْو من ثَمَانِينَ من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يحيى بن صبيح قَالَ عمار فأنكرت ذَلِك فَنَظَرت إِلَى هَؤُلَاءِ النَّفر فَقلت مَا هَذَا فَقَالُوا هِيَ السّنة الحديث: 367 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 390 يحيى بن صبيح ذكر ابْن عَبَّاس وَأَبا هُرَيْرَة وَأَبا سعيد وَأَبا قَتَادَة وَالْبَاقُونَ حَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة 368 - فِي رفع الْيَدَيْنِ فِي تَكْبِير الْجِنَازَة قَالَ أَصْحَابنَا وَالْحسن بن حَيّ وَالثَّوْري فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ لَا ترفع الْيَدَيْنِ فِي تَكْبِير الْجِنَازَة إِلَّا فِي الأولى وَرُوِيَ عَن مَالك وَالثَّوْري أَنه يرفع فِي التَّكْبِيرَات كلهَا وَعَن اللَّيْث أَيْضا رِوَايَتَانِ وَقَالَ الشَّافِعِي يرفع فِي كل تَكْبِيرَة وَرُوِيَ عَن مَالك أَنه لَا يرفع فِي شَيْء مِنْهَا فَإِن التَّكْبِير الأولى كتكبيرة الإفتتاح كَسَائِر الصَّلَوَات فَيَنْبَغِي أَن ترفع فِيهَا وَمَا بعْدهَا فِي حكم الأولى فِي الصَّلَاة على الْجِنَازَة لِأَنَّهُ من صلب الصَّلَاة فَالْقِيَاس أَن ترفع 369 - فِي ذكر الإستفتاح فِي صَلَاة الْجِنَازَة وَالْقِرَاءَة فِيهَا قَالَ أَصْحَابنَا يحمد الله ويثنى عَلَيْهِ بعد التَّكْبِيرَة الأولى ثمَّ يكبر الثَّانِيَة فَيصَلي على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ يكبر الثَّالِثَة فَيشفع للْمَيت ثمَّ يكبر الرَّابِعَة ثمَّ يسلم وَلَيْسَ فِيهِ شَيْء مُؤَقّت وَلَا يقْرَأ فِيهَا وَقَالَ مَالك إِنَّمَا هُوَ الدُّعَاء وَلَيْسَ فِيهِ قِرَاءَة فَاتِحَة الْكتاب فِيهَا بمعمول بِهِ ببلدنا الحديث: 368 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 391 وَقَالَ الثَّوْريّ أستحب أَن يَقُول فِي أول تَكْبِيرَة سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك وَهُوَ قَول الْحسن بن حَيّ قَالَ الْحسن بن حَيّ ثمَّ يُصَلِّي على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ يكبر الثَّالِثَة ثمَّ يَدْعُو للْمَيت ثمَّ يكبر الرَّابِعَة وَقَالَ الشَّافِعِي يكبر الْمُصَلِّي على الْمَيِّت ثمَّ يقْرَأ بِفَاتِحَة الْكتاب ثمَّ يكبر الثَّانِيَة ويحمد الله ثمَّ يُصَلِّي على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيَدْعُو للْمُؤْمِنين وَالْمُؤْمِنَات ثمَّ يكبر الثَّالِثَة وَيَدْعُو للْمَيت ثمَّ يكبر الرَّابِعَة وروى حَمَّاد بن سَلمَة عَن حميد عَن الْحسن أَنه كَانَ يقْرَأ فِي الصَّلَاة على الْمَيِّت فِي الثَّلَاث التَّكْبِيرَات بِفَاتِحَة الْكتاب وروى شُعْبَة عَن سعد بن إِبْرَاهِيم عَن طَلْحَة بن عبد الله صليت إِلَى جنب ابْن عَبَّاس على جَنَازَة وَأَنا غُلَام فَسَمعته يقْرَأ بِفَاتِحَة الْكتاب قلت أَقرَأ بهَا قَالَ نعم إِنَّهَا بر وَسنة وَرُوِيَ عَن عُثْمَان بن حنيف أَنه كَانَ يقْرَأ على الْمَيِّت بِأم الْقُرْآن إِذا صلى عَلَيْهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 392 وَيحْتَمل أَن يكون قراءتهم لَهَا على وَجه الدُّعَاء لَا التِّلَاوَة كَمَا قَالَ ابْن عَبَّاس إِنَّهَا بر وَقَوله إِنَّهَا سنة يَعْنِي الدُّعَاء بهَا سنة وَقد رُوِيَ عَن ابْن عمر وفضالة بن عبيد وَأبي هُرَيْرَة أَنه لَا يقْرَأ بهَا فَيحْتَمل أَن مَا روى ابْن عَبَّاس مَحْمُول على قرَاءَتهَا على وَجه الدُّعَاء وَلما لم تقْرَأ بعد التَّكْبِيرَة الثَّانِيَة دلّ على أَنه لَا يقْرَأ فِيمَا قبلهَا لِأَن كل تَكْبِيرَة قَائِمَة مقَام رَكْعَة وولما يتَشَهَّد فِي آخرهَا دلّ على أَنه لَا قِرَاءَة فِيهَا 370 - فِي كَيْفيَّة السَّلَام على الْجِنَازَة قَالَ أَصْحَابنَا يسلم عَن يَمِينه وَعَن يسَاره وَقَالَ مَالك يسلم الإِمَام وَاحِدَة يسمع من يَلِيهِ وَيسلم من وَرَاءه وَاحِدَة فِي أنفسهم وَإِن أسمعوا من يليهم فَلَا بَأْس قَالَ الثَّوْريّ يسلم عَن يَمِينه تَسْلِيمَة خَفِيفَة قَالَ الْحسن بن حَيّ يسلم عَن يَمِينه وَعَن شِمَاله ويخفيه وَلَا يجْهر بِهِ وَقَالَ الشَّافِعِي مثله ويجهر بِهِ 371 - فِي الرجل يكون مَعَه نسَاء لَا رجل مَعَهُنَّ قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ يصلين عَلَيْهِ جمَاعَة وَتقوم الإِمَام وسط الصَّفّ الحديث: 370 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 393 وَقَالَ مَالك لَا يؤمهن وَاحِدَة مِنْهُنَّ ويصلين وَاحِدَة وَاحِدَة وَقَالَ الشَّافِعِي يصلين منفردات وَإِن أمتهن إِحْدَاهُنَّ فَلَا بَأْس قَالَ أَبُو جَعْفَر إِذا كَانَ مَعَه رجال صلوا عَلَيْهِ جمَاعَة كَذَلِك النِّسَاء 372 - فِي إِعَادَة الصَّلَاة على الْمَيِّت قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ وَاللَّيْث إِذا صلي على الْمَيِّت ثمَّ جَاءَ آخَرُونَ فَإِنَّهُ لَا تُعَاد الصَّلَاة عَلَيْهِ قَالَ ابْن الْقَاسِم فَقلت لمَالِك فَالْحَدِيث الَّذِي جَاءَ بِهِ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَرْأَة الَّتِي صلى عَلَيْهَا فِي قبرها فَقَالَ قد جَاءَ هَذَا الحَدِيث وَلَيْسَ عَلَيْهِ الْعَمَل وَقَالَ الشَّافِعِي من فَاتَتْهُ الصَّلَاة على الْجِنَازَة صلى على الْقَبْر قَالَ أَبُو جَعْفَر يسْقط الْفَرْض بِالصَّلَاةِ الأولى إِذا صلى عَلَيْهِ الْوَلِيّ وَالثَّانيَِة لَو فعلت لم تكن فرضا فَلَا يُصَلِّي عَلَيْهِ لأَنهم لَا يَخْتَلِفُونَ أَن الْوَلِيّ إِذا صلى عَلَيْهِ لم يجز لَهُ إِعَادَة الصَّلَاة عَلَيْهِ ثَانِيَة لسُقُوط الْفَرْض فَكَذَلِك غَيره من النَّاس إِلَّا أَن يكون الَّذِي صلى عَلَيْهِ نَائِبه لسُقُوط حق الْوَلِيّ لِأَن الْوَلِيّ كَانَ إِلَيْهِ فعل فرض الصَّلَاة على الْمَيِّت وَمَا رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي إِعَادَة الصَّلَاة فَلِأَنَّهُ كَانَ إِلَيْهِ فعل فرض الصَّلَاة فَلم يكن يسْقط بِفعل غَيره وَقد كَانَ قَالَ لَا يَمُوت مِنْكُم ميت مَا دمت بَين أظْهركُم إِلَّا أَن أَتَيْتُمُونِي بِهِ فَإِن صَلَاتي عَلَيْهِ رَحْمَة الحديث: 372 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 394 373 - فِي الزَّوْج أَحَق بِالصَّلَاةِ أَو قرابتها روى مُحَمَّد فِي الأَصْل عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة أَن ابْن الْعم أَحَق من الزَّوْج وَحكى هِشَام عَن مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة أَن الْأَب أَحَق من الابْن إِن كَانَ من غير الزَّوْج فَإِن كَانَ من الزَّوْج فالأب أَحَق ثمَّ الزَّوْج وَقَالَ الشّعبِيّ وَالْمولى أَحَق من الزَّوْج وَقَالَ ابْن أبي ليلى الزَّوْج أَحَق وَقَالَ مَالك الْعصبَة أولى بِالصَّلَاةِ عَلَيْهَا من الزَّوْج وَزوجهَا أولى بإدخالها فِي قبرها من عصبتها وَقَالَ الثَّوْريّ إِمَام الْحَيّ أَحَق فَإِن تشاجروا فالزوج أَحَق من الْأَوْلِيَاء وَرُوِيَ عَن الْأَوْزَاعِيّ أَن الزَّوْج أَحَق من أَبِيهَا من غَيره وَرُوِيَ عَنهُ أَن الْأَب أولى من الزَّوْج ثمَّ الأبن ثمَّ الْأَخ وَقَالَ اللَّيْث لَيْسَ للزَّوْج من ذَلِك شَيْء قد انْقَطع مَا بَينهمَا إِنَّمَا ذَلِك إِلَى الْأَوْلِيَاء وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن إِن كَانَ ابْنهَا من الزَّوْج فالزوج أولى وَإِن كَانَ من غَيره فالأبن أولى الحديث: 373 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 395 وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْبُوَيْطِيّ الْوَلِيّ أَحَق من الزَّوْج وَقَالَ الْمُزنِيّ عَنهُ أولاهم بِغسْلِهِ أولاهم بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَرُوِيَ عَن أبي بكرَة أَن امْرَأَته مَاتَت فَقَالَ أولياؤها نَحن أَحَق بِالصَّلَاةِ عَلَيْهَا فَقَالَ لَسْتُم أَحَق ثمَّ تقدم فصلى عَلَيْهَا وروى أَبُو يُوسُف عَن لَيْث بن أبي سليم عَن يزِيد بن أبي سُلَيْمَان عَن مَسْرُوق قَالَ كَانَ تَحت عمر بن الْخطاب امْرَأَة فَلَمَّا توفيت قَالَ عمر لوَلِيّهَا كُنَّا إِلَى الْيَوْم أَحَق بهَا مِنْك فَأَما الْيَوْم فَأَنت أَحَق بهَا منا 374 - فِيمَن فَاتَتْهُ بعض الصَّلَاة قَالَ أَصْحَابنَا مَا أدْرك مَعَ الإِمَام فَإِذا سلم قضى مَا بَقِي عَلَيْهِ من التَّكْبِير مَا لم يرفع وَهُوَ قَول مَالك وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ قَالَ الثَّوْريّ يقْضِي التَّكْبِير مُتَتَابِعًا وَلَا يَدْعُو فِيمَا بَين ذَلِك بِشَيْء وَقَالَ اللَّيْث كَانَ الزُّهْرِيّ يَقُول يقْضِي مَا فَاتَهُ وَكَانَ ربيعَة يَقُول لَا يقْضِي وَقَالَ اللَّيْث يقْضِي وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا يقْضِي مَا فَاتَهُ 375 - فِي الصَّلَاة على الشَّهِيد قَالَ أَصْحَابنَا وَأهل الْعرَاق وَأهل الشَّام يُصَلِّي عَلَيْهِ الحديث: 374 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 396 وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ لَا يُصَلِّي عَلَيْهِ قَالَ روى جَابر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يصل على قَتْلَى أحد وَقَالَ أنس لم يصل إِلَّا على حَمْزَة وعَلى سَائِر شُهَدَاء أحد وروى عقبَة بن عَامر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج يَوْمًا فصلى على أهل أحد صلَاته على الْمَيِّت وروى ابْن الْمُبَارك عَن ابْن جريج أخبر عِكْرِمَة بن خَالِد أَن عمار ابْن أبي عمار أخبرهُ عَن شَدَّاد بن الْهَاد أَن رجلا من الْأَعْرَاب جَاءَ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ أُهَاجِر مَعَك فأوصى بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعض أَصْحَابه فَلَمَّا كَانَت غَزْوَة غنم فِيهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَيْئا فقسم لَهُ فَقَالَ يَا مُحَمَّد مَا هَذَا قَالَ قسمته لَك قَالَ مَا على هَذَا اتبعتك وَلَكِنِّي اتبعتك على أَن أرمى هَاهُنَا وَأَشَارَ إِلَى حلقه بِسَهْم فأموت فَأدْخل الْجنَّة فَقَالَ إِن تصدق الله يصدقك فلبثوا قَلِيلا ثمَّ نهضوا إِلَى الْعَدو فَأتي بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحمل قد أَصَابَهُ سهم حَيْثُ أَشَارَ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أهوَ هُوَ قَالُوا نعم قَالَ صدق الله فَصدقهُ وكفنه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي جبته ثمَّ قدمه فصلى عَلَيْهِ وَكَانَ مِمَّا ظهر من صلَاته فَقَالَ اللَّهُمَّ هَذَا عَبدك خرج مُهَاجرا فِي سَبِيلك فَقتل شَهِيدا أَنا شَهِيد عَلَيْهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 397 قَالَ الشَّافِعِي فِيمَا رُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُصَلِّي على حَمْزَة مَعَ غَيره من الشُّهَدَاء عشرَة عشرَة حَتَّى صلى عَلَيْهِ سبعين صَلَاة ان هَذَا محَال لِأَن شُهَدَاء أحد لم يبلغُوا هَذِه الْعدة قَالَ أَبُو جَعْفَر فَمَا يدْرِي من روى لَهُ أَن الصَّلَاة على حَمْزَة كملت سبعين صَلَاة حَتَّى استجادته الرِّوَايَة وَقد روى هَذِه الْقِصَّة ابْن عَبَّاس وَابْن الزبير لَا يذكران فِيهِ سبعين وَلَا غَيرهَا وَمَا ذكره الشَّافِعِي غير مَوْجُود وَلَا ثَابت فَلم يسْتَحل رِوَايَة من روى أَنه صلى على حَمْزَة وَعَلَيْهِم 376 - إِذا سبقه الإِمَام بِبَعْض التَّكْبِير قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد إِذا كبر تَكْبِيرَة أَو تكبيرتين ثمَّ جَاءَ رجل ليدْخل مَعَه فِي الصَّلَاة إِنَّه ينْتَظر حَتَّى يكبر الإِمَام فَإِذا كبر الإِمَام كبر مَعَه فَإِذا سلم قضى مَا بَقِي عَلَيْهِ وَهُوَ قَول مَالك وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث واالشافعي يكبر وَلَا ينْتَظر الإِمَام وروى أَشهب عَن مَالك مثله قَالَ كل تَكْبِيرَة فِيهَا قَائِمَة مقَام رَكْعَة وَمن الحديث: 376 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 398 فَاتَتْهُ رَكْعَة خلف الإِمَام لَا يَقْضِيهَا إِلَّا بعد الْفَرَاغ قَالَ أَبُو جَعْفَر كل تَكْبِيرَة مِنْهَا قَائِمَة مقَام رَكْعَة إِلَّا التَّكْبِيرَة الأولى فَإِنَّهَا لتحريمة الصَّلَاة فَيَنْبَغِي أَن يَفْعَلهَا 377 - فِي الْمَيِّت يُوجد بعضه قَالَ أَصْحَابنَا إِن وجد مِنْهُ أقل من النّصْف أَو النّصْف سَوَاء لم يصل عَلَيْهِ وَإِن وجد أَكثر من النّصْف صلى عَلَيْهِ وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك لَا يُصَلِّي على يَد وَلَا رجل وَلَا رَأس وَيُصلي على الْبدن وَقَالَ ابْن الْقَاسِم مَعْنَاهُ عِنْدِي إِذا كَانَ الَّذِي بَقِي مِنْهُ أَكثر الْبدن وَقَالَ الْحسن بن حَيّ وَعبيد الله بن الْحسن لَا يُصَلِّي على الْبدن وَالْبدن الصَّدْر فَمَا دونه إِلَى الْبَطن وَقَالَ اللَّيْث يغسل مَا وجد مِنْهُ ويكفن وَيُصلي عَلَيْهِ ويدفن وَهُوَ قَول الشَّافِعِي 378 - فِيمَن قتل بقصاص أَو حد أَو قتل نَفسه قَالَ أَصْحَابنَا يصلى على كل مقتول بِشَيْء كَانَ مِنْهُ مِمَّن ينتحل الْإِسْلَام غير الْبُغَاة فَإِنَّهُ لَا يصلى عَلَيْهِم وَيصلى على من قتل نَفسه وَقَالَ مَالك يصلى على المرجوم وَقَالَ الَّذِي يقتل قودا أَو يجرح بِحكم السَّيْف فَيقْتل لَا يُصَلِّي عَلَيْهِ الإِمَام وَيُصلي عَلَيْهِ أَهله وَغَيرهم إِن شاؤوا الحديث: 377 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 399 وَلَا يصلى على قَاتل نَفسه وَيُورث وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك من قَتله الإِمَام فِي قصاص أَو حد أَو رجم فَإِن الإِمَام لَا يُصَلِّي عَلَيْهِ وَيُصلي عَلَيْهِ غَيره وَكَذَلِكَ قطاع الطَّرِيق وَقَالَ الشَّافِعِي يصلى على جَمِيع ذَلِك إِلَّا من قَتله الْمُشْركُونَ فِي المعركة وَإِن قَتله مُشْرك متجرد فَلَيْسَ كَذَلِك إِسْرَائِيل وَشريك عَن سماك بن حَرْب عَن جَابر بن سَمُرَة أَن رجلا نحر نَفسه بمشقص فَلم يصل عَلَيْهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قيل لَهُ يحْتَمل أَن يكون خُصُوصِيَّة لَهُ فِي منع الصَّلَاة لِأَنَّهُ مطَالب بِنَفسِهِ الَّتِي قَتلهَا وَلَا يقدر أحد من الدُّنْيَا على تَخْصِيصه مِنْهَا وَيُصلي عَلَيْهِ غَيره فَيكون الْأَئِمَّة بعده كَسَائِر النَّاس لخصوصية النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بذلك كَمَا روى زيد بن خَالِد الْجُهَنِيّ عَن الْأَشْجَعِيّ الَّذِي مَاتَ بِخَيْبَر فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلوا على صَاحبكُم فنظروا فِي مَتَاعه فوجدوا خرزا من خرز يهود لَا يُسَاوِي دِرْهَمَيْنِ فَترك الصَّلَاة عَلَيْهِ لما كَانَ مطالبا بِهِ من الْغلُول فَأمر غَيره بهَا وَسَائِر المقتولين فَلَا فرق بَين صَلَاة الإِمَام وَصَلَاة غَيره والبغاء لَا يصلى عَلَيْهِم منابذتهم واجتنابهم فِي حياتهم فَكَذَلِك بعد الْمَوْت أَحْرَى لوُقُوع الْإِيَاس من تَوْبَتهمْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 400 379 - فِي التَّوَجُّه عِنْد الْمَوْت قَالَ أَصْحَابنَا يُوَجه للْقبْلَة عِنْد الْمَوْت كَمَا يوضع فِي لحده وَقَالَ مَالك يسْتَقْبل بالمريض الْقبْلَة إِلَّا أَن لَا يَسْتَطِيع أَن ينحرف على جنبه فَيجْعَل رِجْلَاهُ فِي الْقبْلَة وَقَالَ الشَّافِعِي يحرف الْمَيِّت إِلَى الْقبْلَة على جنبه وَإِن لم يقدر جعلت رِجْلَاهُ فِي الْقبْلَة وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن يَجْعَل رَأسه من قبل الشمَال وَرجلَاهُ من قبل الْجنُوب وَهُوَ على شقَّه مُسْتَقْبل الْقبْلَة 380 - فِي تكفين الْمَوْتَى قَالَ أَصْحَابنَا أدنى مَا تكفن فِيهِ الْمَرْأَة ثَلَاثَة أَثوَاب وَالسّنة خَمْسَة وَالرجل فِي ثَوْبَيْنِ وَقَالَ مَالك أحب أَن لَا يُكفن الْمَيِّت فِي أقل من ثَلَاثَة أَثوَاب ويعمم وَفِي رِوَايَة أُخْرَى لَيْسَ فِي كفن الْمَيِّت عِمَامَة وَقَالَ الثَّوْريّ فِي الرجل ثَلَاثَة وَالْمَرْأَة فِي خَمْسَة وَكَذَلِكَ قَالَ الْأَوْزَاعِيّ قَالَ الشَّافِعِي أحب إِلَيّ أَن لَا يُجَاوز خَمْسَة أَثوَاب فِي كفن الرجل وَالثَّوْب يجزىء وَقَالَ أَيْضا يُكفن الرجل فِي ثَلَاثَة وَالْمَرْأَة فِي ثَلَاثَة وَقد رُوِيَ عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كفن فِي ثَلَاثَة أَثوَاب لَيْسَ فِيهَا الحديث: 379 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 401 قَمِيص وَلَا عِمَامَة أدرج فِيهَا إدراجا رَوَاهُ مَالك عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة 381 - فِي تكفين الْمحرم قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالْأَوْزَاعِيّ يصنع بِهِ مَا يصنع بالحلال وَقَالَ الثَّوْريّ أحب إِلَيّ أَن لَا يغطى رَأسه وَلَا يقرب طيبا وقلا الشَّافِعِي لَا يُغطي رَأسه وَلَا يقرب طيبا وَرُوِيَ عَن ابْن عمر وَعَائِشَة أَنه يصنع بِهِ مَا يصنع بالحلال قَالَ أَبُو جَعْفَر رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي الْمحرم الَّذِي مَاتَ لَا تغطوا رَأسه وَفِي بَعْضهَا لَا تغطوا وَجهه وَلَا تقربوه طيبا وروى ابْن وهب عَن ابْن جريج عَن عَطاء بن أبي رَبَاح عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثله 382 - فِي الْمَرْأَة الَّتِي تَمُوت فِي بَطنهَا ولد حَيّ قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري يشق بَطنهَا وَيخرج الحديث: 381 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 402 وروى عمْرَة عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كسر عظم الْمُؤمن مَيتا مثل كَسره حَيا قَالَ أَبُو جَعْفَر هَذَا غير حَال الضَّرُورَة لِأَن فِي الضَّرُورَة قد يجوز للْإنْسَان قطع يَد نَفسه بعلة فِيهَا فَكَذَلِك مَا ذكرنَا ضَرُورَة فِي الْمَرْأَة 383 - فِي حمل الْجِنَازَة قَالَ أَصْحَابنَا يبْدَأ بالأيمن الْمُقدم ثمَّ بالأيمن الْمُؤخر ثمَّ بالأيسر الْمُقدم ثمَّ بالأيسر الْمُؤخر وَهُوَ قَول الْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ مَالك لَيْسَ فِيهِ شَيْء مُؤَقّت احْمِلْ من حَيْثُ شِئْت مَا شِئْت إِن شِئْت من قُدَّام وَإِن شِئْت من وَرَاء وَإِن شِئْت فأحمل بعض الجوانب ودع الْبَعْض وَقَول من يَقُول ابدأ بِالْيَمِينِ بِدعَة قَالَ الثَّوْريّ ميامن الْجِنَازَة ميامنك أبدأ تبدأ بِالْيَدِ الْيُمْنَى ثمَّ بِالْيَدِ الْيُسْرَى ثمَّ بِالرجلِ الْيُسْرَى وَرُوِيَ عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ من السّنة حمل الْجِنَازَة بجوانب السرير الْأَرْبَع فَمَا زِدْت على ذَلِك فَهُوَ نَافِلَة وَرُوِيَ عَن ابْن عمر حمل جَوَانِب السرير الْأَرْبَع تبدأ بالميامن ثمَّ ينحى عَنْهَا الحديث: 383 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 403 384 - فِي الْمَشْي خلف الْجِنَازَة أفضل أَو أمامها قَالَ أَصْحَابنَا الْمَشْي خلفهَا أفضل وَقَالَ الشَّافِعِي الْمَشْي أمامها أفضل روى ابْن عَيْنِيَّة عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه قَالَ رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبا بكر وَعمر يَمْشُونَ أَمَام الْجِنَازَة وَهَذَا الحَدِيث مُرْسل أَصله عَن الزُّهْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَذَلِك رَوَاهُ مَالك عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرَوَاهُ يُونُس بن يزِيد وَعقيل عَن ابْن شهَاب عَن سَالم عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَو ثَبت مُتَّصِلا لما دلّ على الْأَفْضَل لِأَنَّهُ قد يجوز أَن يخْتَار الْأَدْنَى للتعليم كَمَا تَوَضَّأ مرّة للتعليم والتبيين وَالثَّلَاثَة أفضل وَقد رُوِيَ نَافِع عَن ابْن عمر قلت كَيفَ الْمَشْي فِي الْجِنَازَة فَقَالَ أَلا ترى أَنِّي أَمْشِي خلفهَا وَقد روى عَن عَليّ كرم الله وَجهه إِن فضل الْمَشْي خلفهَا على أمامها كفضل الْجَمَاعَة على صَلَاة الْفَذ الحديث: 384 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 404 385 - فِي اتِّبَاع النِّسَاء الْجِنَازَة قَالَ الثَّوْريّ اتِّبَاع النِّسَاء الْجِنَازَة بِدعَة وَقَالَ مَالك لَا بَأْس أَن تشيع الْمَرْأَة جَنَازَة وَلَدهَا ووالدها وَمثل زَوجهَا وَأُخْتهَا إِذا كَانَ ذَلِك مِمَّا يعرف أَنه يخرج مثلهَا على مثله وَإِن كَانَت شَابة وَيكرهُ أَن تخرج على غير هَؤُلَاءِ وروى عبد الله بن عَمْرو أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَى فَاطِمَة فَقَالَ لَهَا من أَيْن أَقبلت فَقَالَت أَقبلت من وَرَاء جَنَازَة هَذَا الرجل فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا بلغت الكدى قَالَت لَا وَكَيف أبلغهَا وَقد سَمِعت مِنْك مَا سَمِعت فَقَالَ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو بلغت الكدى مَا رَأَيْت الْجنَّة حَتَّى يَرَاهَا جد أَبِيك فَلم يُنكر عَلَيْهَا اتِّبَاع الْجِنَازَة وَعَن أم عَطِيَّة نهينَا عَن اتِّبَاع الْجَنَائِز وَلم يعزم علينا وَرَأى ابْن مَسْعُود نسْوَة فِي جَنَازَة فَقَالَ ارْجِعْنَ مَأْزُورَات غير مَأْجُورَات إنكن مَا علمت لتفتن الْأَحْيَاء وتؤذين الْأَمْوَات الحديث: 385 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 405 وَعَن ابْن عمر أَمر بردهن 386 - كَيفَ يدْخل الْمَيِّت الْقَبْر قَالَ أَصْحَابنَا لَا يسل وَلَكِن يدْخل من قبل الْقبْلَة وَقَالَ اللَّيْث الرِّجَال يدْخلُونَ عندنَا الْمَيِّت فِي لحده من نَحْو رجلَيْهِ وَلَيْسَ فِيهِ أَمر مَعْلُوم وَالشَّافِعِيّ يسل من قبل رَأسه وَقَالَ إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ يدْخل مِمَّا يَلِي الْقبْلَة من حَيْثُ يصلى عَلَيْهِ قَالَ إِبْرَاهِيم وحَدثني من رأى أهل الْمَدِينَة فِي الزَّمن الأول يدْخلُونَ موتاهم من قبل الْقبْلَة وَإِن السل شَيْء أحدثه أهل الْمَدِينَة وَزعم الشَّافِعِي أَن الثِّقَات من أَصْحَابهم أَخْبرُوهُ إِن قبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن يَمِين الدَّاخِل لَا صق بالجدار والجدار الَّذِي للحد لجنبه قبْلَة الْبَيْت وَأَن لحده تَحت الْجِدَار فَكيف يدْخل مُعْتَرضًا واللحد لاصق بالجدار وَلَا يقف عَلَيْهِ شَيْء وَلَا يُمكن إِلَّا أَن يسل قَالَ أَبُو جَعْفَر قد ذكر الْقَاسِم بن مُحَمَّد أَنه سَأَلَ عَائِشَة أَن تكشف لَهُ عَن قبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكشفت لَهُ عَن ثَلَاثَة قُبُور لَا مشرفة وَلَا لاطية فَرَأَيْت قبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مقدما الحديث: 386 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 406 قَالَ أَبُو جَعْفَر فَلَو كَانَ اللَّحْد تَحت الْجِدَار لما كَانَ الَّذِي رَآهُ الْقَاسِم بن مُحَمَّد قبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَثَبت أَن قَبره عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام دون الْجِدَار من غير وقُوف على مَا بعده من الثَّلَاث وَلما كَانَ الْمُسْتَحبّ للأحياء من الْجِهَات جِهَة الْقبْلَة على سَائِر الْجِهَات فِي الصَّلَاة وَالْجُلُوس كَانَ الْمُسْتَحبّ للأموات كَذَلِك وَمَا يستقبلون الْقبْلَة وَالْمَيِّت فِي الصَّلَاة عَلَيْهِ كَذَلِك فِي إِدْخَال الْقَبْر 387 - فِيمَا يوضع على اللَّحْد قَالَ أَصْحَابنَا الثَّوْريّ يسْتَحبّ اللَّبن والقصب وَيكرهُ الْآجر والخشب والجص وَقَالَ اللَّيْث لَا بَأْس بِالْحِجَارَةِ فِي اللَّحْد قَالَ وَسَأَلنَا عَن ذَلِك بعض أهل الْمَدِينَة فَقَالُوا مَا أَكثر لبننا فِي اللَّحْد إِلَّا الْحِجَارَة فِي تسنيم الْقَبْر قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري يسنم وَلَا يربع وَقَالَ اللَّيْث بُنيان الْقُبُور لَيْسَ من حَال الْمُسلمين وَإِنَّمَا هُوَ من حَال النَّصَارَى وَقد أخبرنَا يزِيد بن أبي حبيب أَن الْمُسْتَحبّ أَن يُسَوِّي الْقَبْر فَلَا يكون عَلَيْهِ كثير تُرَاب وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْمُزنِيّ يسطح الْقَبْر على وَجه الأَرْض نَحوا من شبر قَالَ وبلغنا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سطح قبر ابْنه إِبْرَاهِيم فَإِن مَقْبرَة الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار مسطحة قُبُورهم الحديث: 387 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 407 وَاحْتج أَيْضا من قَالَ هَذَا الحَدِيث وَالقَاسِم بن مُحَمَّد أَنه رأى قبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وصاحبيه لاطية بِالْأَرْضِ مبطوحة ببطحاء الْعَرَصَة الْحَمْرَاء قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلَيْسَ فِي هَذَا دَلِيل على تربيع وَلَا تسنيم لِأَنَّهُ يجوز أَن يكون مبطوحة بالبطحاء وَهِي مسنمة وَقَالَ إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ أَخْبرنِي من رأى قبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وصاحبيه مسنمة نَاشِزَة من الأَرْض عَلَيْهَا فلق من مدر بيض 388 - فِي الْجُلُوس على الْقَبْر قَالَ أَصْحَابنَا يكره أَن يطَأ على قبر أَو يقْعد عَلَيْهِ وَهُوَ قَول إِبْرَاهِيم وَقَالَ اللَّيْث يكره الصَّلَاة على الْقُبُور وَالْجُلُوس عَلَيْهَا والاتكاء عَلَيْهَا وَقَالَ مَالك إِنَّمَا نهى عَن الْقعُود على الْقُبُور للمذاهب فِيمَا نرى قَالَ أَبُو جَعْفَر روى أَبُو إِدْرِيس الْخَولَانِيّ عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع عَن أبي مرْثَد الغنوي قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لَا تصلوا على الْقُبُور وَلَا تجلسوا عَلَيْهَا وَلم يبين فِي هَذَا الْخَبَر مَا أَرَادَ بِالْجُلُوسِ وَقد رُوِيَ عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ إِنَّمَا قَالَ أَبُو هُرَيْرَة قَالَ الحديث: 388 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 408 رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من جلس على قبر يَبُول عَلَيْهِ أَو يتغوط فَكَأَنَّمَا جلس على جمر نَار وَرُوِيَ عَن أبي أُمَامَة أَن زيد بن ثَابت قَالَ هَلُمَّ يَا ابْن أخي أخْبرك إِنَّمَا نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْجُلُوس على الْقُبُور لحَدث غَائِط أَو بَوْل آخر كتاب الصَّلَاة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 409 = أول كتاب الزَّكَاة = 389 - فِي صَدَقَة العوامل قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ لَيْسَ فِي العوامل شَيْء وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث فِيهَا صَدَقَة 390 - فِي أَخذ ابْن لبون عَن بنت مَخَاض قَالَ أَصْحَابنَا يَأْخُذهُ بِالْقيمَةِ وَرُوِيَ عَن أبي يُوسُف أَنه يَأْخُذ ابْن لبون ذكر عَن بنت مَخَاض إِذا الحديث: 389 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 411 لم تُوجد مَخَاض وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك إِذا لم تُوجد بنت مَخَاض أَخذ مَكَانهَا ابْن لبون ذكر وَإِن كَانَت لبون أَو حقة أَو جَذَعَة كَانَ على رب المَال أَن يَأْتِيهِ بهَا وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا لم يُوجد فِيهَا بنت مَخَاض وَلَا ابْن لبون ذكر إِن رب الْإِبِل يَشْتَرِي للساعي بنت مَخَاض على مَا أحب أَو كره إِلَّا أَن يَشَاء ري الْإِبِل أَن يدْفع مِنْهَا مَا هُوَ خير من بنت مَخَاض فَلَيْسَ للمصدق أَن يرد ذَلِك وَإِن أَرَادَ رب المَال أَن يدْفع ابْن لبون ذكر إِذا لم يُوجد فِي المَال بنت مَخَاض وَلَا ابْن لبون فَذَلِك إِلَى السَّاعِي إِن أَرَادَ أَخذه وَإِلَّا ألزمهُ بنت مَخَاض وَلَيْسَ لَهُ أَن يمْتَنع من ذَلِك 391 - فِي الزِّيَادَة على الْعشْرين وَمِائَة قَالَ أَصْحَابنَا يسْتَقْبل الْفَرِيضَة بعد الْعشْرين وَمِائَة وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا زَادَت الْإِبِل على عشْرين وَمِائَة وَاحِدَة فالمصدق بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذ ثَلَاث بَنَات لبون وَإِن شَاءَ أَخذ حقتين قَالَ وَقَالَ ابْن شهَاب إِذا زَادَت وَاحِدَة فَفِيهَا ثَلَاث بَنَات لبون إِلَى أَن تبلغ ثَلَاثِينَ وَمِائَة فَيكون فِيهَا حقة وبنتا لبون يتَّفق قَول ابْن شهَاب وَمَالك فِي هَذَا ويختلفان فِيمَا بَين وَاحِد وَعشْرين وَمِائَة إِلَى تسع وَعشْرين الحديث: 391 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 412 وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ مَا زَاد على الْعشْرين فَفِي كل أَرْبَعِينَ بنت لبون وَفِي كل خمسين حقة 392 - فِي الْبَقَرَة إِذا زَادَت على الْأَرْبَعين قَالَ أَبُو حنيفَة يجب فِي الزِّيَادَة بِحِسَاب وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالثَّوْري وَمَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ لَا شَيْء فِي الزِّيَادَة حَتَّى تبلغ سِتِّينَ وَقد روى أَسد بن عَمْرو عَن أبي حنيفَة مثل ذَلِك 393 - فِي فَرَائض الْغنم قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ فِي شَاة ومائتي شَاة ثَلَاث شِيَاه إِلَى أَرْبَعمِائَة فَيكون فِيهَا أَربع شِيَاه وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا كَانَت الْغنم ثَلَاثمِائَة وشَاة فَفِيهَا أَربع وَإِن كَانَت أَرْبَعمِائَة شَاة وشَاة فَفِيهَا خمس شِيَاه الْحسن عَن مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم قَالَ فِي كل شَيْء زَاد على الثلاثمائة والأربعمائة شَاة قَالَ وَمَعْنَاهُ مَا ذكرنَا قَالَ أَبُو جَعْفَر سَائِر الْأَخْبَار المروية عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ذَلِك يُوجب مَا ذكرنَا عَن الْأَوَّلين دون قَول الْحسن الحديث: 392 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 413 فِي معنى قَوْله لَا يجمع بَين متفرق قَالَ أَبُو حنيفَة فِي معنى قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لَا يفرق بَين مُجْتَمع أَن يكون للرجل مائَة وَعِشْرُونَ شَاة فَيكون فِيهَا شَاة وَاحِدَة فَإِن فرقها الْمُصدق فَجَعلهَا أَرْبَعِينَ أَرْبَعِينَ كَانَ فِيهَا ثَلَاث شِيَاه وَمعنى قَوْله لَا يجمع بَين متفرق الرّجلَانِ يكون بَينهمَا أَرْبَعُونَ شَاة فَإِن جمعهَا كَانَت فِيهَا شَاة وَإِن فرقها لم يكن فِيهَا شَيْء وَقَالَ بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف إِذا قيل فِيهِ خشيَة الصَّدَقَة أَن يكون للرجل ثَمَانُون شَاة إِذا جَاءَ الْمُصدق قَالَ هِيَ بيني وَبَين إخوتي لكل وَاحِد من عشرُون أَو يكون لَهُ أَرْبَعُونَ وَلكُل وَاحِد من إخواته أَرْبَعُونَ أَرْبَعُونَ فَيَقُول هَذِه كلهَا لي وَلَيْسَ فِيهَا إِلَّا شَاة وَاحِدَة فَهَذَا خشيَة الصَّدَقَة لِأَن الَّذِي يُؤْخَذ مِنْهُ يخْشَى الصَّدَقَة وَأما إِذا لم يقل فِيهَا خشيَة الصَّدَقَة فقد يكون على هَذَا الْوَجْه وَيكون على وَجه أَن يَجِيء الْمُصدق إِلَى اخوة ثَلَاثَة لوَاحِد مِنْهُم عشرُون وَمِائَة فَيَقُول هَذِه بَيْنكُم لكل وَاحِد أَرْبَعُونَ شَاة فَيَقُول الْمُصدق هَذِه لوَاحِد مِنْكُم وَأما معنى قَوْله وَمَا كَانَ من خليطين فَإِنَّهُمَا يتراجعان بِالسَّوِيَّةِ فَلَا خلاف بَين أَصْحَابنَا أَن المُرَاد بِهِ أَن يكون بَينهمَا مائَة وَعِشْرُونَ لوَاحِد ثَمَانُون وَلآخر أَرْبَعُونَ فَيَأْخُذ الْمُصدق من عرضهَا شَاة فَيرجع صَاحب الثَّمَانِينَ على صَاحب الْأَرْبَعين بِثلث شِيَاه وَقَالَ مَالك إِذا كَانَ الرَّاعِي وَاحِدًا والفحل وَاحِدًا والدلو وَاحِدًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 414 فالرجلان خليطان وَلَا صَدَقَة على الخليطين حَتَّى يكون لوَاحِد مِنْهُمَا مَا تجب فِيهِ الصَّدَقَة فَحِينَئِذٍ تجب عَلَيْهَا الصَّدَقَة وان تراجعا بِالسَّوِيَّةِ على ألف بحصتها وعَلى الْأَرْبَعين بحصتها وَقَوله لَا يجمع بَين متفرق أَن يكون لثَلَاثَة نفر لكل وَاحِد أَرْبَعُونَ وَقد وَجَبت على كل وَاحِد مِنْهُم فِي غنمه الصَّدَقَة فَإِذا جَاءَهُم الْمُصدق جمعوها لِئَلَّا يكون عَلَيْهِم فِيهَا إِلَّا شَاة وَاحِدَة فنهوا عَن ذَلِك وَقَوله لَا يفرق بَين مُجْتَمع أَن الخليطين يكون لكل وَاحِد مِنْهُمَا مائَة شَاة وشَاة فَيكون عَلَيْهِمَا فِي ذَلِك ثَلَاث شِيَاه فَإِذا أظلهما السَّاعِي فرقا غنمهما فَلم يكن على كل وَاحِد مِنْهُمَا إِلَّا شَاة وَاحِدَة فَنهى عَن ذَلِك فَقيل لَا يفرق بَين مُجْتَمع وَلَا يجمع بَين شَيْء متفرق خشيَة الصَّدَقَة وَقَالَ الثَّوْريّ التَّفَرُّق بَين الْمُجْتَمع أَن يكون للرجل مائَة شاه فَيكون هَاهُنَا وَهَاهُنَا فَلَا يَأْخُذ هَذِه من هَذِه وَلَا يجمع بَين متفرق أَن يكون للرجل أَرْبَعُونَ وَلآخر خَمْسُونَ فيخلطانها جَمِيعًا لِأَن يُؤْخَذ مِنْهَا مِنْهُمَا شَاة وَأَن يكون للرجل أَرْبَعُونَ شَاة فَيجْعَل هَاهُنَا عشْرين وَهَاهُنَا عشْرين وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا يفرق بَين مُجْتَمع وَيكون النَّفر الثَّلَاثَة لكل وَاحِد أَرْبَعُونَ فَإِنَّمَا فِيهَا شَاة فَلَا يَنْبَغِي للمصدق أَن يفرق حَتَّى يَأْخُذ مِنْهُم ثَلَاث شِيَاه وَلَا يجمع بَين متفرق وَلَا يَنْبَغِي للْقَوْم أَن يكون لكل وَاحِد أَرْبَعُونَ شَاة على حِدة فَإِذا جَاءَ الْمُصدق جمعوها ليحسبوه قَالَ وَإِذا كَانَ لهَذَا تسع وَعِشْرُونَ وَلِهَذَا تسع وَثَلَاثُونَ وَلِهَذَا عشرُون فَإِن كثرت فَلَا شَيْء مَا لم تبلغ الصَّدَقَة قَالَ وَإِذا كَانَ راعيهم وَاحِدًا ومحلهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 415 وَاحِدًا ومرعاهم وَاحِدًا وتفرق عَنْهُم المراح فهم خلطاء قَالَ الْحسن بن حَيّ فِي ثَمَانِينَ شَاة بَين رجلَيْنِ أَن فِيهَا شَاتين قَالَ اللَّيْث لَا يفرق بَين مُجْتَمع وَلَا يجمع بَين متفرق خشيَة الصَّدَقَة وَإِذا كَانَ للرجل أَرْبَعُونَ شَاة فنقص مِنْهَا شَاة لم يكن عَلَيْهِ شَيْء وَقد فرق هَذَا مَا كَانَ مجتمعا تجب فِيهِ الصَّدَقَة وَإِذا كَانَت لَهُ ولرجل ثَمَانُون شَاة مُتَفَرِّقَة فَجمع غنم صَاحبه إِلَيْهِ لم يكن عَلَيْهَا إِلَّا شَاة وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يكونَانِ خليطين حَتَّى يريحا ويسرحا ويحلبا ويسقيا مَعًا فحولهما مختلطة فَإِذا كَانَا هَكَذَا صدقا صَدَقَة الْوَاحِد فِي كل حَال وَلَا يكونَانِ خليطين حَتَّى يحول عَلَيْهِمَا حول من يَوْم اختلطا وَإِن تفَرقا فِي مراح أَو مسرح أَو فحول أَن يحول الْحول فليسا بخليطين ويتصدقان صَدَقَة الِاثْنَيْنِ وَهَكَذَا إِذا جَاءَنَا شَرِيكَيْنِ وَمعنى قَوْله لَا يفرق بَين مُجْتَمع وَلَا يجمع بَين متفرق خشيَة الصَّدَقَة لَا يفرق بَين ثَلَاثَة خلطاء فِي عشْرين وَمِائَة شَاة وَإِنَّمَا عَلَيْهِم شَاة لِأَنَّهَا إِذا فرقت كَانَ فِيهَا ثَلَاث شِيَاه وَلَا يجمع بَين متفرق رجل لَهُ مائَة شَاة وشَاة وَرجل لَهُ مائَة شَاة وشَاة فَإِذا تركتا متفرقتين فَفِيهَا شَاتَان وَإِن جمعتا فَفِيهَا ثَلَاث شِيَاه والخشية خشيَة السَّاعِي أَن تقل الصَّدَقَة وخشية رب المَال أَن تكْثر فَأمر أَن يقر كل وَاحِد على حياله وَقَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ أَن الْملك إِذا كَانَ لوَاحِد لَا يعْتَبر فِيهِ المراح والراعي والفحل والمسقى وَأَنه إِنَّمَا يعْتَبر الْملك حسب كَذَلِك إِذا كَانَ لجَماعَة يَنْبَغِي أَن يعْتَبر ملكهم لَا الْخلطَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 416 395 - فِي السخال مَعَ المسان قَالَ أَصْحَابنَا إِذا كَانَ لَهُ فِي أول الْحول أَرْبَعُونَ صغَارًا وكبارا كَذَلِك وَجَبت الصَّدَقَة وَإِن نقصت فِي الْحول وَقَالَ مَالك فِي الرجل يكون لَهُ الْغنم لَا تجب فِيهَا الصَّدَقَة فَإِذا بلغت الْغنم بِأَوْلَادِهَا مَا تجب فِيهِ الصَّدَقَة لِأَن أَوْلَادهَا مِنْهَا وَقَالَ الْحسن بن حَيّ يتم النّصاب بالسخال مَعَ الْأُمَّهَات فَيعْتَبر الْحول من يَوْم النّصاب فَإِن زَالَ وَقد زَاد فِيهَا سخلها حَتَّى بلغت سِتِّينَ فَذهب من الْأُمَّهَات قبل الْحول شَاة أَو أَكثر من ذَلِك اسْتقْبلت بهَا حولا كَمَا يفعل بِالدَّرَاهِمِ إِذا كَانَت لَك فأفدت إِلَيْهَا ثمَّ هلك من الأولى بَعْضهَا وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يعْتد بالسخال إِلَّا أَن يكون من غنمه قبل الْحول وَيكون أصل الْغنم أَرْبَعِينَ فَإِذا لم تكن الْغنم مِمَّا فِيهِ الصَّدَقَة فَلَا يعْتد بالسخال 396 - فِي ذَات الْعَيْب هَل يعْتد بهَا قَالَ أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيّ يعْتد بالعجفاء والعمياء والعرجاء الحديث: 395 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 417 وروى أَسد بن الْفُرَات عَن أَسد بن عَمْرو عَن أبي حنيفَة أَنه لَا يعْتد بالعمياء 397 - فِي الْمَاشِيَة تَلد قبل أَن يَأْخُذ الْمُصدق صدقتها قَالَ أَصْحَابنَا مَا ولدت بعد الْحول لَا يعْتد بِهِ للحول الْمَاضِي وَقَالَ ابْن شبْرمَة إِذا ولدت بعد الْحول قبل أَن يَأْخُذ الْمُصدق صدقتها عدهَا وَأَوْلَادهَا ثمَّ قبض صدقتها من كلهَا وَإِن ولدت بَعْدَمَا قبض الْمُصدق صدقتها فَلَا حق للمصدق فِي أَوْلَادهَا وَقَالَ مَالك فِي الْغنم لَا يكون فِيهَا الصَّدَقَة فيتوالد قبل أَن يَأْتِيهِ الْمُصدق بِيَوْم وَاحِد إِن عَلَيْهِ إِذا بلغت الْغنم بِأَوْلَادِهَا مَا تجب فِيهِ الصَّدَقَة قَالَ أَبُو جَعْفَر هَذَا عِنْدِي فِي قَوْله فِيمَا كَانَ حَال عَلَيْهِ الْحول قبل ذَلِك لِأَن مَا لم يحل عَلَيْهِ الْحول فَإِن كمل عدده وجاءه الْمُصدق فَلَا صَدَقَة فِيهِ فِي قَوْله فِيمَا رَوَاهُ عَنهُ ابْن وهب وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك لَو أَن رجلا كَانَت عِنْده غنم فحال عَلَيْهَا الْحول فذبح مِنْهَا وَأكل ثمَّ أَتَاهُ الْمُصدق بعد ذَلِك وَقد كَانَ حَال عَلَيْهَا الْحول قبل أَن يذبح أَنه لَا ينظر إِلَى مَا ذبح وَلَا إِلَى مَا أكل بعد الْحول وَإِنَّمَا يصدق الْمُصدق مَا وجد فِي يَدَيْهِ وَلَا يحاسبه بِشَيْء مِمَّا مَاتَ أَو ذبح فَأكل وَقَالَ اللَّيْث لَا تكون الصَّدَقَة فِي الْغنم حَتَّى تتمّ أَرْبَعُونَ شَاة فَإِذا جَاءَ السَّاعِي وَعِنْده أَرْبَعُونَ فَعَلَيهِ شَاة فَإِن مَاتَت شَاة قبل أَن ينظر فِيهَا الْمُصدق الحديث: 397 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 418 فَلَيْسَتْ عَلَيْهِ صَدَقَة وَأما مَا ذبح السَّاعِي وَغَيره فَإنَّا نرَاهُ من يُصِيبهُ بَعْدَمَا جَاءَهُ الْمُصدق وَوَجَبَت الصَّدَقَة وَلَو ذَبحهَا لضيف نزل بِهِ قبل أَن يَأْتِي الْمُصدق بساعة لم يكن عَلَيْهِ صَدَقَة وَقَالَ اللَّيْث إِذا كَانَت لَهُ خَمْسَة دَنَانِير يعْمل بهَا حولا يصير عشْرين دِينَارا فَفِيهَا الزَّكَاة وَمثله فِي الْغنم يكون عشْرين شَاة فَلَا يَأْتِي الْحول حَتَّى يصير الْعشْرُونَ أَرْبَعِينَ فَإِن فِيهَا الزَّكَاة إِذا مر بِهِ السَّاعِي 398 - فِي الحملان قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد لَيْس َ فِي الحملان والفصلان والعجاجيل صَدَقَة وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ فِيهَا وَاحِدَة مِنْهَا وَمن شَاة إِذا كَانَت حملان أَو عجاجيل وَقَالَ أَبُو يُوسُف فِي خمس فصلان الأول من وَاحِدَة مِنْهَا وَمن شَاة وَقَالَ زفر وَمَالك فِيهَا مَا فِي الْكِبَار 399 - فِي بيع مَا وَجَبت فِيهِ الصَّدَقَة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا بَاعَ الْمَاشِيَة بعد الْحول أَو بَاعَ الثَّمَرَة والمصدق ينظر إِلَيْهَا فَإِن كَانَا لم يفترقا فالمصدق بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذ من البَائِع وَإِن شَاءَ من الحديث: 398 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 419 المُشْتَرِي وَإِن كَانَ قد افْتَرقَا أَخذ من البَائِع وَلَا يَأْخُذ من المُشْتَرِي فَكَذَلِك الطَّعَام الَّذِي تخرجه الأَرْض وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا جَاءَ الْحول قبل فَبَاعَهَا مَجِيء الْمُصدق فَلَا زَكَاة عَلَيْهَا للمصدق وَلَكِن يُزكي الثَّمَرَة مَكَانَهُ وَكَذَلِكَ الطَّعَام إِذا بَاعه قبل مَجِيء الْمُصدق ثمَّ جَاءَ الْمُصدق وَلم يَأْخُذ من المُشْتَرِي وَلكنه يَأْخُذ من البَائِع وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي الْمَاشِيَة إِذا بَاعهَا بعد وجوب الزَّكَاة إِن الْمُصدق يتبع المُشْتَرِي ويأخذها مِمَّن وجدهَا فِي يَده وَقَالَ فِي الزَّرْع إِذا بيع بَعْدَمَا استحصد أَن الزَّكَاة على البَائِع إِلَّا أَن يشْتَرط على المُشْتَرِي وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا بَاعَ الْمَاشِيَة بعد الْحول فَفِيهَا قَولَانِ أَحدهمَا أَن الْمُبْتَاع بِالْخِيَارِ بَين أَن يرد البيع بِنَقص الصَّدَقَة أَو يجز البيع بِالنَّقْصِ وَمن قَالَ بِهَذَا إِن أعْطى البَائِع الصَّدَقَة فَلَا خِيَار للْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ لم ينقص من البيع شَيْء وَالْقَوْل الثَّانِي إِن البيع فَاسد لِأَنَّهُ بَاعَ مَا يملك وَمَا لَا يملك وَإِن بَاعَ من خليطه وَفِي الزَّكَاة فَفِيهِ قَولَانِ أَحدهمَا أَن يكون للْمُشْتَرِي الْخِيَار بَين أَن يَأْخُذ مَا جَازَ وَالصَّدَََقَة بِحِصَّتِهِ من الثّمن أَو الرَّد وَالثَّانِي إِن شَاءَ أَخذ الْفضل من الصَّدَقَة بِجَمِيعِ الثّمن أَو الرَّد وللسلطان أَخذ الْعشْر من الثَّمَرَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 420 400 - فِي صَدَقَة الْخَيل قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا كَانَت ذُكُورا وإناثا أَو إِنَاثًا وَهِي سَائِمَة فَفِيهَا صَدَقَة فِي كل فرس دِينَار وَإِن شَاءَ قَومهَا وَأعْطى عَن كل مِائَتي دِرْهَم خَمْسَة دَرَاهِم وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ لَا صَدَقَة فِيهَا 401 - فِي هَلَاك المَال بعد وجوب الزَّكَاة قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري إِذا هلك المَال بعد وجوب الزَّكَاة سَقَطت وَإِن هلك بعضه زكى مَا بَقِي بِحِسَابِهِ وَإِن اسْتَهْلكهُ هُوَ ضمن وَقَالَ مَالك إِذا كَانَت عِنْده مائَة دِينَار فَمضى حول وَلم يفرط فِي زَكَاتهَا حَتَّى ضَاعَت كلهَا إِلَّا تِسْعَة عشر دِينَارا أَنه لَا زَكَاة عَلَيْهِ فِيهَا لِأَنَّهَا قد رجعت إِلَى مَا لَا زَكَاة فِيهِ وَقَالَ مَالك فِي الثِّمَار إِن فرط ضمن الصَّدَقَة وَإِن لم يفرط لم يضمن وَكَذَلِكَ قَول اللَّيْث وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا وَجَبت فِي مَاله الزَّكَاة فَأخر زَكَاته حَتَّى بلغت مائَة دِينَار ثمَّ تلف المَال إِلَّا مائَة دِينَار فَإِن تِلْكَ الْمِائَة زَكَاة فليخرجها وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا وَجَبت على الرجل الزَّكَاة رَوَاهُ عَنهُ وَكِيع وَذكر حميد عَنهُ أَنه إِن فرط ضمن وَإِن لم يفرط لم يضمن والتفريط أَن يحل غدْوَة فَيَقُول ادفعها عَشِيَّة فَإِذا أخرجهَا حِين حلت الحديث: 400 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 421 فَذهب يَدْفَعهَا إِلَى أَهلهَا وَلم يفرط فَضَاعَت فقد أخرجت وَقَالَ الشَّافِعِي لَو كَانَت لَهُ أَرْبَعُونَ شَاة فأمكنه أَن يصدقها فَلم يفعل حَتَّى مَاتَت أَو مَاتَ بَعْضهَا فَعَلَيهِ شَاة وَلَو لم يُمكنهُ مَاتَت مِنْهَا شَاة فَلَا شَيْء عَلَيْهِ فِي الْبَاقِي من زَكَاته لِأَنَّهُ أقل من أَرْبَعِينَ شَاة 402 - فِيمَن يمر بالعاشر فَيَقُول عَليّ دين أَو نَحْو ذَلِك هَل يسْتَخْلف قَالَ أَصْحَابنَا إِذا مر على عَاشر بِمَال فَقَالَ عَليّ دين وَإِنَّمَا أصبته مُنْذُ أشهر وَقد أدّيت الزَّكَاة إِلَى عَاشر آخر أَو قَالَ أديتها أَنا قَالَ إِذا حلف على ذَلِك صدقه وَفِي زَكَاة الْمَاشِيَة إِذا قَالَ قد أديتها أَنا يثني وَقَالَ مَالك وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ لَا يسْتَحْلف وَقَالَ اللَّيْث وَالشَّافِعِيّ يسْتَحْلف إِذا قَالَ أعطيتهَا أَنا وَيقبل مِنْهُ وروى يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن الزُّهْرِيّ عَن أَبِيه عَن جده أَن النَّاس كَانُوا فِي زمن عمر بن الْخطاب لم يَكُونُوا يستحلفون فِي زَكَاة أَمْوَالهم وَمَا دفعُوا قبل مِنْهُم وَقَالَ طَاوس لَا يسْتَحْلف الْمُصدق 403 - قي الْفَوَائِد قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري تضم الْفَائِدَة فِي الْحول إِلَى النّصاب من جنسه فتزكى بحول الأَصْل الحديث: 402 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 422 وَقَالَ مَالك يضم الْمُسْتَفَاد فِي الْحول من الْمَاشِيَة إِلَى نصابها وَلَا تضم الْفَائِدَة من الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا بَاعَ العَبْد أَو الدَّار فَإِنَّهُ يُزكي الثّمن حَتَّى يَقع فِي يَده إِلَّا أَن يكون لَهُ شهر مَعْلُوم فيؤخر حَتَّى يُزَكِّيه فِيهَا الزَّكَاة فَيُعِيد إِلَيْهَا حَتَّى تتمّ فَقَالَ إِن كَانَ الَّذِي عِنْده نصف مَا تجب فِيهِ الزَّكَاة يكثر حَتَّى يُفِيد وَإِن كَانَ دون النّصْف فَلَا شَيْء عَلَيْهِ حَتَّى يحول عَلَيْهِ الْحول وَهِي عِنْده وَرُوِيَ نَحْو قَول الْأَوْزَاعِيّ فِي أَنه يُزكي عَن العَبْد حَتَّى يَبِيع وَرُوِيَ ابْن عَبَّاس وَعَن عمر خلاف ذَلِك وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا كَانَ لَهُ مِائَتَان يملكهَا فَلَمَّا كَانَ قبل الْحول بِيَوْم أَفَادَ مَالا فحال الْحول وهما عِنْده زكاهما جَمِيعًا وَإِذا حَال الْحول وَقد ذهب من المَال الأول شَيْء فَلَيْسَ فِيهِ وَلَا فِي هَذَا الآخر شَيْء حَتَّى يسْتَقْبل بِهِ حولا من الْيَوْم الَّذِي أَفَادَ المَال الثَّانِي لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُزكي الثَّانِي بِالْأولِ فَإِذا لم يبْق من الأول مَا يكون فِيهِ الزَّكَاة لم يكن فِي الآخر زَكَاة إِلَّا بحوله وَقَالَ اللَّيْث النّصاب من الْإِبِل وَالْبَقر وَالْغنم وَلَيْسَ النّصاب فِي الذَّهَب وَالْوَرق وَقَالَ الشَّافِعِي يضم الْأَوْلَاد إِلَى الْأُمَّهَات وَلَا يضم غَيرهَا من الْفَوَائِد 404 - فِي زَكَاة الْمعز والضأن إِذا اجْتمعَا قَالَ أَبُو جَعْفَر كَانَ أَبُو حنيفَة يَقُول لَا يُؤْخَذ فِي الصَّدَقَة من الْمعز إِلَّا الحديث: 404 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 423 الثني وَلَا من الضَّأْن إِلَّا الْجذع حَكَاهُ عَنهُ الْحسن بن زِيَاد قَالَ أَبُو جَعْفَر وَقَالَ بعض النَّاس عَن أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد فِي الْغنم إِذا اخْتلفت أصنافها إِن الْمُصدق يَأْخُذ من أَي الْأَصْنَاف شَاءَ وَقَالَ مَالك إِن كَانَ الْمعز أَكثر مِنْهَا وَإِن كَانَ الضَّأْن أَكثر أَخذ مِنْهَا وَإِن اسْتَويَا أَخذ من أَيهمَا شَاءَ وَقَالَ الثَّوْريّ يُؤْخَذ من الأخس وَلَا يُؤْخَذ من الْأَفْضَل قَالَ الشَّافِعِي الْقيَاس أَن يَأْخُذ من كل بِحِصَّتِهِ 405 - فِي الدّين هَل يمْنَع الزَّكَاة قَالَ أَصْحَابنَا يمْنَع الزَّكَاة بِقَدرِهِ وَيجْعَل فِي الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير وعروض التِّجَارَة فَإِن فضل كَانَ فِي السَّائِمَة وَلَا يَجْعَل فِي عبد الْخدمَة وَدَار السُّكْنَى إِلَّا إِذا فضل عَن ذَلِك وَهُوَ قَول الثَّوْريّ فِي أَنه يمْنَع الزَّكَاة وَيجْعَل فِي الدَّرَاهِم دون خَادِم لغير التِّجَارَة وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك الدّين لَا يمْنَع زَكَاة السَّائِمَة وَلَا عشر الأَرْض وَيمْنَع زَكَاة الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير وَصدقَة الْفطر فِي الْعِيد وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك إِذا كَانَ عِنْده من الْعرُوض مَا فِيهِ وَفَاء بِمَا عَلَيْهِ من الدّين فَإِنَّهُ يُزكي مَا فِي يَده من ناض مَا تجب فِيهِ الزَّكَاة وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ الدّين يمْنَع الزَّكَاة وَلَا يمْنَع عشر الأَرْض وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَالْحسن بن حَيّ لَا يمْنَع الزَّكَاة وَقَالَ زفر يمْنَع الزَّكَاة إِلَّا أَنه يَجْعَل فِيمَا فِي يَده من جنسه فَإِذا كَانَ الحديث: 405 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 424 الدّين طَعَاما وَفِي يَده طَعَام لتِجَارَة أَو غَيرهَا وَله دَرَاهِم جعل الدّين فِي الطَّعَام دون الدَّرَاهِم وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا كَانَ لَهُ مِائَتَا دِرْهَم وَعَلِيهِ مثلهَا فاستعدى عَلَيْهِ السُّلْطَان قبل الْحول وَلم يقْض عَلَيْهِ بِالدّينِ حَتَّى حَال الْحول أخرج زَكَاتهَا ثمَّ قضى غرماءه بقيتها وَلَو قضى عَلَيْهِ بِالدّينِ وَجعل لَهُم مَاله حَيْثُ وجدوه قبل الْحول ثمَّ حَال عَلَيْهِ الْحول قبل أَن يقبضهُ الْغُرَمَاء لم يكن عَلَيْهِ زَكَاة حَكَاهُ الْمُزنِيّ 406 - إِذا لم يؤد زَكَاة مَاله حَتَّى جَاءَ حول آخر قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد الزَّكَاة وَاجِبَة فِي الْعين يمْنَع بمقدارها وجوب الزَّكَاة فَإِذا اسْتهْلك المَال بعد الْوُجُوب فَصَارَت الزَّكَاة دينا ثمَّ أَفَادَ مَالا منع الزَّكَاة الَّتِي حصلت وجوب الزَّكَاة فِي مِقْدَار الزَّكَاة الْوَاجِبَة كَالدّين عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف إِذا صَار دينا لم يمْنَع وَقَالَ زفر الزَّكَاة لَا تمنع الزَّكَاة دينا كَانَت أَو فِي الْعين قَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك تمنع وَكَذَلِكَ قَول عبيد الله بن الْحسن فِي الزَّرْع الَّذِي مَاتَ صَاحبه قبل أَدَاء الْعشْر قَالَ أَبُو جَعْفَر روى ابْن لمبارك عَن أبي حنيفَة فِي الرجل يَمُوت وَقد وَجب فِي إبِله وبقره وغنمه الزَّكَاة فَيَجِيء الْمُصدق وَهِي أَيدي الْوَرَثَة قَالَ لَا يُؤْخَذ ذَلِك مِنْهُم وَكَذَلِكَ عشر الزَّرْع لَا يُؤْخَذ لِأَنَّهُ قد صَار لغيره قَالَ أَبُو جَعْفَر وَأما مَا ذكر فِي الْإِبِل وَالْبَقر وَالْغنم فمشهور عَن أبي حنيفَة الحديث: 406 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 425 كَمَا ذكر لَا اخْتِلَاف عَنهُ فِيهِ وَأما مَا ذكره عَنهُ فِيمَا أخرجت الأَرْض فَلم نجد هَذِه الرِّوَايَة إِلَّا من هَذِه الْجِهَة وَالْمَشْهُور عَنهُ خلاف ذَلِك الْمَشْهُور فِي قَول أبي حنيفَة فِي زَكَاة الْمَاشِيَة أَنَّهَا تسْقط بِالْمَوْتِ وَأما عشر الأَرْض فَالْمَشْهُور عَنهُ أَنه لَا يسْقط بِالْمَوْتِ قَالَ أَبُو جَعْفَر وَذكر ابْن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد أَن الْمَوْت يسْقط زَكَاة مَا وَجب فِي الدَّرَاهِم وَلَا يسْقط عشر الزَّرْع قَالَ أَبُو بكر وَهَذَا القَوْل الْمَشْهُور عَن أَصْحَابنَا فِي هذَيْن وَرُوِيَ عَن مَالك فِي الزَّرْع إِن الْعشْر لَا يُبطلهُ الْمَوْت وَقَالَ الشَّافِعِي لَا تبطل الزَّكَاة بِالْمَوْتِ بعد وُجُوبهَا 408 - فِي أهل الْبَغي يَأْخُذُونَ الصَّدقَات قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالشَّافِعِيّ فِي الْخَوَارِج إِذا غلبوا على أَرض فَأخذُوا الزَّكَاة وَالْخَرَاج إِنَّه لَا يُعَاد عَلَيْهِم قَالَ أَصْحَابنَا وَيقسم فِيمَا بَينهم وَبَين الله أَن يُعِيدُوا وَقَالَ أَصْحَابنَا لَو مر رجل منا على عاشرهم فعشره فَإنَّا نثني عَلَيْهِم الصَّدَقَة لِأَنَّهُ أَتَاهُم طَائِعا وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يُعَاد عَلَيْهِ وَإِن أَتَاهُم قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يفرق حكم أدائهم إِلَى الْبُغَاة فِيمَا بَينهم وَبَين الله تَعَالَى وَفِي الْقَضَاء كالحدود إِن أقاموها لَا يُعَاد على من أُقِيمَت عَلَيْهِ قَالَ أَبُو بكر أَحْمد بن عَليّ الْحُدُود لَا تجب فِيمَا عَلَيْهِ الْخَوَارِج لَو لم يقيموها ثمَّ ظهر أهل الْعدْل لم تقم على من أَتَى ذَلِك وَلم تفت فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى فإقامتها وَلَو وَجَبت عَلَيْهِ الصَّدَقَة وَهُوَ فِي عَسْكَر الْخَوَارِج فَلم الحديث: 408 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 426 يأخذوها حَتَّى ظهر الإِمَام عَلَيْهِم كَانَ من حَيْثُ وَجَبت عَلَيْهِ الصَّدَقَة يَعْنِي فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى أَن يُخرجهَا وَقد رُوِيَ عَن ابْن عمر أَنه قَالَ ادفعها إِلَى من غلب وَقَالَ لَهُ حبَان أَو حَيَّان الشَّامي يجيئني مُصدق ابْن الزبير فَيَأْخُذ صَدَقَة مَال ويأتيني مُصدق نجدة فَيَأْخُذ قَالَ أَيهمَا أَعْطَيْت أَجْزَأَ عَنْك 409 - فِي زَكَاة مَال الْيَتِيم قَالَ أَصْحَابنَا لَا زَكَاة فِي مَال الْيَتِيم وَقَالَ ابْن أبي ليلى فِي أَمْوَالهم الزَّكَاة وَإِن أَدَّاهَا الْوَصِيّ عَنْهُم فَهُوَ ضَامِن وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَالثَّوْري إِذا بلغ فادفع إِلَيْهِ مَاله وأعلمه مَا حل فِيهِ من الزَّكَاة فَإِن شَاءَ زَكَّاهُ وَإِن شَاءَ لم يزك وَرُوِيَ عَنهُ أَن الْوَصِيّ إِذا لم يؤد أَخذ بِهِ يَوْم الْقِيَامَة وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَالْحسن بن حَيّ وَاللَّيْث فِي مَال الْيَتِيم الزَّكَاة وَقَالَ ابْن شبْرمَة لَا أزكي مَال الْيَتِيم مَا كَانَ من ذهب أَو فضَّة وَلَكِن الْإِبِل وَالْبَقر وَالْغنم وَلَا خلاف بَينهم أَن الْعشْر يجب فِي أَرض الْيَتِيم وَقَالَ أَبُو جَعْفَر وَالْفرق أَن الزَّكَاة حق طَار على ملك ثَابت للْمَالِك قبل حُدُوث الْحق فَهُوَ طَهَارَة وَالزَّكَاة لَا تلْزم إِلَّا من تلْزمهُ الطَّهَارَة وَالزَّكَاة وَثَمَرَة النّخل وَالزَّرْع بحدوثها يجب الْحق فَلَا يملكهَا مَالِكهَا إِلَّا وَهُنَاكَ حق وَاجِب مَعَ حُدُوث الْملك فَيصير كالشريك فِيهِ فَلَا يَسْتَوِي فِيهِ حكم الصَّغِير وَالْكَبِير الحديث: 409 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 427 410 - فِي زَكَاة المَال المغيب إِذا وجده قَالَ أَصْحَابنَا إِذا غصب المَال غَاصِب فجحده سِنِين وَلَا بَيِّنَة لَهُ أَو ضَاعَ مِنْهُ فِي مفازة أَو طَرِيق أَو دَفنه فِي صحراء فَلم يقف على مَوْضِعه ثمَّ وجده بعد سِنِين فَلَا زَكَاة عَلَيْهِ لما مضى وَقَالَ الثَّوْريّ وَزفر عَلَيْهِ الزَّكَاة لما مضى وَقَالَ مَالك لَيْسَ عَلَيْهِ الزَّكَاة إِلَّا لعام وَاحِد وَقَالَ اللَّيْث لَا زَكَاة عَلَيْهِ وَقَالَ الشَّافِعِي فِيهِ قَولَانِ أَحدهمَا أَنه تجب وَالْآخر أَنه لَا تجب قَالَ أَبُو جَعْفَر وَرُوِيَ عَن عُثْمَان أَنه قَالَ الصَّدَقَة تجب فِي الدّين الَّذِي لَو شِئْت تقاضيه من صَاحبه وعَلى من يَدعِيهِ حَيَاء ومصانعة وَعَن ابْن عمر أَيّمَا دين كَانَ لَك ترجو قَضَاؤُهُ فَعَلَيْك فِيهِ الزَّكَاة كل عَام وَلَيْسَ عَن أحد من الصَّحَابَة خِلَافه الحديث: 410 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 428 411 - إِذا تلف بعض المَال فِي الْحول ثمَّ اسْتَفَادَ قَالَ أَصْحَابنَا إِذا كَانَ عِنْده نِصَاب فِي أول الْحول فَهَلَك بعضه ثمَّ اسْتَفَادَ فحال الْحول وَعِنْده نِصَاب فَعَلَيهِ الزَّكَاة وَلَو هلك المَال كُله ثمَّ اسْتَفَادَ نِصَابا اسْتَأْنف حولا بالمستفاد وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ إِذا نقص عَن النّصاب فِي بعض الْحول اسْتقْبل حولا من حِين يملك تَمام النّصاب 412 - فِي الزِّيَادَة على النّصاب قَالَ أَبُو حنيفَة لَا شَيْء فِيمَا زَاد على الْمِائَتَيْنِ حَتَّى تبلغ أَرْبَعِينَ وَفِيمَا زَاد على الْعشْرين مِثْقَالا حَتَّى تبلغ أَرْبَعَة مَثَاقِيل وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ وَرُوِيَ نَحوه عَن عمر وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَمَالك وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ وَالْحسن بن حَيّ فِيمَا زَاد بِحِسَابِهِ 413 - فِي زَكَاة الْحلِيّ قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري رِوَايَة الْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ فِيهِ الزَّكَاة وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لَا زَكَاة فِيهِ إِذا كَانَ للْمَرْأَة وَإِن كَانَ للرجل فَفِيهِ الزَّكَاة وَقَالَ اللَّيْث مَا كَانَ يلبس ويعار فَلَا زَكَاة فِيهِ إِذا كَانَ للْمَرْأَة وَإِن كَانَ الحديث: 411 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 429 للرجل فَفِيهِ الزَّكَاة وَمَا صنع ليحرز من الصَّدَقَة فَفِيهِ الصَّدَقَة وَقَالَ مَالك وَإِن كَانَ للْبيع فَفِيهِ الزَّكَاة 414 - فِي ضم الذَّهَب وَالْوَرق قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالثَّوْري يضم أَحدهمَا إِلَى الآخر فيكمل بِهِ النّصاب إِلَّا أَن أَبَا حنيفَة قَالَ يضم بِالْقيمَةِ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَمَالك يضم بالأجزاء وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَشريك وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ لَا يضم وَيعْتَبر فِي كل وَاحِد مِنْهُمَا كَمَال النّصاب 415 - فِي الْمهْر وَنَحْوه إِذا قبض بعد الْحول قَالَ أَبُو حنيفَة لَا زَكَاة على الْمَرْأَة فِي الْمهْر حَتَّى تقبض ويحول الْحول بعد الْقَبْض وَكَذَلِكَ الدِّيَة وَالْمِيرَاث وَقَالَ مَالك إِذا كَانَ الْمهْر دينا فَلَا زَكَاة على الْمَرْأَة حَتَّى تقبض ثمَّ يحول الْحول بعد الْقَبْض وَكَذَلِكَ فِي الدِّيَة وَقَالَ إِذا كَانَ الْمهْر بِلَا سَائِمَة فقبضها بعد حول فعلَيْهَا الزَّكَاة لما مضى وَقَالَ مَالك كل فَائِدَة أفادها رجل من كِتَابَة أَو دِيَة أَو مخارجة أَو غير ذَلِك فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيهَا زَكَاة حَتَّى يحول عَلَيْهَا الْحول عِنْده من يَوْم يقبضهَا وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد فِي الْمهْر وَالْمِيرَاث وَمَا يستهلك من مَال وَإِن الحديث: 414 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 430 لم يكن للتِّجَارَة وَفِي أُجْرَة دَار أَو عبد أَو غَيره الزَّكَاة للحول الْمَاضِي قبل الْقَبْض وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِن كَانَ اسْتهْلك لغير التِّجَارَة فَهُوَ كالمهر وَإِن كَانَ للتِّجَارَة فَإِذا قبض أَرْبَعِينَ بعد الْحول زَكَاة وَكَذَلِكَ البيع فِي ذَلِك إِن كَانَ البيع لغير التِّجَارَة فحتى يقبض ويحول الْحول وَإِن كَانَ للتِّجَارَة زكى للحول الْمَاضِي إِذا قبض أَرْبَعِينَ وَقَالَ الثَّوْريّ يزكّى الْمهْر وَالْمِيرَاث وَأرش الْجراحَة لما مضى وَلَا يزكّى مَال الْكِتَابَة حَتَّى يقبض ويحول الْحول وَقَالَ الْحسن بن حَيّ يزكّى الْمهْر وَقَالَ اللَّيْث فِي الْمِيرَاث إِذا لم يعلم بِهِ سِنِين أَنه يزكّى لسنة وَاحِدَة وَإِذا بَاعَ ثَمَرَة شَجَرَة ثمَّ قبض الثّمن بعد حول لم يزك لما مضى من السنين 416 - فِي زَكَاة العَبْد قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ مَال العَبْد لمَوْلَاهُ وزكاته على الْمولى وَقَالَ مَالك لَا زَكَاة فِي مَال العَبْد على السَّيِّد وَلَا على العَبْد وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ وَلَا زَكَاة فِي مَال الْمكَاتب عِنْد جَمَاعَتهمْ قَالَ أَبُو جَعْفَر العَبْد لَا يملك لقَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام من بَاعَ عبدا وَله مَال فَمَاله للْبَائِع ويستحيل إِثْبَات الْملك لاثْنَيْنِ فِي حَالَة وَاحِدَة الحديث: 416 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 431 وَقَوله فَمَاله للْبَائِع إِخْبَار عَن تَحْقِيق الْملك لَا محَالة فَانْتفى ملك العَبْد وَصَارَت إِضَافَة الْملك إِلَيْهِ كإضافة الْبَاب إِلَى الدَّار والسرج إِلَى الدَّابَّة 417 - فِي زَكَاة الْعرُوض قَالَ أَصْحَابنَا إِذا كَانَت الْعرُوض للتِّجَارَة فَإِذا بلغت قيمتهَا النّصاب فَفِيهَا الزَّكَاة وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ مَالك إِنَّمَا يَبِيع الْعرض بِالْعرضِ فَلَا زَكَاة فِيهِ حَتَّى ينض مَاله وَإِن كَانَ يَبِيع بِالْعينِ وَالْعرض فَإِنَّهُ يُزكي وَإِن لم يكن مِمَّن يدْرِي التِّجَارَة فَاشْترى سلْعَة يُرِيد بيعهَا فبارت عَلَيْهِ فمضت أَحْوَال فَلَا زَكَاة عَلَيْهِ وَإِذا بَاعَ زكى وَاحِدَة وَقَالَ اللَّيْث إِذا ابْتَاعَ مَتَاعا للتِّجَارَة فَبَقيَ عِنْده أحوالا ثمَّ بَاعه فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا زَكَاة وَاحِدَة قَالَ أَبُو جَعْفَر رُوِيَ عَن عمر وَابْن عمر زَكَاة عرُوض التِّجَارَة من غير خلاف 418 - فِي أَرض الْعشْر للتِّجَارَة قَالَ أَصْحَابنَا عَلَيْهِ عشر الْخَارِج دون الزَّكَاة وَقَالَ مَالك إِذا بَاعَ نخلا فيثمر النّخل فَيُؤْخَذ مِنْهُ الصَّدَقَة ثمَّ يَبِيع الْحَائِط بعد ذَلِك أَنه يُزكي ثمن الْحَائِط حِين بَاعه إِذا كَانَ قد حَال على الثّمن الَّذِي ابْتَاعَ مِنْهُ الْحَائِط الْحول الحديث: 417 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 432 وَقَالَ الثَّوْريّ يقوم الأَرْض وَالنَّخْل وفيزكيهما مَعَ مَاله وَإِن كَانَ قد أدّى عشر الثّمن وَلم يزك الثَّمَرَة بعد مَا يعْطى مِنْهَا الْعشْر وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن إِن بلغ مَا أخرجت خَمْسَة أوسق زَكَاة الْعشْر أَو نصف الْعشْر وَلم يتْرك الأَرْض وَإِن لم يبلغ خَمْسَة أوسق زكى الأَرْض مَعَ مَاله وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا اشْترى نخلا للتِّجَارَة أَو ورثهَا زكاها زَكَاة النّخل وَالزَّرْع وَلَو كَانَ مَكَان النّخل غراس لَا زَكَاة فِيهَا زكاها زَكَاة التِّجَارَة 419 - فِي الْبذر إِذا كَانَ للتِّجَارَة قَالَ أَصْحَابنَا وَالْأَوْزَاعِيّ فِيمَن عِنْده بذر للتِّجَارَة فزرعه فِي أَرض اسْتَأْجرهَا إِن عَلَيْهِ الْعشْر فِي الْخَارِج وَلَا زَكَاة عَلَيْهِ فِيهِ وَإِن بَقِي سِنِين وَقَالَ مَالك عَلَيْهِ الْعشْر فَإِذا بَاعَ الْحِنْطَة بعد حول فَعَلَيهِ الزَّكَاة يَوْم بَاعهَا وَقَالَ الْحسن بن حَيّ لَيْسَ عَلَيْهِ الْعشْر فِيمَا أخرجت الأَرْض حَتَّى يحول الْحول على أصل مَاله فَيقوم زرعه ثمَّ يُزَكِّيه مَعَ مَاله فَإِن حَال الْحول وَهُوَ بذر فِي الأَرْض لم يخرج مِنْهُ شَيْء يكون لَهُ قِيمَته فَإِذا خرج زَكَّاهُ بِمَنْزِلَة المَال الناوي إِذا خرج زَكَّاهُ 420 - فِيمَن ورث عرُوضا فَنوى بهَا التِّجَارَة قَالَ أَصْحَابنَا لَا يكون للتِّجَارَة حَتَّى يَبِيعهَا فَيكون بدلهَا للتِّجَارَة وَكَذَلِكَ قَالَ مَالك فِي الْعرُوض فِي الْمِيرَاث وَالْهِبَة وَالصَّدَََقَة للتِّجَارَة حَتَّى يَبِيع ثمَّ الحديث: 419 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 433 يسْتَقْبل حولا وَقَالَ إِن ورث حليا فَنوى بِهِ التِّجَارَة كَانَ للتِّجَارَة وَفرق بَينه وَبَين الْعرُوض قَالَ أَصْحَابنَا إِذا كَانَ عِنْده عرُوض لغير التِّجَارَة فنواها للتِّجَارَة لم تكن للتِّجَارَة حَتَّى يَبِيعهَا فَيكون الْبَدَل للتِّجَارَة وَإِن كَانَت عِنْده للتِّجَارَة فنواها لغير التِّجَارَة صَارَت لغير التِّجَارَة وَهُوَ قَول اللَّيْث وَالشَّافِعِيّ 421 - فِي زَكَاة الدّين مَتى تُؤَدّى قَالَ أَصْحَابنَا وَالْأَوْزَاعِيّ لَيْسَ عَلَيْهِ الْأَدَاء حَتَّى يقبض سَوَاء كَانَ مَقْدُورًا على أَخذه أَو لم يكن قَالَ ابْن شبْرمَة وَالشَّافِعِيّ إِذا قدر على أَخذه فَعَلَيهِ زَكَاته قبل الْقَبْض وَقَالَ مَالك لَا زَكَاة عَلَيْهِ قبل الْقَبْض فَإِذا قبض زكى لعام وَاحِد وَإِن كَانَ قد مَضَت عَلَيْهِ أَحْوَال وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن فِي كل مَال زَكَاة إِلَّا أَن يعرض عَلَيْهِ المَال إِلَّا أَن يقبضهُ فيتوى عَلَيْهِ زَكَاته 422 - فِيمَن قبض بعض دينه قَالَ أَبُو حنيفَة فِي الْقَرْض إِذا قبض عشْرين درهما بعد حول فَلَا زَكَاة فِيهِ حَتَّى يقبض أَرْبَعِينَ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يُزكي الْقَلِيل وَالْكثير مِمَّا يقبض وَقَالَ مَالك وَالثَّوْري لَا يُزكي حَتَّى يقبض مِقْدَار النّصاب وَهُوَ مِائَتَا الحديث: 421 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 434 دِرْهَم ثمَّ مَا قبض بعد ذَلِك من قَلِيل أَو كثير زَكَّاهُ 423 - فِي الْمُسْتَفَاد هَل يضم إِلَى الدّين قَالَ ابْن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد إِذا أقْرض رجلا مِائَتي دِرْهَم فحال الْحول إِلَّا شهرا ثمَّ اسْتَفَادَ الطَّالِب ألف دِرْهَم فحال الْحول على الدّين فَإِنَّهُ فِي قَول مُحَمَّد يُزكي الْألف الَّتِي عِنْده وَإِن لم يَأْخُذ من الدّين أَرْبَعِينَ درهما قَالَ ابْن سَمَّاعَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف فِي الْإِمْلَاء لَا يُزكي حَتَّى يخرج من الدّين شَيْء قل أَو كثر وَقَالَ مَالك إِن كَانَ عِنْده عشرُون دِينَارا وَله مِائَتَا دِينَار فحال الْحول على الدّين فَلَا زَكَاة عَلَيْهِ فِي الْعشْرين حَتَّى يحول عَلَيْهَا الْحول وَإِن حَال الْحول على الْعشْرين ثمَّ اقْتضى من الدّين شَيْئا زكى مَا قبض لِأَنَّهُ عِنْده نِصَاب وَكَذَلِكَ إِن هَلَكت الْعشْرُونَ فَاقْتضى دِينَارا بعْدهَا فَإِنَّهُ يُزَكِّيه وَقَالَ الشَّافِعِي يُزكي الْعين الَّتِي فِي يَده وَإِن لم يكن نِصَابا وَإِنَّمَا يتم نِصَابا بِالدّينِ 424 - فِيمَن عِنْده أقل من النّصاب فيحول الْحول قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ لَيْسَ فِي أقل من مِائَتي دِرْهَم وَأَقل من عشْرين مِثْقَال ذهب زَكَاة سَوَاء كَانَ النُّقْصَان قَلِيلا أَو كثيرا وَقَالَ مَالك إِذا كَانَت المائتي دِرْهَم وَالْعِشْرين مِثْقَالا نَاقِصَة بَينه النُّقْصَان فَلَا زَكَاة فِيهَا فَإِن زَادَت حَتَّى تبلغ زيادتها مِائَتي دِرْهَم وافية أَو عشْرين مِثْقَالا وافية فَفِيهَا الزَّكَاة الحديث: 423 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 435 وَإِن كَانَت تجوز بِجَوَاز الوازنة كَانَت فِيهَا الزَّكَاة دَنَانِير كَانَت أَو دَرَاهِم 425 - فِي الشَّرِيكَيْنِ فِي غير الْمَوَاشِي قَالَ أَصْحَابنَا يعْتَبر ملك كل وَاحِد على حياله وَقَالَ مَالك فِي الذَّهَب وَالْوَرق يكون بَين الشُّرَكَاء إِذا تعدت حِصَّته مِنْهُم عشرُون دِينَارا أَو مِائَتي دِرْهَم فَعَلَيهِ الزَّكَاة وَإِن نقصت حِصَّته مِمَّا تجب فِيهِ الزَّكَاة فَلَا زَكَاة عَلَيْهِ وَإِذا بلغت حصصهم مَا تجب فِيهِ الزَّكَاة وَكَانَ بَعضهم أقل نَصِيبا أَخذ من كل إِنْسَان بِقدر حِصَّته وَقَالَ الشَّافِعِي يصدق الخلطاء صَدَقَة وَاحِدَة الْمَاشِيَة وَالزَّرْع وَالْوَرق وَالذَّهَب 426 - فِيمَن أخرج زَكَاته فَهَلَكت قبل ان يُؤَدِّي قَالَ أَصْحَابنَا مَا ضَاعَ فِي يَده قبل أَن يُعْطِيهِ الْمَسَاكِين لم يجزه من الزَّكَاة وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ مَالك إِن أخرجهَا حِين تجب عَلَيْهِ فَلَا أرى عَلَيْهِ شَيْئا وَيجزئهُ وَقَالَ الْحسن بن حَيّ يُجزئهُ من الزَّكَاة إِن ضَاعَت فِي يَده وَلَا شَيْء عَلَيْهِ الحديث: 425 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 436 427 - فِي زَكَاة ربح الْمضَارب قَالَ أَصْحَابنَا فِي الْمضَارب يُزكي نصِيبه من الرِّبْح إِذا حَال الْحول وَعِنْده نِصَاب فَإِن اشْترى جَارِيَة قيمتهَا أَلفَانِ وَرَأس المَال ألف زكى خَمْسمِائَة إِذا حَال الْحول ويزكي رب المَال أَلفَانِ وَخَمْسمِائة وَلَو اشْترى بِأَلف جاريتين قيمَة كل وَاحِدَة ألف زكى ربع المَال إِذا حَال الْحول ألفا وَخمْس وَلم يكن على الْمضَارب زَكَاة وَقَالَ مَالك إِذا أَخذ الْمضَارب ربحه فَهُوَ بِمَنْزِلَة الْفَائِدَة يسْتَقْبل بِمَا أَخذ سنة وَلَو عمل بِالْمَالِ سنة فربح كَانَ فِي المَال وَفِي الرِّبْح الزَّكَاة سَوَاء كَانَت حِصَّة المَال مِمَّا تجب فِي الزَّكَاة أَو مِمَّا لَا تجب قَالَ وَأما زَكَاة الْفطر فِي عبد الْمُضَاربَة فعلى رب المَال قَالَ وَلَو أَن الْعَامِل اشْترى بِمَال الْقَرَاض غنما فحال الْحول وَهِي عِنْد الْمُقَارض فَإِن الزَّكَاة على رب المَال فِي رَأس مَاله وَلَا يكون على الْعَامِل شَيْء وَقَالَ الثَّوْريّ لَا يُزكي الْمضَارب الرِّبْح حَتَّى يقبضهُ ويحول عَلَيْهِ الْحول بعد أَخذه وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا كَانَ رَأس المَال ألفا والسلعة تَسَاوِي أَلفَيْنِ فَفِيهَا قَولَانِ أَحدهمَا أَنه يُزكي كلهَا لِأَنَّهَا ملك لرب المَال أبدا حَتَّى يسلم إِلَيْهِ رَأس مَاله وَالثَّانِي أَن الزَّكَاة على رب المَال فِي ألف وَخَمْسمِائة وأوقفت الزَّكَاة فِي خَمْسمِائَة فَإِن حَال الْحول عَلَيْهَا من يَوْم صَارَت لِلْعَامِلِ زكاها لِأَنَّهُ خليط لَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا خلاف أَن للْمُضَارب أَن يُطَالب رب المَال بِالْقِسْمَةِ حَتَّى الحديث: 427 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 437 يحصل لَهُ نصِيبه من الرِّبْح مُمَيّزا من ملكه صَحِيح الْملك يلْزمه فِيهِ الزَّكَاة 428 - فِي أَخذ الْبَدَل فِي الزَّكَاة قَالَ أَصْحَابنَا يجوزأداء الزَّكَاة بِالْقيمَةِ فَإِن أدّى عَن خَمْسَة جِيَاد خَمْسَة دونهَا فِي الْجَوْدَة أَجزَأَهُ عِنْد أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَقَالَ مُحَمَّد يُؤَدِّي فضل مَا بَينهمَا وَقَالَ زفر عَلَيْهِ أَن يتَصَدَّق بغَيْرهَا وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف إِن أعطَاهُ أَرْبَعَة وضحا عَن خَمْسَة عِلّة وَذَلِكَ قيمتهَا أَجزَأَهُ عَن أَرْبَعَة وَيُؤَدِّي درهما آخر وَقَالَ زفر يجزىء الْأَرْبَعَة عَن الْخَمْسَة إِذا كَانَت مثل قيمتهَا وَقَالَ مَالك يُعْطي عَن الدَّرَاهِم قيمتهَا ذَهَبا وَلَا يُعْطي عرُوضا قَالَ مَالك وَلَو أَن ساعيا أجبر قوما وَأخذ مِنْهُم دَرَاهِم بِقِيمَة مَا وَجب عَلَيْهِم أجزأهم وَقَالَ الثَّوْريّ يجوز إِعْطَاء الْعرُوض عَن الزَّكَاة إِذا كَانَت قيمَة ذَلِك وَأَن يُعْطِيهَا على وَجههَا أحب إِلَيّ وَقَالَ الْحسن بن حَيّ يخرج من كل مَال زَكَاته أحب إِلَيّ من أَن يُعْطي فِي الزَّكَاة شَيْئا من غَيرهَا مَكَانهَا وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن فِي الذَّهَب وَالْفِضَّة إِذا أدّى أَحدهمَا عَن الآخر أَجزَأَهُ وَإِن أعْطى عَن أَحدهمَا طَعَاما فَإِنِّي أخْتَار لَهُ أَن لَا يفعل وَلَا أزعم مَعَ ذَلِك أَنه لَا يجزىء الحديث: 428 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 438 وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يجزىء ذهب عَن ورق وَلَا ورق عَن ذهب قَالَ أَبُو جَعْفَر من يسْتَحق قبض الصَّدَقَة صنفان إِمَّا الْمَسَاكِين وَإِمَّا الإِمَام وَالْإِمَام جَائِز لَهُ بيعهَا مِمَّن هِيَ عَلَيْهِ كَمَا يَبِيع الْغَنَائِم وَكَذَلِكَ الْمِسْكِين إِن كَانَ هُوَ الْآخِذ فَجَائِز لَهُ أَخذ الْبَدَل عَنهُ كَمَا لَو كَانَ عَلَيْهِ مَال جَازَ لَهُ أَخذ الْبَدَل عَنهُ 429 - فِي ارتجاع صدقته بِالْبيعِ قَالَ أَصْحَابنَا لَا بَأْس لمن أخرج زَكَاته أَو كَفَّارَة يَمِينه أَن يَشْتَرِيهِ مِمَّن دَفعه إِلَيْهِ وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ وَقَالَ مَالك وَالْحسن بن حَيّ أكره ذَلِك وَكَذَلِكَ اللَّيْث قَالَ الْحسن وَإِن ورثهَا وَجههَا فِي الْوَجْه الَّذِي كَانَ وَجههَا فِيهِ أول مرّة وَلَا يكره الْحسن ذَلِك فِي الْهِبَة وَقَالَ الشَّافِعِي أكره للرجل شِرَاء صدقته وَلَا أفسخه وَقَالَ فِي كفار الْيَمين إِن تنزه عَن شِرَائهَا أحب إِلَيّ وَذكر أَبُو جَعْفَر قصَّة الْفرس الَّتِي بَاعهَا عمر فَأَرَادَ شراءها فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تعد فِي صدقتك وَلَا تشترها قَالَ وَهَذَا أولى مِمَّا قَالَ من أَبَاحَهُ وَأما الْمِيرَاث فَمن وَرثهُ فَيحل لَهُ لحَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده أَن رجلا أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله إِنِّي أَعْطَيْت أُمِّي حديقة وَإِنَّهَا مَاتَت وَلم تتْرك وَارِثا غَيْرِي فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجَبت الحديث: 429 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 439 صدقتك وَرجعت إِلَيْك حديقتك قَالَ وَهَذَا يُوجب أَن لَا يجب عَلَيْهِ فِي الْمِيرَاث أَن لَا يتَصَدَّق بِهِ 430 - فِيمَا يَأْخُذهُ الْعَاشِر قَالَ أَصْحَابنَا إِذا مر على الْعَاشِر بنصاب فَإِنَّهُ يَأْخُذ مِنْهُ زَكَاة مَا مَعَه وَلَا يَأْخُذ مِنْهُ زَكَاة مَا فِيهِ بَيته وَقَالَ ابْن شبْرمَة مَا ظهر من مَال زكيته وَمَا لم يظْهر وَغَابَ عني لم أفتشه وَلم أطلبه وَقَالَ مَالك أرى أَن آخذ من تجار الْمُسلمين إِذا اتَّجرُوا الزَّكَاة فِي بِلَادهمْ وَغير بِلَادهمْ من كَانَ عِنْده مَال تجب فِيهِ الصَّدَقَة وَيبْعَث الْوَالِي إِلَى من يَأْخُذ زَكَاة أَمْوَالهم الناض إِذا لم يتجروا ويسألهم عَن ذَلِك وَقد فعل أَبُو بكر كَانَ يَقُول للرجل إِذا أعطَاهُ عَطاء هَل عنْدك من مَال وَجَبت عَلَيْك فِيهِ الزَّكَاة فَإِن قَالَ نعم أَخذ من عطائه زَكَاة ذَلِك المَال وَإِن قَالَ لَا سلم إِلَيْهِ وَكَانَ مَالك لَا يُعجبهُ أَن ينصب لهَذِهِ المكوس أحدا وَقَالَ مَالك إِذا كَانَ الْوَالِي عدلا لم يسع الرجل أَن يفرق زَكَاة مَاله الناض وَلَا غير ذَلِك وَلَكِن يدْفع زَكَاة مَاله الناض إِلَى الإِمَام وَأما مَا كَانَ من الْمَاشِيَة وَمَا أنبتت الأَرْض فَإِن الإِمَام يبْعَث فِي ذَلِك وَقَالَ الشَّافِعِي وَلَو كَانَ بَين رجلَيْنِ أَرْبَعُونَ شَاة ولأحدهما بِبَلَد آخر أَرْبَعُونَ شَاة أَخذ الْمُصدق من الشَّرِيكَيْنِ شَاة ثَلَاثَة أرباعها من صَاحب الْأَرْبَعين وربعها من الَّذِي لَهُ عشرُون لِأَنِّي أضم مَال كل رجل إِلَى مَاله الحديث: 430 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 440 431 - فِيمَن يمر على الْعَاشِر بالفواكه قَالَ أَبُو حنيفَة لَا يَأْخُذ الْعَاشِر من الْفَوَاكِه وَمَا يبْقى شَيْئا وَإِن كَانَ للتِّجَارَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالْحسن بن حَيّ يُؤْخَذ مِنْهُ 432 - فِي هبة الدّين هَل يجزىء من الزَّكَاة قَالَ أَصْحَابنَا إِن كَانَ مُعسرا فَتصدق عَلَيْهِ أَو وهب لَهُ مَا عَلَيْهِ من الدّين سَقَطت زَكَاته وَإِن كَانَ من عَلَيْهِ ذَلِك غَنِيا لم يجزه وَلَا يجزىء عَن دين عَلَيْهِ لم يَهبهُ وَإِنَّمَا تسْقط عَن زَكَاة الْمَوْهُوب حسب وَقَالَ ملك لَا يُعجبنِي ذَلِك وَهُوَ قَول الْحسن بن حَيّ وَقَالَ الثَّوْريّ يضمن زَكَاته وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن لَا أرى أَن يفعل ذَلِك وَقَالَ ابْن وهب سُئِلَ اللَّيْث عَن الرجل تحل عَلَيْهِ الزَّكَاة وَله على رجل مُحْتَاج مستوجب الصَّدَقَة دين فَيجْعَل دينه ذَلِك فِي زَكَاته لغريمه وَقَالَ اللَّيْث يضع عَنهُ من زَكَاته بعضه وَيقسم مَا سوى ذَلِك على أهل السهْمَان إِلَّا أَن تكون زَكَاة مَاله كَبِيرَة يعم السهْمَان ويستوجب مثل الَّذِي كَانَ قاسما لغيره فَيَضَع ذَلِك عَنهُ قَالَ إِلَّا أَن يكون الَّذِي عَلَيْهِ قد أيس مِنْهُ فَيَضَع عَنهُ بِقدر الَّذِي عَلَيْهِ من الدّين قَالَ أَبُو جَعْفَر أجَاز صَدَقَة الدّين عَن مَاله الْعين وَلم نجد هَذَا عَن أحد الحديث: 431 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 441 الْفُقَهَاء غير الْحسن الْبَصْرِيّ وَاللَّيْث بن سعد وَهُوَ قِيَاس قَول الشَّافِعِي لِأَنَّهُ يَجْعَل الدُّيُون المأمونة كالودائع 433 - فِيمَن يَمُوت وَعَلِيهِ زَكَاة مَاله قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك فِي رِوَايَة ابْن وهب وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ رِوَايَة وَالْحسن بن حَيّ وَاللَّيْث رِوَايَة وَعبيد الله بن الْحسن إِذا مَاتَ وَعَلِيهِ زَكَاة مَاله إِن ورثته لَا يجبرون عَلَيْهِ وَلَا يلْزمهُم إخْرَاجهَا وَإِن فَعَلُوهُ فَهُوَ أفضل وَإِن وصّى الْمَيِّت بهَا فَهُوَ من الثُّلُث وروى ابْن الْقَاسِم عَن مَالك يخرج من رَأس المَال وَلَا يكون من الثُّلُث وَلَو كَانَت لَهُ مَاشِيَة تجب عَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاة فَمَاتَتْ فجَاء السَّاعِي لم يَأْخُذ وَلَكِن على الْوَرَثَة أَن يقوموها وَلَيْسَت الْمَاشِيَة كالدنانير وَلَو وَجَبت فِيهَا الزَّكَاة ثمَّ مَاتَ لم يجب على الْوَرَثَة إخْرَاجهَا إِلَّا أَن يتطوعوا أَو يُوصي بِهِ الْمَيِّت فَإِن أوصى بِهِ كَانَ فِي ثلثه على الْوَصَايَا وروى عَن الْأَوْزَاعِيّ أَن الزَّكَاة الْوَاجِبَة فِي الْحَيَاة تُؤْخَذ من مَال الْمَيِّت وَقَالَ اللَّيْث فِي الْمَرِيض يحل عَلَيْهِ الزَّكَاة فيريد إخْرَاجهَا فَإِنَّهُ يُخرجهَا من جملَة مَاله إِذا كَانَ الشَّهْر الَّذِي يخرج فِيهِ زَكَاته فَإِن كَانَ عَلَيْهِ دين فَإِنَّهُ يبْدَأ بِدِينِهِ ثمَّ تكون الزَّكَاة بعد الدّين وَإِذا وصّى بِزَكَاة مَاله فَإِنَّهَا لَا تكون إِلَّا من الثُّلُث وَزَكَاة الْمَاشِيَة من راس المَال وَقَالَ الشَّافِعِي يبْدَأ بِالزَّكَاةِ على الدّين ثمَّ يكون مَا بَقِي دين الْغُرَمَاء 434 - فِي الأَرْض تَسْقِي مرّة سيحا وَمرَّة بدالية قَالَ أَصْحَابنَا ينظر إِلَى الْأَغْلَب فيزكي بِهِ وَلَا يلْتَفت إِلَى مَا سواهُ الحديث: 433 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 442 وَكَانَ بكار بن قتيبه ينظر إِلَى مَا سقيت بالنيل وَمَا سقيت بالسواقي فَيجْعَل زَكَاة كل وَاحِد مِنْهُمَا على حِكْمَة وَلَا ينظر إِلَى الْأَغْلَب وَقَالَ مَالك ينظر إِلَى مَا تمّ بِهِ الزَّرْع فيزكى عَلَيْهِ على الْعشْر أَو نصف الْعشْر فَأَي ذَلِك كَانَ أَكثر سقيه فَإِنَّهُ يُزكي عَلَيْهِ هَذِه رِوَايَة ابْن الْقَاسِم وروى ابْن وهب عَن مَالك أَنه إِذا اسقى نصف سنة بالعيون ثمَّ انْقَطَعت بَقِيَّة السّنة بالناضح فَإِن عَلَيْهِ نصف زَكَاته عشرا وَالنّصف الآخر نصف الْعشْر وَقَالَ مرّة أُخْرَى زَكَاته بِالَّذِي تمت فِيهِ حَيَاته وَقَالَ الشَّافِعِي يُزكي كل وَاحِد مِنْهُمَا بِحِسَاب قَالَ أَبُو جَعْفَر اتّفق الْجَمِيع على أَنه لَو سقَاهُ مَاء الْمَطَر يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ لَا إعتبار بِهِ وَلَا يكون لَهُ حِصَّته فَثَبت أَن الإعتبار بالأغلب 435 - فِي عشر الأَرْض الْمُسْتَأْجرَة قَالَ أَبُو حنيفَة الْعشْر على الْمُؤَجّر وَقَالَ مَالك وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ الْعشْر على الْمُسْتَأْجر إِذا كَانَت أَرض عشر 436 - هَل يجْتَمع الْعشْر وَالْخَرَاج قَالَ أَصْحَابنَا لَا يَجْتَمِعَانِ الحديث: 435 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 443 وَقَالَ مَالك وَالْحسن بن حَيّ وَالثَّوْري وَشريك وَالشَّافِعِيّ إِذا كَانَت أَرض خراج فَعَلَيهِ الْعشْر فِي الْخَارِج وَالْخَرَاج فِي الأَرْض قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا سقطته السَّمَاء الْعشْر وَفِيمَا سقِِي بالناضح نصف الْعشْر وَذَلِكَ إِخْبَار بِالْوَاجِبِ فِي كل مِنْهُمَا وَلَو وَجب الْخراج مَعَ ذَلِك لَكَانَ بعض الْوَاجِب لِأَن الْخراج قد يكون مشاطرة وَقد يكون قَفِيزا ودرهما وَأَيْضًا قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام منعت الْعرَاق قفيزها ودرهمها مَعْنَاهُ سيمنع وَلَو كَانَ الْعشْر وَاجِبا فِيمَا زرع فِي أَرض الْخراج لإستمال أَن يكون الْخراج مَمْنُوعًا مِنْهُ وَالْعشر غير مَمْنُوع لِأَن من منع الْخراج بجحوده مَا عَلَيْهِ فِي ذمَّته كَانَ للعشر أمنع وَفِي تَركه ذكر الْعشْر دلَالَة على أَن لَا عشر فِي أَرض الْخراج وَرُوِيَ أَن دهقانه نهر الْملك أسلمت فَكتب عمر أَن يُؤْخَذ مِنْهَا الْخراج إِن اخْتَارَتْ أرْضهَا وَلَو كَانَ الْعشْر مَعَ ذَلِك وَاجِبا لما أخر وَلم يُخَالِفهُ أحد من الصَّحَابَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 444 437 - الزَّكَاة فِيمَا يلتقطه قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا نعلم مُخَالفا فِي هَذَا أَن لَا زَكَاة فِيمَا يلتقطه من الزَّرْع غير الْأَوْزَاعِيّ فَإِنَّهُ قَالَ إِذا اجْتمع عِنْده خَمْسَة أوسق فعلَيْهَا الْعشْر فَإِنَّهَا غلَّة وَقَالَ مَالك لَا شَيْء فِيهِ قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْلُو من أَن يكون مُبَاحا فِي الأَصْل لَا ملك عَلَيْهِ لأحد وَمَعْلُوم أَنه لم يكن ملكا قبل أَخذه قبل أَخذه فَكَذَلِك بعد أَخذه وَإِن كَانَ ملكا فأباحه مَالِكه فَهُوَ بِمَنْزِلَة من وهب ذَلِك لرجل فَلَا يجب عَلَيْهِ شَيْء 438 - إِذا أخرج الزَّرْع مرَارًا فِي السّنة هَل يضمه فِي كَمَال الأوساق أم لَا قَالَ أَبُو جَعْفَر الَّذِي يدل عَلَيْهِ مَذْهَب أبي يُوسُف وَمُحَمّد أَنه لَا يضيف مَا زرعه فِي هَذِه الأَرْض إِلَى مَا زرعه فِيهَا بعده أَو فِي غَيرهَا وَإِنَّمَا يضم مَا زرع فِي وَقت وَاحِد فيكمل بِهِ الأوساق وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ يضم بعضه إِلَى بعض فَإِن زرع بعضه بعد حصاد الآخر الحديث: 437 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 445 وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا زرع فِي السّنة ثَلَاث مَرَّات فِي ربيع وخريف وصيف فَفِيهَا أقاويل مِنْهَا أَنه زرع وَاحِد إِذا زرع فِي سنة وَاحِدَة وَإِن أدْرك بعضه فِي غَيرهَا وَمِنْهَا أَنه يضم مَا أدْرك فِي سنة وَاحِدَة وَمَا أدْرك فِي السّنة الْأُخْرَى ضم إِلَى مَا أدْرك فِي الْأُخْرَى وَمِنْهَا أَنَّهَا مُخْتَلفَة لَا تضم قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ أَنه إِذا كَانَ بَين الزرعين أَكثر من حول أَنه لَا يضم فَوَجَبَ أَن لَا يضم فِي قَلِيل الْمدَّة أَيْضا 439 - فِيمَن بَاعَ زرعه قَالَ أَبُو حنيفَة إِن بَاعه قصيلا فقصله المُشْتَرِي فالعشر على البَائِع وَإِن تَركه حَتَّى صَار حبا فَهُوَ على المُشْتَرِي وَحكى ابْن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد فِيمَن بَاعَ قصيلا لَهُ قبل أَن يدْرك الْعشْر على البَائِع إِذا كَانَ ثمنه يبلغ خَمْسَة أوسق من أدون مَا يجب فِي مثله الْعشْر لِأَن أصل هَذَا فِيهِ الْعشْر أَلا ترى أَنه لَو بَاعَ نَخْلَة أسرا كَانَ عَلَيْهِ الْعشْر قَالَ وَقَالَ مُحَمَّد بعد هَذَا القَوْل خلاف هَذَا القَوْل قَالَ إِن كَانَ الَّذِي بَاعَ من ذَلِك لَو تَركه يبلغ خَمْسَة أوسق فَعَلَيهِ الْعشْر إِذا بَاعه فَإِن كَانَ لَو تَركه لم يبلغ كَيْله خَمْسَة أوسق إِذا أدْركهُ فَلَا عشر عَلَيْهِ الحديث: 439 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 446 وَقَالَ مَالك إِذا كَانَ قد بدا صَلَاحه فالزكاة على البَائِع إِلَّا أَن يشترطها الْمُبْتَاع وَإِن لم يَبْدُو صَلَاحه فعلى الْمُبْتَاع وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا بَاعَ عنبه أَو زرعه قبل أَن يحصد فالزكاة فِي الثَّمر الْعشْر أَو نصف الْعشْر وَإِن بَاعه قصيلا فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا بَاعه بَعْدَمَا تؤمن العاهة فعلى البَائِع وَقَالَ اللَّيْث يَأْخُذ الْمُصدق حَقه من الزَّرْع حَيْثُ وجده وَلَو بَاعَ الزَّرْع فالزكاة على البَائِع إِلَّا أَن يشْتَرط الْمُبْتَاع وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا قطع ثَمَر نَخْلَة قبل أَن يحل بَيْعه لم يكن عَلَيْهِ فِيهِ عشر قَالَ وَمن ملك ثَمَرَة نخل ملكا صَحِيحا قبل أَن يرى فِيهَا الصُّفْرَة أَو الْحمرَة فالزكاة على الآخر يزكيها حَيْثُ تزهي وَلَو اشْترى الثَّمَرَة بعد أَن يَبْدُو صَلَاحهَا فالعشر فِيهَا وَالْبيع مفسوخ 440 - فِيمَن لَهُ أرضان متفرقان هَل يضم قَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يضم أَحدهمَا إِلَى الآخر وَإِن كَانَتَا فِي مصرين قَالَا وَإِن كَانَت أَرض بَين رجلَيْنِ اعْتبر ملك كل وَاحِد على حِدة وَلَا تعْتَبر الشّركَة وَكَذَلِكَ قَالَ مَالك فِي الشَّرِيكَيْنِ وَقَالَ مَالك فِي الْمُسَاقَاة إِذا لم يخرج الْحَائِط إِلَّا خَمْسَة أوسق فالزكاة وَاجِبَة وَلم يَجعله مثل الشَّرِيكَيْنِ وَقَوله فِي الْأَرْضين كَقَوْل أبي يُوسُف وَمُحَمّد الحديث: 440 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 447 وَقَالَ الشَّافِعِي الزَّكَاة فِي الذَّهَب وَالْوَرق كالخلطاء فِي الْمَاشِيَة والحرث سَوَاء 441 - فِي الْعشْر فِي أَرض الْمكَاتب قَالَ أَصْحَابنَا فِي أَرض الْمكَاتب الْعشْر وَقَالَ مَالك لَا عشر فِي أَرض العَبْد وَالْمكَاتب وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ وَقَالَ اللَّيْث إِذا ساقى الْمُسلم حَائِطا لِلنَّصْرَانِيِّ فالزكاة فِي الثَّمَرَة وَلَيْسَت فِي الْأَبدَان وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يصدق صَدَقَة الخلطاء أحد إِلَّا أَن يكون الخليطان مُسلمين قَائِما إِن خلط نَصْرَانِيّ مُسلما صَدَقَة الْمُنْفَرد 442 - فِي أَرض الْخراج أَو الْعشْر إِذا انْتقل الْملك فِيهَا لَا خلاف بَين أَصْحَابنَا إِذا كَانَت أَرض خراج فِي الأَصْل فَأسلم مَالِكهَا أَو بَاعهَا من مُسلم إِنَّهَا لَا ينْتَقل عَن الْخراج إِلَى الْعشْر وَاخْتلفُوا فِي أَرض الْعشْر إِذا ملكهَا ذمِّي فَقَالَ أَبُو حنيفَة عَلَيْهِ الْخراج ثمَّ لَا ينْتَقل عَنهُ أبدا وَقَالَ أَبُو يُوسُف عَلَيْهِ عشران فَإِن عَادَتْ إِلَى مُسلم فَعَلَيهِ عشر وَاحِد وروى نَحوه عَن الْحسن وَعَطَاء وَهُوَ قَول عبيد الله بن الْحسن وَقَالَ مُحَمَّد لَا ينْتَقل عَن الْعشْر إِلَى الْخراج بِملك الذِّمِّيّ إِيَّاهَا وَقَالُوا جَمِيعًا فِي التغلبي إِذا اشْترى أَرض عشر فَعَلَيهِ عشران وَقَالَ ابْن شبْرمَة فِي أَرض الْفَيْء وَأَرْض الصُّلْح إِذا أسلم صَاحبهَا الحديث: 441 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 448 فَعَلَيهِ مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي أرضه لَا يسْقطهُ إِسْلَامه وَإِنَّمَا جِزْيَة رَأسه وَقَالَ مَالك فِي أَرض الصُّلْح أَن لصَاحِبهَا بيعهَا وَإِن أسلم سَقَطت عَنهُ جِزْيَة رَأسه وخارج أرضه وَله أرضه بِحَالهِ بعد إِسْلَامه بِغَيْر خراج قَالَ وَإِن اشْتَرَاهَا مُسلم فَلَا شَيْء على الْمُسلم فِيهَا وخراج الأَرْض كَمَا هُوَ على الذِّمِّيّ بعد البيع وَبيعه جَائِز قَالَ وَمَا افْتتح عنْوَة فَإِنَّهُ يجوز بيع أرضه قَالَ أَبُو جَعْفَر سَأَلت أَبَا خازم يذكر عَن مَالك بن أنس بِغَيْر إِسْنَاد ذكره فِي الْمُسلم يكون لَهُ أَرض عرش إِنَّه لَا يجوز بَيْعه من ذمِّي وإستحسنه أَبُو خازم إِنَّه لَو جَازَ بَيْعه بَطل الْعشْر الَّذِي هُوَ حق لله تَعَالَى فِي الْخَارِج مِنْهَا وَلم نجد هَذِه الرِّوَايَة عِنْد أَصْحَابنَا المصريين عِنْد مَالك وَذكر أَحْمد بن حَنْبَل أَن مَالِكًا كَانَ يَقُول فِي أهل الذِّمَّة يمْنَعُونَ أَن يشتروا أَرض الْعشْر لأَنهم يذهبون بِالزَّكَاةِ إِذْ لَا زَكَاة عَلَيْهِم وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا اشْترى الذِّمِّيّ أَرض عشر فَلَا خراج عَلَيْهِ وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا اسْلَمْ الذِّمِّيّ أدّى عَن أرضه مَا كَانَ يُؤَدِّيه قبل إِسْلَامه وَإِن اشْترى مُسلم أَرض خراج فَعَلَيهِ الْخراج وَالْعشر جَمِيعًا قَالَ وَمن أسلم من بني تغلب فأرضه أَرض عشر وَقَالَ فِي الذِّمِّيّ يَشْتَرِي أَرض عشر إِن كَانَ من بني تغلب فَعَلَيهِ الصَّدَقَة مضاعفة وَإِن كَانَ من غَيرهم من أهل الْعَهْد فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيهَا خراج وَلَا عشر وَقَالَ الشَّافِعِي من أسلم من أهل الذِّمَّة وضعت عَنهُ الْجِزْيَة فَإِن كَانَ من أهل الصُّلْح فَهُوَ أَحَق بأرضه وَمَا أسلم عَلَيْهِ لَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَر اخْتلف حافظو قَول الشَّافِعِي فِي الذِّمِّيّ يَشْتَرِي أَرض عشر من مُسلم أَنه لَا شَيْء عَلَيْهِ فِيمَا زرع كَمَا لَو منحه مُسلم أَرضًا لم يكن عَلَيْهِ فِيهَا الْعشْر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 449 قَالَ أَبُو جَعْفَر قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم منعت الْعرَاق قفيزها ودرهمها يدل على أَنه إِذا وَجَبت لم يتَغَيَّر بإختلاف الْأَحْوَال فَلم يفرق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين ذَلِك وروى عَن عمر فِي الَّذِي يسلم على أَرض الْخراج وَعَن ابْن عمر أَنه قَالَ لَا تجْعَل لمُسلم فِي عُنُقك صغَارًا بشرَاء أَرض الْخراج 443 - فِيمَا يَأْكُلهُ من الثَّمَرَة هَل يحْسب عَلَيْهِ قَالَ أَبُو حنيفَة وَزفر وَمَالك وَالثَّوْري يحْسب عَلَيْهِ مَا أكله صَاحب الأَرْض وَقَالَ أَبُو يُوسُف إِذا أكل صَاحب الأَرْض وَأطْعم جَاره وَصديقه أَخذ مِنْهُ عشر مَا بَقِي من الثلاثمائة الصَّاع الَّتِي فِيهَا الزَّكَاة لَا يُؤْخَذ مِنْهُ مِمَّا أكل أَو أطْعم فَلَو أكل الثلاثمائة الصَّاع أَو أطعمها لم يكن عَلَيْهِ عشر فَإِن بَقِي قَلِيل أَو كثير فَعَلَيهِ عشر مَا بَقِي أَو نصف الْعشْر وَقَالَ اللَّيْث فِي زَكَاة الْحُبُوب بَدَأَ بهَا قبل النَّفَقَة وَمَا أكل من فريك هُوَ وَأَهله فَإِنَّهُ لَا يحْسب عَلَيْهِ بِمَنْزِلَة الرطب الَّذِي يتْرك لأهل الْحَائِط يَأْكُلُون وَلَا يخرص عَلَيْهِم الحديث: 443 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 450 وَقَالَ الشَّافِعِي يتْرك الخارص الْحَائِط مَا يَأْكُلهُ هُوَ وَأَهله لَا يخرصه عَلَيْهِ وَمن أكل من نخله وَهُوَ رطب لم يحْتَسب عَلَيْهِ قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ الله تَعَالَى {كلوا من ثمره إِذا أثمر وَآتوا حَقه يَوْم حَصَاده} الْأَنْعَام 141 فأحتج لمن لم يحْتَسب الْمَأْكُول بِهَذِهِ الْآيَة وَيحْتَمل أَن يُرِيد إِبْرَاء حق الْجَمِيع الْمَأْكُول وَالْبَاقِي وأحتجوا أَيْضا بقوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالصَّلَاة إِذا خرصتم فدعوا الثُّلُث فَإِن لم تدعوا الثُّلُث فدعوا الرّبع قَالَ أَبُو جَعْفَر يحْتَمل أَن يكون مَعْنَاهُ مَا روى سهل بن أبي حثْمَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث أَبَا حثْمَة خارصا فَجَاءَهُ رجل فَقَالَ يَا رَسُول الله إِن أَبَا حثْمَة قد زَاد عَليّ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن ابْن عمك يزْعم انك قد زِدْت عَلَيْهِ فَقَالَ يَا رَسُول الله لقد تركت لَهُ قدر عرية أَهله وَمَا يطعم الْمَسَاكِين وَمَا يُصِيب الرّيح قَالَ قد زادك ابْن عمك وانصفك والعرايا هِيَ الصَّدَقَة فَأَما مَا يُؤْكَل رطبا فِي الْخرص فَقَالَ مُحَمَّد فِي الْإِمْلَاء ويخرص فِي الرطب تَمرا جافا وَالْعِنَب زبيبا فَإِذا بلغ خَمْسَة أوسق أَخذ مِنْهُ الْعشْر أَو نصف الْعشْر وَإِن لم تبلغ خَمْسَة أوسق فِي الخرس لم يُؤْخَذ مِنْهُ شَيْء وَقَالَ فِي آخر الْبَاب وَهَذَا كُله قَول أبي حنيفَة فِي الْخرص لَا فِي الْمِقْدَار وَقَالَ مَالك لَا يخرص من الثِّمَار إِلَّا النخيل وَالْأَعْنَاب فيخرص على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 451 أَهله للتوسعة ثمَّ يخلى بَينهم وَبَين مَا يؤكلونه ثمَّ يؤدون الزَّكَاة على مَا يخرص عَلَيْهِم فَأَما مَا لَا يُؤْكَل رطبا إِنَّمَا يُؤْكَل بعد حصاد كالحبوب كلهَا فَإِنَّهَا لَا تخرص وَإِنَّمَا يخرص عَلَيْهِم فِيهِ الْأَمَانَة فَإِن أَصَابَت الثَّمَرَة جَائِحَة بعد الْخرص قبل أَن يجذوها أحاطت بالثمرة فَلَا شَيْء عَلَيْهِم فِيهِ وَإِن بَقِي من الثَّمَرَة مَا تبلغ خَمْسَة اوسق فَصَاعِدا أَخذ مِنْهُ قَالَ مَالك إِذا خرصت الثَّمَرَة ثمَّ مَاتَ صَاحبهَا فَصَارَت للْوَرَثَة وَحِصَّة كل وَاحِد لَا تبلغ خَمْسَة أوسق فَفِيهَا الزَّكَاة لِأَنَّهَا إِذا خرصت فقد وَجَبت الصَّدَقَة فَإِن مَاتَ صَاحبهَا بعد مَا تزهى قبل أَن تخرص فَكَذَلِك أَيْضا فَإِن مَاتَ قبل الزهوا أعتبر مَالك كل وَاحِد من الْوَرَثَة أَن يكون لَهُ خَمْسَة أوسق وَقَالَ الثَّوْريّ الْخرص غير مُسْتَعْمل وَإِنَّمَا على رب المَال أَن يُؤَدِّي عشر مَا يصير فِي يَده إِذا بلغ خَمْسَة أوسق وَقَالَ اللَّيْث لَا يخرص إِلَّا الثَّمر وَالْعِنَب وَأَهله أُمَنَاء على مَا رَفَعُوهُ إِلَّا أَن يتهموا فينصب السُّلْطَان أُمَنَاء قَالَ الشَّافِعِي يخرص النّخل وَالْعِنَب وَأَهله أُمَنَاء فِيهِ إِن إدعوا جَائِحَة قبل مِنْهُم فَإِن اتهموا استحلفوا قَالَ أَبُو جَعْفَر لم يَخْتَلِفُوا أَن الْخرص لَا يَجْعَل الثَّمر فِي ضَمَان أَهلهَا وَحَدِيث عبد الله بن رَوَاحه فِي الْخرص فِيهِ أَنه كَانَ يخرصها عَلَيْهِم ثمَّ يضمنهم الشّطْر فَدلَّ إتفاق الْفُقَهَاء على خِلَافه إِنَّه مَنْسُوخ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 452 444 - فِي مِقْدَار مَا تخرجه الأَرْض وَمَا يجب فِيهِ الْعشْر قَالَ أَبُو حنيفَة وَزفر فِي قَلِيل مَا تخرجه الأَرْض وَكَثِيره الْعشْر إِلَّا الْحَطب والقصب والحشيش وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا شَيْء فِيمَا تخرجه الأَرْض إِلَّا مَا كَانَ لَهُ ثَمَرَة بَاقِيَة ثمَّ تجب فِيمَا تبلغ خَمْسَة أوسق وَلَا تجب فِيمَا دونه وأعتبر مَالك وَابْن أبي ليلى وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ خَمْسَة أوسق وَقَالَ مَالك الْحُبُوب الَّتِي فِيهَا الزَّكَاة الْحِنْطَة وَالشعِير والسلت والذرة والدخن والأرز والحمص والعدس والجلبان واللوبيا وَمَا أشبه ذَلِك من الْحُبُوب وَفِي الزَّيْتُون وَقَالَ الثَّوْريّ وَابْن أبي ليلى لَيْسَ فِي شَيْء من الزَّرْع زَكَاة إِلَّا التَّمْر وَالزَّبِيب وَالْحِنْطَة وَالشعِير وَهُوَ قَول الْحسن بن حَيّ وَقَالَ الشَّافِعِي إِنَّمَا تجب فِيمَا ييبس ويقتات ويدخر مَأْكُولا وَلَا شَيْء فِي الزَّيْتُون لِأَنَّهُ إدام قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ الله تَعَالَى {وَالزَّيْتُون وَالرُّمَّان متشابها وَغير متشابه كلوا من ثمره إِذا أثمر وَآتوا حَقه يَوْم حَصَاده} الْأَنْعَام 141 فأحتج الشَّافِعِي بِهَذِهِ الْآيَة فِي وجوب الزَّكَاة فِي الزَّرْع وَكَذَلِكَ مَالك فَدلَّ على أَن حكمهَا ثَابت عِنْدهم غير مَنْسُوخ فلزمهما إِيجَاب الزَّكَاة فِي الزَّيْتُون وَالرُّمَّان الحديث: 444 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 453 445 - هَل تضم الْأَصْنَاف بَعْضهَا إِلَى بعض قَالَ مُحَمَّد فِي الْإِمْلَاء لَا تضم الْأَجْنَاس الْمُخْتَلفَة بَعْضهَا إِلَى بعض فِي تَكْمِيل الْخَمْسَة أوسق قَالَ مَالك يضم الْقَمْح وَالشعِير والسلت هَذِه الثَّلَاثَة الْأَشْيَاء يضم بَعْضهَا إِلَى بعض فِي الصَّدَقَة والأرز إِلَى الدخن والقطاني والفول والعدس والحمص والجلبان وَمَا يعرفهُ النَّاس من القطاني فَإِذا بلغ جَمِيعه خَمْسَة أوسق أَخذ من كل وَاحِد بِحِصَّتِهِ وَقَالَ الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ لَا يضم ذَلِك إِلَى غَيره على مَا حكيناه عَن مُحَمَّد بن الْحسن وَذكر ابْن وهب عَن اللَّيْث قَالَ السلت والذرة والدخن والأرز والقمح وَالشعِير صنف وَاحِد يضم بعضه إِلَى بعض وَيُؤْخَذ مِنْهُ الزَّكَاة وَلَا يُبَاع صنف مِنْهُ بِالْآخرِ إِلَّا مثلا بِمثل يدا بيد قَالَ أَبُو جَعْفَر فِي حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ فِيمَا دون خَمْسَة أوسق من التَّمْر صَدَقَة وَفِي حَدِيث عبَادَة بن الصَّامِت عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ فِيمَا دون خَمْسَة أوسق من التَّمْر صَدَقَة بيعوا الْبر بِالشَّعِيرِ يدا بيد كَيفَ شِئْتُم الحديث: 445 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 454 446 - فِي مِقْدَار الصَّاع قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد وَابْن أبي ليلى وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ الصَّاع ثَمَانِيَة أَرْطَال بالعراقي قَالَ أَبُو يُوسُف وَالشَّافِعِيّ وَمَالك خَمْسَة أَرْطَال وَثلث وَقَالَ شريك بن عبد الله أقل من ثَمَانِيَة أَرْطَال وَأكْثر من سَبْعَة وَذكر عَن إِبْرَاهِيم ومُوسَى بن طَلْحَة أَن الْحَجَّاجِي صَاع عمر 447 - فِي تَعْجِيل الزَّكَاة قَالَ أَصْحَابنَا يجوز تَعْجِيل الزَّكَاة قبل الْحول بِمَا فِي يَده وَلما يستفيده فِي حوله وَبعده سِنِين وَإِذا كَانَ التَّعْجِيل فِي حَال حكم الْحول بَاقٍ فِيهِ وَقَالَ زفر يجوز التَّعْجِيل عَمَّا فِي يَده وَلَا يجوز عَمَّا يستفيده وَقَالَ أبن شبْرمَة يجوز تَعْجِيل الزَّكَاة لِسنتَيْنِ وَأَجَازَ أبن أبي ليلى وَالْحكم وَالْحسن بن حَيّ وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ تَعْجِيل الزَّكَاة قبل حُلُول الْحول وَقَالَ مَالك لَا يجوز تَعْجِيلهَا قبل حُلُول الْحول إِلَّا بِشَيْء يسير وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يجوز تَعْجِيل الزَّكَاة صَدَقَة الْفطر قبله بِيَوْم أَو يَوْمَيْنِ الحديث: 446 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 455 قَالَ عبيد الله بن الْحسن يستحبون تَعْجِيل صَدَقَة الْفطر قبله بِيَوْم أَو يَوْمَيْنِ قَالَ أَبُو جَعْفَر الزَّكَاة مُخَالفَة للصَّلَاة وَالصَّوْم وَالْحج لِأَن هَذِه الْعِبَادَات مُؤَقَّتَة يَسْتَوِي النَّاس كلهم فِي وَقتهَا وَلَيْسَت الزَّكَاة محصورة بِوَقْت يتساوى النَّاس فِيهِ وَإِنَّمَا رخص لَهُ فِي التَّأْخِير فَإِذا عجله جَازَ كالديون المؤجلة إِذا عجلها 448 - مَا يجب فِي الْعَسَل قَالَ أَصْحَابنَا وَالْأَوْزَاعِيّ فِيهِ الْعشْر إِن كَانَ فِي أَرض الْعشْر وَقَالَ مَالك وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ لَا شَيْء فِيهِ قَالَ وَقد رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه أَخذ مِنْهُ الْعشْر وَعَن عمر فَإِن قيل فقد رُوِيَ عَن عمر بن عبد الْعَزِيز أَنه كَانَ لَا يرى فِيهِ شَيْئا وَهُوَ كَانَ لَا يعْمل فِي ذَلِك إِلَّا بمشاورة عُلَمَاء عصره قيل لَهُ قد رَجَعَ عَن ذَلِك وَأخذ مِنْهُ الْعشْر حِين كشف عَن ذَلِك وَقد ثَبت عِنْده مَا رُوِيَ فِيهِ الحديث: 448 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 456 وروى ابْن وهب عَن يُونُس عَن ابْن شهَاب انه قَالَ بَلغنِي أَن فِي الْعَسَل الْعشْر قَالَ ابْن وهب أَخْبرنِي عَمْرو بن الْحَارِث عَن يحيى بن سعيد وَرَبِيعَة بذلك وَقَالَ يحيى أَنه سمع من أدْرك يَقُول الْعشْر فِي كل عَام بذلك مَضَت السّنة 449 - فِي خمس الْمَعَادِن قَالَ أَصْحَابنَا فِي الذَّهَب وَالْفِضَّة وَالْحَدِيد والنحاس والرصاص الْخمس وَقَالَ أَبُو يُوسُف قَالَ أَبُو حنيفَة لَيْسَ فِي الزَّيْتُون شَيْء فَلم أزل بِهِ حَتَّى قَالَ فِيهِ الْخمس مثل الرصاص فبلغني بعد أَنه لَيْسَ كَذَلِك فلست أرى فِيهِ شَيْئا وَهُوَ كالقير والنفط وَقَالَ مَالك لَا شَيْء فِيمَا يخرج من الْمَعَادِن من ذهب وَفِضة حَتَّى يكون عشْرين مِثْقَالا وَالْفِضَّة خمس أَوَاقٍ فَتجب فِيهَا الزَّكَاة مَكَانَهُ وَمَا زَاد بِحِسَابِهِ مَا دَامَ فِي الْمَعَادِن تسييل فَإِن انْقَطع ثمَّ جَاءَ بعد ذَلِك فَإِنَّهُ يبتدأ فِيهِ الزَّكَاة مَكَانَهُ والمعدن بِمَنْزِلَة الزَّرْع لَا ينْتَظر بِهِ حول وَإِن وجد الذَّهَب والقصة فِي الْمَعْدن فِي أَرض الْعَرَب والعجم سَوَاء وَقَالَ فِي الْمَعْدن فِي أَرض الصُّلْح إِذا ظهر فَهُوَ لأَهْلهَا وَلَهُم أَن يمنعوا النَّاس أَن يعملوا فِيهَا وَلَهُم أَن يأذنوا لَهُم مَا يصالحون عَلَيْهِ وَالْخمس وَغَيره الحديث: 449 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 457 وَفِيمَا أفْتَتح عنوه فَهُوَ إِلَى السُّلْطَان يصنع فِيهِ مَا شَاءَ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي ذهب الْمَعْدن الْخمس وَفِي الْفضة الْخمس وَلَا شَيْء فِي غَيرهمَا وَقَالَ اللَّيْث فِيمَا يخرج من الْمَعَادِن لَا زَكَاة فِيهِ حَتَّى يحول عَلَيْهِ الْحول بِمَنْزِلَة الْفَائِدَة وَهُوَ قَول الشَّافِعِي فِيمَا حَكَاهُ الْمُزنِيّ وَقَالَ اللَّيْث وَمَا لم يكن فِيهِ مؤنه فَفِيهِ الْخمس قَالَ فَإِن احْتج موجبو الزَّكَاة بِحَدِيث ربيعَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أقطع بِلَال بن الْحَارِث معادن الْقَبِيلَة فَتلك الْمَعَادِن لَا يُؤْخَذ مِنْهَا إِلَى الْيَوْم إِلَّا الزَّكَاة بِمَا روى أَبُو سعيد أَن عليا بعث إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بذهبة فِي تربَتهَا فَقَسمهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين الْأَقْرَع بن حَابِس وعيينه بن بدر وَزيد الْخَيل وعلقمة بن علاثه وَقَالَ هَؤُلَاءِ من الْمُؤَلّفَة قُلُوبهم وَإِنَّمَا حَقهم فِي الصَّدَقَة فَيُقَال أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد أعْطى هَؤُلَاءِ من غَنَائِم حنين وهم الْمُؤَلّفَة وعَلى أَن عليا عَلَيْهِ السَّلَام لم يكن على الصَّدَقَة لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يكن يسْتَعْمل على الصَّدَقَة أحدا من بني هَاشم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 458 وَقَالَ هِيَ غسالة ذنُوب النَّاس فَدلَّ على أَنه كَانَ من خمس الْمَعَادِن 450 - فِي حكم الرِّكَاز قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد فِي الرِّكَاز فِي الدَّار الَّذِي أحيط لصَاحب الخطة وَفِيه الْخمس وَقَالَ أَبُو يُوسُف هُوَ للَّذي وجده وَفِيه الْخمس للواجد وَإِن كَانَ وجده فِي فلاة فَهُوَ للواجد فِي قَوْلهم وَفِيه الْخمس وَله أَن يُعْطي الْخمس الْمَسَاكِين وَإِن كَانَ مُحْتَاجا جَازَ أَن يَأْخُذهُ لنَفسِهِ والركاز من الذَّهَب وَالْفِضَّة وَغَيرهمَا مِمَّا كَانَ من دفن الْجَاهِلِيَّة وَقَالَ مَالك الرِّكَاز فِي أَرض الْعَرَب للواجد وَفِيه الْخمس وَهُوَ مَا كَانَ من دفن الْجَاهِلِيَّة قَالَ وَمَا وجد من ذَلِك فِي أَرض الصُّلْح فَإِنَّهُ لأهل تِلْكَ الْبِلَاد وَلَا شَيْء للواجد وَمَا يُوجد فِي أَرض العنوة فَهُوَ لجَماعَة مُسْلِمِي تِلْكَ الْبِلَاد الَّتِي أفتتحها وَلَيْسَ لمن أَصَابَهُ دونهم فَيُؤْخَذ مِنْهُ الْخمس وَكَانَ مَالك يَقُول فِي الْعرُوض والجوهر وَالْحَدِيد والرصاص وَنَحْوه الحديث: 450 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 459 يُوجد ركازا إِن فِيهِ الْخمس ثمَّ رَجَعَ فَقَالَ لَا أَدْرِي فِيهِ شَيْئا ثمَّ آخر مَا فارقناه عَلَيْهِ أَن قَالَ فِيهِ الْخمس وَقَالَ الثَّوْريّ فِي الرِّكَاز يُوجد فِي الدَّار أَنه للواجد وَفِيه الْخمس فَأكْثر وَمَا كَانَ من دفن الْجَاهِلِيَّة وَقَالَ الشَّافِعِي الرِّكَاز دفن الْجَاهِلِيَّة وَغَيرهَا فِيهِ الْخمس وَسَوَاء وجده فِي أَرض عنوه أَو صلح بعد أَن لَا يكون فِي ملك أحد فَإِن وجده فِي ملك غَيره فَهُوَ لَهُ وَإِن إدعاه لِأَنَّهُ قد يجده ثمَّ يدفنه وَإِن لم يَدعه فَهُوَ للواجد وَفِيه الْخمس قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا فرق بَين الأَرْض المغنومة وَالصُّلْح وَغَيرهمَا لِأَن الْغَانِمين لم يملكُوا الرِّكَاز كَمَا أَن مَالك أَرض الْعَرَب لَا يملك مَا فِيهَا من الرِّكَاز وَإنَّهُ للواجد فِي أَحْكَام بني تغلب قَالَ أَصْحَابنَا يُضَاعف عَلَيْهِم الْحُقُوق الَّتِي تُؤْخَذ من الْمُسلمين من أَمْوَالهم وَقَالَ الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ كَذَا وَقَالَ زفر لَا شَيْء على نسَاء بني تغلب فِي أَمْوَالهم وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ وَلم يحفظ عَن مَالك فِي هَذَا شَيْء وَقَالَ مَالك فِي النَّصْرَانِي إِذا أعْتقهُ الْمُسلم لَا جِزْيَة عَلَيْهِ وَلَو جعلت عَلَيْهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 460 الْجِزْيَة لَكَانَ الْعتْق قد أضرّ بِهِ وَلم يَنْفَعهُ شَيْئا وروى أَبُو مُعَاوِيَة عَن أبي إِسْحَاق الشَّيْبَانِيّ عَن السفاح بن مطر عَن دَاوُد بن كرْدُوس عَن عبَادَة بن النُّعْمَان التغلبي أَنه قَالَ لعمر بن الْخطاب يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن بني تغلب قد علمت شوكتهم وَإِنَّهُم بأزاء الْعَدو فَإِن ظاهروا عَلَيْك الْعَدو اشتدت مؤنتهم فَإِن رَأَيْت أَن تعطيهم شَيْئا فَصَالحهُمْ على أَن لَا يغمسوا أحدا من أَوْلَادهم فِي النَّصْرَانِيَّة وتضاعف عَلَيْهِم الصَّدَقَة قَالَ عبَادَة يَقُول قد فعلوا فَلَا عهد لَهُم قَالَ أَبُو جَعْفَر وَهَذِه الرِّوَايَة مَشْهُورَة عَن الْكُوفِيّين مستفيضة يَسْتَغْنِي عَن طلب الْإِسْنَاد 452 - فِيمَا يسْتَخْرج من الْبَحْر قَالَ أَبُو حنيفَة لَيْسَ فِي اللُّؤْلُؤ وَلَا فِي العنبر شَيْء وَهُوَ قَول مَالك وَابْن أبي ليلى وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ وَاللَّيْث وَقَالَ أَبُو يُوسُف فِي العنبر واللؤلؤ وكل حلية تخرج من الْبَحْر فَفِيهِ الْخمس وروى سُفْيَان أَن عمر بن عبد الْعَزِيز كَانَ يُخَمّس العنبر قَالَ أَبُو يُوسُف حَدثنَا الْحسن بن عمَارَة قَالَ حَدثنَا عَمْرو بن دِينَار عَن الحديث: 452 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 461 طَاوس عَن ابْن عَبَّاس أَن عمر بن الْخطاب اسْتعْمل يعلى بن منية على الْيمن فَكتب إِلَيْهِ يسْأَله عَن عنبره وجدت على سَاحل الْبَحْر فَكتب إِلَيْهِ أَنَّهَا سلبة من سلب الله تَعَالَى فِيهَا وَفِي كل مَا يسْتَخْرج من حلية الْبَحْر الْخمس قَالَ أبن عَبَّاس وَهَذَا رَأْي قَالَ أَبُو جَعْفَر وَهَذَا الحَدِيث مِمَّا لَا يثبت عَن عمر وَلَا عَن ابْن عَبَّاس بل قد روى سُفْيَان عَن ابْن طَاوس عَن أَبِيه قَالَ سُئِلَ ابْن عَبَّاس عَن العنبر هَل فِيهِ صَدَقَة فَقَالَ إِن كَانَ فِيهِ شَيْء فَفِيهِ الْخمس وروى سُفْيَان عَن عَمْرو عَن أذينة قَالَ قَالَ ابْن عَبَّاس لَيْسَ العنبر بركاز إِنَّمَا هُوَ شَيْء دسره الْبَحْر 453 - فِي مِقْدَار مَا يعشر الْعَاشِر قَالَ أَصْحَابنَا لَيْسَ على أهل الذِّمَّة فِي أَمْوَالهم شَيْء إِلَّا مَا اخْتلفُوا بِهِ فِي تِجَارَتهمْ فَإِنَّهُ يُؤْخَذ مِنْهُ نصف الْعشْر إِذا كَانَ مَعَه مِائَتي دِرْهَم وَإِن أَخذ مِنْهُ لم يُؤْخَذ مِنْهُ إِلَى الْحول وَذَلِكَ إِذا كَانَ قد حَال عَلَيْهِ الْحول عِنْده وَيُؤْخَذ من الْمُسلم ربع الْعشْر زَكَاة مَاله الْوَاجِبَة وَمن الْحَرْبِيّ الْعشْر إِلَّا أَن يكون أهل الْحَرْب يَأْخُذُونَ منا أقل من ذَلِك فَيُؤْخَذ مِنْهُ مَا يَأْخُذُونَ منا فَإِن لم يَأْخُذُوا منا لم نَأْخُذ مِنْهُم الحديث: 453 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 462 وَقَالَ مَالك فِي الذِّمِّيّ إِذا خرج بمتاع إِلَى الْمَدِينَة فَبَاعَهُ بِأَقَلّ من مِائَتي دِرْهَم فَإِنَّهُ يُؤْخَذ مِنْهُ الْعشْر وَيُؤْخَذ مِنْهُ مِمَّا قل أَو كثر وَالنَّصْرَانِيّ إِذا اتّجر فِي بِلَاده من أَعْلَاهُ إِلَى أَسْفَله وَلم يخرج مِنْهُ إِلَى غَيره لم يُؤْخَذ مِنْهُ شَيْء فَإِن خرج مِنْهُ إِلَى غَيره لم يُؤْخَذ مِنْهُ شَيْء حَتَّى يَبِيع وَإِن رد مَتَاعه وَلم يَبِعْهُ لم يُؤْخَذ مِنْهُ شَيْء وَإِن اشْترى فِي الْبَلَد الَّذِي يدْخلهُ بِمَال ناض مَعَه أَخذ مِنْهُ الْعشْر وَإِن أَقَامَ عِنْدهم سِنِين بعد الَّذِي أخذُوا مِنْهُ يَبِيع وَيَشْتَرِي لم يكن عَلَيْهِ شَيْء وَيُؤْخَذ من عبيد أهل الذِّمَّة كَمَا يُؤْخَذ من ساداتهم وروى الْأَشْجَعِيّ عَن الثَّوْريّ قَالَ إِذا مر الذِّمِّيّ بِشَيْء للتِّجَارَة فَخذ مِنْهُ نصف الْعشْر إِن كَانَ يبلغ مِائَتي دِرْهَم وَإِن أقل من ذَلِك فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء وروى أَبُو أُسَامَة عَنهُ قَالَ يُؤْخَذ من الذِّمِّيّ من كل مائَة خَمْسَة دَرَاهِم فَإِن نقصت الدَّرَاهِم من الْمِائَة فَلَيْسَ عَلَيْهِم فِيهَا شَيْء وَيُؤْخَذ مِمَّن لَا ذمَّة لَهُ من أهل الْحَرْب من كل خمسين دِرْهَم خَمْسَة دَرَاهِم فَإِن نقصت من الْخمسين لم يُؤْخَذ مِنْهُ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي النَّصْرَانِي إِذا اتّجر بِمَالِه فِي غير افقه أَخذ مِنْهُ حق مَاله وَإِن أَقَامَ بتجارته لَا يخرج يَبِيع وَيَشْتَرِي لم يُؤْخَذ مِنْهُ فِيهِ زَكَاة إِنَّمَا عَلَيْهِ جزيته وَقَول الْحسن بن حَيّ كَقَوْل أَصْحَابنَا فِي اعْتِبَار النّصاب والحول والمقدار فِي الْحَرْبِيّ وَالذِّمِّيّ وَالْمُسلم وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يتْرك أهل الْحَرْب أَن يدخلُوا دَار الْإِسْلَام إِلَّا بِأَمَان وَيشْتَرط أَن يُؤْخَذ مِنْهُ الْعشْر أَو أقل أَو أَكثر وَإِن لم يكن عَلَيْهِم شَرط لم يُؤْخَذ مِنْهُم شَيْء سَوَاء كَانُوا يعشرُونَ الْمُسلمين أَو لَا يعشرُونَ أَو يخمسوهم وَلَا يُؤْخَذ مِنْهُم فِي السّنة إِلَّا مرّة كالجزية وَقَالَ يُؤْخَذ مِنْهُم مَا أَخذ عمر بن الْخطاب من الْمُسلم ربع الْعشْر وَمن الذِّمِّيّ نصف الْعشْر وَمن الْحَرْبِيّ الْعشْر اتبَاعا لعمر على مَا أَخذه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 463 قَالَ أَبُو جَعْفَر وَذهب مَالك فِي إِيجَابه الْعشْر كَامِلا على الذِّمِّيّ إِلَى مَا رَوَاهُ عَن الزُّهْرِيّ عَن السَّائِب بن يزِيد قَالَ كنت غُلَاما مَعَ عبد الله بن عتبَة على سوق فِي الْمَدِينَة فِي زمن عمر بن الْخطاب فَكَانَ يَأْخُذ من القبط الْعشْر وَقد روى هَذَا الحَدِيث معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن السَّائِب وَقَالَ فِيهِ كَانَ يَأْخُذ من أهل الذِّمَّة أَنْصَاف عشور أَمْوَالهم فَاخْتلف ملك وَمعمر فِي ذَلِك وَقد روى أنس بن سِيرِين عَن أنس بن مَالك عَن عمر أَنه كَانَ يُؤْخَذ من الْمُسلمين ربع الْعشْر وَمن أهل الذِّمَّة نصف الْعشْر وَمِمَّنْ لَا ذمَّة لَهُ الْعشْر قلت من لَا ذمَّة لَهُ قَالَ الرّوم كَانُوا يقدمُونَ من الشَّام وروى شُعْبَة عَن الحكم عَن إِبْرَاهِيم عَن زِيَاد بن حدير أَن عمر بن الْخطاب أمره أَن يَأْخُذ من نَصَارَى بني تغلب الْعشْر وَمن نَصَارَى أهل الْكتاب نصف الْعشْر فَثَبت بذلك مَا رَوَاهُ معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن السَّائِب عَن عمر وَقد روى مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه أَن عمر بن الْخطاب كَانَ يَأْخُذ من النبط من الْحِنْطَة وَالزَّيْت نصف الْعشْر يُرِيد بذلك أَن يكثر الْحمل إِلَى الْمَدِينَة ويأذ من القطنية الْعشْر قَالَ أَبُو جَعْفَر وَيحْتَمل أَن يكون نبطا حربيين ليُوَافق سَائِر مَا رُوِيَ عَنهُ وَقد روى ابْن أبي ذِئْب عَن عبد الرَّحْمَن بن حمدَان أَن عمر بن عبد الْعَزِيز كتب إِلَى أَيُّوب بن شُرَحْبِيل أَن خُذ من الْمُسلمين من كل أَرْبَعِينَ دِينَارا دِينَارا وَمن أهل الْكتاب من كل عشْرين دِينَارا دِينَارا إِذا كَانُوا يريدونها ثمَّ لَا تَأْخُذ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 464 مِنْهُم شَيْئا إِلَى رَأس الْحول فَإِنِّي سَمِعت ذَلِك مِمَّن سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول ذَلِك فَإِن قيل قد روى سُفْيَان عَن عَطاء بن السَّائِب عَن حَرْب بن عبيد الله الثَّقَفِيّ عَن خَال لَهُ من بكر بن وَائِل قَالَ أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلته عَن الْإِبِل وَالْغنم أعشرهن قَالَ إِنَّمَا العشور على الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَلَيْسَ على الْمُسلمين فَذكر العشور لَا تصافها قيل لَهُ يحْتَمل الْيَهُود وَالنَّصَارَى من الْحَرْبِيين قَالَ وَإِنَّمَا ذهب أَصْحَابنَا فِي اعْتِبَار مَا يُؤْخَذ من الْحَرْبِيّ بِمَا يَأْخُذُونَ منا بِمَا روى ابْن الْمُبَارك قَالَ أخبرنَا ابْن عُيَيْنَة عَن ابْن أبي نجيح أَن عمر سَأَلَ الْمُسلمين الَّذين يدْخلُونَ أَرض الْحَبَشَة كَيفَ يصنعون بكم إِذا دَخَلْتُم أَرضهم قَالَ يَأْخُذُونَ منا عشر مَا بعنا قَالَ فَخُذُوا مِنْهُم مثل مَا يَأْخُذُونَ مِنْكُم وروى روح بن عبَادَة عَن سُفْيَان عَن عبد الله بن خَالِد عَن عبد الرَّحْمَن بن معقل عَن زِيَاد بن حدير قَالَ قلت من تعشرون قَالَ مَا كُنَّا نَعْشِرُ معاهدا وَلَا مُسلما قلت من كُنْتُم تعشرون قَالَ تجار أهل الْحَرْب كَمَا يعشرونا وروى عبد الصَّمد بن عبد الْوَارِث عَن قَتَادَة عَن أبي الْمليح قَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 465 قَالَ عمر كم يَأْخُذُونَ مِنْكُم قَالُوا الْعشْر قَالَ خُذُوا مِنْهُم كَمَا يَأْخُذُونَ مِنْكُم فاستفاض ذَلِك عَن عمر وَظهر كظهور أَخذه من الْمُسلم وَالذِّمِّيّ من غير خلاف من أحد من الصَّحَابَة 454 - فِي وَقت وجوب صَدَقَة الْفطر قَالَ أَصْحَابنَا تجب بِطُلُوع الْفجْر من يَوْم الْفطر وَقَالَ مَالك من أسلم يَوْم الْفطر فَعَلَيهِ صَدَقَة الْفطر وَكَذَلِكَ إِن ولد لَهُ ولد يَوْم الْفطر أَو ملك عبيدا فَإِن مَاتُوا بعد ذَلِك لم تسْقط عَنهُ صَدَقَة الْفطر وَإِن مَاتَ العَبْد لَيْلَة الْفطر قبل طُلُوع الْفجْر فعلى الْمولى صَدَقَة الْفطر عَنهُ وَإِن بَاعه يَوْم الْفطر فعلى البَائِع وروى أَشهب عَن مَالك أَن الْفطْرَة تجب بغروب الشَّمْس من لَيْلَة الْفطر وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا ابْتَاعَ عبدا بعد هِلَال شَوَّال فالصدقة على الَّذِي بَاعه وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ من أدْرك لَيْلَة الْفطر فَعَلَيهِ وَقَالَ اللَّيْث فِي النَّصْرَانِي إِذا أسلم يَوْم الْفطر والمولود بعد صَلَاة الْفطر مثل قَول مَالك أَنه يُزكي زَكَاة الْفطر وَلَا يرَاهُ على النَّصْرَانِي وَاخْتَارَ إِذا أسلم فَقَالَ وَأحب إِلَى أَن يفعل وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن إِذا أفطر وَلَيْسَ يملك مَا يعْطى صَدَقَة الْفطر ثمَّ أيسر بعد ذَلِك اسْتحبَّ أَن يُعْطِيهَا مَا دَامَ النَّاس فِي وَقت مِنْهَا فَسَأَلته عَن وَقت ذَلِك فَرَأى الْوَقْت أَن يقسم مَا يجمع مِنْهُ حَيْثُ يجمع النَّاس صدقتهم وَقَالَ الشَّافِعِي إِنَّمَا يجب على الرجل أَن يُزكي زَكَاة الْفطر عَمَّن كَانَ عِنْده الحديث: 454 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 466 مِنْهُم فِي شَيْء من نَهَار أَو يَوْم من شهر رَمَضَان وَغَابَتْ الشَّمْس لَيْلَة شَوَّال فيزكي وَإِن مَاتَ من ليلته وَإِن ولد لَهُ بَعْدَمَا غَابَتْ الشَّمْس ولدا أَو ملك عبدا فَلَا زَكَاة عَلَيْهِ فِي ذَلِك قَالَ أَبُو جَعْفَر رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه أَمر بِزَكَاة الْفطر أَن تُؤَدّى قبل أَن يخرج النَّاس إِلَى الْمصلى فَدلَّ على أَن أول أَوْقَات أَدَائِهَا قبل صَلَاة الْفجْر لِأَن تَعْجِيل الْأَشْيَاء الَّتِي تفعل فِي أَوْقَات خَاصَّة أفضل من تَأْخِيرهَا فَإِن كَانَ مَا بعد رُؤْيَة هِلَال شَوَّال وقتا لآدائها لَكَانَ الْأَمر من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بأدائها يكون فِيهِ لَا فِيمَا بعده فَوَجَبَ أَن يكون وَقت وُجُوبهَا طُلُوع الْفجْر من يَوْم الْفطر فَإِن قيل فِي حَدِيث ابْن عمر فرض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زَكَاة الْفطر من رَمَضَان فَوَجَبَ أَن يكون الْوَقْت غرُوب الشَّمْس قيل لَهُ المُرَاد الْفطر من الْوَقْت الَّذِي كَانَ يَصُوم فِيهِ كَمَا قَالَ عمر بن الْخطاب نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن صِيَام يَوْمَيْنِ يَوْم فطركم من صِيَامكُمْ وَيَوْم تَأْكُلُونَ فِيهِ من نسككم وَلَيْسَ صَدَقَة الْفطر كَيَوْم النَّحْر لِأَن النَّحْر لآخره وَقت مَعْلُوم وَوُجُوب صَدَقَة الْفطر لَيْسَ لَهُ وَقت وَاحِد وَهُوَ طُلُوع الْفجْر فَلذَلِك اخْتلفَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 467 455 - فِي الْأَعْرَاب هَل عَلَيْهِم صَدَقَة الْفطر قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ الْأَعْرَاب وَأهل الْأَمْصَار فِي ذَلِك سَوَاء وَقَالَ اللَّيْث لَيْسَ على أهل العمود زَكَاة الْفطر وَيجوز أَن يَقُول الْعمد أَصْحَاب المظال والأخصاص فَإِن رأى على أهل الْقرى أَن يلقوها فِي مَسْجِدهمْ وَيكون رجل مِنْهُم يقسمها على مساكينهم قَالَ أَبُو جَعْفَر الْأَعْرَاب وَغَيرهم فِي فرض الصَّلَاة وَالصِّيَام وَالزَّكَاة وَالْحج سَوَاء كَذَلِك فِي صَدَقَة الْفطر 456 - فِي الْفَقِير هَل تجب عَلَيْهِ صَدَقَة الْفطر قَالَ أَصْحَابنَا لَا تجب عَلَيْهِ قَالَ روى مَالك أَن عَلَيْهِ صَدَقَة الْفطر لفقره فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يُؤَدِّي عَن نَفسه قَالَ الْحسن بن زِيَاد فِي الْفَقِير إِذا أَخذ صَدَقَة الْفطر أعْطى وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا كَانَ عِنْده شَيْء أعْطى وَأخذ وَإِلَّا لم يسلم الحديث: 455 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 468 وَقَالَ اللَّيْث من لم يكن عِنْده إِلَّا قوت يَوْمه فَلَيْسَ عَلَيْهِ وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن إِذا صَارَت فضلا عَن غذائه وعشائه فَعَلَيهِ أَن يُعْطي وَيَأْخُذ صَدَقَة الْفطر وَقَالَ الشَّافِعِي من عِنْده قوته وقوت من يقوته يَوْمه وَمَا يُؤَدِّي زَكَاة الْفطر عَنهُ وعنهم فَعَلَيهِ أَن يُؤَدِّي فَإِن لم يكن عِنْده بعد الْقُوت إِلَّا مَا يُؤَدِّي عَن بَعضهم أدّى عَن بَعضهم وَإِن لم يكن عِنْده إِلَّا قوت يَوْم فَلَا شَيْء عَلَيْهِ 457 - فِي صَدَقَة الْفطر عَن عبد العَبْد قَالَ أَصْحَابنَا صَدَقَة الْفطر عَنْهُم جَمِيعًا على الْمولى وَقَالَ مَالك الْأَمر الْمُجْتَمع عَلَيْهِ عندنَا أَنه لَيْسَ على الرجل فِي عبيد عبيده زَكَاة وَقَالَ اللَّيْث يخرج عَن عبيد عبيده زَكَاة الْفطر فَلَا يُؤَدِّي عَن مَال عبد الزَّكَاة العَبْد لَا يملك قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام من بَاعَ عبدا وَله مَال فَمَاله للْبَائِع إِثْبَات ملكه للْبَائِع دون العَبْد فَإِن قيل قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من بَاعَ عبدا وَله مَال قيل لَهُ كَقَوْلِه {لبيت العنكبوت} العنكبوت 41 وَقَوله {مَتَاعا لكم ولأنعامكم} عبس 32 الحديث: 457 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 469 وَلَيْسَت إِضَافَة ملك وَلَو كَانَ العَبْد يملك لما جَازَ للْمولى أَخذه مِنْهُ كَمَا لَو ملك الْبضْع وَالطَّلَاق لم يملكهُ الْمولى عَلَيْهِ 458 - فِي صَدَقَة الْفطر عَن الْمكَاتب قَالَ أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيّ لَيْسَ عَلَيْهِ أَن يُؤَدِّي عَن مكَاتبه وَقَالَ مَالك على الْمولى أَن يُؤَدِّي عَن مكَاتبه وَلَا يُؤَدِّي الْمكَاتب عَن نَفسه قَالَ نَافِع كَانَ ابْن عمر يُؤَدِّي عَن مَمْلُوكه وَلَا يُؤَدِّي عَن مكَاتبه وَلَيْسَ عَن أحد من الصَّحَابَة خِلَافه وَهُوَ كَالْأَجْنَبِيِّ فِي الإستحقاق كَسبه دون الْمولى وَيجوز أَن يعْطى الصَّدَقَة كَالْأَجْنَبِيِّ وَيعْتَبر غنى الْمولى وَلَو كَانَ عبدا غير مكَاتب لم يُعْط الصَّدَقَة إِذا كَانَ مَوْلَاهُ غَنِيا 459 - فِي صَدَقَة الْفطر عَن الرَّهْن قَالَ أَصْحَابنَا يُؤَدِّي الرَّاهِن إِذا كَانَ عِنْده وَفَاء بِالدّينِ وَفضل مِائَتي دِرْهَم وَإِن لم يكن عِنْده ذَلِك فَلَيْسَ عَلَيْهِ وَمذهب مَالك أَن عَلَيْهِ فِيهِ زَكَاة وَقَالَ الشَّافِعِي على الرَّاهِن أَن يُؤَدِّي الحديث: 458 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 470 460 - فِي العَبْد الْغَصْب والآبق قَالَ أَصْحَابنَا فِي الْآبِق وَالْمَغْصُوب والمحجور لَيْسَ على الْمولى فِيهِ صَدَقَة الْفطر روى أَسد بن عَمْرو عَن أبي حنيفَة أَن عَلَيْهِ فِي الْآبِق صَدَقَة الْفطر وَقَالَ زفر فِي الْمَغْصُوب صَدَقَة الْفطر وَقَالَ مَالك إِن كَانَت غيبته قريبَة علمت حَيَاته أَو لم تعلم وَهُوَ يرتجي حَيَاته ورجعته فَإِنَّهُ يُزكي عَنهُ وَإِن كَانَت غيبته وإباقه قد طَال وأيس مِنْهُ فَلَا أرى أَن يُزكي عَنهُ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا علم أَنه حَيّ أدّى عَنهُ وَقَالَ الشَّافِعِي يُؤَدِّي عَن الْمَغْصُوب وَالْغَائِب وَإِن لم يرج رجعتهم إِذا علم حياتهم 461 - فِي صَدَقَة الْفطر فِي بيع الْخِيَار قَالَ أَصْحَابنَا إِذا كَانَ البَائِع بِالْخِيَارِ أَو المُشْتَرِي فَهِيَ على من يصير لَهُ العَبْد إِذا جَاءَ يَوْم الْفطر وَمُدَّة الْخِيَار بَاقِيَة وَقَالَ زفر إِن كَانَ الْخِيَار للْبَائِع فالصدقة على البَائِع فَسخه البَائِع أَو أَمْضَاهُ وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا كَانَ الْخِيَار للْبَائِع وأنفذ البيع فعلى البَائِع فَإِن كَانَ للْمُشْتَرِي فالزكاة على المُشْتَرِي وَإِن كَانَ الْخِيَار لَهما فعلى المُشْتَرِي الحديث: 460 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 471 462 - فِي الْمَمْلُوك النَّصْرَانِي قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري عَلَيْهِ أَن يُؤَدِّي عَن عَبده الْكَافِر وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لَيْسَ عَلَيْهِ أَن يُؤَدِّي إِلَّا عَن مُسلم وَقد رُوِيَ عَن ابْن عمر وَأبي هُرَيْرَة وَعَطَاء وَعمر بن عبد الْعَزِيز أخرج صَدَقَة الْفطر عَن الْمَمْلُوك الْكَافِر وروى عرَاك بن مَالك عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ على الْمُسلم فِي عَبده وَلَا فرسه صَدَقَة إِلَّا صَدَقَة الْفطر فِي الرَّقِيق فَلم يفرق بَين الْكَافِر وَالْمُسلم 463 - فِي صَدَقَة الْفطر فِي مَال الصَّغِير عَنهُ قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمَالك وَالشَّافِعِيّ يُؤَدِّي عَنهُ من مَال الصَّغِير إِلَّا أَن يتَطَوَّع بهَا من مَال نَفسه وَقَالَ مُحَمَّد وَالثَّوْري وَزفر يُؤَدِّي الْأَب عَنهُ من مَاله نَفسه قَالَ مُحَمَّد وَإِن أَدَّاهَا من مَال الصَّغِير ضمن الحديث: 462 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 472 464 - فِيمَن يجب عَلَيْهِ أَن يُؤَدِّي عَنهُ قَالَ أَصْحَابنَا يُؤَدِّي عَن وَلَده الصَّغِير وَعَبده وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يُؤَدِّي عَن أَوْلَاده الْكِبَار وَقَالَ مَالك عَلَيْهِ أَن يُؤَدِّي عَن ابْنَته مَا دَامَت فِي نَفَقَته حَتَّى إِذا تزوجت وَدخل بهَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يُؤَدِّي عَنْهَا وعَلى الزَّوْج أَن يُؤَدِّي عَن امْرَأَته وَعَن خَادِم امْرَأَته الَّتِي لَا بُد لَهَا مِنْهُ وَيُؤَدِّي عَن أَبَوَيْهِ إِذا لَزِمته نفقتهما وَهُوَ قَول الشَّافِعِي أَن عَلَيْهِ أَن يُؤَدِّي عَمَّن تلْزمهُ نَفَقَته وَقَالَ اللَّيْث لَيْسَ عَلَيْهِ أَن يُؤَدِّي عَن رَقِيق الْمَرْأَة وَلَا عَن أجِير إِذا كَانَت إِجَارَته مَعْلُومَة إِلَّا أَن يكون أجِير يضع يَده مَعَ يَده ويكسوه من غير إِجَارَة مَعْلُومَة ويزكي عَن أَبَوَيْهِ إِذا كَانَ يمونهما ويزكي عَن امْرَأَته قَالَ أَبُو جَعْفَر الثَّابِت عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه فرض صَدَقَة الْفطر عَن كل حر وَعبد وَذكر وَأُنْثَى صَغِير أَو كَبِير فقصر إِيجَابهَا عَلَيْهِم بِالْوَصْفِ الْمَذْكُور دون النَّفَقَة وَمَا وجدنَا شَيْئا من الْآثَار فِيهِ ذكر من يمونون إِلَّا شَيْئا حَدثنَا الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي عَن ابْن أبي يحيى عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرض زَكَاة الْفطر على كل حر وَعبد ذكر وَأُنْثَى مِمَّن يمونون الحديث: 464 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 473 وَمثله لَا يلْتَفت إِلَيْهِ لِأَنَّهُ يَدُور على ابْن أبي يحيى 465 - فِي العَبْد بَين رجلَيْنِ قَالَ أَصْحَابنَا فِي عبد بَين رجلَيْنِ لَيْسَ على وَاحِد مِنْهُمَا فَإِذا كَانَ العبيد جمَاعَة لم يجز أَيْضا فِي قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَيجب فِي قَول مُحَمَّد وَقَالَ الثَّوْريّ وَالْحسن بن حَيّ مثل قَول أبي حنيفَة وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ فِي عبد بَين رجلَيْنِ على كل وَاحِد مِنْهُمَا بِقدر مَا يملك مِنْهُ فَإِن كَانَ نصفه حرا وَنصفه عبدا فعلى الْمُؤَدِّي أَن يُؤَدِّي عَن نصف العَبْد قَالَ مَالك وَلَيْسَ على العَبْد أَن يُؤَدِّي عَن نصفه الْحر قَالَ أَبُو جَعْفَر أوجب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصَّدَقَة مقدرَة فَمن لم يجد الْمِقْدَار الْمَفْرُوض لم يدْخل فِي المخاطبة وَلم يجب عَلَيْهِ كَذَلِك إِذا لم يملك فِي الْمُوجب فِيهِ الْمِقْدَار الْمَذْكُور 466 - فِي صَدَقَة الْفطر فِي عبيد التِّجَارَة قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَعبيد الله بن الْحسن لَيْسَ فِي عبيد التِّجَارَة صَدَقَة الْفطر الحديث: 465 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 474 فِي مِقْدَار صَدَقَة الْفطر قَالَ أَبُو حنيفَة نصف صَاع من بر أَو دَقِيق أَو سويق أَو زبيب أَو صَاع من تمر أَو شعير وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد الزَّبِيب بِمَنْزِلَة التَّمْر وَالشعِير وَمَا سوى ذَلِك يخرج بِالْقيمَةِ قيمَة مَا ذكرنَا من الْبر وَغَيره وَقَالَ مَالك يُؤَدِّي صَدَقَة الْفطر مَا كَانَ جلّ عَيْش أهل ذَلِك الْبَلَد وَيُؤَدِّي من الْقَمْح وَالشعِير والسلت والذرة والدخن والأرز وَالزَّبِيب وَالتَّمْر والأقط وَلَا أرى لأهل مصر أَن يدفعوا إِلَّا الْقَمْح لِأَن ذَلِك جلّ عيشهم إِلَّا أَن يغلو سعرهم وَيكون عيشهم الشّعير وَيُعْطِي صَاعا من كل شَيْء وَلَا يُعْطي مَكَان ذَلِك عرضا من الْعرُوض وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يُؤَدِّي كل إِنْسَان مَدين من قَمح بِمد هِشَام أَو أَرْبَعَة أَمْدَاد من التَّمْر أَو الشّعير والأقط قَالَ الشَّافِعِي وَأي قوت كَانَ الْأَغْلَب على رجل أدّى مِنْهُ زَكَاة الْفطر إِن كَانَ حِنْطَة أَو ذرة أَو شَعِيرًا أَو تَمرا أَو زبيبا أدّى صَاعا بِصَاع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا يُؤَدِّي إِلَّا الْحبّ لَا يُؤَدِّي دَقِيقًا وَلَا سويقا وَلَا قيم ذَلِك وَإِن أدّى أهل الْبَادِيَة الأقط لم يبن لي أَن أرى عَلَيْهِم الْإِعَادَة قَالَ أَبُو جَعْفَر رُوِيَ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ كُنَّا نعطي زَكَاة الْفطر على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَاعا من تمر أَو شعير وَمن جَاءَ بِصَاع من زبيب قبل مِنْهُ وَمن جَاءَ بِصَاع من تمر قبل مِنْهُ وَكَذَلِكَ الشّعير وَقبُول الزَّبِيب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 475 والأقط بِالْمَدِينَةِ على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يدل على سُقُوط اعْتِبَار الْقُوت لِأَن ذَلِك لم يكن قوت أهل الْمَدِينَة وَقَالَ سعيد بن الْمسيب كَانَت الصَّدَقَة تُعْطى على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي بكر وَعمر نصف صَاع من حِنْطَة وَعَن عمر وَابْن عَبَّاس نصف صَاع من حِنْطَة 468 - فِي تَعْجِيل صَدَقَة الْفطر قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالشَّافِعِيّ يجوز تَعْجِيلهَا قبل طُلُوع فجر يَوْم الْفطر وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ بِيَوْم أَو يَوْمَيْنِ وَرُوِيَ عَن ابْن عمر مثله وَقَالَ هِشَام الرَّازِيّ عَن الْحسن بن زِيَاد أَنه لَا يجوز تَعْجِيلهَا قبل يَوْم الْفطر كالأضحية الحديث: 468 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 476 469 - فِيمَن أخر زَكَاة الْفطر قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَاللَّيْث لَا يسْقط بِالتَّأْخِيرِ وَإِن كَانَ سِنِين وَذكر هِشَام الرَّازِيّ عَن الْحسن بن زِيَاد أَنه إِن لم يؤدها قبل صَلَاة الْعِيد سَقَطت فَلم يجب أَدَاؤُهَا بعد ذَلِك كالأضحية إِذا مَضَت أَيَّام النَّحْر قبل أَن يُضحي 470 - فِي ذَوي الْقُرْبَى الَّذين تحرم عَلَيْهِم الصَّدَقَة قَالَ أَصْحَابنَا من تحرم عَلَيْهِم الصَّدَقَة بَنو هَاشم وَهُوَ آل الْعَبَّاس وَآل عَليّ وَآل جَعْفَر وَآل عقيل وَولد الْحَارِث بن عبد الْمطلب وَولد عبد الْمطلب جَمِيعًا ومواليهم وَإِنَّمَا تحرم عَلَيْهِم الصَّدقَات الْوَاجِبَة فَأَما التَّطَوُّع فَلَا بَأْس بِأَن يُعْطوا وَقَالَ مَالك لَا تحل الصَّدَقَة لآل مُحَمَّد وَلَا بَأْس بِأَن يُعْطي مواليهم وَإِنَّمَا تحرم على آل مُحَمَّد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام الزَّكَاة لَيْسَ التَّطَوُّع وَقَالَ الثَّوْريّ لَا يَأْخُذ موَالِي بني هَاشم الصَّدَقَة وَلم يفرق بَين الفرص وَالنَّفْل فِي الرِّوَايَة وَقَالَ الشَّافِعِي تحرم صَدَقَة الْفطر على بني هَاشم وَبني الْمطلب وَتجوز صَدَقَة التَّطَوُّع على كل أحد إِلَّا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِنَّهُ كَانَ لَا يَأْخُذهَا قَالَ أَبُو جَعْفَر روى أَبُو رَافع أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَنعه أَن يَأْخُذ الصَّدَقَة الحديث: 469 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 477 وَقَالَ إِن آل مُحَمَّد لَا تحل لَهُم الصَّدَقَة وَإِن مولى الْقَوْم من أنفسهم وَأخذ الْحسن بن عَليّ تَمْرَة من تمر الصَّدَقَة فألقاها فِي فِيهِ فأخرجها النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بلعابها وَقَالَ إِنَّا آل مُحَمَّد لَا تحل لنا الصَّدَقَة فَأَما بَنو الْمطلب وَبَنُو أُميَّة وَبَنُو نَوْفَل تحل لَهُم الصَّدَقَة فَإِن قيل إِنَّهُم أجابوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين دعاهم إِلَى الْإِسْلَام قيل فَيَنْبَغِي أَن يخرج مِنْهَا إِلَى أبي لَهب وَبَعض آل الْحَارِث بن عبد الْمطلب من أهل بَيته لأَنهم لم يجيبوا وَيَنْبَغِي أَن تحرم على من ولد فِي الْإِسْلَام من بني أُميَّة لأَنهم لم يخالفوه فَهَذَا سَاقِط فَإِن قيل أعْطى بني عبد الْمطلب مَعَ بني هَاشم وَحرم بني أُميَّة من سهم ذِي الْقُرْبَى فَكَذَلِك يدْخلُونَ فِي تَحْرِيم الصَّدَقَة قيل لَهُ سهم الْخمس إِنَّمَا يسْتَحقّهُ خَاص مِنْهُم فَأثْبت ذَلِك بالإتفاق وَلم يثبت خصوصه تَحْرِيم الصَّدَقَة فِي آل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دون بعض وَيحْتَمل أَن يكون موكلا إِلَى اخْتِيَار النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من يُعْطِيهِ 471 - فِي الْمِقْدَار الَّذِي تحرم بِهِ الصَّدَقَة قَالَ أَصْحَابنَا لَا تحل الصَّدَقَة لمن لَهُ مِائَتَا دِرْهَم وَلَا بَأْس أَن يَأْخُذهَا من لَهُ أقل مِنْهَا وَقَالَ مَالك فِي رِوَايَة ابْن الْقَاسِم يعْطى من الزَّكَاة من لَهُ أَرْبَعُونَ درهما وَرُوِيَ غَيره عَن مَالك أَنه لَا يعْطى من لَهُ أَرْبَعُونَ درهما وَقَالَ الثَّوْريّ وَالْحسن بن حَيّ لَا يَأْخُذ من الزَّكَاة من لَهُ خَمْسُونَ درهما الحديث: 471 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 478 وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن من لَا يكون عِنْده مَا يقيمه أَو يَكْفِيهِ سنة فَإِنَّهُ يعْطى من الصَّدَقَة وَقَالَ الشَّافِعِي يعْطى من الصَّدَقَة على قدر حَاجته حَتَّى يُخرجهُ ذَلِك من حد الْفقر كَانَ ذَلِك تجب فِيهِ الزَّكَاة أَو لَا تجب فِيهِ الزَّكَاة وَلَا أحد فِي ذَلِك حدا ذكره الْمُزنِيّ وَالربيع وروى عبد الحميد بن جَعْفَر عَن أَبِيه عَن رجل من مزينة أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب النَّاس وَهُوَ يَقُول من اسْتغنى أغناه الله وَمن استعف أعفه الله وَمن سَأَلَ النَّاس وَله عدل خمس أَوَاقٍ سَأَلَ إلحافا فَذكر فِي هَذَا الحَدِيث مِائَتي دِرْهَم وَهُوَ مُوَافق لقَوْل أَصْحَابنَا وَقد روى أَرْبَعُونَ فِي غير هَذَا الحَدِيث وروى فِي ذَلِك خَمْسُونَ ابْن مَسْعُود أَنه يكون فِي مَسْأَلته خدوش وَفِي حَدِيث سهل بن الحنظلية من سَأَلَ النَّاس عَن ظهر غنى فَإِنَّمَا يستكثر من جمر جَهَنَّم قلت يَا رَسُول الله وَمَا ظهر غنى قَالَ أَن يعلم عِنْد أَهله مَا يغديهم أَو مَا يعشيهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 479 472 - فِيمَن لَا يجوز أَن يُعْطِيهِ الزَّكَاة من الْقَرَابَة قَالَ أَصْحَابنَا لَا يُعْطي ولدا وَلَا والدا وَلَا امْرَأَة وَقَالَ مَالك لَا يعْطى من الزَّكَاة من تلْزمهُ نَفَقَته وَكَذَلِكَ الثَّوْريّ وَقَالَ ابْن شبْرمَة لَا يُعْطي من الزَّكَاة قرَابَته الَّذين يرثونه إِنَّمَا يُعْطي من لَيْسَ يَرِثهُ وَلَيْسَ فِي عِيَاله وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا يتخطى بِزَكَاة مَاله فُقَرَاء أَقَاربه إِذا لم يَكُونُوا من عِيَاله وَيتَصَدَّق على موَالِيه من غير زَكَاة مَاله وَقَالَ الْحسن بن حَيّ لَا يُعْطي من الزَّكَاة من يجْبر على نَفَقَته وَقَالَ اللَّيْث لَا يُعْطي الصَّدَقَة الْوَاجِبَة من يعول وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْمُزنِيّ وَيُعْطِي الرجل من الزَّكَاة من لَا تلْزمهُ نَفَقَته فِي قرَابَته وهم من عدا الْوَالِد وَالْولد وَالزَّوْجَة 473 - فِي الْمَرْأَة تُعْطِي زَوجهَا قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك لَا تُعْطِي الْمَرْأَة زَوجهَا من زَكَاة المَال وَقَالَ الثَّوْريّ وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالشَّافِعِيّ تعطيه 474 - فِي إِعْطَاء الذِّمِّيّ من الزَّكَاة قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالثَّوْري وَابْن شبْرمَة وَالشَّافِعِيّ لَا يُعْطي الذِّمِّيّ من الزَّكَاة وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن إِذا لم تَجِد مُسلما أعْط الذِّمِّيّ قيل لَهُ فَإِنَّهُ الحديث: 472 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 480 لَيْسَ بِالْمَكَانِ الَّذِي هُوَ بِهِ مُسلم وَفِي مَوضِع آخر مُسلم فَكَأَنَّهُ ذهب إِلَى إعطائها للَّذين هم بَين ظهرانيهم 475 - فِي دفع جَمِيع الزَّكَاة إِلَى وَاحِد قَالَ أَصْحَابنَا لَا يجوز أَن يُعْطِيهَا مِسْكينا وَاحِدًا وَقَالَ مَالك لَا بَأْس أَن يُعْطي الرجل زَكَاة الْفطر على نَفسه وَعِيَاله مِسْكينا وَاحِدًا وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْمُزنِيّ وَأَقل مَا يُعْطي أهل السهْم سِهَام الزَّكَاة ثَلَاثَة فَإِن أعْطى اثْنَيْنِ وَلم يجد الثَّالِث ضمن ثلت سهم روى مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَطاء عَن سُلَيْمَان بن يسَار عَن سَلمَة بن صَخْر الْأنْصَارِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لما ظَاهر من امْرَأَته وَذكر فقره وَعجز عَن الْكَفَّارَة بِالْعِتْقِ وَالصِّيَام وَالصَّدَََقَة انْطلق إِلَى صَاحب صَدَقَة بني زُرَيْق فمره يدْفع إِلَيْك صَدَقَاتهمْ فأطعم وسْقا سِتِّينَ مِسْكينا واستعن بسائره عَلَيْك وعَلى عِيَالك فَجعل صَدَقَة فَخذ من الْأَنْصَار لرجل وَاحِد فَدلَّ على سُقُوط اعْتِبَار الْعدَد فِي صنف من أَصْنَاف أهل الزكوات 476 - فِي عتق الرَّقَبَة من الزَّكَاة قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَابْن شبْرمَة وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ لَا يجزىء الْعتْق من زَكَاة مَاله الحديث: 475 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 481 وَقَالَ مَالك يجزىء عتق الرَّقَبَة من الزَّكَاة وَيكون ولاؤها لجَماعَة الْمُسلمين فَهَذَا قَول عبيد الله بن الْحسن وَقَالَ أَصْحَابنَا فِي قَول الله تَعَالَى {وَفِي الرّقاب} التَّوْبَة 60 أَنهم المكاتبون هُوَ وَقَول اللَّيْث وَالشَّافِعِيّ وَالْحسن بن حَيّ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَمَالك بن أنس لَا يُعْطي الْمكَاتب من الزَّكَاة شَيْئا وَلَا عبدا مُوسِرًا كَانَ مَوْلَاهُ وَلَا مُعسرا وَلَا يُعْطون من الْكَفَّارَات أَيْضا قَالَ مَالك وَلَا يعْتق من الزَّكَاة إِلَّا رَقَبَة مُؤمنَة 477 - فِي وضع الزَّكَاة فِي صنف قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالثَّوْري يجوز وَضعهَا فِي صنف وَاحِد على مَا يرى الإِمَام وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن لَا أرى أَن لَا يخلى مِنْهُ الْأَصْنَاف كلهَا وَقَالَ الشَّافِعِي هِيَ سَهْمَان أَصْنَاف ثَمَانِيَة لَا ينْصَرف مِنْهُم سهم وَلَا شَيْء مِنْهُ عَن أَهله مَا كَانَ من أَهله أحد يسْتَحقّهُ قَالَ أَبُو جَعْفَر رُوِيَ عَن حُذَيْفَة وَابْن عَبَّاس قَالَ فِي أَيهَا وَضعته أجزأك وَلَا مُخَالف لَهما من الصَّحَابَة الحديث: 477 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 482 478 - فِي السَّبِيل الْمَذْكُور فِي الْآيَة قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك {فِي سَبِيل الله} مَوَاضِع الْجِهَاد والرباط قَالَ أَبُو يُوسُف {فِي سَبِيل الله} الْغُزَاة وَقَالَ مُحَمَّد إِذا أوصى بِثلث مَاله فِي سَبِيل الله للْوَصِيّ أَن يَجعله فِي الْحَاج الْمُنْقَطع بِهِ وَقَالَ الشَّافِعِي سهم فِي سَبِيل الله يُعْطي مِنْهُ من أَرَادَ الْغَزْو من أهل الصَّدَقَة فَقِيرا كَانَ أَو غَنِيا وَلَا يُعْطي مِنْهُ غَيرهم إِلَّا أَن يحْتَاج للدَّفْع عَنْهُم فيعطاه من دفع عَنْهُم الْمُشْركين لِأَنَّهُ يدْفع عَن جمَاعَة أهل الْإِسْلَام قَالَ أَبُو جَعْفَر رَوَت أم معقل الأشجعية عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن الْحَج وَالْعمْرَة فِي سَبِيل الله وَرُوِيَ عَن ابْن عمر أَن الْحَج من سَبِيل الله 479 - هَل يُعْطي الذِّمِّيّ من صَدَقَة الْفطر قَالَ أَصْحَابنَا يُعْطي أهل الذِّمَّة من سَائِر الصَّدقَات إِلَّا الزَّكَاة الْمَفْرُوضَة وَرُوِيَ عَن أبي يُوسُف أَنه لَا يُعْطي الذِّمِّيّ صَدَقَة وَاجِبَة الحديث: 478 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 483 وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ لَا يُعْطي صَدَقَة الْفطر ذِمِّيا قَالَ أَبُو جَعْفَر روى شريك عَن أبي إِسْحَاق قَالَ كَانَ أَصْحَاب عبد الله بن عَمْرو بن مهْدي وَعَمْرو بن شُرَحْبِيل يجمعُونَ صَدَقَة الْفطر فيعطونها الرهبان وَلم يكن لَهُم مُخَالف من أمثالهم 480 - فِي الْأَفْضَل فِي الزَّكَاة أَن يتَوَلَّى أَو يتولاها غَيره حكى أَبُو جَعْفَر عَن أَصْحَابنَا أَن الْأَفْضَل أَن يتولاها هُوَ وَلَا يتولاها غَيره وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَحكى ابْن الْقَاسِم عَن مَالك قَالَ لَا أحب لأحد أَن يدْفع زَكَاة مَاله وَلَكِن يَدْفَعهَا إِلَى غَيره مِمَّن يَثِق يقسمها وَلَا يَقُول لَهُ فِي ذَلِك شَيْئا وَإِن الَّذِي يقسم يحمد على ذَلِك حَتَّى رُبمَا كَانَت فِي ذَلِك بالهدية والمكافأة والخدمة فَلَا يُعجبنِي أَن يقسمها هُوَ وَلَكِن ليولي ذَلِك غَيره فَإِن السِّرّ فِي هَذَا أفضل من الْعَلَانِيَة وَقَالَ اللَّيْث لَو كَانَت الْوُلَاة تقسمها يَعْنِي الزَّكَاة مَا رَأينَا يجوز لأحد يقسمها حَتَّى يَدْفَعهَا إِلَى السُّلْطَان فيتولى السُّلْطَان قسمتهَا قَالَ أَبُو جَعْفَر إِذا قسمهَا هُوَ على تَيَقّن مِمَّن يرى أَنه أهل وَإِذا وَليهَا غَيره فَلَيْسَ على تَيَقّن وَأَيْضًا فَإِذا تولاها هُوَ اسْتحق أجر التَّوْلِيَة لَهَا وَمَا يوليه غَيره إِنَّمَا يسْتَحق بِهِ ثَوَاب الْأَمر وثواب الْفِعْل أَكثر من ثَوَاب الْأَمر 481 - فِي مَوضِع إِخْرَاج الزَّكَاة قَالَ أَصْحَابنَا تقسم صَدَقَة كل بلد من فقرائه وَلَا يُخرجهَا إِلَى غَيره الحديث: 480 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 484 وروى عَليّ الرَّازِيّ عَن أبي سُلَيْمَان عَن ابْن الْمُبَارك عَن أبي حنيفَة لَا بَأْس بِأَن يبْعَث الزَّكَاة من بلد إِلَى بلد آخر إِلَى ذِي قرَابَته قَالَ أَبُو سُلَيْمَان فَحدثت بِهِ مُحَمَّد بن الْحسن فَقَالَ هَذَا أحسن وَلَيْسَ لنا فِي هَذَا سَماع عَن أبي حنيفَة قَالَ أَبُو جَعْفَر وَسمعت ابْن أبي عمر ان يَقُول أخبرنَا أَصْحَابنَا عَن مُحَمَّد بن الْحسن عَن أبي سُلَيْمَان عَن عبد الله بن الْمُبَارك عَن أبي حنيفَة قَالَ لَا يخرج الرجل زَكَاة من مدينته إِلَى مَدِينَة إِلَّا لذِي قرَابَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة فِي زَكَاة الْفطر يُؤَدِّيهَا حَيْثُ هم وَعَن أَوْلَاده الصغار حَيْثُ هم وَقَالَ مَالك لَا تنقل صَدَقَة المَال من بلد إِلَى بلد إِلَّا أَن يفضل فتنتقل إِلَى أقرب الْبلدَانِ إِلَيْهِم قَالَ وَلَو أَن رجلا من أهل مصر حلت زَكَاته عَلَيْهِ وَمَاله بِمصْر وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ فَإِنَّهُ يقسم زَكَاته بِالْمَدِينَةِ وَيُؤَدِّي صَدَقَة الْفطر حَيْثُ هُوَ وَقَالَ الثَّوْريّ لَا تنقل من بلد إِلَى بلد وَقَالَ اللَّيْث فِيمَن وَجَبت عَلَيْهِ زَكَاة مَاله وَهُوَ بِبَلَد غير بَلَده إِنَّه إِن كَانَ رجعته إِلَى بَلَده قريبَة فَإِنَّهُ يُؤَخر ذَلِك حَتَّى يقدم بَلَده فيؤديها وَلَو أَدَّاهَا حَيْثُ هُوَ رَجَوْت أَن يَجْزِي وَقَالَ الشَّافِعِي إِن أخرجهَا إِلَى غير بَلَده لم يبن لي أَن عَلَيْهِ الْإِعَادَة وَقَالَ أَبُو جَعْفَر وَرُوِيَ حَدِيث عدي بن حَاتِم أَنه نقل صَدَقَة طَيء إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 485 482 - فِيمَا يُعْطي مِسْكين وَاحِد من الزَّكَاة قَالَ كَانَ أَبُو حنيفَة يكره أَن يُعْطي إنْسَانا وَاحِدًا من الزَّكَاة مِائَتي دِرْهَم فَإِن أَعْطيته أجزأك وَلَا بَأْس أَن تعطيه أقل من مِائَتي دِرْهَم وروى هِشَام عَن أبي يُوسُف فِي رجل لَهُ عَلَيْهِ مائَة وَتِسْعَة وَتسْعُونَ درهما فَتصدق عَلَيْهِ بِدِرْهَمَيْنِ أَنه يقبل وَاحِدًا وَيرد وَاحِدًا فَفِي ذَلِك أَجزَأَهُ مِنْهُ أَن يقبل تَمام الْمِائَتَيْنِ وَكَرَاهَة أَن يقبل مَا فَوْقهَا وَمَالك يرد الْأَمر فِيهِ إِلَى الإجتهاد من غير تَوْقِيت وَقَالَ ابْن شبْرمَة كَقَوْل أبي حنيفَة وَقَالَ الثَّوْريّ لَا يعْطى من الزَّكَاة أَكثر من خمسين درهما إِلَّا أَن يكون غارما وَهُوَ قَول الْحسن بن حَيّ وَقَالَ اللَّيْث يُعْطي مِقْدَار مَا يبْتَاع بِهِ خَادِمًا إِذا كَانَ ذَا عِيَال وَالزَّكَاة كَبِيرَة لم يَجدوا غير مَا ترفع بِهِ الْحَاجة آخر كتاب الزَّكَاة تمّ بِحَمْد الله الحديث: 482 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 486 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم = كتاب الصّيام = 483 - فِي حد الْبلُوغ روى مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة فِي حد الْبلُوغ فِي الْجَارِيَة إِذا لم تَحض سبع عشرَة سنة وَفِي الْغُلَام إِذا لم يَحْتَلِم تسع عشرَة سنة وروى الْحسن بن زِيَاد عَن أبي حنيفَة فِي الْغُلَام ثَمَانِي عشرَة سنة وَقَالَ زفر فِي الْجَارِيَة سبع عشرَة سنة وَفِي الْغُلَام ثَمَانِي عشرَة سنة وَقَالَ مَالك فِي الإنبات إِذا لم تَحض الْجَارِيَة وَلم تحتلم أَو تبلغ من السن مَا يعلم أَن مثله لَا يبلغهُ حَتَّى يَحْتَلِم فَيكون عَلَيْهِ الْحَد وَقَالَ الثَّوْريّ فِي الْغُلَام ثَمَانِي عشرَة سنة وَقَالَ فِي الْجَارِيَة سَمِعت من يذكر عَن إِبْرَاهِيم قَالَ إِذا ولدت أَو ولد مثلهَا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ خمس عشرَة سنة فِي الْغُلَام وَالْجَارِيَة وَهُوَ قَول أبي يُوسُف الحديث: 483 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 5 وَذكر أَبُو جَعْفَر أَن مُحَمَّد أمْلى بالرقة أَن الَّذِي يذهب إِلَيْهِ فِي الْغُلَام خمس عشرَة مثل قَول أبي يُوسُف وَفِي الْجَارِيَة مثل قَول أبي حنيفَة وَقَالَ الْحسن بن حَيّ وَاللَّيْث إِذا أنبت وَاحِد مِنْهُمَا فقد بلغ وَالشَّافِعِيّ يعْتَبر فِي الْمَجْهُول الْولادَة النَّبَات وَفِي الْمَعْلُوم الْولادَة خمس عشرَة فِيهَا جَمِيعًا وَقَالَ أَبُو جَعْفَر فِي حَدِيث نَافِع عَن ابْن عمر عرضت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم أحد وَأَنا ابْن أَربع عشرَة سنة فَلم يجزني فِي الْمُقَاتلَة وَعرضت عَلَيْهِ يَوْم الخَنْدَق وَأَنا ابْن خمس عشرَة فأجازني فِي الْمُقَاتلَة قَالَ نَافِع فَحدثت عمر بن عبد الْعَزِيز بِهَذَا فَقَالَ هَذَا أثر فَأمر أَن يعرض من كَانَ أقل من خمس عشرَة فِي الذُّرِّيَّة وَمن كَانَ فِي خمس عشرَة فِي الْمُقَاتلَة فَاعْتبر عمر بن عبد الْعَزِيز الدُّخُول فِي الْخَمْسَة عشر فِي الْفَرْض وَجعل من قصر عَنهُ بِخِلَاف ذَلِك وَهَذَا لَا يَقُوله أحد من أَصْحَاب التَّوْقِيت للخمسة عشر فِي حد الْبلُوغ لأَنهم يعتبرون كَمَال الْخَمْسَة عشر قَالَ وروى نَافِع عَن أسلم عَن عمر بن الْخطاب أَنه كتب إِلَى أُمَرَاء الأجناد أَن لَا يضْربُوا الْجِزْيَة إِلَّا من جرت بِهِ الموسى وَقَالَ عُثْمَان فِي غُلَام سرق إِن كَانَ قد اخضر مِئْزَره فاقطعوه وَإِن لم يكن أَخْضَر فَلَا تقطعوه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 6 484 - فِي الشَّهَادَة على رُؤْيَة هِلَال رَمَضَان قَالَ أَصْحَابنَا تقبل فِي رُؤْيَة هِلَال رَمَضَان شَهَادَة رجل عدل إِذا كَانَ فِي السَّمَاء عِلّة وَإِن لم يكن فِي السَّمَاء عِلّة لم تقبل إِلَّا شَهَادَة الْعَامَّة وَلَا تقبل فِي هِلَال شَوَّال وَذي الْحجَّة إِلَّا شَهَادَة رجلَيْنِ عَدْلَيْنِ تقبل شَهَادَة مثلهمَا فِي الْحُقُوق وَإِن كَانَ فِي السَّمَاء عِلّة فَقَالَ مَالك وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَالْحسن بن حَيّ وَعبيد الله بن الْحسن وَلَا تقبل فِي هِلَال رَمَضَان وشوال إِلَّا شَاهِدين عَدْلَيْنِ وَقَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي إِن شهد على رُؤْيَة هِلَال رَمَضَان عدل وَاحِد رَأَيْت أَن أَقَله للأثر فِيهِ وَالِاحْتِيَاط وَالْقِيَاس أَن لَا يقبل فِي ذَلِك إِلَّا شَاهِدَانِ وَلَا أقبل على رُؤْيَة هِلَال الْفطر إِلَّا عَدْلَيْنِ 485 - فِي الْهلَال يرى نَهَارا قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا رئي الْهلَال نَهَارا فَهُوَ لليلته الْمُسْتَقْبلَة وَلم يفرق بَين رُؤْيَته قبل الزَّوَال وَبعده وَهُوَ قَول مَالك وَمُحَمّد وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَالثَّوْري إِن رئي قبل الزَّوَال فَهُوَ لليلته الْمَاضِيَة وَبعد الزَّوَال لليلته الْمُسْتَقْبلَة وَقَالَ أَبُو جَعْفَر قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صُومُوا لرُؤْيَته وأفطروا لرُؤْيَته مَعْنَاهُ عِنْد الْجَمِيع صَوْم مُسْتَقْبل بعد الرُّؤْيَة لِاسْتِحَالَة الْأَمر بِالصَّوْمِ فِي وَقت تتقدم الرُّؤْيَة الحديث: 484 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 7 وروى أَبُو اسحاق عَن الْحَارِث أَن هِلَال الْفطر رئي نَهَارا فَلم يَأْمر عَليّ بن أبي طَالب أَن يفطروا من يومهم ذَلِك وَعَن ابْن عمر مثله وَقَالَ حَتَّى يرى من حَيْثُ يطلع اللَّيْل وَعَن عمر مثله وَقد رُوِيَ عَن عمر مثل قَول أبي يُوسُف 486 - إِذا غم هِلَال الْفطر ثمَّ علم بعد الزَّوَال قَالَ أَبُو جَعْفَر كَانَ ابْن أبي عمرَان يَحْكِي أَن قَول أبي حنيفَة أَن صَلَاة الْعِيد إِذا لم تصل فِي يَوْم الْعِيد حَتَّى تَزُول الشَّمْس إِنَّا لَا نصلي بعد ذَلِك وَقَالَ أَبُو يُوسُف فِي الْإِمْلَاء فِي الإِمَام تفوته أَن يُصَلِّي بِالنَّاسِ صَلَاة الْعِيد فِي يَوْم الْفطر حَتَّى تَزُول الشَّمْس من ذَلِك الْيَوْم لم يصلها بهم بعد ذَلِك وَلَو كَانَ هَذَا فِي الْأَضْحَى صلاهَا فِي الْيَوْم الثَّانِي وروى ابْن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد مثل ذَلِك وَلم يحك خلافًا الحديث: 486 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 8 وَقَالَ الثَّوْريّ فِي الْفطر يخرجُون من الْغَد وَقَالَ الْحسن بن حَيّ لايخرجون فِي الْفطر وَيخرجُونَ فِي الْأَضْحَى وَقَالَ اللَّيْث يخرجُون فِي الْفطر والأضحى من الْغَد وَقَالَ مَالك لَا يُصَلِّي صَلَاة الْعِيد فِي غير يَوْم الْعِيد وَعَن الشَّافِعِي رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا مثل قَول مَالك وَالْأُخْرَى أَنه يُصَلِّي من الْغَد 487 - فِيمَن رأى الْهلَال وَحده قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالثَّوْري وَاللَّيْث إِذا رأى هِلَال رَمَضَان وَحده فَلم تقبل شَهَادَته صَامَ هُوَ وَإِن رأى هِلَال شَوَّال وَحده فَلم تقبل قَوْله صَامَ أَيْضا وَلَا يفْطر وَقَالَ الْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ يَصُوم إذارأى وَحده وَيفْطر بِرُؤْيَتِهِ وَحده وَقَالَ أَصْحَابنَا إِن رأى هِلَال رَمَضَان وَحده فَأفْطر فَلَا كَفَّارَة عَلَيْهِ وَقَالَ مَالك عَلَيْهِ الْكَفَّارَة 488 - فِيمَن لم ينْو صَوْم رَمَضَان إو نوى قبل الزَّوَال قَالَ أَصْحَابنَا إِلَّا زفر لَا يجوز صِيَام رَمَضَان إِلَّا بنية لكل يَوْم تجدّد الحديث: 487 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 9 وَيجوز أَن ينويه قبل الزَّوَال وَإِن لم يُنَوّه من اللَّيْل وَقَالَ زفر يجزىء بِغَيْر نِيَّة وَلَو نوى الْإِفْطَار أَجزَأَهُ الصَّوْم إِذا أمسك عَمَّا أمسك عَنهُ الصَّائِم إِلَّا أَن ينويه من اللَّيْل وَقَالَ مَالك فِيمَا حصله أَبُو جَعْفَر من مذْهبه أَن مَا لم يكن معينا وُجُوبه من الصّيام لم يَصح إِلَّا بنية وَمَا كَانَ وُجُوبه فِي وَقت بِعَيْنِه كَانَ يُعلمهُ ذَلِك الْوَقْت صَائِما اسْتغنى بذلك عَن نِيَّة الصّيام وَقَالَ مَالك إِذا قَالَ لله عَليّ أَن أَصوم شهرا مُتَتَابِعًا فصَام أول يَوْم أَنه بَاقِي الْأَيَّام بِغَيْر نِيَّة وَمذهب اللَّيْث كمذهب مَالك فِي هَذَا وَقَالَ الثَّوْريّ فِي صَوْم التَّطَوُّع إِذا نَوَاه فِي آخرالنهار أَجزَأَهُ قَالَ وَقَالَ إِبْرَاهِيم لَهُ أجر مَا يسْتَقْبل وَهُوَ قَول الْحسن بن حَيّ وَالثَّوْري فِي صَوْم رَمَضَان يحْتَاج أَن ينويه من اللَّيْل وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يجزىء مِنْهُ صَوْم النَّهَار بعد نصف اللَّيْل وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يجزىء كل صَوْم وَاجِب من رَمَضَان إِلَّا بنية من اللَّيْل ويجزىء صَوْم التَّطَوُّع قبل الزَّوَال قَالَ أَبُو جَعْفَر روى أَبُو اسحاق عَن أبي الْأَحْوَص عَن عبد الله قَالَ إِذا أصبح أحدكُم ثمَّ أَرَادَ الصَّوْم بَعْدَمَا أصبح فَإِنَّهُ بِأحد النظرين وَأَبُو اسحاق عَن الْحَارِث عَن عَليّ كرم الله وَجهه مثله وَأَبُو عبد الرَّحْمَن أَن حُذَيْفَة بدا لَهُ الصَّوْم بَعْدَمَا زَالَت الشَّمْس فصَام الجزء: 2 ¦ الصفحة: 10 وروى عَمْرو بن أبي عَمْرو عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يصبح حَتَّى يظْهر ثمَّ يَقُول وَالله لقد أَصبَحت وَمَا أُرِيد الصَّوْم وَمَا أكلت من طَعَام وَلَا شراب مُنْذُ الْيَوْم ولأصومن يومي هَذَا وَعَن أبي الدَّرْدَاء أَنه صَامَ بَقِيَّة يَوْم وروى حميد الطَّوِيل عَن أنس أَنه سُئِلَ عَن الرجل يحدث نَفسه بِالصَّوْمِ قَالَ هُوَ بِالْخِيَارِ مالم يَمْتَد النَّهَار أَو يتَكَلَّم بِهِ 489 - فِي السؤاك للصَّائِم قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَاللَّيْث لَا بَأْس بِالسِّوَاكِ الرطب للصَّائِم وَقَالَ الشَّافِعِي كَذَلِك إِلَّا أَنه قَالَ أكرهه بالْعَشي للخلوف وَقَالَ مَالك وَالْحسن بن حَيّ لابأس باليابس وأكره الرطب وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَا بَأْس بِهِ إِلَّا أَنِّي أكره أَن يَأْخُذ فِيهِ مَاء 490 - فِي الذَّوْق للصَّائِم قَالَ أَصْحَابنَا إِذا ذاق الصَّائِم شَيْئا وَلم يدْخلهُ حلقه لم يفطره وصومه تَامّ وَقَالَ أَبُو جَعْفَر على أَنه لايكرهه لِأَنَّهُ لَو كرهه كَانَ صوما نَاقِصا قَالَ أَبُو بكر أَحْمد بن عَليّ قد ذكرنَا كَرَاهَته فِي الأَصْل الحديث: 489 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 11 وَقَالَ مَالك أكرهه وَلَا يفطره إِن لم يدْخل حلقه وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا يفطره وَقَالَ الْحسن بن حَيّ لَا أكره أَن يَذُوق مَا لم يدْخل حلقه 491 - فِي الْكحل للصَّائِم قَالَ أَصْحَابنَا لَا بَأْس بالكحل للصَّائِم ودهن الشَّارِب وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ ابْن أبي ليلى لَا يتكحل الصَّائِم وَلَا يدهن شَاربه وَقَالَ مَالك إِن كَانَ إِذا اكتحل وصل إِلَى حلقه لم يكتحل وَإِن فعل فَعَلَيهِ الْقَضَاء وروى ابْن عبد الْكَرِيم عَن مَالك لَا بَأْس بالكحل للصَّائِم وروى الْمعَافي عَن الثَّوْريّ لَا بَأْس بالحكل للصَّائِم روى عَنهُ أَنه كره مَا يُوجد طعمه وَالْحسن بن حَيّ يكره الْكحل للصَّائِم إِلَّا الشَّيْء الْخَفِيف فِي أول النَّهَار فَإِن علم أَنه دخل جَوْفه قضى وَإِن كَانَ قد اكتحل بِاللَّيْلِ وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن يتوفاه للْخلاف فِيهِ 492 - فِي الْحجامَة للصَّائِم قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ لَا بَأْس بالحجامة للصَّائِم إِذا لم تضعفه الحديث: 491 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 12 وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ أفطر الحاجم والمحجوم وَقَالَ لَو رعف رجل نَفسه قضى يَوْمًا مَكَانَهُ 493 - فِي الْقبْلَة للصَّائِم قَالَ أَصْحَابنَا لَا بَأْس إِذا كَانَ يَأْمَن على نَفسه وَإِن نظر فأمنى لم ينْتَقض صَوْمه وَإِن قبل فأمنى أفطر وَهُوَ قَول الْحسن بن حَيّ وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ مَالك لَا أحب للصَّائِم أَن يقبل فَإِن قبل فِي رَمَضَان فَأنْزل فَعَلَيهِ الْقَضَاء وَالْكَفَّارَة فَإِن نظر إِلَى امْرَأَته فِي رَمَضَان وتابع النّظر فأمنى فَعَلَيهِ الْقَضَاء وَلَا كَفَّارَة عَلَيْهِ وَقَالَ ابْن شبْرمَة من قبل امْرَأَته فِي رَمَضَان فَعَلَيهِ قَضَاء ذَلِك الْيَوْم 494 - فِي الصَّائِم يتمضمض فَيدْخل المَاء حلقه قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري إذاكان ذَاكِرًا لصومه فَعَلَيهِ الْقَضَاء وَإِن كَانَ نَاسِيا فَلَا قَضَاء عَلَيْهِ وَقَالَ ابْن أبي ليلى لَا قَضَاء عَلَيْهِ وَإِن كَانَ ذَاكِرًا لصومه وَذكر عَطاء عَن ابْن عَبَّاس قَالَ إِذا تَوَضَّأ لصَلَاة مَكْتُوبَة فَدخل المَاء حلقه فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَإِن تَوَضَّأ لصَلَاة تطوع فَعَلَيهِ الْقَضَاء وَقَالَ مَالك بن أنس لَا بَأْس بِأَن يتمضمض لحر أَو عَطش وَإِن دخل حلقه فِي صَوْم وَاجِب فَعَلَيهِ الْقَضَاء وَفِي التَّطَوُّع لَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاء وَذَلِكَ للْوُضُوء وَغَيره سَوَاء الحديث: 493 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 13 وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ لَا شَيْء عَلَيْهِ وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِن تَوَضَّأ للفريضة أَو لصَلَاة سنة فَدخل حلقه من المَاء شَيْء فِي الثَّلَاث فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاء وَمَا دخل بعد الثَّلَاث فَعَلَيهِ الْقَضَاء قَالَ أَبُو جَعْفَر حَدِيث لَقِيط بن صبرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَالغ فِي الِاسْتِنْشَاق إِلَّا أَن تكون صَائِما يدل على أَنه يفْطر فلولا ذَلِك لما منع مِنْهَا لأجل الصَّوْم وَإِن لم يفرق بَين النَّافِلَة وَالْفَرْض 495 - إِذا أكل بعد طُلُوع الْفجْر وَهُوَ لايعلم قَالَ أَصْحَابنَا إِذا تسحر بعد طُلُوع الْفجْر أَو أكل قبل غرُوب الشَّمْس وَهُوَ لايعلم أَنه نَهَار فَعَلَيهِ الْقَضَاء وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ مَالك إِن كَانَ تَطَوّعا مضى فِيهِ وَلَا شَيْء وَإِن كَانَ وَاجِبا فَعَلَيهِ الْقَضَاء وروى الْأَعْمَش عَن زيد بن وهب أَن عمر بن الْخطاب أفطر هُوَ وَالنَّاس فِي يَوْم غيم ثمَّ طلعت الشَّمْس فَقَالَ عمر مَا تجانفنا لإثم وَالله لَا نقضيه وروى عَنهُ أَنه قَالَ الْخطب يسير فَقضى يَوْمًا مَكَانَهُ الحديث: 495 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 14 قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا خلاف أَنه لَو غم هِلَال رَمَضَان فأفطروا ثمَّ قَامَت الْحجَّة بِرُؤْيَة الْهلَال قبل ذَلِك أَن عَلَيْهِم الْقَضَاء 496 - إِذا أكل وَهُوَ شَاك فِي الْفجْر قَالَ أَصْحَابنَا إِذا كَانَ أكبر رَأْيه أَنه أكل بعد طُلُوع الْفجْر فَأحب إِلَيْنَا أَن يقْضِي وَقَالَ مَالك أكره أَن يَأْكُل إِذا شكّ فِي الْفجْر وَإِن أكل فَعَلَيهِ الْقَضَاء وَقَالَ الثَّوْريّ يتسحر الرجل حاشك حَتَّى يرى الْفجْر وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن وَالشَّافِعِيّ إِن أكل شاكا فِي الْفجْر فَلَا شَيْء عَلَيْهِ 497 - مَتى يُؤمر الصَّبِي بِالصَّلَاةِ وَالصَّوْم قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري يُؤمر الصَّبِي بِالصَّلَاةِ إِذا أثغر وَيُؤمر بِالصَّوْمِ إِذا أطاقه وَقَالَ مَالك يُؤمر بالصيام إِذا حَاضَت الْجَارِيَة واحتلم الْغُلَام وَلَا تشبه الصّيام فِي هَذِه الصَّلَاة قَالَ الشَّافِعِي لَا يجب فرض الصّيام إِلَّا بعد الْبلُوغ وَيُؤمر بِهِ إِذا أطَاق 498 - فِي الْغُلَام يبلغ فِي رَمَضَان أَو الْكَافِر يسلم قَالَ أَصْحَابنَا وَاللَّيْث وَعبيد الله بن الْحسن وَالشَّافِعِيّ يصومان مَا بَقِي الحديث: 496 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 15 وَلَيْسَ عَلَيْهِمَا قَضَاء مَا مضى وَلَا قَضَاء الْيَوْم الَّذِي كَانَ فِيهِ الْبلُوغ أوالاسلام وَقَالَ أَصْحَابنَا يسْتَحبّ لَهُ أَن يمسك بَقِيَّة الْيَوْم وَقَالَ مَالك لَا أرى عَلَيْهِ ذَلِك وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي الْغُلَام يَحْتَلِم فِي النّصْف من رَمَضَان أَنه يَصُوم مامضى مِنْهُ إِن كَانَ يُطيق الصَّوْم 499 - فِيمَن يجن رَمَضَان أَو بعضه قَالَ أَصْحَابنَا إِذا جن رَمَضَان كُله فَلَا قَضَاء وَإِن أَفَاق شَيْء مِنْهُ قَضَاهُ كُله وَقَالَ مَالك فِيمَن بلغ وَهُوَ مَجْنُون مطبق فَمَكثَ سِنِين ثمَّ أَفَاق فَإِنَّهُ يقْضِي صِيَام تِلْكَ السنين ولايقضي الصَّلَاة وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن فِي الْمَعْتُوه يفِيق وَقد ترك الصَّلَاة وَالصَّوْم فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاء ذَلِك وَقَالَ فِي الْمَجْنُون الَّذِي يجن ثمَّ يفِيق وَالَّذِي يُصِيبهُ الْمرة ثمَّ يفِيق أَن عَلَيْهِ الْقَضَاء وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْبُوَيْطِيّ وَمن جن فِي رَمَضَان فَلَا قَضَاء عَلَيْهِ فَإِن صَحَّ فِي يَوْم م رَمَضَان قبل أَن يغيب الشَّمْس كَذَلِك لَا قَضَاء عَلَيْهِ 500 - فِيمَن أُغمي عَلَيْهِ فِي رَمَضَان قَالَ أَصْحَابنَا فِيمَن أُغمي عَلَيْهِ رَمَضَان كُله أَنه يقْضِي وَإِن أُغمي عَلَيْهِ الحديث: 499 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 16 أول لَيْلَة مِنْهُ لم يقْض الْيَوْم الأول وَقَالَ الثَّوْريّ مثل ذَلِك وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ وَقَالَ مَالك إِذا كَانَ مغمى عَلَيْهِ أَكثر النَّهَار لم يجزه صَوْم ذَلِك الْيَوْم فَإِن كَانَ يغمى عَلَيْهِ أقل النَّهَار أَجزَأَهُ قَالَ وَلَو نَام من اللَّيْل فَلم ينتبه النَّهَار كُله أَجزَأَهُ صِيَامه وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إذاطلع الْفجْر وَهُوَ يعقل أَجزَأَهُ صَوْمه وَإِن أُغمي عَلَيْهِ بعد ذَلِك وَإِن طلع الْفجْر وَهُوَ مغمى عَلَيْهِ لم يجزه ذَلِك الْيَوْم وَإِن كَانَ قد نوى الصَّوْم بِاللَّيْلِ وَقَالَ اللَّيْث إِذا أُغمي عَلَيْهِ من اللَّيْل من رَمَضَان فَلم يفق حَتَّى يُمْسِي فضى يَوْمًا مَكَانَهُ وَإِن أُغمي عَلَيْهِ من اللَّيْل فَأَما فِي بعض النَّهَار فَلَا قَضَاء عَلَيْهِ وَإِن أُغمي عَلَيْهِ بعد الْفجْر فَلم يفق حَتَّى أَمْسَى فَلَا قَضَاء عيه وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْمُزنِيّ إِذا أُغمي على رجل فَمضى لَهُ يَوْم أَو يَوْمَانِ من رَمَضَان وَلم يكن أكل أَو شرب فَعَلَيهِ الْقَضَاء فَإِن أَفَاق فِي بعض النَّهَار فَهُوَ فِي يَوْمه ذَلِك صَائِم وَكَذَلِكَ إِذا أصبح رَاقِدًا ثمَّ اسْتَيْقَظَ 501 - فِي الْحَامِل والمرضع قَالَ أَصْحَابنَا إِذا خافتا على ولدهما أَو أَنفسهمَا فَإِنَّهُمَا تفطران وتقضيان وَلَا كَفَّارَة عَلَيْهِمَا وَهُوَ قَول الْحسن بن حَيّ وَالثَّوْري وَقَالَ مَالك فِي الْمُرْضع إِذا خَافت على وَلَدهَا وَلم يقبل الصَّبِي من غَيرهَا فَإِنَّهَا تفطر وتقضي وَتطعم عَن كل يَوْم مدا مِسْكينا وَالْحَامِل إذاأفطرت لَا إطْعَام عَلَيْهَا وَهُوَ قَول اللَّيْث وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْمُزنِيّ فهما جَمِيعًا تفطران وتقضيان وَتَتَصَدَّق كل الحديث: 501 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 17 وَاحِدَة على مِسْكين بِمد من حِنْطَة وروى عَنهُ فِي الْبُوَيْطِيّ أَن الْحَامِل لَا إطْعَام عَلَيْهَا 502 - فِي الشَّيْخ الْكَبِير قَالَ أَصْحَابنَا فِي الشَّيْخ الْكَبِير الَّذِي لَا يُطيق الصّيام يفْطر وَيطْعم عَنهُ لكل يَوْم نصف صَاع من حِنْطَة ولاشيء عَلَيْهِ غير ذَلِك وَقَالَ الثَّوْريّ يطعم وَلم يذكر مِقْدَاره وَقَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي يطعم مدا من حِنْطَة عَن كل يَوْم وَقَالَ مَالك لَا أرى عَلَيْهِ إطعاما فَإِن فعل فَحسن قَالَ أَبُو جَعْفَر الشَّيْخ بِمَنْزِلَة الْمَرِيض الَّذِي يَصح حَتَّى مَاتَ أَنه لَا إطْعَام لعدم الْقُدْرَة على الصَّوْم وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَول الله تَعَالَى {وعَلى الَّذين يطيقُونَهُ فديَة} الْبَقَرَة 184 قَالَ رخص اللشيخ الْكَبِير والعجوز الْكَبِيرَة فِي ذَلِك وهما يطيقان الصَّوْم أَن يفطرا إِن شاءا أَو أَن يطعما عَن كل يَوْم مِسْكينا وَلَا قَضَاء عَلَيْهِمَا ثمَّ نسخ ذَلِك بِهَذِهِ الْآيَة {فَمن شهد مِنْكُم الشَّهْر فليصمه} الْبَقَرَة 158 وَثَبت للشَّيْخ الْكَبِير والعجوز الْكَبِيرَة إِذا كَانَا لَا يطيقان الصَّوْم والحبلى والمرضع إِذا خافتا أفطرتا وأطعمتا عَن كل يَوْم مِسْكينا وروى مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ وعَلى الَّذين يطوقونه الحديث: 502 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 18 وَعَن أبي هُرَيْرَة وَقِيَاس بن السَّائِب فِي الشَّيْخ الْكَبِير يفْطر وَيطْعم لكل يَوْم مِسْكينا وَعَن سَلمَة بن الْأَكْوَع أَن قَوْله وعَلى الَّذين يطيقُونَهُ كَانَ من أرادأن يفْطر ويفتدي فعل حَتَّى نزلت الَّتِي بعْدهَا فنسختها 503 - فِي الصّيام فِي السّفر قَالَ أَصْحَابنَا الصَّوْم فِي السّفر أفضل من الْإِفْطَار وَقَالَ مَالك وَالثَّوْري الصَّوْم فِي السّفر أحب إِلَيْنَا لمن قوي عَلَيْهِ وَقَالَ الشَّافِعِي إِن صَامَ فِي السّفر أَجزَأَهُ وروى عَن أبي هُرَيْرَة إِن صَامَ فِي السّفر أَجزَأَهُ وروى عَن أبي هُرَيْرَة إِن صَامَ فِي السّفر لم يجزه وَعَلِيهِ أَن يَصُوم فِي الْحَضَر قَالَ أَبُو جَعْفَر قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لَيْسَ من الْبر الصّيام فِي السّفر مَعْنَاهُ لَيْسَ هُوَ أبر الْبر لِأَنَّهُ يكون الْإِفْطَار أبر مِنْهُ إِذا كَانَ فِي حج الحديث: 503 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 19 أَو جِهَاد ليقوى عَلَيْهِ كَقَوْلِه عَلَيْهِ الصَّلَاة والصلام لَيْسَ الْمِسْكِين بِالطّوافِ الَّذِي تردده التمرة وَالتَّمْرَتَانِ واللقمة وَاللُّقْمَتَانِ قيل فَمن الْمِسْكِين قَالَ الَّذِي يستحي أَن يسْأَل وَلَا يجد مَا يُغْنِيه وَلَا يفْطن لَهُ فيعطي من حَدِيث مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وروى سُفْيَان عَن عَاصِم سَأَلت أنس بن مَالك عَن صَوْم رَمَضَان فِي السّفر قَالَ الصَّوْم أفضل وروى عَن أنس أَنهم كَانُوا يسافرون مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي رَمَضَان فيصوم بَعضهم وَيفْطر بَعضهم فَلَا يعب هَؤُلَاءِ على هَؤُلَاءِ وَلَا هَؤُلَاءِ على هَؤُلَاءِ وروى مَالك عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عاشة أَن حَمْزَة بن عَمْرو الْأَسْلَمِيّ قَالَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَصوم فِي السّفر فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن شِئْت فَصم وَإِن شِئْت فافطر 504 - فِي كَيْفيَّة قَضَاء رَمَضَان قَالَ أَصْحَابنَا إِن شَاءَ تَابع وَإِن شَاءَ فرق وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ وَقَالَ مَالك وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ يَقْضِيه مُتَتَابِعًا أحب إليناوإن فرق أَجزَأَهُ الحديث: 504 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 20 قَالَ أبوجعفر وروى حَمَّاد بن سَلمَة عَن سماك بن حَرْب عَن هَارُون ابْن أم هانىء أَو ابْن بنت هانىء عَن أم هانىء أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ناولها فضل شرابه فَشَرِبت ثمَّ قلت يارسول الله إِنِّي كنت صَائِمَة وَإِنِّي كرهت أَن أرد سؤرك فَقَالَ إِن كَانَ من قَضَاء رَمَضَان فصومي يَوْمًا مَكَانَهُ وَإِن كَانَ تَطَوّعا فَإِن شِئْت فاقضيه وَإِن شِئْت فَلَا تقضه فَأمرهَا بِقَضَاء يَوْم مَكَانَهُ وَلم يأمرها باستئناف صَوْم إِن كَانَ ذَلِك الْيَوْم مِنْهُ فَدلَّ على أَن التَّتَابُع لَا فضل لَهُ على التَّفْرِيق فِيهِ وَأَيْضًا فَلَو افطر يَوْمًا من رَمَضَان لم يجب لَهُ اسْتِئْنَاف شهر كَذَلِك قَضَاؤُهُ 505 - فِيمَن لم يقْض رَمَضَان حَتَّى دخل رَمَضَان آخر قَالَ أَصْحَابنَا يَصُوم الثَّانِي عَن نَفسه ثمَّ يقْضِي الأول وَلَا فديَة عَلَيْهِ وَقَالَ مَالك وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ وَالْحسن بن حَيّ إِن فرط فِي قَضَاء الأول أطْعم مَعَ الْقَضَاء عَن كل يَوْم مِسْكينا قَالَ الثَّوْريّ وَالْحسن بن حَيّ لكل يَوْم نصف صَاع بر وَقَالَ الشَّافِعِي وَمَالك مدا وَإِن لم يفرط لمَرض أَو سفر فَلَا إطْعَام عَلَيْهِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا فرط فِي قَضَاء الأول وَمرض فِي الآخر حَتَّى انْقَضى ثمَّ مَاتَ فَإِنَّهُ يطعم عَن الأول لكل يَوْم مَدين لتضييعه ومدا للصيام وَيطْعم عَن الآخر مدا لكل يَوْم وَاتفقَ من تقدم قَوْله قبل الْأَوْزَاعِيّ أَنه إِذا مرض رَمَضَان ثمَّ مَاتَ قبل أَن يَصح أَنه لَا يجب أَن يطعم عَنهُ قَالَ أَبُو جَعْفَر روى يزِيد بن هَارُون عَن عَمْرو بن مَيْمُون بن مهْرَان عَن أَبِيه قَالَ جَاءَ رجل إِلَى ابْن عَبَّاس فَقَالَ مَرضت رمضانين فَقَالَ اسْتمرّ بك الحديث: 505 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 21 الْمَرَض أوصححت فِيمَا بَينهمَا فَقَالَ بل صححت فِيمَا بَينهمَا فَقَالَ أَكَانَ هَذَا قَالَ لَا قَالَ فَدَعْهُ حَتَّى يكون فَقَامَ إِلَى أَصْحَابه فَأخْبرهُم فَقَالُوا ارْجع فَأخْبرهُ أَنه قد كَانَ فَرجع هوأوغيره فَسَأَلَهُ فَقَالَ أَكَانَ هَذَا قَالَ نعم قَالَ صم رمضانين وَأطْعم ثَلَاثِينَ مِسْكينا وروى روح بن عبَادَة عَن عبد الله بن عمر عَن نَافِع عَن ابْن عمر فِي رجل فرط فِي قَضَاء رَمَضَان حَتَّى أدْركهُ رَمَضَان آخر قَالَ يَصُوم الَّذِي أدْركهُ وَيطْعم عَن الأول كل يَوْم مدا من بر وَلَا قَضَاء عَلَيْهِ قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلم نجد عَن أحد سُقُوط قَضَاء الأول بِالْإِطْعَامِ غير ابْن عمر وَإِنَّمَا تفرد بِهِ عبد الله بن عمر بِهَذِهِ اللَّفْظَة عَنهُ أَعنِي أَنه لَا قَضَاء عَلَيْهِ وَرَوَاهُ عبيد الله بن عمر عَن نَافِع عَن ابْن عمر فَقَالَ فِيهِ يَصُوم عَن هَذَا وَيطْعم عَن هَذَا لكل يَوْم مِسْكينا وَلم يذكر أَنه لَا قَضَاء عَلَيْهِ وَهَذَا يشبه مذْهبه فِي الْحَامِل أَنَّهَا تطعم وَلَا قَضَاء عَلَيْهَا مَعَ ذَلِك وروى عَن أبي هُرَيْرَة مثل قَول ابْن عَبَّاس قَالَ وَقَالَ الله تَعَالَى {فَعدَّة من أَيَّام أخر} الْبَقَرَة 185 فَأوجب الْقَضَاء دون غَيره فَلَا يجوز إِلْحَاق الْإِطْعَام بِهِ إِلَّا أَن هَذِه الْجَمَاعَة من الصَّحَابَة قد اتّفقت على وجوب الْإِطْعَام بالتفريط إِلَى دُخُول رَمَضَان اخر وَكَانَ ابْن أبي عمرَان يحْكى أَنه سمع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 22 يحيى بن أَكْثَم يَقُول وجدته يعْنى وجوب الْإِطْعَام فِي ذَلِك عَن سِتَّة من الصَّحَابَة وَلم أجد لَهُم من الصَّحَابَة مُخَالفا وَقد روى عَن ابْن عمر فِي ذَلِك قَول آخر وروى حَمَّاد بن سَلمَة عَن أَيُّوب عَن حميد بن أبي يزِيد المدنى أَن رجلا احْتضرَ فَقَالَ لِأَخِيهِ إِن لله عَليّ دينا وَلِلنَّاسِ عَليّ دينا فابدأ بدين الله فاقضه ثمَّ اقْضِ دين النَّاس إِن عَليّ رمضانين لم أصمهما فَسَأَلَ أبن عمر فَقَالَ بدنتان مقلدتان فَسَأَلَ ابْن عَبَّاس فَأخْبرهُ بقول ابْن عمرفقال يرحم الله أَبَا عبد الرَّحْمَن مَا شَأْن الْبدن وشأن الصَّوْم أطْعم عَن أَخِيك سِتِّينَ مِسْكينا قَالَ أَيُّوب وَكَانَ يرَوْنَ أَنه قد صَحَّ بَينهمَا 506 - فِيمَن يَصُوم فِي السّفر ثمَّ يفْطر أَو مُقيم سَافر قَالَ أَصْحَابنَا فِيمَن أصبح صَائِما فِي السّفر ثمَّ أفطر من غير عذر فَعَلَيهِ الْقَضَاء وَلَا كَفَّارَة وَكَذَلِكَ لَو أصبح صَائِما ثمَّ سَافر فَأفْطر أَو كَانَ مُسَافِرًا فصَام فَقدم فَأفْطر فَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْقَضَاء وَلَا كَفَّارَة وَذكر ابْن وهب عَن مَالك فِي الصَّائِم فِي السّفر إِذا أفطر فَعَلَيهِ الْقَضَاء وَالْكَفَّارَة وَقَالَ مرّة لاكفارة الحديث: 506 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 23 وروى ابْن الْقَاسِم عَن مَالك عَلَيْهِ الْكَفَّارَة قَالَ لَو أصبح صَائِما فِي حضر ثمَّ سَافر فَأفْطر فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلاالقضاء وَقَالَ الأوازعي لَا كَفَّارَة على الْمُسَافِر فِي الْإِفْطَار وَقَالَ اللَّيْث عَلَيْهِ الْكَفَّارَة قالو وروى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه أفطر فِي السّفر بَعْدَمَا دخل فِي الصَّوْم 507 - فِي الْمَرْأَة تطهر فِي بعض النَّهَار فِي شهر رَمَضَان قَالَ أَصْحَابنَا وَالْحسن بن حى والأوازعي عَلَيْهَا الْقَضَاء وَتمسك بَقِيَّة يَوْمهَا وَكَذَلِكَ الْمُسَافِر يقدم وَقد أفطر فِي السّفر وَهُوَ قَول عبيد الله بن الْحسن وَقَالَ ابْن شبْرمَة فِي الْمُسَافِر إِذا قدم وَلم يَأْكُل شَيْئا إِنَّه يَصُوم يَوْمًا وَيقْضى وَلَو طهرت الْمَرْأَة من حَيْضهَا فَإِنَّهَا تَأْكُل وَلَا تَصُوم وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك فِي الْمَرْأَة تطهر وَالْمُسَافر يقدم وَقد أفطر فِي السّفر أَنه يَأْكُل وَلَا يمسك وَإِن أصبح ينوى الْإِفْطَار وَهُوَ لَا يعلم أَنه من رَمَضَان ثمَّ علم مَكَانَهُ قبل ان يَأْكُل وَيشْرب فَإِنَّهُ يكف عَن الْأكل وَالشرب وَيَقْضِي فَإِن أكل أَو شرب بَعْدَمَا علم فِي يَوْمه فَلَا كَفَّارَة عَلَيْهِ إِلَّا أَن يكون أكل مرّة على مَا ذكرت فَتجب عَلَيْهِ الْكَفَّارَة الحديث: 507 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 24 وروى عَن أبي عُبَيْدَة عَن جَابر بن زيد أَنه قدم فِي سفر فِي شهر رَمَضَان فَوجدَ الْمَرْأَة قد اغْتَسَلت فجامعها وَرُوِيَ عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَالَ من أكل أول النَّهَار فَليَأْكُل آخِره قَالَ سُفْيَان هُوَ كصنيع جَابر بن زيد وَلم يذكر سُفْيَان عَن نَفسه خلافًا لَهما وَقَالَ الشَّافِعِي مثل ذَلِك قَالَ أَبُو جَعْفَر لم يَخْتَلِفُوا أَن من غم عَلَيْهِ هِلَال رَمَضَان فَأكل ثمَّ علم أَنه يمسك عَمَّا يمسك عَنهُ الصَّائِم كَذَاك الْحَائِض وَالْمُسَافر 508 - من يَنْوِي بصيام رَمَضَان تَطَوّعا قَالَ أَصْحَابنَا من صَامَ شهر رَمَضَان وَهُوَ مُقيم يَنْوِي تَطَوّعا أَو فرضا غَيره فَإِنَّهُ يُجزئهُ فِي رَمَضَان وَلَا يُجزئهُ عَمَّا نوى وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِن صَامَ رَمَضَان فِي السّفر عَن وَاجِب غَيره كَانَ عَمَّا نوى وَإِن صَامَهُ تَطَوّعا كَانَ عَن رَمَضَان وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد عَن رَمَضَان فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث من صَامَ فِي أول يَوْم من رَمَضَان وهولايعلم أَنه من رَمَضَان لم يجزه وَقَالَ الثَّوْريّ فِي امْرَأَة صَامت تَطَوّعا فَإِذا هُوَ من رَمَضَان أجزأها قَالَ وَمن صَامَ فِي أَرض الْعَدو تَطَوّعا وَهُوَ لَا يعلم أَنه من رَمَضَان أَجْزَأَ عَنهُ وَقَول الْأَوْزَاعِيّ مثل ذَلِك الحديث: 508 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 25 وَقَالَ الشَّافِعِي لَيْسَ لأحد أَن يَصُوم فِي رَمَضَان دينا وَلَا قَضَاء لغيره فَإِن فعل لم يجزه فِي رَمَضَان وَلَا لغيره 509 - فِي أكل النَّاسِي قَالَ أَصْحَابنَا وَالْحسن بن حَيّ من جَامع أَو أكل أَو شرب نَاسِيا فِي رَمَضَان فَلَا قَضَاء عَلَيْهِ وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث عَلَيْهِ الْقَضَاء وَقَالَ الثَّوْريّ فِيمَا رَوَاهُ عَنهُ الْمعَافي إِذا جَامع نَاسِيا فليصم يَوْمًا مَكَانَهُ وَإِذا أكل أَو شرب نَاسِيا لم يفْطر فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء 510 - فِيمَن جَامع فِي رَمَضَان عَامِدًا قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ إِذا جَامع فِي نَهَار رَمَضَان عَامِدًا فَعَلَيهِ الْقَضَاء وَالْكَفَّارَة مثل كَفَّارَة الظِّهَار وَقَالَ ابْن أبي ليلى الشهران فِي كَفَّارَة الْإِفْطَار ليسَا بمتتابعين وَذكر ابْن وهب عَن مَالك أَنه قَالَ الْإِطْعَام فِي ذَلِك أحب إِلَيّ من الْعتْق وَغَيره وَقَالَ ابْن لقاسم مَالك لَا يعرف إِلَّا الْإِطْعَام وَلَا يَأْخُذ بِالْعِتْقِ وَلَا بالصيام وَالطَّعَام عِنْده مد مد لكل مِسْكين وَقَالَ أَبُو جَعْفَر عَن سُفْيَان عَن هِشَام عَن الْحسن إِذا وَاقع الرجل أَهله الحديث: 509 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 26 فِي رَمَضَان أَو وَاقع أَهله وَهِي حَائِض أَو وَاقع وَهُوَ معتكف فَعَلَيهِ رَقَبَة فَإِن لم يجد أهْدى هَديا فَإِن لم يجد أطْعم عشْرين صَاعا وروى عَن ابراهيم النَّخعِيّ وَسَعِيد بن جُبَير أَنه يقْضِي يَوْمًا مَكَانَهُ وَلم يذكر كَفَّارَة قَالَ أَبُو جَعْفَر رُوِيَ عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ للَّذي قَالَ أصبت أَهلِي تصدق فَلَمَّا قَالَ لَا أقدر على شَيْء قَالَ اجْلِسْ فَأقبل رجل يَسُوق حمارا عَلَيْهِ طَعَام فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تصدق بِهَذَا وَفِي حَدِيث آخر أُتِي بمكتل يدعى الْعرق فَأمره أَن يتَصَدَّق بِهِ وروى أَبُو هُرَيْرَة مثل كَفَّارَة الظِّهَار على التَّرْتِيب وَهُوَ أولى من حَدِيث عَائِشَة لِأَنَّهُ أمره أَولا بِالْعِتْقِ ثمَّ بالصيام ثمَّ بِالطَّعَامِ فَاحْتمل أَن تكون عَائِشَة سَمِعت الْأَمر بِالصَّدَقَةِ دون مَا قبلهَا فَإِن قيل قد روى هَذَا الحَدِيث مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى لله عَلَيْهِ وَسلم أمره أَن يكفر بِعِتْق رَقَبَة أَو صِيَام شَهْرَيْن أَو إطْعَام سِتِّينَ مِسْكينا وَرَوَاهُ ابْن جريج عَن الزُّهْرِيّ كَذَلِك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 27 قيل لَهُ رُوِيَ التَّرْتِيب عَن الزُّهْرِيّ مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر وسُفْيَان بن عُيَيْنَة وَشُعَيْب بن أبي حَمْزَة وَعبد الرَّحْمَن بن خَالِد بن مُسَافر كلهم عَن الزُّهْرِيّ عَن حميد عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ للرجل اعْتِقْ رَقَبَة فَلَمَّا قَالَ لَا أجد قَالَ صم شَهْرَيْن فَلَمَّا قَالَ لَا أَسْتَطِيع قَالَ أطْعم سِتِّينَ مِسْكينا وَلم يُتَابع مَالِكًا وَابْن جريج على التَّخْيِير أحد من أَصْحَاب الزُّهْرِيّ وعَلى أَن حَدِيث هَؤُلَاءِ أولى لما فِيهِ من خطاب الرجل وَإِيجَاب شَيْء بعد شَيْء على التَّرْتِيب الْمَذْكُور وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا لم يقدر الرجل على الْكَفَّارَة فليستغفر الله وَلَا يعود لِأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كَفَّارَة الْمُفطر عَلَيْهِ 511 - هَل على الزَّوْجَة الْمَوْطُوءَة فِي نَهَار رَمَضَان كَفَّارَة وَقَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك فِي الْجِمَاع على كل وَاحِد من الرجل وَالْمَرْأَة كَفَّارَة الحديث: 511 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 28 وَقَالَ الشَّافِعِي عَلَيْهِمَا كَفَّارَة وَاحِدَة وَأما الصّيام فِي الشَّهْرَيْنِ فَلَمَّا فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لرجل صم شَهْرَيْن مُتَتَابعين 512 - فِي الْأكل عَامِدًا قَالَ أَصْحَابنَا على الْآكِل والشارب من الْكَفَّارَة مثل مَا على المجامع وَكَذَلِكَ قَالَ مَالك وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَقَالَ الشَّافِعِي لَا كَفَّارَة إِلَّا فِي الْجِمَاع قَالَ أَبُو جَعْفَر للمزني لم أسقط الشَّافِعِي الْكَفَّارَة عَن الْآكِل والشارب فَقَالَ كَمَا أسقط غَيره الْكَفَّارَة عَن المستقيء عمدا فَقلت لَهُ أَلَيْسَ قد وجدنَا المقيأ مكْرها فِي صَوْم رَمَضَان لَا شَيْء عَلَيْهِ والموجر للطعام وَالشرَاب مكْرها يفْسد عَلَيْهِ بذلك صَوْمه والمكرهة على الْجِمَاع يفْسد صَومهَا قَالَ نعم فَقلت لَهُ قد جعلت الطَّعَام وَالشرَاب فِي الْإِكْرَاه نَظِير الْجِمَاع لَا للقيء فَلم لم تجعلها فِي الطواعية كَذَلِك فَمَا وجدت عَنهُ فِي ذَلِك شَيْئا الحديث: 512 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 29 513 - فِيمَن أفطر فِي يَوْمَيْنِ قَالَ أَصْحَابنَا إِذا جَامع امْرَأَته أَيَّامًا فِي رَمَضَان فَعَلَيهِ كَفَّارَة وَاحِدَة مَا لم يكفر وَكَذَلِكَ الْأكل وَالشرب وَإِن كفر ثمَّ عَاد فَعَلَيهِ كَفَّارَة أُخْرَى وَإِن أفطر فِي رمضانين فَعَلَيهِ كفارتان وروى زفر عَن أبي حنيفَة أَنه إِذا أفطر مرّة وَكفر ثمَّ عَاد فَلَا كَفَّارَة عَلَيْهِ للإفطار الثَّانِي وَإِن كفر ثمَّ عَاد فكفارة أُخْرَى وروى عَنهُ أَنه لكل يَوْم كَفَّارَة وَإِن لم يكفر وَقَالَ مَالك وَالْحسن بن حَيّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ عَلَيْهِ لكل يَوْم كَفَّارَة 514 - فِي الْمَرْأَة إِذا أفطرت ثمَّ حَاضَت قَالَ أَصْحَابنَا فِيمَن أفطر مُتَعَمدا ثمَّ مرض فِي ذَلِك الْيَوْم أَو كَانَت امْرَأَة فَحَاضَت فَلَا كَفَّارَة عَلَيْهَا وروى الْحسن بن زِيَاد عَن زفر أَن عَلَيْهِ الْكَفَّارَة فِي الْمَرَض وَلَيْسَ على الْمَرْأَة الْكَفَّارَة فِي الْحيض لِأَن الْمَرَض لم يكن يفطره وَالْحيض يفطرها وَإِن سَافر بعد الْإِفْطَار فَعَلَيهِ الْكَفَّارَة فِي قَوْلهم جَمِيعًا وَقَالَ ابْن أبي ليلى فِي الْحيض عَلَيْهَا الْقَضَاء وَالْكَفَّارَة وَهُوَ قَول مَالك وَالْحسن بن حَيّ وَقَالَ الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ لَا كَفَّارَة عَلَيْهَا فِي الْحيض وَقَالَ الثَّوْريّ وَلَا فِي الْمَرَض الحديث: 513 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 30 وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا مرض الرجل أَو حَاضَت الْمَرْأَة بعد الْجِمَاع فعلى الرجل عتق رَقَبَة وَقَالَ الثَّوْريّ إِن أفطر ثمَّ سَافر فَإِن كَانَ أفطر وَهُوَ يُرِيد أَن يخرج من يَوْمه فَرَأى أَن ذَلِك يَسعهُ فَأفْطر جَاهِلا فَلَيْسَ عَلَيْهِ كَفَّارَة وَإِن أفطر ثمَّ بدا لَهُ أَن يخرج لسفر أَو خرج فَعَلَيهِ الْكَفَّارَة 515 - فِيمَن لَا يَنْوِي صوما ثمَّ جَامع قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد إِذا أصبح فِي شهر رَمَضَان لَا يَنْوِي صوما ثمَّ جَامع أَو أكل فَلَا كَفَّارَة عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو يُوسُف إِن فصل ذَلِك قبل نصف النَّهَار فَعَلَيهِ الْقَضَاء وَالْكَفَّارَة وَإِن فعل بعد الزَّوَال فَلَا كَفَّارَة عَلَيْهِ قَالَ بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة إِن أصبح يَنْوِي الْإِفْطَار ثمَّ عزم على الصَّوْم ثمَّ أكل مُتَعَمدا فَعَلَيهِ الْقَضَاء وَلَا كَفَّارَة عَلَيْهِ وَفِي قَول أبي يُوسُف عَلَيْهِ الْكَفَّارَة وَقَالَ مَالك إِذا لم ينْو الصَّوْم وَنوى الْإِفْطَار وَلم يَأْكُل وَلم يشرب حَتَّى غَابَتْ الشَّمْس فَعَلَيهِ الْقَضَاء وَالْكَفَّارَة وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا أكل مُتَعَمدا ثمَّ جَامع بعد ذَلِك مُتَعَمدا فَلَا كَفَّارَة عَلَيْهِ 516 - فِي الْمَرْأَة إِذا جومعت مُكْرَهَة قَالَ أَصْحَابنَا فِي النائمة والمجنونة إِذا جَامعهَا زَوجهَا فعلَيْهَا الْقَضَاء الحديث: 515 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 31 للإفطار وَلَا كَفَّارَة عَلَيْهَا وَقَالَ زفر لَا قَضَاء على النائمة يُجَامِعهَا زَوجهَا عَلَيْهَا الْقَضَاء وروى عَن عمر بن خَالِد عَن أَصْحَابه الحروريين عَن زفر عَن أبي حنيفَة مثل ذَلِك وَقَالَ زفر إِذا جَامعهَا زَوجهَا مُكْرَهَة فَعَلَيهِ الْكَفَّارَة عَنْهَا وَعَلَيْهَا الْقَضَاء وَكَذَلِكَ الْحَج عَلَيْهِ أَن يحجها لِأَن هَذَا كرها وَلَا كَفَّارَة عَلَيْهَا وَإِذا أكره الصَّائِم فصبت فِي حلقه مَاء فِي رَمَضَان فَعَلَيهِ الْقَضَاء فَإِن كَانَ فِي صَوْم متتابع فَإِنَّهُ يقْضِي يَوْمًا مَكَانَهُ ويصله بصومه وَقَالَ الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ فِي المستكرهة فِي الْجِمَاع يفطرها عَلَيْهَا الْقَضَاء وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْمُزنِيّ إِن وطىء امْرَأَته فأولج عَامِدًا مستكرها لَهَا فعلَيْهِمَا الْقَضَاء وَالْكَفَّارَة عَلَيْهِ وَاحِدَة عَنهُ وعنها وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن الْمُكْره لَا يفْطر مَا أكره عَلَيْهِ من جماع أَو أكل أَو غَيره بِمَنْزِلَتِهِ 517 - النَّاسِي فِي الْجنب هَل يَصُوم قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ من أصبح جنبا من جماع وَغَيره جَازَ لَهُ أَن يَصُوم وَلَا شَيْء عَلَيْهِ الحديث: 517 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 32 وَكَانَ الْحسن بن حَيّ يسْتَحبّ لمن أصبح جنبا فِي رَمَضَان أَن يقْضِي ذَلِك الْيَوْم وَكَانَ يرى على الْحَائِض إِذا أدْركهَا الصُّبْح وَلم تَغْتَسِل قَضَت ذَلِك الْيَوْم وَإِن كَانَت قد طهرت قبل ذَلِك وَكَانَ يَقُول يَصُوم الرجل تَطَوّعا فَإِن أصبح جنبا فَلَا قَضَاء عَلَيْهِ وروت عَائِشَة وَأم سَلمَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يصبح جنبا من غير احْتِلَام ثمَّ يَصُوم يَوْمه ذَلِك وروى ابْن وهب عَن مَالك عَن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن معمر الْأنْصَارِيّ عَن أبي يُونُس مولى عَائِشَة عَن عَائِشَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن رجلا قَالَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ وَاقِف لَهُ بِالْبَابِ وَأَنا أسمع يارسول الله إِنِّي أصبح جنبا وَأَنا أُرِيد الصَّوْم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا أصبح جنبا وَأَنا أُرِيد الصَّوْم فأغتسل فأصوم فَقَالَ الرجل يارسول الله إِنَّك لست مثلنَا قد غفر الله لَك مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر فَغَضب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ وَالله إِنِّي لأرجو أَن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 33 أكون أخشاكم لله وَأعْلمكُمْ بِمَا أتقي 518 - فِي الْحَائِض يَنْقَطِع دَمهَا قبل الْفجْر هَل تَصُوم قَالَ أَصْحَابنَا إِذا كَانَ أَيَّامهَا عشرا فَانْقَطع الدَّم قبل الْفجْر فِي وَقت لَا يقدر فِيهِ على الْغسْل حَتَّى يطلع الْفجْر فَإِنَّهَا تَصُوم وَلَا تقضي وتغتسل وَتصلي الْعشَاء وَزوجهَا يملك الرّجْعَة حَتَّى تطلع الشَّمْس وَقَالَ مَالك إِن رَأَتْ الطُّهْر قبل الْفجْر أجزأها صَومهَا وَإِن رَأَتْهُ بعد الْفجْر لم يجزها ولتأكل ذَلِك الْيَوْم وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا رَأَتْ الطُّهْر قبل الْفجْر فَلم تفرغ من الْغسْل وَقد أخذت فِيهِ حِين رَأَتْهُ حَتَّى طلع الْفجْر فَإِنَّهَا تَصُوم وتقضي وَإِن رَأَتْ أَن الطُّهْر قبل الْفجْر فضيعت حَتَّى طلع الْفجْر فَإِنَّهَا تصلي الْمغرب وَالْعشَاء الْآخِرَة وتصوم وتقضي وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن إِنَّه إِن رَأَتْ الطُّهْر بلَيْل أوقامت فَلم تقض غسلهَا حَتَّى أَصبَحت إِنَّهَا تتمّ ذَلِك الْيَوْم وتقضيه وَقَالَ الشَّافِعِي إِن رَأَتْ الطُّهْر من اللَّيْل فَلم تَغْتَسِل حَتَّى أَصبَحت اغْتَسَلت وصامت وأجزأها ذَلِك الْيَوْم 519 - فِي عدد قَضَاء رَمَضَان قَالَ أَصْحَابنَا إذاصام أهل بلد تِسْعَة وَعشْرين يَوْمًا للرؤية وَفِي الْبَلَد الحديث: 518 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 34 رجل مَرِيض لم يصم فَإِنَّهُ يقْضِي تِسْعَة وَعشْرين يَوْمًا وَإِن صَامَ أهل بلد ثَلَاثِينَ يَوْمًا للرؤية فَعلم بذلك من صَامَ تِسْعَة وَعشْرين يَوْمًا فَعَلَيْهِم أَن يقضوايوما وعَلى الْمَرِيض الْمُفطر قَضَاء ثَلَاثِينَ يَوْمًا رَوَاهُ بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف من غير خلاف وَقَالَ أَبُو جَعْفَر وَهُوَ أَيْضا مَذْهَب مُحَمَّد وَحكى بعض أَصْحَاب مَالك عَنهُ أَنه يقْضِي رَمَضَان بِالْأَهِلَّةِ وَذكر عَنهُ أَشهب أَنه سُئِلَ عَمَّن مرض سِنِين ثمَّ مَاتَ مَرِيضا أَنه يطعم عَنهُ سِتِّينَ مِسْكينا مدا وَقَالَ الثَّوْريّ فِيمَن مرض رَمَضَان فَكَانَ تِسْعَة وَعشْرين يَوْمًا أَنه يَصُوم الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِن مرض رجل شهر رَمَضَان من أَوله إِلَى آخِره ثمَّ ابْتَدَأَ شهرا يَقْضِيه فَكَانَ هَذَا الشَّهْر الَّذِي يقْضِي فِيهِ تِسْعَة وَعشْرين يَوْمًا أَجزَأَهُ من شهر رَمَضَان الَّذِي أفطر وَإِن كَانَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا لِأَنَّهُ جَزَاء شهر بِشَهْر وَإِن كَانَ شهر رَمَضَان تِسْعَة وَعشْرين يَوْمًا وَكَانَ الشهرالذي ابْتَدَأَ يَقْضِيه ثَلَاثِينَ يَوْمًا صَامَ كُله جَزَاء شهر بِشَهْر وَإِن كَانَ ابْتِدَاء الْقَضَاء على غير اسْتِقْبَال شهرا تمّ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَإِن كَانَ رَمَضَان تِسْعَة وَعشْرين يَوْمًا لِأَن الشَّهْر لَا يكون تِسْعَة وَعشْرين يَوْمًا إِلَّا شهر من أَوله إِلَى آخِره قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ الله تَعَالَى {فَمن شهد مِنْكُم الشَّهْر فليصمه وَمن كَانَ مَرِيضا أَو على سفر فَعدَّة من أَيَّام أخر} الْبَقَرَة 185 وَإِنَّمَا أوجب عَلَيْهِ عدَّة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 35 الشَّهْر لَا غير وَأَيْضًا لَو أفطر بعض رَمَضَان كَانَ عَلَيْهِ قَضَاء مَا أفطر بعد ذَلِك كَذَلِك جَمِيعه 520 - فِي الحقنة قَالَ أَصْحَابنَا فِي الحقنة والسعوط الْقَضَاء وَكَذَلِكَ ماأقطر فِي أُذُنَيْهِ أَو فِي إحليله فَلَا قَضَاء عَلَيْهِ فِي قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف عَلَيْهِ الْقَضَاء وَذكر ابْن الْمُبَارك عَن ابي حنيفَة فِي الإقطار فِي الإحليل الْقَضَاء وَقَالَ مَالك فِي الحقنة الْقَضَاء وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي السعوط الْقَضَاء إِذا وجد طعمه فِي حلقه وَإِن كَانَ صِيَامه فِي كَفَّارَة قضى ذَلِك الْيَوْم وَلم يسْتَأْنف وَإِن صبَّتْ فِي أُذُنه دهنا أَو غَيره لم يفْطر وَقَالَ الْحسن بن حَيّ لَا بَأْس بالحقنة للصَّائِم للتداوي فَإِن كَانَ تسمنا لَا وَقَالَ اللَّيْث لَا بَأْس أَن يصب للصَّائِم فِي أُذُنه وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الحقنة الْقَضَاء إِذا وصل إِلَى جَوْفه وَإِن سقط فوصل إِلَى الدِّمَاغ فَعَلَيهِ الْقَضَاء لِأَن الدِّمَاغ جَوف الحديث: 520 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 36 521 - فِي الْجَائِفَة والآمة قَالَ أَبُو حنيفَة وَزفر إِذا داواها الصَّائِم بدواء فوصل إِلَى جَوْفه أَو دماغه فَعَلَيهِ الْقَضَاء وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا قَضَاء عَلَيْهِ وَقَالَ الْحسن بن حَيّ لَا بَأْس بِأَن يصب الصَّائِم فِي أُذُنه الدّهن لِأَنَّهُ لَا يصل إِلَى الْجوف إِنَّمَا يصل إِلَى الدِّمَاغ فَهَذَا يدل على أَنه لَا يُوجب الْقَضَاء فِي الآمة 522 - فِي الصَّائِم يبلع شَيْئا بَين أَسْنَانه قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالشَّافِعِيّ فِي الصَّائِم يكون بَين أَسْنَانه شَيْء من لحم أوسويق أَو خبز فجَاء على لِسَانه مِنْهُ شَيْء فابتلعه وَهُوَ ذَاكر فَلَا قَضَاء عَلَيْهِ وَلَا كَفَّارَة الحديث: 521 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 37 قَالَ أَبُو يُوسُف عَلَيْهِ الْقَضَاء وَلَا كَفَّارَة وَقَالَ الثَّوْريّ يسْتَحبّ أَن يقْضِي وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا دخل الذُّبَاب جَوف الصَّائِم فَعَلَيهِ الْقَضَاء وَقَالَ مَالك لَا شَيْء عَلَيْهِ فِي الذُّبَاب يدْخل حلقه 523 - فِي الْأَسير يشْتَبه عَلَيْهِ الشُّهُور قَالَ أصحابناإذا تحرى شهرا فصامه فَإِن صَادف رَمَضَان أَو بعده أَجزَأَهُ وَإِن صَامَ قبل رَمَضَان لم يجزه وَهُوَ قَول مَالك وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ الْحسن بن حَيّ لَا يُجزئهُ بِحَال سَوَاء صَامَهُ بِعَيْنِه أَو قبله أَو بعده لِأَنَّهُ قد صَامَهُ على شكّ قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ أَنه لَو تحرى الْقبْلَة فصلى إِلَيْهَا ثمَّ علم أَنه صادفها يُجزئهُ وَإِن لم يصبهَا جَازَ عِنْد أبي حنيفَة أَيْضا وَفرقُوا بَينه وَبَين من الحديث: 523 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 38 صَامَ قبل رَمَضَان على وَجه التَّحَرِّي لِأَن ترك الْقبْلَة جَائِز فِي حَال الْعذر مَعَ الْعلم بهَا وَالصَّوْم قبل الْوَقْت لَا يجزىء بِحَال وَالصَّوْم يشبه الصَّلَاة قبل الْوَقْت بِالتَّحَرِّي 524 - هَل يكره للصَّائِم الانغماس فِي المَاء قَالَ أَصْحَابنَا لَا يفطره وَلم يذكرُوا كَرَاهَة لَهُ وَكَانَ مَالك يكرههُ وَقَالَ اللَّيْث وَالشَّافِعِيّ لَا بَأْس بِهِ وَالْحسن بن حَيّ يكره الانغماس فِيهِ إِذا صب على رَأسه وبدنه وَلَا يكره أَن يستنفع فِيهِ 525 - فِي يَوْم الشَّك قَالَ أَصْحَابنَا لَا يصام يَوْم الشَّك إِلَّا تَطَوّعا وَإِذا أصبح تلوم مَا بَينه وَبَين نصف النَّهَار وأكره أَن يعزم على الصَّوْم فَيَقُول إِن صَامَ النَّاس صمت وَإِن لم يصم النَّاس لم أَصمّ وَقَالَ الثَّوْريّ لَا يتلوم يَوْم الشَّك وَكره الْحسن بن حَيّ يَوْم الشَّك فَإِن أصبح وَقَالَ إِن صَامَ النَّاس صمت وَإِن أفطروا أفطرت فأدركه الْفجْر على هَذِه النِّيَّة فَعَلَيهِ الْقَضَاء وَإِن ثَبت أَن الْيَوْم من رَمَضَان الحديث: 524 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 39 وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يجب صَوْم رَمَضَان حَتَّى يستقين 526 - فِي الصَّائِم يبتلع رِيقه قَالَ أَصْحَابنَا يكره مضغ العلك للصَّائِم ومضغ الطَّعَام إِلَّا أَن لَا يجد بدا للصَّبِيّ وَكَذَلِكَ مَالك وَالثَّوْري من غير اسْتثِْنَاء وَقَالَ الشَّافِعِي أكره العلك لِأَنَّهُ يجلب الرِّيق وَإِن مضغه لم يفطره 527 - فِي الصَّائِم يبتلع حَصَاة قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالشَّافِعِيّ يفطره وَقَالَ الْحسن بن حَيّ لَا يفطره لِأَنَّهُ لَيْسَ بِطَعَام وَقَالَ الله تَعَالَى {وكلوا وَاشْرَبُوا} ثمَّ قَالَ {أَتموا الصّيام إِلَى اللَّيْل} الْبَقَرَة 187 فَإِنَّمَا وَجب الْإِمْسَاك عَن الطَّعَام وَالشرَاب وَلَا خلاف أَن الاستقاء عمدا يفطره فابتلاع الْحَصَى أولى بذلك 528 - فِي الْأَيَّام الَّتِي يكره صَومهَا قَالَ أَصْحَابنَا لَا يصام يَوْم الْفطر والنحر وَأَيَّام التَّشْرِيق وَهُوَ قَول مَالك فِي رِوَايَة ابْن وهب وَذكر ابْن الْقَاسِم عَنهُ أَنه لَا يَنْبَغِي لأحد أَن يَصُوم أَيَّام الذّبْح وَلَا يقْضِي فِيهَا صياما وَاجِبا من نذر وَلَا رَمَضَان وَلَا يصومها إِلَّا الْمُتَمَتّع الَّذِي لم يصم إِن لم يجد الْهدى ولايصوم يَوْم النَّحْر أحد وَأما آخر أَيَّام التَّشْرِيق فيصام أَن الحديث: 526 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 40 نَذره رجل أَو نذر صِيَام ذِي الْحجَّة فَأَما قَضَاء رَمَضَان أَو غَيره فَلَا يفعل إِلَّا أَن يكون قد صَامَ قبل ذَلِك فَمَرض ثمَّ صَحَّ وَقَوي على الصّيام فِي هَذَا الْيَوْم فيبني على صِيَامه الَّذِي كَانَ صَامَهُ فِي الظِّهَار وَقتل النَّفس إِلَّا فِي قَضَاء على رَمَضَان خَاصَّة فَإِنَّهُ لَا يَصُومهُ عَنهُ وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْمُزنِيّ وَلَا يصام يَوْم الْفطر وَلَا يَوْم النَّحْر وَلَا أَيَّام منى فرضا وَلَا تَطَوّعا وَلَو صامها متمتع لَا يجد هَديا لم يجز عَنهُ قَالَ الْمُزنِيّ قد قَالَ غير مرّة يجزىء ثمَّ رَجَعَ عَنهُ 529 - فِيمَن نذر صَوْم سنة بِعَينهَا قَالَ أَصْحَابنَا فِيمَن نذر صَوْم هَذِه السّنة أَنه يفْطر يَوْم الْفطر وَيَوْم النَّحْر وَأَيَّام التَّشْرِيق ثمَّ يَقْضِيهَا وَهُوَ قَول الْحسن بن حَيّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَقَالَ زفر إِذا قَالَ لله عَليّ صِيَام سنة أَن عَلَيْهِ صِيَام سنة إِلَّا أَيَّام التَّشْرِيق وَالْفطر والأضحى فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ أَن يصومها يَعْنِي لَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا فِي غَيرهَا وَقَالَ وهب بن مُنَبّه عَن مَالك فِيمَن نذر أَن يَصُوم ذَا الْحجَّة فَإِنَّهُ يفْطر يَوْم النَّحْر ويومين بعده ثمَّ يقْضِي وَأما آخر أَيَّام التَّشْرِيق فَإِنَّهُ يَصُومهُ وروى ابْن الْقَاسِم عَنهُ فِيمَن نذر صِيَام سنة بِعَينهَا أَنه يفْطر يَوْم النَّحْر وَيَوْم الْفطر وَلَا قَضَاء عَلَيْهِ إِلَّا أَن يكون نوى أَن يَصُومهُ ثمَّ سُئِلَ بعد ذَلِك عَمَّن أوجب صِيَام ذِي الْحجَّة أَنه يقْضِي أَيَّام الذّبْح إِلَّا أَن يكون نوى أَن لَا قَضَاء لَهَا قَالَ ابْن الْقَاسِم قَوْله الأول أحب إِلَيّ أَن لَا قَضَاء عَلَيْهِ إِلَّا أَن يَنْوِي أَن يَقْضِيه فَأَما آخر أَيَّام التَّشْرِيق الَّتِي لَيْسَ فِيهَا ذبح فَإِنَّهُ يصومها وَلَا يَدعهَا الحديث: 529 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 41 وَقَالَ اللَّيْث فِيمَن جعل على نَفسه صِيَام سنة أَنه يَصُوم وَيَقْضِي رَمَضَان لمَكَان رَمَضَان ويومين لمَكَان الْفطر وَيَوْم النَّحْر ويصوم أَيَّام التَّشْرِيق وَقَالَ فِي الْمَرْأَة مثل الرجل وتقضي أَيَّام الْحيض وَقَالَ فِي الرجل يَجْعَل عَلَيْهِ صَوْم الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيس فَوَافَقَ ذَلِك يَوْم فطر أَو أضحى فَإِنَّهُ يفْطر وَلَا قَضَاء عَلَيْهِ قَالَ أَبُو جَعْفَر وَهَذَا خلاف الأول وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يصام يَوْم الْفطر والنحر وَلَا أَيَّام منى فرضا وَلَا تَطَوّعا 530 - فِيمَن أوجب صِيَام شهر بِعَيْنِه فَلم يصم قَالَ أَصْحَابنَا يَقْضِيه وَعَلِيهِ كَفَّارَة يَمِين إِن أَرَادَ يَمِينا وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمَالك لَيْسَ عَلَيْهِ كَفَّارَة يَمِين مَعَ الْقَضَاء وَقَول الْأَوْزَاعِيّ مثل أبي يُوسُف وَقَالَ الْحسن بن حَيّ عَلَيْهِ مَعَ الْقَضَاء يَمِين وَلم يذكر إِرَادَة الْيَمين وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن وَالثَّوْري كَذَلِك وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْبُوَيْطِيّ من نذر صَلَاة فِي يَوْم بِعَيْنِه أَو صياما فَعَلَيهِ أَن يَأْتِي بذلك فِي ذَلِك الْيَوْم فَإِن أَخّرهُ قضى فِي غَيره قَالَ أَبُو جَعْفَر حَدِيث لَا نذر فِي مَعْصِيّة لَا يَصح حَدثنَا يُونُس قَالَ حَدثنَا ابْن وهب قَالَ أَخْبرنِي يُونُس بن يزِيد عَن ابْن شهَاب عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الحديث: 530 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 42 لَا نذر فِي مَعْصِيّة وكفارته كَفَّارَة يَمِين وَحدثنَا ابْن أبي دَاوُد وَقَالَ حَدثنَا أَيُّوب بن سُلَيْمَان بن بِلَال قَالَ حَدثنِي أَبُو بكر بن أبي أويس عَن سُلَيْمَان بن بِلَال عَن مُحَمَّد بن أبي عَتيق ومُوسَى بن عقبَة عَن ابْن شهَاب عَن سُلَيْمَان بن أَرقم عَن يحيى بن أبي كثير الَّذِي يسكن الْيَمَامَة حَدثهُ أَنه سمع أَبَا سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن يخبر عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت أَن رَسُول الله صلى الله عيه وَسلم قَالَ لَا نذر فِي مَعْصِيّة وكفارته كَفَّارَة يَمِين وَسليمَان بن أَرقم ضَعِيف الرِّوَايَة سَاقِط عِنْد أهل الحَدِيث وَحدثنَا يُونُس قَالَ أَخْبرنِي جرير بن حَازِم عَن مُحَمَّد بن زبير الْحَنْظَلِي عَن أَبِيه عَن عمرَان بن حُصَيْن أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا نذر فِي غضب وكفارته كَفَّارَة يَمِين وَهَذَا الحَدِيث أَيْضا فَاسد الاسناد لِأَن مُحَمَّد بن الزبير لم يسمعهُ من عمرَان بن حُصَيْن وَإِنَّمَا رَوَاهُ رجل مَجْهُول عَنهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 43 كَمَا حَدثنَا عَليّ بن سعيد قَالَ حدثناعبد الْوَهَّاب بن عَطاء قَالَ أخبرنَا مُحَمَّد بن الزبير الْحَنْظَلِي عَن أَبِيه عَن رجل عَن عمرَان عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بذلك وَحدثنَا يُونُس قَالَ حَدثنَا ابْن وهب قَالَ أَخْبرنِي عَمْرو بن الْحَارِث عَن كَعْب بن عَلْقَمَة عَن عبد الرَّحْمَن بن شماسَة الْمهرِي عَن أبي الْخَيْر عَن عقبَة بن عَامر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كَفَّارَة النّذر كَفَّارَة يَمِين وَهَذَا حَدِيث مُسْتَقِيم السَّنَد صَحِيح الْمَتْن وَهُوَ يُوجب الْكَفَّارَة عِنْد فَوَات الْمَنْذُور 531 - فِيمَن أوجب صَوْم الْيَوْم الَّذِي يقدم فِيهِ فلَان فَقدم فلَان لَيْلًا قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قَالَ إِن قدم فلَان فَللَّه عَليّ أَن أَصوم ذَلِك الْيَوْم فَقدم فلَان لَيْلًا فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَإِن قدم فِي يَوْم قد أكل فِيهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي ذَلِك الْيَوْم صَوْم ويصوم كل يَوْم مثله فِيمَا يسْتَقْبل وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا قدم فِي يَوْم قد أكل فِيهِ فَإِنَّهُ يمسك عَن الْأكل بَقِيَّة يَوْمه وَإِن قضى يَوْمًا مَكَانَهُ كَانَ أحب إِلَيّ الحديث: 531 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 44 وَقَالَ الشَّافِعِي إِن قدم لَيْلًا فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَلَو قدم نَهَارا وَهُوَ صَائِم فِيهِ تَطَوّعا كَانَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ وَقد يحْتَمل الْقيَاس أَن لَا يكون عَلَيْهِ الْقَضَاء من قبل أَنه لَا يصلح أَن يكون فِيهِ صَائِما عَن نَذره وَقَالَ زفر إِن قدم لَيْلًا فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَإِن قدم نَهَارا بَعْدَمَا أكل أوقبل أَن يَأْكُل فَعَلَيهِ الْقَضَاء 532 - فِيمَن نذر صوما بِعَيْنِه فَأفْطر قَالَ أَصْحَابنَا عَلَيْهِ الْقَضَاء لعذر أفطر أَو لغير عذر أَو لحيض وَقَالَ زفر فِي امْرَأَة قَالَت لله عَليّ أَن أَصوم يَوْم الْإِثْنَيْنِ وَالْخَمِيس فَوَافَقَ حَيْضهَا فِي ذَلِك أَنَّهَا تفطر وَلَيْسَ عَلَيْهَا قَضَاء وَقَالَ أَبُو يُوسُف عَلَيْهَا الْقَضَاء وَقَالَ مَالك إِن أفطرت لحيض أَو مرض فَلَا قَضَاء عَلَيْهَا وَإِن أفطرت لغير عذر وَهِي تقوى على صَوْمه فعلَيْهَا الْقَضَاء وَقَالَ اللَّيْث نَحْو ذَلِك 533 - فِيمَن مَاتَ وَعَلِيهِ صِيَام من نذر أَو قَضَاء رَمَضَان قَالَ أَصْحَابنَا إِذا أمكنه الْقَضَاء فَلم يفعل فَإِنَّهُ يطعم عَنهُ وَالنّذر وَقَضَاء رَمَضَان سَوَاء الحديث: 532 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 45 وَقَالَ مَالك لَا يَصُوم أحد عَن أحد وَهُوَ أَمر مجمع عَلَيْهِ عندنَا لَا اخْتِلَاف فِيهِ وَقَالَ الشَّافِعِي وَعبيد الله بن الْحسن يطعم عَنهُ وَلَا يصام عَنهُ وَهُوَ قَول الثَّوْريّ أَيْضا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي النّذر يَجْعَل وليه مَكَان الصَّوْم صَدَقَة فَإِن لم يجد صَامَ عَنهُ وَقَالَ الْحسن بن حَيّ لَا يَصُوم أحد عَن أحد وَإِن كَانَ اعتكافا اعْتكف عَنهُ وَصَامَ عَنهُ بعد مَوته وَقَالَ اللَّيْث فِي النّذر يَصُوم عَنهُ وليه وَقَالَ أَبُو عبيد الْقَاسِم بن سَلام وَأحمد بن حَنْبَل فِي صَوْم رَمَضَان يطعم عَنهُ مدا من حِنْطَة كل يَوْم وَفِي النّذر يَصُوم عَنهُ وَقَالَ أَبُو ثَوْر يقْضِي عَنهُ الصَّوْم فِي ذَلِك كُله وَقد رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من مَاتَ وَعَلِيهِ صِيَام صَامَ عَنهُ وليه وَعَن ابْن عَبَّاس فِي رِوَايَة سعيد بن جُبَير فِي قَضَاء رَمَضَان يطعم عَنهُ وَفِي النّذر يَصُوم عَنهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 46 وروى مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن ثَوْبَان فيهمَا جَمِيعًا الْإِطْعَام وَرُوِيَ عَن عَائِشَة من قَوْلهَا أَنه لَا يقْضِي عَنهُ قَضَاء رَمَضَان بِالصَّوْمِ وَلَكِن بِالْإِطْعَامِ 534 - فِي الِاعْتِكَاف بِغَيْر صَوْم قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ لَا اعْتِكَاف إِلَّا بِصَوْم وَقَالَ اللَّيْث إِلَّا اعْتِكَاف فِي رَمَضَان والجوار فِي غير رَمَضَان وَمن جاور فَعَلَيهِ مَا على الْمُعْتَكف فِي الصّيام وَغَيره وَقَالَ الشَّافِعِي يجوز الاعكتاف بِغَيْر صَوْم وروى عَمْرو بن دِينَار عَن أبي فَاخِتَة مولى جعدة بن هُبَيْرَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لَا اعْتِكَاف إِلَّا بِصَوْم وروى ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس مثله وروى طَاوس عَن ابْن عَبَّاس لَيْسَ على الْمُعْتَكف صَوْم إِلَّا أَن يَجعله على نَفسه وروى عَطاء عَن ابْن عَبَّاس وَابْن عمر قَالَ لَا جوَار إِلَّا بِصَوْم قَالَ أَبُو جَعْفَر والجوار الِاعْتِكَاف عِنْدهم الحديث: 534 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 47 وروى عَطاء عَن عَائِشَة من اعْتكف فَعَلَيهِ الصَّوْم 535 - فِي مَوضِع الِاعْتِكَاف قَالَ أَصْحَابنَا يجوز الِاعْتِكَاف فِي كل مَسْجِد وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن مَالك وَذكر ابْن عبد الحكم عَن مَالك لَا يعْتَكف أحد إِلَّا فِي مَسْجِد الْجَامِع وَفِي رحاب المسجدالتي تجوز الصَّلَاة فِيهَا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا اعْتِكَاف وَلَا جُمُعَة إِلَّا فِي مَسْجِد جمَاعَة 536 - فِي مَكَان اعْتِكَاف النِّسَاء قَالَ أَصْحَابنَا لَا تعتكف الْمَرْأَة إِلَّا فِي مَسْجِد بَيتهَا وَلَا تعتكف فِي مَسْجِد الْجَمَاعَة وَمَالك لَا يُعجبهُ أَن تعتكف فِي مَسْجِد بَيتهَا وَقَالَ الشَّافِعِي الْمَرْأَة وَالْعَبْد وَالْمُسَافر يعتكفون حَيْثُ شاؤوا لِأَنَّهُ لَا جُمُعَة عَلَيْهِم قَالَ أَبُو جَعْفَر احْتج من أَبَاحَ للْمَرْأَة ذَلِك أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لماأراد الحديث: 535 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 48 الِاعْتِكَاف فِي الْمَسْجِد ضرب لَهُ خباء فَأمرت عَائِشَة وَحَفْصَة كل وَاحِدَة أَن تضرب لَهَا خباء فَلَمَّا رأى ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ آلبر تردن فَلم يعْتَكف قَالَ أَبُو جَعْفَر إِنَّمَا جَازَ لَهُنَّ لِأَنَّهُنَّ كن مَعَ أَزوَاجهنَّ وللمرأة أَن تعتكف فِي الْمَسْجِد مَعَ زَوجهَا كَمَا تُسَافِر مَعَه قَالَ أَبُو بكر أَحْمد بن عَليّ إِنَّمَا ترك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الِاعْتِكَاف فِي ذَلِك إنكارا عَلَيْهِنَّ وَيدل عَلَيْهِ قَوْله آلبر تردن وَقد رُوِيَ عَن عَائِشَة قَالَت لَو رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا أحدث النِّسَاء بعده لمنعهن الْمَسَاجِد كَمَا منعت نسَاء بني إِسْرَائِيل وَقد رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن صَلَاة الْمَرْأَة فِي بَيتهَا خير من صلَاتهَا فِي الْمَسَاجِد فَكَذَلِك الِاعْتِكَاف 537 - فِي أقل مُدَّة الِاعْتِكَاف قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قَالَ لله عَليّ اعْتِكَاف يَوْم اعْتكف مَتى شَاءَ وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وروى ابْن وهب عَن مَالك ماسمعت أحدا اعْتكف دون عشرَة وَمن الحديث: 537 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 49 صنع ذَلِك لم أر عَلَيْهِ شَيْئا وَذكر ابْن الْقَاسِم عَن مَالك أَنه يَقُول الِاعْتِكَاف يَوْم وَلَيْلَة ثمَّ رَجَعَ فَقَالَ لَا اعْتِكَاف أقل من عشرَة أَيَّام وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن لَا أستحب أَن يعْتَكف أقل من عشرَة 538 - فِيمَن أَرَادَ اعْتِكَاف الْعشْرَة مَتى يدْخل الْمَسْجِد قَالَ أَصْحَابنَا إِذا أوجب على نَفسه اعْتِكَاف شهر دخل الْمَسْجِد قبل أَن تغيب الشَّمْس وَهُوَ قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ زفر وَاللَّيْث يدْخل قبل طُلُوع الْفجْر وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا قَالَ لله عَليّ اعْتِكَاف يَوْمَيْنِ دخل قبل طُلُوع الْفجْر 539 - فِيمَن أوجب اعْتِكَاف يَوْم قَالَ أَصْحَابنَا إِذا أوجب اعْتِكَاف يَوْم لم يكن عَلَيْهِ اعْتِكَاف لَيْلَة مَعَه وَإِن قَالَ يَوْمَيْنِ فَعَلَيهِ يَوْمَانِ وَلَيْلَتَانِ يدْخل الْمَسْجِد قبل غرُوب الشَّمْس وَقَالَ زفر إِن قَالَ اعْتِكَاف لَيْلَتَيْنِ دخل قبل غرُوب الشَّمْس فَيكون لَيْلَتَيْنِ وَيَوْما بَينهمَا 540 - فِي الْمُعْتَكف يتشاغل بالأمور الْمُبَاحَة قَالَ أَصْحَابنَا لَهُ أَن يتحدث وَيبِيع وَيَشْتَرِي فِي الْمَسْجِد ويتشاغل بِمَا الحديث: 538 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 50 لَا إِثْم فِيهِ وَلَيْسَ فِيهِ صمت وَهُوَ قَول الشَّافِعِي قَالَ ويتزوج وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك لَا يعرض الْمُعْتَكف لتِجَارَة وَلَا غَيرهَا يشْتَغل باعتكافه وَلَا بَأْس بِأَن يَأْمر بصنعته ومصلحة أَهله وَيبِيع مَاله أَو شَيْء لَا يشْغلهُ عَن عَيْش نَفسه فَلَا بَأْس بِهِ إِذا كَانَ خَفِيفا وَقَالَ مَالك لَا يكون معتكفا حَتَّى يتَجَنَّب مايتجنبه الْمُعْتَكف ولابأس بِنِكَاح الْمُعْتَكف مَا لم يكن الوقاع وَالْمَرْأَة المعتكفة تنْكح نِكَاح الْخطْبَة وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك لَا يقوم الْمُعْتَكف إِلَى رجل يعزيه بمصيبة وَلَا يشْهد نِكَاحا يعْقد فِي الْمَسْجِد يقوم إِلَيْهِ فِي الْمَسْجِد وَلَكِن لَو غشيه ذَلِك فِي مَجْلِسه لم أر بِهِ بَأْسا وَلَا يقوم إِلَى الناكح فيهنئه وَلَا يتشاغل فِي مجْلِس الْعلم وَلَا يكْتب الْعلم فِي الْمَسْجِد وَكَرِهَهُ وَيَشْتَرِي وَيبِيع إِذا كَانَ خَفِيفا وَقَالَ الثَّوْريّ الْمُعْتَكف يعود الْمَرِيض وَيشْهد الْجُمُعَة وَمَا لَا يحسن بِهِ أَن يصنعه فِي الْمَسْجِد أَتَى أَهله فصنعه وَلَا يدْخل سقفا إِلَّا أَن يكون مَمَره فِيهِ وَلَا يجلس عِنْد أَهله وليوصيهم بحاجته وَهُوَ قَائِم أَو ماش وَلَا يَبِيع وَلَا يبْتَاع وَإِن دخل سقفا بَطل اعْتِكَافه وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا دخل الْمُعْتَكف بَيْتا لَيْسَ طَرِيقه أَو جَامع بَطل اعْتِكَافه ويحضر الْجِنَازَة وَيعود الْمَرِيض وَيَأْتِي الْجُمُعَة وَيخرج للْوُضُوء وَيَأْتِي بَيت الْمَرِيض وَيكرهُ أَن يَبِيع وَيَشْتَرِي وَقَالَ أَصْحَابنَا لَا يخرج لجنازة وَلَا عِيَادَة مَرِيض قَالَ أَبُو جَعْفَر روى ابْن شهَاب عَن عُرْوَة عَن عمْرَة عَن عَائِشَة أَنَّهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 51 قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا اعْتكف يدني رَأسه إِلَيّ فأرجله فَلم يمنعهُ الِاعْتِكَاف الِاشْتِغَال بترجل الرَّأْس لِأَن ذَلِك من إصْلَاح بدنه فَكَذَلِك مَا كَانَ فِي من إصْلَاح مَاله لَا يمْنَع الِاعْتِكَاف مثله وروى ابْن الْيَمَان عَن شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن الزُّهْرِيّ عَن عَليّ بن الْحُسَيْن أَخْبَرتنِي صَفِيَّة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنَّهَا جَاءَت إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تزوره فِي اعْتِكَافه فِي الْمَسْجِد فِي الْعشْر الآواخر من رَمَضَان فتحدثت عِنْده سَاعَة ثمَّ قَامَت تنْقَلب وَقَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعهَا يقلبها حَتَّى إِذا بلغت بَاب الْمَسْجِد الَّذِي عِنْد بَاب أم سَلمَة زوج النَّبِي صلى الله عَليّ وَسلم مر بهما رجلَانِ من الْأَنْصَار فسلما على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ تعدا فَقَالَ لَهما النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على رِسْلكُمَا إِنَّهَا صَفِيَّة بنت حييّ فَقَالَا سُبْحَانَ الله يَا رَسُول الله وَكبر ذَلِك عَلَيْهِمَا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الشَّيْطَان يبلغ من الْإِنْسَان مبلغ الدَّم وَإِنِّي خشيت أَن يقذف فِي قُلُوبكُمَا شَيْئا فتشاغل فِي اعْتِكَافه بمحاورته صَفِيَّة وَمَشى مَعهَا إِلَى بَاب الْمَسْجِد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 52 541 - فِي الْمُؤَذّن الْمُعْتَكف يصعد المئذنة فِي الْأَذَان قَالَ أَصْحَابنَا لَا يفْسد اعْتِكَافه وَإِن كَانَ بَابهَا خَارج الْمَسْجِد وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث يكره الْمُعْتَكف أَن يصعد المنارة أَو ظهر الْمَسْجِد وَقَالَ الْحسن بن حَيّ لَا بَأْس بصعود المنارة إِذا لم تكن مفصولة من الْمَسْجِد وَيُصلي على ظهر الْمَسْجِد قَالَ أَبُو جَعْفَر ظهر الْمَسْجِد من الْمَسْجِد أَلا ترى إِنَّمَا هُوَ مَحْصُور فِي الْمَسْجِد فَكَذَلِك ظَهره والمنارة وَإِن كَانَت خَارِجَة الْمَسْجِد فَهِيَ موطن الْأَذَان الَّذِي من أَسبَاب الصَّلَاة كالمسجد موطن الصَّلَاة فَهِيَ كرحاب الْمَسْجِد 542 - فِي الْمُعْتَكف يقبل أَو يُبَاشر قَالَ أَصْحَابنَا إِن بَاشر أَو قبل فَأنْزل فسد اعْتِكَافه وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْمُزنِيّ إِذا بَاشر فسد اعْتِكَافه وَفِي مَوضِع آخر لَا يفْسد الِاعْتِكَاف فِي الْوَطْء إِلَّا مَا يُوجب الْحَد قَالَ أَبُو جَعْفَر الِاعْتِكَاف يحظر الْقبْلَة كالإحرام فَلَمَّا كَانَت الْقبْلَة لَا يفْسد الْإِحْرَام فَكَذَلِك الِاعْتِكَاف فَإِن قيل فَيُوجب دَمًا وَإِن ينزل قيل لَهُ فَإِذا كَانَ يُوجب فِي الْإِحْرَام دَمًا فقد علمنَا أَن الْإِحْرَام آكِد وَأَغْلظ حُرْمَة إِذْ لَا يُوجب فِي الِاعْتِكَاف شَيْئا فَإِن لم يفْسد الْإِحْرَام فأحرى أَن لَا يفْسد الِاعْتِكَاف الحديث: 541 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 53 قَالَ أَبُو بكر فَيلْزمهُ أَن لَا يفْسد وَإِن أنزل لِأَنَّهُ لَا يفْسد الْإِحْرَام وَإِن أنزل 543 - إِذا أوجب اعْتِكَاف شهر هَل لَهُ أَن يفرق قَالَ أَصْحَابنَا يُتَابع وَلَا يفرق وَإِن فرق لم يجزه وَهُوَ قَول مَالك وَقَالَ زفر يُجزئهُ إِن فرق وَهُوَ قَول الشَّافِعِي 544 - فِيمَن أوصى بِقَضَاء الِاعْتِكَاف قَالَ أَصْحَابنَا يقْضِي عَنهُ بِالْإِطْعَامِ وَهُوَ قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ إِذا كَانَ أوجب صَوْمه وَقَالَ الثَّوْريّ الطَّعَام أحب إِلَيّ من أَن يقْضِي باعتكاف وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يقْضِي عَنهُ وليه بعد مَوته فِي النّذر وَلَا يتَطَوَّع بِالصَّوْمِ وَالصَّلَاة عَن أحد وَقَالَ الْحسن بن حَيّ يعْتَكف عَنهُ وليه الحديث: 543 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 54 545 - فِيمَن نذر اعتكافا وَهُوَ مَرِيض أَو صَحِيح ثمَّ مَاتَ قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا جعل الْمَرِيض على نَفسه اعتكافا ثمَّ مَاتَ قبل أَن يبرأ فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَإِذا جعل الصَّحِيح على نَفسه اعْتِكَاف شهر ثمَّ عَاشَ عشرَة أَيَّام ثمَّ مَاتَ فَإِنَّهُ يقْضِي عَنهُ شهرا يطعم عَنهُ وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ مُحَمَّد يطعم عَنهُ بِقدر مَا بَقِي وَفِي قَضَاء رَمَضَان يلْزمه بِمِقْدَار مَا يبرأ فِي قَوْلهم جَمِيعًا وَكَذَلِكَ قَول مَالك وَالثَّوْري وَاللَّيْث فِي قَضَاء رَمَضَان وروى ابْن وهب عَن مَالك أَنه إِذا نذر شهرا بِعَيْنِه فَمَرض كُله فَلَا قَضَاء عَلَيْهِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِيمَن مرض فِي رَمَضَان فَلم يَصح حَتَّى مَاتَ أَن أطْعم عَنهُ لكل يَوْم مدا فَحسن وَإِن تركُوا ذَلِك فقد كَانَ فِي عذر الله تَعَالَى قَالَ أَبُو جَعْفَر لم نجد هَذَا القَوْل فِي الْإِطْعَام عَن أحد من أهل الْعلم 546 - فِيمَن يَأْذَن لزوجته فِي الِاعْتِكَاف ثمَّ يمْنَعهَا قَالَ أَصْحَابنَا إِذا أذن الرجل لزوجته فِي الِاعْتِكَاف فَلَيْسَ لَهُ منعهَا وَإِن أذن لعَبْدِهِ كرهت مَنعه وَإِن مَنعه فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَقد أَسَاءَ وَقَالَ مَالك لَيْسَ لَهُ منع وَاحِد مِنْهُمَا وَقَالَ الشَّافِعِي لَهُ منعهما جَمِيعًا الحديث: 545 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 55 وَقَالُوا جَمِيعًا لَيْسَ للرجل منع زَوجته وَأمته وَعَبده من الِاعْتِكَاف فِي الِابْتِدَاء وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَيْسَ لَهُ منع زَوجته من الِاعْتِكَاف الَّذِي قد دخلت فِيهِ قبل ذَلِك وَلم نجد هَذَا القَوْل عَن أحد من أهل الْعلم آخر كتاب الصّيام الجزء: 2 ¦ الصفحة: 56 = كتاب الْمَنَاسِك = 547 - هَل تحج الْمَرْأَة بِغَيْر محرم قَالَ أَصْحَابنَا وَالْحسن بن حَيّ لَا تحج الْمَرْأَة إِلَّا مَعَ ذِي رحم محرم وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ تحج بِغَيْر محرم يَعْنِي من النِّسَاء وَقَالَ اللَّيْث يَأْمر بعض نسائها أَن ترْضع رجلا خمس رَضعَات وَتخرج مَعَه لِأَنَّهُ صَار محرما لَهَا نَافِع عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا يحل لامْرَأَة أَن تُسَافِر مسيرَة ثَلَاثَة أَيَّام إِلَّا مَعَ ذِي رحم محرم وَالْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي سعيد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثله وَقَالَ أَو زَوجهَا أَو ابْنهَا الحديث: 547 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 57 وروح بن الْقَاسِم عَن سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثله فَكَانَ الْمحرم من السَّبِيل فَإِن قيل إِنَّمَا أَرَادَ الْمحرم فِي غير الْحَج قيل لَهُ روى يُونُس بن عبد الأعلى حَدثنَا سُفْيَان عَن عَمْرو سمع أَبَا معبد مولى ابْن عَبَّاس قَالَ ابْن عَبَّاس خطب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَا تُسَافِر امْرَأَة إِلَّا وَمَعَهَا ذُو محرم وَلَا يدْخل عَلَيْهَا رجل إِلَّا وَمَعَهَا ذُو محرم فَقَامَ رجل فَقَالَ يَا رَسُول الله إِنِّي قد اكتتبت فِي غَزْوَة تَبُوك وَقد أردْت أَن أحج مَعَ امْرَأَتي فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حج مَعَ امراتك وَرَوَاهُ أَيْضا ابْن جريج أَخْبرنِي عَمْرو بن دِينَار عَن أبي معبد عَن ابْن عَبَّاس مثله فَإِن قيل فقد رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه نهى أَن تُسَافِر إِلَّا وَمَعَهَا ذُو محرم وَنهى أَن تُسَافِر يَوْمًا إِلَّا وَمَعَهَا ذُو محرم وَحَدِيث ابْن عَبَّاس بِغَيْر تَوْقِيت فَلم كَانَ التَّوْقِيت أولى قيل لَهُ وَقد ثَبت الثَّلَاث مِنْهَا بِاتِّفَاق وماعداها يجوز أَن يُرِيد أَي أقصد الثَّلَاث لم يجز أَن تسير مَا دونهَا أَيْضا إِلَّا بِمحرم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 58 548 - فِيمَن أحرم بِالْحَجِّ قبل أشهر الْحَج قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ وَاللَّيْث إِذا أحرم بِالْحَجِّ قبل أشهر الْحَج لزمَه الْإِحْرَام وَيجوز أَن يقْضِي بِهِ الْحَج إِلَّا أَن الْحسن بن حَيّ قَالَ يَجْعَلهَا عمْرَة قبل أشهر الْحَج فَإِن أدْركهُ أشهر الْحَج قبل أَن يَجْعَلهَا عمْرَة مضى فِي الْحَج وأجزأه وَقَالَ الشَّافِعِي يكون عمْرَة وَقَالَ الأوازعي يَجْعَلهَا عمْرَة قَالَ أَبُو جَعْفَر اتَّفقُوا على لُزُوم إِحْرَام فَالَّذِي قَصده أولى وَلَيْسَ كَالصَّلَاةِ لِأَن الصَّلَاة جنس وَاحِد مِنْهَا نفل وَفرض وَكَذَلِكَ الصَّدَقَة وَالصِّيَام وَالْحج وَالْعمْرَة جِنْسَانِ من النَّاس من يَقُول إِن الْعمرَة فرض وَمِنْهُم من يَقُول هِيَ تطوع كالصيام وَالصَّلَاة فَلَمَّا لم يجز أَن يدْخل فِي الصَّلَاة فَيلْزمهُ صِيَام كَذَلِك من أحرم بِحَجّ لَا يلْزمه عمْرَة وَقَالَ اللَّيْث أكره الْإِحْرَام بِالْحَجِّ قبل الْأَشْهر كَمَا أكره الْإِحْرَام قبل الْمِيقَات الَّذِي وقته النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد رُوِيَ عَن عَليّ عَلَيْهِ يالسلام فِي قَوْله تَعَالَى {وَأَتمُّوا الْحَج وَالْعمْرَة لله} الْبَقَرَة 196 أَن يحرم بهما من دويرة أَهله 549 - هَل يهل عَن الْمغمى عَلَيْهِ أَصْحَابه قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا أُغمي عَلَيْهِ فَأهل عَن أَصْحَابه أَجزَأَهُ وَهُوَ قَول الحديث: 548 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 59 الْأَوْزَاعِيّ وَقَالَ يهراق دَمًا وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَمَالك لَا يُجزئهُ وَإِن كَانَ قد أحرم فوقفوا وطافوا بِهِ أَجزَأَهُ وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يجزىء الطّواف وَلَا الْوُقُوف وَالْإِحْرَام إِلَّا أَن يعقل قَالَ أَبُو جَعْفَر قَول من قَالَ لَا يجزىء وُقُوفه وطوافه إِذا أحرم ثمَّ أُغمي عَلَيْهِ فَاسد من قبل أَن الْمغمى عَلَيْهِ أَكثر أَحْوَاله عدم الطَّهَارَة مِنْهُ وَالنِّيَّة وَعدم النِّيَّة بعد الْإِحْرَام وَعدم الطَّهَارَة لَا يمْنَع صِحَة الْوُقُوف وَكَذَلِكَ الطّواف فَكَذَلِك الْإِغْمَاء لَا يمنعهُ وَأما الْإِحْرَام عَن الْمغمى عَلَيْهِ فَالْقِيَاس أَن لَا يجزىء إِلَّا أَنه رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن امْرَأَة أخرجت إِلَيْهِ صَبيا فِي يَدهَا فَقَالَت لَهُ هَل لهَذَا من حج فَقَالَ نعم وَلَك أجر فَجعل إحرامها إحراما لَهُ وَأَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانُوا يحجون عَن الصّبيان 550 - الْإِحْرَام قبل الْمِيقَات قَالَ أَصْحَابنَا أفضل الْإِحْرَام أَن تحرم من دويرة أهلك وَهُوَ قَول سُفْيَان الثَّوْريّ وَالْحسن بن صَالح بن حَيّ الحديث: 550 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 60 وَقَالَ مَالك أكره أَن يحرم قبل الْمِيقَات وَقَالَ الشَّافِعِي أحب إِلَيّ أَن لَا يحرم قبل مِيقَاته وروى مُحَمَّد بن اسماعيل بن أبي فديك أخبرنَا عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن يحنس عَن يحيى بن أبي سُفْيَان بن الْأَخْنَس عَن جدته حكيمة عَن أم سَلمَة سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول وَمن أهل بِحجَّة أَو عمْرَة من الْمَسْجِد الْأَقْصَى إِلَى الْمَسْجِد الْحَرَام غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر وَوَجَبَت لَهُ الْجنَّة شكّ عبد الله وروى مُحَمَّد بن اسحاق عَن سُلَيْمَان بن سحيم عَن يحيى بن أبي سُفْيَان عَن أمه أم حَكِيم بنت أُميَّة عَن أم سَلمَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من أهل بِعُمْرَة أَو حج من بَيت الْمُقَدّس كَانَت كَفَّارَة لما قبلهَا من الذُّنُوب ابْن لَهِيعَة أَخْبرنِي جَعْفَر بن ربيعَة عَن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي صعصعة عَن أم حَكِيم السلمِيَّة عَن أم سَلمَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من أحرم من بَيت الْمُقَدّس غفر لَهُ ذَنبه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 61 وَرُوِيَ عَن عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام وعبد الله إِتْمَامهَا أت تحرم بهما من دويرة أهلك وَأحرم ابْن عمر من بَيت الْمُقَدّس بِعُمْرَة وَأهل ابْن عَبَّاس من الشَّام وَأحرم عمرَان بن حُصَيْن من الْبَصْرَة وَأهل ابْن مَسْعُود من الْقَادِسِيَّة وَلَا يرْوى كَرَاهَة ذَلِك عَن أحد من السّلف 551 - فِي مَوضِع التَّلْبِيَة بالإهلال قَالَ أَصْحَابنَا يُلَبِّي من دبر صلَاته وَقَالَ مَالك فِي دبر تطوع ومكتوبة وَقَالَ سُفْيَان أحب إِلَيّ إِذا اسْتَوَت بك راحتك بعد الصَّلَاة الحديث: 551 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 62 وَقَالَ الشَّافِعِي يُصَلِّي ثمَّ يركب فَإِذا تَوَجَّهت رَاحِلَته لبّى وَقَالَ ابْن أبي ذِئْب عَن الزُّهْرِيّ عَن نَافِع عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يهل إِذا اسْتَوَت بِهِ رَاحِلَته قَائِمَة وَابْن جريج عَن الزُّهْرِيّ عَن أنس مثله وَقَول آخر وروى مَالك عَن سعيد المَقْبُري عَن عبيد بن جريج عَن ابْن عمر قَالَ لم أر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يهل حَتَّى تنبعث بِهِ رَاحِلَته وَعلي بن مسْهر عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا وضع رجله فِي الغرز وانبعثت بِهِ رَاحِلَته قَائِمَة أهل من ذِي الحليفة وَقَول آخر وروى شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أبي حسان عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى بِذِي الحليفة ثمَّ أَتَى براحلته فركبها فَلَمَّا اسْتَوَت بِهِ على الْبَيْدَاء أهل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 63 وروى جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثله إِنْكَار ذَلِك وروى مَالك عَن مُوسَى بن عقبَة عَن سَالم عَن أَبِيه قَالَ بيداؤكم هَذِه الَّتِي تكذبون على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيهَا مَا أهل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا من عِنْد مَسْجِد ذِي الحليفة وروى عَن عبد السَّلَام بن حَرْب عَن خصيف الْجَزرِي عَن سعيد بن جُبَير قَالَ قيل لِابْنِ عَبَّاس كَيفَ اخْتلف النَّاس فِي إهلال رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت طَائِفَة أهل فِي مُصَلَّاهُ وَقَالَت طَائِفَة حِين اسْتَوَت بِهِ رَاحِلَته وَقَالَت طَائِفَة حِين على على الْبَيْدَاء فَقَالَ سأخبركم أهل فِي مُصَلَّاهُ فشهده قوم فَأخْبرُوا بذلك فَلَمَّا اسْتَوَت بِهِ رَاحِلَته أهل فشهده قوم لم يشهدوه فِي الْمرة الأولى فَقَالُوا أهل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم السَّاعَة فَأخْبرُوا بذلك فَلَمَّا علا على الْبَيْدَاء أهل فشهده قوم لم يشهدوه فِي الْمَرَّتَيْنِ الْأَوليين فَقَالُوا أهل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم السَّاعَة فَأخْبرُوا بذلك وَإِنَّمَا كَانَ إهلال النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مُصَلَّاهُ فَثَبت بذلك مَذْهَب أَصْحَابنَا 522 - مُجَاوزَة الْمِيقَات بِغَيْر إِحْرَام ثمَّ الْعود إِلَيْهِ قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا جَاوز الْوَقْت ثمَّ أحرم فَإِن أعَاد إِلَى الْوَقْت فلبى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 64 فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَإِن لم يلب فَعَلَيهِ دم وَهُوَ قَول اللَّيْث وَالْحسن بن حَيّ وَقَالَ أَبُو حنيفَة فِي الملبي يخرج من الْحرم فَيحرم أَنه يعود إِلَى الْحرم فلبى مِنْهُ لَا شَيْء عَلَيْهِ وَإِن لم يفعل فَعَلَيهِ دم وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا رَجَعَ إِلَى الْوَقْت فلبى أولم يلب فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ زفر الدَّم لَا يسْقط بعوده إِلَى الْوَقْت لبّى أَو لم يلب وَهُوَ قَول مَالك وَقَالَ مَالك فِي الْمَكِّيّ يحرم من الْحرم فلبى فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَقد زَاد خيرا قَالَ أَبُو جَعْفَر لما اتَّفقُوا أَنه يحرم بعد مُجَاوزَة الْوَقْت حَتَّى عَاد إِلَى الْوَقْت أَنه لَا شَيْء عَلَيْهِ كَذَلِك إِذا أحرم ثمَّ عَاد لِأَنَّهُ قد فعل الْمَتْرُوك فِي الْحَالين فَإِن الْقيَاس قَول مَالك وَزفر لِأَنَّهُ بعوده بعد الْإِحْرَام لم يرفع النَّقْص الْوَاقِع فيد بدنا 553 - الْإِحْرَام لدُخُول مَكَّة قَالَ أَصْحَابنَا لَا يدْخل أحد مِمَّن هُوَ خَارج الْمِيقَات إِلَّا بِإِحْرَام فَإِن دَخلهَا بِغَيْر إِحْرَام فَعَلَيهِ حجَّة أَو عمْرَة وَقَالَ مَالك من أَرَادَ الْحَج أَو الْعمرَة لَا يدخلهَا إِلَّا بِإِحْرَام فَإِن دَخلهَا بِغَيْر إِحْرَام ثمَّ أحرم من مَكَّة فَعَلَيهِ دم وَإِن لم يرد الْحَج وَالْعمْرَة فَلَا يدخلهَا إِلَّا بِإِحْرَام وَإِن دَخلهَا بِغَيْر إِحْرَام فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وللحطابين وَمن يحمل الْمَتَاع والفواكه دُخُولهَا بِغَيْر إِحْرَام إِلَّا التُّجَّار الَّذين يَخْتَلِفُونَ صباحا وَمَسَاء الحديث: 553 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 65 وَقَالَ الثَّوْريّ من دخل من خَارج الْمَوَاقِيت بِغَيْر إِحْرَام وَقيل لَهُ اعْتَمر وَإِن لم يفعل اسْتغْفر وَهُوَ قَول عَطاء وَالْحسن بن حَيّ من خرج من مَكَّة دون الْمِيقَات يدخلهَا بِغَيْر إِحْرَام فَإِن جاوزها لم يدخلهَا إِلَّا بِإِحْرَام وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يدْخل مَكَّة أحد إِلَّا بِإِحْرَام إِلَّا أَن من أَصْحَابنَا من يرخص للحطابين وَمن دَخلهَا بِغَيْر إِحْرَام فَلَا قَضَاء عَلَيْهِ وروى حَمَّاد بن سَلمَة وعمار الدهني عَن أبي الزبير عَن جَابر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل مَكَّة يَوْم الْفَتْح وعَلى رَأسه عِمَامَة سَوْدَاء وروى مَالك عَن ابْن شهَاب عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل مَكَّة وعَلى رَأسه مغفر فاحتج بِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَخلهَا حَلَالا وروى سعيد المَقْبُري سَمِعت أَبَا شُرَيْح الكعبي يَقُول قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله تَعَالَى حرم مَكَّة فَلَا يحل لأحد يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر أَن يسفك فِيهَا دَمًا فَإِن ترخص مرخص فَقَالَ قد حلت لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فَإِن الله تَعَالَى أحلهَا لي وَلم يحلهَا للنَّاس وَإِنَّمَا أحلهَا لي سَاعَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 66 وروى يحيى بن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة لمافتح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَكَّة قتلت هُذَيْل رجلا من بني ثَقِيف بقتيل كَانَ لَهُم فِي الْجَاهِلِيَّة فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِن الله حبس عَن أهل مَكَّة الْفِيل وسلط عَلَيْهِم رَسُوله وَالْمُؤمنِينَ وَإِنَّهَا لم تحل لأحد كَانَ قبلي وَلَا تحل لأحد بعدِي وَإِنَّمَا أحلّت لي سَاعَة من نَهَار فَثَبت إِن ذَلِك مَخْصُوصًا فِي تِلْكَ الْحَال للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ سلم وَإِذا ثَبت بِأَنَّهُ مَأْمُور أَن لَا يدخلهَا إِلَّا بِإِحْرَام بِاتِّفَاق من الْفُقَهَاء إِلَّا ابْن شهَاب وَقد دللنا على فَسَاد قَوْله وَجب أَن يكون تَركه للْإِحْرَام الْمَأْمُور بِهِ مُوجبا قَضَاؤُهُ كَمَا أَن من أَمر بِأَن يكون صَائِما فِي يَوْم فطر فَأفْطر فِيهِ قضى 554 - سكان الْمَوَاقِيت وَمن دونهَا فِي دُخُول الْإِحْرَام قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك من كَانَ أَهله بالمواقيت أَو وَرَاءَهَا إِلَى مَكَّة فَلهُ أَن يدخلهَا بِغَيْر إِحْرَام وَهُوَ قَول مَالك وَلم يفرق سُفْيَان وَالشَّافِعِيّ من ذَلِك على مَا تقدم من ذكر قَوْلهمَا قَالَ وَالْقِيَاس قَول سُفْيَان لاتفاقهم أَن أهل الْمَوَاقِيت لَو أَرَادوا الْحَج لم يدخلوها إِلَّا بِإِحْرَام فَكَذَلِك الدُّخُول نَفسه الحديث: 554 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 67 وَقد روى عبد الْملك عَن عَطاء بن أبي رَبَاح عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يَقُول لَا يدْخل مَكَّة تَاجر وَلَا طَالب حَاجَة إِلَّا وَهُوَ محرم وروى عَن ابْن عمر أَنه أحرم من مَكَّة حَتَّى بلغ قديدا ثمَّ عَاد فَدَخلَهَا بِغَيْر إِحْرَام 555 - فِيمَن أفسد حجَّة أَو عمْرَة كَيفَ يَقْضِيهَا قَالَ أَصْحَابنَا من أفسد حجَّة أَو عمْرَة فَإِنَّهُ يَقْضِيهَا من حَيْثُ يجوز لَهُ الْإِحْرَام بهَا فِي مَوْضِعه الَّذِي يحرم وَقَالَ مَالك وَالثَّوْري وَالْحسن بن صَالح يَقْضِيهَا م الْمِيقَات وَقَالَ الشَّافِعِي يَقْضِيهَا من الْمِيقَات الَّذِي ابتدأها مِنْهُ وروى مَالك عَن ابْن شهَاب عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة أَهْلَلْنَا بِعُمْرَة فِي حجَّة الْوَدَاع ثمَّ حِضْت فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم امتشطي وانقضي رَأسك ودعي الْعمرَة وَأَهلي بِالْحَجِّ إِلَى أَن قَالَت فأعمرني عبد الرَّحْمَن من التَّنْعِيم فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه مَكَان عمرتك وروى هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة مثله وَقَالَ فلبت بِالْعُمْرَةِ قَضَاء لعمرتها فَلَمَّا أَمر عبد الرَّحْمَن بِأَن يعمرها من الحديث: 555 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 68 التَّنْعِيم وَهُوَ غير الْمِيقَات الَّذِي ابتدأت الْعمرَة فِيهِ ثَبت أَن لَا عِبْرَة بِأول الْإِحْرَام فَإِن قيل روى ابْن نجيح عَن عَطاء عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهَا طوافك يَكْفِيك لحجك وعمرتك فَدلَّ على أَنَّهَا كَانَت قارنة فَإِن عمرتها من التَّنْعِيم كَانَ تَطَوّعا لَا قَضَاء قيل لَهُ روى ابْن الْقَاسِم وَالْأسود وَعُرْوَة مَا يُوجب أَن يكون قد أحلّت من عمرتها قد قضتها قبل الْإِحْرَام فَهُوَ اولى من رِوَايَة عَطاء لِأَن هَؤُلَاءِ أعلم بشأنها وهم أثبت حفظا وأتقن ثمَّ قد روى عبد الْملك بن سُلَيْمَان عَن عَطاء عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت قلت يارسول الله أكل أهلك يرجع بِحجَّة وَعمرَة غَيْرِي قَالَ انفري فَإِنَّهُ يَكْفِيك لَهما وَلَهُم وَيثبت أَنَّهَا قد حلت من حَجهَا بِلَا عمره مَعَه وَلَا قبله وَحكى عَن الْحسن بن صَالح أَنه كره لأهل الْآفَاق الَّذين يدْخلُونَ مَكَّة بِحجَّة ثمَّ حلوا أَن يعتمروا بعد ذَلِك من التَّنْعِيم وَهَذَا قَول لم يقل بِهِ أحد من الْعلمَاء وَقد روى صَالح بن رستم عَن ابْن أبي مليكَة عَن عَائِشَة قَالَت دخل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 69 رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَليّ بسرف وَأَنا أبْكِي قَالَ مَا ذَاك قَالَت حِضْت قَالَ فَلَا تبْكي اصنعي مَا يصنع الْحَاج فقدمنا مَكَّة ثمَّ أَتَيْنَا منى ثمَّ عدنا إِلَى عَرَفَة ثمَّ رمينَا تِلْكَ الْأَيَّام الْجَمْرَة فَلَمَّا كَانَ يَوْم النَّفر ارتحل فَنزل المحصب وَالله مَا نزلها إِلَّا لأجلي فَأمر عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر فَقَالَ احْمِلْ أختك من الْحرم قَالَت وَلَكِن مَا ذكر الجعدانة وَلَا التَّنْعِيم فلتهل بِالْعُمْرَةِ وَكَانَ أقرب الْحل من الْحرم التَّنْعِيم فَثَبت بذلك أَن الْحل وَقت الْإِحْرَام بِالْعُمْرَةِ 556 - إِذا دخل العَبْد مَكَّة مَعَ مَوْلَاهُ بِغَيْر إِحْرَام ثمَّ يَأْذَن لَهُ مَوْلَاهُ فَيحرم من مَكَّة قَالَ أَصْحَابنَا فَعَلَيهِ دم لترك الْوَقْت وَإِذا عتق لِأَنَّهُ كَانَ على مَوْلَاهُ أَن يَأْذَن لَهُ فِي الْإِحْرَام قبل دُخُوله وَلَو أَن نَصْرَانِيّا أسلم بِمَكَّة فَأحْرم لم يكن عَلَيْهِ دم لترك الْوَقْت وَكَذَلِكَ الصَّبِي إِذا بلغ وَقَالَ مَالك وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ فِي العَبْد يعْتق بِمَكَّة وَقد دَخلهَا بِغَيْر إِحْرَام فَأحْرم من مَكَّة أَو النَّصْرَانِي يسلم وَالصَّبِيّ يبلغ أَنه لَا شَيْء عَلَيْهِم لترك الْوَقْت وَحكى عَن الشَّافِعِي وجوب الدَّم فِي ذَلِك كُله لترك الْوَقْت وَعنهُ أَن على النَّصْرَانِي الدَّم وَلَا شَيْء على العَبْد وَالصَّبِيّ قَالَ أما الصَّبِي غير متعبد فَلَا يلْزمه بِالنَّقْصِ يدْخل فِي إِحْرَامه شَيْء أَلا ترى أَن الصَّبِي إِذا أفسد صَلَاة أَو صوما دخل فِيهِ لم يلْزمه شَيْء وَكَذَلِكَ الحديث: 556 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 70 الْكَافِر لَا يَصح مِنْهُ فعل عبَادَة من جِهَة الشَّرْع إِلَّا بتقدم الْإِسْلَام فَهُوَ كَالصَّبِيِّ وَأما العَبْد فمتعبد مَنْهِيّ عَن دُخُول مَكَّة إِلَّا بِإِحْرَام فَإِذا أَدخل نقصا فِي إِحْرَامه جبره بِدَم إِذا عتق 557 - فِيمَن جَاوز مِيقَاته بِغَيْر إِحْرَام ثمَّ دخل مَكَّة محرما من مِيقَات آخر قَالَ أَصْحَابنَا وَمن جَاوز وقته غير محرم ثمَّ لم يدْخل مَكَّة حَتَّى أَتَى وقتا آخر فَأحْرم مِنْهُ سقط عَنهُ الدَّم قَالَ وَلَو كَانَ أحرم من وقته كَانَ أحب إِلَيّ وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ وَقَالَ مَالك وَالثَّوْري يهل كل وَاحِد من مِيقَات بَلَده وَلَا يُجَاوِزهُ إِلَّا محرما وَهُوَ قَول اللَّيْث وَقَالَ إِن لم يرجع فَعَلَيهِ دم وَقَالَ الشَّافِعِي الْمَوَاقِيت لأَهْلهَا وَلمن مر بهَا وأيهم مر بميقات غَيره وَلم يَأْتِ من بَلَده كَانَ مِيقَاته مِيقَات الْبَلَد الَّذِي مر بِهِ وَمن جَاوز وقتا لَا يُرِيد حجا وَلَا عمْرَة ثمَّ بدا لَهُ أَن يحرم أحرم مِنْهُ وَذَلِكَ مِيقَاته وميقات من دون الْمَوَاقِيت منزله الَّذِي هُوَ فِيهِ وروى عَمْرو بن دِينَار وَابْن طَاوس عَن طَاوس عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكر الْمَوَاقِيت وَقَالَ هن لأهلهن وَلمن أَتَى عَلَيْهِنَّ من غير أهلهن مِمَّن كَانَ يُرِيد الْحَج وَالْعمْرَة فَمن كَانَ دونهن فَمن أَهله حَتَّى أَن أهل مَكَّة يهلون مِنْهَا فَهَذَا يدل على أَن كل من أَتَى وقتا وَهُوَ يُرِيد الْإِحْرَام فَلَيْسَ الحديث: 557 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 71 لَهُ أَن يتجاوزه إِلَّا محرما فَإِذا ترك الْإِحْرَام فِي مِيقَاته الَّذِي مر بِهِ حَتَّى عَاد إِلَى غَيره فَأحْرم فَالْقِيَاس أَن لَا يسْقط عَنهُ الدَّم حَتَّى يعود إِلَى مِيقَاته الَّذِي مر بِهِ وَلَا تشبه الْعمرَة إِذا قضيت بعد الْفساد فِي أَنَّهَا تقضي من حَيْثُ هُوَ لَا من حَيْثُ ابتدأت لِأَن الْقَضَاء كَانَ للإبتداء وَمن جَاوز الْوَقْت مَأْمُور بِالْعودِ إِلَى الْمَتْرُوك بِعَيْنِه وَذكر الْحسن بن صَالح عَن ابْن أبي ليلى جعل العقيق وَهِي ذَات عرق الأول لأهل الْعرَاق يهلون مِنْهَا وَكَذَلِكَ قَالَ مَالك وَقد روى الْمعَافي بن عمرَان عَن أَفْلح بن حميد عَن الْقَاسِم عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقت إِلَى أَن قَالَ وَلأَهل الْعرَاق ذَات عرق وروى سعيد بن أبي مَرْيَم أَخْبرنِي إِبْرَاهِيم بن سُوَيْد قَالَ حَدثنِي هِلَال بن زيد أَخْبرنِي أنس بن مَالك أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وَلأَهل الْبَصْرَة ذَات عرق وَلأَهل الْمَدَائِن العقيق فَثَبت بذلك بطلَان مَا ذكرُوا لِأَنَّهُ جعل العقيق ذَات عرق 558 - فِي إِشْعَار وتقليد الْبدن وَالْغنم كره أَبُو حنيفَة الْإِشْعَار وَهُوَ مثله الحديث: 558 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 72 وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد الْإِشْعَار حسن وَهُوَ الْجَانِب الْأَيْسَر من الْبَدنَة وهوقول مَالك وروى عَن مَالك إِن كَانَ لَهَا أسنمة أشعروا وَإِلَّا لم يشعروا وَقَالُوا كلهم لَا يُقَلّد الْغنم وَلَا يشْعر وَهُوَ قَول سُفْيَان أَيْضا وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَقَالَ الشَّافِعِي يشْعر الْبدن وَلَا يشْعر الْغنم ويقلد وروى عَن ابْن عَبَّاس وَعَائِشَة ومروان والمسور بن مخرمَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قلد هَدْيه وَأَشْعرهُ وروى عَن عَائِشَة إِن شِئْت فأشعر وَإِن شِئْت فَلَا فَإِنَّمَا أشعر ليعلم أَنَّهَا بَدَنَة إِذا ضلت أَنَّهَا لَيْسَ بنسك وَإنَّهُ عَلامَة الْبَدنَة فَجعل عَلامَة لَهَا لكَي إِن وجدوها الْمَسَاكِين أكلوها لِأَنَّهُ قد كَانَ نهي عَن أَخذ ضَالَّة الْإِبِل فَجعل الْإِشْعَار عَلامَة لجَوَاز أكلهَا الْمَسَاكِين إِذا وجدوها كَذَلِك وَقَالَ عَطاء إِنَّمَا التَّقْلِيد والإشعار ليعلم أَنَّهَا هدي إِن ضلت وروى عَطاء عَن ابْن عَبَّاس من شَاءَ قلد وَمن شَاءَ لم يُقَلّد وَمن شَاءَ أشعر وَمن شَاءَ لم يشْعر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 73 وَقد رُوِيَ عَن ابْن عمر أَنه قَالَ لَا هدي إِلَّا مَا قلدد وأشعر وأوقف بِعَرَفَة فَكَانَ قَول ابْن عَبَّاس وَعَائِشَة أولى لِأَنَّهُمَا قد وَقفا على إِشْعَار رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعلما حكمه فَثَبت أَن الْإِشْعَار لَيْسَ بنسك وَمَعَ ذَلِك جَائِز فعله غير مَكْرُوه لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد فعله وَأما تَقْلِيد الْغنم فروى الثَّوْريّ عَن الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم عَن الْأسود عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أهْدى غنما مقلده وَحَمَّاد بن زيد عَن إِبْرَاهِيم عَن الْأسود عَن عَائِشَة قَالَت كَأَنِّي أنظر إِلَى قلائد هدي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْغنم ثمَّ لَا يمسك عَن شَيْء وَالْحكم عَن إِبْرَاهِيم عَن الْأسود عَن عَائِشَة قَالَت كُنَّا نقلد الشَّاة فنرسل بهَا وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَلَال لم يحرم مِنْهُ شَيْء وروى الْأَعْمَش قَالَ حَدثنَا أَبُو سُفْيَان عَن جَابر قَالَ كَانَ فِيمَا أهْدى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غنما مقلدة وَعَمْرو بن دِينَار عَن عَطاء رَأَيْت عَائِشَة تفتل قلائد الْغنم تساق مَعَه هَدَايَا وَسَعِيد بن اسحاق سَمِعت عَطاء بن أبي رَبَاح يَقُول أشهد لرأيت الْعَرَب تهدي الْغنم مقلدة وَالنَّاس متوافرون لَا يُنكر ذَلِك أحد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 74 قَالَ فَهَذَا لَا يسمع خِلَافه لثُبُوته عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالنَّاس بعده 559 - فِي تعْيين الْبدن قَالَ أَصْحَابنَا الْبدن من الْإِبِل وَالْبَقر وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَقَالَ أَصْحَابنَا إِن نوى بِبدنِهِ أوجبهَا شَيْئا مِنْهَا بِعَينهَا فَهُوَ مَا نوى وَإِن لم يكن نوى شَيْئا فَعَلَيهِ بقرة أَو جزور وَقَالَ مَالك وَابْن شبْرمَة الْبدن من الْإِبِل خَاصَّة وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وأبوبكر بن عَيَّاش عَن عَمْرو بن مَيْمُون عَن أبي حَاضر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قلت الْبدن فَأمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالبقر قَالَ وَهَذَا يدل على أَن الْبَقر غير الْبدن وَيدل عَلَيْهِ مَا روى أَبُو عبد الله الْأَغَر عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا كَانَ يَوْم الْجُمُعَة وقف على بَاب الْمَسْجِد ملائكه يَكْتُبُونَ الأول فَالْأول فَمثل المهجر كَالَّذي يهدي بَدَنَة ثمَّ كَالَّذي يهدي بقرة وَرَوَاهُ ابْن شهَاب عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثل المهجر إِلَى الصَّلَاة كَمثل الَّذِي يهدي بدنه ثمَّ كالمهدي الْبَقَرَة وَذكر الحَدِيث الحديث: 559 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 75 فَدلَّ على أَن الْبَدنَة غير الْبَقَرَة فَإِن قيل روى ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن جَابر اشتركنا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْحَج وَالْعمْرَة كل سَبْعَة فِي بَدَنَة فَقَالَ رجل أَرَأَيْت الْبَقَرَة يشْتَرك فِيهَا كَمَا يشْتَرك فِي الْجَزُور فَقَالَ ماهي إِلَّا من الْبدن قيل لَهُ مَا روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أولى من قَول جَابر قَالَ لم نجد عَن أَصْحَابنَا فَضِيلَة إناث الْبدن وَلَا ذكورها وَعَن مَالك أَن الْأُنْثَى أفضله سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عبيد الله بن أبي يزِيد عَن أَبِيه عَن سِبَاع بن ثَابت سَمعه من أم كرز الْكَعْبِيَّة الَّتِي تحدث عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ عَن الْغُلَام شَاتَان وَعَن الْجَارِيَة شَاة وَلَا يضركم ذُكُورا كن أَو إِنَاثًا فَثَبت فِي الْعَقِيقَة التَّسْوِيَة بَين الذُّكُور وَالْإِنَاث فَدلَّ على استوائهما وَقد قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي المهجر إِلَى الصَّلَاة كَمثل الَّذِي يهدي بَدَنَة ثمَّ كَالَّذي يهدي بقرة ثمَّ كَالَّذي يهدي كَبْشًا فَجعل السَّاعَة الأولى كالبدنة ثمَّ فِي السَّاعَة الثَّانِيَة كالبقرة فَلم يَجْعَل بَين الْبَدنَة وَالْبَقَرَة وَاسِطَة من ذكران الْبدن فَدلَّ على أَنه لَا فضل بَين الذّكر وَالْأُنْثَى وَأَيْضًا فَإِنَّمَا سميت بَدَنَة لعظمها قَالَ مُجَاهِد إنماسميت الْبدن للبدانة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 76 وَوُجُود هَذَا الْمَعْنى فِي الذّكر كَهُوَ فِي الْإِنَاث فَلَا فضل لبعضها على بعض 560 - فِيمَا يجزىء فِي الْهَدْي وَالْأُضْحِيَّة قَالَ أَصْحَابنَا لَا يجزىء فِي الْهَدْي وَلَا الضَّحَايَا إِلَّا الْجذع من الضَّأْن والثني من الْمعز وَالْإِبِل وَالْبَقر فَصَاعِدا وَهُوَ قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يجوز الْجذع فِي الْإِبِل وَالْبَقر وروى عَن ابْن عمر لَا يجزىء إِلَّا الثني من كل شَيْء قَالَ أجمع فُقَهَاء الْأَمْصَار على جَوَاز الْجذع من الضَّأْن وروى أَبُو خَيْثَمَة زُهَيْر بن مُعَاوِيَة قَالَ حَدثنَا أَبُو الزبير عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا تذبحوا إِلَّا مُسِنَّة إِلَّا أَن يعز عَلَيْكُم فاذبحوا مَكَانهَا جَذَعَة من الضَّأْن وَهَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد وروى ابْن وهب قَالَ حَدثنَا عَمْرو بن الْحَارِث أَن بكير بن الْأَشَج حَدثهُ أَن معَاذ بن عبد الله الْجُهَنِيّ حَدثهُ عَن عقبَة بن عَامر قَالَ ضحينا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بجذاع الضَّأْن وروى بكير بن مُضر عَن عَمْرو بن الْحَارِث عَن بكير عَن معَاذ بن الحديث: 560 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 77 عبد الله الْجُهَنِيّ أَن عقبَة بن عَامر قَالَ ضحينا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بجذاع الضَّأْن فَكَانَ فِي رِوَايَة بكير بن مُضر هَذَا عَن عَمْرو بن الْحَارِث أَن عقبَة قَالَ وَفِي حَدِيث ابْن وهب عَن عقبَة ثمَّ روى ابْن وهب أَخْبرنِي أُسَامَة بن زيد قَالَ حَدثنِي معَاذ بن عبد الله الْجُهَنِيّ قَالَ سَأَلت سعيد بن الْمسيب عَن الْجذع من الضَّأْن فَقَالَ مَا كَانَ سنة الْجذع من الضَّأْن سَأَلَ عقبَة بن عَامر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْجذع من الضَّأْن فَقَالَ ضح بِهِ فَثَبت أَن معَاذ بن عبد الله إِنَّمَا أَخذ عَن سعيد بن الْمسيب وَلم نجد سعيدا حدث بِهِ عَن عقبَة فقد اضْطربَ ذَلِك فِي سَنَده وَهُوَ مُضْطَرب فِي مَتنه أَيْضا لِأَن ابْن الْمُبَارك روى عَن هِشَام الدستوَائي عَن يحيى ابْن أبي كثير عَن بعجة بن عبد الله عَن عقبَة بن عَامر قَالَ قسم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ضحايا بَين أَصْحَابه فَأصَاب عقبَة جَذَعَة فَقلت يَا رَسُول الله صَارَت لي جَذَعَة أضحي بهَا قَالَ نعم وروى اللَّيْث حَدثنِي يزِيد بن أبي حبيب عَن أبي الْخَيْر عَن عقبَة أَن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 78 رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعطَاهُ غنما يقسمها على أَصْحَابهَا ضحايا فَبَقيَ عتود فَذكره لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ ضح بِهِ أَنْت وَكَانَ فِي حَدِيث بعجة جَذَعَة وَفِي حَدِيث أبي الْخَيْر عتود وَذَلِكَ اضْطِرَاب فِي الْمَتْن وَقد ثَبت بِحَدِيث جَابر جَوَاز الْجَذعَة من الضَّأْن أضْحِية فَكَذَلِك فِي الْهدى يجزىء إِذْ لَا فرق بَين الْهدى والضحايا فِي هَذَا الْمَعْنى وَأما قَول الْأَوْزَاعِيّ فِي جَوَاز الْجذع من الْإِبِل وَالْبَقر فَاسد لم يقل بِهِ أحد من الْعلمَاء غَيره 561 - مَتى يحرم من قلد بَدَنَة قَالَ أَصْحَابنَا فِيمَن قلد بَدَنَة تَطَوّعا أَو جَزَاء صيد أَو غَيره وَسَار مَعَه وَهُوَ يُرِيد الْحَج فقد أحرم وَلَو بعث بهَا وَلم يتَوَجَّه ثمَّ توجه لم يكن محرما حَتَّى يلْحق الْبَدنَة إِلَّا فِي الْمُتْعَة فَإِنَّهُ يكون محرما كَمَا توجه ولايكون بالتحيل والإشعار محرما وَإِن قلد شَاة وَنوى الْإِحْرَام لم يكن محرما وَقَالَ سُفْيَان يكون بتقليد الْبَدنَة محرما إِذا نوى وَإِن لم يرد الْحَج وَلَا الْعمرَة فليبعث بِهِ وليقم حَلَالا قَالَ لَا يكون بالتقليد محرما حَتَّى يحرم وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يكون محرما إِذا لم يرد الْإِحْرَام وَإِن قلد قَالَ لما لم يكن بِشَيْء من أَسبَاب الْحَج محرما مثل الِاغْتِسَال والتجرد وَالطّواف فَكَانَ الْقيَاس أَن يكون التَّقْلِيد مثله الحديث: 561 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 79 وَقد روى مَالك عَن يحيى بن سعيد عَن عمْرَة عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت لَا يحرم إِلَّا من أهل ولبى وَقد روى عَن ابْن عَبَّاس وَابْن عمر أَن من بعث بهدى يمسك عَمَّا يمسك عَنهُ الْمحرم حَتَّى ينْحَر قَالَ ابْن عمر وَمن النِّسَاء وَقد روى حَاتِم بن اسماعيل عَن عبد الرحمن بن عَطاء بن أبي لَبِيبَة عَن عبد الْملك بن جَابر عَن جَابر بن عبد الله قَالَ كنت عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِنِّي أمرت ببدني الَّتِي يعثت بهَا أَن تقلد الْيَوْم وتشعر على مَكَان كَذَا وَكَذَا فَلبِست قَمِيصِي ونسيت فَلم أكن لأخرج قَمِيصِي من رَأْسِي وَكَانَ يبْعَث بِبدنِهِ وَأقَام بِالْمَدِينَةِ وروى عَن عَائِشَة من وُجُوه صِحَاح أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يبْعَث بِبدنِهِ ثمَّ يُقيم حَلَالا وَيفْسد قَول ابْن عَبَّاس من جِهَة النّظر لِأَن الْمحرم لَا يحل إِلَّا بحلق وَهَذَا يحل عِنْد الْجَمِيع إِذا نحر الْهَدْي عَنهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ حلق عِنْدهم جَمِيعًا فَثَبت أَنه لَيْسَ بِمحرم ببعثه الْهَدْي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 80 562 - هَل يحلب الْهَدْي ويركبه قَالَ أَصْحَابنَا ينصح ضرع الْهدى بِالْمَاءِ فَإِن احتلب مِنْهَا شَيْئا تصدق بِهِ وَإِن أكله تصدق بِقِيمَتِه ويركبه إِذا احْتَاجَ إِلَيْهِ فَإِن نَقصه تصدق بِالنُّقْصَانِ وَكَذَلِكَ قَالَ مَالك إِلَّا أَنه لَا يشرب من لبنه وَلَا يركبه إِلَّا عِنْد الْحَاجة فَإِن نَقصه لم يتَصَدَّق بِالنُّقْصَانِ وَقَول الثَّوْريّ إِنَّه إِن احْتَاجَ إِلَى ركُوبهَا ركبهَا وَقَالَ الشَّافِعِي مثل قَوْلنَا الَّذِي وَصفنَا وروى مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى رجلا يَسُوق بَدَنَة قَالَ اركبها قَالَ يَا رَسُول الله إِنَّهَا بَدَنَة قَالَ اركبها وَيلك وروى يزِيد بن هَارُون عَن حميد الطَّوِيل عَن أنس مثله وروى اسماعيل بن جَعْفَر عَن حميد عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى رجلا يَسُوق بَدَنَة وَقد جهد قَالَ اركبها فَذكر مثله وروى زُهَيْر بن مُعَاوِيَة عَن حميد الطَّوِيل عَن ثَابت الْبنانِيّ عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى رجلا يَسُوق بَدَنَة وَقد جهد قَالَ اركبها فَذكر مثله وَقَالَ رأى بِهِ جهدا فَثَبت إِبَاحَة ركُوبهَا فَثَبت بذلك مُنْصَرفه إِلَى حَال الْحَاجة الحديث: 562 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 81 وَمن جِهَة النّظر لما لم تكن إِجَارَة الْبَدنَة جَائِزَة ثَبت أَنه لَا يملك ركُوبهَا أَلا ترى أَن أم الْوَلَد لما كَانَ لَهُ الِانْتِفَاع بهَا كَانَ لَهُ تمْلِيك ذَلِك الِانْتِفَاع غَيره فَإِن قيل قَالَ الله تَعَالَى {لكم فِيهَا مَنَافِع إِلَى أجل مُسَمّى ثمَّ محلهَا إِلَى الْبَيْت الْعَتِيق} الْحَج 33 قيل لَهُ روى مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم فِي تَأْوِيل ذَلِك الحكم عَن مُجَاهِد {لكم فِيهَا مَنَافِع} فِي ظُهُورهَا وَأَلْبَانهَا واصوافها {إِلَى أجل مُسَمّى} حَتَّى تصير بدنا فَكَانَ تَأْوِيله أَن الْمَنَافِع مُبَاحَة قبل أَن تصير بدنا 563 - فِي بيع الْبَدنَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا أوجب بَدَنَة تَطَوّعا أَو فرضا ثمَّ بَاعهَا جَازَ بَيْعه وَعَلِيهِ مَكَانهَا فَإِن لم يُوجب مَكَانهَا حَتَّى زَادَت فِي بدن أَو شعر أَو ولدت فَإِن عَلَيْهِ مثلهَا زَائِدَة وَمثل وَلَدهَا وَلَو أوجب مَكَانهَا قبل الزِّيَادَة وَالْولد لم يكن عَلَيْهِ فِي الزِّيَادَة شَيْء وَقَالَ مَالك لَا يجوز بَيْعه فَإِن لم يقدر عَلَيْهَا اشْترى مثلهَا وَقَالَ الثَّوْريّ يُبدل الرجل هَدْيه الْوَاجِب وَلَا يُبدل التَّطَوُّع وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا سَاقهَا وَلم يقلدها فَلهُ أَن يبدلها مَا لم يتَكَلَّم بفرضها الحديث: 563 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 82 وروى عَنهُ أَن لَهُ أَن يسْتَبْدل بالأضحية أفضل مِنْهَا وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا قَالَ هَذِه أضْحِية وَنوى إِيجَابهَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يبدلها وَإِن بَاعهَا فَالْبيع بَاطِل فَإِن لم يقدر عَلَيْهَا اشْترى بِقِيمَتِهَا غَيرهَا قَالَ وَلَو كَانَت قد خرجت عَن ملكه بِالْإِيجَابِ بجزاء الصَّيْد وَسَائِر الْوَاجِبَات لم يجز أَن يذبحه عَن نَفسه لِأَنَّهُ ذابح مَالا يملك وَمَعْلُوم أَنه بإيجابه لَهَا لم يَقع موقع الْفَرْض بِدلَالَة أَنه لَو سرق أَو عطب لم يسْقط فَرْضه إِذْ لم يَقع موقعه فَلَو لم يكن مَالِكًا حَال الذّبْح لما أَجْزَأَ عَنهُ لِأَنَّهُ ذبح مَا لايملك وَكَذَلِكَ قد اتَّفقُوا على أَنه ذبح هدى التَّطَوُّع قربَة لموجبه ويهديه وَإِن كَانَ لَو هلك لم يلْزمه غَيره وَلَو كَانَ ملكه غير قَائِم فِي حَال الذّبْح لما كَانَ قربَة لَهُ وَأَيْضًا اتَّفقُوا أَنه لَو قَالَ نوى هَذَا صَدَقَة لَا يخرج عَن ملكه فَكَذَلِك الْهدى بِالْإِيجَابِ وَيدل عَلَيْهِ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أشرك عليا فِي الْهدى حِين قدم من الْيمن وَلَو كَانَ ملكه زائلا مَا أشركه وَيدل عَلَيْهِ أَنه لَو عطب فِي الطَّرِيق جَازَ لَهُ بَيْعه وَأكله وَلَو كَانَ قد زَالَ عَنهُ ملكه لم يعد إِلَيْهِ بِالْهَلَاكِ 564 - فِي الْهدى إِذا عطب هَل يجوز بَيْعه وَأكله قَالَ أَصْحَابنَا فِي الْهدى الْوَاجِب إِذا عطب لَهُ أَن يَأْكُلهُ ويبدل مَكَانَهُ الحديث: 564 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 83 وَإِن كَانَ تَطَوّعا نَحره وصبغ نَعله فِي دَمه ثمَّ ضرب بهَا صفحته ثمَّ لم يَأْكُل مِنْهُ شَيْئا وَيتَصَدَّق بِهِ أفضل من أَن يَأْكُلهُ السبَاع فَإِن أكل مِنْهُ ضمن قيمَة مَا أكل وَكَذَلِكَ إِن أطْعم مِنْهُ غَنِيا وَإِن كَانَ قد جلله تصدق بجله وخطامه وَقَالَ مَالك مثل ذَلِك إِلَّا أَنه قَالَ الْوَاجِب لَا يَبِيعهُ وَلَا يَأْكُلهُ فِي التَّطَوُّع وَلَا يَأْمر بِأَكْلِهِ غَنِيا وَلَا فَقِيرا فَإِن فعل ضمن مَا أكل وَعَن الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ أَنه يَأْكُلهُ وَلَا يَبِيعهُ فَلَا وَجه لَهُ إِلَّا أَنه قد خرج عَن حد الْوُجُوب أَلا ترى أَنه لَا يُجزئهُ وَإِن مَا كَانَ وَاجِبا عَلَيْهِ بَاقٍ فِي ذمَّته وَلما اتَّفقُوا على إِبَاحَة أكله مَعَ عدم بُلُوغ الْمحل فَكَذَلِك بَيْعه قَالَ وَهَذَا يدل على أَنه بإيجابه لم يخرج عَن ملكه لِأَنَّهُ لَو كَانَ خرج عَن ملكه لم يعد بالعطب فِي ملكه وَأما التَّطَوُّع فروى نَحْو قَوْلنَا فِيهِ عَن ابْن عَبَّاس وروى عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت كلوه وَلَا تَدعُوهُ للسباع فَإِن كَانَ وَاجِبا فاهدوا مَكَانَهُ وَإِن كَانَ تَطَوّعا فَإِن شِئْتُم فاهدوا وَإِن شِئْتُم فَلَا تهدوا وَقَوْلها كلوه يحْتَمل أَن تكون أَرَادَت غير الْهدى فَيكون مُوَافقا لقولنا وروى حَمَّاد عَن أَيُّوب عَن نَافِع قَالَ عطبت بَدَنَة لِابْنِ عمر تَطَوّعا فنحرها وأكلها وَلم يهد مَكَانهَا وَالْحجّة لقولنا مَا روى عبد الْوَارِث بن سعيد قَالَ حَدثنَا أبوالتياح عَن مُوسَى بن سَلمَة عَن ابْن عَبَّاس بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سِتّ عشرَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 84 بَدَنَة مَعَ رجل وَأمره فِيهَا فَمضى ثمَّ رَجَعَ فَقَالَ يَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَيفَ أصنع بِمَا أبدع عَليّ مِنْهَا قَالَ انحرها ثمَّ اصبغ نعلها فِي دَمهَا ثمَّ اجْعَلْهُ على صفحتها وَلَا تَأْكُل مِنْهَا أَنْت وَلَا أحد من أهل رفقتك فَإِن قيل فقد قَالَ مَالك إِنَّه إِن وَجه بهَا مَعَ رجل فَعَطب لم يَأْكُل مِنْهَا الموجه بهَا مَعَه وَذهب إِلَى حَدِيث ابْن عَبَّاس هَذَا فَهَلا قلت مثله قيل لَهُ لِأَنَّهُ يحْتَمل أَن يكون نَهَاهُ عَن أكله لِأَنَّهُ لَا يَأْكُل مِنْهَا إِلَّا فَقير وَكَانَ الرجل وَأَصْحَابه أَغْنِيَاء وَيحْتَمل أَن الرجل كَانَ من خُزَاعَة فِيمَن قد دخل فِي حلف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأجراه مجراهم فِي تَحْرِيم الصَّدَقَة وَيدل على ذَلِك أَن قَتَادَة روى عَن سِنَان بن سَلمَة عَن ابْن عَبَّاس أَن ذؤيبا أَبَا قبيصَة بن ذُؤَيْب حَدثهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يبْعَث مَعَه بِالْبدنِ وَذكر الحَدِيث على نَحْو مَا قد ذكرنَا وروى هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن أَخِيه صَاحب بدن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ يَا رَسُول الله وَذكر الحَدِيث مثله وَهَذَا نَاجِية عَن خُزَاعَة وَقد روى سعيد بن عبيد بن رِفَاعَة عَن أَبِيه عَن جده رِفَاعَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ حلفاؤنا وَأَبْنَاء أخواتنا وموالينا منا وَيدل على صِحَة تاويلنا أَنه منع أهل رفقته أكله وَلَا خلاف بَين الْمُسلمين أَن من بعث بِصَدقَة مَعَ رجل فِي رفْقَة وَأمره أَن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 85 يتَصَدَّق بهَا فِي مَكَان ذكره لَهُ أَن من تحل لَهُ الصَّدَقَة من أهل رفقته تحل لَهُم ذَلِك فَثَبت أَن الْمَعْنى فِي الْمَنْع كَانَ فِيهِ مَا تأولنا 565 - فِي الِاشْتِرَاك فِي الْبدن مَعَ اخْتِلَاف وُجُوه الْقرب قَالَ أَصْحَابنَا يجوز أَن يشْتَرك سَبْعَة فِي بَدَنَة أحدهم جَزَاء صيد وَالْآخر تمتّع والاخر إحصار وَيجوز ذَلِك حَتَّى أَجمعُوا كلهَا فِي وُجُوه الْقرب وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ مَالك لَا يجزيء وَاحِد مِنْهُم إِلَّا بَدَنَة تَامَّة وروى حَاتِم بن إِسْمَاعِيل قَالَ حَدثنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن جَابر أَن عَليّ بن أبي طَالب قدم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْيمن فِي حجَّته الَّتِي حَجهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأشرك النَّبِي عليا فِي هَدْيه فَثَبت بذلك جَوَاز الشّركَة فِي الْهَدَايَا كجوازها فِي الضَّحَايَا وَقد روى مَالك عَن أبي الزبير عَن جَابر نحرنا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَام الْحُدَيْبِيَة الْبَدنَة عَن سَبْعَة وَالْبَقَرَة عَن سَبْعَة الحديث: 565 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 86 566 - فِيمَا إِذا ضَاعَ الْهدى أَو الْأُضْحِية وأبدله بآخر ثمَّ وجد الأول قَالَ أَصْحَابنَا إِذا سَاق هَديا أَو أوجبه أضْحِية فأبدل مَكَانهَا ثمَّ وجد الأول فَإِن أنفذهما جَمِيعًا فَهُوَ أفضل وَإِن نحر الأول وَبَاعَ الآخر أَجزَأَهُ وَإِن نحر الآخر وَبَاعَ الأول نظر إِلَى الْقِيمَتَيْنِ فَإِن كَانَ الآخر أَكثر أَجْزَأَ وَإِن كَانَ الأول أَكثر تصدق بِالْفَضْلِ وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَقَالَ مَالك إِذا نحر الْبَدَل ثمَّ وجد الأول نَحره أَيْضا وَقَالَ فِي الْأُضْحِية إِن كَانَ قد نحر الْبَدَل صنع بِالْأولِ مَا شَاءَ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِن كَانَ قد أشعر الأول ثمَّ وجده فَلَا بُد لَهُ من إهدائه وَاجِبا كَانَ أَو تَطَوّعا وَإِن كَانَ قد نحر الْبَدَل قَالَ وَإِن كَانَ لم يشعره فَإِن كَانَ وَاجِبا فَإِن شَاءَ تَركه وَإِن كَانَ تَطَوّعا وَقد أبدله الآخر قَالَ قد ثَبت بِمَا قدمنَا فِيمَا سلف أَن الْهدى لم يخرج عَن ملكه فالبدل لم يخرج عَن ملكه أَيْضا فَإِذا وجد الأول كَانَ هُوَ الْهَدْي 567 - هَل يُورث الْهدى بِمَوْت صَاحبه قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا مَاتَ صَاحب الْهدى أَنه لوَرثَته وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمَالك وَالشَّافِعِيّ لَا يُورث وَقَالَ مَالك فِي الْأُضْحِية إِذا مَاتَ االذي أوجبهَا أَنَّهَا تورث وَقد دللنا على أَنه لم يخرج عَن ملكه فَيجب أَو يُورث الحديث: 566 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 87 568 - فِي الْعُيُوب الَّتِي لَا تجزىء فِي الْأَضَاحِي قَالَ أَبُو حنيفَة فِي الْعين وَالْأُذن والإلية إِذا كَانَ الْمَقْطُوع الثُّلُث أَجزَأَهُ فَإِن كَانَ أَكثر لم يجز وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا بَقِي الْأَكْثَر أَجزَأَهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُف أخْبرت أَبَا حنيفَة بِقَوْلِي فَقَالَ قولي كَقَوْلِك والجماء والمكسور الْقرن يجزىء وَقَالَ مَالك إِذا كَانَ قد قطع من الْأذن الْقَلِيل أَجْزَأَ وَالْكثير لَا يجزىء وَكَذَلِكَ قَول سُفْيَان وَقَالَ سُفْيَان تُجزئ المقطوعة الإلية وَقَالَ اللَّيْث لَا تضحى بالمصطلمة الْأذن وَالذِّئْب وَقَالَ الشَّافِعِي يضحى بالمكسور الْقرن وَلَا تُجزئ الجرباء لِأَنَّهُ مرض يفْسد لَحمهَا وروى همام عَن قَتَادَة عَن جري بن كُلَيْب عَن عَليّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه نهى عَن عضباء الْأذن والقرن قَالَ قَتَادَة فَسَأَلت سعيد بن الْمسيب عَن العضب فَقَالَ النّصْف فَمَا فَوْقه فَجمع فِي هَذَا الحَدِيث بَين الْقرن وَالْأُذن الحديث: 568 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 88 وَلَا خلاف بَين الْعلمَاء أَن المكسور الْقرن إِذا برأَ مِنْهُ يُجزئ وَقد روى سُفْيَان وَشريك عَن سَلمَة بن كهيل عَن حجية بن عدي أَنه كَانَ عِنْد عَليّ فَسَأَلَهُ رجل فَقَالَ لَا يَضرك وَهُوَ الَّذِي روى الحَدِيث الأول فَثَبت أَن الْقرن لَا عِبْرَة بِهِ وَأَيْضًا الْجَمَّاء لاخلاف فِي جَوَازهَا فَكَذَلِك يَنْبَغِي أَن تكون الْمَكْسُورَة الْقرن لِأَن من أَخذ علينا فِيهَا لَا يخْتَلف حكمهَا فِي عدمهَا من جِهَة الْخلقَة أَو تلفهَا بعد وجودهَا وَقد روى سُفْيَان عَن سَلمَة بن كهيل عَن حجية بن عدي عَن عَليّ قَالَ أمرنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن نستشرف الْعين وَالْأُذن فَإِن قيل روى زُهَيْر بن مُعَاوِيَة حَدثنَا أَبُو اسحاق عَن شُرَيْح بن النُّعْمَان وَقَالَ أَبُو اسحاق كَانَ رجل صدق عَن عَليّ قَالَ أمرنَا رَسُول الله صلى الله عَليّ وَسلم أَن نستشرف الْعين وَالْأُذن وَأَن لَا نضحي بعوراء وَلَا مُقَابلَة وَلَا مدابرة وَلَا شرقاء وَلَا خرقاء فَقَالَ زُهَيْر قلت لأبي إِسْحَاق أَو ذكر عضباء قَالَ لَا قلت مَا الْمُقَابلَة قَالَ يقطع الْأذن قلت المدابرة قَالَ يقطع من مؤخرة الْأذن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 89 قلت الشرقاء قَالَ تشق الْأذن قلت الخرقاء قَالَ تخرق أذنها للسمة فَفِي هَذَا الحَدِيث النَّهْي عَن الْأُضْحِية بِمَا قد قطع الْقَلِيل من أُذُنه فَقيل لَهُ لما ثَبت فِي حَدِيث جري بن كُلَيْب النَّهْي عَن الْأذن فِي العضب قَالَ سعيد بن الْمسيب هُوَ النّصْف فَمَا فَوْقه وَجب حمل الْحَدِيثين على الْمُوَافقَة وَتَكون الخرقاء وَمَا مَعْنَاهَا على ذهَاب النّصْف وَيكون تَأْوِيل سعيد أولى من تَأْوِيل أبي إِسْحَاق ليتفق معنى الْحَدِيثين وَقد روى شُعْبَة أَخْبرنِي سُلَيْمَان بن عبد الرَّحْمَن سَمِعت عبيد بن فَيْرُوز قَالَ سَأَلت الْبَراء قلت أَخْبرنِي مَا كره رَسُول اله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو نهى عَنهُ من الْأَضَاحِي قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَربع لَا يُجزئ العوراء الْبَين عورها والعرجاء الْبَين ظلعها والمريضة الْبَين مَرضهَا والكسيرة الَّتِي لَا تنقى قلت للبراء إِنِّي أكره فِي الْأذن نقص وَفِي الْقرن نقصا وَفِي السن نقصا قَالَ مَا كرهت فَدَعْهُ وَلَا تحرمه على أحد فَكَانَ فِي ذكره لهَذِهِ الْأَرْبَع وتخصيصه إِيَّاهَا بِالذكر دَلِيل على أَن ماعداها يُجزئ إِلَّا أَنه لما ثَبت بِحَدِيث عَليّ فِي الْأذن مَا ثَبت ألحقناه بِهِ وجعلناه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 90 نَاسِخا لِاتِّفَاق الْمُسلمين على مَعْنَاهُ وَفِي قَول الْبَراء لَا تحرمه على أحد دَلِيل عَليّ أَن النَّقْص الْقَلِيل فِي الْأذن لَا يمْنَع الْجَوَاز إِذا أوجب أضْحِية أَو هَديا صَحِيحا ثمَّ أَصَابَهُ عور لم يجزه وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ وَقَالَ مَالك يُجزئ فِي الْهَدْي وَلَا يُجزئ فِي الْأُضْحِية وَقَالَ الثَّوْريّ يُجزئ فيهمَا جَمِيعًا وَقَالَ الشَّافِعِي يجزىء قَالَ أَبُو جَعْفَر الْحجَّة أَنه لم يخرج عَن ملكه فَاعْتبر حَال الذّبْح أَلا ترى أَنه لَو عطب قبل الْمحل لم يجز وَلَو فَقَأَ رجل عين الْهَدْي أَخذ النُّقْصَان ويبيعه ليَشْتَرِي الثّمن وَالْأَرْش هَديا صَحِيحا وَقَالَ مَالك يَشْتَرِي بِالْأَرْشِ هَديا صَحِيحا أَجْزَأَ وَيتَصَدَّق بِهِ إِن لم يبلغ هَديا وَقَالَ الشَّافِعِي يتَصَدَّق بِالْأَرْشِ 569 - فِيمَن حج عَن الْمَيِّت أَو الْعَاجِز قَالَ أَصْحَابنَا فِي الصَّحِيح يحجّ غَيره عَن نَفسه يُجزئهُ وَيكون تَطَوّعا لَهُ وَإِن كَانَ مَرِيضا فَمَاتَ مِنْهُ أَجزَأَهُ من حجَّة الْإِسْلَام فَإِن أوصى رجل أَن يحجّ عَنهُ أحج عَنهُ من الثُّلُث وَإِن تطوع رجل عَن وَالِديهِ بِالْحَجِّ عَنْهُمَا أَجزَأَهُ وَقَول ابْن أبي ليلى إِن الْحَج عَن المي يُجزئ وَكَذَلِكَ قَول سُفْيَان مثل قَول أَصْحَابنَا الحديث: 569 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 91 وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يحجّ عَن الْمَيِّت وَإِن لم يوص وَيجزئهُ وَقَالَ الْحسن بن صَالح بن حَيّ لَا يحجّ أحد عَن اُحْدُ إِلَّا عَن ميت لم يحجّ فَقَط وَعَلِيهِ حجَّة الْإِسْلَام أَو من لزمَه الْحَج وَهُوَ بِمَنْزِلَة الْمَيِّت لَا يطْمع لَهُ فِي الْوُصُول إِلَى مَكَّة أبدا وَقَالَ اللَّيْث يجوز الْحَج عَن الْمَيِّت وَقَالَ الشَّافِعِي يحجّ عَن الْمَيِّت وَالْعَاجِز قَالَ مَالك لَا يحجّ أحد عَن الْحَيّ بتة قَالَ وَإِن مَاتَ صرورة فَأَرَادَ ورثته أَن يحجوا عَنهُ فَإِنَّهُم يتطوعون عَنهُ بِالصَّدَقَةِ أَو بِالْعِتْقِ أَو بِالْهَدْي أحب إِلَيّ قَالَ مَالك وَإِن أوصى أَن يحجّ عَنهُ أنفذت وَصيته وأحج عَنهُ من قد أحج روى سُفْيَان الثَّوْريّ عَن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن عَيَّاش بن أبي ربيعَة عَن زيد بن عَليّ عَن أَبِيه عَن عبيد الله بن أبي رَافع عَن عَليّ قَالَ اسْتقْبلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَارِيَة شَابة من خثعم فَقَالَت إِن أبي شيخ كَبِير وَقد أَدْرَكته فَرِيضَة الله فِي الْحَج أفيجزئ أَن أحج عَنهُ قَالَ حجي عَن أَبِيك ولوى عنق الْفضل فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاس لويت عنق ابْن عمك فَقَالَ رَأَيْت شَابًّا وشابة فَلم آمن عَلَيْهِمَا الشَّيْطَان وَقد روى مَالك عَن ابْن شهَاب عَن سُلَيْمَان بن يسَار عَن عبد الله بن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 92 الْعَبَّاس أَنه كَانَ الْفضل بن الْعَبَّاس رَدِيف رَسُول اله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجَاءَتْهُ امْرَأَة من خثعم فَقَالَت يَا رَسُول الله إِن فَرِيضَة الله على عباده فِي الْحَج أدْركْت أبي شَيخا كَبِيرا لَا يَسْتَطِيع أَن يثبت على الرَّاحِلَة أفأحج عَنهُ قَالَ نعم وَذَلِكَ فِي حجَّة الْوَدَاع وروى شُعْبَة عَن النُّعْمَان بن سَالم عَن عَمْرو بن أَوْس عَن أبي رزين قَالَ قلت يَا رَسُول الله إِن أبي شيخ كَبِير لَا يَسْتَطِيع الْحَج وَالْعمْرَة وَلَا الظعن قَالَ حج عَن أَبِيك وَاعْتمر وروى مَنْصُور عَن مُجَاهِد عَن يُوسُف بن الزبير عَن عبد الله بن الزبير قَالَ جَاءَ رجل من خثعم إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِن أبي أدْركهُ الْإِسْلَام وَهُوَ شيخ كَبِير لَا يَسْتَطِيع ركُوب الرحل وَالْحج مَكْتُوب عَلَيْهِ أفأحج عَنهُ قَالَ أَنْت أكبر وَلَده قَالَ نعم قَالَ أَرَأَيْت لَو كَانَ على أَبِيك دين فقضيته عَنهُ أَكَانَ ذَلِك يُجزئ عَنهُ قَالَ نعم قَالَ فاحجج عَنهُ فَهَذِهِ آثَار متواترة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي جَوَاز الْحَج عَن الْعَاجِز وَقد روى عَن الْأَعْمَش عَن مُسلم البطين عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِن أبي مَاتَ وَلم يحجّ أفأحج عَنهُ فَقَالَ أَرَأَيْت لَو كَانَ على أَبِيك دين أَكنت قاضيه قَالَ نعم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 93 قَالَ فدين الله أَحَق فحج عَنهُ وروى أَبُو عوَانَة عَن أبي بشر عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ جَاءَت امْرَأَة من جُهَيْنَة إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت يَا رَسُول الله إِن أُمِّي نذرت أَن تحج وَإِنَّهَا مَاتَت قبل أَن تحج قَالَ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرَأَيْت لَو كَانَ على أمك دين أَكنت قاضيته قَالَت نعم قَالَ فحجي عَن أمك أقضوا الله الدّين الَّذِي لَهُ عَلَيْكُم فَإِن الله أَحَق بِالْوَفَاءِ فَثَبت فِي هذَيْن الْحَدِيثين إجَازَة الْحَج عَن الْمَيِّت وَلم يسْأَله هَل كَانَ أوصى أم لَا فَدلَّ على اسْتِوَاء الْحَدِيثين عِنْده 570 - فِيمَن يحجّ عَن غَيره قبل أَدَاء فَرْضه قَالَ أَصْحَابنَا حج الصرورة يُجزئ عَن غَيره وَمن قد حج أفضل وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَقَالَ الْحسن بن صَالح لَا يحجّ عَن الْغَيْر إِلَّا من قد حج حجَّة الْإِسْلَام وَيكرهُ أَن تحج الْمَرْأَة عَن الرجل وَلَا يكره أَن يحجّ الرجل عَن الْمَرْأَة لِأَن الْمَرْأَة تلبس وَالرجل لَا يلبس فِي الْإِحْرَام الحديث: 570 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 94 قَالَ الشَّافِعِي لَا يحجّ عَن أحد إِلَّا من أدّى الْفَرْض مرّة فَإِن لم يكن حج فَهُوَ عَنهُ وَلَا أجر لَهُ وروى سعيد عَن قَتَادَة عَن عزْرَة عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين سمع رجلا يَقُول لبيْك عَن شبْرمَة قَالَ من شبْرمَة قَالَ أَخ أَو قريب لي فَقَالَ فَهَل حججْت قطّ قَالَ لَا قَالَ اجْعَل هَذِه عَنْك ثمَّ احجج عَن شبْرمَة فاحتج الشَّافِعِي بذلك خَالفه لِأَنَّهُ يزْعم أَن الْحَج عَنهُ وَلَا يحْتَاج أَن يَجْعَلهَا عَن نَفسه وَقد روى ابْن وهب أَخْبرنِي عَمْرو بن الْحَارِث أَن قَتَادَة بن دعامة حَدثهُ عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس أَنه مر بِهِ رجل يهل فَقَالَ لبيْك بِحجَّة عَن شبْرمَة قَالَ وماشبرمة قَالَ رجل أوصى أَن يحجّ عَنهُ قَالَ حججْت أَنْت قَالَ لَا قَالَ فابدأ أَنْت فحج عَن نَفسك ثمَّ حج عَن شبْرمَة ففسد الحَدِيث الأول بذلك لِأَنَّهُ ذكره فِي هَذَا الحَدِيث من قَول ابْن عَبَّاس وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَيُّوب وخَالِد الْخُزَاعِيّ عَن أبي قلَابَة عَن ابْن عَبَّاس من كَلَامه لَا من كَلَام النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وذكرا فِيهِ قصَّة شبْرمَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 95 فَإِن قيل روى ابْن أبي ليلى عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سمع رجلا يُلَبِّي عَن شبْرمَة قَالَ وَمَا شبْرمَة فَذكر قرَابَة قَالَ أفحججت عَن نَفسك قَالَ لَا قَالَ فاحجج عَن نَفسك ثمَّ احجج عَن شبْرمَة قيل لَهُ أَيْضا هذاحديث فَاسد لفساد حفظ ابْن أبي ليلى وَقد كَانَ شُعْبَة يَقُول مَا رَأَيْت قطّ أحدا أَضْعَف حفظا من ابْن أبي ليلى لما كَانَ يَأْتِي بِهِ فِي مثل هَذَا وَفِي الْأَحَادِيث الَّتِي فِي الْبَاب الَّتِي قبل هَذَا مايدل على صِحَة قَوْلنَا لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يسْأَله هَل حججْت عَن نَفسك أم لَا بل جعله كَالدّين وَمن كَانَ عَلَيْهِ دين فَقضى دين غَيره من مَاله أَجزَأَهُ فَكَذَلِك الْحَج عَن غَيره يُجزئ وَإِن كَانَ عَلَيْهِ حجَّة الْإِسْلَام 571 - فِيمَن اشْترط لنَفسِهِ فِي إِحْرَام الْحَج وَالْعمْرَة أَصْحَابنَا يذهبون إِلَى أَن اشْتِرَاطه فِي الْإِحْرَام كلا اشْتِرَاط يَعْنِي محلي حَيْثُ حبستني وَهُوَ قَول مَالك وسُفْيَان وَاللَّيْث وروى نَحوه عَن إِبْرَاهِيم وَقَالَ الشَّافِعِي لَو حَدِيث ضباعة لم أعده وكا يكون مَحَله حَيْثُ حَبسه الله تَعَالَى بِلَا هدي وروى ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن طَاوُوس عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَت جَاءَت ضباعة بنت الزبير بنت عبد الْمطلب إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت يَا رَسُول الله إِنِّي امْرَأَة ثَقيلَة وَإِنِّي أُرِيد الْحَج وَإِنِّي شاكية فَقَالَ الحديث: 571 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 96 حجي واشترطي أَن محلي حَيْثُ حبستني وروى عبد الله بن نمير عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت دخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على ضباعة بنت الزبير يعودها فَقَالَ لَعَلَّك أردْت الْحَج قَالَت إِنِّي وجعة قَالَ فحجي واشترطي اللَّهُمَّ محلي حَيْثُ حبستني وَرُوِيَ هَذَا الْمَذْهَب عَن عُثْمَان وَعَائِشَة فقد ثَبت ذَلِك بِالْأَسَانِيدِ الصِّحَاح وَقَول من ذكرنَا من لصحابة فَلَا معدل عَنهُ فَإِن قيل فقد روى يُونُس عَن ابْن شهَاب عَن سَالم كَانَ ابْن عمر يُنكر الِاشْتِرَاط فِي الْحَج وَيَقُول حسبكم سنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن حبس أحد عَن الْحَج طَاف بِالْبَيْتِ والصفا والمروة ثمَّ حل من كل شَيْء حَتَّى يحجّ من قَابل قيل لَهُ قد روينَا عَمَّن ذكرنَا من الصَّحَابَة خِلَافه وَمَعَهُمْ سنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَهُوَ أولى من قَول ابْن عمر على أَن ابْن عمر لم يعرف حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ذَلِك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 97 قَالَ نَافِع كَانَ ابْن عمر إِذا سُئِلَ عَن الِاسْتِثْنَاء فِي الْحَج وَالْعمْرَة يَقُول مَا أعرفهُ فَإِن قيل قَالَ الله تَعَالَى {وَأَتمُّوا الْحَج وَالْعمْرَة لله فَإِن أحصرتم} الْآيَة الْبَقَرَة 196 فقد بَين حكم الْمحصر فَغير جَائِز ترك هَذَا الحكم بِخَبَر الْوَاحِد قيل لَهُ هَذَا فِيمَن لم يشْتَرط فِي إِحْرَامه فَأَما من اشْترط فَحكمه مَا وَصفنَا فَلَا يدْفع أَحدهمَا بِصَاحِبِهِ قَالَ وَأما وقُوف الشَّافِعِي فِي الحَدِيث فَلِأَنَّهُ رَوَاهُ عَن سُفْيَان عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر بضباعة بنت الزبير الحَدِيث فَلم يَقع إِلَيْهِ إِلَّا بِالْإِسْنَادِ الْمُنْقَطع وَلَو وقف على مَا روينَاهُ لقَالَ بِهِ وَأما مَا روى مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم أَنهم كَانُوا لَا يرَوْنَ الِاشْتِرَاط فَلَا معنى لَهُ لأَنهم قد كَانُوا يشترطون أَنهم إِن حبسوا كَانُوا معتمرين أَو خَارِجين من الْإِحْرَام إِلَى غير إِحْرَام 572 - هَل الْعمرَة وَاجِبَة قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك الْعمرَة غير وَاجِبَة قَالَ سُفْيَان إِنَّهَا وَاجِبَة الحديث: 572 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 98 سُئِلَ الْأَوْزَاعِيّ فَقَالَ كَانَ ابْن عَبَّاس يَقُول هِيَ وَاجِبَة كوجوب الْحَج قَالَ الشَّافِعِي هِيَ وَاجِبَة روى عَفَّان بن مُسلم قَالَ حَدثنَا سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة قَالَ حَدثنَا ثَابت عَن أنس كُنَّا قد نهينَا فِي الْقُرْآن أَن نسْأَل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عنشيء فَكَانَ يعجبنا أَن يَجِيء الرجل الْعَاقِل من أهل الْبَادِيَة فَيسْأَل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ أجرأ على ذَلِك منا فجَاء رجل فَقَالَ يَا مُحَمَّد أَتَانَا رَسُولك فَزعم أَن الله تَعَالَى أرسلك قَالَ صدق قَالَ وَزعم أَن علينا خمس صلوَات فِي يَوْمنَا وليلتنا وَذكر الزَّكَاة وَصَوْم رَمَضَان وَحج الْبَيْت من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا قَالَ صدق قَالَ فبالذي أرسلك الله أَمرك بِهَذَا قَالَ نعم قَالَ فوالذي بَعثك بِالْحَقِّ لَا أَزِيد عَلَيْهِنَّ شَيْئا وَلَا أنقص مِنْهُنَّ شَيْئا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَئِن صدق ليدخلن الْجنَّة فَفِي هَذَا الحَدِيث نفي وجوب الْعمرَة وَقد روى ابْن عَبَّاس وَابْن عمر وَزيد بن ثَابت وجوب الْعمرَة على أَنه قد روى عبيد الله بن مُوسَى أخبرنَا حَنْظَلَة قَالَ سَمِعت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 99 عِكْرِمَة بن خَالِد يحدث طَاوس قَالَ جَاءَ رجل إِلَى ابْن عمر فَقَالَ يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن أَلا تغزو فَقَالَ إِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول بني الْإِسْلَام على خمس شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وإقام لصَلَاة وإيتاء الزَّكَاة وَالْحج وَصَوْم رَمَضَان فَهَذَا يدل على أَن ابْن عمر لم ير الْعمرَة وَاجِبَة فَإِن احْتَجُّوا من جِهَة النّظر بِأَنَّهُ لَا يتَطَوَّع إِلَّا بِمَا لَهُ أصل من الْفَرْض وَالْعمْرَة يتَطَوَّع بهَا فَيدل على أَنَّهَا فرض فِي الأَصْل انْتقض ذَلِك بالاعتكاف وَإِنَّمَا هَذَا قلب الحَدِيث أَن يُقَال لِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَن يُقَال قد يتَطَوَّع بِمَا لَهُ أصل فِي الشَّرْع فَجَائِز أَن يتَطَوَّع لِأَن كل مَا يتَطَوَّع بِهِ فَلهُ أصل فِي الْفَرْض وَأَيْضًا وجدنَا سَائِر الْفُرُوض الْمُوجبَة فِي أعيانها محصورة فِي أَوْقَات كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْم وَالْحج فَلَو كَانَت الْعمرَة فرضا لكَانَتْ محصورة بِوَقْت 573 - فِي الْعمرَة فِي أَيَّام السّنة كلهَا قَالَ أَصْحَابنَا الْعمرَة جَائِزَة فِي كل السّنة غير يَوْم عَرَفَة وَيَوْم النَّحْر وَأَيَّام التَّشْرِيق فَإِنَّهَا محظورة فِيهِنَّ وروى ذَلِك عَن عَائِشَة وَهُوَ قَول عَطاء وروى بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف أَنه لم يكره الْعمرَة فِي يَوْم عَرَفَة وَقَالَ مَالك يكره للْحَاج الْعمرَة فِي أَرْبَعَة أَيَّام يَوْم النَّحْر وَأَيَّام التَّشْرِيق وَلَا يكره ذَلِك لغير الْحَاج الحديث: 573 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 100 وَقَالَ الثَّوْريّ يعْتَمر فِي أَي وَقت شَاءَ من السّنة وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ الْحسن بن صَالح لَا يعْتَمر فِي أَيَّام التَّشْرِيق وَقد روى الْأَوْزَاعِيّ عَن عَطاء عَن عَائِشَة كَرَاهَته الْعمرَة فِي خَمْسَة أَيَّام مثل قَول أبي حنيفَة وروى يزِيد الرشك عَن معَاذَة عَن عَائِشَة تمت الْعمرَة فِي السّنة كلهَا إِلَّا أَرْبَعَة أَيَّام يَوْم عَرَفَة وَيَوْم النَّحْر ويومين من أَيَّام التَّشْرِيق وروى قَتَادَة عَن معَاذَة عَن عَائِشَة قَالَت تمت الْعمرَة فِي السّنة كلهَا إِلَّا ثَلَاثَة أَيَّام يَوْم النَّحْر ويومين من أَيَّام التَّشْرِيق وَرُوِيَ عَن إِبْرَاهِيم أَنه لَا يعْتَمر إِلَّا أَن ينْقض ذُو الْحجَّة 574 - فِي إِدْخَال الْعمرَة على الْحَج قَالَ أَصْحَابنَا يضيف الْحَج إِلَى الْعمرَة وَلَا يضيف الْعمرَة إِلَى الْحَج فَإِن فعل فقد أَسَاءَ وَهُوَ قَارن وَهُوَ قَول مَالك وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ قَالَ إِن أضَاف الْعمرَة إِلَى الْحَج لم تلْزمهُ الْعمرَة وَلَا قضاءعليه وَلَا دم بتركهما الحديث: 574 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 101 وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا بَأْس بِأَن يضم الْعمرَة إِلَى الْحَج بَعْدَمَا أهل بِالْحَجِّ وروى سُفْيَان عَن مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم أَو مَالك بن الْحَارِث عَن أبي نصر قَالَ أَهلَلْت بِالْحَجِّ فأدركت عليا رَضِي الله عَنهُ فَقلت إِنِّي أَهلَلْت بِالْحَجِّ أفماأستطيع أَن أضم إِلَيْهِ عمْرَة قَالَ لَا لَو كنت أَهلَلْت بِالْعُمْرَةِ ثمَّ أردْت أَن تضم إِلَيْهِ الْحَج ضممت وَلَيْسَ عَن اُحْدُ من الصَّحَابَة خلاف ذَلِك وَمثل ذَلِك لَا يُقَال رَأيا فَثَبت أَنه تَوْقِيف 575 - من هم حاضروا الْمَسْجِد الْحَرَام قَالَ أَصْحَابنَا حاضروا الْمَسْجِد الْحَرَام هم أهل الْمَوَاقِيت وَمن دونهَا إِلَى مَكَّة مِمَّن لَهُ أَن يدخلهَا بِغَيْر إِحْرَام قَالَ مَالك الَّذين لَا دم عَلَيْهِم إِن تمَتَّعُوا أَو قرنوا فِي أشهر الْحَج إِنَّمَا هم أهل مَكَّة وَذَوي طوى وَأما أهل منى فليسوا بِمَنْزِلَة أهل مَكَّة وَإِن تمَتَّعُوا فَعَلَيْهِم ماعلى سَائِر أهل الْبلدَانِ وَكَذَلِكَ من وَرَاء الْمِيقَات إِلَى مَكَّة قَالَ الثَّوْريّ هم أهل مَكَّة قَالَ الشَّافِعِي من كَانَ أَهله دون لَيْلَتَيْنِ وَهُوَ حِينَئِذٍ أقرب الْمَوَاقِيت وَمن سَافر إِلَيْهِ صلى صَلَاة حضر قَالَ من كَانَ وَرَاء الْمَوَاقِيت إِلَى الْآفَاق لَهُ مُجَاوزَة الْمَوَاقِيت الَّتِي دون الْحرم بِغَيْر إِحْرَام وَإِذا أَرَادَ الْإِحْرَام لم يكن لَهُ مُجَاوزَة الْمَوَاقِيت إِلَّا محرما فَلم يكن الْإِحْرَام مُسْتَحقّا عَلَيْهِ لأجل غر الْمِيقَات وَإِنَّمَا هُوَ مُسْتَحقّ عَلَيْهِ فِي الحديث: 575 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 102 الْمِيقَات إِذا أَرَادَ الْإِحْرَام بمجاوزته الْوَقْت ثمَّ وجدنَا مُسْتَحقّا عَلَيْهِ أَنه لايدخل الْحرم إِلَّا محرما سَوَاء أَرَادَهُ أَو لم يردهُ فَعلمنَا أَن الْحرم اسْتحق ذَلِك لنَفسِهِ وَأَنه لَيْسَ كالميقات فَوَجَبَ أَن يكون الْحرم هُوَ الْغرَّة دون الْمِيقَات فِي الْمَنْع من التَّمَتُّع 576 - فِي الْأَفْضَل من النّسك قَالَ أَبُو جنيفة وَزفر الْقرَان أفضل من التَّمَتُّع والإفراد وَقَالَ أَبُو يُوسُف التَّمَتُّع بِمَنْزِلَة الْقرَان وَهُوَ قَول الْحسن بن صَالح وسُفْيَان وَكره أَن يُقَال بَعْضهَا أقل من بعض وَقَالَ مَالك الْحَج أحب إِلَيّ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَعبد الْعَزِيز بن أبي سَلمَة الْمَاجشون وعبيد الله بن الْحسن الْإِفْرَاد أفضل وَقَالَ الشَّافِعِي فِي مُخْتَصر الْمُزنِيّ أحب إِلَيّ أَن يفرد وَقَالَ فِي الْبُوَيْطِيّ التَّمَتُّع أحب إِلَيّ قَالَ اتّفق الْجَمِيع على إِبَاحَة الْقرَان والتمتع فَدلَّ أَنَّهُمَا غير ناقصين وَكَيف يكون نَاقِصا وَقد أَبَاحَهُ الله تَعَالَى ثمَّ وجدنَا تَعْجِيل الْحَج أفضل من تَأْخِيره فَكَذَلِك يَنْبَغِي أَن يكون تَعْجِيل الْعمرَة أفضل من تَأْخِيرهَا 577 - فِي رفع الصَّوْت بِالتَّلْبِيَةِ قَالَ أَصْحَابنَا يرف صَوته بِالتَّلْبِيَةِ وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ الحديث: 576 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 103 وَقَالَ مَالك يسمع نَفسه وَمن يَلِيهِ إِلَّا فِي الْمَسْجِد الْحَرَام وَمَسْجِد منى فَإِنَّهُ يرفع صَوته فيهمَا وروى سُفْيَان عَن عبد الله بن أبي بكر عَن عبد الْملك بن أبي بكر عَن خَلاد بن السَّائِب عَن أَبِيه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَانِي جِبْرِيل فَأمرنِي أَن آمُر أَصْحَابِي أَن يرفعوا أَصْوَاتهم بالإهلال رَوَاهُ مَالك عَن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عَن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام عَن خَلاد بن السَّائِب عَن أَبِيه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرَوَاهُ مُوسَى بن عقبَة عَن الْمطلب بن عبد الله عَن السَّائِب بن خَلاد أَن جِبْرِيل قَالَ يَا مُحَمَّد كن عجاجا ثجاجا فَثَبت بذلك أَن رفع الصَّوْت بهما أفضل 578 - فِي الإهلال بِالتَّسْمِيَةِ والتلبية وَالنِّيَّة قَالَ أَصْحَابنَا إِن شَاءَ قَالَ لبيْك بِعُمْرَة وَحجَّة وَإِن شَاءَ اكْتفى بِالنِّيَّةِ والتلبية وَهُوَ قَول مَالك إِلَّا أَن عِنْد مَالك يجوز الْإِحْرَام بِغَيْر تَلْبِيَة وَقَول الثَّوْريّ مثل قَوْلنَا وَكَذَلِكَ قَول الْحسن بن صَالح الحديث: 578 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 104 وَعند الشَّافِعِي إِن شَاءَ سمى وَإِن شَاءَ لم يسم يزِيد بن هَارُون عَن حميد الطَّوِيل عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه لبّى بِعُمْرَة وَحجَّة وَاتفقَ الْمُسلمُونَ على أَنه إِن لم يسم أَجزَأَهُ 579 - فِي لبس السَّرَاوِيل والخفين قَالَ أَصْحَابنَا فِي الْمحرم لَا يلبس سَرَاوِيل فَإِن لم يجد إزارا فتق السَّرَاوِيل وَإِذا لم يجد نَعْلَيْنِ قطع خفيه أَسْفَل من الْكَعْبَيْنِ وَهُوَ قَول مَالك وَاللَّيْث فِي الْخُفَّيْنِ إِلَّا أَنَّهُمَا قَالَا إِذا وجد نَعْلَيْنِ فَلبس خُفَّيْنِ مقطوعين افتدى وَهُوَ قَول الشَّافِعِي فِي الْخُفَّيْنِ وَقَالَ إِن لم يجد إزارا لبس السَّرَاوِيل وَهُوَ قَول سُفْيَان روى مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَن رجلا سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا يلبس الْمحرم من الثِّيَاب قَالَ لَا تلبسوا الْقَمِيص وَلَا العمائم وَلَا السراويلات وَلَا البرانس والخفاف إِلَّا أحد لَا يجد نَعْلَيْنِ فَلبس خُفَّيْنِ وليقطعهما أَسْفَل من الْكَعْبَيْنِ وَيزِيد بن هَارُون أخبرنَا يحيى بن سعيد عَن عمر بن نَافِع عَن الحديث: 579 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 105 أَبِيه عَن ابْن عمر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثله فَلَمَّا منع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لبس الْخُفَّيْنِ عِنْد الضَّرُورَة حَتَّى يَجْعَل بِمَنْزِلَة النَّعْلَيْنِ بِالْقطعِ ثَبت أَن الضَّرُورَة لَا يُبِيح لبس السَّرَاوِيل على حَال كَمَا لم يبح لبس الْخُف عِنْد لضَرُورَة على مَا هُوَ عَلَيْهِ فَإِن قيل روى سُفْيَان وهشيم وسُفْيَان بن عُيَيْنَة وَابْن جريج وَشعْبَة عَن عَمْرو بن دِينَار عَن جَابر بن زيد عَن ابْن عَبَّاس سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول بِعَرَفَة من لم يجد إزارا لبس سَرَاوِيل وَمن لم يجد نَعْلَيْنِ لبس خُفَّيْنِ وروى أَبُو غَسَّان مَالك بن اسماعيل حَدثنَا زُهَيْر قَالَ حَدثنَا أَبُو الزبير عَن جَابر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من لم يجد نَعْلَيْنِ فليلبس خُفَّيْنِ وَمن لم يجد إزارا فليلبس سَرَاوِيل قيل لَهُ اتَّفقُوا على أَن لبس الْخُفَّيْنِ مَحْمُول على مَا فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس الجزء: 2 ¦ الصفحة: 106 فِي الْإِبَاحَة إِلَى مَا فِي حَدِيث ابْن عمر مُطلقًا ومباحا فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس عِنْد الضَّرُورَة أَن يكون مَحْمُولا على الْوَجْه الَّذِي يجوز لبسه وَهُوَ أَن يفتقه وَلذَلِك شَوَاهِد من الْأُصُول أَلا ترى أَن الْمحرم مَنْهِيّ عَن الْحلق وَإِن حلق لضرور افتدى فَثَبت أَن الضَّرُورَة لَا ترفع كَفَّارَة الْحَج وَإِنَّمَا ترفع المأثم وَأما قَول مَالك وَاللَّيْث فِي إِيجَاب الْفِدْيَة على من لبس خُفَّيْنِ مقطوعين من أَسْفَل الْكَعْبَيْنِ إِذا كَانَ واجدا للخفين ففاسد من قبل أَنهم اتَّفقُوا على سُقُوط الْكَفَّارَة فِيهِ إِذا لم يجد نَعْلَيْنِ فَعلم أَن الْكَفَّارَة سَقَطت لِأَنَّهُمَا ليسَا بخفين لِأَنَّهُمَا لَو كَانَا خُفَّيْنِ لكَانَتْ الضَّرُورَة لَا تسْقط الْكَفَّارَة فَثَبت بذلك جَوَاز لبسهما سَوَاء عدم النَّعْل أَو وجدهَا 580 - فِي إِدْخَال مَنْكِبَيْه فِي القباء قَالَ لَا بَأْس للْمحرمِ بِأَن يدْخل مَنْكِبَيْه فِي القباء من غير أَن يدْخل يَده فِيهِ وَقَالَ زفر أَلا يدْخل مَنْكِبَيْه فِيهِ وَإِن فعل فَعَلَيهِ الْفِدْيَة وَقَالَ مَالك أكره أَن يدْخل مَنْكِبَيْه فِي القباء وَإِن لم يردالطيلسان على نَفسه فَإِن جلله وَطَالَ ذَلِك حَتَّى ينْتَفع بِهِ فَعَلَيهِ الْفِدْيَة وَإِن نَزعه مَكَانَهُ فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَكره اللَّيْث وسُفْيَان إِدْخَال مَنْكِبَيْه فِي القباء لِأَنَّهُ دُخُول فِي خياطته فَهُوَ كالدخول فِي خياطَة الْقَمِيص وَذَلِكَ مَحْظُور بِاتِّفَاق فَكَذَلِك القباء أَلا ترى أَن لَهُ الحديث: 580 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 107 أَن يرتدي بالقميص من غير دُخُول فِي خياطَة وَكَذَلِكَ ماوصفنا من دُخُول مَنْكِبَيْه لما كَانَ دُخُولا فِي خياطته 581 - فِي حمل الْمحرم على رَأسه شَيْئا لم نجد فِي حمل الْمحرم على رَأسه شَيْئا مَنْصُوصا عَنْهُم إِلَّا أَنه قَالَ إِذا دخل تَحت السّتْر فَإِن كَانَ يُصِيب رَأسه وَوَجهه كرهته فعلى هَذَا يَنْبَغِي أَن يكون الْحمل مَكْرُوها لملاصقته رَأسه وَقَالَ مَالك لابأس بِأَن يحمل على الْمحرم رَأسه شَيْء من الْمَتَاع لمَنْفَعَة نَفسه يكره أَن يَفْعَله لغيره وَحكى الشَّافِعِي قَول عَطاء مثل ذَلِك وَلم يُخَالِفهُ فَدلَّ على وفاقه إِيَّاه قَالَ لما كَانَ مَمْنُوعًا من تَغْطِيَة رَأسه لم يخْتَلف فِي تغطيته بِالْحملِ أَو غَيره كَمَا لما كَانَ مَمْنُوعًا من الْحلق لم يخْتَلف حكمه على أَي وَجه حلق متعارفا كَانَ ذَلِك الْوَجْه أَو غير مُتَعَارَف 582 - فِي عقد الْمحرم الْإِزَار وَشد المنطقة وَعصب الرَّأْس كره أَصْحَابنَا أَن يعْقد الْمحرم إزَاره على عُنُقه أَو يخلله بخلال فَإِن فعل فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَلَا بَأْس بالهميان والمنطقة يشدهما على وَسطه الحديث: 581 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 108 وَرُوِيَ عَن أبي يُوسُف كَرَاهِيَة لبس المنطقة إذاشدها بالإبزيم وَقَالَ مَالك إِذا عقد ثَوْبه عَلَيْهِ وخلله فَعَلَيهِ الْفِدْيَة وَلَا بَأْس بشد المنطقة على وَسطه إِذا كَانَ فِيهَا نَفَقَته وَيكرهُ إِذا كَانَ فِيهَا نَفَقَة غَيره وَيكرهُ شدّ المنطقة فَوق الْإِزَار وَكره الثَّوْريّ الْعِصَابَة فَإِن كَانَ بِهِ صداع عصب وَكفر وَلَا بَأْس بالهميان وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا بَأْس بِالْعِصَابَةِ إِذا اشْتَكَى وَلَا بعقدها وَاللَّيْث لَا يرى بَأْسا بالهميان والمنطقة وَكَذَلِكَ الشَّافِعِي وَقَالَ يعْقد الْمحرم إزَاره وَلَا يعصب رَأسه من عِلّة وَلَا غيرهلا فَإِن فعل افتدى قَالَ كَرَاهَة شدّ المنطقة فَوق الإزالر لَا معنى لَهُ لأَنهم متفقون على جَوَازه تَحت الْإِزَار وَحكى أَبُو الْقَاسِم كَرَاهَة المعضدة وَفرق بَينهمَا وَبَين المنطقة لِأَن مَوضِع المنطقة مَوضِع شدّ الْإِزَار ولماجاز شدّ الْإِزَار فِي ذَلِك الْموضع جَازَ شدّ المنطقة وَهَذَا لَا معنى لَهُ لِأَنَّهُ جَائِز لَهُ ستر الْعَضُد فَكَذَلِك يجوز أَن يشد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 109 عَلَيْهِ إِلَّا ترى أَنه لما لم يجز ستر رَأسه لم يجز الشد عَلَيْهِ وَلما جَازَ شدّ وَسطه جَازَ شدّ الْإِزَار عَلَيْهِ فَكَانَ الشد فِي معنى التغطية وَقَالَ مَالك يجوز شدّ المنطقة بالسيور فَنَظَرْنَا بَينه وَبَين أبي يُوسُف فِي كراهيته ذَلِك فَإِذا هُوَ قد جعله بِمَنْزِلَة الْخياطَة وَلَيْسَ كَذَلِك الشد لِأَن الشد بالسير لَيْسَ بإحداث صَنْعَة فِيهَا وَإِنَّمَا هُوَ اسْتِعْمَال مَصْنُوع قبل ذَلِك فَأشبه شدّ الْإِزَار إِذا لم يحدث فِيهِ صَنْعَة مستأنفة وَأما الْخياطَة فَإِنَّهَا إِحْدَاث صَنْعَة مستأنفة فَلذَلِك فَارق الشد الْخياطَة إِلَّا أَنا وجدناهم لَا يَخْتَلِفُونَ فِي الطيلسان المزرور أَنه مَكْرُوه وَأَنه كلبس الْقَمِيص فَكَذَلِك المنطقة ذَات السيور والإبزيم كَالطَّيْلَسَانِ المزرور سَوَاء 583 - فِي استظلال الْمحرم قَالَ أَصْحَابنَا لَا بَأْس أَن يستظل الْمحرم إِذا جافى ذَلِك عَن رَأسه وَهُوَ قَول سُفْيَان وَالشَّافِعِيّ وَكره مَالك أَن يستظل من الشَّمْس بِظِل من عَصا اَوْ ثوب وَلَا بَأْس بالفسطاط وَالْبَيْت وَقَالَ لَا بَأْس بالظلال للْمحرمِ إِذا كَانَ زميله امْرَأَة مُحرمَة وروى عبيد الله بن عمر عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَنه مر بِرَجُل قد استتر بِعُود وَهُوَ محرم فَقَالَ ضح لمن أَحرمت لَهُ الحديث: 583 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 110 وَيحْتَمل أَن يكون قد مَاس رَأسه وَأَيْضًا لم يَخْتَلِفُوا أَن الْقَاعِد لَا يكره لَهُ الاستظلال فَكَذَلِك الرَّاكِب 584 - فِي قتل الْمحرم القملة وإلقاؤها قَالَ أَصْحَابنَا لَا يقتل الْمحرم القملة وَإِن فعل أطْعم شَيْئا وَهُوَ قَول مَالك وروى عَن سُفْيَان مَا يدل على كَرَاهَته لقتلها قَالَ الشَّافِعِي إِذا قَتلهَا وَهِي على جسده فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَإِن أخرجهَا من رَأسه أطْعم شَيْئا كَأَنَّهُ قطع ظفرة أوشعرة قَالَ لَيست القملة كالشعر لأَنهم متفقون على أَن الشّعْر الَّذِي يباين مَوْضِعه من غير فعله لَا يكره لَهُ طَرحه فَيَنْبَغِي أَن يكون كَذَلِك القملة أَو كَانَت مباينة لجسده فَلَمَّا كره الْجَمِيع إِلْقَاء القملة من رَأسه علم أَنَّهَا لَيست بِمَنْزِلَة الشّعْر 585 - فِي غسل الْمحرم ثِيَابه قَالَ أَصْحَابنَا لَا بَأْس بِأَن يغسل الْمحرم ثِيَابه وَإِن قتل القملة كَمَا لَا بَأْس بِأَن يسْتَبْدل بهَا وَإِن كَانَ فِيهِ قتل القملة بطرحه وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَقَالَ مَالك لَا بَأْس بِأَن يغسل ثوب نَفسه وَيكرهُ لَهُ غسل ثوب غَيره حَكَاهُ ابْن وهب وَحكى ابْن الْقَاسِم عَن مَالك أكره للْمحرمِ أَن يغسل ثَوْبه إِلَّا أَن يُصِيبهُ جَنَابَة بِالْمَاءِ وَحده ولايغسله الحرض لِأَنَّهُ يقتل الدَّوَابّ الحديث: 584 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 111 وَلَا يكره أَن يُبدل ثِيَابه الَّتِي أحرم فِيهَا ويلقيها 586 - فِي اغتسال الْمحرم قَالَ أَصْحَابنَا للْمحرمِ أَن يغْتَسل وَيدخل الْحمام وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ مَالك أكرهه لقتل الدَّوَابّ وَإِزَالَة التفث والوسخ وَقد روى مَالك وسُفْيَان عَن زيد بن أسلم عَن ابراهيم بن علد الله بن حنين عَن أَبِيه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ للْمحرمِ أَن يغْتَسل وَخَالفهُ الْمسور فأرسلوني إِلَى أبي أَيُّوب فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يغسل رَأسه وَهُوَ محرم هَكَذَا أقبل على رَأسه وَأدبر وَمَالك عَن سمي عَن أبي بكر عَن رجل من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يصب على رَأسه بالعرج وَهُوَ محرم صَائِم من حر أَو عَطش وَإِذا جَازَ غسل سَائِر الْبدن وَقد روى نَحْو ذَلِك عَن عمر من غير نَكِير وَاحِد من الصَّحَابَة فَدلَّ على متابعتهم إِيَّاه الحديث: 586 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 112 587 - فِي الْمحرم يقرد بعيره قَالَ أَصْحَابنَا للْمحرمِ أَن يقرد بعيره وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْحسن بن صَالح وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ مَالك رَأَيْت أهل الْعلم يستحبون قَول ابْن عمر فِي نَهْيه أَن ينْزع قرادا عَن بعيره وَقَالَ مَالك إِن طرح ذَلِك عَن نَفسه فَلَا شَيْء فِيهِ وَإِن طَرحه عَن بعيره فَعَلَيهِ أَن يطعم روى مَالك عَن يحيى بن سعيد عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الْحَارِث التَّيْمِيّ عَن ربيعَة بن عبد الله بن الهدير أَنه رأى عمر بن الْخطاب يقرد بَعِيرًا فِي طين بالسقيا وَهُوَ محرم قَالَ مَالك لَيْسَ على هَذَا الْعَمَل وروى مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَنه كَانَ يكره أَن ينْزع الْمحرم قردا عَن بعيره 113 - قَالَ مَالك وَذَلِكَ أحب مَا سَمِعت إِلَيّ فِي هَذَا وروى جَوَاز ذَلِك عَن ابْن عَبَّاس فَقَوله وَقَول عمر فِي ذَلِك سَوَاء وَهُوَ أولى عِنْدِي فِي النّظر لِأَن القراد لَيْسَ من الصَّيْد وَلَا فِيهِ إِزَالَة التفث عَن نَفسه فَهُوَ كالذباب يجوز للْمحرمِ قَتله الحديث: 587 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 113 588 - فِي مس الطّيب وَشمه قَالَ أَصْحَابنَا يكره للْمحرمِ مس الطّيب وَشمه وشم الريحان وَإِن فعل فَلم يلزق بِهِ مِنْهُ شَيْء فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَلكنه يكره لَهُ وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَمَالك وَقَالَ مَالك يُقَام العطارون من بَين الصَّفَا والمروة وَأَيَّام الْحَج وَقَالَ إِن مس طيبا كثيرا افتدى وَالشَّافِعِيّ وَالْأَوْزَاعِيّ لم يريَا بَأْسا بشم الطّيب قَالَ لما تطيب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبقيت رَائِحَته بعد الْإِحْرَام دلّ على أَنه لَا يكره شم الطّيب 589 - فِي تزوج الْمحرم قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري للْمحرمِ أَن يتَزَوَّج وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ لَا يتَزَوَّج وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث يفرق بَينهمَا وَهِي تَطْلِيقَة وروى عَن مَالك أَنه فسخ لَيْسَ بِطَلَاق روى مَالك وَابْن أبي ذِئْب عَن نبيه بن وهب أخي بني عبد الدَّار عَن أبان بن عُثْمَان قَالَ سَمِعت أبي عُثْمَان بن عَفَّان يَقُول قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الحديث: 588 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 114 لَا ينْكح الْمحرم وَلَا ينْكح أويخطب قَالَ احْتمل أَن يكون للخوف عَلَيْهِ من إصابتهن لَا لِأَن العقد فَاسد وروى سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عَمْرو بن دِينَار عَن جَابر بن زيد عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تزوج مَيْمُونَة بنت الْحَارِث وَهُوَ محرم وروى مُعلى بن أَسد حَدثنَا وهيب بن خَالِد عَن عبد الله بن طَاوس عَن أَبِيه عَن ابْن عَبَّاس عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثله قَالَ أَبُو جَعْفَر وَحدثنَا فَهد وَمُحَمّد بن خُزَيْمَة قَالَا حَدثنَا أَبُو عوَانَة عَن مُغيرَة عَن أبي الضُّحَى عَن مَسْرُوق عَن عَائِشَة قَالَت تزوج رَسُول الله صلى الله عَليّ وَسلم بعض نِسَائِهِ وَهُوَ محرم فَهَذَا يدل على أَن مَنعه غَيره لأجل الْخَوْف عَلَيْهِ وَلم يخْش ذَلِك من نَفسه فَفعل كَمَا كَانَ يقبل وَهُوَ صَائِم قَالَت عَائِشَة وَأَيكُمْ يملك إربه كَمَا كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يملكهُ فَإِن قيل روى حَمَّاد بن زيد عَن مطر عَن ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن عَن سُلَيْمَان بن يسَار عَن أبي رَافع أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تزوج مَيْمُونَة حَلَالا قيل لَهُ هَذَا الحَدِيث لم يرفعهُ غير مطر الْوراق وَإِنَّمَا أَصله عَن سُلَيْمَان بن يسَار حِكَايَة عَنهُ لما ذكر فِيهِ غير مَذْكُور فِيهِ أَخذه عَن أبي رَافع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 115 وَلَا يُمكن أَن يكون لِسُلَيْمَان بن يسَار سَماع من أبي رَافع لإنه مَاتَ فِي صدر خلَافَة عَليّ أَو قبل ذَلِك واستخلف عليا على بَيته وَقد ذكرنَا فِي الزَّكَاة أَن عليا لما دفع إِلَيْهِم أَمْوَالهم وجدوها نَاقِصَة فَسَأَلُوهُ عَن ذَلِك فَقَالَ أتروني يكون عِنْدِي مَال يحول عَلَيْهِ الْحول لَا أزكيه فَذَلِك يُوجب تقدم مَوته وينفي لِقَاء سُلَيْمَان إِيَّاه فَإِن قيل روى مَالك عَن ربيعَة عَن سُلَيْمَان بن يسَار أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث أَبَا رَافع مَوْلَاهُ ورجلان من الْأَنْصَار فزوجاه مَيْمُونَة بنت الْحَارِث وَهُوَ فِي الْمَدِينَة قبل أَن يخرج روى حَمَّاد بن سلمه عَن حبيب بن الشَّهِيد عَن مَيْمُون بن مهْرَان عَن يزِيد بن الْأَصَم عَن مَيْمُونَة بنت الْحَارِث قَالَت تزَوجنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بسرف حَلَالا وَقَالَ الرّبيع بن سُلَيْمَان بعد أَن رَجَعَ من مَكَّة وَلم يذكر مُحَمَّد بن خُزَيْمَة فِي حَدِيثه غير حجاج بن منهال عَن حَمَّاد قيل إِنَّمَا أصل هَذَا عَن يزِيد الْأَصَم عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تزوج مَيْمُونَة غير محرم كَذَلِك رَوَاهُ من هُوَ أعلم النَّاس بحَديثه وأرواهم عَنهُ وَهُوَ جَعْفَر بن برْقَان عَن مَيْمُون بن مهْرَان قَالَ كنت عِنْد عَطاء فجَاء رجل فال هَل يتَزَوَّج الْمحرم فَقَالَ عَطاء مَا حرم الله النِّكَاح مُنْذُ أحله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 116 قَالَ مَيْمُون فَقلت لَهُ أَن عمر بن عبد الْعَزِيز كتب إِلَيّ أَن أسأَل يزِيد بن الْأَصَم أَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين تزوج مَيْمُونَة حَلَالا أَو حَرَامًا فَقَالَ يزِيد تزَوجهَا وَهُوَ حَلَال فَقَالَ عَطاء مَا كَانَ يَأْخُذ هَذَا إِلَّا عَن مَيْمُونَة كُنَّا نسْمع أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تزَوجهَا وَهُوَ محرم فَأخْبر جَعْفَر بِالسَّبَبِ الَّذِي رفع إِلَيْهِ هَذَا الحَدِيث عَن يزِيد بن الْأَصَم وَأَن الَّذِي كَانَ عِنْده مِنْهُ حَتَّى حَاج بِهِ عَطاء ذكره إِيَّاه عَن يزِيد بن الْأَصَم مَوْقُوفا عَلَيْهِ غير مَرْوِيّ عَن مَيْمُونَة وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَن يزِيد بن الْأَصَم من هُوَ أجل من جَعْفَر وحاج بِهِ عَمْرو بن دِينَار روى سُفْيَان عَن عَمْرو بن دِينَار عَن جَابر بن زيد عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تزوج مَيْمُونَة وَهُوَ محرم قَالَ عَمْرو فَحَدثني ابْن شهَاب عَن يزِيد بن الْأَصَم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نكح مَيْمُونَة وَهِي خَالَته وَهُوَ حَلَال قَالَ عَمْرو فَقلت لِلزهْرِيِّ وَمَا يدْرِي يزِيد بن الْأَصَم أَعْرَابِي بوال اتجعله إِلَى ابْن عَبَّاس وَلَيْسَ يجب أَن يحْتَج بِحَدِيث ابْن الشَّهِيد على الزُّهْرِيّ لضبط الزُّهْرِيّ وتقدمه غير أَن عَمْرو بن دِينَار قد خَاطب الزُّهْرِيّ ذَلِك عَلَيْهِ وَلَا دَفعه عَنهُ وَكَيف تجوز مُقَابلَة رِوَايَة ابْن عَبَّاس وَعَائِشَة بِيَزِيد بن الْأَصَم وَقد كَانَا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيزِيد لم يُولد بعد وَمن جِهَة أُخْرَى ان النّظر أَن الْإِحْرَام لَا يمْنَع العقد وَأَن منع الْوَطْء كَالصَّوْمِ وَالِاعْتِكَاف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 117 590 - فِي احتجام الْمحرم قَالَ أَصْحَابنَا يجوز للْمحرمِ أَن يحتجم وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ مَالك لَا يحتجم إِلَّا عَن ضَرُورَة روى أَبُو عوَانَة عَن مُغيرَة عَن أبي الضُّحَى عَن مَسْرُوق عَن عَائِشَة قَالَت احْتجم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وسللم وَهُوَ محرم وَلَو لم يصلح إِلَّا للضَّرُورَة سنّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سنته حَتَّى لَا يَقْتَدِي بِهِ إِلَى غير ذَلِك السَّبَب وَلَو جَازَ للضَّرُورَة لجَاز بفدية كحلق الرَّأْس من أَذَى 591 - فِي اكتحال الْمحرم والمحرمة قَالَ أَصْحَابنَا لَا بَأْس بالكحل للْمحرمِ والمحرمة مَا لم يكن فِيهِ طيب فَإِن كَانَ فِيهِ طيب تصدق إِلَّا أَن يكون مرَارًا كَثِيرَة فَعَلَيهِ دم وَإِن كَانَ من ضَرُورَة فَعَلَيهِ أَي الْكَفَّارَات شَاءَ وَهُوَ قَول الشَّافِعِي قَالَ مرّة لَا تكتحل الْمَرْأَة الْمُحرمَة لِأَنَّهُ زِينَة وَهُوَ قَول اللَّيْث وقولهما فِي الرجل مثل قَوْلنَا قَالَ الثَّوْريّ مثل قَوْلهمَا الحديث: 590 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 118 قَالَ اللَّيْث لِأَن الْكحل زِينَة للْمَرْأَة وشين للرجل قَول من منعهما الْكحل للزِّينَة لَا معنى لَهُ لِأَن لَهَا أَن تتزين بِمَا شَاءَت من الثِّيَاب 592 - فِي نظر الْمحرم فِي الْمرْآة قَالَ أَصْحَابنَا لَا بَأْس أَن ينظر الْمحرم فِي الْمرْآة قَالَ مَالك أكرهه وَلَا شَيْء عَلَيْهِ قَالَ لِأَنِّي لم آمن أَن يرى فِي وَجهه أَو رَأسه شعثا فيزيله وَجَدْنَاهُ غير مَمْنُوع من تقليب ثِيَابه الَّتِي يجوز لَهُ لبسهَا فِي الْإِحْرَام وَفِي النّظر إِلَيْهَا مَا يَدعُوهُ إِلَى لبسهَا وَلم يمْنَع من اجل ذَلِك فَكَذَلِك النّظر إِلَى وَجهه 593 - فِي إِدْخَال الْحَلَال الصَّيْد إِلَى الْحرم فال أَصْحَابنَا مَا أدخلهُ الْحَلَال الْحرم من الصَّيْد فَإِنَّهُ يُرْسِلهُ وعَلى هَذَا يدل قَول سُفْيَان وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ والأوازعي مَا أدخلهُ من الْحل فَلهُ أَن يذبحه وَلَيْسَ عَلَيْهِ إرْسَاله قَالَ مَالك فِي الأوز يذبحه الْمحرم وروى نَحْو قَوْلنَا عَن عَطاء وروى نَحْو قَول هَؤُلَاءِ عَن مُجَاهِد الحديث: 592 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 119 وَحكى عَن الشَّافِعِي فِي الْحَلَال يحرم وَفِي يَده صيد لَيْسَ عَلَيْهِ إرْسَاله الْقيَاس أَن الدواجن من الصَّيْد والوحش سَوَاء كَمَا ان الْأَنْعَام بالتوحش لَا يخرج عَن حكمهَا وَيجوز للْمحرمِ وَمن فِي الْحرم ذَبحهَا فَكَذَلِك مَا وَصفنَا وَقد روى أَن الصعب بن جثامة أهْدى لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حمَار وَحش فَرده وَقَالَ إِنَّا حرم وَلم يكْشف هَل صادفه فِي إِحْرَامه أوقبله 594 - فِيمَن أحرم وَفِي بَيته أَو قفصه صيد قَالَ أَصْحَابنَا من أحرم وَفِي بَيته أَو فِي قفصه صيد فَلَيْسَ عَلَيْهِ إرْسَاله وَقَالَ مَالك إِن كَانَ فِي بَيته لم يُرْسِلهُ وَإِن كَانَ فِي قفص مَعَه أَو يَده أرْسلهُ وَقَالَ ابْن أبي ليلى على سَبِيل مَا فِي منزله أَيْضا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي الْمحرم يكون مَعَه حمَار وَحش يُرْسِلهُ إِذا أحرم وَقَالَ الْحسن بن صَالح إِذا رَجَعَ من الْحَج وَعِنْده الْحمام فِي أمله أَنه يرسلها وَإِن رَجَعَ إِلَيْهِ شَيْء من الإلف لم يقبله وَقَالَ اللَّيْث إِذا أحرم وَمَعَهُ صيد أرْسلهُ وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا أحرم فذبح أَهله صيدا قد خَلفه فيهم فَعَلَيهِ الْجَزَاء الحديث: 594 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 120 وَكَذَلِكَ إِن مَاتَ وَإِن أسلم حَتَّى يحل فَلَا بَأْس بذَبْحه وَقد روى عَنهُ أَنه لَا يُرْسِلهُ فَإِن كَانَ يمسِكهُ إِذا أحرم وَهُوَ فِي بَيته فَهُوَ غير فَاعل فِي الصَّيْد شَيْئا فَلَا يُرْسِلهُ أَلا ترى أَنه لَو جرحه وَهُوَ حَلَال فَمَاتَ مِنْهَا بعد الْإِحْرَام لم يلْزمه شَيْء لِأَنَّهُ لم يفعل بعد الْإِحْرَام فِيهِ فعلا فَأَما إِذا كَانَ ممسكه فَهُوَ فَاعل فِي كل حَال فِيهِ فَهُوَ كاصطياد ثَان إِذا أحرم وَفِي يَده صيد فَأرْسلهُ ثمَّ حل فَوَجَدَهُ فَإِذا كَانَ صَاده بدءا وَهُوَ حرَام ثمَّ أرْسلهُ فَهُوَ للثَّانِي وَإِن كَانَ صَاده قبل الْإِحْرَام فَهُوَ أَحَق بِهِ من الثَّانِي وَقَالَ مَالك إِذا أحرم وَهُوَ فِي يَده فقد زَالَ ملكه عَنهُ فَهُوَ للثَّانِي وَقَالَ مَالك لَو أَن رجلا حَلَالا اصطاد صيدا ثمَّ انفلت من يَده فاصطاده آخر أَنه إِن كَانَ ذَلِك بحدثان ذَلِك رده على الأول وَإِن كَانَ قد لحق بالوحش فَهُوَ للثَّانِي قَالَ وَقَول الشَّافِعِي يدل على أَن الثَّانِي لَا يملكهُ قَالَ أَبُو جَعْفَر الْعدة على الْمَرْأَة تَحت زوج لَا يزِيل نِكَاح الأول وَإِن وَجب عَلَيْهِ اجتنابها 595 - فِيمَا يُبَاح للْمحرمِ قَتله من الْحَيَوَانَات قَالَ أَصْحَابنَا لَا يقتل الْمحرم شَيْئا من السبَاع إِلَّا الْكَلْب وَالذِّئْب ابتدأه أَو ابتدأهما فَلَا شَيْء عَلَيْهِ فِي قَتلهمَا وَكَذَلِكَ الْفَأْرَة والغراب وَالْعَقْرَب الحديث: 595 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 121 والحدأة وَإِن ابتدأه السَّبع وَقَتله فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَحكى ابْن أبي عمرَان عَن زفر أَنه يقتل الذِّئْب خَاصَّة بِغَيْر فديَة وَإِن قتل غَيره مِمَّا ابتدأه فدَاه وَذهب إِلَى أَن الضَّرُورَة لَا تسْقط الْفِدْيَة كحلق الرَّأْس من أَذَى وَقَالَ الْحسن بن صَالح مثل قَول أبي حنيفَة وَكَذَلِكَ الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَقَالَ مَالك لَا يقتل الْمحرم شَيْئا من السبَاع وَلَا يَبْتَدِئ الْإِنْسَان مثل الْأسد والنمر وَالذِّئْب والفهد قَالَ وَكَذَلِكَ الْكَلْب الْعَقُور وَأما الثَّعْلَب والهر وَمَا أشبههما فَلَا يقتلهما الْمحرم فَإِن فعل فدَاه قَالَ الشَّافِعِي كل مَا لَا يُؤْكَل لَحْمه فللمحرم قله قَالَ أَبُو جَعْفَر اسْم الصَّيْد يجمع الْمَأْكُول والمنتفع بِهِ من غير جِهَة الْأكل فَلَمَّا خص النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْخمس وَجب أَن تكون الْآيَة عَامَّة فِي الْبَاقِي روى ابْن شهَاب عَن سَالم عَن أَبِيه عَن حَفْصَة قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خمس من الدَّوَابّ يقتلهُمْ الْمحرم الْغُرَاب والحدأة والفأرة وَالْعَقْرَب وَالْكَلب الْعَقُور وَمَالك عَن نَافِع وَعبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثله وَهِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ خمس فواسق تقتلن فِي الْحل وَالْحرم الْكَلْب الْعَقُور والفأرة والحدأة وَالْعَقْرَب والغراب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 122 فَلَمَّا خص الْمُبَاح بِعَدَد لم يجز مجاوزته وَإِسْقَاط فَائِدَته فَإِن قيل روى زُهَيْر عَن زيد بن أسلم عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة أَن الْكَلْب الْعَقُور الْأسد قيل لَهُ رَوَاهُ زُهَيْر كَمَا ذكرت وروى حَفْص بن ميسرَة عَن زيد بن أسلم عَن ابْن سيلان عَن أبي هُرَيْرَة أَن الْكَلْب الْعَقُور الْأسد فخالفه فِي اسناده وَإِذا رَجَعَ الحَدِيث إِلَى ابْن سيلان لم يَصح الِاحْتِجَاج بِهِ فَإِن قيل لَيْسَ هَذَا أَبُو صَالح السمان وَإِنَّمَا هُوَ أَبُو صَالح بن سيلان قيل لَهُ فَهُوَ أولى أَن لَا يثبت بِهِ حجَّة وَالْكَلب الْمَذْكُور هَا هُنَا هَذَا الْكَلْب الْمَذْكُور فِي قَوْله {فَمثله كَمثل الْكَلْب} الْأَعْرَاف 176 وَقَوله {وكلبهم باسط ذِرَاعَيْهِ بالوصيد} الْكَهْف 18 وَإِذا ولغَ الْكَلْب قَالَ وَلَيْسَ يَنْبَغِي أَن يدْخل الذِّئْب فِي الْإِبَاحَة كَمَا قَالَ أَبُو حنيفَة فَإِن قيل قد سمى الذِّئْب كَلْبا قيل لَهُ سَمَّاهُ الله الْعَزِيز بِغَيْر اسْم الْكَلْب فِي قصَّة يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام وَأما مَالك فَقَالَ إِنِّي لَا أُبِيح من الطير أَلا مَا أَبَاحَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيلْزمهُ أَن لَا يُبِيح من السبَاع إِلَّا مَا أَبَاحَهُ وَيدل على فَسَاد قَول من جعل الْكَلْب الْأسد إِنَّهُم مجمعون على أَن الْكَلْب الْمَعْرُوف دَاخل فِيهِ فَانْتفى الْأسد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 123 وَقد روى جرير بن حَازِم حَدثنَا عبد الله بن عبيد بن عُمَيْر عَن ابْن أبي عمار عَن جَابر عبد الله أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن الضبع فَقَالَ هِيَ من الصَّيْد وَجعل فِيهَا إِذا أَصَابَهَا الْمحرم كَبْشًا والضبع يخيف الْإِنْسَان ويبتدئه بالأذى وَقد أوجب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيهِ الْجَزَاء فَبَطل بذلك اعْتِبَار مَالك فَإِن قيل ذَلِك لِأَنَّهُ أَبَاحَ أكلهَا كَمَا روى ابْن جريح عَن عبيد الله ابْن عُمَيْر أَن عبد الرَّحْمَن بن أبي عمار أخبرهُ قَالَ سَأَلت جَابر بن عبد الله عَن الضبع فَقلت أكلتها قَالَ نعم قلت أصيد هِيَ قَالَ نعم قيل لَهُ يحْتَمل أَن يكون ذَلِك من قَول جَابر لِأَنَّهُ لم يكن بلغه نَهْيه عَن كل ذى نَاب من السبَاع قَالَ فَإِن قيل يُبِيح قتل الوزغ فِي الْإِحْرَام قيل لَهُ لَا لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة الْعَقْرَب وَخص الْعَقْرَب بِإِبَاحَة الْقَتْل دونه فَإِن قيل لَهُ مَا تَقول فِي الْحَيَّة قيل لَهُ هِيَ مثل الوزغة فِي الْقيَاس وَهُوَ قَول الحكم بن عتيبة وَحَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان رَوَاهُ عَنْهُمَا شُعْبَة فَإِن قيل فقد رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه أَمر بقتل الْحَيَّة وَهُوَ يمنى رَوَاهُ الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم عَن الْأسود عَن عبد الله عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أمرنَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 124 رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقتل الْحَيَّة وَهُوَ بمنى قيل لَهُ يحْتَمل بعد الْإِحْلَال وَالْحلق 596 - فِي الصَّيْد يذبحه الْحَلَال قَالَ أَصْحَابنَا لَا بَأْس أَن يَأْكُلهُ الْمحرم وَمَا ذبحه الْمحرم لم يَأْكُلهُ أحد وَهُوَ قَول اللَّيْث وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا لم يصد الْمحرم وَقَالَ مَالك لَا يَأْكُلهُ الْمحرم فَإِن ذبحه الْحَلَال سَوَاء أَمر بذَبْحه أَو لم يَأْمُرهُ إِذا ذبح من أَجله وَكره سُفْيَان أكل لحم الصَّيْد للْمحرمِ وَإِن ذبحه الْحَلَال وَحكى عَنهُ أَن الصَّيْد إِذا ذبحه الْمحرم فللحلال أكله وَقَالَ اللأوزاعي إِذا صيد من أجل الْمحرم لم يُؤْكَل وَالْحسن بن صَالح لَا يَأْكُل الْمحرم لحم صيد صَاده حَلَال بِوَجْه قَالَ قَوْله {وَحرم عَلَيْكُم صيد الْبر} الْمَائِدَة 96 يحْتَمل عين الصَّيْد وَيحْتَمل الِاصْطِيَاد فَلَمَّا قَالَ {ليبلونكم الله بِشَيْء من الصَّيْد تناله أَيْدِيكُم ورماحكم} الْمَائِدَة 94 وَكَانَت هَذِه محكمَة وَتلك متشابهة وَجب أَن لَا يكون مَعْنَاهُ مَحْمُولا على معنى هَذِه وروى أَبُو عَاصِم النَّبِيل عَن ابْن جريج عَن الْحسن بن مُسلم عَن طَاوُوس قَالَ لما قدم زيد بن الأرقم أَتَاهُ ابْن عَبَّاس فَقَالَ أهْدى رجل إِلَى الحديث: 596 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 125 رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لحم اصيد فَرده وَقَالَ إِنِّي حرَام فَكَانَ فِي هَذَا الحَدِيث مايوجب التَّحْرِيم روى سُفْيَان عَن الزُّهْرِيّ عَن عبيد الله عَن ابْن عَبَّاس عَن الصعب بن جثامة قَالَ مر بِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا بالأبواء فأهديت لَهُ حمَار وَحش فَرده عَليّ فَلَمَّا رأى الْكَرَاهَة فِي وَجْهي قَالَ مَا رد عَلَيْك وَلَكنَّا حرم وروى مَالك وَابْن أبي ذِئْب وَاللَّيْث عَن شهَاب بِإِسْنَادِهِ مثله وَقَالَ أهدي حمارا وحشيا وَذكر الحَدِيث فقد خالفوا هَؤُلَاءِ سُفْيَان فِي ذَلِك فَإِن قيل كَانَ الْحمار مذبوحا لِأَن شُعْبَة روى عَن حبيب بن أبي ثَابت عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس أَن الصعب أهْدى لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حمارا وحشيا فَرده وَكَانَ مذبوحا فَعَاد معنى حَدِيث الصعب إِلَى معنى حَدِيث 3 زيد بن الأرقم فِي تَحْرِيم الصَّيْد على الْمحرم إِلَّا أَن ابْن جريج روى عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن معَاذ بن عبد الرَّحْمَن التَّيْمِيّ عَن أَبِيه عبد الرَّحْمَن بن عُثْمَان قَالَ كُنَّا مَعَ طَلْحَة بن عبيد الله وَنحن حرم فأهدى لَهُ طير وَطَلْحَة رَاقِد فمنا من أكل وَمنا من تورع فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ طَلْحَة وَقدم بَين يَدَيْهِ أكله فِيمَن أكله وَقَالَ أكلت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وروى مَالك عَن أبي النَّضر عَن نَافِع مولى أبي قَتَادَة بن ربعي أَنه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 126 كَانَ مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى إِذا كَانَ بِبَعْض طَرِيق مَكَّة تخلف مَعَ أَصْحَاب لَهُ محرمين وَهُوَ غير محرم فَرَأى حمارا وحشيا فَاسْتَوَى على فرسه ثمَّ سَأَلَ أَصْحَابه أَن يناولوه سَوْطه فَأَبَوا فَسَأَلَهُمْ رمحه فَأَبَوا فَأَخذه ثمَّ شدّ على الْحمار فَقتله فَأكل مِنْهُ بعض أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأبى بَعضهم فَلَمَّا أدركوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَأَلُوهُ عَن ذَلِك فَقَالَ إِنَّمَا هِيَ طعمة أطعمكموها الله وَمَالك عَن زيد بن أسلم عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي قَتَادَة مثله وَزَاد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ هَل مَعكُمْ من لَحْمه شَيْء وروى يحيى بن سعيد عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ عَن عِيسَى بن طَلْحَة عَن عُمَيْر بن سَلمَة عَن رجل من بهز أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر بِالرَّوْحَاءِ فَإِذا هُوَ بِحِمَار وَحش عقير فِيهِ سهم قد مَاتَ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعوه حَتَّى يَجِيء صَاحبه فجَاء رجل فَقَالَ يَا رَسُول الله هِيَ رميتي فكلوه فَأمر أَبَا بكر أَن يقسمهُ بَين الرفاق وهم محرومون قَالَ وَقَالَ الشَّافِعِي يَصح الْحَدِيثين فَيجْعَل الْمنْهِي عَمَّن صيد لَهُ وَالْإِبَاحَة لمن لم يصد لَهُ كَمَا روى ابْن وهب أَخْبرنِي يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن وَيحيى بن عبد الله بن سَالم عَن عَمْرو مولى الْمطلب عَن الْمطلب بن عبد الله بن حنْطَب عَن جَابر بن عبد الله أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لحم الصَّيْد حَلَال لكم وَأَنْتُم حرم مَا لم تصيدوه أَو يصاد لكم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 127 فَقيل لَهُ هَذَا حَدِيث مُضْطَرب الاسناد لِأَن إِبْرَاهِيم بن سُوَيْد رَوَاهُ عَن عَمْرو عَن الْمطلب عَن أبي مُوسَى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكر مثل حَدِيث جَابر وَرَوَاهُ الدَّرَاورْدِي عَن عَمْرو بن أبي عَمْرو عَن رجل من الْأَنْصَار عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثله فَلَمَّا اضْطربَ إِسْنَاده سقط الِاحْتِجَاج بِهِ على أَنه لَو صَحَّ الحَدِيث لَكَانَ معنى قَوْله أَو يصاد لكم بأمركم وَهَذَا أولى لِأَن الشَّيْء لَا يحرم على إِنْسَان بنية غَيره أَن يصيد لَهُ وَقد روى عَن أبي هُرَيْرَة أَنه أفتى بِإِبَاحَة أكله ثمَّ سَأَلَ عمر فَقَالَ لَو أَفْتيت بِغَيْرِهِ لأوجعتك وَهُوَ قَول ابْن عمر وَكَعب وَعَائِشَة وروى عَن عُثْمَان إِبَاحَته إِذا لم يصد من أَجله وروى عَن عَليّ كَرَاهَته وَيُؤْخَذ من جِهَة النّظر قَوْلنَا لأَنهم لَا يَخْتَلِفُونَ أَن لحم الصَّيْد إِذا ذكى فِي الْحل ثمَّ أَدخل الْحرم جَازَ أكله فَكَذَلِك إِذا أحرم 597 - فِيمَن يضْطَر إِلَى ميتَة وصيد قَالَ أَبُو حنيفَة يَأْكُل الْميتَة وَلَا يَأْكُل الصَّيْد وَهُوَ قَول مُحَمَّد وروى مثله عَن الْحسن الْبَصْرِيّ وَهُوَ قَول زفر وَمَالك وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ أَبُو يُوسُف يذبح الصَّيْد ويأكله وَعَلِيهِ جَزَاؤُهُ الحديث: 597 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 128 قَالَ وذبيحة الْمحرم الصَّيْد لَيست بِذَكَاة لِأَن الله سَمَّاهُ قتلا فَيَجْعَلهُ ميتَة وَإِذا حصل بذَبْحه ميتَة فَلَا معنى الأمره بذَبْحه وَالْجَزَاء وَهُوَ لَا يَأْكُل الْميتَة 598 - فِي قطع شجر الْحرم واحتشائه ورعيه قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد لَا يقطع شجر الْحرم وَلَا يحتشى وَلَا يرْعَى فَإِن فعل أهْدى بِقِيمَتِه إِن بلغ وَإِلَّا قومه طَعَاما فأطعم كل مِسْكين نصف صَاع من حِنْطَة وَهَذَا فِي كل مَا نبت بِنَفسِهِ مِمَّا لم ينبته النَّاس وَقَالَ زفر فِي شجر الْحرم لَا يُجزئ إِلَّا الْقيمَة يتَصَدَّق بهَا لَا يُجزئ الْهدى إِلَّا أَن يكون قِيمَته مذبوحا مثل ذَلِك وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَا بَأْس بِأَن يرْعَى حشيش الْحرم وَلَا يحتش وَهُوَ قَول (106 أ) عَطاء وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ مَالك لَا بَأْس بِأَن يحتش الْحَشِيش وَلَا يرى فِي قطع شجر الْحرم شَيْئا وَهُوَ مَحْظُور قطعه وَقَالَ الثَّوْريّ لَا يحتش وَإِن فعل فدى وروى أَبُو يُوسُف عَن يزِيد بن أبي زِيَاد عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله حرم مَكَّة إِلَى أَن قَالَ وَلَا يختلي خَلاهَا وَلَا يعضد شَجَرهَا فَقَالَ الْعَبَّاس إِلَّا الْإِذْخر فَإِنَّهُ لَا غنى لأهل مَكَّة عَنهُ لبيوتهم وقبورهم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا الْإِذْخر الحديث: 598 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 129 فَلَمَّا خص الْإِذْخر واستثناه دلّ على أَن ماعداه مَحْظُور لَا يختلي وَهُوَ أَن يحتش أَو يرْعَى وَيدل عَلَيْهِ مَا روى عبد الْملك عَن عَطاء عَن عبيد بن عُمَيْر أَن عمر بن الْخطاب رأى رجلا يقطع من شجر الْحرم ويعلفه بَعِيرًا لَهُ فَقَالَ عَليّ بِالرجلِ فَقَالَ أما علمت أَن مَكَّة حرَام لَا يعضد عضاهها فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَالله مَا حَملَنِي على ذَلِك إِلَّا أَن معي نضوا لي فَخَشِيت أَن لَا يبلغنِي أَهلِي وَمَا معي زَاد وَلَا نَفَقَة فرق عَلَيْهِ عمر بعد ماهم بِهِ وَأمر لَهُ بِبَعِير من إبل الصَّدَقَة موقرا طحينا فَلم يَأْمُرهُ عمر برعيه وَأنكر عَلَيْهِ فعله وَكَانَ ذَلِك بِحَضْرَة الصَّحَابَة فَلم ينكروه فَدلَّ على متابعتهم إِيَّاه وَلما قرن نَهْيه عَن الإختلاء بِالنَّهْي عَن تنفير الصَّيْد ثمَّ كَانَ منتهك الْحُرْمَة يجب عَلَيْهِ جَزَاؤُهُ وَكَذَلِكَ وَجب أَن يكون حكم منتهك حُرْمَة الشّجر روى بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف عَن ابي حنيفَة لَا بَأْس بِأَن يخرج تُرَاب الْحرم وحجارته إِلَى الْحل وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس وَابْن عمر كَرَاهَة ذَلِك وَهُوَ قَول ابْن أبي ليلى وَالشَّافِعِيّ قَالَ لما كَانَ شجر الْحرم مَنْهِيّا عَن قطعه واستعماله فِي الْحرم لأجل حرمته وَلم يكن مَمْنُوعًا من اسْتِعْمَال تُرَاب الْحرم وحجارته فِي الْحرم علم أَنه لَا حُرْمَة لَهُ فَلَا بَأْس بِإِخْرَاجِهِ وَأَيْضًا مَا جف من شجر الْحرم وَسقط جَازَ الِانْتِفَاع بِهِ وإخراجه فَكَذَلِك الْحجر وَالتُّرَاب يجوز إِخْرَاجه وَالِانْتِفَاع بِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 130 599 - فِي المواطن الَّتِي ترفع فِيهَا الْأَيْدِي وروى أَصْحَابنَا عَن إِبْرَاهِيم لَا ترفع الْأَيْدِي إِلَّا فِي سَبْعَة مَوَاطِن افْتِتَاح الصَّلَاة وقنوت الْوتر وَالْعِيدَيْنِ وَعند استلام الْحجر وعَلى الصَّفَا والمروة وبجمع وعرفات وَفِي المقامين عِنْد الْجَمْرَتَيْن حكى عَن أبي يُوسُف أَنه قَالَ فِي افْتِتَاح الصَّلَاة وَالْوتر وَالْعِيدَيْنِ وَعند استلام الْحجر يَجْعَل بطُون كفيه مِمَّا يَلِي الْقبْلَة وَظُهُورهمَا قبالة وَجهه وَأما الدّفع بِجمع وعرفات وَفِي المقامين عِنْد الْجَمْرَتَيْن وَعند الصَّفَا والمروة فيستقبل وَجهه ببطون كفيه يَعْنِي استلام الْحجر وَقَالَ مَالك فِي استلام الْحجر يكبر ويمضي وَلَا يرفع يَدَيْهِ وَقَالَ فِي الصَّفَا والمروة يرفعهما أَيْضا خَفِيفا وَكَذَلِكَ بِعَرَفَات وَلم يحفظ عَنهُ فِي المقامين وَقَالَ الشَّافِعِي لَيْسَ فِي رفع الْيَدَيْنِ عِنْد رُؤْيَة الْبَيْت شَيْء اكرهه وَلَا أستحبه وَهُوَ حسن قَالَ أَبُو جَعْفَر الْفضل بن مُوسَى السينَانِي روى ابْن أبي ليلى عَن نَافِع عَن الحكم عَن مقسم عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا ترفع الْأَيْدِي إِلَّا فِي سبع مَوَاطِن افْتِتَاح الصَّلَاة وَعند رُؤْيَة الْبَيْت وعَلى الصَّفَا والمروة وبعرفات وبالمزدلفة وَعند الْجَمْرَتَيْن الحديث: 599 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 131 وَرَوَاهُ الْمحَاربي عَن ابْن أبي ليلى عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثله وَقد روى شُعْبَة عَن أبي قزعة الْبَاهِلِيّ عَن المُهَاجر عَن جَابر بن عبد الله أَنه سُئِلَ عَن رفع الْأَيْدِي عِنْد الْبَيْت فَقَالَ ذَلِك شَيْء يَفْعَله الْيَهُود قد حجَجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يفعل ذَلِك فَحَدِيث جَابر أولى لِأَنَّهُ أخبر أَنه من فعل الْيَهُود وَقد كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتبع شَرِيعَة الْأَنْبِيَاء قبله حَتَّى ينزل خِلَافه فَلَمَّا أخبر أَنهم حجُّوا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يَفْعَله دلّ على نسخ مَا فعله الْأَنْبِيَاء قبله فِي ذَلِك فَيكون فِي ذَلِك حمل الْحَدِيثين على الصِّحَّة وَنفي التضاد عَنْهُمَا فَانْتفى بذلك رفع الْيَدَيْنِ عِنْد رُؤْيَة الْبَيْت وَأما رفع الْيَدَيْنِ عِنْد استلام الْحجر فَإِنَّهُ افْتِتَاح الصَّلَاة وَقد روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن الطّواف بِالْبَيْتِ صَلَاة إِلَّا أَن الله قد أحل لكم الْمنطق فَمن نطق فَلَا ينْطق إِلَّا بِخَير الجزء: 2 ¦ الصفحة: 132 فَكَانَت الصَّلَاة افتتاحها بِالتَّكْبِيرِ فَكَذَلِك افْتِتَاح كل شوط مِنْهُ كَصَلَاة مبتدأه فَإِن قيل لم لم نجْعَل كل سَبْعَة أَشْوَاط كَصَلَاة وَاحِدَة قيل لَهُ لِأَنَّهُ قد يجوز للطائف أَن يقطع طَوَافه عِنْد تَمام الشوط وَيرجع فيبني عَلَيْهِ وَلَو كَانَ كَصَلَاة وَاحِدَة لما جَازَ الْفَصْل وَقد رُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لعمر إِنَّك رجل قوي وَإنَّك تزاحم على الرُّكْن فتؤذي الضَّعِيف فَإِذا رَأَيْت خلْوَة فاستلمه وَإِلَّا فَكبر وامض وَقد روى حَمَّاد عَن بشر بن حَرْب عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَدْعُو بِعَرَفَة فَكَانَ يرفع يَدَيْهِ نَحْو ثندوته وَإِذا ثَبت ذَلِك فِي الْوُقُوف بِعَرَفَة لأجل الدُّعَاء ثَبت مثله فِي الصَّفَا والمروة وبالمزدلفة وَعند المقامين عِنْد الْجَمْرَتَيْن 600 - فِي قطع الطّواف للصَّلَاة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قطع طَوَافه لصَلَاة أُقِيمَت أَو غَيرهَا فَإِنَّهُ يَبْنِي بعد ذَلِك ويعتد بِمَا مضى وَكَذَلِكَ السَّعْي وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَابْن أبي ليلى وَالْحسن بن صَالح وَالْأَوْزَاعِيّ الحديث: 600 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 133 وَقَالَ مَالك إِذا أحدث فِي طَوَافه تَوَضَّأ واستأنف وَإِن أُقِيمَت الصَّلَاة صلى مَعَ الإِمَام وَبنى على مَا طَاف إِذا كَانَ طَوافا وَاجِبا وَإِن كَانَ تَطَوّعا فأحدث فَإِن شَاءَ تَركه وَلم يجب عَلَيْهِ إِتْمَامه وَكَذَلِكَ إِذا دخل فِي صَلَاة تطوع فأحدث فَلهُ أَن يَتْرُكهَا وَقَالَ اللَّيْث إِذا رعف فِي صلَاته أتم مَا بَقِي وَإِن كَانَ حَدثا اسْتَأْنف قَالَ وَقَالَ مَالك مثله وَقَالَ الشَّافِعِي فِي مُخْتَصر الْمُزنِيّ فِيمَن أحدث فِي طَوَافه أَجزَأَهُ وَلَيْسَ كَالصَّلَاةِ وَلَو أُقِيمَت الصَّلَاة فصلى بنى قَالَ الْمُزنِيّ فَهَذَا دَلِيل على أَنه لَيْسَ كَالصَّلَاةِ قَالَ لَا يَخْلُو الطّواف من أَن يكون كَالصَّلَاةِ أَو مُخَالفا لَهَا فَلَمَّا اتَّفقُوا على أَنه لَو أُقِيمَت الصَّلَاة فَقطع بنى دلّ على أَنه خلاف الصَّلَاة وَأَنه جَائِز فعله مَقْطُوعًا 601 - إِذا صلى الْفَرِيضَة عَن رَكْعَتي الطّواف قَالَ أَصْحَابنَا لَا يُجزئهُ وَهُوَ قَول مَالك قَالَ ابْن أبي ليلى وَالْأَوْزَاعِيّ يُجزئ الْفَرْض مِنْهُمَا قَالَ ابْن أبي ليلى وَهُوَ بِمَنْزِلَة رجل قَرَأَ سُورَة فِي آخرهَا سَجْدَة فَرَكَعَ بهَا وَرُوِيَ مثله عَن ابْن عَبَّاس قَالَ أَبُو جَعْفَر لما كَانَ رَكعَتَا الطّواف كَصَلَاة نذر لم ينب عَنهُ الْفَرْض كَمَا يَنُوب عَن النّذر الحديث: 601 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 134 602 - فِي قَضَاء رَكْعَتي الطّواف قَالَ أَصْحَابنَا إِذا ترك رَكْعَتي الطّواف حَتَّى خرج من مَكَّة قضاهما وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَرُوِيَ نَحوه عَن ابْن عمر وَهُوَ قَول مَالك إِلَّا أَنه قَالَ إِن كَانَ بِمَكَّة أعَاد الطّواف وَصلى وَإِن كَانَ قد رَجَعَ إِلَى أَهله قضى الصَّلَاة وَأهْدى هَديا وَقَالَ الْحسن بن صَالح إِذا أخر رَكْعَتي الطّواف الْوَاجِب حَتَّى يمْضِي أَيَّام النَّحْر فَعَلَيهِ دم قَالَ قد دللنا على أَن قطع الطّواف لَا يمْنَع الْبناء فَقطع الرَّكْعَتَيْنِ عَنهُ لَا تمنع الْقَضَاء 603 - فِيمَن أهل لَا يَنْوِي شَيْئا من حجَّة أَو عمْرَة يَنْبَغِي للْحَاج أَن يطوف طواف الْقدوم قبل خُرُوجه إِلَى عَرَفَات ثمَّ يخرج إِلَى عَرَفَات وروى مُحَمَّد عَن الرّبيع بن صبيح عَن عَطاء عَن جَابر قَالَ قدمنَا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَابِعَة مضين من ذِي الْحجَّة مهلين بِالْحَجِّ فَأمرنَا فطفنا بِالْبَيْتِ وسعينا بَين الصَّفَا والمروة ثمَّ أمرنَا فقصرنا ثمَّ قَالَ حلوا قَالَ مُحَمَّد وَأخْبرنَا عمر بن ذَر قَالَ قلت لمجاهد أهلوا لَا ينوون حجا وَلَا عمْرَة ينتظرون مَا يؤمرون بِهِ فَأَمرهمْ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يجعلوها عمْرَة الحديث: 602 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 135 قَالَ مُحَمَّد وَهَذَا أصح الْقَوْلَيْنِ وَكَذَا نقُول فِيمَن أهل لَا يَنْوِي شَيْئا أَنه إِن شَاءَ جعلهَا عمْرَة وَإِن شَاءَ حجَّة وَقَول مَالك مثل قَوْلنَا فِي أَنه إِذا كَانَ بِحجَّة قبل خُرُوجه إِلَى عَرَفَات لم يَنْفَسِخ حجه وَلم يحل مِنْهَا إِلَى يَوْم النَّحْر وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ فِيمَن قدم مَكَّة من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مهلين فَأَمرهمْ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالإحلال نَحْو مِمَّا تَأَوَّلَه مُحَمَّد وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن للمهل بِالْحَجِّ أَن يحل يخْتَار ذَلِك وَالْحج فِيهِ بإهلال النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم واصحابه حِين خرج وروى عبد الله بن طَاوُوس عَن ابْن عَبَّاس أَنهم كَانُوا يرَوْنَ الْعمرَة فِي أشهر الْحَج من أفجر الْفُجُور فَقدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه وَهُوَ ملبون بِالْحَجِّ فَأَمرهمْ أَن يجعلوها عمْرَة وروى ابْن جريج أَخْبرنِي عَطاء أَن ابْن عَبَّاس كَانَ يَقُول لَا يطوف أحد بِالْبَيْتِ حَاج وَلَا غَيره إِلَّا حل بِهِ قلت لَهُ من أَيْن كَانَ يَأْخُذ قَالَ من قبل قَول الله تَعَالَى {ثمَّ محلهَا إِلَى الْبَيْت الْعَتِيق} الْحَج 33 فَقلت فَإِنَّمَا ذَلِك بعد التَّعْرِيف قَالَ كَانَ ابْن عَبَّاس يرَاهُ قبل التَّعْرِيف وَبعده قَالَ وَكَانَ ابْن عَبَّاس يَأْخُذ من أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَصْحَابه أَن يحلو فِي حجَّة الْوَدَاع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 136 فَهَذَا مِمَّا رَوَاهُ عَطاء عَن ابْن عَبَّاس وروى شُعْبَة عَن الحكم عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ هَذِه استمتعنا بهَا فَمن لم يكن عِنْده الْهدى فليحل الْحل كُله فقد دخلت الْعمرَة فِي الْحَج فَهَذَا إِخْبَار أَن الْقَوْم كَانُوا مهلين بِعُمْرَة فَحل مِنْهَا من لَا هدي مَعَه وَلم يحل من سَاق الْهَدْي روى حميد عَن بكر بن عبد الله ذكرت لِابْنِ عمر قَول أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لبّى بِعُمْرَة وَحجَّة فَقَالَ ذهل أنس إِنَّمَا أهل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْحَجِّ وأهللنا بِهِ فَلَمَّا قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من كَانَ لَا هدي مَعَه فليحل وَكَانَ مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هدي فَلم يحل فَكَانَ فِي هَذَا الحَدِيث فسخ الْحَج إِلَى الْعمرَة وروى عقيل عَن ابْن شهَاب عَن سَالم عَن ابْن عمر قَالَ تمتّع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حجَّة الْوَدَاع بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَج وإهدى وسَاق مَعَه الْهَدْي من ذِي الحليفة وَبَدَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأهل بِالْعُمْرَةِ ثمَّ أهل بِالْحَجِّ فَفِي هَذَا الحَدِيث عَن ابْن عمر أَن الَّذِي أهل بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالنَّاس الْعمرَة فَحل مِنْهَا بِالطّوافِ من لم يكن مَعَه هدي وَبَقِي فِيهِ من كَانَ سَاق الْهَدْي قَالَ وَهَذَا أولى عندنَا من قَول ابْن عمر لِأَن مَالِكًا روى عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن حَفْصَة أَنَّهَا قَالَت لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا شَأْن النَّاس حلوا بِعُمْرَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 137 وَلم تحلل أَنْت من عمرتك فَقَالَ إِنِّي لبدت رَأْسِي وقلدت هَدْيِي فَلَا أحل حَتَّى أنحر فَلم يُنكر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على حَفْصَة قَوْلهَا ذَلِك فَثَبت أَنهم أهلوا بدءا بِعُمْرَة وروى حَاتِم بن إِسْمَاعِيل عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن جَابر فِي قصَّة حجَّة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ جَابر لسنا ننوي إِلَّا الْحَج لسنا نَعْرِف الْعمرَة حَتَّى إِذا كَانَ آخر الطّواف على الْعمرَة قَالَ لَو اسْتقْبلت من أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرت مَا سقت الْهَدْي ولجعلتها عمْرَة فَمن كَانَ لَيْسَ مَعَه هدي فليحل وليجعلها عمْرَة فَحل النَّاس وَقصرُوا إِلَّا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ مَعَه الْهَدْي فَكَانَ فِي هَذَا الحَدِيث أَنهم أَحْرمُوا بِالْحَجِّ وجعلوها عمْرَة قَالَ فَقَالَ قَائِل روى حَمَّاد عَن أبي نَضرة عَن جَابر قَالَ متعتان فعلناهما على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَنْهُمَا عمر فَلَنْ نعود إِلَيْهِمَا قَالَ فهذاخلاف حَدِيث مُحَمَّد بن عَليّ لِأَنَّهُ ذكر فِيهِ الْمُتْعَة والمتعة ابتداؤهما عمْرَة قيل لَهُ لَيْسَ هَذَا بِخِلَاف لأَنهم لما جعلُوا حجهم عمْرَة ثمَّ حجُّوا عَادوا متمتعين وروى مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم عَن الْأسود عَن عَائِشَة قَالَت خرجنَا وَلَا نرى إِلَّا أَنه الْحَج فَلَمَّا قدم مَكَّة طَاف وَلم يحل وَكَانَ مَعَه الْهَدْي فَطَافَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 138 من مَعَه من نِسَائِهِ وَأَصْحَابه وَحل مِنْهُم من لم يكن مَعَه الْهَدْي فَفِي هَذَا الحَدِيث أَنهم جعلُوا حجهم عمْرَة وروى عبد الْعَزِيز بن أبي سَلمَة الْمَاجشون عَن عبد الْوَاحِد بن الْقَاسِم عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا نذْكر إِلَّا الْحَج فَلَمَّا جِئْنَا مَكَّة قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأَصْحَابه اجْعَلُوهَا عمْرَة فَحل النَّاس إِلَّا من كَانَ مَعَه هدي وَهَذَا أتم وروى مَالك عَن ابْن شهَاب عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حجَّة الْوَدَاع فأهللنا بِعُمْرَة ثمَّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كَانَ مَعَه هدى فليهلل بِالْحَجِّ وَالْعمْرَة ثمَّ لَا يحل حَتَّى يحل مِنْهُمَا وَفِي هَذَا الحَدِيث أَن إهلالهم كَانَ بِعُمْرَة لَا حجَّة مَعهَا وَإِنَّهُم قد أحلُّوا من عمرتهم ثمَّ أهلوا الْحَج بعد ذَلِك وَفِيه دَلِيل على أَن من حل قبل عَرَفَة فَإِنَّمَا أحل من عمْرَة لَا من حجَّة وَهَذَا يدْفع مَا روى عَن عَائِشَة فِي فسخ الْحَج فَهَذَا مَا روى فِي ذَلِك عَن ابْن عَبَّاس وَابْن عمر وَجَابِر وَعَائِشَة ثمَّ روى شُعْبَة عَن قيس بن مُسلم عَن طَارق عَن ابْن شهَاب عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ قدمت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ منيخ بالبطحاء فَقَالَ لي بِمَا أَهلَلْت قلت إهلال كإهلال النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 139 أَحْسَنت طف بِالْبَيْتِ والصفا والمروة ثمَّ أحل فَكنت أفتى النَّاس بذلك حَتَّى كَانَ زمن عمر فَذكرت ذَلِك لَهُ فَقَالَ كتاب الله يَأْمُرنَا بالتمام وَسنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه لم يحل حَتَّى بلغ الْهَدْي مَحَله فَفِي ذَلِك إِنْكَار عمر على أبي مُوسَى مَا كَانَ يُفْتِي بِهِ من الْإِحْلَال قبل الْوُقُوف بِعَرَفَة فَدلَّ ذَلِك على أَن إِحْرَام أبي مُوسَى كَانَ بِالْحَجِّ دون الْعمرَة لِأَنَّهُ لَو كَانَ بِالْعُمْرَةِ لم يُنكر عَلَيْهِ وَقد كَانَ عمر شَاهدا حجَّة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأفعاله وأقواله فِيهَا فَلم يكن عِنْده أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه خَرجُوا فِيهَا إِلَى عمْرَة وروى حَفْص بن غياث عَن يحيى بن سعيد قَالَ حَدثنِي المرقع الأسيدي قَالَ أَبُو ذَر لَا وَالَّذِي لَا إِلَه غَيره مَا كَانَ لأحد أَن يهل بِحجَّة ثمَّ يفسخها بِعُمْرَة إِلَّا الركب الَّذين كَانُوا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمثل هَذَا لَا يُقَال إِلَّا توقيفا وَقد روى الدَّرَاورْدِي عَن ربيعَة الرَّأْي عَن الْحَارِث بن بِلَال الْمُزنِيّ عَن أَبِيه قَالَ قلت يارسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرَأَيْت فسخ حجنا هَذَا لنا خَاصَّة أم للنَّاس عَامَّة فَقَالَ بل لكم خَاصَّة فقد أخبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي هَذَا الحَدِيث أَنه لَهُم خَاصَّة فَإِن قيل المرقع الأسيدي والْحَارث ليسَا بمشهورين فِي الرِّوَايَة قيل لَهُ قد روى الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ عَن ابيه قَالَ قَالَ أَبُو ذَر إِنَّمَا كَانَت الْمُتْعَة لنا خَاصَّة أَصْحَاب مُحَمَّد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام مُتْعَة الْحَج وَهَذَا حَدِيث لَا مطْعن عَلَيْهِ فَإِن كَانَ الصَّحِيح مَا تقدم ذكره وَهَذِه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 140 الْأَحَادِيث أَنهم كَانُوا محرمين بِعُمْرَة فَهُوَ مَا قُلْنَا وَإِن كَانَ الصَّحِيح أَنهم كَانُوا محرمين ثمَّ نسخوه بِعُمْرَة فقد ثَبت خُصُوصِيَّة ذَلِك بِمَا وَصفنَا وَكتاب الله يدل عَلَيْهِ قَالَ الله تَعَالَى {وَأَتمُّوا الْحَج وَالْعمْرَة لله} الْبَقَرَة 196 فَلَمَّا كَانَت الْعمرَة لَا يجوز الْخُرُوج مِنْهَا قبل إِتْمَامهَا بِغَيْر ضَرُورَة وَلقَوْله {وَأَتمُّوا} فَكَذَلِك الْحَج 604 - فِي الْجمع بَين الطوافين وَأكْثر بِغَيْر صَلَاة بَينهمَا كره أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد الْجمع بَين اسبوعين من الطّواف بِغَيْر صَلَاة بَينهمَا وَهُوَ قَول مَالك وَالثَّوْري وَاللَّيْث وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَا بَأْس بذلك إِذا انْصَرف على وتر ثَلَاثَة أسابيع أَو خَمْسَة أوسبعة وروى أَن عَائِشَة كَانَت تقرن بَين الأسبوعين وَالثَّلَاثَة ثمَّ تركع لذَلِك وَهُوَ الْمسور بن مَخْزَمَةَ قَالَ الْقيَاس قَول أبي حنيفَة من قبل أَنهم مجمعون أَنه لَو طَاف لحجة أَو لعمرة وَصلى أَنه يسْعَى وَلَا يفصل بَين السَّعْي وَالصَّلَاة بِطواف آخر لِأَن الصَّلَاة مسنونة عقيب الطّواف كالسعي مسنون عقبه 605 - مَاذَا يُقَال لطواف الْحَج كَانَ أَصْحَابنَا وسُفْيَان وَالْأَوْزَاعِيّ يَقُولُونَ طواف الزِّيَارَة وَكَانَ مَالك يكره ويعظم أَن يَقُول الرجل زرنا قبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الحديث: 604 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 141 قَالَ الشَّافِعِي هُوَ طواف الْإِفَاضَة رُوِيَ حَدِيث عَن عَائِشَة حِين قَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي شَأْن صَفِيَّة لما حَاضَت فِي حجتها مَا أَرَاهَا إِلَّا حابستنا قَالَت فَقلت يَا رَسُول الله إِنَّهَا قد كَانَت أفاضت يَوْم النَّحْر طَاهِرا قَالَ فلتنفر إِذا قَالُوا فاسم الْإِفَاضَة اولى بِهِ من الزِّيَارَة قيل لَهُ إِنَّمَا عنت بقولِهَا أفاضت أَي رجعت وَالْمَكَان الَّذِي كَانَت فِيهِ يَوْم النَّحْر الطّواف كَمَا قَالَ {فَإِذا أَفَضْتُم من عَرَفَات} الْبَقَرَة 198 يني رجعتم وَقد روى سُفْيَان الثَّوْريّ حَدثنِي مُحَمَّد بن طَارق عَن ابْن طَاوُوس وَأبي الزبير عَن ابْن عَبَّاس وَعَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخر طواف الزِّيَارَة إِلَى اللَّيْل فَهَذَا أولى من غَيره وَأما مَا كرهه مَالك من قَوْلهم زرنا قبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَا معنى لَهُ لِأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كنت نَهَيْتُكُمْ عَن زِيَارَة الْقُبُور فزوروها وروى الْوَلِيد بن مُسلم قَالَ حَدثنِي صَدَقَة بن يزِيد عَن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الله تَعَالَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 142 من وسعت عَلَيْهِ رزقه وصححت لَهُ جِسْمه لم يزرني فِي كل خَمْسَة أَعْوَام عَاما لمحروم فَإِن قيل روى قُتَيْبَة بن سعيد حَدثنَا خلف بن خَليفَة عَن الْعَلَاء بن الْمسيب عَن أَبِيه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الله تَعَالَى يَقُول إِن عبدا صححت لَهُ جِسْمه وأوسعت عَلَيْهِ فِي الْمَعيشَة يمْضِي لَهُ خَمْسَة أَعْوَام لَا يفد إِلَيّ لمحروم قيل لَهُ قد روى الحديثان جَمِيعًا فنثبتهما وَنثْبت اللَّفْظَيْنِ إِذْ لَا يَنْفِي أَحدهمَا عَن الآخر 606 - من طَاف بالبي مَحْمُولا وَبَين الصَّفَا والمروة فَإِن كَانَ من عذر أَجزَأَهُ وَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَإِن كَانَ من غير عذر فَعَلَيهِ أَن يُعِيد فَإِن رَجَعَ إِلَى أَهله فَعَلَيهِ دم روى هِشَام عَن مُحَمَّد إِذا طَاف بِأُمِّهِ حَامِلا لَهَا قَالَ يُجزئهُ هَذَا الطّواف عَن نَفسه وَعَن أمه وَلَو اسْتَأْجر رجلا لحمل امْرَأَة وَالطّواف بهَا فَطَافَ بهَا وَنوى الطّواف أَجزَأَهُ ذَلِك وَأخذ الْأجر الَّذِي سمى لَهُ وَلَو طَاف وَهُوَ حاملها يطْلب غريما فَإِن كَانَ الْمَحْمُول يعقل وَنوى الطّواف أَجزَأَهُ وَإِن كَانَ مغمى عَلَيْهِ لم يجزه وَلم نجد فِي شَيْء من ذَلِك خلافًا الحديث: 606 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 143 وَقَالَ مَالك من طَاف مَحْمُولا من عذر أَجزَأَهُ وَمن طَاف بصبي يَنْبَغِي لَهُ أَن يطوف بِهِ بعد مَا يطوف لنَفسِهِ الْوَاجِب وَقَالَ فِي السَّعْي إِذا حمل الصَّبِي يُجزئهُ عَن نَفسه وَعَن الصَّبِي وَقَالَ اللَّيْث إِذا ركب خلف مَرِيض يمسِكهُ على دَابَّة يطوف بِهِ بَين الصَّفَا والمروة لم يجزه عَن نَفسه سَعْيه مَعَ الْمَرِيض وَقَالَ الشَّافِعِي يجوز طواف الرَّاكِب وَلَو حمل رجل رجلا فَطَافَ بِهِ كَانَ الطّواف للمحمول دون الْحَامِل فَإِن قَالُوا لما كَانَ طواف الرَّاكِب لعِلَّة لَا فديَة فِيهِ دلّ على أَنه فِي غير الضَّرُورَة لَا شَيْء فِيهِ لِأَن كَفَّارَة الْإِحْرَام لَا تسقطها الضرورات قيل لَهُ انتهاك حُرْمَة فِي الْإِحْرَام لَا يسْقط كفارتها الضَّرُورَة وَأما فعل النّسك فَلَا يلْزم إِلَّا فِي حَال الْقُدْرَة والضرورة يسْقطهُ كطواف الصَّدْر للحاضر وَأما قَول من قَالَ يجزىء الْمَحْمُول وَلَا يجزىء الْحَامِل فَلَا معنى لَهُ من قبل أَنه قد يُجزئ طواف الرجل وَهُوَ رَاكب بعيره وَيُجزئ طَوَافه وَهُوَ حَامِل ثيابًا فَلَا يمْنَع حمله ذَلِك جَوَاز طَوَافه فَكَذَلِك حمله لغيره فَإِن قيل كَيفَ يكون فعل وَاحِد طَوافا لِرجلَيْنِ قيل لَهُ كل وَاحِد مِنْهُمَا فِي معنى الطَّائِف بِنَفسِهِ أَلا ترى أَن رجلَيْنِ لَو حلفا لَا يدخلَانِ هَذِه الدَّار فَحمل أَحدهمَا صَاحبه طَائِعا فَأدْخلهُ إِيَّاهَا حنثا جَمِيعًا فَكَذَلِك مَا وَصفنَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 144 607 - فِيمَن ترك السَّعْي حَتَّى رَجَعَ إِلَى أَهله قَالَ أَصْحَابنَا من ترك السَّعْي فِي الْحَج وَالْعمْرَة حَتَّى رَجَعَ فَعَلَيهِ دم وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ قَالَ مَالك إِذا ترك السَّعْي حَتَّى رَجَعَ فَإِنَّهُ يرجع فيسعى فَإِن كَانَ قد أصَاب فَعَلَيهِ الْعمرَة وَالْهَدْي وَإِن لم يتْرك إِلَّا شوطا وَاحِدًا عَاد وسعى وَقَالَ الشَّافِعِي وَهُوَ محرم كَمَا كَانَ حَتَّى يرجع فيسعى فَإِن كَانَ مُعْتَمِرًا كَانَ حَرَامًا من كل شَيْء وَإِن كَانَ حَاجا قد حلق وَرمى كَانَ حَرَامًا من النِّسَاء حَتَّى يرجع وَلَو ترك بعض شوط حَرَامًا كَانَ كَذَلِك روى سُفْيَان عَن عَاصِم قَالَ سَأَلت أنس بن مَالك عَن الصَّفَا والمروة قَالَ كَانَا من مشاعر الْجَاهِلِيَّة فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَام أمسكنا عَنْهُمَا فَأنْزل الله تَعَالَى {إِن الصَّفَا والمروة من شَعَائِر الله} الْبَقَرَة 158 وَرَوَاهُ حَمَّاد عَن عَاصِم عَن أنس مثله وَقَالَ أنس فِي آخرهَا تطوع وروى عقيل عَن ابْن شهَاب قَالَ قَالَ عُرْوَة سَأَلت عَائِشَة عَن قَول الله تَعَالَى {إِن الصَّفَا والمروة من شَعَائِر الله} قَالَ فَقلت وَالله مَا على أحد جنَاح أَن لَا يطوف بَين الصَّفَا والمروة قَالَت عَائِشَة بئس مَا قلت إِنَّه لَو كَانَ على مَا تأولت كَانَت وَلَا جنَاح عَلَيْهِ أَن لَا يطوف وَإِنَّمَا نزلت فِي شَأْن الْأَنْصَار حِين تحرجوا من ذَلِك قَالَت عَائِشَة ثمَّ قد سنّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الطّواف بَينهمَا فَلَيْسَ لأحد أَن يتْرك الطّواف بَينهمَا الحديث: 607 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 145 فَأخْبرت عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد سنّ ذَلِك وَفِي الْآيَة أَنَّهَا من شَعَائِر الله والشعائر هِيَ العلامات لما دَعَا الله إِلَيْهِ فَصَارَ كرمي الْجمار وَالذكر عِنْد الْمشعر الْحَرَام فهما سَوَاء فِي قيام الدَّم عَنْهُمَا فَإِن قيل هلا جعلته كطواف يَوْم النَّحْر قيل لِأَنَّهُ قد قرن بِطواف الْقدوم فَكَانَ أشبه بِهِ مِنْهُ بِطواف الزِّيَارَة 608 - إِذا أضَاف الْعمرَة إِلَى الْحَج بعد الطّواف قَالَ أَصْحَابنَا إِذا طَاف بحجته ثمَّ أضَاف إِلَيْهَا عمْرَة رفض عمرته وَعَلِيهِ مَكَانهَا دم الرَّفْض وَكَذَلِكَ لَو أهل بهَا وَهُوَ وَاقِف بِعَرَفَة وَكَذَلِكَ لَو أهل بهَا يَوْم النَّحْر قبل الطّواف وَكَذَلِكَ لَو قدم مَكَّة بدءا فَطَافَ لِلْحَجِّ شوطا ثمَّ أحرم بِعُمْرَة رفضها وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ إِذا أحرم بِالْحَجِّ ثمَّ أضَاف إِلَيْهَا عمْرَة لم تلْزمهُ الْعمرَة قَالَ إِذا أحرم بِالْعُمْرَةِ وَطَاف ثمَّ أضَاف إِلَيْهَا حجَّة حج لِأَنَّهُ لَا يتَغَيَّر بِشَيْء عَن جِهَته مِمَّا لَو أحرم بهما جَمِيعًا أَلا ترى أَنه يفعل طواف الْعمرَة قبل الْحَج لَو وَقفا مَعًا الحديث: 608 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 146 وَأما إِذا أحرم بِالْحَجِّ لم يطف لَهما وأضاف إِلَيْهِمَا عمْرَة صحت أَيْضا من قبل أَنه يَأْتِي بِطواف الْعمرَة قبل الْحَج وَأما إِذا طَاف لِلْحَجِّ فَغير مُمكن فعل ذَلِك الطّواف الْمَفْعُول فَإِذا أحرم بِعُمْرَة يَقع طوافها بعد طواف الْحَج فَيكون خلاف الْمسنون فَلذَلِك أَمرُوهُ برفضها لِئَلَّا يَقع على غير مسنونها 609 - فِي تَأْخِير طواف الزِّيَارَة إِلَى بعد أَيَّام التَّشْرِيق قَالَ أَبُو حنيفَة من أخر طواف الزِّيَارَة إِلَى آخر أَيَّام التَّشْرِيق فَعَلَيهِ دم وَهُوَ قَول زفر وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن الثَّوْريّ وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث وَالْأَوْزَاعِيّ لَا شَيْء عَلَيْهِ وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد وروى أَفْلح بن حميد بن نَافِع عَن أَبِيه أَنه كَانَ مَعَ أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ فِي رجال من الْأَنْصَار فَلم يفض منا أحد إِلَى آخر أَيَّام التَّشْرِيق روى إِبْرَاهِيم بن أبي عبلة عَن أبي بكر مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم قَالَ لقد رَأَيْت أَقْوَامًا لَو أمروا أَن يشْربُوا المَاء مَا شربوه حَتَّى تَنْقَطِع أَعْنَاقهم وَلم يَكُونُوا يرَوْنَ الْبَيْت إِلَّا يَوْم النَّفر قَالَ الْقيَاس أَنه مفعول فِي وقته بعد التَّشْرِيق فَلَا شَيْء فِيهِ 610 - فِيمَن رفع من عَرَفَات قبل غرُوب الشَّمْس الحديث: 609 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 147 قَالَ أَصْحَابنَا فَعَلَيهِ دم وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ مَالك إِن رَجَعَ إِلَى عَرَفَات قبل انفجار الصُّبْح فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَإِن لم يرجع فقد فَاتَهُ الْحَج وَعَلِيهِ من قَابل روى يزِيد بن هَارُون عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد عَن الشّعبِيّ عَن عُرْوَة بن مُضرس أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِجمع فَقلت يَا رَسُول الله هَل لي من حج وَقد أنضيت رَاحِلَتي قَالَ من صلى مَعنا هَذِه الصَّلَاة وَقد وقف مَعنا قبل ذَلِك وأفاض من عَرَفَات لَيْلًا أَو نَهَارا فقد تمّ حجه وَقضى تفثه فَأخْبر فِي هَذَا الحَدِيث أَن قَلِيل الْوُقُوف لَيْلًا أَو نَهَارا سَوَاء فِي الْحل وَقد اتّفق الْجَمِيع فِي جَوَاز الْقَلِيل لَيْلًا وَكَذَلِكَ النَّهَار وَإِنَّمَا أَوجَبْنَا دَمًا لِأَنَّهُ لما وقف نَهَارا لزمَه اللَّيْث حَتَّى يدْفع مَعَ الإِمَام فَإِذا ترك ذَلِك لزمَه دم كمن ترك شَيْئا يَسِيرا فِي الطّواف 611 - فِيمَن ترك الْمبيت بِمُزْدَلِفَة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا ترك الْمبيت بِالْمُزْدَلِفَةِ وتعجل مِنْهَا بلَيْل من غير عذر فَعَلَيهِ دم فَإِن كَانَ من عذر فَلَا شَيْء عَلَيْهِ الحديث: 611 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 148 قَالُوا إِذا ترك الْوُقُوف ثمَّ وقف بهَا قبل طُلُوع الشَّمْس بعد مَا أَفَاضَ النَّاس فَإِنَّهُ يُجزئهُ وَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَكَذَا لَو وقف بعد طُلُوع الْفجْر قبل الصَّلَاة ثمَّ دفع قبل النَّاس أَجزَأَهُ وَقد أَسَاءَ حِين تعجل قبل النَّاس وَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَهُوَ قَول الثَّوْريّ فِي ترك الْمبيت وَالْوُقُوف بِمُزْدَلِفَة وَكَذَلِكَ الْأَوْزَاعِيّ وَقَالَ الشَّافِعِي من خرج من مُزْدَلِفَة قبل نصف اللَّيْل فَعَلَيهِ دم وَقَالَ مَالك الْوُقُوف بِمُزْدَلِفَة بعد صَلَاة الصُّبْح فَمن وقف قبل أَن يُصَلِّي الصُّبْح فَكَأَنَّهُ لم يقف وَإِن كَانَ بعد الْفجْر وَقَالَ مَالك فِيمَن مر بِالْمُزْدَلِفَةِ مارا وَلم ينزل بهَا فَعَلَيهِ دم وَمن نزل بهَا ثمَّ دفع من وسط اللَّيْل أَو أَوله أَو آخِره وَترك الْوُقُوف مَعَ الإِمَام فقد أَجزَأَهُ وَلَا دم عَلَيْهِ وَيسْتَحب أَن يقف مَعَ الإِمَام روى سُفْيَان حَدثنِي إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد وزَكَرِيا وَدَاوُد بن أبي هِنْد عَن الشّعبِيّ سَمِعت عُرْوَة بن مُضرس يَقُول أتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْمُزْدَلِفَةِ فَقلت يَا رَسُول الله جِئْت من جبلي طَيء وَوَاللَّه مَا تركت جبلا من هَذِه الْجبَال إِلَّا وقفت عَلَيْهِ فَهَل لي من حج فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من شهد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 149 مَعنا هَذِه الصَّلَاة صَلَاة الْفجْر بِالْمُزْدَلِفَةِ وَقد كَانَ وقف بِعَرَفَة قبل ذَلِك لَيْلًا أَو نَهَارا فقد تمّ حجه وَقضى تفثه وَقَالَ دَاوُد بن أبي هِنْد أتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين برق الْفجْر فَثَبت بذلك أَن وَقت الْوُقُوف قبل طُلُوع الْفجْر لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يذكر لَهُ حكم الْوُقُوف بِالْمُزْدَلِفَةِ لَيْلًا وَلم يَأْمُرهُ فِيهِ بِتَرْكِهِ شَيْء وَلما قَالَ فصلى مَعنا هَذِه الصَّلَاة فعلق تَمام الْحَج بذلك علم أَن لَا معنى لقَوْل مَالك فِي أَن الْوُقُوف بعد الصَّلَاة وَقبلهَا لَا يُجزئ وَعلمنَا أَن مَا بعد طُلُوع الْفجْر وَقت الْوُقُوف إِلَى طُلُوع الشَّمْس بِمَا روى سُفْيَان عَن أبي إِسْحَاق عَن عَمْرو بن مَيْمُون كُنَّا وقوفا عِنْد عمر بِجمع فَقَالَ إِن أهل الْجَاهِلِيَّة كَانُوا لَا يفيضون حَتَّى تطلع الشَّمْس وَيَقُولُونَ أشرق ثبير وَأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خالفهم فَأَفَاضَ من قبل طُلُوع الشَّمْس فَإِن قيل روى حَمَّاد بن سَلمَة عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن عُرْوَة أَن يَوْم أم سَلمَة دَار إِلَى يَوْم النَّحْر فَأمرهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة جمع أَن تفيض فرمت جَمْرَة الْعقبَة وصلت الْفجْر بِمَكَّة وَهُوَ لَا يكون إِلَّا وَقد كَانَ خُرُوجهَا قبل الْفجْر فَيدل على مَذْهَب الشَّافِعِي من الْوُقُوف بعد نصف اللَّيْل قيل لَهُ هَذَا حَدِيث رَوَاهُ حَمَّاد مُنْقَطِعًا كَمَا ذكرنَا وَقد روى الثَّوْريّ عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن أم سَلمَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمرهَا أَن تصلي الْفجْر بِمَكَّة يَوْم النَّحْر وَلم يذكر فِيهِ بَين عُرْوَة وَبَين أم سَلمَة أحدا وَهَذَا مُنْقَطع لِأَن عُرْوَة لَا يعلم لَهُ سَماع من أم سَلمَة وَقد حَدثنَا مُحَمَّد بن عَمْرو بن يُونُس حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة عَن هِشَام بن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 150 عُرْوَة عَن أَبِيه عَن زَيْنَب عَن أم سَلمَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمرهَا أَن توافي الْفجْر مَعَه بِمَكَّة يَوْم النَّحْر وَحدثنَا الرّبيع بن سُلَيْمَان قَالَ حَدثنَا أَسد بن مُوسَى قَالَ حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن زَيْنَب بنت أبي سَلمَة عَن أم سَلمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَت أمرهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم النَّحْر أَن توافي مَعَه صَلَاة الصُّبْح بِمَكَّة فَكَانَ فِي هَذَا الحَدِيث أَن أمره إِيَّاهَا كَانَ يَوْم النَّحْر فَكَذَلِك على يَوْم سوى يَوْم النَّحْر وكلا الْحَدِيثين مُخَالف لحَدِيث حَمَّاد بن عَمْرو بن سَلمَة لِأَن فِي حَدِيث حَمَّاد موافاة صَلَاة الصُّبْح وَفِي هذَيْن الْحَدِيثين خلاف ذَلِك لِأَن فِي حَدِيث حَمَّاد بن عَمْرو مَا قد دلّ على سَعَة الْوَقْت وَفِي حَدِيث الرّبيع مَا دلّ على موافاة فِي غير يَوْم النَّحْر وَقد كَانَ أَبُو مُعَاوِيَة حدث بِهَذَا الحَدِيث مرّة أُخْرَى فَزَاد فِيهِ حرفا مستحيلا أَن يكون الْأَمر كَانَ عَلَيْهِ روى الْأَثْرَم عَن أَحْمد بن حَنْبَل حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن زَيْنَب عَن أم سَلمَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمرهَا أَن توافيه يَوْم النَّحْر بِمَكَّة قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل لم يسْندهُ غير أبي مُعَاوِيَة وَهُوَ خطأ قَالَ وَقَالَ وَكِيع عَن هِشَام عَن أَبِيه مُرْسلا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمرهَا أَن توافيه صَلَاة الصُّبْح يَوْم النَّحْر بِمَكَّة قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل وَهَذَا أَيْضا عجب قَالَ أَبُو عبيد الله وَالنَّبِيّ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام يَوْم النَّحْر مَا يصنع بِمَكَّة كَأَنَّهُ يُنكر ذَلِك قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل فَجئْت إِلَى يحيى بن سعيد فَسَأَلته فَقَالَ عَن هِشَام الجزء: 2 ¦ الصفحة: 151 عَن أَبِيه أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمرهَا أَن توافي لَيْسَ توافيه وَقد روى الدَّرَاورْدِي وَيَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن الزُّهْرِيّ عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر أم سَلمَة أَن تصلي الصُّبْح يَوْم النَّفر بِمَكَّة وَكَانَ يَوْمهَا فَأحب أَن توافيه يَوْم النَّفر بِمَكَّة فَكَانَ فِي هَذَا الحَدِيث مَا يدْفع الْأَحَادِيث الأول 612 - فِي ترك الْوُقُوف بِالْمُزْدَلِفَةِ وَالْمَبِيت بهَا قَالَ أَصْحَابنَا إِذا ترك الْوُقُوف بِالْمُزْدَلِفَةِ وَالْمَبِيت بهَا فَعَلَيهِ دم وَهُوَ قَول مَالك وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ وَاللَّيْث وَقَالَ اللَّيْث إِن فَاتَهُ أَيَّام منى فَلم يحضرها فقد صَار حجه عمْرَة وَعَلِيهِ الْحَج من قَابل وَهدى وَإِن جَاءَ منى فِي آخر أَيَّامه قضى مَا ترك من رمي الْجمار وَعَلِيهِ هدي وروى عَن عَلْقَمَة بن قيس أَن من فَاتَهُ الْوُقُوف بِمُزْدَلِفَة فَاتَهُ الْحَج وَأَنه كالوقوف بِعَرَفَة وَاحْتج لَهُ بِأَن الله تَعَالَى قَالَ {فاذكروا الله عِنْد الْمشعر الْحَرَام} الْبَقَرَة 198 وَفِي حَدِيث عُرْوَة بن مُضرس أَنه قَالَ وَصلى مَعنا هَذِه الصَّلَاة أما قَوْله الحديث: 612 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 152 تَعَالَى {فاذكروا الله عِنْد الْمشعر الْحَرَام} فَإِنَّمَا عَنى بِهِ صَلَاة الصُّبْح فاتفق الْجَمِيع على أَنه لَو بَات بِمُزْدَلِفَة وأغمى عَلَيْهِ وَلم يصل لم يفته الْحَج فَإِذا كَانَ ترك الذّكر نَفسه لَا يفد الْحَج فَكَذَلِك الْوُقُوف فَإِن قيل روى مطرف بن طريف عَن الشّعبِيّ عَن عُرْوَة بن مُضرس فِي حَدِيثه فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أدْرك جمعا وَالْإِمَام وَاقِف ثمَّ وقف مَعَ الإِمَام ثمَّ أَفَاضَ مَعَ النَّاس فقد أدْرك الْحَج وَمن لم يدْرك فَلَا حج عَلَيْهِ قيل لَهُ رَوَاهُ مطرف كَمَا ذكرت وَرَوَاهُ عبد الله بن أبي السّفر وَإِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد وزَكَرِيا بن أبي زَائِدَة وَدَاوُد بن أبي هِنْد على مَا قدمْنَاهُ وَتفرد مطرف بذلك وَهَؤُلَاء أولى بِالْحِفْظِ من مطرف وَحده مَعَ أَن رِوَايَة مطرف قد أجمع الْجَمِيع على خِلَافه لِأَنَّهُ يُوجب إِدْرَاك الْحَج بِإِدْرَاك جمع وَالْإِمَام وَاقِف بهَا بِغَيْر ذكر الْوَقْت بِعَرَفَة قبلهَا وعَلى أَن قَوْله فَلَا حج عَلَيْهِ يحْتَمل كَمَا قَالَ عمر من قدم ثقله فَلَا حج لَهُ على معنى الْفساد وَقد قدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ضعفة أَهله وَلم يَجعله كعرفة وَلَو كَانَ فرضا لما قدمه وَرخّص لَهُم فِي تَركه لِأَن فروض الْحَج لَا يُسْقِطهَا الْعذر أَلا ترى أَن طواف الزِّيَارَة لما كَانَ فرضا لما يسْقطهُ الْحيض وَطواف الصَّدْر لما لم يكن فرضا أسْقطه الْحيض 613 - فِيمَن قصّ أَظْفَاره قبل الْحلق قَالَ أَصْحَابنَا إِذا لم يبْق على الْمحرم غير الْحلق فَقص أَظْفَاره أَو تطيب فَعَلَيهِ فديَة وروى نَحوه عَن الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَمَالك لَا شَيْء عَلَيْهِ إِذا فعل ذَلِك بَعْدَمَا حل لَهُ الْحلق الحديث: 613 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 153 قَالَ لما كَانَ تَارِك الْحلق مَنْهِيّا عَن ذَلِك وَلم يكن تَارِك اللّبْس وَالطّيب وَمَا أشبهه بعد الْإِحْلَال كَذَلِك علمنَا أَن بَقَاء الْحلق يُوجب بَقَاء حُرْمَة الْإِحْرَام حَتَّى يحلق وَقد روى مَالك عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر قَالَ عمر من رمى الْجَمْرَة ثمَّ حلق أَو قصر وَنحر هَديا إِن كَانَ مَعَه فقد حل لَهُ مَا حرم عَلَيْهِ إِلَّا النِّسَاء فَإِن قيل فقد روى مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن عمر أَن عمر خطب النَّاس بِعَرَفَة فعلمهم أَمر الْحَج فَكَانَ فِيمَا قَالَ لَهُم إِذا جئْتُمْ منى فَمن رمى الْجَمْرَة فقد حل لَهُ مَا حرم عَلَيْهِ إِلَّا النِّسَاء وَالطّيب قيل لَهُ الَّذِي رَوَاهُ ابْن دِينَار أولى لدلَالَة الْقيَاس 614 - فِيمَن رمى جَمْرَة الْعقبَة يَوْم النَّحْر قبل طُلُوع الشَّمْس قَالَ أَصْحَابنَا إِذا رمى جَمْرَة الْعقبَة يَوْم النَّحْر قبل طُلُوع الشَّمْس أَجزَأَهُ وَهُوَ قَول مَالك وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا رَمَاهَا قبل طُلُوع الشَّمْس أَعَادَهَا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِيمَن رمى وَذبح قبل الْفجْر قَالَ لَا يَنْبَغِي أَن يذبح حَتَّى تطلع الشَّمْس فَإِن هُوَ فعل أَجْزَأَ عَنهُ وَقَالَ الشَّافِعِي إِن رمى قبل الْفجْر بعد نصف اللَّيْل أَجْزَأَ عَنهُ وَاحْتج الحديث: 614 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 154 الشَّافِعِي بِحَدِيث أم سَلمَة وَقد بَينا وَجهه وروى الْأَعْمَش وَسَعِيد عَن الحكم عَن مقسم عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا ترموا جَمْرَة الْعقبَة حَتَّى تطلع الشَّمْس وَمَنْصُور عَن سَلمَة بن كهيل عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وروى مُوسَى بن عقبَة أخبرنَا كريب عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَأْمر نِسَاءَهُ وَثقله صَبِيحَة جمع أَن يفيضوا مَعَ أول الْفجْر بسواد وَلَا يرموا الْجَمْرَة إِلَّا مصبحين فَكَانَ فِي الْأَخْبَار الأولى طُلُوع الشَّمْس وَفِي هَذَا الْخَبَر مصبحين فَيَنْبَغِي أَن يكون الإصباح الَّذِي بَينه فِي الْأَحَادِيث الأول حَتَّى لَا يتضاد إِلَّا أَنه يحْتَمل أَن يكون الْوَقْت الْمُحْتَاج بعد طُلُوع الشَّمْس وَوقت الْجَوَاز بعد الصُّبْح وَيدل على ذَلِك من أصبح يَوْم الثَّالِث بمنى لزمَه رمي ذَلِك الْيَوْم وَلَو كَانَ قد نفر قبل ذَلِك لم يلْزمه فَثَبت أَن الرَّمْي يلْزم بِكُل يَوْم بِطُلُوع الْفجْر وَفِي حَدِيث كريب هَذَا أَنه أَمرهم أَن يفيضوا مَعَ أول الْفجْر حجَّة على الشَّافِعِي فِيمَن وقف قبل الْفجْر أَجزَأَهُ لِأَنَّهُ أَمرهم بِالدفع بعد حُصُول الْوَقْت بعد الْفجْر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 155 615 - فِي رمي الْيَوْم الثَّالِث قبل الزَّوَال قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا رمى الْيَوْم الثَّالِث قبل الزَّوَال أَجزَأَهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا يُجزئهُ وَهُوَ قَول مَالك وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ روى ابْن جريج عَن أبي الزبير أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رمى جَمْرَة الْعقبَة يَوْم النَّحْر ضحى وَمَا سواهَا بعد الزَّوَال 616 - إِذا أخر جَمْرَة الْعقبَة يَوْم النَّحْر حَتَّى اللَّيْل قَالَ أَصْحَابنَا فَإِنَّهُ يرميها وَلَا شَيْء عَلَيْهِ فَإِن أَخّرهَا إِلَى الْغَد رَمَاهَا وعله دم فِي قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يرميها وَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَقَول مَالك فِي إِحْدَى الرِّوَايَات فِي هَذَا كَقَوْل أبي حنيفَة وَقَالَ سُفْيَان إِذا تَركهَا إِلَى اللَّيْل مُتَعَمدا فَعَلَيهِ دم وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا نَسيَه فِي الْيَوْم الأول رَمَاه فِي الْيَوْم الثَّانِي وَلم يذكر دَمًا روى مُسلم بن خَالِد عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رخص للرعاة أَن يرموا بِاللَّيْلِ الحديث: 615 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 156 وروى إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة عَن عَطاء بن أبي ريَاح عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رخص للرعاة أَن يرموا الْجمار لَيْلًا فَهَذَا حجَّة لأبي حنيفَة وَالْحجّة لأبي يُوسُف وَمُحَمّد مَا رَوَاهُ أَبُو عَاصِم عَن ابْن جريج أَخْبرنِي مُحَمَّد بن أبي بكر عَن أَبِيه عَن أبي البداح عَن عَاصِم بن عدي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رخص للرعاة أَن يتعاقبوا فَكَانُوا يرْمونَ غدْوَة يَوْم النَّحْر وَيدعونَ يَوْمًا وَلَيْلَة ثمَّ يرْمونَ من الْغَد وروى مَالك عَن عبد الله بن أبي بكر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه أَن أَبَا البداح ابْن عَاصِم بن عدي أخبرهُ عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رخص لرعاة الْإِبِل فِي البيتوتة يرْمونَ يَوْم النَّحْر ثمَّ يرْمونَ بعد أَو من بعد الْغَد ليومين ثمَّ يرْمونَ يَوْم النَّفر فَثَبت بذلك صِحَة هَذِه الْأَخْبَار وَأَن من ذكر اللَّيْل لأَنهم يتفرغون وَرخّص لآخرين فِي تَأْخِيرهَا إِلَى الْغَد لأَنهم لم يتفرغوا فَثَبت أَن هَذِه الْأَيَّام أَيَّام الرَّمْي لَا يفوت شَيْء مِنْهَا مَا دَامَ فِيهَا وَلَيْسَت كالأيام بعد منى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 157 617 - فِيمَن ترك رمي الْجمار كلهَا حَتَّى مُضِيّ أَيَّام التَّشْرِيق قَالَ أَصْحَابنَا إِن ترك رمي الْجمار كلهَا حَتَّى مُضِيّ أَيَّام التَّشْرِيق فَعَلَيهِ دم وَإِن ترك بَعْضهَا كَانَ عَلَيْهِ لكل حَصَاة إطْعَام مِسْكين نصف صَاع حِنْطَة إِلَى أَن يبلغ دَمًا فيطعم مَا شَاءَ وَكَذَلِكَ عَن الْأَوْزَاعِيّ إِلَّا أَنه قَالَ فِي الْحَصَاة يَتْرُكهَا يتَصَدَّق بِشَيْء وَقَالَ مَالك من ترك حَصَاة فَعَلَيهِ دم وَإِن تَركهَا لَهَا فَعَلَيهِ بَدَنَة فَإِن لم يجد فبقرة فَإِن لم يجد فشاة فَإِن لم يجد فَصِيَام وَقَالَ الثَّوْريّ يطعم فِي الْحَصَاة والحصايتن وَالثَّلَاث فَإِذا ترك أَرْبَعَة فَصَاعِدا فَعَلَيهِ دم وَقَالَ اللَّيْث فِي ترك حَصَاة دم وَقَالَ الشَّافِعِي فِي ترك حَصَاة مد طَعَام وَفِي حصاتين مَدين لمسكين وَفِي ثَلَاث حصايات دم وروى عَنهُ فِي الْقَلِيل وَالْكثير دم وَاتَّفَقُوا فِيمَن حلق شَعْرَة وَاحِدَة من رَأسه طَعَام فَإِن كَانَ فَوق ذَلِك وَجب عَلَيْهِ مَا فَوْقه حَتَّى يبلغ دَمًا فَكَذَلِك فِي الْجمار 618 - فِيمَن نسي رمي جَمْرَة الْعقبَة يَوْم النَّحْر قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا ترك رمي جَمْرَة الْعقبَة من غَد يَوْم الْعقبَة يَوْم النَّحْر الحديث: 617 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 158 فَذكرهَا من الْغَد رَمَاهَا وَعَلِيهِ دم وَلَو كَانَ ترك جَمْرَة الْعقبَة يَوْم النَّحْر إِلَى الْغَد كَانَ عَلَيْهِ دم لِأَنَّهَا رمي الْيَوْم كُله وَفِي الْيَوْم الثَّانِي رمي وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يرميها وَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَاخْتلف قَول مَالك فَقَالَ فِي مَوضِع يجب عَلَيْهِ دم وَفِي مَوضِع لَا شَيْء وَالشَّافِعِيّ لم يُوجب شَيْئا 619 - الْأَفْضَل فِي كَيْفيَّة رمي الْجمار قَالَ أَبُو جَعْفَر حَدثنَا أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن خَالِد الْكِنْدِيّ عَن إِبْرَاهِيم بن الْجراح قَالَ دخلت على أبي يُوسُف أعوده فِي مرض مَوته فَوَجَدته مغمى عَلَيْهِ فَقَالَ يَا إِبْرَاهِيم أَيهمَا أفضل للْحَاج فِي رمي الْجمار أَن يرميها رَاجِلا أَو رَاكِبًا قَالَ فَقلت رَاجِلا ثمَّ قَالَ مَا كَانَ مِنْهَا يُوقف عِنْده فَالْأَفْضَل أَن يرميه رَاجِلا وَمَا كَانَ مِنْهَا لَا يُوقف عِنْده فَالْأَفْضَل أَن يرميه رَاكِبًا قَالَ ثمَّ خرجت من عِنْده فَمَا بلغت بَاب دَاره حَتَّى سَمِعت الصُّرَاخ عَلَيْهِ وَإِذ هُوَ قد توفّي وَقَالَ مَالك يَرْمِي جَمْرَة لعقبة يَوْم النَّحْر رَاكِبًا وَفِي غير يَوْم النَّحْر يَرْمِي مَاشِيا وَإِن ركب فِي كلهَا فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَعَن الشَّافِعِي مثله روى سُفْيَان الثَّوْريّ وَحكى إِبْرَاهِيم وروح بن عبَادَة وَغَيرهمَا حَدثنَا أَيمن بن نايل قَالَ سَمِعت قدامَة بن عبد الله بن عمار الْكلابِي قَالَ رَأَيْت الحديث: 619 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 159 رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَرْمِي الْجَمْرَة يَوْم النَّحْر على نَاقَة صهباءلا ضرب وَلَا طرد وَلَا إِلَيْك إِلَيْك فَمَا لَا يقف عِنْده يرميه رَاكِبًا بِالسنةِ وَمَا يقف عِنْده للدُّعَاء يرميه رَاجِلا لِأَن الدُّعَاء قَائِما أفضل مِنْهُ قَاعِدا أَلا ترى الْوُقُوف بِعَرَفَة 620 - فِيمَن رمى بحصاة قد رمى بهَا قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا رمى بحصاة قد رمى بهَا أَجزَأَهُ وَقد أَسَاءَ وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ مَالك لَا يُجزئهُ قَالَ أَبُو جَعْفَر هَذَا كَالْمَاءِ الَّذِي تَوَضَّأ بِهِ مرّة لِأَن المَاء قد مَاس الْأَعْضَاء وأزال الْحَدث كَذَلِك الرَّمْي أَلا ترى لَو استنجى بِحجر فَغسل فاستنجى بِهِ ثَانِيًا أَجزَأَهُ أَو استنجى بِحرف آخر أَجزَأَهُ قَالَ وَكَانَ الْقيَاس أَن لَا يكره لكنه لما روى سُفْيَان عَن فطر ابْن خَليفَة عَن أبي الطُّفَيْل أَنه سمع ابْن عَبَّاس وَقيل لَهُ رمى النَّاس الْجمار فِي الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام أَو هُوَ كَمَا ترى قَالَ إِنَّه مَا يقبل من الْجمار رفع لَوْلَا ذَلِك لَكَانَ مثل ثبير فلحقته الْكَرَاهِيَة لِأَنَّهُ لم يقبل مِمَّن رمى بِهِ الحديث: 620 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 160 621 - فِيمَن قدم رمي فِي الْيَوْم الثَّانِي الْجَمْرَة الْوُسْطَى على الأولى قَالَ أَصْحَابنَا إِلَّا زفر يُعِيدهَا على التَّرْتِيب فَإِن لم يفعل أَجزَأَهُ وَرُوِيَ عَن مَالك نَحوه وَرُوِيَ خِلَافه وَقَالَ زفر لَا يجوز إِلَّا مُرَتبا وروى نَحوه عَن الشَّافِعِي قَالَ لما سُئِلَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام عَمَّن حلق قبل أَن يذبح قَالَ إذبح وَلَا حرج علمنَا أَن التَّرْتِيب فِي الْحَج لَيْسَ كأفعال الصَّلَاة فَإِن قيل لَو قدم السَّعْي بَين الصَّفَا والمروة على الطّواف لم يجزه قيل لَهُ يُجزئهُ وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ هِشَام عَن مُحَمَّد 622 - فِي الرَّمْي عَن الصَّبِي وَعَن نَفسه بحاصتين مَعًا قَالَ أَصْحَابنَا إِذا رمي عَن الصَّبِي وَعَن نَفسه بحاصتين مَعًا يَنْوِي إِحْدَاهمَا عَن نَفسه وَالْأُخْرَى عَن الصَّبِي أجزأهما وَقَالَ مَالك لَا يُجزئهُ رميه عَن الصَّبِي مَا لم يرم عَن نَفسه كالطواف قَالَ أَبُو جَعْفَر الرَّمْي عَن الصَّبِي كَفعل الصَّبِي فَيجوز وقوعهما مَعًا إِحْدَاهمَا عَن نَفسه وَالْأُخْرَى عَن الصَّبِي الحديث: 621 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 161 623 - فِي رفع الْيَدَيْنِ عِنْد الْجَمْرَتَيْن قَالَ أَصْحَابنَا يرفع الْيَدَيْنِ عِنْد الْجَمْرَتَيْن وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ مَالك لَا يرفع الْحجَّة حَدِيث ابْن أبي ليلى عَن نَافِع عَن ابْن عمر وَعَن الحكم عَن مقسم عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا ترفع الْأَيْدِي إِلَّا فِي سبع مَوَاطِن وَلَا طَرِيق لذَلِك إِلَّا التَّوْقِيف 624 - (أ) إِذا ترك الْوُقُوف عِنْد الْجَمْرَتَيْن قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالشَّافِعِيّ لَا شَيْء عَلَيْهِ قَالَ الثَّوْريّ يطعم شَيْئا أويهريق دَمًا أحب إِلَيّ قَالَ أَبُو جَعْفَر لم يَخْتَلِفُوا أَن ترك الْقيام على الصَّفَا والمروة لَا يُوجب شَيْئا فَكَذَلِك ترك لقِيَام عِنْد الجمرين 624 - (ب) فِي وضع الْحَصَاة وطرحها قَالَ أَصْحَابنَا إِذا وضع الْحَصَاة وضعا لَا يُجزئهُ وَإِن طرحها أَجزَأَهُ أَسد بن عمر قَالَ لَا أحفظ عَن مَالك فِيهِ شَيْئا وَأرى أَن لَا يُجزئهُ فِي الْوَجْهَيْنِ قَالَ الْوَضع يرْمى والطرح رمى الحديث: 623 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 162 625 - فِي الصَّبِي يرتكب مَحْظُورًا فِي الْإِحْرَام قَالَ أَصْحَابنَا فِي الصَّبِي يحرم عَنهُ أَبوهُ فَيُصِيب شَيْئا فِي إِحْرَامه مِمَّا لَا خطر على الْمحرم فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَقَالَ مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ يفتدي رَوَاهُ مَالك وسُفْيَان والماجشون عَن إِبْرَاهِيم بن عقبَة عَن كريب مولى ابْن عَبَّاس عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر بِامْرَأَة وَهِي فِي محفها فَقيل لَهَا هَذَا رَسُول الله فَأخذت بعضد صبي مَعهَا فَقَالَت أَلِهَذَا حج فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نعم وَلَك أجر قَالُوا فَلَمَّا جعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَهُ حجا وَجب عَلَيْهِ من الْفِدْيَة فِي الْجِنَايَات وَترك مَا يجب فعله مثل مَا يجب على الْكَبِير قَالَ أَبُو جَعْفَر الْحَج عبَادَة كَالصَّلَاةِ وَغَيرهَا وَوجدنَا مَا يُوجِبهُ الْإِنْسَان على نَفسه بالْقَوْل آكِد مِنْهُ بِالدُّخُولِ لأَنهم مُخْتَلفُونَ بعد الدُّخُول فِي الصَّلَاة فَقَالَ قَائِلُونَ لَهُ قطعهَا وَلم يَخْتَلِفُوا فِي أَن من أوجب على نَفسه قربَة أَنَّهَا وَاجِبَة عَلَيْهِ يلْزمه الْوَفَاء بهَا ثمَّ اتَّفقُوا على أَن الصَّبِي لَا يلْزمه ذَلِك بالْقَوْل فالدخول أولى أَنه لَا يلْزمه وَقد قَالَ تَعَالَى {وَمن قَتله مِنْكُم مُتَعَمدا} الْمَائِدَة 95 وَالصَّبِيّ لَا عمد لَهُ وَقَالَ تَعَالَى {وَمن عَاد فينتقم الله مِنْهُ} الْمَائِدَة 95 وَذَلِكَ لَا يدْخل فِي الصَّبِي الحديث: 625 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 163 626 - فِي الصَّبِي الْمحرم يبلغ قبل الْوُقُوف بِعَرَفَة قَالَ أَصْحَابنَا فِي الصَّبِي إِذا أحرم قبل الْبلُوغ ثمَّ بلغ قبل الْوُقُوف بِعَرَفَة فَإِن جددوا إحراما بعد الْبلُوغ ووقف بعرفه أَجزَأَهُ وَإِلَّا لم يجزه وَقَالَ مَالك يمْضِي فِي إِحْرَامه ذَلِك وَلَا يُجزئهُ من حجَّة الْإِسْلَام وَإِن جدد الْإِحْرَام وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الصَّبِي وَالْعَبْد إِذا أحرما ثمَّ بلغ وَعتق فمضيا على إحرامهما قبل الْوُقُوف أجزأهما من حجَّة الْإِسْلَام قَالَ وأماالكافر إِذا أحرم ثمَّ أسلم فَإِن جدد إحراما أَجزَأَهُ من حجَّة الْإِسْلَام وَلَا يمْضِي على الأول لِأَنَّهُ لم يكن إحراما قَالَ أبوجعفر قد ثَبت أَن الصَّبِي لَيْسَ لَهُ إِحْرَام 627 - فِيمَن ترك طواف الْوَدَاع قَالَ أَصْحَابنَا إِذا ترك طواف الصَّدْر فَعَلَيهِ دم وَهُوَ قَول سُفْيَان وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ وَقَول مَالك لَا شَيْء عَلَيْهِ وروى سُفْيَان عَن ابْن طَاوُوس عَن أَبِيه عَن ابْن عَبَّاس أَمر النَّاس أَن يكون آخر عَهدهم بِالْبَيْتِ الطّواف إِلَّا أَنه خففه عَن الْحَائِض الحديث: 626 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 164 وسُفْيَان بن عُيَيْنَة أَيْضا عَن سُلَيْمَان عَن طَاوُوس عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَ النَّاس ينفرون من كل وَجه فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا ينفرن أحدكُم حَتَّى يكون آخر عَهده الطّواف بِالْبَيْتِ 628 - فِيمَن أحرم بحجتين أَو عمرتين مَعًا قَالَ أَبُو حنيفَة من أحرم بحجتين أَو عمرتين لزمتاه وَصَارَ رافضا لإحداهما حِين توجه إِلَى مَكَّة وَقَالَ أَبُو يُوسُف مثل ذَلِك إِلَّا أَنه قَالَ يصير رافضا لإحداهما فِي الْحَال قبل التَّوَجُّه وَقَالَ مُحَمَّد لَا يلْزمه إِلَّا وَاحِدَة وَهُوَ قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ كَمَا لم يَصح الدُّخُول فِي صَلَاتَيْنِ إِذا لم يُؤمر بالمضي فيهمَا كَذَلِك حجَّتَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِك الْحَج وَالْعمْرَة مَعًا لِأَنَّهُ يئمر بِالْمَعْنَى فيهمَا 629 - فِي تمتّع الْمَكِّيّ قَالَ أَبُو حنيفَة فِي الْمَكِّيّ يقدم مُتَمَتِّعا وَقد سَاق الْهَدْي أولم يسق أَنه يكون مُتَمَتِّعا وَلَا خلاف فِيهِ بَين الْأَصْحَاب وَلَا دم عَلَيْهِ وَقَالُوا لَو قرن من الْكُوفَة كَانَ عَلَيْهِ دم وَلَو قدم بِعُمْرَة وَطَاف لَهَا الحديث: 628 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 165 شوطا ثمَّ أحرم بِالْحَجِّ قَالَ يرفض الْحَج وَعَلِيهِ لرفضه دم وَحجَّة وَعمرَة مَكَانهَا وَإِن مضى عَلَيْهِمَا أَجزَأَهُ وَكَانَ عَلَيْهِ لجمعة بَينهمَا دم وَقَالَ مَالك إِذا قرن الْمَكِّيّ أَو تمتّع مضى فِيهِ وَلَا دم عَلَيْهِ فِي شَيْء من ذَلِك هَذَا فِي كل من كَانَ منزله فِي الْحرم وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ وَقَالَ الْحسن بن صَالح عَلَيْهِ دم الْقرَان والتمتع فَإِن لم يجد هَديا صَامَ وَقَالَ اللَّيْث عَلَيْهِ دم وَقَالَ الشَّافِعِي لَيْسَ على الْمَكِّيّ دم مُتْعَة قَالَ فوقفنا من قَول أبي حنيفَة وَأَصْحَابه على أَن الْمَكِّيّ لَا مُتْعَة لَهُ وَلَا شَيْء عَلَيْهِ لَهَا وَأَن عَلَيْهِ من قرانه الْحَج وَالْعمْرَة دم سَمِعت ابْن أبي عمرَان يَقُول هُوَ عِنْدهم دم إساءة لَا يجزيء مِنْهُ عِنْد عَدمه الصَّوْم وَلَا يَأْكُل مِنْهُ ووقفنا من قَول الْحسن بن صَالح إِن حاضري الْمَسْجِد الْحَرَام وَغَيرهم فِي الحكم سَوَاء فِي هَذَا الْبَاب وَذَلِكَ أَن مذْهبه وَمذهب جمَاعَة من أهل الْعلم أَن حاضري الْمَسْجِد الْحَرَام لم يمنعوا من التَّمَتُّع بِهَذِهِ الْآيَة فَوَاجِب أَن يَكُونُوا عاصين إِذا فَعَلُوهُ فَهَذَا مُحْتَمل وَيحْتَمل أَن يكون المُرَاد مَا قَالَ الْحسن بن صَالح فوجدناهم لَا يَخْتَلِفُونَ أَن الْكُوفِي إِذا قدم بِعُمْرَة فِي أشهر الْحَج ثمَّ رَجَعَ إِلَى أَهله ثمَّ حج من عَامه ذَلِك أَنه لَا يكون مُتَمَتِّعا وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَن يكون حكم أهل مَكَّة لبقائهم فِي أَهْليهمْ بعد الْعمرَة فِي أشهر الْحَج فَكَانَ الْبَقَاء فِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 166 أَهْليهمْ بعد الْعمرَة فِي أشهر الْحَج فَكَانَ الْبَقَاء فِي أَهله بعد الْعمرَة مسْقطًا للدم وَالصَّوْم عَنهُ وَإِذا ثَبت ذَلِك علمنَا أَن مَا فِي الْآيَة من الِاسْتِثْنَاء على النَّهْي لَا على رفع الْهَدْي وَالصَّوْم وَكَانَ الْقَارِن لَا يقصر فِي إِحْرَامه وَالْهَدْي زِيَادَة فَضِيلَة فَكَانَ قد ثَبت أَن حاضري الْمَسْجِد الْحَرَام إحرامهم إِذا تمَتَّعُوا وقرنوا نَاقص لم يجب فِيهِ مَا يجب فِي غَيرهم من الْفَضِيلَة لِأَنَّهُ غير مَحْمُول على الْقرَان والتمتع 630 - فِي عمْرَة الآفاقي بأشهر الْحَج ثمَّ عوده لِلْحَجِّ فِي عَامه من غير بَلَده قَالَ أَبُو حنيفَة فِيمَن قدم مَكَّة من أهل الْكُوفَة بِعُمْرَة فِي أشهر الْحَج وَفرغ مِنْهَا ثمَّ خرج إِلَى مصر غير مصره ثمَّ عَاد إِلَى مَكَّة فحج من عَامه كَانَ مُتَمَتِّعا مَا لم يرجع إِلَى أَهله وَحدث ابْن أبي عمرَان عَن أَصْحَاب أبي يُوسُف أَنه قَالَ إِذا خرج إِلَى مَكَان لأَهله التَّمَتُّع وَالْقرَان فَمن حج من عَامه لم يكن مُتَمَتِّعا قَالَ ابْن أبي عمرَان وَهَذَا أشبه بأصولهم وَقَالَ سُفْيَان مثل قَول أبي حنيفَة وَقَالَ مَالك إِذا رَجَعَ إِلَى أَهله أَو إِلَى بلد أبعد من بَلَده لم يكن مُتَمَتِّعا وَإِن لم يتباعد وَرجع إِلَى نَحْو الْمَدِينَة والطائف كَانَ مُتَمَتِّعا وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا رَجَعَ إِلَى الْمِيقَات سقط عَنهُ دم الْمُتْعَة قَالَ أَبُو جَعْفَر يجب أَن لَا يسْقط الدَّم حَتَّى يرجع إِلَى أَهله فَيصير بِمَعْنى حاضري السمجد الْحَرَام فَأَما دون أَهله فَلم يصل لَهُ هَذَا الحكم فَلَا يسْقط الدَّم الحديث: 630 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 167 631 - فِي وُقُوع بعض طواف الْعمرَة فِي رَمَضَان وَبَعضه فِي شَوَّال قَالَ أَصْحَابنَا إِذا طَاف أَرْبَعَة أَشْوَاط لعمرة فِي رَمَضَان وَثَلَاثَة فِي شَوَّال لم يكن مُتَمَتِّعا وَإِن طَاف ثَلَاثَة فِي رَمَضَان وَأَرْبَعَة فِي شَوَّال كَانَ مُتَمَتِّعا وَقَالَ مَالك إِذا لم يحل من عمرته حَتَّى دخل شَوَّال كَانَ مُتَمَتِّعا وَهُوَ قَول اللَّيْث قَالَ الثَّوْريّ إاذ قدم مُعْتَمِرًا فِي رَمَضَان فَلم يطف حَتَّى رأى هِلَال شَوَّال كَانَ مُتَمَتِّعا قَالَ الأوزاهي إِن رأى هِلَال شَوَّال قبل أَن يدْخل الْحرم كَانَ مُتَمَتِّعا وَإِن رَآهُ بَعْدَمَا دخل الْحرم لم يكن مُتَمَتِّعا قَالَ الْحسن بن صَالح عمْرَة الرجل فِي الشَّهْر الَّذِي يطوف فِيهِ لَهَا وَإِن كَانَ قد أهل بهَا فِي غَيره وَهُوَ قَول الشَّافِعِي قَالَ أَبُو جَعْفَر إِنَّمَا يَدُور أمرهَا على الطّواف وَهُوَ صلبها وَالَّذِي إِذا جَامع فِيهَا أفسدها فَإِذا أَمن الْفساد صَحَّ وَمن أصل أَصْحَابنَا أَن بعد الْأَرْبَع لَا يلْحقهَا الْفساد وَكَذَا رُوِيَ عَن عَطاء 632 - فِيمَن صَامَ بعد إِحْرَام الْعمرَة فِيمَن صَامَ بعد إِحْرَام الْعمرَة أَجزَأَهُ وَهُوَ قَول الثَّوْريّ الحديث: 631 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 168 قَالَ زفر إذابدأ بِإِحْرَام الْحَج وَهُوَ يُرِيد أَن يضيف إِلَيْهِ عمْرَة فصَام قبل إِحْرَام الْعمرَة أَجزَأَهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُف إِن بَدَأَ بِإِحْرَام الْعمرَة فصَام أَجزَأَهُ قبل إِحْرَام الْحَج وَإِن بَدَأَ بأحرام الْحَج فصَام قبل إِحْرَام الْعمرَة لم يجزه وَقَالَ الْحسن بن زِيَاد إِن أحرم بِالْعُمْرَةِ لم يجزه حَتَّى يحرم بِالْحَجِّ وَهُوَ مَذْهَب أبي زيد حَمَّاد بن دَلِيل وَهُوَ قَول عَمْرو بن دِينَار وَمَالك وَالشَّافِعِيّ عَن عَائِشَة وَابْن عمر وَهُوَ الصَّحِيح 633 - فِي صِيَام السَّبْعَة فِي الْحَج قَالَ أَصْحَابنَا من صَامَ السَّبْعَة فِي الْحَج لَا يُجزئهُ لِأَنَّهُ قَالَ تَعَالَى {وَسَبْعَة إِذا رجعتم} الْبَقَرَة 196 يَعْنِي بعد الْفَرَاغ من الْحَج وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَقَالَ الشَّافِعِي يصومها إذارجع إِلَى أَهله قَالَ مَالك إِذا أَرَادَ الْمقَام بِمَكَّة صَامَ بهَا بعد الْحَج وَإِن أَرَادَ الرُّجُوع فليؤخر حَتَّى يرجع وَلَا يَخْلُو قَوْله {إِذا رجعتم} من أَن يُرِيد الرُّجُوع إِلَى أَهله أَو إِلَى الْإِحْلَال فَلَو اراد الْأَهْل لَكَانَ للقارن أَن يَصُوم إذارجع إِلَى أَهله قبل الْحَج فَلَمَّا اتّفق الْجَمِيع على أَنه لَا يُجزئهُ بعد رُجُوعه إِلَى أَهله قبل الْحَج صَحَّ أَنه أَرَادَ الْإِحْلَال من الْحَج والفراغ مِنْهُ الحديث: 633 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 169 634 - فِيمَن لم يجد الْهَدْي وَلم يصم حَتَّى يَوْم النَّحْر قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا لم يصم حَتَّى يَوْم النَّحْر وَلم يجد الْهَدْي فأحل بِلَا هدي وَلَا صِيَام فَإِن عَلَيْهِ هديين إِذا أيسر أَحدهمَا لإحلاله بِغَيْر هدي وَلَا صَوْم وَالْآخر هدي الْقرَان وَهُوَ قَول سُفْيَان فِي امْتنَاع جَوَاز الصَّوْم وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا يفِيض يَوْم النَّحْر حَتَّى يهدي أَو يَصُوم فَإِن لم يفعل حَتَّى رَجَعَ فَعَلَيهِ هدي ويصومهن بعد الرُّجُوع وَيهْدِي إِن وجد وَقَالَ اللَّيْث لَا يَصُوم أَيَّام التَّشْرِيق وَلكنه يَصُوم بعْدهَا إِن لم يجد الْهَدْي وَقد كَانَ الشَّافِعِي يَقُول يَصُوم أَيَّام منى ثمَّ رَجَعَ وَقَالَ لايصوم وَحكى الرُّجُوع الْمُزنِيّ وَقَالَ مَالك يَصُوم أَيَّام التَّشْرِيق فَإِن لم يفعل صَامَ بعْدهَا روى الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة فَصِيَام ثَلَاثَة أَيَّام آخرهَا يَوْم عَرَفَة قَالَ فَذكرت لسَعِيد بن جُبَير فَقَالَ هَذَا قَول ابْن عَبَّاس فَفِي ذَلِك مَا يمْنَع الصَّوْم بعده لِأَنَّهُ جعل آخرهَا يَوْم عَرَفَة وَلَا شَيْء بعد الآخر وَقد اتَّفقُوا على أَنه لَا يَصُوم يَوْم النَّحْر وَهُوَ أقرب إِلَى الْحَج من أَيَّام (115 ب) التَّشْرِيق هِيَ الَّتِي بعد أولى أَن لَا يجزيء لنهي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الصّيام فيهمَا جَمِيعًا وَمَا روى عَن عَائِشَة وَابْن عمر أَنَّهُمَا رخصا فِي ذَلِك الحديث: 634 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 170 فَيحْتَمل أَن يكون ذَلِك لِأَنَّهُمَا لم يبلغهما النَّهْي وَيدل على ذَلِك مَا روى يحيى بن سعيد الْقطَّان حَدثنَا هِشَام بن عُرْوَة أَخْبرنِي أبي أَن عَائِشَة كَانَت تَصُوم أَيَّام التَّشْرِيق وَلَا خلاف بَين النَّاس أَنه لَا يصومها تَطَوّعا فَدلَّ على أَنه لم يكن النَّهْي بلغهما 635 - إِذا دخل فِي صَوْم الثَّلَاثَة أَيَّام ثمَّ وجد الْهَدْي قَالَ أَصْحَابنَا فَعَلَيهِ الْهَدْي وَلَا يُجزئهُ الصَّوْم وَإِن حل ثمَّ وجد الْهَدْي أَجزَأَهُ الصَّوْم وَكَذَلِكَ فِي الرَّقَبَة وَهُوَ قَول عَطاء فِي صَوْم الْمُتَمَتّع وَقَالَ الثَّوْريّ مثل قَوْلنَا وَكَذَلِكَ قَالَ حَمَّاد وَالْحسن بن صَالح وَقَالَ مَالك إِذا وجد الْهَدْي فِي الْيَوْم الثَّالِث مضى على صِيَامه وَإِن وجده فِي أول يَوْم عَنهُ فَإِن شَاءَ أهْدى وَإِن شَاءَ مضى فِي صَوْمه وَكَذَلِكَ وَإِذا صَامَ من ظِهَاره يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ ثمَّ وجد الرَّقَبَة فليعتق أحب إِلَيّ وَإِن صَامَ أَكثر من ذَلِك مضى فِي صَوْمه وَقَالَ الشَّافِعِي إذادخل فِي الصَّوْم ثمَّ وجد الْهَدْي مضى فِي صِيَامه وَإِن أهْدى فَحسن وَكَذَلِكَ الْمظَاهر والمكفر عَن يَمِينه قَالَ إِنَّمَا أَبَاحَ الصَّوْم عِنْد العوز فَمن وجد لم يجزه الصَّوْم فَإِن قيل فَيَنْبَغِي إذافرغ من الصّيام أَن لَا ينْتَقض صَوْمه قيل لَهُ الصَّوْم للإحلال فَمَا لم يَقع إحلال لم يَقع موقعه وَلذَلِك اعْتبر بِهِ وَقت الْإِحْلَال الحديث: 635 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 171 636 - من ذبح هَدْيه للتمتع قبل طُلُوع الْفجْر من يَوْم النَّحْر قَالَ أَبُو حنيفَة لم يجزه وَلَو كَانَ جَزَاء صيد أَو تطوع أَو فديَة أَجزَأَهُ أَي وَقت ذبح وَهُوَ قَول مَالك وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يُجزئهُ وَقَالَ الشَّافِعِي يُجزئهُ نَحره قبل فجر يَوْم النَّحْر قَالَ الشَّافِعِي لِأَن على النَّاس فرضين فِي الْبدن وَالْمَال فَمَا كَانَ فِي المَال جَازَ تقدمه قَالَ أَبُو جَعْفَر يُقَال لَهُ الْأُضْحِية مُتَعَلقَة بِالْمَالِ وَلَا يجوز تقدمه على يَوْم النَّحْر فَكَذَلِك هِيَ الْمُتْعَة 637 - فِيمَن يفْسد عمرته فِي أشهر الْحَج فيقضيها ثمَّ يحجّ من عَامه فَهَل يكون مُتَمَتِّعا قَالَ أَبُو حنيفَة فِيمَن أهل بِعُمْرَة فِي أشهر الْحَج ثمَّ أفسدها فقضاها وَحج من عَامه ذَلِك أَنه لَا يكون مُتَمَتِّعا إِلَّا أَن يكون رَجَعَ إِلَى أَهله ثمَّ عَاد وَاعْتمر قَالَ إِذا دخل عَلَيْهِ أشهر الْحَج وَهُوَ بِمَكَّة فَاعْتَمَرَ لم يكن مُتَمَتِّعا إِلَّا أَن الحديث: 636 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 172 يرجع إِلَى أَهله ثمَّ يعْتَمر بعد ذَلِك فَإِن جَاوز وقتا من الْمَوَاقِيت ثمَّ اعْتَمر لم يكن مُتَمَتِّعا قَالَ وَلَو كَانَ دخل فِي غير أشهر الْحَج كَانَ مُتَمَتِّعا لِأَنَّهُ لم يدْخل عَلَيْهِ أشهر الْحَج وَهُوَ بِمَكَّة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا جَاوز الْمَوَاقِيت ثمَّ أحرم بِعُمْرَة كَانَ مُتَمَتِّعا رَجَعَ إِلَى أَهله أَولا وَقَالَ الثَّوْريّ إِن أَتَى وقتا غير وقته لم يكن مُتَمَتِّعا وَإِن خرج إِلَى وقته كَانَ مُتَمَتِّعا يَعْنِي أَنه إِن كَانَ من أهل الْعرَاق فَرجع إِلَى ذَات عرق وَقَالَ مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ إِذا اعْتَمر فِي أشهر الْحَج ثمَّ حج من عَامه كَانَ مُتَمَتِّعا قَالَ أَبُو جَعْفَر الْقيَاس قَوْلهمَا أَنه لَيْسَ من حاضري الْمَسْجِد الْحَرَام وَيكون حكمه لَو كَانَ ابْتِدَاء دُخُول مَكَّة من أهل بِعُمْرَة فِي أشهر الْحَج ثمَّ حج من عَامه قَالَ أَيهمَا مَا أفسد فَعَلَيهِ قَضَاؤُهُ وَقد سقط عَنهُ دم الْمُتْعَة قَالَ أَبُو جَعْفَر دم الْمُتْعَة وَقَالَ مَالك لَا يسْقط عَنهُ دم الْمُتْعَة قَالَ أَبُو جَعْفَر دم التَّمَتُّع إِنَّمَا هُوَ زِيَادَة فِي الْقرْبَة الَّتِي فِي الْجمع بَين الْحَج وَالْعمْرَة وَمن أفسدها فَلَا قربَة لَهُ فِيهَا فَسقط دم الْمُتْعَة 638 - فِي وقف الْهَدْي بِعَرَفَة قَالَ أَصْحَابنَا إِن أوقف هدي الْمُتْعَة بِعَرَفَات فَحسن وَإِن لم يفعل لم يضرّهُ وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ الحديث: 638 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 173 وَقَالَ مَالك كل هدي يحْتَاج إِلَى ذبحه أَيَّام منى فَلَا بُد أَن يوقفه بِعَرَفَات فَإِن فَاتَهُ ذَلِك أخرجه إِلَى الْحل ثمَّ أدخلهُ الْحرم ونحره وَقَالَ اللَّيْث كل هدي يَشْتَرِي بمنى أنهى أَن يشْعر ويقلد قبل يَوْم عَرَفَة أَو يَوْم عَرَفَة ثمَّ يُوقف بِعَرَفَة فَإِن لم يفعل فَلَيْسَتْ بِهَدي إِنَّمَا هِيَ أضْحِية فَإِن فَاتَهُ ذَلِك بِعَرَفَة وَكَانَ هَديا وَاجِبا فَإِنَّهُ يَسُوقهَا من الْحل مشعرة مقلدة حَتَّى يدخلهَا مَكَّة فينحرها وَالشَّاة وَغَيرهَا من الْهَدْي فِي ذَلِك سَوَاء قَالَ أَبُو جَعْفَر وجدنَا الْحَاج عَلَيْهِ أَشْيَاء فِي نَفسه من الْوُقُوف لجمع وَالطّواف وَالسَّعْي والبيتوتة بمنى فَكَانَت هَذِه الْأَشْيَاء وَاجِبَة عَلَيْهِ فِي نَفسه فلاحظ للهدي فِي شَيْء من ذَلِك وَالْقِيَاس على ذَلِك أَن يكون هَذَا حكم الْهَدْي فِي الْوُقُوف بِعَرَفَة فَإِن قيل قد روى مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ الْهَدْي مَا قلد وأشعر وأوقف بِعَرَفَة وروى أَيُّوب عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ كل هدي لَا يُوقف بِعَرَفَة فَهُوَ أضْحِية قَالَ وَكَانَ ابْن عمر يَسُوق مَعَه الْبدن من الْمَدِينَة قيل لَهُ قد روى الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم عَن الْأسود عَن عَائِشَة أَنَّهَا سُئِلت عَن التَّعْرِيف بِالْبدنِ فَقَالَت إِن شِئْت فَعرف وَإِن شِئْت فَلَا فقولها كَذَلِك فكاف لقَوْل ابْن عمر وَإِذا تكافئا وَجب الِاسْتِدْلَال بِالنّظرِ 639 - فِي كَيْفيَّة نحر الْبدن قَالَ أَصْحَابنَا إِن شَاءَ نحر هَدْيه وَإِن شَاءَ أضجعه وَكَذَلِكَ الحديث: 639 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 174 الثَّوْريّ إِلَّا أَنه قَالَ باركه وَقَالَ مَالك قَائِمَة معقولة وَقَالَ الشَّافِعِي قَائِمَة معقولة وَغَيره معقولة وَإِن لم يُمكنهُ نحرها باركة روى سعيد عَن يُونُس عَن زِيَاد بن جُبَير بن حَيَّة قَالَ رأى ابْن عمر رجلا ينْحَر بَدَنَة وَقد أناخها وأضجعها فَقَالَ ابعثها قيَاما مُقَيّدَة سنة أبي الْقَاسِم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاحْتمل أَن يكون كره الإضجاع لِأَن اللَّفْظ روى بِالشَّكِّ أناخها أَو أضجعها وَقد روى حَمَّاد عَن ابْن دِينَار عَن ابْن عمر أَنه نحر بدنته وَهِي باركة فَثَبت أَنه كره الإضجاع فَحسب وروى الْأَعْمَش عَن أبي ظبْيَان عَن ابْن عَبَّاس {فاذكروا اسْم الله عَلَيْهَا صواف} الْحَج 36 قَالَ معقولة على ثَلَاث قَوَائِم ثمَّ يَقُول بِسم الله وَالله أكبر اللَّهُمَّ مِنْك وَلَك وَقد روى حَمَّاد عَن عَمْرو بن دِينَار رَأَيْت ابْن الزبير يَنْحَرهَا وَهِي قَائِمَة على ثَلَاث قَوَائِم معقولة وَهَذَا لَا يُقَال بِالرَّأْيِ فَثَبت أَنه تَوْقِيف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 175 640 - إِذا نحر للمتعة فِي اللَّيْلَة الَّتِي بعد يَوْم النَّحْر أَو الثَّانِيَة قَالَ أَصْحَابنَا أَجزَأَهُ وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ قَالَ مَالك لَا يجزيء ذَلِك وَلَا الْأُضْحِية إِلَّا نَهَارا وَاحْتَجُّوا بقوله تَعَالَى {ويذكروا اسْم الله فِي أَيَّام مَعْلُومَات على مَا رزقهم من بَهِيمَة الْأَنْعَام} الْحَج 28 فَذكرُوا الْأَيَّام دون اللَّيَالِي قيل لَهُ إِذا ذكر الْأَيَّام دخل مَا قبلهَا من اللَّيَالِي فَصَارَ حكمهَا حكمهَا ينزل عَلَيْهِ قَول الله تَعَالَى {واذْكُرُوا الله فِي أَيَّام معدودات} الْبَقَرَة 203 وَهِي أَيَّام منى وَكَانَت لياليها بمنزلتها 641 - فِي الَّذِي يقوم بِذبح الْهَدْي قَالَ أَصْحَابنَا اسْتحبَّ أَن يذبح الرجل هَدْيه بِيَدِهِ وَإِن ذبحه غَيره أَجزَأَهُ وَقَالَ الشَّافِعِي يذبحه مُسلم من كَانَ قَالَ مَالك أكره أَن يذبح هَدْيه أَو أضحيته غَيره كَرَاهِيَة شَدِيدَة وَإِن فعل أَجزَأَهُ وروى حَاتِم بن اسماعيل عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه قَالَ دَخَلنَا على جَابر بن عبد الله فحدثنا عَن حجَّة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قدم من الْيمن بدن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَانَ مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْهَدْي مَا سوى ذَلِك وَكَانَ جمَاعَة الحديث: 640 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 176 الْهَدْي الَّذِي أَتَى بِهِ عَليّ من الْيمن وَالَّذِي أَتَى بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْمَدِينَة مائَة فَنحر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بَدَنَة وَأعْطى عليا فَنحر مَا غبر فَفِي هَذَا الحَدِيث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نحر بعضه وَنحر عليا بعضه فَدلَّ على جَوَاز الْأَمريْنِ 642 - فِي ذبح الْيَهُودِيّ وَالنَّصْرَانِيّ للهدي قَالَ أَصْحَابنَا إذاذبح هَدْيه يَهُودِيّ أَو نَصْرَانِيّ أَجزَأَهُ وَمَا نحب لَهُ ذَلِك وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ قَالَ مَالك لَا يُجزئهُ وَكَذَلِكَ الْأُضْحِية قَالَ الله عز وَجل {وَطَعَام الَّذين أُوتُوا الْكتاب حل لكم} الْمَائِدَة 5 يَعْنِي الذَّبَائِح فَهُوَ عَام 643 - فِي ذكر شَيْء مَعَ اسْم الله عز وَجل عِنْد الذّبْح كره أَصْحَابنَا أَن يذكر مَعَ اسْم الله تَعَالَى غَيره بِأَن يَقُول اللَّهُمَّ تقبل من فلَان وَلَا بَأْس بِأَن يَقُوله بعد الذّبْح وَقَالَ اللَّيْث لَا يذكر مَعَ اسْم الله تَعَالَى عِنْد الذّبْح وَلَا عندالعطاس وَلَا عِنْد الذَّبِيحَة وَأنكر قَول من يَقُول اللَّهُمَّ مِنْك وَإِلَيْك قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لَا يكره أَن يَقُول بعد اسْم الله تَعَالَى اللَّهُمَّ تقبل من فلَان وَكره مَالك اللَّهُمَّ مِنْك وَإِلَيْك وَقَالَ هَذِه بِدعَة الحديث: 642 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 177 قَالَ الذّكر مَأْمُور بِهِ على الذَّبِيحَة فَيكْرَه أَن يخلط بِهِ غَيره من الدُّعَاء لنَفسِهِ إِذْ لَيْسَ من جنس الذّكر على الذَّبِيحَة فَإِن قيل قد رُوِيَ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ على ذَبِيحَته اللَّهُمَّ تقبل من مُحَمَّد وَأمته من شهد بِالتَّوْحِيدِ وَشهد لي بالبلاغ قيل لَا يثبت ذَلِك من وَجه تقوم الْحجَّة بِهِ عِنْد أهل الاسناد وَأما الصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فحسنة لِأَنَّهَا تَصْدِيق للرسول فَهُوَ من جنس التَّكْبِير 644 - إِذا ذبح كل وَاحِد هدي الآخر لنَفسِهِ من غير علم قَالَ أَصْحَابنَا إِذا ذبح رجلَانِ كل وَاحِد هدي صَاحبه عَن نَفسه وَهُوَ لَا يعلم واخذ كل وَاحِد مِنْهُمَا هَدْيه مذبوحا أَجزَأَهُ وَهَذَا اسْتِحْسَان وَالْقِيَاس أَلا يُجزئ وَكَذَلِكَ الْأُضْحِية وَهُوَ قَول الشَّافِعِي إِلَّا أَنه قَالَ يضمن كل وَاحِد مِنْهُمَا لصَاحبه قيمَة هدي صَاحبه مذبوحا وَحيا وَقَالَ مَالك يُجزئ فِي الْهَدْي وَلَا يُجزئ فِي الضَّحَايَا لِأَن الْهَدْي إِذا أشعر لم يرجع صَاحبه فِيهِ وَله أَن يُبدل الْأُضْحِية بِخَير مِنْهَا قَالَ لَا فرق فِي الْقيَاس بَينهمَا لِأَن الْجَمِيع على ملك صَاحبه فَيُجزئ فيهمَا الحديث: 644 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 178 645 - فِيمَا يجوز الْأكل من الْهَدْي قَالَ أَصْحَابنَا لَا يَأْكُل شَيْئا من الْهَدْي إِلَّا من الْقرَان والمتعة والتطوع إِذا بلغ مَحَله وَكَذَلِكَ الثَّوْريّ فِي هدي الْمُتْعَة أَنه يُؤْكَل وَقَالَ مَالك يَأْكُل من الْهَدْي إِلَّا جَزَاء الصَّيْد ونسك الْأَذَى وَنذر الْمَسَاكِين قَالَ الْأَوْزَاعِيّ يَأْكُل من هدي الْمُتْعَة والمحصر وَالْوَصِيَّة والتطوع وَالنّذر قَالَ الشافي لَا يَأْكُل إِلَّا من التَّطَوُّع وَلَا يَأْكُل من الْوَاجِب قَالَ الله تَعَالَى {وَالْبدن جعلناها لكم من شَعَائِر الله} الْحَج 36 فَهَذِهِ وَاجِبَة لِأَن شَعَائِر الْحَج وَاجِبَات كَقَوْلِه تَعَالَى {إِن الصَّفَا والمروة من شَعَائِر الله} الْبَقَرَة 158 وَلَا هدي فِي الْإِحْرَام إِلَّا الْقرَان أَو الْمُتْعَة وَقد روى اللَّيْث بن سعد عَن يزِيد بن الْهَاد عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن جَابر فَذكر قصَّة حج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا قدم مَكَّة وَفرغ من الطّواف قَالَ من لم يكن مَعَه هدي فليحل بِعُمْرَة فَإِنِّي لَو اسْتقْبلت من أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرت مَا سقت الْهَدْي وجعلتها عمْرَة قَالَ جَابر وَقدم عَليّ من الْيمن بِهَدي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَانَ جمَاعَة الْهَدْي الَّذِي قدم بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعلي مائَة بَدَنَة فَنحر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثًا وَسِتِّينَ الحديث: 645 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 179 بَدَنَة وَنحر عَليّ سبعا وَثَلَاثِينَ فأشرك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عليا فِي هَدْيه ثمَّ أَخذ من كل بَدَنَة بضعَة فَجعل فِي قدر فَأكل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من لَحمهَا وتحثى من مرقها فَثَبت بذلك جَوَاز أكل هدي الْقرَان والمتعة فَإِن قيل كَانَ تَطَوّعا لِأَنَّهُ كَانَ مُفردا قيل لَهُ كَيفَ يكون ذَلِك وَقد روى مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ عُمْرَتنَا هَذِه الَّتِي تَمَتعنَا بهَا فَمن لم يكن مَعَه هدي فليحل الْحل كُله فَدلَّ ذَلِك على أَنه كَانَ فِي بَدْء إِحْرَامه فِي عمْرَة أَو فِي إِحْرَام لم يرد بِهِ حجا وَلَا عمْرَة أَو كَانَ يخرج ينْتَظر الْقَضَاء ثمَّ عَاد إِحْرَامه إِلَى عمْرَة سَاق لَهَا الْهَدْي فَلم يحل بَينهَا وَبَين الْحَج الَّذِي أَرَادَهُ لأجل الْهَدْي وَقد رُوِيَ عَن عَائِشَة وَابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تمتّع فَاشْترى هَدْيه بِقديد وَعَن سعد بن أبي وَقاص تمتّع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَج وتمتعا مَعَه وَقَالَت حَفْصَة يَا رَسُول الله مابال النَّاس حلوا بِعُمْرَة وَلم تحل أَنْت عمرتك فَقَالَ إِنِّي لبدت رَأْسِي وقلدت هَدْيِي فَلَا أحل حَتَّى أنحر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 180 فَثَبت بذلك أَنه كَانَ من المائه الْبَدنَة هدي مُتْعَة فَإِن قيل قَالَ جَابر انطلقنا لَا نَعْرِف إِلَّا الْحَج فهذايدل على أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا كَانَ محرما بِالْحَجِّ قيل لَهُ إِنَّمَا أخبر جَابر عَمَّا عرفه من حَال نَفسه وَأما حَال النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقد عرفه غَيره وَأخْبر بِهِ فَهُوَ أولى 646 - إِذا حلق الْقَارِن قبل أَن يذبح قَالَ أَبُو حنيفَة فَعَلَيهِ دمان دم الْقرَان وَدم لحلقه قبل الذّبْح قَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا دم الْقرَان وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ مَالك فِيمَن حلق قبل أَن يَرْمِي عَلَيْهِ الْفِدْيَة وَقَالَ زفر فِي الْقَارِن ثَلَاثَة دِمَاء دمان للحلق وَدم للقران وروى الثَّوْريّ عَن عبد الرحمن بن الْحَارِث بن أبي ربيعَة عَن زيد بن عَليّ عَن ابيه عَن عبيد الله بن أبي رَافع عَن عَليّ قَالَ أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجل فَقَالَ يَا رَسُول الله إِنِّي أفضت قبل أَن أحلق قَالَ أحلق وَلَا حرج قَالَ الحديث: 646 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 181 وجاءه آخر فَقَالَ يَا رَسُول الله إِنِّي ذبحت قبل أَن أرمي قَالَ ارْمِ وَلَا حرج فَكَانَ فِي هَذَا رفع الْحَرج فِي تَقْدِيم ذَلِك وروى ابْن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ عَن عِيسَى بن طَلْحَة عَن عبد الله ابْن عمر قَالَ سَأَلَ رجل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ حلقت قبل أَن أذبح قَالَ اذْبَحْ وَلَا حرج وَقَالَ آخر ذبحت قبل أَن أرمي قَالَ أرم وَلَا حرج فَكَانَ فِي ذَلِك مَا قد ذكر روى أَسْبَاط بن مُحَمَّد قَالَ حَدثنَا أَبُو اسحاق الشَّيْبَانِيّ عَن زِيَاد بن علاقَة عَن أُسَامَة بن شريك قَالَ حجَجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسئلَ عَمَّن حلق قبل أَن يذبح أَو ذبح قبل أَن يحلق فَقَالَ لَا حرج لَا حرج فَلَمَّا أَكْثرُوا عَلَيْهِ قَالَ أَيهَا النَّاس إِن الله رفع الْحَرج إِلَّا من اقْترض من أَخِيه شَيْئا ظلما فَذَلِك الْحَرج فَكَانَ فِي ذَلِك مَا وصفت وَلم يبين فِيهِ أَن السَّائِل كَانَ مُفردا أَو قَارنا فَدلَّ على أَنه اسْتِوَاء الحكم 647 - فِيمَن سعى قبل الطّواف قَالَ أَصْحَابنَا أَن سعى بَين الصَّفَا والمروة قبل الطّواف لم يجزه وَهُوَ قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن الثَّوْريّ الحديث: 647 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 182 وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن سُفْيَان أَنه يُجزئهُ وَلَا يُعِيد وَقَالَ عَطاء من بَدَأَ بالمروة قبل الصَّفَا لم يضرّهُ ذَلِك قَالَ أَبُو جَعْفَر حَدثنَا مُوسَى بن هَارُون الرَّازِيّ حَدثنَا جرير بن عبد الحميد الضَّبِّيّ عَن أبي إِسْحَاق عَن زِيَاد بن علاقَة عَن أُسَامَة بن شريك قَالَ خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حجاجا وَكَانَ نَاس يأتونه قَالَ فَمن قَائِل يارسول الله سعيت قبل أَن أَطُوف أَو أخرت شَيْئا وقدمت شَيْئا فَكَانَ يَقُول لَا حرج لَا حرج إِلَّا رجل اقْترض عرض رجل مُسلم وَهُوَ ظَالِم لَهُ فَذَلِك الَّذِي يحرج وَيهْلك فَثَبت بذلك جَوَاز السَّعْي قبل الطّواف 648 - فِي مِقْدَار الْحلق وَالتَّقْصِير المجزئ قَالَ أَصْحَابنَا تقصر الْمَرْأَة مثل الْأُنْمُلَة وَلَو قصر الرجل وَالْمَرْأَة من جَانب رَأسه النّصْف أَجزَأَهُ أَيْضا وَقد أَسَاءَ وَلَا أحب لَهُ أَن يفعل وَقَالَ مَالك يَأْخُذ من جَمِيع قُرُون رَأسهَا الْقَلِيل وَإِن أخذت من بعض الْقُرُون وأبقت بَعْضًا لم جزها قَالَ وَكَذَلِكَ الرجل لَو قصر من بعض شعره وَأبقى بَعْضًا لم يجزه قَالَ الثَّوْريّ يُجزئهُ شَعْرَة وَاحِدَة الحديث: 648 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 183 وَقَالَ الشَّافِعِي ثَلَاث شَعرَات فَصَاعِدا قَالَ الله تَعَالَى {وَلَا تحلقوا رؤوسكم حَتَّى يبلغ الْهَدْي مَحَله} الْبَقَرَة 196 فَدلَّ على أَن هُنَاكَ حلق وَاجِب وَقَالَ {مُحَلِّقِينَ رؤوسكم وَمُقَصِّرِينَ} الْفَتْح 27 فوصفهم بذلك وَمن حلق ثَلَاث شَعرَات لم يلْحقهُ بِهَذِهِ الصّفة وَلَا يُقَال حالق رَأسه وَلَا مقصر فَالْقِيَاس أَن لَا يُجزئ حَتَّى يَأْتِي على الْكل كَمَا أمرنَا بِالطّوافِ وَهُوَ على الْبَيْت كُله دون الْبَعْض 649 - إِذا أخر الْحلق حَتَّى ذهب أَيَّام النَّحْر فَإِنَّهُ يحلق وَعَلِيهِ دم عِنْد أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا شَيْء عَلَيْهِ وَإِن حلق خَارج الْحرم كَانَ عَلَيْهِ فِي قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَالثَّوْري وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَزفر لَا شَيْء عَلَيْهِ وَقَالَ مَالك إِذا حلق فِي أَيَّام منى فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ إِن أَخّرهُ عَن أَيَّام منى بعد أَن يحلق بِمَكَّة فَإِن حلق خَارج مَكَّة فَعَلَيهِ دم وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِيمَن حلق فِي غير الْحرم إِن كَانَ جَامع قبله فَعَلَيهِ دم وَإِن لم يُجَامع فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَهُوَ قَول عَطاء وَقَالَ الشَّافِعِي لَا شَيْء عَلَيْهِ فِي تَأْخِير الْحلق قَالَ أَبُو جَعْفَر اتَّفقُوا أَنه مَأْمُور بِالْحلقِ بعد أَيَّام النَّحْر فَدلَّ على أَنه الحديث: 649 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 184 غير مَحْصُور بِوَقْت وَكَذَلِكَ إِذا خرج من الْحرم وَهُوَ مَأْمُور بِهِ فَدلَّ على أَنه غير مَحْصُور بمَكَان وَمن فعل شَيْئا فِي وقته أَو مَكَانَهُ فَلَا شَيْء عَلَيْهِ 650 - فِي خطب الْحَج قَالَ أَصْحَابنَا خطب الْحَج ثَلَاثَة قبل التَّرويَة بِيَوْم بِمَكَّة بعد الظّهْر يذكر فِيهَا مناسكهم وَأُخْرَى يَوْم عَرَفَة كخطبة الْجُمُعَة وَالثَّالِثَة يَوْم الثَّانِي بعد الظّهْر بمنى وَهُوَ الْيَوْم الثَّانِي من النَّحْر وَهُوَ قَول مَالك وَقَالَ زفر يخْطب الأولى يَوْم التَّرويَة عِنْد ارْتِفَاع النَّهَار وَلَا يجلس فِيهَا وَكَذَلِكَ يَوْم عَرَفَة بعد الزَّوَال قبل الصَّلَاة يجلس بَينهمَا كَالْجُمُعَةِ وَأُخْرَى يَوْم النَّحْر حَيْثُ يَرْمِي جَمْرَة الْعقبَة ضحوة وَلَا يجلس فِيهَا وَقَالَ الشَّافِعِي يخْطب قبل يَوْم التَّرويَة بِيَوْم بعد الظّهْر وَيَوْم عَرَفَة أُخْرَى بعد الزَّوَال قبل الصَّلَاة وَأُخْرَى بعد الظّهْر يَوْم النَّحْر وَأُخْرَى بعد الظّهْر يَوْم الثَّالِث من يَوْم النَّحْر وَهُوَ النَّفر الأول وَأما قَول زفر أَنه يخْطب بعد الزَّوَال فِي الْيَوْم الَّذِي ذكر فَهُوَ أشبه قِيَاسا على خطْبَة عَرَفَة لِأَنَّهُمَا جَمِيعًا من أَسبَاب الْحَج وَلَا تشبه خطْبَة الْعِيد إِذْ لَيست من أَسبَاب الْحَج وَأما الْخطْبَة الَّتِي قَالَ الشَّافِعِي فَذهب بهَا إِلَى أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعلهَا يَوْم النَّحْر فَإِنَّهَا لم تكن من أَسبَاب الْحَج لِأَنَّهُ لم يذكر فِيهَا شَيْئا من ذَلِك وَإِنَّمَا ذكر فِيهَا أحكاما اخرى وَهِي الْخطْبَة الْمَشْهُورَة وَقَالَ الشَّافِعِي يخطبها بعد الظّهْر وَقد رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا يُوجب خِلَافه لِأَن حَاتِم بن إِسْمَاعِيل روى عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن ابيه عَن جَابر فِي حجَّة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى أَن ذكر الْجمار ثمَّ الحديث: 650 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 185 قَالَ انْصَرف إِلَى المنحر فَذكر ذَلِك إِلَى أَن قَالَ ثمَّ أَفَاضَ رَسُول الله حَتَّى أَتَى الْبَيْت فصلى بِمَكَّة الظّهْر فَثَبت بذلك بطلَان قَول الشَّافِعِي فِي ذَلِك فَإِن قيل روى ابْن جريج عَن عبد الله بن عُثْمَان بن خثيم عَن أبي الزبير عَن جَابر لما أفاضوا فِي الْحجَّة الَّتِي حَجهَا بهم أَبُو بكر خطب النَّاس فَحَدثهُمْ عَن إفاضتهم وَعَن نحرهم وَعَن مناسكهم فَلَمَّا فرغ قَامَ عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام فَقَرَأَ على النَّاس سُورَة بَرَاءَة حَتَّى خَتمهَا قيل لَهُ إِن خطْبَة أبي بكر لم تكن لِلْحَجِّ وَإِنَّمَا كَانَت لِأَن عليا احْتَاجَ إِلَى قِرَاءَة بَرَاءَة فابتدأ أَبُو بكر بِالْخطْبَةِ لِئَلَّا يتفرق النَّاس وَيقْرَأ عَليّ السُّورَة عَلَيْهِم 651 - فِيمَن مَاتَ بعد الْوَقْف وَأوصى بإتمام الْحَج عَنهُ روى سُلَيْمَان بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن مُحَمَّد إِذا وقف بِعَرَفَة ثمَّ مَاتَ فأوصى بِأَن يتم عَنهُ فَإِنَّهُ يذبح عَنهُ للمزدلفة دم ولرمي الْجمار دم وللحلق دم ولطواف الزِّيَارَة بَدَنَة ولطواف الصَّدْر دم وَذَلِكَ كُله من الثُّلُث وروى نَحوه عَن سُفْيَان وروى عَن طَاوُوس أَنه يقْضِي عَنهُ وليه مَا بَقِي وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ وَقَالَ مَالك إِن مَاتَ قبل أَن يَرْمِي جَمْرَة الْعقبَة فَلَا هدي عَلَيْهِ وَإِن رمى جَمْرَة الْعقبَة ثمَّ مَاتَ فَعَلَيهِ الْهَدْي من جَمِيع المَال الحديث: 651 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 186 وَقَالَ الْحُسَيْن بن حَيّ إِذا مَاتَ بِعَرَفَة بعد الزَّوَال كَانَ عَلَيْهِ دم لعرفة كَأَنَّهُ أَفَاضَ قبل الإِمَام وَدم للحلق وَكَذَلِكَ إِذا أوصى قَالَ الْقيَاس أَن يقْضِي عَنهُ الْعَجز وَلَا يقْضِي بِدَم فَكَذَلِك لَا يقوم عَنهُ الدَّم وَلَا معنى لقَضَاء الْغَيْر عَنهُ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو فِي أَن يَفْعَلهَا بِإِحْرَام أَو بِلَا إِحْرَام فَإِن فَعَلُوهَا فِي غير إِحْرَام لم يجز لِأَن الْمَفْعُول عَنهُ إِنَّمَا كَانَ يَفْعَله بِإِحْرَام وَلَو فعل عَنهُ بِإِحْرَام لم يخل من أَن يكون الْمحرم أحرم بِهِ عَن نَفسه أَو عَن الْمَيِّت فَإِن كَانَ الْفَاعِل فقد صَار فَاعِلا عَن الْمَيِّت فِي إِحْرَام نَفسه وَذَلِكَ بِمَعْنى من فعل بِغَيْر إِحْرَام وَإِن فعله فِي إِحْرَام يبتدئه عَن الْمَيِّت فَإِن مَا بَقِي لَا يفعل بِإِحْرَام يَقع لَهُ خَاصَّة فَسقط ذَلِك من الْوُجُوه كلهَا 652 - فِي الْمَكَان وَالزَّمَان الَّذِي ينْحَر الْمحصر هَدْيه قَالَ أَصْحَابنَا الْمحصر بالعدو وَالْمَرَض سَوَاء يذبح هَدْيه فِي الْحرم وَيحل قبل يَوْم النَّحْر إِن شَاءَ وَعَلِيهِ حجَّة وَعمرَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَيْسَ لَهُ ذَلِك دون يَوْم النَّحْر وَهُوَ قَول الْحسن بن حَيّ والمحصر بِعُمْرَة ينْحَر هَدْيه مَتى شَاءَ فِي قَوْلهم وَسَوَاء دَامَ بِهِ الْإِحْصَار إِلَى يَوْم النَّحْر أَو زَالَ عِنْد أبي حنيفَة فِي رِوَايَة أبي يُوسُف وروى زفر عَن أبي حنيفَة أَنه إِن تمّ الْإِحْصَار إِلَى يَوْم النَّحْر أَجْزَأَ ذَلِك عَنهُ وَكَانَ عَلَيْهِ قَضَاء حجَّة وَعمرَة وَإِن صَحَّ قبل وَقت الْحَج لم يجزه ذَلِك وَكَانَ محرما بِالْحَجِّ على حَاله قَالَ وَلَو صَحَّ فِي الْعمرَة بعد بَعثه الْهَدْي فَإِن قدر على إِدْرَاك الْهَدْي قبل أَن يذبح مضى حَتَّى يقْضِي عمرته وَإِن لم يقدر حل إِذا نحر عَنهُ الْهَدْي وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ الْإِحْصَار بعدو لَا غير فَإِذا أحْصر بعدو فَإِنَّهُ الحديث: 652 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 187 ينْحَر هَدْيه ويحلق رَأسه حَيْثُ حبس وَلَا قَضَاء عَلَيْهِ إِلَّا أَن يكون عَلَيْهِ حجَّة الْإِسْلَام فحجها حسب قَالَ الثَّوْريّ الْإِحْصَار بالعدو وَالْمَرَض سَوَاء ويذبح عَنهُ الْهَدْي يَوْم النَّحْر وَيحل وروى أَبُو عَاصِم النَّبِيل عَن حجاج الصَّواف أَخْبرنِي يحيى بن أبي كثير عَن عِكْرِمَة عَن حجاج بن عَمْرو الْأنْصَارِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من عرج أَو كسر فقد حل وَعَلِيهِ حجَّة أُخْرَى وَرَوَاهُ مُحَمَّد بن عبد الله الْأنْصَارِيّ حَدثنَا حجاج الصَّواف بِإِسْنَادِهِ مثله قَالَ فَحدثت بذلك ابْن عَبَّاس وَأَبا هُرَيْرَة فَقَالَ صدق فَثَبت بذلك أَن حكم الْمَرَض والعدو سَوَاء فِي ذَلِك وَمعنى قَوْله قد حل أَي قد حَان لَهُ أَن يحل كَمَا يُقَال للْمَرْأَة إِذا انْقَضتْ عدتهَا قد حلت للأزواج يَعْنِي قد حل لَهَا أَن تتَزَوَّج وَتحل للزَّوْج وروى سُفْيَان الثَّوْريّ عَن الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة فَإِن أحصرتم ثمَّ قَالَ من حبس أَو مرض قَالَ إِبْرَاهِيم فَحدثت بِهِ سعيد بن جُبَير فَقَالَ هَكَذَا قَالَ ابْن عَبَّاس وَهَذَا تَفْسِير الْآيَة فَثَبت أَن الِاسْم يلْحقهَا وَأَنه لَا يحل بِنَفس الْحصْر أَلا ترى إِلَى قَوْله تَعَالَى فِي الْآيَة {وَلَا تحلقوا رؤوسكم حَتَّى يبلغ الْهَدْي مَحَله} الْبَقَرَة 196 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 188 وروى عَن ابْن مَسْعُود مثل قَوْلنَا فِي الْإِحْصَار بِالْمرضِ وروى عَن ابْن عمر لَا يكون الْإِحْصَار إِلَّا من عَدو وَالنَّظَر أَن من منع المَاء فِي السّفر لعدو أوكان مَرِيضا لَا يقدر على اسْتِعْمَاله سَوَاء فَكَذَلِك فِي الْحَج وَلَا يجوز الْإِحْلَال قبل بُلُوغ الْهَدْي مَحَله لقَوْله تَعَالَى {وَلَا تحلقوا رؤوسكم} ثمَّ قَالَ {فَمن كَانَ مِنْكُم مَرِيضا أَو بِهِ أَذَى من رَأسه ففدية} يَعْنِي إِلَى أَن يبلغ الْهَدْي مَحَله فَثَبت أَن امْتنَاع الْإِحْلَال قبل ذَلِك فَأَما من جوز ذبح الْهَدْي فِي غير الْحرم فَذهب إِلَى مَا روى سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عبيد الله بن أبي زيد عَن أَبِيه عَن سِبَاع بن ثَابت عَن أم كرز قَالَت أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْحُدَيْبِية أسأله عَن لُحُوم الْهَدْي قَالُوا وَالْحُدَيْبِيَة من الْحل قَالُوا وَقَالَ تَعَالَى {وَالْهَدْي معكوفا أَن يبلغ مَحَله} الْفَتْح 25 قيل لَهُ يجوز أَن يُرِيد بِهِ الْحل الْمُسْتَحبّ وَقد روى عَطاء عَن جَابر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كل منى منحر وكل فجاج مَكَّة طَرِيق ومنحر وَمَعَ ذَلِك الْمُسْتَحبّ مَوضِع بِعَيْنِه وروى الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن الْمسور أَن رَسُول الله صلى الله عله وَسلم كَانَ بِالْحُدَيْبِية الجزء: 2 ¦ الصفحة: 189 خباؤه بِالْحلِّ ومصلاة فِي الْحرم فَامْتنعَ أَن يذبح هَدْيه فِي الْحل وَهُوَ يقدر على شَيْء من الْحرم وَقد روى إِسْرَائِيل عَن مجزأَة بن زَاهِر عَن نَاجِية بن جُنْدُب الْأَسْلَمِيّ قَالَ أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين صد الْهدى فَقلت يَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ابْعَثْ معي الْهَدْي فلأنحره فِي الْحرم قَالَ وَكَيف تَأْخُذ بِهِ قَالَ آخذ بِهِ فِي أَوديَة لَا يقدرُونَ عَليّ فِيهَا فَبَعثه معي حَتَّى نَحرته فِي الْحرم وَالنَّظَر أَن لَا ينْحَر دون يَوْم النَّحْر لِأَنَّهُ جعل بَدَلا من الْوُصُول إِلَى مَا يحل بِهِ الْحَاج من حَاجَة فَكَذَلِك بدله وَأما وجوب الْقَضَاء فَلَمَّا فِي حَدِيث الْحجَّاج بن عَمْرو فِيمَن كسر أَو عرج وَأَيْضًا من أحرم بِحجَّة تطوع ثمَّ أَرَادَ تَركهَا لم يكن لَهُ ذَلِك كالواجب بِالنذرِ فَكَانَ الْقيَاس أَن يكون الدُّخُول مثله 653 - فِي حلق وتقصير الْمحصر قَالَ أَصْحَابنَا لَيْسَ على الْمحصر تَقْصِير وَلَا حلق قَالَ أَبُو يُوسُف يقصر فَإِن لم يفعل فَلَا شَيْء عَلَيْهِ حكى ابْن أبي عمرَان عَن مُحَمَّد بن سَمَّاعَة عَن أبي يُوسُف فِي نوادره أَن عَلَيْهِ أَن يحلق وَيقصر لَا بُد لَهُ من ذَلِك الحديث: 653 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 190 وَقَالَ مَالك وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ والشافي يقصر وروى معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن الْمسور ومروان بن الحكم قَالَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأَصْحَابه بِالْحُدَيْبِية حِين أحْصر عَن الْبَيْت قومُوا فَانْحَرُوا ثمَّ احْلقُوا فَثَبت وجوب الْحلق عَلَيْهِ وروى أَبُو إِسْحَاق قَالَ حَدثنِي عبد الله بن أبي نجيح عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ حلق رجال بِالْحُدَيْبِية وَقصر آخَرُونَ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يرحم الله المحلقين قَالُوا والمقصرين قَالَ ذَلِك ثَلَاثًا ثمَّ قَالَ والمقصرين وروى الْأَوْزَاعِيّ عَن يحيى بن أبي كثير عَن أبي إِبْرَاهِيم الْأنْصَارِيّ قَالَ حَدثنَا أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسْتَغْفر يَوْم الْحُدَيْبِيَة للمحلقين ثَلَاثًا وللمقصرين مرّة وَذَلِكَ لايكون إِلَّا لحلق عَن إِحْرَام وَيكون نسكا لِأَن الْأَفْضَل فِي غير الْإِحْرَام للحالق على المقصر قَالَ أَبُو بكر يحْتَمل أَن يكون قَالَه لما رأى من جدهم فِيمَا أَمرهم بِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 191 وَصِحَّة يقينهم لأَنهم كَانُوا كارهين للإحلال فمدح من جد فِي ذَلِك وسارع إِلَيْهِ وفضله على غَيره وَالنَّظَر إِلَى الْمحصر قَادر على الْحلق وَإِنَّمَا سقط عَنهُ سَائِر النّسك لعدم الْقُدْرَة 654 - فِي الْمحصر بِمَكَّة قَالَ أَصْحَابنَا من أَتَى مَكَّة محرما بِالْحَجِّ لم يكن محصرا بهَا قَالَ مَالك يخرج إِلَى الْحل يفعل مَا فعله الْمُعْتَمِر وَعَلِيهِ الْحَج من قَابل وَالْهَدْي وَالشَّافِعِيّ الْإِحْصَار بِمَكَّة وَغَيرهَا سَوَاء إِذا لم يجد سَبِيلا إِلَى قَضَاء نُسكه وَالْقِيَاس أَنه بِمَكَّة وَغَيرهَا سَوَاء كَمَا أَن فَوت الْحَج وَغَيرهَا سَوَاء فيالحكم 655 - فِي الْإِحْصَار بعد الْوُقُوف بِعَرَفَة قَالَ أَصْحَابنَا من وقف بِعَرَفَة ثمَّ أحْصر لَا يكون محصرا أبدا وَهُوَ حرَام من النِّسَاء حَتَّى يطوف للزيارة وَقَالَ مَالك لَا يحل حَتَّى يطوف للزيارة قَالَ الْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ يكون محصرا يُوكل بِالْهَدْي من بعض الْإِحْرَام كَمَا كَانَ يحل من جَمِيعه قَالَ من أدْرك عَرَفَة فقد أدْرك الْحَج فَلَمَّا أَمن الْفَوْت وَالْفساد لم يحل مِنْهُ الحديث: 654 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 192 656 - فِيمَن فَاتَهُ الْحَج قَالَ أَصْحَابنَا من فَاتَهُ الْحَج حل بِعُمْرَة وَعَلِيهِ الْحَج من قَابل وَلَا هدي قَالَ مَالك أحب أَن يمْضِي لوجهه وَيحل من إِحْرَامه وَذَلِكَ بِعُمْرَة بالإهلال الأول وَلَا يسْتَأْنف لَهَا إهلالا قَالَ وَله أَن يثبت على إِحْرَامه وَلكنه يحل مَا لم يدْخل مَكَّة فَإِن دخل مَكَّة فَلَا أرى لَهُ وَلكنه يحل بِالطّوافِ وَالسَّعْي فَإِن كَانَ قَابلا قضى الْحجَّة الَّتِي فَاتَتْهُ وَعَلِيهِ دم وَقَالَ الثَّوْريّ يحل بِعُمْرَة وَعَلِيهِ الْحَج من قَابل وهدي وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يفعل مَا يدْرك من أَعمال الْحَج وَيَقْضِي قَالَ الشَّافِعِي يحل بِعُمْرَة ثمَّ يقْضِي الْحَج من قَابل وَلَيْسَ أَن حجَّة صَار عمْرَة كَيفَ يصير عمْرَة وَقد ابتدأه حجا قَالَ الْمُزنِيّ قِيَاس قَوْله أَن يَأْتِي بباقي الْحَج وَهُوَ الْمبيت بمنى وَالرَّمْي مَعَ الطّواف وَالسَّعْي روى مَالك عَن يحيى بن سُلَيْمَان بن يسَار أَن أَبَا أَيُّوب الْأنْصَارِيّ خرج حَاجا حَتَّى إِذا كَانَ بالنازية بطرِيق مَكَّة أضلّ رواحله وَقدم على عمر يَوْم النَّحْر فَقَالَ لَهُ عمر اصْنَع مايصنع الْمُعْتَمِر وَقد حللت فَإِذا أدْركْت الْحَج من قَابل تحج ولتهد مَا اسْتَيْسَرَ من الْهَدْي الحديث: 656 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 193 وروى موس بن عقبَة عَن نَافِع عَن ابْن عمر من قَوْله مثله وروى مُغيرَة عَن إِبْرَاهِيم عَن الْأسود بن يزِيد عَن عمر أَنه قَالَ يحل بِعُمْرَة وَعَلِيهِ الْحَج من قَابل وَلَا هدي عَلَيْهِ قَالَ الْأسود وَسَأَلت زيد بن ثَابت عَن ذَلِك فَقَالَ مثله قَالَ أَبُو جَعْفَر لَيْسَ لإِيجَاب الْهَدْي وَجه فقد اتّفق هَؤُلَاءِ من الصَّحَابَة على ذَلِك فَلَا يعدل عَن قَوْلهم إِذْ لَيْسَ يروي عَن غَيرهم فَلَا معنى لقَوْل من قَالَ يمْضِي فِي الْحَج لِأَنَّهُ لَو مضى لفعل طواف الزِّيَارَة قبل الْوُقُوف بِعَرَفَة فَلَا يَقع طَوافا للزيارة وَلما أَجمعُوا على أَن للْحَاج الَّذِي يفوتهُ أَن يحل قبل الْوُقُوف بِعَرَفَة دلّ على سُقُوط جَمِيع الْحَج عَنهُ وَأَنه قد صَار بالفوات فِي عمْرَة لَا حجَّة 657 - فِي الصَّوْم عَن هدي الْإِحْصَار قَالَ أَصْحَابنَا لَا يُجزئ عَن هدي الْإِحْصَار الصَّوْم وَكَذَلِكَ سَائِر الْجِنَايَات فِي الْإِحْرَام إِلَّا مَا أُبِيح فِي حَال الْعذر من حلق الرَّأْس من أَذَى وَمَا فِي مَعْنَاهُ قَالَ مَالك كل هدي وَجب على رجل عجز عَن الْمَشْي أَو وَطْء لأَهله أَو شَيْء تَركه من الْحَج فَإِنَّهُ يُجزئ عَنهُ الصَّوْم إِذا لم يقدر عَلَيْهِ وَلَا يُجزئهُ الطَّعَام قَالَ إِنَّمَا الطَّعَام وَالصِّيَام يجزيان فِي فديَة الْأَذَى وَجَزَاء الصَّيْد لَا يجوز الطَّعَام إِلَّا فِي هذَيْن الْمَوْضِعَيْنِ الحديث: 657 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 194 وَقَالَ الشَّافِعِي فِيمَن أفسد حجَّة بجماع فَعَلَيهِ بَدَنَة وَالْحج من قَابل وَيُجزئ عَنهُ وَعَن امْرَأَته بَدَنَة وَاحِدَة وَمَا تلذذ بِهِ دون الْجِمَاع أَجْزَأَ شَاة فَإِن لم يجد قومت الْبَدنَة حَيْثُ تجب دَرَاهِم بِمَكَّة وَالدَّرَاهِم طَعَاما فَإِن لم يجد صَامَ عَن كل مد يَوْمًا وَلَا يكون الطَّعَام وَالْهَدْي إِلَّا بِمَكَّة وَمنى وَالصَّوْم حَيْثُ شَاءَ ذكر عَن مُحَمَّد أَنه غير جَائِز إِثْبَات الْإِبْدَال بِقِيَاس 658 - فِيمَن أَخذ شَيْئا من شعر رَأسه أَو لحيته قَالَ أَصْحَابنَا من أَخذ من شعر رَأسه أولحيه ربعا فَعَلَيهِ دم وَلما دونه صَدَقَة قَالَ مَالك إِذا نتف شَعرَات فطعام وَإِن نتف مَا أماط الْأَذَى عَنهُ فَعَلَيهِ الْفِدْيَة قَالَ الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ فِي ثَلَاث شَعرَات دم وَمَا دونهَا طَعَام قَالَ الله تَعَالَى {فَمن كَانَ مِنْكُم مَرِيضا أَو بِهِ أَذَى من رَأسه} الْآيَة فإوجب الْفِدْيَة الْمَذْكُورَة فِيمَن أَزَال الْأَذَى وَلَيْسَ فِي إِزَالَة ثَلَاث شَعرَات إِزَالَة الْأَذَى من الرَّأْس فَلَا فديَة فِيهِ 659 - فِي الْإِطْعَام فِي فديَة الْأَذَى قَالَ أَبُو يُوسُف إِن غدى وعشى مَسَاكِين من فديَة الْأَذَى أَجزَأَهُ الحديث: 658 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 195 وَقَالَ مُحَمَّد لَا يُجزئهُ كَمَا لَا يُجزئ فِي الزَّكَاة لِأَن الله تَعَالَى سَمَّاهُ صَدَقَة وَقَالا هُوَ مُخَيّر بَين الْأَشْيَاء الثَّلَاث قَالَ سُفْيَان وَمَالك يطعم كل مِسْكين مَدين إِن اخْتَار الطَّعَام قَالَ الشَّافِعِي يُعْطي الْمَسَاكِين مَدين لكل مِسْكين أَو دم أَو صِيَام حجاج بن منهال عَن حَمَّاد بن سَلمَة عَن يزِيد بن زُرَيْع حَدثنَا دَاوُد بن أبي هِنْد عَن الشّعبِيّ عَن كَعْب بن عجْرَة ذكر قصَّته فِي هوَام رَأسه فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمَعَك دم قلت لَا قَالَ فَإِن شِئْت فَصم ثَلَاثَة أَيَّام وَإِن شِئْت فَتصدق بِثَلَاثَة آصَع من تمر بَين سِتَّة مَسَاكِين كل مِسْكين نصف صَاع وَكَانَ فِي هَذَا الحَدِيث التَّخْيِير بَين الطَّعَام وَالصَّوْم بَعْدَمَا سَأَلَهُ عَن الدَّم فَأخْبرهُ أَنه لَيْسَ مَعَه وروى حجاج بن منهال أَيْضا عَن حمادبن سَلمَة عَن دَاوُد بن أبي هِنْد عَن الشّعبِيّ عَن عبد الرحمن بن أبي ليلى عَن كعلب بن عجْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكر الْقِصَّة إِلَى أَنه قَالَ فَاحْلِقْ رَأسك وَإِن شِئْت نسيكه وَإِن شِئْت نعم ثَلَاثَة أَيَّام وَإِن شِئْت فاطعم وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الخصيب بن نَاصح عَن وهيب بن خَالِد عَن دَاوُد بن أبي هِنْد عَن الشّعبِيّ قَالَ حَدثنِي كَعْب بن عجْرَة مثله وروى شُعْبَة عَن عبد الرَّحْمَن الْأَصْبَهَانِيّ عَن عبد الله بن معقل عَن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 196 كَعْب بن عجْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَذكر فِي الطَّعَام كل مِسْكين نصف صَاع حِنْطَة وروى ابْن بنت أَزْهَر عَن عبد الرَّحْمَن بن مهْدي وَحدثنَا ابْن أبي إِسْحَاق عَن مُجَاهِد عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى عَن كَعْب بن عجْرَة مثله وَقَالَ فِي الطَّعَام أَو أطْعم سِتَّة فرقا من زبيب فَذكرهَا هَا هُنَا الزَّبِيب فَهَذِهِ آثَار مُخْتَلفَة وَمَعْلُوم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يذكرفي ذَلِك إِلَّا صنفا وَاحِدًا وَقد اتَّفقُوا على سُقُوط الْفَرْض بِإِخْرَاج الْحِنْطَة واختلفوافي التَّمْر وَالزَّبِيب فَلَا يسْقط الْفَرْض إِلَّا سُفْيَان 660 - فِي الْخِيَار فِي فديَة الْأَذَى قَالَ أَصْحَابنَا مَا فعله الْمحرم من إِزَالَة الْأَذَى من ضَرُورَة فَهُوَ بِالْخِيَارِ وَمَا لم يكن للضَّرُورَة فدم لَا غير وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ الثَّوْريّ من فعل ذَلِك لغير ضَرُورَة وَلَا عذر فَهُوَ بالخيارمثل من فعله من ضَرُورَة الحديث: 660 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 197 قَالَ لَا يخْتَلف حكم من اصطاد لضَرُورَة أَو غَيرهَا فَعلمنَا أَن الصَّوْم لَا يُغير الحكم وَإِنَّمَا يرقع المأثم 661 - فِيمَن تطيب أَو لبس نَاسِيا قَالَ أَصْحَابنَا من لبس أَو تطيب نَاسِيا فَعَلَيهِ الْفِدْيَة قَالَ الشَّافِعِي إِن تطيب نَاسِيا فَلَا شَيْء عَلَيْهِ احْتج الشَّافِعِي بِحَدِيث الْأَعرَابِي الَّذِي سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ محرم بِعُمْرَة وَعَلِيهِ طيب فَلم يَأْمُرهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالفدية وَأمره بِغسْل الطّيب وَنزع الْجُبَّة قَالَ لِأَنَّهُ فعله قبل قيام الْحجَّة عَلَيْهِ وَلُزُوم فَرْضه إِيَّاه وَكَيف نقيس الْجَهْل على النسْيَان وَلم يَخْتَلِفُوا أيضاأن من قتل صيدا نَاسِيا وعامدا فِي الحكم سَوَاء 662 - فِيمَن تطيب وَلبس عدَّة مَرَّات قَالَ أَصْحَابنَا من تطيب بِطيب كثير فِي موطن وَاحِد فَعَلَيهِ دم وَاحِد وَإِن كَانَ فِي مَوَاطِن مُخْتَلفَة فَعَلَيهِ لكل موطن كَفَّارَة وَقَالَ مُحَمَّد عَلَيْهِ كَفَّارَة وَاحِدَة مَا لم يكفر الأول وَكَذَلِكَ كلما فعله من ذَلِك من وَجه وَاحِد الحديث: 661 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 198 قَالَ مَالك يجب لكل مرّة من اللّبْس أَو الطّيب كَفَّارَة إِلَّا فِي الْجِمَاع خَاصَّة فَإِنَّهُ لَا يجب إِلَّا دم وَاحِد وَإِن جَامع مرَارًا كَثِيرَة قَالَ الثَّوْريّ إِذا داوى مرَارًا كَثِيرَة بِطيب فكفارة وَاحِدَة قَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِيمَن أَصَابَهُ أَذَى من رَأسه فحلق ثمَّ احْتَاجَ إِلَى لبس فَلبس على وَجه الدَّوَاء فَعَلَيهِ كَفَّارَة وَاحِدَة مَا لم يكفر ثمَّ كفر ثمَّ عَاد وَجب أُخْرَى قَالَ اللَّيْث إِذا صنع شَيْئا بعد شَيْء افتدى لكل شَيْء كَفَّارَة فَإِن كَانَ ذَلِك فِي موطن وَاحِد فِي مرّة وَاحِدَة لم يكن عَلَيْهِ إِلَّا فديَة وَاحِدَة قَالَ الشَّافِعِي وَإِذا لبس من ضَرُورَة وغطى رَأسه وَلبس خُفَّيْنِ من شدَّة برد وَفعل ذَلِك كُله فِي مَكَان وَاحِد فَعَلَيهِ كَفَّارَة وَاحِدَة وَإِن فرق شَيْئا بعد شَيْء كَانَ عَلَيْهِ لكل لبسة فديَة قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا بَأْس للموطن الْوَاحِد فِي الْقيَاس وَشبهه مُحَمَّد بكفارة رَمَضَان وَيلْزمهُ أَن لَا يفرق حكم اللّبْس وَالطّيب كَمَا لم يفرق حكم الْإِفْطَار بجماع وَلبس الجزء: 2 ¦ الصفحة: 199 663 - فِي تقليم الْأَظْفَار قَالَ أصحابناإذاقلم أظفار كَفه فَعَلَيهِ دم وَإِن قلم من كل كف أَو رجل أَرْبعا أَرْبعا فَعَلَيهِ طَعَام إِلَّا أَن تبلغ دَمًا قَالَ مُحَمَّد عَلَيْهِ دم إِذا قلم خَمْسَة أظفار من يَد وَاحِدَة أَو غير ذَلِك قَالَ زفر إِذا قلم أظفار يَدَيْهِ أَو رجلَيْهِ فِي موطن أَو ثَلَاثَة أَصَابِع فَعَلَيهِ دم وَإِن قلم إِصْبَعَيْنِ فَفِي كل إِصْبَع نصف صَاع قَالَ مَالك إِنَّمَا تجب الْفِدْيَة فِي قلم الظفر إِذا كَانَ فِيهِ إمَاطَة الْأَذَى فَإِن كَانَ فِي ظفر وَاحِد إمَاطَة الْأَذَى فَعَلَيهِ دم قَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا قلم ظفرا وَاحِدًا فَعَلَيهِ الْفِدْيَة الشَّافِعِي فِي ظفر مد وَفِي ظفرين مَدين وَفِي ثَلَاثَة دم 664 - فِي حلق الْمحرم رَأس الْحَلَال أَو قصّ شَاربه قَالَ أَصْحَابنَا إِذا أَخذ الْمحرم من شَارِب الْحَلَال أَو قصّ إظفاره فَإِنَّهُ يطعم شَيْئا قَالَ مَالك إِذا حلق الْمحرم رَأس حَلَال فَعَلَيهِ الْفِدْيَة قَالَ ابْن الْقَاسِم رُوِيَ أَنه يتَصَدَّق لقتل الدَّوَابّ حسب قَالَ الثَّوْريّ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء وَهُوَ قَول مُجَاهِد رُوِيَ عَن سعيد بن جُبَير أَنه يتَصَدَّق بدرهم قَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِن أَخذ الْمحرم رَأس الْمحرم بِإِذْنِهِ فعلَيْهِمَا كَفَّارَة وَاحِدَة الحديث: 663 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 200 وَإِن كَانَ بِغَيْر إِذْنه فعلى الْآخِذ كَفَّارَة وَلَيْسَ على الآخر شَيْء وَلَو حَرَامًا أَخذ من شعر حَلَال فعلى الْحَرَام الْكَفَّارَة قَالَ اللَّيْث لَا بَأْس أَن يَأْخُذ الْحَرَام شَارِب الْحَلَال أَو يقص شعره وأكره أَخذه كُله لأجل الدَّوَابّ قَالَ الشَّافِعِي يحلق الْمحرم رَأس الْحَلَال قَالَ لَا يكره للْمحرمِ أَن يَأْمر الْحَلَال أَن يحلق رَأس نَفسه وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لكعب بن عجْرَة احْلق وَهُوَ محرم فَثَبت أَن حلقه إِيَّاه بِمَنْزِلَة الْأَمر وَلَيْسَ كَذَلِك الصَّيْد لِأَنَّهُ مَنْهِيّ عَن أَمر الْمحرم بالإصطياد فَكَذَلِك فعله 665 - فِي الْمحرم إِذا جَامع امْرَأَته الْمُحرمَة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا جَامع امْرَأَته وهما محرمان أَو نَائِمَة مُكْرَهَة فعلى كل وَاحِدَة مِنْهُمَا دم وَيفْسد حجهما والمكرهة والمطاوعة فِي هَذَا سَوَاء قَالَ مَالك إِذا أكره نِسَاءَهُ فجامعهن وَهُوَ محرمون فَعَلَيهِ عَن كل وَاحِدَة مِنْهُنَّ كَفَّارَة وَعَلِيهِ فِي نَفسه كَفَّارَة وَقَالَ لَو أَن رجلا غطى وَجه محرم نَائِم فالكفارة على الَّذِي غطى وَلَيْسَ على النَّائِم شَيْء وَإِن حلقه وَهُوَ نَائِم فالكفارة على الحالق لَا على النَّائِم وَكَذَلِكَ الطّيب وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا غلبها على نَفسهَا وَهِي مُحرمَة فَإِنَّهَا تمْضِي فِي حَجهَا وعَلى زَوجهَا أَن يحججها من مَاله وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا حلق شعر محرم بِغَيْر أمره رَجَعَ على الْحَلَال بفديته وَتصدق بهَا الحديث: 665 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 201 لم يَخْتَلِفُوا أَن جماع المكرهة كجماع المطاوعة فِي إِفْسَاد الْحَج وَإِنَّمَا اخْتلفُوا فِيمَا يتَوَصَّل بِهِ إِلَى الْقَضَاء وَهل على المكرهة الْإِثْم وجدناهم اتَّفقُوا على أَن المَاء الَّذِي يتَطَهَّر بِهِ لَا يجب على الْمُكْره فَكَذَلِك قَضَاء الْحَج 666 - فِيمَن لمس امْرَأَته بِشَهْوَة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا لمس الْمحرم امْرَأَته بِشَهْوَة فَعَلَيهِ دم أنزل أَو لم ينزل وَلَا يفْسد حجه وَكَذَلِكَ لَو جَامعهَا فِيمَا دون الْفرج فَأنْزل فَإِن نظر بِشَهْوَة فَأنْزل فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ مَالك إِذا أكره الْمحرم امْرَأَته بقبلة فَأنْزل فقد فسد حجه قَالَ وَكَذَلِكَ إِذا لمس فَأنْزل وَلم يدم على ذَلِك وَلم يتبع النّظر يتلذذ بذلك إِنَّمَا كَانَ نظره فجاءة فحجه تَامّ وَعَلِيهِ دم فَإِن أدام النّظر واشتهى حَتَّى أنزل فسد حجه قَالَ وَلَو لمس بِشَهْوَة أَو بَاشر أَو تلذذ بذلك وَلم ينزل فَعَلَيهِ دم وحجه تَامّ قَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا جَامع امْرَأَته فِيمَا دون الْفرج فَأنْزل بَطل حجه وَإِن كَانَت هِيَ أنزلت بَطل حَجهَا وَإِلَّا فعلَيْهَا دم قَالَ عبد الله بن الْحسن إِذا لمس فَأنْزل فسد حجه وَفِي النّظر لَا يفْسد قَالَ أبوجعفر اتَّفقُوا أَن اللَّمْس إذالم يكن مَعَه إِنْزَال لم يفْسد ثمَّ اتَّفقُوا أَن الْجِمَاع فِي الْفرج يفْسد سَوَاء كَانَ مَعَه إِنْزَال أم لَا ثمَّ وجدنَا الْجِمَاع فِي الْفرج مَعَ عدم الْإِنْزَال يتَعَلَّق بِهِ أَحْكَام من الصَدَاق وَالْحَد وإفساد الصّيام وَهَذَا الحكم لَا يتَعَلَّق باللمس الَّذِي لَا إِنْزَال مَعَه فَوَجَبَ أَن يَسْتَوِي حَال اللَّمْس فِي وجود الْإِنْزَال مَعَه أَو عَدمه فِي أَن لَا يفْسد بِهِ حج الحديث: 666 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 202 فَإِن قيل إِذا كَانَ مَعَه إِنْزَال وَجب الْغسْل كالجماع فِي الْفرج فَهَلا كَانَ ذَلِك فِي إِفْسَاد الْإِحْرَام قيل لَهُ الْإِنْزَال بالاحتلام يُوجب الْغسْل وَلَا يفْسد الْإِحْرَام وَلَا الصّيام فَبَطل مَا قلت فَإِن قيل إِنَّمَا لم يفْسد صَوْمه باقترانه بالاحتلام لِأَنَّهُ بِغَيْر فعل مِنْهُ قيل لَهُ فقد رَأينَا المستكرهة يفْسد إحرامها بِالْجِمَاعِ وَإِن لم يكن من فعلهَا فَعلمنَا أَن ذَلِك لَا يتَعَلَّق حكمه بِفِعْلِهِ وَغير فعله إِن كَانَ مُوجبا لإفساد الْإِحْرَام 667 - فِيمَن جَامع بعد الْوُقُوف بِعَرَفَة قَالَ أَصْحَابنَا من جَامع بعد الْوُقُوف بِعَرَفَة فَعَلَيهِ بَدَنَة وحجه تَامّ يمْضِي فِيهِ وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وروى عَن ابْن عَبَّاس قَالَ مَالك إِذا جَامع مَا بَين أَن يدْفع من عَرَفَة إِلَى أَن يَرْمِي الْجَمْرَة فَعَلَيهِ الْهَدْي وَحج من قَابل وَإِن جَامع بعد رمي جَمْرَة الْعقبَة قبل أَن يفِيض فَإِنَّمَا عَلَيْهِ أَن يعْتَمر وَيهْدِي وَلَيْسَ عَلَيْهِ حج من قَابل قَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا جَامع قبل رمي جَمْرَة الْعقبَة فسد حجه وَهُوَ قَول الشَّافِعِي روى عَن ابْن عمر أَنه إِذا جَامع قبل الطّواف بِالْبَيْتِ فَعَلَيهِ الْحَج من قَابل الحديث: 667 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 203 قَالَ فَسَاد الْحَج إِنَّمَا هُوَ فِي الْحَال الَّذِي يلْحق فِيهَا الْفَوات فَإِذا أَمن الْفَوات أَمن الْفساد 668 - فِي الإقتران فِي قَضَاء الْحَج الْفَاسِد قَالَ أَصْحَابنَا فِي الرجل وَالْمَرْأَة يحجان فيفسدان حجهما بجماعهما ثمَّ يعودان فيقضيان أَنَّهُمَا لَا يفترقان قَالَ زفر يفترقان بِأَن لَا يجتمعا فِي بَيت وَاحِد وروى نَحوه عَن سُفْيَان قَالَ مَالك لَا يَجْتَمِعَانِ حَتَّى يحلا قَالَ الثَّوْريّ إِذا بلغا الْمَكَان الَّذِي وَقع فِيهِ الْجِمَاع افْتَرقَا إِلَى أَن يفرغا من الْحَج وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَرُوِيَ نَحوه عَن ابْن عَبَّاس وَمثله لَا يُقَال بِالرَّأْيِ إِنَّمَا هُوَ تَوْقِيف فَوَجَبَ القَوْل بِهِ 669 - فِيمَن جَامع امْرَأَة أَو امْرَأتَيْنِ مَرَّات قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف إِذا جَامع امْرَأَة أَو امْرَأتَيْنِ مرّة بعد مرّة فَإِن كَانَ فِي مقَام وَاحِد فَعَلَيهِ كَفَّارَة وَاحِدَة وَإِن كَانَ فِي أَمَاكِن مُخْتَلفَة فَعَلَيهِ لكل مرّة دم قَالَ مُحَمَّد عَلَيْهِ كَفَّارَة وَاحِدَة مالم يكفر الأولى وَرُوِيَ مثله عَن الثَّوْريّ وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ إِذا جَامع مرَارًا فَعَلَيهِ كَفَّارَة وَاحِدَة وَفرق مَالك الحديث: 668 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 204 بَين اللبَاس وَالطّيب وَبَين الْجِمَاع لِأَن الْجِمَاع قد فسد حجه فَلَا يجب بعد ذَلِك كَفَّارَة بجماع أخر وَلَيْسَ كَذَلِك الطّيب قَالَ أَبُو جَعْفَر إِن الْجِمَاع وَإِن أفسد الْحَج فحرمته بَاقِيَة أَلا ترى أَنه لَو تطيب أولبس بعد ذَلِك وَجب عَلَيْهِ كَفَّارَة وَيَنْبَغِي أَن لَا يكون للجماع الثَّانِي كَفَّارَة إِلَّا أَن يكفر الأول كَمَا أَن من زنى مرَّتَيْنِ لم يجب إِلَّا حد وَاحِد فَإِن حد ثمَّ زنى حد ثَانِيًا وَلَا حكم للموطوءة فِي ذَلِك وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ يُجزئ فِي ذَلِك إِذا لم يجد الْهَدْي الصّيام وَقد تقدّمت هَذِه الْمَسْأَلَة وَقد وجدنَا عَن ابْن عَبَّاس أَنه أوجب فِي ذَلِك فديَة الْأَذَى وَهُوَ أولى لِأَنَّهُ لم يرو عَن غَيره خِلَافه فَحكمه كحكمه 670 - فِيمَن جَامع بعدأداء بعض طواف عمرته قَالَ أَصْحَابنَا من جَامع امْرَأَته بَعْدَمَا طَاف لعمرته ثَلَاثَة أَشْوَاط فَسدتْ عمرته يمْضِي فِيهَا ويقضيها وَعَلِيهِ دم يُجزئهُ ئاة قَالَ مَالك إِذا جَامعهَا بَعْدَمَا طَاف لعمرته وسعى قبل أَن يقصر فَعَلَيهِ دم قَالَ سُفْيَان إِذا جَامع بعد الطّواف قبل السَّعْي فَعَلَيهِ دم وَقد تمت عمرته وَكَذَلِكَ إِن جَامع بعد السَّعْي قبل الْحلق قَالَ قَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا طَاف الْمُعْتَمِر بِالْبَيْتِ شوطا وَاحِدًا وَهُوَ جَاهِل ثمَّ سعى ثمَّ جَامع فليقض بَقِيَّة طَوَافه وليهرق دماوإن رَجَعَ إِلَى بَلَده عَاد وَقضى بَقِيَّة طَوَافه وَهُوَ محرم حَتَّى يطوف وَعَلِيهِ دم الحديث: 670 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 205 قَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَتَمام الْعمرَة الطّواف بِالْبَيْتِ فَمن وَاقع قبل الطّواف بطلت عمرته وَإِن وَاقع بعد الطّواف قبل السَّعْي لم تبطل وَعَلِيهِ دم وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا جَامع فِيمَا بَين الْإِحْرَام وَبَين أَن يفرغ من الطّواف وَالسَّعْي فَسدتْ عمرته قَالَ مَوضِع الطّواف من الْعمرَة كالوقوف بِعَرَفَة من الْحَج وَلَا فرق فِي الْقيَاس بَين قَلِيل الطّواف وَكَثِيره لِأَن الْكل فرض 671 - فِي محرم صَاد صيدا فَقتله حَلَال يَده فِي الْحل قَالَ أَبُو حنيفَة فِي محرم صَاد صيدا فَقتله حَلَال فِي يَده الْحل فعلى الْمحرم الْجَزَاء وَيرجع بِهِ على الْقَاتِل فَإِن صَامَ عَنهُ لم يرجع على الْقَاتِل بِشَيْء لِأَنَّهُ لم يغرم شَيْئا فَيملك بِهِ الصَّيْد وَلَو أرْسلهُ الْحَلَال من يَده وَقد كَانَ أحرم وَهُوَ فِي يَده فَإِن الْحَلَال يضمن قِيمَته للْمحرمِ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا يضمن وَلَو كَانَ صَاده بَعْدَمَا أحرم فَأرْسلهُ من يَده لم يضمن من قَوْلهم وَقَالَ مَالك إِذا قَتله حَلَال فِي يَده فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وعَلى الْمحرم الْجَزَاء إِذا قتلاه جَمِيعًا وَقد ذكرنَا عَن الْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ اسْتِوَاء الحكم فِي وجوب الْجَزَاء بِفِعْلِهِ وبفعل غَيره فَيُشبه أَن يكون الصَّيْد الَّذِي تلف فِي يَد الْمحرم كَذَلِك حكمه قَالَ لَا يرجع الْمحرم على الْقَاتِل لِأَن للْمحرمِ أَن يملك الصَّيْد ملكا مستأنفا فَكَذَلِك لَا يملكهُ بلضمان الحديث: 671 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 206 672 - إِذا قتل الْمحرم الصَّيْد وَأكل مِنْهُ قَالَ أَبُو حنيفَة فِي الْمحرم يقتل الصَّيْد ثمَّ يَأْكُل مِنْهُ يجب عَلَيْهِ جَزَاء مَا أكل مَعَ الْجَزَاء الأول وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ وَلَو كَانَ هَذَا حَلَالا فِي صيد الْحرم لم يكن جَزَاء مَا أكل وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَمَالك وَالشَّافِعِيّ لَيْسَ عَلَيْهِ جَزَاء ماأكل لِأَنَّهُ يَأْكُل ميتَة لَيْسَ بصيد قَالَ وَهُوَ الْقيَاس 673 - فِي بيض النعام إِذا شواه الْمحرم قَالَ أَصْحَابنَا يجوز أكله وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لَا يُؤْكَل الْبيض وَكَانَ كشجر الْحرم وحشيشه من قلعه فَأدى قِيمَته لم يكن بِمَنْزِلَة الْميتَة وَجَاز اسْتِعْمَاله 674 - فِي المُرَاد بِالْمثلِ بقوله تَعَالَى {فجزاء مثل مَا قتل من النعم} الْمَائِدَة 95 قَالَ أَبُو حنيفَة الْمثل المُرَاد بِالْآيَةِ الْقيمَة وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ الحديث: 672 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 207 وَيكون بِالْخِيَارِ أَن يَشْتَرِي بِالْقيمَةِ هَديا أَو طَعَاما فيعطي كل مِسْكين نصف صَاع بر وَإِن شَاءَ صَامَ عَن كل نصف صَاع يَوْمًا وَرُوِيَ مثله عَن ابْن عَبَّاس وَإِبْرَاهِيم قَالَ مُحَمَّد النظير من النعم فِي الظبي شَاة وَفِي الأرنب عنَاق وَمَا لَا نَظِير لَهُ من النعم فَالْقيمَة وَإِن حكم الحكمان بِالطَّعَامِ كَمَا قَالَ أَبُو حنيفَة وَكَذَلِكَ إِذا حكما بالصيام قَالَ أَبُو حنيفَة إِن بلغ الْقيمَة عنَاقًا لم يهد وَأطْعم أَو صَامَ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يُجزئ العناق قَالَ زفر يحكم بِالْقيمَةِ دَرَاهِم فيشتري بهَا جزورا إِن بلغت أوبقرة أَو شَاة فيذبحها وَيتَصَدَّق بلحمها لَا يُجزئهُ غير ذَلِك إذاكان مُوسِرًا فَإِن لم يجد ثمن الْهَدْي حكم عَلَيْهِ أَن يتَصَدَّق بِقِيمَتِه فَإِن لم يقدر على قِيمَته قوم الصَّيْد دَرَاهِم ثمَّ ينظر بكم يُعْطي طَعَام بِتِلْكَ الدَّرَاهِم فيصوم مَكَان كل نصف صَاع يَوْمًا قَالَ وَإِن كَانَ الَّذِي أصَاب نعَامَة لم يُجَاوز بِقِيمَتِهَا بَدَنَة وَإِن أصَاب حمَار وَحش لم يُجَاوز بِقِيمَتِه بقرة وَإِن أصَاب ظَبْيًا لم يُجَاوز بِقِيمَتِه شَاة قَالَ مَالك الْمثل النظير من النعم فَإِن كَانَ حكما عَلَيْهِ بِالطَّعَامِ قوم الصَّيْد بِالطَّعَامِ وَإِن قومه بِدَرَاهِم ثمَّ اشْترى بِهِ طَعَاما جَازَ وَإِن أَرَادَ أَن يَصُوم صَامَ عَن كل مد من ذَلِك الطَّعَام يَوْمًا قَالَ مَالك وَيحكم عَلَيْهِ فِي صغَار الصَّيْد من النعم كَمَا يحكم فِي كباره كالأحرار كَبِيرهمْ وصغيرهم فِي الدِّيَة سَوَاء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 208 قَالَ سُفْيَان الْمثل فِي النظير وَالْخيَار فِي الطَّعَام وَالصِّيَام إِلَى الحكم لَا إِلَى الْمَحْكُوم عَلَيْهِ قَالَ الشَّافِعِي الْمثل النظير من النعم فَإِن أَرَادَ الطَّعَام قوم النظير دَرَاهِم ثمَّ الدَّرَاهِم طَعَاما ثمَّ تصدق بِهِ وَإِن شَاءَ صَامَ عَن كل مد يَوْمًا قَالَ قَول زفر إِنَّه على التَّرْتِيب وَإِن ذكر فِيهِ أَو كَمَا فِي قَوْله {إِنَّمَا جَزَاء الَّذين يُحَاربُونَ الله وَرَسُوله ويسعون فِي الأَرْض فَسَادًا أَن يقتلُوا أَو يصلبوا أَو تقطع أَيْديهم وأرجلهم من خلاف أَو ينفوا من الأَرْض} الْمَائِدَة 33 على التَّرْتِيب وَإِن ذكر فِيهِ أَو قَالَ أَبُو جَعْفَر وَهُوَ بكفارة الْيَمين اشبه لِأَنَّهُمَا كفارتان ثمَّ نَظرنَا فِي قَول مَالك إِن الْخِيَار إِلَى الْحكمَيْنِ فِي الطَّعَام وَالصِّيَام وَإِلَى قَول أبي حنيفَة فِي جعله الْخِيَار للمحكوم عَلَيْهِ فَوَجَدنَا الله تَعَالَى جعل الحكم إِلَيْهِمَا وَلم يذكر خِيَار الْمُكَفّر فَوَجَبَ أَن يكون الْكل مَوْقُوفا على حكم لحكمين وَأما الْمثل من النظير فقد روى عَن عمر أَنه حكم فِي الظبي بِشَاة وَلم يذكر تَقْوِيم الدَّرَاهِم وَكَانَ ذَلِك بِحَضْرَة الصَّحَابَة من غير خلاف وَأما جَوَاز الحكم بجدي وعناق فقد روى عَن عمر أَنه حكم فِي ضَب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 209 بجدي وَفِي أرنب بعناق وروى نَحوه عَن ابْن مَسْعُود وَعبد الله بن عمر وروى عَن ابْن عمر وَابْن عَبَّاس فِي الْحَمَامَة شَاة وَمَا دون الْحمام لَا خلاف أَن فِيهِ الْقيمَة وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس فِي الصَّوْم أَنه كل نصف صَاع حِنْطَة يَوْمًا وَأَنه يجب على التَّرْتِيب رَوَاهُ جرير عَن مَنْصُور عَن الحكم عَن مقسم عَن ابْن عَبَّاس فَفِيهِ تَقْوِيَة لقَوْل زفر وَقد روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه جعل فِي الضبع شَاة حِين سُئِلَ عَن ذَلِك فَلم يذكر فِيهِ تَخْيِير بَينهَا وَبَين الطَّعَام وَالصِّيَام فَثَبت بذلك أَن الْوَاو هَا هُنَا على التَّرْتِيب لَا على التَّخْيِير فصح بذلك قَول زفر قَالَ هَذَا أولى عِنْدِي مِمَّا قدمْنَاهُ فِي أول الْمَسْأَلَة ورجعنا إِلَيْهِ لهذاالحديث 675 - فِي مَكَان إِخْرَاج الصَّدَقَة الْمُوجبَة فِي النّسك قَالَ أَصْحَابنَا كل صَدَقَة وَجَبت فِي حج أَو عمْرَة فعلهَا حَيْثُ شَاءَ الحديث: 675 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 210 قَالَ مَالك الصَّدَقَة حَيْثُ شَاءَ وَكَذَلِكَ نسك فديَة الْأَذَى وَأما هدي جَزَاء الصَّيْد فَلَا يكون إِلَّا بِمَكَّة لقَوْله تَعَالَى {هَديا بَالغ الْكَعْبَة} الْمَائِدَة 95 قَالَ الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ الطَّعَام بِمَكَّة قَالَ اللَّيْث الطَّعَام فِي الْموضع الَّذِي لزمَه ذَلِك قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لكعب بن معجرة أَو أطْعم سِتَّة مَسَاكِين وَلم يذكر الْمَكَان فَلَو كَانَ مَخْصُوصًا بمَكَان كَمَا أَنه لما كَانَ محصورا بعدو ذكره 676 - فِي الْفِدْيَة فِي بيض النعام قَالَ أَصْحَابنَا فِي بيض النعام قيمتهَا وَهُوَ قَول الْحسن بن صَالح وَالشَّافِعِيّ قَالَ مَالك عشر من الْفِدْيَة كَمَا يكون فِي جَنِين الْحرَّة عشر دِيَة أمة قَالَ أَبُو جَعْفَر اتَّفقُوا أَنه لَو اسْتهْلك لرجل بيضًا كَانَ عَلَيْهِ ضَمَانهَا فِي نَفسهَا لَا غير وَلم يَجْعَلُوهُ كالجنين لأَنهم مُخْتَلفُونَ فِي الْجَنِين إِذا خرج مَيتا بعد الضَّرْبَة فِي الْأمة فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ فِيهِ نصف عشر قِيمَته ذكرا كَانَ أَو أُنْثَى وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد إِن كَانَ ذكرا فَنصف عشر قِيمَته وَإِن كَانَ أُنْثَى فعشره وَقَالَ أَبُو يُوسُف عَلَيْهِ مَا نقص الْأُم كَمَا أَنه لَو كَانَ فِي بَهِيمَة وَقَالُوا جَمِيعًا فِي اسْتِهْلَاك الْبَيْضَة لآدَمِيّ خلاف ذَلِك فَبَطل قَول مَالك الحديث: 676 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 211 677 - فِي الْمحرم يضْرب بطن عنز فيلقي الْجَنِين مَيتا قَالَ أَصْحَابنَا إِذا ضرب الْمحرم بطن عنز من الظباء فَأَلْقَت جَنِينهَا مَيتا وَمَاتَتْ فَعَلَيهِ جزاؤها وَجَزَاء الْوَلَد وَقَالَ مَالك عَلَيْهِ قيمَة الْأُم وَعشر قيمَة الْأُم فِي الْجَنِين قَالَ الْقيَاس أَن يكون عَلَيْهِ قيمَة الْأُم دون الْوَلَد وَترك الْقيَاس وَقَول الشَّافِعِي وَهُوَ قَول أبي حنيفَة الَّذِي ذكرنَا أَنه الْقيَاس وَتَركه إِلَى الِاسْتِحْسَان 678 - فِي نفور الصَّيْد بِرُؤْيَة الْمحرم أَو تعلقه بالفسطاط قَالَ أَصْحَابنَا إِذا رَآهُ فنفر مِنْهُ أَو ضرب فسطاطه فتعقل بِهِ صيد فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ مَالك عَلَيْهِ الْجَزَاء وَإِن لم يقْصد إِلَى الصَّيْد بذلك قَالَ الله تَعَالَى {ليبلونكم الله بِشَيْء} الْمَائِدَة 94 فَكَانَ الْمَعْنى الْمُوجب للجزاء مُوَافقَة الْمنْهِي عَنهُ من ذَلِك وفيماوصفناه مُبَاح للْمحرمِ فعل مَا ذكرنَا الحديث: 677 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 212 وَقد رُوِيَ عَن أبي حنيفَة فِي رجل محرم أرسل كَلْبا على ذِئْب فَأصَاب صيدافلا شَيْء عَلَيْهِ وَقَالَ مَالك عَلَيْهِ الْجَزَاء 679 - فِي كَفَّارَة الْحلق والتطيب واللبس قَالَ أَصْحَابنَا إِذا حلق وتطيب وَلبس فَعَلَيهِ لكل وَاحِد كَفَّارَة فَإِن فعله على وَجه الرَّفْض والإحلال لم يجب إِلَّا كَفَّارَة وَاحِدَة قَالَ مَالك إِن صَاد على وَجه الرَّفْض لإحرامه وتطيب وَفعل سَائِر الْأَشْيَاء الْمنْهِي عَنْهَا فِي الْإِحْرَام فَعَلَيهِ جَزَاء الصَّيْد لكل صيد أَصَابَهُ جَزَاء بعد جَزَاء وَأما اللبَاس وَالطّيب كُله فَعَلَيهِ لكل ذَلِك كَفَّارَة وَاحِدَة وَإِن فعله مرَارًا وَقَول الشَّافِعِي إِنَّه إِن فعله على وَجه الرَّفْض فَهُوَ بِمَنْزِلَة فعله على غير وجع الرَّفْض قَالَ رفضه لَا يُخرجهُ من إِحْرَامه فَهُوَ كلا رفض 680 - فِي إِعْطَاء جَزَاء الصَّيْد غَنِيا ظنا أَنه فَقير قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا أعْطى من جَزَاء الصَّيْد رجلا ظَنّه فَقِيرا ثمَّ علم أَنه غَنِي أَجزَأَهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمَالك وَالشَّافِعِيّ لَا يُجزئهُ 681 - هَل يُعْطي جَزَاء الصَّيْد لأقاربه وَقَالَ أَصْحَابنَا لَا يُعْطي من جَزَاء الصَّيْد ولدا وَلَا والدا وَلَا زَوْجَة الحديث: 679 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 213 وَقَالَ مَالك لَا يُعْطي أَخا وَلَا ولدا وَلَا والدا وَلَا زَوْجَة 682 - فِي الْأكل من جَزَاء صَيْده قَالَ أَصْحَابنَا إِذا أكل من جَزَاء صيد أهداه فَعَلَيهِ قيمَة مَا أكل يتَصَدَّق بِهِ وَهُوَ قَول اللَّيْث وَالشَّافِعِيّ قَالَ مَالك إذاأكل مِنْهُ شَيْئا أبدلها كلهَا قَالَ قد سقط الْفَرْض بِالذبْحِ وَأكله مِنْهُ غير معيد عَلَيْهِ الْفَرْض بل يتَصَدَّق بِمِقْدَار ماأكله 683 - فِي إِعْطَاء جَزَاء الصَّيْد الذِّمِّيّ قَالَ أَصْحَابنَا إذاأعطى جَزَاء الصَّيْد أهل الذِّمَّة أَجزَأَهُ قَالَ مَالك وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ لَا يُجزئهُ قَالَ الله تَعَالَى {أَو كَفَّارَة طَعَام مَسَاكِين} الْمَائِدَة 95 فَلم يخص وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أطْعم سِتَّة مَسَاكِين فَكَانَ على الْعُمُوم كَمَا أَن قَوْله {ففدية من صِيَام} وَقَوله {أَو عدل ذَلِك صياما} على الْإِطْلَاق لَا تتَابع فِيهِ وَإِن ذكر ذَلِك فِي الظِّهَار إِلَّا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لِمعَاذ إِن الله فرض عَلَيْهِم حَقًا فِي أَمْوَالهم يُؤْخَذ من أغنيائهم وَيرد فِي فقرائهم فَالْقِيَاس إِن كل صَدَقَة قصد بهَا الْمَسَاكِين مثل الزَّكَاة وَقد قَالَ أَبُو يُوسُف فِي إمْلَائِهِ إِن كَفَّارَة الْيَمين لَا تُعْطى الذِّمِّيّ الحديث: 682 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 214 684 - فِي الْمحرم إِذا دلّ حَلَالا على صيد فَقتله قَالَ أَصْحَابنَا فعلى الدَّال الْجَزَاء وَلَو دلّ الْمحرم محرما وَدلّ الثَّانِي آخر فَقتله فعلى كل وَاحِد مِنْهُم جَزَاء تَامّ وَلَيْسَ على الدَّال فِي الْحرم جَزَاء وَقَالَ زفر عَلَيْهِ جَزَاء وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لاشيء على الدَّال كَمَا لَو دله على قتل رجل ذكر حَدِيث أبي قَتَادَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَو اشرتم أَو أعنتم قَالَ فَكل وَهَذَا يدل على أَن واحدامنهم لَو دلّ لمَنعه من أكله لَوْلَا ذَلِك مَا كَانَ لسؤاله لذَلِك معنى فَإِذا فَائِدَة إِيجَاب الْجَزَاء على الدَّال وَمنعه أكله فَثَبت أَن الْإِشَارَة بِمَنْزِلَة الْأَمر بقتْله فَيَنْبَغِي أَن لَا يخْتَلف ذَلِك فِي الْمحرم والحلال فِي الْحرم وَقد روى دَاوُد بن أبي هِنْد عَن بكر بن عبد الله الْمُزنِيّ قَالَ أَتَى رجل عمر بن الْخطاب فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنِّي أَشرت إِلَى ظَبْي وَأَنا محرم فَقتله صَاحِبي فَقَالَ عمر لعبد الرَّحْمَن بن عَوْف مَا ترى قَالَ شَاة قَالَ وَأَنا أرى ذَلِك وروى شريك بن عبد الله عَن الركين عَن عِكْرِمَة مولى ابْن عَبَّاس أَن محرما أَشَارَ إِلَى حَلَال ببيض نعام فَجعل عَليّ وَابْن عَبَّاس عَلَيْهِ الْجَزَاء فَثَبت بذلك عَن عَليّ وَعمر من غير خلاف من أحد من السّلف الحديث: 684 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 215 685 - إِذا قتل الْحَلَال صيد الْحرم قَالَ أَصْحَابنَا فِيهِ الصَّدَقَة أَو الذّبْح وَلَا يُجزئ الصَّوْم وَقَالَ الشَّافِعِي جَزَاء مثل جَزَاء الْمحرم قَالَ لما جَازَ الْهَدْي دلّ أَنه مفارق لضمان الْآدَمِيّين فَكَانَ كجزاء صيد الْمحرم إذاكان كَفَّارَة 686 - محرمان قتلا صيدا قَالَ أَصْحَابنَا على كل وَاحِد مِنْهُمَا جَزَاء كَامِل وَإِذا قتل الحلالان صيدا فِي الْحرم فعلَيْهِمَا جَزَاء وَاحِد بَينهمَا وَهُوَ قَول الثَّوْريّ فِي المحرمين وَالْحسن بن صَالح أَيْضا قَالَ مَالك المحرمان والحلالان سَوَاء وعَلى كل وَاحِد جَزَاء كَامِل قَالَ الشَّافِعِي وَالْأَوْزَاعِيّ عَلَيْهِم جَمِيعًا دم وَاحِد قَالَ الشَّافِعِي وَكَذَلِكَ الحلالان فِي الْحرم احْتج الموجبون لجزاء وَاحِد بقوله تَعَالَى {فجزاء مثل مَا قتل من النعم} الْمَائِدَة 95 فَإِنَّمَا أوجب جَزَاء وَاحِدًا قيل لَهُم فقد قَالَ {وَمن قتل مُؤمنا خطأ فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤمنَة} النِّسَاء 92 وَيجب على كل وَاحِد كَفَّارَة تَامَّة احْتج مُحَمَّد فِي الْفرق بَين الحلالاين فِي الْحرم والمحرمين أَن الْمُوجب للجزاء فِي الحلالين معنى وَاحِد وَهُوَ الْحرم وَالْمعْنَى فِي المحرمين مَعْنيانِ لِأَن إِحْرَام كل وَاحِد غير إِحْرَام الآخر الحديث: 685 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 216 687 - فِي الرَّمْي من الْحل صيدا فِي الْحرم وَبِالْعَكْسِ قَالَ أَصْحَابنَا إِذا رمى من الْحل صيدا فِي الْحرم أَو رمى من الْحرم صيدا فِي الْحل فَعَلَيهِ الْجَزَاء وَلَو رمى صيدا فِي الْحل وَهُوَ فِي الْحل فَأَصَابَهُ فِي الْحرم فَعَلَيهِ الْجَزَاء وَلَو رمى صيدا فِي الْحل وَهُوَ فِي الْحل فَمر السهْم فِي طَائِفَة من الْحرم فَأصَاب الصَّيْد لم يكن عَلَيْهِ جَزَاء وَلَو أرسل كَلْبا من الْحل على صيد من الْحل فألجأه الْكَلْب إِلَى الْحرم وَقَتله فِيهِ لم يكن عَلَيْهِ الْجَزَاء وَلَا تشبه هَذِه الرَّمية وَقَالَ مَالك مثل ذَلِك فِي هَذَا إِلَّا أَنه سوى بَين الْكَلْب والرمية إِذا لَجأ الصَّيْد إِلَى الْحرم فَقتله فِيهِ فَأوجب فِيهِ الْجَزَاء قَالَ الثَّوْريّ فِي شَجَرَة أَصْلهَا فِي الْحل وَأَغْصَانهَا فِي الْحرم وَعَلَيْهَا طير قَالَ مَا كَانَ فِي لحل فليرم وماكان فِي الْحرم فَلَا يرْمى قَالَ وَإِذا رمى صيدا فِي الْحل فتجاهل وَدخل الْحرم وَمَات فَلَا كَفَّارَة فِيهِ وَلَا يُؤْكَل قَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِيمَن أرسل كَلْبه فِي الْحرم فَقتل فِي الْحل فَعَلَيهِ الْجَزَاء قَالَ وَلَو أرسل كلب فِي الْحل فَدخل الْحرم فَأَجَازَهُ ثمَّ أَخذه فِي الْحل فَإِنَّهُ لَا يَأْكُلهُ قَالَ اللَّيْث إِذا أرسل كَلْبه على الصَّيْد فِي الْحل بَعيدا من الْحرم وألجأه الْكَلْب إِلَى الْحرم وَقَتله فَلَا جَزَاء عَلَيْهِ وَإِن كَانَ قَرِيبا من الْحرم حِين أرْسلهُ فَعَلَيهِ الْجَزَاء وَقَول الشَّافِعِي مثل قَوْلنَا فِي الرَّمْي إِلَّا أَنه قَالَ إِذا رمى الْمُسلم من طَائِفَة من الْحرم وهما فِي الْحل فالاحتياط أَن يفْدِيه الحديث: 687 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 217 قَالَ لم يَخْتَلِفُوا فِيمَن رمى من الْحل صيدا فِي الْحرم أومن الْحرم صيدا فِي الْحل فِي وجوب الْجَزَاء وَاخْتلفُوا إِذا كَانَ فِي الْحل وَبَينهمَا طَائِفَة من الْحرم فَكَانَ نَظِيره مَا قَالَ أَبُو يُوسُف فِيمَن رمى مُسلما فَارْتَد المرمى ثمَّ أسلم ثمَّ وَقع بِهِ السهْم أَن عَلَيْهِ الدِّيَة وَقَالَ مُحَمَّد لَا شَيْء عَلَيْهِ فَاعْتبر أَبُو يُوسُف الطَّرفَيْنِ وراعى مُحَمَّد مَا حدث بَينهمَا وَمن أَصلهمَا مُرَاعَاة خُرُوج السهْم من يَد الرَّامِي ووقوعه بالمرمى فَقَالَا لَو رفاه والمرمى مُرْتَد ثمَّ أسلم أَو رَمَاه والمرمى مُسلم ثمَّ ارْتَدَّ ثمَّ وَقع بِهِ السهْم أَنه لاشيء على الرَّامِي فَلَزِمَ مُحَمَّد على هَذَا الأَصْل يَجْعَل لمرور السهْم فِي الْحرم حكما كَمَا جعل لحدوث مَا حدث من الْمُرُور بَين الطَّرفَيْنِ حكما 688 - فِيمَن قتل الصَّيْد خطأ أَو عمدا قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قتل صيدا عمدا أَو خطأ أصَاب قبل ذَلِك صيدا أم لَا فَعَلَيهِ الْجَزَاء وَهُوَ قَول مَالك وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ مُجَاهِد إِن قَتله نَاسِيا لقَتله ذَاكِرًا لإحرامه لم يحكم عَلَيْهِ احْتج من لم يُوجِبهُ فِي الْخَطَأ بتخصيص الله الْعَامِد بِالذكر فَقيل لَهُم ذكر الْعمد لِأَنَّهُ ذكر الْوَعيد عقيبة وَالدَّلِيل على وُجُوبه فِي الْخَطَأ أَن الله تَعَالَى قد أوجب الْكَفَّارَة فِي قتل الْخَطَأ وَهِي فِي قتل الْعمد أوجب مِنْهَا فِي الخطا الحديث: 688 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 218 فَلَمَّا ثَبت فِي قتل الْعمد الْجَزَاء وَجب مثله فِي الْخَطَأ وَأَيْضًا يَسْتَوِي حكم جماع الْخَطَأ والعمد فِي إِفْسَاد الْحَج فَوَجَبَ أَن يكون الْجَزَاء مثله وَأما إِسْقَاط من أسقط الْجَزَاء إِذا فعله نَاسِيا فاحتجوا بقوله تَعَالَى {وَمن عَاد} فَلم يُوجب جَزَاء فَقيل لَهُم أما قَول الله تَعَالَى {عَفا الله عَمَّا سلف} يعْنى مَا سلف فِي الْجَاهِلِيَّة {وَمن عَاد} أَي فِي الْإِسْلَام وَقد رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه سُئِلَ عَن الضبع فَقَالَ هُوَ صيد وفيهَا شَاة وَلم يسْأَله هَل أصَاب قَتله وَعَن عمر أَنه سُئِلَ عَمَّن أصَاب ظَبْيًا فَلم يسْأَله هَل أصبت قبل ذَلِك وَلم يرو عَن أحد من الصَّحَابَة خِلَافه فَإِن قيل فقد سَأَلَ عمر قبيصَة أعمدا قتلته أم خطأ وَلَا فرق بَين الْخَطَأ والعمد قيل لَهُ سَأَلَ ليقْرَأ عَلَيْهِ آيَة الْوَعيد إِن كَانَ عمدا ليتوب بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف وَلم نجد خلافًا فِي محرم قتل بازيا معلما فَعَلَيهِ قِيمَته لصَاحبه معلما وَعَلِيهِ قِيمَته لَحْمًا جَزَاء إِحْرَامه وَهُوَ قَول مُحَمَّد أَيْضا قَالَ مَالك عَلَيْهِ قيمتان معلما فِي الْوَجْهَيْنِ الشَّافِعِي وَالْحسن بن صَالح قِيمَته لصَاحبه وَجَزَاء للْمَسَاكِين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 219 قَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا قتل حمامة فَعَلَيهِ قيمتهَا لصَاحِبهَا لَا غير لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَة الدَّجَاجَة فَإِن كَانَت بَريَّة فَعَلَيهِ جزاؤها الْجَزَاء وَجب لعين الصَّيْد فَلَا يخْتَلف أَن تكون وحشية أَو قد تأنس وَكَذَلِكَ الْمَمْلُوك وَغير الْمَمْلُوك يجب فِيهِ الْجَزَاء 689 - الْقَارِن يقتل الصَّيْد قَالَ أَصْحَابنَا عَلَيْهِ جزاآن قَالَ مَالك وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ جَزَاء وَاحِد وَالْحسن بن صَالح مثله وَقَالَ فِي الْقَارِن إِذا أحْصر يبْعَث بهديين انتهك حرمتين فَالْقِيَاس أَن يكون جزاآن فَإِن قيل فقد يَكْفِي حلق وَاحِد قيل لَهُ الْحلق إِذا وَقع اسْتَحَالَ بَقَاء الْإِحْرَام مَعَه وَالثَّانِي لَا معنى لَهُ فَأَما سوى ذَلِك من الصَّيْد وَالطّيب فَإِنَّهُ يفعل الأول مَعَ بَقَاء إِحْرَامه وَكَذَلِكَ الثَّانِي وَكَذَلِكَ إِذا اجْتمعَا 690 - الْقَارِن يُجَامع بعد قَضَاء الْعمرَة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا طَاف الْقَارِن لعمرته وسعى ثمَّ جَامع فسد حجه وَمضى فِيهِ وَعَلِيهِ الْحَج من قَابل وَلَيْسَ عَلَيْهِ دم الْقرَان وَلَيْسَ عَلَيْهِ عمْرَة لِأَنَّهَا لم تفْسد وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَقَالَ مَالك عَلَيْهِ دم الْقرَان وَدم الْفساد ويمضي فيهمَا وَعَلِيهِ حجَّة وَعمرَة من قَابل يقرن بَينهمَا وَإِن لم يقرن لم يجز ويقضيهما من حَيْثُ أحرم الحديث: 689 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 220 بهما إِلَّا أَن يكون إِحْرَامه بهما كَانَ بعد الْمِيقَات فَلَيْسَ لَهُ أَن يحرم بهما إِلَّا من الْمِيقَات وَقَالَ الشَّافِعِي قد فسد عَلَيْهِ إِحْرَامه 691 - فِي برْء الصَّيْد الْمَجْرُوح قَالَ أَصْحَابنَا فِيمَن جرح صيدا فبرأ فَعَلَيهِ مَا نقص الْجرْح وَلَو قطع يَده أَو رجله فبرأ عَلَيْهِ قِيمَته صَحِيحا قَالَ مَالك إِذا أصَاب طيرا منتفة فحبسه حَتَّى نبت وطار فَلَا جَزَاء عَلَيْهِ اللَّيْث من كسر جنَاح صيد أورجله أرى أَن يفْدِيه قَالَ عبيد الله بن الْحسن فِيمَن فَقَأَ عين ظَبْي فَعَلَيهِ مَا نقص الظبي الشَّافِعِي وَيغرم النُّقْصَان لم يَخْتَلِفُوا أَنه إِذا كَانَ مَمْلُوكا لرجل أَنه يغرم النُّقْصَان فَكَذَلِك إِذا كَانَ لله تَعَالَى 692 - فِي كَيْفيَّة صِيَام الْحَج وَكَفَّارَة الْيَمين قَالَ اصحابنا كل صَوْم لم يذكر فِي الْقرَان مُتَتَابِعًا فَلهُ ان يفرق مثل ثَلَاثَة ايام فِي الْحَج وَغَيره إِلَّا كَفَّارَة الْيَمين فَإِنَّهُ متتابع وَقَالَ مَالك مثل ذَلِك وَيجوز التَّفْرِيق فِي كَفَّارَة الْيَمين وَقَول الثَّوْريّ مثل قَوْلنَا فِي ذَلِك كُله وَيجوز التَّفْرِيق فِي كَفَّارَة الْيَمين الحديث: 691 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 221 الْحسن بن صَالح إِذا قَالَ لله تَعَالَى عَليّ صَوْم شهر تَابع وَلَو قَالَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا إِن شَاءَ فرق وَكَفَّارَة الْيَمين متتابع قَالَ اللَّيْث كل مَا ذكر الله من الصَّوْم فِي الْكتاب فَهُوَ متتابع صِيَام ثَلَاثَة أَيَّام فِي الْحَج وَسَبْعَة إِذا رَجَعَ وَقَالَ إِذا كَانَ عَلَيْهِ صِيَام فِي كَفَّارَة يَمِين فصَام يَوْمَيْنِ من آخر شعْبَان ثمَّ ثَبت أَنه أول رَمَضَان قَالَ يُجزئهُ ذَلِك الْيَوْم لكفارته ويصوم يَوْمًا آخر لتَمام ذَلِك وَيَقْضِي يَوْمًا من رَمَضَان وَقَالَ من أوجب على نَفسه صِيَام أَيَّام فَعَلَيهِ متتابعة الشَّافِعِي كَا مَا يذكر فِي الْقُرْآن مُتَتَابِعًا فَلهُ أَن بفرق وَكَذَلِكَ كَفَّارَة الْيَمين قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لكعب بن عجْرَة صم ثَلَاثَة أَيَّام وَلم يذكر فِيهِ التَّتَابُع فَدلَّ على أَنه لَيْسَ بِشَرْط وَأما كَفَّارَة الْيَمين فَلِأَن فِي قِرَاءَة عبد الله وَأبي ثَلَاثَة أَيَّام مُتَتَابِعَات 693 - فِي مَكَان ذبح الدِّمَاء الْوَاجِبَة قَالَ أَصْحَابنَا الدِّمَاء الْوَاجِبَة فِي الْحَج وَالْعمْرَة لَا يذبح شَيْء مِنْهَا فِي غير الْحرم وَيجزئهُ أَن يذبحها فِي أَي الْحرم شَاءَ قَالَ مَالك كل دم وَجب لنسك تَركه أَو لجزاء صيد فَإِنَّهُ لَا يذبح إِلَّا بِمَكَّة أَو منى فَلَو أوقفهُ بِعَرَفَة نَحره بمنى فَإِن لم يوقفه بِعَرَفَات سَاق من الْحل وَنحر بِمَكَّة الحديث: 693 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 222 قَالَ الثَّوْريّ فِي جنايات الْإِحْرَام لَا يذبح إِلَّا بِمَكَّة قَالَ الشَّافِعِي لَا ينْحَر هدي دون الْحرم إِلَّا فِي إحصار فَإِنَّهُ يذبح حَيْثُ أحْصر قَالَ الله تَعَالَى {حَتَّى يبلغ الْهَدْي مَحَله} الْبَقَرَة 196 قَالَ {وَالْهَدْي معكوفا أَن يبلغ مَحَله} الْفَتْح 25 فَعلمنَا أَن للهدي محلا وَأَنه قبل بُلُوغ الْمحل حرَام وَقَالَ تَعَالَى فِي آيَة الصَّيْد {هَديا بَالغ الْكَعْبَة} الْمَائِدَة 95 فَثَبت أَن مَحَله بُلُوغ الْكَعْبَة وَقَالَ فِي الْبدن {ثمَّ محلهَا إِلَى الْبَيْت الْعَتِيق} الْحَج 33 فَثَبت صِحَة مَا قُلْنَا 694 - هَل يُجزئ إِذا ذبح الْمُتْعَة قبل فجر يَوْم النَّحْر قَالَ أَصْحَابنَا لَا يُجزئهُ ذبح هدي الْمُتْعَة قبل طُلُوع الْفجْر من يَوْم النَّحْر وَيجوز بعد طُلُوع الْفجْر وَمَا سوى ذَلِك يُجزئهُ قبل وَبعد وَيسْتَحب يَوْم النَّحْر وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ قَالَ مَا كَانَ من هدي سَاقه أَو جَزَاء صيد أَو غَيره لم يُجزئهُ ذبحه قبل طُلُوع الْفجْر من يَوْم النَّحْر وَكَذَلِكَ نسك الْأَذَى إِذا قَلّدهُ لم ينْحَر إِلَّا بمنى بعد طُلُوع الْفجْر من يَوْم النَّحْر قَالَ الشَّافِعِي يجوز تَعْجِيل دم الْقرَان قبل يَوْم النَّحْر قَالَ اتَّفقُوا فِي الضَّحَايَا أَنَّهَا مَقْصُورَة على يَوْم النَّحْر لَا يجوز قبله وَإِن فَاتَهُ أَيَّام النَّحْر لم يكن لَهُ أَن يَأْتِي بهَا إِلَّا فِي أَيَّام النَّحْر من قَابل لِأَن النَّاس على قَوْلَيْنِ فِي الْأَضَاحِي فَمنهمْ من يَرَاهَا وَاجِبَة فَلَا يَفْعَلهَا إِلَّا أَيَّام النَّحْر الحديث: 694 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 223 وَمِنْهُم من لَا يَرَاهَا وَاجِبَة وَيَقُول إِن أوجب أضْحِية من جِهَة النّذر فعلهَا يَوْم النَّحْر فَعلم بذلك أَن للأضاحي وقتا مَعْلُوما لَا يجوز فِيهِ التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير وَوجدنَا الْهَدَايَا من فَاتَهُ أَن يذبحها فِي أَيَّام النَّحْر وَلم يكن سَاقهَا قبل ذَلِك بِأَنَّهُ يذبحها بعد ذَلِك فَلَمَّا جعل سَائِر الْأَيَّام وقتا لَهَا بعد مُضِيّ يَوْم النَّحْر علمنَا أَنَّهَا مَخَافَة للأضاحي وَأَن الدَّهْر كُله وَقت لَهَا 695 - فِي العَبْد إِذا أذن لَهُ مَوْلَاهُ فِي الْحَج قَالَ أَصْحَابنَا عَلَيْهِ فِي كَفَّارَة الْحَج الصّيام وَمَا كَانَ من الدِّمَاء وَالطَّعَام فَبعد الْعتْق وَإِن أحْصر فعلى مَوْلَاهُ أَن يبْعَث بِهَدي مَعَه فَيحل بِهِ لِأَن مَوْلَاهُ أذن لَهُ فَعَلَيهِ أَن يحلله قَالَ مَالك عَلَيْهِ الْفِدَاء فِي النّسك وإماطة الْأَذَى لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَن يَفْعَله من مَال سَيّده فَلَيْسَ لسَيِّده أَن يمنعهُ الصّيام إِذا لم يتعمده وَكَانَ مخطئا فِيهِ وَكَذَلِكَ كل مَا أصَاب خطأ الشَّافِعِي لَا يُجزئهُ الصَّوْم وَقَالَ أَصْحَابنَا لمَوْلَاهُ أَن يمنعهُ الصَّوْم فِي جَزَاء الصَّيْد ونسك الْأَذَى وَقَالُوا لَيْسَ لَهُ مَنعه من صَوْم الظِّهَار وَكَانَ الْقيَاس على ذَلِك أَن لَا يمنعهُ من صَوْم جَزَاء الصَّيْد كَمَا قَالَ مَالك إِلَّا أَن لَهُم فرقا فِي ذَلِك وَهُوَ أَنه لَو مَنعه صَوْم الظِّهَار لَكَانَ مَانِعا لَهُ وَطْء امْرَأَته لِأَنَّهُ لَا يصل إِلَيْهِ إِلَّا بِالصَّوْمِ فَفِيهِ إِيصَال حَقّهَا من الْجِمَاع فَلَيْسَ لَهُ ذَلِك وَأما جَزَاء الصَّيْد فَمثل كَفَّارَة الْيَمين فَلَو حلف العَبْد لمَوْلَاهُ أَن يمنعهُ الحديث: 695 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 224 من الصَّوْم وَأما هدي والإحصار فَهُوَ الْإِحْلَال وَمن حَقه أَخذ مَوْلَاهُ بكسوته الَّتِي لَا تحل لَهُ وَهُوَ محرم فَكَذَلِك يكون لَهُ أَخذه بِمَا يصل بِهِ إِلَى الإنتفاع بهَا وكل مَا جعلنَا على العَبْد فِيهِ الصَّوْم فأطعم عَنهُ مَوْلَاهُ أَو ذبح لم يُجزئهُ وَهُوَ قَول الشَّافِعِي إِلَّا أَن الشَّافِعِي قَالَ يُجزئ أَن يطعم عَنهُ بعد موت العَبْد لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر سَعْدا أَن يتَصَدَّق عَن أمه بعد مَوتهَا العَبْد لَا هدي عَلَيْهِ قَالَ إِذا أهْدى عَنهُ صَار كمن أهْدى عَن إِنْسَان بِغَيْر أمره فَلَا يُجزئهُ لِأَنَّهُ لَو جَازَ عَنهُ بِغَيْر أمره لم يكن ذائقا وبال أمره وَقد قَالَ تَعَالَى {ليذوق وبال أمره} وَأما خبر سعد حِين أمره النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يتَصَدَّق عَن أمه بعد مَوتهَا فَلِأَنَّهُ قد كَانَ يجوز أَن يتَصَدَّق عَنْهَا فِي حَيَاتهَا بأَمْره وَيجوز أَن يكون قد فوضت ذَلِك إِلَيْهِ وَقد روى الْعَطاء بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا مَاتَ العَبْد انْقَطع عمله إِلَّا من ثَلَاثَة ولد صَالح يدعوا لَهُ أَو من علم بثه أَو صَدَقَة جَارِيَة وَأما خبر سعد فقد روى مَالك بن أنس عَن سعد بن عمر بن شُرَحْبِيل بن سعيد عَن سعد بن عبَادَة عَن أَبِيه عَن جده أَنه قَالَ خرج سعد مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بعض مغازيه وَحَضَرت أمه الْوَفَاة بِالْمَدِينَةِ فَقيل لَهَا أوصِي فَقَالَت فيمَ أوصِي إِنَّمَا المَال مَال سعد فَتُوُفِّيَتْ قبل أَن يقدم سعد فَلَمَّا قدم سعد ذكر ذَلِك لَهُ فَقَالَ سعد يَا رَسُول الله هَل ينفعها أَن يصدق عَنْهَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نعم فَقَالَ سعد حَائِط كَذَا وَكَذَا صَدَقَة عَنْهَا وروى مَالك عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة أَن رجلا قَالَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 225 للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن أُمِّي افتلتت نَفسهَا وأراها لَو تَكَلَّمت تَصَدَّقت أفأتصدق عَنْهَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نعم فَتصدق عَنْهَا فَدلَّ ذَلِك على أَن الصَّدَقَة الَّتِي ذكرهَا إِنَّمَا كَانَت لِأَنَّهُ قد كَانَ من الْمُتَصَدّق بهَا عَنْهَا سَبَب فِي حَيَاتهَا إِمَّا لتفويضها ذَلِك إِلَى غَيرهَا مُتَقَدّمَة أَو لبدله وَصِيَّة فَمَاتَتْ قبل إمضائها فحققها وَلَدهَا 696 - فِي السَّيِّد يَأْذَن لجاريته بِالْحَجِّ ثمَّ يحللها قَالَ أَصْحَابنَا فِي رجل أذن لجاريته فِي الْإِحْرَام ثمَّ بَاعهَا فَلِلْمُشْتَرِي أَن يحللها وَقَالَ زفر وَمَالك الشَّافِعِي لَيْسَ للْمُشْتَرِي أَن يحللها وَقَالَ زفر وَالشَّافِعِيّ للْمُشْتَرِي الْخِيَار فِي فسخ البيع إِن لم يكن علم بِالْإِحْرَامِ لم يَخْتَلِفُوا أَنه إِذا أذن لعَبْدِهِ فِي التَّزْوِيج أَو لأمته ففعلا لم يكن بعد ذَلِك للْمُشْتَرِي فسخ النِّكَاح وَلَو لم يَأْذَن لم يجب النِّكَاح بدءا وَاخْتلفُوا على أَن الْأمة إِذا أَحرمت كَانَ إحرامها صَحِيحا فَإِن للْمولى إحلالها مَا لم ياذن لَهَا فالإذن إِذا لم يعْمل فِي وُقُوع الْإِحْرَام بِجَوَازِهِ بِغَيْر إِذن مِنْهُ فَمَا لم يكن لُزُوم إحرامها لأجل الْإِذْن فَكَانَ لسَيِّدهَا إحلالها إِذا لم يكن إِذن لِأَن الْإِذْن بدءا لم يعْمل فِي إجَازَة الْإِحْرَام وَإِنَّمَا كَانَ بِمَنْزِلَة عاريتهم إِيَّاهَا أنفسهم وللمعير أَن يرجع فِيمَا أعَار مَتى شَاءَ قَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي رجل شتم أَخَاهُ أَو ظلمه وَهُوَ محرم فَعَلَيهِ دم وَهَذَا قَول لم يقل بِهِ غَيره من أهل الْعلم فَبَطل الحديث: 696 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 226 ى 697 من أفسد حجَّة أَو عمْرَة وَترك السَّعْي بَين الصَّفَا والمروة قَالَ مُحَمَّد فِي الْإِمْلَاء لَا شَيْء عَلَيْهِ غير الْقَضَاء للحجة الَّتِي أفسدها أَو الْعمرَة وَقَالَ مَالك من ترك ذَلِك فِي الْفَاسِدَة هُوَ كمن تَركه فِي الصَّحِيحَة وَهَذَا على أصل مَالك لِأَنَّهُ يَقُول إِن من ترك ذَلِك فِي الصَّحِيحَة كَانَ محرما بِحَالهِ حَتَّى يرجع فيطوف وَلَو شوطا وَاحِدًا 698 - إِذا حج تنفيذا لوَصِيَّة فَهَلَكت النَّفَقَة قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا أوصى بِحَجّ عَنهُ بِثُلثِهِ فأحجوا رجلا فَلَمَّا بلغ الْكُوفَة مَاتَ أَو سرقت نَفَقَته وَقد أنْفق نصف النَّفَقَة فَإِنَّهُ يحجّ عَن الْمَيِّت من ثلث مَا بَقِي من مِيرَاثه وَهُوَ قَول زفر وَقَالَ أَبُو يُوصف إِن بَقِي من ثلث جَمِيع المَال شَيْء حج مِنْهُ من الْموضع الَّذِي بلغ الأول وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ مُحَمَّد لَا يرجع بِشَيْء وَقد استوفى وَصِيَّة الْمَيِّت وَلَكِن يحجّ بِمَا بَقِي فِي يَد الْحَاج الْمَيِّت من حَيْثُ مَاتَ وَدم الْإِحْصَار من مَال الْمَيِّت وَدم الْجِمَاع على الْحَاج قَالَ مَالك إِذا أحْصر الْحَاج عَن الْبَيْت وَقد أنْفق بعض النَّفَقَة فَإِن كَانَ اسْتوْجبَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يرد المَال كُله وَكَانَ من الْأجر بِحِسَاب مَا سَار وَإِن أَخذ على الْبَلَاغ رد الْفضل فِي يَده قَالَ اللَّيْث إِذا أوصى بفرس فِي سَبِيل الله فابتاعه الْوَصِيّ فَمَاتَ قبل أَن ينفذهُ إِلَى الْوَصِيّ لَهُ فقد بطلت الْوَصِيَّة الحديث: 698 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 227 قَالَ عبيد الله بن الْحسن إِذا قَاسم الْوَصِيّ وَرَثَة الْمُوصي وَأخذ الْوَصِيّ الْحجَّة ثمَّ ضَاعَت لم يرجع على الْوَرَثَة بِشَيْء وَإِذا أَخذهَا بِغَيْر مقاسمة فَضَاعَت فَإِنَّهُ يرجع بأخذها وَالْمَال وَلَا ضَمَان على الْوَصِيّ وَإِذا أوصى بِحجَّة فَدفع الْوَصِيّ دَرَاهِم إِلَى إِنْسَان فَيَقُول هِيَ لَك على أَن تحج بهَا عَن فلَان فَضَاعَت الدَّرَاهِم إِنَّمَا يضمن الْحجَّة وَمَا فضل من النَّفَقَة وَقَالَ إِذا أَخذ الْوَصِيّ الْحجَّة بِأَمْر قَاض فَضَاعَت النَّفَقَة لم يرجع فِي المَال بِشَيْء قَالَ الشَّافِعِي إِذا اسْتَأْجر رجلا لِلْحَجِّ عَن الْمَيِّت فَمَاتَ فَلهُ بِقدر عمله من الْأجر قَالَ عِنْد أَصْحَابنَا لَا يجوز الِاسْتِئْجَار على الْحَج وَمَالك كرهه وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ يجيزانه فَلَا يَخْلُو الْإِجَارَة من أَن يَقع على وَقت مَعْلُوم فَإِن كَانَ كَذَلِك فقد يجوز أَن يفرغ من الْحَج قبل انقضائه فَيبقى بَقِيَّة وقته بِغَيْر عمل يعمله فِي الْحَج فَيجب فَسَاد الْإِجَارَة أَو على أَفعَال الْحَج كخياطة ثوب بِعَيْنِه فَإِن كَانَ كَذَلِك فالأعمال فِي الْحَج غير مَعْلُومَة مِنْهَا الصَّلَاة المفعولة للْإِحْرَام والتلبية عِنْد هبوط وَاد وعلو شرف وَمِنْهَا حلق الرَّأْس وَهُوَ لَا تصح الْإِجَارَة عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لم يصل بِهِ نفع إِلَى الْمُسْتَأْجر قَالَ فَإِذا قبض الْوَصِيّ الْحجَّة يَنْبَغِي أَن يكون من مَال الْمَيِّت كالورثة إِذا قبضوا نصِيبهم يكون ضائعا من مَالهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 228 699 - إِذا أوصى أَن يحجّ عَنهُ بِثلث مَاله قَالَ أَصْحَابنَا فَهُوَ من بَلَده وَإِلَّا فَمن حَيْثُ بلغ وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا لم يبلغ الثُّلُث أَن يحجّ بِهِ عَنهُ فَإِنَّهُ يحجّ عَنهُ من الْمَدِينَة والواد والجحفة وَقَالَ سوار بن عبد الله إِذا أَمر أَن يحجّ عَنهُ من مَكَان فَلم يبلغ الثُّلُث من ذَلِك الْمَكَان فَإِنَّهُ يعين بِهِ فِي حج وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن يحجّ بِهِ عَنهُ من مَوضِع فِي الطَّرِيق حَيْثُ يبلغ لَا نعلم لسوار مُوَافقا فِي هَذَا القَوْل وَهُوَ فَاسد أَيْضا لِأَن الْمَيِّت أوصى أَن يحجّ عَنهُ بِهِ لَا عَن غَيره فَإِذا عين بِهِ غَيره كَانَ مصروفا إِلَى غير مَا أوصى بِهِ 700 - فِيمَن أوصى بِالْحَجِّ عَنهُ كل سنة من ثلثه قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قَالَ قد أوصيت بِثُلثي فِي الْحَج يحجّ بِهِ فِي كل سنة بِمِائَة دِرْهَم فَإِنَّهُم يحجون بذلك فِي سنة وَاحِدَة وَكَذَلِكَ لَو قَالَ يتَصَدَّق عني فِي كل سنة بِمِائَة دِرْهَم فَإِنَّهُم يتصدقون بِهِ فِي أول السّنة وَكَذَلِكَ الرّقاب قَالَ اللَّيْث إِذا أوصى بِأَن يحجّ عَنهُ فَإِنَّهُ يحجّ عَنهُ فِي عَاميْنِ أحب إِلَيّ فَهَذَا يدل على أَنه إِذا ذكر عَاميْنِ فَهُوَ أَحْرَى قَالَ فِي وصيتة مَعْنيانِ أَحدهمَا الْحَج وَهُوَ الْقرْبَة وَالثَّانِي تفرقها فِي أَوْقَات وَلَا قربَة فِيهِ فَهُوَ كمن أوصى بطرح مَاله فِي الْبَحْر فَلَا ينفذ لِأَنَّهُ لَا قربَة فِيهِ وَأَيْضًا تَعْجِيل الْقرب أفضل من تَأْخِيرهَا الحديث: 699 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 229 701 - إِذا أوصى بِأَن يحجّ عَنهُ وَارثه قَالَ أَبُو يُوسُف فِي رجل أوصى أَن يحجّ عَنهُ وَارِث لَهُ وَقبل ذَلِك الْوَارِث أَن الْوَصِيَّة بَاطِلَة إِلَّا أَن يُجِيز الْوَرَثَة وَلم نجد خلافًا بَينه وَبَين أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَقَالَ زفر الْوَصِيَّة جَائِزَة إِذا كَانَت تخرج من الثُّلُث قَالَ مَالك وَعبيد الله بن الْحسن وَالشَّافِعِيّ إِن كَانَ نَفَقَة مثل بذل الْحجَّة أَجزَأَهُ وَلَا يجوز الْفضل قَالَ الْوَصِيَّة للْوَارِث إِذا استوفى مِنْهُ مثلهَا يجوز عِنْد زفر وَأبي يُوسُف جَمِيعًا مثل أَن يوصى بِأَن يُبَاع عَبده من وَارثه بِمثل قِيمَته وَعند أبي حنيفَة لَا يجوز فَكَأَنَّهُ ينْفق فِي حجه مَال الْمَيِّت بِغَيْر عوض فَلَا يجوز 702 - فِي أكل الْمحرم الطَّعَام الَّذِي فِيهِ زعفران قَالَ أَصْحَابنَا لَا بَأْس بِأَن يَأْكُل الْمحرم الطَّعَام فِيهِ زعفران إِذا كَانَ قد مسته النَّار وروى نَحوه عَن ابْن عَبَّاس وَابْن عمر وَإِن أكل الزَّعْفَرَان فِي غير أَن يكون فِي طَعَام فَعَلَيهِ دم إِن كَانَ كثيرا وَهُوَ قَول مَالك وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث قَالَ الشَّافِعِي إِن كَانَ خبيصا يصْبغ اللِّسَان فَفِيهِ الْفِدْيَة وَإِن كَانَ مُسْتَهْلكا فَلَا فديَة فِيهِ قَالَ وجدنَا حكم الثِّيَاب المصبوغة فِيمَا مسته النَّار أَو لم تمسه النَّار سَوَاء فَكَذَلِك الطَّعَام يَنْبَغِي أَن يَسْتَوِي حكمه الحديث: 701 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 230 فَلَمَّا اتَّفقُوا على أَن الطَّعَام الَّذِي مسته النَّار لَا يكره وَإِن كَانَ فِيهِ زعفران كَذَلِك مَا لم تمسه 703 - إِذا قَالَ عَليّ الْمَشْي إِلَى بَيت الله قَالَ أَصْحَابنَا فَإِنَّهُ يمشي وَعَلِيهِ حجَّة أَو عمْرَة وَإِن شَاءَ ركب وأهراق دَمًا وَإِن جعلهَا حجَّة فَلم يركب فَإِنَّهُ لَا يركب حَتَّى يطوف طواف الزِّيَارَة وَهُوَ قَول مَالك وَقَالَ فِي الْعمرَة يمشي حَتَّى يطوف بَين الصَّفَا والمروة وَقَالَ ابْن أبي ليلى يركب وَيكفر عَن يَمِينه بِمَنْزِلَة النّذر قَالَ ابْن شبْرمَة إِذا لم يقدر على الْمَشْي ركب وَلَا شَيْء عَلَيْهِ قَالَ سُفْيَان يمشي حَتَّى ينفر من منى إِلَى الْبَيْت مَاشِيا وَهُوَ قَول الْحسن وَعَطَاء وروى عَن سُفْيَان أَنه إِذا ركب فَعَلَيهِ كَفَّارَة يَمِين قَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي امْرَأَة جعلت عَلَيْهَا نذر أَن تمشي إِلَى بَيت الله إِن ذهبت إِلَى الْحمام أبدا ثمَّ ذهبت قَالَ أما النّذر فيمين وَأما الْحَج فتحج راكبة وَلم يذكر هَديا قَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي امْرَأَة جعلت عَلَيْهَا نذر أَن تمشي إِلَى بَيت الله إِن ذهبت إِلَى الْحمام أبدا ثمَّ ذهبت قَالَ أما النّذر فيمين وَأما الْحَج فتحج راكبة وَلم يذكر هَديا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي رجل ساومه رجل بِثَوْب فَقَالَ إِنِّي أَخَاف أَن تستقيلني قَالَ إِن استقلنك فعلي الْمَشْي إِلَى بَيت الله ثمَّ استقاله فَعَلَيهِ يَمِين يكفرهَا فَإِنَّهُ لم يرد بذلك وَجه الله وَلَو قدت رجلا قَالَ عَليّ الْمَشْي إِلَى بَيت الله إِن تركتك قَالَ يكفر عَن يَمِينه وَيَعْفُو عَن أَخِيه الحديث: 703 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 231 قَالَ الْحسن بن صَالح إِذا حلف بِالْمَشْيِ إِلَى بَيت الله أَن لَا يكلم أَبَاهُ وَلَا أمه أَنه يكلمهما وَيكون عَلَيْهِ الْمَشْي أفضل من أَن يَعْصِي الله تَعَالَى قَالَ وَمن جعل عَلَيْهِ الْمَشْي فَإِنَّهُ يهل بِعُمْرَة من مِيقَات أهل بَلَده ثمَّ يمشي وَإِن قَالَ عَلَيْهِ أَن يحجّ إِلَى الْبَيْت مَاشِيا فَمثل ذَلِك وَإِن قَالَ لله عَلَيْهِ أَن يحجّ مَاشِيا فَإِنَّهُ يمشي من الْبَطْحَاء قَالَ وَإِن جعل عَلَيْهِ الْمَشْي فَمشى بعض الطَّرِيق ثمَّ أعيا فَركب فَإِذا كَانَ عَاما قَابلا فليركب مَا مَشى وَيَمْشي مَا ركب فَإِن كَانَ سمى عَاما يمْشِيه فليكفر عَن يَمِينه قَالَ اللَّيْث يمشي من حَيْثُ حلف لَا من حَيْثُ حنث وفإن ترك الْمَشْي أهْدى حكى الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي أَنه إِن ركب اهراق دَمًا وَإِن مشي فَإِنَّهُ يمشي حَتَّى تحل لَهُ النِّسَاء وروى يحيى الْقطَّان عَن حميد بن ثَابت عَن أنس قَالَ مر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِرَجُل يهادي بَين رجلَيْنِ فَسَأَلَ عَنهُ فَقَالُوا نذر أَن يمشي فَقَالَ إِن الله لَغَنِيّ عَن تَعْذِيب هَذَا نَفسه وَأمره أَن يركب فَكَانَ من ذَلِك من أمره ناذرا الْحَج أَنه يحجّ رَاكِبًا فَاحْتمل أَن يكون أمره بالركوب فِي غير هدي وَلَا شَيْء فَوَجَدنَا همام بن يحيى قد روى عَن قَتَادَة عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس الجزء: 2 ¦ الصفحة: 232 أَن عقبَة بن عَامر الْجُهَنِيّ أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ أَن أُخْته نذر أَن تمشي إِلَى الْكَعْبَة حافية نَاشِرَة شعرهَا فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مرها فلتركب ولتختمر ولتهد هَديا وروى عبد الْعَزِيز بن مُسلم حَدثنَا مطر الْوراق عَن عِكْرِمَة عَن عقبَة بن عَامر قَالَ نذرت أُخْتِي أَن تمشي إِلَى الْكَعْبَة فَقَالَ إِن الله لَغَنِيّ عَن مشيها مروها فلتركب ولتهد بَدَنَة فَاخْتلف قَتَادَة ومطر عَن عقبَة وَقَتَادَة عَن ابْن عَبَّاس وَالْأَشْبَه مَا رَوَاهُ مطر لِأَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد قد روى عَن الشّعبِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي رجل نذر أَن يمشي إِلَى الْبَيْت فَمشى نصف الطَّرِيق ثمَّ أعيى فَركب قَالَ يحجّ من قَابل وَيَمْشي مَا ركب ولينحر بَدَنَة فَلَو كَانَ عِنْده هَذَا الحَدِيث لم يقل بذلك وَقد روى شريك عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن مولى آل طَلْحَة عَن كريب عَن ابْن عَبَّاس قَالَ جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله إِن أُخْتِي نذرت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 233 أَن تحج مَاشِيَة فَقَالَ إِن الله لَا يصنع بشقاء أختك لتحج راكبة ولتكفر عَن يَمِينهَا قَالَ وَحدثنَا يُونُس قَالَ حَدثنَا ابْن وهب قَالَ أَخْبرنِي يحيى بن عبد الله الْمعَافِرِي عَن أبي عبد الرَّحْمَن الحبلي عَن عقبَة بن عَامر الْجُهَنِيّ أَن أُخْته نذرت أَن تمشي إِلَى الْبَيْت حافية غير مختمرة فَذكر ذَلِك عقبَة لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ رَسُول الله مر أختك فلتركب ولتختمر ولتصم ثَلَاثَة أَيَّام وَرَوَاهُ يزِيد بن هَارُون أخبرنَا يحيى بن سعيد عَن عبيد الله بن زهر أَنه سمع أَبَا سعيد الرعيني يذكر عَن عقبَة بن عَامر مثله فتصحيح هَذِه الْآثَار أَنه أوجب عَلَيْهَا الرّكُوب هدي الإختمار وَترك النّذر كَفَّارَة يَمِين كَمَا حَدثنَا يُونُس حَدثنَا ابْن وهب أَخْبرنِي عَمْرو بن الْحَارِث عَن كَعْب بن عَلْقَمَة عَن عبد الرَّحْمَن بن شماسَة الْمهرِي عَن أبي الْخَيْر عَن عقبَة بن عَامر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كَفَّارَة النّذر كَفَّارَة الْيَمين قَالَ لنا يُونُس هَكَذَا حَدثنَا ابْن وهب فِي الْإِمْلَاء وَحدثنَا فِي الْمُوَطَّأ عَن عبد الرَّحْمَن بن شماسَة عَن عقبَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 234 وروى مَالك عَن طَلْحَة بن عبد الْملك الْأَيْلِي عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من نذر أَن يُطِيع الله فليطعه وَمن نذر أَن يَعْصِي الله فَلَا يعصيه فَلَمَّا نفى وجوب مَا لَيْسَ بِطَاعَة وَجَبت فِيهِ الْكَفَّارَة 704 - فِيمَن نذر بِالْمَشْيِ إِلَى بَيت الله أَو إِلَى مَكَّة قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا قَالَ عَليّ الْمَشْي إِلَى بَيت الله أَو إِلَى مَكَّة أَو إِلَى الْكَعْبَة فَهُوَ سَوَاء وَعَلِيهِ حج أَو عمْرَة وَلَو قَالَ إِلَى الْحَرَام إو إِلَى الْمَسْجِد الْحَرَام لم يلْزمه شَيْء وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد هما مثل الأول وَلَو قَالَ عَليّ السّفر إِلَى مَكَّة أَو إِلَى أَن آتِي مَكَّة أَو الْمَشْي إِلَى الصَّفَا والمروة فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَلَو قَالَ عَليّ الرّكُوب إِلَى مَكَّة لزمَه حجَّة أَو عمْرَة وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا قَالَ بَيت الله أَو الصَّفَا والمروة أَو الْحرم فَإِن أَرَادَ الشُّكْر أَو التَّقَرُّب إِلَى الله فَعَلَيهِ أَن يمشي وَإِن ركب أهْدى وَإِن كَانَ ذَلِك فِي يَمِين فَعَلَيهِ كَفَّارَة يَمِين لَا غير وَحكى عَنهُ الْمُزنِيّ أَيْضا أَنه إِذا نذر أَن يَأْتِي موضعا من الْحرم مَاشِيا أَو رَاكِبًا فَعَلَيهِ أَن يَأْتِي الْحرم حَاجا أَو مُعْتَمِرًا قَالَ الْقيَاس أَن يكون كل مَوضِع من الْحرم ذكره فِي نَذره أَنه يلْزمه الحديث: 704 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 235 إِحْرَام لِأَنَّهُ لَا يصل إِلَيْهِ إِلَّا بِالْإِحْرَامِ وَلَيْسَ كَذَلِك النّذر أَن يمشي إِلَى بَيت الْمُقَدّس أَو مَسْجِد الرَّسُول عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لِأَنَّهُ لَا يلْزمه بِدُخُولِهِ ذَلِك إِحْرَام 705 - من قَالَ لله عَليّ أَن أهدي هَذَا الثَّوْب قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد فَعَلَيهِ أَن يهدي مَا قَالَ وَإِن كَانَ دَارا أهْدى قيمتهَا وَتصدق بذلك على مَسَاكِين مكه وَإِن أعطَاهُ حجبة الْبَيْت أَجزَأَهُ قَالَ أَبُو يُوسُف إِذا تصدق بهَا حَيْثُ شَاءَ أَجزَأَهُ لم تكن نِيَّة وَقَالَ زفر لَا يُجزئهُ لغير مَكَّة قَالَ مَالك إِذا قَالَ لله عَليّ أَنه أهدي هَذَا الثَّوْب فَإِنَّهُ يَبِيعهُ وَيَشْتَرِي بِقِيمَتِه هَديا يهديه يَسُوقهُ من الْحل إِلَى الْحرم بذَبْحه بَدَنَة فَإِن لم يبلغ فبقرة وَإِلَّا فشاة وَلَا يُجزئ إِلَّا مَا يُجزئ فِي الْهَدْي من الْأَسْنَان الَّذِي من جَمِيع ذَلِك والجذع من الضَّأْن قَالَ الثَّوْريّ أحب إِلَيّ أَن يَجعله فِي الطّيب قَالَ الْحسن بن صَالح حَيْثُمَا تصدق بِهِ أَجزَأَهُ قَالَ الشَّافِعِي لَا يجزيء أَن يتَصَدَّق بِهِ إِلَّا فِي مَسَاكِين الْحرم فَإِن نوى أَن يعلقه سترا على الْبَيْت أَو يَجعله فِي طيبه جعله حَيْثُ نوى قَالَ الْقيَاس أَن لَا يجوز غير الْهَدْي لِأَنَّهُ لفظ بِهِ فَيكون كَمَا قَالَ مَالك الحديث: 705 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 236 706 - قَالَ إِن فعلت كَذَا فَأَنا أحج بفلان قَالَ أَصْحَابنَا إِن قَالَ إِن فعلت كَذَا فَأَنا أحج بفلان فَإِن نوى أَن يحجّ فلَانا وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يحجّ بفلان وَإِن لم تكن لَهُ نِيَّة فَعَلَيهِ أَن يحجّ هُوَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يحجّ فلَانا وَلَو قَالَ إِن فعلت كَذَا فعلي أَن أهدي فلَانا لرجل آخر فَفعل فَلَا شَيْء عَلَيْهِ قَالَ مَالك إِذا قَالَ إِن فعلت كَذَا فعلي أَن أهدي فلَانا لرجل آخر فَفعل فَلَا شَيْء عَلَيْهِ قَالَ مَالك إِذا قَالَ أَنا أحج بفلان إِلَى بَيت الله إِن فعلت كَذَا فَحنث فَإِن أَرَادَ حمله على عُنُقه فَإِن عَلَيْهِ أَن يحجّ مَاشِيا وَيهْدِي وَلَا شَيْء عَلَيْهِ فِي الرجل وَإِن لم ينْو ذَلِك فليحج رَاكِبًا وَالرجل مَعَه يحجّ بِهِ وَلَا هدي عَلَيْهِ قَالَ مَالك إِذا قَالَ أَن أحمل هَذَا العمود إِلَى بَيت الله أَو شَيْئا من الْمَتَاع فليحج وليهد لما جعل على نَفسه وَلَو قَالَ أَن أهدي فلَانا إِلَى بَيت الله إِن فعلت كَذَا فَحنث فَإِنَّهُ يهدي عَنهُ هَديا وروى عَن ابْن شهَاب مثله قَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا قَالَ إِن زوجت هَذِه الْمَرْأَة فلَانا وَأَنا أهديه وَعلي الْمَشْي إِلَى بَيت الله وَأَنا أنحر وَلَدي قَالَ بلغنَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا نذر فِي مَعْصِيّة وكفارته يَمِين وليذبح كَبْشًا عِنْد الْبَيْت وليتصدق بِلَحْمِهِ الحديث: 706 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 237 وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي الرجل يهدي خادمه إِن وَطئهَا فَإِن كَانَ مُوسِرًا أهدي بَدَنَة وَإِن كَانَ مُعسرا فِيمَن يكفرهَا قَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا نذر الْمَشْي فِي غير غضب وَفِي حق فَعَلَيهِ الْمَشْي قَالَ اللَّيْث فِي امْرَأَة نذرت أَن تحمل ابْنهَا حَتَّى تضرب بِهِ الرُّكْن الْأسود فَإِنِّي أرى أَن تحج وَتَأْتِي بابنها وتنحر عَنهُ هَديا قَالَ الْحسن بن صَالح إِذا قَالَ الرجل أَنا أهدي فلَانا إِلَى بَيت الله فَإِنَّهُ بِحجَّة أَو بِعُمْرَة وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا قَالَ أَنا أهدي فلَانا إِلَى بَيت الله وَلم يكن لَهُ نِيَّة فَلَا شَيْء عَلَيْهِ لِأَنَّهُ نذر فِي مَعْصِيّة الْقيَاس أَن قَوْله يهدي فلَانا لَا يمْضِي لَهُ إِذا كَانَ فُلَانُهُ لَا يهدي وَيدل عَلَيْهِ مَا روى حَمَّاد بن زيد عَن أَيُّوب عَن أبي قلَابَة عَن أبي الْمُهلب عَن عمرَان بن حُصَيْن قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا وَفَاء لنذر فِي مَعْصِيّة الله وَلَا فِيمَا لَا يملك ابْن آدم 707 - من حج لِلْإِسْلَامِ ثمَّ ارْتَدَّ ثمَّ أسلم قَالَ أَصْحَابنَا يُعِيد الْحَج وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَأحد قولي اللَّيْث وَهُوَ قَول عبيد الله بن الْحسن وَحكي عَن اللَّيْث أَنه لَا يُعِيد حجَّة الْإِسْلَام وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يُعِيد الحديث: 707 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 238 وَهُوَ أشبه بِأَصْلِهِ لِأَنَّهُ جعل الْمُرْتَد بِمَنْزِلَة الْمُسلم فِي لُزُوم الصَّلَاة فِي حَال الرِّدَّة لما قَالَ {لَئِن أشركت ليحبطن عَمَلك} الزمر 65 صَار كَأَنَّهُ لم يزل كَانَ كَافِرًا والساعة أسلم فَيلْزمهُ حكم الْإِسْلَام الْآن 708 - فِي التَّطَوُّع بَين الْمغرب وَالْعشَاء بِجمع قَالَ أَصْحَابنَا يكره التَّطَوُّع بَين الْمغرب وَالْعشَاء بِالْمُزْدَلِفَةِ فَإِن فعل أعَاد الْإِقَامَة وَهُوَ قَول الشَّافِعِي فِي أَن لَا يتَطَوَّع قَالَ اللَّيْث يتعشى بَينهمَا وَفِي حَدِيث ابْن عمر وَأُسَامَة بن زيد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يتَطَوَّع بَينهمَا فَثَبت مَا وَصفنَا وَلَا خلاف أَنه لَا يفصل بَين صَلَاتي عَرَفَة بِشَيْء فَكَذَلِك مُزْدَلِفَة 709 - فِي النّذر بِذبح الْوَلَد قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا نذر أَن ينْحَر وَلَده فَعَلَيهِ شَاة يذبحها وَهُوَ قَول مُحَمَّد قَالَ مُحَمَّد وَفِي العَبْد أَيْضا شَاة الحديث: 708 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 239 قَالَ أَبُو يُوسُف لَا شَيْء عَلَيْهِ فيهمَا قَالَ مَالك فِي الْوَلَد كَفَّارَة يَمِين ثمَّ قَالَ مَالك بعد ذَلِك إِن أَرَادَ بذلك أَن يهدي ابْنه لله فَعَلَيهِ هدي وَإِن لم يرد ذَلِك فَلَا شَيْء عَلَيْهِ لَا كَفَّارَة وَلَا غَيرهَا رُوِيَ عَنهُ فِيهِ كَفَّارَة يَمِين وَحكي عَنهُ أَنه إِذا قَالَ أَنا أنحر وَلَدي فكفارة يَمِين وَإِن قَالَ أنحره عِنْد مقَام إِبْرَاهِيم فَعَلَيهِ هدي وَإِن قَالَ أنحر أبي وَأمي فَهُوَ مثل الابْن قَالَ الْحسن بن صَالح إِذا قَالَ ينْحَر فلَانا عِنْد الْكَعْبَة فَإِنَّهُ بِحجَّة أَو بِعُمْرَة إِذا لم يكن نوى أَحدهمَا بِعَيْنِه وَإِن نوى وَاحِدًا مِنْهُمَا فَهُوَ الَّذِي نوى وينحر هَديا لقَوْله هُوَ الَّذِي ينحره قَالَ اللَّيْث إذاقال هُوَ ينْحَر ابْنه عِنْد الْبَيْت فَإِن عَلَيْهِ أَن يحجّ ويحج بِابْنِهِ ذَلِك وينحر عَنهُ هَديا هُنَاكَ قَالَ الشَّافِعِي لَا شَيْء فِي ذَلِك لِأَنَّهُ مَعْصِيّة وَلَا نذر فِي مَعْصِيّة قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا نذر فِي مَعْصِيّة فَأبْطل هَذَا القَوْل فَلم يثبت حكمه بِوَجْه وَقد روى سُفْيَان عَن يحيى بن سعيد عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن ابْن عَبَّاس فِي رجل نذر أَن ينْحَر ابْنه فَأمره بِالْكَفَّارَةِ فَقَالَ رجل هَذَا من خطوَات الشَّيْطَان كَيفَ يكون فِيهِ الْكَفَّارَة قَالَ أَو مَا سمعته يَقُول {وَإِنَّهُم ليقولون مُنْكرا من القَوْل وزورا} المجادلة 2 ثمَّ أمره بِالْكَفَّارَةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 240 فَفِي هَذَا الحَدِيث ذكر الْكَفَّارَة فَحمل مُحْتَمل كَفَّارَة الْيَمين وَيحْتَمل غَيرهَا وروى سُفْيَان عَن الْأَعْمَش عَن سَالم بن أبي الْجَعْد عَن كريب عَن ابْن عَبَّاس فِي رجل نذر أَن ينْحَر نَفسه فَأمره ان يحجّ فِي كل عَام إِلَى الْبَيْت وينحره مائَة من الْإِبِل فِي كل عَام ثلثا لَا يفْسد اللَّحْم وَقد روى يُونُس عَن ابْن شهَاب عَن قبيصَة بن ذويب أَن امْرَأَة نذرت أَن ينْحَر ابْنهَا فَسَأَلت عبد الله بن عمر فَقَالَ مَا أعلم الله أَمر فِي النّذر إِلَّا بِالْوَفَاءِ فَقَالَت الْمَرْأَة فأنحر ابْني قَالَ ابْن عمر قد نهاكم الله أَن تقتلُوا أَنفسكُم وَلم يزدها على ذَلِك فَسَأَلت ابْن عَبَّاس فَقَالَ أَمر الله بوفاء النّذر ونهاكم عَن قتل أَنفسكُم وَقد كَانَ عبد الْمطلب نذر إِن وافى لَهُ عشرَة رَهْط أَن ينْحَر أحدهم فَلَمَّا توافوا لَهُ أَقرع بَينهم فَخرجت الْقرعَة على عبد الله وَكَانَ أحبهم إِلَيْهِ وَقَالَ عبد الْمطلب اللَّهُمَّ هَذَا الْإِبِل فَقَالَ ابْن عَبَّاس ان ينْحَر مائَة من الْإِبِل مَكَان ابْنك فَبلغ مَرْوَان بن الحكم وَهُوَ أَمِير على الْمَدِينَة فَقَالَ ان عمر وَابْن عَبَّاس أصابا الْفتيا أَنه لَا نذر فِي مَعْصِيّة الله فاستغفري وتوبي إِلَيْهِ وتصدقي واعملي مَا اسْتَطَعْت من الْخَيْر قَالَ فسر النَّاس بذلك وأعجبهم قَول مَرْوَان وَرَأَوا أَنه قد أصَاب الْفتيا فَلم يزَالُوا يفتون بِأَن لَا نذر فِي مَعْصِيّة الله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 241 710 - أَيهمَا أفضل الصَّدَقَة أم حجَّة تطوع قَالَ ابو حنيفَة الصَّدَقَة أفضل من حجَّة تطوع وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَعبيد الله بن الْحسن قَالَ الْحسن بن صَالح الْحَج فِي كل خَمْسَة أَعْوَام أفضل لما روى عَن الْعَلَاء عَن يُونُس بن خباب عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ قَالَ الله تَعَالَى أَي عبد صححت جِسْمه وأوسعت عَلَيْهِ فِي الرزق يَأْتِي عَلَيْهِ خمس سِنِين لَا يفد إِلَيّ لمحروم قَالَ الصَّدَقَة مَنْفَعَة لأهل الْإِسْلَام وَالْحج مَنْفَعَة مَقْصُورَة عَلَيْهِ خَاص وَالصَّدَََقَة أفضل لعُمُوم نَفعهَا 711 - إِذا وَجب عَلَيْهِ الْقصاص أَو الْحَد فَدخل الْحرم قَالَ اصحابنا لم يقْتَصّ فِيهِ فِي النَّفس وَلَا يحد فِيمَا يَأْتِي على النَّفس ويقام عَلَيْهِ مَا سوى ذَلِك فِيمَا دون النَّفس وَإِن أصَاب الَّذِي اوجب الْقَتْل فِي الْحرم أقيم عَلَيْهِ وَفِي الأول لَا يؤوي وَلَا يُبَايع حَتَّى يخرج وَهُوَ قَول زفر قَالَ أَبُو يُوسُف يخرج من الْحرم فَيقْتل وَكَذَلِكَ الرَّجْم حكى ابْن أبي عمرَان عَن مُحَمَّد بن شُجَاع عَن الْحسن عَن أبي يُوسُف قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ يُقَام عَلَيْهِ ذَلِك كُله فِي الْحرم وَإِن أَتَاهُ فِي غير الْحرم روى نَحْو قَوْلنَا عَن ابْن عَبَّاس من غير خلاف من أحد من الصَّحَابَة الحديث: 710 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 242 وَقد قَالَ الله تَعَالَى {وَمن دخله كَانَ آمنا} آل عمرآن 97 فَإِن قيل أَرَادَ الصَّيْد قيل لَهُ لَو كَانَ كَذَلِك لقَالَ وَمَا دخله كَانَ آمنا كَمَا قَالَ {وَمَا أكل السَّبع} {وَمَا ذبح على النصب} {وَمَا علمْتُم من الْجَوَارِح} الْمَائِدَة 3 4 لِأَن من لبني آدم خَاصَّة فَإِن قيل فَإِن أصَاب فِي الْحرم قيل لَهُ الْحرم إِنَّمَا يُؤمن الْخَائِف لِأَنَّهُ مَتى يكْتَسب جرما فَهُوَ آمن فِي نَفسه فالحرم يجره من جرمه وَأما من أصَاب الذَّنب فِي الْحرم فخاف فَلم يرد عَلَيْهِ مَا يُؤمنهُ بعد وُقُوع ذَنبه وَقد روى يحيى بن معِين حَدثنَا وهب بن جرير حَدثنَا أبي سَمِعت مُحَمَّد بن إِسْحَاق يحدث عَن إِسْمَاعِيل بن أُميَّة عَن بجير بن أبي بجير قَالَ سَمِعت عبد الله بن عَمْرو يَقُول سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين خرجنَا إِلَى الطَّائِف فمررنا بِقَبْر فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذَا قبر أبي رِغَال وَهُوَ ابو ثَقِيف وَكَانَ من ثَمُود وَكَانَ بِهَذَا الْحرم يدْفع عَنهُ فَلَمَّا خرج أَصَابَته النقمَة بِهَذَا الْمَكَان فَدفن فِيهِ وَآيَة ذَلِك أَنه دفن مَعَه غُصْن من ذهب إِن أَنْتُم نَبَشْتُمْ عَنهُ أصبتموه مَعَه فَابْتَدَرَهُ النَّاس فَاسْتَخْرَجُوا مِنْهُ الْغُصْن فَلم يصب الله أَبَا رِغَال بالنقمة إِلَّا بعد خُرُوجه من الْحرم وَحكى الشَّافِعِي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر عِنْدَمَا قتل عَاصِم بن ثَابت وخبيب أَن يقتل ابْن فلَان فِي دَاره بِمَكَّة غيلَة إِن قدر عَلَيْهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 243 وَذَلِكَ فِي الْوَقْت الَّذِي كَانَت مُحرمَة فَدلَّ على أَنَّهَا لَا تمنع أحدا من شَيْء وَجب عَلَيْهِ قَالَ أَبُو جَعْفَر وَهَذَا الَّذِي حَكَاهُ فِي الحَدِيث لم نجد لَهُ أصلا وَلَا يدْرِي عَن أحد 712 - إِذا أوصى بِثلث مَاله فِي سَبِيل الله قَالَ أَبُو حنيفَة فَهُوَ من الْغَزْو وَقَالَ مُحَمَّد فِي نَوَادِر ابْن سَمَّاعَة يُعْطي مُحْتَاج الْغُزَاة والمرابطين وَإِن أعْطى مُحْتَاجا غير غاز وَلَا مرابط أَجْزَأَ لِأَنَّهُ فِي سَبِيل الله قَالَ مَالك لَا يجوز فِي غير الْغَزْو وَالثَّوْري لأهل الثغران من يَغْزُو الشَّافِعِي لَا يُعْطي إِلَّا من أَرَادَ الْغَزْو من أهل الْبَلَد الَّذِي بِهِ مَاله روى سعيد عَن إِبْرَاهِيم بن مهَاجر عَن أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن ابْن الْحَارِث أَن مَرْوَان أرسل إِلَى أم معقل يسْأَلهَا عَن هَذَا الحَدِيث فَحَدَّثته أَن لزَوجهَا ناضحة فِي سَبِيل الله وأرادت الْعمرَة فَسَأَلت زَوجهَا الناضح فَأبى فَذكرت ذَلِك للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأمر بِأَن يُعْطِيهَا وَقَالَ الْحَج وَالْعمْرَة فِي سَبِيل الله وروى مُوسَى بن عقبَة عَن عِيسَى بن معقل عَن جدته أم معقل أَن الحديث: 712 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 244 أَبَا معقل مَاتَ وَجعل بعيره فِي سَبِيل الله فَسَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ ارْكَبِي بعيرك فَإِن الْحَج فِي سَبِيل الله فَكَانَ فِي هَذِه الْأَخْبَار جعله فِي الْحَج فِيمَا جعل فِي سَبِيل الله وَلم يرو عَنهُ مَا يَنْفِي ذَلِك وروى نَحوه عَن ابْن عمر وَمَا جَاءَ هَذَا المجىء فَلَا معدل عَنهُ اخر كتاب الْمَنَاسِك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 245 = كتاب النِّكَاح = 713 - فِي النِّكَاح بِغَيْر ولي قَالَ أَبُو حنيفه للْمَرْأَة أَن تزوج نَفسهَا كُفؤًا وَهُوَ قَول زفر وَإِن زوجت نَفسهَا غير كُفْء فَالنِّكَاح جَائِز أَيْضا وللأولياء أَن يفرقُوا بَينهَا وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَا يجوز النِّكَاح إِلَّا بولِي فَإِن سلم الْوَلِيّ جَازَ وَإِن ابي أَن يسلم وَالزَّوْج كُفْء أجَازه القَاضِي وَإِنَّمَا يتم النِّكَاح فِي قَوْله حِين يُجِيزهُ القَاضِي وَهُوَ قَول مُحَمَّد وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا ولت أمرهَا رجلا فَزَوجهَا كُفؤًا فَالنِّكَاح جَائِز وَلَيْسَ للْوَلِيّ أَن يفرق بَينهمَا قَالَ ابْن أبي ليلى وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ لَا نِكَاح إِلَّا بولِي وَلَيْسَت الوالدة بولِي وَلَا أَن تجْعَل الْمَرْأَة وَليهَا رجلا إِلَّا قَاضِيا من قُضَاة الْمُسلمين وَإِن كَانَ الْوَلِيّ سَفِيها أَو غير مسفه فَزَوجهَا رجلا لَا تزوج مثله لم أجزه وَإِن كنت فَزَوجهَا مثله أجزت نِكَاحهَا مسفها كَانَ أَو غير مسفه الحديث: 713 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 247 وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا كَانَت امراة مُعتقة أَو مسكينة دنيئة لَا خطب لَهَا فَلَا بَأْس أَن تزوج تسْتَخْلف رجلا أَن يُزَوّجهَا وَيجوز وَقَالَ مَالك وكل امْرَأَة لَهَا مَال وغنى وَقدر فَإِن تِلْكَ لاينبغي أَن يُزَوّجهَا إِلَّا الْأَوْلِيَاء أَو السُّلْطَان قَالَ وَأَجَازَ مَالك للرجل أَن يُزَوّج الْمَرْأَة وَهُوَ من فَخذهَا وَإِن كَانَ ثمَّ من هُوَ أقعد بهَا مِنْهُ وَقَالَ اللَّيْث فِي الْمَرْأَة تزوج بِغَيْر ولي وَإِن غَيره أحسن مِنْهُ أَن يرفع أمرهَا إِلَى السُّلْطَان فَإِن كَانَ كُفؤًا أجَازه وَلم يفسخه وَذَلِكَ فِي الثّيّب من النِّسَاء وَقَالَ فِي السَّوْدَاء تزوج بِغَيْر ولي أَنه جَائِز قَالَ وَفِي الْبكر إِذا زَوجهَا غير ولي ووليها قريب حَاضر فَهَذَا الَّذِي امْرَهْ إِلَى الْوَالِي يفسخه لَهُ السُّلْطَان إِن رأى ذَلِك وَجها وَالْوَلِيّ فِي مثل هَذَا أولى من الَّذِي أنْكحهَا قَالَ أَبُو جَعْفَر احْتج من لم يجز النِّكَاح إِلَّا بولِي بِحَدِيث شريك عَن سماك عَن ابْن أخي معقل أَن أُخْت معقل كَانَت تَحت رجل فَطلقهَا ثمَّ أَرَادَ أَن يُرَاجِعهَا فَأبى عَلَيْهِ معقل فَنزلت هَذِه الْآيَة {فَلَا تعضلوهن أَن ينكحن أَزوَاجهنَّ} الْبَقَرَة 232 قَالَ أَبُو جَعْفَر وَهَذِه الْقِصَّة لَا تروى فِي حَدِيث مُتَّصِل الْإِسْنَاد غير هَذَا الحَدِيث لَا يحْتَج بِمثلِهِ لما فِي إِسْنَاده من الرجل الْمَجْهُول الَّذِي روى عَنهُ سماك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 248 وروى مَالك وَاللَّيْث عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أبي عَن عَائِشَة أَنَّهَا زوجت حَفْصَة بنت عبد الرَّحْمَن للمنذر بن الزبير وَعبد الرَّحْمَن غَائِب بِالشَّام فَلَمَّا قدم عبد الرَّحْمَن قَالَ مثلي يفتات عَلَيْهِ فكلمت عَائِشَة الْمُنْذر قَالَ الْمُنْذر فَإِن ذَلِك بيد عبد الرَّحْمَن قَالَ عبد الرَّحْمَن مَا كنت أرد أمرا قضيتيه فقرت حَفْصَة وَلم يكن ذَلِك طَلَاقا فَهَذَا يُوجب أَن يكون من مَذْهَبهمَا جَوَاز النِّكَاح بِغَيْر ولي فَغير جَائِز أَن يكون عِنْدهمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بطلَان النِّكَاح بِغَيْر ولي عصبَة ثمَّ يُخَالِفهُ إِلَى غَيره فَإِن قيل كَيفَ يجوز قبُول هَذَا الحَدِيث مَعَ رِوَايَة ابْن جريج عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أَبِيه عَن عَائِشَة أَنَّهَا نكحت رجلا من بني أَخِيهَا جَارِيَة من بني أَخِيهَا فَضربت بَينهمَا بستر ثمَّ تَكَلَّمت حَتَّى إِذا لم يبْق إِلَّا النِّكَاح أمرت رجلا فأنكح ثمَّ قَالَت لَيْسَ إِلَى النِّسَاء النِّكَاح قيل لَهُ لَيْسَ هَذَا مُخَالفا للْأولِ لِأَنَّهُ جَائِز أَن تكون فِي الأول أَيْضا أمرت رجلا بِالتَّزْوِيجِ فَكَانَ مُضَافا إِلَيْهَا لأمرها بِهِ وايضا فَإِن حَدِيث ابْن جريج فَاسد لِأَن أَحْمد بن حَنْبَل يَقُول أخْبرت عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم فَصَارَ من بَينه وَبَين عبد الرَّحْمَن مَجْهُولا وَالْأُخْرَى أَن ابْن إِدْرِيس يرويهِ عَن ابْن جريج عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن عَائِشَة مُرْسلا لم يذكر فِيهِ عَن أَبِيه وَاحْتج من ذهب مَذْهَب مَالك فِي أَن الْوَلِيّ الْبعيد والقريب سَوَاء بِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين خطب أم سَلمَة قَالَت لَيْسَ أحد من أوليائي شَاهدا فَقَالَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 249 النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ من أوليائك أحد شَاهد وَلَا غَائِب يكره ذَلِك فَقَالَت يَا عمر زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَزَوجهَا وَإِنَّمَا زَوجهَا لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد كَانَ بَينه وَبَينهَا نسب لِأَنَّهُ كَانَت من قُرَيْش وَإِن كَانَ بَعيدا وكما روى بكير بن عبد الله الْأَشَج عَن سعيد بن الْمسيب عَن عمر بن الْخطاب لَا تنْكح الْمَرْأَة إِلَّا بِإِذن وَليهَا أَو ذَوي الرَّأْي من أَهلهَا أَو السُّلْطَان فَيُقَال إِنَّهَا قَالَت لَيْسَ أحد من أوليائي شَاهدا وَلَو كَانَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ولَايَة فِي تَزْوِيجهَا لقَالَ لَهَا من أوليائك وَلم يكن يَقُول لَيْسَ أحد من أوليائك شَاهد وَلَا غَائِب يكره ذَلِك 714 - فِي عقد الْمَرْأَة على نَفسهَا لَا خلاف بَين أَصْحَابنَا فِي جَوَاز عقد الْمَرْأَة النِّكَاح على نَفسهَا إِذا أذن لَهَا وَليهَا فِي ذَلِك فَإِن لم يَأْذَن لَهَا الْوَلِيّ فِيهِ كَانَ الْخلاف فِيهِ على مَا تقدم وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا جعلهَا الْوَلِيّ وَكيلا لنَفسهَا أَو لغَيْرهَا كَانَ جَائِزا الحديث: 714 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 250 وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لَا تلِي الْمَرْأَة عقد النِّكَاح بِحَال 715 - فِي النِّكَاح بِغَيْر شُهُود وَنِكَاح السِّرّ قَالَ أَصْحَابنَا لَا نِكَاح إِلَّا بِشُهُود وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث يجوز النِّكَاح بِغَيْر شُهُود وَقَالَ مَالك لَو زوج بنته وَأمرهمْ أَن يكتموا ذَلِك لم يجز النِّكَاح وَإِن تزوج بِغَيْر بَيِّنَة على خير وَجه استسرار جَازَ ويشهدان فِيمَا يستقبلان لِأَن هَذِه رِوَايَة ابْن الْقَاسِم وَذكر ابْن وهب عَن مَالك فِي الرجل يُزَوّج الْمَرْأَة بِشَهَادَة رجلَيْنِ واستكتمها ذَلِك قَالَ يفرق بَينهمَا بتطليقة وَلَا يجوز النِّكَاح وَلها صَدَاقهَا إِن كَانَ أَصَابَهَا وَلَا يُعَاقب الشَّاهِدَانِ إِن كَانَا جهلا ذَلِك وَإِن كَانَ أَتَيَا ذَلِك بِمَعْرِِفَة إِن ذَلِك لَا يصلح عوقبا فِي ذَلِك قَالَ أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيّ إِذا تزَوجهَا بِشَاهِدين وَقَالَ لهمااكتما ذَلِك جَازَ النِّكَاح قَالَ أَبُو جَعْفَر اتّفق الْجَمِيع أَنه لَا بُد من إِظْهَار عقد النِّكَاح للتفريق بَين الْمَعْقُود عَلَيْهَا بِنِكَاح وَبِغير الْمَعْقُود عَلَيْهَا طَائِفَة شرطت إِظْهَاره للشُّهُود وَطَائِفَة إِخْرَاجه عَن أَن يكون سرا غير مَكْتُوم وَإِن لم يحضرهُ أحد ثمَّ يشْهد بعد ذَلِك فَلَمَّا كَانَ الْإِشْهَاد لَا بُد مِنْهُ وَجب أَن يكون فِي حَال العقد لما وَقع الحديث: 715 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 251 بِشُهُود خرج من أَن يكون سرا فَجَاز وَمَا كَانَ بِخِلَافِهِ فَهُوَ سر وَقد روى عَن ابْن عَبَّاس قَالَ البغايا اللائي ينكحن أَنْفسهنَّ بِلَا بنية وَلَيْسَ عَن أحد من الصَّحَابَة خِلَافه 716 - فِي مِقْدَار الصَدَاق قَالَ أَصْحَابنَا لَا مهر أقل من عشرَة دَرَاهِم وَقَالَ مَالك ربع دِينَار وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَاللَّيْث وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ يجوز بِقَلِيل المَال وَكَثِيره وَلَو دِرْهَم وَاحِد 717 - فِي الْأَكفاء فِي النِّكَاح اعْتبر أَصْحَابنَا الْكَفَاءَة فِي النِّكَاح وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْحسن بن حَيّ وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا أَبى وَالِد الْبِنْت أَن يُزَوّجهَا رجلا لَيْسَ بكفء فِي الْحسب والشرف إِلَّا أَنه كُفْء فِي الدّين فَإِن السُّلْطَان يُزَوّجهَا وَلَا ينظر إِلَى قَول الْأَب وَالْوَلِيّ إِذا رضيت بِهِ وَكَانَ كُفْء فِي دينه الحديث: 716 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 252 وَقَالَ الشَّافِعِي لَيْسَ نِكَاح غير الْكُفْء بِمحرم فأرده بِكُل حَال إِنَّمَا هُوَ تَقْصِير عَن الْمُزَوجَة والولاة قَالَ وَإِن اسْتَوَت الْوُلَاة فَزَوجهَا بِإِذْنِهَا كفوا جَازَ وَإِن كَانَ غير كُفْء لم يثبت إِلَّا باجتماعهم قبل نِكَاحه فَيكون حَقًا لَهُم تَرَكُوهُ قَالَ أَبُو جَعْفَر روى حَمَّاد بن سَلمَة عَن مُحَمَّد بن عَمْرو عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَا بني بياضة انكحوا أَبَا هِنْد وَانْكِحُوا إِلَيْهِ وَلَيْسَ فِيهِ دلَالَة على سُقُوط اعْتِبَار الْكَفَاءَة لِأَن الْأَوْلِيَاء إِذا رَضوا جَازَ وروى شُعْبَة عَن أبي إِسْحَاق عَن أَوْس بن ضمعج عَن سلمَان أَنه قَالَ لَا يؤمكم فِي الصَّلَاة وَلَا يتَزَوَّج نساءكم يَعْنِي الْعَرَب 718 - ب إِذا زوج الْمَرْأَة وليان قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ إِذا زوج الْمَرْأَة وليان كل وَاحِد مِنْهُمَا رجلا بأمرها فَالْأول أَحَق فَإِن دخل بهَا الآخر وَلم يعلم أَيهمَا أول فرق بَينهَا وَبَينه وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث إِذا دخل بهَا الآخر فالآخر أَحَق 718 - فِي غيبَة الْوَلِيّ قَالَ أَصْحَابنَا إِذا غَابَ أقرب الْأَوْلِيَاء غيبَة مُنْقَطِعَة فَلِمَنْ دونه أَن يُزَوّج الحديث: 718 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 253 الصَّغِير قَالَ ذكر بكر الْعمي عَن ابْن سَمَّاعَة عَن أبي يُوسُف الْغَيْبَة المنقطعة كَمَا بَين بَغْدَاد إِلَى الرّيّ وَقَالَ زفر لَيْسَ لمن دونه أَن يُزَوّجهَا وَإِن كَانَ الْأَقْرَب غَائِبا غيبَة مُنْقَطِعَة فَإِن زَوجهَا كَانَ النِّكَاح مَوْقُوفا على إجَازَة الْغَائِب وَقَالَ مَالك فِي الْبكر إِذا غَابَ أَبوهَا غيبَة مُنْقَطِعَة مثل هَؤُلَاءِ الَّذين يخرجُون فِي الْمَغَازِي فيقيمون فِي الْبِلَاد الَّتِي خَرجُوا إِلَيْهَا مثل الأندلس وأفريقيا وطنجة فَأرى أَن ترفع أمرهَا إِلَى السُّلْطَان فَينْظر لَهَا وَقَالَ الثَّوْريّ للأبعد أَن يُزَوّج إِذا غَابَ الْأَقْرَب على مسيرَة ثَلَاثَة أَيَّام وَهُوَ قَول الْحسن بن حَيّ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِيمَن زوج أُخْته وَأَبوهُ غَائِب الْأَقْرَب على مسيرَة ثَلَاث لم يُزَوّج إِلَّا بِإِذْنِهِ 719 - فِي الْمَرْأَة يكون لَهَا أَب وَابْن من أولى بتزويجها ذكر دَاوُد بن رشد فِي الْمَرْأَة لَهَا ابْن وجد أَبُو أَب قَالَ فِي قَول أبي يُوسُف الابْن أولى وَفِي قَول مُحَمَّد الْأَب وَالْجد أولى لِأَنَّهُمَا لَا يسقطان وهما من فَوْقهمَا وَلَيْسَ الابْن من فَوْقهمَا وَالِابْن أولى من الْأَخ للْأَب وَالأُم وَقَالَ مَالك الابْن فِي النِّكَاح أولى من الْأَب وَقَالَ اللَّيْث الابْن أولى بإنكاح أمه من أَبِيهَا من جده وَالْجد من الْأَب الحديث: 719 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 254 وَقَالَ اللَّيْث الابْن أولى بإنكاح أمه من أَبِيهَا من جده وَالْجد أولى بإنكاح بنته وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يُزَوّج الْمَرْأَة ابْنهَا إِلَّا أَن يكون عصبَة 720 - فِي أمة الْمَرْأَة ومولاتها قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ للْمَرْأَة أَن تزوج أمتها وَقَالَ مَالك تَأمر رجلا بتزويجها وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَسُئِلَ أيزوج الرجل أمة امْرَأَته أم عصبتها فَقَالَ الزَّوْج أَحَق بتزويجها إِذا زَوجهَا بِإِذن امْرَأَته وَقَالَ الشَّافِعِي يُزَوّج أمة الْمَرْأَة وَليهَا بِإِذْنِهَا قَالَ أَبُو جَعْفَر تَزْوِيج الْمَمْلُوكَة بِحَق الْملك لَا بِحَق الْولَايَة فَهُوَ كَالْبيع الَّذِي يسْتَحق فِيهِ العقد بِحَق الْملك لَا بِحَق الْولَايَة 721 - فِي تَزْوِيج الْبكر الْبَالِغ قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري والأوازعي وَالْحسن بن حَيّ لَا يُزَوّجهَا الْأَب وَلَا غَيره إِلَّا بِإِذْنِهَا وَقَالَ أَصْحَابنَا سكُوتهَا رِضَاهَا وَقَالَ مَالك للْأَب تَزْوِيجهَا بِغَيْر إِذْنهَا وَهُوَ قَول الشَّافِعِي يُزَوّجهَا الْجد أَيْضا الحديث: 720 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 255 722 - فِي الْبكر هَل يكون سكُوتهَا رضَا فِي غير أَبِيهَا قَالَ أَصْحَابنَا أَي ولي زَوجهَا فَسَكَتَتْ جَازَ عَلَيْهَا وَقَالَ مَالك لَا يجوز على الْبكر أَمر ولي غير أَبِيهَا من قريب أَو بعيد إِلَّا بِرِضَاهَا وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يُزَوّجهَا غير الْأَب وَالْجد إِلَّا بأذنها 723 - فِي تَزْوِيج الثّيّب الصَّغِير قَالَ أَصْحَابنَا لوَلِيّ الثّيّب الصَّغِير أَن يُزَوّجهَا كَمَا يُزَوّجهَا لَو كَانَت بكرا وَقَالَ مَالك يلْزم الثّيّب الصَّغِيرَة نِكَاح أَبِيهَا إِذا زَوجهَا وَهِي صَغِيرَة وَقَالَ الشَّافِعِي لَيْسَ للْأَب تَزْوِيج الثّيّب الصَّغِيرَة وَالله أعلم 724 - فِي الْبكر إِذا بلغَهَا تَزْوِيج أَبِيهَا قَالَ أَصْحَابنَا إِذا زوج الْبكر وَليهَا فبلغها فَسَكَتَتْ فَهُوَ رضَا وَمَالك الشَّافِعِي يجيزان عقد الْأَب عَلَيْهَا بِغَيْر أمرهَا إِلَّا أَن مَالِكًا قَالَ لَا يكون الرِّضَا مِنْهَا بِالسُّكُوتِ إِذا زَوجهَا غير الْأَب بِغَيْر امرها لم يَصح وَلم يلْحقهُ إجَازَة لِأَنَّهُ مَوْقُوف وَقَالَ أَصْحَابنَا إِلَّا زفر إِذا قَالَت الْبكر لم أرْضى حِين بَلغنِي وَقَالَ الزَّوْج الحديث: 722 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 256 سكت فَالْقَوْل قَول الْبكر وَهُوَ قَول ابْن شبْرمَة وَقَالَ زفر القَوْل قَول الزَّوْج 725 - فِي الْبكر الَّتِي يكون سكُوتهَا رضَا قَالَ أَصْحَابنَا جَمِيعًا إِذا وطِئت وطأ وَجب بِهِ الْمهْر وَالْعدة فقد صَارَت ثَيِّبًا وَإِن وطِئت بتزوج فَهِيَ بِمَنْزِلَة الْبكر عِنْد أبي حنيفَة وَهُوَ قَول مَالك وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالشَّافِعِيّ هِيَ ثيب وَقَالَ أَصْحَابنَا وَاللَّيْث إِن نقلت الْبكر إِلَى زَوجهَا فطال مقَامهَا عِنْده وَلم يَطَأهَا ثمَّ طَلقهَا فَإِنَّهَا تزوج كَمَا تزوج الْأَبْكَار وَقَالَ مَالك إِذا طَالَتْ إِقَامَتهَا عِنْد الزَّوْج وَشهد مشَاهد النِّسَاء فَإِنَّهَا لَا يُزَوّجهَا أَبوهَا إِلَّا بِرِضَاهَا وَإِن لم يصبهَا زَوجهَا وَأما إِن كَانَ الشَّيْء الْقَرِيب فَإِنِّي أرى لَهُ أَن يُزَوّجهَا قَالَ وَأرى السّنة طول إِقَامَة لَا يُزَوّجهَا إِلَّا بِإِذْنِهَا 726 - فِي تَزْوِيج الصغار قَالَ أَصْحَابنَا لأولياء الصغار الْأَقْرَب فَالْأَقْرَب وَلَا خِيَار لَهُم فِي تَزْوِيج الْأَب وَالْجد وَلَهُم الْخِيَار فِي تَزْوِيج من سواهُم فِي قَول ابي حنيفَة وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَا خِيَار لَهُم وروى بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف عَن ابْن شبْرمَة أَن تَزْوِيج الْآبَاء على الصغار لَا يجوز الحديث: 725 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 257 وَذكر ابْن وهب عَن مَالك فِي تَزْوِيج الرجل يتيمته إِذا رأى لَهُ الْفضل وَالصَّلَاح وَالنَّظَر أَن ذَلِك جَائِز عَلَيْهِ قَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك فِي الرجل يُزَوّج أُخْته وَهِي صَغِيرَة أَنه لَا يجوز وَإِن بلغت فرضيت حَتَّى يستأنفوا نِكَاحا وَلَو زوج الْوَصِيّ فَإِن كره الْأَوْلِيَاء وَالْوَصِيّ أولى من الْوَلِيّ غير أَنه لَا يُزَوّج الثّيّب إِلَّا بِرِضَاهَا وَلَا يَنْبَغِي أَن يقطع عَنْهَا الْخِيَار الَّذِي جعل لَهَا فِي نَفسهَا ويزوج الْوَصِيّ بنيه الصغار وَبنَاته الصغار وَلَا يُزَوّج الْبَنَات الْكِبَار إِلَّا برضاهن وَقَول اللَّيْث فِي ذَلِك كَقَوْل مَالك وَهُوَ قَول ربيعَة وَيحيى بن سعيد فِي أَن الْوَصِيّ أولى من الْوَلِيّ وَقَالَ الثَّوْريّ لَا يجوز للعم تَزْوِيج الصَّغِيرَة وَلَا الْأَخ قَالَ الثَّوْريّ وَالْأَمْوَال إِلَى الأوصياء وَالنِّكَاح إِلَى الْأَوْلِيَاء وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا يُزَوّج الصَّغِيرَة إِلَّا الْأَب وَقَالَ الْحسن بن حَيّ لَا يُزَوّج الْوَصِيّ إِلَّا أَن يكون وليا وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يجوز يزويج الصغار من الرِّجَال وَالنِّسَاء إِلَّا للْأَب أَو الْجد إِذا لم يكن أَب وَلَا ولَايَة للْوَصِيّ على الصَّغِيرَة وَقَالَ ابْن وهب عَن اللَّيْث إِذا أشهد على الْوَصِيَّة رجلا وَامْرَأَتَيْنِ لم يُزَوّج الْوَصِيّ بعض بَنَات الْمَيِّت إِلَّا بإحضار ولي الْمَيِّت أَو يرفع إِلَى السُّلْطَان فيأمره بِالتَّزْوِيجِ وَقَالَ أَبُو جَعْفَر وَقد روى عَن عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام وَابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ جَوَاز تَجْوِيز غير الْأَب وَالْجد من الْأَوْلِيَاء للصغار الجزء: 2 ¦ الصفحة: 258 وروى نَحوه عَن ابْن عَبَّاس فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى {وَإِن خِفْتُمْ أَلا تقسطوا فِي الْيَتَامَى} النِّسَاء 3 وَعَن عَائِشَة نَحوه 727 - فِي تَزْوِيج ابْنَته على أقل من مهر الْمثل قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَزفر وَاللَّيْث إِذا زوج ابْنَته الصَّغِيرَة بِأَقَلّ من مهر مثلهَا جَازَ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالشَّافِعِيّ لَا يجوز وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو حنيفَة وَزفر إِذا زوج ابْنه الصَّغِير امْرَأَة بِأَكْثَرَ من مهر مثلهَا قَالَ ابْن وهب عَن مَالك إِذا زوج ابْنه الصَّغِير وَلَا مَال لأبنه فَإِن الصَدَاق على أَبِيه إِذا كَانَ الْغُلَام يَوْم زوجه لَا مَال لَهُ فَإِن كَانَ لَهُ مَال فالصداق على مَال الْغُلَام إِلَّا أَن يُسمى الْأَب الصَدَاق عَلَيْهِ 728 - فِيمَن جن بعد الْبلُوغ هَل يُزَوّج قَالَ أَصْحَابنَا يجوز تَزْوِيجه كالصغير إِذا جن جنونا مطبقا وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ الْحسن بن حَيّ يُزَوجهُ أَبوهُ وَقَالَ زفر وَمَالك لَا يُزَوّج إِذا كَانَ الْوَلِيّ أَو غَيره 729 - فِي ولي المراة يُزَوّجهَا من نَفسه بأمرها قَالَ أَصْحَابنَا إِلَّا زفر يجوز لوَلِيّ الْمَرْأَة أَن يُزَوّجهَا من نَفسه بأمرها وَهُوَ الحديث: 727 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 259 قَول مَالك وَالثَّوْري وَاللَّيْث وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ وَقَالَ زفر وَالشَّافِعِيّ لَا يجوز قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ أَنه لَا يجوز أَن يهب من لَهُ ولَايَة عَلَيْهِ وَيكون هُوَ الْعَاقِد والقابض فَكَذَلِك النِّكَاح 730 - فِي اخْتِلَاف الدينَيْنِ هَل يمْنَع الْولَايَة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا كَانَ أَحدهمَا مُسلما وَالْآخر كَافِرًا لم يكن أَحدهمَا وليا للْآخر فِي النِّكَاح وَهُوَ قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ ابْن وهب فِي النَّصْرَانِيَّة لَهَا أَب مُسلم إِن أَبَاهَا يُزَوّجهَا وَلَيْسَ إِلَى غَيره مَنعه 731 - فِي الَّتِي لم يسم لَهَا إِذا مَاتَ عَنْهَا قبل الدُّخُول قَالَ أَصْحَابنَا لَهَا مهر مثلهَا وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْحسن بن حَيّ وَقَول الشَّافِعِي فِي الْبُوَيْطِيّ وَقَالَ مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ لَا مهر لَهَا وَلَا مُتْعَة وَلها مِيرَاث وَقَالَ مَالك إِذا قَالَ أنكحناك فُلَانَة بِلَا صدَاق فَإِن دخل بهَا ثَبت النِّكَاح وَكَانَ لَهَا صدَاق مثلهَا وَإِن لم يدْخل بهَا فرق بَينهمَا وَقَالَ ابْن الْقَاسِم بَلغنِي ذَلِك عَن مَالك وَقَالَ مَالك فِي عقد النِّكَاح إِذا لم يفْرض فِيهِ صدَاق مثلهَا إِذا بنى بهَا الحديث: 730 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 260 فرض لَهَا فَأَما قبل الْبناء فَإِنَّهُ لم يجب لَهَا قَالَ مَالك والتعريض مَا قَالَ الله تَعَالَى فِي كِتَابه {إِن طلّقْتُم النِّسَاء} الْآيَة (الْبَقَرَة 236) فَهَذَا النِّكَاح بِغَيْر صدَاق وَهَذَا التَّعْرِيض وروى عَن عَليّ وَابْن عَبَّاس وَزيد بن ثَابت وَابْن عمر أَنه لَا صدَاق لَهَا وَقَالَ عبد الله بن مَسْعُود لَهَا صدَاق مثلهَا وَذكر قصَّة بروع قَالَ أَبُو جَعْفَر وَشَرطه لنفي الصَدَاق لَا يبطل العقد إِذا كَانَ العقد غير مفتقر بل العقد غير قَائِم بِنَفسِهِ غير مضمن بِهِ وَقد اتَّفقُوا أَنه إِذا دخل لم يفرق بَينهمَا فَقبل الدُّخُول مثله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 261 732 - فِي نسَاء الْمَرْأَة الْمُعْتَبر بهَا مهر مثلهَا قَالَ أصحانبا يعْتَبر من نسائها من كَانَ من عشيرتها وقومها وَأهل بَلَدهَا وَقَالَ ابْن أبي ليلى نساؤها أمهاتها وخالاتها وَقَالَ مَالك إِنَّمَا ينظر فِي هَذَا إِلَى نسائها فِي قدرهَا وحالها وموضعها وَغِنَاهَا ولاينظر إِلَى نسَاء قَومهَا وَقَالَ مَالك وَقد ينظر فِي هَذَا إِلَى الرِّجَال أَيْضا أَلَيْسَ الرجل يُزَوّج لِقَرَابَتِهِ ويعتقد قلَّة ذَات يَده وَآخر أَجْنَبِي مُوسر يعلم أَنما رغب فِي مَاله فَلَا يكون صَدَاقهَا عِنْد هذَيْن سَوَاء وَقَالَ الشَّافِعِي يعْتَبر نسَاء عصبتها وَلَيْسَت أمهَا من نسائها وَيعْتَبر نسَاء بَلَدهَا وَمن هُوَ فِي سنّهَا وعقلها وحمقها وجمالها وقبحها قَالَ أَبُو جَعْفَر فِي قصَّة بروع لَهَا صدَاق نسائها لَا وكس وَلَا شطط فِيمَا قَالَ عبد الله وَأَخْبرُوهُ عَن قَضَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمثلِهِ ونساؤها هن نسَاء قَومهَا وَمَالك يعْتَبر فِي الْمُسْتَحَاضَة الَّتِي جهلت أَيَّامهَا أَيَّام نسائها فالصداق أولى بذلك 733 - فِي التَّقْصِير فِي الْمهْر قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا زوجت نَفسهَا كُفؤًا وَقصرت فِي الْمهْر فللأولياء أَن يبلغُوا بهَا مهر مثلهَا أَو يفرق بَينهمَا الحديث: 732 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 262 وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا سَبِيل لَهُم إِلَى ذَلِك وَقَالَ مَالك إِذا تزَوجهَا بِغَيْر صدَاق ثمَّ سمى لَهَا أقل من صدَاق مثلهَا ورضيت بِهِ وَقَالَ الْوَلِيّ لَا أرْضى وَالْمَرْأَة بكر فَإِن الرِّضَا إِلَى الْوَلِيّ وَلَيْسَ إِلَيْهَا وَقَالَ الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ مَا ترضيا عَلَيْهِ جَازَ بعد العقد إِذا لم تكن التَّسْمِيَة فِي العقد وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا لم يسم فِي العقد ثمَّ فرض لَهَا دون مهر مثلهَا فَلم يرض أَبوهَا فلهَا صَدَقَة نسائها وَإِن رَضِي الْأَب وكرهت الْبِنْت فلهَا صَدَقَة نسائها بكرا كَانَت أَو ثَيِّبًا إِلَّا أَن تكون صَغِيرَة لم تبلغ فَقَوْل أَبِيهَا جَائِز عَلَيْهَا 734 - فِي الَّذِي بِيَدِهِ عقدَة النِّكَاح من هُوَ قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَابْن شبْرمَة وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ الَّذِي بِيَدِهِ عقدَة النِّكَاح هُوَ الزَّوْج بِأَن يتم لَهَا كَمَال الْمهْر بعد الطَّلَاق قبل الدُّخُول وَقَوله {إِلَّا أَن يعفون} الْبَقَرَة 237 للبكر وَالثَّيِّب وَقَالَ مَالك إِذا طَلقهَا قبل الدُّخُول وَهِي بكر جَازَ عَفْو أَبِيهَا عَن نصف الصَدَاق وَقَوله {إِلَّا أَن يعفون} اللَّاتِي قد دخل بِهن قَالَ وَلَا يجوز لأحد أَن يعْفُو عَن شَيْء من الصَدَاق إِلَّا الْأَب وَحده لَا وَصِيّ وَلَا غَيره وَقَالَ اللَّيْث لأبي بكر أَن يضع من صَدَاقهَا عِنْد عقدَة النِّكَاح وَإِن كرهت وَيجوز عَلَيْهَا وَبعد عقد النِّكَاح لَيْسَ لَهُ أَن يضع شَيْئا من صَدَاقهَا وَلَا يجوز عَفوه أَيْضا عَن شَيْء من صَدَاقهَا بعد الطَّلَاق قبل الدُّخُول وَيجوز لَهُ الحديث: 734 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 263 مبارأة زَوجهَا وَهِي كارهة إِذا كَانَ ذَلِك نظرا من أَبِيهَا لَهَا وكما لم يجز للْأَب أَن يضع لزَوجهَا شَيْئا من صَدَاقهَا بعد النِّكَاح كَذَلِك لَا يعْفُو عَن نصف صَدَاقهَا بعد ذَلِك وَذكر ابْن وهب عَن مَالك أَن مبارأته عَلَيْهَا جَائِز قَالَ أَبُو جَعْفَر رُوِيَ عَن عَليّ وَجبير بن مطعم فِي بِيَدِهِ عقدَة النِّكَاح أَنه الزَّوْج وَعَن ابْن عَبَّاس هُوَ أَبوهَا وَقَالَ مَالك إِن قَوْله تَعَالَى {إِلَّا أَن يعفون} على الْبكر تَعْتَد لِأَن الله تَعَالَى قَالَ {وَإِن طلقتموهن من قبل أَن تمَسُّوهُنَّ} فالآية فِي الْمُطلقَة غير الْمَدْخُول بهَا 735 - فِيمَن لم يسم مهْرا فِي العقد وسمى بعد ذَلِك قَالَ أَصْحَابنَا إِذا تزَوجهَا على غيرمهر مُسَمّى ثمَّ فرض لَهَا بِرِضَاهَا ثمَّ طَلقهَا قبل الدُّخُول فَإِن لَهَا مُتْعَة وَقد كَانَ أَبُو يُوسُف يَقُول لَهَا نصف الصَدَاق ثمَّ رَجَعَ إِلَى مَا ذكرنَا قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لَهَا نصف الْفَرْض قَالَ الْحسن عَن زفر إِذا تزَوجهَا بِغَيْر مهر ثمَّ وهبت لَهُ جَمِيع مَا يجب لَهَا عَلَيْهِ من صدَاق وَغير ذَلِك فَقبل هُوَ جَائِز وَلَا شَيْء لَهَا عَلَيْهِ فَإِن طَلقهَا بعد ذَلِك قبل الدُّخُول فَلَا شَيْء لَهَا عَلَيْهِ أَيْضا الحديث: 735 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 264 فَجعل زفر الْمُتْعَة بعض مهر الْمثل وَقَالَ أَبُو يُوسُف الْهِبَة جَائِزَة مَا لم يطلقهَا وَإِن طَلقهَا قبل الدُّخُول فلهَا الْمُتْعَة وَأَبُو يُوسُف يَجْعَل مهرهن بِمهْر الْمثل فِي الْمُتْعَة وَمُحَمّد يَجْعَلهَا رهنا بِالْمُتْعَةِ 736 - فِي تَزْوِيج الْمَرْأَة على حكمه أَو حكمهَا قَالَ أَصْحَابنَا وَالْأَوْزَاعِيّ إِن تَرَاضيا بِشَيْء جَازَ وَإِن اخْتلفَا فمهر الْمثل دخل بهَا أَو لم يدْخل وَقَالَ مَالك النِّكَاح ثَابت فَإِن تَرَاضيا بالحكم جَازَ النِّكَاح وَإِلَّا فرق بَينهمَا وَلم يكن لَهَا عَلَيْهِ شَيْء يكون بِمَنْزِلَة التَّفْوِيض إِذا لم يفْرض لَهَا صدَاق مثلهَا وأبت أَن تقبله وَفرق بَينهمَا وَلم يكن لَهَا عَلَيْهِ شَيْء وَقَالَ مَالك وَإِن دخل بهَا فلهَا صدَاق مثلهَا 737 - فِي وجوب الْمُتْعَة قَالَ أَصْحَابنَا الْمُتْعَة وَاجِبَة للَّتِي طَلقهَا قبل الدُّخُول وَلم يسم لَهَا فَإِن دخل بهَا فَإِنَّهُ يمتعها وَلَا يجْبر عَلَيْهَا وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْحسن بن حَيّ الحديث: 736 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 265 وَالْأَوْزَاعِيّ إِلَّا أَن الْأَوْزَاعِيّ زعم أَن أحد الزَّوْجَيْنِ إِذا كَانَ مَمْلُوكا لم تجب الْمُتْعَة وَإِن طَلقهَا قبل الدُّخُول وَلم يسم لَهَا مهْرا وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَأَبُو الزِّنَاد الْمُتْعَة لَيْسَ بواجبة إِن شَاءَ فعل وَإِن شَاءَ لم يفعل لَا يجْبر عَلَيْهَا وَإِن لم يفرقا بَين الْمَدْخُول بهَا أَو غير الْمَدْخُول بهَا وَبَين من سمى لَهَا أَو لم يسم لَا وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث لَا يجْبر أحد على الْمُتْعَة سمى لَهَا أَو لم يسم دخل بهَا أَو لم يدْخل وَإِنَّمَا هِيَ مِمَّا يَنْبَغِي أَن يَفْعَله وَلَا يجْبر عَلَيْهَا وَقَالَ مَالك لَيْسَ للملاعنة مُتْعَة على حَال من الْأَحْوَال وَقَالَ الشَّافِعِي الْمُتْعَة وَاجِبَة لكل مُطلقَة وَلكُل زَوْجَة إِذا كَانَ الْفِرَاق من قبله أَو يتم بِهِ إِلَّا الَّتِي سمى لَهَا وَطَلقهَا قبل الدُّخُول قَالَ أَبُو جَعْفَر رُوِيَ عَن عَليّ لكل مُطلقَة مُتْعَة عَن ابْن عمر لكل مُطلقَة مُتْعَة إِلَّا الَّتِي تطلق وَقد فرض لَهَا صَدَاقا وَلم يدْخل بهَا قَالَ أَبُو جَعْفَر مهر الْمثل مُسْتَحقّ بِالْعقدِ والمتعة بعض مهر الْمثل فَيجب كمايجب الْمُسَمّى فَإِذا اسْتحقَّت مهر الْمثل أَو الْمُسَمّى بِالدُّخُولِ لم تجب الْمُتْعَة لِأَنَّهَا لَا تكون بدل الْبضْع فَهِيَ ندب 738 - فِي الزِّيَادَة فِي الْمهْر قَالَ أَصْحَابنَا الزِّيَادَة فِي الصَدَاق بعد النِّكَاح جَائِزَة وَهِي ثَابِتَة إِن دخل بهَا أَو مَاتَ عَنْهَا وَإِن طَلقهَا قبل الدُّخُول بطلت الزِّيَادَة وَكَانَ لَهَا نصف الْمُسَمّى فِي العقد الحديث: 738 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 266 وَقَالَ زفر وَالشَّافِعِيّ الزِّيَادَة بِمَنْزِلَة هبة مُسْتَقْبلَة إِن أقبضها جَازَت فِي قَوْلهمَا وَإِن لم يقبضهَا بطلت وَقَالَ مَالك الزِّيَادَة تصح فَإِن طَلقهَا قبل الدُّخُول رَجَعَ نصف مَا زَادهَا إِلَيْهِ وَهِي بِمَنْزِلَة مَا وهبه لَهَا يقوم بِهِ عَلَيْهِ وَإِن مَاتَ عَنْهَا قبل أَن تقبض فَلَا شَيْء لَهَا مِنْهُ لِأَنَّهَا عَطِيَّة لم تقبض قَالَ أَبُو جَعْفَر لم يَخْتَلِفُوا أَنه إِذا أقبضها الزِّيَادَة ملكهَا وَهُوَ فَإِنَّمَا ملكهَا على أَنَّهَا زِيَادَة على أَنَّهَا هبة فَلَو لم تصح زِيَادَة لم تصح هبة 739 - فِي الشُّرُوط الْفَاسِدَة فِي النِّكَاح قَالَ أَصْحَابنَا إِذا شَرط فِي النِّكَاح شرطا فَاسِدا أَو تزَوجهَا على مهر مَجْهُول كثير الْجَهَالَة فَالنِّكَاح جَائِز وَالشّرط بَاطِل وَلها مهر مثلهَا فِي الْمهْر الْمَجْهُول وَقَالَ مَالك إِذا تزَوجهَا على مهر إِلَى موت أَو فِرَاق فَأرَاهُ غير جَائِز وَيفْسخ النِّكَاح وَإِن دخل ثَبت النِّكَاح وَلها مهر مثلهَا وَإِن تزَوجهَا على صدَاق مَجْهُول على ثَمَرَة نَخْلَة قبل أَن تبدو صَلَاحهَا أَو على مَا فِي بطن أمته أَو على بعير شارد أَو عبد آبق فَإِن لم يدْخل بهَا فرق بَينهمَا وَإِن دخل بهَا ثَبت نِكَاحهَا وَلم يفْسخ وَلها مهر مثلهَا وَكَانَ مَا سمى لَهَا من الْغرَر لزَوجهَا إِلَّا أَن تقبض الْجَنِين بَعْدَمَا ولد أَو العَبْد الْآبِق بعد مَا رَجَعَ أَو الْبَعِير بعد مَا أَخذ وَقَالَ مَالك كل نِكَاح لَا يفْسد بعد الدُّخُول فَفِيهِ الطَّلَاق وَالْمِيرَاث قبل الحديث: 739 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 267 الدُّخُول وكل نِكَاح يفْسد بعد الدُّخُول فَإِنَّهُ لَا طَلَاق فِيهِ وَلَا مِيرَاث قبل الدُّخُول وَقَالَ اللَّيْث فِي الْحر يُزَوّج الْمَمْلُوكَة على أَن وَلَده مِنْهَا حر فَالنِّكَاح جَائِز وَيكون وَلَده من الْأمة حرا على مَا شَرط وَلها مهر مثلهَا بِغَيْر شَرط قَالَ وَلَو تزَوجهَا وصداقها جَارِيَة لَهُ قد كَانَ زَوجهَا رجلا وَشرط لزَوجهَا أَن وَلَده مِنْهَا حر فَعلمت الْمَرْأَة بذلك فَالنِّكَاح جَائِز وللمرأة قيمَة تِلْكَ الْجَارِيَة على زَوجهَا وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا عقد النِّكَاح على ألف على أَن لأَبِيهَا ألفا أَو على أَن لَا يخرج بهَا أَو على أَن لَا يتَزَوَّج عَلَيْهَا فلهَا مهر مثلهَا فِي ذَلِك كُله وَالنِّكَاح صَحِيح 740 - فِي الْوَاجِب بِالدُّخُولِ فِي النِّكَاح الْفَاسِد قَالَ أَصْحَابنَا فِي النِّكَاح الْفَاسِد إِذا دخل بهَا فلهَا الْأَقَل من الْمُسَمّى وَمن مهر الْمثل وَقَالَ زفر وَالشَّافِعِيّ لَهَا مهر مثلهَا بَالغا مَا بلغ وَقَالَ مَالك كل نِكَاح فَاسد لَا يقر عَلَيْهِ كَالنِّكَاحِ فِي الْعدة بِأَن تزوج أُخْته من الرضَاعَة وَأَنه إِذا دخل بهَا فلهَا المر الْمُسَمّى وَهُوَ قَول الْحسن بن حَيّ وروى مثله عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ الحديث: 740 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 268 741 - فِي النِّكَاح على أحد شرطين قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا تزَوجهَا على أَنه إِن قَامَ بهَا بِالْكُوفَةِ فمهرها ألف وَإِن أخرجهَا فمهرها أَلفَانِ فَالنِّكَاح جَائِز وَالشّرط الأول جَائِز إِن وفى بِهِ وَإِن لم يوف بِهِ فلهَا مهر مثلهَا لَا ينقص من ألف وَلَا يُزَاد على أَلفَيْنِ وَقَالَ أَبُو يُوسُف مُحَمَّد الشرطان جَمِيعًا جائزان وَقَالَ مَالك إِذا قَالَت صَدَاقي مِائَتَا دِينَار على أَن لَا تخرج بِي من أَهلِي فَإِن خرجت بِي فصداقي أَرْبَعمِائَة دِينَار قَالَ فَخرج بهَا فمهرها مِائَتَا دِينَار وَشَرطهَا بَاطِل وَكَذَلِكَ فِي أَن يتسرى عَلَيْهَا وَقَالَ عُثْمَان البتي إِذا قَالَ لامْرَأَة أَتزوّج بك فَإِن أَعطيتك فِي رَمَضَان ألف دِرْهَم فَأَنت امْرَأَتي وَإِلَّا لَيْسَ بيني وَبَيْنك نِكَاح قَالَ هم على شرطهم إِن أَعْطَاهَا فِي رَمَضَان ألف دِرْهَم فَهِيَ امْرَأَته وَعند الشَّافِعِي أَن حكم المهور فِي الشُّرُوط كأحكام أَيْمَان الْبياعَات فِي الشُّرُوط فَيجب على أَصله أَن يكون لَهَا مهر الْمثل 742 - إِذا شَرط لأَبِيهَا مَالا قَالَ هِشَام عَن مُحَمَّد إِذا زوج ابْنَته على عشرَة الاف على ان يَجْعَل للْأَب ألف دِرْهَم وَقبض الْأَب الْألف فاستهلكها أَنه إِن كَانَ جعلهَا لَهُ الزَّوْج الحديث: 741 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 269 على حَال يرى أَن ذَلِك لَازم لَهُ فَلهُ أَن يرجع بهَا على الْأَب وَإِن كَانَ جعلهَا هبة لم يكن لَهُ أَن يرجع فِيهَا إِلَّا كَمَا يرجع فِي الهبه وَلم يذكر خلافًا وَقَالَ مَالك فِي ذَلِك مَا كَانَ من شَرط يَقع بِهِ النِّكَاح فَهُوَ لأبنته إِن اتبعته وَإِن فَارقهَا قبل أَن يدْخل بهَا فلزوجها شطر الْحَد الَّذِي وَقع بِهِ النِّكَاح رِوَايَة ابْن وهب وَذكر ابْن الْقَاسِم عَنهُ مثل ذَلِك وَقَالَ إِن أعطَاهُ بَعْدَمَا زوجه فَإِنَّمَا هَذِه تكرمة أكْرمه بهَا فَلَا شَيْء للْأَب فِيهِ قَالَ الشَّافِعِي فِي الْمُزنِيّ إِذا عقد النِّكَاح بِأَلف على أَن لأَبِيهَا ألفا سوى الْألف فَسَوَاء قبض الْألف الْأَب أَو لم يقبضن فلهَا مهر مثلهَا 743 - إِذا شَرط أَن يُطلق زَوجته أَو على أَن لَا يُخرجهَا قَالَ أَبُو حنيفَة وابو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا تزَوجهَا على ألف على أَن يُطلق زَوجته أَو على أَلا يُخرجهَا من منزلهَا فَالنِّكَاح جَائِز فَإِن وفى بِمَا قَالَ فَلَا شَيْء غير الْألف وَإِن لم يوف أكمل لَهَا مهر الْمثل وَقَالَ زفر لَهَا مَا سمى وفى أَو لم يوف وَهُوَ قَول ربيعَة وَمَالك وَالثَّوْري وَقَالَ الشَّافِعِي لَهَا مهر الْمثل وَفِي أَو لم يوف 744 - فِي التَّزْوِيج على الْخدمَة قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف فِي الرجل يتَزَوَّج الْمَرْأَة على خدمته سنة الحديث: 743 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 270 فَإِن كَانَ حرا فها مهر مثلهَا وَإِن كَانَ عبدا فلهَا خدمته سنة وَقَالَ مُحَمَّد لَهَا قيمَة خدمته إِن كَانَ حرا وَقَالَ مَالك إِذا تزَوجهَا على أَن يهاجرها سنة أَو أَكثر أَو أقل وَيكون ذَلِك صَدَاقا فَإِنَّهُ يفْسخ النِّكَاح إِن لم يكن دخل بهَا فَإِن كَانَ دخل بهَا ثَبت النِّكَاح وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا تزَوجهَا على أَن يحجها ثمَّ طَلقهَا قبل أَن يدْخل بهَا فَهُوَ ضَامِن لنصف حَجهَا من الحملان وَالْكِسْوَة وَالنَّفقَة وَقَالَ الْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ النِّكَاح جَائِز على خدمته إِن كَانَ وقتا مَعْلُوما 745 - فِيمَن تزوج امْرَأتَيْنِ بِصَدَاق وَاحِد قَالَ أَصْحَابنَا إِذا تزوج امْرَأتَيْنِ على ألف دِرْهَم فَالنِّكَاح جَائِز وَيقسم الْألف على قدر مهورهما وَهُوَ قَول الْحسن بن حَيّ وَرُوِيَ نَحوه عَن الشَّافِعِي فِي الْمُزنِيّ وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْبُوَيْطِيّ إِذا نكح امْرَأتَيْنِ بِصَدَاق وَاحِد كَانَ لكل وَاحِدَة من ذَلِك على قدر صدَاق مثلهَا وَالنِّكَاح ثَابت وَقد قيل لكل وَاحِدَة صدَاق مثلهَا على الزَّوْج وَالْألف هُوَ أحب إِلَيّ قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ فِي جَوَاز بيع الْعَبْدَيْنِ فِي صَفْقَة وَاحِدَة بِثمن وَاحِد يَنْقَسِم على الثمنين وَكَذَلِكَ لَو اشْترى سَهْما من دَار وَعرض فِي صَفْقَة وَاحِدَة بِثمن وَاحِد أَن الشَّفِيع يَأْخُذ السهْم بِحِصَّتِهِ من الثّمن إِلَّا شَيْئا رُوِيَ عَن أبي حنيفَة أَن الشَّفِيع إِن شَاءَ أَخذ السهْم وَالْعرض المبيعين الحديث: 745 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 271 بِجَمِيعِ الثّمن وَإِن شَاءَ ترك ثمَّ أَنه رَجَعَ عَن ذَلِك إِلَى أَنه يَأْخُذ السهْم وَحده دون الْعرض 746 - إِذا جعل عتقهَا صَدَاقهَا قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا أعتق أمته على أَن تزَوجه نَفسهَا فَقبلت ثمَّ أَبَت أَن تزَوجه فَهِيَ حرَّة وَعَلَيْهَا أَن تسْعَى لَهُ فِي قيمتهَا وَقَالَ زفر لاسعاية عَلَيْهَا فَإِن تزوجته جَازَ النِّكَاح وَلم تكن عَلَيْهَا سماية وَلها الْمهْر إِن كَانَ سمى لَهَا مهْرا فلهَا مهر مثلهَا فِي قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف الشَّرْط جَائِز وَلَا مهر لَهَا غَيره قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا أعْتقهَا وَجعل عتقهَا مهْرا لَهَا إِن كَانَ بعد الْعتْق قد مضى الْعتْق وَإِن كَانَ قبله فَإِنَّهُ لَا يجوز أَن يُزَوّج أمته وَإِن كَانَ مَعَ الْعتْق لم يجز أَيْضا لِأَن النِّكَاح وَقع على أمته مَعَ الْعتْق وَقَالَ أَبُو يُوسُف مهرهَا السّعَايَة الَّتِي كَانَت تجب عَلَيْهَا إِذا لم تتزوجه وَقَالَ ابْن شبْرمَة وَمَالك لَا يجوز أَن يكون عتق أمته صَدَاقهَا وَقَالَ الثَّوْريّ وَالْحسن بن حَيّ وَالْأَوْزَاعِيّ كَقَوْل أبي يُوسُف وَهُوَ قَول الشَّافِعِي قَالَ أَبُو جَعْفَر الْعتْق لَيْسَ بِمَال لِأَن الْعتْق لَا يقبض بِهِ مَالا وَإِنَّمَا يبطل بِهِ الرّقّ فَهُوَ كَالطَّلَاقِ لَو طلق على زَوجته أَن تزَوجه نَفسهَا مَتى شَاءَ بِغَيْر صدَاق ثمَّ وَقت لَهُ بذلك لم يكن بِدُونِ مهر عِنْده كَذَلِك الْعتْق الحديث: 746 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 272 وَقد روى أُسَامَة بن زيد عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَنه يكره أَن يَجْعَل عتق الْأمة صَدَاقهَا 747 - فِي الْمهْر يزِيد فِي بدنه عِنْد الْمَرْأَة ثمَّ يطلقهَا قبل الدُّخُول قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف إِذا تزَوجهَا على عبد وَدفعه إِلَيْهَا فَزَاد فِي بدنه ثمَّ طَلقهَا قبل الدُّخُول فَلهُ عَلَيْهَا نصف قِيمَته وَهُوَ قَول الشَّافِعِي 748 - فِي هَلَاك الْمهْر الْمعِين فِي يَد الزَّوْج قَالَ أَصْحَابنَا إِذا تزَوجهَا على عبد بِعَيْنِه فَهَلَك فِي يَد الزَّوْج قبل الْقَبْض فَعَلَيهِ قِيمَته للْمَرْأَة وَعَن الشَّافِعِي رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا مثل ذَلِك وَالْأُخْرَى أَن لَهَا مهر مثلهَا قَالَ مَالك يهْلك من مَال الْمَرْأَة قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ أَنه إِذا اشْترى شَيْئا مكايلة أَو موازنة أَو معاددة أَن هَلَاكه فِي يَد البَائِع قبل تَسْلِيمه وَقبل كَيْله ووزنه وعده أَنه هَالك من مَال بَائِعه وَيكون مَضْمُونا عَلَيْهِ حَتَّى يُسلمهُ وَإِذا وَجب ذَلِك فِي البيع وَجب فِي النِّكَاح مثله لِأَنَّهُ عقد مُعَاوضَة الحديث: 747 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 273 749 - فِي هَلَاك الْمهْر فِي يَد الْمَرْأَة إِذا هلك العَبْد الْمهْر فِي يَدهَا ثمَّ طَلقهَا قبل الدُّخُول فعلَيْهَا نصف قِيمَته وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ يهْلك من مَالهمَا جَمِيعًا وَلَا تضمن لَهُ شَيْئا وَقَالَ عُثْمَان البتي إِذا كَانَ الْمَقْبُوض حَيَوَانا تزَوجهَا عَلَيْهِ لم تضمن لَهُ شَيْئا وَإِن كَانَ تزَوجهَا على دَرَاهِم أَو مَتَاع سوى الْحَيَوَان أَو العَبْد فعلَيْهَا أَن ترد نصف مَا تزَوجهَا عَلَيْهِ 750 - إِذا تزَوجهَا بعد الْقَبْض مَتى يَزُول ملكهَا عَنهُ قَالَ أَصْحَابنَا إِذا تزَوجهَا على عبد وَدفعه إِلَيْهَا ثمَّ طَلقهَا قبل الدُّخُول ثمَّ أعتق الزَّوْج نصِيبه قبل أَن يقْضِي القَاضِي لَهُ بِنصفِهِ لم يجز عتقه فَإِن قضى لَهُ بِهِ القَاضِي أَو ردته إِلَيْهِ بِغَيْر قَضَاء لم يجز الْعتْق الْمُتَقَدّم وَيجوز عتقه بعد وروى عَن زفر أَن عتقه جَائِز قبل قَضَاء القَاضِي وَهُوَ قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ 751 - فِي الْمهْر ينقص فِي يَدهَا قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قبضت الْمهْر فنقص فِي يَدهَا ثمَّ طَلقهَا قبل الدُّخُول فالزوج بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذ نصفه نَاقِصا وَلَا شَيْء لَهُ وَإِن شَاءَ ضمنهَا نصف الْقيمَة يَوْم الْقَبْض وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ مَالك يَأْخُذ نصفه نَاقِصا وَلَا شَيْء لَهُ الحديث: 749 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 274 وَقَالَ زفر يَأْخُذ نصفه نَاقِصا وَنصف النُّقْصَان وَلَا شَيْء لَهُ غَيره فِي ذَلِك 752 - فِي الْمَرْأَة تشتري بصداقها شَيْئا قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اشترت بصداقها شَيْئا ثمَّ طَلقهَا قبل الدُّخُول فَلهُ عَلَيْهَا نصف الصَدَاق وَلَا سَبِيل لَهُ على الْمَتَاع الْمُشْتَرى وَقَالَ مَالك إِذا تزَوجهَا على ألف فاشترت بهَا مِنْهُ عبدا أَو دَارا فَإِنَّهُ يرجع عَلَيْهَا بِنصْف العَبْد وَالدَّار إِذا طَلقهَا قبل الدُّخُول وَلَو كَانَت أخذت مِنْهُ الْألف واشترت بهَا دَارا أَو عبدا من غَيره ثمَّ طَلقهَا قبل الدُّخُول فَإِنَّهُ يرجع عَلَيْهَا بِنصْف الْألف قَالَ مَالك وَلَو كَانَت اشترت من غير الزَّوْج أَو من الزَّوْج شَيْئا مِمَّا تصلحه فِي جهازها خَادِمًا عطرا أَو ثيابًا فَهُوَ بِمَنْزِلَة مَا أصدقهَا لَهُ نصف نمائه وَعَلِيهِ نصف نقصانه وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا تزَوجهَا على ألف دِرْهَم فاشترت بشطرها مَتَاعا فَإِنَّهُ يَأْخُذ مِنْهَا شطر الْمَتَاع الَّذِي اشترت وَشطر مَا بَقِي من النَّقْد وَقَالَ اللَّيْث إِذا اشترت بِهِ مَتَاعا فَلَيْسَ لَهُ عَلَيْهَا إِلَّا نصف هَذَا الْمَتَاع إِذا طَلقهَا قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ الله تَعَالَى {فَنصف مَا فرضتم} الْبَقَرَة 237 فَلَا يجوز غَيره 753 - فِي هبة الصَدَاق قَالَ أَصْحَابنَا إِذا تزَوجهَا على ألف أَو عرض فَوَهَبته لَهُ قبل الْقَبْض ثمَّ الحديث: 752 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 275 طَلقهَا قبل الدُّخُول فَلَا شَيْء لَهُ عَلَيْهَا وَلَا لَهَا عَلَيْهِ وَإِن قَبضته ثمَّ وهبته ضمنت نصف الْألف وَلم يضمن من الْعرض شَيْئا وَقَالَ الْحسن عَن زفر لَا يرجع عَلَيْهَا فِي الْألف بعد الْقَبْض أَيْضا بِشَيْء لِأَن من أَصله أَن الْألف يسْتَحق الزَّوْج نصفهَا لَو كَانَت قَائِمَة بِعَينهَا فِي يَده فَهِيَ كالعرض وَقَالَ مَالك إِذا وهبت الصَدَاق ثمَّ طَلقهَا فَلَا شَيْء للزَّوْج فَإِن وهبت لَهُ نصف صَدَاقهَا ثمَّ طَلقهَا وَقد قبضت النّصْف الآخر فَللزَّوْج أَن يرجع عَلَيْهَا بِنصْف ذَلِك النّصْف من الْمَقْبُوض وَإِن كَانَت لم تقبض ذَلِك من الزَّوْج رجعت على الزَّوْج بِنصْف ذَلِك النّصْف وَلَا فرق عِنْده بَين أَن تقبض جَمِيع الْمهْر ثمَّ تهبه وَبَين أَن لَا تقبض حَتَّى تهبه وَلَا شَيْء لَهُ عَلَيْهَا فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا وَقَالَ اللَّيْث إِذا وهبت لَهُ جَمِيع صَدَاقهَا لم يرجع عَلَيْهَا بعد الطَّلَاق بِشَيْء وَإِن وهبت لَهُ الْبَعْض رَجَعَ عَلَيْهَا بِنصْف مِمَّا بَقِي من صَدَاقهَا قَالَ الشَّافِعِي إِذا وهبت لَهُ صَدَاقهَا فَفِيهَا قَولَانِ أَحدهمَا يرجع عَلَيْهَا بِنصفِهِ وَالْآخر لَا يرجع عَلَيْهَا بِشَيْء ملكه وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا قبضت النّصْف ووهبت النّصْف الْبَاقِي ثمَّ طَلقهَا قبل الدُّخُول فَلَا شَيْء لَهَا عَلَيْهِ وَلَا لَهُ عَلَيْهَا وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يرجع عَلَيْهَا بِنصْف الْمَقْبُوض قَالَ أَبُو جَعْفَر الْإِبْرَاء وَالْهِبَة ليسَا بِمَنْزِلَة الْقَبْض أَلا ترى أَن أحد الشَّرِيكَيْنِ فِي الدّين إِذا أَبْرَأ الْغَرِيم لم يعزم لشَرِيكه شَيْئا وَلَو قبض نصِيبه ضمن نصفه لشَرِيكه فَوَجَبَ أَن لَا تكون الْهِبَة فِي مَسْأَلَتنَا كَالْقَبْضِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 276 754 - فِي التَّزْوِيج على أقل من مِقْدَار الصَدَاق قَالَ أَصْحَابنَا إِذا تزَوجهَا على دِرْهَمَيْنِ فلهَا تَمام عشرَة دَرَاهِم وَقَالَ زفر لَهَا مهر مثلهَا وَقَالَ مَالك يبلغ بِهِ ربع دِينَار إِن رَضِي الزَّوْج وَإِن أَبى فسخ النكاخ إِذا لم يدْخل بهَا وَإِن دخل بهَا كمل لَهَا ربع دِينَار 755 - فِي الْعَيْب يُوجد بِالْمهْرِ قَالَ أَصْحَابنَا إِذا تزَوجهَا على عبد لم تره فَلَيْسَ لَهَا خِيَار الرُّؤْيَة وَإِن وجدت بِهِ عَيْبا فَإِن كَانَ عَيْبا فَاحِشا ردته وَأخذت الْقيمَة وَإِن لم يكن فَاحِشا لم ترده وَلَا شَيْء لَهَا غَيره وَقَالَ زفر لَهَا أَن ترد بِالْعَيْبِ فَاحِشا كَانَ أَو غير فَاحش قَالَ مَالك لَهَا أَن ترده بِالْعَيْبِ وَترجع بِالْقيمَةِ فَإِن مَاتَ كَانَ لَهَا مَا بَين الْقِيمَتَيْنِ كَالْبيع قَالَ الشَّافِعِي ترده بِالْعَيْبِ وَترجع إِلَى مهر الْمثل 756 - فِي الْأَب هَل يقبض مهر الْبكر قَالَ أَصْحَابنَا لَا يجوز قبض أحد على الْكَبِيرَة إِلَّا قبض الْأَب على الْبكر الحديث: 754 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 277 قَالَ ابْن أبي عمرَان كَانَ ابْن سَمَّاعَة يخالفهم فِي ذَلِك وَلَا يُجِيز قبض الْأَب عَلَيْهَا بِغَيْر تَوْكِيل مِنْهَا وَقَالَ مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ لَا يجوز قبض الْبكر للمهر وَإِنَّمَا يقبضهُ أَبوهَا قَالَ اللَّيْث إذاقبض الْأَب مهر ابْنَته وَقد زَوجهَا فاستهلكه فَإِن للزَّوْج أَن يدْخل بهَا وَيُؤْخَذ من أَبِيهَا لَهَا قدر مايستحل بِهِ الزَّوْج فَإِن لم يكن عِنْد أَبِيهَا شَيْء أعْطى الزَّوْج ذَلِك من عِنْده وَكَانَ ذَلِك لزَوجهَا دينا على أَبِيهَا وَلم يذكر عَنهُ الْفرق بَين الْبكر وَالثَّيِّب وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْمُزنِيّ يبرأ الزَّوْج بِدفع الْمهْر إِلَى أَب الْبكر وَإِن كَانَت كَبِيرَة وَذكر عَنهُ الرّبيع أَنه إِذا قبض مهر الثّيّب أَو الْبكر وَهُوَ يَلِي مَالهَا فَهُوَ بَرَاءَة للزَّوْج وَكَذَلِكَ إِذا دَفعه إِلَى من يَلِي مَالهَا من غير الْآبَاء فَهُوَ بَرَاءَة لَهُ من الصَدَاق فَإِن كَانَت الثّيّب أَو الْبكر على مَال نَفسهَا وَهِي رَشِيدَة لم يبرأ بِدَفْعِهِ إِلَى أحد من الْأَوْلِيَاء لَا الْأَب وَلَا غَيره 757 - إِذا اسْتحق العَبْد أَو وجد حرا قَالَ أَصْحَابنَا إِذا تزَوجهَا على عبد فَاسْتحقَّ فلهَا عَلَيْهِ قِيمَته وَإِن وجد حرا فَفِي قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد لَهَا مهر الْمثل وَفِي قَول أبي يُوسُف لَهَا قِيمَته لَو كَانَ عبدا وَفِي قَول مَالك لَهَا الْقيمَة فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا وَقَالَ اللَّيْث فِي الرجل يَجْعَل نَفسه عبدا يَدْفَعهُ الرجل فِي صداقه إِلَى امْرَأَة ثمَّ يعلم أَنه حر فَإِن الزَّوْج إِن كَانَ مُوسِرًا ضمن قيمَة الْحر لَو كَانَ عبدا وَإِن كَانَ الزَّوْج مُعسرا فعلى الْحر الَّذِي بذل نَفسه للزَّوْج قِيمَته لامْرَأَة الرجل وَيصير دينا لَهُ على زَوجهَا وَقَالَ الشَّافِعِي عَلَيْهِ قِيمَته الحديث: 757 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 278 758 - فِي الْحر إِذا تزَوجهَا على أَبِيهَا قَالَ أَصْحَابنَا إِذا تزَوجهَا على أَبِيهَا عتق فَإِن طَلقهَا قبل الدُّخُول رَجَعَ عَلَيْهَا بِنصْف قِيمَته وَهُوَ قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَقَالَ اللَّيْث إِذا تزوج امْرَأَة فَأَصْدقهَا أَبَاهَا على أَن تعطيه دَنَانِير مُسَمَّاة ثمَّ طَلقهَا قبل أَن يدْخل بهَا فَإِنَّهُ يعْتق عَلَيْهَا وَيرد على زَوجهَا نصف قِيمَته وتنزع مِنْهُ مَا أَعطَتْهُ لِأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي للْمَرْأَة أَن تصدق أَبَاهَا 759 - فِي النِّكَاح على عبد وسط هَل تقبل فِيهِ الْقيمَة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا تزَوجهَا على عدد من الْإِبِل أوغيرها من الْحَيَوَان مُسَمّى أَو على عبد بِغَيْر عينه فَالنِّكَاح جَائِز وَلها الْوسط من ذَلِك وَهُوَ قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ وَاللَّيْث فَإِن أَعْطَاهَا الْقيمَة وأبت أَن تقبل فَإِنَّهَا تجبر على قبُولهَا عِنْد أَصْحَابنَا وَعند مَالك وَالشَّافِعِيّ لَا تجبر على قبُول الْقيمَة قَالَ أَبُو جَعْفَر الْبضْع لَيْسَ بِمَال كالنفس وكالجنين قد قيل فيهمَا الْقيمَة الدِّيَة فِي النَّفس وَخمْس مائَة فِي الْغرَّة 760 - فِي الشّغَار قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قَالَ أزَوجك أُخْتِي على أَن تزَوجنِي أختك وَيكون نِكَاح كل وَاحِدَة مهر الْأُخْرَى فَهُوَ الشّغَار وَيصِح النِّكَاح بهمر الْمثل وَهُوَ قَول اللَّيْث الحديث: 758 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 279 وَقَالَ مَالك لايصح النِّكَاح دخل بهَا أَو لم يدْخل وَكَذَلِكَ لَو قَالَ أزَوجك بِنْتي بِعشْرَة دَنَانِير على أَن تزَوجنِي بنتك بِمِائَة دِينَار فَلَا أُجِيز فِي ذَلِك كُله وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا لم يسم لوَاحِدَة مِنْهُمَا مهْرا وَشرط أَن يُزَوجهُ الْأُخَر بنته وَهُوَ يَلِي أمرهَا على أَن صدَاق كل وَاحِدَة بضع الْأُخْرَى وَلم يسم صَدَاقا فَهَذَا الشّغَار فَلَا يَصح وَلَو سمى لَهما أَو لأَحَدهمَا صَدَاقا فَالنِّكَاح ثَابت وَالْمهْر فَاسد وَلكُل وَاحِدَة مهر مثلهَا وَنصف مهر مثلهَا إِن طَلقهَا قبل الدُّخُول 761 - إِذا ولدت الْخَادِم فِي يَدهَا أَو فِي يَده قَالَ أَصْحَابنَا إِذا تزَوجهَا على خَادِم وَدفعهَا إِلَيْهَا فَولدت فِي يَدهَا ثمَّ طَلقهَا قبل الدُّخُول فَلَا سَبِيل لَهُ عَلَيْهَا وَلَا على وَلَدهَا ويضمنها نصف قيمتهَا وَكَذَلِكَ النّخل وَالشَّجر وَسَائِر الْحَيَوَان إِذا حصل مِنْهَا نَمَاء فِي يَدهَا وَقَالَ مَالك وَزفر يرجع عَلَيْهَا بِنصْف الْخَادِم وَنصف الْمهْر وَنصف النَّحْل وَنصف الثَّمَرَة وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي ثَمَرَة النّخل إِن طَلقهَا قبل أَن تؤبر النّخل فلهَا شطر بِمَا فِيهَا فَإِن كَانَت بعد مَا أبرت فلهَا شطرها وللمرأة ثَمَرَتهَا وَلم يذكر الْفرق بَين الْقَبْض وَبعده قَالَ الشَّافِعِي إِذا ولدت الْأمة فِي يَدهَا أَو نتجت الْمَاشِيَة فنقصت من حَالهَا كَانَ الْوَلَد لَهَا دونه لِأَنَّهُ حدث فِي ملكهَا فَإِن شَاءَت أخذت أنصافها نَاقِصَة وَإِن شَاءَت أخذت أَنْصَاف قيمتهَا 762 - فِي نَفَقَة زَوْجَة العَبْد وصداقها قَالَ أَصْحَابنَا إِذا تزوج العَبْد بِإِذن مَوْلَاهُ فالمهر دين فِي عُنُقه وَيُبَاع فِيهِ الحديث: 761 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 280 إِلَّا ان يفْدِيه مَوْلَاهُ وَكَذَلِكَ النَّفَقَة وَقَالَ مَالك الْمهْر فِي ذمَّة العَبْد وَيُؤْخَذ من مَال وهب للْعَبد وَنَحْوه فَأَما عمله وخراجه فَلَا شَيْء لَهَا فِيهِ فَإِن أعتق العَبْد كَانَ ذَلِك الدّين يتبع بِهِ وَقَالَ الوزاعي الْمهْر فِي ذمَّة العَبْد إِن أعتق يَوْمًا وَقَالَ اللَّيْث الْمولى ضَامِن لنفقتها إِن لم يكن للْعَبد مَال فَإِن كَانَ فضل مَال فَلَا بَأْس أَن تَأْخُذ مِنْهُ وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا أذن لعَبْدِهِ فَتزَوج كَانَ لَهَا الصَدَاق مَتى عتق وَفِي إِذْنه لعَبْدِهِ إِذن فِي اكْتِسَاب الْمهْر وَالنَّفقَة إِذا وَجَبت عَلَيْهِ وَإِن كَانَ مَأْذُونا لَهُ فِي التِّجَارَة أعْطى مِمَّا فِي يَده قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ فِيمَا يستهلكه العَبْد من الْأَمْوَال بِغَيْر إِذن الْمولى أَنه يُبَاع فِيهِ فَوَجَبَ أَن يكون كَذَلِك مَا لزم من الْمهْر وَالنَّفقَة بِإِذن الْمولى 763 - فِي العَبْد يتَزَوَّج بِغَيْر إِذن الْمولى قَالَ أَصْحَابنَا إِذا تزوج العَبْد بِغَيْر إِذن مَوْلَاهُ وَأعْطى امْرَأَته الْمهْر فللمولى أَن يَأْخُذهُ مِنْهَا ويضمنها مَا استهلكت وَيكون مهرهَا عَلَيْهِ إِذا أعتق إِذا لم يجز النِّكَاح وَقَالَ مَالك إِذا نقدها الْمهْر فَإِن للْمولى أَن يَأْخُذ مِنْهَا ذَلِك وَيتْرك لَهَا قدر مَا يسْتَحل وَيكون الْمهْر دينا عَلَيْهِ يتبعهُ بِهِ إِذا أعتق وَقَالَ الشَّافِعِي عَلَيْهِ مهر مثلهَا إِذا عتق إِن دخل بهَا الحديث: 763 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 281 764 - إِذا تزوج على سُورَة من الْقُرْآن قَالَ أَصْحَابنَا لَا يكون تَعْلِيم السُّورَة من الْقُرْآن مهْرا وَلها مهر مثلهَا وَهُوَ قَول مَالك وَاللَّيْث وَقَالَ الشَّافِعِي يكون ذَلِك مهْرا لَهَا فَإِن طَلقهَا قبل الدُّخُول رَجَعَ عَلَيْهَا بِنصْف أجر التَّعْلِيم إِن كَانَ قد علمهَا رِوَايَة الْمُزنِيّ وَحكى الْمُزنِيّ عَنهُ أَنه يرجع عَلَيْهَا بِنصْف مهر الْمثل قَالَ أَبُو جَعْفَر مَا روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ زَوجتك بِمَا مَعَك من الْقُرْآن وعَلى مَا مَعَك من الْقُرْآن فَإِنَّمَا هُوَ على وَجه تَعْظِيم الْقُرْآن وَأَهله لَا على أَنه مهر كَمَا روى أنس أَن أَبَا طَلْحَة تزوج أم سليم على إِسْلَامه فَذكرت ذَلِك للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فحسنه وَتَعْلِيم الْقُرْآن فرض كَمَا روى عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ بلغُوا عني وَلَو آيَة فَكيف يجوز أَن يكون عوضا للبضع قَالَ أَيْضا فَإِن التَّعْلِيم قد يكون فِي قَلِيل الْمدَّة وكثيرها وَلَا اخْتِلَاف علمناه فِيمَن بَاعَ عَبده من رجل على أَن يُعلمهُ سُورَة ذكرهَا أَنه لايجوز كَذَلِك النِّكَاح الحديث: 764 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 282 765 - فِيمَن زوج ابْنه الصَّغِير وَضمن عَنهُ الْمهْر قَالَ أَصْحَابنَا إِذا زوج ابْنه الصَّغِير وَضمن عَنهُ الْمهْر جَازَ وللمرأة الْمهْر عَلَيْهِ وعَلى الابْن فَإِن أدّى الْأَب فِي حَيَاته لم يرجع على الابْن إِلَّا أَن يشهر أَنه يُؤَدِّيه ليرْجع فَيرجع وَإِن لم يؤد حَتَّى مَاتَ فللمرأة أَن تَأْخُذهُ من مَال الْأَب وَإِن شَاءَت اتبعت الابْن فَإِن أَخَذته من مَال الْأَب رَجَعَ بَقِيَّة الْوَرَثَة على الابْن بحصصهم وَقَالَ الثَّوْريّ نَحْو ذَلِك وَقَالَ مَالك إِذا زوج ابْنه الصَّغِير ولامال للِابْن فَيَمُوت الْأَب فَإِن الْمَرْأَة تَأْخُذ صَدَاقهَا من مَال الْأَب وَلَا تقاص إخْوَته بِشَيْء مِمَّا تقبض الْمَرْأَة وَقَالَ الْحسن بن حَيّ فِي الْأَب إِذا زوج ابْنه الصَّغِير وَضمن عَنهُ الْمهْر فالصداق على الْأَب دينا فِي مَاله وَلَيْسَ على الابْن من ذَلِك شَيْء وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْبُوَيْطِيّ إِذا زوج ابْنه الصَّغِير وَضمن عَنهُ وَعدم لم يرجع بِهِ عَلَيْهِ وَإِن تحمل الْأَب الصَدَاق وَجعل عَلَيْهِ فَهُوَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ على الابْن مِنْهُ شَيْء 766 - فِيمَن ضمن الصَدَاق لابنته الصَّغِيرَة قَالَ أَصْحَابنَا هُوَ جَائِز وَلَا يرجع بِهِ على الزَّوْج وَلها إِذا بلغت أَن تَأْخُذ بِهِ الْأَب إِن شَاءَت وَإِن شَاءَت الزَّوْج وَقَالَ ابْن شبْرمَة إِذا قَالَ الرجل لِابْنِهِ أَو لأَجْنَبِيّ تزوج وَعلي صداقك فَتزَوج فَهُوَ ضَامِن لصداقها إِن كَانَ مُوسِرًا وَإِن كَانَ مُعسرا فعلى الزَّوْج الحديث: 765 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 283 وَقَالَ مَالك إذازوج ابْنَته وَضمن صَدَاقهَا فَهُوَ جَائِز وَلَا يرجع بِهِ على الزَّوْج إِذا أدّى لِأَن ذَلِك صلَة مِنْهُ لَهَا وَلَا شَيْء على الزَّوْج وَإِن دخل بهَا وَمَات الضَّامِن مُفلسًا وَلم يدْخل بِالْمَرْأَةِ وَلم يدع الْمَيِّت الضَّامِن مَالا فَلَا سَبِيل للزَّوْج إِلَى الدُّخُول حَتَّى يُعْطِيهَا الْمهْر وَقَالَ الشَّافِعِي الضَّمَان جَائِز إِن كَانَ بِإِذن الزَّوْج رَجَعَ بِهِ عَلَيْهِ وَإِن كَانَ بِغَيْر إِذْنه أَو كَانَ صَغِيرا لم يرجع بِهِ عَلَيْهِ 767 - فِي الِاخْتِلَاف فِي الْمهْر إِذا اخْتلف الزَّوْجَانِ فِي الْمهْر فَالْقَوْل قَول الْمَرْأَة إِلَى مهر مثلهَا وَالْقَوْل قَول الزَّوْج فِيمَا زَاد وَإِن طَلقهَا قبل الدُّخُول فَالْقَوْل قَول الزَّوْج فِي نصف الْمهْر فِي قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَلم يذكرُوا قبل الطَّلَاق أَو بعده قبل الدُّخُول وَقَالَ أَبُو يُوسُف إِذا دخل بهَا فَالْقَوْل قَول الزَّوْج فِي الْمهْر طلق أَو لم يُطلق إِلَّا أَن يَأْتِي بِشَيْء مستنكر فَلَا يصدق وَقَالَ زفر القَوْل قَول الزَّوْج مَعَ يَمِينه الحديث: 767 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 284 وَقَالَ مَالك إِذا دخل بهَا فَالْقَوْل قَول الزَّوْج وَإِن لم يدْخل بهَا حلف الزَّوْج على مَا ادَّعَت ثمَّ فسخ النِّكَاح وَإِن كَانَ بعد الطَّلَاق فَالْقَوْل قَول الزَّوْج وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا اخْتلفَا فِي الْمهْر قبل الدُّخُول أَو بعده تحَالفا وَلها مهر مثلهَا 768 - يدْخل بِالْمَرْأَةِ قبل أَن يُعْطِيهَا شَيْئا قَالَ أَصْحَابنَا للزَّوْج أَن يدْخل بامرأته إِذا كَانَ مهرهَا مُؤَجّلا وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ مَالك لَا يدْخل بهَا حَتَّى يقدم لَهَا شَيْئا يُسمى صَدَاقا سمي أَو لم يسم وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ كَانُوا يستحبون أَن لَا يدْخل بهَا حَتَّى يقدم لَهَا شَيْئا فَإِن كَانَ قد سمى الصَدَاق فَلَا بَأْس بذلك 769 - هَل تمنع نَفسهَا بِالْمهْرِ قَالَ أَصْحَابنَا وَغَيرهم إِذا كَانَ الْمهْر حَالا فلهَا أَن تمنع نَفسهَا بِالْمهْرِ وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِن دخل بهَا بِرِضَاهَا فلهَا منع نَفسهَا بِالْمهْرِ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ إِذا دخل بهَا بِرِضَاهَا لم يكن لَهَا أَن تمنع نَفسهَا بِالْمهْرِ الحديث: 768 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 285 770 - إِذا اخْتلفَا فِي قبض الصَدَاق قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَعُثْمَان البتي وَالشَّافِعِي ّ إِذا اخْتلفَا فِي قبض الصَدَاق وَقد دخل بهَا فَالْقَوْل قَول الْمَرْأَة أَنَّهَا لم تقبض كَمَا لَو لم يدْخل بهَا وَقَالَ مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث إِذا دخل بهَا بِرِضَاهَا فَالْقَوْل قَول الزَّوْج إِنَّه قد دفع الصَدَاق وَقَالَ ابْن شبْرمَة القَوْل قَول الْمَرْأَة إِلَّا أَن يَتَطَاوَل الْأَمر وتلد أَوْلَادًا فَيكون القَوْل قَول الزَّوْج إِلَّا أَن الْأَوْزَاعِيّ قَالَ عَلَيْهَا الْبَيِّنَة إِن لم يدْفع إِلَيْهَا مَا شَرط لَهَا من عَاجل الصَدَاق وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث على الزَّوْج الْيَمين لقد أَعْطَاهَا صَدَاقهَا 771 - فِي الزَّوْجَيْنِ يموتان قَالَ أَبُو حنيفَة وَالثَّوْري إِذا مَاتَ الزَّوْجَانِ وَلم يكن سمى لَهَا لم أحكم لَهَا بِشَيْء وَقَالَ أَبُو يُوسُف يرجع إِلَى قَول وَرَثَة الزَّوْج وَقَالَ مُحَمَّد يعْتَبر مهر الْمثل وَإنَّهُ بَقِي أحد الزَّوْجَيْنِ فلهَا مهر الْمثل فِي قَوْلهم جَمِيعًا وَكَذَلِكَ إِذا سمى لَهَا وَمَاتَا جَمِيعًا فَإِنَّهَا مَا سمى لَهَا بِلَا خلاف وَقَالَ الأوازعي إِذا مَاتَ الزَّوْج فعلى الْمَرْأَة الْبَيِّنَة على الصَدَاق فَإِن الحديث: 770 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 286 لم تَجِيء بِبَيِّنَة على أصل صَدَاقهَا فعلى وَرَثَة الزَّوْج الْيَمين بِاللَّه تَعَالَى مَا علمنَا أَن لَك عَلَيْهِ من صدَاق فَإِن حلفوا فَلَا شَيْء لَهَا وَقَالَ اللَّيْث فِي الصَدَاق الْمُؤخر أما أهل الشَّام وَأهل مصر فَلَا يقضون بِهِ للْمَرْأَة إِمَّا أَن يَمُوت أَو يطلقهَا وَأما أهل الْمَدِينَة وَأهل الْعرَاق فَيَقُولُونَ مَتى قَامَت عَلَيْهِ بَيِّنَة قضى بِهِ لَهَا 772 - فِي السمعة فِي الصَدَاق بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة إِذا أعلم الشُّهُود أَن الْمهْر الَّذِي يظهره سَمعه وَأَن أصل الْمهْر كَانَ كَذَا وَكَذَا ثمَّ تزوج وأعلن الَّذِي قَالَ فَإِن الْمهْر هُوَ مهر السِّرّ والسمعة الَّتِي أظهرها بَاطِل وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَمَالك وَالثَّوْري وَاللَّيْث وَقَالَ ابْن أبي ليلى السمعة هِيَ الْمهْر وَالَّذِي أسره بَاطِل وَهُوَ قَول ابْن شبْرمَة وَالْأَوْزَاعِيّ وأختلف قَول الشَّافِعِي فَقَالَ فِي مَوضِع الْمهْر السِّرّ وَفِي مَوضِع الْمهْر مهر الْعَلَانِيَة قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّهُمَا لَو سمعا بِمِائَة دِينَار على أَن الْمهْر فِي الْحَقِيقَة ألف دِرْهَم أَنه لَا يثبت الْألف مهْرا فَإِن الحكم لما تعاقدا عَلَيْهِ التَّزْوِيج لَا لما سواهُ وَقد أختلف عَن أبي حنيفه فِي الرجلَيْن يتعاقدان بَينهمَا يبيعان عبدا بِثمن يذكرانه وَأَن ذَلِك تلجئة لَا حقيقه بَينهمَا ثمَّ تعاقدا البيع قبل أَن يبطلا مَا عَلَيْهِ تلجئة فروى مُحَمَّد فِي إمْلَائِهِ أَن البيع تلجئة فِي قَول أَصْحَابنَا جَمِيعًا الحديث: 772 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 287 وَذكر ابْن سَمَّاعَة عَن أبي يُوسُف أَن هَذَا لَا يكون تلجئة حَتَّى يَقُولَا فِي العقد قد تبايعنا هَذَا العقد تلجئة بِكَذَا وَإِذا لم يفعلا ذَلِك فَالْبيع صَحِيح 773 - فِي تعْيين الدَّرَاهِم فِي التَّزْوِيج قَالَ أَصْحَابنَا إِذا تزوج أَو بَاعَ بدارهم بِأَعْيَانِهَا أَو دَنَانِير أَو فلوس بِأَعْيَانِهَا فَلهُ أَن يُعْطي غَيرهَا وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا بَاعَ سلْعَة بِدَرَاهِم بِأَعْيَانِهَا لم يصلح ذَلِك إِلَّا أَن يشْتَرط عَلَيْهِ إِن تلفت فَعَلَيهِ بدلهَا فَإِن لم يشْتَرط عَلَيْهِ فَلَا خير فِي هَذَا البيع فَإِن وَجَبت البيع وَالنِّكَاح ثمَّ اسْتحقَّت فعلى المُشْتَرِي وَالزَّوْج مثلهَا وَلَا ينْتَقض البيع وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا بَاعَ بِدَرَاهِم بِأَعْيَانِهَا فَوَجَدَهَا زُيُوفًا ردهَا وَأخذ مثلهَا وَهُوَ قَول الْحسن بن حَيّ وَقَالَ الْحسن بن زِيَاد عَن زفر إِذا بَاعَ ألف دِرْهَم بِخَمْسِينَ دِينَارا بِأَعْيَانِهَا فَلَيْسَ لَهُ أَن يُعْطي غير الْمعِين وَإنَّهُ اسْتحقَّت بَطل الصّرْف وَقَول الشَّافِعِي كَذَلِك 774 - فِي الرجل يتَزَوَّج الْمَرْأَة على ألف على أَن ترد عَلَيْهِ عبدا قَالَ أَصْحَابنَا إِذا تزَوجهَا على ألف دِرْهَم على أَن ترد عَلَيْهِ عبدا بِعَيْنِه فَالنِّكَاح جَائِز وَيقسم الْألف على مهر مثلهَا وَقِيمَة العَبْد فَتكون حِصَّة العَبْد مهرهَا وَحِصَّة العَبْد بيعا الحديث: 773 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 288 وَقَالَ مَالك لَا يجوز هَذَا النِّكَاح وَقَالَ مَالك وَلَا يجْتَمع فِي صَفْقَة وَاحِدَة نِكَاح وَبيع وَلَا صرف وَبيع وَلَا شركَة وَبيع قَالَ مَالك إِلَّا أَن تكون الدَّرَاهِم الْيَسِيرَة الَّتِي تكون مَعَ السّلع اشْتَرَاهَا بِدَنَانِير الثُّلُث أَو النّصْف فَلَا بَأْس بذلك وَقَالَ اللَّيْث إِذا أصدقهَا أَبَاهَا على أَن تعطيه دَنَانِير مُسَمَّاة ثمَّ طَلقهَا قبل الدُّخُول فَإِنَّهُ يعْتق عَلَيْهَا أَبوهَا وَترد على زَوجهَا نصف قيمَة أَبِيهَا وتنتزع مِنْهُ مَا أَعطَتْهُ لِأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي للْمَرْأَة أَن تصدق أَبَاهَا وَقَالَ الْمُزنِيّ اخْتلف قَول الشَّافِعِي فِي الرجل يتَزَوَّج على عبد يُسَاوِي ألفا على إِن زادنه ألفا وَمهر مثلهَا يبلغ ألفا فأبطله فِي أحد قوليه وَأَجَازَهُ فِي الآخر وَجعل مَا أصَاب قدر الْمهْر من العَبْد مهرهَا وَمَا أصَاب قدر الْألف من العَبْد بيعا قَالَ الْمُزنِيّ وأشبه عِنْدِي بقوله أَن لَا يُجِيزهُ لِأَنَّهُ لَا يُجِيز البيع إِذا كَانَ فِي عقده كَذَا وَلَا الْكِتَابَة إِذا كَانَت فِي عقده بيع قَالَ أَبُو جَعْفَر من منع ذَلِك فَإِنَّمَا يمنعهُ لجَهَالَة الْحصَّة وَلَا يَخْتَلِفُونَ أَنه لَو اشْترى عبدا وشقصا من دَار إِن الشَّفِيع يَأْخُذ الشّقص بِالْحِصَّةِ وَقد جمعت الصَّفْقَة شَيْئَيْنِ لغير الْمُتَبَايعين فِي أَحدهمَا حق وَلَيْسَ لَهُ فِي الآخر حق 775 - فِيمَن ملك عبد امْرَأَته بصداقها هِشَام عَن مُحَمَّد فِي عبد تزوج امْرَأَة بِإِذن مَوْلَاهُ على ألف دِرْهَم فصالحها الْمولى على أَن يَجْعَل العَبْد لَهَا بجهازها إِن الْمَرْأَة بخيارها إِن شَاءَت الحديث: 775 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 289 أخذت العَبْد وأعطت مَوْلَاهَا ألف دِرْهَم وَإِن شَاءَت ردَّتْ العَبْد وَلَا شَيْء لَهَا وَلَو كَانَ بَاعَ العَبْد مِنْهَا بمهرها فَلَا خِيَار لَهَا وَعَلَيْهَا الْألف وَقد بَطل النِّكَاح فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا وَقَالَ مَالك إِذا تزوج العَبْد بِإِذن سَيّده على صدَاق ضمنه الْمولى ثمَّ دفع الْمولى العَبْد إِلَى الْمَرْأَة فِيمَا ضمن من الصَدَاق بِرِضَاهَا قبل أَن يدْخل بهَا فَالنِّكَاح مفسوخ وَيرد العَبْد إِلَى سَيّده وَقَالَ الشَّافِعِي فِي هَذِه الْمَسْأَلَة إِن بَاعهَا ملك الْألف بِعَينهَا وَالْبيع بَاطِل لِأَن عقد البيع وَالْفَسْخ وَقعا مَعًا وَلَو بَاعهَا بِأَلف لَا بِعَينهَا جَازَ البيع وَعَلَيْهَا الثّمن وَالنِّكَاح مفسوخ من قبلهَا وَقبل السَّيِّد قَالَ أَبُو جَعْفَر وَذَلِكَ كُله فِي حَالَة قبل الدُّخُول لأَنهم لَا يَخْتَلِفُونَ فِي أَن الرجل إِذا ابْتَاعَ زَوجته قبل الدُّخُول أَن مهرهَا يبطل وَقد خالفهم الثَّوْريّ فِي ذَلِك وَاللَّيْث فَلم يبطلا صَدَاقهَا بالابتياع وجعلاها كالمطلقة فَجعلَا لَهَا نصف الْمهْر 776 - إِذا تزوج على هذَيْن الْعَبْدَيْنِ فَإِذا أَحدهمَا حر قَالَ أَبُو حنيفَة لَيْسَ لَهَا غير العَبْد الْبَاقِي قَالَ أَبُو يُوسُف لَهَا العَبْد الْبَاقِي وَقِيمَة الْحر لَو كَانَ عبدا وَقَالَ مُحَمَّد لَهَا العَبْد إِلَّا أَن يكون مهر مثلهَا أَكثر فَيبلغ بهَا ذَلِك وَهُوَ قَول زفر وَقَالَ زفر وَكَذَلِكَ لَو كَانَ أَحدهمَا مُدبرا أَو مكَاتبا قَالَ أَبُو جَعْفَر وَيَجِيء على قِيَاس قَول مَالك فِي البيع أَن يكون الْحر إِن الحديث: 776 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 290 كَانَ وَجب الْعَبْدَيْنِ وَمن أَجله كَانَ التَّزْوِيج عَلَيْهِمَا أَن لَهَا أَن ترد الْبَاقِي ثمَّ يكون كَحكم العَبْد الْمَعِيب إِذا ردته بِالْعَيْبِ وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا تزوج امْرَأَة على دَرَاهِم وخمر فَالنِّكَاح جَائِز وَلها مهر مثلهَا 777 - فِي الْمَرِيض يضمن عَن ابْنه الْمهْر قَالَ أَصْحَابنَا إِذا زوج ابْنه الصَّغِير وَضمن الْمهْر ثمَّ مَاتَ من مَرضه فضمانه بَاطِل وَالنِّكَاح جَائِز وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ اللَّيْث وَمَالك فَإِن كَانَ للإبن مَال يُؤدى مِنْهُ الصَدَاق أَخذ مِنْهُ وَإِلَّا فسخ النِّكَاح وَلَا شَيْء عَلَيْهِ 778 - إِذا اشْترى زَوجته قبل الدُّخُول قَالَ أَصْحَابنَا قد فسد النِّكَاح وَلَا مهر عَلَيْهِ وَهُوَ قَول مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَقَالَ الثَّوْريّ وَاللَّيْث لمولاها نصف الصَدَاق قَالَ اللَّيْث وَهُوَ تَطْلِيقَة قَالَ وَلم يَخْتَلِفُوا أَنه لَو خَالع امْرَأَته الْحرَّة قبل الدُّخُول أَنه يبطل نصف الصَدَاق وَإِن كَانَ الْخلْع بهما وَأَبُو حنيفَة يُبرئهُ من ذَلِك النّصْف مَعَ وُجُوبه 779 - فِي النِّكَاح بِلَفْظ الْهِبَة قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ ينْعَقد النِّكَاح وَلها الْمهْر الْمُسَمّى وَإِن لم يسم فلهَا مهر الْمثل قَالَ مَالك فِيمَا ذكره ابْن الْقَاسِم لَا تحل لأحد بعد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِن كَانَت الحديث: 777 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 291 هِبته إِيَّاهَا لَيست على نِكَاح وَإِنَّمَا وَهبهَا لَهُ ليحضنها أوليكلفها فَلَا أرى بذلك بَأْسا وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يَصح النِّكَاح بِلَفْظ الْهِبَة 780 - فِي الدعْوَة الَّتِي يجب حُضُورهَا قَالَ أَبُو جَعْفَر لم نجد عَن أَصْحَابنَا فِي ذَلِك شَيْئا إِلَّا فِي إِجَابَة دَعْوَة وَلِيمَة الْعرس وَلَا يجب فِي غَيرهَا وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن إِجَابَة كل دَعْوَة وَاجِبَة وَقَالَ الشَّافِعِي إِجَابَة وَلِيمَة الْعرس وَاجِبَة وَلَا أرخص فِي ترك غَيرهَا من الدَّعْوَات وَمن تَركهَا لم يبن فِي أَنه عَاص كَمَا تبين فِي وَلِيمَة الْعرس الْأَعْمَش عَن شَقِيق عَن عبد الله عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أجِيبُوا الدَّاعِي وَلَا تردوا الْهَدِيَّة وَلَا تضربوا النَّاس وَهِشَام عَن مُحَمَّد عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا دعِي أحدكُم فليجب فَإِن كَانَ مُفطرا فليطعم وَإِن كَانَ صَائِما فَليصل قَالَ هِشَام وَالصَّلَاة الدُّعَاء وروى ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آتوا الدعْوَة إِذا دعيتم وَفِي لفظ آخر إِذا الحديث: 780 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 292 دعِي أحدكُم إِلَى وَلِيمَة فليأتها فَخص الْوَلِيمَة فِي هَذَا الحَدِيث وَالْحسن قَالَ دعِي عُثْمَان بن أبي العَاصِي إِلَى ختان فَأبى أَن يُجيب وَقَالَ كُنَّا على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا نأتي الْخِتَان وَلَا ندعى لَهُ وروى أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لعبد الرَّحْمَن بن عَوْف أولم وَلَو بِشَاة وَرُوِيَ عَن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَرّ الطَّعَام طَعَام الْوَلِيمَة يدعى لَهَا الْأَغْنِيَاء وَيتْرك الْفُقَرَاء وَمن لم يجب الدعْوَة فقد عصى الله وَرَسُوله وَرَوَاهُ مَالك عَن الزُّهْرِيّ فَوَقفهُ على أبي هُرَيْرَة قَالَ أَبُو جَعْفَر وَيُقَال إِن الْوَلِيمَة إِنَّمَا هِيَ طَعَام الْعرس خَاصَّة 781 - فِيمَن يحضر الْوَلِيمَة فيجد هُنَاكَ لعبا أَو مُنْكرا قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا حضر الْوَلِيمَة فيجد هُنَاكَ اللّعب فَلَا بَأْس بِأَن يقْعد فيأكل وَقَالَ عَن مُحَمَّد إِن كَانَ الرجل مِمَّا يقْتَدى بِهِ فَأحب إِلَيّ أَن يخرج وَقَالَ مَالك كَانَ اللّعب الَّذِي يكون ظَاهرا مثل الْكبر وَمثل ذَلِك فَإِنِّي أرَاهُ خَفِيفا الحديث: 781 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 293 وَقَالَ اللَّيْث إِن كَانَ فِيهِ الضَّرْب بِالْعودِ وَاللَّهْو فَلَا يَنْبَغِي أَن يشهده وَقَالَ الشَّافِعِي إِن كَانَ فِي وَلِيمَة الْعرس مُسكرا أَو خمرًا وَمَا أشبهه من الْمعاصِي الظَّاهِرَة نَهَاهُم فَإِن نَحوا ذَلِك وَإِلَّا لم أحب لَهُ أَن يجلس فَإِن علم ذَلِك عِنْدهم لم أحب أَن يُجيب 782 - فِي نهبة اللوز وَالسكر قَالَ أَبُو حنيفَة لَا بَأْس بنثر السكر والجوز واللوز فِي الْعرس والختان إِذا أذن أَهله وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَقَالَ ابْن أبي ليلى أكره نثر السكر والجوز واللوز وَيكرهُ أَن يُؤْخَذ مِنْهُ شَيْء وَقَالَ مَالك لَا يُعجبنِي ذَلِك وَكره أَن يُؤْكَل شَيْء مِمَّا يَأْخُذهُ الصّبيان اختلاسا على تِلْكَ الْحَال وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْمُزنِيّ لَو ترك كَانَ أحب إِلَيّ وَلَا يبين أَنه حرَام وَقَالَ الرّبيع عَنهُ أكرهه لمن أَخذه روى عمرَان بن حُصَيْن عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من انتهب فَلَيْسَ منا والصنابحي عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ بَايعنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أَن لَا ننتهب الحديث: 782 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 294 وروى عبد الله بن قرط عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه نحر بدنا ثمَّ قَالَ من شَاءَ اقتطع 783 - هَل ينظر إِلَى الْمَرْأَة قبل التَّزْوِيج قَالَ أَصْحَابنَا لَا ينظر من الْمَرْأَة الْحرَّة غير الْمحرم إِلَّا الْوَجْه وَالْكَفَّيْنِ وَقَالَ مَالك فِيمَا ذكر ابْن وهب عَنهُ فَإِن نظر إِلَيْهَا أَنه يكره أَن ينظر إِلَيْهَا وَإِن أَرَادَ تَزْوِيجهَا ثمَّ قَالَ بعد وَعَلَيْهَا ثِيَابهَا فَلَا بَأْس وَقَالَ الثَّوْريّ لَا بَأْس أَن ينظر الرجل إِلَى الْمَرْأَة إِذا أَرَادَ أَن يَتَزَوَّجهَا وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا أَرَادَ تَزْوِيجهَا ينظر إِلَى وَجههَا وكفيها وَهِي متغطية بِإِذْنِهَا وَغير إِذْنهَا وَلَا ينظر إِلَى مَا وَرَاء ذَلِك 784 - فِي الْقسم بَين الْحَرَائِر وَالْإِمَاء قَالَ أَصْحَابنَا وَعُثْمَان البتي وَالشَّافِعِيّ للْحرَّة الثُّلُثَانِ من الْقسم وللأمة الثُّلُث وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث يقسم بَينهمَا سَوَاء 785 - فِي الْقسم بَين الْبكر وَالثَّيِّب قَالَ أَصْحَابنَا الْقسم بَينهمَا سَوَاء وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ للبكر سبع وللثيب ثَلَاث فَإِن كَانَت لَهُ امْرَأَة أُخْرَى غير الَّتِي تزوج فَإِنَّهُ يقسم بَينهمَا بعد أَن تمْضِي أَيَّام الَّتِي تزوج الحديث: 783 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 295 وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا تزوج الْبكر على الثّيّب أَقَامَ عِنْدهَا ثَلَاثًا وَإِذا تزوج الثّيّب على الْبكر أَقَامَ عِنْدهَا لَيْلَتَيْنِ ثمَّ قسم بَينهمَا بعد وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ مَضَت السّنة أَن يجلس فِي بَيت الْبكر سبعا وَفِي الثّيّب أَرْبعا فَإِن تزوج الْبكر أَو لَهُ امْرَأَة أُخْرَى فَإِن للبكر ثَلَاث ثمَّ يقسم وَإِن تزوج الثّيّب وَله امْرَأَة كَانَ لَهَا الثُّلُثَانِ وَقَالَ أنس بن مَالك إِذا تزوج الْبكر على الثّيّب أَقَامَ عِنْدهَا سبعا ثمَّ قسم وَإِذا تزوج الثّيّب أَقَامَ عِنْدهَا ثَلَاثًا 786 - فِي فسخ النِّكَاح بِالْعَيْبِ قَالَ أَصْحَابنَا جَمِيعًا لَا يفْسخ النِّكَاح بِعَيْب بِالْمَرْأَةِ وَهُوَ قَول ابْن أبي ليلى وَأبي الزِّنَاد وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ فَإِن كَانَ الْعَيْب بِالرجلِ لم يفْسخ سأيضا فِي قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَالثَّوْري وَقَالَ مُحَمَّد إِذا وجدته على حَال لَا تطِيق الْقيام مَعَه من جذام أَو نَحوه فلهَا الْخِيَار فِي الْفَسْخ كالعنين وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك ترد الْمَرْأَة بالجنون والجذام والبرص وداء النِّسَاء الَّذِي فِي الْفرج إِذا تزَوجهَا وَهُوَ لَا يعلم بذلك فَإِذا دخل بهَا فلهَا الصَدَاق بِمَا اسْتحلَّ من فرجهَا وَرجع الزَّوْج بذلك على وَليهَا بِمَا دلّس لَهُ إِلَّا أَن يكون وَليهَا ابْن عَمها أَو مولى أَو رجلا من الْعَشِيرَة لَا علم لَهُم بِشَيْء من أمرهَا فَلَا غرم عَلَيْهِم وَأرى ذَلِك عَلَيْهَا خَاصَّة لِأَنَّهَا غرته وَيتْرك لَهَا عوضه من مسيسه إِيَّاهَا وللمرأة مثل ذَلِك إذاتزوجها الرجل وَبِه هَذِه الْأَشْيَاء فَإِن الحديث: 786 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 296 كَانَ بِالْمَرْأَةِ وَلم يدْخل بهَا حَتَّى علم فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ خلى سَبِيلهَا وَلم يكن لَهَا شَيْء من الْمهْر وَإِن شَاءَ أمسك قَالَ وَإِن وجدهَا عمياء أَو مقعدة أَو شلاء فَهُوَ مثل ذَلِك وَلَا شَيْء لَهَا عَلَيْهِ من صَدَاقهَا إِن لم يدْخل بهَا وَإِن دخل بهَا فَعَلَيهِ الْمهْر وَيرجع على الْوَلِيّ الَّذِي أنكحه وَقَالَ عُثْمَان البتي إِذا وجد بهَا جنونا أَو برصا أَو جذاما أَو عفلا وَلم يعلم بِهِ الْوَلِيّ إِنَّه إِن شَاءَ أَخذ صداقه الَّذِي أصدقهَا وَبرئ مِنْهَا وَقَالَ اللَّيْث فِي الْجُنُون والجذام والبرص وداء النِّسَاء الَّذِي يكون فِي الْفرج كَقَوْل مَالك وَكَانَ ابْن شهَاب يَقُول كل دَاء عضال وَقَالَ الشَّافِعِي يرد من الْجُنُون والجذام والبرص والقرن فَإِن كَانَ قبل الدُّخُول فَلَا شَيْء لَهَا وَإِن كَانَ بعد الدُّخُول فلهَا مهر مثلهَا بالمسيس وَلَا يرجع بِالْمهْرِ عَلَيْهَا وَلَا على وَليهَا قَالَ وَكَذَلِكَ إِن وجدت ذَلِك بِالزَّوْجِ فلهَا الْفَسْخ للنِّكَاح وَإِن كَانَ بعد فلهَا الْمهْر رُوِيَ عَن عمر بن الْخطاب أَيّمَا رجل نكح امْرَأَة بهَا جذام أَو برص أَو جُنُون فمسها فلهَا صَدَاقهَا وَذَلِكَ لزَوجهَا غرم على وَليهَا رَوَاهُ سعيد بن الْمسيب عَنهُ وروى الشّعبِيّ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنَّهَا امْرَأَته إِن شَاءَ طلق وَإِن شَاءَ أمسك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 297 قَالَ أَبُو جَعْفَر الْبيُوع يرد فِيهَا بصغير الْعُيُوب وكبيرها والأزواج لَا يردون بصغر الْعُيُوب وَكَذَلِكَ كبيرها 787 - فِي الذميين يتزوجان على خمر أَو خِنْزِير قَالَ أَبُو حنيفَة فِي الذِّمِّيّ يتَزَوَّج على خمر بِعَينهَا أَو خِنْزِير بِعَيْنِه ثمَّ أسلما أَو أسلم أَحدهمَا فَلَا شَيْء لَهَا غير ذَلِك وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَهَا مهر مثلهَا من الْوَجْهَيْنِ وَقَالَ مُحَمَّد لَهَا الْقيمَة فِي الْوَجْهَيْنِ فَإِن كَانَ ذَلِك لغير عينهَا فَفِي الْخِنْزِير مهر الْمثل وَفِي الْخمر الْقيمَة فِي قَول أبي حنيفَة وَفِي قَول أبي يُوسُف فِي جَمِيع ذَلِك مهر الْمثل وَفِي قَول مُحَمَّد الْقيمَة وَهُوَ قَول زفر وَقَالَ مَالك إِذا أسلما أحملهما على سنة الْمُسلمين فَإِن كَانَ قبل الدُّخُول فلهَا مهر مثلهَا إِن أحب وَإِلَّا فرق بَينهمَا وَلم يلْزمه شَيْء وَإِذا كَانَ دخل بهَا وقبضت الصَدَاق قبل دُخُوله بهَا كَانَ ذَلِك صَدَاقهَا وَلم يكن لَهَا على الزَّوْج شَيْء وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَهَا الْقيمَة فِي الْخمر وَالْخِنْزِير وَلم يفرق بَين الدُّخُول وَغَيره وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا لم تقبضه فمهر الْمثل وَإِن قبضت فَلَا شَيْء لَهَا غَيره قَالَ أَبُو جَعْفَر وَالْخمر وَالْخِنْزِير مَال بِدلَالَة مَا روى قُتَيْبَة بن سعيد قَالَ حَدثنَا يحي بن زَكَرِيَّا بن أبي زَائِدَة عَن اسرائيل عَن إِبْرَاهِيم بن عبد الْأَعْلَى عَن سُوَيْد بن غَفلَة قَالَ قيل لعمر بن الْخطاب إِنَّهُم يَأْخُذُونَ فِي الحديث: 787 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 298 الجزيه ثمن الْخمر والخنازير فَقَالَ عمر ولوهم إِيَّاهَا ليكونوا هم الَّذين يبيعونها خُذُوا أثمانها مِنْهُم فَقَالَ ذَلِك بِحَضْرَة الصَّحَابَة من غير خلاف وَالشَّافِعِيّ لَا يَجْعَل ذَلِك مَالا لَهُم وَلَا يُوجب على مستهلكها ضمانا للذِّمِّيّ ثمَّ قَالَ إِذا تزَوجهَا على ذَلِك وقبضت ثمَّ اسلما فَلَا شَيْء لَهَا غَيره وَلم يَجْعَلهَا بِمَنْزِلَة من لم يقبض شَيْئا فقد جعلهَا مَالا لَهُم 788 - فِيمَن تزوج أمْرَأَة فِي عدتهَا من غَيره وَدخل بهَا قَالَ أَصْحَابنَا إِذا تزوج أمْرَأَة مُعْتَدَّة من غَيره وَدخل بهَا فَفرق بَينهمَا فَإِنَّهَا إِذا انْقَضتْ عدتهَا من الأول فَلَا بَأْس على الاخر أَن يَتَزَوَّجهَا وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ مَالك اللَّيْث وَلَا بِملك الْيَمين وروى مَالك عَن ابْن شهَاب عَن سعيد بن الْمسيب وَسليمَان بن يسَار أَن طليحة نكحت فِي عدتهَا فَأتى بهَا عمر بن الْخطاب فضربها ضربات بالمخفقة وَضرب زَوجهَا وَفرق بَينهمَا وَقَالَ أَيّمَا امْرَأَة نكحت فِي عدتهَا فرق بَينهَا وَبَين زَوجهَا الَّذِي نكحت ثمَّ اعْتدت بَقِيَّة عدتهَا من الأول ثمَّ اعْتدت من الآخر وَإِن كَانَ دخل بهَا الآخر وَلم ينْكِحهَا أبدا فَإِن كَانَ لم يدْخل بهَا اعْتدت من الأول وَكَانَ الأول خاطبا من الْخطاب الحديث: 788 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 299 قَالَ أَبُو جَعْفَر وَحدثنَا يحي بن عُثْمَان قَالَ حَدثنَا نعيم قَالَ حَدثنَا ابْن الْمُبَارك قَالَ حَدثنَا أَشْعَث عَن الشّعبِيّ عَن مَسْرُوق قَالَ بلغ عمر أَن امْرَأَة من قُرَيْش تزَوجهَا رجل من ثَقِيف فِي عدتهَا فَأرْسل إِلَيْهَا فَفرق بَينهمَا وعاقبهما وَقَالَ لَا ينْكِحهَا أبدا وَجعل الصَدَاق فِي بَيت المَال وفشى ذَلِك فِي النَّاس فَبلغ عليا فَقَالَ رحم الله أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ مَا بَال الصَدَاق فِي بَيت المَال إنَّهُمَا جهلا فَيَنْبَغِي للْإِمَام أَن يردهم إِلَى السّنة قيل فَمَا تَقول أَنْت فيهمَا قَالَ لَهَا الصَدَاق بِمَا اسْتحلَّ من فرجهَا وَيفرق بَينهمَا وَلَا جلد عَلَيْهِمَا وتكمل عدتهَا من الأول ثمَّ تكمل الْعدة من الآخر ثمَّ يكون خاطبا فَبلغ ذَلِك عمر بن الْخطاب فَخَطب النَّاس فَقَالَ يَا أَيهَا النَّاس ردوا الجهالات إِلَى السّنة وَقد اتّفق الْعلمَاء على أَنه لَو زنى بهَا لم يحرم ذَلِك تَزْوِيجهَا فَكَذَلِك وَطئه إِيَّاهَا فِي الْعدة 789 - فِي الْعدة من اثْنَيْنِ قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك رِوَايَة ابْن الْقَاسِم وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ إِذا وَجَبت عَلَيْهَا الْعدة من رجلَيْنِ فَإِن عدَّة وَاحِدَة تكون لَهما جَمِيعًا سَوَاء كَانَت الْعدة بِالْحملِ أَو بِالْحيضِ أَو بالشهور وَقَالَ الْحسن بن حَيّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ تَعْتَد لكل عدَّة مُسْتَقْبلَة وروى أَبُو الزِّنَاد عَن سُلَيْمَان بن يسَار عَن عمر فِي الَّتِي تزوجت فِي الْعدة أمرهَا أَن تَعْتَد مِنْهُمَا وَظَاهره يَقْتَضِي أَن يكون عدَّة وَاحِدَة مِنْهُمَا الحديث: 789 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 300 وروى الزُّهْرِيّ عَن سُلَيْمَان بن يسَار أَنه قَالَ تَعْتَد عدتهَا من الأول ثمَّ تَعْتَد من الآخر عدَّة كَامِلَة فَوَجَبَ أَن يحمل مَعْنَاهُ على بَقِيَّة الْعدة ليُوَافق حَدِيث أبي الزِّنَاد قَالَ وَلما اتَّفقُوا أَن الأول لَو أَرَادَ تَزْوِيجهَا قبل انْقِضَاء عدته مِنْهَا أَنه لايجوز لَهَا ذَلِك علمنَا أَنَّهَا فِي عدَّة من الثَّانِي لِأَن الْعدة مِنْهُ لَا تمنع تَزْوِيجهَا فَإِن قيل منع من ذَلِك لِأَن الْعدة مِنْهُ يتلوها عدَّة من غَيره قيل لَهُ فقد يجوز أَن يَتَزَوَّجهَا ثمَّ تَمُوت هِيَ قبل بُلُوغهَا مَوضِع الِاعْتِدَاد من الثَّانِي 790 - فِيمَن تزوجت فِي الْعدة فَجَاءَت بِولد قَالَ مُحَمَّد فِي الْإِمْلَاء فِي امْرَأَة تزوجت رجلا فِي عدتهَا فَجَاءَت بِولد قَالَ وَإِن جَاءَت بِهِ لأَقل من سنتَيْن مُنْذُ طَلقهَا الأول كَانَ ابْن الأول وَإِن جَاءَت بِهِ لأكْثر من سنتَيْن مُنْذُ طَلقهَا الأول فَإِن كَانَ لسِتَّة أشهر مُنْذُ دخل بهَا الثَّانِي فَلَيْسَ بِابْن للْأولِ وَلَا للْآخر وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد وَقَالَ مَالك إِن دخل بهَا الثَّانِي قبل أَن تحيض حَيْضَة أَو حيضتين فَالْوَلَد للْأولِ إِذا جَاءَت بِهِ لَهما لأَقل من سِتَّة أشهد مُنْذُ دخل بهَا الثَّانِي فَإِن ادعياه الحديث: 790 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 301 فَهُوَ للْأولِ وَإِن نفياه فَهُوَ للْأولِ فَإِن انْتَفَى مِنْهُ الأول وادعاه الآخر فَهُوَ للْآخر وَقَالَ الشَّافِعِي إِن جَاءَت بِهِ لأَقل من سِتَّة أشهر مُنْذُ نَكَحَهَا الآخر فَهُوَ من الأول وَإِن جَاءَت بِهِ لأكْثر من أَربع سِنِين مُنْذُ فَارقهَا الأول ولأقل من سِتَّة أشهر مُنْذُ نَكَحَهَا الثَّانِي فَلَيْسَ للْأولِ وَلَا للثَّانِي وَإِن كَانَ لسِتَّة أشهر إِلَى أقل من أَربع سِنِين مُنْذُ فَارقهَا الأول دعى لَهُ الْقَافة قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا معنى لاعْتِبَار الْحيض لاتفاقهم على أَنَّهَا لَو لم تَحض أوحاضت وَجَاءَت بِولد لمُدَّة يلْزم فِي مثلهَا للَزِمَ الزَّوْج إِذا لم تكن تزوجت فَكَانَ وجود الْحَيْضَة فِي ذَلِك وَعدمهَا سَوَاء كَذَلِك إِذا تزوجت فِي الْعدة 791 - فِي الْمُعْتَدَّة فِي النِّكَاح الْفَاسِد قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ إِذا وَجَبت عَلَيْهَا عدَّة من نِكَاح فَاسد أَو جَائِز فللذي تَعْتَد مِنْهُ أَن يَتَزَوَّجهَا إِذا لم تكن مُعْتَدَّة من غَيره وَقَالَ مَالك كل وَطْء كَانَ فَاسِدا يلْحق فِيهِ الْوَلَد فَفرق بَينهمَا فَلَا يَتَزَوَّجهَا حَتَّى تَنْقَضِي عدتهَا وَإِن كَانَ مَا فِي بَطنهَا يثبت نسبه مِنْهُ فَلَا يَطَأهَا فِي تِلْكَ الْعدة قَالَ أَبُو جَعْفَر لم يَخْتَلِفُوا فِي الْعدة من النِّكَاح الصَّحِيح أَنَّهَا لَا تمنع تَزْوِيجه كَذَاك من الْفَاسِد إِلَّا شَيْء يرويهِ قَتَادَة عَن خلاس عَن عَليّ الحديث: 791 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 302 792 - فِي الزَّوْج الْعنين يَدعِي الْجِمَاع بعد الْأَجَل قَالَ أَصْحَابنَا إِذا أجل الْعنين سنة ثمَّ ادّعى بعد الْأَجَل أَنه قد وصل إِلَيْهَا فَإِن كَانَت بكرا فِي الأَصْل نظر إِلَيْهَا النِّسَاء فَإِن قُلْنَ هِيَ بكر خيرت وَإِن قُلْنَ هِيَ ثيب فَالْقَوْل قَول الزَّوْج وَلَا خِيَار لَهَا وَإِن كَانَت ثَيِّبًا فِي الأَصْل فَالْقَوْل قَوْله أَنه وصل إِلَيْهَا وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ مَالك فِي الْبكر وَالثَّيِّب القَوْل قَوْله رَوَاهُ ابْن الْقَاسِم وَقَالَ الْمعَافي عَن الثَّوْريّ إِذا لم يصل إِلَيْهَا فرافعته إِلَى القَاضِي وَهِي بكر أَجله سنة من يَوْم رافعته إِلَى القَاضِي فَإِن وصل إِلَيْهَا وَإِلَّا فرق بَينهمَا وَإِن كَانَ لَهَا الْمهْر وَإِن كَانَت ثَيِّبًا لم يُؤَجل إِذا ادّعى أَنه يَأْتِيهَا وَلَكِن يُؤْخَذ يَمِينه وتقيم عِنْده وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا قَالَت مَا وطئني حضر امْرَأَتَانِ فِي بَيت وَأمر بغشيانه أَهله وَبَينه وَبَينهمَا بَاب فَإِذا فرغ نظرتا فَإِن وجدتا مَاءَهُ فِي دَاخل فرجهَا فقد صدق وَإِلَّا فرق بَينهمَا واعتدت وَقَالَ الْحسن بن حَيّ لَا ألزمهُ أَنه عنين حَتَّى يتصادقا وَقَالَ اللَّيْث يختبران بصفرة الورس وَغَيره فتجعل ذَلِك فِي الْمَرْأَة إِذا لم تكن بكرا ثمَّ ينظر إِلَيْهِ فَإِن كَانَ بِهِ أثر تِلْكَ الصُّفْرَة أقرَّت تَحْتَهُ وَإِن لم ير فِيهِ شَيْء من ذَلِك فرق بَينهمَا وَعرفت أَنه لَا يستطيعها الحديث: 792 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 303 793 - فِي فرقة الْعنين هَل هِيَ طَلَاق قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالثَّوْري هِيَ تَطْلِيقَة بَائِنَة وَقَالَ الْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ لَيست بِطَلَاق قَالَ أَبُو جَعْفَر هِيَ وَاقعَة بِسَبَب من الزَّوْج فَصَارَت كالمحيرة 794 - فِي مُدَّة أجل الْعنين لَا فرق بَين أَصْحَابنَا بَين الْحر وَالْعَبْد إِذا ادَّعَت امْرَأَته أَنه لَا يصل إِلَيْهَا ويؤجلان سنة وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ مَالك العَبْد يُؤَجل نصف أجل الْحر سِتَّة أشهر فَإِذا فقد عَن زَوجته ضرب لَهُ أجل سنتَيْن نصف أجل الْحر 795 - فِيمَن وجد طولا إِلَى الْحرَّة قَالَ أَصْحَابنَا للرجل أَن يتَزَوَّج أمة إِذا لم يكن تَحْتَهُ حرَّة وَإِن وجد طولا إِلَى الْحرَّة وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا خشِي على نَفسه فِي الْمَمْلُوكَة فَلَا بَأْس بِأَن يَتَزَوَّجهَا وَإِن كَانَ مُوسِرًا وَقَالَ أبويوسف فِي قَوْله عز وَجل {وَمن لم يسْتَطع مِنْكُم طولا} النِّسَاء 25 هُوَ أَن يكون تَحْتَهُ حرَّة الحديث: 793 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 304 وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ وَالْأَوْزَاعِيّ الطول المَال فَإِذا وجد طولا إِلَى الْحرَّة لَا يتَزَوَّج أمة فَإِن لم يجد طولا لم يَتَزَوَّجهَا أَيْضا حَتَّى يخْشَى الْعَنَت على نَفسه قَالَ أَبُو جَعْفَر الطول الْوُجُود وَالْقُدْرَة قَالَ الله تَعَالَى {شَدِيد الْعقَاب ذِي الطول} غَافِر 3 يَعْنِي ذِي الْقُدْرَة فَوَجَبَ أَن يكون الْمَعْنى وجود ملك بضع الْأمة لِأَنَّهُ لَو كَانَ المَال الْوَاجِب أَن لَو كَانَ لَهُ مَال فِي مَوضِع لَا يجد حرَّة يَتَزَوَّجهَا أَن لَا يتَزَوَّج أمة وَإِن خشِي الْعَنَت وَقد اتَّفقُوا أَنه يتَزَوَّج وَلَو كَانَ لَهُ امْرَأَة حرَّة وَبَينه وَبَينهَا مَسَافَة بعيدَة لم يتَزَوَّج أمة وَإِن لم يجد مَالا فَعلمنَا أَن الطول هُوَ كَون الْبضْع فِي ملكه 796 - فِيمَن تزوج أمة وَتَحْته حرَّة قَالَ أَصْحَابنَا لَا يجوز لَهُ أَن يتَزَوَّج أمة وَتَحْته حرَّة وَلَا يَصح نِكَاح الْأمة وَلَا فرق بَين إِذن الْحرَّة وَغير إِذْنهَا وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ مَالك فِيمَا روى ابْن وهب عَنهُ لَا بَأْس أَن يتَزَوَّج الرجل الْأمة على الْحرَّة والحرة بِالْخِيَارِ وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَنهُ فِي الْأمة تنْكح على الْحرَّة أرى أَن يفرق بَينهمَا ثمَّ رَجَعَ وَقَالَ تخير الْحرَّة إِن شَاءَت أَقَامَت وَإِن شَاءَت فَارَقت قَالَ وَسُئِلَ مَالك عَن رجل تزوج أمة وَهُوَ مِمَّن لَا يجد الطول قَالَ أرى أَن يفرق بَينهمَا فَقيل لَهُ فَإِنَّهُ يخَاف الْعَنَت قَالَ السَّوْط يضْرب بِهِ ثمَّ خففه بعد ذَلِك الحديث: 796 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 305 قَالَ وَقَالَ مَالك وَإِذا تزوج العَبْد أمة على حرَّة فَلَا خِيَار للْحرَّة لِأَن الْأمة من نِسَائِهِ وَقَالَ عُثْمَان البتي لَا بَأْس أَن يتَزَوَّج الرجل الْأمة على الْحرَّة 797 - فِيمَن تزوج أمة وحرة فِي عقدَة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا تزوج بهما فِي عقدَة جَازَ نِكَاح الْحرَّة وَبَطل نِكَاح الْأمة وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ مَالك فِيمَا ذكره ابْن الْقَاسِم عَنهُ يفْسخ نِكَاح الْأمة وَيثبت نِكَاح الْحرَّة ثمَّ رَجَعَ فَقَالَ إِن كَانَت الْحرَّة علمت بالأمة فَالنِّكَاح ثَابت يَعْنِي نِكَاح الْحرَّة وَالْأمة وَلَا خِيَار للْحرَّة وَإِن كَانَت لم تعلم فلهَا أَن تُفَارِقهُ 798 - فِي تَزْوِيج الْأمة الْكِتَابِيَّة قَالَ أَصْحَابنَا يجوز نِكَاح الْأمة الْكِتَابِيَّة وَقَالَ أَبُو يُوسُف أكرهه إِن كَانَ مَوْلَاهَا كَافِرًا وَالنِّكَاح جَائِز وَقَالَ الثَّوْريّ أكرهه وَقَالَ مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ لَا يجوز النِّكَاح 799 - فِي الْعَزْل عَن الْأمة وَالزَّوْجَة قَالَ أَصْحَابنَا الْإِذْن فِي الْعَزْل عَن الزَّوْجَة الْأمة إِلَى مَوْلَاهَا وَهُوَ قَول مَالك الحديث: 797 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 306 وَعَن الثَّوْريّ رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا لَا يعْزل عَنْهَا إِلَّا بأمرها وَالْأُخْرَى إِلَّا بِأَمْر مَوْلَاهَا وَقَالَ الشَّافِعِي لَهُ أَن يعْزل عَن الْأمة الزَّوْجَة وَلَا يعْزل عَن الْحرَّة إِلَّا بِإِذْنِهَا 800 - فِي كَيْفيَّة الْمُتْعَة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا تزَوجهَا عشرَة أَيَّام فَهُوَ بَاطِل وَلَا نِكَاح بَينهمَا وَهَذِه مُتْعَة وَهُوَ قَول مَالك وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ قَالَ زفر النِّكَاح جَائِز وَالشّرط بَاطِل وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَلَو تزوج امْرَأَة وَمن نِيَّته أَن يطلقهَا وَلَيْسَ ثمَّ شَرط فَلَا خِيَار فِي هَذَا هَذَا مُتْعَة قَالَ أَبُو جَعْفَر حَدثنَا عَليّ بن معبد قَالَ حَدثنَا الْوَلِيد بن الْقَاسِم بن الْوَلِيد قَالَ حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد عَن قيس بن أبي حَازِم عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ كُنَّا نغزو مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَيْسَ لنا نسَاء فَقُلْنَا يَا رَسُول الله أَلا نستخصي فنهانا عَن ذَلِك وَرخّص لنا أَن ننكح بِالثَّوْبِ إِلَى أجل ثمَّ قَرَأَ {لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله} لكم فَأخْبر أَن الْمُتْعَة كَانَت نِكَاحا إِلَى أجل الحديث: 800 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 307 801 - كم يتَزَوَّج العَبْد قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ لَا يتَزَوَّج العَبْد أَكثر من امْرَأتَيْنِ وَقَالَ مَالك يتَزَوَّج العَبْد أَربع نسْوَة قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ أَن طَلَاق العَبْد لزوجته تَطْلِيقَتَانِ كالحد على النّصْف مِمَّا على الْحر فَكَذَلِك الْعدَد 802 - الْجمع بَين الْمَرْأَة وَزَوْجَة أَبِيهَا قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ لَا بَأْس بِأَن يجمع الرجل بِامْرَأَة وَابْنَة زوج كَانَ لَهَا قبله وَقَالَ ابْن أبي ليلى لَا يجوز هَذَا النِّكَاح قَالَ أَبُو جَعْفَر روى أَن عبد الله بن جَعْفَر جمع بَين ابْنة عَليّ وَبَين امْرَأَة عَليّ رَضِي الله عَنهُ وَجمع عبد الله بن صَفْوَان بَين امْرَأَة رجل وبنته وَعَن سُلَيْمَان بن يسَار وَابْن سِيرِين وَرَبِيعَة جَوَاز ذَلِك وروى هِشَام عَن مَنْصُور عَن الْحسن أَنه كَانَ يكره أَن يجمع الرجل بَين بنت الرجل وإمرأته الحديث: 801 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 308 803 - فِي الزِّنَا هَل يحرم على الْأُم وَالْبِنْت قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ إِذا زنى بِأم امْرَأَته حرمت عَلَيْهِ امْرَأَته وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك لَا تحرم بِالزِّنَا وَيحرم أَن يَتَزَوَّجهَا وَذكر ابْن الْقَاسِم عَن مَالك أَنه إِذا زنى بِأم امْرَأَته فَارق امْرَأَته وَقَالَ عُثْمَان البتي فِي الرجل يَزْنِي بِأم امْرَأَته قَالَ حرَام لَا يحرم حَلَالا وَلكنه إِن زنى بِالْأُمِّ قبل أَن يتَزَوَّج الْبِنْت أَو زنى بالبنت قبل أَن يتَزَوَّج الْأُم فقد حرمتا وَقَالَ الشَّافِعِي لَا تحرم عَلَيْهِ امْرَأَته وَقَالَ أَبُو جَعْفَر لَا فرق بَين الْمُسْتَقْبل والمستدبر فِيمَا يُوجب التَّحْرِيم كإرضاع 804 - فِي اللَّمْس هَل يحرم قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري إِذا لمسها لشَهْوَة حرمت عَلَيْهِ أمهَا وبنتها وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَمَالك وَالشَّافِعِيّ ثمَّ اخْتلفُوا فِي النّظر فَقَالَ أَصْحَابنَا إِذا نظر إِلَى فرجهَا بِشَهْوَة كَانَت بِمَنْزِلَة اللَّمْس بِشَهْوَة وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا نظر إِلَى فرجهَا مُتَعَمدا وَلم يذكر الشَّهْوَة وَقَالَ مَالك إِذا نظر إِلَى شعر جَارِيَته أَو صدرها أوساقها أوشيء من محاسنها تلذذا حرمت عَلَيْهِ أمهَا وبنتها الحديث: 803 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 309 وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَالشَّافِعِيّ لَا يحرم بِالنّظرِ حَتَّى يلمس وَقد روى التَّحْرِيم بِالنّظرِ عَن عَامر بن ربيعَة ومسروق وَالتَّحْرِيم باللمس عَن إِبْرَاهِيم وَمُجاهد وَالقَاسِم 805 - فِي الْمكَاتب يَشْتَرِي زَوجته قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اشْترى الْمكَاتب زَوجته فَالنِّكَاح جَائِز وَرُوِيَ عَن أبي يُوسُف أَن النِّكَاح ينْتَقض وَهُوَ قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ 806 - فِي الْمَرْأَة تملك زَوجهَا قَالَ أَصْحَابنَا إِذا ملكت زَوجهَا بَطل النِّكَاح وَلم يكن ذَلِك طَلَاقا وَهُوَ قَول مَالك وَالثَّوْري وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ هُوَ طَلَاق وَقَالَ اللَّيْث إِذا ملكته فَإِنَّهُ يُبَاع عَلَيْهَا وَلَا يتْرك مَمْلُوكا لَهَا وَكَانَ يَطَأهَا قبل ذَلِك 807 - فِيمَن تزوج امْرَأَة وَشرط لَهَا دارها قَالَ أَصْحَابنَا إِذا تزَوجهَا على أَن لَا يُخرجهَا من بَلَدهَا أَو من دارها فَالنِّكَاح جَائِز وَالشّرط غير ثَابت فَإِن كَانَ سمى لَهَا أقل من مهر الْمثل ثمَّ لم يَفِ لَهَا كَمَال مهر الْمثل وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ الثَّوْريّ الْأَحْسَن أَن يَفِي لَهَا ويخرجها إِن شَاءَ وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك إِن هَذَا الشَّرْط لَيْسَ بِشَيْء وَله أَن يخرج بهَا الحديث: 805 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 310 وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا شرطت عَلَيْهِ أَن لَا يُخرجهَا إِلَّا بِرِضَاهَا ورضى أَبِيهَا لم يُخرجهَا حَتَّى يرضيا وَإِن كَانَ رِضَاهَا وَحدهَا فَلهُ أَن يخرج بهَا إِن رضيت وَقَالَ ابْن شبْرمَة وَالْأَوْزَاعِيّ لَهَا شَرطهَا وَعَلِيهِ أَن يَفِي لَهَا وَقَالَ ابْن شبْرمَة لِأَنَّهُ قد شَرط لَهَا حَلَالا وَهُوَ قَول ابْن شُرَيْح وروى عبد الرَّحْمَن بن غنم عَن عمر بن الْخطاب أَنه قضى فِي امْرَأَة يشْتَرط لَهَا زَوجهَا أَن لَا يُخرجهَا من منزلهَا ثمَّ بدا لَهُ أَن ينْتَقل إِلَى بلد آخر فَقضى عمر أَن الْمَرْأَة مَعَ زَوجهَا وروى ابْن أبي ليلى عَن الْمنْهَال بن عَمْرو عَن عباد بن عبد الله الْأَسدي عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ إِذا شَرط الرجل للْمَرْأَة دارها فَشرط الله قبل شَرطهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 311 قَالَ أَبُو جَعْفَر وَقَالَ النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي قصَّة بُرَيْدَة كل شَرط لَيْسَ فِي كتاب الله فَهُوَ بَاطِل وَمَعْنَاهُ لَيْسَ فِي حكم الله وَلَا فِي حكم رَسُوله وَلَا فِيمَا دلنا عَلَيْهِ وَاحِد مِنْهُمَا لُزُوم هَذَا الشَّرْط فَبَطل 808 - فِي الْمولى يُزَوّج أم الْوَلَد قَالَ أَصْحَابنَا وَاللَّيْث يُزَوّج أم وَلَده وَذكر ابْن الْقَاسِم عَن مَالك أكره للرجل أَن يُزَوّج أم وَلَده وَلكنه بعد حَيْضَة جَائِز التَّزْوِيج وَإِن زَوجهَا قبل أَن يَسْتَبْرِئهَا بِحَيْضَة كَانَ النِّكَاح بَاطِلا وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْقَدِيم لَا يُزَوّج أم الْوَلَد إِلَّا بِإِذْنِهَا وَقَالَ فِي غَيره هِيَ كالمملوكة فِي جَمِيع أَحْكَامهَا غير أَنَّهَا لَا تبَاع 809 - فِي تَزْوِيج الْمَمْلُوك قَالَ أَصْحَابنَا للْمولى أَن يُزَوّج عَبده وَأمته بِغَيْر أذنهما وَذكر أَبُو جَعْفَر عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة أَنه لَا يُزَوّج العَبْد إِلَّا بِإِذْنِهِ ويزوج الْأمة بِغَيْر إِذْنهَا وروى نَحوه عَن الْحسن بن حَيّ وَقَالَ الثَّوْريّ يزوجهما بِغَيْر إذنهما وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك يكره الرجل أمته وَغُلَامه على النِّكَاح وَلَا ينْكح أمته إِلَّا بِمهْر يدْفع إِلَيْهَا فيستحل بِهِ فرجهَا وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك لَا يُزَوّج أمته من عَبده الْأسود لأمة كره لَهُ إِلَّا الحديث: 808 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 312 أَن يكون على وَجه الصّلاح يُرِيد بِهِ عفة الْغُلَام وَمَا كَانَ مِنْهُ على وَجه الضَّرَر لِلْجَارِيَةِ لم يجز وَمَا لم يكن ضَرَر فَهُوَ جَائِز وَقَالَ الرّبيع عَن الشَّافِعِي قَالَ وَإِن أكره السَّيِّد عَبده على النِّكَاح فَهُوَ مفسوخ وَلَيْسَ لَهُ أَن يكره أمته على أحد بِهِ شَيْء من هَذِه الأدواء يَعْنِي لجنون والجذام والبرص بِنِكَاح وَله أَن يَهَبهَا لكل وَاحِد مِنْهُم وَبَيْعهَا مِنْهُم 810 - فِي الْكَبِيرَة ترْضع الصَّغِيرَة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا كَانَ لَهُ امْرَأَتَانِ رضيعة وكبيرة فأرضعت الْكَبِيرَة الصَّغِيرَة قبل الدُّخُول وَهِي لَا تعلم أَن الصَّغِيرَة امْرَأَته فعلى الزَّوْج نصف الْمهْر للصغيرة وَلَا يرجع على الْكَبِيرَة إِلَّا أَن تكون تَعَمّدت الْفساد فَيرجع عَلَيْهَا وَلَا شَيْء للكبيرة بِحَال وَقَالَ الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ يغرم الزَّوْج للصغيرة نصف الْمهْر وَيرجع بِهِ على الْكَبِيرَة تَعَمّدت الْفساد أَو لم تتعمده وَقَالَ الشَّافِعِي يغرم نصف الْمهْر وَيرجع على الْمُرضعَة بِنصْف صدَاق مثلهَا لِأَن كل من أفسد شَيْئا ضمن قيمَة مَا أفسد خطأ كَانَ أَو عمدا قَالَ مَالك إذاتزوج صَغِيرَة فأرضعتها أمه أَو أُخْته وَقعت الْفرْقَة وَلَا شَيْء على الَّتِي أرضعت لِأَنَّهُ لم يُطلق وَقَالَ أَبُو جَعْفَر لم تكن الْفرْقَة من جِهَتهَا وَإِنَّمَا كَانَت من جِهَة الْمُرضعَة فَلَا يسْقط من مهرهَا إِلَّا مَا يسْقط بِالطَّلَاق إِذا لم تكن الْفرْقَة من جِهَتهَا أَلا ترى أَنَّهَا لَو مَاتَت لم يبطل مهرهَا الحديث: 810 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 313 810 - ب فِيمَن أرضعت صبيتين تَحت رجل قَالَ أَصْحَابنَا إِذا كَانَ تَحْتَهُ رضيعتان فأرضعتهما أَجْنَبِيَّة إِحْدَاهمَا قبل الْأُخْرَى حرمتا عَلَيْهِ وَلكُل وَاحِدَة نصف مهر وَيرجع بِهِ الزَّوْج على الَّتِي أرضعت إِن تَعَمّدت الْفساد وَقَالَ ابْن الْقَاسِم فِي قِيَاس قَول مَالك إِذا أرضعت إِحْدَاهمَا ثمَّ الْأُخْرَى أَنه يُقَال للزَّوْج اختر أَيَّتهمَا شِئْت فاحبسها وخل الْأُخْرَى لِأَن هَذِه الْحُرْمَة طرأت على نِكَاح صَحِيح وَلَيْسَت فِي حكم من تزوج أُخْتَيْنِ مَعًا وَقَالَ اللَّيْث إِذا تزوج امْرَأَة ثمَّ تزوج عَلَيْهَا صبية صَغِيرَة فأرضعتها الْمَرْأَة لتحرمها عَلَيْهِ فَإِن الصَّغِيرَة تحرم عَلَيْهِ وَيُقِيم مَعَ الأولى إِلَّا أَن تطلق الأولى قبل أَن يَمَسهَا وَيُقِيم مَعَ الصَّغِيرَة وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الصبيتين إِذا أرضعتهما امْرَأَة إِحْدَاهمَا بعد الْأُخْرَى فسد نِكَاح الْأَخِيرَة وَثَبت نِكَاح الأولى كمن تزوج امْرَأَة على أُخْتهَا قَالَ وَلَو أرضعتهما مَعًا فسد نِكَاحهمَا 811 - فِي حد الرَّضَاع الْمحرم وَوَقته قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ قَلِيل الرَّضَاع وَكَثِيره يحرم فِي المهد وَقَالَ اللَّيْث اجْتمع الْمُسلمُونَ فِي ان قَلِيل الرَّضَاع وَكَثِيره يحرم فِي المهد مَا يفْطر الصَّائِم وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يحرم الرَّضَاع إِلَّا خمس رَضعَات متفرقات وَقَالَ أَبُو حنيفَة مَا كَانَ من رضَاع فِي الْحَوْلَيْنِ وَبعده لسِتَّة أشهر وَقد فطم أَو لم يفطم الحديث: 811 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 314 وَقَالَ زفر مَا دَامَ يجترئ اللَّبن وَلم وَيطْعم فَهُوَ رضَاع وَإِن أَتَى عَلَيْهِ ثَلَاث سِنِين وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالثَّوْري يحرم مَا كَانَ من الْحَوْلَيْنِ وَلَا يحرم بعدهمَا وَلَا يعْتَبر الْفِطَام إِنَّمَا يعْتَبر الْوَقْت وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك قَلِيل الرَّضَاع وَكَثِيره يحرم فِي الْحَوْلَيْنِ وَمَا كَانَ بعد الْحَوْلَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يحرم قَلِيله وَلَا كَثِيره وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك الرَّضَاع حولان وَشهر وشهرين بعد الْحَوْلَيْنِ وَقَالَ إِن فصلته قبل الْحَوْلَيْنِ وأرضعته بعد تَمام الْحَوْلَيْنِ وَهُوَ فطيم فَإِن ذَلِك لَا يكون رضَاعًا إِذا كَانَ قد اسْتغنى قبل ذَلِك عَن الرَّضَاع فَلَا يكون بعده رضَاعًا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا فطم لسنة وَاسْتمرّ فطامه فَلَيْسَ بعده رضَاع لَو أرضع ثَلَاث سِنِين لم يفطم لم يكن رضَاعًا بعد الْحَوْلَيْنِ وَقَالَ اللَّيْث فِيمَا ذكره عَنهُ أَبُو صَالح أَن امْرَأَة جَاءَتْهُ فَقَالَت إِنِّي أُرِيد الْحَج وَلَيْسَ معي محرم فَقَالَ اذهبي إِلَى امْرَأَة رجل ترضعك فَيكون زَوجهَا أَبَا لَك فتحجين مَعَه وروى ابْن وهب أَيْضا عَن اللَّيْث أَنه قَالَ أَنا أكره رضَاع الْكَبِير أَن أحل مِنْهُ شَيْئا قَالَ أَبُو جَعْفَر روى فِي قصَّة سهلة بنت سُهَيْل وَفِي إرضاعها سالما مولى أبي حُذَيْفَة وَهُوَ رجل أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَهَا بإرضاعه خمس رَضعَات وَكَانَت عَائِشَة تَقول بذلك رَوَاهُ الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة وَأمرت سَائِر أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يَأْخُذن بِذَاكَ وَقد روى قُتَيْبَة بن سعيد وَأَبُو كَامِل قَالَا حَدثنَا أَبُو عوَانَة عَن هِشَام بن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 315 عُرْوَة عَن أَبِيه عَن فَاطِمَة بنت الْمُنْذر عَن أم سَلمَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا كرم من الرَّضَاع إِلَّا مَا فتق الأمعاء وَكَانَ قبل الطَّعَام رَوَاهُ سهل بن بكار عَن أبي عوَانَة بِإِسْنَادِهِ فأوقفه على أم سَلمَة قَالَ أَبُو جَعْفَر وَمن وَصله أولى لِأَنَّهُ لَيْسَ بِدُونِ قطعه وَلَو تفرد بِزِيَادَة كَانَ مَقْبُولًا وَقد روى عَن عَليّ وَعمر وَعبد الله وَأبي هُرَيْرَة لَا رضَاع بعد فطام وَقد رَوَت عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا الرَّضَاع من المجاعة ووأمااعتبار الشَّافِعِي للخمس فَإِنَّهُ ذهب إِلَى مَا روى مَالك عَن عبد الله بن أبي بكر عَن عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت كَانَ فِيمَا أنزل الله فِي الْقُرْآن عشر رَضعَات مَعْلُومَات يحرمن ثمَّ نسخن بِخمْس مَعْلُومَات فَتوفي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ فِيمَا يقْرَأ من الْقُرْآن قَالَ أَبُو جَعْفَر وَهَذَا حَدِيث مُنكر لِأَنَّهُ لَو جَازَ أَن يكون قُرْآنًا غير مَا فِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 316 الْمُصحف لجَاز أَن يكون لبَعض مَا فِي أَيْدِينَا من الْقُرْآن مَنْسُوخا بِمَا لَيْسَ فِي أَيْدِينَا مِنْهُ وَقد روى الْقَاسِم بن مُحَمَّد وَيحيى بن سعيد عَن عمْرَة عَن عَائِشَة قَالَت نزل من الْقُرْآن لَا يحرم إِلَّا عشر رَضعَات ثمَّ نزل بعد اَوْ خمس رَضعَات وَقد رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تحرم المصة ولاالمصتان بِإِسْنَاد مُضْطَرب لِأَن يُونُس يرويهِ عَن ابْن شهَاب عَن عُرْوَة عَن ابْن الزبير عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيَرْوِيه مرّة عَن ابْن شهَاب عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد روى مَالك عَن إِبْرَاهِيم بن عقبَة أَنه سَأَلَ سعيد بن الْمسيب عَن الرضَاعَة فَقَالَ مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ وَإِن كَانَ قَطْرَة وَاحِدَة فَهُوَ يحرم ثمَّ سَأَلت عُرْوَة بن الزبير فَقَالَ مثل ذَلِك وَهَذَا يدل على اضْطِرَاب الحَدِيث لِأَنَّهُ لَو ثَبت عِنْد عُرْوَة ذَلِك لما خَالفه إِلَى غَيره الجزء: 2 ¦ الصفحة: 317 812 - فِي لبن الْفَحْل قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَمَالك اللَّيْث وَالشَّافِعِي ّ فِي لبن الْفَحْل يحرم قَالَ أَبُو جَعْفَر وَقَالَ سعيد بن الْمسيب وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَأَبُو سَلمَة وَعَطَاء بن يسَار إِن لبن الْفَحْل لَا يحرم شَيْئا من قبل الرِّجَال وروى نَحوه عَن رَافع بن خديج وَقَالَ ابْن عَبَّاس لبن الْفَحْل يحرم وَهُوَ قَول مُجَاهِد وَذكر حَدِيث عَائِشَة فِي قصَّة أَفْلح أخي أبي القعيس وَمن جِهَة النّظر أَن سَبَب اللَّبن هُوَ مَاء الرجل وَالْمَرْأَة جَمِيعًا فَوَجَبَ أَن يكون الرَّضَاع مِنْهُمَا كَمَا كَانَ الْوَلَد لَهما وَإِن اخْتلف سببهما فَإِن قيل قد يكون اللَّبن من غير فَحل فَكَذَلِك إِذا كَانَ لَهَا فَحل فاللبن لَهَا لَا لَهُ قيل لَهُ إِن مَا يكون بِغَيْر فَحل فَهُوَ عَارض لَيْسَ بغذاء وَاللَّبن الَّذِي من الْفَحْل هُوَ الْغذَاء فَحكمه حكم الْمَخْلُوق لَهُ الحديث: 812 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 318 فَإِن قيل روى عَن مَالك عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أَبِيه عَن عَائِشَة كَانَ يدْخل عَلَيْهَا من أَرْضَعَتْه أخواتها وَبَنَات أَخِيهَا وَلَا يدْخل عَلَيْهَا من أَرْضَعَتْه نسَاء إخوتها قيل لَهُ هَذَا غير مُخَالف لما رَوَت فِي لبن الْفَحْل لِأَن لَهَا أَن تَأذن لمن شَاءَت من محارمها وتحجب من شَاءَت 813 - مَتى يَنْقَطِع لبن الأول قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا كَانَ لبن من زوج قد طَلقهَا فَتَزَوجهَا آخر وحملت مِنْهُ وَنزل لَهَا لبن من الآخر الثَّانِي فاللبن من الأول حَتَّى تَلد فَإِذا ولدت فَهُوَ من الآخر وَقَالَ أَبُو يُوسُف إِذا عرف أَنه من الْحَبل الثَّانِي فَهُوَ من الآخر وَقد انْقَطع من الأول وَقَالَ زفر وَمُحَمّد هُوَ مِنْهُمَا جَمِيعًا وَإِذا وضعت فَهُوَ للأخر وَقَالَ الشَّافِعِي فِي مَوضِع هُوَ من الأول وَفِي مَوضِع هُوَ مِنْهُمَا جَمِيعًا وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا ولدت من رجل فاللبن مِنْهُ بعد الفصال وَقَبله وَلَو طَلقهَا وَتَزَوَّجت وحملت من الثَّانِي ققال ابْن الْقَاسِم هُوَ مِنْهُمَا جَمِيعًا وَإِن كَانَ لم يَنْقَطِع من الأول وَعَن مَالك فِي الرجل يتَزَوَّج الْمَرْأَة فترضع صَبيا قبل أَن تحمل درت لَهُ فأرضعته وَلم تَلد قطّ إِن ذَلِك اللَّبن للزَّوْج لِأَن المَاء يغيل اللَّبن الحديث: 813 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 319 قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقد هَمت أَن أَنَّهُنَّ عَن الغيلة والغيلة أَن يطَأ الرجل امْرَأَته وَهِي ترْضع لِأَن المَاء يغيل اللَّبن وَذكر الْوَلِيد بن مُسلم عَن الزُّهْرِيّ أَنَّهَا إِذا حملت من الزَّوْج الثَّانِي فاللبن من الأول حَتَّى تضع قَالَ وَقَالَ غير الزُّهْرِيّ اللَّبن للْأولِ حَتَّى يبلغ سِتَّة أشهر من حملهَا من زَوجهَا الآخر قَالَ أَبُو جَعْفَر لايختلفون أَن تَزْوِيج الثَّانِي لَا يقطع حكم اللَّبن من الزَّوْج الأول وَإِن وضع الْحمل يَنْقَطِع من الأول ويجعله للثَّانِي وَالْقِيَاس أَن يكون فِي حَال الْحمل من الثَّانِي لِأَن اللَّبن غذَاء الْحمل قبل الْوَضع وَبعده 814 - فِي لبن الْمَرْأَة الْميتَة قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالْأَوْزَاعِيّ إِذا حلب اللَّبن من ثدي امْرَأَة ميتَة وأرضع صبي حرم وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يحرم وَقَالَ أَبُو جَعْفَر إِن اللَّبن حكمه مُتَعَلق بِنَفسِهِ لَا بِالْمَرْأَةِ لِأَنَّهُ لَو حلب فِي إِنَاء فشربه حرم وَمَا اعتل بِهِ الشَّافِعِي أَنه لايحل فَلَا معنى لَهُ لِأَن اللَّبن لَو وَقعت فِيهِ قَطْرَة بَوْل فَشرب حرم الحديث: 814 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 320 815 - فِي الوجور والسعوط وَنَحْوهمَا قَالَ أَصْحَابنَا الوجور والسعوط يحرم والصبب فِي الْأذن وَالْعين والدبر والإحليل لَا يحرم وَكَذَلِكَ الْجَائِفَة والآمة وَقَالَ مَالك وَالثَّوْري الوجور والسعوط إِذا وصل إِلَى الْجوف يحرم وَهُوَ قَول الشَّافِعِي فِي السعوط وَفِي الحقنة قَولَانِ أَحدهمَا يحرم وَالْآخر لَا يحرم وَقَالَ اللَّيْث فِي الْمَرْأَة تسعط الصَّبِي من لَبنهَا وتسقيه من دَوَاء أَنه لَيْسَ برضاع وَإِنَّمَا الرَّضَاع مَا خص من الثدي 816 - فِيمَن قَالَ لامْرَأَته هِيَ أُخْتِي من الرَّضَاع قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قَالَ لامْرَأَته هِيَ أُخْتِي من الرَّضَاع ثمَّ قَالَ أوهمت صدق فَإِن ثَبت عَلَيْهِ فرق بَينهمَا وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ يفرق بَينهمَا وَلَا يصدق على الْخَطَأ الحديث: 815 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 321 717 - فِي اللَّبن يخلط بِغَيْرِهِ قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن وَإِن كَانَ لبن الشَّاة لم يحرم وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَلم يذكر خلافًا عَن إبي حنيفَة وَابْن الْقَاسِم فِي قِيَاس قَول مَالك إِذا جعل اللَّبن فِي طَعَام وطبخ على النَّار أَو غلى اللَّبن وصب فِي مَاء وَالْغَالِب المَاء لم يحرم وفال الشَّافِعِي يحرم كَمَا لَو خلط حَلَال بِحرَام وَهُوَ مستهلك فِيهِ قَالَ أَبُو جَعْفَر لَيْسَ اللَّبن كالنجاسة فِي المَاء لِأَن المَاء قد ينجس بالمجاورة وَالطَّعَام لَا يحرم بمجاورة اللَّبن إِيَّاه 818 - فِي لبن الْمَرْأَتَيْنِ إِذا اخْتَلَط إِذا اخْتَلَط لبن الْمَرْأَتَيْنِ فَإِن حكم للْغَالِب عِنْد أبي يُوسُف وَقَالَ مُحَمَّد يحرم مِنْهُمَا جَمِيعًا وَهُوَ قَول زفر وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ أَبُو جَعْفَر جوز أعتبار غَلَبَة المَاء فِي زَوَال حكم اللَّبن لِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ لبن وَغَلَبَة اللَّبن على لبن آخر لَا يخرج ذَلِك الْقَلِيل من أَن يكون لَبَنًا 819 - فِي الْمُحَلّل روى مُحَمَّد عَن إبي حنيفَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم قَالَ لعن الله الْمُحَلّل والمحلل لَهُ الحديث: 818 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 322 قَالَ مُحَمَّد وَهُوَ الرجل يُطلق امْرَأَته فَيسْأَل رجلا أَن يَتَزَوَّجهَا ليحللها لَهَا فَهَذَا مَكْرُوه للسَّائِل والمسؤول أَن يَفْعَله فَذكر الْكَرَاهَة للشّرط وَلم يذكر فَسَاد النِّكَاح وَلَا صِحَّته وروى بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف قَالَ إِنَّمَا يحلل عندنَا الَّذِي يشْتَرط ذَلِك وَيظْهر فِي عقد النِّكَاح فَأَما إِذا كَانَ النِّكَاح صَحِيحا بِغَيْر شَرط بِمهْر وَولي وشهود وَدخُول فَلَيْسَ هَذَا بِمُحَلل وَلَا مُحَلل لَهُ والنيه من الثَّلَاثَة بَاطِل وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَذكر هِشَام عَن مُحَمَّد إِذا كَانَ من نِيَّته ونيتها أَن يحللها للْأولِ فَبنى بهَا تمّ طَلقهَا لم تحل للْأولِ فِي قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَذكر هِشَام قَالَ مُحَمَّد وَلَا أعلم أَبَا يُوسُف إِلَّا روى ذَلِك عَن أبي حنيفه أَنَّهَا لَا تحل قَالَ مُحَمَّد روى زفر فِيمَا أعلم عَن أبي حنيفَة أَنه قَالَ فِي ذَلِك أَنَّهَا لَا تحل لَهُ قَالَ مُحَمَّد ونكاحهما جَائِز وَأَن شَرط التَّحْلِيل وَله أَن يمْسِكهَا وروى الْحسن عَن زفر أَنه إِذا شَرط تحليلها للْأولِ فَالنِّكَاح جَائِز وَالشّرط بَاطِل ويكونان محصنين بِهَذَا التَّزْوِيج وَالْجِمَاع وَتحل للْأولِ وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف النِّكَاح على هَذَا الشَّرْط فَاسد وَلها مهر الْمثل بِالدُّخُولِ وَقَالَ مَالك وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث نِكَاح الْمُحَلّل فَاسد وَلَا يحللها للزَّوْج الأول قَالَ اليث فَإِن تزَوجهَا ثمَّ فَارقهَا لترجع إِلَى زَوجهَا وَلم يعلمهَا بذلك وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِك مِنْهُ إحسانا فَلَا بَأْس بِأَن ترجع إِلَيْهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 323 وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا اشْترط التَّحْلِيل لم يَصح النِّكَاح لِأَنَّهُ قرب من نِكَاح الْمُتْعَة لِأَنَّهُ مُؤَقّت وَإِن كَانَ وقته مَجْهُولا قَالَ وَنِكَاح الْمُحَلّل الْمنْهِي عَنهُ إِذا شَرط أَن ينْكِحهَا حَتَّى تكون الحصانة قَالَ وَلَو تزَوجهَا وَمن نِيَّته أَن لَا يمْسِكهَا إِلَّا مقَامه بِالْبَلَدِ أَو يَوْمًا أويومين فَالنِّكَاح جَائِز لَا يُفْسِدهُ النِّيَّة قَالَ روى عَليّ وَعبد الله وَأَبُو هُرَيْرَة وَعقبَة بن عَامر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا أخْبركُم بالتيس الْمُسْتَعَار وَهُوَ الْمُحَلّل قَالَ وَلَيْسَ فِي الحَدِيث بَيَان بِمَعْنى الْمُحَلّل فَاحْتمل أَن يكون الَّذِي بِشَرْط التَّحْلِيل وَيحْتَمل أَن يكون هُوَ الْوَطْء لَا عَن عقد وَهُوَ معنى قَول زفر وَيحْتَمل أَن يكون كَمَا قَالَ الشَّافِعِي ثمَّ قد رُوِيَ عَن عمر أَنه قَالَ لَا أُوتِيَ بِمُحَلل وَلَا بمحللة إِلَّا رجمتها وَقَالَ ابْن عمر التَّحْلِيل سفاح وَقَالَ الْحسن وَإِبْرَاهِيم إِذا هم أحد الثَّلَاثَة بالتحليل فسد النِّكَاح الجزء: 2 ¦ الصفحة: 324 وَقَالَ سَالم يجوز أَن يَتَزَوَّجهَا لِيحِلهَا إِذا لم يعلم الزَّوْجَانِ وَهُوَ مأجور وَهُوَ مَذْهَب الْقَاسِم بن مُحَمَّد وَقَالَ عَطاء الْمُحَلّل يُقيم على نِكَاحه 820 - فِي الْمُرَاهق هَل يحلهَا للْأولِ قَالَ أَصْحَابنَا وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ إِذا كَانَ يُجَامع مثله فجامعها فَإِنَّهُ يحلهَا لزَوجهَا الأول وَقَالَ مَالك لَا يحلهَا لِأَن وَطْء الصَّبِي لَيْسَ بِوَطْء الْوَطْء الَّذِي يحل مَا يجب فِيهِ الْحُدُود قَالَ الله تَعَالَى {حَتَّى تنْكح زوجا غَيره} الْبَقَرَة ت 230 وَقد فعلت وَأَيْضًا فَإِن جمَاعه يحرم الْبِنْت كجماع الْكَبِير فَكَذَلِك التَّحْلِيل 821 - فِي جماع النَّصْرَانِي النَّصْرَانِيَّة قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ إِذا طلق الْمُسلم امْرَأَته النَّصْرَانِيَّة ثَلَاثًا فَتَزَوجهَا نَصْرَانِيّ وَدخل بهَا ثمَّ طَلقهَا حلت للْأولِ وَقَالَ مَالك لَا تحل لِأَن نكاحهم لَيْسَ بِنِكَاح حَتَّى يسلمُوا وَإِن دخل بهَا بعد مَا أَسْلمُوا حلت للأزواج فَإِن نِكَاحهمَا صَحِيح قَالَ الله تَعَالَى {وَلكم نصف مَا ترك أزواجكم} وَلَا خلاف أَنَّهُمَا يتوارثان بِهِ الحديث: 820 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 325 821 - ب فِيمَن اشْترى ثمَّ وَطئهَا ثمَّ بَاعهَا قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اشْترى امْرَأَته وَقد دخل بهَا فَإِن وَطأهَا حَلَال بِالْملكِ وَعَلَيْهَا الْعدة فَإِن بَاعهَا قبل انْقِضَاء الْعدة وَقَبضهَا المُشْتَرِي حلت لَهُ بعد انْقِضَاء الْعدة وَهُوَ قَول الشَّافِعِي قَالَ مَالك إِذا طَلقهَا ثمَّ اشْتَرَاهَا ثمَّ وَطئهَا بعد الشِّرَاء انْفَسَخت الْعدة فَإِن بَاعهَا بعد ذَلِك لم يكن عَلَيْهِ فِيهَا إِلَّا الِاسْتِبْرَاء بِحَيْضَة فَإِن لم يَطَأهَا حَتَّى بَاعهَا لم يَمَسهَا حَتَّى تحيض حيضتين وَإِن اشْتَرَاهَا وَلم يكن طَلقهَا ثمَّ بَاعهَا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ الِاسْتِبْرَاء وَلَيْسَ بعدة ثمَّ رَجَعَ فَقَالَ حيضتان هَكَذَا حَكَاهُ ابْن الْقَاسِم وَقَالَ ابْن وهب إِذا اشْتَرَاهَا ثمَّ بَاعهَا وَلم يكن طَلقهَا فَعَلَيهِ عدَّة الْأمة حيضتان مَا لم يصبهَا فَإِن أَصَابَهَا بعد ملكه إِيَّاهَا ثمَّ أعْتقهَا أَو بَاعهَا لم يكن عَلَيْهِ إِلَّا الِاسْتِبْرَاء بِحَيْضَة وَاحِدَة وَإِن طَلقهَا ثمَّ ابتعاعها أَو أعْتقهَا فَإِنَّهَا تَعْتَد بحيضتين وَإِن مَسهَا بَعْدَمَا ابتاعها فَإِنَّهَا تَعْتَد بِحَيْضَة وَقَالَ اللَّيْث إِذا استبرأها ثمَّ بَاعهَا فعدتها حيضتان وَإِن وَطئهَا ثمَّ بَاعهَا فحيضة 822 - فِي التَّزْوِيج قبل الاسبتراء قَالَ أَصْحَابنَا إِذا وطأ جَارِيَته ثمَّ زَوجهَا للزَّوْج أَن يَطَأهَا قبل الِاسْتِبْرَاء وروى الْحسن عَن أبي حنيفَة أَن الزَّوْج لَا يَطَأهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئهَا وَقَالَ مَالك لَا يُزَوّجهَا إِلَّا بِحَيْضَة وَقَالَ اللَّيْث وَالشَّافِعِيّ إِن زَوجهَا قبل الِاسْتِبْرَاء فسخ النِّكَاح الحديث: 821 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 326 وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا أعتق أم وَلَده أَو جَارِيَة كَانَ يَطَأهَا أَنه لَا يعجبنا أَن يُزَوّجهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئهَا بِثَلَاث حيض وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي عدَّة أم الْوَلَد إِذا أعتقت حَيْضَة فَإِن كَانَت لم تَلد مِنْهُ وَقد وَطئهَا فَإِن أعْتقهَا عِنْد مَوته فعدتها أَرْبَعَة أشهر وَعشرا وَإِن لم يكن أعْتقهَا فحيضة قَالَ أَبُو جَعْفَر الْعدة إِنَّمَا تجب فِي الْأُصُول بِزَوَال الْفراش الَّذِي وَقع فِي الْوَطْء وفراش الْملك غير زائل مَعَ التَّزْوِيج فَلَا يُوجب عدَّة فَوَجَبَ أَن يجوز النِّكَاح لِاسْتِحَالَة وجوب الْعدة مِنْهُ فِي ملك مَا هُوَ ثَابت لَهُ كَمَا لَا تجب الْعدة مِنْهُ فِي نِكَاح هُوَ بَاقٍ بَينهمَا فَإِن قيل فَأَنت تَأمره بالاستبراء إِذا أَرَادَ بيعهَا قيل لَهُ لم يَخْتَلِفُوا أَن اسْتِبْرَاء البَائِع لَا يسْقط عَن المُشْتَرِي الِاسْتِبْرَاء فاستبراء المُشْتَرِي آكِد لِأَن البَائِع لَو لم يَطَأهَا لم يُؤمر بالاستبراء وَالْمُشْتَرِي يُؤمر فِي هَذَا الْحَال بالاستبراء ثمَّ أَن المُشْتَرِي مَعَ وجوب الِاسْتِبْرَاء غير مَانع من تَزْوِيجهَا كَذَلِك وجوب الِاسْتِبْرَاء على البَائِع لَا يمْنَع تَزْوِيجهَا 823 - فِي الزَّانِيَة هَل عَلَيْهَا عدَّة قَالَ أَبُو حنيفَة فِي رجل رأى امْرَأَة تَزني فَتَزَوجهَا فَلهُ أَن يَطَأهَا قبل أَن يَسْتَبْرِئهَا وَقَالَ مُحَمَّد لَا أحب أَن يَطَأهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئهَا فَإِن تزوج امْرَأَة وَبهَا حمل من زنا جَازَ النِّكَاح وَلَا يَطَأهَا حَتَّى تضع الحديث: 823 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 327 وَقَالَ أَبُو يُوسُف النِّكَاح فَاسد وَإِن كَانَ الْحمل من زنا وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَقَالَ زفر إِذا زنت فعلَيْهَا الْعدة وَإِن تزوجت قبل انْقِضَاء الْعدة لم يجز النِّكَاح وَقَالَ الشَّافِعِي يجوز نِكَاحهَا وَإِن كَانَت حُبْلَى من زنا وَلَا يَطَأهَا حَتَّى تضع وَقَالَ مَالك إِذا زنى الرجل بِالْمَرْأَةِ ثمَّ أَرَادَ نِكَاحهَا فَذَلِك جَائِز لَهُ بعد أَن يستبرئ من وَطئه بِثَلَاث حيض وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك إذاتزوج امْرَأَة حرَّة فَدخل بهَا فَجَاءَت بِولد بعد ذَلِك بِشَهْر أَنه لَا ينْكِحهَا أبدا لِأَنَّهُ وَطئهَا فِي عدَّة إِذا زنى بِامْرَأَة لم يَتَزَوَّجهَا حَتَّى تحيض حَيْضَة وَالثَّلَاث أحب إِلَيّ وَقَالَ اللَّيْث إِذا تزوج فَجَاءَت بِولد لشهر فَإِنَّهَا تجلد أَو ترْجم إِن كَانَت ثَيِّبًا قَالَ أَبُو جَعْفَر الْعدَد فِي الْأُصُول إِنَّمَا تجب بِزَوَال أَسبَاب تقدمها وَلم يكن قبل الزِّنَا سَبَب تجب الْعدة بزواله فَلَا تجب وَالْقِيَاس فِي الْحمل مثله وَقد روى عَن عمر أَنه حد غُلَاما وَجَارِيَة فجرا ثمَّ حرص أَن يجمع بَينهمَا فَأبى الْغُلَام فَلم يكن عِنْده أَن عَلَيْهَا عدَّة من زنا وَذَلِكَ بِحَضْرَة الصَّحَابَة من غير خلاف فَإِن قيل إِنَّمَا جَازَ الْجمع بَينهمَا بِنِكَاح لِأَن الْعدة لَو وَجَبت كَانَت تكون مِنْهُ كالعدة من طَلَاق زَوجهَا قيل لَهُ إِنَّمَا الْعدة من الطَّلَاق وَسَائِر وُجُوه الْفراش فَفِيهَا حق الزَّوْج الجزء: 2 ¦ الصفحة: 328 فَلَا يمْنَع نِكَاحه لقَوْل الله تَعَالَى {فَمَا لكم عَلَيْهِنَّ من عدَّة تعتدونها} (الْأَحْزَاب 49) وَإِنَّمَا الْعدة من الَّذِي لَو وَجَبت فَلَا حق فِيهَا للزَّوْج فَهُوَ وَسَائِر النَّاس فِيهَا سَوَاء فَالْوَاجِب أَن يمْنَع نِكَاحه 824 - فِيمَن تزوج أم امْرَأَته جَاهِلا قَالَ أَصْحَابنَا إِذا تزوج أم امْرَأَته جَاهِلا قبل أَن يدْخل بهَا وَوَطئهَا فسد النِّكَاح وَعَلِيهِ نصف الْمهْر وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ مَالك لَا صدَاق عَلَيْهِ وَقد فسد النِّكَاح لِأَن الزَّوْج لم يعْتَمد التَّحْرِيم 825 - فِي امْرَأَة الْمَفْقُود قَالَ أَصْحَابنَا لَا تتَزَوَّج امْرَأَة الْمَفْقُود حَتَّى تثبت وَفَاته والمفقود الرجل يخرج فِي وَجه فيفقد فَلَا يعرف مَوْضِعه وَلَا يستبين أمره أَو يأسره الْعَدو فَلَا يستبين مَوته وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْحسن بن حَيّ وَقَالَ عُثْمَان وَالثَّوْري فِي الْمَفْقُود تتَزَوَّج امْرَأَته فَيَجِيء وَهِي مُزَوّجَة أَنه أَحَق بهَا وَترد على الزَّوْج الْأَخير مهره لِأَنَّهُ إِنَّمَا تزوج امْرَأَة لَهَا زوج وَقَالَ مَالك تنْتَظر امْرَأَته أَربع سِنِين ثمَّ تَعْتَد أَرْبَعَة أشهد وَعشرا ثمَّ تحل فَإِن أدْركهَا زَوجهَا قبل أَن تتَزَوَّج فَهُوَ أَحَق بهَا الحديث: 824 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 329 قَالَ وَيضْرب الْأَجَل أَربع سِنِين من يَوْم ترجع إِلَى الْحَاكِم لَا من يَوْم فقد وَقَالَ مَالك فِي الَّتِي ينعى لَهَا زَوجهَا إِذا قدم فَهِيَ امْرَأَته وَقَالَ اللَّيْث إِذا قدم زَوجهَا بعد الْأَجَل قبل أَن تتَزَوَّج فَلَيْسَ للْإِمَام عَلَيْهِ طَلَاق وَهِي امْرَأَته وَإِن تزوجت بعد الْأَجَل ثمَّ جَاءَ زَوجهَا فَاخْتَارَ امْرَأَته فَلَيْسَ عَلَيْهِ طَلَاق وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْمُزنِيّ فِي امْرَأَة الْغَائِب أَي غيبَة كَانَت لَا تَعْتَد وَلَا تنْكح أبدا حَتَّى يَأْتِيهَا يَقِين وَفَاته وَلَو اعْتدت بِأَمْر حَاكم أَربع سِنِين ثمَّ أَرْبَعَة أشهر وَعشرا ونكحت وَدخل بهَا الزَّوْج كَانَ حكم الزَّوْجِيَّة بَينهَا وَبَين زَوجهَا بِحَالهِ غير أَنه مَمْنُوع من فرجهَا بِوَطْء لشُبْهَة وَلَا نَفَقَة لَهَا من حَيْثُ نكحت وَلَا فِي غير عدتهَا من الْوَطْء الْفَاسِد لِأَنَّهَا مخرجة نَفسهَا من يَده روى سعيد بن الْمسيب عَن عمر بن الْخطاب فِي امْرَأَة الْمَفْقُود أَنَّهَا تَتَرَبَّص أَربع سِنِين وَتعْتَد عدَّة الْوَفَاة ثمَّ تتَزَوَّج إِن شَاءَت وَإِن قدم زَوجهَا خَيره بَين الْمَرْأَة وَبَين الصَدَاق فَإِن اخْتَار امْرَأَته عزلت عَن زَوجهَا ثمَّ ردَّتْ إِلَى زَوجهَا الأول وَإِن اخْتَار الصَدَاق كَانَت عِنْد زَوجهَا الآخر وَأعْطِي زَوجهَا الأول صَدَاقهَا وروى عَطاء عَن عبيد بن عُمَيْر عَن عمر بن الْخطاب فِي امْرَأَة الْمَفْقُود أَنه أمرهَا أَن تَتَرَبَّص أَربع سِنِين فَفعلت ثمَّ أَمر وليه أَن يطلقهَا ثمَّ أمرهَا أَن تَعْتَد ثَلَاثَة قُرُوء فَفعلت ثمَّ أمرهَا أَن تَعْتَد أَرْبَعَة أشهر وَعشرا فَفعلت ثمَّ أمرهاأن تتَزَوَّج وروى حَمَّاد بن سلمه عَن ثَابت عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى أَن رجلا فقدته امْرَأَته فَأَتَت عمر بعد أَربع سِنِين فَسَأَلَ عَن قَوْلهَا قَومهَا وجيرانها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 330 فصدقوها فَأمرهَا ان تَعْتَد أَربع سِنِين من ذِي قبل ثمَّ تزوجت فجَاء زَوجهَا فخيره عمر بَين الصَدَاق وَبَين امراته فَاخْتَارَ الصَدَاق قَالَ حَمَّاد لَا أعلم ثَابتا إِلَّا قَالَ فأعطيناه الصَدَاق من بَيت المَال وروى حَمَّاد بن سَلمَة عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ عَن أبي عَمْرو الشَّيْبَانِيّ أَن أَربع نسْوَة فقدن أَزوَاجهنَّ فأمرهن عمر أَن يعتدن أَربع سِنِين فَفِي هذَيْن الْحَدِيثين أَن عمر جعل عدَّة امْرَأَة الْمَفْقُود أَربع سِنِين روى أَن عُثْمَان سُئِلَ عَن الْمَفْقُود وَقد أشرف عَلَيْهِم وَهُوَ مَحْصُور وَقد تزوجت امْرَأَته فَقَالَ عُثْمَان أَن جَاءَ زَوجهَا خير بَين الصَدَاق وَبَين امْرَأَته فَلَمَّا قتل عُثْمَان سَأَلت الْمَرْأَة عليا عَن ذَلِك فَأجَاب بِمثل قَول عُثْمَان فَاخْتَارَ الصَدَاق فأديت أَلفَيْنِ وَأدّى زَوجي أَلفَيْنِ رَوَاهُ أَيُّوب عَن أبي الْمليح الْهُذلِيّ عَن سهيمة بنت عُمَيْر أَن زَوجهَا فقد وَذكر الحَدِيث قَالَ أَبُو جَعْفَر يحْتَمل أَن يكون عَليّ إِنَّمَا أفتى بذلك لِأَنَّهُ اخْتَار حكم إِمَام قد حكم بِهِ وَقد رُوِيَ سعيد عَن قَتَادَة عَن خلاس عَن عَليّ قَالَ تربص امْرَأَة الْمَفْقُود أَربع سِنِين ثمَّ يطلقهَا ولي زَوجهَا ثمَّ تَعْتَد أَرْبَعَة أشهر وَعشرا وَالْمَشْهُور عَنهُ خلاف ذَلِك وَهُوَ مَا رَوَاهُ مَنْصُور عَن الْمنْهَال بن عَمْرو عَن عباد ابْن عبد الله عَن عَليّ قَالَ فِي امْرَأَة الْمَفْقُود هِيَ امْرَأَته الجزء: 2 ¦ الصفحة: 331 826 - فِي الْمَرْأَة انتعي إِلَيْهَا زَوجهَا فَتزوّجت قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا نعي إِلَيْهَا زَوجهَا فاعتدت وَتَزَوَّجت وَجَاءَت بِولد من زَوجهَا الآخر فَهُوَ للْأولِ قَالَ أَبُو يُوسُف إِذا جَاءَت بِهِ لسِتَّة أشهر مُنْذُ دخل بهَا الثَّانِي فَهُوَ من الثَّانِي قَالَ وَقَالَ مُحَمَّد إِذا جَاءَت بِهِ لأَقل من سِتَّة أشهر مُنْذُ دخل بهَا الثَّانِي فَهُوَ ابْن الأول وَإِن جَاءَت بِهِ لِسنتَيْنِ فَصَاعِدا فَهُوَ ابْن الثَّانِي قَالَ وَيَجِيء على مَذْهَب مَالك أَنَّهَا إِذا حَاضَت حَيْضَة أَو حيضتين ثمَّ دخل بهَا الثَّانِي فَهُوَ للْآخر إِذا جَاءَت بِهِ لسِتَّة أشهر مُنْذُ دخل بهَا وَإِن كَانَ أقل من سِتَّة أشهر مُنْذُ دخل بهَا فَهُوَ للْأولِ وَقَالَ الثَّوْريّ الْوَلَد للْآخر وَترد إِلَى الأول وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْمُزنِيّ إِذا نعي الرجل إِلَى امْرَأَته وأجلت أَربع سِنِين ثمَّ أمرت بالاعتداد مِنْهُ فاعتدت ثمَّ تزَوجهَا رجل وَجَاءَت مِنْهُ بِولد فَادَّعَاهُ الأول أريته الْقَافة وَقَالَ فِي اخْتِلَاف أبي حنيفَة وَابْن أبي ليلى الْوَلَد للْآخر 827 - فِي هَدِيَّة الْعرس قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا تزَوجهَا على الف على أَن يهدي لَهَا هَدِيَّة فلهَا تَمام مهر الْمثل وَلم يذكر خلافًا الحديث: 826 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 332 قَالَ وَرُوِيَ عَن أبي يُوسُف أَنه لَيْسَ لَهَا غير الْمُسَمّى وَهُوَ قَول مُحَمَّد وَقَول الشَّافِعِي أَيْضا أَن الْهَدِيَّة لَا تلْزمهُ وَإِن شَرط وَقَالَ مَالك فِيمَا رَوَاهُ ابْن الْقَاسِم إِذا طَالب أهل الْمَرْأَة الزَّوْج بهدية الْعرس فَإِنَّهُ يقْضِي لَهَا بهَا إِذا كَانَ ذَلِك قد عرف من شَأْنهمْ وَهُوَ عَلَيْهِم قَالَ أَبُو جَعْفَر رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل شَرط لَيْسَ من كتاب الله فَهُوَ بَاطِل وَالقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من عمل عملا لَيْسَ عَلَيْهِ أمرنَا فَهُوَ رد 828 - فِي تَزْوِيج أُخْت أم الْوَلَد قَالَ أَصْحَابنَا يجوز أَن يتَزَوَّج أُخْت أم وَلَده وَلَا يطَأ الَّتِي يُزَوّج حَتَّى يملك فرج أم وَلَده غَيره فَإِن زَوجهَا عَادَتْ إِلَيْهِ بفرقة قبل انْقِضَاء الْعدة لم يطَأ امْرَأَته حَتَّى يملك فرج ام وَلَده غَيره وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَقَالَ مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ لَا يُعجبنِي أَن يتَزَوَّج أُخْتهَا وَإِن فعل لم أفرق بَينهمَا وَلَا يطَأ حَتَّى يحرم أَيَّتهمَا شَاءَت قَالَ وَلَو كَانَت لَهُ أمة يَطَأهَا فَبَاعَهَا ثمَّ تزوج أُخْتهَا فَلم يدْخل بهَا حَتَّى اشْترى اختها الَّتِي كَانَ يَطَأهَا فَإِن لَهُ أَن يَطَأهَا فَإِن رجعت إِلَيْهِ أم وَلَده فَلهُ أَن يطَأ الْأمة الَّتِي عِنْده ويمسك عَن أم وَلَده وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا وطأ جَارِيَته بِملك الْيَمين لم يجز أَن يتَزَوَّج أُخْتهَا وَقَالَ الشَّافِعِي ملك الْيَمين لَا يمْنَع نِكَاح الْأُخْت الحديث: 828 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 333 قَالَ أَبُو جَعْفَر قَول مَالك إِنَّهَا إِذا عَادَتْ إِلَيْهِ جَازَ أَن يطَأ الزَّوْجَة لَا معنى لَهُ لِأَن الْملك الَّذِي منع وَطْء الزوجه فِي الِابْتِدَاء مَوْجُود فَلَا فرق بَين عودهَا إِلَيْهِ وَبَين يقائها بدءا فِي ملكه وروى نَحْو قُلْنَا فِي الرجل يكون عِنْده أختَان فليستولد إِحْدَاهمَا ثمَّ يُزَوّجهَا أَنه لَا يطَأ الْأُخْرَى فَإِن طلق أم وَلَده الَّتِي زَوجهَا وعادت إِلَيْهِ لم يطَأ الْأُخْرَى 829 - فِي الحربية تخرج إِلَيْنَا مسلمة قَالَ أَبُو حنيفه فِي الحربية تخرج إِلَيْنَا مسلمة وَلها زوج كَافِر فِي دَار الْحَرْب فقد وَقعت الفرقه وَلَا عدَّة عَلَيْهَا وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد عَلَيْهَا الْعدة فَإِن أسلم الزَّوْج لم تحل لَهُ إِلَّا بِنِكَاح مُسْتَقْبل وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَقَالَ مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ إِذا أسلم الزَّوْج قبل أَن تحيض ثَلَاث حيضات فَهِيَ امْرَأَته وَإِن لم يسلم حَتَّى حَاضَت ثَلَاث حيض فقد وَقعت الْفرْقَة وَلَا فرق عِنْد الشَّافِعِي بَين دَار الْحَرْب وَدَار الْإِسْلَام لَا حكم للدَّار عِنْده وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا سبيت ذَات زوج استبرئت بحيضتيتن لِأَن زَوجهَا أَحَق بهَا إِذا جَاءَ فِي عدتهَا وَغير ذَات الْأزْوَاج بِحَيْضَة قَالَ أَبُو جَعْفَر جعل على المسبية الْعدة وَلَا نعلم لَهُ مُوَافقا على ذَلِك من أهل الْعلم الحديث: 829 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 334 قَالَ أَبُو جَعْفَر روى عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ قَالَ لم يبلغنَا أَن امْرَأَة هَاجَرت إِلَى الله وَإِلَى رَسُوله زَوجهَا كَافِر مُقيم بدار الْكفْر إِلَّا فرقت هجرتهَا بَينهَا وَبَين زَوجهَا إِلَّا إِذا قدم زَوجهَا وَهِي فِي عدتهَا قَالَ وَهُوَ مُنْقَطع لَا يَصح الِاحْتِجَاج بِهِ فِي الْأُصُول أَن الْعدة إِذا وَجَبت عَن سَبَب غير الطَّلَاق الرَّجْعِيّ إِنَّمَا تجب بعد ارْتِفَاع النِّكَاح فَأَما مَعَ بَقَاء النِّكَاح فَلَا عدَّة 830 - فِي الْكَافِر يسلم وَتَحْته أختَان أَو خمس نسْوَة قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف يخْتَار الْأَوَائِل فَإِن كَانَ تزويجهن فِي عقد فرق بَينه وبينهن وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَقَول مَالك وَمُحَمّد وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ يخْتَار من الْخمس أَرْبعا وَمن الْأُخْتَيْنِ أَيَّتهمَا شَاءَ إِلَّا أَنه روى عَنهُ فِي الْأُخْتَيْنِ أَن الأولى امْرَأَته وَقَالَ الْحسن بن حَيّ يخْتَار الْأَرْبَع الْأَوَائِل فَإِن لم يدر أيتهن الأولى طلق كل وَاحِدَة حَتَّى تَنْقَضِي عدتهن ثمَّ يتَزَوَّج أَرْبعا إِن شَاءَ 831 - فِي الْكَافِر تسلم امْرَأَته قَالَ أَصْحَابنَا فِي الذميين إِذا أسلمت الْمَرْأَة عرض على الزَّوْج الْإِسْلَام فَإِن أسلم وَلَو وَإِلَّا فرق بَينهمَا ولوكانا حربيين كَانَت امْرَأَته حَتَّى تحيض ثَلَاث حيض فَإِن لم يسلم وَقعت الْفرْقَة الحديث: 830 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 335 قَالَ ابْن شبْرمَة فِي النَّصْرَانِي تسلم امْرَأَته قبل الدُّخُول يفرق بَينهمَا وَلَا صدَاق لَهَا وَلَو كَانَت مَجُوسِيَّة وَأسلم الزَّوْج وَلم يدْخل ثمَّ لم تسلم حَتَّى انْقَضتْ عدتهَا فلهَا نصف الصَدَاق وَإِن أسلمت قبل أَن تَنْقَضِي عدتهَا فهما على نِكَاحهمَا وَقَالَ مَالك إِذا أسلمت وَزوجهَا كَافِر ثمَّ أسلم كَانَ أَحَق بهَا مَا دَامَت فِي الْعدة وَإِن انْقَضتْ عدتهَا فَلَا سَبِيل عَلَيْهَا وَلَيْسَت هَذِه الْفرْقَة طَلَاقا وَقَالَ مَالك فِي النَّصْرَانِيَّة تكون تَحت النَّصْرَانِي فَتخرج إِلَى بعض الْأَسْفَار فتسلم وَهُوَ غَائِب فَإِنَّهَا تؤمن بِالنِّكَاحِ وَلَا ينْتَظر بهَا وَلَيْسَ مِنْهَا شَيْء إِن قدم بعد انْقِضَاء عدتهَا وَهُوَ مُسلم نكحت أَو لم تنْكح فَإِن أسلم قبل انْقِضَاء عدتهَا فِي غيبته فَإِن نكحت قبل أَن يقدم زَوجهَا أَو تبلغها إِسْلَامه فَلَا سَبِيل لَهُ إِلَيْهَا وَإِن أدْركهَا قبل أَن تتَزَوَّج فَهُوَ أَحَق بهَا وَقَالَ مَالك فِي نَصْرَانِيَّة أسلمت وَزوجهَا نَصْرَانِيّ وَطَلقهَا قبل انْقِضَاء الْعدة لم يَقع طَلَاقه عَلَيْهَا وَقَالَ مَالك وَإِن أسلم الرجل قبل امْرَأَته وهما من غير أهل الْكتاب وَقعت الْفرْقَة إِذا عرض عَلَيْهَا الْإِسْلَام وَلم تسلم وَقَالَ الثَّوْريّ مثل قَول أَصْحَابنَا فِي إِسْلَام أحد الذميين سَوَاء فِي عرض الْإِسْلَام وَفِي الْمهْر وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا أسلمت فَهِيَ امْرَأَته مَا دَامَت فِي الْعدة وَلَا يَقع الطَّلَاق إِن أسلمت فِي الْعدة وَإِن أسلمت بعد الْعدة فَهِيَ تَطْلِيقَة وَهُوَ خَاطب وَقَالَ الْحسن بن حَيّ مثله فِي اعْتِبَار الْعدة وروى عَنهُ مثل قَول أَصْحَابنَا فِي عرض الْإِسْلَام وَلها نصف الصَدَاق لِأَن الْفرْقَة من قبله وَلَيْسَت بِطَلَاق وَاللَّيْث يعْتَبر الْعدة فِي وُقُوع الْفرْقَة وَكَذَلِكَ الشَّافِعِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 336 وَقد روى أَبُو مُعَاوِيَة عَن أبي إِسْحَاق الشَّيْبَانِيّ عَن السفاح عَن دَاوُد بن كرْدُوس أَن رجلا من بني تغلب أسلمت امْرَأَته فَقَالَ لَهُ عمر أسلم وَإِلَّا فرقت بَيْنكُمَا فَلم يسلم فَفرق بَينهمَا عمر وروى قَتَادَة عَن سعيد بن الْمسيب عَن عَليّ قَالَ هُوَ أَحَق بنكاحها مَا دَامَت فِي هجرانها وروى عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي النَّصْرَانِيَّة إِذا أسلمت وَزوجهَا نَصْرَانِيّ يفرق بَينهمَا وَقَالَ الْإِسْلَام يَعْلُو وَلَا يعلى فَلم يعْتَبر وَاحِد مِنْهُم الْعدة فَإِن قيل قد روى ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رد زَيْنَب على أبي الْعَاصِ على النِّكَاح الأول بعد ثَلَاث سِنِين قيل لَهُ فقولك هَذَا يدل على أَن قصَّة أبي الْعَاصِ مَنْسُوخَة عِنْده وَقد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 337 رُوِيَ عَن قَتَادَة أَن ذَلِك قبل أَن تنزل سُورَة بَرَاءَة وَقطع الْيَهُود بَينهم وَبَين الْمُشْركين وَقَالَ الزُّهْرِيّ كَانَ هَذَا قبل أَن تنزل الْفَرَائِض وَقَالَت طَائِفَة نسخه قَوْله تَعَالَى {وَلَا تمسكوا بعصم الكوافر} الممتحنه 10 وَيدل عَلَيْهِ أَيْضا أَنه لم يعْتَبر بَقَاؤُهَا فِي الْعدة وَقد روى عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه ردهَا عَلَيْهِ بِنِكَاح جَدِيد وَقد روى سُفْيَان بن حُسَيْن عَن الزُّهْرِيّ أَن أَبَا الْعَاصِ بن الرّبيع أسر يَوْم بدر فَأتى بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرد عَلَيْهِ ابْنَته وَفِي هَذَا أَنه ردهَا عَلَيْهِ وَهُوَ كَافِر وَقد روى شُعْبَة عَن حَمَّاد ومغيرة عَن إِبْرَاهِيم فِي نَصْرَانِيّ تَحْتَهُ نَصْرَانِيَّة فَأسْلمت فَأبى أَن يسلم فَقَالَ تقر عِنْده وَقَالَ حَمَّاد فَسَأَلَنِي عَنْهَا عبد الحميد فَأَخْبَرته فِيهَا بقول إِبْرَاهِيم فَكتب فِيهَا إِلَى عمر بن عبد الْعَزِيز فَكتب عمر أَن يفرق بَينهمَا وَقَالَ حَمَّاد قَول عمر أعجب إِلَيّ من قَول إِبْرَاهِيم قَالَ أَبُو جَعْفَر وَهُوَ شَاذ لَا مُوَافق لَهُ عَلَيْهِ علمنَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 338 832 - فِي طَلَاق الذِّمِّيّ هَل يَقع على امْرَأَته الَّتِي أسلمت قَالَ أَصْحَابنَا إِذا أَبى أَن يسلم فرق بَينهمَا وَيَقَع عَلَيْهَا طَلَاقه مَا دَامَت فِي الْعدة وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث لَا يَقع طَلَاقه بعد إسْلَامهَا سَوَاء كَانَت فِي الْعدة أَو لم تكن وَإِن أسلم الزَّوْج بعد ذَلِك وَهِي فِي الْعدة كَانَت امْرَأَته وَكَانَ طَلَاقه بَاطِلا وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا طلق الذِّمِّيّ الَّذِي قد اسلمت زَوجته وَقد كَانَ دخل بهَا فالطلاق مَوْقُوف فَإِن أسلم وَزَوجته فِي الْعدة تمّ الطَّلَاق لأَنا قد علمنَا حِين أسلم أَنَّهَا زَوجته وَإِن لم يسلم حَتَّى تَنْقَضِي الْعدة فالطلاق بَاطِل لأَنا قد علمنَا أَنَّهَا غير زَوجته قَالَ أَبُو جَعْفَر مَذْهَب الشَّافِعِي لَا معنى لَهُ لِأَنَّهُ قد جعلهَا زَوجته قبل انْقِضَاء الْعدة فَيَنْبَغِي أَن يَقع طَلَاقه 833 - فِي الزَّوْجَيْنِ يسبيان قَالَ أَصْحَابنَا إِذا سبى الحربيان وهما زوجان مَعًا فهما على النِّكَاح وَإِن سبي أَحدهمَا قبل الآخر وَأخرج إِلَى دَار الْإِسْلَام فقد وَقعت الْفرْقَة وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إذاسبيا مَعًا فَمَا كَانَا فِي المقاسم فهما على النِّكَاح فَإِن الحديث: 832 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 339 اشتراهما رجل فَإِن شَاءَ جمع بَينهمَا وَإِن شَاءَ فرق بَينهمَا فأعدها لنَفسِهِ أَو زَوجهَا غَيره بَعْدَمَا يَسْتَبْرِئهَا بِحَيْضَة وَهُوَ قَول اللَّيْث وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا سبيت ذَات زوج استبرئت بحيضتين لِأَن زَوجهَا أَحَق بهَا جَاءَ فِي عدتهَا وَغير ذَات الزَّوْج حَيْضَة وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا سبيت بَانَتْ من زَوجهَا سَوَاء كَانَ مَعهَا زَوجهَا أَو لم يكن قَالَ أَبُو جَعْفَر وَحَدِيث أبي سعيد فَاسد الاسناد فِي شَأْن السبايا وَذَلِكَ أَنه يرويهِ لثوري وَحَمَّاد بن سَلمَة عَن عُثْمَان البتي عَن أبي الْخَلِيل عَن أبي سعيد قَالَ أصبْنَا سَبَايَا يَوْم أَوْطَاس ولهن أَزوَاج فكرهنا أَن نقع عَلَيْهِنَّ فسألنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنزلت {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم} النِّسَاء 24 فاستحللناهن وَرَوَاهُ يزِيد بن زُرَيْع عَن عُثْمَان البتي عَن صَالح أبي الْخَلِيل عَن رجل عَن أبي سعيد فَأدْخل بَين أبي سعيد وَبَين أبي الْخَلِيل رجلا مَجْهُولا ففسد الحَدِيث وَمن وَجه النّظر أَن الزَّوْجَيْنِ لَو خرجا ذميين أَو مُسلمين كَانَا على النِّكَاح كَذَلِك إِذا سبيا مَعًا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 340 834 - فِي تصرف الْمَرْأَة فِي مَالهَا قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اجْتمع للْمَرْأَة عقلهَا وَبَلغت جَازَ تصرفها فِي مَالهَا بكرا كَانَت أَو ثَيِّبًا وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ مَالك لَا يجوز أَمر الْبكر فِي مَالهَا وَلَا مَا وضعت عَن زَوجهَا من الصَدَاق وَإِنَّمَا ذَلِك إِلَى أَبِيهَا فِي الْعَفو عَن زَوجهَا وَلَا يجوز لغير الْأَب من أوليائها ذَلِك وَقَالَ بيع الْمَرْأَة ذَات الزَّوْج دارها وخارجها جَائِز وَإِن كره الزَّوْج إِذا أَصَابَت وَجه البيع فَإِن كَانَ مُحَابَاة كَانَ فِي ثلث مَالهَا وَإِن تَصَدَّقت أَو وهبت أَكثر من الثُّلُث لم يجز من ذَلِك قَلِيل وَلَا كثير قَالَ وعطية الْمَرْأَة زَوجهَا المَال جَائِز عَلَيْهَا وَإِن أحَاط ذَلِك بمالها كُله (153 ب) قَالَ مَالك وَالْمَرْأَة الأيم إِذا لم يكن لَهَا مَال كَالرّجلِ فِي مَاله سَوَاء وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا تجوز عَطِيَّة الْمَرْأَة حَتَّى تَلد أَو تكون فِي بَيت زَوجهَا سنة وَقَالَ اللَّيْث لَا يجوز عتق الْمَرْأَة ذَات الزَّوْج وَلَا صَدَاقهَا إِلَّا فِي الشَّيْء الْيَسِير الَّذِي لَا بُد لَهَا مِنْهُ بصلَة الرَّحِم أوغير ذَلِك مِمَّا يتَقرَّب بِهِ إِلَى الله تَعَالَى قَالَ ابو جَعْفَر قَالَ الله تَعَالَى {من بعد وَصِيَّة يُوصي بهَا أَو دين} النِّسَاء 12 وَلم يفرق بَين الْبكر وَالثَّيِّب فِي الْوَصِيَّة وَلَا بَين ذَات زوج وَغَيرهَا وَفِي حَدِيث زَيْنَب ابْنة عبد الله أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لتصدقن وَلَو من حليكن الحديث: 834 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 341 وَفِي حَدِيث ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج يَوْم فطر فصلى ثمَّ خطب ثمَّ أَتَى النِّسَاء فأمرهن أَن يتصدقن 835 - فِي تَزْوِيج الْمَرْأَة فِي عدَّة أخنها قَالَ أَصْحَابنَا لَا تزوج الْمَرْأَة فِي عدَّة أُخْتهَا من بينونة وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْحسن بن حَيّ وَقَالَ مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ يجوز إِذا كَانَت قد بَانَتْ وَرُوِيَ نَحْو قَوْلنَا عَن عَليّ وَزيد بن ثَابت وَعبيدَة وَسَعِيد بن الْمسيب وَعمر بن عبد الْعَزِيز وَالقَاسِم بن مُحَمَّد رِوَايَتَانِ وَسَالم بن عبد الله وَعَطَاء وَمُجاهد وَالْحسن وروى مُحَمَّد بن كثير قَالَ أخبرنَا سُفْيَان عَن أبي هَاشم قَالَ سَأَلت إِبْرَاهِيم أَعلَى الرجل عدَّة قَالَ نعم وعدتان وَثَلَاث فِي الْأَرْبَع وَفِي الْأَخير وَفِي الْمَرْأَة يَمُوت وَلَدهَا من غير زَوجهَا وَقَالَ عُرْوَة بن الزبير وَسَعِيد بن الْمسيب رِوَايَة وَالقَاسِم بن مُحَمَّد رِوَايَة تَزْوِيجهَا فِي عدَّة أُخْتهَا من بينونة الحديث: 835 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 342 وَاخْتلف أَصْحَابنَا فِي تَزْوِيج أُخْت أم الْوَلَد إِذا كَانَت تَعْتَد من الْمولى بِالْعِتْقِ فَلم يجزه أَبُو حنيفَة وَأَجَازَ أَن يتَزَوَّج أَرْبعا سواهَا وَقَالَ زفر لَا يتَزَوَّج أُخْتهَا وَلَا أَرْبعا سواهَا وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يتَزَوَّج أُخْتهَا وأربعا سواهَا 836 - إِذا ادّعى الزَّوْج إِقْرَارهَا بِانْقِضَاء الْعدة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا ادّعى أَنَّهَا أخْبرته بِانْقِضَاء الْعدة صدق فِي أَمر نَفسه ويتزوج أُخْتهَا وَلَا يصدق عَلَيْهَا فِي نَفَقَتهَا وَقَالَ زفر لَا يصدق وَلَا يجوز لَهُ أَن يتَزَوَّج أُخْتهَا وَلَا أَرْبعا سواهَا هَكَذَا ذكر ابْن الْقَاسِم قِيَاس قَول مَالك وَقِيَاس قَول الشَّافِعِي أَنه يصدق فِي حق نَفسه وَلَا يصدق فِي نَفَقَتهَا 837 - فِي وَطْء الْمَرْأَة فِي الدبر قَالَ أَبُو جَعْفَر أَصْحَابنَا يكْرهُونَ ذَلِك وَينْهَوْنَ عَنهُ أَشد النَّهْي وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ فِي الْمُزنِيّ قَالَ أَبُو جَعْفَر وَحكى لنا مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم أَنه سمع الشَّافِعِي يَقُول مَا صَحَّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي تَحْرِيمه وَلَا تَحْلِيله شَيْء وَالْقِيَاس أَنه حَلَال الحديث: 836 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 343 وروى أصبغ بن الْفرج عَن ابْن الْقَاسِم قَالَ مَا أدْركْت أحدا اقْتدى بِهِ فِي ديني يشك فِيهِ أَنه حَلَال يَعْنِي وَطْء الْمَرْأَة فِي دبرهَا ثمَّ قَرَأَ {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم} قَالَ فَأَي شَيْء أبين من هَذَا وَمَا أَشك فِيهِ قَالَ أَبُو جَعْفَر حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم قَالَ حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي أويس الْأَعْشَى قَالَ حَدثنَا سُلَيْمَان بن بِلَال عَن زيد بن أسلم عَن عبد الله بن عمر أَن رجلا اتى امْرَأَته فِي دبرهَا فَوجدَ فِي نَفسه ذَلِك وجدا شَدِيدا فَأنْزل الله تَعَالَى {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} الْبَقَرَة 223 قَالَ أَبُو جَعْفَر وَزيد بن أسلم لَا نعلم لَهُ سَمَاعا من ابْن عمر وروى ابْن جريج عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن جَابر أَن الْيَهُود قَالُوا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 344 للْمُسلمين من أَتَى امْرَأَته وَهِي مُدبرَة جَاءَ وَلَده أَحول فَأنْزل الله تَعَالَى {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم} فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مقبلة ومدبرة مَا كَانَ فِي الْفرج وروى حَمَّاد بن سَلمَة عَن حَكِيم الْأَثْرَم عَن أبي تَمِيمَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من اتى حَائِضًا أَو امْرَأَة فِي دبرهَا أَو كَاهِنًا فقد كفر بِمَا أنزل على مُحَمَّد وروى مَالك عَن ربيعَة عَن أبي الْحباب سعيد بن يسَار أَنه سَأَلَ ابْن عمر عَن ذَلِك فَقَالَ لَا بَأْس بِهِ وروى وَهل يفعل ذَلِك أحد من الْمُسلمين 838 - فِي الِاخْتِلَاف فِي مَتَاع الْبَيْت قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا اخْتلف الزَّوْجَانِ فِي مَتَاع الْبَيْت وَقد طلق أَو لم يُطلق فَمَا كَانَ للرِّجَال فَهُوَ للرجل وَمَا كَانَ للنِّسَاء فَهُوَ للْمَرْأَة وَمَا كَانَ لَهما فَهُوَ للرجل وَفِي الْمَوْت مَا كَانَ لَهما فَهُوَ للْبَاقِي مِنْهُمَا الحديث: 838 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 345 وَقَالَ زفر من رِوَايَة مُحَمَّد مَا كَانَ لَهما فَهُوَ بَينهمَا نِصْفَانِ وَقَالَ الْحسن عَن زفر جَمِيع الْمَتَاع بَينهمَا نِصْفَانِ إِلَّا مَا كَانَ كل وَاحِد مِنْهُمَا لابسه وَقَالَ مُحَمَّد كَقَوْل أبي حنيفَة إِلَّا فِي الْمَوْت فَإِنَّهُ قَالَ مَا كَانَ لَهما فَهُوَ للرجل وَقَالَ أَبُو يُوسُف فِي الْحَيَاة وَالْمَوْت تُعْطى الْمَرْأَة مَا يُجهز بِهِ فِي مثلهَا وَمَا بَقِي للزَّوْج وروى أَبُو يُوسُف عَن ابْن أبي ليلى إِن مَتَاع الْبَيْت كُله للرجل فِي الْحَيَاة وَالْمَوْت إِلَّا الدرْع والخمار وَشبهه وروى مُحَمَّد عَنهُ إِن جَمِيعه للرجل إِلَّا لباسها الَّذِي عَلَيْهَا وَقَالَ مَالك كَقَوْل مُحَمَّد بن حسن وَقَالَ الثَّوْريّ هُوَ بَينهمَا إِلَّا مَا عرف إِنَّه للنِّسَاء وَالرجل وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ مَا كَانَ للرِّجَال فَهُوَ للرجل وَمَا كَانَ للنِّسَاء فَهُوَ للْمَرْأَة وَمَا كَانَ للرجل وَالْمَرْأَة فَهُوَ بَينهمَا نِصْفَانِ وَهُوَ قَول عُثْمَان البتي وَالْحسن بن الْحَيّ وَعبيد الله بن الْحسن (154 ب) وَقَالَ ابْن الْقَاسِم ابْن معن وَشريك بن عبد الله جَمِيع الْمَتَاع بَينهمَا نِصْفَانِ وَهُوَ قَول الشَّافِعِي قَالَ أَبُو حنيفَة وَإِن كَانَ أَحدهمَا مَمْلُوكا فالمتاع للْحرّ مِنْهُمَا وَقَالَ ابو يُوسُف وَمُحَمّد العَبْد الْمَأْذُون لَهُ وَالْمكَاتب بِمَنْزِلَة الْحر وَقِيَاس قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ أَن الْحر وَالْعَبْد فِي ذَلِك سَوَاء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 346 839 - فِي الْوكَالَة بِالتَّزْوِيجِ قَالَ أَبُو جَعْفَر ذكر حميد بن عبد الرَّحْمَن الرواسِي عَن الْحسن بن حَيّ أَنه كَانَ يرى أَن الْوكَالَة فِي النِّكَاح لَا يكون إِلَّا بِبَيِّنَة كَمَا لَا يكون النِّكَاح إِلَّا بِبَيِّنَة قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلَا نعلم لَهُ مُوَافقا على هَذَا من أهل الْعلم وَالْوكَالَة لَيست بِعقد يملك بِهِ الْبضْع فَهُوَ كَسَائِر الوكالات 840 - فِي التَّزْوِيج على المخاطرة ذكر ابْن وهب عَن اللَّيْث فِي الرجل يخْطب إِلَى الرجل امْرَأَته فَيَقُول إِن جئتني بِكَذَا وَكَذَا إِلَى أجل مُسَمّى فقد زَوجتك وَيشْهد لَهُ بذلك فَقَالَ أكره أَن تنْكح على هَذَا فَإِن وَقع هَذَا وَثَبت حَتَّى يَأْتِي الْأَجَل فَإِنِّي أرَاهُ نِكَاحا ثَابتا يلْزم الْأَب ذَلِك فِي ابْنَته قَالَ وَلَا يَقع الْمِيرَاث بَينهمَا حَتَّى يَأْتِي الْأَجَل وَإِنَّمَا ثَبت النِّكَاح حِين حل الْأَجَل وَلَا نعلم هَذَا القَوْل روى عَن أحد إِلَّا عَن اللَّيْث وَسَائِر عُقُود التمليكات لَا يَصح على الأخطار وَكَذَلِكَ تمْلِيك الإنصاع وَإِنَّمَا يجوز على الْخطر مَا لَيْسَ بِتَمْلِيك كَالْعِتْقِ وَالطَّلَاق 841 - فِي السّير يتَزَوَّج الحربية ثمَّ يسبى قَالَ أَصْحَابنَا لَو أَن أَسِيرًا من الْمُسلمين تزوج فِي دَار الْحَرْب نَصْرَانِيَّة بِشُهُود مُسلمين فَالنِّكَاح جَائِز وَإِن سبيت فَهِيَ لمن أَخذهَا وَقَالَ اللَّيْث هِيَ فيئ وَلَا يحل لأحد أَن يطلقهَا وَيَرَاهُ أولى بِثمنِهَا الحديث: 839 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 347 قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا نعلم أحدا قَالَ هُوَ أَحَق بِثمنِهَا غير اللَّيْث وَقد تبَاع الْأمة وَهِي تَحت زوج فَلَا يكون زَوجهَا أَحَق بِثمنِهَا كَذَلِك المسبية 842 - فِي الْخلْوَة هَل توجب الْمهْر قَالَ أَصْحَابنَا الْخلْوَة الصَّحِيحَة تمنع سُقُوط شَيْء من الْمهْر بعدالطلاق وطأ أَو لم يطَأ إِلَّا أَن يكون أَحدهمَا محرما أَو مَرِيضا أَو كَانَت حَائِضًا أَو صَائِمَة فِي رَمَضَان فَإِنَّمَا يجب فِي ذَلِك نصف الْمهْر إِن طلقا بعد الْخلْوَة قبل الدُّخُول وَقَالَ ابْن أبي ليلى لَهَا كَمَال الْمهْر فِي هَذِه الْوُجُوه كلهَا إِن طَلقهَا وَعَلَيْهَا الْعدة عِنْدهم جَمِيعًا فِي جَمِيع هَذِه الْوُجُوه وَقَالَ الثَّوْريّ لَهَا الْمهْر كَامِلا إِذا خلا بهَا وَإِن لم يدْخل بهَا إِذا جَاءَ ذَلِك من قبله وَإِن كَانَت رتقاء فلهَا نصف الصَدَاق وَقَالَ مَالك إِذا خلا بهَا وَقبلهَا وكشفها إِن كَانَ ذَلِك قَرِيبا فَلَا أرى لَهَا إِلَّا نصف الصَدَاق وَإِن تطاول ذَلِك فلهَا الْمهْر إِلَّا أَن تحب أَن تضع لَهُ مَا شَاءَت وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا تزوج امْرَأَة فَدخل عَلَيْهَا عِنْد أَهلهَا فقبلها ولمسها (155 أ) ثمَّ طَلقهَا وَلم يُجَامِعهَا أَو أرْخى عَلَيْهَا سترا وأغلق عَلَيْهَا بَابا فقد تمّ الصَدَاق وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا خلا بهَا وَلم يُجَامِعهَا ثمَّ طَلقهَا فلهَا نصف الْمهْر إِذا لم يدْخل بهَا وَإِن ادَّعَت الدُّخُول فَالْقَوْل قَوْلهَا بعد الْخلْوَة الحديث: 842 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 348 وَقَالَ اللَّيْث إِذا أرْخى عَلَيْهَا ستارة فقد وَجب الصَدَاق وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا خلا بهَا وَلم يُجَامِعهَا حَتَّى طلق فلهَا نصف الْمهْر وَلَا عدَّة عَلَيْهَا قَالَ عَليّ وَعمر وَزيد بن ثَابت إِذا أغلق بَابا أَو أرْخى سترا ثمَّ طَلقهَا فلهَا جَمِيع الْمهْر وَقَالَ زُرَارَة بن أوفى قضى الْخُلَفَاء الراشدون المهديون أَنه من أغلق بَابا أَو أرْخى سترا فقد وَجب عَلَيْهِ الْمهْر وَوَجَبَت الْعدة فَإِن قيل روى سُفْيَان عَن عَمْرو بن دِينَار عَن عَطاء وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ إِذا فوض إِلَى الرجل فَطلق قبل أَن يمس فَلَيْسَ لَهَا إِلَّا الْمَتَاع قيل لَهُ لَا دلَالَة فِي هَذَا على أَن ابْن عَبَّاس مُخَالف لما ذكرنَا لِأَن قَوْله فوض إِلَيْهِ يحْتَمل أَنه يُرِيد بِهِ أَنه لم يسم لَهَا مهْرا وَقَوله قبل أَن يمس يُرِيد قبل الْخلْوَة لِأَن الآخرين قد تأولوا الْمَسِيس على الْخلْوَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 349 843 - فِي تَوْكِيل الْمَرْأَة الرجل بتزويجها من رجل بِغَيْر عينه قَالَ أَصْحَابنَا إِذا وكلت الْمَرْأَة رجلا أَن يُزَوّجهَا مِمَّن رأى جَازَ ذَلِك وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ مَالك لَا يجوز لَهُ أَن يُزَوّجهَا من نَفسه وَلَا من غَيره حَتَّى يُسَمِّي من يُرِيد أَن يُزَوّجهَا إِيَّاهَا فَإِن زَوجهَا من نَفسه فبلغت فرضيت جَازَ قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا خلاف بَينهم فِي جَوَاز توكليه بِبيع عَبده مِمَّن رأى فَكَذَلِك النِّكَاح 844 - فِي عدَّة الْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوجهَا هَل فِيهَا حيض قَالَ أَصْحَابنَا وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ إِذا مَضَت أَرْبَعَة أشهر وَعشرا انْقَضتْ عدتهَا وَإِن لم تَحض فِيهَا إِذا لم تكن حَامِلا وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث يستبرئ مَعَ ذَلِك بِحَيْضَة قَالَ أَبُو جَعْفَر وَمن مَذْهَب مَالك أَن الْحَامِل قد تحيض فَكيف يسقطهن بِالْحيضِ مَعَ جَوَاز وجود الْحمل مَعَه 845 - فِيمَن تزوج امْرَأَة مُعْتَدَّة مِنْهُ من بينونة ثمَّ طَلقهَا قبل الدُّخُول قَالَ أَبُو جَعْفَر وَأَبُو يُوسُف وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ لَهَا مهر كَامِل للنِّكَاح اللثاني وعدة مُسْتَقْبلَة الحديث: 843 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 350 وَقَالَ زفر وَمُحَمّد وَمَالك وَعُثْمَان البتي وَالشَّافِعِيّ وَاللَّيْث لَهَا نصف الصَدَاق وَبَقِيَّة الْعدة الأولى وَرُوِيَ نَحْو قَول أبي حنيفَة عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَالشعْبِيّ وَرُوِيَ نَحْو قَول مُحَمَّد عَن الْحسن وَعَطَاء بن أبي رَبَاح وَالزهْرِيّ وَعِكْرِمَة 846 - فِي تَزْوِيج الْمَرِيض قَالَ أَصْحَابنَا وَابْن شبْرمَة وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ نِكَاحه جَائِز وَلَا يُجَاوز بهَا مهر مثلهَا ومهرها دين من جَمِيع المَال كَسَائِر الدُّيُون (155 ب) قَالَ مَالك لَا يجوز نِكَاحه إِذا كَانَ مَرضا يمْنَع الْقَضَاء فِي مَاله إِلَّا فِي الثُّلُث وَإِن لم يدْخل بهَا فرق بَينهمَا وَلَا مهر لَهَا وَإِن كَانَ دخل بهَا فلهَا بِمَا اسْتحلَّ من فرجهَا فِي ثلث مَاله تبدأ بِهِ قبل الْوَصَايَا وَالْعِتْق وَلَا مِيرَاث لَهَا مِنْهُ وَلَو تزوجت وَهِي مَرِيضَة لم يجز نِكَاحهَا وَيفرق بَينهمَا وَلها الْمهْر كَامِلا إِن دخل بهَا وَلَا يَرِثهَا إِن مَاتَت من مَرضهَا وَقَالَ عُثْمَان البتي إِذا تزَوجهَا وَهُوَ مَرِيض فمهرها وميراثها من الثُّلُث وَإِن أوصى لقوم آخَرين كَانَت الْمَرْأَة شَرِيكا فِي الثُّلُث بِالْمِيرَاثِ وَالْمهْر وَقَالَ اللَّيْث مهرهَا وميراثها من الثُّلُث قَالَ وَمن النَّاس من يَقُول تبدأ على اهل الْوَصَايَا وَمِنْهُم من يَقُول تحاص أَصْحَاب الْوَصَايَا فِي الثُّلُث الحديث: 846 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 351 وَقَالَ ابْن حَيّ نِكَاح الْمَرِيض جَائِز ولامرأته مَا سمى لَهَا من الصَدَاق وَإِن كَانَ أَكثر من صدَاق مثلهَا قَالَ أَبُو جَعْفَر الْمَرِيض غير مَحْجُور عَلَيْهِ فِي مَاله بِدلَالَة أَن لَهُ أَن يَبِيع وَيَشْتَرِي بِمثل الْقيمَة بِلَا خلاف فَجَاز نِكَاحه بِمهْر الْمثل 847 - فِي الْمَرِيض يعْتق أمته ثمَّ يَتَزَوَّجهَا قَالَ أَبُو جَعْفَر فِي الْمَرِيض يعْتق أمته ثمَّ يَتَزَوَّجهَا وَيدخل بهَا ثمَّ يَمُوت إِنَّهَا إِن كَانَت تخرج من الثُّلُث هِيَ ومهرها فَالنِّكَاح جَائِز وَلها الْمهْر وَالْمِيرَاث وَلَا سِعَايَة عَلَيْهَا وَإِن كَانَت قيمتهَا ومهرها لَا يخرجَانِ من الثُّلُث دفع لَهَا مهر مثلثها وَالثلث وَالدّين مِمَّا بَقِي بعد الْمهْر سعت فِيمَا بَقِي من قيمتهَا وَالنِّكَاح فَاسد وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد النِّكَاح جَائِز فِي جَمِيع الْأَحْوَال وَعَلِيهِ الصَدَاق وَالْمِيرَاث بعد ذَلِك وتسعى فِيمَا بَقِي عَلَيْهَا من قيمتهَا لسَائِر الْوَرَثَة مَعهَا وَهُوَ قَول الْحسن بن حَيّ وَابْن شبْرمَة وَقَالَ اللَّيْث إِذا قَالَ لأمة لَهُ فِي مَرضه إِنِّي كنت أعْتقهَا وتزوجتها فَإِن كَانَ عَلَيْهِ دين لم يجز حَتَّى يقْضِي الدّين وَإِن لم يكن عَلَيْهِ دين تعْتق فِي ثلثه وَيكون لَهَا الْمِيرَاث فِي ثلثه ويحاص بِهِ أَصْحَاب الْوَصَايَا إِن لم يحمل ذَلِك الثُّلُث وَقَالَ الْمُزنِيّ النِّكَاح جَائِز وعتقها وَصِيَّة وَلَا مِيرَاث لَهَا كحرة قتلت زَوجهَا فَالنِّكَاح ثَابت وَلَا تَرثه وكأحد الزَّوْجَيْنِ إِذا كَانَ كَافِرًا أَو أمة 847 - فِيمَن تزوج على نسب فَوَجَدَهُ على غَيره قَالَ أَصْحَابنَا إِذا تزَوجهَا على أَنه فلَان بن فلَان فَإِذا هُوَ غَيره ثمَّ الحديث: 847 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 352 علمت فلهَا الْخِيَار لِأَنَّهُ قد غرها وَإِن أخْبرهَا على نسب فَكَانَ على غَيره وَهُوَ كقولها فِي النسبين إِلَّا أَن الَّذِي أخْبرهَا بِهِ أفضلهَا فلهَا الْخِيَار وَإِن كَانَ الَّذِي كتمها أفضل النسبين فَلَا خِيَار لَهَا وَقَالَ مَالك إِذا تزوج امْرَأَة زَوجهَا على نسب فَإِذا هِيَ لغيره فَلهُ الْخِيَار وَإِن لم يُزَوّجهَا على نسب فَلَا خِيَار لَهُ قَالَ ابْن الْقَاسِم وَيَنْبَغِي أَن يكون كَذَلِك فِي الرجل إِذا تزوج على نسب فَإِذا هُوَ لغيره أَن لَهَا الْخِيَار وَقَالَ عُثْمَان البتي كَأَن يُسمى باسم الرجل وَاسم أَبِيه فزوج ثمَّ علمُوا أَنه لَيْسَ بِهِ فَإِنَّهُ يفرق بَينهمَا وَلها الصَدَاق وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا شَرط أَنه قيسي فَإِذا هُوَ فَارسي فَإِنَّهُ يفرق بَينهمَا وينكل عُقُوبَة وَإِن كَانَ عَرَبيا لَيْسَ من قيس فلهَا الْخِيَار وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا وصف الناكح نَفسه بِصفة فَزَوجُوهُ عَلَيْهَا فوجدوه على غَيرهَا فَإِن كَانَ أفضل مِنْهَا كَانُوا بِالْخِيَارِ كَرجل تزوج امْرَأَة على أَنه مولى فَإِذا هُوَ عَرَبِيّ إِن شاؤوا أَجَازُوا وَإِن شاؤوا ردوا وَإِن قَالَ إِنَّه عَرَبِيّ فوجدوه عَرَبيا من أَي الْقَبَائِل كَانَ فَلَا خِيَار وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا انتسب إِلَى نسب فَوَجَدته دونه وَهِي فَوْقه فَفِيهَا قَولَانِ أَحدهمَا أَن لَهَا الْخِيَار لِأَنَّهُ منكوح بِعَيْنِه وَالثَّانِي أَن النِّكَاح مفسوخ 848 - من تزوج على انه حر فَإِذا هُوَ عبد قَالَ أَصْحَابنَا لَهَا الْخِيَار وَهُوَ قَول مَالك وَإِن كَانَت هِيَ شرطت أَنَّهَا حرَّة فَإِذا هِيَ أمة وَالزَّوْج حر فَإِن شَاءَ طلق وَإِن شَاءَ أمسك الحديث: 848 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 353 وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا تزَوجهَا على أَنه حر فَإِذا هُوَ عبد قد أذن لَهُ فِي النِّكَاح فَإِنَّهُ يفرق بَينهمَا وَيكون صَدَاقهَا على الَّذِي غرها مِنْهُ قَالَ وَهُوَ قَول الزُّهْرِيّ وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا كَانَ شَرط أَنه حر فَوَجَدته عبدا فَفِيهَا قَولَانِ أَحدهمَا أَن لَهَا الْخِيَار وَالْآخر أَن النِّكَاح مفسوخ فَلَو كَانَت هِيَ الَّتِي غرت بِهِ فَفِيهَا قَولَانِ أَحدهمَا أَن لَهُ أَن يفْسخ بِلَا مهر وَلَا مُتْعَة وَإِن كَانَ بعد الدُّخُول فلهَا مهر مثلهَا وَالثَّانِي لَا خِيَار لَهَا 849 - فِي الْمَغْرُور قَالَ أَصْحَابنَا إِذا زوج رجل رجلا امْرَأَة على أَنَّهَا حرَّة فَولدت أَوْلَادًا ثمَّ اسْتحقَّهَا رجل فعلى الْأَب قيمَة الْأَوْلَاد والعقر وَيرجع بِالْقيمَةِ على الْغَار وَلَا يرجع بالعقر وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا أخْبرته أَنَّهَا حرَّة وَزوجهَا وَهُوَ يعلم أَنَّهَا أمة لم يرجع عَلَيْهِ بِقِيمَة الْأَوْلَاد قَالَ الشَّافِعِي على الْغَار قيمَة الْأَوْلَاد للْأَب وعَلى الْأَب للْمُسْتَحقّ قَالَ أَبُو جَعْفَر لاخلاف أَن للْأَب يرجع على البَائِع بِقِيمَة الْوَلَد سَوَاء علم البَائِع أَنَّهَا أمة أَو لم يعلم وَكَذَلِكَ النِّكَاح 850 - مَتى تعْتَبر قيمَة الْوَلَد قَالَ أَصْحَابنَا يقوم الْأَب قيمَة الْأَوْلَاد يَوْم يختصمون من كَانَ مِنْهُم حَيا وَمن مَاتَ مِنْهُم قبل ذَلِك فَلَا شَيْء على الْأَب من قِيمَته الحديث: 849 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 354 وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث مثل قَوْلنَا فِي اعْتِبَار الْقيمَة يَوْم الْخُصُومَة وَعَن الثَّوْريّ فِيهَا رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا مثل ذَلِك وَالْأُخْرَى قِيمَته يَوْم ولد (156 ب) وَقَالَ عبد الله بن الْحسن وَالشَّافِعِيّ عَلَيْهِ الْقيمَة يَوْم ولدُوا وَقَالَ أَبُو جَعْفَر الْقيَاس أَن يكون الْأَوْلَاد مملوكين إِلَّا أَنهم تركُوا الْقيَاس لِاتِّفَاق الصَّحَابَة على أَنهم أَحْرَار وَيغرم الْمَغْرُور قِيمَته وَيرجع بِهِ على الْغَار وَرُوِيَ عَن عمر وَعلي وَعُثْمَان 851 - فِي الْمَغْرُور إِذا كَانَ مُعسرا قَالَ أَصْحَابنَا لَا سَبِيل للْمُسْتَحقّ على الْأَوْلَاد وَإِنَّمَا الْقيمَة على الْمَغْرُور مُوسِرًا كَانَ أَو مُعسرا وَقَالَ مَالك إِذا كَانَ الْمَغْرُور مُعسرا وَالْأَوْلَاد ملاء أتبعهم وَإِن كَانَ الْأَب مليئا وَالْولد معدما رَجَعَ عَلَيْهِ الْأَب إِذا أيسر 852 - إِذا كَانَ الْمَقْدُور ابْن الْمُسْتَحق قَالَ أَصْحَابنَا لَا يُبرئهُ ذَلِك من قيمَة الْأَوْلَاد وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ مَالك لَا شَيْء على الْمَغْرُور من قيمَة الْوَلَد وَلَا أَوْلَادهم أَيْضا مِنْهُ الحديث: 851 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 355 853 - فِي أم الْوَلَد إِذا غرت رجلا قَالَ أَصْحَابنَا إِذا غرت الْأمة رجلا على أَنَّهَا حرَّة ثمَّ تبين أَنَّهَا أم ولد فعلى الْأَب الْقيمَة وَهُوَ قِيَاس قَول الشَّافِعِي وَقَالَ مَالك فِي أم ولد غرت رجلا فَتَزَوجهَا وَولدت أَوْلَادًا ثمَّ أَقَامَ سَيِّدهَا الْبَيِّنَة أَنَّهَا أم وَلَده فَلم يقْض لَهُ بِقِيمَة الْوَلَد حَتَّى مَاتَ السَّيِّد فَلَا شَيْء للْوَرَثَة من قيمَة الْأَوْلَاد لأَنهم عتقوا بِعِتْق أمّهم قبل أَن يقْضِي على الْأَب بِقِيمَة الْوَلَد قَالَ مَالك وَلَو ان رجلا مِنْهُم قتل كَانَت دِيَته لِأَبِيهِ دِيَة حر وَيكون لسَيِّد الْأمة على أَبِيهِم قِيمَته يَوْم قتل 854 - فِي الْعَرَبِيّ يتَزَوَّج الْأمة قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَاللَّيْث إِذا تزوج الْعَرَبِيّ الْأمة فَولدت لَهُم فهم عبيد لمولاها وَلَيْسَ لأبيهم أَن يفديهم بِالْقيمَةِ إِلَّا أَن يرضى بذلك مَوْلَاهَا قَالَ اللَّيْث من قَضَاء عمر بن الْخطاب فِي فدَاء ولد الْعَرَب من الولائد سِتَّة فَرَائض إِنَّمَا كَانَ من أَوْلَاد الْجَاهِلِيَّة وَفِيمَا أقرّ بِهِ الرجل من نِكَاح الْإِمَاء فَأَما الْيَوْم فَمن تزوج أمة وَهُوَ يعلم أَنَّهَا أمة فولده عبد لسَيِّد الْأمة عَرَبيا كَانَ أَو قرشيا أَو غَيره وَقَالَ الْأَوْزَاعِي ّ فِي الْعَرَبِيّ يتَزَوَّج الْأمة فتلد لَهُ فَإِن الْوَلَد حر وعَلى الْأَب فداؤه الحديث: 853 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 356 855 - فِي الصَّحِيح يتَزَوَّج ثمَّ يجن هَل يفرق بَينهمَا قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا فرق عِنْد أَصْحَابنَا بَين أَن يَتَزَوَّجهَا وَفِيه الْعَيْب أَو يطْرَأ ذَلِك عَلَيْهِ قبل الدُّخُول على الْخلاف الَّذِي ذَكرْنَاهُ فَفِي قَول مُحَمَّد إِذا لم يُمكنهَا الْمقَام مَعَه فلهَا الْخِيَار وَقَالَ مَالك إِذا جن لم يعجل عَلَيْهِ بِفِرَاق امْرَأَته وَيضْرب لَهُ فِيهِ أجل سنة فَإِن برأَ وَإِلَّا فرق بَينهمَا وَقَالَ الشَّافِعِي لَهَا الْخِيَار وَإِن لم يؤقت 856 - فِيمَن أذهب عذرة الْمَرْأَة بِغَيْر وَطْء قَالَ مُحَمَّد فِي الْإِمْلَاء إِذا دفع امْرَأَته فَأذْهب عذرتها قبل الْخلْوَة ثمَّ (157 ب) طَلقهَا فلهَا نصف الصَدَاق فِي قَول أبي حنيفَة وَفِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد جَمِيع الصَدَاق وَهُوَ كوطئه إِيَّاهَا قَالَ وَلَو أَن رجلا أَجْنَبِيّا دَفعهَا فَأذْهب عذرتها فَعَلَيهِ صدَاق مثلهَا فِي قَول أبي حنيفَة وَإِن طَلقهَا زَوجهَا قبل الدُّخُول فَعَلَيهِ نصف الصَدَاق فِي قَوْلهم جَمِيعًا وَإِن دَفعهَا زَوجهَا وَرجل أَجْنَبِي فأذهبا عذرتها فعلى الْأَجْنَبِيّ نصف صدَاق مثلهَا فَإِن طَلقهَا زَوجهَا قبل الدُّخُول فَعَلَيهِ نصف صَدَاقهَا الَّذِي تزَوجهَا عَلَيْهِ فِي قَوْلهم جَمِيعًا وَقَالَ الْحسن عَن زفر فِي رجل دفع امْرَأَته قبل أَن يدْخل بهَا فَأذْهب عذرتها ثمَّ طَلقهَا قبل الدُّخُول فَعَلَيهِ الصَدَاق وَقَالَ أَبُو يُوسُف نصف الصَدَاق قَالَ زفر إِن دَفعهَا هُوَ وَآخر قبل أَن يدْخل بهَا فَأذْهب عذرتها ثمَّ طَلقهَا الحديث: 855 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 357 قبل الدُّخُول فعلى الزَّوْج ثَلَاثَة أَربَاع الصَدَاق وعَلى الْأَجْنَبِيّ النّصْف وَقَالَ أَبُو يُوسُف على الزَّوْج وعَلى الْأَجْنَبِيّ النّصْف وَقَالَ أَبُو جَعْفَر وَمن أصل مَالك أَن ذهَاب الْعذرَة من غير وَطْء يُوجب حُكُومَة وَهُوَ قَول الشَّافِعِي فَيجب على قَوْلهمَا إِذا طَلقهَا قبل الدُّخُول بعد إذهاب الْعذرَة بِالدفع أَن يكون عَلَيْهِ نصف الصَدَاق وَقَالَ الثَّوْريّ فِي إذهاب الْعذرَة بالإصبع الْمهْر فيجيب على قَوْله أَن يكون الزَّوْج كالواطئ قَالَ أَبُو جَعْفَر يَنْبَغِي أَن يكون كالواطئ لِأَنَّهُ لَا فرق فِي قبض الْمَبِيع بَين أَن يقبضهُ بِيَدِهِ وَبَين أَن يحرقه أَو يغرقه 857 - فِيمَن جَامع امْرَأَته فَقَتلهَا أَو كسر عضوا مِنْهَا قَالَ مُحَمَّد فِي الْإِمْلَاء فِي الرجل يتَزَوَّج الْمَرْأَة فيجامعها فيفضيها فَلَا شَيْء عَلَيْهِ كَذَلِك إِن جَامعهَا فَقَتلهَا فَلَا شَيْء عَلَيْهِ فِي ذَلِك من دِيَة وَلَا غَيرهَا إِلَّا الْمهْر وَإِن كسر فَخذهَا أَو عضوا مِنْهَا فَعَلَيهِ أرش مَا كسر قَالَ وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَقَوْلنَا وَقَالَ مَالك إِذا جَامع امْرَأَته الْبكر فأفضاها وَمثلهَا تُوطأ فتموت من ذَلِك فَإِن علم أَنَّهَا مَاتَت من جمَاعه فعلى فَاعله الدِّيَة وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا أفضاها فَعَلَيهِ دِيَتهَا وَلها مهرهَا كَامِلا قَالَ أَبُو جَعْفَر الْجِمَاع حق لَهُ فَلَا يضمن مايحدث مِنْهُ بِإِذْنِهَا كَمَا لَو قطع يَد رجل بِإِذْنِهِ لم يخَاف من تلفه إِن لم يقطع فَحدث مِنْهُ التّلف لم يضمن قَالَ أَبُو جَعْفَر وَإِن فعل ذَلِك بهَا مستكرها لَهَا ضمن عِنْدهم جَمِيعًا لِأَنَّهُ فعله لنَفسِهِ دون إِذْنهَا كَمَا لَو ضربهَا للنشوز الحديث: 857 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 358 858 - فِي وَطْء الْمَرْأَة بِحَضْرَة أُخْرَى ذكره مَالك وَالثَّوْري أَن يُجَامع إِحْدَى امرأتيه بحذاء الْأُخْرَى وَلَيْسَ عَن أَصْحَابنَا فِيهِ شَيْء مَنْصُوص وَقِيَاس قَوْلهم أَنه لَا يفعل 859 - فِي تَفْسِير الغيل الَّذِي رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَالك الغيلة أَن يمس امْرَأَته وَهِي ترْضع قَالَ ابْن الْقَاسِم فَقلت لمَالِك بعض النَّاس يَقُول هِيَ أَن يمس امْرَأَته وَهِي حَامِل فَقَالَ لَيْسَ كَمَا قَالُوا إِنَّمَا هُوَ أَن يَمَسهَا وَهِي ترْضع وَهُوَ تَفْسِير الحَدِيث وَقَالَ مَالك وَإِن طلبت وَطئه إِيَّاهَا لم أر لَهَا فِي ذَلِك حجَّة وَلَا تجبر على ذَلِك كَانَت فِيهِ يَمِين أَو لم تكن وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقد هَمَمْت أَن أنههم عَن الغيلة فَإِذا الْجَبْر على الْوَطْء إِذا منعهَا على وَجه الاصلاح فَهَذَا إِنَّمَا يُرِيد بِهِ صَلَاح الْوَلَد قَالَ ابْن وهب سُئِلَ اللَّيْث عَن الاستسرار فَقَالَ سَمِعت فِيهِ اخْتِلَافا فَمن النَّاس منيقول هُوَ أَن يحل لَهُ وَمِنْهُم من يَقُول هُوَ الْوَطْء فَإِنِّي لَا أحب التَّنَزُّه عَن ذَلِك كُله قد رَوَت أَسمَاء بنت يزِيد الْأَنْصَارِيَّة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لاتقتلوا أَنفسكُم فَإِن الغيل يدْرك الْفَارِس على ظهر فرسه الحديث: 858 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 359 وَرُوِيَ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة عَن جذامة بنت وهب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لقد هَمَمْت أَن أنهى النَّاس عَن الغيلة حَتَّى ذكرت أَن فَارس وَالروم يصنعون ذَلِك فَلَا يضر أَوْلَادهم وَذكر عَمْرو بن دِينَار عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما نهى عَن الاغتيال ثمَّ قَالَ لَو ضرّ أحدا لضر فَارس وَالروم فَأخْبر أَن الاباحة بعد الْحَظْر ناسخة لَهُ وَيحْتَمل أَن يكون نَهْيه لم يكن حتما وَإِنَّمَا كَانَ نظرا للْوَلَد وإشفاقا عَلَيْهِ حَتَّى ظن أَن ذَلِك يضرّهُ ثمَّ لما وقف على أَنه لَا يضرّهُ أَبَاحَهُ كَمَا روى عَنهُ الْأَمر بترك تلقيح النّخل لِأَنَّهُ ظن أَنه لَا ينْتَفع ثمَّ انه لما علم أَنه ينفع أَمر بِهِ وَقد روى سماك عَن عَطِيَّة بن جُبَير عَن أَبِيه فِيمَن حلف لَا يقرب امْرَأَته حَتَّى يفطم الصَّبِي وَمَضَت أَرْبَعَة أشهر فَسَأَلت عليا فَقَالَ إِن كنت حَلَفت لضره فقد بَانَتْ مِنْك امْرَأَتك وَإِلَّا فَهِيَ امْرَأَته قَالَ أَبُو جَعْفَر وَعند أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيّ أَن الرَّضَاع لَا يبطل حَقّهَا فِي الْجِمَاع لأَنهم قَالُوا إِذا قَالَ وَالله لَا أقْربك حَتَّى تفطمي ولدك وَبَينه وَبَين الْفِطَام أَكثر من أَرْبَعَة أشهر فَهُوَ مول 860 - فِي ردة أحد الزَّوْجَيْنِ إِذا ارْتَدَّ قَالَ أَصْحَابنَا إِذا أَبى أحد الزَّوْجَيْنِ الْإِسْلَام بعد الْعرض فِيمَا لَا يقر الحديث: 860 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 360 عَلَيْهِ فرق بَينهمَا فَإِن كَانَ الزَّوْج الَّذِي أَبى قبل الدُّخُول فَعَلَيهِ نصف الْمهْر وَإِن كَانَت الْمَرْأَة هِيَ الَّتِي أَبَت فَلَا شَيْء لَهَا وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَقَالَ مَالك أَيهمَا أسلم فَفرق بَينهمَا قبل الدُّخُول فَلَا مهر لَهَا لِأَنَّهُ فسخ بطلَان وَقَالَ ابْن شبْرمَة فِي الْمَجُوسِيّ تسلم امْرَأَته وَلم يدْخل بهَا فقد انْقَطَعت الْعِصْمَة وَلَا صدَاق لَهَا وَإِن أسلم هُوَ وَلم يدْخل ثمَّ تسلم حَتَّى انْقَضتْ عدتهَا فلهَا نصف الصَدَاق وَإِن أسلمت قبل أَن تَنْقَضِي الْعدة فهما على النِّكَاح وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْمُزنِيّ وَإِذا أسلم الزَّوْج الوثني وَله امْرَأَة كَذَلِك قبل الدُّخُول فلهَا نصف الْمهْر فَإِن أسلمت هِيَ قبله فَلَا صدَاق لَهَا لِأَن الْفَسْخ من قبلهَا 861 - فِي العَبْد يتَزَوَّج بِغَيْر إِذن سَيّده قَالَ أَصْحَابنَا إِن بلغ السَّيِّد فَأَجَازَهُ جَازَ فَإِن طَلقهَا العَبْد قبل أَن يجز الْمولى لم يَقع طَلَاقه وَكَانَ متاركة النِّكَاح وَقَالَ مَالك إِن أجَازه الْمولى جَازَ وَإِن طَلقهَا ابْتِدَاء لم تحل إِلَّا بعد زوج لِأَنَّهُ إذانكح بِغَيْر إِذن السَّيِّد فَالْأَمْر يبْقى بيد السَّيِّد وَعند الشَّافِعِي لَا يجوز وَإِن أجَازه الْمولى قَالَ أَصْحَابنَا وَكَذَلِكَ الأمه إِذا تزوجت بِغَيْر إِذن الْمولى فَهُوَ مَوْقُوف على إِجَازَته الحديث: 861 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 361 قَالَ مَالك لَو أَن عبدا تزوج بِغَيْر إِذن مَوْلَاهُ فَعرض على السَّيِّد فَأنْكر ثمَّ قَالَ أجزت فِي مَكَانَهُ كَانَ جَائِزا وَلَو كَانَ بيعا فَقَالَ قد أجزت بعد أَن أنكر لم يلْزم البيع وَقَالَ فِي الْأمة تتَزَوَّج بِغَيْر إِذن مَوْلَاهَا نِكَاحهَا بَاطِل أجَاز الْمولى أَو لم يجز لِأَن العَبْد يعْقد على نَفسه وَالْأمة لَا تلِي عقد النِّكَاح على نَفسهَا وَقَالَ اللَّيْث فِي العَبْد إِذا أجَاز الْمولى جَازَ وَقَالَ الثَّوْريّ عَن إِبْرَاهِيم يجوز وَأحب إِلَيّ أَن يسْتَقْبل النِّكَاح وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا يجوز وَإِن أجَازه الْمولى 862 - فِي العَبْد وَالْأمة يتزوجان بِغَيْر إِذن الْمولى ثمَّ يعْتق أَو ينْتَقل الْملك فِيهِ قَالَ أَصْحَابنَا إِذا عتقا جَازَ النِّكَاح عَلَيْهِمَا وَلَا خِيَار للْأمة وَذكر الْحسن عَن زفر أَنَّهُمَا إِذا عتقا بَطل نِكَاحهمَا وَكَذَلِكَ لَو مَاتَ الْمولى بَطل وَلم يكن للْوَرَثَة أَن يجيزوا قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو وسف وَمُحَمّد فِي العَبْد إِذا مَاتَ مَوْلَاهُ فللوارث أَن يجيزوا وَفِي الْأمة إِذا مَاتَ الْمولى ووارثه ابْنه بَطل نِكَاحهَا وَكَذَلِكَ إِن وَهبهَا أَو وَهبهَا من رجل 863 - إِذا عتقت الْأمة لمن يكن الصَدَاق قَالَ أَصْحَابنَا إِن كَانَ دخل بهَا فالصداق للْمولى وَإِن لم يدْخل بهَا فَاخْتَارَتْ نَفسهَا بَطل الصَدَاق وَإِن اخْتَارَتْ الزَّوْج فالمهر للْمولى وَقَالَ مَالك إِذا أعْتقهَا بعد الدُّخُول فالمهر للْأمة إِلَّا أَن يشرطه السَّيِّد الحديث: 862 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 362 فَيكون لَهُ وَإِن أعْتقهَا قبل الدُّخُول فَهُوَ كَذَلِك أَيْضا إِلَّا أَن تخْتَار نَفسهَا فَيبْطل صَدَاقهَا وَقَول اللَّيْث كَقَوْل مَالك وَقَول الشَّافِعِي كَقَوْل أَصْحَابنَا إِذا كَانَ الزَّوْج عبدا لِأَنَّهُ يُوجب الْخِيَار لَهَا إِذا كَانَ حرا 864 - فِي الْمَرْأَة تملك زَوجهَا قَالَ أَصْحَابنَا إِذا ملكت الْمَرْأَة زَوجهَا بِبيع بعد الدُّخُول تحول مهرهَا فِي ثمنه كالغريم إِذا اشْترى العَبْد الْمَدِين الْغَرِيم فِي امْرَأَة داينت عبدا ثمَّ اشترته وَعَلِيهِ ذَلِك الدّين أَن ذَلِك لَا يبطل عَنهُ وَقَالَ الشَّافِعِي يبطل دينهَا 865 - فِي العَبْد يتسرى قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري لَا يتسرى العَبْد لِأَنَّهُ لَا يملك إِذن السَّيِّد لَهُ أَو لم يَأْذَن وَقَالَ مَالك لَهُ أَن يتسرى فِي مَاله بِغَيْر إِذن سَيّده وَقَالَ الْحسن بن حَيّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث يتسرى بِإِذن سَيّده 866 - فِي الْأمة تعْتق وَلها زوج قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ لَهَا الْخِيَار حرا كَانَ زَوجهَا أَو عبدا الحديث: 864 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 363 وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَمَالك وَاللَّيْث وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ لَا خِيَار لَهَا إِذا كَانَ زَوجهَا حرا 867 - فِي وَقت خِيَار الْعتْق قَالَ أَصْحَابنَا إِن علمت بِالْعِتْقِ وَبَان لَهَا الْخِيَار فخيارها على الْمجْلس وَقَالَ مَالك إِذا أعتقت وَهِي تَحت عبد فوقفت فَلم تختر نَفسهَا ثمَّ تُرِيدُ أَن تخْتَار نَفسهَا فَإِنَّهَا تسْأَل عَن وقوفها إِذا وقفت فَإِن قَالَت لأختار فَالْقَوْل قَوْلهَا وَإِن قَالَت وقفت وقُوف رضَا فَلَا خِيَار لَهَا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ لَهَا الْخِيَار مَا لم يسمهَا من غير تَوْقِيت قَالَ أَبُو جَعْفَر رُوِيَ عَن حَفْصَة بنت عمر وَعبد الله بن عمر مثل ذَلِك من غير خلاف من أحد الصَّحَابَة لَهما وَقد رُوِيَ عَن سعد بن مَنْصُور عَن هشيم عَن خَالِد عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما خيرت بَرِيرَة رَأَيْت زَوجهَا مَعهَا فِي سِكَك الْمَدِينَة ودموعه تسيل على لحيته فَكلم لَهُ النَّاس رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يطْلب إِلَيْهَا فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زَوجك وَأَبُو ولدك فَقَالَت أتأمرني بِهِ يَا رَسُول الله فَقَالَ أَنا شَافِع فَقَالَت إِن كنت شافعا فَلَا حَاجَة لي فِيهِ فَاخْتَارَتْ نَفسهَا وَكَانَ يُقَال لَهُ مغيث وَكَانَ عبدا لآل الْمُغيرَة من بني مَخْزُوم الحديث: 867 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 364 فَأخْبر أَن مرورها فِي سِكَك الْمَدِينَة فقولها للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أتأمرني لم يبطل خِيَارهَا 868 - فِي خِيَار الْمُكَاتبَة إِذا عتقت قَالَ أَصْحَابنَا لَهَا الْخِيَار إِذا أعتقت وَهِي تَحت زوج وَهُوَ قَول مَالك وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ زفر لَا خِيَار لَهَا 869 - فِي الْمَرْأَة هَل يجب عَلَيْهَا جهاز قَالَ أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيّ لَيْسَ لَهَا أَن تتجهز للرجل بِمَا زَوجهَا بِقَلِيل وَلَا كثير وَقَالَ مَالك على الْمَرْأَة أَن تتجهز للرجل بمايصلح النَّاس فِي بُيُوتهم وتتخذ خادماإن كَانَ فِي الصَدَاق مَا يبلغ ذَلِك وَقَالَ اللَّيْث فِي الرجل ينْكح الْمَرْأَة على صدَاق مُسَمّى وخادم ثمَّ يبتني بهَا فتريد بعد ذَلِك أَن تبيع متاعها وخادمها فَلَيْسَ لَهَا أَن تبيع مَا مَتعهَا بِهِ مِمَّا دخلت بِهِ وَتَزَوجهَا بِهِ وتقيم بِلَا مَتَاع وَلَا خَادِم الا ان تُرِيدُ أَن تبيع ذَلِك لتستبدل بِهِ مَتَاعا غَيره اَوْ خَادِمًا غَيره وَقَالَ فِي الرجل يُزَوّج ابْنَته فَتخرج بالحلي والسوار وَالْخَادِم فتقيم مَعَ زَوجهَا ثمَّ يَدعِي أَبوهَا أَن ذَلِك لَهُ دون ابْنَته فَإِن كَانَ أشهد على ذَلِك قبل أَن يدخلهَا على زَوجهَا فَذَلِك لَهُ وَإِن لم يشْهد على ذَلِك فَلَا شَيْء لَهُ قَالَ اللَّيْث إِلَّا أَنه يَقُول للزَّوْج صداقه لَا يُؤَخر قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ الله تَعَالَى {وَآتوا النِّسَاء صدقاتهن نحلة} النِّسَاء 4 والنحله مَا يَزُول بِهِ ملكه من غير أَن يملك بَدَلا مثله فَدلَّ على أَنه لَا يسْتَحق الحديث: 868 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 365 بِإِزَاءِ الْمهْر عَلَيْهَا جهازا وَلَا غير وَقَالَ تَعَالَى {فَإِن طبن لكم عَن شَيْء مِنْهُ نفسا فكلوه هَنِيئًا مريئا} النِّسَاء 4 فَجعله كَسَائِر أملاكها 870 - فِي الْمَجْبُوب والخصي وَهل يلْحقهَا النّسَب قَالَ أَصْحَابنَا يلْحقهُ نسب ولد زَوجته إِذا كَانَ ينزل وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَزفر يلْزمه الْوَلَد وَلم يشْتَرط أَنه ينزل وَقَالَ مَالك إِن كَانَا لَا ينزلان لم يلحقهما نسب الْوَلَد وَهُوَ من زنا وَقَالَ اللَّيْث الْخصي يلْزمه نسب ولد زَوجته وَأما الْمَجْبُوب فَإِنِّي فِي شكّ من نِكَاحه 871 - فِي الْعَاجِز عَن النَّفَقَة قَالَ أَصْحَابنَا لَا يفرق بَينه وَبَين امْرَأَته وَلَا يجْبر على طَلاقهَا وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَقَالَ مَالك يفرق بَينهمَا بِطَلْقَة رَجْعِيَّة فَإِن أيسر فِي عدتهَا فَلهُ عَلَيْهَا رَجْعَة قَالَ اللَّيْث يفرق بَينهمَا وَقَالَ سعيد بن الْمسيب يفرق بَينهمَا وَهُوَ سنة الحديث: 870 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 366 وَقَالَ عمر بن عبد الْعَزِيز يتعذره وَالزهْرِيّ لَا يفرق بَينهمَا قَالَ عمر قَالَ الله تَعَالَى {لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا} الْبَقَرَة 286 قَالَ أَبُو جَعْفَر لَو كَانَ مُوسِرًا فَلم يقدر إِلَّا على قوت يَوْمه لم أفرق بَينهمَا لأجل مَا يسْقط من نَفَقَة الْمُوسر إِلَى الْمُعسر فَكَذَلِك عَجزه عَن الْجَمِيع أَلا ترى أَنه لَو عجز فِي الِابْتِدَاء عَن الْوَطْء فرق بَينهمَا وَلَو وطأ مرّة ثمَّ عجز لم يفرق والمطالبة قَائِمَة لَهَا بِالْجِمَاعِ بعد الْوَطْء الأول وَلَيْسَ الْعَجز عَن النَّفَقَة كالعجز عَن الْجِمَاع بدءا 872 - فِي الْمُعسر عَن الصَدَاق قَالَ أَصْحَابنَا لَا يفرق بَينهمَا وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَقَالَ مَالك يضْرب لَهُ أجل بعد أجل فَإِن قدر على مهرهَا وَإِلَّا فرق بَينهمَا وَقَالَ الشَّافِعِي وَلَو أعْسر بِالصَّدَاقِ وَلم يعسر بِالنَّفَقَةِ فَاخْتَارَتْ الْمقَام مَعَه لم يكن فِرَاقه لأجل الصَدَاق وَلَو اخْتَارَتْ الْمقَام مَعَ الْعَجز عَن النَّفَقَة (159 ب) ثمَّ أَرَادَت الْفرْقَة كَانَ لَهَا ذَلِك لِأَن ذَلِك عَفْو عَمَّا مضى 873 - فِي الْمَمْلُوكَة تَزني أَو الزَّوْجَيْنِ هَل يسع إِمْسَاكه قَالَ أَصْحَابنَا فِي الزَّوْجَيْنِ إِذا زنى أَحدهمَا لم يحرم بذلك على الآخر الحديث: 872 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 367 قَالَ ابْن أبي عمرَان من قَوْلهم إِنَّه اذا زنت زَوجته وحملت من الزِّنَا لَا يحرم على الزَّوْج وَطْؤُهَا لِأَن حملهَا لَازم لَهُ وَلَو علم من أمته ذَلِك لَا يحل لَهُ وَطئهَا إِلَّا بعد وِلَادَتهَا لِأَن حملهَا لم يلْزمه وَأما على مَذْهَب مَالك فَإِن على الزانيه االعده فَلَا يَطَأهَا زَوجهَا حَتَّى تَنْقَضِي عدتهَا وَلَا يفْسد نِكَاحهَا وَقَالَ الأوازعي إِذا اطلع من امْرَأَته على زنا لَا يرَاهُ حَرَامًا عَلَيْهِ إِِمْسَاكهَا وَلَا يجوز لَهُ يطَأ أَن جَارِيَته إِذا علم إِنَّهَا تَزني لقَوْل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اذا زنت فبيعوها وَلَو بضفير قَالَ وَأي الزَّوْجَيْنِ زنى فهما على نِكَاحهمَا وَقَالَ الشَّافِعِي إِن الزِّنَا لَا يمْنَع ابْتِدَاء العقد وَلَا يفسخه اذا وَقع بعده وروى عَن على فِي رجل تزوج امْرَأَة فذنى بهَا قبل ان يدْخل بهَا أَنه يفرق بَينهمَا وَهُوَ قَول الْحسن وَإِبْرَاهِيم قَالَ إِبْرَاهِيم وَلَا صدَاق لَهَا قَالَ ابو جَعْفَر وَلَا نعلم أحدا من الصحابه روى عَنهُ ذَلِك وأباح نِكَاحهمَا عمر قَالَ الله تَعَالَى {وَالَّذين يرْمونَ أَزوَاجهم} النُّور 6 الجزء: 2 ¦ الصفحة: 368 فَلم يُوقع فرقه برميها بِالزِّنَا وَلَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين الْعجْلَاني وَامْرَأَته ثمَّ فرق بَينهمَا وَأما قَول الأوازعي فِي الأمه فَلَا معنى لَهُ لِأَن الزِّنَا لَو كَانَ يحرم الأمه إِذا كثر لمنع أَيْضا وَقع مرّة وَاحِدَة وَمَا روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَوْله ثمَّ إِذا زنت فبيعوها على جِهَة كَرَاهَة إمْسَاك من كَانَ عَادَته الزِّنَا لَا على جِهَة تَحْرِيم الْوَطْء لِأَنَّهُ لَو كَانَ كَذَلِك لما أَمر بِالْبيعِ لِأَن الْمُبْتَاع يجوز لَهُ الْوَطْء 874 - فِيمَن تزوج أُخْتَيْنِ فِي عقدتين قَالَ أَصْحَابنَا فِيمَن تزوج أُخْتَيْنِ فِي عقدتين لَا يدْرِي أَيَّتهمَا الأولى أَنه يفرق بَينهمَا وَيكون لَهما عَلَيْهِ نصف مهريهما وَإِن مَاتَا قبل أَن يبين كَانَ لَهما مِيرَاث امْرَأَة وَلَا يعرف عَن مَالك شَيْء مَنْصُوص وَالَّذِي يُضَاف إِلَيْهِ من ذَلِك على مذْهبه أَنه يُوقف مِيرَاث الزوجه مِنْهُمَا حَتَّى يعرف فَيدْفَع إِلَيْهَا وَكَذَلِكَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا دخل بِإِحْدَاهُمَا ثمَّ توفى فللمدخول بهَا صدَاق كَامِل وللتي لم تدخل نصف صدَاق وَلها الْمِيرَاث وَعَلَيْهَا عدَّة الْوَفَاة وَقَالَ عُثْمَان البتي يكون الْمِيرَاث مَوْقُوفا عَلَيْهِمَا إِذا لم يدْخل بِوَاحِدَة وَلها صدَاق وَاحِد يُوقف بَينهمَا الحديث: 874 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 369 قَالَ لم يَخْتَلِفُوا أَنه يقْضى بَينهمَا بِالْمِيرَاثِ لوَاحِدَة مِنْهُمَا فَوَجَبَ إِذا لم يكن هُنَاكَ مُسْتَحقّا غَيرهمَا أَن يكون لَهما 875 - فِي نَفَقَة مَا مضى هَل تكون دينا قَالَ أَصْحَابنَا إِذا لم يفْرض القَاضِي وَلم يفرضها هُوَ لم تصر دينا بِمُضِيِّ الْوَقْت وَهُوَ قَول ابْن أبي ليلى وَقَالَ مَالك فِيمَا ذكره ابْن الْقَاسِم عَنهُ فِيمَن غَابَ عَن امْرَأَته زَمَانا ثمَّ قدم فَإِن طلبت النَّفَقَة قَالَ إِن أقرّ وأقامت عَلَيْهِ بَيِّنَة غرم نَفَقَتهَا وَإِلَّا لم تكن لَهَا إِلَّا من حِين رفعت وَقَالَ مَالك فِيمَن غَابَ عَن امْرَأَته ثمَّ حضر ثمَّ غَابَ ثمَّ حضر وَطلبت امْرَأَته النَّفَقَة أَن ذَلِك لَيْسَ لَهَا وَقَالَ أَيّمَا امْرَأَة غَابَ عَنْهَا زَوجهَا فادعت أَنه لم يأتها مِنْهُ نَفَقَة وَقَالَ قد بعثت إِلَيْهَا نَفَقَة أَحْلف وَكَانَ القَوْل قَوْله وَإِذا استدانت وَرفعت أمرهَا إِلَى الإِمَام وَهُوَ غَائِب حسب لَهَا من يَوْم رفعت فَإِن أنكر ذَلِك زَوجهَا حَلَفت الْمَرْأَة وَدفع مَا ذكرت وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ يحكم لَهَا بِنَفَقَة مَا مضى وَيكون دينا عَلَيْهِ 876 - فِي نَفَقَة الزَّوْجَة الْأمة قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ إِن بوأها بَيْتا فلهَا السُّكْنَى وَالنَّفقَة وَإِلَّا فَلَا شَيْء لَهَا الحديث: 875 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 370 وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا زوج الرجل ابْنَته عِنْد قوم قعد مَعَ أَهلهَا وكسوتها على زَوجهَا وَقَالَ أَبُو جَعْفَر لم يَخْتَلِفُوا أَن الناشز لَا تسْتَحقّ النَّفَقَة وَلَا الْكسْوَة لعدم التَّسْلِيم كَذَلِك الْأمة إِذا لم تسْتَحقّ النَّفَقَة لعدم التَّسْلِيم فَوَجَبَ أَن لَا تسْتَحقّ الْكسْوَة 877 - فِي فرض الْخَادِم للزَّوْجَة قَالَ أَصْحَابنَا يفْرض لَهَا ولخادمها النَّفَقَة وروى مُحَمَّد لخادمتين إِذا كَانَت خطيرة أَو ابْنة بعض القواد وَذكر ابْن أبي عمرَان عَن أبي يُوسُف أَنه يفْرض لمن لَا تقوم خدمتها إِلَّا بِهِ وَلم يُوَقت فِيهِ عددا وَقَالَ مَالك يفْرض لخادم وَاحِد وَقَالَ اللَّيْث يفْرض لخادمين وَقَالَ الشَّافِعِي فِي مَوضِع لَا يفْرض لخادم وَقَالَ فِي مَوضِع يفْرض لخادم وَاحِد قَالَ أَبُو جَعْفَر لم يَخْتَلِفُوا أَن الْمَرْأَة لَيْسَ عَلَيْهَا أَن تخْدم نَفسهَا وَأَن على زَوجهَا أَن يكفيها ذَلِك وَأَنه لَو كَانَ مَعهَا خَادِم لم يكن للزَّوْج إِخْرَاج الْخَادِم من بَيته فَوَجَبَ أَن يكون عَلَيْهِ نَفَقَة الْخَادِم على حسب حَاجَتهَا إِلَيْهِ 878 - فِي نَفَقَة الصَّغِيرَة قَالَ أَصْحَابنَا لَا نَفَقَة للصغيرة الَّتِي لَا تجامع مثلهَا وَإِن كَانَت الزَّوْجَة الحديث: 877 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 371 كَبِيرَة وَالزَّوْج صَغِيرا فلهَا النَّفَقَة وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ مَالك إِن كَانَ أحد الزَّوْجَيْنِ صَغِيرا فَلَا نَفَقَة لَهَا وَقَالَ الثَّوْريّ لَا نَفَقَة للصغيرة تَتِمَّة 833 زِيَادَة فِي المسبية (160 ب) قَالَ أَبُو جَعْفَر حَدثنَا أَحْمد بن شُعَيْب قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن الْأَعْلَى قَالَ حَدثنَا يزِيد بن زُرَيْع قَالَ حَدثنَا سعيد عَن قَتَادَة عَن أبي الْخَلِيل عَن أبي عَلْقَمَة الْهَاشِمِي عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث جَيْشًا إِلَى أَوْطَاس فَلَقوا عدوا فقاتلوهم فظهروا عَلَيْهِم فَأَصَابُوا سَبَايَا لَهُنَّ أَزوَاج فِي الْمُشْركين فَكَانَ الْمُسلمُونَ يتحرجون من غشيانهم فَأنْزل الله تَعَالَى {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم} النِّسَاء 24 أَي هن لكم حلا إِذا مَضَت عدتهن فَفِيهِ ذكر الْعدة وَهِي حجَّة الْحسن بن حَيّ فِي إِيجَابه الْعدة فِي المسبية قد كُنَّا ضعفنا هَذَا الحَدِيث بِجَهَالَة الرجل الَّذِي بَين أبي الْخَلِيل وَبَين سعيد وَقد وقفنا على أَنه أَبُو عَلْقَمَة وَهُوَ رجل من أهل الْعلم وَقد روى عَنهُ يعلى بن عَطاء وروى هُوَ عَن أبي سعيد هَذَا الحَدِيث وَله أَحَادِيث عَن أبي هُرَيْرَة وَفِي هَذَا الحَدِيث أَن أَزوَاجهنَّ كَانُوا فِي الْمُشْركين فَلم يَكُونُوا إِذن مَعَهُنَّ فَكَانَت الْفرْقَة قد وَقعت بَينهم وبينهن بِالسَّبْيِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 372 تَتِمَّة 825 قَول مَالك فِي الْمَفْقُود قَالَ أَبُو جَعْفَر الْمَفْقُود على مَذْهَب مَالك على أَرْبَعَة أوجه فَوجه مِنْهَا إِذا فقد بَين الصفين عمر مابين السّبْعين إِلَى الثَّمَانِينَ ومفقود تِجَارَة تربص بِهِ أَربع سِنِين ثمَّ تَعْتَد زَوجته عدَّة الْوَفَاة ومفقود تَتَرَبَّص بِهِ سنة وَتعْتَد عدَّة الْوَفَاة ومفقود فِي معارك الْقَتْل يجْتَهد فِيهِ الإِمَام وَلَيْسَ فِيهِ ضرب أجل مَعْلُوم ثمَّ تَعْتَد عدَّة الْوَفَاة بعد الِاجْتِهَاد آخر كتاب النِّكَاح الجزء: 2 ¦ الصفحة: 373 = كتاب الطَّلَاق = 879 - طَلَاق السّنة قَالَ أَصْحَابنَا أحسن الطَّلَاق أَن يطلقهَا إِذا طهرت قبل الْجِمَاع ثمَّ يَتْرُكهَا حَتَّى تَنْقَضِي عدتهَا وَإِن أَرَادَ أَن يطلقهَا ثَلَاثًا طَلقهَا عِنْد كل طهر وَاحِدَة قبل الْجِمَاع وَهُوَ قَول الثَّوْريّ قَالَ أَبُو حنيفَة وبلغنا عَن إِبْرَاهِيم عَن أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انهم كَانُوا يستحبون أَن لَا يزِيدُوا فِي الطَّلَاق وَاحِدَة حَتَّى تَنْقَضِي الْعدة فَإِن هَذَا افضل عِنْدهم من أَن يطلقهَا ثَلَاثًا عِنْد كل طهر وَاحِدَة وَقَالَ مَالك وَعبد الْعَزِيز بن ابي سَلمَة الْمَاجشون وَاللَّيْث بن سعد وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ بِبُطْلَان الْعدة أَن يطلقهَا فِي طهر قبل الْجِمَاع تَطْلِيقَة وَاحِدَة ويكرهون أَن يطلقهَا ثَلَاثًا فِي ثَلَاثَة أطهار وَلكنه إِن لم يرد رَجعتهَا تَركهَا حَتَّى تَنْقَضِي عدتهَا من الْوَاحِدَة الحديث: 879 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 375 وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْمُزنِيّ لَا يحرم أَن يطلقهَا ثَلَاثًا فَإِن قَالَ لَهَا أَنْت طَالِق ثَلَاثًا للسّنة وَهِي طَاهِر من غير جماع طلقت ثَلَاثًا مَعًا فَإِن كَانَت مجامعة أَو حَائِضًا أَو نفسَاء وَقع الطَّلَاق عَلَيْهَا حِين تطهر من الْحيض أَو النّفاس وَحين تطهر المجامعة من أول حيض بعد قَوْله قَالَ أَبُو جَعْفَر روى الْأَعْمَش عَن أبي إِسْحَاق عَن ابي الْأَحْوَص عَن عبد الله أَن طَلَاق السّنة يطلقهَا تَطْلِيقَة وَهِي طَاهِر من غير جماع فَإِذا حَاضَت وطهرت طَلقهَا أُخْرَى وَقَالَ إِبْرَاهِيم مثل ذَلِك وَقد خَالف الْأَعْمَش فِي هَذَا جمَاعَة مِنْهُم شُعْبَة وَالثَّوْري وَالزهْرِيّ وَزُهَيْر بن مُعَاوِيَة كلهم عَن أبي إِسْحَاق عَن أبي الْأَحْوَص عَن عبد الله فِي قَول الله {فطلقوهن} أَن يطلقهَا طَاهِرا من غير جماع ثمَّ يَدعهَا حَتَّى تَنْقَضِي عدتهَا أويراجعها إِن شَاءَ وَإِن لم يذكر الطَّلَاق عِنْد كل طهر وَهَؤُلَاء مقدمون فِي حفظ حَدِيث ابي إِسْحَاق عَن الْأَعْمَش لِأَن رِوَايَة الْأَعْمَش عَن الْمُتَأَخِّرين كروايته عَن الْمُتَقَدِّمين وَفِي لفظ زُهَيْر من أَرَادَ الطَّلَاق الَّذِي هُوَ الطَّلَاق فليطلق عِنْد كل طهر من غير جماع فَلْيقل اعْتدي فَإِن بدا لَهُ رَاجعهَا وَأشْهد رجلَيْنِ وَإِن كَانَت الثَّانِيَة فِي مرّة أُخْرَى وَكَذَلِكَ قَالَ الله تَعَالَى {الطَّلَاق مَرَّتَانِ} قَالَ أَبُو جَعْفَر قَوْله وَإِلَّا كَانَت الثَّانِيَة فِي مرّة أُخْرَى يحْتَمل أَن يكون المُرَاد فِي نِكَاح سوى النِّكَاح الأول فيوافق مَعْنَاهُ معنى حَدِيث شُعْبَة وسُفْيَان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 376 880 - فِي طَلَاق الْحَامِل قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف يطلقهَا ثَلَاثًا إِن شَاءَ بالشهور وَقَالَ مَالك وَزفر وَمُحَمّد وَلَا يزِيد على وَاحِدَة وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا قَالَ للحامل أَو الَّتِي لَا تحيض أَنْت طَالِق للسّنة أَو الْبِدْعَة طلقت مَكَانهَا لِأَنَّهُ لَا سنة فِي طَلاقهَا وَلَا بِدعَة 881 - فِي طَلَاق السّنة للَّتِي لَا تحيض قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالشَّافِعِيّ يُطلق الآيسة وَالصَّغِيرَة مَتى شَاءَ وَقَالَ الْحسن بن حَيّ وَزفر يفصل بَين الْجِمَاع وَالطَّلَاق بِشَهْر وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك والمستحاضة يطلقهَا زَوجهَا مَتى شَاءَ وعدتها سنة سَوَاء كَانَ يَطَأهَا أَو لَا يَطَأهَا وَله عَلَيْهَا الرّجْعَة حَتَّى تَنْقَضِي السّنة فَإِذا انْقَضتْ السّنة حلت للأزواج إِلَّا أَن تكون بهَا رِيبَة فتنتظر حَتَّى تذْهب الرِّيبَة فَإِذا ذبت الريبه وَقد مَضَت السّنة فَلَيْسَ عَلَيْهَا من الْعدة شَيْء قَالَ أَبُو جَعْفَر فِي حَدِيث مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن مولى آل طَلْحَة عَن سَالم عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ لما طلق امْرَأَته وَهِي حَائِض قَالَ لَهُ رَاجعهَا ثمَّ طَلقهَا وَهِي طَاهِر أَو حَامِل الحديث: 880 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 377 وَلم يقل أَو حَامِل حملا لم يَمَسهَا فِيهِ فَدلَّ ذَلِك على أَنه إِن جَامعهَا فِي الْحمل جَازَ لَهُ أَن يطلقهَا عَقِيبه فَإِن قيل فِي حَدِيث مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن هَذَا قلت طَلقهَا طَاهِرا وَلم يقل طهرا لم يُجَامِعهَا فِيهِ قيل لَهُ قد بَينه فِي حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه أَنه قَالَ فَإِن بدا لَهُ فَلْيُطَلِّقهَا طَاهِرا قبل أَن يَمَسهَا وَلم يقل فِي شَيْء من الْأَخْبَار أَنه يُطلق الْحَامِل قبل أَن يمس وَإِذا ثَبت أَن الْمَسِيس فِي الْحمل لَا يمْنَع وُقُوع الطَّلَاق عَقِيبه كَانَت الآيسة وَالصَّغِيرَة مثلهَا لِأَنَّهُمَا جَمِيعًا ليستا مِمَّن تحيض 882 - فِيمَن قَالَ لامْرَأَته أَنْت طَالِق للسّنة وَهِي فِي غير مَوضِع سنة قَالَ أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيّ إِذا قَالَ لَهَا وَهِي حَائِض أَنْت طَالِق للسّنة وَقع عَلَيْهَا إِذا ظَهرت وَقَالَ مَالك إِذا قَالَ لَا مرأته وَهِي حَائِض أَنْت طَالِق إِذا طهرت طلقت مَكَانهَا وَيجْبر الرجل على رَجعتهَا وَكَذَلِكَ على أَصله إِذا قَالَ أَنْت طَالِق للسّنة وَهِي حَائِض يَقع فِي الْحَال وَقَالَ أَصْحَابنَا إِذا قَالَ أَنْت طَالِق ثَلَاثًا للسّنة وَلَا نِيَّة لَهُ وَهِي مِمَّن لَا تحيض طلقت عِنْد كل طهر وَاحِدَة فَإِن كَانَت مِمَّن لَا تحيض طلقت السَّاعَة وَاحِدَة وَعند كل شهر أُخْرَى وَإِن نوى أَن يقعن الثَّلَاث مَعًا وقعن فِي الْحَال الحديث: 882 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 378 وَحكى ابْن أبي عمرَان عَن مُحَمَّد بن شُجَاع عَن الْحسن بن زِيَاد عَن زفر أَنه إِذا قَالَ أَنْت طَالِق ثَلَاثًا للسّنة وَهِي مِمَّن تحيض وَقعت فِي كل طهر وَاحِدَة فَإِن نوى أَن يقعن مَعًا كَانَت نِيَّته باطله ووقعن لأوقات السّنة فَكَذَلِك فِي الْمَشْهُور الَّتِي لَا تحيض وَقَالَ مَالك إِذا قَالَ أَنْت طَالِق ثَلَاثًا للسّنة وقعن جَمِيعًا قَالَ أَبُو جَعْفَر قَوْله أَنْت طَالِق ثَلَاثًا للسّنة يحْتَمل أَن يُرَاد سنة غَيرهَا من النِّسَاء وَقد يكون ذَلِك وَقت سنة غَيرهَا فَيَقَع فِي الْحَال 883 - فِيمَن طلق لغير السّنة هَل يجْبر على الرّجْعَة قَالَ أَصْحَابنَا يَنْبَغِي لَهُ أَن يُرَاجِعهَا وَلَا يجْبر عَلَيْهَا وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ مَالك إِذا طَلقهَا وَهِي حَائِض فَإِن السّنة إِن يُرَاجِعهَا كَمَا يجب فِي الْحيض وَإِن طَلقهَا فِي النّفاس أجبر على رَجعتهَا قَالَ أَبُو جَعْفَر إِنَّمَا أَمر بالمراجعة ليقطع أَسبَاب الطَّلَاق الْخَطَأ فيبتدئ الطَّلَاق على الْوَجْه الْمُبَاح فَلَا فرق بَين طَلَاق الْحَائِض وَبَينه بعد الْجِمَاع فِي الطُّهْر وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا أَمر ابْن عمر بالرجعة وَلم يجْبرهُ وَمَالك يَقُول فِي الْمظَاهر أَنه لَا يجْبر على الْكَفَّارَة حَتَّى تطالبه زَوجته وَالظِّهَار مَعْصِيّة فالرجعة أولى أَن لَا يجْبر عَلَيْهَا وَإِن طلق فِي الْحيض الحديث: 883 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 379 884 - فِيمَن طلق فِي بعض الْيَوْم وَهِي مِمَّن لَا تحيض قَالَ أَصْحَابنَا إِذا طَلقهَا من بعض يَوْم وعدتهاالشهور فَإِنَّمَا تَعْتَد من حِين طلق وَلَا فرق فِي ذَلِك بَين عدَّة الطَّلَاق والوفاة إذاكانت مِمَّن لَا تحيض وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك إِنَّهَا تطرح ذَلِك الْيَوْم وَتعْتَد يَوْمًا آخر سواهُ وَذكر صَفْوَان عَن الْوَلِيد أَنه سَأَلَ مَالِكًا عَن هَذِه الْمَسْأَلَة فَقَالَ بلغنى ذَلِك الْكسر حَتَّى تسْتَقْبل عدتهَا من مغيب الشَّمْس إِلَى مغيب الشَّمْس وَإِن فعلت الأول أجزأها قَالَ أَبُو جَعْفَر قد صَارَت فِي الْعدة عقيب الطَّلَاق فَوَجَبَ الِاعْتِدَاد بذلك الْوَقْت لِأَنَّهَا لَو لم تَعْتَد بذلك الْوَقْت لما كَانَت فِي الْعدة فَكَانَ مُبَاحا لَهَا النِّكَاح وَلما كَانَ ذَلِك وَكَانَ الله تَعَالَى أوجب على الْمُتَوفَّى عَنْهَا أَرْبَعَة أشهر وَعشرا وعَلى الَّتِي لَا تحيض ثَلَاثَة أشهرلم تجز الزِّيَادَة على الْوَقْت الْمَذْكُور وَلَا يَخْتَلِفُونَ أَنه لوحلف أَنه لايقرب زَوجته خَمْسَة أشهر أَنه يكون موليا عقب الْيَمين وَإِن كَانَت الْأَرْبَعَة أشهر من وَقت الْحلف 885 - فِي الْعدة بالشهور كَيفَ هِيَ قَالَ أَبُو جَعْفَر حَدثنَا سُلَيْمَان بن شُعَيْب عَن ابيه عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة قَالَ فِي الْمُتَوفَّى عَنْهَا والمعتدة فِي الطَّلَاق بالشهور أَنه إِن وَجَبت مَعَ الحديث: 884 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 380 رُؤْيَة الْهلَال اعْتدت بِالْأَهِلَّةِ وَكَانَ الشَّهْر نَاقِصا أَو تَاما وَإِن كَانَت الْعدة وَجَبت فِي بعض شهر لم تعْمل على الْأَهِلّة واعتدت بتسعين يَوْمًا فِي الطَّلَاق وَفِي الْوَفَاة وَثَلَاثُونَ يَوْمًا قَالَ وَحدثنَا سُلَيْمَان عَن أَبِيه عَن مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة بِخِلَاف ذَلِك وَإِن كَانَت الْعدة وَجَبت فِي بعض شهر فَإِنَّهَا تَعْتَد بِمَا بَقِي من ذَلِك الشَّهْر أَيَّامًا ثمَّ تَعْتَد بِمَا يمر عَلَيْهَا من الْأَهِلّة شهورا ثمَّ تكمل الْأَيَّام الثَّلَاثَة تَتِمَّة ثَلَاثِينَ يَوْمًا فَإِذا أوجبت الْعدة مَعَ رُؤْيَة الْهلَال اعْتدت بِالْأَهِلَّةِ قَالَ وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد مثل ماروى سُلَيْمَان عَن أَبِيه عَن مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وروى عَن مَالك فِي الْأَخير مثله قَالَ ابْن الْقَاسِم وَكَذَلِكَ قَوْله فِي الْأَيْمَان وَالطَّلَاق وروى عمر بن خَالِد عَن زفر فِي الْإِيلَاء فِي بعض الشُّهُور أَنَّهَا تَعْتَد بِكُل شهر يمر بهَا تَاما اوناقصا وَقَالَ أَبُو يُوسُف تَعْتَد بِالْأَيَّامِ حَتَّى تستكمل مائَة وَعشْرين يَوْمًا وَلَا ينظر فِيهِ إِلَى نُقْصَان الشَّهْر وَلَا إِلَى تَمَامه قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ أَن كل وَاحِدَة من هَاتين العدتين إِذا وَجَبت مَعَ الْهلَال اعْتدت بِكُل هِلَال مِنْهَا شهرا وَلم تنظر إِلَى عدَّة الْأَيَّام فَوَجَبَ اعْتِبَار مثله إِذا وَجَبت فِي بعض الشَّهْر فِيمَا تسقبل من الْأَهِلّة قَالَ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {فسيحوا فِي الأَرْض أَرْبَعَة أشهر} التَّوْبَة 2 وَأجْمع السلمون أَنَّهَا كَانَت عشْرين من ذِي الْحجَّة وَالْمحرم وصفر وَشهر ربيع الأول وَعشْرين من ربيع الآخر فَاعْتبر الْهلَال فِيمَا يَلِي من الشُّهُور الجزء: 2 ¦ الصفحة: 381 886 - فِي الَّتِي يرْتَفع حَيْضهَا وَقَالَ أَصْحَابنَا فِي الَّتِي يرْتَفع حَيْضهَا لَا يأس مِنْهُ فِي المستأنف عدتهَا الْحيض حَتَّى تدخل فِي السن الَّتِي لَا تحيض أَهلهَا من النِّسَاء فلتستأنف عدَّة الآيسة ثَلَاثَة أشهر وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ مَالك تنْتَظر تِسْعَة أشهر فَإِنَّهَا إِن لم تَحض فِيهِنَّ اعْتدت ثَلَاثَة أشهر فَإِن حَاضَت قبل أَن تستكمل الثَّلَاثَة الْأَشْهر اسْتقْبلت الْحيض فَإِن مَضَت بهَا تِسْعَة أشهر قبل أَن تحيض اعْتدت ثَلَاثَة أشهر وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا حَاضَت الْمُطلقَة ثمَّ ارتابت فَإِنَّهَا تَعْتَد التِّسْعَة أشهر من يَوْم حَيْضهَا لَا من يَوْم طلق قَالَ مَالك فِي قَوْله تَعَالَى {إِن ارتبتم} الطَّلَاق 4 مَعْنَاهُ إِن لم تدروا مَا تَصْنَعُونَ فِي أمرهَا وَقَالَ فِي الَّذِي يرفع الرَّضَاع حَيْضهَا أَنَّهَا لَا تحل حَتَّى تحيض ثَلَاث حيض وَلَيْسَت كالمرتابة والمستحاضه كالمرتابه فِي الْعدة وَالْأمة الْمُسْتَحَاضَة والمرتابة بِغَيْر حَالهَا فِي الْعدة وَحَال الْحرَّة وَاحِد سنة قَالَ ابْن وهب عَن مَالك فِي الْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوجهَا إِن ارتابت من نَفسهَا انتظرت حَتَّى تذْهب عَنْهَا الرِّيبَة وَإِن لم ترَتّب فعدتها أَرْبَعَة أشهر وَعشرا وَقَالَ مَالك فِي الْوَفَاة عدتهَا تِسْعَة اشهر وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي رجل طلق امْرَأَته وَهِي شَابة فارتفع حَيْضهَا فَلم تَرَ شَيْئا ثَلَاثَة أشهر فَإِنَّهَا تَعْتَد سنة وروى سعيد بن الْمسيب عَن عمر أيماامرأة طلقت فَحَاضَت حَيْضَة أَو حيضتين ثمَّ رفعتهاحيضتها فَإِنَّهَا تنْتَظر تِسْعَة أشهر فَإِن استبان بهَا حمل الحديث: 886 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 382 وَإِلَّا اعْتدت بعدالتسعة أشهر ثَلَاثَة أشهر ثمَّ حلت وَعَن ابْن عَبَّاس فِي الَّتِي ارْتَفع حَيْضهَا سنة قَالَ تِلْكَ الرِّيبَة وَعَن عَليّ وَزيد انها لَيست بالآيسة فِي ارْتِفَاع حَيْضهَا وَقَالَ ابْن مَسْعُود لَا تَنْقَضِي عدتهَا إألا بِالْحيضِ قَالَ الرِّيبَة ذكرت فِي الآيسة فاتفق الْجَمِيع أَن الآيسة الَّتِي يتَيَقَّن أَنَّهَا لَا تحيض وَلَا تحمل أبدا مُرَاده بالآيسة فَثَبت أَن قَوْله {إِن ارتبتم} الطَّلَاق 4 إِنَّمَا هُوَ ارتياب المخاطبين قبل نزُول الْآيَة فِي عدتهَا فَبين ذَلِك لَهُم فِي الْآيَة 887 - فِي الطَّلَاق الرَّجْعِيّ هَل تحظر الزِّينَة وَالطّيب قَالَ أَصْحَابنَا لَا بَأْس بذلك وَقَالَ بشر بن لوليد عَن أبي يُوسُف لَا بَأْس بِأَن تتشوف الْمُطلقَة وتتطيب وتلبس الْحلِيّ إِذا كَانَ طَلَاقا رَجْعِيًا قَالَ وَلَا يدْخل عَلَيْهَا إِلَّا بِإِذن قَالَ وَله فِيهَا قَول آخر أَنه لَا يدْخل عَلَيْهَا بِغَيْر إِذن إِلَّا أَنه يَتَنَحْنَح ويخفق نَعْلَيْه وَلَا بَأْس بِأَن ينظر إِلَى شعرهَا ومحارمها وَلَا ينظر على محرم مِنْهَا حَتَّى يشْهد على رَجعتهَا الحديث: 887 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 383 وَقَالَ مَالك لَا يَخْلُو بهَا وَلَا يدْخل عَلَيْهَا إِلَّا بِإِذن ولاينظر إِلَيْهَا إِلَّا (163 أ) وَعَلَيْهَا ثِيَابهَا وَلَا ينظر إِلَى شعرهَا وَلَا بَأْس بِأَن يَأْكُل مَعهَا إِذا كَانَ مَعَهُمَا غَيرهمَا وَلَا يبيت مَعهَا فِي بَيت ولينتقل عَنْهَا وَقَالَ ابْن الْقَاسِم رَجَعَ مَالك عَن ذَلِك فَقَالَ لَا يدْخل عَلَيْهَا وَلَا يرى شعرهَا وَلَا يَأْكُل مَعهَا وَقَالَ الثَّوْريّ لَا بَأْس بِأَن تتشوف لَهُ وتتزين وَيسلم وَلَا يسْتَأْذن عَلَيْهَا ويؤذنها بالتنحنح وَلَا يرى لَهَا شعرًا وَلَا محرما وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا يدْخل عَلَيْهَا إِلَّا بِإِذن وتتشوف لَهُ وتتزين وتبدي السَّاق والحجل يَعْنِي الخلخال وَقَالَ الْحسن بن حَيّ يعتزلها ولايرى لَهَا شعرًا وَلَا ينظر إِلَيْهَا وَتعرض لَهُ فتتزين وَقَالَ اللَّيْث لَا يرى شَيْئا من محاسنها حَتَّى يُرَاجع وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ فِي الزني الْمُطلقَة طَلَاقا يملك رَجعتهَا مُحرمَة على مُطلقهَا تَحْرِيم الْبَيْنُونَة حَتَّى يُرَاجع 888 - هَل يُسَافر بالمطلقة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا طَلقهَا طَلَاقا يملك الرّجْعَة فَلَيْسَ لَهُ أَن يُسَافر بهَا قبل الرّجْعَة وَهِي رِوَايَة الْحسن بن زِيَاد وَفِي رِوَايَة عَمْرو بن خَالِد عَنهُ لَا يُسَافر بهَا حَتَّى يُرَاجع وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لَا يُسَافر بهَا حَتَّى يُرَاجع الحديث: 888 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 384 889 - فِي الْمُطلقَة والمتوفى عَنْهَا زَوجهَا مَتى تعتدان وَقَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَابْن شبْرمَة وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ عدتهَا من يَوْم الطَّلَاق وَيَوْم الْوَفَاة وَقَالَ ربيعَة فِي الْوَفَاة من يَوْم يَأْتِيهَا الْخَبَر وَهُوَ مَذْهَب الْحسن الْبَصْرِيّ وحلاس بن عَمْرو وَرُوِيَ عَن ابْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس وَابْن عمر من يَوْم مَاتَ وَيَوْم طلق قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّهُمَا لَو علمتا بِالطَّلَاق وَالْمَوْت فتركتا مَا يجب عَلَيْهِمَا من الْإِحْدَاد وَالْخُرُوج حَتَّى انْقَضتْ الْمدَّة أَنَّهُمَا لاتقضيان ذَلِك فِي مُدَّة أُخْرَى كَذَلِك إِذا لم تعلما فَهُوَ أَحْرَى أَن لَا تقضيان 890 - فِي الْأَقْرَاء قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ الْأَقْرَاء الْحيض إِلَّا أَن أَصْحَابنَا قَالُوا لَا تَنْقَضِي الْعدة إذاكان أَيَّامهَا دون الْعشْر حَتَّى تَغْتَسِل من الْحَيْضَة الثَّالِثَة وَيذْهب وَقت صَلَاة وَهُوَ قَول الْحسن بن حَيّ إِلَّا أَنه قَالَ النَّصْرَانِيَّة واليهودية فِي ذَلِك مثل الْمسلمَة وَهَذَا لم يقلهُ أحد مِمَّن جعل الْأَقْرَاء الْحيض غير الْحسن بن حَيّ وَقَالَ الثَّوْريّ وَالْحسن بن زيادعن زفر هُوَ أَحَق بهَا فَإِن انْقَطع الدَّم مالم تَغْتَسِل الحديث: 889 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 385 وَقَالَ ابْن شبْرمَة إِذا انْقَطع الدَّم من الْحَيْضَة الثَّالِثَة بطلت الرّجْعَة وَلم تعد الْغسْل وَقَالَ عمر وَعبد الله زَوجهمَا أَحَق بهما مَا لم تَغْتَسِل من الْحَيْضَة الثَّالِثَة وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ الْأَقْرَاء الْأَطْهَار فَإِذا طعنت فِي الْحَيْضَة الثَّالِثَة فقد بَانَتْ وانقطعت الرّجْعَة وَقَالا إِن طَلقهَا فِي طهر قد جَامعهَا فِيهِ اعْتدت فِي ذَلِك الطُّهْر قرءا وَقَالَ الزُّهْرِيّ يلغي ذَلِك الطُّهْر ثمَّ تَعْتَد ثَلَاثَة أطهار قَالَ أَبُو جَعْفَر وَمن الْمُتَأَخِّرين من يَقُول إِذا طعنت فِي الْحَيْضَة الثَّالِثَة بَانَتْ وانقطعت رَجْعَة الزَّوْج وَلَا تحل لَهَا أَن تتَزَوَّج غَيره حَتَّى تَغْتَسِل من حَيْضَتهَا مِنْهُم إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَرُوِيَ نَحوه عَن ابْن عَبَّاس وروري عَن عَائِشَة وَابْن عمر وَزيد بن ثَابت خلاف ذَلِك وروى مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر عدَّة الْحرَّة ثَلَاث حيض وعدة الْأمة حيضتان 891 - فِي عدَّة الْأمة الْمُطلقَة الَّتِي لَا تحيض قَالَ أَصْحَابنَا إِذا طلق امْرَأَته وَهِي أمة صَغِيرَة أَو كَبِيرَة قد يئست فعدتها شهر وَنصف وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ الحديث: 891 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 386 وَقَالَ اللَّيْث وَمَالك عدتهَا ثَلَاثَة أشهر قَالَ مَالك وعدتها فِي الْوَفَاة شَهْرَان وَخمْس لَيَال وروى عَن يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ ثَلَاثَة أشهر وَعَن سعيد بن الْمسيب وَأبي قلَابَة شهر وَنصف وروى حَمَّاد بن سَلمَة عَن حَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان عَن إِبْرَاهِيم قَالَ عدَّة الْأمة إِذا كَانَت لَا تحيض إِذا طلقت إِن شَاءَت شهرا وَنصفا وَإِن شَاءَت شَهْرَان وَإِن شَاءَت ثَلَاثَة أشهر وَقد روى حَمَّاد بن زيد عَن عَمْرو بن دِينَار عَن عَطاء بن أبي رَبَاح قَالَ عدَّة الْأمة إِذا كَانَت لَا تحيض شَهْرَان فَقيل لعَمْرو بن دِينَار إِن ابْن جريج يَقُول إِن عَطاء يَقُول خمس وَأَرْبَعُونَ لَيْلَة وَقَالَ عَمْرو شهِدت على عَطاء أَنه كَانَ يَقُول شَهْرَان 892 - فِي الْأمة تعْتق فِي عدتهَا هَل تنْتَقل عدتهَا قَالَ أَصْحَابنَا إِذا طلق امْرَأَته وَهِي أمة طَلَاقا رَجْعِيًا ثمَّ أعتقت فِي الْعدة انْتَقَلت عدتهَا إِلَى عدَّة الْحرَّة فَإِن كَانَ طَلَاقا بَائِنا لم تنْتَقل وَكَذَلِكَ إِن مَاتَ عَنْهَا زَوجهَا ثمَّ أعتقت فِي الْعدة لم تنْتَقل الْعدة وَفِي الْبَائِن قَولَانِ أَحدهمَا أَنَّهَا تنْتَقل وَالْآخر أَنَّهَا لَا تنْتَقل وَقَالَ ابْن أبي ليلى إِذا طلقت الْأمة تطليقيتن ثمَّ اعتقت فِي الْعدة فعدتها عدَّة الْأمة الحديث: 892 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 387 وَقَالَ أَبُو الزِّنَاد تَعْتَد عدَّة الْحرَّة وَقَالَ مَالك لَا يُغير عتقهَا عدتهَا سَوَاء كَانَ لَهُ عَلَيْهَا رَجْعَة أَو لم يكن كالحد يجب على العَبْد فَلَا يتَغَيَّر بِالْعِتْقِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي الْأمة يَمُوت عَنْهَا زَوجهَا فتعتق فِي الْعدة أَنَّهَا تكمل عدَّة الْحرَّة أَرْبَعَة أشهروعشرا وَرُوِيَ عَنهُ فِي حر تَحْتَهُ أمة طَلقهَا تَطْلِيقَتَيْنِ ثمَّ أعتقت قَالَ إِن كَانَت اعْتدت مِنْهُ قبل الْعتْق حَيْضَة اعْتدت إِلَيْهَا أُخْرَى قَالَ أَبُو جَعْفَر الْقيَاس أَن تنْتَقل فِي الْبَائِن والرجعي جَمِيعًا كَمَا قَالُوا فِي (164 أ) الصَّغِيرَة إِذا بلغت أَن عدتهَا تنْتَقل إِلَى الْحيض سَوَاء كَانَت عدتهَا من بَائِن أورجعي وَهُوَ قَول ابْن شُجَاع وَابْن أبي عمرَان وَلَيْسَت كالمتوفى عَنْهَا زَوجهَا إِذا أعتقت فِي الْعدة لِأَنَّهَا إِذا كَانَت بَائِنا لم تجب عَلَيْهَا الْعدة للوفاة فَكَذَلِك لم تنْتَقل وَالْعِتْق حَاصِل فِي مَسْأَلَتنَا فِي الْعدة فَوَجَبَ أَن تنْتَقل بِهِ 893 - فِي كَيْفيَّة الرّجْعَة قَالَ أَصْحَابنَا إِن وَطئهَا أَو لمسها لشَهْوَة أَو نظر فِي فرجهَا لشَهْوَة فَهُوَ رَجْعَة وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَيَنْبَغِي أَن يشْهد بعدذلك وَقَالَ ابْن أبي ليلى إِذا رَجَعَ وَلم يشْهد صحت الرّجْعَة وَكَذَلِكَ قَول مَالك وَيشْهد وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا وَطئهَا فِي الْعدة وَهُوَ يُرِيد الرّجْعَة وَجَهل أَن يشْهد فَهِيَ رَجْعَة وَإِلَّا فَلَيْسَتْ برجعة وَقَالَ وَيَنْبَغِي للْمَرْأَة أَن تَمنعهُ الْوَطْء حَتَّى يشْهد وَذكر الْوَلِيد عَن مَالك أَن الْقبْلَة لَا تقع بهَا رَجْعَة الحديث: 893 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 388 وَقَالَ الْحسن بن حَيّ الْجِمَاع واللمس رَجْعَة وَالنَّظَر إِلَى الْفرج لَيْسَ برجعة وَقَالَ اللَّيْث الْوَطْء رَجْعَة وَقَالَ الشَّافِعِي لَا تكون الرّجْعَة إِلَّا بِكَلَام وَإِن جَامعهَا يَنْوِي الرّجْعَة أَو لَا يَنْوِي فَلَيْسَ برجعة وَعَلِيهِ مهر الْمثل قَالَ وَلَو آلى مِنْهَا ثمَّ رَاجع كَانَ موليا من حِين رَاجع قَالَ أَبُو جَعْفَر روى الْحسن وَمُحَمّد بن سِيرِين عَن عمرَان بن حُصَيْن فِي رجل طلق امْرَأَته وَلم يشْهد قَالَ طلق لغير عدَّة وراجع بِغَيْر سنة ليشهد على طَلاقهَا ورجعتها وَلَا يعود وَقَول الشَّافِعِي ظَاهر الْفساد فِي إِيجَابه الْمهْر فِي الْوَطْء لِأَنَّهَا زَوجته تسْتَحقّ مِيرَاثه وَإِن طَلقهَا فِي الصِّحَّة فمحال أَن يجب الْمهْر فِي وَطْء زَوجته 894 - إِذا ادّعى رَجْعَة الْمَمْلُوكَة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا طلق امْرَأَته وَهِي أمة تَطْلِيقَة وَانْقَضَت عدتهَا فَقَالَ الزَّوْج رَاجَعتك فِي الْعدة وَأنْكرت وَأقر الْمولى فَالْقَوْل قَول الْأمة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد القَوْل قولي الْمولى فِي الرّجْعَة وَذكر ابْن الْقَاسِم أَن قِيَاس قَول مَالك أَن لَا يصدق الْمولى لِأَن مَالِكًا يَقُول لَا يجوز قَول الْمولى على نِكَاح أمته وَقَالَ الشَّافِعِي القَوْل قَول الْأمة فِي ذَلِك وَلَا يصدق الْمولى الحديث: 894 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 389 895 - إِذا لم يعلمهَا بالرجعة حَتَّى تزوجت قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ إِذا رَاجع امْرَأَته من طَلَاق رَجْعِيّ وَلم يعلمهَا ذَلِك وَانْقَضَت عدتهَا وَتَزَوَّجت ثمَّ جَاءَ زَوجهَا الأول وَقد دخل الثَّانِي أَو لم يدْخل فَهِيَ امْرَأَة الأول وَيفرق بَينهَا وَبَين الْأَخير وَقَالَ مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث إِن لم يدْخل بهَا الآخر فَالْأول أَحَق بهَا وَإِن دخل بهَا الآخر فَهِيَ امْرَأَة الآخر قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا خلاف بَينهم أَن رجعته صَحِيحَة مَعَ جهلها بهَا وَأَنه إِذا (164 ب) جَاءَ قبل تَزْوِيجهَا أنهاامرأته فَكَانَ تَزْوِيجهَا وَهِي امْرَأَة الأول فلايصح فَإِن قيل روى الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب أَن السّنة مَضَت فِي الَّذِي يُطلق امْرَأَته ثمَّ يُرَاجِعهَا فيكتمها رَجعتهَا حَتَّى تحل فَتنْكح زوجا غَيره فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ من أمرهَا شيءولكنها من زَوجهَا الآخر فَأخْبر أَنه سنة وَالسّنة لَا يجوز خلَافهَا قيل لَهُ قَوْله سنة لَا يدل على التَّوْقِيف وَإِنَّمَا مخرج هَذَا عَن عمرفي حَدِيث مُنْقَطع رَوَاهُ حجاج بن منهال عَن أبي عوَانَة عَن مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم أَن أَبَا كنف طلق امْرَأَته ثمَّ خرج فَكتب إِلَيْهَا بالرجعة فَلم يبلغهَا فَتزوّجت فَقَالَ ألم أكن كتبت إِلَيْك فَقَالَت مَا جَاءَنِي مِنْك كتاب قَالَ فَركب إِلَى عمر فَقص عَلَيْهِ الحَدِيث فَكتب إِلَى اميره إِن وجدت امْرَأَة وَلم يدْخل بهَا فَهِيَ امْرَأَته وَإِن كَانَ قد دخل بهَا فَهُوَ رجل عجز قَالَ فجَاء الرِّجَال عِنْدهَا قد مَسْكَنهَا فَقَالَ أخلوني فَقَالُوا لَا تفعل وَمَا لَك عَلَيْهَا سَبِيل فَقَالَت الْمَرْأَة أخلوه فأغلق الْبَاب وَبَات مَعهَا حَتَّى أصبح قَالَ وَألقى الرجل وَمَعَهُ كتاب أَمِير الحديث: 895 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 390 الْمُؤمنِينَ فَقَالَ سمعا وَطَاعَة لكتاب أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ فَردَّتْ عَلَيْهِ امْرَأَته قيل لَهُ هذاكما روى عَنهُ فِي الْمَفْقُود وَقد خَالفه عَليّ وَقد روى عَن شُرَيْح فِي هَذَا أَنه قَالَ إِذا طلق فأعلمها وراجع فَلم يعلمهَا فقد بَانَتْ مِنْهُ وَقد روى عَن الْحسن فِي ذَلِك أَنَّهَا إِذا لم تعلم بالرجعة حَتَّى انْقَضتْ الْعدة فَلَا سَبِيل لَهُ عَلَيْهَا وروى حَمَّاد بن سَلمَة عَن قَتَادَة عَن خلاس فِي رجل طلق امْرَأَته وَأشْهد أَو رَاجع وَأشْهد واستكتم الشُّهُود حَتَّى انْقَضتْ الْعدة فَفرق بَينهمَا عَليّ وعزر الشُّهُود وَلم يَجْعَل لَهُ عَلَيْهَا رَجْعَة وَإِنَّمَا الْمَعْنى فِي هَذَا أَنه اتهمَ الشُّهُود فَلم يقبل شَهَادَتهم وَلذَلِك عزرهم وَقد روى هَذَا الحَدِيث شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن خلاس وَقَالَ فِيهِ فاتهم الشَّاهِدين فجلدهما وَأَجَازَ الطَّلَاق فَلم يثبت عَن عَليّ فِي ذَلِك شَيْء يُوَافق قَول الْخصم وَقَالَ الله تَعَالَى {وبعولتهن أَحَق بردهن فِي ذَلِك} الْبَقَرَة 228 وَقد فعل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 391 896 - فِي الْمُعْتَدَّة بِالْحيضِ تيأس قَالَ اصحابنا وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ إِذا اعْتدت بِحَيْضَة أَو ثِنْتَيْنِ ثمَّ يئست من الْمَحِيض فَإِنَّهَا تَعْتَد بعد الْإِيَاس بِثَلَاثَة أشهر وَقَالَ مَالك إِذا إرتفع حَيْضهَا تنْتَظر لسبعة أشهر ثمَّ تَعْتَد ثَلَاثَة أشهر وَقد حلت للأزواج وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا اعْتدت حيضتين ثمَّ يئست من الْمَحِيض أَنَّهَا تَعْتَد بالحيضتين وتكمل عدتهَا بِشَهْر وَقد حلت للأزواج قَالَ أَبُو جَعْفَر لما كَانَت الصَّغِيرَة إِذا اعْتدت بشهرثم حَاضَت تسْتَقْبل الْعدة ثَلَاث حيض وَجب أَن يكون كَذَلِك مَا وَصفنَا وَأَيْضًا فَإِن الله تَعَالَى جعل عدتهاأحد شَيْئَيْنِ إِمَّا الْحيض وَإِمَّا الشُّهُود وَالْجمع بَينهمَا خَارج عَن ذَلِك 897 - فِي انْقِضَاء الْعدة بِالسقطِ قَالَ أَصْحَابنَا لَو أسقطت مُضْغَة أَو علقَة لم تنقض بهَا الْعدة وَإِن استبان خلقه أَو بعض خلقه انْقَضتْ الْعدة بِهِ وَرُوِيَ عَن إِبْرَاهِيم مثل ذَلِك وروى الحكم عَن إِبْرَاهِيم أَنَّهَا إِذا أَلْقَت علقَة أَو مُضْغَة فَهِيَ من أُمَّهَات الْأَوْلَاد الحديث: 896 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 392 وروى مُجَاهِد أَن امْرَأَة مسحت بطن امْرَأَة فَأَلْقَت مُضْغَة فَأمرهَا عمر بن الْخطاب أَن تكفر وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك مَا أثْبته النِّسَاء من مُضْغَة أَو علقَة أوشيء تستيقن أَنه ولد فَإِنَّهُ تَنْقَضِي بِهِ الْعدة وَتَكون أم ولد وَإِن لم يتَبَيَّن فِيهِ خلق آدَمِيّ سَأَلنَا عُدُولًا من النِّسَاء فَإِن زعمن أَن هَذَا لَا يكون إِلَّا من خلق آدَمِيّ كَانَت بِهِ أم ولد وَإِن شككن لم تكن بِهِ أم ولد وَقِيَاس قَوْله فِي الْعدة مثله 898 - فِي عدَّة الْمُسْتَحَاضَة قَالَ أَصْحَابنَا عدَّة الْمُسْتَحَاضَة وَغَيرهَا سَوَاء ثَلَاث حيض قَالَ ابْن وهب عَن مَالك عدَّة الْمُسْتَحَاضَة سنة والحرة وَالْأمة فِي ذَلِك سَوَاء وَقَالَ اللَّيْث عدَّة الْمُطلقَة والمتوفى عَنْهَا زَوجهَا سنة إِذا كَانَت مُسْتَحَاضَة وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْمُزنِيّ إِذا أطبق عَلَيْهَا الدَّم فَإِن كَانَ دَمًا ينفضل فَيكون أَيَّامًا أَحْمَر قانيا محتدما كثيرا وَفِيمَا بعده قَلِيلا رَقِيقا إِلَى الصُّفْرَة فحيضها المحتدم وطهرها الرَّقِيق والصفرة وَإِن كَانَ مشتبها كَانَت حَيْضَتهَا بِقدر أَيَّام حَيْضهَا فِيمَا مضى قبل الِاسْتِحَاضَة وَإِن ابتدأت مُسْتَحَاضَة أونسيت أَيَّام حَيْضهَا تركت الصَّلَاة يوماوليلة واستقبل بهَا الْحيض من أول هِلَال يَأْتِي عَلَيْهَا بعد وُقُوع الطَّلَاق فَإِذا أهل هِلَال الرَّابِع انْقَضتْ عدتهَا فَإِن الِاسْتِحَاضَة لَا تمنع وجود الْحيض فَهِيَ من ذَوَات الْأَقْرَاء فعدتها بالشهور سَاقِطَة الحديث: 898 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 393 899 - فِي عدَّة الْمُطلقَة فِي الْمَرَض قَالَ أَبُو حنيفه وَمُحَمّد إِذا ورثت وَالطَّلَاق بَائِن فعدتها أبعد الْأَجَليْنِ إِذا مَاتَ وَهِي فِي الْعدة قَول الثَّوْريّ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمَالك عدتهَا عدَّة الطَّلَاق دون الْوَفَاة وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ تَعْتَد عدَّة الطَّلَاق دون الْوَفَاة وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ تَعْتَد عدَّة الْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوجهَا وتلغي مَا كَانَت قد اعْتدت عَلَيْهِ قبل ذَلِك وَهُوَ قَول إِبْرَاهِيم وَالشعْبِيّ 900 - فِي الْمُطلقَة المبتوتة هَل تحد فِي عدتهَا قَالَ أَصْحَابنَا فِي الْمُطلقَة المبتوتة والمتوفى عَنْهَا زَوجهَا لَا تدهن بِزَيْت مُطيب وَلَا بِشَيْء من الأدهان إِلَّا من وجع وَقَالَ الثَّوْريّ وَالْحسن بن حَيّ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا الْإِحْدَاد وَقَالَ مَالك لَا إحداد إِلَّا على متوفى عَنْهَا زَوجهَا وَهُوَ قَول اللَّيْث وَلَا تدهن الحادة إِلَّا بِالْحلِّ أَو الزَّيْت وَلَا تدهن إِلَّا بالأدهان المرببة وَقَالَ الشافي أحب للمطلقة المبتوتة الْإِحْدَاد وَلَا يبين لي أَن أوجبه عَلَيْهَا وَلَا تدهن الحادة بِشَيْء من الأدهان لشعرها وتدهن بدنهَا بالزيت والشيرج وَمَا لَا طيب فِيهِ وَلَا تدهن رأسهها ووجهها بذلك وَقَالَ أَصْحَابنَا لَا تنْتَقل المبتوتة وَلَا الْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوجهَا من بَيتهَا الَّذِي الحديث: 899 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 394 كَانَت تسكنه وَتخرج الَّتِي توفى عَنْهَا زَوجهَا بِالنَّهَارِ وَلَا تبيت وَلَا تخرج الْمُطلقَة لَيْلًا وَلَا نَهَارا وَهُوَ قَول الْحسن بن حَيّ وَقَالَ مَالك لَا تنْتَقل المبتوتة وَلَا الرَّجْعِيَّة وَلَا الْمُتَوفَّى عَنْهَا من أَي بَيت كَانَت فِيهِ جيدا أَو رديئا وَإِنَّمَا الْإِحْدَاد فِي الزِّينَة وَرُوِيَ عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ الْمُطلقَة تحيض ثَلَاثًا والمتوفى عَنْهَا زَوجهَا فِي الْعدة سَوَاء قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلَا يَخْتَلِفُونَ أَن المبتوتة مَمْنُوعَة من البيتوتة إِلَّا فِي بَيتهَا وَكَانَت البيتوتة من الْإِحْدَاد الَّذِي أَمر بِهِ الْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوجهَا فأشبهها من هَذَا الْوَجْه وَجب أَن يكون مثلهَا فِي بَقِيَّة الْإِحْدَاد 901 - فِيمَن يجب عَلَيْهَا الْإِحْدَاد من النِّسَاء قَالَ أَصْحَابنَا لَيْسَ على الصَّغِيرَة وَلَا على الْكَافِرَة وَلَا على الْأمة الْمسلمَة الْإِحْدَاد فَهُوَ على الْحرَّة فِي الْعدة وَقَول مَالك وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ الْإِحْدَاد على الصَّغِيرَة والكافرة فَهُوَ على الْمسلمَة الْكَبِيرَة 902 - فِي الْمَرْأَة يطلقهَا زَوجهَا فِي السّفر أَو يَمُوت عَنْهَا قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا قدم مَعَ امْرَأَته الْكُوفَة وَهُوَ يُرِيد الْحَج وَهُوَ من أهل الحديث: 901 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 395 خُرَاسَان فَمَاتَ بِالْكُوفَةِ فَإِنَّهَا لَا تخرج حَتَّى تَنْقَضِي عدتهَا وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَهَا أَن تخرج مَعَ محرم فِي الْعدة والوفاة وَالطَّلَاق فِي ذَلِك سَوَاء على الْخلاف روى الْحسن بن زِيَاد عَن أبي يُوسُف أَنَّهَا لَا تخرج فِي الطَّلَاق وَتخرج فِي الْوَفَاة لِأَن الْخُرُوج فِي السّفر أيسر أَلا ترى أَن الْمُتَوفَّى عَنْهَا تخرج من بَيتهَا بِالنَّهَارِ وَلَا تخرج الْمُطلقَة وَهُوَ قَول زفر فِي رِوَايَة الْحسن كَقَوْل أبي حنيفَة وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك إِذا أخرج لحَاجَة فَمَاتَ فِي مصر فَإِنَّهَا ترجع إِلَى بَلَدهَا إِذا كَانَ مجتازا لَا يُرِيد الْإِقَامَة وَالسُّكْنَى وَقَالَ مَالك فِي الرجل يخرج بامرأته حَاجا وَهُوَ من أهل الأندلس وَنَحْوهَا فَيهْلك فِي الطَّرِيق بِموضع إِن رجعت انْقَضتْ عدتهَا قبل أَن ترجع فَلَيْسَ عَلَيْهَا رُجُوع وَأرى أَن تمْضِي وَإِن كَانَ الزَّوْج توفّي عَنْهَا قبل أَن تحرم فَإِنَّهَا ترجع مَا لم تحرم فَإِن أَحرمت لم ترجع وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا خرجا يُريدَان الْحَج فَتوفي الرجل فَإِن كَانَت أَحرمت أتمت حَجهَا وَإِن كَانَت لم تحرم رجعت فاعتدت فِي بَيتهَا وَقَالَ اللَّيْث إِذا بلغَهَا خبر الْوَفَاة وَهِي فِي الطَّرِيق فَلَيْسَ عَلَيْهَا أَن تقيم فِي غير بَلَدهَا وَلَكِن عَلَيْهَا إِذا قدمت وَقد بَقِي عَلَيْهَا من عدتهَا شَيْء أَن تستكملها فِي منزل زَوجهَا وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا خرجت فِي حَاجَة فَطلقت أَو مَاتَ عَنْهَا فلهَا الْخِيَار فِي (166 أ) الذّهاب وَالرُّجُوع وَلَيْسَ عَلَيْهَا أَن ترجع إِلَى بَيتهَا قبل أَن يَنْقَضِي سفرها وَلَا أَن تقيم فِي الْمصر الَّذِي أذن لَهَا فِي السّفر إِلَيْهِ قَالَ وَلَو أذن لَهَا فِي زِيَارَة أَو نزهة فعلَيْهَا أَن ترجع لِأَن الزِّيَارَة لَيست مقَاما الجزء: 2 ¦ الصفحة: 396 قَالَ أَبُو جَعْفَر وجدنَا الْمُعْتَدَّة من طَلَاق أَو وَفَاة لَيْسَ لَهَا السّفر فِي الْعدة وَلَو سافرتا فِي عدتيهما وَجب ردهما إِلَى منازلهما حَتَّى تَنْقَضِي الْعدة وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قصَّة الفريعة بنت مَالك وَقَالَ لَهَا امكثي فِي بَيْتك الَّذِي جَاءَ فِيهِ نعي زَوجك حَتَّى يبلغ الْكتاب أَجله وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَن الصَّحَابَة روى سعيد بن الْمسيب أَن عمر رد نسْوَة من ذِي الحليفة فخرجن فِي عددهن وَعَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن ثَوْبَان أَن عمر بن الْخطاب وَزيد بن ثَابت قَالَا الْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوجهَا وَبهَا فاقة شَدِيدَة فَلم يرخص لَهَا أَن تخرج من بَيتهَا إِلَّا فِي بَيَاض نَهَارهَا تصيب من طعامهم ثمَّ ترجع إِلَى بَيتهَا فتبيت فِيهِ وَعَن ابْن عمر الْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوجهَا كَانَت الْمُطلقَة مثلهَا فَإِذا سافرتا ثمَّ وَجَبت عَلَيْهِمَا الْعدة وَجب أَن يكون ذَلِك قَاطعا لَهما عَن الْمُضِيّ فِي سفرهما لعودهما إِلَى حَال لَا يَصح معهااستئناف السّفر فَوَجَبَ عَلَيْهِمَا الرُّجُوع إِذا لم يكن بَينهمَا وَبَين مصريهما مسيرَة ثَلَاث 903 - فِي الْمِقْدَار الَّذِي تصدق فِيهِ الْمَرْأَة فِي انْقِضَاء الْعدة قَالَ أَبُو حنيفَة لَا أصدقهَا فِي أقل من شَهْرَيْن إِذا كَانَت من ذَوَات الْحيض الحديث: 903 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 397 وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا تصدق من أقل من تِسْعَة وَثَلَاثِينَ يَوْمًا وَهُوَ قَول الثَّوْريّ فِي رِوَايَة ابْن الْمُبَارك عَنهُ وروى الْمعَافى عَنهُ أَنَّهَا لَا تصدق فِي أقل من أَرْبَعِينَ يَوْمًا قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلَا نَعْرِف لهَذَا القَوْل معنى وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَسُئِلَ عَن الْمُطلقَة تحيض ثَلَاث حيض فِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَو أدنى من ذَلِك إِن عدتهَا قد انْقَضتْ وَقَالَ ابْن الْقَاسِم إِذا ادَّعَت أَن عدتهَا قد انْقَضتْ فِي مِقْدَار مَا تَنْقَضِي فِيهِ الْعدة صدقت وَلَا تصدق فِي الْيَسِير الَّذِي لَا تَنْقَضِي فِي مثله الْعدة قَالَ وَسَأَلت مَالِكًا إِذا قَالَت قد حِضْت ثَلَاث حيض فِي شهر قَالَ يسْأَل النِّسَاء عَن ذَلِك فَإِن كن يحضن كَذَلِك ويطهرن لَهُ كَانَت مصدقة فِيهِ وَقَالَ الْحسن بن حَيّ لَا تقبل قَوْلهَا فِي أقل من خَمْسَة وَأَرْبَعين يَوْمًا وَقَالَ الشَّافِعِي القَوْل قَوْلهَا فِيمَا يُمكن فِيهِ انْقِضَاء الْعدة 904 - فِيمَا تصدق فِيهِ النُّفَسَاء من انْقِضَاء الْعدة قَالَ أَبُو حنيفَة لَا تصدق النُّفَسَاء فِي أقل من خَمْسَة وَثَمَانِينَ يَوْمًا إِذا طَلقهَا زَوجهَا حِين ولدت وَقَالَ مُحَمَّد أصدقهَا فِي أَرْبَعَة وَخمسين يَوْمًا وَزِيَادَة شَيْء وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَا أصدقهَا فِي أقل من خَمْسَة وَسِتِّينَ يَوْمًا قَالَ أَبُو جَعْفَر وروى ابْن الْمُبَارك عَن أبي حنيفَة أَن الدَّم إِذا انْقَطع فِي الْأَرْبَعين على هَذَا الحديث: 904 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 398 أَن يصدقها فِي سِتِّينَ يَوْمًا وَسَاعَة لِأَنَّهُ يَجْعَل السَّاعَة نفاسا ثمَّ خَمْسَة عشر طهرا وَخَمْسَة حيضا من رِوَايَة أبي يُوسُف وَيَنْبَغِي فِي رِوَايَة الْحسن بن زِيَاد عَن أبي حنيفَة على هَذَا الأَصْل أَن لَا يصدقها فِي أقل من خَمْسَة وَسبعين يَوْمًا وَسَاعَة لِأَنَّهُ يَجْعَل سَاعَة نفاسا وَخَمْسَة عشر طهرا وَعشرَة حيضا ثمَّ كَذَلِك حَتَّى تَنْقَضِي الْعدة وَأما الثَّوْريّ فَإِن ابْن الْمُبَارك روى عَنهُ أَنه مَتى عاودها الدَّم فِي الْأَرْبَعين كَانَ نفاسا قل الطُّهْر أَو كثر فَيَجِيء على هَذَا أَن لَا يصدقها فِي أقل من تِسْعَة وَسبعين يَوْمًا 905 - فِي نَفَقَة المبتوتة قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ لكل مُطلقَة السُّكْنَى وَالنَّفقَة مَا دَامَت فِي الْعدة حَامِلا كَانَت أَو غير حَامِل وَقَالَ ابْن أبي ليلى لَا سكن للمبتوتة وَلَا نَفَقَة وَرُوِيَ عَنهُ لَهَا السُّكْنَى وَلَا نَفَقَة لَهَا إِلَّا أَن تكون حَامِلا وَرُوِيَ عَنهُ أَن عَلَيْهِ نَفَقَة الْحَامِل المبتوتة إِن كَانَ مُوسِرًا وَإِن كَانَ مُعسرا فَلَا نَفَقَة لَهَا عَلَيْهِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ للمبتوتة السُّكْنَى وَلَا نَفَقَة لَهَا إِلَّا أَن تكون حَامِلا وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل وَأَبُو ثَوْر لَا سُكْنى لَهَا وَلَا نَفَقَة الحديث: 905 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 399 قَالَ أَبُو جَعْفَر رُوِيَ عَن عمر وَعبد الله فِي الْمُطلقَة ثَلَاثًا أَن لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفقَة 906 - فِي نَفَقَة الْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوجهَا قَالَ أَصْحَابنَا لَا سُكْنى وَلَا نَفَقَة فِي مَال الْمَيِّت حَامِلا كَانَت أَو غير حَامِل وَقَالَ ابْن أبي ليلى هِيَ فِي مَال الزَّوْج بِمَنْزِلَة الدّين على الْمَيِّت إِذا كَانَت حَامِلا وَقَالَ مَالك نَفَقَتهَا على نَفسهَا وَإِن كَانَت حَامِلا وَلها السُّكْنَى وَإِن كَانَت الدَّار للزَّوْج فَإِن كَانَ عَلَيْهِ دين فالمرأة أَحَق بسكناها حَتَّى تَنْقَضِي عدتهاوإن كَانَت فِي بَيت بكرَاء فأخرجوها لم يكن لَهَا سُكْنى فِي مَال الزَّوْج هَذَا رِوَايَة ابْن وهب وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَنهُ لَا نَفَقَة لَهَا فِي مَال الْبَيْت وَلها السُّكْنَى إِذا كَانَت الدَّار للْمَيت فَإِن كَانَ عَلَيْهِ دين فَهِيَ أَحَق بِالسُّكْنَى من الْغُرَمَاء وتباع للْغُرَمَاء وَيشْتَرط السُّكْنَى على المُشْتَرِي وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا كَانَت حَامِلا أنْفق عَلَيْهَا من جَمِيع المَال حَتَّى تضع الحديث: 906 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 400 فَإِذا وضعت أنْفق على الصَّبِي من نصِيبه هَذَا رِوَايَة الْأَشْجَعِيّ وروى الْمعَافى عَنهُ أَن نَفَقَتهَا من حصَّتهَا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي الْمَرْأَة يَمُوت زَوجهَا وَهِي حَامِل فَلَا نَفَقَة لَهَا فَإِن كَانَت أم ولد فلهَا النَّفَقَة من جَمِيع المَال حَتَّى تضع وَقَالَ اللَّيْث فِي أم الْوَلَد إِذا كَانَت حَامِلا مِنْهُ فلينفق عَلَيْهَا من المَال فَإِن ولدت كَانَ ذَلِك فِي حِصَّة وَلَدهَا وَإِن لم تَلد كَانَ ذَلِك دينا يتبع بِهِ وَقَالَ الْحسن بن حَيّ للمتوفى عَنْهَا النَّفَقَة فِي جَمِيع المَال وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوجهَا قَوْلَيْنِ أَحدهمَا لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفقَة وَالْآخر لَا نَفَقَة لَهَا ولاسكنى وَقَالَ أَبُو جَعْفَر رُوِيَ عَن ابْن مَسْعُود فِي الْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوجهَا أَن النَّفَقَة فِي جَمِيع المَال حَتَّى تضع وَقَالَ ابْن عمر فِي الْحَامِل الْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوجهَا لَهَا النَّفَقَة فِي جَمِيع المَال وَقَالَ ابْن عَبَّاس وَابْن الزبير وَجَابِر نَفَقَتهَا من نصِيبهَا 907 - فِي الْعدة الَّتِى لَا تجب فِيهَا النَّفَقَة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا جَاءَت الْفرْقَة من قبلهَا بِمَعْصِيَة فَلَا نَفَقَة لَهَا وَلها السُّكْنَى وَلَا سُكْنى وَلَا نَفَقَة فِي النِّكَاح الْفَاسِد الحديث: 907 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 401 وَقَالَ مَالك فِي الذميين إِذا أسلمت الْمَرْأَة وَقعت الْفرْقَة أَو كَانَا من الْمَجُوس فَأسلم الزَّوْج وَقعت الْفرْقَة فرفعتها حَيْضَتهَا فلهَا السُّكْنَى وَقَالَ فِي الذِّمِّيّ يتَزَوَّج أُخْته من الرضَاعَة وَهُوَ لَا يعلم فَيُفَرق بَينهمَا أَن لَهَا السُّكْنَى إِن كَانَ دخل بهَا لِأَنَّهَا تَعْتَد مِنْهُ وَإِن كَانَت حَامِلا فلهَا النَّفَقَة فَإِن لم تكن حَامِلا فَلَا نَفَقَة لَهَا وَقَالَ الْحسن بن حَيّ كل بَائِن من زَوجهَا بعد الدُّخُول فعلَيْهَا عدَّة الْمُطلقَة وَلها السُّكْنَى وَالنَّفقَة حَتَّى تخرج من مَائه وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْمُزنِيّ فِي الْمُعْتَدَّة من نِكَاح فَاسد لَا سُكْنى لَهَا وَلَا نَفَقَة حَامِلا كَانَت أَو غير حَامِل 908 - فِي الصَّبِي يَمُوت عَن امْرَأَته قَالَ أَصْحَابنَا إِن مَاتَ عَنْهَا الصَّبِي وَهِي حَامِل فعدتها أَن تضع حملهَا وَإِن وجدت الْحمل بعد مَوته فعدتها أَرْبَعَة أشهر وَعشرا لِأَن الْحمل لَيْسَ مِنْهُ قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ الله تَعَالَى {وَأولَات الْأَحْمَال أَجلهنَّ أَن يَضعن حَملهنَّ} الطَّلَاق 4 4 فكون الْوَلَد من غَيره لَا يمْنَع أَن تكون عدتهَا الْحمل لِأَن الْجَمِيع قد اتَّفقُوا على أَن الْعدة لجَوَاز أَن يكون الْحمل مِنْهُ وَإِن كَانَ الْحمل من غَيره لَا يمْنَع أَن تكون عدتهَا الْحمل من غَيره لحق الْمُلَاعنَة بِالْحملِ من غَيره ينتغي نسبه مِنْهُ عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ وَتَكون عدتهَا وضع الْحمل وَلَيْسَ من الزَّوْج وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْمُزنِيّ إِذا قَالَ لامْرَأَته كلما ولدت غُلَاما فَأَنت طَالِق فَولدت غلامين بَينهمَا سنة أَنَّهَا قد طلقت بِالْأولِ وحلت للأزواج وَلم يلْحق بِهِ الآخر الحديث: 908 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 402 909 - فِي الْمَرْأَة المبوأة بَيْتا إِذا طلقت قَالَ أَصْحَابنَا إِذا بوأ الْمولى الْأمة بَيْتا مَعَ الزَّوْج ثمَّ طَلقهَا وَهِي على حَالهَا فلهَا السُّكْنَى وَالنَّفقَة وروى عَمْرو بن خَالِد عَن زفر فِي رجل طلق امْرَأَته طَلَاقا بَائِنا وَهِي أمة (167 ب) وَلم يكن بوأها بَيْتا فَأَرَادَ الْمولى أَن يبوئها وَينْفق عَلَيْهَا وَقَالَ يَعْقُوب لَا يجْبر على سكناهَا وَلَا على أَن ينْفق عَلَيْهَا لِأَن الطَّلَاق وَقع يَوْم وَقع وَلَا سُكْنى لَهَا وَلَا نَفَقَة وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إذاأعتقت الْأمة وَهِي تَحت العَبْد واختارت فِرَاقه فَإِن كَانَت قد بوئت مَعَ زَوجهَا موضعا فالسكنى للزَّوْج لَازم مَا دَامَت فِي عدتهَا وَإِن كَانَت غير مبوأة مَعَه فَلَا شَيْء لَهَا على الزَّوْج من السُّكْنَى وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا طلق الْحر أَو العَبْد الْأمة فَعَلَيهِ من نَفَقَتهَا فِي الْعدة مَا عَلَيْهِ من نَفَقَة الْحرَّة لَا يسْقط ذَلِك عَنهُ إِلَّا أَن يُخرجهَا سَيِّدهَا فيمنعها من الْعدة فِي منزله فَتسقط النَّفَقَة وَكَذَلِكَ نَفَقَتهَا مَا دَامَت حَامِلا مَا لم يُخرجهَا سَيِّدهَا من منزله وَلَو ذَهَبْنَا إِلَى حَدِيث ابْن عمر أَن النَّفَقَة على الْحَامِل إِنَّمَا هِيَ للْحَمْل كَانَت نَفَقَة الْحمل لَا يبلغ بعض نَفَقَة أمة وَلكنه حكم الله علينا اتِّبَاعه 910 - بَعيدا هَل يُسَافر الْمولى بالأمة قَالَ أَصْحَابنَا تجتنب الْأمة الْمُعْتَدَّة من الطَّلَاق مَا تجتنبه الْحرَّة الْمُطلقَة فِي الزِّينَة إِلَّا الْخُرُوج وَهُوَ قَول اللَّيْث فِي إِبَاحَة الْخُرُوج وَالسّفر بهَا وَكَذَلِكَ قَول الشَّافِعِي الحديث: 909 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 403 وَقَالَ مَالك إِن بَاعهَا سَيِّدهَا اشْترط على المُشْتَرِي أَن لَا يُخرجهَا حَتَّى تَنْقَضِي عدتهَا 911 - فِي الْوَقْت الَّذِي يلْحق بِهِ النّسَب فِي ولد الْمُعْتَدَّة قَالَ أَصْحَابنَا فِي الْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوجهَا يلْزم الزَّوْج نسب وَلَدهَا مَا بَينهَا وَبَين سنتَيْن مَا لم تقر بِانْقِضَاء الْعدة فَإِن مَضَت أَرْبَعَة أشهر وَعشر فأقرت بِانْقِضَاء الْعدة ثمَّ جَاءَت بِولد لسِتَّة أشهر لم يكن ابْنه وَقَالُوا فِي الرجل يتَزَوَّج الْجَارِيَة الَّتِي لم تبلغ وَهِي تجامع فَيدْخل بهَا ثمَّ يطلقهَا طَلَاقا بَائِنا ثمَّ جَاءَت بِولد لسِتَّة أشهر مُنْذُ يَوْم طَلقهَا لم يلْزمه إِلَّا أَن تَأتي بِهِ لأَقل من تِسْعَة أشهر قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلم يذكر فِي هَاتين الْمَسْأَلَتَيْنِ الأخراوين خلافًا قَالَ أَبُو بكر من قَول أبي يُوسُف إِنَّه يلْزمه نسب الصَّغِيرَة أَيْضا إِلَى سنتَيْن مَا لم تقر بِانْقِضَاء الْعدة وَقَالَ الْحسن بن زِيَاد عَن زفر الْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوجهَا إِذا مَضَت أَرْبَعَة أشهر وَعشر ثمَّ جَاءَت بِولد لسِتَّة اشهر لم يلْزمه حَتَّى تَجِيء بِهِ لأَقل من ذَلِك وَقَالَ مَالك إِذا طَلقهَا ثَلَاثًا أَو وَاحِدَة ثمَّ جَاءَت بِولد لأكْثر من سنتَيْن فَإِنَّهُ يلْزمه إِذا جَاءَت بِهِ فِي ثَلَاث سِنِين أَو أَربع سِنِين أَو خمس سِنِين وَقَالَ ابْن الْقَاسِم وَكَانَ مَالك يَقُول لَو حَاضَت ثَلَاث حيض وَقَالَت قد انْقَضتْ عدتي ثمَّ جَاءَت بِولد لتَمام أَربع سِنِين من يَوْم طَلقهَا وَقَالَت لَا اعْلَم بِالْحملِ وَقَالَ الزَّوْج هُوَ حمل حَادث لَيْسَ مني فَإِنَّهُ يلْزمه الْوَلَد إِلَّا أَن يَنْفِيه بِلعان (168 أ) وَقَالَ مَالك فِي الْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوجهَا إِذا اعْتدت أَرْبَعَة أشهر وَعشرا ثمَّ الحديث: 911 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 404 جَاءَت بِولد لأكْثر من سِتَّة أشهر فِيمَا بَينهَا وَبَين مَا تَلد النِّسَاء من يَوْم هلك زَوجهَا فَإِن الْوَلَد يلْزم الزَّوْج وَقَالَ ابْن الْقَاسِم قَالَ مَالك وَقد سَمِعت أَن امْرَأَة حملت سبع سِنِين وَكَانَ مَالك يرى للمطلقة الْحَامِل النَّفَقَة على زَوجهَا سبع سِنِين وَقَالَ اللَّيْث أَكثر الْحمل خمس سِنِين مثل قَول مَالك وَقَالَ الثَّوْريّ وَالْحسن بن حَيّ أَكثر الْحمل سنتَيْن مثل قَول أَصْحَابنَا وَقَالَ الشَّافِعِي أَكثر الْحمل أَربع سِنِين قَالَ أَبُو جَعْفَر وَذهب قوم إِلَى أَن أقْصَى مُدَّة الْحمل هِيَ مَا جرت بِهِ عَادَة النِّسَاء عَلَيْهِ هِيَ تِسْعَة أشهر وَمَا جَاءَت بِهِ لأكْثر مِنْهَا لَا يلْزمه وَكَانَ مُحَمَّد بن عبد الله بن الحكم يذهب إِلَى هَذَا القَوْل قَالَ أَبُو جَعْفَر وَقد روى عَفَّان بن مُسلم قَالَ حَدثنَا عبد الواحد بن زِيَاد عَن الْحَارِث بن حصيرة قَالَ حَدثنَا زيد بن وهب قَالَ قَالَ أَبُو ذَر بَعَثَنِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى ابْن أم الصياد فَقَالَ سلها كم حملت بِهِ فأتيتها فسألتها فَقَالَت حملت بِهِ اثْنَي عشر شهرا ثمَّ أَرْسلنِي إِلَيْهَا الْمرة الثَّانِيَة فَقَالَ سلها عَن صياحه حِين وَقع فأتيتهافسألتها فَقَالَت صَاح صياح الصَّبِي ابْن شَهْرَيْن فقد أخبر أَنَّهَا حملت بِهِ اثْنَي عشر شرا وَلم يُنكر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَبَطل قَول من قَالَ إِن أَكثر الْحمل تِسْعَة أشهر قَالَ أَبُو جَعْفَر لما اخْتلف فِي أَكثر مُدَّة الْحمل فَقَالَ مَا يكون حولان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 405 وَقَالَ آخَرُونَ أَربع سِنِين وَقَالَ آخَرُونَ خمس سِنِين وَقَالَ آخَرُونَ سبع سِنِين فالسنتان مُتَّفق عَلَيْهِمَا وَمَا زَاد فطريقه التَّوْقِيف أَو الِاتِّفَاق وَقد عدما فِيهِ فَلم يثبت 912 - فِي عدَّة أم الْوَلَد بِالْعِتْقِ قَالَ أَصْحَابنَا إِذا عتقهَا مَوْلَاهَا أَو مَاتَ فعتقت فعدتها ثَلَاث حيض وَقَالَ مَالك عدتهَا حَيْضَة فِي الْمَوْت وَالْعِتْق وَلها السُّكْنَى فِي هَذِه الْحَيْضَة وَإِن كَانَت لَا تحيض فعدتها ثَلَاثَة أشهر وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا أعْتقهَا مَوْلَاهَا فعدتها ثَلَاث حيض وَإِن مَاتَ عَنْهَا فعدتها أَرْبَعَة أشهر وَعشرا وَقَالَ الْحسن كل أمة إِذا أعتقت اعْتدت ثَلَاث حيض إِن كَانَت مِمَّن تحيض وَإِلَّا فَثَلَاثَة أشهر وَسَوَاء كَانَت بكرا أَو ثَيِّبًا قَالَ الْحسن ويعجبني أَن تتقي أم الْوَلَد إِذا مَاتَ عَنْهَا مَوْلَاهَا الزِّينَة كَمَا تتقي الْحرَّة فِي عدتهَا وَلَا أوجبه عَلَيْهَا وَقَالَ اللَّيْث فِي عدَّة أم الْوَلَد كَقَوْل مَالك أَنَّهَا حَيْضَة قَالَ وَلَو كَانَت حَائِضًا يَوْم مَاتَ ثمَّ طهرت من تِلْكَ الْحَيْضَة رَأَيْت ذَلِك عَلَيْهَا عدَّة وَتنْكح إِن شَاءَت وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْمُزنِيّ فِي أم الْوَلَد الْمُتَوفَّى عَنْهَا مَوْلَاهَا تَعْتَد بِحَيْضَة (168 ب) إِن كَانَت حَائِضًا يَوْم مَاتَ أَو عتق لم تَعْتَد بِتِلْكَ الْحَيْضَة وَقَالَ أَيْضا فِي الْمُزنِيّ وَإِذا توفى سيد أم الْوَالِد أَو أعْتقهَا فالعدة أَن يستبرأ الْحَيْضَة فَإِن لم تكن من أهل الْحيض فَثَلَاثَة أشهر أحب إِلَيْنَا الحديث: 912 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 406 وروى قَتَادَة عَن جَابر عَن عَليّ قَالَ عدَّة أم الْوَلَد إِذا توفى عَنْهَا سَيِّدهَا حَيْضَة وروى سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن رَجَاء بن حَيْوَة عَن قبيصَة بن ذُؤَيْب قَالَ قَالَ عَمْرو بن الْعَاصِ لَا تلبسوا علينا سنة نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عدَّة أم الْوَلَد إِذا توفّي عَنْهَا سَيِّدهَا أَرْبَعَة أشهر وَعشر قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ أَنه غير جَائِز لَهَا التَّزْوِيج كالأمة الْمُشْتَرَاة وَلما ثَبت أَنَّهَا عدَّة وَلم نجد شَيْئا من الْعدَد حَيْضَة وَاحِدَة نوجب أَن تكون ثَلَاث حيض إِن كَانَت حرَّة وَلما كَانَت عدتهَا وَاجِبَة عَن الْوَطْء أشبهت عدَّة الْمُطلقَة الْحرَّة فَتكون ثَلَاث حيض وَلَا تكون بالشهور لِأَن الْعدة بالشهور للوفاة إِنَّمَا تجب عَن العقد وَلَيْسَ هَا هُنَا عقد 913 - فِي الطَّلَاق بِالرِّجَالِ أَو بِالنسَاء قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ الطَّلَاق بِالنسَاء وَهُوَ قَول عَليّ وَعُثْمَان بن عَفَّان وَزيد بن ثَابت وَابْن عَبَّاس وَقَالَ عُثْمَان البتي إِنَّهَا رق نقص الطَّلَاق برقه وَهُوَ مَذْهَب عبد الله بن عمر وَقَالَ أَصْحَابنَا مُدَّة الْإِيلَاء أَرْبَعَة أشهر وَالْحر وَالْعَبْد فِيهَا سَوَاء كأجل الْعنين الحديث: 913 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 407 وَكَانَ ابْن عَبَّاس يَقُول إِذا كَانَ الزَّوْج عبدا فالطلاق إِلَى الموَالِي دون العَبْد وَاحْتج بقول الله تَعَالَى {ضرب الله مثلا عبدا مَمْلُوكا لَا يقدر على شَيْء} النَّحْل 75 رَوَاهُ هشيم عَن مَنْصُور بن زادان عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس قَالَ الْأَمر إِلَى الْمولى فِي لطلاق دون العَبْد اذن لَهُ أَو لم يَأْذَن وَيَتْلُو هَذِه الْآيَة {ضرب الله مثلا عبدا مَمْلُوكا لَا يقدر على شَيْء} النَّحْل 75 وروى هشيم عَن أبي الزبير عَن أبي معبد مولى ابْن عَبَّاس أَن غُلَاما لِابْنِ عَبَّاس طلق امْرَأَته تَطْلِيقَتَيْنِ فَقَالَ لَهُ ابْن عَبَّاس أرجعها لَا أم لَك فَإِنَّهُ لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء فَأبى فَقَالَ هِيَ لَك فاتخذها وَقَوله هِيَ لَك فاتخذها يدل على أَنَّهَا كَانَت أمة وَقد روى مُعَاوِيَة بن سَلام عَن يحيى بن أبي كثير عَن عمر بن معتب أَن أَبَا حسن مولى بني نَوْفَل أخبرهُ أَنه استفتى ابْن عَبَّاس فِي رجل مَمْلُوك كَانَت تَحْتَهُ مَمْلُوكَة فَطلقهَا تَطْلِيقَتَيْنِ فَبَانَت مِنْهُ ثمَّ أَنَّهُمَا أعتقا بعد ذَلِك هَل يصلح للرجل أَن يخطبها فَقَالَ ابْن عَبَّاس نعم وَقضى بذلك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زعم ابْن عَبَّاس وروى شَيبَان النَّحْوِيّ عَن يحيى (169 أ) بن أبي كثير عَن عمر بن معتب عَن مولى بني نَوْفَل وَذكر أَنه طَلقهَا تَطْلِيقَة فَبَانَت فِي هَذَا الحَدِيث نرى أَنه كَانَ يرى طَلَاق العَبْد جَائِز وَهُوَ خلاف حَدِيث عَطاء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 408 قَالَ أَبُو جَعْفَر يدل على أَن الطَّلَاق بِالْمَرْأَةِ أَنه أَحَق للرجل كالعدة قَالَ الله تَعَالَى {فَمَا لكم عَلَيْهِنَّ من عدَّة} الْأَحْزَاب 49 فَجعل الْعدة حَقًا للزَّوْج قَالَ وَمُدَّة إِيلَاء الْأمة على النّصْف لِأَن الله تَعَالَى جعل لَهُ الْفَيْء فِيهَا كَمَا جعل لَهُ الرّجْعَة فِي الْعدة فَلَو كَانَت الْعدة على النّصْف كَانَت مُدَّة الْإِيلَاء على النّصْف 914 - فِيمَن طلق زَوجته تَطْلِيقَة وَهِي أمة ثمَّ تعْتق قَالَ أَصْحَابنَا يصير طَلاقهَا ثَلَاثًا فَإِن طَلقهَا أُخْرَى لم تبن حَتَّى تطلق ثِنْتَيْنِ وَقَالَ مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث إِذا أعتق الزَّوْج بعد التطليقة لم يتَغَيَّر حكم طَلاقهَا فَتبين بِأُخْرَى إِن طَلقهَا شبهه أَبُو جَعْفَر بِمن نوى الْإِقَامَة فِي الصَّلَاة فَيكون بِمَنْزِلَة من ابتدأها وَهُوَ مُقيم 915 - فِي الزَّوْج الثَّانِي يهدم مَا دون الثَّلَاث قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف إِذا طَلقهَا وَاحِدَة فَعَادَت إِلَيْهِ بعد زوج أَنَّهَا تعود على ثَلَاث ويهدم الزَّوْج الثَّانِي مَا وَقع وَإِن كَانَ دون الثَّلَاث وَهُوَ قَول ابْن عَبَّاس وَابْن عمر وَقَالَ مُحَمَّد وَمَالك وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ هِيَ عِنْده الحديث: 914 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 409 على مَا بَقِي من الطَّلَاق وَهُوَ قَول عَليّ وَعمر وَابْن مَسْعُود وَأبي بن كَعْب وَعمْرَان بن حُصَيْن وَأبي هُرَيْرَة 916 - فِيمَن طلق بعض امْرَأَته قَالَ أَصْحَابنَا فِيمَن قَالَ لامْرَأَته نَفسك طَالِق أَو بدنك أَو روحك أَو رقبتك أَو نَحْوهَا أَنَّهَا طَالِق وَلَو قَالَ يدك أَو رجلك أَو شعرك أَو نَحْو ذَلِك لم تطلق وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَزفر وَمَالك وَاللَّيْث وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ تطلق فِي هَذَا كُله 917 - فِيمَن تطلق اثْنَتَيْنِ فِي اثْنَتَيْنِ قَالَ أَصْحَابنَا إِن نوى الضَّرْب والحساب فَهِيَ اثْنَتَيْنِ وَإِن نوى اثْنَتَيْنِ مَعَ اثْنَتَيْنِ فَهِيَ ثَلَاث وَقَالَ زفر إِذا قَالَ أَنْت طَالِق وَاحِدَة فِي اثْنَتَيْنِ فَهِيَ وَاحِدَة إِن لم يكن لَهُ نِيَّة وَإِن نوى وَاحِدَة مَعَ اثْنَتَيْنِ فَهِيَ ثَلَاث وَإِن نوى الضَّرْب فَهِيَ اثْنَتَانِ وَهُوَ قَول الشَّافِعِي قَالَ أَبُو جَعْفَر الضَّرْب والحساب إِنَّمَا يَصح فِيمَا كَانَ لَهُ مساحة مُقَدّر عَلَيْهَا فَيكون الِاثْنَان إِذا مثلا بخطين ثمَّ اخرى فهما خطان فَكَانَ العقد الْوَاقِعَة فِيهِ أَرْبعا فِي هَذَا الْوَجْه اثْنَان فِي اثْنَيْنِ أَرْبَعَة وَأما مَا لَا مساحة لَهُ فَإِن ذَلِك مُسْتَحِيل فِيهِ فَإِذا قَالَ نَوَيْت فِي عدد الطَّلَاق وَالضَّرْب الْحساب كَانَ قد أَرَادَ بِهِ محالا فَلم تطلق بِهِ الْمَرْأَة الحديث: 916 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 410 918 - فِيمَن أَرَادَ بقوله أَنْت طَالِق ثَلَاثًا قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قَالَ أَنْت طَالِق فَإِنَّهُ لَا يكون إِلَّا وَاحِدَة وَإِن أَرَادَ (169 ب) ثَلَاثًا لم يكن ثَلَاثًا وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ إِن أَرَادَ ثَلَاثًا كَانَ ثَلَاثًا قَالَ أَبُو جَعْفَر إِذا قَالَ أَنْت طَالِق ثَلَاثًا فالواقع هُوَ الثَّلَاث وَالطَّلَاق صفة لَهُ فإذاقال أَنْت طَالِق وَسكت فالواقع قَوْله طَالِق فَلَو ثَلَاثًا بنيته كَانَ الْعَامِل مَا لم يلفظ بِهِ الثَّلَاث والملفوظ بِهِ صفة لَهُ فَلَا يَصح إِيقَاع مَا لَيْسَ بملفوظ بِهِ بِالنِّيَّةِ وَلَا يجوز وُقُوع الطَّلَاق بنية لَا لفظ مَعهَا لِأَن الله تَعَالَى تجَاوز لهَذِهِ الْأمة مَا حدثت بِهِ أَنْفسهَا مَا لم تنطق بِهِ بِلِسَان أَو تعمله 919 - فِيمَن قَالَ لغير الْمَدْخُول بهَا أَنْت طَالِق أَنْت طَالِق أَنْت طَالِق قَالَ أَصْحَابنَا تبين بِالْأولَى ولايقع مَا بعْدهَا وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَمَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث تبين بِثَلَاث إِذا كَانَ الْكَلَام مُتَّصِلا قَالَ لم يَخْتَلِفُوا أَنه إِذا فرق لم يَقع مَا بعد الأولى كَذَلِك إِذا وصل 920 - فِي قَوْله اعْتدى قَالَ أَصْحَابنَا لَا يكون طَلَاقا إِلَّا بِالنِّيَّةِ وَهُوَ مُصدق فِيهِ إِلَّا أَن يكون فِي الحديث: 918 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 411 ذكر طَلَاق أَو غضب فَإِذا أَرَادَ الطَّلَاق لم يَقع إِلَّا وَاحِدَة رَجْعِيَّة وَقَالَ أَبُو يُوسُف إِن أَرَادَ بقوله اعْتدى من ثَلَاث تَطْلِيقَات فَهِيَ وَاحِدَة فَإِن أَرَادَ اعْتدي ثَلَاث تَطْلِيقَات فَهِيَ ثَلَاث وَقَالَ الثَّوْريّ كَقَوْل أَصْحَابنَا فِي أَنه لَا يَقع إِلَّا بِالنِّيَّةِ وَلَا يكون إِلَّا بِالنِّيَّةِ وَلَا يكون إِلَّا وَاحِدَة وَقَالَ مَالك اعْتدي تَطْلِيقَة وَإِن لم ينْو شَيْئا إِلَّا أَن يَنْوِي ثَلَاثًا أَو ثِنْتَيْنِ فَيكون على مَا نوى وَقَالَ اللَّيْث مثل قَول مَالك وَقَالَ الشَّافِعِي اعْتدي ونظائره لَيست بِطَلَاق حَتَّى يَنْوِي قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لابنَة أبي الجون حِين قَالَت أعوذ بِاللَّه مِنْك عذت بمعاذ الحقي بأهلك فَكَانَ ذَلِك طَلَاقا وَرُوِيَ عَن كَعْب بن مَالك أَنه لما أمره النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم باعتزال زَوجته من غير طَلَاق قَالَ لَهَا الحقي بأهلك فَلم يكن طَلَاقا فَدلَّ على أَنه لما لم يكن صَرِيح الطَّلَاق وَكَانَ كِنَايَة عَنهُ مُحْتملا لَهُ وَلغيره أَنه لَيْسَ بِطَلَاق إِلَّا بنية 921 - فِيمَن قَالَ لامْرَأَته أَنْت وَاحِدَة يَنْوِي الطَّلَاق قَالَ أَصْحَابنَا هِيَ وَاحِدَة رَجْعِيَّة إِذا كَانَ قد دخل بهَا وَهُوَ قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ الحديث: 921 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 412 وَقَالَ الْحسن عَن زفر وَاحِدَة بَائِنَة 922 - فِي الْحَرَام قَالَ أَصْحَابنَا إِن نوى الطَّلَاق فَهِيَ وَاحِدَة بَائِنَة إِلَّا أَن يَنْوِي ثَلَاثًا وَإِن نوى اثْنَتَيْنِ فَوَاحِدَة وَإِن لم ينْو طَلَاقا فَهُوَ يَمِين وَهُوَ مول وَقَالَ ابْن أبي ليلى هِيَ ثَلَاث وَلَا أسأله عَن نِيَّته وَقَالَ مَالك فِيمَا ذكره عَنهُ ابْن الْقَاسِم الْحَرَام لَا يكون يَمِينا فِي شَيْء إِلَّا أَن يَنْوِي وَاحِدَة أَو اثْنَتَيْنِ فَيكون كَمَا نوى وَقَالَ الثَّوْريّ إِن نوى ثَلَاثًا فَثَلَاث وَإِن نوى وَاحِدَة فَوَاحِدَة بَائِنَة وَإِن نوى يَمِينا فَهُوَ يَمِين يكفرهَا وَإِن لم ينْو فرقة وَلَا يَمِينا فَلَيْسَ بِشَيْء هِيَ كذبة وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ هُوَ مَا نوى فَإِن لم ينْو شَيْئا فَهِيَ يَمِين قَالَ عُثْمَان البتي هُوَ بِمَنْزِلَة الظِّهَار وَقَالَ الشَّافِعِي لَيْسَ بِطَلَاق حَتَّى يَنْوِي فَإِذا نوى الطَّلَاق فَهُوَ طَلَاق على مَا أَرَادَ من عدد وَإِن أَرَادَ تَحْرِيمهَا بِلَا طَلَاق فَعَلَيهِ كَفَّارَة يَمِين وَلَيْسَ بمول قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ الله تَعَالَى {يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم مَا أحل الله لَك} التَّحْرِيم 1 ثمَّ جعل فِيهِ كَفَّارَة يَمِين وروى ابْن أبي مليكَة عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يشرب من شراب الحديث: 922 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 413 عِنْد سَوْدَة من الْعَسَل فَقَالَت عَائِشَة وَحَفْصَة ونجد مِنْك ريحًا قَالَ أرَاهُ من شراب شربته عِنْد سَوْدَة وَالله لاأشربه فَنزلت {يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم مَا أحل الله لَك} ثمَّ جعل فِيهِ كَفَّارَة يَمِين فَكَانَ التَّحْرِيم الْمَذْكُور فِي الْآيَة وَاقعا بقوله وَالله لَا أشربه وَإِذا كَانَ الْيَمين بِاللَّه تَعَالَى على ترك الشَّيْء تَحْرِيمًا كَانَ تَحْرِيم ذَلِك الشَّيْء يَمِينا وروى سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس إِذا حرم الرجل امْرَأَته فَهِيَ يَمِين يكفرهَا أما لكم فِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُسْوَة حَسَنَة وروى سعيد بن الْمسيب وَجَابِر بن زيد عَن ابْن عَبَّاس أَن الْحَرَام يَمِين وروى خصيف عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ النّذر وَالْحرَام إِذا لم يسم مُغَلّظَة يكون عَلَيْهِ رَقَبَة أوصيام شَهْرَيْن مُتَتَابعين أَو إطْعَام سِتِّينَ مِسْكينا قَالَ أَبُو جَعْفَر يَعْنِي على تَرْتِيب كَفَّارَة الظِّهَار وَهَذَا مَحْمُول على أَنه إِذا أَرَادَ الظِّهَار كَانَ ظِهَارًا وَإِن أراداليمين كَانَ يَمِينا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 414 قَالَ أَبُو جَعْفَر وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا يكون ذَلِك ظِهَارًا وَإِن أَرَادَهُ وَقد روى عَن عَائِشَة فِي قَوْله {لم تحرم مَا أحل الله لَك} أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لن أَعُود لشرب الْعَسَل وَهُوَ الْمُوجب لِلْكَفَّارَةِ وَهُوَ ظَاهر الْآيَة فَوَجَبَ أَن يكون قد كَانَ هُنَاكَ يَمِين وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {قد فرض الله لكم تَحِلَّة أَيْمَانكُم} التَّحْرِيم 2 وروى عمر بن الْخطاب فِي الْحَرَام يَمِين يكفرهَا وروى أَبُو الضُّحَى عَن مَسْرُوق أَن رجلا دخل على عبد الله وَهُوَ يَأْكُل ضرعا فَقَالَ ادنه فَقَالَ إِنِّي حرمته فَقَالَ أدنه فَكل وَكفر عَن يَمِينك وَإِن كَانَ ذَلِك فِي الطَّعَام يَمِينا عِنْده فالزوجة كَذَلِك وَعَن عَليّ وَزيد فِي الْحَرَام ثَلَاث وَعَن ابْن عمر وَزيد أَيْضا أَن فِيهِ كَفَّارَة يَمِين وروى الشّعبِيّ عَن مَسْرُوق أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آلى وَحرم فَجعل الله تَعَالَى الْحَرَام حَلَالا {قد فرض الله لكم تَحِلَّة أَيْمَانكُم} قَالَ وَقَالَ مَسْرُوق مَا أُبَالِي امْرَأَتي حرمت أَو قَصْعَة من ثريد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 415 923 - فِي الْبَتَّةَ قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قَالَ أَنْت بتة فَإِن نوى ثَلَاثًا فَثَلَاث وَإِن نوى وَاحِدَة فَوَاحِدَة بَائِنَة وغن نوى اثْنَتَيْنِ فَوَاحِدَة وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَقَالَ زفر إِن نوى اثْنَتَيْنِ فثنتان بائنتان وَقَالَ مَالك فِي الْبَتَّةَ هِيَ ثَلَاث وَلَا يَنْوِي أحد الْبَتَّةَ وَقَالَ عمر بن عبد الْعَزِيز من قَالَ الْبَتَّةَ فقد رمى الْغَايَة القصوى وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا قَالَ أَنْت طَالِق بتة فَهِيَ وَاحِدَة بَائِنَة وَرُوِيَ عَنهُ أَنه ثَلَاث وَقَالَ الشَّافِعِي إِن نوى ثَلَاثًا فَثَلَاث وَإِن نوى دون الثَّلَاث فرجعي قَالَ أَبُو جَعْفَر احْتج الشَّافِعِي لذَلِك بِحَدِيث عبد الله بن عَليّ بن السَّائِب عَن نَافِع بن عجير بن عبد يزِيد أَن ركَانَة طلق امْرَأَته سهيمة الْبَتَّةَ فَقَالَ يَا رَسُول الله وَالله مَا أردْت إِلَّا وَاحِدَة فَردهَا إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَبُو جَعْفَر وَهَذَا حَدِيث مُنْقَطع وَقد رَوَاهُ جرير بن حَازِم قَالَ حَدثنَا الزبير بن سعيد الْهَاشِمِي عَن عبد الله بن عَليّ بن يزِيد بن ركَانَة عَن أَبِيه عَن جده أَنه طلق امْرَأَته الْبَتَّةَ على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ فَقَالَ الحديث: 923 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 416 مَا نَوَيْت قَالَ وَاحِدَة فَقَالَ آللَّهُ قَالَ آللَّهُ قَالَ فَهُوَ على مَا أردْت فَهَذَا مُتَّصِل الْإِسْنَاد لم يذكر فِيهِ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ردهَا عَلَيْهِ وَقد رُوِيَ عَن عمر أَنه جعلهَا وَاحِدَة ثَلَاث رَوَاهُ سُفْيَان عَن عَمْرو بن دِينَار عَن الْمطلب بن حنْطَب عَن عمر وَعلي وَابْن عمر أَنَّهَا ثَلَاث وَهُوَ قَول عمر بن عبد العزيز وَقَالَ أبان بن عُثْمَان هِيَ وَاحِدَة 924 - فِي الْخِيَار قَالَ أَصْحَابنَا فِي الْخِيَار إِن اخْتَارَتْ نَفسهَا فَوَاحِدَة بَائِنَة وَإِن اخْتَارَتْ زَوجهَا فَلَا شَيْء وَالْقَوْل قَول الزَّوْج انه يرد الطَّلَاق إِلَّا ان يكون فِي غضب أَو ذكر طَلَاق وَقَوله أَمرك بِيَدِك إِذا اخْتَارَتْ نَفسهَا مثل ذَلِك إِلَّا أَن يَنْوِي ثَلَاثًا فَتكون ثَلَاثًا وَالْخيَار لَا يكون ثَلَاثًا وَإِن نوى وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَالثَّوْري إِن اخْتَارَتْ زَوجهَا فَلَا شَيْء وَإِن اخْتَارَتْ نَفسهَا فَوَاحِدَة يملك الرّجْعَة وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ وَقَالَ مَالك فِي الْخِيَار أَنَّهَا ثَلَاث إِن اخْتَارَتْ نَفسهَا وَإِن طلقت نَفسهَا وَاحِدَة لم يَقع شَيْء وَقَالَ فِي أَمرك بِيَدِك إِذا قَالَ أردْت وَاحِدَة فَهُوَ وَاحِدَة يملك الرّجْعَة وَلَا يصدق فِي الْخِيَار أَنه أَرَادَ وَاحِدَة الحديث: 924 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 417 وَلَو قَالَ اخْتَارِي تَطْلِيقَة فَطلقت نَفسهَا فَهِيَ وَاحِدَة رَجْعِيَّة وَقَالَ اللَّيْث فِي الْخِيَار إِن اخْتَارَتْ زَوجهَا فَلَا شَيْء وَإِن اخْتَارَتْ نَفسهَا فَهِيَ الْبَتَّةَ وَقَالَ الشَّافِعِي فِي اخْتَارِي وأمرك بِيَدِك لَيْسَ بِطَلَاق إِلَّا أَن يُرِيد الزَّوْج وَلَو أَرَادَ طَلاقهَا فَقَالَت قد اخْتَرْت نَفسِي فَإِن اخْتَارَتْ طَلَاقا فَهُوَ طَلَاق وَإِن لم ترده فَلَيْسَ بِطَلَاق قَالَ عَليّ فِي الْخِيَار إِن اخْتَارَتْ زَوجهَا فَوَاحِدَة رَجْعِيَّة وَإِن اخْتَارَتْ نَفسهَا فَوَاحِدَة بَائِنَة وَقَالَ عمر وَعبد الله فِي الْخِيَار وأمرك بِيَدِك إِن اخْتَارَتْ نَفسهَا فَوَاحِدَة رَجْعِيَّة وَإِن اخْتَارَتْ زَوجهَا فَلَا شَيْء وَقَالَ زيد بن ثَابت فِي الْخِيَار إِن اخْتَارَتْ زَوجهَا فَلَا شَيْء وَإِن اخْتَارَتْ نَفسهَا فَثَلَاث وَقَالَ فِي أَمرك بِيَدِك إِن اخْتَارَتْ نَفسهَا فَوَاحِدَة رَجْعِيَّة وروى عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه خير نِسَاءَهُ فاخترنه فَلم يكن ذَلِك طَلَاقا فَإِن قيل غنما كَانَ ذَلِك تخييرا بَين الدُّنْيَا والاخرة فاخترن الْآخِرَة وَرُوِيَ ذَلِك عَن الْحسن قيل لَهُ إِنَّمَا كَانَ تخييرا بَين الصَّبْر مَعَه على الْفقر وفراقه وَالدَّلِيل عَلَيْهِ أَنه قَالَ لعَائِشَة إِنِّي أُرِيد أَن أذكر لَك شَيْئا فلاتعجلي فِيهِ حَتَّى تَسْتَأْمِرِي فِيهِ أَبَوَيْك فَقَالَت مَا هُوَ فَتلا عَلَيْهَا الْآيَة فَقَالَت أفيك أَستَأْمر ابوي لَا بل أخْتَار الله وَرَسُوله وَالدَّار الْآخِرَة وَأَسْأَلك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 418 أَن لَا تذكر لامْرَأَة من نِسَائِك مَا اخْتَرْت فَقَالَ إِن الله لم يَبْعَثنِي معنفا وَلَكِن بَعَثَنِي معلما ميسرًا لَا تَسْأَلنِي امْرَأَة عَمَّا اخْتَرْت إِلَّا أخْبرتهَا رَوَاهُ أَبُو الزبير عَن جَابر ذكر والْحَدِيث 925 - فِيمَن قَالَ اخْتَارِي أَبَاك أَو أمك أَو غَيرهمَا قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قَالَ لَهَا اخْتَارِي الْأزْوَاج أَو اخْتَارِي أهلك أَو اخْتَارِي أَبَاك أَو قَالَ أمك يَعْنِي الطَّلَاق فَاخْتَارَتْ نَفسهَا وَقع الطَّلَاق وَإِن قَالَ اخْتَارِي أختك إو ذَا رحم محرم مِنْهَا فَاخْتَارَتْ نَفسهَا لم يَقع شَيْء وَإِن أَرَادَ الطَّلَاق وَذكر ابْن الْقَاسِم عَن مَالك أَن امراة كَانَت تستأذن زَوجهَا إِلَى الْحمام وَامْرَأَة أُخْرَى كَانَت تخرج إِلَى غرفَة فِي الدَّار فَقَالَ لَهما الزَّوْج إِمَّا أَن تختارا أَنا أَو تختارا الْحمام والغرفة فَإِن لم يرد الطَّلَاق فَلَيْسَ بِشَيْء قَالَ ابْن الْقَاسِم فَقَوله اخْتَارِي أَبَاك اَوْ أمك كَذَلِك على مَذْهَب مَالك إِن أَرَادَ الطَّلَاق فَهُوَ طَلَاق وَإِلَّا فَلَا شَيْء قَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي رجل قَالَ لامْرَأَته اختاريني أَو اخْتَارِي أَبَاك فَقَالَت قد اخْتَرْت أبي فَقَالَ وَاحِدَة الحديث: 925 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 419 926 - فِي الْخِيَار إِذا علق بِوَقْت أَو شَرط قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قَالَ لَهَا إِذا قدم فلَان فاختاري أَو قَالَ أَمرك بِيَدِك فَقدم فلَان فَإِن الْأَمر يصير فِي يَدهَا فِي الْوَقْت الَّذِي علمت بقدومه فِي ذَلِك الْمجْلس (171 ب) وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا قَالَ لَهَا إِذا جَاءَ غَد فقد جعلت الْخِيَار إِلَيْك فلهَا الْخِيَار السَّاعَة فتقضي أَو ترد فَإِن وَطئهَا قبل غَد فَلَا شَيْء بِيَدِهَا وَقَالَ مَالك فِيمَن تزوج الْمَرْأَة يشْتَرط لَهَا أَن إِن تزوج أَو تسرى فَأمرهَا بِيَدِهَا فَيَتَزَوَّج أَو يتسرى وَهِي لَا تعلم قَالَ لَا يَنْبَغِي لَهُ ان يَطَأهَا حَتَّى يعلمهَا فتقضي أَو ترد قَالَ مَالك وَكَذَلِكَ الْأمة تعْتق تَحت العَبْد فيطأها قبل أَن تعلم فَإِن لَهَا الْخِيَار إِذا علمت ولايقطع وَطْؤُهُ خِيَارهَا إِلَّا أَن يقطعهَا بعد علمهَا ويحال بَين وَطْء العَبْد الْأمة إِذا اعتقت وَهِي تَحْتَهُ حَتَّى تخْتَار أَو تتْرك وَقَالَ اللَّيْث فِي الرجل يَقُول لامْرَأَته إِن تزوجت عَلَيْك فأمرك بِيَدِك وَتقول هِيَ فَإِنِّي قد اخْتَرْت نَفسِي من السَّاعَة إِن فعلت أَنْت ثمَّ يفعل ذَلِك قَالَ أرَاهُ قد فَارقهَا لِأَنَّهَا قد اخْتَارَتْ فِرَاقه يَوْمئِذٍ وأحكمته وَقَالَ الرّبيع عَن الشَّافِعِي إِذا قَالَ إِن تزوجت عَلَيْك فأمرك بِيَدِك فَفِيهِ قَولَانِ أَحدهمَا أَن ذَلِك لَهَا وَالْآخر لَا يكون لَهَا قَالَ أَبُو جَعْفَر روى جرير بن حَازِم عَن مُحَمَّد بن أبي يَعْقُوب عَن الْحسن بن سعد عَن عبد الله بن جَعْفَر قَالَ بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَيْشًا وَأمر الحديث: 926 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 420 عَلَيْهِم زيد بن حَارِثَة وَقَالَ إِن أُصِيب زيد قبل ذَلِك فأميركم جَعْفَر فَإِن قتل فأميركم عبد الله بن رَوَاحَة فَفِي هَذَا الحَدِيث جَوَاز الْولَايَة بالمخاطرة وتفويض من الْمولى إِلَى الْمولى الْأَمر على شَرط فَدلَّ على جَوَاز الْوكَالَة والتخيير بالمخاطرة 927 - فِيمَن جعل للمخيرة جعلا على أَن تختاره قَالَ أَصْحَابنَا إِذا جعل للمخيرة جعلا على أَن تختاره فَفعلت فَلَا شَيْء لَهَا وَيبْطل خِيَارهَا وَلم يجز الشَّافِعِي إبِْطَال الْقسم فِي يَوْم وَلَيْلَة بِجعْل وَاحْتج بِأَنَّهَا أَعطَتْهُ على المَال لَا غير مَمْلُوكَة وَلَا مُعتقة فَقِيَاس قَوْله هَذَا أَن لَا يَصح لَهَا أَخذ المَال على اخْتِيَاره 928 - فِي خلية وبرية وبائن قَالَ أَصْحَابنَا إِذا أَرَادَ طَلَاقا فَوَاحِدَة بَائِنَة إِلَّا أَن يَنْوِي ثَلَاثًا وَإِن أَرَادَ ثِنْتَيْنِ كَانَت وَاحِدَة بَائِنَة وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَقَالَ زفر ثِنْتَيْنِ بائنتين إِذا أرادهما وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث فِي الخلية والبرية والبائن هِيَ ثَلَاث فِي الحديث: 927 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 421 الْمَدْخُول بهَا لِأَنَّهَا لَا يبينها إِلَّا الثَّلَاث ويدين فِي الَّتِي لم يدْخل بهَا أَنَّهَا تَطْلِيقَة وَاحِدَة لِأَنَّهَا تبينها ذكر عَنهُ ابْن وهب وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَنهُ مثله وَقَالَ عَنهُ إِن أَرَادَ ثِنْتَيْنِ فِي غير الْمَدْخُول بهَا كَانَ كَمَا نوى وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ هُوَ ثَلَاث فِي البائنة والبرية وَأما الخلية فَسمِعت الزُّهْرِيّ يَقُول وَاحِدَة وَمَا نوى وَقَالَ عُثْمَان البتي وَاحِدَة إِلَّا أَن يَنْوِي ثَلَاثًا قَالَ ابْن أبي ليلى فِي حرَام وخلية وبرية وبائن إِن جَمِيع ذَلِك ثَلَاث وَلَا ندينه فِي شَيْء مِنْهَا وَقَالَ الشَّافِعِي هُوَ مَا نوى وَإِن نوى دون الثَّلَاث كَانَ رَجْعِيًا قَالَ أَبُو جَعْفَر روى الْحسن الْبَصْرِيّ وخلاس عَن عَليّ فِي الْبَريَّة والبتة والبائن وَالْحرَام وَطَلَاق الْحَرج ثَلَاث ثَلَاث روى نَافِع عَن ابْن عمر مثله من قَوْله 929 - فِي الْخِيَار على الْمجْلس قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ إِذا خيرت فخيارها على الْمجْلس فَإِن قَامَت قبل أَن تَقول شَيْئا بَطل خِيَارهَا الحديث: 929 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 422 قَالَ أَبُو جَعْفَر وَقَالَ بعض الْمُتَأَخِّرين فِي حَدِيث أبي سَلمَة عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهَا إِنِّي ذَاكر لَك أمرا فَلَا تعجلِي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْك وَلم يقل فِي مجلسك فَدلَّ على أَن لَهَا الْخِيَار بعد الْمجْلس قَالَ أَبُو جَعْفَر يجوز أَن يكون كَذَلِك لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد جعل لَهَا الْخِيَار فِي الْمجْلس وَبعده حَتَّى تشَاور أَبَوَيْهَا وَكَذَلِكَ يَقُول فِيمَن خير امراته فِي الْمجْلس وَبعده أَن لَهَا الْخِيَار 930 - فِي الرُّجُوع عَن التَّمْلِيك قَالَ أَصْحَابنَا إِذا جعل أَمر امْرَأَته بِيَدِهَا وَقَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفسك فَهُوَ على الْمجْلس وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوع فِيهِ وَلَو قَالَ لأَجْنَبِيّ طلق امْرَأَتي كَانَ على الْمجْلس وَبعده وَله أَن ينهاه وَلَو قَالَ لَهُ طَلقهَا إِن شِئْت أَو قَالَ لَهَا أمرهَا بِيَدِك كَانَ على الْمجْلس وَلم يكن لَهُ الرُّجُوع فِيهِ وقالزفر إِذا قَالَ لأَجْنَبِيّ طلق امْرَأَتي إِن شِئْت فَهُوَ على الْمجْلس وَبعده وَله أَن ينهاه قبل أَن تطلق وَقَالَ مَالك إِذا قَالَ لأَجْنَبِيّ أَمر امْرَأَتي بِيَدِك فَلَيْسَ لَهُ أَن يرجع فِيهِ وَكَذَلِكَ الثَّوْريّ وَاللَّيْث وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا جعل أَمر امْرَأَته بِيَدِهَا فَلهُ أَن يرجع قبل أَن تَقول شَيْئا وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا ملك أمرهَا غَيرهَا فَهَذِهِ وكَالَة وَللزَّوْج أَن يرجع فِيهِ قبل أَن يوقعه وَمَتى أوقعه قبل رُجُوعه وَقع الحديث: 930 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 423 931 - فِي الْكَلَام الَّذِي يشبه الطَّلَاق إِذا أَرَادَ بِهِ قَالَ أَصْحَابنَا كل كَلَام يشبه الْفرْقَة إِذا أَرَادَ بِهِ الطَّلَاق فَهُوَ طَلَاق وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي رجل أعجمي ناول امراته حبلا أمرهَا أَن تَأْخُذ بطرفه وَأخذ بطرفه الآخر ثمَّ قطع مَا بَينه وَبَينهَا بسكين فَقَالَ أردْت الطَّلَاق فَهُوَ طَلَاق كَمَا أَرَادَ (173 ب) وَقَالَ مَالك إِذا قَالَ كلي واشربي وَنوى الطَّلَاق فَهُوَ طَلَاق وَقَالَ الْحسن بن حَيّ مَا عَنى بِهِ الطَّلَاق فَهُوَ طَلَاق وَقَالَ الشَّافِعِي فَأَما مَا لَا يشبه الطَّلَاق فَلَيْسَ بِطَلَاق كَقَوْلِه اسقيني أَو أطعميني قَالَ أَبُو جَعْفَر روى قَتَادَة عَن زُرَارَة بن أوفى عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تجَاوز الله لأمتي عَمَّا حدثت بِهِ أَنْفسهَا مالم تنطق بِهِ لِسَان أَو تعمله يَد فَدلَّ ذَلِك على أَنه لَا يَقع بِالنِّيَّةِ دون القَوْل أَو الْكتاب لقَوْله أَو تعمله يَد 932 - فِيمَن قَالَ لَيست لي بِامْرَأَة قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا قَالَ لَيست لي بِامْرَأَة وَنوى الطَّلَاق فَهُوَ طَلَاق وروى بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة إِذا قَالَ وَالله مَا أَنْت الحديث: 931 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 424 لي بِامْرَأَة أَو لَيست لي وَالله امْرَأَة وَهُوَ يُرِيد الطَّلَاق لم يكن طَلَاقا وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد الأول أَيْضا لَيْسَ بِطَلَاق وَقَالَ مَالك إِذا نوى بقوله لَيست لي بِامْرَأَة أَو مَا أَنْت لي بِامْرَأَة فَهُوَ طَلَاق وَقَالَ ابْن شبْرمَة فِي الرجل يُقَال لَهُ أتزوجت فَيَقُول لَا مَا لي زوجه وَقد تزوج فَهِيَ بَائِنَة بِوَاحِدَة وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا قَالَ مَا أَنْت بامرأتي وَنوى طَلَاقا فَذَلِك إِلَى نِيَّته وَقَالَ اللَّيْث هِيَ كذبة 933 - فِيمَن شكّ فِي الطَّلَاق قَالَ أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيّ لَا تطلق امْرَأَته وَلَا يلْزمه شَيْء وَقَالَ مَالك فِي رجل حلف فَلَا يدْرِي بِأَيّ ذَلِك كَانَت يَمِينه أبصدقة أم بِطَلَاق أم بِعِتْق أم بمشي إِلَى بَيت الله أَنه تطلق عَلَيْهِ امْرَأَته وتعتق عبيده وَيتَصَدَّق بِثلث مَاله وَيَمْشي إِلَى بَيت الله تَعَالَى وَإِنَّمَا يُؤمر بِجَمِيعِ ذَلِك فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى وَلَا يجْبر عَلَيْهِ فِي الْقَضَاء قَالَ أَبُو جَعْفَر حَدِيث يحيى بن عُثْمَان قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن عَمْرو السّري ابْن مصرف قَالَ حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن جحادة قَالَ شَككت فِي طَلَاق امْرَأَتي فَلم أدر أطلقتها وَاحِدَة أم لَا فَسَأَلت شَرِيكا فَقَالَ طَلقهَا وأشهدنا على رَجعتهَا ثمَّ سَأَلت سُفْيَان فَقَالَ لَيْسَ عَلَيْك شَيْء حَتَّى تستيقن ثمَّ سَأَلت زفر فَقَالَ أشهدنا على رَجعتهَا فَذكرت مَا قَالَا لزفَر فَقَالَ أما شريك فَهُوَ الحديث: 933 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 425 بِمَنْزِلَة لَو قلت إِنِّي شَككت فِي ثوبي أَصَابَهُ بَوْل أم لَا فَقَالَ لَك بل السَّاعَة عَلَيْهِ ثمَّ اغسله وَقَالَ سُفْيَان لَيْسَ عَلَيْك شَيْء حَتَّى تستيقن وَقلت لَك اغسله وصل فِيهِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا طَلقهَا وَلم يدر كم طلق اعْتد بتطليقة وَقَالَ اللَّيْث إِذا شكّ فِي طَلَاقه وَاحِدَة والبتة قضى عَلَيْهِ بالبتة وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْمُزنِيّ من استيقن نِكَاحا ثمَّ شكّ فِي الطَّلَاق لم يزل الْيَقِين إِلَّا بِيَقِين وَلَو قَالَ حنثت بِالطَّلَاق أَو الْعتْق وقف على نِسَائِهِ ورقيقه حَتَّى يتَبَيَّن وَيحلف الَّذِي يَدعِي وَإِن مَاتَ قبل ذَلِك أَقرع بَينهم وَإِن خرج السهْم على الرَّقِيق (173 أ) عتقوا من رَأس المَال وَإِن وَقع على النِّسَاء لم يطلقن وَلم يعْتق الرَّقِيق قَالَ أَبُو جَعْفَر روى الزُّهْرِيّ عَن سعيد وَعَن عباد بن تَمِيم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن الرجل يخيل إِلَيْهِ أَنه يجد الشَّيْء فِي الصَّلَاة فَقَالَ لَا ينْصَرف حَتَّى يسمع صَوتا أَو يجد ريحًا فَجعل الحكم لليقين وألغى الشَّك 934 - فِي الرِّدَّة هَل هِيَ طَلَاق قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَالشَّافِعِيّ الْفرْقَة الْوَاقِعَة بردة الزَّوْج لَيست بِطَلَاق الحديث: 934 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 426 وَمَالك تقع الْفرْقَة بِالرّدَّةِ عِنْده وَهِي طَلَاق بَائِن وَهُوَ قَول مُحَمَّد 935 - فِي إباء الزَّوْج الْإِسْلَام قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا أسلمت امْرَأَة الذِّمِّيّ وأبى الزَّوْج فَفرق بَينهمَا فَهُوَ طَلَاق هُوَ قَول مُحَمَّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَيْسَ بِطَلَاق وَهُوَ قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ إِلَّا أَن مَالِكًا وَالشَّافِعِيّ يَقُولَانِ إِنَّمَا تقع الْفرْقَة بِمُضِيِّ ثَلَاث حيض قبل أَن يسلم 936 - فِي فرقة الْمُعتقَة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اخْتَارَتْ الْمُعتقَة نَفسهَا بِالْعِتْقِ فَلَيْسَ ذَلِك بِطَلَاق وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث تَطْلِيقَة بَائِنَة 937 - فِيمَن قَالَ لامْرَأَته أَنا مِنْك بَائِن أَو خَيرهَا فَقَالَت قد طلقت قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ لَا يَقع ذَلِك طَلَاق وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ تطلق الحديث: 935 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 427 قَالَ أَبُو جَعْفَر رُوِيَ عَن عمر وَابْن مَسْعُود فِي الرجل يَجْعَل أَمر امْرَأَته بِيَدِهَا فَقَالَت لَهُ أَنْت طَالِق أَنَّهَا تطلق وَقَالَ ابْن عَبَّاس لَا تطلق قَالَ أَبُو جَعْفَر إذاقال أَنا مِنْك طَالِق فَهُوَ مُطلق لنَفسِهِ لَا لَهَا وَالله تَعَالَى إِنَّمَا جعل لَهُ أَن يُطلق زَوجته بقوله تَعَالَى {إِذا طلّقْتُم النِّسَاء فطلقوهن} الطَّلَاق 1 وَلم يَجْعَل إِلَيْهِ أَن يُطلق نَفسه قَالَ وَلَيْسَ كَذَلِك قَوْله أَنا مِنْك بَائِن أَو أَنا عَلَيْك حرَام لِأَنَّهُ يَصح أَن يَقُول بَانَتْ مني وَبنت مِنْهَا وَحرمت عَليّ وَحرمت عَلَيْهَا وَلَا يَصح أَن يَقُول طلقت من زَوْجَتي 938 - فِي الْحكمَيْنِ فِي الشقاق قَالَ أَصْحَابنَا لَيْسَ لهماأن يفرقا إِلَّا أَن يَجْعَل الزَّوْج إِلَيْهِمَا التَّفْرِيق وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ يجوز قَوْلهمَا فِي الْفرْقَة والاجتماع قَالَ أَبُو جَعْفَر روى ابْن سِيرِين عَن عُبَيْدَة السَّلمَانِي عَن عَليّ أَنه قَالَ لِلْحكمَيْنِ أَتَدْرِيَانِ مَا عَلَيْكُمَا قَالَا وَمَا علينا قَالَ عَلَيْكُمَا إِن رأيتماأن تجمعَا جَمعْتُمَا وَإِن رأيتماأن تفَرقا فَرَّقْتُمَا فَقَالَت الْمَرْأَة قد رضيت وسلمت وَقَالَ الزَّوْج أما فِي الْفرْقَة فَلَا أرْضى فَقَالَ عَليّ لَيْسَ لَك ذَاك لست ببارح حَتَّى ترْضى بِمثل مَا رضيت فَدلَّ على أَن مذْهبه أَنَّهُمَا لَا يفرقان إِلَّا برضى الزَّوْج الحديث: 938 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 428 وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه إِن أجمع رأيهما على أَن يجمعا أَو يفرقا فَأَمرهمَا جَائِز 939 - فِي طَلَاق الْمُكْره قَالَ أَصْحَابنَا يَصح طَلَاقه ونكاحه وعتقه ونذره وَقَالَ مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ لَا يَصح وَقَالَ الثَّوْريّ يَصح طَلَاقه رَوَاهُ الْأَشْجَعِيّ عَنهُ وروى عَنهُ الْمعَافى انه لَا نِكَاح لمضطهد قَالَ أَبُو جَعْفَر روى بشر بن بكر عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن عَطاء عَن عبيد بن عُمَيْر عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تجَاوز الله عَن أمتِي الْخَطَأ وَالنِّسْيَان وَمَا اسْتكْرهُوا عَلَيْهِ وتجاوزه إِنَّمَا هُوَ عَفْو فَدلَّ على أَنه أَرَادَ إِسْقَاط المأثم وَالْعَفو عَن الطَّلَاق وَالْعتاق لَا يَصح لِأَنَّهُ غير مذب فيعفى عَنهُ وَذكر حَدِيث حُذَيْفَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ ولأبيه حِين حلفهما الْمُشْركُونَ نفى لَهُم بعهدهم ونستعين الله عَلَيْهِم قَالَ وَالْإِكْرَاه لَا يمْنَع وُقُوع مَا حلف وَإِنَّمَا يُوجب الْخِيَار وَالْخيَار لَا يَصح فِي طَلَاق وَلَا عتق وَلَا نِكَاح الحديث: 939 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 429 940 - فِيمَن سبقه لِسَانه بِالطَّلَاق قَالَ أَصْحَابنَا يَقع فِي الْقَضَاء فِيمَا بَينه وَبَين الله كَذَلِك الْعتْق وَذكر بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة مثل ذَلِك وَقَالَ فِيمَن قَالَ لامْرَأَته طَالِق وَأَرَادَ أَن يَقُول إِن دخلت الدَّار ثمَّ بدا لَهُ فَسكت أَو شغله شاغل وَنِيَّته إِن دخلت الدَّار وَلكنه لم يتَكَلَّم بِهِ فالطلاق وَاقع فِي الْقَضَاء وَفِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى فِي قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَلَو حلف بِحَجّ أَو غَيره أَو هدي أَو مشي أَو عهد أَو نذر أَو مَا سوى ذَلِك مَا خلا الطَّلَاق وَالْعتاق ثمَّ شغله شاغل عَن تَمام الْكَلَام وَالْيَمِين لم يلْزمه شَيْء وَلَو أَرَادَ أَن يتَكَلَّم بِكَلَام غير الطَّلَاق فسبقه لِسَانه فَقَالَ أَنْت طَالِق طلقت فِي الْقَضَاء وَفِيمَا بَينه وَبَين الله وَقَالَ مَالك إِذا حلف بِالطَّلَاق على أَمر أَن لَا يَفْعَله فَقَالَ أَنْت طَالِق الْبَتَّةَ ثمَّ بدا لَهُ فَترك الْيَمين فَإِنَّهَا لَا تكون طَلَاقا لِأَنَّهُ لم يرد أَن يطلقهَا إِنَّمَا أَرَادَ الْيَمين فقطعها عَن نَفسه وَهُوَ قَول اللَّيْث وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا قَالَ امْرَأَته طَالِق وَهُوَ لَا يُرِيد امْرَأَته فَلَا طَلَاق عَلَيْهِ وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا قَالَ أَنْت طَالِق وَلَا نِيَّة لَهُ وَقع الطَّلَاق وَحكى عَنهُ الرّبيع إِنَّمَا غلب الرجل من لِسَانه حَتَّى قَالَه بِغَيْر اخْتِيَاره مِنْهُ لذَلِك فَهُوَ كلا قَول فِي أَنه لَا يلْزمه شَيْء من طَلَاق وَلَا غَيره 941 - فِي طَلَاق السَّكْرَان وعقوده قاق أَصْحَابنَا طَلَاق السَّكْرَان وعقوده وَأَحْكَام أَفعاله ثَابِتَة كأفعال الحديث: 940 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 430 الصاحي إِلَّا الرِّدَّة فَإِنَّهُ إِذا ارْتَدَّ لَا تبين مِنْهُ امْرَأَته اسْتِحْسَانًا قَالَ مُحَمَّد وَلَو قذف حد وَكَذَلِكَ إِذا قتل أَو قتل وَإِن زنى أَو سرق أقيم (174 ب) عَلَيْهِ الْحَد وَلَا يجوز إِقْرَاره بالحدود وَذكر ابْن الْقَاسِم عَن مَالك أَن طَلَاق السَّكْرَان جَائِز وَإِن قتل أَو قتل وَذكر ابْن أَشْرَس عَن مَالك أَنه سُئِلَ عَن نِكَاح السَّكْرَان فَقَالَ لَا أرَاهُ جَائِزا وطلاقه جَائِز عَلَيْهِ وَقَالَ الثَّوْريّ وَالْحسن بن حَيّ طَلَاق السَّكْرَان وعتقه جَائِز وَقَالَ عُثْمَان البتي السَّكْرَان بِمَنْزِلَة الْمَجْنُون لَا يجوز طَلَاقه وَلَا عتقه وَلَا بَيْعه وَلَا نِكَاحه وَلَا يحد فِي قذف وَلَا زنا وَلَا سَرقَة وَقَالَ اللَّيْث كل مَا جَاءَ من منطق السَّكْرَان فَهُوَ مَوْضُوع عَنهُ وَلَا يلْزمه طَلَاق وَلَا عتق وَلَا بيع وَلَا نِكَاح وَلَا يحد فِي الْقَذْف إِلَّا فِي حد الشَّرَاب وَحده إِمَّا عمله بِيَدِهِ من قتل أَو سَرقَة أَو زنا فَإِنَّهُ يُقَام عَلَيْهِ ذَلِك كُله وَللشَّافِعِيّ قَولَانِ فِي طَلَاق السَّكْرَان أَحدهمَا أَنه يلْزمه وَالْآخر لَا يلْزمه قَالَ أَبُو جَعْفَر طَلَاق السَّكْرَان غير جَائِز وَهُوَ مَذْهَب عُثْمَان بن عَفَّان وَلَا يَخْتَلِفُونَ فِيمَن شرب البنج فَذهب عقله أَن طَلَاقه غير جَائِز وَكَذَلِكَ السَّكْرَان من الشَّرَاب وعَلى أَنه لَا تخْتَلف أَحْكَام فَاقِد الْعقل أَن يكون ذهَاب عقله بِسَبَب من جِهَته أَو من جِهَة الله تَعَالَى أَلا ترى أَنه لَا فرق بَين من عجز عَن الْقيام فِي الصَّلَاة بِسَبَب من قبل الله تَعَالَى أَو من قبل نَفسه بِأَن يكسر رجل نَفسه فِي بَاب سُقُوط فرض الْقيام عَنهُ فَإِن قيل رُوِيَ عَن عَليّ أَنه قَالَ كل طَلَاق جَائِز إِلَّا طَلَاق الْمَعْتُوه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 431 قيل لَهُ السَّكْرَان معتوه بسكره كَالْمَجْنُونِ معتوه بالجنون والموسوس معتوه بالوسوسة 942 - فِي طَلَاق الْمَرِيض قَالَ أَصْحَابنَا إِذا طلق امْرَأَته فِي مَرضه ثَلَاثًا ثمَّ مَاتَ فِي مَرضه وَهِي فِي الْعدة فَإِنَّهَا تَرثه فَإِن مَاتَ بعد انْقِضَاء الْعدة لم تَرثه وَإِن صَحَّ من مَرضه ثمَّ مرض ثمَّ مَاتَ من مَرضه وَهِي فِي الْعدة ورثته أَيْضا وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَزفر وَكَذَلِكَ قَول الْحسن بن حَيّ وَقَالَ مَالك إِذا طلق امْرَأَته وَهُوَ مَرِيض قبل الدُّخُول فلهَا نصف الْمهْر وَالْمِيرَاث وَلَا عدَّة عَلَيْهَا وَإِن تزَوجهَا عشرَة أَزوَاج كلهم طلق فِي الْمَرَض فَإِنَّهَا تَرث جَمِيعهم إِذا مَاتُوا قبل أَن يصحوا من الْمَرَض وَذكر اللَّيْث أَن ابْن شبْرمَة سَأَلَ ربيعَة عَن الْمَرِيض يُطلق امْرَأَته فَقَالَ تَرثه وَلَو تزوجت عشرَة أَزوَاج فَأنْكر ذَلِك ابْن شبْرمَة وَقَالَ اللَّيْث القَوْل قَول ربيعَة وَقَالَ مَالك وَإِن صَحَّ من مَرضه صِحَة مَعْرُوفَة ثمَّ مَاتَ بعد ذَلِك لم تَرثه وَهُوَ قَول اللَّيْث وَقَالَ الشَّافِعِي لَا تَرث المبتوتة وَإِن مَاتَ وَهِي فِي الْعدة قَالَ أَبُو جَعْفَر روى مُغيرَة عَن إِبْرَاهِيم قَالَ كتب عمر إِلَى شُرَيْح فِي الَّذِي يُطلق امْرَأَته ثَلَاثًا فِي مَرضه تَرثه مَا دَامَت فِي الْعدة وَلَا يَرِثهَا (174 ب) الحديث: 942 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 432 وروى هِشَام عَن عمر بن أبي سَلمَة عَن أَبِيه أَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف طلق امْرَأَته الْبَتَّةَ وَهُوَ مَرِيض وَكَانَت سَأَلته الطَّلَاق فَورثَهَا عُثْمَان مِنْهُ بعد انْقِضَاء الْعدة وروى أَبُو عوَانَة عَن عمر بن أبي سَلمَة عَن أَبِيه أَنه ورثهَا وَهِي فِي الْعدة وروى هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه ان عبد الرَّحْمَن طلق امْرَأَته فِي مَرضه ثَلَاثًا فَقَالَ عُثْمَان لَئِن مت لأورثنها مِنْك قَالَ قد علمت ذَلِك قَالَ فَمَاتَ فِي عدتهَا فَورثَهَا عُثْمَان وَكَانَ عُرْوَة يَقُول تَرثه مَا كَانَت فِي الْعدة وَهَذَا اللَّفْظ يدل على مُوَافقَة عبد الرَّحْمَن لعُثْمَان فِي ذَلِك وروى هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت إِذا طلق الرجل امْرَأَته فِي مَرضه فانقضت الْعدة فَلَا مِيرَاث بَينهمَا 943 - فِي الْمَرِيض يُطلق امْرَأَته بِإِذْنِهَا أَو يملكهَا أمرهَا قَالَ أَصْحَابنَا إِذا سَأَلته الطَّلَاق فَطلقهَا أَو خلعها أَو قَالَ لَهَا إِن شِئْت فَأَنت طَالِق ثَلَاثًا وَهُوَ مَرِيض ثمَّ مَاتَ وَهِي فِي الْعدة لم تَرثه الحديث: 943 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 433 وَقَالَ مَالك إِن اخْتلعت مِنْهُ فِي مَرضه أَو جعل أمرهَا بِيَدِهَا فَطلقت نَفسهَا وَهُوَ مَرِيض فَإِنَّهَا تَرثه وَقَالَ مَالك كل طَلَاق وَقع فِي الْمَرَض فَإِنَّهَا تَرثه وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِن طَلقهَا بِإِذْنِهَا ورثته وَإِن ملكهَا أمرهَا فَطلقت نَفسهَا لم تَرثه قَالَ أَبُو جَعْفَر روى ابْن شهَاب عَن طَلْحَة بن عبيد الله قَالَ قيل لعُثْمَان لم ورثتها وَقد علمت أَن عبد الرَّحْمَن لم يطلقهَا ضِرَارًا وَلَا فِرَارًا من كتاب الله تَعَالَى فَقَالَ عُثْمَان أردْت أَن يكون سنة أيهاب النَّاس الْفِرَار من كتاب الله تَعَالَى عز وَجل وَكَانَ طلق بأمرها فَمن طلق بسؤالها لذَلِك أَو بتمليكها فَهُوَ غير فار مِنْهَا فَلَا معنى لتوريثها 944 - فِي الصَّحِيح يَقُول لامْرَأَته إِذا جَاءَ رَأس الشَّهْر فَأَنت طَالِق فَيَجِيء الْوَقْت وَهُوَ مَرِيض قَالَ أَصْحَابنَا لَا تَرثه وروى الْحسن عَن زفر أَنَّهَا تَرثه وَقَالَ مَالك إِذا قَالَ وَهُوَ صَحِيح إِذا قدم فلَان فإنت طَالِق ثَلَاثًا فَقدم وَالزَّوْج مَرِيض ورثت الحديث: 944 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 434 945 - فِي المحصور وَنَحْوه يُطلق قَالَ أَصْحَابنَا فِي المحصور يُطلق ثَلَاثًا أَنَّهَا لَا تَرثه كَذَلِك فِي وصف الْقِتَال وَلَو كَانَ قد بارز رجلا أَو قدم ليقْتل فِي قصاص أويرجم فِي زنا ورثته إِن مَاتَ من ذَلِك الْوَجْه وَقَالَ مَالك من حضر للزحف أَو تحسر للْقَتْل فَهُوَ بِمَنْزِلَة الْمَرِيض فِيمَا صنع فِي مَاله وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا التقى الصفان فَمَا صنع فَهُوَ وَصِيَّة وَقَالَ الْحسن بن حَيّ مثله وَذكر الْأَوْزَاعِيّ عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب فِي الْحَامِل أَو الْغَازِي يتَصَدَّق قَالَ هُوَ من الثُّلُث قَالَ الْأَوْزَاعِيّ أما مَا اجْتمع النَّاس عَلَيْهِ فَهُوَ جَائِز (175 أ) 946 - فِيمَن حلف بِالطَّلَاق على شَيْء يَفْعَله فَلم يَفْعَله قَالَ أَصْحَابنَا إِذا حلف بِطَلَاقِهَا ليَأْتِيَن الْبَصْرَة فَمَاتَ قبل أَن يأيتها طلقت وَلها الْمِيرَاث إِذا كَانَ قد دخل بهَا وعدتها أبعد الْأَجَليْنِ لم يذكر أَو أَبُو جَعْفَر قَول أبي يُوسُف فِي الْعدة وَقَالَ مَالك يتوارثان وَلَا يَحْنَث الرجل لِأَنَّهُ قد مَاتَ وَهُوَ قَول اللَّيْث وَقَالَ الثَّوْريّ كَقَوْل مَالك فِي الْحِنْث لَا يَقع وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي رجل قَالَ لغلامه إِن لم يضْربهُ مائَة سَوط فامرأته طَالِق ثَلَاثًا أَنه إِن لم يضْربهُ حَتَّى يَمُوت أَحدهمَا فَهِيَ طَالِق وَلَا مِيرَاث بَينهمَا الحديث: 945 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 435 ويحال بَينه وَبَين وَطئهَا وَإِن لم يضْربهُ إِلَى أَرْبَعَة أشهر طلقت عَلَيْهِ لما جعل عَلَيْهِ من طَلاقهَا ثَلَاثًا أَو اثْنَتَيْنِ أَو وَاحِدَة وَقَالَ أَيْضا فِي غير هَذِه الرِّوَايَة إِذا قَالَ لامْرَأَته إِن لم أَتزوّج عَلَيْك فَأَنت طَالِق الْبَتَّةَ ثمَّ مَاتَ أَحدهمَا حنث وَإِن كَانَ هُوَ الْمَيِّت ورثته فِي قَول من يُورث المبتوتة إِذا وَقع الطَّلَاق فِي الْمَرَض 947 - فِيمَن طلق إِن لم يفعل كَذَا هَل يمْنَع مِنْهَا قَالَ أَصْحَابنَا الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ فِي الرجل يحلف بِطَلَاق امْرَأَته على شَيْء يَفْعَله فَلَا يَفْعَله حَتَّى يَمُوت أَنه لَا يُحَال بَينه وَبَين زَوجته قبل أَن يفعل مَا حلف عَلَيْهِ قَالَ ابْن شبْرمَة إِذا قَالَ لامْرَأَته أَنْت طَالِق ثَلَاثًا إِن لم أَتزوّج فُلَانَة فَإِنِّي أرى لَهُ أَن لَا يُجَامع امْرَأَته حَتَّى يَتَزَوَّجهَا وَأَن لَا يتْرك وعضلها إِذا كرهت ذَلِك وتلوم بِقَدرِهِ قدر مَا يفرق بِهِ الْإِيلَاء فَإِن تزوج إِلَى ذَلِك وَإِلَّا أجبرته على طَلاقهَا وَلَو قَالَ لعَبْدِهِ إِن لم أضربك فامرأتي طَالِق ثَلَاثًا ففقد العَبْد وَلم يدر أَيْن يذهب وَصَارَ مأيوسا فِي قدومه وكرهت زَوجته التَّلَوُّم أجبرته على طَلاقهَا وَإِن كَانَ على رَجَاء ضرب لَهُ مُدَّة الْإِيلَاء لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَن يُجَامِعهَا وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك إِذا قَالَ لامْرَأَته إِن لم أنكح عَلَيْك فَأَنت طَالِق الْبَتَّةَ فَلَا يَطَأهَا حَتَّى ينْكح فَإِن نكح خرج من يَمِينه وَإِلَّا لم يَقع طَلَاقه حَتَّى ترفع أمرهَا إِلَى الإِمَام فَيضْرب لَهُ أجل أَرْبَعَة أشهر من حِين يرفع ذَلِك فَإِن تزوج وَإِلَّا طلقت عَلَيْهِ وَإِن أَرَادَ أَن يُجَامِعهَا فِي عدتهَا لم أر أَن يُمكن من ذَلِك حَتَّى ينْكح فيرتجعها فِي الْعدة إِن شَاءَت إِلَّا أَن يُصِيبهُ أَمر لَهُ فِيهِ عذر فيخاف فَوَات الْعدة فَإِن ارتجع كَانَت لَهُ الرّجْعَة الحديث: 947 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 436 وَقَالَ مَالك فِيمَن قَالَ لامْرَأَته إِن لم أنكح عَلَيْك إِلَى شهر فَأَنت طَالِق ثَلَاثًا فَإِنَّهُ يتْرك حَتَّى يمْضِي الْأَجَل الَّذِي حلف قَالَ وَمن سمى ليمينه أَََجَلًا يضْربهُ من الزَّمَان خلى بَينه وَبَين ذَلِك الْأَجَل (175 ب) فيتبين حنثه أَو بره وَقَالَ مَالك فِي الَّذِي يحلف بِطَلَاق امْرَأَته الْبَتَّةَ ليقضينه قبل الْهلَال أَنه لَا بَأْس بِأَن يظاهر امْرَأَته فِي ذَلِك وَلَا يجلس عَنْهَا قَالَ وَلَو قَالَ لامْرَأَته إِن لم يقدم أبي فَأَنت طَالِق وَأَبوهُ بِالْيمن فَإِنَّهُ يضْرب لَهُ أَرْبَعَة أشهر إِذا رفع ذَلِك فَإِن قدوم أَبوهُ وَإِلَّا خرجت مِنْهُ بتطليقة إِيلَاء وَذكر ابْن عبد الحكم عَن مَالك قَالَ من أعتق جَارِيَته إِلَى سنتَيْن فَلَا يَطَأهَا وَمن أعتق عَبده إِلَى سنتَيْن فَهُوَ كَمَا قَالَ يُؤَخر إِلَى سنتيه وَلَا يعجل لَهُ الْعتْق وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ مثل قَول مَالك فِي منع الْمَرْأَة مِنْهُ وَاعْتِبَار مُدَّة الْإِيلَاء إِلَّا أَنه لم يذكر مُدَّة الْإِيلَاء من حِين يرفع وَقَالَ اللَّيْث فِي الرجل يحلف بِطَلَاق امْرَأَته إِن لم يتَزَوَّج عَلَيْهَا أَنه يُوقف عَنْهَا حَتَّى لَا يَطَأهَا وَيضْرب لَهُ أجل الْمولي قَالَ ابْن وهب وَسُئِلَ اللَّيْث عَن رجل قَالَ لامْرَأَته أَنْت طَالِق الْبَتَّةَ إِن لم تتصدقي عَليّ بِكَذَا أَو حَلَفت امْرَأَته بِالْمَشْيِ إِلَى بَيت الله تَعَالَى أَن لَا تفعل فَقَالَ أرى أَن تفعل فِي مجلسها أَن تطلق عَلَيْهِ الْبَتَّةَ وَلَا يضْرب لَهُ أجل الْمولى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 437 948 - فِيمَن طلق إِلَى أجل قَالَ فِي الأَصْل إذاقال أَنْت طَالِق إِلَى شهر طلقت بعد شهر إِلَّا أَن يَنْوِي الْحَال وَلم يذكر خلافًا وَهُوَ قَول زفر قَالَ وَقَالَ أَبُو يُوسُف يَقع بعد شهر وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ أَشهب وَمَالك إذاقال لامْرَأَته أَنْت طَالِق إِلَى الْهلَال أَنَّهَا طَالِق حِين تعلم وَذكر ابْن الْقَاسِم عَنهُ أَنه إِذا قَالَ لامْرَأَته أَنْت طَالِق إِلَى قدوم فلَان لم تطلق حَتَّى يقدم وَقَالَ اللَّيْث من طلق إِلَى أجل سَمَّاهُ طلقت حِين لفظ بِالطَّلَاق قَالَ أَبُو جَعْفَر ظَاهر الْكَلَام أَنَّهَا طَالِق السَّاعَة كَمَا قَالَ وَالله لَا أقْربك إِلَى سنة كَانَ مَانِعا نَفسه من قربهَا من السَّاعَة إِلَى سنة وكما لَو قَالَ عَليّ ألف إِلَى سنة لَيْسَ يَعْنِي أَن وُجُوبهَا لَهُ بعد سنة 949 - فِي الطَّلَاق الْمُعَلق بِشَرْط قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ إِذا علق الطَّلَاق بِوَقْت أَو شَرط لم تقع بِهِ وَاحِدَة سَوَاء كَانَ مِمَّا هُوَ غيب لَا يُعلمهُ أَو مِمَّا يُعلمهُ نَحْو قَوْله إِذا ولدت ولدا أَو أمْطرت السَّمَاء أَو جَاءَ رَأس الشَّهْر وَنَحْو ذَلِك وَقَالَ مَالك إِذا قَالَ لامْرَأَته أَنْت طَالِق إِذا حِضْت طلقت السَّاعَة وَكَذَلِكَ لَو قَالَ لَهَا وَهِي حَامِل إِذا وضعت فَأَنت طَالِق طلقت السَّاعَة وروى ذَلِك كُله ابْن الْقَاسِم عَن مَالك الحديث: 948 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 438 قَالَ وَأَخْبرنِي ابْن دِينَار أَن مَالِكًا سُئِلَ عَن رجل قَالَ لامْرَأَته وَكَانَت تَلد الْجَوَارِي فَحملت فَقَالَ لَهَا إِن لم يكن فِي بَطْنك غُلَام فَأَنت طَالِق طلقت السَّاعَة فَإِن ولدت غُلَاما كَانَ الطَّلَاق مَاضِيا بِمَنْزِلَة من قَالَ إِن لم تمطر السما فِي يَوْم كَذَا فَأَنت طَالِق ثَلَاثًا فَإِنَّهَا تطلق السَّاعَة وَإِن أمْطرت (176 ب) فِي ذَلِك الْيَوْم لم ترد إِلَيْهِ فَقيل لمَالِك فالرجل يَقُول لامْرَأَته إِن لم يقدم أبي إِلَى يَوْم كَذَا فَأَنت طَالِق قَالَ مَالك هَذَا لَا يشبه الْمَطَر لِأَن هَذَا يَدعِي أَن الْخَبَر قد جَاءَهُ بقدوم أَبِيه فِي ذَلِك الْيَوْم وَلَيْسَ هَذَا كمن حلف على الْغَيْب قَالَ مَالك وَلَو قَالَ لَهَا وَهِي حَائِض أَنْت طَالِق إِذا طهرت طلقت السَّاعَة وَيجْبر على رَجعتهَا وَإِذا قَالَ إِذا قدم فلَان فَأَنت طَالِق لم تطلق حَتَّى يقدم وَقَالَ مَالك وَلَو قَالَ لَهَا إِن مت فَأَنت طَالِق لم تطلق عَلَيْهِ وَلَو قَالَ إِذا مَاتَ فلَان فَأَنت طَالِق طلقت حِين تكلم وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا قَالَ لَهَا أَنْت طَالِق إِذا هَل الْهلَال تَعْتَد فِي يَوْم لفظ بِالطَّلَاق قَالَ وَلَو جعل امْرَأَته طَالقا إِن تزوج امْرَأَة قد سمى لَهَا زوج طلقت امْرَأَته مَكَان وَلَو قَالَ إِذا جَاءَ فلَان وَأَشْبَاه ذَلِك مِمَّا لَا يدْرِي أَيكُون أَو لَا يكون فَأَنت طَالِق فَإِنَّهُ يَطَأهَا وَلَا طَلَاق عَلَيْهِ حَتَّى يكون مَا ذكر وَلَو قَالَ إِذا احضت ثمَّ طهرت فَأَنت طَالِق فارتفع حَيْضهَا فَإِنَّهُ يَطَأهَا حَتَّى تحيض وَكَذَلِكَ إِن حملت وَلَو استحيضت فَإِذا جَاوَزت أقراءها اغْتَسَلت وصلت وَوَقع الطَّلَاق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 439 وَقَالَ اللَّيْث إِذا حلف بِطَلَاقِهَا ليقْتلن فلَانا طلقت السَّاعَة وَلم ينْتَظر بِهِ أَن يقْتله وَإِن قَتله لم يَقع عَلَيْهِ الطَّلَاق وَلَو قَالَ إِذا ولدت فَأَنت طَالِق لم تطلق حَتَّى تضع قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ فِيمَن أعتق عَبده إِذا كَانَ كَذَا لما هُوَ كَائِن لَا محَالة أَو لما قد يكون وَقد لَا يكون أَنَّهُمَا سَوَاء وَأَنه لَا يعْتق حَتَّى يكون الشَّرْط وَكَذَلِكَ الطَّلَاق 950 - فِي الِاسْتِثْنَاء فِي الطَّلَاق وَالْعِتْق قَالَ أَصْحَابنَا الِاسْتِثْنَاء جَائِز فِي الطَّلَاق وَالْعتاق وَلَا يقعان مَعَه وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ ابْن أبي ليلى إِذا قَالَ أَنْت طَالِق إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَقع وَلم يعْمل الِاسْتِثْنَاء وَلَو قَالَ أَنْت طَالِق إِن دخلت الدَّار إِن شَاءَ الله تَعَالَى صَحَّ الِاسْتِثْنَاء وَبَطلَت الْيَمين وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث لَا اسْتثِْنَاء فِي الطَّلَاق ولافي الْعتاق وَقَالَ مَالك وَلَا فِي مشي وَلَا صَدَقَة قَالَ مَالك لَا يسْتَثْنى إِلَّا فِي الْيَمين بِاللَّه تَعَالَى وَلَو حلف بِاللَّه أَن لَا يضْرب امْرَأَته إِن شَاءَ الله فَهُوَ مول وَلَو قَالَ أَنْت طَالِق إِن شَاءَ فلَان لم تطلق حَتَّى يعرف أَشَاء فلَان أم لَا وَلَو كَانَ فلَان مَيتا لم تطلق لأَنا نعلم أَن الْمَيِّت لَا يَشَاء قَالَ مَالك وَلَو قَالَ عَليّ نذر إِن كلمت فلَانا إِن شَاءَ الله فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَهَذَا مثل الْحلف بِاللَّه تَعَالَى الحديث: 950 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 440 وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا اسْتثِْنَاء فِي الطَّلَاق وَيجوز فِي الْيَمين بِاللَّه تَعَالَى وَقَالَ اللَّيْث لَا يجوز الِاسْتِثْنَاء فِي الطَّلَاق وَالْعتاق فِي الْحُقُوق الَّتِي (176 ب) بَينه وَبَين النَّاس وَمَا كَانَ بَينه وَبَين الله تَعَالَى فِي يَمِين حلف بهَا فَلهُ الِاسْتِثْنَاء وَمن قَالَ عَليّ هدي أَو أَمْشِي إِلَى بَيت الله إِن شَاءَ الله فَلهُ الِاسْتِثْنَاء إِذا كَانَ مُتَّصِلا قَالَ أَبُو جَعْفَر روى أَيُّوب عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا حلف ثمَّ قَالَ إِن شَاءَ الله فَهُوَ بِالْخِيَارِ فِي بعض الْأَلْفَاظ وَفِي بَعْضهَا فقد اسْتثْنى وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس إجَازَة الِاسْتِثْنَاء بعد انْقِطَاع الْكَلَام وَاحْتج بقوله {وَاذْكُر رَبك إِذا نسيت} الْكَهْف 24 وروى شريك عَن سماك عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وَالله لأغزون قُريْشًا وَالله لأغزون قُريْشًا وَالله لأغزون قُريْشًا إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَكَانَ فِيهِ الِاسْتِثْنَاء بعد الْيَمين الثَّالِثَة وَهَذَا حَدِيث قد وَصله شريك وَذكره على هَذَا الْوَجْه وقطعه من هُوَ أثبت مِنْهُ وَهُوَ مسعر فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَن سماك عَن عِكْرِمَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالله لأغزون قُريْشًا ثمَّ قَالَ إِن شَاءَ الله ثمَّ قَالَ وَالله لأغزون قُريْشًا ثمَّ قَالَ إِن شَاءَ الله ثمَّ قَالَ وَالله لأغزون قُريْشًا ثمَّ قَالَ إِن شَاءَ الله فَصَارَ مُنْقَطِعًا وَذكر مسعر الِاسْتِثْنَاء فِي كل يَمِين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 441 وروى عَن ابْن عمر لَا حنث فِي يَمِين مَوْصُول آخرهَا إِن شَاءَ الله وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من حلف على يَمِين فَرَأى غَيرهَا خيرا مِنْهَا فليأت الَّذِي هُوَ خير وليكفر عَن يَمِينه وَلَو جَازَ الِاسْتِثْنَاء بعد قطع الْكَلَام لقَالَ فليستثن وَلَا خلاف أَنه مَتى علق الطَّلَاق بِمَشِيئَة آدَمِيّ أَنه لَا يَقع أَو يَشَاء كَذَلِك إِذا علق بِمَشِيئَة الله تَعَالَى 951 - فِي دَعْوَى الْخُصُوص فِي الْيَمين قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قَالَ لامْرَأَته إِن لبست فَهِيَ طَالِق وَقَالَ عنيت ثوبا دون ثوب لم يصدق فِي الْقَضَاء وَلَا فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى وَلَو كَانَ قَالَ لَا ألبس ثوبا صدق فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى دون الْقَضَاء ولوقال لَا كلمت فلَانا شهرا وَقَالَ نَوَيْت النَّهَار دون اللَّيْل لم تكن نِيَّته شَيْئا وَقَالَ مَالك إِذا حلف بِالطَّلَاق لَا يدْخل دَار فلَان فَقَالَ نَوَيْت أَن لَا أدخلها شهرا دين فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَلَا يصدق فِي الْقَضَاء فِي قَوْلهمَا 592 - فِيمَن كتب الطَّلَاق قَالَ أَصْحَابنَا إِذا كتب الْأَخْرَس لامْرَأَته فِي كتاب بِطَلَاقِهَا وَقَامَت الْبَيِّنَة فرق بَينهمَا فِي الْقَضَاء وَإِن لم ينْو الطَّلَاق وَسعه أَن يُقيم عَلَيْهَا فِيمَا بَينه وَبَين الله الحديث: 951 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 442 تَعَالَى وَإِن كتب فِي الأَرْض لم يجز ذَلِك عَلَيْهِ إِلَّا أَن يَنْوِي الطَّلَاق وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث إِذا كتب إِلَى امْرَأَته بِطَلَاقِهَا أَنه إِن نوى الطَّلَاق وَقع وَإِن كتب وَهُوَ غير عازم على الطَّلَاق وَإِنَّمَا كتب لينْظر ويستشير لم يَقع (177 ب) وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ إِذا كتب طَلَاق امْرَأَته وَقع 953 - فِيمَن لَا يدْرِي أحنث أم لَا قَالَ أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيّ إِذا حلف على شَيْء أَنه لَا يَفْعَله ثمَّ فعل شَيْئا لَا يدْرِي أهوَ مَا حلف عَلَيْهِ أم غَيره أَنه لايحنث حَتَّى يستقين وَلَا فرق فِي ذَلِك بَين الْحلف بِاللَّه وَبَينه بِالطَّلَاق وَغَيره وَقَالَ مَالك يَحْنَث 954 - فِيمَن عقد طَلاقهَا بِشَيْء لَا يطلع عَلَيْهِ غَيرهَا قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قَالَ لَهَا إِن كنت تحبين فَأَنت طَالِق فَقَالَت أَنا أحبك وَقع الطَّلَاق سَوَاء كَانَت صَادِقَة فِيهِ أَو كَاذِبَة وَكَذَلِكَ لَو قَالَ إِن كنت تحبين أَن يعذبك الله بجهنم فَقَالَت أَنا أحبه فِي قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف يَقع وَقَالَ مُحَمَّد لَا يَقع إِذا كَانَ فِي قَلبهَا خلاف مَا أظهرت وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث فِي رجل سَأَلَ امْرَأَته عَن شَيْء فَقَالَ إِن لم تصدقيني أَو إِن كتمتيني فَأَنت طَالِق الْبَتَّةَ فَأَخْبَرته فَإِنِّي أرى أَن يفارقها الحديث: 953 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 443 وَقَالَ الشَّافِعِي فِيمَا رَوَاهُ عَنهُ حَرْمَلَة إذاقال إِن كنت تحبيني فَأَنت طَالِق فَهَذَا على أَن تَقوله بلسانها دون الْقلب 955 - فِيمَن قَالَ أَنْت طَالِق يَوْم يقدم فلَان قَالَ أَصْحَابنَا هَذَا اللَّيْل وَالنَّهَار وَلَو قَالَ لَيْلَة يقدم فلَان كَانَ هَذَا على اللَّيْل دون النَّهَار وَقَالَ مَالك هما سَوَاء إِذا ذكر اللَّيْلَة فَقدم النَّهَار أَو ذكر يَوْمًا فَقدم لَيْلًا حنث لِأَن النَّهَار من اللَّيْل وَاللَّيْل من النَّهَار وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا حلف ليقضينه لَيْلَة يهل الْهلَال فَخرجت اللَّيْلَة قبل أَن يَقْضِيه حنث وَكَذَلِكَ لَو قَالَ لأقضينك يَوْم الْإِثْنَيْنِ فغابت الشَّمْس قبل أيقضيه حنث 956 - فِيمَن حلف على مَاض قَالَ ابْن الْقَاسِم سُئِلَ مَالك عَن رجل كَانَ بَينه وَبَين رجل شَرّ وَكَانَ لأَحَدهمَا أَخ فلقي الَّذِي نَازع أَخَاهُ فَقَالَ قد بَلغنِي الَّذِي كَانَ بَيْنك وَبَين أخي أمس وَامْرَأَته طَالِق إِن لم يكن لَو كنت حَاضرا لفقأت عَيْنَيْك قَالَ فَقَالَ مَالك أرَاهُ حانثا على شَيْء لايبر فِيهِ وَلَا فِي مثله قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلم نجد هَذَا إِلَّا عَن مَالك وَقِيَاس قَول أبي حنيفَة وَالثَّوْري وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد وَالشَّافِعِيّ أَن لَا يَحْنَث لِأَنَّهُ جعلهَا طَالقا بِتَرْكِهِ أَن يفعل كَذَا لَو كَانَ حاضره فلاوجه لإيقاع الْحِنْث عَلَيْهِ فِي ذَلِك الحديث: 955 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 444 957 - فِيمَن حلف ثمَّ طلق هَل تبطل الْيَمين قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قَالَ لامْرَأَته إِن دخلت الدَّار فَأَنت طَالِق ثَلَاثًا ثمَّ أَبَانهَا بِوَاحِدَة ثمَّ عَادَتْ إِلَيْهِ فَدخلت طلقت وَلَو كَانَ طَلقهَا ثَلَاثًا بعد الْيَمين فَتَزَوجهَا بعد زوج فَدخلت الدَّار لم تطلق وَقَالَ زفر بِالْيَمِينِ وَهُوَ قَول حَمَّاد وَقَالَ مَالك إذاقال أَنْت طَالِق يَوْم أكلم فلَانا ثمَّ أَبَانهَا وَانْقَضَت عدتهَا (177 ب) ثمَّ عَادَتْ إِلَيْهِ فَكلم فلَانا طلقت وَقَالَ عُثْمَان البتي وَالْأَوْزَاعِيّ وَعبد الْعَزِيز الْمَاجشون مثل ذَلِك وَعَن الثَّوْريّ مَحْفُوظ لَهُ فِي الْيَمين على الْعتْق إِذا بَاعه ثمَّ اشْتَرَاهُ وَقَالَ تبطل الْيَمين بِزَوَال الْملك لِأَنَّهُ لَا يَصح عقد الْيَمين قبل الْملك قَالَ أَبُو جَعْفَر اتَّفقُوا على أَنه لَو جن بعد الْيَمين لم تبطل بِيَمِينِهِ كَذَلِك زَوَال الْملك 958 - فِيمَن قَالَ لآخر خير امْرَأَتي قَالَ أَصْحَابنَا لايثبت لَهَا الْخِيَار إِلَّا بعد أَن يخبرها وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ مَالك إِذا كَانَت امْرَأَته تسمع ذَلِك فَهِيَ بِالْخِيَارِ قبل أَن يَقُول لَهَا الرجل اخْتَارِي إِلَّا أَن يكون أَرَادَ ان يَجْعَل ذَلِك إِلَى الرجل وَيكون هُنَاكَ مَا يسْتَدلّ بِهِ عَلَيْهِ فلايكون لَهَا خِيَار حَتَّى يخيرها الحديث: 957 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 445 قَالَ أَصْحَابنَا إِن قَالَت إِن كَانَ كَذَا لشَيْء قد مضى طلقت وَإِن كَانَ لشَيْء لم يمض لم تطلق وَقَالَ الشَّافِعِي فِيمَا حكى عَنهُ الرّبيع فِي أَمَالِيهِ إِذا كَانَ أمرهَا بِيَدِهَا فَقَالَت إِذا كَانَ أَمْرِي بيَدي فقد طلقت نَفسِي لم يكن طَلَاقا 959 - فِي إِذا شِئْت وَإِن شِئْت قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قَالَ أَنْت طَالِق إِن شِئْت فَهُوَ على الْمجْلس وَلَو قَالَ إِذا شِئْت كَانَ على الْأَبَد وَكَذَلِكَ مَتى شِئْت وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا شَاءَ وَإِن شَاءَ وَاحِد 960 - فِيمَن طلق قبل موت فلَان بِشَهْر قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا عَاشَ فلَان شهرا ثمَّ مَاتَ طلقت قبل ذَلِك بِشَهْر وَكَذَلِكَ قَول زفر وَلَو قَالَ قبل قدوم فلَان بِشَهْر فَقدم فلَان بعد شهر وَقع عِنْد الْقدوم فِي قَول أبي حنيفَة وَقَالَ زفر يَقع قبل الْقدوم بِشَهْر وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ جَمِيعًا لايقع الطَّلَاق قبل الْمَوْت وَلَا قبل الْقدوم وَإِنَّمَا يَقع عِنْد الْقدوم وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا قَالَ عَبدِي حر قبل موتِي بشر فهومن الثُّلُث وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا قَالَ أَنْت طَالِق قبل موتِي بِشَهْر فَمَاتَ من غير ذَلِك الحديث: 959 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 446 لم يَقع إِلَّا أَن يقتل بعد شهر فَيَقَع قبل ذَلِك بِشَهْر فَإِن قتل مَعَ الشَّهْر سَوَاء لم يَقع حَتَّى يكون أَكثر من شهر بِوَقْت وَكَذَلِكَ لَو سمى مَرضا بِعَيْنِه لم يَقع بِمَوْتِهِ من غَيره من الْأَمْرَاض 961 - فِي الطَّلَاق وَالْعتاق قبل الْملك قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قَالَ كل امْرَأَة أَتَزَوَّجهَا فَهِيَ طَالِق فَهُوَ كَمَا قَالَ تطلق من يَوْم تزوج وَكَذَلِكَ الْعتْق إِذا أَضَافَهُ إِلَى الْملك وَقَالَ ابْن أبي ليلى إِذا عَم لم يَقع وَإِن سمى شَيْئا بِعَيْنِه أَو جعل ذَلِك إِلَى أجل وَقع وَكَذَلِكَ قَول مَالك وَذكر عَن مَالك أَنه أَيْضا إِذا ضرب لذَلِك أَََجَلًا يعلم أَنه لَا يبلغهُ فَقَالَ إِن تزوجت إِلَى كَذَا وَكَذَا سنة لم يلْزمه شَيْء قَالَ مَالك وَلَو قَالَ كل عبداشريته فَهُوَ حر فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا قَالَ إِن تزوجت فُلَانَة فَهِيَ طَالِق لزمَه مَا قَالَ وَهُوَ قَول النتي وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِيمَن قَالَ لامْرَأَته كل جَارِيَة أتسراها عَلَيْك فَهِيَ حرَّة فتسري عَلَيْهَا جَارِيَة فَإِنَّهَا تعْتق عَلَيْهِ وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا قَالَ كل مَمْلُوك أملكهُ فَهُوَ حر فَلَيْسَ بِشَيْء وَلَو قَالَ اشتريه أَو أرثه أَو نَحْو ذَلِك عتق إِذا ملك بذلك الْوَجْه لِأَنَّهُ خص وَلَو قَالَ كل امْرَأَة أَتَزَوَّجهَا فَهِيَ طَالِق فَلَيْسَ بِشَيْء وَإِن قَالَ من بني فلَان الحديث: 961 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 447 أَو من أهل الْكُوفَة أَو كَذَا لزمَه قَالَ الْحسن لَا نعلم أحدا مُنْذُ وضعت الْكُوفَة أفتى بِغَيْر هَذَا قَالَ وَقَالَ اللَّيْث فِيمَا حَضرته يلْزمه فِي الطَّلَاق وَالْعِتْق وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يلْزمه من ذَلِك شَيْء لَا إذاخص وَلَا إِذا عَم قَالَ أَبُو جَعْفَر روى عَن عمر بن الْخطاب فِيمَن قَالَ إِن نكحت فُلَانَة فَهِيَ عَليّ كَظهر أُمِّي إِن تزَوجهَا فَهُوَ مظَاهر وَقد روى أَبُو عوَانَة عَن مُحَمَّد بن قيس عَن إِبْرَاهِيم أَو الْأسود عَن عبد الله إِذا قَالَ إِن تزوجت فُلَانَة فَهِيَ طَالِق فَهُوَ كَمَا قَالَ وروى عَن ابْن عَبَّاس فِي رجل قَالَ إِن تزوجت فُلَانَة فَهِيَ طَالِق أَنه لَيْسَ بِشَيْء وَقَالَ الزُّهْرِيّ فِيمَا روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا طَلَاق قبل النِّكَاح إِنَّمَا هُوَ أَن يذكر الرجل امْرَأَة فَيُقَال تزَوجهَا فَيَقُول هِيَ طَالِق الْبَتَّةَ فَهَذَا لَيْسَ بِشَيْء فَأَما من قَالَ إِن تزوجت فُلَانَة فَهِيَ طَالِق الْبَتَّةَ فَإِنَّمَا طَلقهَا حِين تزَوجهَا وَكَذَلِكَ فِي الْحُرِّيَّة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 448 962 - فِي قَوْله كل امْرَأَة أَو كلما تزوجت امْرَأَة قَالَ أَصْحَابنَا كل امْرَأَة لَا يتَكَرَّر بِهِ الطَّلَاق على وَاحِدَة وَإِنَّمَا يَقع على أعدادالنكاح وَكلما يتَكَرَّر وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ وَقَالَ مَالك فِي قَوْله كل امْرَأَة أَتَزَوَّجهَا فَطلقت ثمَّ تزَوجهَا مرّة أُخْرَى طلقت أَيْضا إِذا قَالَ كل امْرَأَة أَتَزَوَّجهَا من هَمدَان أَو نَحوه 962 - ب فِيمَن قَالَ إِن تزوجت فُلَانَة فَهِيَ طَالِق فَتَزَوجهَا وَدخل بهَا قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ لَهَا مهر وَنصف وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَمَالك لَهَا الْمهْر الْمُسَمّى الحديث: 962 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 449 963 - فِيمَن طلق وَاحِدَة من نِسَائِهِ بِغَيْر عينهَا قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَعُثْمَان البتي وَاللَّيْث إِذا لم ينْو وَاحِدَة بِعَينهَا حِين قَالَ فَإِنَّهُ يخْتَار أيتهن شَاءَ فيوقع الطَّلَاق عَلَيْهَا والباقيات نساؤه وَقَالَ مَالك إِذا لم ينْو وَاحِدَة بِعَينهَا طلقن عَلَيْهِ جَمِيع نِسَائِهِ وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا قَالَ لامْرَأَته إِحْدَاكُمَا طَالِق ثَلَاثًا منع مِنْهُمَا حَتَّى يبين فَإِن قَالَ لم أرد هَذِه كَانَ إِقْرَارا مِنْهُ بِالْأُخْرَى (38 ب) قَالَ أَبُو جَعْفَر وَقَالَ بعض الْمُتَأَخِّرين إِن هَذَا القَوْل بَاطِل لَا يَقع بِهِ طَلَاق ثمَّ قَالَ يعقب ذَلِك وَالْأُخْرَى طَالِق طلقتا جَمِيعًا فتناقض وَأثبت حكم القَوْل الأول قَالَ وَأما جَوَاب الشَّافِعِي فَلم يَقع عَن مَسْأَلَتنَا لأَنا إِنَّمَا قُلْنَا فِيمَن قَالَ إِحْدَاكُمَا طَالِق لَا يَنْوِي وَاحِدَة بِعَينهَا فلامعنى لقَوْله إِنَّه يُؤْخَذ الزَّوْج مَا لَا تبيان لَهُ عِنْده 964 - إِذا مَاتَت إِحْدَاهمَا قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قَالَ لامرأتيه إِحْدَاكُمَا طَالِق فَمَاتَتْ إِحْدَاهمَا طلقت الْأُخْرَى إِذا مَاتَ الزَّوْج قَالُوا وَلَو مَاتَ الزَّوْج قبل أَن يبين وَكَانَ قَالَ إِحْدَاكُمَا طَالِق ثَلَاثًا فَإِن مِيرَاث زوجه بَينهمَا وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَقَالَ الشَّافِعِي يُوقف أمره حَتَّى يصطلحا الحديث: 963 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 450 وَرُوِيَ نَحْو قَوْلنَا عَن ابْن عَبَّاس وَذَلِكَ أَنه سُئِلَ فَقَالَ يصيبهن من الطَّلَاق مثل مَا يصيبهن من الْمِيرَاث رَوَاهُ عَنهُ جَابر بن زيد 965 - فِي طَلَاق الْأَخْرَس قَالَ أَصْحَابنَا فِي الْأَخْرَس إِذا كَانَ يكْتب أويوميء إِيمَاء يعرف جَازَ نِكَاحه وطلاقه وعتقه وَبيعه وشراؤه واقتص مِنْهُ واقتص لَهُ وَلَا يحد وَلَا يحد لَهُ وَإِن كَانَ رجل أصمت يَوْمًا فَكتب لَهُ لم يجز شَيْء من ذَلِك وَقَالَ مَالك ذَلِك كُله جَائِز وَيحد إِذا قذف وَيحد قَاذفه سَوَاء كَانَ بِإِشَارَة مِنْهُ يعرف أَو بِكِتَابَة وَكَذَلِكَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ يُلَاعن بِالْإِشَارَةِ قَالَ أَبُو جَعْفَر الخرس مُخَالف للصمت الْعَارِض كَمَا أَن الْعَجز عَن الْجِمَاع الْعَارِض بِالْمرضِ وَنَحْوه يَوْمًا وَنَحْوه مُخَالف الْعَجز الميؤوس مَعَه الْجِمَاع نَحْو الْمَجْبُوب فِي بَاب خِيَار الْمَرْأَة فِي الْفرْقَة 966 - فِيمَن طلق امْرَأَته إِن لم يفعل كَذَا فِي مُدَّة ذكرهَا قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قَالَ عَبدِي حر إِن لم أَدخل هَذِه الدَّار غَدا فَمضى غَد وَلَا يدْرِي أَدخل أم لم يدْخل لم يعْتق وَالْقَوْل قَول الْمولى أَنه قد دخل وَهُوَ قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ الْحسن عَن زفر القَوْل قَول العَبْد أَنه لم يدْخل وَهُوَ قَول البتي وَاللَّيْث الحديث: 965 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 451 وَعَن الْأَوْزَاعِيّ رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا أَن القَوْل قَول الْمولى وَالْأُخْرَى ان القَوْل قَول العَبْد قَالَ أَبُو جَعْفَر قد اتَّفقُوا على أَن الْمَرْأَة لَو صدقته أالعبد لم يعْتق وَلم تطلق فَلَو كَانَ مضى الْوَقْت يُوجب الْحِنْث لم يقبل تصادقهما كَمَا أَنه لَو قَالَ أردْت طَلَاقا من وثاق لم يقبل مِنْهُ وَمِنْهَا 967 - فِيمَن طلق ثَلَاثًا بِلَا بَيِّنَة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا طَلقهَا ثَلَاثًا وَجحد وَحلف عَلَيْهَا أَن تهرب مِنْهُ وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَكَذَلِكَ قَول مَالك إِلَّا أَنه قَالَ لَا يسْتَحْلف الزَّوْج على الطَّلَاق (179 أ) حَتَّى تقيم الْمَرْأَة شَاهدا وَاحِدًا فَحِينَئِذٍ يسْتَحْلف الزَّوْج على دَعْوَاهَا وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا حلف تركت من الْوضُوء والزينة مَا يَدعُوهُ إِلَيْهَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى قَالَ أَبُو جَعْفَر إِنَّهَا تتْرك الزِّينَة وَالْعرض لَهُ وَكَانَت فِي ذَلِك بِخِلَاف الزَّوْجَة كَذَلِك فِي الْمقَام مَعَه وَالْخلْوَة مَعَه 968 - إِذا طلق امْرَأَته ثَلَاثًا ثمَّ جَحده وادعته الْمَرْأَة ثمَّ مَاتَ بعد استحلاف القَاضِي وَقَالَ أَصْحَابنَا لاترثه إِن مَاتَ وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ ابْن ابي ليلى تَرثه إِلَّا إِن تبين بعد الْمَوْت أَنه طَلقهَا ثَلَاثًا وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث تَرثه الحديث: 967 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 452 969 - فِي تَوْقِيت الْخِيَار قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قَالَ أَمرك بِيَدِك الْيَوْم فَأمرهَا بِيَدِهَا حَتَّى يَنْقَضِي الْيَوْم وَذكر ابْن الْقَاسِم عَن مَالك أَنه كَانَ يَقُول أَن المخيرة خِيَارهَا على الْمجْلس قَالَ فعلى هَذَا القَوْل يَنْبَغِي أَن يبطل خِيَارهَا بِمُضِيِّ الْيَوْم وَأَنه رَجَعَ عَن ذَلِك وَقَالَ فِي الرجل يُخَيّر امْرَأَته فيفترقان قبل أَن تخْتَار أَن لَهَا الْخِيَار حَتَّى يُوقف ويجامعها قَالَ أَبُو جَعْفَر يَعْنِي بقوله يوقفان الْحَاكِم يخيرها كَمَا تَقول فِي خِيَار امْرَأَة الْعنين وَقَالَ اللَّيْث فِي ذَلِك كَقَوْل مَالك الآخر وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إذاقال لامْرَأَته أَمرك بيد فلَان أَرْبَعَة أشهر فَإِنَّهُ لَا يَطَأهَا حَتَّى تمْضِي الْأَرْبَعَة أشهر وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي التَّخْيِير وَالتَّمْلِيك أَنه على الْمجْلس إِذا لم يكن مؤقتا وَقَالَ اللَّيْث فِي الْخِيَار على مَا ذكرنَا فِي قَول مَالك وَقَالَ فِي التَّمْلِيك إِنَّه على الْمجْلس قَالَ أَبُو جَعْفَر خِيَار امْرَأَة الْعنين يثبت بِتَخْيِير الْحَاكِم لِأَن التَّأْجِيل ابتداؤه يثبت بالحاكم فَكَذَلِك مَا تعلق بِهِ من الْخِيَار الحديث: 969 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 453 وَاتَّفَقُوا أَن خِيَار الْأمة الْمُعتقَة يثبت بِغَيْر الْحَاكِم لِأَن سَببه ابتداؤه لم يتَعَلَّق بالحاكم فَوَجَبَ أَن يكون خِيَار المخيرة غير مُتَعَلق بالحاكم فَإِذا وَقت الْخِيَار وَجب أَن يكون محصورا بِالْوَقْتِ الموقت لَهُ فَلَا يجوز ثُبُوته بعده لِأَنَّهُ لم يَجْعَل لَهَا الزَّوْج ذَلِك قَالَ أَبُو بكر قد أثبت مَالك وَاللَّيْث خِيَار المخيرة لِأَنَّهُمَا قد قَالَا إِن لَهَا أَن تخْتَار نَفسهَا قبل التَّوْقِيت وَإِنَّمَا جعلا خِيَارهَا يبطل بعد التَّوْقِيت إِذا لم يخْرجن بِوَقْت وَلَيْسَ بمنزل امْرَأَة الْعنين لِأَنَّهَا لَا يثبت لَهَا قبل تَخْيِير الْحَاكِم 970 - فِيمَن حلف لَا يدْخل الدَّار إِلَّا بِإِذْنِهِ قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك إِذا قَالَ إِن دخلت هَذِه الدَّار إِلَّا بإذني فَعَبْدي حر فَأذن لَهُ مرّة فَدخل ثمَّ خرج فَدَخلَهَا بِغَيْر إِذْنه حنث وَيحْتَاج إِلَى الْإِذْن فِي كل مرّة إِلَّا أَن يَنْوِي الْإِذْن مرّة وَاحِدَة فيدين فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى وَلَو قَالَ إِلَّا أَن أذن لَك فَهَذَا على إِذن مرّة وَاحِدَة إِلَّا أَن يَنْوِي كل مرّة قَالَ الشَّافِعِي إِلَّا بإذني على مرّة وَاحِدَة إِلَّا أَن يَقُول كلما خرجت إِلَّا (179 ب) بإذني قَالَ أَبُو جَعْفَر لما كَانَ الْحِنْث يَقع بِدُخُولِهِ مرّة وَاحِدَة بِغَيْر إِذْنه وَجب أَن يَقع الْبر بِدُخُولِهِ مرّة وَاحِدَة بِإِذْنِهِ الحديث: 970 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 454 971 - فِيمَن قَالَ أَنْت طَالِق وَاحِدَة قبلهَا وَاحِدَة قَالَ أَصْحَابنَا أَنْت طَالِق وَاحِدَة قبلهَا وَاحِدَة وَلم يدْخل بهَا فَهِيَ طَالِق ثِنْتَيْنِ فِي قَوْله مَعهَا وَاحِدَة وَعَن أبي يُوسُف فِي قَوْله مَعهَا وَاحِدَة أَنَّهَا تطلق وَاحِدَة قبلهَا وَاحِدَة فَهِيَ طَالِق ثِنْتَيْنِ وَلم يذكر فرقا بَين الْمَدْخُول بهَا وَغير الْمَدْخُول 972 - فِيمَن قَالَ يَمِيني فِي يَمِينك قَالَ أَبُو جَعْفَر فِي قَول أبي حنيفه وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد وَالشَّافِعِيّ فِي رجل قَالَ لرجل يَمِيني فِي يَمِينك فَحلف الَّذِي خُوطِبَ أَن يَمِينه يلْزمه دون الَّذِي خاطبه وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث لم يلْزم الْمُخَاطب أَيْضا تِلْكَ الْيَمين طَلَاقا كَانَ أَو غَيره قَالَ مَالك فَإِن رد عَلَيْهِ حِين يسمعهُ يتفوه بِالطَّلَاق فَلهُ ذَلِك وَإِن سكت لزمَه مَا لزم صَاحبه فِي الْيَمين قَالَ أَبُو جَعْفَر قَوْله فِي يَمِيني لَيْسَ فِيهِ طَلَاق زَوجته وَلَا عتق عَبده فَلَا يلْزمه بِهِ شئ وَيحْتَمل أَيْضا أَن يكون معنى يَمِيني مثل يَمِينك أَو مَعَ يَمِينك فَلَا يدل على حلف وَاقع 973 - فِيمَن حلف لَا يركب وَهُوَ رَاكب قَالَ أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيّ وَمَالك إِن لبث على حَال الرّكُوب سَاعَة حنث الحديث: 971 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 455 وَكَذَلِكَ اللّبْس وَالسُّكْنَى وَإِن ترك من سَاعَته لم يَحْنَث وَكَذَلِكَ إِن نزع الثَّوْب أَو تحول من الدَّار وَقَالَ زفر قد حنث لِأَنَّهُ قد بَقِي على حَال الرّكُوب أدنى إِلَى أَن نزل قَالَ أَبُو جَعْفَر فِي حَدِيث يعلى بن منية حِين أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعَلِيهِ جبه وَقد أحرم بِعُمْرَة فَسَأَلَهُ فَقَالَ النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام انْزعْ عَنْك هَذِه الجبه واصنع فِي عمرتك مَا كنت صانعا فِي حجك وَلم يَأْمُرهُ بكفارة فِيمَا بَين بَقَائِهَا عَلَيْهِ بعد الْأَمر إِلَى أَن نَزعهَا وَقد حصل لابسا لَهَا جُزْءا من الْوَقْت بعد الْأَمر 974 - فِيمَن حلف لَا يدْخل دَارا بِعَينهَا فَصَارَت صحراء قَالَ أَصْحَابنَا يَحْنَث إِذا دَخلهَا وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَالْأَوْزَاعِيّ لَا يَحْنَث 975 - فِي الْحَضَانَة قَالَ أَبُو حنيفه الْأُم أَحَق بالغلام وَالْجَارِيَة الصغيرين ثمَّ الْجدّة من الْأُم ثمَّ الجده من الْأَب ثمَّ الْأُخْت لأَب وَأم ثمَّ الأ خت لأم ثمَّ الْخَالَة فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ أَحَق من الْأُخْت للْأَب وَفِي الْأُخْرَى الْأُخْت أولى ثمَّ الْعمة وَالأُم والجدتان أَحَق بالجارية حَتَّى تبلغ وبالغلام حَتَّى يَسْتَغْنِي وَمن سواهُمَا أَحَق بهما حَتَّى يستغنيا وَلَا يُرَاعى الْبلُوغ الحديث: 974 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 456 وَقَالَ زفر الْخَالَة أولى من الْأُخْت لأَب وَقَالَ أَبُو يُوسُف الْأُخْت أولى روى عمر بن خَالِد عَن زفر أَن الْخَالَة أولى من الْجدّة للْأَب وروى الْحسن عَنهُ أَن الْجدّة أولى كَذَلِك رُوِيَ عَنهُ أَن الْأُخْت للْأَب أولى من الْخَالَة وَقَالَ مَالك الْأُم أَحَق بحضانة الْوَلَد إِذا كَانَ صَغِيرا فَإِذا أثغر أَو فَوق ذَلِك فَلَا حضَانَة لَهَا قَالَ ابْن وهب وَسُئِلَ مَالك عَن الْمُطلقَة وَلها ابْن الْكتاب وَبنت قد بلغت الْحيض للْأَب أَن يَأْخُذهَا فَقَالَ مَالك لَا ألى ذَلِك أرى أَن يُؤَدب الْغُلَام ويعلمه وينقلبه إِلَى أمه وَلَا يفرق بَينه وَبَين أمه وَلَكِن يتعهده فِي كِتَابه ويقر عِنْد أمه ويتعهد الْجَارِيَة وَهِي عِنْد أمهَا مَا لم تنْكح قَالَ مَالك وللجدة من الْأُم الْحَضَانَة بعد الْأُم ثمَّ الْجدّة من الْأَب وَذكر ابْن الْقَاسِم عَن مَالك أَن ولد الْمَرْأَة إِذا كَانَ ذكرا فَهِيَ أولى بحضانته مَا لم تتَزَوَّج فَإِذا بلغ ذهب حَيْثُ شَاءَ فَخَالف ابْن الْقَاسِم رِوَايَة ابْن وهب فِي اعْتِبَاره الْبلُوغ قَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك وَالأُم أَحَق بحضانة بنتهَا فَإِذا بلغت الْجَارِيَة مَا لم تتَزَوَّج قَالَ مَالك فَإِذا تزوجت الْأُم فالجدة من الْأُم أولى فَإِن طَلقهَا زَوجهَا لم يرد إِلَيْهَا الْوَلَد قَالَ ابْن الْقَاسِم عَنهُ فَإِن مَاتَت جدته فخالته أولى بحضانته ثمَّ بعْدهَا جدته لِأَبِيهِ ثمَّ الْأُخْت ثمَّ الْعمة وَبنت الْأَخ أولى بِالْوَلَدِ من الْعصبَة فَلم يذكر مَالك تَخْيِير الْوَلَد فِي شَيْء من ذَلِك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 457 قَالَ الثَّوْريّ إِن تزوجت فالجارية أَحَق بِهِ وَقَالَ ابْن عمر جَدب أمك خير لَك من خصب عمك فَلم يُوجب الثَّوْريّ التَّخْيِير وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي الْأُم إِذا تزوجت فالعم أَحَق من الْجدّة وَإِن طَلقهَا زَوجهَا ثمَّ أَرَادَت أَخذ الْوَلَد لم يكن لَهَا ذَلِك وَلم يذكر تخييرا للصَّبِيّ وَقَالَ اللَّيْث الْأُم أَحَق بالابن حَتَّى يبلغ ثَمَان سِنِين أَو تسعا أَو عشرا ثمَّ الْأَب أولى بالجارية حَتَّى تبلغ وَإِن كَانَت الْأُم غير مرضية فِي نَفسهَا وأدبها لولدها أخذت مِنْهَا إِذا بلغت إِلَّا أَن تكون صبية صَغِيرَة لَا يخَاف عَلَيْهَا وَلم يذكر اللَّيْث أَيْضا تخييرا وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا كَانَت الْبِنْت كاعبا أَو غُلَام قد أَيفع فاستغنى عَن أمه خيرا بَين أَبَوَيْهَا وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا بلغ سبع سِنِين أَو ثَمَان سِنِين خير قَالَ وَالأُم أَحَق بِالْوَلَدِ الصَّغِير ثمَّ الْجدّة للْأُم وَإِن علت ثمَّ الْجدّة للْأَب وَإِن علت ثمَّ الْأُخْت للْأَب وَالأُم ثمَّ الْأُخْت للْأَب ثمَّ الْأُخْت للْأُم ثمَّ الْخَالَة ثمَّ الْعمة وَلَا ولَايَة لأم أَب الْأُم قَالَ وَلَا حق لأحد مَعَ الْأَب غير الْأُم وأمهاتها فَأَما أخواته وغيرهن فَإِنَّمَا يكون حقهن بِالْأَبِ فَلَا يكون لَهُنَّ حق مَعَه وَالْجد أَب الْأَب يقوم مقَام الْأَب إِذا لم يكن أَب قَالَ أَبُو جَعْفَر روى عبد الرَّزَّاق عَن الثَّوْريّ عَن عُثْمَان البتي عَن عبد الحميد الْأنْصَارِيّ عَن أَبِيه عَن جده أَنه اسْلَمْ فَأَبت امْرَأَته أَن تسلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 458 فجَاء بِابْن لَهما صَغِير لم يبلغ فأجلس النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْأُم هَا هناثم خَيره وَقَالَ اللَّهُمَّ اهده فَذهب إِلَى أَبِيه وَقد رَوَاهُ حَمَّاد بن سَلمَة عَن عُثْمَان البتي عَن عبد الحميد بن سَلمَة عَن أَبِيه عَن جده أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهما هَل لَكمَا ان تخيراه فَقَالَا نعم فناداه أمه فَذهب نَحْوهَا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّهُمَّ اهده فناداه أَبوهُ فَانْصَرف إِلَيْهِ وَكَانَ فِي هَذَا الحَدِيث أَن تخييره إِنَّمَا كَانَ بِاخْتِيَار الْمَرْأَة وَقد روى يحيى بن أبي كثير عَن هِلَال بن أبي مَيْمُونَة عَن أبي هُرَيْرَة أَن امْرَأَة جَاءَت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت إِن زَوجي يُرِيد أَن يحول بيني وَبَين ابْني وَكَانَ قد طَلقهَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتهمَا عَلَيْهِ فَقَالَ الرجل من يحول بيني وَبَين ابْني فخبره رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين أَبِيه وَأمه فَاخْتَارَ أمه فَذَهَبت بِهِ وَقد رَوَاهُ زِيَاد بن سعد عَن هِلَال بن أبي مَيْمُونَة بِإِسْنَادِهِ وَلم يذكر فِيهِ أَنه قَالَ اسْتهمَا عَلَيْهِ وَإِنَّمَا ذكر التَّخْيِير وَأَن الْمَرْأَة قَالَت ابْني يسقيني من بِئْر أبي عتبَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 459 976 - فِي الْمَرْأَة تنْتَقل بِوَلَدِهَا قَالَ أَصْحَابنَا إِذا طَلقهَا لم يكن لَهَا أَن تخرج بِوَلَدِهَا إِلَّا إِلَى الْمصر الَّذِي وَقع فِيهِ عقد النِّكَاح إِذا كَانَ ذَلِك مصرها فَأَما إِلَى غير ذَلِك الْموضع فَلَا قَالُوا وَلَا يخرجهم من الْمصر إِلَى السوَاد ويردهم إِلَى السوَاد إِلَى الْمصر إِذا كَانَ قَرِيبا وَقَالَ ابْن أبي ليلى إِذا تزَوجهَا بِالْبَصْرَةِ ثمَّ أخرجهَا فلهَا أَن ترد أَوْلَادهَا إِلَى الْبَصْرَة وَلم يذكر أَنَّهَا كَانَت من أهل الْبَصْرَة أم لَا وَقَالَ مَالك لَيْسَ للْأُم أَن تنقل الْأَوْلَاد إِلَى غير بلد الْأَب وأوليائه إِلَّا أَن يكون إِلَى مَوضِع قريب الْبَرِيد وَنَحْوه وَللْأَب والأولياء أَن ينقلوا الْأَوْلَاد إِلَى بلد مُنْقَطع إِذا أَرَادَ السُّكْنَى بِهِ وَإِن خرج لحَاجَة لم يخرج الْوَلَد وَقَالَ اللَّيْث لَهَا أَن تخرجهم إِلَى السوَاد إِلَّا أَن يكون بَعيدا فَلَا تتْرك يخرج بهم وأولياء الْوَلَد أَحَق بهم مِنْهَا وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا أَرَادَ الْأَب والأولياء النقلَة عَن الْبَلَد فهم أَحَق بِالْوَلَدِ وَإِن كَانَ مُرْضعًا ينقلوه مَعَهم 977 - فِي أُجْرَة منزل من لَهُ حضَانَة الصَّبِي قَالَ أَبُو جَعْفَر الَّذِي تعلمناه مِمَّن كَانَ يذهب إِلَى قَول أَصْحَابنَا إِن الَّتِي تسْتَحقّ حضَانَة الصَّبِي لَا تجب لَهَا أُجْرَة الْمنزل الَّتِي تحضن فِيهِ الصَّبِي فِي مَاله وَكَذَلِكَ قَول مَالك الحديث: 976 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 460 قَالَ مَالك إِنَّمَا تجب لَهَا أُجْرَة الْمنزل إِذا كَانَ لَهَا النَّفَقَة على الرجل (181 أ) وَهَذِه بَائِنَة لَا نَفَقَة لَهَا وَكَذَلِكَ قَول اللَّيْث وَقَالَ آخَرُونَ على الصَّبِي أُجْرَة الْمسكن الَّذِي يسكنهُ للَّتِي تحضنه إِذا كَانَ لَهُ مَال فَإِن لم يكن لَهُ فعلى من عَلَيْهِ نَفَقَة الصَّبِي وَقد حكى ذَلِك عَن الشَّافِعِي وَلم نجده رِوَايَة 978 - فِيمَن جَاءَت بِولد لسِتَّة أشهر قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قَالَ لَهَا إِن تَزَوَّجتك فَأَنت طَالِق فَتَزَوجهَا فَجَاءَت بِولد لسِتَّة أشهر مُنْذُ تزَوجهَا فَهُوَ ابْنه وَعَلِيهِ الْمهْر قَالَ أَبُو جَعْفَر فوقفنا بذلك على أَنه قد جعل لما بَين التَّزْوِيج وَوُقُوع الطَّلَاق جُزْءا من السِّتَّة أشهر الَّتِي هِيَ مُدَّة الْحمل الَّتِي يلْزم بهَا لَو لم يكن طَلَاق وَقَالَ الْحسن عَن زفر فِيمَن قَالَ لامْرَأَته قبل أَن يدْخل بهَا إِن خلوت بك فَأَنت طَالِق وَلم يُجَامِعهَا أَنَّهَا طَالِق وَلها الصَدَاق كَامِلا وَلَا رَجْعَة لَهُ عَلَيْهَا وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَهَا نصف الصَدَاق وَلَا رَجْعَة لَهُ وَلم يعْتَبر زفر إِمْكَان الْجِمَاع فِي صِحَة الْخلْوَة واعتبره أَبُو يُوسُف وَقَالَ مَالك إِذا جَاءَت الزَّوْجَة بِولد لسِتَّة أشهر بعد النِّكَاح لزمَه وَإِن لم يدْخل بهَا بكرا كَانَت أَو ثَيِّبًا وَلَا يَنْفِيه إِلَّا اللّعان وَإِن طَلقهَا قبل الدُّخُول فَجَاءَت بِولد لسِتَّة أشهر مُنْذُ تزوج فَقَالَ لَيْسَ هُوَ مني وصدقته الْمَرْأَة فَالْوَلَد لَا حق بِهِ وَعَلِيهِ الْحَد الحديث: 978 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 461 وَقَالَ اللَّيْث فِي رجل تزوج امْرَأَة فَأَقَامَ مَعهَا سِتَّة أشهر فَإِذا هِيَ حَامِل فَقَالَ لَيْسَ هَذَا الْحمل مني قَالَ إِن كَانَ حملهَا من زوج قبله غير أَنه نَكَحَهَا فِي عدتهَا فالحمل لغيره إِذا ولدت لأَقل من سِتَّة أشهر مُنْذُ يَوْم دخل بهَا وَلَو ولدت لسِتَّة مُنْذُ دخل بهَا كَانَ الْوَلَد ولد الآخر فَاعْتبر فِي ذَلِك وَقت الدُّخُول لَا وَقت التَّزْوِيج قَالَ وَلم نجد هَذَا القَوْل عَن أحد من أهل الْعلم غَيره قَالَ أَبُو بكر ذكر فِي الْمَسْأَلَة أَنه تزَوجهَا فِي عدَّة من غَيره وَهَذَا يُوجب فَسَاد النِّكَاح فَيجوز اعْتِبَار وَقت الدُّخُول وَلَيْسَ فِيهِ بَيَان أَنه إِذا تزَوجهَا نِكَاحا صَحِيحا ثمَّ جَاءَت بِولد لسِتَّة أشهر من يَوْم تزوج أَنه يلْزم أم لَا وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا جَاءَت الَّتِي لم يدْخل بهَا بِولد لسِتَّة أشهر لزمَه 979 - فِيمَن طلق ثَلَاثًا فِي كلمة وَاحِدَة قَالَ أَصْحَابنَا وَابْن أبي ليلى وَمَالك وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَعُثْمَان البتي وَالشَّافِعِيّ من طلق امْرَأَته ثَلَاثًا فِي كلمة وَاحِدَة وَقعت وَلم تحل لَهُ حَتَّى تنْكح زوجا غَيره وَكَذَلِكَ بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف أَنه كَانَ الْحجَّاج بن ارطأة حسنا وَكَانَ يَقُول طَلَاق الثَّلَاث لَيْسَ بِشَيْء وَقَالَ مُحَمَّد بن اسحاق الثَّلَاث يرد إِلَى الْوَاحِدَة وَاحْتج بِمَا رَوَاهُ عَن دَاوُد (181 ب) بن الْحصين عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ طلق ركَانَة بن عبد يزِيد امْرَأَته ثَلَاثًا فِي مجْلِس وَاحِد فَحزن عَلَيْهَا حزنا شَدِيدا فَسَأَلَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الحديث: 979 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 462 كَيفَ طَلقهَا قَالَ طَلقتهَا ثَلَاثًا فِي مجْلِس وَاحِد قَالَ نعم قَالَ وَإِنَّمَا لَك وَاحِدَة فارجعها إِن شِئْت قَالَ فَرَاجعهَا قَالَ أَبُو جَعْفَر وروى أَبُو عَاصِم عَن ابْن جريج عَن ابْن طَاوس عَن أَبِيه أَن أَبَا الصَّهْبَاء قَالَ لِابْنِ عَبَّاس ألم تعلم أَن الثَّلَاث كَانَت على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي بكر وصدرا من خلَافَة عمر ترد إِلَى الْوَاحِدَة قَالَ نعم قَالَ أَبُو جَعْفَر وَهَذَانِ حديثان منكران قد خالفهما مَا هُوَ أولى مِنْهُمَا روى ابْن وهب قَالَ أَخْبرنِي عِيَاض بن عبد الله الفِهري عَن ابْن شهَاب عَن سهل بن سعد أَن عُوَيْمِر الْعجْلَاني لما لَاعن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَينه وَبَين زَوجته قَالَ عُوَيْمِر كذبت عَلَيْهَا يَا رَسُول الله إِن أَمْسَكتهَا فَطلقهَا ثَلَاثًا قبل أَن يَأْمُرهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأنفذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَلِك عَلَيْهِ وروى سعيد بن جُبَير وَمَالك بن الْحَارِث وَمُحَمّد بن إِيَاس بن الْبكر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 463 والنعمان بن أبي عَيَّاش كلهم عَن ابْن عَبَّاس فِيمَن طلق امْرَأَته ثلاثاأنه قد عصى ربه وَبَانَتْ مِنْهُ امْرَأَته وَقد كَانَ ابْن جريج يُدَلس كثيرا ثمَّ لَا تقبل رِوَايَته وَطَاوُس فَإِنَّمَا قَالَ إِن أَبَا الصَّهْبَاء سَأَلَ ابْن عَبَّاس وَلم يذكر أَنه حَضَره وَلَيْسَ يُعَارض رِوَايَة ابْن جريج عَن ابْن طَاوُوس رِوَايَة من ذكرنَا عَن ابْن عَبَّاس 980 - فِي الْحَال الَّتِي يحل فِيهَا أَخذ الْفِدْيَة من الْمَرْأَة قَالَ أَصْحَابنَا إذاكان النُّشُوز من قبلهَا حل لَهُ أَن يَأْخُذ مِنْهَا مَا أَعْطَاهَا وَلَا يزْدَاد وَإِن كَانَ النُّشُوز من قبله لم يحل لَهُ أَن يَأْخُذ مِنْهَا شَيْئا فَإِن فعل جَازَ فِي الْقَضَاء وَقَالَ ابْن شبْرمَة يجوز للْمَرْأَة إِذا كَانَ من غير إِضْرَار مِنْهُ لم يجز وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك إِذا علم أَن زَوجهَا أضرّ لَهَا وضيق عَلَيْهَا وَأَنه ظَالِم لَهَا مضى عَلَيْهِ الطَّلَاق وردوا عَلَيْهَا مَا لَهَا وَذكر ابْن الْقَاسِم أَنه جَائِز للرجل أَن يَأْخُذ مِنْهَا فِي الْخلْع أَكثر مما أَعْطَاهَا وَيحل لَهُ وَإِن كَانَ النُّشُوز من قبل الزَّوْج حل لَهُ أَن يَأْخُذ مَا أَعطَتْهُ على الْخلْع إِذا رضيت بذلك وَلم يذكر فِي ذَلِك ضَرَر مِنْهُ لَهَا وَعَن اللَّيْث نَحْو ذَلِك وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا جَاءَ الْخلْع من قبلهَا فَلَا بَأْس أَن يَأْخُذ مِنْهَا شَيْئا وَإِذا جَاءَ من قبله فَلَا يحل لَهُ أَن يَأْخُذ مِنْهَا شَيْئا الحديث: 980 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 464 وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي رجل خَالع امْرَأَته وَهِي مَرِيضَة إِن كَانَت نَاشِزَة كَانَ فِي ثلثهَا وَإِن لم تكن نَاشِزَة رد عَلَيْهَا وَكَانَت لَهُ عَلَيْهَا الرّجْعَة فَإِن خَالعهَا قبل أَن يدْخل بهَا على جَمِيع مَا أصدقهَا وَلم يبن مِنْهَا نُشُوزًا أَنَّهُمَا إِذا اجْتمعَا على فسخ النِّكَاح قبل أَن يدْخل بهَا فَلَا أرى بذلك بَأْسا وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا كَانَت الْإِسَاءَة من قبله فَلَيْسَ لَهُ أَن يخلعها بِقَلِيل (182 أ) وَلَا كثير وَإِن كَانَت الْإِسَاءَة من قبلهَا والتعطيل لحقه كَانَ لَهُ أَن يخلعها على مَا تَرَاضيا عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ قَول عُثْمَان البتي وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا كَانَت الْمَرْأَة مَانِعَة مَا يجب عَلَيْهَا لزَوجهَا حلت الْفِدْيَة للزَّوْج وَإِذا حل لَهُ أَن يَأْكُل مَا طابت نَفسهَا على غير فِرَاق يحل لَهُ أَن يَأْكُل مَا طابت بِهِ نَفسهَا وَيَأْخُذ مَا الْفِرَاق بِهِ 981 - فِي الْخلْع طَلَاق قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالثَّوْري والبتي وَالشَّافِعِيّ تَطْلِيقَة بَائِنَة إِلَّا أَن يُرِيد ثَلَاثًا قَالَ أَبُو جَعْفَر رُوِيَ عَن عمر وَعُثْمَان أَن الْخلْع طَلَاق وَعَن ابْن عَبَّاس أَنه لَيْسَ بِطَلَاق 982 - فِي الْخلْع دون السُّلْطَان قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ يجوز الْخلْع بِغَيْر سُلْطَان الحديث: 981 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 465 وروى عَن الْحسن وَابْن سِيرِين أَن الْخلْع لَا يجوز إِلَّا عِنْد السُّلْطَان قَالَ أَبُو جَعْفَر رُوِيَ عَن عمر وَعُثْمَان وَابْن عمر جَوَازه دون السُّلْطَان وكما جَازَ النِّكَاح دون السُّلْطَان كَذَلِك الْخلْع 983 - فِي الْخلْع هَل يُبرئهُ مِمَّا عَلَيْهِ لَهَا قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا خَالعهَا أَو بارأها على عبد أَو على مائَة دِرْهَم فَلَا شَيْء لَهُ غير ذَلِك وَإِن كَانَ قد أَعْطَاهَا الْمهْر لم يرجع عَلَيْهَا بِشَيْء وَإِن كَانَ قبل الدُّخُول وَلم يُعْطهَا بَرِيء وَلم يكن لَهَا عَلَيْهِ شَيْء دخل بهَا أولم يدْخل وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد فِي الْخلْع يتراجعان بِمَا لكل وَاحِد على صَاحبه من مهر على مَا يُوجِبهُ الطَّلَاق وَقَالَ أَبُو يُوسُف فِي المبارأة كَقَوْل أبي حنيفَة وَقَالَ مُحَمَّد هما سَوَاء المبارأة وَالْخلْع وَاحِد وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث إِذا افتدت بِهِ قبل الدُّخُول بِعشْرَة ثمَّ أَرَادَت أَن تتبعه بِنصْف الْمهْر لم يكن لَهَا ذَلِك قَالَ وَلَو سَأَلته أَن يطلقهَا على شَيْء من صَدَاقهَا كَانَ لَهُ مَا أَعطَتْهُ وَرجعت عَلَيْهِ بِنصْف مَا بَقِي من صَدَاقهَا إِن لم يكن نقدها وَإِن كَانَ نقدها رَجَعَ عَلَيْهِ بِنصْف مَا بَقِي فِي يَدهَا بعد الَّذِي أَعطَتْهُ قَالَ الْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ مثل قَول مُحَمَّد الحديث: 983 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 466 984 - فِي المختلعة هَل يلْحقهَا طَلَاق قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث رِوَايَة يلْحقهَا الطَّلَاق مَا دَامَت فِي الْعدة وَقَالَ مَالك إِن طَلقهَا عقيب الْخلْع من غير سكُوت طلقت وَإِن كَانَ بَينهمَا سكُوت لم تطلق وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يلْحقهَا الطَّلَاق روى الضَّحَّاك بن مُزَاحم عَن ابْن مَسْعُود ان المختلعة يلْحقهَا الطَّلَاق مَا دَامَ فِي الْعدة وَهُوَ مُرْسل وروى عَن أبي الدَّرْدَاء مثله وروى عَطاء عَن ابْن عَبَّاس وَابْن الزبير أَنه لَا يلْحقهَا الطَّلَاق 985 - فِي الْخلْع على مَا يُثمر نخلها أَو تَلد ماشيتها قَالَ أَصْحَابنَا لَا يجوز وَترد الْمهْر الَّذِي أخذت وَقَالَ مَالك هُوَ جَائِز وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يجوز الْخلْع إِلَّا مَا يجوز فِي البيع وَالْإِجَارَة وَذكر أَبُو جَعْفَر أَن أَبَا حنيفَة أجَاز الْخلْع على مَا يُثمر نخله الْعَام فَإِن أثمرت فَلهُ وَإِن لم تثمر فَلَا شَيْء لَهُ وَإنَّهُ إِن خلعها على مَا يكْسب الْعَام أَو مَا تحمل خادمته أَو مَاشِيَته ردَّتْ الْمهْر وَلم يَصح ذَلِك جعلا وَأَن أَبَا يُوسُف رَجَعَ عَن ذَلِك إِلَّا مَا ذكرنَا الحديث: 984 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 467 قَالَ أَبُو بكر هَذَا ظن من أبي جَعْفَر على أبي حنيفَة لَا خلاف بَين أَصْحَابنَا فِي أَن لَا يكون جعلا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ جَمِيعًا وَإِنَّمَا ذكر مُحَمَّد ذَلِك فِي كتاب الطَّلَاق وَلم يعزه إِلَى أبي حنيفَة ثمَّ ذكر عَقِيبه رُجُوع أبي يُوسُف عَنهُ وَالْأول كَانَ قولا لأبي يُوسُف رَجَعَ عَنهُ وَلَيْسَ هُوَ عَن أبي حنيفَة 986 - فِي الْخلْع على مَا فِي بطن جاريتها قَالَ أَصْحَابنَا إِن كَانَ فِي بَطنهَا ولد فَهُوَ لَهُ وَإِلَّا فَلَا شَيْء لَهُ وَهُوَ قَول مَالك وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يجوز كَالْبيع 987 - فِي الْخلْع بِغَيْر جعل قَالَ أَصْحَابنَا إِذا خلعها على غير شَيْء فَأَرَادَ طَلاقهَا فَهِيَ تَطْلِيقَة بَائِنَة إِلَّا أَن يُرِيد ثَلَاثًا وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك لَا بَأْس أَن يتتاركا على أَن لاتعطيه شَيْئا وَلَا يُعْطِيهَا شَيْئا وَيكون تَطْلِيقَة بَائِنَة قَالَ وَلَو قَالَ الزَّوْج أخالعك على أَن أُعْطِيك مائَة دِرْهَم فَهُوَ خلع وَيكون تَطْلِيقَة بَائِنَة وَلها عَلَيْهِ الْمِائَة دِرْهَم وَلَا يرجع بهَا الزَّوْج عَلَيْهَا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي الْخلْع إِذا لم يكن فِيهِ جعل فَهُوَ تَطْلِيقَة رَجْعِيَّة وَكَذَلِكَ قَول الشَّافِعِي الحديث: 986 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 468 988 - فِي خلع ولي الصَّغِير عَلَيْهِ قَالَ أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيّ لَا يجوز طَلَاق الْأَب على الصَّغِير وَيجوز صلحه عَنهُ وَيكون تَطْلِيقَة وَكَذَلِكَ الْوَصِيّ 989 - فِي خلع الْوَلِيّ على الصَّغِيرَة قَالَ أَصْحَابنَا يجوز للْأَب أَن يخلع بنته الصَّغِيرَة بِمَال يضمنهُ دونهَا وَلَا يجوز عَلَيْهَا المَال إِن خلع بمالها وَالطَّلَاق وَاقع من الزَّوْج وَقَالَ مَالك للْأَب وَحده أَن يخلع الصَّغِيرَة من زَوجهَا وَلَا يجوز ذَلِك للْوَصِيّ فرق بَين خلعه على الصَّغِيرَة وَبَين خلعه على الصَّغِير وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يجوز خلع الْأَب على الصَّغِيرَة بِمَا لَهَا 990 - فِي خلع الْأمة قَالَ أَصْحَابنَا فِي الْأمة إِذا اخْتلعت من زَوجهَا على جعل فالخلع جَائِز وَلَا شَيْء عَلَيْهَا من الْجعل حَتَّى تعْتق فَإِن أذن لَهَا الْمولى لَزِمَهَا وبيعت فِيهِ إِلَّا الْمُكَاتبَة فَإِنَّهُ لَا يلْزمهَا إِلَّا بعد الْعتْق وَإِن أذن الْمولى وَقَالَ مَالك لَا يلْزم الْأمة الْجعل إِذا لم يَأْذَن لَهَا السَّيِّد وَالطَّلَاق وَاقع وَلَا يلْزمهَا بعدالعتق قَالَ وَيجوز خلع الْمُكَاتبَة بِإِذن السَّيِّد ويلزمها المَال وَيجوز لَهَا أَن تَتَصَدَّق من مَالهَا بِإِذن السَّيِّد الحديث: 988 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 469 وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ لَا يلْزم الْأمة المختلعة المَال بِغَيْر إِذن الْمولى (183 أ) قَالَ الشَّافِعِي فَإِن فعلت فالطلاق بَائِن وَالْمَال عَلَيْهَا بعد الْعتْق وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ الطَّلَاق رَجْعِيّ فَهَذَا يدل على أَنه يلْزمهَا بعد الْعتْق أَيْضا 991 - فِي الْخلْع على الشَّيْء الْمحرم قَالَ أَصْحَابنَا إِذا خلع الْمُسلم امْرَأَته على خمر أَو خِنْزِير فالخلع وَاقع وَلَيْسَ لَهُ شَيْء وَقَالَ الشَّافِعِي عَلَيْهَا أَن ترد مهر مثلهَا 992 - فِي الْخلْع فِي الْمَرَض قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اخْتلعت فِي مَرضهَا فَهُوَ من الثُّلُث فَإِن مَاتَت فِي الْعدة فَلهُ الْأَقَل من ذَلِك وَمن مِيرَاثه مِنْهَا وَقَالَ مَالك إِذا اخْتلعت فِي مَرضهَا بِجَمِيعِ مَالهَا لم يجز وَلَا يَرِثهَا وَقَالَ الشَّافِعِي يجوز الْخلْع فِي الْمَرَض كَمَا يجوز البيع فِي الْمَرَض فَيجوز إِذا كَانَت مَرِيضَة بِمِقْدَار مهر مثلهَا وَالْفضل على ذَلِك من الثُّلُث 993 - فِي الْخلْع على الْبَرَاءَة من السُّكْنَى قَالَ مَالك إِن شَرط أَن يكون الْكِرَاء عَلَيْهَا وَهِي فِي بَيت بكرَاء جَازَ الحديث: 991 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 470 وَإِن شَرط أَن تخرج من منزله لم يَصح الشَّرْط وَالْخلْع وَاقع وَلَا شَيْء على الْمَرْأَة فِيمَا ردَّتْ من ذَلِك وَقَالَ الشَّافِعِي لَو خَالعهَا على أَنه بَرِيء من سكناهَا فالطلاق وَاقع وَلها السُّكْنَى وَيرجع عَلَيْهَا بِمهْر مثلهَا 994 - فِي الْخلْع على الرَّضَاع قَالَ أَصْحَابنَا إِذا خَالعهَا على رضَاع ابْنه مِنْهَا سنتَيْن فَهُوَ جَائِز وَإِن مَاتَ ابْنهَا قبل أَن ترْضِعه رَجَعَ عَلَيْهَا بِقِيمَة الرَّضَاع للمدة الْمَشْرُوطَة وَقَالَ زفر فِي رجل اخْتلعت مِنْهُ امْرَأَته برضاع ابْنهَا سنتَيْن على أَنه إِن مَاتَ وَقد بَقِي من الرَّضَاع شَيْء فَهِيَ بريئة من رضَاع مَا بَقِي إِن الطَّلَاق وَاقع وَالْخلْع على هَذَا فَاسد وَعَلَيْهَا أَن ترد الْمهْر الَّذِي تزَوجهَا عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو يُوسُف الشَّرْط على هَذَا جَائِز وَهِي بريئة إِن مَاتَ الصَّبِي وَلَو لم يشْتَرط ذَلِك جَازَ الْخلْع على رضَاع السنتين فَإِن مَاتَ فِي بعض ذَلِك رَجَعَ عَلَيْهَا بِقِيمَة مَا بَقِي وَقَالَ مَالك إِذا خلعها على رضَاع ابْنهَا مِنْهُ سنتَيْن وعَلى أَن تنْفق عَلَيْهِ إِلَى فطامه فَهُوَ جَائِز وَإِن مَاتَت كَانَ الرَّضَاع وَالنَّفقَة فِي مَالهَا وَإِن اشْترط عَلَيْهَا نَفَقَة الْوَلَد بعد الْحَوْلَيْنِ وَضرب لذَلِك أَََجَلًا أَربع سِنِين أَو ثَلَاث سِنِين فَذَلِك بَاطِل وَإِن هلك الْوَلَد قبل تَمام الرَّضَاع فَلَا شَيْء عَلَيْهَا وَقَالَ الشَّافِعِي لَو خلعها أَن ترْضع وَلَده وقتا مَعْلُوما فَمَاتَ الْمَوْلُود فَإِنَّهُ يرجع بِمهْر مثلهَا قَالَ أَبُو جَعْفَر الرَّضَاع مِمَّا يَصح الِاسْتِئْجَار عَلَيْهِ قَالَ الله تَعَالَى {فَإِن أرضعن لكم فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ} الطَّلَاق 6 وَيصِح أَن يَجْعَل جعلا فِي الْخلْع وهلاك الحديث: 994 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 471 الْوَلَد قبل الرَّضَاع كهلاك عرض اخْتلعت عَلَيْهِ فَهَلَك فِي يَدهَا قبل التَّسْلِيم فَرجع إِلَى قِيمَته فَأَما النَّفَقَة فَلَيْسَ لَهَا مِقْدَار مَعْلُوم فَلَا يجوز 995 - (183 ب) فِي الِاخْتِلَاف فِي الْخلْع قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك إِذا اخْتَلَفْنَا فِي الْجعل فَالْقَوْل قَول الْمَرْأَة وعَلى الزَّوْج الْبَيِّنَة وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا اخْتلفَا فِيمَا وَقع بِهِ الْخلْع تحَالفا وَعَلِيهِ مهر الْمثل كَالْبيع فَإِن قَالَت خلعتني بِغَيْر شَيْء وَقَالَ هُوَ خلعتك بِأَلف بدرهم فَالْقَوْل قَوْلهَا وَالطَّلَاق بَائِن 996 - فِي خلع الْأَجْنَبِيّ الْمَرْأَة من الزَّوْج قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قَالَ الرجل للزَّوْج اخلع امْرَأَتك على ألف دِرْهَم على أَنِّي ضَامِن أَو قَالَ عَليّ ألفى هَذَا فَفعل صَحَّ الْخلْع وَاسْتحق الْملك وَلَو قَالَ على هَذَا الْألف وَلم يضمن وَلم يضف إِلَى نَفسه لم يَقع وَكَانَ مَوْقُوفا على قبُول المراة وَرُوِيَ عَن عِيسَى بن أبان عَن إِسْمَاعِيل بن حَمَّاد عَن مُحَمَّد أَنه يسْتَحق الْألف وَأَنه بِمَنْزِلَة إِضَافَته إِلَى نَفسه وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا قَالَ طلق امراتك وَلَك ألف دِرْهَم فَقبل فَهَذَا خلع وَالْألف وَاجِبَة على الرجل وَلَا يرجع على الْمَرْأَة وَإِن كَانَ أَبوهَا أَو أَخُوهَا فَهُوَ عَلَيْهِ أَيْضا وَلَا يرجع عَلَيْهَا إِلَّا أَن تجيزه فَإِن أجازته غرمت مَا أعْطى وَإِن قَالَت لَا أرْضى فالخلع جَائِز وَلَا يرجع الْأَب عَلَيْهَا بِشَيْء الحديث: 995 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 472 وَقَالَ الشَّافِعِي لَو قَالَ أَبُو امْرَأَة لزَوجهَا طَلقهَا وَأَنت بَرِيء من صَدَاقهَا فَطلقهَا طلقت ومهرها عَلَيْهِ وَلَا يرجع على الْأَب بِشَيْء لِأَنَّهُ لم يضمن لَهُ شَيْئا وَله عَلَيْهَا الرّجْعَة 997 - فِيمَن قَالَ كنت طلقت على ألف قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قَالَ لامْرَأَته طلقت أمس بِأَلف فَلم تقبلي وَقَالَت كنت قبلت فَالْقَوْل قَول الزَّوْج وَقَالَ مَالك القَوْل قَول الْمَرْأَة 998 - فِي حكم الْإِيلَاء قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ وَالْأَوْزَاعِيّ إِذا حلف على أقل من أَرْبَعَة أشهر لَا يقربهَا لم يكن موليا وَقَالَ الْحسن بن حَيّ وَابْن شبْرمَة إِن حلف لَا يقربهَا يَوْمًا ثمَّ تَركهَا أَرْبَعَة أشهر بَانَتْ بالإيلاء قَالَ الْحسن وَكَذَلِكَ إِن حلف أَن لَا يقربهَا فِي هَذَا الْبَيْت فَهُوَ مول وَإِن تَركهَا أَرْبَعَة أشهر بَانَتْ بالإيلاء وَإِن قربهَا فِي غَيره قبل الْمدَّة سقط الْإِيلَاء وَلَو حلف لَا يدْخل هَذِه الدَّار وفيهَا امْرَأَته وَمن أجلهَا حلف فَهُوَ مول وَقَالَ أَصْحَابنَا إِذا حلف على أَرْبَعَة أشهر أَو أَكثر فَهُوَ مول وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لَا يكون موليا حَتَّى يحلف على أَكثر من أَرْبَعَة أشهر الحديث: 997 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 473 وَقَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْحسن إِذا كَانَ موليا فمضت أَرْبَعَة أشهر قبل أَن يقربهَا بَانَتْ بالإيلاء وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ تطلق وَاحِدَة رَجْعِيَّة بِمُضِيِّ الْمدَّة (184 أ) وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ يُوقف بعد مُضِيّ الْمدَّة فإمَّا أَن يَفِي وَإِمَّا أَن يُطلق وَيكون تَطْلِيقَة رَجْعِيَّة وَقَالَ لَا تصح رجعته حَتَّى يَطَأهَا فِي الْعدة قَالَ الشَّافِعِي وَلَو عفت عَن ذَلِك بعد الْمدَّة كَانَ لَهَا بعد ذَلِك أَن تطلب وَلَا يُؤَجل فِي الْجِمَاع أَكثر من يَوْم قَالَ أَبُو جَعْفَر روى عَطاء عَن ابْن عَبَّاس إِن إِيلَاء أهل الْجَاهِلِيَّة كَانَ السّنة والسنتين وَأكْثر من ذَلِك فوقت الله تَعَالَى لَهُم أَرْبَعَة أشهر فَمن كَانَ إيلاؤه مِنْهُم أقل من أَرْبَعَة أشهر فَلَيْسَ بإيلاء قَالَ أَبُو جَعْفَر وروى ابْن عُيَيْنَة عَن يحيى بن سعيد عَن سُلَيْمَان بن يسَار قَالَ أدْركْت أَرْبَعَة عشرمن أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُونَ للْمولى يُوقف قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلَا نعلم أحدا مِمَّن لقِيه سُلَيْمَان بن يسَار من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غير ابْن عَبَّاس وَابْن عمر وَزيد بن ثَابت وَأبي هُرَيْرَة وَعَائِشَة وَأم سَلمَة ومَيْمُونَة فَأَما الْعدَد الَّذِي فِي حَدِيث يحيى بن سعيد فَلَا نعلمهُ لَقِي من الصَّحَابَة مَا يبلغ ذَلِك إِلَّا أَن يكون أَخذه من غَيرهم عَنْهُم فَيكون بلاغا عَنْهُم فَيكون مُنْقَطِعًا ثمَّ قد روى عَن عُثْمَان وَزيد بن ثَابت وَعبد الله بن مَسْعُود أَنه إذامضت أَرْبَعَة أشهر فَهِيَ تَطْلِيقَة بَائِنَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 474 وروى عَن عَليّ وَابْن عَبَّاس وَابْن عمر عَن كل وَاحِد مِنْهُم رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا مثل ذَلِك وَالْأُخْرَى يُوقف وَعَن ابي الدَّرْدَاء أَنه يُوقف 999 - فِي الْمولي الْعَاجِز عَن الْجِمَاع قَالَ أَصْحَابنَا إِذا آلى وَهُوَ مَرِيض أَو بَينه وَبَينهَا مسيرَة أَرْبَعَة أشهر أَو هِيَ رتقاء أَو صَغِيرَة ففيئه الرِّضَا بالْقَوْل إِذا دَامَ بِهِ الْعذر حَتَّى تمْضِي الْمدَّة وَلَو كَانَ محرما بِالْحَجِّ وَبَينه وَبَين وَقت الْحَج أَرْبَعَة أشهر لم يكن فيئه إِلَّا الْجِمَاع وَقَالَ زفر فيئه بالْقَوْل وَقَالَ ابْن الْقَاسِم إِذا آلى وَهِي صَغِيرَة لَا يُجَامع مثلهَا لم يكن موليا حَتَّى تبلغ الْوَطْء ثمَّ يُوقف بعد مُضِيّ أَرْبَعَة أشهر مُنْذُ بلغت وَهُوَ رَأْي ابْن الْقَاسِم وَلم يروه عَن مَالك وَقَالَ مَالك ابْن وهب عَنهُ فِي الْمولي إِذا وقف عِنْد انْقِضَاء الْأَرْبَعَة أشهر ثمَّ رَاجع امْرَأَته أَنه لَو لم يصبهَا حَتَّى مَضَت عدتهَا فَلَا سَبِيل لَهُ إِلَيْهَا وَلَا رَجْعَة إِلَّا أَن يكون لَهُ عذر من مرض أَو سجن أَو مَا أشبه ذَلِك فَإِن ارتجاعه إِيَّاهَا ثَابت عَلَيْهَا وَإِن مَضَت عدتهَا ثمَّ تزَوجهَا بعد ذَلِك فَإِنَّهُ إِن لم يصبهَا حَتَّى تَنْقَضِي الْأَرْبَعَة أشهر وقف أَيْضا الحديث: 999 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 475 وَقَالَ الْأَشْجَعِيّ عَن الثَّوْريّ فِي الْمولي إِذا كَانَ لَهُ عذر من مرض أَو كبر أَو حبس أَو كَانَت حَائِضًا أَو نفسَاء فليف بِاللِّسَانِ يَقُول قد فئت يُجزئهُ ذَلِك وَهُوَ قَول الْحسن بن حَيّ (164 ب) وَقَالَ الأوازعي إِذا آلى من امْرَأَته ثمَّ مرض أَو سَافر فَأشْهد على الْفَيْء من غير جماع فَإِنَّهُ إِن أشهد وَهُوَ مُسَافر أَو مَرِيض لَا يقدر على الْجِمَاع فقد فَاء فليكفر عَن يَمِينه وَهِي امْرَأَته وَكَذَلِكَ إِن ولدت فِي الْأَرْبَعَة أشهر أَو حَاضَت أَو طرده السُّلْطَان فَإِنَّهُ يشْهد على الْفَيْء وَلَا إِيلَاء وَقَالَ اللَّيْث إِذا مرض بعد الْإِيلَاء ثمَّ مَضَت أَرْبَعَة أشهر فَإِنَّهُ يُوقف كَمَا يُوقف الصَّحِيح فإمَّا فَاء وَإِمَّا طلق وَلَا يُؤَخر إِلَى أَن يَصح وَقَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي إِذا آلى الْمَجْبُوب ففيئة بِاللِّسَانِ قَالَ وَقَالَ فِي الْإِمْلَاء لَا إِيلَاء على الْمَجْبُوب قَالَ وَلَو كَانَت صبية فآلى مِنْهَا استوقف أَرْبَعَة اشهر بعد مَا يصير فِي حَال يُمكن جِمَاعهَا والمحبوس يفئ بِاللِّسَانِ وَلَو أحرم لم يكن فيئه إِلَّا بِالْجِمَاعِ وَلَو آلى وَهِي بكر فَقَالَ لَا أقدر على افتضاضها أجل أجل الْعنين قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ الله تَعَالَى {وَإِن عزموا الطَّلَاق} الْبَقَرَة 227 فَإِنَّمَا يَقع الطَّلَاق بِتَرْكِهِ الْفَيْء الَّذِي يدل على أَنه تَركه لعزمه على طَلاقهَا فَإِن لم يقدر على الْجِمَاع لم يكن فِي عدم الْجِمَاع فِي الْمدَّة دلَالَة على عَزِيمَة الطَّلَاق وَالْقِيَاس أَن لَا يَقع وَإِن لم يَفِ بِلِسَانِهِ 1000 - فِيمَن قَالَ لَا أقْربك حَتَّى تفطمي ابْنك قَالَ أَصْحَابنَا إِن كَانَ بَينه وَبَين الْفِطَام أَرْبَعَة أشهر فَهُوَ مول الحديث: 1000 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 476 وَقَالَ مَالك لَا يكون موليا لِأَن هَذَا لَيْسَ على وَجه الضَّرَر وَإِنَّمَا أَرَادَ صَلَاح وَلَده قَالَ وَبَلغنِي أَن عليا عَلَيْهِ السَّلَام قَالَه قَالَ الْأَوْزَاعِيّ مثل ذَلِك وَقَالَ الشَّافِعِي إِن أَرَادَ أَكثر من أَرْبَعَة أشهر فَهُوَ مول وَالْإِيلَاء فِي الْغَضَب وَالرِّضَا سَوَاء قَالَ أَبُو جَعْفَر اعْتِبَار صَلَاح الْوَلَد بِالرِّضَا لَا معنى لَهُ لِأَن الرَّضَاع على الْأَب لَيْسَ عَلَيْهَا فحقها قَائِم فِي الْجِمَاع 1001 - فِيمَن قَالَ إِن قربتك فَللَّه عَليّ صَلَاة قَالَ أَبُو يُوسُف لَا يكون موليا وَقَالَ زفر وَمُحَمّد هُوَ مول وَقَالَ مَالك وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ لَو قَالَ لله عَليّ صَوْم كَانَ موليا فِي قَوْلهم جَمِيعًا 1002 - فِيمَن قَالَ لَا أقْربك حَتَّى أطلق فُلَانَة أَو أعتق عَبدِي قَالَ أَصْحَابنَا الشَّافِعِي إِذا قَالَ لَا أقْربك حَتَّى أضْرب فلَانا أَو حَتَّى يقدم فلَان لم يكن موليا الحديث: 1001 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 477 وَلَو قَالَ وَالله لَا أقْربك حَتَّى أطلق امْرَأَتي أَو حَتَّى أعتق عَبدِي فَهُوَ مول فِي قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَيْسَ بمول وَقَالَ مَالك إِذا قَالَ وَالله لَا أقْربك حَتَّى أُعْطِيك حَقك فَلَيْسَ بمول إِنَّمَا الْإِيلَاء فِي الْغَضَب 1003 - فِيمَن قَالَ وَالله لَا أقْربك سنة إِلَّا يَوْمًا قَالَ أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيّ إِذا قَالَ وَالله لَا أقْربك سنة إِلَّا يَوْمًا فَلَيْسَ بمول وَله أَن يَجْعَل ذَلِك الْيَوْم أَي يَوْم شَاءَ وَقَالَ زفر هُوَ مول لِأَن استثناءه على يَوْم من آخر السّنة 1004 - فِي إِيلَاء الذِّمِّيّ قَالَ أَصْحَابنَا إِذا حلف بِعِتْق أَو طَلَاق أَن لَا يقربهَا فَهُوَ مول وَإِن حلف (185 أ) بِصَدقَة أَو حج لم يكن موليا وَإِن حلف بِاللَّه كَانَ موليا فِي قَول أبي حنيفَة وَلم يكن موليا عِنْد أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَقَالَ مَالك لَا يكون موليا فِي شَيْء من ذَلِك وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِيلَاء الذِّمِّيّ صَحِيح وَلم يفصل وَقَالَ الشَّافِعِي الذِّمِّيّ كَالْمُسلمِ فِيمَا يلْزمه من الْإِيلَاء 1005 - فِيمَن حلف لَا يقرب نِسَاءَهُ قَالَ أَصْحَابنَا إِذا حلف أَن لَا يقرب نِسَاءَهُ وَله أَربع نسْوَة فمضت أَرْبَعَة أشهر قبل أَن يقربهن بَانَتْ كل وَاحِدَة بتطليقة وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ الحديث: 1003 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 478 وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ هُوَ مول مِنْهُنَّ وَيُوقف بعد الْمدَّة وروى الْحسن بن زِيَاد عَن أبي حنيفَة أَنه لَا يكون موليا حَتَّى يطَأ ثَلَاثًا مِنْهُنَّ ثمَّ يكون موليا من الْبَاقِيَة وَهُوَ قَول زفر وَقَالَ مَالك إِذا حلف لَا يطَأ نِسَاءَهُ وَهن أَربع فوطأ وَاحِدَة مِنْهُنَّ حنث وَوَجَبَت الْكَفَّارَة وَسقط الْإِيلَاء 1006 - فِيمَن حلف لَا يقرب وَاحِدَة من نِسَائِهِ قَالَ أَصْحَابنَا هُوَ مول مِنْهُنَّ جَمِيعًا وَهُوَ قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ أَبُو يُوسُف الْقيَاس أَن يكون موليا من إِحْدَاهُنَّ كَقَوْلِه لَا أقرب إحداكن 1007 - فِي الْإِيلَاء من الْمُطلقَة الرَّجْعِيَّة قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالشَّافِعِيّ هُوَ مول مِنْهَا وَقَالَ اللَّيْث لَا يكون موليا إِلَّا أَن يُرَاجِعهَا فَيكون موليا من حِين رَاجع فَإِن تَركهَا حَتَّى انْقَضتْ ثمَّ تزَوجهَا كَانَ موليا حِين تزَوجهَا 1008 - فِي الْإِيلَاء قبل التَّزْوِيج قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قَالَ لأجنبية وَالله لَا أقْربك أبدا ثمَّ تزَوجهَا لم يكن موليا وَإِن قربهَا حنث وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ ابْن أبي ليلى فِي رجل قَالَ لامْرَأَة بِعَينهَا إِن وَطئتك فَأَنت طَالِق ثمَّ تزَوجهَا فَوَطِئَهَا فَإِنَّهَا تطلق وَلَا تطلق إِذا عَم بِيَمِينِهِ الحديث: 1006 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 479 وَقَالَ مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ إِذا قَالَ لأجنبية وَالله لَا أقْربك ثمَّ تزَوجهَا كَانَ موليا قَالَ أَبُو جَعْفَر لما لم يكن موليا فِي الْحَال لم يكن موليا بعد فَإِن قيل لَو قربهَا بعد التَّزْوِيج حنث فَهُوَ مول قيل لَهُ وَلَو وطىء قبل التَّزْوِيج حنث وَلم يكن موليا فَكَذَلِك بعده 1009 - فِي الْمولى يُجَامع فِيمَا دون الْفرج قَالَ أَصْحَابنَا لَا يفىء إِلَّا بِالْجِمَاعِ فِي الْفرج وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا جَامعهَا فِي الدبر حنث وَكَذَلِكَ إِذا جَامعهَا فِيمَا دون الْفرج إِذا لم تكن نِيَّة قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ أَنه لَو حلف أَن لَا يُجَامِعهَا فِيمَا دون الْفرج لم يكن موليا فَكَذَلِك لَا يَصح الْفَيْء بِهِ 1010 - فِي إِيلَاء الْمَمْلُوك قَالَ أَصْحَابنَا إِذا كَانَت الزَّوْجَة مَمْلُوكَة فإيلاؤها شَهْرَان وَلَا اعْتِبَار بِالزَّوْجِ وَإِن كَانَت حرَّة فَأَرْبَعَة أشهر (185 ب) وروى ابْن الْقَاسِم عَن مَالك أَنه يعْتَبر الرجل دون الْمَرْأَة فَإِن كَانَ حرا فَأَرْبَعَة أشهر وَإِن كَانَ عبدا فشهران وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْبُوَيْطِيّ مُدَّة الْإِيلَاء أَرْبَعَة أشهر فِي كل حَال كمدة الْيَمين الحديث: 1009 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 480 1011 - فِي زَوَال الرّقّ بعد الْإِيلَاء قَالَ أَصْحَابنَا إِذا عتقت الْمَرْأَة قبل انْقِضَاء شَهْرَيْن صَارَت مدَّتهَا أَرْبَعَة أشهر وَقَالَ مَالك إِذا آلى وَهُوَ عبد ثمَّ أعتق قبل مُضِيّ الشَّهْر لم تَتَغَيَّر مُدَّة الْإِيلَاء 1012 - فِي إِيلَاء العَبْد قَالَ أَصْحَابنَا إِذا حلف بِالْعِتْقِ أَو بِصَدقَة مَال بِعَيْنِه لم يكن موليا وَلَو حلف بِحَجّ أَو عمْرَة أَو صِيَام أَو طَلَاق فَهُوَ مول وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك يكون موليا فِي الْعتْق لِأَنَّهُ لَو حنث ثمَّ عتق لَزِمته الْيَمين 1013 - فِيمَن طلق ثَلَاثًا بعد الْإِيلَاء قَالَ أَصْحَابنَا إِذا آلى مِنْهَا ثمَّ طلق ثَلَاثًا ثمَّ تزَوجهَا بعد زوج لم يكن موليا وَإِن قربهَا كفر عَن يَمِينه وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَقَالَ حَمَّاد بن سُلَيْمَان وَزفر وَمَالك يكون موليا وَقَالَ الشَّافِعِي فِي مَوضِع إِذا بَانَتْ الْمَرْأَة ثمَّ تزَوجهَا يكون موليا وَفِي مَوضِع آخر أَنه لَا يكون موليا الحديث: 1011 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 481 1014 - فِي الْيَمين بِالطَّلَاق هَل يدخلهَا إِيلَاء قَالَ أصجابنا إِذا قَالَ لامْرَأَته أَنْت طَالِق إِن لم أفعل كَذَا فَهِيَ امْرَأَته وَلَا يكون موليا وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك يُحَال بَينه وَبَينهَا وَيدخل عَلَيْهِ الْإِيلَاء من يَوْم يوقعه وَقَالَ مَالك لَو قَالَ يَا فلَان امْرَأَتي طَالِق إِن لم تهب لي دَنَانِير فَإِنَّهُ يُحَال بَينه وَبَينهَا وَلَا يدْخل فِي هَذَا إِيلَاء وَلَكِن يتلوم لَهُ السُّلْطَان على قدر مَا يرى مِمَّا حلف عَلَيْهِ وَإِلَّا فرق السُّلْطَان بَينهمَا مَكَانَهُ وَلَا ينْتَظر بِهِ لأجل الْمولي قَالَ مَالك وَإِنَّمَا الْإِيلَاء فِيمَا حلف الرجل عَلَيْهِ على أَن يَفْعَله وَلَا يكون إِيلَاء فِيمَا حلف على غَيره أَن يَفْعَله هَذَا يلْتَزم لَهُ ثمَّ يفرق بَينهمَا قَالَ عُثْمَان البتي فِي رجل قَالَ لغلامه امْرَأَتي طَالِق إِن لم أجلدك قَالَ لَا أرى لَهُ أَن يقرب امْرَأَته حَتَّى يضْرب عَبده فَإِن مَاتَ الْغُلَام قبل أَن يضْربهُ بَانَتْ مِنْهُ وَلَا يتوارثان وَقَالَ عُثْمَان أَيْضا فِي رجل قَالَ لامرأتيه أطولكما حَيَاة طَالِق أَنه يجْبرهُ على طلاقهما إِن طالبتاه بذلك وَلَا يطَأ وَاحِدَة مِنْهُمَا وَإِنَّمَا أجْبرهُ على طلاقهما لِأَنَّهُ قَالَ قولا حَال بَينه وَبَين جماعهما فَلم يكن لَهُ أَن يطلقهما للشُّبْهَة وَلَا أرى أَن يعضلهما قَالَ أَبُو جَعْفَر فَدلَّ ذَلِك على أَن من مذْهبه أَن العاضل يجْبر على طلاقهما إِلَّا أَن يرفع العضل عَنْهُمَا وَلم يرد ذَلِك إِلَى حكم الْإِيلَاء الحديث: 1014 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 482 1015 - فِي الظِّهَار هَل يدْخل عَلَيْهِ الْإِيلَاء قَالَ أَصْحَابنَا لَا يدْخل الْإِيلَاء على الْمظَاهر وَإِن طَال تَركه إِيَّاهَا وَهُوَ قَول الثَّوْريّ رِوَايَة وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ مثله وَقَالَ امالك لَا يدْخل على حر إِيلَاء فِي ظِهَار لايريد أَن يفِيء من ظِهَاره وَأما العَبْد فَلَا يدْخل على ظِهَاره إِيلَاء فَهَذَا رِوَايَة ابْن وهب قَالَ ابْن الْقَاسِم عَنهُ يدْخل الْإِيلَاء على الظِّهَار إِذا كَانَ مضارا وَمِمَّا يعلم بِهِ ضروره أَن يكون يقدر على الْكَفَّارَة فَلَا يكفر فَإِنَّهُ إِذا علم ذَلِك فمضت أَرْبَعَة أشهر وقف مثل الْمولى فإمَّا كفر وَإِمَّا طلقت عَلَيْهِ امْرَأَته وَقد رُوِيَ عَن الثَّوْريّ أَن الايلاء يدْخل على الظِّهَار 1016 - فِي الْمولى يَدعِي الْفَيْء بعد مُضِيّ الْمدَّة قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري إِن ادَّعَاهُ بعد الْمدَّة لم يصدق فَإِن كَانَت أمة يصدق الْمولى فِي الْفَيْء وَذَلِكَ بعد مُضِيّ الْمدَّة وكذبته الْأمة فَالْقَوْل قَول الْأمة فِي قَول زفر وَفِي قَول سُفْيَان القَوْل قَول السَّيِّد وَقَالَ مَالك إِذا ادّعى الْفَيْء بعد مُضِيّ الْمدَّة صدق لِأَن الطَّلَاق لم يَقع بعد وَقَالَ فِي الرّجْعَة بعد الْعدة لَا يصدق لوُقُوع الْبَيْنُونَة الحديث: 1015 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 483 وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا ادّعى الْفَيْء بعد مُضِيّ الْمدَّة فَالْقَوْل قَوْله لِأَنَّهُ بقوله يعلم وَلَا يُؤمنهُ بِالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ وَفِي الرّجْعَة بعد انْقِضَاء الْعدة لَا يصدق إِلَّا بِبَيِّنَة وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا وقف القَوْل قَوْله أَنه قد وطىء 1017 - فِي الظِّهَار الْمُؤَقت قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ إِذا قَالَ أَنْت عَليّ كَظهر أُمِّي فِي الْيَوْم بَطل الظِّهَار بِمُضِيِّ الْيَوْم وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَمَالك وَاللَّيْث وَالْحسن بن حَيّ هُوَ مظَاهر أبدا قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْلُو الظِّهَار من أَن يكون كَالطَّلَاقِ فَلَا تَوْقِيت أَو كاليمين فتوقيت وَلما كَانَ الظِّهَار تحله الْكَفَّارَة كاليمين يحلهَا الْحِنْث وَجب أَو يؤقت كَمَا يؤقت الْيَمين وَلَيْسَ كَالطَّلَاقِ لِأَنَّهُ لَا يحله شَيْء 1018 - فِي الظِّهَار بِالنسَاء إِذا قَالَت أَنْت عَليّ كَظهر أُمِّي أَو ذَات محرم مني فَهُوَ مظَاهر فَإِن قَالَ كَظهر فُلَانَة وَلَيْسَت بِمحرم لَهُ لم يكن مُظَاهرا وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ وَقَالَ مَالك وَعُثْمَان البتي يَصح الظِّهَار بالمحرم والأجنبية الحديث: 1017 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 484 وَللشَّافِعِيّ قَولَانِ أَحدهمَا أَن الظِّهَار لَا يَصح إِلَّا بِالْأُمِّ وَالْآخر أَنه يَصح بذوات الْمَحَارِم 1019 - فِي الظِّهَار بِغَيْر الظّهْر قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قَالَ أَنْت عَليّ كيد أُمِّي أَو كرأسها أَو مِمَّا يحل لَهُ شَيْئا يحل لَهُ النّظر إِلَيْهِ مِنْهَا لم يكن مُظَاهرا لِأَنَّهُ يحل لَهُ النّظر إِلَيْهِ لَا كالظهر وَقَالَ ابْن الْقَاسِم قِيَاس قَول مَالك أَن يكون مظَاهر بِكُل شَيْء من الْأُم (186 أ) وَقَالَ الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ إِذا قَالَ أَنْت عَليّ كرأس أُمِّي أَو كيدها فَهُوَ مظَاهر لِأَن التَّلَذُّذ بذلك محرم 1020 - فِي الْعود قَالَ أَصْحَابنَا وَاللَّيْث الظِّهَار يُوجب تَحْرِيمًا لَا يرفعهُ وَمعنى الْعود عِنْدهم أَن لَا يستبيح مِنْهَا إِلَّا بكفارة تقدمها وَقد ذكر بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف أَنه لَو وَطئهَا ثمَّ مَاتَ لم يكن عَلَيْهِ كَفَّارَة وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا ظَاهر مِنْهَا لم تحل لَهُ إِلَّا بعد الْكَفَّارَة فَإِن طَلقهَا ثمَّ تزَوجهَا لم يَطَأهَا حَتَّى يكفر الحديث: 1019 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 485 وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك إِذا أجمع على إِِمْسَاكهَا وإصابتها فقد وَجَبت عَلَيْهِ الْكَفَّارَة وَإِن طَلقهَا بعد الظِّهَار وَلم يجمع على إِِمْسَاكهَا وإصابتها فَلَا كَفَّارَة عَلَيْهِ وَإِن تزَوجهَا بعد ذَلِك لم يَمَسهَا حَتَّى يكفر كَفَّارَة الظِّهَار وَقَالَ أَشهب عَن مَالك إِذا أجمع بعد الظِّهَار على إِِمْسَاكهَا وإصابتها وَطلب الْكَفَّارَة فَمَاتَتْ امْرَأَته فَعَلَيهِ الْكَفَّارَة وَإِن أَرَادَ تَركهَا بعد ذَلِك لِأَن الْعود الْإِجْمَاع على مجامعتها وَقَالَ عُثْمَان البتي فِيمَن ظَاهر من امْرَأَته ثمَّ طَلقهَا قبل أَن يَطَأهَا قَالَ أرى عَلَيْهِ الْكَفَّارَة رَاجعهَا أَو لم يُرَاجِعهَا وَإِن مَاتَت لم يصل إِلَى مِيرَاثهَا حَتَّى يكفر وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا أمكنه أَن يطلقهَا بعد الظِّهَار فَلم يُطلق فقد وَجَبت الْكَفَّارَة مَاتَت أَو مَاتَ قَالَ أَبُو جَعْفَر وَقَالَ آخَرُونَ حَتَّى يُعِيد القَوْل مرَّتَيْنِ وَقَالَ أَبُو جَعْفَر رَوَت عَائِشَة وَأَبُو الْعَالِيَة أَن آيَة الظِّهَار نزلت فِي شَأْن خَوْلَة حِين ظَاهر مِنْهَا زَوجهَا أَوْس بن الصَّامِت فَأمره النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِعِتْق رَقَبَة فَقَالَ لَا أجد فَقَالَ صم شَهْرَيْن مُتَتَابعين فَقَالَ إِن لم آكل فِي الْيَوْم ثَلَاث مَرَّات كَاد أَن يعشو بَصرِي فَأمره بِالْإِطْعَامِ قَالَ أَبُو جَعْفَر فَدلَّ ذَلِك على بطلَان قَول من اعْتبر الْعَزْم على إِِمْسَاكهَا أَو وَطئهَا لِأَنَّهُ لم يسْأَله عَن ذَلِك وَبَطل قَول من اعْتبر إِعَادَة القَوْل مرَّتَيْنِ لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يسْأَله عَنهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 486 وَبَطل قَول من اعْتبر إِرَادَة الْجِمَاع لِأَنَّهُ لم يسْأَله عَنهُ وَبَطل قَول من اعْتبر الطَّلَاق لِأَنَّهُ لم يقل هَل تطلقها وَثَبت قَول أَصْحَابنَا لِأَنَّهُ يُوجب تَحْرِيمًا تَدْفَعهُ الْكَفَّارَة روى ابْن عَبَّاس وَأَبُو هُرَيْرَة أَن رجلا ظَاهر من امْرَأَته فَوَطِئَهَا فَأمره النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن لَا يعود حَتَّى يكفر 1021 - فِيمَن قَالَ أَنْت عَليّ حرَام كَظهر أُمِّي قَالَ أَبُو حنيفَة وَزفر لَا يكون مُظَاهرا وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِن أَرَادَ الطَّلَاق كَانَ طَلَاقا إِلَّا أَن أَبَا يُوسُف قَالَ لَا أصدقه على نفي الظِّهَار وألزمه الطَّلَاق وَقَالَ مُحَمَّد أصدقه على نفي الظِّهَار وألزمه الطَّلَاق وَقَالَ الشَّافِعِي إِن أَرَادَ الطَّلَاق فَهُوَ طَلَاق 1022 - فِيمَن قَالَ أَنْت عَليّ كامي قَالَ أَبُو حنيفَة إِن عَنى الظِّهَار فَهُوَ ظِهَار وَإِن عَنى الْكَرَامَة فَلَيْسَ بِشَيْء الحديث: 1021 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 487 وَقَالَ مُحَمَّد هُوَ ظِهَار إِذا لم يكن نِيَّة وَقَالَ الشَّافِعِي لَيْسَ بظهار حَتَّى يَنْوِي 1023 - فِيمَن قَالَ إِن تَزَوَّجتك فَأَنت طَالِق وَأَنت عَليّ كَظهر أُمِّي قَالَ أَبُو حنيفه إِذا تزَوجهَا طلقت وَبَطل الظِّهَار وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَمَالك يَقع الطَّلَاق وَالظِّهَار 1024 - فِيمَن قَالَ كل امْرَأَة أَتَزَوَّجهَا فَهِيَ عَليّ كَظهر أُمِّي قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري يلْزمه الظِّهَار إِذا تزوج وَكَذَلِكَ قَالَ مَالك وَقَالَ وَيجزئهُ كَفَّارَة وَاحِدَة عَن جَمِيع من تزوج وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَالشَّافِعِيّ لَا يكون مُظَاهرا فرق مَالك بَين الطَّلَاق وَالظِّهَار 1025 - فِيمَن قَالَ أَنْت عَليّ كَظهر أُمِّي مرَارًا قَالَ أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيّ عَلَيْهِ لكل ظِهَار كَفَّارَة إِلَّا أَن يكون فِي مجْلِس وَاحِد وَأَرَادَ التّكْرَار فَيكون عَلَيْهِ كَفَّارَة وَاحِدَة الحديث: 1023 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 488 وَقَالَ مَالك من ظَاهر من امْرَأَته فِي مجَالِس مُتَفَرِّقَة فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا كَفَّارَة وَاحِدَة فَإِن ظَاهر ثمَّ كفر ثمَّ ظَاهر فَعَلَيهِ الْكَفَّارَة أَيْضا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ عَلَيْهِ كَفَّارَة وَاحِدَة وَإِن كَانَ فِي مقاعد شَتَّى 1026 - فِي ظِهَار الذِّمِّيّ قَالَ أَصْحَابنَا لَا يَصح ظِهَار الذِّمِّيّ وَيصِح طَلَاقه وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ وَقَالَ الثَّوْريّ يَصح طَلَاقه وَلم يحفظ فِي الظِّهَار وَقَالَ الشَّافِعِي يَصح ظِهَاره وطلاقه قَالَ أَبُو جَعْفَر يَصح طَلَاقه كَمَا يَصح نِكَاحه وَلَا يَصح ظِهَاره لِأَنَّهُ يُوجب تَحْرِيمًا لَا يرفع النِّكَاح وَلَا خلاف أَنه لَا صِيَام عَلَيْهِ فِي الظِّهَار فَثَبت أَنه لَا يَصح ظِهَاره وَكَيف تلْزم الرقبه فَيُؤْمَر بشرَاء مُسلم على مَذْهَب الشَّافِعِي وَهُوَ لَا يجوز عِنْده شِرَاؤُهُ وَلَو كَانَ فِي ملكه أجْبرهُ على بَيْعه 1027 - فِيمَن ظَاهر من أَرْبَعَة نسْوَة قَالَ أَصْحَابنَا عَلَيْهِ أَربع كَفَّارَات وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ وَعُثْمَان البتي وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ مَالك فِيمَا ذكره عَنهُ ابْن الْقَاسِم عَلَيْهِ كَفَّارَة وَاحِدَة فَإِن ظَاهر مِنْهُنَّ فِي مجَالِس مُتَفَرِّقه فَفِي كل وَاحِدَة كَفَّارَة كَفَّارَة وَلَو قَالَ فِي مجْلِس الحديث: 1026 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 489 وَاحِد لوَاحِدَة مِنْهُنَّ أَنْت عَليّ كَظهر أُمِّي ثمَّ قَالَ لِلْأُخْرَى فِي مثل ذَلِك حَتَّى أَتَى على الْأَرْبَع فَعَلَيهِ لكل وَاحِدَة مِنْهُنَّ كَفَّارَة كَفَّارَة وَلَو قَالَ لأَرْبَع نسْوَة إِن تزوجتكن فَأَنْتن عَليّ كَظهر أُمِّي فَتزَوج وَاحِدَة لزمَه الظِّهَار وَلَا يقربهَا حَتَّى يكفر (187 ب) فَإِن كفر وَتزَوج الْبَوَاقِي فَلَا ظِهَار عَلَيْهِ فِيهِنَّ وَإِن لم يكفر حَتَّى مَاتَت الأولى أَو فَارقهَا ثمَّ تزوج الْبَوَاقِي لم يطَأ وَاحِدَة مِنْهُنَّ حَتَّى يكفر قَالَ أَبُو جَعْفَر لما لم يَخْتَلِفُوا أَنه إِذا خَاطب كل وَاحِدَة على حيالها وَجَبت لكل وَاحِدَة كَفَّارَة كَذَلِك إِذا جمعهن 1028 - فِيمَا يحرمه الظِّهَار قَالَ أَصْحَابنَا لَا يقرب الْمظَاهر وَلَا يلمس وَلَا يقبل وَلَا ينظر إِلَى فرجهَا بِشَهْوَة حَتَّى يكفر وَقَالَ مَالك مثل ذَلِك قَالَ وَلَا ينظر إِلَى شعرهَا وَلَا إِلَى صدرها حَتَّى يكفر لِأَن ذَلِك لَا يَدْعُو إِلَى خير وَقَالَ الثَّوْريّ يَأْتِيهَا فِيمَا دون الْفرج وَإِنَّمَا نهى عَن الْجِمَاع وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يحل لَهُ مِنْهَا فَوق الْإِزَار كالحائض وَقَالَ الشَّافِعِي يمْنَع الْقبْلَة والتلذذ إحتياطا 1029 - هَل يجْبر على الْكَفَّارَة قَالَ أَبُو جَعْفَر لم نجد عَن أبي حنيفَة فِي كتبهمْ أَكثر من قَوْله لَيْسَ يَنْبَغِي أَن تَدعه يقربهَا حَتَّى يكفر الحديث: 1028 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 490 وروى عباد بن الْعَوام عَن سُفْيَان بن حُسَيْن قَالَ سَأَلت الْحسن وَابْن شبْرمَة عَن رجل ظَاهر من امْرَأَته فَلم يكفر تهاونا قَالَ يستعدى عَلَيْهِ قَالَ وَسَأَلت أَبَا حنيفَة قَالَ يستعدى عَلَيْهِ وَقَالَ مَالك عَلَيْهَا أَن تَمنعهُ نَفسهَا وتحول بَينه وَبَينهَا وَقَول الشَّافِعِي يدل على أَنه يحكم عَلَيْهِ بالتكفير قَالَ أَبُو جَعْفَر حَقّهَا فِي الْجِمَاع قَائِم يجْبر عَلَيْهِ فَيُوجب الحكم عَلَيْهِ بالتكفير 1030 - فِي الظِّهَار من الْأمة قَالَ أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيّ لَا يَصح الظِّهَار من أمته وَقَالَ مَالك وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَالْحسن بن حَيّ يكون مُظَاهرا من أمته كَهُوَ من زَوجته 2031 - فِيمَن ظَاهر ثمَّ طَلقهَا ثَلَاثًا وَتَزَوجهَا بعد زوج قَالَ أَصْحَابنَا لَا يقربهَا حَتَّى يكفر وَهُوَ قَول مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَقَالَ الشَّافِعِي يلْزمه نِكَاح جَدِيد فَإِنَّهُ لَا يعْمل فِيهِ إِلَّا طَلَاق جَدِيد وظهار جَدِيد 1032 - فِي ظِهَار الْمَرْأَة من الزَّوْج قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قَالَت لزَوجهَا أَنْت عَليّ كَظهر أُمِّي أَو كَظهر أُخْتِي لم تكن مُظَاهرَة وَلَا يَصح ظِهَار الْمَرْأَة وَهُوَ قَول مَالك وَالثَّوْري وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ الحديث: 1030 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 491 وَقَالَ الْحسن بن زِيَاد هِيَ مُظَاهرَة من زَوجهَا وَذكر ابْن أبي عمرَان عَن عَليّ بن صَالح عَن الْحسن بن زِيَاد أَنه ظِهَار قَالَ عَليّ فَسَأَلت مُحَمَّد بن الْحسن فَقَالَ لَيْسَ عَلَيْهَا شَيْء فَأتيت أَبَا يُوسُف فَذكرت لَهُ قَوْلهمَا فَقَالَ هَذَانِ شَيخا الْفِقْه أَخطَأ هُوَ تَحْرِيم عَلَيْهَا كَفَّارَة يَمِين كقولها أَنْت عَليّ حرَام وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يَمِين تكفرها (188 أ) وَقَالَ الْحسن بن حَيّ تعْتق رَقَبَة وتكفر لكفارة الظِّهَار فَإِن لم تفعل وكفرت يَمِينا رجونا أَن يجزئها وروى مُغيرَة عَن إِبْرَاهِيم قَالَ خطب مُصعب بن الزبير عَائِشَة بنت طَلْحَة فَقَالَت هُوَ عَلَيْهَا كَظهر أَبِيهَا إِن تزوجته فَلَمَّا ولى الْإِمَارَة أرسل إِلَيْهَا فَأرْسلت تسْأَل وَالْفُقَهَاء بِالْمَدِينَةِ كثير فأفتوها أَن تعْتق رَقَبَة وتتزوجه وَقَالَ إِبْرَاهِيم لَو كَانَت عِنْده يَوْم قَالَت ذَلِك لما كَانَ عَلَيْهَا عتق رَقَبَة وَلكنهَا كَانَت تملك نَفسهَا حِين قَالَت ماقالت وَعَن الْأَوْزَاعِيّ أَنَّهَا إِذا قَالَت إِن تزوجته فَهُوَ عَليّ كَظهر أبي كَانَت مُظَاهرَة وَلَو قَالَت وَهِي تَحت زوج كَانَ عَلَيْهَا كَفَّارَة يَمِين قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يجوز أَن تكون عَلَيْهَا كَفَّارَة يَمِين لِأَن الرجل لَا يلْزمه ذَلِك وَهُوَ الأَصْل فَكيف يلْزمهَا بِهِ شَيْء وَلَا يصلح مِنْهَا ظِهَار بِهَذَا القَوْل لِأَن الظِّهَار يُوجب تَحْرِيمًا بالْقَوْل وَهِي لَا تملك ذَلِك كَمَا لَا تملك الطَّلَاق إِذا كَانَ مَوْضُوعا لتَحْرِيم يَقع بالْقَوْل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 492 1033 - فِي الرَّقَبَة الْكَافِرَة قَالَ أَصْحَابنَا تجزىء الرَّقَبَة الْكَافِرَة فِي الظِّهَار وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْحسن بن حَيّ وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لَا يُجزئ فِي شَيْء من الْكَفَّارَات إِلَّا الرَّقَبَة المؤمنة 1034 - فِي الصَّوْم مَعَ وجود رَقَبَة الْخدمَة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا كَانَت عِنْده رَقَبَة الْخدمَة لَا شَيْء لَهُ غَيرهَا أَو عِنْده دَرَاهِم ثمن رَقَبَة لَيْسَ لَهُ غَيرهَا لم يُجزئهُ الصَّوْم وَهُوَ قَول مَالك وَالثَّوْري وَقَالَ اللَّيْث وَالشَّافِعِيّ من لَهُ خَادِم لَا يملك غَيره فَلهُ أَن يَصُوم قَالَ أَبُو جَعْفَر اتَّفقُوا أَنه لَو أعتق الْخَادِم عَن الْكَفَّارَة أَنه غير آثم فِي ذَلِك وَقد قَالَ الله عز وَجل {فَمن لم يجد} الْبَقَرَة 169 وَهَذَا وَاجِد وَلَيْسَ بِمَنْزِلَة من مَعَه مَاء يخَاف على نَفسه الْعَطش فَيجوز لَهُ التَّيَمُّم لِاتِّفَاق الْجَمِيع على أَنه آثم فِي اسْتِعْمَال المَاء للْوُضُوء فِي حَال يخَاف فِيهِ الْعَطش والتلف على نَفسه فَعلمنَا أَن الرَّقَبَة وَاجِبَة فِي هَذِه الْحَالة وَأَن اسْتِعْمَال المَاء غير وَاجِب 1035 - فِي عتق أم الْوَلَد وَالْمُكَاتبَة وَنَحْوهم قَالَ أَصْحَابنَا لَا يجوز عتق أم الْوَلَد وَالْمُدبر وَالْمكَاتب إِذا كَانَ قد أدّى الحديث: 1033 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 493 شَيْئا عَن الْكِتَابَة فَإِن لم يكن أدّى شَيْئا جَازَ وَإِن اشْترى أَبَاهُ يَنْوِي عَن الْكَفَّارَة جَازَ وَكَذَلِكَ كل ذِي رحم محرم وَإِن قَالَ كل عبد اشْتَرَيْته فَهُوَ حر ثمَّ اشْترى عبدا يَنْوِي بِهِ عَن الْكَفَّارَة لم يجزه وَقَالَ زفر لَا يُجزئ الْمكَاتب وَإِن لم يكن أدّى شَيْئا وَقَالَ مَالك لَا يُجزئ الْمكَاتب وَلَا الْمُدبر وَلَا أم الْوَلَد وَلَا مُعتق إِلَى سِنِين عَن الْكَفَّارَة وَلَا الْوَلَد وَلَا الْوَالِد وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا يُجزئ الْمكَاتب وَلَا أم الْوَلَد (188 ب) وَقَالَ عُثْمَان البتي يجزيء الْمُدبر وَأم الْوَلَد فِي كَفَّارَة الظِّهَار وَالْيَمِين وَقَالَ اللَّيْث يُجزئ إِن اشْترى أَبَاهُ فيعتقه فِي الْكَفَّارَة الَّتِي عَلَيْهِ قَالَ الشَّافِعِي لَا يُجزئ من إِذا اشْتَرَاهُ عتق عَلَيْهِ لَا يُجزئ الْمُدبر وَلَا يُجزئ الْمكَاتب وَإِن لم يؤد شَيْئا ويجزيء الْمُعْتق إِلَى سِنِين وَلَا تُجزئ أم الْوَلَد 1036 - فِي الرَّقَبَة النَّاقِصَة قَالَ أَصْحَابنَا يجوز الْأَعْوَر والأقطع إِحْدَى الرجلَيْن وَإِحْدَى الْيَدَيْنِ والمقطوع الْيَد وَالرجل وَلَا يُجزئ الْأَعْمَى والمقطوع الْيَدَيْنِ والمقعد وَيُجزئ مَقْطُوع الْأُذُنَيْنِ والخصي وَقَالَ زفر لَا يُجزئ مَقْطُوع الْأُذُنَيْنِ والأعرج إِذا كَانَ خَفِيفا يُجزئ الحديث: 1036 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 494 وَإِن كَانَ شَدِيدا لم يُجزئ وَلَا يُجزئ الأقطع وَيُجزئ الْأَعْوَر والأقطع الْيَد الْوَاحِدَة لَا يُجزئ وَلَا يُجزئ الأجذم وَالْمَجْنُون وَلَا الْأَصَم قَالَ ابْن الْقَاسِم وَقِيَاس قَول مَالك أَن لَا يُجزئ الأبرص لِأَن الْأَصَم أيسر شَأْنًا مِنْهُ فَلَا يُجزئ ذكر ذَلِك كُله ابْن الْقَاسِم وَلَا يُجزئ الَّذِي يجن ويفيق وَقَالَ عُثْمَان البتي وَيُجزئ الْأَعْوَر والأعرج إِلَّا أَن يمنعهُ العرج الْمَشْي وَقَالَ اللَّيْث لَا تجزيء الْوَاجِبَة شَيْء فِيهِ عيب لَا يُجزئ الأجذع وَلَا الْأَعْمَى والأشل لِأَن ذَلِك مِمَّا لَا تُجزئ فِي الضَّحَايَا فَهُوَ فِي الرّقاب الْوَاجِبَة أَشد وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْمُزنِيّ كل ذِي نقص كعيب لَا يضرّهُ فِي الْعَمَل إِضْرَارًا بَينا مثل العرج الْخَفِيف والعور فَإِنَّهُ يُجزئ فِي الْكَفَّارَة وَلَا يُجزئ الْأَعْمَى وَلَا المقعد وَلَا الأشل الرجل وَيُجزئ الْأَصَم والخصي وَالْمَرِيض الَّذِي لَيْسَ بِهِ مرض زمانة مثل الفالج والشل قَالَ أَبُو جَعْفَر أَجمعُوا فِي الْأَعْمَى والمقطوع الْيَدَيْنِ أَو الرجلَيْن أَنه لَا يُجزئ وَأَجْمعُوا فِي الْعَيْب الْخَفِيف أَنه يُجزئ نَحْو الْحول بِعَيْنِه أَو خدش فِي بدنه أَو جِرَاحَة قد برِئ مِنْهَا أَنه يُجزئ فِي الْكَفَّارَة فَإِن كَانَ مثله يعد عَيْبا فِي البيع وَيرد بِهِ الْمَبِيع فَثَبت أَنه لَيْسَ الْمُعْتَبر فِي الرّقاب سلامتها من جَمِيع الْعُيُوب فَإِن قيل الْعَيْب الَّذِي يمْنَع الْأُضْحِية يمْنَع الرَّقَبَة كالعور قيل لَهُ لَيست الْأُضْحِية أصلا لذَلِك لِأَن الْأُضْحِية قد اعْتبر فِيهَا السن والرقبة يَسْتَوِي فِيهَا الصَّغِير وَالْكَبِير الجزء: 2 ¦ الصفحة: 495 1037 - فِي عتق العَبْد بَين شَرِيكَيْنِ قَالَ أَبُو حنيفَة فِي أحد الشَّرِيكَيْنِ إِذا أعتق عبدا بَينه وَبَين غَيره عَن الْكَفَّارَة أَنه لَا يُجزئهُ مُوسِرًا كَانَ أَو مُعسرا وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِن كَانَ مُوسِرًا أَجزَأَهُ وَإِن كَانَ مُعسرا لم يُجزئهُ وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يُجزئ مُوسِرًا كَانَ أَو مُعسرا 1038 - فِي عتق الْآبِق قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك إِذا أعتق عبدا آبقا عَن كَفَّارَة يَمِينه جَازَ (189 أ) وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْمُزنِيّ إِذا أعتق عبدا لَهُ غَائِبا عَن ظِهَاره فَهُوَ على غير يَقِين أَنه أعتق وَذكر الرّبيع عَنهُ أَنه إِن علم أَنه كَانَ حَيا ثمَّ أعتق أَجْزَأَ وَإِن لم يثبت ذَلِك لم يُجزئ 1039 - فِي كَفَّارَة العَبْد إِذا ظَاهر قَالَ أَصْحَابنَا لَا يُجزئهُ إِلَّا الصَّوْم وَلَا يُجزئ الْعتْق وَلَا الْإِطْعَام وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِن أطْعم بِإِذن الْمولى أَجزَأَهُ وَإِن أعتق بِإِذْنِهِ أَو بِغَيْر إِذْنه لم يجزه وَأحب إِلَيْنَا أَن يَصُوم الحديث: 1037 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 496 قَالَ ابْن الْقَاسِم وَلَا أرى جَوَاب هَذِه الْمَسْأَلَة إِلَّا وهما لِأَنَّهُ إِذا قدر على الصَّوْم لَا يُجزئ الطَّعَام فَكيف العَبْد وعنى أَن يكون جَوَاب الْمَسْأَلَة فِي كَفَّارَة الْيَمين بِاللَّه تَعَالَى وَقَالَ الثَّوْريّ فِي العَبْد يظاهر الصَّوْم أحب إِلَيّ من الطَّعَام رَوَاهُ وَكِيع عَنهُ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا طاق الصّيام صَامَ فَإِن لم يسْتَطع استكره أَهله على الْإِطْعَام عَنهُ وَقَالَ الْحسن بن حَيّ والبتي عَلَيْهِ الصَّوْم لَا غَيره وَقَالَ اللَّيْث لَا يُجزئهُ الطَّعَام وَإِن أدْركهُ إِذا قدر على الصَّوْم وَقَالَ الشَّافِعِي يَصُوم 1040 - فِي مِقْدَار الطَّعَام قَالَ أَصْحَابنَا لكل مِسْكين نصف صَاع بر أَو صَاع تمر أَو شعير وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَقَالَ مَالك مد بِمد هِشَام وَهُوَ مدان إِلَّا ثلث بِمد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَذَلِكَ من الْحِنْطَة وَأما الشّعير فَإِن كَانَ من الطَّعَام أهل الْبَلَد فَهُوَ مثل الْحِنْطَة وَكَذَلِكَ التَّمْر وَإِن لم يَكُونَا طَعَام أهل الْبَلَد أطْعمهُم وكل وَاحِد مِنْهُم رسطا من شبع الشّعير وَالتَّمْر فِي كَفَّارَة الْيَمين الحديث: 1040 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 497 وَقَالَ الشَّافِعِي لكل مِسْكين من طَعَام بَلَده الَّذِي يقتات حِنْطَة أَو شَعِيرًا أَو أرزا أَو تَمرا أَو إقطا وَذَلِكَ بِمد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا يعْتَبر مد أحدث بعده 1041 - هَل يُجَامع قبل أَن يطعم قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالشَّافِعِيّ لَا يُجَامع حَتَّى يطعم إِن كَانَ فَرْضه الْإِطْعَام وروى زيد بن أبي الزَّرْقَاء عَن الثَّوْريّ أَنه إِذا أَرَادَ أَن يَطَأهَا قبل ان يطعم لم يكن آثِما وروى الْمعَافى والأشجعي عَن الثَّوْريّ أَنه لَا يقربهَا حَتَّى يطعم قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للمظاهر بعد عَجزه عَن الصّيام لَا يَطَأهَا حَتَّى يكفر 1042 - إِذا كرر الْإِطْعَام على مِسْكين وَاحِد قَالَ أَصْحَابنَا إِن كرر الدّفع فِي سِتِّينَ يَوْمًا كل يَوْم نصف صَاع أَجزَأَهُ وَقَالَ مَالك وَزفر وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ لَا يُجزئهُ وَذكر الْأَشْجَعِيّ عَن الثَّوْريّ قَالَ لم يجد الَّذِي يكفر عَن يَمِينه إِلَّا مِسْكينا وَاحِدًا أَو اثْنَيْنِ فَأعْطَاهُ أَو أعطاهما ذَلِك أَجزَأَهُ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي كَفَّارَة الْيَمين إِذا أطعمت عشرَة مَسَاكِين فَذَلِك أوفق (189 ب) وَإِن اقتصرت بِعشْرَة أَمْدَاد على كل مِسْكين أَو ثَلَاثَة أَو أَكثر من ذكل أجزاك وَلم يذكر فرقا بَينهمَا الحديث: 1041 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 498 قَالَ أَبُو جَعْفَر ذكر عدد الْمَسَاكِين قد اقْتضى عدد الطَّعَام ثمَّ اتَّفقُوا على أَن طَعَام مِسْكين يجوز أَن يُعْطي سين مِسْكينا إِذا أعْطى ثمَّ عَاد إِلَى ملكه ثمَّ أعْطى فَذَلِك يجوز الِاقْتِصَار فِيهِ على مِسْكين وَاحِد وَلَا فرق بَين إعطائم فِي يَوْم أَو فِي أَيَّام فِي الْقيَاس 1043 - فِيمَن جَامع فِي خلال الْكَفَّارَة قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا جَامع فِي خلال نَهَار صَوْم الظِّهَار نَاسِيا أَو بِاللَّيْلِ عَامِدًا اسْتقْبل وَهُوَ قَول مُحَمَّد وَابْن أبي ليلى وَالثَّوْري وَهُوَ قَول إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَالْحسن بن حَيّ وَاللَّيْث وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَالشَّافِعِيّ لَا يسْتَقْبل وَهُوَ قَول الْحسن الْبَصْرِيّ وَقَالُوا جَمِيعًا لَو جَامع وَقد أعْطى بعض الطَّعَام لم يسْتَقْبل وَقَالَ مَالك يسْتَقْبل الصّيام وَالْإِطْعَام جَمِيعًا 1044 - فِيمَن مرض فِي الشَّهْرَيْنِ قَالَ أَصْحَابنَا يسْتَقْبل إِذا أفطر بِالْمرضِ وَهُوَ قَول الْحسن بن حَيّ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن الشَّافِعِي وَفِي رِوَايَة أُخْرَى من الْقَدِيم لَا يسْتَقْبل وَقَالَ ابْن شبْرمَة يقْضِي ذَلِك الْيَوْم ويصله بالشهرين قَالَ أَبُو جَعْفَر اتَّفقُوا أَن الْحيض فِي صَوْم النَّفْل لَا يقطع التَّتَابُع الحديث: 1043 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 499 وتبنى وَلَيْسَ الْمَرَض كالحيض لِأَن الْحيض مُعْتَاد فِي الشَّهْرَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِك الْمَرَض 1045 - فِي اللّعان قَالَ أَصْحَابنَا إِذا كَانَ أحد الزَّوْجَيْنِ مَمْلُوكا أَو دميا أَو محدودا فِي قذف أَو كَانَت الْمَرْأَة مِمَّن لَا يجب على قاذفها الْحَد فَلَا لعان بَينهمَا إِذا قَذفهَا وَقَالَ ابْن شبْرمَة يُلَاعن الْمُسلم زَوجته الْيَهُودِيَّة إِذا قدفها وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك الْأمة الْمسلمَة والحرة النَّصْرَانِيَّة واليهودية يُلَاعن الْحر الْمعلم وَكَذَلِكَ العَبْد يُلَاعن عَن زَوجته الْيَهُودِيَّة وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك لَيْسَ بَين الْمُسلم والكافرة لعان إِذا قَذفهَا إِلَّا أَن يَقُول رَأَيْتهَا تَزني فيلاعن سَوَاء ظهر الْحمل أَو لم يظْهر لِأَنَّهُ يَقُول أَخَاف أَن أَمُوت فَيلْحق نسب وَلَدهَا بِي وَإِنَّمَا يُلَاعن الْمُسلم الْكَافِرَة فِي دفع الْحمل وَلَا يلاعنها فِيمَا سوى ذَلِك وَكَذَا زَوجته الْأمة إِلَّا فِي نفي الْحمل قَالَ والمحدود فِي الْقَذْف يُلَاعن وَإِن كَانَ الزَّوْجَانِ جَمِيعًا كَافِرين فَلَا لعان بَينهمَا والمملوكين الْمُسلمين بَينهمَا لعان إذاأراد أَن يَنْفِي الْوَلَد وَقَالَ الثَّوْريّ وَالْحسن بن حَيّ لَا يجب اللّعان إِذا كَانَ أحد الزَّوْجَيْنِ مَمْلُوكا أَو كَافِرًا وَيجب إِن كَانَ محدودا فِي قذف وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا لعان بَين أهل الْكتاب وَلَا بَين الْمَحْدُود فِي الْقَذْف وَامْرَأَته الحديث: 1045 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 500 وَقَالَ عُثْمَان البتي كل من قذف زَوجته بِأَمْر زعم أَنه رأى عَلَيْهَا رجلا يلاعنها لِأَنَّهُ يحد لَهَا إِذا كَانَ أَجْنَبِيّا فَإِن كَانَت أمة أَو نَصْرَانِيَّة لاعنها بِالْوَلَدِ إِذا ظهر بهَا الْحمل ويلاعنها فِي الرُّؤْيَة لِأَنَّهُ يحد لَهما فِي الْقَذْف والمحدود فِي الْقَذْف يُلَاعن امْرَأَته وَقَالَ الشَّافِعِي كل زوج جَازَ طَلَاقه وَلَزِمَه الْفَرْض يُلَاعن إِذا كَانَت مِمَّن يلْزمهَا الْفَرْض 1046 - فِي الْقَذْف الَّذِي يُوجب اللّعان (190 أ) قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قَالَ لَهَا يَا زَانِيَة وَجب اللّعان وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ مَالك لَا يُلَاعن إِلَّا أَن يَقُول رَأَيْتُك تزنين أَو يَنْفِي حملا بهَا أَو ولدا مِنْهَا وَالْأَعْمَى يُلَاعن إِذا قذف امْرَأَته وَقَالَ اللَّيْث لَا تكون ملاعنة إِلَّا أَن يَقُول قد رَأَيْت عَلَيْهَا رجلا أَو يَقُول قد كنت استبرأت رَحمهَا وَلَيْسَ هَذَا الْحمل مني وَيحلف بِاللَّه على مَا قَالَ قَالَ عُثْمَان البتي إِذا قَالَ رَأَيْتهَا تَزني لاعنها وَإِن قَذفهَا بخراسان وَإِنَّمَا تزَوجهَا قبل ذَلِك الْيَوْم لم يُلَاعن وَلَا كَرَامَة 1047 - فِي الْحَائِض تلاعن ذكره الْحسن بن زِيَاد عَن أبي حنيفَة لَا بَأْس أَنه يُخَيّر امْرَأَته وَهِي حَائِض فيجعلها كَذَلِك وَكَذَلِكَ يُخَيّر امْرَأَة الْعنين وَهِي حَائِض ذكر ذَلِك فِي كل فرقة لَا تثبت مَعهَا رخصَة الحديث: 1046 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 501 فَأَما مُحَمَّد بن الْحسن فَإِنَّهُ ذكر فِي الزِّيَادَات أَنه لَا يخالع امْرَأَته وَهِي حَائِض وَقَالَ مَالك لَا تطلق عَلَيْهِ امْرَأَته وَهِي حَائِض إِذا لم يجد النَّفَقَة حَتَّى تطهر وَكَذَلِكَ الْعنين وَقَالَ فِي الْمولي وَحده أَنه إِذا أوقفهُ السُّلْطَان وَهِي حَائِض فَلم يَفِ طلق عَلَيْهِ وَقَالَ الشَّافِعِي يُلَاعن فِي الْمَسْجِد إِلَّا أَن تكون حَائِضًا فعلى بَاب الْمَسْجِد قَالَ أَبُو جَعْفَر رِوَايَة الْحسن بن حَيّ لما ذكرنَا مُنكرَة وَقد روى مُحَمَّد خلَافهَا من غير خلاف بَينه وَبَين أَصْحَابه وَهُوَ صَحِيح 1048 - فِي وَقت نفي الْوَلَد بِاللّعانِ قَالَ أَبُو حنيفه إِذا ولدت الْمَرْأَة فنفي وَلَدهَا حِين يُولد أَو بعده بِيَوْم أَو يَوْمَيْنِ لَاعن وانتفى الْوَلَد وَإِن لم ينفه حِين ولد إِلَى أَن مَضَت سنة أَو سنتَيْن ثمَّ نَفَاهُ لَاعن وَلَزِمَه الْوَلَد وَلم يؤقت لذَلِك أَبُو حنيفه وقتا وَوقت أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد مِقْدَار النّفاس أَرْبَعِينَ لَيْلَة قَالَ وَقَالَ أَبُو يُوسُف إِن كَانَ غَائِبا فَقدم فَلهُ أَن يَنْفِيه فِيمَا بَينه وَبَين مِقْدَار النّفاس مُنْذُ قدم فِي الْحَوْلَيْنِ فَإِن قدم بعد خُرُوجه من الْحَوْلَيْنِ لم ينتف أبدا قَالَ مَالك إِذا رأى الْحمل فَلم ينفه حَتَّى وضعت لم ينتف بعد ذَلِك وَإِن نَفَاهُ حرَّة كَانَت اَوْ أمة وَإِن انْتَفَى مِنْهُ حِين وَلدته وَقد رَآهَا حَامِلا فَلم ينتف الحديث: 1048 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 502 مِنْهُ فَإِنَّهُ يجلد الْحَد لِأَنَّهَا حرَّة مسلمة فَصَارَ قَاذِفا لَهَا وَإِن كَانَ غَائِبا عَن الْحمل فَقدم وَقد وَلدته فَلهُ أَن يَنْفِيه وَقَالَ اللَّيْث فِيمَن أقرّ بِحمْل امْرَأَته ثمَّ قَالَ بعد ذَلِك رَأَيْتهَا تَزني لَاعن فِي الرُّؤْيَة وندمه الْحمل وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا علم الزَّوْج بِالْوَلَدِ فأمكنه الْحَاكِم إمكانا بَينا فَترك اللّعان لم يكن لَهُ أَن يَنْفِيه كالشفعة وَقَالَ فِي الْقَدِيم إِن لم ينفه فِي يَوْم أَو يَوْمَيْنِ لم يكن لَهُ أَن يَنْفِيه 1049 - فِي كَيْفيَّة اللّعان قَالَ أَصْحَابنَا إِذا لم يكن ولد يشْهد أَربع شَهَادَات إِنَّه لمن الصَّادِقين فِيمَا رَمَاهَا بِهِ من الزِّنَا وَالْخَامِسَة اللّعان وَتشهد هِيَ أَربع شَهَادَات وَالْخَامِسَة الْغَضَب (190 ب) فَإِن كَانَ هُنَاكَ ولد نَفَاهُ وَيشْهد أَرْبعا إِنَّه لصَادِق فِيمَا رَمَاهَا بِهِ من الزِّنَا وَنفي هَذَا الْوَلَد فيذكر فِي اللّعان أَنه نَفَاهُ حَتَّى يلْزم أمه وَقَالَ زفر مثل ذَلِك إِلَّا أَنه يخاطبها وتخاطبه فَتَقول أشهد بِاللَّه إِنَّك لمن الْكَاذِبين فِيمَا رميتني بِهِ من الزِّنَا وروى مثل ذَلِك الْحسن عَن أبي يُوسُف وَقَالَ زفر يَقُول فِي نفي الْوَلَد أشهد بِاللَّه إِنَّه لمن الصَّادِقين فِيمَا رميتها بِهِ من نفي وَلَدهَا هَذَا وَيَقُول فِي الْخَامِسَة ولعنة الله إِن كَانَ من الْكَاذِبين فِيمَا رَمَاهَا بِهِ من نفي وَلَدهَا هَذَا ثمَّ تَقول الْمَرْأَة أشهد بِاللَّه إِنَّك لمن الْكَاذِبين فِيمَا رميتني بِهِ من نفي وَلَدي هَذَا الحديث: 1049 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 503 وَقَالَ مَالك فِيمَا ذكره ابْن الْقَاسِم أَنه يحلف أَربع شَهَادَات فَيَقُول تا لله رَأَيْتهَا تَزني أشهد بِاللَّه رَأَيْتهَا تَزني وَالْخَامِسَة لعنة الله عَليّ إِن كنت من الْكَاذِبين وَتقول هِيَ أشهد بِاللَّه مَا رَآنِي أزني وَتقول ذَلِك أَربع مَرَّات وَالْخَامِسَة أَن غضب الله عَلَيْهَا إِن كَانَ من الصَّادِقين وَقَالَ الثَّوْريّ يشْهد أَربع شَهَادَات بِاللَّه إِنَّه لمن الصَّادِقين وَالْخَامِسَة أَن لعنة الله عَلَيْهِ إِن كَانَ من الْكَاذِبين وَتشهد الْمَرْأَة أَربع شَهَادَات بِاللَّه إِنَّه لمن الْكَاذِبين وَالْخَامِسَة أَن غضب الله عَلَيْهَا إِن كَانَ من الصَّادِقين وَقَالَ الشَّافِعِي يَقُول أشهد بِاللَّه إِنِّي لمن الصَّادِقين فِيمَا رميت بِهِ زَوْجَتي فُلَانُهُ بنت فلَان وَيُشِير إِلَيْهَا إِن كَانَت حَاضِرَة وَيَقُول ذَلِك أَربع مَرَّات ثمَّ يقعده الإِمَام ويذكره الله تَعَالَى وَيَقُول إِنِّي أَخَاف إِن لم تكن صدقت أَن تبوأ بلعنة الله فَإِن رَآهُ يُرِيد أَن يمْضِي أَمر من يضع يَده على فِيهِ يَقُول إِن قَوْلك ولعنة الله عَليّ إِن كنت لمن الْكَاذِبين مُوجبَة إِن كنت كَاذِبًا فَإِن أبي تَركه فَيَقُول ولعنة الله عَليّ إِن كنت لمن الْكَاذِبين فِيمَا رميت بِهِ فُلَانُهُ من الزِّنَا فَإِن قَذفهَا بِأحد يُسَمِّيه بِعَيْنِه وَاحِدًا أَو اثْنَيْنِ قَالَ مَعَ كل شَهَادَة إِنِّي لمن الصَّادِقين فِيمَا رميتها بِهِ من الزِّنَا بفلان أَو فلَان وَفُلَان فَإِن نفى وَلَدهَا قَالَ مَعَ كل شَهَادَة أشهد بِاللَّه إِنِّي لمن الصَّادِقين فِيمَا رميتها بِهِ من الزِّنَا وَإِن هَذَا الْوَلَد لولد زنا مَا هُوَ مني فَإِذا قَالَ هَذَا فقد فرغ من الالتعان قَالَ أَبُو جَعْفَر قَول مَالك أشهد بِاللَّه لزنت لَا معنى لَهُ لِأَنَّهُ يجوز أَن تكون زنت سوى الزِّنَا الَّذِي ذكره كل وَاحِد مِنْهُمَا فِي الالتعان وَإِنَّمَا أَمر بالالتعان بذلك الْفرق بِعَيْنِه لَا بِغَيْرِهِ كَمَا قَالَ أَصْحَابنَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 504 1050 - فِي الْفرْقَة بِاللّعانِ قَالَ أَصْحَابنَا لَا تقع الْفرْقَة بعد فراغهما من اللّعان حَتَّى يفرق الْحَاكِم وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث وَزفر إِذا فرغا من اللّعان وَقعت الْفرْقَة وَإِن لم يفرق الْحَاكِم (191 أ) وَقَالَ الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ لَا تقع الْفرْقَة بِلعان الزَّوْج وَحده وَقَالَ عُثْمَان البتي لَا أرى ملاعنة الزَّوْج امْرَأَته ينقص شَيْئا وَأحب إِلَيّ أَن ينْطَلق وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا أكمل الزَّوْج الشَّهَادَة والالتعان فقد زَالَ فرَاش امْرَأَته وَلَا تحل لَهُ أبدا التعنت أَو لم تلتعن قَالَ أَبُو جَعْفَر قَول البتي لم نجده عَن أحد من أهل الْعلم سواهُ وَقد روى ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرق بَين المتلاعنين وَألْحق الْوَلَد بِالْمَرْأَةِ فَقَالَ قَائِل مِمَّن يذهب إِلَى قَول البتي إِنَّمَا كَانَ ذَلِك فِي قصَّة الْعجْلَاني وَكَانَ طَلقهَا ثَلَاثًا بعد اللّعان فَلذَلِك فرق بَينهمَا وَقد روى ابْن شهَاب عَن سهل بن سعد قَالَ فَطلقهَا الْعجْلَاني ثَلَاث تَطْلِيقَات بعد فراغهما من اللّعان فأنفذه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الحديث: 1050 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 505 وَحَدِيث ابْن عمر أَيْضا إِنَّمَا فِي قصَّة الْعجْلَاني قَالَ أَبُو جَعْفَر يحْتَمل أَن يَصح الحديثان بِأَن يكون النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرق بَينهمَا بعد اللّعان ثمَّ طَلقهَا ثَلَاثًا حَتَّى يكون تَفْرِيق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَاقعا موقعه على مَا روى فِي الْخَبَر وَقد قَالَ الْأَكْثَر لَا يجوز أَن يمْسِكهَا وَيفرق بَينهمَا وَاسْتحبَّ عُثْمَان البتي أَيْضا الطَّلَاق بعد اللّعان وَلم يستحبه قبل ذَلِك فَعلم أَن اللّعان قد أحدث حكما فِي التَّفْرِيق وَأما قَول الشَّافِعِي فخلاف الْآيَة لِأَن الله تَعَالَى قَالَ {وَالَّذين يرْمونَ أَزوَاجهم} النُّور 6 ثمَّ ذكر الْقِصَّة وعَلى قَوْله يَنْبَغِي أَن يلاعنه وَهِي غير زَوْجَة وَقد اتَّفقُوا أَن من طلق امْرَأَته ثمَّ أَبَانهَا ثمَّ قَذفهَا بِغَيْر ولد أَنه يُلَاعن لِأَنَّهَا لَيست زَوْجَة وَكَذَلِكَ الَّتِي بَانَتْ بِلعان الزَّوْج لم يجز لعان الْمَرْأَة 1051 - فِي المتلاعنين يَجْتَمِعَانِ قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد إِذا كذب نَفسه وَجلد الْحَد فَلهُ أَن يَتَزَوَّجهَا وَقَالَ زفر وَأَبُو يُوسُف وَمَالك وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ لايجتمعان أبدا وَعَن سعيد بن جُبَير أَنه إِذا كذب نَفسه ردَّتْ إِلَيْهِ امْرَأَته مَا كَانَت فِي الْعدة وَهُوَ رَاوِي حَدِيث ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ للعجلاني بعد اللّعان لَا سَبِيل لَك عَلَيْهَا الحديث: 1051 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 506 وروى الزُّهْرِيّ حَدِيث سهل بن سعد فِي قصَّة المتلاعنين وَقَالَ فِيهِ فمضت السّنة أَنَّهُمَا إِذا تلاعنا فرق بَينهَا ثمَّ لَا يَجْتَمِعَانِ أبدا ثمَّ روى عَنهُ يُونُس أَنه قَالَ لَا يراجعان أبدا إِلَّا أَن يكذب نَفسه فيجلد الْحَد وَتظهر بداءتها فَلَا جنَاح عَلَيْهِمَا أَن تراجعا فَدلَّ أَن معنى قَوْله لَا يَجْتَمِعَانِ أبدا إِنَّمَا هُوَ مَا كَانَ مُقيما على اللّعان وروى عَن سعيد بن الْمسيب أَنه إِذا كذب نَفسه ردَّتْ إِلَيْهِ امْرَأَته وَعَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ أَنه إِذا ضرب الْحَد فَهُوَ خَاطب من الْخطاب 1052 - إذاجاءت بعد اللّعان بِولد (191 ب) قَالَ أَصْحَابنَا إِذا لَاعن بعد الدُّخُول لزمَه نسب وَلَدهَا مَا بَينه وَبَين سنتَيْن وَإِن لم يدْخل فلأقل من سِتَّة أشهر وَقَالَ مَالك إِذا رأى امْرَأَته تَزني فَهُوَ فِي ذَلِك يَطَأهَا بعد الرُّؤْيَة فَإِنَّهُ إِن وطأ بعد الرُّؤْيَة أكذب قَوْله وَجلد الْحَد وَألْحق بِهِ الْوَلَد وَإِن كَانَت حَامِلا من زَوجهَا وَهِي فِي تِسْعَة أشهر فَقَالَ رَأَيْتهَا تَزني وجامعتها مُنْذُ رَأَيْتهَا تَزني فَإِنَّهُ يلتعن ويلتحق بِهِ الْوَلَد إِذا كَانَ حملهَا بَينا مشهودا عَلَيْهِ أَو مقرّ بِهِ قبل ذَلِك وَقَالَ عُثْمَان البتي إِن لاعنها فَلم ير الْوَلَد فَإِن قَالَ لم أطأها بعد طهر فَلَيْسَ لَهُ وَإِن اقر بِوَطْء فِي ذَلِك الطُّهْر ألحقته بِهِ وَقَالَ اللَّيْث إِذا لاعنها عَن الرُّؤْيَة ثمَّ ظهر بهَا حمل بعد ذَلِك فَأنكرهُ وَقَالَت هُوَ مِنْهُ فَإِنَّهُ يلاعنها لنفيه الْوَلَد الحديث: 1052 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 507 وَقَالَ الشَّافِعِي إِن كَانَت حَامِلا فَأَخْطَأَ الْحَاكِم فَلم يذكر نفي الْوَلَد أَو الْحمل فِي اللّعان حَتَّى فرغ من اللّعان فَإِنَّهُ يَقُول للزَّوْج إِن أردْت نَفْيه أعدت اللّعان وَلَا تعيد الْمَرْأَة بعد إِعَادَة الزَّوْج اللّعان إِن كَانَت فرغت مِنْهُ بعد التعان الزَّوْج الَّذِي أغفل فِيهِ الْحَاكِم نفي الْوَلَد أَو الْحمل 1053 - إِذا اتّفق الزَّوْجَانِ أَن الْوَلَد لَيْسَ مِنْهُ قَالَ أَصْحَابنَا لَا يَنْتَفِي الْوَلَد مِنْهُ إِلَّا بِاللّعانِ وَلَيْسَ فِي هَذَا لعان لِأَنَّهَا صدقته فَلَا يَنْفِي نسب الْوَلَد مِنْهُ وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث إِذا تصادق الزَّوْجَانِ على أَنَّهَا وَلدته وَأَنه لَيْسَ مِنْهُ لم يلْزمه الولدوتحد الْمَرْأَة قَالَ مَالك فِيمَا ذكره ابْن الْقَاسِم لَو شهد أَرْبَعَة على امْرَأَة أَنَّهَا زنت مُنْذُ أَرْبَعَة أشهر وَهِي حَامِل وَقد غَابَ زَوجهَا مُنْذُ أَرْبَعَة أشهر فأخرها الإِمَام حَتَّى وضعت ثمَّ رَجمهَا فَقدم زَوجهَا بَعْدَمَا رجمت فَانْتفى من وَلَده وَقَالَ قد كنت استبرأتها وينفي بِهِ الْوَلَد عَن نَفسه وَلَا يَنْفِيه هَا هُنَا إِلَّا بِاللّعانِ 1054 - فِي لعان الْأَخْرَس قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قذف الْأَخْرَس امْرَأَته بِإِشَارَة لم يحد وَلم يُلَاعن وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا قذف امْرَأَته وَهِي خرساء لحق بِهِ وَلَدهَا وَلَا حد عَلَيْهِ وَلَا لعان الحديث: 1053 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 508 وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ يُلَاعن إِذا قذف امْرَأَته بِالْإِشَارَةِ 1055 - فِي إباء الزَّوْجَيْنِ اللّعان قَالَ أَصْحَابنَا إِذا نكل عَن اللّعان حبس حَتَّى يُلَاعن وَقَالَ مَالك وَالْحسن بن حَيّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ أَيهمَا نكل حد للقذف وَإِن نكلت هِيَ حدت للزِّنَا قَالَ أَبُو جَعْفَر قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يحل دم امْرِئ مُسلم إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاث زنا بعد إِحْصَان وَكفر بعد إِيمَان أَو قتل بِغَيْر نفس فنفى (192 أ) وجوب الْقَتْل إِلَّا بِمَا ذكر والنكول عَن اللّعان خَارج من ذَلِك فَلَا يجب بِهِ رَجمهَا وَإِذا لم يجب الرَّجْم إِذا كَانَت مُحصنَة لم يجب الْجلد فِي غير الْمُحصن لِأَن أحدا لم يفرق بَينهمَا فَإِن قيل قَوْله امْرِئ مُسلم يتَنَاوَل الرجل دون الْمَرْأَة قيل لَهُ لَيْسَ كَذَلِك لِأَنَّهُ للْجِنْس كَقَوْلِه تَعَالَى {إِن امْرُؤ هلك لَيْسَ لَهُ ولد} النِّسَاء 76 وَقَوله {يَوْم يفر الْمَرْء من أَخِيه} عبس 34 الحديث: 1055 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 509 1056 - فِي نفي الْحمل قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا قَالَ هَذَا الْحمل لَيْسَ مني لم يكن قَاذِفا لَهَا فَإِن ولدت بعد يَوْم لم يُلَاعن حَتَّى يَنْفِيه بعد الْولادَة وَهُوَ قَول زفر وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِن جَاءَت بِهِ بعد هَذَا القَوْل لأَقل من سِتَّة أشهر لَاعن وَقد رُوِيَ عَن أبي يُوسُف أَنه يلاعنها قبل الْولادَة وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ يُلَاعن بِالْحملِ وَذكر عَنهُ الرّبيع أَنه يُلَاعن حِين تَلد قَالَ أَبُو جَعْفَر روى عَبدة عَن الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة عَن عبد الله أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَاعن بِالْحملِ قَالَ أَبُو جَعْفَر هَذَا حَدِيث اخْتَصَرَهُ عَبدة أَخطَأ فِي اختصاره وَأَصله عَن عِيسَى بن يُونُس وَجَرِير جَمِيعًا عَن الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة عَن عبد الله قَالَ أَرَأَيْتُم إِن وجد رجل مَعَ امْرَأَته رجلا فَإِن هُوَ قَتله قَتَلْتُمُوهُ وَإِن هُوَ تكلم جلدتموه وَإِن سكت سكت على غيظ فأنزلت آيَة اللّعان فَابْتلى بِهِ فجَاء إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فلاعن عَن امْرَأَته فَلم يذكر فِيهِ الْحمل وَلَا أَنه لَاعن بِالْحملِ وَهَذَا عندنَا لِأَنَّهُ قَذفهَا فلاعن بِالْقَذْفِ وروى ابْن جريج عَن يحيى بن سعيد عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن ابْن عَبَّاس أَن رجلا جَاءَ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ مَا لي عهد بأهلي مُنْذُ عقرنا النّخل فَوجدت مَعَ امْرَأَتي رجلا مصفرا حمشا سبط الشّعْر فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّهُمَّ بَين ثمَّ لَاعن بَينهمَا فَجَاءَت بِهِ يشبه الَّذِي رميت بِهِ الحديث: 1056 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 510 وَقد غلط ابْن جريج فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث وَمَتنه أما إِسْنَاده فقد رَوَاهُ سُلَيْمَان بن بِلَال وَاللَّيْث وَإِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن يحيى بن سعيد عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أَبِيه فأدخلو بَين يحيى وَبَين الْقَاسِم عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه وَأما الْمَتْن فَإِنَّهُم رووا أَنَّهَا وضعت ولدا يشبه الَّذِي رميت بِهِ فلاعن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَينهمَا فَأخْبرُوا أَن اللّعان كَانَ بعد الْوَضع فَإِن قيل روى أنس أَن هِلَال بن أُميَّة قذف امْرَأَته بِشريك بن سَحْمَاء فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انظروها فَإِن جَاءَت بِهِ على وصف فَهُوَ لهِلَال وَإِن جَاءَت بِهِ على وصف آخر ذكره فَهُوَ لِشَرِيك فَجَاءَت بِهِ على الْوَصْف الْمَكْرُوه (192 ب) فَلم يُخرجهُ من نسب هِلَال إِلَّا وَقد تقدمه لعان قيل لَهُ هَذَا مِمَّا يجوز حمل الْخَبَر عَلَيْهِ لِأَن الزَّانِي لَا يلْحق بِهِ النّسَب قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وللعاهر الْحجر وَإِنَّمَا يَقع هَذَا على تنَافِي الْقلب من قرب الشُّبْهَة وَبعده 1057 - فِيمَن يقر بِالْوَلَدِ أَنه مِنْهُ ثمَّ يَنْفِيه قَالَ أَصْحَابنَا إِذا أقرّ بِولد زَوجته أَنه مِنْهُ ثمَّ نَفَاهُ لاعنها وَالْولد لَهُ وَهَذَا قَول الثَّوْريّ الحديث: 1057 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 511 وَقَالَ مَالك إِذا ظهر بهَا حمل فَلم ينتف مِنْهُ حَتَّى وضعت ثمَّ نَفَاهُ فَإِنَّهُ يجلد الْحَد وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَالشَّافِعِيّ إذاأقر بِهِ ثمَّ نَفَاهُ ضرب الْحَد 1058 - إِذا ولدت وَلدين فَأقر بِأَحَدِهِمَا وَنفى الآخر قَالَ أَصْحَابنَا يلْزمه الْولدَان ويلاعن إِذا ولدتهما فِي بطن وَاحِد وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَقِيَاس قَول مَالك أَن يحد الزَّوْج وَقَالَ الشَّافِعِي إِن كَانَ نَفْيه بِقَذْف لأمه فَعَلَيهِ الْحَد لَهَا 1059 - فِي موت أحد الزَّوْجَيْنِ بعد الْقَذْف وَاللّعان قبل الْفرْقَة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا التعناولم يفرق بَينهمَا حَتَّى مَاتَ أَحدهمَا وَرثهُ الآخر وَقَالَ مَالك يتوارثان مَا لم يتم اللّعان بَينهمَا فَإِن مَاتَ الزَّوْج بعد اللّعان وَبقيت الْمَرْأَة قيل لهاالتعني فادرئي عَن نَفسك الْحَد وَلَا مِيرَاث لَك وَإِن أَبيت اللّعان أَو كذبت نَفسك أقيم عَلَيْك الْحَد وَكَانَ لَك الْمِيرَاث وَقَالَ اللَّيْث يتوارثان حَتَّى يفرغا من اللّعان وَقَالَ الشَّافِعِي أَيهمَا مَاتَ قبل تَكْمِيل الزَّوْج اللّعان وَرثهُ صَاحبه وَالْولد غير منفي حَتَّى يكمل ذَلِك كُله فَإِن امْتنع أَن يكمل اللّعان حد الحديث: 1058 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 512 1060 - فِيمَن لَاعن ثمَّ ولدت آخر قَالَ أَصْحَابنَا إِذا لَاعن امْرَأَته بِولد فنفاه الْحَاكِم وَفرق بَينهمَا ثمَّ ولدت آخر بعد يَوْم لزمَه الْولدَان جَمِيعًا وَاللّعان مَاض على حَاله وَإِن أقرّ بهما فَلَا حد عَلَيْهِ لِأَنَّهُ صَادِق بقوله هما ابناي فَإِن قَالَ ليسَا بِابْني كَانَا ابنيه وَلَا حد عَلَيْهِ وَقَالَ زفر إِذا نفاهما بعد ذَلِك فَعَلَيهِ الْحَد وَقِيَاس قَول مَالك ذكره ابْن الْقَاسِم أَن الثَّانِي مُتَيَقن لِأَنَّهُ حمل وَاحِد وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا ولدت آخر بعد مُدَّة يَوْم فأقد بِهِ لزماه جَمِيعًا وَعَلِيهِ الْحَد إِن كَانَ قَذفهَا وَإِن لم ينفه وَإِن نَفَاهُ التعن وينفيه 1061 - فِي الْمُطلقَة يَنْفِي وَلَدهَا قَالَ أَصْحَابنَا فِيمَا حَكَاهُ ابْن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد فِي رجل طلق امْرَأَته تَطْلِيقَة يملك الرّجْعَة فَجَاءَت بِولد بعد سنة فنفاه يضْرب الْحَد لِأَنَّهُ قَذفهَا وَهِي أَجْنَبِيَّة وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك إِذا بَانَتْ مِنْهُ ثمَّ أنكر حملهَا لاعنها إِن كَانَ (193 أ) حملهَا يشْتَبه أَن يكون مِنْهُ وَإِن قَذفهَا بعد الطَّلَاق الثَّلَاث وَهِي حَامِل يقر بحملها ثمَّ زعم أَنه رَآهَا تَزني قبل أَن يفارقها حد وَلم يُلَاعن وَإِن أنكر حملهَا بعد أَن طَلقهَا ثَلَاثًا لاعنها وَقَالَ اللَّيْث إِذا أنكر حملهَا بعد أَن طَلقهَا ثَلَاثًا لاعنها وَقَالَ اللَّيْث إِذا أنكر حملهَا بعد الْبَيْنُونَة لَاعن وَلَو قَذفهَا بِالزِّنَا بعد أَن بَانَتْ مِنْهُ وَذكر أَنه رأى عَلَيْهَا رجلا قبل طَلَاقه إِيَّاهَا جلد الْحَد وَلم يُلَاعن الحديث: 1060 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 513 وَقَالَ ابْن شبْرمَة إِذا ادَّعَت الْمَرْأَة حملا فِي عدتهَا وَأنكر الَّذِي تَعْتَد مِنْهُ لاعنها فإت كَانَت فِي غير عدَّة جلد وَلحق بِهِ الْوَلَد وَقَالَ الشَّافِعِي إِن كَانَت امْرَأَة مغلوبة على عقلهَا فنفى زَوجهَا وَلَدهَا التعن وَوَقعت الْفرْقَة وانتفى الْوَلَد وَإِن مَاتَت الْمَرْأَة قبل اللّعان وطالب وَليهَا زَوجهَا كَانَ عَلَيْهِ أَن يلتعن وَلَو مَاتَت ثمَّ قَذفهَا حد وَلَا لعان إِلَّا أَن يَنْتَفِي بِهِ وَلَدهَا أَو حملا فيلتعن 1062 - فِيمَن قذف مرأته ثمَّ طَلقهَا ثَلَاثًا قَالَ أَصْحَابنَا إِذا بَانَتْ مِنْهُ بعد الْقَذْف بِطَلَاق أَو غَيره فَلَا حد عَلَيْهِ وَلَا لعان وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث والشافي يُلَاعن وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا قَذفهَا وَهِي حَامِل ثمَّ ولدت قبل أَن يلاعنها فَمَاتَتْ لزمَه الْوَلَد وَضرب الْحَد وَإِن لَاعن الزَّوْج وَلم تلتعن الْمَرْأَة حَتَّى تَمُوت ضرب الْحَد ويتوارثان وَإِن طَلقهَا وَهِي حَامِل وقذفها فَوضعت حملهَا قبل أَن يلاعنها لم يُلَاعن وَضرب الْحَد قَالَ أَبُو جَعْفَر أوجب الله تَعَالَى اللّعان بَين الزَّوْجَيْنِ وَأوجب على قَاذف الْأَجْنَبِيَّة الْحَد فَمَتَى زَالَت الزَّوْجَة سقط اللّعان ألاترى أَن شُهُودًا لَو شهدُوا بزنا فَحكم الْحَاكِم بِشَهَادَتِهِم ثمَّ رجعُوا سقط الْحَد وَكَانَ ذَلِك شُبْهَة فِي سُقُوطه وَإِن لم يجب مثله فِي الْأُصُول فَوَجَبَ أَن يكون حُدُوثه قبل اللّعان مسْقطًا لَهُ الحديث: 1062 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 514 فَإِن قيل إِنَّه لَو قَذفهَا وَهِي اجنبية ثمَّ تزَوجهَا لم ينْتَقل إِلَى اللّعان كَذَلِك إِذا قذف وَهِي زَوْجَة ثمَّ بَانَتْ لم يبطل اللّعان قيل لَهُ التَّزْوِيج قد يجب فِيهِ اللّعان وَقد يجب فِيهِ الْحَد أَلا ترى أَنه لَو أكذب نَفسه وَجب الْحَد فِي حَال النِّكَاح وَفِي غير حَال النِّكَاح لَا يجب فِيهِ اللّعان بِحَال 1063 - إِذا ادّعى الْوَلَد بعد اللّعان والفرقة قَالَ أَصْحَابنَا يلْحق بِهِ النّسَب إِن كَانَ حَيا وَإِن كَانَ مَيتا لم يثبت وَيضْرب الْحَد فَإِن كَانَ الْوَلَد قد ترك ولدا ثَبت النّسَب بدعوته وَذكر أَبُو جَعْفَر أَن فِي كتاب الْوَلَاء من الْأُصُول أَن الْوَلَد الْملَاعن بِهِ (193 ب) إِن ترك ابْن ابْن أَو ابْن بنت فدعوته جَائِزَة فِي قَول أبي حنيفَة وَلَا تجوز إذاكان لَهُ ابْن بنت قَالَ أَبُو بكر وَهُوَ على خلاف مَا ذكره وَقَالَ مَالك إِذا كَانَ الْوَلَد الْملَاعن بِهِ مَيتا لم يصدق على الدعْوَة وحد وَإِن كَانَ الْمَيِّت لَهُ ولد صدق وحد وَقَالَ الشَّافِعِي يصدق ترك الْمَيِّت ولدا أَو لم يتْرك 1064 - فِي أَرْبَعَة شهدُوا على امْرَأَة بِالزِّنَا أحدهم زَوجهَا قَالَ أَصْحَابنَا تجوز شَهَادَتهم وأقيم الْحَد على الْمَرْأَة وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ يُلَاعن الزَّوْج وَيحد الثَّلَاثَة الحديث: 1063 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 515 وَعَن الْأَوْزَاعِيّ رِوَايَتَانِ وروى نَحْو قَوْلنَا عَن الْحسن وَالشعْبِيّ وروى عَن ابْن عَبَّاس أَن الزَّوْج يُلَاعن وَيحد الثَّلَاثَة 1065 - فِيمَن نفى ولد امْرَأَته فَلم يُلَاعن حَتَّى مَاتَ الْوَلَد قَالَ أَصْحَابنَا يُلَاعن ولاينتفي الْوَلَد وَكَذَلِكَ الشَّافِعِي على مَا دلّ عَلَيْهِ قَوْله 1066 - فِي الْمُلَاعنَة يقذفها أَجْنَبِي قَالَ أَصْحَابنَا فِي رجل لَاعن امْرَأَته بِولد فقذفها إِنْسَان فَلَا حد عَلَيْهِ وَإِن لاعنها بِغَيْر ولد فقذفها إِنْسَان فَعَلَيهِ الْحَد وَقَالَ أَبُو يُوسُف يحد قاذفها لاعنت بِولد أَو بِغَيْر ولد وَهُوَ قَول مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ 1067 - فِي الْقَذْف الْمُوجب اللّعان قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قَالَ للْمَرْأَة يَا زَان فَعَلَيهِ اللّعان وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ أَصْحَابنَا إِذا نفى نسب ولد زَوْجَة فَعَلَيهِ اللّعان وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يجب اللّعان حَتَّى يَقُول لَهَا جَاءَت بِهِ من الزِّنَا آخر كتاب الطَّلَاق الحديث: 1065 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 516 = كتاب الْبيُوع = أَبْوَاب السّلم 1068 - فِي ترك مَكَان الْقَبْض قَالَ أَبُو حنفية لَا يجوز فِيمَا لَهُ حمل وَمؤنَة إِلَّا أَن يشْتَرط تَسْلِيمه مَكَانا مَعْلُوما وَهُوَ قَول زفر وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِن لم يكن لَهُ حمل أَو مُؤنَة جَازَ وَإِن لم يشْتَرط مَكَانا وتسليمه حَيْثُ مَا لقِيه وَرُوِيَ عَنهُ أَنه يُسلمهُ فِي مَوضِع العقد وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يُسلمهُ فِي مَوضِع العقد فِيمَا لَهُ حمل أَو مُؤنَة وَفِيمَا لاحمل لَهُ إِذا لم يشْتَرط مَكَانا غَيره وَالسّلم جَائِز وَهُوَ قَول شريك وَالْحسن بن حَيّ وَعبيد الله بن الْحسن وَقَالَ مَالك إِذا شَرط أَن يُوفيه بِمصْر فَهُوَ فَاسد وَإِن شَرط أَن يُوفيه بالفسطاط جَازَ ويوفيه فِي سوق الطَّعَام وَكَذَلِكَ جَمِيع السّلم إِذا كَانَ لَهَا أسواق قَائِمَة فَإِنَّمَا يُوفيه فِي أسواقها الحديث: 1068 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 5 وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يجوز السّلم وَإِن لم يشرط موضعا وَيَأْخُذهُ فِي منزله إِلَّا أَن يشْتَرط الْمَكَان فَإِن انْتقل من بَلْدَة أَخذه بِهِ حَيْثُ كَانَ منزله حِين أسلفه 1069 - فِي ترك الْأَجَل قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك لَا يجوز إِلَّا مُؤَجّلا وَقَالَ الشَّافِعِي يجوز 1070 - فِي مُدَّة الْأَجَل قَالَ سَمِعت ابْن أبي عمرَان يَقُول لَا يكون الْأَجَل فِي السّلم إِلَّا ثَلَاثَة أَيَّام فَصَاعِدا وَهُوَ قَول أَصْحَابنَا وَلم أَجِدهُ فِي شَيْء من رواياتهم وَذكر بعض أَصْحَاب زفر أَنه لَو أسلم إِلَى نصف النَّهَار جَازَ وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك فِي الرجل يبْتَاع الطَّعَام إِلَى يَوْم أَو يَوْمَيْنِ مَضْمُونا عَلَيْهِ يُوفيه إِيَّاه أَنه لَا خير فِيهِ إِلَّا إِلَى أبعد من هَذَا وَكَذَلِكَ الْحَيَوَان وَالثيَاب قَالَ وَلَقَد سَمِعت اللَّيْث يذكر عَن سعيد بن الْمسيب أَنه سُئِلَ عَن أجل يرْتَفع فِيهِ الْأَسْوَاق وينخفض قلت مَا هَذَا الَّذِي ترْتَفع فِيهِ الْأَسْوَاق قَالَ مَا حد لنا وَإِنِّي لأرى الْخَمْسَة عشر وَالْعِشْرين وَقَالَ ابْن وهب عَن اللَّيْث إِذا تفاوتت الْأَسْوَاق فَلَيْسَ بِهِ بَأْس إِذا بَاعَ فِي الْمحرم لما يُؤَدِّيه فِي شهر ربيع أَو أبعد من ذَلِك على هَذَا كَانَ أهل الْمَدِينَة يدْفَعُونَ إِلَى أَصْحَاب الظّهْر الْأَمْوَال سلفا فِي الْقَمْح وَالزَّيْت فَيخْرجُونَ بهَا إِلَى الشَّام ومصر فيتحملون ويوفون الحديث: 1069 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 6 وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِن سميت أَََجَلًا دون ثَلَاثَة أَيَّام فَهُوَ بيع نقد وَلَيْسَ بسلف وَإِن سميت أَََجَلًا بِثَلَاثَة أَيَّام فَهُوَ بيع السّلم يصلحه مَا يصلح السّلم ويفسده مَا يفْسد السّلم قَالَ أَبُو جَعْفَر لما لم يكن مِقْدَار الْكَيْل مَقْصُورا على شَيْء بِعَيْنِه كَذَلِك الْأَجَل فِي الْقيَاس 1071 - فِي السّلم بِإِنَاء بِعَيْنِه قَالَ أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيّ إِذا أسلم فِي ملْء هَذَا الْإِنَاء لم يجز وَلَو اشْترى طَعَاما بِعَيْنِه جَار وَقَالَ مَالك لَا يجوز شِرَاء طَعَام بِعَيْنِه بقدح أَو قَصْعَة لَيْسَ بِمِكْيَال النَّاس حَيْثُ يُوجد مكيال النَّاس وَيجوز لمن يَشْتَرِي من الْأَعْرَاب حَيْثُ لَيْسَ بِمِكْيَال النَّاس فِي الْأَسْوَاق والقرى مثل الْعلف والتبن وَالْحِنْطَة فيشتري بقدح أَو قَصْعَة فَيجوز وَقَالَ الثَّوْريّ فِي الرجل يسلف بقفير لَهُ فِي بَيته قد عرفه جِيرَانه فَهُوَ جَائِز 1072 - فِيمَن لم يقبض رَأس المَال حَتَّى يفترقا قَالَ أَصْحَابنَا يفْسد بالافتراق سَوَاء كَانَ رَأس المَال دينا أَو عرضا بِعَيْنِه وَقَالَ الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ لَا يجوز السّلم حَتَّى يقبض الثّمن قبل أَن يُفَارِقهُ وَقَالَ مَالك لَا بَأْس بِأَن يفترقا قبل أَن يقبض رَأس المَال إِلَّا أَن يكون ضرب أَََجَلًا بَعيدا لرأس المَال فَيفْسد وَأما إِذا لم يقبضهُ يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ فَلَا الحديث: 1071 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 7 بَأْس وَلَا يُعجبهُ بعد أَيَّام كَثِيرَة وَإِن كَانَ رَأس المَال ثوبا أَو نَحوه وَأما الصّرْف فَلَا يجوز حَتَّى يقبض قبل الْفرْقَة 1073 - فِي جَهَالَة رَأس المَال إِذا كَانَ مَكِيلًا أَو مَوْزُونا قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا أسلم دَرَاهِم بِعَينهَا لَا يعلم وَزنهَا لم يجز وَهُوَ قَول مَالك والثورى وَقَالَ مَالك لَو أسلم تَبرأ أَو جَام زجاج أَو فضَّة مكسورا لَا يعلم وَزنه جَازَ فرق بَينه وَبَين الدَّرَاهِم لِأَن التبر بِمَنْزِلَة الثَّوْب والسلعة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يجوز إِذا كَانَ بِعَيْنِه وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْبُوَيْطِيّ لَا يجوز أَن يسلف شَيْئا جزَافا من فضَّة وَلَا ذهب وَلَا شَيْء غير مَعْلُوم مَنْظُور إِلَيْهِ مَعْدُود من جَمِيع الْعرُوض إِلَى أجل قَالَ الْمُزنِيّ وَقد أجَاز فِي مَوضِع آخر أَن يدْفع سلْعَته غير مكيلة وَلَا موزونة فِي سلم وَهَذَا أشبه بِأَصْلِهِ 1074 - فِيمَا يدل على الْكَيْل قَالَ أَصْحَابنَا مَا كيل بالرطل فَهُوَ وزن وماكيل بالقفيز والصاع وَالْمدّ فَهُوَ كيل وَقَالُوا فِي السّمن وَالزَّيْت وَالْعَسَل وَنَحْوه إِنَّه وزن وَقَالَ الشَّافِعِي أصل الْكَيْل وَالْوَزْن بالحجاز فَكل مَا وزن على عهد الحديث: 1073 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 8 رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأصله الْوَزْن وماكيل فأصله الْكَيْل وَمَا أحدث النَّاس رد إِلَى الأَصْل وَقَالَ أَبُو عبيد الْقَاسِم بن سَلام الْوَزْن مَرْدُود إِلَى مَا عَلَيْهِ أهل مَكَّة فِيهِ والكيل مَرْدُود إِلَى مَا عَلَيْهِ أهل الْمَدِينَة فِيهِ وروى الثَّوْريّ عَن حَنْظَلَة عَن طَاوس عَن ابْن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله عَلَيْهِ وَسلم الْوَزْن وزن أهل مَكَّة والمكيال مكيال أهل الْمَدِينَة قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلَا دلَالَة فِي هَذَا على حكم اعْتِبَار مَا لَا يجوز التَّفَاضُل فِيهِ من المكيلات والموزونات إِذا بيع بَعْضهَا بِبَعْض هَل تبَاع وزنا أَو كَيْلا 1075 - فِي السّلم فِي غير حِينه قَالَ أَصْحَابنَا لَا يجوز السّلم إِلَّا أَن يكون الْمُسلم فِيهِ مَوْجُودا فِي أَيدي النَّاس من وَقت العقد إِلَى وَقت حُلُول الْأَجَل فَإِن كَانَ مُنْقَطِعًا فِي شَيْء من ذَلِك لم يَصح وَقَالَ الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ لَا يجوز السّلم إِلَّا فِيمَا كَانَ فِي يَد النَّاس مِنْهُ شَيْء وَلَا يجوز إِذا لم يكن فِي يَد النَّاس مِنْهُ شَيْء وَقَالَ الْحسن بن حَيّ لَا يكون السّلم إِلَّا فِيمَا لَا يكون من السّنة حِين إِلَّا وَهُوَ يُوجد فِيهِ قَالَ اللَّيْث أكره السّلف فِي الْفَاكِهَة الرّطبَة قبل إبانها الحديث: 1075 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 9 وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ يجوز السّلم فِي التَّمْر قبل حِينه إِذا كَانَ مثله مَوْجُودا فِي يَد النَّاس وَقت حُلُول الْأَجَل فَإِن كَانَ يَنْقَطِع لم يجز وَاحْتج الشَّافِعِي بِحَدِيث ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قدم الْمَدِينَة وهم يسلفون فِي التَّمْر السّنة والسنتين وَالثَّلَاث فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أسلم فليسلم فِي كيل مَعْلُوم وَوزن مَعْلُوم إِلَى أجل مَعْلُوم قَالَ وَالرّطب من التَّمْر فقد أجل السّلم فِيهِ قبل حِينه قَالَ أَبُو جَعْفَر هَذَا مَحْمُول على مَا كَانَ مَوْجُودا فِي حِين السّلم فِيهِ وَإِن لم يكن مَذْكُورا فِي هَذَا الحَدِيث لِأَن هَذَا الْخَبَر يستوعب كل مَا لَا يجوز فِيهِ السّلم وَقد روى شُعْبَة عَن عَمْرو بن مرّة عَن أبي البخْترِي الطَّائِي قَالَ سَأَلت ابْن عَبَّاس عَن السّلم فَقَالَ نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن بيع النّخل حَتَّى يُؤْكَل مِنْهُ وروى عَطاء عَن جَابر قَالَ منعنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن بيع الثَّمر حَتَّى يطيب هَذَا النَّهْي ثَابت فِي كل حَال 1076 - فِي السّلم فِي سنتَيْن صَفْقَة وَاحِدَة قَالَ أَبُو حنيفَة وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ إِذا أسلم مائَة دِرْهَم فِي كرّ حَنْظَلَة وكر شعير وَلم يبين رَأس مَال وَاحِد مِنْهَا لم يجز الحديث: 1076 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 10 وَقَالَ مَالك وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد هُوَ جَائِز قَالَ مَالك لِأَنَّهُ صَفْقَة وَاحِدَة وَإِن اخْتلف أصلاهما جَازَ أَيْضا 1077 - فِي السّلم فِي اللَّحْم قَالَ أَصْحَابنَا لَا يجوز السّلم فِي اللَّحْم وَيجوز فِي الشَّحْم وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَمَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ يجوز إِذا وصف موضعا مِنْهُ 1078 - فِي السّلم فِي الرؤوس والأكارع قَالَ أَصْحَابنَا لَا يجوز السّلم فِي الرؤوس والأكارع وَقَالَ مَالك يجوز إِذا شَرط صنفا مَعْلُوما صغَارًا أَو كبارًا وَقدرا مَوْصُوفا وَذكر الرّبيع عَن الشَّافِعِي لَا يجوز السّلف فِي شَيْء من الرؤوس والأكارع 1079 - فِي السّلم فِي السّمك ذكر فِي الأَصْل جَوَاز السّلم فِي السّمك الطري والمالح وزنا مَعْلُوما فِي حِينه وَلم يذكر خلافًا وَذكر أَبُو يُوسُف فِي الْإِمْلَاء عَن أبي حنيفَة أَنه لَا خير فِي السّلم فِي السّمك الطري والمالح وَقَالَ أَبُو يُوسُف يجوز فِي المالح وَفِي الصغار الَّذِي يُكَال وَقَالَ مَالك يجوز السّلم فِي السّمك الطري إِذا سمى جِنْسا من الْحيتَان وَاشْترط صنفا أَو طولهَا كَذَا أَو يذكر وزنا الحديث: 1077 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 11 وَقَالَ الشَّافِعِي يجوز فِي السّمك وزنا ويصف صَغِيرا أَو كَبِيرا 1080 - فِي السّلم فِي الْجَوْز وَالْبيض قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالْأَوْزَاعِيّ لَا بَأْس بالسلم فِي الْجَوْز وَالْبيض عددا وصغير ذَلِك وكبيره سَوَاء وَلم يذكر خلافًا وَحكى الْحسن بن زِيَاد عَن زفر أَنه لَا يجوز السّلم فِي الْجَوْز وَالْبيض وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ 1081 - فِي السّلم فِي الْفُلُوس قَالَ أَصْحَابنَا لَا بَأْس بالسلم فِي الْفُلُوس عددا وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ مَالك لَا يجوز أَن يسلم دَرَاهِم أَو دَنَانِير أَو فُلُوسًا وَلَا أَن يُبَاع بَعْضهَا بِبَعْض إِلَى أجل لِأَنَّهُ صرف وَيجوز أَن يسلم ثوبا فِي فلوس 1082 - فِي السّلم فِي الْحَيَوَان قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ لَا يجوز السّلم فِي الْحَيَوَان وَقَالَ مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ يجوز وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا أسلم فِي الرَّقِيق قَالَ عبدا نوبيا خماسيا الحديث: 1080 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 12 أَو محتلما أسود هُوَ أَو وضيئا أَبيض أَو أصفر أَو أسحم وَكَذَلِكَ الْجَارِيَة ويصف الدَّوَابّ بنتاجها وجنسها وألوانها قَالَ وَلَا يجوز السّلم فِي النبل لِأَنَّهُ لَا يقدر على ذرع ثخانتها لرقتها وَلَا صفة مَا فِيهَا من ريش أَو عقب وَغَيره وَلَا فِي اللُّؤْلُؤ قَالَ أَبُو جَعْفَر روى سعيد عَن قيس بن مُسلم عَن طَارق بن شهَاب قَالَ أسلم زيد بن خليدة إِلَى عتريس بن عرقوب فِي قَلَائِص كل قلُوص بِخَمْسِينَ فَلَمَّا جَاءَ الْأَجَل يتقاضاه فَأتى ابْن مَسْعُود يستنظره فَنَهَاهُ عَن ذَلِك وَأمره أَن يَأْخُذ رَأس مَاله وروى شُعْبَة عَن عمار الدهني قَالَ كَانَ حُذَيْفَة يكره السّلم فِي الْحَيَوَان وروى حَمَّاد بن سَلمَة عَن حميد عَن أبي نَضرة أَنه سَأَلَ ابْن عمر عَن السّلف فِي الوصفاء فَقَالَ لابأس بِهِ فَقَالَ إِن أمراءنا ينهون عَن ذَلِك قَالَ فأطيعوا أمراءكم قَالَ وأمراؤنا يَوْمئِذٍ عبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة وَأَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 13 وروى ابْن عَبَّاس وَابْن عمر وَسمرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه نهى عَن بيع الْحَيَوَان بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَة 1083 - فِي استقراض الْحَيَوَان وَقَالَ أَصْحَابنَا لايجوز استقراض الْحَيَوَان وَقَالَ مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ يجوز إِلَّا الْآدَمِيّ فَإِنَّهُ لايجوز استقراضه قَالَ أَبُو جَعْفَر حَدثنَا أَبُو رَافع أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم استسلف بكرا وَأمره أَن يَقْضِيه رباعيا من إبل الصَّدَقَة حَدِيث أبي هُرَيْرَة كَانَ لرجل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سنا فتقاضاه فَأَغْلَظ لَهُ فهم بِهِ أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذرْوَة فَإِن لصَاحب الْحق مقَالا اشْتَروا لَهُ سنا فَأَعْطوهُ إِيَّاه فَإِن خَيركُمْ أحسنكم قَضَاء قيل هَذَا تَحْرِيم للربا ورد الْأَشْيَاء إِلَى مقاديرها كَحَدِيث سَلمَة بن المحبق عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَن وطىء جَارِيَة لامْرَأَته بِجَارِيَة مثلهَا الحديث: 1083 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 14 وَأوجب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْمُعْتق ضَمَان نصيب شَرِيكه قيمَة وَلم يُوجب نصف عَبده مثله قَالَ فَإِن قيل قد أوجب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْجَنِين غرَّة عبدا أَو أمة وَجعل دِيَة شبه الْعمد مائَة من الْإِبِل مِنْهَا أَرْبَعُونَ خلفة فِي بطونها أَوْلَادهَا فَجعل الْحَيَوَان دينا فِي الذِّمَّة قيل لَهُ قَالَ مَالك إِن من اشْترى جَارِيَة على أَنَّهَا حَامِل أَن البيع بَاطِل وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يجوز السّلم فِي الْحَيَوَان على أَنَّهَا حَامِل والغرة قد ثبتَتْ غير مَوْصُوفَة وَلَا يجوز أَخذ السّلم فِي مثلهَا وَقد جعل الْمُسلمُونَ فِي جَنِين الْأمة شَيْئا من الدَّرَاهِم وَلم يجْعَلُوا فِيهِ غرَّة 1084 - فِيمَا يجوز فِيهِ النسأ وَمَا لَا يجوز عِنْد أَصْحَابنَا أَن الْجِنْس بِانْفِرَادِهِ يحرم النسأ وَكَذَلِكَ الْكَيْل وَالْوَزْن كل وَاحِد مِنْهُمَا بِانْفِرَادِهِ يحرم النسأ وَإِن اخْتلف الْجِنْس إِلَّا الذَّهَب وَالْفِضَّة فِي الموزونات فَإِنَّهُ جَائِز وَهُوَ قَول إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَأما التَّفَاضُل فَلَا يحرم إِلَّا باجتماع الْجِنْس والكيل وَالْوَزْن وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَأَبُو الزِّنَاد لَا يحرم بيع رَطْل برطلين الحديث: 1084 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 15 وَقَالَ مَالك الْأَمر عندنَا فِيمَا يُكَال أَو يُوزن لَا يُؤْكَل وَلَا يشرب نَحْو العصفر والنوى والخبط والكتم وَمَا أشبه ذَلِك أَنه لَا بَأْس بِهِ اثْنَان بِوَاحِد إِلَى أجل وَلَا بَأْس برطل حَدِيد برطلين حَدِيد يدا بيد وَلَا يجوز نَسِيئَة بالصنف الآخر وَإِن اخْتلف الصنفان فباختلافهما جَازَ النسأ والتفاضل فَإِن كَانَ الصِّنْف مِنْهُ نَسِيئَة بالصنف الآخر وَإِن اخْتلف فِي الِاسْم مثل الشّبَه والصفر والرصاص والآنك فَإِنِّي أكره مِنْهُ اثْنَان بِوَاحِد إِلَى أجل وَأما التَّفَاضُل فَإِنَّهُ يحرم إِذا كَانَ صنفا وَاحِدًا يدّخر ويؤكل أَو يشرب وَقَالَ الثَّوْريّ أسلف مَا يُكَال فِيمَا يُوزن ويوزن فِيمَا يُكَال وأسلف الحنظلة فِي الْقطن وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا يجوز بيع نُحَاس مكسور بِإِنَاء نُحَاس وَزِيَادَة دِرْهَم لَا يجوز إِلَّا وزنا وَقَالَ لَا بَأْس بإبريق رصاص لِأَنَّهُ قد خرج من الْوَزْن وَلَا بَأْس بِبيع النّحاس بالفلوس وَقَالَ اللَّيْث الرِّبَا تَفْسِيره أَن كل مَا ينْتَفع النَّاس بِهِ فِي كل صنف من الْأَصْنَاف وَإِن كَانَ من الْحِجَارَة أَو التُّرَاب وكل وَاحِد من صنف من تِلْكَ الْأَصْنَاف بِمثلِهِ إِلَى أجل الرِّبَا وَوَاحِد بمثليه وَزِيَادَة شَيْء إِلَى أجل فَهُوَ رَبًّا وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يجوز أَن يسلف شَيْئا مِمَّا يُكَال أَو يُوزن من الْمَأْكُول والمشروب فِي شَيْء مِنْهُ وَإِن اخْتلف الجنسان متفاضلين يدا بيد وَمَا خرج من الْمَأْكُول والمشروب وَالذَّهَب وَالْفِضَّة فَلَا بَأْس بعضه بِبَعْض مُتَفَاضلا وَإِلَى أجل وَإِن كَانَ من صنف وَاحِد لَا بَأْس أَن يسلف بَعِيرًا فِي بَعِيرَيْنِ ورطل نُحَاس برطلين إِذا دفع العاجل وَوصف الآجل وَمَا أكل وَشرب مِمَّا لَا يُكَال وَلَا يُوزن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 16 وروى عَن سعيد بن الْمسيب أَنه قَالَ لَا رَبًّا إِلَّا فِي ذهب ورق أَو مَا يُكَال أَو يُوزن وروى عَن عِيسَى بن يُونُس وَيحيى الْقطَّان عَن صديقَة بن الْمثنى عَن جده ريَاح بن الْحَارِث قَالَ عمار بن يَاسر العَبْد خير من الْعَبْدَيْنِ وَالْأمة خير من الأمتين وَالْبَعِير خير من البعيرين فَمَا كَانَ يدا بيد فَلَا بَأْس إِنَّمَا الرِّبَا فِي النسأ إِلَّا مَا كيل أَو وزن قَالَ فِيهِ عِيسَى بن يُونُس عَن صَدَقَة بن الْمثنى بن ريَاح بن الْحَارِث نِسْبَة عِيسَى إِلَى جده وَنسبه يحيى إِلَى أبيَّة وَكَانَ مَذْهَب عمار مواقفا لمَذْهَب إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ مُخَالفا لقَوْل سعيد بن الْمسيب لِأَنَّهُ قَالَ إِنَّمَا الرِّبَا فِي النسأ يَعْنِي فِيمَا ذكره من الْحَيَوَان بِالْحَيَوَانِ وَخص مَا يُكَال أَو يُوزن بِأَن فِيهِ الرِّبَا إِذا كَانَ مُتَفَاضلا وَإِن كَانَ نسأ وَلم يفرق فِيهِ بَين مَا يُؤْكَل مِنْهُ أَو لَا يُؤْكَل فَثَبت أَن مذْهبه أَن التَّفَاضُل فِي الْمكيل أَو الْمَوْزُون رَبًّا وَهُوَ مَحْمُول على أَنَّهُمَا إِذا كَانَا من جنس وَاحِد قَالَ وَلَا نعلم عَن أحد من الصَّحَابَة خلاف هَذَا قَالَ وَقَوله الرِّبَا فِي ذَلِك يدل على أَنه تَوْقِيف وَذكر مَالك والدراوردي عَن عبد الْمجِيد بن سُهَيْل بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن سعيد الْمسيب عَن أبي سعيد وَأبي هُرَيْرَة فِي قصَّة تمر خَيْبَر وَقَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تَبِيعُوا كَذَلِك وَلَكِن بِعْ هَذَا واشتر من ثمنه من هَذَا وَكَذَلِكَ الْمِيزَان الجزء: 3 ¦ الصفحة: 17 وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيم بن حَمْزَة الزبيرِي عَن الدَّرَاورْدِي عَن عبد الْمجِيد بن سُهَيْل عَن أبي صَالح السمان عَن أبي هُرَيْرَة عَن أبي سعيد مثله فخالفها نعيم بن حَمَّاد فَجعله أبي سهل قَالَ أَبُو جَعْفَر الذَّهَب وَالْفِضَّة لَا يخرجَانِ عَن حَال الْوَزْن بِحَال وَسَائِر الْأَشْيَاء من النّحاس والرصاص وَنَحْوهمَا قد يوزنان فِي حَال وَلَا يوزنان فِي أُخْرَى على حسب جَرَيَان الْعَادة أَلا ترى أَن الدَّقِيق أصل الْكَيْل وَأَن الْخبز قد خرج بالصنعة عَن حد الْكَيْل عِنْد الْجَمِيع فَمنهمْ من يَقُول هُوَ وزن وَهُوَ قَول زفر وَمِنْهُم من يَقُول لَيْسَ بكيل وَلَا وزن وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد فِيمَا حَكَاهُ أَبُو جَعْفَر وَنقل عَن مَالك أَن الْخبز لَا يجوز فِيهِ التَّفَاضُل وَيجوز بيع بعضة بِبَعْض على التَّحَرِّي أَن يكون مثلا بِمثل وَإِن لم يُوزن ذكره عَنهُ ابْن وهب فَلم يَجعله كالدقيق وكالحنطة لِأَن التَّحَرِّي لَا يجوز فيهمَا وَذكر الرّبيع عَن الشَّافِعِي أَن الْخبز لَا يجوز بعضة بِبَعْض قَالَ أَبُو جَعْفَر يحْتَمل أَن يكون لم يجزه لِأَن أَصله كيل وَلَا يُمكن ذَلِك فِيهِ فَإِن كَانَ كَذَلِك فَلَا حجَّة عَلَيْهِ فِيمَا ذَكرْنَاهُ 1085 - فِي النسأ فِي الثِّيَاب بَعْضهَا بِبَعْض قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اخْتلف جِنْسهَا جَازَ النسأ نَحْو الْهَرَوِيّ بالقوهي أَو الْهَرَوِيّ فِي زطي وَإِن كَانَ أَصله قطنا وَنَحْوه عَن الثَّوْريّ الحديث: 1085 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 18 وَقَالَ مَالك لَا يصلح النَّسِيئَة فِي الثِّيَاب بَعْضهَا بِبَعْض حَتَّى تخْتَلف فيتباين اختلافه نَحْو الْهَرَوِيّ والمروي بالملاحف اليمانية أَو الشقايق وَأما مَا أشبه بعضه بَعْضًا مِنْهَا وَإِن اخْتلف أسماؤها لم يجز اثْنَان بِوَاحِد إِلَى أجل وَذَلِكَ أَن يَأْخُذ الثَّوْبَيْنِ من الْهَرَوِيّ بِالثَّوْبِ الْمَرْوِيّ أَو القوهي إِلَى أجل فَلَا يجوز وَقَالَ الْحسن بن حى أكره النسأ فِي الثِّيَاب إِذا كَانَ أَصلهمَا وَاحِدًا وَإِن كَانَ أَحدهمَا قطنا وَالْآخر كنانا أَو صُوفًا فَلَا بَأْس فِيهِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يجوز عشرَة أَثوَاب بِثَوْب إِلَى أجل وَقَالَ اللَّيْث نسجان مصر كلهَا صنف وَاحِد فَلَا يجوز النسأ بَعْضهَا بِبَعْض ونسجان مصر يجوز نسجان الْعِرَاقِيّ وَقَالَ الشَّافِعِي مَا خرج من الْمَأْكُول والمشروب وَالذَّهَب وَالْفِضَّة جَازَ فِيهَا النسأ والتفاضل وَقَالَ سعيد بن الْمسيب بقبطية بقبطيتين إِلَى أجل وَكَذَلِكَ سَائِر الثِّيَاب قَالَ أَبُو الزِّنَاد وَخَالفهُ الْفُقَهَاء كلهم فِي هَذَا عَن الزُّهْرِيّ لَا يصلح ثوب بثوبين دينا إِلَّا أَن يخْتَلف وَقَالَ سُلَيْمَان بن يسَار لَا يصلح ثَوْبَان بِثَوْب إِلَّا يدا بيد وَقَالَ يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ لَا يجوز النسأ فِي الشَّيْء يُبَاع نصفه إِلَّا أَن تخْتَلف الصّفة وَالتَّسْمِيَة وَقَالَ ربيعَة الَّذِي يحرم فِي ذَلِك الثَّوْب من الثَّوْبَيْنِ من ضربه كالربطة من نسج الولائد بالربطتين من نسج الولائد 1086 - فِي الْخِيَار من السّلم قَالَ أَصْحَابنَا إِذا شَرط فِي السّلم خيارا مُدَّة مَعْلُومَة وافتراقا على ذَلِك بَطل وَهُوَ قَول الشَّافِعِي الحديث: 1086 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 19 وَقَالَ مَالك لَا يجوز الْخِيَار فِي الصّرْف وَيجوز فِي السّلم الْيَوْم واليومين إِذا لم يقدم رَأس المَال 1087 - إِذا كَانَ بعضه دينا قَالَ أَصْحَابنَا يجوز فِي حِصَّة الْعين وَيبْطل فِي الدّين إِن افْتَرقَا على ذَلِك وَقَالَ مَالك يبطل كُله وَنَحْوه عَن الثورى وَكَذَلِكَ قِيَاس قَول الشَّافِعِي لِأَنَّهُ لَا يُجِيز الدّين فِي السّلم وَكَذَلِكَ لَا يجوز عِنْده إِذا كَانَ عِنْده وَدِيعَة لَهُ فيجعلها سلفا حَتَّى يقبضهَا وَمن قَوْله إِن الصَّفْقَة إِذا فسد بَعْضهَا فسد جَمِيعهَا 1088 - فِي الشّركَة فِي السّلم قبل الْقَبْض قَالَ أَصْحَابنَا لاتجوز التَّوْلِيَة وَالشَّرِكَة فِي السّلم قبل الْقَبْض وَهَذَا قَول الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ مَالك لايجوز بَيْعه قبل الْقَبْض وَيجوز فِيهِ الشركه وَالتَّوْلِيَة لِأَن هَذَا مَعْرُوف 1089 - فِي الْكفَالَة وَالرَّهْن فِي السّلم قَالَ أَصْحَابنَا لابأس بِالرَّهْنِ وَالْكَفِيل فِي السّلم وبرأس المَال وَكَذَلِكَ الْحِوَالَة إِذا قبض رَأس المَال قبل الْفرْقَة وَذكر الْحسن عَن زفر انه إِذا أسلم مائَة دِرْهَم فِي كرّ حِنْطَة إِلَى سنة ثمَّ اعطاه بِالْمِائَةِ قبل الْفرْقَة وأحاله بهَا على رجل وَرَهنه بهَا رهنا لم يَصح شَيْء من الحديث: 1087 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 20 ذَلِك وَلم يكن لَهُ على الْكَفِيل سَبِيل وَحكى عَن زفر أَنه إِذا أعطَاهُ كَفِيلا بالسلم بعد العقد أَو أَحَالهُ على غَيره جَازَ وَقَالَ مَالك لايجوز الْخِيَار فِي الصّرْف وَلَا فِي الْحِوَالَة وَلَا الْكفَالَة وَلَا الرَّهْن وَيجوز الْكَفِيل وَالرَّهْن فِي السّلم وَكَذَلِكَ الْحِوَالَة وَلم يبلغنِي عَن أحد أَنه كرهه إِلَّا الْحسن وَلَيْسَ بِهِ بَأْس وَقَالَ الشَّافِعِي لابأس بالكفيل وَالرَّهْن فِي السّلم قَالَ أَبُو جَعْفَر روى أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ أشهد أَن السّلف الْمَضْمُون إِلَى اجل مَعْلُوم وَكيل أَو وزن مَعْلُوم أحله الله تَعَالَى وَأذن بِهِ أما تقرؤون هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا تداينتم بدين إِلَى أجل مُسَمّى فاكتبوه} الْبَقَرَة 282 فَكَانَ فِي الْآيَة الْإِذْن فِي الرَّهْن بالسلم وَإِذا جَازَ بالسلم جَازَ بِرَأْس المَال وَجَاز بِهِ الْكفَالَة وَالْحوالَة 1090 - فِي السّلم إِلَى الْحَصاد قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري لايجوز السّلم إِلَى الْحَصاد والدياس وَالعطَاء وَنَحْوه وَإِن قَالَ إِلَى صَوْم النَّصَارَى والنيروز والمهرجان لم يجز فَإِن كَانَ مَعْرُوفا لَا يتَقَدَّم وَلَا يتَأَخَّر جَازَ وَإِلَّا لم يجز وَقَالَ ابْن ليلى إِذا بَاعَ إِلَى الْعَطاء أَو إِلَى أجل سواهُ لَا يعرف فَالْبيع جَائِز وَالْمَال كُله حَال الحديث: 1090 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 21 وَقَالَ عُثْمَان البتي إِذا كَانَ الْعَطاء جَارِيا وَكَانَ وقته مَعْرُوفا فَالْبيع جَائِز إِلَيْهِ وَقَالَ مَالك البيع إِلَى الْحَصاد والجذاذ وَالْعصر جَائِز لِأَنَّهُ مَعْرُوف وَينظر إِلَى حصاد ذَلِك الْبَلَد ينظر إِلَى أعظم ذَلِك وكثرته وَلَا ينظر إِلَى أَوله وَلَا إِلَى آخِره فَيكون حُلُوله عِنْد ذَلِك وَقَالَ مَالك فِي البيع إِلَى الْعَطاء إِن كَانَ ذَلِك مرّة جَائِز لِأَن الْعَطاء كَانَ مَعْرُوفا ثمَّ يُحَرك فَلَا يعرف فَلَيْسَ يُعجبنِي إِلَّا أَن يكون مَعْرُوفا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لابأس أَن يسلف فِي طَعَام نَسِيئَة إِلَى حقله إِذا كَانَ قد أفرك وَأمنت عَلَيْهِ العاهة وَقَالَ الْحسن بن حَيّ لَا يسلم إِلَى الْجذاذ والدياس والحصاد وَيسلم إِلَى النيروز والمهرجان وَقَالَ الشَّافِعِي لايجوز إِلَى الْعَطاء والحصاد وَلَا إِلَى فصح النَّصَارَى لِأَنَّهُ يخْتَلف وقته لأَنهم ينسؤون فِيهِ أَيَّامًا فَلَو أجزناه كُنَّا قد عَملنَا فِي ديننَا بِشَهَادَة النَّصَارَى قَالَ أَبُو جَعْفَر روى ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أسلفوا فِي كيل مَعْلُوم إِلَى أجل مَعْلُوم وروى عبد الْكَرِيم الْجَزرِي عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لايجعل السّلف إِلَى الأندر يَعْنِي البيدر وَلَا إِلَى الْعَصْر وَلَا إِلَى الْعَطاء وَلَكِن يُسمى شهرا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 22 قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ الله تَعَالَى {يَسْأَلُونَك عَن الْأَهِلّة قل هِيَ مَوَاقِيت للنَّاس وَالْحج} الْبَقَرَة 189 فنص على شهور الْأَهِلّة فِي آجال الدُّيُون وَغَيرهَا وَسَائِر الشُّهُور بِغَيْر الْأَهِلّة يخْتَلف أَهلهَا فِيهَا وَيزِيدُونَ فِي بعض السنين وينقصون فَتَصِير أَوْقَاتهَا مَجْهُولَة 1091 - فِيمَن وجد بالسلم عَيْبا قَالَ ابْن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد إِذا أسلم عشرَة دَرَاهِم فِي ثوب وَقبض الثَّوْب وَوجد عَيْبا أَو حدث بِهِ عِنْده عيب فَإِن أَبَا حنيفَة قَالَ لَا يرجع بِالنُّقْصَانِ وَلَا يردهُ وَقَالَ مُحَمَّد بِمَنْزِلَة ثوب بِعَيْنِه اشْتَرَاهُ فَيرجع بِنُقْصَان الْعَيْب وَكَذَلِكَ لَو كَانَ الْمُسلم كرّ حِنْطَة قَالَ وَفِي قِيَاس قَول أبي يُوسُف يرد قيمَة الثَّوْب معيبا وَيرجع بِالْمُسلمِ كألف اقتضاها فأنفقها ثمَّ علم أَنَّهَا زيوف وَذكر الْحسن عَن زفر مثل قَول مُحَمَّد وَلَيْسَ عَن مَالك فِيهِ شَيْء مَنْصُوص وَذكر أَصْحَابه أَن قَوْله كَقَوْل مُحَمَّد وَهُوَ قَول الشَّافِعِي 1092 - فِي الشِّرَاء بِرَأْس المَال بعد الْإِقَالَة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا تَقَايلا السّلم لم يشتر بِرَأْس المَال شَيْئا قبل الْقَبْض الحديث: 1091 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 23 وَقَالَ زفر إِذا كَانَ رَأس المَال دَرَاهِم جَازَ الشِّرَاء بِمِثْلِهَا رِوَايَة مُحَمَّد وروى الْحسن بن زِيَاد عَنهُ إِن الشِّرَاء بِرَأْس المَال جَائِز وَيبين الْمُسلم إِلَيْهِ من الدَّرَاهِم وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ مَالك وَالثَّوْري كَقَوْل أبي حنيفَة وروى عَن ابْن عَبَّاس أَنه أجَاز أَن يَأْخُذهُ 1093 - فِي ترك قبض رَأس المَال بعد الْإِقَالَة قَالَ لاخلاف بَين أَصْحَابنَا أَن ترك قبض رَأس المَال فِي الْمجْلس لَا يبطل الْإِقَالَة وَأما تَأْخِيره إِلَى مُدَّة مَعْلُومَة فَقِيَاس قَوْلهم جَمِيعًا أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد وَزفر أَنه بَاطِل لأَنهم إِنَّمَا يجيزون التَّأْخِير فِي الْأَشْيَاء الَّتِي هِيَ إِبْدَال لغَيْرهَا ولايجيزونها فِيمَا لَيْسَ بِبَدَل قَالَ أَبُو بكر هَذَا غلط وَلَا خلاف بَين أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد فِيهِ وَقَالَ مَالك لايجوز ترك قبض رَأس المَال فِي الْمجْلس لِأَنَّهُ دين بدين وَقَالَ الشَّافِعِي لايجوز التَّأْجِيل فِيهِ قَالَ أَبُو جَعْفَر أجَاز مَالك أَن لَا يقبض الْمُسلم إِلَيْهِ رَأس المَال من الْمُسلم فِي الْمجْلس وَإِن لم يقبضهُ بعد يَوْم أَو يَوْمَيْنِ لم يجز الحديث: 1093 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 24 1094 - فِي الشَّرْط الْفَاسِد إِذا بَطل قَالَ أَصْحَابنَا لَو اشْترى صرفا على شَرط الْخِيَار شهرا ثمَّ أبطل الْخِيَار قبل التَّفْرِقَة جَازَ العقد عِنْد أبي حنيفَة وَلَو شَرط الْخِيَار فِي غير الصّرْف شهرا ثمَّ أبْطلهُ فِي الثُّلُث جَازَ العقد وَكَذَلِكَ الْأَجَل الْمَجْهُول وَقَالَ زفر لَا يجوز أبدا وَقَالَ مَالك فِي خِيَار الصّرْف لَا يجوز كَقَوْل زفر وَكَذَلِكَ السّلم قَالَ وَلَو بَاعَ عَبده بِمِائَة دِينَار على أَن أسلف خمسين دِينَارا فَالْبيع فَاسد إِلَّا أَن يرضى من أَخذ السّلف أَن يرد السّلف وَيثبت البيع فِيمَا بَينهمَا وَقَالَ مَالك لَو بَاعَ إِلَى أجل مَجْهُول فَقَالَ المُشْتَرِي أَنا أبطل الْأَجَل وأنقذ الثّمن فَللْبَائِع أَن يَأْخُذ سلْعَته وَلَا ينظر إِلَى قَول المُشْتَرِي هَذِه رِوَايَة ابْن الْقَاسِم وَقَالَ ابْن وهب عَنهُ فِيمَن ابْتَاعَ جَارِيَة على أَن لَا يَبِيعهَا وَلَا يَهَبهَا إِن البيع ينْقض إِلَّا أَن يرضى أَن يُسَلِّمهَا إِلَيْهِ وَلَا شَرط فِيهَا وَقَالَ اللَّيْث إِذا شَرط أَن يتخذها أم ولد فَالْبيع فَاسد وَإِن وضع عَنهُ الشَّرْط جَازَ البيع وَعند الشَّافِعِي إِذا فسد البيع بِوَجْه لم يجز أبدا 1095 - فِي الْإِقَالَة فِي السّلم من أحد الشَّرِيكَيْنِ قَالَ أَبُو حنفية إِذا أسلم رجلَانِ إِلَى رجل ثمَّ أقَال أَحدهمَا لم يجز إِلَّا أَن يجزها الآخر وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ الحديث: 1094 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 25 وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمَالك يجوز فِي نصِيبه وَمذهب الشَّافِعِي يدل على جَوَازه أَيْضا 1096 - فِي الْإِقَالَة فِي بعض السّلم قَالَ أَصْحَابنَا لابأس فِي بعض رَأس مَاله وَبَعض سلمه وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَالثَّوْري قَالَ الثَّوْريّ وَأَن يَأْخُذ الَّذِي أسلف أحب إِلَيّ وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَأَبُو الزِّنَاد لَا يَصح أَن يَأْخُذ بعض سلمه وَبَعض رَأس مَاله وَقَالَ مَالك إِن كَانَ السّلم طَعَاما وَرَأس المَال ثيابًا أَو دَرَاهِم جَازَ أَن يقيله فِي بعض وَيَأْخُذ الْبَعْض وَإِن كَانَ السّلم ثيابًا مَوْصُوفَة لم تجز الْإِقَالَة فِي بَعْضهَا دون بعض روى سُفْيَان الثَّوْريّ عَن سَلمَة عَن مُوسَى وَعبد الْأَعْلَى عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس فِي الرجل يَأْخُذ بعض سلمه وَرَأس مَاله قَالَ ذَلِك الْمَعْرُوف روى ابْن الْمُبَارك عَن سُفْيَان عَن جَابر عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَنه لم يكن يرى بذلك بَأْسا وروى ابْن الْمُبَارك أخبرنَا أُسَامَة بن زيد أَخْبرنِي نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ من أسلف فِي شَيْء فَلَا يَأْخُذ بعضه سلفا وَبَعضه عينا ليَأْخُذ سلفه كُله أَو رَأس مَاله أَو ينظره الحديث: 1096 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 26 وروى أَشْعَث بن سوار عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ إِذا أسلفت فِي شَيْء فَخذ الَّذِي أسلفت أَو رَأس مَالك 1097 - فِي قبض السّلم بِغَيْر كيل قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اكتال الْمُسلم إِلَيْهِ كرا لنَفسِهِ من بَائِعه ثمَّ سلمه إِلَى الْمُسلم بِغَيْر كيل لم يجز ذَلِك وَلَا يَبِيعهُ وَلَا يتَصَرَّف فِيهِ بكياله وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ مَالك إِذا قَالَ الْمُسلم إِلَيْهِ هَذَا كرّ قد كلته وَصدق الْمُسلم جَازَ لَهُ أَن يَأْخُذهُ بذلك الْكَيْل كَذَلِك لَو كَانَ الْمُسلم إِلَيْهِ اشْتَرَاهُ من غَيره وَقَبضه جَازَ للْمُسلمِ أَخذه بذلك الْكَيْل وروى ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من اشْترى طَعَاما بكيل فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يقبضهُ وروى سُفْيَان عَن ابْن طَاوس عَن أَبِيه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من ابْتَاعَ طَعَاما فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يكتاله قَالَ أَبُو جَعْفَر يحمل الحديثان على معنى وَاحِد لِأَن الِاسْتِيفَاء إِنَّمَا يكون بِالْكَيْلِ مِمَّا يشترى مكايلة إِذا قَبضه بِغَيْر كيل فَجَائِز أَن يزِيد على الْكَيْل الَّذِي اكتاله البَائِع أَو ينقص فَلَا يحصل الْمَقْبُوض مَعْلُوما وَقَالَ أَصْحَابنَا إِن اسْتَهْلكهُ المُشْتَرِي وتصادقا أَنه كرّ كَانَ مُسْتَوْفيا الحديث: 1097 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 27 وَقَالَ الْحسن بن حَيّ يضمن قِيمَته كَالْبيع 1098 - رد السّلم الْفَاسِد إِذا اسْتَهْلكهُ المُشْتَرِي إِذا قبض أَجود من السّلم وزاده درهما قَالَ أَصْحَابنَا إِذا شَرط فِي السّلم ثوبا آخر وسطا فَجَاءَهُ بِثَوْب وزاده درهما جَازَ وَقَالَ مَالك يجوز فِي الثَّوْب أَن يَأْخُذ أطول مِنْهُ ويزيده درهما وَلَا يجوز أَن يَأْخُذ دون ثَوْبه ويسترجع شَيْئا وَقَالَ الثَّوْريّ هما جَمِيعًا مكروهان وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يجوز أَن يزِيدهُ درهما لثوب أطول مِنْهُ قَالَ أَبُو جَعْفَر أَبَاحَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخذ بنت لبون عَن بنت مَخَاض ويزيده عَلَيْهِ عشْرين درهما وَيَأْخُذ النَّاقِص وَزِيَادَة عشْرين 1099 - فِي النَّصْرَانِي أسلم فِي خمر ثمَّ يسلم قَالَ أَصْحَابنَا أَيهمَا أسلم قبل قبض الْخمر بَطل العقد وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَقَالَ اللَّيْث إِذا أسلم المُشْتَرِي أَخذ مِنْهُ قيمَة الْخمر يَوْم تقاضاه فَإِن كَانَت الْقيمَة أقل من رَأس المَال أَخذ ذَلِك رهنا وَإِن كَانَت الْقيمَة أَكثر من رَأس المَال أعْطى تِلْكَ الْقيمَة وَلم يُعْط الْمُسلم أَكثر من رَأس المَال وَذكر ابْن وهب فِي النَّصْرَانِي يسلف دِينَارا فِي دينارين ثمَّ أسلم الَّذِي عَلَيْهِ الديناران أَن الَّذِي لَهُ الدِّينَار يَأْخُذ رَأس مَاله الحديث: 1098 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 28 1100 - فِي البيع قبل الْقَبْض قَالَ أَصْحَابنَا لَا يجوز بيع كل مَا ملك بِعقد ينْقض العقد بهلاكه كَالْبيع وَالْإِجَارَة إِلَّا الْعقار فَإِن أَبَا حنيفَة يُجِيز بَيْعه قبل الْقَبْض فِي ذَلِك كُله كُله وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا يجوز بيع الْعقار وَالْعرُوض وَغَيرهَا قبل الْقَبْض مَا ملك بِالشِّرَاءِ وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يجوز بيع مَا ملك بِنِكَاح أَو خلع قبل الْقَبْض وَقَالَ الثَّوْريّ لَا يجوز بيع السّلم قبل الْقَبْض وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ من اشْترى ثَمَرَة لم يجز لَهُ بيعهَا قبل الْقَبْض وَقَالَ عُثْمَان البتي لابأس أَن يَبِيع كل شَيْء قبل أَن يقبضهُ وَإِن كَانَ مِمَّا يُكَال ويوزن وَقَالَ مَالك لَا يجوز بيع مَا يُؤْكَل أَو يشرب قبل الْقَبْض لامن البَائِع وَلَا من غَيره سَوَاء كَانَ بِعَيْنِه أَو بِغَيْر عينه وَهَذِه رِوَايَة ابْن وهب عَنهُ وَأما ابْن الْقَاسِم فروى عَن مَالك مثله وَاسْتثنى فِيهِ المَاء فَقَالَ المَاء وَحده يجوز بَيْعه قبل الْقَبْض وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَنهُ لَا يَبِيع الْملح والتوابل حَتَّى يَسْتَوْفِيه وزريعة الحديث: 1100 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 29 الفجل الْأَبْيَض الَّذِي يُؤْكَل وزريعة الجزر وزريعة السلق والكراث وَمَا أشبهه فَلَا بَأْس بِأَن يَبِيعهُ قبل أَن يَسْتَوْفِيه لِأَن هَذَا لَيْسَ بِطَعَام وَيجوز فِيهِ التَّفَاضُل وَذكر ابْن الْقَاسِم عَنهُ فِي الطَّعَام أَنه لَا يجوز بَيْعه قبل الْقَبْض إِذا اشْترى ورويا جَمِيعًا عَنهُ فِي غير الْمَأْكُول والمشروب نَحْو الثِّيَاب وَسَائِر الْعرُوض أَنه يجوز بيعهَا قبل قبضهَا مِمَّن يَشْتَرِي مِنْهُ وَمن غَيره وَكَذَلِكَ إِذا أسلف فِيهَا يجوز بيعهَا من الَّذِي عَلَيْهِ وَمن غَيره إِلَّا أَنه إِذا بَاعه مِمَّن عَلَيْهِ فِي السّلم بِمثل رَأس المَال أَو بِأَقَلّ لم يزدْ على رَأس مَاله وَلَا يُؤَخِّرهُ وَإِن بَاعه بِعرْض أَيْضا قبل الْقَبْض وَيجوز أَن يَبِيعهُ من غير آلَته بِأَقَلّ أَو أَكثر إِذا انتقد الثّمن قَالَ أَبُو جَعْفَر روى ابْن عَبَّاس وَابْن عمر وَجَابِر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا اشْتريت طَعَاما فَلَا تبعه حَتَّى تقبضه وَلم يخصص الطَّعَام وروى عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ كُنَّا نتلقى الركْبَان فنشتري مِنْهُم الطَّعَام جزَافا فنهانا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن نبيعه حَتَّى نحوله من مَكَانَهُ أَو ننقله وَرَوَاهُ مُوسَى عَن نَافِع بِإِسْنَادِهِ فَذكر فِيهِ أَنه بعث عَلَيْهِم من يمنعهُم أَن يبيعوه حَيْثُ اشتروه حَتَّى ينقلوه حَيْثُ يبيعون الطَّعَام فَخَالف مُوسَى بن عقبَة عبيد الله فِي معنى هَذَا الحَدِيث وَلَفظه وَرَوَاهُ مَالك عَن نَافِع قَالَ فَبعث علينا من يَأْمُرنَا بانتقاله من الْمَكَان الَّذِي ابتعناه فِيهِ إِلَى مَكَان سواهُ قبل أَن نبيعه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 30 وروى أَبُو الزِّنَاد عَن عبيد بن حنين عَن ابْن عمر عَن زيد بن ثَابت نَهَانَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن نبيع السّلع حَيْثُ تبْتَاع حَتَّى يحوزها التُّجَّار إِلَى رحالهم قَالَ أَبُو جَعْفَر فاضطربت الرِّوَايَات فِي بَيْعه فِي مَوْضِعه أَو وجوب نَقله ثمَّ بَيْعه وَيحْتَمل أَن يكون معنى النَّهْي عَن ذَلِك عَمَّا يلقى الجلب فِيهِ حَتَّى يهْبط بِهِ الْأَسْوَاق لحَاجَة أهل الْأَسْوَاق إِلَى ذَلِك وَلِئَلَّا يضرهم ذَلِك 1101 - إِذا أَمر الْمُسلم بِأَن يَشْتَرِي لَهُ طَعَاما وَأَن يقبضهُ لَهُ بكيل ثمَّ يكتاله لنَفسِهِ فَفعل جَازَ وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لَا يجوز ذَلِك 1102 - فِيمَن أسلم فِي ثَوْبَيْنِ بصفقة وَاحِدَة هَل يَبِيع مُرَابحَة قَالَ أَبُو حنفية لَا يَبِيع أَحدهمَا مُرَابحَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يَبِيع أَحدهمَا مُرَابحَة بِنصْف الثّمن 1103 - فِي الِاخْتِلَاف فِي السّلم قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اخْتلفَا فِي الْمِقْدَار وَالصّفة تحَالفا وترادا فَإِن اخْتلفَا فِي الْمَكَان تحَالفا وترادا فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَزفر الحديث: 1101 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 31 وَفِي قَول أبي حنيفَة القَوْل قَول الْمُسلم إِلَيْهِ وروى الْحسن نَحوه عَن أبي يُوسُف وَإِن اخْتلفَا فِي الْأَجَل فَالْقَوْل قَول الطَّالِب فِي قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد وَقَالَ زفر يَتَحَالَفَانِ ويترادان وَقَالَ مَالك إِذا اخْتلفَا فِي قدر الْحِنْطَة فَقَالَ أَحدهمَا كرّ وَالْآخر كرين فَالْقَوْل قَول الَّذِي عَلَيْهِ السّلم مَعَ يَمِينه وَإِن قَالَ أَحدهمَا حِنْطَة وَالْآخر شَعِيرًا تحَالفا وترادا وَقَالَ مَالك إِذْ اخْتلفَا فِي الْمَكَان سلمه فِي الْموضع الَّذِي تعاقدا فِيهِ وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا اخْتلفَا فِي الْمِقْدَار وَالصّفة وَالْأَجَل تحَالفا وترادا 1104 - فِي قيام الْبَيِّنَة على مَال حلفا فِيهِ قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف إِذا قَالَ الْمُسلم سلمت إِلَيْك خَمْسَة دَرَاهِم فِي كرّ حِنْطَة وَقَالَ الْمُسلم إِلَيْهِ أسلمت إِلَيّ عشرَة دَرَاهِم فِي كرّ حِنْطَة أَنه سلم وَاحِد وَلَو أسلم إِلَيْهِ دِينَارا فِي حِنْطَة وَقَالَ الْمُسلم مائَة دِرْهَم وَأَقَامَا بَيِّنَة أَنَّهُمَا كران بِمِائَتي دِرْهَم ودينار فِي قَوْلهم جَمِيعًا وَقَالَ مُحَمَّد الأول أَيْضا سلمَان وَذكر الْحسن عَن زفر أَنه لَو قَالَ الْمُسلم إِلَيْهِ مائَة فِي كرّ شعير وَقَالَ الآخر فِي كرّ حِنْطَة وَأَقَامَا بَيِّنَة أَنه يكون مائَة فِي كرّ حِنْطَة وَمِائَة فِي كرّ شعير الحديث: 1104 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 32 وَقَالَ أَبُو يُوسُف هِيَ مائَة فِي كرّ حِنْطَة افْتَرقَا أولم يفترقا أعطَاهُ مائَة أُخْرَى فِي كرّ شعير وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا قَالَ أسلمت إِلَيْك هَذَا الثَّوْب فِي كرّ حِنْطَة وَقَالَ الآخر أسلمت إِلَيّ هذَيْن الثَّوْبَيْنِ لثوبين غَيرهمَا من كرّ حِنْطَة وَأَقَامَا بَيِّنَة قَالَ تصير الثَّلَاثَة الأثواب فِي كرين حِنْطَة لِأَن بَيِّنَة هَذَا شهِدت على سلم غير مَا شهِدت بِهِ الْأُخْرَى فَإِن قَالَ أسلمت إِلَيْك هَذَا العَبْد فِي كرّ حِنْطَة وَقَالَ الآخر بل أسلمت إِلَيّ هَذَا العَبْد وَهَذَا الثَّوْب فِي كرّ حِنْطَة وَأَقَامَا بَيِّنَة فَهَذَا سلم وَاحِد وَعَلِيهِ كران بِالثَّوْبِ وَالْعَبْد جَمِيعًا لِأَن بينتهما قد شهِدت بِالْعَبدِ وَشهِدت بَيِّنَة الآخر بِزِيَادَة ثوب وَقَالَ يحيى على قَول الشَّافِعِي أَن تبطل الْبَيِّنَتَانِ ويتحالفان ويترادان 1105 - فِي صلح رب السّلم الْكَفِيل على رَأس المَال قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا صَالح رب السّلم الْكَفِيل على رَأس المَال فَإِن أجَازه الْمُسلم إِلَيْهِ جَازَ وَإِلَّا بَطل وَهُوَ قَول مُحَمَّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف الصُّلْح جَائِز وَيرجع الْكَفِيل بالسلم على الْمُسلم إِلَيْهِ إِن كَانَ بأَمْره وَقَالَ مَالك إِن بَاعه من الْكَفِيل بِعرْض أَو غَيره بيعا جَازَ وَكَانَ السّلم تَاما فَإِن صَالحه الْكَفِيل لنَفسِهِ على ثِيَاب وَكَانَ السّلم ثيابًا مَوْصُوفَة فَإِن كَانَ الحديث: 1105 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 33 قبل مَحل الْأَجَل جَازَ وَإِن كَانَت أقل أَو أَجود أَو أَكثر رِقَاعًا أَو أشر فَلَا خير فِيهِ 1106 - إِذا أَمر أَن يكيله فِي غَرَائِر الْمُسلم قَالَ أَصْحَابنَا إِذا دفع الَّذِي لَهُ السّلم إِلَى الْمُسلم إِلَيْهِ غَرَائِر وَأمره بِأَن يَكِيل فِيهِ السّلم لم يجز وَلم يكن قبضا وَقَالَ مَالك إِذا كتب أَن كل الطَّعَام واعزله ثمَّ بِعْهُ لي أَنه يكرههُ وَقَالَ اللَّيْث إِذا بعث إِلَيْهِ أَن أكر لي سفينة واحمل فِيهَا الطَّعَام فَإِنَّهُ إِذا حصل الطَّعَام فِي السَّفِينَة برِئ الْمُسلم إِلَيْهِ وَلَا يَبِيعهُ الْمُسلم حَتَّى يكتاله وَهُوَ فِي ضَمَان المُشْتَرِي وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يكون قبضا بجعله غَرَائِر وَفِي البيع حَتَّى يقبضهُ المُشْتَرِي أَو وَكيله وَقَالَ أَصْحَابنَا فِي الطَّعَام المُشْتَرِي بِعَيْنِه إِذا أمره المُشْتَرِي أَن يكيله من غَرَائِر المُشْتَرِي فَفعل كَانَ قبضا 1107 - فِي السّلم فِي حصاد عَام بِعَيْنِه ذكر أَبُو جَعْفَر عَن الشَّافِعِي أَن من شَرَائِط السّلم الَّذِي مَالا يَصح أَن يكون مَا أسلم إِلَيْهِ فِيهِ من حصاد عَام كَذَا وَلم نجد هَذَا عَن أحد من أهل الْعلم سواهُ الحديث: 1106 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 34 قَالَ وَكَانَ سَائِر أَصْحَابنَا يذهبون إِلَى أَن السّلم على هَذَا الشَّرْط فَاسد لِأَنَّهُ سلم فِي حصاد لم يحصد وَفِي مَعْدُوم 1108 - إِذا قَضَاهُ خيرا من سلمه قَالَ أَصْحَابنَا إِذا رَضِي أَن يَقْضِيه خيرا من سلمه من جنسه جَازَ سَوَاء اعْتَادَ ذَلِك الْمُسلم إِلَيْهِ أولم يعْتد وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ مَالك لابأس بِأَن يَقْضِيه أفضل مِنْهُ إِذا لم يشْتَرط المسلف عَلَيْهِ وَلَا عَادَة لَهُ مِنْهُ بذلك قَالَ أَبُو جَعْفَر روى ابْن وهب عَن مُعَاوِيَة بن صَالح عَن سعيد بن هَانِئ عَن عرباه بن سَارِيَة قَالَ بِعْت من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بكرا فَجِئْته لأتقاضاء فَقَالَ قضائي نعم لَا أقضيكها إِلَّا نجيبه قَالَ ابْن وهب أحسن الضِّيَافَة فقضاني فَأحْسن قضائي ثمَّ جَاءَ أَعْرَابِي فَقَالَ يَا رَسُول الله أقضينى بكري فقضاه بَعِيرًا مسنا فَقَالَ يَا رَسُول الله أفضل من بكري فَقَالَ هُوَ لَك خير الْقَوْم خَيرهمْ قَضَاء 1109 - فِي السّلم من الْجُلُود قَالَ أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيّ لَا يجوز السّلم فِي جُلُود الْإِبِل وَالْبَقر وَالْغنم 1110 - فِي الاستصناع وَقَالَ مَالك لَا بَأْس باستصناع القمقم والطست والخف وَنَحْوه مِمَّا يعرف وَيعلم وَإِن كَانَ لَا يعلم فَلَا خير فِيهِ سَوَاء عجل الْأجر أولم يعجل الحديث: 1108 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 35 وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِن ضرب لَهُ أجل فَهُوَ سلم وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا يصير سلما وَقَالَ مَالك إِن ضرب لَهُ أَََجَلًا جَازَ وَكَانَ سلما وَإِن لم يضْرب لَهُ أَََجَلًا لم يجز وَقَالَ الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ لَا يجوز الاستصناع من ذَلِك إِلَّا أَن يكون شَيْئا مَعْلُوما فَيجوز على شَرَائِط السّلم 1111 - فِي تَوْكِيل ابْن من عَلَيْهِ السّلم بِالْقَبْضِ قَالَ أَصْحَابنَا يجوز لرب السّلم أَن يُوكل من عَلَيْهِ السّلم بِقَبْضِهِ قَالَ أَبُو جَعْفَر وَالِابْن أولى بذلك وَقَالَ مَالك أكره تَوْكِيل ابْن الَّذِي عَلَيْهِ السّلم أَو عَبده أَو زَوجته بِقَبْضِهِ مِنْهُ وَلَا أكره أَن يُوكل ابْنه الْكَبِير إِذا بَان بالحيازة 1112 - فِي الرطب بِالتَّمْرِ قَالَ أَبُو حنيفَة يجوز بيع الرطب بِالتَّمْرِ مثلا بِمثل وَكَذَلِكَ الْحِنْطَة الرّطبَة باليابسة وَقَالَ مَالك وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ لَا يجوز بيع الرطب بِالتَّمْرِ قَالَ وَقَالَ أَبُو يُوسُف يجوز بيع الْحِنْطَة الرّطبَة باليابسة وَقَالَ الْآخرُونَ لَا يجوز الحديث: 1111 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 36 1113 - فِي بيع الرطب بالرطب قَالَ أَصْحَابنَا جَمِيعًا يجوز مثلا بِمثل وَقَالَ أَبُو حنيفَة يجوز بيع الْحِنْطَة المبلولة باليابسة وَقَالَ مُحَمَّد لَا يجوز وَقَالَ مَالك يجوز بيع الرطب بالرطب وَبيع الْبُسْر بالبسر مثلا بِمثل وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يجوز ذَلِك وَكَذَلِكَ كل مَا ينقص من المجفف 1114 - فِي بيع الْحِنْطَة بِالشَّعِيرِ وَنَحْوه قَالَ أَصْحَابنَا يجوز بيع الْحِنْطَة بِالشَّعِيرِ مُتَفَاضلا وَكَذَلِكَ القطاني كلهَا مُخْتَلفَة الْأَنْوَاع يَبِيع نوعا مِنْهَا بالنوع الآخر مُتَفَاضلا وَهُوَ قَول الثَّوْريّ فِي الْحِنْطَة بِالشَّعِيرِ وَقَالَ الشَّافِعِي وَمَالك مَا اخْتلف من الطَّعَام والإدام فَبَان اختلافة فلاباس أَن يَشْتَرِي بعضة بِبَعْض جزَافا يدا بيد وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا يجوز السّمن بالودك إِلَّا مثلا بِمثل وَكَذَلِكَ الشَّحْم غير الذاب بالسمن إِذا كَانَ يُرِيد أَن يسيلة إِن كَانَ يأكلة فَلَا بَأْس بِهِ وَقَالَ اللَّيْث لَا يصلح الشّعير بالقمح إِلَّا مثلا بِمثل لأنة صنف وَاحِد وَهُوَ مِمَّا يجْبر والقطاني كلهَا العدس والحمص والجلبان والفول يجوز فِيهَا التَّفَاضُل لِأَن القطاني مُخْتَلفَة فِي الطّعْم واللون والخلق الحديث: 1113 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 37 قَالَ أَبُو جَعْفَر احْتج من منع ذَلِك بِحَدِيث بسر بن سعيد عَن معمر بن عبد الله عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الطَّعَام مثلا بِمثل وَكَانَ طعامنا يَوْمئِذٍ الشّعير قَالَ وَهَذَا يحْتَمل أَن يكون الطَّعَام المُرَاد هُوَ الشّعير لِأَنَّهُ قَالَ وَكَانَ طعامنا يَوْمئِذٍ الشّعير وروى عبَادَة بن الصَّامِت عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين ذكر الْأَشْيَاء السِّتَّة ثمَّ قَالَ وبيعوا الْحِنْطَة بِالشَّعِيرِ كَيفَ شِئْتُم يدا بيد وروى الْمُعَلَّى بن مَنْصُور قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن فضل حَدثنِي أَبُو زرْعَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم التَّمْر بِالتَّمْرِ والحنظة بِالْحِنْطَةِ وَالشعِير بِالشَّعِيرِ وَالْملح بالملح مثلا بِمثل فَمن زَاد واستزاد فقد أربى إِلَّا مَا اخْتلف ألوانه وروى الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن ابْن عمر قَالَ مَا اخْتلف من الطَّعَام فَلَا بَأْس بِهِ يدا بيد التَّمْر بِالتَّمْرِ وَالزَّبِيب بِالشَّعِيرِ وَكَرِهَهُ نَسِيئَة وَمَعْلُوم أَن مُرَاده اخْتِلَاف الْأَنْوَاع 1115 - فِي بيع الْحِنْطَة بالدقيق وَنَحْوه قَالَ أَصْحَابنَا لَا يجوز بيع الدَّقِيق بِالْحِنْطَةِ وَلَا بيع قفيز من حِنْطَة بقفز من سويق وَهُوَ قَول الشَّافِعِي الحديث: 1115 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 38 وروى وهب بن جرير عَن شُعْبَة قَالَ سَأَلت ابْن شبْرمَة عَن الدَّقِيق بِالْبرِّ قَالَ لَا بَأْس بِهِ وَقَالَ مَالك لَا بَأْس بِالْحِنْطَةِ بالدقيق مثلا بِمثل وَلَا بَأْس بالسويق بالقمح وَالْأَوْزَاعِيّ الْحِنْطَة بالقمح مثلا بِمثل وَلَا بَأْس بِهِ وزنا وَكَذَلِكَ الْقَمْح بالدقيق لَا بَأْس بِهِ وزنا قَالَ أَبُو جَعْفَر فَمنع الْمُمَاثلَة فِي الْكَيْل وأجراها فِي الْوَزْن وَلم نجد ذَلِك عَن أحد من أهل الْعلم سواهُ وَعَن شُعْبَة قَالَ سَأَلت الحكم وحمادا عَن الدَّقِيق فكرهاه 1116 - فِي السويق بالدقيق قَالَ أَبُو حنيفَة لَا يجوز وَذكر ابْن سَمَّاعَة عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة أَنه لَا يجوز إِلَّا مثلا بِمثل وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يجوز مُتَفَاضلا وَهُوَ قَول مَالك وَقَالَ الشَّافِعِي وَاللَّيْث لَا تبَاع الْحِنْطَة بالسويق إِلَّا مثلا بِمثل لِأَنَّهُ سويق كُله إِلَّا أَن بعضه أرق من بعض وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا تبَاع الجديدة بالسويق إِلَّا وزنا الحديث: 1116 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 39 1117 - فِي بيع اللحمات بَعْضهَا بِبَعْض قَالَ أَصْحَابنَا وَالْحسن بن حَيّ الضَّأْن والماعز جنس وَاحِد وَكَذَلِكَ البختي مَعَ العرابي وَالْبَقر مَعَ الجواميس لَا تبَاع مُتَفَاضلا مِمَّا كَانَ جِنْسا وَيُبَاع لحم الْبَقر بِلَحْم الْغنم مُتَفَاضلا وَكَذَلِكَ الْأَجْنَاس الْمُخْتَلفَة قَالَ مَالك فِي لحم الْإِبِل وَالْبَقر وَالْغنم وَمَا أشبه ذَلِك من الْوَحْش لَا يَشْتَرِي بَعْضهَا بِبَعْض إِلَّا مثلا بِمثل وزنا بِوَزْن يدا بيد وَلَا بَأْس بِهِ وَإِن لم يُوزن إِذا تحرى أَن يكون مثلا بِمثل وَلَا بَأْس بِلَحْم الْحيتَان بِلَحْم الْإِبِل وَالْبَقر وَالْغنم وَمَا أشبه ذَلِك من الْوَحْش اثْنَيْنِ بِوَاحِد يدا بيد وَقَالَ مَالك وَأرى لُحُوم الطير كلهَا مُخَالفَة للحوم الْحيتَان والأنعام وَلَا بَأْس أَن يَشْتَرِي بعض ذَلِك بِبَعْض مُتَفَاضلا يدا بيد وَذكر ابْن الْقَاسِم عَنهُ والألبان مثل ذَلِك كَمَا قَالَ فِي اللحوم وَقَول اللَّيْث كَقَوْل مَالك فِي ذَلِك ق 4 ال الشَّافِعِي فِي الْمُزنِيّ فِي اللَّحْم كُله وَاحِد وحشيه وإنسيه وطائره لَا يجوز مثله بَيْعه إِلَّا مثلا بِمثل وزنا بِوَزْن وَجعله فِي مَوضِع آخر على قَوْلَيْنِ قَالَ الْمُزنِيّ وَقد قطع قبل ذَلِك بِأَن ألبان الْإِبِل وَالْبَقر وَالْغنم أَصْنَاف مُخْتَلفَة فلحومها الَّتِي من أصُول الألبان أولى بالاختلاف وَقَالَ فِي الْإِمْلَاء أَصْنَاف الْحيتَان مُخْتَلفَة فال بَأْس بَعْضهَا بِبَعْض مُتَفَاضلا وَكَذَلِكَ لُحُوم الطير إِذا اخْتلفت أجناسها قَالَ أَبُو جَعْفَر الْحيتَان جنس وَاحِد كالتمر وَإِن اخْتلفت أَنْوَاعه الحديث: 1117 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 40 1118 - فِي بيع اللَّحْم بِالْحَيَوَانِ وَالزَّيْت بالزيتون قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف يجوز اللَّحْم بِالْحَيَوَانِ من جنسه من غير اعْتِبَاره وَقَالَ مُحَمَّد لَا يجوز إِلَّا على اعْتِبَار وَقَالُوا جَمِيعًا لَا يجوز بيع الزَّيْت بالزيتون وَالصُّوف بِالشَّاة والنوى بِالتَّمْرِ وَنَحْوه إِلَّا على الِاعْتِبَار وَكَذَلِكَ اللَّبن بِالشَّاة الَّتِي فِي ضرْعهَا لبن وَقَالَ مَالك وَلَا بَأْس بِاللَّبنِ يدا بيد وَلَا يجوز نسأ وَلَا بَأْس بِالشَّاة اللَّبُون بِطَعَام إِلَى أجل لِأَن اللَّبن من الشَّاة وَلَيْسَ الطَّعَام مِنْهَا وَقَالَ وَلَا يجوز الزَّيْت بالزيتون سَوَاء كَانَ فِي الزَّيْتُون زَيْت أَو لم يكن قَالَ مَالك وَلَا يجوز النَّبِيذ بِالتَّمْرِ قَالَ وَلَا بَأْس بِالشَّاة غير اللَّبُون بِلَبن إِلَى أجل وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يجوز شِرَاء شَجَرَة فِيهَا زيتونة بأمداد من زيتون وَكَذَلِكَ شَاة لَهَا لبن بأقساط لبن جَائِز والنماء فِي الشّجر والضرع لَغْو وَقَالَ اللَّيْث لَا يجوز بيع حَيّ بميت اخْتلف أَو لم يخْتَلف لنَهْيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن اللَّحْم بِالْحَيَوَانِ وَيجوز بيع الْحيتَان بِلَحْم الطير وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يجوز بيع اللَّحْم بِاللَّحْمِ كَانَ اللَّحْم مُخْتَلفا أَو غير مُخْتَلف وَلَا يجوز بيع شَاة فِي ضرْعهَا لبن بِلَبن وَذكر أَبُو جَعْفَر حَدِيث سعيد بن الْمسيب عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي النَّهْي عَن بيع الحديث: 1118 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 41 الْحَيَوَان بِالْحَيَوَانِ بِأَلْفَاظ مُخْتَلفَة فِي بَعْضهَا أَنه يُبَاع اللَّحْم بِالْحَيَوَانِ وَفِي بَعْضهَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر بحي من الْأَنْصَار وَقد نحرُوا جزورا فَجعلُوا أَجزَاء كل جُزْء مِنْهَا بعناق فَنهى رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن بيع الْحَيّ بِالْمَيتِ وَعَن سعيد بن الْمسيب فِي قَوْله لَا يُبَاع الْحَيّ بِالْمَيتِ 1119 - فِي اللَّحْم النيء بالمستوي قَالَ أَبُو جَعْفَر قِيَاس قَول أبي حنيفَة وَأَصْحَابه أَن لَا يُبَاع النيء بالمستوى إِلَّا يدا بيد مثلا بِمثل إِلَّا أَن يكون من أَحدهمَا شَيْء من التوابل فَيكون الْفضل فِي الآخر بالتوابل وَقَالَ مَالك لَا يُبَاع اللَّحْم النيء بالقديد إِلَّا مثلا بِمثل وَلَا مُتَفَاضلا وَلَا بَأْس بالطري بالمطبوخ مثلا بِمثل وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يجوز من الْجِنْس الْوَاحِد مطبوخ مِنْهُ بنيء مِنْهُ بِحَال كَذَلِك الْمَطْبُوخ بالمطبوخ 1120 - فِي اللَّحْم بِاللَّحْمِ بِالتَّحَرِّي قَالَ أَصْحَابنَا وَالْحسن بن حَيّ يجوز بيع شَاتين مذبوحتين إِحْدَاهمَا أُخْرَى وَأَن لم يكن لأَحَدهمَا جلد لم يجز وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث لَا يَشْتَرِي اللَّحْم بعضه بِبَعْض وزنا الحديث: 1119 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 42 1121 - فِي خل التَّمْر بخل الْعِنَب قَالَ أَصْحَابنَا لَا بَأْس بخل التَّمْر بخل السكر اثْنَان بِوَاحِد وَقَالَ مَالك لَا يجوز إِلَّا مثلا بِمثل وَكَذَلِكَ نَبِيذ التَّمْر بنبيذ الزَّبِيب قَالَ وَلَيْسَ هَذَا مثل زَيْت الزَّيْتُون وزيت الفجل وزيت الجلجلان لِأَن هَذِه مُخْتَلفَة ومنافعها شَتَّى قَالَ وَلَا بَأْس بِزَيْت الْكَتَّان بِغَيْرِهِ من الزَّيْت الآخر يدا بيد مُتَفَاضلا قَالَ أَبُو جَعْفَر كَأَنَّهُ لم يكن عِنْده من الْأَشْيَاء المأكولة فَلم يَجعله كَذَلِك كالزيت الْمَأْكُول بالزيت الْمَأْكُول وَقَالَ الشَّافِعِي فِيمَا ذكر عَنهُ الرّبيع دهن الْحُبُوب والبزور كلهَا كل دهن مِنْهُ بدهن غَيره وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي خل الزَّبِيب بالزبيب أَن يصنع الزَّبِيب خلا فَلَا يصلح ذَلِك وَإِلَّا فَلَا بَأْس بِهِ وَكَذَلِكَ التَّمْر بخل التَّمْر وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يجوز بيع الزّبد بِلَبن من جنسه 1122 - فِي بيع اللَّحْم بالشحم قَالَ أَصْحَابنَا يجوز بيع شَحم الْبَطن بِاللَّحْمِ مُتَفَاضلا وَكَذَلِكَ الألية بالشحم وشحم الظّهْر وشحم الْبَطن وَلَا يجوز بيع شَحم الظّهْر بِاللَّحْمِ إِلَّا مثلا بِمثل وَقَالَ مَالك لَا يَشْتَرِي اللَّحْم بالشحم إِلَّا مثلا بِمثل وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْأَيْمَان الشَّحْم غير اللَّحْم إِذا حلف على أحدهمالا يَحْنَث بِأَكْل الآخر الحديث: 1121 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 43 1123 - فِي الْحِنْطَة بِالْحِنْطَةِ هَل يجب قَبضه فِي الْمجْلس قَالَ أَصْحَابنَا إِذا بَاعَ حِنْطَة بِعَينهَا بخطة بِعَينهَا وتفرقا قبل الْقَبْض جَازَ وَلم ينتقص البيع بترك الْقَبْض وَقَالَ مَالك لَا يجوز بيع الحنطه بالحنطه حَتَّى يَكُونَا جَمِيعًا حاضرين فِي الْمجْلس أَو يحضرهما قبل أَن يَتَفَرَّقَا وَكَذَلِكَ الحنطه بِالشَّعِيرِ وَإِن قبض أَحدهمَا وَلم يقبض الآخر حَتَّى افْتَرقَا بَطل ذكره ابْن الْقَاسِم وَذكر ابْن عبد الْحَكِيم عَنهُ قَالَ لَا يُبَاع الطَّعَام كُله إِلَّا الإدام بعضه بِبَعْض إِلَّا يدا بيد وَقَالَ اللَّيْث لَا يجوز الزَّيْت بِالطَّعَامِ إِلَّا أَن يتقابضا فِي الْمجْلس وَقَالَ الشَّافِعِي الْمَأْكُول كُله والمشروب كُله مثل الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير لَا يختلفا فِي شَيْء فَإِذا بِعْت صنفا مِنْهُ بصنفه فَلَا يصلح إِلَّا مثلا بِمثل يدا بيد وَلَا خير فِيهِ نَسِيئَة 1124 - فِي التَّمْر بالتمرتين قَالَ أَصْحَابنَا وَالْحسن بن حَيّ يجوز بيع تَمْرَة بتمرتين وبيضة ببيضتين وجوزة بجوزتين إِذا كَانَ بِعَيْنِه وَقَالَ مَالك لَا يجوز الْبيض بالبيض مُتَفَاضلا لِأَنَّهُ يدّخر وَيجوز بيع الصَّغِير مِنْهُ بالكبير وبيض الدَّجَاج ببيض الأوز وبيض النعام إِذا تحرى ذَلِك أَن يَكُونَا مثلا بِمثل قَالَ أَبُو جَعْفَر حَدثنَا أَبُو خازم القَاضِي قَالَ حَدثنَا ابْن أبي زيدون عَن الْفرْيَابِيّ عَن سُفْيَان الثَّوْريّ قَالَ لَا يجوز تَمْرَة بتمرتين وَلَا جوزة بتمرة الحديث: 1123 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 44 قَالَ أَبُو خازم مَا أحسن مَعْنَاهُ فِي هَذَا ذهب إِلَى أَن ذَلِك أَصله الْكَيْل وَإِلَى أَنه خير مدرك بالكيلي وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا بَأْس بَيْضَة ببيضتين يدا بيد وجوزة بجوزتين وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يجوز بيع التمرة بالتمرتين قَالَ أَبُو جَعْفَر احْتج من أجَازه بِأَن مستهلك التمرة والتمرتين يجب عَلَيْهِ الْقيمَة وَأَنه غير مَكِيل وَلَا مَوْزُون آخر السّلم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 45 أول الْبيُوع 1125 - فِي خِيَار الْمُتَبَايعين قَالَ أَبُو جَعْفَر اخْتلفُوا فِي تَأْوِيل قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم البيعان بِالْخِيَارِ مالم يَتَفَرَّقَا فروى عَن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن أَن مَعْنَاهُ إِذا قَالَ البَائِع قد بِعْتُك فَلهُ أَن يرجع مَا لم يقل المُشْتَرِي قبلت وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف هما المتساومان فَإِذا قَالَ بِعْتُك بِعشْرَة فَلِلْمُشْتَرِي خِيَار الْقبُول فِي الْمجْلس وَللْبَائِع خِيَار الرُّجُوع فِيهِ قبل قبُول المُشْتَرِي وَعَن عِيسَى بن أبان نَحوه وَقَالَ مَالك لَا خِيَار لَهما إِذا عقد بِكَلَام وَإِن لم يَتَفَرَّقَا الحديث: 1125 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 46 وَقَالَ الثَّوْريّ وَاللَّيْث وَعبيد الله بن الْحُسَيْن هما بِالْخِيَارِ مَا لم يَتَفَرَّقَا أَو يتخايرا وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا عقدا فهما بِالْخِيَارِ مَا لم يَتَفَرَّقَا إِلَّا فِي بُيُوع ثَلَاثَة بيع مزايدة الْغَنَائِم وَالشَّرِكَة فِي الْمِيرَاث وَالشَّرِكَة فِي التِّجَارَة فَإِذا صافقه فقد وَجب وَلَيْسَ فِيهِ الْخِيَار وَقت الْفرْقَة يتَوَارَى كل وَاحِد من صَاحبه وَقَالَ اللَّيْث التَّفَرُّق أَن يقوم أَحدهمَا وَقَالَ من يُوجب الْخِيَار إِذا خَيره فِي الْمجْلس فَاخْتَارَ فقد وَجب البيع قَالَ أَبُو جَعْفَر روى ابْن جريج عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا تبَايع الْمُتَبَايعَانِ فَكل وَاحِد مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ من بَيْعه مَا لم يَتَفَرَّقَا أَو يكون بيعهمَا عَن خِيَار وَإِذا كَانَ إِن خِيَار فقد وَجب وَكَانَ ابْن عمر إِذا بَاعَ الرجل وَلم يخيره فَأَرَادَ أَن لَا يقيله قَامَ فَمشى هنيَّة ثمَّ رَجَعَ وَاحْتج الشَّافِعِي على مُرَاد الْخَبَر بِفعل ابْن عمر وَهُوَ رَاوِي الْخَبَر قَالَ وَلَا دلَالَة فِيهِ على مَذْهَب ابْن عمر لِأَنَّهُ جَائِز أَن يكون خَافَ أَن يكون مِمَّن يرى الْخِيَار فِي الْمجْلس فتحرز مِنْهُ بذلك حذرا مِمَّا كَانَ نزل بِهِ فِي الْبَرَاءَة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 47 من الْعُيُوب حِين خوصم إِلَى عُثْمَان فَحَمله على خلاف رَأْيه وَلم يجز الْبَرَاءَة إلأ أَن يُبينهُ لمبتاعه وَقد روى عَن ابْن عمر مَا يدل على موافقتنا وَهُوَ مَا روى ابْن شهَاب عَن حَمْزَة بن عبد الله بن عمر قَالَ مَا أدْركْت الصَّفْقَة حَيا فَهُوَ من مَال الْمُبْتَاع على أَنه كَانَ يرى الْمَبِيع نَحْو الصَّفْقَة يدْخل فِي ملك المُشْتَرِي وَيخرج من مَال بَائِعه قَالَ وَيجوز أَن يُسَمِّي المتساومان متبايعين لقربهما من التبايع كَمَا قيل الذَّبِيح لقُرْبه من الذّبْح وَإِن لم يذبح وَكَقَوْلِه {فَإِذا بلغن أَجلهنَّ فأمسكوهن} الطَّلَاق وَهُوَ مقاربة الْبلُوغ أَلا ترى أَنه قَالَ فِي آيَة {فبلغن أَجلهنَّ فَلَا تعضلوهن} فَأَرَادَ حَقِيقَة الْبلُوغ وروى جميل بن مرّة عَن أبي الوضيء قَالَ نزلنَا منزلا فَبَاعَ صَاحب لنا من رجل فرسا وأقمنا يَوْمنَا وليلتنا فَلَمَّا كَانَ من الْغَد قَامَ الرجل يسرج فرسه فَقَالَ لَهُ صَاحبه إِنَّك قد بعتني فاختصما إِلَى أبي بَرزَة فَقَالَ إِن شئتما قضيت بَيْنكُمَا بِقَضَاء رَسُول الله عَلَيْهِ وَسلم سميت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول البيعان بِالْخِيَارِ مَا لم يَتَفَرَّقَا وَمَا أراكما تفرقتما وروى هِشَام بن حسان عَن أبي الوضيء أَنهم اخْتَصَمُوا إِلَيْهِ فِي رجل بَاعَ جَارِيَة فَنَامَ مَعهَا البَائِع فَلَمَّا أصبح قَالَ لَا أرضاها الجزء: 3 ¦ الصفحة: 48 فَقَالَ أَبُو بَرزَة إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ البيعان بِالْخِيَارِ مَا لم يَتَفَرَّقَا وَكَانَا فِي خباء شعر قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلَا مُخَالفَة أَن أَحدهمَا قد قَامَ لغائط وَبَوْل أَو صَلَاة فِي بيع الْفرس وَقد نَام فِي بيع الْجَارِيَة وَذَلِكَ تفرق عِنْد الْجَمِيع فَمَعْنَى قَول أبي بَرزَة فِي التَّفْرِيق هَا هُنَا التَّفْرِيق بِالْبيعِ لِأَن أَحدهمَا ادّعى البيع وحاجه الآخر 1126 - فِي لفظ الْإِيجَاب وَالْقَبُول قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قَالَ بعنى فَقَالَ قد بِعْتُك لم يَصح حَتَّى يقبل الأول وَقَالَ مَالك يتم البيع وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يَصح النِّكَاح حَتَّى يَقُول قد زوجتكها وَيَقُول الآخر قبلت تَزْوِيجهَا أَو يَقُول الْخَاطِب زوجنيها وَيَقُول الْوَلِيّ قد زوجتكها كَانَ تزويجا وَلَا يحْتَاج إِلَى قَول الزَّوْج قد قبلت وَقَالَ أَصْحَابنَا إِذا قَالَ زَوجنِي فَقَالَ قد زوجتكها كَانَ تزويجا وَلَا يحْتَاج إِلَى قَول الزَّوْج بعد ذَلِك فرقوا بَين البيع وَالنِّكَاح قَالَ أَبُو جَعْفَر الَّذِي حكيناه عَن الشَّافِعِي فِي النِّكَاح يدل على أَن قَوْله فِي البيع مثله لِأَن من أَصله أَنه لَا يجوز أَن يكون الْوَاحِد وَكيلا فِي البيع لَهما فيعقد لَهما وَلَا يجوز أَن يكون الزَّوْج وَكيلا فِي عقد النِّكَاح لنَفسِهِ كَالْبيع وَقَالَ أَبُو جَعْفَر وَقَوله بِعني تَوْكِيل الْمُخَاطب فِي ابتياع عبد من نَفسه فَلَا يَصح حكمه واحتيج بعد ذَلِك إِلَى قبُول من جِهَته بعد إِيجَاب الْمُخَاطب لَهُ وَفِي النِّكَاح يجوز أَن يكون وَكيلا فِي عقد لنَفسِهِ عَلَيْهِ الحديث: 1126 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 49 وَقَالَ مَالك إِذا قَالَ لَهُ بكم سلعتك فَيَقُول بِمِائَة دِينَار فَيَقُول قد أَخَذتهَا فَيَقُول الرجل لَا أبيعك وَقد كَانَ أوقفها للْبيع فَإِنَّهُ يحلف بِاللَّه مَا ساومه على الْإِيجَاب فِي البيع وَلَا الْأَركان وَأَنه مَا ساومه إِلَّا وَهُوَ يُرِيد غير الْإِيجَاب فَإِن حلف كَانَ القَوْل قَوْله وَإِن لم يحلف لزمَه قَالَ أَبُو جَعْفَر مَا ذكر عَن مَالك بِأَنَّهُ يصدق أَنه لم يرد بيعا فِي الْخطاب الَّذِي ظَاهره أَنه بيع فَإِنَّهُ لم يعلم أحد من أهل الْعلم عِنْده روى ذَلِك وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا قَالَ أبيعك هَذَا الثَّوْب بِثمن ذكره فَقَالَ المُشْتَرِي قد قبلت فالبائع بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ لزمَه وَإِن شَاءَ لم يلْزمه 1127 - فِي كَيْفيَّة قبض الْعين الْمَبِيع قَالَ أَصْحَابنَا إِذا كَانَ لأَحَدهمَا دينا حَالا أجبر على تَسْلِيم الدّين ثمَّ قبض الْعين وَإِن كَانَا عينين قبضا مَعًا وَقَالَ للخياط وَنَحْوه أَن يمْنَع مَا عمل حَتَّى يقبض الْأجر وَهَذَا يدل على أَن قَوْله فِي البيع كَذَلِك وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا بَاعَ عرضا فيبغي للْبَائِع أَن يدْفع إِلَى الْمُبْتَاع مَا بَاعَ ثمَّ يَأْخُذ الدَّرَاهِم وَإِذا بَاعَ عرضا بِعرْض جعل بَينهمَا عدلا يدفعان إِلَيْهِ جَمِيعًا إِذا اخْتلفَا وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن يقبضان مَعًا هَات وَخذ الثّمن وَالْمَبِيع وَقَالَ الشَّافِعِي يُؤمر البَائِع بِدفع السّلْعَة وَيجْبر المُشْتَرِي على دفع الثّمن من سَاعَته فَإِن غلب على مَاله أشهد على وقف مَاله وَأشْهد على وقف السّلْعَة فَإِذا دفع أطلق عَنهُ الْوَقْف وَإِن لم يكن لَهُ مَال فَهُوَ مُفلس وَالْبَائِع أَحَق بسلعته وَقَالَ فِي النِّكَاح إِذا امتنعا أجبرت أَهلهَا على وَقت يدْخلُونَهَا فِيهِ وَأخذت الصَدَاق فَإِذا دخلت دَفعه إِلَيْهَا الحديث: 1127 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 50 1128 - فِي خِيَار الشَّرْط قَالَ أَصْحَابنَا يجوز البيع فِي سَائِر الْأَشْيَاء بِشَرْط خِيَار البَائِع أَو المُشْتَرِي ثَلَاثًا إِلَّا فِيمَا أَخذ عَلَيْهِ بجعله فِي الْمجْلس وَنَحْو الصّرْف وَالسّلم وَهُوَ قَول ابْن أبي ليلى وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَزفر لَا يجوز بِشَرْط الْخِيَار أَكثر من ثَلَاث فَإِن زَاد فسد البيع وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد والاوزاعي يجوز وَإِن شَرط شهرا أَو أَكثر وَقَالَ ابْن شبْرمَة وَالثَّوْري لَا يشْتَرط الْخِيَار للْبَائِع بِحَال وَقَالَ الثَّوْريّ إِن شَرط الْخِيَار للْبَائِع فسد البيع قَالَ الثَّوْريّ يجوز شَرط الْخَيْر للْمُشْتَرِي عشرَة أَيَّام أَو أَكثر وَقَالَ مَالك يجوز شَرط الْخِيَار فِي الثَّوْب الْيَوْم واليومين وَمَا أشبهه وَمَا كَانَ أَكثر من ذَلِك فَلَا خير فِيهِ وَالْجَارِيَة يكون الْخِيَار فِيهَا أبعد من هَذَا قَلِيلا الْخَمْسَة الْأَيَّام وَالْجُمُعَة وَنَحْوه فِي الدَّابَّة أَن يسير عَلَيْهَا الْبَرِيد وَنَحْوه ليعرف سَيرهَا وَمَا بعد من أجل الْخِيَار فَلَا خير فِيهِ وَلَا فريق بَين شَرط الْخِيَار للْبَائِع أَو المُشْتَرِي وَقَالَ الثَّوْريّ يجوز الْخِيَار الْيَوْم واليومين وَالثَّلَاثَة قَالَ وَمَا بلغنَا فِيهِ وَقت إِلَّا أَنا نحب أَن يكون ذَلِك قَرِيبا إِلَى ثَلَاثَة أَيَّام الحديث: 1128 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 51 وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا اشْترى الرجل الشَّيْء فَقَالَ لَهُ البَائِع اذْهَبْ فَأَنت فِيهِ بِالْخِيَارِ أبدا فَلَا يجوز حَتَّى يَقُول رضيت وَقَالَ مَا أَدْرِي مَا الثَّلَاث إِذا بَاعه فقد رَضِي وَإِذا كَانَت جَارِيَة بكرا فوطأها فقد رَضِي وَقَالَ مَالك إِذا شَرط الْخِيَار إِلَى مُدَّة مَعْلُومَة فَإِنَّهُ لايصلح فِيهِ النَّقْد فَإِن وَقع البيع بِاشْتِرَاط النَّقْد فَالْبيع فَاسد قَالَ أَبُو جَعْفَر وَقَالَ أَصْحَابنَا نقد الثّمن غير وَاجِب مَعَ بَقَاء الْخِيَار وَإِن شَرط نقد الثّمن مَعَ بَقَاء الْخِيَار فَالْبيع فَاسد وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن لايعجبني طول الْخِيَار وَكَانَ يَقُول للْمُشْتَرِي الْخِيَار مَا رَضِي البَائِع روى الشَّافِعِي عَن سُفْيَان قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَن حبَان بن منقذ سفع فِي رَأسه مأمومة فتثقل لِسَانه فَكَانَ يخدع فِي البيع فَجعل لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْخِيَار فِيمَا اشْترى ثَلَاثًا وَقَالَ لَهُ بِعْ وَقل لاخلابة وَفِي حَدِيث الْمُصراة إِثْبَات الْخِيَار ثَلَاثًا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 52 وَحَدِيث مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْمُتَبَايعَانِ كل وَاحِد مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ على صَاحبه مالم يفترقا إِلَّا بيع الْخِيَار يَعْنِي فَإِن الْخِيَار ثَبت بعد الِافْتِرَاق قَالَ أَبُو جَعْفَر وأنما يَعْنِي الثَّوْريّ جَوَاز البيع بِشَرْط الْخِيَار للْبَائِع وَفرق بَين المُشْتَرِي وَالْبَائِع فَإنَّا لم نجده عَن أحد من أهل الْمعلم 1129 - فِي موت من لَهُ الْخِيَار قَالَ أَصْحَابنَا يبطل خِيَاره وَيتم البيع وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَقَالَ مَالك وَعبيد الله بن الْحسن وَالشَّافِعِيّ يقوم وَارثه مقَامه فِي الْخِيَار وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِن اشْتَرِ الرجل الْمَبِيع فَلم يقبله حَتَّى يَمُوت كَانَ ورثته فِي ذَلِك بمزلته يقبلونه وهم بِالْخِيَارِ إِن شَاءُوا أخذُوا وَإِن شَاءُوا ردوا فَإِن كَانَ قد قبل وَرَضي وَنظر ثمَّ مَاتَ قبل أَن يقبض لزمَه البيع وَإِذا اشْترى بِشَرْط فَمَاتَ قبل الْوَقْت كَانَ لوَرثَته مَا كَانَ لَهُ إِلَى وقته قَالَ أَبُو جَعْفَر الْخِيَار لَيْسَ يملك ولايصير مَالا وَإِنَّمَا هُوَ رَأْي والرأي لايورث وَلَيْسَ كَخِيَار الْعَيْب لِأَنَّهُ يجوز أَن يُصَالح مِنْهُ على مَال وَيصير مَالا بِهَلَاك الْمَبِيع فِي يَده قَالَ أَبُو بكر إِذا كَانَ رَأيا كَانَ بِمَنْزِلَة الوكاله وَخيَار الْقبُول فَلَا يُورث 1130 - فِي هَلَاك الْمَبِيع فِي يَد المُشْتَرِي فِي بيع الْخِيَار قَالَ أَصْحَابنَا إِن كَانَ الْخِيَار للْبَائِع فَلِلْمُشْتَرِي الْقيمَة إِذا هلك قبل مُضِيّ مُدَّة الْخِيَار وَإِن كَانَ الْخِيَار للْمُشْتَرِي فَعَلَيهِ الثّمن وَقت البيع بِالْهَلَاكِ الحديث: 1129 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 53 وَقَالَ ابْن أبي ليلى إِذا كَانَ الْخِيَار للْبَائِع فَالْمُشْتَرِي أَمِين وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث أَيهمَا كَانَ لَهُ الْخِيَار فَهُوَ أَمِين وَهُوَ ذَاهِب من مَال البَائِع وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا كَانَ الْخِيَار للْمُشْتَرِي فَعَلَيهِ الثّمن وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ هُوَ من مَال البَائِع حَتَّى يرضى المُشْتَرِي وَقَالَ الْحسن بن حَيّ من لَهُ الْخِيَار فَمَا قَبضه مَضْمُون عَلَيْهِ للَّذي لاخيار لَهُ وَقَالَ شريك بن عبد الله أَيهمَا كَانَ لَهُ الْخِيَار وَقبض المُشْتَرِي مَاله الَّذِي اشْترى فَهُوَ ضَامِن لَهُ وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا كَانَ لَهما جَمِيعًا الْخِيَار فَالْمُشْتَرِي ضَامِن للقيمة إِذا هلك فِي يَده وَذكر عَنهُ الرّبيع أَنه إِذا كَانَ لَهما جَمِيعًا البَائِع بِالْخِيَارِ فَالْمُشْتَرِي ضَامِن لقيمته وَقَالَ فِي كتاب الصَدَاق إِذا كَانَ الْخِيَار للْمُشْتَرِي فَمَاتَ فِي يَده قبل مضى الْخِيَار لزمَه الثّمن 1131 - فِي نقض البيع بِغَيْر محْضر وَالْآخر بِالْخِيَارِ قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد إِن اخْتَار الَّذِي لَهُ الْخِيَار البيع بِغَيْر محْضر من الآخر جَازَ وَإِن فَسخه لم يجز إلابمحضر من الآخر وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَزفر وَأَبُو يُوسُف وَمَالك جَازَ إِن فسخ بِغَيْر محضره الحديث: 1131 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 54 1132 - فِي الْخِيَار بِغَيْر مُدَّة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا شَرط الْخِيَار بِغَيْر مُدَّة مَعْلُومَة فَالْبيع فَاسد فَإِن أجَازه فِي الثَّلَاث جَازَ عِنْد أبي حنيفَة وَإِن لم يجزه حَتَّى مَضَت الثَّلَاث لم يكن لَهُ أَن يجز وَإِن جعل لَهُ من الْخِيَار مثل مَا يكون لَهُ فِي تِلْكَ السّلْعَة وَقَالَ الْحسن بن حَيّ يجوز شَرط الْخِيَار بعد مُدَّة ويكن الْخِيَار أبدا قَالَ أَبُو جَعْفَر لما كَانَت جَهَالَة الْأَجَل يفْسد البيع كَانَ كَذَلِك جَهَالَة مُدَّة الْخِيَار 1133 - فِي مُضِيّ مُدَّة الْخِيَار قَالَ أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيّ إِذا شَرط الْخِيَار مُدَّة مَعْلُومَة فمضت الْمدَّة قبل أَن يفْسخ البيع فقد جَازَ البيع وَلزِمَ المُشْتَرِي سَوَاء كَانَ الْخِيَار للْبَائِع أَو للْمُشْتَرِي وَقَالَ مَالك إِن شَرط المُشْتَرِي الْخِيَار لنَفسِهِ ثَلَاثًا فَأتى بِهِ بعد مغرب الشَّمْس من آخر أَيَّام الْخِيَار أَو من الْغَد أَو قرب ذَلِك بَعْدَمَا مضى الْأَجَل فَلهُ أَن يرد إِن تبَاعد ذَلِك لم يردهُ قَالَ وَإِن شَرط أَنه إِن غَابَتْ الشَّمْس من آخر أَيَّام الْأَجَل وَلم يَأْتِ بِالثَّوْبِ لزم البيع فَلَا خير فِي هَذَا البيع 1134 - فِي شَرط الْخِيَار لغير الْعَاقِد قَالَ أَصْحَابنَا يجوز شَرط الْخِيَار لغير الْعَاقِد وَالَّذِي شَرط لَهُ الْخِيَار فَإِن أجازة جَازَ وَإِن نقض انْتقض وَكَذَلِكَ الْعَاقِد الَّذِي شَرط فَلهُ الْخِيَار الحديث: 1132 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 55 وَعَن الشَّافِعِي رِوَايَتَانِ وَقَالَ مَالك إِذا بَاعَ سلْعَة وَشرط البَائِع إِن رَضِي فلَان ذَلِك فَالْبيع جَائِز وَلَيْسَ للْبَائِع الْخِيَار وَالْخيَار لفُلَان الَّذِي شَرط رِضَاهُ وَكَذَلِكَ لَو شَرط المُشْتَرِي الْخِيَار لغيره فَهُوَ مثل هَذَا قَالَ أَبُو جَعْفَر اشْتِرَاطه الْخِيَار لغيره اشْتِرَاط الْخِيَار مِنْهُ لنَفسِهِ وتوكيل لغيره بإجازته أَو فَسخه 1135 - فِي التَّوْكِيل يشْتَرط الْخِيَار للْآمِر قَالَ أَصْحَابنَا فِي الْوَكِيل بِالشِّرَاءِ إِذا شَرط الْخِيَار للْآمِر وَادّعى البَائِع أَن الْآمِر قد رَضِي لم يصدق وَلَا يَمِين على المُشْتَرِي وَإِن أَقَامَ بَيِّنَة قبلت وَإِن كَانَ الْآمِر فِي مُدَّة الْخِيَار لم أَرض فَالْقَوْل قَوْله وَيلْزم البيع المُشْتَرِي دونه وَقَالَ مَالك لَا يجوز رِضَاء الْوَكِيل إِذا شَرط الْخِيَار للْمُوكل حَتَّى يرضى الْمُوكل وَقَالَ الشَّافِعِي للْوَكِيل أَن لَهُ يرد بِالْعَيْبِ فَقِيَاس قَوْله أَن لَهُ أَن يرد إِذا شَرط الْخِيَار للْآمِر الحديث: 1135 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 56 1136 - فِي المشتريين للشَّيْء صَفْقَة وَلَهُمَا الْخِيَار قَالَ أَبُو حنيفَة فِي رجلَيْنِ اشتريا عبدا صَفْقَة وَاحِدَة وهما بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا فَرضِي أَحدهمَا لم يكن للْآخر أَن يرد وَكَذَلِكَ لَو لم يكن خِيَار ووجدا بِهِ عَيْبا فَرضِي أَحدهمَا لم يردهُ الآخر وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَمَالك وَعُثْمَان البتي وَالْحسن بن حَيّ وَابْن أبي ليلى وَالشَّافِعِيّ يرد الآخر يرد الآخر نصِيبه قَالَ الثَّوْريّ وَيرجع الآخر بِحِصَّة الْعَيْب من الثّمن فِي نصِيبه 1137 - فِي دَعْوَى الْخِيَار قَالَ ذكر ابْن سَمَّاعَة وَبشر بن الْوَلِيد عَن ابي يُوسُف أَن البَائِع إِذا ادّعى أَنه بَاعه بِشَرْط خِيَار الثَّلَاث وَادّعى بيعا باتا أَن أَبَا حنفية قَالَ القَوْل قَول البَائِع لِأَنَّهُ لم يقر بِخُرُوجِهِ من ملكه وروى مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة أَنه أَيهمَا ادّعى الْخِيَار لم يصدق إِلَّا بِبَيِّنَة وَلم يذكر فِيهِ خلافًا وَهُوَ قَول ابْن أبي ليلى وَمَالك وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ يَتَحَالَفَانِ وَهَذَا كاختلافهما فِي الثّمن قَالَ أَبُو جَعْفَر اخْتِلَاف الْخِيَار لَيْسَ باخْتلَاف فِي نفس الْمَبِيع وَلَا فِيمَا لَهُ حِصَّة من الثّمن فَهُوَ كاختلافهما فِي الْبَرَاءَة من الْعَيْب فَلَا يُوجب التَّحَالُف إِذا لم يختلفا فِي العقد نَفسه الحديث: 1136 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 57 1138 - فِيمَن اشْترى أحد هذَيْن على أَنه بِالْخِيَارِ قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اشْترى ثوبا فِي ثَوْبَيْنِ على أَن يأخد أَيهمَا شَاءَ وَهُوَ فِي الْخِيَار ثَلَاثَة أَيَّام فَهَذَا جَائِز وَكَذَلِكَ الثَّلَاثَة وَلَا يجوز فِي الْأَرْبَعَة قَالَ وَذكر مُحَمَّد أَنه إِن وَقع البيع على مَا ذكرنَا بِغَيْر خِيَار مُؤَقّت مَعْلُوم فَالْبيع فَاسد وَلم نجد فِيهِ خلافًا وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا اشْترى شَاة من جمَاعَة غنم بحيادها فَلَا بَأْس بذلك أَو عدد مُسَمّى نحوالعشرة فِي جمَاعَة كَثِيرَة فَلَا بَأْس بذلك قَالَ وعَلى أصل الشَّافِعِي أَن لَا يجوز فِي ثوب من ثَوْبَيْنِ شَرط الْخِيَار أَو لم يشْتَرط 1139 - فِي الْمُصراة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اشْترى شَاة فَحلبَ لَبنهَا لم يردهَا بِعَيْب وَيرجع بِنُقْصَان الْعَيْب وَقَالَ بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف فِي الْإِمْلَاء لَو اشْترى شَاة وَاشْترط أَنَّهَا تحلب كَذَا وَكَذَا فَالْبيع فَاسد فَإِن ترك المُشْتَرِي الشَّرْط جَازَ البيع مثل الحديث: 1138 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 58 البيع إِلَى الْعَطاء كَذَلِك الشَّاة المحفلة وَهِي بِمَنْزِلَة الشَّرْط بكيل مَوْزُون فَإِن شَاءَ ردهَا ورد مَا أكل من اللَّبن وَإِن شَاءَ ابطل مَاله فِي النّظر فَاخْتَارَ البيع قَالَ أَبُو جَعْفَر وروى عَن زفر فِي كتاب مُضَاف إِلَيْهِ ملقب بنوادره فِيمَن استرى الشَّاة الْمُصراة قَالَ زفر هُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا يحلبها فَإِن شَاءَ ردهَا ورد مَعهَا صَاعا من تمر أَو نصف صَاع من بر وَإِن اشْتَرَاهَا وَلَيْسَت بمحفلة فاحتلبها فَلَيْسَ لَهُ أَن يردهَا لأَنا اتَّبعنَا الْأَثر فِي المحفلة فَإِن بالمحفلة عيب فَإِنَّهُ يرد النُّقْصَان إِلَّا أَن يرضى البَائِع أَن يأخد كَمَا هِيَ قَالَ أَبُو حنيفَة المحفلة عِنْده وَغَيرهَا سَوَاء وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَمَالك وَالشَّافِعِيّ هُوَ بِخَير النظرين إِذا احتلبها وَوجد إحلابها سرا وَقَالَ ابْن أبي ليلى بِخِلَاف مَا ظهر فَإِن ردهَا رد مَعهَا صَاعا من تمر وَلَا يرد اللَّبن الَّذِي حلب وَإِن كَانَ قَائِما بِعَيْنِه قَالَ مَالك وَأرى لأهل الْبلدَانِ أَن يُعْطوا الصَّاع من عيشهم بِمصْر الْحِنْطَة من عيشهم قَالَ وَإِنَّمَا تبين أَنَّهَا مصراة إِذا حلبها مرَّتَيْنِ أوثلاثا نقص اللَّبن فِي كل مرّة عَمَّا كَانَ آواه قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ مَالك فِي مشترى الْجَارِيَة إذاولدت عِنْده ثمَّ اطلع على عيب إِنَّه يردهَا وَوَلدهَا على البَائِع وَقَالَ الشَّافِعِي يحبس الْوَلَد لنَفسِهِ وَيرد الْجَارِيَة كالغلة وَالْكَسْب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 59 وَمَعْلُوم أَن فِي الصراة أجرا حَادِثَة فِي ملك المُشْتَرِي فَكَانَ يَنْبَغِي أَن يكون بِمَنْزِلَة الْوَلَد الْحَادِث فِي ملكه لِأَن احدا مِنْهُم لم يُوجب رد اللَّبن وَجعلُوا بدله صَاعا من تمر فَعلمنَا أَنه غير مشبه عِنْدهم للْوَلَد وَأَنه لَو كَانَ ثَابت الحكم لرد إِلَيْهِ نَظَائِره فَهُوَ مَنْسُوخ بنسخ الْعُقُوبَات والغرامات نَحْو مَا رُوِيَ فِي مَانع الزَّكَاة وَجَائِز أَن يكون عَلَيْهِ السّلم جعل إِيجَاب الصَّاع مَعَ كَثْرَة الْبر عُقُوبَة للْبَائِع فِي تغريره المُشْتَرِي كَمَا روى أَبُو الضُّحَى عَن مَسْرُوق عَن عبد الله قَالَ أشهد على الصَّادِق الْمُصدق أبي الْقَاسِم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ إِن بيع المحفلات خلابة وَلَا يحل خلابة الْمُسلم 1140 - فِي المزايدة فِي الْبيُوع قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ لَا بَأْس بِبيع من يزِيد وَكَانَ الْأَوْزَاعِيّ يكره المزايدة فِي الْمِيرَاث بَين الْوَرَثَة وَالْقِسْمَة بَين أَهلهَا فَأَما غير ذَلِك فَلَا الحديث: 1140 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 60 وَعَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ أَنه كره بيع من يزِيد قَالَ أَبُو جَعْفَر عَن أَيُّوب وَعقبَة وعامر كَرَاهَة الزِّيَادَة وَهَذَا على أَنه مارضي البَائِع بِبيعِهِ بِالثّمن الأول وَعَن عَطاء أدْركْت النَّاس يبيعون الْغَنَائِم مِمَّن يزِيد وَقَالَ مُجَاهِد لَا بَأْس بذلك 1141 - فِي دُخُول الْمُسلم على النَّصْرَانِي فِي سومة قَالَ الْأَوْزَاعِيّ لابأس بِدُخُول الْمُسلم على الذِّمِّيّ فِي سومة قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلَا نعلم أحدا قَالَ بذلك غير الْأَوْزَاعِيّ قَالَ وكما كَانَ نَهْيه عَن بيع مَا لم يقبض وَعَن النجش وَبيع مَا لم يضمن وَنَحْوه على الْجَمِيع كَذَلِك السّوم فَإِن قيل النَّهْي عَن السّوم فِي الْمُسلمين خَاصَّة لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة السَّلَام قَالَ لايسوم أحدكُم على سوم أَخِيه قيل لَهُ يجوز إِطْلَاقه وَالْمرَاد الْجَمِيع كَمَا يُقَال هَذَا طَرِيق الْمُسلمين وَأهل الذِّمَّة لَهُم طَرِيق أَيْضا قَالَ وَاتَّفَقُوا على كَرَاهَة سوم الذِّمِّيّ على الذِّمِّيّ فَدلَّ على أَنهم مرادون الحديث: 1141 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 61 1142 - فِي بيع المجازفة قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ لَا بَأْس بِأَن يَبِيع طَعَاما قد علم مِقْدَاره بمجازفة فِيمَن لايعلم مِقْدَاره وَقَالَ مَالك لَا يصلح ذَلِك وَللْمُشْتَرِي أَن يردهُ على البَائِع لما كتمه وَكَذَلِكَ الْجَوْز إِذا علم عدده وَلم يعلم المُشْتَرِي لم يَبِعْهُ مُرَابحَة وَأما القثاء وَنَحْوه قَالَ لَهُ أَن يَبِيعهُ مجازفة وَإِن علم البَائِع عدده وَلم يعلم المُشْتَرِي لِأَن ذَلِك يخْتَلف وَهُوَ قَول اللَّيْث وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا اشْترى شَيْئا مِمَّا يُكَال ثمَّ حمله إِلَى بلد يُوزن فِيهِ لم يَبِعْهُ جزَافا وَإِن كَانَ حَيْثُ حمله لَا يُكَال وَلَا يُوزن فَلَا بَأْس بذلك وروى عَن الْحسن الْبَصْرِيّ أَنه لَا بَأْس بذلك وَكَرِهَهُ ابْن سِيرِين وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يجوز بيع الْجزَاف حَتَّى تكون الأَرْض الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا مستوية لِأَنَّهُ يكون غررا 1143 - فِي البيع عِنْد أَذَان الْجُمُعَة قَالَ أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيّ من عَلَيْهِ إتْيَان الْجُمُعَة فتشاغل بِالْبيعِ بعد النداء لَهَا فَهُوَ آثم وَبيعه جَائِز وَقَالَ مَالك من بَاعَ بعد النداء الَّذِي يُنَادي بِهِ وَالْإِمَام جَالس على الْمِنْبَر فَالْبيع مفسوخ وَلَا يَبِيع فِي ذَلِك الْوَقْت حر وَلَا عبد وَلَا صبي وَلَا امْرَأَة الحديث: 1142 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 62 هَذِه رِوَايَة ابْن وهب عَنهُ وروى ابْن الْقَاسِم عَنهُ أَنه كره بيع من لاتجب عَلَيْهِ الْجُمُعَة من هَؤُلَاءِ وفسخه وَقَالَ اللَّيْث إِذا أذن بَين يَدي الإِمَام وَهُوَ على الْمِنْبَر يَوْم الْجُمُعَة لم يجز حَتَّى ينْصَرف الإِمَام وَالنَّاس من الْجُمُعَة قَالَ أَبُو جَعْفَر لَو ذكر صَلَاة لم يبْق من وَقتهَا إِلَّا مِقْدَار مَا يُصليهَا كَانَ عَاصِيا بالتشاغل عَنْهَا بِالْبيعِ وَجَاز بَيْعه كَذَلِك مَا قُلْنَا وَكَذَلِكَ لَو كَانَ فِي صَلَاة فَقَالَ لَهُ رجل قد بِعْتُك عَبدِي هَذَا بِأَلف فَقَالَ قد قبلت صَحَّ البيع وَإِن كَانَ مَنْهِيّا عَن قطع صلَاته بالْقَوْل 1144 - فِي تلقي السّلع قَالَ أَصْحَابنَا إِذا كَانَ التلقي فِي أَرض لايضر بِأَهْلِهَا فَلَا بَأْس بِهِ وَإِن كَانَ يضر بِأَهْلِهَا فَهُوَ مَكْرُوه وَقَالَ مَالك يكره أَن يَشْتَرِي من الجلب فِي نواحي الْمصر الَّتِي يهْبط بهَا السُّوق قيل لَهُ فَإِن كَانَ على سِتَّة أَمْيَال فَقَالَ لابأس بِهِ للأضحية وَغَيرهَا وَلَا يَشْتَرِي للتِّجَارَة وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا كَانَ للنَّاس من ذَلِك اتساعا فَلَا بَأْس بِهِ وَإِن كَانُوا مُحْتَاجين فَلَا يقربونه حَتَّى يهْبط بِهِ الْأَسْوَاق الحديث: 1144 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 63 وَقَالَ الْحسن بن حَيّ يكره تلقي السّلع وَكَانَ يكره الزهدر والزهدر أَن يجلس على الطَّرِيق فِي الْمصر فَإِذا أَمر بِهِ شَيْء اشْتَرَاهُ فَإِن جلس على الطَّرِيق فَمر رجل بسلعة يعرضهَا على غير هَذَا فَلَا بَأْس أَن يَشْتَرِيهَا هَذَا بعد ذَلِك وَقَالَ اللَّيْث أكره تلقي السّلع وشراءها على الطَّرِيق أَو على بابك حَتَّى تقف السّلْعَة فِي سوقها الَّذِي تبَاع فِيهِ فَإِن تلقى سلْعَة فاشتراها ثمَّ علم بِهِ فَإِن كَانَ بَائِعهَا لم يذهب ردَّتْ إِلَيْهِ حَتَّى بَاعَ فِي السُّوق وَإِن كَانَ قد فَاتَ ارتجعت مِنْهُ وبيعت فِي السُّوق وَدفع إِلَيْهِ ثمنهَا قَالَ وَإِن كَانَ على بَابه أَو فِي طَرِيقه فمرت بِهِ سلْعَة يُرِيد صَاحبهَا سوق تِلْكَ السّلْعَة فَلَا بَأْس بِأَن يَشْتَرِيهَا وَلَيْسَ هَذَا بالتلقي إِنَّمَا التلقي أَن يعمد لذَلِك وَقَالَ الشَّافِعِي لايتلقى السّلْعَة وَمن تلقاها فَصَاحب السّلْعَة بِالْخِيَارِ بعد أَن يقدم السُّوق قَالَ أَبُو جَعْفَر أجَاز البيع وَجعل فِيهِ الْخِيَار وروى ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لاتستقبلوا السّلع وَلَا يتلق بَعْضكُم لبَعض وَعَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه نهى أَن يتلَقَّى السّلع حَتَّى تدخل الْأَسْوَاق والأعرج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لاتلقوا الجلب فَمن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 64 تَلقاهُ فَاشْترى مِنْهُ شَيْئا فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِذا أَتَى السُّوق وروى أَيُّوب عَن ابْن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لاتستقبلوا الجلب وَلَا يَبِيع حَاضر لباد وَالْبَائِع بِالْخِيَارِ إِذا دخل السُّوق فَجعل الْخِيَار فِي الْخَبَر الأول للْمُشْتَرِي وَفِي هَذَا للْبَائِع وجميعا يدلان على جَوَاز البيع لِأَنَّهُ أثْبته وَجعل فِيهِ الْخِيَار وَهَذَا يدل على أَن التلقي الْمَكْرُوه إِذا كَانَ فِيهِ ضَرَر فَلذَلِك جعل فِيهِ الْخِيَار فَإِذا لم يكن فِيهِ ضَرَر فَعَلَيهِ مَكْرُوه 1145 - فِي بيع الْحَاضِر للبادي قَالَ ذكر الْحسن بن زِيَاد عَن أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَزفر أَنه لابأس بِبيع حَاضر لباد أهل الْبَادِيَة وَأهل الْقرى فَأَما أهل الْمَدَائِن من أهل الرِّيف فَإِنَّهُ لَيْسَ بِالْبيعِ لَهُم بَأْس فِيمَن يرى أَنه يعرف السّوم إِلَّا من كَانَ يشبه الْبَادِيَة فَإِنِّي لاأحب أَن أبيع لَهُم قَالَ مَالك والبدوي يقدم فَيسْأَل الْحَاضِر عَن السّعر أكره لَهُ أَن يُخبرهُ وَلَا بَأْس أَن يَشْتَرِي لَهُ وَإِنَّمَا أكره أَن يَبِيع لَهُ فَأَما أَن يَشْتَرِي لَهُ فَلَا بَأْس هَذِه رِوَايَة ابْن الْقَاسِم وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك لاأرى أَن يَبِيع الْحَاضِر للبادي وَلَا لأهل الْقرى الحديث: 1145 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 65 وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لايبيع حَاضر لباد ويخبره بالسعر وَلَا يجْتَهد لَهُ على أَخِيه الْمُسلم وَكَذَلِكَ الشِّرَاء لَهُ وَقَالَ اللَّيْث لَا يُشِير الْحَاضِر على البادي لِأَنَّهُ إِذا أَشَارَ عَلَيْهِ فقد بَاعَ عَلَيْهِ لِأَن من شَأْن أهل الْبَادِيَة أَن يرخصوا على أهل الْحَضَر لقلَّة معرفتهم بِالسوقِ فَنهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن البيع لَهُ قَالَ ولابأس بِأَن يبْتَاع الْحَاضِر للبادي وَأما أهل الْقرى فَلَا بَأْس بِأَن يَبِيع لَهُم الْحَاضِر وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا بَاعَ حَاضر لباد فَهُوَ عَاص وَيجوز البيع لقَوْل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دعوا النَّاس يرْزق الله بَعضهم من بعض وروى ابْن عمر وَأَبُو هُرَيْرَة وَغَيرهمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى أَن يَبِيع حَاضر لباد دعوا النَّاس يرْزق الله بَعضهم من بعض قَالَ أَبُو جَعْفَر فَدلَّ هَذَا على أَنه نهى عَن بيع الْحَاضِر للبادي لِئَلَّا يمْنَع المُشْتَرِي فضل مَا يَشْتَرِيهِ وَلَيْسَ هَذَا بِخِلَاف نَهْيه عَن تلقي السّلع لِأَنَّهُ نهي عَن ذَلِك فِي الْموضع الَّذِي يقدر فِيهِ على ذَلِك فَبَاعَ فَهُوَ جَائِز وَلَا خِيَار لَهُ 1146 - فِي بيع أَرَاضِي مَكَّة روى مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة أَنه كَانَ لايرى بَأْسا بِبيع بِنَاء مَكَّة وَكره بِبيع أرْضهَا قَالَ أَبُو جَعْفَر حَدثنَا أَحْمد بن دَاوُد قَالَ حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن سَالم قَالَ الحديث: 1146 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 66 حَدثنَا مُحَمَّد بن الْحسن قَالَ أخبرنَا أَبُو حنيفَة عَن عبيد الله بن زِيَاد عَن أبي نجيح عَن عبد الله بن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ من أكل من أجر بيُوت مَكَّة شَيْئا فَإِنَّمَا أكل نَارا قَالَ مُحَمَّد وَكَانَ أَبُو حنيفَة يكره أجر بيوتها فِي الْمَوْسِم وَفِي الرجل يعْتَمر ثمَّ يرجع فَأَما الْمُقِيم والمجاور فَلَا يرى بِأخذ ذَلِك مِنْهُم بَأْسا قَالَ مُحَمَّد وَبِه نَأْخُذ قَالَ أَبُو جَعْفَر وَكَانَ أبن أبي عمرَان يَحْكِي لنا عَن أبي يُوسُف بِغَيْر إِسْنَاد أَنه أطلق ملك أَرَاضِي مَكَّة وإجازة بيوتها وَجعلهَا كَغَيْرِهَا من الْبلدَانِ وَكره مَالك كِرَاء بيُوت مَكَّة قَالَ وَكَانَ عمر ينْزع أَبْوَاب أهل مَكَّة وَقَالَ الشَّافِعِي أَرَاضِي مَكَّة ملك لأربابها قَالَ أَبُو جَعْفَر حَدثنَا روح بن الْفرج قَالَ حَدثنَا يُوسُف بن عدي قَالَ حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن سُلَيْمَان عَن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن المُهَاجر عَن أَبِيه عَن مُجَاهِد عَن عبد الله بن عَمْرو أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا تحل بيُوت مَكَّة وَلَا إِجَارَتهَا والعوام بن حَوْشَب عَن عَطاء بن أبي رَبَاح أَنه كَانَ يكره أجور بيُوت مَكَّة وَرُوِيَ عَن أُسَامَة بن زيد أَنه قَالَ يَا رَسُول الله أتنزل فِي دَارك بِمَكَّة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 67 قَالَ وَهل ترك لنا عقيل من رباع أَو دور فأضاف الْملك إِلَيْهِ وَقَالَ الله تَعَالَى {للْفُقَرَاء الْمُهَاجِرين الَّذين أخرجُوا من دِيَارهمْ وَأَمْوَالهمْ} الْحَشْر فأضاف الديار إِلَيْهِم وَلأَهل مَكَّة إغلاق دُورهمْ على أَنَّهَا ملكهم لَوْلَا ذَلِك كَانَت كالمسجد 1147 - إِذا اشْترى كل كَذَا بدرهم قَالَ أَبُو حنيفَة فِي الرجل يَشْتَرِي الثَّوْب كل ذِرَاع بدرهم ولايعلم مَا الذرع فَالْبيع فَاسد فَإِذا علم بالذرع فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذ كل ذِرَاع بدرهم وَإِن شَاءَ ترك وَكره الثورى هَذَا الشِّرَاء لِأَنَّهُ مَجْهُول الذرع وَقَالَ أَبُو حنيفَة فِي الرجل يَشْتَرِي الطَّعَام كل قفيز بدرهم فَالْبيع وَاقع على قفيز وَاحِد فَإِن كاله وَدفعه إِلَيْهِ فَهُوَ جَائِز كل قفيز بدرهم وَقَول زفر فِي جَمِيع ذَلِك كَقَوْل أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد البيع جَائِز فِي جَمِيع ذَلِك على مَا سمى وَهُوَ قَول مَالك وَعبيد الله بن الْحسن وَالشَّافِعِيّ 1148 - فِي بيع الدَّار على أَنَّهَا كَذَا ذرعا قَالَ أَبُو حنيفَة فِي الرجل يَبِيع الدَّار على أَنَّهَا ألف ذِرَاع كل ذِرَاع بدرهم فَوَجَدَهَا أَكثر فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذهَا كل ذِرَاع بدرهم وَإِن شَاءَ ترك وَكَذَلِكَ إِن نقصت من الْألف وَكَذَلِكَ الثَّوْب وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد الحديث: 1147 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 68 وَقَالَ مَالك إِذا اشْترى دَارا على أَنَّهَا مائَة ذِرَاع فأصيب مائَة وَخمسين ذِرَاعا فَإِن رَضِي يَعْنِي البَائِع أَن يُسَلِّمهَا جَازَ البيع وَلَا خِيَار للْمُشْتَرِي فَإِن كَانَ أقل من مائَة فَرضِي المُشْتَرِي أَن يقبلهَا فَلهُ ذَلِك وَلَا خِيَار للْبَائِع وَقَالَ مَالك لَو اشْترى صبرَة على أَنَّهَا كرّ فَوَجَدَهَا تنقص شَيْئا يَسِيرا لزمَه البيع فَإِن كَانَ الَّذِي ينقص كثيرا لم يلْزمه إِلَّا أَن يَشَأْ بِحِصَّتِهِ من الثّمن فَإِن كَانَ أَكثر بِشَيْء يسير لم يكن لوَاحِد مِنْهُمَا خِيَار وَلَزِمَه البيع وَقَالَ إِذا اشْترى دَارك 902 أهذه كل ذِرَاع بدرهم أَو غنمك كل شَاة بدرهم فَهُوَ جَائِز وَقَالَ إِذا اشْترى مِنْك هَذَا الْحَائِط وَهُوَ ألف ذِرَاع فَوَجَدَهُ أَكثر فَهُوَ للْمُشْتَرِي وَإِن كَانَ أقل فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أخد وَإِن شَاءَ ترك 1149 - فِي بيع الدَّار بفنائها ذكر ابْن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة إِذا بَاعَ الدَّار وَكتب حُقُوقهَا وفناءها فَالْبيع فَاسد لِأَن الفناء لجَماعَة الْمُسلمين لَيْسَ بِملك لأحد وَلَيْسَ بِمَنْزِلَة من بَاعَ ملكه وَملك غَيره قَالَ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد البيع جَائِز وَذكر الفناء لَيْسَ على وَجه التَّمْلِيك مِنْهُ للفناء وَقد علم النَّاس أَنه لايبيع الفناء مَعَ دَاره وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك أَنه سُئِلَ عَن الأفنية الَّتِي فِي الطَّرِيق يكريها أَهلهَا قَالَ كل فنَاء ضيق يضر بِالْمُسْلِمين إِذا وضع فِيهِ شَيْء فَلَا أرى ان يُمكن أحدا من الِانْتِفَاع بِهِ وَأَن يمنعوا وَأما كل فنَاء إِذا انْتفع بِهِ أَهله لم يضيق على الْمُسلمين فِي ممرهم لم أر بذلك بَأْسا وَقد قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا ضَرَر وَلَا ضرار قَالَ أَبُو جَعْفَر فَهَذَا يدل على أَنه كَانَ يرى الأفنية مَمْلُوكَة لِأَنَّهُ أجَاز إِجَارَتهَا فَيَنْبَغِي أَن لَا يُفَسر البيع بشرطها الحديث: 1149 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 69 قَالَ وَالَّذِي يدل عَلَيْهِ قَول الشَّافِعِي أَن مَا كَانَ فِيهِ صَلَاح للدَّار فَهُوَ ملك لصَاحِبهَا إِلَّا أَنه لَا يجوز بَيْعه لِأَن فِيهِ حَقًا للْغَيْر كالطريق يكون فِي ملك رجل لآخر فَلَا يجوز بَيْعه عِنْده قَالَ أَبُو جَعْفَر اتَّفقُوا على أَن الفناء لَا يدْخل فِي الْحُدُود فَدلَّ على أَنه غير مَمْلُوك فَهُوَ كَسَائِر الطّرق الَّتِي للْمُسلمين 1150 - فِي اسْتثِْنَاء مَال العَبْد فِي البيع قَالَ أَصْحَابنَا إِذا بَاعَ العَبْد وَمَاله فَهَذَا لمن بَاعَ مُتَيَقن يجوز كَمَا يجوز فِي سَائِر الْبياعَات وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ عُثْمَان البتي إِذا بَاعَ عَبده وَله مَال فيبيعه وَمَاله بِأَلف دِرْهَم فَالْبيع جَائِز إِذا كَانَت رغبته فِي العَبْد لَا فِي الدَّرَاهِم الَّتِي مَعَ العَبْد وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك يجوز أَن يَشْتَرِي العَبْد وَمَاله بِدَرَاهِم إِلَى أجل وَإِن كَانَ مَاله دَرَاهِم ودنانير وعروض وَدين وَغَيره قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من بَاعَ عبدا وَله مَال فَمَاله للْبَائِع إِلَّا أَن يشْتَرط الْمُبْتَاع فَلم يَجعله للْمُشْتَرِي إِلَّا بِالشّرطِ فَهُوَ كَبيع دَابَّة وَمَال غَيرهَا الحديث: 1150 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 70 1151 - فِيمَن قَالَ كل ثَوْبَيْنِ بِكَذَا قَالَ أَصْحَابنَا فِي رجل بَاعَ هَذِه الثِّيَاب على أَن كل عشرَة بِأَلف دِرْهَم وَيكون الَّذِي يرد جُزْءا من أحد عشرَة من الثِّيَاب وَقَالَ بعد ذَلِك يرد ثوبا كَأَنَّهُ وجد بِهِ عَيْبا وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِن زَاد فَالْبيع فَاسد وَإِن نقص فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ 209 ب إِن شَاءَ أخد بِجَمِيعِ الثّمن وَإِن شَاءَ ترك وَقَالَ أَصْحَابنَا إِذا سمى لكل ثوب ثمنا فَإِن وجده زَائِدا فَالْبيع بَاطِل وَإِن وجده نَاقِصا فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذ كل ثوب بِمَا سمى وَإِن شَاءَ ترك 1152 - فِي بيع حِصَّة من الدَّار مَجْهُولَة ذكر بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة أَنه إِذا بَاعَ نَصِيبا من دَار غير مقسومة وَغير مُسَمّى من ثلث أَو ربع وَكَذَا سَهْما فَالْبيع لَا يجوز على هَذَا الْوَجْه وَقَالَ ابْن أبي ليلى إِذا كَانَت الدَّار بَين اثْنَيْنِ أجزت بيع النَّصِيب وَإِن لم يسم وَإِن كَانَت سهمانا كَثِيرَة لم يجز حَتَّى يُسمى وَقَالَ أَبُو يُوسُف البيع جَائِز وَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إِذا علم إِن شَاءَ أَخذ وَإِن شَاءَ ترك قَالَ أَبُو جَعْفَر وَقَالَ مُحَمَّد كَقَوْل أبي حنيفَة وَكَذَلِكَ قَول الشَّافِعِي حَتَّى يكون مَعْلُوما عِنْد البَائِع وَالْمُشْتَرِي وَهُوَ قَول مَالك أَيْضا قَالَ أَبُو جَعْفَر بيع نصيب لَا يعرف أَنه بيع شَيْء حقيقتة مَجْهُولَة عِنْدهمَا وَلَيْسَ كَبيع العَبْد الْغَائِب لِأَنَّهُ تنَاول البيع حَقِيقَة مَذْكُورَة وَإِن جهلا صفته الحديث: 1151 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 71 1153 - فِي بيع السّمك فِي المَاء قَالَ أَبُو حنيفَة فِيمَن بَاعَ سَمَكَة فِي حَظِيرَة إِلَّا أَنه لَا يؤخد إِلَّا بصيد لَا يجوز وَإِن كَانَ يقدر عَلَيْهِ بِغَيْر صيد فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذ وَإِن شَاءَ ترك وَهُوَ قَول مَالك وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ ابْن أبي ليلى هُوَ جَائِز 1154 - فِي بيع الزَّيْت فِي الزَّيْتُون قَالَ أَصْحَابنَا لَا يجوز بيع مَا فِي بطن وَلَا الصُّوف على ظهر الْغنم وَلَا اللَّبن فِي الضَّرع وَلَا الزَّيْت فِي الزَّيْتُون قَالَ مَالك وَيجوز بيع زيته كل رَطْل بِكَذَا إِذا كَانَ مَعْرُوفا لَا يخْتَلف مثل الْقَمْح فِي السنبل وَكَذَلِكَ أَن يَبِيع دَقِيق هَذِه الْحِنْطَة كل قفيز بدرهم على أَن يطحنها وَكَذَلِكَ يجوز بيع الموز إِذا حل بَيْعه وَيسْتَثْنى بطونا فِي الْمُسْتَقْبل خمْسا أَو عشرا وَيجوز أَن يَشْتَرِي أَيْضا مَا يطعم هَذِه السنبل إِذا كَانَ قد حل بَيْعه وَلَا بَأْس بِأَن يَشْتَرِيهِ السّنة أَو السنتين النّصْف وَكَذَلِكَ يجوز أَن يَشْتَرِي القصيل أَو القضب إِذا بلغ أَن يرْعَى وَيشْتَرط الحديث: 1153 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 72 خلفته إِذا لم يشْتَرط أَن يَدعه حَتَّى يصير حبا وَيجوز ان يَشْتَرِي قصيل الزَّرْع على أَن يرْعَى فِيهِ السَّاعَة قَالَ وَيجوز ان يَشْتَرِي أول جزة من القصيل وَيَشْتَرِي بعد ذَلِك الخلفة وَلَا يجوز لغير الَّذِي اشْترى الأول أَن يَشْتَرِي الخلفة قَالَ وَيجوز ان يَبِيع لبن غنمه هَذِه شهرا أَو شَهْرَيْن إِذا علم أَن لَبنهَا لَا يَنْقَطِع فِي تِلْكَ الْمدَّة وَيكرهُ ذَلِك فِي الشَّاة والشاتين لِأَن أَمرهمَا يسير وَهُوَ من الْحَظْر إِلَّا أَن يَبِيعهُ كَيْلا فَيجوز أَن يشْتَرط يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ وَقَالَ اللَّيْث يجوز بيع اللَّبن فِي الضَّرع مكايلة وَلَا يجوز أَن يَبِيعهُ شهرا 210 أ قَالَ وَيجوز بيع الْقَرْض أَعْلَاهُ واسفله وَكَذَلِكَ الْقصب والقثاء والبقول وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يجوز بيع اللَّبن فِي الضَّرع وَكَذَلِكَ لايجوز بيع الْقَرْض إِلَّا جزة وَاحِدَة يكون مَوْجُودا عِنْد عقده البيع قَالَ أَبُو جَعْفَر نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن بيع الثَّمَرَة قبل بَدو صَلَاحهَا وَقَالَ أَرَأَيْت إِن منع الله الثَّمَرَة بِمَ يسْتَحل أحدكُم مَاله أَخِيه وَنهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن بيع مَا لَيْسَ عِنْد الْإِنْسَان وَذَلِكَ عُمُوم فِي الْكل إِلَّا مَا قَامَ دَلِيله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 73 1155 - فِي بيع المَاء ذكر عَن أبي يُوسُف أَن المَاء لَا يُكَال وَلَا يُوزن قَالَ أَبُو جَعْفَر مَعْنَاهُ عِنْدِي أَنه لَا بَأْس بِبيع بعضه بِبَعْض مُتَفَاضلا وحكيى ابْن أبي عمرَان أَن مُحَمَّدًا يَقُول أَن المَاء مَكِيل بِمَا روى أَنه كَانَ يتَوَضَّأ بِالْمدِّ وَيغسل بالصاع وَقَالَ مَالك لَا بَأْس بِبيع المَاء وَاحِد بِاثْنَيْنِ وَيدل قَول الشَّافِعِي أَن المَاء عِنْده مَكِيل 1156 - فِي بيع الْغَائِب قَالَ أَصْحَابنَا يجوز بيع الْأَعْيَان الغائبة وَأَن لم يرهَا المُشْتَرِي وَلَا البَائِع وَللْمُشْتَرِي الْخِيَار إِذا رأى ذَلِك وَلَا خِيَار للْبَائِع قَالَ وَسمعت أَبَا خازم يَقُول قد كَانَ أَبُو حنيفَة يَجْعَل للْبَائِع خِيَار الرُّؤْيَة فِيمَا لم يره كالمشتري ثمَّ رَجَعَ إِلَيّ قَوْله الْمَشْهُور وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَالثَّوْري مثل قَول أَصْحَابنَا وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا بَاعَ ثوبا لم يره أَو أرَاهُ خرقَة وَقَالَ مثل هَذَا فَالْبيع جَائِز وَلَا خِيَار للْمُشْتَرِي وَقَالَ سوار بن عبد الله البيع جَائِز وَلكُل وَاحِد من الْمُتَبَايعين الْخِيَار فِيمَا لم يره وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك لَا يجوز شِرَاء الْحَيَوَان الْغَائِب على شَرط ان ينقده ثمنة وإ ن كَانَ قد رَآهُ ورضيه لَا قَرِيبا وَلَا بَعيدا لِأَن البَائِع ينْتَفع بِالثّمن وَلَا يدْرِي هَل يُوجد تِلْكَ السّلْعَة على مَا رَآهَا الْمُبْتَاع أَو لَا يُوجد وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك لَا يجوز شِرَاء الْحَيَوَان الْغَائِب على شَرط أَن ينقده ثمنة وَإِن كَانَ قد رَآهُ ورضيه لَا قَرِيبا وَلَا بَعيدا لِأَن البَائِع ينْتَفع بِالثّمن وَلَا يدْرِي هَل يُوجد تِلْكَ السّلْعَة على مَا رَآهَا الْمُبْتَاع أَو لَا يُوجد قَالَ وَقَالَ مَالك فِي الساج المدرج فِي جرابه وَالثَّوْب فِي طيه لَا يجوز الحديث: 1155 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 74 بيعهمَا حَتَّى ينظر أَو ينضر إِلَى مَا فِي جوفهما وَذَلِكَ من الْغرَر وَهُوَ من الملامسوة قَالَ وَبيع الْعرُوض مُخَالف لذَلِك وَذكر ابْن الْقَاسِم أَن أصل قَول مَالك من بَاعَ عرُوضا أَو حَيَوَانا أَو ثيابًا بِعَينهَا وَذَلِكَ الشَّيْء فِي مَوضِع غير موضعهَا أَنه أَن كَانَ ذَلِك قَرِيبا لم يكن بذلك بَأْس وَلَا بَأْس بِالنَّقْدِ فِيهِ وَإِن كَانَ بَعيدا جَازَ البيع وَلَا يصلح الْبعد فِي ذَلِك بِشَرْط كَانَ قَرِيبا أَو بَعيدا وَقَالَ مَالك يجوز بيع السّلْعَة وَلَو لم يرهَا المُشْتَرِي إِذا وصفهَا لَهُ وَلم يشْتَرط الْبعد فَإِن لم يصفها لم يجز البيع وَقَالَ اللَّيْث إِذا وصف السّلْعَة جَازَ البيع وَلم ينْقد الثّمن حَتَّى يحضر السّلْعَة لِأَنَّهُ إِن لم تكن على مَا وصف البَائِع فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَار وري عَن الشَّافِعِي أَن شِرَاء مالم يره جَائِز ولاخيار فِيهِ وَرُوِيَ عَنهُ أَن فِيهِ خِيَار الرُّؤْيَة وَذكر الْمُزنِيّ أَن الصَّحِيح من قَوْله إِن الشِّرَاء لايجوز وصف أَو لم يُوصف قَالَ أَبُو جَعْفَر وَرُوِيَ أَبُو سعيد وَأَبُو هُرَيْرَة وَأنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن بيع الْمُلَامسَة والمنابذة فَقَالَ أَصْحَابنَا إِن ذَلِك يتَعَيَّن لأهل الْجَاهِلِيَّة إِذا وضع يَده على مَا ساوم بِهِ ملكه بذلك صَاحبه وَإِذا نبذ اليه ملكه وَجب ثمنه وَإِن لم يطْلب نَفسه وَكَانَ ذَلِك يجْرِي مجْرى الْقمَار لَا على وَجه التبايع الجزء: 3 ¦ الصفحة: 75 وَقَالَ مَالك الْمُلَامسَة أَن يلمس الرجل الثَّوْب وَلَا ينشره وَلَا يتَبَيَّن مَا فِيهِ أَو يبتاعه لَيْلًا وَهُوَ لايعلم مَا فِيهِ والمنابذة أَن ينْبذ الرجل الى الرجل ثَوْبه وينبذ الية الآخر ثَوْبه على غير تَأمل مِنْهُم وَيَقُول كل وَاحِد هَذَا بِهَذَا وَقَالَ الشَّافِعِي معنى الْمُلَامسَة أَن يَأْتِيهِ بِالثَّوْبِ مطويا فيلمسه المُشْتَرِي أَو فِي ظلمَة فَيَقُول رب الثَّوْب أبيعك هَذَا على أَنه إِذا وَجب البيع فَنَظَرت اليه فلاخيار لَك والمنابذة أَن يَقُول أَنْبِذ اليك ثوبي وتنبذ الي ثَوْبك على أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا بِالْآخرِ وَلَا خِيَار إِذا عرفنَا الطول وَالْعرض وَقَالَ الزُّهْرِيّ الْمُلَامسَة إِن الْقَوْم كَانُوا يتبايعون السّلع وَلَا ينظرُونَ اليها وَلَا يخبرون عَنْهَا والمنابذة أَن يتنابذ الْقَوْم والسلع وَلَا ينظرُونَ إِلَيْهَا وَلَا يخبرون عَنْهَا فَهَذَا من أَبْوَاب الْقمَار وَقَالَ ربيعَة الْمُلَامسَة والمنابذة من أَبْوَاب الْقمَار فَأخْبر الزُّهْرِيّ أَنه فِيمَا لم يُخبرهُ عَنهُ وَإِلَّا فِيمَا لم يره حسب قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ الله تَعَالَى {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُم بَيْنكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تكون تِجَارَة عَن ترَاض مِنْكُم} النِّسَاء فَأبْطل مَا كَانَ عَلَيْهِ أهل الجاهيلية من أَخذ الشَّيْء على وَجه الْقمَار وَإِبَاحَة التَّرَاخِي وَلم يفرق بَين مالم يروه وَبَين مَا رئى وروى أَبُو الْوَلِيد الطَّيَالِسِيّ قَالَ حَدثنَا حَمَّاد عَن حميد عَن أنس قَالَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 76 نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن بيع الْعِنَب حَتَّى يسود وَعَن بيع الْحبّ حَتَّى يشْتَد فَأجَاز بيعَة بعد أَن يسود وَبيع الْحبّ فِي السنبل بعد أَن يشْتَد وَلم يشْتَرط فِي الْعِنَب الرُّؤْيَة وَالْحب فِي السنبل غير مرئي وروى عُثْمَان وَطَلْحَة وَجبير بن مطعم جَوَاز شِرَاء مالم يرة وروى معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ قَالَ أَصْحَاب النَّبِي صلى اللة علية وَسلم وَدِدْنَا لَو أَن عُثْمَان وَعبد الرَّحْمَن تبَايعا حَتَّى نَنْظُر أَيهمَا أعظم جدا فِي التِّجَارَة فَاشْترى عبد الرَّحْمَن من عُثْمَان فرسا بِأَرْض لَهُ أُخْرَى بِأَرْبَعِينَ ألف دِرْهَم أَو نَحْو ذَلِك إِن أدركتها الصَّفْقَة وَهِي سَالِمَة ثمَّ أجَاز قَلِيلا ثمَّ رَجَعَ فَقَالَ أزيدك سِتَّة الآف إِن وجدهَا رَسُولي سَالِمَة قَالَ نعم فَوَجَدَهَا رَسُول عبد الرَّحْمَن قد مَاتَت فَخرج مِنْهَا بِشَرْطِهِ الآخر فَقَالَ رجل فَإِن لم يشْتَرط فَهِيَ من مَال البَائِع وروى يُونُس عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن ابْن عمر قَالَ كُنَّا إِذا تبايعنا كَانَ كل وَاحِد منا بِالْخِيَارِ مَا لم يتفرق الْمُتَبَايعَانِ قَالَ فتبايعت أَنا عُثْمَان الجزء: 3 ¦ الصفحة: 77 قَالَ فَبِعْته مَالا لي بالوادي بِمَال لَهُ بِخَيْبَر قَالَ فَلَمَّا بايعته طفقت أنكص على عَقبي نكص الْقَهْقَرِي خشيَة أَن يترادني البيع عُثْمَان قبل أَن أفارقه وروى شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالَ أَن عبد الله بن عمر ركب مَعَ عبد الله بن بُحَيْنَة إِلَى أَرض لَهُ بريم فابتاعها مِنْهُ عبد الله بن عمر على أَن ينظر إِلَيْهَا وريم من الْمَدِينَة على قريب من ثَلَاثِينَ ميلًا فَهَؤُلَاءِ أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد تبايعوا على جَوَاز بيع الْغَائِب الَّذِي لم يره المُشْتَرِي وَلَيْسَ فِي شَيْء مِنْهُ ذكر صَفْقَة فَإِن قيل نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن بيع الْغرَر وَبيع الْغَائِب غرر قيل لَهُ الْغرَر بيع الطير فِي الْهَوَاء والسمك فِي المَاء وَالْبَعِير الشارد وَمَا لَا يقدر على تَسْلِيمه وَأما بيع الْغَائِب وَمَا لم يره فَلَيْسَ فِيهِ غرر فَإِن قيل فَبيع العَبْد الْآبِق مُتَّفق على بُطْلَانه فَكَذَلِك الْغَائِب قيل لَهُ لم يبطل بيع العَبْد الْآبِق لغيبته وَإِنَّمَا بَطل لامتناعه وَتعذر تَسْلِيمه لِأَنَّهُ لَو كَانَ بِحَيْثُ يرونه وَهُوَ مُمْتَنع لم يجز البيع أَيْضا فَإِن قيل لَهُ فَهُوَ بيع الْمَجْهُول قيل لَهُ الشَّيْء مَعْلُوم فِي نَفسه وَإِن كَانَ المُشْتَرِي جَاهِلا بِهِ وَإِنَّمَا الْمَجْهُول فِي نَفسه أَن البيع جُزْءا من هَذَا الطَّعَام لَا يُسَمِّيه وَلَو كَانَ يجوز مَا هُوَ جَاهِل بِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 78 وَإِن كَانَ مَعْلُوما فِي نَفسه لما جَازَ شِرَاء الصُّبْرَة بِعَينهَا لجَهَالَة مقدارها عِنْد مُشْتَرِيه 1157 - فِي شِرَاء الْأَعْمَى وَبيعه قَالَ أَصْحَابنَا هُوَ جَائِز وَهُوَ قَول مَالك وَقَالَ الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ لَا يجوز شِرَاء الْأَعْمَى 1158 - فِي شِرَاء المغيب بِالْأَرْضِ ذكر ابْن سَمَّاعَة عَن أبي يُوسُف فِي رجل بَاعَ لحم شَاة مذبوحة أَن السلخ على البَائِع وَالْبيع جَائِز وَكَذَلِكَ إِذا بَاعه طَعَاما فِي سنبله فعلى البَائِع تَسْلِيم الْحِنْطَة إِلَى المُشْتَرِي مُمَيزَة من التِّبْن وَأما الجزر وَنَحْوه فعلى البَائِع أَن يقْلع مِنْهُ أنموذجا يرَاهُ المُشْتَرِي فَإِن رضيه فقلعه على المُشْتَرِي قَالَ وَكيل الطَّعَام على البَائِع وَوزن الثّمن على المُشْتَرِي وَذكر ابْن شُجَاع عَن الْحسن بن أبي مَالك عَن أبي يُوسُف فِي بيع الجزرة وَنَحْوه أَنه لَا يجْبر وَاحِد مِنْهُمَا على قلعة فَإِن تشاحا فِي قلعة أبطلت البيع فَإِن قلع البَائِع بعضه أَو كُله فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذه وَإِن شَاءَ رده فَإِن رده لَزِمته قيمتة لِأَنَّهُ قَبضه حَيا وَصَارَ فِي يَده مواتا وَإِن قلع مِنْهُ أقل مَا يَقع فِي المكاييل فَنظر إِلَيْهِ ثمَّ قلع بَقِيَّته لزمَه كُله وَذكر ابْن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد فِي نوادره فِيمَن اشْترى تَمرا فِي رُؤُوس النّخل الحديث: 1157 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 79 إِلَى جذاذه أَن جذاذه على المُشْتَرِي وَكَذَلِكَ الطّلع وَكَذَلِكَ الجزر قلعه على المُشْتَرِي وَله خِيَار الرُّؤْيَة وَكَذَلِكَ بيع الْحِنْطَة فِي السَّفِينَة إخْرَاجهَا على المُشْتَرِي وَكَذَلِكَ الْحِنْطَة قَائِما على البَائِع أَن يخلي بَينهَا وَبَينه وَكَذَلِكَ إِن بَاعه حِنْطَة فِي حراب ومتاعا فِي جراب فإخراجه على المُشْتَرِي وعَلى البَائِع أَن يفتح لَهُ الجراب حَتَّى يرَاهُ فَإِذا رضيه كَانَ إِخْرَاجه على المُشْتَرِي وَكَذَلِكَ صوف فِي خَشيته على البَائِع أَن يفتق مِنْهَا مِقْدَار مَا يقدر على أَخذ الصُّوف ثمَّ على المُشْتَرِي أَن يَأْخُذ الصُّوف مِنْهُ وَإِن باعهما جَمِيعًا فَلَيْسَ على البَائِع شَيْء من ذَلِك وَلم نجد فِي ذَلِك خلافًا وَذكر الْحسن بن زِيَاد عَن أبي حنيفَة أَن شِرَاء الجزر فِي الأَرْض جَائِز وَهُوَ بِالْخِيَارِ إِذا رَآهُ فَإِن قلعة البَائِع فَإِن شَاءَ أَخذه وَإِن شَاءَ ترك فَإِن خلى البَائِع بَينه وَبَينه فَإِن قلعة المُشْتَرِي فَلم يرضه فَإِن كَانَ الْقلع ينقصهُ لزمَه وَبَطل خِيَاره وَإِن كَانَ الْقلع لَا ينقصهُ فَلهُ خِيَار الرُّؤْيَة وَكَذَلِكَ الفجل والبصل وَنَحْوه وَهُوَ قَول يَعْقُوب وَزفر وَقَالَ مَالك يجوز شِرَاء البقل والجزر واللفت المغيب فِي الأَرْض إِذا اسْتَقل ورقه وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا بَاعَ نَخْلَة فقلعها على المُشْتَرِي فَإِذا بَاعَ صَخْرَة فنقلها على المُشْتَرِي أَو حَائِطا ينْقضه فنقضه على المُشْتَرِي وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا بَأْس بِبيع الْقَمْح فِي السنبل وَإِن كَانَ قد ديس وَهُوَ فِي التِّبْن لم يجز بَيْعه لِأَنَّهُ غرر لَا يدْرِي مَا حبه وَقَالَ الشَّافِعِي مَاله قشران فَأخْرج من الأول يدّخر بِلَا فَسَاد لم يجز بَيْعه فِي قشره نَحْو الْجَوْز إِذا كَانَ عَلَيْهِ قشره الْأَعْلَى وَلَا يجوز بيع لحم شَاة مذبوحة عَلَيْهَا جلدهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 80 قَالَ أَبُو جَعْفَر روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه نهى عَن بيع الْحبّ حَتَّى يشْتَد فَأجَاز بَيْعه فِي سنبله فقياسه جَوَاز بيع الجزر وَلَا يجوز بيع الصُّوف على ظهر الْغنم وَقَالَ مَالك لَا بَأْس بشرَاء الصُّوف على ظهر الْغنم وَإِن اشْترط أَن يُؤَخر جزازها بعد خَمْسَة أَيَّام وَعشرَة أَيَّام لِأَن هَذَا قريب وروى ذَلِك ابْن الْقَاسِم عَنهُ وروى ابْن وهب عَن مَالك فِي بيع الْجُلُود على ظهر الْغنم قبل أَن تذبح قَالَ مَا يُعجبنِي وَلَيْسَ هُوَ بالحرام الْبَين وَعَسَى أَن يكون خَفِيفا وَقد كَانَ النَّاس يَفْعَلُونَهُ وَمَا هُوَ بالشَّيْء الْمَكْرُوه وَهُوَ قَول اللَّيْث قَالَ اللَّيْث لَا بَأْس بِبيع الْغنم قبل أَن تذبح إِذا نظر إِلَيْهَا وَقَالَ الثَّوْريّ لَا بَأْس بِبيع الصُّوف على ظهر الْغنم يَأْخُذهُ مَكَانَهُ وَلَا يُؤَخِّرهُ وقاف الْأَوْزَاعِيّ لَا بَأْس بِبيع جُلُود الْغنم وَالصُّوف إِذا أَخذهَا حِين بَاعه وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يجوز بيع اللَّبن فِي الضَّرع لِأَنَّهُ مَجْهُول كَانَ ابْن عَبَّاس يكره بيع الصُّوف على ظهر الْغنم وَاللَّبن فِي الضروع إِلَّا بكيل قَالَ أَبُو جَعْفَر الْقيَاس جَوَاز بيع الصُّوف كالتمرة على رُءُوس النّخل وَلَا يجوز بيع الْجلد لِأَن فِيهِ إِتْلَاف مَال البَائِع بِغَيْر عرض وَهُوَ أكل مَال الجزء: 3 ¦ الصفحة: 81 1159 - فِي بيع الْبَعِير الْحَيّ إِلَّا جلده قَالَ أَصْحَابنَا لَا يجوز ذَلِك وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَكَذَلِكَ إِذا اسْتثْنى سلبها وَهُوَ الْجلد وَالرَّأْس والأكارع وروى الثَّوْريّ عَن أبن أبي ليلى أَنه كَانَ يقْضِي فِي رجل اشْترى بَعِيرًا من رجل وَهُوَ مَرِيض فاستثنى البَائِع جلده فبرئ الْبَعِير أَن لَهُ سلى جلده وَقَالَ ابْن الْقَاسِم مثله عَن مَالك يجوز أَن يسْتَثْنى جلدهَا وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَنهُ إِذا بَاعَ الشَّاة فاستثنى مِنْهُ ثلثا أَو ربعا أَو نصفا أَو جلدا أَو رَأْسا أَو فخذا أَو كبدا أَو صُوفًا أَو شَعِيرًا أَو بَطنا فَإِنَّهُ إِذا اسْتثْنى جلدا أَو رَأْسا فَإِن كَانَ ذَلِك مُسَافِرًا فَلَا بَأْس بِهِ وَإِن كَانَ حَاضرا فَلَا خير فِيهِ وَاللَّحم أَن يشْتَرط الشَّيْء الْخَفِيف الرطل والرطلين فَذَلِك جَائِز فَإِن اسْتثْنى لَحْمًا على مَا ذكرت فَقَالَ المُشْتَرِي لَا أذبح فَإِنِّي أرى أَن يذبح على مَا أحب أَو كره قَالَ وَالْجَوَاب الَّذِي ذكرنَا فِي شِرَاء الْجلد هُوَ الْمُسَافِر إِذا اسْتثْنى فَخذهَا أَو كَبِدهَا أَو بَطنهَا فَلَا خير فِي ذَلِك قَالَ وَلَا يجوز بيع عشرَة أَرْطَال من لحم هَذِه الشَّاة وَلَا بيع رَطْل وَقَالَ الْحسن بن حَيّ لَا بَأْس بِأَن يَبِيع الشَّاة وَيشْتَرط سلبها وَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إِذا سلخه وَلَا بَأْس بشرَاء جلد الْبَهِيمَة قبل أَن تذبح وَلَا بَأْس بشرَاء لحم الشَّاة قبل أَن تذبح وَهُوَ بِالْخِيَارِ إِذا رَآهُ وَإِذا اشْترى جلد الْبَهِيمَة آجر صَاحبهَا على ذَبحهَا وَقَالَ عُثْمَان البتي فِي الرجل يَبِيع من الرجل الْبَعِير وَيسْتَثْنى رَأسه أَو جلده ثمَّ يرى الْبَعِير فَيَقُول المُشْتَرِي لَا أُرِيد غَيره فهما شريكان بِقِيمَة مَا وَجب المُشْتَرِي يَوْم الشِّرَاء الحديث: 1159 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 82 وَقَالَ اللَّيْث لَا بَأْس بشرَاء لحم الشَّاة قبل أَن تذبح إِذا جسها وَيجوز أَن يَبِيع الشَّاة وَيشْتَرط سلبها أَو شَيْئا مِنْهُ وَلَو اشْترى رجلَانِ جملا فَاشْترى أَحدهمَا رَأسه وَالْآخر بَقِيَّته ثمَّ عَاشَ الْجمل وَسمن قَالَ صَاحب الرَّأْس يكون شَرِيكا بِحِصَّتِهِ مَا نقد وَعَن الْأَوْزَاعِيّ مثله قَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي رجل اشْترى من رجل بَعِيرًا على أَن لَهُ جلده ثمَّ بدا لصاجبه الَّذِي ابتاعه أَن لَا ينحره قَالَ للمشترط شروى جلد الْبَعِير وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يجوز أَن يَبِيع الرجل الشَّاة وَيسْتَثْنى مِنْهُ جلدا وَلَا غَيره فِي سفر وَلَا حضر 1160 - فِي بيع ذِرَاع من ثوب قَالَ أَصْحَابنَا لَا يجوز شِرَاء ذِرَاع بِعَيْنِه من ثوب وَلَا شِرَاء نصف مِنْهُ بِعَيْنِه وَكَذَلِكَ الحشيشة فَإِن قطع البَائِع ذَلِك وَسلمهُ إِلَى المُشْتَرِي جَازَ وَلم يكن للْمُشْتَرِي أَن يمْنَع وَقَالَ الثَّوْريّ أكره أَن يَقُول أبيعك ذِرَاعا من هَذَا الثَّوْب مِمَّا يليك وَلَا يلح حَتَّى يذرعه ثمَّ يَبِيعهُ وَقَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يجوز ذَلِك للضَّرَر الَّذِي يلْحق بِقِطْعَة وَلَيْسَت الْعلَّة أَنه لَا يدْرِي أَيْن يَقع لأَنهم قد أَجَازُوا بيع نَخْلَة على أَن يقطعهَا وَلَا يدْرِي أَيْن يَقع الْقطع 1161 - فِي بيع ذرعان من الدَّار قَالَ أَبُو حنيفَة لَا يجوز بيع عشرَة أَذْرع من مائَة ذِرَاع الحديث: 1160 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 83 وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالشَّافِعِيّ يجوز 1162 - فِي البيع إِلَى أجلين قَالَ أَصْحَابنَا لَا يجوز أَن يَبِيع بِنَقْد كَذَلِك أَو بنسيئة بِكَذَا أَو لَا يُفَارِقهُ وَهُوَ قَول مَالك وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا بَأْس بذلك وَلَا يُفَارِقهُ حَتَّى يَأْتِيهِ بِإِحْدَى البيعتين وَإِن أَخذ السّلْعَة على ذَلِك فَهِيَ بِأَقَلّ الثمنين إِلَى أبعد الْأَجَليْنِ وَقَالَ ابْن شبْرمَة إِذا فَارقه على ذَلِك وَضاع فَعَلَيهِ أقل الثمنين نَقْدا قَالَ أَبُو جَعْفَر روى يحيى بن سعيد عَن مُحَمَّد بن عَمْرو عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن بيعَتَيْنِ فِي بيعَة الحديث: 1162 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 84 1163 - فِيمَن بَاعَ بِدِينَار إِلَّا دِرْهَم قَالَ أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِي ّ فِيمَن بَاعَ بِدِينَار إِلَّا دِرْهَم أَن البيع فَاسد وَقَالَ الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَالْحسن بن حَيّ يكره ذَلِك وَقَالَ مَالك يجوز أَن يَشْتَرِي بِدِينَار إِلَّا دِرْهَم إِذا كَانَ ذَلِك كُله نَقْدا وَإِن كَانَ الدِّينَار نَقْدا والسلعة نَقْدا وَالدِّرْهَم إِلَى أجل لم يجز الحديث: 1163 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 85 قَالَ وَكَذَلِكَ بِدِينَار إِلَّا دِرْهَمَيْنِ قَالَ وَلَا بِدِينَار إِلَّا قفيز حِنْطَة وَهُوَ كَقَوْلِه بِدِينَار إِلَّا دِرْهَم قَالَ أَبُو جَعْفَر قَوْله بِدِينَار إِلَّا دِرْهَم يحْتَمل أَن يكون الدَّرَاهِم مسْقطًا من الدِّينَار فَإِن كَانَ كَذَلِك فَلَا يجوز وَإِن أَرَادَ أَن يَجْعَل الدِّرْهَم مَعَ السّلْعَة بَدَلا من الدِّينَار فَهَذَا جَائِز إِذا تقابضا حِصَّة الصّرْف وَعند الشَّافِعِي لِأَنَّهُ جمع صرفا وبيعا فِي عقدَة لم يتَبَيَّن حِصَّة كل وَاحِد 1164 - فِيمَن شَرط أَن ينْقد الثّمن إِلَى ثَلَاثَة أَيَّام وَإِلَّا فَلَا بيع بَينهمَا قَالَ أَصْحَابنَا يجوز البيع وَقَالَ زفر لَا يجوز وَإِن قَالَ أَرْبَعَة أَيَّام بَطل البيع عِنْد أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَزفر وَجَاز عِنْد مُحَمَّد وَقَالَ مَالك البيع جَائِز وَيفْسخ الشَّرْط فَإِن كَانَ عبدا فَهَلَك فِي يَد البَائِع قبل الْأَجَل فَهُوَ من مَال البَائِع وَلَا يشبه هَذَا أَن يَشْتَرِيهِ بِالنَّقْدِ على أَن يذهب يَأْتِيهِ بِالثّمن فِي يَد البَائِع وَقَالَ عُثْمَان البتي إِذا اشْترى دَارا وَجعل للْبَائِع إِن جَاءَ بِالدَّرَاهِمِ مَا بَينه وَبَين سنة فَهُوَ أَحَق بداره فمضت السّنة وَلم يَأْتِ بِالدَّرَاهِمِ فَإِنِّي لَا أرى بيعا وَجب لِأَن أصل ذَلِك مَكْرُوه عِنْدِي إِلَّا أَن نقد الثّمن فَإِن نقد الثّمن فَلَا أأرى بِهِ بَأْسا وَالْبيع مَاض وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي الرجل يبْتَاع البيع بِعَيْنِه وينقد وَيشْتَرط البَائِع على الحديث: 1164 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 86 الْمُبْتَاع إِن رددت عَلَيْك ثمن سلعتك إِلَى كَذَا وَكَذَا فسلعتي إِلَى رد وَإِن لم أرده إِلَى ذَلِك فَهِيَ لَك فَقَالَ يرى أَن مَتى يرد البَائِع الثّمن إِلَى الْمُبْتَاع فَهُوَ أَحَق بسلعتة وَإِن لم يجد مَا يرد عَلَيْهِ بِيعَتْ السّلْعَة وَكَانَ فَضلهَا لصَاحِبهَا وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا قَالَ على أَن ينقدني فَإِن لم ينقدني فَلَا بيع بيني وَبَيْنك فَإِن نَقده فِي مَجْلِسه وَإِلَّا فَلَا بيع بَينهمَا وَإِن قَالَ على أَن تنقدني غَدا إِذا فَإِن لم تنقدني فَلَا بيع بيني وَبَيْنك فَهُوَ على ذَلِك أَيْضا إِن نَقده غَدا وَإِلَّا فَلَا بيع بَينه وَبَينه وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن إِنَّه لم ينقده الثّمن لوقت كَذَا فَلَا بيع بَينهمَا فَهَذَا جَائِز 1165 - فِي الرجل يُبَاع ملكة فيسكت قَالَ أَصْحَابنَا فِي الرجل يَبِيع مَتَاعا لرجل بِحَضْرَتِهِ فيسكت إِن سُكُوته لَا يكون إجَازَة للْبيع وَهُوَ قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ ابْن أبي ليلى سُكُوته إِقْرَار بِالْبيعِ وَقَالَ ابْن شبْرمَة إِن سكت حَتَّى يسلم إِلَيْهِ فركبت الدابه ووطئت الْجَارِيَة وقضت الدَّار وَلبس الثَّوْب كَانَ ذَلِك إجَازَة البيع وَلَا يقبل بعد ذَلِك قَوْله إِنِّي لَا أرْضى وَقَالَ اللَّيْث إِذا سكت فِي بيع الأَرْض حَتَّى أصلحها المُشْتَرِي ثمَّ تكلم فِيهَا لم أرله فِيهَا حَقًا إِلَّا أَن يُعْطي قيمَة الْعَرَصَة 1166 - فِي بيع الْمَصَاحِف قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالثَّوْري لَا بَأْس بِبيع الْمَصَاحِف وشرائها الحديث: 1165 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 87 وَقَالَ ابْن شبْرمَة لَا يُبَاع الْمُصحف وَلَا يُؤْخَذ على كِتَابَته أجر بِشَرْطِهِ وَإِن أعطي بِغَيْر شَرط فَلَا بَأْس وَقَالَ الشَّافِعِي يكره بيع الْمَصَاحِف وَذكر الرّبيع عَنهُ أَنه لَو بَاعَ مُسلم من نَصْرَانِيّ مُصحفا فَالْبيع مفسوخا وَكَذَلِكَ إِن بَاعَ مِنْهُ دفاتر فِيهَا حَدِيث الرَّسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَو بَاعَ نَصْرَانِيّ مُصحفا من مُسلم جَازَ البيع وَلم يكره قَالَ أَبُو جَعْفَر روى الثَّوْريّ عَن سَالم الْأَفْطَس عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عمر قَالَ وددت أَنِّي قد رَأَيْت الْأَيْدِي تقطع فِي بيع الْمَصَاحِف وروى ابْن جريج عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس قَالَ اشْتَرِ الْمُصحف وَلَا تبعه وَعَن أبي الزنير عَن جَابر مثله قَالَ أَبُو جَعْفَر كَمَا جَازَ بيع الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير الَّتِي عَلَيْهَا آي من الْقُرْآن جَازَ بيع الْمُصحف لِأَن حكم الْآيَة والجميع مُتَّفق أَلا ترى أَن الْجنب لَا يقْرَأ آيَة كَمَا لَا يقْرَأ الْجَمِيع 1167 - فِي بيع العَبْد الْآبِق قَالَ أَصْحَابنَا لَا يجوز بيع العَبْد الْآبِق إِلَّا أَن يَدعِي مُشْتَرِيه مَعْرفَته وَقَالَ الْحسن بن حَيّ وَعبيد الله بن الْحسن وَالشَّافِعِيّ لَا يجوز بيع الْآبِق وَقَالَ مَالك لَا يجوز بيع الْآبِق إِلَّا يَدعِي مُشْتَرِيه مَعْرفَته فيشتريه ويتواضعان الثّمن فَإِن وجده على مَا يعرفهُ قَبضه وَجَاز البيع وَإِن وجده قد تغير أَو تلف كَانَ من مَال البَائِع ورد الثّمن إِلَى المُشْتَرِي الحديث: 1167 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 88 قَالَ مَالك وَإِذا اشْتريت عبدا فِي إباقه فضمانه على البَائِع لِأَن البيع فَاسد وَإِن قدرت على العَبْد بِقَبْضِهِ لم يجز البيع قَالَ وَإِن كَانَ الْآبِق عِنْد المُشْتَرِي فَإِن علم البَائِع حَاله جَازَ البيع لِأَنَّهُ قد يزِيد وَينْقص فَلَا بُد من أَن يعرف البَائِع حَاله كَمَا يعرف المُشْتَرِي وَقَالَ عُثْمَان لَا بَأْس بِبيع الْآبِق وَالْبَعِير الشارد وَإِن هلك فَهُوَ من مَال المُشْتَرِي وَإِن اختفا فِي هَلَاكه فعلى المُشْتَرِي الْبَيِّنَة أَنه هلك قبل أَن يَشْتَرِيهِ وَإِلَّا أعطَاهُ ثمنه وَكَذَلِكَ الْمَتَاع إِذا تقدم شِرَاؤُهُ قَالَ أَبُو جَعْفَر رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي النَّهْي عَن بيع الْآبِق خبر بِإِسْنَاد فِيهِ جمَاعَة من المجهولين وَهُوَ مَا رَوَاهُ مُعلى بن مَنْصُور قَالَ حَدثنَا حَاتِم بن إِسْمَاعِيل عَن جَهْضَم بن عبد الله عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْبَاهِلِيّ عَن مُحَمَّد بن زيد الْعَبْدي عَن شهر بن حَوْشَب عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن شِرَاء مَا بطُون الْأَنْعَام حَتَّى تضع وَعَما فِي ضروعها إِلَّا بكيل وَعَن تقبض وَعَن ضَرْبَة القانص قَالَ أَبُو جَعْفَر هَذَا الحَدِيث لَا يثبت بِهِ شَيْء وَلَو صَحَّ احْتمل أَن يكون مَعْنَاهُ إِذا شَرط سَلَامَته لبَائِعه رَجَعَ أَو لم يرجع فَيفْسد البيع عِنْد الْجَمِيع بِلَا خلاف بَين الْآبِق وَالْمَغْصُوب إِلَّا أَن أَصْحَابنَا فرقوا بَينهمَا من جِهَة أَن الْمَغْصُوب فِي ضَمَان الْغَاصِب وَلَيْسَ الْآبِق فِي ضَمَان أحد فَهُوَ مَال ناء فَكَذَلِك لم يجز بَيْعه وَهُوَ ضرب من الِاسْتِحْسَان الجزء: 3 ¦ الصفحة: 89 وَأما بيع اللَّبن فِي الضروع فَلَا يجوز لِأَن المُشْتَرِي لَا يتَمَيَّز من الطاري بعد العقد فَيفْسد وَلَا يجوز بيع الْحمل لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو من أَن يُوجد بِتَسْلِيمِهِ مُنْفَصِلا عَن الأَصْل فَيلْحق البَائِع الضَّرَر فَلَا يسْتَحق تَسْلِيمه أَو بِتَرْكِهِ إِلَى أَن يضع فَيفْسد أَيْضا لتعذر التَّسْلِيم وَلِأَنَّهُ بمنزله من اشْترى شَيْئا وَشرط أَن لَا يُسلمهُ إِلَّا بعد شهر فَلَا يجوز وَشِرَاء الصُّوف على ظهر الْغنم الْقيَاس أَنه جَائِز وَقد قَالَ قَائِل الْقيَاس أَن يجوز لِأَن فِي إِزَالَته عَن الْغنم مَنْفَعَة لَهَا جَائِز وَقد قَالَ قَائِل الْقيَاس أَن لَا يجوز لِأَن فِي إِزَالَته عَن الْغنم منفة لَهَا وَكَانَ كاشتراط البَائِع على الْمُبْتَاع مَنْفَعَة أُخْرَى فَيفْسد البيع قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلَيْسَ الْأَمر كَذَلِك لِأَن فِي إِزَالَة الثَّمَرَة عَن النّخل مَنْفَعَة النّخل وَيجوز بيعهَا على رُؤُوس النّخل 1168 - فِي بيع حلية السَّيْف قَالَ أَصْحَابنَا لَا يجوز بيع حلية سيف وَلَا بيع خَشَبَة فِي جِدَار وَقَالَ مَالك يجوز بيع ذَلِك وَإِن كَانَ فِي نَزعه ضَرَر لأنما قد رَضِيا بِهِ وَهَذَا مِمَّا لَا يخْتَلف فِيهِ أحد لَا بِالْمَدِينَةِ وَلَا بِمصْر 1169 - فِي بيع السرجين والعذرة قَالَ أَصْحَابنَا لَا بَأْس بِبيع السرجين وكرهوا بيع العذة وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك انه كره بيع الْعذرَة لِأَنَّهَا نَجِسَة وَلَا بَأْس وَكَذَلِكَ بيع زبل الدَّوَابّ هُوَ نجس عِنْده فَيَنْبَغِي أَن لَا يكون كالعذرة وَأما بعر الْإِبِل وَالْغنم وأخثاء الْبَقر فَلَا بَأْس بِهِ عِنْد مَالك وَكره الثَّوْريّ بيع الْعذرَة وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يجوز بيع الْعذرَة وَلَا الروث وَلَا الْبَوْل وَلَا شَيْء من الأنجاس الحديث: 1168 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 90 قَالَ أَبُو جَعْفَر قد جرت عَادَة النَّاس بِالِانْتِفَاعِ بالسرقين وَإِن كَانَت نجسا فِي تمريغ دوابهم وخلطه بالطين للْبِنَاء والفخار ولوقود النيرَان غير مستنكر ذَلِك عِنْدهم فَثَبت أَنه من النَّجَاسَات الَّتِي أُبِيح الِانْتِفَاع بهَا فَدلَّ على أَنَّهَا مَمْلُوكَة وَأَن على مستهلكها ضَمَانهَا فَكَانَ دَالا على أَنه يجوز بيعهَا لِأَنَّهُ ملك وَإِذا كَانَ كَذَلِك للْحَاجة إِلَيْهَا فالحاجة فِي الْعذرَة قَائِمَة فِي الِانْتِفَاع بهَا للأرضين فَوَجَبَ أَن يكون كَذَلِك 1170 - فِي الْفَأْرَة تَمُوت فِي الزَّيْت قَالَ أَصْحَابنَا لَا يَأْكُلهُ وَينْتَفع بِهِ بِالْبيعِ غير وَيبين إِن بَاعه وَهُوَ قَول اللَّيْث وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ ينْتَفع بِهِ وَلَا يَأْكُلهُ وَلَا يَبِيعهُ وَقَالَ الثَّوْريّ وَعبيد الله بن الْحسن لَا يَأْكُلهُ ويهريقه أَو يسرج بِهِ وَقَالَ الْحسن بن حَيّ لَا ينْتَفع بِهِ قَالَ أَبُو جَعْفَر روى الزُّهْرِيّ عَن عبيد الله بن عتبَة عَن ابْن عَبَّاس عَن مَيْمُونَة قَالَت سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن فَأْرَة مَاتَت فِي سمن فَقَالَ ألقوها وَمَا حولهَا وكلوه فَقَالَ قَائِل لما أمرنَا بإلقاء السّمن النَّجس دلّ على أَنه لَا ينْتَفع بِهِ كالفأرة لما أمرنَا بإلقاها بإلقائها فَيُقَال لَهُ جَائِز أَن يكون حكمه فِي الْفَأْرَة أَن لَا ينْتَفع با وَحكمه فِي الحديث: 1170 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 91 السّمن مَقْصُورا على تَحْرِيم الْأكل دون الِانْتِفَاع كَقَوْلِه تَعَالَى {فَلَا رفث وَلَا فسوق وَلَا جِدَال فِي الْحَج} وَهَذَا الحَدِيث بِهَذَا اللَّفْظ رَوَاهُ مَالك وَابْن عُيَيْنَة وَرَوَاهُ معمر بِخِلَافِهِ حَدثنَا فَهد بن سُلَيْمَان قَالَ حَدثنَا الْحسن بن الرّبيع قَالَ حَدثنَا عبد الْوَاحِد بن زِيَاد عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه سُئِلَ عَن فَأْرَة وَقعت فِي سمن فَقَالَ إِن كَانَ جَامِدا فخذوها وَمَا حولهَا فألقوه وَإِن كَانَ ذائبا أَو مَائِعا فاستصبحوا لَهُ وَقَالَ فاستنفعوا بِهِ فأباح الاستصباح أَو الِانْتِفَاع بِهِ من غير إستصباح وَذَلِكَ فِي سَائِر وُجُوه الانتفاعات وَقد روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عبد الله بن عمر أَنه يستصبح بِهِ وَعَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ لَا تأكلوه وبيعوه وبينوا لمن تبيعونه وَعَن الْقَاسِم وَسَالم يبيعوه ويبينون وَلَا يُؤْكَل قَالَ أَبُو جَعْفَر وَإِنَّمَا منع أكله للنَّجَاسَة وَمَا نجس بالمجاورة فَإِن بَيْعه جَائِز كَالثَّوْبِ تصيبه النَّجَاسَة وَقد سُئِلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن شحوم الْميتَة فَقَالَ هُوَ حرَام لعن الله الْيَهُود حرمت عَلَيْهِم الشحوم فَبَاعُوهَا وأكلوا أثمانها فَأجَاب فِيهَا بِعُمُوم تَحْرِيم الإنتفاع وَأجَاب فِي السّمن بِتَحْرِيم الْأكل وَإِبَاحَة الِانْتِفَاع فَدلَّ على جَوَاز سَائِر وجو الِانْتِفَاع غير الْأكل فَإِن قيل فأمهات الْأَوْلَاد يجوز الِانْتِفَاع بِهن وَلَا يجوز بيعهنَّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 92 قيل لَهُ كَمَا منع من بيعهنَّ منع من هبتهن وَالصَّدَََقَة بِهن وَلم يمْنَع من هبة الزَّيْت النَّجس وَالصَّدَََقَة بِهِ عِنْد الْجَمِيع فَمن حَيْثُ جَازَ تَمْلِيكه بِهِبَة أَو صَدَقَة جَازَ البيع وَلم يجز مثله فِي أُمَّهَات الْأَوْلَاد 1171 - فِي بيع النَّحْل ذكر بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة أَنه قَالَ لَا يجوز بيع النَّحْل فَإِن كَانَ فِي كوارتها عسل فَاشْترى الرجل الكوارة بِمَا فِيهَا من النَّحْل وَالْعَسَل جَازَ وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَا بَأْس بِبيع دود القز إِذا خرج مِنْهُ القز أَو بعضه كَبيع النَّحْل وَمَعَهُ الْعَسَل وَإِن كَانَ دودا بِغَيْر قَز فَهُوَ كالنحل وَحده فَلَا يجوز بَيْعه كَبيع شرب الأَرْض بِلَا أَرض وَلَو بَاعَ القز جَازَ كبزر الرّطبَة وَغَيره وَلَو بَاعَ فرَاش القز بِغَيْر قَز لم يجز كَبيع النَّحْل وَإِن كَانَ مَعَ الْفراش قَز جَازَ وَقَالَ مَالك فِي النَّحْل يخرج من جنح هَذَا وجنح هَذَا قَالَ إِن علم ذَلِك واستطاعوا أَن يردوها إِلَى صَاحبهَا ردوهَا وَإِلَّا فَهِيَ لمن بنيت فِي أجناحه وَكَذَلِكَ حمام الأبرجة وَإِذا وضع رَحل الأجناح فِي الْجبَال فيدخلها النَّحْل فَهِيَ لمن وضع الأجناح وَقَالَ الشَّافِعِي مَالا مَنْفَعَة فِيهِ من الْحَيَوَان حَيا وَلَا مذبوحا م يجز شِرَاؤُهُ وَلَا بَيْعه نَحْو الحدأة والرخمة والبغاثة والوزغة والفأرة قَالَ أَبُو جَعْفَر جعله مَالك كحمام الأبرجة فَدلَّ على جَوَاز بَيْعه الحديث: 1171 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 93 وَالشَّافِعِيّ اعْتبر الْمَنَافِع فِي النَّحْل مَنْفَعَة فَدلَّ على جَوَاز بَيْعه وَقد اتَّفقُوا على أَن مَالا مَنْفَعَة فِيهِ من الْحَيَوَان لَا يجوز بَيْعه كالرخم والحدأمة والقرد وَالذِّئْب والزنابير وَلَيْسَ النَّحْل كَذَلِك لِأَن فِيهِ مَنْفَعَة فَيَنْبَغِي أَن يجوز بَيْعه وَلَو كَانَ مِمَّا لَا يجوز بَيْعه لما جَازَ مَعَ الْعَسَل كالحيات إِذا بَاعَ الدَّار لَا يجوز الْحَيَّات فِيهَا 1172 - فِي بيع الْكلاب قَالَ أَصْحَابنَا يجوز بيع كلب الْمَاشِيَة وكلب الصَّيْد وَبيع الْمهْر وَذكر مُحَمَّد بن الْحسن عَن أَسد بن عَمْرو عَن أبي حنيفَة فِيمَن قتل كَلْبا لرجل لَيْسَ بكلب صيد وَلَا مَاشِيَة فيقتله إِنْسَان يغرم قِيمَته قَالَ وَكَذَلِكَ السبَاع كلهَا وَكَذَلِكَ كل مخلب من الطير وَقَالَ مَالك لَا يجوز بيع شَيْء من الْكلاب وَيجوز أَن يقتني كلب صيد أَو مَاشِيَة أَو زرع وعَلى من قَتله قِيمَته وَهُوَ قَول الشَّافِعِي قَالَ مَالك وَإِن قتل كلب الدَّار فَلَا شَيْء فِيهِ إِلَّا أَن يكون يسرح مَعَ الْمَاشِيَة وَقَالَ الْحسن بن حَيّ من قتل كَلْبا أَو بازيا فَعَلَيهِ قِيمَته وَرُوِيَ عَن عَليّ وَابْن عَبَّاس وَابْن مَسْعُود وَأبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه نهى عَن ثمن الْكَلْب الحديث: 1172 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 94 وروى شُعْبَة عَن أبي التياح عَن مطرف بن الشخير عَن عبد الله ابْن الْمُغَفَّل قَالَ أمرنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقتل الْكلاب ثمَّ قَالَ مَا لي وَالْكلاب ثمَّ رخص فِي كلب الصَّيْد وكلب آخر فَأخْبر أَن كلب الصَّيْد كَانَ مقتولا وَكَانَ بَيْعه وَالِانْتِفَاع بِهِ حَرَامًا وَكَانَ قَاتله مود بِالْفَرْضِ عَلَيْهِ ثمَّ نسخ ذَلِك وأبيح الِاصْطِيَاد بِهِ وَكَانَ كَسَائِر الْجَوَارِح فِي جَوَاز بَيْعه وَقد رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي كسب الْحجام وَثمن الْكَلْب أَنه خَبِيث ثمَّ أَنه لما أعْطى الْحجام أجرته كَانَ نَاسِخا لمَنعه 1173 - فِي بيع النّخل المؤبر قَالَ أَصْحَابنَا وَالْأَوْزَاعِيّ من بَاعَ نخلا فثمرته للْبَائِع إِلَّا أَن يَشْتَرِطه الْمُبْتَاع وَقَالَ ابْن أبي ليلى الثَّمَرَة للْمُشْتَرِي شرطت أَو لم تشْتَرط كسعف النّخل وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا اشْترى أَرضًا وفيهَا زرع لم يبد صَلَاحه فالزرع للْبَائِع إِلَّا أَن يشْتَرط المُشْتَرِي وَإِذا اشْترى نخلا لم تؤبر فالثمرة للْمُشْتَرِي وَإِن لم يشْتَرط وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَاللَّيْث فِي الثَّمَرَة وروى ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من بَاعَ نخلا مؤبرا فثمرته للْبَائِع إِلَّا أَن يشْتَرط الْمُبْتَاع الحديث: 1173 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 95 وأصحابنا لَا يفرقون بَين المؤبر وَغَيره ويجعلون الثَّمَرَة للْبَائِع إِذا كَانَت قد ظَهرت قبل البيع وَلم يخْتَلف من شَرط التَّأْبِير أَنَّهَا لم تؤبر حَتَّى تتأهب وَصَارَت بلحا أَو بسرا ثمَّ بيع النّخل أَن الثَّمَرَة لَا تدخل فِيهِ فَعلمنَا أَن الْمَعْنى فِي ذكر التَّأْبِير ظُهُور الثَّمَرَة لِأَنَّهَا لم تؤبر فِي تِلْكَ الْحَال فِي الْعَادة 1174 - فِي هَلَاك الْمَبِيع قبل الْقَبْض قَالَ أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيّ يهْلك من مَال البَائِع وَقَالَ مَالك فِي الدَّابَّة إِذا حَبسهَا البَائِع حَتَّى يقبض الثّمن فَهِيَ من مَال المُشْتَرِي وَذَلِكَ إِن كَانَ بيعا على النَّقْد وَإِن كَانَ على غير النَّقْد مثل أَن يَقُول إِن جئتني بِالثّمن الْيَوْم وَإِلَّا فَلَا بيع بيني وَبَيْنك فَهَذَا من البَائِع وَقَالَ ابْن الْقَاسِم وَآخر قَول مَالك إِن الْحَيَوَان من البَائِع إِلَّا أَن يشْتَرط فِي الصَّفْقَة ان يَقُول إِن كَانَ فِي هَذَا الْوَقْت فَهِيَ من مَال المُشْتَرِي فَيكون من مَال المُشْتَرِي وَأما الدّور والأرضون فَمن المُشْتَرِي قَالَ ابْن الْقَاسِم وَقَالَ مَالك فِي الرجل يبْتَاع طَعَاما بِعَيْنِه مكايلة ثمَّ يكتاله حَتَّى فَارقه ثمَّ اسْتهْلك البَائِع الطَّعَام فَعَلَيهِ طَعَام للْمُشْتَرِي وَلَيْسَ للْمُشْتَرِي أَن يفْسخ البيع قَالَ وَلَو هلك الطَّعَام من غير فعل البَائِع انْتقض البيع فِيهِ ورد الثّمن وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا اشْترى طَعَاما جزَافا فَهَلَك قبل الْقَبْض فَهُوَ من مَال المُشْتَرِي وَإِن إشتراه مكايلة فَهُوَ من مَال البَائِع الحديث: 1174 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 96 وَقَالَ فِي الرجل يَشْتَرِي الشَّيْء بالصفقة وَهُوَ غَائِب عَنهُ وَلم يره فَمَا أدْركْت الصَّفْقَة حَيا إِذْ وفى الصَّفْقَة فَهُوَ من مَال المُشْتَرِي وَقَالَ اللَّيْث إِذا حَبسه البَائِع لقبض الثّمن فَهُوَ من مَال البَائِع وَإِن خلى بَينه وَبَين المُشْتَرِي فَقَالَ المُشْتَرِي دَعه عنْدك حَتَّى آتِيك بِالثّمن فضمانه فِي المُشْتَرِي وَعَلِيهِ الثّمن وَقَالَ اللَّيْث فِي الرجل يَشْتَرِي العَبْد أَو الدَّابَّة ثمَّ يَقُول آتِيك غَدا فَيتَأَخَّر عَنهُ حَتَّى يَبِيع صَاحب الدَّابَّة دَابَّته أَو عَبده إِن ذَلِك جَائِز وَلَا شَيْء للْمُشْتَرِي وَإِن هَلَكت الدَّابَّة أَو العَبْد كَانَ ضَمَانه من المُشْتَرِي وَيدْفَع ثمنه إِلَى البَائِع وَاحْتج الشَّافِعِي بِفساد بيع الصّرْف قبل الْقَبْض فَدلَّ على أَنه فِي ضَمَان البَائِع قَالَ أَبُو جَعْفَر لايختلفون أَن من اشْترى طَعَاما مكايلة فَهَلَك قبل الْكَيْل 216 أَفِي يَد البَائِع أَنه من مَال البَائِع وَكَذَلِكَ مَا سواهُ فِي الْقيَاس وَقد رُوِيَ عَن ابْن عمر أَنه قَالَ مَا أدْركْت الصَّفْقَة حَيا مجموعا فَهُوَ من مَال الْمُبْتَاع وَهَذَا خلاف قَول الْجَمِيع 1175 - فِي جِنَايَة البَائِع على الْمَبِيع قَالَ أَصْحَابنَا وَعبيد الله بن الْحسن إِذا جنى البَائِع على الْمَبِيع قبل الْقَبْض انْتقض البيع فِي مِقْدَار الْجِنَايَة وَذكر ابْن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد فِي نوادره أَنه بلغه أَن زفر كَانَ يَقُول فِي البَائِع إِذا قتل العَبْد إِنَّه يضمن قِيمَته وَذكر ابْن أبي عمرَان قَول زفر إِنَّه يضمن الْقيمَة وَقَالَ مَالك يضمنهُ وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا جنى البَائِع عَلَيْهِ فِيمَا دون النَّفس أَو فِي النَّفس فَإِنَّهُ الحديث: 1175 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 97 بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ ضمنه الْجِنَايَة وَإِن شَاءَ ءفسخ البيع وَإِن حدث بِهِ عيب من السَّمَاء فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذه بِجَمِيعِ الثّمن وَإِن شَاءَ ترك قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا نعلم أحدا من أهل الْعلم يُوجب ضَمَان مَا حدث من الْمَبِيع بعد الْقَبْض على بَائِعه غير مَالك بن أنس 1176 - فِي عُهْدَة الرَّقِيق قَالَ ابْن وهب ذكر عَن مَالك عَن عبد الله بن أبي بكر أَن أبان بن عُثْمَان وَهِشَام بن إِسْمَاعِيل كَانَا يذكران فِي خطبتهما عُهْدَة الرَّقِيق فِي الإيام الثَّلَاثَة من حَيْثُ يَشْتَرِي العَبْد اَوْ الوليدة وعهدة السّنة ويأمران بذلك قَالَ مَالك وعَلى ذَلِك الْأَمر عندنَا فِيمَن بَاعَ بِغَيْر الْبَرَاءَة أَن مَا أصَاب العَبْد أَو الْأمة فِي الْأَيَّام الثَّلَاثَة من حِين يَشْتَرِيهِ حَتَّى تَنْقَضِي الْأَيَّام الثَّلَاثَة فَهُوَ فِي مَال البَائِع ثمَّ عُهْدَة السّنة من الْجُنُون والجذام والبرص فَإِذا مَضَت السّنة فقد برىء البَائِع من الْعهْدَة كلهَا إِلَّا أَن يكون علم عَيْبا فكتمه فَلَا تَنْفَعهُ الْبَرَاءَة وَكَانَ ذَلِك البيع مردودا وَلَا عُهْدَة عندنَا إِلَّا فِي الرَّقِيق وَذكر ابْن الْقَاسِم عَن مَالك أَن من بَاعَ عبدا بِغَيْر الْبَرَاءَة فَمَا أصَاب العَبْد فِي الإيام الثَّلَاثَة فَهُوَ من مَال البَائِع بِمَوْت وَغَيره فَإِن غرق فِيهَا أَو احْتَرَقَ أَو قَتله رجل فَهُوَ من مَال البَائِع وَإِن جرح العَبْد فِي الإيام الثَّلَاثَة فأرش جرحه للْبَائِع لِأَن الضَّمَان مِنْهُ وَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذه بِجَمِيعِ الثّمن وَإِن شَاءَ ترك وَالْقَتْل كَذَلِك الحديث: 1176 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 98 وعهدة السّنة إِنَّمَا هُوَ من الْجُنُون والجذام والبرص لَا غَيرهَا وَذكر ابْن وهب عَن اللَّيْث فِي الرجل يَبِيع الْجَارِيَة فتقيم عِنْد الْمُبْتَاع قَالَ أَرَاهَا عُهْدَة ترد على البَائِع فهذان أثبتا عُهْدَة ترد الرَّقِيق دون غَيرهمَا من أهل الْعلم وَقد احْتج بَعضهم لذَلِك بِحَدِيث حبَان بن منقذ حِين جعل لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عُهْدَة ثَلَاث وَهَذَا إِنَّمَا هُوَ شَرط فِي الْخِيَار وَقد احْتج فِيهِ بِحَدِيث الْحسن عَن عقبَة بن عَامر قَالَ جعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عُهْدَة الرَّقِيق ثَلَاثَة أَيَّام رَوَاهُ سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن الْحسن وَرَوَاهُ همام عَن قَتَادَة عَن الْحسن وَقَالَ لَا عُهْدَة بعد أَربع وَرَوَاهُ أَيْضا يُونُس عَن الْحسن عَن عقبَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا عُهْدَة بعد أَربع وَهَذَا يحْتَمل أَيْضا أَن يكون المُرَاد بِهِ الْخِيَار الْمَشْرُوط فِي البيع على أَن الْحسن لم يسمع عَن عقبَة وَلم يلقه وروى عَن شُرَيْح فِي تَفْسِير ذَلِك قَالَ عُهْدَة الْمُسلم لأَدَاء وَلَا حايلة وَلَا شين رَوَاهُ أَيُّوب عَن ابْن سِيرِين عَن شُرَيْح فإحراز الْعهْدَة هِيَ وجوب الرَّد بِالْعَيْبِ الْمَوْجُود قبل البيع وَلَا يخْتَلف فِي ذَلِك الثَّلَاث وَمَا فَوْقهَا أَو مَا دونهَا وروى ابْن الْمُبَارك عَن ابْن جريج عَن عَطاء قَالَ لم يكن فِيمَا مضى عُهْدَة فِي الأَرْض قلت فَمَا ثَلَاثَة أَيَّام قَالَ لَا شَيْء الجزء: 3 ¦ الصفحة: 99 وروى ابْن جريج عَن ابْن طَاوس عَن أَبِيه كَانَ لَا يرى الْعهْدَة شَيْئا لَا ثَلَاثًا وَلَا أَكثر فقد خرج مَذْهَب مَالك من أَن يكون لَهُ أصل فِي الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع أَو قِيَاسا على وَاحِد مِنْهَا واي قَول أقبح من أَن يَقُول رجل مَا هلك من بَائِعه هلك من مَال مبتاعه وَإِذا هلك من يَد مبتاعه هلك من مَال بَائِعه 1177 - فِي الجوائح قَالَ أَصْحَابنَا من أشترى ثَمَرَة من شجر اَوْ نخل أَو زرع فِي أَرض أَو غَيره فَقَبضهُ فأصابته جَائِحَة أهلكته أَو بعضه أَنه من مَال المُشْتَرِي وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك فِي بيع الْبِطِّيخ والقثاء إِذا بدا صَلَاحه جَازَ وَللْمُشْتَرِي مَا نبت حَتَّى تَنْقَطِع ثَمَرَته لِأَن وقته مَعْرُوف عِنْد النَّاس فَإِذا أَصَابَته جَائِحَة فَقطعت ثَمَرَته قبل ان يَأْتِي ذَلِك الْوَقْت يبلغ الثُّلُث أَو أَكثر كَانَ ذَلِك مَوْضُوعا من الَّذِي ابتاعه وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَنهُ مثل ذَلِك وَقَالَ عَنهُ هُوَ مثل كِرَاء الدّور والرضين فَينْظر إِلَى المقتات كم نباتها من أول مَا يَشْتَرِي إِلَى آخر مَا تَنْقَطِع ثَمَرَتهَا وَينظر إِلَى قِيمَته فِي كل زمَان على قدر نفَاقه من الْأَسْوَاق ثمَّ يقسم الثّمن على ذَلِك ويمتثل فِيهِ مَا يجب امتثاله عِنْد الجوائح على ماذكرناه وَكَذَلِكَ الْوُرُود والياسمين وكل شَيْء يجني بَطنا بعد بطن وَأما مَا يخرص مثل النّخل وَالْعِنَب وَنَحْوهَا فَإِنَّهُ ينظر إِلَى ثلث الثَّمَرَة إِذا أصابتها الْجَائِحَة ثلث الثّمن وَقَالَ مَالك فِي فِي الْبُقُول أَو الكراث والجزر والبصل والفجل وَمَا أشبهه إِذا اشْتَرَاهُ رجل فأصابته جَائِحَة فَإِنَّهُ يوضع عَن المُشْتَرِي كل شَيْء أَصَابَته الْجَائِحَة قل أَو كثر الحديث: 1177 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 100 قَالَ وَالْجَرَاد وَالنَّار وَالْبرد والمطر والطين الْغَالِب والعفن والسموم وإنقطاع مَاء الْعُيُون كُله من الجوائح وروى سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن حميد الْأَعْرَج عَن سُلَيْمَان بن عَتيق عَن جَابر بن عبد الله أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن بيع السنين وَأمر بِوَضْع الجوائح قَالَ أَبُو جَعْفَر قد اخْتلف فِي تَأْوِيل ذَلِك فَقَالَ قَائِلُونَ على النّدب كَمَا رَوَت عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن أَن رجلا إبتاع ثَمَر حَائِط فِي زمن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَتبين لَهُ النُّقْصَان فَسَأَلَ رب الْحَائِط ان يضع عَنهُ أَو يقيله فَحلف أَن لَا يفعل فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تألى أَن لَا يفعل خيرا فَسمع ذَلِك رب المَال فَأتى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ هُوَ لَهُ فَدلَّ على أَنه ندب إِلَى خير لَا وَاجِب وَمِنْهُم من قَالَ هَذَا فِي الجوائح قبل الْقَبْض كَمَا روى ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن جَابر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن بِعْت لأخيك تَمرا فأصابته جَائِحَة فَلَا يحل لَك أَن تَأْخُذ مِنْهُ شَيْئا بِمَ تَأْخُذ مَال أَخِيك بِغَيْر حق فَذكر فِيهِ البيع بِلَا قبض مَذْكُور فِيهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 101 وَمِنْهُم من قَالَ هُوَ فِي وضع الْخراج عَمَّن أصَاب ثمره أَو زرعه آفَة وَقد روى ابْن وهب عَن عَمْرو بن الْحَارِث عَن بكير بن الأشح عَن عِيَاض بن عبد الله عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ أُصِيب رجل فِي ثمار ابتاعها فَكثر دينه فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَتصدق عَلَيْهِ فَلم يبلغ وَفَاء دينه فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خُذُوا ماوجدتم وَلَيْسَ لكم إِلَّا ذَلِك فَلم يَأْمر بِوَضْع الْجَائِحَة عَنهُ وَلم يخصص كثيرا دون قَلِيل 1178 - فِي الشِّرَاء بِذَهَب وَفِضة قَالَ أَصْحَابنَا فِيمَن اشْترى جَارِيَة بِمِائَة مِثْقَال ذهب وَفِضة أَنَّهُمَا نِصْفَانِ وَالْبيع جَائِز وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لَا يجوز لجَهَالَة كل وَاحِد مِنْهُمَا قَالَ ابو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ انه لَو قَالَ لزيد وَعَمْرو عَليّ عشرُون درهما أَن ذللك لَهما نِصْفَانِ وَقد يحْتَمل أَن يكون فِي الْحَقِيقَة أَثلَاثًا فَلم يحمل على ذَلِك وَلم يصدق الْمقر على أَن ينقص أَحدهمَا فِي النّصْف إِذا سكت فَالْبيع مثله 1179 - فِي الْإِقَالَة بيع هِيَ أَو فسخ قَالَ اصحابنا الْإِقَالَة قبل الْقَبْض فسخ وَقَالَ أَبُو حنيفَة هِيَ بعد الْقَبْض فسخ لَا يَقع إِلَّا بِالثّمن الأول سَوَاء تقابلا بِزِيَادَة أَو نُقْصَان أَو ثمن غير الأول وَهُوَ قَول الشَّافِعِي الحديث: 1178 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 102 وَقَالَ أَبُو يُوسُف هِيَ بيع مُسْتَقل بعد الْقَبْض وَيجوز بِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَان وبثمن آخر وَقَالَ ابْن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد إِذا ذكر ثمنا أَكثر من ثمنهَا فَهُوَ بيع بِمَا سمى وَقَالَ الْحسن بن زِيَاد قَالَ ابو حنيفَة الْإِقَالَة قبل الْقَبْض فسخ وَبعد الْقَبْض بِمَنْزِلَة البيع وَقَالَ أَبُو يُوسُف إا كَانَت بِالثّمن الأول فَهُوَ كَمَا قَالَ أَبُو حنيفَة وَإِن كَانَت بِأَكْثَرَ من الثّمن أَو بِالْأَقَلِّ فَهُوَ بيع مُسْتَقل قبل الْقَبْض أَو بعده وروى أَصْحَاب زفر قَالَ كَانَ أَبُو حنيفَة لَا يرى الْإِقَالَة بِمَنْزِلَة البيع فِي شَيْء إِلَّا فِي الْإِقَالَة بعد تَسْلِيم الشَّفِيع الشُّفْعَة فَيُوجب الشُّفْعَة بالإقالة وَقَالَ زفر لَيْسَ فِي الْإِقَالَة شُفْعَة وَقَالَ مَالك الْإِقَالَة بيع من الْبيُوع يحلهَا مَا يحل الْبيُوع ويحرمها مَا يحرم الْبيُوع وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يجوز أَن يَقُول المُشْتَرِي للْبَائِع أَقلنِي وَلَك دِرْهَم وَقَالَ فِي رجل اشْترى طَعَاما وَلم يقبضهُ حَتَّى قَالَ أَقلنِي وَأُعْطِيك كَذَا وَكَذَا درهما فَلَا بَأْس بذلك وَقَالَ الشَّافِعِي إِن إِقَالَة على زِيَادَة أَو نُقْصَان بعد الْقَبْض فَلَا خير فِيهِ لِأَن الْإِقَالَة فسخ لَيست بِبيع قل أَبُو جَعْفَر لَا خلاف فِي جَوَاز الْإِقَالَة فِي السّلم فَدلَّ أَنَّهَا لَيست بِبيع لِأَن بيع السّلم لَا يجوز مبل الْقَبْض وَلما كَانَت فسخا لم يُفْسِدهَا الشُّرُوط على الجزء: 3 ¦ الصفحة: 103 جَوَازهَا بِغَيْر ذكر ثمن فَلَا يكون لذكر الثّمن حكم لِأَنَّهُمَا ذكرا مَالا حكم لذكره 1180 - فِي الرجلَيْن يبتاعان عرضين لَهما قَالَ أَصْحَابنَا فِي رجل دفع إِلَى آخر ثوبا ليَبِيعهُ مَعَ ثوب لصَاحبه ليبيعهما صَفْقَة بِثمن وَاحِد فَأَخذهُمَا الْوَكِيل وباعهما صَفْقَة بِثمن وَاحِد مُرَابحَة فَإِنَّهُ يقسم الثّمن على الثمنين فَإِن باعهما مساومة فعلى الْقِيمَتَيْنِ وَقَالَ الثَّوْريّ رِوَايَة ابْن الْمُبَارك يقسم الثمنين على الْقِيمَتَيْنِ فِي الْمُرَابَحَة وروى غَيره عَنهُ على رَأس المَال وَقَالَ الْحسن بن حَيّ فِي رجل اشْترى نصف ثوب بِعشْرَة وَاشْترى الآخر نصفه بِعشْرين فَبَاعَهُ مساومة فالثمن نِصْفَيْنِ وَإِن بَاعه مُرَابحَة أَخذ هَذَا راس مَاله وَهَذَا رَأس مَاله واقتسما الرِّبْح نِصْفَيْنِ وَإِن باعاه الْعشْرَة كَذَا أَخذ كل وَاحِد رَأس مَاله والرجح بَينهمَا على قد رَأس الْمَالَيْنِ وَقَالَ إِذا تزوج أَربع نسْوَة على ألف انقسمت على قدر مهورهن كَمَا لَو اشْترى اربعة أعبد قَالَ وَلَو كَانَ لرجل امْرَأَتَانِ فسألتاه أَن يطلقهما بِأَلف وطلقهما فِي ذَلِك الْمجْلس لزمهما الطَّلَاق وَفِي المَال قَولَانِ أَحدهمَا أَن الْألف على قدر مُهُور مثلهمَا وَالْآخر على كل وَاحِدَة مهر مثلهَا قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ فِيمَن بَاعَ عبدا وشقصا من دَار بِثمن وَاحِد أَن الشَّفِيع يَأْخُذ النَّصِيب من الدَّار بِحِصَّتِهِ من الثّمن وَرُوِيَ عَن أبي حنيفَة أَنه كَانَ يَقُول يَأْخُذ الشَّفِيع العَبْد والنصيب بِالثّمن ثمَّ رَجَعَ فَقَالَ لَا يَأْخُذ إِلَّا النَّصِيب بِالْحِصَّةِ الحديث: 1180 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 104 1181 - فِي موت العَبْد فِي الْإِقَالَة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اشْترى عبدا بِأَلف وتقاضيا وتقايلا ثمَّ مَاتَ العَبْد فِي يَد المُشْتَرِي بطلت الْإِقَالَة وَلَو كَانَ هَذَا سلما أَو بيع عبد بِجَارِيَة ثمَّ مَاتَ أَحدهمَا بعد الْإِقَالَة لم تبطل وَعَلِيهِ قيمَة الْمَيِّت وَقَالَ مَالك لَو اشْترى طَعَاما إِلَى أجل بِثَوْب فَقبض الطَّعَام ثمَّ تَقَايلا الطَّعَام مِنْهُ حَتَّى يردهُ وتنفسخ الْإِقَالَة وَلَو أسلم ثوبا فِي طَعَام ثمَّ تَقَايلا جَازَت الْإِقَالَة إِذْ رد الثَّوْب عِنْد الْإِقَالَة وَلم يُؤَخر دَفعه فَإِن هلك الثَّوْب قبل أَن يَدْفَعهُ إِلَيْهِ بطلت الْإِقَالَة وهما على سلفهما لِأَنَّهُ لَا يصلح أَن يقيله إِلَّا أَن ينْتَقد قَالَ وكل شَيْء ابتعته مِمَّا يُؤْكَل أَو يشرب أَو لايؤكل ولايشرب إِذا كَانَ يُوزن ويكال فأتلفته فاستقالك صَاحبه بَعْدَمَا أتلفته فالإقالة جَائِزَة وَعَلَيْك مثله إِذا أتلفته بعد الْعلم بِالْهَلَاكِ وَقَالَ من أسلف دآبة أَو عرضا فِي طَعَام إِلَى أجل جَازَت الْإِقَالَة فِيهِ سَوَاء كَانَت الدَّابَّة قَائِمَة بِعَينهَا أَو فَائِتَة وَعَلِيهِ قيمتهَا إِن كَانَت مستهلكة 1182 - فِي البيع بِرَأْس المَال قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا ولى رجلا شَيْئا مِمَّا يقوم عَلَيْهِ وَلَا يعلم المُشْتَرِي بِمَا يقوم عَلَيْهِ فَالْبيع فَاسد وَذكر ابْن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد أَنه إِن أعْتقهُ قبل أَن يعلم فَعَلَيهِ الْقيمَة وَلَو أعتق بعد الْعلم فَعَلَيهِ الثّمن وَقَالَ الْحسن عَن زفر وَهُوَ بَاطِل قَالَ وَقَالَ ابو يُوسُف هُوَ مَوْقُوف فَإِذا علم المُشْتَرِي فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذ وَإِن شَاءَ ترك وَللْبَائِع أَن يفْسخ مَا لم يسْتَوْجب الحديث: 1181 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 105 وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ البيع فَاسد قَالَ أَبُو جَعْفَر الثّمن مَجْهُول عِنْد المُشْتَرِي فَلَا يجوز البيع فَإِن قيل لم لَا يجوز إِذا كَانَ مَعْلُوما فِي الْحَقِيقَة كَشِرَاء مَا لم يره قَالَ أَبُو بكر لِأَن نفس الثّمن مَجْهُول عَنهُ وَأما الْمَبِيع فمعلوم انه عبد اَوْ ثوب اَوْ نَحوه وَإِنَّمَا جهل الصّفة وجهالة صفة الْأَعْيَان لَا تُؤثر فِي العقد 1183 - فِي الْخِيَار فِي التَّوْلِيَة قَالَ ابو حنيفَة يحط فِي التَّوْلِيَة وَلَا يحط فِي الْمُرَابَحَة وَله الْخِيَار وَقَالَ مُحَمَّد لَا يحط فيهمَا وَله الْخِيَار وَهُوَ قَول زفر وَقَالَ ابو يُوسُف وَعبيد الله بن الْحسن يحط فيهمَا وَهُوَ قَول ابْن أبي ليلى وَقَالَ عُثْمَان البتي وَالْحسن بن حَيّ فِي الْمُرَابَحَة لَهُ الْخِيَار وَهُوَ قَول مَالك وَلَا يحط شَيْء قَالَ مَالك فَإِن دَخلهَا عيب عِنْد المُشْتَرِي فَالْبيع فَاسد وَلَا يردهَا وَيرد الْقيمَة وَقَالَ الشَّافِعِي يحط فِي الْمُرَابَحَة 1184 - فِيمَا يلْحق العقد وَيُبَاع مُرَابحَة عَلَيْهِ قل أَصْحَابنَا إِذا اشْترى مَتَاعا فَلهُ أَن يحمل عَلَيْهِ مَا أنْفق فِي القصارة والخياطة والكراء وَيلْحق بالرقيق الطَّعَام وَالنَّفقَة وَكَذَلِكَ أُجْرَة السمسار وَيَقُول فِي جَمِيع ذَلِك قَامَ على بِكَذَا الحديث: 1183 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 106 وَقَالَ مَالك لَا يحْتَسب فِيهِ اجرة السمسار وَلَا النَّفَقَة وَكَذَا فِي أصل الثّمن وَكَذَلِكَ القصارة والخياطة والصبغ وتحسب نَفَقَة الرَّقِيق فِي رَأس المَال وَلَا يَجْعَل النَّفَقَة ربحا 1185 - فِي المشتريين يقسمان الْمَتَاع قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري إِذا اشْترى رجلَانِ عدل بر بِأَلف دِرْهَم ثمَّ اقتسماه فَلَيْسَ لوَاحِد مِنْهُمَا أَن يَبِيع نصِيبه مُرَابحَة وَلَو كَانَ طَعَاما بَاعَ وَقَالَ مَالك إِن بَين بَاعَ مُرَابحَة وَإِن لم يبين لم يَبِعْهُ وَقِيَاس قَول الشَّافِعِي أَن لَا يَبِيع نصِيبه من الثِّيَاب مُرَابحَة 1186 - فِيمَن ربح فِي سلْعَة ثمَّ اشْتَرَاهَا قَالَ أَبُو حنيفَة يطْرَح الرِّبْح من الثّمن الثَّانِي وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَمَالك وَالْحسن بن حَيّ يَبِيعهَا مُرَابحَة على الثّمن الثَّانِي 1187 - فِي الزِّيَادَة فِي الْمَبِيع قَالَ أَصْحَابنَا إِذا ولدت الْجَارِيَة الْمُشْتَرَاة أَو أثمر النّخل بَاعَ الأَصْل مَعَ الزِّيَادَة مُرَابحَة فَإِن اسْتهْلك المُشْتَرِي الزِّيَادَة لم يبع شَيْئا من ذَلِك مُرَابحَة وَإِن هلك ذَلِك من غير فعله بَاعه مُرَابحَة وَلَا يبين وَقَالَ مَالك إِذا ولدت الْغنم لم يبعها مُرَابحَة مَعَ الْوَلَد حَتَّى يبين وَفِي اللَّبن الحديث: 1185 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 107 إِذا كَانَ شَيْئا قَرِيبا بَاعه مُرَابحَة وَلَا يبين وَإِن تقادم لم يبع حَتَّى يبين وَفِي الصُّوف إِذا أَخذه لَا يَبِيع الْغنم مُرَابحَة حَتَّى يبين 1188 - فِيمَن يَشْتَرِي سلْعَة مِمَّن لَا تجوز لَهُ شَهَادَته قَالَ أَبُو حنيفَة لَا يَبِيعهَا مُرَابحَة حَتَّى يبين وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يَبِيعهَا مُرَابحَة إِلَّا أَن يَشْتَرِيهَا من عَبده اَوْ مكَاتبه وَقَالَ مَالك يَبِيع المُشْتَرِي من عَبده أَو مكَاتبه أَيْضا مُرَابحَة وَلَا يبين لِأَن مَالِكًا يَقُول إِن الْمولى إِذا أدان الْمَأْذُون حآص بِدِينِهِ الْغُرَمَاء قَالَ ابْن الْقَاسِم فَجعله كَالْأَجْنَبِيِّ 1189 - فِيمَن أعْطى بِالثّمن صنفا غَيره قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اشْترى عبدا بِأَلف دِرْهَم ثمَّ بَاعه بِالثّمن عرُوضا أَو أعطَاهُ بِهِ ذَهَبا فَهَلَك فَإِنَّهُ يَبِيعهُ مُرَابحَة بِأَلف دِرْهَم وَهُوَ قَول الْحسن بن حَيّ وَقَالَ مَالك لَا يَبِيعهُ مُرَابحَة حَتَّى يبين مَا نقد وَكَذَلِكَ لَو اشْتَرَاهُ بدين لَهُ على الرجل لم يَبِعْهُ مُرَابحَة حَتَّى يبين وَهُوَ قَول اللَّيْث قَالَ أَبُو جَعْفَر لَو وجد المُشْتَرِي عَيْبا رده وَرجع بِالثّمن الَّذِي كَانَ فِي العقد دون مَا نقد كَذَلِك فِي الْمُرَابَحَة وَأَيْضًا لَو لم ينْقد بَائِعهَا بِالثّمن الَّذِي وَقع الحديث: 1188 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 108 1190 - فِي الْحَط عَن المُشْتَرِي قَالَ أَصْحَابنَا إِذا بَاعَ مَا اشْترى مُرَابحَة ثمَّ حط البَائِع الأول عَن المُشْتَرِي الأول بعض الثّمن فَإِنَّهُ يحط عِنْد الثَّانِي ذَلِك الْقدر وحصته من الرِّبْح وَلَو حط الثّمن كُله لم يحط عِنْد الثَّانِي شَيْء وَقَالَ مَالك إِن حط المُشْتَرِي الأول عَن الثَّانِي ماحط عَنهُ البَائِع وَإِلَّا فَلِلْمُشْتَرِي الثَّانِي الْخِيَار إِن شَاءَ أَخذهَا بِجَمِيعِ الثّمن وَإِن شَاءَ رد قَالَ وَلَو شرك فِيهَا رجلا ثمَّ حط البَائِع عَن المُشْتَرِي فَإِنَّهُ يحط عَن الشَّرِيك نصفه أحب المُشْتَرِي أَو كره فرق بيع الشّركَة وَالْبيع قَالَ ابْن الْقَاسِم وَإِنَّمَا يحط عَن الشَّرِيك إِذا حط البَائِع عَن صَاحبه مَا يشبه أَن يكون أَرَادَ بِهِ وضيعة من رَأس المَال فَإِن هَذَا هبة أَو صَدَقَة فَلَا يحط عَن الشَّرِيك وَكَذَلِكَ فِي بيع الْمُرَابَحَة وَالتَّوْلِيَة 1191 - فِي الشِّرَاء برقمه قَالَ اصحابنا إِذا اشْترى مَتَاعا ورقمه بِأَكْثَرَ من ثمنه فَإِنَّهُ جَائِز أَن يَبِيعهُ مُرَابحَة على رقمه وَلَا يَقُول اشْتَرَيْته بذلك وَلَا قَامَ عَليّ بذلك وَكره مَالك ذَلِك وَخَافَ أَن يكون من وَجه الخديعة والغش وَقَالَ اللَّيْث لَا بَأْس بِهِ إِذا قَالَ لَيْسَ أبيعكم مُرَابحَة إِنَّمَا أبيعكم مساومة قَالَ أَبُو جَعْفَر اتَّفقُوا أَنه لَا يجوز أَن يَقُول كم تزيدني على كَذَا حَتَّى أبيعك كَذَا جَائِز أَن يَقُول كم تربحني على كَذَا حَتَّى ابيعك الحديث: 1190 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 109 1192 - فِيمَن ابْتَاعَ بنسيئة قَالَ اصحابنا وَالثَّوْري لَا يَبِيع مُرَابحَة حَتَّى يبين فَإِن بَاعه مُرَابحَة فَلم يبين كَانَ للْمُشْتَرِي أَن يردهُ أَو يرضى بِالثّمن حَالا وَإِن كَانَ قد اسْتَهْلكهُ لزمَه الثّمن حَالا وَرُوِيَ عَن مُحَمَّد أَنه يضمن قِيمَته إِذا اسْتَهْلكهُ وَيرجع بِالثّمن وَهُوَ قَول مَالك وَاللَّيْث قَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا لم يبين فَلِلْمُشْتَرِي الثَّانِي مثل الْأَجَل الَّذِي اشْتَرَاهُ إِلَيْهِ قَالَ أَبُو جَعْفَر لَيْسَ الْأَجَل من نفس البيع وَإِنَّمَا هُوَ شَرط مُلْحق بِهِ فَلَا يثبت الثَّانِي إِلَّا بِالشّرطِ وَأما ضَمَان الْقيمَة فَلَا يجوز كَمَا لَو وجد بِهِ عَيْبا وَقد هلك لم يفْسخ البيع على الْقيمَة 1193 - فِي الزِّيَادَة فِي البيع قَالَ أَصْحَابنَا تجوز الزِّيَادَة فِي البيع من البَائِع وَمن المُشْتَرِي وَيجوز الْحَط من الثّمن سَوَاء قبض أَو لم يقبض وَقَالَ ابو حنيفَة إِن كَانَت الزِّيَادَة فَاسِدَة لحقت بِالْعقدِ وافسدته وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا تلْحق العقد وَلم يَصح وَقَالَ الْحسن عَن زفر لَا تجوز الزِّيَادَة فِي البيع وَتَكون هبة إِن قبضهَا جَازَت وَإِلَّا لم تجز وَكَذَلِكَ الْحَط من الثّمن وَهُوَ هبة فَيصح قبل الْقَبْض بِالثّمن وَلَا يَصح بعد قبض الثّمن إِلَّا أَن يُسلمهُ إِلَى البَائِع فَتكون هبة وروى مُحَمَّد بن عبد الله الْأنْصَارِيّ إِنَّه إِذا راد المُشْتَرِي البَائِع فِي الثّمن فَالزِّيَادَة جَائِزَة وَإِذا أَرَادَ البَائِع المُشْتَرِي فِي البيع فَالزِّيَادَة بَاطِلَة وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا أسلف فِي ثوب كَذَا وَكَذَا أَو قَالَ أُعْطِيك أَجود مِنْهُ ورديء فَهُوَ مَكْرُوه الحديث: 1192 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 110 وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا اشْترى مائَة شَاة بِمِائَة دِينَار على أَن يزِيد شَاة على رؤيتها قَالَ لَا أرى بذلك بَأْسا يدأ بيد وَكره أَن يكون هَذَا الشَّرْط فِي النَّسِيئَة وَقِيَاس قَول الشَّافِعِي أَن لَا تجوز الزِّيَادَة فِي البيع من وَجْهَيْن أَحدهمَا أَنه ألحقها بِعقد قد حصل عَنهُ افْتِرَاق فَيصير بِمَنْزِلَة قبُول العقد بعد الإفتراق وَالْآخر أَن الشَّيْء فِي ملك المُشْتَرِي فَكيف يَصح أَن يُعْطي لَهُ بَدَلا وَذَلِكَ أكل بِالْبَاطِلِ وَكره أَصْحَابنَا الْقيَاس فِيهِ للآثار مثل حَدِيث ابْن مُعَاوِيَة عَن الْأَعْمَش عَن سَالم بن أبي الْجَعْد عَن جَابر بن عبد الله قَالَ قضاني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمن جمل ابتاعه مني وَزَادَنِي قيراطا قلت هَذَا قِيرَاط زادنيه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تُفَارِقنِي حَتَّى أَمُوت فَجَعَلته فِي كيسي فَلم يزل عِنْدِي حَتَّى جَاءَ أهل الشَّام الْحرَّة فَأَخَذُوهُ فِيمَا أخذُوا وَكَانَ ذَلِك زِيَادَة فِي ثمن الْبَعِير وَفِي حَدِيث عُثْمَان وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف الْقرشِي الَّتِي اشْتَرَاهَا ثمَّ زَاده بعد الِافْتِرَاق سِتَّة آلَاف وَقبلهَا عُثْمَان وَحَدِيث الْأَجْلَح الْكِنْدِيّ عَن عبد الله بن أبي الْهُذيْل قَالَ رَأَيْت عمار بن يَاسر وَهُوَ أَمِير خرج من الْقصر فَاشْترى قتا بدرهم واستزاد صَاحب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 111 القت حبلا فنازعه حَتَّى أَخذ هَذَا نصفه وَهَذَا نصفه ثمَّ احتمله على عَاتِقه حَتَّى أدخلهُ الْقصر وَمَعْلُوم أَنه لَا يكون هبة لِأَنَّهُ كَانَ أَمِيرا لَا يجوز لَهُ قبُول الْهَدِيَّة 1194 - فِي النّظر إِلَى الْجَارِيَة عِنْد الشِّرَاء قَالَ أَصْحَابنَا يجوز أَن يمس سَاقهَا وذراعها وَينظر إِلَى صدرها مكشوفا قَالَ قَالَ مُحَمَّد أكرهه للشاب وَقَالَ مَالك لَا بَأْس بِأَن ينظر إِلَى كفيها وَلَا ينظر إِلَى معصميها وساقيها وَلَا يمد يَده على عضدها وساقها وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا أَرَادَ أَن يَشْتَرِيهَا فَلهُ أَن ينظر إِلَى كل شَيْء مِنْهَا إِلَّا الْفرج وَقَالَ اللَّيْث فِي الرجل يَشْتَرِي من سبي الْمَجُوس الْغُلَام المحتلم فيجرده وَينظر من ذكره وَمن أنثييه أَنه لابأس بذلك ينظر الرجل إِلَى الرجل فِي هَذَا وَالْمَرْأَة إِلَى الْمَرْأَة فِي هَذَا روى أبي تَمِيمَة الهُجَيْمِي عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ أَنه خطب فَقَالَ لاأعرفن أحدا أَرَادَ أَن يَشْتَرِي أمة فَنظر إِلَى مَا فَوق الرّكْبَة دون السُّرَّة لايفعله أحد إِلَّا عاقبته وَابْن عمر كشف سَاق جَارِيَة وَوضع يَده على صدرها وهم يقلبونها الحديث: 1194 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 112 للشراء وَأَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ ساوم بِجَارِيَة قد بلغت فَوضع يَده على صدرها وَأخذ بعضدها وَقَالَ الشّعبِيّ إِذا أَرَادَ أَن يبتاعها نظر إِلَى كلهَا إِلَّا الْفرج 1195 - فِي شِرَاء السّلْعَة بِأَقَلّ مِمَّا بَاعَ قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري فِيمَن اشْترى جَارِيَة بِأَلف دِرْهَم فقبضها ثمَّ بَاعهَا من البَائِع بِأَقَلّ من الْألف نقد الثّمن أَن البيع الثَّانِي بَاطِل قَالَ أَبُو جَعْفَر وحَدثني أَبُو حَامِد اللؤْلُؤِي أَحْمد بن الْحسن النَّيْسَابُورِي قَالَ حَدثنَا حَامِد الْبَلْخِي قَالَ كنت عِنْد سُفْيَان بن عُيَيْنَة فَأَتَاهُ رجل فَقَالَ إِنِّي بِعْت مَتَاعا إِلَى الْمَوْسِم وَأَنا أُرِيد أَن أخرج فَقَالَ سُفْيَان قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا بِعْت بِدَرَاهِم فَخذ دَنَانِير وَإِذا بِعْت بِدَنَانِير فَخذ دَرَاهِم وَحكى ابْن أبي عمرَان أَن قَول زفر مثل مَا حكى عَن سُفْيَان عَن أبي حنيفَة وَالْمَشْهُور عَن أبي حنيفَة أَنه لايبيعه مِنْهُ بِدَنَانِير أقل من قيمَة الدَّرَاهِم وَقَالَ مَالك فِيمَن اشْترى سلْعَة بِعشْرَة دَنَانِير إِلَى شهر ثمَّ بَاعهَا من صَاحبهَا بِعشْرين دِينَارا إِلَى شهر إِن هَذَا لايصلح وَهُوَ مِمَّا نهى عَنهُ أهل الْعلم ويرون أَنه رَبًّا وَقَالَ مَالك فِيمَن اشْترى سلْعَة أَنه لابأس بِبَيْعِهَا مِنْهُ أَو من غَيره قبل الْقَبْض بِأَقَلّ من ذَلِك أَو بِأَكْثَرَ إِلَّا أَن يكون صَاحبهَا من أهل الْعينَة وَقد نَقده الحديث: 1195 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 113 الثّمن فَلَا خير فِيهِ إِلَّا أَن يكون طَعَاما أَو شرابًا كَيْلا أَو وزنا فَلَا يَبِيعهُ من أحد حَتَّى يقبضهُ ويكيله أَو يزنه وَلَو بَاعَ من رجل سلْعَة بِعشْرين درهما إِلَى شهر ثمَّ ابتاعها مِنْهُ بِعشْرَة دَنَانِير نَقْدا أَو إِلَى أجل دون أجل فَإِن ذَلِك لايصلح وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك من بَاعَ جَارِيَة بِمِائَة دِينَار إِلَى أجل لم يجز أَن يَشْتَرِيهَا بِأَكْثَرَ من ذَلِك الثّمن إِلَى أبعد من ذَلِك الْأَجَل وَلَا يجوز أَن يَبِيع جَارِيَة بِعشْرين دِينَارا إِلَى سنة ثمَّ يبتاعها بِعشْرَة دَنَانِير نَقْدا إِلَى سِتَّة أشهروهذا الرِّبَا بِعَيْنِه وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي رجل باعا خَادِمًا إِلَى سنة ثمَّ جَاءَ الْأَجَل أَنه يَأْخُذهُ مِنْهُ بِقِيمَتِه يَوْم يقبضهُ وَلَا يشترية بِدُونِ ذَلِك الثّمن قبل مَحل الْأَجَل إِلَّا بِالثّمن أَو أَكثر وَقَالَ الْحسن بن حَيّ فِيمَن بَاعَ بيعا بنسيئة لم يجز للْبَائِع أَن يَشْتَرِيهِ بِعرْض قبل قبض الثّمن إِلَّا بِعرْض تكون قِيمَته الثّمن أَو أَكثر وَلَا يَشْتَرِيهِ بِعرْض تكون قِيمَته أقل من الثّمن حَتَّى يَسْتَوْفِي الثّمن كُله وَذَلِكَ بعد مَا يقبض المُشْتَرِي السّلْعَة فَإِن نقصت السّلْعَة فِي يَد المُشْتَرِي فَلَا بَأْس بِأَن يَشْتَرِيهَا البَائِع بِأَقَلّ من ذَلِك الثّمن سَوَاء كَانَ الْعَيْب قَلِيلا أَو كثيرا وَقَالَ عُثْمَان البتي إِذا كَانَ لَا يُرِيد المخادعة والمدالسة فَلَا بَأْس بِأَن يَشْتَرِيهِ بِدُونِ ذَلِك الثّمن أَو بِأَكْثَرَ قبل مَحل الْأَجَل وَبعده وَقَالَ الشَّافِعِي يجوز أَن يَشْتَرِيهِ بِأَقَلّ من الثّمن الأول وبأكثر قَالَ أَبُو جَعْفَر حَدثنَا يُونُس قَالَ حَدثنَا ابْن وهب قَالَ حَدثنِي جرير بن حَازِم عَن أبي إِسْحَاق الْهَمدَانِي عَن أم يُونُس عَن عَائِشَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت لَهَا أم محبَّة أم ولد لزيد بن أَرقم الْأنْصَارِيّ يَا أم الْمُؤمنِينَ أتعرفين زيد بن أَرقم قَالَت نعم قَالَت فَإِنِّي قد بِعته عبدا إِلَى الْعَطاء بثمانمائة فَاحْتَاجَ إِلَى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 114 ثمنه فاشتريته من قبل مَحل الْأَجَل بستمائة فَقَالَت بئْسَمَا شريت وبئسما اشْتريت أبلغي زيدا أَنه بَطل جهاده مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لم يتب قَالَت فَقلت أَرَأَيْت إِن تركت وَأخذت الستمائة فَقَالَت نعم {فَمن جَاءَهُ موعظة من ربه فَانْتهى فَلهُ مَا سلف} وروى زُهَيْر بن مُعَاوِيَة عَن أبي إِسْحَاق عَن امْرَأَته أم يُونُس أَنَّهَا دخلت على عَائِشَة وَذكر مثله سَوَاء وروى ابْن الْمُبَارك قَالَ أخبرنَا يُونُس بن أبي إِسْحَاق قَالَ حدثتنى ام الْعَالِيَة قَالَت أَتَيْنَا عَائِشَة ثمَّ ذكر مثله سَوَاء قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يجوز أَن تكون عَائِشَة قَالَت ذَلِك إِلَّا توقيفا لِأَن مَا كَانَ طَريقَة الاستنباط فَلَيْسَتْ هِيَ أولى بالْقَوْل بِهِ وَلَا يلْحق مخالفها فِيهِ الْوَعيد قَالَ وَمعنى قَوْلهَا بئْسَمَا شريت وبئسما بِعْت لِأَنَّهَا باعت إِلَى الْعَطاء وَقَالَ الله تَعَالَى {يَسْأَلُونَك عَن الْأَهِلّة قل هِيَ مَوَاقِيت للنَّاس وَالْحج} فأنكرت عَائِشَة التَّأْجِيل بِغَيْر الْأَهِلّة الْمَعْرُوفَة قَالَ فَإِن قيل لم يروه غير هَذِه الْمَرْأَة وَلَا ذكرت فِي غير هَذَا الحَدِيث قيل لَهُ وَمَا يمْنَع من ذَلِك وَهِي امْرَأَة مَعْرُوفَة زَوجهَا إِمَام من أَئِمَّة الْمُسلمين أَبُو إِسْحَاق السبعي وَابْنهَا مِمَّن قد حمل عَنهُ الْعلم وَقبلت رِوَايَته وروى عَن جمَاعَة من أهل الْعلم مِنْهُم أَبُو بردة بن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ وَالشعْبِيّ وَأَبْنَاء ابْنهَا أَحدهمَا إِسْرَائِيل بن يُونُس وَالرِّوَايَة عَن جده وَعَمن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 115 سواهُ والأخر عِيسَى بن يُونُس وموضعه من الْجَلالَة مَوْضِعه وَهُوَ حجَّة فِي الرِّوَايَة وَقد كَانَ ابْن عُيَيْنَة من إجلاله إِيَّاه إِذا رَآهُ يَقُول مرْحَبًا بالفقيه وَقد عمل بِمَا روى وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ وَأَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه وَقد قبل مخالفنا مَا رَوَت حميدة بنت عبيد بن رِفَاعَة عَن جدَّتهَا كَبْشَة عَن أبي قَتَادَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من إِبَاحَة سُؤْر الْهِرَّة وَقد قبلوا أَيْضا مَا روته فَاطِمَة بنت الْمُنْذر عَن جدَّتهَا أَسمَاء نحرنا فرسا على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأكلناه وَهِي غير مَشْهُورَة بِالْعلمِ وَكَذَلِكَ يجوز قبُول رِوَايَة الْعَالِيَة امْرَأَة أبي إِسْحَاق وَهِي الْعَالِيَة بنت أَيفع وَقد روى زَوجهَا عَنْهَا أَشْيَاء ذَلِك كلهَا مُسْتَقِيمَة 1196 - فِي شِرَاء الْحِنْطَة بدين عَلَيْهِ قَالَ أَصْحَابنَا فِيمَن كَانَ لَهُ على آخر دين فَاشْترى بِهِ حِنْطَة بِعَينهَا مكايلة ثمَّ فَارقه قبل أَن يكتاله ويقبضه أَن البيع صَحِيح لَا يُبطلهُ ترك الْقَبْض والكيل فِي الْمجْلس وَذكر ابْن الْقَاسِم عَن مَالك قَالَ أكره أَن يَشْتَرِي الرجل الطَّعَام كَيْلا بدين إِلَى أجل وَالطَّعَام بِعَيْنِه ثمَّ يُؤَخر كيل الطَّعَام إِلَى الْأَجَل الْبعيد ثمَّ ابتاعها بِالدّينِ قَالَ أَبُو جَعْفَر مأخوذا عَلَيْهِ شرطا فِي صِحَة العقد لوَجَبَ أَن يكون افتراقهما مُبْطلًا للْعقد قبل أَن يُكَال وَأَن لايختلف فِيهِ حكم الْوَقْت ويعيده كالصرف الحديث: 1196 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 116 1197 - فِي بيع الثَّمَرَة فِي رؤؤس النّخل قَالَ أَصْحَابنَا لابأس بِأَن يَشْتَرِي الثَّمَرَة فِي رؤؤس النّخل من غير شَرط التّرْك وَكَذَلِكَ الكفرى وَيُؤْخَذ بِقِطْعَة فَإِن شَرط تَركهَا بَطل العقد وَقَالَ مُحَمَّد إِذا كَانَ قد بَاعَ بعضه أَو احمر أَو اصفر فَلَا بَأْس بِأَن يشْتَرط التّرْك حَتَّى يبلغ وَقَالَ ابْن أبي ليلى لاخير فِي بيع شَيْء من الثَّمر قبل أَن يبلغ من ثمار النّخل من القصيل وَسُئِلَ عُثْمَان البتي عَن الرجل يَشْتَرِي الثَّمَرَة قبل أَن تزهو قَالَ لَوْلَا مَا قَالَ النَّاس فِيهِ مَا رَأَيْت بِهِ بَأْسا وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك فِيمَن يَشْتَرِي الْحَائِط فِيهِ النّخل وَالرُّمَّان وَغَيرهمَا من الْفَاكِهَة فيطيب بعضه قبل بعض وَيُرِيد بيع مَا فِي حَائِطه كُله قَالَ لاأرى أَن يَبِيع ذَلِك إِلَّا الصِّنْف الَّذِي طَابَ قَالَ وَبيع الثِّمَار قبل أَن يبدوا صَلَاحهَا من الْغرَر وَذكر عبد الله بن الحكم عَن مَالك قَالَ لَا بَأْس أَن يَشْتَرِي الْفَوَاكِه والحبوب قبل أَن يَبْدُو صَلَاحهَا على أَن يجده مَكَانَهُ وَقَالَ الثَّوْريّ لَا يُبَاع شَيْء من الثِّمَار حَتَّى يَبْدُو صَلَاحهَا وَإِن شَرط قطعه جَازَ قَالَ اللَّيْث أَن أول شَيْء يطيب من الْفَوَاكِه التفاح فَإِذا كَانَ الْجنان فِيهَا التفاح وَغَيره من الْفَوَاكِه وَالْخضر وطاب التفاح واصلح أكله جَازَ بيع الْجنان كُله وَإِن لم تطب سَائِر الفواكة لَا يُبَاع ثَمَر النّخل حَتَّى تزهو وتطيب الحديث: 1197 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 117 وَقَالَ إِذا بيع البلح وَشرط قطعه جَازَ وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا بدا صَلَاحه وتناهى عظمه جَازَ بَيْعه على شَرط التّرْك حَتَّى يتلاحق قَالَ أَبُو جَعْفَر روى مَالك عَن حميد الطَّوِيل عَن أنس بن مَالك أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن بيع الثِّمَار حَتَّى تزهى فَقيل لَهُ يَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَا تزهى قَالَ تحمر وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرَأَيْت إِن منع الله الثَّمَرَة فَبِمَ يَأْخُذ أحدكُم مَال أَخِيه قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلَا دلاله فِي ذَلِك على أَنه من كَلَام أنس لِأَنَّهُ جَائِز أَن يكون قَوْله تحمر أَو تصفر من كَلَامه وَقَوله أَرَأَيْت إِن منع الله الثَّمَرَة من كَلَام النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ بَعضهم إِن نَهْيه البَائِع عَن بيع الثَّمَرَة قبل بَدو صَلَاحهَا لَيْسَ على تَحْرِيم بيعهَا وَإِنَّمَا كَانَ على وَجه المشورة عَلَيْهِم بذلك لما روى زيد بن ثَابت أَنهم كَانُوا يتبايعون الثِّمَار ثمَّ يَقُول الْمُبْتَاع بعْدهَا جد النَّاس أَصَابَهُ مراق أَو قشام عاهات يحتجون بهَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما كثرت الْخُصُومَة فَأَما فَلَا تتبايعوا حَتَّى يَبْدُو صَلَاح الثَّمَرَة كالمشورة يشيرها عَلَيْهِم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 118 1198 - فِيمَن ابْتَاعَ ثَمَرَة على أَن يقطعهَا ثمَّ تَركهَا حَتَّى تَنْتَهِي قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اشْترى طلع نخل أَو بسر كَانَ جَائِزا وَعَلِيهِ أَن يقطعهُ فَإِن تَركه بِغَيْر إِذن صَاحبه حَتَّى يبلغ تصدق بِالْفَضْلِ وَكَذَلِكَ القصيل والرطبة وَنَحْوهَا وَذكر بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف فِي القصيل والقصب من الرّطبَة أَنه رَجَعَ عَن ذَلِك فَقَالَ هُوَ لصَاحب الأَرْض وَقَالَ مَالك إِذا اشْترى ثَمَرَة قبل أَن يَبْدُو صَلَاحهَا على أَن يجدهَا فَالْبيع جَائِز إِذا لم يكن فِي البيع شَرط أَنه يتْركهُ حَتَّى يَبْدُو صَلَاحه فَإِن تَركه حَتَّى يَبْدُو صَلَاحه ثمَّ جده فعلية قيمتة يَوْم جدة وان كَانَ رطبا وان تَرِكَة حَتَّى صَار ثمرا ثمَّ جدة فعلية مكيلة ثَمَرَة الَّذِي جدة وَقَالَ عُثْمَان البتي فِي الرجل يَبِيع النّخل بَعْدَمَا أزهى وَلَا يشْتَرط فِيهَا البَائِع وَلَا المُشْتَرِي جَمِيعًا قَالَ ان شَاءَ المُشْتَرِي أَن يكلفة قطعهَا من يَوْم اشْتَرَاهَا كلفة وان شَاءَ تَركهَا حَتَّى تدْرك وهما شريكان فِي الثَّمَرَة بِقِيمَة الثَّمَرَة يَوْم بَاعَ الأَرْض وَالْبَائِع بِقِيمَة الثَّمَرَة يَوْم بَاعَ الأَرْض وَالْمُشْتَرِي بِقِيمَة الثَّمَرَة الى يَوْم صلحت الثَّمَرَة وَقَالَ اللَّيْث فِي الرجل يَشْتَرِي النّخل ليقطعها ثمَّ يُثمر قبل أَن يقطعهَا أَن الثَّمَرَة للَّذي بَاعَ النّخل وان اشْترى بلحا ليأكلة فَلَا يأكلة حَتَّى تزهى آخِرَة وانة اذا زهى فَلَيْسَ لَة منَّة شَيْء يحاسبة مِقْدَار مَا أكل وَيرد علية من الثّمن مَا لم يَأْكُل الحديث: 1198 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 119 وَقَالَ الشَّافِعِي فِيمَن بَاعَ بُلُوغ الجزاز وتركة المُشْتَرِي حَتَّى زَاد فَإِن البَائِع بِالْخِيَارِ فِي أَن يدع لَة الْفضل الَّذِي لَة بِلَا ثمن أَو ينْقض البيع كَمَا لَو باعة حِنْطَة فا نثالت عَلَيْهَا حِنْطَة فلة الْخِيَار قي أَن يسلم لَة الزِّيَادَة أَو يفْسخ باختلاط مَا بَاعَ بِمَا لم يبع قَالَ أَبُو جَعْفَر الْقيَاس أَن تكون الزِّيَادَة الْحَادِثَة ملكا لصَاحب النّخل كَوَلَد الْجَارِيَة فَيفْسد البيع لاختلاط الْمَبِيع بِالزِّيَادَةِ مَعَ جَهَالَة مقدارها وان كَانَ مِقْدَارًا مَعْلُوما فهما شريكان وَذَلِكَ إِذا كَانَت الزِّيَادَة حَادِثَة فِي يَد البَائِع وان كَانَ حدوثها فِي يَد المُشْتَرِي لم يبطل البيع وهما شريكان وَيكون القَوْل قَول البَائِع فِي الثَّمَرَة لِأَنَّهَا من كلة وَفِي القصيل القَوْل قَول المُشْتَرِي لِأَن الزِّيَادَة حَادِثَة فِي قصيل المُشْتَرِي لَا البَائِع 1199 - فِي الْعَرَايَا ابْن سَمَّاعَة عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة الْعرية هِيَ النَّخْلَة يهب صَاحبهَا ثَمَرَتهَا لرجل وَيَأْذَن لَة فِي أَخذهَا فَلَا يفعل حَتَّى يَبْدُو لصَاحب النَّخْلَة أَن يمنعة من ذَلِك ويعوضة مِنْهَا خرصها ثمَّ أَبَاحَ ذَلِك لَة وَرخّص لَة لِأَن المعرى لم يكن ملكة وَقَالَ عِيسَى بن أبان الرُّخْصَة فِي ذَلِك للمعرى أَن يَأْخُذ ثمرا من رطب لم يملكة وَقَالَ غيرَة الرُّخْصَة فية للمعرى لأنة كَانَ يكون يخلف الْوَعْد فَرخص لَة فِي ذَلِك وَأخرج من إخلاف الْوَعْد الحديث: 1199 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 120 وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك الْعرية أَن يعرى الرجل الرجل النَّخْلَة أوالنخلتين أَو أَكثر من ذَلِك سنة أَو سنتَيْن وَمَا عَاشَ فَإِذا كَانَ الثَّمر وطاب ذَلِك قَالَ صَاحب النّخل أَنا أكفيكم سقيها وضمانها وَلكم خرصها تَمرا عِنْد الْجذاذ فَكَانَ ذَلِك مَعْرُوفا منَّة كلة عِنْد الْجذاذ وَلَا أحب أَن يُجَاوز ذَلِك خَمْسَة أوسق قَالَ وَتجوز الْعرية فِي كل مَا ييبس ويدخر نَحْو التِّين وَالزَّيْتُون وَلَا أرى لصَاحِبهَا الْعرية أَن يَبِيعهَا إِلَّا فِي الْحَائِط مِمَّن لَة ثَمَر بخرصه وَذكر ابْن أبي عمرَان عَن مُحَمَّد بن شُجَاع عَن عبد اللة بن نَافِع عَن مَالك أَن الْعرية هِيَ النَّخْلَة والنخلتان للرجل فِي حَائِط لغيرة وَالْعَادَة فِي الْمَدِينَة أَنهم يخرجُون بأهلهم فِي وَقت الثِّمَار إِلَى حائطهم فيكرة صَاحب النّخل الْكثير دُخُول الآخر علية فَيَقُول أَنا أُعْطِيك خرص النَّخْلَة تَمرا فَرخص لَهما فِي ذَلِك قَالَ مَالك فِيمَا ذكرة ابْن الْقَاسِم وَلَا يجوز بيع الْعرية لخرصها حَتَّى يحل بيعهَا وَلَا يجوز بَعْدَمَا حل بيعهَا أَن يَبِيعهَا بِخرْصِهَا ثمرا إِلَّا فِي الْجذاذ وَإِمَّا أَن يعجلة فَلَا وَأما بِالطَّعَامِ فَلَا يصلح أَيْضا أَن يجذ مَا فِي رؤوسها مكانة وَلَا يصلح أَن يَشْتَرِيهَا بِطَعَام إِلَى أجل وَلَا بِثمن نَقْدا وَيجوز أَن يَشْتَرِيهَا من الَّذِي أعراها بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِير قبل أَن يحل بيعهَا إِلَّا أَن يشترية ليقطعة مكانة فَأَما على أَن يتركة فَلَا يجوز وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ الْعَرَايَا هِيَ أهل الْبَيْت الْمَسَاكِين يمنحون النخلات فترطب فِي الْيَوْم القفيز والقفيزان وَلَا يكون فِيهَا مَا يشبعهم فَرخص لَهُم أَن يبيعوا نَخْلهمْ بأوساق من تمر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 121 قَالَ وَسَأَلت الْأَوْزَاعِيّ عَن الْعرية والواطية والأكلة قَالَ الْعرية النَّخْلَة يمنحها الرجل والواطية مَا يطَأ النَّاس والأكلة مَا يُؤْكَل منَّة وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْعرية إِنَّمَا تكون فِي خَمْسَة أوسق وأفسخة فِي أَكثر وَهِي أَن يَبِيع ذَلِك بِخرْصِهَا تَمرا وَيقبض النَّخْلَة بتمرها قبل أَن يَتَفَرَّقَا فَإِن تفَرقا قبل ذَلِك فسد البيع وَبيع ذَلِك لكل من رخص لَة وَإِن أَتَى على جَمِيع حائطة وَقَالَ ابْن عُيَيْنَة وَأحمد بن حَنْبَل الْعرية أَن يعرى الرجل الفقيز فللمعرى أَن يَبِيعهَا مِمَّن شَاءَ قَالَ أَبُو جَعْفَر روى سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن يحيى بن سعيد عَن بشير بن يسَار عَن سهل بن أبي حثْمَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن بيع الثَّمر بِالتَّمْرِ إِلَّا إِنَّه رخص فِي الْعَرَايَا أَن تبَاع بِخرْصِهَا من الثَّمر يأكلها أَهلهَا رطبا فَفِي هَذَا الحَدِيث إِبَاحَة بيعهَا مِمَّن كَانَ أعراها دون غَيره وروى حَمَّاد بن سَلمَة عَن أَيُّوب وَعبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى البَائِع والمبتاع عَن الْمُزَابَنَة قَالَ وَقَالَ زيد بن ثَابت رخص فِي الْعَرَايَا فِي النَّخْلَة والنخلتين توهبان للرجل فيتبيعها بخرصهما تَمرا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 122 فَأخْبر أَن العربة الْهِبَة وَمعنى خبر أَو بيعهَا مَحْمُول على بيعهَا من واهبها ليُوَافق حَدِيث سهل بن أبي حثْمَة وَاحْتج من قَالَ الْعَرَايَا لَيست الهبات بِمَا روى مَالك عَن دَاوُد بن الْحصين عَن مولى بن أبي أَحْمد يُقَال لَهُ أَبُو سُفْيَان بن جحش عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رخص فِي بيع الْعَرَايَا خَمْسَة أوسق أَو فِيمَا دون خَمْسَة أوسق شكّ دَاوُد وروى مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن مُحَمَّد بن يحيى بن حبَان عَن وَاسع بن حبَان عَن جَابر بن عبد الله أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رخص فِي الْعرية ثمَّ قَالَ الوسق والوسقين وَالثَّلَاثَة وَالْأَرْبَعَة قَالُوا فَفِي هذَيْن الْحَدِيثين ذكر الْمِقْدَار المرخص فِي بيعهَا من الْعَرَايَا وَهَذَا يدل على أَنَّهَا لَيست بِهِبَة غير مَقْبُوضَة لِأَنَّهَا لَا يعْتَبر فِيهَا الْمِقْدَار قيل لَهُ يحْتَمل أَن يكون جَابر وَأَبُو هُرَيْرَة وَقفا على ترخيص رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي هَذَا الْقدر فَذَكَرَاهُ وَلم يقفا على أَكثر مِنْهُ بِأَيِّهِمَا ذكر فَإِن قيل روى أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ لَا صَدَقَة فِي الْعرية وَهَذَا يدل على أَنَّهَا فِيمَا دون خَمْسَة أوسق الجزء: 3 ¦ الصفحة: 123 قيل لَهُ الْعرية نَفسهَا فَلَا تجب فِيهَا صَدَقَة قلت أَو كثرت وَقد روى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث أَبَا حثْمَة خارصا فجَاء رجل فَقَالَ يَا رَسُول الله إِن أَبَا حثْمَة قد زَاد عَليّ فَدَعَا أَبَا حثْمَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن ابْن عمك يزْعم أَنَّك قد زِدْت عَلَيْهِ فَقَالَ يَا رَسُول الله لقد تركت لَهُ قدر عرية أَهله وَمَا يطعم الْمَسَاكِين وَمَا يُصِيب الرّيح فَقَالَ قد زادك ابْن عمك وأنصفك وروى جرير بن حَازِم عَن قيس بن سعيد عَن مَكْحُول أَن النَّبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ خففوا فِي الْخرص فَإِن فِي المَال الْعرية وَالْوَصِيَّة فقربها إِلَى الْوَصِيَّة الَّتِي هِيَ تمْلِيك بِغَيْر بدل 1200 - فِي زِيَادَة الْكَيْل فِي التَّوْلِيَة قَالَ أَصْحَابنَا فِيمَن اشْترى كرا مكايلة بِمِائَة دِرْهَم فاكتاله من البَائِع ثمَّ ولاه رجلا بِالثّمن فَلَيْسَ يَنْبَغِي للْمُشْتَرِي إِلَّا بكيل مُسْتَقْبل فَإِن كاله فَوَجَدَهُ يزِيد فقيزا على الْكر فَإِن كَانَ مِمَّا يكون بَين الكيلين فَهُوَ للْمُشْتَرِي الأول وَيلْزم الثَّانِي كرّ مِنْهُ بِالثّمن كُله وَإِن كَانَ مِمَّا يزِيد بَين الكيلين فَهَذَا خطأ فِي الْكَيْل يرد على البَائِع الأول وَإِن نقص مِمَّا يكون بَين الكيلين كَانَ للثَّانِي بِحِصَّتِهِ إِن شَاءَ وَقَالَ مَالك للْمولى نقصانه وزيادته إِن كَانَ مِمَّا يكون بَين الكيلين وَإِن كَانَ أَكثر من نُقْصَان الْكَيْل وضع عَنهُ بِحِسَاب وَلم يكن على الَّذِي ولى ضَمَان بِمَا انْتقصَ وَإِن كَانَ زِيَادَة تعلم أَن زِيَادَته لَيست بِزِيَادَة الْكَيْل فَهُوَ للَّذي ولى وَقَالَ الَّذِي ولى كَانَ نُقْصَانا كثيرا رَجَعَ بِهِ عَلَيْهِ وَإِن كَانَ نُقْصَانا يَسِيرا فَإِنَّهُ إِنَّمَا هُوَ نُقْصَان بَين الكيلين لم أر عَلَيْهِ شَيْئا الحديث: 1200 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 124 وَقَالَ الشَّافِعِي للَّذي ولى زِيَادَته وَعَلِيهِ نُقْصَان 1201 - فِي بيع الْعُلُوّ بعد سُقُوطه قَالَ أَصْحَابنَا فِي رجل لَهُ سفل وَبَيت وَلآخر بَيت وَهُوَ علوه فوقعا فَبَاعَ صَاحب الْعُلُوّ بَينه الْعُلُوّ لم يجز وَإِنَّمَا يجوز البيع إِذا كَانَ مَبْنِيا لِأَنَّهُ بَاعه الْبَنَّا وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا اشْترى علو بَيت على أَن يَبْنِي على حَائِطه أَو يسكن على سطحه فَهُوَ جَائِز إِذا سمى مُنْتَهى الْبُنيان لِأَنَّهُ لَيْسَ كالأرض فِي احْتِمَال مَا يبْنى عَلَيْهَا قَالَ الْمُزنِيّ وَقَالَ فِي أدب القَاضِي لَا يجوز أَن يقسما دَارا على أَن يكون لأَحَدهمَا الْعُلُوّ وَللْآخر السّفل حَتَّى يكون السّفل والعلو لوَاحِد 1202 - فِي الِاخْتِلَاف فِي الْأَجَل فِي البيع قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قَالَ البَائِع هُوَ حَال وَقَالَ المُشْتَرِي إِلَى شهر فَالْقَوْل قَول البَائِع مَعَ يَمِينه وَكَذَلِكَ إِذا قَالَ البَائِع شهر وَقَالَ المُشْتَرِي شَهْرَان وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَقَالَ مَالك إِذا اخْتلفَا فِي الْأَجَل وتصادقا فِي الثّمن تحَالفا وترادا إِن كَانَت السّلْعَة قَائِمَة وَإِن كَانَت فَائِتَة فَالْقَوْل قَول المُشْتَرِي مَعَ يَمِينه وَقَالَ اللَّيْث إِذا كَانَت السّلْعَة قَائِمَة فَالْقَوْل قَول البَائِع والمبتاع بِالْخِيَارِ وَإِن كَانَت قد فَاتَت فَالْقَوْل قَول الْمُبْتَاع وَإِن كَانَت السّلْعَة تعرف لم ينظر إِلَى قَول وَاحِد مِنْهَا وَإِن كَانَ مثلهَا يَشْتَرِي بذلك الثّمن أَو بِأَقَلّ حملا على ذَلِك وَإِن كَانَت لم تعرف فَالْقَوْل قَول البَائِع الحديث: 1201 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 125 وَذكر ابْن وهب عَن مَالك فِي كل مَا يُبَاع فِي السُّوق مثل اللَّحْم والفاكهة وَالْحِنْطَة وَنَحْوهَا فَالْمُشْتَرِي مبدأ بِالْيَمِينِ وَالْقَوْل قَوْله وَمَا كَانَ من الدَّوَابّ وَالْأَرضين وَالْعرُوض فالبائع مبدأ بِالْيَمِينِ وَيَأْخُذ ثمنه وَإِذا جازها المُشْتَرِي وفارقها فَالْقَوْل قَوْله وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن إِذا اخْتلفَا فِي الثّمن أوفى الْأَجَل وَالْمَبِيع قَائِم أَو مستهلك ترادا البيع وَغرم المُشْتَرِي الْقيمَة فِي الْمُسْتَهْلك وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا أقرّ بِالْبيعِ وَادّعى أَحدهمَا الْخِيَار كَانَ القَوْل قَوْله مَعَ يَمِينه كاختلافهما فِي الثّمن وَقَالَ أَبُو جَعْفَر الْأَجَل شَرط مُلْحق بِالْبيعِ لَيْسَ من نفس البيع لِأَنَّهُ لَيْسَ بِثمن وَلَا مَبِيع فَهُوَ كاختلافهما فِي شَرطه أَنه خباز أَو كَاتب أَن يَقُول قَول البَائِع بالِاتِّفَاقِ وَلَا يترادان كَذَلِك الْأَجَل 1203 - فِي الِاخْتِلَاف بعد هَلَاك السّلْعَة قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف إِذا هَلَكت السّلْعَة فَالْقَوْل قَول المُشْتَرِي فِي الثّمن وَلَا يتحالفا وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْحسن بن حَيّ وَاللَّيْث قَالَ مُحَمَّد وَالشَّافِعِيّ يَتَحَالَفَانِ وَيرد المُشْتَرِي الْقيمَة وَحكى ابْن أبي عمرَان عَن زفر أَنه قَالَ إِذا اتفقَا أَن الثّمن كَانَ من جنس وَاحِد كَانَ القَوْل قَول المُشْتَرِي وَإِن اخْتلفَا فِي جنسه تخالفا وترادا قيمَة الْمَبِيع وَلَا أعلمهُ إِلَّا أَخذه عَن ابْن شُجَاع عَن الْحسن بن زِيَاد عَن زفر وَقَالَ مَالك القَوْل قَول المُشْتَرِي إِلَّا أَن يَأْتِي بِمَا لابسه من الثّمن الحديث: 1203 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 126 وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن فِي الْمولى إِذا قَالَ لعَبْدِهِ بِعْتُك نَفسك بِأَلف دِرْهَم وَقَالَ العَبْد نَفسِي بِخَمْسِمِائَة أَن القَوْل قَول العَبْد مَعَ يَمِينه قَالَ وروى ابْن سَمَّاعَة عَن أبي يُوسُف قَالَ قَالَ أَبُو حنيفَة الْقيَاس فِي الْمُتَبَايعين إِذا اخْتَلَفْنَا فَادّعى البَائِع ألفا وَخَمْسمِائة وَادّعى المُشْتَرِي ألف دِرْهَم أَن يكون القَوْل قَول المُشْتَرِي وَلَا يَتَحَالَفَانِ وَلَا يترادان لِأَنَّهُمَا قد أجتعا على ملك المُشْتَرِي السّلْعَة الْمَبِيعَة وَاخْتلفَا فِيمَا ملك البَائِع على المُشْتَرِي من الثّمن فهما كرجلين ادّعى أَحدهمَا على آخر ألفا وَخَمْسمِائة وَأقر هُوَ بِأَلف فَالْقَوْل قَوْله إِلَّا أَنا تركنَا الْقيَاس للأثر فِي حَال قيام السّلْعَة فَإِذا فَاتَت السّلْعَة عَاد الْقيَاس 1204 - فِي موت أحد الْمُتَبَايعين قَالَ أَبُو حنيفَة فِي الْمُتَبَايعين يَمُوت أَحدهمَا ثمَّ يخْتَلف الْحَيّ وورثة الْمَيِّت فَالْقَوْل فِي ثمنة قَوْله مَعَ يَمِينه وَإِن كَانَ فِي أَيدي وَرَثَة الْمَيِّت فَالْقَوْل فِي ثمنة قَوْلهم مَعَ أَيْمَانهم على علمهمْ قَالَ وَلَيْسَ هَذَا الْقيَاس هُوَ اسْتِحْسَان وَالْقِيَاس أَن يكون القَوْل قَول المُشْتَرِي فِي ذَلِك كُله وَلَكنَّا تركنَا الْقيَاس للأثر هَكَذَا حكى أَبُو جَعْفَر قَالَ وَقَالَ مُحَمَّد يَتَحَالَفَانِ ويترادان وَهُوَ قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ 1205 - فِي دَعْوَى قبض الثّمن قَالَ أَصْحَابنَا وَابْن شبْرمَة وَالشَّافِعِيّ إِذا اشْترى شَيْئا وقبضة ثمَّ ادّعى أَنه وَفِي الثّمن فَالْقَوْل قَول البَائِع مَعَ يَمِينه انه مَا قبض وَقَالَ مَالك مَا كَانَ من الْبيُوع مِمَّا يبْتَاع على وَجه الانتقاد شبه الصّرْف مثل الْحِنْطَة وَالزَّبِيب والحم والفواكه وَالْخضر كلهَا مِمَّا يبْتَاع النَّاس فِي الحديث: 1204 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 127 أسوقهم فَإِن ذَلِك مثل الصّرْف وَالْقَوْل فِيهِ قَول المُشْتَرِي إِنَّه قد دفع الثّمن وَعَلِيهِ الْيَمين وَمَا مَكَان من الدّور وَالْأَرضين وَالْبر والدقيق وَالدَّوَاب فَإِن القَوْل فِي ذَلِك قَول البَائِع وَإِن قبض الْمُبْتَاع لَا يُخرجهُ من أَدَاء الثّمن قَبضه 1206 - فِي هَلَاك الْمُشْتَرى شِرَاء فَاسِدا فِي يَد المُشْتَرِي قَالَ أَصْحَابنَا عَلَيْهِ قِيمَته يَوْم قَبضه لبَائِعه وَهُوَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَذكر ابْن الْقَاسِم عَن مَالك فِيمَن بَاعَ عبدا بِمِائَة دِينَار وَقِيمَته مِائَتَا دِينَار على إِن أسلفتني خمسين دِينَارا فَالْبيع فَاسد وَعَلِيهِ قِيمَته مِائَتَا دِينَار وَينظر إِلَى الْقيمَة فِي البيوعات الفاسده وَإِن كَانَ فَوق الثّمن فَإِنَّهُ يبلغ بِهِ قِيمَته الْمَبِيع وَإِن كَانَ الثّمن يبلغ بِالْعَبدِ الْأَكْثَر من الْقيمَة أَو الثّمن وَذكر ابْن الْقَاسِم أَيْضا عَن مَالك أَنه قَالَ كل بيع حرَام لَا يقر على حَال إِن أدْرك فسخ فَإِذا فَاتَ فعلى المُشْتَرِي قِيمَته يَوْم قَبضه كَانَت الْقيمَة أقل من الثّمن الَّذِي بيع بِهِ اَوْ اكثر إِلَّا البَائِع فَإِنَّهُ إِن كَانَت الْقيمَة أَكثر مِمَّا رَضِي بِهِ لم ترد عَلَيْهِ وَإِن كَانَت أقل رد إِلَى ذَلِك قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْلُو الْمَقْبُوض عَن بيع فَاسد من أحد وَجْهَيْن إِمَّا أَن يكون مَضْمُونا بِنَفسِهِ أَو بِغَيْرِهِ فَإِن كَانَ مَضْمُونا بِنَفسِهِ فَهُوَ كالمغصوب تعْتَبر قيمتة فِي سَائِر الْأَحْوَال وَإِن كَانَ مَضْمُونا بِغَيْرِهِ وَهُوَ الثّمن فالثمن فالثمن هُوَ الْوَاجِب فِي كل حَال وَلَا اعْتِبَار بِالْقيمَةِ وَلَو كَانَ الثّمن هُوَ الْوَاجِب فِي كل حَال وَلَا اعْتِبَار بِالْقيمَةِ لَكَانَ البيع صَحِيحا الحديث: 1206 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 128 1207 - فِي خُرُوج المُشْتَرِي عَن الْحَال الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا مَعَ فَسَاد البيع قَالَ أَصْحَابنَا فِي الرجل يَشْتَرِي الْجَارِيَة شِرَاء فَاسِدا فيقبضها فيبيعها أَو يَهَبهَا أَو يُسَلِّمهَا أَو يكاتبها أَو يرهنها فَعَلَيهِ ضَمَان الْقيمَة وَجَاز مَا صنع وَلَو أفتك الْجَارِيَة قبل أَن يضمنهُ القَاضِي قيمتهَا ردهَا على البَائِع وَكَذَلِكَ إِن عجزت عَن الْمُكَاتبَة أَو رَجَعَ فِي الْهِبَة وَلَو ردهَا المُشْتَرِي بِعَيْب بعد الْقَبْض بِغَيْر قَضَاء فَعَلَيهِ ضَمَان الْقيمَة وَلَا يردهَا على البَائِع وَقَالَ مَالك على أَي وَجه رجعت إِلَيْهِ ردهَا على البَائِع قَالَ أَبُو جَعْفَر قد وافقهم مَالك على جَوَاز تصرف المُشْتَرِي وَأَنه غير مَقْبُوض فَإِذا عَاد إِلَيْهِ بِملك مُسْتَقْبل لم يجز أَن يردهُ إِذْ هُوَ ملك غير مَا أوجبه بِالْعقدِ كَمَا لَو اشْتَرَاهُ شِرَاء صَحِيحا ثمَّ بَاعه فَاطلع على إِصْبَع زَائِدَة فَاشْتَرَاهُ من المُشْتَرِي الثَّانِي لم يردهُ على البَائِع الأول إِذا كَانَ ذَلِك ملكا غير الأول كَذَلِك البيع الْفَاسِد 1208 - فِي الْملك فِي البيع الْفَاسِد قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اشْترى عبدا على أَن لَا يَبِيع وَلَا يهب فَالْبيع فَاسد فَإِن قَبضه فَأعْتقهُ جَازَ عتقه وَعَلِيهِ الْقيمَة وَكَذَلِكَ لَو بَاعه اَوْ وهبه أَو تصرف فِيهِ بِسَائِر وُجُوه التَّصَرُّف وَذكر ابْن الْقَاسِم عَن مَالك فِيمَن اشْترى عبدا على أَن لَا يَبِيع وَلَا يهب وَلَا يتَصَدَّق فَهُوَ بيع فَاسد فَإِن مَاتَ فَعَلَيهِ قِيمَته وَإِن اشْترى جَارِيَة على ان الحديث: 1207 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 129 يتخدها أم ولد فَالْبيع فَاسد فَإِن حملت مِنْهُ فَعَلَيهِ قيمتهَا يَوْم قبضهَا وَكَذَلِكَ إِن أعْتقهَا وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك فِيمَن اشْترى جَارِيَة على شَرط أَن يتخذها أم ولد فَالْبيع فَاسد فَإِن حملت فَعَلَيهِ قيمتهَا يَوْم قبضهَا وَكَذَلِكَ إِن أعْتقهَا وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك فِيمَن اشْترى جَارِيَة على شَرط أَن لَا يَبِيعهَا وَمَا أشبه هَذَا الشَّرْط فَإِنَّهُ لايجوز للْمُشْتَرِي أَن يَطَأهَا لِأَنَّهُ لَا يجوز لَهُ أَن يَبِيعهَا وَلَا يَهَبهَا فَإِذا كَانَ لَا يملك ذَلِك مِنْهَا فَلم يملكهَا ملكا تَاما وَكَانَ بيعهَا مَكْرُوها وَإِن اشْتَرَاهَا بِشَرْط فَوَطِئَهَا فَحملت فَللْبَائِع قيمتهَا وَيحل لسَيِّدهَا فِيمَا يسْتَقْبل وَقَالَ عُثْمَان البتي فِي الرجل يَشْتَرِي شَيْئا بِحرَام بَين فَإِن كَانَ قَدِيما رَددته وَإِن اسْتَهْلكهُ جَازَ البيع وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يجوز تصرف المُشْتَرِي فِي الشِّرَاء الْفَاسِد بِحَال وَقَالَ فِي الْكِتَابَة الفاسده إِذا أدّى عتق وَعَلِيهِ الْقيمَة قَالَ وَلَيْسَت الْكِتَابَة كاليمين لِأَن الْيَمين لَا بيع فِيهَا وَالْكِتَابَة كَالْبيع الْفَاسِد إِذا رد قِيمَته 1209 - فِيمَن اشْترى عبدا على أَن يعتقهُ قَالَ أَصْحَابنَا البيع فَاسد فَإِن قَبضه فَأعْتقهُ فَعَلَيهِ الثّمن فِي قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد عَلَيْهِ الْقيمَة وَقَالَ ابْن أبي ليلى إِذا ابْتَاعَ بيعا فَاسِدا وَاشْترط أَن يَبِيعهُ من فلَان أَو يَهبهُ أَو على أَن يعتقهُ فَالْبيع جَائِز وَالشّرط بَاطِل وَقَالَ ابْن شبْرمَة البيع فَاسد الحديث: 1209 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 130 وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك فِيمَن اشْترى عبدا على أَن يعتقهُ أَنه لَا بَأْس بذلك وَلَو بَاعه على أَن يعتقهُ إِلَى سنتَيْن أويدبره فَهَذَا من المخاطرة وَالْغرر وَلَا يجوز وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا بَاعَ عَبده على أَن يعتقهُ وَيكون الْوَلَاء لَهُ فَإِنَّمَا يكون الْوَلَاء للَّذي أعْتقهُ وَقَالَ ابْن الْمُبَارك عَن الثَّوْريّ فِيمَن اشْترى دَارا على أَنه إِن أدْركهُ فِيهَا دَرك فَلهُ مثل ذرعها من دَار أُخْرَى فَالْبيع جَائِز وَشَرطه بَاطِل وَإِن قَالَ أبيعك والخلاص عَليّ فَالْبيع جَائِز وَالشّرط بَاطِل وَقَالَ الْحسن بن حَيّ كل شَرط فِي بيع هدم الْمَبِيع إِلَّا الْعتَاقَة وكل شَرط فِي نِكَاح هدمة النِّكَاح إِلَّا الطَّلَاق روى نَحوه عَن إِبْرَاهِيم قَالَ الْحسن بن حَيّ فَإِذا اشْترى عبدا على أَن يعتقهُ جَازَ البيع وَلزِمَ المُشْتَرِي أَن يعتقهُ فَإِن مَاتَ قبل أَن يعتقهُ لزم ورثته أَن يعتقوه وَكَانَ الْحسن بن حَيّ يُجِيز بيع الْخَادِم إِذا اشْترط صَاحبهَا خدمتها أَََجَلًا مَعْلُوما وَللْمُشْتَرِي أَن يَطَأهَا وَإِن لم يشْتَرط للْخدمَة وقتا مَعْلُوما فَالْبيع مَرْدُود فَإِن اشْترط البَائِع خدمتها وقتا مَعْلُوما ثمَّ أعْتقهَا المُشْتَرِي سَقَطت عَنْهَا الْخدمَة وَكَانَ على المُشْتَرِي أَن يرد على البَائِع بِحِصَّة الْخدمَة من الثّمن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 131 وَقَالَ الْحسن بن حَيّ فِي الرجل يَبِيع الْمَتَاع وَيشْتَرط أَن لَهُ نصف ربحه فَإِنَّهُ إِن كَانَ قَائِما رد البيع فِيهِ وَإِن كَانَ قد بَاعه تصدق بربحه وَقَالَ اللَّيْث فِيمَن اشْترى عبدا على أَن يعتقهُ فَإِن أبي أجبر على عتقه وَكَذَلِكَ لَو بَاعه من رجل رَقَبَة فَهُوَ مثل ذَلِك وَقَالَ فِي الرجل يَبِيع غُلَامه على أَنه حر فَإِنَّهُ يعْتق على المُشْتَرِي شَاءَ أَو أَبى وَلَيْسَ لوَاحِد مِنْهُمَا أَن يقطع وَفِي الرجل يَبِيع الْجَارِيَة على أَنه إِن بَاعهَا فَهِيَ لَهُ بِالثّمن الَّذِي يَبِيعهَا بِهِ فَإِنَّهُ لَا يصلح أَن يَطَأهَا على هَذَا الشَّرْط وَالْبيع جَائِز وَلَا بَأْس بِأَن يَبِيع عبدا من رجل على هَذَا الشَّرْط ويمنعه على أَن يخرج بِهِ من مصره أَو على أَن لَا يخرج بِهِ فَإِن كَانَت أمة لم يَطَأهَا وفيهَا شَرط وروى عَنهُ أَنه قَالَ لَا يجوز البيع على شَرط أَنه إِن بَاعه فَهُوَ لَهُ بِالثّمن وَقَالَ الشَّافِعِي فِيمَا ذكره الرّبيع عَنهُ أَنه إِن بَاعَ العَبْد على أَن يعتقهُ أَو على أَن يَبِيعهُ من فلَان أَو على أَن يستخدمه فَالْبيع فِي هَذَا كُله فَاسد وَلَا يجوز الشَّرْط فِي هَذَا إِلَّا فِي مَوضِع وَاحِد وَهُوَ الْعتْق أَن يُبَاع للسّنة فَإِذا اشْتَرَاهُ على أَن يعتقهُ فَأعْتقهُ فَالْبيع جَائِز وَحكى أَبُو ثَوْر عَن الشَّافِعِي أَن البيع جَائِز فِي هَذَا الْمسَائِل كلهَا وَالشّرط بَاطِل قَالَ أَبُو جَعْفَر وَاحْتج من أجَاز البيع على شَرط الْعتْق بِحَدِيث بَرِيرَة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 132 وَقد رُوِيَ بِأَلْفَاظ مُخْتَلفَة فَمِنْهَا مَا روى همام عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَن عَائِشَة ساومت بَرِيرَة فَلَمَّا رَجَعَ النَّبِي صلى اللة علية وَسلم قَالَت إِنَّهُم أَبَوا أَن يبيعوني إِلَّا بِشَرْط الْوَلَاء فَقَالَ النَّبِي صلى اللة علية وَسلم إِنَّمَا الْوَلَاء لمن أعتق فَلم يذكر فية حكم الشِّرَاء وروى مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَن عَائِشَة أَرَادَت أَن تشتري بَرِيرَة فَقَالَ لَهَا أَهلهَا نبيعكها على أَن ولاءها لنا فَذكرت ذَلِك لرَسُول اللة صلى اللة علية وَسلم فَقَالَ لَا يمنعك ذَلِك فَإِنَّمَا الْوَلَاء لمن أعتق فَفِي هَذَا الحَدِيث شَرط الْوَلَاء وَإِبَاحَة النَّبِي صلى اللة علية وَسلم بيعهَا على ذَلِك وَإِبْطَال الشَّرْط وَقد روى نَافِع عَن ابْن عمر أنة كرة أَن يَشْتَرِي الْأمة على أَن لَا يَبِيع وَلَا يهب وَهَذَا يدل على أَن الأول إِن صَحَّ فَهُوَ مَنْسُوخ الحكم عندة وَقد روى الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم عَن الْأسود عَن عَائِشَة أَن أهل بَرِيرَة أَرَادوا أَن يبيعوها ويشترطوا الْوَلَاء فَذكرت ذَلِك للنَّبِي صلى اللة علية وَسلم فَقَالَ اشتريها فأعتقيها فَإِن الْوَلَاء لمن أعتق وروى يُونُس وَاللَّيْث عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت جَاءَت بَرِيرَة إِلَيّ فَقَالَت يَا عَائِشَة إِنِّي كاتبت أَهلِي على تسع أوراق فِي كل عَام أُوقِيَّة فأعينيني وَلم تكن قبضت من كتَابَتهَا شَيْئا فَقَالَت لَهَا عَائِشَة ارجعي إِلَى أهلك فَإِن أَحبُّوا أَن أعطيهم ذَلِك جَمِيعًا وَيكون ولاؤك لي فعلت فَذَهَبت إِلَى أَهلهَا فعرضت ذَلِك عَلَيْهِم فَأَبَوا وَقَالُوا إِن شَاءَت أَن تحتسب ذَلِك فلتفعل وَيكون الجزء: 3 ¦ الصفحة: 133 ولاؤك لنا فَذكرت ذَلِك لرَسُول اللة صلى اللة علية وَسلم فَقَالَ لايمنعك ذَلِك مِنْهَا ابتاعي وأعتقي فَإِنَّمَا الْوَلَاء لمن أعتق وخطب رَسُول اللة صلى اللة علية وَسلم ثمَّ قَالَ أما بعد فَمَا بَال أنَاس يشترطون شُرُوطًا لَيست فِي كتاب اللة من اشْترط شرطا لَيْسَ فِي كتاب الله فَهُوَ بَاطِل وَإِن كَانَ مائَة شَرط قَضَاء اللة أَحَق وشرطة أوثق وَإِنَّمَا الْوَلَاء لمن أعتق فَكَانَ فِي هَذَا الحَدِيث أَن الْقَوْم طلبُوا أَن يكون الْوَلَاء لَهُم عِنْد أَدَاء عَائِشَة الْكِتَابَة عَنْهَا وَهَذَا لَا خلاف فية أَن الْوَلَاء يكون لَهُم كمن أدّى عَن عَبدة كتابتة مُتَبَرعا بهَا فَهَذَا يدل على أَن النكير كَانَ على عَائِشَة فِي إرادتها أَن يكون الْوَلَاء لَهَا بأدائها الْكِتَابَة عَنْهَا وَفِي هَذَا الحَدِيث أمرة إِيَّاهَا بِالشِّرَاءِ ابْتِدَاء وعتقها بعد ملكهَا ليَكُون الْوَلَاء لَهَا وروى الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة أَن بَرِيرَة جَاءَت تستعينها فِي كتَابَتهَا فَقَالَت عَائِشَة إِن شَاءَ أهلك اشتريتك ونقدت لَهُم ثمنك صبة وَاحِدَة فَذَهَبت إِلَى أَهلهَا فَقَالَت لَهُم ذَلِك فَأَبَوا إِلَّا أَن يكون الْوَلَاء لَهُم فَذكرت ذَلِك لرَسُول اللة صلى اللة علية وَسلم فَقَالَ رَسُول اللة صلى اللة علية وَسلم اشتريها وَلَا يَضرك مَا قَالُوا فَإِن الْوَلَاء لمن أعتق فَذكر فية إِلَّا ذَلِك كتَابَتهَا وروت عمْرَة عَن عَائِشَة نَحْو ذَلِك وَأَن النَّبِي صلى اللة علية وَسلم قَالَ لَهَا اشتريها فأعتقيها فَإِنَّمَا الْوَلَاء لمن أعتق فَذَلِك كلة خلاف مَا فِي حَدِيث الْأسود عَن عَائِشَة فِي أَن المقاولة كَانَت بَينهم فِي الشِّرَاء وَشرط الْوَلَاء للْبَائِع وروى الشَّافِعِي عَن مَالك عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أبيَّة عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت جَاءَتْنِي بَرِيرَة فَقَالَت إِنِّي كاتبت أَهلِي على تسع أَوَاقٍ فِي كل عَام أُوقِيَّة فأعينيني فَقَالَت لَهَا عَائِشَة إِن أحب أهلك أَن أعدهَا لَهُم عددتها لَهُم وَيكون الجزء: 3 ¦ الصفحة: 134 ولاؤك لي فعلت فَذَهَبت بَرِيرَة إِلَى أَهلهَا فَقَالَت لَهُم ذَلِك فَأَبَوا عَلَيْهَا فَجَاءَت من عِنْد أَهلهَا وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَالس فَقَالَت إِنِّي عرضت ذَلِك عَلَيْهِم فَأَبَوا إِلَّا أَن يكون الْوَلَاء لَهُم فَسمع بذلك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلَهَا فَأَخْبَرته عَائِشَة فَقَالَ خذيها واشترطي فَإِنَّمَا الْوَلَاء لمن أعتق فَفعلت عَائِشَة ثمَّ قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي النَّاس فَذكر بَقِيَّة الحَدِيث قَالَ أَبُو جَعْفَر يحْتَمل أَن يكون معنى قَوْله خذيها واشترطي أَن خذيها بِالشِّرَاءِ واشترطي أَي أظهري إِنَّمَا الْوَلَاء لمن أعتق لِأَن الِاشْتِرَاط هُوَ الْإِظْهَار فِي كَلَام الْعَرَب قَالَ أَوْس بن حجر ... وأشرط فِيهَا نَفسه وَهُوَ موصم ... وَألقى بِأَسْبَاب لَهُ وتوكلا ... يَعْنِي أظهر نَفسه لما حاول أَن يفعل وَقد روى ابْن وهب عَن مَالك هَذَا الحَدِيث بِإِسْنَادِهِ وَقَالَ فِيهِ قَالَ النَّبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خذيها واشترطي الْوَلَاء لَهُم وَإِنَّمَا الْوَلَاء لمن أعتق وَذكر بَقِيَّة الحَدِيث قَالَ وَيحْتَمل أَن يكون اشتراطي عَلَيْهِم كَقَوْلِه تَعَالَى {وَإِن أسأتم فلهَا} الْإِسْرَاء مَعْنَاهُ فعلَيْهَا وَكَقَوْلِه {لَهُم اللَّعْنَة} الرَّعْد وَمَعْنَاهُ وَعَلَيْهِم وَيجوز أَن يكون مَعْنَاهُ الْوَعيد كَقَوْلِه تَعَالَى {واستفزز من اسْتَطَعْت مِنْهُم} الْإِسْرَاء وَقد روى عَن ابْن عمر مَا قدمنَا من قَوْله أَنه كره أَن يَشْتَرِي الْجَارِيَة على ان لَا يَبِيع وَلَا يهب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 135 وروى أَن زَيْنَب امْرَأَة عبد الله بن مَسْعُود باعت عبد الله جَارِيَة واشترطت خدمتها فَذكر ذَلِك لعمر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ لَا يقربنها وَلَا أجد فِيهَا مثوبة وَقيل عبد الله وَزَيْنَب فَحصل من اتِّفَاق هَؤُلَاءِ فَسَاد البيع الْوَاقِع على نَحْو هَذِه الشُّرُوط وَقد روى عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده عَن النَّبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يحل سلف وَبيع وَلَا شَرْطَانِ فِي بيع 1210 - فِي شَرط سُكْنى الدَّار وركوب الدَّابَّة للْبَائِع قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اشْترى دَارا على أَن يسكنهَا البَائِع شهرا أَو شَرط لَهُ خدمَة العَبْد أَو كوب الدَّابَّة مؤقتا أَو غير مُؤَقّت فَالْبيع فَاسد وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ مَالك لَا بَأْس بِأَن يشْتَرط للْبَائِع سكناهَا مُدَّة مَعْلُومَة الشُّهُور وَالسّنة مَا لم يتباعد وَإِن شَرط سكناهَا حَيَاته فَلَا خير فِيهِ وَإِن بَاعَ دابه على أَن لَهُ ركُوبهَا شهرا فَلَا خير فِيهِ وَيجوز فِي الْيَوْم واليومين وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ جَائِز أَن يَبِيع الرجل بَعِيرًا وَيشْتَرط ظَهره إِلَى الْمَدِينَة وَإِلَى وَقت يُسَمِّيه وَقَالَ اللَّيْث لَا بَأْس بِأَن يشْتَرط سُكْنى الدَّار سنة لانها إِن أحرقت كَانَت من المُشْتَرِي وَأما الدَّابَّة فَإِن كَانَ شَيْئا قَرِيبا فَلَا بَأْس وَإِن كَانَ بَعيدا لم أحبه وَلَا يجوز أَن يشْتَرط ظهر الدَّابَّة إِلَى مَوضِع لَا قريب وَلَا بعيد وَلَا الحديث: 1210 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 136 يصلح أَن يَبِيع الدَّابَّة ويستثني ظهرهَا وَكره أَن يَسْتَثْنِي سُكْنى الدَّار عشر سِنِين قَالَ أَبُو جَعْفَر روى ابْن جريج عَن عَطاء عَن جَابر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ بِعني بعيرك فَقلت هُوَ لَك يَا رَسُول الله فَقَالَ بِعَيْنِه قد أَخَذته بأَرْبعَة دَنَانِير وَلَك ظَهره إِلَى الْمَدِينَة فَلَمَّا قدمنَا الْمَدِينَة قَالَ يَا بِلَال اقضه حَقه ورده فَأَعْطَانِي أَرْبَعَة دَنَانِير وَزَادَنِي قيراطا فاحتج من أجَاز اسْتثِْنَاء الظّهْر بذلك وَقد روى الشّعبِيّ عَن جَابر قَالَ فِيهِ فَبِعْته بأوقية واستثنيت حملانه حَتَّى يقدم الْمَدِينَة فَلَمَّا قدمنَا أَتَيْته بالبعير فَقلت هَذَا بعيرك يَا رَسُول الله فَقَالَ لَعَلَّك ترى إِنَّمَا حسبتك لأذهب ببعيرك يابلال أعْطه أُوقِيَّة قَالَ انْطلق ببعيرك فهما لَك فذل ذَلِك على أَن الْخطاب لم يكن بيعا وَلَو صَحَّ أَنه كَانَ بيعا فَلَا دلاله فِيهِ على أَنه شَرط فِي العقد وَجَائِز أَن يكون بَاعَ وَجعل لَهُ ظَهره إِلَى الْمَدِينَة وايضا شَرط ركُوب البَائِع لَا يَخْلُو من أَن يكون الرّكُوب فِيهِ مُسْتَحقّا من مَال المُشْتَرِي فَيكون البيع فَاسِدا لِأَنَّهُ شَرط لنَفسِهِ مَا قد ملكه المُشْتَرِي عَلَيْهِ وَإِن كَانَ اسْتِثْنَاؤُهُ الرّكُوب أوجب بَقَاء الرّكُوب فِي ملك البَائِع هَذَا فَجَاز لِأَن المُشْتَرِي لم يملك الْمَنَافِع بعد البيع من جِهَة البَائِع وَإِنَّمَا ملكهَا لِأَنَّهَا طرأت على ملكة وَكَذَلِكَ سُكْنى الدَّار وَنَحْوهَا 1211 - فِي شَرط حمل الطَّعَام وحذو النَّعْل على البَائِع قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف إِذا اشْترى طَعَاما فِي الْمصر وَشرط ان يُوفيه فِي منزله جَازَ الحديث: 1211 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 137 وَقَالَ مُحَمَّد لَا يجوز وَقَالَ بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف إِذا اشْترى نعلا بدرهم وَشرط على البَائِع أَن يحذوها جَازَ اسْتِحْسَانًا وروى ابْن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد مثله وَقَالَ زفر البيع فَاسد وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَعبيد الله بن الْحسن إِذا اشْتريت ثوبا على قصارته أَو نخلا على جذاذه جَازَ وَقَالَ مَالك لَا بَأْس أَن يَشْتَرِي ثوبا على أَن يخيطه لَهُ أَو يَشْتَرِي نَعْلَيْنِ على أَن يحذوهما لَهُ وَلَو اشْترى قمحا على أَن يطحنه قَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك فِيهِ يتعمر وَأَرْجُو أَن يكون خَفِيفا وكه مَالك أَن يَشْتَرِي السمسم وَالزَّيْتُون على أَن على البَائِع عصره وَكَذَلِكَ الْقَمْح على أَن على البَائِع حَصَاده وذريه وَأَن طحن الْحِنْطَة وَنَحْوهَا خَفِيف وَقَالَ ابْن الْقَاسِم وَهَذَا على وَجه الِاسْتِحْسَان لَيْسَ على الْقيَاس واستثقل الْقيَاس فِي مثله وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك فِي الرجل يبْتَاع الْجَارِيَة وعَلى بَائِعهَا حمولتها ونفقتها إِلَى مَوضِع كَذَا فَالْبيع جَائِز وَلَا بَأْس بِهِ وَكَانَ الثَّوْريّ يكره شِرَاء الثَّوْب على قصارته وَشِرَاء النَّعْل على حذوها وَكَذَلِكَ الحملان والطحن والعصارة وَقَالَ الْحسن بن حَيّ لَا بَأْس بِأَن يَشْتَرِي النَّعْل على أَن يحذوها وَالثَّوْب على أَن يخيطه والغزل على أَن يحوكه وَنَحْوه مِمَّا يَفْعَله النَّاس وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا اشْترى بيعا على مَا وَصفنَا على أَن يعمله فليقبضه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 138 ثمَّ ليدفعه إِلَيْهِ حَتَّى يعمله وَإِن ضَاعَ من عِنْد البَائِع بَعْدَمَا قَبضه المُشْتَرِي فالبائع ضَامِن لِأَنَّهُ كَانَ عِنْده حَتَّى يعمله بِأَجْر وَالْأَجْر من الثّمن فَإِن لم يقدر على عمله قوم عَلَيْهِ عمله وقومت عَلَيْهِ السّلْعَة ثمَّ قسم الثّمن على ذَلِك فَمَا أصَاب عمله من الثّمن رد البَائِع على المُشْتَرِي وَقَالَ اللَّيْث فِي بيع الطَّعَام وَعَلِيهِ طحنه أَو بيع الزَّيْتُون وَعَلِيهِ عصره إِن كَانَت لَهُ طاحونة ومعصرة فَلَا بَأْس بذلك وَإِن لم يكن لَهُ ذَلِك فَإِنِّي أكرهه وَكَذَلِكَ إِذا شَرط حمل الطَّعَام إِلَى الْمصر وَإِن كَانَت لَهُ سفينة أَو إبل يحمل عَلَيْهَا فَلَا بَأْس وَإِن كَانَ إِنَّمَا يُوفيه بالسداد ويتكارى على حمله إِلَى الْمصر فَإِنِّي أكرهه وَأرَاهُ بِمَنْزِلَة من سلف دَنَانِير فِي طَعَام ودنانير وَلَو اشْترى طَعَاما على أَن يوفية إياة بِموضع يسمية فَلَا بَأْس 1212 - فِي بيع الْكلأ قَالَ أَصْحَابنَا لَا يجوز بيع المراعي وَلَا إِجَارَتهَا وَلَا يملك الْكلأ صَاحب الأَرْض حَتَّى يأخذة فيحرزة وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ مَالك لَا بَأْس أَن يَبِيع الرجل مرَاعِي أرضة سنة وَاحِدَة وَلَا يَبِيعهَا سنتَيْن وَلَا ثَلَاثًا وَلَا يَبِيع مرَاعِي أرضة حَتَّى تطيب مراعيها وتبلغ مبلغ الخصب وترعى وَلَا يبيعة قبل أَن ينْبت خصبها وَقَالَ الثَّوْريّ لَا بَأْس أَن يحمي الْكلأ للْبيع أَو الشّجر للحطب أَو البيع قَالَ أَبُو جَعْفَر روى مَالك عَن ابي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة الحديث: 1212 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 139 عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا يمْنَع فضل المَاء ليمنع بِهِ الْكلأ فَهَذَا دَلِيل على انه لايحل منع الْكلأ وَمَا لَا يحل مَنعه لَا يحل بَيْعه وَقد روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ النَّاس مشتركون فِي ثَلَاث المَاء وَالنَّار والكلأ 1213 - فِي بيع الْمِيَاه قَالَ أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيّ لَا يجو ز بيع المَاء وَهُوَ فِي النَّهر أَو الْبِئْر 2 من أَخذه فَهُوَ لَهُ وَإِن أحرزه فِي وعَاء ثمَّ بَاعه جَازَ بَيْعه وَقَالَ مَالك لَا بَأْس بِبيع مَاء فِي بِئْر احتفرها فِي أرضه وداره يُرِيد لنَفسِهِ وَكره بيع مَا عمل من ذَلِك فِي الصَّحَارِي وَهِي مثل آبار احتفرها لماشيته فَيكون هُوَ أَحَق بهَا حَتَّى تروى وَيكون للنَّاس مَا فضل إِلَّا من مر بهم لسقيهم ودوابهم فَإِنَّهُم لَا يمْنَعُونَ كَمَا يمْنَع من سواهُم وَقَالَ مَالك لابأس بِبيع الْعُيُون ومائها يسْقِي بِهِ الزَّرْع وَيجوز بيع شرب يَوْم وإجازة الْبِئْر فِي كل شهر جَائِز إِذا احتفرها لنَفسِهِ وَلم يحتفرها للصدقة روى أَبُو الزبير عَن جَابر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن بيع الْكلأ الحديث: 1213 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 140 وَكَذَلِكَ روى إِيَاس بن عبد الْمُزنِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا يمْنَع نقع الْبِئْر 1214 - فِي شَرط الرَّهْن وَالْكَفِيل فِي الثّمن قَالَ أَصْحَابنَا إِذا بَاعَ عبدا بِأَلف دِرْهَم على أَن يكفل بهَا فلَان وَهُوَ حَاضر فَقبل جَازَ وَكَذَلِكَ إِذا شَرط أَن يرهنه هَذَا العَبْد بهَا وَكَذَلِكَ إِن كَانَ الْكَفِيل غَائِبا فَقدم فَقبل الْكفَالَة جَازَ وَإِن لم يقبل فَللْبَائِع أَن يفْسخ وَإِن لم يسم كَفِيلا بِعَيْنِه أَو رهنا بِعَيْنِه فَالْبيع فَاسد وَإِن شَرط رهنا بِعَيْنِه ثمَّ لم يجْبر على الرَّهْن وَللْبَائِع أَن يفْسخ البيع وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ زفر يجْبر على أَن يرهنه إِيَّاه قَالَ وَإِن لم يقبل الْكَفِيل الْكفَالَة فَالْبيع فَاسد وَقَالَ مَالك إِن شَرط كَفَالَة فلَان بِعَيْنِه فَإِن رضى جَازَ البيع وَإِن لم يرض فَلَا بيع بَينهمَا وَإِن كَانَ الْكَفِيل غَائِبا فَإِن كَانَت غيبته قريبَة فَالْبيع جَائِز إِن رضى بِالْكَفَالَةِ وَإِن كَانَت غيبته بعيدَة فَلَا خير فِي ذَلِك فَإِن أبي أَن يكفل فالبائع بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ رضى بِغَيْر كَفِيل وَإِن شَاءَ أبطل البيع فِيهِ خِيَار وَفِي الْخلْع إِن لم يرض فلَان بِالْكَفَالَةِ فَهِيَ زَوْجَة وَكَذَلِكَ دم الْعمد يكون على حَقه فِي الْقصاص إِن لم يرض فلَان بِالْكَفَالَةِ قَالَ ابْن الْقَاسِم وَالنِّكَاح فِي غير هَذَا جَائِز لَان النِّكَاح لَا خِيَار فِيهِ وَالْبيع الحديث: 1214 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 141 قَالَ ويجوزأن يَبِيعهُ على أَن يُعْطِيهِ رهنا لم يسمه وَيُعْطِيه من حَقه رهنا بِهِ وَإِن شَرط رهن عبد بِعَيْنِه أجبر على دَفعه وَلَو شَرط أَن يُعْطِيهِ حميلا بِحقِّهِ وَلم يُسَمِّيه فَالْبيع جَائِز وَيجْبر على أَن يُعْطِيهِ حميلا ثِقَة 1215 - فِي الْبَرَاءَة من الْعُيُوب قَالَ أَصْحَابنَا إِذا بَاعَ بيعا بِالْبَرَاءَةِ من كل عيب جَازَ وَقَالَ ابْن أبي ليلى لَا يبرأ حَتَّى يُسمى الْعُيُوب كلهَا بأسمائها وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك الْأَمر الْمجمع عَلَيْهِ عندنَا فِيمَن بَاعَ عبدا أَو حَيَوَانا بِالْبَرَاءَةِ فقد برِئ من كل عيب فِيمَا بَاعَ إِلَّا أَن يكون علم فِي ذَلِك عَيْبا فكتمه فَلَا يُبرئهُ وَكَانَ مَا بَاعَ مردودا عَلَيْهِ وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك الْبَرَاءَة لَا تكون فِي الثِّيَاب وَقَالَ فِي الْخشب إِذا كَانَ الْعَيْب دَاخل الْخشب فَلَيْسَ بِعَيْب قَالَ وَكَانَ مَالك يَقُول مرّة لَا تَنْفَعهُ الْبَرَاءَة من شَيْء مِمَّا يتبايعه النَّاس كَانُوا أهل مِيرَاث أَو غَيرهم لَا بيع الرَّقِيق وحدهم فَإِنَّهُ كَانَ يرى الْبَرَاءَة فِيهِ مِمَّا لم يعلم فَإِذا علم عَيْبا والم يسمه بِعَيْنِه وَقد بَاعَ بِالْبَرَاءَةِ أوباع الوصى كَذَلِك لم تَنْفَعهُ ذَلِك فِي الدَّوَابّ وَلَيْسَت الْبَرَاءَة إِلَّا فِي الرَّقِيق ثمَّ رَجَعَ فَقَالَ لَا أرى الْبَرَاءَة تَنْفَع فِي الرَّقِيق لأهل الْمِيرَاث وَلَا للوصى وَلَا لغَيرهم وَإِنَّمَا كَانَت الْبَرَاءَة لاهل الدُّيُون يفلسون فيبيع عَلَيْهِم السُّلْطَان قَالَ مَالك فَلَا أرى الْبَرَاءَة تَنْفَع أهل الْمِيرَاث وَلَا غَيرهم إِلَّا أَن يكون عَيْبا خَفِيفا فَعَسَى وَلَيْسَت الْبَرَاءَة إِلَّا فِي الرَّقِيق والبراءة الَّتِي يبرأ بهَا فِي هَذَا إِذا قَالَ أبيعك بِالْبَرَاءَةِ فقد برِئ مِمَّا يُصِيب العَبْد فِي الْأَيَّام الثَّلَاثَة وَمن عهدتها الحديث: 1215 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 142 وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا بَاعَ السّلْعَة فَسمى الْعُيُوب وتبرأ مِنْهَا فقد برِئ وَإِن لم يَرَاهَا إِيَّاه وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا بَاعَ وتبرأ من الْعُيُوب لم يبرأ إِلَّا مِمَّا سمى وَمِمَّا عِنْد النَّاس عيب فبينه وَقَالَ اللَّيْث فِي بيع الْمَوَارِيث إِنَّه بيع بَرَاءَة وَإِن بَاعَ صَاحب الْمِيرَاث فَهُوَ برِئ من الْعُيُوب إِلَّا أَن تقوم بَينه أَنه كَانَ يعلم ذَلِك الْعَيْب فكتمه وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن فِي رجل اشْترى إبِلا فَقَالَ البَائِع إِنَّه برِئ من الجرب وَلَا اعْلَم بِهِ جربا فَإِذا هِيَ جرباء فَإِنَّهُ يردهَا وَإِذا تَبرأ من كل عيب فَهُوَ بَرَاءَة وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا بَاعَ شَيْئا من الْحَيَوَان بِالْبَرَاءَةِ فَالَّذِي أذهب إِلَيْهِ قَضَاء عُثْمَان بن عَفَّان إِنَّه برِئ من كل عيب لم يُعلمهُ وَلَا تَبرأ من كل عيب علمه وَلم يسم لَهُ ويقفه عَلَيْهِ تقليدا فَإِن الْحَيَوَان يُفَارق مَا سواهُ وَالْقِيَاس أَن لَا يبرأ فِي عُيُوب لم يرهَا وَلَو سَمَّاهَا لاختلافها قَالَ أَبُو جَعْفَر روى مَالك عَن يحيى بن سعيد عَن سَالم أَن عبد الله بن عمر بَاعَ غُلَاما بِالْبَرَاءَةِ بثمانمائة دِرْهَم فَقَالَ الَّذِي ابتاعه لعبد الله بن عمر بالغلام دَاء وَلم تسمه لي وَقَالَ عبد الله بِعته بِالْبَرَاءَةِ فَقضى عُثْمَان على عبد الله أَن يحلف وَمَا بِهِ دَاء يُعلمهُ فَأبى عبد الله أَن يحلف وارتجع العَبْد فصح عِنْده فَبَاعَهُ بِأَلف وَخَمْسمِائة روى شريك عَن عَاصِم بن عبيد الله عَن عبد الله بن عَامر عَن زيد بن ثَابت أَنه كَانَ يرى الْبَرَاءَة من كل عيب جَائِزَة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 143 وروى عَن الشَّافِعِي أَنه قلد عُثْمَان فِي ذَلِك فَكيف لم يُقَلّد ابْن عمر وَالْقِيَاس مَعَه وَقَوله الْقيَاس أَن لَا يبرأ من عُيُوب لم يرهَا وَلَو سَمَّاهَا فَإِن هَذَا لم يقلده أحد من أهل الْعلم 1216 - فِي وجود الْعَيْب قبل نقد الثّمن قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالشَّافِعِيّ إِذا اشْترى سلْعَة فطعن فِيهَا بِعَيْب قبل أَن ينْقد الثّمن فَلهُ أَن يردهَا إِن قَامَت البينه على الْعَيْب وَقَالَ ابْن أبي ليلى لَا أقبل شُهُوده على الْعَيْب حَتَّى ينْقد الثّمن فَإِن الرَّد بِالْعَيْبِ من حُقُوق العقد لَا من حُقُوق دفع الثّمن فَلهُ أَن يرد وَإِن لم يدْفع الثّمن 1217 - فِيمَن اشْترى جَارِيَة رفوطئها ثمَّ اطلع على عيب فِيهَا قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اشْترى جَارِيَة فَوَطِئَهَا ثمَّ اطلع على عيب فَلَيْسَ لَهُ أَن يردهَا وَيرجع بِنُقْصَان الْعَيْب إِلَّا أَن يَشَاء البَائِع أَن يقبلهَا وَيرد الثّمن وَيرد مهر مثلهَا وَالْمهْر فِي قَوْله بِأخذ الْعشْر من قيمتهَا وَنصف الْعشْر فَيجْعَل الْمهْر نصف لذَلِك وَكَذَلِكَ لَو حدث بهَا عيب عِنْده رَجَعَ بِأَرْش الْعَيْب فِي قَول أَصْحَابنَا إِلَّا أَن يَشَاء البَائِع أَن يقبلهَا وَيرد الثّمن وَقَالَ ابْن أبي ليلى يردهَا وَيرد مَعهَا نُقْصَان الْعَيْب وَقَالَ ابْن شبْرمَة إِذا وَطئهَا يردهَا وَيرد مَعهَا مهر مثلهَا وَقَالَ عُثْمَان البتي إِن لم ينقصها الْوَطْء ردهَا وَلَا عقر عَلَيْهِ فَإِن نَقصهَا الْوَطْء ردهَا ورد النُّقْصَان الحديث: 1216 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 144 وَقَالَ مَالك الْأَمر الْمجمع عندنَا أَنه من رد وليدة من عيب وجده بهَا وَقد أَصَابَهَا إِن كَانَت بكرا فَعَلَيهِ مَا نقص من ثمنهَا وَإِن كَانَت ثَيِّبًا فَلَيْسَ عَلَيْهِ من إصابتها شَيْء لِأَنَّهُ كَانَ ضامنأ لَهَا وَقَالَ الْأَشْجَعِيّ عَن الثَّوْريّ إِذا بَاعَ جَارِيَة فَوَطِئَهَا ثمَّ اطلع على عيب فَمنهمْ من يَقُول يردهَا وَيرد الْعشْر من ثمنهَا إِن كَانَت بكرا وَإِن كَانَت ثَيِّبًا فَنصف الْعشْر وَمِنْهُم من يَقُول هِيَ لَهُ بِوَطْئِهِ إِيَّاهَا وَيرد فضل مَا بَين الصِّحَّة والداء وَهُوَ قَول سُفْيَان الثَّوْريّ وَقَالَ الْحسن بن حَيّ يردهَا وعقرها فَإِن حدث بهَا عيب ردهَا وَضمن مَا حدث عِنْده وَقَالَ اللَّيْث يلْزمه وَيرجع بِالْعَيْبِ إِلَّا أَن يَشَاء البَائِع أَن يأخدها بِلَا شَيْء وَإِن كَانَ الْعَيْب الَّذِي وجده الكية وَمَا أشبهه وَمَا أشبههَا لَزِمته وتوضع عَنهُ قيمَة الْعَيْب وَإِن كَانَ فِي البرص من القروح الَّذِي ينقص فَإِنَّهُ يردهَا إِن شَاءَ كَانَت بكرا رد مَعهَا مَا نَقصهَا وَطْؤُهَا من ثمنهَا قَالَ اللَّيْث قَالَ الزُّهْرِيّ وَسليمَان بن حبيب الْمحَاربي فِي الْوَطْء يلْزمه وَيرجع بِالْعَيْبِ وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن يرد مَعهَا صدَاق مثلهَا وَقَالَ الشَّافِعِي الْوَطْء اقل من الْخدمَة فَإِن كَانَت بكرا لم يردهَا نَاقِصَة وَيرجع بِحِصَّة الْعَيْب من الثّمن وَذكر عَنهُ أَبُو ثَوْر مثل قَول مَالك 1218 - فى الْعَيْب فِي بيع الْعرُوض قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وسُفْيَان الشَّافِعِي إِذا بَاعَ عبدا بِجَارِيَة وَتقَابَضَا ثمَّ وجد بالجارية عَيْبا فَردهَا فَإِنَّهُ يَأْخُذ العَبْد وَذكر عَنهُ أَبُو ثَوْر مثل قَول مَالك الحديث: 1218 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 145 وَقَالَ ابْن أبي ليلى يأخد قيمتهَا صَحِيحَة وَكَذَلِكَ الْحَيَوَان وَسَائِر الْعرُوض إِذا بيع بَعْضهَا بعض وَإِن كَانَ العَبْد قد هلك فِي يَد مُشْتَرِيه فَإِنَّهُ فِي قَول أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَمَالك الشَّافِعِي يرد قيمَة العَبْد وَفِي قَول ابْن أبي ليلى يأخد قيمَة الْجَارِيَة 1219 - فِي الْمَبِيع يُخرجهُ المُشْتَرِي عَن ملكه ثمَّ يطلع على عيب قَالَ أَصْحَابنَا إِذا بَاعَ أَو وهب أوتصدق لم يرجع بِأَرْش الْعَيْب وَيرجع على الْعتْق وَالتَّدْبِير وَالِاسْتِيلَاد إِذا اطلع بعده على عيب بحصتة من الثّمن وَالْعِتْق على مَال مثل البيع وَقَالَ مَالك إِذا وهب للثَّواب فَهُوَ بيع وَإِذا كَانَ لغير ثَوَاب فَهُوَ صَدَقَة وَيرجع بِقِيمَة العَبْد وَإِن بَاعَ نصفهَا قيل للْبَائِع إِمَّا أَن ترد نصف الْعَيْب على المُشْتَرِي وَإِمَّا إِن قبلت النّصْف الْبَاقِي بِنصْف الثّمن وَلَا شَيْء عَلَيْك 2 غير ذَلِك وَقَالَ عُثْمَان البتي وَفِي البيع وَالْعِتْق إِذا ظهر بعده على عيب فَإِنَّهُ يوضع عَنهُ بِقدر ذَلِك الدَّاء مَا بَينه وَبَين وَفَاء مَا اشْتَرَاهُ بِهِ وَقَالَ اللَّيْث إِذا بَاعه لم يرجع بِالْعَيْبِ وَإِن مَاتَ أَو أعْتقهُ رَجَعَ بِقِيمَة الْعَيْب وَقَالَ عبيد الله الْحسن فِي الرجل يَشْتَرِي الْمَمْلُوك فيعتقه ثمَّ يجده مَجْنُونا لَا تَمْيِيز لَهُ فَإِنَّهُ يرجع على البَائِع فيأخد مَه الثّمن وَيكون الْوَلَاء للْمُعْتق وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا بَاعه اَوْ بَاعَ بعضه لم يرجع على البَائِع بِشَيْء وَإِن أعتق أَو مَاتَ فَعَلَيهِ قيمَة العَبْد الحديث: 1219 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 146 وَقَالَ عَطاء بن أبي رَبَاح لَا يرجع فِي الْمَوْت أَيْضا بِحِصَّة الْعَيْب وروى شُعْبَة عَن جبلة بن سحيم قَالَ رَأَيْت ابْن عمر يساوم بقميص فلبسه وَكَانَت فِي لحيته صفرَة فَأصَاب الْقَمِيص صفرَة فَأَرَادَ رده ثمَّ قَالَ مَا كَانَت لأرده وَقد صفرته قَالَ وأخده من اجل الصُّفْرَة فَقيل إِن ابْن عمر إِنَّمَا كَانَ أَرَادَ رده بِالْعَيْبِ ثمَّ لم يردهُ لأجل الصُّفْرَة وَلَا يرجع بِالْعَيْبِ قَالَ أَبُو جَعْفَر وَهَذَا الْقيَاس لِأَن الْعَيْب لَا حِصَّة لَهُ من الثّمن لِأَنَّهُ إِن كَانَ اخْتَار إِمْسَاكه وَالرُّجُوع بِالْأَرْشِ لم يكن لَهُ ذَلِك وَكَانَ الْوَاجِب رد الْعَيْب فَإِذا فَاتَ رده لم يرجع بِشَيْء قَالَ وَحكى ابْن عمرَان هَذَا القَوْل عَن مُحَمَّد بن شُجَاع وَلم أره يُخَالِفهُ فِيهِ فقد اتّفق فُقَهَاء الْأَمْصَار الَّذين ذَكَرْنَاهُمْ أَنه يرجع فِي الْعتْق وَلَا يرجع فِي البيع إِلَّا فِيمَا ذكر عَن عُثْمَان البتي فَوَجَبَ أَن يَجْعَل لِلْعِتْقِ أصلا فَيَقُول إِنَّه إِذا لم يكن فِي قَوْله تمْلِيك لغيره رَجَعَ كَالْعِتْقِ وَإِذا كَانَ فِيهِ تمْلِيك لم يرجع كَالْبيع 1220 - إِذا بَاعه المُشْتَرِي ورده عَلَيْهِ قَالَ أَصْحَابنَا إِذا بَاعه المُشْتَرِي ثمَّ رد عَلَيْهِ بِعَيْب بعد الْقَبْض فَإِن كَانَ بِقَضَاء رده على الأول وَإِن كَانَ بِغَيْر قَضَاء قَاض لم يردهُ وَإِن رده بِعَيْب قبل الْقَبْض رده وَإِن يكن بِقَضَاء قَاض الحديث: 1220 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 147 وَحكى هِشَام عَن مُحَمَّد أَن قَول ابي حنيفَة الأول أَنه إِذا رد عَلَيْهِ بِوَجْه لَو أرتفعا إِلَى الْحَاكِم رده كَذَلِك إِذا قبله بِغَيْر قَضَاء ثمَّ رَجَعَ وَقَالَ مَالك إِذا بَاعَ المُشْتَرِي العَبْد لم يرجع على البَائِع وَلَا خُصُومَة بَينهمَا فَإِن رَجَعَ إِلَى المُشْتَرِي بِهِبَة أَو شِرَاء أَو مِيرَاث فَلهُ أَن يُخَاصم بَائِعه فِي الرَّد بِالْعَيْبِ وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا بَاعهَا أَو وَهبهَا لم يرجع بِالْعَيْبِ فَإِن ردَّتْ عَلَيْهِ بِعَيْب فَلهُ ان يردهَا على البَائِع إِذا ثَبت انه كَانَ عِنْده وَعند الشَّافِعِي لَا فرق بَين قَضَاء القَاضِي وَبَين غير قَضَاء القَاضِي إِذا رَجَعَ إِلَيْهِ بِغَيْر قَضَاء رده بِالْعَيْبِ كَمَا لَو رَجَعَ بِقَضَاء 2 قَالَ قَالَ أَبُو جعفرإذا عَاد إِلَيْهِ بِملك ثَان لم يكن لَهُ رده لِأَنَّهُ غير الْملك الَّذِي أوجبه لَهُ البَائِع وَيَنْبَغِي أَن يخْتَلف رُجُوعه إِلَيْهِ بِقَضَاء أَو غَيره قَضَاء 1221 - فِي الْعَبْدَيْنِ يَمُوت أَحدهمَا بعد الْقَبْض قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اشْترى عَبْدَيْنِ وقبضهما وَمَات أَحدهمَا وَجَاء يرد الْبَاقِي لعيب فاختلفا فِي قيمَة الْمَيِّت فَالْقَوْل قَول البَائِع وَقَالَ ابْن أبي ليلى القَوْل قَول المُشْتَرِي وَقَالَ مَالك يُقَال صفا الْمَيِّت فَإِذا اتفقَا على صفته فَحِينَئِذٍ يقوم الْمَيِّت الحديث: 1221 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 148 على تِلْكَ الصّفة وَإِن تناكرا صفته فَالْقَوْل قَول البَائِع فِي صفته مَعَ يَمِينه إِن كَانَ قد انتقد الثّمن وَإِلَّا فَالْقَوْل قَول المُشْتَرِي وَللشَّافِعِيّ قَولَانِ احدهما أَن القَوْل قَول البَائِع وَالْآخر أَن القَوْل قَول المُشْتَرِي 1222 - فِي بيع الْأمة على أَنَّهَا حَامِل قَالَ أَصْحَابنَا إِذا بَاعَ الْجَارِيَة وتبرا من الْحمل فَهُوَ جَائِز وَهُوَ قَول اللَّيْث وَقَالَ مَالك إِن كَانَ من جواري الْوَطْء من المرتفعات لم يجز أَن يَبِيعهَا وَبَين حَال الْحمل وَكَانَا البيع مردودا وَإِن كَانَت من وخش الرَّقِيق والخدم من السَّنَد والزنج وَمَا أشبههم رَأَيْت ذَلِك بَرَاءَة وَلَا يجوز ان يَشْتَرِي جَارِيَة على أَنَّهَا حَامِل وَقَالَ عُثْمَان البتي إِذا اشْترى جَارِيَة فَوَجَدَهَا حَامِلا فَإِن كَانَ علم ان لَهَا زوجا فَلَا سَبِيل لَهُ على الَّذِي بَاعهَا فِي حملهَا وَإِن لم يعلم ان لَهَا زوجا فَإِن النَّاس يرونه عَيْبا الحديث: 1222 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 149 وَذكر الْحسن بن حَيّ عَن أَشْعَث عَن الشّعبِيّ فِيمَن اشْترى دَابَّة وَشرط أَنَّهَا نتوج فَإِن لم تكن نتوجا فَإِن شَاءَ ردهَا وَإِن اشْتَرَاهَا وَلم يشْتَرط نتوجا فَوَجَدَهَا نتوجا فَإِن شَاءَ ردهَا وَهُوَ قَول الْحسن بن حَيّ وَقَالَ الْحسن وَكَذَلِكَ لَو اشْتَرَاهَا حَامِلا أَو غير حَامِل وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن فِيمَن اشْترى شَاة فَوَجَدَهَا حَامِلا فَهُوَ جَائِز عَلَيْهِ وَلَا يشْتَرط الْحمل فِي الشَّاة وَإِن اشْتَرَطَهُ جَازَ كالبطيخ وَالرُّمَّان يُبَاع فِي قشوره وَقَالَ الشَّافِعِي لَو اشْترى فرسا وَاشْترط الْعتاق فسد البيع لِأَنَّهُ بيع مَا لَا يدرى يكون أَو لَا يكون وَإِذا أسلم فِي جَارِيَة وصفهَا فَلَا يجوز أَن يشْتَرط مَعهَا وَلَدهَا وَلَا أَنَّهَا حُبْلَى 1223 - فِي الْعُيُوب الَّتِي يردهَا مَعهَا قَالَ أَصْحَابنَا كل مَا غده النخاسون عَيْبا ينقص الثّمن فَلِلْمُشْتَرِي ان يردهُ وَقَالَ ملك لَا يرد إِلَّا من عيب ينقص ثمنه أَو يخَاف عاقبته وَلَا ينظر فِي ذَلِك مَا يرد النخاسون بِهِ وَاعْتبر الشَّافِعِي مَا ينقص الثّمن قَالَ ابو جَعْفَر لَا معنى لقَوْل من يَقُول أَنما يرد مِمَّن تخَاف غائلته من الْعُيُوب لأَنهم قد اتَّفقُوا على انه لَو وجده أجدع الْأنف قد برأَ مِنْهُ وَأمنت عَلَيْهِ أَنه يرد وَكَذَلِكَ سَائِر الْعُيُوب 1224 - فِي الْجَوْز وَالْبيض يكسرهُ فيجده فَاسِدا قَالَ أَصْحَابنَا إِن كَانَ لَا ينْتَفع بِهِ رَجَعَ بِالثّمن كُله وغن كَانَ ينْتَفع بِهِ رَجَعَ بِنُقْصَان الْعَيْب الحديث: 1223 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 150 وَقَالَ مَالك فِي الْخشب إِذا قطعه ثمَّ ظهر على عيب بَاطِن فَهُوَ لَازم للْمُشْتَرِي وَلَا شَيْء على البَائِع والرانج والجوز إِذا كسر من المُشْتَرِي وَالْبيض من البَائِع وَيرد إِذا كَسره وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْمُزنِيّ كل مَا اشْتريت مِمَّا يكون مأكوله فِي جَوْفه فَكَسرته فَأَصَبْته فَاسِدا فلك رده وَمَا بَين قِيمَته فَاسِدا صَحِيحا وَقِيمَته فَاسِدا مكسورا وَقَالَ فِي مَوْضُوع آخر فِيهَا قَولَانِ أَحدهمَا ان لَيْسَ لَهُ الرَّد إِلَّا أَن يَشَاء البَائِع وَللْمُشْتَرِي مَا بَين قِيمَته صَحِيحا وفاسدا إِلَّا أَن لَا يكون لَهُ فَاسِدا قيمَة فَيرجع بِجَمِيعِ الثّمن وَلَا يرد الثَّوْب مَقْطُوعًا والرانج مكسورا 1125 - فِي الْمَبِيع يتْلف فِي يَد المُشْتَرِي لعيب كَانَ فِي يَد البَائِع قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا اشْترى عبدا قد حل دَمه بقصاص فَقتل فِي يَد المُشْتَرِي رَجَعَ على البَائِع بِالثّمن وَكَذَلِكَ الْمُرْتَد وَلَو كَانَ سرق فَقطع رده وَأخذ الثّمن كُله وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يرجع بِفضل مَا بَين قِيمَته حَلَال الدَّم وَغير حَلَاله وَمَا بَين قِيمَته سَارِقا إِلَى غير سَارِق وَلَو كَانَت جَارِيَة حُبْلَى فَولدت وَمَاتَتْ رَجَعَ بِنُقْصَان الْعَيْب عِنْدهم جَمِيعًا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 151 وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَالثَّوْري إِذا ظهر بهَا دَاء لم يُبينهُ المُشْتَرِي وَقد تمت عِنْد المُشْتَرِي فَإِنَّهُ يردهَا بدائها وَلَا يستأني بالحمى والسعال وَإِنَّمَا يستأني بالجروح وَنَحْوهَا قَالَ الثَّوْريّ وَهَذَا مِمَّا يستأني بِهِ وَقَالَ ملك من بَاعَ عبدا وَبِه عيب دَاء سوء مثل الْإِبَاق أَو السّرقَة أَو مرض من الْأَمْرَاض فأبق أَو سرق فَقطعت يَده فَمَاتَ أَو لم يمت وَتَمَادَى بِهِ الضَّرَر فَمَاتَ مِنْهُ أَو أبق فَلم يرجع وَوجد المُشْتَرِي الْبَيِّنَة على هذخ الْعُيُوب أَنَّهَا كَانَت بِهِ حِين بَاعه وَعلم بذلك البَائِع فَإِن المُشْتَرِي يرجع بِالثّمن كُله فيأخده وَلَا شَيْء عَلَيْهِ فِي إباق العَبْد وَلَا مَوته وَلَا قطع يَده وَلَو كَانَ بَاعه آبقا فَسرق فَقطعت يَده رد بِالْقطعِ لِأَن الْقطع حدث عِنْد المُشْتَرِي فِي غير الْعَيْب الَّذِي بَاعه أَو حدث فِي مَرضه عيب آخر أَو اعورت عينه أَو قطعت يَده من غير سَبَب الْمَرَض فَهَذَا لَا يردهُ إِلَّا وَمَعَهُ مَا نقص أَو يمسِكهُ وَيَأْخُذ قيمَة الْعَيْب وَفِي الْجَارِيَة إِذا دلّس لَهُ الحبلى فَمَاتَ فِي يَد المُشْتَرِي من النّفاس رَجَعَ بِالثّمن كُله وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن فِي الرجل يَشْتَرِي السّلْعَة وهى مَجْمُوعَة فتزداد عِنْده أَن لَهُ أَن يردهَا وَقِيَاس قَول الشَّافِعِي الْجِنَايَة إِذا تلف بهَا العَبْد فِي يَد المُشْتَرِي أَنَّهَا من مَال المُشْتَرِي وَيرجع بِأَرْش الْعَيْب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 152 1226 - فِيمَا يحدثه المُشْتَرِي فِي السّلْعَة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا خاط الثَّوْب قَمِيصًا أَو صبغه أَحْمَر ثمَّ اطلع على عيب رَجَعَ بِالْعَيْبِ وَلَيْسَ للْبَائِع أَن يقبله وَإِن لم يخطه ثمَّ اطلع على عيب رَجَعَ بِالْعَيْبِ إِلَّا أَن يَشَاء البَائِع أَن يقبله فَيرد عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ إِن حدث بِهِ عيب عِنْد المُشْتَرِي وَقَالَ الحكم يردهُ فِي حَال حُدُوث الْعَيْب وَيرد مَعَه نُقْصَان الْعَيْب الْحَادِث عِنْده وَقَالَ عُثْمَان البتي فِي الثَّوْب والخشبة إِذا قطعهَا ثمَّ وجد عَيْبا يردهما مقطوعين وَلَا شَيْء عَلَيْهِ فِي الْقطع وَقَالَ مَالك إِن كَانَ البَائِع علم بِالْعَيْبِ حِين بَاعه فَإِن المُشْتَرِي يردهُ وَلَا شَيْء عَلَيْهِ فِي الْقطع وَإِن قَالَ البَائِع لم أعلم وَقد قطع الْمُشْتَرى الثَّوْب أَو صبغه فالمشترى بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَن يوضع عَنهُ مَا نقص الْعَيْب ويمسك الثَّوْب وَإِن شَاءَ غرم مَا نقص التقطيع والصبغ من ثمن الثَّوْب وَيَردهُ وَإِن كَانَ الصَّبْغ يزِيد فِي ثمنه فَإِن شَاءَ المُشْتَرِي رَجَعَ بِقدر الْعَيْب وَإِن شَاءَ كَانَ شَرِيكا للَّذي بَاعه هَذِه رِوَايَة ابْن وهب عَن ملك وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن ملك إِذا دلّس الْعَيْب وَهُوَ يعلم ثمَّ أحدث المُشْتَرِي فِي الثَّوْب صبغا ينقص الثَّوْب أَو قطعه قَمِيصًا وَمَا أشبهه فَإِن المُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ حبس الثَّوْب وَرجع على البَائِع بِمَا بَين الصِّحَّة والدواء وَإِن شَاءَ رده وَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَإِن كَانَ الصَّبْغ يزِيد فِيهِ فَهُوَ مثل رِوَايَة ابْن وهب أَيْضا قَالَ وَلَو لبسه المُشْتَرِي فانتقص للبسه فَعَلَيهِ مانقصه لبسه إِذا أَرَادَ رده قَالَ ملك والتدليس فِي الْحَيَوَان وَغير التَّدْلِيس سَوَاء لِأَن الْحَيَوَان لم يَبِعْهُ الحديث: 1226 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 153 إِيَّاه على أَن يقطعهُ وَالثيَاب اشْتَرَاهَا للْقطع فَإِذا اشْتَرَاهَا حَيَوَانا فاعور عِنْده ثمَّ اطلع على عيب لم يكن لَهُ أَن يردهُ إِلَّا أَن يرد مَعَه مَا نقص إِذا كَانَ عورا أَو نَحوه من عيب مُفسد دلّس أَو لم يُدَلس وَمَا كَانَ من عيب لَيْسَ بمفسد فَلهُ أَن يرد وَلَا يرد مَعَه مَا نَقصه من الْحَيَوَان كُله وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا حدث بِهِ عيب عِنْد المُشْتَرِي واطلع على عيب لم يردهُ وَرجع على البَائِع بِفضل مَا بَين الصِّحَّة والدواء و4 قَالَ اللَّيْث فِي فِي الرجل يبْتَاع الثَّوْب فيقطعه ثمَّ يجد فِيهِ الْعَيْب فَإِن الرتق والخزق يحلف البَائِع بِاللَّه مَا علم ذَلِك فِيهِ وَأما مَا كَانَ من السقط فَإِنَّهُ يعلم إِن كَانَ عِنْد البَائِع فَهُوَ رد عَلَيْهِ وَيغرم لَهُ البَائِع اجْرِ الْخياط وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا حدث بِهِ عيب عِنْد المشري ثمَّ اطلع على عيب رَجَعَ بِالْعَيْبِ إِلَّا أَن يَشَاء البَائِع أَن يقبله وَلَا يأخد شَيْئا قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلَا فرق بَين الْحَيَوَان الثِّيَاب لِأَن البَائِع مَا أذن لَهُ فِي التقطيع فقد أذن لَهُ فِي الْوَطْء والتأديب 1227 - فِي الْبَرَاءَة من الْعَيْب بعد تَمام البيع قَالَ أَصْحَابنَا إِذا أَرَادَ البَائِع ان يتبرأ من الْعُيُوب بعد البيع وَأبي المُشْتَرِي فَلِلْمُشْتَرِي أَن لَا يَشْتَرِيهِ وَقَالَ مَالك إِذا اشْترى سلْعَة فَلَمَّا قبض قَالَ البَائِع إِن بهَا عيوبا وَأحب ان أَتَبرأ إِلَيْك مِنْهَا فَإِن كَانَت عيوبا ظَاهِرَة ترى فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أخد وَإِن شَاءَ رد وَإِن كَانَت عيوبا غير ظَاهِرَة لم يقبل قَوْله فِي ذَلِك وَكَانَ المُشْتَرِي على بَيْعه فَإِن اطلع بعد ذَلِك على عيب كَانَ عِنْد البَائِع فَلهُ أَن يرد إِن شَاءَ وَإِن قَالَ الحديث: 1227 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 154 البَائِع بهَا دَاء بَاطِن وَأَنا أُرِيد أَن أَتَبرأ مِنْهُ وأقيم الْبَيِّنَة أَنه بهَا السَّاعَة فَإِنَّهُ يُمكن من ذَلِك فَإِن أَقَامَ الْبَيِّنَة برأَ مِنْهُ وَكَانَ لَهُ أَن يتبرأ وتجزئه الْبَرَاءَة وَمذهب الشَّافِعِي يدل على أَن قَوْله فِيهِ كَقَوْل مَالك 1228 - فِي الْعتْق على عوض قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف فِي الرجل يعْتق عَبده على عوض دَارا أَو عبد لغيره فَأجَاز فَهُوَ للْمولى وَإِن لم يجزه فَعَلَيهِ قيمَة نَفسه لمَوْلَاهُ وَقَالَ مُحَمَّد عَلَيْهِ قيمَة الدَّار أَو العَبْد الْبَدَل على دَار فِي يَد العَبْد أَو عبد مِمَّا قد اكْتَسبهُ العَبْد قبل ذَلِك كَانَ عَلَيْهِ تَسْلِيم ذَلِك إِلَى مَوْلَاهُ فَإِن سلمه إِلَيْهِ فَأصَاب بِهِ عَيْبا كَانَ الْجَواب فِيهِ على مَا ذكرنَا 1229 - فِي العرضين يبتاعان فيجد بِأَحَدِهِمَا عَيْبا قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اشْترى عَبْدَيْنِ صَفْقَة وَاحِدَة فَلم يقبضهَا أَو وَاحِدًا مِنْهُمَا حَتَّى وجد عَيْبا بِأَحَدِهِمَا رد الْمَعِيب خَاصَّة وَقَالَ زفر يرد الْمَعِيب قبل الْقَبْض وَبعده وَقَالَ مَالك إِن كَانَ الْمَعِيب هُوَ وَجه الرَّقِيق أَو اسْتحق ردهم كلهم وَرجع بِالثّمن وَإِن لم يكن لَهُ وَجه ذَلِك الرَّقِيق وَلَا من أَجله اشْترى بحصتة من الثّمن خَاصَّة دون الْبَاقِي وَقَالَ ابْن أبي ليلى يرد الْمَعِيب وَلم يفرق بَين الْقَبْض وَغَيره وَكَذَلِكَ قَول الثورى الحديث: 1228 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 155 وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِن سمى لكل وَاحِد ثمنا وَجعل جملَة الثّمن لَهما فإمَّا أَن يرد الْجَمِيع أَو يرضى بِالْجَمِيعِ قَالَ عبيد الله بن الْحسن يرد الْمَعِيب خَاصَّة وَعَن الشَّافِعِي اخْتِلَاف رِوَايَة فِي إِحْدَاهمَا يرد الْمَعِيب وَفِي الْأُخْرَى يردهما جَمِيعًا أَو يمسك 1230 - فِي الزِّنَا فِي الْمَمْلُوك قَالَ أَصْحَابنَا هُوَ عيب فِي الْجَارِيَة لِأَنَّهَا تستولد وَلَيْسَ بِعَيْب فِي الْغُلَام وَكَذَلِكَ ولد الزِّنَا وَقَالَ مَالك فِي الْجَارِيَة إِذا كَانَت ولد زنا فَهُوَ عيب وَقَالَ الشَّافِعِي مَا ينقص الثّمن فَهُوَ عيب 1231 - فِي الْجَارِيَة الَّتِي قد ولدت قَالَ أَصْحَابنَا إِذا ولدت الْجَارِيَة عِنْد الرجل أَو وَطئهَا ثمَّ بَاعهَا وكتم ذَلِك فَلَيْسَ للْمُشْتَرِي أَن يردهَا وَقَالَ مَالك إِذا اشْترى عبدا ثمَّ علم أَن لَهُ ولدا كَبِيرا أَو صَغِيرا فَلهُ أَن يردهُ وَهَذَا عيب 1232 - فِي شَرط جنس فيجد غَيره قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اشْترى ثوبا على أَنه هروي فَوَجَدَهُ قوهيا فَلَا بيع بَينهمَا وَلَو شَرط فِي التَّمْر أَنه فَارسي فَوَجَدَهُ دقلا فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذ وَإِن شَاءَ ترك وَقَالَ مَالك إِذا اشْترى جَارِيَة على أَنَّهَا بربرية فَإِذا هِيَ خراسانية فَلهُ أَن الحديث: 1230 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 156 يردهَا وَلَو شَرط أَنَّهَا صقلية فَإِذا هِيَ خراسانية أَو بربرية لم يردهَا لِأَنَّهَا أفضل مِمَّا شَرط 1233 - فِي الرَّد بِالْعَيْبِ بعد الاستغلال قَالَ أَصْحَابنَا إِذا حلب لبن شَاة ثمَّ اطلع على عيب رَجَعَ بِالْعَيْبِ وَلم يرد وَكَذَلِكَ ثَمَر النَّخْلَة وَالْولد وَلَو كَانَ عبدا فَأكل غلتة ردة بِالْعَيْبِ وَالْغلَّة لَة وَقَالَ الْحسن عَن زفر إِذا ولدت الْجَارِيَة فِي يَد المُشْتَرِي أَو وطِئت بِشُبْهَة فَأخذ لَهَا مهْرا أَو زَوجهَا أَو جنى عَلَيْهَا جَان فَأخذ الْأَرْش ثمَّ اطلع على عيب فَإِنَّهُ يردهَا وَيرد ذَلِك كُله مَعهَا وَإِن وَطئهَا هُوَ ردهَا وعقرها إِذا ردهَا بِقَضَاء قَاض وَكَذَلِكَ ثَمَر الشَّجَرَة والنخلة وَإِن ولدت رد نُقْصَان الْولادَة مَعَ الْجَارِيَة وَالْولد على البَائِع وَقَالَ مَالك يردهَا على البَائِع وَإِن مَاتَ الْوَلَد رد الْأُم وَرجع بِجَمِيعِ الثّمن وَلَا شَيْء عَلَيْهِ فِي الْوَلَد وَإِن نقصتها الْولادَة رد نُقْصَان الْولادَة وَلَو مَاتَت الْأُم وَبَقِي الْأَوْلَاد رَجَعَ بِالْعَيْبِ على البَائِع وَلَا يكون للْمُشْتَرِي أَن يرد الْوَلَد وَقِيمَة الْأُم وَقَالَ فِي الشَّاة إِذا حلبها المُشْتَرِي أَو جز صوفها وَهُوَ قَائِم فِي يَده أَو قد أتْلفه فَإِنَّهُ يرد الشَّاة إِذا وَالصُّوف وَاللَّبن للْمُشْتَرِي كالغلة وَكَذَلِكَ غلَّة النّخل إِلَّا أَن يكون الصُّوف عَلَيْهَا يَوْم اشْترى فَيردهُ مَعَ الشَّاة وَأما ولد الشَّاة فَيردهُ مَعَ الْأُم وَقَالَ عُثْمَان البتي وَعبيد الله بن الْحسن فِيمَن اشْترى عبدا واستغله ثمَّ ظهر على عيب فَإِن شَاءَ أَن يردهُ رده وَالْغلَّة مَعَه الحديث: 1233 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 157 قَالَ عبيد الله فَإِن وهب للْعَبد هبة رده مَعَ الْهِبَة على البَائِع وَقَالَ الشَّافِعِي الْوَلَد كالغلة لَا يرد مِنْهُ شَيْء وَيرد الْأُم قَالَ أَبُو جَعْفَر قَول عُثْمَان البتي وَعبيد الله فِي رد الْغلَّة مَعَ الأَصْل مُخَالف لقَوْل جَمِيع أهل الْعلم وَقد روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه جعل الْغلَّة للْمُشْتَرِي بِالضَّمَانِ ورد الأَصْل 1234 - فِي حُدُوث الْوَلَد قبل الْقَبْض قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اشْترى جَارِيَة فَولدت قبل الْقَبْض فَأَخذهَا المُشْتَرِي ثمَّ وجد بِأَحَدِهِمَا عَيْبا رده بِحِصَّتِهِ من الثّمن يقسم على قيمَة الْأُم يَوْم العقد وَقِيمَة الْوَلَد يَوْم الْقَبْض وَقَالَ مَالك إِذا حدث بهَا عيب فِي يَد المُشْتَرِي ثمَّ وجد عَيْبا دلسه البَائِع فَإِنَّهُ ينظر إِلَى قيمَة الْأُم يَوْم العقد بِلَا ولد وَقِيمَة الْوَلَد يَوْم ولدت فَيقسم الثّمن على ذَلِك ثمَّ يرجع بِقِيمَة الْعَيْب وَكَذَلِكَ لَو ولدت بعد الْقَبْض فَهُوَ مثل ذَلِك وَلَو ولدت فِي يَد المُشْتَرِي ثمَّ مَاتَ الْوَلَد رد الْأُم بِجَمِيعِ الثّمن فَإِن حدث بهَا نُقْصَان الْولادَة رد النُّقْصَان مَعهَا لِأَن نُقْصَان الْولادَة مثل العور والشلل والعيوب الْمفْسدَة وَعند الشَّافِعِي أَن ولد المعيبة لَا حِصَّة لَهُ من الثّمن سَوَاء وَلدته فِي يَد البَائِع بعد البيع أَو المُشْتَرِي الحديث: 1234 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 158 1235 - فِي الزِّيَادَة فِي الْبدن ذكر مُحَمَّد فِي إمْلَائِهِ فِيمَن اشْترى عبدا بِجَارِيَة وَتقَابَضَا ثمَّ وجد بِهِ الْعَيْب وَقد زَادَت الْجَارِيَة فِي بدنهَا أَنه يردهُ وَيَأْخُذ الْجَارِيَة زَائِدَة وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد وَقَالَ مَالك الزِّيَادَة فِي الْبدن يمْنَع الرَّد وَيرجع بِحِصَّة الْعَيْب وَلَو زَادَت قِيمَته بتَعَلُّم صناعَة كَانَ لَهُ أَن يردهُ وَقَالَ الشَّافِعِي الزِّيَادَة فِي الْبدن فِي يَد الْمَرْأَة يمْنَع رُجُوعه إِلَى الزَّوْج بِالطَّلَاق قبل الدُّخُول إِلَّا أَن تشَاء هِيَ أَن ترد نصفهَا زَائِدَة 1236 - فِي حُقُوق العقد بِمن يتَعَلَّق قَالَ أَصْحَابنَا حُقُوق العقد يتَعَلَّق بالمتعاقدين وَإِن كَانَا وكيلين لغَيْرِهِمَا وَيثبت لَهما حق الْقَبْض وَعَلَيْهِمَا حق التَّسْلِيم وَهَذَا الَّذِي يتَوَلَّى الرَّد بِالْعَيْبِ دون الْآمِر وَلَا يُبَالِي حضر الْآمِر أم غَابَ وَلَا يَمِين على الْآمِر للْبَائِع وَقَالَ ابْن أبي ليلى لَا يَسْتَطِيع المُشْتَرِي أَن يرد بِالْعَيْبِ حَتَّى يحضر الْآمِر فَيحلف مَا رَضِي بِالْعَيْبِ وَقَالَ أَصْحَابنَا فِي الْوَكِيل بِالنِّكَاحِ وَالْخلْع وَالصُّلْح من دم الْعمد لَيْسَ يتَعَلَّق بِهِ من حُقُوق هَذِه الْعُقُود شَيْء وَإِنَّمَا يتَعَلَّق بالموكل وَقَالَ مَالك إِذا لم يقل الْوَكِيل عِنْد الشِّرَاء إِنِّي اشْتريت لفُلَان فالثمن على الْوَكِيل وَإِن قَالَ اشتريه لفُلَان الْعهْدَة على فلَان دون الْوَكِيل وَكَذَا الْوَكِيل بِالْبيعِ إِذا قَالَ هُوَ لفُلَان الْعهْدَة على الْآمِر وَإِن لم يقل ذَلِك فالعهدة على الْوَكِيل البَائِع وَيرد عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ والمنادي الَّذِي يَبِيع فِيمَن يزِيد لَا عُهْدَة عَلَيْهِ الحديث: 1235 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 159 وَلَا يرد عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ وَكَذَلِكَ الْأَجِير فِي البيع وَالشِّرَاء وَالْوَكِيل بِالْبيعِ وَالْوَصِيّ إِذا قَالَا بِبيع أَن لَا يَمِين كَانَ كَمَا قَالَ أَولا قطع السّنة فِي ذَلِك أَن عَلَيْهِ الْيَمين فَأرى أَن يسْتَحْلف وَيرد البيع إِذا لم يحلف قَالَ وَإِذا وكل رجلا بِبيع سلْعَة فَبَاعَهَا كَانَ للْوَكِيل أَن يقبض الثّمن وَالْوَكِيل بِالنِّكَاحِ لَا يقبض الصَدَاق وَقَالَ الثَّوْريّ الْوَكِيل بِالشِّرَاءِ يُخَاصم فِي الرَّد بِالْعَيْبِ دون الْمُوكل وَقَالَ الْحسن بن حَيّ للْبَائِع عَن الْوَكِيل أَن يَأْخُذ الْوَكِيل بِالثّمن وَإِن شَاءَ أَخذ الْمُوكل وَإِن شَاءَ أخذهما جَمِيعًا وَللْمُشْتَرِي من الْوَكِيل أَن يرد بِالْعَيْبِ على الْوَكِيل إِن شَاءَ وَإِن شَاءَ على الْآمِر وَله أَن يسْتَحْلف كل وَاحِد مِنْهُمَا وَأيهمَا نكل عَن الْيَمين لزمَه وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن الْعهْدَة على الْوَكِيل إِلَّا أَن يشترطانها على الْآمِر فَيكون على الْآمِر دونه وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْمُزنِيّ لَو وَكله بشرَاء سلْعَة فَوجدَ بهَا عَيْبا كَانَ لَهُ الرَّد بِالْعَيْبِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يحلف مَا رَضِي بِهِ الْآمِر قَالَ وَإِن وَكله بِبيع مَتَاعه فَبَاعَهُ فَقَالَ الْوَكِيل قد دفعت إِلَيْك الثّمن فَالْقَوْل قَوْله وَهَذَا يدل على أَن قبض الثّمن عِنْده إِلَى الْوَكِيل وَقَالَ فِي الْوَكِيل بِالْخلْعِ لاضمان عَلَيْهِ وَالضَّمان على الْمَرْأَة إِلَّا أَن يضمن الْوَكِيل 1237 - فِي العَبْد يُوجد لَهُ زَوْجَة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اشْترى عبدا لَهُ امْرَأَة أَو أمة لَهَا زوج ثمَّ علم فَهَذَا عيب يرد مِنْهُ وَكَذَلِكَ قَول مَالك وَعبيد الله بن الْحسن قَالَ مَالك وَلَو كَانَ للْعَبد أَو الْجَارِيَة ولد كَانَ هَذَا عَيْبا الحديث: 1237 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 160 وَقَالَ عُثْمَان البتي إِذا وجد لَهُ امْرَأَة فَلهُ أَن يكرههُ على طَلاقهَا فَإِن أَبى أَن يطلقهَا فَلَزِمته نَفَقَة لَهَا فَهِيَ على البَائِع وَالزَّوْج لِلْجَارِيَةِ عيب أَيْضا وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا اشْترى عبدا فَوجدَ لَهُ امْرَأَة فَلَيْسَ ذَلِك بِعَيْب وَقَالَ الشَّافِعِي كل مَا ينقص الثّمن فَهُوَ عيب قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ أَصْحَابنَا نَفَقَة الْمَرْأَة وصداقها يلْزم العَبْد فِي رقبته يبع فِيهَا وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ هما دين فِيمَا يُوهب لَهُ أَو يتَصَدَّق بِهِ عَلَيْهِ 1238 - فِي الْأَجِير فِي البيع إِذا فسخ البيع قَالَ قِيَاس قَول أَصْحَابنَا فِيمَن اسْتَأْجر رجلا على بيع سلْعَة فَبَاعَهَا ثمَّ ردَّتْ عَلَيْهِ بِعَيْب بِقَضَاء قَاض أَن الْأُجْرَة بَاقِيَة لَا تسْقط بِنَقْض البيع وَهُوَ قِيَاس قَول الشَّافِعِي وَقَالَ مَالك وَعبيد الله بن الْحسن تسْقط الْأُجْرَة 1239 - فِيمَن يجد الْعَيْب وَالْبَائِع غَائِب قَالَ أَصْحَابنَا لَا ينْقض البيع فِيهَا حَتَّى يحضر البَائِع أَو خصم عَنهُ وَقَالَ مَالك إِن كَانَت غيبته بعيدَة وَأقَام المُشْتَرِي الْبَيِّنَة أَنه اشْتَرَاهُ على عُهْدَة الاسلام ونقده الثّمن يلْزم السُّلْطَان البَائِع فَإِن طمع فِي قدومه وَإِلَّا بَاعه وَقضى الرجل حَقه فَإِن فضل شَيْء حَبسه للْبَائِع وَإِن كَانَ على نُقْصَان رَجَعَ المُشْتَرِي على البَائِع بِهِ وَهُوَ قِيَاس قَول الشَّافِعِي فِي الْقَضَاء على الْغَائِب 1240 - فِي ذِي الْعَهْد إِذا أسره قوم اخرون قَالَ أَصْحَابنَا إِذا صَالح الامام أهل دَار فِي دور الْحَرْب على مَا يأمنون بِهِ ثمَّ سباهم قوم اخرون من أهل الْحَرْب فلنا أَن نشتريهم ونسترقهم وَهُوَ قَول اللَّيْث الحديث: 1238 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 161 وَقَالَ مَالك لَا يجوز لنا أَن نشتريهم وَهُوَ قِيَاس قَول الشَّافِعِي لِأَنَّهُ قَالَ من لَهُ أَمَان فَهُوَ بِمَنْزِلَة الذِّمِّيّ قَالَ أَبُو جَعْفَر لَيْسُوا بِمَنْزِلَة الذميين لِأَن علينا أَن نُقَاتِل عَن أهل الذِّمَّة وندفع عَنْهُم وَلَيْسَ علينا ذَلِك لمن كَانَ بَيْننَا وَبَينه هدنه من اهل الْحَرْب 1241 - فِيمَن اشْترى أَبَاهُ وَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا قَالَ ابو حنيفَة لَا يعْتق عَلَيْهِ وَهُوَ قَول مَالك وَالثَّوْري وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يعْتق عَلَيْهِ 1242 - فِيمَن لَا يفرق بَينهم من ذَوي الْأَرْحَام قَالَ أَصْحَابنَا لَا يَنْبَغِي أَن يفرق ذِي بَين رحم محرم إِذا كَانَا صغيرين أَو كَانَ أَحدهمَا صَغِيرا حَتَّى يبلغ فَإِن بَاعَ أَحدهمَا فقد أَسَاءَ وَالْبيع جَائِز فِي قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَا يجوز البيع فِي التَّفْرِيق بَين الْوَلَد وَالْوَالِد وَقَالَ مَالك بَين الوالدة وَوَلدهَا وَقَالَ ابْن وهب فَقلت لمَالِك فالوالد وَولده قَالَ لَيْسَ فِي ذَلِك شَيْء وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك لَا يفرق بَين العَبْد وَولده الصغار وَلَا بَينهم وَبَين أمهاتهم حَتَّى يستغنوا عَن الْأُمَّهَات قَالَ مَالك وَيجوز أَن يفرق بَين الصَّغِير وَبَين جده وَإِخْوَته وَسَائِر ذَوي الرَّحِم الْمحرم مِنْهُ إِلَّا الْوَلَد والوالدين قَالَ مَالك وَلَو كَانَ لرجل أمة وَلها ابْن صَغِير لِابْنِ صَغِير لرجل فِي عيالة لم يفرق بَينهمَا فِي البيع وَقَالَ الثورى إِذا اسْتغنى عَن الْأُم فَلَا بَأْس بالتفرقة الحديث: 1241 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 162 وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا اسْتغنى عَن الْحَضَانَة فقد خرج عَن الصَّغِير وَقَالَ الْحسن بن حَيّ لَا بَأْس بِأَن يفرق بَين المولودين وَقَالَ اللَّيْث لَا يفرق بَين الْوَالِد وَوَلدهَا حَتَّى يبلغ تسع سِنِين أَو عشرا وَلَا بَأْس بِأَن يفرق بَين الوالدة وَولده وَبَين الْأَخَوَيْنِ وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن لَا يفرق بَين الْوَالِد وَبَين الْأَخَوَيْنِ وَالْوَالِد أَشد من الْأَخَوَيْنِ حَتَّى يَسْتَغْنِي عَن الْحَضَانَة ويستنجي وَقَالَ فِي الْجَارِيَة الخماسية إِذا اشتهت هِيَ وَأمّهَا أَن تبَاع لم أر بَأْسا وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يفرق بَين المسبية وَوَلدهَا حَتَّى يبلغ سبعا أَو ثَمَان سِنِين وَكَذَلِكَ ولد الْوَلَد فَأَما الأخوان فَيُفَرق بَينهمَا قَالَ أَبُو جَعْفَر حَدثنَا أَبُو أُميَّة قَالَ حَدثنَا عبيد الله بن مُوسَى الْعَبْسِي قَالَ أخبرنَا إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل بن مجمع الانصار عَن طليق بن عمرَان عَن أبي بردة عَن أبي مُوسَى قَالَ لعن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من فرق بَين وَالِد وَولده وَبَين الْأَخ وأخيه وَأهل الحَدِيث يضعفون إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل هَذَا من غير إِسْقَاط مِنْهُم لَهُ وروى ابْن وهب عَن حييّ بن عبد الله الْمعَافِرِي عَن أبي عبد الرَّحْمَن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 163 الحبلي عَن أبي أَيُّوب الْأَنْصَار قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من فرق بَين وَالِدَة وَوَلدهَا فرق الله بَينه وَبَين أحبته يَوْم الْقِيَامَة وروى سعيد بن أبي عرُوبَة عَن الحكم بن عُيَيْنَة عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ أَمرنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن أبيع غلامين أَخَوَيْنِ وَفرقت بَينهمَا فَذكرت ذَلِك للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أدركهما وارتجعهما وَلَا تبعهما إِلَّا جَمِيعًا وَلَا يفرق بَينهمَا ويطعن من جِهَة أَن سعيدا لَا يعرف لَهُ سَماع من الحكم وَبِأَن الْحجَّاج بن أَرْطَاة رَوَاهُ عَن الحكم عَن مَيْمُون بن أبي شبيب عَن عَليّ فَيُقَال لَهُم أَن الْحجَّاج لَيْسَ بِحجَّة على سعيد بل سعيد حجَّة عَلَيْهِ لفضله فِي الضَّبْط والاتفاق وَقد روى زيد بن أبي أنيسَة هَذَا الحَدِيث عَن الحكم عَن عبد الرَّحْمَن ابْن أبي ليلى كَرِوَايَة سعيد وَهَذَا الَّذِي ذَكرْنَاهُ فِي الصغار لِأَن فِي حَدِيث عِكْرِمَة بن عمار عَن إِيَاس بن سَلمَة عَن أَبِيه أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَعثه مَعَ أبي بكر إِلَى بني فَزَارَة فسيرا سبيا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 164 فيهم امْرَأَة مَعَ ابْنَتهَا فنفل أَبُو بكر ابْنَتهَا فَلَمَّا قدمُوا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَب إِلَى امْرَأَة فَوَهَبَهَا لَهُ فَبعث بهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى مَكَّة فدى بهَا أسرى من الْمُسلمين فَعلم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بنفل أَبى بكر إِيَّاهَا دون أمهَا فَلم يُنكره وروى ابْن بُرَيْدَة عَن أَبِيه أهْدى أَمِير القبط لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جاريتين فتسرى بِإِحْدَاهُمَا فَولدت لَهُ إِبْرَاهِيم وَأعْطى الْأُخْرَى لحسان بن ثَابت فَفرق بَينهمَا إِذا كَانَتَا كبيرتين فَثَبت أَن الْأَخْبَار الأولى من النَّهْي عَن التَّفْرِيق فِي الصغار 1243 - فِيمَن اشْترى الْأُم وَالْولد صَفْقَة ثمَّ وجد عَيْبا قَالَ أَصْحَابنَا يرد الْمَعِيب ويمسك الْأُخْرَى وَذكر بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف أَنه يردهما جَمِيعًا كالخفين والنعلين وَقَالَ مَالك يردهما جَمِيعًا سُفْيَان عَن عَمْرو بن دِينَار عَن عبد الرَّحْمَن بن فروخ عَن أَبِيه قَالَ كتب عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أَن لَا يفرق بَين أَخَوَيْنِ مملوكين فِي البيع الحديث: 1243 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 165 1244 - إِذا حدث فِي أَحدهمَا مَا يمْنَع البيع قَالَ أَصْحَابنَا إِذا دبر أَحدهمَا لم يكره أَن يَبِيع الآخر وَقَالَ مَالك لَا يجوز أَن يَبِيع الْأُم إِن دبر الْوَلَد وَلَا يَبِيع الْوَلَد إِن دبر الْأُم قَالَ وَإِن أعتق الْوَلَد فَإِنَّهُ يَبِيع الْأُم وَيشْتَرط على المُشْتَرِي أَن لَا يفرق بَينهمَا 1245 - هَل يجْبر على الْجمع بَينهمَا إِذا كَانَا فِي ملكَيْنِ قَالَ أَصْحَابنَا إِذا كَانَ الْوَلَد لرجل وَالأُم لِأَبِيهِ فَلَا بَأْس أَن يَبِيع كل وَاحِد على الأنفراد وَقَالَ مَالك إِذا كَانَت أمة لرجل وَابْن لَهَا صَغِير لأَجْنَبِيّ فَإِنَّهُمَا يجبران جَمِيعًا على أَن يجمعا بَينهمَا جَمِيعًا وَلَا يفرق بَينهمَا وَلَو أَن رجلا كَانَ لَهُ أمة وَأَوْلَادهَا صغَار فأوصى بالأولاد لرجل وبالأم لرجل فَالْوَصِيَّة جَائِزَة وَيجْبر الْمُوصى لَهما على أَن يجمعا بَين الْأُم وَالْولد 1246 - فِي جِنَايَة أَحدهمَا هَل توجب التَّفْرِيق قَالَ أَصْحَابنَا إِذا كَانَ لَهُ عبد وَابْنه صَغِير فجنى العَبْد دفع بِالْجِنَايَةِ دون الآخر وَكَذَلِكَ لَو لحقه دين بيع فِيهِ وَحده وَقَالَ أَبُو يُوسُف فِي الدّين يباعان جَمِيعًا فَيَقْضِي بِحِصَّة الْمَدِين من الثّمن دينه وَحِصَّة الآخر للْمولى وَقَالَ مَالك يدْفع الْجَانِي بالجنانة ثمَّ يُقَال للْمَجْنِيّ عَلَيْهِ وَللْآخر يبْقى الْأمة وَالْولد جَمِيعًا لَا يفرق بَينهمَا فَتكون حِصَّة الْجَانِي من الثّمن للْمَجْنِيّ عَلَيْهِ وَحِصَّة الَّذِي جنى للْمولى وَقِيَاس قَول الشَّافِعِي إِذا حدث فِي أَحدهمَا مَا يمْنَع بَيْعه جَازَ أَن يَبِيع الآخر الحديث: 1244 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 166 1247 - فِي الْعَبْدَيْنِ يشتريان صَفْقَة فيوجد أَحدهمَا حرا أَو مُدبرا أَو نَحوه قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اشْترى عَبْدَيْنِ صَفْقَة وَاحِد بِثمن وَاحِد فَإِذا أَحدهمَا حر فَالْبيع بَاطِل فِي العَبْد وَإِن وجد أَحدهمَا مكَاتب أَو مُدبر أَو كَانَت أمة فَكَانَت أم ولد فَالْبيع جَائِز فِي العَبْد بِحِصَّتِهِ وَقَالَ مَالك إِذا كَانَ أَحدهمَا حرا وَاسْتحق نظر فِي الْحر أَو الْمُسْتَحق فَإِن كَانَ وَجه الْعَبْدَيْنِ أَو من أَجله اسْتَويَا رد الْبَاقِي وَإِن لم يكن كَذَلِك لزمَه الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ من الثّمن وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا اشْترى مَا يحل وَمَا لَا يحل صَفْقَة وَاحِدَة فسد البيع فِي الْجَمِيع كشاة وخنزير وَقَالَ اللَّيْث إِذا اشْترى دَارا فَإِذا نصفهَا فِي سَبِيل الله تَعَالَى جَازَ البيع فِي النّصْف الآخر بِنصْف الثّمن وَللْمُشْتَرِي الْخِيَار فِي فسخ البيع 1248 - فِيمَن اشْترى جَارِيَة بِعَبْد فَأعْتقهَا ثمَّ اسْتحق العَبْد قَالَ أَصْحَابنَا عتقه جَائِز وَيغرم قيمتهَا وَكَذَلِكَ لَو كَانَ العَبْد مُدبرا أَو مكَاتبا وَلَو كَانَ العَبْد حرا لم ينفذ عتق المُشْتَرِي فِي الْجَارِيَة وَقَالَ مَالك إِذا استولد الْجَارِيَة وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا اشْترى عبدا بيعا فَاسِدا فَأعْتقهُ بعد الْقَبْض نفذ عتقه وَغرم قِيمَته الحديث: 1247 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 167 1249 - فِي غلَّة مَا اسْتحق قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري فِي غلَّة النّخل من الثَّمَرَة وَولد الْجَارِيَة إِذا اسْتَهْلكهُ المُشْتَرِي ثمَّ اسْتحق فعلى المُشْتَرِي ضَمَان مَا أتلف فِي ذَلِك الْمُسْتَحق وَلَو آجر العَبْد أَو الأَرْض فَأخذ الْغلَّة لم يكن عَلَيْهِ فِيهَا ضَمَان لمستحق وَيتَصَدَّق بهَا وَقَالَ ابْن أبي ليلى لَا ضَمَان عَلَيْهِ فِي الثَّمَرَة إِذا استهلكها الْمُسْتَحق وَقَالَ مَالك غلَّة النّخل للْمُشْتَرِي بِالضَّمَانِ كغلة الدَّار وَالْعَبْد وَلَو كَانَ ذَلِك هبة كَانَت للْمُسْتَحقّ فِي النّخل وَقَالَ الشَّافِعِي غلَّة النّخل للْمُسْتَحقّ وَكَذَلِكَ ولد الْجَارِيَة وَقَالَ أَبُو جَعْفَر لَا خلاف بَينهم أَن ولد الْأمة للْمُسْتَحقّ كَذَلِك ثَمَر النّخل لِأَنَّهَا حَادث من الأَصْل وَلَيْسَ كَذَلِك غلَّة الدَّار وَالْعَبْد لِأَنَّهَا مُسْتَحقَّة بِعقد الْإِجَارَة وَهِي للعاقد وَقد قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْخراج بِالضَّمَانِ فَكل من أَتَّخِذ خراجا من شَيْء فِي ضَمَانه فخراجة لَهُ 1250 - فِي اسْتِحْقَاق بعض الْمَبِيع قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اشْترى ثوبا فَاسْتحقَّ بعضه فَلهُ الْخِيَار فِي رد الْبَاقِي وَإِن كَانَ شَيْئا مِمَّا يُكَال أَو يُوزن وَقد قَبضه فَاسْتحقَّ بعضه فَلَا خِيَار لَهُ فِي رده وَقَالَ زفر لَا فرق بَين الْقَبْض وَغَيره لَهُ الْخِيَار فِي الثَّوْب وَلَا خِيَار فِي الْمكيل وَالْمَوْزُون وَقَالَ شائر أَصْحَابنَا إِذا اسْتحق شَيْء من ذَلِك قبل الْقَبْض فَلِلْمُشْتَرِي خِيَار قَالُوا وَلَو وجد بالمكيل وَالْمَوْزُون عَيْبا فَإِن شَاءَ رد الْجَمِيع وَإِن شَاءَ أمسك وَلَو كَانَا عَبْدَيْنِ كَانَ لَهُ أَن يرد بعد الْقَبْض أَحدهمَا دون الآخر الحديث: 1249 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 168 وَقَالَ مَالك إِذا اسْتحق بعض الْحِنْطَة فَلهُ الْخِيَار إِن شَاءَ حبس مَا بَقِي بِحِصَّتِهِ من الثّمن وَإِن شَاءَ رد وَإِن وجد بِبَعْضِه عَيْبا لم يكن لَهُ أَن يرد بَعْضًا دون بعض وَقَالَ ابْن أبي ليلى فِي الِاسْتِحْقَاق وَالْعَبْد لَا خِيَار لَهُ وَيَأْخُذ مَا بقى بِحِصَّتِهِ وَلم يفرق بَين الْقَبْض وَغَيره وَقَالَ الْحسن بن حَيّ لَا خِيَار فِي شَيْء من الِاسْتِحْقَاق إِلَّا أَن يكون ضَرَرا نَحْو الدَّار يسْتَحق بَعْضهَا أَو الْجَارِيَة 1251 - فِي وجوب الْعقر للْمُسْتَحقّ على المُشْتَرِي قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اشْترى جَارِيَة فَوَطِئَهَا ثمَّ اسْتحقَّت فَعَلَيهِ الْعقر للْمُسْتَحقّ وَلَا يرجع بِهِ على البَائِع وَإِنَّمَا يرجع بِالثّمن وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ ابْن أبي ليلى يرجع بِالثّمن وبالعقر وَقَالَ مَالك لَا شَيْء على المُشْتَرِي للْوَطْء بكرا كَانَت أَو ثَيِّبًا كَذَلِك إِن وجدت حرَّة 1252 - فِيمَن صَالح من الْعَيْب على عبد آخر قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اشْترى عبدا فَوجدَ بِهِ عَيْبا قبل الْقَبْض فَصَالح مِنْهُ على عبد آخر فَكَأَنَّهُ اشتراهما يَنْقَسِم الثّمن على قيمتهَا وَلَو قبض الأول ثمَّ صَالح كَانَ العَبْد الثَّانِي مأخوذا بِحِصَّة الْعَيْب قَالَ مَالك كَأَنَّهُ اشتراهما صَفْقَة يَنْقَسِم الثّمن عَلَيْهَا وَلم يذكر فرقا بَين الْقَبْض وَغَيره وَقِيَاس قَول الشَّافِعِي لَا يجوز لِأَنَّهُ صلح من الْمَجْهُول وَهُوَ الْحصَّة الحديث: 1251 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 169 1253 - فِيمَن يَبْنِي فِي أَرض ثمَّ اسْتحقَّت قَالَ أَصْحَابنَا للْمُشْتَرِي أَن يرجع على البَائِع بِقِيمَة الْبناء ويسلمه إِلَيْهِ وَفِيه الْبناء وَقَالَ مَالك فِيمَن أوصى لَهُ بِثلث مَاله فأخد فِي وَصيته دَارا أَو بِنَاء ثمَّ اسْتحق قيل للْمُسْتَحقّ ادْفَعْ بِنَاء هَذَا وَقِيمَة أَرْضك براحا وَقَالَ مَالك حَدثنِي حميد بن قيس أَن رجلا غرس وديا مواتا فِي الأَرْض لَا يَرَاهَا لأحد فجَاء صَاحبهَا ورأقام عَلَيْهَا الْبَيِّنَة أَنَّهَا لَهُ فاختصما إِلَى عمر بن الْخطاب فَقَالَ عمر لصَاحب الأَرْض إِن شِئْت أَن تَأْخُذ كل مَا أحدث فِي أَرْضك بِقِيمَتِه وَإِن شِئْت فأعطه أَرْضك بِقِيمَتِهَا قَالَ مَالك وَأَنا أرى ذَلِك وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يقوم الْمُسْتَحق للباني قيمَة بنائِهِ وَيرجع الْبَانِي بِالثّمن على بائعة وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن يرجع المُشْتَرِي على البَائِع بِقِيمَة الْبناء وَقَالَ الشَّافِعِي يرجع المُشْتَرِي على البَائِع بِقِيمَة الْبناء قَالَ أَبُو جَعْفَر لَو قَالَ رجل لآخر اهدم لي حائطي هَذَا أَو اذْبَحْ شاتي هَذِه فَفعل ثمَّ اسْتَحَقَّه مُسْتَحقّ فضمن الْفَاعِل رَجَعَ بِهِ على الْأَمر لِأَنَّهُ غره وَهُوَ الحديث: 1253 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 170 فَإِنَّمَا فعل على أَن لَا يلْحقهُ ضَمَان بِمَا فعله لَهُ كَذَلِك المُشْتَرِي دخل فِي العقد على أَن يسلم لَهُ مَا بَينه بِالثّمن الَّذِي سلمه إِلَى البَائِع فَإِذا لم يسلم لَهُ رَجَعَ بِهِ على البَائِع 1254 - فِي المُشْتَرِي يهْلك الشَّيْء من يَده ثمَّ يسْتَحق قَالَ أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيّ إِذا اشْترى عبدا وَمَات فِي يَده ثمَّ اسْتَحَقَّه مُسْتَحقّ فَلهُ أَن يضمنهُ وَيرجع المُشْتَرِي على البَائِع بِالثّمن وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث إِذا مَاتَ فِي يَده فَلَا شَيْء للْمُسْتَحقّ عَلَيْهِ إِلَّا أَن يُقيم البينه أَنه غصبه لِأَنَّهُ يَقُول اشْتَرَيْته من سوق الْمُسلمين وَقَالَ عُثْمَان البتي لَا يضمنهُ المُشْتَرِي للْمُسْتَحقّ وَلَو كَانَا وضعاه على يَدي رجل فَهَلَك فَالْمُشْتَرِي ضَامِن لِأَنَّهُ قد جرده وَمنعه وَقَالَ الْحسن بن حَيّ من اشْترى شَيْئا وَهُوَ لَا يعلم أَنه لغيره فاستهلكه ثمَّ اسْتَحَقَّه مُسْتَحقّ فَإِن المُشْتَرِي يتبع الَّذِي سَرقه مِنْهُ أَو غصبه إِيَّاه وَلم يكن لَهُ أَن يتبع الَّذِي اسْتَهْلكهُ لِأَنَّهُ اسْتَهْلكهُ وَهُوَ لَا يعلم أَنه لغير البَائِع وَقَالَ الْحسن وَلَو كَانَ الْغَاصِب عبدا فَبَاعَهُ واستهلكه المُشْتَرِي فَالضَّمَان على المُشْتَرِي للْمُسْتَحقّ وَلكنه يتبع العَبْد ثمَّ يتبع مولى العَبْد المُشْتَرِي فرق بَين المُشْتَرِي من عبد وَمن الْحر قَالَ أَبُو جَعْفَر لم يَخْتَلِفُوا أَنه لَو اشْتَرَاهُ وَهُوَ عَالم بِأَنَّهُ لغيره أَنه يضمنهُ وَلَا يخْتَلف حكم الْعلم وَغَيره لِأَنَّهُ ضَمَان تعلق بالبض 1255 - فِيمَن اشْترى جَارِيَة لغيره فَأعتق ثمَّ أجَاز البيع قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمَالك فِيمَن اشْترى جَارِيَة من رجل بِغَيْر أَمر مَالِكهَا فَأعْتقهَا ثمَّ أجَاز الْمَالِك البيع جَازَ الْعتْق وَقَالَ مُحَمَّد الْعتْق بَاطِل الحديث: 1254 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 171 1256 - فِيمَن اشْترى جَارِيَة حَائِضًا هَل يعْتد بِتِلْكَ الْحَيْضَة قَالَ أَصْحَابنَا يَسْتَبْرِئهَا المُشْتَرِي بِحَيْضَة مُسْتَقلَّة وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث إِذا استبرئها وَهِي فِي أول حَيْضهَا اعْتد بهَا وَإِن كَانَت فِي آخر حَيْضهَا لم يعمد بهَا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يعْتد بهَا من الِاسْتِبْرَاء روى مجَالد عَن أبي الوداك عَن أبي سعيد قَالَ أصبْنَا سَبَايَا يَوْم أَوْطَاس فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تُوطأ حَامِل حَتَّى تضع وَلَا غير حَامِل حَتَّى تحيض حَيْضَة وَقَالَ سَائِر أَصْحَابنَا إِذا حَاضَت حَيْضَة فِي يَد البَائِع لم يعْتد بهَا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ يدل على أَن قَوْلهم مثل قَول أبي يُوسُف 1257 - فِي اسْتِبْرَاء من لَا تحيض قَالَ أَصْحَابنَا تستبرأ بِشَهْر وَقَالَ مَالك تستبرأ الَّتِي لم تبلغ الْمَحِيض وَالَّتِي قد يئست من الْمَحِيض الحديث: 1256 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 172 فِي البيع بِثَلَاثَة أشهر وَأما الصَّغِيرَة الَّتِي لَا تحيض مثلهَا فَلَا أرى عَلَيْهِ فِيهَا اسْتِبْرَاء وَقَالَ الثَّوْريّ تستبرأ الَّتِي لَا تحيض من صغر أَو كبر بِشَهْر وَنصف أَو بِثَلَاثَة أشهر أَيهمَا فعل جَازَ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ بِثَلَاثَة أشهر وَرَوَاهُ عَن الزُّهْرِيّ وَقَالَ اللَّيْث إِذا ابْنة عشر سِنِين فَثَلَاثَة أشهر وَمَا دون ذَلِك فَلَا اسْتِبْرَاء لِأَن الأستبراء فِيمَا خيف عَلَيْهِ الْحَبل وَجعل ثَلَاثَة أشهر لِأَن الْحَبل يبين فِي مثلهَا وَقَالَ الشَّافِعِي شهر وَاحْتج من قَالَ لَا تستبرأ الْبكر بِمَا روى عَن أبن بُرَيْدَة عَن أَبِيه أَن عليا عَلَيْهِ السَّلَام وَقع فِي سَهْمه جَارِيَة من الْحسن فَوَطِئَهَا وَلم يذكر فِيهِ اسْتِبْرَاء وَهَذَا لَا حجَّة فِيهِ لِأَنَّهُ جَائِز أَن يكون استبرأها بِشَهْر وروى عَن ابْن عمر أَن الْعَذْرَاء لَا تستبرأ 1258 - فِيمَن ارْتَفع حَيْضهَا قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا ارْتَفع حَيْضهَا من من غير إِيَاس لم يَطَأهَا حَتَّى يعلم أَنَّهَا غير حَامِل وروى عَنهُ أَنه قَالَ يقربهَا ثَلَاثَة أشهر أَو أَرْبَعَة حَتَّى يتَبَيَّن أحبلى هِيَ أم لَا وَكَذَلِكَ قَول أبي يُوسُف الحديث: 1258 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 173 وَقَالَ مُحَمَّد حَتَّى تمْضِي أَرْبَعَة أشهر وَعشرا وَقَالَ مرّة تمْضِي شَهْرَان وَخَمْسَة أَيَّام وَقَالَ زفر لَا يقربهَا حَتَّى تحيض حَيْضَة أَو تمْضِي سنتَانِ وَقَالَ مَالك لَا يقربهَا حَتَّى تمْضِي ثَلَاثَة أشهر فَإِن ارتابت رفع بهَا إِلَى تِسْعَة أشهر وَلَيْسَ عَلَيْهِ بعد التِّسْعَة الْأَشْهر شَيْء إِلَّا إِن ارتابت فَإِن ارتابت لم يَطَأهَا حَتَّى تستبرأ من تِلْكَ الربية وروى عَن مَالك أَنه قَالَ إِذا مَضَت لَهَا ثَلَاثَة أشهر دعى لَهَا القوابل فَإِن قُلْنَ لَا حمل بهَا فلسيدها أَن يَطَأهَا وَقَالَ ابْن الْمُبَارك عَن الثَّوْريّ لَا يَطَأهَا حَتَّى تمْضِي سنتَانِ لِأَن الْحمل لَا يكون أَكثر من سنتَيْن وَقَالَ اللَّيْث إِن كَانَت مِمَّن تحيض لم يَطَأهَا حَتَّى تحيض وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا اسْتَبْرَأَ أمسك عَن الْوَطْء حَتَّى يعلم أَن تِلْكَ الربية لم تكن 1259 - هَل تُوضَع المسبترأة على يَدي عدل قَالَ أَصْحَابنَا لَا يعْتد بالحيضة قبل الْقَبْض من الِاسْتِبْرَاء وَإِن وضعت على يَدي عدل فَهِيَ فِي ضَمَان البَائِع إِن هَلَكت هَلَكت من مَال البَائِع وَهُوَ قَول ابْن شبْرمَة الحديث: 1259 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 174 وَقَالَ مَالك لَا يَبِيعهَا الْمَالِك إِذا وَطئهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئهَا فَإِن وَطئهَا وباعها وضعاها على يَدي امْرَأَة لتستبرأ آخر أَن هَذِه الْحَيْضَة للْبَائِع وَالْمُشْتَرِي جَمِيعًا وَكَذَلِكَ لَو لم يكن البَائِع وَطئهَا أَو كَانَت لصبي أَو امْرَأَة وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك فِيمَن يَشْتَرِي جَارِيَة فيتواضعا للحيضة فيصيبها عور أَو حيض قبل أَن تخرج من الْحَيْضَة فَهُوَ من ملك البَائِع وَالنَّفقَة على البَائِع حَتَّى تخرج من الْحَيْضَة وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا وضعاها على يَدي عدل حَتَّى تحيض فَمَاتَتْ قبل ان تحيض فَهِيَ من مَال البَائِع وَقَالَ اللَّيْث إِذا تواضعا الْجَارِيَة للاستبراء فَإِنَّهَا إِذا حَاضَت دفع الثّمن إِلَى البَائِع وَكَانَ من المُشْتَرِي وَلَا ينْتَظر من حَيْضهَا وَإِنَّمَا تُوضَع وَهِي طَاهِر فَإِذا رَأَتْ الدَّم فقد اسْتَبْرَأَ رَحمهَا وَوَجَبَت للْمُشْتَرِي وَإِن هلك الثّمن وحاضت الْجَارِيَة فعلى المُشْتَرِي غرم ثمنهَا للْبَائِع وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا وَجب البيع لم يكن لأَحَدهمَا فِيهَا مواضعة وَلزِمَ البَائِع التَّسْلِيم وَقَالَ أَبُو جَعْفَر الْمُوَاضَعَة لَيست وَاجِبَة لِأَن العقد إِنَّمَا يُوجب تَسْلِيم الْبَدَل وَقد وافقهم مَالك وَغَيره على أَن الْجَوَارِي غير المرتفعات لَا تجب فِيهَا مواضعة فَإِن وَجب الِاسْتِبْرَاء فَكَذَلِك المرتفعات لَا تجب فِيهَا مواضعة لِأَن الِاسْتِبْرَاء فِيهِنَّ جَمِيعًا وَاجِب وَقَالَ مَالك إِنَّمَا توجب الْمُوَاضَعَة فِي المرتفعات دون غَيْرهنَّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 175 1260 - إِذا تَقَايلا قبل الْقَبْض هَل يجب الِاسْتِبْرَاء على البَائِع قَالَ أَصْحَابنَا إِذا أقاله قبل قبض الْجَارِيَة فَلَا اسْتِبْرَاء على البَائِع اسْتِحْسَانًا وَقَالَ مَالك إِذا أقاله بعد الْقَبْض فِي مثل مَا لَا يُمكن أَن تحيض فِيهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاء وَلَا على المُشْتَرِي مواضعة لِأَنَّهَا لَو هَلَكت فِي مثل ذَلِك كَانَت من مَال البَائِع وَلَا يطَأ البَائِع حَتَّى يستبرئ لنَفسِهِ إِذا كَانَ المُشْتَرِي قد انْقَلب بهَا وَإِن كَانَا لم يفترقا بعد العقد حَتَّى أقاله فَلَيْسَ على البَائِع اسْتِبْرَاء وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا استبرأها البَائِع مثله قبل أَن يفترقا فَإِنَّهُ يستبرأ وَكَذَلِكَ قَول الشَّافِعِي 1261 - فِي الْمُكَاتبَة لعجز قَالَ أَصْحَابنَا لَا اسْتِبْرَاء عَلَيْهِ فِي مُكَاتبَته إِذا عجزت وَقَالَ الشَّافِعِي يَسْتَبْرِئهَا لِأَنَّهَا أبيحت لَهُ بِالْعَجزِ 1262 - فِيمَن اشْترى بِدَرَاهِم غَيره وَربح قَالَ أَبُو حنيفَة فِي رجل غصب ألف دِرْهَم فَاشْترى بهَا وَبَاعَ وَربح فَإِنَّهُ يتَصَدَّق بِالرِّبْحِ كُله وَعَلِيهِ ضَمَان الْألف لصَاحِبهَا وَرُوِيَ عَن أبي يُوسُف أَن الرِّبْح للْغَاصِب وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يتَصَدَّق بِهِ وَقَالَ مَالك يطيب لَهُ الرِّبْح لِأَنَّهُ ضَامِن المَال وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ أسلم لَهُ أَن يتَصَدَّق بِالرِّبْحِ الحديث: 1260 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 176 وَرُوِيَ عَن مُجَاهِد يتَصَدَّق بِالرِّبْحِ وَعَن عَطاء وَأبي بكر بن عبد الرَّحْمَن أَن الرِّبْح للْغَاصِب وَرُوِيَ عَن ابْن عمر أَنه جعل الرِّبْح لصَاحب المَال وَقد رُوِيَ عَن مَالك عَن زيد بن أسلم عَن أَبِيه أَن عبد الله وَعبيد الله ابْني عمر قفلا من غَزْوَة فمرا بِأبي مُوسَى فأسلفهما من بَيت المَال فاشتريا بِهِ مَتَاعا وحملاه إِلَى الْمَدِينَة فربحا فِيهِ فَقَالَ عمر أديا المَال وَربحه فَقَالَ عبيد الله مَا يَنْبَغِي لَك هَذَا لَو هلك المَال وَنقص ضمنا وَسكت عبد الله فَأَعَادَ عَلَيْهِمَا القَوْل فَرَاجعه عبيد الله فَقَالَ رجل لَو جعلته قراضا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ نعم فَأخذ نصف الرِّبْح فَقَالَ أَبُو جَعْفَر يحْتَمل أَن يكون فعله عمر عُقُوبَة لَهما كَمَا شاطر عماله أَمْوَالهم كَمَا روى هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن يحيى بن عبد الرَّحْمَن بن حَاطِب أَن رَقِيقا لحاطب سرقوا نَاقَة لرجل من مزينة فانتحروها فَرفع ذَلِك إِلَى عمر بن الْخطاب فَأمر كثير بن الصَّلْت أَن يقطع أَيْديهم ثمَّ قَالَ عمر إِنِّي لأرَاك تجيعهم وَالله لأغرمنك غرما يشق عَلَيْك ثمَّ قَالَ للمزني كم ثمن نَاقَتك قَالَ أَرْبَعمِائَة دِرْهَم فَقَالَ عمر أعْطه ثَمَانمِائَة دِرْهَم قَالَ وَيدل على أَن عمر لم ير الصَّدَقَة بِالرِّبْحِ فِي طَرِيق الحكم إِلَّا على الْوَجْه الَّذِي قُلْنَا إِن عبيد الله لما قَالَ لَهُ لَو هلك المَال أَو نقص ضمناه فربحه لنا لم يُنكره عمر وَلَا أحد من الصَّحَابَة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 177 اخر الجزأ الأول من مُخْتَصر اخْتِلَاف الْعلمَاء للطحاوي تغمده الله برحمته ويتلوه فِي الْجُزْء الثَّانِي من تجزئة جزئي كتاب الصّرْف وَالْحَمْد لله وَحده اللَّهُمَّ صل على سيدنَا مُحَمَّد واله وَصَحبه وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 178 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَالْحَمْد لله الْوَاحِد الْعدْل = كتاب الصّرْف = 1263 - فِي قبض الصّرْف قَالَ أَصْحَابنَا يجوز التَّقَابُض فِي الصّرْف مَا لم يفترقا وَإِن طَالَتْ الْمدَّة وانتقلا إِلَى مَكَان اخر وَهُوَ قَول الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك لَا يصلح الصّرْف إِلَّا يدا بيد فَإِن لم ينقذه وَمكث مَعَه من غدْوَة إِلَى ضحوة قَاعِدا وَقد تصارفا غدْوَة فتقابضا ضحوة لم يصلح هَذَا وَلَا يكون الصّرْف إِلَّا عِنْد الايجاب بالْكلَام وَلَو انتقلا من ذَلِك الْموضع إِلَى مَوضِع غَيره لم يَصح تقابضهما 1264 - فِي الْوكَالَة فِي قبض الصّرْف قَالَ أَصْحَابنَا يجوز أَن يتعاقد الصّرْف ثمَّ يُوكل رجلا بِالْقَبْضِ مَا لم يتفرق الحديث: 1263 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 179 المتعاقدان وَهُوَ قَول الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ مَالك يحْتَاج أَن يقبضهُ الْعَاقِد وَلَو صرف دِينَارا من رجلَيْنِ فَقَبضهُ أَحدهمَا بِأَمْر صَاحبه وَهُوَ حَاضر جَازَ ذَلِك 1265 - فِي قبض بعض الصّرْف قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قبض بعض الصّرْف وَترك الْبَعْض وافترقا صَحَّ فِي مِقْدَار الْمَقْبُوض وَبَطل فِيمَا لم يقبض وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ إِذا لم يقبض الْبَعْض حَتَّى افْتَرقَا بَطل البيع كُله قَالَ أَبُو جَعْفَر الْمنور لَو اشْترى عَبْدَيْنِ فَمَاتَ أَحدهمَا قبل الْقَبْض بَطل البيع فِي الْمَيِّت وَلم يبطل فِي الْبَاقِي كَذَلِك الصّرْف 1266 - فِي بيع الذَّهَب بِالْفِضَّةِ جزَافا قَالَ أَصْحَابنَا لَا بَأْس بذلك وَهُوَ قَول الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ مَالك لَا بَأْس بشرَاء الذَّهَب بِالْفِضَّةِ جزَافا إِذا كَانَت تبرا أَو حليا فَلَا يمْنَع فَأَما الدَّرَاهِم المعدودة وَالدَّنَانِير المعدودة فَلَا يَنْبَغِي لأحد أَن يَشْتَرِي شَيْئا من ذَلِك جزَافا حَتَّى تعد وَتعلم مَا عَددهَا وَذَلِكَ مخاطرة وقمار ذكره ابْن الْقَاسِم عَن مَالك رَضِي الله عَنهُ 1267 - فِي الِاسْتِحْقَاق فِي الصّرْف قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اشْترى إبريق فضَّة بِمِائَة دِينَار وَتقَابَضَا وافترقا ثمَّ اسْتحق الابريق فَأجَاز الْمُسْتَحق البيع فَهُوَ جَائِز الحديث: 1265 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 180 وَقَالَ مَالك وَزفر لَا يجوز إِلَّا أَن يُجِيز قبل الْفرْقَة 1268 - فِي التَّصَرُّف فِي ثمن الصّرْف قَالَ أَصْحَابنَا وَاللَّيْث لَا يجوز بيع ثمن الصّرْف قبل الْقَبْض وَقَالَ مَالك لَا بَأْس بِأَن يَأْخُذ بِهِ سلْعَة من السّلع 1269 - فِي الصّرْف على مَا لَيْسَ عِنْده قَالَ أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيّ رَضِي الله عَنهُ يجوز أَن يَشْتَرِي دِينَارا بِعشْرَة دَرَاهِم لَيست عِنْد وَاحِد مِنْهُمَا ثمَّ يستقرض فيدفعه قبل الْفرْقَة وروى الْحسن عَن زفر أَنه لَا يجوز الصّرْف إِذا لم يعين أَحدهمَا فَلهُ أَن يَقُول اشْتريت مِنْك ألف دِرْهَم بِمِائَة دِينَار سَوَاء كَانَ ذَلِك عِنْدهمَا أَو لم يكن فَإِن عين أَحدهمَا وَهُوَ الْمَوْجُود فَلهُ أَن يَقُول اشْتريت مِنْك ألف دِرْهَم بِهَذِهِ الدَّنَانِير إِذا دَفعهَا قبل أَن يَتَفَرَّقَا وَرُوِيَ عَن مَالك نَحْو قَول زفر إِلَّا أَنه قَالَ يحْتَاج أَن يكون قَبضه لما لم يُعينهُ قَرِيبا مُتَّصِلا بمنزله الحديث: 1268 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 181 = كتاب الْعتاق = 1270 - فِي بيع الْمُدبر قَالَ أَصْحَابنَا لَا يجوز بيع الْمُدبر وَهُوَ قَول ابْن أبي ليلى وَسَائِر أهل الْكُوفَة وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ وَقَالَ مَالك رَضِي الله عَنهُ لَا يجوز بيع الْمُدبر وَإِن بَاعَ مدبرته فَأعْتقهَا المُشْتَرِي فالعتق جَائِز وينتقض التَّدْبِير وَالْوَلَاء للْمُعْتق وَكَذَلِكَ إِن وَطئهَا فَحملت مِنْهُ صَارَت أم وَلَده وَبَطل التَّدْبِير وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا يُبَاع الْمُدبر إِلَّا من نَفسه أَو من رجل تعجل عتقه وَوَلَاؤُهُ لمن اشْتَرَاهُ مَا دَامَ الأول حَيا فَإِذا مَاتَ الأول رَجَعَ الْوَلَاء إِلَى ورثته وَقَالَ اللَّيْث أكره بيع الْمُدبر فَإِن بَاعه فَأعْتقهُ المُشْتَرِي جَازَ عتقه وَوَلَاؤُهُ لمن أعْتقهُ الحديث: 1270 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 183 وَقَالَ عُثْمَان البتي وَالشَّافِعِيّ رَضِي الله عَنْهُمَا يجوز بيع الْمُدبر من حَاجَة وَمن غير حَاجَة وروى عَطاء عَن جَابر بن عبد الله أَن رجلا من الْأَنْصَار أعتق غُلَاما لَهُ عَن دبر مِنْهُ فَاحْتَاجَ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من يَشْتَرِيهِ مني فَاشْتَرَاهُ نعيم بن عبد الله بثمانمائة دِرْهَم فدفها النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَيْهِ وَقَالَ عَطاء لَا يَبِيعهُ إلاأن يحْتَاج إِلَى ثمنه 1271 - فِي رهن الْمُدبر قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري لَا يجوز رَهنه وَقَالَ مَالك يجوز رَهنه فَإِن مَاتَ الْمولي وَلَا دين عَلَيْهِ عتق من ثلثه وَإِن مَاتَ وَعَلِيهِ دين يُحِيط بالمدبر بيع فِي دينه اتَّفقُوا أَن رهن أم الْوَلَد غير جَائِز كبيعها كَذَلِك الْمُدبر 1272 - فِي ولد الْمُدبرَة قَالَ أَصْحَابنَا هُوَ بمنزلتها وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَمَالك وَالْحسن بن حَيّ رَضِي الله عَنْهُم وَللشَّافِعِيّ قَولَانِ أَحدهمَا أَنه بمنزلتها وَالْآخر أَنه مَمْلُوك لَا يعْتق بِالْمَوْتِ وَرُوِيَ عَن عُثْمَان وَابْن عمر وَجَابِر أَن وَلَدهَا بمنزلتها يعتقون بِعتْقِهَا وَلم يخالفهم أحد من الصَّحَابَة الحديث: 1271 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 184 1273 - فِي الْمُدبر من الثُّلُث قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَمَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ رَضِي الله عَنْهُم الْمُدبر من الثُّلُث وَقَالَ زفر وَاللَّيْث بن سعد الْمُدبر من جَمِيع المَال وروى جَابر الْجعْفِيّ عَن الْقَاسِم عَن مَسْرُوق عَن عبد الله الْمُدبر من جَمِيع المَال وَهُوَ قَول مَسْرُوق وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وروى إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد عَن الشّعبِيّ أَن شريحا كَانَ يَقُول الْمُدبر من الثُّلُث وَقَالَ مَسْرُوق من جَمِيع المَال فَقلت لِلشَّعْبِيِّ أَيهمَا كَانَ أعجب إِلَيْك فَقَالَ مَسْرُوق كَانَ أفقههما وَشُرَيْح كَانَ أقضاهما وَقد روى عَليّ بن ظبْيَان الْكُوفِي عَن عبيد الله بن عمر عَن نَافِع عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمُدبر من الثُّلُث وَهَذَا أَخطَأ فِيهِ عَليّ بن ظبْيَان وَإِنَّمَا أَصله مَوْقُوف عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ وَحَدِيث ابْن مَسْعُود لايصح رَوَاهُ جَابر الْجعْفِيّ وَعَن الْحسن الْبَصْرِيّ عتق الْمُدبر من الثُّلُث الحديث: 1273 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 185 1274 - فِي لفظ التَّدْبِير قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قَالَ لعَبْدِهِ إِن مت فَأَنت حر فَهُوَ مُدبر وَهُوَ قَالَ الثَّوْريّ وَلَا يجوز بَيْعه وَإِن قَالَ إِن مت من مرضِي هَذَا فَأَنت حر جَازَ بَيْعه وَإِن مَاتَ فِي مَرضه فَهُوَ حر وَقَالَ مَالك رَضِي الله عَنهُ إِذا قَالَ وَهُوَ صَحِيح أَنْت حر بعد موتِي فَإِن كَانَ أَرَادَ وَجه الْوَصِيَّة فَالْقَوْل قَوْله وَيجوز بَيْعه وَإِن أَرَادَ التَّدْبِير يمْتَنع من بَيْعه 1275 - فِي الْمُدبر يَمُوت مَوْلَاهُ وَعَلِيهِ دين قَالَ أَصْحَابنَا إِذا كَانَ دين الْمولى مثل قِيمَته أَو أَكثر سعى فِي الْقيمَة وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ وَقَالَ مَالك رَضِي الله عَنهُ فِي رجل مَاتَ وَلم يتْرك إِلَّا مُدبرا وَعَلِيهِ دين مثل نصف قِيمَته فَإِنَّهُ يُبَاع من الْمُدبر نصفه وَيعتق مِنْهُ ثلث النّصْف ويرق مِنْهُ ثلثا النّصْف الَّذِي بَقِي فِي أَيدي الْوَرَثَة فَإِن أحَاط الدّين رقبته بيع فِي الدّين وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ يُبَاع فِي الدّين كَمَا يُبَاع غير الْمُدبر قَالَ أَبُو جَعْفَر إِذا لم يجز بَيْعه فِي الْحَيَاة لأجل الْحُرِّيَّة الَّتِي يَسْتَحِقهَا بِالْمَوْتِ عِنْد من لايرى بيع الْمُدبر فَأن لايباع فِي الْحَال الَّتِي يسْتَحق فِيهَا الْحُرِّيَّة أولى الحديث: 1274 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 186 1276 - فِي الْعتْق فِي الْمَرَض مَعَ الدّين قَالَ أَصْحَابنَا من أعتق عَبده فِي مَرضه وَعَلِيهِ دين يُحِيط بِقِيمَتِه وَلَا مَال لَهُ غَيره فَعَلَيهِ أَن يسْعَى فِي قِيمَته وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَابْن شبْرمَة والبتي وَعبد الله بن الْحسن وسوار وَهُوَ قَول النَّخعِيّ رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَمَالك وَالشَّافِعِيّ يُبَاع فِي الدّين وَلَا ينفذ فِي الْعتْق 1277 - فِي تَدْبِير أحد الموليين قَالَ أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ إِذا دبر أحد الشَّرِيكَيْنِ فللآخر خمس خيارات إِن كَانَ مُوسِرًا إِن شَاءَ ضمن الشَّرِيك نصف قِيمَته عبدا وَإِن شَاءَ دبره كَمَا دبره شَرِيكه وَإِن شَاءَ أعْتقهُ وَإِن شَاءَ استسعى العَبْد فِي نصف قِيمَته عبدا يَوْم التَّدْبِير وَإِن شَاءَ تَركه بِحَالهِ عبدا وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد هُوَ مُدبر كُله للَّذي دبره وَيضمن لشَرِيكه مُوسِرًا كَانَ أَو مُعسرا وَقَالَ مَالك إِن اشْتَرَاهُ الَّذِي دبره كَانَ مُدبرا كُله وَإِن لم يشتره انْتقض تَدْبيره إِلَّا أَن يَشَاء الَّذِي لم يدبر أَن يُعْطِيهِ الَّذِي دبر بِقِيمَتِه فَيلْزمهُ ذَلِك وَيكون مُدبرا كُله 1278 - فِي دَعْوَة أحد الشَّرِيكَيْنِ ولد الْمُدبرَة قَالَ أَصْحَابنَا فِي أحد الشَّرِيكَيْنِ إِذا ادّعى ولد مُدبر بَينهمَا فَالْقِيَاس أَن لايصدق وَاسْتحْسن أَن يصدقهُ وَيجْعَل عَلَيْهِ نصف الْعقر وَنصف قيمَة مدبره يَوْم ولد وَقَالَ زفر لَا يثبت نسبه الحديث: 1276 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 187 وَقَالَ ابْن شبْرمَة على الواطىء نصف الْعقر وَنصف قيمَة خدمتها لشَرِيكه وَلَا يعرض الشَّرِيك للْوَلَد وَقَالَ مَالك فَتَصِير أم ولد للواطىء وَيضمن نصف قيمتهَا وينفسخ التدبر وَإِن كَانَ مُعسرا وقفت فَإِن أَفَادَ مَالا أَخذ مِنْهُ نصف قيمتهَا وَكَانَت أم وَلَده فَإِن مَاتَ وَلَا شَيْء عِنْده بيع نصفهَا للَّذي لم يطَأ وَكَانَ الْوَلَد حرا وللميت نصف قيمَة أم الْوَلَد 1279 - فِي موت أحد موليي الْمُدبر قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا مَاتَ أحد موليي الْمُدبر عتق نصِيبه من الثُّلُث وَيسْعَى الآخر فِي نصف قِيمَته وَقَالَ مَالك يعْتق نصيب الْمَيِّت من الثُّلُث وَلَا يقوم عَلَيْهِ نصيب صَاحبه فِي ثلثه فَإِن مَاتَ الْبَاقِي عتق نصِيبه أَيْضا من الثُّلُث وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يقوم عَلَيْهِ قيمَة عبد فيسعى على الْبَاقِي مِنْهُمَا فِي ربع قِيمَته 1280 - فِي مُدبر بَين رجلَيْنِ يعتقهُ أَحدهمَا قَالَ أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ إِذا كَانَ الْمُعْتق مُوسِرًا فشريكه بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أعتق وَإِن شَاءَ ضمن وَإِن شَاءَ استسعى وَالْوَلَاء بَينهمَا نِصْفَيْنِ وَقَالَ زفر وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِن كَانَ مُوسِرًا ضمن وَإِن كَانَ مُعسرا سعى وَالْوَلَاء نِصْفَيْنِ وَقَالَ مَالك يقوم على الَّذِي أعتق وينفسخ التَّدْبِير الحديث: 1279 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 188 وَقَالَ اللَّيْث لَا يضمن الْمُعْتق وَنصِيب الآخر على ملكه ويخدم الْمُدبر الشَّرِيك يَوْمًا ولنفسه يَوْمًا وَإِن مَاتَ العَبْد وَرثهُ الَّذِي لَهُ فِيهِ الرّقّ 1281 - فِي الْمُدبر يقتل مَوْلَاهُ قَالَ أَصْحَابنَا وَعُثْمَان البتي إِن قَتله خطأ سعى فِي قِيمَته للْوَرَثَة وَإِن قَتله عمدا قتل بِهِ وَقَالَ مَالك إِن قَتله عمدا بَطل التَّدْبِير وَصَارَ رَقِيقا للْوَرَثَة فَإِن شاؤوا قَتَلُوهُ وَإِن شاؤوا استحيوه وَكَانَ عبدا لَهُم فَإِن استحيوه جلد مائَة وَحبس عَاما وَلَا تغريب عَلَيْهِ قَالَ أَبُو جَعْفَر مَالك يُجِيز الْوَصِيَّة فِي قتل الْخَطَأ فِي غير الدِّيَة وَفِي الدِّيَة لَا يجيزها وَلَا يُجِيز الْوَصِيَّة فِي قتل الْعمد وَابْن شبْرمَة يُجِيز الْوَصِيَّة للْقَاتِل فَإِن كَانَ الْمُدبر قَتله خطأ فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَإِن كَانَ عمدا قتل بِهِ 1282 - فِي بيع أم الْوَلَد قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَابْن شبْرمَة وَالشَّافِعِيّ لَا يجوز بيعهم وَقَالَ غَيرهم تبَاع 1283 - فِي الْأَب يطَأ جَارِيَته هَل تصير فراشا قَالَ أَصْحَابنَا إِن حصنها فَأحب إِلَيْنَا أَن يقر بِهِ وَإِن لم يحصنها فَهُوَ فِي سَعْيه من نَفْيه وَلَا يلْزمه الْوَلَد فِي الْحَالين جَمِيعًا إِلَّا أَن يَدعِيهِ وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا عدل عَنْهَا لم يلْزمه الحديث: 1281 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 189 وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث إِذا أقرّ بِالْوَطْءِ لزمَه الْوَلَد وَلَا يَسْتَطِيع أَن يَنْفِيه إِلَّا أَن يدعى الِاسْتِبْرَاء قبل الْحمل فَإِن قَالَ لم تَلد بِهِ وَلم يدع الِاسْتِبْرَاء لم يلْتَفت إِلَى قَوْله لِأَنَّهَا مصدقة حِين أقرّ الْمولى بِوَطْئِهَا لِأَن الْوَلَد فِي بَطنهَا وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا لم يقر بِالْوَلَدِ لم يلْزمه حَتَّى لَا يشك وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا قَالَ كنت أعزل عَنْهَا ألحقت بِهِ الْوَلَد إِلَّا أَن يَدعِي الِاسْتِبْرَاء بعد النَّفْي للْوَطْء فَيكون ذَلِك لَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَر رُوِيَ عَن عمر رَضِي الله عَنهُ أَنه إِذا أقرّ بِالْوَطْءِ لزمَه الْوَلَد وَهُوَ قَول ابْن عمر وَقَالَ زيد بن ثَابت وَابْن عَبَّاس أَنه قَالَ إِذا قَالَ لَيْسَ هُوَ مني فَالْقَوْل قَوْله وَإِن وَطئهَا 1284 - فِي دَعْوَة ولد جَارِيَة الابْن قَالَ أَصْحَابنَا هِيَ أم وَلَده وَعَلِيهِ قيمتهَا إِذا كَانَ وَطئهَا فِي ملك الابْن وَلَا عقر عَلَيْهِ وَلَا قيمَة للْوَلَد وَإِن لم تحمل مِنْهُ فالجارية على ملك الابْن وَقَالَ مَالك عَلَيْهِ قيمتهَا حملت مِنْهُ أَو لم تحمل وَلَو حملت مِنْهُ وَقد كَانَ الابْن وَطئهَا عتقت عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ لَو وطأ رجل بنت أم وَلَده عتقت عَلَيْهِ أم وَلَده لِأَنَّهُ لم يكن لَهُ مِنْهَا إِلَّا الْوَطْء وَقد حرمت عَلَيْهِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا وطىء جَارِيَة ابْنه فَحملت فَهِيَ لَهُ وَيلْحق وَلَدهَا بِهِ وَلَا حد عَلَيْهِ وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا حملت مِنْهُ فَعَلَيهِ مهر وَقيمتهَا وَإِن لم تحمل فَعَلَيهِ الْعقر وَحرمت على الابْن وَلَا قيمَة عَلَيْهِ بِأَن حرمت على الابْن آخر الْعتاق الحديث: 1284 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 190 = كتاب الصَّيْد والذبائح = 1285 - فِي الصَّيْد بِمَدِينَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي قطع شَجَرهَا قَالَ أَصْحَابنَا صيد الْمَدِينَة غير محرم وَكَذَلِكَ شَجَرهَا وَقَالَ مَالك أكرهه وَلَا جَزَاء فِيهِ وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وروى سعيد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من وجدتموه يصيد فِي حُدُود حرم الْمَدِينَة أَو يقطع من شجر فَخُذُوا سلبه وَأخذ سعد سلب من فعل ذَلِك وَاتفقَ الْفُقَهَاء على أَنه لَا يُؤْخَذ سلبه فَدلَّ أَنه مَنْسُوخ وَقَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا أَبَا عُمَيْر مَا فعل النغير فَلم يُنكر صَيْده وإمساكه وروى أَبُو نعيم عَن يُونُس بن أبي إِسْحَاق عَن مُجَاهِد عَن عَائِشَة كَانَ لآل رَسُول الله صلى اللعه عَلَيْهِ وَسلم وَحش فَإِذا خرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعب وَاشْتَدَّ وَأَقْبل وَأدبر فَإِذا أحس برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قد دخل ربض فَلم يترمرم كَرَاهَة أَن يُؤْذِيه الحديث: 1285 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 191 وروى مُوسَى بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن سَلمَة بن الْأَكْوَع أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ لَو كنت تصيد بالعيق لشيعتك إِذا خرجت وتلقيتك إِذا جِئْت فَإِنِّي أحب العيق قَالَ وَمعنى نَهْيه عَن صيد الْمَدِينَة وشجرها أَن الفجرة كَانَت تَأتي إِلَيْهَا فَكَانَ بَقَاء الصَّيْد وَالشَّجر مِمَّا تَدْعُو إِلَى الفتها وَالزِّيَادَة فِي زينتها كَمَا ورى نَافِع عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن هدم آطاء الْمَدِينَة وَإِنَّهَا زِينَة للمدينة قَالَ الشَّافِعِي أكره صيد وَج بِالطَّائِف وَقطع شَجَرهَا لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حرمهَا قَالَ أَبُو جَعْفَر مَا سمعنَا فِي ذَلِك رِوَايَة وَلَا هُوَ قَول أحد من الْعلمَاء 1286 - فِي أكل ذِي الناب من السبَاع قَالَ أَصْحَابنَا لَا يُؤْكَل ذُو الناب من السبَاع وَلَا ذُو مخلب من الطير وَقَالَ مَالك لَا يُؤْكَل سِبَاع الْوَحْش وَلَا الهر الوحشي الأهلي وَلَا الثَّعْلَب وَلَا الضبع ولاشيئا من السبَاع وَلَا بَأْس بِأَكْل سِبَاع الطير الحديث: 1286 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 192 الرخم والعقبان والنسور وغرها مَا أكل الْجِيَف مِنْهَا وَمَا لم يَأْكُل وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ الطير كُله حَلَال إِلَّا أَنهم يكْرهُونَ الرخم وَقَالَ اللَّيْث لَا بَأْس بِأَكْل الهر وأكره الضبع وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ لَا يُؤْكَل ذُو الناب من السبَاع الَّتِي يعدو على النَّاس الْأسد والنمر وَالذِّئْب ويؤكل الضبع والثعلب وَلَا يُؤْكَل النسروالبازي وَنَحْوه لِأَنَّهَا تعدو على طيور النَّاس روى عَن عَليّ وَابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن أكل ذِي نَاب من السبَاع وَذي مخلب من الطير وَأَبُو ثَعْلَبَة الخنشنى يرويهِ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن كل ذِي نَاب من السبَاع وَأَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه نهى عَن أكل كل ذِي نَاب من السبَاع حرَام وَكره أَصْحَابنَا الْغُرَاب الأبقع وَلم يكرهوا الزرعي لما روى قَتَادَة عَن سعيد بن الْمسيب عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انه قَالَ خمس الجزء: 3 ¦ الصفحة: 193 فواسق يقتلن فِي الْحل وَالْحرم أَحدهَا الْغُرَاب الأبقع لِأَنَّهُ يَأْكُل الْجِيَف فَصَارَ أصلا فِي كَرَاهَة مَا يَأْكُل الجيفة 1287 - فِي الْجَوَارِح الَّتِي يصطاد بهَا قَالَ أَصْحَابنَا مَا علمت من كل ذِي مخلب من الطير وَذي نَاب من السبَاع فَإِنَّهُ يجوز صَيْده وَكَذَلِكَ قَول مَالك وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ رَضِي الله عَنْهُم 1288 - فِي الِاصْطِيَاد بكلب الْمَجُوسِيّ قَالَ أَصْحَابنَا لَا بَأْس بِهِ إِن كَانَ معلما وَهُوَ مَالك رَضِي الله عَنهُ وَإِن علمه الْمَجُوسِيّ فَإِذا اصطاد بِهِ مُسلم لَا بَأْس بِهِ وَهُوَ الْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ رَضِي الله عَنْهُمَا وَقَالَ الثَّوْريّ أكره الِاصْطِيَاد بكلب الْمَجُوسِيّ إِلَّا أَن يَأْخُذ من تَعْلِيم الْمُسلم قَالَ أَبُو جَعْفَر الِاعْتِبَار بِالْمُسلمِ لِأَن مجوسيا لَو اصطاد بكلب مُسلم لم يُؤْكَل 1289 - فِي صيد الْكَلْب يغيب عَن صَاحبه قَالَ أَصْحَابنَا إِذا توارى عَنهُ الصَّيْد وَالْكَلب وَهُوَ فِي طلبه فَوَجَدَهُ قد قَتله الحديث: 1287 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 194 جَازَ أكله وَإِن ترك الطّلب واشتغل بِعَمَل غَيره ثمَّ ذهب فِي طلبه فَوَجَدَهُ مقتولا وَالْكَلب عِنْده كرهنا أكله وَقَالَ مَالك رَضِي الله عَنهُ إِذا أدْركهُ من يَوْمه أكله فِي الْكَلْب والسهم جَمِيعًا وَإِن كَانَ مَيتا إِذا كَانَ فِيهِ أثر جِرَاحَة وَإِن كَانَ بَات عَنهُ لم يَأْكُلهُ وَقَالَ الثَّوْريّ رَضِي الله عَنهُ إِذا رَمَاه فَغَاب عَنهُ يَوْمًا أَو لَيْلَة كرهت أكله وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ رَضِي الله عَنهُ إِن وجده من الْغَد مَيتا أَو وجد فِيهِ سَهْمه أَو أثرا فليأكله وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ الْقيَاس أَن لَا يَأْكُلهُ إِذا غَابَ عَنهُ وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ كل مَا أصميت ودع مَا أنميت وَفِي خبر آخر عَنهُ وَمَا غَابَ عَنْك لَيْلَة فَلَا تَأْكُله وَقد روى الثَّوْريّ رَضِي الله عَنهُ عَن مُوسَى بن أبي عَائِشَة عَن عبد الله بن ابي رزين عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الصَّيْد إِذا غَابَ عَنْك مصرعه كرهه وَذكر هوَام الأَرْض قَالَ أَبُو جَعْفَر يتَوَهَّم قوم أَنه أَبُو رزين الْعقيلِيّ صَاحب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَيْسَ كَذَلِك إِنَّمَا هُوَ أَبُو رزين مولى أبي وَائِل وروى مُعَاوِيَة بن صَالح عَن عبد الرَّحْمَن بن جُبَير بن نفيز الْحَضْرَمِيّ عَن أَبِيه عَن أبي ثَعْلَبَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الَّذِي يدْرك صَيْده بعد ثَلَاث يَأْكُلهُ إِلَّا أَن ينتن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 195 وروى مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ عَن عِيسَى بن طَلْحَة عَن عُمَيْر بن سَلمَة عَن رجل من بهز أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر بِالرَّوْحَاءِ فَإِذا هُوَ بِحِمَار وَحش عقير فِيهِ سهم قد مَاتَ فَقَالَ يَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعوه حَتَّى يَجِيء صَاحبه فجَاء الْبَهْزِي فَقَالَ يَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهِي رميتي فكلوه فَأمر أَبَا بكر بِأَن يقسمهُ بَين الرفاق وهم محرمون فأباح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أكله وَلم يسْأَله هَل تراخيت عَن طلبه أم لَا ورى هشيم عَن أبي بشر عَن سعيد بن جُبَير عَن عدي بن حَاتِم قَالَ قلت يَا رَسُول الله إِنَّا أهل صيد يرْمى أَحَدنَا الصَّيْد فيغيب عَنهُ اللَّيْلَة والليلتين ثمَّ نتبع أَثَره بَعْدَمَا نصبح فنجد سَهْما فِيهِ قَالَ إِذا وجدت سهمك فِيهِ وَلم تَجِد فِيهِ أثر سبع وَعلمت أَن سهمك قَتله فَكل فَذكر فِيهِ أَن علمه بسهمه قَتله فَيَنْبَغِي أَن يعْتَبر ذَلِك دون غَيره 1290 - فِي صيد المعراض قَالَ أَصْحَابنَا إِذا أَصَابَهُ بعرضه وَقَتله لم يُؤْكَل وَإِن خرق بحده أكل وَهُوَ قَول مَالك وَالثَّوْري رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ الثَّوْريّ وَإِن رميته بِحجر أَو ببندقية كرهته إِلَّا أَن يذكيه الحديث: 1290 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 196 وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي المعراض خرق أَو لم يخرق كَانَ أَبُو الدَّرْدَاء وفضاله بن عبيد وَعبد الله بن عمر وَمَكْحُول رَضِي الله عَنْهُم لَا يرَوْنَ بِهِ بَأْسا وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا خزق الْحجر فَكل والبندقية لَا تخرق وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ إِن خزق برقته أَو قطع بحده أكل وَمَا خزق بثقله فَهُوَ وقيذ وَفِيمَا نالته الْجَوَارِح فَقتلته فَفِيهِ قَولَانِ أَحدهمَا أَن لَا يُؤْكَل حَتَّى يخرق لقَوْله تَعَالَى من الْجَوَارِح والأخر أَنه حل وروى عدي بن حَاتِم قَالَ قلت يَا رَسُول الله إِنَّا نرمي بالمعراض قَالَ مَا خزق فَكل وَمَا أصَاب بِعرْض فَلَا تَأْكُل فَأَنَّهُ وقيذ وروى شعبه عَن قَتَادَة عَن عقبَة بن صهْبَان عَن عبد الله بن الْمُغَفَّل أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن الْخذف وَقَالَ إِنَّهَا لَا تنكأ الْعَدو وَلَا تصيد الصَّيْد وَلكنهَا تكسر السن وتفقأ الْعين فَدلَّ على أَن الْجراحَة فِي مثله لَا تحل إِذْ لَيْسَ لَهُ حد وَإِنَّمَا الْجراحَة الَّتِي لَهَا حكم هِيَ الْجراحَة بِالْحَدِّ 1291 - فِي الْكَلْب يصدم الصَّيْد قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قَتله بصدمته لم يُؤْكَل وَهُوَ قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ رَضِي الله عَنْهُمَا الحديث: 1291 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 197 1292 - فِي ترك التَّسْمِيَة على الصَّيْد والذبيحة قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالْحسن بن حَيّ إِن تَركهَا عمدا لم يُؤْكَل وَإِن تَركهَا نَاسا أكل وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ يُؤْكَل فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا قَالَ سُئِلَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ عَمَّن نسي التَّسْمِيَة قَالَ ذكر الله فِي قلب الؤمن 1293 - إِذا أرْسلهُ على صيد فَأخذ غَيره قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ رَضِي الله عَنْهُم يُؤْكَل وَقَالَ مَالك لَا يُؤْكَل قَالَ أَبُو جَعْفَر شَرط التَّسْمِيَة على الْإِرْسَال لَا على الْمُرْسل عَلَيْهِ فَإِذا صَحَّ الْإِرْسَال فَلَا اعْتِبَار بِمَا يأخده بعد لِأَنَّهُ قد انْقَطع حكم الْإِرْسَال 1294 - فِي الَّذِي يحس شَيْئا فيظنه صيدا فيرميه قَالَ أَبُو يُوسُف عَن أبي حنيفَة رَضِي الله عَنْهُمَا فِي رجل سمع حسا فَظَنهُ صيدا فَرمى وَأصَاب صيدا فَإِذا الَّذِي سمع حس شَاة لم يَأْكُل ذَلِك الصَّيْد وَلَو ظَنّه شَاة فَرمى وسمى فَإِذا هُوَ صيد وَقد أصَاب غَيره أكله الحديث: 1292 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 198 وَلَو سمع حسا فَظَنهُ رجلا فَرَمَاهُ وسمى فَأصَاب الْحس نَفسه فَإِذا هُوَ صيد أكل وَذكر ابْن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد أَنه سمع حسا بلَيْل ظَنّه إنْسَانا أودابة فَرَمَاهُ فَأَصَابَهُ فَإِذا هُوَ صيد أَو أصَاب صيدا غَيره لم يَأْكُل قَالَ وَلَا يحل الصَّيْد إِلَّا بِوَجْهَيْنِ أَحدهمَا أَن يرميه وَهُوَ يُرِيد الصَّيْد وَيكون الَّذِي أَرَادَهُ وَسمع حسه ورماه صيدا وَقَالَ مَالك رَضِي الله عَنهُ إِن رمى صيدا وَهُوَ يظنّ أَنه سبع أَو خِنْزِير فَأصَاب ظَبْيًا لم يَأْكُل لِأَنَّهُ لم يرد بِالرَّمْي الِاصْطِيَاد وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا رَمَاه وَهُوَ يرى أَنه سبع فَوَجَدَهُ صيدا وَقد سمى أكل وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ لَو رمى شخصا يحسبه حجرا فَأصَاب صيدا لم أر أكله محرما كَمَا لَو أَخطَأ شَاة وذبحها لَا يريدها وكما لَو ذَبحهَا وَهُوَ يَرَاهَا خَشَبَة لينَة قَالَ أَبُو جَعْفَر لم يَخْتَلِفُوا أَنه لَو رمى عرضا فَأصَاب صيدا لم يُؤْكَل لِأَنَّهُ لم يرد الِاصْطِيَاد فَعلمنَا أَن من شَرطه إِرَادَة الِاصْطِيَاد 1295 - فِي الصَّيْد يقطع بعضه قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري إِذا قطعه بنصفين أكلا وَإِن قطع الثُّلُث مِمَّا يَلِي الرَّأْس أكلا وَإِن قطع الثُّلُث الَّذِي يَلِي الْعَجز أكل الثُّلُثَانِ الَّذِي يَلِي الرَّأْس وَلَا يَأْكُل الثُّلُث الَّذِي يَلِي الْعَجز وَقَالَ ابْن أبي ليلى اللَّيْث إِذا قطع مِنْهُ قِطْعَة فَمَاتَ الصَّيْد مَعَ الضَّرْبَة اكلهما جَمِيعًا الحديث: 1295 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 199 وَقَالَ مَالك رَضِي الله عَنهُ إِذا قطع وَسطه أَو ضرب عُنُقه أكل وَأَن قطع فَخذه لم يَأْكُل الفخد وَيَأْكُل الْبَاقِي وَقَالَ الاوزاعى إِذا أبان عَجزه لم يَأْكُل مَا انْقَطع مِنْهُ وَيَأْكُل سائره وَإِن قطعه بنصفين اكله كُله وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ إِن قطعه قطعتين أكله وَإِن كَانَت إِحْدَاهمَا أقل من الْأُخْرَى وَإِن قطع مِنْهُ يدا أَو رجلا أَو أذنا أَو شَيْئا يُمكن أَن يعِيش بعده سَاعَة اكثر ثمَّ قَتله بعد برميته أكل مَا لم يبن وَلم يُؤْكَل مَا بَان وَفِيه الْحَيَاة وَلَو مَاتَ من الْقطع الأول أكلهما جَمِيعًا 1296 - فِي الْحمار الوحشي إِذا دجن قَالَ اصحابنا وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ رَضِي الله عَنْهُم فِي الْحمار الوحشي إِذا دجن وَألف أَنه جَائِز أكله وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك فِي الْحمار الوحشي إِذا دجن وَصَارَ يعْمل عَلَيْهِ كالعمل على الْأَهْل فَإِنَّهُ لَا يُؤْكَل قَالَ أَبُو جَعْفَر لما كَانَ توحش الأهلي لَا يُخرجهُ عَن حكم جنسه فِي تَحْرِيم الْأكل كَذَلِك مَا أنس من الْوَحْش 1297 - فِي الصَّيْد يَقع فِي يَده قَالَ أَصْحَابنَا فِيمَن يدْرك صيد الْكَلْب السهْم فَيحصل فِي يَده حَيا ثمَّ يَمُوت فَإِنَّهُ لَا يُؤْكَل إِن لم يقدر على ذبحه حَتَّى مَاتَ الحديث: 1296 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 200 وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ رَضِي الله عَنْهُمَا إِن لم يقدر على ذبحه حَتَّى مَاتَ أكل وَإِن صَار فِي يَده وَإِن قدر فَلم يذبحه لم يُؤْكَل وَإِن لم يحصل فِي يَده وَقَالَ الثَّوْريّ إِن قدر أَن يأخده من الْكَلْب فيذبحه فَلم يفعل لم يُؤْكَل وَقَالَ الأوزاعى إِذا أمكنه أَن يذكيه فَلم يفعل لم يُؤْكَل وَإِن لم يُمكنهُ حَتَّى مَاتَ بَعْدَمَا صَار فِي يَده أكل وَقَالَ اللَّيْث إِن أدْركهُ فِي فَم الْكَلْب فَأخْرج سكينَة من خفه أَو مَنْطِقه ليذبحه فَمَاتَ قبل أَن يذبحه لم يَأْكُلهُ 1298 - فِي الْكَلْب يَأْكُل الصَّيْد قَالَ أَصْحَابنَا إِذا أكل الْكَلْب من الصَّيْد فَهُوَ غير معلم لَا يُؤْكَل ويؤكل صيد الْبَازِي وَإِن أكل وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَقَالَ مَالك والاوزاعى وَاللَّيْث يُؤْكَل وَإِن أكل مِنْهُ الْكَلْب وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يُؤْكَل إِذا أكل الْكَلْب والبازي مثله فِي الْقيَاس وروى شعبه عَن عبد الله بن أبي السّفر عَن الشّعبِيّ عَن عدي بن حَاتِم عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا أرْسلت كلبك فَذكرت اسْم الله فَكل وَإِن أكل مِنْهُ فَلَا تَأْكُل فَإِنَّمَا أمسك على نَفسه وَلم يرو شَيْء يضاد هَذَا علمناه وَعَن سعد وَابْن عمر أَنه يُؤْكَل وَإِن أكل مِنْهُ الحديث: 1298 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 201 وَكَذَلِكَ يرْوى عَن سُلَيْمَان وَأبي هُرَيْرَة وَسَعِيد بن الْمسيب وَعَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُم قَالَ إِذا أكل الْكَلْب فَلَا تَأْكُل وَإِن أكل الْبَازِي فَكل 1299 - فِي الْبَعِير الشارد قَالَ أَصْحَابنَا إِذا لم يقدر على ذَكَاته فَإِنَّهُ يقتل كالصيد وَيكون مذكاة وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ رَضِي الله عَنْهُمَا وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث لَا يُؤْكَل إِلَّا أَن ينْحَر وَرُوِيَ عَن ابْن مَسْعُود وَابْن عمر ومسروق مثل أَصْحَابنَا 1300 - فِي الْكَلْب يزْجر بعد انفلاته قَالَ أَصْحَابنَا إِذا انفلت الْكَلْب من صَاحبه فزجره وسمى فاصطاد أكل وَقَالَ مَالك إِن كَانَ الْكَلْب خرج لطلب الصَّيْد ثمَّ زَجره لم يُؤْكَل وَكَذَلِكَ إِن لم يكن فِي يَده فأشلاه فَإِن كَانَ فِي يَده فأشلاه أكل وَلَا يُؤْكَل إِن لم يكن فِي يَده وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ مثل قَوْلنَا 1301 - فِي الصَّيْد يَقع على الأَرْض أَو غَيرهَا قَالَ أَصْحَابنَا إِذا رمى الصَّيْد فِي الْهَوَاء فَوَقع على جبل فتردى وَمَات الحديث: 1299 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 202 لم يُؤْكَل وَإِن وَقع على الْجَبَل أَو الأَرْض فَمَاتَ مَكَانَهُ أكل وَإِن وَقع فِي مَاء لم يُؤْكَل وقو الشَّافِعِي رَضِي الله عَنْهُم وَقَالَ مَالك رَضِي الله عَنهُ إِذا أعَان على قَتله غرق أَو برد أَو كلب غير معلم لم يُؤْكَل وَإِن وَقع إِلَى الأَرْض فأدركه وسهمه لم ينفذ مقاتله لم يُؤْكَل وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَن ان يكون مَوته من المسقطة وَكَذَلِكَ فِي الوعل يكون على شرف فَيَقَع وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي طَائِر رَمَاه رجل وَهُوَ يطير فِي الجو فَوَقع فِي مَاء فَوَجَدَهُ مَيتا لم يَأْكُلهُ وَإِن وَقع على الأَرْض مَيتا أكله وَقد روى عدي بن حَاتِم عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا وَقعت رميتك فِي مَاء فَلَا تَأْكُل 1302 - فِي كَيْفيَّة ذَكَاة الموقوذة والمتردية وَنَحْوهمَا قَالَ أَصْحَابنَا فِي الأَصْل المتردية إِذا أدْرك ذكاتها قبل أَن تَمُوت أكلت وَكَذَلِكَ النطيحة والموقودة وَكَذَلِكَ مَا أكل السَّبع وَعَن أبي يُوسُف فِي الْإِمْلَاء أَنه إِذا بلغ بِهِ ذَلِك حَالا لَا يعِيش من مثلهَا لم يُؤْكَل وَإِن ذكى قبل الْمَوْت الحديث: 1302 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 203 وَذكر ابْن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد أَنه إِن كَانَ يعِيش مِنْهُ الْيَوْم وَنَحْوه أَو دونه فذكاها حلت وَإِن كَانَ لَا يبْقى إِلَّا كبقاء الْمَذْبُوح لم يُؤْكَل وَإِن ذبح وَاحْتج بِأَن عمر رَضِي الله عَنهُ كَانَت جراحته متلفة وَصحت عهوده أوامره وَلَو قَتله قَاتل فِي ذَلِك الْوَقْت كَانَ عَلَيْهِ الْقود وَقَالَ مَالك رَضِي الله عَنهُ إِذا أدْرك ذكاتها وَهِي حَيَّة تضرب أكل وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا صَارَت بِحَال لَا تعيش أبدا لم تُؤْكَل وَإِن ذبحت وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا كَانَ فِيهَا حَيَاة فذبحت أكلت والمصبورة إِذا ذبحت لَا تُؤْكَل وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ فِي السَّبع إِذا شقّ بطن الشَّاة فاستيقن أَنَّهَا تَمُوت إِن لم تذك فذكيت فَلَا بَأْس بأكلها قَالَ أَبُو جَعْفَر لم يَخْتَلِفُوا فِي الْأَنْعَام إِذا أصابتها الْأَمْرَاض المتلفة الَّتِي قد تعيش مَعهَا مُدَّة قَصِيرَة أَو طَوِيلَة إِن ذكاتها بِالذبْحِ فَإِنَّهَا لَو صَارَت فِي حَال النزع وَالِاضْطِرَاب للْمَوْت أَنه لَا ذَكَاة لَهَا فَكَذَلِك يَنْبَغِي فِي الْقيَاس أَن يكون حكم المتردية وَنَحْوهَا 1303 - فِي صيد الْكِتَابِيّ قَالَ أَصْحَابنَا يحل صيد الْكِتَابِيّ كَمَا يحل ذَبِيحَته وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَاللَّيْث وَالْأَوْزَاعِيّ رَضِي الله عَنْهُم وَقَالَ مَالك لَا يُؤْكَل صيد الْكِتَابِيّ ويؤكل ذَبِيحَته الحديث: 1303 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 204 1304 - فِي صيد النَّصَارَى قَالَ أَصْحَابنَا إِذا أرسل كَلْبه وسمى باسم الله أكل وَإِن سمى باسم الْمَسِيح لم يُؤْكَل وَلَا فرق عِنْدهم بَين الْعَرَب والعجم وَقَالَ مَالك رَضِي الله عَنهُ مَا ذبحوه لكنائسهم أكره أكله وَمَا سمي عَلَيْهِ باسم الْمَسِيح لَا يُؤْكَل وَالْعرب والعجم فِيهِ سَوَاء وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا ذبح وَأهل بِهِ لغير الله كرهه وَهُوَ قَول إِبْرَاهِيم قَالَ الثَّوْريّ بَلغنِي عَن عَطاء أَنه قَالَ قد أحل الله مَا أهل لغير الله لِأَنَّهُ قد علم أَنهم سيقولون هَذَا القَوْل قَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا سَمعه يُرْسِلهُ باسم الْمَسِيح أكل وَقَالَ فِيمَا ذبح أهل الْكِتَابَيْنِ لكنائسهم وأعيادهم كَانَ مَكْحُول لَا يرى بِهِ بَأْسا وَيَقُول هَذِه كَانَت ذَبَائِحهم قبل نزُول الْقرَان ثمَّ أحلهَا الله تَعَالَى فِي كِتَابه وَهُوَ قَول اللَّيْث وَقَالَ الرّبيع عَن الشَّافِعِي لَا خير فِي ذَبَائِح نَصَارَى الْعَرَب قَالَ وَمن دَان دين أهل الْكتاب قبل نزُول الْقرَان وَخَالف دين أهل الْأَوْثَان قبل نزُول الْقرَان فَهُوَ خَارج من أهل الْأَوْثَان وَتقبل مِنْهُ الْجِزْيَة عَرَبيا كَانَ أَو عجميا وَمن دخل عَلَيْهِ الاسلام وَلم يدن دين أهل الْكتاب عَرَبيا كَانَ أَو عجميا لم تقبل مِنْهُ الْجِزْيَة وَإِن دَان بدين أهل الْكتاب وَلَا يقبل مِنْهُ إِلَّا الاسلام أَو السَّيْف قَالَ أَبُو جَعْفَر روى سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لَا إِكْرَاه فِي الدّين} الْبَقَرَة 256 قَالَ كَانَت الْمَرْأَة من الْأَنْصَار لَا يعِيش لَهَا ولد فتحلف لَئِن عَاشَ لَهَا ولد ليهودنه فَلَمَّا أجليت بَنو النَّضِير إِذا فيهم نَاس من أَبنَاء الْأَنْصَار فَقَالَت الْأَنْصَار يَا رَسُول الله أَبْنَاؤُنَا فَأنْزل الله تَعَالَى {لَا إِكْرَاه فِي الدّين} الحديث: 1304 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 205 قَالَ سعيد فَمن شَاءَ لحق بهم وَمن شَاءَ دخل فِي الاسلام فَلم يفرق بَين من دَان باليهودية قبل نزُول الْقرَان أَو بعده وروى عبَادَة بن نسي عَن غُضَيْف بن الْحَارِث أَن عَاملا لعمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ كتب إِلَيْهِ أَن نَاسا من السامرة يقرؤون التَّوْرَاة ويسبتون السبت وَلَا يُؤمنُونَ بِالْبَعْثِ فَكتب إِلَيْهِ عمر أَنهم طَائِفَة من أهل الْكتاب وَمُحَمّد بن سِيرِين عَن عُبَيْدَة قَالَ سَأَلت عليا عَلَيْهِ السَّلَام عَن ذَبَائِح نَصَارَى الْعَرَب قَالَ لاتحل ذَبَائِحهم فَإِنَّهُم لم يتعلقوا من دينهم بِشَيْء إِلَّا بِشرب الْخمر وروى عَطاء بن السَّائِب عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ قَالَ كلوا من ذَبَائِح بني تغلب وَتَزَوَّجُوا من نِسَائِهِم قَالَ الله تَعَالَى فِي كِتَابه {وَمن يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُم فَإِنَّهُ مِنْهُم} الْمَائِدَة 51 فَلم يَكُونُوا مِنْهُم إِلَّا بِالْولَايَةِ وَلم يفرق أحد من هَؤُلَاءِ بَين من دَان بذلك قبل نزُول الْقرَان أَو بعده وَلم يُخَالف عَلَيْهِم وَاحِد مِنْهُم فَصَارَ إِجْمَاعًا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 206 1305 - فِي ذَبَائِح الصابئيين فِي الأَصْل لَا يُؤْكَل ذَبَائِح الصابئيين لأَنهم لَيْسُوا أهل كتاب وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ الْمَجُوس أهل كتاب تُؤْخَذ مِنْهُم الْجِزْيَة وَلَا ينْكح نِسَاؤُهُم وَكَذَلِكَ الصابئيون والسامرة فَقِيَاس قَوْله أَن لَا يُؤْكَل ذَبَائِحهم قَالَ أَبُو جَعْفَر وَأما الْيَهُود وَالنَّصَارَى فَلهم كتاب وَهُوَ التَّوْرَاة والانجيل وَنحن نؤمن بِهِ وَغَيرهم لَا نعلم لَهُم كتابا من عِنْد الله يقرؤونه وَقَول الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ الْمَجُوس أهل كتاب لَا يُوجد لَهُ مخرج إِلَّا فِي شَيْء رَوَاهُ أَبُو سعد الْبَقَّال وَهُوَ لَا يحْتَج بِهِ 1306 - فِي ذَبِيحَة صبي وَأحد أَبَوَيْهِ كتابي قَالَ أَصْحَابنَا إِذا كَانَ أحد أَبَوَيْهِ كتابيا فَالْوَلَد كتابي وَقَالَ مَالك يلْحق بِالْأَبِ دون الْأُم على أَي دين كَانَ الحديث: 1305 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 207 وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ إِذا كَانَ أَحدهمَا مجوسيا لم يُؤْكَل ذَبِيحَته قَالَ أَبُو جَعْفَر اتَّفقُوا أَنه يلْحق بِالْأُمِّ فِي الْجِزْيَة وَأَن الْأَب إِذا كَانَ مُسلما فَهُوَ مُسلم فأحرى أَن يكون مُسلما بِإِسْلَام الْأُم وللكتابي بعض أَحْكَام الْمُسلمين فيتبعه أَيهمَا كتابي 1307 - فِيمَا يذكي بِهِ قَالَ أَصْحَابنَا لَا تجوز الذَّبِيحَة بظفر وَلَا بسن غير منزوع وَإِن ذبح بسن منزوع أَو ظفر منزوع أَو قصب أَو غَيره مِمَّا يفري الْأَوْدَاج وينهر الدَّم فَهُوَ مذكاة وَقَالَ مَالك رَضِي الله عَنهُ كل مَا أبضع من عظم أَو غَيره ففرى الْأَوْدَاج فَلَا بَأْس بِهِ وَقَالَ الثَّوْريّ رَضِي الله عَنهُ كل مَا فرى الْأَوْدَاج فَهُوَ ذَكَاة إِلَّا السن وَالظفر وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ رَضِي الله عَنهُ لَا يذبح بصدف الْبَحْر وَكَانَ الْحسن بن حَيّ يكره أَن يذبح بالقرن وَالسّن والعظم وَالظفر وَقَالَ اللَّيْث لَا بَأْس بِأَن يذبح كل مَا أنهر الدَّم إِلَّا الْعظم وَالظفر وَالسّن وَالشَّافِعِيّ رَضِي الله عَنهُ اسْتثْنى الظفر وَالسّن الحديث: 1307 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 208 قَالَ أَبُو جَعْفَر السن وَالظفر المنهى عَن الذَّبِيحَة بهما إِذا كَانَتَا قائمتين فِي صاحبتهما فَأَما المنزوعتان فَلَا لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي الظفر إِنَّهَا مدى الْحَبَشَة وَقَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ ذَلِك الخنق 1308 - فِي قطع الْأَوْدَاج قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قطع ثَلَاثَة من الْأَوْدَاج جَازَ والأوداج أَرْبَعَة وَهِي الْحُلْقُوم والمريء وعرقان من كل جَانب قَالَه أَبُو يُوسُف قَالَ وَقَالَ أَبُو حنيفَة فَإِذا قطع من هَذِه ثَلَاثَة أكل من أَي جَانب كَانَ وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث رَضِي الله عَنْهُمَا يحْتَاج أَن تقطع الْأَوْدَاج والحلقوم وَإِن ترك شَيْئا مِنْهَا لم يجز وَلم يذكر المريء وَقَالَ الثَّوْريّ لَا بَأْس إِذا قطع الْأَوْدَاج وَإِن لم يقطع الْحُلْقُوم وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ أقل مَا يجزىء من الذَّكَاة قطع الْحُلْقُوم والمريء وَيَنْبَغِي أَن يقطع الودجين وهما العرقان وَقد ينسلان من الْبَهِيمَة والانسان ثمَّ يحيا فَإِن لم يقطع العرقين وَقطع الْحُلْقُوم والمريء جَازَ قَالَ أَبُو جَعْفَر لم يَخْتَلِفُوا أَنه يَنْبَغِي أَن تقطع هَذِه الْأَرْبَع فَإِن لم يكن قطع الودجين من شَرَائِط الذَّكَاة لَكَانَ فعله مَنْهِيّا عَنهُ لِأَنَّهُ لَا يحْتَاج إِلَيْهِ فِي صِحَة الذَّكَاة الحديث: 1308 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 209 1309 - فِي نحر الْبَقر وَذبح الْبَعِير قَالَ أَصْحَابنَا وَاللَّيْث وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ رَضِي الله عَنْهُم إِن نحر الْبَقَرَة أَو ذبح الْجَزُور كره وَجَاز وَقَالَ مَالك إِن نحرت الْبَقَرَة أكلت أَو نحرت الشَّاة أَو شَيْئا من الطُّيُور لم يُؤْكَل إِذا كَانَ ذَلِك من غير ضَرُورَة وَقَالَ الْحسن بن حَيّ يُعجبنِي أَن تنحر الْبَقَرَة وَهُوَ قَول مُجَاهِد قَالَ أَبُو جَعْفَر رَوَت فَاطِمَة بنت الْمُنْذر عَن أَسمَاء بنت أبي بكر قَالَت نحرنا فرسا على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأكلناه 1310 - فِي الْجَرَاد قَالَ أَبُو جَعْفَر يُؤْكَل الْجَرَاد كَيفَ مَاتَ وَهُوَ قَول الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ مَالك رَضِي الله عَنهُ مَا وجده مَيتا لم يَأْكُلهُ وَمَا أَخذه حَيا فَغَفَلَ عَنهُ حَتَّى مَاتَ لم يَأْكُلهُ وَإِن أَخَذته حَيا فَجَعَلته فِي غرارة فَمَاتَ لم يُؤْكَل إِلَّا مَا قطعت رَأسه وَإِن طرحته فِي النَّار وَهُوَ حَيّ من غير أَن تقطع رَأسه فَهُوَ حَلَال أَيْضا وَقَالَ اللَّيْث إِذا أَخذه حَيا ثمَّ مَاتَ فَلَا بَأْس بِهِ وَيكرهُ أكله إِذا وجده مَيتا 1311 - فِي شحوم ذَبَائِح الْيَهُود قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَاللَّيْث وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ رَضِي الله عَنْهُم لَا بَأْس بِهِ الحديث: 1309 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 210 وَقَالَ مَالك وَعبيد الله بن الْحسن رَضِي الله عَنْهُمَا لَا يُؤْكَل قَالَ أَبُو جَعْفَر قَوْله تَعَالَى {وَطَعَام الَّذين أُوتُوا الْكتاب حل لكم} الْمَائِدَة 5 المُرَاد ذَبَائِحهم والشحوم وَإِن كَانَت مُحرمَة عَلَيْهِم فَإِنَّهُ قد أَبَاحَ لنا أكله وَيَنْبَغِي على قَول مَالك رَضِي الله عَنهُ أَن لايجوز أكل ذَبِيحَة الْيَهُودِيّ من الْإِبِل وَمن كل ذِي ظفر لِأَن الله تَعَالَى قَالَ {وعَلى الَّذين هادوا حرمنا كل ذِي ظفر} الانعام 146 وَكَانَ لحم الْجمل محرما عَلَيْهِم وَيلْزمهُ أَن لايأكل مَا اصطاده من السّمك يَوْم السبت 1312 - فِي ذَبِيحَة الْمُرْتَد قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ وَالثَّوْري رَضِي الله عَنْهُم لاتؤكل ذَبِيحَة الْمُرْتَد وَإِن تهود أَو تنصر وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ تُؤْكَل ذَبِيحَته إِذا تنصر أَو تهود لقَوْل الله تَعَالَى {وَمن يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُم فَإِنَّهُ مِنْهُم} الْمَائِدَة 51 المُرَاد من تولاهم من مُشْركي الْعَرَب فَصَارَ إِلَى دينهم فَأَما من كَانَ مُسلما فَلَا لِأَنَّهُ لايقر عَلَيْهِ 1313 - فِي أكل الضَّب قَالَ أَصْحَابنَا يكره أكل الضَّب وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ رَضِي الله عَنْهُمَا لابأس بِهِ روى الْأَعْمَش عَن زيد بن وهب الْجُهَنِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن حَسَنَة قَالَ نزلنَا أَرضًا كَثِيرَة الضباب فأصابتنا مجاعَة فطبخنا مِنْهَا فَإِن الْقُدُور لتغلى بهَا الحديث: 1312 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 211 إِذا جَاءَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ مَا هَذَا قُلْنَا ضباب أصبناها فَقَالَ إِن أمة من بني إِسْرَائِيل مسخت دَوَاب الأَرْض فَإِنِّي أخْشَى أَن تكون هَذِه فاكفئوها وروى ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله لم يهْلك قوما فَيجْعَل لَهُم نَسْلًا وَلَا عَاقِبَة وَقَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَهْدَت خَالَتِي أم حفيد إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أقطا وَسمنًا وضبابا فَأكل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الأقط وَالسمن وَلم يَأْكُل من الضَّب وَأكل على مائدة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَو كَانَ لَهُ حَرَامًا مَا أكل على مائدة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وروى أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنه أهدي لَهَا ضَب فَدخل عَلَيْهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلته عَن أكله فَنَهَاهَا عَنهُ فجَاء سَائل فَقَامَتْ لتنَاوله إِيَّاه فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أتطعمينه مَا لَا تأكلين وروى حَمَّاد بن سَلمَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم عَن الْأسود عَن عَائِشَة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 212 رَضِي الله عَنْهَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أهدي لَهُ ضَب فَلم يَأْكُلهُ فَقَامَ عَلَيْهِم سَائل فَأَرَادَتْ عَائِشَة أَن تعطيه فَقَالَ لَهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أتعطينه مَالا تأكلين 1314 - فِي هوَام الأَرْض كره أَصْحَابنَا أكل هوَام الأَرْض اليربوع والقنفذ والفأر والحيات والعقارب وَجَمِيع هوَام الأَرْض وَقَالَ ابْن أبي ليلى لَا بَأْس بالحية إِذا ذكيت وَهُوَ قَول مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ إِلَّا أَنه لم يشْتَرط الذَّكَاة وَقَالَ اللَّيْث لَا بَأْس بِأَكْل الْقُنْفُذ وفراخ النَّحْل ودود الْجُبْن وَالتَّمْر وَنَحْوه وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك لَا بَأْس بِأَكْل الضفدع قَالَ ابْن الْقَاسِم قَول مَالك رَضِي الله عَنهُ لَا بَأْس بِأَكْل خشَاش الأَرْض وعقاربها ودودها لِأَنَّهُ قَالَ مَوته فِي المَاء لَا يُفْسِدهُ وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ مَا كَانَت الْعَرَب تستقذره فَهُوَ من الْخَبَائِث كاذئب والأسد والغراب والحية والحدأة وَالْعَقْرَب والفأرة وَلِأَنَّهَا تقصد بالأذى فَهِيَ مُحرمَة من الْخَبَائِث وَكَانَت تَأْكُل الضبع والثعلب لِأَنَّهَا لَا يعدوان عَن النَّاس بأنيابهما فهما حَلَال الحديث: 1314 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 213 1315 - فِي صيد الْبَحْر والطافي قَالَ أَصْحَابنَا لَا يُؤْكَل السّمك الطافي ويؤكل مَا سواهُ من السّمك وَلَا يُؤْكَل شَيْء من حَيَوَان الْبَحْر إِلَّا السّمك وَقَالَ ابْن أبي ليلى لَا بَأْس بِأَكْل شَيْء يكون فِي الْبَحْر من الضفدع والسرطان وحية المَاء وَغير ذَلِك وَهُوَ قَول مَالك وَالثَّوْري رِوَايَة وَقَالَ الثَّوْريّ ويذبح عَنهُ وروى عَنهُ أَبُو إِسْحَاق الْفَزارِيّ أَنه قَالَ لَا يُؤْكَل من صيد الْبَحْر إِلَّا السّمك وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ صيد الْبَحْر كُله حَلَال وَرَوَاهُ عَن مُجَاهِد وَكره الْحسن بن حَيّ أكل الطافي وَقَالَ اللَّيْث لَيْسَ بميتة الْبَحْر بَأْس وَلَا بَأْس بكلب المَاء وَالَّذِي يُقَال لَهُ برثن المَاء وَلَا يُؤْكَل إِنْسَان المَاء وَلَا خِنْزِير المَاء وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ مَا يعِيش فِي المَاء حل أكله وَأخذ وذكاته وَلَا بَأْس بخنزير المَاء قَالَ أَبُو جَعْفَر روى إِسْمَاعِيل بن أُميَّة عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا ألْقى الْبَحْر أَو جزر عَنهُ فكلوه وَمَا مَاتَ فِيهِ وطفا فَلَا تأكلوه الحديث: 1315 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 214 فَإِن قيل روى الثَّوْريّ وَحَمَّاد بن سَلمَة فَلم يتجاوزوا بِهِ جَابِرا قيل لَهُ لَيْسَ إِسْمَاعِيل بن أُميَّة فِيمَا يرويهِ عَن أبي الزبير بدونهما وزيادته مَقْبُولَة عَلَيْهِمَا وروى عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه كره الطافي من السّمك وَعَن أبي بكر رَضِي الله عَنهُ لَا بَأْس بِهِ فَإِن قيل روى مَالك بن أنس رَضِي الله عَنهُ عَن صَفْوَان بن سليم عَن سعيد بن سَلمَة الْأَزْرَقِيّ عَن الْمُغيرَة بن أبي بردة عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ فِي الْبَحْر هُوَ الطّهُور مَاؤُهُ الْحل ميتَته الجزء: 3 ¦ الصفحة: 215 قيل لَهُ سعيد بن سَلمَة مَجْهُول لَا يعرف بالثبت فَيقطع بروايته وَقد خَالفه فِي إِسْنَاده يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ فَرَوَاهُ عَن الْمُغيرَة بن عبد الله وَهُوَ ابْن أبي بردة عَن أَبِيه عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وروى يحيى بن أَيُّوب عَن جَعْفَر بن ربيعَة وَعمر بن الْحَرْب عَن بكر بن سوَادَة عَن أبي مُعَاوِيَة الْعلوِي عَن مُسلم بن مخشي المدلجي عَن الفراسي أَن رسو الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي الْبَحْر هُوَ الطّهُور مَاؤُهُ الْحل ميتَته قَالَ وَهَذَا مِمَّا لَا يحْتَج بِمثلِهِ 1316 - فِي لُحُوم الْخَيل قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالْأَوْزَاعِيّ لَا تُؤْكَل وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالشَّافِعِيّ رَضِي الله عَنْهُم تُؤْكَل روى صَالح بن يحيى بن الْمِقْدَام عَن أَبِيه عَن جده عَن خَالِد بن الْوَلِيد الحديث: 1316 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 216 رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن لُحُوم الْخَيل وَالْبِغَال وَالْحمير وَعَن جَابر رَضِي الله عَنهُ أطعمنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لُحُوم الْخَيل ونهانا عَن لُحُوم الْحمر قَالَ أَبُو جَعْفَر خبر الْإِبَاحَة أصح وَالْقِيَاس أَن لَا يُؤْكَل لِأَنَّهُ من ذَوَات الْحَافِر كالحمير 1317 - فِي الْجَلالَة كره ابو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ وَأَصْحَابه لُحُوم الْإِبِل الْجَلالَة حَتَّى تحبس أَيَّامًا وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ اكرهه إِن لم يَأْكُل غير الْعذرَة كرهته وَإِن كَانَ أَكثر عَلفهَا غَيرهَا لم أكرهه وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث لَا بَأْس بلحوم الْجَلالَة كالدجاج قَالَ أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ الدَّجَاج يخلط وَالْجَلالَة لَا تَأْكُل غير الْعذرَة وَهِي الَّتِي نكره وَقد روى سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن الْجَلالَة الحديث: 1317 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 217 1318 - فِي وَقت الْأُضْحِية قَالَ أَصْحَابنَا يَوْم النَّحْر ويومان من بعده وَهُوَ قَول مَالك وَالثَّوْري وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ يَوْم النَّحْر وَأَيَّام منى كلهَا إِلَى المغيب قَالَ أَبُو جَعْفَر روى سُلَيْمَان بن مُوسَى عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي حُسَيْن عَن جُبَير بن مطعم عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل فجاج منى منحر وكل أَيَّام التَّشْرِيق ذبح قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل لم يسمع ابْن أبي حُسَيْن من جُبَير بن مطعم وَإِنَّمَا يروي عَن شهر أَكثر رِوَايَته وَقد روى عَن أبي الطُّفَيْل وَعَن طَاوُوس وَهُوَ عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي حُسَيْن وَذكر عمر بن سعيد بن أبي حُسَيْن فَقَالَ عبد الله أقدم مِنْهُ وَقد روى عَن ابْن عَبَّاس وَابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا وَأنس أَن الذّبْح يَوْم النَّحْر ويومان بعده وَلم يرو عَن غَيرهم من الصَّحَابَة خِلَافه فَثَبت حجَّته وَأَيْضًا فَإِن مثله لَا يُقَال من جِهَة الرَّأْي فَدلَّ أَنه تَوْقِيف الحديث: 1318 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 218 1319 - فِي ذبح الْأُضْحِية قبل الإِمَام قَالَ أَصْحَابنَا لَا يجوز ذَبحهَا قبل الصَّلَاة وَيجوز بعد الصَّلَاة قبل أَن تذبح الايام وَهُوَ قَول اللَّيْث قَالَ مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ لَا يجوز أضْحِية قبل أَن يذبح الإِمَام قَالَ فِي حَدِيث الْبَراء أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أول نسكنا فِي يَوْمنَا هَذَا الصَّلَاة ثمَّ نرْجِع فننحر فَدلَّ أَن وَقت النَّحْر بعد الصَّلَاة فَمن فعله فِي وقته أَجزَأَهُ وروى هِشَام عَن مُحَمَّد عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى ثمَّ خطب وَأمر من كَانَ ذبح قبل الصَّلَاة أَن يُعِيد ذبحا وروى سُفْيَان عَن الْأسود بن قيس عَن جُنْدُب أَن نَاسا ذَبَحُوا أضْحِية قبل الصَّلَاة فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كَانَ ذبح مِنْكُم قبل الصَّلَاة فليعد وَمن لَا فليذبح على اسْم الله فَإِن قيل روى ابْن جريح عَن أبي الزبير عَن جَابر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى يَوْم النَّحْر بِالْمَدِينَةِ فَتقدم رجال فنحروا وظنوا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد نحر فَأمر من كَانَ نحر قبله أَن يُعِيد بِذبح آخر وَلَا ينْحَر حَتَّى ينْحَر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الحديث: 1319 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 219 قيل لَهُ هَذَا رِوَايَة ابْن جريح رَوَاهُ حَمَّاد بن سَلمَة عَن أبي الزبير أَن رجلا ذبح قبل أَن يُصَلِّي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عتودا جذعا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تُجزئ عَن أحد بعْدك وَنهى أَن يذبحوا قبل أَن يُصَلِّي 1320 - فِي وجوب الْأُضْحِية فِي الأَصْل عَن أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ أَنَّهَا وَاجِبَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَيست بواجبة وَقَالَ مَالك رَضِي الله عَنهُ على النَّاس كلهم أضْحِية للْمُسَافِر والمقيم وَمن تَركهَا من غير عذر فبئس مَا وصنع وَقَالَ الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ رَضِي الله عَنْهُمَا لَيست بواجبة وَقَالَ الثَّوْريّ لَا بَأْس بِتَرْكِهَا وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن يُؤثر بهَا أَبَاهُ أحب إِلَى من أَن يُضحي قَالَ روى زيد بن الْحباب عَن عبد الله بن عَيَّاش أبي عَيَّاش قَالَ حَدثنِي الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كَانَ لَهُ يسَار فَلم يضح فَلَا يقربن مصلانا الحديث: 1320 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 220 قَالَ فَلم يرفعهُ عَن زيد بن الْحباب عَن عبد الله بن عَيَّاش وَقد رَوَاهُ عبيد الله بن أبي جَعْفَر عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من وجد سَعَة فَلم يضح فَلَا يقربن مصلانا وَعبيد الله بن جَعْفَر فَوق ابْن عَيَّاش فِي الضَّبْط وَالْجَلالَة فَلم يرفعهُ وروى الشّعبِيّ عَن أبي سريحَة قَالَ رَأَيْت أَبَا بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا وَمَا يضحيان كَرَاهَة أَن يقْتَدى بهما وَقَالَ عِكْرِمَة كَانَ ابْن عَبَّاس يَبْعَثنِي يَوْم الْأَضْحَى بِدِرْهَمَيْنِ اشْترى لَهُ لَحْمًا وَيَقُول من لقِيت فَقل هَذِه أضْحِية ابْن عَبَّاس وَقَالَ ابْن عمر لَيست بحتم وَلَكِن سنة ومعروف قَالَ أَبُو مَسْعُود الْأنْصَارِيّ إِنِّي لأدع الْأَضْحَى وَأَنا مُوسر مَخَافَة أَن يرى جيراني أَنه حتم عَليّ قَالَ قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأبي بردة إِنَّمَا تجرئ عَنْك وَلَا تجرئ عَن أحد بعْدك يدل على الْوُجُوب قيل لِأَنَّهُ كَانَ أوجبه ثمَّ أتْلفه فَأوجب إِعَادَته قيل لَهُ لَو أَرَادَ هَذَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 221 لتعرف قيمَة المتلفة ليأمره بِمِثْلِهَا فَلَمَّا لم يعْتَبر ذَلِك دلّ على أَنه لم يقْصد إِلَى مَا ذكرت وَالله أعلم 1320 - فِي وَقت أضْحِية اهل السوَاد قَالَ أَصْحَابنَا من ذبح من أهل السوَاد بعد طُلُوع الْفجْر من يَوْم النَّحْر أَجزَأَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِم صَلَاة الْعِيد وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَقَالَ مَالك يذبح أهل الْبَوَادِي إِذا نحر أقرب ائمة الْقرى إِلَيْهِم فينحرون بعده فَإِن لم يَفْعَلُوا أخطأوا وَإِن نحرُوا قبله أجزأهم وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ وَقت الذّبْح قدر صَلَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين حلت لَهُ الصَّلَاة وَقدر خطبتين وَأما صَلَاة من بعده فَلَيْسَ فِيهَا وَقت وَعَن عَطاء يذبح أهل الْقرى بعد طُلُوع الشَّمْس 1321 - فِيمَا تجزىء عَن أَكثر من وَاحِد قَالَ أَصْحَابنَا تجزىء الْبَدنَة عَن سَبْعَة وَالْبَقَرَة عَن سَبْعَة وَالشَّاة عَن وَاحِد وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ مثل ذَلِك وَقَالَ مَالك يجوز أَن يذبح الشَّاة وَالْبَقر والبدنة عَن نَفسه وَعَن أهل الْبَيْت وَإِن كَانُوا أَكثر من سَبْعَة بشركتهم فِيهَا وَلَا يجزىء أَن يشتروا بَينهم بِالشّركَةِ فيذبحونها إِنَّمَا يجزىء إِذا تطوع عَنْهُم وَلَا يجزىء عَن الأ جنبيين وَقَالَ اللَّيْث مثله فِي السّفر الحديث: 1321 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 222 وَرُوِيَ عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه جعل يَوْم الْحُدَيْبِيَة الْبَدنَة عَن سَبْعَة وَالْبَقَرَة عَن سَبْعَة وروى مَرْوَان بن الحكم والمسور بن مخرمَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جعل الْبَدنَة عَن عشرَة لِأَنَّهُ نحر سبعين بَدَنَة وَكَانُوا سَبْعمِائة وروى ذَلِك مُحَمَّد بن إِسْحَاق وروى الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن مَرْوَان والمسور أَنهم كَانُوا بضع عشرَة مائَة وَقَالَ جَابر كُنَّا يَوْم الْحُدَيْبِيَة ألف وَأَرْبَعمِائَة وَقَالَ جَابر كُنَّا يَوْم الْحُدَيْبِيَة ألف وَأَرْبَعمِائَة وروى علْبَاء بن أَحْمَر عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سفر فضحيناالبعير عَن عشرَة وَعَن رَافع بن خديج أَنهم ذَبَحُوا إبِلا قبل أَن يقسم فَأمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بإكفاء الْقُدُور ثمَّ عدل كل عشرَة من الْغنم بجزور فَأخْبر أَن تَعْدِيل الْعشْرَة من الْغنم بالبعير كَانَ فِي الْقِسْمَة وَحَدِيث ابْن عَبَّاس فِي السّفر يجوز أَن يكون هُوَ حَدِيث مَرْوَان والمسور فِي سفر الْحُدَيْبِيَة وَقد اتَّفقُوا على جَوَازهَا عَن سَبْعَة وَاخْتلفُوا فِيمَا زَاد فَلم يثبت إِلَّا بتوقيف الجزء: 3 ¦ الصفحة: 223 واتفاق والاشتراك فِي الْبَدنَة جَائِز قد شرك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عليا رَضِي الله عَنهُ فِي الْبدن وروى عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه أجَاز الْبَقَرَة عَن سَبْعَة فِي الْأُضْحِية وَلم يذكر فِيهِ أهل الْبَيْت وَاحِد وَقَالَ مَنْصُور عَن ربعي كَانَ أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُونَ الْبَقَرَة عَن سَبْعَة وَمُحَمّد بن عبد الرَّحْمَن بن ثَوْبَان عَن أنَاس من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالُوا الْبَقَرَة عَن سَبْعَة 1322 - فِي الْوَحْش هَل يُجزئ فِي الْأُضْحِية قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ رَضِي الله عَنْهُم لَا يُجزئ شَيْء من الْوَحْش فِي الضَّحَايَا وَقَالَ الْحسن بن حَيّ تُجزئ بقرة الْوَحْش عَن سَبْعَة والظبي عَن وَاحِد بِمَنْزِلَة الْمعز قَالَ اتَّفقُوا على أَنه لَا قربَة فِي ذَبحهَا فِي جَزَاء الصَّيْد وكفارات الْإِحْرَام وَكَذَلِكَ فِي الْأُضْحِية إِذْ لَا قربَة فِي ذَبحهَا الحديث: 1322 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 224 1323 - فِي لبن الْأُضْحِية قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اوجب أضْحِية بِعَينهَا لم ينْتَفع بصوفها ولالبنها وَهُوَ قَول مَالك رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ لَا يشرب من لَبنهَا إِلَّا مَا فضل عَن وَلَدهَا قَالَ الشَّافِعِي لَا يجز صوفها 1324 - إِذا ولدت الْأُضْحِية قَالَ أَصْحَابنَا يذبحها وَوَلدهَا وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ رَضِي الله عَنْهُم وَقَالَ مَالك رَضِي الله عَنهُ إِن ذبح الْوَلَد فَحسن لَا أرى ذَلِك وَاجِبا 1325 - فِي الشكاة تُجزئ فِي الْأُضْحِية قَالَ فِي الأَصْل إِذا لم تكن لَهَا أذن خلقَة أجرأت فِي الْأُضْحِية والعمياء خلقَة لَا تُجزئ وروى بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ أَنَّهَا إِن لم تكن لَهَا أذن خلقَة لم تجرئ وَإِن كَانَت صَغِيرَة الْأذن أجرأت وروى عَن مَالك نَحوه وَهُوَ قَول الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ 1326 - فِي الشَّاة تذبح من قفاها قَالَ أَصْحَابنَا إِن لم تمت حَتَّى قطع الْأَوْدَاج فَلَا بَأْس بأكلها وَإِن مَاتَت فَبل ذَلِك لم تُؤْكَل وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ وَعبد الله بن الْحُسَيْن الحديث: 1323 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 225 وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ إِن تحركت بعد قطع رَأسهَا أكلت وَإِلَّا لم تُؤْكَل وَقَالَ مَالك رَضِي الله عَنهُ لَا تُؤْكَل إِذا ذبحت من قفاها 1327 - فِي اضْطِرَاب الشَّاة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا انقلبت السكين فأصابت عينهَا فِي حَال الذّبْح أَو اضْطَرَبَتْ فَانْكَسَرت رجلهَا أَجْزَأت وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ إِذا أوجبهَا سَالِمَة ثمَّ أَصَابَهَا مَا لَا تجزىء الْأُضْحِية مَعَه أَجزَأَهُ أَن يُضحي بهَا وَإِن لم يكن أوجبهَا حَتَّى أَصَابَهَا ذَلِك لم تُجزئه 1328 - فِي ذَكَاة الْجَنِين قَالَ أَبُو حنيفَة وَزفر رَضِي الله عَنْهُمَا لايؤكل الْجَنِين إِلَّا أَن يكون حَيا فيذكى وَهُوَ قَول إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ رَضِي الله عَنْهُم يُؤْكَل وَإِن كَانَ مَيتا إِذا ذكيت الْأُم وَقَالَ مَالك رَضِي الله عَنهُ إِن تمّ خلقه وأشعر أكل وَإِن لم يتم خلقه لم يُؤْكَل وروى مجَالد بن سعيد عَن أبي الوداك جبر بن نوف الْبكالِي قَالَ سَمِعت أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ سَأَلنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقُلْنَا الحديث: 1327 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 226 يَا رَسُول الله أَحَدنَا ينْحَر النَّاقة أَو الْبَقَرَة أَو الشَّاة فنجد فِي بَطنهَا جَنِينا أنأكله أم نلقيه قَالَ كلوه إِن شِئْتُم فَإِن ذَكَاته ذَكَاة أمه وروى ابْن أبي ليلى عَن عَطِيَّة الْعَوْفِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْجَنِين ذَكَاته ذَكَاة أمه وَقد تكلم فِي مجَالد وَإِن لم يكن مَتْرُوك الحَدِيث وَابْن أبي ليلى سيء الْحِفْظ مَعَ جلالة قدره فِي الْعلم وَحَدِيث زُهَيْر فِي رُوَاته الْحسن بن بشر وروى الْحجَّاج عَن أبي إِسْحَاق عَن الْحَارِث عَن عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام وَأَيوب عَن نَافِع عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَا ذَكَاة الْجَنِين ذَكَاة أمه إِذا أشعر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 227 وَقد رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله تَعَالَى {بَهِيمَة الْأَنْعَام} إِنَّهَا الْجَنِين وَعَن الْحسن الشَّاة وَالْبَقَرَة وَالْبَعِير 1329 - فِيمَن ذبح أضْحِية رجل بِغَيْر أمره ابْن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد عَن رجل فذبح ضحاياه قد أوجبهَا عَن أَبِيه وَعَن أمه فذبح كل أضْحِية مِنْهَا عَن غير صَاحبهَا أَنَّهَا تُجزئه وَلَو ذَبحهَا عَن نَفسه مُتَعَمدا لم تجزىء عَن الَّذِي كَانَت لَهُ وَله أَن يضمن الذَّابِح فَإِن ضمهَا إِيَّاه أَجْزَأت عَن الضَّامِن وَقَالَ الثَّوْريّ لَا تجزىء وَيضمن الذَّابِح وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ تجزىء وَيضمن الذَّابِح النُّقْصَان وَالله أعلم 1330 - إِذا لم يذبح الْأُضْحِية حَتَّى مَضَت أَيَّام النَّحْر قَالَ أَصْحَابنَا إِذا أوجب أضْحِية فَلم يذبحها حَتَّى مَضَت أَيَّام النَّحْر ثمَّ تصدق بهَا أَجزَأَهُ وَقد سقط الذّبْح فَإِن ذَبحهَا بَعْدَمَا مَضَت أَيَّام النَّحْر تصدق بهَا وبالنقصان الْحَادِث بِالذبْحِ وَقَالَ مَالك إِن مَضَت أَيَّام النَّحْر فَإِن شَاءَ ذَبحهَا وَإِن شَاءَ صنع بهَا الحديث: 1329 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 228 مَا شَاءَ قَالَ وَمن هَلَكت أضحيته وَهُوَ مُوسر وَجب عَلَيْهِ أَن يَشْتَرِي مَكَانهَا فِي أَيَّام النَّحْر فيذبحها وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا لم يذبحها حَتَّى مَضَت أَيَّام النَّحْر ذَبحهَا وَأكل مِنْهَا وَأطْعم وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ يصنع بهَا أَيَّام النَّحْر كَمَا يصنع فِي أَيَّام النَّحْر 1331 - فِيمَن أوجب أضْحِية فَلَا يمضيها حَتَّى يَمُوت قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا أوجب أضْحِية ثمَّ مَاتَ قبل ذَبحهَا فالورثة يصنعون بهَا مَا شاؤوا وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا أوجبهَا صَارَت كالوقف وَخرجت عَن ملكه وَلم تورث عَنهُ وتذبح بعد وَفَاته وَقَالَ مَالك رَضِي الله عَنهُ إِذا مَاتَ صَارَت مِيرَاثا وَلَا تذبح عَنهُ 1332 - فِي جُلُود الضَّحَايَا قَالَ أَصْحَابنَا وَالْأَوْزَاعِيّ يَشْتَرِي بهَا إِن شَاءَ مَتَاع الْبَيْت وَإِن بَاعهَا بِدَرَاهِم تصدق بِالثّمن وَقَالَ مَالك يصنع بِجُلُودِهَا مَا يصنع بلحمها وَقَالَ الثَّوْريّ لَا يَبِيعهَا وَلَكِن يتَصَدَّق بهَا أَو يَجْعَلهَا سقاء أَو شَيْئا ينْتَفع بِهِ وَقَالَ اللَّيْث لَا يُبَاع الحديث: 1331 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 229 وَقَالَ الشَّافِعِي ينْتَفع بِهِ وأكره بَيْعه 1333 - فِي اعْتِبَار الْبَهِيمَة بِأحد أَبَوَيْهِ قَالَ أَصْحَابنَا إِذا كَانَت أم الْبَقَرَة أَهْلِيَّة وأبوها وَحشِي أَو أَبوهَا أَهلِي وَأمّهَا وحشية فَهِيَ تبع للْأُم دون الْأَب وَقَالَ مَالك رَضِي الله عَنهُ إِذا قرعت فحول الظبي غنمة فَلَا زَكَاة فِي أَوْلَادهَا وَإِن قرعت التيوس إناث الظباء فَلَا زَكَاة كَمَا لَا سهم لبغل وَإِن كَانَ أحد أَبَوَيْهِ من الْخَيل وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ إِذا كَانَ أحد أَبَوَيْهِ وَحشِي فَقتله الْمحرم فدَاه قَالَ أَبُو جَعْفَر الْوَلَد يتبع الْأُم لِأَنَّهُ يملكهَا مَالك الْأُم لَا مَالك الْأَب فَوَجَبَ أَن يكون الِاعْتِبَار بالابن فِيمَا ذكرنَا فَإِن قيل فالبغل غير مَأْكُول اللَّحْم وَأمه من الْخَيل قيل لَهُ لَا خرج بالخلقة الَّتِي باينت الْأُم وَالْأَب إِلَى جنس غير جنسهما فَصَارَ لَهُ حكم نَفسه 1334 - فِيمَن يُرِيد أَن يُضحي هَل يمسك عَن حلق رَأسه قَالَ أَصْحَابنَا لَا بَأْس لمن يُرِيد أَن يُضحي أَن يحلق شعره ويقص أَظْفَاره فِي عشر ذِي الْحجَّة وَهُوَ قَول مَالك وَاللَّيْث قَالَ اللَّيْث وَذكر حَدِيث سعيد بن الْمسيب عَن أم سَلمَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من دخل عَلَيْهِ مِنْكُم هِلَال ذِي الْحجَّة وَأَرَادَ أَن يُضحي فَلَا يَأْخُذ من شعره وأظفاره حَتَّى يُضحي الحديث: 1333 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 230 قَالَ اللَّيْث قد روى هَذَا النَّاس على غَيره وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِن اشْتَرَاهَا بَعْدَمَا دخل الْعشْر يكف عَن قصّ شَاربه وأظفاره وَإِن اشْتَرَاهَا قبل أَن يدْخل الْعشْر فَلَا بَأْس وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ من أَرَادَ أَن يُضحي لم يمس من شعره شَيْئا قَالَ أَبُو جَعْفَر حَدِيث أم سَلمَة هَذَا رِوَايَة مَالك عَن عَمْرو بن مُسلم عَن سعيد بن الْمسيب عَن أم سَلمَة رَوَاهُ ابْن وهب وَعُثْمَان بن عمر عَن مَالك مَوْقُوفا على أم سَلمَة وَرَوَاهُ شُعْبَة عَن مَالك عَن عَمْرو بن مُسلم عَن سعيد بن الْمسيب عَن أم سَلمَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يرفعهُ عَن مَالك أحد غير شُعْبَة وَقَالَ يحيى بن معِين يُقَال لَهُ عَمْرو بن مُسلم وَعَمْرو بن عمَارَة وَهُوَ ابْن مُسلم بن عبد الله بن أكيمَة وَزَعَمُوا أَنه كَانَ خَليفَة مُحَمَّد بن يُوسُف أخي الْحجَّاج بن يُوسُف لَيْسَ هُوَ عَمْرو بن مُسلم الجندي فَكَانَ مَالك لما لم يرض ابْن مُسلم هَذَا لم يدْخلهُ فِي موطئِهِ وَلم يعْمل بِهِ وَقد روى ابْن وهب عَن مَالك قَالَ حَدثنِي عمَارَة بن عبد الله عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ لَا بَأْس بالاطلاء بالنورة فِي عشر ذِي الْحجَّة وَتَركه الْعَمَل بِهِ يدل على أَنه غير ثَابت أَو مَنْسُوخ وروى عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا كنت أفتل قلائد هدي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 231 بيَدي فيبعث بهَا إِلَى مَكَّة وَيُقِيم فَمَا يتْرك شَيْئا يصنعه الْحَلَال حَتَّى يرجع النَّاس وَاتَّفَقُوا أَيْضا أَنه لَا بَأْس بِالْجِمَاعِ فِي أَيَّام الْعشْر لمن أَرَادَ الْأُضْحِية فَمَا دونه أَحْرَى أَن يكون مُبَاحا وَالله أعلم 1335 - فِي الْأَيَّام المعلومات ذكر أَبُو يُوسُف عَن أبي حنيفَة رَضِي الله عَنْهُمَا عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم المعلومات أَيَّام الْعشْر والمعدودات أَيَّام التَّشْرِيق وَبشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف قَالَ قَالَ عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام وَابْن عمر المعلومات أَيَّام النَّحْر وَقَالَ غَيرهمَا أَيَّام الْعشْر فِيهَا يَوْم النَّحْر وَالَّذِي أذهب إِلَيْهِ أَنَّهَا أَيَّام النَّحْر لِأَنَّهُ قَالَ {على مَا رزقهم من بَهِيمَة الْأَنْعَام} وروى نَافِع عَن ابْن عمر المعلومات يَوْم النَّحْر ويومان بعده من أَيَّام التَّشْرِيق والمعدودات أَيَّام التَّشْرِيق 1336 - فِي الْعَقِيقَة 4 - قَالَ مُحَمَّد فِي الاملاء الْعَقِيقَة تطوع وَكَانَت فِي الْجَاهِلِيَّة فعلهَا الْمُسلمُونَ فِي أول الاسلام فنسخها ذبح الْأَضْحَى فَمن شَاءَ فعلهَا وَمن شَاءَ لم يفعل الحديث: 1335 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 232 وَقَالَ مَالك يعق عَن الْيَتِيم ويضحى عَنهُ وَذكر مَالك قَول من يسْتَحبّ الْعَقِيقَة وَلَو بعصفورة قَالَ مَالك وَلَا يعق بِشَيْء من الطير لِأَنَّهُ قَالَ {على مَا رزقهم من بَهِيمَة الْأَنْعَام} وَقَالَ مَالك لَا يعق عَنهُ قبل السَّابِع وَإِن مَاتَ قبل السَّابِع لم يعق عَنهُ وَلَا يعق عَن الْكَبِير وَلَا يعق إِلَّا يَوْم السَّابِع ضحوة وَهِي سَاعَة الذّبْح فِي الضَّحَايَا يَأْكُل مِنْهَا أهل الْبَيْت وَيطْعم الْجِيرَان وَقَالَ الثَّوْريّ لَيست بواجبة وَإِن صنعت فَحسن وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ سنة من سنَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا يحلق رَأسه وَقَالَ اللَّيْث إِن لم يتهيأ أَن يعق فِي سَبْعَة أَيَّام فَلَا بَأْس بِأَن يعق بعد ذَلِك وَلَيْسَ بِوَاجِب أَن يعق عَنهُ بعد سَبْعَة أَيَّام وَقَالَ الشَّافِعِي يعق عَن الْغُلَام وَعَن الْجَارِيَة كَمَا رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَوَت أم كرز الْكَعْبِيَّة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْغُلَام شَاتَان وَعَن الْجَارِيَة شَاة وروى ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عق عَن الْحسن كَبْشًا وَعَن الْحُسَيْن كَبْشًا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 233 وروى الْحسن عَن سَمُرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْغُلَام مُرْتَهن بعقيقته يذبح عَنهُ يَوْم السَّابِع ويحلق رَأسه وَيُسمى وروى يزِيد بن عبد الْمُزنِيّ عَن أَبِيه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يعق عَن الْغُلَام وَلَا يمس رَأسه بِدَم اخر الصَّيْد والذبائح الجزء: 3 ¦ الصفحة: 234 = كتاب الْأَيْمَان وَالْكَفَّارَات = 1337 - فِي وُجُوه الْأَيْمَان بِاللَّه تَعَالَى قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري الْأَيْمَان ثَلَاثَة لَغْو وغموس وَلَا كَفَّارَة فيهمَا وَالْيَمِين المعقودة على الْمُسْتَقْبل فَفِيهَا الْكَفَّارَة إِذا حنث الحديث: 1337 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 235 واللغو عِنْدهم قَوْله لَا وَالله بلَى وَالله فِيمَا يظنّ أَنه صَادِق فِيهِ والغموس أَن يحلف على الْمَاضِي وَهُوَ عَالم بِالْكَذِبِ وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث اللَّغْو أَن يحلف على الشَّيْء يستيقن أَنه كَذَلِك ثمَّ يُوجد على غَيره فَلَا كَفَّارَة فِيهِ والغموس مثل قَوْلنَا وَلَا كَفَّارَة فِي هذَيْن وَإِنَّمَا هِيَ فِي المعقودة على الْمُسْتَقْبل قَالَ وَلَا لَغْو فِي الْحلف بِالْعِتْقِ وَالطَّلَاق وَإِنَّمَا فِي الْيَمين بِاللَّه تَعَالَى وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي اللَّغْو مثل قَوْلنَا وَقَالَ فِي الْغمُوس كَفَّارَة وَكَذَلِكَ الْحسن بن حَيّ وَقَالَ الشَّافِعِي اللَّغْو هِيَ المعقودة عَلَيْهِ وَقَالَ الرّبيع عَنهُ من حلف على شىء يرى أَنه كَذَلِك ثمَّ وجده على غير ذَلِك فَعَلَيهِ الْكَفَّارَة وروى يحيى بن سعيد الْقطَّان قَالَ حَدثنَا هِشَام بن عُرْوَة قَالَ أَخْبرنِي أبي عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فِي قَوْله تَعَالَى {لَا يُؤَاخِذكُم الله بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُم} قَالَ نزلت فِي قَول الرجل لَا وَالله وبلى وَالله فَذكر يحيى بن سعيد الْقطَّان السَّبَب فِي نزُول الْآيَة وَرَوَاهُ مَالك وَشعْبَة عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة ثمَّ قَالَت هُوَ لَا وَالله وبلى وَالله وَلم يذكر السَّبَب وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ فِي اللَّغْو هُوَ قَوْله لَا وَالله وبلى وَالله وروى عَنهُ أَنه قَالَ أَن تحلف وَأَنت غَضْبَان قَالَ أَبُو جَعْفَر لما قَالَ الله تَعَالَى {لَا يُؤَاخِذكُم الله بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُم وَلَكِن يُؤَاخِذكُم بِمَا كسبت قُلُوبكُمْ} الجزء: 3 ¦ الصفحة: 236 {بِمَا عقدتم الْأَيْمَان} دلّ على أَن اللَّغْو ضد ذَلِك فَوَجَبَ أَن يكون مَعْنَاهُ مَا قَالَ ابْن عَبَّاس وَعَائِشَة وَرُوِيَ عبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة وَأَبُو هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من حلف على يَمِين فَرَأى غَيرهَا خيرا مِنْهَا فليأت الَّذِي هُوَ خير وليكفر عَن يَمِينه وروى ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من حلف على يَمِين وَهُوَ فِيهَا فَاجر ليقتطع بهَا مَالا لَقِي الله وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَان وَعَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من حلف على منبري هَذَا بِيَمِين آثمة تبوأ مَقْعَده من النَّار فَذكر المأثم دون الْكَفَّارَة فِي الْغمُوس وَلَو كَانَت الْكَفَّارَة وَاجِبَة لذكرها كَمَا ذكر فِي الْمَعْقُود 1338 - فِي الْقسم قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ أشهد وَأقسم وأعزم وأحلف كلهَا أَيْمَان وَقَالَ زفر إِذا قَالَ أقسم لَأَفْعَلَنَّ فَهُوَ يَمِين وَلَو قَالَ أشهد لَأَفْعَلَنَّ لم يكن يَمِينا الحديث: 1338 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 237 وَقَالَ مَالك إِن أَرَادَ بقوله أقسم أَي قسم بِاللَّه فَهُوَ يَمِين وَإِلَّا فَلَا شَيْء وَكَذَلِكَ أَحْلف قَالَ وَلَو قَالَ أعزم لم يكن يَمِينا إِلَّا أَن يَقُول أعزم بِاللَّه وَلَو قَالَ عَليّ نذر أَو على نذر لله فَهُوَ مَا نوى وَإِن لم يكن لَهُ نيه فكفارته كَفَّارَة يَمِين وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ أقسم لَيْسَ بِيَمِين وَأقسم بِاللَّه يَمِين إِن أرادها وَإِن أَرَادَ الْموعد فَلَيْسَتْ بِيَمِين وَأشْهد بِاللَّه إِن نوى الْيَمين فيمين وَإِن لم ينْو يَمِينا فَلَيْسَتْ بِيَمِين وَذكر الرّبيع عَن الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ إِذا قَالَ أقسم أَو أشهد أَو أعزم وَلم يقل بِاللَّه فَهُوَ كَقَوْل وَالله وَإِن قَالَ أَحْلف بِاللَّه فَلَا شَيْء عَلَيْهِ إِلَّا أَن يَنْوِي الْيَمين وروى الزُّهْرِيّ عَن عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ عبر عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رُؤْيا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أصبت بَعْضًا وأخطأت بَعْضًا فَقَالَ أَبُو بكر أَقْسَمت عَلَيْك يَا رَسُول الله لتخبرني فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تقسم وروى أَنه قَالَ وَالله لتخبرني فَمن النَّاس من يكره الْقسم لقَوْله لَا تقسم وَمِنْهُم من لَا يرى بِهِ بَأْسا وَإِنَّمَا أَنه لَا تقسم لِأَن عبارَة الرُّؤْيَا اجْتِهَاد وَقد يَقع فِيهَا الْخَطَأ وَقد روى عَن أبي بكر رَضِي الله عَنهُ أَنه أقسم بعد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هِشَام بن سعيد عَن زيد بن أسلم عَن أَبِيه كَانَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ قد اسْتعْمل عمر رَضِي الله عَنهُ على الشَّام فَلَقَد رَأَيْتنِي وَأَنا أَشد الْإِبِل بأقتابها فَلَمَّا أَرَادَ أَن يرتحل قَالَ لَهُ النَّاس تدع عمر ينْطَلق إِلَى الشَّام وَالله إِن عمر ليكفينك الشَّام وَهُوَ هَاهُنَا قَالَ أَقْسَمت عَلَيْك إِلَّا أَقمت الجزء: 3 ¦ الصفحة: 238 وروى عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهَا أَنه قَالَ للْعَبَّاس فِيمَا خَاصم فِيهِ عليا عَلَيْهِ السَّلَام فِي اشياء تَركهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا أبتاه أَقْسَمت عَلَيْك لما سلمته لعَلي وَقد روى الْبَراء قَالَ أمرنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بإبرار الْقسم وَهَذَا يدل على إِبَاحَة الْقسم وَأَنه يَمِين وَعَن الْحسن وَإِبْرَاهِيم أَقْسَمت وَأَقْسَمت بِاللَّه سَوَاء وكفارته كَفَّارَة يَمِين 1339 - فِي قَول الرجل هُوَ يَهُودِيّ إِن فعل كَذَا قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ هُوَ يَمِين وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ رَضِي الله عَنْهُمَا لَيْسَ بِيَمِين قَالَ أَبُو جَعْفَر الْحَالِف بذلك مُعظم لله ان لَا يكون مَا حلف عَلَيْهِ فَهُوَ كاليمين بِاللَّه وَأَن لَا يفعل فَفعل 1340 - فِي الْحلف بِحَق الله قَالَ أَبُو يُوسُف فِيمَن قَالَ وَحقّ الله لَا أفعل كَذَا فَهُوَ يَمِين وَفِيه الْكَفَّارَة الحديث: 1339 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 239 وَقَالَ مُحَمَّد لَا كَفَّارَة فِيهِ وَهُوَ قَول مَالك قَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ وَحقّ الله وجلال الله وعظمة الله وقدرة الله يَمِين نوى بهَا يَمِينا أَو لم يكن لَهُ نِيَّة وَإِن لم يرد بهَا يَمِينا فَلَيْسَتْ بِيَمِين لِأَنَّهُ يحْتَمل وَحقّ الله وَاجِب وقدرة الله مَاضِيَة قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ فِي قَوْله وعهد الله وميثاقه أَنه يَمِين وعهد الله ماأخذ الله على عباده وَمَا أعطَاهُ عباده إِيَّاه وَقَالَ الله تَعَالَى {وَمِنْهُم من عَاهَدَ الله} إِلَى قَوْله {بِمَا أخْلفُوا الله مَا وعدوه} قدمهم على ترك الْوَفَاء لِأَن تَاركه مستخف مِمَّن كَانَ عاهده فِي مَنعه مَا كَانَ وعده وَكَانَ حَالفا كَذَلِك وَحقّ الله 1341 - فِي الْحلف بالأمانة ذكر أَبُو جَعْفَر عَن أَصْحَابنَا فِيمَن حلف بأمانة الله أَنَّهَا لَيست بِيَمِين قَالَ أَبُو بكر وَلَيْسَ كَذَلِك الْجَواب فِي الأَصْل هِيَ يَمِين عِنْدهم وَقَالَ الشَّافِعِي لَيست بِيَمِين قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ الله تَعَالَى {إِنَّا عرضنَا الْأَمَانَة على السَّمَاوَات} وَالْمرَاد الْإِيمَان والشرائع يدل عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {ليعذب الله الْمُنَافِقين والمنافقات} يَعْنِي لتركهم الْوَاجِب عَلَيْهِم وَقَالَ سعيد بن جُبَير الْأَمَانَة فِي هَذَا الْموضع الْفَرَائِض الحديث: 1341 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 240 وَعَن مُجَاهِد الصَّلَاة وَمن حلف بِهَذِهِ الْأَشْيَاء فَلَا كَفَّارَة وَكَذَلِكَ الْأَمَانَة إِذا كَانَ ذَلِك الْمَعْنى فِيهَا وَقد روى الْوَلِيد بن ثَعْلَبَة الطَّائِي عَن ابْن بُرَيْدَة عَن أَبِيه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من حلف بالأمانة فَلَيْسَ منا فَدلَّ على أَن الْحلف بالأمانة خَارج من الْحلف بِاللَّه 1342 - فِي لعمر الله قَالَ أَصْحَابنَا لعمر الله وأيم الله يمينان وَهُوَ قَول مَالك وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا قَالَ لعمري لَأَفْعَلَنَّ كَذَا فَعَلَيهِ كَفَّارَة يَمِين وَقَالَ الشَّافِعِي أيم الله أَنه بِمَعْنى ولعمر الله أَن لم يرد بهَا يَمِينا فَلَيْسَتْ بِيَمِين 1343 - قَوْله لايحل لي أَن أفعل كَذَا قَالَ حَمَّاد إِذا حنث فَعَلَيهِ كَفَّارَة يَمِين وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَعند أَصْحَابنَا إِذا أَرَادَ تَحْرِيم ذَلِك الشَّيْء على نَفسه كَانَ يَمِينا الحديث: 1342 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 241 1344 - قَوْله علم الله لَأَفْعَلَنَّ كَذَا قَالَ الْأَوْزَاعِيّ أحب إِلَيّ أَن يكفر قَالَ أَبُو جَعْفَر هَذَا إِخْبَار عَن علم الله بذلك وَلَيْسَ بِيَمِين 1345 - قَوْله وَالله الرَّحْمَن لَأَفْعَلَنَّ كَذَا قَالَ أَصْحَابنَا هما يمينان إِلَّا أَن يكون أَرَادَ الْكَلَام الأول فَيكون يَمِينا وَاحِدَة وَلَو قَالَ وَالله الرَّحْمَن كَانَ يَمِينا وَاحِدَة وَقَالَ زفر قَوْله وَالله والرحمن يَمِين وَاحِدَة وَقَالَ مَالك من حلف بِاللَّه مرَارًا كَثِيرَة يَمِينا بعد يَمِين ثمَّ حنث فَعَلَيهِ كَفَّارَة وَاحِدَة قَالَ وَلَو قَالَ عهد الله وميثاقه وكفارته فَفِيهِ ثَلَاث كَفَّارَات وَكَذَلِكَ لَو قَالَ والسميع والعليم والحكيم فَثَلَاث كَفَّارَات فرق بَين تكْرَار اسْم وَاحِد وَبَين الْأَسْمَاء الْمُخْتَلفَة وَقَول الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ كَقَوْل مُحَمَّد بن الْحسن الحديث: 1344 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 242 1346 - فِيمَن حلف بأيمان على الشَّيْء الْوَاحِد إِذا قَالَ وَالله لاأفعل كَذَا وَالله لاأفعل كَذَا لشَيْء فَإِن أَرَادَ التّكْرَار فيمين وَاحِدَة وَإِن لم تكن لَهُ نِيَّة وَأَرَادَ التَّغْلِيظ فهما يمينان وَإِن قَالَ ذَلِك فِي مجلسين فهما يمينان وَقَالَ مَالك رَضِي الله عَنهُ هِيَ يَمِين وَاحِدَة وَإِن كَانَا فِي مجلسين وَقَالَ الثَّوْريّ هِيَ يَمِين وَاحِدَة وَإِن كَانَا فِي مجَالِس إِذا نوى يَمِينا وَاحِدَة وَإِن أَرَادَ يَمِينا أُخْرَى أَو التَّغْلِيظ فهما يمينان وروى عَنهُ أَنه يَمِين وَاحِدَة وَإِن حلف مرَارًا قَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِيمَن حلف فِي أَمر وَاحِد بأيمان فَعَلَيهِ كَفَّارَة وَاحِدَة مَا لم يكفر وَقَالَ البتي إِن أَرَادَ الْيَمين الأولى فكفارة وَاحِدَة وَإِن أَرَادَ التَّغْلِيظ فَلِكُل وَاحِدَة كَفَّارَة وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا قَالَ وَالله لَا أكلم فلَانا وَالله لَا أكلم فلَانا فِي مجْلِس وَاحِد فكفارة وَاحِد وَإِن قَالَ وَالله لَا أكلم فلَانا ثمَّ قَالَ وَالله لَا أكلم فلَانا فكفارتان وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ فِي كل يَمِين كَفَّارَة إِلَّا أَن يُرِيد التّكْرَار 1347 - فِي تَحْرِيم الْأَطْعِمَة وَغَيرهَا قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قَالَ هَذِه الرمانة عَليّ حرَام فَأكل مِنْهَا حَبَّة حنث وَكَانَ عَلَيْهِ كَفَّارَة يَمِين الحديث: 1346 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 243 وَقَالَ الْحسن بن زِيَاد عَن زفر أَنه قَالَ الْحل عَليّ حرَام فَإِنَّهُ يَحْنَث سَاعَة يصنع شَيْئا مِمَّا أحل لَهُ من حَرَكَة أَو شرب أَو أكل وَعَلِيهِ الْكَفَّارَة حِين يفرغ من يَمِينه لِأَنَّهُ قد تحرّك وَقد سكت وَقَالَ أَبُو يُوسُف إِذا لم تكن لَهُ نِيَّة فَهُوَ على الطَّعَام أَو الشَّرَاب خَاصَّة وَهُوَ قَول أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ مَالك رَضِي الله عَنهُ لَا يكون الْحَرَام يَمِينا فِي طَعَام وَلَا فِي شَيْء إِلَّا فِي الْمَرْأَة فَإِنَّهُ يكون طَلَاقا يحرمها عَلَيْهِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي رجل قَالَ عَليّ حرَام إِن فعلت كَذَا فَفعل فَعَلَيهِ كَفَّارَة يَمِين وَقَالَ الْحسن بن حَيّ من حرم شَيْئا ثمَّ فعله فَعَلَيهِ كَفَّارَة يَمِين وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ فِي الْمُزنِيّ إِذا قَالَ كل مَا أملك عَليّ حرَام يَعْنِي امْرَأَته وجواريه كفر عَن الْمَرْأَة والجواري كَفَّارَة وَاحِدَة وَلم يكفر عَن مَاله وَقَالَ الرّبيع عَنهُ من حرم عَلَيْهِ طَعَاما أَو شرابًا فَلَا كَفَّارَة وَهُوَ لَهُ حَلَال 1348 - فِي الاطعام فِي كَفَّارَة الْيَمين قَالَ أَصْحَابنَا إِن غدى عشرَة وعشاهم أَجزَأَهُ وَإِن كَانَ فيهم فطيم لم يجز مَا أطْعمهُ وَإِن أَعْطَاهُم أعْطى كل وَاحِد نصف صَاع بر أَو صَاع تمر أَو شعير وَقَالَ مَالك رَضِي الله عَنهُ يغدي ويعشي عشرَة وَلَا يجوز أَن يعطيهم الْعرُوض الحديث: 1348 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 244 وَقَالَ الثَّوْريّ يجزىء الاطعام وَهُوَ قَول إِبْرَاهِيم وَقَالَ الحكم لَا يجزىء الْإِطْعَام يَعْنِي حَتَّى يعطيهم وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يجزىء الْإِطْعَام وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ لَا يجوز أَن يعطيهم جملَة وَلَكِن يُعْطي كل مِسْكين مدا قَالَ وَقد رُوِيَ عَن عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام أَنه يغديهم ويعشيهم خبْزًا وَلَحْمًا وزيتا وَقَالَ إِبْرَاهِيم يغديهم ويعشيهم وَقَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ وجبة وَاحِدَة تجزىء وَقَالَ الْقَاسِم بن مُحَمَّد وَسَالم غداء وعشاء وَقَالَ سعيد بن جُبَير مَدين من طَعَام وَمد لإدامه وَلَا يجمعهُمْ فيطعمهم وَلَكِن يعطيهم قَالَ أَبُو جَعْفَر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ لكعب بن عجْرَة فِي فديَة الْأَذَى أَو أطْعم ثَلَاثَة اصع بَين سِتَّة مَسَاكِين الجزء: 3 ¦ الصفحة: 245 1349 - فِي الْكسْوَة قَالَ أَصْحَابنَا فِي الْكسْوَة فِي كَفَّارَة الْيَمين لكل مِسْكين ثوب إِزَار أَو رِدَاء أَو قَمِيص أَو قبَاء أَو كسَاء وروى ابْن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد أَن السَّرَاوِيل تجزىء وَأَنه لَو حلف لَا يَشْتَرِي ثوبا وَاشْترى سَرَاوِيل حنث إِذا كَانَ من سَرَاوِيل الرِّجَال وروى هِشَام عَن مُحَمَّد أَنه لَا يجزىء السَّرَاوِيل وَلَا الْعِمَامَة وَكَذَلِكَ روى بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف وَقَالَ مَالك رَضِي الله عَنهُ وَاللَّيْث إِن كسا الرِّجَال كساهم ثوبا ثوبا وَالْمَرْأَة ثَوْبَيْنِ درعا وخمارا وَذَلِكَ أدنى مَا تجرئ فِيهِ الصَّلَاة وَلَا يجزىء ثوب وَاحِد للْمَرْأَة وولا تُجزئ الْعِمَامَة وَقَالَ الثَّوْريّ تُجزئ الْعِمَامَة وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ تُجزئ الْعِمَامَة والسراويل والمقنعة 1350 - فِي الْكَفَّارَة قبل الْحِنْث قَالَ أَصْحَابنَا لَا تُجزئ قبل الْحِنْث وَقَالَ مَالك وَالثَّوْري وَاللَّيْث وَالْأَوْزَاعِيّ تُجزئ قبل الْحِنْث قَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي الْمحرم يُصِيبهُ أَذَى فِي رَأسه أَنه يُجزئهُ أَن يكفر قبل أَن يحلق الحديث: 1349 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 246 وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ يجوز تَقْدِيم الرَّقَبَة وَالْكِسْوَة وَالْإِطْعَام قبل الْحِنْث وَلَا يجوز تَقْدِيم الصَّوْم قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ الله تَعَالَى {ذَلِك كَفَّارَة أَيْمَانكُم إِذا حلفتم} وَالْمرَاد إِذا حنثتم يُرِيد فحنثتم لِاتِّفَاق الْجَمِيع على أَنه لَو قَالَ وَالله لأُكلمَن زيدا الْيَوْم أَنه إِن كلمة قبل مُضِيّ الْوَقْت لم يلْزمه كَفَّارَة فَعلمت أَن وُجُوبهَا غير مُتَعَلق بِالْحلف دون الْحِنْث 1351 - فِيمَن أطْعم خَمْسَة وكسا خَمْسَة قَالَ أَصْحَابنَا يُجزئهُ وروى بشر عَن أبي يُوسُف إِن نوى الْكسْوَة عَن الطَّعَام أَو الطَّعَام عَن الْكسْوَة وَذَلِكَ قِيمَته أجرأ وَإِن لم ينْو لم يُجزئ وَقَالَ الثَّوْريّ يُجزئ وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لَا يُجزئ 1352 - فِي كَفَّارَة الْغَائِب من مَاله قَالَ أَصْحَابنَا إِذا كَانَ مَاله غَائِبا أَو دينا فَلم يجد مَا يطعم أَو يكسو أَو يعْتق أجرأه الصَّوْم وَكَذَلِكَ إِن كَانَ لَهُ مَال حَاضر وَعَلِيهِ دين يُحِيط بِهِ أَجزَأَهُ الصَّوْم وَقَالَ مَالك رَضِي الله عَنهُ فِي الدّين الَّذِي عَلَيْهِ مثل قَوْلنَا وَفِي الْغَائِب عَن مَاله لَا يُجزئهُ ويستقرض وَقَالَ مَالك وَمن كَانَ لَهُ دَار وخادم لَا يُجزئهُ الصَّوْم الحديث: 1351 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 247 وَقَالَ اللَّيْث إِذا كَانَ لَهُ بِهِ دَار وخادم يَخْدمه أَجزَأَهُ الصَّوْم وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ من جَازَ لَهُ أَن يَأْخُذ الزَّكَاة وَالْكَفَّارَة أَجزَأَهُ الصَّوْم وَالله أعلم 1353 - إِذا أطْعم عشرَة مَسَاكِين عَن يمينين قَالَ أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ إِذا أعْطى عشرَة مَسَاكِين صَاعا من بر عَن يمينين جَازَت عَن يَمِين وَاحِدَة وَهُوَ قَول أبي يُوسُف رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ مُحَمَّد يُجزئ عَن يمينين وَهُوَ قَول الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ زفر لَا يُجزئ عَن وَاحِدَة مِنْهُمَا حَتَّى يَنْوِي كُله عَن يَمِين وَاحِدَة وَقَالَ مَالك رَضِي الله عَنهُ مثل قَول أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ 1354 - فِي الْقيمَة فِي كَفَّارَة الْيَمين قَالَ أَصْحَابنَا تجوز الْقيمَة فِي الْكسْوَة وَالطَّعَام وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ رَضِي الله عَنْهُمَا لَا تُجزئ 1355 - فِي التفكير عَن الْغَيْر قَالَ أَصْحَابنَا إِذا أطْعم عَنهُ بِغَيْر أمره لم يجزه وَإِن كَانَ بأَمْره أَجْزَأَ عَنهُ وَإِن أعتق عَنهُ بأَمْره لم يجزه فِي قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَجَاز فِي قَول أبي يُوسُف وَإِن أعتق عَنهُ على مَال بأَمْره جَازَ فِي قَوْلهم الحديث: 1353 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 248 وَقَالَ مَالك يُجزئ بأَمْره وَإِن لم يسم مَالا وَقَالَ ابْن الْقَاسِم قِيَاس قَول مَالك رَضِي الله عَنهُ أَن يُجزئ بِغَيْر أمره وَقَالَ الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ رَضِي الله عَنْهُم مثل قَول أبي يُوسُف رَضِي الله عَنهُ قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ الله تَعَالَى فِي جراء الصَّيْد {ليذوق وبال أمره} فَدلَّ على إِنَّه كفر غَيره عَنهُ بِغَيْر أمره لَا يُجزئ لِأَنَّهُ يكون غير ذائق وبال أمره وَإِذا لم يجز فِي جَزَاء الصَّيْد لم يجز فِي سَائِر الْكَفَّارَات فَإِن قيل روى عقيل بن خَالِد عَن ابْن شهَاب عَن أنس رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن نَبِي الله أَيُّوب عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ فِي حَال بلائه إِن الله ليعلم أَنِّي كنت أَمر على الرجلَيْن يتنازعان فيذكران الله فأرجع إِلَى بَيْتِي فَأكفر عَنْهُمَا كَرَاهِيَة أَن يذكرَا الله الا فِي حق فقد كفر أَيُّوب صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن غَيره بِغَيْر أمره قيل لَهُ هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ نَافِع بن يزِيد عَن عقيل عَن ابْن شهَاب عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يذكر أنسا 1356 - فِيمَن نذر صوما أَو صَلَاة فِي مَوضِع بِعَيْنِه قَالَ زفر رَضِي الله عَنهُ فِيمَن نذر أَن يَصُوم بِمَكَّة فصَام بِالْكُوفَةِ لم يجرئه وَقَالَ سَائِر أَصْحَابنَا يجرئه وروى الْحسن عَن أبي يُوسُف فِيمَن نذر أَن يُصَلِّي فِي الْمَسْجِد الْحَرَام الحديث: 1356 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 249 فصلى فِي غَيره لم يجرئه وَإِن نذر أَن يُصَلِّي فِي بَيت الْمُقَدّس فصلى فِي الْمَسْجِد الْحَرَام أَجزَأَهُ وَقَالَ مَالك رَضِي الله عَنهُ من نذر أَن الصَّوْم فِي مَوضِع يتَقرَّب بإثباته إِلَى الله تَعَالَى كالثغور وَنَحْوهَا فَإِنَّهُ يَصُوم فِي ذَلِك الْموضع وَإِن كَانَ من أهل مَكَّة أَو الْمَدِينَة وَلَو قَالَ لله عَليّ أَن أعتكف فِي مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاعتكف فِي مَسْجِد الْفسْطَاط لم يُجزئهُ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا جعل عَلَيْهِ صِيَام شهر بِمَكَّة لم يُجزئهُ فِي غَيرهَا وَقَالَ اللَّيْث من نذر صياما فِي مَوضِع فَعَلَيهِ أَن يَصُوم فِي ذَلِك الْموضع وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ من نذر أَن يُصَلِّي بِمَكَّة لم يُجزئهُ بِالْمَدِينَةِ وَلَا بِبَيْت الْمُقَدّس وَإِن قَالَ بِالْمَدِينَةِ أَو بَيت الْمُقَدّس جَازَ أَن يُصَلِّي بِمَكَّة وَلم يجز أَن يُصَلِّي فِي غَيرهَا من الْبلدَانِ وَإِن نذر فِيمَا سرى هَذِه الْبلدَانِ الثَّلَاثَة صلى حَيْثُ شَاءَ وَمن قَالَ لله عَليّ ان أنحر بِمَكَّة لم يجز فِي غَيرهَا وَكَذَلِكَ إِذا نذر أَن ينْحَر بغَيْرهَا لم يجز إِلَّا فِي الْموضع الَّذِي نذر لِأَنَّهُ وَجب لمساكين ذَلِك الْبَلَد قَالَ أَبُو جَعْفَر الْقرْبَة فِي الصَّلَاة دون الْموضع فَلَا معنى لاعْتِبَار الْموضع فَإِن قيل روى أَبُو هُرَيْرَة ومَيْمُونَة رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة فِي مَسْجِدي هَذَا أفضل من ألف صَلَاة فِيمَا سواهُ إِلَّا الْمَسْجِد الْحَرَام وَصَلَاة الْمَسْجِد الْحَرَام أفضل من مائَة صَلَاة فِيمَا سواهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 250 وَرَوَاهُ عَطاء عَن أبي الزبير عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة فِي مَسْجِدي هَذَا أفضل من ألف صَلَاة فِيمَا سواهُ من الْمَسَاجِد إِلَّا الْمَسْجِد الْحَرَام وَصَلَاة فِي ذَلِك أفضل من مائَة صَلَاة فِي هَذَا وَعَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ من قَوْله مثله قَالَ ابْن عُيَيْنَة فيرون أَن الصَّلَاة فِي الْمَسْجِد الْحَرَام أفضل من الصَّلَاة فِيمَا سواهُ من الْمَسَاجِد إِلَّا فِي مَسْجِد الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِنَّمَا فضل عَلَيْهِ بِمِائَة صَلَاة قيل لَهُ مَا ذكر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من فضل الصَّلَاة فِي هَذِه الْأَمَاكِن إِنَّمَا هُوَ فِي الْفَرْض دون النَّفْل وَالدَّلِيل عَلَيْهِ حَدِيث عَفَّان بن مُسلم قَالَ حَدثنَا وهيب بن خَالِد قَالَ حَدثنَا مُوسَى بن عقبَة قَالَ سَمِعت أَبَا النَّضر يحدث عَن بشر بن سعيد عَن زيد بن ثَابت أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم احتجر حجرَة فِي الْمَسْجِد من حَصِير فصلى فِيهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليَالِي حَتَّى اجْتمع إِلَيْهِ نَاس ثمَّ فقدوا صَوته فظنوا أَنه قد نَام فَجعل بَعضهم يَتَنَحْنَح ليخرج إِلَيْهِم فَقَالَ مَا زَالَ بكم الَّذِي رَأَيْت من صنيعكم حَتَّى خشيت أَن يكْتب عَلَيْكُم قيام اللَّيْل وَلَو كتب عَلَيْكُم مَا قُمْتُم بِهِ فصلوا أَيهَا النَّاس فِي بُيُوتكُمْ فَإِن أفضل صَلَاة الْمَرْء فِي بَيته إِلَّا الْمَكْتُوبَة فَأخْبر أَن فعله النَّافِلَة فِي بُيُوتهم أفضل مِنْهَا فِي مَسْجده فَدلَّ على أَن تَفْضِيل الصَّلَاة فِيهِ إِنَّمَا هُوَ مَخْصُوص بِهِ الْفَرْض وروى عَطاء عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رجلا قَالَ يَوْم فتح الجزء: 3 ¦ الصفحة: 251 مَكَّة يَا رَسُول الله إِنِّي نذرت إِن فتح الله عَلَيْك مَكَّة أَن أُصَلِّي فِي بَيت الْمُقَدّس فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صل هَا هُنَا فَأَعَادَهَا عَلَيْهِ مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَأْنك إِذا فَقَوله صل هَا هُنَا يَعْنِي بِمَكَّة وَلم يقل فِي الْمَسْجِد الْحَرَام وَإِنَّمَا الْفضل من مَكَّة الصَّلَاة فِي الْمَسْجِد الْحَرَام دون غَيره 1357 - فِيمَن يُوجب الْمَشْي إِلَى مَسْجِد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَصْحَابنَا من نذر الْمَشْي إِلَى مَسْجِد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو إِلَى مَسْجِد بَيت الْمُقَدّس لم يلْزمه شَيْء وَقَالَ مَالك رَضِي الله عَنهُ إِذا قَالَ لله عَليّ أَن أَمْشِي إِلَى الْمَدِينَة أَو إِلَى بَيت الْمُقَدّس فَلَا شَيْء عَلَيْهِ إِلَّا أَن يَنْوِي أَن يُصَلِّي هنال فَيلْزمهُ الذّهاب إِلَيْهَا رَاكِبًا وَلَا يلْزمه الْمَشْي وَلَو قَالَ لله عَليّ الْمَشْي إِلَى مَسْجِد الْمَدِينَة أَو مَسْجِد بَيت الْمُقَدّس فَعَلَيهِ الذّهاب إِلَيْهِمَا رَاكِبًا وَالصَّلَاة فيهمَا وَإِن لم ينْو الصَّلَاة وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِيمَن نذر أَن يمشي إِلَى بَيت الْمُقَدّس إِذا كَانَت امْرَأَة فلتركب وَإِن شَاءَت تَصَدَّقت بِشَيْء وَقَالَ اللَّيْث فِيمَن حلف بِالْمَشْيِ إِلَى مَسْجِد من الْمَسَاجِد مَشى إِلَى ذَلِك الْمَسْجِد وَذكر الْبُوَيْطِيّ عَن الشَّافِعِي فِيمَن نذر أَن يمشي إِلَى بَيت الْمُقَدّس أَو إِلَى الْمَدِينَة ركب إِلَيْهِمَا قَالَ أَبُو جَعْفَر لم يُوَافق اللَّيْث على إِيجَابه إِلَى سَائِر الْمَسَاجِد أحد من الحديث: 1357 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 252 الْفُقَهَاء قَالَ وَقد بَينا أَن الْفضل فِي الصَّلَاة فِي الْمَسْجِد الْحَرَام وَمَسْجِد الْمَدِينَة إِنَّمَا هُوَ فِي الْفَرْض لَا فِي النَّوَافِل فَصَارَ مَسْجِد الْمَدِينَة كَسَائِر الْمَسَاجِد فِي النَّوَافِل فَلَا يلْزم النَّاذِر فِي الْمَشْي إِلَيْهَا شَيْء وَقد روى أَبُو هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تشد الرّحال إِلَّا إِلَى ثَلَاثَة مَسَاجِد إِلَى الْمَسْجِد الْحَرَام ومسجدكم هَذَا وَمَسْجِد إيلياء رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَة عَن جميل بن بصرة الْغِفَارِيّ صَاحب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ جميل بن بصرة بن وَقاص بن حَاجِب بن غفار وَجَمِيل هُوَ أَبُو بصرة 1358 - فِي جعل ثَوْبه سترا للبيت وَقَالَ أَصْحَابنَا إِذا قَالَ قد جعلت ثوبي هَذَا سترا للبيت إِذا صرت بِهِ إِلَى حطيم الْكَعْبَة فَعَلَيهِ أَن يهديه وَقَالَ ابْن أبي ليلى إِذا قَالَ الله عَليّ أَن هدي هَذَا الثَّوْب لزمَه أَن يهديه وَقَالَ مَالك رَضِي الله عَنهُ إِذا قَالَ مَالِي فِي رتاج نذر الْكَعْبَة فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَلَو قَالَ مَالِي فِي كسْوَة الْكَعْبَة أَو فِي طيبها فَإِنَّهُ يهدي ثلث مَاله ويدفعه إِلَى الحجبة وَقَالَ الْحسن بن حَيّ فِيمَن قَالَ إِذا أكلت هَذَا الطَّعَام فَهُوَ هذى أَنه إِذا أكله أهدي قيمَة مَا أكل وَإِن قَالَ هُوَ يهدي مَال غَيره فَإِن اسْتَطَاعَ أَن يَشْتَرِيهِ فيهديه فَلْيفْعَل الحديث: 1358 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 253 وَقَالَ اللَّيْث فِي امْرَأَة قَالَت تحمل ابْنهَا وتضرب بِهِ الرُّكْن الْأسود أَنَّهَا تحج وتحج بابنها وتنحر هَديا عَنهُ قَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ إِذا نذر أَن يهدي مَتَاعا لم يجز إِلَّا أَن يهديه يتَصَدَّق على مَسَاكِين الْحرم وَلَو نذر أَن يهدي أَرضًا أهْدى عَنْهَا 1359 - فِي الصَّغِير هَل يُجزئ فِي الرَّقَبَة المؤمنة قَالَ أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيّ رَضِي الله عَنْهُم يجرئ الرَّضِيع إِذا كَانَ أحد أَبَوَيْهِ مُسلما وَإِن كَانَا كَافِرين لم يُجزئهُ قَالَ مَالك رَضِي الله عَنهُ الصَّغِير يُجزئ وَمن صَامَ أَو صلى أحب إِلَيّ وَقَالَ الثورى لَا يجزىء فِي الْقَتْل الصَّبِي إِلَّا أَن يكون قد عقل الصَّلَاة وَصلى وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يُجزئ الصَّغِير لِأَنَّهُ ولد على الْفطْرَة وَهُوَ قَول الزُّهْرِيّ وَقَالَ ابْن حَيّ يُجزئ الْمَوْلُود وَهُوَ قَول اللَّيْث قَالَ أَبُو جَعْفَر لم يَخْتَلِفُوا أَنه إِذا كَانَ أَبَوَاهُ أَو أَبوهُ مُسلما أَنه يُصَلِّي عَلَيْهِ فَصَارَ فِي حكم الْمُسلمين فَيُجزئ وَالله أعلم 1360 - فِيمَن يكفر عَن يمينين بكفارة وَاحِدَة قَالَ أَصْحَابنَا فِيمَن عَلَيْهِ كَفَّارَة يمينين فكسا عشرَة مَسَاكِين كل سكين ثوبا أجرأه عَن يَمِين وَاحِدَة وَكَذَلِكَ الْعتْق فِي هَذِه وَفِي ظهارين وَلَو كَانَت كَفَّارَة ظِهَار وَقتل فَأعتق عَنْهُمَا لم يجز عَن وَاحِد مِنْهُمَا الحديث: 1359 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 254 وَقَالَ زفر إِذا أعتق رَقَبَة عَن ظهارين لم يُجزئهُ وَاحِد مِنْهُمَا وَقَالَ مَالك رَضِي الله عَنهُ فِي اليمينين مثل قَوْلنَا وَفِي الظهارين مثل قَول زفر وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ يُجزئ وَلَيْسَ عَلَيْهِ نِيَّة التَّعْيِين فِي الْكَفَّارَات قَالَ أَبُو جَعْفَر قِيَاس قَول زفر أَنه لَا فرق عِنْدهم بَين الصَّلَاة من جنس وَاحِد أَو من جِنْسَيْنِ فِي حاجتهما إِلَى نِيَّة التَّعْيِين كَذَلِك فِي الْكَفَّارَات وَالله أعلم 1361 - فِيمَن حلف بِصَدقَة مَاله ثمَّ حنث قَالَ أَصْحَابنَا هَذَا على أَمْوَال الزَّكَاة وَعَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ أَنه على كل شَيْء وَهُوَ قَول زفر قَالَ وَيحبس لنَفسِهِ قوت شهر ثمَّ يتَصَدَّق بِمثلِهِ إِذا أَفَادَ وَقَالَ مَالك رَضِي الله عَنهُ فِي الَّذِي يَقُول مَالِي فِي سَبِيل الله أَنه يَجْعَل ثلث مَاله فِي سَبِيل الله وَمن قَالَ إِن فعلت كَذَا فَللَّه عَليّ أَن أهدي فَإِنَّهُ يهدي ثلث مَاله وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِيمَن قَالَ فِي غضب عَليّ مائَة بَدَنَة أَن عَلَيْهِ كَفَّارَة يَمِين وَقَالَ اللَّيْث فِيمَن جعل مَاله فِي سَبِيل الله إِن كَانَ حلف بِيَمِين فَحنث فَإِنَّهُ يكفر كَفَّارَة الْيَمين وَإِن كَانَ آثِما هُوَ فِي شَيْء جعله لله على وَجه الشُّكْر أَو التَّقَرُّب إِلَى الله تَعَالَى فَإِنَّمَا عَلَيْهِ أَن يخرج ثلث مَاله قَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ إِذا قَالَ مَالِي فِي سَبِيل الله فَعَلَيهِ كَفَّارَة يَمِين الحديث: 1361 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 255 قَالَ أَبُو جَعْفَر روى عَن عمر بن الْخطاب وَعَائِشَة رَضِي الله عَنْهُمَا فِيمَن جعل مَاله فِي رتاج الْكَعْبَة أَن عَلَيْهِ كَفَّارَة يَمِين وَعَن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِيمَن جعل مَاله فِي الْمَسَاكِين أَن يكفر عَن يَمِينه وَينْفق مَاله على عِيَاله وَعَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا مثله وروى بكير بن عبد الله بن الْأَشَج بن الْهَيْثَم بن سِنَان عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا فِيمَن جعل مَاله فِي رتاج الْكَعْبَة أَنه يَجْعَل فِي رتاج الْكَعْبَة وروى ابْن وهب عَن يحيى بن أَيُّوب عَن حميد الطَّوِيل عَن ثَابت الْبنانِيّ وَبكر بن عبد الله عَن أبي رَافع وَكَانَ أَبُو رَافع عبدا لليلى بنت العجماء عمَّة لعمر بن الْخطاب أَن سيدته قَالَت مَالهَا هدى وكل شَيْء لَهَا فِي رتاج الْكَعْبَة وَهِي مُحرمَة بِحجَّة وَهِي يَوْم يَهُودِيَّة وَيَوْم نَصْرَانِيَّة وَيَوْم مَجُوسِيَّة إِن لم تطلق إِلَى امْرَأَتك فَانْطَلق إِلَى حَفْصَة زَوْجَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت كفري يَمِينك ثمَّ انْطلق إِلَى زَيْنَب امْرَأَة من أَهلهَا وَكَانَ لَهَا شَأْن فَقَالَت كفري يَمِينك فَأَبت فَانْطَلق إِلَى عبد الله بن عمر فَقَامَ يمشي مَعَه حَتَّى انْتهى إِلَى بَيتهَا فَقَالَ ابْن هاروت وماروت فَقَالَت بِأبي أَنْت وَأمي قلت كَذَا وَكَذَا فَقَالَت مَا أرْسلت إِلَيْك زَيْنَب قَالَت أَي قلت كَذَا وَكَذَا فَقَالَ لَهَا عبد الله بن عمر كفري عَن يَمِينك وخلي بَين الرجل وَبَين امْرَأَته وَعَن الْحسن أَن عَلَيْهِ كَفَّارَة الْيَمين إِذا قَالَ إِن لبست هَذَا الثَّوْب فَهُوَ هدى وَقَالَ أنس يهديه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 256 قَالَ أَبُو جَعْفَر قَوْله إِن فعلت كَذَا فَللَّه عَليّ أَن تصدق بِمَالي الْقيَاس أَن لَا يلْزمه شَيْء عِنْد الْحِنْث لِأَنَّهُ لم يخرج الْإِيجَاب مخرج الْقرْبَة وَإِنَّمَا أخرجه مخرج الْحِنْث فِي الْيَمين فَالْوَاجِب أَن لَا يلْزمه شَيْء لِأَن من أوجبه غير قربَة فِي ذمَّته لم يلْزمه وَلَو حنث فِي هَذِه الْمَسْأَلَة لم يخرج المَال عَن ملكه عِنْد الْجَمِيع فَوَجَبَ أَن لَا يلْزمه شَيْء إِلَّا أَن جمَاعَة من الصَّحَابَة قد أوجبوا فِيهِ كَفَّارَة يَمِين فَيلْزمهُ وَلَيْسَ كَالْعِتْقِ إِذا حلف بِهِ لِأَن الْعتْق يَقع بِالْحِنْثِ وَالصَّدَََقَة لَا تقع بِالْحِنْثِ وَقد روى الْقَاسِم بِمَ مُحَمَّد عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من نذر أَن يُطِيع الله فليطعه وَمن نذر أَن يعصيه فَلَا يعصيه فَدلَّ على أَنما لَيْسَ بقربة لَا يلْزم بِالنذرِ فئبت أَن خُرُوج النّذر بِصَدقَة المَال إِذا خرج مخرج الْأَيْمَان دون مخرج الْقرب لَا يلْزم بِهِ شَيْء قَالَ أَبُو جَعْفَر وَحكى لي الْمُزنِيّ قَالَ قَالَ لي عَليّ بن سعيد كَانَ مُحَمَّد بن الْحسن يذهب إِلَى هَذَا القَوْل يَعْنِي إِلَى مَا ذكرنَا أَن الْقيَاس يُوجِبهُ وَقد كَانَ مُحَمَّد بن الْعَبَّاس يُفْتِي بِهِ أَيْضا 8 فَأَما من قَالَ إِن شفى الله مريضي أَو قضى الله ديني فَللَّه عَليّ أَن أَتصدق بِكَذَا فَهَذَا يبر وَعَلِيهِ أَن يتَصَدَّق بِمَا ذكر وَأما قَول مَالك رَضِي الله عَنهُ الثُّلُث يُجزئ عَمَّن نذر أَن يتَصَدَّق بِجَمِيعِ مَاله فَإِنَّهُ ذهب فِيهِ إِلَى مَا وَرَاه عَن عُثْمَان بن حَفْص بن عَمْرو بن خلدَة عَن ابْن شهَاب أَنه بلغه أَن أَبَا لبَابَة بن عبد الْمُنْذر حِين تَابَ الله عَلَيْهِ قَالَ يَا رَسُول الله أَهجر دَار قومِي الَّتِي أصبت فِيهَا الذَّنب وأجاورك الجزء: 3 ¦ الصفحة: 257 وأنخلع من مَالِي صَدَقَة إِلَى الله وَإِلَى رَسُوله فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يجْزِيك من ذَلِك الثُّلُث وَهَذَا لَا دَلِيل فِيهِ على مَا قَالَ لِأَن أَبَا لبَابَة لم يُوجب صَدَقَة مَاله وَإِنَّمَا أَرَادَ أَن يفعل من غير إِيجَاب فَأَشَارَ عَلَيْهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَا هُوَ أصلح لَهُ من ذَلِك وَقد كَانَ كَعْب بن مَالك قَالَ حِين تيب عَلَيْهِ يَا رَسُول الله إِنِّي أَنْخَلِع من مَالِي صَدَقَة إِلَى الله وَإِلَى رَسُوله فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمسك عَلَيْك بعض مَالك فَهُوَ خير لَك فَأمر بإمساك بعضه من غير قصد مِنْهُ إِلَى الثُّلُث 1362 - فِيمَن حلف أَن لَا يتسرى قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد رَضِي الله عَنْهُمَا التَّسَرِّي أَن يحصنها ريجامعها وَإِن لم يطْلب وَلَدهَا وَقَالَ أَبُو يُوسُف رَضِي الله عَنهُ لَا يكون ذَلِك نسريا حَتَّى يطْلب ذَلِك وَلَدهَا وَقَالَ ربيعَة وَمَالك التَّسَرِّي الْوَطْء وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ التَّسَرِّي أَن لَا يعْزل عَنْهَا فَإِن عزل ثمَّ حملت فَهُوَ تسري فَجعل التَّسَرِّي أَن تحمل مِنْهُ وروى عَنهُ إِذا طلب وَلَدهَا فَهُوَ تسري الحديث: 1362 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 258 وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ التَّسَرِّي طلب الْوَلِيد حملت أَو لم تحمل فَإِن عزل عَنْهَا فَلَيْسَ بتسرى وَقَالَ أَبُو جَعْفَر رَضِي الله عَنهُ التَّسَرِّي التفعل من السِّرّ وَهُوَ الْجِمَاع وَقد يَجْعَل فِي مَوضِع النِّكَاح إِذا كَانَ سَببا للجماع قَالَ الله تَعَالَى {وَلَكِن لَا تواعدوهن سرا} أَي عقد نِكَاح فَوَجَبَ أَن يكون من اشْترى جَارِيَة للْوَطْء متسريا كَمَا كَانَ عقد النِّكَاح تسريا إِلَّا أَنهم قد تخطوا هَذَا الْموضع وَلم يَجْعَلُوهُ تسريا وَذَلِكَ اتِّفَاق مِنْهُم فَلم يثبت التَّسَرِّي إِلَّا بِمَا أَجمعُوا عَلَيْهِ أَنه يحصل بِهِ وَهُوَ أَنه يحصنها ويجامعها وَيطْلب وَلَدهَا وَتحمل مِنْهُ 1363 - فِيمَن حلف لَا يَأْكُل طَعَاما لرجل قَالَ أَصْحَابنَا إِذا حلف لَا يَأْكُل طَعَاما اشْتَرَاهُ فلَان فَأكل من طَعَام اشْتَرَاهُ فلَان وَآخر مَعَه فَإِنَّهُ يَحْنَث وَلَو قَالَ لَا ألبس ثوبا اشْتَرَاهُ فلَان فَلبس ثوبا اشْتَرَاهُ فلَان وَآخر مَعَه لم يَحْنَث وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ رَضِي الله عَنْهُمَا يَحْنَث فِي جَمِيع ذَلِك 1364 - فِيمَن قَالَ قد حَلَفت وَهُوَ كَاذِب قَالَ الْأَوْزَاعِيّ رَضِي الله عَنهُ فِيمَن قَالَ قد حَلَفت وَلم يكن حلف إِن الْفَزارِيّ أَبَا إِسْحَاق ذكر عَن الثَّوْريّ أَنَّهَا كذبة وَيَمِين يكفرهَا قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا نعلم أحدا أوجب فِي ذَلِك الْكَفَّارَة غير الثَّوْريّ وَلَا وَجه لَهُ فِي النّظر لِأَن من كذب لَا كَفَّارَة عَلَيْهِ وَلَو قَالَ طلقت وَمَا كَانَ طلق لم يَقع الطَّلَاق الحديث: 1363 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 259 1365 - فِيمَن حلف ثمَّ حنث سَاهِيا قَالَ أَصْحَابنَا إِذا فعل الْمَحْلُوف عَلَيْهِ نَاسِيا حنث وَإِذا سبقه لِسَانه بِالطَّلَاق من غير قصد طلقت وَقَالَ الْحجَّاج بن أَرْطَاة لَا يَقع وَقَالَ مَالك رَضِي الله عَنهُ إِذا نسى يَمِينه فَفعل حنث وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ رَضِي الله عَنْهُمَا وَقَالَ اللَّيْث لَا يستيقن أَنه قد حنث وأخافه وروى عَن مُجَاهِد وَطَاوُس وَسَعِيد بن جُبَير وَسَعِيد بن الْمسيب وَعمر بن عبد الْعَزِيز وَالْحسن وَقَتَادَة أَنه يَحْنَث فِي النسْيَان وَقَالَ عَطاء لَا يَحْنَث وَالله أعلم 1366 - فِي الإدام قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف رَضِي الله عَنْهُمَا الإدام مَا يصطبغ بِهِ وَالْبيض والجوز وَاللَّحم لَيْسَ بإدام وَقَالَ مُحَمَّد مَا كَانَ الْغَالِب عَلَيْهِ أَن يُؤْكَل بالْخبر فَهُوَ أَدَم وروى عَن جَابر بن عبد الله عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْخلّ نعم الإدام وروى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ تكون الأَرْض يَوْم الْقِيَامَة خبْزَة إدامها زَائِدَة كبد ثَوْر وَنون الحديث: 1365 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 260 فَجعل الكبد إدَامًا وروى حَفْص بن غياث عَن مُحَمَّد بن أبي يحيى الْأَسْلَمِيّ عَن يزِيد بن أبي أُميَّة الْأَعْوَر عَن يُوسُف بن عبد الله بن سَلام قَالَ رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخذ كسرة من خبز شعير فَوضع عَلَيْهَا تَمْرَة وَقَالَ هَذِه إدام هَذِه فَأكلهَا وروى ربيعَة عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت دخل عَليّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والبرمة تَفُور بِلَحْم فَقرب إِلَيْهِ خبز وأدم من أَدَم الْبَيْت فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ألم أر برمة فِيهَا لحم قَالُوا بلَى يَا رَسُول الله وَلَكِن ذَلِك لحم تصدق بِهِ على بَرِيرَة وَأَنت لَا تَأْكُل الصَّدَقَة فَقَالَ هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَة وَهُوَ لنا هَدِيَّة فَسَمت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا مَا فِي الْقدر مَعَ اللَّحْم إدَامًا من إدام الْبَيْت وَالله أعلم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 261 1367 - فِيمَن حلف أَن لَا يكلم فلَانا فَسلم على قوم هُوَ فيهم قَالَ أَصْحَابنَا قد حنث إِلَّا أَن لَا يَنْوِي الرجل فيهم وَهُوَ قَول مَالك وَقَالَ اللَّيْث لَا يَحْنَث لِأَنَّهُ لم يتعمده بِالسَّلَامِ وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يَحْنَث إِلَّا أَن ينويه 1368 - فِيمَن حلف ليضربن عَبده أسواطا قَالَ أَصْحَابنَا إِذا حلف أَن يضْرب عَبده عشرَة أسواط فجمعها وضربه بهَا فَإِن وَقع بِهِ كل وَاحِد مِنْهَا بر وَإِلَّا لم يبر وَهُوَ قَول الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث لَا يبر قَالَ أَبُو جَعْفَر قصَّة أَيُّوب عَلَيْهِ السَّلَام تدل على القَوْل الأول لِأَن الله تَعَالَى قَالَ {وَخذ بِيَدِك ضغثا فَاضْرب بِهِ وَلَا تَحنث} وَقد روى عَن مُجَاهِد أَنه لأيوب خَاصَّة وَقَالَ عَطاء هِيَ للنَّاس عَامَّة وَقد روى مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن يَعْقُوب بن عبد الله بن الْأَشَج عَن أبي أُمَامَة بن سهل عَن سعيد بن سعد قَالَ كَانَ بَين أَبْيَاتنَا رجل مَرِيض الْجَسَد ففجر بِجَارِيَة فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اضْرِبُوهُ حَده فَقَالُوا إِن ضَرَبْنَاهُ قَتَلْنَاهُ هُوَ أَضْعَف من ذَلِك قَالَ فَخُذُوا لَهُ عثْكَالًا فِيهِ مائَة شِمْرَاخ فَاضْرِبُوهُ بهَا ضَرْبَة وَاحِدَة فَفَعَلُوا الحديث: 1367 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 262 وَهُوَ سعيد بن سعيد بن عبَادَة وَقد أدْرك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبُو أُمَامَة هَذَا هُوَ سعد بن سهل بن حنيف وَقد كَانَ ولد فِي حَيَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غير أَن مُحَمَّد بن عجلَان روى هَذَا الحَدِيث عَن يَعْقُوب بن عبد الله بن الْأَشَج فَلم يُجَاوز بِهِ أَبَا أُمَامَة 1369 - فِيمَن حلف لَا يكلمهُ حينا قَالَ أَصْحَابنَا فِيمَن حلف لَا يكلم فلَانا حينا أَو زَمَانا أَنه مَا نوى فَإِن لم تكن لَهُ نِيَّة فَهُوَ سِتَّة أشهر وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا أَدْرِي الدَّهْر مَا هُوَ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد هُوَ سِتَّة أشهر وَقَالَ مَالك هُوَ مَا نوى فَإِن لم تكن لَهُ نِيَّة فَجَمِيع ذَلِك سنة وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ الْحِين سِتَّة أشهر إِذا لم تكن لَهُ نِيَّة وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ إِذا قَالَ لأقضينك حَقك إِلَى حِين فَلَيْسَ بِمَعْلُوم والورع أَن يَقْضِيه قبل انْقِضَاء يَوْم وَلَا يَحْنَث أبدا لِأَنَّهُ يَقع على مُدَّة الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ زمَان ودهر وأحقاب قَالَ أَبُو جَعْفَر قَول الله تَعَالَى {فسبحان الله حِين تمسون وَحين تُصبحُونَ} وَهُوَ على الْمسَاء والصباح وَقَالَ الله تَعَالَى {هَل أَتَى على الْإِنْسَان حِين من الدَّهْر} الْإِنْسَان وَهَذَا أطول مُدَّة من الأول وَقَالَ تَعَالَى {ومتعناهم إِلَى حِين} وَذَلِكَ على الْحَيَاة الَّذِي يتلوها الْمَوْت وَقَوله تَعَالَى {تؤتي أكلهَا كل حِين} إِبْرَاهِيم وروى الحديث: 1369 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 263 الْأَعْمَش عَن أبي ظبْيَان عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {تؤتي أكلهَا كل حِين} الْحِين سِتَّة أشهر وروى طَارق عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ الْحِين سِتَّة أشهر وروى إِبْرَاهِيم بن ميسرَة عَن سعيد بن الْمسيب فِيمَن حلف لَا يكلم امْرَأَته حينا فَقَرَأَ سعيد {تؤتي أكلهَا كل حِين} فَقَالَ النَّخْلَة لَا تكون فِيهَا أكلهَا إِلَّا شَهْرَيْن وَرَأى أَن الْحِين شَهْرَيْن وروى حَاتِم بن إِسْمَاعِيل عَن بردَان بن أبي النَّضر قَالَ حلف أخي أَن لَا يكلم أَخَاهُ حينا فأتينا سعيد بن الْمسيب فَسَأَلْنَاهُ فَقَرَأَ {تؤتي أكلهَا كل حِين بِإِذن رَبهَا} وَقَالَ الْحِين سِتَّة أشهر وَالله أعلم 1370 - فِيمَن حلف أَن لَا يكلمهُ فَيكْتب إِلَيْهِ أَو يُرْسل رَسُولا قَالَ أَصْحَابنَا إِذا حلف لَا يكلمهُ فَكتب إِلَيْهِ أَو أرسل إِلَيْهِ لم يَحْنَث وَهُوَ قَول ابْن أبي ليلى وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ مَالك رَضِي الله عَنهُ يَحْنَث فيهمَا جَمِيعًا وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا حلف لَا يكلمة فَكتب إِلَيْهِ فَلم يكلمهُ وَقَالَ اللَّيْث لَا يَحْنَث فِي الرَّسُول وَأحب أَن لَا يكاتبه فَإِن كَاتبه لم يَحْنَث أَيْضا قَالَ أَبُو جَعْفَر لَو حلف لَا يتَكَلَّم الْيَوْم فَكتب شَيْئا لم يَحْنَث وَقَالَ الله الحديث: 1370 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 264 تَعَالَى {إِنِّي نذرت للرحمن صوما} يَعْنِي صمتا ثمَّ أشارت إِلَيْهِ وَلم يكن ذَلِك كلَاما وَقَالَ الله تَعَالَى فِي قصَّة زَكَرِيَّا {أَلا تكلم النَّاس ثَلَاث لَيَال سويا} ثمَّ قَالَ {فَأوحى إِلَيْهِم} وَالله أعلم 1371 - فِيمَن حلف لَا يَأْكُل لَحْمًا فَأكل شحما قَالَ أَصْحَابنَا إِذا حلف لَا يَأْكُل لَحْمًا فَأكل شحما مَا يكون مَعَ اللَّحْم حنث وَإِن أكل من شَحم الْبَطن لم يَحْنَث وَإِن حلف لَا يَأْكُل شحما لم يَحْنَث حَتَّى يَأْكُل شَحم الْبَطن وَإِن أكل شَحم الظّهْر لم يَحْنَث فِي قَول أبي حنيفَة رَضِي لله عَنهُ وَقَالَ أَبُو يوسفومحمد يَحْنَث فِي شَحم الظّهْر وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا حلف لَا يَأْكُل من لحم هَذِه الشَّاة فَأكل من بَطنهَا حنث وَإِن أكل من شحمها لم يَحْنَث وَقَالَ اللَّيْث لَا يَحْنَث إِذا أكل شحمها وَهُوَ قَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ مَالك من حلف لَا يَأْكُل لَحْمًا فَأكل شحما حنث لِأَن الشَّحْم لحم وَلَو حلف لَا يَأْكُل شحما فَأكل لَحْمًا لم يَحْنَث قَالَ أَبُو حعفر لم يَخْتَلِفُوا أَنه لَو حلف لَا يَأْكُل شحما فَأكل لَحْمًا لم يَحْنَث 1372 - فِيمَن حلف لَا يَأْكُل لَحْمًا فَأكل سمكًا قَالَ أَصْحَابنَا وَعُثْمَان البتي وَالشَّافِعِيّ لَا يَحْنَث الحديث: 1371 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 265 وَقَالَ مَالك يَحْنَث 1373 - فِيمَن فعل بعض الْمَحْلُوف عَلَيْهِ قَالَ أَصْحَابنَا إِذا حلف لَا يَأْكُل هَذَا الرَّغِيف فَأكل بعضه لم يَحْنَث وَهُوَ قَول اللَّيْث وَالشَّافِعِيّ رَضِي الله عَنْهُمَا وَقَالَ مَالك يَحْنَث وَقَالَ عُثْمَان البتي وَالْحسن بن حَيّ إِن نوى الْجَمِيع لم يَحْنَث وَإِن نوى الْبَعْض حنث 1374 - فِي الْإِذْن من حَيْثُ لَا تسمع قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد وَمَالك رَضِي الله عَنْهُم إِذا حلف أَن لَا تخرج امْرَأَته إِلَّا أَن يَأْذَن لَهَا فَأذن من حَيْثُ لَا تسمع وَلم تكن حَاضِرَة لم يكن ذَلِك إِذْنا وَقَالَ أَبُو يُوسُف هُوَ قَول إِذن وَهُوَ الشَّافِعِي 1375 - فِيمَن حلف لَا يدْخل دَار فلَان فَوقف على حائطها قَالَ أَصْحَابنَا يَحْنَث وَكَذَلِكَ إِن قَامَ على سطحها وَلَو قَامَ على طَارق بَاب الدَّار وَالْبَاب بَينه وَبَين الدَّار لم يَحْنَث وَلَو دخل بَيْتا مِنْهَا شَارِعا إِلَى الطَّرِيق حنث وَذكر ابْن سَمَّاعَة عَن أبي يُوسُف أَن الْبَيْت إِذا لم يكن لَهُ طَرِيق فِي الدَّار لم يَحْنَث الحديث: 1373 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 266 وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ رَضِي الله عَنْهُمَا إِذا قَامَ على سطحها أَو حائطها لم يَحْنَث قَالَ أَبُو جَعْفَر مَا وَرَاء الْبَاب هُوَ من الدَّار فَيحنث والحائط من الدَّار وَكَذَلِكَ الروشن أَلا ترى أَنه قد يكون قَائِما على ذَلِك فَيَقُول مَا خرجت الْيَوْم من دَاري وَهُوَ على العتبة يَقُول حَتَّى أَدخل دَاري وَالله أعلم 1376 - فِيمَن قَالَ لَا أسكن هَذِه الدَّار وَهُوَ سكانها قَالَ أَصْحَابنَا إِن أَخذ فِي النقلَة حَتَّى أخرج مَتَاعه وَخرج لم يَحْنَث وَذكر ابْن سَمَّاعَة عَن أبي يُوسُف فِيمَن قَالَ إِن دخلت هَذَا الْبَيْت حَتَّى أخرج من هَذِه الدَّار فَأَنت طَالِق فَأخْرج مَتَاعه وَخرج وبقى نَحْو من عشرَة أطنان قصب قَالَ كَانَ أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ يضيق فِي هَذَا وَيَقُول مَا بَقِي من الْمَتَاع شَيْء قَلِيل أوكثير فَهُوَ غير خَارج وَقَالَ أَبُو يُوسُف هُوَ خَارج فِي هَذَا وَلَا يَحْنَث وَلَو بقيت لؤلؤة فِي الْبَيْت بِثمن كثير فقد انْتقل وَلَا يَحْنَث وَلَو قَالَ لَا أُكَلِّمك حَتَّى أخرج من الْكُوفَة فَهَذَا على الْخُرُوج بِبدنِهِ فَيبرأ إِذا خرج يُرِيد سفرا وَقَالَ مَالك إِذا حلف لَا يسكنهَا انْتقل بأَهْله وَعِيَاله وَمَاله ومتاعه وكل شَيْء لَهُ وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ فِي الْمُزنِيّ إِذا خرج بِبدنِهِ متحولا لم يضرّهُ الحديث: 1376 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 267 بِأَن تردد على حمل مَتَاعه وَإِخْرَاج أَهله وَذكر عَنهُ الرّبيع أَن النقلَة على الْبدن دون الْأَهْل وَالْمَتَاع وَالله أعلم 1377 - فِيمَن حلف لَا يساكن رجلا قَالَ أَصْحَابنَا فِيمَن حلف لَا يساكن رجلا وَلَا نِيَّة لَهُ فساكنه فِي دَار وكل وَاحِد مِنْهُمَا فِي مَقْصُورَة لم يَحْنَث وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ مَالك رَضِي الله عَنهُ إِذا كَانَ فِي دَار وَاحِدَة حنث وَإِن كَانَ كل وَاحِد فِي مَقْصُورَة إِلَّا أَن يَكُونَا رَفِيقَيْنِ فِي بَيت فَيحلف أَن لَا يساكنه فَإِن انْتقل إِلَى بَيت غَيره فِي الدَّار لم يَحْنَث 1378 - فِيمَن حلف لَا يساكنه فِي دَار بِعَينهَا قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اقتسماها وَجعلا بَينهمَا حَائِطا وَفتح كل وَاحِد بَابا لنَفسِهِ فسكن كل وَاحِد فِي طَائِفَة حنث وَفِي رِوَايَة أُخْرَى أَنه لايحنث وَلَيْسَ هَذَا مساكنة إِلَّا أَن يكون طريقهما ومخرجهما من بَاب الدَّار فَيحنث وَذكر عَن مَالك نَحْو القَوْل الأول وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يَحْنَث وَلَيْسَ هَذَا بمساكنة إِلَّا أَن يكون مدخلهما ومخرجهما وَاحِدًا الحديث: 1377 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 268 1379 - فِيمَن حلف لَا يدْخل دَار فلَان قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف إِذا حلف لَا يدْخل دَار فلَان هَذِه فَبَاعَهَا فلَان فَدَخلَهَا لم يَحْنَث وَقَالَ مُحَمَّد يَحْنَث وَهُوَ قَول مَالك وَزفر وَالشَّافِعِيّ 1380 - فِيمَن حلف على قَضَاء دين قَالَ أَصْحَابنَا فِيمَن قَالَ إِن لم أقضك دراهمك الَّتِي لَك عَليّ فَعَبْدي حر فَبَاعَهُ بهَا عبدا وَقَبضه فقد قَضَاهُ وبر وَقَالَ مَالك رَضِي الله عَنهُ إِن كَانَ مَا أعطَاهُ يُسَاوِي الدَّرَاهِم لم يَحْنَث وَهُوَ قَول الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ الشَّافِعِي إِن كَانَ قِيمَته أقل حنث وَقَالَ اللَّيْث إِذا أعطَاهُ عرضا بِحقِّهِ لم يخرج من يَمِينه 1381 - فِيمَن أعطَاهُ دَرَاهِم دون حَقه قَالَ أَصْحَابنَا إِن قَضَاهُ زُيُوفًا بر وَإِن قَضَاهُ ستوقه لم يبر وَقَالَ ملك إِن كَانَ فِيهَا دِرْهَم وَاحِد نَاقِصا حنث كَذَلِك إِن أعطَاهُ فَوجدَ فِيهِ زائفا وَالله أعلم 1382 - فِيمَن حلف أَن لَا يهب هبة لفُلَان فَتصدق عَلَيْهِ قَالَ أَصْحَابنَا فِيمَن حلف لَا يهب لفُلَان هبة فَتصدق عَلَيْهِ بِصَدقَة لم يَحْنَث لِأَن الصَّدَقَة غير الْهِبَة الحديث: 1379 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 269 وَقَالَ مَالك رَضِي الله عَنهُ يَحْنَث قَالَ مَالك إِذا كَانَ على وَجه الْمَنْفَعَة أَو الْمَنّ لَو وهب رجل لآخر شَاة فَقَالَ الْوَاهِب ألم أفعل بك كَذَا وَكَذَا فَقَالَ إيَّايَ تُرِيدُ امْرَأَتي طَالِق إِن شربت من لَبنهَا أَو أكلت من لَحمهَا فَبَاعَهَا وَاشْترى بِثمنِهَا ثوبا أَو شَاة أُخْرَى فلئن أكل من لحم الثَّانِيَة أَنه يَحْنَث وَإِن أعطَاهُ شَاة أُخْرَى فَلَا بَأْس بِهِ قَالَ وَلَو حلف لَا يهب لفُلَان دِينَارا فَكَسَاهُ ثوبا فَهُوَ حانث وَلَا أقبل مِنْهُ النِّيَّة فِي هَذَا وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ من حلف أَن لايهبه هبة فَتصدق عَلَيْهِ أَو نحلة أَو أعْمرهُ فَهُوَ هبة قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ مَالك من حلف ليقبلن من فلَان مَا وهب لَهُ فَقبل مِنْهُ عَارِية أَنه لايبر بذلك فِي يَمِينه قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلَا فرق بَين الْبر والحنث فِي هَذَا وَالله أعلم 1383 - فِي الْكفَالَة قَالَ أَصْحَابنَا فِيمَن حلف لايكفل عَن فلَان بِشَيْء فكفل بِنَفسِهِ لم يَحْنَث وَهُوَ قَول الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ مَالك إِذا حلف لايكفل بِمَال فكفل بِنَفس رجل فَإِنَّهُ يَحْنَث لِأَن الْكفَالَة بِالنَّفسِ هِيَ الْكفَالَة بِالْمَالِ إِلَّا إِن اشْترط وَجهه بِلَا مَال الحديث: 1383 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 270 1384 - فِيمَن حلف لَا يَأْكُل رَأْسا قَالَ أَبُو حنيفَة هِيَ على رُؤُوس الْبَقر وَالْغنم وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد على رُؤُوس الْغنم خَاصَّة وَقَالَ مَالك يَحْنَث فِي كل رَأس إِلَّا أَن يكون هُنَاكَ كَلَام يسْتَدلّ بِهِ على مُرَاده وَقَالَ الشَّافِعِي على رُؤُوس الْإِبِل وَالْبَقر وَالْغنم 1385 - فِيمَن حلف لَا يركب دَابَّة فلَان فَركب دَابَّة عَبده قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف لَا يَحْنَث وَقَالَ مُحَمَّد وَالشَّافِعِيّ يَحْنَث وَقَالَ الشَّافِعِي وَلَو حلف لَا يركب دَابَّة عَبده فَركب دَابَّة عَبده لم يَحْنَث لِأَنَّهَا ملك للْمولى وَقَول مَالك كَقَوْل مُحَمَّد 1386 - فِيمَن حلف أَن يقْضِي فلَانا حَقه الْيَوْم قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد وَالْأَوْزَاعِيّ إِذا حلف ليقضين فلَانا حَقه غَدا فَأعْطَاهُ الْيَوْم أَو أَبرَأَهُ مِنْهُ أَو مَاتَ أَحدهمَا الْيَوْم سَقَطت الْيَمين الحديث: 1384 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 271 وَقَالَ أَبُو يُوسُف يَحْنَث وَقَالَ مَالك إِذا مَاتَ الطَّالِب دَفعه إِلَى ورثته وبر وَكَذَلِكَ إِذا دَفعه إِلَى وَصِيّه وَقَالَ الثَّوْريّ إِن حلف بِالطَّلَاق إِن خرج الْيَوْم حَتَّى يقضيك فنسي فقبضته امْرَأَته فقد بر وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا حلف أَن لَا يُفَارِقهُ حَتَّى يَسْتَوْفِي حَقه فأحاله على غَرِيم أَو أَبرَأَهُ ثمَّ فَارقه فَإِنَّهُ يَحْنَث 1387 - فِيمَن حلف لَا يلبس ثوبا بِعَيْنِه فيتزر بِهِ قَالَ أَصْحَابنَا يَحْنَث وَلَو كَانَ بِغَيْر عينه لم يَحْنَث حَتَّى يلْبسهُ كَمَا يلبس ذَلِك الثَّوْب وَقَالَ مَالك يَحْنَث فِي الثَّوْب بِغَيْر عينه إِذا أداره عَلَيْهِ وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يَحْنَث فِي الَّذِي بِغَيْر عينه حَتَّى يلْبسهُ كَمَا يلبس ذَلِك الثَّوْب 1388 - فِيمَن حلف ليقضين فلَانا مَاله فَيَمُوت الطَّالِب قَالَ أَصْحَابنَا قد حنث الحديث: 1387 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 272 وَقَالَ مَالك يَدْفَعهُ إِلَى ورثته أَو وَصِيّه قَالَ وَلَو حلف ليقضين فلَانا حَقه رَأس الشَّهْر فجَاء رَأس الشَّهْر وَفُلَان غَائِب وَله وَكيل فِي حَقه وَلم يُوكله بِقَبض دينه وَقد دَفعه إِلَى وَكيله أخرجه ذَلِك من يَمِينه وَإِن لم يكن مُسْتَحقّا على قبض دينه وَهُوَ قَول اللَّيْث وَإِن حلف ليقضينه حَقه إِلَى رَمَضَان فَمَاتَ الْحَالِف قبل ذَلِك فَلَا يَحْنَث عَلَيْهِ وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ إِذا حلف ليقضينه حَقه إِلَى أجل فَمَاتَ قبل لم يَحْنَث 1389 - فِيمَن حلف ليشربن المَاء الَّذِي فِي هَذَا الْكوز الْيَوْم قَالَ أَصْحَابنَا إِلَّا أَبَا يُوسُف إِذا اهرق المَاء قبل مُضِيّ الْيَوْم سَقَطت الْيَمين وَقَالَ أَبُو يُوسُف يَحْنَث وَقَالَ مَالك رَضِي الله عَنهُ مثل قَول أبي حنيفَة وَكَذَلِكَ الشَّافِعِي 1390 - فِيمَن حلف ليشربن المَاء الَّذِي فِي هَذَا الْكوز وَلَيْسَ فِيهِ مَاء قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد لَا يَحْنَث وَلَو قَالَ لأقتلن فلَانا وَفُلَان ميت وَهُوَ يعلم بِمَوْتِهِ حنث وَإِن لم يعلم بِمَوْتِهِ لم يَحْنَث وَكَذَلِكَ قَالَ مَالك إِذا لم يعلم بِمَوْتِهِ وَقِيَاس قَول الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ أَن لَا يَحْنَث إِذا لم يكن فِي الْكوز مَاء وَقَالَ أَبُو يُوسُف يَحْنَث فِي ذَلِك كُله الحديث: 1389 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 273 1391 - فِيمَن حلف لَا يهب قَالَ أَصْحَابنَا إِذا حلف لَا يهب لفُلَان شَيْئا فوهب لَهُ فَلم يقبله فقد حنث وَقَالَ زفر لَا يَحْنَث حَتَّى يقبل وَيقبض وَهُوَ قِيَاس قَول الشَّافِعِي وَقِيَاس قَول مَالك أَن لَا يَحْنَث لِأَنَّهُ يَقُول إِن الْمَوْهُوب لَهُ لَا يملك إِلَّا بِالْقَبْضِ وَمَعَ ذَلِك يجْبر الْوَاهِب على تَسْلِيمه إِلَيْهِ 1392 - فِيمَن حلف لَا يفعل شَيْئا فَأمر غَيره قَالَ أَصْحَابنَا فِيمَن حلف لَا يُطلق امْرَأَته وَلَا يعْتق عَبده وَلَا يتَزَوَّج فَأمر غَيره فَفعل حنث إِلَّا أَن يكون مِمَّن لَا يتَوَلَّى ذَلِك بِنَفسِهِ فَيحنث وَذكر الْحسن بن زِيَاد عَن أبي حنيفَة فِيمَن حلف لَا يُزَوّج بنته يَأْمر غَيره فيزوجها فَإِن كَانَت صَغِيرَة حنث وَإِن كَانَت كَبِيرَة لم يَحْنَث لِأَن النِّكَاح تمّ بِرِضَاهَا قَالَ وَقَالَ زفر لَا يَحْنَث فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا وَقَالَ أَبُو يُوسُف يَحْنَث فِي الْوَجْهَيْنِ لِأَن الْكَبِيرَة لَا تتَزَوَّج إِلَّا بولِي فبأمره صَحَّ النِّكَاح وَلَو تزوجت بِغَيْر إِذْنه فَأجَاز حنث فِي قَول أبي يُوسُف وَلم يَحْنَث فِي قَول زفر وَقَالَ مَالك رَضِي الله عَنهُ إِذا حلف لَا يَشْتَرِي عبدا فَأمر غَيره فَاشْترى لَهُ حنث وَكَذَلِكَ البيع وَلَو حلف لَا يضْرب عَبده فَأمر غَيره فَضَربهُ حنث الحديث: 1391 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 274 وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِيمَن حلف لَا يُزَوّج بنته فَأمر ابْنه فَزَوجهَا لم يَحْنَث وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ إِذا حلف لَا يَشْتَرِي فَأمر غَيره فَاشْترى أَو لَا يُطلق فَجعل طَلاقهَا إِلَيْهَا فَطلقت نَفسهَا أَو لَا يضْرب عَبده فَأمر غَيره فَضَربهُ لم يَحْنَث إِلَّا أَن يكون نوى ذَلِك وَذكر الرّبيع عَنهُ أَنه إِذا حلف لَا يطلقهَا فَجعل أمرهَا بِيَدِهَا وَطلقت نَفسهَا لم يَحْنَث إِلَّا أَن يكون جعل إِلَيْهَا طلا قها وَإِذا حلف ليضربن عبدا فَأمر غَيره فَضَربهُ لم يبر اخر الْأَيْمَان وَالْكَفَّارَات الجزء: 3 ¦ الصفحة: 275 = كتاب الْحُدُود = 1393 - فِي حد الْمُحصن وَغير الْمُحصن فِي الزِّنَا قَالَ أَصْحَابنَا يرْجم الْمُحصن وَلَا يجلد ويجلد غير الْمُحصن وَلَا ينفى وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَمَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ رَضِي الله عَنْهُم لَا يجْتَمع الْجلد وَالرَّجم وَقَالَ ابْن أبي ليلى ينفى الْبكر بعد الْجلد وَقَالَ مَالك ينفى الرجل وَلَا تنفى الْمَرْأَة وَلَا العَبْد وَمن نفي حبس فِي الْموضع الَّذِي ينفى إِلَيْهِ وَقَالَ الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ رَضِي الله عَنْهُم ينفى الزَّانِي وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَلَا تنفى الْمَرْأَة وَقَالَ الشَّافِعِي ينفى العَبْد نصف سنة الحديث: 1393 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 277 وَقَالَ أَبُو جَعْفَر رُوِيَ عَن عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام أَنه جلد شراحة الهمدانية ثمَّ رَجمهَا قَالَ جلدتها بِكِتَاب الله ورجمتها بِسنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرُوِيَ عَن عمر رَضِي الله عَنهُ أَنه رجم وَلم يجلد وَرُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ واغد يَا أنيس على امْرَأَة هَذَا فَإِن اعْترفت فارجمها وَفِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ وشبل وَزيد بن خَالِد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ فِي الْأمة إِذا زنت فليجلدها فَإِن زنت فاجلدوها ثمَّ إِن زنت فاجلدوها ثمَّ بيعوها وَلَو بضفير وَلم يذكر النَّفْي فَإِن قيل إِنَّمَا أَرَادَ بذلك التَّأْدِيب لَا الْحَد وَقد رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن الْأمة إِذا زنت قبل أَن تحصن لَا حد عَلَيْهَا لقَوْله تَعَالَى {فَإِذا أحصن فَإِن أتين بِفَاحِشَة} قيل لَهُ قد روى سعيد المَقْبُري عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا زنت أمة أحدكُم فليجلدها الْحَد وَلَا تغريب عَلَيْهَا قَالَ ذَلِك ثَلَاث مَرَّات ثمَّ قَالَ فِي الثَّالِثَة أَو الرَّابِعَة ثمَّ يَبِيعهَا وَلَو بضفير الجزء: 3 ¦ الصفحة: 278 وَقد رُوِيَ عَن عمر رَضِي الله عَنهُ أَنه غرب ربيعَة بن أُميَّة بن خلف فِي الْخمر إِلَى خَيْبَر فلحق بهرقل فَقَالَ عمر لَا أغرب بعده أحدا وَلم يسْتَثْن فِيهِ الزِّنَا وَقد رُوِيَ عَن أبي بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا النَّفْي فِي الْمَرْأَة الْبكر وَقد رُوِيَ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه حد مَمْلُوكَة لَهُ ونفاها إِلَى فدك فَكَانَ النَّفْي ثَابتا فِي النِّسَاء الْأَبْكَار الْحَرَائِر وَالْإِمَاء لما رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْأمة الْجلد دون النَّفْي دلّ على أَن النَّفْي مَنْسُوخ عَن الرجل وَالْمَرْأَة وَالله أعلم 1394 - فِي الْإِحْصَان الْمُوجب للرجم قَالَ أَصْحَابنَا الْإِحْصَان أَن يَكُونَا حُرَّيْنِ مُسلمين بالغين قد جَامعهَا وهما بالغان وَرُوِيَ عَن أبي يُوسُف فِي الْإِمْلَاء أَن الْمُسلم يحصن النَّصْرَانِيَّة وَلَا تحصنه وَرُوِيَ عَنهُ أَيْضا أَن النَّصْرَانِي إِذا دخل بامرأته النَّصْرَانِيَّة ثمَّ أسلما أَنَّهُمَا مُحْصَنَانِ بذلك الدُّخُول وروى بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف قَالَ قَالَ ابْن أبي ليلى إِذا زنى الْيَهُودِيّ وَالنَّصْرَانِيّ بَعْدَمَا أحصنا فعلَيْهِمَا الرَّجْم قَالَ أَبُو يُوسُف وَبِه نَأْخُذ وَقَالَ مَالك تحصن الْأمة الْحر وَالْعَبْد الْحرَّة وَلَا يحصن العَبْد الْحرَّة الحديث: 1394 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 279 وَلَا تحصن الْحرَّة العَبْد وتحصن الْيَهُودِيَّة والنصرانية الْمُسلم وتحصن الصبية الرجل وتحصن الْمَجْنُونَة الْعَاقِل وَلَا يحصن الصَّبِي الْمَرْأَة وَلَا يحصن العَبْد الْأمة إِذا جَامعهَا فِي حَال الرّقّ ثمَّ أعتقا لم يَكُونَا محصنين بذلك الْجِمَاع حَتَّى يُجَامِعهَا بعد الْعتْق وَقَالَ مَالك رَضِي الله عَنهُ إِذا تزوجت الْحرَّة خَصيا وَهِي لَا تعلم أَنه خصي فَوَطِئَهَا ثمَّ علمت أَنه خصي فلهَا أَن تخْتَار فِرَاقه وَلَا يكون ذَلِك الْوَطْء إحصانا وَقَالَ الثَّوْريّ لَا يحصن بالنصرانية وَلَا بالمملوكة وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي العَبْد تَحْتَهُ حرَّة إِذا زنى فَعَلَيهِ الرَّجْم وَإِن كَانَ تَحْتَهُ أمة فَأعتق ثمَّ زنى فَلَيْسَ عَلَيْهِ الرَّجْم حَتَّى ينْكح غَيرهَا وَقَالَ فِي الْجَارِيَة الَّتِي لم تحصن إِنَّهَا تحصن الرجل والغلام الَّذِي لم يَحْتَلِم لَا يحصن الْمَرْأَة وَلَو تزوج امْرَأَة فَإِذا هِيَ أُخْته من الرَّضَاع فَهَذَا إِحْصَان وَقَالَ الْحسن بن حَيّ لَا يكون مُحصنا بالكافرة وَلَا الْأمة لَا يحصن إِلَّا بِالْحرَّةِ الْمسلمَة وتحصن المشركة بِالْمُسلمِ ويحصن المشركان كل وَاحِد بِصَاحِبِهِ وَقَالَ اللَّيْث فِي الزَّوْجَيْنِ المملوكين لَا يكونَانِ محصنين حَتَّى يدْخل بهَا بعد عتقهما وَإِن تزوج امْرَأَة فِي عدتهَا فَوَطِئَهَا ثمَّ فرق بَينهمَا فَهَذَا إِحْصَان وَقَالَ فِي النصرانيين لَا يكونَانِ محصنين حَتَّى يدْخل بهَا بعد إسلامهما وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ إِذا دخل بامرأته وهما كَافِرَانِ فَهَذَا إِحْصَان قَالَ أَبُو جَعْفَر أما قَول الْأَوْزَاعِيّ إِن الْمَمْلُوك يكون مُحصنا بتزويجه الْحرَّة والمملوكة قد تكون مُحصنَة بتزويجها الْحرَّة فَإِنَّهُ يذهب فِيهِ إِلَى مَا رُوِيَ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه سُئِلَ عَن الْأمة إِذا زنت وَلم تحصن فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام اجلدها فَإِن عَادَتْ فاجلدها فَإِن عَادَتْ فاجلدها فَإِن عَادَتْ فبعها وَلَو الجزء: 3 ¦ الصفحة: 280 بضفير رَوَاهُ الزُّهْرِيّ عَن عبيد الله بن عبد الله عَن زيد بن خَالِد الْجُهَنِيّ وَأبي هُرَيْرَة وشبل بن خُلَيْد الْمُزنِيّ قَالَ أَبُو جَعْفَر لم يقل فِيهِ وَلم يحصن غير مَالك وَسَائِر أَصْحَاب الزُّهْرِيّ لَا يذكرُونَ هَذَا الْحَرْف وَقد قَالَ الله تَعَالَى {فعليهن نصف مَا على الْمُحْصنَات من الْعَذَاب} وَالرَّجم لاينتصف وَأَيْضًا فَلم يقل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام إِنَّهَا إِذا لم تحصن فحدها الْجلد وَإِنَّمَا أجَاب السَّائِل عَمَّا سَأَلَ وَسكت عَمَّا سواهُ فَهُوَ مَوْقُوف على الدَّلِيل فَثَبت أَن لَا رجم على الرَّقِيق وَيبين ذَلِك أَن الرَّجْم لَيْسَ لَهُ ذكر فِي كتاب الله تَعَالَى وَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ لَوْلَا أَن يَقُول النَّاس زَاد عمر فِي كتاب الله لكتبتها فِي الْمُصحف وَقَالَ عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام فِي شراحة جلدتها بِكِتَاب الله ورجمتها بِسنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَبَطل قَول الْأَوْزَاعِيّ وَثَبت أَن الْإِحْصَان الْمَذْكُور فِي الْإِمَاء إِنَّمَا هُوَ الْعِفَّة لَيْسَ إِحْصَان الرَّجْم 1395 - فِي الذميين إِذا زَنَيَا قَالَ أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيّ رَضِي الله عَنْهُم يحدان وَقَالَ مَالك رَضِي الله عَنهُ لَا يحدان وَإِنَّمَا رجم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْيَهُودِيين لِأَنَّهُ لم يكن للْيَهُود ذمَّة وتحاكموا إِلَيْهِ الحديث: 1395 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 281 قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلم يكن وَاجِبا عَلَيْهِم لما أَقَامَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِذا كَانَ من لَا ذمَّة لَهُ قد حَده النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الزِّنَا فَمن لَهُ ذمَّة أَحْرَى بذلك وَلَهُم يَخْتَلِفُوا أَن الذِّمِّيّ يقطع فِي السّرقَة 1396 - فِي الْحَامِل من الزِّنَا قَالَ أَصْحَابنَا لَا تحد حَتَّى تضع فَإِن كَانَ جلدا فحتى تتعافى من نفَاسهَا فَإِن كَانَ رجما رجمت بعد الْوَضع وَقَالَ مَالك رَضِي الله عَنهُ مثل ذَلِك إِلَّا أَنه قَالَ إِن لم يُوجد للصَّبِيّ من يرضعه فَلم يرْجم حَتَّى يفطم الصَّبِي وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ مثله وَفِي الرَّجْم حَتَّى يكفل وَلَدهَا وروى يحيى بن أبي كثير عَن أبي قلَابَة عَن أبي الملهب عَن عمرَان بن حُصَيْن أَن امْرَأَة من جُهَيْنَة أقرَّت بِالزِّنَا وَهِي حُبْلَى فَدَعَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَليهَا فَقَالَ لَهُ أحسن إِلَيْهَا فَإِذا وضعت حملهَا فأتني بهَا فَفعل فَأمر بهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فشدت عَلَيْهَا ثِيَابهَا ثمَّ أَمر بهَا فرجمت ثمَّ صلى عَلَيْهَا فَلم يذكر انْتِظَار الْفِطَام فِي هَذَا الْخَبَر وروى عبد الله بن مهْرَان الْأَسدي عَن عبد الْملك بن عُمَيْر عَن أبي الْمليح الْهُذلِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَذكر فِيهِ أَنه لم يرجمها حَتَّى فَطَمته وَعبد الله بن مهْرَان هَذَا مَجْهُول لَا يدْرِي من هُوَ وَقد روى بشير بن المُهَاجر عَن عبد الله بن بُرَيْدَة عَن أَبِيه ذكر قصَّة الغامدية الحديث: 1396 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 282 حَتَّى أقرَّت عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالزِّنَا أَربع مَرَّات فَلم يرجمها حَتَّى وضعت وفطمت وَلَدهَا ثمَّ أَمر برجمها 1397 - فِي شُهُود الزِّنَا إِذا جَاءُوا مُتَفَرّقين قَالَ أَصْحَابنَا يحدون وَهُوَ قَول مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ وَقَالَ عُثْمَان البتي وَالشَّافِعِيّ رَضِي الله عَنْهُمَا لَا يحدون وَتقبل شَهَادَتهم وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ إِذا كَانَ الزِّنَا وَاحِدًا وَقد روى أَن نَافِع بن الْحَارِث كتب إِلَى عمر رَضِي الله عَنهُ أَن أَرْبَعَة جَاءُوا يشْهدُونَ على رجل وامرأه بِالزِّنَا فَشهد ثَلَاثَة أَنهم رَأَوْهُ كالميل فِي المكحلة وَلم يشْهد الرَّابِع بِمثل ذَلِك فَكتب إِلَيْهِ رَضِي الله عَنهُ إِن شهد الرَّابِع على مثل مَا شهد عَلَيْهِ الثَّلَاثَة فاجلدهما وَإِن كَانَا محصنين فارجمهما وَإِن لم يشْهد إِلَّا بِمَا كتبت بِهِ إِلَيّ فاجلد الثَّلَاثَة وخل سَبِيل الرجل وَالْمَرْأَة وَالله أعلم 1398 - فِي عدد الْإِقْرَار بِالزِّنَا قَالَ أَصْحَابنَا أَربع مَرَّات وَلم يذكر فِي مجَالِس مُتَفَرِّقَة وَهُوَ أَن يغيب فِي كل مرّة عَن مجْلِس القَاضِي حَتَّى لايراه ثمَّ يعود فَيقر وَقَالَ الْحسن بن حَيّ حَتَّى يقر أَربع مَرَّات وَلم يذكر مجَالِس مُتَفَرِّقَة وَقَالَ مَالك والبتي وَالشَّافِعِيّ رَضِي الله عَنْهُم إِذا أقرّ مرّة وَاحِدَة حد وَالله أعلم الحديث: 1397 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 283 1399 - فِي الرُّجُوع عَن الْإِقْرَار بِالْحَدِّ قَالَ أَصْحَابنَا يقبل رُجُوعه عَن الْإِقْرَار بِالزِّنَا وَالسَّرِقَة وَشرب الْخمر وَهُوَ قَول مَالك وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ أَبُو يُوسُف عَن بن أبي ليلى لَا يقبل رُجُوعه وَرُوِيَ عَنهُ اللَّيْث أَنه يقبل وَقَالَ عُثْمَان البتي لَا يقبل رُجُوعه وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي رجل أقرّ على نَفسه بِالزِّنَا أَربع مَرَّات وَهُوَ مُحصن ثمَّ نَدم فَأنْكر أَن يكون أَتَى ذَلِك أَنه يضْرب حد الْفِرْيَة على نَفسه فَإِن اعْترف بسرق أَو شرب خمر أَو قتل ثمَّ أنكر أَن يكون فعل فَإِن عُقُوبَة السُّلْطَان دون الْحَد قَالَ أَبُو جَعْفَر رُوِيَ عَن عَليّ رضى الله عَنهُ أَنه قَالَ لقنبر فِي العَبْد الَّذِي أقرّ عِنْده بِالزِّنَا اضربه كَذَلِك مَا لم ينهك 1400 - فِيمَن يبْدَأ بِالرَّجمِ قَالَ أَصْحَابنَا إِذا كَانَ بِشَهَادَة بَدَأَ الشُّهُود ثمَّ الإِمَام ثمَّ النَّاس وَإِذا كَانَ بِإِقْرَار بَدَأَ الإِمَام ثمَّ النَّاس وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَقَالَ مَالك رَضِي الله عَنهُ يَأْمر الإِمَام بذلك وَلَا يعرف ببدئه الشُّهُود أَو الإِمَام الحديث: 1399 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 284 قَالَ أَبُو جَعْفَر روى ابْن الْمُبَارك عَن المَسْعُودِيّ عَن الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه قَالَ رَأَيْت عليا رَضِي الله عَنهُ حِين رجم شراحة المهدانية أَتَى بهَا وَهِي حلبى فَرَفعهَا إِلَى السجْن فَلَمَّا وضعت أخرجهَا فلفها فِي عباءة ثمَّ حفرلها حُفْرَة ثمَّ قَامَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ فَحَمدَ الله ثمَّ قَالَ ياأيها النَّاس إِنَّمَا الرَّجْم رجم سر ورجم عَلَانيَة فرجم السِّرّ أَن يشْهد عَلَيْهِ الشُّهُود فَيبْدَأ الشُّهُود فيرجمون ثمَّ يرْجم الإِمَام ثمَّ النَّاس ورجم الْعَلَانِيَة أَن يشْهد على الْمَرْأَة مَا فِي بَطنهَا فَيبْدَأ الإِمَام فيرجم ثمَّ يرْجم النَّاس أَلا وَإِنِّي راجم فَلَا ترجموا فَتقدم فَرَمَاهَا بِحجر أفما خطأ أصل أذنها وَكَانَ من أصوب النَّاس رمية ثمَّ خلى بَينهم وَبَينهَا فَإِن قيل قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قصَّة مَاعِز هلا خليتموه [1] يدل على أَنه لم يكن حَاضرا قيل لَهُ يجوز أَن يكون بَدَأَ فرجم ثمَّ خلى بَينه وَبينهمْ وَغَابَ 1401 - فِي الْمَشْهُود عَلَيْهَا بِالزِّنَا تدعى أَنَّهَا بكر قَالَ أَصْحَابنَا فِي الْمَرْأَة يشْهدُونَ عَلَيْهَا بِالزِّنَا فتدعي أَنَّهَا بكر فَنظر النِّسَاء وقلن هِيَ بكر فَلَا حد عَلَيْهَا وَلَا على الشُّهُود وَهُوَ قَول الشّعبِيّ وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ مَالك يُقَام عَلَيْهَا الْحَد وَلَا يلْتَفت إِلَى قولهن قَالَ أَبُو جَعْفَر من قَول زفر أَنه لَا تقبل شَهَادَة النِّسَاء وحدهن فِي شَيْء الحديث: 1401 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 285 1402 - فِي الْمُكْره على الزِّنَا قَالَ أَبُو حنيفَة فِي الرجل يكره على الزِّنَا إِن أكرهه غير سُلْطَان حد وَإِن كَانَ أكرهه سُلْطَان لم يحد وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يحد فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا والمكرهة لَا تحد فِي قَوْلهم وَقَالَ زفر إِن أكرهه سُلْطَان حد أَيْضا وَقَالَ الْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ لَا حد فِي حَال الْإِكْرَاه 1403 - إِذا شهد اثْنَان أَنه اشكرهها وَاثْنَانِ أَنَّهَا طاوعته وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَزفر لَا يحد وَاحِد مِنْهُمَا قَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يحد الرجل دون الْمَرْأَة وَهُوَ قَول البتي وَاللَّيْث وَرُوِيَ عَن الشَّافِعِي أَنه لَا حد على وَاحِد مِنْهُمَا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لم يحد الشُّهُود وَقَالَ زفر إِن شهد أَحدهمَا أَنه استكرهها وَثَلَاثَة أَنَّهَا طاوعته لم يحد وَاحِد مِنْهُم وَهُوَ قَول أَبُو حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف يحد الثَّلَاثَة قَالَ أَبُو جَعْفَر اللَّذَان شَهدا بالمطاوعة قاذفان لَهَا وَإِنَّمَا سقط عَنْهَا الْحَد بِشَهَادَة الآخرين بِوُقُوع الْفِعْل مِنْهَا على وَجه الاستكراه فَلَا يجوز قبُول شَهَادَة القاذفين إِذْ كَانَ حد الْقَذْف إِنَّمَا سقط عَنْهُمَا لشُبْهَة الحديث: 1402 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 286 1404 - فِي المرحومة هَل يحْفر لَهَا قَالَ أَصْحَابنَا لَا يحْفر للمرجوم وَإِن حفر للمرجومة فَحسن وَقَالَ مَالك لَا يحْفر للمرجوم قَالَ ابْن الْقَاسِم والمرجومة مثله قَالَ أَبُو حعفر رُوِيَ فِي قصَّة الجهينة أَنه شدّ عَلَيْهَا ثِيَابهَا ثمَّ أَمر برجمها من غير حفرلها وَرُوِيَ أَن عليا عَلَيْهِ السَّلَام حفر لشراحة 1405 - فِي أَرْبَعَة فساق شهدُوا بِالزِّنَا قَالَ أَصْحَابنَا وَعُثْمَان البني وَاللَّيْث لَا حد عَلَيْهِم وروى الْحسن عَن أبي يُوسُف فِي رجل قذف رجلا بِالزِّنَا ثمَّ جَاءَ بأَرْبعَة فساق يشْهدُونَ أَنه زَان أَنه يحد الْقَاذِف ويدرأ عَن الشُّهُود وَقَالَ زفر يدْرَأ عَن الشُّهُود وَعَن الْقَاذِف وَقَالَ مَالك يحد الشُّهُود وَهُوَ قَول عبد الله بن الْحسن 1406 - فِي اجْتِمَاع الحدين قَالَ أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيّ إِذا وَجب عَلَيْهِ حدان فأقيم أَحدهمَا لم يقم عَلَيْهِ الآخر حَتَّى يبرأ إِلَّا الرَّجْم فَإِنَّهُ يرْجم وَقَالَ مَالك إِن رأى الإِمَام أَن يجمعهما عَلَيْهِ جَمعهمَا وَإِن رأى أَن يفرقهما الحديث: 1404 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 287 فعل يجْتَهد فِي ذَلِك وَالْمَرِيض يُؤَخر عَنهُ الْحَد حَتَّى يبرأ وَكَذَلِكَ الَّذِي يخَاف الْبرد وَقد سرق أَنه يحبس حَتَّى يَزُول الْبرد وَابْن أبي ليلى يجمع عَلَيْهِ الحدين وَقد خطأه أَبُو حنيفَة فِيهِ 1407 - فِي التَّعْزِير وَالْحَد قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد يضْرب فِي الْحُدُود الْأَعْضَاء كلهَا إِلَّا الْفرج وَالرَّأْس وَالْوَجْه وَقَالَ أَبُو يُوسُف يضْرب الرَّأْس أَيْضا وَقَالَ مَالك لَا يضْرب إِلَّا الظّهْر وَذكر ابْن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد فِي التَّعْزِير أَنه يضْرب الظّهْر بِغَيْر خلاف فِي الْحُدُود وَيضْرب الْأَعْضَاء إِلَّا مَا ذَكرْنَاهُ وَقَالَ الْحسن بن حَيّ يضْرب فِي الْحَد وَالتَّعْزِير الْأَعْضَاء كلهَا وَلَا يضْرب الْوَجْه والمذاكير وَقَالَ الشَّافِعِي يتقى الْوَجْه والفرج وروى ذَلِك عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه أَتَى بِرَجُل شرب خمرًا فَقَالَ اجلد وَاتَّقِ وَجهه ومذاكيره قَالَ أَبُو جَعْفَر روى سُفْيَان عَن عَاصِم عَن أبي عُثْمَان أَن عمر رَضِي الله عَنهُ أَتَى بِرَجُل فِي حد فَقَالَ اضْرِب وَلَا يرى إبطاك واعط كل عُضْو حَقه وَعَن عمر رَضِي الله عَنهُ أَنه لَا يضْرب الرَّأْس الحديث: 1407 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 288 1408 - فِي ضرب الرِّجَال وَالنِّسَاء وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ الضَّرْب فِي الْحُدُود كلهَا ممدودا وَفِي التَّعْزِير مُجَردا قَائِما غير مَمْدُود إِلَّا فِي حد الْقَذْف فَإِنَّهُ يضْرب وَعَلِيهِ ثِيَابه وَينْزع عَنهُ الحشو والفرو وَقَالَ بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة يضْرب فِي التَّعْزِير فِي إِزَار وَلَا يفرق فِي التَّعْزِير خَاصَّة فِي الْأَعْضَاء وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَابْن أبي ليلى تضرب الْمَرْأَة قَائِمَة فخطأه أَبُو حنيفَة قَالَ وَالرجل يقْعد وَلَا يُقَام وَلَا يمد وتجلد الْمَرْأَة وَلَا تجرد وتقعد وَقَالَ الثَّوْريّ لَا يجرد الرجل وَلَا يمد وتضرب الْمَرْأَة قَاعِدَة وَالرجل قَائِما قَالَ أَبُو جَعْفَر فِي حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا فِي رجم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْيَهُودِيين رَأَيْت الرجل يحني على الْمَرْأَة يَقِيهَا الْحِجَارَة وَهَذَا يدل على أَن الرجل كَانَ قَائِما وَالْمَرْأَة قَاعِدَة وَمَا رُوِيَ عَن عَليّ وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا فِي ضرب الْأَعْضَاء يدل على ذَلِك أَنه لايتمكن من ضرب جَمِيع الْأَعْضَاء إِلَّا فِي حَال الْقيام وَأَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ جلد رجلا فِي الْقَذْف قَائِما فِي شدَّة الضَّرْب قَالَ أَصْحَابنَا ضرب التَّعْزِير أَشد الضَّرْب وَضرب الزِّنَا أَشد من ضرب الشَّارِب وَضرب الشَّارِب أَشد من ضرب الْقَاذِف وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث الضَّرْب فِي الْحُدُود كلهَا سَوَاء غير مبرح بَين الضربين الحديث: 1408 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 289 وَقَالَ الثَّوْريّ ضرب الزِّنَا أَشد من ضرب الْقَاذِف وَضرب الْقَذْف أَشد من ضرب الشّرْب وَقَالَ الْحسن بن حَيّ ضرب الزِّنَا أَشد من ضرب الشّرْب وَالْقَذْف وروى شريك عَن جَامع بن رَاشد عَن أبي وَائِل قَالَ كَانَ لرجل على ابْن أَخ لأم سَلمَة دين فَمَاتَ فقضت عَنهُ فَكتب إِلَيْهَا كتابا يخرج عَلَيْهَا فِيهِ فَرفعت ذَلِك إِلَى عمر رَضِي الله عَنهُ فَكتب عمر الي عَامله اضْرِب ثَلَاثِينَ ضَرْبَة كلهَا تتضع اللَّحْم وتحدر الدَّم وروى شُعْبَة عَن وَاصل عَن الْمَعْرُور بن سُوَيْد قَالَ أُتِي عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ بِامْرَأَة زنت فَقَالَ أفسدت حسبها اضربوها وَلَا تحرقوا عَلَيْهَا جلدهَا فقد دلّ هَذَا على أَنه كَانَ يرى ضرب الزَّانِي أخف من التَّعْزِير وروى عَن عَطاء جلد الزَّانِيَة أَشد من جلد الْفِرْيَة وَجلد الْفِرْيَة وَالْخمر وَاحِد وَعَن الْحسن ضرب الزِّنَا أَشد من الْقَذْف وَالْقَذْف أَشد من الشّرْب وَضرب الشّرْب أَشد من ضرب التَّعْزِير وَعَن عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام أَنه جلد رجلا حدا قَاعِدا وَعَلِيهِ كسَاء قسطلاني الجزء: 3 ¦ الصفحة: 290 روى أَنه جلد أَبَا بكرَة سلخة شَاة فألبس مسكها وَهَذَا يدل على شدَّة الضَّرْب 1409 - فِي إِقَامَة الْحَد فِي الْمَسْجِد قَالَ أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيّ لاتقام الْحُدُود فِي الْمَسَاجِد وَهُوَ قَول الْحسن بن حَيّ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَأقَام ابْن أبي ليلى حدا فِي الْمَسْجِد فخطأه أَبُو حنيفَة وَقَالَ مَالك لابأس بالتأديب فِي الْمَسْجِد خَمْسَة أسواط وَنَحْوهَا وَأما الضَّرْب الموجع وَالْحَد فَلَا يُقَام فِي الْمَسْجِد قَالَ أَبُو جَعْفَر روى إِسْمَاعِيل بن مُسلم الْمَكِّيّ عَن عَمْرو بن دِينَار عَن طَاوس عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا تُقَام الْحُدُود فِي الْمَسَاجِد وَلَا يقتل بِالْوَلَدِ الْوَالِد وَإِسْمَاعِيل هَذَا ضَعِيف عِنْد أهل الحَدِيث وَإِسْمَاعِيل بن مُسلم الْعَبْدي ثِقَة الحديث: 1409 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 291 1410 - فِي الرجل وَالْمَرْأَة يقران بِالزَّوْجِيَّةِ قَالَ أَصْحَابنَا إِذا وجد رجل وَامْرَأَة فِي بَيت وأقرا بِالْوَطْءِ وادعيا أَنَّهُمَا زوجان لم يحدا ويخلى بَينهَا وَبَينه وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ مَالك إِن لم يُقِيمَا بَيِّنَة أقيم عَلَيْهِمَا الْحَط وَقَالَ عُثْمَان البتي إِن كَانَ يرى قبل ذَلِك يدْخل إِلَيْهَا ويذكرها أَو كَانَا طارئين لَا يعرفان قبل ذَلِك فَلَا حد عَلَيْهِمَا فَإِن كَانَا لم يأتيا شَيْئا من هَذَا فهما زانيان مَا اجْتمعَا وَعَلَيْهِمَا الْحَد وَقَالَ أَبُو جَعْفَر لَا خلاف أَنه لَو وطأ جَارِيَة كَانَت مَعْرُوفَة أَنَّهَا لغيره فتصادق هُوَ ومولاها انه كَانَ بَاعهَا أَنه لَاحَدَّ عَلَيْهِ كَذَلِك مَا ذكرنَا فَإِن قيل رُوِيَ عمر رَضِي الله عَنهُ الرَّجْم حق فِي كتاب الله تَعَالَى على من من زنى إِذا أحصن من الرِّجَال وَالنِّسَاء إِذا قَامَت الْبَيِّنَة أَو كَانَ الْحَبل أَو الِاعْتِرَاف فَأوجب الْحَد بِظُهُور الْحمل وَلم يكْشف عَن سَببه قيل لَهُ إِنَّمَا قَالَ هُوَ حق على من زنى فَهَذَا إِن كَانَ سَبَب الْحمل لزنا وَقد قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لماعز لما أقرّ عِنْده بِالزِّنَا لَعَلَّك قبلت لَعَلَّك لمست يطْلب لَهُ الْفرج عَن الْحَد ثمَّ كشف عَن عقله بعد مَعْرفَته بِهِ خوفًا أَن يكون غَيره قد علم من تغير عقله مَا خَفِي عَنهُ وَقد رُوِيَ عَن عَمْرو أَنه أُتِي بِامْرَأَة حُبْلَى بِالْمَوْسِمِ فَقَالُوا زنت فَقَالَ عمر الحديث: 1410 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 292 رَضِي الله عَنهُ مَا يبكيك فَإِن الْمَرْأَة رُبمَا استكرهت على نَفسهَا يلقنها ذَلِك فَأخْبرت أَن رجلا ركبهَا وَهِي نَائِمَة فَقَالَ عمر لَو قتلت هَذِه لَخَشِيت أَن يدْخل مَا بَين هذَيْن الأخشبين النَّار وخلى سَبِيلهَا وَرُوِيَ أَن عليا عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ لشراحة حِين أقرَّت عِنْده بِالزِّنَا قَالَ لَعَلَّك عصيت نَفسك قَالَت أتيت طائعه غير مُكْرَهَة فرجمها 1411 - فِي الْمَمْلُوك يقر بِالْحَدِّ قَالَ أَصْحَابنَا إِقْرَاره بِمَا يُوجب الْحَد جَائِز وَهُوَ قَول مَالك وَعُثْمَان البتى وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ قَالَ أَبُو جَعْفَر وَسمعت ابْن أبي عمرَان يذكر مَا يكون أَخذه عَن ابْن شُجَاع عَن الْحسن عَن زفر فِي إِقْرَار العَبْد بقتل العبدة أَو بِمَا سواهُ مَا لَو علم كَانَت الْعقُوبَة عَلَيْهِ فِي يَدَيْهِ إِن إِقْرَاره بذلك غير مَقْبُول على مَوْلَاهُ إِذا كذبه فِيهِ قَالَ أَبُو جَعْفَر وَمَا أعلم أحدا من الْمُتَقَدِّمين وَافق زفر على ذَلِك غير عَمْرو بن دِينَار وَقد رُوِيَ عَن عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام أَن عبدا أقرّ عِنْده بِالسَّرقَةِ مرَّتَيْنِ فَقَطعه وَأَن عبدا أقرّ عِنْده بِالزِّنَا فردده أَربع مَرَّات فجلده خمسين وَعَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا مثله فِي قطعه بِإِقْرَارِهِ بِالسَّرقَةِ وَلم يرد عَن غَيرهمَا من الصَّحَابَة خِلَافه الحديث: 1411 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 293 1412 - فِيمَن زنى بِجَارِيَة امْرَأَته قَالَ أَصْحَابنَا إِلَّا زفر عَلَيْهِ الْحَد إِلَّا أَن يَقُول ظَنَنْت أَنَّهَا تحل لي فَلَا يحد وَلَا يثبت النّسَب وَقَالَ زفر يحد فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا وَقَالَ مَالك يحد وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يجلد مائَة وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا قَالَ ظَنَنْت أَنَّهَا تحل لي عزّر وَلم يحد وَإِن قَالَ علمت أَنَّهَا عَليّ حرَام حد وروى الْحسن عَن جون بن قَتَادَة عَن سَلمَة بن المحبق أَن رجلا زنى بِجَارِيَة امْرَأَته فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن كَانَ استكرهها فَهِيَ حرَّة وَعَلِيهِ مثلهَا وَإِن كَانَت طاوعته فَعَلَيهِ مثلهَا وروى هشيم عَن أبي بشر عَن حبيب بن سَالم عَن النُّعْمَان بن بشير فِيمَن وَقع بِجَارِيَة امْرَأَته أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن كنت أَذِنت لَهُ جلدته مائَة وَإِن كنت لم تَأْذَنِي لَهُ رَجَمْته وَهَذَا كُله مَنْسُوخ عِنْد الْجَمِيع الحديث: 1412 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 294 وَقد رُوِيَ عَن عمر رَضِي الله عَنهُ أَنه جلد فِيهِ مائَة وَرُوِيَ عَنهُ الرَّجْم بالجهالة وَيجوز أَن يكون ذَلِك على وَجه التَّعْزِير وروى عَطاء بن السَّائِب عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ عَن عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ لَا أُوتى بِرَجُل قد وَقع على جَارِيَة امْرَأَته إِلَّا رَجَمْته 1413 - فِي شَهَادَة الشُّهُود بعد حِين على حد قَالَ أَصْحَابنَا فِي شُهُود شهدُوا بعد حِين بِسَرِقَة أَو شرب خمر أَو زنا قَالَ لَا يحد فِي شَيْء من ذَلِك وَإِن أقرّ بذلك بعد حِين أَخَذته إِلَّا بالشرب وَقَالَ مُحَمَّد يُؤْخَذ بالشرب وَكَانَ أَبُو حنيفَة لَا يؤقت فِي تَأْخِير الشُّهُود وقتا وَكَانَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يؤقتان شهرا ذكر مُحَمَّد فِي إمْلَائِهِ وَقَالَ زفر لَا يحد فِي إِقْرَاره بِشرب الْخمر حَتَّى يقر مرَّتَيْنِ فِي موطنين وَقَالَ أَبُو يُوسُف يحد بِإِقْرَارِهِ مرّة وَاحِدَة وَقَالَ ابْن أبي ليلى إِذا شهدُوا على زنا قديم أَو سَرقَة حد وَإِن شهدُوا على سكر وَأتي بِهِ وَهُوَ غير سَكرَان لم يحد وَقَالَ مَالك فِيمَن شرب خمرًا فِي شبيبته ثمَّ تَابَ وَصَارَ فَقِيها عابدا فَشَهِدُوا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يحد الحديث: 1413 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 295 وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ من وجد مِنْهُ ريح خمر أقيم عَلَيْهِ الْحَد وَلَو بعد حِين وَقَالَ الْحسن بن حَيّ لَا يبطل الْحَد دون الأمد وَكَذَلِكَ قَول اللَّيْث وَقَالَ تقبل الشَّهَادَة عَلَيْهِ بعد طول الْمدَّة وَقَالَ الشَّافِعِي والمزني يحْتَمل أَن يسْقط كل حق لله تَعَالَى بِالتَّوْبَةِ وَقَالَ فِي كتاب الْحُدُود وَبِه أَقُول وَذكر عَنهُ الرّبيع أَن حد الزِّنَا لَا يسْقط بِالتَّوْبَةِ قَالَ أَبُو جَعْفَر اسْم الزِّنَا وَالسَّرِقَة لَا يزولان عَن الْفَاعِل بِالتَّوْبَةِ وَيَزُول عَنهُ اسْم قَاطع الطَّرِيق بِالتَّوْبَةِ فَيَنْبَغِي أَن لَا يسْقط حد الزِّنَا وَالسَّرِقَة وَيسْقط حق حد قاصع الطَّرِيق 1414 - فِيمَن تزوج ذَات محرم مِنْهُ ووطئ قَالَ أَبُو حنيفَة وَالثَّوْري لَا يحد وَإِن علم عزّر وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يحد إِذا علم بتحريمها عَلَيْهِ وَقَالَ مَالك يحد وَلَا يلْحق نسب الْوَلَد وَإِن لم تعلم هِيَ ذَلِك وَإِن كَانَت علمت وَهُوَ لم يعلم ألحقت بِهِ الْوَلَد وأقمت عَلَيْهَا الْحَد وَقَالَ ابْن شبْرمَة من أقرّ أَنه تزوج امْرَأَة فِي عدتهَا وَهُوَ يعلم أَنَّهَا مُحرمَة عَلَيْهِ ضَربته مَا دون الْحَد وَكَذَلِكَ الْمُمْتَنع وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي الَّذِي يتَزَوَّج الْمَجُوسِيَّة أَو الْخَامِسَة أَو الْأُخْتَيْنِ إِن كَانَ جَاهِلا ضرب مائَة ألحق بِهِ الْوَلَد وَإِن كَانَ مُتَعَمدا رجم وَلَا يلْحق بِهِ الْوَلَد الحديث: 1414 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 296 وَقَالَ الْحسن بن حَيّ فِيمَن تزوج امْرَأَة فِي الْعدة وَهُوَ يعلم أَنَّهَا لَا تحل لَهُ أَو ذَات محرم مِنْهُ أقيم عَلَيْهِ الْحَد إِذا وطئ وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ الشَّافِعِي وَإِن ادّعى الْجَهَالَة بِأَن لَهَا زوجا أَو أَنَّهَا فِي عدَّة حلف ودرئ عَنهُ الْحَد قَالَ أَبُو جَعْفَر حَدِيث الْبَراء فِي الَّذِي تزوج امْرَأَة أَبِيه قَالَ أَبُو بردة يرْوى على ثَلَاثَة أوجه أَحدهَا أَنه تزوج امْرَأَة أَبِيه قَالَ أَبُو بردة وَأَمرَنِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن أَقتلهُ ويروى أَنه عرس بِامْرَأَة أَبِيه ويروى أَنه نكح امْرَأَة أَبِيه وَأَن أَقتلهُ وآخذ مَاله وَفِي لفظ آخر ويخمس مَاله 1415 - فِيمَن أقرّ بِالزِّنَا بِامْرَأَة بِعَينهَا وجحدت هِيَ قَالَ أَبُو حنيفَة لَا حد عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالشَّافِعِيّ يحد وَكَذَلِكَ إِن أقرَّت هِيَ وَجحد الرجل وَلم تحد هِيَ للزِّنَا وحدت للقذف وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالشَّافِعِيّ تحد هِيَ وَقَالَ ابْن أبي ليلى إِذا أقرّ هُوَ وجحدت هِيَ وَهُوَ مُحصن جلد الرجل وَلم يرْجم وَقَالَ ابْن شبْرمَة فِيمَن قَالَ لَا مرأته يَا زَانِيَة فَقَالَت زَنَيْت بك أَو قَالَت أَنْت أزني مني جلد كل وَاحِد مِنْهُمَا لصَاحبه الحديث: 1415 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 297 وَقَالَ مَالك إِذا أقرّ بِالزِّنَا بِامْرَأَة بِعَينهَا ضرب للْمَرْأَة حد الْفِرْيَة وأقيم عَلَيْهِ حد الزِّنَا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يحد للقذف وَلَا يحد للزِّنَا 1416 - فِي الْمُكْره على الزِّنَا قَالَ أَصْحَابنَا إِذا استكره امْرَأَة فزنى بهَا فَعَلَيهِ الْحَد وَلَا مهر عَلَيْهِ وَهُوَ قَول ابْن شبْرمَة وَالثَّوْري وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ عَلَيْهِ الْحَد وَالْمهْر جَمِيعًا قَالَ لم يَخْتَلِفُوا فِي الْأمة إِذا طاوعت على الزِّنَا وَلَا مهر لَهَا وَكَذَلِكَ الْحرَّة المستكرهة 1417 - فِي حد الْمَمْلُوك قَالَ أَصْحَابنَا يقيمه الإِمَام دون الْمولى وَهُوَ قَول الْحسن بن حَيّ وَقَالَ مَالك يحده الْمولى فِي الزِّنَا وَشرب الْخمر وَالْقَذْف إِذا شهد عِنْده الشُّهُود وَلَا يقطعهُ فِي السّرقَة إِنَّمَا يقطعهُ الإِمَام وَهُوَ قَول اللَّيْث وَقَالَ الشَّافِعِي يحده الْمولى ويقطعه وَقَالَ الثَّوْريّ يحده الْمولى فِي الزِّنَا رِوَايَة الْأَشْجَعِيّ وَذكر عَنهُ الْفرْيَابِيّ أَن الْمولى إِذا حد عبدا ثمَّ أعْتقهُ جَازَت شَهَادَته وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يحده الْمولى روى عَن الْحسن أَنه قَالَ ضمن هَؤُلَاءِ أَربع الصَّلَاة وَالصَّدَََقَة وَالْحُدُود الحديث: 1416 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 298 وَالْحكم رَوَاهُ عَنهُ ابْن عون وروى عَنهُ بدل الصَّلَاة الْجُمُعَة وَقَالَ عبد الله بن محيريز الْحُدُود والفيء وَالْجُمُعَة وَالزَّكَاة إِلَى السُّلْطَان وَقد روى حَمَّاد بن سَلمَة عَن يحيى الْبكاء عَن مُسلم بن يسَار عَن أبي عبد الله رجل من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ ابْن عمر يَأْمُرنَا أَن نَأْخُذ عَنهُ وَقَالَ هُوَ عَالم فَخُذُوا عَنهُ فَسَمعته يَقُول الزَّكَاة وَالْحُدُود والفيء وَالْجُمُعَة إِلَى السُّلْطَان قَالَ أَبُو جَعْفَر وَعَسَى أَن يكون هُوَ أَبَا عبد الله أَخا أبي بكرَة واسْمه نَافِع وَلَا نعلم عَن أحد من الصَّحَابَة خِلَافه وروى الْأَعْمَش أَنه ذكر إِقَامَة عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ حدا بِالشَّام فَقَالَ الْأَعْمَش هم أمرآء حَيْثُ كَانُوا وَمَا رُوِيَ عَن ابْن أبي ليلى قَالَ أدْركْت بقايا الْأَنْصَار يضْربُونَ الوليدة من ولائدهم إِذا زنت فِي مجَالِسهمْ 1418 - فِي اجْتِمَاع الْحُدُود قَالَ أَصْحَابنَا يبْدَأ بِالْقصاصِ فِيمَا دون النَّفس ثمَّ يحد للقذف ثمَّ إِن شَاءَ يحد للزِّنَا أَو للسرقة ثمَّ يحد للشُّرْب آخِره وَقَالَ ابْن شبْرمَة إِذا قتل وزنى حد ثمَّ قتل وَقَالَ مَالك يبْدَأ بِمَا هُوَ لله تَعَالَى فَيبْدَأ بِقطع السّرقَة ثمَّ بِالْقصاصِ لِأَن الحديث: 1418 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 299 الْقصاص يجوز فِيهِ الْعَفو وَفِي الْحَد لَا يجوز وَلَو زنى وسرق وَهُوَ مُحصن رجم وَلم يقطع قَالَ مَالك كل حد وَجب عَلَيْهِ مَعَ الْقَتْل فِي قصاص أَو غَيره فَإِنَّهُ يقتل وَلَا يحد إِلَّا فِي الْقَذْف فَإِنَّهُ يجلد ثمَّ يقتل وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا قطع يَد رجل ثمَّ سرق قطعت يَده بِالْقصاصِ وَرجله بِالسَّرقَةِ وَإِن سرق ثمَّ قطع يَد رجل فَقطعت يَده بِالسَّرقَةِ وعزم دِيَة يَد الْمَقْطُوع وَإِن كَانَ عَلَيْهِ حُدُود للنَّاس ثمَّ قتل أخذت حُدُود النَّاس فِيهِ ثمَّ قتل وَإِن كَانَت حُدُود كلهَا لله تَعَالَى مِنْهَا الْقَتْل قتل وَترك مَا سواهُ وَقَالَ اللَّيْث فِي الْمُرْتَد إِنَّه يقتل وَيبْطل كل جِنَايَة مِنْهَا كَانَت مِنْهُ وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا اجْتمعت على رجل حُدُود وَقتل يَبْتَدِئ بِحَدّ الْقَذْف ثَمَانِينَ جلدَة ثمَّ يحد الزِّنَا ثمَّ تقطع يَده الْيُمْنَى وَرجله الْيُسْرَى لقطع الطَّرِيق وَكَانَت يَده الْيُمْنَى للسرقة وَقطع الطَّرِيق مَعًا وَرجله لقطع الطَّرِيق مَعَ يَده ثمَّ قتل قودا قَالَ أَبُو جَعْفَر قَول مَالك إِن حد الله لَا يسْقطهُ الْعَفو فَلذَلِك كَانَ الدّور يرجع عَلَيْهِ فِي تَجْوِيز رُجُوعه وَإِقْرَاره فِي الْحُدُود دون حق الْآدَمِيّ 1419 - فِيمَن زنا وَقَالَ لم أعلم أَنه محرم قَالَ أَصْحَابنَا فِي الذِّمِّيّ إِذا زنى يحد وَإِن قَالَ هُوَ عِنْدِي حَلَال وَلَو أسلم رجل فَشرب الْخمر وَقَالَ لم أعلم أَنَّهَا مُحرمَة لم يحد وَإِن كَانَ ولد فِي دَار الْإِسْلَام لَا يصدق وَقَالَ زفر يحد فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا وَقَالَ مَالك من أَتَى الْحُدُود لم يعْذر بالجهالة وحد الحديث: 1419 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 300 وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِيمَن أسلم فَلم يمْكث إِلَّا يَوْمَيْنِ أَو عشرَة ثمَّ قذف أَو سرق أَو سكر أَو زنى وَلم يعرف الْإِسْلَام فَإِنَّهُ يضْرب مائَة فِي الزِّنَا مُحصنا وَغير مُحصن ويدرأ عَنهُ مَا سوى ذَلِك حَتَّى يعلم بحدود الْإِسْلَام وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْمُرْتَهن إِذا وطأ جَارِيَة الرَّهْن حد فَإِن كَانَ رب الْجَارِيَة أذن لَهُ فِي ذَلِك وَكَانَ يجهل درىء عَنهُ الْحَد ويؤدب هُوَ وَالسَّيِّد بِالْإِذْنِ روى عمر بن دِينَار عَن سعيد بن الْمسيب أَن رجلا قَالَ زَنَيْت البارحة فَقيل لَهُ إِن الله قد حرمه فَكتب فِيهِ إِلَى عمر فَكتب إِن كَانَ علم أَن الله حرمه فحدوه وَإِن لم يكن يعلم فأعلموه فَإِن عَاد فحدوه قَالَ أَبُو جَعْفَر فَلم يُوجب الْحَد على الْجَاهِل بِالتَّحْرِيمِ وَلَا يعلم عَن أحد من الصَّحَابَة خِلَافه وَقَالَ تَعَالَى {وَمَا كُنَّا معذبين حَتَّى نبعث رَسُولا} فَأخْبر أَنه لَا يعذب أحدا فِيمَا طَرِيقه السّمع إِلَّا بعد إِقَامَة الْحجَّة عَلَيْهِ بتحريمها وَأَيْضًا فَإِن الْحُدُود عقوبات على انتهاك الْمَحَارِم وَمن لم يعرف الْحُرْمَة قبل وُقُوعه فِيهَا لم يكن منتهكا لَهَا فَلَا حد عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو حنيفَة فِيمَن وطأ امْرَأَة ثمَّ قَالَ ظننتها امْرَأَتي فَإِنَّهُ يحد وَقَالَ زفر فِي الْأَعْمَى إِذا وجد امْرَأَة على فرَاشه فَوَطِئَهَا فَلَا حد عَلَيْهِ إِذا قَالَ طننتها امْرَأَتي وَقَالَ أَبُو يُوسُف يحد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 301 1420 - فِي الإِمَام هَل يُقرر بِمَا يُوجب الْحَد قَالَ أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيّ لَا يَنْبَغِي للْحَاكِم أَن يَقُول أفعلت كَذَا لما يُوجب وَكَانَ ابْن أبي ليلى يَقُول لَهُ أوطئتها يقرره أَربع مَرَّات فَإِن أقرّ بذلك أَرْبعا حَده روى أَن هزالًا أَمر ماعزا بِالْإِقْرَارِ عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو سترته بثوبك كَانَ خيرا لَك وروى يحيى بن سعيد عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ بعد أَن رجم الْأَسْلَمِيّ اجتنبوا هَذِه القاذورات الَّتِي نهى الله عَنْهَا فَمن ألم فليستتر بستر الله وليتب إِلَى الله فَإِنَّهُ من يبد لنا صفحته نقم عَلَيْهِ كتاب الله تَعَالَى فَإِن قيل روى أَنه قَالَ واغد يَا أنيس على امْرَأَة هَذَا فَإِن اعْترفت فارجمها قَالَ أَبُو بكر يحْتَمل أَن يكون أَرَادَ تَعْرِيفهَا ذَلِك لتأْخذ بِحَقِّهَا من الْقَذْف إِن لم يقر بِالزِّنَا الحديث: 1420 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 302 1421 - فِيمَن عمل عمل قوم لوط قَالَ أَبُو حنيفَة يُعَزّر وَلَا يحد وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث يرجمان أحصنا أَو لم يحصنا وَقَالَ البتي وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ هُوَ بِمَنْزِلَة الزِّنَا قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يحل دم امْرِئ مُسلم إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاث فَإِن كَانَ زنا فَفِيهِ حد الزِّنَى وَإِن لم يكن زنا لم يجز قَتله بِهَذَا وَقد روى عَاصِم بن عمر عَن سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الَّذِي يعْمل عمل قوم لوط فَاقْتُلُوا الْفَاعِل وَالْمَفْعُول بِهِ وعصم بن عمر وَعَمْرو بن أبي عَمْرو ضَعِيف لَا تقوم بروايتهما الْحجَّة الحديث: 1421 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 303 وَقد روى عَطاء وَإِبْرَاهِيم وَالْحسن أَن حد اللوطي حد الزَّانِي 1422 - فِي الَّذِي يَأْتِي الْبَهِيمَة قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك والبتي لَا حد عَلَيْهِ وَيُعَزر وَعَن الْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ عَلَيْهِ الْحَد وَعَن ابْن عمر لَا حد عَلَيْهِ وَعَن ابْن عمر لَا حد عَلَيْهِ 2 وروى عَمْرو بن أبي عَمْرو عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من وجدتموه على بَهِيمَة فَاقْتُلُوهُ واقتلوا الْبَهِيمَة وروى شُعْبَة وسُفْيَان وَأَبُو عوَانَة عَن عَاصِم عَن أبي رزين عَن ابْن عَبَّاس فِيمَن أَتَى بَهِيمَة أَنه لَا حد عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ إِسْرَائِيل وَأَبُو بكر وَأَبُو الْأَحْوَص وسريك عَن عَاصِم عَن أبي رزين عَن ابْن عَبَّاس مثله 1423 - فِي التَّعْزِير قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد وَالشَّافِعِيّ لَا يبلغ بالتعزير أَرْبَعِينَ سَوْطًا وَهُوَ قَول شبْرمَة وَالْحسن بن حَيّ الحديث: 1422 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 304 وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَأَبُو يُوسُف أَكْثَره خَمْسَة وَسَبْعُونَ سَوْطًا وروى عَن أبي يُوسُف أَنه على مَا يرَاهُ الإِمَام وَلم يذكر منع مُجَاوزَة الْحَد بِهِ وَقَالَ مَالك عَن التَّعْزِير مَا هُوَ أَشد من الْحُدُود وَقَالَ اللَّيْث فِي الْمَرْأَة تُوجد مَعَ رجل فِي بَيت بعد الْعشَاء الْآخِرَة أَنَّهُمَا يجلدان سبعين سبعين سَوْطًا وَقَالَ فِي الرجل يخلع امْرَأَته ثمَّ يُصِيبهَا فِي عدتهَا وهما جاهلان يضربان مائَة مائَة وَإِن كَانَ عَالما وَهِي مستكرهة فَعَلَيهِ الْحَد وَقَالَ فِيمَن يدْخل الرجل على غير امْرَأَته يضْرب مائَة قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يصلح اعْتِبَار الْعُقُوبَات قِيَاسا أَلا ترى أَنه من زنى مائَة مرّة وَمن زنى مرّة وَمن زنى ثَالِثَة مُحرمَة وَمن زنى بأجنبية وَمن زنى فِي رَمَضَان وَهُوَ صَائِم محرم حدودهم سَوَاء لَا يُزَاد على وَاحِد مِنْهُم عُقُوبَة لأجل زِيَادَة انتهاك الْحُرْمَة وَمن قذف رجلا بِالزِّنَا حد وَلَو قذفه بالْكفْر لم يحد فَدلَّ على أَنه لَا يجوز أَن يعْتَبر بهَا غَيرهَا من الْعُقُوبَات وَلَا يُزَاد إِلَيْهَا فَلم يجز اعْتِبَار التَّعْزِير بِالْحَدِّ وَالتَّعْزِير لم يَخْتَلِفُوا فِي أَنه موكول إِلَى اجْتِهَاد الإِمَام فيخفف تَارَة ويشد تَارَة فَلَا معنى لاعْتِبَار الْحَد فِيهِ وَجَاز مجاوزته إِيَّاه وَقد روى عَن اللَّيْث بن سعد أَنه يحْتَمل أَن لَا يُجَاوز بالتعزير عشرَة أسواط وَيحْتَمل مَا سوى ذَلِك ويحتج لذَلِك بِمَا روى عبد الرَّحْمَن بن جَابر بن عبد الله عَن أبي بردة بن نيار أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا يجلد فَوق عشر جلدات إِلَّا فِي حد من حُدُود الله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 305 وَقد روى يُونُس عَن ابْن شهَاب عَن يحيى بن عبد الرَّحْمَن بن حَاطِب عَن أَبِيه أَن حَاطِبًا توفّي وَأعْتق من صلى من رَقِيقه وَصَامَ وَكَانَت لَهُ وليدة نوبية قد صلت وصامت وَهِي عجمية لم تفقه فَلم يرعه إِلَّا حملهَا فَذهب إِلَى عمر فَزعًا فحدثه فَقَالَ عمر أَنْت الرجل الَّذِي لَا تَأتي بِخَير فأفزعه ذَلِك فَأرْسل إِلَيْهَا عمر أحبلت فَقَالَت نعم من مرعوش بِدِرْهَمَيْنِ فَإِذا هِيَ تستهل بِهِ وصادفت عِنْده عليا وَعُثْمَان وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف فَقَالَ أَشِيرُوا عَليّ فَقَالَ عَليّ وَعبد الرَّحْمَن قد وَقع عَلَيْهَا الْحَد فَقَالَ أشر عَليّ يَا عُثْمَان فَقَالَ قد أَشَارَ عَلَيْك أَخَوَاك قَالَ أشر عَليّ أَنْت قَالَ عُثْمَان أَرَاهَا تستهل بِهِ كَأَنَّهَا لَا تعمله وَلَيْسَ الْحَد إِلَّا على من علمه فَأمر بهَا فجلدت مائَة وغربها ثمَّ قَالَ صدقت وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ مَا الْجلد إِلَّا على من علمه قَالَ ابْن شهَاب وَقد كَانَت نكحت غُلَاما لأَهْلهَا ثمَّ مَاتَ عَنْهَا وَهِي أَعْجَمِيَّة إِلَّا أَنَّهَا تصلي الْقبْلَة مَعَ الْمُسلمين وَإِن عُثْمَان قَالَ لعمر لَا أرى عَلَيْهَا الرَّجْم وَإِنَّمَا الرَّجْم على من علم الْإِسْلَام فَيعلم مَاذَا عَلَيْهِ وماذا لَهُ فَأمر عمر إِذا نفست أَن تجلد مائَة وتغرب إِلَى مصر من الْأَمْصَار فَجعل من هَذَا الحَدِيث التَّعْزِير مائَة كَانَ عَلَيْهَا استعلام الْأَشْيَاء الْمُحرمَة وغربها زِيَادَة فِي الْعقُوبَة كَمَا غرب فِي الْخمر 1424 - فِي شُهُود الْإِحْصَان إِذا رجعُوا قَالَ أَصْحَابنَا إِلَّا زفر تقبل فِي الْإِحْصَان رجل وَامْرَأَتَانِ وَإِن رَجَعَ شُهُود الْإِحْصَان فَلَا شَيْء عَلَيْهِم وَقَالَ زفر لَا تقبل فِي الْإِحْصَان إِلَّا شَهَادَة رجلَيْنِ الحديث: 1424 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 306 وَقَالَ أَصْحَابنَا إِن رَجَعَ شُهُود الْإِحْصَان وشهود الزِّنَا بعد الرَّجْم لم يكن على شُهُود الْإِحْصَان ضَمَان شَيْء وَكَانَ الضَّمَان على شُهُود الزِّنَا وَقَالَ زفر على شُهُود الْإِحْصَان نصف الدِّيَة وَقَالَ الْمُزنِيّ قِيَاس قَول الشَّافِعِي إِن الدِّيَة على شُهُود الزِّنَا وعَلى شَاهِدي الْإِحْصَان أسداسا قَالَ أَبُو جَعْفَر اتَّفقُوا على قبُول الشَّاهِدين فِي الْإِحْصَان وَلَو كَانَ هُوَ الْمُوجب للرجم لما قبل إِلَّا أَرْبَعَة لشهود الزِّنَا وَقد اتَّفقُوا أَنه لَو عدل الشُّهُود رجلَانِ ثمَّ رجعا عَن التَّعْدِيل بعد الحكم أَن لَا ضَمَان عَلَيْهِمَا 1425 - فِي رُجُوع شُهُود الزِّنَا بعد الْقَضَاء أَو قبله قَالَ أَصْحَابنَا إِذا شهد أَرْبَعَة بِالزِّنَا فَلم يحد حَتَّى رَجَعَ الشُّهُود فَعَلَيْهِم الْحَد وَإِن رجم ثمَّ رَجَعَ أحدهم حد الرَّاجِع وَحده وَغرم ربع الدِّيَة وَقَالَ زفر لَا يحد إِلَّا الرَّاجِع وَحده إِذا لم يحكم الْحَاكِم لم يحد وَلَو قضى بِالْحَدِّ فَلم يحد حَتَّى رَجَعَ أحدهم حدوا جَمِيعًا عِنْد أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَعند مُحَمَّد يحد الرَّاجِع وَحده وَقَالَ زفر إِذا رَجَعَ الشُّهُود بعد الرَّجْم لم يحدوا وَقَالَ مَالك إِذا شهد أَرْبَعَة بِالزِّنَا فَشك أحدهم بعد شَهَادَته قبل مُضِيّ الْحَد حدوا جَمِيعًا وَإِن مضى الْحَد ثمَّ شكّ جلد الشاك وَحده الحديث: 1425 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 307 وَقَالَ الْبَراء إِذا رجم ثمَّ رَجَعَ وَاحِدًا وَقَالَ تَعَمّدت الشَّهَادَة ليقْتل رَجَمْته إِن قَالَ شبه عَليّ غرم ربع الدِّيَة فَعَلَيهِ الدِّيَة كَامِلَة وَعَلِيهِ الْحَد وَلَا شَيْء على البَاقِينَ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يحد الرَّاجِع وَيغرم ربع الدِّيَة وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا رجعُوا بعد الرَّجْم وَقَالُوا شبه علينا حدوا وَعَلَيْهِم الدِّيَة وَإِن قَالُوا تعمدنا قتلوا بِهِ وَإِن رَجَعَ أحدهم قبل إبِْطَال الْحَد ضربوا بِالْقَذْفِ وَإِن كَانَ رُجُوعه بعد الْحَد ضرب الرَّاجِع وَحده وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْمُزنِيّ إِذا رجم بِشَهَادَة أَرْبَعَة ثمَّ رَجَعَ أحدهم وَقَالَ تَعَمّدت أَن أشهد بزور فَعَلَيهِ الْقود وَإِن قَالَ شهِدت وَلَا أعلم أعليه الْقَتْل أَو غَيره اسْتحْلف وَعَلِيهِ الدِّيَة وَالْحَد قَالَ وَمن رَجَعَ بعد تَمام الشَّهَادَة لم يحد غَيره 1426 - فِيمَن إِلَيْهِ إِقَامَة الْحُدُود قَالَ أَصْحَابنَا لَا يُقيم إِلَّا أُمَرَاء الْأَمْصَار وحكامها وَلَا يقيمها عَامل السوَاد وَنَحْوه وَقَالَ مَالك الشَّرْط والحرس عِنْدِي بِمَنْزِلَة الإِمَام فِي إِقَامَة الْحُدُود وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا كَانَ الْوَالِي عدلا يضع الصَّدَقَة موَاضعهَا فَلهُ عُقُوبَة من على صدقته إِلَّا أَن يَدعِي الْجَهَالَة فَلَا يُعَاقِبهُ وَإِن كَانَ لَا يَضَعهَا موَاضعهَا لم يكن لَهُ أَن يُعَزّر بِهِ وَقَالَ أَبُو جَعْفَر الحرسي لَا يحكم فِي الْأَمْوَال كَذَلِك فِي الْحُدُود الحديث: 1426 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 308 1427 - فِيمَن وطأ مَمْلُوكَة بِشُبْهَة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا زنى بِجَارِيَة امْرَأَته أَو أَبِيه أَو أمه وَقَالَ علمت أَنَّهَا عَليّ حرَام حد وَإِن زنى بِجَارِيَة ابْنه وَقَالَ علمت أَنَّهَا عَليّ حرَام لم يحد وَإِن قَالَ فِي جَمِيع ذَلِك ظَنَنْت أَنَّهَا تحل لي دَرأ عَنهُ الْحَد وَلَا يثبت النّسَب إِلَّا فِي الْأَب يَدعِي جَارِيَة ابْنه وَقَالَ إِن ادّعى ولد جَارِيَة مكَاتبه لم يصدق حَتَّى يصدقهُ الْمكَاتب وَإِن أحلّت امْرَأَة نَفسهَا لرجل لم يكن ذَلِك نِكَاحا وَقَالَ مَالك إِذا وطىء أحد الشَّرِيكَيْنِ لم يحد وَيثبت نسب الْوَلَد وَيضم حِصَّة شَرِيكه وَلَا عُقُوبَة عَلَيْهِ وَإِن أحل رجل جَارِيَته لرجل فَوَطِئَهَا قومت عَلَيْهِ يَوْم وَطئهَا وَلم تحل وَلَا حد عَلَيْهِ وَيلْحق بِهِ الْوَلَد وَقَالَ مَالك إِن وطىء أم ولد ابْنه فَعَلَيهِ الْحَد وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا أحلّت الْمَرْأَة جاريتها لزَوجهَا فَلَا حد عَلَيْهِ وَلَا تَعْزِير وَيلْحق بِهِ الْوَلَد وَهُوَ مَمْلُوك وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي الرجل يَقع على الْجَارِيَة من الْغَنِيمَة فَتحمل مِنْهُ فَإِن من سلف عُلَمَائِنَا يُقِيمُونَ عَلَيْهِ إِذا زنى الْحَد يَوْم جلد ومهرها قيمَة عدل فَيلْحق بهَا وَوَلدهَا بِهِ لمَكَان الَّذِي لَهُ فِيهِ من الشّرك وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا وطىء جَارِيَة أمه أَو ابْنة يثبت النّسَب وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْمُزنِيّ إِذا وطىء جَارِيَة أَبِيه وأولدها فَعَلَيهِ مهرهَا وَقيمتهَا وَقَالَ الرّبيع عَنهُ إِذا وطىء الْمُرْتَهن جَارِيَة الرَّهْن بِإِذن الرَّاهِن وَكَانَ يجهل دَرأ عَنهُ الْحَد وَلحق الْوَلَد وَعَلِيهِ قيمتهم يَوْم سقطوا الحديث: 1427 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 309 قَالَ وَإِذا وطىء جَارِيَة أَبِيه وَقَالَ ظننتها تحل لي أَحْلف مَا وَطئهَا إِلَّا وَهُوَ يعْتَقد أَنَّهَا حَلَال ثمَّ دَرأ عَنهُ الْحَد وأرغم الْمهْر وَإِن قَالَ قد عملت أَنَّهَا عَليّ حرَام حد وَلَا يقبل هَذَا إِلَّا مِمَّن يُمكن فِيهِ الْجَهْل قَالَ وَإِذا وطىء أمه لمكاتبه وللمكاتب عَلَيْهِ مهر وَإِن حملت الْأمة فَهِيَ أم ولد وَعَلِيهِ مهرهَا وَقيمتهَا 1428 - فِي حد العَبْد فِي القدف قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قدف حرا فَعَلَيهِ أَرْبَعُونَ جلدَة وَهُوَ قَول مَالك وَعُثْمَان البتي وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يجلد ثَمَانِينَ وروى الثَّوْريّ عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه أَن عليا عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ يجلد العَبْد فِي الْفِرْيَة أَرْبَعِينَ وروى الثَّوْريّ عَن ابْن ذكْوَان عَن عبد الله بن عَامر قَالَ أدْركْت أَبَا بكر وَعمر وَعُثْمَان وَمن بعدهمْ من الْخلف فَلم أرهم يضْربُونَ الْمَمْلُوك فِي القدف إِلَّا أَرْبَعِينَ وَهُوَ مَذْهَب ابْن عَبَّاس وَسَالم وَسَعِيد بن الْمسيب وَعَطَاء وروى لَيْث بن أبي سليم عَن الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن أَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ فِي عبد عبد قذف حرا إِنَّه يجلد ثَمَانِينَ الحديث: 1428 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 310 وَقَالَ أَبُو الزِّنَاد جلد عمر بن عبد الْعَزِيز عبدا فِي الْفِرْيَة ثَمَانِينَ 1429 - فِي التَّعْرِيض بِالْقَذْفِ قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ لَا حد فِي التَّعْرِيض بِالْقَذْفِ وَقَالَ مَالك عَلَيْهِ فِيهِ الْحَد وروى الْأَوْزَاعِيّ عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن ابْن عمر قَالَ كَانَ عمر يضْرب الْحَد فِي التَّعْرِيض وروى ابْن وهب عَن مَالك عَن أبي الرِّجَال عَن أمة عمْرَة أَن رجلَيْنِ اسْتَبَّا فِي زمن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ أَحدهمَا للْآخر وَالله مَا أبي بزان وَلَا أُمِّي بزانية فَاسْتَشَارَ عمر فِي ذَلِك فَقَالَ قَائِل مدح أَبَاهُ وَأمه وَقَالَ اخرون قد كَانَ لِأَبِيهِ وَأمه مدح غير هَذَا نرى أَن يجلد الْحَد فجلده عمر ثَمَانِينَ وَلم يشاور عمر إِلَّا من إِذا خَالف قبل خِلَافه فَحصل الْخلاف فِيهِ بَين السّلف لِأَنَّهُ لم يكن يشاور إِلَّا الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم 1430 - فِيمَن صدق الْقَاذِف قَالَ أَصْحَابنَا إِلَّا زفر إِذا قَالَ لرجل يَا زَان فَقَالَ الآخر صدقت أَنه يجلد الأول وَلَا يحد الآخر الحديث: 1429 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 311 وَقَالَ زفر يحدان جَمِيعًا وَهُوَ قِيَاس قَول مَالك قَالَ أَبُو جَعْفَر لَو قَالَ لي عَلَيْك ألف دِرْهَم فَقَالَ صدقت لزمَه المَال وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما عز أَحَق مَا بَلغنِي عَنْك أَنَّك زَنَيْت بِجَارِيَة ال فلَان فَقَالَ نعم 1431 - فِيمَن قَالَ أَخْبرنِي فَلَا أَنَّك زَان قَالَ أَصْحَابنَا فِيمَن قَالَ لآخر أخْبرت أَنَّك زَان فَلَا حد عَلَيْهِ وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يحد وَقَالَ مَالك إِذا قَالَ أَخْبرنِي فلَان أَنَّك زَان فَإِن أَقَامَ الْبَيِّنَة أَن فلَانا أخبرهُ وَإِلَّا حد قَالَ أَبُو جَعْفَر هَذَا القَوْل لَيْسَ بِقَذْف من قَائِله لِأَنَّهُ لَو أَقَامَ بَيِّنَة أَن فلَانا قَالَه لم يحد هَذَا الحاكي 1432 - فِيمَن قذف جَارِيَة حَامِلا من الْمولى قَالَ إِذا أقرّ الرجل بِحمْل جَارِيَته ثمَّ مَاتَ فقذفها قَاذف فَلَا حد عَلَيْهِ فِي قِيَاس قَول أبي حنيفَة وضعت ولدا حَيا أَو لم تضع وَقِيَاس قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد إِن جَاءَت بِهِ لما يحكم بِهِ أَنه من مَوْلَاهَا حد قاذفها وَإِن جَاءَت بِهِ لما سوى ذَلِك لم يحد وَقَالَ مَالك عَلَيْهِ الْحَد وَيقتل من قَتلهَا وَقَالَ اللَّيْث إِذا تبين أَن فِي بَطنهَا ولدا حد قاذفها الحديث: 1431 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 312 1433 - فِيمَن قَالَ يَا فَاسق أَو خَبِيث أَو نَحوه قَالَ أَصْحَابنَا فِيمَن قَالَ لآخر يَا فَاسق أَو يَا خَبِيث أَو يَا سَارِق فَإِنَّهُ يُعَزّر وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ إِلَّا فِي قَوْله يَا خَبِيث فِي قَول ابْن حَيّ وَيُعَزر عِنْده إِذا قَالَ يَا عَدو الله أَو يَا مُنَافِق وَكَذَلِكَ يَا مَجْنُون وَفِي يَا خَبِيث يسْتَحْلف فَإِن أَرَادَ بالخبث السوء عزّر وَإِن أَرَادَ خبث الْخلق لم يُعَزّر وَإِذا قَالَ يَا فَاجر اسْتحْلف أَنه لم ينْو الزِّنَا وَقَالَ الشَّافِعِي فِي قَوْله يَا خبيثة أَو يَا فاسقة أَو غلمة حلف مَا أَرَادَ الْقَذْف وعزر ذكره الْمُزنِيّ وَقَالَ مَالك يُعَزّر فِي قَوْله يَا فَاجر وَيَا فَاسق وَيَا خَبِيث ويستحلف فِي قَوْله يَا خَبِيث مَا أَرَادَ الْقَذْف وَفِي قَوْله يَا مخنث يجلد الْحَد إِلَّا أَن يحلف أَنه لم يرد قذفا 1434 - فِيمَن شتم رجلا قَالَ أَصْحَابنَا فِيمَن شتم رجلا أَنه يعزرأسواطا إِلَّا ان يكون الشاتم لَهُ مُرُوءَة وخطر وَكَانَ ذَلِك أول مَا فعل فَلَا يُعَزّر وَلَا يحبس وروى عَن الْحسن عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ السَّلَام أَنه قَالَ تجافوا عَن عُقُوبَة ذَوي الْمُرُوءَة الحديث: 1433 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 313 وَذكر أَشهب عَن مَالك أَنه سُئِلَ أسمعت أَن ذَا الْهَيْئَة تقال عشرته فَقَالَ لم أسمعهُ وَهَذَا من الشَّيْطَان وَقَالَ الشَّافِعِي ذَوُو الهيئات الَّذين تقال عثرتهم الَّذين لَيْسَ يعْرفُونَ بالسوء فَيكون من احدهم الزلة وَفِي الَّذِي يكْتب إِلَى الْكفَّار إِن كَانَ من ذِي الْهَيْئَة بِجَهَالَة كَمَا كَانَ من حَاطِب بِجَهَالَة وَكَانَ غير مُتَّهم أَحْبَبْت أَن يتجافى عَنهُ وَإِلَّا عزره الْأَمَام قَالَ أَبُو جَعْفَر حَدثنَا يُونُس بن عبد الْأَعْلَى وَمُحَمّد بن عبد الله بن عبد الحكم قَالَا حَدثنَا ابْن أبي فديك قَالَ وَأَخْبرنِي عبد الْملك بن زيد عَن مُحَمَّد بن أبي بكر عَن أَبِيه عَن عمْرَة عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أقيلوا ذَوي الهيئات عثراتهم إِلَّا حد من حُدُود الله قَالَ أَبُو جَعْفَر حَدثنَا يُونُس وَابْن عبد الحكم صَحِيح رَوَاهُ ابْن أبي فديك وَعبد الرَّحْمَن بن مهْدي عَن عبد الْملك بن زيد وَهُوَ عبد الْملك بن زيد بن سعيد بن زيد بن عَمْرو بن نفَيْل وَقد روى مُوسَى بن دَاوُد قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز بن عمر بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن عبد الله بن عبد الله بن عمر عَن أَبِيه عَن جده قَالَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 314 قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تجافوا عَن عُقُوبَة ذَوي الْمُرُوءَة وَهُوَ ذُو الصّلاح فَذكر فِيهِ أَن ذَا الْهَيْئَة هُوَ ذُو الصّلاح وَقد رُوِيَ أَن مُحَمَّدًا بن أبي بكر بن حزم رفع إِلَيْهِ رجل من ال عمر قد شج رجلا وضربه فَأرْسلهُ وَقَالَ أَنْت من ذَوي الهيئه وَحدثنَا ابْن أبي عمرَان قَالَ حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن هِشَام عَن بشر بن الْحَارِث عَن عِيسَى بن يُونُس فِي تَأْوِيل هَذَا الحَدِيث فِي ذِي الْهَيْئَة قَالَ هُوَ ذُو الْيَدَيْنِ 1435 - فِي قذف الْمَجْنُون وَالصَّبِيّ قَالَ أَصْحَابنَا لَا حد عَلَيْهِ وَهُوَ قَول الْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ مَالك لَا يحد قَاذف الصَّبِي وَإِن كَانَ مثله يُجَامع إِذا لم يبلغ وَيحد قَاذف الصبية إِذا كَانَ مثلهَا تجامع وَإِن لم تحصن وَيحد قَاذف الْمَجْنُون وَقَالَ اللَّيْث يحد قَاذف الْمَجْنُون 1436 - فِيمَن قَالَ فجرت بفلانة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قَالَ لآخر فجرت بفلانة أَو قَالَ جامعتها حَرَامًا فَلَا حد عَلَيْهِ وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَفِي قَول مَالك يحد إِلَّا أَن يُقيم بَيِّنَة أَن كَانَ تزَوجهَا نِكَاحا فَاسِدا وَوَطئهَا وَلَو قَالَ الْقَاذِف ذَلِك فَلَا يحد الحديث: 1435 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 315 1437 - فِيمَن قَالَ زنى فرجك أَو يدك وَقَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالشَّافِعِيّ إِذا قَالَ زنى فرجك فَعَلَيهِ الْحَد وَإِن قَالَ يدك أَو رجلك لم يحد 1437 - م فِي الذِّمِّيّ يقذف ثمَّ يسترق قَالَ أَصْحَابنَا إِلَّا زفر فِي الذِّمِّيّ يقذف مُسلما ثمَّ ينْقض الْعَهْد وَيلْحق بدار الْحَرْب فيسترق إِن الْحَد قد سقط عَنهُ وَقَالَ زفر عَلَيْهِ ثَمَانُون جلدَة وَهُوَ قِيَاس قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ 1438 - فِيمَن قَالَ لمسلمة زَنَيْت فِي الْكفْر قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري فِيمَن قَالَ لكافرة أسلمت زَنَيْت وَأَنت كَافِرَة فَعَلَيهِ الْحَد وَكَذَلِكَ الْمُعتقَة إِذا قَالَ لَهَا زَنَيْت وَأَنت أمة وَإِن قَالَ لامْرَأَة زَنَيْت وَأَنت مستكرهة فَلَا حد عَلَيْهِ وَقَالَ مَالك يحد أَيْضا فِي قَوْله زَنَيْت وَأَنت مستكرهة وَقَالَ مَالك وَلَو قَالَ زنت وَهِي مسلمة وَقد كَانَت زنت فِي كفرها فَعَلَيهِ الْحَد وَقَالَ الشَّافِعِي لَو قَالَ زَنَيْت وَأَنت نَصْرَانِيَّة فَلَا حد عَلَيْهِ 1439 - فِي الْقَاذِف يَدعِي أَن الْمَقْذُوف عبد قَالَ أَصْحَابنَا القَوْل قَول الْقَاذِف وعَلى الْمَقْذُوف الْبَيِّنَة أَنه حر وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ والبتي وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ الحديث: 1437 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 316 وَقَالَ مَالك يحد الْقَاذِف إِلَّا أَن تكون لَهُ بَيِّنَة والظالم أَحَق أَن يحمل عَلَيْهِ 1440 - فِي الْمَقْذُوف يعلم أَن الْقَاذِف صَادِق قَالَ مَالك فِي رجل قَالَ لَهُ رجل يَا زَان وَهُوَ يعلم من نَفسه أَنه زنى أَنه يَسعهُ أَن يضْرب الْقَاذِف وَلَا شَيْء عَلَيْهِ قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يعلم هَذَا القَوْل عَن أحد غير مَالك وَقد روى ابْن الْمُبَارك عَن فُضَيْل بن غَزوَان عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي نعم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قذف مَمْلُوكا بزنا أقيم عَلَيْهِ الْحَد يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا أَن يكون كَمَا قَالَ فَدلَّ على مَا ذكرنَا 1441 - فِيمَن قذف ابْنه قَالَ أَصْحَابنَا لَا حد عَلَيْهِ وَهُوَ قَول الْحسن وَالشَّافِعِيّ ويستثقل مَالك أَن يحده وَيَقُول لَيْسَ من الْبر وَإِن أَقَامَ على حَده كَانَ لَهُ ذَلِك وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يحد 1442 - فِي الْحَد يُورث قَالَ أَصْحَابنَا إِذا مَاتَ الْمَقْذُوف بَطل الْحَد الحديث: 1440 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 317 وَقَالَ مَالك لوَرثَته أَن يحدوه وَقَالَ الرّبيع عَن الشَّافِعِي فِي كتاب اللّعان إِذا قَذفهَا زَوجهَا فَلم تطالبه حَتَّى مَاتَت فَطلب وَليهَا بعد مَوتهَا كَانَ على الزَّوْج أَن يُلَاعن أَو يحد قَالَ أَبُو جَعْفَر الْحَد لَا يُورث لِأَنَّهُ لَو ورث لَكَانَ بَينهم على السِّهَام وَيُورث الزَّوْج والزوجه فَلَمَّا اتَّفقُوا أَنه لَيْسَ كَذَلِك علمنَا أَنه غير موروث وَلَيْسَ كَذَلِك إِذا قذفه بعد الْمَوْت وَيُوجد وَلَده أَو وَالِده لِأَن الْحَد هَاهُنَا غير موروث وَلم يجب إِلَّا للحي عِنْد الْقَذْف 1443 - فِيمَن قَالَ يَا لوطي قَالَ أَصْحَابنَا لَا شَيْء عَلَيْهِ فَإِن صرح فَعَلَيهِ التعزيز فِي قَول أبي حنيفَة وَفِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَالشَّافِعِيّ عَلَيْهِ الْحَد وَرُوِيَ نَحوه عَن عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام عَن الْحسن وَقَالَ مَالك إِذا قَالَ لَهُ يَا لوطي فَعَلَيهِ حد الْفِرْيَة 1444 - فِيمَن قذف أم ابْنة وَهِي ميتَة قَالَ أَصْحَابنَا لَيْسَ للِابْن أَن يَأْخُذهُ بحدها ويأخده غَيره وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ مَالك للِابْن أَن يحده 1445 - فِيمَن قَالَ زنأت فِي الْجَبَل قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف إِذا قَالَ زنأت فِي الْجَبَل وَقَالَ عنيت فِي الصعُود لم يصدق وحد الحديث: 1443 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 318 وَقَالَ مُحَمَّد لَا حد عَلَيْهِ وَقَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي فِي جَامعه يحلفهُ بِاللَّه مَا أردْت قَذفهَا القَوْل قَوْله 1446 - فِيمَن يأخد بِحَدّ الْمَيِّت قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا قذف مَيتا لم يَأْخُذهُ بحده إِلَّا الْوَالِد وَإِن علوا أَو سفلوا وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَقَالَ مُحَمَّد فِي الْإِمْلَاء لَا يَأْخُذ بِالْحَدِّ إِلَّا الْوَلَد أَو الْوَالِد مِمَّن يَرث وَيُورث يَأْخُذ بِالْحَدِّ بنت الابْن وَلَا يَأْخُذ بنت الْبِنْت وَقَالَ الْحسن عَن زفر لَا يَأْخُذ من الْوَلَد وَالْوَالِد إِلَّا الْأَقْرَب وَلَا يَأْخُذ الْأَبْعَد مَعَ الْأَقْرَب لَا يَأْخُذ ابْن الابْن مَعَ الابْن وَإِن كَانَ الابْن مَيتا أَخذ ابْن الابْن وَقَالَ أَبُو يُوسُف لكل وَاحِد مِنْهُمَا أَن يحده وَقَالَ ابْن أبي ليلى يَأْخُذ الْوَلَد وَالْوَالِد بِالْحَدِّ فَإِن لم يكن هَؤُلَاءِ فالأخ وَالْأُخْت وَقَالَ الثَّوْريّ يَأْخُذ بحده الْعصبَة وَإِن كَانُوا بعداء ومواليه وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا قذف مَيتا يَأْخُذ بحده من طلبه وَقَامَ بِهِ من النَّاس وَقَالَ الشَّافِعِي يَأْخُذ حد الْمَيِّت وَلَده وعصبته من كَانُوا فَعلمنَا أَنه لَا يسْتَحق بِالْمِيرَاثِ الحديث: 1446 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 319 1447 - فِي الْعَفو عَن حد الْقَذْف قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري لَا يَصح الْعَفو فِيهِ وروى ابْن أبي عمرَان عَن بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف إِن عَفوه يَصح وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ مَالك لَهُ أَن يعْفُو قبل أَن يبلغ الإِمَام فَإِذا بلغ الإِمَام لَهُم يَصح عَفوه وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ مثل قَوْلنَا وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا ثَبت عِنْد الإِمَام لم يَصح فِيهِ الْعَفو قَالَ ابو جَعْفَر لما كَانَ بتصديقه يسْقط دلّ أَنه حق للآدمي لَيْسَ هُوَ حق لله تَعَالَى 1448 - فِي حد الْقَذْف قبل مُطَالبَة الْمَقْذُوف قَالَ أَصْحَابنَا لَا يحد إِلَّا بمطالبة الْمَقْذُوف وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ ابْن أبي ليلى يحده الإِمَام وَإِن لم يُطَالب الْمَقْذُوف وَقَالَ مَالك لَا يحده الإِمَام حَتَّى يُطَالِبهُ الْمَقْذُوف إِلَّا أَن يكون الإِمَام سَمعه يقذف فيحده إِذا كَانَ مَعَ الإِمَام شُهُود عدُول 1449 - فِي قذف أم العَبْد قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قذف الْمولى أم عَبده وَهِي حرَّة مسلمة قد مَاتَت لم يأخد العَبْد بِالْحَدِّ ويأخده غَيره وَإِن قَذفهَا غير الْمولى أَخذ العَبْد بحدها الحديث: 1447 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 320 وَقَالَ مَالك للْعَبد أَن يَأْخُذ مَوْلَاهَا بحدها وَقَالَ الثَّوْريّ لَيْسَ للْعَبد أَن يَأْخُذ بِحَدّ أمه وَإِن كَانَ الْقَاذِف أَجْنَبِيّا وَلِأَن الْعتْق بعد ذَلِك 1450 - فِيمَن قَالَ لامْرَأَته لم أجدك عذراء قَالَ أَصْحَابنَا لَا لعان عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ قَول مَالك وَاللَّيْث وَقَالَ الشَّافِعِي يُوقف فَإِن أَرَادَ الزِّنَا حد وَإِلَّا عزّر فَإِن لم يردهُ وَحلف فَلَا حد عَلَيْهِ وَلَا لعان قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يسْأَل عَن اللَّفْظ لنهي الله تَعَالَى عَن التَّجَسُّس 1451 - فِيمَن قذف جمَاعَة قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالثَّوْري وَاللَّيْث إِن قذفهم بقول وَاحِد أَو أفرد كل وَاحِد فَعَلَيهِ حد وَاحِد وَقَالَ ابْن أبي ليلى إِذا قَالَ لَهُم يَا زناة فَعَلَيهِ حد وَاحِد وَإِن قَالَ لكل إِنْسَان يَا زَان فَلِكُل إِنْسَان حد وَهُوَ قَول الشّعبِيّ وَقَالَ عُثْمَان البتي إِذا قذف جمَاعَة فَعَلَيهِ لكل وَاحِد حد وَإِن قَالَ لرجل زَنَيْت بفلانة فَعَلَيهِ حد وَاحِد لِأَن عمر رَضِي الله عَنهُ ضرب أَبَا بكرَة وَأَصْحَابه حدا وَاحِدًا وَلم يحدهم للْمَرْأَة وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا قَالَ يَا زَان ابْن زَان فَعَلَيهِ حدان وَإِن قَالَ لجَماعَة إِنَّكُم زناة فحد وَاحِد الحديث: 1450 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 321 وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا قَالَ من دخل هَذِه الدَّار فَهُوَ زَان ضرب لمن كَانَ دَخلهَا إِذا عرفُوا وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْمُزنِيّ إِذا قذف جمَاعَة بِكَلِمَة وَاحِدَة فَلِكُل وَاحِد حد وَإِن قَالَ لرجل يَا ابْن الزَّانِيَيْنِ فَعَلَيهِ حدان وَقَالَ فِي أَحْكَام الْقرَان إِذا قذف امْرَأَته بِرَجُل لَاعن وَلم يحد الرجل قَالَ أَبُو جَعْفَر روى مُحَمَّد بن كثير قَالَ حَدثنَا مخلد بن حُسَيْن عَن هِشَام عَن ابْن سِيرِين عَن أنس أَن هِلَال بن أُميَّة قذف شريك بن سَحْمَاء بامرأته فَرفع ذَلِك إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إيت بأَرْبعَة شُهَدَاء وَإِلَّا فحد فِي ظهرك قَالَ ذَلِك مرَارًا فَنزلت اية اللّعان وَلَا يَخْتَلِفُونَ أَن من قذف امْرَأَته بِرَجُل فلاعن لم يحد الرجل 1452 - فِيمَن وطىء بِشُبْهَة ثمَّ قذف قَالَ أَصْحَابنَا إِذا وطىء فِي غير ملك وَزَالَ الْحَد بِالشُّبْهَةِ فَلَا حد على قَاذفه وَذَلِكَ فِي الْمُسلمين فَأَما الْمَجُوسِيّ إِذا تزوج أمه فَوَطِئَهَا ثمَّ أسلما فعلى قَاذفه الْحَد فِي قَول أبي حنيفَة وَفِي قَوْله لَا حد على قَاذفه وَذكر هِشَام عَن مُحَمَّد فِيمَن تزوج امْرَأَة فِي عدتهَا وَلَا يعلم وَدخل بهَا ثمَّ قذفه إِنْسَان أَن أَبَا حنيفَة قَالَ لَا حد على قَاذفه وَقَالَ مُحَمَّد عَلَيْهِ حد وَقَالَ الْحسن وَزفر إِذا وطىء مُكَاتبَته فَلَا حد على قَاذفه الحديث: 1452 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 322 وَقَالَ أَبُو يُوسُف عَلَيْهِ الْحَد وَكَذَلِكَ لَو وطىء جَارِيَة اشْتَرَاهَا ثمَّ اسْتحقَّت على هَذَا الْخلاف وَقَالَ ابْن أبي ليلى فِي امْرَأَة ولدت فِي الْفُجُور فقذفها رجل فَعَلَيهِ الْحَد إِلَّا أَن يصف ذَلِك الْقَذْف إِلَى ذَلِك الزِّنَا بِعَيْنِه وَقَالَ مَالك إِذا وطِئت مستكرهة أَو بِنِكَاح فَاسد فقذفها قَاذف فَعَلَيهِ الْحَد 1452 - ب فِيمَن وطِئت حَرَامًا وَهِي أمة أَو كَافِرَة ثمَّ قَذفهَا بعد الْعتْق أَو الْإِسْلَام قَالَ أَصْحَابنَا إِذا زنت وَهِي أمة أَو كَافِرَة ثمَّ أعتقت وَأسْلمت فَلَا حد على قاذفها وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا يحد فِي الْأمة وَيحد فِي الْكَافِرَة إِذا قَذفهَا بعد الْإِسْلَام وَقَالَ الْحسن بن حَيّ يحد فِي الْمَمْلُوك إِلَّا أَن يَقُول زَنَيْت وَأَنت مَمْلُوك وَقَالَ اللَّيْث فِيمَن جلد فِي الزِّنَا فقذفه إِنْسَان فَلَا حد عَلَيْهِ وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْمُزنِيّ كل امْرَأَة وطِئت وطئا حَرَامًا فقذفها رجل درىء عَنهُ الْحَد وَإِن قَذفهَا بزنا غَيره 1453 - فِيمَن قَالَ لعربي يَا نبطي أَو نَحوه روى ابْن عَبَّاس فِيمَن قَالَ لعربي يَا نبطي أَنه لَا حد عَلَيْهِ وَهُوَ قَول أَصْحَابنَا إِذا قَالَ لست من ولد فلَان يَعْنِي جده فَلَا حد عَلَيْهِ الحديث: 1453 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 323 وَقَالَ ابْن أبي ليلى فيهمَا جَمِيعًا الْحَد وَقَالَ أَصْحَابنَا فِيمَن قَالَ لرجل فِي غضب لست ابْن فلَان للَّذي يدعى لَهُ فَإِنَّهُ يضْرب الْحَد وَإِن قَالَ فِي غير غضب فَلَا حد عَلَيْهِ وَقَالَ ابْن أبي ليلى إِذا قَالَ لست لأَبِيك وَأَبَوَاهُ مُشْرِكَانِ حد وَإِن قَالَ يَا ابْن الزَّانِيَة لم يحد وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا قَالَ لعربي يَا عبد مهره فَعَلَيهِ الْحَد وَإِذا قَالَ لرجل يَا ابْن الأقطع وَلم يكن أَبوهُ أقطع فَعَلَيهِ الْحَد وَكَذَلِكَ إِذا قَالَ يَا ابْن الحائك أَو الْخياط وَلم يكن أَبوهُ كَذَلِك وَقَالَ مَالك إِذا قَالَ لعربي يَا نبطي أَو يَا فَارسي أَو يَا رومي فَعَلَيهِ الْحَد وَكَذَلِكَ إِذا قَالَ لرجل من الموَالِي يَا نبطي اسْتحْلف مَا أردْت نَفْيه من ابائه فَإِذا حلف بَطل وَإِن لم يحلف لم يكن عَلَيْهِ حد وَنكل وَإِن قَالَ الْفَارِسِي يَا قبْطِي أَو يَا نبطي فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَإِن قَالَ لرجل يَا ابْن الأقطع أَو يَا ابْن الْيَهُودِيّ فَعَلَيهِ الْحَد إِلَّا أَن يكون أحد ابائه على مَا قَالَ وَإِن قَالَ لرجل مُسلم وَأَبَوَاهُ نصرانيان لست لأَبِيك حد وَكَذَلِكَ إِن كَانَ أَبَوَاهُ عَبْدَيْنِ قَالَ وَإِن نفى رجلا من أمه فَلَا حد عَلَيْهِ وَقَالَ الثَّوْريّ إِن قَالَ لعربي أمه يَهُودِيَّة أَو أَبوهُ لست لأَبِيك فَلَا حد عَلَيْهِ وَهُوَ قَول إِبْرَاهِيم وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا قَالَ لمولى يَا ابْن الْيَهُودِيّ حد وَإِن قَالَ يَا أبن النبطي لم يحد وَإِن قَالَ لعربي يَا ابْن النبطي حد وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا قَالَ لعربي لست من الْعَرَب حد وَإِن كَانَت أمه أمة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 324 وَإِذا قَالَ لأنصاري لست من الْأَنْصَار حد وَإِن قَالَ لست بِابْن فلَان وَأَبَوَاهُ مُشْرِكَانِ أَو مملوكان حد وَقَالَ اللَّيْث من قَالَ لرجل يَا ابْن الحائك أَو يَا ابْن الْحداد وَمَا أشبهه حد إِذا لم يكن أَبوهُ كَذَلِك وَلَو قَالَ يَا ابْن الْخياط وَقد رأى أَبَاهُ يرقع الرقعة فَإِنَّهُ يحد وَإِن قَالَ فِي مشاتمة مَا أَنْت بِمَعْرُوف وَمَا يعْتَرف بِهِ فَعَلَيهِ الْحَد وَإِن قَالَ لمُسلم وَأمه نَصْرَانِيَّة يَا ابْن الزَّانِيَة عزّر بأسواط دون الْحَد وَإِن قَالَ يَا ولد الزِّنَا حد وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْمُزنِيّ لَو قَالَ لعربي يَا نبطي وَقَالَ عنيت نبطي الدَّار وَاللِّسَان حلف مَا أَرَادَ أَن ينْسبهُ إِلَى النبط فَإِن لم يحلف حلف الْمَقْذُوف لقد أَرَادَ نَفْيه وحد لَهُ وَإِن قَالَ أردْت بِالْقَذْفِ الْأَب الجاهلي حلف وعزر على الْأَذَى قَالَ أَبُو جَعْفَر الْحَد الْوَاجِب بالقران إِنَّمَا هُوَ فِي قذف الْمُحْصنَات وَلم يجىء بِإِيجَاب الْحَد فِي نفي الْأَنْسَاب من غير قذف فِي كتاب وَلَا سنة وَلَا اتِّفَاق فَبَطل قَول من أوجب الْحَد بِنَفْي النّسَب وَإِن كَانَت الْأُم غير مُحصنَة على مَا حكينا عَن مَالك وَابْن أبي ليلى وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ فَإِن قيل روى المَسْعُودِيّ عَن الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن قَالَ قَالَ عبد الله بن مَسْعُود لَا حد إِلَّا فِي اثْنَيْنِ قذف مُحصنَة أَو نفي رجل من أَبِيه قيل لَهُ هَذَا مُنْقَطع وَأَنت لاتقول بِهِ فَإِن قيل روى حَمَّاد بن سَلمَة عَن عقيل بن طَلْحَة عَن مُسلم بن هَيْصَم عَن الْأَشْعَث بن قيس قَالَ أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي وَفد كِنْدَة لَا يروني إِلَّا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 325 أفضلهم فَقُلْنَا يَا رَسُول الله أَنْت منا فَقَالَ نَحن بَنو النَّضر بن كنَانَة لَا نقفو أمنا وَلَا ننتفي من أَبينَا قَالَ الْأَشْعَث فَلَا أُوتِيَ بِرَجُل يَقُول إِن كنَانَة لَيست من قُرَيْش إِلَّا جلدته الْحَد قيل لَهُ يحْتَمل أَن يكون جلده بِخِلَافِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِن قيل فقد أوجب أَبُو حنيفَة اللّعان بِنَفْي ولد الْمَرْأَة من غير قذف وَقد يكون من غَيره بِأَن تُوطأ مستكرهة وَلَيْسَت زَانِيَة فأوجبه بِنَفْي النّسَب دون الْقَذْف قَالَ أَبُو جَعْفَر نخالفه فِي ذَلِك ونقول لَا يجب اللّعان قَالَ أَبُو جَعْفَر قد روى الْأَوْزَاعِيّ قَالَ حَدثنِي شَدَّاد أَبُو عمار قَالَ حَدثنِي وَاثِلَة بن الْأَسْقَع قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله اصْطفى من كنَانَة من بني إِسْمَاعِيل وَاصْطفى من كنَانَة قُريْشًا وَاصْطفى من قُرَيْش هاشما وَاصْطَفَانِي من بني هَاشم فَفِي هَذَا الحَدِيث إِن كنَانَة لَيست من قُرَيْش وَهُوَ خلاف قَول الْأَشْعَث 1454 - فِيمَن قَالَ أَنْت ابْن فلَان لِعَمِّهِ أَو خَاله قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قَالَ أَنْت ابْن فلَان لِعَمِّهِ أَو خَاله أَو لزوج أمه فَلَا حد عَلَيْهِ وَقَالَ مَالك إِذا نسبه إِلَى عَمه أَو زوج أمه حد وَإِن نسبه إِلَى جده لم يحد الحديث: 1454 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 326 1455 - فِي الْيَمين فِي الْقَذْف قَالَ أَصْحَابنَا لَا يَمِين فِي حد وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَقَالَ مَالك إِن ادّعى عَلَيْهِ قذفا لم يسْتَحْلف وَأي الشَّاهِد اسْتحْلف وَقَالَ الشَّافِعِي يسْتَحْلف الْمُدعى عَلَيْهِ الْقَذْف وَهُوَ قَول الْحسن بن حَيّ 1456 - فِي الْكفَالَة فِي الْحَد قَالَ أَبُو حنيفَة لَا يكفل الْمُدعى عَلَيْهِ حدا أَو قصاصا وَيحبس حَتَّى يشْهد شَاهِدَانِ أَو شَاهد عدل يعرفهُ القَاضِي وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا قَالَ الْمَقْذُوف أَو الْمُدَّعِي للْقصَاص بينتي حَاضِرَة كفلته ثَلَاثَة أَيَّام وروى هِشَام عَن أبي يُوسُف قَالَ فِي تَفْسِير لَا كَفَالَة فِي حد إِذا قَامَت الْبَيِّنَة فَإِنَّهُ يحبس حَتَّى يسْأَل عَنْهَا فَأَما قبل أَن تقوم الْبَيِّنَة فَفِيهِ الْكفَالَة وروى ابْن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد مثل ذَلِك وَقَالَ مَالك لَا كَفَالَة فِي الْحُدُود وَلَا فِي التَّعْزِير وَلَا فِي الْقصاص وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا شهدُوا عَلَيْهِ بِالزِّنَا أَو السّرقَة لَا يكفل ويسجن حَتَّى ينظر فِي أمره الحديث: 1455 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 327 وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يكفل رجل فِي حد وَلَا لعان قَالَ أَبُو جَعْفَر وَرُوِيَ عَن حَمْزَة بن عَمْرو الْأَسْلَمِيّ أَنه كفل للرجل وَطْء جَارِيَة امْرَأَته حَتَّى كتب إِلَى عمر رَضِي الله عَنهُ 1457 - إِذا جحد قذف امْرَأَته قَالَ أَصْحَابنَا إِذا أَقَامَت عَلَيْهِ امْرَأَته الْبَيِّنَة أَنه قَذفهَا وَهُوَ يجْحَد أجْبرهُ الْحَاكِم على اللّعان وَقَالَ ابْن أبي ليلى إِذا جحد حد وَقَالَ مَالك إِذا قَامَت عَلَيْهِ الْبَيِّنَة جَازَ الْحَد إِلَّا أَن يَدعِي رُؤْيَة فيلاعن وَقَالَ الشَّافِعِي إِن لَاعن وَإِلَّا حد قَالَ أَبُو جَعْفَر لَو رَجَعَ إِلَى تَصْدِيق الْبَيِّنَة لَاعن عِنْد الْجَمِيع فَعلمنَا إِن جحوده لَيْسَ بإكذاب لنَفسِهِ من الْقَذْف 1458 - فِي شَهَادَة الْمَحْدُود فِي الْقَذْف أَو فِي غَيره قَالَ أَصْحَابنَا لَا تقبل شَهَادَة الْمَحْدُود فِي الْقَذْف وَإِن تَابَ وَتقبل شَهَادَة الْمَحْدُود فِي عين الْقَذْف إِذا مَاتَ وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْحسن بن حَيّ وَقَالَ مَالك والبتي وَالشَّافِعِيّ وَاللَّيْث تقبل شَهَادَة مَحْدُود الْقَذْف إِذا تَابَ الحديث: 1457 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 328 وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا تقبل شَهَادَة مَحْدُود فِي الْإِسْلَام وَرُوِيَ عَن سعيد بن الْمسيب أَن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ لأبي بكرَة إِن تبت قبلت شهادتك فَأبى أَن يَتُوب وَرُوِيَ عَن الْحسن وَسَعِيد بن الْمسيب أَنَّهُمَا قَالَا لَا تقبل شَهَادَته تَوْبَته فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى وَقد روى يزِيد بن أبي زِيَاد الشَّامي قَالَ حَدثنَا الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تجوز شَهَادَة خائن وَلَا خَائِنَة وَلَا مجلود وَلَا ذِي غمر لِأَخِيهِ وَلَا مجرب عَلَيْهِ شَهَادَة زور وَلَا القانع أهل الْبَيْت لَهُم وَلَا الظنين فِي ولآء وَلَا قرَابَة قَالَ أَبُو جَعْفَر يزِيد بن أبي زِيَاد لَيْسَ مِمَّن يحْتَج بِهِ 1459 - فِي النَّصْرَانِي يحد فِي الْقَذْف قَالَ أَصْحَابنَا إِذا حد وَهُوَ نَصْرَانِيّ ثمَّ أسلم قبلت شَهَادَته أبدا وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا حد وَهُوَ ذمِّي ثمَّ أسلم لم تقبل شَهَادَته مَا لم يحد وَهُوَ قَول مَالك الحديث: 1459 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 329 وَقَالَ اللَّيْث وَالشَّافِعِيّ لَا تقبل شَهَادَته قبل الْحَد حَتَّى يَتُوب 1460 - فِي الْمَرْأَة تُوجد حَامِلا قَالَ أَصْحَابنَا إِذا وجدت حَامِلا وَلَا يعلم لَهَا زوج لم تحد وَهُوَ قَول ابْن أبي ليلى وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ مَالك تحد إِلَّا أَن تقيم الْبَيِّنَة على أَن لَهَا زوجا أَو أَنَّهَا استكرهت أَو نَحْو ذَلِك اخر كتاب الْحُدُود الحديث: 1460 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 330 = كتاب الْقَضَاء والشهادات = 1461 - فِي الْمَسْأَلَة عَن الشُّهُود قَالَ أَبُو حنيفَة لَا أسأَل عَن الشُّهُود إِلَّا أَن يطعن فيهم الْخصم إِلَّا فِي الْحُدُود وَالْقصاص وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يسْأَل عَنْهُم فِي السِّرّ وَالْعَلَانِيَة ويزكيهم فِي الْعَلَانِيَة وَإِن لم يطعن فيهم الْخصم وروى يُوسُف بن مُوسَى بن الْقطَّان عَن عَليّ بن عَاصِم عَن ابْن شبْرمَة قَالَ أول من سَأَلَ فِي السِّرّ أَنا كَانَ الرجل يَأْتِي الْقَوْم إِذا قيل لَهُ هَات من يزكيك فَيَقُول قومِي يزكوني فيستحي الْقَوْم فَيُزَكُّونَهُ فَلَمَّا رَأَيْت ذَلِك سَأَلت فِي السِّرّ فَإِذا صحت شَهَادَته قلت هَات من يزكيك فِي الْعَلَانِيَة قَالَ مَالك لَا يقْضى بِشَهَادَة الشُّهُود حَتَّى يسْأَل عَنْهُم فِي السِّرّ وَقَالَ اللَّيْث أدركنا النَّاس وَلَا يلْتَمس من الشَّاهِد من يُزَكِّيه وَإِنَّمَا كَانَ الْوَالِي يَقُول للخصم إِن كَانَ عنْدك من يجرح شَهَادَتهم فَاتَ بهم وَإِلَّا أجزنا شَهَادَتهم عَلَيْك وَقَالَ الشَّافِعِي يسْأَل عَنْهُم فِي السِّرّ فَإِذا عدل سَأَلَ عَن تعديله عَلَانيَة ليعلم أَن الْمعدل سَوَاء هُوَ هَذَا لَا يُوَافق اسْم اسْما وَلَا نسب نسبا قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ الله تَعَالَى {وَأشْهدُوا ذَوي عدل مِنْكُم} الحديث: 1461 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 331 وَقَالَ {مِمَّن ترْضونَ من الشُّهَدَاء} فَلم يجز قبُول شَهَادَتهم إِلَّا بعد الْعلم بِوُجُود هَذِه الصّفة فيهم فَوَجَبت الْمَسْأَلَة عَنْهُم وَقد اتَّفقُوا فِي الْحُدُود وَالْقصاص وَسَائِر الْحُقُوق مثلهمَا 1462 - فِي تَعْدِيل الْوَاحِد وجرحه قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف يقبل تَعْدِيل الْوَاحِد وجرحه وَقَالَ مُحَمَّد وَالشَّافِعِيّ وَمَالك لَا يقبل فِي التَّعْدِيل وَالْجرْح أقل من رجلَيْنِ قَالَ أَبُو جَعْفَر لما لم ينفذ الحكم إِلَّا برجلَيْن فَكَذَلِك الْجرْح وَالتَّعْدِيل وَلما كَانَ من شَرط المزكى والجارح الْعَدَالَة وَجب أَن يكون من شَرط الْعدَد وَاتَّفَقُوا أَنه لَو عدل رجلَانِ وجرح وَاحِد أَن التَّعْدِيل أولى فَلَو كَانَ الْوَاحِد مَقْبُولًا لما صَحَّ التَّعْدِيل مَعَ جرح الْوَاحِد 1463 - فِي قَول المسؤول لَا أعلم إِلَّا خيرا عَليّ بن معدي عَن أبي يُوسُف إِذا قيل لَا نعلم مِنْهُ إِلَّا خيرا قبلت شَهَادَته وَلم يذكر خلافًا وَهُوَ قَول البتي قَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك أَنه يسْأَل عَن التَّزْكِيَة أَهِي أَن يَقُول الرجل وَلَا أعلم إِلَّا خيرا فَأنكرهُ وَقَالَ لَيْسَ هَذَا تَزْكِيَة حَتَّى يَقُول رضى وَأرَاهُ عدلا وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْمُزنِيّ لَا يقبل التَّعْدِيل إِلَّا أَن يَقُول عدل عَليّ ولي ثمَّ لَا يقبله حَتَّى يسْأَله عَن مَعْرفَته بِهِ فَإِن كَانَت باطنة متقادمة وَإِلَّا لم يقبل ذَلِك مِنْهُ الحديث: 1462 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 332 وَقد رُوِيَ عَن الشَّافِعِي أَنه لَا يقبل حَتَّى يكون لَهُ مَعَ ذَلِك مُرُوءَة وَقد رُوِيَ عَن أبي يُوسُف أَن من سلم أَن تكون مِنْهُ كَبِيرَة من الْكَبَائِر الَّتِي أوعد الله تَعَالَى عَلَيْهَا النَّار وَكَانَت محاسنه أَكثر من مساوئه فَهُوَ عدل وفال ابْن أبي عمرَان سَمِعت مُحَمَّد بن سعيد التِّرْمِذِيّ يَقُول سَأَلَني عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق القَاضِي عَن رجل شهد عِنْده فزكيته لَهُ فَقَالَ أتعلم مِنْهُ إِلَّا خيرا قَالَ قلت اللَّهُمَّ غفرا قد أعلم مِنْهُ غير الْخَيْر وَلَا يسْقط بذلك عدله قد أعلمهُ يلقى كناسته فِي الطَّرِيق وَلَيْسَ ذَلِك من الْخَيْر فَسكت 1464 - فِي الْمُدَّعِي يسْتَحْلف مَعَ بَينته قَالَ أَصْحَابنَا لَا يسْتَحْلف وَهُوَ قَول مَالك وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ يسْتَحْلف لقد شهِدت بينتك بِحَق قَالَ الْحسن بن حَيّ لَا يقْضى لَهُ حَتَّى يحلف وَالصَّغِير يَأْخُذ حَقه بِغَيْر يَمِين قَالَ أَبُو جَعْفَر روى ابْن أبي ليلى عَن الحكم عَن حَنش أَن عليا عَلَيْهِ السَّلَام اسْتحْلف عبيد الله بن الْحر مَعَ بَينته وروى الشّعبِيّ عَن شُرَيْح أَنه كَانَ يَأْخُذ الْيَمين مَعَ الشُّهُود إِذا طلب ذَلِك الْخصم قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ الله تَعَالَى {وَالَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات ثمَّ لم يَأْتُوا بأَرْبعَة شُهَدَاء} فَأَبْرَأهُ من الْجلد بِإِقَامَة أَرْبَعَة شُهَدَاء من غير يَمِين وروى وَائِل بن حجر أَن رجلَيْنِ اخْتَصمَا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أَرض فَقَالَ الحديث: 1464 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 333 النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للْمُدَّعِي بينتك قَالَ لَيْسَ لي بَيِّنَة قَالَ يَمِينه قَالَ إِذن يذهب بهَا قَالَ لَيْسَ لَك إِلَّا ذَلِك فَلم يُوجب على الْمُدَّعِي غير الْبَيِّنَة وَأَيْضًا الْإِقْرَار حجَّة يثبت بِهِ الْحق كالبينة وَهُوَ ثَابت الحكم بِنَفسِهِ من غير يَمِين كَذَلِك الْبَيِّنَة 1465 - فِي شَهَادَة أهل الْأَهْوَاء روى بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف قَالَ حَدثنَا ابْن أبي ليلى أَن عِيسَى بن مُوسَى قَالَ لَهُ أتجيز شَهَادَة أهل الْأَهْوَاء قَالَ قلت نعم وأراهم لذَلِك أَهلا إِنَّمَا أدخلهم فِي الْهوى الدّين إِلَّا الخطابية فَإِن بَعضهم يقبل عين بعض فَيشْهد لَهُ فَلَا أُجِيز شَهَادَة هَؤُلَاءِ وَسَأَلت أَبَا حنيفَة عَن ذَلِك فَقَالَ مثل ذَلِك وَقَالَ أَبُو يُوسُف مثل ذَلِك وَقَالَ ابو يُوسُف لَا أقبل شَهَادَة من أظهر شتيمة أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَن هَؤُلَاءِ مخانة وَلَو أَن رجلا شتاما للنَّاس وللجيران لم أقبل شَهَادَته وَقَالَ الثَّوْريّ أقبل شَهَادَة أهل الْأَهْوَاء إِذا كَانُوا عُدُولًا فِيمَا سوى ذَلِك لَا يسْتَحلُّونَ الشَّهَادَات فِي أهوائهم أَو هوى يخرج بِهِ من الأسلام يعرف ذَلِك النَّاس وَقَالَ مَالك لَا نسلم على أهل الْقدر وَلَا على أهل الْأَهْوَاء كلهم وَلَا نصلي خَلفهم وَهَذَا يدل أته لَا يقبل شَهَادَتهم الحديث: 1465 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 334 وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْمُزنِيّ لَا أرد شَهَادَة أهل الْأَهْوَاء إِذا كَانَ لَا يرى أَن يشْهد لموافقته بتصديقه وَقبُول يَمِينه وَشَهَادَة من يرى كذبه شركا بِاللَّه ومعصية تجب بهَا النَّار أولى أَن تطيب النَّفس بقبولها من شَهَادَة من يُخَفف الماثم فِيهَا وكل من تَأَول حَرَامًا عندنَا فِيهِ حد أَو لَا حد فِيهِ لم نرد بذلك شَهَادَته قَالَ أَبُو جَعْفَر قد اخْتلف السّلف فِي أَشْيَاء خَرجُوا فِيهَا إِلَى الْقِتَال وَلم يبطل بذلك أخبارهم كَذَلِك الشَّهَادَة 1466 - فِي شَهَادَة العَبْد قَالَ أَصْحَابنَا وَابْن شبْرمَة رِوَايَة مَالك وَالْحسن بن حَيّ وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ لَا تقبل شَهَادَة العَبْد فِي شَيْء وَقَالَ عُثْمَان البتي تجوز شَهَادَة العَبْد لغير سَيّده وَذكر ابْن شبْرمَة كَانَ يَرَاهَا جَائِزَة بأثر ذَلِك عَن شُرَيْح وَكَانَ ابْن أبي ليلى لَا يقبل شَهَادَة العبيد وَظَهَرت الْخَوَارِج على الْكُوفَة وَهُوَ يتَوَلَّى الْقَضَاء بهَا فأمروه بِقبُول شَهَادَة العبيد وبأشياء ذكروها لَهُ من ارائهم كَانَ على خلَافهَا فأجابهم إِلَى امتثالها فأقروه على الْقَضَاء فَلَمَّا كَانَ فِي اللَّيْل ركب رَاحِلَته وَلحق بِمَكَّة فَلَمَّا قويت أُمُور بني هَاشم ردُّوهُ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ من الْقَضَاء على أهل الْكُوفَة قَالَ أَبُو جَعْفَر روى حَفْص بن غياث عَن الْمُخْتَار بن فلفل عَن أنس قَالَ مَا أعلم أحدا رد شَهَادَة العبيد وَقَالَ الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ قضى عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ بِأَن شَهَادَة الْمَمْلُوك جَائِزَة بعد الْعتْق إِذا لم يكن ردَّتْ قبل ذَلِك الحديث: 1466 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 335 وروى شُعْبَة عَن الْمُغيرَة قَالَ كَانَ إِبْرَاهِيم يُجِيز شَهَادَة الْمَمْلُوك فِي الشَّيْء التافة وَشعْبَة عَن يُونُس عَن الْحسن مثله وروى حَفْص عَن حجاج عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لَا تجوز شَهَادَة العبيد وَقَالَ الله تَعَالَى {وَلَا يأب الشُّهَدَاء إِذا مَا دعوا} وَالْعَبْد مَمْنُوع من الْإِجَابَة لحق الْوَلِيّ كَمَا لم يدْخل فِي قَوْله تَعَالَى {فَاسْعَوْا إِلَى ذكر الله} وَقَوله {انفروا خفافا وثقالا} لحق الْمولى وَكَذَلِكَ قَوْله {وَللَّه على النَّاس حج الْبَيْت} 1467 - فِي شَهَادَة الْأَعْمَى قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد لَا تجوز شَهَادَة الْأَعْمَى بِحَال وَهُوَ قِيَاس قَول ابْن شبْرمَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَابْن أبي ليلى وَالشَّافِعِيّ إِذا علمه قبل الْعَمى جَازَت وَمَا علمه فِي حَال الْعَمى لم تجز وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث تجوز شَهَادَة الْأَعْمَى وَإِن علمه فِي حَال الْعَمى إِذا عرف الصَّوْت فِي الطَّلَاق وَالْإِقْرَار وَنَحْوه وَإِن شهد على زنا حد للقذف وَلم تقبل شَهَادَته قَالَ أَبُو جَعْفَر الصَّوْت يشبه وَلَا يقبل شَهَادَته إِلَّا على بعض مِمَّا يشْهد بِهِ فَإِن قيل قد روى عَن أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْأَخْبَار وَبَين السَّامع وَبَينهَا حجاب قيل لَهُ لَيست الشَّهَادَة كالخبر لِأَن الْخَبَر يثبت بِهِ الحكم إِذا قَالَ فلَان عَن الحديث: 1467 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 336 فلَان وَلَا يثبت بِمثلِهِ الشَّهَادَة وَيجوز أَن يَقُول من سمع وَاحِدًا يروي حَدِيثا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا يجوز مثله فِي الشَّهَادَات وَقَالَ زفر لَا تجوز شَهَادَة الْأَعْمَى إِذا شهد بهَا قبل الْعَمى أَو بعده إِلَّا فِي النّسَب أَن يشْهد أَن فلَانا ابْن فلَان 1468 - فِي شَهَادَة الصّبيان قَالَ أَصْحَابنَا لَا تجوز شَهَادَة الصّبيان فِي شَيْء وَهُوَ قَول ابْن شبْرمَة وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ ابْن أبي ليلى تجوز شَهَادَة الصّبيان بَعضهم على بعض وَقَالَ مَالك تجوز شَهَادَة الصّبيان فِيمَا بَينهم من الْجراح وَلَا تجوز على غَيرهم وَإِنَّمَا تجوز فِيمَا بَينهم من الْجراح وَحدهَا قبل أَن يتفرقوا أَو يخببوا أَو يعلمُوا فَإِذا افْتَرَقُوا فَلَا شَهَادَة لَهُم إِلَّا أَن يكون أشهد على شَهَادَتهم الْعُدُول قبل أَن يتفرقوا غَيرهم وَإِنَّمَا تجوز شَهَادَة الْأَحْرَار الذُّكُور مِنْهُم ولاتجوز شَهَادَة الْجَوَارِي وَالصبيان قَالَ أَبُو جَعْفَر روى عبد الله بن حبيب بن أبي ثَابت قَالَ قيل لِلشَّعْبِيِّ إِن إِيَاس بن مُعَاوِيَة لَا يرى بِشَهَادَة الصّبيان بَأْسا فَقَالَ الشّعبِيّ حَدثنِي مَسْرُوق أَنه كَانَ عِنْد عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام إِذْ جَاءَهُ خَمْسَة غلْمَان فَقَالُوا كُنَّا سِتَّة نتغاط فِي المَاء فعرق منا غُلَام فَشهد الثَّلَاثَة على الِاثْنَيْنِ أَنَّهُمَا غرقاه وَشهد الِاثْنَان على الثَّلَاثَة أَنهم غرقوه فَجعل على الِاثْنَيْنِ ثَلَاثَة أَخْمَاس الدِّيَة وَجعل على الثَّلَاثَة خمسي الدِّيَة الحديث: 1468 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 337 قَالَ أَبُو جَعْفَر عبد الله بن حبيب غير مَقْبُول الحَدِيث وَهُوَ مُسْتَحِيل أَن يصدق عَن عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام لِأَن أَوْلِيَاء الْفَرِيق إِن ادعوا على أحد الْفَرِيقَيْنِ فقد أكذبوهم فِي شَهَادَته على غَيره وَقد روى عَن ابْن عَبَّاس وَعُثْمَان بن عَفَّان وَابْن الزبير إبِْطَال شَهَادَة الصّبيان وَلَو جَازَت شَهَادَتهم فِي الْجراح لجازت فِي غَيرهَا ولجازت على الرِّجَال وَقَول ابْن أبي ليلى ظَاهر الْفساد أَيْضا فِي قبُوله إِيَّاهَا مُطلقًا لِأَن الله تَعَالَى قَالَ {وَمن يكتمها فَإِنَّهُ آثم قلبه} وَلَيْسَ فِي الصّبيان كَذَلِك 1469 - فِي شَهَادَة البدوي على الْقَرَوِي عِنْد أَصْحَابنَا تقبل إِذا كَانَ عدلا وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ وروى نَحوه عَن الزُّهْرِيّ وروى ابْن وهب عَن مَالك قَالَ لَا تجوز شَهَادَة بدوي على قروى إِلَّا فِي الْجراح الحديث: 1469 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 338 وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَنهُ لَا تجوز شَهَادَة بدوي على قروي فِي الْحَضَر إِلَّا فِي وَصِيَّة الْقَرَوِي فِي السّفر أَو فِي بيع فَتجوز إِذا كَانُوا عُدُولًا 2 - قَالَ أَبُو جَعْفَر روى مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَطاء عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا تقبل شَهَادَة البدوي على الْقَرَوِي وَلَيْسَ فِيهِ فرق بَين شَيْء من الشَّهَادَات وَقد فرق مَالك بَينهمَا فَخَالف الْخَبَر وَأَيْضًا قَالَ الله تَعَالَى {وَمن الْأَعْرَاب من يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر ويتخذ مَا ينْفق قربات عِنْد الله} وَمن هَذِه صفته فَهُوَ مرضى فِي شَهَادَته فاحتمال أَن يكون قَوْله لَا تقبل شَهَادَة بدوي من كَانَ بِخِلَاف ذَلِك وَهُوَ مِمَّن قَالَ {وَمن الْأَعْرَاب من يتَّخذ مَا ينْفق مغرما ويتربص بكم الدَّوَائِر} وَقد روى سماك عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ شهد أَعْرَابِي عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على رُؤْيَة الْهلَال فَأمر بِلَالًا أَن يُنَادي فِي النَّاس ليصوموا غَدا 1470 - فِي شَهَادَة الذِّمِّيّ على وَصِيَّة الْمُسلم فِي السّفر قَالَ أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيّ وَمَالك لَا تجوز شَهَادَتهم على ذَلِك فِي سفر وَلَا حضر وَقَالَ ابْن أبي ليلى ولأوزاعي تجوز فِي السّفر الحديث: 1470 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 339 وروى عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى {أَو آخرَانِ من غَيْركُمْ} من غير الْمُسلمين من أهل الْكتاب وَعَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ وَشُرَيْح أَن ذَلِك جَائِز فِي السّفر وَعَن ابْن سِيرِين وَسَعِيد بن جُبَير {أَو آخرَانِ من غَيْركُمْ} من أهل دينكُمْ وَقَالَ الْحسن عَن غير قومكم وَهُوَ خلاف قَول جَمِيع من تقدم فَإِن قيل لما قَالَ تحسبونهما من بعد الصلوة أَرَادَ الْمُسلمين لِأَن الْكفَّار لَيْسُوا من أهل الصَّلَاة قيل لَهُ إِن أهل الْكِتَابَيْنِ يعظمون ذَلِك الْوَقْت فِي النَّهَار على غَيره يَعْنِي من بعد الْعَصْر وروى عَن إِبْرَاهِيم {أَو آخرَانِ من غَيْركُمْ} من غير دينكُمْ وَهِي مَنْسُوخَة وَعَن الزُّهْرِيّ مثله 1471 - فِي شَهَادَة أهل الْكفْر بَعضهم على بعض قَالَ أَصْحَابنَا هِيَ مَقْبُولَة من أهل الذِّمَّة بَعضهم على بعض وَإِن اخْتلفت مللهم وَهُوَ قَول عُثْمَان البتي وَالثَّوْري وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لَا يجوز شَهَادَة أهل الْكفْر بَعضهم على بعض وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ وَاللَّيْث تجوز شَهَادَة أهل كل مِلَّة بَعضهم على بعض وَلَا تجوز على غَيرهَا الحديث: 1471 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 340 احْتج بَعضهم لبطلانها بقول الله تَعَالَى {مِمَّن ترْضونَ من الشُّهَدَاء} فَيُقَال لَهُ إِنَّمَا ذَلِك فِي الْمُؤمنِينَ لِأَنَّهُ قَالَ {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا تداينتم} وَقد روى مَالك عَن نَافِع عَن عَن ابْن عمر أَن الْيَهُود جاؤوا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكرُوا أَن رجلا وَامْرَأَة مِنْهُم زَنَيَا فَأمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم برجمهما وروى الْأَعْمَش عَن عبد الله بن مرّة عَن الْبَراء قَالَ مر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِيَهُودِيٍّ محمم فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا شَأْنه قَالُوا زنى فرجمه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وروى مجَالد عَن الشّعبِيّ عَن جَابر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ائْتُونِي بأَرْبعَة مِنْكُم يشْهدُونَ فَشهد أَرْبَعَة مِنْهُم فرجمهما رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعَن الشّعبِيّ قَالَ تجوز شَهَادَة أهل الْكتاب بَعضهم على بعض وَعَن شُرَيْح وَعمر بن عبد الْعَزِيز وَالزهْرِيّ مثله وَقَالَ ابْن وهب خَالف مَالك معلميه فِي رد شَهَادَة النَّصَارَى بَعضهم على بعض وَكَانَ ابْن شهَاب وَيحيى بن سعيد وَرَبِيعَة يجيزونها وَقَالَ ابْن أبي عمرَان سَمِعت يحيى بن أَكْثَم يَقُول جمعت هَذَا الْبَاب فَمَا وجدت عَن أحد من الْمُتَقَدِّمين رد شَهَادَة النَّصَارَى بَعضهم على بعض غير ربيعَة فَإِنِّي وجدت عَنهُ ردهَا وَوجدت عَنهُ إجازتها الجزء: 3 ¦ الصفحة: 341 1472 - فِي الشَّاهِد وَالْيَمِين قَالَ أَصْحَابنَا وَابْن شبْرمَة لَا يحكم إِلَّا بالشاهدين وَلَا تقبل شَهَادَة شَاهد وَيَمِين فِي شَيْء وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ يحكم بِهِ فِي الْأَمْوَال خَاصَّة قَالَ أَبُو جَعْفَر روى سيف بن سُلَيْمَان الْمَكِّيّ عَن قيس بن سعد عَن عَمْرو بن دِينَار عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قضى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِد وروى سُلَيْمَان بن بِلَال عَن ربيعَة عَن سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثله وروى عُثْمَان بن الحكم عَن زُهَيْر بن مُحَمَّد عَن سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه عَن زيد بن ثَابت عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثله وروى عبد الْوَهَّاب بن عبد الْمجِيد الثَّقَفِيّ عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثله فَأَما حَدِيث ابْن عَبَّاس فَلَا يثبت لِأَن عَمْرو بن دِينَار لَا يَصح لَهُ سَماع من ابْن عَبَّاس وَأما حَدِيث سُهَيْل فَإِن عبد الْعَزِيز الدَّرَاورْدِي قَالَ سَأَلت سهيلا عَن الحديث: 1472 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 342 هَذَا الحَدِيث فَلم يعرفهُ فَقَالَ بعد ذَلِك حَدثنِي ربيعَة عني وَفِي ذَلِك فَسَاد حَدِيث زُهَيْر عَن سُهَيْل أَيْضا وَقَالَ يحيى بن معِين مَا سَمعه غير الْبَصرِيين من زُهَيْر فَلَيْسَ بِشَيْء وَحَدِيث جَعْفَر بن مُحَمَّد إِنَّمَا وَصله عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ وَهُوَ مُرْسل أَخطَأ فِيهِ عبد الْوَهَّاب قد رَوَاهُ مَالك وسُفْيَان عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من غير ذكر جَابر وَفِي حَدِيث وَائِل بن حجر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ للْمُدَّعِي بينتك أَو يَمِينه لَيْسَ لَك إِلَّا ذَلِك وَقَالَ الله تَعَالَى {واستشهدوا شهيدين من رجالكم فَإِن لم يَكُونَا رجلَيْنِ فَرجل وَامْرَأَتَانِ مِمَّن ترْضونَ من الشُّهَدَاء} 1473 - فِي شَهَادَة أحد الزَّوْجَيْنِ للْآخر قَالَ أَصْحَابنَا لَا تجوز شَهَادَة أَحدهمَا للْآخر وَهُوَ قَول مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَقَالَ الثَّوْريّ تجوز شَهَادَة الرجل لَا مرأته وَلَا تجوز شَهَادَة الْمَرْأَة لزَوجهَا وَقَالَ عُثْمَان البتي تجوز شَهَادَة الْوَلَد لوَالِديهِ وَشَهَادَة الْأَب لِابْنِهِ ولامرأته إِذا كَانُوا عُدُولًا مهذبين معروفين بِالْفَضْلِ وَلَا يَسْتَوِي النَّاس فِي ذَلِك الحديث: 1473 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 343 وَقَالَ الْحسن بن حَيّ لَا تجوز شَهَادَة الْمَرْأَة لزَوجهَا وَقَالَ الشَّافِعِي لَا تجوز شَهَادَة الشَّاهِد لوالده وَإِن علوا وَلَا بمولوده وَإِن سفلوا وَتجوز شَهَادَة أحد الزَّوْجَيْنِ للْآخر قَالَ أَبُو حعفر اتّفق الْعلمَاء أَن شَهَادَة الشَّاهِد لوالده ولولده لَا تجوز إِلَّا مَا شَرطه عُثْمَان البتي فِي كَونهم مهذبين معروفين بِالْفَضْلِ مَعَ شَرط الْعَدَالَة فَفرق بَينهَا لوالده وَبَينهَا للْأَجْنَبِيّ وَقد رُوِيَ عَن عمر رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ لعبد لله بن عَمْرو بن الْحَضْرَمِيّ لما ذكر لَهُ أَن عَبده سرق مراة لامْرَأَته عبدكم سرق مالكم لَا قطع عَلَيْهِ فَجعل بذلك مَال كل وَاحِد مِنْهُمَا بِالزَّوْجِيَّةِ الَّتِي بَينهمَا مُضَافا إِلَيْهِمَا 1474 - فِي شَهَادَة الْأَجِير قَالَ أَصْحَابنَا وَالْأَوْزَاعِيّ لَا تجوز شَهَادَة الْأَجِير لمستأجره فِي شَيْء وَإِن كَانَ عدلا اسْتِحْسَانًا رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ عَن مُحَمَّد بن سِنَان عَن عِيسَى عَن مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة وَقَالَ مَالك لَا تجوز شَهَادَة الْأَجِير لمن اسْتَأْجرهُ إِلَّا أَن يكون مبرزا فِي الْعَدَالَة وَإِن كَانَ الْأَجِير فِي عِيَاله لم تجز شَهَادَته لَهُ وَقَالَ الثَّوْريّ شَهَادَة الْأَجِير جَائِزَة إِذا كَانَ لَا يجر إِلَى نَفسه الحديث: 1474 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 344 وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن لَا تجوز شَهَادَة الْأَجِير الْخَاص 1475 - فِيمَن ردَّتْ شَهَادَته ثمَّ عَاد فَشهد بهَا قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ فِي العَبْد يشْهد بِشَهَادَة فَترد ثمَّ يعْتق وَيشْهد بهَا أَنَّهَا تقبل وَإِن شهد رجل لامْرَأَته فَردَّتْ شَهَادَته ثمَّ شهد بهَا بَعْدَمَا أَبَانهَا لم تقبل شَهَادَته تِلْكَ أبدا وَقَالَ مَالك إِذا شهد العَبْد أَو الصَّبِي بِشَهَادَة فَردَّتْ ثمَّ كبر الصَّبِي وَعتق العَبْد فشهدا بهَا لم تقبل أبدا وَلَو لم يكن ردَّتْ قبل ذَلِك فَإِنَّهَا جَائِزَة قَالَ أَبُو جَعْفَر رُوِيَ عَن عُثْمَان بن عَفَّان مثل قَول مَالك 1476 - فِيمَا لَا تقبل فِيهِ شَهَادَة النِّسَاء قَالَ أَصْحَابنَا لَا تقبل شَهَادَة النِّسَاء مَعَ الرِّجَال فِي الْحُدُود وَلَا فِي الْقصاص وَتقبل فِيمَا سوى ذَلِك وَهُوَ قَول البتي وَقَالَ مَالك لَا تجوز شَهَادَة النِّسَاء مَعَ الرِّجَال فِي الْحُدُود وَلَا فِي الْقصاص وَلَا فِي الطَّلَاق وَلَا النِّكَاح وَلَا الْأَنْسَاب وَلَا الْوَلَاء وَلَا الْإِحْصَان وَتجوز فِي الْوكَالَة وَالْوَصِيَّة إِذا لم يكن فِيهَا عتق وَقَالَ الثَّوْريّ تجوز شَهَادَتهنَّ فِي كل شَيْء إِلَّا فِي الْحُدُود وَرُوِيَ عَنهُ أَيْضا أَنه لَا تجوز فِي الْقصاص أَيْضا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا تجوز شَهَادَة رجل وَامْرَأَتَيْنِ فِي نِكَاح الحديث: 1475 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 345 وَقَالَ الْحسن بن حَيّ لَا تجوز شَهَادَة النِّسَاء فِي الْحُدُود وَقَالَ اللَّيْث تجوز شَهَادَة النِّسَاء مَعَ الرِّجَال فِي الْوَصِيَّة وَالْعِتْق وَلَا تجوز فِي النِّكَاح وَلَا الطَّلَاق وَلَا الْحُدُود وَلَا قتل الْعمد الَّذِي يُقَاد بِهِ وَقَالَ الشَّافِعِي لَا تجوز شَهَادَة النِّسَاء مَعَ الرِّجَال فِي غير الْأَمْوَال وَلَا تجوز فِي الْوَصِيَّة إِلَّا الرجل وَتجوز الْوَصِيَّة بِالْمَالِ قَالَ أَبُو جَعْفَر روى عَن إِبْرَاهِيم أَنَّهَا لَا تجوز فِي الطَّلَاق قَالَ حَمَّاد تجوز وَهُوَ قَول الشّعبِيّ 1477 - فِي شَهَادَة النِّسَاء فِي الْولادَة وَنَحْوهَا قَالَ أَصْحَابنَا تقبل فِي الْولادَة شَهَادَة امْرَأَة وَاحِدَة فَإِن كَانَت مُعْتَدَّة فادعت أَنَّهَا قد ولدت وَشهِدت امْرَأَة فَلم يثبت النّسَب من الزَّوْج إِلَّا برجلَيْن أَو رجل وَامْرَأَتَيْنِ فِي قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يثبت بِشَهَادَة امْرَأَة وَكَذَلِكَ الْمُتَوفَّى عَنْهَا وَذكر الْحسن عَن زفر مثل قَول أبي حنيفَة ثمَّ قَالَ وَكَانَ لَا يقبل شَهَادَة النِّسَاء فِي الْولادَة وَلَا غَيرهَا وَقَول ابْن أبي ليلى مثل قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَرُوِيَ عَنهُ امْرَأتَيْنِ وَقَالَ ابْن شبْرمَة وَالشَّافِعِيّ لَا تقبل أقل من أَربع نسْوَة وَقَالَ البتي لَا تقبل أقل من ثَلَاث فِي الْولادَة وَغَيرهَا وَكَذَلِكَ الاستهلال وَقَالَ مَالك لَا تجوز فِي الْولادَة وَفِي عُيُوب النِّسَاء أقل من امْرَأتَيْنِ الحديث: 1477 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 346 وَقَالَ الثَّوْريّ تقبل امْرَأَة وَكَذَلِكَ الْأَوْزَاعِيّ فِي الاستهلال وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا قَالَت الْمَرْأَة قد ولدت صدقت وَألْحق بِأَبِيهِ وَلَا عَن بَينه وَبَينهَا إِن نَفَاهُ لِأَنَّهُ قد تَلد الْمَرْأَة وَلَا يحضرها أحد فَالْقَوْل قَوْلهَا وَقَالَ إِبْرَاهِيم وَالشعْبِيّ تُجزئ امْرَأَة وَعَن عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام تجوز شَهَادَة الْقَابِلَة وَحدهَا فِي الاستهلال وَهُوَ قَول الْحسن قَالَ أَبُو جَعْفَر لما اتّفق الْجَمِيع على قبُول شَهَادَة النِّسَاء فِي الْولادَة نَظرنَا هَل هُوَ لِأَنَّهُ لما لم يصلح للرجل النّظر إِلَيْهِ فأقيم النِّسَاء مقَام الرِّجَال أَو لِأَنَّهَا أصل فِي نَفسهَا لَا تعْيين بِالرِّجَالِ فَلَمَّا لم يجز على الزِّنَا إِلَّا أَرْبَعَة رجال وَلم تجز شَهَادَة النِّسَاء فِيهِ وَإِن لم يجز للرِّجَال النّظر إِلَى الْموضع لغير ذَلِك علمنَا أَن شَهَادَة النِّسَاء أصل بِنَفسِهَا لَا تعْيين بِالرِّجَالِ فَلَمَّا لم يجز على الزِّنَا إِلَّا أَرْبَعَة رجال وَلم تجز شَهَادَة النِّسَاء فِيهِ قيامهن مقَام الرِّجَال وَلَا عددهن وَأما الاستهلال فَإِنَّمَا يكون بعد الْولادَة وَيُمكن الرِّجَال مشاهدته فَالْقِيَاس أَن لَا يقبل فِيهِ إِلَّا مَا يقبل فِي سَائِر الْحُقُوق وشبهة الْحسن بن حَيّ بِقبُول قَول الْمَرْأَة فِي الْحيض وانقضاء الْعدة وهما مُخْتَلِفَانِ لِأَن الْوَلَد مشَاهد يُمكن الْوُصُول إِلَى صِحَة دَعْوَاهَا فِيهِ من جِهَة غَيرهَا وَلَيْسَ كَذَلِك دم الْحيض لِأَنَّهُ لَا عِبْرَة بِظُهُور الدَّم دون الْوَقْت وَالْعَادَة وَنَحْوهمَا فَإِن قيل فقد قبلت قَوْلهَا فِي السقط فِي بَاب انْقِضَاء الْعدة قيل لَهُ إِنَّمَا قبلناه فِي انْقِضَاء الْعدة لَا فِي حق يُثبتهُ على غَيرهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 347 1478 - فِي الشَّهَادَة على الرَّضَاع قَالَ أَصْحَابنَا لَا تقبل فِيهِ إِلَّا رجلَانِ أَو رجل وَامْرَأَتَانِ وَهُوَ قَول البتي وَذكر ابْن الْقَاسِم عَن مَالك أَنه لَا يقبل إِلَّا شَهَادَة امْرَأتَيْنِ إِذا كَانَ ذَلِك قد فَشَا بَينهمَا وَلَا يقبل شَهَادَة الْوَاحِدَة بِحَال وَذكر ابْن وهب عَنهُ أَنه لَا تقبل شَهَادَة الْوَاحِدَة إِذا كَانَ مِمَّا قد فَشَا عَنْهُمَا قبل ذَلِك وَتقبل شَهَادَة الْمَرْأَتَيْنِ العدلتين قد فَشَا قبل ذَلِك أَو لم يكن فَشَا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا كَانَ قد تزَوجهَا ثمَّ شهِدت امْرَأَة أَنَّهَا أرضعتها لم تقبل شهادتها وَإِن لم يكن تزَوجهَا حَتَّى أخْبرت بذلك جَازَ شهادتها على الرَّضَاع وَقَالَ الشَّافِعِي تقبل فِي الرَّضَاع أَربع نسْوَة وَلَا تجوز فِيهِنَّ الَّتِي تشهد على فعلهَا وَلَا تجوز شَهَادَة أمهَا قَالَ أَبُو جَعْفَر يجوز لذِي الرَّحِم الْمحرم مِنْهَا النّظر إِلَى بدنهَا فَهُوَ مِمَّا يجوز أَن يرَاهُ الرِّجَال دون الْمَحَارِم وَمَعْلُوم أَن الله تَعَالَى لما أَقَامَ الْمَرْأَتَيْنِ مقَام الرجل وَلم يقم أَرْبعا مقَام رجلَيْنِ من غير أَن يكون مَعَهُنَّ رجل فَلَمَّا جَازَ أَن يكون الرِّجَال شُهُودًا هَا هُنَا لم يجز الِاقْتِصَار بِهِ على شَهَادَة النِّسَاء وحدهن وَرُوِيَ الْأَوْزَاعِيّ أَن شَهَادَة الْمَرْأَتَيْنِ وَالْمَرْأَة جَائِزَة فِي الْحمام على الْقبل وعَلى الْقَابِلَة الْعقل دون عاقلتها 1479 - فِي الشَّاهِدين يَخْتَلِفَانِ قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا شهد أَحدهمَا بِأَلف وَالْآخر بِأَلفَيْنِ لم يحكم بِشَيْء الحديث: 1478 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 348 وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَمَالك وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ يثبت ألف قَالَ أَبُو جَعْفَر لم يَخْتَلِفُوا أَنه لَو شهد أَرْبَعَة اثْنَان بأَرْبعَة آلَاف وَاثْنَانِ بِأَلفَيْنِ مِنْهُمَا أَنه يحكم بِأَلفَيْنِ بِشَهَادَة الْجَمِيع وبالفين أُخْرَيَيْنِ رد بِشَهَادَة الْأُخْرَيَيْنِ فَدلَّ على أَن شَهَادَتهم بأَرْبعَة آلَاف قد أوجبت الحكم بِأَلفَيْنِ كَذَلِك ألف وَأَلْفَانِ 1480 - فِي الشُّهُود يشْهدُونَ ثمَّ يحدث مِنْهُم غيبَة أَو موت قَالَ أَصْحَابنَا إِذا شهدُوا بِحَق أَو حد ثمَّ مَاتُوا أَو غَابُوا أمضى ذَلِك كُله إِلَّا فِي الرَّجْم وَلَو ارْتَدُّوا أَو عموا أَو حدوا فِي قذف قبل إِمْضَاء الْحَد بَطل الْحَد وَلم يحكم بِشَيْء من سَائِر الْحُقُوق فَإِن كَانَ قد حكم بهَا ثمَّ صَارُوا كَذَلِك بَطل مَا كَانَ حدا وَيثبت سَائِر الْحُقُوق وَقَالَ مَالك يُقَام حد الزِّنَا فِي الموتة والغيبة وَكَذَلِكَ قطع السّرقَة وَكَذَلِكَ الْقصاص وَكَذَلِكَ إِن خرسوا أَو عموا اَوْ جنوا أَو ارْتَدُّوا وَلم يقم عَلَيْهِ شَيْء من ذَلِك وَإِن فسقوا أَو شربوا الْخمر أَقَامَ ذَلِك عَلَيْهِ لِأَن الْقصاص من حُقُوق النَّاس قَالَ ابْن الْقَاسِم وَكَذَا فِي الْقصاص على مذْهبه أَنه لَا يبطل بردة الشُّهُود وَقَالَ الشَّافِعِي وَإِذا أثبت الشُّهُود الشَّهَادَة على أَي حد مَا كَانَ ثمَّ غَابُوا أَو مَاتُوا قبل أَن يعدلُوا ثمَّ عدلوا أقيم الْحَد وَكَذَلِكَ لَو خرسوا أَو عموا قَالَ أَبُو جَعْفَر إِذا لم يقْض بِشَهَادَتِهِم حَتَّى ارْتَدُّوا فشهادتهم مَرْدُودَة للفسق فَإِذا عموا أَو جنوا لم يحدث فسق وَإِنَّمَا لم تقبل فِي الِابْتِدَاء للعجز عَن الْعبارَة والرؤية وَقد استوفى ذَلِك فِي الِابْتِدَاء فَلَا يضر حُدُوثه بعد ذَلِك الحديث: 1480 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 349 1481 - فِي الشَّاهِد يعرف خطه قَالَ أَبُو حنيفَة مَا وجد القَاضِي فِي ديوانه لَا يقْضِي بِهِ إِلَّا أَن يذكرهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُف يقْضِي بِهِ إِذا كَانَ فِي قمطره وَتَحْت خَاتمه لِأَنَّهُ لم يفعل مَا أضرّ بِالنَّاسِ وَهُوَ قَول مُحَمَّد وهذ يدل على أَن من قَوْلهمَا إِنَّه لَا يعْتَبر الْخط فِي الشَّهَادَة لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي قمطره وَلَا تَحت خَاتمه وَقَالَ ابْن أبي ليلى إِنَّه مثل قَول إِنَّه مثل قَول أبي يُوسُف فِيمَا يجده فِي ديوانه وَذكر أَبُو يُوسُف أَيْضا عَن ابْن أبي ليلى أَنه إِذا أقرّ عِنْد القَاضِي لخصمه فَلم يُثبتهُ فِي ديوانه وَلم يقْض بِهِ عَلَيْهِ فِي قَول ابْن أبي ليلى وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف يقْضِي بِهِ عَلَيْهِ إِذا كَانَ يذكرهُ وَقَالَ مَالك فِيمَن عرف خطه وَلم يذكر الشَّهَادَة أَنه لَا يشْهد على مَا فِي الْكتاب وَلَكِن يُؤَدِّي شَهَادَته إِلَى الْحَاكِم كَمَا علم وَلَيْسَ للْحَاكِم أَن يجيزها وَإِن كتب الَّذِي عَلَيْهِ الْحق بِشَهَادَتِهِ على نَفسه فِي ذكر الْحق وَمَات الشُّهُود ثمَّ أنكر فَشهد رجلَانِ أَنه خطّ نَفسه فَإِنَّهُ يحكم عَلَيْهِ بِالْمَالِ وَلَا يسْتَحْلف رب المَال وَذكر أَشهب عَنهُ فِيمَن عرف خطه وَلَا يذكر الشَّهَادَة أَنه يُؤَدِّيهَا إِلَى السُّلْطَان ويعلمه ليرى فِيهَا رَأْيه وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا ذكر أَنه قد أشهد وَلَا يذكر عدد الدَّرَاهِم فَإِنَّهُ لَا يشْهد وَإِن كتبهَا عَبده وَلم يذكر إِلَّا أَنه يعرف الْكتاب فَإِنَّهُ إِذا ذكر أَنه قد أشهد وَأَنه كتبهَا فَأرى أَن يشْهد على الْكتاب الحديث: 1481 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 350 وَقَالَ اللَّيْث إِذا عرف أَنه خطّ يَده وَكَانَ مِمَّن يعرف أَنه لَا يشْهد إِلَّا بِالْحَقِّ فليشهد وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا ذكر إِقْرَار الْمقر يحكم بِهِ أثْبته فِي ديوانه أَو لم يُثبتهُ لِأَنَّهُ لَا معنى للديوان إِلَّا الذّكر وَفِي الْمُزنِيّ أَنه لَا يشْهد حَتَّى يذكر قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ الله تَعَالَى {إِلَّا من شهد بِالْحَقِّ وهم يعلمُونَ} وَقَالَ {أَن تضل إِحْدَاهمَا فَتذكر إِحْدَاهمَا الْأُخْرَى} وَقَالَ الله تَعَالَى {وَمَا شَهِدنَا إِلَّا بِمَا علمنَا وَمَا كُنَّا للغيب حافظين} 1482 - فِي الشَّهَادَة على الْمَوَارِيث قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قَالَ الشُّهُود نشْهد أَن فلَانا مَاتَ وَترك هَذِه الدَّار مِيرَاثا بَين فلَان وَفُلَان أثْبته لَا يعلمُونَ لَهُ وَارِثا غَيرهمَا جَازَ وَقَالَ الشَّافِعِي لَو شهدُوا أَنه لَا وَارِث لَهُ غَيره جَازَت الشَّهَادَة وَتقبل وَلَا نعلم لَهُ وَارِثا غَيره وَرُوِيَ عَن أبي يُوسُف فِي ذَلِك أَن الْقيَاس أَن لَا تجوز لأَنهم شهدُوا بِمَا لَا يعلمُونَ وَلَكِن تجوز الشَّهَادَة اسْتِحْسَانًا لِأَنِّي أجعلها على معنى أَنه لَا يعلمُونَ وَارِثا غَيره وَقَالَ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {وَمَا شَهِدنَا إِلَّا بِمَا علمنَا وَمَا كُنَّا للغيب حافظين} فَأخْبرُوا بِشَهَادَتِهِم على الْعلم الظَّاهِر دون الْغَيْب الحديث: 1482 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 351 وَقَالَ تَعَالَى {وَلَا تقف مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم} وَلَا يُحِيط علم أحد من النَّاس فَإِنَّهُ لَا وَارِث لَهُ غَيره وَلَا يَنْبَغِي أَن يشْهد بذلك على الْبَتَات 1483 - فِي الشَّهَادَة فِي الدَّار وَهِي فِي يَد أَحدهمَا قَالَ أَصْحَابنَا لَا تقبل وَقَالَ ابْن أبي ليلى إِذا كَانَ الَّذِي فِي يَده ابْن عَم الْمُدَّعِي قضى لشهادتهم وَأَسْكَنَهُ فِي الدَّار مَعَه وَلَا يقتسمان حَتَّى تقوم الْبَيِّنَة على الْمَوَارِيث وَقَالَ مَالك إِذا شهدُوا أَن الدَّار كَانَت لأبي هَذَا لم يَسْتَحِقهَا حَتَّى يشْهدُوا أَنَّهَا لم تزل لَهُ حَتَّى مَاتَ وَإِن قَالُوا إِن أَبَاهُ مَاتَ وَتركهَا مِيرَاثا وَلم يشْهدُوا على الْوَرَثَة وَلم يعرفوهم فَإِنَّهُ يحْتَاج أَن يُقيم أَنه وَارثه لَا يعلمُونَ لَهُ وَارِثا غَيره فَإِن لم يقم على ذَلِك بَيِّنَة كَانَت مَوْقُوفَة أبدا حَتَّى تشهد الْبَيِّنَة بذلك 1484 - فِي الشَّهَادَة فِي ادِّعَاء الْمِيرَاث بِالزَّوْجِيَّةِ قَالَ بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف فِي رجل مَاتَ فأقامت امْرَأَته الْبَيِّنَة أَنَّهَا زَوجته وَلم يشْهدُوا على غير ذَلِك فَإِنَّهَا تُعْطى جُزْءا من سِتَّة وَثَلَاثِينَ جُزْءا وَذَلِكَ أقل مَا يكون لَهَا فِي حَال أَن يتْرك أَربع زَوْجَات وابنتين وأبوين وروى الْحسن بن زِيَاد أَنه يدْفع إِلَيْهَا ربع الثّمن وَكَذَلِكَ ذكره ابْن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد فِي نوادره وَفِي الأَصْل أَنه يدْفع إِلَيْهَا ربع الْمِيرَاث وَيدْفَع إِلَى الزَّوْج النّصْف وَأما الابْن وَالْبِنْت وَالأُم وَالْأَب فَإِن كل وَاحِد يَأْخُذ جَمِيع المَال بعد أَن يتلوم القَاضِي وَقَالَ مَالك إِذا قَالُوا لَا نعلم لَهُ وَارِثا غَيره فَإِنَّهُ ينْتَظر فِي ذَلِك وَيسْأل الحديث: 1483 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 352 وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا قَالُوا هَذَا ابْنه وَلم يشْهدُوا على عدد الْوَرَثَة وَلَا أَنه وَارثه وَلَا وَارِث لَهُ غَيره تلوم القَاضِي وَسَأَلَ عَن الْبلدَانِ الَّتِي وَطئهَا هَل لَهُ فِيهَا ولد فَإِذا بلغ الْغَايَة دفع إِلَيْهِ المَال كُله وَيَأْخُذ مِنْهُ كَفِيلا وَإِن كَانَ مَكَان الابْن زَوْجَة أَعْطَاهَا ربع الثّمن وَلَا يُعْطِيهَا حَتَّى يشْهدُوا أَن زَوجهَا مَاتَ وَهِي لَهُ زَوْجَة أَو لَا يعلمُونَ أَنه فَارقهَا رَوَاهُ الرّبيع عَنهُ فِي الدَّعْوَى قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلم يَخْتَلِفُوا فِي الْغَرِيم وَالْمُوصى لَهُ بِالثُّلثِ إِذا قَامَت لكل وَاحِد مِنْهُمَا بَيِّنَة بِمَا ادَّعَاهُ أَنه يدْفع إِلَيْهِ الْجَمِيع وَإِن لم يعلم أَن هُنَاكَ غَرِيم اخر وموصى لَهُ كَذَلِك الابْن وكل من يَرث فِي كل حَال 1485 - فِي اخْتِلَاف الشُّهُود قَالَ أَصْحَابنَا إِذا شهد أَحدهمَا أَنه غصبه أَو شجه وَشهد الاخر بِإِقْرَارِهِ على ذَلِك لم تقبل وَلَو شهد أَحدهمَا أَنه أقرّ بِالْبيعِ أَو الطَّلَاق أَو الْعتاق وَشهد الاخر أَنه بَاعَ أَو طلق جَازَت شَهَادَتهمَا وَلَو شهد أَحدهمَا أَنه أقرّ بِالْبيعِ يَوْم الْخَمِيس وَشهد اخر أَنه أقرّ يَوْم الْجُمُعَة جَازَت الشَّهَادَة وَكَذَلِكَ الطَّلَاق وَالْعتاق وَلَو شهد أَحدهمَا أَنه قذفه يَوْم الْخَمِيس وَشهد آخر أَنه قذفه يَوْم الْجُمُعَة جَازَت شَهَادَتهمَا فِي قَول أبي حنيفَة وَلم تجز فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَقَالَ زفر إِذا شهد أَحدهمَا أَنه أقرّ بِأَلف دِرْهَم يَوْم الْخَمِيس وَشهد الاخر أَنه أقرّ لَهُ يَوْم الْجُمُعَة لم تقبل الحديث: 1485 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 353 وَقَالَ عُثْمَان البتي إِذا شهد على فعل الطَّلَاق وَالْعِتْق وَاخْتلفَا فِي الْمَكَان أَو فِي الْأَيَّام لم تجز شَهَادَتهمَا وَإِن شَهدا على إِقْرَاره وَاخْتلفَا فِي الْمَكَان أَو الْوَقْت جَازَت الشَّهَادَة وَلَو شهد أَحدهمَا أَن فلَانا أوصى لَهُ بِبَعِير وَشهد الآخر أَنه أوصى لَهُ بِشَيْء غير ذَلِك فَهُوَ مَا شَاءَت الْوَرَثَة فَإِن رَأَوْا أَن يجيزوا شَيْئا من ذَلِك جَازَت شَهَادَتهمَا على الْأَقَل وَقَالَ مَالك إِذا شهد أَحدهمَا أَنه قَالَ لَهُ يَوْم الْجُمُعَة يَا زَان وَشهد الآخر أَنه قَالَ لَهُ يَوْم الْخَمِيس يَا زَان قبلت شَهَادَتهمَا وَكَذَلِكَ الطَّلَاق وَالْعِتْق وَلَو شهد أَحدهمَا أَنه قَالَ يَوْم الْجُمُعَة إِن دخلت الدَّار فَأَنت طَالِق وَشهد الآخر أَنه قَالَ كَذَلِك يَوْم السبت فَإِنَّهُ إِن حنث طلقت عَلَيْهِ بِشَهَادَتِهِمَا وَلَو شهد أَحدهمَا على الْحلف على ركُوب الدَّابَّة وَالْآخر على دُخُول الدَّار لم تثبت الشَّهَادَة وَقَالَ اللَّيْث إِذا شهد أَحدهمَا أَنه قذف رجلا وَشهد أَحدهمَا أَنه قذفه إِلَّا أَن شَهَادَتهمَا فِي موطنين كل وَاحِد مِنْهُمَا شهد وَحده لم تقبل وَلَو شهد أَحدهمَا أَنه رَآهُ يشرب الْخمر بكرَة وَشهد الاخر أَنه رَآهُ يشرب الْخمر ضحوة قبلت شَهَادَتهمَا وحددته إِذا كَانَت فِي يَوْم وَاحِد وَقَالَ اللَّيْث تجوز شَهَادَة الأبدال فِي النِّكَاح وَالْعتاق وَلَا تجوز فِي الطَّلَاق وَلَا فِي الْحُدُود إِلَّا فِي الْخمر فَيشْهد أَحدهمَا على شربه فِي أول النَّهَار وَالْآخر فِي آخِره فَتجوز لِأَنَّهُ على حَال الشّرْب وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا شهد أَحدهمَا أَنه طلق الْيَوْم وَالْآخر أَنه طَالِق أمس لم تجز وَلَو شهد أَحدهمَا أَنه أقرّ بِالطَّلَاق الْيَوْم وَشهد الآخر أَنه أقرّ بِهِ أمس جَازَت وَكَذَلِكَ الْإِقْرَار بِالنِّكَاحِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 354 1486 - إِذا شهد أَحدهمَا بِالْمَالِ الْقَرْض وَشهد أَحدهمَا بِالْقضَاءِ قَالَ أَصْحَابنَا شَهَادَتهمَا جَائِزَة على المَال رِوَايَة مُحَمَّد وروى الْحسن بن زِيَاد عَن أبي يُوسُف أَن شَهَادَتهمَا إِن كَانَت على ألف دِرْهَم قرض حكم الْحَاكِم بِخَمْسِمِائَة مِنْهَا وَقَالَ زفر لايحكم بِشَيْء مِنْهَا لِأَنَّهُ مكذب لشاهد الْقَضَاء وَقَالَ اللَّيْث فِي شَاهِدين شهد الرجل بضيعة أَنَّهَا لَهُ وَشهد أَحدهمَا أَنه بَاعهَا من الْمُدعى عَلَيْهِ فَإِن شَهَادَة الَّذِي يشْهد على البيع قد بطلت ولايحكم للْمُدَّعى بِشَيْء حَتَّى يُقيم شَاهدا آخر على الْملك 1487 - فِي الشَّهَادَة على قَضَاء القَاضِي وَهُوَ لَا يذكر روى الْحسن بن زِيَاد وَبشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف أَنه قَالَ لاينفذ القَاضِي ذَلِك وَلَا يحكم بِهِ لِأَنَّهُ لَا يذكرهُ وَقَالَ إِسْمَاعِيل بن حَمَّاد أَنا أقبل الشَّهَادَة وأنفذها لَهُ وَوَافَقَهُ عَلَيْهِ مُحَمَّد بن سَمَّاعَة وَرَوَاهُ عَن مُحَمَّد فِي نوادره وَهُوَ قَول مَالك وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يحكم بِهِ إِذا لم يذكرهُ قَالَ أبوجعفر روى أنس أَن الهرمزان نزل على حكم عمر رَضِي الله عَنهُ فَبعث بِهِ معي أَبُو مُوسَى إِلَى عمر فَلَمَّا قدمت بِهِ كَلمه فَلم يتَكَلَّم فَقَالَ مَا لَك لَا تَتَكَلَّم فَقَالَ كَلَام حَيّ أَو ميت قَالَ تكلم فَلَا بَأْس عَلَيْك فَكَلمهُ ثمَّ أَرَادَ عمر قَتله فَقلت لَهُ لَيْسَ لَك إِلَى ذَلِك سَبِيل لِأَنَّك قلت لَهُ لَيْسَ تكلم لَا بَأْس عَلَيْك فَقَالَ ليأتيني بِشَاهِد آخر أَو لَا بُد لي من عُقُوبَتك قَالَ فَخرجت الحديث: 1486 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 355 فَلَقِيت الزبير فَوَجَدته قد حفظ مثلهمَا حفظت فَشهد فَأرْسلهُ عمر وَأسلم وَفرض لَهُ وَكَانَ ذَلِك بِحَضْرَة الصَّحَابَة من غير خلاف فَدلَّ على وفاقهم وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل ذَلِك لم يكن ثمَّ قَالَ أَحَق مَا يَقُول ذُو الْيَدَيْنِ فَقَالُوا نعم فَأَتمَّ الصَّلَاة وَسجد للسَّهْو 1488 - فِي شَهَادَة الْقَاسِم قَالَ أبوحنيفة إِذا شهد قاسما القَاضِي على قسْمَة قسماها بأَمْره بِأَن إنْسَانا استوفى نصِيبه فَإِنَّهُ يُجِيز شَهَادَتهمَا وَهُوَ قَول أبي يُوسُف قَالَ مُحَمَّد لَا تجوز شَهَادَتهمَا وَهُوَ قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ قَالَ أَبُو جَعْفَر إِذا قسموا بِأَجْر فَلَا خلاف أَنه لَا تجوز شَهَادَتهمَا قَالَ وَإِن كَانَ بِغَيْر أجر فَالْقِيَاس أَن تجوز لِأَنَّهُ لَا مَنْفَعَة لَهُم فِيهَا 1489 - فِي شَهَادَة القَاضِي بعد عَزله على قَضيته قَالَ أَبُو جَعْفَر مَذْهَب أَصْحَابنَا أَنَّهَا لَا تجوز رَوَاهُ مُحَمَّد عَنْهُم وَهُوَ قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ إِذا شهد مَعَه شَاهد آخر جَازَ الحديث: 1488 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 356 1490 - فِي شَهَادَة الرجل على فعل من لَا تجوز شَهَادَته قَالَ أَبُو يُوسُف لَا تجوز شَهَادَته على فعل أَبِيه إِن ادّعى الْأَب سَوَاء كَانَ للْأَب فِيهِ مَنْفَعَة أَو لم يكن وَقَالَ مُحَمَّد إِذا لم يكن للْأَب فِيهِ مَنْفَعَة جَازَت شَهَادَته جحدا وادعاء وَعند مَالك أَنه لَا تجوز شَهَادَة الْأَب فِي ذَلِك وَقَول الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ أَنه تقبل 1491 - فِي الشَّهَادَة على قَول الْمقر قَالَ أَصْحَابنَا وَاللَّيْث يجوز إِقْرَار المختبئ على إِقْرَار الْمقر وعَلى الْقَذْف وَالطَّلَاق وَغَيره وَقَالَ مَالك من سمع رجلا يقذف أَو يُطلق وَلم يشهده وَقَالَ مَالك يشْهد بِهِ وَإِن لم يشْهد وَيَأْتِي منزل من لَهُ الشَّهَادَة عِنْده فيعلمه أَن لَهُ عِنْده شَهَادَة وَقَالَ مَالك فِي الرجل يمر بِالرجلَيْنِ وهما يتكلمان فِي الشَّيْء وَلم يستشهداه فيدعوه أَحدهمَا إِلَى السُّلْطَان فَإِنَّهُ لَا يشْهد الحديث: 1490 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 357 وَقَالَ مَالك إِذا شهد بَين رجلَيْنِ فِي حق فنسي بعض الشَّهَادَة وَذكر بَعْضهَا لم يشْهد إِذا لم يذكرهَا كلهَا والمار كَذَلِك لِأَنَّهُ قد سقط عَنهُ بعض الشَّهَادَة وَقَالَ ابْن شبْرمَة فِي رجل سمع رجلا يَقُول لفُلَان عِنْدِي كَذَا وَكَذَا فجَاء ذَلِك الرجل يطْلب مَاله وَلم يشْهد بِهِ يَعْنِي الَّذِي مَعَ عِنْده على نَفسه إِنَّمَا تكلم كلَاما من غير أَن يشْهد بِهِ أحدا وَإِنَّمَا هَذَا حَدِيث الْمجْلس وَلَا يقبل أَو يشهده أَو تناقله الْكَلَام فَيَقُول يَا فلَان أَلا تُعْطِينِي كَذَا الَّذِي لي عنْدك فَيَقُول بلَى أَنا معطيك فأنظرني فَيجوز أَن يشْهدُوا بِهِ عَلَيْهِ وَأما قَوْله لفُلَان عِنْدِي كَذَا ولعلها وَدِيعَة فَلَيْسَ هَذَا بِشَيْء قَالَ أَبُو جَعْفَر سَمِعت مُحَمَّد بن جَعْفَر بن حَفْص الْمَعْرُوف بِالْإِمَامِ يَقُول إِن الْحسن وعليا ابْني صَالح بن حَيّ هجرا شَرِيكا لما ولي الْقَضَاء فَكَانَا لَا يكلمانه فَبَيْنَمَا هما يَوْمًا فِي مَسْجِد الْكُوفَة من وَرَاء سَارِيَة وَرجل يُخَاطب رجلا فِي دين لَهُ يتقاضاه إِيَّاه فَيَقُول لَهُ دينك وَالله عَليّ وَيذكر مِقْدَاره وَإِن قدمتني إِلَى القَاضِي جحدتك وَحلفت أَنه لَا شَيْء لَك عَليّ فسمعا ذَلِك وحفظاه عَلَيْهِ فَقدم الطَّالِب صَاحبه إِلَى شريك فطالبه بِدِينِهِ فَأنكرهُ إِيَّاه فَسَأَلَ الطَّالِب شَرِيكا استحلافه فاستحلفه فَحلف ثمَّ خرج آيسا من حَقه فَقَالَ لَهُ الْحسن وَعلي ابْنا صَالح أردده إِلَى شريك فَإنَّا قد حفظنا إِقْرَاره لَك بِدينِك عَلَيْهِ فَرده الرجل إِلَى شريك وَادّعى شَهَادَة الْحسن وَعلي ابْني صَالح فَقَالَ لَهُ شريك وَأَيْنَ هما فَقَالَ هما حاضران فَدَعَا بهما فدخلا فشهدا فَقَالَ الْمَشْهُود عَلَيْهِ وَعَلِيهِ إِن كَانَ استشهدهما فَقَالَا {وَمَا شَهِدنَا إِلَّا بِمَا علمنَا وَمَا كُنَّا للغيب حافظين} ثمَّ أقبل عَلَيْهِمَا شريك فتكلما لَهما فِيمَا سوى الشَّهَادَة فَلم يُكَلِّمَاهُ وقاما فَخَرَجَا من عِنْده وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا سمع الرجل الرجل يقر بِمَال وَوصف ذَلِك من بيع أَو غضب أَو لم يصفه للْمقر فلازم لَهُ أَن يُؤَدِّيه وعَلى القَاضِي أَن يقبله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 358 قَالَ أَبُو جَعْفَر روى مَالك عَن عبد الله بن أبي بكر عَن أَبِيه عَن عبد الله بن عَمْرو بن عُثْمَان عَن أبي عمْرَة الْأنْصَارِيّ عَن زيد بن خَالِد الْجُهَنِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَلا أخْبركُم بِخَير الشُّهَدَاء الَّذِي يَأْتِي بِشَهَادَتِهِ قبل أَن يسْأَل عَنْهَا فَدلَّ على أَن الشَّهَادَة صَحِيحَة بِالسَّمَاعِ وَلَا اعْتِبَار بإشهاد الشُّهُود عَلَيْهِ وَلَا باسترعاء من لَهُ الشَّهَادَة إِيَّاه فَإِن قيل روى قَتَادَة عَن زُرَارَة بن أبي أوفى عَن عمرَان بن حُصَيْن قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خير أمتِي الْقرن الَّذِي بعثت فيهم ثمَّ الَّذين يَلُونَهُمْ ثمَّ الَّذين يَلُونَهُمْ ثمَّ يفشو قوم يشْهدُونَ وَلَا يستشهدون وينذرون وَلَا يُوفونَ ويخونون وَلَا يؤتمنون ويفشوا فيهم الْيَمين قيل لَهُ قد روى ابراهيم النَّخعِيّ عَن عُبَيْدَة عَن عبد الله قَالَ قُلْنَا يَا رَسُول الله أَي النَّاس خير قَالَ قَرْني ثمَّ الَّذين يَلُونَهُمْ ثمَّ الَّذين يَلُونَهُمْ ثمَّ يَجِيء قوم يسْبق شَهَادَة أحدهم يَمِينه وَيَمِينه شَهَادَته قَالَ إِبْرَاهِيم كَانَ أَصْحَابنَا ينهوننا وَنحن غلْمَان أَن نحلف بِالشَّهَادَةِ والعهد فَدلَّ على أَن الشَّهَادَة هِيَ الْمَحْلُوف بهَا وَلَا يَجْعَلهَا الْإِنْسَان عَادَته كَمَا قَالَ الله تَعَالَى {وَلَا تجْعَلُوا الله عرضة لأيمانكم} وَلَا خلاف بَين أهل الْعلم أَن من رأى رجلا يقتل رجلا أَو يغصبه أَنه يجوز أَن يشْهد بِهِ وَإِن لم يستشهده الْجَانِي بذلك على نَفسه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 359 1492 - فِي شَاهد الزُّور قَالَ أَبُو حنيفَة يشهر وَلَا يُعَزّر وَهُوَ قَول شُرَيْح وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يُعَزّر وَابْن أبي ليلى وَمَالك قَالَ لَا تقبل شَهَادَته أبدا وَإِن تَابَ وَحسنت تَوْبَته وَقَالَ الشَّافِعِي يشهر وَيُعَزر وَقَالَ أَبُو جَعْفَر شَهَادَة الزُّور فسق فسق وَمن رجلا عزّر فوجود الْفسق مِنْهُ أولى أَن يسْتَحق بِهِ التَّعْزِير وَلَا يَخْتَلِفُونَ أَن من فسق بِغَيْر شَهَادَة الزُّور أَن تَوْبَته مَقْبُولَة وشهادته بعْدهَا كَذَلِك شَهَادَة الزُّور قَالَ وَذكر بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف أَنه يختبر سِتَّة أشهر فَإِذا ظَهرت تَوْبَته قبلت شَهَادَته ثمَّ رَجَعَ فَقَالَ لَا أجزي بِأَقَلّ من حول وَمُحَمّد لم يؤقت وَقَالَ إِنَّمَا هُوَ على مَا يَقع فِي الْقلب وَقد روى عَن شُرَيْح أَنه ينْزع عمَامَته وخفقه خفقات وعرفه فِي الْمَسْجِد 1493 - فِي الشَّهَادَة بِالْمَوْتِ ثمَّ يَجِيء حَيا قَالَ أَصْحَابنَا إِذا شهدُوا بِمَوْت رجل فَدفع القَاضِي الْمِيرَاث إِلَى ورثته ثمَّ جَاءَ الْمَشْهُود بِمَوْتِهِ حَيا فَلهُ أَن يضمن الشَّاهِدين وَإِن شَاءَ الْوَارِث وَقَالَ مَالك إِذا شهدُوا بزرو من غير شُبْهَة لم يجز تصرف الْوَارِث وَإِن كَانَ بِأَمْر شبه عَلَيْهِم فَلهُ أَن يفْسخ بعد أَن يرد الثّمن إِلَى مبتاعه وَالْعِتْق والكتابه وَالتَّدْبِير وَالِاسْتِيلَاد فَإِنَّهُ لَا يرد الحديث: 1492 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 360 1494 - فِي الشَّهَادَة على الْخط قَالَ أَبُو مَالك إِذا شهد شَاهِدَانِ فِي ذكر حق أَنه كِتَابَته بِيَدِهِ جَازَ وَأخذ بِهِ كَمَا لَو شهدُوا على إِقْرَاره وَخَالفهُ جَمِيع الْفُقَهَاء فِي ذَلِك وعدوا هَذَا القَوْل شذوذا إِذْ كَانَ الْخط يشبه الْخط وَلَيْسَت شَهَادَة على قَول مِنْهُ وَلَا مُعَاينَة فعل 1495 - فِي الشَّهَادَة على الشَّهَادَة قَالَ أَصْحَابنَا هِيَ جَائِزَة فِي كل شَيْء إِلَّا الْحُدُود وَالْقصاص وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا تجوز فِي الْحُدُود وَقَالَ مَالك تجوز الشَّهَادَة على الشَّهَادَة فِي الْحُدُود كلهَا وَفِي الْقَتْل وَلَا تقبل فِي الزِّنَا على شَهَادَة أَرْبَعَة أقل من أَرْبَعَة يشْهدُونَ على شَهَادَة اربعة وَقَالَ اللَّيْث تجوز شَهَادَة الرجل الْوَاحِد على شَهَادَة وَاحِد فِي الْقَتْل وَالْحُدُود والأشياء كلهَا وَقَالَ الشَّافِعِي تجوز الشَّهَادَة على الشَّهَادَة فِي كل حق لآدمى مَال أَو حد أَو قصاص وَفِي كل حد لله تَعَالَى قَولَانِ 1496 - مِمَّا يقبل من الشُّهُود على شَهَادَة غَيرهم قَالَ أَصْحَابنَا لَا يقبل أقل من شَاهِدين على شَهَادَة شَاهِدين وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَابْن شبْرمَة أقبل شَهَادَة شَاهد على شَهَادَة شَاهد وروى نجوه عَن الْحسن الحديث: 1494 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 361 وَقَالَ عُثْمَان البتي تقبل على شَهَادَة امرأه شَهَادَة امْرَأَة وَقَالَ مَالك تقبل شَهَادَة شَاهِدين على شَهَادَة الْعدَد الْكثير وَلَا يقبل أقل من شَاهِدين وَقَالَ الثَّوْريّ يجوز شَهَادَة امْرَأتَيْنِ على شَهَادَة رجل وَرِوَايَة أُخْرَى أَنَّهَا لَا تقبل وَقَالَ شُرَيْح تقبل شَهَادَة رجل على شَهَادَة رجل وَهُوَ قَول الْحسن بن حَيّ وَاللَّيْث وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا تقبل إِلَّا شَهَادَة رجلَيْنِ على شَهَادَة غَيرهمَا وَقَالَ الشَّافِعِي لَا تجوز شَهَادَة رجلَيْنِ إِلَّا على شَهَادَة وَاحِد وَآخَرين على شَهَادَة الآخر ورجلان على كل امْرَأَة وروى مُغيرَة عَن إِبْرَاهِيم قَالَ كَانَ شُرَيْح يُجِيز شَهَادَة الرجل على شَهَادَة الرجل وَكَانَ يكرهها وَكَانَ يسميهم المباديل وَكَانَ إِبْرَاهِيم يرى ذَلِك قَالَ أَبُو جَعْفَر اتَّفقُوا على أَنه غير جَائِز أَن يشْهد الرجل على شَهَادَة نَفسه وَهُوَ مَعَ غَيره على شَهَادَة غَيره فَدلَّ على أَنه إِذا قَامَ رجلَانِ مقَام أحد شَاهِدي الأَصْل اسْتَحَالَ أَن يقوم مقَام الآخر فِي تِلْكَ الشَّهَادَة 1497 - فِي الشَّاهِد على شَهَادَة غَيره إِذا لم يعدله ذكر هِشَام عَن مُحَمَّد أَن رجلَيْنِ لَو أشهدا على شَهَادَتهمَا شَاهِدين وهما لَا يعرفانهما بعدالة وَلَا غَيرهَا فَإِنَّهُمَا إِن شَهدا على شَهَادَتهمَا فقد أساءا وَيَنْبَغِي للْقَاضِي أَن يسْأَل عَنْهُمَا وَهُوَ قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ عُثْمَان البتي لَا تقبل شَهَادَتهمَا إِذا لم يعدلهما اللَّذَان عِنْد القَاضِي روى نَحوه عَن شُرَيْح الحديث: 1497 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 362 قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَنْبَغِي أَن يلْتَفت القَاضِي إِلَى تَعْدِيل الشَّاهِدين اللَّذين شَهدا عِنْده لشاهدي الأَصْل بل يسْأَل عَنْهُمَا كَمَا يسْأَل عَن سَائِر الشُّهُود وَلَيْسَ كل عدل فِي شَهَادَته يصلح للمسألة عَن غَيره 1498 - فِي الشَّهَادَة على شَهَادَة الْحَاضِر فِي الْمصر قَالَ أَبُو حنيفَة وَالْحسن بن حَيّ لَا تقبل الشَّهَادَة على شَهَادَة الْحَاضِر فِي الْمصر إِلَّا أَن يكون مَرِيضا أَو غَائِبا على مسيرَة ثَلَاث وَفِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد تقبل وَقَالَ مَالك لَا أحب الشَّهَادَة على شَهَادَة حَاضر وَلَيْسَ بمريض وَقَالَ الثَّوْريّ تقبل إِذا كَانَ غَائِبا فِي مَكَان الْقصر فِي مثله فِي الصَّلَاة وَقَالَ الشاقعي لَا يقبل كتاب القَاضِي إِلَى القَاضِي فِي مثل أحد جَانِبي بَغْدَاد وَيقبل فِي الْبلدَانِ الثَّانِيَة الَّتِي لَا يُكَلف أَهلهَا إِتْيَانه وَهَذَا يدل على أَن الشَّهَادَة على الشَّهَادَة كَذَلِك عِنْده قَالَ أَبُو جَعْفَر لما قبلت وكَالَة الْحَاضِر وَسمعت من بَيِّنَة الْخصم عَلَيْهِ وَإِن كَانَ حَاضرا فِي الْمصر كَذَلِك الشَّهَادَة على الشَّهَادَة لِأَن كل شَهَادَة جَازَت على الْبعيد جَازَت على الْقَرِيب 1499 - فِي رُجُوع الشُّهُود قَالَ أَصْحَابنَا إِذا حكم بِشَهَادَتِهِمَا ثمَّ رجعا ضمنا مَا حكم بِهِ وَلَا يقْتَصّ مِنْهُ فِيمَا يُوجب تلف النَّفس أَو بعض الْأَعْضَاء وَهُوَ قَول مَالك وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ الحديث: 1498 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 363 وَقَالَ عُثْمَان البتي وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ إِن قبل شَهَادَتهمَا برجم أَو قصاص أَو قطع فِي سَرقَة ثمَّ رجعا وَقَالا تعمدنا أقتص مِنْهُمَا وروى عَن حَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان إِن كَانَا يَوْم رَجعْنَا أفضل مِنْهُمَا يَوْم شَهدا رد الْقَضَاء وأبطله وَإِن كَانَت حَالهمَا يَوْم رجعا مثل حَالهمَا يَوْم شَهدا أَو دون ذ 4 لَك لم يصدقهما وَلم يقبل رجوعهما وَلم يضمنهما شَيْئا وَقد كَانَ أَبُو حنيفَة يَقُول بذلك ثمَّ رَجَعَ قَالَ أَبُو جَعْفَر الرُّجُوع لَيْسَ بِشَهَادَة مستأنفة فَلَا اعْتِبَار فِيهِ بِالْعَدَالَةِ وَلَا يجوز نقض الحكم برجوعهما أَيْضا من أجل أَنَّهُمَا غير خصمين وَلَا شَاهِدين عَلَيْهِ وهما بِسوء الظَّن فِي رجوعهما أولى مِنْهُمَا بِهِ فِي ابْتِدَاء الشَّهَادَة وَمن لحقته ظَنّه لم تقبل شَهَادَته وَقد روى مطرف عَن الشّعبِيّ أَن رجلَيْنِ شَهدا عِنْد عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام على رجل بِالسَّرقَةِ ثمَّ أَتَيَا بآخر فَقَالَا أخطانا إِنَّمَا هُوَ هَذَا فَقَالَ عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام لاأجيز شهادتكما على هَذَا وأضمنكما ديه ذَاك وَلَو أعلمكما أنكما فعلتما ذَلِك عمدا قطعت أيديكما وَقَالَ عُثْمَان البتي فِي اللَّذين يَشْهَدَانِ فِي الْحُقُوق الَّتِي تَدور بَين النَّاس أَنه إِن رَجَعَ أَحدهمَا رد ذَلِك الْقَضَاء عتاقا كَانَ أَو طَلَاقا أوما كَانَ فَإِن فَاتَ رده إخذ من الرَّاجِع جَمِيع مَا أقربه الرجل الْمَشْهُود عَلَيْهِ وَإِن رجعا جَمِيعًا أَخذ صَاحب الْحق أَيهمَا شَاءَ ويكونان هما يطلبان الَّذِي قضى لَهُ بِشَهَادَتِهِمَا قَالَ أَبُو جَعْفَر الضَّمَان يتَعَلَّق وُجُوبه على الشَّاهِدين بِإِزَالَة الْيَد فَلَا فرق بَين حَاله بعد الْفَوْت وَقَبله فِي وُجُوبه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 364 1500 - فِي عدَّة الشُّهُود إِذا كَانُوا أَكثر من أَرْبَعَة فِي الزِّنَا وشاهدين فِي الْحُقُوق قَالَ أَصْحَابنَا إِذا شهد خَمْسَة على رجل بِالزِّنَا فرجم ثمَّ وَاحِد فَلَا شَيْء عَلَيْهِ فَإِن رَجَعَ آخر فعلَيْهِمَا ربع الدِّيَة وَإِن شهد ثَلَاثَة بِمَال فَرجع وَاحِد فَلَا شَيْء عَلَيْهِ فَإِن رَجَعَ آخر فعلَيْهِمَا نصف المَال وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا رَجَعَ وَاحِد من سِتَّة فَلَا شَيْء عَلَيْهِ فِي الزِّنَا وَكَذَلِكَ اثْنَان فَإِن رَجَعَ ثَالِث فعلى الثَّلَاثَة نصف الدِّيَة فَإِن رَجَعَ وَاحِد من الثَّلَاثَة فَعَلَيهِ سدس الدِّيَة وَقَالَ الْمُزنِيّ إِذا رَجَعَ وَاحِد من ثَلَاثَة شُهُودًا بِمَال فَعَلَيهِ ثلث المَال فِي الْقيَاس وَحَكَاهُ عَن أَشهب قَالَ أَبُو جَعْفَر الْقيَاس خلاف ذَلِك لِأَنَّهُ حكم بِشَهَادَة الثَّلَاثَة بِالْمَالِ والباقيان مَحْكُوم بِشَهَادَتِهِمَا أَيْضا وهما ثابتان فَلَا ضَمَان قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلَا خلاف أَنه إِذا شَهدا أَرْبَعَة بِالزِّنَا ثمَّ رَجَعَ وَاحِد غرم ربع الدِّيَة لبَقَاء ثَلَاثَة أَربَاع الشَّهَادَة وَالْقِيَاس على هَذَا أذا كَانُوا سِتَّة فَرجع ثَلَاثَة أَن يكون عَلَيْهِم ربع الدِّيَة لبَقَاء ثَلَاثَة أرباعها 1501 - فِيمَن قضى عَلَيْهِ بِشَهَادَة شُهُود فَيحلف بِالطَّلَاق أَنه مَا كَانَ عَلَيْهِ ذَلِك قَالَ أَصْحَابنَا فِيمَا حَكَاهُ مُحَمَّد إِذا قَالَ امْرَأَتي طَالِق إِن كَانَ لفُلَان عَليّ شَيْء فَشهد شَاهِدَانِ أَن فلَانا أقْرضهُ فَقضى القَاضِي عَلَيْهِ بِالْمَالِ لم يَحْنَث وَلَو شهد أَن عَلَيْهِ ألف دِرْهَم فَقضى بهَا حنث الْحَالِف وَهُوَ قَول البتي الحديث: 1500 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 365 وَحكى هِشَام عَن مُحَمَّد أَنه لَا يَحْنَث فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ جَمِيعًا لِأَن قَوْلهمَا هِيَ عَلَيْهِ إِنَّمَا هُوَ بالْقَوْل الَّذِي كَانَ نطق بِهِ أول مرّة وَقَالَ ابْن أبي ليلى إِذا شهدُوا على بَاطِل أَنه لَا يَحْنَث قَالَ الْأَوْزَاعِيّ والمدنيون يَقُولُونَ بقول ابْن أبي ليلى وَقَالَ مَالك إِذا قَالَ امْرَأَته طَالِق إِن دخل الدَّار ثمَّ أقرّ أَنه دَخلهَا وَشهد عَلَيْهِ الشُّهُود وَقَالَ إِنِّي كنت كَاذِبًا طلق عَلَيْهِ القَاضِي وَلَا يَنْفَعهُ إِنْكَاره وَلَو أقرّ بِأَنَّهُ فعل شَيْئا ثمَّ حلف بِطَلَاق بعد ذَلِك أَنه مَا فعله ثمَّ قَالَ كنت كَاذِبًا فَمَا أَقرَرت بِشَيْء صدق وَلَو حلف وَلم يكن عَلَيْهِ شَيْء وَلَو أقرّ بَعْدَمَا شهد عَلَيْهِ الشُّهُود أَنه فعله لزمَه الْحِنْث وَقَالَ الثَّوْريّ إِن قَالَ إِن امْرَأَته طَالِق إِن لم يكن شهدُوا عَلَيْهِ بزور لم يفرق بَينهمَا فَإِن فعل كَذَا وَقَامَت عَلَيْهِ بَيِّنَة أَنه قد فعله وَقع عَلَيْهِ الطَّلَاق وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ غذا شهد عَلَيْهِ شَاهِدَانِ بِيَمِين حلف بهما فَقَالَ كل امْرَأَة أَتَزَوَّجهَا فَهِيَ طَالِق إِن كَانَ حلف بِيَمِين أَو شهد عَلَيْهِ بِحَق فَإِنَّهُ يُوكل فِي يَمِينه هَذِه إِلَى الله تَعَالَى وَقَالَ اللَّيْث إِذا شهد عَلَيْهِ بِحَق فَحلف بِطَلَاق امْرَأَته إِن كَانَا شَهدا عَلَيْهِ إِلَّا بباطل فَإِنَّهُ يُوكل فِي امْرَأَته إِلَى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَإِن شَهدا عَلَيْهِ رجلَانِ آخرَانِ بذلك الْحق غير الْأَوَّلين طلقت امْرَأَته وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا شهد أَنه غصبه وَحلف هُوَ مَا عصبه طلقت وَذكر الْمُزنِيّ أَنه لَا يَحْنَث وَلم نجد خلافًا لَهُ على الشَّافِعِي 1502 - فِي الْوَارِث يَبِيع ثمَّ يشْهد مَعَ غَيره بِهِ لآخر قَالَ الشَّافِعِي فِي الرجل يَبِيع مِيرَاثا فيرثه من أَبِيه فَادّعى رجل أَنه اشْتَرَاهُ من الْأَب فَشهد لَهُ الْوَارِث وَآخر أَنه تقبل شَهَادَتهمَا الحديث: 1502 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 366 وَلم يقبل بذلك أحد من أهل الْعلم غَيره 1503 - فِي إِقَامَة الْخصم الْبَيِّنَة على الْجرْح قَالَ أَصْحَابنَا إِذا شهدُوا على رجل بِحَق فَأَقَامَ الْمَشْهُود عَلَيْهِ بَيِّنَة أَنهم فساق أَو مستأجرون لم يلفت إِلَى ذَلِك وَيسْأل عَنْهُم فِي السِّرّ ويزكيهم فِي الْعَلَانِيَة ثمَّ يحكم لشادتهم قَالَ مُحَمَّد فِي الْإِمْلَاء وَكَانَ أَبُو حنيفَة لَا يقبل الشَّهَادَة على الْجرْح إِلَّا أَن يشْهدُوا على إِقْرَار الشَّاهِد أَنه شريك وَإِن الْمُدَّعِي وَكله فِي ذَلِك وَخَاصم فِيهِ أَو أَنه مَحْدُود فِي قذف حَده قَاضِي كَذَا وَكَذَا قَالَ وَهُوَ قَول أَصْحَابنَا وَقَالَ ابْن أبي ليلى تقبل الشَّهَادَة على الْجرْح وعَلى أَنهم مستأجرون أَو شُهُود زور وَرُوِيَ عَن أبي يُوسُف مثله وَقَالَ مَالك إِن زكوا الشُّهُود ثمَّ أَقَامَ الْمَشْهُود عَلَيْهِ البنية أَنهم يشربون الْخمر أَو آكِلَة الرِّبَا أَو مجَّانا أَو يَلْعَبُونَ بالشطرنج أَو النَّرْد أَو الْحمام فَإِن هَذَا مِمَّا يجرح شَهَادَتهم ويبطلها وَقَالَ الشَّافِعِي تقبل بنية الْمَشْهُود عَلَيْهِ على الْجرْح إِذا بَينُوهُ للْحَاكِم الحديث: 1503 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 367 1504 - فِي البنية بعد الْيَمين قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اسْتحْلف الْمُدعى عَلَيْهِ ثمَّ أَقَامَ البنية قبلت بنيته وَهُوَ قَول شُرَيْح وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ ابْن أبي ليلى لَا تقبل بنيته بعد استحلافه الْمُدعى عَلَيْهِ وَقَالَ مَالك إِن استحلفه وَلَا علم لَهُ بالبنية ثمَّ علم أَن بنية قبلهَا وَبَطلَت الْيَمين وَإِن كَانَ يعلم بنيته فاستحلفه وَرَضي بِالْيَمِينِ وَترك البنية فَلَا حق لَهُ وَقَالَ أَبُو جَعْفَر إِذا شهِدت البنية حصلت الْيَمين كَاذِبَة فطلبت فَإِن قبل قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من حلف على يَمِين ليقتطع بهَا مَال امْرِئ مُسلم لَقِي الله وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَان وَهَذَا يدل على صِحَة الحكم لَهُ بِالْمَالِ الْمَحْلُوف عَلَيْهِ وَأَنه قد اقتطعه فَدلَّ على نفي قبُول البنية عَلَيْهِ بِهِ قيل لَهُ الاقتطاع لَا يُوجب الْملك وَإِنَّمَا هُوَ عَلَيْهِ كقاطع الطَّرِيق لَا يملك مَا قطعه وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قضيت لَهُ الشَّيْء من حق أَخِيه فَلَا يَأْخُذهُ فَإِنَّمَا أقطع من النَّار الحديث: 1504 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 368 1505 - فِي الشَّاهِد هَل هُوَ حر فِي شَهَادَته أَو غير حر قَالَ أَصْحَابنَا النَّاس أَحْرَار إِلَّا فِي أَرْبَعَة أَشْيَاء الشَّهَادَة وَالْحُدُود وَالْقصاص وَالْعقل وَقَالَ مَالك هم أَحْرَار فِي الشَّهَادَات حَتَّى يُقيم الْمَشْهُود عَلَيْهِ البنية أَنهم عبيج وَكَذَلِكَ هم أَحْرَار فِي كل شَيْء وَقَالَ الشَّافِعِي هم عبيد فِي الشَّهَادَة حَتَّى تثبت الْحُرِّيَّة بِبَيِّنَة 1506 - فِي شَهَادَة الْأَخْرَس قَالَ أَصْحَابنَا لَا يجوز شَهَادَة الْأَخْرَس وَقَالَ ابْن عبد الحكم عَن مَالك شَهَادَة الْأَخْرَس جَائِزَة إِذا كَانَت تفهم قَالَ أَبُو جَعْفَر اتَّفقُوا على جَوَاز بَيْعه وطلاقه وَنَحْو ذَلِك بِالْإِشَارَةِ وَيجوز أَيْضا بِالْكتاب وَالشَّهَادَة حكمهَا أَن يكون آكذ من ذَلِك لاتفاقهم أَنه لَا تثبت الشَّهَادَة بِالْكتاب إِذا لم يتَكَلَّم بهَا 1507 - فِي حكم الْحَاكِم بِعِلْمِهِ قَالَ أَصْحَابنَا مَا شَاهده الْحَاكِم من الْأَفْعَال الْمُوجبَة قبل الْقَضَاء أَو بعده فَإِنَّهُ لَا يحكم فِيهَا بِعِلْمِهِ إِلَّا الْقَذْف وَمَا علم قبل الْقَضَاء من حُقُوق النَّاس لم يحكم فِيهِ بِعِلْمِهِ وَإِن علم بعد الْقَضَاء حكم وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يحكم فِيمَا علمه قبل الْقَضَاء من ذَلِك بِعِلْمِهِ وَهُوَ قَول سوار الحديث: 1505 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 369 وَقَالَ الْحسن بن حَيّ يقْضِي بِعِلْمِهِ قبل الْقَضَاء بعد أَن يستحلفه فِي حُقُوق النَّاس وَفِي الْحُدُود وَلَا يقْضِي بعد الْقَضَاء إِذا علمه حَتَّى يشْهد مَعَه فِي الزِّنَا ثَلَاثَة وَفِي غَيره رجل آخر وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي إِمَام شهد هُوَ وَرجل آخر على قذف رجل أَنه يحده وَقَالَ شُرَيْح ارتفعوا إِلَى إِمَام فولى وَأَنا أشهد بذلك وَقَالَ مَالك لايقضي بِعِلْمِهِ فِي سَائِر الْحُقُوق حَتَّى يكون شَاهِدَانِ سواهُ وَفِي الزِّنَا أَرْبَعَة غَيره وَقَالَ اللَّيْث لَا يحم فِي حُقُوق النَّاس بِعِلْمِهِ حَتَّى يكون مَعَه شَاهد آخر فَيَقْضِي بِشَهَادَتِهِ وَشَهَادَة الشَّاهِد مَعَه وَقَالَ الشَّافِعِي يقْضِي بِعِلْمِهِ فِي حُقُوق النَّاس وَفِي الْحُدُود قَولَانِ أَحدهمَا أَنه يعْمل رُجُوع الْمقر وَقَالَ ابْن أبي ليلى فِيمَن أقرّ عِنْد القَاضِي فِي مجْلِس الحكم بدين فَإِن القَاضِي لاينفذ ذَلِك حَتَّى يشْهد مَعَه آخر وَالْقَاضِي شَاهد ثمَّ قَالَ بعد ذَلِك إِذا ثَبت قَوْله فِي الْأُصُول عِنْده أنفذ عَلَيْهِ الْقَضَاء 1508 - فِي قَول القَاضِي إِذا قَالَ حكمت على فلَان بِكَذَا قَالَ أَبُو حنفية وَأَبُو يُوسُف إِذا قَالَ القَاضِي قد قضيت على هَذَا الرجل بِالرَّجمِ فارجمه وَكَذَلِكَ سَائِر الْحُدُود والحقوق وَذكر ابْن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد فِي نوادره لايجوز للْقَاضِي أَن يَقُول أقرّ فلَان عِنْدِي بِكَذَا بِشَيْء يقْضِي بِهِ عَلَيْهِ من قتل أَو مَال أَو طَلَاق أَو عتاق حَتَّى الحديث: 1508 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 370 يشْهد مَعَه على ذَلِك رجلَانِ عَدْلَانِ أَو رجل عدل لَيْسَ يكون هَذَا لأحد بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيَنْبَغِي أَن يكون فِي مجْلِس القَاضِي أبدا رجلَانِ عَدْلَانِ يسمعان من يقر ويشهدان على ذَلِك فيفذ الْحَاكِم عَلَيْهِ بِشَهَادَة مِنْهُ وَمِمَّنْ حَضَره وَقَالَ ابْن الْقَاسِم على مَذْهَب مَالك إِن كَانَ القَاضِي عدلا وسع الْمَأْمُور أَن يفعل مَا قَالَ القَاضِي وَإِن لم يكن عدلا لم يقبل قَوْله وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا كَانَ عدلا يجوز قَوْله 1509 - فِي القَاضِي يَقُول أقرّ هَذَا عِنْدِي بِكَذَا قَالَ أَبُو حنفية وَأَبُو يُوسُف إِذا أقرّ عِنْده فَلم يحكم بِهِ عَلَيْهِ وَلم يُثبتهُ فِي ديوانه فَإِنَّهُ يحكم بِهِ عَلَيْهِ إِذا ذكره وَقَالَ ابْن أبي ليلى لَا يقْضِي عَلَيْهِ بِهِ حَتَّى يُثبتهُ فِي ديوانه وَقَالَ مُحَمَّد لايكم عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ حَتَّى يشْهد على أقراره رجلَانِ عَدْلَانِ فَينفذ الحكم بِشَهَادَة مِنْهُ وَمِمَّنْ حضر وَلَا يجوز أَن يَقُول سَأَلت عَن الشَّاهِدين فِي السِّرّ وَالْعَلَانِيَة وزكيا هَذَا بِمَنْزِلَة إِقْرَاره حَتَّى يعلم ذَلِك غَيره مِمَّن هُوَ رَضِي وَقَالَ مَالك لايقضي على الرجل بِإِقْرَارِهِ حَتَّى يكون مَعَ القَاضِي بَيِّنَة مِنْهُ بذلك عَلَيْهِ قَالَ أَبُو جَعْفَر قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم واغد يَا أنيس على امْرَأَة هَذَا فَأن اعْترفت فارجمهما فَاعْترفت فارجمها وَلم يقل لَهُ إِن اعْترفت فاشهد عَلَيْهَا حَتَّى يكون حجَّة لَك بعد مَوتهَا قتل معَاذ وَأَبُو مُوسَى مُرْتَدا بارتداده عِنْدهمَا وهما واليان لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْيمن الحديث: 1509 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 371 وَعبد الله بن مَسْعُود أَمر قرظة بن كَعْب بقتل ابْن النواحة بِالرّدَّةِ الَّتِي كَانَت مِنْهُ عِنْده وَقتل أَبُو مُوسَى مُرْتَدا بالعراق قبل اسْتِتَابَة وَلم يُنكره عمر وَأنكر ترك أستتابتة 1510 - فِي تلقين الشَّاهِد قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد لايلقنه وَلَكِن يسمع مِنْهُ مَا شهد بِهِ وَهُوَ قَول الشَّافِعِي قَالَ أَبُو يُوسُف لَا بَأْس أَن يَقُول أَتَشهد بِكَذَا وَهُوَ قَول الآخر قَالَ أَبُو جَعْفَر اتَّفقُوا على أَنه لايلقن أحد الْخَصْمَيْنِ فَوَجَبَ أَن لايلقن الشَّاهِد وتلقين الشَّاهِد أَكثر من تلقين الْخصم لِأَنَّهُ يلقنه مَا يكون حجَّة للخصم الشَّاهِد 1511 - فِي شَهَادَة الْأَخ قَالَ أَصْحَابنَا تجوز شَهَادَة الْأَخ لِأَخِيهِ وَهُوَ قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ تجوز شَهَادَة الصّديق الملاطف وَالْمولى إِلَّا أَن يكون فِي عِيَاله وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا تجوز شَهَادَة لِأَخِيهِ وَلم يقل بِهِ غير الْأَوْزَاعِيّ الحديث: 1510 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 372 1512 - فِي شَهَادَة السؤول قَالَ أَبُو جَعْفَر حَدثنَا أَبُو أَحْمد بن دَاوُد قَالَ حَدثنَا يَعْقُوب بن أَحْمد أَو غَيره من أَصْحَاب ابْن عُيَيْنَة عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة قَالَ شهد رجل عِنْد ابْن أبي ليلى فَرد شَهَادَته فَقلت مثل هَذَا فلَان وحاله كَذَا وَحَال ابْنه كَذَا ترد شَهَادَته قَالَ أَيْن يذهب بك إِنَّه فَقير فَهَذَا قد رد شَهَادَة الْفَقِير سَوَاء يسْأَل أَو لَا يسْأَل وَقَالَ مَالك لَا تجوز شَهَادَة السؤول فِي الشَّيْء الْكثير وَتجوز فِي الشَّيْء التافه الْيَسِير إِن كَانُوا عُدُولًا وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا احْتَاجَ إِلَى الْمَسْأَلَة لِأَنَّهُ مُنْقَطع بِهِ أَو لحقه غرم أَو جَائِحَة فَسَأَلَ لم ترد شَهَادَته وَمن سَأَلَ ضَرُورَة وَلَا معنى من هَذِه الْمعَانِي فَهَذَا يَأْخُذ مَا لَا يحل ويكذب بِذكر الْحَاجة فَترد شَهَادَته وَكَذَلِكَ إِن كَانَ غَنِيا فَقبل الصَّدَقَة الْمَفْرُوضَة لم تقبل شَهَادَته إِذا علم أَنَّهَا لَا تحل لَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَر الْفَقِير لَا يمْنَع جَوَاز الشَّهَادَة وَقَالَ الله تَعَالَى {للْفُقَرَاء الْمُهَاجِرين} ومستحيل أَن ترد شَهَادَتهم مَعَ مَا وَصفهم الله بِهِ وَمن حلت الْمَسْأَلَة فَسَأَلَ لم ترد شَهَادَته لِأَنَّهُ لم يات محضورا 1513 - فِي القَاضِي يجد الشُّهُود عبيدا فِي الزِّنَا قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا رجم بِشَهَادَة أَرْبَعَة وجاءهم نفر فزعموا أَنهم أَحْرَار مُسلمُونَ فَإِذا هم مجوس أَو عبيد فَإِن الدِّيَة على المزكين وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد على بَيت المَال وَإِن لم يزكهم أحد فَالدِّيَة على بَيت المَال فِي قَوْلهم وَفِي الْقصاص على الْمُقْتَص لَهُ الحديث: 1512 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 373 وَقَالَ مَالك فِي الْعَبْدَيْنِ الدِّيَة على عَاقِلَة الإِمَام وَإِن كَانَ أقل من الثَّلَاث فَفِي الإِمَام وَإِن كَانَ رجم فَإِن علم الشُّهُود فَعَلَيْهِم الدِّيَة ويحدون وَإِن لم يعلمُوا فَذَلِك خطأ من الإِمَام وعَلى عَاقِلَته الدِّيَة وَإِن كَانَ أحد الشُّهُود مسخوطا وَلَيْسَ بِعَبْد فَلَا شَيْء على أحد وَقَالَ الْحسن بن حَيّ خطأ الإِمَام على بَيت المَال وَرُوِيَ عَن مطرف عَن عمر بن سعيد قَالَ قَالَ عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام من ضَرَبْنَاهُ حدا فَمَاتَ فَلَا دبة لَهُ إِلَّا صَاحب الْخمر فَإِنَّهُ شَيْء نَحن فَعَلْنَاهُ وَرَوَاهُ أَبُو الْأَحْوَص عَن مطرف عَن رجل عَن عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام غير أَنه قَالَ فديته فِي بَيت المَال وَقَالَ اللَّيْث إِذا شهد رجلَانِ بِالسَّرقَةِ فَقطع ثمَّ وجد أَحدهمَا عبدا فَإِن العَبْد يكون مَقْطُوعَة يَده وَإِن كَانَ الْحر الَّذِي شهد مَعَه علم أَنه عبد فَعَلَيهِ نصف دِيَة يَده وَقَالَ الشَّافِعِي فِي خطأ الإِمَام فِي الْقصاص بِشَهَادَة عَبْدَيْنِ هُوَ على عَاقِلَة الْحَاكِم وَإِن علم أَنه لَيْسَ لَهُ أَن يشْهد فَعَلَيهِ الْقصاص 1514 - فِي صفة الْعدْل الَّذِي يحكم بِشَهَادَتِهِ بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف من سلم من الْفَوَاحِش الَّتِي تجب فِيهَا الْحُدُود وَمَا يشبه مَا يجب فِيهِ الْحَد من العظائم وَكَانَ يُؤَدِّي الْفَرَائِض وأخلاق الْبر فِيهِ أَكثر من الْمعاصِي قبلنَا شَهَادَته لِأَنَّهُ لَا يسلم عبد من ذَنْب وَإنَّهُ كَانَ الْمعاصِي أَكثر رددنا شَهَادَته وَلَا تقبل شَهَادَة من يلْعَب بالشطرنج ويقامر عَلَيْهَا وَلَا من يلْعَب بالحمام ويطيرها وَكَذَلِكَ من يكثر الْحلف بِالْكَذِبِ لَا تجوز شَهَادَة هَؤُلَاءِ الحديث: 1514 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 374 وَقَالَ الْمُزنِيّ وَالربيع عَن الشَّافِعِي إِنَّه إِذا كَانَ الْأَغْلَب على الرجل وَالْأَظْهَر من أمره الطَّاعَة والمروءة قبلت شَهَادَته وَإِن كَانَ الْأَغْلَب من أمره الْمعْصِيَة وَخلاف الْمُرُوءَة ردَّتْ شَهَادَته وَقَالَ مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم عَن الشَّافِعِي إِذا كَانَ أَكثر أمره الطَّاعَة وَلم يقدم على كَبِيرَة فَهُوَ عدل وَلم يشْتَرط الْمُرُوءَة قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْلُو ذكره الْمُرُوءَة فِي رِوَايَة الرّبيع والمزني أَن يكون فِيمَا يحل أَو يحرم فَإِن كَانَت فِيمَا لَا يحل فَلَا معنى لمراعاتها وَإِن كَانَت فِيمَا يحرم فَهِيَ من الْمعاصِي فَالْمُرَاد كَمَا ذكرنَا عَن أبي يُوسُف وَلَا معنى لذكر الْمُرُوءَة 1515 - فِيمَن أقرّ بعد الْخُصُومَة قَالَ أَصْحَابنَا وَسَائِر الْفُقَهَاء إِذا اخْتَصمَا إِلَى الْحَاكِم فَلم يقر الْمُدعى عَلَيْهِ ثمَّ قاما من عِنْد القَاضِي فَأقر وَقَامَت بَيِّنَة على إِقْرَاره لزمَه إِقْرَاره وَقَالَ ابْن أبي ليلى إِذا اخْتَصمَا وَلم يقر لم يَصح إِقْرَاره بعد قِيَامه من عِنْد القَاضِي وَلم يقل بذلك أحد غَيره 1516 - فِي الشَّاهِد يرى رجلا يَبِيع دَار غَيره فيسكت قَالَ أَصْحَابنَا وَسَائِر أهل الْعلم إِذا جَاءَ مَالِكهَا فادعاها فَشهد لَهُ من سكت عِنْد البيع جَازَت شَهَادَته وَقَالَ اللَّيْث إِذا لم يُخْبِرهُمْ الشَّاهِد بِشَهَادَتِهِ أَنَّهَا ملك الْغَيْر حَتَّى بيع لم تقبل شَهَادَته فِيهِ بعد ذَلِك وَلم يقل بِهِ أحد غَيره الحديث: 1515 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 375 1517 - فِيمَن لَا يَدعِي دَارا فِي يَدي رجل زَمَانا ثمَّ يدعيها ذكر عبد الله بن عبد الحكم عَن مَالك وَمن كَانَت فِي يَده دَار فجازها عشر سِنِين على حَاضر ينْسب إِلَيْهِ وَهُوَ مَعَه مُقيم لَا يَدعِي فِيهَا حَقًا ثمَّ ادَّعَاهَا فَلَا حق لَهُ وَلم يقل بذلك أحد غَيره بالتوقيت وَلَا بِغَيْر التَّوْقِيت إِلَّا مَا ذكرنَا عَن اللَّيْث 1518 - فِي حكم الْحَاكِم بعقود فِي الظَّاهِر هِيَ فِي الْبَاطِن خِلَافه قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا حكم الْحَاكِم بِبَيِّنَة بِفَسْخ عقد أَو عقد مِمَّا يَصح أَن يبتدأ فَهُوَ نَافِذ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالشَّافِعِيّ لَا يَقع وَقَالَ أَبُو يُوسُف فَإِن حكم بفرقة لم يحل للْمَرْأَة أَن تتَزَوَّج وَلَا يقربهَا زَوجهَا أَيْضا 1519 - فِيمَا تجوز فِيهِ الشَّهَادَة على خبر الاستفاضة قَالَ مُحَمَّد فِي إمْلَائِهِ قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا كَانَت الدَّار فِي يَدي رجل مَعْرُوف بِهِ ينْسب إِلَيْهِ وَيعرف بِهِ فتداولها نَاس بعده فجَاء بعض ورثته يطْلب الحديث: 1517 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 376 حَقه مِنْهَا وَقد سمع قوم بِمَوْتِهِ وبتركها مِيرَاثا لوَرثَته وَلم يعاينوه وَإِنَّمَا سمعُوا من الْعَامَّة لم يسعهم أَن يشْهدُوا على ذَلِك وَكَذَلِكَ الرَّقِيق وَالْأَمْوَال وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَكَذَلِكَ الْعتاق لَا يثبت عِنْد الشُّهُود بالْخبر عِنْد أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا جَاءَ من ذَلِك وَلَاء مَعْرُوف مَشْهُور جَازَت الشَّهَادَة بِهِ وَإِن لم يحضر الْمُعْتق وَالنّسب يشْهد بِهِ إِذا جَاءَ أَمر مَشْهُور فِي قَوْلهم جَمِيعًا وَكَذَلِكَ الْمَوْت يشْهد بِهِ ثمَّ خبر الاستفاضة أَو يُخبرهُ عدل أَنه حضر مَوته أَو جنَازَته وَالنِّكَاح أَيْضا يثبت بِأَمْر مَشْهُور وَذكر ابْن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد قَالَ قَالَ أَبُو حنيفَة لَا تجوز الشَّهَادَة بِالسَّمَاعِ إِلَّا على أَرْبَعَة أَشْيَاء الْمَوْت وَالنّسب وَالنِّكَاح وَالْقَاضِي يكون قَاضِيا بِمصْر فيراه الرجل وَيسمع النَّاس يَقُولُونَ ذَلِك فيسعه أَن يشْهد كِتَابه إِلَى قَاضِي مصر اخر وَقَالَ أَبُو يُوسُف أُجِيز الشَّهَادَة بِالسَّمَاعِ على الْعتْق فِي مثل مولى أبي جَعْفَر صَالح صَاحب الْمصلى وَإِن لم يشْهدُوا على عتق أبي جَعْفَر وَقَول مُحَمَّد كَقَوْل أبي حنيفَة وَقَالَ مَالك لَا تجوز الشَّهَادَة على ملك الدَّار بِالسَّمَاعِ على خمس سِنِين وَنَحْوهَا إِلَّا فِيمَا يكثر من السنين وَيطول من الزَّمَان فَإِذا كَانَ على مثل هَذَا فالشهادة فِيهِ جَائِزَة وَكَذَا الشِّرَاء وَهُوَ بِمَنْزِلَة سَماع الْوَلَاء قَالَ ابْن الْقَاسِم وَشَهَادَة السماع إِنَّمَا هِيَ فِيمَا أَتَت عَلَيْهِ أَرْبَعُونَ أَو خَمْسُونَ سنة وَقَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي الشَّهَادَة على ملك الدَّار وَالثَّوْب على تظاهر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 377 الْأَخْبَار بِأَنَّهُ ملك وَبِأَن لَا أرى منازعا فِي ذَلِك فَتثبت مَعْرفَته بِالْقَلْبِ وتشيع الشَّهَادَة عَلَيْهِ وعَلى النّسَب قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ فِي جَوَاز الشَّهَادَة بِالسَّمَاعِ فِي النِّكَاح وَأَنَّهَا لَا تجوز فِي الطَّلَاق فالعتق مثله 1520 - فِي شَهَادَة ولد الزِّنَا قَالَ مَالك تجوز شَهَادَة ولد الزِّنَا وَلَا تجوز فِي الزِّنَا وَمَا أشبهه وَلم يقل بِهِ غير مَالك روى عبد الْملك بن سعيد بن أبجر عَن إياد بن لَقِيط عَن أبي رمثة قَالَ أتيت مَعَ أبي إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ظَهره بثرة فَقَالَ أبي دَعْنِي أعالجها فَإِنِّي طَبِيب قَالَ أَنْت رَفِيق وَالله عز وَجل طَبِيب فَقَالَ من هَذَا فَقَالَ ابْني أشهد بِهِ فَقَالَ أما إِنَّه لَا يجني عَلَيْك وَلَا تجني عَلَيْهِ 1521 - فِي قبُول الدَّعْوَى قبل الْخلطَة قَالَ أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيّ كل من ادّعى حَقًا قبل غَيره وَلم تكن لَهُ بَيِّنَة اسْتحْلف الْمُدعى عَلَيْهِ فِي الْأَشْيَاء الَّتِي يَصح الِاسْتِحْلَاف فِيهَا وَقَالَ مَالك إِذا ادّعى العَبْد الْعتْق أَو الْمَرْأَة الطَّلَاق لم يسْتَحْلف الْمُدعى عَلَيْهِ حَتَّى يشْهد شاهدبالعتق الحديث: 1520 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 378 وروى مَالك عَن جميل بن عبد الرَّحْمَن أَن عمر بن عبد الْعَزِيز رَضِي الله عَنهُ إِذا كَانَ عَاملا على الْمَدِينَة لم يسْتَحْلف الْمُدعى عَلَيْهِ حَتَّى يكون بَينه وَبَين الْمُدَّعِي مُخَالطَة أَو مُلَابسَة قَالَ مَالك إِذا ادّعى غصبا وَإِن كَانَ لَا يتهم بذلك لم يسْتَحْلف ويؤدب الْمُدَّعِي وَإِن كَانَ مِمَّن يتهم بذلك نظر فِيهِ السُّلْطَان وأحلفه قَالَ ابْن الْقَاسِم وَلَا يسْتَحْلف الْمُدعى عَلَيْهِ الْقصاص وَلَا الضَّرْب بِالسَّوْطِ وَمَا أشبهه إِلَّا أَن يَأْتِي بِشَاهِد عدل فيستحلف لَهُ وَفِي الطَّلَاق إِذا جَاءَ بِشَاهِد عدل اسْتحْلف مَا طلق 1522 - فِي كَيْفيَّة الِاسْتِحْلَاف فِي الدَّعْوَى قَالَ أَصْحَابنَا وَابْن شبْرمَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ إِذا ورث مِيرَاثا فَادّعى رجل فِيهِ حَقًا فَإِن الْوَارِث يسْتَحْلف على الْعلم لَا يعلم لهَذَا فِيهِ حَقًا وَفِي البيع وَالْهِبَة وَنَحْوهَا يسْتَحْلف على الْبَيَان لِأَن الْمِيرَاث يدْخل فِي ملكه بِغَيْر قبُوله وَفِي البيع وَالْهِبَة لَا يملك إِلَّا بِالْقبُولِ وَقَالَ ابْن أبي ليلى الْيَمين فِي الشِّرَاء وَالْمِيرَاث وَالْهِبَة وَغير ذَلِك على الْعلم وَفِي حَدِيث الْقسَامَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يحلفُونَ مَا قتلنَا وَلَا عرفنَا الحديث: 1522 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 379 قَاتلا واستحلف عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فِي الْقسَامَة كَذَلِك وَذكر مُغيرَة عَن الشّعبِيّ عَن شُرَيْح أَنه كَانَ يسْتَحْلف الْوَارِث الْبَتَّةَ وَكَانَ إِبْرَاهِيم يسْتَحْلف على علمه 1523 - فِي الِاسْتِحْلَاف على الْعَيْب قَالَ أَصْحَابنَا لَا يسْتَحْلف البَائِع على الْعَيْب حَتَّى يعلم أَن الْعَيْب بالسلعة فَإِذا ثَبت الْعَيْب استحلفه بِاللَّه الْبَتَّةَ لقد بَاعه وَسلمهُ وَمَا بِهِ هَذَا الْعَيْب وَذَلِكَ سَوَاء فِي الْعُيُوب الْبَاطِنَة وَالظَّاهِرَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف فِي نَفسِي من الِاسْتِحْلَاف الْبَتَّةَ على الشَّيْء الْبَاطِن خَاصَّة وَقَالَ ابْن شبْرمَة وَابْن أبي ليلى يسْتَحْلف فِي الْعُيُوب على الْبَتَات فَيحلف فِي الْإِبَاق بِاللَّه مَا أبق قطّ وَقَالَ البتي يسْتَحْلف فِي الظَّاهِر على الْبَتَات وَفِي الْبَاطِن على الْعلم وَهُوَ قَول مَالك وَقَالَ الثَّوْريّ يحلف فِي الْإِبَاق على الْعلم وَقَالَ الشَّافِعِي يحلف على الْبَتَات فِي كل عيب 1524 - فِي الرَّد بِالْعَيْبِ قبل استحلاف المُشْتَرِي كَانَ أَبُو حنيفَة لَا يحلف المُشْتَرِي مَا رَضِي حَتَّى يَدعِي البَائِع ذَلِك الحديث: 1523 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 380 وَقَالَ أَبُو يُوسُف أحب إِلَيّ أَن أستحلفه وَإِن لم يَدعِي البَائِع رَوَاهُ بشر بن الْوَلِيد عَنهُ وَهُوَ قَول الْحسن بن صَالح وَشريك وَقَول مَالك مثل قَول أبي حنيفَة 1525 - فِي اخْتِلَاف الْمُتَبَايعين قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اخْتلفَا فِي الثّمن والسلعة قَائِمَة حلف كل وَاحِد على دَعْوَى صَاحبه وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ وَالْحسن بن حَيّ إِلَّا أَن الْحسن بن حَيّ قَالَ يَتَحَالَفَانِ أَيْضا إِذا كَانَت لَهما بَيِّنَة وَجعل الْبَيِّنَتَيْنِ متكافئتين وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وأصحابنا جعلُوا الْبَيِّنَة بَيِّنَة البَائِع وَقَالَ أَصْحَابنَا إِذا تحَالفا فسخ البيع إِلَّا أَن يرضى المُشْتَرِي أَخذه على مَا قَالَ البَائِع وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ مَالك يحلف كل وَاحِد مِنْهُمَا على دَعْوَى نَفسه لَا دَعْوَى صَاحبه وَقَالَ ابْن شبْرمَة إِذا اخْتلفَا فِي الثّمن فَالْقَوْل قَول المُشْتَرِي مَعَ يَمِينه إِلَّا أَن يُقيم البَائِع بَيِّنَة وَلم يُوجب التَّحَالُف وَقَالَ الثَّوْريّ يَتَحَالَفَانِ فَإِن نكلا أَو حلفا فسخ البيع وَقَالَ أَصْحَابنَا من نكل مِنْهُمَا لزمَه دَعْوَى صَاحبه 1526 - فِي الِاسْتِحْلَاف على الدعاوي قَالَ أَبُو يُوسُف يسْتَحْلف فِي دَعْوَى البَائِع مَا بَاعه فَإِن عرض فَقَالَ قد يَبِيع ثمَّ يفْسخ أَو يعود إِلَيْهِ بِملك ثَان استحلفه مَا بَيْنك وَبَينه بيع تَامّ قَائِم السَّاعَة فِيمَا ادّعى الحديث: 1525 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 381 وَقَالَ مُحَمَّد فِي نَوَادِر ابْن سَمَّاعَة مَا أحلفه مَا بِعْت وَلَكِن أحلفه مَا هَذِه الْأمة لَهُ شِرَاء بِكَذَا وَمَا لَهَا عَلَيْك كَذَا ثمن هَذَا العَبْد وَفِي الطَّلَاق مَا هَذِه الْمَرْأَة باينة مِنْك بِهَذِهِ التطليقات الثَّلَاث وَفِي الْعتْق مَا هَذِه حرَّة السَّاعَة بِهَذَا الْعتْق وَفِي العَبْد مَا عتقه إِذا كَانَ مُسلما لِأَنَّهُ لَا يرد عَلَيْهِ رق بعد عتق وَالْعَبْد الذِّمِّيّ مثل الْأمة وَمَالك لَا يحلف إِلَّا أَن يكون هُنَاكَ حَال أُخْرَى حَال دَالَّة على مَا ادّعى فَيحلف مَا طلق وَمَا بَاعَ وَالشَّافِعِيّ يحلف مثل قَول مُحَمَّد واستحلف عُثْمَان ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا فِي عيب بِاللَّه مَا بِعته وأعلمته وَلَا كتمته 1527 - فِي استحلاف الْمَرْأَة غير المبرزة قَالَ أَبُو حنيفَة لَا تقبل الْوكَالَة من الْمَرْأَة وَلَا من الرجل إِذا كَانَ حَاضرا صَحِيحا يُمكنهُ إتْيَان القَاضِي فَلَا بُد لَهَا من الْخُرُوج حَتَّى يحلف عِنْد القَاضِي وَأَبُو يُوسُف تقبل الْوكَالَة قَالَ أَبُو جَعْفَر وَقِيَاس قَوْله إِذا توجه عَلَيْهَا الحكم بِيَمِين أَن لَا يحضرها إِذا لم يكن من عَادَتهَا الْخُرُوج وَيبْعَث من يستحلفها مَعَ شَاهِدين يحْضرَانِ ذَلِك قَالَ مَالك إِذا كَانَ الدَّعْوَى فِي شَيْء لَهُ خطر قَالَ فَإِنَّهَا تخرج إِلَى الْمَسْجِد وَإِن كَانَت لَا تخرج أخرجت لَيْلًا فأحلفت وَإِن كَانَ الْحق شَيْئا يَسِيرا أحلفت فِي بَيتهَا إِذا كَانَت مِمَّن لَا تخرج وَأرْسل إِلَيْهَا القَاضِي من يستحلفها الحديث: 1527 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 382 1528 - فِي رد الْيَمين قَالَ أَصْحَابنَا لَا ترد الْيَمين على الْمُدَّعِي وَقَالَ ابْن أبي ليلى فِي رِوَايَة إِذا قَالَ الْمُدعى عَلَيْهِ أَنا أرد الْيَمين عَلَيْهِ رَددتهَا عَلَيْهِ إِذا كَانَ يتهم وَإِن لم يتهم لم أردهَا وَرُوِيَ عَنهُ أَنه يردهَا بِغَيْر تُهْمَة وَقَالَ مَالك إِذا نكل الْمُدعى عَلَيْهِ حلف الْمُدَّعِي وَإِن لم يَدعِي الْمَطْلُوب يَمِين الطَّالِب وَقَالَ الشَّافِعِي وَلَو رد الْمُدعى عَلَيْهِ الْيَمين فَقلت للْمُدَّعِي احْلِف فَقَالَ الْمُدعى عَلَيْهِ أَنا أَحْلف لم أجعَل ذَلِك لَهُ لِأَنِّي قد أبطلت أَن يحلف وَجعلت الْيَمين على صَاحبه وَلَا حجَّة لَهُم فِي حَدِيث الْقسَامَة لِأَن أَبَا سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن وَسليمَان بن يسَار رويا عَن أنَاس من الْأَنْصَار أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَدَأَ باليهود فَقَالَ يحلف مِنْهُم خَمْسُونَ رجلا فَأَبَوا فَقَالَ للْأَنْصَار استحقوا فَقَالُوا أنحلف على الْغَيْب وَقَوْلهمْ استحلفوا يجوز أَن تكون بَيِّنَة يقيمونها أَو يكون على معنى قد استحققهم عَلَيْهِ دِيَة صاحبيكما رَوَاهُ ابْن أبي ليلى عَن سهل بن أبي حثْمَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُم إِمَّا أَن يدوا صَاحبكُم وَإِمَّا أَن يؤذنوا بِحَرب فَأخْبر أَن الدِّيَة مُسْتَحقَّة بِوُجُود الْقَتْل وَأَن الْأَيْمَان لَا يبرئهم مِنْهُ الحديث: 1528 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 383 وَحَدِيث أبي سَلمَة وَسليمَان بن يسَار عَن الْأَنْصَار فَجعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دِيَته على الْيَهُود لِأَنَّهُ وجد بَين أظهرهم وَذَلِكَ خلاف مَا ذكر يحيى بن سعيد عَن بشير بن يسَار عَن سهل بن أبي حثْمَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ للْأَنْصَار أتحلفون وتستحقون دم صَاحبكُم 1529 - فِي الحكم بِالنّكُولِ قَالَ أَصْحَابنَا إِذا نكل عَن الْيَمين حكم عَلَيْهِ بِالْحَقِّ للْمُدَّعِي وَقَالَ مَالك إِذا نكل حبس حَتَّى يحلف وَقَالَ الشَّافِعِي يُقَال للْمُدَّعِي احْلِف وَاسْتحق وَقَالَ قوم من أهل مَكَّة يحبس حَتَّى يقر أَو يحلف وروى مَالك عَن يحيى بن سعيد عَن سَالم أَن ابْن عمر بَاعَ غُلَاما لَهُ بِالْبَرَاءَةِ فَقَالَ المُشْتَرِي بِهِ دَاء لم يسمعهُ فاختصما إِلَى عُثْمَان فَقضى أَن يحلف ابْن عمر بِأَنَّهُ لقد بَاعه وَمَا بِهِ دَاء يُعلمهُ فَأبى عبد الله بن عمر أَن يحلف وارتجع العَبْد وَرَوَاهُ ابْن الْمُبَارك عَن يحيى بن سعيد بِإِسْنَادِهِ وَقَالَ فِيهِ فَأبى أَن يحلف فَرد إِلَيْهِ الْغُلَام وَكَذَلِكَ رَوَاهُ يزِيد بن هَارُون وَعباد بن الْعَوام وَيحيى بن سعيد روى أَبُو نعيم عَن إِسْمَاعِيل بن عبد الْملك الْأَسدي عَن أبي مليكَة أَنه كتب إِلَى ابْن عَبَّاس فِي امْرَأتَيْنِ ادَّعَت إِحْدَاهمَا على صاحبتها أَنَّهَا أَصَابَت يَدهَا الحديث: 1529 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 384 بإشفى وَأنْكرت فَكتب إِلَيْهِ ابْن عَبَّاس أَن ادعها واقرأ عَلَيْهَا {إِن الَّذين يشْتَرونَ بِعَهْد الله وَأَيْمَانهمْ ثمنا قَلِيلا} الْآيَة فَإِن حَلَفت فَخَل عَنْهَا وَإِن لم تحلف فضمنها فَهَذَا عُثْمَان وَابْن عَبَّاس وَابْن عمر رَضِي الله عَنْهُم قد رَأَوْا الحكم بِالنّكُولِ لَيْسَ عَن أحد من الصَّحَابَة خِلَافه 1530 - فِي النّكُول فِي الْجِنَايَات قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا نكل عَن الْعَهْد فِيمَا دون النَّفس اقْتصّ مِنْهُ وَفِي النَّفس يحبس حَتَّى يقر أَو يحلف وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يقْضِي فِي الْجَمِيع بِالْأَرْشِ وَحَكَاهُ ابْن أبي عمرَان عَن مُحَمَّد بن شُجَاع عَن الْحسن بن زِيَاد عَن زفر أَنه يقْتَصّ بِالنّكُولِ من النَّفس وَمَا دونهَا وَقَالَ مَالك إِذا ادّعى قطع يَده وَأقَام شَاهدا اسْتحْلف مَعَ شَاهده وتقطع يَد الْقَاطِع وَإِن نكل الْمَقْطُوع يَده عَن الْيَمين اسْتحْلف الْقَاطِع فَإِن حلف وَإِلَّا حبس حَتَّى يحلف وَإِن ادّعى قتل عمد وَأقَام شَاهدا عدلا أقيم هُوَ وَبَعض عصبَة الْمَقْتُول خمسين يَمِينا وَيقتل وَقَالَ الْحسن بن حَيّ فِي الْقَتْل يُوجد فِي الْقَوْم فَادّعى عَلَيْهِمَا الْوَلِيّ أَنهم قتلة صَاحبه اسْتحْلف خمسين مِنْهُم مَا قتلت وَلَا علمت قَاتلا فَإِن أَبَوا أَن يقسموا قتلوا لِأَن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ حقنتم دماءكم بأيمانكم وَإِن الحديث: 1530 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 385 حلفوا كَانَت عَلَيْهِم الدِّيَة وَإِن ادّعى الْوَلِيّ على رَهْط من أهل قَبيلَة كَثُرُوا أَو قلوا بطلت الْقسَامَة وَصَارَت دَعْوَى وَقَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي والأيمان فِي الدِّمَاء مُخَالفَة لغَيْرهَا لَا يبرأ مِنْهَا إِلَّا بِخَمْسِينَ يَمِينا وَسَوَاء فِي هَذَا النَّفس دِيَة أَو الْجرْح نَقْتُلهُ ونقصه مِنْهُ بِنُكُولِهِ وَيَمِين صَاحبه 1531 - من الْقَضَاء على الْغَائِب قَالَ أَصْحَابنَا وَابْن شبْرمَة لَا تسمع بَيِّنَة على غَائِب إِذا لم يكن الْخصم حَاضرا وَرُوِيَ عَن أبي يُوسُف إِذا حضر للطَّالِب شَاهِدَانِ فَلم يحضر الْمَطْلُوب وَلم يُؤْكَل قبلت الْبَيِّنَة وأنفذت عَلَيْهِ الْقَضَاء وَكَذَلِكَ إِن كَانَ حَاضرا فتغيب فَإِنِّي أبْعث من يُنَادي على بَابه ثَلَاثَة أَيَّام فَإِن لم يحضر قبلت الْبَيِّنَة وأنفذت الْقَضَاء قَالَ ابْن أبي عمرَان وَكَانَ أَبُو يُوسُف يَقُول إِنَّه إِذا لم يحضر بعد النداء أَقَامَ عَنهُ وَكيلا يسمع الْبَيِّنَة عَلَيْهِ وَقَالَ مَالك يقْضِي على غَائِب فِي الدّين وَلَا يقْضى فِي الْعقار إِلَّا أَن يكون غيبَة الْمُدعى عَلَيْهِ طَوِيلَة وَقَالَ إِذا غَابَ بَعْدَمَا توجه عَلَيْهِ الْقَضَاء قضى عَلَيْهِ وألزمه وَقَالَ اللَّيْث لَا يعجل فِي الْأَعْيَان لِأَنَّهُ لَا يَأْمَن أَن يكون وَقفا وَفِي سَائِر الحديث: 1531 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 386 الْأَمْوَال يقْضى على غَائِب بعد أَن يُعْطي حميلا ثِقَة لِأَنَّهُ لَا يَأْمَن أَن يكون الْمَطْلُوب قد برِئ من الدّين وَقَالَ الشَّافِعِي يقْضى على الْغَائِب فِي كل شَيْء قَالَ أَبُو جَعْفَر لم يَخْتَلِفُوا أَنه لَو كَانَ حَاضرا لم نسْمع بَيِّنَة الْمُدَّعِي حَتَّى يسْأَل الْمُدعى عَلَيْهِ فَإِذا كَانَ غَائِبا فأحرى أَن لَا تسمع 1532 - فِي جلب الْمُدعى عَلَيْهِ أَو الْبَيِّنَة كَانَ عِيسَى بن أبان وَإِسْمَاعِيل بن حَمَّاد يجلبان بِالْبَيِّنَةِ يشْهد عِنْدهمَا للْمُدَّعِي لشخص الْمُدعى عَلَيْهِ بِمَا شهِدت بِهِ عادلة كَانَت أَو غير عادلة وَقَالَ بكار بن قُتَيْبَة لَا يجلبه لَكِن يكْتب إِلَى خَلِيفَته فِي النَّاحِيَة فيذكر الدَّعْوَى وَيجمع بَين الْمُدَّعِي عَلَيْهِ وَالْمُدَّعِي وَيسمع من الْبَيِّنَة وَيسْأل عَن الْبَيِّنَة فَإِن خرج إِلَيْهِ من حَقه وَإِلَّا توليت النّظر بَينهمَا وأشخصت الْمُدعى عَلَيْهِ وَلَا تشخص الْبَيِّنَة عَلَيْهِ بِغَيْر محْضر قَالَ وَقَالَ إِسْمَاعِيل بن حَمَّاد لَا أسأَل عَن شَاهِدي الجلب وَقَالَ ابْن سَمَّاعَة أسأَل عَن شَاهِدي الجلب وَلَا أشخص أحدا بِغَيْر بَيِّنَة غير عادلة لِأَنَّهُ يلْزمه مُؤنَة فِي الشخوص وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَعَاني قَول مَالك إِنَّه إِن كَانَ الْمُدعى عَلَيْهِ غَائِبا إِلَّا مثل مَا يُسَافر النَّاس فِيهِ ويقدمون ليثبت إِلَى وَالِي الْموضع فِي أَخذ الْمُدعى عَلَيْهِ إِلَى مثل مَا يُسَافر النَّاس فِيهِ بالاستحلاف أَو الْقدوم للخصومة فِي الدَّار الَّتِي فِي يَده وَإِن كَانَت غيبَة بعيدَة سمع من بَيِّنَة الْمُدَّعِي وَقضى لَهُ وَقَالَ اللَّيْث لَا يجلب الْمُدعى عَلَيْهِ حَتَّى تشهد بِبَيِّنَة على الْحق وَقِيَاس قَول الشَّافِعِي إِنَّه يجلب بِدَعْوَى الْمُدَّعِي قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلَيْسَ عِنْد أَصْحَابنَا الْمُتَقَدِّمين فِيهِ شَيْء وَالْقِيَاس أَن لَا يجلب بِبَيِّنَة وَلَا غير بَيِّنَة الحديث: 1532 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 387 1533 - فِي كتاب القَاضِي فِي مصر وَاحِد قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك إِذا كَانَ فِي الْمصر قاضيان قبل كتاب أَحدهمَا إِلَى الآخر بِحَق لرجل وَقَالَ مَالك يجوز كتاب أَمِير الصَّلَاة أَيْضا إِلَى القَاضِي فِي مصر لِأَنَّهُ يجوز حكمه وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يقبل كتاب أحد القاضيين فِي الْمصر إِلَى الآخر بِبَيِّنَة شهِدت عِنْده وَيحْتَاج أَن يُعِيد تِلْكَ الْبَيِّنَة عِنْد هَذَا بِالْحَقِّ إِنَّمَا يقبل ذَلِك فِي الْبلدَانِ الثَّانِيَة 1534 - فِي كتاب القَاضِي إِلَى القَاضِي قَالَ أَصْحَابنَا يجوز كتاب القَاضِي إِلَى القَاضِي فِي كل شَيْء إِلَّا فِي الْحُدُود وَالْقصاص وَيحْتَاج أَن يشْهد الشُّهُود على مَا فِي الْكتاب وَلَا يجوز كتاب القَاضِي فِي عبد أَو أمة محلى أَو مَوْصُوف وَقَالَ أَبُو يُوسُف فِي العَبْد يخْتم فِي عُنُقه وَيُؤْخَذ مِنْهُ كَفِيل ثمَّ يبْعَث بِهِ إِلَى القَاضِي الَّذِي كتب حَتَّى يشْهدُوا عِنْده على غيبه ثمَّ يكْتب لَهُ كتابا آخر على ذَلِك فيبرئ كفيله وَلَا يجوز ذَلِك فِي الْأمة قَالَ أَبُو حنيفَة لَا يقبل كتاب القَاضِي حى يشْهدُوا على مَا فِي جَوْفه فَإِن لم يكن فِي دَاخله اسْم القَاضِي الْكَاتِب والمكتوب إِلَيْهِ لم يقبله وَكَذَلِكَ إِن لم يكن فِيهِ أسما آبائهما فَإِن كَانَ فِيهِ أسماؤهما وَأَسْمَاء آبائهما قبله وَإِن كَانَ فِيهِ من ابْن فلَان إِلَى فلَان لم يقبل وَإِن كَانَ مَشْهُورا مثل ابْن أبي ليلى وَابْن شبْرمَة الحديث: 1533 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 388 وَقَالَ الْحسن عَن أبي حنيفَة وَزفر إِن انْكَسَرَ الْخَتْم لم يقبله وَقَالَ أَبُو يُوسُف يقبل إِذا شهِدت بِهِ البنية وَقَالَ إِذا قَامَ على دَابَّة بَيِّنَة وَهِي فِي يَد رجل أَنَّهَا دَابَّته وَقَالَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ اشْتَرَيْتهَا بِبَعْض الْبلدَانِ فَإِنَّهُ يُؤمر الَّذِي كَانَت الدَّابَّة وَيخْتم فِي عُنُقهَا وَيكْتب إِلَى قَاضِي ذَلِك الْبَلَد أَي قد حكمت بِهَذِهِ الدَّابَّة فِي يَده أَن يخرج قيمتهَا فَيُوضَع على يَدي عدل ويمكنه القَاضِي من الدَّابَّة لفُلَان فاستخرج مَاله من بَائِعه فَإِن هَلَكت الدَّابَّة فَهِيَ من مَال الذَّاهِب وَيدْفَع الْقيمَة إِلَى مُسْتَحقّ الدَّابَّة وَإِن كَانَت جَارِيَة وَالَّذِي بِيَدِهِ أَمِين كَانَت مثل الدَّابَّة وَإِن كَانَ غير مَأْمُون عَلَيْهَا فَعَلَيهِ أَن يسْتَأْجر أَمينا يذهب وَيكون مَعَه وَإِلَّا لم يدْفع إِلَيْهِ ويروى عَن اللَّيْث نَحْو ذَلِك وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يقبل كتاب القَاضِي إِلَّا بعدلين يَشْهَدَانِ على مَا فِيهِ وَإِن لم يكْتب اسْمه وَاسم الْمَكْتُوب إِلَيْهِ بعد أَن يشْهدُوا أَنه كتاب القَاضِي إِلَى هَذَا وَلَا يضرّهُ أَن ينكسر الْخَتْم قَالَ أَبُو جَعْفَر كتب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الرّوم كتابا فَأَرَادَ أَن يَبْعَثهُ غير مختوم حَتَّى قيل لَهُ إِنَّهُم لَا يقرءونه إِلَّا أَن يكون مَخْتُومًا فَاتخذ الْخَاتم من أجل ذَلِك فَدلَّ على أَن كتاب القَاضِي حجَّة وَإِن لم يكن مَخْتُومًا 1435 - فِي موت القَاضِي قَالَ أَصْحَابنَا إِذا مَاتَ القَاضِي الْكَاتِب أَو عزل قبل وُصُول كِتَابه إِلَى الآخر لم يجزه الآخر وَإِن مَاتَ الآخر وَولى آخر لم يجزه الثَّانِي لِأَنَّهُ إِلَى غَيره الجزء: 3 ¦ الصفحة: 389 وَقَالَ مَالك إِذا مَاتَ الْكَاتِب أَو الْمَكْتُوب إِلَيْهِ وَولى غَيره أجَازه الثَّانِي وَهُوَ قَول سوار وَعبيد الله بن الْحسن وَقَالَ الشَّافِعِي إِن مَاتَ الْكَاتِب أَو عزل لم يمْنَع ذَلِك قبُوله قَالَ أَبُو جَعْفَر كتاب القَاضِي لَيْسَ بِحكم مِنْهُ وَإِنَّمَا هُوَ إِخْبَار كَالشَّهَادَةِ فَلَو شهد شُهُود بِحَق ثمَّ مَاتَ القَاضِي وَولى آخر لم ينفذ تللك الشَّهَادَة حَتَّى يُعَاد وَكَذَلِكَ إِذا مَاتَ الْمَكْتُوب إِلَيْهِ وَولى غَيره وَلما لم يكن لغير الْمَكْتُوب إِلَيْهِ فِي حَيَاة الْمَكْتُوب إِلَيْهِ أَن ينفذ كتاب القَاضِي إِلَى غَيره كَذَلِك بعد مَوته 1536 - فِي الحكم بَين أهل الذِّمَّة قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد هم مخلون وأحكامهم فِي المناكحات مالم يختصموا إِلَيْنَا فَإِن رَضِي الزَّوْجَانِ بحكمنا حكمنَا بَينهمَا بِحكم الْإِسْلَام وَإِن رَضِي أَحدهمَا وَأبي الآخر لم يحكم حَتَّى يرضيا فِي قَول أبي حنيفَة وَقَالَ مُحَمَّد يحكم بَينهمَا إِذا رَضِي أَحدهمَا فَإِن تراضوا بحكمنا حملناهم على حكم الْإِسْلَام إِلَّا فِي النِّكَاح فِي الْعدة بِغَيْر شُهُود وَقَالَ مُحَمَّد يفْسخ النِّكَاح فِي الْعدة وَلَا يفسخه بِغَيْر شُهُود وَقَالَ أَبُو يُوسُف يحكمون على حكم الْإِسْلَام رَضوا أَو لم يرْضوا إِلَّا فِي النِّكَاح بِغَيْر شُهُود فَإِنَّهُم يقرونَ عَلَيْهِ وَأما فِي سَائِر الْعُقُود فمحمولون على حكم الْإِسْلَام إِذا خَاصم أَحدهمَا إِلَّا بيع الْخمر وَالْخِنْزِير فِيمَا بَينهم فَيجوز وَقَالَ أَصْحَابنَا طَلَاق الذِّمِّيّ وَاقع فِي النِّكَاح الَّذِي يَصح مثله بَين الْمُسلمين فَإِن طلق امْرَأَته ثَلَاثًا منع الْمقَام مَعهَا وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك فِي طَلَاق الْمُشْركين نِسَاءَهُمْ يتناكحون وَلَا بعد الحديث: 1536 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 390 طلاقهم شَيْئا لِأَن الله تَعَالَى قَالَ {قل للَّذين كفرُوا إِن ينْتَهوا يغْفر لَهُم مَا قد سلف} وَذكر ابْن الْقَاسِم عَن مَالك يحمل أهل الذِّمَّة فِي الْبياعَات على حكم الْإِسْلَام إِلَّا فِي الزِّنَا فَإِنَّهُ لَا يحكم بِهِ فِيمَا بَينهم وَفِي السّلم لَا يعرض لَهُم فَإِن ترافعوا كَانَ مُخَيّرا إِن شَاءَ حكم وَإِن شَاءَ ترك فَإِن حكم بَينهم حكم بِحكم الْإِسْلَام وَإِنَّمَا حكم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالرَّجمِ على الْيَهُودِيّ لِأَنَّهُ لم يكن لَهُ ذمَّة يَوْمئِذٍ وَقَالَ مَالك الذِّمِّيّ إِذا سرق قطع وَكَذَلِكَ إِذا قتل أَو قطع يَد ذمِّي اقْتصّ مِنْهُ وَإِذا زنى لم يحد وَيرد إِلَى أهل دينه فَإِن أعلن ذَلِك عزره الإِمَام قَالَ مَالك وَإِذا تظالم أهل الذِّمَّة فِي مواريثهم لم يعرض لَهُم وَلَا أحكم بَينهم فِيمَا يحكم دينهم وَإِن تظالموا وَلَكِن إِن رَضوا بحكمنا حكم بَينهم بحكمنا وَإِذا طلق الذِّمِّيّ امْرَأَته ثَلَاثًا فَرَفَعته إِلَى الإِمَام لم يعرض لَهما حَتَّى يرضيا جَمِيعًا بحكمنا فَإِن رَضِيا فَالْقَاضِي مُخَيّر إِن شَاءَ حكم وَإِن شَاءَ ترك وَإِن حكم حكم بِحكم الْإِسْلَام وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا خَاصم أحد الذميين إِلَى الإِمَام حكم بَينهم بِكِتَاب الله وَلَا يرد إِلَى أهل دينه وَذَلِكَ فِي الْأَمْوَال والفروج وَالنِّكَاح وَالطَّلَاق قَالَ وَقَوله {فَإِن جاؤوك فاحكم بَينهم} مَنْسُوخ بقوله {وَأَن احكم بَينهم بِمَا أنزل الله} قَالَ وَإِن زنى حد إِذا بلغه ذَلِك وَيَقَع طَلَاقه وَقَالَ اللَّيْث فِي قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا كَانَ من قسم الْجَاهِلِيَّة فَهُوَ على قسم الْجَاهِلِيَّة وَمَا كَانَ من قسم أدْركهُ الْإِسْلَام فَهُوَ على قسم الْإِسْلَام إِن هَذَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 391 حكم ثَابت لَو هلك نَصْرَانِيّ فاقتسموا على دينهم ثمَّ أَسْلمُوا لم يبطلوا قسمتهم وَلَو لم يقتسموا حَتَّى أَسْلمُوا قسم على مَوَارِيث الْمُسلمين وَإِن أسلم بَعضهم وَلم يسلم بَعضهم فَهُوَ على قسم الْجَاهِلِيَّة وَقَالَ الشَّافِعِي لَا أحكم على الْحَرْبِيين حَتَّى يجتمعا على الرضى وَأحكم على الذميين إِذا خَاصم أَحدهمَا وَلَا خِيَار للْإِمَام وَقَالَ فِي مَوضِع اخر هُوَ مُخَيّر قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ الله عز وَجل {فَإِن جاؤوك فاحكم بَينهم أَو أعرض عَنْهُم} وَكَانَ ظَاهره أَلا يحكم إِلَّا بعد الْمَجِيء وَجعله مُخَيّرا فَاحْتمل أَن يكون التَّخْيِير مَنْسُوخا بقوله تَعَالَى {وَأَن احكم بَينهم بِمَا أنزل الله} وروى ابْن عَبَّاس أَنه نزل فِي شَأْن بني النَّضِير وَقُرَيْظَة كَانَ بَنو النَّضِير إِذا قتلوا من قُرَيْظَة أَدّوا نصف الدِّيَة وَإِذا قتل قُرَيْظَة من النَّضِير أَدّوا الدِّيَة فَأنْزل الله تَعَالَى {فاحكم بَينهم أَو أعرض عَنْهُم} فسوى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَينهم فِي الدِّيَة وَقَالَ جَابر نزل فِي شَأْن الْيَهُودِيّ الَّذِي زنى وروى مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس أَن قَوْله تَعَالَى {فَإِن جاؤوك فاحكم بَينهم أَو أعرض عَنْهُم} كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُخَيّرا إِن شَاءَ حكم وَإِن شَاءَ ردهم إِلَى أحكامهم قَالَ نزلت {وَأَن احكم بَينهم بِمَا أنزل الله وَلَا تتبع أهواءهم} قَالَ فَأمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يحكم بَينهم على كتَابنَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 392 وروى الْفراء قصَّة الْيَهُودِيّ الَّذِي زنى أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَنا أول من أَحْيَا مَا أماتوه من أَمر الله حِين رجمه وأبطل الْجلد وَالتَّحْمِيم فَدلَّ على أَنه قد كَانَ عَلَيْهِ إحْيَاء حكم الله فيهم وَإِن أماتوه وَأَنه لم يكن لَهُم دفع ذَلِك عَن أنفسهم لِأَنَّهُ لَو كَانَ لَهُم لما رجمه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا شَأْن هَذَا قَالُوا زنى فرجمه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد أَن سَأَلَهُمْ مَا تَجِدُونَ حد الزَّانِي من كتابكُمْ فَإِذا كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد أَقَامَ حد الله وَلَيْسَ لَهُم ذمَّة فَإِن صَار لَهُم ذمَّة فَهُوَ أَحْرَى أَن يُقَام عَلَيْهِم فَبَطل قَول مَالك وَقد قَالَ مَالك إِن الإِمَام لَو أَقَامَ الْحَد على أهل الذِّمَّة لم يكن معتديا فَدلَّ على أَن الذِّمَّة لم ترفع الْحَد عَنهُ قَالَ أَبُو جَعْفَر وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِن قَوْله {وَأَن احكم بَينهم بِمَا أنزل الله} إِنَّمَا نسخ التَّخْيِير الَّذِي فِي قَوْله {فَإِن جاؤوك فاحكم بَينهم أَو أعرض عَنْهُم} وَإِنَّمَا شَرط الْمَجِيء فقائم قَالَ أَبُو جَعْفَر هَذَا فَاسد لِأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَدِيث الْبَراء قد حكم ورد الْيَهُود عَمَّا فَعَلُوهُ وَحَملهمْ على حكم الله من غير أَن يتراضوا بِهِ 1537 - مَتى يحبس الْمَدِين قَالَ أَصْحَابنَا إِذا ثَبت عَلَيْهِ شَيْء من الدُّيُون من أَي وَجه ثَبت فَإِنَّهُ يحبس شَهْرَيْن أَو ثَلَاثَة ثمَّ يسْأَل عَنهُ فَإِن كَانَ مُوسِرًا حبس أبدا حَتَّى يَقْضِيه وَإِن كَانَ مُعسرا خلى سَبيله الحديث: 1537 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 393 وَسمعت ابْن أبي عمرَان يَقُول كَانَ متأخري أَصْحَابنَا مِنْهُم مُحَمَّد بن شُجَاع يَقُولُونَ كل دين كَانَ أَصله من مَال وَقع فِي يَدي الْمَدِين كأثمان الْبياعَات وَالْعرُوض وَنَحْوهَا حَبسه وَمَا لم يكن أَصله من مَال وَقع فِي يَده مثل الْمهْر وَالْخلْع والصلع من دم الْعمد وَنَحْوه لم يحْبسهُ حَتَّى يثبت وجوده وملأه وَقَالَ ابْن أبي ليلى فِي الدُّيُون يحْبسهُ إِذا أخبر أَن عِنْده مَالا وَقَالَ مَالك لَا يحبس الْحر وَالْعَبْد فِي الدّين وَلَا يستبرأ أمره فَإِن اتهمَ قد خبأ مَالا أَو عينه حَبسه وَإِن لم يجد لَهُ شَيْئا لم يحْبسهُ وخلاه وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا كَانَ مُوسِرًا حبس وَإِن كَانَ مُعسرا لم يحبس وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا ثَبت عَلَيْهِ دين بيع مَا ظهر لَهُ وَدفع وَلم يحبس وَإِن لم يظْهر حبس وَبيع مَا قدر عَلَيْهِ من مَاله فَإِن ذكر عسرة قبلت مِنْهُ الْبَيِّنَة لقَوْل الله تَعَالَى {وَإِن كَانَ ذُو عسرة فنظرة إِلَى ميسرَة} وأحلفه مَعَ ذَلِك بِاللَّه وأخليه وَأَمْنَع غرماءه فِي من لُزُومه قَالَ أَبُو جَعْفَر الصَّحِيح وجوب حَبسه سَوَاء كَانَ الدّين من أصل مَال أَو غير مَال فَإِن قيل إِذا كَانَ عَن أصل مَال فقد علم يسَاره حبس وَإِذا كَانَ من غير أصل فَلم يعلم فَلَا يحبس لِأَن الْحَبْس عُقُوبَة وَلَا يُعَاقب من لم يثبت ظلمه قيل لَهُ قد تعدى القَاضِي عَلَيْهِ بِنَفس الدَّعْوَى ويحضره ويحول بَينه وَبَين تصرفه وأشغاله قبل أَن يثبت الْحق عَلَيْهِ وَمِمَّا قد ثَبت من الدّين أولى أَن يحبس بِهِ وَلَا يَخْتَلِفُونَ أَنه لَهُ لُزُومه مِقْدَار مجْلِس القَاضِي واللزوم عُقُوبَة وَقد أثبتوه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 394 1538 - فِي الْمَدِين هَل يُؤَاجر قَالَ اللَّيْث يُؤَاجر الْحر الْمُعسر فَيَقْضِي دينه من أجرته وَلم يُوَافقهُ على هَذَا القَوْل أحد إِلَّا الزُّهْرِيّ فَإِن اللَّيْث روى عَن يُونُس عَن الزُّهْرِيّ أَنه يُؤَاجر الْحر الْمُعسر بِمَا عَلَيْهِ من الدّين حَتَّى يقْضى عَنهُ وَقَالَ الله تَعَالَى {وَإِن كَانَ ذُو عسرة فنظرة إِلَى ميسرَة} وروى بكير بن الْأَشَج عَن عِيَاض بن عبد الله عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ أُصِيب رجل فِي ثمار ابتاعها فَكثر دينه فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خُذُوا مَا وجدْتُم وَلَيْسَ لكم إِلَّا ذَلِك 1539 - فِي الْحجر للدّين أَبُو حنيفَة لَا يرى الْحجر فِي ذَلِك وَقَالَ ابْن أبي ليلى إِذا فلسه الْحَاكِم لم يجز بَيْعه وَلَا عتقه وَلَا صدقته وَيبِيع القَاضِي مَاله ويقضيه الْغُرَمَاء وَقَالَ مُحَمَّد فِي نَوَادِر ابْن سَمَّاعَة قَالَ أهل الْمَدِينَة إِذا كَانَ عَلَيْهِ دين لم يجز إِقْرَاره حَتَّى يقْضِي مَا عَلَيْهِ وَلَا عتقه وَلَا شَيْء يتْلف بِهِ مَاله حَتَّى يقْضِي مَا عَلَيْهِ قَالَ مُحَمَّد وَقَالَ الْقَاسِم بن معن إِذا أقرّ بدين فحبسه لَهُ حجر عَلَيْهِ وَلَا يجوز إِقْرَاره حَتَّى يقْضِي الدّين الأول وَقَالَ شريك مثل قَوْله وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن يجوز إِقْرَاره وَبيعه وَجَمِيع مَا صنع فِي مَاله حَتَّى يحْجر القَاضِي عَلَيْهِ وَيبْطل إِقْرَاره بعد حَبسه إِيَّاه بِالدّينِ وَقيل التَّفْلِيس يجوز الحديث: 1538 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 395 فِي إِقْرَاره وَإِن كَانَ عَلَيْهِ دين وَإِذا أَقَامَ غرماؤه عَلَيْهِ على وَجه التَّفْلِيس فَهُوَ حجر أَيْضا وَقَالَ الثَّوْريّ وَابْن حَيّ إِذا حَبسه القَاضِي فِي الدّين لم يكن مَحْجُورا عَلَيْهِ حَتَّى يفلسه فَيَقُول لَا أُجِيز لَك أمرا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا كَانَ عَلَيْهِ دين لم يجز صدقته وَهُوَ قَول اللَّيْث وَقَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي إِذا رفع الَّذِي يسْتَحق التَّفْلِيس إِلَى القَاضِي أشهد أَنه قد أوقف مَاله فَإِذا فعل لم يجز بَيْعه وَلَا هِبته وَمَا فعل من ذَلِك فَعَلَيهِ قَولَانِ أَحدهمَا أَنه مَوْقُوف فَإِن فعل جَازَ وَالْآخر أَنه بَاطِل قَالَ أَبُو جَعْفَر قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لغرماء الْمَدِين فِي الدّين خُذُوا مَا وجدْتُم لَيْسَ لكم إِلَّا ذَلِك من غير مَسْأَلَة عَن تقدم بَعْضهَا على بعض دَلِيل على أَن الأول وَالثَّانِي سَوَاء وَلما لم يسألهم عَن جِهَات الدُّيُون علمنَا أَن جَمِيعهَا سَوَاء فَبَطل بذلك قَول الْأَوْزَاعِيّ وَمن قَالَ أَن الدّين يُوجب الْحجر وَإِذا ثَبت وجوب الدّين لَا يُوجب الْحجر وَجب أَن يكون حَبسه بِهِ لَا يُوجِبهُ لِأَن الْحَبْس إِنَّمَا يكون بِوَاجِب قبله وَبَطل بذلك أَيْضا قَول مُحَمَّد إِن للْقَاضِي أَن يحْجر عَلَيْهِ لِأَن الدّين بِعَيْنِه إِذا لم يُوجب حجرا لم يجب أَيْضا بِحجر القَاضِي 1540 - فِي البيع على الْمَدِين قَالَ أَبُو حنيفَة لَا يُبَاع على الْمَدِين شَيْء من مَال وَيحبس حَتَّى يَبِيع هُوَ إِلَّا الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير فَإِنَّهُ يُبَاع عَلَيْهِ بِالدّينِ بَعْضهَا بِبَعْض الحديث: 1540 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 396 وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَمَالك وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ يُبَاع كل شَيْء 1541 - فِي الَّذِي يفلس وَقد اشْترى سلْعَة قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَابْن شبْرمَة فَمن اشْترى سلْعَة وَقَبضهَا ثمَّ أفلس أَو مَاتَ وَعَلِيهِ دُيُون فالبائع أُسْوَة الْغُرَمَاء وَلَا سَبِيل لَهُ على السّلْعَة سَوَاء قبض من ثمنهَا شَيْئا أَو لم يقبض من ثمنهَا شَيْئا وَقَالَ مَالك إِن مَاتَ المُشْتَرِي فالبائع أُسْوَة الْغُرَمَاء فِيهَا وَإِن أفلس فالبائع أَحَق بالسلعة وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِن مَاتَ المُشْتَرِي فَهِيَ للْبَائِع دون الْغُرَمَاء إِذا لم يكن قبض من ثمنهَا شَيْئا وَقَالَ اللَّيْث البَائِع أَحَق بهَا إِذا أفلس وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن فِي التَّفْلِيس وَالْمَوْت البَائِع أَحَق وَهُوَ قَول الشَّافِعِي قَالَ أَبُو جَعْفَر روى يزِيد بن هَارُون وَمَالك عَن يحيى بن سعيد عَن أبي بكر مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم عَن عمر بن عبد الْعَزِيز عَن أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَيّمَا رجل أفلس فَأدْرك رجل مَاله بِعَيْنِه فَهُوَ أَحَق بِهِ من غَيره وروى قَتَادَة عَن النَّضر بن أنس عَن بشير بن نهيك أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الحديث: 1541 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 397 قَالَ فِي الرجل إِذا أفلس فَوجدَ رجل مَتَاعه بِعَيْنِه فَهُوَ أَحَق بِهِ وَلَا دَلِيل فِي ذَلِك على مَا قَالُوا لِأَنَّهُ قَالَ وجد عين مَاله وَمَا اخْتلفَا فِيهِ هُوَ مَال المُشْتَرِي وَذَلِكَ فِي الودائع والغصوب فَإِن قيل تبطل فَائِدَته قيل لَهُ لَيْسَ كَذَلِك لِأَنَّهُ أفادنا أَن بَقَاءَهُ فِي يَد من هُوَ فِي يَده لَا يبطل حق الْمَالِك وأبطل بِهِ مَا قَالَ مَالك فِيمَن ادّعى دَارا قد أجازها الْمُدعى عَلَيْهِ عشر سِنِين أَنه لَا يقبل دَعْوَى مدعيها وَأَن ذَلِك تخرج بَينته إِن أَقَامَهَا على ملكه فَإِن قيل قد روى مُوسَى بن عقبَة عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ أَيّمَا رجل بَاعَ سلْعَة فَأدْرك سلْعَته بِعَينهَا عِنْد رجل وَقد أفلس وَلم يقبض من ثمنهَا شَيْئا فَهِيَ لَهُ وَإِن كَانَ قَضَاهُ من ثمنهَا شَيْئا فَمَا بَقِي فَهُوَ أُسْوَة الْغُرَمَاء وَرَوَاهُ الزبيدِيّ عَن الزُّهْرِيّ بِإِسْنَادِهِ مثله وَزَاد فِيهِ وَأَيّمَا امرىء هلك وَعِنْده مَال امرىء بِعَيْنِه اقْتضى مِنْهُ شَيْئا أَو لم يقتض فَهُوَ أُسْوَة للْغُرَمَاء قيل لَهُ الحديثان جَمِيعًا رَوَاهُمَا إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش عَن مُوسَى بن عقبَة وَعَن الزبيدِيّ وَإِسْمَاعِيل فِيمَا يرويهِ عَن غير الشاميين لَا يُسَاوِي شَيْئا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 398 والزبيدي وَإِن كَانَ من أهل الإتقان فَإِنَّهُ من غير حجَّة فِيهِ وَقد روى هَذَا الحَدِيث مَالك عَن الزُّهْرِيّ فَوَقفهُ على أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن لَيْسَ فِيهِ لأبي هُرَيْرَة ذكر فَإِن قيل قد رَوَاهُ ابْن أبي ذِئْب قَالَ حَدثنِي أَبُو الْمُعْتَمِر بن عَمْرو بن رَافع عَن ابْن خلدَة الزرقي وَكَانَ قَاضِيا بِالْمَدِينَةِ أَنه قَالَ جِئْنَا أَبَا هُرَيْرَة فِي صَاحب لنا أفلس فَقَالَ هَذَا الَّذِي قضى فِيهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيّمَا رجل مَاتَ أَو أفلس فَصَاحب الْمَتَاع أَحَق بمتاعه إِذا وجده بِعَيْنِه قيل لَهُ أَبُو الْمُعْتَمِر لَا يدرى من هُوَ وَلم يسمع بِذكرِهِ فِي غير هَذَا الحَدِيث وَهُوَ دون الحَدِيث الأول فَلم يثبت فِي ذَلِك شَيْء من جِهَة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 399 الْأَثر وَالنَّظَر أَن البَائِع أَحَق بإمساك السّلْعَة حَتَّى يقبض ثمنهَا مُوسِرًا كَانَ المُشْتَرِي أَو مُعسرا ثمَّ إِذا أسلم وَهُوَ مُوسِرًا لم يكن لَهُ عَلَيْهَا سَبِيل كَذَلِك فِي الْإِعْسَار 1542 - فِي الْوَصِيّ يَبِيع التَّرِكَة فِي الدّين قَالَ أَصْحَابنَا إِذا طَالب الْغُرَمَاء الْوَصِيّ بِبيع تَرِكَة الْمَيِّت فِي دينهم فَأمره القَاضِي بِبيعِهِ فِي قبض الثّمن فَهَلَك فِي يَده ثمَّ اسْتحق العَبْد رَجَعَ المُشْتَرِي بِالثّمن على الْوَصِيّ وَرجع الْوَصِيّ على الْغُرَمَاء وَذكر ابْن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد أَنه إِن بَاعه بِغَيْر سُؤال من الْغُرَمَاء ضمن الثّمن ومرجع بِهِ مَال الْمَيِّت دون الْغُرَمَاء وَلم نجد خلافًا وَقَالَ مَالك إِذا هللك الثّمن فِي يَده الْوَصِيّ فَهُوَ من مَال الْغُرَمَاء وَإِذا اسْتحق العَبْد رَجَعَ على الْغُرَمَاء بِجَمِيعِ مَا عَلَيْهِم ذهَاب دينهم وَضَمان الثّمن للْمُشْتَرِي والإفلاس وَقَالَ الشَّافِعِي لَا شَيْء على الْغُرَمَاء من ضَمَان الثّمن إِذا اسْتحق وَإِنَّمَا يرجع بِهِ فِي مَال الْمَيِّت 1543 - إِذا قضى دين بعض الْغُرَمَاء قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قضى القَاضِي الْغَرِيم دينه من تَرِكَة الْمَيِّت ثمَّ حضر آخر فَأَقَامَ الْبَيِّنَة على دين الْمَيِّت وَقد تولى مَا قَبضه الْوَارِث فَإِذا الْغَرِيم الثَّانِي يتبع الأول فيشاركه فِيمَا قبض وَهُوَ قَول الشَّافِعِي الحديث: 1542 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 400 وَقَالَ مَالك لَا يتبع الْغَرِيم الأول وَلكنه يتبع الْوَارِث إِذا كَانَ فِيمَا أَخذ الْوَارِث وفا بِالدّينِ الآخر فَإِن لم يكن فِيمَا أَخذ الوارثه وَفَاء رَجَعَ هَؤُلَاءِ الْغُرَمَاء الْآخرُونَ على الْغُرَمَاء الْأَوَّلين بِمَا زَاد دينهم على الَّذِي أَخذ الْوَرَثَة فيحاصونهم قَالَ أبوجعفر هم جَمِيعًا أُسْوَة فِي مَال الْمَيِّت فَلَا يجوز أَن يستأثر بَعضهم وَقَضَاء القَاضِي لَهُ بِالدّينِ إِنَّمَا هم على أَنه جعل ذِي حجَّة على حجَّة 1544 - فِي الْخَشَبَة تغرز فِي حَائِط الْجَار قَالَ أَصْحَابنَا لَيْسَ لَهُ أَن يفعل إِلَّا بِإِذن صَاحب الْحَائِط وَهُوَ قَول مَالك وَعبيد الله بن الْحسن وَقَالَ الرّبيع فِي الْبُوَيْطِيّ عَن الشَّافِعِي لَيْسَ للْجَار أَن يمْنَع جَاره أَن يغرز خَشَبَة فِي جِدَاره لحَدِيث أبي هُرَيْرَة قَالَ أَبُو جَعْفَر روى مَالك بن أنس وَيُونُس عَن ابْن شهَاب عَن عبد الرَّحْمَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا يمْنَع أحدكُم جَاره أَن يغرز خَشَبَة فِي جِدَاره ثمَّ يَقُول أَبُو هُرَيْرَة مَالِي أَرَاكُم عَنْهَا معرضين وَالله لأرمين بهَا بَين أكتافكم قَالَ أَبُو جَعْفَر حَدثنِي روح بن الْفرج فَسَأَلت أَبَا زيد والْحَارث بن هشتم وَيُونُس بِالنّصب والتنوين على خَشَبَة وَاحِدَة الحديث: 1544 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 401 وروى أَبُو بكر وَأَبُو سعيد وَابْن عمر وَجَابِر وَأَبُو هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي حجَّة الْوَدَاع إِن دماءكم وَأَمْوَالكُمْ عَلَيْكُم حرَام كَحُرْمَةِ يومكم هَذَا فَعلمنَا إِنَّمَا فِي الحَدِيث الأول على حسن الْمُجَاورَة وَالنَّدْب لَا على الْوُجُوب كَمَا روى جبلة بن سحيم عَن ابْن عمر أَنه مر بهم وهم يَأْكُلُون التَّمْر فِي أَيَّام ابْن الزبير فَقَالَ لَا تقرنوه فَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن ذَلِك قَالَ ابْن عمر إِلَّا أَن يسْتَأْذن الرجل أَخَاهُ فَهَذَا على حسن المؤاكلة لِئَلَّا يستأثر على بعض مؤاكلة فِي وَقت المجاعة كَمَا قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للزبير فِي شراج الْحرَّة اسْقِ يَا زبير ثمَّ أرسل إِلَى جَارك فَغَضب الْأنْصَارِيّ وَقَالَ يَا رَسُول الله أَن كَانَ ابْن عَمَّتك فَتَلَوَّنَ وَجه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ اسْقِ يَا زبير ثمَّ احْبِسْ المَاء حَتَّى يبلغ الْجدر فَأمر ندبا بِحسن الْمُجَاورَة فَلَمَّا احتفظه وتعدى الْوَاجِب استوفى للزبير صَرِيح الحكم 1545 - فِي السّقف بَين الْعَدو والسفل قَالَ أَصْحَابنَا سقف السّفل لصَاحب السّفل وَلِصَاحِب الْعُلُوّ حق السُّكْنَى عَلَيْهِ فَإِن انْهَدم لم يجْبر صَاحب السّفل على الْبناء وَلَكِن يُقَال لصَاحب الْعُلُوّ إِن شِئْت فَابْن وامنعه من السُّكْنَى حَتَّى يعطيك قيمَة الْبناء وَقَالَ مَالك السّقف لصَاحب السّفل وَيجْبر على الْبناء إِذا انْهَدم وَهُوَ قَول اللَّيْث الحديث: 1545 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 402 وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا تداعيا السّقف فَهُوَ بَينهمَا نِصْفَانِ فَإِن انْهَدم لم يجبرا على الْبناء فَإِن بنى صَاحب الْعُلُوّ لم يكن لَهُ منع صَاحب السّفل من السُّكْنَى وَمن شَاءَ أَن يهدمه لِأَن الْبناء لَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَر الْحَائِط الَّذِي عَلَيْهِ الْخشب لصَاحب السّفل عِنْدهم جَمِيعًا لذَلِك يجب أَن يكون مَا عَلَيْهِ من السّقف وَإِذا بنى صَاحب الْعُلُوّ قاعا بناه بِحَق فَلَا يكون مُتَطَوعا أَلا ترى أَن هليس لصَاحب السّفل مَنعه من الْبناء وَقَالَ اللَّيْث بن سعد إِذا بنى صَاحب الْعُلُوّ فَلهُ أَن يُؤَاجر السّفل حَتَّى يَسْتَوْفِي مَا أنْفق قَالَ وَحكى أَبُو خازم مثل هَذَا القَوْل عَن أبي يُوسُف بن خَالِد قَالَ وَقَالَ عِيسَى بن أبان هَذَا خطأ لِأَن الْحَاكِم إِذا آجر السّفل فالأجرة لصَاحب السّفل فَلَا يجوز أَن يَدْفَعهُ إِلَى صَاحب الْعُلُوّ إِلَّا بأَمْره لِأَنَّهُ لَا يجْبر صَاحب السّفل على رد النَّفَقَة 1546 - فِي الْمُتَبَايعين يَخْتَلِفَانِ وَهُنَاكَ شَفِيع قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اخْتلفَا فِي الثّمن تحَالفا وترادا ثمَّ إِن شَاءَ الشَّفِيع أَخذه بِمَا قَالَ البَائِع أَو يدع وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ مَالك لَا شُفْعَة لَهُ 1547 - فِي الْقَوْم فِي السَّفِينَة يطْرَح مَتَاعهمْ قَالَ مُحَمَّد فِي السّير إِذا بَاعَ مبتاعا فِي السَّفِينَة وَقَبضه المُشْتَرِي ثمَّ قَالَ الحديث: 1546 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 403 من روى بِشَيْء مِنْهُ فِي الْبَحْر فَهُوَ برِئ من ثمنه لم يَصح هَذَا الشَّرْط وَلم يبرأ من ثمنه وروى بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف إِذا ركبُوا الْبَحْر فَاشْتَرَطُوا بَينهم أَن كل شَيْء يرْمى بِهِ من السَّفِينَة إِذا خفنا فَهُوَ بَيْننَا بِالْحِصَصِ وَإِن هَذَا الشَّرْط بَاطِل وكل م رمى بِشَيْء لرجل فَهُوَ ضَامِن وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك فِي الْمَتَاع الَّذِي يطْرَح من الْمركب يُخَفف لَيْسَ على من فِي الْمركب من حر أَو حرَّة شَيْء وَقَالَ ابْن عبد الحكم عَن مَالك إِذا طرح مَا فِيهِ من الْمَتَاع ليخفف فَيجمع من لَهُ مَتَاع فِي الْمركب شريك فِي ذَلِك وَكَذَلِكَ قَالَ اللَّيْث وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا قَالَ الرجل ألق متاعك على أَن أضمنك أَنا وركبان السَّفِينَة ضمنه دونهم إِلَّا أَن يتطوعوا قَالَ الْمُزنِيّ هَذَا غلط يَنْبَغِي أَن يكون عَلَيْهِ بِحِصَّتِهِ قَالَ أَبُو جفعر قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دماؤكم وَأَمْوَالكُمْ عَلَيْكُم حرَام وَاتَّفَقُوا أَنه لَو اضْطر إِلَى طَعَام غَيره فَأَكله ضمنه فَدلَّ أَن الضرورات لَا تبيح إِتْلَاف مَال الْغَيْر بِغَيْر ضَمَان وَقَوله لغير إتلف متاعك أَو مَتَاع غَيْرك على أَنِّي ضَامِن شَرط بَاطِل قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل شَرط فِي كتاب الله فَهُوَ بَاطِل 1548 - فِي الْوَصِيّ يَدعِي عَلَيْهِ غُرَمَاء الْمَيِّت قبض الدّين قَالَ مَالك إِذا ادّعى غُرَمَاء الْمَيِّت عَلَيْهِ دين أَنه دَفعه إِلَى الْوَصِيّ فَإِنَّهُ يسْتَحْلف فَإِن نكل عَن الْيَمين وَكَانَ شَيْئا يَسِيرا ضمن فَإِن كَانَ كثيرا فَلَا أَدْرِي الحديث: 1548 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 404 وَقَالَ ابْن هُرْمُز إِن نكل عَن الْيَمين ضمن المَال قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا نعلم أحدا من أهل الْعلم فرق بَين الْيَسِير وَالْكثير إِلَّا مَالك 1549 - فِي الرَّضَاع على من يجب قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ لَا تجبر الْأُم على الرَّضَاع فِي النِّكَاح وَلَا بعد الْفرْقَة وَقَالَ مَالك تجبر عَلَيْهِ إِذا وَجَبت نَفَقَتهَا عَلَيْهِ فِي النِّكَاح إِلَّا أَن تكون شريفة لَا ترْضع مثلهَا وَإِن فَارقهَا لم يجْبر على الرَّضَاع وَهُوَ الْأَب قَالَ أَبُو جَعْفَر لما قَالَ الله تَعَالَى {فَإِن أرضعن لكم فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ} دلّ على أَنَّهَا مخيرة إِن شَاءَت أرضعت وَإِن شَاءَت لم ترْضع وَقَالَ سُبْحَانَهُ {وَإِن تعاسرتم فسترضع لَهُ أُخْرَى} وَإِن كَانَ الرَّضَاع مُسْتَحقّا لما اسْتحقَّت عَلَيْهِ أجرا 1550 - فِي نَفَقَة دوِي الرَّحِم الْمحرم قَالَ أَصْحَابنَا يجْبر ذووا الرَّحِم الْمحرم على النَّفَقَة على قدر مواريثهم وَإِن ترك ابْن عَم وخالا فالتفقة على الْخَال وَقَالَ ابْن شبْرمَة فِي قَول تَعَالَى {وعَلى الْوَارِث مثل ذَلِك} قَالَ يلْزم الْوَارِث النَّفَقَة على الصَّبِي الصَّغِير إِذا لم يكم لَهُ شَيْء وَلم يذكر فرقا بَين ذِي الرَّحِم الْمحرم وَغَيره الحديث: 1549 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 405 وَقَالَ مَالك يلْزم الْأَب نَفَقَة وَلَده الصلب وبنيه الذُّكُور حَتَّى يبلغُوا ثمَّ تسْقط وَالنِّسَاء يتزوجن فَإِذا دخل بهَا زَوجهَا فَلَا نَفَقَة لَهَا وَلَو طَلقهَا قبل الدُّخُول فلهَا النَّفَقَة وَلَيْسَ عَلَيْهِ نَفَقَة الْأَخ وَلَا ذِي قرَابَة وَقَوله تَعَالَى {وعَلى الْوَارِث مثل ذَلِك} مَنْسُوخ وَقَالَ الثَّوْريّ يجب رضَاع الصَّبِي الْفَقِير على عصبته الَّذين يرثونه هَذَا رِوَايَة الْأَشْجَعِيّ وروى الْمعَافى عَنهُ فِي أَخ لأَب وَأَخ لأم أَنَّهُمَا يجبران على النَّفَقَة على قدر مواريثهما قَالَ وَإِذا مَاتَ الرجل وَامْرَأَته حَامِل أنْفق عَلَيْهَا من جَمِيع المَال حَتَّى تضع فَإِذا وضعت أنْفق على الصَّبِي من نصِيبه فَفرق بَين الرَّضَاع وَبَين النَّفَقَة بعد الرَّضَاع فَيجْعَل الرَّضَاع على الْعصبَة وَغَيره من النَّفَقَة على الْوَرَثَة على قدر الْمَوَارِيث وَلم يفرق بَين ذَوي الرَّحِم الْمحرم وَغَيره وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ الرَّضَاع على الْعصبَة إِذا لم يكن لَهُ أَب وَلَا أم وَقَالَ الْحسن بن حَيّ النَّفَقَة على كل وَارِث بِقدر مِيرَاثه إِلَّا الْأَبَوَيْنِ على الْوَلَد وَالْولد على الْأَبَوَيْنِ وَقَالَ اللَّيْث فِي الْيَتِيم الْمُرْضع كَقَوْل مَالك قَالَ ويفرض للْأَب الْمُحْتَاج على ابْنه وَكَذَلِكَ يفْرض للْأُم المحتاجة وَقَالَ الشَّافِعِي على الْأَب نَفَقَة الْوَلَد حَتَّى يبلغ إِلَّا أَن يَكُونُوا زمنى فينفق عَلَيْهِم وَكَذَلِكَ ولد وَلَده وَإِن سفلوا قَالَ أَبُو جَعْفَر اتَّفقُوا أَن نَفَقَة الرَّضَاع على الْأَب دون الْأُم فَدلَّ على أَن الْعَصَبَات مَخْصُوصَة بِالنَّفَقَةِ دون ذَوي الْأَرْحَام الجزء: 3 ¦ الصفحة: 406 وروى عَمْرو بن شُعَيْب عَن سعيد بن الْمسيب أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أجبر عصبَة أَن ينفقوا على صبي الرِّجَال دون النِّسَاء وَعَن ابْن عَبَّاس النَّفَقَة على الصَّبِي إِذا مَاتَ أَبوهُ على الْوَارِث كَمَا قَالَ الله تَعَالَى {وعَلى الْوَارِث مثل ذَلِك} 1551 - فِي النَّفَقَة على الْبَهَائِم قَالَ أَصْحَابنَا لَا يجْبر الْمَالِك عَلَيْهَا وَلَكِن ينْهَى عَن تضييعها فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى وَلَا يجْبر فِي الحكم وَقد رُوِيَ عَن أبي يُوسُف أَن الدَّابَّة إِذا ادّعى رجل فَأَقَامَ بَينه فَوضعت على يَدي عدل أَن الَّذِي كَانَت فِي يَده لَهُ أَن يركبهَا إِذا كَانَ غير مخوف عَلَيْهَا وَله أَن يُؤَاجر الدَّابَّة مَا لم يبلغ ذَلِك ضَرَرا لِأَن عَلفهَا عَلَيْهِ وَهِي لَهُ حَتَّى يردا الْبَيِّنَة فَأوجب فِي هَذِه الرِّوَايَة أَن نَفَقَة الدَّابَّة على الْمَالِك وَفِي مَذْهَب مَالك يجْبر على نَفَقَة الْبَهَائِم وَقَالَ الشَّافِعِي يَأْمُرهُ السُّلْطَان بِأَن يعلفها أَو يَبِيعهَا قَالَ أَبُو جَعْفَر اتَّفقُوا على أَنه يجْبر على نَفَقَة الْمَمْلُوك الَّذِي لَا يقدر على الْكسْب والبهائم مثله وَقد قَالَ أَصْحَابنَا إِذا كَانَت الْمَاشِيَة وَدِيعَة عِنْد رجل وصاحبها غَائِب أَو كَانَت ضَالَّة لقطها فَرَفعهَا الَّذِي فِي يَده إِلَى القَاضِي أَنه يَأْمُرهُ بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهَا وَتَكون ذَلِك دينا على مَالِكهَا الحديث: 1551 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 407 وروى عبد الله بن جَعْفَر فِي قصَّة الْجمل الَّذِي كَانَ فِي حَائِط رجل من الْأَنْصَار فَلَمَّا دخل الْحَائِط وَرَأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى ذرفت عَيناهُ فَأَتَاهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمسح سراته وذفراه فسكن فَقَالَ من رب هَذَا الْجمل فجَاء فَتى من الْأَنْصَار فَقَالَ هُوَ لي يَا رَسُول الله قَالَ أَفلا تتقي الله فِي هَذِه الْبَهِيمَة الَّتِي ملك الله إِيَّاهَا فَإِنَّهُ شكا إِلَى أَنَّك تجيعه وتدئبه رَوَاهُ أَسد بن مُوسَى عَن مهْدي بن مَيْمُون عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي يَعْقُوب عَن الْحسن بن سعد مولى الْحسن بن عَليّ عَن عبد الله بن جَعْفَر عَلَيْهِم السَّلَام 1552 - فِي قرض مَال الْيَتِيم قَالَ أَصْحَابنَا يقْرض القَاضِي أَمْوَال الْأَيْتَام وَيكْتب بهَا أذكار الْحُقُوق وَإِن أقْرضهَا الْوَصِيّ ضمن وَرُوِيَ نَحوه عَن ابْن أبي ليلى وَرُوِيَ عَنهُ أَنه لَا يقْرض وَهُوَ قَول مَالك وسُفْيَان الثَّوْريّ وَقَالَ الْحسن بن حَيّ يستقرض الْوَصِيّ من مَال الْيَتِيم إِذا كَانَ أَبوهُ أوصى إِلَيْهِ فَإِن كَانَ أَبوهُ لم يوص إِلَيْهِ وَإِنَّمَا جعله القَاضِي فَلَا يستقرض مِنْهُ وَلَيْسَ وَصِيّ الْأُم أَو الْجد من ذَلِك فِي شَيْء قَالَ الرّبيع عَن الشَّافِعِي لَا يقْرض ولي الْمَحْجُور عَلَيْهِ مَاله وَيجوز للْقَاضِي أَن يقْرض مَال الْمُفلس الحديث: 1552 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 408 وَقَالَ أَبُو جَعْفَر وَقِيَاسه أَن يقْرض مَال الْيَتِيم أَيْضا قَالَ أَبُو جَعْفَر وَالْقَرْض مَعْرُوف فَلَا يَفْعَله فِي مَال الْيَتِيم وَقد رُوِيَ أَن أَبَا مُوسَى أقْرض عبد الله وَعبيد الله ابْني عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنْهُم من مَال الله ويصرفانه فِيهِ للتِّجَارَة فَلَمَّا جَاءَ إِلَى عمر ابْني أَمِير الْمُؤمنِينَ فأسلفكما أديا المَال وَربحه قَالَ أَبُو جَعْفَر وَفعل أبي مُوسَى لم يكن على وَجه الحكم وَقد قَالَ فِي الْيَتِيمَة يُزَوّجهَا القَاضِي ثمَّ تبلغ أَن لَهَا الْخِيَار وَلَو كَانَ ذَلِك التَّزْوِيج من القَاضِي حكما لما كَانَ لَهَا رده عَن نَفسهَا كَذَلِك قرض القَاضِي لمَال الْيَتِيم لَا يَقع موقع الحكم وَإِنَّمَا هُوَ مِثْلَمَا يُوكله من لَيْسَ بحاكم 1553 - فِي ولي الْيَتِيم ينْفق عَلَيْهِ قَالَ أَصْحَابنَا مَا أنفقهُ من مَال الْيَتِيم فَهُوَ مُتَبَرّع بِهِ وَلَا يرجع بِهِ على الْيَتِيم وَقَالُوا إِذا أتفق عَلَيْهِ أَبوهُ وَأشْهد انه أنْفق ليرْجع بِهِ فِي مَاله رَجَعَ بِهِ وَإِن لم يشْهد لم يرجع بِهِ وَالْوَصِيّ يرجع بِهِ وَإِن لم يشهده وَقَالَ مَالك فِي صبي أنْفق عَلَيْهِ وَحل لَهُ أَن يرجع على أَبِيه فِي مَال الصَّبِي إِن كَانَ لَهُ مَال وَإِن لم يكن لَهُ مَال يَوْم أنْفق لم يكم لَهُ أَن يرجع بِهِ فِي مَال بعد ذَلِك إِلَّا أَن يكون الْأَب مموسرا فَيرجع بِهِ على أَبِيه وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا أنْفق ولي الْيَتِيم عَلَيْهِ رَجَعَ بِهِ فِي مَاله وَمن لم يكن لَهُ بولِي فَهُوَ مُتَبَرّع فِي النَّفَقَة الحديث: 1553 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 409 1554 - فِي الْوَصِيّ يَدعِي بعد الْبلُوغ دفع المَال إِلَى الْيَتِيم قَالَ أَصْحَابنَا هُوَ مُصدق فِيهِ مَعَ يَمِينه وَكَذَلِكَ إِن قَالَ أنفقت عَلَيْهِ فِي صغره صدق فِي نَفَقَته مثله وَكَذَلِكَ لَو قَالَ هلك وَهُوَ قوق الثَّوْريّ وَقَالَ مَالك لَا يصدق الْوَصِيّ أَنه دفع المَال إِلَى الْيَتِيم وَهُوَ قَول الشَّافِعِي لِأَن الَّذِي زعم أَنه دَفعه إِلَيْهِ لَيْسَ هُوَ الَّذِي ائتمنه وكالوكيل يدْفع المَال إِلَى غَيره لَا يصدق إِلَّا بِبَيِّنَة وَقد قَالَ الله تَعَالَى {فَإِذا دفعتم إِلَيْهِم أَمْوَالهم فأشهدوا عَلَيْهِم} قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلَيْسَ فِي الْأَمر بِالْإِشْهَادِ دَلِيل على أَنه غير مُصدق بِلَا إِشْهَاد وَإِنَّمَا أَمر بِالْإِشْهَادِ لتظهر أَمَانَته كَمَا أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمُلْتَقط بِالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ وَقَول الشَّافِعِي أَنه لم يأتمنهم الْأَيْتَام لَا معنى لَهُ لِأَن المَال غير مَضْمُون فِي يَدي الْوَصِيّ بل هُوَ أَمَانَة وَإِن لم يأتمنه عَلَيْهِ فَهُوَ كَالْوَدِيعَةِ فَيقبل قَوْله وَفِي الرَّد وَأما مَسْأَلَة الْوَكِيل فَإِنَّمَا لم يقبل قَول الْوَكِيل على من ادّعى دَفعه إِلَيْهِ وَهُوَ مُصدق فِي بَرَاءَة نَفسه 1555 - فِي الْوَصِيّ يَدعِي قَضَاء دين الْمَيِّت قَالَ مَالك إِذا ادّعى الْوَصِيّ أَنه دفع مَال الْمَيِّت إِلَى غُرَمَائه وجحدوا وَلم يكن لَهُ بَيِّنَة فَإِنَّهُ يضمن الْوَصِيّ مَا دَفعه بِغَيْر إِشْهَاد الحديث: 1554 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 410 1556 - فِي الْقصار يدْفع الثَّوْب إِلَى غير مَالِكه قَالَ أَصْحَابنَا إِذا دفع الْقصار ثوب رجل إِلَى غَيره فَقَطعه قَمِيصًا وخاطه فَإِن لصَاحب الثَّوْب أَن يضمن أَيهمَا شَاءَ وَقَالَ مَالك يضمن الْقصار وَلَا يضمن الَّذِي قطعه وخاطه وَلَا يَأْخُذهُ مِنْهُ أَيْضا حَتَّى يدْفع إِلَيْهِ أُجْرَة خياطته وَقَالَ الشَّافِعِي لَهُ أَن يضمن أَيهمَا شَاءَ 1557 - فِيمَن يفتح كوَّة فِي جِدَاره قَالَ أَصْحَابنَا لصَاحب الْحَائِط أَن يُبينهُ ويعليه وَأَن يفتح كوَّة وَلَيْسَ للْجَار مَنعه وَله أَن يَبْنِي فِي دَاره حَماما أَو سورا أَو رحى وَقَالَ ابْن شيرمة لَيْسَ لَهُ أَن يَبْنِي فِي دَاره حَماما وَلَا يفتح فِي حَائِطه أبوابا أَو بَابه حَائِطا يطلع فِيهِ إِلَى جَاره وَقَالَ مَالك يمْنَع الْجَار أَن يفتح فِي حَائِطه أبوابا وكوى يشرف بهَا على جَاره وَله أَن يفعل مَا لَا ضَرَر فِيهِ على جَاره وَلَا يُمكنهُ النّظر إِلَيْهِ وَلَا يمْنَع أَن يَبْنِي حَائِطا لسد الرّيح وَالشَّمْس عَن جَاره وَيمْنَع أَن يَبْنِي رحى أَو حَماما فِي دَاره إِذا أضرّ بجاره وَقَالَ أَبُو جَعْفَر وَكَذَلِكَ حفر الْبِئْر وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن لَيْسَ لَهُ أَن يفتح فِي حَائِطه كوَّة يضر بجاره وَقَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ أَن لَهُ رفع حَائِطه والكوة أَحْرَى بِذَاكَ الحديث: 1556 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 411 1558 - فِي فتح الْبَاب فِي الزقاق قَالَ أَصْحَابنَا إِذا كَانَت دَار بَين قوم فِي زقاق غير نَافِذ فاقتسموها فَلِكُل وَاحِد أَن يفتح فِي نصِيبه بَابا فِي الزقاق وَقَالَ مَالك إِذا كَانَ غير نَافِذ فَلَيْسَ لصَاحب دَار فِيهِ أَن يفتح فِيهِ بَابا اخر وَلَا يحوله عَن مَوْضِعه فَيَجْعَلهُ حذاء بَاب دَار غَيره لِأَنَّهُ يضر بِهِ وَإِن كَانَت الدَّار لجَماعَة فاقتسموها لم يكن لوَاحِد مِنْهُم أَن يفتح بَابا اخر وَإِنَّمَا يخرجُون من الْبَاب الَّذِي كَانَ قبل القسمه 1559 - فِي طَرِيق فِي دَار غَيره قَالَ أَصْحَابنَا إِذا كَانَت مَقْصُورَة لقوم فِي دَار لغَيرهم لَهَا طَرِيق فِيهَا فَلَيْسَ لَهُم أَن يفتحوا فِيهَا بَابا اخر وَلَا يحوله عَن مَوْضِعه وَقَالَ ابْن الْقَاسِم على مَذْهَب مَالك لَهُم أَن يفتحوا بَابا إِلَى مَوضِع اخر إِذا لم يكن على أهل الدَّار فِيهِ ضَرَر وَلَيْسَ لَهُم أَن يحولوا الْبَاب فيتطرقوا مِنْهُ إِلَى الدَّار وَقَالَ أَصْحَابنَا إِذا أَرَادَ أَن يفتح بَابا من دَار لَهُ إِلَى الْمَقْصُورَة ثمَّ يمر بهَا فِي طَرِيق الْمَقْصُورَة فِي الدَّار فَلَيْسَ لَهُ ذَلِك إِلَّا أَن تكون الدَّار والمقصورة لوَاحِد وَإِن كَانَ سَاكن الدَّار غير سَاكن الْمَقْصُورَة فَلَيْسَ لساكن الدَّار أَن يتَطَرَّق فِي الدَّار إِلَى الْمَقْصُورَة فِي الدَّار الَّتِي فِيهَا طَرِيق وَقَالَ مَالك إِن أَرَادَ أَن يَجْعَل هَذَا الطَّرِيق لسكة نَافِذَة يَأْذَن للنَّاس فِيهِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِك وَإِن لم يكن كَذَلِك وَسكن مَعَه غَيره فَلهم جَمِيعًا أَن يمروا فِي الطَّرِيق وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن لَهُ أَن يجتاز فِي دَاره فِي الْمَقْصُورَة إِلَى الطَّرِيق فِي الدَّار الحديث: 1558 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 412 1560 - فِيمَن يحدث فِي أرضه بِئْرا أَو نَهرا يضر بجاره قَالَ أَصْحَابنَا لَهُ أَن يحدث فِي أرضه بِئْرا أَو نَهرا وَلَا شَيْء عَلَيْهِ إِن مرت مِنْهُ أَرض لجاره وَلَو صب المَاء فِي سطحه فَخرج إِلَى ملك غَيره فأفسده ضمن اسْتِحْسَانًا وَقَالَ مَالك يمْنَع من ذَلِك مَا يضر بجاره وَقَالَ أَصْحَابنَا إِذا أحرق حصائد فِي أرضه فَأحرق مِنْهَا أَرض غَيره لم يضمن وَقَالَ مَالك إِذا علم أَن أَرض جَاره لَا تسلم من هَذَا المَاء وَالنَّار ضمن وَقَالَ مَالك إِذا علم أَن أَرض جَاره لَا تسلم من هَذَا المَاء وَالنَّار ضمن وَإِن كَانَت مَأْمُونَة فحملتها الرّيح فاحترقت أَرض غَيره لم يضمن 1561 - فِي حل رِبَاط الدَّابَّة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا كَانَت دَابَّة رجل مربوطة فَحل رباطها لم يضمن الَّذِي حلهَا وَكَذَلِكَ لَو فتح القفص فَخرج الطير أَو حل قيد العَبْد وَلَو فتح زق رجل فِيهِ عسل أَو سمن فَسَالَ فَهُوَ ضَامِن وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ ابْن شبْرمَة إِذا حل الدَّابَّة فَهُوَ ضَامِن وَقَالَ مَالك إِذا فتح بَاب الْحَانُوت وَلَيْسَ فِيهِ أحد فَإِنَّهُ يضمن مَا ذهب مِنْهُ وَإِن كَانَ فِي الْحَانُوت إِنْسَان نَائِم أَو منتبه لم يضمن الَّذِي فَتحه وَكَذَلِكَ إِذا فتح بَاب الدَّار وَفِيه دَوَاب وَيضمن العَبْد إِذا حل الْقَيْد وَكَذَلِكَ الطير إِذا فتح القفص قَالَ أَبُو جَعْفَر فتح بَاب الدَّار وَنَحْوه لم يحصل بِهِ تلف وَإِنَّمَا حصل بِفعل حَادث من غَيره فَلَا يضمن وسيلان الزق بِنَفس الْحل الحديث: 1560 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 413 1562 - فِي الطَّائِر يتوحش قَالَ أَصْحَابنَا إِذا كَانَ الطَّائِر ملكا لإِنْسَان وَأَصله وَحش فتوحش فَهُوَ على ملكه وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ مَالك هُوَ لمن أصاده ثَانِيًا قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ضوال الْإِبِل إِنَّهَا حرق النَّار فَلم يُخرجهَا عَن ملكه بالتوحش والضلال وَقد قَالَ مَالك إِذا أفلت مِنْهُ الصَّيْد وَلم يتوحش إِلَى الأول حَال طِينَة تكون فِي إِذْنهَا قرطا أَو قلادة 1563 - فِي حَرِيم الْآبَار قَالَ أَصْحَابنَا فِي بِئْر العطن أَرْبَعُونَ ذِرَاعا وبئر الْعين خَمْسمِائَة وَلَا يعرف أَبُو حنيفَة سِتِّينَ ذِرَاعا لبئر الناضج وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يَقُولَانِ سِتُّونَ ذِرَاعا الحديث: 1562 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 414 وَقَالَ مَالك لَيْسَ للآبار حَرِيم إِلَّا مَا يضر بهَا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ حد الْبِئْر الَّتِي فِي الصَّحرَاء ثَلَاثمِائَة ذِرَاع وَقَالَ الْحسن بن حَيّ من حفر بِئْرا فَلهُ من نَوَاحِيهَا أَرْبَعُونَ ذِرَاعا وَقَالَ الشَّافِعِي للبئر مرافقها الَّتِي لَا يكون صَلَاحهَا إِلَّا بهَا قَالَ أَبُو جَعْفَر وروى أَبُو يُوسُف عَن الْحسن بن عمَارَة عَن الزُّهْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَرِيم بِئْر العطن أَرْبَعُونَ ذِرَاعا وحريم بِئْر الناضح سِتُّونَ ذِرَاعا وحريم الْعين خَمْسمِائَة ذِرَاع وروى ابْن وهب عَن يُونُس عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب أَنه حَدثهُ أَن حَرِيم الْبِئْر خمس وَعِشْرُونَ ذِرَاعا وحريم بِئْر الزَّرْع ثَلَاثمِائَة ذِرَاع من نَوَاحِيهَا قَالَ الزُّهْرِيّ وَسمعت النَّاس يَقُولُونَ وحريم الْبِئْر خَمْسمِائَة ذِرَاع فَلم يرفعهُ وَهُوَ أحسن إِسْنَادًا وَأَصَح مخرجا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 415 1564 - فِي حَرِيم النَّهر قَالَ أَبُو حنيفَة مياه النَّهر لصَاحب الأَرْض وَلَا يحفرها فَلم يَجْعَل للنهر حريما وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد للنهر حَرِيم مِقْدَار مَا يَكْفِيهِ لإلقاء طِينَة وَلم يؤقت وَرُوِيَ نَحوه من قِيَاس مَذْهَب مَالك وَقد روى يُونُس عَن ابْن شهَاب قَالَ كَانَ يُقَال حَرِيم الْأَنْهَار ألف ذِرَاع وَلَا يُقَال ذَلِك إِلَّا توقيفا 1565 - فِي الْمُفلس قَالَ مَالك فَمن يفلس وَله أم ولد أَو مُدبر وَله مَال أَنه لَيْسَ للْغُرَمَاء أَن يَأْخُذُوا مَالهم وَكَذَلِكَ إِذا مرض الرجل لم يجز لَهُ أَن يَأْخُذ مَالهمَا ولسيدهما أَن يَأْخُذ مَالهمَا قبل أَن يمرض فَأَما فِي الْمَرَض فَلَا وَله أَن يَأْخُذ مَال الْمُعْتق إِلَى سِنِين مَا لم يتقارب أَو يمرض وَلَيْسَت السّنة قَرِيبا وَقَالَ اللَّيْث مَا أعطاهما بعد الدّين أَخذه الْغُرَمَاء وَقيل الدّين أَشد فِيهِ وَفِي الْمَرَض لَا يَأْخُذ 1566 - فِي تَزْكِيَة الْمَرْأَة تَعْدِيل الْمَرْأَة مَقْبُول عِنْد أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَقَالَ مُحَمَّد لَا يقبل إِلَّا رجل وَامْرَأَتَيْنِ وَقَالَ مَالك لَا تجوز تَزْكِيَة النِّسَاء بِوَجْه لَا فِي مَال وَلَا غَيره الحديث: 1564 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 416 وَقَالَ الْبُوَيْطِيّ عَن الشَّافِعِي لَا يعدل النِّسَاء وَلَا يخْرجن وَلَا يشْهد على شَهَادَتهنَّ قَالَ أَبُو جَعْفَر يقبل فِي التَّزْكِيَة مَالا يقبل فِي الشَّهَادَة وَلِأَنَّهُ يَقُول فِي الشَّهَادَة أشهد وَلَا يحْتَاج فِي التَّزْكِيَة إِلَى لفظ الشَّهَادَة 1567 - فِي الْمَشْهُود عَلَيْهِ يغيب قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا سَمِعت الْبَيِّنَة عَلَيْهِ ثمَّ غَابَ لم يحكم عَلَيْهِ حَتَّى يحضر وَقَالَ يعْذر إِلَيْهِ ثَلَاثَة أَيَّام يُنَادى على بَابه فَإِن خرج وَإِلَّا قضى عَلَيْهِ قَالَ مُحَمَّد فَإِن غَابَ لم يقْض عَلَيْهِ وَإِن كَانَ مختفيا دخل عَلَيْهِ النِّسَاء بِغَيْر إِذن فَإِن قُلْنَ هُوَ هُنَاكَ أمرت الرِّجَال أَن يدخلُوا قَالَ أَبُو جَعْفَر كَمَا احْتِيجَ إِلَى حُضُوره فِي حَال السماع فحال الْقَضَاء أَحْرَى وَأما الهجم فقد قَالَ الله تَعَالَى {لَا تدْخلُوا بُيُوتًا غير بُيُوتكُمْ حَتَّى تستأنسوا وتسلموا على أَهلهَا} وَفِي حرف ابْن عَبَّاس حَتَّى تستأذنوا وَلَا فرق بَين النِّسَاء وَالرِّجَال 1568 - فِي الشَّهَادَة عِنْد الْحَاكِم كَيفَ هِيَ قَالَ أَصْحَابنَا وَسَائِر الْفُقَهَاء يَقُول أشهد بِكَذَا وأشهدني بِكَذَا وَأشْهد أَن فلَانا أقرّ عني بِكَذَا وَقَالَ سوار بن عبد الله يحْتَاج أَن يَقُول أشهد شَهَادَة الله على كَذَا وَكَذَلِكَ أَبُو عبيد عَن حجاج قَالَ شُعْبَة شهِدت عِنْد سوار فَقَالَ لي أَتَشهد بِشَهَادَة الله فَقلت بلَى أشهد بِشَهَادَة نَفسِي الحديث: 1567 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 417 وَحَدِيثه عَن مُغيرَة عَن إِبْرَاهِيم عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي مُسلم قَالَ لَهُ أشهد بِشَهَادَة الله فَقَالَ لَا وَلَكِن اشْهَدْ بشهادتي قَالَ شُعْبَة فَقَالَ لي سوار بشهادتك وَإِنِّي أشهد وَقد روى حَمَّاد بن زيد عَن أَيُّوب وَهِشَام عَن مُحَمَّد بن سِيرِين أَن رجلا شهد عِنْد شُرَيْح بِشَهَادَة فَقَالَ أشهد بِشَهَادَة الله فَقَالَ شُرَيْح لَا تقل شَهَادَة الله فَإِن الله لَا يشْهد إِلَّا بِحَق وَلَكِن أشهد بشهادتك وَإِنَّمَا كره ذَلِك لِأَن الشَّاهِد لَا يدْرِي مَا شَهَادَة الله تِلْكَ الدَّعْوَى إِذْ جَازَ فِي المغيب أَن يكون خلاف مَا يشْهد بِهِ فَإِن قبل قَالَ الله تَعَالَى {وَلَا نكتم شَهَادَة الله} قيل لَهُ إِنَّمَا هَذَا فِي حلف الشَّاهِدين على مَا شَهدا بِهِ لِأَنَّهُ فِي نفس مَا شَهدا بِهِ وَلَيْسَ فِيهِ دلَالَة على كَيْفيَّة شَهَادَتهم على مَا يشْهدُونَ بِهِ 1569 - فِي الْمُدعى عَلَيْهِ يَقُول لَا أقرّ بِهِ وَلَا أنكرهُ قَالَ بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف إِذا قَالَ الْخصم للْقَاضِي لَا أقرّ وَلَا أنكر قَالَ أَبُو حنيفَة لَا يجْبرهُ على ذَلِك وَيسمع البنية عَلَيْهِ وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ ابْن أبي ليلى لَا أَدَعهُ حَتَّى يقر أَو يُنكر وَقَالَ الْحسن بن صَالح إِذا سكت ألزمهُ الْحق وَإِذا قَالَ لَا أَحْلف ألزمته قَالَ أَبُو جَعْفَر فِي حَدِيث سماك عَن حَنش عَن عَليّ رَضِي عَنهُ قَالَ الحديث: 1569 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 418 قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا جلس إِلَيْك الخصمان فَلَا تقص للْأولِ حَتَّى تسمع كَلَام الآخر 1570 - فِي الشُّفْعَة فِي الْبناء قَالَ مَالك فِي رجلَيْنِ بنيا فِي أَرض لَيست لَهما فَبَاعَ أَحدهمَا حِصَّته من ذَلِك فلشريكه أَن يَأْخُذهُ قَالَ مَالك وَمَا هُوَ بِالْأَمر الَّذِي حاصه وَلَكِن أرى ذَلِك لَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلم نجد هَذَا القَوْل عَن أحد من الْفُقَهَاء غَيره وَقَالَ سَائِر الْفُقَهَاء لَا شُفْعَة إِلَّا فِي أَرضين وَسَائِر العقارات قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلَا خلاف بَينهم أَن لَا شُفْعَة فِي مَمْلُوك كَذَلِك فِيمَا سوى الْعقار وَقد حكى عَن بعض المكيين إِيجَاب الشُّفْعَة فِي غير الْعقار وَالْأَرضين وَاحْتج بِمَا روى أَبُو حَمْزَة السكرى عَن عبد الْعَزِيز بن رفيع عَن ابْن أبي مليكَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الشَّرِيك شَفِيع والشفقة فِي كل شَيْء وَبِمَا روى ابْن إِدْرِيس عَن ابْن جريح عَن عَطاء عَن جَابر قَالَ قضى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الشُّفْعَة فِي كل شَيْء الحديث: 1570 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 419 1571 - فِي أَخذ القَاضِي الدّين للْغُرَمَاء قَالَ مَالك إِذا مَاتَ رجل وَعَلِيهِ دين وغرماؤه غيب فَأخذ القَاضِي حق الْغُرَمَاء وَرفع المَال إِلَى الْوَرَثَة فَهَلَك مَا قَبضه القَاضِي فَهُوَ من مَال الْغُرَمَاء وَكَذَلِكَ الْمُفلس قَالَ أَبُو جَعْفَر لم نجد هَذَا القَوْل عَن أحد من أهل الْعلم غَيره وَهَذَا نَظِير قَوْله يَبِيع التركه فِي دين الْمَيِّت فيضيع الثّمن فِي يَده أَنه يضيع من مَال الْغُرَمَاء فَإِن اسْتحق على الْغُرَمَاء 1572 - فِي بيع الأَرْض ثبتَتْ أَنَّهَا وقف قَالَ اللَّيْث فِي عَرصَة لسبيل الله وبناها رجل على غرر وَلم يقبضهَا وَلم يظلم أحدا فِيهَا فَإِنَّهُ يُقَال لوالي الْوَقْف إِمَّا أَن تعطيه قيمَة بنائِهِ ثمَّ تكريها وَاسْتَوْفِ مَا غرمت ثمَّ تخلص هِيَ وبناؤها فِي سَبِيل الله وَإِمَّا أخذت قيمَة الْعَرَصَة والتمست بهَا دَارا فَجَعلهَا فِي سَبِيل الله وَلم نجد هَذَا القَوْل عَن أحد من أهل الْعلم إِلَّا أَن مَالِكًا قد رُوِيَ عَنهُ فِيمَن عمر أَرضًا لَا يَظُنهَا لأحد ثمَّ جَاءَ مستحقها فَإِن شَاءَ أعطَاهُ مَا عمر وَأَخذهَا وعمارتها وَإِلَّا أعْطى صَاحب الأَرْض قيمَة أرضه فَإِن كرهها كَانَا شَرِيكَيْنِ على قيمَة الأَرْض بِغَيْر عمَارَة وَقِيمَة الْعِمَارَة بِلَا أَرض قَالَ أَبُو جَعْفَر أَحْكَام المستهلكات لَا يخْتَلف فِيمَا يتَعَلَّق بهَا من الضَّمَان بِالْعلمِ وَلَا غَيره 1573 - فِي الْمَرَض الْمُوجب للحجز قَالَ أَصْحَابنَا فِي المفلوج والمقعد والأشل إِذا تطاول بِهِ فَلَا يُخَالف فِيهِ الحديث: 1571 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 420 الْمَوْت فَهُوَ كَالصَّحِيحِ وَإِن مَاتَ فِي حدثان مَا أَصَابَهُ لم ينجز هِبته إِلَّا من الثُّلُث وَقَالُوا الْمَرَض الَّذِي وَجب الحجز أَن يكون صَاحب فرَاش قد أَصَابَهُ الْمَرَض وَأما الَّذِي يَجِيء وَيذْهب فِي حَوَائِجه فَلَا وَإِن كَانَ يشتكي أَو يخم وَقَالَ مَالك إِذا كَانَ صَاحب فرَاش يخَاف فِيهِ الْمَوْت لم يجز هِبته إِلَّا من الثُّلُث وَإِن كَانَ مفلوجا لَا يخَاف مَوته وَقد طَال كَانَ كَالصَّحِيحِ وَقَالَ الثَّوْريّ الْمَرَض المضني هُوَ الَّذِي يكون فعله فِيهِ وَصِيَّة وَقَالَ الشَّافِعِي هُوَ الْمَرَض الَّذِي يخَاف مِنْهُ الْمَوْت قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ أَنه من قدم ليرجم فِي الزِّنَا أَو يقتل قي قصاص أَن هِبته وَصِيّه وَهُوَ صَاحب فرَاش فَدلَّ على أَن الحكم للخوف من الْمَوْت 1574 - فِي الاحتكار وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا كَانَ الاحتكار والتلقي فِي أَرض لَا يضر بِأَهْلِهَا فَلَا بَأْس بِهِ وَإِن كَانَ ذَلِك يضر بِأَهْلِهَا فَهُوَ مَكْرُوه الحديث: 1574 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 421 قَالَ مُحَمَّد فِي نَوَادِر ابْن سَمَّاعَة فِي الرجل يَشْتَرِي طَعَام أهل الْمصر أَو مَا يجلب إِلَيْهِم حَتَّى يضر ذَلِك بِأَهْل الْمصر ويغلبه عَلَيْهِم فَإِنِّي أجْبرهُ على البيع وأعزره وأضربه وَلَا أَسعر عَلَيْهِ وَأَقُول بِعْ بِمَا يَبِيع النَّاس وَزِيَادَة مَا يتَغَابَن فِيهِ وَأما الْجَانِب إِلَى الْمصر فَلَا أجْبرهُ على البيع وَذكر هِشَام عَنهُ أَنه قَالَ الحكرة أَن يَشْتَرِي من السُّوق فيحكره أَو من قرى ذَلِك الْمصر فَأَما إِذا اشْتَرَاهُ من مصر آخر وَجَاء بِهِ فَلَا بَأْس وَذكر هِشَام عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة أَنه قَالَ إِذا جب من دستاق طَعَاما احتكره فَلَيْسَ بحكرة إِنَّمَا الحكرة أَن يَشْتَرِي من الْمصر قَالَ أَبُو يُوسُف وَإِن جلبه من نصف ميل فَلَيْسَ بحكرة وَإِن اشْتَرَاهُ من الرستاق واحتكره فِي الرستاق فَهُوَ محتكر وَمَا أَخذ من زرعه فَلَيْسَ بحكرة وَقَالَ مَالك الحكرة فِي كل شَيْء من الطَّعَام والكتان وَالزَّيْت وَالصُّوف وَجَمِيع الْأَشْيَاء وكل مَا أضرّ بِالسوقِ يمْنَع من محتكره كَمَا يمْنَع الْحبّ فَإِن لم يضر بِالسوقِ فَلَا بَأْس قَالَ وَلَا يمْنَع أهل الرِّيف أَن يشتروا من الْفسْطَاط الطَّعَام ويحملونه إِذا لم يضر بِأَهْل الْفسْطَاط فَإِن أضرّ بهم منعُوا من ذَلِك وَأما الثَّوْريّ فَإِنَّهُ كره كبس القت قَالَ وَكَانُوا يكْرهُونَ الاحتكار قَالَ الثَّوْريّ وَإِذا لم يُغير احتكار السُّوق فَلَا بَأْس كَانَ سعيد بن الْمسيب يحتكر الزَّيْت وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ المحتكر هُوَ الَّذِي يَشْتَرِيهِ من سوق الْمُسلمين ثمَّ يحْبسهُ وَقَالَ الْحسن بن حَيّ لَا يكون الْجَانِب محتكرا وَإِنَّمَا المحتكر من يَشْتَرِي من السُّوق يطْلب الرِّبْح وَقَالَ اللَّيْث كَقَوْل مَالك الجزء: 3 ¦ الصفحة: 422 وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يسعر على المحتكر وَلَا يُؤمر بِبيع طَعَامه وَقد روى كريب عَن ابْن عَبَّاس قَالَ غلا السّعر على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا يَا رَسُول الله سعر لنا فَقَالَ إِنَّمَا الغلاء والرخص بيد الله عز وَجل وَإِنِّي لأرجو أَن ألْقى الله تَعَالَى وَلَيْسَ أحد مِنْكُم يطلبني بمظلمة وَلَا حد وَلَا مَال وروى أَبُو هُرَيْرَة عَن النَّبِي ر مثله وروى مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن مُحَمَّد بن عَمْرو عَن سعيد بن الْمسيب عَن معمر بن عبد الله بن نَافِع بن نَضْلَة الْعَدوي قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لَا يحتكر إِلَّا خاطئ فَقلت لسَعِيد بن الْمسيب فَلم تحتكر قَالَ كَانَ معمر يحتكر وهذ يدل على أَن الَّذِي كَانَ يَفْعَله غير الَّذِي روى فِيهِ النَّهْي لِأَنَّهُ لَو كَانَ هُوَ أسقطت عَدَالَته وَرِوَايَته فَدلَّ أَنه أَرَادَ خَاصّا من الاحتكار وَهُوَ الَّذِي يضر بِالنَّاسِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 423 = كتاب السّير = 1575 - فِي الدُّعَاء قبل الْقِتَال قَالَ أَصْحَابنَا إِن دعوهم قبل الْقِتَال فَحسن وَلَا بَأْس بِأَن يُغيرُوا عَلَيْهِم بِغَيْر دَعْوَة وَقَالَ مَالك الدعْوَة أصوب إِلَّا أَن يعجل الْمُسلمُونَ عَن أَن يَدعُوهُم وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَنهُ لَا تسبوا حَتَّى تدعوا وَقَالَ اللَّيْث فِي الرّوم وَمن استهم أَنهم يُقَاتلُون وَلَا يدعونَ لِأَن الدعْوَة قد بلغتهم وَقَالَ الْحسن بن صَالح بن حَيّ يُعجبنِي كلما حدث إِمَام بعد إِمَام أحدث دَعْوَة لأهل الشّرك وَقَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي من لم تبلغهم الدعْوَة لم يقاتلوا حَتَّى يدعوا إِلَى الْإِيمَان فَإِن قتل مِنْهُم قبل ذَلِك فعلى من قَتله الدِّيَة قَالَ أَبُو جَعْفَر لبث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد الدعْوَة سِنِين يَدْعُو النَّاس إِلَى الأسلام الحديث: 1575 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 425 وَيُقِيم عَلَيْهِم الْحجَج والبراهين وَبِذَلِك أمره الله تَعَالَى بقوله {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أحسن فَإِذا الَّذِي بَيْنك وَبَينه عَدَاوَة كَأَنَّهُ ولي حميم} وَقَوله تَعَالَى {فَاعْفُ عَنْهُم وَاصْفَحْ} وَنَحْوهَا من الْآي ثمَّ أنزل عَلَيْهِ بعد ذَلِك {وَلَا تقاتلوهم عِنْد الْمَسْجِد الْحَرَام حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ} فأباح قتال من قَاتله وَلم يبح قتال من لم يقاتله وَفِي ذَلِك مَا كَانَ الْإِسْلَام يبشر وَيُقِيم الْحجَّة بِهِ على من لم يكن علمه قبل ذَلِك من الْكفَّار ثمَّ أنزل عَلَيْهِ {قَاتلُوا الَّذين يلونكم من الْكفَّار} فَأطلق لَهُ وَلِلْمُؤْمنِينَ الَّذين اتَّبعُوهُ قتال من يليهم من الْكفَّار قاتلوهم قبل ذَلِك أَو لم يقاتلوهم وَلم يبح قتال من لم يَله وَلذَلِك زِيَادَة فِي انتشار الْإِسْلَام فِي سَائِر الْبلدَانِ ثمَّ أنزل عَلَيْهِ {وقاتلوا الْمُشْركين كَافَّة كَمَا يقاتلونكم كَافَّة} فَأمر بِقِتَال الْمُخَالفين لدين الْإِسْلَام كَافَّة حَتَّى لَا يكون دين إِلَّا دين الله تَعَالَى تعبد بِهِ عباده وَقد تقدّمت معرفَة النَّاس جَمِيعًا بِالْإِسْلَامِ وَعَلمُوا منابذته عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أهل سَائِر الْأَدْيَان وَلم يذكر فِي شَيْء من الْآي الَّتِي أَمر فِيهَا بِالْقِتَالِ ذكر دُعَاء من أَمر بِقِتَال لأَنهم قد علمُوا خِلَافه لَهُم وَمَا يَدعُوهُم إِلَيْهِ وَقد روى سُفْيَان عَن ابْن أبي نجيح عَن أَبِيه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ مَا قَاتل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قوما حَتَّى يَدعُوهُم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 426 وروى حَمَّاد بن سَلمَة عَن ثَابت عَن انس قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُغير على الْعَدو عِنْد صَلَاة الصُّبْح فيستمع فَإِن سمع أذانا امسك وَإِلَّا اغار فَهَذَا يدل على أَنه كَانَ لَا يَدْعُو وروى نَافِع عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أغار على بني المصطلق وهم غَارونَ وأنعامهم على المَاء فَقتل مقاتليهم وسبى ذَرَارِيهمْ وَكَانَ فيهم جوَيْرِية وَفِي حَدِيث عَلْقَمَة بن مرْثَد عَن ابْن بُرَيْدَة عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا أَمر رجلا على سَرِيَّة قَالَ إِذا لقِيت عَدوك من الْمُشْركين فادعهم إِلَى إِحْدَى ثَلَاث خِصَال فَإِن هم أجابوك إِلَيْهَا فاقبل مِنْهُم وكف عَنْهُم ادعهم إِلَى الْإِسْلَام وَهَذَا يتَحَمَّل أَن يكون فِي قوم لم تبلغهم الدعْوَة وَلم يدروا مَا يدعونَ إِلَيْهِ لِأَنَّهُ قد ذكر الْجِزْيَة إِن لم يسلمُوا وَعَبدَة الْأَوْثَان من الْعَرَب لم يقبل مِنْهُم الْجِزْيَة وَقد روى ابْن عُيَيْنَة عَن عمر بن ذَر عَن ابْن أخي أنس ابْن مَالك عَن عَمه أَنه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث عليا عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى قوم يقاتلونهم ثمَّ بعث فِي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 427 أَثَره يَدعُوهُ وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تأته من خَلفه وائته من بَين يَدَيْهِ قَالَ وَأمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عليا عَلَيْهِ السَّلَام أَلا يقاتلوهم حَتَّى يَدعُوهُم وَهَذَا يحْتَمل أَيْضا أَن يكون من أهل الْكتاب الَّذين احْتِيجَ إِلَى ذكر الْجِزْيَة فِي دُعَائِهِمْ وروى أَبُو حَازِم عَن سهل بن سعد السَّاعِدِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَليّ وَسلم لما وَجه عَليّ بن أبي طَالب عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى خَيْبَر وَأَعْطَاهُ الرَّايَة قَالَ عَليّ يَا رَسُول الله أقاتلهم حَتَّى يكون مثلنَا فَقَالَ انفذ على رسلك حَتَّى تنزل بِسَاحَتِهِمْ ثمَّ ادعهم إِلَى الْإِسْلَام وَأخْبرهمْ بِمَا يجب عَلَيْهِم من حُقُوق الله تَعَالَى فوَاللَّه لِأَن يهدي الله بك رجلا وَاحِدًا خير لَك من ان تكون لَك حمر النعم 1576 - فِي الِاسْتِعَانَة بالمشركين قَالَ أَصْحَابنَا لَا بَأْس بالاستعانة بِأَهْل الشّرك على قتال الْمُشْركين إِذا كَانَ حكم الْإِسْلَام هُوَ الْغَالِب الْجَارِي عَلَيْهِم وَإِنَّمَا يكره الِاسْتِعَانَة بهم إِذا كَانَ حكم الشّرك الظَّاهِر وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا أكره أَن يستعان بهم وَقَالَ ملك لَا أرى ان يستعينوا بهم إِلَّا أَن يَكُونُوا خدما قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ الله سُبْحَانَهُ ( {لَا تَتَّخِذُوا بطانة من دونكم} وَقَالَ ( {وَمَا كنت متخذ المضلين عضدا} الحديث: 1576 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 428 وروى مَالك بن انس عَن الفضيل بن أبي عبد الله عَن عبد الله بن نيار الْأَسْلَمِيّ عَن عُرْوَة بن الزبير عَن عَائِشَة قَالَت خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل بدر فَلَمَّا كَانَ بحرة الْوَبرَة أَتَاهُ رجل فَقَالَ قد جئْتُك لأتبعك وَأُصِيب مَعَك فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أتؤمن بِاللَّه وَرَسُوله قَالَ لَا قَالَ فَارْجِع فَلَنْ نستعين بمشرك فَعَاد الرجل إِلَيْهِ ثَلَاث مَرَّات وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لَهُ ذَلِك قَالَ فَرجع فأدركه بِالْبَيْدَاءِ فَقَالَ لَهُ كَمَا قَالَ أول مرّة أتؤمن بِاللَّه وَرَسُوله فَقَالَ نعم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَانْطَلق قَالَ أَبُو جَعْفَر هَذَا يدل على أَنه كَانَ من عَبدة الْأَوْثَان لِأَنَّهُ دَعَاهُ إِلَى الْإِيمَان بِاللَّه وَأهل الْكتاب يُؤمنُونَ بِاللَّه وَرُوِيَ عَن أبي حميد السَّاعِدِيّ قَالَ خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم أحد فَرَأى كَتِيبَة خشناء فَقَالَ من هَؤُلَاءِ فَقَالُوا بني قينقاع وهم رَهْط عبد الله بن سَلام فَقَالَ أَسْلمُوا فَأَبَوا قَالَ لَهُم فَارْجِعُوا فَإِنِّي لَا أستعين بالمشركين على الْمُشْركين وَهَذَا يدل على أَن أهل الْكتاب وَعَبدَة الْأَوْثَان فِي منع الِاسْتِعَانَة بهم سَوَاء وَقد رُوِيَ أَنه لما بلغ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جمع أبي سُفْيَان ليخرج إِلَيْهِ يَوْم أحد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 429 انْطلق إِلَى بني النَّضِير وهم يهود فَقَالَ لَهُم فإمَّا قاتلتم مَعنا وَإِمَّا أعرتمونا سِلَاحا قَالَ أَبُو جَعْفَر وَيحْتَمل أَن يكون ذَلِك لضَرُورَة دعت إِلَيْهِ وَقد رُوِيَ أَن صَفْوَان بن أُميَّة شهد حنينا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ مُشْرك قَالَ مَالك لم يكن بِأَمْر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم 1577 - فِي أهل الذِّمَّة هَل يُسهم لَهُم قَالَ أَبُو حنيفَة لَا يُسهم لَهُم وَلَكِن يرْضخ لَهُم وَقَالَ الشَّافِعِي يستأجرهم الإِمَام من مَال لَا مَالك لَهُ بِعَيْنِه فَإِن أغفل ذَلِك الإِمَام أعْطى من سهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي مَوضِع آخر يرْضخ للمشرك إِذا قَاتل مَعَ الْمُسلمين قَالَ أَبُو جَعْفَر اتَّفقُوا أَن العَبْد إِذا قَاتل يجوز أَمَانه ويرضخ لَهُ وَالْكَافِر الَّذِي لَا يجوز أَمَانه أولى أَن لَا يُسهم لَهُ وَلَا يرْضخ الحديث: 1577 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 430 1578 - فِي العَبْد هَل يُسهم لَهُ قَالَ أَصْحَابنَا إِذا شهد الْقِتَال رضخ لَهُ وَلم يُسهم وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ مَالك لَا أعلم العَبْد يُعْطي شَيْئا وَقَالَ الْحسن بن حَيّ يُسهم العَبْد كَالْحرِّ وَقد روى يزِيد بن هُرْمُز عَن ابْن عَبَّاس فِي جَوَاب كتاب نجدة لم يكن يُسهم للْمَرْأَة وَالْعَبْد إِذا خصوا النَّاس إِلَّا أَن يحْذيَا من غَنَائِم الْقَوْم وروى عُمَيْر مولى آبي اللَّحْم قَالَ شهِدت خَيْبَر مَعَ سادتي فَكَلَّمُوا فِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِنِّي مَمْلُوك فَأمر لي فقلدت السَّيْف فَإِذا أَنا أجره فَأمر لي بِشَيْء من خرتي الْمَتَاع 1579 - فِي الْمَرْأَة هَل يُسهم لَهَا قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَاللَّيْث لَا يُسهم لَهَا ويرضخ وَقَالَ ابْن وهب سَأَلت مَالِكًا عَن النِّسَاء هَل يحذين من الْغَنَائِم فِي الْغَزْو فَقَالَ مَا علمت ذَلِك وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يُسهم للنِّسَاء الحديث: 1578 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 431 أسْهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للنِّسَاء بِخَيْبَر وَأخذ الْمُسلمُونَ بذلك بعده قَالَ أَبُو جَعْفَر فِي كتاب ابْن عَبَّاس إِلَى نجدة أَن النِّسَاء كن يحضرن الْغَزْو ويداوين المرضى ويحذين فِي الْغَنِيمَة وَلم يضْرب لَهُنَّ بِسَهْم 1580 - فِي الصَّبِي هَل يُسهم لَهُ قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ لَا يُسهم لَهُم ويرضخ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يُسهم لَهُ أسْهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للصبيان بِخَيْبَر وَقَالَ مَالك فِي الْغُلَام الَّذِي أطَاق الْقِتَال إِذا كَانَ مثله قد بلغ الْقِتَال فَإِنَّهُ يُسهم لَهُ وَإِن لم يبلغ قَالَ أَبُو جَعْفَر لما لم يجز أَمَانه كَالْعَبْدِ وَجب أَن لَا يُسهم لَهُ 1581 - فِي تخريب بِلَاد الْعَدو قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري لَا بَأْس بتخريب بِلَادهمْ وتحريق الشّجر لِأَن الله تَعَالَى يَقُول {مَا قطعْتُمْ من لينَة} الْآيَة قَالُوا وتذبح الْغنم وَتحرق إِذا لم يُمكن إخْرَاجهَا وَقَالَ مَالك تحرق النّخل والمواشي لَا تعرقب وَلَا تمس الحديث: 1580 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 432 وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ أكره قطع شَجَرَة مثمرة أَو تخريب قَرْيَة أَو كَنِيسَة وَقَالَ فِي رِوَايَة وَلَا بَأْس بِأَن يحرق الْحَضَر إِذا يبيحه الْمُسلمُونَ على مَا كَانَ فِيهِ من طَعَام أَو كَنِيسَة وَكره كسر الرَّحَى وإفسادها وَلَا بَأْس بتحريق الشّجر المثمر والبيوت إِذا كَانَت لَهُم معاقل وأكره تحريق الزَّرْع والكلأ وَكره اللَّيْث إحراق النّخل وَالشَّجر المثمر وَلَا يعرقب بَهِيمَة قَالَ أَبُو جَعْفَر رُوِيَ عَن أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ فِي وَصِيَّة الْجَيْش الَّذِي وَجهه إِلَى الشَّام وَلَا تغرقن نخلا وَلَا تحرقنها وَلَا تعقروا بَهِيمَة وَلَا شَجَرَة مثمرة وَلَا تهدموا بيعَة رَوَاهُ الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب وَهُوَ مُرْسل لِأَنَّهُ لم يُولد فِي أَيَّام أبي بكر رَضِي الله عَنهُ وَيحْتَمل أَن يكون مَعْنَاهُ مَا تَأَوَّلَه مُحَمَّد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ أخْبرهُم بِأَنَّهُم يفتحونها وَقَالَ الله تَعَالَى {مَا قطعْتُمْ من لينَة} الْآيَة وروى نَافِع عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحرق نخل بني النَّضِير الجزء: 3 ¦ الصفحة: 433 1582 - فِي زمن الْحصن بالمنجنيق وَغَيره قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري لَا بَأْس برمي حصون الْمُشْركين وَإِن كَانَ فيهم أُسَارَى من الْمُسلمين أَو أَطْفَال من الْمُسلمين وَلَا بَأْس بِأَن يحرقوا الْحصن ويقصد بِهِ الْمُشْركين وَإِن أَصَابُوا وَاحِدًا من الْمُسلمين فِي ذَلِك فَلَا دِيَة لَهُ وَلَا كَفَّارَة وَقَالَ الثَّوْريّ فِيهِ كَفَّارَة وَلَا دِيَة وَقَالَ مَالك لَا تحرق سفينة الْكفَّار إِذا كَانَ فِيهَا أُسَارَى من الْمُسلمين لقَوْل الله تَعَالَى {لَو تزيلوا لعذبنا الَّذين كفرُوا مِنْهُم عذَابا أَلِيمًا} أَي إِنَّمَا صرف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنْهُم لما كَانَ فيهم من الْمُسلمين لَو تزيل الْكفَّار عَن الْمُسلمين لعذب الْكفَّار وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا تترس الْكفَّار بأطفال الْمُسلمين مَا يرموا لقَوْل الله تَعَالَى {وَلَوْلَا رجال مُؤمنُونَ} قَالَ وَلَا تحرق الْمركب فِيهِ أُسَارَى الْمُسلمين وَيَرْمِي الْحصن بالمنجنيق وَإِن كَانَ فِيهِ أُسَارَى مُسلمين فَإِن أصَاب أحدا من الْمُسلمين فَهُوَ خطأ وَإِن جاؤوا يترسون بهم رموا وقصدوا الْعَدو وَهُوَ قَول اللَّيْث وَقَالَ الشَّافِعِي لَا بَأْس بِأَن يَرْمِي بهم الْحصن وَفِيهِمْ أُسَارَى وَأَطْفَال وَمن أُصِيب فَلَا شَيْء فِيهِ وَإِن تترسوا فَفِيهِ قَولَانِ أَحدهمَا يرْمونَ وَالْآخر لَا يرْمونَ إِلَّا أَن يَكُونُوا ملتحمين فَيضْرب الْمُشرك ويتوفى الْمُسلم جهده فَإِن أصَاب فِي هَذِه الْحَال مُسلما فَإِن علمه مُسلما فَالدِّيَة مَعَ الرَّقَبَة وَإِن لم يُعلمهُ مُسلما فالرقبة وَحدهَا الحديث: 1582 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 434 قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ الله تَعَالَى {وَلَوْلَا رجال مُؤمنُونَ} الْآيَة وَنهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قتل النِّسَاء والولدان من الْحَرْبِيين وَلم يمْنَع ذَلِك من الْغَارة عَلَيْهِم وَفِيهِمْ من قد نهى عَن قَتلهمْ وروى الزُّهْرِيّ عَن عبيد الله عَن ابْن عَبَّاس عَن الصعب بن جثامة قَالَ سُئِلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أهل الديار من الْمُشْركين يبيتُونَ فيصاب من ذَرَارِيهمْ وَنِسَائِهِمْ قَالَ هم مِنْهُم وَكَانَ يَأْمر السَّرَايَا بالغارة عَلَيْهِم وعَلى ذَلِك مضى الْخُلَفَاء الراشدون فَدلَّ ذَلِك على أَن الْآيَة الَّتِي ذكرهَا خُصُوصِيَّة لأهل مَكَّة 1583 - فِي السّفر بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرض الْعَدو قَالَ أَصْحَابنَا يكره أَن يُسَافر بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرض الْعَدو مَخَافَة أَن يَنَالهُ الْعَدو وَلَا يكره فِي الْعَسْكَر الْعَظِيم وَقَالَ مَالك لَا يُسَافر بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرض الْعَدو وروى مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ لَا يُسَافر بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرض الْعَدو مَخَافَة أَن يَنَالهُ الْعَدو الحديث: 1583 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 435 وروى أَيُّوب وَلَيْث بن أبي سليم عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ لَا يُسَافر بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرض الْعَدو فَإِنِّي أَخَاف أَن يَنَالهُ الْعَدو 1584 - فِي الجعائل قَالَ أَصْحَابنَا تكره الجعائل مَا كَانَ فِي الْمُسلمين قُوَّة أَو كَانَ فِي بَيت المَال بِمَا يفِيء بذلك فَأَما إِذا لم تكن بهم قُوَّة وَلَا مَال فَلَا بَأْس بِأَن يُجهز بَعضهم بَعْضًا وَيجْعَل الْقَاعِد للشاخص وَقَالَ مَالك لَا بَأْس بالجعائل لم يزل النَّاس يتجاعلون فِي الْمَدِينَة عندنَا وَذَلِكَ لأهل الْعَطاء وَمن لَهُ ديوَان وَكره مَالك أَن يُؤَاجر نَفسه أَو فرسه فِي سَبِيل الله وَكره أَن يُعْطِيهِ الْوَالِي الْجعل على أَن يتَقَدَّم إِلَى الْحصن فَيُقَاتل وَلَا يكره لَهُ العطايا الجعائل لِأَن الْعَطاء نَفسه مَأْخُوذ على هَذَا الْوَجْه وَكره الثَّوْريّ الْجعل وَكَرِهَهُ اللَّيْث وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يجوز أَن يَغْزُو بِجعْل من مَال رجل وأراده إِن غزا بِهِ وَإِنَّمَا أجزته من السُّلْطَان لِأَنَّهُ يَغْزُو بِشَيْء من حَقه قَالَ أَبُو جَعْفَر الْجِهَاد فرض على الْكِفَايَة وَمن فعله فَإِنَّمَا أدّى فَرْضه فَلَا يسْتَحق الْجعل على غَيره لِأَنَّهُ فعله فرضا لنَفسِهِ فَإِذا جَازَت الضَّرُورَة جَازَت المعاونة على وَجه الِاسْتِئْجَار وَلَا أَخذ بدل عَن الْغَزْو وَأَيْضًا فَإِن الحديث: 1584 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 436 الْغَازِي يسْتَحق سَهْما من الْغَنِيمَة دون الَّذِي أعطَاهُ الْجعل فاستحال أَن يجب لَهُ جعل فِيمَا جعله لنَفسِهِ 1585 - فِي سَهْمَان الْخَيل قَالَ أَبُو حنيفَة للفارس سَهْمَان وللراجل سهم وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَابْن أبي ليلى وَمَالك وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ للفارس ثَلَاثَة أسْهم وللراجل سهم وروى ابْن أبي ليلى عَن الحكم عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أسْهم يَوْم خَيْبَر للْفرس سَهْمَيْنِ وللفارس سَهْما وللراجل سَهْما يَعْنِي للراجل وروى إِبْرَاهِيم بن سعد عَن كثير مولى بني مَخْزُوم عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قسم لمائتي فرس يَوْم خَيْبَر سَهْمَيْنِ سَهْمَيْنِ فَأَما ابْن أبي ليلى فسيء الْحِفْظ وَأما كثير هَذَا مَجْهُول لَا يحْتَج بِهِ وروى عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جعل للْفرس سَهْمَيْنِ وللرجل سَهْما الحديث: 1585 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 437 وَقَالَ أَحدهمَا للراجل رَوَاهُ أَبُو أُسَامَة وَعبد الله بن نمير وَقَالَ أَبُو جَعْفَر وَحدثنَا يحيى بن عُثْمَان قَالَ حَدثنَا نعيم قَالَ حَدثنَا ابْن الْمُبَارك قَالَ أخبرنَا عبيد الله بن عمر عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه أسْهم للفارس سَهْمَيْنِ وللراجل سَهْما فَجعل فِي هَذَا الحَدِيث للفارس سَهْمَيْنِ وَذكر صَالح بن أَحْمد بن حَنْبَل عَن عَليّ بن الْمَدِينِيّ عَن يحيى الْقطَّان قَالَ سَأَلت عبيد الله الْعمريّ عَن حَدِيثه للفارس سَهْمَيْنِ فَقَالَ نَافِع مُرْسل وَلم ينْسبهُ أَيْضا وَقَالَ عَليّ بن الْمَدِينِيّ وحَدثني سليم بن أَخْضَر عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قسم فِي الْأَنْفَال للْفرس سَهْمَيْنِ وللرجل سَهْما وَقَالَ عبد الرَّحْمَن فَسَأَلت سُفْيَان عَنهُ فَقَالَ سَمِعت مِنْهُ وَلَكِن خالفوني فِيهِ وروى سعيد بن دَاوُد الزنبري عَن مَالك بن أنس عَن أبي الزِّنَاد عَن خَارِجَة بن زيد عَن زيد بن ثَابت أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعْطى الزبير أَرْبَعَة أسْهم سَهْما لَهُ مَعَ الْمُسلمين وسهمين للْفرس وَسَهْما لذِي الْقُرْبَى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 438 وَقَالَ أَبُو جَعْفَر وَهُوَ حَدِيث مُنكر لم يروه عَن مَالك إِلَّا الزنبري وَأَصْحَاب الحَدِيث لَا يثبتون رِوَايَته عَن مَالك وروى سعيد بن عبد الرَّحْمَن الْجُهَنِيّ وَإِسْمَاعِيل بن عَيَّاش عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عَن جده قَالَ ضرب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للزبير يَوْم خَيْبَر وَذكر مثله فَأَما إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش فَمنهمْ لَا يقبل شَيْئا من حَدِيثه وَمِنْهُم من يقبله عَن الشاميين خَاصَّة وَهَذَا حَدِيث خَارج عَن حَدِيثه عَن الشاميين وَرَوَاهُ سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير أَن الزبير كَانَ يضْرب لَهُ فِي الْمغنم بأَرْبعَة أسْهم وَذكر مثله وَهَذَا مُرْسل وسُفْيَان أجل من سعيد بن عبد الرَّحْمَن وَمن جِهَة النّظر أَن الْفرس آلَة فَالْقِيَاس أَن لَا يُسهم لَهُ كَسَائِر الْآلَات فَينزل الْقيَاس فِي السهْم الْوَاحِد وَأَيْضًا لَو حضر الْفرس دون الرجل لم يسْتَحق وَلَو حضر الرجل دون الْفرس اسْتحق فَلَمَّا لم نجاوز بِالرجلِ سَهْما وَاحِدًا كَذَلِك الْفرس الجزء: 3 ¦ الصفحة: 439 1586 - فِي البراذين قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَمَالك وَالشَّافِعِيّ البرذون وَالْفرس سَوَاء وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ كَانَ أَئِمَّة الْمُسلمين فِيمَا سلف لَا يسهمون للبراذين حَتَّى هَاجَتْ الْفِتْنَة من بعد قتل الْوَلِيد بن يزِيد وَقَالَ اللَّيْث للهجين والبرذون سهم وَاحِد وَلَا يلحقان بالعراب قَالَ أَبُو جَعْفَر روى ابْن عُيَيْنَة عَن الْأسود بن قيس عَن كُلْثُوم أَو عَليّ بن الْأَقْمَر وَإِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن الْمُنْتَشِر عَن أَبِيه قَالَ أغارت الْخَيل بِالشَّام وعَلى النَّاس رجل من هَمدَان يُقَال لَهُ الْمُنْذر بن أبي حميضة الوادعي فأدركت الْخَيل من يَوْمهَا وَأدْركت الكوادن من الْغَد فَقَالَ لَا أجعَل مَا أدْرك كَمَا لم يدْرك فَكتب إِلَى عمر فِيهِ فَكتب إِلَيْهِ عمر هبلت الوداعي أمه لقد اذكرت بِهِ امضوها على مَا قَالَ وَعَن عبد الله بن دِينَار سَأَلت ابْن الْمسيب عَن صَدَقَة البراذين فَقَالَ سعيد وَهل فِي الْخَيل من صَدَقَة وَعَن الْحسن البراذين بِمَنْزِلَة الْخَيل إِذا أدْركْت مَا يدْرك الْخَيل وَقَالَ مَكْحُول أول من قسم للبراذين خَالِد بن الْوَلِيد يَوْم دمشق قسم الحديث: 1586 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 440 للبراذين نصف سَهْمَان الْخَيل لما رأى من جريانها وَكَانَ يُعْطي للبراذين سَهْما سَهْما وَهُوَ مَقْطُوع وَهُوَ رَأْي لَيْسَ بتوقيف إِلَّا أَنه اعْتبر الْقُوَّة والحدة وَمن جِهَة النّظر أَن راجل الْعَرَبِيّ والعجمي سَوَاء فِي السهْمَان كَذَلِك خيل الْعَرَبِيّ والعجمي وَأَيْضًا فَإِن البرذون إِن كَانَ من الْخَيل فيسهمه سهم الْخَيل وَإِن لم يكن مِنْهُ وَلَا سهم لَهُ كالبغل وَالْحمار 1587 - فِيمَن يَغْزُو بأفراس قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد وَمَالك وَالشَّافِعِيّ لَا يُسهم إِلَّا لفرس وَاحِد وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث يُسهم الفرسين 1588 - فِيمَن دخل رَاجِلا وفارسا قَالَ أَصْحَابنَا إِذا دخل رَاجِلا ثمَّ ابْتَاعَ فرسا ضرب لَهُ بِسَهْم راجل وَإِن دخل فَارِسًا ثمَّ نفق فرسه ضرب لَهُ بِسَهْم فَارس وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا شهد شَيْئا من الْحَرْب فَإِن شَاءَ ضرب لَهُ بِسَهْم فَارس وَإِلَّا ضرب لَهُ بِسَهْم راجل وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا أعتبر الدُّخُول وَإِنَّمَا أعتبر الْقِتَال وَهُوَ قَول اللَّيْث وَذكر ابْن الْمُبَارك عَن أبي حنيفَة إِذا دخل أَرض الْحَرْب بفرس فنفق ثمَّ غنموا أعْطى لفرسه وَإِن بَاعَ فرسه أوردهُ لم يُعْط لفرسه وَإِن دخل رَاجِلا ثمَّ اشْترى فرسا فِي دَار الشّرك أعطي سهم فرس وَقد كَانَ مرّة قَالَ لَا يعْطى لفرسه إِذا لم يدْخل بِهِ مَعَه وَهَذَا خلاف مَا رَوَاهُ عَنهُ أَبُو يُوسُف الحديث: 1587 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 441 1589 - فِيمَن يَمُوت غازيا فِي دَار الْحَرْب قَالَ أَصْحَابنَا لَا شَيْء لَهُ فِي الْغَنِيمَة وَقَالَ مَالك إِذا مَاتَ قبل أَن يضمن أَو يُقَاتل فَلَا شَيْء لَهُ وَإِن قَاتل ثمَّ مَاتَ غنموا فَلهُ سَهْمه وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ من مَاتَ أَو قتل فَلهُ سَهْمه وَهُوَ قَول اللَّيْث 1590 - فِي التَّاجِر الْأَجِير الْحَرْبِيّ هَل يسْتَحق السهْم قَالَ أَصْحَابنَا إِن قَاتلُوا اسْتحق السهْمَان وَإِن لم يقاتلوا فَلَا شَيْء لَهُم وَلَو دخل مُقَاتِلًا فَأسر ثمَّ تخلص قبل إِخْرَاج الْغَنِيمَة فَلهُ سَهْمه وَهُوَ قَول مَالك فِي التَّاجِر والأجير وَقَالَ الثَّوْريّ التُّجَّار يُسهم لَهُم من الْغَنِيمَة وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ من أسلم فِي دَار الشّرك ثمَّ خرج إِلَى الْعَسْكَر اسْتحق السهْم إِذا أدركهم قبل الْغَنِيمَة وَإِن جَاءَ بعد قسمتهَا فَلَا شَيْء لَهُ قَالَ وَلَا سهم للْعَبد وَلَا للْأَجِير وَقَالَ الْحسن بن صَالح يُسهم للْأَجِير وَقَالَ اللَّيْث الْأَجِير لَا شَيْء لَهُ وَمن أسلم وَخرج إِلَى الْعَسْكَر فَإِن قَاتل فَلهُ سَهْمه وَإِن لم يُقَاتل فَلَا شَيْء لَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ الله تَعَالَى {وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم من شَيْء} فَجَعلهَا للغانمين وَمن لم يُقَاتل عَلَيْهَا فَلَيْسَ بغانم فَلَا يسْتَحق الحديث: 1589 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 442 1591 - فِي إخصاء الْبَهَائِم قَالَ مُحَمَّد إخصاء الْخَيل يكره لِأَن صهيله يرهب الْعَدو وَلَيْسَ بِحرَام وَعَن عمر رَضِي الله عَنهُ أَنه نهى عَن إخصاء الْخَيل وَكره مَالك إخصاء الْخَيل وَلم يكره إخصاء سَائِر الْبَهَائِم وَكره الثَّوْريّ إخصاء شَيْء وَقَالَ إِنَّهَا مثلَة وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يكره إخصاء الْخَيل إِلَّا أَن يصول فَإِن صال فَلَا بَأْس بإخصائه وَذكر نَحوه عَن مَالك قَالَ أَبُو جَعْفَر روى عبد الله بن نَافِع عَن أَبِيه عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى أَن يخصى الْإِبِل وَالْبَقر وَالْغنم وَالْخَيْل وَعبد الله بن نَافِع لَا يحْتَج بحَديثه وَرَوَاهُ مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر مَوْقُوف وَقد روى أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ضحى بكبشين موجئين فَلَو كَانَ ذَلِك مَكْرُوها لما ضحى بهما رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَن ذَلِك يكون ذَرِيعَة إِلَى الإخصاء وَقد رُوِيَ إخصاء الْبَهَائِم عَن عُرْوَة وَطَاوُس وَعَطَاء الحديث: 1591 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 443 1592 - فِي الدَّابَّة تقف فِي دَار الْحَرْب قَالَ أَصْحَابنَا إِذا لم يسْتَطع إِخْرَاجه ذبحه ثمَّ أحرقه وَالسِّلَاح وَالْمَتَاع يحرق وَالْحَدِيد يدْفن وَقَالَ مَالك إِن شَاءَ عرقبه وَإِن شَاءَ ضرب عُنُقه وَكره ذبحه لِأَن الله تَعَالَى قَالَ {فَطَفِقَ مسحا بِالسوقِ والأعناق} وَقَالَ اللَّيْث يتْركهُ وَلَا يعرقبه وَيكسر السِّلَاح وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يقتل وَلَا يذبح إِلَّا لمأكله وَيجوز أَن يعرقبه إِذا كَانَ رَاكِبه حَرْبِيّا قَالَ أَبُو جَعْفَر رُوِيَ أَن جَعْفَر بن أبي طَالب عَلَيْهِ السَّلَام عرقب فرسه وَقَاتل الْقَوْم حَتَّى قتل وَرُوِيَ أَن خَالِد الْحذاء عَن أبي قلَابَة عَن أبي الْأَشْعَث عَن شَدَّاد بن أَوْس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ إِن الله كتب الْإِحْسَان على كل شَيْء فَإِذا قتلتم فَأحْسنُوا القتلة وَإِذا ذبحتم فَأحْسنُوا الذّبْح وليحد أحدكُم شفرته وليرح ذَبِيحَته وَالذّبْح أحسن من الْعقر وأوجأ وَإِنَّمَا عقر جَعْفَر لِأَنَّهُ خشِي أَن يكون من الْعَدو مَا يشْغلهُ عَنهُ الحديث: 1592 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 444 وروى ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى أَن يمثل بالبهائم 1593 - فِي تسييب الدَّابَّة تقف فيرسلها صَاحبهَا قَالَ أَصْحَابنَا فِي الرجل يسيب دَابَّته وَقد وقفت فَأَخذهَا آخر وَأنْفق عَلَيْهَا إِن صَاحبهَا يَأْخُذهَا وَلَا نَفَقَة عَلَيْهِ وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وروى وهب عَن مَالك فِيمَن ترك دَابَّة وَقد قَامَت عَلَيْهِ بمضيعة لَا يَأْكُل وَلَا يشرب فَمن أَخذهَا فأحياها فَإِنَّهُ يَأْخُذهَا وَيدْفَع إِلَيْهِ أجره وَمَا أنْفق عَلَيْهَا وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَنهُ لَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ أجر وَله النَّفَقَة وَقَالَ الْحسن بن حَيّ فِي الرجل يَأْكُل التَّمْر ويلقي النَّوَى أَنه لمن أَخذه وَكَذَلِكَ من خلى عَن دَابَّته أَو غير ذَلِك فأباحه للنَّاس فَمن أَخذه فَهُوَ لَهُ وَلَا يرجع فِيهِ الأول إِلَّا أَن يَقُول لم أبحه للنَّاس فَيَأْخذهُ مَعَ يَمِينه أَنه لم يبحه وَقَالَ اللَّيْث من ترك دَابَّة قَامَت عَلَيْهِ بمضيعة لَا يَأْكُل وَلَا يشرب فَمن أَخذهَا وأحياها فَهِيَ لَهُ إِلَّا أَن يكون تَركه وَهُوَ يُرِيد أَن يرجع إِلَيْهِ فَرجع مَكَانَهُ فَهُوَ لَهُ وَكَذَلِكَ الْقَوْم فِي الْمركب يتخوفون فيلقون مَتَاعهمْ فَمن أَخذه فَهُوَ لَهُ وَلَا شَيْء للَّذي ألْقى الْمَتَاع لأَنهم ألقوه على وَجه الْإِيَاس مِنْهُ قَالَ أَبُو جَعْفَر لم يَخْتَلِفُوا أَنه لَو أيس من حَيَاة عَبده فَخَلَّاهُ ثمَّ وجده فِي يَد غَيره فَهُوَ أَحَق بِهِ كَذَلِك غَيره 1594 - فِيمَن أعْطى شَيْئا فِي سَبِيل الله تَعَالَى قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قَالَ ثلث مَالِي وَصِيَّة فِي سَبِيل الله فَإِنَّهُ يُعْطي الْفُقَرَاء فِي سَبِيل الله فَيكون لَهُم وَإِن مَاتَ قبل أَن يَغْزُو كَانَ مِيرَاثا عَنهُ لِأَن ذَلِك صَدَقَة عَلَيْهِ الحديث: 1593 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 445 وَقَالَ مَالك إِذا أعْطى رجلا وَقَالَ هُوَ لَك فِي سَبِيل الله فَلهُ أَن يَبِيعهُ وَإِن قَالَ هُوَ فِي سَبِيل الله اركبه فَرده وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا أعْطى شَيْئا فِي سَبِيل الله إِن شَاءَ وَضعه فِيمَن يَغْزُو من أهل الثغور وَإِن شَاءَ قسمه فِي فقرائهم وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِيمَن أعْطى شَيْئا فِي سَبِيل الله أَنه كَسَائِر مَاله مَا لم يقل حبس أَو مَوْقُوف إِنَّه وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا أعْطى فرسا فِي سَبِيل الله فِي الزَّكَاة فَهِيَ لَهُ وَإِن كَانَ فِي غير الزَّكَاة فَمَاتَ جعله فِي مثله وَقَالَ اللَّيْث إِذا أعْطى شَيْئا فِي سَبِيل الله لم يَبِعْهُ حَتَّى يبلغ مغزاه ثمَّ يصنع بِهِ مَا شَاءَ وَكَذَلِكَ الْفرس إِلَّا أَن يكون حوله حبسا فَلَا يُبَاع وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن إِذا قَالَ هُوَ لَك فِي سَبِيل الله فَرجع فَهُوَ لَهُ وَإِن قَالَ فِي سَبِيل الله فَرجع بِهِ رده حَتَّى يَجعله فِي سَبِيل الله وَقَالَ الشَّافِعِي الْفرس الْمَحْمُول عَلَيْهَا فِي سَبِيل الله هِيَ لمن يحمل عَلَيْهَا قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ الله تَعَالَى فِي الصَّدقَات فِي سَبِيل الله تَعَالَى فَهُوَ تمْلِيك لِأَن الصَّدَقَة تمْلِيك وبلوغ المغزى لَا اعْتِبَار بِهِ لِأَنَّهُ إِن ملكه فِي الْحَال على أَن يَغْزُو بِهِ فالملك صَحِيح يتَصَرَّف فِيهِ تصرف الْمَالِك وَإِن كَانَ قَالَ إِذا بلغت مغزاك فَهُوَ لَك فَهَذَا تمْلِيك على مخاطرة فَلَا يَصح 1595 - فِي الْمركب يطْرَح فِيهِ النَّار قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ إِن لم يرج الْخَلَاص من النَّار وَلَا من طرح نَفسه فِي الْبَحْر فعل أَيهمَا شَاءَ وَقَالَ مُحَمَّد لَا يطْرَح نَفسه فِي الْبَحْر وَهُوَ قَول الثَّوْريّ الحديث: 1595 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 446 قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ الله تَعَالَى {وَلَا تقتلُوا أَنفسكُم} فَقَوْل مُحَمَّد أصوب 1596 - فِي الحرس أَو الصَّلَاة قَالَ أَصْحَابنَا إِن كَانَ هُنَاكَ من يَكْفِي الحرس فَالصَّلَاة أفضل وَإِن لم يكن كَذَلِك فالحرس أفضل وَإِن أمكنه أَن يجمع بَينهمَا فَهُوَ أفضل وَهَذَا قَول الشَّافِعِي وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ الحرس أفضل وَهُوَ قَول اللَّيْث قَالَ أَبُو جَعْفَر الحرس فرض على الْكِفَايَة فَهُوَ أفضل من صَلَاة التَّطَوُّع 1597 - فِي الْحَرْبِيّ يدْخل إِلَيْنَا بِغَيْر أَمَان قَالَ أَبُو يُوسُف فِي الْإِيلَاء إِذا وجد الْحَرْبِيّ فِي دَار الْإِسْلَام بِغَيْر أَمَان فَهُوَ فَيْء وَكَذَلِكَ فِي السّير الصَّغِير وَقَالَ مُحَمَّد فِي السّير الْكَبِير قَالَ أَبُو حنيفَة هُوَ فَيْء وَقَالَ مُحَمَّد هُوَ لمن وجده وَقَالَ مَالك هُوَ فَيْء الْمُسلمين وَقَالَ الثَّوْريّ هُوَ أَسِير إِذا أَخَذُوهُ وَقَالَ مَالك هُوَ لأهل الرِّبَاط الَّذِي سقط إِلَيْهِم وَقَالَ الشَّافِعِي هُوَ فَيْء إِلَّا أَن يسلم قبل أَن يظفر بِهِ الحديث: 1596 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 447 قَالَ أَبُو جَعْفَر الْقيَاس أَن يكون لمن أَخذه وَفِيه الْخمس لِأَنَّهُ لم يُؤْخَذ بِقُوَّة الْمُسلمين وَقد رُوِيَ هَذَا القَوْل عَن أبي يُوسُف وَمُحَمّد 1598 - فِي أَخذ الْمُبَاحَات فِي دَار الْحَرْب قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري إِذا دخل مَعَ عَسْكَر الْمُسلمين فَأخذ شَيْئا من صيد أَو جَوْهَر أَو عسل أوحسالة قيمه فَذَلِك كُله فَيْء وَلَا يكون لَهُ مِنْهُ شَيْء دون أهل الْعَسْكَر وَلَو بَاعَ شَيْئا من ذَلِك الْعَسْكَر لم يطْلب لَهُ ثمنه وَلم يجز لَهُ بَيْعه وَكَذَلِكَ الْحَطب وَلَو أَخذ حشيشا فَبَاعَهُ طَابَ ثمنه لقَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام النَّاس شُرَكَاء فِي ثَلَاث وَكَذَلِكَ قَول مَالك فِي الطير وقصب النشاب والعصى السَّبع إِلَّا أَن يَأْخُذهُ لمَنْفَعَة نَفسه أَو لهدية فَيجوز وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يجوز أَن يَأْخُذ مَا لَيْسَ لَهُ ثمن وَفِي رِوَايَة أُخْرَى يَأْخُذ من الْمُبَاح مَا لم يحوزوا فِي بُيُوتهم وَقَالَ الشَّافِعِي جَمِيع الْمُبَاحَات لَهُ وَلَا خمس إِلَّا فِي الذَّهَب فَفِيهِ الْخمس إِلَّا أَن يكون الْمُشْركُونَ قد أحرزوه فَيكون غنيمَة قَالَ أَبُو جَعْفَر لَو وجد صيدا فِي أَرض رجل كَانَ لَهُ دون مَالك الأَرْض فَكَذَلِك مَا أَخذه فِي أَرض الْحَرْب وَأما الشّجر فَلَو قطعه فِي ملك رجل كَانَ لمَالِك الأَرْض فَكَذَلِك إِذا أَخذه من ملك رجل من أَرض الْحَرْب فَهُوَ غنيمَة وَإِن أَخَذُوهُ من غير ملك فَهُوَ لمن أَخذه الحديث: 1598 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 448 1599 - فِي أَمَان العَبْد قَالَ أَبُو حنيفَة أَمَانَة غير جَائِز إِلَّا أَن يُقَاتل وَرُوِيَ نَحوه عَن أبي يُوسُف فِي الْإِمْلَاء كَمَا رُوِيَ عَن عمر رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ مُحَمَّد يجوز أَمَانه وَإِن لم يُقَاتل وَهُوَ قَول مَالك وَالثَّوْري وَاللَّيْث وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ 1600 - فِي الْحَرْبِيّ الْمُسْتَأْمن يكون مَعَه أسرى من الْمُسلمين قَالَ أَصْحَابنَا إِذا أعطيناه الْأمان على أَن يدْخل إِلَيْنَا بأسرى الْمُسلمين للْفِدَاء ثمَّ هرب الأسرى مِنْهُم قبل أَن يفادوا لم يردهم عَلَيْهِ وَإِذا اشترطوا فِي أمانهم ردهم لم يردهم وَلم يُعْطوا الْفِدَاء وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَاللَّيْث وَقَالَ مَالك إِذا أسلم رهن دَار الْحَرْب من أَيْدِينَا وَقَالُوا لَا تردونا رددناهم قَالَ أَبُو جَعْفَر روى عُرْوَة عَن الْمسور ومروان أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما أَرَادَ صلح أهل مَكَّة قَالَ سُهَيْل بن عَمْرو على أَلا يَأْتِيك منا رجل وَإِن كَانَ مُسلما إِلَّا رَددته إِلَيْنَا وَأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رد أَبَا جندل بن سُهَيْل بن عَمْرو وَجَاء نسَاء مؤمنات مهاجرات فَأنْزل الله تَعَالَى {وَلَا تمسكوا بعصم الكوافر} وَإِلَى هَذَا الحَدِيث ذهب مَالك وَهَذَا مَنْسُوخ لِأَن الصُّلْح فِي رد من جَاءَ مُسلما الحديث: 1599 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 449 وَلم يخْتَص بِالرِّجَالِ دون النِّسَاء ثمَّ نسخ الله الحكم فِي النِّسَاء بقوله تَعَالَى {إِذا جَاءَكُم الْمُؤْمِنَات مهاجرات} وَنسخ الحكم فِي الرِّجَال بِمَا روى إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد عَن قيس بن أبي حَازِم عَن خَالِد بن الْوَلِيد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَعثه إِلَى أنَاس من خثعم فَاعْتَصمُوا بِالسُّجُود فَقَتلهُمْ فوداهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنصْف الدِّيَة وَقَالَ إِنِّي بَرِيء من كل مُسلم مَعَ مُشْرك لَا ترَاءى ناراهما وَهَذَا يُوجب نسخ الأول لِأَنَّهُ كَانَ بعده لِأَن خَالِدا كَانَ مُشْركًا فِي صلح الْحُدَيْبِيَة إِن كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ من حكمه رد الْمُسلمين إِلَى الْبَرَاءَة مِنْهُ وَقد اتَّفقُوا أَيْضا على أَن عبد الْحَرْبِيّ الْمُسْتَأْمن لَو أسلم منع من رده إِلَى دَار الْحَرْب وأجبره على بَيْعه 1601 - فِي الْحَرْبِيّ الْمُسْتَأْمن يَأْتِي مَا يُوجب الْحَد قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد وَالشَّافِعِيّ لَا يحد الْحَرْبِيّ الْمُسْتَأْمن إِذا زنى أَو سرق وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَأَبُو يُوسُف يحد للزِّنَا وَالسَّرِقَة وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ وَالثَّوْري وَقَالَ مَالك لَا يحد للزِّنَا وتقطع فِي السّرقَة قَالَ وَلَو سرق مُسلم من حَرْبِيّ مستأمن قطع الحديث: 1601 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 450 1602 - فِي الْحَرْبِيّ الْمُسْتَأْمن يدل على عَورَة الْمُسلم قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري لَا يكون ذَلِك نقضا للْعهد فِي حَرْبِيّ وَلَا ذمِّي وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ هَذَا نقض للْعهد وَقد خرج من الذِّمَّة إِن شَاءَ الْوَالِي قَتله وَإِن شَاءَ صلبه وَقَالَ مَالك فِي أهل الذِّمَّة إِذا تلصصوا وَقَطعُوا الطَّرِيق لم يكن ذَلِك نقض للْعهد حَتَّى يمنعوا الْجِزْيَة وينتقضوا الْعَهْد ويمتنعوا من أهل الْإِسْلَام فَهَؤُلَاءِ فيىء إِذا كَانَ الإِمَام يعدل فيهم وَقَالَ مَالك فِي الذِّمِّيّ يستكره الْمسلمَة فيزني بهَا فَهُوَ خَارج من الْعَهْد وَإِن طاوعته لم يخرج وَقَالَ الشَّافِعِي لَا ينْقض الْعَهْد بِشَيْء فعله الْمعَاهد إِلَّا الِامْتِنَاع من أَدَاء الْجِزْيَة والامتناع من الحكم فَإِذا فعلوا ذَلِك نبذ إِلَيْهِم وَإِن كَانَ الْمُسْتَأْمن عينا للْمُشْرِكين لم يقتل وعوقب قَالَ أَبُو جَعْفَر لم يَخْتَلِفُوا أَن الْمُسلم لَو فعل ذَلِك لم يبح دَمه كَذَلِك الْمُسْتَأْمن وَالذِّمِّيّ 1603 - فِي الْمُسْتَأْمن يودع أَو يقْرض قَالَ أَصْحَابنَا إِذا أودع الْحَرْبِيّ الْمُسْتَأْمن أَو أقْرض ثمَّ لحق بدار الْحَرْب فَأسر فالوديعة فيىء وَالْقَرْض على الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ بَاطِل وعَلى قَول مَالك الْوَدِيعَة فيىء وَقَالَ الشَّافِعِي الدّين والوديعة مغنوم إِذا رَجَعَ إِلَى دَار الْحَرْب وَقتل وَرُوِيَ عَنهُ أَنه لوَرثَته الحديث: 1602 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 451 1604 - فِي الْحَرْبِيّ الْمُسْتَأْمن يتَزَوَّج ذِمِّيَّة قَالَ أَصْحَابنَا لَا يصير ذِمِّيا وَإِن كَانَت حربية مستأمنة تزوجت ذِمِّيا فَهِيَ ذِمِّيَّة وَقَالَ الشَّافِعِي لَا تصير ذِمِّيَّة بِالتَّزْوِيجِ إِلَّا أَن لزَوجهَا أَن يمْنَعهَا الرُّجُوع وَله أَن يَدعهَا ترجع وَإِن طَلقهَا أَو مَاتَ عَنْهَا فلهَا أَن ترجع 1605 - فِي الْحَرْبِيّ الْمُسْتَأْمن يسلم قَالَ أَصْحَابنَا الْحَرْبِيّ الْمُسْتَأْمن يسلم وَله فِي دَار الْحَرْب أَمْوَال وعقار وَامْرَأَة حَامِل وَأَوْلَاد صغَار وكبار فَظهر على الدَّار فَهَذَا كُله فيىء وَهُوَ قَول مَالك وَاللَّيْث وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يتْرك لَهُ أَهله وَعِيَاله قَالَ أَصْحَابنَا وَإِن أسلم هُنَاكَ ثمَّ خرج وَأَوْلَاده صغَار أَحْرَار مُسلمُونَ وَمَا أودعهُ ذِمِّيا أَو مُسلما فَهُوَ لَهُ وَالْبَاقِي كُله فيىء وَقَالَ الشَّافِعِي من خرج إِلَيْنَا مِنْهُم مُسلما أحرز مَاله وصغار وَلَده 1606 - فِي الْمُسلم يتَزَوَّج فِي دَار الْحَرْب قَالَ أَصْحَابنَا فِي الْمُسلم يتَزَوَّج حربية فِي دَار الْحَرْب فَتحمل مِنْهُ ثمَّ يظْهر الْمُسلمُونَ على الدَّار فَهِيَ وَمَا فِي بَطنهَا فيىء وَلَو كَانَت وَلدته لم يكن فَيْئا وَهِي فيىء وَقَالَ الشَّافِعِي الْوَلَد حر لِأَنَّهُ مُسلم بِإِسْلَام أَبِيه الحديث: 1604 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 452 1607 - فِي نبش قُبُور الْمُشْركين قَالَ أَصْحَابنَا لَا بَأْس بنبش قُبُور الْمُشْركين طلبا لِلْمَالِ وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ مَالك أكرهه وَلَيْسَ بِحرَام وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا يفعل لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما مر بِالْحجرِ سجا ثَوْبه على رَأسه واستحث رَاحِلَته ثمَّ قَالَ لَا تدْخلُوا بيُوت الَّذين ظلمُوا أنفسهم إِلَّا أَن تدخلوها وَأَنْتُم باكون مَخَافَة أَن يُصِيبكُم مَا أَصَابَهُم فقد نهى أَن يدخلوها عَلَيْهِم وَهِي بُيُوتهم فَكيف يدْخلُونَ قُبُورهم قَالَ أَبُو جَعْفَر وَهَذَا الحَدِيث يرويهِ الزُّهْرِيّ مُرْسل وَقد ذكر فِيهِ أَن لَا تدخلوها إِلَّا وَأَنْتُم باكون فأباح دُخُولهَا على هَذَا الْوَجْه وَقد رُوِيَ أَنه لما أَتَى ذَلِك الْوَادي أَمر النَّاس فَأَسْرعُوا وَقَالَ هَذَا وَاد مَلْعُون وَرُوِيَ أَنه أَمر بالعجين فَطرح وَقد روى مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن إِسْمَاعِيل بن أُميَّة عَن بجير ابْن أبي بجير قَالَ سَمِعت عبد الله بن عَمْرو يَقُول سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين خرجنَا إِلَى الطَّائِف فمررنا بِقَبْر فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذَا قبر أبي رِغَال وَهُوَ أَبُو ثَقِيف وَكَانَ من ثَمُود وَكَانَ بِهَذَا الْحَرَام يدْفع عَنهُ فَلَمَّا خرج أَصَابَته النقمَة بِهَذَا الْمَكَان فَدفن فِيهِ وَآيَة ذَلِك أَنه دفن مَعَه غُصْن من الحديث: 1607 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 453 ذهب إِن أَنْتُم نَبَشْتُمْ عَنهُ أصبتموه مَعَه فَابْتَدَرَهُ النَّاس فَاسْتَخْرَجُوا مَعَه الْغُصْن وَفِي الحَدِيث إِبَاحَة نبش قبر الْمُشرك لأجل المَال وَقد روى عَن أنس قَالَ كَانَ مَوضِع مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قُبُور الْمُشْركين وَكَانَ فِيهِ حرث ونخل فَأمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقبور المشتركين فنبشت وبالحرث فسويت وبالنخل فَقطع 1608 - فِي الْأَسير هَل يمد عُنُقه للْقَتْل قَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا بَأْس وَقَالَ الثَّوْريّ أكرهه لَا يَنْبَغِي أَن يُمكن من نَفسه إِلَّا مجبورا 1609 - فِي الْمُسْتَأْمن الْمُسلم يُقَاتل مَعَ المشتركين قَالَ أَصْحَابنَا لَا يَنْبَغِي أَن يقاتلوا مَعَ أهل الشّرك لِأَن حكم الشّرك هُوَ الظَّاهِر وَهُوَ قَول مَالك وَقَالَ الثَّوْريّ يُقَاتلُون مَعَهم وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا يُقَاتلُون إِلَّا أَن يشترطوا عَلَيْهِم إِن غلبوا أَن يردوهم إِلَى دَار الْإِسْلَام وَللشَّافِعِيّ قَولَانِ قَالَ أَبُو حعفر الْقِتَال الَّذِي دَعَاهُ وَلَاؤُه إِلَى الْمُسلمين هُوَ قتال تَحت الحديث: 1608 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 454 راية الْكفْر وَقد قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنا بَرِيء من كل مُسلم مَعَ مُشْرك لَا يتَرَاءَى ناراهما وروى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ لرجل من الْمُشْركين جَاءَ يبايعه وَيُقَاتل مَعَه وَهُوَ مُشْرك فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أرجع فَلَنْ نستعين بمشرك 2 وَأَيْضًا فَإِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَأْمر يالقتال على شَرَائِط أَحدهَا الدُّعَاء إِلَى الْإِسْلَام ثمَّ قَالَ فَإِن فَأَبَوا فادعهم إِلَى إِعْطَاء الْجِزْيَة فَإِن اجابوك فاقبل مِنْهُم وَإِن أَبَوا فَقَاتلهُمْ فَإِن قيل روى أَن الزبير قَاتل بِالْحَبَشَةِ مَعَ النَّجَاشِيّ عدوا آخر قبل لَهُ النَّجَاشِيّ كَانَ مُسلما وَأَيْضًا فَلم يذكر فِيهِ قتال وَإِنَّمَا ذهب يعرف خبرهم فَأخْبر الْمُهَاجِرين 1610 - فِي العميان وَأَصْحَاب الصوامع قَالَ أَصْحَابنَا لَا يقتل العميان وَلَا الْمَعْتُوه وَلَا المقعد وَلَا أَصْحَاب الصوامع الَّذين طينوا الْبَاب عَلَيْهِم لَا يخالطون النَّاس وَهُوَ قَول مَالك قَالَ مَالك وَأرى أَن يتْرك لَهُم من أَمْوَالهم مِقْدَار مَا يعيشون بِهِ وَمن خيف مِنْهُ قتل وَقَالَ الثَّوْريّ لَا يقتل الشَّيْخ وَلَا الْمَرْأَة وَلَا المقعد وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا يقتل الحراث والزراع وَلَا الشَّيْخ الْكَبِير وَلَا الْمَجْنُون عَنهُ وَلَا رَاهِبًا وَلَا امْرَأَة الحديث: 1610 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 455 وَقَالَ اللَّيْث لَا يقتل الراهب فِي صومعته وَيتْرك لَهُ من مَاله الْقُوت وَعَن الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ قَولَانِ أَحدهمَا أَنه يقتل الشَّيْخ والراهب وَهُوَ عِنْد الْمُزنِيّ أولى قَالَ أَبُو جَعْفَر روى سُفْيَان الثَّوْريّ عَن عبد الله بن ذكْوَان عَن المرقع بن صَيْفِي عَن حَنْظَلَة الْكَاتِب كنت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمر بِامْرَأَة لَهَا حلق فَلَمَّا جَاءَ أفرجوا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا كَانَت هَذِه تقَاتل ثمَّ اثبع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَالِدا أَن لَا تقتل امْرَأَة وَلَا عسيفا فَدلَّ على أَنه إِنَّمَا يقتل من كَانَ من أهل الْقِتَال وَقد قتل يَوْم خَيْبَر دُرَيْد بن الصمَّة وَكَانَ ذَا رَأْي ومكيدة فِي الْحَرْب 1611 - فِي سلب الْقَتِيل قَالَ أَصْحَابنَا السَّلب من غنيمَة الْجَيْش إِلَّا أَن يكون الْأَمِير نفله قَالَ أَبُو جَعْفَر روى عَن أبي قَتَادَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نفله سلب قَتِيل قَتله وَلم يبين السَّبَب فِيهِ هَل كَانَ تقدم فِيهِ القَوْل فِي ذَلِك أم لَا وَذكر فِي حَدِيث آخر أَنه كَانَ يَوْم حنين وجال النَّاس قتلت رجلا من المشتركين ثمَّ رَجَعَ النَّاس فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قتل قَتِيلا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَة فَلهُ سلبه فَقُمْت فَقلت من يشْهد لي ثَلَاثًا فَقَامَ رجل من الْقَوْم فَقَالَ الحديث: 1611 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 456 صدق وسبله عِنْدِي فارضه مِنْهُ فَقَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ لَا هَا الله إِذا لَا يعمد إِلَى أَسد من أَسد الله يُقَاتل عَن الله وَعَن رَسُوله فيعطيك سلبه فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صدق فاعطه إِيَّاه قَالَ أَبُو قَتَادَة فأعطانيه مَا كَانَت هَذِه تقَاتل ثمَّ اتبع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَانَ فِيهِ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ذَلِك بعد قتل أبي قَتَادَة إِيَّاه وَذكر أنس هَذِه الْقِصَّة وَقَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمئِذٍ من قتل مُشْركًا فَلهُ سلبه فَقتل أَبُو طَلْحَة يومئد عشْرين قَتِيلا وَأخذ أسلابهم قَالَ أَبُو قَتَادَة إِنِّي ضربت رجلا وَعَلِيهِ درع فَقتلته وَذكر الْقِصَّة وَهَذَا يدل أَن القَوْل قد كَانَ تقدم من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل الْقِتَال وَلَا يمْنَع أَن يكون أعلمهم ذَلِك أَيْضا بعد انْقِضَاء الْحَرْب وَقد روى خَالِد بن معدان عَن جُبَير بن نفير عَن عَوْف فِي قصَّة المددي الَّذِي قتل روميا يَوْم مؤته فَأعْطَاهُ خَالِد بن الْوَلِيد بعض سلبه وَمنعه الْبَعْض فَقلت يَا خَالِد مَا هَذَا أما تعلم أَن رَسُول الله أعْطى الْقَاتِل السَّلب كُله قَالَ بلَى وَلَكِنِّي استكثرته فَلَمَّا رَجعْنَا ذكرته لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأمره أَن يدْفع إِلَيْهِ بَقِيَّة سلبه فَقلت لخَالِد كَيفَ رَأَيْت يَا خَالِد أَو لم أوف لَك على مَا وعدتك فَغَضب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ يَا خَالِد لاتعطه وَأَقْبل عَليّ وَقَالَ هَل أَنْتُم تاركوا أمرائي لكم صفوة أَمرهم وَعَلَيْهِم كدره وَهَذَا قبل خَيْبَر لِأَن خَيْبَر كَانَت الجزء: 3 ¦ الصفحة: 457 فِي آخر سنة سِتّ من الْهِجْرَة ومؤتة كَانَت فِي أول سنة ثَمَان من الْهِجْرَة وَفِي منع خَالِد إِيَّاه جَمِيعه وَقَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لاتعطه بعد أَن أمره بإعطائه دَلِيل على أَنه غير مُسْتَحقّ بِنَفس الْقَتْل لِأَنَّهُ لَو كَانَ كَذَلِك لما مَنعه حَقه وَإِن كثر فَدلَّ على أَنه كَانَ على وَجه النَّفْل لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يكن شهد تِلْكَ الْحَرْب وَقد رُوِيَ عَن عمر رَضِي الله عَنهُ فِي قَتِيل الْبَراء بن مَالك إِنَّا كُنَّا لانخمس السَّلب وَإِن سلب الْبَراء قد بلغ مَالا وَلَا أرانا إِلَّا خامسيه 1612 - إِذا قَالَ الإِمَام من أصَاب شَيْئا فَهُوَ لَهُ قَالَ أَصْحَابنَا فَهُوَ كَمَا قَالَ وَلَا خمس فِيهِ وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَكره مَالك أَن يَقُول من أصَاب شَيْئا فَهُوَ لَهُ لِأَنَّهُ قتال بِجعْل وَقَالَ الشَّافِعِي يُخَمّس مَا أَصَابَهُ إِلَّا السَّلب وَفرق الشَّافِعِي بَين أَن يقْتله وَهُوَ مقبل أَو مُدبر فَقَالَ فِي الْمُدبر لَا سلب لَهُ 1613 - فِي النَّفْل قبل الْقِسْمَة أَو بعْدهَا قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري لانفل بعد إِحْرَاز الْغَنِيمَة إِنَّمَا النَّفْل أَن يَقُول من قتل قَتِيلا فَلهُ سلبه وَمن أصَاب شَيْئا فَهُوَ لَهُ الحديث: 1612 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 458 وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُسْوَة حَسَنَة قد كَانَ ينفل فِي الْبدَاءَة الرّبع وَفِي الرّجْعَة الثُّلُث وَقَالَ الشَّافِعِي يجوز أَن ينفل بعد إِحْرَاز الْغَنِيمَة على وَجه الإجتهاد وَقَالَ أَبُو جَعْفَر روى حبيب بن مسلمة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نفل فِي الْبدَاءَة الرّبع وَفِي رجعته الثُّلُث بعد الْخمس فَأَما التَّنْفِيل فِي الْبدَاءَة قبل الْقِتَال فمما قد عمل بِهِ الْمُسلمُونَ وَمَا كَانَ مِنْهُ فِي القفول فَإِنَّهُ يحْتَمل أَن يكون فِي الْحَال الَّتِي كَانَت الْغَنَائِم كلهَا لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِغَيْر خمس كَانَ فِيهَا كَمَا رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَوْم بدر من فعل كَذَا فَلهُ كَذَا فَلَمَّا كَانَت الْغَنِيمَة جَاءَت الشبَّان يطْلبُونَ نفلهم فَقَالَ الشُّيُوخ لَا تستأثروا علينا فَإنَّا كُنَّا تَحت الرَّايَات وَلَو انْهَزَمْتُمْ كُنَّا ردْءًا لكم فَأنْزل الله تَعَالَى {يَسْأَلُونَك عَن الْأَنْفَال} الْآيَة فقسم بَينهم بِالسَّوِيَّةِ وَرُوِيَ نَحوه عَن عبَادَة بن الصَّامِت فَفِي هَذَا الحَدِيث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قسمهَا بَينهم بِغَيْر خمس أخرجه مِنْهَا وَقد كَانَ لَهُ أَن لَا يقسم مِنْهَا شَيْء فَيحْتَمل أَن يكون حَدِيث ابْن مسلمة فِي الْحَال الَّتِي كَانَت الْقِسْمَة فِيهَا لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَا حجَّة فِيهِ فَإِن قيل ذكر فِي حَدِيث حبيب الرّبع وَالثلث بعد الْخمس وَذَلِكَ بعد الْحَال الَّتِي كَانَت الْغَنَائِم كلهَا لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قيل لَهُ لَا دَلِيل فِيهِ على مَا ذكرت لِأَنَّهُ لم يذكر أَنه الْخمس الَّذِي يسْتَحقّهُ أهل الْخمس وَجَائِز أَن يكون ذَلِك على خمس الْغَنِيمَة لَا فرق بَينه وَبَين الجزء: 3 ¦ الصفحة: 459 الثُّلُث وَالنّصف وَقد روى عبد الله بن عمر عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث سَرِيَّة فِيهَا ابْن عمر فغنموا غَنَائِم كَثِيرَة فَكَانَت غنائمهم لكل إِنْسَان اثنى عشر بَعِيرًا وَنفل كل إِنْسَان مِنْهُم بَعِيرًا بَعِيرًا فَذكر السهْمَان للجيش وَأخْبر أَن النَّفْل جَار من غير نصيب الْجَيْش وَقد روى مُحَمَّد بن سِيرِين أَن أنس بن مَالك كَانَ مَعَ عبيد الله بن أبي بكرَة فِي غزَاة فَأَصَابُوا سَبَايَا فَأَرَادَ عبيد الله أَن يُعْطي أنسا من السَّبي قبل أَن يقسم فَقَالَ أنس لَا وَلَكِن اقْسمْ ثمَّ اعطني من الْخمس فَقَالَ عبيد الله لَا إِلَه من جَمِيع الْغَنَائِم فَأبى أنس أَن يقبل وأبى عبيد الله أَن يُعْطِيهِ من الْخمس فَهَذَا عَن أنس بِحَضْرَة غَيره من الصَّحَابَة من غير نَكِير وَقد رُوِيَ عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ كَانَ النَّاس يُعْطون النَّفْل من الْخمس 1614 - فِي المدد يلْحق الْجَيْش قَالَ أَصْحَابنَا إِذا غنموا فِي دَار الْحَرْب ثمَّ لحقهم جَيش آخر قبل إخْرَاجهَا إِلَى دَار الْإِسْلَام فهم شُرَكَاء فِيهَا وَقَالَ مَالك وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ لَا يشاركونهم قَالَ أَبُو جَعْفَر روى الزُّهْرِيّ عَن عَنْبَسَة بن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث أبان بن سعيد على سَرِيَّة قبل نجد فَقدم أبان وَأَصْحَابه بِخَيْبَر الحديث: 1614 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 460 بَعْدَمَا فتحنا وَإِن حزم خيلهم لِيف فَقَالَ أبان أقسم لنا يَا رَسُول الله قَالَ أَبُو هُرَيْرَة فَقلت لَا تقسم لَهُم شَيْئا يَا رَسُول الله قَالَ أبان أتيت بِهَدَايَا وَفد نجد فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اجْلِسْ يَا أبان فَلم يقسم لَهُم شَيْئا فاحتج من لم يُوجب الْقِسْمَة بِهَذَا وَهَذَا لَا حجَّة فِيهِ لِأَن خَيْبَر صَارَت دَار الْإِسْلَام حِين فتحت وَهَذَا وَجه وَفِيه وَجه آخر وَهُوَ مَا روى حَمَّاد بن سَلمَة عَن عَليّ بن زيد عَن عمار بن أبي عمار عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ مَا شهِدت لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مغنما إِلَّا قسم لي إِلَّا خَيْبَر فَإِنَّهَا كَانَت لأهل الْحُدَيْبِيَة خَاصَّة فَفِي هَذَا الحَدِيث إِن خَيْبَر كَانَت لأهل الْحُدَيْبِيَة خَاصَّة يشهدوها أَو لم يشْهدُوا دون من سواهُم لِأَن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كَانَ وعدهم إِيَّاهَا بقوله {وَأُخْرَى لم تقدروا عَلَيْهَا} بعد قَوْله {وَعدكُم الله مَغَانِم كَثِيرَة} وَقد روى أَبُو بردة عَن أبي مُوسَى قَالَ قدمنَا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد فتح خَيْبَر بِثَلَاث فقسم لنا وَلم يقسم لأحد عَمَّن لم يشْهد الْفَتْح غَيرنَا فَفِي هَذَا الحَدِيث أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قسم لأبي مُوسَى ولأصحابه من غَنَائِم خَيْبَر وَلم يشْهدُوا الْوَقْعَة وَلم يقسم مِنْهَا لأحد لم يشْهدُوا الْوَقْعَة وَهَذَا يحْتَمل أَن يكون لأَنهم كَانُوا من أهل الْحُدَيْبِيَة وَيحْتَمل أَن يكون بِطيبَة أنفس أهل الْغَنِيمَة كَمَا روى خثيم بن عرَاك عَن أَبِيه عَن نفر من قومه أَن أَبَا هُرَيْرَة قدم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 461 الْمَدِينَة هُوَ وَنَفر من قومه قَالَ فقدمنا وَقد خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى خَيْبَر واستخلف على الْمَدِينَة رجلا من بني غفار يُقَال لَهُ سِبَاع بن عرفطة فأتيناه وَهُوَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ صَلَاة الْغَدَاة فَقَرَأَ فِي الرَّكْعَة الأولى كهيعص وَفِي الثَّانِيَة ويل لِلْمُطَفِّفِينَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَة فَأَقُول وَأَنا فِي الصَّلَاة ويل لأبي فلَان لَهُ مكيالان إِذا اكتال اكتال بالوافي وَإِذا كال كال بالناقص فَلَمَّا فَرغْنَا من صَلَاتنَا أَتَيْنَا سباعا فزودنا شَيْئا حَتَّى قدمنَا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد افْتتح خَيْبَر فَكلم النَّاس فأشركونا فِي سِهَامهمْ وَقد روى قيس بن مُسلم عَن طَارق بن شهَاب أَن أهل الْبَصْرَة غزوا نهاوند وأمدهم أهل الْكُوفَة فظفروا فَأَرَادَ أهل الْبَصْرَة أَن لَا يقسموا لأهل الْكُوفَة وَكَانَ عمار على أهل الْكُوفَة فَقَالَ رجل من بني عُطَارِد أَيهَا الأجدع تُرِيدُ أَن تشاركنا فِي غنائمنا فَقَالَ خير أُذُنِي سبيت فَكتب فِي ذَلِك إِلَى عمر رَضِي الله عَنهُ فَكتب إِن الْغَنِيمَة لمن شهد الْوَقْعَة فَحصل فِيهِ الْخلاف بَين الصَّحَابَة لِأَن عمارا رأى الشّركَة وَرَأى عمر أَنَّهَا لمن شهد الْوَقْعَة 1615 - فِي الرجل يغنم وَحده قَالَ أَصْحَابنَا فِيمَن دخل دَار الْحَرْب مغيرا بِغَيْر إِذن الإِمَام فَمَا غنم فَهُوَ لَهُ وَلَا خمس فِيهِ حَتَّى يكون لَهُم مَنْعَة الحديث: 1615 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 462 وَقَالَ أَبُو يُوسُف إِذا كَانُوا تِسْعَة فَفِيهِ الْخمس وَقَالَ الثَّوْريّ فِيهِ الْخمس وَإِن كَانَ وَاحِدًا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِن شَاءَ الإِمَام عاقبه وَحرمه وَإِن شَاءَ خمس مَا أصَاب وَالْبَاقِي لَهُ وَقَالَ الشَّافِعِي يخمسه 1616 - فِي الطَّعَام فِي دَار الْحَرْب قَالَ أَصْحَابنَا لَا بَأْس أَن يُؤْكَل الطَّعَام والعلف فِي دَار الْحَرْب بِغَيْر إِذن الإِمَام وَكَذَلِكَ الْحَيَوَان وَإِن أخرج مِنْهُ شَيْئا إِلَى دَار الْإِسْلَام وَكَانَ غنيمَة وَهُوَ قَول مَالك وَالثَّوْري وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ مَا أخرجه من ذَلِك إِلَى دَار الْإِسْلَام فَهُوَ لَهُ أَيْضا قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ الله تَعَالَى {وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم من شَيْء} الْآيَة ظَاهره أَن يكون الْجَمِيع غنيمَة إِلَّا أَنهم متفقون على إِبَاحَة أكل الْأَطْعِمَة هُنَاكَ وإعلاف الدَّوَابّ مِنْهَا فَخص ذَلِك من الْآيَة وَحكم الْعُمُوم بَاقٍ فِيمَا عَداهَا وَقد روى أَبُو إِسْحَاق الشَّيْبَانِيّ عَن مُحَمَّد بن أبي المجالد عَن عبد الله بن أبي أوفى قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِخَيْبَر يَأْتِي أَحَدنَا إِلَى طَعَام من الْغَنِيمَة فَيَأْخُذ مِنْهُ حَاجته وروى ابْن الْمُبَارك عَن جرير بن حَازِم عَن حميد بن هِلَال قَالَ حَدثنَا الحديث: 1616 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 463 خَالِد بن عُمَيْر قَالَ شهِدت الأبلة مَعَ عتبَة بن غَزوَان فأصبنا سفينة مَمْلُوءَة جوزا قَالَ قلت مَا هَذِه الْحِجَارَة فَأخذ رجل جوزة فَكَسرهَا فَقَالَ هَذَا طَعَام طيب فَأَكَلُوا مِنْهُ وروى سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة عَن حميد بن هِلَال عَن عبد الله بن مُغفل قَالَ أصبت جرابا من شَحم يَوْم خَيْبَر فالتزمته فَقلت لَا أعطي أحدا الْيَوْم من هَذَا شَيْئا فَالْتَفت فَإِذا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يبتسم فَلم يُنكر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَوْله وَقد روى عباد بن نسي عَن عبد الرَّحْمَن بن غنم عَن معَاذ بن جبل أَنه قَالَ كلوا لحم الشَّاة وردوا إهابها إِلَى الْمغنم فَإِن لَهُ نَمَاء وَقَالَ أَصْحَابنَا مَا كَانَ من غير الطَّعَام والعلف فَإِنَّهُ لَا ينْتَفع بِهِ إِلَّا عِنْد الضَّرُورَة وَحَدِيث رويفع بن ثَابت عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلَا يَأْخُذ دَابَّة من الْمَغَانِم فَيركبهَا حَتَّى إِذا أنقصها ردهَا فِي الْمَغَانِم وَمن كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلَا يلبس ثوبا من الْمَغَانِم حَتَّى إِذا أخلقه رده فِي الْمَغَانِم رَوَاهُ حَنش بن عبد الله عَن رويفع فَإِن مَعْنَاهُ إِذا كَانَت مُتَعَيّنا عَنْهَا فَبَقيَ بهَا دَابَّته وثوبه 1617 - فِي قسْمَة الْمَغَانِم فِي دَار الْحَرْب قَالَ أَصْحَابنَا لَا تقسم الْغَنَائِم فِي دَار الْحَرْب الحديث: 1617 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 464 وَقَالَ أَبُو يُوسُف أحب إِلَى أَن لَا تقسم فِي دَار الْحَرْب إِلَّا أَن لَا يجد حمولة فتقسم فِي دَار الْحَرْب وَقَالَ مَالك أكره قسمتهَا فِي دَار الْحَرْب قَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ نقسمها فِي دَار الْحَرْب قَالَ أَبُو جَعْفَر روى جُبَير بن مطعم وَجَابِر (أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قسم غَنَائِم حنين بالجعرانة 1618 - فِي الرجل يملك عبدا من السَّبي فيدعيه قَالَ أَصْحَابنَا يصدق إِذا كَانَ مثله يُولد لمثله وَلم يعرف لَهُ نسب روى يحيى بن عبد الله بن بكير عَن مَالك قَالَ الْأَمر عندنَا أَلا يُورث أحدا من الْمَغَانِم شَيْئا لَا باعتراف وَلَا غَيره إِلَّا أحد ولد فِي الْعَرَب وَامْرَأَة جَاءَت حَامِلا من أَرض الْعَدو فَوضعت فَهُوَ وَلَدهَا يَرِثهَا وَقَالَ الْوَاقِدِيّ عَن مَالك انه كَانَ لَا يُورث الحبلى لَا بِبَيِّنَة وَلَا بِغَيْر بَيِّنَة وَقَالَ الْمعَافى عَن الثَّوْريّ فِي قوم من أهل الْحَرْب خَرجُوا مُسلمين مقرين بأنسابهم قَالَ لَا يجوز إِلَّا مَا قَامَت عَلَيْهِ بَيِّنَة وَإِن كَانَ عِنْدهم تجار يشْهدُوا على أقرارهم بذلك فِي بِلَادهمْ لم يجز فَأَما أهل الذِّمَّة فَإِن أنسابهم ثَبت فِيمَا يقرونَ بِهِ بَينهم قَالَ وَلَا يُورث حميل إِلَّا بِبَيِّنَة إِن قَالَ هُوَ أخي لم يصدق وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي قوم ينسبون فَيدعونَ النّسَب فَإِن شَهَادَة بَعضهم لبَعض جَائِزَة فِي النّسَب وَالْمِيرَاث وَقَالَ اللَّيْث لَا يتوارث من ولد فِي أَرض الْعَدو بعد أَن يسلمُوا فِي دَار الحديث: 1618 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 465 الْإِسْلَام وَلَا تقبل شَهَادَة بَعضهم لبَعض فِي أنسابهم وَلَو جاؤونا فأسلموا كَانُوا على ذَلِك عندنَا وَلَا يُورث إِلَّا من كَانَت لَهُ ولادَة فِي الْإِسْلَام وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا ادّعى الْأَعَاجِم ولادَة بالشرك فَإِن جاؤونا مُسلمين وَلَا وَلَاء فِي أحد مِنْهُم بِعِتْق قبلنَا دَعوَاهُم كَمَا قبلنَا غَيرهم من أهل الْجَاهِلِيَّة وَإِن كَانُوا مسبيين عَلَيْهِم رق أَو أعتقوا قبلت عَلَيْهِم وَلَا أقبل إِلَّا بِبَيِّنَة ولادَة مَعْرُوفَة قبل السَّبي وَهَكَذَا أهل حصن وَمن حمل إِلَيْنَا مِنْهُم قَالَ أَبُو جَعْفَر النّسَب يتَعَلَّق بِالْملكِ وَالنِّكَاح وَقد يكون ذَلِك فِي دَار الْحَرْب كَمَا يكون فِي دَار الْإِسْلَام فَيَنْبَغِي أَن لَا يخْتَلف حمله فِي الْحَالين 1619 - فِي ملك أهل الْحَرْب علينا بالغلبة قَالَ أَصْحَابنَا يملكونه علينا فَإِن غنمناه فجَاء صَاحبه قبل الْقِسْمَة أَخذه بِغَيْر شَيْء وَإِن جَاءَ بعد الْقِسْمَة يَأْخُذهُ بِالْقيمَةِ وَهُوَ قَول مَالك وَالثَّوْري وَالْحسن بن صَالح وَاللَّيْث وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي العَبْد يأبق إِلَى الْمُشْركين كَافِرًا فَيُؤْخَذ أَسِيرًا رد على صَاحبه بِالْقيمَةِ وَبعدهَا بِغَيْر شَيْء قَالَ أَبُو جَعْفَر روى حَمَّاد بن زيد عَن أَيُّوب عَن أبي قلَابَة عَن أبي الْمُهلب عَن عمرَان بن حُصَيْن قَالَ أغار الْمُشْركُونَ على سرح الْمَدِينَة فَأخذُوا العضباء وَامْرَأَة من الْمُسلمين فَلَمَّا كَانَت ذَات لَيْلَة قَامَت الْمَرْأَة وَقد نوموا فَجعلت لَا تضع يَدهَا على بعير إِلَّا رغا حَتَّى أَتَت العضباء فَأَتَت على نَاقَة ذَلُول فركبتها وتوجهت قبل الْمَدِينَة ونذرت لَئِن الله نجاها عَلَيْهَا الحديث: 1619 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 466 لتنحرنها فَلَمَّا قدمت عرفت النَّاقة فَأتوا بهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته الْمَرْأَة بنذرها فَقَالَ بئس مَا جزيتيها لَا نذر فِي معصيبة وَلَا فِيمَا لَا يملك ابْن آدم رَوَاهُ عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ بِهَذَا الْإِسْنَاد فَزَاد فِيهِ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخذ نَاقَته وَلَيْسَ عبد الْوَهَّاب كحماد بن زيد فَتقبل زِيَادَته عَلَيْهِ لِأَن عبد الْوَهَّاب لَيْسَ حَافِظًا وَحَمَّاد حَافظ وَقد روى الْحسن بن عمَارَة عَن عبد الْملك بن ميسرَة عَن طَاوُوس عَن ابْن عَبَّاس أَن رجلا وجد بَعِيرًا لَهُ كَانَ الْمُشْركُونَ أَصَابُوهُ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن أصبته قبل الْقِسْمَة فَهُوَ لَك وَإِن أصبته بَعْدَمَا قسم أَخَذته بِالْقيمَةِ وَقد ذكر عَليّ بن الْمَدِينِيّ عَن يحيى بن سعيد الْقطَّان أَنه سَأَلَ مسعرا غير ذَاك فَقَالَ هُوَ من حَدِيث عبد الْملك وَقد روى سماك بن حَرْب عَن تَمِيم بن طرفَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثله وروى قَتَادَة عَن خلاس عَن عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ من اشْترى مَا أحرزه الْعَدو فَهُوَ جَائِز 1620 - فِي العَبْد يسبيه الْعَدو فيشتريه رجل قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اشْتَرَاهُ مِنْهُم رجل فَأخْرجهُ إِلَى دَار الْإِسْلَام جَازَ لمَوْلَاهُ أَخذه بِالثّمن فَإِن وهبه لرجل قبل أَن يَأْخُذهُ مَوْلَاهُ ثمَّ جَاءَ الْمولى لم يكن لَهُ فسخ الْهِبَة وَلكنه يَأْخُذهُ من الْمَوْهُوب لَهُ بقيمتة يَوْم وهب الحديث: 1620 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 467 وَالَّذِي يَجِيء على قَول مَالك فِيمَا ذكره أَشهب أَنه تبطل هبة المشري لِأَنَّهُ لَو اعتقه بَطل عتقه وَأَخذه مولاة بِالثّمن الثّمن الَّذِي اشْتَرَاهُ وَقَالَ الْحسن بن حَيّ يَأْخُذهُ الْمولى من المُشْتَرِي الثَّانِي بِالثّمن الَّذِي أَخذه بِهِ الأول من الْعَدو ثمَّ يرجع الثَّانِي على الأول بِالثّمن قَالَ ابو جَعْفَر لما لم يكن لَهُ نقض الْقِسْمَة كَذَلِك لَا ينْتَقض بَيْعه وَلَا هِبته إِلَّا أَنهم قَالُوا الشَّفِيع ينْقض بيع المُشْتَرِي وهبته وَمَعَ ذَلِك لَا ينْقض قبض المُشْتَرِي وَلَا يردهُ إِلَى البَائِع ثمَّ يَأْخُذهُ كَمَا كَانَ يَأْخُذ قبل الْقَبْض إِلَّا أَن الشَّفِيع يثبت لَهُ حق الْأَخْذ بِالْبيعِ الثَّانِي لَو كَانَ سلم فِي يَد الأول وَلَو كَانَ الْمولى الأول سلمه للْأولِ لم يكن لَهُ بعد ذَلِك أَخذه بِالشِّرَاءِ الثَّانِي وَالْقِيَاس على هَذَا لَا يكون لَهُ أَخذه على مَا لم يُوجب لَهُ أَخذه وَهُوَ البيع الثَّانِي وَيَأْخُذهُ بِالْأولِ وَحده 1621 - فِي الْحر يأسره الْعَدو فيشتريه رجل بِغَيْر أَمر قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ لَا يجب شَيْء من الثّمن على الْأَسير إِلَّا ان يكون أَمر هـ بِالشِّرَاءِ فَيلْزمهُ ذَلِك للْمُشْتَرِي وَقَالَ مَالك يلْزم الْأَسير الثّمن وَإِن اشْتَرَاهُ بِغَيْر أمره وَإِن كَانَت أم وليد لرجل كَانَ ذَلِك على الْمولى قَالَ أَبُو جَعْفَر لَيْسَ للْمُشْتَرِي أَن يلْزمه الْأَسير دينا لنَفسِهِ بِغَيْر أمره لِأَن ذَلِك خَارج عَن الْأُصُول فَإِن قيل لما كَانَ وَاجِبا على المأسور فعله فَرجع بِهِ قيل لَهُ وواجب على الْمُسلمين كلهم ان يفدوه لوُجُوبه على المأسور وَمَعَ ذَلِك لَو امْرَهْ المأسور بِالْفِدَاءِ رَجَعَ بِهِ عَلَيْهِ عِنْد الْجَمِيع وَإِن فعل مَا يجب عَلَيْهِ فَعلمنَا أَن لُزُوم الضَّمَان فِي هَذَا الْبَاب لَا يتَعَلَّق بِالْوُجُوب وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَو اسرد معي فَفَدَاهُ مُسلم بِغَيْر أمره استسعاه فِيهِ الحديث: 1621 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 468 1622 - فِي الْمُدبر يرْتَد ثمَّ يسبى قَالَ أَصْحَابنَا لَا يملكونه فَإِن أسلم كَانَ عبدا لمَوْلَاهُ قسم أَو لم يقسم وَقَالَ مَالك إِن قسم خير سَيّده فَإِن افتك كَانَ على تَدْبيره وَإِن أَبى أَن يفتكه خدم العَبْد الَّذِي وَقع فِي سَهْمه فِي قِيمَته فَإِن استوفى وَالْمولى حَيّ رَجَعَ الْأَمر إِلَى مَوْلَاهُ على تَدْبيره فَإِن مَاتَ السَّيِّد قبل ذَلِك وَخرج من الثُّلُث فَهُوَ حر وَاتبع مَا بَقِي من الْقيمَة وَإِن لم يخرج من الثُّلُث عتق مِنْهُ الثُّلُث وَكَانَ مَا بَقِي مِنْهُ رَقِيقا لمن وَقع سَهْمه 1623 - فِي اهل الذِّمَّة ينقضون الْعَهْد ويحاربون قَالَ أَبُو حنيفَة لايصيرون حَربًا حَتَّى لَا يكون بَينهمَا وَبَين دَار الْحَرْب دَار للْمُسلمين حَتَّى يحكموا فِيهَا بِحكم الشّرك وَلَا يبْقى فِيهَا مُسلم وَلَا ذمِّي آمن فَإِن فقد شَيْء من ذَلِك لم تكن دَار حَرْب وَكَانُوا بِمَنْزِلَة أهل الْبَغي وَقَالَ ابو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا كَانَ جرى فِيهَا حكم الشّرك فقد صَارَت دَار حَرْب وَقَالَ مَالك إِن قطعُوا الطَّرِيق وَخَرجُوا متلصصين فهم بِمَنْزِلَة الْمُحَاربين من الْمُسلمين وَإِن منعُوا الْجِزْيَة وَنَقَضُوا الْعَهْد وامتنعوا من حكم الْإِسْلَام من غير أَن يظلموا فَهَؤُلَاءِ فيىء إِذا كَانَ الإِمَام يعدل فيهم وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا حَارب أهل الذِّمَّة الْمُسلمين ثمَّ ظفر بهم قتلوا وَكَانَ نِسَائِهِم وذراريهم فَيْئا وَهُوَ قَول الْحسن بن حَيّ وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْمُرْتَدين سَوَاء كَانُوا فِي دَار الْإِسْلَام أَو فِي دَار الحديث: 1622 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 469 الْحَرْب يُقَاتلُون فَإِن أَسْلمُوا فمالهم لَهُم وَإِلَّا قتلوا وَنِسَاؤُهُمْ لم نسبهم فَإِذا قتلوا كَانَ مَا لَهُم فَيْئا قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا خلاف أَن الْحَرْبِيّ الْمُسْتَأْمن إِذا لحق بدار الْحَرْب عَاد ألى حكم الْحَرْب وَبَطل الْأمان فَدلَّ على اخْتِلَاف حكم الدَّاريْنِ وَكَذَلِكَ من يُخَيّر للمفاداة من طلب اللحاق بِأَهْل الْحَرْب من أهل الذِّمَّة فَإِنَّمَا يخيره إِذا طلب ذَلِك ليعود إِلَى حكم الْحَرْب فَيصير بِمَنْزِلَة سَائِر أهل الْحَرْب وَقد روى سُفْيَان عَن قيس بن مُسلم عَن طَارق بن شهَاب قَالَ جَاءَ وَفد بزاخة أَسد وغَطَفَان أهل الرِّدَّة إِلَى أبي بكر رَضِي الله عَنهُ يسألونه الصُّلْح فَخَيرهمْ أَبُو بكر بَين الْحَرْب المجلية أَو السّلم المخزية فَقَالُوا هَذِه الْحَرْب المجلية قد علمناها فَمَا السّلم المخزية قَالَ تنْزع مِنْكُم الْحلقَة والكراع وتتركون أَقْوَامًا تتبعون اذناب الْإِبِل حَتَّى يرى الله خَليفَة نبيه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام والمهاجرين أمرا يعذرونكم بِهِ ونغنم مَا أصبْنَا مِنْكُم وتردون إِلَيْنَا مَا أصبْتُم منا وتدون لنا قَتْلَانَا وَتَكون قَتْلَاكُمْ فِي النَّار قَالَ غفام عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ إِنَّك قد رَأَيْت رَأيا وسنشير عَلَيْك اما مَا ذكرت من الْحلقَة والكراع فَنعم مَا رَأَيْت وَأما مَا ذكرت من أَن يتْركُوا أَقْوَامًا يتبعُون أَذْنَاب الْإِبِل حَتَّى يرى الله خَليفَة نبيه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام والمهاجرين أمرا يعذرونهم بِهِ فَنعم مَا رَأَيْت وَأما مَا ذكرت من أَن نغنم مَا أصبْنَا مِنْهُم ويردوا إِلَيْنَا مَا أَصَابُوا منا فَنعم مَا رَأَيْت وَأما مَا ذكرت من أَن يدوا قَتْلَانَا وَتَكون قتلاهم فِي النَّار فَإِن قَتْلَانَا قتلوا على أَمر الله أُجُورهم على الله تَعَالَى لَيست لَهُم ديات فتابع الْقَوْم قَول عمر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 470 فَفِي هَذَا الحَدِيث اتِّفَاق جَمِيع الصَّحَابَة على إِثْبَات الْغَنَائِم فِي أَمْوَال الْمُرْتَدين الْمُحَاربين وَإِن لم يقبلُوا كَسَائِر أَمْوَال الْحَرْبِيين قَالَ أَبُو جَعْفَر وَالْوَاجِب أَن تصير دَار الْحَرْب فغلبة الْكفَّار وجريان حكمهم فِيهَا لقَوْل الله تَعَالَى ( {هم الَّذين كفرُوا وصدوكم عَن الْمَسْجِد الْحَرَام} الممتحنة أى مَا غَنِمْتُم فذل على أَن جَرَيَان حكم الشّرك فِي الدَّار هُوَ الَّذِي تجعلها دَار حَرْب 1624 - فِي قتل الْمُرْتَدَّة قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري لَا يقتل وَقد كَانَ أَبُو يُوسُف يَقُول تقتل ثمَّ رَجَعَ ثمَّ قَالَ لَا تقتل وَهُوَ قَول شبْرمَة إِن تنصرت الْمسلمَة فَتَزَوجهَا نَصْرَانِيّ جَازَ 2 وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَعُثْمَان البتي وَمَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ تقتل قَالَ أَبُو جَعْفَر روى سُفْيَان عَن أَيُّوب عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من ترك دينه فَاقْتُلُوهُ الحديث: 1624 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 471 وروى أَبُو حنيفَة وَالثَّوْري عَن عَاصِم عَن أبي رزين عَن ابْن عَبَّاس فِي الْمَرْأَة ترتد قَالَ لَا تقتل وتجبر عَلَيْهِ روى حَمَّاد بن سَلمَة عَن قَتَادَة عَن خلاس عَن عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام فِي الْمُرْتَدَّة عَن الْإِسْلَام قَالَ سَبَايَا وروى عَن الْحسن وَعَطَاء أَنَّهَا لَا تقتل وَقَالَ إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ تقتل 1625 - فِي مِيرَاث الْمُرْتَد قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري إِذا لحق بدار الْحَرْب أَو مَاتَ قسم مَاله بَين ورثته وَعتق مدبروه من الثُّلُث وَهُوَ قَول الْحسن بن حَيّ وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ يُوقف مَاله إِلَى أَن يَمُوت أَو يقتل 1626 - فِي عدَّة امْرَأَة الْمُرْتَد قَالَ أَبُو جَعْفَر قِيَاس قَول أبي حنيفَة أَن تكون عدتهَا أبعد الْأَجَليْنِ قَالَ أَبُو بكر قد روى ابْن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد أَن عدتهَا ثَلَاث حيض فِي قَوْلهم جَمِيعًا وقولهما أَنَّهَا ثَلَاث حيض وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا ارْتَدَّ وَلحق بدار الْحَرْب ثمَّ رَجَعَ قبل أَن تَعْتَد امْرَأَته أَرْبَعَة أشهر وَعشرا فَإِن عَلَيْهَا أبعد الْأَجَليْنِ وَإِن رَجَعَ بَعْدَمَا اعْتدت أَرْبَعَة أشهر وَعشرا فَلَيْسَ عَلَيْهَا بعد ذَلِك حيض وَالشَّافِعِيّ لَا يُوجب عَلَيْهَا عدَّة إِذا قتل غير عدَّة الْبَيْنُونَة الحديث: 1625 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 472 1627 - فِيمَن يَأْتِي مَا يُوجب الْحَد فِي دَار الْحَرْب قَالَ أَصْحَابنَا فِي مُسلم زنى فِي دَار الْحَرْب ثمَّ رَجَعَ إِلَيْنَا فَلَا حد عَلَيْهِ وَإِن كَانَ فِي جَيش الْمُسلمين فِي دَار الْحَرْب فَإِن كَانَ على الْجَيْش أَمِير مصر أَو الشَّام أَو نَحوه أَقَامَ الْحُدُود فِي عسكره قبل القفول وَإِن كَانَ أَمِير سَرِيَّة لم يقم عَلَيْهِ الْحَد وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَإِن لم يكن أَمِير مصر من الْأَمْصَار أَقَامَ الْحُدُود إِلَّا الْقطع فَإِنَّهُ لَا يقطعهُ حَتَّى يقفل روى بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف فِي قوم تجار دخلُوا دَار الْحَرْب فَسرق بَعضهم من بعض لم تقطع فِي قَول أبي حنيفَة وَقَالَ ابْن أبي ليلى تقطع وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لَا فرق بَين دَار الْحَرْب وَدَار الْإِسْلَام فِي الْحُدُود 1628 - فِيمَن سرق من الْمغنم وَبَيت المَال قَالَ أَصْحَابنَا لَا تقطع وَهُوَ قَول الْحسن بن حَيّ وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث تقطع من سرق من الْغَنِيمَة وَإِن كَانَ لَهُ فِيهَا نصيب وَهُوَ قَول اللَّيْث كَذَلِك قَالَا فِيمَن سرق شَيْئا وَهُوَ شريك فِيهِ إِذا كَانَ نصيب غَيره يبلغ ربع دِينَار وَقَالَ الشَّافِعِي لَا تقطع من سرق من الْغَنِيمَة الحديث: 1627 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 473 وروى عَنهُ أَنه تقطع قَالَ أَبُو جَعْفَر روى سماك بن حَرْب عَن فلَان بن فلَان ابْن عبيد بن الأبرص أَن عليا عَلَيْهِ السَّلَام أَتَى بِرَجُل قد سرق من الْغَنِيمَة فَقَالَ لَهُ إِن لَهُ فِيهَا نَصِيبا فَلم يقطعهُ وَلم يُخَالِفهُ فِيهِ أحد من الصَّحَابَة قَالَ أَبُو جَعْفَر الْقيَاس أَن تقطع لِأَن شَهَادَته مَقْبُولَة على من غصب مِنْهَا شَيْئا وَيجوز أَيْضا للْإِمَام الْقَضَاء بذلك وَإِن كَانَ لَهُ فِيهَا نصيب 1629 - فِيمَن وطئ جَارِيَة من الْمغنم قَالَ أَصْحَابنَا لَا حد عَلَيْهِ وَلَا يثبت نسب وَلَدهَا مِنْهُ وَعَلِيهِ الْعقر وَلَو أعتق رجل من الْجَيْش نصِيبه من الْمغنم لم يعْتق وَقَالَ الثَّوْريّ أَيْضا لايعتق وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث عَلَيْهِ مائَة جلدَة وَيقوم قيمَة عدل فَيلْحق وَلَدهَا بِهِ وَالْعَبْد تقطع لِأَنَّهُ لَا حق لَهُ فِي الْغَنِيمَة وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يحد وَعَلِيهِ الْمهْر وَإِن كَانَ فيهم أَبوهُ أَو ابْنه لم يعْتق عَلَيْهِ قبل الْقِسْمَة وَإِن أحصوا الْمغنم فَعَلمُوا كم حَقه فِيهَا مَعَ جمَاعَة أهل الحديث: 1629 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 474 الْمغنم ثمَّ استولد جَارِيَة سقط عَنهُ بِمِقْدَار نصِيبه مِنْهَا وَتقوم عَلَيْهِ إِن كَانَ بهَا حمل وَتَكون أم ولد لَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلَا يعْتق نصِيبه إِن أعتق لِأَنَّهُ لَيْسَ للْإِمَام أَن يقسم وَأَن يَبِيع حَتَّى يحصل الثّمن دَرَاهِم أَو دَنَانِير ثمَّ يقسمهما فَدلَّ على أَن أهل الْغَنِيمَة غير مالكين لأَنهم لَو كَانُوا مالكين لما جَازَ للْإِمَام بيع أنصبائهم إِلَّا بإذنهم 1630 - فِي عُقُوبَة الغال قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالثَّوْري وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ يُعَزّر وَلَا يحرق مَتَاعه وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يحرق مَتَاعه إِلَّا مَا غل وَإِلَّا سلاحه وثيابه الَّتِي عَلَيْهِ ويعاقبه مَعَ ذَلِك قَالَ أَبُو جَعْفَر روى أَسد بن مُوسَى عَن الدَّرَاورْدِي عَن صَالح بن مُحَمَّد بن زَائِدَة عَن سَالم عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من غل فاحرقوا مَتَاعه واضربوه الحديث: 1630 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 475 وروى مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن الدَّرَاورْدِي بِإِسْنَادِهِ فَقَالَ فِيهِ فاضربوا عُنُقه واحرقوا مَتَاعه وَصَالح بن مُحَمَّد هَذَا ضَعِيف لَا يحْتَج بِهِ وَقد قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يحل دم امْرِئ مُسلم إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاث فنفى بِهِ وجوب الْقَتْل فِي الْغلُول وروى ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ لَيْسَ على الخائن وَلَا على المختلس وَلَا على المنتهب قطع وَهَذَا أحسن إِسْنَادًا من حَدِيث الْغلُول وَإِن صَحَّ احْتمل أَنه حِين كَانَت الْعُقُوبَات فِي الْأَمْوَال كَمَا قَالَ فِي مَانع الزَّكَاة وكما روى أَبُو هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ضَالَّة الْإِبِل المكتومة غرامتها وَمثلهَا مَعهَا وكما روى عَنهُ فِي سَارِق التَّمْر أَن فِيهِ غَرَامَة مثله وَجَاز أَن يُكَال وَهَذَا كُله مَنْسُوخ 1631 - فِي الْمُسلم يُقيم فِي دَار الْحَرْب فَيقْتل قَالَ أَصْحَابنَا فِي الْحَرْبِيّ يسلم فِي دَار الْحَرْب فيقتله مُسلم مستأمن من الحديث: 1631 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 476 قبل أَن يخرج فَلَا شَيْء عَلَيْهِ إِلَّا الْكفَّار فِي الْخَطَأ وَإِن كَانَا مستأمنين دخلا دَار الْحَرْب فَقتل أَحدهمَا صَاحبه فَعَلَيهِ الدِّيَة فِي الْعمد وَالْخَطَأ وَالْكَفَّارَة فِي الْخَطَأ خَاصَّة وَإِن كَانَا أسيرين فَلَا شَيْء على الْقَاتِل إِلَّا الْكَفَّارَة فِي الْخَطَأ فِي قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد عَلَيْهِ الديه فِي الْعمد وَالْخَطَأ وروى بشير بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف فِي الْحَرْبِيّ يسلم فِي دَار الْحَرْب فيقتله رجل مُسلم قبل أَن يخرج إِلَيْنَا أَن عَلَيْهِ الدِّيَة اسْتِحْسَانًا وَلَو وَقع فِي بِئْر حفرهَا أَو وَقع عَلَيْهِ ميزاب عمله لم يضمن شَيْئا وَقَالَ مَالك إِذا أسلم فِي دَار الْحَرْب فَقتل قبل أَن يخرج إِلَيْنَا فعلى قَاتله الدِّيَة وَالْكَفَّارَة وَإِن كَانَ خطأ قَالَ وَقَوله تَعَالَى {فَإِن كَانَ من قوم عَدو لكم وَهُوَ مُؤمن فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤمنَة} إِنَّمَا كَانَ فِي صلح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أهل مَكَّة لِأَنَّهُ من لم يُهَاجر لم يُورث لأَنهم كَانُوا يتوارثون بِالْهِجْرَةِ قَالَ الله تَعَالَى {وَالَّذين آمنُوا وَلم يهاجروا مَا لكم من ولايتهم من شَيْء حَتَّى يهاجروا} فَلم يكن لمن لم يُهَاجر وَرَثَة يسْتَحقُّونَ مِيرَاثه فَلم تجب الدِّيَة ثمَّ نسخ ذَلِك بقوله تَعَالَى {وأولو الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض} وَقَالَ الْحسن بن حَيّ من أَقَامَ فِي أَرض الْعَدو وَإِن انتحل الْإِسْلَام وَهُوَ يقدر على التَّحْوِيل إِلَى الْمُسلمين فأحكامه أَحْكَام الْمُشْركين وَإِذا أسلم الْحَرْبِيّ ثمَّ أَقَامَ ببلادهم وَهُوَ يقدر على الْخُرُوج فَلَيْسَ بِمُسلم يحكم فِيهِ بِمَا يحكم بِهِ أهل الْحَرْب فِي مَاله وَنَفسه قَالَ الْحسن وَإِذا لحق الرجل بدار الْحَرْب وَلم يرْتَد عَن الْإِسْلَام فَهُوَ مُرْتَد بِتَرْكِهِ دَار الْإِسْلَام الجزء: 3 ¦ الصفحة: 477 وروى أَبُو إِسْحَاق عَن عَامر عَن جرير قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أبق العَبْد إِلَى أَرض الشّرك فقد حل دَمه وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا قتل مُسلما فِي دَار الْحَرْب فِي الْغَارة وَالْحَرب وَهُوَ لَا يعلم انه مُسلم فَلَا عقل فِيهِ وَلَا قَود وَعَلِيهِ الْكَفَّارَة وَسَوَاء كَانَ الْمُسلم أَسِيرًا أَو مستأمنا أَو رجلا أسلم هُنَاكَ وَإِن علمه مُسلما فَقتله فَعَلَيهِ الْقود وَقَالَ أَبُو جَعْفَر قد رُوِيَ أَن سَرِيَّة قتلت قوما من خثعم اعتصموا بِالسُّجُود فَجعل لَهُم نصف الْعقل وَقَالَ أَنا بَرِيء من كل مُسلم مَعَ مُشْرك وَقد روى فِي حَدِيث إباق العَبْد إِلَى أَرض الشّرك مَا ذكرنَا وَهَذَا على وَجه تَركه لِلْإِسْلَامِ وَاخْتَارَهُ للشرك وَقد روى عَن ابْن عَبَّاس فِي قَول الله تَعَالَى {فَإِن كَانَ من قوم عَدو لكم وَهُوَ مُؤمن فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤمنَة} إِنَّه الرجل يسلم ثمَّ يَأْتِي قومه مشركون فيقيم مَعَهم فيعزوهم الْجَيْش جَيش رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيقْتل الرجل فأنزلت هَذِه الْآيَة {فَإِن كَانَ من قوم عَدو لكم وَهُوَ مُؤمن} 1632 - فِي الْمَنّ على الْأَسير قَالَ أَصْحَابنَا لَا يجوز أَن يمن على الْأَسير فَيرد حَرْبِيّا وَقَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي للْإِمَام أَن يمن على الرِّجَال الَّذين ظهر عَلَيْهِم أَو يفادي بهم الحديث: 1632 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 478 قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ الله تَعَالَى {حَتَّى إِذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإمَّا منا بعد وَإِمَّا فدَاء} وَظَاهره يَقْتَضِي الْمَنّ أَو الْفِدَاء وَيمْنَع الْقَتْل وَقد رُوِيَ عَن ابْن عمر أَنه دفع إِلَيْهِ عَظِيم من عُظَمَاء اصطخر ليَقْتُلهُ فأبي أَن يقْتله وتلا قَوْله {فإمَّا منا بعد وَإِمَّا فدَاء} وَرُوِيَ عَن الْحسن وَعَطَاء وَسَعِيد بن جُبَير أَنهم كَرهُوا قتل الْأَسير لقَوْله تَعَالَى {فإمَّا منا بعد وَإِمَّا فدَاء} وَالشَّافِعِيّ يرى قتل الْأَسير وَلَا يكرههُ لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قتل عقبَة بن أبي معيط وَالنضْر بن الْحَارِث بعد الْأسر وَهَذَا لَا يَخْلُو إِمَّا ان يكون مَنْسُوخَة فَلَا يعْمل بهَا أَو ثَابِتَة فَلَا يتعداها فَإِن قيل قد روى اللَّيْث عَن سعيد بن أبي سعيد عَن أبي هُرَيْرَة أَن خيل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أسرت ثُمَامَة بن أَثَال فربطه بِسَارِيَة فِي الْمَسْجِد فَخرج إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ مَا عنْدك يَا ثُمَامَة قَالَ عِنْدِي يَا مُحَمَّد خير إِن تقتل تقتل ذَا دم وَإِن تنعم تنعم على شَاكر وَإِن كنت تُرِيدُ المَال فسل تعط مِنْهُ مَا شِئْت فَتَركه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَذكر الحَدِيث وَفِيه إِسْلَام ثُمَامَة وَفِيه خطابه لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالمن وَالْقَتْل وبأخذ المَال وبسكوت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قيل لَهُ إِنَّمَا كَانَ ذَلِك من مُشْرك لَا معرفَة لَهُ بِأَحْكَام الْإِسْلَام وَجَائِز أَن يكون النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا سكت عَن إِنْكَار الْقَتْل ليَكُون سَببا لأسلامه لِأَن حكمه حكم الْمُحَاربين وَالْحَرب خدعة وَقَالَ قَالَ الله تبَارك تَعَالَى {وقاتلوهم حَتَّى لَا تكون فتْنَة} {فَاقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} الجزء: 3 ¦ الصفحة: 479 1633 - فِي الْفِدَاء قَالَ أَصْحَابنَا لَا تبَاع السَّبي من أهل الْحَرْب فيردوا حَربًا وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا بَأْس بِأَن يفادى أسرى الْمُسلمين بأسرى الْمُشْركين وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا بَأْس بِبيع النِّسَاء من أهل الْحَرْب وَلَا يُبَاع الرجل إِلَّا أَن يفادى بهم الْمُسلمُونَ وَقَالَ الشَّافِعِي لَا بَأْس بِأَن يفادى أسرى الْمُشْركين بِالْمَالِ وَإِن شَاءَ من غَيرهم قَالَ أَبُو جَعْفَر روى ابْن الْمُبَارك عَن معمر عَن أَيُّوب عَن أبي قلَابَة عَن أبي الْمُهلب عَن عمرَان بن حُصَيْن قَالَ أسرت ثَقِيف رجلَيْنِ من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأسر أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجلا من بني عَامر بن صعصعة فَمر بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ موثق فَأقبل إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ على م أحبس فَقَالَ بجريرة حلفائك فَقَالَ الْأَسير إِنِّي مُسلم فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن قَتلهَا وَأَنت تملك أَمرك أفلحت كل الْفَلاح ثمَّ مضى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فناداه أَيْضا فَأقبل فَقَالَ إِنِّي جَائِع فأطعمني فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه حَاجَتك ثمَّ إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاداه بِالرجلَيْنِ اللَّذين كَانَت ثَقِيف أسرتهمَا وروى ابْن علية عَن أَيُّوب عَن أبي قلَابَة عَن أبي الْمُهلب عَن عمرَان بن حُصَيْن أَن النَّبِي فدى رجلَيْنِ من الْمُسلمين بِرَجُل من الْمُشْركين من بني عقيل الحديث: 1633 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 480 فَلم يذكر إِسْلَام الْأَسير وَذكر فِي الحَدِيث الأول وَلَا خلاف أَنه يفادى الْآن على هَذَا الْوَجْه لِأَن الْمُسلم لَا يرد إِلَى أهل الْحَرْب فَقَالَ بَعضهم كَمَا لَا يرد الْمُسلم إِلَى أهل الْحَرْب كَذَلِك الذِّمِّيّ والأسير الْكَافِر وكما لايفادون بِالسِّلَاحِ لِأَن فِيهِ تَقْوِيَة لأهل الْحَرْب قَالَ أَبُو جَعْفَر فِي هَذَا الحَدِيث أَنه قَالَ بجريره حلفائك فَدلَّ انه كَانَ من قوم بَينهم وَبَين النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عهد كَانَ الْأَسير دَاخِلا مَعَهم لِأَن الْحلف قد يكون عهدا وَكَانَ فِي ذَلِك الْحلف وجوب رد أَسْرَاهُم إِلَيْهِم وَإِن أَسْلمُوا كَمَا شَرط ذَلِك لأهل مَكَّة فحسبه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ أفداه من أَصْحَابه ثمَّ نسخ ذَلِك والدمي يجوز أَن يفادى بِهِ الْمُسلم لِأَن رُجُوعه إِلَى دَار الْحَرْب يبقيه على مَا كَانَ عَلَيْهِ من الْكفْر بَين الْكفَّار وَالْمُسلم إِذا رددناه إِلَى دَار الْحَرْب يكون بَين قوم كفار مخالفين لدينِهِ وَقد روى عِكْرِمَة بن عمار عَن إِيَاس بن سَلمَة بن الْأَكْوَع عَن أَبِيه قَالَ نفلني أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ امْرَأَة من بني فَزَارَة فَقدمت بهَا الْمَدِينَة فاستوهبها مني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ففادى بهَا أُنَاسًا من الْمُسلمين أُسَارَى كَانُوا بِمَكَّة قَالَ أَبُو بكر وَلَا معنى لكراهية بيع السَّبي من أهل الْحَرْب لِأَنَّهُ كَمَا جَازَ أَن يرد إِلَيْهِم بالمفاداة جَازَ أَن يرد إِلَيْهِم بغَيْرهَا أَلا ترى أَنه لَا يجوز تمْلِيك أهل الْحَرْب السِّلَاح بِفِدَاء وَلَا غَيره وَأما كَرَاهَة أَصْحَابنَا فدَاء الْمُشْركين بِالْمَالِ بقوله تَعَالَى {لَوْلَا كتاب من الله سبق لمسكم فِيمَا أَخَذْتُم عَذَاب عَظِيم} فَلَا حجَّة فِيهِ لِأَن أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعلوا ذَلِك قبل أَن تحل الْغَنَائِم لَهُم كَمَا روى الْأَعْمَش عَن ابي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ لما كَانَ يَوْم بدر تعجل نَاس من الْمُسلمين فَأَصَابُوا من الْغَنَائِم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 481 لم تحل الْغَنَائِم لقوم سود الرؤوس قبلكُمْ كَانَ النَّبِي إِذا غنم هُوَ وَأَصْحَابه جمعُوا غنائمهم فتنزل نَار من السَّمَاء فتأكلهم فَأنْزل الله تَعَالَى {لَوْلَا كتاب من الله سبق لمسكم فِيمَا أَخَذْتُم عَذَاب عَظِيم} {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُم حَلَالا طيبا} وَإِنَّمَا فعلوا لَك والغنائم مُحرمَة فَأَما من فعله والغنائم مُبَاحَة فَجَائِز لَهُ ذَلِك وَقد روى فِي سَبَب نُزُولهَا عِكْرِمَة بن عمار عَن أبي زميل عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما أسر الأساري يَوْم بدر شاور النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبَا بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا فَأَشَارَ عَلَيْهِ أَبُو بكر بِالْفِدَاءِ وَأَشَارَ عمر بِالْقَتْلِ فَلَمَّا كَانَ من الْغَد قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقد عرض عَليّ عذابكم أدنى من هَذِه الشَّجَرَة للَّذي عرض لِأَصْحَابِي من أَخذ الْفِدَاء فَأنْزل الله تَعَالَى {مَا كَانَ لنَبِيّ أَن يكون لَهُ أسرى} الْآيَة الْأَنْفَال فَفِي هَذَا الحَدِيث أَنهم طلبُوا الْفِدَاء الَّذِي يصير غنيمَة لَهُم وَالْغنيمَة حينذ مُحرمَة ثمَّ أَبَاحَهَا الله تَعَالَى فِي المستأنف بِالْآيَةِ وَتَأَول مُحَمَّد بن الْحسن قَوْله تَعَالَى {لَوْلَا كتاب من الله سبق} على أَنه لَو أَنِّي أحللت لكم الْغَنَائِم وَقد قيل إِنَّه لَوْلَا مَا سبق من الله تَعَالَى أَن لَا يعذب أحد من أهل بدر وَقيل إِنَّمَا فعلوا ذَلِك قبل قيام الْحجَّة عَلَيْهِم بِتَحْرِيمِهِ 1634 - فِي صبي المسبي من دَار الْحَرْب قَالَ أَصْحَابنَا إِن سبي مَعَه أَبَوَاهُ أوأحدهما لم يصل عَلَيْهِ إِذا مَاتَ وَإِن لم يسب مَعَه وَاحِد من أَبَوَيْهِ صلى عَلَيْهِ إِذا مَاتَ وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ الحديث: 1634 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 482 وَقَالَ مَالك لَا يصلى عَلَيْهِ حَتَّى يعقل الْإِسْلَام وَيسلم وَإِن لم يكن مَعَه وَاحِد من أَبَوَيْهِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِن كَانَ انقسم صلى عَلَيْهِ وَإِن لم يكن انقسم لم يصل عَلَيْهِ سَوَاء كَانَ مَعَه أَبَوَاهُ أَو لم يَكُونَا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي الْمُسلم لَهُ مملوكان نصرانيان فيلدان عِنْده قَالَ أولادهما مُسلمُونَ لِأَنَّهُ أولى بهم من أَبِيهِم وأمهم وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا أسلم الْجد قبل الْأَب أجبر ابْن ابْنه إِذا كَانُوا صغَارًا على الْإِسْلَام وَكَذَلِكَ الْعم إِذا لم يكن أبوهم حَيا وَالْجد من الْأُم يجْبر ابْن بنته على الْإِسْلَام إِذا لم يكن أبوهم حَيا وَكَانُوا صغَارًا وروى عَن الْأَوْزَاعِيّ إِذا سبي وجده وَهُوَ صَغِير صلى عَلَيْهِ وَإِن كَانَ وَحده صلى عَلَيْهِ وروى عَن الْحسن بن حَيّ مثل قَوْلنَا فِي رِوَايَة حميد وروى الْمُخْتَار عَنهُ أَنه قَالَ إِذا اشْترى رجل مُسلم صَبيا صَغِيرا من أَوْلَاد الْمُشْركين وَأعْتقهُ ثمَّ مَاتَ فَإِنَّهُ يَرِثهُ وَيُصلي عَلَيْهِ وَإِن ملكه نَصْرَانِيّ كَانَ على مِلَّة النَّصَارَى وَقَالَ اللَّيْث فِي الرجل لَهُ العَبْد النَّصْرَانِي يُزَوجهُ أمة نَصْرَانِيَّة فيولدها إِن وَلَدهَا يجْبر على الْإِسْلَام وَالْمَجُوس إِذا سبوا لَا يباعون إِلَّا من الْمُسلمين إِذا أَسْلمُوا وَإِن أَقَامُوا على دينهم بيعوا من الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَإِن كَانُوا صغَارًا لم يباعوا إِلَّا من الْمُسلمين قَالَ أَبُو جَعْفَر روى الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 483 أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل مَوْلُود يُولد على الْفطْرَة فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ ويمجسانه كَمثل الْبَهِيمَة تنْتج الْبَهِيمَة جَمْعَاء هَل تكون فِيهَا جَدْعَاء فَرده عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام إِلَى حكم أَبَوَيْهِ لَا إِلَى الدَّار وَلَا إِلَى الْمولى 1635 - فِيمَن تُؤْخَذ مِنْهُ الْجِزْيَة قَالَ أَصْحَابنَا لَا يقبل من مُشْركي الْعَرَب إِلَّا الْإِسْلَام أَو السَّيْف وَتقبل من أهل الْكتاب من الْعَرَب وَمن سَائِر الْكفَّار الْعَجم الْجِزْيَة وَمذهب مَالك فِيمَا ذكره ابْن الْقَاسِم تقبل من الْجَمِيع الْجِزْيَة وَقَالَ الثَّوْريّ الْعَرَب لَا يسبون وهوازن سبوا ثمَّ تَركهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ الشَّافِعِي لَا تقبل الْجِزْيَة إِلَّا من أهل الْكتاب عربا كَانُوا أَو عجما قَالَ أَبُو جَعْفَر روى ابْن شهَاب عَن عُرْوَة عَن الْمسور بن مخرمَة عَن عَمْرو بن عَوْف وَكَانَ شهد بَدْرًا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ حَلِيف لبني عَامر بن لؤَي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث أَبَا عُبَيْدَة بن الْجراح إِلَى الْبَحْرين يَأْتِي بجزيتها وَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَالح الْبَحْرين وَأمر عَلَيْهِم الْعَلَاء بن الْحَضْرَمِيّ فَقدم أَبُو عُبَيْدَة بِمَال من الْبَحْرين فَسمِعت الْأَنْصَار بقدوم أبي عُبَيْدَة فوافوا صَلَاة الْفجْر مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انْصَرف فتعرضوا لَهُ فَتَبَسَّمَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين رَآهُمْ ثمَّ قَالَ أظنكم سَمِعْتُمْ أَن أَبَا عُبَيْدَة قدم بِشَيْء من الْبَحْرين قَالُوا أجل يَا رَسُول الله قَالَ أَبْشِرُوا فوَاللَّه مامن الْفقر أخْشَى الحديث: 1635 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 484 عَلَيْكُم وَلَكِن أخْشَى أَن تبسط الدُّنْيَا عَلَيْكُم كَمَا بسطت على من كَانَ قبلكُمْ فتنافسوا فِيهَا كَمَا تنافسوا فتهلككم كَمَا أهلكتهم قَالَ أَبُو جَعْفَر هَؤُلَاءِ كَانُوا مجوسا لِأَن قيس بن مُسلم رُوِيَ عَن الْحسن بن مُحَمَّد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتب إِلَى مجوس الْبَحْرين يَدعُوهُم إِلَى الْإِسْلَام فَمن أسلم مِنْهُم قبل مِنْهُ وَمن أبي ضربت عَلَيْهِ الْجِزْيَة وَلَا تُؤْكَل لَهُم ذَبِيحَة وَلَا ينْكح لَهُم امْرَأَة قَالَ أَبُو جَعْفَر وَحدثنَا بكار بن قُتَيْبَة قَالَ حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن عمرَان قَالَ حَدثنَا عَوْف قَالَ كتب عمر بن عبد الْعَزِيز رَضِي الله عَنهُ إِلَى عدي بن أَرْطَاة أما بعد فسل الْحسن مَا منع من قبلنَا من الْأَئِمَّة أَن يحولوا بَين الْمَجُوس وَبَين مَا يجمعُونَ من النِّسَاء اللآئي لَا يجمعهن أحد غَيرهم فَسَأَلَهُ فَأخْبرهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل من مجوس الْبَحْرين الْجِزْيَة وأقرهم على مجوسيتهم وعامل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمئِذٍ على الْبَحْرين الْعَلَاء بن الْحَضْرَمِيّ وَفعله بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان رَضِي الله عَنْهُم وروى جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه أَن عمر بن الْخطاب قَالَ وَالله مَا أَدْرِي كَيفَ أصنع بالمجوس فَقَامَ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَقَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَسُئِلَ عَنْهُم فَقَالَ سنوا بهم سنة أهل الْكتاب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 485 وَالزهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب أَن الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخذ الْجِزْيَة من مجوس هجر وَأَن عمر بن الْخطاب أَخذهَا من مجوس السوَاد وَأَن عُثْمَان أَخذهَا من بربر وَأما قَول الثَّوْريّ إِن الْعَرَب لَا يسترق فَإِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد سبى بني المصطلق واسترقهم وَكَانَت فيهم جوَيْرِية بنت الْحَارِث وشبيب بن فَزَارَة فِي سَرِيَّة أَمر عَلَيْهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبَا بكر الصّديق وَذكر الشَّافِعِي عَن أبي يُوسُف أَنه قَالَ لَا تُؤْخَذ الْجِزْيَة من الْعَرَب وَهَذَا شَيْء لم يذكرهُ عَن ابي يُوسُف غير الشَّافِعِي 1636 - فِي مِقْدَار الْجِزْيَة قَالَ أَصْحَابنَا وَالْحسن بن حَيّ اثْنَا عشر وَأَرْبَعَة وَعِشْرُونَ وَثَمَانِية وَأَرْبَعُونَ وَقَالَ مَالك أَرْبَعَة دَنَانِير على أهل الذَّهَب وَأَرْبَعُونَ درهما على أهل الْوَرق الْغَنِيّ وَالْفَقِير سَوَاء لَا يُزَاد وَلَا ينقص وَقَالَ الشَّافِعِي دِينَار على الْغَنِيّ وَالْفَقِير قَالَ أَبُو جَعْفَر روى أَبُو بكر بن عَيَّاش عَن عَاصِم عَن أبي وَائِل عَن مَسْرُوق عَن معَاذ بن جبل قَالَ بَعَثَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْيمن وَأَمرَنِي أَن آخذ من كل حالم دِينَار أَو عدله معافر الحديث: 1636 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 486 وروى إسرئيل عَن أبي إِسْحَاق عَن حَارِثَة بن مضرب عَن عمر أَنه بعث عُثْمَان بن حنيف فَوضع الْجِزْيَة على أهل السوَاد ثَمَانِيَة وَأَرْبَعين وَأَرْبَعَة وَعشْرين واثني عشر وروى مَالك عَن نَافِع عَن أسلم أَن عمر ضرب الْجِزْيَة على أهل الذَّهَب أَرْبَعَة دَنَانِير وعَلى أهل الْوَرق أَرْبَعِينَ درهما مَعَ ذَلِك أرزاق الْمُسلمين وضيافة ثَلَاثَة أَيَّام فَاحْتمل أَن يكون الضِّيَافَة والرزق لتكملة الثَّمَانِية وَالْأَرْبَعِينَ قَالَ أَبُو جَعْفَر وَقَالَ يحيى بن آدم الْجِزْيَة بِغَيْر تَوْقِيت على مِقْدَار الِاحْتِمَال وَهُوَ خلاف الْإِجْمَاع 1637 - فِي الذِّمِّيّ يسلم أويدخل حولا فِي حول أَو يَمُوت قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا لم يُؤْخَذ من الذِّمِّيّ خراج رَأسه حَتَّى تَنْقَضِي تِلْكَ السّنة وَتدْخل سنة أُخْرَى لم يُؤْخَذ مِنْهُ لما مضى وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يُؤْخَذ مِنْهُ وَإِن مَاتَ عِنْد تَمام السّنة أَو ذمِّي فِي بعض السّنة لم يُؤْخَذ مِنْهُ خراج رَأسه فِي قَوْلهم جَمِيعًا وَإِن أسلم سقط مَا مضى وَقَالَ ابْن شبْرمَة وَالشَّافِعِيّ إِذا أسلم فِي بعض السّنة يَأْخُذ مِنْهُ بِحِسَاب الحديث: 1637 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 487 وَقَالَ مَالك وَعبد الله بن الْحسن إِذا أسلم سقط مَا مضى قَالَ أَبُو جَعْفَر روى الثَّوْريّ عَن قَابُوس بن أبي ظبْيَان عَن أَبِيه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ على مُسلم جِزْيَة قَالَ أَبُو جَعْفَر إِذا كَانَ الْإِسْلَام الطارىء على الرّقّ لايرفعه كَذَلِك لَا تبطل الْجِزْيَة الَّتِي وَجَبت 1638 - فِي الْكَافِر يُصِيب حدا ثمَّ يسلم قَالَ أَصْحَابنَا فِي الذِّمِّيّ إِذا زنى أَو سرق ثمَّ أسلم أقيم عَلَيْهِ الْحَد إِلَّا أَن يكون قد تقادم وَقَالَ مَالك لَا يسْقط عَنهُ حد الْقَذْف وَالسَّرِقَة وَلَا يجب عَلَيْهِ حد الزِّنَا وَقَالَ الثَّوْريّ فِي الْمُسلم يَزْنِي وَيسْرق ثمَّ يرْتَد ثمَّ يسلم هدم الْإِسْلَام مَا كَانَ قبله إِلَّا حُقُوق النَّاس وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا زنت النَّصْرَانِيَّة فَأَرَادَ الْحَاكِم أَن يرجمها فَأسْلمت درىء عَنْهَا وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا زنى أوسرق وَهُوَ كَافِر ثمَّ أسلم لم يسْقط عَنهُ الْحَد قَالَ أَبُو جَعْفَر لما كَانَ مَا يسْتَحق بِهِ الْعقُوبَة على وَجْهَيْن أَحدهمَا يسْتَحقّهُ بِالْإِقَامَةِ عَلَيْهِ كالكفر ولاآخر بِوُقُوع الْفِعْل دون الْإِقَامَة كَالزِّنَا وَالسَّرِقَة لِأَنَّهُ يجب بعد انْقِضَاء الْفِعْل الحديث: 1638 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 488 ف 4 ثَبت أَن الْكَافِر يسْتَحق اسْم الْكفْر مَا دَامَ كَافِرًا وَلَا يسْتَحقّهُ بعد إِسْلَامه وَالزَّانِي وَالسَّارِق لم يزل عَنْهُمَا الِاسْم بالإقلاع عَن الْفِعْل وَقد روى عَن الْحسن الْبَصْرِيّ فِي الْمُرْتَد عَن الْإِسْلَام أَنه يقتل وَإِن أسلم وَجعله كالزاني وَالسَّارِق وَقد روى عَليّ بن مسْهر عَن دَاوُد بن أبي هِنْد عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ ارْتَدَّ رجل من الْأَنْصَار فلحق بِمَكَّة يَوْم بدر فَأرْسل إِلَى قومه سلوا لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَل لي من تَوْبَة فَأنْزل الله تَعَالَى {كَيفَ يهدي الله قوما كفرُوا بعد إِيمَانهم وشهدوا أَن الرَّسُول حق} إِلَى قَوْله {إِلَّا الَّذين تَابُوا من بعد ذَلِك وَأَصْلحُوا} فَكتب بهَا إِلَيْهِ فَاسْتَرْجع وَأسلم فَإِن قيل فالمحارب يسْقط عَنهُ الْحَد بِالتَّوْبَةِ قبل الْقُدْرَة عَلَيْهِ قيل لَهُ لَا يَقُول أحد أَن التَّوْبَة تسْقط حد الزِّنَا وَالسَّرِقَة وَلَهُمَا أَلا خلاف فِي الْإِسْلَام والمحارب يسْقط عَنهُ الْحَد بِالتَّوْبَةِ من الْفِعْل لَا من الْكفْر 1639 - فِي الصَّبِي هَل يكون مُسلما بِإِسْلَام أمه قَالَ أَصْحَابنَا وَعُثْمَان البتي وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ يكون الصَّبِي مُسلما بِإِسْلَام أحد أَبَوَيْهِ وَقَالَ مَالك الْوَلَد على دين أَبِيه الحديث: 1639 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 489 1640 - فِي ارتداد الصَّبِي الَّذِي لم يبلغ قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد ارتداد الصَّبِي الَّذِي يعقل ارتداد وَيجْبر على الْإِسْلَام ولايقتل وإسلامه وَقَالَ أَبُو يُوسُف ارتداده لَيْسَ بارتداد وإسلامه إِسْلَام وَقَالَ زفر وَالشَّافِعِيّ لَيْسَ إِسْلَامه بِإِسْلَام وَلَا ارتداده بارتداد وَقَالَ عُثْمَان ارتداده ارتداد وَعَلِيهِ مَا على الْمُرْتَد ويقام عَلَيْهِ الْحُدُود وإسلامه إِسْلَام وَقَالَ مُحَمَّد إِذا أسلم الصَّبِي وَهُوَ يعقل ثمَّ بلغ فَرجع عَن الْإِسْلَام أجبر عَلَيْهِ وَقَالَ فِي الذِّمِّيَّة إِذا أسلم أَبوهَا وَقد راهقت لم تجبر على الْإِسْلَام إِذا حَاضَت واختارت الْكفْر وَكَذَلِكَ الْغُلَام الْمُرَاهق وَقَالَ إِذا أسلم أَبوهُ وَقد راهق الْحلم ثمَّ مَاتَ الْأَب كَانَ مِيرَاثه مَوْقُوفا فَإِن بلغ فَأسلم اسْتحق المراث وَإِن أبي أَن يسلم لم يكن لَهُ مِيرَاث فَإِن قَالَ قبل الْبلُوغ أَنا أسلم فَأسلم لم يُعْط المراث حَتَّى يبلغ فَيسلم بعد الْبلُوغ قَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا أسلم الصَّبِي ثمَّ ارْتَدَّ أخيف وعذب فَإِن أبي أَن يرجع ترك وَقَالَ اللَّيْث إِذا أسلم الصَّبِي رَاغِبًا فِي الْإِسْلَام فَهُوَ مُسلم وَلَا يرد إِلَى أَبَوَيْهِ النَّصَارَى فَإِن رَجَعَ إِلَى النَّصْرَانِيَّة ترك وَذَاكَ فَلَو رَجَعَ بعد الِاحْتِلَام لم يتْرك وَالْكفْر وَإِن جدع الْغُلَام فَأسلم لِلنَّصَارَى قَالَ أَبُو جَعْفَر قَول عُثْمَان البتي جَائِز بقول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رفع الْقَلَم عَن الحديث: 1640 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 490 ثَلَاثَة ثمَّ إِذا ثَبت أَنه لَا يقتل بِالرّدَّةِ فِي حَال الْكفْر دلّ على أَن إِسْلَامه لَيْسَ بِإِسْلَام وَأما مَا كَانَ أمره بالأبوين فَلَا ينفسد كَذَلِك إِسْلَامه وَمن جعله مُسلما احْتج بِإِسْلَام عَليّ وَالزُّبَيْر رَضِي الله عَنْهُمَا وهما صغيران قبل الْبلُوغ وَبِمَا حَدثنَا يُونُس بن عبد الْأَعْلَى قَالَ أخبرنَا ابْن وهب قَالَ أخبرنَا السّري بن يحيى عَن الْحسن عَن الْأسود بن سريع عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كل مَوْلُود يُولد على الْفطْرَة فَلَا يزَال عَلَيْهَا حَتَّى يعبر عَنهُ لِسَانه فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ 1641 - فِي الْأَسير يعاهد أهل الْحَرْب على أَن لَا يخرج من بلدهم قَالَ أَصْحَابنَا لَا بَأْس أَن يخرج وإعطاؤه الْعَهْد عَن ذَلِك بَاطِل وَرُوِيَ عَن مَالك أَنه لَا يخرج إِلَّا بإذنهم وَقَالَ اللَّيْث إِذا حلفوه لم يخرج وَلَا يَأْخُذ مَالهم وَقَالَ الشَّافِعِي يخرج وَلَا يَأْخُذ مَالهم لِأَنَّهُ قد أَمنهم بذلك كَمَا أمنوه 1642 - فِي الرِّبَا فِي دَار الْحَرْب قَالَ إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَأَبُو حنيفَة وَمُحَمّد لَا بَأْس فِي الرِّبَا فِي دَار الْحَرْب بَين الْمُسلمين وَبينهمْ الحديث: 1641 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 491 وَقَالَ اللَّيْث أكرهه للمستأمن ولابأس بِهِ للأسير وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ لَا يجوز للمستأمن وَلَا للأسير قَالَ أَبُو جَعْفَر روى حَاتِم بن إِسْمَاعِيل عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن جَابر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي خطبَته بِعَرَفَة أول رَبًّا أَضَعهُ رَبًّا الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب فَإِنَّهُ مَوْضُوع كُله وَقد كَانَت مَكَّة دَار حَرْب إِلَى أَن فتحت فَأبْطل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا بَقِي من الرِّبَا وَلم يبطل مَا قبض وَأنزل الله تَعَالَى {وذروا مَا بَقِي من الرِّبَا} الْبَقَرَة وَقد كَانَ الْعَبَّاس مِمَّن تقدم إِسْلَامه قبل فتح مَكَّة وَذَلِكَ بَين فِي قصَّة الْحجَّاج بن علاط وَقد كَانَ تَحْرِيم الرِّبَا قبل فتح مَكَّة بِحَدِيث فضَالة بن عبيد فِي قصَّة قلادة خرز فِيهَا ذهب ابتاعها بِتِسْعَة دَنَانِير فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا حَتَّى يُمَيّز مَا بَينهمَا 1643 - فِي تَعْلِيم الْكَافِر الْقُرْآن وَالسّنة ذكر مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة أَنه لَا بَأْس بتعليم الْحَرْبِيّ وَالذِّمِّيّ الْقُرْآن وَالْفِقْه وَلم يذكر خلافًا وَقَالَ مَالك لَا يعلمُونَ الْكتاب بِغَيْر قُرْآن وَكره رقية أهل الْكتاب وَرُوِيَ عَن الشَّافِعِي رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا الْكَرَاهَة وَالْأُخْرَى الْجَوَاز قَالَ أَبُو جَعْفَر روى حَمَّاد بن سَلمَة عَن حبيب الْمعلم قَالَ سَأَلت الحديث: 1643 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 492 الْحسن أعلم أَوْلَاد أهل الذِّمَّة الْقُرْآن قَالَ نعم أَلَيْسُوا يقرؤون التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَهُوَ من كتاب الله وَقَالَ أَبُو حعفر قَالَ الله تَعَالَى {وَإِن أحد من الْمُشْركين استجارك فَأَجره حَتَّى يسمع كَلَام الله} الأية التَّوْبَة 6 وروى شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة أَن أُسَامَة بن زيد أخبرهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر بِمَجْلِس فِيهِ عبد الله بن أبي بن سلول وَذَلِكَ قبل أَن يسلم عبد الله بن أبي بن سلول فَإِذا فِي الْمجْلس عبد الله بن أبي فَدَعَاهُمْ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الله تَعَالَى وعلمهم الْقُرْآن وروى مُحَمَّد عَن سعيد عَن عمْرَة أَنَّهَا أخذت بِكِتَاب الله نعالى وَرُوِيَ عَن مَالك أَنه كره أَن يَشْتَرِي من أهل الْكفْر فيعطون دَرَاهِم أَن تصرف مِنْهُم قَالَ أَبُو جَعْفَر يكره أَن يعْطى الْكَافِر دِرْهَم فِيهِ سُورَة أَو آيَة من كتاب الله لِأَنَّهُ لايغتسل من جَنَابَة فَهُوَ كالجنب بِمَسّ الصُّحُف فَيكْرَه أَن يعطاه وَالدَّرَاهِم فِي عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يكن عَلَيْهَا فرآن ولاذكر الله وَإِنَّمَا ضربت فِي أَيَّام عبد الْملك بن مَرْوَان ولابأس بِأَن يكْتب الى الْكفَّار الدُّعَاء إِلَى الْإِسْلَام بِالْقُرْآنِ وَقد روى الزُّهْرِيّ عَن عبيد الله بن عبد الله عَن أبن عَبَّاس قَالَ أَخْبرنِي أَبُو سُفْيَان بن حَرْب فِي قصَّة هِرقل قَالَ فَقَرَأَ فِي كتاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِذا فِيهِ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم من مُحَمَّد عبد الله وَرَسُوله إِلَى هِرقل عَظِيم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 493 الرّوم سَلام على من أتبع الْهدى أما بعد فَإِنِّي أَدْعُوك بِدُعَاء الْإِسْلَام أسلم تسلم وَأسلم يؤتك الله أجرك مرَّتَيْنِ وَإِن توليت فَإِن عَلَيْك إِثْم الأريسيين {يَا أهل الْكتاب تَعَالَوْا إِلَى كلمة سَوَاء بَيْننَا وَبَيْنكُم} الْآيَة آل عمرَان 64 فَهَذَا يدل على جَوَاز ذَلِك عِنْد الْحَاجة 1644 - فِي أَحْكَام الأَرْض المفتتحة بعد إِخْرَاج الْخمس قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري إِذا افتتحها عنْوَة فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ الله قسمهَا وَأَهْلهَا بَين الْغَانِمين وَإِن أقرّ أَهلهَا عَلَيْهَا وَجعل عَلَيْهَا وَعَلَيْهِم الْخراج وَتَكون ملكا لَهُم يجوز بيعهم وشراءهم لَهَا وَقَالَ مَالك مَا بَاعَ أهل الصُّلْح من أَرضهم فَهُوَ جَائِز وَمَا افْتتح عنْوَة فَإِنَّهُ لايشتري مِنْهُم أحد لِأَن أهل الصُّلْح من أسلم مِنْهُم كَانَ أَحَق بأرضه وَمَاله وَأما أهل العنوة الَّذين أخذُوا عنْوَة مِمَّن أسلم مِنْهُم أحرز لَهُ إِسْلَامه نَفسه وأرضه للْمُسلمين لِأَن بِلَادهمْ قد صَار صفيا للْمُسلمين وَقَالَ الشَّافِعِي مَا كَانَ عنْوَة فخمسها لأَهْلهَا وَأَرْبَعَة أخماسها للغانمين فَمن طَابَ حَقًا عَن نَفسه فَجَائِز للْإِمَام أَن يَجْعَلهَا وَقفا عَلَيْهِم وَمن لم يطب نفسا فَهُوَ أَحَق بِمَالِه قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ الله تَعَالَى {مَا أَفَاء الله على رَسُوله من أهل الْقرى} إِلَى آخر الْقِصَّة الْحَشْر فَجعل الْحق فِي الْفَيْء لجَمِيع أَصْنَاف الْمَذْكُورين فِي الْآيَة وَاتفقَ الْمُسلمُونَ على أَنه لَو غلب على الْأَمْوَال دون الْأَرْضين كَانَت مقسومة بَين الْغَانِمين بعد الْخمس فَخرج ذَلِك من الْآيَة وَبَقِي حكمهَا فِي الْأَرْضين وَكَذَلِكَ فعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أَرض خَيْبَر الحديث: 1644 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 494 روى الثَّوْريّ عَن يحيى بن سعيد عَن عَن بشير بن يسَار عَن سهل بن أبي حثْمَة قَالَ قسم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَيْبَر نِصْفَيْنِ نصفا لنوائبه وَحَاجته وَنصفا بَين الْمُسلمين قسمهَا بَينهم على ثَمَانِيَة عشر سَهْما وَقد رُوِيَ عَن عمر أَنه لم يقسم أَرض السوَاد ومصر وَالشَّام وَجعلهَا مَادَّة للْمُسلمين وَلمن يجيئ بعده وَاحْتج بِالْآيَةِ وَوَافَقَهُ الصَّحَابَة بعد الْخلاف وروى أَبُو هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم منعت الْعرَاق قفيزها ودرهمها الحَدِيث فَدلَّ على أَنَّهَا تكون للغانمين لِأَن مَا ملكه الغانمون يكون فِيهِ القفيز وَالدِّرْهَم 1645 - فِي أَرض الْخراج هَل هِيَ مَمْلُوكَة قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَابْن أبي ليلى هِيَ مَمْلُوكَة لأَهْلهَا الَّذين أقرَّت فِي أَيْديهم وَقَالَ ابْن شبْرمَة وَمَالك وَعبيد الله بن الْحسن وَالشَّافِعِيّ هِيَ غير مَمْلُوكَة وَلَا يجوز بيعهَا وَلَا رَهنهَا قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا خلاف أَن أَرض الصُّلْح مَمْلُوكَة لأَهْلهَا لأَنهم أقرُّوا عَلَيْهَا كَذَلِك المفتتحة عنْوَة بِمَا دللنا عَلَيْهِ من إِقْرَار أَهلهَا عَلَيْهَا الحديث: 1645 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 495 1646 - فِي شِرَاء أَرض الْخراج واستئجارها قَالَ أَصْحَابنَا لابأس بذلك وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ مثل ذَلِك وَقَالَ مَالك أكره اسْتِئْجَار أَرض الْخراج وَكره شريك شِرَاء أَرض الْخراج وَقَالَ لاتجعل فِي عُنُقك صغَار وَذكر ابْن أبي عمرَان عَن سُلَيْمَان بن بكار قَالَ سَأَلَ رجل الْمعَافى بن عمرَان عَن الزَّرْع فِي أَرض الْخراج فَنَهَاهُ عَن ذَلِك فَقَالَ لَهُ قَائِل تزرع أَنْت فِيهَا فَقَالَ يَا أخي إِنَّه لَيْسَ فِي الشَّرّ قدوة وَقَالَ الشَّافِعِي لابأس بِأَن يكتري الْمُسلم أَرض خراج كَمَا يكتري دوابهم قَالَ والْحَدِيث جَاءَ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لاينبغي لمُسلم أَن يُؤَدِّي الْخراج وَلَا لِمُشْرِكٍ أَن يدْخل الْمَسْجِد الْحَرَام إِنَّمَا هُوَ خراج الْجِزْيَة قَالَ أَبُو جَعْفَر من كرهه ذهب إِلَى أَن الْخراج صغَار كالجزية وَقد رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه كره شِرَاء أهل الذِّمَّة وَقَالَ لاتجعل مَا جعل الله فِي عنق هَذَا الْكَافِر فِي عُنُقك وَقَالَ ابْن عمر مثل ذَلِك قَالَ وَلَا تجْعَل فِي عُنُقك الصغار وروى حسن بن صَالح بن حَيّ عَن قيس بن مُسلم عَن طَارق بن شهَاب قَالَ أسلمت امْرَأَة من أهل نهر الْملك فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ إِن اخْتَارَتْ أرْضهَا فَخلوا بَينهَا وَبَين أرْضهَا وَإِلَّا فَخلوا بَين الْمُسلمين وأرضهم وَقَوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام منعت الْعرَاق قفيزها ودرهمها الحديث: 1646 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 496 يدل على أَنه وَاجِب على الْمُؤمنِينَ لِأَنَّهُ أخبر عَمَّا يمْنَع الْمُسلمُونَ من حق الله تَعَالَى فِي الْمُسْتَقْبل وَالصغَار لايجب على الْمُسلمين وَإِنَّمَا يجب على الْكَافرين للْمُسلمين 1647 - فِي إِحْدَاث البيع وَالْكَنَائِس قَالَ مُحَمَّد فِي السّير من غير خلاف مَا كَانَ أَرض صلح فَصَارَ مصرا فَإِنَّهُم يتركون وكنائسهم وَيمْنَعُونَ من إِحْدَاث مثله فِي الْمصر وَلَا يمْنَعُونَ فِي السوَاد وَمَا كَانَ عنْوَة فَإِذا صَار مصرا منعُوا من أَن يصلوا فِيهِ وَلَا يمْنَعُونَ فِي أَرض الصُّلْح إِذا خربَتْ أَن يعيدوها كَمَا كَانَت وَيمْنَعُونَ أَن يحولوها إِلَى مَوضِع آخر من الْمصر وَلَا يمْنَعُونَ فِيمَا فتحت عنْوَة أَن يحدثوها فِي غير مصر وَقَالَ مَالك يمْنَعُونَ أَن يحدثوا فِي بِلَاد الشَّام كنسية إِلَّا أَن يكون لَهُم عهد فيحملون عَلَيْهِ وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يحدث أهل الذِّمَّة فِي أَمْصَار الْمُسلمين كَنِيسَة وَلَا يظهروا فِيهَا حمل خمر وَلَا إِدْخَال خِنْزِير وَلَا يحدثوا فِيهَا بِنَاء يتطولون بِهِ بِنَاء الْمُسلمين وَمَا كَانَ قَدِيما من الْكَنَائِس لم تهدم وَترك على مَا وجدوا ذَلِك إِن إفتتح عنْوَة أَو أَحْيَاهُ الْمُسلمُونَ وَإِن كَانَ صلحا تركُوا وَمَا صولحوا عَلَيْهِ قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ أَنهم يمْنَعُونَ من إِظْهَار الْخمر وَالْخِنْزِير والصلبان فِي أَمْصَار الْمُسلمين وَأَنَّهُمْ لَا يمْنَعُونَ مِنْهَا فِي الْقرى الَّتِي فِي أَيْديهم وَكَذَلِكَ إِحْدَاث الْكَنَائِس فِي الْمَوْضِعَيْنِ 1648 - فِي ضرب الناقوس فِي الْمصر قَالَ مُحَمَّد فِي السّير فِي غير خلاف فِي أَرض الصُّلْح لَا يمْنَعُونَ ضرب الناقوس فِي بيعهم وكنائسهم الحديث: 1647 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 497 وَمذهب مَالك أَنهم يمْنَعُونَ مِنْهُ وَقَالَ اللَّيْث يمْنَعُونَ وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا صَالح الإِمَام قوما من النَّصَارَى على مَدِينَة فِيهَا كنائس فَيَنْبَغِي أَن يشْتَرط عَلَيْهِم أَن لَا يسمعوا الْمُسلمين فِيهَا ضرب الناقوس قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ أَنهم غير ممنوعين من رفع أَصْوَاتهم بِقِرَاءَة كتبهمْ وَكَذَلِكَ الناقوس 1649 - فِي الدَّار يظْهر عَلَيْهَا وفيهَا أَرض لمُسلم قَالَ أَصْحَابنَا يصير كُله فَيْئا وَرُوِيَ عَن أبي يُوسُف أَنَّهَا للْمُسلمِ كَمَا كَانَت وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يكون للْمُسلمِ وَلَا يكون فَيْئا وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَذَلِكَ فِي الْمُسلم فِي دَار الْحَرْب فيسري 1650 - فِي هَدَايَا الْعمَّال قَالَ أَبُو يُوسُف من غير خلاف مَا أهْدى ملك الرّوم إِلَى أَمِير الْجَيْش فِي دَار الْحَرْب فَهُوَ لَهُ خَاصَّة وَكَذَلِكَ مَا يعْطى الرَّسُول وَقَالَ مُحَمَّد فِي السّير من غير خلاف إِذا أهْدى إِلَى أَمِير الْجَيْش هَدِيَّة قبلهَا وَكَانَت غنيمَة فِيهَا الْخمس كَسَائِر الْغَنَائِم وَكَذَلِكَ لَو أهدي إِلَى قَائِد من قواد الْمُسلمين لِأَن ذَلِك على وَجه الْخَوْف وَإِن أهْدى الْعَدو إِلَى رجل من الْمُسلمين لَيْسَ بقائد وَلَا أَمِير هَدِيَّة فَلَا بَأْس بِأَن يَأْخُذهَا وَتَكون لَهُ دون أهل الْعَسْكَر وَذكر حَدِيث ابْن اللتبية الحديث: 1649 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 498 وَرُوِيَ نَحوه عَن ابْن الْقَاسِم فِي مَذْهَب مَالك وَكَذَلِكَ قَول الْأَوْزَاعِيّ وَقَالَ الشَّافِعِي فِي كتاب الرّبيع فِي الزَّكَاة وَإِذا أهْدى وَاحِد من الْقَوْم للوالي هَدِيَّة فَإِن كَانَت لشَيْء نَالَ مِنْهُ بِهِ حَقًا أَو بَاطِلا فَحَرَام على الْوَالِي أَخذهَا لِأَنَّهَا حرَام عَلَيْهِ أَن يستعجل على أَخذه الْحق وَقد ألزمهُ الله تَعَالَى ذَلِك لَهُم وَحرَام عَلَيْهِ أَن يَأْخُذ بَاطِلا والجعل عَلَيْهِ أحرم فَإِن أهدي إِلَيْهِ من غير هذَيْن الْمَعْنيين أحد من أهل ولَايَته تفضلا وشكرا كَانَ مِنْهُ فِي الْعَامَّة فَلَا يقبلهَا فَإِن قبلهَا مِنْهُ كَانَت فِي الصَّدقَات لَا يَسعهُ عِنْدِي غَيره إِلَّا أَن يُكَافِئهُ عَلَيْهِ بِقَدرِهَا فيسعه أَن يتمولها وَإِن كَانَت من رجل لَا سُلْطَان لَهُ وَلَيْسَ بِالْبَلَدِ الَّذِي بِهِ سُلْطَان شكرا على حسن كَانَ مِنْهُ فَأحب إِلَيّ إِن قبلهَا أَن تجْعَل لأهل الْولَايَة أَو يدع قبُولهَا وَلَا يَأْخُذ مُكَافَأَة وَإِن أَخذهَا فتمولها لم يحرم عَلَيْهِ عِنْدِي قَالَ أَبُو جَعْفَر وَذكر حَدِيث أبي حميد السَّاعِدِيّ فِي قصَّة ابْن اللتبية أَنه لَيْسَ فِيهِ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخذه مِنْهُ وَلَا أَنه تَركه عَلَيْهِ إِلَّا أَنه قد دلّ على أَنه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 499 لَا يَنْبَغِي لرجل أَن يقبل هَدِيَّة أهديت إِلَيْهِ بِسَبَب ولَايَته وَيحْتَمل أَن يكون ذَلِك فِي معنى قرض جر مَنْفَعَة فَإِن قيل روى الزُّهْرِيّ عَن كثير بن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب عَن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب قَالَ شهِدت حنينا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على بغلة لَهُ بَيْضَاء أهداها لَهُ فَرْوَة بن نفاثة الجذامي وَاخْتَارَ آخر فِي قبُوله الْهَدَايَا قيل لَهُ لم يكن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ كَانَ مَخْصُوصًا بِمَا أَفَاء الله عَلَيْهِ من غير قتال من أَمْوَال الْكفَّار أَن يكون لَهُ دون الْمُسلمين فَهَذَا يدل على صِحَة قَول مُحَمَّد وَأما النّظر فَإِنَّهُم متفقون أَن على الإِمَام أَن لَا يقبل هَدِيَّة الْكفَّار وَلَو كَانَت فَيْئا لما كَانَ لَهُ أَن لَا يقبلهَا وَلَا يردهَا على الْحَرْبِيين وَقد روى الْأَعْمَش عَن عمر بن مرّة عَن أبي الصَّالح الْحَنَفِيّ عَن أم كُلْثُوم بنت عَليّ أَن عليا عَلَيْهِ السَّلَام أهْدى إِلَيْهِ بعض العظماء أترجا فَأخذ مِنْهُ بعض صبيانه أترجة فانتزعها مِنْهُ فبكي الصَّبِي فَلم يردهَا إِلَيْهِ حَتَّى قَومهَا ثمَّ أعطَاهُ إِيَّاهَا وَهَذِه يحْتَمل أَن يكون رد فيهبها على الْمهْدي حَتَّى يكون كالشراء وَيحْتَمل أَن يكون رد قيمتهَا فِي بَيت المَال ويتحمل أَن يكون فعل ذَلِك تَبَرعا وَقد روى أَبُو عَاصِم عَن معَاذ بن الْعَلَاء عَن أَبِيه عَن جده قَالَ سَمِعت عَليّ بن أبي طَالب عَلَيْهِ السَّلَام يخْطب يَوْمًا وَهُوَ يَقُول مَا أصبت مُنْذُ وليت هَذَا الْأَمر إِلَّا هَذِه القوصرة ثمَّ قَالَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 500 .. أَفْلح من كَانَت لَهُ قوصرة يَأْكُل مِنْهَا كل يَوْم مرّة ... فقد احْتبسَ القوصرة 1651 - فِي اسْتِتَابَة الْمُرْتَد قَالَ أَصْحَابنَا لَا يقتل الْمُرْتَد حَتَّى يُسْتَتَاب وَمن قَتله قبل أَن يُسْتَتَاب فقد أَسَاءَ وَلَا ضَمَان عَلَيْهِ وَذكر بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف فِي الزنديق الَّذِي يظْهر الْإِسْلَام قَالَ أَبُو حنيفَة أستتيبه كالمرتد فَإِن أسلم خليت سَبيله وَإِن أَبى قتلته وَقَالَ أَبُو يُوسُف كَذَلِك زَمَانا فَلَمَّا رأى مَا يصنع الزَّنَادِقَة ويعودون قَالَ أرى إِذا أتيت بزنديق أمرت بِضَرْب عُنُقه وَلَا أستتيبه فَإِن تَابَ قبل أَن أَقتلهُ لم أَقتلهُ وخليته 2 وَذكر سُلَيْمَان بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن أبي يُوسُف قَالَ إِذا زعم الزنديق أَنه قد تَابَ حَبسته حَتَّى أعلم تَوْبَته وَذكر مُحَمَّد فِي السّير عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة أَن الْمُرْتَد يعرض عَلَيْهِ الْإِسْلَام فَإِن أسلم وَإِلَّا قتل مَكَانَهُ إِلَّا أَن يُطَالب أَن يُؤَجل فَإِن طلب ذَلِك أجل ثَلَاثَة أَيَّام وَلم نجد خلافًا قَالَ أَبُو جَعْفَر وَقد حَدثنَا سُلَيْمَان بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن أبي يُوسُف فِي نوادره وَذكرهَا عَنهُ أدخلها فِي أَمَالِيهِ عَلَيْهِم قَالَ قَالَ أَبُو حنيفَة اقْتُل الزنديق سرا فَإِن تَوْبَته لَا تعرف وَلم يحك أَبُو يُوسُف خلافًا الحديث: 1651 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 501 وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك الْمُرْتَد يعرض عَلَيْهِ الْإِسْلَام ثَلَاثًا فَإِن أسلم وَإِلَّا قتل وَإِن ارْتَدَّ سرا قتل وَلم يُسْتَتَاب كَمَا تقتل الزَّنَادِقَة وَلَا يستتابون والقدرية يستتابون فَقيل لمَالِك كَيفَ يُسْتَتَاب قَالَ يُقَال لَهُم اتْرُكُوا مَا أَنْتُم عَلَيْهِ فَإِن فعلوا وَإِلَّا قتلوا روى مَالك عَن زيد بن أسلم قَالَ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من غير دينه فاضربوا عُنُقه قَالَ مَالك هَذَا فِيمَن ترك الْإِسْلَام وَلم يقر بِهِ لَا من خرج من الْيَهُودِيَّة إِلَى النَّصْرَانِيَّة وَلَا من النَّصْرَانِيَّة إِلَى الْيَهُودِيَّة قَالَ مَالك إِذا رَجَعَ الْمُرْتَد إِلَى الْإِسْلَام فَلَا ضرب عَلَيْهِ وَحسن أَن يتْرك الْمُرْتَد ثَلَاثَة أَيَّام ويعجبني قَالَ الْحسن بن حَيّ يُسْتَتَاب الْمُرْتَد وَإِن تَابَ مائَة مرّة وَقَالَ اللَّيْث النَّاس لَا يستتيبون من ولد فِي الْإِسْلَام إِذا شهد عَلَيْهِ بِالثَّانِيَةِ وَلكنه يقتل من ذَلِك تَابَ أَو لم يتب إِذا قَامَت الْبَيِّنَة العادلة وَقَالَ الشَّافِعِي يُسْتَتَاب الْمُرْتَد ظَاهرا والزنديق وَإِن لم يتب قتل وَفِي الاستتابة فِيهِ قَولَانِ أَحدهمَا حَدِيث عمر رَضِي الله عَنهُ وَالْآخر لَا يُؤَخر لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يَأْمر فِيهِ بأناة وَهَذَا ظَاهر الْخَبَر قَالَ الشَّافِعِي وَلَو شهد عَلَيْهِ شَاهِدَانِ بِالرّدَّةِ فَأنْكر فَإِن إِقْرَاره لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول لله وَيبرأ من كل دين خَالف الْإِسْلَام لم يكْشف عَن غَيره قَالَ أَبُو جَعْفَر رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ من بدل دينه فَاقْتُلُوهُ وَلم يذكر فِيهِ اسْتِتَابَة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 502 رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس فِي الْمُرْتَد اللَّاحِق بِمَكَّة حِين كتب إِلَى قومه سلوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَل لي من تَوْبَة فَأنْزل الله تَعَالَى {كَيفَ يهدي الله قوما كفرُوا بعد إِيمَانهم} إِلَى قَوْله {إِلَّا الَّذين تَابُوا من بعد ذَلِك وَأَصْلحُوا} فَكَتَبُوا بهَا إِلَيْهِ فَاسْتَرْجع وَأسلم فَحكم بِالتَّوْبَةِ بِمَا ظهر من قَوْله يُوجب اسْتِعْمَال ذَلِك الحكم بِمَا يظْهر مِنْهُ دون مَا فِي قلبه وَقد قَالَ الله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اجتنبوا كثيرا من الظَّن} وَقَالَ {وَلَا تقف مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم} وَقَالَ {إِن الَّذين آمنُوا ثمَّ كفرُوا ثمَّ آمنُوا} فَحكم بِإِيمَان بعد كفر وَكفر بعد إِيمَان وَقَالَ {إِذا جَاءَكُم الْمُؤْمِنَات مهاجرات} وَقَالَ {وَلَا تَقولُوا لمن ألْقى إِلَيْكُم السَّلَام لست مُؤمنا} وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لخَالِد بن الْوَلِيد هلا شققت عَن قلبه وَقد رُوِيَ عَن عمر رَضِي الله عَنهُ اسْتِتَابَة الْمُرْتَد قبل قَتله فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْمُرْتَدين الَّذين قَتلهمْ الْمُسلمُونَ لَو أخذتهم سلما لعرضت عَلَيْهِم الْبَاب الَّذِي خَرجُوا مِنْهُ فَإِن خَرجُوا وَإِلَّا استودعتهم السجْن وَمعنى ذَلِك الاستتابة وَقد رُوِيَ عَنهُ أَنه قَالَ أستتيبهم ثَلَاثًا وروى الزُّهْرِيّ عَن عبيد الله بن عبد الله أَخذنَا بِالْكُوفَةِ رجال مُؤمنُونَ بمسيلمة فَكتب فيهم إِلَى عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ فَكتب عُثْمَان اعْرِض عَلَيْهِم دين الْحق وَشَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله فَمن قبلهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 503 وتبرأ من دين مُسَيْلمَة فَلَا تقتلوه وَمن لزم دين مُسَيْلمَة فاقتله فقبلها رجال مِنْهُم وَقبل دين مُسَيْلمَة رجال فَقتلُوا وروى الثَّوْريّ عَن أبي إِسْحَاق عَن حَارِثَة بن مضرب أَنه اتى عبد الله فَقَالَ مَا بيني وَبَين أحد من الْعَرَب إحْنَة وَإِنِّي مَرَرْت بِمَسْجِد بني حنيفَة فَإِذا هم يُؤمنُونَ بمسيلمة فَأرْسل إِلَيْهِم عبد الله فجيء بهم فاستتاب غير ابْن النواحة قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لَوْلَا أَنَّك رَسُول لضَرَبْت عُنُقك وَأَنت الْيَوْم لست برَسُول فَأمر قرظة بن كَعْب فَضرب عُنُقه بِالسوقِ ثمَّ قَالَ من أَرَادَ أَن ينظر إِلَى ابْن النواحة قَتِيلا فليأت السُّوق فَهَؤُلَاءِ استتابوا بِحَضْرَة الصَّحَابَة من غير خلاف 1652 - فِي الذِّمِّيّ يسب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَصْحَابنَا فِيمَن سبّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو عابه وَكَانَ مُسلما فقد صَار مُرْتَدا وَلَو كَانَ ذِمِّيا عزّر وَلم يقتل وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك من شتم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْمُسلمين قتل وَلم يستتب وَمن شتم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْيَهُود وَالنَّصَارَى قتل إِلَّا أَن يسلم وَقَالَ الثَّوْريّ الذِّمِّيّ يُعَزّر وَذكر عَن ابْن عمر أَنه يقتل وروى الْوَلِيد بن مُسلم عَن الْأَوْزَاعِيّ وَمَالك فِيمَن سبّ الحديث: 1652 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 504 رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَا هِيَ ردة فَإِن تَابَ نكل وَإِن لم يتب قتل قَالَ يضْرب مائَة ثمَّ يتْرك حَتَّى إِذا هُوَ برأَ ضرب مائَة وَلم يذكر فرقا بَين الْمُسلم وَالذِّمِّيّ وَقَالَ اللَّيْث فِي الْمُسلم يسب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه لَا يناظر وَلَا يُسْتَتَاب وَيقتل مَكَانَهُ وَكَذَلِكَ الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَقَالَ الشَّافِعِي وَيشْتَرط على المصالحين من الْكفَّار أَن من ذكر كتاب الله أَو مُحَمَّدًا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو دين الله بِمَا لَا يَنْبَغِي أَو زنى بِمسلمَة أَو أَصَابَهَا باسم نِكَاح أَو فتن مُسلما عَن دينه أَو قطع عَلَيْهِ طَرِيقا أَو أعَان أهل الْحَرْب بِدلَالَة على الْمُسلمين أَو آوى عينا لَهُم فقد نقض عَهده وَأحل دَمه وبرئت مِنْهُ ذمَّة الله عز وَجل وَذمَّة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَبُو جَعْفَر فَهَذَا يدل على أَنه لَو لم يشْتَرط لم يسْتَحل دَمه بذلك روى حَمَّاد بن سَلمَة عَن عَطاء بن السَّائِب عَن أَبِيه عَن عبد الله بن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَتْهُ الْيَهُود فَقَالُوا السام عَلَيْك فَقَالُوا لَوْلَا يعذبنا الله بِمَا نقُول فَنزلت {وَإِذا جاؤوك حيوك بِمَا لم يحيك بِهِ الله} الْآيَة وروى سعيد عَن قَتَادَة عَن أنس أَن يَهُودِيّا مر على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ السام عَلَيْك فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَدْرُونَ مَا قَالَ قَالُوا نعم ثمَّ رَجَعَ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا سلم عَلَيْكُم أحد من أهل الْكتاب فَقولُوا وَعَلَيْك روى الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت دخل رَهْط من الْيَهُود على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا السام عَلَيْك قَالَت ففهمتها فَقلت وَعَلَيْكُم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 505 السام واللعنة فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مهلا يَا عَائِشَة فَإِن الله يحب الرِّفْق فِي الْأَمر كُله فَقلت يَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ألم تسمع مَا قَالُوا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد قلت وَعَلَيْكُم وَمثل هَذَا الدُّعَاء لَو كَانَ من الْمُسلم لصار بِهِ مُرْتَدا يقتل وَلم يقتلهُمْ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بذلك روى شُعْبَة عَن هِشَام بن زيد عَن أنس بن مَالك أَن امْرَأَة يَهُودِيَّة أَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِشَاة مَسْمُومَة فَأكل مِنْهَا فجيء بهَا فَقيل لَهُ أَلا نقتلها قَالَ لَا قَالَ فَمَا زلت أعرفهَا فِي لَهَوَات رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا خلاف بَين الْمُسلمين أَن من فعل ذَلِك بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ مِمَّن ينتحل الْإِسْلَام أَنه مُرْتَد يقتل فَإِن قيل روى أَبُو يُوسُف عَن حُصَيْن بن عبد الرَّحْمَن عَن رجل عَن عمر أَن رجلا قَالَ إِنِّي سَمِعت رَاهِبًا يسب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَو سمعته لقتلته إِنَّا لم نعطهم الْعَهْد على هَذَا قَالَ أَبُو جَعْفَر إِسْنَاده ضَعِيف وَيحْتَمل أَن يكون شَرط عَلَيْهِم أَن لَا يكون هَذَا مِنْهُم 1653 - فِي تصرف الْمُرْتَد قَالَ أَبُو حنيفَة مَوْقُوف الحديث: 1653 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 506 وَقَالَ أَبُو يُوسُف جَائِز كَالصَّحِيحِ وَقَالَ مُحَمَّد كَالْمَرِيضِ وَقَالَ مَالك بَيْعه وشراؤه مَوْقُوف فَإِن أسلم جَازَ وَإِلَّا بَطل وَيُوقف الإِمَام مَاله إِذا ارْتَدَّ رِوَايَة ابْن الْقَاسِم روى أَشهب أَن بَيْعه جَائِز على غير مُحَابَاة أسلم أَو قتل وعطيته كعطية الْمَرِيض وَقَالَ الْبُوَيْطِيّ عَن الشَّافِعِي تصرفه مَوْقُوف فَإِن أسلم جَازَ وَإِن قتل بَطل وَيُوقف مَاله وَقَالَ فِي جَامعه الْكَبِير إِذا كَاتب عبدا قبل أَن يقف الْحَاكِم مَاله فكتابته جَائِزَة وَكَذَلِكَ كل مَا صنع فِي مَاله 1654 - فِي الرِّدَّة تبطل الْإِحْصَان قَالَ أَبُو حنيفَة وَزفر وَمُحَمّد وَمَالك الرِّدَّة تبطل إحْصَانه أسلم أَو لم يسلم وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَا تبطل إحْصَانه أسلم أَو لم يسلم وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا حج الْمُسلم ثمَّ ارْتَدَّ لم يجب عَلَيْهِ الْحَج إِذا أسلم وَهَذَا يدل على أَنه لَا يبطل إحْصَانه بِالرّدَّةِ قَالَ أَبُو جَعْفَر الرَّجْم عُقُوبَة كَمَا أَن التَّحْرِيم بِالطَّلَاق الثَّلَاث حَتَّى تنْكح زوجا غَيره عُقُوبَة فَلَمَّا لم تبطل الرِّدَّة الْعقُوبَة الْوَاجِبَة بِالطَّلَاق كَذَلِك مَا يجب بالإحصان لَا تبطله الرِّدَّة الحديث: 1654 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 507 1655 - فِي الْمُرْتَد يقتل رجلا خطأ قَالَ أَبُو حنيفَة فِي الْمُرْتَد يقتل رجلا خطأ ثمَّ يقتل فَالدِّيَة فِيمَا اكْتَسبهُ فِي حَال الْإِسْلَام وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالشَّافِعِيّ فِيمَا اكْتَسبهُ فِي حَال الْإِسْلَام وَالرِّدَّة وَقَالَ مَالك لَا تعقل عَاقِلَة الْمُرْتَد جِنَايَته 1656 - فِي الذِّمِّيّ ينْتَقل إِلَى كفر آخر قَالَ أَصْحَابنَا لَا يعرض لَهُ وَهُوَ قَول مَالك وروى الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي إِذا بدل كفره إِلَى كفر آخر لم يعن على ذَلِك وَقيل لَهُ إِن أَقمت على مَا كنت عَلَيْهِ وَإِلَّا نبذ إِلَيْهِ عَهده فَأخْرج إِلَى دَار الْحَرْب والكتابية إِذا تمجست لم يحل نِكَاحهَا وَإِذا صَارَت الْمَجُوسِيَّة كِتَابِيَّة حل نِكَاحهَا قَالَ أَبُو حعفر إِذا انْتقل من كفر إِلَى كفر يجوز إِقْرَاره عَلَيْهِ بِهِ والجزية لم يمْنَع مِنْهُ 1657 - فِي الْمُرْتَدَّة هَل يَرِثهَا زَوجهَا قَالَ أَصْحَابنَا إِذا مَاتَت أَو لحقت لم يَرِثهَا زَوجهَا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِن مَاتَت قبل انْقِضَاء الْعدة ورثهَا وَإِن مَاتَت أَو قتلت بعد انْقِضَاء الْعدة فَلَا مِيرَاث لَهُ فَإِن رجعت إِلَى دَار الْإِسْلَام فِي عدتهَا فهما على نِكَاحهمَا الحديث: 1655 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 508 وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِن لحقت جَازَ لزَوجهَا أَن يتَزَوَّج أُخْتهَا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ حَتَّى تَنْقَضِي عدتهَا لِأَنَّهَا إِن رجعت قيل انْقِضَاء الْعدة كَانَت امْرَأَته وَقَالَ مَالك مَالهَا فَيْء لَا يَرِثهَا أحد وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا ارْتَدَّت وَقتلت فميراثها لزَوجهَا وَإِن رجعت إِلَى الْإِسْلَام خطبهَا زَوجهَا بِنِكَاح جَدِيد 1658 - فِي فرض الْجِهَاد قَالَ أَصْحَابنَا الْجِهَاد وَاجِب إِلَّا أَن الْمُسلمين فِي عذر حَتَّى يحْتَاج إِلَيْهِم وَقَالَ ابْن شبْرمَة الْجِهَاد لَيْسَ بِوَاجِب والقائمون بِهِ من الْمُسلمين أنصار الله وَقَالَ مَالك الْجِهَاد فرض بالأموال والأنفس فَإِن مَنعهم الضَّرَر أَو عَاهَدُوا بِأَنْفسِهِم لم يسْقط عَنْهُم الْفَرْض بِأَمْوَالِهِمْ وَقَالَ الشافي الْغَزْو غَزوَان نَافِلَة وفريضة فَأَما الْفَرِيضَة فَهُوَ النَّفر إِذا أظل الْعَدو بِلَاد الْإِسْلَام والنافلة الرِّبَاط وَالْخُرُوج إِلَى الثغور إِذا كَانَ فِيهَا من فِيهِ كِفَايَة قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ الله تَعَالَى {انفروا خفافا وثقالا} الْآيَة يَعْنِي شبَابًا وشيوخا وَقَالَ {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا مَا لكم إِذا قيل لكم انفروا فِي سَبِيل الله اثاقلتم إِلَى الأَرْض أرضيتم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا من الْآخِرَة فَمَا مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا فِي الْآخِرَة إِلَّا قَلِيل إِلَّا تنفرُوا يعذبكم عذَابا أَلِيمًا ويستبدل قوما} الحديث: 1658 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 509 {غَيْركُمْ وَلَا تضروه شَيْئا وَالله على كل شَيْء قدير} فَثَبت فَرْضه إِلَّا أَنه على الْكِفَايَة لقَوْله تَعَالَى {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لينفروا كَافَّة} وَقد روى عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس أَن قَوْله {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لينفروا كَافَّة} لَيست فِي الْجِهَاد وَلَكِن لما دَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على مُضر بِالسِّنِينَ أجدبت بِلَادهمْ فَكَانَت الْقَبِيلَة تقبل بأسرها حَتَّى يحلوا بِالْمَدِينَةِ من الْجهد ويقبلوا الْإِسْلَام وهم كاذبون فضيقوا على أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأجهدوهم فَأنْزل الله تَعَالَى يخبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنهم لَيْسُوا مُؤمنين فردهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى عَشَائِرهمْ وحذر قَومهمْ فعلمهم بذلك قَوْله {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لينفروا كَافَّة} وروى عَليّ بن أبي طَلْحَة أَيْضا عَن ابْن عَبَّاس فِي ذَلِك أَنه يَعْنِي مَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لينفروا جَمِيعًا ويتركوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فلولا نفر من كل فرقة مِنْهُم طَائِفَة يَعْنِي عصبَة يَعْنِي السَّرَايَا فَإِذا رجعت السَّرَايَا وَقد نزل بعدهمْ قُرْآن تعلمه الْقَاعِدُونَ وَقَالُوا إِن الله قد أنزل على نَبِيكُم بعدكم قُرْآنًا وتعلمناه فتعلمونهم إِيَّاه فَكَانَ فرض التفقه على الْكِفَايَة كَذَلِك الْجِهَاد وَرُوِيَ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بني الْإِسْلَام على خمس شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله وإقام الصَّلَاة وإيتاء الزَّكَاة وَحج الْبَيْت وَصَوْم رَمَضَان وَجَائِز أَن يكون قبل نزُول فرض الْجِهَاد وَقد وري عَن حُذَيْفَة الْإِسْلَام ثَمَانِيَة أسْهم الصَّلَاة وَالزَّكَاة وَصَوْم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 510 رَمَضَان وَالْحج وَالْجهَاد وَالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وَقد خَابَ من لَا سهم لَهُ وَهَذَا لَا يُقَال رَأيا وَإِنَّمَا هُوَ تَوْقِيف 1659 - فِي قسْمَة الْخمس والفيئ قَالَ أَبُو حنيفَة فِي الْجَامِع الصَّغِير يقسم الْخمس على ثَلَاثَة أسْهم للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل وروى بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة خمس الله وَالرَّسُول وَاحِد وَخمْس ذَوي الْقُرْبَى لكل صنف سَمَّاهُ الله فِي هَذِه الْآيَة خمس الْخمس قَالَ أَبُو يُوسُف والفيئ الْخراج لِأَن الله تَعَالَى قَالَ فِي كِتَابه {مَا أَفَاء الله على رَسُوله} إِلَى آخر الْقِصَّة لِأَنَّهُ لَو لم يكن الفيئ وَالْخَرَاج مَوْقُوفا على النَّاس فِي الأعطية والأرزاق لم تشحن الثغور وَلم تقو الجيوش على الْقِتَال وَقَالَ مَالك الفيئ وَالْخمس سَوَاء يجعلان فِي بَيت المَال قَالَ وَيُعْطِي الإِمَام أقرباء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على مَا يرى ويجتهد فَإِن تكافأ أهل الْبلدَانِ فِي الْحَاجة بَدَأَ بِالَّذِي المَال فيهم وَإِن كَانَ بعض الْبلدَانِ أَشد حَاجَة نقل إِلَيْهِم أَكثر المَال وَكَانَ مَالك يرى التَّفْضِيل فِي الْعَطاء على قدر الْحَاجة وَلَا يخرج المَال من بلد إِلَى بلد غَيره حَتَّى يُعْطي أهل الْبَلَد الَّذِي هُوَ فِيهِ الحديث: 1659 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 511 مَا يغنيهم مَا يغنيهم على وَجه النّظر وَالِاجْتِهَاد وَيجوز أَن يُجِيز الْوَالِي على وَجه الدّين أَولا من يرَاهُ قد اسْتحق بِهِ الْجَائِزَة قَالَ والفيئ حَلَال للأغنياء وَقَالَ سُفْيَان الثَّوْريّ بَلغنِي أَن الفيئ مَا صولح عَلَيْهِ وَأَن الْغَنِيمَة مَا غلب عَلَيْهِ وَقَالَ سهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْخمس وَمَا بَقِي خمس الْخمس وَمَا بَقِي فَلِكُل طَبَقَات الَّتِي سمى الله تَعَالَى فَهَذَا من قَوْله يدل على أَن سهم ذَوي الْقُرْبَى بَاقٍ بعد وَفَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ شريك أَرض الْخراج مَا كَانَ صلحا على خراج يُؤَدِّيه إِلَى الْمُسلمين وَسَوَاد الْكُوفَة أَخذ عنْوَة فَهُوَ فيىء وَلَكنهُمْ تركُوا فِيهِ وَوضع عَلَيْهِم شَيْء وَلَيْسَ بالخراج قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلَيْسَ كَمَا قَالَ لِأَن ذَاك لَو لم يكن خراجا وَكَانَ ضريبة لأخذ من النِّسَاء وَالصبيان والمطيقين للتكسب فَدلَّ على أَنه خراج الرّقاب وَذَلِكَ لَا يجب إِلَّا على الْأَحْرَار وَقَالَ الْحسن بن حَيّ يبْدَأ فِي الفيىء بالمقاتلة فَإِن كَانَ فضل فذراريهم فَإِن كَانَ فضل بعد فالمسلمين وَقَالَ يحيى بن آدم عَن الْحسن بن حَيّ الْغَنِيمَة مَا أَخذ عنْوَة والفيىء مَا صولحوا عَلَيْهِ من الْجِزْيَة وَالْخَرَاج قَالَ يحيى وَقَالَ بعض الْفُقَهَاء الأَرْض لَا تخمس لِأَنَّهَا فيئ وَلَيْسَت بغنيمة لِأَن الْغَنِيمَة لَا توقف وَالْأَرْض إِن شَاءَ الإِمَام وقفهاء وَإِن شَاءَ قسمهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 512 كَمَا يقسم الفيئ فَلَيْسَ فِي الفيىء خمس وَلكنه لجَمِيع الْمُسلمين كَمَا قَالَ الله تَعَالَى {مَا أَفَاء الله على رَسُوله من أهل الْقرى} وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْغَنِيمَة والفيئ الْخمس وَالْغنيمَة مَا أوجف عَلَيْهِ الْخَيل أَو ركاب وَهِي لمن حضر من غَنِي أَو فَقير والفيئ مَا لم يوجف عَلَيْهِ بخيل وَلَا ركاب وَفِيه الْخمس أَيْضا وَيقسم سهم ذَوي الْقُرْبَى بَين غنيهم وفقيرهم للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ وَقَالَ عَطاء للمقاتلة فِي الفيئ وَكَذَلِكَ النِّسَاء والذرية وَلَا بَأْس بِأَن يُعْطي الرجل أَكثر من كِفَايَته وَلَيْسَ للمماليك فِيهِ شَيْء وَلَا للأعراب الَّذين هم أهل الصَّدَقَة وَيُسَوِّي فِي الْعَطاء كَمَا فعل وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ خمس الْغَنِيمَة لمن سمى الله فِي الْآيَة قَالَ أَبُو جَعْفَر قد كَانَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سهم من الْخمس وَسَهْم من الْغَنِيمَة كَرجل مِنْهُم وَسَهْم الصفى روى أَبُو جَمْرَة عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ لوفد عبد الْقَيْس آمركُم بِأَرْبَع شَهَادَة أَن لَا إِلَه الله وَأَن مُحَمَّد رَسُول الله وتقيموا الصَّلَاة وتؤتوا الزَّكَاة وتعطوا سهم الله من الْمَغَانِم والصفي وَعبيد الله بن عبد الله عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نفل لسيفه ذُو الفقار يَوْم بدر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 513 وَلم يخْتَلف الْفُقَهَاء أَن الصفي قد سقط بِمَوْتِهِ فَكَذَلِك سَهْمه الَّذِي كَانَ لَهُ من الْخمس يرجع إِلَى جملَة الْغَنِيمَة وَلَا يرجع إِلَى شَيْء من نَوَائِب الْمُسلمين وَأما سهم ذَوي الْقُرْبَى فَإِن النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أعْطى مِنْهُ بني هَاشم وَبني الْمطلب وَلم يُعْط بني أُميَّة وَقَالَ إِن بني الْمطلب لم يُفَارِقُونِي فِي جَاهِلِيَّة وَلَا إِسْلَام قَالَ جُبَير بن مطعم وَلم يقسم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لبني عبد شمس وَلَا بني نَوْفَل من ذَلِك الْخمس شَيْئا كَمَا قسم لبني هَاشم وَبني الْمطلب وَقَالَ قَائِل إِنَّمَا كَانَ سهم ذَوي الْقُرْبَى موكولا إِلَى رأية فَلَمَّا مَاتَ بَطل كمن أوصى بِثلث مَاله لمن يرَاهُ فِي قرَابَة زيد فَمَاتَ زيد قبل أَن يرَاهُ لأحد فِي قرَابَته فَتبْطل الْوَصِيَّة قيل لَهُ فقد أثْبته الله لَهُم بِغَيْر شَرط وَقد قَالَ ابْن عَبَّاس سهم ذَوي الْقُرْبَى لقربى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قسمه لَهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِنَّمَا قسْمَة الشَّافِعِي ذَلِك للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ فَلَا وَجه لَهُ لِأَنَّهُ لَا خلاف لَو أَن رجلا أوصى بِثلث مَاله لِذَوي قرَابَة فلَان أَو وقف عَلَيْهِم وَقفا أَنه لَا يفضل الذُّكُور على الْإِنَاث وَقَول الشَّافِعِي فِي الفيئ أَنه يُخَمّس خطأ لِأَن الله تَعَالَى ذكر الْغَنَائِم فَأوجب فِيهِ الْخمس وَذكر الفيئ فِي قَوْله {مَا أَفَاء الله على رَسُوله} فَذكر فِيهِ الرَّسُول وَذَوي الْقُرْبَى واليتامى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل كَمَا قَالَ فِي آيَة الْخمس ثمَّ قَالَ {وَالَّذين تبوؤوا الدَّار وَالْإِيمَان} فوصفهم بِمَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 514 وَصفهم بِهِ ثمَّ قَالَ {وَالَّذين جاؤوا من بعدهمْ} فَذكر فِي الْغَنَائِم الْخمس لأصناف مذكورين وَذكر فِي آيَة الفيئ حق الْجَمِيع فِي جَمِيع الفيئ فَثَبت أَن حكم الفيئ غير حكم الْغَنِيمَة وَأما قَول مَالك إِنَّه لَيْسَ وَاحِد إِلَّا وَله فِي هَذَا المَال حق إِلَّا الْمَمْلُوك وَاحْتج بِمَا رُوِيَ عَن مَالك بن أَوْس بن الْحدثَان أَن عمر قَالَ لَيْسَ أحد يوحد الله إِلَّا لَهُ قسم أعْطِيه أَو مَنعه إِلَّا الْمَمْلُوك وَهَذَا يُوجب دُخُول الْأَعْرَاب فِيهِ وَقد رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَدِيث بُرَيْدَة فَأخْبرهُم أَنهم كأعراب الْمُسلمين يجْرِي عَلَيْهِم حكم الله الَّذِي يَجْزِي على الْمُؤمنِينَ وَلَا يكون لَهُم فِي الْغَنِيمَة وَلَا يكون لَهُم فِي الفيئ وَالْغنيمَة إِلَّا أَن يجاهدوا مَعَ الْمُسلمين قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن وَبِهَذَا نَأْخُذ فَثَبت أَن الْأَعْرَاب لَا حق لَهُم فِي الفيئ وَالْغنيمَة إِلَّا أَن يجاهدوا 1660 - فِي السَّبق قَالَ مُحَمَّد من غير خلاف إِلَّا فِي خف أَو حافر أَو نصل وَيجوز السَّبق على الْأَقْدَام قَالَ مُحَمَّد إِذا جعل السَّبق وَاحِدًا فَقَالَ إِن سبقتنى فلك كَذَا وَلم يقل إِن سبقتك فَعَلَيْك كَذَا وَإِن سبقتني فَعَلَيْك كَذَا فَلَا بَأْس وَيكرهُ أَن يَقُول إِن سبقتك فَعَلَيْك كَذَا وَإِن سبقتني فعلي كَذَا هَذَا لَا خير فِيهِ وَإِن قَالَ رجل غَيرهمَا أيكما سبق فَلهُ كَذَا فَلَا بَأْس فَإِن كَانَ بَينهمَا مُحَلل إِن سبق الحديث: 1660 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 515 لم يغرم وَإِن سبق أحد فَلَا بَأْس بذلك إِذا كَانَ يسْبق ويسبق تكون دَابَّته مِمَّا يسابق عَلَيْهَا لَا تكون دَابَّة لَا تتحرك وَقَالَ مَالك سبق الْخَيل أحب إِلَيّ من سبق الرَّمْي وَيكون سبق الْخَيل على نَحْو مَا يسْبق الإِمَام فَإِن كَانَ المسبق غير الإِمَام فعل كَمَا يفعل الإِمَام وَلَا يسْتَحبّ أَن يرجع إِلَيْهِ بِشَيْء مِمَّا خرج مِنْهُ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي السَّبق فِي الرَّمْي إِذا غلب أحد الجريين الآخر فَإِن وجد السَّبق فِيهِ أَن يسْبق الرجل إخوانه ثمَّ يرضى إِن بداله فِي الجريين شَاءَ فَإِن غلب أَو غلب أنفذ سبقه لَهُم وَقَالَ اللَّيْث قَالَ ربيعَة فِي الرجل يسْبق الْقَوْم بشىء إِن سبقه لَا يرجع إِلَيْهِ قَالَ اللَّيْث وَنحن نرى أَن كل من سبق سبقا يجوز السَّبق فِي مثله إِن سبقه جَائِز فَإِن سبق أَخذ ذَلِك مِنْهُ وَإِن سبقه آخر سبقه وَلم يُخرجهُ وَقَالَ مَالك أرى أَن يُخرجهُ على كل حَال سبق أَو سبق نَحْو السُّلْطَان وَقَالَ الشَّافِعِي نَحْو مَا ذكره مُحَمَّد وَقَالَ أَبُو جَعْفَر روى أَبُو صَالح السمان عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا سبق إِلَّا فِي حافز أَو خف روى ابْن أبي ذِئْب عَن نَافِع بن أبي نَافِع عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا سبق إِلَّا فِي نصل أَو خف أَو حافر روى هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت سابقت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 516 فسبقته فَلَمَّا حملت اللَّحْم سابقته فَسَبَقَنِي فَقَالَ هَذِه بِتِلْكَ وَأما قَول مَالك والأزواعي إِن الْأَشْيَاء المسبق بهَا قد كَانَ فِي ملك من سبق بهَا وَإِنَّمَا أخرجهَا بِالسَّبقِ من ملكه على شريطه فَلَا يملك عَلَيْهِ أَو يَأْخُذ الشَّرْط وَأما الْمُحَلّل فقد روى عباد بن الْعَوام عَن سُفْيَان بن حُسَيْن عَن الزُّهْرِيّ عَن ابْن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أَدخل فرسا بَين فرسين وَهُوَ يُؤمن أَن يسْبق فَذَلِك الْقمَار وَلَا يعلم روى فِيهِ شَيْء عَن غَيره وروى حميد عَن الْحسن عَن عمرَان بن حُصَيْن أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا جلب وَلَا جنب روى معمر عَن ثَابت عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثله قَالَ مَالك مَعْنَاهُ ان يجلب فرسا خَلفه يستحثه وَالْجنب أَن يركب فرسا آخر حَتَّى إِذا دنى من الغابة تحول صَاحبه على الْفرس المجلوب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 517 وَقَالَ اللَّيْث أَن يجلب وَرَاء الْفرس فِي السباق وَالْجنب أَن يكون إِلَى جنبه يهيب بِهِ للسباق وَهُوَ أولى مِمَّا قَالَ مَالك لِأَن السَّبق إِنَّمَا يكون على فرس بِعَينهَا لاعلى أَن يركب غَيرهَا ثمَّ يتَحَوَّل عَنْهَا 1661 - فِي إحْيَاء الْموَات قَالَ أَبُو حنيفَة من أَحْيَا أَرضًا لم تكن لَهُ إِلَّا بِإِذن الإِمَام وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد هِيَ لَهُ وَإِن لم يَجْعَلهَا لَهُ الإِمَام قَالَ أَبُو يُوسُف والموات الَّذِي يجوز إحياؤه بِغَيْر إِذن الإِمَام هُوَ الَّذِي إِذا وقف رجل وَأَدْنَاهُ إِلَى الْأَمْصَار فصاح بِأَعْلَى صَوته لم يسمعهُ أدنى أهل الْمصر إِلَيْهِ وَمَا بِخِلَاف ذَلِك فَلَيْسَ بموات وَقَالَ مَالك مَا قرب من الْبيُوت والعمران الَّتِي يتشامح النَّاس فِيهَا فَإِن ذَلِك لَا يكون لأحد إِلَّا بقطيعة من السُّلْطَان وَقَوله عَلَيْهِ وَالصَّلَاة وَالسَّلَام من أَحْيَا أَرضًا ميتَة فَهِيَ لَهُ إِنَّمَا هُوَ فِي الفيافي والصحارى وإحياؤها حفر الْآبَار وجر الْعُيُون وغرس الشّجر وَبِنَاء الْبُنيان وَمَا أشبه ذَلِك والمعادن يقطعهَا الإِمَام من شَاءَ يعْمل فِيهَا وَلم يرهَا لأَهْلهَا الحديث: 1661 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 518 وَقَالَ ابْن شبْرمَة مَا سبق إِلَيْهِ النَّاس أَنهَار الْمُسلمين وَمَا أفا الله مِنْهَا عَلَيْهِم فَلَيْسَ بموات وَمَا كَانَ وسط الْعمرَان إِنَّمَا الْموَات مَا لَا يَسْتَطِيع أحد أَن يسرق إِلَيْهِ المَاء فحفر آخر كَذَلِك نَهرا فأحياها فَهِيَ لمن أَحْيَاهَا وَقَالَ الْحسن بن حَيّ لَيْسَ فِي السوَاد موَات وَإِنَّمَا الْموَات أَرض الْعَرَب وَفرق مَا بَينهمَا الطين وَقَالَ من اختط على نهر لَيْسَ من الطين فَهُوَ أَحَق بِهِ وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن فِي السُّلْطَان يقطع الأَرْض ويحدها لَهُ هِيَ جَائِزَة لَهُ وَإِن لم يقبضهَا وَيجوز الْإِحْيَاء دون السُّلْطَان وَقَالَ الشَّافِعِي الْموَات الَّذِي لم يملكهُ أحد فِي الْإِسْلَام يعرف وَلَا عمَارَة ملك فِي الْجَاهِلِيَّة وَسَوَاء كَانَت إِلَى جنب قَرْيَة عامرة أَو نهر حَيْثُ كَانَ فَهِيَ لمن أَحْيَاهَا وروى قَتَادَة عَن سُلَيْمَان الْيَشْكُرِي عَن جَابر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أحَاط حَائِطا فَهِيَ لَهُ وَقَتَادَة عَن الْحسن عَن سَمُرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أحَاط على شَيْء فَهُوَ لَهُ وروى من أَحْيَا أَرضًا ميتَة فَهِيَ لَهُ وروى الزُّهْرِيّ عَن عبيد الله بن عبد الله عَن ابْن عَبَّاس عَن الصعب بن جثامة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا حمى إِلَّا الله وَلِرَسُولِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 519 وَلَيْسَت الأَرْض كالصيد لِأَن للْإِمَام إقطاع الأَرْض وَلَيْسَ لَهُ إقطاع الصَّيْد 1662 - فِي أَمْوَال الْبُغَاة قَالَ فِي الأَصْل لاتكون غنيمَة ويستعان بكرا عهم وسلاحهم على حربهم فَإِذا وضعت الْحَرْب أَوزَارهَا رد المَال عَلَيْهِم وَيرد الكراع عَلَيْهِم إِذا لم يبْق من الْبُغَاة أحد وَمَا اسْتهْلك فَلَا شَيْء فِيهِ وَذكر إِبْرَاهِيم بن الْجراح فِي الْبَرْمَكِي عَن أبي يُوسُف مَا وجد فِي أَيدي أهل الْبَغي من كرَاع أَو سلَاح فيئ يقسم ويخمس وَإِذا تَابُوا لم يؤخذوا بِدَم وَلَا مَال استهلكوه وَقَالَ مَالك مَا اسْتَهْلكهُ الْخَوَارِج من دم أَو مَال ثمَّ تَابُوا لم يؤخذوا بِهِ وَمَا كَانَ قَائِما بِعَيْنِه رد وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا قوتل اللُّصُوص المحاربون فَقتلُوا وَأخذ مَا مَعَهم فَهُوَ غنيمَة لمن قَاتلهم بعد إِخْرَاج الْخمس إِلَّا أَن يكون شَيْء يعلم أَنهم سَرقُوهُ من النَّاس قَالَ أَبُو جَعْفَر روى فطر بن خَليفَة عَن مُنْذر بن يعلى عَن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ قسم عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام يَوْم الْجمل فيئهم بَين أَصْحَابه مَا قوتل بِهِ من الكراع وَالسِّلَاح فَهَذَا يدل على مَا قَالَ أَبُو يُوسُف فِي الْبَرْمَكِي الحديث: 1662 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 520 وروى عِكْرِمَة بن عمار عَن أبي زميل عَن عبد الله بن الدولي عَن ابْن عَبَّاس أَن الخوراج نقموا على عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام أَنه لم يسب وَلم يغنم فحاجهم بِأَن قَالَ لَهُم أفتسبون أمكُم عَائِشَة ثمَّ تستحلون مِنْهَا مَا تستحلون من غَيرهَا فلئن فَعلْتُمْ لقد كَفرْتُمْ روى أَبُو مُعَاوِيَة عَن الصَّلْت بن بهْرَام عَن أبي وَائِل قَالَ سَأَلته أخمس عَليّ أهل الْجمل قَالَ لَا وَلم يَخْتَلِفُوا أَن أَمْوَالهم المتروكة فِي دِيَارهمْ لَا يغنم فَإِن قتلوا كَذَلِك مَا مَعَهم مِنْهَا وَأَيْضًا كَمَا لم تغنم رقابهم لم يجز أَن تغنم أَمْوَالهم 1663 - فِي قُضَاة الْبُغَاة قَالَ أَبُو يُوسُف فِي الْبَرْمَكِي لَا يَنْبَغِي لقَاضِي الْجَمَاعَة أَن يُجِيز كتاب أهل الْبَغي وَلَا شَهَادَته وَلَا حكمه وَقَالَ مَالك تكشف أحكامهم فَمَا كَانَ مُسْتَقِيمًا أمضى وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا غلب الْخَوَارِج على مَدِينَة فَأخذُوا صدقَات أَهلهَا وَأَقَامُوا عَلَيْهِم الْحُدُود لم تعد عَلَيْهِم وَلَا يرد فِي قَضَاء قاضيهم إِلَّا مَا يرد من قَضَاء قَاضِي غَيرهم وَإِن كَانَ غير مَأْمُون بِرَأْيهِ على استحلال دم أَو مَال لم ينفذ حكمه وَلم يقبل كِتَابه قَالَ أَبُو جَعْفَر لما لم يؤخذوا بعد التَّوْبَة بِمَا استهلكوا من مَال أَو دم صَار كَأَنَّهُمْ أَخَذُوهُ بِحَق كَذَلِك فِيمَا أمضوه يَنْبَغِي أَن يَكُونُوا بِمَنْزِلَة أهل الْعدْل آخر السّير [1] الحديث: 1663 ¦ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 521 = كتاب الشّركَة = 1664 - فِي الشّركَة بالعروض قَالَ أَصْحَابنَا لَا تجوز الشّركَة إِلَّا بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِير وَلَا تجوز بالعروض وَهُوَ قَول ابْن شبْرمَة وَقَالَ البتي تجوز الشّركَة بالعروض وَقَالَ مَالك تجوز الشّركَة بالعروض وَلَا تجوز بِالطَّعَامِ وَإِن تَسَاويا وَسَوَاء كَانَ نوعا وَاحِدًا أَو أنواعا مُخْتَلفَة وَلَا تجوز الشّركَة وَمن أَحدهمَا دَنَانِير وَمن الآخر دَرَاهِم وَإِن كَانَت الْقيمَة سَوَاء لِأَن الطَّعَام بِمَنْزِلَة الصّرْف وَقَالَ الثَّوْريّ لَا تجوز الشّركَة بالعروض وَلَا تكون إِلَّا بِالدَّرَاهِمِ أَو بِالدَّنَانِيرِ أَو دَنَانِير بِدَرَاهِم فيخلطانها يَعْنِي يتبايعان نصف الدَّرَاهِم بِنصْف الدَّنَانِير قَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا تجوز بالعروض إِلَّا أَن يكون قمحا أَو زبيبا فيخلطان جَمِيعًا الحديث: 1664 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 5 وَقَالَ الْحسن بن حَيّ لَا تكون الشّركَة بالعروض إِلَّا أَن يَبِيع كل وَاحِد مِنْهُمَا نصف مَتَاعه بِنصْف مَتَاع الآخر أَو تكون عرُوضا مِمَّا يخْتَلط كالحنطة وَالشعِير وَالزَّيْت وَالسمن وَالدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير إِذا اختلطا فَلم يعرف ذَا من ذَا فيصيرا شَرِيكَيْنِ وَقَالَ الشَّافِعِي لَا تجوز الشّركَة فِي الْعرُوض وَلَا فِيمَا يرجع فِي حَال المفاضلة إِلَى الْقيمَة إِلَّا أَن يَبِيع نصف عرضه عرض الآخر ويتقابضا وَلَا تجوز الشّركَة إِذا كَانَ من أَحدهمَا دَرَاهِم وَمن الآخر دَنَانِير قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا تجوز بالعروض لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة من قَالَ بِعْ نصف عرضك على أَن يكون ثمنه لي وَيصِح فِي الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير أَن يَقُول اشْتَرِ لي بدراهمك عبدا وَقَول مَالك فَاسد لِأَن الدَّرَاهِم يدخلهَا الرِّبَا وَالشَّرِكَة بهَا جَائِزَة 1665 - فِي الشّركَة قبل الْخَلْط قَالَ أَصْحَابنَا تصح الشّركَة قبل الْخَلْط للدراهم وَالدَّنَانِير إِذا عينا المَال وأحضراه وَقَالَ زفر لَا تَنْعَقِد حَتَّى يختلطا وَقَالَ أَصْحَابنَا أَيهمَا هلك قبل الْخَلْط بعد الشّركَة فَهُوَ من مَال صَاحبه خَاصَّة وَقَالَ مَالك إِن كَانَا جعلا لكل وَاحِد من الْمَالَيْنِ فِي صرة ثمَّ قبضهما أحد الشَّرِيكَيْنِ فالمصيبة عَلَيْهِ خَاصَّة الحديث: 1665 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 6 وَقَالَ الثَّوْريّ لَا تصح الشّركَة حَتَّى يختلطا وَقَالَ الشَّافِعِي لَا تصح الشّركَة إِلَّا بالخلطة قَالَ أَبُو جَعْفَر إِذا لم يخلطا فَمَال كل وَاحِد مِنْهُمَا على ملكه فَإِن كَانَ فِي أَيْدِيهِمَا فالقابض أَمِين فَهَلَك من صَاحبه دونه 1666 - فِي التَّفَاضُل فِي الرِّبْح قَالَ أَصْحَابنَا وَالْحسن بن حَيّ إِذا اشْتَركَا شركَة عنان على أَن يعملا وتفاضلا فِي الرِّبْح جَازَ وَإِن كَانَ رَأس المَال مِنْهُمَا سَوَاء وَقَالَ مَالك إِذا كَانَ رَأس المَال من عِنْد أَحدهمَا الثُّلُث وَمن الآخر الثُّلثَيْنِ على أَن يعملا نِصْفَيْنِ وَالرِّبْح نِصْفَانِ فَلَا خير فِي هَذِه الشّركَة وَلَا يجوز عِنْده التَّفَاضُل فِي الرِّبْح مَعَ التَّسَاوِي فِي رُؤُوس الْأَمْوَال قَالَ الشَّافِعِي إِذا اشْتَركَا مائَة ثَمَانِينَ على أَن الرِّبْح نِصْفَانِ فالشركة فَاسِدَة قَالَ أَبُو جَعْفَر لما لم تجز الْمُضَاربَة إِذا شَرط على رب المَال كَذَلِك فِي الشّركَة إِذا كَانَ عمل الآخر مَشْرُوطًا لم يجز أَن يسْتَحق ربح المَال الآخر لِأَن الْمُضَاربَة لَا تصح على هَذَا الْوَجْه 1667 - فِي شركَة الْعَنَان بَين الذِّمِّيّ وَالْمُسلم قَالَ أَصْحَابنَا هِيَ مَكْرُوهَة وَتجوز وَهُوَ قَول البتي وَالشَّافِعِيّ الحديث: 1666 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 7 وَقَالَ مَالك لَا تجوز شركَة الْمُسلم لِلنَّصْرَانِيِّ إِلَّا أَن يكون النَّصْرَانِي يتَصَرَّف بِحَضْرَتِهِ لَا يغيب عَنهُ وَقَالَ الثَّوْريّ مَا يغيب عَنهُ فَلَا يُعجبنِي 1668 - فِي شَرط الْفضل فِي الوضيعة قَالَ أَصْحَابنَا وَالْحسن بن حَيّ الوضيعة على الْمَالَيْنِ بعددهما وَشرط الْفضل بَاطِل وَالرِّبْح على مَا اشْترطَا وَهُوَ قَول البتي وَقَالَ مَالك الشّركَة فَاسِدَة وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِي قَالَ أَبُو جَعْفَر كل مَا لَا يَصح من الْعُقُود إِلَّا بِالْقَبْضِ لم يُفْسِدهُ الشَّرْط كالعمري والهبات وَالصَّدقَات كَذَلِك الشّركَة إِذا لم تصح بالْقَوْل دون إِحْضَار المَال وَالْقَبْض وَجب أَن لَا يُفْسِدهَا الشَّرْط 1669 - فِي شَرط الْعَمَل على أحد الشَّرِيكَيْنِ قَالَ أَصْحَابنَا هِيَ جَائِزَة فَإِن كَانَ من أَحدهمَا ألف وَمن الآخر أَلفَانِ فَشرط الْعَمَل على صَاحب الْأَلفَيْنِ على أَن الرِّبْح نِصْفَانِ كَانَ الرِّبْح على رُؤُوس الْأَمْوَال وَالشّرط بَاطِل وَإِن كَانَ الْعَامِل الآخر فَشرط الرِّبْح نِصْفَيْنِ جَائِز وَقَالَ مَالك لَا يجوز شَرط الْعَمَل على أَحدهمَا فَإِن اشْترط عَلَيْهِمَا الْعَمَل على أَن المَال عِنْد أَحدهمَا فَغير جَائِزَة الحديث: 1668 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 8 وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا كَانَ فِي الشَّرْط أَن يعْمل أَحدهمَا دون الآخر فَهُوَ فَاسد وَقِيَاس قَول الشَّافِعِي إِنَّهَا لَا تجوز إِلَّا على الْمُسَاوَاة فِي الْعَمَل كَمَا لَا تجوز إِلَّا على الْمُسَاوَاة فِي الرِّبْح قَالَ أَبُو جَعْفَر الْمُضَاربَة لَا يجوز فِيهَا شَرط عمل رب المَال وَالْقِيَاس أَلا تجوز الشّركَة مَعَ شَرط إِخْرَاج يَد أحد الشَّرِيكَيْنِ 1670 - فِي نَفَقَة أحد الشَّرِيكَيْنِ قَالَ أَصْحَابنَا ينْفق كل وَاحِد مهما من مَال نَفسه وَيغرم لشَرِيكه حِصَّته مَا أنْفق من الْجُمْلَة وَقَالَ مَالك فِي المتعاوضين إِذا كَانَ لكل وَاحِد مِنْهُمَا عِيَال ألغيا نفقتهما وَإِن كَانَ أَحدهمَا وَحده وَلَا عِيَال لَهُ وَللْآخر عِيَال وَولد حسب كل وَاحِد مَا أنْفق 1671 - فِي شركَة الْوُجُوه قَالَ أَصْحَابنَا شركَة الْوُجُوه حائزة وَالرِّبْح على قدر مَا يَقع من المَال بِالشِّرَاءِ لكل وَقَالَ الْحسن بن حَيّ شركَة التاجرين جَائِزَة بِغَيْر مَال وَقَالَ مَالك لَا تجوز الشّركَة إِلَّا بِمَال متساو إِذا حضرا جَمِيعًا الشِّرَاء وَكَانَ أَحدهمَا حميلا بِالْآخرِ الحديث: 1670 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 9 وَقَالَ الشَّافِعِي لَا تجوز الشّركَة إِلَّا بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِير مختلطين 1672 - فِي شركَة الْأَبدَان قَالَ أَصْحَابنَا تجوز شركَة الْأَبدَان فِي الصناعات اتّفقت أَو اخْتلفت عملا فِي موضِعين أَو مَوضِع وَاحِد وَلَا تجوز فِي الِاصْطِيَاد والاحتطاب وَنَحْوه وَرُوِيَ عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة قَالَ كل مَا تجوز فِيهِ الْوكَالَة تجوز فِيهِ الشّركَة وَمَا لَا تجوز فِيهِ الْوكَالَة لَا تجوز فِيهِ الشّركَة وَمَا تجوز فِيهِ الشّركَة من الصناعات نَحْو الْخياطَة والقصارة فَإِنَّهُ سَوَاء عملا جَمِيعًا أَو أَحدهمَا فَمَا حصل من فضل فَهُوَ بَينهمَا نِصْفَيْنِ وَقَالَ مَالك تجوز الشّركَة على أَن يخيطا أَو يصطادا إِذا كَانَا يعملان جَمِيعًا فِي مَوضِع وَاحِد وَكَذَلِكَ إِذا اشْتَركَا فِي صيد البزاة وَالْكلاب إِذا كَانَ الْكَلْب أَو الْبَازِي بَينهمَا نِصْفَيْنِ يكون البازيان متعاونين والكلبان متعاونين على صيد وَاحِد وَقَالَ مَالك لَا تجوز الشّركَة بَين حداد وقصار وَإِنَّمَا تجوز فِي صناعَة وَاحِدَة يعملان جَمِيعًا فِيهَا فِي مَوضِع وَاحِد فَإِن عملا فِي موضِعين أَو كَانَت صناعتين لم تجز الشّركَة وَقَالَ مَالك يجوز أَن يشْتَرك المعلمان فِي تَعْلِيم الصّبيان إِذا كَانَا فِي مَوضِع وَاحِد وَإِن تفَرقا فِي مجلسين فَلَا خير فِيهِ وَقَالَ الْحسن بن حَيّ وَاللَّيْث شركَة الْأَبدَان لَا تجوز إِلَّا بِالدَّرَاهِمِ أَو الدَّنَانِير ويختلط المالان فَهَذَا يدل على أَنه لَا يجز شركَة الْأَبدَان الحديث: 1672 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 10 1673 - فِي تصرف شريك الْعَنَان قَالَ أَصْحَابنَا مَا اشْتَرَاهُ أحد شَرِيكي الْعَنَان على الشّركَة فَهُوَ لَهما وَمَا اشْتَرَاهُ من غير تِلْكَ التِّجَارَة فَهُوَ لَهُ خَاصَّة وَإِن أقرّ أَحدهمَا بدين فِي تِجَارَته جَازَ عَلَيْهِ خَاصَّة وَلَيْسَ على الْمُنكر مِنْهُ شَيْء وَإِن كَانَ لَهما دين على رجل فَأَخَّرَهُ أَحدهمَا لم يجز تَأْخِيره على الآخر إِلَّا بِرِضَاهُ وَلَا يكون أَحدهمَا خصما فِيمَا تولاه الْأُخَر فِي رد بِعَيْب وَلَا مُطَالبَة بِثمن وَلَا غَيره وَفِي الْمُعَاوضَة يلْزم جَمِيع ذَلِك الشَّرِيك الآخر وَكَانَ مَالك لَا يعرف شريك الْعَنَان وَلَا أحد من أهل الْحجاز وَإِنَّمَا الشّركَة شركَة الْمُفَاوضَة وَإِذا بَاعَ أحد الشَّرِيكَيْنِ فَلِلْمُشْتَرِي أَن يرد بِالْعَيْبِ على الآخر إِذا كَانَ البَائِع غَائِبا فَإِن كَانَ مُقيما أَو كَانَت غيبته يَوْمًا فَإِنَّهُ ينْتَظر حَتَّى يَأْتِي لَعَلَّ لَهُ حجَّة فَإِن جحد أَن يكون بَاعه شَرِيكه وَبِه الْعَيْب حلف على الْعلم وَقَالَ الشَّافِعِي يلْزم إِقْرَار أحد الشَّرِيكَيْنِ الآخر وَهُوَ لَا يعرف شركَة الْعَنَان الحديث: 1673 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 11 قَالَ أَبُو جَعْفَر إِن كَانَ الآخر خصما عَن البَائِع فَهُوَ كَالْوَكِيلِ يَنْبَغِي أَن لَا يخْتَلف حكمه فِي حَال حُضُوره وغيبته 1674 - فِي خُصُومَة أحد شَرِيكي الصناعات فِيمَا تولاه الآخر قَالَ أَصْحَابنَا أَيهمَا تقبل بِالْعَمَلِ فلرب المَال مُطَالبَة الآخر بِهِ وَأيهمَا مَا دفع الثَّوْب فَلهُ أَن يُطَالب الآخر وَإِذا جنت يَد أَحدهمَا فَالضَّمَان عَلَيْهِمَا ذكره بشر عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة فَإِن أقرّ أَحدهمَا بِثَوْب فِي يدهما إِن هَذَا دَفعه إِلَيْهِ ليعمله وَقَالَ الشَّرِيك الآخر هُوَ لي صدق الْمقر وَدفع الثَّوْب إِلَى الْمقر لَهُ اسْتِحْسَانًا كالمتفاوضين أَلا ترى أَن لَهُ أَخذ كل وَاحِد مِنْهُمَا بِجَمِيعِ الْعَمَل وَرَوَاهُ مُحَمَّد كَذَلِك وَقَالَ مَالك فِي القصارين إِذا اشْتَركَا فِي حَانُوت فَمَرض أَحدهمَا من عمل الآخر فَالْعَمَل بَينهمَا وَلَا بَأْس بذلك وَكَذَلِكَ إِن غَابَ أَحدهمَا يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ وَعمل الآخر وَقَالَ أَصْحَابنَا إِذا مرض أَحدهمَا أَو غَابَ فَعمل الآخر بَينهمَا 1675 - فِي الشّركَة على أَعْيَان الأدوات قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالشَّافِعِيّ لَا تجوز الشّركَة على فعل من أَحدهمَا وبعين من الآخر على أَن يؤاجرهما وَيكون الْأجر نِصْفَيْنِ قَالَ أَبُو جَعْفَر وَذَلِكَ لِأَن الْوكَالَة على هَذَا الْوَجْه لَا تصح وَقَالَ أَصْحَابنَا وَتجوز الشّركَة على أَن آلَة القصارة من عِنْد أَحدهمَا الحديث: 1674 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 12 وَالْبَيْت من الآخر على أَن يعملا بأداة هَذَا فِي بَيت هَذَا على أَن الْكسْب نِصْفَانِ لِأَن الْآلَة فِي هَذَا الْموضع لَيْسَ مِمَّا يُؤْخَذ أجره وَكَذَلِكَ الْبَيْت وَالْأُجْرَة مَأْخُوذَة عَن الْفِعْل وَفِي الْبَغْل وَالْبَعِير مَأْخُوذ من الْبَغْل وَالْبَعِير وَقَالَ مَالك هَذَا لَا يجوز أَيْضا 1676 - فِي شَرط الْمُزَارعَة قَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا يسْتَحق بعض الْخَارِج بِالشّرطِ إِلَّا عَن الأَرْض أَو عَن الرجل وَلَا يسْتَحق عَن الْبَقر والآلة وَرب الْبذر وَيسْتَحق بِغَيْر شَرط وَمَتى فَسدتْ الْمُزَارعَة كَانَ الْخراج لصَاحب الْبذر وللباقي أجر الْمثل عَلَيْهِ من أَرض أَو عَامل وَقَالَ مَالك إِذا كَانَت الأَرْض من عِنْدِي وَالْبَقر من عِنْد شَرِيكي وَالْبذْر من عندنَا جَمِيعًا وَالْعَمَل علينا جَمِيعًا أَنه جَائِز إِذا كَانَ كِرَاء الأَرْض وَالْبَقر سَوَاء وَإِن كَانَ أَحدهمَا أَكثر كِرَاء لم أحبه وَيجوز عِنْده إِذا أخرج أَحدهمَا الأَرْض وَالْآخر الْبَقر وَالْآخر الْعَمَل إِذا كَانَ الْبذر بَينهم أَثلَاثًا وتكافؤا فِي الْعَمَل وَإِن كَانَ الْبذر من عِنْد أحدهم لم يجز بِحَال وَلَا تصلح الشّركَة فِي الزَّرْع عِنْد مَالك إِلَّا أَن يكون الْبذر بَينهمَا ويتكافآن فِيمَا بعد ذَلِك من الْعَمَل فَإِن كَانَ الْبذر من عِنْدهمَا وَمن عِنْد الآخر الأَرْض وَجَمِيع الْعَمَل لم يجز لصَاحب الأَرْض وَيُعْطِي هَذَا بذرهما وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا كَانَ لأَحَدهمَا مَاء وَللْآخر أَرض اشْتَركَا على أَن ينبتا الأَرْض وَالْمَاء فَيكون عمل تِلْكَ الأَرْض ونفقتها عَلَيْهِمَا سَوَاء فَهُوَ جَائِز وَقَالَ اللَّيْث إِذا كَانَ من عَن أَحدهمَا الأداة وَمن عِنْد الآخر الْعَمَل فَإِنَّهُ الحديث: 1676 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 13 ينظر إِلَى قيمَة الْعَمَل وَأُجْرَة الْآلَة فيترادان الْفضل وَإِن كَانَت الأَرْض من عِنْد أَحدهمَا أَو كَانَت تكرى مثلهَا أقيم لَهُ كراها جَازَ عَلَيْهِ نصف الْكِرَاء وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا اشْترك أَرْبَعَة نفر لأَحَدهم الْبذر وَللْآخر الأَرْض وَللْآخر الْبَقر وَللْآخر عمل يَده فالشركة فَاسِدَة وَالرِّبْح لصَاحب الْبذر وللآخرين إِجَارَة أمثالهم قَالَ أَبُو جَعْفَر إِنَّمَا تجوز الْمُزَارعَة على أَن تكون الأَرْض مستأجرة وَيكون الرجل مُسْتَأْجرًا فَإِذا خرج عَن ذَلِك لم تصح إِلَّا أَن مُحَمَّدًا قَالَ إِذا كَانَ من عِنْد أَحدهمَا الفدان وَمن الآخر الْعَمَل وَمن الآخر الْبذر وَعَلِيهِ أُجْرَة الْمثل لهَؤُلَاء فَكَانَ يَنْبَغِي أَن لَا يُفْسِدهَا بَين صَاحب الأَرْض لفسادها فِيمَا بَين صَاحب الْبَقر وَبَين صَاحب الأَرْض كَمَا قَالَ فِي الْمُضَاربَة إِذا وَقعت بَين صَاحب المَال وَبَين الْمضَارب على أَن للْمُضَارب ثلث الرِّبْح ولرب المَال ثلث الرِّبْح ولرجل آخر شَرط عمله فِي الْمُزَارعَة ثلث الرِّبْح أَن الْمُضَاربَة جَائِزَة ولرب المَال ثُلثي الرِّبْح وللمضارب ثلثه وَللْآخر أجرتا مثله فَلم تفْسد الْمُضَاربَة فِيمَا بَين رب المَال وَبَين الْمضَارب لأجل فَسَادهَا فِيمَا بَينه وَبَين الآخر 1677 - فِي الصَّانِع يقْعد فِي حانوته من يعْمل مَعَه بِالنِّصْفِ قَالَ أَصْحَابنَا فِي صانع أَو خياط يقْعد مَعَه فِي حانوته رجلا يطْرَح عَلَيْهِ الْعَمَل بِالنِّصْفِ أَنه جَائِز اسْتِحْسَانًا وَقَالَ مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ لَا يجوز الحديث: 1677 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 14 1678 - فِي شركَة الْمُفَاوضَة قَالَ أَصْحَابنَا شركَة الْمُفَاوضَة جَائِزَة وشرطهما أَن يستويا فِي المَال الَّذِي يجوز انْعِقَاد الشّركَة وَفِي التَّصَرُّف فَيكون حِينَئِذٍ كل وَاحِد مِنْهُمَا وَكيلا لصَاحبه فِي التَّصَرُّف وَالْخُصُومَة وضامنا عَنهُ مَا يلْزمه من جِهَة الْعُقُود الدَّاخِلَة فِي الْمُفَاوضَة وَمَا كَانَ ضَمَانه فِي معنى ضَمَان الْعُقُود وَيجوز عِنْدهم الْمُفَاوضَة فِي شركَة الْوُجُوه والأبدان أَيْضا فَإِن وزن أَحدهمَا بعد الْمُفَاوضَة دَرَاهِم أَو دَنَانِير فَسدتْ الْمُفَاوضَة فِي الْوُجُوه وَإِن وزن عرُوضا لم تفْسد وَقَالَ ابْن أبي يعلى إِذا اشْتَركَا شركَة مُفَاوَضَة ولأحدهما ألف دِرْهَم وَللْآخر أَلفَانِ فَهَذِهِ مُفَاوَضَة جَائِزَة وَالْمَال كُله بَينهمَا نِصْفَانِ فَإِن اشْتَركَا فِي جَمِيع الْأَشْيَاء فقد تفاوضا وَإِن اشْتَركَا فِي نوع وَأحد من التِّجَارَة متفاوضان فِي ذَلِك النَّوْع وَتَصِح الْمُفَاوضَة على الثُّلُث والثلثين وَلَا يُفْسِدهَا أَن يكون مَال أَحدهمَا أَكثر من مَال الآخر وَإِن اشْترى أَحدهمَا جَارِيَة لنَفسِهِ من مَال الشّركَة فصاحبه مُخَيّر إِن شَاءَ أَمْضَاهُ وَإِن شَاءَ رده إِلَى الشّركَة وَإِن اشْترى طَعَاما ليأكله كَانَ لَهُ خَاصَّة الحديث: 1678 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 15 وَقَول الثَّوْريّ فِي الْمُفَاوضَة كَقَوْل أَصْحَابنَا إِلَّا أَن شَرط الشّركَة عِنْده أَن يخلطا الْمَالَيْنِ وَقَالَ الْحسن بن حَيّ فِي الْمُتَفَاوضين يَقُول كل وَاحِد مِنْهُمَا لصَاحبه أَنْت فِي مَالِي بمنزلتي فيصيران شَرِيكَيْنِ متفاوضين وَلَا بَأْس أَن يَأْخُذ كل وَاحِد مِنْهُمَا من المَال مَا شَاءَ من غير أَن يحسبه على نَفسه وَلَيْسَ بَينهمَا حِسَاب مِمَّا أخذا وَيُؤْخَذ كل وَاحِد مِنْهُمَا بدين صَاحبه وَقَالَ الشَّافِعِي لَا تجوز شركَة الْمُفَاوضَة بِحَال قَالَ أَبُو جَعْفَر وَذكر لنا بكار بن قُتَيْبَة أَنه سمع أَبَا عَاصِم النَّبِيل وقا لَهُ رجل مَا معنى شركَة الْعَنَان فَقَالَ هِيَ كلمة تطرف بهَا أهل الْكُوفَة يُرِيد أَنهم أحدثوها للفرقة بَين الْمُفَاوضَة والعنان فَذَكرته لِابْنِ أبي عمرَان فَقَالَ مَا قَالَ شَيْئا وَإِنَّمَا هُوَ مَأْخُوذ من عنان الدَّابَّة الَّذِي يحبسها بِهِ راكبها عَمَّا لَا يُريدهُ لِأَنَّهُ يمْنَع نَفسه بهَا عَن التَّصَرُّف فِي سَائِر الْوُجُوه الْأُخَر وَمنعه أَن يتَصَرَّف عَلَيْهِ من غير الْوَجْه الَّذِي تعاقدا عَلَيْهِ وَقَالَ نَابِغَة بن جعدة ... وشاركنا قُريْشًا فِي تقاها ... وَفِي أحسابها شرك الْعَنَان ... فَإِذا كَانَت شركَة الْعَنَان مَوْجُودَة فِي اللُّغَة فقد دلّ على أَن هُنَاكَ شركَة غَيرهَا وَهِي الْمُفَاوضَة فَتجوز الْمُفَاوضَة كَمَا جَازَ الْعَنَان إِلَّا أَن الْمُفَاوضَة أَعم وَإِذا جَازَ الْعَنَان مَعَ مَا فِيهَا من الْجَهَالَة جَازَت الْمُفَاوضَة 1679 - فِي كَفَالَة أحد الْمُتَفَاوضين قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا كفل أحد الْمُتَفَاوضين بِمَال لزم صَاحبه الحديث: 1679 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 16 وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَمَالك لَا يلْزم فِي عَارِية المفاوض قَالَ أَصْحَابنَا للمفاوض أَن يعير اسْتِحْسَانًا وَكَذَلِكَ العَبْد الْمَأْذُون لَهُ وَقَالَ مَالك لَا يجوز إِلَّا فِي الشَّيْء الْخَفِيف أَو يخبر بِهِ فِي الِاسْتِبْرَاء فَلَا يضمن وَإِن صنع ذَاك من غير التِّجَارَة ضمن 1680 - فِي شركَة المفاوض قَالَ أَصْحَابنَا للمفاوض أَن يُشَارك آخر شركَة مُفَاوَضَة أَو عنان وَيجوز على شَرِيكه وَقَالَ مَالك لَا يجوز 1681 - فِيمَن قَالَ مَا اشْتريت من شَيْء فَهُوَ بَيْننَا نِصْفَانِ أَو لم يؤقت قَالَ بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف فِي الْإِمْلَاء إِذا قَالَ مَا اشْتريت الْيَوْم فبيني وَبَيْنك فَإِن أَبَا حنيفَة قَالَ هُوَ جَائِز وَكَذَلِكَ إِن لم يؤقت يَوْمًا وَوقت مَالا وَكَذَلِكَ إِن وَقت صنفا من الثِّيَاب وسمى عددا وَلم يسم ثمنا وَلَا يَوْمًا فَهُوَ جَائِز وَإِن قَالَ مَا اشْتريت وَلم يسم شَيْئا فَهُوَ بيني وَبَيْنك فَإِن أَبَا حنيفَة قَالَ لَا يجوز إِلَّا أَن يشتركا فيقولا مَا اشترينا أَو اشْترى لنا أَو اشْترى وَاحِد منا من تِجَارَة فَهُوَ بَيْننَا فَهَذَا جَائِز وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَإِن قَالَ مَا اشْتريت الْيَوْم فَهُوَ لي لم يجز وَلَو قَالَ مَا رَأَيْت أَن تشتريه الْيَوْم لي فاشتره جَازَ إِذا جعل الْمَشِيئَة إِلَى الْوَكِيل الحديث: 1680 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 17 وَقَالَ مُحَمَّد فِي الْإِمْلَاء إِذا قَالَ مَا اشْتريت من شَيْء فَهُوَ بيني وَبَيْنك وَذَلِكَ بَينهمَا على الْأَبَد حَتَّى يُخرجهُ الشَّرِيك وَلم يحك خلافًا وَكَذَلِكَ قَول اللَّيْث وَقَالَ مَالك لَا يجوز وَلَا تعجبني شركَة الْوُجُوه وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا قَالَ مَا اشْتريت من شَيْء فَهُوَ بيني وَبَيْنك لم يَقع شركَة وَمَا اشْترى من شَيْء فَهُوَ لَهُ خَاصَّة قَالَ أَبُو جَعْفَر تقع البضاعة وَالْمُضَاربَة على وَجه التَّفْوِيض كَذَلِك التَّوْكِيل 1682 - فِي الدّين بَين الرجلَيْن قَالَ مُحَمَّد عَن أَصْحَابنَا إِذا أَقبض أَحدهمَا شَيْئا شركه الآخر فِيهِ فَإِن سلمه لَهُ لم يكن لَهُ أَن يرجع عَلَيْهِ حَتَّى يَنْوِي مَا على الْمَطْلُوب فَإِذا نوى رَجَعَ عَلَيْهِ بِنصْف مَا قبض وَقَالَ أَبُو يُوسُف فِي الْإِمْلَاء عَن أبي حنيفَة إِن سلم لَهُ فَلهُ أَن يعود حَتَّى يُشَارِكهُ فِيمَا أَخذ وَقَالَ الشَّافِعِي يُشَارِكهُ الشَّرِيك الآخر فِيمَا قبض وَقَالَ مَالك إِن قَبضه بِأَمْر السُّلْطَان لم يُشَارِكهُ وَإِن قَبضه بِغَيْر أَمر سُلْطَان شَاركهُ قَالَ مَالك وَكَذَلِكَ إِن أمره الشَّرِيك أَن يخرج مَعَه فِي اقتضائه أَو يُوكل فَلم يفعل فَإِنَّهُ لَا يُشَارِكهُ فِيمَا قبض الحديث: 1682 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 18 1683 - فِي أحد الشَّرِيكَيْنِ فِي الدّين يَأْخُذ بِنَصِيبِهِ عرضا قَالَ أَصْحَابنَا إِذا صَالح أحد الشَّرِيكَيْنِ من نصِيبه من الدّين على عوض فَإِن للشَّرِيك الآخر أَن يَأْخُذ نصفه إِلَّا أَن يَشَاء الْقَابِض أَن يُعْطِيهِ نصف نصِيبه من الدّين وَإِن اشْترى مِنْهُ بِنَصِيبِهِ عوضا رَجَعَ عَلَيْهِ شَرِيكه بِنصْف نصِيبه من الدّين لَا غير وَقَالَ زفر الشِّرَاء وَالصُّلْح سَوَاء وَيرجع بِنصْف نصِيبه من الدّين وَقَالَ مَالك كَقَوْل زفر فِي الصُّلْح 1684 - فِي تَأْخِير أحد الشَّرِيكَيْنِ قَالَ أَبُو حنيفَة فِي الشَّرِيكَيْنِ فِي الدّين إِذا أخذهما الْغَرِيم بِنَصِيبِهِ لم يجز وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يجوز وَهُوَ قَول مَالك وَقَالَ زفر وَالشَّافِعِيّ لَا يجوز تَأْخِير دين أَصله حَال وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِن حل مَا أخر كَانَ لَهُ أَن يرجع على الشَّرِيك بِنصْف مَا قبض وَإِن شَاءَ رَجَعَ بِنَصِيبِهِ على الْغَرِيم وَقَالَ مَالك إِذا نوى مَا على الْغَرِيم من حِصَّته الَّذِي أخر وَقد اقْتضى صَاحبه نصِيبه لم يرجع عَلَيْهِ بِشَيْء مِمَّا قبض آخر الشّركَة الحديث: 1683 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 19 = كتاب الْمُزَارعَة = 1685 - فِي الْمُزَارعَة وَالْمُسَاقَاة قَالَ أَبُو حنيفَة وَزفر رحمهمَا الله لَا تجوز الْمُزَارعَة وَلَا الْمُسَاقَاة وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَالثَّوْري وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد رَحِمهم الله تجوزان جَمِيعًا وَقَالَ مُحَمَّد لَا تجوز الْمُزَارعَة فِي الأَرْض الْبَيْضَاء وَتجوز الْمُسَاقَاة فِي الحديث: 1685 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 21 أصل نخل وكرم ورمان وَمَا أشبهه وَتجوز الْمُزَارعَة فِي الأَرْض الْبَيْضَاء بَين النّخل على وَجه التبع وَتجوز أَن يساقيه النّخل وعَلى أَن يزرع الأَرْض وَالْخَارِج من الأَرْض أَو بَينهمَا لِأَنَّهَا تبع وَإِنَّمَا تجوز إِذا كَانَت الأَرْض الَّتِي بَين النّخل الثُّلُث وَالنَّخْل الثُّلثَيْنِ وَنَحْوه يَقُول الْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ تجوز الْمُزَارعَة وَاللَّيْث لَا يجيزها ويجيز الْمُسَاقَاة وَكَذَلِكَ الشَّافِعِي إِلَّا أَن الشَّافِعِي يجوز الْمُسَاقَاة فِي النّخل وَالْكَرم دون غَيرهمَا وَلَا تجوز الْمُزَارعَة بِالثُّلثِ إِلَّا فِي الأَرْض الْبَيْضَاء الَّتِي بَين النّخل الَّتِي تشترك مَعَ النّخل فِي السَّقْي قَالَ أَبُو جَعْفَر روى ثَابت بن الضَّحَّاك أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن الْمُزَارعَة وَاخْتلف أَلْفَاظ رَافع بن خديج فَروِيَ عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن المخابرة وَرُوِيَ عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِنَّمَا يزرع ثَلَاثَة رجل لَهُ أَرض فَهُوَ يَزْرَعهَا وَرجل منح أَخَاهُ أرضه فَهُوَ يزرع مَا منح مِنْهَا وَرجل اكترى بِذَهَب أَو فضَّة وروى يعلى بن حَكِيم عَن سُلَيْمَان بن يسَار عَن رَافع بن خديج قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كَانَت لَهُ أَرض فليزرعها أَو يَزْرَعهَا أَخَاهُ وَلَا يكريها بِالثُّلثِ وَلَا بِالربعِ وَلَا بِطَعَام مُسَمّى وروى الزُّهْرِيّ عَن سَالم أَن ابْن عمر كَانَ يكْرِي أرضه حَتَّى بلغه أَن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 22 رَافع بن خديج كَانَ ينْهَى عَن كِرَاء الْأَرْضين فَلَقِيَهُ فَسَأَلَهُ فَقَالَ سَمِعت عمي وَكَانَا قد شَهدا بَدْرًا يحدثان أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن كِرَاء الْأَرْضين فَترك ابْن عمر كِرَاء الأَرْض وروى مُوسَى بن عقبَة عَن نَافِع أَن رَافع بن خديج أخبر عبد الله بن عمر أَن عمومته جاؤوا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ رجعُوا فَقَالُوا إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن كِرَاء الْمُزَارعَة فَقَالَ ابْن عمر قد علمنَا أَنه كَانَ صَاحب مزرعة يكريها على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أَن لَهُ مَا فِي ربيع الساقي الَّذِي تفجر مِنْهُ المَاء وَطَائِفَة من التِّبْن لَا أَدْرِي مَا التِّبْن وَمَا هُوَ فَأخْبر ابْن عمر سَبَب الْفساد وَهُوَ شَرط مَا فِي الرّبيع الساقي وَلم يُنكره رَافع وروى عَطاء عَن جَابر بن عبد الله قَالَ كَانَ لرجل منا فضول أَرضين على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَانُوا يؤاجرونها على النّصْف وَالثلث وَالرّبع فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كَانَت لَهُ أَرض فليزرعها أَو يمنح أَخَاهُ فَإِن أبي فليمسك وروى الثَّوْريّ عَن يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ عَن حَنْظَلَة بن قيس الزرقي أَنه سمع رَافع بن خديج يَقُول كُنَّا أَكثر أهل الْمَدِينَة حقلا وَكُنَّا نقُول للَّذي نخابره لَك هَذِه الْقطعَة وَلنَا هَذِه الْقطعَة تزرعها لنا فَرُبمَا أخرجت هَذِه الْقطعَة وَلم تخرج هَذِه شَيْئا وَرُبمَا أخرجت هَذِه وَلم تخرج هَذِه شَيْئا فنهانا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 23 رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ذَلِك فَأَما بورق لم ينهنا عَنهُ وروى أَبُو الزبير عَن جَابر كُنَّا فِي زمن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَأْخُذ الأَرْض بِالثُّلثِ أَو الرّبع بالماذيانات فَنهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ذَلِك وروى سعيد بن الْمسيب عَن سعد بن أبي وَقاص قَالَ كَانَ النَّاس يكرون الْمزَارِع بِمَا يكون على الساقي فَنهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ذَلِك وَقَالَ اكروها بِالذَّهَب وَالْوَرق وروى عبيد الله بن عمر عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَامل أهل خَيْبَر بِشَطْر مَا يخرج من الزَّرْع وَالنَّخْل وروى أَبُو الزبير عَن جَابر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَامل أهل خَيْبَر كَمَا كَانُوا وَجعلهَا بَينه وَبينهمْ فَبعث ابْن رَوَاحَة فخرصها عَلَيْهِم فَفِي هذَيْن الْخَبَرَيْنِ إجَازَة الْمُزَارعَة وَالْمُسَاقَاة فَإِن قيل نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن المخابرة رَوَاهُ عَطاء وَأَبُو الزبير عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهِي مُشْتَقَّة من خَيْبَر فَدلَّ على أَنه مُتَأَخّر عَن قصَّة خَيْبَر الجزء: 4 ¦ الصفحة: 24 قَالَ أَبُو جَعْفَر هَذَا لَا يَصح لمَالِك وَالشَّافِعِيّ لِأَنَّهُمَا لَا يجيزان الْمُسَاقَاة ويحتجان بِقصَّة خَيْبَر وَالْمُخَابَرَة اسْم كَانَ مَوْجُودا قبل حَدِيث خَيْبَر وَإِن ثَبت النَّهْي عَن المخابرة وَهِي الْمُزَارعَة فَيَنْبَغِي أَن لَا يجوز فِي الزَّرْع من النّخل إِذا كَانَ أقل من الثُّلُث وَاعْتِبَار الثُّلُث تحكم بِغَيْر دَلِيل وَلَا يَصح التَّوْقِيت إِلَّا من جِهَة التَّوْقِيف فَإِن قيل إِنَّمَا أجزته للضَّرُورَة قيل لَهُ وَعَمن رويت جَوَاز الْعُقُود الْفَاسِدَة بِالضَّرُورَةِ وَقد روى أَسْبَاط بن مُحَمَّد عَن كُلَيْب بن وَائِل قَالَ قلت لِابْنِ عمر أَتَانِي رجل لَهُ أَرض ومآء وَلَيْسَ لَهُ بذر وَلَا بقر أخذت أرضه بِالنِّصْفِ فزرعتها ببذري وبقري فناصفته فَقَالَ حسن فَأجَاز ابْن عمر الْمُزَارعَة وَقد روى قصَّة خَيْبَر وَحَدِيث رَافع بن خديج 1686 - فِي التِّبْن فِي الْمُزَارعَة قَالَ مَالك إِذا دفع النّخل مُعَاملَة مَعَ الأَرْض فالتبن بَينهمَا نِصْفَيْنِ وَقَالَ بشر عَن أبي يُوسُف إِذا شَرط أَن مَا أخرج الله تَعَالَى من طَعَام فَهُوَ بَينهمَا لم يجز حَتَّى يشترطا مَا أخرج الله من شَيْء فَهُوَ بَينهمَا نِصْفَيْنِ أَلا ترى أَنه لَو شَرط التِّبْن نِصْفَيْنِ وَالْحِنْطَة للزارع لم يجز وَقَالَ مُحَمَّد فِي الْإِمْلَاء لَا يجوز أَن يشْتَرط التِّبْن للزارع وَالْحب نِصْفَيْنِ وَلَا يجوز حَتَّى يكون الْحبّ والتبن جَمِيعًا نِصْفَيْنِ الحديث: 1686 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 25 وَقَالَ فِي الْمُزَارعَة الْكَبِير إِذا شَرط التِّبْن لصَاحب الْبذر وَالْحب نِصْفَيْنِ جَازَ وَإِن شَرط التِّبْن لمن لَيْسَ لَهُ بذر وَالْحب نِصْفَيْنِ لم يجز قَالَ ابْن أبي عمرَان الصَّحِيح مَا قَالَه مُحَمَّد فِي الْإِمْلَاء وَوَافَقَ فِيهِ أَبَا يُوسُف لِأَن التِّبْن إِن كَانَ مَعَ الْحِنْطَة كصنف وَاحِد فَغير جَائِز شَرط بعض مِنْهُ بِعَيْنِه للْآخر أَلا ترى أَنه لَا يجوز أَن يشْتَرط الْحِنْطَة لأَحَدهمَا والتبن بَينهمَا وَإِن كَانَا صنفين لم يجز كشعير وحنطة وَلَا يجوز أَن يشْتَرط أَن الشّعير لأَحَدهمَا وَالْحِنْطَة بَينهمَا وَأما سواقط النّخل فَفِي قَول مَالك هُوَ بَينهمَا نِصْفَانِ وَفِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد لرب النّخل لِأَن السواقط لَيست من الثَّمَرَة وَإِنَّمَا هِيَ بِمَنْزِلَة النّخل نَفسه 1687 - فِيمَا يجوز فِيهِ الْمُسَاقَاة قَالَ مَالك لَا تجوز الْمُسَاقَاة فِي كل شَيْء يَجِيء ثمَّ يخلف ثمَّ يَجِيء ثمَّ يخلف نَحْو الْقصب والبقول والموز والتين لِأَن بيع ذَلِك جَائِز وَبيع مَا يَجِيء بعده وَقَالَ مُحَمَّد فِي الْمُزَارعَة الْكَبِير تجوز الْمُسَاقَاة فِي الطّلع مَا لم يتناه عظمه فَإِذا بلغ حَالا يزِيد بعد ذَلِك لم يجز وَإِن لم يرطب وَقَالَ بشر عَن أبي يُوسُف فِي الْإِمْلَاء إِذا دفع أَرضًا ليغرسها نخلا وكرما وشجرا على أَن مَا أخرج الله تَعَالَى من النّخل وَالشَّجر وَالْكَرم فَهُوَ بَينهمَا نِصْفَانِ فَهُوَ جَائِز إِلَّا أَن يكون الشّجر وَالْكَرم الَّذِي يغرسه لَيْسَ لَهُ قيمَة الحديث: 1687 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 26 وَقَالَ الشَّافِعِي لَا تجوز الْمُسَاقَاة إِلَّا فِي النّخل وَالْكَرم لِأَن ثمرتهما بَائِن فِي شجر لَا حَائِل دونه يمْنَع إحاطة النّظر وَمن غَيرهمَا مفترق بَين أَضْعَاف ورق شَجَرَة لَا يحاط بِالنّظرِ إِلَيْهِ قَالَ أَبُو جَعْفَر لَيْسَ كَذَلِك لِأَن ثَمَرَة الزَّيْتُون والتين والكمثرى والآجاص وَنَحْوهَا من الأترج وَالرُّمَّان يحاط بِالنّظرِ إِلَيْهِ 1688 - فِي الْمُسَاقَاة على الشّجر الَّذِي لَا يحْتَاج إِلَى سقِِي قَالَ مَالك تجوز الْمُسَاقَاة فِي الشّجر البعل الَّذِي لَا يحْتَاج إِلَى سقِِي وَقَالَ مُحَمَّد فِي الْمُزَارعَة الْكَبِير هُوَ جَائِز وَتَكون الْمُسَاقَاة على التلقيح وَالْحِفْظ وَهُوَ قَول الْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ اللَّيْث لَا تجوز الْمُسَاقَاة إِلَّا فِيمَا سقَاهُ 1689 - إِذا شَرط جَمِيع الثَّمَرَة للساقي قَالَ مَالك هُوَ جَائِز كمن دفع مَالا مُفَاوَضَة على أَن جَمِيع الرِّبْح لِلْعَامِلِ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا يجوز وَلَا يكون ذَلِك مُسَاقَاة وَالثَّمَرَة لرب النّخل 1690 - فِي الْمُسَاقَاة على زرع قد نبت قَالَ مَالك لَا تجوز الْمُسَاقَاة فِي زرع إِلَّا أَن يعجز صَاحبه عَن سقيه وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك لَا يساقي شَيْء من النّخل إِذا كَانَ فِيهِ ثَمَر قد بدا الحديث: 1688 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 27 وطاب وَحل بَيْعه وَتجوز قبل أَن تبدو صَلَاحه وَيحل بَيْعه وَالْمُسَاقَاة فِي الزَّرْع إِذا خرج واستقل فعجز صَاحبه عَن سقيه وعلاجه فَهِيَ جَائِزَة وَقَالَ اللَّيْث لَا يساقي الزَّرْع بعد أَن يسْتَقلّ ويساقي الْقصب إِذا خرج من الأَرْض لِأَن الْقصب أصل وَقَالَ مُحَمَّد وَلم يحك خلافًا إِذا دفع إِلَيْهِ الزَّرْع مُعَاملَة قبل أَن يستحصد جَازَ وَإِن كَانَ قد استحصد لم يجز وَقَالَ الشَّافِعِي تجوز الْمُسَاقَاة على الثَّمر الَّذِي قد حل بَيْعه فِي النّخل ذكره الرّبيع عَنهُ وَذكر الْبُوَيْطِيّ أَنه لَا تجوز الْمُعَامَلَة إِذا كَانَ فِي النّخل ثَمَر قد بدا صَلَاحه 1691 - فِي الْمُعَامَلَة على غرس الشّجر قَالَ بشر عَن أبي يُوسُف إِن كَانَ للشجر قيمَة عِنْد الْغَرْس لم يجز وَإِن لم يكن لَهُ قيمَة جَازَ وَقَالَ مُحَمَّد فِي الْمُزَارعَة الْكَبِير هَذَا جَائِز فِي غرس الشّجر وَالنَّخْل على أَن يكون الْجَمِيع بَينهمَا تَصِفِينَ وَكَذَلِكَ أصُول الرّطبَة وَإِن شَرط الثَّمَرَة نِصْفَيْنِ جَازَ أَيْضا على مَا اشْترطَا وَالْأُصُول للغارس 1692 - من أجل الْمُسَاقَاة قَالَ مَالك لَا يجوز أَن يشْتَرط للمساقاة أَََجَلًا بِعَيْنِه شهرا أَو سنة وَإِنَّمَا الْمُسَاقَاة إِلَى الجداد الحديث: 1691 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 28 فَقَالَ مُحَمَّد فِي الْمُزَارعَة من غير خلاف إِذا سمى الْمُعَامَلَة فِي النّخل سِنِين مَعْلُومَة جَازَت وَإِن لم يسم سِنِين جَازَ وَهُوَ على أول ثَمَرَة تخرج فِي أول سنة اسْتِحْسَانًا وَلَو كَانَ ذَلِك فِي أصُول الرّطبَة وَلم يسم سنة وَلَا أَكثر لم يجز لِأَن الرّطبَة لَيْسَ لَهَا غَايَة تَنْتَهِي إِلَيْهَا فِي نباتها فَإِن كَانَ للرطبة غَايَة تَنْتَهِي إِلَيْهَا فِي نبتها حَتَّى تقطع ثمَّ تخرج بعد ذَلِك جَازَت الْمُعَامَلَة وَكَانَت على أول جزة وَلَيْسَ لوَاحِد مِنْهُمَا بَعْضهَا إِلَّا من عذر وَقَالَ أَبُو جَعْفَر الْمُسَاقَاة إِنَّمَا تكون إِلَى جذاد الثَّمر لَا إِلَى وَقت غَيره وَقد روى أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَامل الْيَهُود على نخل خَيْبَر وَزرع أرْضهَا مَا بدا لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يذكر وقتا 1693 - فِي نخل حائطين مُعَاملَة قَالَ مَالك لَا يجوز أَن يدْفع حائطين صَفْقَة وَاحِدَة أَحدهمَا على النّصْف وَالْآخر على الثُّلُث وَكَذَلِكَ دَفعه أرضه على النّصْف وحائطه على الثُّلُث وَإِن دفعهما جَمِيعًا على النّصْف جَازَ وَقَالَ مُحَمَّد يجوز ذَلِك وَقَالَ الشَّافِعِي لَو ساقاه على حَائِط فِيهِ أَصْنَاف من دقل وعجوة وصيحاني على أَن لَهُ من الدقل النّصْف وَمن الْعَجْوَة الثُّلُث وَمن الصيحاني الحديث: 1693 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 29 الرّبع وهما يعرفان كل صنف كَانَ كثلاثة حَوَائِط وَإِن جهلا أَو أَحدهمَا كل صنف لم يجز قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا فرق بَين أَن يجمع الْجَمِيع فِي صَفْقَة وَبَين تفريقها كالإجارات والبيوع 1694 - فِي المساقي هَل يساقى قَالَ مَالك للمساقي أَن يدْفع النّخل إِلَى أَمِين ثِقَة مثله وَإِن دَفعه إِلَى غير أَمِين لم يجز وَقَالَ مُحَمَّد إِن كَانَ الْبذر من قبل الْعَامِل فَلهُ أَن يَدْفَعهُ مُزَارعَة وَإِن كَانَ من عِنْد رب الأَرْض لم يَدْفَعهُ إِلَّا أَن يَقُول لَهُ اعْمَلْ فِيهِ بِرَأْيِك كالمضاربة وَكَذَلِكَ النّخل لَا يَدْفَعهَا إِلَى غَيره إِلَّا أَن يَقُول لَهُ رب النّخل أعمل فِيهِ بِرَأْيِك وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْمضَارب إِذا دفع إِلَى غَيره مُضَارَبَة بِغَيْر إِذن صَاحبه فَهُوَ ضَامِن 1695 - فِي آلَة السَّقْي على من هِيَ قَالَ مَالك إِذا كَانَت النَّفَقَة والمؤونة على رب الْحَائِط وَلم يكن على الدَّاخِل إِلَّا أَن يعْمل بيدَيْهِ وَإِنَّمَا هُوَ أجِير بِبَعْض الثَّمر فَلَا يجوز وَإِنَّمَا الْمُسَاقَاة أَن تكون النَّفَقَة والمؤونة كلهَا على الدَّاخِل فِي الْحَائِط قَالَ وَلَا يجوز أَن يشْتَرط على رب المَال شَيْئا لَيْسَ فِي الْحَائِط يَوْم أَخذه مُسَاقَاة إِلَّا أَن يكون الشَّيْء التافه الْغُلَام أَو الدَّابَّة وَقَالَ مُحَمَّد فِي الزارعة إِذا دفع إِلَيْهِ أَرضًا وبذرا وَشرط الدولاب الحديث: 1694 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 30 والدالية وأداتها على رب الأَرْض أَو دوابا يسقى عَلَيْهَا المَاء للزَّرْع جَازَ وَكَذَلِكَ الْمُسَاقَاة فِي النّخل وَلَو كَانَ الْبذر من قبل الْعَامِل وَاشْترط على رب الأَرْض دولابا أَو دوابا يَسْتَقِي عَلَيْهَا لم تجز الْمُزَارعَة وَإِن شَرط على الْعَامِل جَازَت الْمُزَارعَة وَقَالَ الشَّافِعِي كل مَا كَانَ فِيهِ مستزاد فِي الثَّمر من إصْلَاح المَاء وَطَرِيقه وَقطع الْحَشِيش المضر بِالنَّخْلِ وَنَحْوه جَازَ شَرطه على الْعَامِل وَلَا باس بِأَن يشْتَرط المساقي على رب النّخل غلمانا يعْملُونَ مَعَه وَلَا يشغلهم فِي غَيره 1696 - فِي الجداد والتلقيح على من يكون قَالَ مَالك جدَاد الثَّمر على الْعَامِل وَقِيَاسه أَن يكون حصاد الزَّرْع على الْعَامِل والتلقيح على الْعَامِل إِلَّا أَن يشْتَرط على رب الأَرْض فَيجوز وَيكون عَلَيْهِ وعصر الزَّيْتُون على من شرطا عَلَيْهِ مِنْهُمَا وَقَالَ مُحَمَّد فِي كتاب الْمُزَارعَة السَّقْي والتلقيح وَالْحِفْظ حَتَّى يصير الحديث: 1696 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 31 ثمرا على الْعَامِل فَإِذا بلغ الجداد فالجداد عَلَيْهِمَا نِصْفَانِ إِذا كَانَ الشَّرْط نِصْفَيْنِ وَلَو أَن صَاحب النّخل اشْترط فِي أصل الْمُعَامَلَة الجداد وَالْحِفْظ بَعْدَمَا يبلغ على الْعَامِل فالمعاملة فَاسِدَة وَقَالَ الشَّافِعِي أَن اشْترط المساقي على رب الْحَائِط جداده لم يجز وَكَانَت الْمُسَاقَاة بَاطِلَة 1697 - فِي تحظير الجداد على من يكون قَالَ مَالك على المساقي سد الْحِيطَان وإبار النّخل وَقطع الجريد وَمَا أشبه ذَلِك وَلَا يَنْبَغِي إِن يشْتَرط عملا حفر بِئْر أَو عين أَو غراس يغرسه يَأْتِي بِهِ من عِنْده قَالَ وَإِن شَرط أَن يَبْنِي حوله حَائِطا أَو يدرب عَلَيْهِ دربا أَو يحْفر بِئْرا لم تجز الْمُسَاقَاة وَقَالَ مُحَمَّد فِي الزارعة إِذا شَرط على الْمزَارِع كري الْأَنْهَار وَإِصْلَاح المسنيات كَانَت الْمُزَارعَة فَاسِدَة وَقَالَ الشَّافِعِي مَا كَانَ مستزادا فِي الثَّمَرَة من إصْلَاح المَاء وَطَرِيقه وَقطع الْحَشِيش المضر بِالنَّخْلِ وَنَحْوه فَجَائِز شَرطه على الْعَامِل فَأَما سد الْحَائِط فَلَيْسَ فِيهِ مستزاد وَلَا صَلَاح فِي الثَّمَرَة فَلَا يجوز شَرطه على الْعَامِل إِذا كَانَ المساقي مخوفا على النّخل وَقَالَ ابْن الْقَاسِم على مَذْهَب مَالك إِذا ساقاه ثمَّ علم أَنه سَارِق يخَاف عَلَيْهِ أَن يذهب بثمر الْحَائِط أَو كَانَت إِجَارَة دَار فخاف أَن يسرق الْجُذُوع الحديث: 1697 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 32 فَلَيْسَ لَهُ أَن يُخرجهُ لِأَن مَالِكًا يَقُول إِذا بَاعَ سلْعَة فَوجدَ المُشْتَرِي مُفلسًا أَن البيع لَازم لَهُ وَقَالَ مُحَمَّد فِي الْمُزَارعَة إِذا علم أَن الْعَامِل سَارِق مخوف على إِفْسَاد النّخل فَهَذَا عذر وَلِصَاحِب النّخل أَن يُخرجهُ وَقَالَ الشَّافِعِي يمْنَع من السّرقَة وَيكون عَلَيْهِ من يقوم مقَامه قَالَ أَبُو جَعْفَر لما كَانَ على المساقي حفظ مَا قع عَلَيْهِ السماقاة وَترك تضييعه فَإِذا لم يكن مَا يلْزم بِحَق الْمُسَاقَاة مَوْجُودا فِيهِ كَانَ كاعاجز عَن الْعَمَل فلصاحبه أَن يفْسخ الْمُسَاقَاة كَمَا للْمُسْتَأْجر فسخ الْإِجَارَة إِذا وجد الْأَجِير عَاجِزا عَن الْعَمَل 1698 - فِي الِاسْتِحْقَاق فِي الْمُزَارعَة قَالَ مُحَمَّد إِذا اسْتحق الأَرْض بَعْدَمَا خرج الزَّرْع فَإِنَّهُ يقْلع الزَّرْع وَيرجع على رب الأَرْض بِحِصَّتِهِ من الزَّرْع قَائِما فَإِن شَاءَ أَخذ نصف الزَّرْع وَسلم إِلَى رب الأَرْض نصفه وَقَالَ مَالك لَيْسَ عَلَيْهِ أَن يقْلع الزَّرْع إِذا لم يكن زارع الأَرْض غَاصبا وكل من زرع على وَجه شُبْهَة فَإِنَّهُ لَا يقْلع زرعه وَيكون عَلَيْهِ الْكِرَاء وَقِيَاس قَول الشَّافِعِي أَنه يقْلع الزَّرْع وَقَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ أَنه لَو غصب فزرع أَنه يقْلع زرعه فَكَذَلِك إِذا زرع وَهُوَ لَا يعلم أَنَّهَا لغيره لِأَن حُقُوق الْآدَمِيّين لَا يخْتَلف فِيهَا حكم الْعلم وَغير الْعلم الحديث: 1698 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 33 1699 - فِي موت رب النّخل أَو المساقي قَالَ مَالك إِذا مَاتَ الْعَامِل قيل لوَرثَته اعْمَلُوا أَنْتُم فَإِن أَبَوا كَانَ ذَلِك فِي مَال الْمَيِّت وَقَالَ مُحَمَّد إِذا دفع إِلَيْهِ أَرضًا زَرعهَا بِيَدِهِ فَمَاتَ رب الأَرْض قبل أَن يستحصد فَإِنَّهُ يتْرك فِي يَد الْعَامِل حَتَّى يستحصد ثمَّ يقسم الثَّمَرَة على الشَّرْط وَعند الشَّافِعِي لَا ينْتَقض ذَلِك بِمَوْت أَحدهمَا 1700 - فِيمَن اسْتَأْجر أَرضًا للزِّرَاعَة وفيهَا شجر قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اسْتَأْجر أَرضًا بَيْضَاء بِدَرَاهِم للزِّرَاعَة فِيهَا نخل أَو شجر لَا يمْنَع الزِّرَاعَة فَالْإِجَارَة جَائِزَة فَإِن كَانَ الشّجر يمْنَع الزِّرَاعَة لم تجز الْإِجَارَة وَقَالَ مَالك يجوز أَن يسْتَأْجر دَارا فِيهَا نخلات على أَن الثَّمَرَة للْمُسْتَأْجر إِذا كَانَت الثَّمَرَة مثل ثلث الْكِرَاء أَو أقل وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يجوز اسْتِئْجَار الأَرْض فِيهَا نخل فِيهِ ثَمَرَة سَوَاء بدا صَلَاحه أَو لم يبد إِذا اشْترط الثَّمَرَة للْمُسْتَأْجر قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ أَنه لَا يجوز اسْتِئْجَار الأَرْض الَّتِي فِيهَا نخل لَا يُمكن زراعتها للمزارعة وَكَذَلِكَ إِذا كَانَ فِي بَعْضهَا نخل لِأَنَّهُ لَا يصل إِلَى زراعة مَوضِع النّخل وَلَا يَنْبَغِي أَن يدْخل النّخل فِي الْإِجَارَة لِأَن ذَلِك بيع الثَّمَرَة وهما لم يتعاقدا عقد بيع الحديث: 1699 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 34 1701 - فِيمَن لَهُ طَرِيق فِي أَرض رجل قَالَ أَصْحَابنَا إِذا كَانَ لَهُ طَرِيق فِي أرضه فَلَيْسَ لصَاحب الأَرْض أَن يزرع فِي مَوضِع الطَّرِيق وَقَالَ مَالك لَيْسَ للَّذي لَهُ الطَّرِيق أَن يستطرق فِي أَرض هَذَا إِلَى أرضه بماشيته وغنمه لِأَنَّهُ يفْسد زرعه وَقَول الشَّافِعِي مثل قَول أَصْحَابنَا فَإِن قيل روى ابْن وهب عَن مَالك عَن عَمْرو بن يحيى عَن أَبِيه عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا ضَرَر وَلَا ضرار قيل لَهُ فَمن الضَّرَر أَن يمْنَع صَاحب الأَرْض الطَّرِيق من الاستطراق الحديث: 1701 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 35 = كتاب الْمُضَاربَة = 1702 - فِي المَال الَّذِي يجوز فِيهِ الْمُضَاربَة قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف لَا تصح الْمُضَاربَة إِلَّا بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِير وَلَا تجوز بالفلوس وَهُوَ قَول مَالك وَاللَّيْث وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ ابْن أبي ليلى إِذا دفع إِلَيْهِ ثوبا على أَن يَبِيعهُ على أَن مَا كَانَ من ربح فبينهما نِصْفَيْنِ أَو أعطَاهُ دَارا يبنيها أَو يؤاجرها على أَن أجرهَا بَينهمَا نِصْفَيْنِ جَازَ وَالْأَجْر وَالرِّبْح بَينهمَا نِصْفَيْنِ قَالَ وَهَذَا بِمَنْزِلَة الأَرْض للزِّرَاعَة وَالنَّخْل للمعاملة وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن تجوز الْمُضَاربَة بالفلوس النافقة كالدراهم وَالدَّنَانِير قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَصح أَن يَقُول بِعْ عَبدك على أَن يكون ثمنه لي وَيجوز أَن يَقُول اشْتَرِ بدراهمك عبدا بِعَيْنِه يكون لي وتشبيهه بالمزارعة والمعاملة بعيد لِأَن الْمُضَاربَة يدْفع مِنْهَا رَأس المَال ثمَّ الرِّبْح بَينهمَا الحديث: 1702 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 37 والمعاملة والمزارعة لَا يدْفع مِنْهَا وَلَو شرطا دفع مِقْدَار بِعَيْنِه لرب المَال فسدتا قَالَ أَصْحَابنَا لَا تجوز الْمُضَاربَة بمثاقيل الذَّهَب وَالْفِضَّة وروى أَشهب عَن مَالك أَنه تجوز بنقر الذَّهَب وَالْفِضَّة لِأَن النَّاس قد قارضوا قبل أَن يضْرب الذَّهَب وَالْفِضَّة قَالَ ابْن الْقَاسِم سَمِعت أَن مَالِكًا سهل فِيهَا فَقَالَ لَا يجوز بنقر الذَّهَب وَالْفِضَّة قَالَ وَلَا يجوز بالمصنوع قَالَ اللَّيْث لَا يجوز بالنقر وَقد قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للَّذين باعوا فِي الْغَنَائِم أَرْبَعَة مَثَاقِيل سلبه عينا فِي الْغَنَائِم أَن يتما وَقد كَانُوا يتبايعون بِدَنَانِير على وَجه هِرقل ودراهم على وَجه كسْرَى ثمَّ ضرب بعد ذَلِك دَرَاهِم ودنانير إسلامية 1703 - إِذا شَرط الْمضَارب عمل عبد رب المَال قَالَ أَصْحَابنَا إِذا شَرط للْمُضَارب ثلث الرِّبْح ولعَبْد رب المَال ثلث الرِّبْح على أَن يعْمل العَبْد مَعَه فَهُوَ جَائِز وَالثُّلُثَانِ لرب المَال وَالثلث للْمُضَارب وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ مَالك تجوز الْمُضَاربَة وَالشّرط ولرب المَال الثُّلُث ولعبده الثُّلُث وللمضرب الثُّلُث كَأَنَّهُ دَفعه إِلَى أَجْنَبِي مُضَارَبَة وَقَالَ اللَّيْث لَا بَأْس بِأَن يشْتَرط عمل عبد رب المَال مَعَه وَلَا يجوز أَن يشرط خدمَة عبد الْمضَارب شهرا لرب المَال فَإِن خدمَة عبد الْمضَارب كَانَ لَهُ أجر مثله شهرا بِخِدْمَة العَبْد وَالْمُضَاربَة على حَالهَا 1704 - إِذا شَرط على الْمضَارب خُصُوص التَّصَرُّف قَالَ أَصْحَابنَا إِذا شَرط على الْمضَارب أَن لَا يَشْتَرِي إِلَّا من فلَان الحديث: 1703 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 38 أَو لَا يَشْتَرِي إِلَّا الرَّقِيق أَو على أَن لَا يَبِيع وَلَا يَشْتَرِي إِلَّا بِالْكُوفَةِ كَانَ ذَلِك على مَا شَرط لَا يَنْبَغِي أَن يتجاوزه فَإِن تعداه ضمن وَقَالَ مَالك لَا خير فِي شَيْء من ذَلِك وتفسد الْمُضَاربَة بِهَذِهِ الشُّرُوط وَكَذَلِكَ إِذا قَالَ لَا يَشْتَرِي إِلَّا سلْعَة كَذَا إِلَّا أَن تكون السّلْعَة مَوْجُودَة كَثِيرَة لَا تخْتَلف فِي شتاء وَلَا صيف فَإِن ذَلِك لَا بَأْس بِهِ وَقَالَ اللَّيْث يجوز أَن يشْتَرط شرطا لَا بَأْس بِهِ مثل أَن يَقُول لَا تركب بِهِ فِي الْبَحْر وَلَا تسلف فِي سلْعَة واشتر يدا بيد وَلَا تشتر حَيَوَانا هَذَا كُله لَا بَأْس بِهِ وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يجوز أَن يقارضه إِلَى مُدَّة وَلَا أَن يشْتَرط أَن لَا يَشْتَرِي إِلَّا من فلَان وَلَا سلْعَة وَاحِدَة بِعَينهَا أَو يَشْتَرِي نخلا أَو دوابا فَإِن فعل فَذَلِك كُله فَاسد وَإِن اشْترط أَن يَشْتَرِي صنفا مَوْجُودا فِي الشتَاء والصيف فَذَلِك جَائِز قَالَ أَبُو جَعْفَر لم يَخْتَلِفُوا أَن الْمُضَاربَة قد يجوز وُقُوعهَا خَاصَّة فِي نوع من التِّجَارَات يُوجد فِي كل وَقت وَكَذَلِكَ يجوز أَن يَقُول تصرف فِي سَائِر الْبلدَانِ إِلَّا فِي بلد معينه فَلَمَّا جَازَ ذَلِك عِنْد الْجَمِيع وَجب أَن يَقع خَاصَّة إِذا خصها بِبَلَد أَو بسلعة بِعَينهَا 1705 - فِي تَوْقِيت الْمُضَاربَة قَالَ أَبُو جَعْفَر لم نجد عَن أَصْحَابنَا تَوْقِيت الْمُضَاربَة الحديث: 1705 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 39 وَقِيَاس قَوْلهم فِي الْوكَالَة أَنَّهَا لَا تخْتَص بِالْوَقْتِ لأَنهم قَالُوا لَو وكل رجلا بِبيع عَبده الْيَوْم فَبَاعَهُ غَدا جَازَ وَكَانَت كَالْوكَالَةِ المنقطعة قَالَ أَبُو بكر هَذَا لَيْسَ بِشَيْء لأَنهم يَقُولُونَ لَو قَالَ بِعْهُ الْيَوْم وَلَا تبعه غَدا لم يكن لَهُ بَيْعه غَدا وَكَذَلِكَ لَو قَالَ على أَن يَبِيعهُ الْيَوْم دون غَد وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ إِذا وَقتهَا فَسدتْ 1706 - فِي الْمُضَاربَة بِثمن بِعرْض لغيره قَالَ أَصْحَابنَا إِذا دفع إِلَيْهِ عرضا فَقَالَ بِعْهُ واعمل بِثمنِهِ مُضَارَبَة كَانَ جَائِزا على مَا قَالَ إِذا قبض الثّمن كَانَ مُضَارَبَة وَقَالَ مَالك فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ إِن الْمُضَاربَة لَا تصح وَفِي الْأُخْرَى تصح وَهُوَ قَول مَالك أَنه إِذا قبض الثّمن صحت وعَلى رب المَال أجر مثله فِي بيع الْعرُوض وَالشَّافِعِيّ لَا يجيزها قَالَ أَبُو جَعْفَر الْوكَالَة تتَعَلَّق على المخاطرة كالإمارة وَقد رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ إِن قتل زيد فجعفر الْأَمِير وَالْمُضَاربَة مثلهَا الحديث: 1706 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 40 1707 - فِي الْمضَارب يَبِيع بنسيئة قَالَ أَصْحَابنَا لَهُ أَن يَبِيع بنسيئة مَا لم يَنْهَهُ وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَمَالك لَا يَبِيع بنسيئة إِلَّا بِإِذْنِهِ فَإِن فعل ضمن وَقَالَ الشَّافِعِي إِن بَاعَ أَو اشْترى بدين ضمن إِلَّا أَن يَأْذَن لَهُ 1708 - فِي مُحَابَاة الْمضَارب قَالَ أَبُو حنيفَة لَا يجوز شِرَاؤُهُ إِلَّا بِمَا يتَغَابَن فِيهِ وَقَالَ مَالك إِذا حابى فِي البيع جَازَ البيع وَضمن الْمضَارب الْمُحَابَاة وَلَا يرد البيع إِن كَانَ مُعسرا 1709 - فِي الْمضَارب أَن يُسَافر بِالْمَالِ روى مُحَمَّد فِي الْإِمْلَاء عَن أبي حنيفَة أَن للْمُضَارب أَن يُسَافر بِالْمَالِ إِلَى حَيْثُ شَاءَ وروى أَبُو يُوسُف فِي الْإِمْلَاء أَنه لَيْسَ لَهُ أَن يُسَافر بِالْمَالِ قَالَ أَبُو يُوسُف يخرج بِهِ إِلَى مَوضِع يرجع بِهِ من يَوْمه كقطربل من بَغْدَاد وَلَا يُسَافر بِهِ إِلَى مَا هُوَ أَكثر مِنْهُ وَقَالَ مَالك لَهُ أَن يُسَافر بِالْمَالِ شَرط ذَلِك أَو لم يشرط إِذا كَانَ المَال كثيرا الحديث: 1707 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 41 الشَّافِعِي يُسَافر على أَن الرِّبْح بَينهمَا على الشَّرْط 1710 - إِذا أمره أَن يستدين على الْمُضَاربَة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا أمره أَن يستدين على المَال فَاشْترى بِرَأْس المَال عبدا ثمَّ اشْترى جَارِيَة بِأَلف فثمن الْجَارِيَة عَلَيْهَا نِصْفَانِ وَقَالَ مَالك لَا يجوز أَن يَقُول لَهُ اشْتَرِ على الْمُضَاربَة بِالدّينِ لِأَنَّهُ كالمضاربه بِغَيْر حَال وَقَالَ الشَّافِعِي اذا ادان الْمضَارب فِي بيع اَوْ شِرَاء فَهُوَ ضَامِن إِلَّا أَن يَأْذَن لَهُ رب المَال 1711 - فِي خلط الْمُضَاربَة بِمَالِه قَالَ أَصْحَابنَا لَا يخلطه بِمَالِه وَلَا يُشَارك بِهِ غَيره إِلَّا أَن يَقُول اعْمَلْ فِيهِ بِرَأْيِك الحديث: 1710 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 42 وَقَالَ مَالك يجوز لَهُ أَن يخلط بِمَالِه وَإِن لم يذكر اعْمَلْ فِيهِ بِرَأْيِك وَإِن شَرط على الْمضَارب أَن يخلط بِمَالِه لم يجز وَقَالَ مَالك لَهُ أَن يقارض آخر ويخلط مَاله بِمَال رب المَال الأول وَلَا ضَمَان عَلَيْهِ قَالَ وَلَو دفع رجل مالين قراضا على أَن يكون ربح هَذَا النّصْف وَربح الآخر على الثُّلُث وَلَا يخلطهما فَإِن ذَلِك مَكْرُوه وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا بَأْس أَن يخلطه بِمَالِه وَقَالَ الثُّلُث لَا يخلطه إِلَّا بِإِذْنِهِ وَقَالَ الشَّافِعِي إِن خلطه فَهُوَ ضَامِن 1712 - فِي نَفَقَة الْمضَارب قَالَ أَصْحَابنَا إِن سَافر بِالْمَالِ أنْفق مِنْهُ فِي طَعَامه وَكسوته وَشَرَابه وركوبه والحجامة من مَاله والدواء من مَاله خَاصَّة وَكَذَلِكَ نَفَقَته فِي الرُّجُوع من سفر وَإِذا أَقَامَ فِي مَوضِع فنفقته على نَفسه وَقَالَ مَالك طَعَامه وَكسوته فِي سَفَره وَمَا يصلحه بِالْمَعْرُوفِ فِي المَال بِقدر المَال إِذا شخص فِي المَال وَله النَّفَقَة فِي المَال فِي رُجُوعه فِي سَفَره وَقَالَ الثَّوْريّ نَفَقَته فِي الذّهاب من الْمُضَاربَة وَفِي الرُّجُوع إِلَى بَلَده عَلَيْهِ خَاصَّة الحديث: 1712 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 43 وَقَالَ اللَّيْث لَهُ أَن ينْفق فِي الْحَضَر مِقْدَار مَا يتغدى بِهِ وَلَا يتعشى وَلَا يكنس لِأَنَّهُ يكون بِالْغَدَاةِ مَشْغُولًا بِمَال الْمُضَاربَة وَفِي السّفر نَفَقَته فِي مَال الْمُضَاربَة فَإِن خرج بِمَال نَفسه مَعَه كَانَت النَّفَقَة على قدر الْمَالَيْنِ بِالْحِصَصِ وَهَذَا أَيْضا قَول أَصْحَابنَا وَقَالَ الْبُوَيْطِيّ عَن الشَّافِعِي لَا ينْفق فِي السّفر والحضر إِلَّا أَن يَأْذَن صَاحبه قَالَ أَبُو جَعْفَر وَهَذَا القَوْل خلاف الْإِجْمَاع وَقَول اللَّيْث أَيْضا خلاف الْإِجْمَاع لِأَنَّهُ لَو وَجب لَهُ الْغَدَاء وَجب لَهُ الْعشَاء كالسفر وَالنَّفقَة فِي الرُّجُوع على المَال أَيْضا لِأَنَّهُ بِسَبَبِهِ كَانَ المَال مُضَارَبَة كَمَا كَانَ سَبَب خُرُوجه فِي الِابْتِدَاء لمَال الْمُضَاربَة 1713 - إِذا شَرط جَمِيع الرِّبْح للْمُضَارب قَالَ أَصْحَابنَا إِن شَرط جَمِيع الرِّبْح للْمُضَارب فَهُوَ قرض وَهُوَ قَول ابْن شبْرمَة الحديث: 1713 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 44 وَقَالَ مَالك هَذَا لَا بَأْس بِهِ وَلَا شَيْء على الْعَامِل وَقَالَ الشَّافِعِي هَذَا مُضَارَبَة فَاسِدَة وَله أجر مثله وَالنُّقْصَان وَالزِّيَادَة لصَاحب المَال 1714 - فِي الْمضَارب يبضع قَالَ أَصْحَابنَا لَهُ أَن يبضع وَقَالَ مَالك إِذا بضع ضمن وَلَا يودع إِلَّا عِنْد الْخَوْف على منزله قَالَ أَبُو جَعْفَر لَهُ أَن يسْتَأْجر لَهُ من يحفظه وَيعْمل بِهِ وَله أَن يودع ويبضع بِغَيْر أجر 1715 - فِيمَن قَالَ خُذ مَالِي على زيد واعمل بِهِ مُضَارَبَة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قَبضه كَانَ مُضَارَبَة فِي يَده الحديث: 1714 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 45 وَقَالَ مَالك لَا يجوز هَذَا فَإِن فعل وَعمل فَلهُ أجر مثله فِي التقاضي وَيرد إِلَى ترَاض مثله لِأَنَّهُ شَرط الْقَبْض فِي الْمُضَاربَة قَالَ أَبُو جَعْفَر لَيْسَ ذَلِك بِشَرْط إِنَّمَا ذَلِك أَمْرَانِ أَحدهمَا وكَالَة بِالْقَبْضِ وَالْآخر الْأَمر بِالْعَمَلِ وَالشّرط أَن يَقُول أقبضهُ على أَن تعْمل بِهِ وَقَالَ الشَّافِعِي مثل مَا ذكر يفرق بَين أَن يشرط مثل ذَلِك فِي الْمُضَاربَة وَبَين أَن لَا يشرط 1716 - فِي الْمُضَاربَة بدين على الْمضَارب قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك إِذا أمره بِأَن يعْمل بِالدّينِ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ مُضَارَبَة على النّصْف فَهَذَا فَاسد وَمَا اشْترى فللمضارب خَاصَّة لَهُ ربحه وَعَلِيهِ وضيعته وَدين رب المَال بِحَالهِ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد جَمِيع مَا اشْتَرَاهُ وَربح فِيهِ فَهُوَ لرب المَال وَقد توى من الدّين وَله على رب المَال أجر مثله 1717 - إِذا قَالَ للْمُضَارب ضم إِلَيْهَا ألفا من عنْدك واعمل بهَا مُضَارَبَة قَالَ أَصْحَابنَا لَا بَأْس بِهِ فَإِن شَرط فضل الرِّبْح للْمُضَارب لِأَنَّهُ عَامل الحديث: 1716 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 46 وَقَالَ مَالك لَا يجوز ذَلِك فِي رِوَايَة ابْن الْقَاسِم وَأَجَازَهُ فِي رِوَايَة أَشهب وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يصلح هَذَا 1718 - فِي الْمضَارب يودع قَالَ أَصْحَابنَا لَهُ أَن يودع وَقَالَ مَالك لَا يودع إِلَّا عِنْد الْخَوْف على منزله 1719 - فِي شَرط ضَمَان المَال على الْمضَارب قَالَ أَصْحَابنَا الْمُضَاربَة جَائِزَة وَهُوَ قَول اللَّيْث وَقَالَ مَالك الْمُضَاربَة فَاسِدَة وَله أجر مثله وَقِيَاس قَول الشَّافِعِي أَن يفْسد لِأَنَّهُ قَالَ إِذا شَرط البضاعة مَعَ الْمضَارب فَسدتْ قَالَ أَبُو جَعْفَر الْمُضَاربَة لَا تصح إِلَّا بِالْقَبْضِ فَهُوَ كالعمرى لَا يُبْطِلهَا الشَّرْط وَلَيْسَ كَالْبيع لِأَنَّهُ يَصح بالْقَوْل الحديث: 1718 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 47 1720 - فِي الْمضَارب ينْفق على مَال الْمُضَاربَة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قَالَ لَهُ اعْمَلْ فِيهِ بِرَأْيِك فَحَمله بِمِائَة من عِنْده أَو قصره بِمِائَة من عِنْده فَهُوَ مُتَطَوّع وَلَا شَيْء لَهُ وَإِن صبغ الثِّيَاب حَمْرَاء فَهُوَ شريط فِيهِ بِزِيَادَة الصَّبْغ وَلَا يضمن وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك إِذا حمله من عِنْده فَذَلِك دين لَهُ فِي المَال فَإِن استغرق المَال وَزَاد لم يكن لَهُ على رب المَال شَيْء 1721 - فِي المضاربين يفضل أَحدهمَا فِي الرِّبْح قَالَ أَصْحَابنَا يجوز أَن يشْتَرط لأحد المضاربين النّصْف وَللْآخر أقل أَو أَكثر وَقَالَ مَالك لَا يجوز أَن يفضل أَحدهمَا لِأَنَّهُمَا متساويان فِي الْعَمَل لَا يجوز فِيهَا التَّفَاضُل عِنْده وَكَذَلِكَ قِيَاس قَول الشَّافِعِي قَالَ أَبُو جَعْفَر لَو رَضِي أَحدهمَا بِأَن يعْمل بِغَيْر شَيْء جَازَ فَكَذَلِك إِذا رَضِي بِنُقْصَان الرِّبْح الحديث: 1720 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 48 1722 - فِي الْمضَارب يدْفع المَال مُضَارَبَة إِلَى غَيره قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قَالَ لَهُ اعْمَلْ فِيهِ بِرَأْيِك على أَن مَا رزقك الله فبيننا نِصْفَانِ فَدفعهُ إِلَى آخر مُضَارَبَة بِالنِّصْفِ وبالثلثين وَمَا حصل من الرِّبْح بَينهمَا نِصْفَانِ وَلَو قَالَ على أَن مَا كَانَ من فضل فبيننا نِصْفَانِ كَانَ الثُّلُثَانِ للْآخر وَالثلث للْأولِ وَضمن الأول لرب المَال تَمام نصف الرِّبْح وَهُوَ السُّدس وَقَالَ زفر إِذا قَالَ على أَن مَا رزقك الله من شَيْء فَهُوَ بَيْننَا نِصْفَانِ وعَلى أَن يعْمل فِيهِ بِرَأْيهِ فَدَفعهَا الْمضَارب إِلَى آخر مُضَارَبَة أَنه جَائِز فَإِن شَرط للْآخر الثُّلثَيْنِ فَهُوَ مُخَالف ضَامِن لرأس المَال وَقَالَ مُحَمَّد فِي الْمُزَارعَة الْكَبِير مِمَّا رَوَاهُ أَسد بن الْفُرَات عَنهُ إِذا دفع إِلَيْهِ أَرضًا وبذرا على أَن يزرعه فَمَا أطْعم الله من شَيْء فَهُوَ بَينهمَا نِصْفَانِ وَأمره أَن يعْمل فِيهِ بِرَأْيهِ فَدفع الْعَامِل الْبذر وَالْأَرْض إِلَى رجل مُزَارعَة على أَن الثُّلُث للدافع وللمدفوع إِلَيْهِ الثُّلُثَانِ أَنه مُخَالف ضَامِن الْبذر وَقَالَ ابْن أبي عمرَان لَا فرق بَين الْمُزَارعَة وَالْمُضَاربَة فِي الْقيَاس قَالَ ابْن أبي عمرَان وَسمعت عليا الرَّازِيّ يَقُول كتبه الْأَخِيرَة الَّتِي تفرد بِنِصْفِهَا كالمزارعة وَالْمُضَاربَة وَنَحْوهَا فِيهَا أَشْيَاء لَو نظر عَلَيْهَا لرجع عَنْهَا لِأَنَّهَا مُخَالفَة لأصوله وَقَالَ عُثْمَان البتي إِذا دفع الْمضَارب المَال إِلَى غَيره وَخرج مِنْهُ إِلَيْهِ فقد ضمن وَإِن دفع بَعْضًا واتجر فِي بعض على غير وَجه الْخُرُوج إِلَيْهِ فَمَا دفع إِلَيْهِ فَلَيْسَ بضامن وَإِنَّمَا هُوَ استعانة بِغَيْرِهِ الحديث: 1722 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 49 وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث لَا يجوز لِلْعَامِلِ أَن يفاوض غَيره إِلَّا بِأَمْر رب المَال فَإِن دَفعه إِلَى غَيره على أَن لَهُ ثُلثي الرِّبْح فَهُوَ ضَامِن وَنصف الرِّبْح لرب المَال وَنصفه للثَّانِي وَللثَّانِي على الأول سدس الرِّبْح وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا قَالَ لَهُ اعْمَلْ فِيهِ بِرَأْيِك فَلهُ أَن يَدْفَعهُ مُضَارَبَة إِلَى غَيره وَأحب إِلَيّ أَن يُفَسر فَيَقُول ادفعها إِلَى غَيْرِي وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا دَفعه مُضَارَبَة إِلَى آخر بِغَيْر أَمر رب المَال فلرب المَال نصف المَال وَالْأول ضَامِن وللعامل نصف مَا يبْقى ثمَّ رَجَعَ وَقَالَ هُوَ ضَامِن وَالرِّبْح كُله للْأولِ وَعَلِيهِ أجر الْمثل للثَّانِي قَالَ أَبُو جَعْفَر لما كَانَ لَهُ أَن يسْتَأْجر من يعْمل لَهُ فِي الْمُضَاربَة أذن لَهُ أَو سكت كَذَلِك فِي الْقيَاس يَدْفَعهُ مُضَارَبَة إِلَى غَيره وَإِن لم يقل اعْمَلْ فِيهِ بِرَأْيِك 1723 - فِي شِرَاء الْمضَارب من رب المَال وَشِرَاء رب المَال مِنْهُ قَالَ أَصْحَابنَا لرب المَال أَن يَشْتَرِي من الْمضَارب وَالْمُضَارب يَشْتَرِي مِنْهُ وَقَالَ زفر لَا يجوز الشِّرَاء بَينهمَا فِي مَال الْمُضَاربَة وَقِيَاس قَول مَالك أَنه يجوز إِذا كَانَت حَقِيقَته كظاهره وَهُوَ قَول اللَّيْث وَقِيَاس قَول الشَّافِعِي أَيْضا أَن يجوز الحديث: 1723 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 50 قَالَ أَبُو جَعْفَر لَيْسَ الْمضَارب كَالْوَكِيلِ لِأَن الثّمن الَّذِي يلْزم الْمضَارب وَالثمن الَّذِي يلْزم الْوَكِيل بِالشِّرَاءِ يلْزم الْمُوكل مثله للْوَكِيل فالمضارب كَالْأَجْنَبِيِّ 1724 - فِي بيع رب المَال شَيْئا من الْمُضَاربَة بِغَيْر أمره قَالَ فِي الْمُضَاربَة الصَّغِير عَن أَصْحَابنَا إِذا بَاعَ رب المَال جَارِيَة من الْمُضَاربَة بِقِيمَتِهَا أَو أَكثر جَازَ البيع وَلَو بَاعَ بِأَقَلّ من ذَلِك كَانَ للْمُضَارب أَن يرد البيع وَقَالَ مَالك لَا يجوز بَيْعه إِلَّا أَن يُجِيزهُ الْعَامِل فَإِن أجَازه جَازَ فِي نصيب رب المَال وَلم يجز فِي نصيب الْمُقَارض 1725 - فِي عبد الْمُضَاربَة يقتل قَالَ أَصْحَابنَا فِي الْمُضَاربَة لَا قصاص على قَاتله إِلَّا أَن يجمعا على قَتله فَيقْتل وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ مَالك إِذا لم يكن فِيهِ فضل فلرب المَال أَن يقْتَصّ إِذا فسخت الْمُضَاربَة وَقد بَقِي فِي يَده شَيْء يسير الحديث: 1724 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 51 1726 - رد الْمضَارب من لَهُ السّفر مَا كَانَ تافها كخلق قربَة قَالَ مَالك وَإِذا بَقِي فِي يَدي الْمضَارب خلق قربَة أَو ثوب أَو شَيْء تافه فَهُوَ لِلْعَامِلِ وَإِنَّمَا يرد الشَّيْء الَّذِي لَهُ ثمن وَقَالَ اللَّيْث مَا ألبس فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَهُوَ لِلْعَامِلِ وَإِنَّمَا يرد الشَّيْء الَّذِي لَهُ ثمن وَأما الزَّكَاة وَخلق الْقرْبَة وَنَحْوهَا فَإِنَّهُ لَا يحل لَهُ حَتَّى يَسْتَأْذِنهُ قَالَ أَبُو جَعْفَر هَذَا لم يقلهُ غير مَالك وَاللَّيْث وَالْفُقَهَاء كلهم على خِلَافه وَلَا فرق بَين التافه وَغَيره وَقد روى عبد الرَّحْمَن بن مهْدي والقعنبي عَن سعيد بن مُسلم عَن عَامر بن عبد الله بن الزبير عَن عَوْف بن الْحَارِث بن الطُّفَيْل عَن عَائِشَة قَالَت قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إياك ومحقرات الذُّنُوب فَإِن لَهَا من الله طَالبا وَإِذا كَانَ محقرات الذُّنُوب مَطْلُوبَة ككبيرها كَانَ كَذَلِك قَلِيل التَّبعَات ككبيرها الحديث: 1726 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 52 1727 - فِي الْمضَارب يتَعَدَّى قَالَ أَصْحَابنَا إِذا لم يقل اعْمَلْ فِيهِ بِرَأْيِك فَدفعهُ إِلَى غَيره ضمنه وَالرِّبْح بَين الأول وَالثَّانِي على مَا شَرط ولرب المَال أَن يضمن أَيهمَا شَاءَ وَقَالَ عُثْمَان البتي إِذا شَرط عَلَيْهِ أَن لَا يُجَاوز مَكَانا فجاوزه فَاشْترى فَهُوَ ضَامِن وَإِذا اشْترى على الشَّرْط الَّذِي كَانَ بَينهمَا فَصَاحب المَال بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذ رَأس مَاله وَإِن شَاءَ أجَاز لَهُ مَا منع وَكَانَ على شَرطه وَإِن قَالَ اشْتَرَيْته لنَفْسي وضمنت المَال فَهُوَ مَا قَالَ وَإِن اشْتَرَاهُ على الشَّرْط الَّذِي بَينهمَا وَقَالَ لم أعلم أَنِّي أضمن فَأَما إِذا علمت أَنِّي أضمن فَلَا أجعَل لَهُ شَيْئا فلس لَهُ ذَلِك وَهُوَ بَينهمَا وَإِن أحب ذَلِك صَاحب المَال فَإِن شَاءَ أَن يضمنهُ ضمنه وخلاه وَالرِّبْح وَقَالَ إِيَاس بن مُعَاوِيَة هُوَ ضَامِن وَالرِّبْح بَينهمَا نِصْفَانِ وَقَالَ سوار هُوَ ضَامِن وَالرِّبْح على مَا اشْترطَا وَقَالَ مَالك إِذا دفع إِلَى آخر بِغَيْر أَمر صَاحبه فَهُوَ ضَامِن وَإِن نقص فَعَلَيهِ النُّقْصَان وَإِن ربح فَلصَاحِب المَال نصف الرِّبْح وللعامل نصف مَا بَقِي وَقَالَ اللَّيْث إِذا دفع إِلَيْهِ مائَة دِينَار قراضا فسلف مِنْهَا عشْرين دِينَارا وَعمل بِثَمَانِينَ فَصَارَت مائَة فَلصَاحِب المَال ربح خمسين وللعامل ربح ثَلَاثِينَ لِأَنَّهُ تعدى وَلَو سلف خمسين وَعمل بالخمسين الْأُخْرَى حَتَّى صَارَت مائَة فَلَيْسَ لِلْعَامِلِ من الرِّبْح شَيْء وَالرِّبْح كُله لرب المَال وَلَو نقص من الْخمسين الَّتِي عمل بهَا لم يكن عَلَيْهِ ضَمَان وَكَانَ عَلَيْهِ ضَمَان الْخمسين الَّتِي سلف وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا تعدى فَإِن اشْترى بِالْمَالِ بِعَيْنِه فالشراء بَاطِل وَلَا ربح لوَاحِد مِنْهُمَا وَإِن اشْترى بِعَيْنِه فَذَلِك للمقارض لتعديه وَالْمَال فِي ذمَّته الحديث: 1727 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 53 قَالَ أَبُو جَعْفَر إِذا ضمن الطَّالِب بطلت الْمُضَاربَة لِأَن الْمُضَاربَة لَا تصح بِمَال فِي الذِّمَّة 1728 - إِذا نَهَاهُ رب المَال عَن الْعَمَل قَالَ أَصْحَابنَا إِذا نَهَاهُ عَن الْعَمَل وَفِي يَده رداهم أَو دَنَانِير فنهيه صَحِيح فَإِن اشْترى بعد ذَلِك مَتَاعا ضمن فَإِن كَانَ فِي يَده عرُوض فَنَهَاهُ كَانَ للْمُضَارب أَن يَبِيعهُ وَكَذَلِكَ لَو مَاتَ رب المَال وَقَالَ مَالك إِذا كَانَ المَال على حَاله أَخذه مِنْهُ فَإِن كَانَ قد اشْترى بِالْمَالِ وتجهز ليخرج بِهِ إِلَى سفر فَلَيْسَ لرب المَال أَن يردهُ وَإِن نَهَاهُ عَن الْعَمَل وَفِي يَده سلْعَة فَإِنَّهُ ينظر السُّلْطَان فَإِن رأى وَجه بَيْعه بَاعه وَهُوَ أَن يكون وَقت نفاق تِلْكَ السّلْعَة وَإِن لم ير وَجها أخر السّلْعَة حَتَّى يرى وَجه بيع وَقَالَ مَالك إِذا قَالَ رب المَال أَنا آخذها بِمَا تَسَاوِي فَإِنَّهُ وأجنبي سَوَاء فِي ذَلِك وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا اخْتلف الْمُقَارض وَرب المَال فِي بيع السّلْعَة فَالْقَوْل قَول من دَعَا إِلَى البيع قَالَ أَبُو جَعْفَر لما كَانَ للْمُضَارب بيع مَا فِي يَده من الْمَتَاع بعد موت رب المَال لم يعْمل بهبته فِي حَيَاته وَلم يكن كَالْوَكِيلِ إِلَّا أَن لَهُ مُطَالبَته برد رَأس مَاله فَلَا بُد من البيع الحديث: 1728 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 54 1729 - فِي تقاضي مَال الْمُضَاربَة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا أدانه الْمضَارب فَإِنَّهُ كَانَ فِيهِ فضل أجبر الْمضَارب على التقاضي وَإِن لم يكن فِيهِ فضل لم يجْبر على تقاضيه وأحال الَّذِي لَهُ المَال حَتَّى يتقاضاه وَقَالَ مَالك يجْبر على التقاضي فَإِن كَانَ فِيهِ وضيعة فلرب المَال أَن لَا يرضى بالحوالة قَالَ أَبُو جَعْفَر للْمُضَارب إِخْرَاج نَفسه من الْمُضَاربَة مَتى شَاءَ وَله أَن يفعل ذَلِك إِذا كَانَ المَال دينا وَإِن لم يكن فِيهِ فضل فَعَلَيهِ أَن يحِيل وَإِن كَانَ فِيهِ فضل فَهُوَ قد أَخذ الْبَدَل عَن الْعَمَل فَيجْبر على التقاضي 1730 - فِي موت الْمضَارب قَالَ أَصْحَابنَا إِذا مَاتَ الْمضَارب وَالْمُضَاربَة عرُوض فَلَيْسَ لرب المَال بَيْعه وَإِنَّمَا يَبِيعهُ وَصِيّ الْمضَارب فَإِن لم يكن لَهُ وَصِيّ بَاعه أَمِين القَاضِي وَقَالَ مَالك إِذا مَاتَ الْمضَارب وَالْمَال دين وَفِيه ربح فَإِن كَانَ ورثته أُمَنَاء اقتضوه وَلَهُم حِصَّة الْمَيِّت من الرِّبْح وَإِن لم يَكُونُوا أُمَنَاء خلوا بَين رب المَال وَبَينه وَلَا شَيْء لَهُم من الرِّبْح فَإِن لم يَفْعَلُوا وكلوا أَمينا يَقْتَضِيهِ فَإِن لم يَفْعَلُوا أسلم المَال الدّين وَالْعرُوض إِلَى رب المَال فاقتضاه وَلَا شَيْء لَهُم من الرِّبْح الحديث: 1729 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 55 وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا مَاتَ رب المَال وَالْمَال مَتَاع لم يحركه حَتَّى يَأْتِي القَاضِي فيأمره بِبيعِهِ فَإِن حركه كَانَ ضَامِنا لَهُ فَإِذا كَانَ موت رب المَال يخرج الْمضَارب من ولَايَته ويبيعه القَاضِي كَذَلِك الْمضَارب وَقَالَ اللَّيْث إِذا مَاتَ الْمضَارب تَقْتَضِيه الْوَرَثَة وَلَهُم ربح الْمَيِّت وَإِن كَرهُوا ذَلِك استأجروا من المَال من يتقاضاه ويقسمون مَا بَقِي بعد الْإِجَارَة من الرِّبْح بعد رَأس المَال وَإِن قَالَ رب المَال أَنا أَتَقَاضَاهُ وَلَا أُعْطِيكُم ربحا لم يكن لَهُ ذَلِك وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يكون لوَارِثه أَن يعْمل وَيبِيع مَا كَانَ فِي يَده فَإِن كَانَ فِيهِ فضل كَانَ لوَارِثه وَإِن كَانَ خسرانا كَانَ فِي المَال قَالَ أَبُو جَعْفَر لما لم يكن لَهُ نَهْيه عَن البيع فِي حَيَاته وَكَانَ لَهُ البيع بعد النَّهْي كَذَلِك وَصِيّه بعد مَوته وَلَا معنى لبيع الْوَرَثَة لأَنهم إِنَّمَا يخلفون الْمَيِّت فِيمَا ورثوا عَنهُ وهم لَا يَرِثُونَ التَّصَرُّف فِي الْمُضَاربَة أَلا ترى أَن وَصِيّا لرجل لَو مَاتَ لم يخلفه الْوَرَثَة فِي الْوَصِيَّة وَقَامَ وَصِيّه فِيهِ مقَامه وَقَول مَالك وَاللَّيْث إِن الْوَرَثَة إِذا اقتضوا المَال استحقوا الرِّبْح وَإِن لم يقتضوا لم يستحقوا فَلَا معنى لَهُ لِأَن الرِّبْح موروث عَن الْمَيِّت عملت الْوَرَثَة بعد ذَلِك فِيهِ أَو لم تعْمل وَلَا يَزُول ملكهم بتركهم التقاضي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 56 1731 - إِذا مَاتَ الْمضَارب وَلم تعرف الْمُضَاربَة بِعَينهَا قَالَ أَصْحَابنَا تصير دينا وَهُوَ قَول الثَّوْريّ والبتي وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَالشَّافِعِيّ لَا شَيْء للْمُودع وَلَا لرب المَال فِي الْمُضَاربَة وَقَالَ مَالك فِيمَا ذكره ابْن الْقَاسِم عَنهُ إِذا كَانَت عِنْده ودائع وقراض وَلم تُوجد بِعَينهَا وَعَلِيهِ دين وَلم يوص بِشَيْء يحاص أهل الودائع وَأهل الْقَرَاض فِيمَا ترك وَقَالَ مَالك فِي رجل بعث رجلا بِمَال إِلَى بلد فَقدم الْبَلَد فَهَلَك الرَّسُول وَقَالَ الْمُرْسل إِلَيْهِ لم يدْفع إِلَيّ شَيْئا فَلَا شَيْء لرب المَال فِي مَال الرَّسُول فَإِن هلك الرَّسُول بالطاعون وَلم يُوجد لَهَا أثر قَالَ مَا أحراه أَن يكون فِي مَاله وَإِن مَاتَ الرَّسُول فِي الطَّرِيق فَهُوَ ضامنه فِي مَاله وَإِن مَاتَ أحد الشَّرِيكَيْنِ فَأَقَامَ الآخر الْبَيِّنَة أَن الْمَيِّت كَانَ قبض من مَالهمَا مائَة دِينَار وَلم يُوجد قَالَ إِن كَانَ مَوته قَرِيبا من قَبضه حَتَّى نظر أَن مثلهَا لم يشغلها فِي تِجَارَته فَهُوَ فِي حِصَّته وَإِن تطاول فَلَا شَيْء فِي مَاله 1732 - فِي الْمضَارب يَدعِي أَنه قد رد المَال قَالَ أَصْحَابنَا فِي الْمضَارب وَالْمُودع إِذا قَالَا قد رددنا المَال فَالْقَوْل قَوْلهمَا مَعَ أيمانهما وَهُوَ قَول ابْن أبي ليلى وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ عُثْمَان البتي فيهمَا جَمِيعًا عَلَيْهِ الْبَيِّنَة أَنه قد رده وَكَذَلِكَ كل أَمِين يَدعِي الدّفع الحديث: 1731 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 57 وَقَالَ مَالك فِي الْقَرَاض وَإِن كَانَ دَفعه إِلَيْهِ بِغَيْر بَيِّنَة فَهُوَ مُصدق وَإِن كَانَ دَفعه إِلَيْهِ بِبَيِّنَة فَإِنَّهُ يلْزم حَتَّى يُقيم الْبَيِّنَة بِدَفْعِهِ وَإِلَّا غرم المَال وَكَذَلِكَ الْوَدِيعَة وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا قَالَ قد هلك فَهُوَ أَمِين لَا شَيْء عَلَيْهِ وَإِن قَالَ دفعتها إِلَيْك فَإِن جَاءَ بِبَيِّنَة أَنه قد دَفعهَا إِلَيْهِ وَإِلَّا فَهُوَ ضَامِن وَقَالَ اللَّيْث إِذا دَفعه إِلَيْهِ بِبَيِّنَة لم يصدق على الرَّد إِلَّا بِبَيِّنَة قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْلُو الْإِشْهَاد من أَن يُخرجهُ من حكم الْمُضَاربَة أَو لَا يُخرجهُ فَإِن كَانَ بَاقِيا مَعَ الْإِشْهَاد على الْمُضَاربَة فَالْقَوْل قَوْله كَمَا لَو لم يشْهد وَلما كَانَ الْإِشْهَاد لَا يُخرجهُ من جَوَاز التَّصَرُّف فِيهِ وَاسْتِحْقَاق الرِّبْح دلّ أَنه بَاقٍ على الضاربة لَوْلَا ذَلِك لَكَانَ ضَامِنا لِلْمَالِ لَهُ ربحه لقَوْل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْخراج بِالضَّمَانِ وَلما لم يخْتَلف حكم الغصوب بِالْإِشْهَادِ أَو تَركه كَذَلِك الْمُضَاربَة والوديعة وَسَائِر الْأَمَانَات 1733 - فِي عتق الْمضَارب قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري إِذا كَانَ رَأس المَال ألفا وَقِيمَة العَبْد أَلفَيْنِ فَأعْتقهُ الْمضَارب جَازَ عتقه وَكَانَ كعبدين شَرِيكَيْنِ أعْتقهُ أَحدهمَا وَإِن كَانَت قيمَة الْجَارِيَة مثل رَأس المَال فَادّعى الْمضَارب وَلَدهَا لم يصدق فَإِن زَادَت حَتَّى الحديث: 1733 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 58 صَارَت أَلفَيْنِ ثَبت النّسَب واستسعى الْوَلَد فِي حِصَّة رب المَال ألف وَخَمْسمِائة وَضمن الْمضَارب نصف قيمَة الْأُم وَقد ذكر مُحَمَّد فِي نَوَادِر ابْن سَمَّاعَة أَنه إِذا وَطئهَا الْمضَارب وَلَا فضل فِيهَا فَجَاءَت بِولد فَادَّعَاهُ لشُبْهَة بتزويج فَلَزِمَهُ الْوَلَد وكل وَاحِد مِنْهُمَا قِيمَته ألف لم يعْتق وَاحِد مِنْهُمَا فَإِن زَادَت قيمَة أَحدهمَا جرى فِيهِ الْعتْق قَالَ أَبُو جَعْفَر فَهَذَا يدل على أَن النّسَب إِنَّمَا ثَبت بِمَا ادَّعَاهُ من التَّزْوِيج والشبهة وَقَالَ عُثْمَان البتي إِذا ربح مرّة وَوضع أُخْرَى فَلَا ربح لَهُ إِلَّا بعد حِسَاب جَامع وإتمام لرأس المَال إِلَّا أَن يكون شَرط لرَبه ربح كل مَا يبين فَهُوَ بِمَنْزِلَة محاسبته قَالَ أَبُو جَعْفَر وَهَذَا يدل على أَنه لَا يملك مِنْهُ شَيْء إِلَّا بعد محاسبته فَقِيَاس قَوْله أَن لَا يعْتق وَإِن كَانَ فِيهِ فضل وَقَالَ مَالك إِذا ربح ثمَّ اشْترى من ربح المَال جَارِيَة فَوَطِئَهَا فَحملت مِنْهُ ثمَّ نقص المَال فَإِنَّهُ إِن كَانَ لَهُ مَال أخذت قيمَة الْجَارِيَة من مَاله فأوفى المَال فَمَا كَانَ بعد وَفَاء المَال فَهُوَ بَينهمَا على شَرطهمَا وَإِن لم يكن لَهُ مَال بِيعَتْ الْجَارِيَة حَتَّى يُوفي رَأس المَال من ثمنهَا قَالَ أَبُو جَعْفَر فَلَا يُرَاعِي فضل قيمَة الْجَارِيَة يَوْم وَطئهَا وَإِنَّمَا تعْتَبر قيمتهَا فِي الْوَقْت الَّذِي يُوفي رب المَال رَأس مَاله وروى ذَلِك عَنهُ ابْن وهب وَقَالَ ابْن وهب ثمَّ رَجَعَ عَنهُ وَقَالَ أَقف فِيهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 59 وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَنهُ إِذا اشْترى الْمضَارب وَلَده وَهُوَ يعلم فَإِنَّهُ يعْتق عَلَيْهِ وَيدْفَع إِلَى رب المَال رَأس مَاله وَربحه إِن كَانَ فِيهِ ربح وَإِن لم يكن فيهمَا ربح فَأسلم إِلَى رب المَال رَأس مَاله وَلم يعْتق وَإِن كَانَ لَا مَال لِلْعَامِلِ وَكَانَ فِيهِ فضل بيع مِنْهُ بِقدر رَأس المَال وَربح المَال فَدفع إِلَى رب المَال وَعتق مِنْهُ مَا بَقِي فَجعل فِي هَذِه الرِّوَايَة أَنه إِذا كَانَ فِيهِ فضل فَهُوَ بِمَنْزِلَة عبد بَين رجلَيْنِ وَإِذا لم يكن فِيهِ فضل لم يعْتق وروى أَشهب عَن مَالك فِي الزَّكَاة أَنه يعْتد بِالرِّبْحِ ملكا من يَوْم نَص فِي يَد الْمضَارب وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا وَطئهَا قبل أَن يَقع لَهُ ربح فِي المَال فَعَلَيهِ حد الزَّانِي وَإِذا كَانَ لَهُ فِيهَا ربح جلد مائَة جلدَة فَإِن حملت قومت وَدفعت إِلَيْهِ ورد على صَاحب المَال مَا صَار بِهِ فِيهَا وَقَالَ اللَّيْث إِذا ابْتَاعَ جاريتين فَأعتق إِحْدَاهمَا وأحبل الْأُخْرَى فَإِنَّهُمَا يباعان جَمِيعًا وَيكون الْوَلَد لِأَبِيهِ بِقِيمَتِه فَمَا نقص من الْقَرَاض فَعَلَيهِ ضَمَانه وَمَا زَاد فَهُوَ بَينهمَا وَلم يذكر فرقا بَين أَن يكون كل وَاحِدَة أَكثر من رَأس المَال أَو مثله وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا اشْترى سلْعَة تَسَاوِي أَلفَيْنِ وَحَال الْحول فَفِيهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 60 قَولَانِ أَحدهمَا تزكّى السّلْعَة كلهَا لِأَنَّهَا من مَال مَالِكهَا لَا شَيْء للْمُضَارب فِيهَا حَتَّى يَسْتَوْفِي رب المَال رَأس المَال وَالْقَوْل الآخر إِن على رب المَال زَكَاة ألف وَخَمْسمِائة ووقفت الزَّكَاة فِي خَمْسمِائَة فَإِن حَال عَلَيْهَا حول ثَان وَبَلغت أَلفَيْنِ زكيت الْأَلفَيْنِ لِأَنَّهُ قد حَال على الْخَمْسمِائَةِ الْحول من يَوْم صَارَت للمقارض وَإِن نفقت السّلْعَة فَلَا شَيْء على رب المَال وَلَا على الْمُقَارض وَحكى الْمُزنِيّ عَنهُ أَنه إِذا اشْترى ابْن نَفسه لم يعْتق عَلَيْهِ سَوَاء كَانَ فِيهِ فضل أَو لم يكن فِيهِ لِأَنَّهُ لَا ربح لَهُ إِلَّا بعد قبض رَأس المَال قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ أَن رب المَال لَو أعْتقهُ وَقِيمَته أَلفَانِ أَنه يضمن حِصَّة الْمضَارب مِنْهُ فَدلَّ على أَن الْمضَارب مَالك لَهُ فَإِن قيل فَكيف أجزت للْمُضَارب أَن يَأْخُذ الرِّبْح بِالْعِتْقِ قبل أَن يَسْتَوْفِي رب المَال رَأس مَاله قيل لَهُ لم نبح لَهُ ذَلِك وَلَكِن الْعتْق قد نفذ وَحصل الِاسْتِهْلَاك كَمَا لَو أعتق رب المَال عتق رَأس مَاله وحصته من الرِّبْح وَقد استوفى ربحه قبل الْمضَارب قَالَ أَبُو جَعْفَر وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَو كَانَت قيمَة كل وَاحِد من الْعَبْدَيْنِ ألف دِرْهَم لم ينفذ عتق الْمضَارب فِيمَا وَلَا فِي أَحدهمَا وَقَالَ زفر يجوز عتقه فِي نصِيبه أعتقهما أَو أعتق أَحدهمَا قَالَ أَبُو جَعْفَر لَو أعتق رب المَال أَحدهمَا عتق جَمِيعه وَكَانَ مُسْتَوْفيا لرأس مَاله فَدلَّ على أَن رَأس مَاله فِي كل وَاحِد على حياله فَلَا ربح إِذا للْمُضَارب فِيهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 61 1734 - فِي أَخذ الرِّبْح قبل الْقِسْمَة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اقْتَسمَا الرِّبْح وَمَال الْمُضَاربَة على حَاله فَضَاعَ بعد ذَلِك فَإِن قسمتهَا بَاطِلَة وَمَا أَخذه رب المَال مَحْسُوب من رَأس مَاله وَمَا أَخذه الْمضَارب يردهُ وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ مَالك إِذا أذن لرب المَال فِي أَخذ الرِّبْح وَقَالَ رَجَوْت السَّلامَة وَحلف رد الْمضَارب مَا أَخذه وَقَالَ اللَّيْث إِذا أذن لَهُ رب المَال فِي أَخذ الرِّبْح فَأَخذه ثمَّ هلك رَأس المَال لم يرد الْمضَارب شَيْئا وَإِن أَخذه بِغَيْر إِذْنه كَانَ عَلَيْهِ أَن يجْبر المَال بِالرِّبْحِ الَّذِي قَبضه قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يحصل ربح إِلَّا بعد حُصُول رَأس المَال وَلَا يَخْتَلِفُونَ أَنه لَو ضَاعَ شَيْء من المَال قبل أَن يقبضهُ أَنه يهْلك من الرِّبْح دون رَأس المَال فَلَا فرق بَين أَن يقبض الْمضَارب ربحه أَو لَا يقبضهُ 1735 - فِي جِنَايَة رب المَال على الْمُضَاربَة قَالَ أَصْحَابنَا مَا اسْتَهْلكهُ رب المَال من الْمُضَاربَة صَار بِهِ مُسْتَوْفيا لرأس مَاله وَمَا اسْتَهْلكهُ الْمضَارب يضمنهُ وَقَالَ مَالك لَا يكون مُسْتَوْفيا لرأس مَاله وَلكنه يكون بِهِ دينا عَلَيْهِ إِلَّا أَن يحاسبه فَيجْعَل من رَأس المَال قَالَ أَبُو جَعْفَر إِذا كَانَ الَّذِي لزم رب المَال من جنس المَال فَلَا سَبِيل للْمُضَارب عَلَيْهِ لِأَن لرب المَال استرجاعه مِنْهُ إِذا صَار فِي يَده الحديث: 1734 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 62 1736 - إِذا اشْترى الْمضَارب فَهَلَك فِي يَده الثّمن قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اشْترى الْمضَارب بِأَلف من الْمُضَاربَة عبدا يُسَاوِي ألفا فَهَلَك المَال فِي يَده قبل أَن ينقده فَإِنَّهُ يرجع على رب المَال بِهِ وَيكون رَأس مَاله أَلفَيْنِ فِي الْمُضَاربَة وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث يُقَال لرب المَال إِن شِئْت فادفع الثّمن وَتَكون السّلْعَة قراضا على حَالهَا وَإِن أبي لزم الْمُقَارض ثمنهَا وَكَانَت لَهُ فَإِن لم يكن لَهُ مَال بِيعَتْ عَلَيْهِ وَكَانَ لَهُ الرِّبْح وَعَلِيهِ النُّقْصَان وَقَالَ مَالك فَإِن أدّى رب المَال فرأس المَال ألف وَقَالَ الثَّوْريّ يرجع على رب المَال وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا اشْترى وَجَاء ليدفع المَال فَوَجَدَهُ قد ضَاعَ فَلَيْسَ على صَاحب المَال شَيْء والسلعة للمقارض قَالَ أَبُو جَعْفَر الْمضَارب أجِير بِجُزْء من الرِّبْح فَيرجع كَمَا يرجع الْأَجِير 1737 - فِي لمضارب يَدعِي أَنه أنْفق فِي سَفَره من مَاله وَيُرِيد الرُّجُوع قَالَ أَصْحَابنَا لَا يصدق على الرُّجُوع عَلَيْهِ وَإِن كَانَ أَمينا فِيمَا يصرف فِيهِ الحديث: 1736 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 63 وَقَالَ مَالك هُوَ مُصدق يرجع بِمَا أنفقهُ من مَال إِذا كَانَت نَفَقَة مثله وَهُوَ قِيَاس قَول الشَّافِعِي فِي مَسْأَلَة ذكرهَا فِي الْإِجَارَة إِذا أذن لَهُ فِي النَّفَقَة على الْإِبِل وَقِيَاس قَول الثَّوْريّ مثل قَول أَصْحَابنَا قَالَ أَبُو جَعْفَر إِنَّمَا يكون أَمينا فِي رفع الضَّمَان عَن نَفسه لَا فِي إِيجَابه على غَيره 1738 - فِي اخْتِلَافهمَا فِي الرِّبْح إِذا ربح فَقَالَ رب المَال شرطت لَك النّصْف وَقَالَ الْمضَارب الثُّلثَيْنِ فَالْقَوْل قَول رب المَال وَقَالَ مَالك القَوْل قَول الْمضَارب فِي عمل مثله فِي تعامل النَّاس وَإِن جَاءَ بِشَيْء مستنكر لم يصدق ورد إِلَى عمل مثله وَهُوَ قَول اللَّيْث وَقَول الثَّوْريّ كَقَوْل أَصْحَابنَا وَقَالَ الشَّافِعِي يَتَحَالَفَانِ ويتفاسخان وللمضارب أجر مثله على رب المَال ط إِذا كَانَ رب المَال لَو قَالَ دَفعته بضَاعَة صدق كَذَلِك إِن أقرّ بِرِبْح مَا 1739 - فِي اخْتِلَافهمَا فِي رَأس المَال قَالَ أَبُو جَعْفَر ذكر مُحَمَّد فِي الْإِمْلَاء أَنه إِذا جَاءَ بِأَلفَيْنِ فَقَالَ رب الحديث: 1738 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 64 المَال رَأس المَال أَلفَانِ وَقَالَ الْمضَارب ألف فَالْقَوْل قَول رب المَال فِي قَول أبي حنيفَة الأول ثمَّ رَجَعَ فَقَالَ القَوْل قَول الضَّارِب وَالْفُقَهَاء كلهم على القَوْل الثَّانِي من قَوْله 1740 - فِي الْمُضَاربَة الْفَاسِدَة قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا دفع المَال مُضَارَبَة وَلم يسم ربحا فَهَذِهِ مُضَارَبَة فَاسِدَة وَلَا ضَمَان عَلَيْهِ فِيهِ وَله أجر مثله وَالرِّبْح لرب المَال كُله والوضيعة عَلَيْهِ وَفِي قَوْلهمَا يضمن لِأَنَّهُ أجِير مُشْتَرك وَقَالَ مَالك إِذا لم يسم ربحا رد إِلَى قِرَاض مثله وَإِن دفع إِلَيْهِ مَالا قراضا على أَن يسلفه رب المَال سلفا فللعامل أجر مثله وَجَمِيع الرِّبْح لرب المَال وَكَذَلِكَ إِن قَالَ على أَن لرب المَال درهما من الرِّبْح زِيَادَة وَقَالَ مَالك إِذا شَرط عَلَيْهِ ضَمَان المَال فَلهُ قِرَاض مثله وَلَا ضَمَان عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ إِن شَرط مُضَارَبَة إِلَى سنة رد إِلَى قِرَاض مثله وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْمُضَاربَة الْفَاسِدَة لَهُ أجر مثله وَالرِّبْح وَالْمَال لرَبه آخر كتاب الْمُضَاربَة الحديث: 1740 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 65 = كتاب الْوكَالَة = 1741 - فِي وكَالَة الْحَاضِر قَالَ أَبُو حنيفَة وَزفر لَا يجوز تَوْكِيل الْحَاضِر بِالْخُصُومَةِ إِلَّا برضاء خَصمه أَو عذر من مرض وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَابْن أبي ليلى وَالشَّافِعِيّ يقبل من كل أحد بِغَيْر رضَا الْخصم وَقَالَ ملك لَيْسَ لَهُ أَن يُوكل فِي ابْتِدَاء الْخُصُومَة إِلَّا من عِلّة فَإِذا أدليا بحجتهما وَحلف أَحدهمَا أَن لَا يُخَاصم الآخر وَعرف مِنْهُ أَذَى وَشتم وَكَانَت غيبته لذَلِك فَلهُ أَن يُوكل وَأما الْمَرْأَة وَمن لَا يرضى أَن يخْتَلف إِلَى القَاضِي وَمن يضعف عَن حجَّته فليوكل من افتدى الْخُصُومَة فَلهُ أَن يُوكل لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا الدَّار وَلَا ضَرَر وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن لَا يقبل من الرجل الجريء إِلَّا من عذر وَيقبل من الْمَرْأَة إِذا كَانَت غير خراجة أَو كَانَت حَائِضًا لَا يصلح لَهَا دُخُول الْمَسْجِد وَأما إِذا كَانَت تخرج لم تقبل مِنْهَا الجراية قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعبد الرَّحْمَن بن سهل الْأنْصَارِيّ لما خَاصم الحديث: 1741 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 67 إِلَيْهِ فِي دم أَخِيه عبد الله بن سهل الَّذِي وجد قَتِيلا بِخَيْبَر بِمحضر من عميه حويصة ومحيصة ابْني مَسْعُود كبر كبر يُرِيد ولي الْكَلَام فِي ذَلِك الْكَبِير مِنْهُمَا فَتكلم حويصة ثمَّ محيصة وَكَانَ الْوَارِث عبد الله بن سهل دونهمَا فَكَانَا وكيلين وَكَانَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ يُوكل عقيلا ثمَّ لما أسن عقيل قَالَ عبد الله بن جَعْفَر وَكيلِي فَمَا قضى لَهُ فلي وَمَا قضى عَلَيْهِ فعلي فخاصم عبد الله بن جَعْفَر طَلْحَة فِي ضفير أحدثه عَليّ رَضِي الله عَنهُ فِي أرضه إِلَى عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ وَقيل الْخُصُومَة فَهَذَا اتِّفَاق مِنْهُم على جَوَاز تَوْكِيل الْحَاضِر 1741 - ب فِيمَن أَرَادَ تثبيت وكَالَة من غَائِب قَالَ أَصْحَابنَا لَا تقبل بَينته إِلَّا أَن يكون هُنَاكَ خصم حَاضر وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَمَالك وَالشَّافِعِيّ تقبل وَإِن لم يحضر خصم قَالَ أَبُو جَعْفَر اتَّفقُوا على أَنه لَا تسمع الْبَيِّنَة على حَاضر إِلَّا بعد سُؤَاله عَمَّا ادَّعَاهُ عَلَيْهِ وسماعه مِنْهُ كَذَلِك الْغَائِب الجزء: 4 ¦ الصفحة: 68 1742 - فِي إِقْرَار الْوَكِيل بِالْخُصُومَةِ قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد لَا يجوز إِقْرَاره على الْمُوكل عِنْد غير القَاضِي وَيجوز عِنْد القَاضِي وَقَالَ أَبُو يُوسُف يجوز عِنْد قَاض وَغير قَاض وَقَالَ زفر لَا يجوز عِنْد غير قَاض وَلَا عِنْد قَاض وَهُوَ قَول الشَّافِعِي قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ أَنه لَو قَالَ من غير تَوْكِيل مَا أقرّ بِهِ فلَان عَليّ فَهُوَ لَازم لي أَنه لَا يلْزمه إِقْرَاره وَكَذَلِكَ الْوَكِيل 1743 - فِي الْوَكِيل يُوكل قَالَ أَصْحَابنَا لَيْسَ لَهُ أَن يُوكل إِلَّا بِإِذن الْمُوكل لَهُ وَهُوَ قَول مَالك وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ ابْن أبي ليلى لَهُ أَن يُوكل بذلك إِذا أَرَادَ أَن يغيب أَو مرض قَالَ أَبُو جَعْفَر هُوَ لم يُوكله فِي التَّوْكِيل وَالْوكَالَة لَا تسْتَحقّ بعمومها التَّصَرُّف وَلَيْسَ كَذَلِك الْوِصَايَة أَلا ترى أَنه لَو قَالَ قد وَكلتك لم يسْتَحق بِهِ التَّصَرُّف وَلَو قَالَ قد أوصيت إِلَيْك اسْتحق بِهِ التَّصَرُّف على الْعُمُوم فَوَجَبَ أَن الحديث: 1742 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 69 يسْتَحق بِهِ عُمُوم التَّصَرُّف على الْمَيِّت وَإِن لم يكن ذُكُورا كَمَا اسْتحق سَائِر وُجُوه التَّصَرُّف وَلم يسْتَحق ذَلِك بِالْوكَالَةِ لِأَنَّهَا لَا تقع إِلَّا خَاصَّة على حسب مَا يَقْتَضِيهِ لفظ الْمُوكل من الْخُصُومَة 1744 - فِي وكَالَة الصَّبِي وَالْعَبْد الْمَحْجُور عَلَيْهِ قَالَ أَصْحَابنَا إِذا كَانَ الصَّبِي يعقل وَالْعَبْد جَازَ توكيلها والعهدة على الْآمِر وَقَالَ مَالك لَا يجوز الْإِذْن للصَّبِيّ فِي التِّجَارَة عبدا كَانَ أَو حرا وَالشَّافِعِيّ يجوز تَوْكِيل العَبْد الْمَحْجُور عَلَيْهِ بِالْخلْعِ وَنَحْوه وَلَا يجوز تَوْكِيل غير بَالغ وَلَا معتوه قَالَ الشَّافِعِي وَلَو جَازَ لَهُ إِقْرَاره إِذا أذن لَهُ أَبوهُ فِي التِّجَارَة لجَاز أَن يَأْذَن لَهُ فِي طَلَاق امْرَأَته أَو يَأْمُرهُ بِقَذْف رجل فيحده قَالَ أَبُو جَعْفَر الْوَكِيل إِنَّمَا يفعل ذَلِك للَّذي وَكله لَا لنَفسِهِ فَلَا معنى لاعْتِبَار حَال التَّوْكِيل لِأَن اعْتِبَار حَاله فِي تصرفه إِنَّمَا يجب فِيمَا يتَصَرَّف فِيهِ لنَفسِهِ أَلا ترى أَنه لَو وكل صَبيا بهدم دَاره أَو ذبح شاته فَفعل أَنه لَا شَيْء عَلَيْهِ فِيهِ وَلَوْلَا أَن الْوكَالَة صَحِيحَة لضمن كَذَلِك يقوم مقَامه فِي الْعُقُود وَلَيْسَ ذَلِك كَإِذْنِهِ فِي طَلَاق امْرَأَة الصَّبِي لِأَن الْأَب لَا يملك ذَلِك الحديث: 1744 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 70 فَلَا يَصح تَوْكِيله بِهِ وَهُوَ يملك التَّصَرُّف على نَفسه فِي البيع وَالشِّرَاء وَسَائِر الْعُقُود فَيصح تَوْكِيل الصَّبِي بِهِ وَكَذَلِكَ يملك التَّصَرُّف على الابْن فِي الشِّرَاء وَالْبيع فَيجوز إِذْنه لَهُ فِيهِ وَقد روى يزِيد بن هَارُون عَن حَمَّاد بن سَلمَة عَن ثَابت الْبنانِيّ عَن عمر بن أبي سَلمَة عَن أم سَلمَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطبهَا فَقَالَت يَا رَسُول الله إِنِّي مصبية وَلَيْسَ أحد من أوليائي شَاهد قَالَ لَيْسَ أحد من أوليائك شَاهد وَلَا غَائِب يكره ذَلِك فَقَالَت يَا عمر زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَتَزَوجهَا 1745 - إِذا وَكله بِالشِّرَاءِ بِمَا عَلَيْهِ من الدّين قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا أمره أَن يَشْتَرِي عبدا بِعَيْنِه بِمَا عَلَيْهِ من الدّين جَازَ وَإِن كَانَ بِغَيْر عينه لم يجز وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يجوز فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا وَقَالَ مَالك إِن قَالَ أسلفه فِي طَعَام لم يجز وَإِن قَالَ اشْتَرِ بهَا سلْعَة نَقْدا فَإِن كَانَ الْآمِر والمأمور حاضرين جَازَ وَإِلَّا لم يجز 1746 - فِي البيع بقيل الثّمن من الْوَكِيل قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا وَكله بِبيع عَبده فَبَاعَهُ بِقَلِيل أَو كثير جَازَ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَمَالك وَالشَّافِعِيّ لَا يجوز إِلَّا بِمَا يتَغَابَن فِيهِ وَالشِّرَاء لَا يجوز عَلَيْهِ إِلَّا بِمَا يتَغَابَن النَّاس فِيهِ فَإِن اشْترى بِأَكْثَرَ لزمَه دون الْآمِر فِي قَول أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ مَالك يكون مَوْقُوفا على إجَازَة الْآمِر الحديث: 1745 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 71 قَالَ أَبُو جَعْفَر لم يَخْتَلِفُوا فِي الْوَصِيّ أَنه لَا يَبِيع إِلَّا بِمَا يتَغَابَن فِيهِ فَكَذَلِك الْوَكِيل 1747 - فِيمَن وكل بِالشِّرَاءِ بِثمن ذكر لَهُ فَابْتَاعَ بِأَقَلّ قَالَ أَبُو حنيفَة من غير خلاف إِذا وَكله أَن يَشْتَرِي لَهُ شَيْئا بِعَيْنِه بِثمن ذكره لَهُ فَاشْتَرَاهُ لَهُ بِأَقَلّ من ذَلِك الثّمن أَنه لَا يكون مُخَالفا وَيلْزمهُ مَا اشْترى وَهُوَ قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ زفر الشِّرَاء للْمَأْمُور وَلَا يلْزم الْآمِر وَقَالَ الْحسن بن حَيّ هُوَ مُخَالف والآمر بِالْخِيَارِ قَالَ أَبُو جَعْفَر الشِّرَاء بِأَلف غير الشِّرَاء بِأَلفَيْنِ أَلا ترى أَنه لَو قَالَ قد اشْتريت مِنْك هَذَا العَبْد بألفي دِرْهَم فَقَالَ قد بعتكه بِأَلف أَنه لَا ينْعَقد بَينهمَا بيع كَذَلِك الْوكَالَة فِي الْقيَاس 1748 - فِي الْوَكِيل يَبِيعهُ من نَفسه قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالشَّافِعِيّ لَا يَبِيعهُ من نَفسه وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يَبِيعهُ من نَفسه إِذا علم صَاحبه وَقَالَ اللَّيْث يَبِيعهُ من نَفسه نَاقِصا مَا يعْطى بهَا أَو أَكثر وَفِي الصّرْف لَا يَبِيعهُ من نَفسه إِلَّا أَن يكون الْآمِر حَاضرا الحديث: 1747 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 72 1749 - فِي الْوَكِيل بالسلم إِذا أسلم إِلَى أَبِيه وَنَحْوه قَالَ أَبُو حنيفَة لَا يجوز أَن يُسَلِّمهَا إِلَى أَبِيه وَابْنه وَلَا من لَا تجوز لَهُ شَهَادَته وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يجوز إِلَّا من عَبده ومكاتبه ومفاوضه وَقَالَ مَالك يجوز إِذا لم يكن فِيهِ مُحَابَاة إِلَّا فِي مُفَاوَضَة أَو ابْنه الصَّغِير 1750 - فِي الْوَكِيل يَبِيع بِغَيْر الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير قَالَ أَبُو حنيفَة فِي رجل وكل رجلا بِبيع دَاره فَبَاعَهَا بِعرْض من الْعرُوض جَازَ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالشَّافِعِيّ لَا يَبِيع إِلَّا بِدَرَاهِم أَو دَنَانِير وَقَالَ مَالك إِذا بَاعهَا بِعرْض لم يلْزم الْآمِر وَأحب إِلَى أَن يُبَاع الْعرض فَإِن كَانَ فِيهِ فضل عَن قيمَة الْمَبِيع كَانَ للْآمِر وَإِن كَانَ فِيهِ نُقْصَان ضمن الْوَكِيل 1751 - فِي الْوَكِيل يَشْتَرِي من يعْتق على الْآمِر قَالَ أَصْحَابنَا إِذا وَكله بِأَن يَشْتَرِي لَهُ جَارِيَة فَاشْترى أمه أَو بنته جَازَ وَلزِمَ الْآمِر وعتقت عَلَيْهِ وَإِن قَالَ اشْتَرِ لي جَارِيَة أطئها أَو قَالَ أبيعها فَاشْترى هَؤُلَاءِ لزم الْمَأْمُور دون الْآمِر وَهُوَ قَول الشَّافِعِي الحديث: 1749 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 73 وَكَذَلِكَ روى الْحسن بن زِيَاد فِي هَذِه الْمسَائِل وَقَالَ عَن أبي حنيفَة إِذا كَانَ الْآمِر قد حلف بِعِتْق كل مَمْلُوك يملكهُ إِلَى ثَلَاثِينَ سنة فَاشْترى الْمَأْمُور عبدا بِأَمْر الْآمِر أَو أمة عتق من مَال الْآمِر إِلَّا أَن يكون الْمَأْمُور قد علم بِيَمِين الْآمِر فِي هَذِه الْمَسْأَلَة وَفِي الأولى فَيكون الْمَأْمُور مُخَالفا وَيلْزمهُ الشِّرَاء لنَفسِهِ وَقَالَ مَالك إِذا وَكله أَن يَشْتَرِي لَهُ أمة فَاشْترى أمه أَو ابْنَته فَإِن علم لم يجز على الْآمِر وَإِن لم يعلم جَازَ عَلَيْهِ وَقَالَ اللَّيْث إِذا أمره أَن يبْتَاع لَهُ عبدا فَاشْترى أَخَاهُ وَهُوَ لَا يعلم فَإِنِّي أكره ذَلِك وَلَا يعْتق عَلَيْهِ وَلكنه يُبَاع فَإِن كَانَ فِيهِ فضل كَانَ لَهُ وَإِن كَانَ نُقْصَان كَانَ عَلَيْهِ وَلَا شَيْء على الْوَكِيل قَالَ أَبُو جَعْفَر حُقُوق الْآدَمِيّين لَا يخْتَلف فِي حَال الْجَهْل وَالْعلم كَذَلِك هَذَا 1752 - فِي ضيَاع الثّمن من الْوَكِيل قَالَ أَصْحَابنَا إِذا دفع إِلَيْهِ ألف دِرْهَم وَأمره أَن يَشْتَرِي لَهُ بهَا دَارا فاشتراها وَهَلَكت الدَّرَاهِم بعد الشِّرَاء فَإِنَّهُ يرجع بِمِثْلِهَا على الْآمِر وَلَو لم يدْفع الدَّرَاهِم حَتَّى اشْترى ثمَّ دَفعهَا إِلَيْهِ فَهَلَكت ضمن الْوَكِيل ألفا من مَاله للْبَائِع وَلَا يرجع بهَا على الْآمِر وَقَالَ مَالك يرجع بهَا على الْآمِر فِي هَذِه أَيْضا الحديث: 1752 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 74 قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ أَنه لَو دَفعه إِلَيْهِ قبل الشِّرَاء كَانَ هَالكا من مَال الْآمِر وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قبضهَا وَهُوَ أَمِين فِيهَا لَا بِحَق وَاجِب لَهُ عَلَيْهِ وَإِذا قبضهَا بعد الشِّرَاء فَإِنَّمَا قبضهَا بِحَق وَاجِب دينا لَهُ عَلَيْهِ فَهُوَ فِي ضَمَانه أَلا ترى أَنه كَانَ مجبرا على دَفعهَا إِلَيْهِ 1753 - فِي الْوَكِيل بِالْبيعِ أَو التَّزْوِيج إِذا قَالَ قد فعلته قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا قَالَ الْوَكِيل بِالتَّزْوِيجِ زَوجته أمس لم يصدق إِلَّا بِشُهُود وَفِي البيع يصدق وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يصدق فيهمَا وَهُوَ قَول مَالك وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِي فِي الْوَكِيل بِالْبيعِ وَلَا يحفظ عَنهُ شَيْء فِي التَّزْوِيج 1754 - فِي الْوكَالَة بشرَاء دَار أَو عبد أَو نَحوه قَالَ أَصْحَابنَا إِذا كَانَ الْجِنْس مَجْهُولا لم يجز مثل أَن يَقُول اشْتَرِ لي ثوبا لِأَنَّهَا أَجنَاس مُخْتَلفَة وَإِن قَالَ هرويا جَازَ وَإِن لم يسم الثّمن وَإِن قَالَ اشْتَرِ لي عبدا لم يجز فَإِن سمى روميا وَنَحْوه أَو سمى الثّمن جَازَ وَإِن كَانَ وَكله أَن يَشْتَرِي لَهُ حمارا وَلم يسم الثّمن فَهُوَ جَائِز فَإِن قَالَ اشْتَرِ لي دَارا لم يجز وَإِن سمى الثّمن جَازَ وَعَن أبي يُوسُف أَنه لَا يجوز وَإِن سمى الثّمن حَتَّى يُسمى الْمصر الَّذِي يَشْتَرِي لَهُ فِيهِ قَالَ مَالك إِذا أمره أَن يَشْتَرِي جَارِيَة أَو ثوبا فَإِن اشْترى مَا يصلح أَن الحديث: 1753 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 75 يكون من جواري الْآمِر وَمن ثِيَاب الْآمِر جَازَ وَإِن اشْترى مَالا يشبه أَن يكون من جواريه أَو من ثِيَابه لم يجز على الْآمِر إِلَّا أَن يَشَاء وَيلْزم الْمَأْمُور قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا معنى لاعْتِبَار ملك مَا يكون من جواري الْآمِر وَمن ثِيَابه لِأَنَّهُ قد يَشْتَرِي مَا لايشتهيه من ذَلِك لهبة أَو صَدَقَة أَو غَيره أَو تِجَارَة أَو عتق 1755 - إِذا اشْترى جَارِيَة مَعِيبَة قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا وَكله أَن يَشْتَرِي لَهُ جَارِيَة فاشتراها عمياء أَو مَقْطُوعَة الْيَدَيْنِ جَازَ على الْآمِر وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا يجوز وَقَالَ مَالك مَا كَانَ من الْعُيُوب مُفْسِدا لم يجز على الْآمِر 1756 - فِي الْوَكِيل يَدعِي البيع قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قَالَ الْوَكِيل بِالْبيعِ قد بِعته من فلَان بِأَلف دِرْهَم وَجحد فلَان البيع وَلَا بَيِّنَة للْوَكِيل فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ وَهُوَ قَول سَائِر أهل الْعلم وَقَالَ مَالك يضمن الْوَكِيل الثّمن لِأَنَّهُ أتْلفه حِين لم يشْهد قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ أَنه لَو قَالَ الْمُودع رددت الْوَدِيعَة أَو هَلَكت وَقد كَانَ دَفعه إِلَيْهِ بِغَيْر بَيِّنَة أَن القَوْل قَوْله لِأَنَّهُ أَمِين كَذَلِك الْوَكِيل 1757 - إِذا ابْتَاعَ الْوَكِيل زِيَادَة على مَا وكل بِهِ قَالَ مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة إِذا وَكله أَن يَشْتَرِي لَهُ عشرَة الحديث: 1755 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 76 أَرْطَال لحم بدرهم فَاشْترى عشْرين رطلا بدرهم لزم الْآمِر مِنْهَا عشرَة أَرْطَال بِنصْف دِرْهَم وَكَانَ للْمَأْمُور عشرَة أَرْطَال بِنصْف دِرْهَم وَلم يذكر خلافًا وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَن أبي يُوسُف فِي الْإِمْلَاء وَذكر ابْن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد أَنه إِذا أمره أَن يَشْتَرِي لَهُ خَمْسَة أَرْطَال سمن بدرهم فَاشْترى لَهُ خَمْسَة أَرْطَال وأوقية بالدرهم لزم الْآمِر كُله إِذا كَانَ يَسِيرا فَإِن اشْترى لَهُ عشرَة أَرْطَال بدرهم لزم الْآمِر خَمْسَة مِنْهَا بِنصْف دِرْهَم وَأَصْحَاب مَالك يَقُولُونَ قِيَاس مذْهبه أَن يلْزم الْجَمِيع الْآمِر بالدرهم وَقَالَ الشَّافِعِي فِيهِ قَولَانِ أَحدهمَا أَن صَاحب المَال بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذ الْجَمِيع بالدرهم وَإِن شَاءَ أَخذ ماأمر بِهِ بِحِصَّتِهِ من الثّمن وَالْقَوْل الآخر أَنه يلْزم الْآمِر جَمِيع مَا اشْتَرَاهُ بِالثّمن قَالَ أَبُو جَعْفَر قد رُوِيَ فِيمَا يدْخل فِي هَذَا لِمَعْنى حَدِيث عُرْوَة الْبَارِقي وَهُوَ مَا رَوَاهُ سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن شبيب بن غرقدة عَن عُرْوَة الْبَارِقي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعْطى رجلا دِينَارا يَشْتَرِي لَهُ أضْحِية فَاشْترى شَاتين فَبَاعَ إِحْدَاهمَا بِدِينَار فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ هَذِه أضْحِية وَهَذَا دِينَار ربحه فَدفع إِلَيْهِ بالدينار ودعا لَهُ بِالْبركَةِ وَقد روى الشَّافِعِي هَذَا الحَدِيث عَن سُفْيَان فَقَالَ فِيهِ عَن شبيب أَنه سمع الْحَيّ يَقُولُونَ أعْطى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَذكر الحَدِيث فَصَارَ الحَدِيث عَن رجال الْحَيّ وَقد روى سعيد بن زيد أَخُو حَمَّاد بن زيد قَالَ حَدثنَا الزبير بن الخريت الجزء: 4 ¦ الصفحة: 77 قَالَ وَحدثنَا أَبُو لبيد لمازة بن زبار عَن عُرْوَة بن أبي الْجَعْد الْبَارِقي وَذكر الحَدِيث سعيد بن زيد لَيْسَ بِقَوي عِنْد أهل الحَدِيث إِلَّا أَنه قد رَوَاهُ مَعَ سعيد هَارُون النَّحْوِيّ قَالَ حَدثنَا الزبير بن الخريت عَن أبي لبيد الْبَارِقي وَهَذَا حَدِيث مُسْتَقِيم السَّنَد مَعْرُوف الروَاة فَثَبت صِحَة ملك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للشاتين لَوْلَا ذَلِك لما أَخذ مِنْهُ الدِّينَار وَلما أمضى لَهُ البيع 1758 - فِي الْوَكِيل يَأْخُذ السّلم قَالَ أَصْحَابنَا إِذا وَكله بِأَن يَأْخُذ لَهُ دَرَاهِم فِي طَعَام فَأَخذهَا الْوَكِيل إِلَى أجل مُسَمّى فالسلم على الْوَكِيل خَاصَّة وَلَا يَصح على الْآمِر فَإِن دفع الدَّرَاهِم إِلَى الْآمِر كَانَت قرضا على الْآمِر للْوَكِيل وَقَالَ يَصح السّلم على الْآمِر وَالدَّرَاهِم للْآمِر وَقَالَ مَالك وَإِن شَرط الْمُسلم على الْوَكِيل أَنه إِن لم يرض الْآمِر فالسلم عَلَيْك للأجل فَهُوَ جَائِز كَمَا قَالَ وَقَالَ مَالك لَو وَكله بِأَن يسلم لَهُ دَرَاهِم فِي طَعَام فأسلمها فللآمر أَن يُطَالب الْمُسلم إِلَيْهِ بِالطَّعَامِ إِذا حل الْأَجَل وَإِن لم يحضر الْمَأْمُور الحديث: 1758 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 78 1759 - فِي الْوَكِيل يدْفع دَرَاهِم إِلَى آخر قَالَ أَصْحَابنَا إِذا دفع إِلَيْهِ دَرَاهِم وَأمره أَن يَدْفَعهَا إِلَى رجل فَقَالَ قد دفعتها فَالْقَوْل قَوْله فِي بَرَاءَة نَفسه وَلَا يصدق على الآخر وَقَالَ مَالك إِن لم يقم الرَّسُول الْبَيِّنَة أَنه قد دَفعهَا ضمن وَإِن كَانَ الرَّسُول شَرط على الْآمِر أَن يكون القَوْل قَوْله وَأَن لَا يشْهد عَلَيْهِ إِذا دَفعه فَلَا ضَمَان على الرَّسُول إِذا قَالَ قد دفعت قَالَ أَبُو جَعْفَر لما كَانَ الْوَكِيل أَمينا كَانَ مُصدقا فِي بَرَاءَة نَفسه كَمَا هُوَ مُصدق فِي مَتَاعه فَإِن قيل قَالَ الله عز وَجل {فَإِذا دفعتم إِلَيْهِم أَمْوَالهم فأشهدوا عَلَيْهِم} والأوصياء مؤتمنون وَقد أمروا بِالْإِشْهَادِ قيل لَهُ فَائِدَة أَمَانَة المؤتمنين عَلَيْهِم لَا يُغير ذَلِك وَقد وَافَقنَا مَالك على أَنه لَو دفع إِلَيْهِ دَرَاهِم وَأمره أَن يتَصَدَّق بهَا على الْمَسَاكِين أَنه مُصدق فِيهَا بِغَيْر بَيِّنَة كَذَلِك الْوَكِيل فِي دَفعهَا إِلَى رجل بِعَيْنِه 1760 - فِيمَن يُؤمر بِأَن يقْضِي عَنهُ دَرَاهِم فَيدْفَع إِلَيْهِ دَنَانِير قَالَ أَصْحَابنَا إِذا أمره أَن يقْضِي عَنهُ فلَانا عشرَة دَرَاهِم لَهُ عَلَيْهِ فَبَاعَهُ الحديث: 1759 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 79 الْمَأْمُور بهَا دَنَانِير أَو ثوبا جَازَ وَكَذَلِكَ لَو دَفعهَا إِلَيْهِ ليقبضها فَأعْطَاهُ دَرَاهِم غَيرهَا من غَيره أَو بَاعه ثوبا جَازَ وَلم يكن مُتَطَوعا وَقَالَ مَالك إِذا قَالَ لي رجل أَقْرضنِي دَرَاهِم فَأمرت رجلا لي عَلَيْهِ دَرَاهِم أَن يَدْفَعهَا إِلَيْهِ قرضا مني فَأعْطَاهُ مَكَانهَا دَنَانِير أَو بَاعه بهَا ثوبا فَهُوَ جَائِز وعَلى الْقَابِض الدَّرَاهِم قرضا للْآمِر وَقَالَ اللَّيْث فِيمَن أمره رجلا أَن يقْضِي عَنهُ رجلا دِينَارا فَأعْطَاهُ دَرَاهِم فَهُوَ مُخَيّر عِنْد الْقَضَاء إِن شَاءَ أَخذ مِنْهُ دِينَارا وَإِن شَاءَ أَخذ مِنْهُ عدد الدَّرَاهِم الَّتِي قضى عَنهُ وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا أمره أَن يقْضِي عَنهُ دِينَارا فَرضِي الَّذِي لَهُ الدِّينَار بِثَوْب مَكَان الدِّينَار أَو طَعَاما أَو دَرَاهِم فللقاضي على المقضى عَنهُ الْأَقَل من دِينَار أَو قيمَة مَا قضى عَنهُ قَالَ أَبُو جَعْفَر لم يَخْتَلِفُوا أَن الْمَأْمُور غير مُتَطَوّع فِيمَا دفع فَالْأولى أَن يرجع عَلَيْهِ بِالدّينِ لِأَنَّهُ الْمَأْمُور بِقَضَائِهِ دون غَيره وَقد وَقع الْقَضَاء وَبرئ مِنْهُ 1761 - فِيمَن يَأْمر غَيره بقسمة مَال فِي سَبِيل الله أَو عتق ثمَّ يَمُوت قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ اللَّيْث فِي رجل أعْطى رجلا مَالا فِي صِحَّته ليقسمه فِي سَبِيل الله أَو يعْتق عبدا ثمَّ يَمُوت صَاحب المَال قبل أَن يفرغ الرجل من ذَلِك أَنه إِن كَانَ أشهد على دفع المَال إِلَيْهِ وأبرزه فَإِنَّهُ ينفذ فِيهِ مَا قَالَ الحديث: 1761 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 80 وَلَا يدْخل فِي ثلث وَلَا غَيره وَإِن لم يقم عَلَيْهِ بَيِّنَة فَإِنَّهُ للْوَرَثَة وَلَا ينفذ فِي ذَلِك الْوَجْه وَهَذَا قَول لم يقل بِهِ أحد من أهل الْعلم غَيره وَهُوَ فَاسد النّظر أَيْضا لِأَن الْإِشْهَاد لَا يزِيل ملكه عِنْدهم وَإِنَّمَا الْإِشْهَاد يعلم بِهِ مَا قد فعله 1762 - فِي الْوَكِيل يقر بِقَبض المَال وَيَدعِي الْهَلَاك قَالَ مَالك إِذا وكلت رجلا بِقَبض مَال من رجل فَقَالَ قد قَبضته وَضاع مني لم يصدق الْوَكِيل وَالْمَال بَاقٍ على الَّذِي عَلَيْهِ إِلَّا أَن يُقيم بَيِّنَة بِالْقَبْضِ إِلَّا أَن يكون وَكيلا يَشْتَرِي وَيبِيع وَيقبض ويفوض إِلَيْهِ فَهُوَ مُصدق وَإِنَّمَا لَا يصدق إِذا كَانَ وَكيلا بِقَبض مَال على رجل فَقَط وَلَو قَالَ لَهُ بِعْ عَبدِي فجَاء بِرَجُل فَقَالَ بِعته مِنْهُ وَصدقه قبل قَوْله وَكَذَلِكَ إِذا قَالَ ادْفَعْ هَذَا المَال إِلَى فلَان فَقَالَ قد دَفعته وَصدقه فلَان فَالْقَوْل قَوْله قَالَ أَبُو جَعْفَر لم يُوَافق مَالِكًا أحد على قَوْله إِن الْغَرِيم لَا يبرا بقول الْوَكِيل قد قبضت 1763 - اخْتِلَاف الْوَكِيل وَالْمُوكل فِي الثّمن قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قَالَ الْآمِر أَمرتك بِأَن تشتري بِأَلف فَقَالَ الْمَأْمُور الحديث: 1762 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 81 بِخَمْسِمِائَة فَالْقَوْل قَول الْآمِر سَوَاء كَانَت السّلْعَة قَائِمَة أَو فَائِتَة وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَكَذَلِكَ إِذا قَالَ أَمرتنِي بِالْبيعِ وَلم تقل شَيْئا وَقَالَ الْآمِر أَمرتك أَن تبيع بِالنَّقْدِ فَالْقَوْل قَول الْآمِر وَقَالَ مَالك إِذا قَالَ أَمرتنِي أَن أبيعه بِعشْرَة وَقَالَ الْآمِر بِاثْنَيْ عشر فَالْقَوْل قَول الْآمِر إِن لم يفت وَإِن فَاتَ فَالْقَوْل قو الْمَأْمُور 1764 - فِي الْوَكِيل يحبس السّلْعَة بِالثّمن قَالَ أَصْحَابنَا لَهُ أَن يحبسها بِالثّمن فَإِذا هَلَكت بعد الْحَبْس كَانَت كَالرَّهْنِ فِي قَول أبي يُوسُف وَعند أبي حنيفَة وَمُحَمّد كَالْمَبِيعِ وَقَالَ زفر لَا يحبسها بِالثّمن وَإِن حبس ضمن الْقيمَة كالغصب وَهُوَ قَول مَالك 1765 - فِي موت الْمُوكل وعزله قَالَ أَصْحَابنَا لَا يَنْعَزِل الْوَكِيل إِلَّا بعد الْعلم بِالْعَزْلِ يَنْعَزِل بِالْمَوْتِ وَإِن لم يعلم الحديث: 1764 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 82 وَقَالَ مَالك إِذا وَكله بشرَاء عبد وَمَات ثمَّ اشْترى الْوَكِيل وَلم يعلم بِمَوْتِهِ فَإِنَّهُ يلْزم الْوَرَثَة وَإِن علم لم يلْزمهُم وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا وكل الْوَلِيّ رجلا بِأخذ الْقصاص ثمَّ قَالَ الْوَلِيّ قد عَفَوْت فَقتله الْمَأْمُور فَفِيهِ قَولَانِ أَحدهمَا أَنه لَا شَيْء عَلَيْهِ إِلَّا الْيَمين مَا علم بِالْعَفو وَلَا شَيْء على الْوَلِيّ أَيْضا وَالثَّانِي أَنه ضمن الدِّيَة وَيكفر كمن قتل خطأ قَالَ أَبُو جَعْفَر الْوكَالَة لَيست بِحَق الْوَكِيل لَازم للْمُوكل إِخْرَاجه مَتى شَاءَ وَإِذا كَانَ كَذَلِك وَجب أَن لَا يعْتَبر علم الْوَكِيل بعزله وَأَن يَنْعَزِل مَتى عَزله وَإِن لم يعلم وَلم يَخْتَلِفُوا أَن الْمُوكل لَو بَاعَ العَبْد الْمُوكل بِبيعِهِ خرج الْوَكِيل من الْوكَالَة كَذَلِك إِذا عَزله وَإِن لم يعلم وَإِذا ثَبت ذَلِك فِي الْعَزْل فَفِي الْمَوْت أَحْرَى 1766 - فِي وَكيل أحد الْمُتَفَاوضين قَالَ أَصْحَابنَا إِذا وكل المفاوض رجلا بِشَيْء ثمَّ افْتَرقَا ثمَّ فعل الْوَكِيل ذَلِك وَهُوَ لَا يعلم فَإِن ذَلِك كُله جَائِز عَلَيْهِمَا وَقَالَ مَالك إِذا افْتَرقَا وَعلم المبضع فَإِنَّهُ يَشْتَرِي بِمَا أضبع مَعَه آخر كتاب الْوكَالَة الحديث: 1766 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 83 = كتاب الْإِجَارَات = 1767 - فِي ضَمَان الْأَجِير الْمُشْتَرك قَالَ أَبُو حنيفَة لَا ضَمَان على الْأَجِير الْمُشْتَرك إِلَّا فِيمَا جنت يَدَاهُ وَقَالَ زفر لَا ضَمَان عَلَيْهِ فِيمَا جنت يَدَاهُ أَيْضا إِلَّا أَن يُخَالف وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَعبيد الله بن الْحسن يضمن إِلَّا مَا لَا يَسْتَطِيع الِامْتِنَاع مِنْهُ كالحريق وَمَوْت الشَّاة واللصوص الغالبين وَقَالَ الثَّوْريّ يضمن فِي اللُّصُوص أَيْضا وَقَالَ مَالك يضمن الْقصار إِلَّا أَن يَأْتِي أَمر من أَمر الله تَعَالَى مثل الْحَرِيق والسرق والضياع إِذا قَامَت عَلَيْهِ بَيِّنَة وَيضمن قرض الفأر إِذا لم تقم بَيِّنَة وَإِن قَامَت بَيِّنَة أَنه قرض الفأر من غير تَضْييع لم يضمن وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا يضمن الْقصار من الْحَرِيق والأجير الْمُشْتَرك ضَامِن إِذا لم يشْتَرط لَهُ أَنه لَا ضَمَان عَلَيْهِ الحديث: 1767 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 85 وَقَالَ الْحسن بن حَيّ من أَخذ الْأُجْرَة فَهُوَ ضَامِن تَبرأ أَو لم يتبرأ وَمن أعْطى الْأجر فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ وَإِن شَرط وَلَا يضمن الْأَجِير الْمُشْتَرك من عَدو حارق أَو موت وَقَالَ اللَّيْث الصناع كلهم ضامنون لما أفسدوا أَو هلك عِنْدهم وَللشَّافِعِيّ قَولَانِ أَحدهمَا يضمن وَالْآخر لَا يضمن إِلَّا مَا جنت يَده قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ أَنه لَا ضَمَان على الْحجام والبيطار الْمُشْتَرك وَإِن أَخذ الْأجر كَذَلِك سَائِر الصناع وَكَذَلِكَ الْأَجِير الْخَاص لَا يضمن عِنْد الْجَمِيع كَذَلِك الْمُشْتَرك 1768 - فِي الرَّاعِي الْمُشْتَرك قَالَ أَبُو حنيفَة لَا يضمن مَا مَاتَ وَهلك وَإِنَّمَا يضمن مَا عطب من سِيَاقه وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا يضمن مَا مَاتَ مِنْهَا بِشُهُود وَيضمن مَا هلك وَقَالَ عُثْمَان البتي لَا يضمن الرَّاعِي إِلَّا أَن يشْتَرط عَلَيْهِ وَقَالَ مَالك لَا ضَمَان عَلَيْهِ إِلَّا فِيمَا أفسد أَو فرط وَقَالَ الثَّوْريّ فِي الْمَوْت يضمن وَقَالَ اللَّيْث إِذا شَرط عَلَيْهِ رباطها بِاللَّيْلِ فَغَفَلَ عَن بَعْضهَا فَهَلَك فَهُوَ ضَامِن الحديث: 1768 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 86 وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا فعل مَا للرعاة أَن يفعلوه مِمَّا فِيهِ صَلَاح لم يضمن وَإِن فعل خلاف ذَلِك ضمن 1769 - فِيمَن يعْمل قَالَ مَالك فِي الرجل يدْفع إِلَى الرجل الْخَاتم أَو القلادة يصلحها على وَجه الْمَعْرُوف فَهُوَ ضَامِن وَإِن لم يَأْخُذ أجرا وَكَذَلِكَ إِذا ضَاعَ عِنْد الْخياط أَو الصّباغ بغر أجر فَهُوَ ضَامِن قَالَ عُثْمَان البتي إِذا قَالَ الصَّانِع عملته بغر أجر فَإِنَّمَا يَدعِي الْبَرَاءَة من ضَمَانه فَعَلَيهِ الْبَيِّنَة وَالْقَوْل قَول رب الْمَتَاع وَقَالَ الْحسن بن حَيّ القَوْل قَول الْقصار أَنه عمله بِغَيْر أجر وَلَا خلاف بَين أَصْحَابنَا أَن من عمل شَيْئا على وَجه التَّبَرُّع بِأَمْر صَاحبه أَنه لَا يضمن قَالَ أَبُو جَعْفَر الْأَجِير الْمُشْتَرك إِنَّمَا يضمن لِأَنَّهُ عمل لنَفسِهِ لِأَنَّهُ يسْتَحق بِهِ الْأجر والمتبرع عمل لغيره فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ 1770 - فِي الْأَجِير يسْقط مِنْهُ الْحمل قَالَ أَصْحَابنَا فِي الرجل يسْتَأْجر بقيراط محملًا من الْفُرَات موقع مِنْهُ فِي بعض الطَّرِيق فَإِن شَاءَ ضمنه قِيمَته فِي الْمَكَان الَّذِي انْكَسَرَ وَأَعْطَاهُ الْأجر بِحِسَاب وَإِن شَاءَ ضمنته قِيمَته فِي الْمَكَان الَّذِي حمله وَلَا أجر لَهُ حُكيَ عَن أبي يُوسُف أَنه قَالَ قد رَجَعَ أَبُو حنيفَة إِلَى قَوْلنَا فِي هَذِه الحديث: 1769 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 87 الْمَسْأَلَة حِين ضمنه فِي الْموضع الَّذِي حمله فِيهِ قبل أَن يُعْطِيهِ لِأَنَّهُ لم يكن جانيا فِي ذَلِك الْموضع وَقَالَ زفر لَا ضَمَان عَلَيْهِ إِذا لم يُخَالف وَقَالَ عُثْمَان البتي إِن أَتَى من غَيره لم يضمن وَإِن أَتَى من نَفسه ضمن وَقَالَ مَالك لَا ضَمَان عَلَيْهِ إِن عثر الْبَعِير أَو انشقت الراوية إِلَّا أَن يكون من بعيره فَيضمن وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ من أَخذ أجرا على شَيْء يبلغهُ فَزعم أَنه سرق فَهُوَ لَهُ ضَامِن وَلَا يضمن الحرق وانكسار الْوِعَاء وَذكر الرّبيع عَن الشَّافِعِي لَا يضمن الْأَجِير بِحَال إِلَّا مَا جنت يَده 1771 - فِي السَّفِينَة تغرق قَالَ أَبُو حنيفَة إِن غرقت من يَد الملاح أَو معالجته ضمن وَإِن غرقت من ريح أَو موج أَو من شَيْء وَقع عَلَيْهَا فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ وَإِن كَانَ رب الطَّعَام فِي السَّفِينَة فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ فِي شَيْء من ذَلِك وَقَالَ ابْن أبي ليلى لَا ضَمَان عَلَيْهِ فِي المَاء خَاصَّة لِأَنَّهُ عَدو غَالب وَقَالَ ابْن شبْرمَة لَا ضَمَان عَلَيْهِ فِيمَا غرق وَله الْأجر بِحِسَاب مَا حمل الحديث: 1771 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 88 وَقَالَ مَالك إِن تعدوا فِي الْمَدّ ضمنُوا وَإِن لم يتعدوا لم يضمنوا 8 وَذكر الثَّوْريّ عَن ابْن أبي ليلى أَن الملاح يضمن مَا غرق فِي الْبَحْر وَقَالَ ابْن شبْرمَة لَا يضمن وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَقَالَ الْحسن بن حَيّ يضمن الملاح إِلَّا من الْغَرق وَقَالَ اللَّيْث لَا يضمن من الْغَرق وَيضمن مَا نقص من الطَّعَام وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا تعدى ضمن وَإِن لم يَتَعَدَّ لم يضمن 1772 - فِي الْإِجَارَة على الْوَقْت وَالْعَمَل قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا اسْتَأْجرهُ على أَن يخبز لَهُ هَذِه الْعشْرَة مخاتيم هَذَا الْيَوْم كُله بدرهم فَهَذَا فَاسد وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد هُوَ جَائِز وَالْإِجَارَة وَاقعَة على الْعَمَل دون الْمدَّة وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يجوز الِاسْتِئْجَار على أَن يعْمل غَدا وَلَا يجوز إِلَّا أَن يشْتَرط عَلَيْهِ أَن يعْمل سَاعَة اسْتَأْجرهُ أَو تكون الْإِجَارَة على خياطَة هَذَا الثَّوْب وَيبدأ بِالْعَمَلِ سَاعَة تجب الْإِجَارَة إِن شَرط عَلَيْهِ أَن يَأْخُذ فِي عمله وسمى الْفَرَاغ إِلَى أجل يُمكن أَن يعْمل مثله فِي ذَلِك الْأَجَل فَذَلِك أفضل وَإِن لم يسم فَهُوَ جَائِز وَيعْمل بطاقته حَتَّى يفرغ مِنْهُ قَالَ أَبُو جَعْفَر الْإِجَارَة إِنَّمَا تصح على الْعَمَل أَو على الْمدَّة فَإِذا شَرط الْعَمَل فِي الْمدَّة وَلم ندر بِأَيِّهِمَا يسْتَحق الْأجر فَتبْطل الحديث: 1772 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 89 1773 - فِي اسْتِحْقَاق الْأُجْرَة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اسْتَأْجرهُ ليحمل لَهُ شَيْئا إِلَى مَوضِع اسْتحق الْأجر بِقدر الْحمل وَإِن كَانَ عملا بِيَدِهِ كالخياطة والصبغ لم يسْتَحق شَيْئا من الْأجر حَتَّى يفرغ من الْعَمَل ويدفعه إِلَى صَاحبه وَفِي كِرَاء الْإِبِل إِلَى مَكَّة واستئجار الدَّار يسْتَحق بِقدر الْمسير وَقدر السُّكْنَى وروى مُحَمَّد عَن زفر إِذا اسْتَأْجر دَارا سنة بِأُجْرَة مُسَمَّاة فقد ملك المؤاجر الْأجر قبل أَن يتقابضا وروى الْحسن بن زِيَاد عَن زفر أَنه لَا يجب عَلَيْهِ أَن يُعْطِيهِ أُجْرَة شهر حَتَّى يَنْقَضِي الشَّهْر قَالَ أَبُو جَعْفَر وَهَذَا لَيْسَ باخْتلَاف رِوَايَة لِأَن مُحَمَّدًا ذكر ملك الْأُجْرَة للمؤاجر وَالْحسن ذكر اسْتِحْقَاق قبضهَا وَقَالَ مَالك فِي كِرَاء مَكَّة وكراء الصَّانِع بِيَدِهِ شهرا إِن كَانَ كِرَاء النَّاس عِنْدهم بِالنَّقْدِ أجبر على النَّقْد وَإِن كَانَ كِرَاء النَّاس عِنْدهم لَيْسَ بِالنَّقْدِ لم يصلح هَذَا الْكِرَاء وَلَا هَذِه الْإِجَارَة إِلَّا أَن يكون الثَّوْب نَقْدا فَإِن لم يكن الثَّوْب نَقْدا فالكراء بَاطِل كمن اشْترى ثوبا على أَن يُعْطِيهِ بعد شهر وَقَالَ مَالك فِي كِرَاء الدَّار مِنْهُ إِذا لم يكن بَينهمَا شَرط دفع إِلَيْهِ بِحِسَاب مَا سكن وَإِن كَانَ كِرَاء الدَّار عِنْدهم نَقْدا أجبر على النَّقْد وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا اسْتَأْجر دَارا شهرا لم يكن لَهُ من الْأُجْرَة شَيْء حَتَّى يبلغ رَأس الشَّهْر الحديث: 1773 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 90 وَقَالَ الْحسن بن حَيّ فِي كِرَاء مَكَّة يعجله قبل أَن يركب لِأَن ذَلِك سنة النَّاس والصباغ والقصار وكراء الدَّابَّة لَا يَأْخُذ من أجره شَيْئا حَتَّى يعْمل الَّذِي تكارى لَهُ وَقَالَ إِذا تكارى دَارا سنة بِأَلف دِرْهَم إِذا وَجَبت لَهُ مِائَتَان وَحَال الْحول وَجَبت الزَّكَاة وَكره شَرط تَعْجِيل الْأجر وَلَا بَأْس بتعجيله من غير شَرط وَقَالَ اللَّيْث لَا بَأْس أَن يُؤَخر الْكِرَاء إِلَى أَن يَنْقَضِي شهره وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا دفع مَا أكرى وَجب لَهُ جَمِيع الْكِرَاء وَقَالَ فِي الْخياط وَنَحْوه إِذا لم يشْتَرط عمله بِيَدِهِ لَا يجوز أَن يكون الْأجر مُؤَخرا لِأَنَّهُ دين بدين وَإِن كَانَ شَرط عمله بِيَدِهِ جَازَ التَّأْخِير لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة مَبِيع بِعَيْنِه قَالَ أَبُو جَعْفَر قد اتَّفقُوا على أَنه لَو عجل لَهُ الْأجر وَقَبضه المؤاجر أَنه يملكهُ فَدلَّ على أَنه قد ملكه بِنَفس العقد لِأَن مَا لَا يكون مَمْلُوكا بِالْعقدِ لَا يملك بِالْقَبْضِ كالمشترى على أَن البَائِع بِالْخِيَارِ قَالَ أَبُو بكر لَا يملكهُ بِالْقَبْضِ وَإِنَّمَا يملكهُ بالتعجيل وَمعنى التَّعْجِيل تَعْجِيل الْملك وَلَو عجله لَهُ وَلم يقبضهُ لملكه وَقد يملك عندنَا أَيْضا بِالْقَبْضِ دون العقد كَالْهِبَةِ وَالصَّدَََقَة وَالْبيع الْفَاسِد قَالَ أَبُو جَعْفَر وَأما وجوب قبض الْأُجْرَة فَيَنْبَغِي أَن يكون بِإِزَاءِ قبض الْمَنَافِع كقبض المبيعات بِإِزَاءِ قبض أبدالها وَلَيْسَ قبض الْمُسْتَأْجر بِإِزَاءِ قبض الْمَبِيع لِأَن الْمَبِيع يصير فِي ضَمَان المُشْتَرِي بِالْقَبْضِ وَالْمَنَافِع لَا تصير فِي ضَمَانه بِقَبض الْمُسْتَأْجر قَالَ أَبُو جَعْفَر روى سُفْيَان بن عُيَيْنَة وَعبد الله بن عمر عَن عبد الْكَرِيم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 91 ابْن مَالك عَن مُجَاهِد عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى عَن عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ بَعَثَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الجزار الَّذِي جزر بدنه فَأمرنِي أَن أقوم على بدنه وَأَن أقسم جلودها وجلالها وَأَن لَا أعطي الجزار مِنْهَا شَيْئا وَقَالَ إِنَّا نُعْطِيه من عندنَا وَفِي لفظ آخر إِنَّا نُعْطِيه من غير ذَلِك قَالَ أَبُو جَعْفَر وَهَذَا عبد الْكَرِيم بن مَالك الْجَزرِي مَقْبُول الرِّوَايَة وَعبد الْكَرِيم بن أبي الْمخَارِق أَبُو أُميَّة الْبَصْرِيّ ضَعِيف وَهَذَا يدل على جَوَاز كَون الْأُجْرَة دينا فِي مَنَافِع مَضْمُونَة لِأَنَّهَا لَو كَانَت إِذا كَانَت مَضْمُونَة لَا تكون أجرهَا دينا لقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام اشْترط عمله بِعَيْنِه وَلما قَالَ إِنَّا نُعْطِيه من عندنَا لم يقل قبل افتراقك إِيَّاه 1774 - فِي الصَّانِع يمْنَع مَا اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ لقبض الْأُجْرَة قَالَ أَصْحَابنَا للقصار والصباغ وكل صانع بِيَدِهِ أَن يحبس مَا صنعه حَتَّى يَسْتَوْفِي الْأجر وَأما الْحمال وملاح فَإِنَّهُ لَا يحبس وَقَالَ مَالك لَهُم كلهم أَن يحبسوا بِالْأَجْرِ فَإِن هلك فَلَا ضَمَان عَلَيْهِم إِلَّا أَن يغيبوه ويحوزوه عَن أَصْحَابه فَيكون بِمَنْزِلَة الرَّهْن وَذَلِكَ فِي الْبَز وَنَحْوه مِمَّا لَا يُؤْكَل وَلَا يشرب وَمن اُسْتُؤْجِرَ فِي زرع أَو نخل أَو أصل لسقيه فأفلس صَاحبه فَهُوَ أولى بِهِ من الْغُرَمَاء حَتَّى يَسْتَوْفِي وَإِن مَاتَ صَاحب الأَصْل وَالزَّرْع فالمساقي فِيهِ أُسْوَة الْغُرَمَاء الحديث: 1774 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 92 وراعي الْإِبِل وَالدَّوَاب أُسْوَة الْغُرَمَاء فِي الْمَوْت والتفليس والصباغ والخياط وَنَحْوه أَحَق بِمَا بقى من أَيْديهم من سَائِر الْغُرَمَاء فِي الْمَوْت والتفليس وَكَذَلِكَ من اُسْتُؤْجِرَ على حمل مَتَاع من بلد إِلَى بلد وَقَالَ الثَّوْريّ للقصار والصباغ حبس الْمَتَاع لقبض الْأُجْرَة وَكَذَلِكَ كل شَيْء لَهُ فِيهِ شَيْء نَحْو النجار وَالْبناء فَلَيْسَ لَهُ أَن يحبس وَقَالَ الشَّافِعِي فِي أحد قوليه أُسْوَة الْغُرَمَاء وَقِيَاس هَذَا أَن لَا يكون حَبسه بِالْأَجْرِ والصناع أَحَق بِهِ من سَائِر الْغُرَمَاء لِأَن لَهُ فِيهِ عَن صنع وَالْقِيَاس أَن يكون لَهُ حَبسه قَالَ أَبُو جَعْفَر عمل الْقصار والخياط وَنَحْوه قَائِم فِي الثَّوْب فَلهُ حَبسه وَحمل الْمَتَاع لَيْسَ بِعَمَل قَائِم فِيهِ فَلَيْسَ لَهُ حَبسه 1775 - إِذا اسْتهْلك الْخياط وَنَحْوه الثَّوْب قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اسْتهْلك الْقصار والصباغ وَنَحْوه الثَّوْب بَعْدَمَا عمله قبل أَن يُسلمهُ فَرب الثَّوْب بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ ضمنه مَعْمُولا وَأَعْطَاهُ الْأجر وَإِن شَاءَ ضمنه قِيمَته غير مَعْمُول وَلَا أجر لَهُ وَقَالَ زفر يضمنهُ قيمَة الثَّوْب مَعْمُولا وَعَلِيهِ الْأجر بِلَا خِيَار الحديث: 1775 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 93 وَقَالَ مَالك يضمنهُ قِيمَته يَوْم دَفعه إِلَيْهِ وَلَا يضمنهُ مَقْصُورا وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا أَرَادَ أجر يَده ضمنه مخيطا وَإِن لم يرد أُجْرَة يَده ضمنه مقطعا وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن فِي خياط عمل نصف ثوب ثمَّ تلف الثَّوْب أَن لَهُ بِحِسَاب مَا عمل فِي الثَّوْب من الْأجر وَقِيَاس قَول الشَّافِعِي إِذا حَبسه فَهَلَك أَن يضمنهُ قِيمَته مصبوغا 1776 - فِي الِاسْتِئْجَار على الْقصاص قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا اسْتَأْجر رجلا ليقتص لَهُ من النَّفس لم تجز الْإِجَارَة وَلم يكن لَهُ أجر وَإِن اسْتَأْجرهُ ليقتص لَهُ فِيمَا دون النَّفس جَازَ وَفِي قَول مُحَمَّد هُوَ جَائِز فِي النَّفس وَمَا دونهَا وَهُوَ قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ وَاللَّيْث وَقَالَ أَصْحَابنَا فِيمَا يجوز فِيهِ الْإِجَارَة على الاقتصاص أَن الْأجر على الْمُقْتَص لَهُ لَا على الْمُقْتَص مِنْهُ وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ على الْمُقْتَص مِنْهُ قَالَ أَبُو جَعْفَر ذكر ابْن أبي عمرَان أَن أَبَا حنيفَة إِنَّمَا لم يجز الْإِجَارَة على الْقصاص فِي النَّفس لِأَن الْإِجَارَة تقع فِيهِ على مَجْهُول لَا يدْرِي فِي أَي مَوضِع تقع الضَّرْبَة وَيجوز فِيمَا دون النَّفس لِأَنَّهُ يفصل من الْمفصل وَهُوَ الحديث: 1776 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 94 مَعْلُوم إِلَّا أَنه أجَاز الْإِجَارَة على ذبح الشَّاة وَمَوْضِع الذّبْح مَجْهُول لَا يدْرِي أَسْفَل الْعُنُق أَو أَعْلَاهُ وَأما الْأُجْرَة فَإِنَّمَا تجب على الْمُقْتَص لَهُ من قبل أَن الْمَجْنِي عَلَيْهِ لَو كَانَ مِمَّن يحسن الاقتصاص فَأَرَادَ الْجَانِي أَن يتَوَلَّى ذَلِك من نَفسه كَانَ للْمَجْنِيّ عَلَيْهِ أَن يأباه ويتولاه هُوَ لَا خلاف بَين أهل الْعلم فِيهِ فَدلَّ أَن الْقصاص إِلَى الْمَجْنِي عَلَيْهِ لَا إِلَى الْجَانِي فالأجرة عَلَيْهِ دون الْجَانِي وَلَيْسَ ذَلِك مثل الْكَيْل وَالْوَزْن أَنه على من عَلَيْهِ الدّين لِأَن الطَّالِب لَا يصل إِلَى الِانْتِفَاع إِلَّا بتمييزه من حق الْمَطْلُوب فعلى الْمَطْلُوب أَن يميزه لَهُ ويقطعه عَن مَاله ويعينه بِالْكَيْلِ وَالْوَزْن 1777 - فِيمَن قَالَ إِن خاط الْيَوْم فَلهُ دِرْهَم وَإِن خاط غَدا فَنصف دِرْهَم قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا قَالَ إِن خطته الْيَوْم فلك دِرْهَم وَإِن خطته غَدا فلك نصف دِرْهَم أَن الشَّرْط الأول جَائِز وَإِن وفى بِهِ اسْتحق الدِّرْهَم وَإِن لم يَفِ بِهِ وخاطه غَدا فَلهُ أجر مثله لَا ينقص من نصف وَلَا يُجَاوز بِهِ درهما وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد الشرطان جَمِيعًا جائزان وَقَالَ زفر الْإِجَارَة فَاسِدَة فَإِن خاطه الْيَوْم فَلهُ الْأَقَل من أجر مثله وَمن دِرْهَم وَإِن خاطه غَدا فَلهُ الْأَقَل من أجر مثله أَو من نصف دِرْهَم وَإِن قَالَ إِن خطته خياطَة رُومِية فلك دِرْهَم وَإِن خطته فارسية فلك نصف دِرْهَم إِن الشرطان جَمِيعًا جائزان فِي قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ فِي الْمَسْأَلَة الأولى مثل قَول زفر إِلَّا أَنَّهُمَا الحديث: 1777 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 95 يوجبان أجر الْمثل بَالغا مَا بلغ وَقِيَاس قَول الشَّافِعِي فِي الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة أَن تكون الْإِجَارَة فَاسِدَة أَيْضا قَالَ أَبُو جَعْفَر لما لم يكن الْعَمَل فِي الْوَقْت الأول مُسْتَحقّا على الْأَجِير دلّ على فَسَاد الْإِجَارَة لِأَنَّهَا إِنَّمَا تجوز على مَا يلْزم الصَّانِع لَا على مَا لَا يلْزمه وَكَذَلِكَ فِي الْخياطَة الرومية والفارسية لَيْسَ لَهُ أَن يؤاخذه بِوَاحِد من العملين فَوَجَبَ أَن تكون الْإِجَارَة فَاسِدَة لِأَنَّهَا وَاقعَة على عمل مَجْهُول وَإِنَّمَا اسْتحْسنَ أَصْحَابنَا فِي إِجَارَة ذَلِك وَشبهه مُحَمَّد إِن دفع إِلَى رجل ثَوْبَيْنِ على أَن يَأْخُذ أَحدهمَا بِعَيْنِه إِن شَاءَ بِعشْرَة وَالْآخر بِخَمْسَة وعَلى أَنه بِالْخِيَارِ فِي ذَلِك ثَلَاثًا وَهَذَا أَيْضا اسْتِحْسَان من قَوْلهم 1778 - فِي الْإِجَارَة على البيع وَالشِّرَاء لَا يجوز ذَلِك عِنْد أَصْحَابنَا وَإِن اسْتَأْجر شهرا يَبِيع لَهُ وَيَشْتَرِي جَازَ وَقَالَ ابْن أبي ليلى يجوز ذَلِك كُله الحديث: 1778 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 96 وَقَالَ مَالك إِذا سمى لَهُ شَيْئا يَبِيعهُ بِهِ وسمى لَهُ أَََجَلًا مَعْلُوما جَازَ وَاسْتحق مَا شَرط لَهُ هَذَا رِوَايَة ابْن وهب قَالَ وَإِن قَالَ فِي كل دِينَار كذل لم يجز وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَنهُ إِذا قَالَ بِعْ لي هَذَا الثَّوْب وَلَك دِرْهَم فَلَا بَأْس بِهِ سَوَاء وَقت لَهُ ثمنا أَو لم يُوَقت وَإِنَّمَا يجوز ذَلِك فِي الثَّوْب والثوبين وَلَا يجوز فِي الْكثير وَكَذَلِكَ يجوز أَن يَقُول لَهُ لَك ثَلَاثَة دَرَاهِم فِي كل دِرْهَم مائَة تشتري لَهُ بهَا وَقَالَ الثَّوْريّ فِي الرجل يَشْتَرِي للنَّاس وَله فِي كل مِثْقَال إِنِّي لَا أحب ذَلِك وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا بَأْس بِأَن يَقُول بِعْ هَذَا الثَّوْب وَلَك من كل دِينَار دِرْهَم أَو يَقُول إِن بِعته فلك كَذَا أَو يَقُول ثمنه كَذَا وَكَذَا فَمَا ازددت عَلَيْهِ فَهُوَ لَك قَالَ اللَّيْث لَا بَأْس بِأَن يَقُول بِعْهُ بِمَا وجدت وَلَك فِي كل دِينَار قِيرَاط وَيَقُول بِعْهُ بِكَذَا وَلَك دِينَار وَهَذَا إِنَّمَا يجوز فِي الْحَضَر فِي الْأَمر الْخَفِيف مثل الثَّوْب وَنَحْوه فَأَما أَن يخرج مَتَاعه إِلَى مَوضِع سفر على هَذَا فَلَا خير فِيهِ وَقَالَ اللَّيْث وَلَا بَأْس بِأَن يَقُول للصياد اضْرِب بشبكتك فِي الْبَحْر ضَرْبَة أَو ضربتين بِكَذَا فَهَذَا جَائِز فَإِن خرج شَيْء مِنْهُ فَهُوَ لَهُ وَإِن لم يخرج شَيْء لم يكن لَهُ شَيْء وَقَالَ الرّبيع عَن الشَّافِعِي من جعل لرجل جعلا على أَن ينكحه وَلَيْسَ العقد إِلَيْهِ وَلَكِن يسْعَى لَهُ حَتَّى ينكحه فَلَيْسَ لَهُ ذَلِك الْجعل وَله أجر مثله وَرُوِيَ عَنهُ وَقَالَ أَيْضا إِذا قَالَ إِن جئتني بعبدي الْآبِق فلك دِينَار كَانَ جَائِزا وَله مَا سمى قَالَ أَبُو جَعْفَر الْأُجْرَة والجعل وَاحِد لَا يُخرجهُ الِاسْم من حكم الْإِجَارَة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 97 كَالْبيع إِن سمى مقابضة أَو مُبَادلَة كَانَ بيعا وَالْإِجَارَة لَا تجوز إِلَّا على أُجْرَة مَعْلُومَة وَوقت مَعْلُوم أَو عمل مَعْلُوم والجعالة لَيست وَاقعَة على مُدَّة مَعْلُومَة وَلَا عمل مَعْلُوم ففسدت 1779 - فِي اخْتِلَاف الْأَجِير وَالْمُسْتَأْجر إِذا قَالَ الْخياط أَمرتنِي بقميص وَقَالَ رب المَال أَمرتك بقباء فَالْقَوْل قَول رب الثَّوْب وَيضمن الْخياط فِي قَول أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَالْأَوْزَاعِيّ القَوْل قَول الْخياط وَكَذَلِكَ قَالَ مَالك إِلَّا أَن يَأْتِي بِأَمْر لَا يستعملون مثله وَقَالَ ابْن شبْرمَة إِذا اسْتَأْجرهُ لهدم بَيت فِي الدَّار فهدم الدَّار كلهَا فَقَالَ صَاحب الدَّار أَمرتك بهدم بَيت وَاحِد وَقَالَ الآخر أَمرتنِي بهدم الْجَمِيع فَالْقَوْل قَول الهادم وَكَذَلِكَ إِذا أمره بِنَزْع ضرسين فَالْقَوْل قَول الْأَجِير إِذا أقرّ الْأَمر أَنه قد أَمر بِنَزْع ضرس وَاحِد وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا أقرّ أَنه أَمر بِقطع الثَّوْب فَالْقَوْل قَول الْخياط أَنه أمره بقباء وَلَا يصدق الآخر إِلَّا بِبَيِّنَة وَكَذَلِكَ قَالَ اللَّيْث وَقَول عبيد الله بن الْحسن مثل قَوْلنَا وَالشَّافِعِيّ أَشَارَ إِلَى أَن قَول رب الثَّوْب أشبه بِالْحَقِّ الحديث: 1779 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 98 1780 - فِي الْإِجَارَة على تَعْلِيم الْقُرْآن وَنَحْوه قَالَ أَصْحَابنَا لَا تجوز الْإِجَارَة على تَعْلِيم الْقُرْآن وَالْأَذَان وَالصَّلَاة وَلَا على تَعْلِيم الْفَرَائِض وَالْفِقْه وَقَالَ مَالك لَا بَأْس بِأخذ الْأُجْرَة على تَعْلِيم الْقُرْآن وَالْأَذَان وَتكره الْإِجَارَة على تَعْلِيم الْفِقْه وَقَالَ الْحسن بن حَيّ تكره أُجْرَة الْمعلم وَقَالَ الشَّافِعِي يجوز أخذا الْأُجْرَة على تَعْلِيم الْقُرْآن وَالْأَذَان وَالصَّلَاة بهم قَالَ أَبُو جَعْفَر روى عبد الله بن أبي السّفر عَن الشّعبِيّ عَن خَارِجَة بن الصَّلْت عَن عَمه أَنه قَالَ أَقبلنَا من عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأتينا على حَيّ من أَحيَاء الْعَرَب فَقَالُوا لنا إِنَّكُم جئْتُمْ من عِنْد الحبر بِخَير فَهَل عنْدكُمْ رقية لمعتوه عندنَا فَقُلْنَا نعم فَقَرَأت عَلَيْهِ فَاتِحَة الْكتاب ثَلَاثَة أَيَّام غدْوَة وَعَشِيَّة أجمع بزاقي ثمَّ أتفل وكأنما أنشط من عقال فأعطوني جعلا فَقلت لَا حَتَّى أسأَل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلته فَقَالَ كل فلعمري لمن أكل برقية بَاطِل لقد أكلت برقية حق الحديث: 1780 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 99 وهشيم عَن أبي بشر عَن أبي المتَوَكل النَّاجِي عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانُوا فِي غزَاة فَذكر نَحوه فِي ملدوغ فأعطوهم غنما فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خذوها واضربوا لي مَعكُمْ فِيهَا بِسَهْم قَالَ أَبُو جَعْفَر إِنَّمَا ذكر فِي ذَلِك أخذا لجعل على الرّقية والرقية لَيست بواجبة وَالْأَذَان وَالصَّلَاة وَاجِبَة وَكَذَلِكَ تَعْلِيم الْقُرْآن وَقد روى يحيى بن أبي كثير عَن زيد بن سَلام عَن أبي سَلام عَن أبي رَاشد الحبراني عَن عبد الرَّحْمَن بن شبْل الْأنْصَارِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ اقْرَءُوا الْقُرْآن وَلَا تغلوا فِيهِ وَلَا تجفوا عَنهُ وَلَا تَأْكُلُوا بِهِ وَلَا تَسْتَكْثِرُوا بِهِ فقد نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْأكل بِالْقُرْآنِ وروى حَمَّاد بن سَلمَة عَن سعد بن إِيَاس الْجريرِي عَن أبي الْعَلَاء بن عبد الله بن الشخير عَن مطرف بن الشخير عَن عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اتخذ مُؤذنًا لَا يَأْخُذ على أَذَانه أجرا فَلَو كَانَ أَخذ الْأجر على الْأَذَان جَائِزا لما كره أَن يتَّخذ من يَأْخُذ عَلَيْهِ أجرا كَمَا أَن العمالة لما كَانَت مُبَاحَة لم يكره أَن يسْتَعْمل من يَأْخُذ العمالة كَمَا رُوِيَ عَن عمر أَنه اسْتَعْملهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الصَّدَقَة فَلَمَّا أديتها إِلَيْهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 100 عملني فأبيت أَن آخذه فَقَالَ إِذا أَعطيتك شَيْئا من غير أَن تسْأَل فَكل وَتصدق وَقد حثنا أَبُو أُميَّة قَالَ حَدثنَا أَبُو عَاصِم النَّبِيل قَالَ أخبرنَا الْمُغيرَة بن زِيَاد قَالَ أَخْبرنِي عبَادَة بن نسي عَن الْأسود بن ثَعْلَبَة عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ كنت أعلم نَاسا من أهل الصّفة الْقُرْآن فأهدى إِلَيّ رجل مِنْهُم قوسا على أَن أقبلها فِي سَبِيل الله فَذكرت ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِن أردْت أَن يطوقك الله بهَا طوقا من النَّار فاقبلها فَإِن قيل قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من حَدِيث سهل بن سعد للرجل قد زوجتكها بِمَا مَعَك من الْقُرْآن قيل لَهُ إِنَّمَا مَعْنَاهُ لأجل الْقُرْآن وَالْمهْر غَيره كَمَا تزوج أَبُو طَلْحَة أم سليم على إِسْلَامه 1781 - فِي نسج الْغَزل بِبَعْضِه قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ فِي رجل دفع إِلَى حائك غزلا يحوله ثوبا على النّصْف إِن هَذَا بَاطِل وَله أجر مثله وَكَذَلِكَ إِذا دفع الحديث: 1781 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 101 إِلَيْهِ ثوبا يَبِيعهُ على أَن مَا كَانَ من ربح بَينهمَا نِصْفَانِ أَو أعطَاهُ دَارا يواجرها على أَن الْأجر نِصْفَانِ وَقَالَ ابْن أبي ليلى هَذَا كُله جَائِز وَالْأَجْر وَالرِّبْح بَينهمَا نِصْفَانِ بِمَنْزِلَة الْمُزَارعَة والمعاملة وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَقَالَ اللَّيْث وَيجوز أَن يُعْطِيهِ الرمكة والدجاجة على النّصْف إِذا جعل لعلفها أَََجَلًا لِأَنَّهُ تَابع لنصف ذَلِك بِمَا شَرط من الْعلف فَإِذا انْقَضى الْأَجَل كَانَت الدَّجَاجَة والرمكة بَينهمَا نِصْفَيْنِ فَإِن قيل هلا كَانَ كالمضاربة قيل لَهُ لِأَن الْمُضَاربَة إِنَّمَا جوزت بِجُزْء من الرِّبْح الطارىء عَلَيْهَا بِالْعَمَلِ وَلم يجز على جُزْء من رَأس المَال وَكَذَلِكَ الْمُزَارعَة والمعاملة لَا تشبهان ذَلِك لِأَنَّهَا معقودة على جُزْء من الْعين الْمَعْقُود عَلَيْهَا 1782 - فِي كِرَاء ضراب الْفَحْل قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ لَا يجوز كِرَاء عسب الْفَحْل وَقَالَ مَالك لَا بَأْس بكرَاء عسب الْفَحْل إِذا شَرط وقتا مَعْلُوما وَإِن اسْتَأْجر مِنْهُ ينزيه حَتَّى تعلق مِنْهُ فَذَلِك فَاسد لَا يجوز وروى أَبُو الزبير عَن جَابر نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن بيع ضراب الْفَحْل وَنَافِع عَن ابْن عمر قَالَ نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ثمن عسب الْفَحْل الحديث: 1782 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 102 وَالْأَعْمَش عَن أبي حَازِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ثمن الْكَلْب وعسب التيس وَأَيْضًا فَإِن ضراب الْفَحْل يَقع لنَفسِهِ لَا للْمُسْتَأْجر 1783 - فِي اسْتِئْجَار الظِّئْر والأجير بِالطَّعَامِ وَالْكِسْوَة قَالَ أَبُو حنيفَة يجوز اسْتِئْجَار الظِّئْر بطعامها وكسوتها الْأَوْسَط وَلَا يجوز ذَلِك فِي سَائِر الْإِجَارَات وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ لَا يجوز شَيْء من ذَلِك إِلَّا أَن يصفه كَمَا يُوصف فِي الشِّرَاء وَيكون الْإِيجَار مُؤَجّلا وَقَالَ ابْن شبْرمَة يجوز الِاسْتِئْجَار للْأَجِير بطعامه كَمَا يسْتَأْجر الظِّئْر بذلك لرضاع الصَّبِي وَقَالَ مَالك يجوز اسْتِئْجَار الدَّابَّة إِلَى مَوضِع بعلفها واستئجار الْغُلَام بطعامه وَيجوز أَن يكريه إِلَى مَكَّة على أَن عَلَيْهِ طَعَامه ذَاهِبًا وجائيا وَيجوز اسْتِئْجَار الْأَجِير بكسوة يصفها وبطعام فَقَط إِذا عجل الْكسْوَة وَهِي بِعَينهَا وسمى لَهَا أَََجَلًا وَقَالَ الْحسن لَا بَأْس بِأَن يسْتَأْجر الْغُلَام بطعامه وَلَا يستأجره بكسوته 1784 - فِي أُجْرَة الْقَاسِم قَالَ أَبُو حنيفَة وَقِيَاس قَول مَالك إِنَّه على عدد الرؤوس وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالشَّافِعِيّ على قدر الْأَنْصِبَاء الحديث: 1783 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 103 1785 - فِي الِاخْتِلَاف فِي الْأجر قَالَ أَصْحَابنَا فِي الْأُصُول إِذا فرغ من الْعَمَل وَاخْتلفَا فِي الْأُجْرَة فَالْقَوْل قَول الْمُسْتَأْجر وَذكر إِبْرَاهِيم بن الْجراح عَن أبي يُوسُف أقبل قَول الْمُسْتَأْجر إِذا كَانَ متقاربا وأحلفه وَإِذا تفَاوت لم أقبل قَوْله وَكَانَ لِلْعَامِلِ أجر مثله وَذكر ابْن سَمَّاعَة عَن أبي ويوسف أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وللأجير أجر مثله وَقَول شبْرمَة وَالثَّوْري كَقَوْل أبي حنيفَة وَقَالَ مَالك القَوْل قَول الصَّانِع إِلَّا أَن يَأْتِي بِشَيْء مستنكر 1786 - فِي الْجمال يدعى عَلَيْهِ قبض الْكِرَاء قَالَ أَصْحَابنَا القَوْل قَول إِن لم يقبض وَقَالَ مَالك القَوْل قَول الْجمال مَا دَامَ الْمَتَاع فِي يَده وَإِن بلغ الْموضع وَسلمهُ إِلَى صَاحبه ثمَّ قَامَ بعد ذَلِك بِيَوْم أَو يَوْمَيْنِ أَو أَمر قريب فَالْقَوْل قَوْله وَإِن تطاول ذَلِك فَالْقَوْل قَول المستكري أَنه قد دفع مَعَ يَمِينه وَكَذَلِكَ الْخياط والصباغ إِذا سلمُوا الثِّيَاب يقر على هَذَا الحديث: 1785 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 104 قَالَ أَبُو جَعْفَر لم نجد هَذَا القَوْل عَن غير مَالك 1787 - إِذا ادّعى المكاري أَنه قد حمل قَالَ مَالك إِذا دفع إِلَى رجل كتابا أَو حمولة يحملهُ إِلَى مَوضِع ذكره لَهُ ثمَّ قَالَ قد حَملته فَأعْطِنِي الْكِرَاء فَالْقَوْل قَوْله وَله الْأجر وَلَا يصدق المستكري أَنه لم يحملهُ لِأَنَّهُ قد ائتمنه على حمله قَالَ أَبُو جَعْفَر لم نجد هَذَا القَوْل عَن أحد غير مَالك وَقَوله إِنَّه أَمِين فَإِنَّمَا هُوَ أَمِين فِي بَرَاءَة نَفسه إِذا قَالَ قد ضَاعَ فَأَما أَن يسْتَحق بِهِ على غَيره فَلَا 1788 - فِي الصَّانِع يَدعِي أَنه قد رد الْمَصْنُوع قَالَ أَبُو حنيفَة فِي الْخياط والصناع وَنَحْوه إِذا ادّعى أَنه قد رد الْمَصْنُوع فَالْقَوْل قَوْله وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا يصدق وَالْقَوْل قَول صَاحب الشَّيْء مَعَ يَمِينه وَقَالَ مَالك القَوْل قَول رب الشَّيْء سَوَاء علمه بِأَجْر أَو بِغَيْر أجر 1789 - فِي الِاخْتِلَاف فِي قدر الْمسَافَة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اخْتلفَا فَقَالَ أكريتني إِلَى بَغْدَاد بِعشْرَة دَرَاهِم وَقَالَ الحديث: 1787 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 105 الآخر أكريتك إِلَى الْقصر بِعشْرَة وَلم تركب فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ ويترادان فَإِن قَامَت بَيِّنَة فَالْبَيِّنَة بَيِّنَة الْمُسْتَأْجر إِلَى بَغْدَاد بِعشْرَة وَقَالَ مَالك إِذا أنقده الْكِرَاء فَالْقَوْل قَول رب الدَّابَّة وَإِن لم ينقده قسم الْكِرَاء على الْموضع الَّذِي انْتهى إِلَيْهِ والموضع الَّذِي ادّعى رب الدَّابَّة الْكِرَاء إِلَيْهِ فَيعْطى المكاري حِصَّته إِلَى ذَلِك الْمَكَان الَّذِي بلغه وَقَالَ الشَّافِعِي يَتَحَالَفَانِ فيترادان فَإِن كَانَ قد ركب شَيْئا فَعَلَيهِ قيمَة مَا ركب 1790 - فِي وَقت الْخدمَة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اسْتَأْجر عبدا لخدمة شهر فَإِنَّهُ يستخدمه من السحر إِلَى الْعشَاء الْآخِرَة وَإِلَى أَن ينَام كَمَا يخْدم النَّاس وَقَالَ مَالك مَا عرف النَّاس فِي اسْتِخْدَام العبيد وَقِيَاس قَول الشَّافِعِي لَا يضر بِهِ الضَّرَر الْبَين وَمَا يعرف النَّاس أَنه يُطيق المداومة عَلَيْهِ 1791 - فِيمَن شَرط الْآجر من قبل الْبناء قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اسْتَأْجرهُ لبِنَاء حَائِط مَعْلُوم وَشرط الْآجر والجص من عِنْد الْبناء لم يجز وَقَالَ مَالك يجوز أَن يستأجره ليبني لَهُ دَارا على أَن الْآجر والجص من عِنْد الْأَجِير وَإِن لم يضْرب لَهُ أَََجَلًا وَقِيَاس قَول الشَّافِعِي أَنه فَاسد الحديث: 1790 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 106 قَالَ أَبُو جَعْفَر هَذَا يفْسد من وَجْهَيْن أَحدهمَا جهالته وَالْآخر أَنه بيع مَا لَيْسَ عِنْده فَإِن قيل قد يسْتَأْجر الْخياط والصباغ والخيوط والصبغ من الْأَجِير قيل لَهُ هَذَا مَخْصُوص من جملَة الْقيَاس بِالْإِجْمَاع 1792 - فِي علاج الْعين بالكحل قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اسْتَأْجر كحالا على أَن يكحل عينه كل شهر بدرهم فَهُوَ جَائِز وَكَذَلِكَ الدَّوَاء فِي كل دَاء وَقَالَ مَالك إِذا اسْتَأْجر كحالا يكحل عينه كل شهر بدرهم فَهَذَا على الْبُرْء فَإِن برأَ فَلهُ حَقه وَإِلَّا فَلَا شَيْء وَإِذا كَانَ صَحِيح الْعين فَشرط أَن يكحله شهرا بدرهم بالإثمد جَازَ وَالْإِجَارَة فِيهِ جَائِزَة قَالَه ابْن الْقَاسِم على قِيَاس قَول مَالك وَقَالَ الْحسن بن حَيّ لَا بَأْس أَن يشارط الطَّبِيب على الْبُرْء ويشارط فِي العَبْد على تَعْلِيمه عملا فَإِن كَانَ ذَلِك فَلهُ الْأجر الْمُسَمّى وَإِن لم يكن ذَلِك فَلهُ أجر مثله وَهُوَ قَول عبيد الله بن الْحسن قَالَ أَبُو جَعْفَر الدَّوَاء فِي العلاج بِمَنْزِلَة الخيوط والخياط الحديث: 1792 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 107 1793 - فِي أجر الرَّاعِي قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اسْتَأْجرهُ شهرا لرعي الْغنم فَهُوَ جَائِز وَهُوَ أجِير خَاص لَا يَأْخُذ غنم غَيره فَإِن نقص الْغنم فَلهُ الْأجر وَإِن أَرَادَ أَن يزِيد فَلهُ أَن يزِيدهُ بِقدر مَا يُطيق وَإِن كَانَ قد سمى غنما بِأَعْيَانِهَا وَلَو لم يستأجره شهرا وَلكنه دفع إِلَيْهِ غنما فَسَماهُ على أَن يرعاها لَهُ كل شهر بدرهم فَهَذَا مُشْتَرك لَا يزِيد فِيهَا فَإِن هلك بَعْضهَا نقص من الْأجر بِحِسَابِهِ وَقَالَ مَالك فِيمَن بَاعَ سلْعَة بِثمن على أَن ينجز لَهُ فِي ثمنهَا سنة وَشرط أَنه إِن تلف المَال أخلفه البَائِع حَتَّى يتم علمه سنة فَهَذَا جَائِز وَإِن لم يشْتَرط إخلافه لم يجز كَذَلِك إِذا اسْتَأْجرهُ يرْعَى لَهُ غنمه هَذِه بِأَعْيَانِهَا سنة فَإِن لم يشْتَرط فِيهَا أَن مَا مَاتَ مِنْهَا فعلى رب الْغنم أَن يخلفه فَلَا خير فِي هَذِه الْإِجَارَة فَإِن شَرط أَن يخلفها ثمَّ لم يخلفها اسْتحق الْأجر بِمُضِيِّ السّنة فَإِذا انْفَسَخت الْإِجَارَة بِمَوْت الْغنم لم يجز وَإِن لم يَنْفَسِخ جَازَ هَذَا أَصله وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا اسْتَأْجر الرَّاعِي يرْعَى غنما فَلَيْسَ لَهُ أَن يَأْخُذ من غَيره إِلَّا بِإِذْنِهِ وَله أجر مَا رعى للنَّاس قبل أَن يمنعهُ قَالَ أَبُو جَعْفَر وَهُوَ قَول سَاقِط لِأَنَّهُ لم يشْتَرط مُدَّة للإجارة فَلَو جَازَت الْإِجَارَة كَانَ أَجِيرا مُشْتَركا 1794 - إِذا ادّعى الْمُسْتَأْجر ارْتِفَاع التَّسْلِيم قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري إِذا جَاءَ بِالْعَبدِ الْمُسْتَأْجر للْخدمَة فَقَالَ أبق حِين أَخَذته أَو مرض فَإِن كَانَ مَرِيضا أَو آبقا فَالْقَوْل قَول الْمُسْتَأْجر وَإِن كَانَ فِي يَده صَحِيحا فَالْقَوْل قَول المؤاجر الحديث: 1793 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 108 وَقَالَ مَالك إِذا اسْتَأْجر فسطاطا ذَاهِبًا أَو جائيا فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ قد ضَاعَت فِي الْبَريَّة فَالْقَوْل قَول الْمُسْتَأْجر فِي الضّيَاع وَيلْزمهُ الْكِرَاء كُله 1795 - فِي الصَّبِي الْمُسْتَأْجر يبلغ قَالَ أَصْحَابنَا إِذا أجر الْوَصِيّ الْيَتِيم فَبلغ فِي مُدَّة الْإِجَارَة كَانَ لَهُ فَسخهَا وَلَو أجر دَاره أَو عَبده ثمَّ بلغ لم يكن لَهُ فَسخهَا وَقَالَ مَالك إِن أجر الْوَصِيّ دَاره فِي مُدَّة يظنّ أَن الصَّبِي لَا يبلغ فِي مثلهَا لم يكن لَهُ أَن يرد مَا صنع وَإِن علم أَن الصَّبِي يَحْتَلِم قبل ذَلِك لم يجز ذَلِك عَلَيْهِ وَقَالَ الشَّافِعِي فِي العَبْد الْمُسْتَأْجر للْخدمَة إِذا أعْتقهُ المؤاجر جَازَ عتقه ومضي على الْإِجَارَة وَيرجع بهَا على السَّيِّد فَإِذا كَانَ هَذَا مذْهبه فِي العَبْد فَفِي الْوَصِيّ أَحْرَى أَن لَا يفْسخ ببلوغ الصَّبِي 1796 - فِي اسْتِئْجَار الدَّابَّة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اسْتَأْجر دَابَّة من الْبَصْرَة إِلَى الْكُوفَة فَلهُ أَن يذهب بهَا إِلَى أَي نَوَاحِيهَا شَاءَ وَإِن اسْتَأْجر دَابَّة إِلَى الرّيّ كَانَت الْإِجَارَة فَاسِدَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف إِذا اكترى إِلَى الرّيّ فَهُوَ إِلَى مدينتها وَإِذا اكتراها إِلَى الشَّام أَو إِلَى خُرَاسَان فالكراء فَاسد الحديث: 1795 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 109 قَالَ مَالك لَا يجوز الْكِرَاء إِلَى الشَّام وَإِن اكترى إِلَى فلسطين نظر إِلَى معارف النَّاس فَإِن كَانَ عِنْدهم إِلَى الرملة فَهُوَ إِلَى الرملة وَإِذا اكترى إِلَى مصر فَهُوَ إِلَى الْفسْطَاط وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا اكترى إِلَى الْكُوفَة فَإِنَّهُ يبلغهُ أَهله وَإِن كَانَ فِي أقْصَى الْكُوفَة وَعند الشَّافِعِي الْمُتَعَارف 1797 - الِاخْتِلَاف فِي مِقْدَار العصفر قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اخْتلفَا فِي مِقْدَار العصفر الَّذِي أمره أَن يصْبغ بِهِ فَالْقَوْل قَول رب الثَّوْب وَقَالَ مَالك القَوْل قَول الصّباغ إِذا كَانَ مَا فِي العصفر من الثَّوْب يشبه أَن يكون كَمَا قَالَ الصّباغ لِأَنَّهُ قد ائتمنه على ذَلِك وَقِيَاس قَول الشَّافِعِي أَن يكون القَوْل قَول رب الثَّوْب 1798 - فِي الظِّئْر لَهَا زوج قَالَ أَصْحَابنَا إِذا أذن لَهَا الزَّوْج فِي أَن تؤاجر نَفسهَا ظِئْرًا فلأهل الصَّبِي أَن يمنعوه فِي وَطئهَا فِي منزلهم وَلَيْسَ لَهُم أَن يمنعوه من وَطئهَا فِي منزله وَقَالَ مَالك إِذا كَانَت الْإِجَارَة بِإِذن زَوجهَا لم يكن للزَّوْج أَن يَطَأهَا الحديث: 1797 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 110 فِي الظِّئْر تُرِيدُ فسخ الْإِجَارَة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا لم تعرف بِمثل ذَلِك فلهَا أَن لَا ترْضع وَإِن كَانَت تعرف بِهِ فَهُوَ جَائِز عَلَيْهَا وَلَيْسَ لَهَا أَن تتْرك إِلَّا من عذر وَقَالَ مَالك لَيْسَ لَهَا أَن تفسخ الْإِجَارَة وَإِن كَانَت شريفة غير مَعْرُوفَة بذلك 1800 - إِذا مَاتَ أَبُو الرَّضِيع قَالَ أَصْحَابنَا إذااستأجر ظِئْرًا لِابْنِهِ ثمَّ مَاتَ الْأَب لم تنْتَقض الْإِجَارَة وَالشَّافِعِيّ يَقُول بِهِ وَقَالَ ابْن شبْرمَة لإخوة الصَّبِي أَن يقبضوه مِنْهَا 1801 - فِي الْإِجَارَة بِمَا فِي الذِّمَّة قَالَ أَصْحَابنَا لَا يجوز إِلَّا على مَا يجوز مثله فِي البيع وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَقَالَ مَالك يجوز أَن يكون الْأجر عبدا مُؤَجّلا وثيابا مُؤَجّلَة كَالْبيع وَلَا يجوز إِذا لم يشْتَرط الْأَجَل فِيهِ وَعند الشَّافِعِي إِذا كَانَت الْمَنَافِع مَضْمُونَة فسبيل إبدالها أَن يكون حَالَة كالسلم 1802 - فِي اسْتِئْجَار الشَّرِيك قَالَ أَصْحَابنَا فِي طَعَام بَين رجلَيْنِ اسْتَأْجر أَحدهمَا صَاحبه على حمل الحديث: 1800 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 111 يُصِيبهُ مِنْهُ غير مقسوم أَو على طحنه لم يجز ذَلِك وَإِن فعل فَلَا أجر لَهُ وَكَذَلِكَ لَو اسْتَأْجر نصف دَابَّة بَينهمَا تحمل شَيْئا لَهُ لم يجز وَقَالَ مَالك إِذا كَانَ غزل بَين رجلَيْنِ اسْتَأْجر أَحدهمَا صَاحبه على أَن ينسجه بِدَرَاهِم مُسَمَّاة لم يجز لِأَن النسج إِذا لزمَه لَا يقدر أَن يَبِيع نصِيبه من الْغَزل وَلَو كَانَ بَينهمَا غنم اسْتَأْجرهُ على أَن يرعاها بِنصْف أجرهَا جَازَ إِذا كَانَ إِن مَاتَت الْغنم أخلف لَهُ مثل حِصَّته وَإِن كَانَ بَينهمَا حِنْطَة فاستأجره على أَن يطحنها كلهَا لم يجز وَإِن شَرط طحن حِصَّته جَازَ وَقِيَاس مَذْهَب اللَّيْث أَن الْإِجَارَة فَاسِدَة إِذا شَرط الْعَمَل فِي النَّصِيبَيْنِ وللعامل أجر مثله قَالَ أَبُو جَعْفَر إِذا اسْتَأْجرهُ لحمل شَيْء بَينهمَا قد وَقعت الْإِجَارَة على حمل نصِيبه على أَن يحمل مَعَه نصيب الْأَجِير فقد اشْترط شرطا يفْسد الْإِجَارَة لِأَنَّهُ لَا يقدر على حمل مَا اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ إِلَّا بِحمْل مَا لم يدْخل فِي الْإِجَارَة وَلَيْسَ كَذَلِك إِجَارَة نصف الْبَيْت على قَوْلهمَا لِأَن ذَلِك إِنَّمَا يسْتَحق الْأجر فِيهِ بِالتَّسْلِيمِ لَا غير وَقد يَصح تَسْلِيم النّصْف مشَاعا 1803 - فِي التَّصَرُّف فِي الْأُجْرَة ثمَّ تنْتَقض الْإِجَارَة قَالَ مُحَمَّد فِي الْإِمْلَاء فِي رجل اسْتَأْجر رجلا بِدَرَاهِم حَالَة فَأعْطَاهُ بهَا دَنَانِير أَو عرضا ثمَّ انتقضت الْإِجَارَة رد الْأجر نَفسه دون الْمَقْبُوض وَالشَّافِعِيّ يَقُول بِهَذَا وَقَالَ مَالك إِذا أَخذ عَن الدَّنَانِير دَرَاهِم رد الدَّرَاهِم وَإِذا أَخذ عرضا رد الدَّنَانِير ذكر ذَلِك فِي البيع وَالْإِجَارَة مثله الحديث: 1803 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 112 1804 - فِي الْبِئْر تتهور إِذا اسْتَأْجرهُ ليحفر لَهُ بِئْرا فِي دَاره فحفرها ثمَّ انهارت قبل أَن يفرغ مِنْهَا فَلهُ من الْأجر بِحِسَابِهِ وَكَذَلِكَ لَو كَانَت فِي فنائه وَلَو كَانَت فِي الْجَبانَة فحفرها فانهارت فَلَا أجر لَهُ حَتَّى يُسَلِّمهَا إِلَى صَاحبهَا وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا اسْتَأْجرهُ يحْفر لَهُ بِئْرا فحفرها فانهدمت فَإِن كَانَ بعد فَرَاغه مِنْهَا فَلهُ الْأجر وَإِن انْهَدَمت قبل الْفَرَاغ فَلَا أجر لَهُ وَذكر ابْن الْقَاسِم عَنهُ أَيْضا أَنه إِذا اسْتَأْجرهُ يحْفر لَهُ بِئْرا صفتهَا كَذَا فحفر نصفهَا فانهدمت فَلهُ من الْأجر بِقدر مَا عمل إِلَّا أَن يكون ذَلِك من وَجه الْجعل وَهُوَ أَن يَجْعَل لَهُ جعلا على أَن يحْفر لَهُ بِئْرا بِعشْرين درهما فَإِن حفرهَا فانهدمت قبل أَن يُسَلِّمهَا إِلَى صَاحبهَا فَلَا شَيْء لَهُ فَذَلِك اخْتِلَاف رِوَايَتَيْنِ وَلم يذكر فِيهَا فرقا بَين حفرهَا فِي ملكه أَو غير ملكه 1805 - إِذا لم يسم مَا يحمل على الدَّابَّة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اخْتَصمَا قبل أَن يحمل انتقضت الْإِجَارَة فَإِن حمل عَلَيْهَا كَمَا يحمل النَّاس فَعَطب فَلَا ضَمَان وَإِن سلم فَلهُ الْأجر الْمُسَمّى وَقَالَ زفر لَهُ أجر الْمثل وَهُوَ الْقيَاس وَهُوَ قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ الحديث: 1804 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 113 1806 - فِي بيع الْمُسْتَأْجر قَالَ أَصْحَابنَا لَا يجوز بَيْعه إِلَّا أَن يكون عَلَيْهِ دين فحبس بِهِ فَبَاعَهَا فِي دينه فَهَذَا عذر وَالْبيع جَائِز وَحكى ابْن أبي عمرَان عَن أبي يُوسُف فِي إمْلَائِهِ أَن المُشْتَرِي إِن علم أَنه مُسْتَأْجر فَالْبيع جَائِز وينتظر انْقِضَاء الْإِجَارَة بِمَنْزِلَة من اشْترى سلْعَة وَعلم بهَا عَيْبا وَإِن لم يعلم أَنه مُسْتَأْجر فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ فسخ البيع وَإِن شَاءَ رَضِي وَلَا يخْتَلف قَوْله فِي الْوَارِث إِذا بَاعَ الدَّار الْمُوصى لرجل بسكناها إِن ذَلِك لَا يجوز إِلَّا أَن يُخبرهُ الْمُوصى لَهُ بِالسُّكْنَى وَهُوَ قَول اللَّيْث فِي الْإِجَارَة وَقَالَ ابْن شبْرمَة يقطع البيع الْإِجَارَة وَقَالَ مَالك وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ لَا يجوز البيع وَقَالَ الْحسن بن حَيّ لَا يجوز إِلَّا من عذر وَكَذَلِكَ سَائِر الْأَعْذَار لَهُ أَن يفْسخ بهَا نَحْو أَن يسْتَأْجر غُلَاما لعمل فيبدو لَهُ فِي ذَلِك الْعَمَل ويتحول عَنهُ وَمثل أَن يُرِيد الْمولى أَن يُسَافر بالغلام وَقد قَالَ أَصْحَابنَا إِذا أجَاز الْمُسْتَأْجر البيع انتقضت الْإِجَارَة وَقَالَ الرّبيع عَن الشَّافِعِي إِن أجَاز الْمُسْتَأْجر البيع فللمشترى الْملك وَلِهَذَا الْخدمَة وَإِن شَاءَ ردا البيع وَقَالَ فِيهِ قَول ثَان إِن البيع منتقض لِأَنَّهُ يحول بَينه وَبَينه قَالَ أَبُو جَعْفَر لم يَخْتَلِفُوا أَن المؤاجر لَو أَرَادَ فسخ الْإِجَارَة من غير بيع لم يكن لَهُ ذَلِك فَلَا يجوز لَهُ فَسخهَا بِالْبيعِ أَيْضا الحديث: 1806 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 114 وَقَالَ مَالك إِذا كَانَت لمُدَّة قريبَة فَلَيْسَ للْمُسْتَأْجر فسخ البيع وَإِذا كَانَت بعيدَة فَلهُ فَسخه وَهَذَا فَاسد لِأَن قَلِيل الْمدَّة وبعيدها لَا يخْتَلف فِيهَا حق الْمُسْتَأْجر وَقَالَ مَالك فِي بعيد الْمدَّة إِن البيع بَاطِل وَكَانَ الأولى بِهِ أَن يقفه لِأَنَّهُ يرى البيع الْمَوْقُوف قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يجوز أيستوفي الْمَنَافِع فِي ملك المُشْتَرِي إِذا أجَاز الْمُسْتَأْجر البيع لِأَن البَائِع عقد على مَنَافِع طارئة على ملكه فِي المستأنف غير مَمْلُوكَة بِالْعقدِ بِدلَالَة أَن هَلَاك العَبْد بعد الْإِجَارَة يبطل العقد فَيصير حِينَئِذٍ الْمَنَافِع كَأَنَّهَا مُسْتَثْنَاة على المُشْتَرِي فِي ملكه وَذَلِكَ يمْنَع جَوَاز البيع وَلَيْسَ كالأمة الْمُزَوجَة إِذا بِيعَتْ لِأَن الْبضْع بِمَنْزِلَة الْمَمْلُوك بِالْعقدِ بِدلَالَة أَن هلاكها بعد العقد لَا يبطل الْمهْر وَأَن كَونهَا مُزَوّجَة لَا يمْنَع جَوَاز عقد البيع عَلَيْهَا بِغَيْر إِذن الزَّوْج 1807 - فِي الْأُجْرَة لَهَا حمل ومؤونة قَالَ أَصْحَابنَا فِي الْإِجَارَة إِذا لم يكن لَهُ حمل ومؤونة أوفاها حَيْثُ مَا أَخذه وَإِن كَانَ لَهُ حمل ومؤونة لم يجز فِي قَول أبي حنيفَة حَتَّى يشْتَرط الْموضع الَّذِي يوفيها فِيهِ وَفِي قَوْلهمَا يَدْفَعهُ عِنْد الأَرْض وَالدَّار وَفِي الحمولة مَا وَجب فِي الْعَمَل بِيَدِهِ حَيْثُ يُوفيه الْعَمَل وَقَالَ مَالك إِذا اكترى إبِلا إِلَى مَكَّة بِطَعَام مَضْمُون وَلم يذكر مَوضِع الْإِيفَاء وَلَا ضرب لَهُ أَََجَلًا فَهُوَ فَاسد إِذا لم يكن للنَّاس عَادَة يحملون عَلَيْهَا الحديث: 1807 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 115 1808 - فِي مُسْتَأْجر الدَّابَّة إِذا حمل عَلَيْهَا غَيره قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اسْتَأْجر دَابَّة بِعَينهَا ليرْكبَهَا فَحمل عَلَيْهَا غَيره ضمن وَالْأَجْر عَلَيْهِ وَهُوَ قَول ابْن شبْرمَة وَالْحسن بن حَيّ فِي انه لَا يركبهَا غَيره وَعَن مَالك رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا أَنه لَا يفعل وَالْأُخْرَى إِذا كَانَ مثله أَو دونه فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ ذكر الرّبيع عَن الشَّافِعِي أَنه اعْتبر الجثة وَقَالَ فِي العنف إِن لم يكن كركوب النَّاس ضمن وَإِن كَانَ كركوب النَّاس لم يضمن قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ فِيمَن اسْتَأْجر دَابَّة ليحمل عَلَيْهَا حِنْطَة مَعْلُومَة الْمِقْدَار فَحمل عَلَيْهَا شَعِيرًا بمقدارها أَنه لَا يضمن وَلَو حمل عَلَيْهَا حديدا ضمن كَذَلِك الرِّجَال متفاوتون فِي الْحمل على الدَّابَّة وَلَا يضْبط الْمُسَاوَاة فِيمَا بَينهم 1809 - فِي الْمُسْتَأْجر يجوز بالدابة الْموضع الْمَشْرُوط ثمَّ يردهَا قَالَ فِي الأَصْل فِي الرجل يسْتَأْجر دَابَّة ليرْكبَهَا إِلَى الْحيرَة فجاوز بهَا الْقَادِسِيَّة ثمَّ ردهَا إِلَى الْحيرَة فعطبت فَهُوَ ضَامِن فِي قَوْله الثَّانِي الَّذِي رَجَعَ إِلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْعَارِية وَذكر ابْن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد إِذا اسْتَأْجر دَابَّة أَيَّامًا مَعْلُومَة يركبهَا فِي الحديث: 1808 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 116 الْمصر فَخرج عَلَيْهَا من الْمصر ثمَّ ردهَا فِي تِلْكَ الْأَيَّام إِلَى الْمصر فعطبت لم يضمن كَالْوَدِيعَةِ وَذكر بشر عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة إِذا اسْتَأْجر دَابَّة بِأَجْر مَعْلُوم إِلَى مَوضِع مَعْلُوم فجاوز ذَلِك الْموضع ثمَّ ردهَا فَمَاتَتْ فِي الْموضع الَّذِي سمي فَهُوَ ضَامِن وَعَلِيهِ الْكِرَاء فِي الْبدَاءَة إِلَى الْموضع الَّذِي سمي وَيبْطل الْكِرَاء عَنهُ فِيمَا بعد الْخلاف وَذكر الْحسن بن أبي مَالك عَن أبي يُوسُف فِي رجل اسْتَأْجر دَابَّة من بَغْدَاد إِلَى الْكُوفَة فَجَاز بهَا إِلَى الْقَادِسِيَّة فَصَارَ ضَامِنا غَاصبا ثمَّ أمْسكهَا فَتلفت فِي يَده أَنه بَرِيء من ضَمَانهَا وَلَو اسْتَأْجرهَا ذَاهِبًا وجائيا فَجَاز ثمَّ رَجَعَ لم يبرأ من الضَّمَان لِأَن من اسْتَأْجرهَا ذَاهِبًا وجائيا عَلَيْهِ ردهَا إِلَى صَاحبهَا وَالَّذِي يسْتَأْجر إِلَى الْكُوفَة على المؤاجر أَن يبْعَث مَعَه من يقبضهَا مِنْهُ فَلَمَّا لم يفعل كَانَ الْمُسْتَأْجر ممسكا لَهَا لصَاحِبهَا فبرىء بإمساكه لَهَا وَقَالَ الْحسن بن زِيَاد عَن زفر إِذا اسْتَأْجرهَا من الْكُوفَة إِلَى الْقَادِسِيَّة ذَاهِبًا وجائيا فَجَاز الْقَادِسِيَّة ثمَّ ركبهَا رَاجعا إِلَى الْكُوفَة فَعَلَيهِ الْأجر ذَاهِبًا وجائيا وَإِن أَصَابَهَا شَيْء من حِين جَاوز الْقَادِسِيَّة ضمن وَإِن سلمت إِلَى أَن رَجَعَ إِلَى الْقَادِسِيَّة ثمَّ أَصَابَهَا شَيْء إِلَى الْكُوفَة فَلَا ضَمَان وَقَالَ أَبُو يُوسُف إِذا جَاوز الْقَادِسِيَّة فَهُوَ ضَامِن حَتَّى يردهَا إِلَى صَاحبهَا وَلَيْسَ عَلَيْهِ كِرَاء فِي رُجُوعه وَعَلِيهِ نصف الْكِرَاء فِي الذّهاب الجزء: 4 ¦ الصفحة: 117 قَالَ وَهُوَ قَول أبي حنيفَة هَذَا رِوَايَة الْحسن بن زِيَاد وَقَالَ مَالك فِي الْعَارِية إِذا تعدى عَلَيْهَا إِلَى مَوضِع قريب أَو بعيد فعطبت ضمن وَإِن تعدى فَردهَا وَكَانَ بقرية قريبَة الأميال ونحتوها فَلَا عَلَيْهِ شَيْء إِذا سلمت وَعَلِيهِ كِرَاء مَا تعدى فِيهِ فَإِن كَانَ تعدى بَعيدا كَانَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذ دَابَّته وكراء مَا تعدى وَإِن شَاءَ أَخذ قيمتهَا يَوْم تعدى وَقَالَ الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ إِذا تعدى فجاوز الْموضع ضمن وَلَا يبرأ إِلَّا بردهَا إِلَى صَاحبهَا وَقَالَ أَصْحَابنَا فِي الْوَدِيعَة إِذا تعدى ثمَّ نزل عَنْهَا برىء وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يبرأ 1810 - فِي الْإِقَالَة فِي الْإِجَارَة على زِيَادَة الْأجر قَالَ أَبُو جَعْفَر الْإِقَالَة قبل الْقَبْض فسخ عِنْد أَصْحَابنَا وَبعد الْقَبْض عِنْد أبي حنيفَة كَذَلِك فَلَا تصح إِلَّا على الثّمن الأول فَأَما الْإِجَارَة فَإِنَّهُ يَصح فِيهَا الْفَسْخ وَلَا يَصح فِيهَا عقد إِجَارَة بَينه وَبَين المؤاجر قَالَ ابْن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد لَا يجوز للْمُسْتَأْجر أَن يُؤَاجر مَا اسْتَأْجرهُ من المؤاجر بعد الْقَبْض وَلَا قبله لِأَنَّهُ لَو جَازَ كَانَ على كل وَاحِد تَسْلِيم مَنَافِع غَيره وَأَخذه فِي وَقت وَاحِد إِلَى صَاحبه فَيبْطل وَقَالَ مَالك إِذا أنقده الْكِرَاء فَإِنَّهُ تجوز إقالته بِزِيَادَة على رَأس المَال مَا لم يبرحا فَإِن تفَرقا جَازَت الزِّيَادَة من الْمُسْتَأْجر وَلَا تجوز من المؤاجر الحديث: 1810 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 118 1811 - فِي جِنَايَة الْأَجِير الْمُشْتَرك قَالَ أَبُو حنيفَة هُوَ ضَامِن لما جنت يَدَاهُ وَإِن لم يُخَالف والتبزيغ والحجامة إِذا حدث عَنْهَا الْمَوْت لم يضمن وَهُوَ قَول ابْن شبْرمَة وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ زفر لَا يضمن مَا جنت يَدَاهُ إِلَّا أَن يُخَالف وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَابْن أبي ليلى يضمن مَا هلك عِنْده من جِنَايَته 1812 - فِي هَلَاك الدَّابَّة الْمُسْتَأْجرَة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اكترى دَابَّة بِغَيْر عينهَا يحملهُ إِلَى حلوان فضعفت عَن حمله فِي الطَّرِيق فَعَلَيهِ أَن يبدلها وَإِن كَانَ اكتراها بِعَينهَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يبدلها وَهُوَ قَول البتي وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ مَالك إِن كَانَ فِي مَوضِع لَا يقدر فِيهِ على الْكِرَاء فَإِنَّهُ يتَحَوَّل على دَابَّة مَكَانهَا إِن رَضِي الْكِرَاء وَإِن كَانَ الْكِرَاء فِيهِ مَوْجُودا لَا يتَحَوَّل إِلَى غَيرهَا الحديث: 1811 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 119 قَالَ أَبُو جَعْفَر وَأَجَازَ عُثْمَان البتي إِجَارَة مسكن لَا بِعَيْنِه وَهَذَا لم نجده عَن أحد من أهل الْعلم 1813 - فِي إِجَارَة الْحلِيّ لم يكرههُ أحد من الْفُقَهَاء إِلَّا مَالك فَإِنَّهُ كرهه وَلَا يحرمه 1814 - فِي إِجَارَة الدَّرَاهِم قَالَ أَصْحَابنَا لَا يجوز إِلَّا أَن يُقَال أستأجره لأزن بِهِ ويوقت وَقَالَ مَالك لَا يجوز إِجَارَة الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير والفلوس وَيكون قرضا 1815 - فِي أُجْرَة الْأَرْضين قَالَ أَصْحَابنَا تجوز إِجَارَة الْأَرْضين المزروعة بِمَا تجوز بِهِ سَائِر الْإِجَارَات وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَكره مَالك أَن يستأجرها بثمر أَو حِنْطَة مِمَّا تخرج مِنْهَا أَو من غَيرهَا وَيجوز أَن يكتريها قَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك لَا تكرى الأَرْض بِشَيْء مِمَّا تنْبت الأَرْض وَإِن كَانَ لَا يُؤْكَل الحديث: 1813 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 120 وَقَالَ مَالك وَلَا يجوز استئجارها بالسمن وَالْعَسَل والجبن وَاللَّبن كَمَا لَا يجوز بالقمح لِأَنَّهُ يصير كالقمح بالسمن وَالْعَسَل إِلَى أجل قَالَ وَلَا تكرى بالملح وَلَا بالكتان قَالَ أَبُو جَعْفَر مَا يخرج من الأَرْض لَيْسَ بِبَدَل عَن الْأُجْرَة فَيعْتَبر فِيهِ مَا ذكره مَالك فَيجوز بيع اللأرض بِهَذِهِ الْأَشْيَاء 1816 - فِي الْإِجَارَة على عمل مَا لَيْسَ عِنْده قَالَ فِي الأَصْل إِذا اسْتَأْجرهُ على أَن يقصر لَهُ عشرَة أَثوَاب بدرهم وَلم يره الثِّيَاب وَلم يكن عِنْده فَهَذَا فَاسد وَلَو سمى لَهُ جِنْسا من الثِّيَاب لم تجز مَا لم يرهَا إِيَّاه وَقَالَ ابْن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد إِذا اسْتَأْجرهُ بِعشْرَة دَرَاهِم على أَن يحلج لَهُ قطنا مَعْلُوما وَسَماهُ مرويا أَو حشنا فَهَذَا جَائِز إِذا كَانَ الْقطن عِنْده وَلَا يجوز استئجاره على عمل مَا لَيْسَ عِنْده كَمَا لَا يجوز بيع مَا لَيْسَ عِنْده وَلَو قَالَ تقصر لي مائَة ثوب مَرْوِيّ بِكَذَا جَازَ إِذا كَانَت الثِّيَاب عِنْده وَهُوَ بِالْخِيَارِ إِذا رأى الثِّيَاب وَلَا يشبه الْقطن لِأَن قصارة الثِّيَاب تخْتَلف على حسب دقتها ورقتها وَكَانَ لَهُ الْخِيَار والقطن لَا يخْتَلف فِيهِ النَّوْع الْوَاحِد مِنْهُ وَقَالَ مَالك لَا بَأْس بِأَن يشارط الخباز أَن يخبز لَهُ شَيْئا مُسَمّى إِلَّا أَنه يَأْتِيهِ الْيَوْم بِمد وَغدا بِصَاع وَهُوَ قَول اللَّيْث قَالَ أَبُو جَعْفَر الْعَمَل الْحَاصِل فِي الثَّوْب بِمَنْزِلَة الْمَبِيع أَلا ترى أَن للصانع حَبسه بِالْأُجْرَةِ كحبس الْمَبِيع فَلم يجز الِاسْتِئْجَار عَلَيْهِ إِلَّا وَهُوَ عِنْد الحديث: 1816 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 121 مستأجره لِأَن صِحَة الْعَمَل فِيهِ مضمنة بِمَا يَقع فِيهِ الْعَمَل وَلَيْسَ كَذَلِك الْأَجِير الْحَاضِر لِأَنَّهُ يسْتَحق الْأجر بِتَسْلِيم نَفسه لَا بِعَمَل وَاقع فِي عين 1817 - فِي الْمُسْتَأْجر يتَعَدَّى فِي المركوب أَو الدَّار قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اسْتَأْجر دَابَّة إِلَى مَوضِع فجاوز بهَا ذَلِك الْموضع أَو كَانَ سُكْنى دَار شهرا فسكنها شَهْرَيْن فَعَلَيهِ الْأجر الْمُسَمّى وَلَا أجر عَلَيْهِ فِيمَا تعدى فِيهِ وَبِه يَقُول الثَّوْريّ وَقَالَ ابْن شبْرمَة وَاللَّيْث عَلَيْهِ الْكِرَاء الْمُسَمّى والكراء إِلَى حَيْثُ شَاءَ بِحَسب مَا اكترى سَوَاء عطبت أَو سلمت إِلَّا أَنَّهَا إِذا عطبت ضمنهَا أَيْضا وَقَالَ مَالك إِن تعدى الْميل والميلين فَلَا قيمَة عَلَيْهِ وَعَلِيهِ الْكِرَاء إِذا ردهَا على حَالهَا وَإِن اسْتَأْجر ثوبا شهرا فحبسه فَعَلَيهِ الْكِرَاء بِقدر مَا حَبسه بِغَيْر لبس وَلَا يكون عَلَيْهِ مثل أجر من لبس قَالَ مَالك وَإِن غصب حرا فاستخدمه فَعَلَيهِ الْكِرَاء وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا تعدى بالدابة إِلَى مَوضِع آخر فَعَلَيهِ الْأجر الْمُسَمّى وَعَلِيهِ أجر الْمثل فِيمَا تعدى فِيهِ قَالَ وَلَا يخْتَلف عَنهُ فِيمَن غصب حرا فَاسْتَعْملهُ فِي عمل أَنه لَا أجر عَلَيْهِ فِي ذَلِك وَفرق بَين الْحر وَالْعَبْد 1818 - فِي غصب الْغَاصِب هَل يسْقط الْأجر عَن الْمُسْتَأْجر قَالَ أَصْحَابنَا إِذا غصب الدَّار الْمُسْتَأْجرَة غَاصِب حَتَّى انْقَضتْ الأجارة الحديث: 1817 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 122 فَلَا أجر على الْمُسْتَأْجر وَهُوَ قَول البتي وَالْحسن بن حَيّ وَعبيد الله بن الْحسن وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ مَالك إِن غصبه سُلْطَان لَا ينتصف مِنْهُ فَلَا أجر عَلَيْهِ وَإِن غصبه غير سُلْطَان فَعَلَيهِ الْكِرَاء قَالَ أَبُو جَعْفَر على المؤاجر إدامة تَسْلِيمهَا إِلَى الْمُسْتَأْجر وَلَا يُبرئهُ التَّسْلِيم الأول من ذَلِك بِدلَالَة السُّلْطَان إِذا غصب فَوَجَبَ أَن يكون غير السُّلْطَان مثله كَالْبيع إِذا غصبه غَاصِب من يَد البَائِع لَا يخْتَلف حكمه أَن يكون سُلْطَانا وَغَيره فِي أَن المُشْتَرِي لَا يلْزمه الثّمن 1819 - فِي الْإِجَارَة بالمنافع قَالَ أَصْحَابنَا لَا يجوز سُكْنى دَار بسكنى دَار وَكَذَلِكَ سَائِر الْمَنَافِع لَا يجوز بجنسها وَقَالَ مَالك لابأس بسكنى دَار بسكنى أُخْرَى قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا خلاف فِي جَوَاز بيع دَار بدار كجوازه بِغَيْر الدّور إِلَّا أَن ذَلِك أَعْيَان وللمنافع أصل آخر فِي امْتنَاع جَوَاز الْجِنْس بِالْجِنْسِ مِنْهُ وَهُوَ مَا رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من النَّهْي عَن الشّغَار وَهُوَ قَول مَالك بضع ببضع والأبضاع مَنَافِع فالعقود عَلَيْهَا كعقود الْإِجَارَات على الْمَنَافِع الحديث: 1819 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 123 1820 - فِي منع التَّسْلِيم فِي بعض الْمدَّة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اسْتَأْجر دَارا مُسَمَّاة فَمَنعه إِيَّاهَا شهرا أَو أَكثر ثمَّ أَرَادَ أَن يسلم إِلَيْهِ فِي بَقِيَّة الْمدَّة فَلَيْسَ للْمُسْتَأْجر أَن يمْتَنع إِلَّا من عذر وَهُوَ قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ الثَّوْريّ للْمُسْتَأْجر الْخِيَار إِن شَاءَ أَخذهَا فِي بَقِيَّة الْمدَّة وَإِن شَاءَ ترك الْإِجَارَة وَقَالَ أَبُو جَعْفَر لم يسْتَحق عَلَيْهِ تَسْلِيمهَا إِلَّا حَالا فحالا وَقد وجد فِيمَا بَقِي من الْمدَّة كَذَلِك فَلَيْسَ لَهُ أَن يمْتَنع وَلَيْسَ ذَلِك مثل أَن يسْتَأْجر دارين فتغرف إِحْدَاهمَا فَيكون لَهُ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذهَا فِي بَقِيَّة الْمدَّة وَإِن شَاءَ ترك الْإِجَارَة وَلَيْسَ ذَلِك مثل الأولى لِأَنَّهُ قد يسْتَحق تَسْلِيمهَا مَعًا كالمبيعين فِي صَفْقَة وَاحِدَة 1821 - فِي إجَازَة الْمشَاع قَالَ أَوب حنيفَة لَا تجوز إِجَارَة الْمشَاع إِلَّا من شَرِيكه وَهُوَ قَول زفر وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَمَالك وَالشَّافِعِيّ تجوز إجَازَة الْمشَاع قَالَ وَذكر عَمْرو بن خَالِد فِي اخْتِلَاف زفر وَأبي يُوسُف الَّذِي رَوَاهُ مَا يُوجب أَن لَا يتجوز إِجَارَة الْمشَاع من الشَّرِيك فِي قَول أبي حنيفَة وَزفر الحديث: 1820 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 124 قَالَ أَبُو جَعْفَر الْمشَاع لَا يُمكن الِانْتِفَاع بِهِ إِلَّا بالمهايأة فَيصير كالمشروط فِي عقد الْإِجَارَة أَن يكون فِي يَد الْمُسْتَأْجر يَوْمًا وَفِي يَد آخر يَوْمًا وَلَا يسْتَحق الْمُسْتَأْجر بالمهايأة الْبدَاءَة على الآخر فَيصير وَقت السُّكْنَى مَجْهُولا ففسد وَإِذا كَانَ ملكا لنَفسِهِ فَذَلِك غير مَوْجُود فَيجوز وَالرِّوَايَة الْأُخْرَى الَّتِي لَا تجيز إِجَارَتهَا من الشَّرِيك ذهب فِيهَا إِلَى أَنه يجوز أَن يَبِيع الْمُسْتَأْجر نصِيبه من الدَّار فَتحصل الْإِجَارَة فِي مشَاع فَيحْتَاج فِيهِ إِلَى الْمُهَايَأَة فتفسد وَقَالَ أَصْحَابنَا لَا يجوز رهن الْمشَاع من الشَّرِيك وَلَا من غَيره قَالَ أَبُو جَعْفَر وَقد قَالَ أَبُو حنيفَة فِي دَار بَين رجلَيْنِ أجراها من رجل ثمَّ نَاقض الْمُسْتَأْجر أَحدهمَا الْإِجَارَة فِي نصِيبه لم يبطل فِي نصيب الآخر وَكَذَلِكَ إِذا مَاتَ أَحدهمَا وروى الْحسن عَن أبي حنيفَة وَزفر أَن الْإِجَارَة تنْتَقض 1822 - فِي اسْتِئْجَار الطَّرِيق قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا اسْتَأْجر طَرِيقا ليمر فِيهِ من دَار المؤاجر إِلَى دَار الْمُسْتَأْجر لم يجز ذَلِك وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَقَالَ ابْن الْقَاسِم على مَذْهَب مَالك يَنْبَغِي أَن يجوز الحديث: 1822 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 125 قَالَ أَبُو جَعْفَر اسْتِئْجَار الطَّرِيق لَا يقطع حق المؤاجر من التطرق فِي الْموضع فَصَارَ كاستئجار الْمشَاع فَلَا يجوز على قَول أبي حنيفَة وَقِيَاس قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد أَن يجوز لإجارتهما إِجَارَة الْمشَاع ثمَّ لَا يَخْلُو ذَلِك الطَّرِيق من أَن يَنْقَسِم أَو لَا يَنْقَسِم فَإِن انقسم فَهُوَ لَا يدْرِي أَي الْجَانِبَيْنِ يَقع لَهُ أَو مِمَّا لَا يَنْقَسِم فَيكون فِي يَد كل وَاحِد مِنْهُمَا يَوْمًا فَيفْسد لِأَنَّهُ لَا يدْرِي أَي يَوْم يبتدىء فِيهِ التَّسْلِيم فَإِن قيل هَذَا اشْترى نصف دارة شَائِعا للشَّرِيك فِيهَا حق الْقيمَة وكل وَاحِد لَا يدْرِي أَي جَانب يصير لَهُ بِالْقِسْمَةِ وَلم يفْسد البيع فِي أجل ذَلِك قيل لَهُ الْفرق بَينهمَا أَن البيع يُوجب لَهُ الْملك الْمَبِيع مشَاعا فيستلمه على الْهَيْئَة الَّتِي ابتاعها ثمَّ تقع الْقِسْمَة فِي ملكه لَا يُجِيز البيع لِأَن الْقِسْمَة لَا تصير من حُقُوق البيع وَلَيْسَ كَذَلِك الْإِجَارَة لِأَنَّهُ لَا يملك الْمَنَافِع فِي الْحَال وَإِنَّمَا ملكهَا حَالا فحالا فَلَو جَازَت الْإِجَارَة كَانَت الْقِسْمَة وَاقعَة فِي تِلْكَ الْمَنَافِع على ملك المؤاجر وَيكون مُسلما لَهَا فِي المستأنف إِلَى الْمُسْتَأْجر فَتكون الْإِجَارَة وَاقعَة على مَنَافِع مشاعة فِي وَقت الْإِجَارَة ومقسومة فِي وَقت التَّسْلِيم وَذَلِكَ يُوجب فَسَادهَا 1823 - إِذا آجر مَا اسْتَأْجر بِأَكْثَرَ قَالَ أَصْحَابنَا لَا يجوز للْمُسْتَأْجر أَن يُؤَاجر مَا اسْتَأْجرهُ قبل أَن يقبض الحديث: 1823 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 126 وَيجوز بعد الْقَبْض فَإِن آجر بِأَكْثَرَ يتَصَدَّق بِالْفَضْلِ إِلَّا أَن يكون أصلح فِيهِ شَيْئا أَو بنى فِيهِ بِنَاء وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ وَقَالَ مَالك والبتي وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ لَا بَأْس بِأَن يؤاجره بِأَكْثَرَ وَلَا يتَصَدَّق بِشَيْء قَالَ أَبُو جَعْفَر رُوِيَ عَن الْحسن وَعَطَاء أَنه لَا بَأْس بِالْفَضْلِ وَقَالَ إِبْرَاهِيم الْفضل للمؤاجر قَالَ أَبُو جَعْفَر قَول إِبْرَاهِيم مُخَالف لقَوْل سَائِر أهل الْعلم فَإِن احْتج من يتَصَدَّق بِالْفَضْلِ بنهيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ربح مَا لم يضمن قَالَ أَبُو جَعْفَر وَقد رُوِيَ أَيْضا عَن ربح مَا لم يقبض وَقد جعل الْجَمِيع هَذِه الْمَنَافِع فِي حكم الْمَقْبُوض فِي بَاب جَوَاز الْإِجَارَة عَلَيْهَا بعد الْقَبْض كالأعيان وَأَيْضًا قد قَالُوا إِنَّه لَا يتَصَدَّق بِالْفَضْلِ إِذا أعَان بِشَيْء من جِهَته قل أَو كثر وَقد خالفهم الْحسن بن حَيّ فِي ذَلِك فَجعله لَا يتَصَدَّق بِحِصَّة مَا أعَان بِهِ إِذا قسمت الْأُجْرَة على مَنَافِع الدَّار وعَلى مَنَافِع مَا أعَان بِهِ وَيتَصَدَّق بِمَا يفضل بعد ذَلِك وَلم يَجْعَل الْقَلِيل كالكثير فَإِن قيل هَذِه بِمَنْزِلَة من اشْترى خَاتمًا بِدِرْهَمَيْنِ فضَّة وَفِيه فص بدانق وَدِرْهَم فضَّة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 127 قيل لَهُ هَذَا غير مشبه لذَلِك لأَنا قد علمنَا الْمُسَاوَاة فِي الْفضة وَلم يُوجب علينا ذَلِك فِي الْأُجْرَة الثَّانِيَة مَعَ الأولى 1824 - إِذا أجر مُدَّة تتراخى عَن العقد قَالَ ابْن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد فِي رجل قَالَ قد آجرتك عَبدِي غدي غَدا بدرهم فَهُوَ جَائِز وَله أَن يَبِيعهُ قبل مَجِيء غَد أيفسخ أَو يَهبهُ وتنتقض الْإِجَارَة إِن جَاءَ غَد وَلَيْسَ فِي ملكه وَإِن رد عَلَيْهِ بِعَيْب نقضا أَو رَجَعَ فِي الْهِبَة قبل قد رجعت الْإِجَارَة على حَالهَا وَإِن رَجَعَ إِلَيْهِ بِملك يسْتَقْبل بِطَلَب الْإِجَارَة وَلم يذكر خلافًا وَقَالَ مَالك يجوز أَن يسْتَأْجر لوقت مُسْتَقْبل نَحْو أَن يَقُول استأجرته السّنة الْقَابِلَة وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يجوز قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا تقع الْإِجَارَات إِلَّا على وَقت مُسْتَقْبل فَلَا فرق بَين أَن يكون ابْتِدَاء الْمدَّة من حِين العقد أَو يتراخى عَنهُ وَقد جرت عَادَة النَّاس بالاستئجار لِلْحَجِّ قبل الْخُرُوج لَا يمْنَع مِنْهُ أحد 1825 - إِذا اسْتَأْجر كل شهر بِكَذَا قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اسْتَأْجر دَارا كل شهر بدرهم وَلكُل وَاحِد مِنْهُمَا أَن يفْسخ عِنْد رَأس الشَّهْر وَإِن لم يفْسخ رَأس الشَّهْر حَتَّى مضى من الشَّهْر الثَّانِي يَوْم أَو يَوْمَانِ فَلَيْسَ لوَاحِد مِنْهُمَا أَن يفْسخ فِي بَقِيَّة الشَّهْر وَقَالَ إِذا اكترى حانوتا كل شهر بدرهم فللمستأجر أَن يخرج مَتى شَاءَ إِلَّا أَن يتكارى شهرا بِعَيْنِه وَإِن اسْتَأْجر أَرضًا كل سنة بِمِائَة دِرْهَم فَلِكُل وَاحِد الحديث: 1824 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 128 مِنْهُمَا فسخ الْإِجَارَة قبل أَن يزرع فَإِن زرع فَلَيْسَ لوَاحِد مِنْهُمَا أَن يفْسخ تِلْكَ السّنة وَلَو ترك مَا بعْدهَا إِن شَاءَ وَقَالَ الثَّوْريّ أكره أَن يَقُول استأجرته كل شهر بِكَذَا وَهُوَ كَقَوْلِه اشْترى مثل هَذَا الجراب كل ثوب بِكَذَا فَلَا يجوز حَتَّى يُسَمِّي الثِّيَاب وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا اسْتَأْجر كل شهر بِكَذَا أجَاز الشَّهْر الأول وَكَانَا بعده بِالْخِيَارِ كِلَاهُمَا وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا قَالَ أكريتها كل سنة بِدِينَار وَلم يسم أول السنين وَآخِرهَا فَهُوَ فَاسد قَالَ أَبُو جَعْفَر لما لم توجب إِجَارَة لَازِمَة فِيمَا بعد الشَّهْر الأول وَكَانَ حكم الشَّهْر الأول حكم مَا بعده لتساوي الشُّهُور فِي دُخُولهَا تَحت العقد وَجب أَن لَا يلْزم الشَّهْر الأول وَإِذا لم يلْزم العقد لم يلْزم بِالدُّخُولِ فِيهِ 1826 - فِي موت أَحدهمَا قَالَ أَصْحَابنَا أَيهمَا مَاتَ من الْمُسْتَأْجر أَو المؤاجر انتقضت الْإِجَارَة وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَاللَّيْث وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لَا تنْتَقض أَيهمَا مَاتَ مثل البيع وَقَالَ عُثْمَان البتي إِن مَاتَ الْمُسْتَأْجر وَترك مَالا فَلَيْسَ للْوَرَثَة فَسخهَا ويؤدون الْأُجْرَة من الْمِيرَاث وَإِن لم يتْرك مَالا فَلهم أَن يفسخوا وَإِن شاؤوا أَدّوا الْأُجْرَة من مَالهم وَكَانُوا أولى من المؤاجر وَإِن مَاتَ المؤاجر فَالْإِجَارَة بِحَالِهَا كَبيع بَاعه وَهُوَ قَول عبيد الله بن الْحسن قَالَ أَبُو جَعْفَر الْمَنَافِع غير مَمْلُوكَة بِالْعقدِ لِأَنَّهَا غير مَوْجُودَة فَإِذا طرأت الحديث: 1826 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 129 بعد الْمَوْت فِي ملك الْوَارِث فَهِيَ لَهُم فَلَا يسْتَحق بِعقد الْمَيِّت لِأَن الْمَيِّت لم يملك تِلْكَ الْمَنَافِع لِأَنَّهَا لم تحدث على ملكه وَإِنَّمَا حدثت على ملك غَيره هَذَا إِذا مَاتَ المؤاجر فَإِن مَاتَ الْمُسْتَأْجر لم يَصح لوَرثَته ملك الْمَنَافِع لأَنهم إِنَّمَا يملكُونَ مَا كَانَ الْمَيِّت مَالِكًا لَهُ وَلَا يرثونها وَلَا يملكونها بِالْعقدِ لأَنهم لم يعاقدوا 1827 - فِي إِجَارَة الْبَيْت لما لَا يحل قَالَ أَبُو حنيفَة لَا بَأْس بِأَن يُؤَاجر بَيْتا فِي السوَاد مِمَّن يتَّخذ فِيهِ بَيت نَار أَو كَنِيسَة أَو يَبِيع فِيهِ الْخمر وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا يَنْبَغِي أَن يكريه لشَيْء من هَذَا وَهُوَ قَول مَالك وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ الثَّوْريّ لَا بَأْس بِأَن يَبِيع الْعصير لمن يَتَّخِذهُ خمرًا وَكَرِهَهُ الْحسن بن حَيّ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا أَخذه من مُسلم لبيع الْخمر أَو يَجْعَل فِيهِ حوايى لم يسْتَحق الْكِرَاء وَإِن كَانَ ذِمِّيا رد إِلَى بعض أساقفتهم قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا خلاف فِي جَوَاز عقد الْإِجَارَة مِمَّن يتعاطى الفسوق وَالْفساد وإتيان الْأَشْيَاء الْمُحرمَة وَإِن تَحْرِيم هَذِه الْأَشْيَاء لَا يمْنَع جَوَاز الْإِجَارَة فَمن يعلم أَن بَيته لَا يَخْلُو من مثل ذَلِك فَإِن كَانَ ذَلِك جَائِزا فِي الحديث: 1827 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 130 الْمُسلم الَّذِي لَا يقار على ذَلِك فجوازه فِي الذِّمِّيّ الَّذِي يقر على ذَلِك أَحْرَى وَذَلِكَ فِي السوَاد فَإِذا كَانَ غير مَمْنُوع من ذَلِك فِي بَيته الَّذِي يكرههُ أَبُو حنيفَة وَذَلِكَ لِأَن البَائِع وَالْمُشْتَرِي ممنوعان من ذَلِك للضَّرَر الَّذِي فِي ذَلِك على الْمُسلمين وَقد يمْنَع الْمُسلم مِمَّا هُوَ أيسر من ذَلِك وَهُوَ بيع الدَّرَاهِم الرَّديئَة وَلَا يمْنَع الذِّمِّيّ من بيع الْخمر وَالْخِنْزِير لأَنا قد أعطيناهم الْعَهْد على ذَلِك 1828 - فِي اسْتِئْجَار الدَّار على أَن يتخذها مَسْجِدا قَالَ أَصْحَابنَا لَا يجوز أَن يسْتَأْجر الْمُسلم من الْمُسلم بَيْتا يُصَلِّي فِيهِ فرضا وَلَا نفلا وَلَا أُجْرَة لَهُ فِيهِ وَقَالَ مَالك يجوز أَن يسْتَأْجر دَارا على أَن يتخذها مَسْجِدا عشر سِنِين فَإِذا انْقَضتْ السنون الْعشْر رجعت الدَّار إِلَى صَاحبهَا قَالَ أَبُو جَعْفَر قد بَينا بطلَان الْإِجَارَة على الصَّلَاة والاستئجار على ذَلِك غير جَائِز فَإِن قيل إِنَّمَا يسْتَحق الْأجر فِي هَذَا بِالتَّسْلِيمِ لَا بِالصَّلَاةِ فَيَنْبَغِي أَن يجوز قيل لَهُ لَيْسَ سُكُوته عَن فعل الصَّلَاة فِيهِ كذكره أَلا ترى أَنه لَو اسْتَأْجر بَيْتا كَانَ لَهُ سكناهُ كَمَا يسكن النَّاس وَلَا يقْعد فِيهِ حداد وَلَا قصار وَلَو شَرط ذَلِك ثَبت شَرطه الحديث: 1828 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 131 1829 - من اسْتَأْجر دَارا شهرا وَلم يذكر شهرا بِعَيْنِه قَالَ أَصْحَابنَا هُوَ جَائِز وَهُوَ شهر عقيب العقد وَهُوَ قَول مَالك وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يجوز حَتَّى يَقُول الشَّهْر الَّذِي عقيب عقد الْإِجَارَة قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ الله تَعَالَى {على أَن تَأْجُرنِي ثَمَانِي حجج} وَلم يقل حجَجًا تالية للْعقد وَقَالَ عز وَجل {تمَتَّعُوا فِي داركم ثَلَاثَة أَيَّام} وَكَانَت تالية لِلْقَوْلِ وَقَالَ {للَّذين يؤلون من نِسَائِهِم تربص أَرْبَعَة أشهر} فَكَانَت الْمدَّة من وَقت القَوْل وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من اشْترى شَاة مصراة فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا 1830 - فِي اسْتِئْجَار الْحَائِط لحمل الْخشب عَلَيْهِ قَالَ أَصْحَابنَا لَا يجوز اسْتِئْجَار حَائِط يضع عَلَيْهِ جَذَعَة أَو يبْنى عَلَيْهِ سدة وَقَالَ مَالك لَا بَأْس بذلك إِذا سمى الْمدَّة وَالْأُجْرَة وَقَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ فِي جَوَاز اسْتِئْجَار السَّطْح للنوم عَلَيْهِ وَإِذا جَازَ ذَلِك جَازَ اسْتِئْجَار الْحَائِط لَو ضع الْخشب الحديث: 1829 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 132 1831 - فِي الِاسْتِئْجَار على كِتَابَة الْمُصحف وَنَحْوه قَالَ أَصْحَابنَا لَا بَأْس بالاستئجار على كِتَابَة الْمُصحف وَالْفِقْه وَسَائِر الْعُلُوم وَلَو اسْتَأْجرهُ فَكتب لَهُ نَحوا أَو شعرًا لزمَه ذَلِك وَقَالَ مَالك لَا بَأْس بالاستئجار على كِتَابَة الْمُصحف وَقَالَ ابْن الْقَاسِم وَلَيْسَ يُعجبنِي الشّعْر والنحو لِأَن مَالِكًا كره أَن يُبَاع كتب الْفِقْه وَكتب الشّعْر أَحْرَى وَعند الشَّافِعِي يجوز الِاسْتِئْجَار على ذَلِك قَالَ أَبُو جَعْفَر الْأُجْرَة إِنَّمَا يَصح أَن يسْتَحق بَدَلا من عمل من جِهَة الْأَجِير أَو من شَيْء يَفْعَله الْمُسْتَأْجر بِمَا اسْتَأْجر نَحْو ركُوب الدَّوَابّ وَلبس الثِّيَاب وَالْقِرَاءَة فعل للقارىء لَا فعل لغيره فِيهَا وَإِنَّمَا هُوَ تَأمله لما فِي الْكتاب فَهُوَ كمن اسْتَأْجر النّظر إِلَى دَاره ليتأمل بناءها ليَكُون متعلما لصنعه مثله وَذَلِكَ غير جَائِز 1832 - فِي الْإِجَارَة الْفَاسِدَة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا سلمهَا إِلَى الْمُسْتَأْجر وَلم يستعملها فَلَا أجر عَلَيْهِ إِذا كَانَت الْإِجَارَة فَاسِدَة وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ عَلَيْهِ أُجْرَة الْمثل قَالَ أَبُو جَعْفَر فِي الْإِجَارَة الصَّحِيحَة يسْتَحق ملك الْمَنَافِع عِنْد حدوثها فَإِذا طرأت فِي يَده اسْتحق عَلَيْهِ الْأجر وَإِذا سلم اسْتحق أَيْضا كَالْمَبِيعِ وَأما الْإِجَارَة الْفَاسِدَة فَلم توجب اسْتِحْقَاق الْمَنَافِع عِنْد حدوثها فَلَا يسْتَحق عَلَيْهِ الْأجر بِالتَّسْلِيمِ دون حُصُولهَا لَهُ الحديث: 1831 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 133 وَقَالَ أَصْحَابنَا فِي الْإِجَارَة الْفَاسِدَة إِذا استوفي الْمَنَافِع اسْتحق الْأَقَل من الْمُسَمّى وَمن أجر الْمثل وَقَالَ مَالك وَزفر وَالشَّافِعِيّ لَهُ أجر الْمثل بَالغا مَا بلغ وَحكى هِشَام عَن مُحَمَّد فِي رجل قَالَ لرجل بِعْ هَذَا الثَّوْب بِعشْرَة فَمَا زَاد هُوَ بيني وَبَيْنك فَبَاعَهُ بِعشْرَة فَلهُ أجر مثله لَا يُجَاوز بِهِ درهما فِي قَول أبي يُوسُف وَإِن لم يَبِعْهُ فَلَا أجر لَهُ وَقَالَ مُحَمَّد لَهُ أجر مثله بَالغا مَا بلغ بَاعَ أَو لم يبع 1833 - فِي الْعَيْب فِي الشَّيْء الْمُسْتَأْجر قَالَ أَصْحَابنَا كل مرمة يضر بِالسُّكْنَى تَركهَا فَهِيَ على رب الدَّار فَإِن فعله وَالْمُسْتَأْجر لم يمْنَع مِنْهُ وَلَا يحْتَسب من الْأجر وَقَالَ مَالك مثل قَوْلنَا فِي الدَّار إِذا انْهَدَمت وَلَيْسَ على رب الدَّار أَن يبنيها وللمستأجر الْخِيَار وَقَالَ فِي الأَرْض يكريها ثَلَاث سِنِين فزرع فِيهَا مَا غورت عينهَا وأبى رب الأَرْض أَن ينْفق عَلَيْهَا فللمستأجر أَن يعْمل فِي الْعين بكرى سنة وَلَيْسَ لَهُ أَن يعْمل فِيهَا بِأَكْثَرَ من كِرَاء سنة وَاحِدَة 1834 - فِيمَن اسْتَأْجر شَيْئَيْنِ صَفْقَة وَاحِدَة قَالَ أَصْحَابنَا يجوز أَن يسْتَأْجر دَارا سنة الشَّهْر الأول مِنْهَا بِمِائَة دِرْهَم وَبَقِيَّة السّنة بِعشْرَة وَقَالَ مَالك هَذَا فَاسد وَقَالَ الرّبيع عَن الشَّافِعِي إِذا تكارى الرجل الأَرْض عشر سِنِين لم يجز حَتَّى يُسَمِّي لكل سنة شَيْئا مَعْلُوما الحديث: 1833 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 134 قَالَ أَبُو جَعْفَر وَقد اخْتلفُوا فِي البيع على مثل ذَلِك فَقَالَ أَصْحَابنَا يجوز أَن يَشْتَرِي ثيابنا أَو عبيدا صَفْقَة وَاحِدَة ويسمي لكل وَاحِد شَيْئا مَعْلُوما من الثّمن فَيكون ذَلِك ثمنه وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ مَالك يقسم الثّمن على قيمَة الثِّيَاب وَالْعَبِيد وَلَا يلْتَفت إِلَى مَا سمي لكل ثوب من الثّمن وَلَا خلاف أَنه إِذا اشْترى ثيابًا صَفْقَة وَاحِدَة وَلم يسم لكل ثوب ثمنا أَنه جَائِز إِذا كَانَ الثّمن كُله حَالا وَيلْزم الشَّافِعِي إِذا جعل تَسْمِيَة الثّمن لكل وَاحِد مِنْهُمَا صفقات مُخْتَلفَة أَن لَا يُجِيز الْإِجَارَة على هَذَا الْوَجْه لِأَنَّهُ لَا يُجِيز عقد الْإِجَارَة فِي وَقت بَينه وَبَين عقد الْإِجَارَة مُدَّة 1835 - فِي الْإِجَارَة من اثْنَيْنِ قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اكترى اثْنَان حانوتا أَحدهمَا قصار وَالْآخر حداد فَإِنَّهُمَا يقتسمانه ويعقد كل وَاحِد فِيمَا يَقع لَهُ فَإِن لم يحْتَمل الْقِسْمَة تهايآ فِيهِ على الْأَيَّام وَقَالَ مَالك أَي إِن لم يحْتَمل الْقِسْمَة أَكْرِي عَلَيْهِمَا يَعْنِي يُؤَاجر من غَيرهمَا وَيكون الْأجر بَينهمَا وَكَذَلِكَ يَقُول فِي المالكين لما لَا يحْتَمل الْقِسْمَة أَنه يُبَاع عَلَيْهِمَا وَلم نجد هَذَا القَوْل عَن أحد من أهل الْعلم غَيره آخر كتاب الْإِجَارَات الحديث: 1835 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 135 = كتاب الْهِبَة = 1836 - فِي قبض الْهِبَة قَالَ أَصْحَابنَا لَا يَصح إِلَّا مَقْبُوضَة وَهُوَ قَول ابْن شبْرمَة وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ مَالك إِذا لم يرد بهَا ثَوابًا ثمَّ مَاتَ الْمُعْطى قبل الْقَبْض فورثته بِمَنْزِلَتِهِ وَإِن مَاتَ الْمُعْطِي قبل الْقَبْض فَلَا شَيْء للمعطى وَإِن مَاتَ الْمُعْطِي فَادّعى الْمُعْطى الْقَبْض وَأقَام بَيِّنَة على إِقْرَار الْمُعْطِي بِالْهبةِ وَالْقَبْض لم يجز حَتَّى يشْهدُوا على مُعَاينَة الْقَبْض وَقَالَ عُثْمَان البتي فِي الْقَبْض بَين الْمَرْأَة وَزوجهَا إِن كَانَت امْرَأَة مَقْبُوضَة إِلَى زَوجهَا فَلَا قبض بَينهمَا وَإِن كَانَت محتجبة لما لَهَا دونه فعلى كل وَاحِد مِنْهُمَا فِيمَا يُعْطِيهِ صَاحبه الْقَبْض قَالَ وكل مَا أعطي عنْوَة فَلَا يُسْتَطَاع فِيهِ الْقَبْض فَقَبضهُ الْإِشْهَاد لَو كَانَ لَهُ على رجل دين فَأشْهد لَهُ أَنه قد أعطَاهُ إِيَّاه فَهُوَ جَائِز وَإِن كَانَ مَال حَال دونه سُلْطَان فَأشْهد لَهُ عَلَيْهِ فَهُوَ جَائِز حَتَّى يكون بِمَنْزِلَة من يَسْتَطِيع قَبضه الحديث: 1836 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 137 فيفرط وَإِن كَانَ مَالا غَائِبا عَن الْمُعْطِي فَأشْهد لَهُ عَلَيْهِ فَهُوَ جَائِز إِلَّا أَن يكون قدر على قَبضه ففرط فَيكون بِمَنْزِلَة عَطاء لم يقبض وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِيمَن يصدق بِصَدقَة على رجل وَهِي فِي يَده فَإِن شَاءَ رَجَعَ فِيهَا مَا لم يُخرجهَا من مَاله لَا يجْبرهُ السُّلْطَان على إمضائها إِلَّا أَنه يَقع عَلَيْهِ قَول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّذِي رَجَعَ فِي صدقته مثل الْكَلْب يرجع فِي قيئه فيأكله وَإِن تدصق على رجل بِصَدقَة ثمَّ مَاتَ قبل أَن يمضيها كَانَت فِي ثلثه وَقَالَ فِي الرجل يهدي للرجل فَيَمُوت المهدى لَهُ قبل أَن يصل إِلَيْهِ قَالَ يرجع إِلَى صَاحبهَا وَإِن مَاتَ الَّذِي أهداها قبل أَن يصل إِلَى صَاحبهَا فَإِنَّهَا تنفذ لِأَنَّهَا قد خرجت من مَال هَذَا الْمَيِّت وَقَالَ اللَّيْث إِذا تصدق رجل لعبد لَهُ غَائِب فالإشهاد عَلَيْهِ حِيَازَة وَإِذا تصدق على ابْنه الْكَبِير لم يجز حَتَّى يجوزه قَالَ أَبُو جَعْفَر روى ابْن شهَاب عَن عُرْوَة بن الزبير عَن عَائِشَة أَن أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ نحلهَا جدَاد عشْرين وسْقا من مَاله بِالْغَابَةِ فَلَمَّا حَضرته الْوَفَاة قَالَ وَالله يَا بنية مَا أحد من النَّاس أحب إِلَيّ غنى بعدِي مِنْك وَلَا أعز عَليّ فقرا بعدِي مِنْك وَإِنِّي كنت نحلتك جاد عشْرين وسْقا فَلَو كنت جددتيه واحتزتيه كَانَ لَك وَإِنَّمَا هُوَ الْيَوْم من مَال الْوَارِث وَإِنَّمَا هما أَخَوَاك وَأُخْتَاك فاقتسموا على كتاب الله فَدلَّ على أَنَّهَا لَا تصح إِلَّا بحوزة مَقْبُوضَة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 138 وروى ابْن شهَاب عَن عُرْوَة عَن عبد الرَّحْمَن بن عبد الْقَارِي أَن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ مَا بَال رجال ينحلون أَبْنَاءَهُم نحلا ثمَّ يمسكونها فَإِن مَاتَ ابْن أحدهم قَالَ مَالِي بيَدي لم أعْطه أحدا وَإِن مَاتَ هُوَ قَالَ فَهُوَ لِابْني قد كنت أَعْطيته إِيَّاه من نحل نحلة لم يجزها الَّذِي نحلهَا حَتَّى يكون إِن مَاتَ لوَرثَته فَهِيَ بَاطِل 1837 - فِي هبة الْمشَاع قَالَ أَصْحَابنَا لَا تجوز فِيمَا يقسم وجائزة فِيمَا لَا يقسم وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْحسن بن حَيّ وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ تجوز فِي الْوَجْهَيْنِ كَالْبيع وَقَالَ أَبُو جَعْفَر قَول أبي بكر رَضِي الله عَنهُ لَو كنت جددتيه واحتزتيه يُوجب أَن لَا يكون إِلَّا محوزا 1838 - فِي هبة نصِيبه من الدَّار لشَرِيكه قَالَ أَصْحَابنَا لَا تجوز وَهُوَ قَول ابْن أبي ليلى رِوَايَة وَقد رُوِيَ عَنهُ أَنَّهَا جَائِزَة وَقَالَ مَالك هُوَ جَائِزَة وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا وهبه لشَرِيكه أَو لجَماعَة سردابه جَازَ وَإِن لم يقسم وَإِن وهب لبَعْضهِم دون بعض لم يجز حَتَّى يقسم الحديث: 1837 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 139 1839 - فِي هبة الْوَاحِد لاثْنَيْنِ قَالَ أَبُو حنيفَة وَابْن شبْرمَة وَزفر إِذا وهب دَارا لِرجلَيْنِ أَو تصدق بهَا عَلَيْهِمَا غير مقسومة لم تجز وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد هِيَ جَائِزَة وَهَذَا قَول مَالك وَابْن أبي ليلى وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ وَالثَّوْري وَقَالَ أَبُو يُوسُف إِن وَهبهَا لَهما مَعًا لأَحَدهمَا الثُّلُث وَالْآخر الثُّلُثَانِ لم تجز وَقَالَ مُحَمَّد هِيَ جَائِزَة وَهُوَ قَول الْحسن بن حَيّ وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا تصدق على مُحْتَاجين بِعشْرَة دَرَاهِم جَازَت وَإِن تصدق على غَنِيَّيْنِ لم تجز وَإِن وَهبهَا لمسكين على وَجه الصَّدَقَة فَهِيَ جَائِزَة 1840 - فِي الْهِبَة لِابْنِهِ الصَّغِير قَالَ أَصْحَابنَا إِذا وهب لِابْنِهِ الصَّغِير عبدا جَازَ وَيكون قَابِضا لَهُ وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَابْن حَيّ وَالشَّافِعِيّ وَكَذَلِكَ كل من كَانَ الصَّغِير فِي حجره وَقَالَ مَالك إِذا نحل ابْنه الصَّغِير نحلا يعرف بِعَيْنِه وَأشْهد عَلَيْهِ فَهُوَ لَهُ وَإِن تصدق على ابْنه بِمَال عين وَهُوَ صَغِير حَاز لَهُ وَأشْهد عَلَيْهِ فَلَا يجوز وَهُوَ مَرْدُود إِلَّا أَن يتَصَدَّق عَلَيْهِ بِمَا يشْهد عَلَيْهِ من عبد بِعَيْنِه أَو دَار أَو دَابَّة أَو بِشَيْء يعرف بِعَيْنِه وَيشْهد عَلَيْهِ فيحوز لَهُ أَبوهُ قَالَ أَبُو جَعْفَر روى مَالك عَن ابْن شهَاب عَن سعيد بن الْمسيب أَن عُثْمَان بن عَفَّان قَالَ من نحل ولدا لَهُ صَغِيرا لم يبلغ أَن يحوز نحله فأعلن الحديث: 1839 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 140 ذَلِك لَهُ وَأشْهد عَلَيْهَا فَهِيَ جَائِزَة وَإِن وَليهَا أَبوهُ وَقَالَ مَالك إِذا نحله وَهُوَ صَغِير ذَهَبا أَو وَرقا ثمَّ أشهد عَلَيْهِ ثمَّ هلك الْأَب فَلَيْسَ للِابْن مِنْهَا شَيْء إِلَّا أَن يكون عزلها لَهُ بِعَينهَا أَو دَفعهَا إِلَى رجل وَضعهَا لِابْنِهِ عِنْد ذَلِك الرجل فَإِن فعل ذَلِك فَهُوَ جَائِز للِابْن وَإِن كَانَ النَّحْل عبدا أَو دَارا أَو شَيْئا مَعْلُوما بِعَيْنِه ثمَّ أشهد عَلَيْهِ ثمَّ هلك الْأَب فَهِيَ يَلِي ابْنه فَإِن ذَلِك جَائِز لِابْنِهِ قَالَ أَبُو جَعْفَر لم يفرق عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ بَين الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير وَبَين سَائِر الْأَشْيَاء وَفِي الْقيَاس أَن لَا فرق بَينهمَا فِيمَا تصح بِهِ الْهِبَة 1841 - فِي هِبته لِابْنِهِ وَهُوَ مَرِيض ثمَّ يَصح قَالَ اللَّيْث إِذا وهب لِابْنِهِ فِي مَرضه غُلَاما وَالِابْن صَغِير ثمَّ صَحَّ من مَرضه فجدد ذكره بإعطائه إِيَّاه ذَلِك العَبْد فقد صَار لَهُ بِالصِّحَّةِ وَالشَّهَادَة وَإِن لم يجدد ذَلِك لَهُ فِي الصِّحَّة بَطل وَصَارَ بَين الْوَرَثَة قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلم نجد ذَلِك عَن أحد غَيره وَسَائِر أهل الْعلم يَقُولُونَ إِن ذَلِك بِمَنْزِلَة هِبته لَهُ فِي صِحَّته وَلَا يَخْتَلِفُونَ أَنه من أعتق عَبده فِي مَرضه ثمَّ برأَ إِن ذَلِك من جَمِيع المَال 1842 - فِي هبة الدّين لمن هُوَ قَالَ أَصْحَابنَا إِذا أَبْرَأ الطَّالِب الْكَفِيل من المَال فَأبى أَن يقبل فَهُوَ الحديث: 1841 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 141 بَرِيء وَلَا يشبه الْهِبَة وَلَو أَبْرَأ الَّذِي عَلَيْهِ الأَصْل فَأبى أَن يقبل يطْلب هِبته إِيَّاه وَبرئ مَا لم يرد فَإِذا رد الْبَرَاءَة الْهِبَة عَاد المَال وَقَالَ زفر فِي رجل تزوج أمْرَأَة على ألف دِرْهَم ثمَّ وهبتها لَهُ ثمَّ بدا لَهَا أَن ترجع فِيهَا فلهَا ذَلِك مَا لم يقل قد قبلت وَلَا تتمّ الْهِبَة إِلَّا بِقبُول وَهُوَ قَول مَالك وَقَالَ الشَّافِعِي الْبَرَاءَة جَائِزَة وَلم يذكر قبولا قَالَ أَبُو جَعْفَر لما قَالُوا جَمِيعًا إِذا رد صَاحب الأَصْل الْهِبَة والبراءة بطلتا دلّ على أَنَّهُمَا ليستا كَالْعِتْقِ وَالطَّلَاق اللَّذين لَا يحتاجان إِلَى قبُول وأنهما لَا يصحان إِلَّا بِالْقبُولِ كَمَا قَالَ زفر 1843 - فِي تَخْصِيص بعض الْوَلَد بِالْهبةِ ذكر الْمُعَلَّى بن مَنْصُور عَن أبي يُوسُف لَا بَأْس بِأَن يُؤثر الرجل بعض وَلَده على بعض إِذا لم يرد الْإِضْرَار وَيَنْبَغِي أَن يُسَوِّي بَينهم إِذا كَانَ يُرِيد الْعدْل فَإِن كَانُوا ذُكُورا وإناثا سوى بَينهم فِي الْعَطِيَّة لقَوْل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أكل ولدك أَعْطَيْت مثل مَا أَعْطَيْت هَذَا قَالَ مُعلى وَقَالَ مُحَمَّد وَيُعْطِي الذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ الحديث: 1843 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 142 وَقَالَ مَالك إِنَّمَا الحَدِيث جَاءَ فِيمَن نحل وَلَده مَاله كُله وَقد نحل أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ عَائِشَة دون وَلَده وَقَالَ الثَّوْريّ لَا بَأْس أَن يخص الرجل بعض وَلَده بِمَا شَاءَ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَهُ أَن يَخُصُّهُ بِالثُّلثِ وَقَالَ الشَّافِعِي ترك التَّفْضِيل فِيهِ حسن الْأَدَب وَيجوز ذَلِك فِي الحكم وَله ان يرجع فِيمَا وهبه لِابْنِهِ لقَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أرجعه وروى سُفْيَان عَن ابْن أبي نجيح قَالَ كَانَ طَاوس إِذا سَأَلَهُ الرجل أفضل بَين وَلَدي فِي النَّحْل قَرَأَ هَذِه الْآيَة {أَفَحكم الْجَاهِلِيَّة يَبْغُونَ} قَالَ أَبُو جَعْفَر روى الزُّهْرِيّ عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن وَمُحَمّد بن النُّعْمَان عَن النُّعْمَان بن بشير قَالَ نَحَلَنِي أبي غُلَاما فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِنِّي نحلت ابْني هَذَا غُلَاما كَانَ لي فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أكل ولدك نحلته مثل هَذَا فَقَالَ لَا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأرجعه وَهَذَا يدل على التَّسْوِيَة وروى دَاوُد بن أبي هِنْد عَن الشّعبِيّ عَن النُّعْمَان بن بشير قَالَ نَحَلَنِي أبي نحلا وَانْطَلق إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليشهد على ذَلِك قَالَ أكل ولدك نحلته مثل هَذَا فَقَالَ لَا فَقَالَ أَيَسُرُّك أَن يَكُونُوا لَك فِي الْبر كلهم سَوَاء قَالَ نعم قَالَ فَأشْهد على هَذَا غَيْرِي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 143 فَهَذَا يدل على صِحَة الْهِبَة لِأَنَّهُ لم يَأْمُرهُ بالارتجاع وَإِنَّمَا أمره بتأكيدها بإشهاد غَيره عَلَيْهَا وَإِنَّمَا لم يشْهد هُوَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لتَقْصِيره عَن أولى الْأَشْيَاء بِهِ وَرَوَاهُ حُصَيْن عَن الشّعبِيّ عَن النُّعْمَان أَنه قَالَ أكل ولدك أَعْطَيْت مثل هَذَا قَالَ لَا قَالَ فَاتَّقُوا الله واعدلوا بَين أَوْلَادكُم فَلم يذكر فِيهِ الارتجاع رَوَاهُ مجَالد عَن الشّعبِيّ عَن النُّعْمَان أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أكل ولدك أَعْطيته قَالَ لَا قَالَ لَا أشهد إِلَّا على حق وَهَذَا لَيْسَ بمخالف لرِوَايَة دَاوُد وحصين عَن لشعبي لاحْتِمَاله أَن يكون أَرَادَ الْحق الَّذِي لَا يقصر فِيهِ عَن أَعلَى مَرَاتِب الْحق وَإِن كَانَ مَا دونه حَقًا وروى زُهَيْر بن مُعَاوِيَة عَن أبي الزبير عَن جَابر أَن بشير بن سعد أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله إِن بنت فلَان سَأَلتنِي أَن انحل ابْني غُلَاما وَقَالَت أشهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أَله إخْوَة قَالَ نعم قَالَ أوكلهم أَعْطيته قَالَ لَا قَالَ فَإِن هَذَا لَا يصلح فَإِنِّي لَا أشهد إِلَّا على حق فَفِي حَدِيث جَابر أَنه ذكر ذَلِك لَهُ قبل أَن يهب فَأمره النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْأولَى وَحَدِيث جَابر أولى لِأَنَّهُ كَانَ رجلا وَكَانَ النُّعْمَان صَغِيرا أحفظ وَأثبت فَثَبت بذلك بطلَان قَول مَالك وَالثَّوْري وَصَحَّ مَذْهَب أبي يُوسُف فِي التَّسْوِيَة لِأَنَّهُ قَالَ أَلَك ولد غَيره وَلم يذكر فرقا بَين الذّكر وَالْأُنْثَى وَقَالَ أكل ولدك أَعْطَيْت مثله وَقَالَ اتَّقوا الله وسووا بَين أَوْلَادكُم وَقَوله أَيَسُرُّك أَن يَكُونُوا لَك فِي الْبر سَوَاء يدل على التَّسْوِيَة أَيْضا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 144 وَقد روى الْمغرَة عَن الشّعبِيّ قَالَ سَمِعت النُّعْمَان يَقُول على منبري هَذَا سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول اعدلوا بَين أَوْلَادكُم كَمَا تحبون أَن يعدلُوا بَيْنكُم فِي الْبر وروى أَبُو حَيَّان عَن الشّعبِيّ عَن النُّعْمَان أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أكلهم وهبت لَهُ مثل الَّذِي وهبت لابنك هَذَا قَالَ لَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَا تشهدني قَالَ فَإِنِّي لَا أشهد على جور وَإِنَّمَا الْمَعْنى ترك الْحق الَّذِي هُوَ أولى الْأَشْيَاء كَمَا يُعْطي الْأَجْنَبِيّ دون ذَوي الْأَرْحَام فَيكون تَارِكًا للأفضل وَيجوز عطيته فَإِن قيل قد أعْطى أَبُو بكر رَضِيا لله عَنهُ عَائِشَة دون سَائِر وَلَده قيل لَهُ يجوز أَن يكون بِطيب من أنفسهم وَهَذَا يجوز عندنَا فَإِن قيل ذَا بطن بنت خَارِجَة لم تكن مِمَّا يَصح مِنْهَا قيل لَهُ يجوز أَن تكون الْهِبَة قبل أَن يعلم أَنَّهَا حَامِل 1844 - فِي هبة الْمِيرَاث فِي مرض الْمَوْرُوث قَالَ أَصْحَابنَا إِذا سَأَلَ الرجل امْرَأَته أَن تهب مِيرَاثهَا لبَعض ورثته فِي مَرضه فَقَالَت نعم قد فعلت ثمَّ مَاتَ على ذَلِك فَهُوَ جَائِز لِابْنِهِ وَلها أَن ترجع فِيهِ قبل موت زَوجهَا وَلَو قَالَ الزَّوْج أعْطه فَإِنَّهُ إِذا أَعْطيته من شِئْت فَلم تحدث شَيْئا حَتَّى مَاتَ فَإِنَّهُ يرجع إِلَيْهَا وَقَالَ مَالك إِذا سَأَلَ رجل فِي مَرضه بعض ورثته أَن يهب لَهُ مِيرَاثه الحديث: 1844 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 145 فَفعل ثمَّ لم يقبض الْمَيِّت فِيهِ شَيْئا فَإِنَّهُ رد على الَّذِي وهبه وَإِن أنفذ من ذَلِك بعضه وَبَقِي بعضه فَمَا بَقِي فَهُوَ رد على الَّذِي وهب 1845 - فِي الْعُمْرَى قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قَالَ دَاري هَذِه لَك عمري حياتك فاقبضها فقبضها فَهَذِهِ هبة فِي حَيَاته وَبعد وَفَاته وَهُوَ قَول ابْن شبْرمَة وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ عُثْمَان البتي إِذا قَالَ هَذِه الدَّار لفُلَان حَيَاته فَإِذا مَاتَ فَهُوَ رد عَليّ فشرطه جَائِز وَقَالَ مَالك من أعمر رجلا حَيَاته ثمَّ مَاتَ المعمر رجعت إِلَى الَّذِي اعمرها وَالنَّاس عِنْد شروطهم قَالَ مَالك والعمرى والسكني شَيْء وَاحِد وَهُوَ قَول اللَّيْث وللمعمر أَن يَبِيعهُ من الَّذِي أعْمرهُ وَلَا يَبِيعهُ من غَيره وَقَالَ إِذا أسْكنهُ حَيَاته ثمَّ أَرَادَ أَن يكريها وينقد الْكِرَاء فَإِنَّهُ يكريها قَلِيلا قَلِيلا وَقَالَ أَصْحَابنَا وَابْن شبْرمَة وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ السُّكْنَى عَارِية والعمري هبة قَالَ أَبُو جَعْفَر روى عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة الحديث: 1845 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 146 ابْن عبد الرَّحْمَن عَن جَابر قَالَ إِنَّمَا الْعُمْرَى الَّتِي أجَاز رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هِيَ لَك ولعقبك فَإِذا قَالَ هِيَ لَك مَا عِشْت فَإِنَّهَا ترجع إِلَى صَاحبهَا وَكَانَ الزُّهْرِيّ يُفْتِي بذلك قَالَ أَبُو جَعْفَر تفرد عبد الرَّزَّاق بِهَذَا الحَدِيث على هَذَا اللَّفْظ وَقد رَوَاهُ ابْن الْمُبَارك عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن جَابر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قضى أَنه من أعمر رجلا عمرى فَهِيَ للَّذي أعمرها ولورثته من بعده وَابْن الْمُبَارك أثبت وأحفظ بِحَدِيث معمر وَيحْتَمل أَن تكون الزِّيَادَة الَّتِي فِي حَدِيث عبد الرَّزَّاق من كَلَام الزُّهْرِيّ وَقد روى قَتَادَة عَن النَّضر بن أنس عَن بشير بن نهيك عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْعُمْرَى جَائِزَة فَقَالَ الزُّهْرِيّ لعبادة بِحَضْرَة سُلَيْمَان بن هِشَام بن عبد الْملك أَنَّهَا لَا تكون عمرى حَتَّى تجْعَل لَهُ ولعقبه فَقَالَ لعطاء مَا تَقول فَقَالَ حَدثنِي جَابر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْعُمْرَى جَائِزَة وَلم يحاجه الزُّهْرِيّ بِمَا فِي حَدِيث عبد الرَّزَّاق عَن جَابر فَدلَّ أَنه من كَلَام الزُّهْرِيّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 147 وَقد روى هِشَام الدستوَائي عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أعمر عمرى حَيَاته فَهِيَ لَهُ فِي حَيَاته ولورثته من بعد مَوته وروى سُفْيَان عَن أبي الزبير عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمْسكُوا عَلَيْكُم أَمْوَالكُم لَا تعمروها أحدا فَمن أعمر شَيْئا فَهُوَ لَهُ وَابْن جريج عَن أبي الزبير عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من أعمر شَيْئا فَهُوَ لَهُ حَيَاته ومماته وَرَوَاهُ سُلَيْمَان بن يسَار عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْعُمْرَى لمن وهبت لَهُ فَإِن قيل روى مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إيما رجل أعمر عمرى لَهُ ولعقبه فَإِنَّهَا للَّذي يعطاها لَا ترجع إِلَى الَّذِي أَعْطَاهَا لِأَنَّهُ أعْطى عَطاء وَقعت فِيهِ الْمَوَارِيث قيل لَهُ هَذَا الزِّيَادَة من كَلَام أبي سَلمَة عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قضى فِيمَن أعمر عمرى فَهِيَ لَهُ ولعقبه بته لَا يجوز للمعطي فِيهَا شَرط وَلَا ثنيا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 148 قَالَ أَبُو سَلمَة لِأَنَّهُ أعْطى عَطاء وَقعت فِيهِ الْمَوَارِيث فَقطعت الْمَوَارِيث شَرطه وَقد رَوَاهُ اللَّيْث أَيْضا عَن ابْن شهَاب عَن أبي سَلمَة عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أعمر رجلا عمرى لَهُ ولعقبه فقد قطع قَوْله حَقه فِيهَا وَهِي لمن أعمرها ولعقبه وعَلى أَنه لَو صَحَّ حَدِيث مَالك وَاللَّيْث مَنعه من أَن يعود شَرط لَو فِيمَا يُوجب رُجُوعهَا إِلَيْهِ فَدلَّ أَن لَا شَرط لَا يعْمل فِيهَا إِذا لم يذكر فِيهَا الْعقب كَمَا لَا يعْمل إِذا ذكر فِيهَا الْعقب وَقد روى طَاوس عَن حجر المدري عَن زيد بن ثَابت أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قضى الْعُمْرَى للْوَارِث وَقد روى مُحَمَّد بن عمر عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا عمرى فَمن أعمر شَيْئا فَهُوَ لَهُ وروى مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل عَن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة قَالَ قَالَ لي مُعَاوِيَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من أعمر عمرى فَهِيَ لَهُ يَرِثهَا من عقبه من يَرِثهُ فَإِن احْتَجُّوا بِمَا روى عبد الْعَزِيز بن أبي حَازِم عَن كثير بن زيد عَن الْوَلِيد بن رَبَاح عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْمُسلمُونَ عِنْد شروطهم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 149 قيل لَهُ الشُّرُوط الْمُبَاحَة كَمَا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام كل شَرط لَيْسَ فِي كتاب الله فَهُوَ بَاطِل فَمَا أَبَاحَهُ الرَّسُول فَهُوَ من كتاب الله قَالَ الله تَعَالَى {وَمَا آتَاكُم الرَّسُول فَخُذُوهُ} وَأما الْعُمْرَى فِي الْمَنَافِع فَهِيَ عَارِية فَلهُ أَن يرجع فِيهَا مَتى شَاءَ فَإِن قيل فَلَو أوصى بِخِدْمَة عَبده لرجل أَو بسكنى دَار صَحَّ لَهُ ذَلِك بعد الْمَوْت قيل لَهُ لِأَن سَائِر التمليكات الَّتِي لَا إِبْدَال فِيهَا لَا يَقع الْملك فِيهَا إِلَّا بِالْقَبْضِ وَالْوَصِيَّة تصح بِغَيْر قبض 1846 - فِي الرقبى قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد إِذا قَالَ هَذِه الدَّار لَك رقبى فاقبضها فقبضها على ذَلِك فَهِيَ عَارِية وَقَالَ أَبُو يُوسُف هِيَ بِمَنْزِلَة الْعُمْرَى وَذكر الْحسن عَن زفر فِيمَن قَالَ قد أرقبتك دَاري هَذِه وَقَبضهَا على ذَلِك فَهِيَ هبة وَقَالَ مَالك لَا أعرف الرقبى فَسئلَ عَن الرجلَيْن بَينهمَا عبد فيحبسانه الحديث: 1846 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 150 على أَيهمَا مَاتَ فنصيب الْمَيِّت للحي حبس عَلَيْهِ إِلَى موت صَاحبه فَقَالَ لَا خير فِي هَذَا وَقَالَ الثَّوْريّ الرقبى أَن يَقُول هِيَ لَك فَإِذا مت فَهِيَ لي وَقَالَ الشَّافِعِي الرقبى مثل الْعُمْرَى قَالَ أَبُو جَعْفَر فَكَانَ معنى الرقبى عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد أَن التَّمْلِيك مُتَعَلق بِالْمَوْتِ ان مَاتَ المرقب صَارَت للمرقب وان مَاتَ المرقب فَهِيَ على ملك المرقب فَصَارَ مخاطره وَهِي عِنْد ابي يُوسُف وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ أَن التَّمْلِيك وَقع فِي الْحَال وَفِيه شَرط الرُّجُوع اليه إِن مَاتَ قبله فِي الْحَال وَفِيه شَرط الرُّجُوع إِلَيْهِ إِن مَاتَ قبله وَقد روى ابْن عُيَيْنَة عَن ابْن جريج عَن عَطاء عَن جَابر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تعمروا وَلَا ترقبوا فَمن أعمر شَيْئا أَو أرقبه فَهُوَ للْوَارِث إِذا مَاتَ وروى وَكِيع عَن يزِيد بن زِيَاد بن أبي الْجَعْد عَن حبيب بن أبي ثَابت عَن ابْن عمر نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الرقبى وَقَالَ من أرقب شَيْئا فَهُوَ لَهُ وروى دَاوُد عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْعُمْرَى جَائِزَة لأَهْلهَا والرقبى جَائِزَة لأَهْلهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 151 فَدلَّ على أَن الرقبى مَا دلّ عَلَيْهِ مَذْهَب الثَّوْريّ وَأبي يُوسُف وَالشَّافِعِيّ 1847 - فِي الرُّجُوع فِي الْهِبَة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا وهب لذِي رحم محرم لم يرجع وَإِن وهب لامْرَأَته لم يرجع وَكَذَلِكَ الْمَرْأَة لزَوجهَا وَإِن وهب لأَجْنَبِيّ رَجَعَ إِن شَاءَ مَا لم يثب مِنْهَا أَو يُرِيد فِي نَفسه وَذكر هِشَام عَن مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة إِذا علم الْمَوْهُوب لَهُ الْمَمْلُوك الْقُرْآن أَو الْحر فَلهُ أَن يرجع فِيهِ وَقَالَ مُحَمَّد لَا يرجع قَالَ مُحَمَّد وَكَذَلِكَ لَو كَانَ كَافِرًا فَأسلم أَو كَانَ عَلَيْهِ دين فَأدى الْمَوْهُوب لَهُ وَقَالَ الْحسن عَن زفر إِذا علمهَا الْمَوْهُوب لَهُ الْقُرْآن أَو الْكِتَابَة أَو الْمشْط فحذقت فِي ذَلِك فَلهُ أَن يرجع فِيهَا وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَا يرجع وَقَالَ عُثْمَان البتي فِي الرجل يُعْطي الرجل الْعَطِيَّة لَا يبين لَهُ أَنَّهَا عَطِيَّة جَائِزَة وَلَيْسَ لَهُ أَن يرجع فِيهَا وَقَالَ مَالك من نحل ولدا لَهُ نحلا أَو أعطَاهُ عَطاء لَيْسَ بِصَدقَة فَلهُ أَن يقبضهَا إِن شَاءَ مَا لم يستحدث الْوَارِث دينا من أجل الْعَطاء فَإِذا صَار عَلَيْهِ الدُّيُون لم يكن لِأَبِيهِ أَن يقبض من ذَلِك شَيْئا وَكَذَلِكَ إِذا زوج الفتاة بذلك أَو كَانَت جَارِيَة فزوجت لذَلِك فَلَيْسَ للْأَب أَن يقبض من ذَلِك شَيْئا الحديث: 1847 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 152 قَالَ مَالك الْأَمر الْمجمع عَلَيْهِ فِي بلدنا أَن الْهِبَة إِذا تَغَيَّرت عِنْد الْمَوْهُوب لَهُ بالثواب بِزِيَادَة أَو نُقْصَان فَإِن على الْمَوْهُوب لَهُ أَن يُعْطي الْوَاهِب قيمتهَا يَوْم قبضهَا وَقَالَ مَالك فِي الْوَاهِب يكون لوَرثَته مثل مَا كَانَ لَهُ من الثَّوَاب إِن اتَّبعُوهُ وروى الثَّوْريّ عَن ابْن أبي ليلى قَالَ للْوَاهِب أَن يرجع فِي هِبته دون القَاضِي وَعند أَصْحَابنَا لَا يرجع إِلَّا بِقَضَاء وَيرد الْمَوْهُوب لَهُ وَقَول الثَّوْريّ كَقَوْل أَصْحَابنَا فِي جَمِيع ذَلِك وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا يرجع فِيمَا وهب لمولى وَلَا تَابع لَهُ وَلَا لذِي رحم وَلَا امْرَأَة وَلَا لسلطان لمن دونه وَيرجع فِيمَا سوى ذَلِك فَإِن كَانَت الْهِبَة قد تمت فزادت عِنْد صَاحبهَا فقيمتها يَوْم وَهبهَا وَترجع الْمَرْأَة فِيمَا وهبت لزَوجهَا وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا لم يرد بِالْهبةِ ثَوَاب الدُّنْيَا لم يرجع إِذا قبض وَلَا يرجع فِيمَا وهب لذِي رحم محرم وَإِن وهب لغير ذِي رحم محرم يُرِيد بهَا ثَوَاب الدُّنْيَا فَلهُ أَن يرجع وَقَالَ اللَّيْث إِذا وهبه للْوَارِث رَجَعَ فِيهَا مثل قَول مَالك وَلَا ترجع الْمَرْأَة فِيمَا وهبت لزَوجهَا إِلَّا أَن يكون سَأَلَهَا أَن تهب لَهُ ثمَّ طَلقهَا مَكَانَهُ أَو بعد ذَلِك بِيَوْم أَو نَحوه فَإِنَّهُ يردهَا لِأَن ذَلِك مِنْهُ خدعة وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يرجع فِي الْهِبَة إِلَّا الْوَالِد فِيمَا يهب لوَلَده قَالَ أَبُو جَعْفَر روى قَتَادَة عَن سعيد بن الْمسيب عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْعَائِد فِي هِبته كالعائد فِي قيئه وروى ابْن طَاوس عَن أَبِيه عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْعَائِد فِي هِبته كَالْكَلْبِ يقيء ثمَّ يعود فِيهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 153 وروى ابْن الْمُبَارك عَن خَالِد عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَيْسَ لنا الْمثل السوء الرَّاجِع فِي هِبته كَالْكَلْبِ يعود فِي قيئه وروى عَوْف عَن خلاس بن عَمْرو عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مثل الَّذِي عيود فِي عطائه كَمثل الْكَلْب أكل حَتَّى إِذا شبع قاء ثمَّ عَاد فِي قيئه فَأَكله فَثَبت أَن المُرَاد بِالْحَدِيثِ الأول الْكَلْب وَلَيْسَ ذَلِك من طَرِيق التَّحْرِيم وَقد روى عمر بن شُعَيْب عَن طَاوس عَن ابْن عمر وَابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُم قَالَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يحل لواهب أَن يرجع فِي هِبته إِلَّا الْوَالِد لوَلَده وروى ابْن جريج عَن الْحسن بن مُسلم عَن طَاوس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا يحل لأحد أَن يهب هبة يعود فِيهَا إِلَّا الْوَالِد فَجعله الْحسن بن مُسلم مُرْسلا وَقد روى حَنْظَلَة بن أبي سُفْيَان عَن سَالم عَن ابْن عمر أَن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ من وهب هبة فَهُوَ أَحَق بهَا حَتَّى يُثَاب مِنْهَا بِمَا يرضى وَلَو كَانَ عِنْد ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم علم فِي هَذَا الحَدِيث لما استجاز الجزء: 4 ¦ الصفحة: 154 الرِّوَايَة عَن عمر بِخِلَافِهِ ولأخبر بِمَا عِنْده ليرْجع إِلَيْهِ كَمَا رَجَعَ إِلَى مَا حَدثهُ بِهِ الضَّحَّاك بن سُفْيَان فِي تَوْرِيث الْمَرْأَة من دِيَة زَوجهَا وَأما حَدِيث النُّعْمَان بن بشير أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لِأَبِيهِ أرجعه فقد بَينا وَجهه فِيمَا تقدم وَأَنه لم يكن مُعْتَرضًا وَقَالَ عَليّ وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا وفضالة بن عبيد الْوَاهِب أَحَق بهبته مَا لم يثبت مِنْهَا إِلَّا فِي ذِي رحم محرم وروى مُعَاوِيَة بن صَالح عَن رَاشد بن سعد عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ الْمَوَاهِب ثَلَاثَة رجل وهب من غير أَن يستوهب فَهِيَ كسبيل الصَّدَقَة فَلَا يرجع فِي صدقته وَرجل استوهب فوهب فَلهُ الثَّوَاب فَإِن قبل على موهبته ثَوابًا فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا ذَلِك وَله أَن يرجع فِي هِبته مَا لم يثبت وَرجل وهب وَاشْترط الثَّوَاب فَهُوَ دين على صَاحبهَا فِي حَيَاته وَبعد مَوته فَفرق أَبُو الدَّرْدَاء بَين الْوَاهِب على مَا ذكرنَا وَلم يفرق عَليّ وَعمر وفضالة رَضِي الله عَنْهُم بَين شَيْء من ذَلِك إِلَّا فِي الثَّوَاب وَقَول أبي الدراء فِي شَرط الثَّوَاب أَنه دين يدل على قَول زفر إِن الْهِبَة على عوض كَالْبيع آخر كتاب الْهِبَة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 155 = كتاب الصَّدَقَة = 1848 - الْمَوْقُوفَة فِي الْوَقْت قَالَ أَبُو حنيفَة وَزفر لَا يخرج عَن ملكه بوقفه إِيَّاه وَهُوَ مِيرَاث بعد الْمَوْت إِلَّا فِي الْوَصِيَّة بعد الْمَوْت وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَمَالك وَعبيد الله بن الْحسن وَالشَّافِعِيّ وَالْأَوْزَاعِيّ يَصح وَاخْتلفُوا فِي شُرُوطه فَقَالَ مَالك وَالْحسن بن حَيّ وَمُحَمّد وَالْأَوْزَاعِيّ وَابْن أبي ليلى إِن أخرجهَا من يَده صَحَّ الْوَقْف وَإِلَّا لم يَصح وَقَالَ أَبُو يُوسُف يَصح وَإِن لم يُخرجهَا عَن يَده وَهُوَ قَول اللَّيْث وَالشَّافِعِيّ قَالَ مَالك إِن أوقفها فِي الصِّحَّة لم يَصح حَتَّى يُخرجهَا عَن يَده وَإِن أوقفها فِي الْمَرَض صَحَّ من الثُّلُث إِن لم يُخرجهَا عَن يَده لِأَنَّهَا وَصِيَّة قَالَ أَبُو جَعْفَر روى أَبُو عَاصِم عَن ابْن عون عَن نَافِع عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ أَن عمر أصَاب أَرضًا بِخَيْبَر فَقَالَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنِّي أصبت الحديث: 1848 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 157 أَرضًا لم أصب مَالا قطّ أحسن مِنْهُ فَكيف تَأْمُرنِي قَالَ إِن شِئْت حبست أَصْلهَا لَا يُبَاع وَلَا يُوهب قَالَ أَبُو عَاصِم أرَاهُ قَالَ لَا تورث وروى ابْن عُيَيْنَة عَن عبيد الله بن عمر عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَن عمر ملك مائَة سهم من خَيْبَر اشْتَرَاهَا فاستجمعها فَقَالَ يَا رَسُول الله إِنِّي أصبت مَالا لم أصب مثله قطّ وَقد أردْت أَن أَتَقَرَّب بِهِ إِلَى الله تَعَالَى فَقَالَ لَهُ احْبِسْ الأَصْل وسبل الثَّمر قَالَ أَبُو جَعْفَر حكى عِيسَى بن أبان أَن أَبَا يُوسُف لما قدم بَغْدَاد فَحدث بِحَدِيث ابْن عون عَن نَافِع الَّذِي ذكرنَا فَلم يعرفهُ وَقَالَ كَيفَ لنا بِمن يحدثنا بِهَذَا عَن ابْن عون فحدثه إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن علية فَقَالَ هَذَا لَا يسع أحد خِلَافه وَلَو تناهى هَذَا إِلَى أبي حنيفَة لقَالَ بِهِ وَلما خَالفه فَمنع حِينَئِذٍ من بيعهَا وَتَابعه النَّاس على ذَلِك حَتَّى صَار كَمَا لَا مُخَالف لَهُ فِيهِ قَالَ أَبُو جَعْفَر قَول شُرَيْح جَاءَ مُحَمَّد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام بِمَنْع الْحَبْس يحْتَمل وَجْهَيْن أَحدهمَا حبس الْجَاهِلِيَّة من السائبة والوصيلة وَالْآخر مَا سمى لقوم يجوز انقراضهم وَلَا يَجْعَل آخِره للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين الجزء: 4 ¦ الصفحة: 158 وَالْوَجْه الثَّانِي تَأَوَّلَه مُحَمَّد قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلما لم يذكر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعمر إخْرَاجهَا عَن يَده دلّ على جَوَازه غير مَقْبُوض 1849 - فِي وقف الْمشَاع قَالَ أَبُو يُوسُف وَمَالك وَالشَّافِعِيّ يجوز وقف الْمشَاع وَقَالَ مُحَمَّد لَا يجوز قَالَ أَبُو جَعْفَر وَكَانَ عمر رَضِي الله عَنهُ ملك مائَة سهم من خَيْبَر ثمَّ أمره النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بحبسها فَإِن قيل يجوز أَن يكون كَانَت مقسومة قيل لَهُ كَانَت سِهَام الصَّحَابَة كلهَا مشاعة وَإِنَّمَا جعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل سهم مائَة رجل فِي نَاحيَة وَقسم النّصْف على ثَمَانِيَة عشر سَهْما فَكَانَت السِّهَام مشاعة ثمَّ قسمهَا عمر رَضِي الله عَنهُ بعد ذَلِك فِي خِلَافَته حَتَّى حصل لكل وَاحِد جُزْء مقسوم وروى حَمَّاد بن سَلمَة عَن عبيد الله بن عمر عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعْطى خَيْبَر يهودا على أَن لَهُم الشّطْر من نخل وَزرع مَا بدا لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ عبد الله بن رَوَاحه يَأْتِيهم فِي كل عَام فيخرصها عَلَيْهَا ثمَّ يضمنهم الشّطْر فَلَمَّا كَانَ زمَان عمر رَضِي الله عَنهُ غالوا فِي الْمُسلمين وغشوهم ورموا ابْن عمر من فَوق بَيت ففدعوا يَدَيْهِ فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ من كَانَ لَهُ سهم من خَيْبَر فليحضر حَتَّى نقسمها بَينهم فَقَالَ رَئِيس الْيَهُود لَا تخرجنا وَدعنَا الحديث: 1849 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 159 نَكُون فِيهَا كَمَا أقرنا مُحَمَّد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ لَهُ عمر رَضِي الله عَنهُ أتراه سقط عني قَول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَيفَ بك إِذا رقصت بك راحلتك نَحْو الشَّام يَوْمًا ثمَّ يَوْمًا وَقسمهَا عمر رَضِي الله عَنهُ بَين من كَانَ شهد خَيْبَر من أهل الْحُدَيْبِيَة 1850 - فِي الْوَقْف على من يجوز انْقِطَاعه روى بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف فِي إمْلَائِهِ فِي رَجَب سنة تسع وَسبعين كل وقف لَا يَنْقَطِع على الْأَبَد فَهُوَ جَائِز وكل وقف يَنْقَطِع فَلَا يجوز وَإِن وَقفهَا على موَالِيه ونسلهم فَإِن انقرضوا جَازَ لِأَنَّهُ على قوم يعرف أعيانهم وَإِن لم يقل ونسلهم لم يجز لِأَنَّهُ سمى قوما بأعيانهم فَإِن قَالَ ونسلهم فَإِن انقرضوا فَهِيَ للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين فَهُوَ أَجود وأملى عَلَيْهِم مفي سنة ثَمَانِينَ إِذا جعلهَا وَقفا على وَلَده فَهُوَ جَائِز مَا داموا أَحيَاء ينْفق عَلَيْهِم من غَلَّتهَا فَإِذا انقرضوا رجعت إِلَى رب الْوَقْف إِن كَانَ حَيا وَإِن كَانَ مَيتا فَإلَى ورثته وَإِن قَالَ هِيَ صَدَقَة مَوْقُوفَة ينْفق مِنْهَا على فلَان فقد أوجبهَا للْمَسَاكِين بعد موت فلَان مُؤَبّدَة وَإِذا قَالَ صَدَقَة على فلَان فَلم يَجْعَلهَا صَدَقَة على غَيره الحديث: 1850 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 160 وَقَالَ مُحَمَّد يَنْقَطِع فترجع إِلَى صَاحبه أَو إِلَى الْوَقْف فَذَلِك الْحَبْس الْمنْهِي عَنهُ فَلَا يجوز وَقَالَ مَالك إِذا أوقفهُ على وَلَده فانقرضوا رجعت على أولى النَّاس بالواقف وَقَالَ اللَّيْث ترجع إِلَى الْوَاقِف إِن كَانَ حَيا وَإِن كَانَ مَيتا فَإلَى ورثته يَوْم مَاتَ وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا قَالَ تَصَدَّقت بداري هَذِه على قوم أَو على رجل مَعْرُوف حَيّ يَوْم تصدق أَو قَالَ صَدَقَة مُحرمَة أَو قَالَ مَوْقُوفَة أَو مسبلة فقد خرجت عَن ملكه وَلَا تعود مِيرَاثا أبدا وَلَا يجوز أَن يُخرجهَا من ملكه إِلَّا إِلَى مَالك مَنْفَعَة يَوْم يُخرجهَا إِلَيْهِ وَإِن لم يسبلها على من بعدهمْ كَانَت مُحرمَة أبدا فَإِذا انقرض الْمُتَصَدّق بهَا عَلَيْهِ كَانَت بِحَالِهَا ورددناها على أقرب النَّاس بِالَّذِي تصدق بهَا يَوْم ترجع قَالَ أَبُو جَعْفَر لما لم تصح الصَّدَقَة على من لم يُوجد فِيمَا يجوز انقراضه علمنَا أَن شَرطهَا أَن يكون بَاقِيَة لَازِمَة فَإِذا لم يشْتَرط بقاءها لمن لَا ينقرض وَجب أَن تبطل فَلَا يجوز أَن ترجع إِلَى أقرب النَّاس من الْوَاقِف لِأَنَّهُ لَو جَازَ ذَلِك لَكَانَ رُجُوعه إِلَى الْوَاقِف أولى 1851 - فِي وقف الْعقار قَالَ أَبُو يُوسُف لَا يجوز وقف الْحَيَوَان وَلَا الرَّقِيق وَلَا الْعرُوض مَا خلا الكراع وَالسِّلَاح الْمَحْبُوس للصدقة وَمَا خلا الرَّقِيق وَالْبَقر والآلة فِي الأَرْض الْمَوْقُوفَة للْعَمَل فِيهَا فَإِن ذَلِك يصير وَقفا مَعهَا الحديث: 1851 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 161 وروى عَنهُ أَيْضا أَن مَا كَانَ لَهُ غلَّة فَجَائِز أَن يقفه وَيجْعَل غَلَّته للْفُقَرَاء وَقَالَ مُحَمَّد لَا بَأْس بِحَبْس الْفرس وَالسِّلَاح فِي سَبِيل الله تَعَالَى فَيَقُول هُوَ حبس على من يَغْزُو ويدفعه إِلَى من يقوم بِهِ وَيجوز وقف الْمُصحف يقْرَأ فِيهِ أَو دَار يسكنهَا الْغُزَاة ويؤاجر فَيكون أجرهَا فِي سَبِيل الله إِذا أخرجهَا من يَده وَقَالَ مَالك لَا بَأْس أَن يحبس الثِّيَاب والسروج وَإِن حبس دَنَانِير على إِنْسَان يتجر فِيهَا فَهِيَ قرض وَلَيْسَ للحابس أَن يرجع فِيهَا إِلَّا أَن لَا يقبلهَا الَّذِي حبست عَلَيْهِ وَقَالَ اللَّيْث لَا بَأْس بِحَبْس الْفرس فِي سَبِيل الله تَعَالَى وَيجوز أَن يحبس جَارِيَة على إِنْسَان فَإِن هلك ذَلِك الْإِنْسَان فَهِيَ حرَّة عتقت من جَمِيع المَال إِذا قَالَه فِي الصِّحَّة وَقَالَ الشَّافِعِي يجوز الْحَبْس فِي الرَّقِيق والماشية إِذا كَانَت بِعَينهَا يعرفهَا الشُّهُود وَلَا يجوز وقف الدَّنَانِير لِأَنَّهَا لَا ينْتَفع بهَا إِلَّا باستهلاك عينهَا وَقَالَ مُحَمَّد بن عبد الله الْأنْصَارِيّ يجوز وقف الرَّقِيق وَالدَّوَاب على آل فلَان فيستعمل وَينْفق عَلَيْهَا فَمَا فضل فَهُوَ لآل فلَان وَإِن ولدت الدَّابَّة أَو الْجَارِيَة بيع وَصرف ثمنه إِلَى الْفُقَرَاء من آلا فلَان فَإِن لم يكن فِي آل فلَان فُقَرَاء صرف فِي مَوَاضِع الْبر وَيجوز وقف الدَّنَانِير وَالدَّرَاهِم وَيدْفَع مُضَارَبَة وَيتَصَدَّق بفضلها فِي الْوُجُوه الَّتِي وقفت عَلَيْهَا وَيجوز وقف الأكسية يلبسهَا الْفُقَرَاء لبسهَا ثمَّ ترد إِلَى وَالِي الصَّدَقَة كلما اسْتغنى عَنْهَا قَالَ أَبُو جَعْفَر روى الْمُخْتَار بن فلفل عَن طلق بن حبيب عَن أبي طليق أَنه كَانَ لَهُ جمل وناقة يحجّ على النَّاقة ويغزو على الْجمل الجزء: 4 ¦ الصفحة: 162 فَسَأَلته امْرَأَته أَن يُعْطِيهَا الْجمل لتحج عَلَيْهِ فَقَالَ ألم تعلمي أَنِّي حَبسته فِي سَبِيل الله تَعَالَى فَقَالَت إِن الْحَج من سَبِيل الله وَسَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ الْحَج فِي سَبِيل الله والغزو فِي سَبِيل الله وروى الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالصَّدَقَةِ فَقيل منع ابْن جميل وخَالِد بن الْوَلِيد وعباس بن عبد الْمطلب فَقَالَ أما خَالِد فَإِنَّكُم تظْلمُونَ خَالِدا فقد احْتبسَ أدراعه وأعتده فِي سَبِيل الله تَعَالَى وَفِي حَدِيث أم معقل الأشجعية أَن زَوجهَا جعل ناضحة فِي سَبِيل الله تَعَالَى فَسَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ الْحَج وَالْعمْرَة فِي سَبِيل الله وَفِي حَدِيث أبي طليق دلَالَة على صِحَة الْحَبْس فِي الدَّوَابّ وَإِن لم تخرج عَن يَد حابسها وَأما الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير فَلَا يَصح وَقفهَا لِأَنَّهَا تستهلك عينهَا فَتخرج عَن أَن تكون مَوْقُوفَة وَأَجَازَ مَالك وقف الدَّنَانِير وَجعلهَا مَعَ ذَلِك قرضا على من أوقفت عَلَيْهِ فَلَا معنى لَهُ لِأَنَّهَا إِذا جعلت كَذَلِك فَهِيَ مَمْلُوكَة لمن أوقفت عَلَيْهِ والأوقاف لَا تكون مَمْلُوكَة 1852 - فِي وقف الرجل على نَفسه قَالَ بشر عَن أبي يُوسُف وَلَو اسْتثْنى أَن ينْفق مِنْهَا على نَفسه من الصَّدَقَة الْمَوْقُوفَة حَيَاته وَهِي لِلْأَبَد فَإِن ذَلِك جَائِز الحديث: 1852 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 163 وَقَالَ مَالك من حبس دَارا فَإِنَّهَا لَا ترجع إِلَيْهِ أبدا فَإِذا انقرض من حَبسهَا عَلَيْهِ رجعت حبسا على أقرب النَّاس وَإِن شَرط أَنَّهَا رَاجِعَة إِلَيْهِ بعد انْقِرَاض من حَبسهَا عَلَيْهِ رجعت مِيرَاثا بَين وَرَثَة الحابس يَوْم مَاتَ وَقَالَ الْأنْصَارِيّ يجوز أَن يَسْتَثْنِي نَفَقَة على نَفسه لقَوْل عمر رَضِي الله عَنهُ فِي وَقفه لَا جنَاح على من وَليهَا أَن يَأْكُل مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ غير مُتَمَوّل وَقد كَانَ هُوَ وَليهَا لم يُخرجهَا عَن يَده وَقَالَ مُحَمَّد لَا يجوز إيقافه على أم وَلَده وَلَا مدبره لِأَن ذَلِك يكون للْمولى الْوَاقِف وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا قَالَ دَاري حبيس على وَلَدي ثمَّ مرجعها إِلَى إِذا انقرضوا فالحبس بَاطِل وَقد قيل هُوَ جَائِز وَيرجع على أقرب النَّاس بالمحبس لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أبطل الشَّرْط فِي الْعُمْرَى وأجازها قَالَ أَبُو جَعْفَر إِنَّمَا يَصح الْوَقْف فِي مَنَافِع الْأَشْيَاء الَّتِي يملكهَا الْوَاقِف فيجعلها لغيره فَلَا يجوز شَرطهَا لنَفسِهِ لِأَنَّهُ لَا يجوز أَن يملك نَفسه مَا هُوَ مَالِكه وَأما عمر رَضِي الله عَنهُ فَإِنَّمَا شَرط ذَلِك لمن يَلِيهِ من غَيره وَالدَّلِيل على أَن مَنَافِع الْوَقْف إِنَّمَا ملكهَا الْمَوْقُوف عَلَيْهِ من جِهَة الْموقف مَا روى إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا مَاتَ العَبْد انْقَطع عمله إِلَّا من ثَلَاثَة من صَدَقَة جَارِيَة أَو علم ينْتَفع بِهِ أَو ولد صَالح يَدْعُو لَهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 164 فَدلَّ أَنَّهَا مَمْلُوكَة من قبله لَوْلَا ذَلِك لما اسْتحق ثَوَابهَا قَالَ أَبُو بكر هَذَا لَا يدل على أَنَّهَا مَمْلُوكَة من قبله لِأَنَّهُ قد اسْتحق الثَّوَاب لأجل أَنه سَببه وأوصل إِلَيْهِ كَمَا قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الدَّال على الْخَيْر كفاعله وكما قَالَ من سنّ سنة حَسَنَة لَهُ اجرها وَأجر من عمل بهَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة 1853 - فِي وقف الْمَرِيض على الْوَارِث قَالَ مَالك إِذا حبس دَاره فِي مَرضه على وَلَده وَولد وَلَده وَالثلث يحملهَا فَإِنَّهَا تقسم على عدد الْوَلَد وَولد الْوَلَد فَمَا صَار للْوَلَد الْأَعْيَان دخل مَعَهم بَقِيَّة الْوَرَثَة فَيكون بَينهم على فَرَائض الله تَعَالَى حَتَّى إِذا انقرض ولد الْأَعْيَان رجعت الدَّار كلهَا حبسا على ولد الْوَلَد وَإِن انقرض وَاحِد من ولد الْأَعْيَان قسم نصِيبه على من بَقِي من ولد الْأَعْيَان وعَلى ولد الْوَلَد ثمَّ تدخل الزَّوْجَة وَالأُم وورثة الْمَيِّت مَعَ ولد الْأَعْيَان فَمَا أصَاب ولد الْأَعْيَان من ذَلِك على فَرَائض الله عز وَجل فَإِن هلك بَقِيَّة الْوَرَثَة من غير الْوَلَد كَانَ نصِيبهم دخل ويرثهم فِي حظوظهم مَا دَامَ أحد من ولد الْأَعْيَان حَيا الحديث: 1853 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 165 وَذكر الْحسن عَن أبي يُوسُف إِذا وقف دَاره فِي مَرضه على وَلَده وَولد وَلَده أبدا ثمَّ مَاتَ جَازَ ذَلِك من الثُّلُث لمن لَا يَرِثهُ وَمن كَانَ مِنْهُم يَرِثهُ بطلت حِصَّته من ذَلِك وَقَالَ الْأنْصَارِيّ هِيَ صَدَقَة مَوْقُوفَة وتقسم حِصَّة الْوَارِث بَين أهل الْمِيرَاث على كتاب الله تَعَالَى وَينفذ لمن لم يكن وَارِثا حِصَّته من ذَلِك فَإِن مَاتَ الْوَارِث رجعت حِصَّته على أهل الْوَقْف قَالَ أَبُو جَعْفَر قَول مَالك والأنصاري لَا معنى لَهُ لِأَن حِصَّة الْوَارِث إِذا لم يجز فِيهِ الْوَقْف فَهُوَ موروث لَا يعود بعد ذَلِك وَقفا أبدا 1854 - فِي اشْتِرَاط بيع الْوَقْف قَالَ بشر عَن أبي يُوسُف فِي سنة تسع وَسبعين إِن جعل الْوَاقِف نَفسه بِالْخِيَارِ فِي بيع الْوَقْف أَن يَجْعَل ذَلِك فِي وقف أفضل مِنْهُ فَهُوَ جَائِز وَإِن مَاتَ قبل أَن يخْتَار إِبْطَاله مضى الْوَقْف على مَا نَص عَلَيْهِ قَالَ وَقَالَ أَبُو يُوسُف بعد ذَلِك لَا يجوز الِاسْتِثْنَاء فِي إبِْطَال الْوَقْف وَالْوَقْف نَافِذ جَائِز قَالَ أَبُو بكر لم نجد جَوَاز الْخِيَار فِي بيع الْوَقْف إِلَّا عَن أبي يُوسُف وَهُوَ فَاسد لِأَن الْوَقْف كَالْعِتْقِ وَشرط الْخِيَار فِي الْعتْق بَاطِل 1855 - فِي وقف الرجل على وَلَده الصغار قَالَ مَالك من حبس دورا لَهُ على ولد لَهُ صغَار فسكن مِنْهَا دَارا فَإِن كَانَت عظم ذَلِك لم يجز وَإِن كَانَت بيعا جَازَ حبس تِلْكَ الدّور كلهَا بِمَنْزِلَة الَّذِي سكن الْبَيْت من الدَّار الحديث: 1854 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 166 قَالَ أَبُو جَعْفَر وَفِي قَول أبي يُوسُف وَالشَّافِعِيّ قد جَازَ بالْقَوْل وَقِيَاس قَول مُحَمَّد إِنَّهَا جَائِزَة وَإِن لم يُخرجهَا من يَده وَإِن كَانَ فيهم كَبِير لم يجز بِحَال إِذا وقفت وَهِي فِي يَد الْأَب كَمَا قَالَ فِي الصَّدَقَة الْمَمْلُوكَة فَإِن ابْن سَمَّاعَة حُكيَ عَنهُ فِيمَن تصدق على اثْنَيْنِ بدار لَهُ أَحدهمَا صَغِير وَالْآخر كَبِير فَإِن لم يقبض الْكَبِير لم يجز لوَاحِد مِنْهُمَا وَإِن قبض الْكَبِير جَازَت لَهما قَالَ أَبُو جَعْفَر وَهَذَا فَاسد على أَصله لِأَن من أَصله من تصدق على رجلَيْنِ صَدَقَة وَاحِدَة لم يجز حَتَّى يقبضاها مِنْهُ قبضا وَاحِدًا وَإِن قبضهَا قبضين مُخْتَلفين لم يجز وَحكى أَبُو خازم عَن عَليّ الرَّازِيّ فِي تَحْدِيد قَول مُحَمَّد نَحْو ذَلِك قَالَ فَقَالَ لي عَليّ الرَّازِيّ هَل فِي حِيلَة تجوز مَعهَا صدقته على اثْنَيْنِ لَهُ أَحدهمَا كَبِير وَالْآخر صَغِير فَقلت نعم يسلم الدَّار إِلَى ابْنه الْكَبِير ثمَّ يَقُول لَهُ ابْنه الْكَبِير تصدق بدارك هَذِه عَليّ وعَلى ابْنك الصَّغِير فَيَقُول قد فعلت فَيجوز لَهما 1856 - فِي الْأَلْفَاظ الَّتِي يَصح بهَا الْوَقْف الَّذِي وجدنَا عَن مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث ذكر الْحَبْس وَذكر هِلَال الرَّأْي عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة إِذا قَالَ أرضي هَذِه صَدَقَة أَنه يَنْبَغِي أَن يتَصَدَّق بأصلها على الْمَسَاكِين أَو بيعهَا فَيتَصَدَّق بِثمنِهَا وَلَا فرق بَين قَوْله صَدَقَة وَبَين قَوْله صَدَقَة على الْمَسَاكِين الحديث: 1856 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 167 وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَو قَالَ أرضي هَذِه مَوْقُوفَة وَلم يزدْ على ذَلِك لم تكن صَدَقَة وَلَا وَقفا وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَعُثْمَان البتي تكون وَقفا وَإِن قَالَ أرضي هَذِه وقف أَو قَالَ هِيَ مُحرمَة أَو قَالَ حبس مُحرمَة لم يجز لِأَنَّهُ ذكر حبس الأَصْل وَلم يسم لمن الْغلَّة وَإِن قَالَ مَوْقُوفَة لله تَعَالَى جَازَ وَهِي كَقَوْلِه صَدَقَة مَوْقُوفَة وَإِن قَالَ مَوْقُوفَة لله أبدا على نسلي أَو قَرَابَتي فَهَذَا جَائِز وَالْغلَّة لَهُم حياتهم فَإِذا انقرضوا صَارَت للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين قَالَ هِلَال وَقد قَالَ ثَلَاثُونَ من الْفُقَهَاء لَا يجوز الْوَقْف حَتَّى يَجْعَل آخِره للْمَسَاكِين وَذكر الْخصاف عَن مَعَاني أبي يُوسُف أَنه إِذا قَالَ هِيَ صَدَقَة مَوْقُوفَة على فلَان أبدا أَو قَالَ صَدَقَة مَوْقُوفَة مَا كَانَ حَيا فَإِذا مَاتَ صَارَت الْغلَّة للْمَسَاكِين قَالَ إِذا قَالَ أبدا فقد أوجبهَا للْمَسَاكِين أَلا ترى أَنه لَو قَالَ أرضي هَذِه مَوْقُوفَة لله أبدا فَإِنَّمَا قصد بغلتها إِلَى الْمَسَاكِين فَإِن لم يقل أبدا فقد قَالَ بعض الْفُقَهَاء إِنَّهَا تكون مَوْقُوفَة للْمَسَاكِين وَقد قَالَ مُحَمَّد فِي الْإِمْلَاء مَا كَانَ من حبس جَارِيا على الْأَبَد فَهُوَ صَدَقَة مَوْقُوفَة لَا يرجع إِلَى الْمِيرَاث وَلَا إِلَى صَاحبه أبدا إِذا دَفعه إِلَى قيم يقوم بِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 168 وَقَالَ الشَّافِعِي تتمّ الصَّدقَات الْمُحرمَات أَن يتَصَدَّق بهَا مَالِكهَا على قوم معروفين بأعيانهم وأنسابهم وصفاتهم ويجتمع فِي ذَلِك أَن يَقُول صَدَقَة لَا تبَاع وَلَا توهب وَلَا تورث أَو يَقُول صَدَقَة مُحرمَة أَو مُؤَبّدَة فَإِذا كَانَ وَاحِدًا من هَذَا فقد صحت فَلَا تعود مِيرَاثا أبدا قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعمر احْبِسْ الأَصْل وسبل الثَّمَرَة فَدلَّ على أَنه إِذا ذكر الْحَبْس وتسبيل الثَّمَرَة صحت الصَّدَقَة وَإِن لم يقل صَدَقَة مَوْقُوفَة فَأَما جعله لله تَعَالَى فَإِنَّهُ يحْتَمل صَدَقَة مَمْلُوكَة وَيحْتَمل مَوْقُوفَة وَيدل على الِاحْتِمَال حَدِيث أنس فِي خبر أبي طَلْحَة لما جَاءَ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِنِّي جعلت أرضي لله تَعَالَى فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اجْعَلْهَا فِي فُقَرَاء قرابتك فَجَعلهَا لحسان وَأبي وَفِي بعض الفاظه أَنه قَالَ قد جعلهَا لله وَلِرَسُولِهِ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد قبلناه مِنْك ورددناه عَلَيْك فاجعله من الْأَقْرَبين فَتصدق بِهِ على ذَوي رَحمَه مِنْهُم أَبى وَحسان فَبَاعَ حسان نصِيبه من مُعَاوِيَة فَلم يَجْعَلهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَدَقَة مَوْقُوفَة بقوله هِيَ لله وَلِرَسُولِهِ 1857 - بَاب شَرط بيع الْوَقْف قَالَ أَبُو جَعْفَر حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد بن الْحسن الْمَدِينِيّ قَالَ حَدثنَا أَبُو عبيد الله المَخْزُومِي سعيد بن عبد الرَّحْمَن قَالَ حَدثنَا الْحسن بن زيد عَن عمر بن عَليّ بن حُسَيْن عَن أَبِيه عَليّ بن حُسَيْن عَن حُسَيْن بن عَليّ أَن الحديث: 1857 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 169 عليا رَضِي الله عَنهُ تصدق بأمواله حِين توجه إِلَى صفّين جعلهَا حبسا ثلثهَا الْحسن ثمَّ الْحُسَيْن ثمَّ وسع عَلَيْهِمَا إِن نأت بهما دَار عَن دَار الصَّدَقَة أَن يبيعا الأَصْل باعاه ثمَّ قسماه أَثلَاثًا فثلث فِي السَّبِيل الَّتِي سبل فِي الرّقاب وَثلث فِي آل أبي طَالب وَثلث فِي بني هَاشم وَبني الْمطلب وَلم يَجْعَل ذَلِك بعدهمَا لأحد من وَلَده وَلَا لأولادهما وَإِنَّمَا وسع عَلَيْهِمَا تقربا إِلَى الله تَعَالَى وَحُرْمَة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وتعظيما وتشريفا لمكانهما قيل لَهُ قد روى أَبُو يُوسُف قَالَ حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد بن عمر بن عَليّ عَن أَبِيه عَن جده عَن عَليّ بن أبي طَالب ذكر فِي وَقفه بينبع وَأَنَّهَا لَا يُبَاع وَلَا يُوهب وَلَا يُورث فَهَذَا الْأَشْبَه بأصول الصَّدقَات 1858 - فِي حبس سُكْنى دَار هَل يجوز بيعهَا قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ مَالك وَاللَّيْث فِي رجل حبس دَاره على رجل ليسكنها أبدا فَإِن للْوَاقِف أَن يَشْتَرِي سكناهَا مِنْهُ وَلَا يجوز ذَلِك لغيره وعَلى هَذَا أَصلهمَا فِي تجوزيهما الْوَقْف غير مؤبد وَأَجَازَ أصحابهما الْوَصِيَّة بسكنى دَار لرجل إِذا خرجت من الثُّلُث فَإِن صَالحه الْوَارِث على أَن يتْرك السُّكْنَى على دَرَاهِم جَازَ وَإِن صَالحه غَيره على دِرْهَم على أَن يكون السُّكْنَى لَهُ لم يجز آخر كتاب الصَّدَقَة الْمَوْقُوفَة الحديث: 1858 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 170 = كتاب الْغَصْب = 1859 - فِي الْمَغْصُوب يقدر على مثل مَاله هَل يَأْخُذهُ قَالَ أَصْحَابنَا وَالْحسن بن حَيّ إِذا كَانَ لرجل على رجل مَال فَوجدَ مثله فَلهُ أَخذه بِغَيْر إِذْنه وَلَا يَأْخُذ من غير جنسه وَهُوَ قَول الثَّوْريّ رِوَايَة وَقَالَ ابْن أبي ليلى إِذا كَانَ لرجل على آخر مَال وَله عَلَيْهِ مثله فَإِنَّهُ لَا يكون قصاصا إِلَّا أَن يتراضيا بِهِ وَقَالَ مُحَمَّد إِذا جحد وَدِيعَة عِنْده ثمَّ استودع الجاحد الْمُودع لم يكن لَهُ أَن يجحده وَقَالَ الثَّوْريّ فِي رِوَايَة الْمعَافى لَا يصير قصاصا حَتَّى يتقاضى وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا كَانَ الْغَاصِب أثمن الْمَغْصُوب على مَال دَفعه إِلَيْهِ فَعَلَيهِ أَن يُؤَدِّي إِلَيْهِ وَإِن وجده لَهُ وَلم يثمنه فَلَا بَأْس بِأَن يَأْخُذهُ وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ حق فَلهُ أَخذه بِغَيْر إِذْنه وَلكُل من علم ذَلِك أَن يَأْخُذهُ من مَال عَلَيْهِ فيعطيه وَقَالَ إِذا اشْترى لَهُ شَيْئا بأَمْره ثمَّ يجحده الْآمِر فَلهُ أَن يَبِيعهُ ويستوفي حَقه الَّذِي أذن فِي ثمنه وَيُوقف الْفضل وَإِن صدقه يَوْمًا أَخذه الحديث: 1859 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 171 وَقَالَ اللَّيْث إِذا باعت الْمَرْأَة خَادِم زَوجهَا فِي النَّفَقَة جَازَ بيعهَا وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا كَانَ عَلَيْهِ حق فَمَنعه إِيَّاه فَلهُ أَن يَأْخُذ من مَاله حَيْثُ وجده بوزنه أَو كَيْله فَإِن لم يجد لَهُ بَاعَ عروضه وَاسْتوْفى من ثمنه حَقه قَالَ أَبُو جَعْفَر فروى بكر بن خلف قَالَ حَدثنَا بشر بن الْمفضل قَالَ حَدثنَا حميد عَن يُوسُف الْمَكِّيّ قَالَ كنت أكتب لفُلَان نَفَقَة أَيْتَام كَانَ وليهم فغالطوه بِأَلف دِرْهَم فأداها إِلَيْهِم فأدركت لَهُ مثلهَا من مَالهم فَقلت أَقبض الْألف الَّذِي ذَهَبُوا بهَا مِنْك فَقَالَ حَدثنِي أبي أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول أد الْأَمَانَة إِلَى من ائتمنك وَلَا تخن من خانك قَالَ أَبُو جَعْفَر وَهُوَ حَدِيث مُضْطَرب لِأَن بشر بن الْمفضل رَوَاهُ عَن حميد عَن يُوسُف الْمَكِّيّ وَرَوَاهُ مُعْتَمر عَن حميد عَن بكر بن عبد الله وَإِنَّمَا ذكر فِي حَدِيث بشر إِنِّي كنت أكتب لفُلَان وَلم يسمه وَفِي حَدِيث مُعْتَمر عَن بكر بن عبد الله قَالَ كَانَ هَذَا بكر بن عبد الله الْمُزنِيّ وَهُوَ خَلِيل وَلَيْسَ يعرف لَهُ سَماع عَن أَبِيه لِأَنَّهُ يُقَال إِنَّه توفّي وَابْنه بكر صَغِير وَقد روى الْمُبَارك بن فاضلة عَن بكر بن عبد الله قَالَ قَالَ لي عَلْقَمَة بن عبد الله الْمُزنِيّ غسل أَبَاك وَأَنا صَغِير أَرْبَعَة من أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كلهم بَايع تَحت الشَّجَرَة فَمَا زادوا على أَن حسروا عَن سواعدهم وَجعلُوا عصيهم فِي حجرهم ثمَّ غسلوا وَلم يزِيدُوا على الْوضُوء الجزء: 4 ¦ الصفحة: 172 وَلَو صَحَّ الحَدِيث احْتمل أَن يكون مَعْنَاهُ أد الْأَمَانَة إِلَى من ائتمنك وَلَا تخن من خانك بِأَن تَأْخُذ زِيَادَة على مَالك بِغَيْر حق كَمَا أَخذهم فِي الِابْتِدَاء بِغَيْر حق وَقد روى هَذَا الحَدِيث من وُجُوه آخر يُنكره أَصْحَاب الحَدِيث وَهُوَ مَا رَوَاهُ أَبُو كريب قَالَ حَدثنَا طلق بن غَنَّام عَن شريك وَقيس عَن أبي حُصَيْن عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أد الْأَمَانَة إِلَى من ائتمنك وَلَا تخن من خانك وَهَذَا يحْتَج بِهِ وروى هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة أَن هندا قَالَت للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن أَبَا سُفْيَان رجل شحيح لَا يعطيني مَا يَكْفِينِي وَيَكْفِي بني إِلَّا أَن آخذه وَهُوَ لَا يعلم فَهَل عَليّ جنَاح فِي ذَلِك فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خذي مَا يَكْفِيك وَيَكْفِي بنيك بِالْمَعْرُوفِ قَالَ أَبُو جَعْفَر وَأما قَول من أجَاز بيع الْعرُوض فَهُوَ فَاسد لِأَن حَقه فِي ذمَّته لَا فِي الْعين أَلا ترى أَنه إِنَّمَا يُطَالِبهُ عِنْد الْحَاكِم بأَدَاء دينه لَا بِبيع عروضه فَإِن قيل فقد يَبِيع القَاضِي عَلَيْهِ الْعرُوض كَذَلِك الْغَرِيم قيل لَهُ هَذَا غلط لِأَن القَاضِي إِنَّمَا يَأْمُرهُ أَولا بِبيع عروضه فَإِن لم يفعل حِينَئِذٍ بَاعه الْحَاكِم وَالْقَاضِي قد يَلِي على النَّاس ويتصرف عَلَيْهِم فِي وُجُوه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 173 لَا يجوز مثلهَا لغيره وَإِذا كَانَ القَاضِي لَا يَبِيع عَلَيْهِ حَتَّى يمْتَنع هُوَ كَذَلِك الْغَرِيم 1860 - فِي ولد الْمَغْصُوبَة قَالَ أَصْحَابنَا غير مَضْمُون وَكَذَلِكَ زِيَادَة الْبدن وَهُوَ قَول مَالك وَالثَّوْري وَقَالَ الْحسن بن حَيّ ولد الْمَرْهُونَة إِذا هلك سقط من الدّين بِحِصَّتِهِ وَقَالَ الشَّافِعِي يضمن الزِّيَادَة وَالْولد جَمِيعًا قَالَ أَبُو جَعْفَر الزِّيَادَة حدثت فِي يَده بِغَيْر فعله كشاة دخلت دَار رجل أَو ثوب ألقته الرّيح فِيهَا وَالْفرق بَينه وَبَين ولد الصَّيْد أَن ضَمَان الصَّيْد قد يَقع بِالسَّبَبِ لَا يضمن بِهِ الْأَمْوَال كمن نصب شركا فِي دَاره وَهُوَ محرم للصَّيْد فَيضمن وَلَا يضمن بِمثلِهِ الْأَمْوَال 1861 - فِي استهلاكه بعد الزِّيَادَة قَالَ فِي الأَصْل إِذا غصب جَارِيَة قيمتهَا ألف فزادت حَتَّى صَارَت تَسَاوِي أَلفَيْنِ فَبَاعَهَا الْغَاصِب وَسلمهَا فَهَلَكت فللمغصوب أَن يضمنهُ قيمتهَا يَوْم سلمهَا وَإِن شَاءَ ضمن المُشْتَرِي وَقَالَ ابْن سَمَّاعَة عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة لَا يضمن الْغَاصِب الْألف الدِّرْهَم وَقَالَ مَالك للْمَغْصُوب أَن يضمن الْغَاصِب قيمتهَا يَوْم الْغَصْب وَلَا يضمن المُشْتَرِي شَيْئا وَإِن شَاءَ أجَاز البيع وَأخذ الثّمن الحديث: 1860 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 174 وَقَالَ الشَّافِعِي يضمن الْغَاصِب قيمتهَا زَائِدَة 1862 - فِي نُقْصَان الْحَيَوَان فِي يَد الْغَاصِب قَالَ أَصْحَابنَا إِذا غصبه عبدا فَذَهَبت عينه فِي يَد الْغَاصِب فللمغصوب أَن يضمنهُ أرش الْعين وَيَأْخُذ العَبْد وَقَالَ الشَّافِعِي لَو زَاد فِي يَد الْغَاصِب ثمَّ نقص كَانَ لَهُ أَن يضمنهُ النُّقْصَان الَّذِي ذهب بِهِ الزِّيَادَة وَقَالَ مَالك لَيْسَ للْمَغْصُوب أَن يضمن الْغَاصِب أرش الْعين وَلَكِن يَأْخُذ العَبْد نَاقِصا إِن شَاءَ وَلَا يضمنهُ شَيْئا وَإِن شَاءَ ضمنه الْقيمَة وَيسلم العَبْد للْغَاصِب قَالَ أَبُو جَعْفَر لما كَانَ الْحَيَوَان مَضْمُونا فِي يَده بِقِيمَتِه ضمن أجزاءه وَلَيْسَ كَالْمَبِيعِ لِأَن العقد يَقْتَضِي تَسْلِيم الْمَبِيع صَحِيحا فَإِذا لم يجده كَذَلِك كَانَ لَهُ الْخِيَار من غير ضَمَان كَمَا لَو وجد عَيْبا كَانَ بِهِ قبل البيع وَقد اتَّفقُوا فِي الثَّوْب الْمَغْصُوب إِذا حدث بِهِ خرق وَفِي الدَّار إِذا حدث بهَا هدم أَن الْغَاصِب يضمن النُّقْصَان كَذَلِك الْحَيَوَان 1863 - فِي تخريق الثَّوْب قَالَ أَصْحَابنَا إِذا كَانَ خرقا يَسِيرا أَخذ الثَّوْب وَضمن الْغَاصِب النُّقْصَان وَإِن كَانَ خرقا قد أفْسدهُ فَصَاحب الثَّوْب بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ ضمن الْغَاصِب قِيمَته كُله وَكَانَ الثَّوْب للْغَاصِب وَإِن شَاءَ أَخذ الثَّوْب وَضَمنَهُ النُّقْصَان وَقَالَ ابْن شبْرمَة يضمن نُقْصَان الْخرق الحديث: 1862 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 175 وَقَالَ مَالك إِن أفْسدهُ الْخرق غرم قِيمَته وَكَانَ الثَّوْب للْغَاصِب وَإِن لم يكن الْخرق فَاحِشا رقاه الَّذِي خرقه ثمَّ يقوم بعد الَّذِي رقاه فَمَا نقص ذَلِك غرمه وَقَالَ الشَّافِعِي يضمن النُّقْصَان فِي الْخرق الْيَسِير وَالْكَبِير قَالَ أَبُو جَعْفَر الْخرق الْكَبِير الْمُفْسد يبطل عَلَيْهِ مَنَافِعه واليسير لَا يُبْطِلهَا فَلهُ تصمينه فِي الْكَبِير إِلَّا أَنهم قد قَالُوا لَو قطع يَدي عبد لم يضمن جَمِيع الْقيمَة مَعَ بطلَان عَامَّة مَنَافِعه فَبَطل الِاعْتِبَار الَّذِي ذكرنَا 1864 - فِي غصب الْعقار قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف لَا يضمن بِالْغَصْبِ إِلَّا أَن ينهدم من فعله وَقَالَ مُحَمَّد يضمن بِالْغَصْبِ وَإِن انْهَدم من غير عمله وَهُوَ قَول مَالك قَالَ مَالك وَلَا يضمن الْأُجْرَة وَقَالَ الشَّافِعِي يضمن مَا انْهَدم والكراء جَمِيعًا 1865 - فِي أُجْرَة الْغَصْب قَالَ أَصْحَابنَا إِذا غصب دَابَّة وأجرها فالأجرة للْغَاصِب يتَصَدَّق بهَا وَلَا أجر للْمَغْصُوب وَقَالَ ابْن شبْرمَة على الْغَاصِب أُجْرَة الدَّار وَهُوَ قَول الشَّافِعِي قَالَ قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْخراج بِالضَّمَانِ الحديث: 1864 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 176 يُوجب أَن يكون للْغَاصِب 1866 - فِيمَا انْقَطع فِي أَيدي النَّاس قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا غصبه شَيْئا مِمَّا يُكَال أَو يُوزن فَانْقَطع من أَيدي النَّاس فَعَلَيهِ قِيمَته يَوْم يختصمون وَقَالَ أَبُو يُوسُف يَوْم غصبه وَقَالَ زفر وَمُحَمّد آخر مَا انْقَطع من أَيدي النَّاس وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا أقرضت رجلا شَيْئا من الثِّمَار فِي حِينه فَأَخَذته بَعْدَمَا ذهب حِينه فَلَيْسَ لَك أَن تَأْخُذهُ حَتَّى يَجِيء حِينه إِذا لم يقدر على مثله فِي ذَلِك الْموضع وَذكر هِشَام عَن مُحَمَّد فِي رجل قد غصب جَارِيَة بِالريِّ وَحملهَا إِلَى بَغْدَاد فَلَقِيَهُ بَغْدَاد أَن الْمَغْصُوب بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذ قيمتهَا بِالريِّ وَإِن شَاءَ أَخذ الْجَارِيَة بِمَدِينَة السَّلَام وَذكر ابْن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد أَنه إِذا غصبه كِرَاء بِبَغْدَاد ثمَّ لقِيه بِالْبَصْرَةِ هُوَ أغْلى مِنْهُ بِبَغْدَاد فَلَيْسَ للْمَغْصُوب أَن يُطَالِبهُ بكرَاء مثله وَلكنه إِن شَاءَ أَخذ قِيمَته بِبَغْدَاد يَوْم يختصمون وَإِن شَاءَ أَخّرهُ حَتَّى يَأْخُذ مِنْهُ بِبَغْدَاد كِرَاء مثله إِن كَانَ بِالْبَصْرَةِ أرخص فَلَيْسَ للْغَاصِب أَن يُعْطِيهِ كِرَاء مثله إِلَّا أَن يَشَاء الْمَغْصُوب وللمغصوب أَن يضمنهُ قِيمَته بِبَغْدَاد أَو يُؤَخِّرهُ حَتَّى يَأْخُذ مثله بِبَغْدَاد قَالَ أَبُو جَعْفَر رُوِيَ عَن زفر فِيمَن حكيت عَنهُ فِيمَن اسْتقْرض دَرَاهِم ثمَّ لقِيه بِبَلَد آخر قَالَ كَانَ أَبُو حنيفَة يَقُول يَأْخُذهُ بهَا حَيْثُ لقِيه وَكَانَ يستحسن الحديث: 1866 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 177 فِي الطَّعَام أَن يَأْخُذهُ حَيْثُ أقْرضهُ فَلَو أقْرضهُ بِالْكُوفَةِ فَلَقِيَهُ بِمصْر فَقَالَ خُذ طَعَامك هَاهُنَا كَانَ قبيحا وَإِن غصبه إِيَّاه أَخذه حَيْثُ لقِيه وَقَالَ مَالك إِذا غصبه طَعَاما فاستهلكه ثمَّ لقِيه فِي مَوضِع غَيره فَلَيْسَ لَهُ أَن يَأْخُذ مِنْهُ شَيْئا لَا طَعَاما وَلَا قيمَة وَإِنَّمَا يَأْخُذ بِالطَّعَامِ فِي الْموضع الَّذِي غصبه وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا أقْرضهُ بِالْكُوفَةِ فَلَقِيَهُ بِمَكَّة أَخذه بطعامه حَيْثُمَا كَانَ قَالَ أَبُو جَعْفَر الْقيَاس مَا قَالَ الثَّوْريّ لِأَن الزِّيَادَة وَالنُّقْصَان فِي غر بَلَده بِمَنْزِلَة تغير السّعر فِي مَوْضِعه 1867 - فِيمَن غصب خَشَبَة فَأدْخلهَا فِي بنائِهِ قَالَ أَصْحَابنَا عَلَيْهِ قيمتهَا وَلَيْسَ لصَاحِبهَا أَن يَأْخُذهَا وَعَن زفر فِيمَا حَكَاهُ ابْن أبي عمرَان أَنه يَأْخُذهَا وَيرْفَع الْبناء وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ فِي الْمُزنِيّ يَأْخُذ الْخَشَبَة وَقَالَ الشَّافِعِي لَو كَانَ خيطا خاط بِهِ جرح إِنْسَان أَو حَيَوَان ضمن الْخَيط وَلم ينْزع قَالَ أَبُو جَعْفَر الْمُحْتَاج إِلَى خيط يخيط بِهِ بَطْنه كَانَ لَهُ أَن يَأْخُذ خيط غَيره بِغَيْر إِذْنه إِذا خَافَ على نَفسه وَلَو خَافَ سُقُوط جِدَاره لم يكن لَهُ أَخذ خَشَبَة غَيره لإصلاحه الحديث: 1867 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 178 1868 - إِذا خلط دَرَاهِمه بِدَرَاهِم غَيره قَالَ أَصْحَابنَا إِذا خلط دَرَاهِم الْوَدِيعَة بدراهمه ضمنهَا فَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا سَبِيل لَهُ على الْغَيْر وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يشركهُ الْمُودع إِن شَاءَ وَقَالَ مَالك عَلَيْهِ دَرَاهِم مثلهَا وَلَا يكون شَرِيكا وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا خلط زَيْت غَيره بِزَيْت لَهُ مثله أَو خير مِنْهُ فَإِن شَاءَ أعطَاهُ من هَذَا مكيلته وَإِن شَاءَ أعطَاهُ مثل زيته قَالَ أَبُو جَعْفَر لما ضمنهَا بالخلط وَجب أَن يسْقط حَقه من الْعين لِاسْتِحَالَة أَن يملكهَا وبدلها مَعًا 1869 - فِيمَن قضى بِقِيمَة مَا غصب ثمَّ قدر عَلَيْهِ قَالَ أَصْحَابنَا إِذا ضمنه الْقيمَة بِالْبَيِّنَةِ ثمَّ ظهر العَبْد فَلَا سَبِيل لَهُ عَلَيْهِ وَإِن ضمنهَا بقول الْغَاصِب ثمَّ ظهر العَبْد فالمغصوب بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ رد الْقيمَة وَأخذ العَبْد وَإِن شَاءَ كَانَت لَهُ الْقيمَة وَسلم العَبْد للْغَاصِب وَقَالَ مَالك إِذا غرم قيمَة الدَّابَّة ثمَّ ظَهرت فَلَا سَبِيل لصَاحِبهَا عَلَيْهَا إِلَّا أَن تكون قيمتهَا أَكثر مِمَّا أَخذ وَقَالَ الشَّافِعِي مَتى ظهر أَخذ العَبْد ورد الْقيمَة 1870 - فِيمَن غصب ثوبا فصبغه أَحْمَر قَالَ أَصْحَابنَا الْمَغْصُوب بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذه وَضمن زِيَادَة الصَّبْغ الحديث: 1868 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 179 للْغَاصِب وَإِن شَاءَ ضمن الْغَاصِب قِيمَته أَبيض وَسلم الثَّوْب لَهُ وَهُوَ قَول مَالك وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا غصبه ثوبا فصبغه وَزَاد فِي قِيمَته قيل للْغَاصِب إِن شِئْت استخرجت الصَّبْغ على أَنَّك ضَامِن لما نقص وَإِن شِئْت فَأَنت شريك بِمَا زَاد الصَّبْغ فَإِن تمحق الصَّبْغ فَلم تكن لَهُ قيمَة قيل لَهُ لَيْسَ لَك هَاهُنَا مَال يزِيد وَإِن شِئْت فاستخرجه وَأَنت ضَامِن لنُقْصَان الثَّوْب وَإِن شِئْت فَدَعْهُ فَإِن كَانَ ينقص ضمن النُّقْصَان وَله أَن يخرج الصَّبْغ على أَن يضمن النُّقْصَان وَإِن شَاءَ ترك قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا معنى لإباحة الْغَاصِب اسْتِخْرَاج الصَّبْغ مَعَ نُقْصَان الَّذِي يلْحق الثَّوْب لِأَنَّهُ إِن كَانَ من حق الْغَاصِب أَخذ صبغه فَمن حق الْمَغْصُوب أَن لَا ينقص ثَوْبه وَيَنْبَغِي أَن لَا يكون عَلَيْهِ ضَمَان النُّقْصَان لِأَن ذَلِك من حُقُوقه وَلما أوجب النُّقْصَان بالاستخراج دلّ على أَنه لَيْسَ من حُقُوقه وَأَنه مَمْنُوع مِنْهُ فَلَمَّا بَطل هَذَا صَحَّ أَن للْمَغْصُوب احتباس الثَّوْب لِأَن الصَّبْغ مستهلك فِي الثَّوْب وَلَيْسَ الثَّوْب مُسْتَهْلكا فِي الصَّبْغ 1871 - فِي الْغَاصِب يهب لغيره قَالَ أَصْحَابنَا إِذا غصب ثوبا فوهبه لغيره فخرقه ثمَّ جَاءَ الْمَغْصُوب فَإِن شَاءَ ضمن الْغَاصِب وَإِن شَاءَ ضمن الْمَوْهُوب لَهُ فَأَيّهمَا ضمن لم يرجع على الآخر وَقَالَ مَالك لَا يضمن الْمَوْهُوب لَهُ إِلَّا أَن يكون الْغَاصِب عديما فَإِن ضمنه لم يرجع على الْغَاصِب الحديث: 1871 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 180 وَقَالَ الشَّافِعِي إِن غصب طَعَاما فأطعمه غَيره فَإِن شَاءَ ضمن الْغَاصِب وَإِن شَاءَ الْمَوْهُوب لَهُ وَإِن ضمن الْغَاصِب لم يرجع على الْمَوْهُوب لَهُ وَإِن ضمنه الْمَوْهُوب لَهُ فقد قيل لَهُ أَن يرجع على الْوَاهِب وَقيل لَا يرجع بِهِ قَالَ الْمُزنِيّ الْأَشْبَه أَن لَا يرجع على الْغَاصِب وَأَن الْغَاصِب يرجع عَلَيْهِ لِأَن الْهِبَة لم تصح قَالَ أَبُو جَعْفَر الْغرَر إِنَّمَا يُوجب الرُّجُوع بِالْبَدَلِ الَّذِي هُوَ الثّمن وَلَا يُوجب الرُّجُوع بِالْقيمَةِ 1872 - فِي تَغْيِير الْمَغْصُوب قَالَ أَصْحَابنَا إِذا غصبه غزلا فنسجه أَو قطنا فغزله أَو حِنْطَة فطحنها فَلَا سَبِيل للْمَغْصُوب عَلَيْهِ وَعَلِيهِ الضَّمَان وَكَذَلِكَ قَول مَالك فِي الْغَزل إِذا نسج والقطن إِذا غزل وَقَالَ الشَّافِعِي يَأْخُذهُ الْمَغْصُوب وَلَا حق فِيهِ للْغَاصِب قَالَ أَبُو جَعْفَر روى زُهَيْر بن مُعَاوِيَة قَالَ حَدثنَا عَاصِم بن كُلَيْب عَن أَبِيه عَن رجل من الْأَنْصَار فِي قصَّة الشَّاة الْمَغْصُوبَة المشوية وَأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر أَن تطعم الْأُسَارَى وَقد رَوَاهُ أَيْضا أَبُو حنيفَة وَالثَّوْري وَغَيرهمَا وَهُوَ حَدِيث صَحِيح السَّنَد وَلم يرو شَيْء يُخَالِفهُ فَصَارَ أصلا فِي ذَلِك وَذكر مُحَمَّد فِي إمْلَائِهِ أَن الْمَغْصُوب أَحَق بِهَذَا اللَّحْم فِي حَيَاة الْغَاصِب وَبعد مَوته حَتَّى شَاءَ لَهُ فيستوفي ثمنه دون سَائِر الْغُرَمَاء الحديث: 1872 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 181 قَالَ مُحَمَّد وَلَو كَانَ لَهُ احتباس الشَّاة لما أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن يطعم الأسرى وَرُوِيَ عَن أبي يُوسُف فِي الْإِمْلَاء أَن لَهُ أَخذ الشَّاة المشوية وَلَا يَأْخُذ اللَّحْم إِذا طبخ بالخل والتوابل وَلَا فرق عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد بَينهمَا فِي أَنه لَيْسَ للْمَغْصُوب أَخذه قَالَ أَبُو جَعْفَر وَجه مَنعهم أكلهَا وإطعامها الأسرى أَنه لَا يطيب للْغَاصِب أكلهَا حَتَّى يقوم لصَاحِبهَا بِقِيمَتِهَا 1873 - فِي الْمَغْصُوب يُجِيز بيع الْغَاصِب قَالَ أَصْحَابنَا إِذا بَاعَ الْغَاصِب الْجَارِيَة وَقبض الثّمن فَهَلَك فِي يَده ثمَّ أجَاز الْمَغْصُوب البيع جَازَ وَالثمن هَالك من ملك الْمَغْصُوب وَقَالَ مَالك يضمن الْغَاصِب الثّمن للْمَغْصُوب وَعند الشَّافِعِي لَا يقف البيع وَلَا يبرأ الْغَاصِب من الضَّمَان بِالْإِجَازَةِ وَهَذَا كَلَام فِي بيع الْمَوْقُوف وَقد رُوِيَ عَن عمر عَليّ وَابْن عمر وَابْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس وَعبد الله بن عَمْرو وَأبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنْهُم فِي الْمُلْتَقط يتَصَدَّق باللقطة بعد التَّعْرِيف حولا ثمَّ يَجِيء صَاحبهَا أَنه بِالْخِيَارِ فِي إجَازَة الصَّدَقَة فَيجوز عَنهُ وَيكون لَهُ أجرهَا وَفِي تضمين الْمُلْتَقط فَثَبت بذلك وقُوف الْعُقُود على من يملك إجازتها الحديث: 1873 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 182 1874 - فِي الْغَاصِب يَبِيع ثمَّ يَشْتَرِي من الْمَغْصُوب قَالَ أَصْحَابنَا إِذا بَاعَ الْغَاصِب الْجَارِيَة ثمَّ اشْترى من الْمَغْصُوب ينْقض بيع الْغَاصِب وَقَالَ مَالك لَا ينْتَقض بَيْعه وَينفذ 1875 - فِي رجلَيْنِ يغصبان شَيْئا وَاحِدًا قَالَ مَالك فِي رجلَيْنِ يغصبان شَيْئا وَاحِدًا فللمغصوب أَن يضمن كل وَاحِد مِنْهُمَا الْجَمِيع وَلم يقل أحد من أهل الْعلم بذلك سواهُ وَهُوَ فَاسد فِي الْقيَاس أَيْضا لِأَن كل وَاحِد غَاصِب لِلنِّصْفِ كَمَا لَو اشتريا عبدا كَانَ كل وَاحِد مُشْتَريا لِلنِّصْفِ يلْزمه ثمن النّصْف دون الْكل زِيَادَة قَالَ رُوِيَ فِي الْإِمْلَاء عَن أبي يُوسُف أَنه إِذا أَخذ الْقيمَة بقول الْغَاصِب ثمَّ ظهر العَبْد وَقِيمَته كَمَا قَالَ الْغَاصِب فَلَا سَبِيل للْمَغْصُوب عَلَيْهِ وَإِن كَانَت قِيمَته أَكثر فللمغصوب أَخذه ورد الْقيمَة وَلم يشرط ذَلِك فِي الأَصْل بل قَالَ أَخذ الْقيمَة بقول الْغَاصِب ثمَّ ظهر العَبْد أَخذه إِن شَاءَ قَالَ أَبُو جَعْفَر وَقد تزيد الْقيمَة وتنقص فَلَا اعْتِبَار بِقِيمَتِه يَوْم ظهر إِذْ لَيْسَ يمْتَنع أَن يكون أَكثر يَوْم الضَّمَان ثمَّ ينقص آخر الْغَصْب الحديث: 1874 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 183 = كتاب الْعَارِية = 1876 - فِي ضَمَان الْعَارِية قَالَ أَصْحَابنَا الْعَارِية غير مَضْمُونَة وَهُوَ قَول ابْن شبْرمَة وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَقَالَ عُثْمَان البتي الْمُسْتَعِير ضَامِن بِمَا استعاره إِلَّا الْحَيَوَان وَالْعَبْد فَإِن اشْترط عَلَيْهِ فِي الْحَيَوَان فِي الْعَارِية وَيضمن الْحلِيّ وَالثيَاب وَنَحْوهَا وَقَالَ اللَّيْث لَا ضَمَان فِي الْعَارِية وَلَكِن أَبَا الْعَبَّاس أَمِير الْمُؤمنِينَ قد كتب بِأَن يضمنهَا وَالْقَضَاء الْيَوْم على الضَّمَان وَقَالَ الشَّافِعِي كل عَارِية مَضْمُونَة قَالَ أَبُو جَعْفَر وَرُوِيَ عَن عمر وَعلي رَضِي الله عَنْهُمَا أَن لَا ضَمَان فِي الحديث: 1876 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 185 الْعَارِية وَعَن ابْن عَبَّاس وَأبي هُرَيْرَة أَنَّهَا مَضْمُونَة قَالَ أَبُو جَعْفَر وروى شريك عَن عبد الْعَزِيز بن رفيع عَن ابْن أبي مليكَة عَن أُمِّيّه بن صَفْوَان بن أُميَّة عَن أَبِيه قَالَ اسْتعَار النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من صَفْوَان بن أُميَّة أدراعا من حَدِيد يَوْم خَيْبَر فَقَالَ لَهُ يَا مُحَمَّد مَضْمُونَة قَالَ مَضْمُونَة فَضَاعَ بَعْضهَا فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن شِئْت غرمناها لَك قَالَ لَا أَنا أَرغب فِي الْإِسْلَام من ذَلِك يَا رَسُول الله إِسْرَائِيل عَن عبد الْعَزِيز بن رفيع عَن ابْن أبي مليكَة عَن صَفْوَان بن أُميَّة قَالَ اسْتعَار رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من صَفْوَان بن أُميَّة أدراعا فَضَاعَ بَعْضهَا وَقَالَ إِن شِئْت غرمناها لَك قَالَ لَا يَا رَسُول الله فوصله شريك وَذكر فِيهِ الضَّمَان وقطعه إِسْرَائِيل وَلم يذكر الضَّمَان وَرَوَاهُ مُسَدّد وَقَالَ حَدثنَا أَبُو الْأَحْوَص عَن عبد الْعَزِيز بن رفيع عَن نَاس من آل صَفْوَان بن أُميَّة قَالُوا اسْتعَار رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من صَفْوَان بن أُميَّة سِلَاحا فَقَالَ لَهُ صَفْوَان أعارية أم غصب فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بل عَارِية ففقد أدراعا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِصَفْوَان إِن شِئْت غرمناها لَك فَقَالَ يَا رَسُول الله إِن فِي قلبِي الْيَوْم من الْإِيمَان مَا لم يكن يَوْمئِذٍ وَرَوَاهُ مُسَدّد مرّة أُخْرَى قَالَ حَدثنَا أَبُو الْأَحْوَص عَن عبد الْعَزِيز بن رفيع عَن عَطاء بن أبي رَبَاح عَن صَفْوَان بن أُميَّة وَذكر لنا حَدِيثا من غير ذكر ضَمَان الجزء: 4 ¦ الصفحة: 186 وروى قَتَادَة عَن عَطاء أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتعَار من صَفْوَان بن أُميَّة دروعا يَوْم خَيْبَر فَقَالَ لَهُ أمؤداة يَا رَسُول الله للعارية قَالَ نعم وروى جرير عَن عبد الْعَزِيز بن رفيع عَن أنَاس من آل عبد الله بن صَفْوَان قَالَ أَرَادَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يَغْزُو جَيْشًا وَذكر الحَدِيث من غير ذكر ضَمَان وَلَيْسَ فِي رِوَايَة هَذَا الحَدِيث أحفظ وَلَا أتقن وَلَا أثبت من جرير بن عبد الحميد وَلَو تكافأت الروَاة فِيهِ حصل مضطربا وَقد رُوِيَ فِي أَخْبَار أخر من طَرِيق أبي أُمَامَة وَغَيره عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْعَارِية مُؤَدَّاة والمؤداة أَمَانَة لَيست فِي الذِّمَّة قَالَ الله تَعَالَى {إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهلهَا} وَمن جِهَة الْقيَاس أَن الْمَقْبُوض على وَجه الْإِجَارَة لِاسْتِيفَاء الْمَنَافِع غير مَضْمُون كَذَلِك الْعَارِية بل هِيَ أَحْرَى أَن لَا تكون مَضْمُونَة مَعَ عدم الْبَدَل قَالَ أَبُو جَعْفَر وَقد ذكر لنا مُحَمَّد بن الْعَبَّاس أَن مُحَمَّدًا تَأَول فِي ذَلِك أَن صَفْوَان كَانَ مُشْركًا يَوْمئِذٍ فَشرط الضَّمَان وَقد يجوز ذَلِك بَين الْمُسلمين وَأهل الْحَرْب 1877 - فِي اسْتِعَارَة الأَرْض ليبني فِيهَا مُدَّة أَو غير مُدَّة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا أَعَارَهُ أَرضًا ليبني فِيهَا فَبنِي وَلم يشرط لَهُ مُدَّة فَلهُ أَن يُخرجهُ مَتى شَاءَ ويقلع بِنَاء وَلَا يضمن شَيْئا إِن شَرط لَهُ مُدَّة فَلهُ أَن الحديث: 1877 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 187 يُخرجهُ قبل مضيها فَإِن أخرجه ضمن قيمَة الْبناء وَذكر بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف عَن ابْن أبي ليلى أَنه يضمن قيمَة الْبناء للباني وَإِن لم يشرط لَهُ مُدَّة وَقَالَ أَصْحَابنَا جَمِيعًا الْغَرْس مثل الْبناء وَأما الزَّرْع فَإِنَّهُ يتْرك حَتَّى يستحصد فيحصد وَقَالَ زفر لَهُ أَن يُخرجهُ قبل الْمدَّة وَلَا ضَمَان عَلَيْهِ فِي الْبناء وَقَالَ مَالك إِذا ضرب أَََجَلًا للعارية لم يكن لَهُ أَن يرجع فِيهَا وَإِن لم يبن وَإِن لم يضْرب أَََجَلًا فَلهُ أَن يرجع وَإِن لم يؤقت وَإِن أذن لَهُ فِي الْبناء وَأَرَادَ أَن يُخرجهُ بعد يَوْم أَو يَوْمَيْنِ لم يكن لَهُ ذَلِك إِلَّا أَن يدْفع إِلَيْهِ مَا أنْفق وَإِلَّا لم يكن لَهُ ذَلِك حَتَّى يسكن مَا يرى النَّاس أَنه يسكن مثله فِي قدر مَا عمر ثمَّ إِذا أَرَادَ أَن يُخرجهُ أعطَاهُ قيمَة نقضه إِن أحب وَإِن شَاءَ أمره بقلعه وَقَالَ اللَّيْث من أعَار إِلَى أجل لم يَأْخُذ مِنْهُ قبل الْأَجَل وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا أَعَارَهُ نَفعه فَبنى فِيهَا لم يكن أَن يُخرجهُ حَتَّى يُعْطِيهِ قيمَة بنائِهِ قَائِما يَوْم يُخرجهُ وَإِن وَقت وقتا أَو أذن لَهُ مُطلقًا فَهُوَ سَوَاء وَلَكِن لَو قَالَ إِذا انْقَضى الْوَقْت كَانَ عَلَيْك أَن تنقض بناءك كَانَ ذَلِك عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لم يغره قَالَ أَبُو جَعْفَر اتَّفقُوا أَن الْعَارِية إِذا لم يُوَقت لَهَا فَلهُ الرُّجُوع فِيهَا وَإِذا وَقت اخْتلفُوا فَلَمَّا صحت الْعَارِية بِغَيْر مُدَّة دلّ على أَنَّهَا لَيست كَالْإِجَارَةِ فَالْقِيَاس أَن يرجع فِيهَا وَإِن كَانَت مُؤَقَّتَة آخر كتاب الْعَارِية الجزء: 4 ¦ الصفحة: 188 = كتاب الْوَدِيعَة = 1878 - فِي الْمُسْتَوْدع يخلط الْوَدِيعَة بِمَالِه قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ إِذا خلط الْوَدِيعَة بِمَالِه حَتَّى لم يتَمَيَّز ضمن وروى ابْن وهب عَن مَالك مثل ذَلِك وروى عَنهُ ابْن الْقَاسِم أَنه إِن كَانَ مثله لم يضمن قَالَ أَبُو جَعْفَر لما لم يَخْتَلِفُوا أَنه يضمن إِذا لم يكن مثله وَلم يتَمَيَّز كَذَلِك إِذا كَانَ من جنسه وَمثله 1879 - إِذا استهلكت الْوَدِيعَة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اسْتهْلك الْوَدِيعَة ثمَّ وضع مَكَانهَا مثلهَا لم يبرا من الضَّمَان وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ الحديث: 1878 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 189 فَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا رد مَكَانهَا مثلهَا وَكَانَت دَرَاهِم أَو حِنْطَة أَو نَحْوهَا فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْكَيْل وَالْوَزْن كُله إِن اسْتهْلك بَعْضهَا ثمَّ رد مثل مَا اسْتهْلك وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك إِذا أَخذ بَعْضهَا فاستهلكه ثمَّ رد مثله فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ إِلَّا فِيمَا أَخذ قَالَ أَبُو جَعْفَر لما اسْتَهْلكهُ صَار دينا فَلَا يبرأ مِنْهُ إِلَّا بِمَا يبرأ من سَائِر الدُّيُون 1880 - فِي الْمُودع هَل يودع قَالَ أَصْحَابنَا لَا يودع وَإِن أودع ضمن إِلَّا أَن يكون فِي عِيَاله فَإِن هلك ضمن الأول دون الثَّانِي عِنْد أبي حنيفَة وَعند أبي يُوسُف وَمُحَمّد لَهُ أَن يضمن أَيهمَا شَاءَ وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَقَالَ مَالك إِن أَرَادَ سفرا وَكَانَ بَيته مُفردا وَمَا أشبهه من الْعذر لم يضمن وَإِن لم يكن لَهُ عذر ضمن وَإِن أودعهُ فِي السّفر فَدفعهُ إِلَى غَيره ضمن وَلَيْسَ مثل الْحَاضِر وَقَالَ اللَّيْث إِن خرج غازيا فِي الْبَحْر أوحاجا أَو خَافَ عَلَيْهَا بعده فَإِن استودعها أَمينا لم يضمن وَمن حول شَيْئا من مَوْضِعه ضمن وَإِن كَانَ لَهُ عذر لم يضمن وَإِن أودع أَهله لم يضمن وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا أودع الْمُودع غَيره وصاحبها حَاضر ضمن وَإِن لم يكن حَاضرا فأودعها أَمينا وَهُوَ يُرِيد سفرا لم يضمن الحديث: 1880 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 190 1881 - إِذا ادّعى أَنه أذن لَهُ فِي إِيدَاع غَيره قَالَ أَصْحَابنَا إِذا دفع الْمُودع الْوَدِيعَة إِلَى غَيره وَادّعى إِذن صَاحبهَا ضمن وَلم يصدق إِلَّا بِبَيِّنَة وَهُوَ قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ ابْن أبي ليلى القَوْل قَول الْمُسْتَوْدع وَلَا ضَمَان عَلَيْهِ وَعَلِيهِ الْيَمين وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا أمره أَن يَدْفَعهَا إِلَى آخر وَزعم أَنه دَفعهَا وَالْآخر يجْحَد فَإِن جَاءَ بِبَيِّنَة أَنه دَفعهَا وَإِلَّا ضمن 1882 - فِي الْمُودع هَل يسْتَعْمل الْوَدِيعَة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا بعث العَبْد الْوَدِيعَة فِي حَاجَة لَهُ فَهَلَك ضمن وَقَالَ اللَّيْث إِن بَعثه فِي سفر أَو أَمر بِعَيْنِه فَعَطب فِي مثله فَهُوَ ضَامِن وَإِن قَالَ اذْهَبْ إِلَى بَاب الدَّار اشْتَرِ بقلا أَو نَحوه لم يضمن لِأَن العَبْد لَو خرج فِي مثل هَذَا لم يمْنَع مِنْهُ وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا بعث الدَّابَّة إِلَى غير دَاره لتسقى وَهُوَ يسقى فِي دَاره ضمن 1883 - فِي النَّفَقَة على الْوَدِيعَة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا أنْفق عَلَيْهَا الْمُودع بِغَيْر إِذن صَاحبهَا فَهُوَ مُتَطَوّع إِلَّا أَن يكون بِأَمْر حَاكم وَقَالَ مَالك يرجح بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهِ إِذْ قَامَت الْبَيِّنَة أَنه كَانَ وَدِيعَة عِنْده الحديث: 1881 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 191 وَقَالَ الشَّافِعِي يَنْبَغِي أَن يَأْتِي الْحَاكِم حَتَّى يُوكل من يقبض مِنْهُ النَّفَقَة عَلَيْهَا وَيكون دينا على رَبهَا فَإِن حَبسهَا مُدَّة إِذا أَتَت على مثلهَا لم تَأْكُل وَلم تشرب هَلَكت ضمن وَإِن لم تكن كَذَلِك فَتلفت لم يضمن 1884 - إِذا قَالَ الْمُودع أودعينها أَحَدكُمَا قَالَ أَصْحَابنَا إِذا ادَّعَاهَا رجلَانِ فَقَالَ مَا أَدْرِي لأيكما هِيَ فَإِنَّهُ يسْتَحْلف لكل وَاحِد مِنْهُمَا فَإِن أَبى أَن يحلف لَهما دَفعهَا إِلَيْهِمَا وَغرم قيمتهَا بَينهمَا وَقَالَ ابْن أبي ليلى لَا شَيْء عَلَيْهِ وَهُوَ بَينهمَا نِصْفَانِ وَقَالَ الشَّافِعِي أَحْلف الْمُودع بِاللَّه مَا يدْرِي لأيهما هُوَ ووقف ذَلِك لَهما جَمِيعًا حَتَّى يصطلحا فِيهِ أَو يُقيم أَحدهمَا بَيِّنَة لَهُ وَأيهمَا حلف مَعَ نُكُول صَاحبه كَانَ لَهُ وَقَالَ أَبُو جَعْفَر لكل وَاحِد من المدعيين أَن يستحلفه وَإِذا كَانَ لَهما استحلافه لم يكن أَحدهمَا أولى بالتبدئة بِالْيَمِينِ لَهُ من الآخر لِأَنَّهُمَا حِين تَسَاويا فِي الدَّعْوَى وَجب أَن يتساويا فِي الِاسْتِحْلَاف عَلَيْهَا وَإِذا كَانَ كَذَلِك لم يَصح استحلافه لَهما على نفي ملكهمَا مَعَ إِقْرَاره لأَحَدهمَا وَقد ذكر مُحَمَّد أَن يستحلفه لَهما يَمِينا وَاحِدَة بِاللَّه مَا هِيَ لوَاحِد مِنْهُمَا وَذكره عَنهُ ابْن سَمَّاعَة الحديث: 1884 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 192 وَلَا يجوز ذَلِك لما وَصفنَا من الِاسْتِحْلَاف على نفي مَا أقرّ بِهِ وَقَول الشَّافِعِي أَيْضا فَاسد لِأَنَّهُ استحلفه مَا يدْرِي لأيهما هِيَ وَلَو نكل عَن الْيَمين لم يكن لنكوله حكم وَهُوَ سَاقِط وَإِذا بَطل ذَلِك وَجب أَن يسْتَحْلف لَهما يمينين يبْدَأ القَاضِي بِأَيِّهِمَا شَاءَ أَو يقرع بَينهمَا 1885 - فِي مدعي الْوكَالَة بِقَبض الْوَدِيعَة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا ادّعى رجل أَن الْمُودع وَكله بِقَبض الْوَدِيعَة فَهُوَ على أَرْبَعَة أوجه إِن كذبه وَدفعهَا ثمَّ جَاءَ الْمُودع وَأنكر التَّوْكِيل ضمن الْمُودع وَرجع بِهِ على الْوَكِيل وَكَذَلِكَ إِن لم يصدقهُ وَلم يكذبهُ وَكَذَلِكَ إِن صدقه وَضَمنَهُ وَإِن صدقه وَلم يضمنهُ لم يرجع بِهِ على مدعي الْوكَالَة وَكَذَلِكَ مدعي الْوكَالَة بِقَبض الدّين وَقَالَ أَصْحَابنَا إِذا ادّعى الْوكَالَة بِقَبض الدّين وَصدقه الْغَرِيم فَإِنَّهُ يجْبرهُ على تَسْلِيمه إِلَيْهِ وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَالشَّافِعِيّ لَا أجْبرهُ على دفع الدّين حَتَّى يُقيم الْبَيِّنَة وَأَقُول لَهُ إِن شِئْت فاعطه وَإِن شِئْت فَاتْرُكْهُ وَقَالَ مَالك إِذا صدقه فِي الْوكَالَة بِقَبض الْوَدِيعَة وَدفعهَا ثمَّ جَاءَ صَاحبهَا فَلهُ أَن يضمنهُ وَيرجع الْمُودع على الْقَابِض قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ أَنه لَو ادّعى أَن أَبَاهُ مَاتَ وَترك هَذِه الْوَدِيعَة الحديث: 1885 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 193 مِيرَاثا لَهُ لاوارث لَهُ غَيره فَصدقهُ أَنه يَوْم دَفعهَا إِلَيْهِ كَذَلِك الْوكَالَة 1886 - فِي السفاتج قَالَ أَصْحَابنَا تكره السفاتج إِذا كَانَت على شَرط وَلَا بَأْس بهَا على غير شَرط وَقَالَ الثَّوْريّ لَا يشْتَرط وَقيل إِلَى من أدفَع وَقَالَ مَالك أكره السفاتج لِأَنَّهُ قرض جر مَنْفَعَة وكرهها الشَّافِعِي أَيْضا على شَرط وكرهها مَالك على غير شَرط إِذا كَانَت الْعَادة عِنْده بِمَنْزِلَة الشَّرْط آخر كتاب الْوَدِيعَة الحديث: 1886 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 194 = كتاب الصُّلْح = 1887 - فِي الصُّلْح على الْإِنْكَار قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ الصُّلْح على الْإِنْكَار جَائِز وَقَالَ ابْن أبي ليلى لَا يجوز على الْإِنْكَار وَيجوز على السُّكُوت من غير إِنْكَار وَلَا إِقْرَار وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يجوز إِلَّا على الْإِقْرَار كَالْبيع لَا يجوز إِلَّا أَن يصادقا على الْعِوَض والمعوض قَالَ أَبُو جَعْفَر قد حكم للصح بِخِلَاف حكم البيع وَذَلِكَ لأَنهم أَجَازُوا للرجل أَن يُصَالح غَيره بِغَيْر أمره وَعرض فِي يَده يَدعِيهِ لنَفسِهِ وينكر مايدعي عَلَيْهِ فِيهِ وَلم يقبلُوا بعد ذَلِك بَيِّنَة الْمُدعى عَلَيْهِ وَلَو كَانَ ابتاعه من الْمُدَّعِي وَلم يصالحه قبلت بَينته على صِحَة الْملك الحديث: 1887 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 195 1888 - فِي الِاسْتِحْقَاق فِي الصُّلْح قَالَ أَصْحَابنَا إِذا ادّعى جَارِيَة فِي يَده فَصَالحه مِنْهَا على عبد فَاسْتحقَّ فَإِن كَانَ على إِقْرَار أَخذ الْجَارِيَة وَإِن كَانَ على إِنْكَار رَجَعَ فِي الدَّعْوَى وَقَالَ مَالك إِذا كَانَ عَن إِقْرَار رَجَعَ بِالَّذِي أقرّ لَهُ بِهِ وَإِن كَانَ على إِنْكَار رَجَعَ عَلَيْهِ بِقِيمَة مَا دفع وَقَالَ الرّبيع عَن الشَّافِعِي إِذا ادّعى حَقًا فِي دَار فَأقر لَهُ أَجْنَبِي على الْمُدعى عَلَيْهِ وَصَالح على عبد بِعَيْنِه فَهُوَ جَائِز وَإِن وجد عَيْبا فَرده أَو اسْتحق لم يكن لَهُ على الْأَجْنَبِيّ شَيْء وَرجع على دَعْوَاهُ 1889 - فِي الْإِقْرَار بعد الصُّلْح على الْإِنْكَار قَالَ أَصْحَابنَا إِذا جَحده حَتَّى صَالحه ثمَّ أقرّ بِهِ فَالصُّلْح مَاض وَكَذَلِكَ لَو أَبرَأَهُ وَهُوَ جَاحد ثمَّ أقرّ فالبراءة مَاضِيَة وَقَالَ مَالك فِي الرجل يَدعِي قبل الرجل دينا فجحده ثمَّ صَالحه لِأَنَّهُ جَحده فَلهُ أَن يرجع عَلَيْهِ بِبَقِيَّة حَقه إِذا وجد بَيِّنَة فَإِن قَالَ لي بَيِّنَة غَائِبَة وَخَافَ أَن تَمُوت شُهُوده أَو يَمُوت الْمُدعى عَلَيْهِ أَو يطعن فَصَالحه لم يقبل بعد ذَلِك بَينته لِأَنَّهُ لَو شَاءَ لم يعجل الحديث: 1888 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 196 1890 - فِي الصُّلْح عَن العَبْد الْمَغْصُوب الْآبِق قَالَ أَصْحَابنَا إِذا صَالحه وَالْعَبْد آبق على دَرَاهِم أَو دَنَانِير حَالَة أَو مُؤَجّلَة جَازَ وَإِن صَالحه على شَيْء من الْكَيْل أَو الْمَوْزُون مُؤَجّلا لم يجز ذَلِك إِن كَانَ مُؤَجّلا بِغَيْر عينه لِأَن الْقيمَة دين عَلَيْهِ رَوَاهُ أَسد بن الْفُرَات عَن مُحَمَّد وَقَالَ مَالك مَا كَانَ يحكم بِهِ دَنَانِير فَصَالحه على دَنَانِير مُؤَجّلَة جَازَ وعَلى غَيره لَا يجوز إِلَّا أَن يتعجله لِأَنَّهُ يصير دينا بدين وَقَالَ الشَّافِعِي مَا جَازَ فِي البيع جَازَ فِي الصُّلْح وَمَا لم يجز فِي البيع لم يجز فِي الصُّلْح قَالَ أَبُو جَعْفَر للْقَاضِي أَن يحكم إِن شَاءَ بِالدَّنَانِيرِ وَإِن شَاءَ بِالدَّرَاهِمِ فمهما صَالح عَلَيْهِ من ذَلِك فَهُوَ الْوَاجِب 1891 - فِي الصُّلْح من الْعَيْب قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اشْترى عبدا ثمَّ صَالحه من كل عيب بِهِ على دَرَاهِم فَهُوَ جَائِز وَهُوَ بَرِيء من كل عيب وَلَو قَالَ اشْترى مثل الْعُيُوب بِدَرَاهِم لم يجز وَقَالَ مَالك إِن ذكر عَيْبا بِعَيْنِه مثل المشش فِي يَد الدَّابَّة وَنَحْوهَا وَقَالَ أشتريه مِنْك بِكَذَا جَازَ 1892 - فِي صلح بعض الْوَرَثَة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا ترك ابْنا وَامْرَأَة فصالحها من نصِيبهَا على دَرَاهِم مَعْلُومَة الحديث: 1890 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 197 وَفِي الْمِيرَاث غير ذَلِك فَإِن كَانَت الدَّرَاهِم أَكثر من نصِيبهَا جَازَ وَإِلَّا لم يجز وَإِن أَدخل الدّين فِي الصُّلْح لم يجز بِحَال وَقَالَ مَالك إِن صالحها على مائَة دِرْهَم من دَرَاهِم الْمَيِّت وَهِي مثل مِيرَاثهَا أَو أقل جَازَ وَإِن كَانَت أَكثر لم يجز لِأَنَّهَا باعت عرُوضا حَاضِرَة وغائبة وذهبا بِدَرَاهِم تعجلتها فَإِن صالحوها على مائَة دِرْهَم من أَمْوَالهم على أَن تسلم لَهُم جَمِيع المَال الَّذِي تَركه الْمَيِّت لم يجز وَإِن اشْتَروا ذَلِك مِنْهَا بالعروض جَازَ إِذا عرف مَا ترك الْمَيِّت من عرُوض أَو قرض أَو دين حَاضر إِن كَانَ للْمَيت دين على 2 النَّاس من بيع أَو سلف فاشتروا حظها مِنْهَا لم يجز وَإِن كَانَ قرضا جَازَ إِذا حضر الَّذِي عَلَيْهِ وَقَالَ الشَّافِعِي هُوَ كَالْبيع فَمَا جَازَ فِي البيع جَازَ فِيهِ قَالَ أَبُو جَعْفَر الدَّلِيل على جَوَاز الصُّلْح من الْمَجْهُول مَا رَوَاهُ يُونُس عَن الزُّهْرِيّ عَن عبد الله بن كَعْب بن مَالك عَن أَبِيه أَن جَابر بن عبد الله قتل أَبوهُ يَوْم أحد شَهِيدا وَعَلِيهِ دين فَاشْتَدَّ الْغُرَمَاء فِي حُقُوقهم وَقَالَ جَابر فَأتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فكلمته فَسَأَلَهُمْ أَن يقبلُوا ثَمَر حائطي ويحللوا أبي فَأَبَوا فَلم يعطهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حائطي وَلم يكسرهُ لَهُم فَطَافَ فِي النّخل ودعا فِي ثَمَرهَا بِالْبركَةِ فجذذتها فقضيتهم حُقُوقهم وَبَقِي لنا من ثَمَرهَا بَقِيَّة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 198 وَرَوَاهُ يزِيد بن زُرَيْع عَن روح بن الْقَاسِم عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن جَابر أَنه كَانَ على أَبِيه أوسق من تمر فَقُلْنَا للرجل خُذ من نخلنا بِمَا عَلَيْهِ فَأبى فَأَتَاهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَعَهُ عمر فَدَعَا لنا بِالْبركَةِ فِيهَا فذذناها فأعطينا الرجل كل شَيْء كَانَ لَهُ وَبَقِي خرص نخلنا كَمَا هُوَ فَأتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته فَقَالَ أخبر بذلك عمر فَأخْبرهُ فَقَالَ قد علمت أَنه يُبَارك فِيهَا حِين دَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأجَاز عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام الصُّلْح من غير علم بِمِقْدَار مَا كَانَ عَلَيْهِ وَبِغير علم مِقْدَار مَا سَأَلُوا أَخذه عمالهم فَدلَّ على أَن جَهله بِمِقْدَار الْمصَالح عَنهُ وجهله بِمِقْدَار مَا وَقع الصُّلْح عَلَيْهِ عَمَّا صولح عَنهُ لَا يمْنَع صِحَّته 1893 - فِيمَن قَالَ قد صالحتك على كَذَا على أَن تَدْفَعهُ إِلَى أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد أَرَادَ إِذا كَانَ عَلَيْهِ ألف دِرْهَم حَاله فَقَالَ لَهُ ادْفَعْ إِلَيّ مِنْهَا خَمْسمِائَة دِرْهَم غَدا على أَنَّك بَرِيء من الْفضل فَهُوَ بَرِيء من الْفضل إِن دفع إِلَيْهِ وَإِن لم يدْفع إِلَيْهِ الْخَمْسمِائَةِ غَدا عَادَتْ عَلَيْهِ فِي قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَا يعود عَلَيْهِ وَإِن اشْترط عَلَيْهِ إِن لم يوافه الْيَوْم بالخمسمائة فَعَلَيهِ الْألف بِمُضِيِّ الْيَوْم قبل أَن يُعْطِيهِ فَإِن عَلَيْهِ ألفا فِي قَوْلهم جَمِيعًا الحديث: 1893 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 199 وَقَالَ مَالك إِذا قَالَ اشْهَدُوا أَنه إِن أَعْطَانِي مائَة دِرْهَم عِنْد رَأس الشَّهْر فالتسعمائة لَهُ وَإِن لم يُعْطِنِي فالألف كُله عَلَيْهِ فَلَا بَأْس بذلك وَهُوَ كَمَا قَالَ وَعند الشَّافِعِي الصُّلْح كَالْبيع وَهَذَا مخاطرة فَلَا يجوز 1894 - فِي الصُّلْح عَن الْغَيْر إِذا صَالح عَن الْغَيْر فِيمَا يدعى عَلَيْهِ وَالْمَطْلُوب مقرّ ومنكر وَإِن ضمن لزمَه وَإِن لم يضمن فَهُوَ مَوْقُوف على الْمَطْلُوب إِن أجَاز جَازَ وَلَزِمَه وَكَذَلِكَ لَو صولح عَنهُ بأَمْره لم يلْزم الْمصَالح وَلزِمَ الْمَطْلُوب وَذكر أَبُو جَعْفَر عَن مُحَمَّد بن الْعَبَّاس عَن عَليّ عَن مُحَمَّد لَو قَالَ أصالحك على مائَة من مَالِي كَانَ ضَامِنا لما صَالح عَلَيْهِ قَالَ وَهُوَ قَوْلهم جَمِيعًا وَذكر عِيسَى بن أبان عَن إِسْمَاعِيل بن حَمَّاد وَعَن مُحَمَّد بن الْحسن أَنه لَو صَالحه على هَذِه الْمِائَة دِرْهَم وَهِي قَائِمَة فِي يَده كَانَ لصلحه على مائَة من مَاله أَو على مائَة هُوَ لَهَا ضَامِن وَقَالَ مَالك إِذا صَالحه من حَقه الَّذِي لَهُ على فلَان على كَذَا وَلم يقل أَنا ضَامِن فَهُوَ ضَامِن سَوَاء قَالَ هُوَ ضَامِن أَو لم يقل وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْمُزنِيّ إِذا صَالح رجل عَن رجل بِشَيْء جَازَ عَنهُ الحديث: 1894 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 200 الصُّلْح وَلَيْسَ للَّذي أعْطى عَنهُ أَن يرجع عَلَيْهِ لِأَنَّهُ تطوع بِهِ وَذكر الرّبيع عَنهُ أَنه إِذا صَالحه على عبد بِعَيْنِه ثمَّ اسْتحق لم يكن لَهُ على الْمصَالح الْأَجْنَبِيّ شَيْء 1895 - فِي الصُّلْح عَن الْوَصِيَّة بالغلة وَنَحْوهَا قَالَ أَصْحَابنَا إِذا أوصى لَهُ بِخِدْمَة عبد أَو سُكْنى دَار أَو غلَّة عَبده أَو بِمَا فِي بطن أمته فَصَالحه الْوَرَثَة على دَرَاهِم مُسَمَّاة فِي ذَلِك فَهُوَ جَائِز وَلَو بَاعَ ذَلِك مِنْهُم مَعًا لم يجز وَقَالَ مَالك يجوز صلحهم على ذَلِك على الْغلَّة وَالسُّكْنَى والخدمة وغلة النّخل وَلَا يجوز عَمَّا فِي الْبَطن لِأَن مرجع النّخل وَالدَّار وَالْعَبْد إِلَى الْوَرَثَة وَفِي الْحمل لَا يرجع إِلَى الْوَرَثَة مِنْهُ شَيْء وَقِيَاس قَول الشَّافِعِي أَنه لَا يجوز شَيْء من ذَلِك لِأَن الصُّلْح كَالْبيع وَمَعَ ذَلِك لَا يجوز 1896 - فِي الصُّلْح من دم الْعمد قَالَ أَصْحَابنَا فِي دم عمد بَين رجلَيْنِ صَالح أَحدهمَا من نصِيبه على دَرَاهِم فَهُوَ جَائِز وَلَيْسَ لِأَخِيهِ فِيهَا شَيْء وَقِيَاس قَول مَالك وَقَول الشَّافِعِي أَنه يُشَارِكهُ الحديث: 1895 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 201 1897 - فِي الصُّلْح وَقتل الْخَطَأ قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا صَالحه من دم الْخَطَأ على مائَة بعير أَو ألف دِينَار فَهُوَ جَائِز وَعند أبي يُوسُف وَمُحَمّد يجوز أَيْضا على ألفي شَاة أَو مِائَتي بقرة أَو مِائَتي حلَّة وَإِن صَالح على أَكثر مِمَّا قدر فِي الدِّيَة من ذَلِك لم يجز فَإِن قضى القَاضِي بِالْإِبِلِ ثمَّ صَالحه على دَرَاهِم مثل قيمتهَا أَو أَكثر مِمَّا يتَغَابَن النَّاس فِيهِ فَهُوَ جَائِز لِأَنَّهُ لَو جَاءَ بِقِيمَتِهَا قبلت مِنْهُ وَإِن صَالحه على أَكثر من قيمَة بِمَا لَا يتَغَابَن فِيهِ لم يجز وَإِن صَالحه من الْإِبِل على بقر أَو غنم فَإِن كَانَت بِعَينهَا جَازَ وَإِلَّا لم يجز وَقَالَ مَالك إِن جنى رجل من أهل الْإِبِل فَصَالح عَاقِلَته أَوْلِيَاء الْجِنَايَة على أَكثر من ألف دِينَار جَازَ وَإِن عجلها 1898 - فِي الْحَط عَن المتغيب قَالَ بشر عَن أبي يُوسُف إِذا تغيب الْمَطْلُوب حَتَّى حط بعض المَال ثمَّ ظهر بعد فالحط جَائِز فِي قَول أبي حنيفَة وَقَالَ ابْن أبي ليلى لَهُ أَن يرجع فِيمَا حط عَنهُ لِأَنَّهُ تغيب عَنهُ قَالَ أَبُو يُوسُف وَبِه نَأْخُذ وَقَالَ أَبُو جَعْفَر لم نجد هَذِه الرِّوَايَة عَن أبي يُوسُف إِلَّا فِي هَذَا الحديث: 1897 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 202 الْموضع وَقَول الْمَشْهُور أَنه جَائِز كَقَوْل أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَقَالَ مَالك إِذا تغيب شُهُود الطَّالِب وجحده الْمَطْلُوب فَصَالحه على بعض الدّين وَأشْهد فِي السَّرَايَة صَالحه لِأَنَّهُ جَحده فالحط جَائِز وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا تغيب الْمَطْلُوب فحط بعض دينه وَأخذ الْبَاقِي ثمَّ قَالَ إِنَّمَا حططت المتغيب فَلَيْسَ لَهُ أَن يرجع فِيمَا حط لِأَن هَذَا لَيْسَ فِي معنى الْإِكْرَاه قَالَ أَبُو جَعْفَر اتَّفقُوا أَنه لَو ماطله فَصَالحه لأجل المطل كَانَ الْحَط جَائِزا كَذَلِك التغيب 1899 - فِي التَّحْكِيم قَالَ أَصْحَابنَا إِذا حكما رجلَانِ بَينهمَا رجلا لكل وَاحِد مِنْهُمَا أَن يرجع فِي ذَلِك مالم يمض الْحُكُومَة فَإِذا أمضاها بَينهمَا فَلَيْسَ لوَاحِد مِنْهُمَا أَن يرجع فِيهَا وَيَنْبَغِي للْقَاضِي حِين يرفع ذَلِك إِلَيْهِ إِن كَانَ يُوَافق الْحق عِنْده أَن يمضيه وَإِن كَانَ لَا يُوَافق رَأْيه وَرَأى الْحق غَيره رده وحملهما على رَأْيه دون رَأْي الحكم وَقَالَ ابْن أبي ليلى حكم الحكم جَائِز عَلَيْهِمَا وَقَالَ ابْن شبْرمَة إِذا حكم الحكم بَينهمَا فَلِكُل وَاحِد مِنْهُمَا أَن يُبطلهُ مَا لم يرضيا بعد الحكم وَقَالَ مَالك إِذا حكما بَينهمَا رجلا جَازَ حكمه عَلَيْهِمَا فَإِن رفع إِلَى قَاض لم يُبطلهُ إِلَّا أَن يكون خطأ بَينا وَإِن حكماه وَأقَام الْبَيِّنَة عِنْده ثمَّ بدا لوَاحِد مِنْهُمَا أَن يحكم فَقَالَ لَا يحكم شَيْئا فَإِنِّي أرى أَن يقْضِي بَينهمَا وَيجوز حكمه الحديث: 1899 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 203 وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا جعلا بَينهمَا حكما وَأقر أَن مَا قضى بِهِ فَهُوَ جَائِز عَلَيْهِمَا فَلَيْسَ لَهما أَن يرجعا فِي حكمه هُوَ بِمَنْزِلَة القَاضِي وَقَالَ اللَّيْث إِذا حكم بَينهمَا لم يرد حكمه إِلَّا الإِمَام وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا حكم بَينهمَا ثمَّ ارتفعا إِلَى قَاض فَرَأى خلاف حكمه فَلَا يجوز فِي ذَلِك إِلَّا بِوَاحِد من قَوْلَيْنِ إِمَّا أَن يكون فِي معنى القَاضِي فَلَا يفْسخ مِنْهُ إِلَّا مَا يفْسخ على قَاض غَيره أَو أَن يكون حكمه كالفتيا فَلَا يلْزم وَاحِد مِنْهُمَا قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ أَنه لَيْسَ لوَاحِد مِنْهُمَا أَن يرجع بعد إِمْضَاء الحكم دون القَاضِي فَدلَّ أَن الحكم قد لزمهما فالحاكم عَلَيْهِ أَن يمْضِي عَلَيْهِمَا مَا كَانَ لَازِما لَهما قبل ذَلِك فَدلَّ على أَنه لَا يفسخه بِوَجْه كقضاء القَاضِي 1900 - فِي تحكيم الْمَرْأَة قَالَ أَصْحَابنَا يجوز تحكيم الْمَرْأَة وَقَالُوا لَو استقضت جَازَ قَضَاؤُهَا فِيمَا يجوز فِيهِ شهادتها وَذكر ابْن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد أَنه لَا يجوز تحكيم من لَا تجوز شَهَادَته كَالْعَبْدِ والمحدود فِي الْقَذْف وَالصَّبِيّ وَالذِّمِّيّ وَالْمَرْأَة وَرُوِيَ أَيْضا عَن ابْن سَمَّاعَة عَنهُ أَنه لَا يجوز تحكيم الْمَرْأَة وَقَالَ مَالك يجوز تحكيم الْمَرْأَة وَينفذ حكمهَا مَا لم تأت جورا أَو خطأ قَالَ مَالك وَكَانَت الشِّفَاء أم سُلَيْمَان بن حتمة على السُّوق فِي زمن الحديث: 1900 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 204 عمر رَضِي الله عَنهُ كَانَ ولاها إِيَّاه وَصَاحب السُّوق فَلَا بُد أَن يقْضِي بَين النَّاس قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يؤم أَمِير فِي إمارته فَدلَّ على أَن الْإِمَامَة فِي الصَّلَاة للولاة دون غَيرهم فَلَمَّا لم تكن الْمَرْأَة إِمَامًا للرِّجَال دلّ على خُرُوجهَا مِمَّن يصلح أَن تكون أَمِيرا فَلَا يجوز أَن تكون قَاضِيا وَمن لم يصلح أَن يكون قَاضِيا لم يَصح أَن يكون حكما آخر كتاب الصُّلْح الجزء: 4 ¦ الصفحة: 205 = كتاب الْإِقْرَار = 1901 - فِي الْمَجْهُول يقر بِالرّقِّ قَالَ أَصْحَابنَا يجوز إِقْرَاره بِالرّقِّ وَيكون عبدا لمن أقرّ بِهِ لَهُ فِي سَائِر أَحْكَامه فَقَالُوا إِذا تزوجت الْمَرْأَة المجهولة رجلا ثمَّ أقرَّت بِالرّقِّ صدقت على نَفسهَا وَلَا تصدق على أَوْلَادهَا الَّذين ولدتهم قبل ذَلِك فِي أَن يجعلهم رَقِيقا فهم أَحْرَار وَمَا تحملهم بعد ذَلِك فهم رَقِيق فِي قَول أبي يُوسُف وَفِي قَول مُحَمَّد أَحْرَار وَقَالَ مَالك لَو أقرّ اللَّقِيط بِالرّقِّ لم يصدق وَكَذَلِكَ فِي ظَاهره ظَاهر الْحُرِّيَّة وَلَو قذفه رجل حد قَاذفه وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا أقرّ الْحر لرجل يملك جعل عَبده وَمَاله للَّذي أقرّ لَهُ وَجعل فِي مَال العَبْد بِمَنْزِلَة الْمَمْلُوك وَفِيمَا عَلَيْهِ بِمَنْزِلَة الْحر إِن قذفه جلد ثَمَانِينَ وَإِن قذفه رجل لم يحد ويقتص مِنْهُ فِيمَا دون النَّفس وَلَا يقْتَصّ لَهُ وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا بلغ اللَّقِيط وَاشْترى وَبَاعَ ونكح وأصدق ثمَّ أقرّ أَنه عبد لرجل ألزمته مِمَّا لزمَه قبل إِقْرَاره وَفِي إِقْرَاره بِالرّقِّ قَولَانِ أَحدهمَا أَنه يلْزمه فِي نَفسه وَلَا يصدق فِي حق غَيره الحديث: 1901 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 207 وَمن قَالَ أصدقه لِأَنَّهُ مَجْهُول قَالَ أَبُو جَعْفَر قَول الْحسن بن حَيّ فَاسد لِأَنَّهُ بعد إِقْرَاره بِالرّقِّ لَا يَخْلُو من أَن يكون فِي حكم العبيد أَو الْأَحْرَار فَإِن عمل إِقْرَاره فَهُوَ عبد فِي أَحْكَامه كلهَا وَإِن لم يعْمل إِقْرَاره فه حر فِي أَحْكَامه 1902 - إِذا أقرّ بِولد مَجْهُول هَل يصير أمه زَوْجَة لَهُ إِذا قَالَ لغلام هَذَا ابْني ثمَّ مَاتَ الرجل فَجَاءَت أم الْغُلَام وَهِي حرَّة تَدعِي الزَّوْجِيَّة فَإِن لَهَا الْمِيرَاث مِنْهُ وروى ابْن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد أَنَّهَا إِذا كَانَت مَجْهُولَة لم يكن لَهَا مِيرَاث إِذا لم تعرف بِالْحُرِّيَّةِ وَالْولد وَلَده مِنْهَا وَإِن كَانَت مَعْرُوفَة الأَصْل فَالْقِيَاس أَن لَا يكون وَوجه الِاسْتِحْسَان أَنِّي لَا أَدْرِي لَعَلَّه وَطئهَا بشبه وَلَكِنِّي أستحسن إِذا كَانَت مَعْرُوفَة أَنَّهَا حرَّة أَن أجعلها أمْرَأَته 1903 - فِي إِقْرَار بعض الْوَرَثَة بدين قَالَ أَصْحَابنَا وَالْحسن بن حَيّ إِذا أقرّ وَارِث بدين وَجحد الْبَاقُونَ فَإِنَّهُ يَسْتَوْفِي كُله من نصِيبه وَقَالَ ابْن أبي ليلى يدْخل عَلَيْهِ من الدّين بِقدر نصِيبه من الْمِيرَاث وَهُوَ قَول ابْن شبْرمَة وَمَالك وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ وَالْأَوْزَاعِيّ قَالَه الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي وَفِي الْبُوَيْطِيّ مثل قَوْلنَا وَقَول الشّعبِيّ مثل قَول أَصَابَنَا وَقَول الْحسن الْبَصْرِيّ وَإِبْرَاهِيم مثل قَول ابْن أبي ليلى الحديث: 1902 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 208 1904 - شَهَادَة بعض الْوَرَثَة بدين على الْمَيِّت قَالَ أَصْحَابنَا إِذا شهد رجلَانِ من الْوَرَثَة بدين على الْمَيِّت جَازَ وَلم يلْزمه الْحَاكِم من نصِيبه خَاصَّة وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ شَهَادَتهمَا جَائِزَة على أَنفسهمَا وَيُؤْخَذ من حصتهما وَقَالَ الشّعبِيّ وَالْحسن الْبَصْرِيّ شَهَادَتهمَا جَائِزَة على جَمِيع الْوَرَثَة وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا كَانَت شَهَادَتهمَا تحيط بِالْمَالِ جَازَت وَإِذا بَقِي من المَال شَيْء لم يجز لِأَنَّهُمَا يجران إِلَى أَنفسهمَا وَقَالَ الشَّافِعِي تجوز شَهَادَتهمَا قَالَ أَبُو جَعْفَر تجوز شَهَادَة الوراث على الْوَارِث كَمَا تجوز على غَيره فَإِذا ألزمهما القَاضِي بإقرارهما لم ينفذ بعد ذَلِك فِي إِسْقَاط مَا لزمهما قَالَ وَنَظِيره رجل شهد على رجل بِالزِّنَا فَإِن قضى عَلَيْهِ بِالْحَدِّ ثمَّ جَاءَ بِثَلَاثَة يشْهدُونَ مَعَه لم يجز وَلَو لم يقْض عَلَيْهِ حَتَّى جَاءَ بِثَلَاثَة يشْهدُونَ مَعَه جَازَ قَالَ أَبُو بكر لَا يعْتَبر أَصْحَابنَا ذَلِك وَإِنَّمَا يعتبرون مجيئهم وَلَعَلَّ ذَلِك قَول الْمُخَالف فألزمهم إِيَّاه الحديث: 1904 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 209 1905 - فِي إِقْرَار الْمَرِيض وَعَلِيهِ دين فِي الصِّحَّة قَالَ أَصْحَابنَا يبْدَأ بدين الصِّحَّة ثمَّ يقْضِي دين الْمَرَض وَقَالَ مَالك إِن أقرّ بِهِ لوَارث أَو ذِي قرَابَة أَو صديق ملاطف لم يقبل إِقْرَاره إِلَّا بِبَيِّنَة وَإِن اقر لغَيرهم فَإِنَّهُ يحاص غُرَمَاء الصِّحَّة وَإِنَّمَا يرد مَا أَمر بِهِ فِي الْمَرَض للتُّهمَةِ فَإِذا لم تقع التُّهْمَة جَازَ وَقَالَ اللَّيْث إِذا أقرّ بدين فِي الْمَرَض وَله ولد صدق فِي جَمِيع مَاله وَإِن كَانَ إِنَّمَا يُورث كَلَالَة أَو لَهُ عصبَة يرثونه قَالَ ذَلِك فِيمَا يتهم عَلَيْهِ النَّاس فَيثبت فِيهِ فَرُبمَا أَرَادَ أَن يحرم عصبته بالتوليج إِلَى غَيرهم وَقَالَ الشَّافِعِي الْإِقْرَار فِي الصِّحَّة وَالْمَرَض سَوَاء يتحاصون فِيهِ 1906 - إِقْرَار الْمَرِيض للْوَارِث قَالَ أَصْحَابنَا لَا يجوز إِذا مَاتَ فِي مَرضه إِلَّا أَن يصدقهُ بَقِيَّتهمْ وَهُوَ قَول مَالك وَللشَّافِعِيّ قَولَانِ أَحدهمَا أَنه يجوز وَالْآخر أَنه لَا يجوز قَالَ أَبُو جَعْفَر رُوِيَ عَن ابْن عمر أَن الرجل إِذا توفّي وَعَلِيهِ صدَاق لامْرَأَته فَهُوَ أُسْوَة الْغُرَمَاء وَإِن كَانَ فِي بَيته قَمح اَوْ زَيْت أَو غَيره فَهُوَ للْوَرَثَة إِلَّا أَن يكون سَمَّاهُ للَّتِي دخل بهَا وَهُوَ صَحِيح رَوَاهُ ابْن الْمُبَارك عَن أُسَامَة بن زيد عَن نَافِع عَن ابْن عمر الحديث: 1905 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 210 قَالَ أَبُو جَعْفَر وَهَذَا يحْتَمل أَن يُرِيد أَن يكون ملكهَا وَلَا يُرِيد الْإِقْرَار 1907 - فِي الْإِقْرَار لوَارث ولأجنبي قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف لَا يَصح بِحَال وَقَالَ مُحَمَّد إِن جحد الْأَجْنَبِيّ وَالْوَارِث الشّركَة جَازَ للْأَجْنَبِيّ وَقَالَ مَالك يتحاص الابْن وَالْأَجْنَبِيّ فِي حِصَّة الْأَجْنَبِيّ ثمَّ مَا يُصِيب الابْن يكون بَينه وَبَين الْوَرَثَة مِيرَاثا 1908 - فِي إِقْرَار الْمَرِيض بِاسْتِيفَاء الدّين قَالَ أَصْحَابنَا يصدق فِي اسْتِيفَاء دين الصِّحَّة وَلَا يصدق فِي اسْتِيفَاء مَا أدانه فِي الْمَرَض إِلَّا بِبَيِّنَة وَلَو كَاتب عَبده فِي الصِّحَّة ثمَّ أقرّ فِي الْمَرَض باستيفائها صدق وَعتق وَلَو كَاتبه فِي الْمَرَض لم يصدق إِلَّا من الثُّلُث وَقَالَ الْحسن بن زِيَاد عَن أبي حنيفَة إِذا بَاعَ دَاره فِي الْمَرَض وَأقر بِقَبض الثّمن صدق وَذكر الْحسن بن أبي مَالك عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة أَنه يصدق من الثُّلُث وَإِن كَانَ البيع فِي الصِّحَّة صدق فِي جَمِيع المَال وَقَالَ مَالك إِذا أقرّ فِي الْمَرَض بِقَبض دينه الَّذِي على فلَان فَإِن كَانَ وَارِثا مِمَّن يتهم لم يقبل قَوْله وَإِن كَانَ أَجْنَبِيّا لَا يتهم جَازَ وَقَالَ الشَّافِعِي يجوز إِقْرَاره الحديث: 1907 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 211 1909 - فِي إِقْرَار الْمَرِيض بدين ثمَّ بوديعة قَالَ أَصْحَابنَا 4 إِذا أقرّ الْمَرِيض بدين ثمَّ بوديعة بِعَينهَا أَو بِغَيْر عينهَا تحاصا وَلَو بَدَأَ بالوديعة بِعَينهَا ثمَّ أقرّ بدين كَانَ صَاحب الْوَدِيعَة أولى وَقَالَ مَالك كل شَيْء أقربه من ذَلِك بِعَيْنِه فصاحبه أولى بِهِ سَوَاء كَانَ أقرّ بِهِ قبل إِقْرَاره بِالدّينِ أَو بعده وَمَا أقرّ بِهِ بِغَيْر عينه فَهُوَ وَالدّين سَوَاء 1910 - فِي إِقْرَار بعض الْوَرَثَة بِعِتْق عبد من الْمِيرَاث قَالَ أَصْحَابنَا إِذا أقرّ بعض الْوَرَثَة أَن الْمَيِّت كَانَ أعتق عَبده هَذَا فِي صِحَّته وَكذبه الْبَاقُونَ فَإِنَّهُ يعْتق نصيب الْمقر وَيسْعَى للْمُنكر فِي حِصَّته وَلَو قَالَ أعْتقهُ فِي مَرضه وَلم يتْرك مَالا غَيره وهما ابْنَانِ فَإِنَّهُ يسْعَى للْمُنكر فِي نصف قِيمَته وللمقر فِي سدس قِيمَته وَقَالَ مَالك فِي رِوَايَة ابْن الْقَاسِم لَا يجوز إِقْرَاره وَلَا يعْتق نصِيبه وَفِي رِوَايَة ابْن وهب يجوز على الْمقر مَا اقر بِهِ فِي نصِيبه وَقَالَ الشَّافِعِي يجوز على الْمقر فِي نصِيبه قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا خلاف أَن رجلا إِذا اشْترى مَمْلُوكا ثمَّ أقرّ أَن البَائِع أعْتقهُ قبل البيع وَأنكر البَائِع أَنه أعْتقهُ أَنه يعْتق على الْمقر كَذَلِك الْوَارِث 1911 - فِي إِقْرَار الْمَرِيض بِعَبْد فِي يَده أَنه ابْنه إِذا قَالَ فِي مَرضه لجارية لَهَا ولد هَذَا ابْني فَإِن كَانَ ولد فِي ملكه فَهُوَ حر بِلَا سِعَايَة وتعتق الْأُم من جَمِيع المَال وَإِن لم يُولد فِي ملكه سعى الْغُلَام الحديث: 1909 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 212 فِي ثُلثي قِيمَته إِن لم يكن لَهُ مَال غَيرهمَا وَلَا يَرث فِي قَول أبي حنيفَة وَفِي قَوْلهمَا إِن لم يكن لَهُ ولد غَيره فَهُوَ حر وَلَا سَبِيل عَلَيْهِ وَإِن كَانَ لَهُ ابْن غَيره فعلى الْمُدَّعِي نصف قِيمَته لِأَخِيهِ وَذَلِكَ إِذا ملكهمَا فِي مَرضه ثَبت النّسَب وعتقا وَلَا سِعَايَة على وَاحِد مِنْهُمَا فِي قَوْلهم جَمِيعًا وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا أقرّ رجل فِي مَرضه أَن هَذَا حملهَا مِنْهُ وَأقر بِولد أمة أُخْرَى فَقَالَ وَلَدهَا مني وَقَالَ فِي أمة أُخْرَى قد وطئتها وَلم يذكر الِاسْتِبْرَاء بعد الْوَطْء فَإِنَّهُ يلْزمه ولد هَؤُلَاءِ كُلهنَّ وَهن أُمَّهَات أَوْلَاد لَهُ يعتقن من جَمِيع المَال وَقَالَ عَنهُ ابْن الْقَاسِم أَيْضا إِذا قَالَ عِنْد مَوته لجارية أَنَّهَا ولدت مِنْهُ وَلَا يعلم إِلَّا بقوله أَنه كَانَ يَرِثهُ كَلَالَة وَإِنَّمَا هم عصبَة لم يقبل قَوْله إِلَّا بِبَيِّنَة تثبت على مَال فَإِن كَانَ لَهُ ولد رَأَيْت أَن يعْتق من جَمِيع المَال وَفِي الَّذِي وَرثهُ كَلَالَة لَا يعْتق وَهِي أمة وَتلك إِذا لم يكن مَعهَا ولد يَدعِيهِ السَّيِّد جَازَ قَوْله فِي ذَلِك وَكَانَت أم ولد لَهُ وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا أقرّ أَن ابْن هَذِه الْأمة وَلَده مِنْهَا وَلَا مَال لَهُ غَيرهَا ثمَّ مَاتَ فَهُوَ ابْنه وهما حران بِمَوْتِهِ لَا يبطل ذَلِك لحق الْغُرَمَاء 1912 - فِي الْإِقْرَار بِمَال فِي موطنين قَالَ فِي الأَصْل عَن أبي حنيفَة إِن أقرّ بِأَلف فِي موطن وبألف فِي موطن فهما أَلفَانِ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد هما ألف وَاحِد وَكَذَلِكَ إِن كَانَ أَحدهمَا أَكثر لزم المالان فِي قَوْله وَفِي قَوْلهمَا الْأَكْثَر وروى بشر عَن أبي يُوسُف إِذا أقرّ عِنْد القَاضِي بِأَلف فأثبتها فِي ديوانه الحديث: 1912 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 213 وَادّعى عَلَيْهِ ألف دِرْهَم فِي يَوْم آخر فَأقر بهَا فَهِيَ ألف وَاحِد فِي قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَالْإِقْرَار عِنْد الشُّهُود كَالْإِقْرَارِ عِنْد القَاضِي وَلَو شهد على نَفسه فِي صك بِأَلف دِرْهَم وأشهدهم أَو غَيرهم على نَفسه فِي موطن آخر بِأَلف دِرْهَم فَإِن الْمَالَيْنِ يلزمانه وَإِن جَاءَ بِشَاهِدين على ألف لَا يعلم فِي موطن أَو موطنين فَهُوَ مالان إِلَّا أَن يعرف أَنه فِي موطن فَيكون مَالا وَاحِدًا وَقَالَ الْحسن عَن زفر إِذا أقرّ بِأَلف فِي موطنين فهما ألف وَاحِد وَقَالَ أَبُو يُوسُف هِيَ أَلفَانِ وَإِن كَانَ فِي موطن وَاحِد فَهُوَ ألف وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَسَوَاء شهد على جَمِيع ذَلِك شَاهِدَانِ أَو شهد شَاهِدَانِ غير الْأَوليين وَقَالَ ابْن شبْرمَة هِيَ ألف وَاحِد وَهُوَ قَول مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا خلاف بَين أَصْحَابنَا أَنه لَو شهد عَلَيْهِ شَاهد أَنه أقرّ بِأَلف يَوْم الْجُمُعَة وَشهد آخر أَنه أقرّ لَهُ يَوْم الْخَمِيس أَن القَاضِي يقْضِي عَلَيْهِ بِأَلف وَلَو كَانَ ذَلِك مالين لما ثَبت كل وَاحِد مِنْهُمَا إِلَّا بِشَاهِدين 1913 - فِي الِاسْتِثْنَاء من الْإِقْرَار قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف يَصح اسْتثِْنَاء مَا يُكَال أَو يُوزن أَو يعد من الْإِقْرَار من جنسه وَغير جنسه وَإِن اسْتثْنى غير ذَلِك لم يَصح الحديث: 1913 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 214 وَقَالَ مُحَمَّد وَزفر لَا يَصح الِاسْتِثْنَاء من غير جنسه وَمَالك يُجِيز البيع بِدِينَار إِلَّا دِرْهَم فالإقرار على أَصله أجوز وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا قَالَ لَهُ عَليّ ألف إِلَّا كرّ حِنْطَة قيل لَهُ أقرّ بِمَا شِئْت من ألف وَالْكر يسْتَثْنى بعد أَن يبْقى بعد الِاسْتِثْنَاء شَيْء قل أَو كثر 1914 - فِي الْإِقْرَار بدرهم فَوق دِرْهَم قَالَ ابْن أبي عمرَان مَذْهَب أَصْحَابنَا فِيمَن قَالَ عَليّ دِرْهَم فَوق دِرْهَم أَن عَلَيْهِ دِرْهَمَيْنِ وَلَو قَالَ عَليّ دِرْهَم تَحت دِرْهَم قضى لَهُ بدرهم وَاحِد وَقَالَ الشَّافِعِي فيهمَا جَمِيعًا دِرْهَم وَاحِد أَنه يجوز أَن يَقُول فَوْقه فِي الْجَوْدَة أَو تَحْتَهُ فِي الرداءة رِوَايَة الْمُزنِيّ وَقَالَ الرّبيع عَنهُ عَلَيْهِ دِرْهَمَانِ فِي الْوَجْهَيْنِ 1915 - فِي إِقْرَار العبيد بِجِنَايَة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا أقرّ العَبْد الماذون لَهُ أَو الْمَحْجُور عَلَيْهِ بقتل رجل خطأ أَو بِجِنَايَة دون النَّفس وَكذبه مَوْلَاهُ لم يصدق وَإِن عتق بعد ذَلِك لم يلْزمه وَلَو أقرّ بِغَصب أَو نَحوه وَهُوَ مَأْذُون جَازَ وَإِن كَانَ مَحْجُورا عَلَيْهِ لم يلْزمه إِلَّا بعد الْعتْق فَإِن أقرّ بِوَطْء بِشُبْهَة لم يلْزمه مهر الحديث: 1914 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 215 وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا أقرّ العَبْد أَنه جَامع هَذِه الْمَرْأَة غصبهَا نَفسهَا لم يصدق إِلَّا أَن يُؤْتى وَهِي مستغيثة أَو مُتَعَلقَة بِهِ وَهِي تدمى إِن كَانَت بكرا فَإِنَّهُ يصدق وَإِن زعم أَنه اغتصبها وَكَذَلِكَ إِذا أقرّ أَنه وطئ صَبيا فَقطع إصبعه وَهِي تدمى وَالصَّبِيّ مُتَعَلق بِهِ فَإِنَّهُ يصدق إِذا أدْرك بحدثان مَا قطع إصبعه وَهُوَ مُتَعَلق بِهِ وَفِي غير هَذَا الْوَجْه لَا يصدق وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يجوز إِقْرَاره وَإِن عتق لزمَه وَيجوز إِقْرَاره بِالْقصاصِ وَالْحَد 1916 - فِي إِقْرَار الْمكَاتب بِالْجِنَايَةِ قَالَ مُحَمَّد فِي الْإِمْلَاء إِذا أقرّ الْمكَاتب بِجِنَايَة خطأ لَزِمته فِي الْكِتَابَة يسْعَى فِيهَا فَإِن عجز بطلت سَوَاء حكم قضى بهَا وَلم يقْض وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِن لم يقْض بهَا بطلت وَإِن قضى بهَا لَزِمته بعد الْعَجز وَقَالَ مَالك لَا يجوز إِقْرَاره بِجِنَايَة الْخَطَأ إِلَّا بعد الْأَدَاء فَإِن عجز ثمَّ عتق لم تلْزمهُ الْجِنَايَة وَقَالَ الشَّافِعِي فِيهِ قَولَانِ أَحدهمَا إِن إِقْرَاره مَوْقُوف إِن أدّى الْكِتَابَة لزمَه وَإِن عجز بَطل حَتَّى يعْتق وَالْقَوْل الثَّانِي إِن ذَلِك لَازم للْمكَاتب لِأَنَّهُ يلْزمه فِي مَاله وَإِن عجز بيع فِيهِ إِن لم يؤده الْمولى الحديث: 1916 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 216 1917 - فِي الْمَمْلُوك يستغله مَوْلَاهُ ثمَّ يبين عتقه قَالَ مَالك فِي الْمَمْلُوك يستغله سَيّده وَتقوم الْبَيِّنَة على عتقه إِيَّاه قبل ذَلِك أَن الْغلَّة للسَّيِّد وَلَو كَانَت أمة فَوَطِئَهَا أَو جرحها فَقَامَتْ بَيِّنَة على عتقه إِيَّاهَا قبل ذَلِك وَهُوَ جَاحد لِلْعِتْقِ فَلَا حد عَلَيْهِ وَلَا أرش فِي جراحته وَلَا حد فِي قذفه قبل ذَلِك قَالَ أَبُو جَعْفَر لم نجد ذَلِك عَن أحد من أهل الْعلم غَيره وَهُوَ فَاسد أَيْضا لِأَن الْعتْق إِذا ثَبت قبل ذَلِك فَإِنَّمَا أَخذ مَال حر ووطئ حرَّة وقذفها 1918 - إِذا دعى أَن مَا اقْتَضَاهُ زيوف قَالَ أَصْحَابنَا إِذا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ ألف دِرْهَم فَقَالَ قضيتها ثمَّ ادّعى أَنَّهَا كَانَت زُيُوفًا فَالْقَوْل قَوْله إِلَّا أَن يقر بِالِاسْتِيفَاءِ فَلَا يصدق أَنَّهَا كَانَت زُيُوفًا وَقَالَ مَالك الْحسن بن حَيّ القَوْل قَول الدَّافِع أَنه قَضَاهُ الْجِيَاد وَإِن هَذَا لَيْسَ من دَرَاهِمه قَالَ أَبُو جَعْفَر لم يَقع العقد على دَرَاهِم بِعَينهَا فَيكون إِقْرَاره باقتضائها إِقْرَارا بِقَبض الْجَوْدَة فَالْقَوْل قَوْله حى يقر بِالِاسْتِيفَاءِ وَلَيْسَ هَذَا كَعبد اشْتَرَاهُ ثمَّ جَاءَ يردهُ بِعَيْب فَقَالَ البَائِع لم أبعك هَذَا فَيكون القَوْل قَوْله لِأَنَّهُ معترف بِقَبض مَا اشْتَرَاهُ بِعَيْنِه فَهُوَ على السَّلامَة حَتَّى يعلم غَيرهَا الحديث: 1917 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 217 1919 - فِي رَاكب الدَّابَّة يَدعِي الْعَارِية قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قَالَ رَاكب الدَّابَّة أعرتني وَقَالَ صَاحبهَا آجرتك فَالْقَوْل قَول الْمُسْتَعِير وَهُوَ قَول الشَّافِعِي ثمَّ رَجَعَ فَقَالَ القَوْل قَول رب الدَّابَّة وَقَالَ مَالك القَوْل قَول رب الدَّابَّة إِلَّا أَن يكون مثل هَؤُلَاءِ الْمَمْلُوك مِمَّن لَا يكون يُؤَاجر فَيكون القَوْل قَول الْمُسْتَعِير 1920 - فِي اخْتِلَاف الصّباغ وَرب الثَّوْب قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قَالَ صبغته بِأَمْرك أَو باستئجارك إيَّايَ وَرب الثَّوْب يَقُول صبغته بِغَيْر أَمْرِي فَالْقَوْل قَول رب الثَّوْب فَيكون كمن صبغ ثوب رجل بِغَيْر أمره وعَلى مَذْهَب مَالك يَتَحَالَفَانِ ثمَّ يُقَال لصَاحب الثَّوْب إِن أَحْبَبْت فادفع إِلَيْهِ أجر عمله وَخذ ثَوْبك فَإِن أَبى كَانَا شَرِيكَيْنِ فِي الثَّوْب هَذَا بِقِيمَة عمله وَهَذَا بِقِيمَة مَتَاعه غير مَعْمُول وَقَالَ الشَّافِعِي يَتَحَالَفَانِ وعل الصابغ مَا نقص الثَّوْب وَلَا أجب لَهُ وَإِن زَاد الصَّبْغ فِيهِ كَانَ شَرِيكا بِمَا زَاد الصَّبْغ وَإِن نقصت قِيمَته فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ وَلَا أجر لَهُ 1921 - فِيمَن يقر بِمَال من ثمن بيع لم يقبض قَالَ مُحَمَّد فِي الْإِمْلَاء إِذا قَالَ لَهُ عَليّ ألف دِرْهَم من ثمن بيع لم أقبضهُ مِنْك وَقَالَ البَائِع قد قضته فَالْقَوْل قَول البَائِع وصل أَو قطع الحديث: 1919 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 218 وَفِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد إِن وصل فَالْقَوْل قَول المُشْتَرِي مَعَ يمنه وَإِن قطع فَقَالَ لَهُ عَليّ ألف دِرْهَم ثمَّ قَالَ بَعْدَمَا سكت هِيَ من ثمن عبد لم أقبضهُ مِنْك سُئِلَ البَائِع أَهِي لَك عَلَيْهِ من ثمن عبد فَإِن قَالَ نعم إِلَّا أَنِّي قد دَفعته فَالْقَوْل قَول المُشْتَرِي وَإِن قَالَ هِيَ من دين أَو غصب فَالْقَوْل قَوْله وَقَالَ الْحسن بن زِيَاد عَن أبي حنيفَة وَزفر إِذا قَالَ لَك عَليّ ألف دِرْهَم ثمن مَتَاع أشتريته مِنْك ثمَّ قَالَ بعد ذَلِك لم أَقبض الْمَتَاع وَقَالَ الْمقر لَهُ قبضت فَالْقَوْل قَول الْمقر وَقَالَ أَبُو يُوسُف القَوْل قَول الْمقر وَذكر بشر عَن أبي يُوسُف إِذا أقرّ بِمَال فِي ذكر حق من بيع ثمَّ قَالَ بعد ذَلِك لم أَقبض الْمَبِيع لم يصدق وَقَالَ ابْن أبي ليلى لَا يلْزمه شَيْء حَتَّى يبين الطَّالِب أَنه قبض الْمَتَاع وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَفِي غير رِوَايَة بشر فِي الْإِمْلَاء عَن أبي يُوسُف أسأَل الْمقر لَهُ أبعت هَذَا الْمَتَاع فَإِن قَالَ نعم قُلْنَا أقِم الْبَيِّنَة إِنَّك أوفيته الْمَتَاع وَإِن قَالَ الطَّالِب لم أبعه شَيْئا لزمَه المَال وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا أقرّ لَهُ بِذكر الْحق من بيع ثمَّ قَالَ لم أَقبض أحلفته مَا قبض وَلَا يلْزمه الثّمن إِلَّا بِالْقَبْضِ 1922 - فِي الْإِقْرَار للْحَمْل إِذا أقرّ لما فِي بطن فُلَانَة بِأَلف دِرْهَم لم يَصح فِي قَول أبي يُوسُف وَالشَّافِعِيّ الحديث: 1922 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 219 وَقَالَ مُحَمَّد يَصح فَإِن كَانَ اثْنَيْنِ فَهُوَ لَهما نِصْفَانِ قَالَ أَبُو جَعْفَر لما توقف صِحَة الْإِقْرَار على الْولادَة صَار معقودا على المخاطرة وَالْإِقْرَار على الْخطر لَا يَصح وَلَيْسَ كَذَلِك الْوَصَايَا 1923 - فِيمَن قَالَ عَليّ كَذَا لَا بل كَذَا إِذا قَالَ عَليّ ألف لَا بل أَلفَانِ فَعَلَيهِ أَلفَانِ وَالْقِيَاس ثَلَاثَة آلَاف وَلَو قَالَ عَليّ ألف دِرْهَم لَا بل مائَة دِينَار فَعَلَيهِ المالان وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ زفر عَلَيْهِ ثَلَاثَة آلَاف دِرْهَم 1924 - فِيمَن قَالَ لَهُ عَليّ مَال عَظِيم أَو نَحوه إِذا قَالَ لَهُ عَليّ مَال عَظِيم كَانَ مِائَتي دِرْهَم فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَلَو قَالَ لَهُ عَليّ مَال فَالْقَوْل فِيهِ قَوْله وَإِذا قَالَ دَرَاهِم كَثِيرَة فَهِيَ عشرَة دَرَاهِم فِي قَول أبي حنيفَة وَفِي يقولهما مِائَتَا دِرْهَم وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا قَالَ لَهُ عَليّ مَال قيل لَهُ أقرّ بِمَا شِئْت وَكَذَلِكَ لَو قَالَ مَال عَظِيم أَو كثير وإ قَالَ عَليّ دَرَاهِم كَثِيرَة أَو عَظِيمَة فَعَلَيهِ ثَلَاثَة دَرَاهِم الحديث: 1923 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 220 1925 - فِيمَن قَالَ لَهُ عَليّ كَذَا وَكَذَا درهما إِذا قَالَ لَهُ عَليّ كَذَا كَذَا فَعَلَيهِ أحد عشر درهما وَإِن قَالَ كَذَا وَكَذَا درهما فَعَلَيهِ أحد وَعِشْرُونَ درهما وَقَالَ ابْن أبي عمرَان قَالَ زفر إِذا قَالَ لَهُ عَليّ كَذَا وَكَذَا درهما فَعَلَيهِ أحد وَعِشْرُونَ درهما وَهُوَ قَول مُحَمَّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف عَلَيْهِ أحد عشر درهما وَقَالَ ابْن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد إِذا قَالَ لَهُ عَليّ كَذَا وَكَذَا درهما فَعَلَيهِ عشرُون درهما وَلَو قَالَ عَليّ كَذَا درهما لزمَه مائَة دِرْهَم وَقَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي إِذا قَالَ كَذَا كَذَا أقرّ بِمَا شَاءَ اثْنَيْنِ وَلَو قَالَ كَذَا وَكَذَا أعطَاهُ دِرْهَمَيْنِ ثمَّ قَالَ فِي مَوضِع آخر فِي كَذَا وَكَذَا اعطه درهما أَو أَكثر وَقَالَ عَنهُ الرّبيع إِذا قَالَ كَذَا كَذَا أقرّ بِمَا شَاءَ وَإِن قَالَ كَذَا وَكَذَا فَهُوَ دِرْهَمَانِ قَالَ أَبُو جَعْفَر قَوْله كَذَا درهما يَقْتَضِي عددا مَا فَإِذا قَالَ كَذَا كَذَا درهما فهما عددان يتناولهما هَذَا الِاسْم وَأقله أحد عشر وَأَكْثَره تِسْعَة الحديث: 1925 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 221 عشر فألزمناه الْأَقَل وَإِن قَالَ كَذَا وَكَذَا فقد أَدخل بَين الْكَلِمَتَيْنِ وَاو الْعَطف فَيكون أقل أحد وَعشْرين 1926 - فِي إخلافه إِيَّاه فِي الْجِهَة إِذا قَالَ لَهُ عَليّ ألف دِرْهَم قرض فَقَالَ الْمقر لَهُ مَالِي عَلَيْك قرض وَإِنَّمَا هِيَ من ثمن بيع قد قضبته فَالْمَال لَازم وَقَالَ زفر لَا يلْزمه آخر كتاب الْإِقْرَار الحديث: 1926 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 222 = كتاب الدَّعْوَى = 1927 - فِي الشَّيْء يَدعِيهِ رجلَانِ قَالَ أَصْحَابنَا فِي دَار فِي يَدي رجل ادَّعَاهَا رجلَانِ وَأَقَامَا الْبَيِّنَة فَهِيَ بَينهمَا نِصْفَانِ وَهُوَ قَول عبيد الله بن الْحسن وَقَالَ مَالك لَا يقْضى بهَا لوَاحِد مِنْهُمَا وَتُؤْخَذ الدَّار من يَد من هِيَ فِي يَدَيْهِ وَيُقَال لَهما احضرا بَيِّنَة أعدل من بينتكما فَإِن قَالَا اقسمها بَيْننَا قسمتهَا بَينهمَا وَللشَّافِعِيّ أقاويل فِي هَذِه مِنْهَا الْقرعَة وَمِنْهَا بطلَان الْبَيِّنَتَيْنِ قَالَ أَبُو جَعْفَر روى اللَّيْث بن سعد عَن بكير بن عبد الله الْأَشَج عَن سعيد بن الْمسيب اخْتصم إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجلَانِ فِي أَمر فجَاء كل وَاحِد مِنْهُمَا بشهداء عدُول على عدَّة وَاحِدَة فَأَسْهم بَينهمَا وَقَالَ اللَّهُمَّ أَنْت تقضي بَينهمَا وَهَذَا منطقع الحديث: 1927 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 223 وَقد روى سماك بن حَرْب عَن تَمِيم بن طرفَة أَن رجلَيْنِ اخْتَصمَا فِي بعير فَأتى هَذَا بِبَيِّنَة أَنه بعيره وَهَذَا أَنه بعيره فَقَسمهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَينهمَا وَهَذَا أَيْضا منطقع وروى عَن زيد بن أَرقم أَن عليا عَلَيْهِ السَّلَام اسْتعْمل الْقرعَة فِي دَعْوَة الْوَلَد بَين جمَاعَة وَأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما بلغه ضحك وَلم يُنكره ثمَّ روى سماك عَن حَنش بن الْمُعْتَمِر أَن عليا رَضِي الله عَنهُ قضى فِي بغله أَقَامَ أحد الْخَصْمَيْنِ خَمْسَة شُهَدَاء أَنَّهَا لَهُ نتجت عِنْده وَأقَام الآخر شَاهِدين فَقَسمهَا بَينهمَا على عدد الشُّهُود فَلم يسْتَعْمل الْقرعَة بعد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وروى عَلْقَمَة بن مرْثَد عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى أَن أَبَا الدَّرْدَاء قضى فِي رجلَيْنِ أَقَامَ كل وَاحِد مِنْهُمَا الْبَيِّنَة على فرس أَنه نتجه أَنه بَينهمَا وَقَالَ مَا أحوجنا إِلَى سلسلة بني إِسْرَائِيل كَانَت تنزل فتأخذ بعنق الظَّالِم وَزعم الشَّافِعِي أَنه لَو قضى بَينهمَا لَكَانَ قد قضى بِخِلَاف الْبَيِّنَتَيْنِ وَهَذَا خطأ لِأَنَّهُ لَو كَانَ كَذَلِك لَكَانَ اسْتِعْمَال القَوْل حكما بِخِلَاف التَّسْمِيَة الْمَذْكُورَة فِي الْكتاب وَقد روى همام عَن قَتَادَة عَن سعيد بن أبي بردة عَن أَبِيه عَن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 224 أبي مُوسَى أَن رجلَيْنِ اخْتَصمَا فِي بعير فَبعث كل وَاحِد مِنْهُمَا شَاهِدين فَقضى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالبعير بَينهمَا وروى سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة بِإِسْنَادِهِ وَقَالَ فِيهِ لم يكن لوَاحِد مِنْهُمَا بَيِّنَة وَقد روى حَمَّاد بن سَلمَة عَن سماك بن حَرْب عَن تَمِيم بن طرفَة أَن رجلَيْنِ ادّعَيَا بَعِيرًا فَأَقَامَ كل وَاحِد مِنْهُمَا شَاهِدين فَقضى بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَينهمَا نِصْفَيْنِ قَالَ فَأخْبرت بذلك أَبَا بردة فَكتب بِهِ إِلَى الْحجَّاج فَكتب أَن أقضى بِهِ فَدلَّ على أَنه أَخذه عَن تَمِيم لَا عَن أَبِيه عَن أبي مُوسَى لِأَنَّهُ لَو كَانَ عِنْده عَن أَبِيه عَن أبي مُوسَى لما احْتَاجَ إِلَى أَخذه عَن سماك بن حَرْب عَن تَمِيم بن طرفَة 1928 - فِي بَيِّنَة الْخَارِج وَالَّذِي فِي يَده قَالَ أَصْحَابنَا إِذا أَقَامَ الرجل وَالَّذِي فِي يَدَيْهِ الْبَيِّنَة فَالْبَيِّنَة بَيِّنَة الْخَارِج إِلَّا فِي النِّتَاج وَمَا فِي مَعْنَاهُ وَقَالَ مَالك وَعبيد الله بن الْحسن وَالشَّافِعِيّ بَيِّنَة الَّذِي فِي يَده أولى قَالَ أَبُو جَعْفَر لما قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام الْبَيِّنَة على الْمُدَّعِي الحديث: 1928 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 225 أوجب بذلك أَنه يسْتَحق بهَا وَلما كَانَ الْمُدَّعِي هُوَ المسؤول الْبَيِّنَة على الْمُدعى عَلَيْهِ دلّ على أَن بَينته هِيَ المقبولة دون الْمُدعى عَلَيْهِ أَلا ترى أَنه لَو لم يكن للْمُدَّعِي بَيِّنَة فَقَالَ الْمُدعى عَلَيْهِ أَنا أقيم الْبَيِّنَة أَنه لي لأسقط الْيَمين عَن نَفسِي لم يلْتَفت إِلَيْهِ واستحلف وَالْفرق بَينه وَبَين النِّتَاج أَن النِّتَاج لَا يكون إِلَّا مرّة وَاحِدَة فثبتت بَيِّنَة الْمُدَّعِي عَلَيْهِ فِي كذب بَيِّنَة الْمُدَّعِي 1929 - إِذا دعى كل وَاحِد من الَّذِي فِي يَده وَالْخَارِج الشِّرَاء من صَاحبه قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف تتهاتر الْبَيِّنَتَانِ وَيتْرك فِي يَد من هُوَ فِي يَده وَقَالَ مُحَمَّد وَزفر وَمَالك وَالشَّافِعِيّ يقْضى بِهِ للَّذي فِي يَدَيْهِ 1930 - فِي بَيِّنَة الْملك هَل يَحْتَاجُونَ أَن يَقُولُوا لَا نعلمهُ خرج من ملكه قَالَ أَصْحَابنَا إِذا شَهدا بِالْملكِ لم يحتاجا أَن يَقُولَا لَا نعلمهُ خرج من ملكه وَلَا يسْتَحْلف الْمُدَّعِي أَيْضا على ذَلِك وروى بشر عَن أبي يُوسُف أَن القَاضِي يسْتَحْلف المُشْتَرِي فِي الْعَيْب مَا بَاعه وَلَا عرضه على بيع وَلَا رَضِي ذَلِك الْعَيْب مُنْذُ رَآهُ وَإِن لم يسْأَله البَائِع اسْتِحْسَانًا وَقَالَ مَالك على الْمُدَّعِي إِن أَتَى بَيِّنَة تشهد أَنه لَهُ لَا يعلمُونَ أَنه بَاعَ وَلَا وهب وَيحلف الْمُدَّعِي مَا بَاعَ وَلَا وهب وَلَا أخرجه عَن يَده بِوَجْه الحديث: 1929 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 226 من الْوُجُوه وَإِن شهِدت الْبَيِّنَة بِالْملكِ ول يَقُولُوا لَا نعلمهُ بَاعَ وَلَا وهب استحلفه الْمُدَّعِي بِاللَّه مَا بَاعَ وَلَا وهب على مَا وَصفنَا وَقَالَ الشَّافِعِي وَلَا أعطي الْمَشْهُود لَهَا بِالزَّوْجِيَّةِ من مِيرَاث الزَّوْج إِلَّا بِأَن يشْهدُوا بِأَن زَوجهَا قد مَاتَ وَهِي لَهُ زَوْجَة لَا يَعْمَلُونَهُ فَارقهَا وَهَذَا يدل من قَوْله على أَن شُهُود الْملك يشْهدُونَ لَهُ أَنهم لَا يعلمُونَ أَنه بَاعَ وَلَا وهب قَالَ أَبُو جَعْفَر لما جَازَ للشُّهُود أَن يشْهدُوا بِملك علموه مَعَ جَوَاز زَوَاله وَلم يكلفوا علم الْغَيْب وَجب على الْحَاكِم قبُول شَهَادَتهم بِالْملكِ وَإِن لم يشْهدُوا أَنهم لَا يعلمونه بَاعَ وَلَا وهب 1931 - فِي اخْتِلَاف الشَّفِيع وَالْمُشْتَرِي فِي الثّمن قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد وَزفر إِذا اخْتلف الشَّفِيع وَالْمُشْتَرِي فِي الثّمن فَالْقَوْل قَول المُشْتَرِي فِيهِ وَإِن أَقَامَا بَيِّنَة فَالْبَيِّنَة بَيِّنَة الشَّفِيع وَقَالَ أَبُو يُوسُف الْبَيِّنَة بَيِّنَة المُشْتَرِي وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ مَالك القَوْل قَول المُشْتَرِي إِلَّا أَن يَأْتِي بِمَا لَا يشبه فَلَا يصدق إِلَّا أَن يكون مثل هَؤُلَاءِ الْمُلُوك يزِيد فِي الثّمن لرغبته فِي دَار لصيقة وَإِن أَقَامَا بَيِّنَة سقطتا وَصَارَ كم لَا بَيِّنَة لَهما فَيكون القَوْل قَول المُشْتَرِي 1932 - فِي دَعْوَى الْأَجَل فِي الثّمن قَالَ أَصْحَابنَا إِذا ادّعى المُشْتَرِي أَََجَلًا فِي الثّمن وَأنْكرهُ البَائِع فَالْقَوْل الحديث: 1931 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 227 قَول البَائِع وَكَذَلِكَ إِذا قَالَ لَك عَليّ ألف إِلَى شهر وَقَالَ الآخر حَال فَالْقَوْل قَول الْمقر لَهُ وَلَو قَالَ ضمنت لَك ألفا إِلَى شهر فَالْقَوْل قَول الْمقر وَهُوَ قَول زفر وروى ابْن سَمَّاعَة وَالْحسن عَن أبي يُوسُف أَنه لَا يصدق على الْأَجَل فِي الْكفَالَة أَيْضا وَقَالَ مَالك إِذا ادّعى المُشْتَرِي أَََجَلًا قَرِيبا لَا يتهم فِي مثله فَالْقَوْل قَوْله وَإِلَّا فَالْقَوْل قَول البَائِع أَنه حَال إِلَّا أَن يكون الْمَعْرُوف فِي تِلْكَ السّلْعَة مَا قَالَ المُشْتَرِي وَفِي الْقَرْض القَوْل قَول الْمقْرض 1933 - فِي دَعْوَى الْغُلَام أَنه عَبده قَالَ أَصْحَابنَا فِي صبي لَا يعبر عَن نَفسه فِي يَدي رجل ادّعى الرجل أَنه عَبده فشب الْغُلَام وَقَالَ أَنا حر فَالْقَوْل قَول الَّذِي فِي يَده وَإِن كَانَ يعبر عَن نَفسه فَقَالَ أَنا حر فَالْقَوْل قَول الصَّبِي وعَلى قَول مَالك القَوْل قَول الرجل فِي الْوَجْهَيْنِ وَلَا يقبل قَول الصَّبِي إِذا علم أَنه فِي يَدَيْهِ يَخْدمه وَإِذا كَانَ مُتَعَلقا بِهِ لَا يعلم أَنه يَخْدمه فَالْقَوْل قَول الصَّبِي وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا كَانَ لَا يتَكَلَّم فَالْقَوْل قَول الرجل بِمَنْزِلَة الدَّابَّة 1934 - فِي دَعْوَة اللَّقِيط قَالَ أَصْحَابنَا إِذا ادّعى لَقِيط نَفسه أَو لَقِيط غَيره فَهُوَ مُصدق الحديث: 1933 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 228 وَقَالَ مَالك فِي اللَّقِيط يَدعِيهِ رجل أَنه لَا يقبل مِنْهُ إِلَّا بِبَيِّنَة إِلَّا أَن يكون قد عرف أَنه لَا يعِيش لَهُ ولد وَيَزْعُم أَنه فعله وَلذَلِك فَيقبل قَوْله وَالَّذِي التقطه وَغَيره سَوَاء وَكَذَلِكَ الْمَرْأَة وَإِن بلغ اللَّقِيط فاقر بِالرّقِّ لرجل لم يصدق لِأَنَّهُ حر وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا ادَّعَاهُ الَّذِي وجده صدق وَإِن ادَّعَاهُ آخر أرى الْقَافة 1935 - فِي الْبَيِّنَة على النّسَب قَالَ أَصْحَابنَا إِذا ادّعى أَنه أَبوهُ أَو هَذِه أمه قبلت بِبَيِّنَة وَإِن لم يدع حَقًا وَإِن ادّعى أَنه أَخُوهُ أَو جده لم تقبل إِلَّا أَن يَدعِي حَقًا وَقَالَ مَالك تقبل بَينته إِذا ادّعى أَنه ابْنه أَو أَبوهُ أَو أَخُوهُ أَو أمه وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا قَالَت ولدت هَذَا الْوَلَد من أَخِيك الْمُتَوفَّى قبلت بينتها وَلم يذكر دَعْوَى حق 1936 - فِي الْمَرْأَة تَدعِي ولدا قَالَ أَصْحَابنَا لَا تقبل دَعْوَاهَا إِلَّا أَن تشهد امْرَأَة على الْولادَة وَقَالَ مَالك وَالثَّوْري لَا يقبل قَوْلهَا إِلَّا بِبَيِّنَة وَقَالَ الشَّافِعِي مثل ذَلِك الحديث: 1935 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 229 قَالَ أَبُو جَعْفَر وَقَالَ بعض الْبَصرِيين تقبل دَعْوَة الْمَرْأَة بِغَيْر بَيِّنَة كدعوة الرجل 1937 - فِي اخْتِلَاف الِابْنَيْنِ فِي دين الْأَب الْمَيِّت قَالَ أَصْحَابنَا إِذا أقرّ الابنان أَن أباهما ترك هَذِه الدَّار مِيرَاثا فَقَالَ الْمُسلم مَاتَ أبي مُسلما وَقَالَ الْكَافِر مَاتَ أبي كَافِرًا فَالْقَوْل قَول الْمُسلم وَإِن أَقَامَا الْبَيِّنَة فَالْبَيِّنَة بَيِّنَة الْمُسلم أَيْضا وَقَالَ مَالك الدَّار بَينهمَا نِصْفَانِ وَكَذَلِكَ إِن أَقَامَا الْبَيِّنَة وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا لم يقم الْبَيِّنَة وقف الْأَمر حَتَّى يصطلحا أَو يعلم وَإِن أَقَامَا بَيِّنَة فَفِيهِ قَولَانِ أَحدهمَا الْقرعَة وَالْآخر الْوَقْف 1938 - فِيمَن قَالَ لعبدين لَهُ أَحدهمَا ابْني قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قَالَ لعبدين لَهُ أَحدهمَا ابْني ثمَّ مَاتَ لم يثبت نسب وَاحِد مِنْهُمَا وَعتق من كل وَاحِد نصفه وَيسْعَى فِي نصف قِيمَته وَكَذَلِكَ أمهاتهما الحديث: 1937 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 230 وَقَالَ ابْن أبي ليلى يثبت نسب أَحدهمَا ويرثان مِيرَاث ابْن وَيسْعَى كل وَاحِد مِنْهُمَا فِي نصف قِيمَته وَقَالَ عُثْمَان البتي يُوقف المَال حَتَّى تثبت أنسابهما وَقَالَ سوار يقسم المَال بَينهمَا وَأنْفق عَلَيْهِمَا حَتَّى يثبتا وَقَالَ مَالك لَا يثبت النّسَب وَتثبت حريَّة أَحدهمَا بقوله أَحَدكُمَا حر وَذَلِكَ إِذا كَانَ فِي الصِّحَّة وَيعتق بِالسَّهْمِ قَالَ الشَّافِعِي يرى الْقَافة وَإِن لم تكن قافة أَقرع بَينهمَا فَأَيّهمَا خرج سَهْمه عتق وَأمه 1939 - إِذا ولدت فِي ملكه ثَلَاثَة أَوْلَاد فِي بطُون مُخْتَلفَة فَادّعى أكبرهم قَالَ زفر يثبت نسبهم جَمِيعًا وَقَالَ سَائِر أَصْحَابنَا يثبت نسب الْأَكْبَر دون الآخرين وَالأُم أم ولد والآخران بمنزلتها وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا قَالَ فِي ذَلِك أحد هَؤُلَاءِ وَلَدي أَقرع بَينهم وَقَالَ الْمُزنِيّ إِن أَرَادَ الْأَكْبَر فَهُوَ حر والآخران بِمَنْزِلَة أم الْوَلَد قَالَ أَبُو جَعْفَر وروى سُلَيْمَان عَن أَبِيه فِي إملاء مُحَمَّد قَالَ مُحَمَّد إِذا قَالَ لجاريته إِن ولدت غُلَاما أول مَا تلدين فَأَنت حرَّة فَولدت غُلَاما وَجَارِيَة لَا يدْرِي أَيهمَا أول أَنه لَا يعْتق مِنْهُ أحد وَترك الحديث: 1939 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 231 وَقَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَإِن الْجَارِيَة وابنتها تعْتق من كل وَاحِدَة نصفهَا وَيسْعَى فينصف قيمتهَا والغلام مَمْلُوك قَالَ ابْن أبي عمرَان وَهُوَ الْقيَاس لأَنا لَا نعلم وُقُوع الْعتْق وَإِنَّمَا نستعمل الْأَحْوَال فِي عتق قد تَيَقّن وُقُوعه وَجَهل مُسْتَحقّه 1940 - فِي دَعْوَى الرّجْعَة بعد الْعدة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قَالَ لَهَا بعد انْقِضَاء الْعدة قد كنت رَاجَعتك فصدقته ثبتَتْ الرّجْعَة وَلَو قَالَ لَهَا رَاجَعتك فَقَالَت مجيبة لَهُ قد انْقَضتْ عدتي لم تثبت الرّجْعَة فِي قَول أبي حنيفَة وَتثبت فِي قَوْلهمَا وَقَول مَالك فِي هَذَا كَقَوْل أبي حنيفَة قَالَ مَالك إِذا قَالَ بعد انْقِضَاء الْعدة قد كنت راجعتها لم يصدق إِلَّا أَن يعلم أَنه قد كَانَ يدْخل عَلَيْهَا وَيخرج فِي الْعدة 1941 - فِي رجلَيْنِ تنَازعا امْرَأَة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا أَقَامَا الْبَيِّنَة وَكَانَت فِي يَد أَحدهمَا فَهُوَ أولى كَذَلِك إِن دخل بهَا وَكَذَلِكَ إِن أقرَّت بِهِ لأَحَدهمَا الحديث: 1940 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 232 وَقِيَاس قَول مَالك على مَا قَالَ ابْن الْقَاسِم إِن إِقْرَارهَا وإنكارها سَوَاء فَإِذا عدلت الْبَيِّنَتَانِ فسخت النِّكَاح بَينهَا وَبَينهمَا وَكَانَت فرقتهما تَطْلِيقَة وَقَالَ الشَّافِعِي يرجع إِلَى قَوْلهَا فِي ذَلِك فَإِن جحدت لم يلْزمهَا نِكَاح وَاحِد مِنْهُمَا وَلَا يلْتَفت إِلَى الدُّخُول فِي شَيْء من ذَلِك قَالَ وَإِن أقرَّت لأَحَدهمَا ألزمته النِّكَاح بعد أَن أحلفها للثَّانِي فَإِن أَبَت أَن تحلف ردَّتْ الْيَمين على الآخر فَإِن حلف أبطلت نِكَاحه وَنِكَاح الآخر لِأَنَّهَا أقرَّت لأَحَدهمَا ونكلت عَن الْيَمين للْآخر فَإِن أَبى أَن يحلف كَانَ النِّكَاح للْأولِ قَالَ أَبُو جَعْفَر إِذا لم تقر لأَحَدهمَا بَطل النكاحان جَمِيعًا إِذْ لَيْسَ أَحدهمَا بِأولى من الآخر وَلَا يجوز أَن يثبتا فَإِذا أقرَّت بِهِ لأَحَدهمَا صَار كإقرارها بِهِ لَو لم يكن لَهما بَيِّنَة فَيقبل إِقْرَارهَا وَقَول الشَّافِعِي إِنَّهَا تستحلف للثَّانِي بعد إِقْرَارهَا للْأولِ فَاسد لِأَنَّهَا لَو أقرَّت بِهِ للثَّانِي لم تصدق فَكيف تستحلف 1942 - فِيمَن خلا بامرأته وَهِي حَائِض قَالَ أَصْحَابنَا إِذا خلا بهَا وَهِي حَائِض أَو مُحرمَة أَو نَحْو ذَلِك أَو الرجل محرم أَو صَائِم فِي رَمَضَان ثمَّ طَلقهَا فَعَلَيهِ نصف الْمهْر وَقَالَ مَالك إِذا خلا بهَا وَهِي حَائِض وَادعت الْجِمَاع وَقد طَلقهَا فلهَا جَمِيع الْمهْر وَالْقَوْل قَوْلهَا قَالَ وَكَذَلِكَ الرجل يغتصب الْمَرْأَة نَفسهَا ويدخلها بَيْتا وَالشُّهُود الحديث: 1942 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 233 ينظرُونَ ثمَّ خرجت فَقَالَت قد وطئني فَعَلَيهِ الصَدَاق وَلَا حد عَلَيْهِ وَالشَّافِعِيّ لَا يعْتَبر الْخلْوَة فِي ذَلِك وَلَا يُوجب كَمَال الصَدَاق إِلَّا بِالدُّخُولِ قَالَ أَبُو جَعْفَر الْخلْوَة على الْوَجْه الَّذِي ذكرنَا لَا تبيح الْوَطْء فوجودها كعدمها 1943 - فِي الْخلْوَة الصَّحِيحَة الْمُوجبَة للمهر هَل توجب الرّجْعَة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا خلا بهَا وَقَالَ لم أجامعها فَلَا رَجْعَة وَعَلِيهِ الْمهْر وَقَالَ مَالك إِذا قَالَ قد جامعتها فَلَا رَجْعَة لَهُ وَعَلَيْهَا الْعدة وَقَالَ اللَّيْث إِذا أَتَاهَا فِيمَا دون الْفرج فلهَا الصَدَاق وَله الرّجْعَة إِذا علم أَنه كَانَ يَأْتِيهَا فِي أَهلهَا 1944 - فِيمَن بَاعَ حُبْلَى وَادّعى وَلَدهَا قَالَ أَصْحَابنَا إِذا حبلت الْجَارِيَة فِي ملكه فَبَاعَهَا وَولدت عِنْد المُشْتَرِي وَادّعى البَائِع وَلَدهَا صدق وَفسخ البيع وَإِن كَانَ اشْتَرَاهَا وَهِي حُبْلَى فَولدت ثمَّ بَاعَ الْأُم أَو بَاعهَا وَهِي حُبْلَى فَولدت عِنْد المُشْتَرِي الحديث: 1943 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 234 الثَّانِي ثمَّ ادّعى المُشْتَرِي الأول الْوَلَد لم صدق إِذا كَانَ قد بَاعَ الْوَلَد وَإِن بَاعَ الْأُم وَحدهَا صدق فِي الْوَلَد وَلم يفْسخ البيع فِي الْأُم ثمَّ قَالَ زفر إِذا اشْترى جَارِيَة وَوَلدهَا ثمَّ بَاعَ الْجَارِيَة ثمَّ ادّعى الْوَلَد وَهُوَ فِي ملكه وَقد ولد فِي غير ملكه فَهُوَ مُصدق وَترد الْأُم إِلَيْهِ وَتَكون أم ولد لَهُ وَقَالَ مَالك إِذا بَاعَ صَبيا صَغِيرا ثمَّ ادَّعَاهُ فَهُوَ مُصدق سَوَاء ولد عِنْده أَو لم يود إِلَّا أَن يَأْتِي بِأَمْر يسْتَدلّ بِهِ على كذبه وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا ولد عِنْده ثمَّ بَاعه صدق ورد عَلَيْهِ إِلَّا أَن يكون المُشْتَرِي أعْتقهُ وروى الثَّوْريّ عَن ربيعَة عَن عمر بن عبد الْعَزِيز أَنه إِذا بَاعَ ثمَّ ادّعى أَنه ابْنه ثَبت نسبه وَلَا يرد عَلَيْهِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِيمَن بَاعَ جَارِيَة وَمَعَهَا ابْن لَهَا فاستولدها المُشْتَرِي ثمَّ ادّعى الَّذِي بَاعهَا أَن وَلَدهَا كَانَ مِنْهُ فَإِنَّهُ يحلف أَنه وَلَده ثمَّ ألحق بِهِ وَأمه وَيلْحق بالمشتري وَلَده مِنْهَا وَيرد البَائِع الثّمن على المُشْتَرِي وَلَو بَاعَ عبدا ثمَّ ادّعى أَنه كَانَ أعْتقهُ وَقد كَانَ المُشْتَرِي أعْتقهُ أَو لم يكن أعْتقهُ فَإِنَّهُ حر وَيرد ثمنه إِلَى المُشْتَرِي وَلم يقل بذلك أحد غير الْأَوْزَاعِيّ فِي الْعتْق وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا بَاعَ أمة ثمَّ قَالَ قد كَانَت ولد مني فسخ البيع فِيهَا وَكَانَت أم ولد لَهُ سَوَاء كَانَ لَهَا ولد أَو لم يكن وَلم يقل بذلك غَيره أحد وَقَالَ اللَّيْث إِذا بَاعَ غُلَاما وَلدته جَارِيَة لَهُ ثمَّ قَالَ هُوَ ابْني فَإِنَّهُ يرد إِلَيْهِ وَيفْسخ البيع الجزء: 4 ¦ الصفحة: 235 وَقَالَ الرّبيع عَن الشَّافِعِي فِي الْبُوَيْطِيّ إِذا ادّعى البَائِع أَن الْحمل مِنْهُ وَقد كَانَ أقرّ بِوَطْئِهَا قبل بيعهَا ولمي طَأْهَا المُشْتَرِي صدق وَفسخ البيع إِذا أمكن أَن يكون الْحمل مِنْهُ وَإِن كَانَ لَا يُمكن أَن يكون مِنْهُ لم يصدق وَإِن ادّعى الِاسْتِبْرَاء بعد الْوَطْء فَجَاءَت بِولد عِنْد الْمُبْتَاع لأَقل من سِتَّة أشهر لحق بِهِ لِأَن الحبلى تحيض وَإِن كَانَت لأكْثر من سِتَّة أشهر لم أفسخ البيع وألحقت بِهِ الْوَلَد إِن ادَّعَاهُ وَجَعَلته ابْنه عبدا للْآخر وَقَالَ الْمُزنِيّ فِي مُخْتَصره عَنهُ لَو رَهنه جَارِيَة فَوَطِئَهَا قبل الْقَبْض وَظهر بهَا حمل فأقرت بِهِ كَانَت خَارِجَة من الرَّهْن قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ فِي جَارِيَة بَين رجلَيْنِ جَاءَت بِولد فَادَّعَاهُ أَحدهمَا أَنه يثبت نسبه وَعَلِيهِ نصف قيمَة الْجَارِيَة وَنصف الْعقر وَأَنه لَيْسَ عَلَيْهِ من قيمَة الْوَلَد شَيْء فَلَمَّا كَانَ الْعلُوق فِي ملكه استندت الدعْوَة إِلَى حَال الْعلُوق فَكَانَ مُصدقا كَذَلِك الحبلى إِذا بِيعَتْ 1945 - إِذا ادّعى الْوَلَد بعد الْعتْق قَالَ أَصْحَابنَا إِذا بَاعَ أمة حَامِلا فَولدت عِنْد المُشْتَرِي فَأعْتقهَا ثمَّ ادّعى البَائِع الْوَلَد صدق وَكَانَ الْوَلَد حرا يرد إِلَيْهِ بِحِصَّتِهِ من الثّمن وَلَا يصدق على الْأُم وَعَن مَالك نَحْو ذَلِك إِلَّا أَنه قَالَ يَأْخُذ البَائِع الْوَلَد بِالْقيمَةِ وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا لم يعلم وَطئه لَهَا قبل بَيْعه لم تقبل دَعوته وَإِن لم يعْتق الحديث: 1945 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 236 1946 - إِذا قَالَ مَا كَانَ لَك عَليّ شَيْء قطّ ثمَّ يُقيم الْبَيِّنَة أَنه قَضَاهُ قَالَ أَصْحَابنَا إِذا ادّعى على رجل مَالا فَقَالَ الْمُدعى عَلَيْهِ مَا كَانَ لَك عَليّ شَيْء قطّ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَة بِأَلف وَأقَام الْمُدعى عَلَيْهِ الْبَيِّنَة أَنه قَضَاهَا فَإِنَّهُ تقبل مِنْهُ وَلَو كَانَ قَالَ ماكان لَك عَليّ شَيْء قطّ وَلَا أعرفك لم تقبل بَينته على الْقَضَاء وَقَالَ ابْن شبْرمَة إِذا قَالَ مَا كَانَ لَك عَليّ شَيْء قطّ وَأقَام على الْإِنْكَار لم تقبل بَينته على الْقَضَاء وَإِذا قَالَ مَا لَهُ عَليّ شَيْء قبلت بعد ذَلِك بَينته على الْقَضَاء وَفرق بَين هَذَا وَبَين قَوْله مَا كَانَ لَهُ عَليّ شَيْء قطّ أَو مَا أَقْرضنِي أَو مَا غصبني إِذا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا قَالَ مَا كَانَ لَهُ عَليّ شَيْء قطّ لم أقبل بعد ذَلِك دَعْوَاهُ للمخرج وَلَا أسأَل الْمُدَّعِي عَن دَعْوَاهُ وَلَو أقرّ ثمَّ ادّعى أَنه كَانَ أدّى سَأَلَ خَصمه فَإِن أقرّ ألزمهُ وَإِن أنكر استحلفه وَقَالَ ابْن أبي ليلى إِذا أنكر الْخصم الدَّعْوَى ثمَّ جَاءَ بِشَهَادَة شُهُود على الْمخْرج مِنْهُمَا لم أقبل مِنْهُ بعد الْإِنْكَار وَذَلِكَ أَن يَقُول مَا لَهُ قلبِي شَيْء فيقيم الطَّالِب الْبَيِّنَة على مَاله وَيُقِيم الآخر بَينته أَنه قد أوفاه إِيَّاه وَقَالَ ابْن أبي ليلى إِن ادّعى قبل رجل دَعْوَى فَقَالَ الْمُدعى عَلَيْهِ عِنْدِي مِنْهَا الْمخْرج إِن هَذَا إِقْرَار مِنْهُ بهَا فَإِن جَاءَ بمخرج وَإِلَّا ألزم الدَّعْوَى الحديث: 1946 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 237 وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَيْسَ هَذَا بِإِقْرَار مِنْهُ لما ادّعى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ قد يكون عِنْده أبراه من الْحق وَمن الْبَاطِل وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا قَالَ مَا لَهُ عَليّ شَيْء قبلت مِنْهُ الْبَيِّنَة على الْمخْرج وَقَالَ أَبُو جَعْفَر قَوْله مَا كَانَ لَهُ عَليّ شَيْء قطّ لَا يَنْفِي بَينته على الْقَضَاء لِأَن المقضى يصير قصاصا بِمَا حكم بِهِ عَلَيْهِ فبينته مَقْبُولَة وَقَالَ ابْن أبي عمرَان الْقيَاس أَن تقبل بَينته وَإِن قَالَ مَا أعرفك إِذا جَازَ أَن يكون وَجب عَلَيْهِ بمراسلة بَينه وَبَينه من غير رُؤْيَة ثمَّ قَضَاهُ بِمثل ذَلِك وَقَالَ ابْن أبي عمرَان وَقد كَانَ غير وَاحِد من أهل النّظر من متأخري أَصْحَابنَا يذهبون إِلَى هَذَا آخر كتاب الدَّعْوَى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 238 = كتاب الشُّفْعَة = 1947 - فِي الشُّفْعَة بالجوار قَالَ أَصْحَابنَا الشَّرِيك فِي الْمَبِيع أَحَق من الشَّرِيك فِي الطَّرِيق ثمَّ الشَّرِيك فِي الطَّرِيق ثمَّ الْجَار الملاصق وَهُوَ 4 قَول ابْن شبْرمَة وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لَا شُفْعَة إِلَّا فِي مشَاع وَلَا شُفْعَة فِي بِئْر لَا بَيَاض لَهَا لَا يحْتَمل الْقِسْمَة وروى أَبُو عَاصِم عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد وَأبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قضى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالشُّفْعَة فِيمَا لم يقسم فَإِذا وَقعت الْحُدُود فَلَا شُفْعَة وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَن مَالك عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز الْمَاجشون الحديث: 1947 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 239 قَالَ أَبُو جَعْفَر وَهَذَا أَصله عَن ابْن الْمسيب بِغَيْر ذكر لأبي هُرَيْرَة كَذَلِك هُوَ فِي الْمُوَطَّأ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَنهُ الْأَثْبَات القعْنبِي وَابْن وهب وَقد روى معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن جَابر قَالَ قضى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالشُّفْعَة فِي كل مَا لم يقسم فَإِذا وَقعت الْحُدُود وصرفت الطّرق فَلَا شُفْعَة فَشرط صرف الطّرق وَنفى الشُّفْعَة 1948 - إِذن الشَّفِيع فِي البيع هَل يبطل الشُّفْعَة قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالْحسن بن حَيّ وَاللَّيْث وَابْن شبْرمَة وَالشَّافِعِيّ إِذا أذن لَهُ الشَّفِيع فِي البيع فَبَاعَهُ فَلهُ الشُّفْعَة وَإِن قَالَ لَا حَاجَة لي فِي الشُّفْعَة وَعَن الثَّوْريّ رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا لَهُ الشُّفْعَة وَالْأُخْرَى لَا شُفْعَة وَقَالَ عُثْمَان البتي لَا شُفْعَة لَهُ وروى أَبُو الزبير عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الشُّفْعَة فِي كل شرك بِأَرْض أَو ربع أَو حَائِط لَا يصلح أَن يَبِيع حَتَّى يعرض على شَرِيكه فَيَأْخُذ أَو يدع فَإِن قَالَ قَائِل هَذَا يدل على ثُبُوت حق الشَّفِيع قبل البيع فَإِذا سلمه جَازَ تَسْلِيمه الحديث: 1948 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 240 قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا دلَالَة فِيهِ على مَا ذكر لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ تَخْفيف المؤونة فِي اسْتِئْنَاف أَخذ الشَّفِيع بعد بَيْعه من المُشْتَرِي 1949 - فِي الشَّفِيع يعلم بِالْبيعِ قَالَ أَصْحَابنَا وَالْحسن بن حَيّ إِن لم يطْلب مَكَانَهُ بطلت شفعته وَقَالَ الْحسن بن زِيَاد إِذا أشهد أَنه على شفعته وَلم يقم بهَا فِيمَا بَينه وَبَين أَن يصل إِلَى القَاضِي فقد أبطل شفعته وَقَالَ الْحسن وَأما أَبُو حنيفَة فَقَالَ ثَلَاثَة أَيَّام وروى مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة أَنه على شفعته أبدا وَقَالَ مُحَمَّد إِنَّه إِذا تَركهَا بعد الطّلب شهرا بطلت وَقَالَ أَبُو يُوسُف إِذا أمكنه أَن يطْلب عِنْد القَاضِي وَيَأْخُذهُ فَلم يفعل بطلت وَقَالَ ابْن أبي ليلى إِذا علم بِالْبيعِ فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا قَالَ الشّعبِيّ يَوْمًا وَقَالَ عُثْمَان البتي ثَلَاثًا وَقَالَ مَالك إِذا علم بِالشِّرَاءِ فَلم يطْلب حَتَّى طَال بطلت وَالسّنة لَيست بِكَثِير وَله أَن يَأْخُذ وَهَذَا فِي الْحَاضِر فَأَما الْغَائِب فَلَا تبطل شفعته وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا لم يطْلبهَا أَيَّامًا بطلت شفعته وَذكر الْمعَافى عَنهُ ثَلَاثَة أَيَّام الحديث: 1949 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 241 وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ وَاللَّيْث وَعبيد الله بن الْحسن وَالشَّافِعِيّ إِذا لم يطْلب حِين علم بطلت وَقَالَ شريك إِذا علم فَلم يطْلب فَهُوَ على شفعته أَو سكت حَتَّى يطْلب أَو يَقُول قد تركت قَالَ أَبُو جَعْفَر قَول شريك خَارج من أقاويل الْفُقَهَاء وَقَالَ الشّعبِيّ من بِيعَتْ شفعته وَهُوَ شَاهد لَا يُنكر فَلَا شُفْعَة لَهُ وَكَانَ قَول شريك شاذا وَثَبت قَول الآخرين فَيَنْبَغِي أَن يَسْتَوِي قَلِيل الْوَقْت وَكَثِيره فِي بطلَان الشُّفْعَة بِهِ إِذا ترك الطّلب فِيهِ 1950 - فِي عُهْدَة الشَّفِيع قَالَ أَصْحَابنَا إِذا أَخذ الدَّار من البَائِع فعهدته عَلَيْهِ وَإِن أَخذهَا من المُشْتَرِي فعهدته على المُشْتَرِي وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَعُثْمَان البتي عهدته على البَائِع لِأَن الشُّفْعَة وَجَبت يَوْم اشْترى الشَّفِيع وَقَالَ مَالك عدته على المُشْتَرِي قبض أَو لم يقبض فِي رِوَايَة أَسد وَقَالَ ابْن عبد الحكم عَنهُ وعهدته على الَّذِي يُؤْخَذ مِنْهُ وَقَالَ الثَّوْريّ عدته على المُشْتَرِي وَهُوَ قَول اللَّيْث الحديث: 1950 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 242 وَقَالَ الْحسن بن حَيّ عهدته على من أَخذ مِنْهُ الدَّار وَقَالَ الشَّافِعِي عهدته المُشْتَرِي على البَائِع وعهدة الشَّفِيع على المُشْتَرِي 1951 - فِي الصَّفْقَة تجمع مَا فِيهِ شُفْعَة وَمَا لَا شُفْعَة فِيهِ قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اشْترى بَيْتا ورحى ومتاعا فَإِن الشَّفِيع يَأْخُذ الْبَيْت وَمَا فِي الْبناء وَلَا يَأْخُذ مَا لم يكن فِي الْبناء قَالَ أَبُو جَعْفَر وَرُوِيَ عَن أبي حنيفَة قَول شَاذ إِن الشُّفْعَة وَاجِبَة فِي جَمِيع مَا ضمته الصَّفْقَة سَوَاء كَانَ مِمَّا لَو أفرد وَجَبت فِيهِ الشُّفْعَة أَو لم تجب إِذا كَانَ فِي الصَّفْقَة مَا تجب فِيهِ الشُّفْعَة وَذكر رِوَايَة عَنهُ أَنه رَجَعَ عَن ذَلِك القَوْل الأول الَّذِي ذَكرْنَاهُ وَهُوَ قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ سوار بن عبد الله وَعبيد الله بن الْحسن فِيمَن بَاعَ دارين صَفْقَة ثمَّ جَاءَ شَفِيع إِحْدَاهمَا فَإِن شَاءَ أخذهما جَمِيعًا 1952 - فِي الْأَجَل يثبت للشَّفِيع قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اشْترى دَارا بِثمن مُؤَجل فَإِن شَاءَ الشَّفِيع صَبر حَتَّى يحل الْأَجَل ثمَّ يَأْخُذ وَإِن شَاءَ أَخذهَا بِالثّمن حَالا وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ مَالك والبتي إِذا كَانَ مليئا أَخذهَا بِالثّمن إِلَى أَجله وَإِن كَانَ مخوفا فَإِن جَاءَ على ثِقَة مثل الَّذِي اشْترى مِنْهُ فَذَلِك لَهُ الحديث: 1951 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 243 1953 - فِي بيع الْخِيَار قَالَ أَصْحَابنَا إِذا كَانَ خِيَار الشَّرْط للْبَائِع فَلَا شُفْعَة وَإِن كَانَ للْمُشْتَرِي فَفِيهِ الشُّفْعَة وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ مَالك فِي خِيَار المُشْتَرِي لَا شُفْعَة حَتَّى يتم البيع 1954 - فِي التَّزْوِيج وَالْخلْع قَالَ أَصْحَابنَا لَا شُفْعَة فِي الْمهْر والجعل فِي الْخلْع وَالصُّلْح من دم الْعمد وَالْإِجَارَة وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَابْن شبْرمَة وَمَالك إِذا تزَوجهَا على نصف الدَّار أَخذهَا الشَّفِيع بِقِيمَة الشّقص وَقَالَ الشَّافِعِي يَأْخُذهَا بِمهْر مثلهَا 1955 - فِي شُفْعَة الصَّبِي قَالَ سَائِر الْفُقَهَاء للصَّبِيّ الشُّفْعَة يَأْخُذهَا وليه وَقَالَ ابْن أبي ليلى لَا شُفْعَة للصَّغِير 1956 - فِي الشُّفْعَة لِلنَّصْرَانِيِّ قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ الْمُسلم وَالذِّمِّيّ فِي الشُّفْعَة سَوَاء الحديث: 1953 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 244 وَقَالَ الْحسن بن صَالح لَا شُفْعَة لَهُم فِي أَمْصَار الْمُسلمين الَّتِي ابتدأها الْمُسلمُونَ لأَنهم لَا يجوز لَهُم سكناهَا وَلَا ملكهَا وَلَهُم الشُّفْعَة فِي الْقرى 1957 - فِي الشُّفْعَة فِي الْهِبَة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا وهب لَهُ دَارا على غير شَرط عوض ثمَّ عوضه لم يجب فِيهَا شُفْعَة وَقَالَ ابْن أبي ليلى فِيهَا الشُّفْعَة وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ إِذا وَهبهَا رَجَاء الثَّوَاب ثمَّ عوضه فَللشَّفِيع الشُّفْعَة وَهُوَ قَول الْحسن بن حَيّ وَذكر ابْن الْقَاسِم على مَذْهَب مَالك أَنه إِن وهبه لصلة رحم أَو صَدَقَة فَلَا شُفْعَة فِيهِ وَإِن أثابه الْمَوْهُوب لَهُ 1958 - فِي الْهِبَة على شَرط الْعِوَض قَالَ أَصْحَابنَا إِذا وهب على شَرط عوض فَلَا شُفْعَة حَتَّى يتقابضا فَإِذا تقابضا كَانَ بِمَنْزِلَة البيع وَقَالَ زفر هُوَ بيع تقابضا أَو لم يتقابضا وَفِيه الشُّفْعَة وَهُوَ قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ 1959 - فِي الشَّرِيك الْأَدْنَى قَالَ أَصْحَابنَا إِذا ورث جمَاعَة دَارا بَينهم ثمَّ مَاتَ بَعضهم وَترك وَرَثَة فَبَاعَ بَعضهم نصِيبه فالشركاء فِي الدرا إسوة فِي الشُّفْعَة وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ مَالك الشُّرَكَاء فِي مِيرَاث الْمَيِّت الآخر أَحَق بِالشُّفْعَة الحديث: 1957 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 245 1960 - فِي الصَّفْقَة تضم الدَّاريْنِ قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اشْترى دارين صَفْقَة وَاحِدَة لَهما شَفِيع فَإِن شَاءَ أخذهما جَمِيعًا وَإِن شَاءَ ترك وَذكر ابْن سَمَّاعَة أَيْضا عَن مُحَمَّد قَالَ وَهُوَ قَوْلهم وَقَول مَالك وَقَالَ زفر للشَّفِيع أَن يَأْخُذ إِحْدَاهمَا دون الْأُخْرَى إِن شَاءَ 1961 - فِي الْجَمَاعَة يشْتَرونَ الدَّار قَالَ أَصْحَابنَا للشَّفِيع أَن يَأْخُذ نصيب أحدهم دون الآخر ين وَلَو كَانَ البَائِع اثْنَيْنِ وَالْمُشْتَرِي وَاحِدًا لم يكن لَهُ أَن يَأْخُذ نصيب أَحدهمَا دون الآخر وَقَالَ مَالك لَيْسَ للشَّفِيع أَن يَأْخُذ نصيب أَحدهمَا دون الآخر فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ جَمِيعًا وَقَالَ الشَّافِعِي لَهُ أَن يَأْخُذ نصيب أَحدهمَا دون الآخر فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ جَمِيعًا 1962 - فِي الشُّفْعَة بِالدَّار الَّتِي فِيهَا الْخِيَار قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اشْترى دَارا على أَنه بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا فبيعت دَار إِلَى جنبها فَأَخذهَا بِالشُّفْعَة كَانَ رضَا بِالْبيعِ وَلَو كَانَ الْخِيَار للْبَائِع فَأَخذهَا بِالشُّفْعَة كَانَ نقضا للْبيع الحديث: 1960 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 246 وَقَالَ مَالك الشُّفْعَة لمن يصير لَهُ الشّقص الَّذِي فِيهِ الْخِيَار وَإِن نقض البيع للْبَائِع وَإِن تمّ فَلِلْمُشْتَرِي 1963 - فِي المُشْتَرِي يَبْنِي أَو يغْرس قَالَ أَصْحَابنَا إِذا بنى المُشْتَرِي أَو غرس فَللشَّفِيع أَن يَأْمُرهُ بقلع ذَلِك وَيَأْخُذهُ بالزرع يَدعه حَتَّى يستحصد ثمَّ يَأْخُذ وَقَالَ ابْن أبي ليلى إِن شَاءَ الشَّفِيع أَخذهَا بِالثّمن وَقِيمَة الْبناء وَالْغَرْس وَإِن شَاءَ ترك لَا شَيْء لَهُ غير ذَلِك وَهُوَ قَول مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَقَالَ مَالك وَالزَّرْع للزارع وَقَول الْحسن بن حَيّ وَاللَّيْث وَعبيد الله بن الْحسن وَالشَّافِعِيّ كَقَوْل ابْن أبي ليلى 1964 - فِي إِحْضَار الشَّفِيع الثّمن قَالَ أَصْحَابنَا فِي الْأُصُول لَيْسَ للشَّفِيع أَن يَأْخُذ الدَّار حَتَّى ينقده الثّمن فَإِن قضى لَهُ بِالشُّفْعَة ثمَّ مَاتَ كَانَ للْمُشْتَرِي حَبسهَا بِالثّمن فَهَذَا يدل على أَن القَاضِي يقْضِي بِالشُّفْعَة قبل إِحْضَار الثّمن وَذكر هِشَام عَن مُحَمَّد إِن المُشْتَرِي إِذا قَالَ أحضر المَال وَخذ شفعتك فَإِن القَاضِي يؤجله يَوْمَيْنِ أَو ثَلَاثَة فَإِن أحضر مَاله وَإِلَّا بطلت شفعته وَذكر هِشَام أَيْضا عَن مُحَمَّد أَن القَاضِي يَأْمُرهُ بإحضار المَال قبل أَن يقْضِي لَهُ بِالشُّفْعَة وَلَا يقْضِي لَهُ بهَا حَتَّى يحضر المَال وَكَذَلِكَ روى ابْن سَمَّاعَة عَنهُ وَقَالَ ابْن شبْرمَة إِذا اسْتحق الشُّفْعَة أحل فِي ثمنهَا ثَلَاثَة أَيَّام فَإِن جَاءَ الحديث: 1963 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 247 بِالثّمن وَإِلَّا فَلَا شُفْعَة لَهُ وَنَحْوه عَن عُثْمَان البتي وَمَالك وَالْحسن بن حَيّ وَقَالَ اللَّيْث لَا يُؤَخر سَاعَة إِن جَاءَ بِالثّمن فَلهُ الشُّفْعَة وَإِن لم يَأْتِ بِهِ حِين يَأْخُذ الشُّفْعَة فَلَا شُفْعَة لَهُ وَكَانَ بكار بن قُتَيْبَة لَا يسمع بَيِّنَة على مُطَالبَة بشفعة إِلَّا أَن يحضر مَعَه مِقْدَار الثّمن وَحكى ذَلِك عَن جمَاعَة من الْبَصرِيين قَالَ أَبُو جَعْفَر يَنْبَغِي أَن لَا يقْضِي لَهُ بِالشُّفْعَة إِلَّا بعد إِحْضَار الثّمن لِأَنَّهُ إِن لم يكن كَذَلِك يحصل الثّمن دينا وَقد ملك هُوَ الْعين فَلَا يجوز لِأَن المُشْتَرِي لم يرض بِذِمَّتِهِ 1965 - فِي الشُّفْعَة على عدد الرؤوس قَالَ أَصْحَابنَا الشُّفْعَة على عدد الرؤوس وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَشريك وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ مَالك وَعبيد الله بن الْحسن وسوار على قدر الْأَنْصِبَاء وروى الْحسن وَعَطَاء على الْأَنْصِبَاء وَعَن الشّعبِيّ على عدد الرؤوس 1966 - فِي الشُّفْعَة تورث قَالَ أَصْحَابنَا إِذا مَاتَ الشَّفِيع بطلت الشُّفْعَة وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَعبيد الله بن الْحسن الحديث: 1965 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 248 وَقَالَ مَالك وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ تورث وَقَالَ أَبُو جَعْفَر الشُّفْعَة رَأْي فِي الْأَخْذ فَلَا تورث كَمَا لَا تدخل فِي الْوَصِيَّة قَالَ أَبُو بكر وَأَيْضًا أَنَّهَا حق يملك بِهِ كَخِيَار الْقبُول 1967 - فِي ثَمَر النّخل قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اشْترى أَرضًا فِيهَا نخل وفيهَا ثَمَر وَاشْترى جَمِيع ذَلِك فَفِي ذَلِك كُله الشفع فَإِن جذها المُشْتَرِي أَخذ الأَرْض وَالنَّخْل بحصتها دون الثَّمَرَة وَقَالَ مَالك يَأْخُذ الثَّمَرَة بعد الْجذاذ وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يَأْخُذ الثَّمَرَة قبل الْجذاذ وَيَأْخُذ الأَرْض وَالنَّخْل بحصتهما من الثّمن وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن لَا شُفْعَة للشَّفِيع فِيهَا كَمَا لَا شُفْعَة فِيهَا لَو كَانَت مصرومة وروى عَنهُ أَنه يَأْخُذ الْجَمِيع قَالَ أَبُو جَعْفَر الْقيَاس أَن لَا يَأْخُذ الثَّمَرَة لِأَنَّهَا لَا تدخل فِي البيع إِلَّا بِالشّرطِ وَيلْزم عَلَيْهِ الطَّرِيق وَالشرب إِلَّا أَن الطَّرِيق قد يجوز بَيْعه على الِانْفِرَاد وَتجب فِيهِ الشُّفْعَة وَالشرب والمسيل لَا حِصَّة لَهما من الثّمن إِن استحقا فيخالفان الثَّمَرَة 1968 - فِي الْعَيْب يحدث بِالدَّار بعد الْقَضَاء بِالشُّفْعَة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قضى للشَّفِيع بِالشُّفْعَة فَهِيَ لَازِمَة لَهُ وَإِن حدث عيب قبل الْقَبْض فَلهُ أَن يَدعهَا الحديث: 1967 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 249 وَقَالَ مَالك لَيْسَ لَهُ أَن يَدعهَا وَكَذَلِكَ يَقُول مَالك فِي الشِّرَاء إِن مَا حدث من عيب قبل الْقَبْض فَهُوَ من مَال المُشْتَرِي 1969 - فِي قسْمَة المُشْتَرِي قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اشْترى نصف دَار مشَاع ثمَّ قَاسم البَائِع فَإِن الشَّفِيع يَأْخُذ النّصْف الَّذِي صَار للْمُشْتَرِي وَلَا يفْسخ الْقِسْمَة سَوَاء قسمهَا بِقَضَاء أَو بِغَيْر قَضَاء وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ مَالك يفْسخ الْقِسْمَة كَمَا لَو بَاعه فسخ البيع 1970 - فِي تصرف المُشْتَرِي قَالَ أَصْحَابنَا إِذا وَهبهَا المُشْتَرِي أَو تزوج عَلَيْهَا فَللشَّفِيع أَن يبطل ذَلِك وَالثمن للْمُشْتَرِي وَقَالَ مَالك الثّمن للْمَوْهُوب لَهُ 1971 - فِي غيبَة الشَّفِيع قَالَ أَصْحَابنَا إِذا كَانَ الشَّفِيع غَائِبا فَعلم بِالشِّرَاءِ فَلهُ من الْأَجَل بعد أَن علم قدر الْمسير وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يشْهد فِي الْموضع الَّذِي فِيهِ المُشْتَرِي فَإِنَّمَا عَلَيْهِ أَن يشْهد فِي مَوضِع الدَّار وعَلى المُشْتَرِي أَو البَائِع وَقَالَ مَالك لَا تقطع الشُّفْعَة عَن غَائِب لغيبته وَإِن طَالَتْ لَيْسَ لذَلِك عندنَا حد تقطع إِلَيْهِ الشُّفْعَة الحديث: 1969 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 250 وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا ترك الطّلب لعذر لم تبطل وَإِن ترك لغير عذر بطلت وَلَا تقطعها طول الْغَيْبَة وَقَالَ إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ والْحَارث العكلي لَا شُفْعَة لغَائِب وَرُوِيَ عَن إِبْرَاهِيم أَن لَهُ الشُّفْعَة وَقَالَ الْحسن وَعَطَاء للْغَائِب الشُّفْعَة وَهُوَ قَول عمر بن عبد الْعَزِيز رَضِي الله عَنهُ وَقد روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْجَار أَحَق بشفعة جَاره ينْتَظر بهَا وَإِن كَانَ غَائِبا إِذا كَانَ طريقهما وَاحِدًا 1972 - فِي هدم المُشْتَرِي الْبناء أَو أكل الثَّمَرَة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا انْهَدَمت أَو احترقت الثَّمَرَة من غير فعلة أخد الشَّفِيع بِجَمِيعِ الثّمن وَإِن كَانَ من فعلة أَخذهَا بحصتها من الثّمن وَقَالَ مَالك يَأْخُذهَا الشَّفِيع بِجَمِيعِ الثّمن وَإِن هدم المُشْتَرِي وَأما الثَّمَرَة فَإِن كَانَت مشتراة مَعَ النّخل فَأكلهَا المُشْتَرِي سقط عَن الشَّفِيع حصَّتهَا وَقَول الْحسن بن حَيّ وَالثَّوْري مثل قَول أَصْحَابنَا 1973 - فِي إِقْرَار المُشْتَرِي بِالشِّرَاءِ قَالَ أَصْحَابنَا إِذا أقرّ رجل فِي يَده دَار أَنه اشْتَرَاهَا فَللشَّفِيع أَخذهَا مَعَ الحديث: 1972 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 251 غيبَة البَائِع وَإِن حضر البَائِع فَجحد البيع أَخذهَا وَبَطلَت الشُّفْعَة إِذا لم تكن بَيِّنَة وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَول مَالك إِنَّه لَا يَأْخُذهَا من المُشْتَرِي حَتَّى يحضر البَائِع فَيقر 1974 - فِي شِرَاء أحد الشفيعين قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اشْترى دَارا هُوَ شفيعها وَلها شَفِيع آخر فَإِنَّهُ يَأْخُذ نصفهَا وَهُوَ قَول مَالك وَذكر الزَّعْفَرَانِي عَن الشَّافِعِي أَن الشَّفِيع الَّذِي لم يشترها يَأْخُذ الْجَمِيع وَغَيره يذكر عَنهُ أَنه يَأْخُذ النّصْف آخر كتاب الشُّفْعَة الحديث: 1974 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 252 = كتاب الْحِوَالَة وَالْكَفَالَة = 1975 - فِي الْكفَالَة بِالنَّفسِ قَالَ أَصْحَابنَا الْكفَالَة بِالنَّفسِ جَائِزَة وَإِن مَاتَ الْمَطْلُوب برىء الْكَفِيل وَلم يلْزمه الْحق الَّذِي على الْمَطْلُوب وَقَالَ عُثْمَان البتي إِذا كفل بِنَفس رجل قبله قصاص فِي نفس أَو مَا دونهَا ففات أَن يَجِيء بِهِ فَعَلَيهِ أرش تِلْكَ الْجراحَة أَو النَّفس وَهِي للْكَفِيل فِي مَالك الْجَانِي وَلَا قصاص على الْكَفِيل وَقَالَ مَالك إِذا كفل بِنَفسِهِ إِلَى أجل وَعَلِيهِ مَال أَنه إِن لم يَأْتِ بِهِ غرم المَال وَيرجع بِهِ على الْمَطْلُوب فَإِن اشْترط ضَمَان نَفسه وَقَالَ لَا أضمن المَال فَهُوَ كَمَا قَالَ وَلَا شَيْء عَلَيْهِ من المَال الحديث: 1975 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 253 وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث مثل قَول مَالك وَضعف الشَّافِعِي الْكفَالَة بِالْوَجْهِ فِي مَوضِع وأجازها فِي مَوضِع قَالَ أَبُو جَعْفَر روى عبد الرَّحْمَن بن أبي الزِّنَاد قَالَ حَدثنِي أبي عَن مُحَمَّد بن حَمْزَة بن عَمْرو الْأَسْلَمِيّ عَن أَبِيه أَن عمر بَعثه مُصدقا على سعد بن هزيم فَأتى حَمْزَة بِمَال ليصدقه فَإِذا رجل يَقُول لَا مرأته أُدي صَدَقَة مَوْلَاك وَإِذا الْمَرْأَة تَقول بل أَنْت أد صَدَقَة مَال ابْنك فَسَأَلَ حَمْزَة عَن أَمرهمَا وقولهما فَأخْبر أَن ذَلِك الرجل زوج تِلْكَ الْمَرْأَة وَأَنه وَقع على جَارِيَة لَهَا فَولدت ولدا فأعتقته امْرَأَته قَالُوا فَهَذَا المَال لِابْنِهِ من جاريتها فَقَالَ حَمْزَة لأرجمنك بأحجارك فَقيل لَهُ أصلحك الله إِن أمره قد رفع إِلَى عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فجلده عمر مائَة وَلم ير عَلَيْهِ الرَّجْم فَأخذ حَمْزَة بِالرجلِ كَفِيلا حَتَّى قدم على عمر فَسَأَلَهُ عَمَّا ذكر من جلد عمر إِيَّاه وَلم ير عَلَيْهِ رجما فَصَدَّقَهُمْ عمر بذلك من قَوْلهم وَقَالَ إِنَّمَا دَرأ عَنهُ الرَّجْم أَنه عذره بالجهالة وروى يحيى بن آدم عَن إِسْرَائِيل عَن أبي إِسْحَاق عَن حَارِثَة بن مضرب قَالَ صليت الْغَدَاة مَعَ عبد الله بن مَسْعُود فِي الْمَسْجِد فَلَمَّا سلم قَامَ رجل فَقَالَ وَالله لقد بت اللَّيْلَة وَمَا فِي نَفسِي على أحد من النَّاس أحنة وَإِنِّي كنت قد استطرقت رجلا من بني حنيفَة بفرسي فَأمرنِي أَن آتيه بِغَلَس وَإِنِّي أَتَيْته فَلَمَّا انْتَهَيْت إِلَى مَسْجِد بني حنيفَة مَسْجِد عبد الله بن النواحة سَمِعت مؤذنهم يُؤذن يشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مسليمة رَسُول الله فاتهمت سَمْعِي وكففت الْفرس حَتَّى سَمِعت أهل الْمَسْجِد توطؤا على ذَلِك فَمَا كذبه عبد الله وَقَالَ من هَاهُنَا فَقَامَ رجل فَقَالَ عَليّ بِعَبْد الله بن النواحة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 254 وَأَصْحَابه قَالَ حَارِثَة فجيء بهم وَأَنا جَالس فَقَالَ عبد الله بن النواحة وَيلك أَيْن مَا كنت تقرا من الْقُرْآن قَالَ كنت أتقيكم بِهِ قَالَ لَهُ تب فَأبى فَأمر بِهِ عبد الله قرظة بن كَعْب الْأنْصَارِيّ فَأخْرجهُ إِلَى السُّوق فحز رَأسه قَالَ حَارِثَة سَمِعت عبد الله يَقُول من سره أَن ينظر إِلَى عبد الله بن النواحة قَتِيلا بِالسوقِ فَليخْرجْ فَلْينْظر إِلَيْهِ قَالَ حَارِثَة فَكنت فِيمَن خرج ينظر إِلَيْهِ ثمَّ إِن عبد الله اسْتَشَارَ أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بَقِيَّة النَّفر فَقَامَ عدي بن حَاتِم الطَّائِي فَحَمدَ الله تَعَالَى وَأُنْثَى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ أما بعد فثؤول الْكفْر اطلع رَأسه فاحسمه فَلَا يكون بعده شَيْء وَقَامَ الْأَشْعَث بن قيس وَجَرِير بن عبد الله فَقَالَا بل استتبهم وكفلهم عَشَائِرهمْ فاستتابهم فتابوا وكفلهم عَشَائِرهمْ ونفاهم إِلَى الشَّام قَالَ أَبُو جَعْفَر فَثَبت عَن ابْن مَسْعُود وَحَمْزَة بن عَمْرو وَجَرِير بن عبد الله والأشعث إِثْبَات الْكفَالَة بِالنَّفسِ وَذَلِكَ بِمحضر من قرظة بن كَعْب وعدي بن حَاتِم وَغَيرهمَا من الصحابه فَلم يخالفوهم فَلَا يسمع أحد الْخُرُوج عَنهُ إِلَى غَيره إِذا لم يروه عَن غَيرهم من الصَّحَابَة خِلَافه وَأما ضَمَان الْأَمْوَال بِمَوْت الْمَكْفُول عَنهُ فَلَا معنى لَهُ إِذا لم يشرطه لِأَنَّهُ إِنَّمَا كفل بِالنَّفسِ وَقد فَاتَت وَلَا قيمَة لَهَا يرجع إِلَيْهَا بعد عدمهَا 1976 - فِي الْكفَالَة بِالْمَالِ قَالَ أَصْحَابنَا وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ إِذا كفل عَن رجل بِمَال فللطالب أَن يَأْخُذ أَيهمَا شَاءَ من الْمَطْلُوب وَمن الْكَفِيل قَالَ أَبُو يُوسُف وَقَالَ ابْن أبي ليلى لَيْسَ لَهُ أَن يَأْخُذ الَّذِي عَلَيْهِ الأَصْل الحديث: 1976 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 255 وَحَيْثُ قبل مِنْهُ الْكَفِيل فقد أَبرَأَهُ من المَال إِلَّا أَن يتوى المَال قبل الْكَفِيل فَيرجع على الَّذِي عَلَيْهِ الأَصْل وَإِن كَانَ كل وَاحِد مِنْهُمَا كَفِيلا عَن صَاحبه كَانَ لَهُ أَن يَأْخُذ أَيهمَا شَاءَ قَالَ أَبُو يُوسُف وَابْن شبْرمَة فِي الْكفَالَة إِن اشْترط أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا كَفِيل عَن صَاحبه فَأَيّهمَا اخْتَار أبرأت الآخر إِلَّا أَن يشْتَرط أَن يأخذهما إِن شَاءَ جَمِيعًا وَإِن شَاءَ شَتَّى وروى شُعَيْب بن صَفْوَان عَن ابْن شبْرمَة فِيمَن ضمن عَن رجل مَالا أَنه يبرأ الْمَضْمُون عَنهُ وَالْمَال على الْكَفِيل وَقَالَ فِي رجل أقْرض رجلَيْنِ ألف دِرْهَم على أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا كَفِيل عَن صَاحبه فلس لَهُ أَن يَأْخُذ أَحدهمَا بِجَمِيعِ المَال إِنَّمَا لَهُ أَن يَأْخُذهُ بِمَا كفل بِهِ عَن صَاحبه وَهَذَا خلاف رِوَايَة أبي يُوسُف وَقَالَ مَالك إِذا كَانَ الْمَطْلُوب مليئا بِالْحَقِّ لم يَأْخُذ الكفل الَّذِي كفل بِهِ عَنهُ وَلكنه يَأْخُذ حَقه من الْمَطْلُوب فَإِن نقص شَيْء من حَقه أَخذه من مَال الْحميل إِلَّا أَن يكون للَّذي عَلَيْهِ الدّين قد تأبى فيخاف صَاحب الْحق أَن يحاصه الْغُرَمَاء أَو كَانَ غَائِبا فَلهُ أَن يَأْخُذ الْحميل ويدعه قَالَ ابْن الْقَاسِم وَقد كَانَ مَالك يَقُول لَهُ أَن يَأْخُذ أَيهمَا شَاءَ ثمَّ رَجَعَ إِلَى هَذَا القَوْل وَقَالَ اللَّيْث إِذا كفل بِالْمَالِ وَعرف مبلغه جَازَ وَأخذ بِهِ وَإِن قَالَ كفلت لَك بحقك وَلم يعرف الْحق لم يجز لِأَنَّهُ مَجْهُول قَالَ أَبُو جَعْفَر روى سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن هَارُون بن رِئَاب عَن كنَانَة بن نعيم عَن قبيصَة بن الْمخَارِق أَنه تحمل حمالَة فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلَهُ فِيهَا فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نخرجها عَنْك من إبل الصَّدَقَة يَا قبيصَة إِن الْمَسْأَلَة حرمت إِلَّا فِي ثَلَاث رجل تحمل حمالَة فَحلت لَهُ الْمَسْأَلَة حَتَّى يُؤَدِّيهَا ثمَّ يمسك وَرجل الجزء: 4 ¦ الصفحة: 256 أَصَابَته جَائِحَة فاجتاحت مَاله فَحلت لَهُ الْمَسْأَلَة حَتَّى يُصِيب قواما من عَيْش أَو سدادا من عَيْش وَذكر الحَدِيث قَالَ أَبُو جَعْفَر فَكَانَ فِي إحلاله الْمَسْأَلَة لمن تحمل عَن قوم بِمَا ذكر دَلِيل على فَسَاد قَول من قَالَ إِن الْمَكْفُول لَهُ لَيْسَ لَهُ مُطَالبَة الْكَفِيل إِذا قدر على مُطَالبَة الْمَكْفُول عَنهُ لِأَنَّهُ أَبَاحَ لَهُ الْمَسْأَلَة بِنَفس الْحمالَة وَلم يعْتَبر حَال الْمُحْتَمل عَنهُ من كَونه مليئا أَو غير مَلِيء قَالَ أَبُو بكر وَهَذَا الْخَبَر يدل على جَوَاز الْكفَالَة بِمَال مَجْهُول لِأَنَّهُ أطلق القَوْل فِيمَن تحمل حمالَة بِإِبَاحَة الْمَسْأَلَة وَلم يفرق بَين الْمَجْهُول مِنْهَا والمعلوم وَيدل أَيْضا على أَن الدّين يمْنَع الزَّكَاة بِقَدرِهِ لَوْلَا ذَلِك لما حلت لَهُ الصَّدَقَة لِأَنَّهُ لم يفرق بَين من تحمل حمالَة وَله مَال أَو لَا مَال لَهُ وَأما قَول من قَالَ إِن الْمَطْلُوب يبرأ بِنَفس الْحمالَة فالدليل على فَسَاده مَا رَوَاهُ شريك عَن عبد الله من مُحَمَّد بن عقيل عَن جَابر بن عبد الله أَن رجلا مَاتَ وَعَلِيهِ دين فَلم يصل عَلَيْهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى قَالَ أَبُو الْبشر أَو غَيره هُوَ عَليّ فصلى عَلَيْهِ فجَاء من الْغَد يتقاضاه فَقَالَ إِنَّمَا كَانَ ذَلِك أمس ثمَّ أَتَاهُ من بعد الْغَد فَأعْطَاهُ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْآن بردت عَلَيْهِ جلده الجزء: 4 ¦ الصفحة: 257 فَدلَّ ذَلِك على أَن الْمَطْلُوب لَا يبرأ بكفالة الْكَفِيل عَنهُ وَإِن للطَّالِب أَن يَأْخُذ بِهِ بعد الْكفَالَة أَيهمَا شَاءَ قَالَ أَبُو بكر وَهَذَا الحَدِيث أَيْضا يدل على أَن الْكَفِيل لَا يرجع على الْمَكْفُول عَنهُ إِذا كَانَت لكفالة بِغَيْر أَمر لِأَنَّهُ لَو كَانَ لَهُ الرُّجُوع لقام الْكَفِيل فِيهِ مقَام الطَّالِب فَلم يكن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليُصَلِّي عَلَيْهِ فَإِن قيل فقد روى عبد الله بن أبي قَتَادَة عَن أَبِيه قَالَ مَاتَ رجل منا فَأتوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليُصَلِّي عَلَيْهِ فَقَالَ هَل ترك عَلَيْهِ دينا فَقَالُوا نعم ثَمَانِيَة وَعشْرين درهما قَالَ هَل ترك وفآء قَالُوا لَا وَالله مَا ترك من شَيْء قَالَ فصلوا أَنْتُم عَلَيْهِ قَالَ فَقَالَ أَبُو قَتَادَة يَا رَسُول الله أَرَأَيْت إِن قضيت عَنهُ أَتُصَلِّي عَلَيْهِ قَالَ نعم إِن قضيت عَنهُ بِالْوَفَاءِ قَالَ فَانْطَلق أَبُو قَتَادَة فَقضى عَنهُ فَقَالَ رَسُول الله قد قضينا عَنهُ فَدَعَا لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَصلى عَلَيْهِ فَفِي هَذَا الحَدِيث أَنه إِنَّمَا صلى عَلَيْهِ وَبعد الْقَضَاء عَنهُ قيل لَهُ يحْتَمل أَن يكون هَذَا الْمَيِّت غير الَّذِي فِي الحَدِيث الأول وَكَانَ لَهُ أَن لَا يُصَلِّي حَتَّى يقْضِي وَكَانَ لَهُ أَن يُصَلِّي بِنَفس الضَّمَان لِأَنَّهُ يصير بِمَنْزِلَة من ترك وَفَاء وَقد روى الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا توفّي الْمُؤمن وَعَلِيهِ دين يسْأَل مَا ترك لدينِهِ من قَضَاء فَإِن قَالُوا نعم صلى عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِن قَالُوا لَا قَالَ صلوا على صَاحبكُم فَلَمَّا فتح الله تَعَالَى على رَسُوله الْفتُوح قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنا أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من الجزء: 4 ¦ الصفحة: 258 أنفسهم فَمن توفّي وَعَلِيهِ دين فعلي قَضَاؤُهُ وَمن ترك مَالا فَهُوَ لوَرثَته وعَلى أَن حَدِيث عبد الله بن أبي قَتَادَة عَن أَبِيه لَيْسَ بِسَمَاع مِنْهُ لِأَن بكير بن عبد الله بن الْأَشَج روى عَن عبد الله بن أبي قَتَادَة قَالَ سَمِعت من أَهلِي من لَا أتهم أَن رجلا توفّي على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعلي دِينَارَانِ فَأبى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يُصَلِّي عَلَيْهِ حَتَّى تحمل بهَا أَو قَتَادَة فَحَدِيث عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل أحسن مِنْهُ وَإِن كَانَ إِنَّمَا يَدُور عَلَيْهِ فقد احْتج بِهِ غَيرنَا علينا فِي مِفْتَاح الصَّلَاة وتحليلها وَفِي حَدِيثه عَن عمرَان بن طَلْحَة فِي الْحيض فَحَدِيث عبد الله بن مُحَمَّد مَقْبُول فِي ذَلِك كَمَا قبله غَيرنَا فِيمَا وَصفنَا 1977 - فِي الْكفَالَة من غير قبُول الطَّالِب قَالَ أَبُو حنيفَة لَا تصح الْكفَالَة بِغَيْر قبُول الطَّالِب إِلَّا فِي خصْلَة وَاحِد أَن يَقُول الْمَرِيض لبَعض ورثته اضمن عني ديني فَيضمنهُ والغرماء غيب فَيجوز وَإِن لم يسم الدّين وَلَو كَانَ هَذَا فِي الصِّحَّة لم يلْزم الْكَفِيل شَيْء قَالَ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد الْكفَالَة جَائِزَة كَانَ لَهُ مُخَاطب أَو لم يكن قَالَ أَبُو جَعْفَر وى بعض الروَاة هَذَا الْخلاف عَن أبي يُوسُف وَحده قَالَ أَبُو بكر الصَّحِيح أَن مُحَمَّدًا مَعَ أبي حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَحده وَابْن الْقَاسِم لم يحفظ عَن مَالك شَيْئا فِي ذَلِك قَالَ وَأرَاهُ لَازِما الحديث: 1977 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 259 وروى الرّبيع عَن الشَّافِعِي أَن الضَّمَان إِنَّمَا يلْزم الضَّامِن لما قد عرفه وَأما مَا لم يعرفهُ فَهُوَ من المخاطرة أَي فَلَا يلْزمه قَالَ أَبُو جَعْفَر هَذَا يدل على أَنَّهَا كَانَت تلْزم عِنْده بِغَيْر قبُول قَالَ أَبُو جَعْفَر وَقد أجَاز النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ضَمَان من ضمن عَن الْمَيِّت من غير قبُول الْمَضْمُون لَهُ فَدلَّ على صِحَة قَول أبي يُوسُف 1978 - فِي الْكفَالَة بِالْمَالِ عَن الْمَيِّت قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا مَاتَ الرجل وَعَلِيهِ دين وَلم يتْرك شَيْئا وكفل ابْنه للْغَرِيم بِمَا لَهُ على الْمَيِّت فَإِن ذَلِك لَا يجوز وَإِن ترك الْمَيِّت شَيْئا جَازَت الْكفَالَة بِقدر مَا ترك وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالشَّافِعِيّ الْكفَالَة جَائِزَة عَنهُ وَإِن لم يتْرك الْمَيِّت شَيْئا وَقَالَ مَالك إِذا ضمن عَن ميته لزمَه وَرجع بِهِ من مَال الْمَيِّت فَإِن لم يكن الْمَيِّت لَهُ مَال قَالَ فالكفالة جَائِزَة وَلَا يرجع فِي مَال الْمَيِّت إِن بَان للْمَيت مَال بعد ذَلِك قَالَ أَبُو جَعْفَر قد أجَاز النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الضَّمَان عَن الْمَيِّت الَّذِي لم يتْرك شَيْئا الحديث: 1978 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 260 1979 - فِيمَن ضمن عَن رجل مَالا بِغَيْر أمره هَل يرجع بِهِ قَالَ أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيّ وَالْحسن بن حَيّ لَا يرجع بِهِ عَلَيْهِ إِذا أَدَّاهُ قَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك لَو أدّى عَن رجل مَالا بِغَيْر أمره فَلهُ أَن يرجع بذلك على الْمَطْلُوب قَالَ وَسُئِلَ مَالك عَن رجل ابْتَاعَ دينا على رجل وَقد كَانَ بَين المُشْتَرِي وَبَين الَّذِي عَلَيْهِ الدّين عَدَاوَة قَالَ إِن علم أَنه إِنَّمَا أَرَادَ بذلك ضَرَره وتعنته فِي ذَلِك فَلَا أرى أَن يُمكن من ذَلِك قَالَ أَبُو جَعْفَر بني مَالك مذْهبه فِي ذَلِك على تَجْوِيز ابتياع الدُّيُون الَّتِي فِي ذمَّة الْغَيْر بالعروض فَإِن أجَاز ابتياع الدُّيُون بديون مثلهَا فَفِي ذَلِك ابتياع ذهب بِذَهَب أَو فضَّة بِفِضَّة آجله وَهَذَا غير جَائِز فَإِن قيل فقد قَالَ أَصْحَابنَا فِي العَبْد الْمَغْصُوب إِذا ضمنه رجل لمَوْلَاهُ بِغَيْر أَمر الْغَاصِب فَأدى قِيمَته إِلَى مَوْلَاهُ أَن العَبْد الْمَغْصُوب يكون للضامن فجعلوه مَالِكًا للْعَبد بأَدَاء ضَمَان قيمَة العَبْد وَكَذَلِكَ الدّين الَّذِي يضمنهُ عَن غَيره قيل لَهُ الْفرق بَينهمَا أَن مؤدي الدّين هُوَ مود لنَفس مَا على الْمَطْلُوب فَسقط عَنهُ وَلم يكن أَدَاؤُهُ بَدَلا عَنهُ فَيملك الْمُبدل مِنْهُ وَالْعَبْد غير مَا أَدَّاهُ الضَّامِن فَملك العَبْد بَدَلا مِمَّا أدّى لِاسْتِحَالَة بَقَاء العَبْد وبدله فِي ملكه 1980 - فِيمَن كفل بِنَفس رجل ثمَّ كفل بِهِ كَفِيل آخر قَالَ أَصْحَابنَا إِذا كفل رجل بِنَفس رجل ثمَّ كفل آخر بِنَفسِهِ فهما جَمِيعًا كفيلان وَهُوَ قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ الحديث: 1979 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 261 وَقَالَ ابْن أبي ليلى قد برىء الْكَفِيل الأول حِين أَخذ الثَّانِي 1981 - فِي موت الْكَفِيل وَالْمَال مُؤَجل قَالَ أَصْحَابنَا إِذا كَانَ المَال مُؤَجّلا على الْكَفِيل وعَلى صَاحب الأَصْل فَمَاتَ الْكَفِيل قبل حُلُول الْأَجَل أَخذ من مَاله حَالا وَلَا يرجع ورثته على الْمَكْفُول عَنهُ إِلَّا بعد حُلُول الْأَجَل وَهُوَ قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ زفر يرجع ورثته على الْمَكْفُول عَنهُ حَالا لِأَنَّهُ أدخلهُ فِيهِ وَقد علم أَنه يحل عَلَيْهِ المَال بِمَوْتِهِ 1982 - فِي رُجُوع الْكَفِيل بِالْمَالِ قبل الْأَدَاء قَالَ أَصْحَابنَا إِذا أَخذ الطَّالِب الْكَفِيل كَانَ للْكَفِيل أَن يَأْخُذ الْمَكْفُول عَنهُ وَيلْزمهُ ويحبسه حَتَّى يخلصه مِمَّا أدخلهُ فِيهِ وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَمَالك قَالَ مَالك وَلَكِن يتبعهُ الْكَفِيل حَتَّى يُؤَدِّيه إِلَى الطَّالِب وَيبرأ من حمالته وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ للْكَفِيل أَن يَأْخُذ الْحق وَإِن لم يتْرك شَيْئا فَلَيْسَ لصَاحبه أَن يَأْخُذهُ من الْمَطْلُوب 1983 - فِي ضَمَان تَسْلِيم الْمَبِيع قَالَ أَصْحَابنَا إِذا أَخذ مِنْهُ كَفِيلا بِالْعَبدِ الْمَبِيع حَتَّى يَدْفَعهُ إِلَيْهِ فَالضَّمَان جَائِز فَإِن مَاتَ العَبْد فِي يَد البَائِع فَلَا ضَمَان على الْكَفِيل وَقَالَ مَالك لَا يَصح ضَمَان الْمَبِيع لِأَنَّهُ بِعَيْنِه وَلَو هلك لم يضمن البَائِع شَيْئا وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا ضمن عُهْدَة الدَّار أَو خلاصها فاستحقت الدَّار رَجَعَ المُشْتَرِي على الضَّامِن إِن شَاءَ الحديث: 1981 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 262 قَالَ أَبُو جَعْفَر إِذا ضمن الْمَبِيع أَن يكون عَلَيْهِ من ضَمَانه على البَائِع وَيحل فِيهِ مَحَله 1984 - فِي تَأْخِير الْكَفِيل أَو الْمَكْفُول عَنهُ قَالَ أَصْحَابنَا يجوز تَأْخِير الْمَطْلُوب بالديون من غير قرض ويكن تَأْخِيرا على الْكَفِيل وَإِن أخر الْكَفِيل لم يكن تَأْخِيرا عَن الْمَكْفُول عَنهُ وَقَالَ مَالك تَأْخِير الَّذِي عَلَيْهِ الأَصْل تَأْخِير عَن الْكَفِيل فَإِن قَالَ الْكَفِيل لَا أرْضى لِأَنِّي أَخَاف أَن يفلس وَيذْهب مَاله كَانَ ذَلِك لَهُ وَيكون صَاحب الْحق بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَن يُبرئ الْحميل فَذَلِك لَهُ إِلَّا أَن يرضى الْحميل وَإِن سكت الْحميل وَقد علم بذلك فالحمالة لَازِمَة وَإِن أخر الْكَفِيل فَإِنِّي أرَاهُ تَأْخِيرا عَن الَّذِي عَلَيْهِ الأَصْل إِلَّا أَن يحلف صَاحب الْحق بِاللَّه مَا كَانَ ذَلِك مني تَأْخِيرا للحق عَن صَاحبه وَلَا كَانَ ذَلِك مني إِلَّا للحميل وَقَالَ زفر وَالشَّافِعِيّ لَا يجوز تَأْخِير الدّين بِحَال 1985 - فِي الرجل يكفل بِمَا بَايع بِهِ فلَانا أَو قضى بِهِ لَهُ عَلَيْهِ قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قَالَ للرجل مَا بَايَعت بِهِ فلَانا أَو مَا قضى بِهِ لَك على فلَان فَهُوَ عَليّ فَهَذَا جَائِز وَإِن لم يؤقت لذَلِك وقتا وَهُوَ قَول عُثْمَان البتي وَمَالك وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَالشَّافِعِيّ لَا يَصح ذَلِك لِأَنَّهُ مَجْهُول ومخاطرة الحديث: 1984 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 263 قَالَ أَبُو جَعْفَر روى عبد لله بن جَعْفَر وَأَبُو قَتَادَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث جَيش الْأُمَرَاء وَأمر عَلَيْهِم زيد بن حَارِثَة وَقَالَ إِن أُصِيب زيد فأميركم جَعْفَر فَإِن أُصِيب فعبد الله بن رَوَاحَة فَهَذَا يُوجب ثُبُوت الولايات بالمخاطرات فَدلَّ على جَوَاز الوكالات بالمخاطرات لِأَنَّهَا ضرب من الْولَايَة وَفِي تثبيت الْوكَالَة على هَذَا الْوَجْه إِلْزَام الْمُوكل ضَمَان مَا يبتاعه أَو يستأجره وتخليصهم مِمَّا أدخلولهم فِيهِ 1986 - فِيمَن كفل بِنَفس رجل على أَنه إِن لم يواف بِهِ غَدا فَعَلَيهِ المَال الَّذِي يَدعِيهِ قَالَ أَصْحَابنَا هَذَا جَائِز على شَرط وَإِن لم يقل المَال الَّذِي يَدعِيهِ وَلَو قَالَ إِن لم أوافك بِهِ غَدا فَعَلَيهِ مائَة دِينَار جَازَ أَيْضا عِنْد أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَقَالَ مُحَمَّد لَا يلْزمه شَيْء إِن لم يواف بِهِ غَدا وَقَالَ عُثْمَان البتي يُقَال للطَّالِب أقِم الْبَيِّنَة على المَال فَإِن أَقَامَ الْبَيِّنَة لزم الْكَفِيل إِذا لم يواف بِهِ وَذكر ابْن الْقَاسِم مثل ذَلِك وَلم يحفظ عَن مَالك وَعند الشَّافِعِي لَا تصح الْكفَالَة على الْخطر الحديث: 1986 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 264 وَقَالَ أَصْحَابنَا إِذا لم يواف بِهِ غَدا ألزمهُ المَال وَلم يَنْفَعهُ أَن يوافي بِهِ بعد ذَلِك وَقَالَ عُثْمَان البتي إِذا جَاءَ بِهِ ذَلِك لم يلْزمه المَال إِذا لم يكن قد تغير بإعدام أَو انْقِطَاع وَجه وَإِن تَغَيَّرت حَاله فِي الْأَجَل فَلَا سَبِيل على الْكَفِيل إِلَّا نَفسه وَإِن تَغَيَّرت حَاله بعد انْقِضَاء الْأَجَل وَقد دَعَاهُ بِهِ فَهُوَ ضَامِن للدراهم وَذكر ابْن الْقَاسِم أَنه إِن وافاه بعد ذَلِك بِهِ قبل أَن يحكم السُّلْطَان عَلَيْهِ فَذَلِك جَائِز لَهُ وَيبرأ من المَال وَلَا غرم عَلَيْهِ قَالَ وَهَذَا رَأْي لم أحفظه عَن مَالك وعَلى قَول الشَّافِعِي إِن الْكفَالَة لَا تجوز على الأخطار قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْلُو هَذَا الشريطة من أَن تكون جَائِزَة فَيلْزم حكمهَا أَو غير جَائِزَة فَيكون كلا كَفَالَة فَلَمَّا جعلوها جائزه غير الشَّافِعِي وألزموا بهَا المَال فِي حَال مَا وَجب أَن يكون لَازِما فِي حَال مَا اشْترط فِيهِ لُزُوم المَال وَلَا يبرأ مِنْهُ إِلَّا بِمثل مَا يبرأ بِهِ من سَائِر الدُّيُون 1987 - فِي كَفَالَة رجلَيْنِ عَن رجل قَالَ أَصْحَابنَا إِذا كفل رجلَانِ عَن رجل بِمَال وَلم يقل كل وَاحِد مِنْهُمَا كَفِيل عَن صَاحبه فَإِن كل وَاحِد مِنْهُمَا يُؤَدِّي النّصْف وَلَا يرجع على صَاحبه بِشَيْء فَإِن كَانَا كفلا بِهِ ثمَّ قَالَا للطَّالِب أَيّنَا شِئْت أخذت بِهَذَا المَال أَو كل وَاحِد منا كَفِيل ضَامِن لَهَا فَهُوَ جَائِز وَيَأْخُذ أَيهمَا شَاءَ بِالْمَالِ كُله وَأيهمَا أدّى المَال رَجَعَ على الْكَفِيل مَعَه بِالنِّصْفِ وَقَالَ عُثْمَان البتي إِذا شَرط أَن يَأْخُذ أَيهمَا شَاءَ أَو قَالَا كل وَاحِد منا الحديث: 1987 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 265 كَفِيل عَن صَاحبه ثمَّ أدّى أَحدهمَا جَمِيع المَال لم يرجع على الْكَفِيل الآخر بِشَيْء لِأَن أصل الْحق كَانَ على غَيرهمَا وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا كفل ثَلَاثَة عَن رجل بِمَال فأعدم الرجل لم يَأْخُذ مِمَّن قدر عَلَيْهِ مِنْهُم إِلَّا الثُّلُث قَالَ وَلَو قَالَ حن تكفلوا بِهِ بَعْضكُم كَفِيل عَن بعض أَخذ من قدر عَلَيْهِ مِنْهُم بِجَمِيعِ المَال فَإِن لَقِي الَّذِي أدّى أحد الكفيلين رَجَعَ عَلَيْهِ بِالنِّصْفِ قَالَ وَلَو أَنهم حِين تكفلوا لَهُ شَرط عَلَيْهِم أَيهمْ شِئْت أخذت بحقي أَخَذته وَلم يجعلهم كفلاء بَعضهم عَن بعض فَأخذ من وَاحِد مِنْهُم لم يكن لمن أَخذ مِنْهُ أَن يرجع على صَاحبه قَالَ أَبُو جَعْفَر إِذا شَرط أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا كَفِيل ضَامِن عَن صَاحبه فقد صَار ضَامِنا عَن صَاحبه مَا عَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَن يرجع بِهِ عَلَيْهِ وَهُوَ النّصْف فَبَطل قَول عُثْمَان البتي وَأما خلاف مَالك فَهُوَ أَيهمَا لَو كفلا بِالْمَالِ على أَن يَأْخُذ أَيهمَا شَاءَ أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا إِذا أدّى لَا يرجع على صَاحبه بِشَيْء وَإِنَّمَا يرجع بِهِ على صَاحب الأَصْل لِأَنَّهُ لم يكفل عَن صَاحبه بِشَيْء فَأَما إِذا كفلا بِالْمَالِ عَن صَاحب الأَصْل فَكل وَاحِد مِنْهُمَا ضَامِن لِلنِّصْفِ فَإِذا قَالَا بعد ذَلِك على أَن لَك أَن تَأْخُذ أَيّنَا شِئْت بِجَمِيعِ المَال فقد صَار كل وَاحِد كَفِيلا عَن صَاحبه بِالنِّصْفِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ فَيرجع بِهِ عَلَيْهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 266 1988 - فِي صلح الْكَفِيل قَالَ أَصْحَابنَا إِذا صَالح الْكَفِيل الطَّالِب من الْألف دِرْهَم على مائَة دِرْهَم على أَن يبرأ فِيهِ وَالْمَطْلُوب فَهُوَ جَائِز وَيرجع الْكَفِيل على الْمَطْلُوب بِالْمِائَةِ إِذا كَانَت الْكفَالَة بأَمْره وَلَو شَرط بَرَاءَة الكفل خَاصَّة فَمَا بَقِي عَلَيْهِ كَانَ للطَّالِب أَن يرجع على الْمَطْلُوب بتسعمائة وَلَو صَالح الطَّالِب على عشرَة دَنَانِير من الْألف رَجَعَ على الْمَطْلُوب بِأَلف تَامّ وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا تكفل بِأَلف دِينَار هاشمية فَرضِي صَاحب الْألف بِأَلف دمشقية فَإِنَّهُ يرجع على الْمَطْلُوب بِأَلف دمشقية قَالَ وَلَو تكفلت عَن رجل بِأَلف دِرْهَم فأعطيته بِالْألف عرُوضا فَالَّذِي عَلَيْهِ الأَصْل بِالْخِيَارِ إِن أحب أَن يدْفع قيمَة مَا دفع عَنهُ الْكَفِيل إِلَيْهِ إِن كَانَ عرُوضا أَو حَيَوَانا وَإِن كَانَ طَعَاما فمكيلته وَإِن أحب الْألف الَّتِي كَانَت عَلَيْهِ فَإِن هُوَ دفع الذَّهَب من الْوَرق الَّذِي تحمل بهَا فَلَا يحل ذَلِك وَلَا يجوز وَيفْسخ ذَلِك وَيرجع الكفل إِلَى صَاحب الدّين فَيَأْخُذ مِنْهُ ذهبه وَيكون الْوَرق على الَّذِي عَلَيْهِ الأَصْل وعَلى الْحميل كَمَا هِيَ قَالَ أَبُو جَعْفَر قَول مَالك فِي أَنه إِذا أدّى الدمشقية عَن الهاشمية أَنه يرجع بِمَا أدّى يدل على أَنه لَو أدّى الزُّيُوف عَن الْجِيَاد رَجَعَ بالزيوف وأصحابنا يَقُولُونَ يرجع بالجياد وَأما الَّذِي أدّى عرُوضا أَو ذَهَبا عَن الْوَرق الحديث: 1988 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 267 فَإِنَّهُ يرجع بِالدّينِ لِأَنَّهُ قد ملك مَا عَلَيْهِ بإعطائه الْبَدَل عَنهُ فَهُوَ كأدائه المَال بِعَيْنِه وَيجوز أَدَاء الذَّهَب عَن الْوَرق كأداء غَيره من الْأَشْيَاء لِأَن ذَلِك دين عَلَيْهِ يجوز التَّصَرُّف فِيهِ قبل الْقَبْض قَالَ وَقَالَ أَصْحَابنَا إِذا أبهم الصُّلْح فَقَالَ صالحتك عَن الْألف على مائَة برءا جَمِيعًا من الْفضل إِلَّا أَن يشْتَرط بَرَاءَة الْكَفِيل خَاصَّة 1989 - فِي الرجل يَقُول أَحْلف وَأَنا ضَامِن لَك الْحق قَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك فِي رجل قَالَ لرجل أَحْلف وَأَنا ضَامِن للحق الَّذِي تدعيه على أخي ثمَّ قَالَ بعد ذَلِك لَا تحلف فَإِنِّي لَا أضمن قَالَ مَالك لَا يَنْفَعهُ وَهَذَا حق قد لزمَه قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلم نجد هَذَا القَوْل عَن أحد من أهل الْعلم غير مَالك وَلَا معنى لَهُ فِي الْقيَاس لِأَن حلف الْمُدَّعِي لَا يسْتَحق بِهِ شَيْء فَكَذَلِك لَا يسْتَحقّهُ عَلَيْهِ على غَيره 1990 - فِي أَخذ الْكفَالَة بِالدَّعْوَى قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا ادّعى الْمُدَّعِي بَيِّنَة حَاضِرَة أَخذ من الْمُدَّعِي عَلَيْهِ كَفِيلا بِنَفسِهِ ثَلَاثَة أَيَّام وَإِن قَالَ بينتي غيب لم يَأْخُذ مِنْهُ كفلا بِنَفسِهِ وَقَالَ مُحَمَّد فِي إمْلَائِهِ قَالَ أَبُو يُوسُف نَأْخُذ لَهُ مِنْهُ كَفِيلا بِنَفسِهِ إِلَى أول مجْلِس يجلسه القَاضِي إِذا ادّعى بَيِّنَة حَاضِرَة وَهُوَ قَول مُحَمَّد وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك لَا يَأْخُذ مِنْهُ كَفِيلا وَإِن ادّعى بَيِّنَة لِأَنِّي أَقْْضِي عَلَيْهِ وَهُوَ غَائِب وَإِن أَقَامَ شَاهدا وَطلب مِنْهُ كَفِيلا فَذَلِك لَهُ إِلَّا أَن يكون الْمُدَّعِي يَدعِي بَيِّنَة حَاضِرَة يرفعها من السُّوق أَو بعض الْقَبَائِل فَأرى الحديث: 1989 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 268 للسُّلْطَان أَن يقف الْمَطْلُوب عِنْده وَيَقُول للطَّالِب مَكَانك اذْهَبْ ائْتِ بينتك فَإِن أَتَى بهَا وَإِلَّا خلى سَبيله وَقَالَ اللَّيْث إِذا ادّعى قبله سلْعَة طلب إِلَى القَاضِي أَن يحول تِلْكَ السّلْعَة وَيضْرب لَهُ أَََجَلًا إِلَى أَن يَأْتِي بِبَيِّنَة فَإِن كَانَ مِمَّن يتهم بالجحود أَخذ عَلَيْهِ حميلا وَإِن كَانَ مِمَّن لَا يتهم بالجحود وَهُوَ مِمَّن يرضى حَاله لم ير ذَلِك عَلَيْهِ قَالَ أَبُو جَعْفَر لما كَانَ وَاجِبا على الْمُدعى عَلَيْهِ الْحُضُور مَعَ الْمُدَّعِي وَجب عَلَيْهِ أَن يُعْطي كَفِيلا بِنَفسِهِ بذلك ليخرج إِلَيْهِ من الْحُضُور الَّذِي عَلَيْهِ لَهُ إِلَى القَاضِي كَمَا يجب عَلَيْهِ الْخُرُوج إِلَيْهِ من الدّين وَيُعْطِيه كَفِيلا إِن شَاءَ ذَلِك 1991 - فِي أَخذ الْكَفِيل من الْوَارِث والغريم قَالَ أَبُو حنيفَة فِي مِيرَاث رجل قسم بَين غُرَمَائه أَو ورثته لَا آخذ من أَحْمد مِنْهُم كَفِيلا هَذَا شَيْء احتاطت بِهِ الْقُضَاة وَهُوَ ظلم وَهُوَ قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ الْمعَافى عَن الثَّوْريّ قَالَ كَانَ ابْن أبي ليلى لَا يقْضِي الدّين وَلَا يُعْطي الْمَوَارِيث إِلَّا بكفيل وَلَا يقبض لأحد إِلَّا بكفيل إِن مَاتَ لزم الْكَفِيل بِالذِّمةِ قَالَ أَبُو جَعْفَر لم يَخْتَلِفُوا أَن الْوَارِث لَو كَانَ ابْنا أَو أَبَا قَامَت بِهِ الْبَيِّنَة وَلم يشْهدُوا أَنهم لَا يعلمُونَ لَهُ وَارِثا غَيره أَنه يَأْخُذ مِنْهُ كَفِيلا وَكَذَلِكَ إِذا الحديث: 1991 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 269 قَالُوا لَا نعلم لَهُ وَارِثا غَيره لِأَن قَوْلهم لَا نعلم لَهُ وَارِثا غَيره لَيْسَ بِشَهَادَة وَلَا هُوَ مَحْكُومًا بِهِ فَوَجَبَ أَن يَأْخُذ مِنْهُ كَفِيلا وَكَذَلِكَ الْغَرِيم وَالْمُوصى لَهُ لجَوَاز أَن يكون هُنَاكَ دين أَو وَصِيَّة أُخْرَى 1992 - فِيمَن شَرط كَفَالَة الكفيلين أَن مليئهم على معدمهم قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا كفل ثَلَاثَة عَن رجل بِمَال فعلى كل وَاحِد مِنْهُم الثُّلُث وَإِن قَالَ ملئهم على معدمهم أَو حيهم على ميتهم فَإِن هَذَا لَيْسَ بِشَيْء وروى الرّبيع عَن الشَّافِعِي عَن عبد الله بن الْحَارِث عَن ابْن جريج قَالَ قلت لعطاء فِي رجل كبت على رجلَيْنِ فِي بيع أَن حيكما على ميتكما ومليئكما على معدمكما قَالَ يجوز وَقَالَهَا عَمْرو بن دِينَار وَسليمَان بن مُوسَى قَالَ أَبُو جَعْفَر فَإِن كَانَ الشَّافِعِي قد وافقهم فَهَذَا ترك لقَوْله إِن الْكفَالَة لَا تصح على المخاطرة وَالْقِيَاس أَن يجوز ذَلِك كَمَا يجوز عِنْد أَصْحَابنَا إِن قَالَ إِن مَاتَ فلَان فَأَنا ضَامِن لما عَلَيْهِ وَقد كَانَ المتقدمون يَكْتُبُونَ فِي شروطهم فِي التَّضْمِين عَن الباعة حيهم عَن ميتهم ومليئهم عَن معدمهم فَهَذَا هُوَ الْقيَاس فِي مَسْأَلَتنَا 1993 - فِي أَحْكَام الْحِوَالَة قَالَ أَصْحَابنَا يبرا الْمُحِيل بالحوالة وَلَا يرجع عَلَيْهِ إِلَّا بعد التوى الحديث: 1992 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 270 والتوى عِنْد أبي حنيفَة أَن يكون الْمحَال عَلَيْهِ مُفلسًا أَو يحلف مَاله عَلَيْهِ من شَيْء وَلم يكن للمحال عَلَيْهِ بَيِّنَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد هَذَا توى وإفلاس الْمحَال عَلَيْهِ أَيْضا توى قَالَ عُثْمَان البتي الْحِوَالَة لَا يُبرئ الْمُحِيل إِلَّا أَن يشْتَرط برائته فَإِن اشْترط الْبَرَاءَة برِئ الْمُحِيل إِذا أَحَالهُ على مَلِيء وَإِن أَحَالهُ على مُفلس وَلم يعلم أَنه مُفلس فَإِنَّهُ يرجع عَلَيْهِ وَإِن أَبرَأَهُ وَإِن أعلمهُ أَنه مُفلس وأبرأه لم يرجع على الْمُحِيل وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك إِذا أُحِيل بدين عَلَيْهِ فقد برِئ الْحميل وَلَا يرع عَلَيْهِ بإفلاس وَلَا موت وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِن أَحَالهُ وَلم يغره من فلس عمله من غَرِيمه فَلَا يرجع عَلَيْهِ إِذا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ دين وَإِن غره أَو لم يكن لَهُ عَلَيْهِ شَيْء فَإِنَّهُ يرجع عَلَيْهِ إِذا أَحَالهُ وَهَذِه حمالَة وَقَالَ ابْن الْمُبَارك عَن الثَّوْريّ إِذا أحالة على رجل فأفلس فَلَيْسَ لَهُ أَن يرجع على الآخر إِلَّا بمحضرهما وَإِن مَاتَ وَله وَرَثَة وَلم يتْرك شَيْئا رَجَعَ حَضَرُوا أَو لم يحضروا وَقَالَ الْمعَافى عَن الثَّوْريّ إِذا كفل عَنهُ رجل بِمَال وأبرأه برِئ وَلَا يرجع إِلَّا أَن يفلس الْكَفِيل أَو يَمُوت فَيرجع حِينَئِذٍ على صَاحبه وَقَالَ اللَّيْث فِي الْحِوَالَة لَا يرجع إِذا أفلس الْمُحْتَال عَلَيْهِ وَقَالَ زفر وَالقَاسِم بن معن فِي الْحِوَالَة لَهُ أَن يَأْخُذ كل وَاحِد مِنْهُمَا بِمَنْزِلَة الْكفَالَة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 271 وَقَالَ ابْن أبي ليلى يبرأ صَاحب الأَصْل بالحوالة وَقَالَ الشَّافِعِي يبرأ الْمُحِيل بالحوالة وَلَا يرجع عَلَيْهِ بِمَوْت وَلَا إفلاس قَالَ أَبُو جَعْفَر روى يُونُس بن عبيد عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مطل الْغَنِيّ ظلم وَإِذا أحلّت على مَلِيء فَاتبعهُ وروى مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مطل الْغَنِيّ ظلم وَإِذا اتبع أحدكُم على مَلِيء فَليتبعْ وَهَذَا مَعْنَاهُ معنى الْحِوَالَة لِأَنَّهُ قد بَينه فِي الْخَبَر الأول وَهَذَا يدل على بَرَاءَة الْمُحِيل لَوْلَا ذَلِك لَكَانَ المليء والمعدوم سَوَاء وَهَذَا يدل أَيْضا على جَوَاز الْحِوَالَة على من لَا دين لَهُ عَلَيْهِ للْمُحِيل لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يفرق بَين من عَلَيْهِ دين وَبَين من لَا دين عَلَيْهِ للْمُحِيل وَكَانَ معنى ذَلِك اتِّبَاع ذمَّة بِذِمَّة كابتياع عبد بِعَبْد فَإِذا مَاتَ العَبْد قبل الْقَبْض بَطل البيع كَذَلِك موت الْمحَال عَلَيْهِ مُفلسًا وإفلاس الْمحَال عَلَيْهِ مثل إباق العَبْد من يَد البَائِع فَيكون للْمُشْتَرِي الْخِيَار فِي فسخ البيع وَإِن كَانَ قد يُرْجَى رُجُوعه وتسليمه كَذَلِك إفلاس الْمحَال عَلَيْهِ وَأَيْضًا لما شَرط الْمَلأ فِي الْحِوَالَة دلّ على زَوَال ذَلِك فَوَجَبَ عود المَال إِلَيْهِ كَذَلِك إفلاس الْمحَال عَلَيْهِ وَهَذَا يدل أَيْضا على أَنه إِذا غره مِنْهُ الْمُحِيل فَزعم أَنه ملئ ثمَّ علم أَنه غير ملئ أَن لَهُ أَن يرجع الجزء: 4 ¦ الصفحة: 272 1994 - فِي تَأْجِيل الدّين الْحَال قَالَ أَصْحَابنَا لَا يجوز تَأْجِيل الْقَرْض وَيجوز فِي الغصوب وَسَائِر الدُّيُون وروى ابْن سَمَّاعَة عَن أبي يُوسُف أَنه إِذا اسْتهْلك لَهُ شَيْئا مِمَّا يُكَال أَو يُوزن ثمَّ أَخّرهُ بِهِ فَلهُ أَن يرجع فِي التَّأْخِير وَهُوَ بِمَنْزِلَة الْقَرْض وَلَو اسْتهْلك لَهُ ثوبا أَو شَاة فضمن قِيمَته جَازَ تَأْخِيره فِيهِ وَقَالَ الْحسن بن زِيَاد عَن زفر لَا يَصح التَّأْجِيل فِي الْقَرْض وَلَا فِي الْغَصْب وَقَالَ أَبُو يُوسُف يَصح فِي الْغَصْب وَلَا يَصح فِي الْقَرْض وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك لَا بَأْس بِأَن يسلفه دَنَانِير بِبَلَد على أَن يُعْطِيهِ إِيَّاهَا بِبَلَد آخر إِذا كَانَ على وَجه الْمَعْرُوف وَالرِّبْح وَلم يكن على أَن يضمنهَا للمقترض مِنْهُ كَمَا يفعل أهل الْعرَاق بالسفاتج فَلَا أرى بِهِ بَأْسا إِذا ضرب لذَلِك أَََجَلًا وَإِذا حل الْأَجَل أَخذه مِنْهُ حَيْثُمَا لقِيه وَإِن قَالَ أقرضتك إِيَّاهَا على أَن تُعْطِينِي بأفريقية وَلم يضْرب لَهُ أَََجَلًا لم يُعجبنِي ذَلِك وَإِن اسْتقْرض مِنْهُ طَعَاما وَضرب لَهُ أَََجَلًا على أَن يُعْطِيهِ بإفريقية فَهُوَ فَاسد وَإِن ضرب لَهُ أَََجَلًا لِأَن لَهُ حملانا وَأُجْرَة ومؤونة وَالدَّنَانِير لَا حمل لَهَا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ عشرُون دِينَارا حَالَة فاستعدى عَلَيْهِ فَلم يجد لَهُ شَيْئا فنجمها عَلَيْهِ فَلَمَّا حل أول نجم قَالَ أُعْطِيك نصفهَا وتضع عني النّصْف الآخر وَلَا بَأْس بذلك لِأَن أصل الْحق كَانَ حَالا فَإِن أيسر بَعْدَمَا نجمت عَلَيْهِ أَخذه بجميعها الحديث: 1994 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 273 وَقَالَ اللَّيْث إِذا كَانَ إِلَيّ أجل لم يكن لَهُ أَن يتقاضاه قبل الْأَجَل وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن إِذا أسلفه دَرَاهِم ثمَّ أَجله فِيهَا ثمَّ طلبَهَا قبل الْأَجَل فَإِن تيسرت من وَجه أَدَّاهَا إِلَيْهِ وَإِن لم يَتَيَسَّر إِلَّا أَن يُبَاع لَهُ فِيهِ شَيْء من مَاله لم يبع وَقَالَ فِي ثمن الْمَبِيع إِذا أَجله وَكَانَ حَالا فَلهُ أَن يُطَالِبهُ بِهِ قيل الْأَجَل وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا أَخّرهُ بدين حَال فَلهُ أَن يرجع مَتى شَاءَ قَالَ أَبُو جَعْفَر تَأْجِيل المَال الْحَال بِمَنْزِلَة الزِّيَادَة فِي ثمن الْمَبِيع وَقد ثَبت عندنَا ذَلِك فَوَجَبَ أَن يكون التَّأْجِيل مثله كَأَنَّهُ كَانَ من أصل العقد وَلَا يجوز أَن يَصح التَّأْجِيل فِي الْقَرْض لِأَنَّهُ فِي الِابْتِدَاء لَا يَصح وَأما قيم المستهلكات فَيَنْبَغِي أَن لَا يَصح التَّأْجِيل فِيهَا لِأَنَّهَا لَيْسَ بِمَنْزِلَة الزِّيَادَة فِي العقد إِلَّا أَنه قد روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا يَقْتَضِي جَوَاز تَأْخِيرهَا وَهُوَ مَا روى عبد الْوَارِث بن سعيد عَن مُحَمَّد بن جحادة عَن سلميان بن بُرَيْدَة عَن أَبِيه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أنظر مُعسرا كَانَ لَهُ بِكُل يَوْم صَدَقَة ثمَّ قلت الْآن فَلهُ كل يَوْم مثله صَدَقَة قَالَ فَقَالَ بِكُل يَوْم صَدَقَة مَا لم يحل الدّين فَإِن أنظرهُ بعد الْحل فَلهُ بِكُل يَوْم مثله صَدَقَة قَالَ أَبُو جَعْفَر وَهَذَا يدل على جَوَاز الْأَجَل فِي الْقَرْض لِأَنَّهُ لَا يسْتَحق الثَّوَاب على تَأْجِيل ثمن الْمَبِيع لِأَن بإزائه بَدَلا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 274 قَالَ أَبُو بكر يسْتَحق الثَّوَاب بِتَأْخِير ثمن الْمَبِيع كَمَا يسْتَحقّهُ بإبرائه وَلَيْسَ الثّمن بِإِزَاءِ الْأَجَل وَلَا حِصَّة لَهُ مِنْهُ وَقد دلّ قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على جَوَاز تَأْخِير الدّين الْحَال 1995 - فِي الدّين الْمُؤَجل هَل يحل بِالْمَوْتِ أم لَا قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ من كَانَ عَلَيْهِ ين إِلَى أجل فَمَاتَ حل عَلَيْهِ الدّين وَهُوَ قَول الزُّهْرِيّ وَقَالَ الْحسن وَإِبْرَاهِيم إِذا مَاتَ أَو أفلس حل عَلَيْهِ الدّين وَقَالَ طَاوُوس وَابْن سِيرِين إِذا مَاتَ فدينه إِلَى أَجله وَهُوَ قَول عمر بن عبد الْعَزِيز وَأَبَان بن عُثْمَان وَسعد بن إِبْرَاهِيم وَأبي بكر مُحَمَّد بن عَمْرو ابْن حزم وَأَبِيهِ وروى خَالِد بن الْحَارِث عَن عبيد الله بن الْحسن أَن الدّين إِلَى أَجله إِذا ترك عينا أَو أَرضًا تغل وروى عَنهُ عبد الرَّحْمَن بن مهْدي أَنه إِن ترك عينا حل دينه وَإِن ترك أَرضًا لم يحل وَهُوَ إِلَى أَجله وروى عَنهُ خَالِد بن الْحَارِث فِي مَوضِع آخر إِنَّه وَإِن ترك عينا وَاحِدَة حل دينه وَإِن ترك أَرضًا وعينا لم يحل إِلَّا أَن تكون الْعين وَحدهَا قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْلُو الْمِيرَاث فِي هَذِه الْمَسْأَلَة من أَن يعطاه الْوَرَثَة أَو يمنعوه أَو يُوقف مِنْهُ بِمِقْدَار الدّين ويعطون الْبَاقِي فَإِن أعطيناه الْوَرَثَة مَعَ الحديث: 1995 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 275 الدّين كَانَ خلاف الْآيَة لقَوْله تَعَالَى {من بعد وَصِيَّة يُوصي بهَا أَو دين} وَإِن وقفناه أوقفنا مِنْهُ بِمِقْدَار الدّين لم يكن فِيمَا وقف نفع لأحد لَا للْوَرَثَة وَلَا للغرباء وَإِنَّمَا يَصح معنى الْأَجَل فِيمَا ينْتَفع بِهِ لأجل التَّأْجِيل فَلَمَّا لم يكن فِي التَّأْجِيل حق لأحد بَطل وَجل الدّين 1996 - فِي صلح الْوَارِث الْغَرِيم قَالَ أَصْحَابنَا وَسَائِر الْفُقَهَاء يجوز للْوَارِث أَنِّي صَالح الْغُرَمَاء على بعض الدّين وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا يَسعهُ ذَلِك قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلم نجد هَذَا القَوْل عَن أحد من أهل الْعلم غير الْأَوْزَاعِيّ وَقد روى جرير بن عبد الحميد عَن مُغيرَة عَن الشّعبِيّ عَن جَابر بن عبد الله قَالَ اسْتشْهد أبي يَوْم أحد وَعَلِيهِ دين فاستعنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على غُرَمَائه أَن يضعوا من دينه فَطلب إِلَيْهِم فَلم يَفْعَلُوا فَقَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اذْهَبْ وصنف تمرك أصنافا الْعَجْوَة على حِدة وغدق ابْن زيد على حِدة ثمَّ أرسل إِلَيّ فَفعلت ذَلِك ثمَّ أرْسلت إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فجَاء فَجَلَسَ على أَعْلَاهُ أَو فِي وَسطه ثمَّ قَالَ كل للْقَوْم قَالَ فكلت للْقَوْم حَتَّى أوفيتهم الَّذِي لَهُم ثمَّ بَقِي تمري كَأَنَّهُ لم ينقص مِنْهُ شَيْء فَدلَّ هَذَا على فَسَاد قَول الْأَوْزَاعِيّ 1997 - فِيمَن عَلَيْهِ دين فَدفع خلاف جنسه قَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك فِي رجل بَاعَ رجلا سلما بِنصْف دِينَار فَأَتَاهُ بِنصْف دِينَار دَرَاهِم أَن البَائِع يجْبر على أَخذهَا الحديث: 1996 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 276 قَالَ ابْن الْقَاسِم وَالْقَرْض عِنْدِي كَذَلِك وَلم نجد هَذَا القَوْل عَن أحد من أهل الْعلم غير مَالك وأصحابنا وَغَيرهم على خِلَافه وَأخذ الدَّرَاهِم بِالدَّنَانِيرِ بيع لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي جَوَابه لِابْنِ عمر رَضِي الله عَنْهُمَا حِين سَأَلَهُ عَن أَخذ الدَّرَاهِم عَن الدَّنَانِير لَا بَأْس بِهِ مَا لم تفترقا وبينكما شَيْء والتبايع لَا يكون إِلَّا عَن ترَاض 1198 - فِي أكل هَدِيَّة الْغَرِيم قَالَ أَصْحَابنَا كل قرض جر مَنْفَعَة فَلَا خير فِيهِ وروى مثله عَن إِبْرَاهِيم وَهَذَا عِنْدهم إِذا كَانَت الْمَنْفَعَة مَشْرُوطَة فِيهِ فَأَما إِذا أهْدى إِلَيْهِ من غير شَرط أَو أكل عِنْده فَلَا بَأْس بِهِ عِنْدهم وَقَالَ مَالك لَا يصلح لَهُ أَن يقبل هديته إِلَّا أَن يكون ذَلِك بَينهمَا مَعْرُوفا وَهُوَ يعلم أَن لَيْسَ هديته إِلَيْهِ لمَكَان دينه وَقَالَ الثَّوْريّ مثل ذَلِك وَقَالَ اللَّيْث أكره لَهُ أَن يقبل هديته أَو يَأْكُل عِنْده وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن لَا بَأْس بِأَن يَأْكُل الرجل عِنْد غَرِيمه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 277 وَقَالَ الشَّافِعِي لَا بَأْس بِأَن يَقْضِيه أَجود من دينه أَو دونه إِذا تَرَاضيا بذلك قَالَ أَبُو جَعْفَر روى نَافِع أَنه كَانَ لعبد الله بن عمر صديق يسلفه وَكَانَ عبد الله بن عمر يهدي لَهُ وروى شُعْبَة عَن يحيى بن سعيد عَن أنس قَالَ إِذا أقرضت رجلا قرضا فَلَا تركب دَابَّته وَلَا تَأْكُل هديته إِلَّا أَن يكون قد جرت بَيْنك وَبَينه قبل ذَلِك مُخَالطَة وروى سُفْيَان عَن عمار الدهني عَن سَالم بن أبي الْجَعْد أَن رجلا أقْرض سماكا عشْرين درهما فأهدى إِلَيْهِ بِثَلَاثَة عشر درهما فَسَأَلَ ابْن عَبَّاس فَقَالَ خُذ مِنْهُ سَبْعَة وروى كَرَاهَة قبُول الْهِدَايَة من الْغَرِيم عَن أبي بن كَعْب وَعبد الله بن سَلام وَقد روى فِي حَدِيث أبي رَافع وَأبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قضى الَّذِي كَانَ استسلف مِنْهُ فَوق حَقه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 278 فَدلَّ على إِبَاحَة مثل ذَلِك الْمَعْنى وَقد روى أَبُو بكر بن أبي شيبَة قَالَ حَدثنَا عبد الله بن نمير قَالَ حَدثنَا يزِيد بن زِيَاد بن أبي الْجَعْد قَالَ حَدثنَا أَبُو صَخْرَة جَامع بن شَدَّاد عَن طَارق الْمحَاربي قَالَ لما ظهر الْإِسْلَام خرجنَا فِي ركب ومعنا ظَعِينَة لنا حَتَّى نزلنَا قَرِيبا من الْمَدِينَة فَبينا نَحن قعُود إِذْ أَتَانَا رجل عَلَيْهِ ثَوْبَان أبيضان فَسلم ثمَّ قَالَ من أَيْن أقبل الْقَوْم فَقُلْنَا من الربده ومعنا جمل أَحْمَر فَقَالَ أتبيعوني الْجمل قَالَ قُلْنَا نعم قَالَ بكم قَالَ قُلْنَا بِكَذَا وَكَذَا صَاعا من تمر قَالَ فَأَخذه وَلم يستنقصنا شَيْئا قَالَ قد أَخَذته فَأخذ براس الْجمل حَتَّى توارى بحيطان الْمَدِينَة قَالَ فتلاومنا فِيمَا بَيْننَا قُلْنَا أعطيتم جملكم رجلا لَا تعرفونه فَقَالَ الظعينة لَا تلوموا لقد رَأَيْت وَجه رجل مَا كَانَ ليخفركم مَا رَأَيْت شَيْئا أشبه بالقمر لَيْلَة الْبَدْر من وَجه رجل مَا كَانَ الْعشي أَتَانَا رجل فَقَالَ السَّلَام عَلَيْكُم أَنا رَسُول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يَأْمُركُمْ أَن تَأْكُلُوا حَتَّى تشبعوا وَإِن تكتالوا حَتَّى تستوفوا فأكلنا حَتَّى شبعنا واكتلنا حَتَّى اسْتَوْفَيْنَا فَكَانَ فِي هَذَا إِبَاحَة من لَهُ دين أكل طَعَام من عَلَيْهِ ذَلِك الدّين مَعَ مَا فِي حَدِيث أبي رَافع وَأبي هُرَيْرَة فَدلَّ على أَن ذَلِك لَيْسَ من الرِّبَا وَالْعَادَة وَغير الْعَادة فِي ذَلِك سَوَاء لِأَن الْأَحْكَام إِنَّمَا تتبع الْحَقَائِق لَا الظنون 1999 - فِيمَن عَلَيْهِ دين مُؤَجل فَأَرَادَ سفرا قَالَ هِشَام عَن مُحَمَّد فِي رجل ضمن عَن رجل مَالا بأَمْره فَأَرَادَ الْمَضْمُون عَنهُ أَن يخرج وَقَالَ الْكَفِيل لَا تخرج حَتَّى تصحح لي الحديث: 1999 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 279 وَقَالَ مُحَمَّد إِن كَانَ ضَمَان النَّفس وَالْمَال إِلَى أجل فَلَا سَبِيل للْكَفِيل عَلَيْهِ وَإِن لم يكن إِلَى أجل فَلهُ أَن يَأْخُذ حَتَّى يخلصه مِنْهُ إِمَّا بأَدَاء المَال وَإِمَّا بِبَرَاءَة مِنْهُ وَأما فِي كَفَالَة النَّفس فَيرد النَّفس وَلم يحك خلافًا وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك فِيمَن عَلَيْهِ دين مُؤَجل فَأَرَادَ سفرا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِك إِلَّا أَن يَأْتِي بجميل أوثقة من حَقه إِلَّا أَن يكون سفرا قَرِيبا يَأْتِي فِي مثله إِلَى ذَلِك الْأَجَل فَأرى لَهُ أَن يخرج وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا بَقِي من الْأَجَل ثَلَاثَة أَيَّام فَأَرَادَ أَن يُسَافر مسيرَة سنة أَو نَحْو ذَلِك قَالَ يركب مَعَه وَإِذا حل حَقه فليلزمه وَقَالَ اللَّيْث لَا يتْركهُ يخرج حَتَّى يُعْطِيهِ ثِقَة حَقه حميلا أَو غير ذَلِك وَإِن كَانَ قد بقى من حُلُول الْأَجَل شَيْء كثير وَكَانَ مَأْمُونا فِي رجعته وَكَانَ قدومه عِنْد حُلُول الْأَجَل خلى بَينه وَبَين الْخُرُوج وَإِن كَانَ مِمَّا يخَاف طول الْغَيْبَة بعد الْأَجَل لم يتْرك أَن يخرج حَتَّى يُقيم حميلا أَو ثِقَة من حق الرجل إِن لم يقدم بحلول الْأَجَل وَقَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي إِذا أَرَادَ الَّذِي عَلَيْهِ الدّين إِلَى أجل السّفر وَأَرَادَ غَرِيمه مَنعه لبعد سَفَره وَقرب أَجله أَو يَأْخُذ مِنْهُ كَفِيلا بِهِ منع مِنْهُ وَقيل لَهُ حَقك حَيْثُ وَضعته ورضيته قَالَ أَبُو جَعْفَر لما كَانَ لَهُ مُطَالبَته بِالدّينِ الْحَال ولزومه وحبسه وَلم يكن لَهُ ذَلِك فِي الدّين الْمُؤَجل وَجب أَن لَا يمنعهُ فِي السّفر إِذْ لَا مُطَالبَة لَهُ فِي الْحَال الجزء: 4 ¦ الصفحة: 280 2000 - فِي لُزُوم الْمُفلس قَالَ أَصْحَابنَا فِي الرجل يفلسه القَاضِي فيخرجه من السجْن أَنه لَا يحول بَينه وَبَين ملازمته وَهُوَ قَول ابْن أبي ليلى وسوار بن عبد الله وَعبيد الله بن الْحسن وَقَالَ سوار وَعبيد الله للْغُرَمَاء أَن يَدْفَعُوهُ فِي ضَيْعَة فَيكون لغرمائه فضل كَسبه عَن نَفَقَته وَقَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي يمْنَع غرماؤه من لُزُومه وَقَالَ الرّبيع عَن الشَّافِعِي وَلَو كَانَت لَهُ حِرْفَة تفضل عَن نَفَقَة بدنه شَيْء أَخذ فِي دينه وَلَا ينْفق على أَهله وَلَا وَلَده وَالدّين أولى وَإِذا أَرَادَ الْغُرَمَاء أَخذ المَال حبس لصَاحب المَال قوت عِيَاله الْيَوْم قَالَ أَبُو جَعْفَر قَوْله تَعَالَى {فنظرة إِلَى ميسرَة} يُوجب تَأْخِيره فَصَارَ كَالدّين الْمُؤَجل فَيمْنَع لُزُومه وَقد روى عَمْرو بن الشريد عَن أَبِيه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لي الْوَاجِد يحل عرضه وعقوبته فَكَانَت الْعقُوبَة على الْوَاجِد فَدلَّ على أَنه إِذا كَانَ غير وَاجِد فَلَا عُقُوبَة عَلَيْهِ وَلَا يحل عرضه وَقد روى أَبُو الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَنه قَالَ مطل الْغَنِيّ ظلم وَرَوَاهُ أَيْضا يُونُس بن عبيد عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِذا كَانَ مطل الْغَنِيّ ظلما الحديث: 2000 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 281 فمطل الَّذِي لَيْسَ بغني لَيْسَ بظُلْم وَلَا مُطَالبَة عَلَيْهِ إِذا وَإِذا سَقَطت الْمُطَالبَة زَالَت الْمُلَازمَة 2001 - فِي حبس الْأَب بدين الابْن قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَابْن شبْرمَة وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ لَا يجوز للْأَب أَن يتَصَرَّف فِي مَال الابْن الْكَبِير الْعَاقِل من غير عذر وَلَا حَاجَة وَإِن اسْتهْلك شَيْئا من مَاله فَعَلَيهِ ضَمَانه وَقَالَ ابْن أبي ليلى لَا ضَمَان عَلَيْهِ فِيمَا اسْتَهْلكهُ الْأَب من مَال الابْن وَيجوز بَيْعه لمَال ابْنه الْكَبِير وَقَالَ أَصْحَابنَا لَا يحبس الْأَب لوَلَده بدين عَلَيْهِ إِلَّا أَن أَبَا يُوسُف قَالَ إِن أَلد وتمرد حَبسته وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك لَا يحلف الْأَب للِابْن قَالَ ابْن الْقَاسِم وَقِيَاس قَوْله لَا يحبس لَهُ فِي الدّين وَقَالَ اللَّيْث يقْضِي بينهماكما يقْضِي بَين الأجنبيين فِي الْأَمْوَال إِلَّا أَنه يُؤمر الابْن بِحسن الصيانة لَهُ وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا اسْتهْلك مَالا لِابْنِهِ من غير حَاجَة رَجَعَ عَلَيْهِ الابْن كَمَا يرجع على الْأَجْنَبِيّ قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ الله تَعَالَى {وَالَّذين هم لفروجهم حافظون إِلَّا على أَزوَاجهم أَو مَا ملكت أَيْمَانهم} فأباح للِابْن ملك يَمِينه فَدلَّ على أَن أَبَاهُ لَا يملكهَا وَأَنَّهَا مُحرمَة الحديث: 2001 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 282 وَلما أخرج للْأَب سِهَام الْمَوَارِيث فِي مَال الابْن الْمَيِّت مَعَ سَائِر ذَوي السِّهَام بقول {ولأبويه لكل وَاحِد مِنْهُمَا السُّدس} فَدلَّ على أَنه لَا يملك مَال ابْنه لِأَنَّهُ لَو كَانَ يملك لما دخل مَعَه غَيره بعد الْمَوْت وَأَيْضًا قَالَ تَعَالَى {من بعد وَصِيَّة يُوصي بهَا أَو دين} فاستحال أَن يقْضِي دين من مَال الْأَب وَكَذَلِكَ وَصَايَاهُ إِنَّمَا ينفذ فِي مَاله لِأَن أَبَاهُ لَا يملكهُ وَإِن ملكه مَا صحت وَصِيَّة الابْن فِيهِ فَإِن قيل روى عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ قَالَ رجل يَا رَسُول الله إِن لي مَالا ولي وَالِد يُرِيد أَن يجتاح مَالِي فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنْت وَمَالك لأَبِيك إِن أَوْلَادكُم من أطيب كسبكم وكلوا من كسب أَوْلَادكُم وروى عِيسَى بن يُونُس قَالَ حَدثنَا يُوسُف بن إِسْحَاق عَن ابْن الْمُنْكَدر عَن جَابر بن عبدا لله أَن رجلا جَاءَ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِن لي مَالا وعيالا وَإِن لأبي مَالا وعيالا وَإنَّهُ يُرِيد أَن يَأْخُذ مَالِي إِلَى مَاله فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنْت وَمَالك لأَبِيك قيل لَهُ معنى إِنَّه فِي مَال ابْنه كَهُوَ فِي الابْن نَفسه فَلَمَّا لم يكن إِضَافَة الابْن إِلَيْهِ مُوجبَة لملكه للِابْن كَذَلِك إِضَافَة مَاله إِلَيْهِ لَا على وَجه الْملك وَلكنه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 283 أَنه لَا يَنْبَغِي لِابْنِهِ أَن يُخَالف أَبَاهُ فِيمَا يَأْمُرهُ بِهِ فِي نَفسه وَمَاله مِمَّا أَبَاحَهُ الله تَعَالَى لَهُ وَذَلِكَ نَحْو مَا روى الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا نَفَعَنِي مَال قطّ مَا نَفَعَنِي مَال أبي بكر فَقَالَ أَبُو بكر إِنَّمَا أَنا وَمَالِي لَك يَا رَسُول الله فَلم يرد بذلك الْملك وَإِنَّمَا أَرَادَ أَن أمره مُطلق فيهمَا كانطلاقة فِي مَال نَفسه كَذَلِك مَا وَصفنَا 2002 - فِيمَن أَرَادَ قَضَاء دينه وَأبي الَّذِي لَهُ قبُوله قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قَالَ لعَبْدِهِ إِذا أدّيت إِلَيّ ألف دِرْهَم فَأَنت حر فجَاء بِأَلف أجبر الْمولى على قبُولهَا قَالَ مُحَمَّد وَقَالَ بعض فقهائنا لَا يجْبر على قبُوله قَالَ مُحَمَّد وَأَنا أرى أَنه إِذا وَضعهَا فِي مَوضِع يُمكن الْمولى أَخذهَا عتق وَقَالَ مَالك إِذا كَانَ عَلَيْهِ دين مُؤَجل من عين فَجَاءَهُ بِهِ قبل الْأَجَل أجبر على قبُوله وَإِن كَانَ الدّين من عرض أَو قرض أَو طَعَام أَو حَيَوَان أجبر على أَخذه قبل الْأَجَل وَإِن كَانَ من بيع ابتاعه هُوَ أَو عرض أَو طَعَام أَو حَيَوَان لم يجْبر الَّذِي لَهُ الدّين أَن يَأْخُذهُ قبل مَجِيء الْأَجَل رَوَاهُ ابْن الْقَاسِم عَنهُ الحديث: 2002 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 284 وَقَالَ اللَّيْث إِذا كَانَ الدّين عينا من ذهب أَو ورق فجَاء بِهِ قبل مَحل الْأَجَل أجبر على قبُوله وَلَا يجْبر على قبُول الْعرُوض وَالْحَيَوَان قبل الْأَجَل وَقَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي إِن كَانَ نُحَاسا أَو تبرا أَو عرضا خير مَأْكُول وَلَا مشروب وَلَا ذِي روح أجبر على أَخذه قبل مَحَله وَإِن كَانَ مَأْكُولا أَو مشروبا أَو حَيَوَانا لم يجْبر على أَخذه قبل مَحَله لِأَنَّهُ قد يُرِيد أكله وشربه جَدِيدا وَيلْزمهُ فِي الْحَيَوَان مؤونة قَالَ أَبُو جَعْفَر أَخْبرنِي سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري عَن أَبِيه قَالَ اشترتني امْرَأَة بسوق ذِي الْمجَاز بسبعمائة دِرْهَم ثمَّ قدمت الْمَدِينَة وكاتبتني على أَرْبَعِينَ ألفا فأديت إِلَيْهَا عَامَّة المَال ثمَّ حملت مَا بقى إِلَيْهَا فَقلت هَذَا مَالك أقبضيه قَالَت لَا وَالله حَتَّى آخذه مِنْك شهرا بِشَهْر وَسنة بِسنة قَالَ فرحت بِهِ إِلَى عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فَذكرت ذَلِك لَهُ فَقَالَ عمر ادفعه إِلَى بَيت المَال ثمَّ بعث إِلَيْهَا فَقَالَ لَهَا هَذَا مَالك فِي بَيت المَال وَقد عتق أَبُو سعيد فَإِن شِئْت فَخذيهِ شهرا بِشَهْر وَسنة بِسنة وَإِن شِئْت فَخذيهِ فَدلَّ ذَلِك أَنه قد برِئ مِنْهَا بإحضاره إِيَّاه ثمَّ رأى الإِمَام قَبضه ليحفظه عَلَيْهَا وَقد روى الزُّهْرِيّ عَن نَبهَان مولى أم سَلمَة قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا كَانَ لإحداكن مكَاتب وَكَانَ عِنْده مَا يُؤَدِّي فلتحتجب مِنْهُ فَأمرهَا بالاحتجاب إِذا كَانَ عِنْده مَا يُؤَدِّي وَكَانَ مُخَالفا لحاله قبل ذَلِك الجزء: 4 ¦ الصفحة: 285 كَذَلِك إِذا قدر الْمولى على قبض الْكِتَابَة يَجعله فِي حكم الْقَابِض فَدلَّ على أَنه لَا معنى لإجبار الَّذِي لَهُ الدّين على قَبضه أَنه مَتى خلى بَينه وَبَينه برِئ مِنْهُ آخر الْكفَالَة وَالْحوالَة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 286 = كتاب الرَّهْن = 2003 - فِي رهن الْمشَاع قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه لَا يجوز رهن الْمشَاع لَا فِيمَا يقسم وَلَا فِيمَا لَا يقسم وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك يجوز الرَّهْن غير مقسوم إِذا قَبضه صَاحبه وحازه مَعَ من لَهُ فِيهِ شرك قَالَ وَلَو رَهنه سدس دَار أَو سدس حمام أَو نصف ثوب فَقَبضهُ أَن يحوزه دون صَاحبه وَلَو رَهنه نصف دَابَّة فَإِنَّهُ يقبض جَمِيعهَا وَلَو كَانَت بَين الرَّاهِن وَبَين آخر قبض حِصَّة الرَّاهِن فَإِن شَاءَ جعلهَا على يَدي شريك الرَّاهِن فَذَلِك جَائِز وَإِن ارْتهن نصف هَذَا الطَّعَام وَهُوَ بَينه وَبَين غَيره قَالَ إِذا ارتهنه الحديث: 2003 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 287 فحزته فَهُوَ جَائِز يقاسم الشَّرِيك الرَّاهِن إِن كَانَ حَاضرا فَيكون نصفه فِي يَد الْمُرْتَهن وَإِن لم يكن الرَّاهِن حَاضرا قاسمه السُّلْطَان أَو يَأْمُرهُ بذلك وَقَالَ ابْن الْمُبَارك عَن الثَّوْريّ فِي الرجل يرتهن الرَّهْن فَيسْتَحق بعضه قَالَ يخرج من الرَّهْن وَلَكِن لَهُ أَن يجْبر الرَّاهِن على أَن يَجعله رهنا فَإِن مَاتَ قبل أَن يَجعله رهنا كَانَ بَينه وَبَين الْغُرَمَاء وروى حميد عَن الْحسن بن حَيّ أَنه كَانَ يرى الرَّهْن فِيمَا يقسم جَائِز حَتَّى يقسم وروى الْمُخْتَار عَنهُ قَالَ وَمَا كَانَ من نصيب لَا يُسْتَطَاع أَن يقسم نَحْو الْحمام والسفينة فَهُوَ يكون رهنا وَمَا يقسم لَا يكون النَّصِيب مِنْهُ رهنا وَقَالَ الشَّافِعِي يجوز رهن الْمشَاع فِيمَا يقسم وَمَا لَا يقسم وَقَالَ أَبُو جَعْفَر اتَّفقُوا على أَن الرَّهْن فِي الْمَقْسُوم لَا يَصح بِنَفس العقد حَتَّى يكون مَعَه تَسْلِيم من الرَّاهِن وَقبض من الْمُرْتَهن وَيكون الْمُرْتَهن بعد الْمَوْت أَحَق بِهِ من سَائِر الْغُرَمَاء بِثُبُوت حَقه فِي جنسه فَدلَّ على أَنه يحْتَاج إِلَى دوَام الْقَبْض والمشاع يسْتَحق فِيهِ الْيَد بالمهايأة وَذَلِكَ معنى مَوْجُود مَعَ العقد وَفِي ارْتِفَاع الْيَد ارْتِفَاع الرَّهْن وفساده فَدلَّ أَنه لَا يَصح الجزء: 4 ¦ الصفحة: 288 2004 - فِي الرَّهْن يوضع على يَدي عدل قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري يَصح الرَّهْن إِذا جعلاه على يَدي عدل وَيكون مَضْمُونا على الْمُرْتَهن وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَابْن شبْرمَة وَالْأَوْزَاعِيّ لَا يجوز حَتَّى يقبضهُ الْمُرْتَهن وَقَالَ مَالك إِذا جعلاه على يَدي عدل فضياعه من الرَّاهِن وَقَالَ الشَّافِعِي فِي رهن شقص السَّيْف إِن قَبضه أَن يحول حَتَّى يَضَعهُ الرَّاهِن وَالْمُرْتَهن على يَدي عدل أَو على يَدي الشَّرِيك قَالَ أَبُو جَعْفَر الْقيَاس أَن لَا يَصح الرَّهْن بِوَضْعِهِ على يَدي عدل لِأَن يَد الْعدْل بِمَنْزِلَة يَد هما جَمِيعًا وَلَو كَانَ شرطا أَن يكون فِي أَيْدِيهِمَا لم يَصح كَذَلِك إِذا جعلاه على يَدي عدل لِأَنَّهُ لَيْسَ أَحدهمَا بِهَذِهِ الْيَد أولى من الآخر بهَا وكما لَو تراضى الْمُتَبَايعَانِ على جعل الْمَبِيع على يَدي عدل لم يكن ذَلِك قبضا للْمُشْتَرِي وَلَو هلك هلك من مَال البَائِع كَذَلِك الرَّهْن 2005 - فِي رهن الدّين قَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك فِي قِيَاس قَوْله إِذا كَانَ لرجل عَليّ دين فَبِعْته بيعا وارتهنت مِنْهُ الدّين الَّذِي لَهُ عَليّ فَهُوَ جَائِز وَهُوَ أقوى من أَن يرتهن دينا على غَيره لِأَنَّهُ جَائِز لما عَلَيْهِ الحديث: 2004 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 289 وَيجوز فِي قَول مَالك أَن يرتهن الرجل الدّين يكون لَهُ على رجل فيبتاع من رجل بيعا فيرهن مِنْهُ الدّين الَّذِي لَهُ على ذَلِك الرجل وَيقبض ذَلِك الْحق وَيشْهد لَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلَا نعلم أحدا من أهل الْعلم أجَاز أَن يكون الدّين رهنا بدين سواهُ غير مَالك وَهُوَ فِي الْقيَاس أَيْضا فَاسد لِأَن من كَانَ فِي يَده شَيْء فارتهنه فَلَيْسَ يَخْلُو من أَن يكون مَضْمُونا بِنَفسِهِ فَينْتَقل ضَمَانه إِلَى ضَمَان الرَّهْن وَيكون أَمَانَة فتنتقل الْأَمَانَة إِلَى الضَّمَان وَالدّين بَاقٍ بعد الرَّهْن وَقَبله على مَا كَانَ عَلَيْهِ إِلَى الضَّمَان فَلم يَصح رهنا بِبَقَائِهِ على حكمه قبل أَن يرْهن 2006 - فِي ولد الْمَرْهُونَة قَالَ أَبُو حنيفَة وأصحابنا إِذا ولدت الْمَرْهُونَة بعد الرَّهْن دخل وَلَدهَا فِي الرَّهْن وَكَذَلِكَ اللَّبن وَالصُّوف وثمر النّخل وَالشَّجر وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْحسن بن حَيّ وَقَالَ مَالك مَا حدث من ولد فَهُوَ رهن وَلَيْسَت الثَّمَرَة الْحَادِثَة بِهِ رهنا مَعَ الأَصْل وَقَالَ اللَّيْث إِذا كَانَ الدّين حَالا دخلت الثَّمَرَة فِي الرَّهْن وَإِن كَانَ إِلَى أجل فالثمرة لصَاحب الأَصْل وروى عَنهُ أَنَّهَا لَا تدخل فِيهِ إِلَّا أَن تكون مَوْجُودَة يَوْم الرَّهْن الحديث: 2006 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 290 قَالَ الشَّافِعِي لَا يدْخل الْوَلَد وَلَا الثَّمَرَة الْحَادِثَة فِي الرَّهْن قَالَ أَبُو جَعْفَر الدّين حق ثَابت فِي رَقَبَة الرَّهْن بِدلَالَة أَن الْمُرْتَهن بعد الْمَوْت أَحَق بِهِ من سَائِر الْغُرَمَاء حَتَّى يسْتَوْفى دينه وَكَانَ كحق الْكِتَابَة فِي رَقَبَة الْأُم فَيُوجب دُخُول الْوَلَد فِيهَا وَلَا فرق بَين الثَّمَرَة وَبَين الْوَلَد لِأَن ذَلِك نَمَاء حَادث من الأَصْل وَقد أجَاز مَالك أَن يشْتَرط الثَّمَرَة الْحَادِثَة فِي الْمُسْتَقْبل فِي الرَّهْن فَتكون دَاخِلَة فِيهِ وَقد جعل الشَّافِعِي ولد الْمَغْصُوبَة مَضْمُونا مَعَ الأَصْل فالرهن بذلك أولى 2007 - فِي رهن الثَّمَرَة الْقَائِمَة فِي رُؤُوس النّخل قَالَ أَو حنيفَة وَأَصْحَابه لَا يجوز رهن الثَّمَرَة الْقَائِمَة فِي رُؤُوس النّخل دون النّخل وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك يجوز إِذا أجَازه وَقَبضه وَكَانَ هُوَ يسْقِيه أَو جعله على يَدي رجل بِإِذن الرَّاهِن يسْقِيه ويليه وَكَذَلِكَ الزَّرْع الَّذِي لم يبد صَلَاحه وَإِذا ارْتهن ثَمَرَة قبل أَن يَبْدُو صَلَاحهَا فَإِنَّهُ يحْتَاج أَن يقبض النّخل مَعهَا لِأَنَّهُ لَا يقدر على قبض الثَّمَرَة إِلَّا بِقَبض النّخل وَالنَّخْل مَعَ ذَلِك لَيْسَ برهن مَعهَا وَكَذَلِكَ لَا يَصح قبض الزَّرْع إِلَّا بِقَبض الأَرْض وَإِن لم تكن الأَرْض رهنا مَعَه وَإِذا أفلس وَقد حازها الْمُرْتَهن فالثمرة لَهُ دون الْغُرَمَاء وَالنَّخْل للْغُرَمَاء وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يَصح رهن الثَّمَرَة دون النّخل طلعا مؤبرا أَو قبل بَدو الحديث: 2007 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 291 صَلَاحهَا إِلَّا أَن يتشارطا أَن للْمُرْتَهن إِذا حل حَقه قطعهَا وَبَيْعهَا فَيجوز الرَّهْن لِأَن الْمَعْرُوف من الثَّمر أَنه يتْرك إِلَى أَن يصلح قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا خلاف فِي جَوَاز بيع الثَّمَرَة الْقَائِمَة وَقد روى عَن أبي بكر فِي بطلَان هَذِه الثَّمَرَة الْقَائِمَة حَتَّى يحوزها بقوله لعَائِشَة إِنَّك لم تَكُونِي حُزْتِيهِ وَلَا قبضتيه وَإِنَّمَا هُوَ مَال الْوَارِث وَالرَّهْن بِمَنْزِلَة الْهِبَة لِأَنَّهُمَا جَمِيعًا لَا يصحان إِلَّا بِالْقَبْضِ وَالْبيع يَصح بِغَيْر قبض وتملك 2008 - فِي رهن الموزونات قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه يَصح رهن الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير وَسَائِر الموزونات وَغَيرهَا إِذا قبضت وَلَا يشترطون فِيهَا الْخَتْم وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِنَّمَا لم يَصح الرَّهْن فِي الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير والفلوس وَالطَّعَام إِذا طبع عَلَيْهَا والحلي يَصح رَهنه من غير طبع وَكَذَلِكَ الثِّيَاب وروى أَشهب عَن مَالك أَنه لَا يطبع فِي الرَّهْن إِلَّا الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير خَاصَّة وَقَالَ الرّبيع عَن الشَّافِعِي فِي الْبُوَيْطِيّ لَا يَصح الرَّهْن إِلَّا مَقْبُوضا والقبوض من وَجْهَيْن مَا يُكَال أَو يُوزن أَو ينْقل فسبيله الْكَيْل وَالْوَزْن وَالنَّقْل وَمَا لاينقل فالتخلية الحديث: 2008 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 292 فَدلَّ ذَلِك من قَوْله أَنه لَا يعْتَبر الْخَتْم قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْلُو الرَّهْن من أَن يكون مَضْمُونا أَو أَمَانَة فَإِن كَانَ مَضْمُونا فَالْقَوْل فِي الْأَشْيَاء المضونة قَول ضامنها فَلَا معنى للختم فِيهَا وَإِن كَانَ أَمَانَة فَالْقَوْل قَول الْأمين أَيْضا فَلَا وَجه للختم وَقد اعتبروا فِي الثِّيَاب أَيْضا أَنَّهَا لَا تعْتَبر فِيهَا الْخَتْم وَكَذَلِكَ مَا سواهَا وَكَذَلِكَ روى عَن ابْن عَبَّاس وَعَائِشَة وَأنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم توفى وَدِرْعه مَرْهُونَة عِنْد يَهُودِيّ بِطَعَام أَخذه لأَهله وَلم يذكر فِيهِ الْخَتْم 2009 - فِي الرَّهْن بِمَا يحدث قَالَ أَبُو حنيفَة الرَّهْن بالدرك بَاطِل قَالَ أَبُو جَعْفَر فَهَذَا يدل على أَنه لَا يجوز الرَّهْن بدين غير ثَابت فِي الْحَال وَأَنه لَا يجوز بِمَا يجوز أَن يكون وَيجوز أَن لَا يكون قَالَ ابْن الْقَاسِم فِي قِيَاس قَول مَالك إِذا دفعت إِلَى رجل رهنا فَقلت هَذَا لَك رهن بِكُل مَا أقرضت فلَانا من شَيْء فَهَذَا جَائِز وَقَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي لَو قَالَ أرهنك دَاري على أَن تداينني فداينه لم يكن رهنا حَتَّى يعْقد الرَّهْن مَعَ الْحق أَو بعده قَالَ أَبُو جَعْفَر الرَّهْن إِنَّمَا يكون مَحْبُوسًا بِالدّينِ فَإِذا لم يكن دين لم يَصح لِأَنَّهُ لَا يكون مَحْبُوسًا بِشَيْء الحديث: 2009 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 293 2010 - فِي زِيَادَة الدّين فِي الرَّهْن قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد لَا تجوز زِيَادَة الدّين فِي الرَّهْن وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَقَالَ أَبُو يُوسُف تجوز الزِّيَادَة فِي الدّين وَهُوَ قَول الشَّافِعِي قَالَ أَبُو جَعْفَر لما كَانَ الرَّهْن مَشْغُولًا بِالدّينِ الأول لم يجز أَن يصير شَيْئا مِنْهُ رهنا بِالدّينِ الثَّانِي لِأَن الرَّهْن إِنَّمَا يَصح فِي الفارغ دون المشغول فَإِن قيل قد أجزت الزِّيَادَة فِي الرَّهْن قيل لَهُ لِأَن هَذِه الزِّيَادَة غير مَشْغُولَة فصح رَهنه 2011 - فِي ارتهان الرجلَيْن قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا ارْتهن رجلَانِ بدين لَهما على رجل هما فِيهِ شريكان اَوْ غير شَرِيكَيْنِ فَهُوَ جَائِز إِن أقبضاه وَلَا يَأْخُذ شَيْئا مِنْهُ حَتَّى يؤفيهما جَمِيع الدّين وَقَالَ مَالك مثل ذَلِك إِلَّا أَنه قَالَ إِذا لم يَكُونَا شَرِيكَيْنِ فَإِنَّهُ إِذا قضى أَحدهمَا قبض حِصَّته وَإِن كَانَ شَرِيكَيْنِ لم يَصح قَضَاء أَحدهمَا دون الآخر وَقَالَ الشَّافِعِي يَصح الرَّهْن وَلكُل وَاحِد نصف رهن بِنصْف حَقه وَإِذا قضى أَحدهمَا نصِيبه أَخذ نصِيبه من الرَّهْن 2012 - فِي رهن الْمكَاتب قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه يجوز رهن الْمكَاتب وارتهانه وَكَذَلِكَ الْمَأْذُون لَهُ فِي التجاره الحديث: 2010 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 294 وَقَالَ مَالك فِيمَا ذكر عَنهُ ابْن الْقَاسِم يجوز ذَلِك لَهما إِذا أصابا وَجه الرَّهْن لِأَنَّهُ جَائِز البيع وَالشِّرَاء وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يجوز رهن الْمكَاتب وَالْعَبْد وَلَا وَالِي الطِّفْل لِأَن الدّين لَازم وَالرَّهْن أَمَانَة فالرهن نقص عَلَيْهِم فَلَا يجوز أَن يرهنوا إِلَّا حَيْثُ يجوز أَن يودعوا أَمْوَالهم من الضَّرُورَة قَالَ أَبُو جَعْفَر الْقيَاس أَن يكون الرَّهْن بِمَنْزِلَة البيع فَيجوز على مَا يجوز عَلَيْهِ البيع فَإِذا بَاعَ الْمكَاتب أَو الْمَأْذُون بِأَقَلّ من الْقيمَة جَازَ فِي قَول أبي حنيفَة فَقِيَاس قَوْله فِي الرَّهْن أَن يجوز بِالْقَلِيلِ وَالْكثير وَقِيَاس قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد يَنْبَغِي أَن لَا يجوز إِلَّا بِمثل الْقيمَة وَلَا يجوز أَن يرْهن مَا يُسَاوِي ألفا بِمِائَة كَمَا لَا يجوز البيع وَلَا يكون الْفضل الَّذِي هُوَ أَمِين فِيهِ بِمَنْزِلَة الْوَدِيعَة لِأَنَّهُ قد أثبت فِيهِ حَقًا لَا يُمكنهُ مَعَه أَخذه إِلَّا بعد قَضَاء الدّين وعَلى قَول الشَّافِعِي إِن الرَّهْن أَمَانَة فَهُوَ مُسْتَمر على أَصله لِأَنَّهُ أوجب للْمُرْتَهن حَقًا وَلَا يَقع للرَّاهِن فِيهِ إِلَّا أَنه أجَازه فِي الْموضع الَّذِي يجوز أَن يودع وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْء لِأَن الْمُودع يَأْخُذ الْوَدِيعَة مَتى شَاءَ والراهن لَا يُمكنهُ أَخذه إِلَّا بعد قَضَاء الدّين فَيحصل أَمَانَة يُوجب فِيهِ حَقًا لمرتهن فَلَا يَقع للرَّاهِن فِيهِ وَأما مَالك فَإِنَّهُ يَجْعَل الرَّهْن مَضْمُونا بِالْقيمَةِ فِيمَا يعاب عَلَيْهِ إِلَّا أَنه قد أجَازه فِي سَائِر الْأَحْوَال وَهُوَ لَا يَجعله مَضْمُونا إِذا كَانَ مِمَّا لَا يعاب عَلَيْهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 295 2013 - فِي الرَّهْن على يَدي عَدْلَيْنِ قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا وضع الرَّهْن على يَدي عَدْلَيْنِ وَهُوَ فِيمَا يقسم اقتسماه فَكَانَ عِنْد كل وَاحِد مِنْهُمَا نصفه وَإِن كَانَ مِمَّا لَا يقسم فوضعاه عِنْد أَحدهمَا ضمن الَّذِي وضع حِصَّته عِنْد صَاحبه وَفِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد لَا يضمنَانِ وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن رَأْيه وَقِيَاس قَول مَالك إِن رَضِي الرَّاهِن مَعَهُمَا أَن يكون على يَد أَحدهمَا جَازَ وَلَيْسَ على الَّذِي لَيْسَ فِي يَده شَيْء من الضّيَاع فِي حِصَّته فَإِن ارتهنا الثَّوْب وَلم يَجْعَل الرَّاهِن على يَد أَحدهمَا فَإِنَّهُمَا يجعلانه بِحَيْثُ شَاءَ أَو ضمناه لَهُ وَقَالَ الشَّافِعِي فِيمَا ذكره الرّبيع عَنهُ لَا يكون الرَّهْن مَقْبُوضا إِلَّا أَن يقبضهُ الْمُرْتَهن أَو أحد غير الرَّاهِن بِأَمْر الْمُرْتَهن فَيكون وَكيله فِي قَبضه وَأما رهن اللؤلؤة وَنَحْوهَا بِأَن يَضَعهَا الرَّاهِن وَالْمُرْتَهن على يَدي عدل أَو على يَد الشَّرِيك فِيهَا الَّذِي لَيْسَ براهن أَو يَدي الْمُرْتَهن قَالَ أَبُو جَعْفَر فَدلَّ ذَلِك من قَوْله على أَنه إِنَّمَا يَصح قَبضه بِإِذن الرَّاهِن وَالْمُرْتَهن إِذا جعلاه برضاهما على يَدي الْعدْل قَالَ أَبُو جَعْفَر حَدثنَا أَحْمد بن حَمَّاد التجِيبِي قَالَ حَدثنَا يحيى بن عبد الله بن بكير قَالَ حَدثنَا يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن الزُّهْرِيّ عَن أبي حَازِم عَن سهل بن سعد أَن امْرَأَة جَاءَت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت يَا رَسُول الله جِئْت لأهب لَك نَفسِي فَنظر إِلَيْهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَصَعدَ النّظر إِلَيْهَا وَصَوَّبَهُ ثمَّ طأطأ رَأسه فَلَمَّا رَأَتْ الْمَرْأَة أَنه لم يقْض فِيهَا شَيْئا جَلَست فَقَامَ رجل من أَصْحَابه فَقَالَ إِن لم يكن لَك بهَا حَاجَة فزوجنيها فَقَالَ هَل عنْدك من شَيْء فَقَالَ لَا وَالله قَالَ اذْهَبْ إِلَى أهلك فَانْظُر هَل تَجِد شَيْئا فَذهب ثمَّ رَجَعَ فَقَالَ مَا الحديث: 2013 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 296 وجدت شَيْئا قَالَ انْظُر وَلَو خَاتمًا من حَدِيد فَقَالَ وَلَا خَاتم من حَدِيد وَلَكِن هَذَا إزَارِي فلهَا نصفه فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا يصنع بإزارك إِن لبسته لم يكن عَلَيْهَا مِنْهُ شَيْء وَإِن لبسته لم يكن عَلَيْك مِنْهُ شَيْء فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا مَعَك من الْقُرْآن قَالَ معي سُورَة كَذَا وَكَذَا عَددهَا قَالَ أَتَقْرَأُ عَن ظهر قَلْبك قَالَ نعم قَالَ فَاذْهَبْ فقد ملكتكها بِمَا مَعَك من الْقُرْآن فَدلَّ ذَلِك على أَن حكم الْإِزَار إِذا كَانَ بَين اثْنَيْنِ أَن يلْبسهُ كل وَاحِد مِنْهُمَا مُدَّة وَلَوْلَا ذَلِك مَا خاطبه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بذلك فَإِذا كَانَا يستحقان ذَلِك لحق الْملك كَذَلِك المرتهنان يستحقانه بِحَق الْيَد فَإِن قيل لَا يجوز إِخْرَاجه عَن يَد أَحدهمَا إِلَى الآخر بِغَيْر إِذن الرَّاهِن قيل لَهُ إِن الرَّاهِن قد أوجب ذَلِك لكل وَاحِد مِنْهُمَا بِحَق الْيَد الَّذِي أوجبتهما كَمَا يجب ذَلِك بِحَق الْملك 2014 - فِي إِجَارَة الرَّهْن قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه إِذا أجر الْمُرْتَهن الرَّهْن بِإِذن الرَّاهِن أَو أجره الرَّاهِن بِإِذن الْمُرْتَهن فقد خرج من الرَّهْن وَلَا يعود وَقَالَ ابْن أبي ليلى إِذا أجره الْمُرْتَهن بِإِذن الرَّاهِن فَهُوَ رهن على حَاله وَالْغلَّة للْمُرْتَهن قَضَاء من حَقه الحديث: 2014 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 297 وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا خلى الْمُرْتَهن بَين الرَّاهِن وَبَين الرَّهْن يكريه أَو يسكنهُ أَو يعيره لم يكن رهنا وَإِذا أجره الْمُرْتَهن بِإِذن الرَّاهِن لم يخرج من الرَّهْن وَكَذَلِكَ إِذا ادَّعَاهُ الْمُرْتَهن بِإِذن الرَّاهِن فَهُوَ رهن على حَاله وَإِذا أجره الْمُرْتَهن بِإِذن الرَّاهِن فالأجر لرب المَال وَلَا يكون الْكِرَاء رهنا بِحقِّهِ إِلَّا أَن يَشْتَرِطه الْمُرْتَهن فَإِن اشْترط فِي البيع أَن يرتهن وَيَأْخُذ حَقه من الْكِرَاء فَإِن مَالِكًا كره ذَلِك وَلم يشْتَرط ذَلِك فِي البيع وَإِن تبرع بِهِ الرَّاهِن بعد البيع فَلَا بَأْس بذلك وَإِن كَانَ البيع وَقع بِهَذَا الشَّرْط إِلَى أجل مَعْلُوم وَاشْترط فِيهِ البَائِع بِبيعِهِ الرَّهْن ليأخذها من حَقه فَإِن ذَلِك جَائِز عِنْد مَالك فِي الدّور وَالْأَرضين وَكَرِهَهُ فِي الْحَيَوَان وَقَالَ الْمعَافى كره الثَّوْريّ أَن ينْتَفع من الرَّهْن بِشَيْء وَلَا يقْرَأ فِي الْمُصحف الْمَرْهُون وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ غلَّة الرَّهْن لصَاحبه ينْفق عَلَيْهِ مِنْهَا وَالْفضل لَهُ فَإِن لم تكن لَهُ غلَّة وَكَانَ يستخدمه فطعامه بخدمته وَإِن لم يكن يستخدمه فنفقته على صَاحبه وَقَالَ الْحسن بن حَيّ لَا يستغل الرَّهْن وَلَا ينْتَفع بِهِ إِلَّا أَن يكون دَارا يخَاف خرابها فيسكنها الْمُرْتَهن لَا يُرِيد الِانْتِفَاع بهَا وَإِنَّمَا يُرِيد إصلاحها وَقَالَ ابْن أبي ليلى إِذا لبس الْمُرْتَهن الْخَاتم للتجمل بِهِ ضمن وَإِن لبسه ليحرزه فَلَا شَيْء قَالَ اللَّيْث لَا بَأْس بِأَن يسْتَعْمل العَبْد الرَّهْن بطعامه إِذا كَانَت النَّفَقَة بِقدر الْعَمَل فَإِن كَانَ الْعَمَل أَكثر أَخذ فضل ذَلِك من الْمُرْتَهن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 298 وَقَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي فِيمَا روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الرَّهْن محلوب ومركوب إِن من رهن ذَات ظهر ودر لم يمْنَع الرَّاهِن فِي ظهرهَا ودرها وللراهن أَن يستخدم العَبْد ويركب الدَّابَّة ويحلب الدّرّ ويجز الصُّوف وتأوي بِاللَّيْلِ إِلَى الْمُرْتَهن أَو إِلَى يَدي الْمَوْضُوعَة على يَدَيْهِ قَالَ أَبُو جَعْفَر روى يزِيد بن هَارُون أخبرنَا ابْن أبي زَائِدَة عَن الشّعبِيّ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الظّهْر يركب بِنَفَقَتِهِ إِذا كَانَ مَرْهُونا وَلبن الدّرّ يشرب بِنَفَقَتِهِ إِذا كَانَ مَرْهُونا فَفِي هَذَا الحَدِيث أَن النَّفَقَة تجب لركوب ظَهره وَشرب لبنه وَمَعْلُوم أَن الرَّاهِن إِنَّمَا تلْزمهُ نَفَقَته لملكه لَا لِمَعْنى سواهُ أَلا ترى أَنه لَو لم يكن لَهُ در وَلَا ظهر يركب لَوَجَبَتْ عَلَيْهِ نَفَقَته فَهَذَا يدل على أَنه جعل اللَّبن وَالظّهْر للْمُرْتَهن بِالنَّفَقَةِ الَّتِي ينفقها وَقد بَين ذَلِك حَدِيث آخر وَهُوَ مَا رَوَاهُ هشيم عَن زَكَرِيَّا بن أبي زَائِدَة عَن الشّعبِيّ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا كَانَ الدَّابَّة مَرْهُونَة فعلى الْمُرْتَهن عَلفهَا وَلبن الدّرّ يشرب وعَلى الَّذِي يشرب نَفَقَتهَا ويركب الجزء: 4 ¦ الصفحة: 299 وَالشَّافِعِيّ يَقُول إِن نَفَقَته على الرَّاهِن لَا على الْمُرْتَهن وَهَذَا الحَدِيث حجَّة عَلَيْهِ لَا لَهُ وَقد روى الْحسن بن حَيّ عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد عَن الشّعبِيّ قَالَ لَا ينْتَفع من الرَّهْن بِشَيْء فقد ترك الشّعبِيّ ذَلِك وَهُوَ رِوَايَة عَن أبي هُرَيْرَة فَدلَّ ذَلِك على أَنه قد علم نسخه وَإِنَّمَا صَار مَنْسُوخا عندنَا لتَحْرِيم الرِّبَا لما ردَّتْ الْأَشْيَاء إِلَى مقاديرها لِأَنَّهُ جعل عِلّة النَّفَقَة بَدَلا من اللَّبن قل أَو كثر لما لم يَصح الرَّهْن بدءا وَهُوَ فِي يَد الرَّهْن كَذَلِك إِذا اسْتحق الرَّهْن الْمُرْتَهن بالركوب والحلب يُوجب ذَلِك بطلَان الرَّهْن فَدلَّ على أَنه لَا يسْتَحقّهُ وَقد اتَّفقُوا أَيْضا أَن الرَّاهِن لَا يطَأ الْأمة الْمَرْهُونَة لِأَن الْمُرْتَهن يسْتَحق ثُبُوت يَده عَلَيْهَا كَذَلِك الِاسْتِخْدَام 2015 - فِي الرَّاهِن يعْتق العَبْد الرَّهْن قَالَ ابو حنيفه وَأَصْحَابه عتق الرَّاهِن للْعَبد الرَّهْن جَائِز مُوسِرًا كَانَ أَو مُعسرا أَلا أَنه إِن كَانَ مُوسِرًا ضمن قيمَة وَلَا سَبِيل على العَبْد وَإِن كَانَ مُعسرا سعى العَبْد فِي قِيمَته إِن كَانَ أقل من الدّين وَيرجع بِهِ على الرَّهْن وَإِن دبره جَازَ تَدْبيره وَضمن القيمه إِن كَانَ مُوسِرًا وَإِن كَانَ مُعسرا سعى الْمُدبر فِي جَمِيع الدّين وَهُوَ قَول الثَّوْريّ الحديث: 2015 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 300 وَقَالَ عُثْمَان البتي لَا يجوز عتق الرَّاهِن فِيهِ وَقَالَ ابْن شبْرمَة إِذا كَانَت أمة فَأعْتقهَا أَو اسْتَوْلدهَا فَعَلَيهِ مَا ذهبت بِهِ وَلَا تسْتَرق فَإِن أَدَّاهُ كُله خلى سَبِيلهَا وَإِن مَاتَ قبل أَن يُؤَدِّيه سعت فِيمَا بقى للْمُرْتَهن وَقَالَ مَالك إِن أعْتقهُ وَهُوَ مُوسر جَازَ عتقه وَأدّى المَال فَإِن كَانَ المَال مُؤَجّلا عتقت وَحل عَلَيْهِ وَإِن دبره كَانَ رهنا بِحَالهِ لِأَن رهن الْمُدبر جَائِز عِنْد مَالك وَإِن أعْتقهُ وَهُوَ مُعسر فَالْعَبْد رهن بِحَالهِ وَالْمَال إِلَى أَجله فَإِن ورث مَالا أَخذ مِنْهُ الدّين وَيصير العَبْد حرا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا رهن جَارِيَة ثمَّ أعْتقهَا جَازَ عتقه وَيتبع بِحقِّهِ عَلَيْهَا وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا رهن عبدا ثمَّ أعْتقهُ الْمولى فَعَلَيهِ الْقيمَة رهنا مَكَانَهُ وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن يسْعَى الْمَمْلُوك للْمُرْتَهن وَقَالَ الشَّافِعِي يبطل عتقه إِذا كَانَ مُعسرا قَالَ أَبُو جَعْفَر حق الْمُرْتَهن لَا يمْنَع عتق الرَّاهِن وَبطلَان الرَّهْن بِهِ كَمَا أَن الزَّوْج لَا يمْنَع عتق الْأمة وَإِيجَاب الْخِيَار لَهَا فِي إبِْطَال النِّكَاح قَالَ وَلَا يَنْبَغِي أَن يخْتَلف حكم الْمُوسر والمعسر وَإِلَّا تجب عَلَيْهِ السّعَايَة فِي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 301 الْحَالين وَأما الْكِتَابَة فللمرتهن إِبْطَالهَا لِأَنَّهَا يلْحقهَا الْفَسْخ أَلا ترى أَن عبدا بَين رجلَيْنِ لَو كَاتبه أَحدهمَا كَانَ للْآخر أَن يُبْطِلهَا وَلَو أعْتقهُ لم يكن للشَّرِيك إِبْطَاله وَالتَّدْبِير كَالْعِتْقِ على قَول من يُجِيز بيع الْمُدبر 2016 - فِي الرَّاهِن يَدعِي ولد الْأمة الْمَرْهُونَة قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِن ادّعى وَلَدهَا قبل أَن تَلد ضمن قيمتهَا وَإِن كَانَ مُعسرا سعت فِي الدّين وَلَا يسْعَى الْوَلَد فِي شَيْء وَلَو ادّعى بعد الْولادَة فَإِن كَانَ مُوسِرًا فَلَا سِعَايَة عَلَيْهَا وَيضمن هُوَ الدّين وَإِن كَانَ مُعسرا قسم الدّين على قيمتهَا وَقِيمَة الْوَلَد فَمَا أصَاب الْوَلَد سعى فِي الْأَقَل من قِيمَته وَمِمَّا أَصَابَهُ بِالْحِصَّةِ وسعت الْأُم فِي جَمِيع الْحصَّة وَقَالَ مَالك إِذا وطئ الْأمة الرَّهْن بِإِذن الْمُرْتَهن فَهِيَ أم ولد للرَّاهِن وَلَا رهن للْمُرْتَهن فِيهَا وَإِن وَطئهَا بِغَيْر إِذْنه فَإِن كَانَ لَهُ مَال أَخذ مِنْهُ المَال فَدفع إِلَى الْمُرْتَهن وَكَانَت الْجَارِيَة أم ولد للرَّاهِن وَإِن لم يكن لَهُ مَال بِيعَتْ الْجَارِيَة بعد أَن تضع وَلم يبع وَلَدهَا وَلَا شَيْء على الْوَلَد وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا وَطئهَا الرَّاهِن فحمت فَإِن شَاءَ الْمُرْتَهن استسعاها فِي جَمِيع الدّين وَإِن شَاءَ اتبع الرَّاهِن وَقَالَ الْحسن بن حَيّ على الرَّاهِن قيمتهَا وَقِيمَة وَلَدهَا وَقد خرجت من الرَّهْن هِيَ وَوَلدهَا وَقَالَ اللَّيْث تبَاع حِين تحمل وَيكون الْوَلَد للرَّاهِن لِأَنَّهُ لَا يسترق ولد الْحر من جَارِيَته وَلكنهَا تبَاع فَإِذا وضعت مَا فِي بَطنهَا ألحق نسبه بِأَبِيهِ وَإِن وَطئهَا بِإِذن الْمُرْتَهن فقد خرجت من الرَّهْن وَكَانَ فِيهِ أُسْوَة الْغُرَمَاء إِن لم الحديث: 2016 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 302 تحمل وَإِن حملت لم يكن فِيهَا شَيْء وَكَانَ أُسْوَة الْغُرَمَاء فِيمَا بَقِي من مَاله وَلَا تبَاع وَهِي حَامِل مِنْهُ حَتَّى تضع وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا اسْتَوْلدهَا وَلم يكن لَهُ مَال غَيرهَا لم تبع مَا كَانَت حَامِلا فَإِذا ولدت بِيعَتْ دون وَلَدهَا 2017 - فِي بيع الرَّهْن قَالَ مُحَمَّد وَلم يحك خلافًا إِذا بَاعَ الرَّاهِن لم يجز إِلَّا أَن يُجِيزهُ الْمُرْتَهن فَإِن أجَازه كَانَ الثّمن رهنا وروى بشر عَن أبي يُوسُف أَن الثّمن لَا يكون رهنا إِذا أجَاز إِلَّا أَن يكون أمره بِالْبيعِ على أَن يكون الثّمن رهنا فَيكون رهنا كَمَا يكون رهنا إِذا شَرط فِي أصل الرَّهْن أَن يَبِيع وَيكون الثّمن رهنا وَقَالَ مَالك لَا يجوز بيع الرَّاهِن للرَّهْن إِلَّا أَن يُجِيزهُ الْمُرْتَهن فَإِن أجَازه جَازَ ووقف الثّمن وَلَا يعجل الْمُرْتَهن حَقه إِذا كَانَ الدّين إِلَى أجل حَتَّى يَأْتِي الرَّاهِن بِبَقِيَّة من حَقه مَأْمُونا فَيدْفَع الثّمن إِلَى الرَّاهِن البَائِع وَيجْعَل ذَلِك الرَّهْن مَكَان العَبْد الرَّهْن وَلَيْسَ للرَّاهِن إِذا بَاعَ الرَّهْن بِغَيْر إِذن المترهن أَن يَقُول أَنا أُعْطِيك رهنا مَكَانَهُ وَلَا أعجل لَك حَقك وَلَكِن يعجل الثّمن للْمُرْتَهن إِذا أجَاز البيع وَقَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي إِذا كَانَ الدّين إِلَى أجل فَأذن الْمُرْتَهن للرَّاهِن فِي بيع الرَّهْن فَبَاعَهُ جَازَ وَلَا يَأْخُذ الْمُرْتَهن من ثمنه شَيْئا وَلَا مَكَانَهُ رهنا وَلَو أذن لَهُ أَن يَبِيعهُ على أَن يُعْطِيهِ ثمنه لم يكن لَهُ بَيْعه لِأَنَّهُ لم يَأْذَن لَهُ إِلَّا على أَن يعجل لَهُ حَقه قبل مَحَله وَالْبيع مَنْسُوخ الحديث: 2017 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 303 قَالَ الْمُزنِيّ أشبه بقول الشَّافِعِي هَذَا أَن لَا يفسح الشَّرْط للْبيع أَلا ترى أَن من قَوْله إِنِّي لَو أمرت رجلا بِبيع ثوبي على أَن لَهُ عشر ثمنه فَبَاعَهُ أَن البيع جَائِز لَا يفسخه فَسَاد الشَّرْط فِي الثّمن قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ أَنه إِذا بَاعه بِإِذن الْمُرْتَهن وَالدّين حَال أَنه جَائِز وَأَن الثّمن يكون للْمُرْتَهن قَضَاء من دينه إِلَّا أَن يكون فِيهِ فضل عَن دينه فَيكون ذَلِك الْفضل للرَّاهِن فَدلَّ على أَن بيع الرَّاهِن الرَّهْن إِنَّمَا هُوَ للْمُرْتَهن لَا لنَفسِهِ فَوَجَبَ أَن يكون فِي الدّين الْمُؤَجل مثله فَيكون الثّمن رهنا مَكَانَهُ 2018 - فِي تَزْوِيج الْأمة الرَّهْن روى بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف فِي الْإِمْلَاء أَن الرَّاهِن إِذا زوج الْأمة الرَّهْن بِغَيْر رضَا الْمُرْتَهن جَازَ وللمرتهن أَن يمْنَع الزَّوْج من وَطئهَا فَإِن فعل فغشيها فالمهر يكون رهنا مَعهَا وَإِن لم يغشها لم يكن الْمهْر رهنا مَعهَا وَلم يحك خلافًا بَينه وَبَين أبي حنيفَة وَحكى ابْن أبي عمرَان أَن لأبي يُوسُف فِي الْإِمْلَاء قولا آخر أَن للمترهن أَن يفْسخ تَزْوِيج الرَّاهِن الْأمة الرَّهْن وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لَا يجوز للرَّاهِن أَن يُزَوّج الْأمة لِأَنَّهُ عيب يلْحقهَا قَالَ أَبُو جَعْفَر الْقيَاس أَن لَا يجوز التَّزْوِيج لِأَنَّهُ عيب وَلما قَالَ من يُجِيز أَن الْمهْر لَا يسْتَحقّهُ الْمُرْتَهن بِالْعقدِ دلّ على أَنه لَا يجوز التَّزْوِيج لِأَن التَّزْوِيج للرَّاهِن لَا للْمُرْتَهن وَأما قَول أبي يُوسُف فِي أَنه إِذا دخل بهَا فالمهر رهن وَإِن لم يدْخل الحديث: 2018 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 304 بهَا فَلَيْسَ برهن فمحال لِأَن الْمهْر مُسْتَحقّ بِالْعقدِ لَا بِالدُّخُولِ وَإِن لم يصر رهنا بِالْعقدِ وَكَانَ للرَّاهِن لم يتَحَوَّل وُجُوبه إِلَى الْمُرْتَهن 2019 - فِي رهن الْغَرِيم بعض غُرَمَائه دون بعض قَالَ أَصْحَابنَا إِذا كَانَ عَلَيْهِ دين فرهن بعض الْغُرَمَاء فِي الصِّحَّة فَهُوَ جَائِز وَهُوَ أولى بِالرَّهْنِ من سَائِر الْغُرَمَاء قَالَ ابْن الْقَاسِم هُوَ جَائِز مَا لم يفلس وَالْمُرْتَهن أَحَق بِهِ من سَائِر الْغُرَمَاء كَمَا لَو قَضَاهُ جَازَ مَا لم يفلس قَالَ ابْن الْقَاسِم وَقد كَانَ يروي مرّة عَن مَالك أَنهم يدْخلُونَ وَلَيْسَ هَذَا بِشَيْء وَقَالَ الشَّافِعِي يجوز رَهنه وَالْمُرْتَهن أَحَق بِهِ من سَائِر الْغُرَمَاء 2020 - فِيمَن شَرط الرَّهْن للْمُرْتَهن عِنْد حُلُول الْأَجَل قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قَالَ إِن جئْتُك بِالْمَالِ إِلَى شهر وَإِلَّا فَهُوَ بيع فالرهن جَائِز وَالشّرط بَاطِل وَقَالَ مَالك الرَّهْن فَاسد وَينْقص فَإِن لم ينقص حَتَّى حل الْأَجَل فَإِنَّهُ لَا يكون للْمُرْتَهن بذلك الشَّرْط وللمرتهن أَن يحْبسهُ بِحقِّهِ وَهُوَ أَحَق بِهِ من سَائِر الْغُرَمَاء فَإِن تغير فِي يَده لم يرد وَلَزِمتهُ الْقيمَة فِي ذَلِك يَوْم حل الْأَجَل وَهَذَا فِي السّلع وَالْحَيَوَان فَأَما فِي الدّور وَالْأَرضين فَإِنَّهُ يردهَا إِلَى الرَّاهِن وَإِن تطاول إِلَّا أَن تنهدم الدَّار أَو يَبْنِي فِيهَا أَو يغْرس فِي الأَرْض فَهَذَا فَوت وَيغرم 4 القيمه مثل البيع الْفَاسِد الحديث: 2019 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 305 وَقَالَ الْمعَافي عَن الثَّوْريّ فِي الرجل يرْهن صَاحبه الْمَتَاع وَيَقُول إِن لم آتِك فَهُوَ لَك قَالَ لَا يغلق ذَلِك الرَّهْن وَقَالَ الْحسن بن حَيّ لَيْسَ هَذَا بِشَيْء وَقَالَ الرّبيع عَن الشَّافِعِي لَو رَهنه وَشرط لَهُ إِن لم يَأْته بِالْحَقِّ إِلَى كَذَا فالرهن بيع فالرهن فَاسد وَهُوَ للَّذي رَهنه وَقَالَ أَبُو جَعْفَر لم يَخْتَلِفُوا أَنه لَا يملكهُ الْمُرْتَهن بِهَذَا الشَّرْط وَإِنَّمَا اخْتلفُوا فِي جَوَاز الرَّهْن وفساده وَالرَّهْن مشبه للهبة من حَيْثُ كَانَ من شَرط صِحَة كل وَاحِد مِنْهُمَا الْقَبْض فَلَمَّا لم يفْسد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْعمريّ بِالشّرطِ وأجازها وأبطل الشَّرْط كَذَلِك الرَّهْن إِذْ من شَرط صِحَّته الْقَبْض 2021 - فِي إِقْرَار متعاقدي الرَّهْن بِالْقَبْضِ قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قَامَت الْبَيِّنَة على إِقْرَار الرَّاهِن بِالْقَبْضِ وَالْمُرْتَهن يَدعِيهِ جَازَت الشَّهَادَة وَحكم بِصِحَّة الرَّهْن وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ مَالك فِي الشَّهَادَة على إِقْرَار الْمُصدق بِالْقَبْضِ أَنه لَا يجوز حَتَّى يشْهدُوا على مُعَاينَة بِالْقَبْضِ فَقِيَاس قَوْله فِي الرَّهْن أَن يكون كَذَلِك قَالَ أَبُو جَعْفَر كَمَا جَازَ الْإِقْرَار بِالْبيعِ وَنَحْوه من الْعُقُود جَازَ بِقَبض الرَّاهِن الحديث: 2021 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 306 2022 - فِي اخْتِلَافهمَا فِي مِقْدَار الدّين قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه إِذا هلك الرَّهْن وَاخْتلف الرَّاهِن وَالْمُرْتَهن فِي مِقْدَار الدّين فَالْقَوْل قَول الرَّاهِن فِي الدّين مَعَ يَمِينه وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك إِذا اخْتلفَا فِي الدّين وَالرَّهْن قَائِم فَإِن كَانَ الرَّهْن قدر حق الْمُرْتَهن أَخذه الْمُرْتَهن بِحقِّهِ وَهُوَ أولى بِهِ وَيحلف إِلَّا أَن يَشَاء رب الرَّهْن أَن يُعْطِيهِ حَقه الَّذِي حلف عَلَيْهِ وَيَأْخُذ رَهنه وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك القَوْل قَول الْمُرْتَهن فِيمَا بَينه وَبَين قيمَة الرَّهْن وَلَا يصدق على أَكثر من ذَلِك وَقَالَ الْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ مثل قَول أبي حنيفَة وَأَصْحَابه قَالَ أَبُو جَعْفَر الْمُرْتَهن مدعي والراهن مدعى عَلَيْهِ فَالْقَوْل قَوْله وَالْبَيِّنَة على الْمُرْتَهن 2023 - فِي النَّفَقَة على الرَّهْن قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد نَفَقَة الرَّهْن على الرَّاهِن وَكَذَلِكَ سقِِي النّخل وَالشَّجر فَإِن أنْفق عَلَيْهِ الْمُرْتَهن فَهُوَ مُتَطَوّع إِلَّا أَن يكون بِأَمْر القَاضِي وَقَالَ زفر مثل ذَلِك إِلَّا أَنه قَالَ إِذا أنْفق بِأَمْر القَاضِي كَانَ الرَّهْن مَحْبُوسًا بِالنَّفَقَةِ فَإِن ضَاعَ الرَّهْن بطلت النَّفَقَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف النَّفَقَة دين على الرَّاهِن ضَاعَ الرَّهْن أَو لم يضع وَلَا يحبس الرَّهْن بِالنَّفَقَةِ الحديث: 2022 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 307 وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك نَفَقَة الرَّهْن على الرَّاهِن وَهُوَ قَول الشَّافِعِي إِلَّا أَن مَالِكًا قَالَ إِن أنْفق الْمُرْتَهن كَانَ دينا على الرَّاهِن وَقَالَ الْحسن بن حَيّ نَفَقَة الرَّهْن وعلفه وَكسوته على الْمُرْتَهن قَالَ أَبُو جَعْفَر فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ الظّهْر يركب بِنَفَقَتِهِ إِذا كَانَ مَرْهُونا وَلبن الدّرّ يشرب بِنَفَقَتِهِ إِذا كَانَ مَرْهُونا فَفِي هَذَا الحَدِيث جعل النَّفَقَة على الْمُرْتَهن بَدَلا من مَنَافِعه الَّتِي ينْتَفع بهَا وَقد بَينا أَن ذَلِك مَنْسُوخ فِيمَا تقدم وَالْحسن بن صَالح لَا يخالفهم فِي أَن الْمُرْتَهن لَا يجوز لَهُ الِانْتِفَاع بِالرَّهْنِ فَلَمَّا زَالَ الِانْتِفَاع وَجب أَن تَزُول النَّفَقَة عَن الْمُرْتَهن إِذْ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا جعل النَّفَقَة بَدَلا من الْمَنَافِع قَالَ أَبُو جَعْفَر أما مَا جعل مَالك مَا أنْفق الْمُرْتَهن دينا على الرَّاهِن فَإِنَّهُ بناه على أَصله فِي أَن من قضى دين غَيره بِغَيْر أمره أَنه غير مُتَطَوّع وَيرجع بِهِ وَهَذَا تبطله سنة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي إبرائه الْمَيِّت بِقَضَاء هَذَا المتطوع الَّذِي كَانَ قد أَبى الصَّلَاة عَلَيْهِ ثمَّ لما أدّى قَالَ لَهُ الْآن بردت عَلَيْهِ جلدته فَلَو كَانَ لَهُ أَن يرجع كَانَ قَائِما مقَام الأول وَكَانَ حَاله بعد أَدَائِهِ كَهُوَ قبله وَيدل عَلَيْهِ قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للْمَرْأَة الَّتِي استأذنته فِي الْحَج عَن أَبِيهَا أَرَأَيْت لَو كَانَ على أَبِيك دين فقضيتيه أَكَانَ يقبل قد أَفَادَ هَذَا وُقُوع الْبَرَاءَة بِأَدَائِهِ لَوْلَا ذَلِك لَكَانَ بعد الْأَدَاء كَهُوَ قبله أَلا ترى أَنه قد أَفَادَ سُقُوط الْحَج عَن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 308 أَبِيهَا بِفِعْلِهَا كَذَلِك لما شبهه بِالدّينِ دلّ على سُقُوط الدّين وَبَرَاءَة الْمُؤَدى عَنهُ وَأما قَول زفر إِنَّه إِذا أنْفق بِأَمْر القَاضِي يصير دينا وَيكون الرَّهْن مَحْبُوسًا فَإِنَّهُ خلاف مَا يُوجِبهُ الْقيَاس لِأَن الرَّهْن عقد لَا يَصح إِلَّا بِالتَّرَاضِي وَلم يكن مِنْهُمَا ترَاض بذلك وكما لَا يكون العَبْد رهنا بِالدّينِ الَّذِي يثبت فِي ذمَّته بِإِذن الْمولى 2024 - فِي ضَمَان الرَّهْن قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه وَابْن أبي ليلى وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ الرَّهْن مَضْمُون بِأَقَلّ من قِيمَته وَمن الدّين وَقَالَ الثَّقَفِيّ عَن عُثْمَان البتي مَا كَانَ من رهن ذَهَبا أَو فضَّة أَو ثيابًا فَهُوَ مَضْمُون يترادان الْفضل وَإِن كَانَ عقده أَو حَيَوَانا فَهَلَك فَهُوَ من مَال الرَّاهِن وَالْمُرْتَهن على حَقه إِلَّا أَن يكون الرَّاهِن اشْترط الضَّمَان فَهُوَ على شَرطه وَقَالَ مَالك إِن علم هَلَاكه فَهُوَ من مَال الرَّاهِن وَلَا ينقص من حق الْمُرْتَهن شَيْئا وَإِن لم يعلم هَلَاكه فَهُوَ من مَال الْمُرْتَهن وَهُوَ ضَامِن لقيمته يُقَال لَهُ صفة فَإِذا وَصفه حلف على صفته وَتَسْمِيَة مَاله ثمَّ يقومه أهل الْبَصَر بذلك فَإِن كَانَ فِيهِ فضل عَمَّا سمى فِيهِ أَخذه الرَّاهِن وَإِن كَانَ أقل مِمَّا سمى الرَّاهِن حلف على مَا سمى وَبَطل عَنهُ الْفضل فَإِن أَبى الرَّاهِن أَن يحلف أعْطى الْمُرْتَهن مَا فضل بعد قيمَة الرَّهْن هَذِه رِوَايَة ابْن وهب عَن مَالك الحديث: 2024 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 309 وروى ابْن الْقَاسِم عَنهُ مثل ذَلِك وَقَالَ فِيهِ إِن اشْترط أَن الْمُرْتَهن مُصدق فِي ضيَاعه وَأَن لَا ضَمَان عَلَيْهِ فشرطه بَاطِل وَهُوَ ضَامِن وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا مَاتَ العَبْد فدينه بَاقٍ فَإِن الرَّهْن لَا يغلق قَالَ وَمعنى قَوْله لَا يغلق الرَّهْن أَنه لَا يكون بِمَا فِيهِ إِذا علم وَلَكِن يترادان الْفضل إِذا لم يعلم هَلَاكه وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي قَوْله لَهُ غنمه وَعَلِيهِ غرمه فَأَما غنمه فَإِن كَانَ فِيهِ فضل رد إِلَيْهِ وَأما غرمه فَإِن كَانَ فِيهِ نُقْصَان وفاه إِيَّاه وَقَالَ اللَّيْث الرَّهْن بِمَا فِيهِ إِذا هلك وَلم تقم بَيِّنَة على مَا فِيهِ إِذا اخْتلفَا فِي ثمنه فَإِن قَامَت بَيِّنَة على مَا فِيهِ ترادا الْفضل قَالَ اللَّيْث وَبَلغنِي ذَلِك عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ اللَّيْث إِذا ادّعى الْمُرْتَهن إباق العَبْد أَو انفلات الدَّابَّة فَإِن أعلمهُ صَاحبه عِنْدَمَا أبق أَو انفلتت الدَّابَّة فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ وَيحلف بِاللَّه تَعَالَى أَنه لصَادِق فِيمَا قَالَ فَإِن حلف فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ وَإِن كَانَ الرَّاهِن غَائِبا فَإِنَّهُ يعلم ذَلِك السُّلْطَان أَو يشْهد عَلَيْهِ فَيكون ذَلِك بَرَاءَة لَهُ وَإِن ادعِي موتا من العَبْد أَو الدَّابَّة لم تقم الْبَيِّنَة فَهُوَ ضَامِن لِأَن الْمَوْت يكون ظَاهرا مَعْلُوما وَقَالَ الشَّافِعِي هُوَ أَمَانَة لَا ضَمَان عَلَيْهِ فِيهِ بِحَال إِذا هلك سَوَاء كَانَ هَلَاكه ظَاهرا أَو خفِيا وَاحْتج بِحَدِيث ابْن أبي ذِئْب عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا يغلق الرَّهْن من صَاحبه الَّذِي رَهنه لَهُ غنمه وَعَلِيهِ غرمه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 310 قَالَ الشَّافِعِي وَوَصله ابْن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثله أَو مثل مَعْنَاهُ من حَدِيث ابْن أبي أنيسَة قَالَ أَبُو جَعْفَر وَمن أعجب الْعجب ذكره لِابْنِ أبي أنيسَة وَهُوَ يحيى لَا زيد لِأَن يحيى لَيْسَ مِمَّن يلْتَفت إِلَى حَدِيثه وَلَا يحْتَج بِمثلِهِ وَمن مذْهبه أَنه لَا يقبل زِيَادَة غير حَافظ على حَافظ فقد قيل زِيَادَة يحيى بن أبي أنيسَة على جمَاعَة حفاظ مِنْهُم مَالك بن أنس وَغَيره من أَصْحَاب الزُّهْرِيّ الَّذين تقوم بهم الْحجَّة عِنْده ثمَّ أضَاف جَمِيع مَا ذكره فِي هَذَا الحَدِيث إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا هُوَ لَا يغلق الرَّهْن دون مَا سواهُ مِمَّا فِيهِ وبقيته من كَلَام سعيد بن الْمسيب بِغَيْر حِكَايَة مِنْهُ إِيَّاه عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَمَا حَدثنَا يُونُس قَالَ حَدثنَا ابْن وهب أَنه سمع مَالِكًا وَيُونُس وَابْن أبي مليكَة وَابْن أبي ذِئْب يحدثُونَ عَن ابْن شهَاب عَن ابْن الْمسيب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا يغلق الرَّهْن وَقَالَ يُونُس بن يزِيد قَالَ ابْن شهَاب وَكَانَ ابْن الْمسيب يَقُول الرَّهْن مِمَّن رَهنه لَهُ غنمه وَعَلِيهِ غرمه وَقد روى عبد الرَّحْمَن بن أبي الزِّنَاد عَن أَبِيه عَن سعيد بن الْمسيب وَعُرْوَة وَالقَاسِم بن مُحَمَّد وَأبي بكر بن عبد الرَّحْمَن وخارجة بن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 311 زيد وَعبيد الله بن عبد الله وَغَيرهم أَنهم قَالُوا الرَّهْن بِمَا فِيهِ إِذا هلك وعميت قِيمَته وَيرْفَع ذَلِك مِنْهُم الثِّقَة إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَهَذَا الْمَذْهَب عَن ابْن الْمسيب خلاف مَا تَأَوَّلَه الشَّافِعِي فِي هَذَا الحَدِيث وَدلّ على أَن قَوْله لَا يغلق الرَّهْن هُوَ خلاف ضيَاعه وَقد روى أَيْضا شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن الزُّهْرِيّ قَالُوا قَالَ سعيد بن الْمسيب قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يغلق الرَّهْن فبذلك يمْنَع صَاحب الرَّهْن أَن يبتاعه من الَّذِي رَهنه عِنْده حَتَّى يُبَاع من غَيره وَقَوله فبذلك يمْنَع صَاحب الرَّهْن أَن يبتاعه من الَّذِي رَهنه إِنَّمَا هُوَ من كَلَام سعيد بن الْمسيب وَالزهْرِيّ وتأوله على أَنه لَيْسَ هُوَ فِي حَال ضيَاعه وَإِنَّمَا هُوَ فِي حَال سَلَامَته وَمن مَذْهَب الشَّافِعِي أَن من روى حَدِيثا فَهُوَ أعلم بتأويله فَجعل قَول عَمْرو بن دِينَار دِينَار فِي الشَّاهِد وَالْيَمِين أَنه فِي الْأَمْوَال حجَّة فِي أَن لَا يقْضِي بِهِ فِي غير الْأَمْوَال فَلَزِمَهُ مثله فِيمَا وصفناه وَقد روى عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَطَاوُس أَنهم كَانُوا يرهنون وَيَقُولُونَ إِن جئْتُك بِالْمَالِ إِلَى وَقت كَذَا وَإِلَّا فَهُوَ لَك فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يغلق الرَّهْن وتأوله على ذَلِك أَيْضا مَالك وسُفْيَان وَقَالَ أَبُو عبيد لَا يجوز فِي كَلَام الْعَرَب أَن يُقَال الرَّهْن إِذا ضَاعَ قد غلق إِنَّمَا يُقَال غلق إِذا اسْتَحَقَّه الْمُرْتَهن فَذهب بِهِ وَكَانَ هَذَا من فعل الجزء: 4 ¦ الصفحة: 312 الْجَاهِلِيَّة فأبطله النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقوله لَا يغلق الرَّهْن قَالَ أَبُو جَعْفَر رُوِيَ عَن عمر بن الْخطاب أَنه جعله مَضْمُونا بِأَقَلّ من قِيمَته وَمن الدّين وروى عبد الْأَعْلَى الثَّعْلَبِيّ عَن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة أَن عليا رَضِي الله عَنهُ قَالَ إِذا رهن رهنا فَقَالَ الْمُعْطِي لَا أقبله إِلَّا بِأَكْثَرَ مِمَّا أُعْطِيك فَضَاعَ رد عَلَيْهِ الْفضل وَإِن رَهنه وَهُوَ أَكثر مِمَّا أعطَاهُ بِطيب نفس من الرَّاهِن فَضَاعَ فَهُوَ بِمَا فِيهِ وروى قَتَادَة عَن خلاس عَن عَليّ قَالَ إِذا كَانَ فِي الرَّهْن فضل فأصابته جَائِحَة فَهُوَ بِمَا فِيهِ وَإِن لم تصبه جَائِحَة واتهم فَإِنَّهُ يرد الْفضل قَالَ أَبُو جَعْفَر فَهَذَا يدل على أَن الغلق الَّذِي نَفَاهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ على الضّيَاع وَأَيْضًا قَالَ الله تَعَالَى {فَإِن أَمن بَعْضكُم بَعْضًا فليؤد الَّذِي اؤتمن أَمَانَته} بعد قَوْله {وَإِن كُنْتُم على سفر وَلم تَجدوا كَاتبا فرهان مَقْبُوضَة} فَدلَّ على أَن الرَّهْن لَيْسَ بأمانة لِأَنَّهُ لَو كَانَ أَمَانَة لما كَانَ لَهُ منع الرَّهْن مِنْهُ بقوله {فليؤد الَّذِي اؤتمن أَمَانَته} وَإِذا ثَبت أَنه مَضْمُون لم يجز أَن يضمن بِالدّينِ إِذا كَانَ الرَّهْن أقل مِنْهُ كالغصب لما كَانَ مَضْمُونا مَعَ التَّعَدِّي لم يضمن بِأَكْثَرَ من الْقيمَة فالرهن بذلك أولى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 313 2025 - فِي جِنَايَة العَبْد الرَّهْن قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه إِذا قتل العَبْد الرَّهْن رجلا خطأ وَقِيمَة العَبْد أَلفَانِ وَالَّذِي خُوطِبَ الْمولى وَالْمُرْتَهن جَمِيعًا فِيهِ بِالدفع أَو الْفِدَاء رد ألف فَإِن دفعا بَطل الدّين وَإِن فديا فالفداء عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ وَهُوَ رهن على حَاله وَإِن كَانَت قيمَة الرَّهْن مثل الدّين فالفداء على الْمُرْتَهن خَاصَّة فَإِن قَالَ لَا أفدي فدَاه الرَّاهِن وَبَطل الدّين وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك الْفِدَاء على الرَّاهِن فَإِن أبي أَن يفْدِيه فدَاه الْمُرْتَهن وَرجع على الرَّاهِن بِمَا فدَاه بِهِ وَلم يَأْخُذ الرَّهْن حَتَّى يدْفع إِلَيْهِ الْفِدَاء وَالدّين جَمِيعًا فَإِن أَبى سَيّده أَن يَأْخُذهُ بيع فبدىء بِمَا افتداه بِهِ الْمُرْتَهن من الْجِنَايَة وَلَا يُبَاع حَتَّى يحل أجل الدّين فَإِن اجْتمعَا على دفع العَبْد بِالْجِنَايَةِ كَانَ دين الْمُرْتَهن بَاقِيا بِحَالهِ قَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي يُقَال للْمولى إِن فديته بِالْجِنَايَةِ فَأَنت مُتَطَوّع وَهُوَ رهن فَإِن لم يفعل بيع فِي جِنَايَته وَإِن تطوع بهَا الْمُرْتَهن لم يرجع بهَا على الْمولى وَإِن فدَاه بأَمْره على أَن يكون رهنا مَعَ الْحق الأول فَجَائِز قَالَ أَبُو جَعْفَر قد بَينا أَن الرَّهْن مَضْمُون فَيلْزم الْمُرْتَهن بِمِقْدَار الْمَضْمُون مِنْهُ وَيلْزم الرَّاهِن بِحِصَّة الْأَمَانَة الحديث: 2025 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 314 2026 - فِي رهن الْعَارِية قَالَ أَصْحَابنَا إِذا اسْتعَار عبدا ليرهنه فِي دينه فرهنه ضمن بِمِقْدَار مَا سقط من دينه عِنْد الْهَلَاك وَهُوَ بِمَنْزِلَة من قضى دين غَيره بأَمْره فَيرجع بِهِ عَلَيْهِ قَالَ وَإِن شَرط أَن يرهنه بِشَيْء فرهنه بِأَقَلّ أَو بِأَكْثَرَ أَو بِغَيْر جنس مَا سمى ضمن قِيمَته كلهَا لِأَنَّهُ مُخَالف وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا هلك الرَّهْن ضمن فِي الْموضع الَّذِي يسْقط بِهِ الدّين وَلَا يضمن للْمُعِير شَيْئا إِذا لم يسْقط شَيْئا من دينه بِأَن يكون هَلَاكه ظَاهرا وَإِن رَهنه بِغَيْر مَا سمى ضمن وَقَول الثَّوْريّ مثل قَوْلنَا أَيْضا وَقَالَ الشَّافِعِي فِيمَا ذكر عَنهُ الرّبيع قَوْلَيْنِ أَحدهمَا أَن الْمُسْتَعِير يضمن للْمُعِير كَمَا يضمن الْعَارِية وَالْآخر أَنه لَا يضمن لِأَن خدمته لسَيِّده وَالرَّهْن فِي عُنُقه كضمان سَيّده عَن الرَّاهِن 2027 - فِي عَارِية الرَّهْن قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا أعَار الْمُرْتَهن الرَّاهِن العَبْد فَقَبضهُ الرَّاهِن واستخدمه فَلهُ أَن يردهُ إِلَى يَده الحديث: 2026 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 315 وَقَالَ مَالك فِيمَا حَكَاهُ ابْن الْقَاسِم إِذا أَعَارَهُ الرَّاهِن خرج من الرَّهْن وَلم يكن لَهُ أَن يردهُ إِلَى يَده بعد ذَلِك وَهُوَ أُسْوَة الْغُرَمَاء فِيهِ وَقَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي وَلَو أكرى الرَّهْن من صَاحبه أَو أَعَارَهُ لم يَنْفَسِخ الرَّهْن قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا نعلم خلافًا أَنه لَو أودعهُ الرَّاهِن كَانَ لَهُ أَن يردهُ إِلَى يَده كَذَلِك الْعَارِية لِأَن ذَلِك لَا يثبت لَهُ حَقًا فِيهِ وَأما الْإِجَارَة فَفِيهَا إِثْبَات حق للْمُسْتَأْجر لَا يُمكن المؤاجر وإبطاله فَيبْطل الرَّهْن بِالْإِجَارَة بأذن الرَّاهِن 2028 - فِيمَن عَلَيْهِ دينان فَقضى أَحدهمَا قَالَ أَصْحَابنَا فِيمَن عَلَيْهِ دينان من جنس وَاحِد وبأحدهما رهن وَلَيْسَ بِالْآخرِ رهن أَو بِكُل وَاحِد رهن أَو كَفَالَة فَقضى بعض المَال وَهُوَ من هَذَا فَالْقَوْل قَوْله فِيمَا قضى وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك يكون مِنْهُمَا جَمِيعًا قَالَ أَبُو جَعْفَر لما كَانَ لنا أَن نقضي أَيهمَا شِئْنَا رَجَعَ إِلَى قَوْله دون قَول الْمقْضِي وَلَا يخْتَلف فِي ذَلِك حَال الْقَضَاء وَبعده 2029 - فِي الْعدْل هَل يَبِيع دون السُّلْطَان قَالَ أَصْحَابنَا إِذا رهن الرجل رهنا وَوَضعه على يَدي عدل فَهُوَ جَائِز وَإِن سلطه على بَيْعه فبيعه جَائِز وَعَلِيهِ الْعهْدَة وَإِن أبي أَن يَبِيع وَقد شَرط ذَلِك فِي أصل الرَّهْن أجْبرهُ القَاضِي على البيع الحديث: 2028 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 316 وَقَالَ مَالك إِذا شَرط عَلَيْهِ البيع لم يَبِعْهُ دون السُّلْطَان سَوَاء كَانَ على يَد الْعدْل أَو الْمُرْتَهن قَالَ ابْن الْقَاسِم وَبَلغنِي عَن مَالك أَنه قَالَ وَإِن بيع نفذ البيع وَلم يرد قَالَ مَالك وَإِن لم يشْتَرط أَنه يَبِيعهُ إِذا حل الْأَجَل فَإِنَّهُ إِذا حل الْأَجَل رَفعه إِلَى السُّلْطَان فَإِن وفاه حَقه وَإِلَّا بَاعَ لَهُ الرَّهْن فأوفاه حَقه وَقَالَ اللَّيْث إِذا شَرط بيع الْعدْل عَلَيْهِ جَازَ بَيْعه دون السُّلْطَان وَإِن كَانَ الرَّهْن على يَدي الْمُرْتَهن لَا أرى لَهُ بَيْعه دون السُّلْطَان حَتَّى يكون السُّلْطَان الَّذِي يَبِيعهُ فِي حَقه وَقَالَ الْحسن بن حَيّ يُعجبنِي أَن يكون الَّذِي يَبِيع الرَّهْن غير الْمُرْتَهن فَإِن عجل الْمُرْتَهن فَبَاعَ جَازَ وَقَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي لَو شَرط للْمُرْتَهن إِذا حل الْحق أَن يَبِيع لم يجز أَن يَبِيعهُ لنَفسِهِ إِلَّا بِأَن يحضرهُ رب الْحق فَإِن امْتنع أَمر الْحَاكِم بِبيعِهِ وَلَو كَانَ الشَّرْط للعدل جَازَ بَيْعه مَا لم يفسخا أَو أَحدهمَا وكَالَته وَقَالَ أَبُو جَعْفَر لَا معنى لاعْتِبَار السُّلْطَان كَسَائِر الوكالات بِالْبيعِ وكالوصايا 2030 - فِي ضيَاع الثّمن من يَد الْعدْل قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه إِذا بَاعَ الْعدْل الرَّهْن وَقبض الثّمن وَقَالَ قد ضَاعَ فقد بَطل الدّين الحديث: 2030 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 317 وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا دفع الْمُرْتَهن الرَّهْن إِلَى السُّلْطَان أَقَامَ السُّلْطَان رجلا يَبِيع ذَلِك الرَّهْن فَبَاعَهُ وَضاع الثّمن فِي يَده فَلَا ضَمَان على الْمَأْمُور وَقد قَالَ مَالك فِي الْمُفلس إِذا بَاعَ السُّلْطَان مَاله للْغُرَمَاء فَضَاعَ الثّمن أَن الضّيَاع من الْغُرَمَاء فَكَذَلِك هَذِه الْمَسْأَلَة إِذا ضَاعَ الثّمن فَهُوَ من الْمُرْتَهن إِن ضَاعَ قبل أَن يقبضهُ وَقَالَ أَشهب الضّيَاع من مَال الْغَرِيم وَقَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي ضيَاع الثّمن من الرَّاهِن دون الْمُرْتَهن قَالَ أَبُو جَعْفَر الثّمن بِمَنْزِلَة الرَّهْن فضياعه على الْمُرْتَهن كضياع الرَّهْن نَفسه فِي يَد الْعدْل 2031 - فِي قَول الْعدْل دفعت الثّمن إِلَى الْمُرْتَهن قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قَالَ الْعدْل قد دفعت الثّمن إِلَى الْمُرْتَهن فَالْقَوْل قَوْله مَعَ يَمِينه قَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك فِيمَن أمره السُّلْطَان بِبيع الرَّهْن وَأَن يدْفع إِلَى الْمُرْتَهن حَقه فَقَالَ قد دفعت إِلَى الْمُرْتَهن حَقه فَالْقَوْل قَول الْمُرْتَهن وَقَالَ الرّبيع عَن الشَّافِعِي إِذا قَالَ الْعدْل دفعت الثّمن إِلَى الْمُرْتَهن لم يصدق إِلَّا بِبَيِّنَة قَالَ أَبُو جَعْفَر وَهَذَا مَبْنِيّ على أصلهم فِي كَونه مَضْمُونا أَو أَمَانَة فَيكون بِمَنْزِلَة ضيَاعه فِي يَده الحديث: 2031 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 318 2032 - فِي اخْتلَافهمْ فِي الثّمن قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه إِذا تصادقوا على البيع فَقَالَ الْعدْل بِعْت بِمِائَة وأعطيتك وَهُوَ مائَة وَالدّين مائَة وَقَالَ الْمُرْتَهن بِعته بِخَمْسِينَ وأعطيتنيها فَالْقَوْل قَول الْمُرْتَهن مَعَ يَمِينه وَكَذَلِكَ لَو توى الثّمن على المُشْتَرِي وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك القَوْل قَول الْمُرْتَهن أَنه قبض خمسين وَالْعدْل ضَامِن بِخَمْسِينَ كَرجل دفع إِلَى رجل مائَة دِرْهَم ليدفعها إِلَى رجل من حق لَهُ عَلَيْهِ فَقَالَ دفعتها إِلَيْهِ وَقَالَ الَّذِي أَمر بِأَن يَدْفَعهَا إِلَيْهِ لم تدفع إِلَّا خمسين أَنه ضَامِن للخمسين وَهُوَ قَول مَالك قَالَ أَبُو جَعْفَر الرَّاهِن يَدعِي قَضَاء الدّين فَالْقَوْل قَول الْمُرْتَهن فِيمَا اقْتَضَاهُ أخر الرَّهْن الحديث: 2032 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 319 = كتاب الْقِسْمَة = 2033 - فِي القَاضِي هَل يقسم بِظُهُور الْيَد دون ثُبُوت الْملك عِنْده قَالَ أَبُو حنيفَة فِي أَرض أَو عقار فِي يَدي رجلَيْنِ أَرَادَا من القَاضِي قسمتهَا بَينهمَا لم يقسمها حَتَّى يُقِيمَا الْبَيِّنَة أَنَّهَا لَهما وكل شَيْء كَانَ فِي أَيْدِيهِمَا سوى الْعقار إِذا ادّعَيَا أَنه لَهما فأرادا قسمته وَذكر ذَلِك فِي الْجَامِع الصَّغِير وَلم يذكر خلافًا قَالَ أَبُو جَعْفَر هَذَا هُوَ قَول أبي حنيفَة خَاصَّة وَإِنَّمَا يَقُول ذَلِك فِي الْمِيرَاث فَأَما إِذا ادّعَيَا ملك ذَلِك من غير جِهَة الْمِيرَاث فَإِنَّهُ يقسمهُ بَينهمَا وَإِن لم يُقِيمَا بَيِّنَة على الْملك قد بَينه فِي كتاب الْقِسْمَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يقسم ذَلِك كُله بَينهمَا الْمِيرَاث وَغَيره بقولهمَا دون الْبَيِّنَة وَقَول زفر فِي ذَلِك كَقَوْل أبي حنيفَة الحديث: 2033 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 321 وَقَالَ مَالك فِي الشِّرَاء وَالْمِيرَاث يقسم ذَلِك كُله بَينهم ويعزل نصيب غَائِب إِن كَانَ فيهم وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يقسم شَيْء مِمَّا يقسم بقولهمَا إِلَّا بِبَيِّنَة لِأَن ذَلِك حكم مِنْهُ قَالَ أَبُو جَعْفَر يَنْبَغِي أَن لَا يخْتَلف حكم الْمِيرَاث وَغير الْمِيرَاث وَأَن يقسم جَمِيع ذَلِك بَينهم بإقرارهم فَيكون قَضَاء على الْحَاضِرين دون غَيرهم 2034 - فِي أحد الشَّرِيكَيْنِ إِذا طلب الْقِسْمَة وأبى الآخر قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه إِذا كَانَ بَيت صَغِير بَين رجلَيْنِ لَو قسم انْتفع أَحدهمَا بِنَصِيبِهِ وَلم ينْتَفع الآخر وَطلب صَاحب النَّصِيب الْكثير الْقِسْمَة قسمته وَكَذَلِكَ إِن طلبَهَا الآخر وَإِن كَانَ وَاحِدًا مِنْهُمَا لَا ينْتَفع بِنَصِيبِهِ لم أقسمه حَتَّى يجتمعا وَمَا كَانَ فِي قسمته ضَرَر نَحْو الثَّوْب وَالْحمام والحائط لم أقسمه حَتَّى يجتمعا فَإِذا اجْتمعَا قسمته وَإِن اقْتَسمَا ثوبا فشقاه نفذه وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَالْحسن بن حَيّ إِذا كَانَ أَحدهمَا لَا ينْتَفع بِنَصِيبِهِ لم أقسمه وَإِن كَانَ الآخر ينْتَفع بِهِ وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه فِيمَا لَا يَنْقَسِم لَا يجْبر وَاحِد مِنْهُمَا على البيع الحديث: 2034 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 322 وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك فِي الْعَرَصَة وَالْقلب المزرع يقسم إِذا طلب أحدهم الْقِسْمَة وَإِن لم ينْتَفع بِهِ وَاحِد مِنْهُم وَقَالَ فِيمَا لَا يَنْقَسِم من الدَّوَابّ وَالرَّقِيق فَإِنَّهُ إِذا طلب أَحدهمَا البيع بيع عَلَيْهِم إِن أَحبُّوا أَو كَرهُوا إِلَّا أَن يُرِيد الَّذين كَرهُوا البيع أَن يَأْخُذُوا ذَلِك بِمَا يُعْطون بِهِ فَيكون لَهُم ذَلِك قَالَ ابْن الْقَاسِم وَكَذَلِكَ فِيمَا لَا يَنْقَسِم من الْمنَازل والدور والحمامات وَغير ذَلِك مِمَّا يكون فِي قسمته ضَرَر وَلَا ينْتَفع بِمَا يقسم مِنْهُ فَإِنَّهُ يُبَاع وَيقسم ثمنه قَالَ وَقَالَ مَالك فِي الْحمام بَين الشُّرَكَاء أَنه يقسم قَالَ ابْن الْقَاسِم وَأرى الْحَائِط يقسم قَالَ وَقَالَ مَالك لَا يقسم الْحَائِط وَالطَّرِيق إِلَّا إِن يتراضى الْوَرَثَة على قسمته وَأما الْحمام فَهُوَ عَرصَة كالبيت الصَّغِير وَقَالَ اللَّيْث مَا كَانَ يَنْقَسِم فَإِنَّهُ يَنْقَسِم ولايباع وَمَا كَانَ من دَار لَا يقسم وَالْحمام والحانوت فانه يُبَاع فَيقسم الثّمن إِلَّا إِن يَشْتَرِيهِ بعض الشُّرَكَاء بأغلى مَا يُوجد من الثّمن فَيكون أولى وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا كَانَ وَاحِد مِنْهُم وَاحِد مِنْهُم ينْتَفع بِنَصِيبِهِ قسمته وَإِن لم ينْتَفع الْبَاقُونَ بِمَا يصير لَهُم إِلَّا أَن يَكُونُوا إِن اجْتمع الْبَاقُونَ انتفعوا الْجَمِيع فيجتمع الجزء: 4 ¦ الصفحة: 323 قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ أَن الثَّوْب لَا يقسم حَتَّى يجتمعوا جَمِيعًا على قسمته وَإِن كَانَ لأَحَدهمَا نصيب ينْتَفع بقسمته إِذا كَانَ فِيهِ ضَرَر على الآخر كَذَلِك الْقيَاس فِي كل شَيْء فِي قسمته ضَرَر على أحدهم يَنْبَغِي أَن لَا يقسم إِلَّا بِالتَّرَاضِي وَأما قَول مَالك فِي البيع عَلَيْهِم ففاسد لقَوْل الله تَعَالَى {إِلَّا أَن تكون تِجَارَة عَن ترَاض مِنْكُم} 2035 - فِي قسْمَة الدّور بَعْضهَا فِي بعض قَالَ أَبُو حنيفَة وَزفر يقسم كل دَار وضيعة على حِدة وَلَا يقسم بَعْضهَا فِي بعض وَهُوَ قَول الشَّافِعِي فِيمَا رَوَاهُ الرّبيع عَنهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِن كَانَ الْأَفْضَل قسْمَة كل شَيْء على حِدة فعل وَإِن رأى أَن يجمع نصيب كل وَاحِد فعل وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك فِي الدّور والقرى المتباعدة أَنه يقسم كل شَيْء على حِدة وَإِن كَانَت قرى مُتَقَارِبَة جمعت الدّور أَو الْقرى فَيقسم بَعْضهَا فِي بعض مَالك يجمع الْعَالِيَة والسافلة والبعل مَعَ الْعُيُون إِذا تسامت وَلَا يجمع البعل مَعَ النَّضْح إِذا كَانَت الْقرى مُتَقَارِبَة وَفِي رَغْبَة النَّاس سَوَاء جمعت وَإِن كَانَ بَينهمَا الْيَوْم واليومان لم أجمع وَإِن كَانَت الرَّغْبَة وَاحِدَة قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ أَن الثِّيَاب لَا تقسم مَعَ الدّور كَذَلِك الدّور لَا تقسم بَعْضهَا فِي بعض وَلَا يَخْتَلِفُونَ أَن دَارا بَين رجلَيْنِ لَو طلب أَحدهمَا قسْمَة نَاحيَة مِنْهَا دون الْبَقِيَّة من الدَّار أَنَّهَا لَا تقسم فَدلَّ أَن كل واحده من الحديث: 2035 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 324 الدّور مُعْتَبرَة بِنَفسِهَا دون غَيرهَا أَلا ترى أَن كل وَاحِدَة مِنْهَا قد يتَعَلَّق بهَا حق الشُّفْعَة دون الْأُخْرَى 2036 - فِي قسْمَة الْأَنْصِبَاء الْمُخْتَلفَة قَالَ مُحَمَّد إِذا ورث ابْنَانِ وابنتان دَارا وَأَرَادُوا الْقِسْمَة فَإِن جعلهَا الْقَاسِم سِتَّة أَجزَاء اثْنَيْنِ لكل جُزْء فَإِذا خرج سهم أحدهم أَخذه من مقدم الدَّار ثمَّ الَّذِي يَلِيهِ إِلَى جَانِبه ثمَّ الَّذِي يَلِيهِ إِلَى جَانب الآخر حَتَّى تخرج السِّهَام وَإِن لم يَجْعَلهَا سِتَّة أجراء وَلكنه يذرعها ويقومها فَإِذا خرج سهم رجل ذرع لَهُ من مقدم الدَّار حَتَّى يَسْتَوْفِي نصِيبه ثمَّ إِذا خرج سهم آخر ذرع لَهُ مِمَّا يَلِيهِ بِقدر مَا نصِيبه من الذرع وَالْقيمَة حَتَّى يَسْتَوْفِي ثمَّ كَذَلِك من بعده جَازَ ذَلِك أَيْضا قَالَ وأفضلهما عِنْدِي أَن يفردوا كل سهم وَقَالَ بشر عَن أبي يُوسُف قَالَ تصور الدَّار فِي صُورَة وَيعرف مَا حولهَا وَمَا كَانَ مِنْهَا إِلَى الطَّرِيق أَو إِلَى دَار أَو شرب أَو مسيل وَيقوم السهْم الأول فِي مَوضِع كَذَا ثمَّ ينظر إِلَى أَكثر السِّهَام إِن وَقع هُنَالك كَيفَ يكون مَوْضِعه وَمَا على صَاحبه وكس حَتَّى يفضل ذَلِك من الدَّار وَينظر إِلَى أقل السِّهَام إِن وَقعت فِيهِ هَل لصَاحبه فِيهِ مسكن أَو هَل ينْتَفع بِهِ فَإِن استقام الحديث: 2036 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 325 أَقرع وَإِن رأى خللا لَا يَسْتَقِيم مَعَ الْقِسْمَة أدارها على وَجه آخر حَتَّى يَسْتَقِيم وَلَا يَجْعَل لبَعْضهِم على بعض طَرِيق وَلَا سَبِيل إِن قلدنا وَسمعت أَبَا خازم قَالَ قَالَ هِلَال بن يحيى سَأَلت أَبَا يُوسُف عَن أَرض بَين رجلَيْنِ تكون عشرَة أجربة مِنْهَا لأَحَدهمَا تِسْعَة أجربة وَللْآخر جريب وَاحِد فَكَانَت إِن قسم كل جريب مِنْهَا على حياله كَانَت قيمَة كل جريب مِنْهَا عشر قيمَة الأَرْض فَإِذا ضم شَيْء من الأجربة إِلَى شَيْء زَادَت قِيمَته بِالضَّمِّ فَيصير لصَاحب التِّسْعَة الأجربة حِينَئِذٍ أَكثر من تِسْعَة أعشار قيمَة الضَّيْعَة كَيفَ تقسم قَالَ لَا يقسمها كَذَلِك وَلَكِن يقسم لصَاحب الجريب بِحقِّهِ قِطْعَة من هَذِه الأَرْض قيمتهَا تسع قيمَة التِّسْعَة الأعشار الْبَاقِيَة مِنْهَا قَالَ أَبُو خازم وَهَذَا قَول صَحِيح وَقَالَ مَالك فِيمَا ذكره عَنهُ ابْن الْقَاسِم تقسم الدَّار على سهم أقلهم نَصِيبا وَقَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي تقسم على أقلهم نَصِيبا ويقرع على السِّهَام فَيقسم لمن خرج سَهْمه أَولا السهْم الأول ثمَّ الثَّانِي ثمَّ الثَّالِث قَالَ أَبُو جَعْفَر أولى ذَلِك مَا ذكره هِلَال عَن أبي يُوسُف ليستوفي كل وَاحِد نصِيبه بِلَا نقص وَلَا زِيَادَة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 326 2037 - فِي أُجْرَة الْقَاسِم روى الْحسن بن زِيَاد عَن أبي حنيفَة وَزفر أَن أحد الشُّرَكَاء إِذا طلب الْقِسْمَة وأبى الْآخرُونَ أَن القَاضِي يَأْمُرهُ بِالْقِسْمَةِ وَتَكون أُجْرَة الْقَاسِم على الَّذِي طلبَهَا دون من لم يطْلبهَا وَقَالَ أَبُو يُوسُف عَلَيْهِم جَمِيعًا من أرادها وَمن لم يردهَا على عدد رؤوسهم وَهُوَ قَول الْحسن وَمَالك وَالشَّافِعِيّ قَالَ أَبُو جَعْفَر لما أجبروا عَلَيْهَا كَانَت الْقِسْمَة وَاقعَة لَهُم جَمِيعًا لحقوق بعض على بعض فَتكون الْأُجْرَة عَلَيْهِم جَمِيعًا 2038 - فِي قسْمَة السّفل والعلو قَالَ أَبُو حنيفَة يحْسب فِي الْقِسْمَة السّفل ذِرَاع بذراعين من الْعُلُوّ وَقَالَ أَبُو يُوسُف يحْسب الْعُلُوّ بِالنِّصْفِ من السّفل بِالنِّصْفِ فَينْظر كم جملَة ذرع كل وَاحِد مِنْهُمَا فيطرح من ذَلِك النّصْف وَقَالَ مُحَمَّد تقسم الْقيمَة على حسب الْمَوَاضِع الحديث: 2037 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 327 وَقَالَ مَالك يجوز أَن يقتسموا على أَن يَأْخُذ أَحدهمَا السّفل وَيَأْخُذ الآخر الْعُلُوّ وَقَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي لَا يجوز أَن يَجْعَل فِي الْقِسْمَة لأَحَدهمَا سفلا وَللْآخر علوه إِلَّا أَن يكون علوه وسفله لوَاحِد وَحكى عَنهُ الْمُزنِيّ أَيْضا لَو اشْترى علو بَيت على أَن يَبْنِي على جدرانه ويسكن على سطحه أجزت ذَلِك إِذا سمى مُنْتَهى الْبُنيان لِأَنَّهُ لَيْسَ كالأرض فِي احْتِمَاله مَا يَبْنِي عَلَيْهِ قَالَ الْمُزنِيّ وَهَذَا غير مَا ذكره فِي الْقِسْمَة قَالَ أَبُو جَعْفَر قد يكون بَينهمَا سفل بِلَا علو وعلو بِلَا سفل فَتجب الْقِسْمَة إِذا لم يكن فِيهِ ضَرَر وَكَذَلِكَ السّفل الَّذِي لَهُ علو تجوز الْقِسْمَة عَلَيْهِ على أَن يكون السّفل لأَحَدهمَا والعلو للْآخر بِالْقيمَةِ 2039 - فِي الرَّد فِي الْقيمَة قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه وَمَالك تجوز الْقِسْمَة فِي دَار أَو أَرض بَينهم على أَن يَأْخُذ أَحدهمَا طَائِفَة بِعَينهَا وَيرد فضل دَرَاهِم أَو عرُوض على مَا يجوز عَلَيْهِ الْبياعَات وروى عَن أبي يُوسُف أَنه كره رد الدَّرَاهِم وَلِأَنَّهُ يجوز أَن يَمُوت قبل الحديث: 2039 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 328 إِن يُؤَدِّي الدَّرَاهِم فَيصير غريما من الْغُرَمَاء فَإِن كَانُوا كبارًا أَو رَضوا بذلك جَازَ وَلَا يقبض الَّذِي رد الدَّرَاهِم نصِيبه حَتَّى يبعد وَقَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي وَإِذا كَانَ فِي الْقِسْمَة رد لم يجز حَتَّى يعلم كل وَاحِد مِنْهُم مَوضِع سَهْمه وَمَا يلْزمه وَيسْقط عَنهُ فَإِذا علمه كَمَا يعلم الْبيُوع الَّتِي تجوز أجزته لَا بِالْقُرْعَةِ قَالَ أَبُو جَعْفَر يجوز الرَّد فِي الْقِسْمَة على السَّبِيل الَّتِي يجوز فِيهَا البيع إِذا جمعت الصَّفْقَة أَشْيَاء مُخْتَلفَة أَلا ترى أَنه لَو اشْترى شِقْصا من دَار وعبدا بِأَلف دِرْهَم جَازَ وَأخذ الشَّفِيع الشّقص بِحِصَّتِهِ دون العَبْد وكما يتَزَوَّج الْمَرْأَة على دِرْهَم وعَلى أَن ترد عَلَيْهِ عبدا فَيكون العَبْد مَبِيعًا كَذَلِك الْقِسْمَة إِذا وَقع فِيهَا الرَّد 2040 - فِي بيع أحد الشَّرِيكَيْنِ لموْضِع مَعْلُوم قَالَ مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة إِذا كَانَت الدَّار بَين رجلَيْنِ فَبَاعَ أَحدهمَا نصف بَيت مِنْهَا مَعْلُوم لم يجز بَيْعه لِأَن فِي هَذَا ضَرَرا على صَاحبه وَلم يذكر خلافًا بَينهم وَقَالَ بشر عَن أبي يُوسُف البيع جَائِز لَا تنقض الْقِسْمَة وَقد يكون وَقد لَا يكون وَإِذا أَو صى الشَّرِيك بِبَيْت مِنْهَا بِعَيْنِه لرجل ثمَّ مَاتَ قسمت الدَّار فَإِن وَقع الْبَيْت فِي نصيب الْمُوصى كَانَ لصَاحب الْوَصِيَّة وَإِن وَقع فِي نصيب الآخر كَانَ لصَاحب الْوَصِيَّة مثل ذرع الْبَيْت كُله فِي قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف الحديث: 2040 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 329 وَقَالَ مُحَمَّد لَهُ نصف الْبَيْت إِن وَقع فِي نصيب الْمُوصي وَإِن وَقع فِي نصيب الآخر كَانَ لَهُ مثل نصف ذرعه وَلَو أقرّ أَحدهمَا بِبَيْت مِنْهَا بِعَيْنِه لرجل إِذا قسمت الدَّار فَإِن وَقع الْبَيْت فِي نصيب الْمقر سلمه إِلَيْهِ وَإِن وَقع فِي نصيب الآخر ضرب فِي نصيب الْمقر بِمثل ذرع الْبَيْت وَضرب للْمقر بِنصْف مَا بَقِي من الدَّار بعد الْبَيْت وَلَا يجوز إِقْرَاره على شَرِيكه وَهُوَ قَول مُحَمَّد أَيْضا وَلم يذكر خلافًا وَكَذَلِكَ روى الْحسن عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة إِلَّا أَنه قَالَ فِي الْإِقْرَار إِذا لم يَقع الْبَيْت فِي حِصَّة الْمقر يضْرب للْمقر لَهُ بِنصْف قيمَة الْبَيْت قَالَ وَلَو كَانَ عدل نظر بَين رجلَيْنِ فَأقر أَحدهمَا بِثَوْب مِنْهُ لرجل جَازَ وَلَا يشبه هَذَا الدَّار الْوَاحِدَة لِأَنَّهُ لَا ضَرَر فِيهِ على الْمُنكر وَكَذَلِكَ الرَّقِيق وَالْحَيَوَان وَقَالَ الْحسن بن زِيَاد عَن أبي يُوسُف يَنْبَغِي فِي قَوْله أَن تكون الدَّار وَالْحَيَوَان وَالْعرُوض سَوَاء أَلا ترى أَنه لَو بَاعَ نصف كل شَاة على حِدة لم يسْتَطع شَرِيكه أَن يجمع لَهُ نصِيبه فِي جَمِيع الْغنم فَهَذَا فِي الْغنم أَكثر ضَرَرا على الشَّرِيك من الدَّار فَكيف يَخْتَلِفَانِ وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك فِي دَار بَين رجلَيْنِ بَاعَ أَحدهمَا نصفا مِنْهَا بِعَيْنِه أَن شَرِيكه إِن أحب أَن يَأْخُذ مَا بَاعَ وَيدْفَع إِلَى المُشْتَرِي نصف الثّمن الَّذِي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 330 اشْترى بِهِ المُشْتَرِي فَذَلِك لَهُ وَهَذَا النّصْف الثّمن الَّذِي يدْفع إِلَيْهِ إِنَّمَا هُوَ من حِصَّة شريكة لِأَن البيع إِنَّمَا يجوز فِي حِصَّة شَرِيكه وَلَا يجوز فِي حِصَّته إِلَّا أَن يُجِيزهُ فَإِن لم يجزه فِي نصِيبه رَجَعَ المُشْتَرِي على البَائِع بِنصْف الثّمن وَقَالَ اللَّيْث فِي بعض الشُّرَكَاء إِذا أعتق رَقِيقا بَينهم أَنه يقسم الرَّقِيق فَمَا صَار لَهُ عتق عَلَيْهِ قَالَ أَبُو جَعْفَر فِي جَوَاز بيع نصِيبه من بَيت من الدَّار ضَرَر على شَرِيكه لِأَنَّهُ يتفرق نصِيبه عِنْد الْقِسْمَة لِأَنَّهُ يحْتَاج أَن يقاسم المُشْتَرِي الْبَيْت على حِدة ويقاسم الشَّرِيك على بَقِيَّة الدَّار وَلَو أَرَادَ أحد الشَّرِيكَيْنِ قبل البيع الْقِسْمَة على هَذَا الْوَجْه لم يكن لَهُ ذَلِك وَمن أجل ذَلِك لم يجز إِقْرَاره ووصيته فِي نصِيبه من بَيت من الدَّار وَالْقِيَاس فِي الثِّيَاب أَن يكون مثله لِأَنَّهُ قد اسْتحق الْقِسْمَة فَلَو جَازَ بيع نصِيبه من ثوب لجَاز أَن يَبِيع نصِيبه من كل ثوب من إِنْسَان على حِدة فَيبْطل حق الشَّرِيك وأساء وَقد اتَّفقُوا أَن للشَّفِيع أَن يبطل بيع المُشْتَرِي لأجل حَقه كَذَلِك يبطل بيع الشَّرِيك لموْضِع بِعَيْنِه لأجل حَقه فِي الْقِسْمَة فَالْقِيَاس أَن لَا يجوز بَيْعه لنصيبه من ثوب بِعَيْنِه وَأَبُو حنيفَة لَا يرى قسْمَة الرَّقِيق على الِانْفِرَاد وَإِن كَانَ مَعَهم غَيرهم قسموا وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يقسمون وَإِن انفردوا فَأَما عتق الشَّرِيك للعبيد الَّذين بَينهم فنافذ فِي نصِيبه لِأَن الْعتْق قد يَقع من أحد الشَّرِيكَيْنِ لما فِيهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 331 من الضَّرَر وَقد حكم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِعِتْق الشَّرِيك وألزمه ضَمَان نصيب شَرِيكه إِذا كَانَ مُوسِرًا فَعلمنَا أَن الْعتْق مُخَالف للْبيع لَا يلْحقهُ الْفَسْخ بعد وُقُوعه وَالْبيع يفْسخ 2041 - فِي الْمُهَايَأَة قَالَ مُحَمَّد فِي الْإِمْلَاء قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا كَانَت دَار بَين رجلَيْنِ فَلم يريدا قسمتهَا وأرادا الْمُهَايَأَة على أَن يسكن كل وَاحِد مِنْهُمَا منزلا ويؤاجر كل حِصَّة منزلَة جَازَ ذَلِك وَيَنْبَغِي للْقَاضِي أَن يهائى بَينهمَا فَإِن أبي ذَلِك أَحدهمَا وَطَلَبه الآخر أجبر الَّذِي أبي على الْمُهَايَأَة وَمَتى أَرَادَ الْقِسْمَة قسمت بَينهمَا وانتقضت الْمُهَايَأَة وَلَو تهايئا على أَن يسْتَعْمل جَمِيعهَا هَذَا شهرا وَهَذَا شهرا لم تجز الْمُهَايَأَة وَهَذَا قَوْلهم جَمِيعًا قَالَ وَقَالَ أَبُو حنيفَة تجوز الْمُهَايَأَة فِي خدمَة عَبْدَيْنِ على أَن يخْدم هَذَا شهرا ويستخدم الآخر العَبْد الآخر ذَلِك الشَّهْر وَلَو تهايئا على استعمالهما الحديث: 2041 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 332 على هَذَا الْوَجْه لم يجز فِي قَول أبي حنيفَة وَجَاز فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَلَا تجوز الْمُهَايَأَة فِي استغلال العبيد بِحَال وَعِنْدَهُمَا تجوز كالدور قَالَ وَلَو تهايأ فِي دَابَّة على الرّكُوب شهرا أَو فِي دابتين لم يجز ذَلِك عِنْد أبي حنيفَة ثمَّ شكّ أَبُو يُوسُف فِي هَذِه الرِّوَايَة وَهُوَ جَائِز عِنْد أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَلَا تجوز الْمُهَايَأَة عِنْدهم جَمِيعًا فِي غلَّة النّخل وَالشَّجر وَلَا فِي ألبان الْغنم وَالْبَقر وَالْإِبِل وَإِنَّمَا تجوز فِي السُّكْنَى وزراعة الأَرْض وَمَا لَا قيمَة لَهُ وَلَو تهايئا فِي جاريتين على أَن ترْضع كل وَاحِدَة ابْن أَحدهمَا شهرا أَو سنة جَازَ لِأَن ألبان بني آدم لَا قيمَة لَهَا بِمَنْزِلَة الْمَنَافِع وألبان الْغنم وَسَائِر الْحَيَوَانَات المأكولة لَهَا قيمَة وَقَالَ ابْن الْقَاسِم فِي قِيَاس قَول مَالك إِن الْمُهَايَأَة جَائِزَة فِي الدّور وَالْأَرضين على أَن يسكن كل وَاحِد طَائِفَة شهرا وَلَيْسَ لأَحَدهمَا فَسخهَا قبل مُضِيّ الْأَجَل وَكَذَلِكَ زراعة الأَرْض قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلم نجد للشَّافِعِيّ قولا فِي الْمُهَايَأَة وَأَصْحَابه يَقُولُونَ إِن مَعَانِيه تدل على أَن لَا معنى لَهَا قَالَ أَبُو جَعْفَر روى يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن الزُّهْرِيّ عَن أبي حَازِم عَن سهل بن سعد وَذكر قصَّة الْمَرْأَة الَّتِي قَالَت يَا رَسُول الله إِنِّي وهبت نَفسِي لَك فَلَمَّا خطبهَا الرجل وَقَالَ أعطيها نصف إزَارِي فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا تصنع الجزء: 4 ¦ الصفحة: 333 بإزارك إِن لبست لم يكن عَلَيْهَا مِنْهُ شَيْء وَإِن لبسته لم يكن عَلَيْك مِنْهُ شَيْء فَكَانَ فِي ذَلِك إجَازَة الْمُهَايَأَة فِيهِ وَإِن كل وَاحِد مِنْهُمَا يسْتَحق لبسه فِي حَال دون صَاحبه وَفِي ذَلِك دَلِيل على أَن كل وَاحِد مِنْهَا مُسْتَحقّ ذَلِك بِحَق ملكه وَذَلِكَ هُوَ الْمُهَايَأَة الَّتِي ذكرنَا ثمَّ نَظرنَا فِي جَوَاز فَسخهَا لأَحَدهمَا إِذا أَرَادَ الْقِسْمَة فَكَانَ قَول أَصْحَابنَا أصح لِأَن ذَلِك لَيْسَ بِإِجَارَة لِأَنَّهُ لَو كَانَ أجارة لما أجبر عَلَيْهَا وَإِنَّمَا هِيَ بِمَنْزِلَة قسة الْمَنَافِع آخر الْقِسْمَة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 334 = كتاب اللّقطَة والإباق = 2042 - فِي لقطَة مَا سوى الْحَيَوَان قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه فِي اللّقطَة يعرفهَا حولا فَإِن جَاءَ صَاحبهَا وَإِلَّا تصدق بهَا إِن شَاءَ فَإِذا جَاءَ صَاحبهَا كَانَ مُخَيّر ابين الْأجر وَالضَّمان وَلَا يَأْكُل مِنْهَا إِلَّا أَن يكون فَقِيرا وَحكى هِشَام عَن مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة فِي اللّقطَة مَا كَانَ يُسَاوِي عشرَة دَرَاهِم عرفهَا حولا وَإِن كَانَ يُسَاوِي أقل من ذَلِك عرفهَا على قدر مَا يرى ثمَّ تصدق بهَا وَإِن شَاءَ أكلهَا إِن كَانَ فَقِيرا قَالَ مَالك يعرفهَا حولا ثمَّ يأكلها أَو يتَصَدَّق بهَا إِلَّا أَن تكون تافها يَسِيرا فَيجوز لَهُ أَن يتَصَدَّق بهَا قبل السّنة وَمَتى جَاءَ صَاحبهَا كَانَ مُخَيّرا بَين الْأجر وَالضَّمان إِذا أكلهَا أَو تصدق بهَا وَقَالَ الْمعَافي عَن الثَّوْريّ ينشد الضآلة فَإِن وجد صَاحبهَا وَإِلَّا يصدق بهَا فَإِن جَاءَ صَاحبهَا خير الحديث: 2042 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 335 وَقَالَ أَبُو نعيم عَن الثَّوْريّ فِي الرجل يجد الدِّرْهَم يعرفهُ أَرْبعا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي اللّقطَة يعرفهَا سنة فَإِن جَاءَ صَاحبهَا وَإِلَّا تصدق بهَا فَإِن جَاءَ صَاحبهَا خير بَين الْأجر وَالضَّمان فَإِن كَانَ مَالا عَظِيما جعله فِي بَيت مَال الْمُسلمين وَقَالَ الْحسن بن حَيّ يعرفهَا حولا فَإِن جَاءَ صَاحبهَا وَإِلَّا تصدق بهَا فَإِن كَانَ فَقير أكلهَا فَإِذا جَاءَ صَاحبهَا خير بَين الْأجر وَالضَّمان قَالَ الْحسن وَالْعشرَة يعرفهَا سنة وَمَا دونهَا يعرفهَا ثَلَاثَة أَيَّام وَقَالَ اللَّيْث يعرف اللّقطَة ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ سنة ويكتم الَّذِي أَخذهَا صفتهَا لِئَلَّا يجيىء أهل الْكَذِب فيدعونها فَإِن مرت سنة وَلم يجد لَهَا بَاغِيا كَانَ أولى بهَا قَالَ وَإِن كَانَ مَا الْتقط شَيْئا كثيرا فَأحب إِلَيّ أَن يستنفقها ويتجر فِيهَا بعد أَن يعرفهَا سنة فَإِن جَاءَ صَاحبهَا أَدَّاهَا إِلَيْهِ وَإِن كَانَ شَيْئا يَسِيرا فليتصدق بِهِ فَإِن جَاءَ صَاحبهَا فَهُوَ مُخَيّر بَين الْأجر وَالضَّمان وَقَالَ الشَّافِعِي وَيَأْكُل اللّقطَة الْغَنِيّ وَالْفَقِير وَلَا أحب لأحد ترك لقطَة وجدهَا إِذا كَانَ أَمينا عَلَيْهَا فيعرفها سنة على أَبْوَاب الْمَسَاجِد والأسواق ومواضع الْعَامَّة وَيشْهد عَلَيْهَا فَإِن جَاءَ صَاحبهَا وَإِلَّا فَهِيَ لَهُ بعد سنة على أَنه مَتى جَاءَ صَاحبهَا فِي حَيَاته أَو بعد وَفَاته فَهُوَ غَرِيم وقليلها وكثيرها سَوَاء فَإِن كَانَت الجزء: 4 ¦ الصفحة: 336 طَعَاما لَا يبْقى فَلهُ أَن يَأْكُلهُ ويغرمه لرَبه قَالَ الْمُزنِيّ وَمِمَّا وجد بِخَطِّهِ أحب إِلَيّ أَن يَبِيعهُ وَيُقِيم على تَعْرِيفه قَالَ الْمُزنِيّ وَهَذَا أولى لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يقل للملتقط فشأنك بهَا إِلَّا بعد سنة قَالَ أَبُو جَعْفَر روى الثَّوْريّ عَن سَلمَة بن كهيل عَن سُوَيْد بن غَفلَة عَن أبي بن كَعْب أَنه وجد صرة فِيهَا مائَة دِينَار قَالَ فَأَخذهَا وَذكرهَا لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ عرفهَا حولا فَإِن وجدت من يعرفهَا فادفعها إِلَيْهِ وَإِلَّا فاستنفع بهَا وروى مُحَمَّد بن جحادة عَن سَلمَة بن كهيل بِإِسْنَادِهِ نَحوه وَقَالَ فِيهِ عرفهَا سنة ثمَّ أَتَاهُ فَقَالَ لَهُ عرفهَا سنة ثمَّ أَتَاهُ فَقَالَ لَهُ عرفهَا سنة فَقَالَ عرفهَا ثَلَاث سِنِين ثمَّ قَالَ اعْلَم عَددهَا ووكاءها ثمَّ استمتع بهَا وروى شُعْبَة عَن سَلمَة بِإِسْنَادِهِ مثله وَذكر فِيهِ التَّعْرِيف ثَلَاثَة أَحْوَال قَالَ شُعْبَة ثمَّ إِن سَلمَة شكّ لَا يدْرِي أثلاثة أَعْوَام أَو عَاما وَاحِدًا فَفِي هَذَا الحَدِيث أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبَيَا بِالِانْتِفَاعِ بهَا بعد التَّعْرِيف وَاحْتج الشَّافِعِي بذلك وَزعم أَن أَبَيَا كَانَ من أيسر أهل الْمَدِينَة وَقد روى أَبُو يُوسُف عَن عبد الْملك بن أبي سُلَيْمَان عَن سَلمَة بن كهيل الجزء: 4 ¦ الصفحة: 337 أَن أَبَيَا وجد مائَة دِينَار فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عرفهَا حولا أَو سنة فَإِن وجدت صَاحبهَا وَإِلَّا فَاعْلَم مَا وعاؤها وَمَا وكاؤها وَمَا عدتهَا ثمَّ كلهَا فَإنَّك إِلَيْهَا ذُو حَاجَة فَإِن جَاءَ صَاحبهَا فأعطها إِيَّاه وَإِلَّا فَهِيَ لَك فَفِي هَذَا الحَدِيث أَن أَبَيَا كَانَ من أهل الْحَاجة فَإِن قيل إِن هَذَا حَدِيث مَقْطُوع قيل لَهُ هُوَ مَرْدُود إِلَى سَلمَة بن كهيل وَقد وَصله شُعْبَة وَالثَّوْري وَمُحَمّد نن جحادة وَيلْزم على أصل الشَّافِعِي أَن يقبل هَذِه الزِّيَادَة كَمَا قبل قَول عَمْرو بن دِينَار فِي الشَّاهِد وَالْيَمِين انه فِي الْأَمْوَال وَقد حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن مَرْزُوق قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن الْمثنى الْأنْصَارِيّ قَالَ حَدثنِي أبي عَن ثُمَامَة قَالَ قَالَ أنس كَانَ لأبي طَلْحَة أَرض فَجَعلهَا لله تَعَالَى فَأتي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ اجْعَلْهَا فِي فُقَرَاء قرابتك فَجَعلهَا لحسان وَأبي قَالَ أنس وَكَانَا أقرب إِلَيْهِ مني فَفِي هَذَا الحَدِيث أَن أَبَيَا كَانَ من الْفُقَرَاء قَالَ وَاحْتج الشَّافِعِي أَيْضا بِحَدِيث عَليّ بن أبي طَالب فِي الدِّينَار الَّذِي التقطه فَأمره النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَكْلِهِ وَلم تكن الصَّدَقَة تحل لَهُ لِأَنَّهُ من بني هَاشم قَالَ أَبُو جَعْفَر حَدِيث عَليّ مُنْقَطع يرويهِ إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن شريك بن عبد الله بن أبي نمر عَن عَطاء بن يسَار قَالَ وجد عَليّ بن أبي طَالب دِينَارا فجَاء بِهِ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ وجدت هَذَا فَقَالَ عرفه فَذهب فَمَكثَ مَا شَاءَ الله ثمَّ قَالَ عَرفته فَلم أجد أحدا يعرفهُ قَالَ فشأنك بِهِ قَالَ فَذهب فرهنه فِي ثَلَاثَة دَرَاهِم فِي طَعَام وودك فَبينا هُوَ كَذَلِك إِذا جَاءَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 338 صَاحبه فَعرفهُ فجَاء عَليّ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ هَذَا صَاحب الدِّينَار فَقَالَ اده بَعْدَمَا أكلُوا مِنْهُ قَالَ أَبُو جَعْفَر هَذَا هُوَ أصل الحَدِيث لَا نعلمهُ روى من وَجه سوى هَذَا الْوَجْه وَهُوَ لَا يحْتَج بِهِ لَا نقطاع سَنَده وَضعف شريك بن عبد الله بن أبي نمر وَيدل على فَسَاده مَا روى شُعْبَة عَن أبي إِسْحَاق الْهَمدَانِي عَن عَاصِم بن ضَمرَة عَن عَليّ أَنه قَالَ فِي اللّقطَة يتَصَدَّق بهَا فَإِن جَاءَ صَاحبهَا كَانَ مُخَيّرا بَين الْأجر وَالضَّمان وروى الثَّوْريّ وَمَالك وَعَمْرو بن الْحَارِث عَن ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن عَن يزِيد مولى المنبعث عَن زيد بن خَالِد الْجُهَنِيّ أَنه قَالَ جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا مَعَه فَسَأَلَهُ عَن اللّقطَة فَقَالَ أعرف عفاصها ووكاءها ثمَّ عرفهَا سنة فَإِن جَاءَ صَاحبهَا وَإِلَّا فشأنك بهَا قَالَ فضَالة الْغنم قَالَ لَك أَو لأخيك أَو للذئب قَالَ فضَالة الْإِبِل قَالَ مَعهَا حذاؤها وسقاؤها ترد المَاء وتأكل الشّجر حَتَّى يلقاها رَبهَا وَرَوَاهُ القعْنبِي عَن سُلَيْمَان بن بِلَال عَن ربيعَة بِإِسْنَاد مثله وَقَالَ فِيهِ عرفهَا سنة فَإِن لم تعرف فاستنفع بهَا ولتكن وَدِيعَة عنْدك فَإِن جَاءَ صَاحبهَا يَوْمًا من الدَّهْر فأدها إِلَيْهِ وَرَوَاهُ أَيْضا القعْنبِي عَن سُلَيْمَان بن بِلَال عَن ربيعَة عَن يزِيد مولى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 339 المنبعث عَن زيد بن خَالِد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثله سَوَاء وَرَوَاهُ أَبُو عَامر الْعَقدي عَن سُلَيْمَان بن بِلَال عَن ربيعَة عَن يزِيد مولى المنبعث عَن زيد بن خَالِد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثله غير أَنه لم يقل فَلْيَكُن وَدِيعَة عنْدك قَالَ أَبُو جَعْفَر قَوْله فشأنك بهَا يحْتَمل أَن يُرِيد بشأنك بهَا حَتَّى ينفذ أَحْكَام اللّقطَة فِيهَا من الصَّدَقَة بهَا أَو من حفظهَا أَو من أكلهَا إِن كنت ذَا حَاجَة إِلَيْهَا وروى عَمْرو بن شُعَيْب عَن عَمْرو وَعَاصِم ابْني سُفْيَان بن عبد الله بن ربيعَة أَن سُفْيَان بن عبد الله وجد عَيْبَة فَأتى بهَا عمر فَقَالَ عرفهَا سنة فَإِن عرفت فَذَاك وَإِلَّا فَهِيَ لَك قَالَ فعرفها سنة فَلم يعرفهَا أحد فَأخْبر عمر بذلك فَقَالَ هِيَ لَك وَقَالَ إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمرنَا بذلك فَأبى سُفْيَان أَن يَأْخُذهَا فَأَخذهَا مِنْهُ عمر فَجَعلهَا فِي بَيت مَال الْمُسلمين قَالَ وَيحْتَمل قَول عمر لِسُفْيَان هِيَ لَك على أَن أمرهَا إِلَيْك تفعل فِيهَا مَا يجب أَن تفعل فِي اللّقطَة وأضافها بذلك إِلَيْهِ لَا على أَنه كَانَ يملكهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 340 ليَكُون مُوَافقا على مَا فِي حَدِيث زيد بن خَالِد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَوْله ولتكن وَدِيعَة عنْدك فَإِن جَاءَ طالبها يَوْمًا من الدَّهْر فأدها إِلَيْهِ وَيدل على ذَلِك أَيْضا مَا روى سُوَيْد بن غَفلَة عَن عمر قَالَ فِي اللّقطَة يعرفهَا سنة فَإِن جَاءَ صَاحبهَا وَإِلَّا تصدق بهَا ثمَّ يكون صَاحبهَا مُخَيّرا بَين الْأجر وَالضَّمان وروى الْأسود بن شَيبَان عَن أبي نَوْفَل العريجي عَن أَبِيه عَن عمر مثله وروى أَبُو وَائِل عَن ابْن مَسْعُود فِي اللّقطَة مثل ذَلِك وروى ابْن أبي ذِئْب عَن الْمُنْذر بن أبي الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس مثله وَعَن ابْن عمر مثله وَعَن أبي هُرَيْرَة أَيْضا مثله فَهَؤُلَاءِ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد رَأَوْا فِي اللّقطَة مَا وَصفنَا فَلَا يجوز خلافهم إِذْ لم يرو عَن أحد مِنْهُم أَن للغني أكلهَا فَإِن قيل فقد روى عَن ابْن عمر أَنه أَبَاحَ للملتقط أكلهَا حِين سَأَلَهُ قيل لَهُ يحْتَمل أَن يكون كَانَ مُحْتَاجا إِلَيْهَا وَأما تَعْرِيف اللّقطَة الْيَسِيرَة أقل من حول فَإِن ذَلِك تَقْلِيد مِمَّن قَالَه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 341 لحَدِيث روى فِيهِ وَإِن كَانَ أَصْحَاب الْإِسْنَاد لَا يعتنون بِمثلِهِ وَهُوَ مَا رَوَاهُ إِسْرَائِيل بن يُونُس عَن عمر بن عبد الله بن يعلى عَن جدته حكيمة عَن أَبِيهَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْتقط لقطَة يسيرَة درهما أَو حبلا أَو شبه ذَلِك فليعرفه ثَلَاثَة أَيَّام فَإِن إِن فَوق ذَلِك فليعرفه سِتَّة أَيَّام وَقد روى شريك عَن أبي يَعْفُور الْعَبْدي عَن أبي شيخ الْعَبْدي عَن زيد بن صوحان قَالَ وجدت قلادة فِي طَرِيق مَكَّة فَأتيت بهَا عمر فَذكرت ذَلِك لَهُ فَقَالَ عرفهَا أَرْبَعَة أشهر فَإِن وجدت صَاحبهَا وَإِلَّا فضعها فِي بَيت مَال الْمُسلمين قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ أَبُو عبيد الْقَاسِم بن سَلام لَا يحل أَخذ الضوال وَلَا أكلهَا لملتقطها وَلَا لغيره وَيَقُول هِيَ خلاف اللّقطَة لِأَن الضوال مَا ضل بِنَفسِهِ واللقطة مَا كَانَ بِخِلَاف ذَلِك ويحتج فِي الضوال بِمَا روى يزِيد بن عبد الله بن الشخير عَن أبي مُسلم الجذمي عَن الْجَارُود قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ضَالَّة الْمُسلم حرق النَّار وروى الْحسن عَن مطرف بن الشخير عَن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 342 أَبِيه قَالَ قدمنَا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَلا أحملكم قُلْنَا نَحن نجد فِي الطَّرِيق هوامي الْإِبِل فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ضَالَّة الْمُؤمن حرق النَّار قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلَا فرق بَينهمَا لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ فِي حَدِيث زيد بن خَالِد عَن ضآلة الْغنم مستخبرا عَنْهَا فِي الِالْتِقَاط فَأَجَابَهُ بِمَا أجَاب بِهِ فِيهَا ثمَّ قَالَ فضَالة الْإِبِل فَأَجَابَهُ بِمَا أَجَابَهُ وعنى بِهِ أَنَّهَا مستغنية عَنْك لَا تحْتَاج إِلَى حفظك لَهَا حَتَّى يَأْتِيهَا صَاحبهَا وَأما قَوْله ضَالَّة الْمُسلم حرق النَّار فلأنهم أرادوها للرُّكُوب وَالِانْتِفَاع لَا للْحِفْظ على صَاحبهَا فَنهى عَن ذَلِك فِيهَا قَالَ وَأما قَول أبي عبيد من أَن الضال مَا ضل بِنَفسِهِ فغلط لِأَنَّهُ قد روى فِي حَدِيث الْإِفْك عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَوْله فِي الْمُسلمين إِن أمكُم ضلت قلادتها فَأطلق ذَلِك على القلادة 2043 - فِي اللّقطَة هَل يسْتَحق بالعلامة قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه وَالشَّافِعِيّ مدعي اللّقطَة لَا يسْتَحق بالعلامة حَتَّى يُقيم الْبَيِّنَة وَلَا يجْبر الْمُلْتَقط على دَفعهَا إِلَيْهِ بالعلامة ويسعه أَن يَدْفَعهَا وَإِن لم يجْبر عَلَيْهِ فِي الْقَضَاء وَقَالَ ابْن الْقَاسِم فِي قِيَاس قَول مَالك يَسْتَحِقهَا بالعلامة وَيجْبر على الحديث: 2043 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 343 دَفعهَا إِلَيْهِ فَإِن جَاءَ مُسْتَحقّ فاستحقه بِبَيِّنَتِهِ لم يضمن للملتقط شَيْئا قَالَ مَالك وَكَذَلِكَ اللُّصُوص إِذا وجد أَمْتعَة فجَاء قوم فادعوها وَلَيْسَت لَهُم بَيِّنَة إِن للسُّلْطَان أَن يتلوم فِي ذَلِك فَإِن جَاءَ غَيرهم وَإِلَّا دَفعهَا إِلَيْهِم وَكَذَلِكَ الْآبِق وَقَالَ الْحسن بن حَيّ يَدْفَعهَا إِلَيْهِ بعلامة قَالَ أَبُو جَعْفَر فِي أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَعْرِِفَة العفاص والوكاء يحْتَمل أَن يُرِيد بِهِ لِئَلَّا يخْتَلط بِمَالِه ولتعلم أَنَّهَا لقطَة وَقد يكون ليستدل بِهِ على صدق الْمُدَّعِي فيسعه دَفعه إِلَيْهِ وَإِن لم يلْزم فِي الحكم 2044 - فِي ضَمَان اللّقطَة قَالَ أَبُو حنيفَة وَزفر إِن أشهد حِين أَخذهَا أَنه يَأْخُذهَا ليردها لم يضمنهَا إِن هَلَكت فِي يَده وَإِن لم يشْهد ضمنهَا وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَمَالك وَابْن شبْرمَة وَالشَّافِعِيّ لَا يضمنهَا قَالَ أَبُو جَعْفَر روى يزِيد بن الشخير عَن مطرف بن الشخير عَن عِيَاض بن حمَار الْمُجَاشِعِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من الْتقط لقطَة فليشهد عَلَيْهَا ذَوي عدل وَلَا يكتم وَلَا يغيب فَإِن جَاءَ صَاحبهَا فَهُوَ أَحَق بهَا وَإِلَّا فَمَال الله يؤتيه من يَشَاء الحديث: 2044 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 344 فَيحْتَمل أَن يكون مُرَاده فِي الشَّهَادَة ظُهُور الْأَمَانَة من الْمُلْتَقط وارتفاع الظنة عَنهُ كَمَا روى عَن الْحسن فِي قَوْله تَعَالَى {فَإِذا دفعتم إِلَيْهِم أَمْوَالهم فأشهدوا عَلَيْهِم} أَنه أُرِيد بِهِ ظُهُور أَمَانَة الْوُلَاة على الْأَيْتَام وَلما لم يضمنهَا إِذا أشهد وَجب مثله إِذا لم يشْهد أَلا ترى أَن مَا كَانَ مَضْمُونا من الغصوب وَنَحْوهَا لَا يُبرئهُ الْإِشْهَاد من ضَمَانه وكما أَنه لَو كتم بعد الْإِشْهَاد من غير جحود لم يضمن كَذَلِك إِذا ترك الْإِشْهَاد لم يضمنهُ 2045 - فِي اللّقطَة من الْإِبِل قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه يجوز أَن يَأْخُذ بَعِيرًا ضَالًّا ليَرُدهُ إِلَى صَاحبه فَإِن أنْفق عَلَيْهِ بِغَيْر أَمر قَاض فَهُوَ مُتَطَوّع وَإِن أنْفق عَلَيْهِ بِأَمْر قَاض ثمَّ هلك الْبَعِير بِالنَّفَقَةِ صَاحبه عِنْد أبي يُوسُف وَقَالَ زفر لَا يرجع وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا وجد لقطَة فَأَخذه ليَرُدهُ إِلَى صَاحبه ثمَّ رده إِلَى مَوْضِعه الَّذِي وجده فِيهِ فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ وَإِن أَخذه وَهُوَ لَا يُرِيد رده ثمَّ بداله فَرده إِلَى مَوْضِعه ثمَّ سرق من ذَلِك الْموضع فَالْأول ضَامِن وَقَالَ زفر لَا ضَمَان عَلَيْهِ وَقَالَ مَالك فِي ضَالَّة الْغنم مَا قرب من الْقرى فَلَا يأكلها ويضمنها إِلَى أقرب الْقرى إِلَيْهَا يعرفهَا فِيهَا وَمَا كَانَ فِي الفلوات والمهامه فَإِنَّهُ يأكلها وَلَا يعرفهَا فَإِن جَاءَ صَاحبهَا فَلَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ من ثمنهَا شَيْء لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الحديث: 2045 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 345 هِيَ لَك أَو لأخيك أَو للذئب قَالَ وَالْبَقر بِمَنْزِلَة الْغنم إِذا خيف عَلَيْهَا وَإِذا لم يخف عَلَيْهَا السبَاع فبمنزلة الْإِبِل وَقَالَ فِي الْإِبِل إِذا وجدهَا فِي فلاة فَلَا يعرض لَهَا فَإِن أَخذهَا فعرفها فَلم يجد صَاحبهَا خَلاهَا فِي الْموضع الَّذِي وجدهَا فِيهِ وَالْخَيْل وَالْبِغَال وَالْحمير لَا تُؤْكَل فليعرفها ثمَّ يتَصَدَّق بهَا وَقَالَ مَالك لَا تبَاع ضوال الْإِبِل وَلَكِن ترد إِلَى موَاضعهَا الَّتِي أُصِيبَت فِيهَا وَكَذَلِكَ فعل عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ وروى عَن عُثْمَان أَنَّهَا تبَاع وَيحبس الإِمَام أثمانها لأربابها وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي الشَّاة إِن أكلهَا وَأَخذهَا ضمنهَا لصَاحِبهَا وَقَالَ الشَّافِعِي يَأْخُذ الشَّاة ويعرفها فَإِن لم يجد صَاحبهَا أكلهَا ثمَّ ضمنهَا إِن جَاءَ صَاحبهَا وَقَالَ لَا تعرض لِلْإِبِلِ وَالْبَقر فَإِن أَخذ الْإِبِل وَالْبَقر ثمَّ أرسلها ضمن قَالَ أَبُو جَعْفَر لما أجَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْغنم حِين سُئِلَ عَنْهَا فَقَالَ هِيَ لَك أَو لأخيك أَو للذئب للتخوف عَلَيْهَا كَانَت الْإِبِل بمنزلتها إِذا خيف عَلَيْهَا وَكَذَلِكَ سَائِر الْأَشْيَاء وَقَوله فِي الْإِبِل مَعهَا سقاؤها وحذاؤها إِخْبَار عَن حَال فِي الْمَوَاضِع الْمَأْمُون عَلَيْهَا فِيهَا التّلف وأباح تَركهَا وندبه إِلَى أَخذه الْغنم يحفظها على صَاحبهَا لخوف التّلف عَلَيْهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 346 وَأما قَول مَالك إِن لَهُ أَن يَأْكُل الشَّاة وَلَا يضمنهَا واحتجاجه فِي ذَلِك بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هِيَ لَك أَو لأخيك أَو للذئب فَلَا معنى لَهُ لِأَن قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام هِيَ لَك لَيْسَ هُوَ عَليّ معنى التَّمْلِيك لقَوْله أَو للذئب وَلم يرد بِهِ التَّمْلِيك لِأَن الذِّئْب يأكلها على ملك صَاحبهَا كَذَلِك الْوَاجِد إِن أكلهَا أكلهَا على ملك صَاحبهَا فيضمنها وَقَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَدِيث سُلَيْمَان بن بِلَال عَن ربيعَة وَيحيى بن سعيد فاستنفع بهَا ولتكن وَدِيعَة عنْدك دلَالَة على وجوب ضَمَانهَا إِذا أتلفهَا وَأَخذهَا وَأما رد اللّقطَة بعد أَخذهَا إِلَى الْموضع الَّذِي وجدهَا فِيهِ فقد روى يحيى بن سعيد عَن سُلَيْمَان بن يسَار أَن ثَابت بن الضَّحَّاك وجد بَعِيرًا فَقَالَ لَهُ عمر عرفه فَعرفهُ ثَلَاث مَرَّات ثمَّ جَاءَ إِلَى عمر فَقَالَ قد شغلني عَن ضيعتي فَقَالَ لَهُ عمر انْزعْ خطامه ثمَّ أرْسلهُ حَيْثُ وجدته قَالَ أَبُو جَعْفَر فَهَذَا فِي الْبَعِير إِذْ هُوَ غير مخوف عَلَيْهِ التّلف فَجعل لَهُ عمر رده إِلَى مَوْضِعه كَمَا كَانَ مُخَيّرا بدءا بَين أَخذه وَتَركه وَالْقِيَاس فِيمَا يخَاف عَلَيْهِ أَن لَا يردهُ إِلَى مَوْضِعه فيضيعه 2046 - فِي الْأَفْضَل من أَخذ اللّقطَة أَو تَركهَا قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه الْأَفْضَل فِي الْبَعِير الضال وَغَيره أَخذه ورده إِلَى صَاحبه وَكَذَلِكَ العَبْد الْآبِق وَإِن تَركه فَهُوَ فِي سَعَة مِنْهُ الحديث: 2046 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 347 وَقَالَ مَالك فِيمَن وجد آبقا إِن كَانَ لِجَار أَو لأخ رَأَيْت لَهُ أَن يَأْخُذهُ وَإِن كَانَ لمن لَا يعرف فَلَا يَأْخُذهُ وَهُوَ فِي سَعَة من ترك مَا لجاره أَو لِأَخِيهِ وَقَالَ اللَّيْث فِي اللّقطَة إِن كَانَت فِي شَيْء لَهُ بَال فالأحب إِلَيّ أَن يَأْخُذهُ ويعرفه وَإِن كَانَ شَيْئا يَسِيرا فَإِن شَاءَ تَركه وَقَالَ فِي ضآلة الْإِبِل فِي الْقرى من وجدهَا يعرفهَا وَإِن وجدهَا فِي الصَّحَارِي فَلَا يقربهَا ولآ يَأْخُذهَا وَأما ضَالَّة الْغنم فَلَا أحب أَن يقربهَا إِلَّا أَن يحوزها لصَاحِبهَا وَقَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي لَا أحب لأحد ترك لقطَة وجدهَا إِذا كَانَ أَمينا عَلَيْهَا فيعرفها وَسَوَاء قَلِيل اللّقطَة وكثيرها قَالَ أَبُو جَعْفَر فِي حَدِيث زيد بن خَالِد الْجُهَنِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي ضَالَّة الْغنم هِيَ لَك أَو لأخيك أَو للذئب يدل على إِبَاحَته لأخذها وَأَن الْأَفْضَل حوطها على صَاحبهَا فَإِن قيل روى أَبُو حَيَّان عَن الضَّحَّاك بن الْمُنْذر عَن الْمُنْذر قَالَ كنت بالبوازيج فراحت الْبَقر فَرَأى فِيهَا جرير بقرة أنكرها فَقَالَ لِلرَّاعِي مَا هَذِه الْبَقَرَة فَقَالَ هَذِه بقرة لحقت الْبَقر لَا أَدْرِي لمن هِيَ فَأمر بهَا جرير فَطُرِدَتْ حَتَّى تَوَارَتْ ثمَّ قَالَ سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لَا يأوي الضَّالة إِلَّا ضال الجزء: 4 ¦ الصفحة: 348 قيل لَهُ هَذَا مَحْمُول على أَن يَأْوِيهَا لنَفسِهِ لَا لصَاحِبهَا لما روى يحيى بن أَيُّوب عَن عَمْرو بن الْحَارِث عَن بكر بن سوَادَة عَن أبي سَالم الجيشاني عَن زيد بن خَالِد الْجُهَنِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من آوى ضَالَّة فَهُوَ ضال مَا لم يعرفهَا وعَلى هَذَا يحمل معنى حَدِيث جرير بن عبد الله 2047 - فِي الْإِنْفَاق على اللّقطَة قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه إِذا أنْفق على اللّقطَة والآبق بِغَيْر أَمر القَاضِي فَهُوَ مُتَطَوّع وَإِن أنْفق بِأَمْر القَاضِي فَذَلِك دين على صَاحبهَا إِذا جَاءَ وَله أَن يحبسها بِالنَّفَقَةِ إِذا حضر صَاحبهَا وَقَالَ ابْن شبْرمَة إِذا أنْفق على العَبْد الْآبِق رَجَعَ على صَاحبه إِلَّا أَن يكون انْتفع بِهِ وخدمه فَتكون النَّفَقَة بمنفعته وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِن أنْفق الْمُلْتَقط على الدَّوَابّ وَالْإِبِل وَغَيرهَا فَلهُ أَن يرجع على صَاحبهَا بِالنَّفَقَةِ وَإِن أنفقها بِغَيْر أَمر السُّلْطَان فَلهُ أَن يحبس ذَلِك بِالنَّفَقَةِ فَإِن سلمه المَال فَلَا شَيْء لَهُ وَيرجع أَيْضا عَلَيْهِ بكرَاء حمل اللّقطَة وَقَالَ الْحسن بن حَيّ لَا يرجع من نَفَقَته بِشَيْء فِي الحكم ويعجبني فِي الْوَرع والأخلاق أَن ترد عَلَيْهِ نَفَقَته وَقَالَ الشَّافِعِي فِيمَا رَوَاهُ الرّبيع عَنهُ إِذا أنْفق على الضوال من من أَخذهَا الحديث: 2047 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 349 فَهُوَ مُتَطَوّع فَإِن أَرَادَ أَن يرجع على صَاحبهَا فليذهب إِلَى الْحَاكِم حَتَّى يفْرض لَهَا النَّفَقَة ووكل غَيره بِأَن يقبض تِلْكَ النَّفَقَة مِنْهُ وَينْفق عَلَيْهَا وَلَا يكوهن للسُّلْطَان أَن يَأْذَن لَهُ أَن ينْفق عَلَيْهَا إِلَّا الْيَوْم واليومين فَإِذا جَاوز ذَلِك أَمر بِبَيْعِهَا قَالَ أَبُو جَعْفَر لَو أَن رجلا أطْعم جائعا يخَاف الْمَوْت أَو سقَاهُ كَانَ مُتَطَوعا فِي ذَلِك كُله كَذَلِك مَا أنْفق على اللّقطَة فِي الْقيَاس 2048 - فِي النَّفَقَة على اللَّقِيط قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه مَا أنْفق الْمُلْتَقط على اللَّقِيط فَهُوَ مُتَطَوّع بِهِ إِلَّا أَن تكون بِأَمْر الْحَاكِم وَكَذَلِكَ من وجد ضآلة من إبل أَو بقر ويأمره القَاضِي بِالنَّفَقَةِ على الدَّوَابّ يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ أَو ثَلَاثَة فَإِن لم يَجِيء صَاحبهَا أمره بِبَيْعِهَا وَكَانَ مَا أنْفق دينا فِي ثمنهَا والغلام وَالدَّابَّة وَمَا كَانَ لَهُ غلَّة يؤاجرهما وَينْفق عَلَيْهِمَا من غلتهما وَقَالَ مَالك إِن أنْفق الْمُلْتَقط على اللَّقِيط ثمَّ أَقَامَ رجل الْبَيِّنَة أَنه ابْنه فَإِن الْمُلْتَقط يرجع على الْأَب إِن كَانَ طَرحه مُتَعَمدا أَو كَانَ مُوسِرًا وَإِن لم يكن طَرحه أَو ضل مِنْهُ فَلَا شَيْء على الْأَب والملتقط مُتَطَوّع بِالنَّفَقَةِ وَقَالَ ابْن شبْرمَة إِن أنْفق الْمُلْتَقط على اللَّقِيط احتسابا لم يرجع عَلَيْهِ وَإِن كَانَ لغير ذَلِك أَعْطيته نَفَقَته إِلَّا أَن يكون استخدم الْغُلَام فَتكون نَفَقَته بمنفعته وَقَالَ ابْن الْمُبَارك عَن الثَّوْريّ إِن أنْفق بِأَمْر الْأَمِير كَانَت دينا عَلَيْهِ الحديث: 2048 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 350 وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي أَخَوَيْنِ أنْفق الْكَبِير على الصفير فَلَا شَيْء لَهُ إِن كَانَ أَخُوهُ معدما وَإِن كَانَ مُوسِرًا أَخذ من مَاله مَا أنْفق عَلَيْهِ وَيكون ذَلِك دينا فِي مَاله إِذا كَانَ مَا أنْفق عَلَيْهِ غير وَاجِب عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ مَا أنفقهُ الْمُلْتَقط يكون دينا عَلَيْهِ إِن كَانَ ذَلِك غير وَاجِب عَلَيْهِ وَقَالَ اللَّيْث إِذا أنْفق الْمُلْتَقط على اللَّقِيط ثمَّ ادَّعَاهُ رجل رَجَعَ الْمُلْتَقط بِنَفَقَتِهِ على أَبِيه وَقَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي إِذا أمره الْحَاكِم بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهِ كَانَ دينا وَمَا ادّعى قبل مِنْهُ إِذا كَانَ مثله قصدا وَقَالَ الْمُزنِيّ لَا تقبل دَعْوَاهُ وَلَيْسَ كالأمين يَقُول فَيبرأ قد قَالَ فِي الْبَاب الَّذِي قبل هَذَا لَا يُوكله الْحَاكِم بِالنَّفَقَةِ وَإِنَّمَا يُقيم من يقبض مِنْهُ فينفق 2049 - فِي جعل الْآبِق قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه لَا يجب الْجعل فِي شَيْء إِلَّا فِي العَبْد الْآبِق وَالْأمة وَالْقِيَاس أَن لَا جعل فيهمَا وَلكنه ترك الْقيَاس للأثر فَإِن جَاءَ بِهِ من مسيرَة ثَلَاثَة أَيَّام كَانَ لَهُ أَرْبَعُونَ درهما وَإِن جَاءَ بِهِ من أقل من مسيرَة ثَلَاث رضخ لَهُ بِشَيْء وَلم يبلغ أَرْبَعِينَ درهما فَإِن جَاءَ بِهِ من مسيرَة ثَلَاثَة وَهُوَ لَا يُسَاوِي أَرْبَعِينَ درهما نقص من قِيمَته درهما فِي قَول أبي حنيفَة الحديث: 2049 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 351 وَقَالَ أَبُو يُوسُف عَلَيْهِ جعل أَرْبَعِينَ درهما وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِن كَانَ الَّذِي جَاءَ بالآبق من شَأْنه وَعَمله طلب الْإِبَاق وردهم فَإِنِّي أرى أَن يَجْعَل لَهُ شَيْئا على حسب بعد الْموضع وقربه وَلم يقدر للجعل شَيْئا وَإِن لم يكن ذَلِك شَأْنه وَعَمله فَلَا جعل لَهُ وَيُعْطِي مَا أنْفق عَلَيْهِ قَالَ ابْن الْقَاسِم فِي قِيَاس قَول مَالك إِن كَانَ رجل يطْلب الدَّوَابّ والضوال ليردها أَو كَانَ ذَلِك شَأْنه كَانَ لَهُ جعل وَقَالَ الْحسن بن حَيّ لَا جعل لمن جَاءَ بالآبق وَهُوَ قَول اللَّيْث وَالشَّافِعِيّ قَالَ أَبُو جَعْفَر روى أَبُو عَمْرو الشَّيْبَانِيّ عَن عبد الله بن مَسْعُود فِي الْآبِق إِذا وجد فِي الْمصر عشرَة دَرَاهِم وَإِذا وجد خَارج الْمصر فأربعون درهما وَلم يرو عَن أحد من الصَّحَابَة خِلَافه وَمثله لَا يُقَال بِالرَّأْيِ وَإِنَّمَا طَرِيقه التَّوْقِيف وَالْقِيَاس أَن لَا شَيْء لَهُ 2050 - فِي الْآبِق كم يحْبسهُ الإِمَام قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه إِذا وجد عبدا آبقا فَلم يقدر على صَاحبه يرفعهُ إِلَى القَاضِي فَإِن القَاضِي يقبضهُ مِنْهُ ويتلوم ويحبسه فَإِن جَاءَ وَإِلَّا بَاعه وَإِذا جَاءَ صَاحبه دفع الثّمن إِلَيْهِ وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك يحبس السُّلْطَان الْآبِق سنة فَإِن لم يَجِيء الحديث: 2050 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 352 صَاحبه بَاعه وَكَانَ لَهُ الثّمن إِذا جَاءَ وَلَيْسَ بِمَنْزِلَة الْإِبِل أَنَّهَا تسْتَعْمل والآبق إِن خلى عَنهُ أبق ثَانِيَة وَقَالَ قِيَاس قَول الشَّافِعِي أَن لَا تَوْقِيت فِيهِ ويبيعه القَاضِي ويحفظ ثمنه على مَوْلَاهُ 2051 - فِي بيع الْآبِق إِذا جَاءَ مَوْلَاهُ وَادّعى عتقا قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه وَقِيَاس قَول الشَّافِعِي إِن الْحَاكِم إِذا بَاعَ الآبقة ثمَّ جَاءَ صَاحبهَا فَقَالَ قد كنت أعتقتها أَو هِيَ أم وَلَدي أَنه لَا يصدق إِلَّا بِبَيِّنَة وَقَالَ ابْن الْقَاسِم قِيَاس قَول مَالك لَا يصدق فِي الْعتْق إِلَّا بِبَيِّنَة وَيصدق فِي دَعْوَى الِاسْتِيلَاء إِذا كَانَ مِمَّن لَا يتهم عَلَيْهَا وَترد إِلَيْهِ قَالَ وَقَالَ مَالك فِيمَن بَاعَ أمة وَوَلدهَا ثمَّ ادّعى الْوَلَد رد إِلَيْهِ الْأمة وَالْولد إِذا كَانَ مِمَّن لَا يتهم على مثلهَا وَقَالَ فِي الْعتْق لَا يصدق وَإِن لم يكن لَهَا ولد وَادّعى أَنَّهَا أم وَلَده ردَّتْ إِلَيْهِ إِذا كَانَ لَا يتهم على مثلهَا آخر اللّقطَة والإباق الحديث: 2051 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 353 = كتاب الطَّعَام وَالشرَاب واللباس = 2052 - فِي الْقدر يَقع فِيهَا الطير فَيَمُوت فِيهَا قَالَ أَبُو جَعْفَر سَمِعت أَبَا خازم القَاضِي يحدث عَن سُوَيْد بن سعيد عَن عَليّ بن مسْهر قَالَ كنت عِنْد أبي حنيفَة فَأَتَاهُ ابْن الْمُبَارك بهيئة خراساني فَسَأَلَهُ عَن رجل جعل قدرا لَهُ فِيهَا لحم على النَّار فَمر طير فَوَقع فِيهَا فَمَاتَ فَقَالَ أَبُو حنيفَة لأَصْحَابه مَاذَا ترَوْنَ فِيهَا فَذكرُوا لَهُ عَن ابْن عَبَّاس أَن اللَّحْم يُؤْكَل بعد مَا يغسل ويهراق المرق فَقَالَ أَبُو حنيفَة بِهَذَا نقُول وَلكنه عندنَا على شريطة إِن كَانَ وَقع فِيهَا من حَال سكونها فَكَمَا فِي هَذِه الرِّوَايَة وَإِن كَانَ وَقع فِيهَا فِي حَال غليانها لم يُؤْكَل اللَّحْم وَلَا المرق فَقَالَ ابْن الْمُبَارك وَلم ذَلِك فَقَالَ لِأَنَّهُ إِذا سقط فِيهَا فِي حَال غليانها فَمَاتَ فقد داخلت الْميتَة اللَّحْم وَإِذا وَقع فِيهَا من حَال سكونها فَمَاتَ فَإِنَّمَا وسخت الْميتَة اللَّحْم فَقَالَ ابْن الْمُبَارك وَعقد بِيَدِهِ ثَلَاثِينَ هَذَا زرين بِالْفَارِسِيَّةِ يَعْنِي الْمَذْهَب قَالَ وَلَا يعلم عَن أحد من الصَّحَابَة خلاف ذَلِك وَقَالَ ابْن وهب عَن الحديث: 2052 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 355 مَالك فِي الدَّجَاجَة تقع فِي قدر اللَّحْم وَهِي تطبخ فتموت فِيهَا قَالَ لَا أرى إِن تُؤْكَل تِلْكَ الْقدر لِأَن الْميتَة قد اخْتلطت بِمَا مَا كَانَ فِي الْقدر وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يغسل اللَّحْم ويؤكل وَكَذَلِكَ الزَّيْتُون المنقع إِذا مَاتَت فِيهِ فَأْرَة غسل وَأكل قَالَ اللَّيْث لَا يُؤْكَل ذَلِك اللَّحْم حَتَّى يغسل مرَارًا ويغلى على النَّار حَتَّى يذهب كل مَا كَانَ فِيهَا وَكَذَلِكَ الزَّيْتُون إِذا وَقعت فِيهِ فَأْرَة فَمَاتَتْ قَالَ الشَّافِعِي إِذا كَانَ الْكَلْب قد أكل من شَيْء رطب يُمكن أَن يجرى بعضه فِي بعض نجسه وَلَا يجوز أَن يَقُول بِغَيْر هَذَا القَوْل حَتَّى يكون أكلا والحياة فِيهِ وَالدَّم بِالروحِ تَدور فَأَما إِذا أكل بعد الْمَوْت فَلَا تَدور فِيهِ دم وَإِنَّمَا ينجس حِينَئِذٍ مَوضِع أكله مِنْهُ وَمَا قاربه رَوَاهُ عَنهُ الرّبيع قَالَ أَبُو جَعْفَر روى عبد الله بن الْمُبَارك عَن عُثْمَان بن عبد الله الْبَاهِلِيّ قَالَ حَدثنِي عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي طير وَقع فِي قدر فَمَاتَ قَالَ يهراق المرق ويؤكل اللَّحْم وَلم يذكر فِيهِ حَال الغليان وَقد روى مُحَمَّد بن ثَوْبَان عَن السَّائِب بن خباب أَنه كَانَ لَهُ قدر على النَّار فَسَقَطت فِيهَا دجَاجَة ونضجت مَعَ اللَّحْم فاستفتيت عبد الله بن عَبَّاس فَقَالَ اطرَح الْميتَة إهرق المرق وكل اللَّحْم فَإِن كرهته فَأرْسل إِلَيّ مِنْهُ بعضو أَو عضوين فَفِي هَذَا الحَدِيث إِبَاحَة أكلهَا بعد الغليان الجزء: 4 ¦ الصفحة: 356 وَقد روى ابْن الْمُبَارك عَن عباد بن رَاشد عَن الْحسن مثل جَوَاب أبي حنيفَة فِي الْمَعْنى وَالْقِيَاس مَا قَالَ أَبُو حنيفَة لِلْعِلَّةِ الَّتِي ذكرهَا وَلكنه لَا يعلم لِابْنِ عَبَّاس مُخَالف من الصَّحَابَة 2053 - فِي إنفحة الْميتَة قَالَ أَبُو حنيفَة لبن الْميتَة وأنفحتها طاهران لَا يلحقهما حكم الْمَوْت وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالثَّوْري يكره اللَّبن لِأَنَّهُ فِي وعَاء نجس وَكَذَلِكَ الإنفحة إِذا كَانَت مائعة فَإِن كَانَت جامدة فَلَا بَأْس وَقَالُوا جَمِيعًا فِي الْبَيْضَة إِذا كَانَت من دجَاجَة ميتَة فَلَا بَأْس بهَا وَقَالَ مَالك لَا يحل اللَّبن فِي ضروع الْميتَة وَقَالَ الثَّوْريّ اللَّبن لَا يَمُوت وَيكرهُ لأجل أَن وعائه ميتَة وَقَالَ اللَّيْث لَا تُؤْكَل الْبَيْضَة الَّتِي تخرج من دجَاجَة ميتَة وَقَالَ عبد الله بن الْحسن اللَّبن الَّذِي يكون فِي ضرع الشَّاة الْميتَة حرَام الحديث: 2053 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 357 وَأما بَيْضَة الدَّجَاجَة الْميتَة فَإِنِّي أكره أَن أرخص فِيهَا وَقَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي لَو رضع صبي من امْرَأَة بعد مَوتهَا لم يحرم لِأَنَّهُ لَا يحل لبن الْميتَة قَالَ أَبُو جَعْفَر وَهَذَا يدل على أَنه قد حلّه حكم الْمَوْت عِنْده وَخرج بِهِ من جنس الألبان وَأَنه لم يحرمه لنجاسته لِأَن لَبَنًا لَو وَقعت فِيهِ نَجَاسَة ثمَّ أرضع بِهِ صبي كَانَ رضَاعًا قَالَ أَبُو جَعْفَر لَيْسَ اللَّبن مِمَّا يحيا بحياة الشَّاة وَلَا يَمُوت بموتها إِلَّا أَنه يَنْبَغِي أَن يكون نجسا لمجاورته بضرع نجس وَقد روى أَبُو الصبهاء الْبكْرِيّ قَالَ قَامَ ابْن الْكواء إِلَى عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ على الْمِنْبَر فَقَالَ إِنِّي وطِئت على دجَاجَة ميتَة فَخرجت مِنْهَا ببيضة آكلها فَقَالَ عَليّ لَا قَالَ فَإِن استحضنتها تَحت دجَاجَة فَخرج مِنْهَا فرخ أكله قَالَ نعم قَالَ فَكيف قَالَ لِأَنَّهُ حَيّ خرج من ميت وروى عَن عَطاء بن السَّائِب عَن كثير بن جمْهَان عَن ابْن عمر فِي دجَاجَة ميتَة خرجت مِنْهَا بَيْضَة أَنه لَا يأكلها وَلَا يعلم عَن غَيرهمَا من الصَّحَابَة خلاف ذَلِك وَالْقِيَاس أَن يُؤْكَل 2054 - فِي مِقْدَار مَا يَأْكُل الْمُضْطَر من الْميتَة قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه وَالشَّافِعِيّ فِيمَا رَوَاهُ الْمُزنِيّ عَنهُ لَا يَأْكُل المضطرب من الْميتَة إِلَّا مِقْدَار مَا يمسك النَّفس الحديث: 2054 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 358 وروى ابْن وهب عَن مَالك يَأْكُل مِنْهَا حَتَّى يشْبع ويزود مِنْهَا فَإِن وجد عَنْهَا طرحها وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن المضطرب يَأْكُل من الْميتَة مَا يسد بِهِ جوعه قَالَ أَبُو جَعْفَر لَيْسَ لأحد أَن يَأْكُل من الْميتَة فِي حَال الشِّبَع وَلَا مَا يُقَارِبه حَتَّى يخَاف فَإِذا أكل مِنْهَا مَا يزِيل الْخَوْف فقد زَالَت الضَّرُورَة وَلَا يحل الْأكل 2055 - فِي تَخْلِيل الْخمر قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه فِي كتاب الْأَشْرِبَة لَا بَأْس بتخليل الْخمر وَلَا بَأْس بِأَن يطْرَح فِيهَا السّمك وَالْملح فَيصير مربى إِذا تحولت عَن حَال الْخمر فَصَارَت خلا أَو مربى وروى أَصْحَاب الْإِمْلَاء عَن أبي يُوسُف فِي نوادره لَو أَن رجلا اتخذ مربى من خمر وسمك وملح فَإِن أَبَا حنيفَة قَالَ إِذا صَار مربى فَلَا بَأْس للأثر الَّذِي جَاءَ عَن أبي الدَّرْدَاء وَقَالَ أَبُو يُوسُف مثل ذَلِك إِلَّا فِي خصْلَة إِذا كَانَ السّمك هُوَ الْغَالِب للخمر فَلَا يُؤْكَل هَذَا كالعجين الَّذِي عجن بِالْخمرِ وَإِن كَانَت الْخمر الْغَالِبَة للسمك فتحولت عَن طباعها إِلَى المربى فَلَا بَأْس بذلك وَقد رُوِيَ عَن مُحَمَّد فِي أَمَالِيهِ مثل قَول أبي يُوسُف هَذَا قَالَ مُحَمَّد وَلَو الحديث: 2055 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 359 أَن خمرًا صب فِي مربى جعل من الْخمر أَو من غير الْخمر فغلب المربى عَلَيْهَا لم تُؤْكَل وَلَو صب خمر فِي خل أَي خل كَانَ لم يكن بِهِ بَأْس إِذا غلب عَلَيْهَا الْخلّ حَتَّى لَا يُوجد لَهَا طعم وَلَا رَائِحَة وَلَا يشبه اختلاطها بالخل اختلاطها بالمربى لِأَن الْخمر قد يتَحَوَّل خلا بِغَيْر حدث يحدث فِيهَا وَلَا يصير مربى إِلَّا بِعَمَل يعْمل فِيهَا وَقَالَ ابْن وهب وَابْن الْقَاسِم عَن مَالك لَا يحل للْمُسلمِ أَن يخلل الْخمر وَلَكِن يهريقها فَإِن صَارَت خلا بِغَيْر علاج فَهُوَ حَلَال لَا بَأْس بِهِ وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك فِي الرجل يلقِي الْعصير على الدردبي ليصير خلا فَلَا بَأْس بِهِ إِذا كَانَ إِنَّمَا يُريدهُ للخل وروى ابْن الْقَاسِم عَن مَالك أَنه إِن خللها جَازَ أكله وَبيعه وَبئسَ مَا صنع كَانَ يَنْبَغِي أَن يهريقها وروى أَشهب عَن مَالك إِذا خلل النَّصْرَانِي خمرًا لَهُ فَلَا بَأْس بِأَكْلِهِ وَكَذَلِكَ إِن خللها مُسلم واستغفر الله تَعَالَى وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي الْخمر يخلل أَو يَجْعَل مربى لَا بَأْس بِأَكْلِهِ إِذا علم أَنَّهَا قد انقلبت وَالثَّوْري لَا يرى بَأْسا بتخليل الْخمر وَكَذَلِكَ قَول اللَّيْث وكرهها عبيد الله بن الْحسن وَقِيَاس قَول الشَّافِعِي أَنَّهَا إِذا صَارَت خلا بِفعل آدَمِيّ لم تُؤْكَل وَإِن كَانَت بِغَيْر فعل آدَمِيّ أكل الجزء: 4 ¦ الصفحة: 360 قَالَ أَبُو جَعْفَر روى سُفْيَان الثَّوْريّ عَن السّديّ عَن أبي هُبَيْرَة عَن أنس قَالَ جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي حجره يتم وَكَانَ عِنْده خمر حِين حرمت الْخمر فَقَالَ يَا رَسُول الله نصنعها خلا قَالَ لَا فَصَبَّهُ حَتَّى سَالَ فِي الْوَادي وروى مجَالد عَن أبي الوداك عَن أبي سعيد قَالَ كَانَ عِنْدِي خمر لأيتام فَلَمَّا نزلت تَحْرِيم الْخمر أمرنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن نهريقها قَالَ أَبُو جَعْفَر احْتمل نهي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أَن يَجْعَل خلا وَأمره بالإراقة مَعْنيانِ أَحدهمَا أَن يكون مَنْهِيّا عَن التَّمَلُّك وَلَا دلَالَة فِيهِ بعد ذَلِك على حظر الْخلّ لمجعول مِنْهَا فَاحْتمل أَن يكون مُرَاده تَحْرِيم ذَلِك الْخلّ وَيحْتَمل أَيْضا أَن يُرِيد قطع الْعَادة لقرب عَهدهم بِشرب الْخمر على وَجه التَّغْلِيظ وَإِن من كَانَ مَأْمُونا مِنْهُ ذَلِك فَغير مَنْهِيّ عَنهُ كَمَا روى ابْن أبي ذِئْب عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ كَانَ يَغْدُو فَينْظر إِلَى الْأَسْوَاق فَإِذا رأى اللَّبن أمرنَا بالأسقية ففتحت فَإِن وجد فِيهَا شَيْئا مغشوشا قد جعل فِيهِ وغش بِهِ أهراقها وَمَعْلُوم أَنه لم يكن محرما الْأكل وَلَكِن لقطع الْعَادة والتغليظ على فَاعله وَقد حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن مَرْزُوق قَالَ حَدثنَا أَبُو عَاصِم عَن ابْن أبي ذِئْب عَن ابْن شهَاب عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن أسلم مولى عمر بن الْخطاب عَن عمر قَالَ لَا تَأْكُل من خمر أفسدت خلا حَتَّى يكون الله تَعَالَى بَدَأَ إفسادها الجزء: 4 ¦ الصفحة: 361 قَالَ أَبُو جَعْفَر هَذَا حَدِيث قد أَخطَأ أَبُو عَاصِم فِي اختصاره وَجعل هَذَا الْكَلَام من قَول عمر وَإِنَّمَا هُوَ من كَلَام ابْن شهَاب روى ابْن وهب عَن ابْن أبي ذِئْب عَن ابْن شهَاب عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن أسلم أَن عمر أَمر بالطلاء حِين نزل بالجابية وَهُوَ يَوْمئِذٍ يطْبخ كعقيد الرب فَقَالَ إِن هَذَا لشراب مَا انْتهى إِلَيْهِ وَفِيه وَلَا يشرب رجل من خمر أفسدت حَتَّى يبْدَأ الله بفسادها فَعِنْدَ ذَلِك يطيب وَالَّذِي فِي هَذَا الحَدِيث من كَلَام عمر هُوَ وصف الطلاء وَقد رَوَاهُ يُونُس عَن ابْن شهَاب عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن أسلم أَن عمر أُتِي بالطلاء فَقَالَ إِن فِي هَذَا الشَّرَاب مَا انْتهى إِلَيْهِ فَهَذَا هُوَ أصل الحَدِيث وَهُوَ الَّذِي فِيهِ من كَلَام عمر وَقد كَانَ ابْن شهَاب كثير مَا يروي الحَدِيث فيدرج قَوْله فِيهِ فيظن بعض السامعين أَنه من الحَدِيث وَقد روى الْحسن عَن عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ أَن تَاجِرًا اشْترى خمرًا فَأمره أَن يصبهَا فِي دجلة فَقَالُوا أَلا تَأمره أَن يَجْعَلهَا خلا فَنَهَاهُ عَن ذَلِك وَهَذَا يحْتَمل مَا ذَكرْنَاهُ من وَجه التَّغْلِيظ وَقطع الْعَادة فِي إِِمْسَاكهَا وَقد روى أَبُو إِدْرِيس الْخَولَانِيّ أَن أَبَا الدَّرْدَاء كَانَ يَأْكُل المربى الَّذِي جعل فِيهِ الْخمر وَيَقُول ذكته الشَّمْس وَالْملح الجزء: 4 ¦ الصفحة: 362 وكما لَا يخْتَلف حكم جلد الْميتَة فِي دبغه بعلاج آدَمِيّ أَو غَيره كَذَلِك اسْتِحَالَة الْخمر خلا 2056 - فِيمَن اضْطر إِلَى شرب الْخمر قَالَ أَبُو حنيفَة يشرب مِنْهَا مِقْدَار مَا يمسك رمقه إِذا كَانَ يرد عطشه وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لَا يفعل لِأَنَّهَا لَا تزيده إِلَّا عطشا وجوعا وَقَالَ الشَّافِعِي وَلِأَنَّهَا تذْهب بِالْعقلِ قَالَ أَبُو جَعْفَر إِذا كَانَت تمسك الرمق فالضرورة إِلَيْهَا دافعة كالميتة وَإِذا لم ترْتَفع بهَا الضَّرُورَة وَلَا ينْتَفع بشربها فِي إمْسَاك الرمق فَلَيْسَ إِذا بمضطر إِلَيْهَا وَلَا إِبَاحَة فِيهَا فيستحيل حِينَئِذٍ جَوَاب من أجَاب حِين يسْأَل عَمَّن اضْطر إِلَى شرب الْخمر فَإِنَّهَا لَا تحل وَإِنَّمَا يَنْبَغِي حِينَئِذٍ أَن يُجيب بِأَن يَقُول لَا يضْطَر إِلَيْهَا فيحيل مَسْأَلَة السَّائِل وَأما مَا ذكره الشَّافِعِي من ذهَاب الْعقل بشربها فَلَيْسَ هُوَ مِمَّا نَحن فِيهِ من شَيْء لِأَنَّهُ يسْأَل عَن الْمِقْدَار الَّذِي لَا يذهب الْعقل إِذا اضْطر إِلَيْهِ 2057 - فِي الشّرْب فِي الْقدح المفضض قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه لَا بَأْس بِأَن يشرب الرجل فِي الْقدح المفضض إِذا لم يَجْعَل فَاه على الْفضة كالشرب بِيَدِهِ وفيهَا الْخَاتم وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك لَا أحب أَن يدهن فِي مدهن الْوَرق وَلَا يستجمر فِي مجامر الْوَرق الحديث: 2056 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 363 وَسُئِلَ مَالك عَن ثلمة الْقدح وَمَا يَلِي الْأذن فَقَالَ مَالك قد سَمِعت سَمَاعا كَأَنَّهُ يُضعفهُ وَمَا علمت فِيهِ بنهي وَقَالَ ابْن وهب سَمِعت اللَّيْث يكره أَن يشرب أَو يُؤْكَل فِي الْقدح والصحفة الَّتِي فِيهَا تضبيب بالورق مثل قَول مَالك بن أنس فَفِي هَذِه الرِّوَايَة عَن مَالك كَرَاهَته وَقَالَ الشَّافِعِي وأكره المضبب بِالْفِضَّةِ لِئَلَّا يكون شاربا على الْفضة قَالَ أَبُو جَعْفَر رُوِيَ عَن ابْن عمر أَنه لم يشرب فِي الْقدح المفضض لما سمع من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من نَهْيه عَن الشّرْب فِي آنِية الْفضة وَالذَّهَب رَوَاهُ مُوسَى بن أعين عَن خصيف عَن نَافِع عَن ابْن عمر فَاحْتمل ذَلِك أَن يكون مِنْهُ على التورع لَا على النَّهْي كَمَا روى عِيسَى بن يُونُس عَن الْمُغيرَة بن زِيَاد عَن أبي عَمْرو مولى أَسمَاء قَالَ رَأَيْت ابْن عمر اشْترى جُبَّة فِيهَا خيط أَحْمَر فَردهَا فَأتيت أَسمَاء فَذكرت ذَلِك لَهَا فَقَالَت بؤسا لِابْنِ عمر يَا جَارِيَة ناوليني جُبَّة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأخرجت إِلَيْنَا جُبَّة مَكْفُوفَة الجيب والكمين والفرج بالديباج وَكَانَ ذَلِك مِنْهُ لَا على وَجه التَّحْرِيم وَإِنَّمَا على وَجه الْمُبَالغَة فِي ترك الْحَرِير المنهى عَنهُ كنضحه المَاء فِي عَيْنَيْهِ لفسل الْجَنَابَة لَا لوُجُوب ذَلِك عَلَيْهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 364 وَقد روى ابْن عون عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن بنت أبي عَمْرو مولى عَائِشَة قَالَت أَبَت عَائِشَة أَن ترخص لنا فِي تفضيض الْآنِية وروى أَبُو نعيم قَالَ حَدثنَا شريك عَن حميد قَالَ رَأَيْت عِنْد أنس قدح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيهِ فضَّة أَو قد شدّ بِفِضَّة قَالَ أَبُو جَعْفَر فَلَا يَخْلُو من أَن ذَلِك قد كَانَ فِي زمَان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو أحدثه فِيهِ أنس بعده وَأي ذَلِك كَانَ فقد ثَبت عَن أنس إِبَاحَته لِأَنَّهُ كَانَ يسْقِي النَّاس فِيهِ تبركا برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد رُوِيَ عَن قَتَادَة قَالَ كَانَ عمرَان بن حُصَيْن وَأنس بن مَالك يشربان فِي الْإِنَاء المفضض وَعَن طَاوس وَمُحَمّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن وَالْحكم بن عُيَيْنَة وَإِبْرَاهِيم وَحَمَّاد وَالْحسن عَن أبي الْعَالِيَة أَنهم كَانُوا يشربون فِي الْإِنَاء المفضض 2058 - فِي حكم عصير الْعِنَب بعد الطَّبْخ قَالَ أَبُو يُوسُف فِي الْعصير إِذا غلنى فَهُوَ خمرة وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا بَأْس بِهِ مَا لم يقذف بالزبد فَإِن طبخ حَتَّى يذهب ثُلُثَاهُ الحديث: 2058 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 365 وَيبقى الثُّلُث ثمَّ غلنى بعد ذَلِك فَلَا بَأْس بِهِ وَهَذَا قد خرج عَن حَال الْمَكْرُوه الْحَرَام إِلَى حَال الْحَلَال فَلَا بَأْس بِهِ غلن أَو لم يغل وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك لَا يعْتَبر الغليان أحده إِذا أسكر وَلَا أحده إِذا لم يسكر وَلَا ألتفت إِلَى الغليان وَلَا إِلَى ذهَاب الثُّلثَيْنِ بالطبخ وَقَالَ الثَّوْريّ أشْرب الْعصير مَا لم يغل وغليانه أَن يقذف بالزبد فَإِذا غلنى فَهُوَ خمر وَقَالَ اللَّيْث لَا بَأْس بِشرب الْعصير إِذا طبخ حَتَّى يذهب ثُلُثَاهُ وَيبقى ثلثه وَقَالَ لَا بَأْس بِشرب الْعصير حَتَّى يغلي وَقَالَ الشَّافِعِي كل شراب أسكر كَثِيره فقليله حرَام وَفِيه الْحَد قِيَاسا على الْخمر وَلَا يحد إِلَّا بِأَن يَقُول شربت الْخمر أَو يشْهد عَلَيْهِ بِهِ أَو يَقُول شربت مَا يسكر أَو يشرب من إِنَاء هُوَ وَنَفر فيسكر بَعضهم فَيدل على أَن الشَّرَاب مُسكر وَاحْتج بِأَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ لَا أُوتى بِأحد شرب خمرًا أَو نبيذا مُسكرا إِلَّا جلدته الْحَد قَالَ أَبُو جَعْفَر روى الشّعبِيّ عَن حَيَّان بن حُصَيْن الْأَسدي أَن عمارا أرَاهُ كتاب عمر بن الْخطاب إِلَيْهِ بِأَن يَأْمر الْمُسلمين بِشرب الْعصير الَّذِي قد طبخ حَتَّى يذهب ثُلُثَاهُ وَيبقى ثلثه وَأَن عمارا شربه وَأمر بِهِ النَّاس قَالَ هَذَا شراب لم نَكُنْ نشربه حَتَّى أمرنَا بِهِ أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 366 دَاوُد بن أبي هِنْد قلت لسَعِيد بن الْمسيب الطلاء الَّذِي أحله عمر للنَّاس مَا هُوَ قَالَ مَا ذهب ثُلُثَاهُ وَبَقِي ثلثه فَإِن قيل إِنَّمَا أَبَاحَ ذَلِك لِأَنَّهُ قَالَ لَهُ بعض أهل الأَرْض إِنَّه لَا يسكر قيل لَهُ قد أَمر النَّاس بشربه وَلم يسْتَثْن لَهُم مَا لَا يسكر مِمَّا يسكر وَتَابعه عَلَيْهِ الصَّحَابَة من غير نَكِير 2059 - فِي الانتباذ فِي الْأَوَانِي قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه لَا بَأْس بالانتباذ فِي جَمِيع الْأَوَانِي وروى ابْن الْقَاسِم عَن مَالك أَنه كره الانتباذ فِي الدُّبَّاء والمزفت وَلَا يكره غير ذَلِك وَكره الثَّوْريّ الانتباذ فِي الدُّبَّاء والحنتم والنقير والمزفت وَقَالَ الشَّافِعِي لَا أكره من الأنبذة إِذا لم يكن الشَّرَاب يسكر شَيْئا إِلَّا شَيْئا مُسَمّى بِعَيْنِه بَعْدَمَا سمى فِي الْآثَار من الحنتم والنقير والدباء والمزفت قَالَ أَبُو جَعْفَر رُوِيَ عَن عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام أَنه نهى عَن الدُّبَّاء والمزفت وروى ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى وَفد عبد الْقَيْس عَن الدُّبَّاء والحنتم والمزفت الحديث: 2059 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 367 وروى ابْن عَبَّاس وَابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حرم نَبِيذ الْجَرّ قَالَ ابْن عَبَّاس والجر كل شَيْء من الْمدر وَقَالَت عَائِشَة نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن ينتبذ فِي الدُّبَّاء والحنتم والمزفت فَهَذِهِ آثَار قد رويت فِي النَّهْي عَن الأوعية وروى سُفْيَان عَن مَنْصُور عَن سَالم بن أبي الْجَعْد عَن جَابر قَالَ لما نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الأعية قَالَت الْأَنْصَار إِنَّا لَا بُد لنا مِنْهَا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَا إِذا وَقد روى شريك عَن زِيَاد بن فياض عَن أبي عِيَاض عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الأوعية فَقَالَ لَا تنبذوا فِي الدُّبَّاء والحنتم والنقير فَقَالَ أَعْرَابِي لَا ظروف لنا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اشربوا مَا حل لكم وَاجْتَنبُوا كل مُسكر وروى يَعْقُوب بن مُجَاهِد عَن عبد الرَّحْمَن بن جَابر بن عبد الله عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِنِّي كنت نَهَيْتُكُمْ أَن تنبذوا فِي الدُّبَّاء والحنتم والمزفت فانتبذوا وَلَا أحل مُسكرا وروى وَاسع بن حبَان عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 368 وروى سماك بن حَرْب عَن الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن مَسْعُود عَن أَبِيه عَن أبي بردة بن نيار قَالَ قَالَ لنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنِّي كنت نَهَيْتُكُمْ عَن الشّرْب فِي الأوعية فَاشْرَبُوا فِيمَا بدا لكم وَلَا تسكروا وروى سُفْيَان الثَّوْريّ عَن عَلْقَمَة بن مرْثَد عَن أبي بُرَيْدَة عَن أَبِيه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثله وروى أَبُو الْعَالِيَة وَغَيره عَن عبد الله بن الْمُغَفَّل قَالَ شهِدت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين نهى عَن نَبِيذ الْجَرّ وشهدته حِين أَمر بشربه فَقَالَ اجتنبوا الْمُسكر وروى خَالِد الْحذاء عَن شهر بن حَوْشَب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ لما وَفد عبد الْقَيْس قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل امرىء حسيب نَفسه لينتبذ كل قوم فِيمَا بدا لَهُم فَهَذِهِ الْآثَار ناسخة للأولى وَقد ورى أنس أَنه كَانَ ينتبذ لَهُ فِي جرة خضراء وَهُوَ أحد من روى النَّهْي عَن نَبِيذ الْجَرّ 2060 - فِي الخليطين من الْأَشْرِبَة قَالَ أَبُو حنيفَة لَا بَأْس بِشرب الخليطين من الْبُسْر وَالتَّمْر أَو الزَّبِيب وَالتَّمْر كَمَا لَو طبخ على الِانْفِرَاد حل كَذَلِك إِذا طبخ مَعَ غَيره الحديث: 2060 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 369 وَرُوِيَ عَن ابْن عمر وَإِبْرَاهِيم وَهُوَ قَول أبي يُوسُف الآخر وَقَالَ مُحَمَّد أكره الْمُعْتق من التَّمْر وَالزَّبِيب وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك لَا يجمع بَين شرابين وَإِن لم يسكر وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْن الْقَاسِم عَنهُ وَلما رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه نهى أَن ينْبذ الْبُسْر وَالتَّمْر جَمِيعًا وَأَن ينْبذ الزهور وَالرّطب أَيْضا جَمِيعًا وروى الْمعَافى عَن الثَّوْريّ أَنه كره من النَّبِيذ الخليطين والسلافة وَالْمُعتق وَقَالَ اللَّيْث لَا أرى بَأْسا بِأَن يخلط نَبِيذ التَّمْر ونبيذ الزَّبِيب ثمَّ يشربان جَمِيعًا وَإِنَّمَا جَاءَ الحَدِيث فِي الْكَرَاهِيَة أَن ينبذا جَمِيعًا ثمَّ يشربان لِأَن أَحدهمَا يشْتَد بِهِ صَاحبه وَقَالَ الشَّافِعِي نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الخليطين ثمَّ لم يذكر مُخَالفَة مِنْهُ لذَلِك وروى ابْن عَبَّاس وَأَبُو قَتَادَة وَجَابِر بن عبد الله وَأَبُو سعيد وَأنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى أَن ينْبذ التَّمْر وَالزَّبِيب والزهور وَالرّطب وروى معبد بن كَعْب عَن أمه وَكَانَت قد صلت الْقبْلَتَيْنِ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن الخليطين الجزء: 4 ¦ الصفحة: 370 قَالَ أَبُو جَعْفَر وَاحْتمل أَن يكون النَّهْي على وَجه التَّحْرِيم وَاحْتمل أَن يكون لضيف الْعَيْش كَرَاهَة السَّرف كَمَا روى عَن جبلة بن سحيم قَالَ أصابتنا سنة فرآنا ابْن عمر وَنحن نَأْكُل التَّمْر فَقَالَ لنا لَا تقارنوا فَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن الْقرَان قَالَ ابْن عمر إِلَّا أَن يسْتَأْذن الرجل مِنْكُم أَخَاهُ وَالنَّهْي عَن الخليطين هَذَا مَعْنَاهُ لِأَن كل وَاحِد على حياله يجوز شربه كَمَا يجوز أكل كل تَمْرَة على حيالها 2061 - فِي شرب النَّبِيذ الشَّديد قَالَ بشر عَن أبي يُوسُف قَالَ أَبُو حنيفَة الْخمر حرَام قليلها وكثيرها وَالسكر حرَام وَلَيْسَ كتحريم الْخمر ونقيع الزَّبِيب إِذا غلن حرَام وَلَيْسَ كتحريم الْخمر والنبيذ الْمُعْتق الْمَطْبُوخ لَا بَأْس بِهِ من أَي شَيْء كَانَ وَإِنَّمَا يحرم مِنْهُ الْقدح الَّذِي يسكر وَقَالَ أَبُو يُوسُف من قعد يطْلب السكر فَالْأول عَلَيْهِ حرَام والمقعد عَلَيْهِ حرَام وَالْمَشْي إِلَى المقعد عَلَيْهِ حرَام كَمَا أَن الزِّنَا عَلَيْهِ حرَام وَكَذَلِكَ الْمَشْي فِي طلبه وَإِن قعد وَهُوَ لَا يُرِيد السكر فَلَا بَأْس قَالَ أَبُو يُوسُف وَلَا بَأْس بالنقيع من كل شَيْء وَإِن غلن مَا خلا الزَّبِيب وَالتَّمْر وَهُوَ قَول أبي حنيفَة فِيمَا حَكَاهُ مُحَمَّد من غير خلاف الحديث: 2061 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 371 وروى هِشَام عَن مُحَمَّد مَا أسكر كَثِيره فالأحب إِلَيّ أَن لَا يشربه وَلَا أحرمهُ وروى ابْن وهب عَن مَالك قَالَ السّنة عندنَا أَن من شرب شرابًا يسكر فَسَكِرَ أَو لم يسكر فَعَلَيهِ الْحَد قَالَ الْمعَافى وَقَالَ الثَّوْريّ أكره نَقِيع التَّمْر ونقيع الزَّبِيب إِذا غلى وَهُوَ السكر قَالَ الْمعَافى وَسُئِلَ الثَّوْريّ عَن نَقِيع الْعَسَل فَقَالَ لَا بَأْس بِهِ وروى أَحْمد بن يُونُس عَن الْمعَافى عَن سُفْيَان الثَّوْريّ قَالَ أشْرب من النَّبِيذ كَمَا تشرب من المَاء وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ كل مُسكر وكل مخدر فَهُوَ حرَام وَقَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي مَا أسكر كَثِيره فقليله حرَام قَالَ أَبُو جَعْفَر الْخمر مُحرمَة بِنَصّ الْكتاب قَالَ الله تَعَالَى {يَسْأَلُونَك عَن الْخمر وَالْميسر قل فيهمَا إِثْم كَبِير وَمَنَافع} وَقَالَ فِي آيَة أُخْرَى {قل إِنَّمَا حرم رَبِّي الْفَوَاحِش مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن وَالْإِثْم} فَحصل من مَجْمُوع الْآيَتَيْنِ تَحْرِيم الْخمْرَة وَالْخمر هِيَ الَّتِي تعتصر من الْعِنَب لقَوْله تَعَالَى حاكيا عَن صَاحب يُوسُف {إِنِّي أَرَانِي أعصر خمرًا} فَدلَّ على أَن الْخمر معتصرة وَأَنَّهَا خلاف الْأَشْيَاء الَّتِي ينتبذ فِي الأوعية الجزء: 4 ¦ الصفحة: 372 ثمَّ رُوِيَ عَن الشّعبِيّ عَن ابْن عمر عَن عمر أَنه قَالَ إِن الْخمر حرمت وَهِي من خَمْسَة أَشْيَاء من الْعِنَب وَالتَّمْر وَالْعَسَل وَالْحِنْطَة وَالشعِير وَالْخمر مَا خامر الْعقل وروى عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ نزل تَحْرِيم الْخمر وَهِي الفضيخ فَأخْبر فِي هَذَا الحَدِيث أَن الْخمر هُوَ الفضيخ وروى مَالك بن مغول عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ لقد حرمت الْخمر وَمَا بِالْمَدِينَةِ مِنْهَا شَيْء فَفِي هَذَا الحَدِيث أَن الفضيخ وَمَا يخرج من النّخل لَيْسَ بِخَمْر لِأَنَّهُ كَانَ فِي الْمَدِينَة من ذَلِك فَهَذَا خلاف مَا رُوِيَ عَن عمر أَن الْخمر من خَمْسَة أَشْيَاء وروى حميد الطَّوِيل عَن أنس قَالَ كنت أَسْقِي أَبَا عُبَيْدَة وَأبي بن كَعْب وَسُهيْل بن بَيْضَاء فِي نفر فِي بَيت أبي طَلْحَة فَمر بِنَا رجل فَقَالَ إِن الْخمر قد حرمت فوَاللَّه مَا قَالُوا حَتَّى نتبين حَتَّى قَالُوا أهرق مَا فِي إنائك يَا أنس ثمَّ مَا عَادوا فِيهَا حَتَّى لقوا الله تَعَالَى وَأَنه من الْبُسْر وَالتَّمْر وَهُوَ خمرنا يَوْمئِذٍ فَأخْبر أنس أَن الْخمر يَوْمئِذٍ التَّمْر والبسر فَانْتفى بذلك أَن يكون غَيرهمَا خمرًا عِنْده وروى قَتَادَة عَن أنس هَذَا الحَدِيث وَقَالَ إِنَّمَا نعدها يَوْمئِذٍ خمرًا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 373 وروى ثَابت عَن أنس قَالَ حرمت علينا الْخمر يَوْم حرمت وَمَا اتخذ خمور الأعناب إِلَّا الْقَلِيل وَعَامة خمورنا الْبُسْر وَالتَّمْر وروى الْمُخْتَار بن فلفل قَالَ سَأَلت أنس بن مَالك عَن الْأَشْرِبَة فَقَالَ حرمت الْخمر وَهِي من الْعِنَب وَالتَّمْر وَالْعَسَل وَالْحِنْطَة وَالشعِير والذرة وَمَا حرمت من ذَلِك فَهُوَ خمر فَهَذَا مَا رُوِيَ عَن الصَّحَابَة فِي الْخمر وَرُوِيَ يحيى بن أبي كثير عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْخمر من هَاتين الشجرتين النَّخْلَة والعنبة فَأخْبر أَن الْخمر مِنْهُمَا وَفِي ذَلِك نفى أَن يكون من سواهُمَا فاتفقت الْأمة أَن عصير الْعِنَب الَّذِي اشْتَدَّ وغلى وَقذف بالزبد فَهُوَ خمر وَإِن مستحله كَافِر فَهَذَا يدل على أَن حَدِيث ابْن أبي كثير أَن الْخمر من هَاتين الشجرتين غير مَعْمُول بِهِ عِنْدهم لأَنهم لَو قبلوه لأكفروا مستحل نَقِيع التَّمْر فَثَبت أَنه لم يدْخل فِي الْخمر الْمُحرمَة غير عصير الْعِنَب النيء المشتد الَّذِي قد بلغ أَن يسكر ثمَّ لَا يَخْلُو الْخمر من أَن يكون التَّحْرِيم مُتَعَلقا بهَا غير مقيس عَلَيْهَا غَيرهَا أَو يجب الْقيَاس عَلَيْهَا فوجدناهم جَمِيعًا قد قاسوا عَلَيْهَا نَقِيع التَّمْر إِذا غلى وأسكر كَثِيره وَكَذَلِكَ نَقِيع الزَّبِيب فَوَجَبَ قِيَاسا على ذَلِك أَن يحرم كل مَا أسكر كَثِيره وَقد رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ كل مُسكر حرَام وَاسْتغْنى عَن ذكر الجزء: 4 ¦ الصفحة: 374 سَنَده لقَوْل الْجَمِيع لَهُ وَإِنَّمَا الْخلاف بَينهم فِي تَأْوِيله فَقَالَ بَعضهم أَرَادَ بِهِ مَا يَقع السكر عِنْده كَمَا لَا يُسمى قَاتلا إِلَّا مَعَ وجود الْقَتْل وَقَالَ آخَرُونَ أَرَادَ بِهِ جنس مَا يسكر وَقد روى أَبُو عون الثَّقَفِيّ عَن عبد الله بن شَدَّاد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ حرمت الْخمْرَة بِعَينهَا الْقَلِيل مِنْهَا وَالْكثير وَالسكر من كل شراب فَفِي هَذَا الحَدِيث أَن غير المخمر لم يحرم عينه كَمَا حرمت الْخمْرَة بِعَينهَا 2062 - فِي لبس الْخَزّ الَّذِي بعضه حَرِير قَالَ أَبُو حنيفَة لَا بَأْس بِلبْس مَا كَانَ سداه حَرِير وَلحمَته غير ذَلِك وأكره مَا كَانَ سداه بحرير وَلحمَته حَرِير وروى إِسْمَاعِيل بن سَالم عَن مُحَمَّد بن الْحسن قَالَ لَا نرى بِلبْس الْحَرِير بَأْسا مَا لم تكن فِيهِ شهرة فَإِذا كَانَت فِيهِ شهرة فَلَا خير فِيهِ وَقَالَ ابْن وهب وَابْن الْقَاسِم عَن مَالك أكره لبس الْخَزّ لِأَن سداه حَرِير وأباح الشَّافِعِي لبس قبَاء محشو بقز لِأَن القز بَاطِن قَالَ أَبُو جَعْفَر قد أَجمعُوا على نهي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن لِبَاس الْحَرِير الحديث: 2062 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 375 وروت أَسمَاء بنت أبي بكر أَن جُبَّة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَت مَكْفُوفَة الجيب والكمين والفرج بالديباج فَاحْتمل أَن يكون كَانَ يلبسهَا فِي الْحَرْب للْحَاجة إِلَيْهَا وَلَا دلَالَة فِيهِ على جَوَاز لبسهَا فِي غير الْحَرْب وروى الشّعبِيّ عَن سُوَيْد بن غَفلَة أَن عمر بن الْخطاب قَالَ نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن لبس الْحَرِير إِلَّا مَوضِع إِصْبَعَيْنِ وروى خصيف عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ إِنَّمَا نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الثَّوْب المصمت فَأَما السدى وَالْعلم فَلَا يَعْنِي من الْحَرِير قَالَ الشّعبِيّ رَأَيْت على الْحُسَيْن بن عَليّ عَلَيْهِمَا السَّلَام جُبَّة خَز وَقَالَ بشر بن سعيد قَالَ رَأَيْت على سعد بن أبي وَقاص جُبَّة شامية قِيَامهَا خَز وَرَأَيْت على زيد بن ثَابت خمائص معلمة قَالَ وهب بن كيسَان رَأَيْت سعد بن أبي وَقاص وَجَابِر بن عبد الله وَأَبا هُرَيْرَة وَأنس بن مَالك يلبسُونَ الْخَزّ وَقَالَ عُرْوَة كست عَائِشَة عبد الله بن الزبير مطرف خَز فَهَؤُلَاءِ أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد لبسوا الْخَزّ فَإِن قيل إِن هَذَا كَانَ خَزًّا لَا حَرِير فِيهِ قيل لَهُ قد روى صَفْوَان بن عبد الله أَن سَعْدا اسْتَأْذن على ابْن عَامر وَتَحْته مرافق من حَرِير فَأمر بهَا فَرفعت فَدخل سعد وَعَلِيهِ مطرف شطره حَرِير فَقَالَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 376 لَهُ ابْن عَامر يَا أَبَا إِسْحَاق اسْتَأْذَنت عَليّ وتحتي مرافق حَرِير فَأمرت بهَا فَرفعت فَقَالَ نعم الرجل أَنْت يَا ابْن عَامر إِن لم تكن من الَّذِي قَالَ الله تَعَالَى {أَذهَبْتُم طَيِّبَاتكُمْ فِي حَيَاتكُم الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بهَا} لِأَن أضطجع على جمر الغضا أحب إِلَيّ من أَن أضطجع على مرافق حَرِير فَقَالَ لَهُ فَهَذَا عَلَيْك مطرف شطره خَز وشطره حَرِير قَالَ إِنَّمَا يَلِي جلدي مِنْهُ الْخَزّ وروى عمار بن أبي عمار أَن مَرْوَان قدمت عَلَيْهِ مطارف خَز فكساها أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَأَنِّي أنظر إِلَى أبي هُرَيْرَة عَلَيْهِ مِنْهَا مطرف أغبر فَكَأَنِّي أنظر إِلَى طرائق إلإبريسيم فِيهِ فَدلَّ على أَن الْخَزّ الَّذِي لبسوه هُوَ الَّذِي فِيهِ الْحَرِير الجزء: 4 ¦ الصفحة: 377 = كتاب الْكَرَاهَة = 2063 - فِي الْمَكْرُوه من التصاوير قَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله يكره التصاوير فِي الْبيُوت بتمثال وَلَا يكره ذَلِك فِي الْبسَاط وَلم يذكر خلافًا قَالَ وَقَوْلهمْ الَّذِي لَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ أَن التصاوير فِي الستور الْمُعَلقَة مَكْرُوه وَكَذَلِكَ مَا كَانَ خرطا أَو نقشا فِي الْبناء وَقَالَ ابْن الْقَاسِم كَانَ مَالك يكره التماثيل فِي الأسرة والقباب وَأما الْبسَاط والوسائد وَالثيَاب فَلَا بَأْس بِهِ لِأَنَّهُ يمتهن وَكره أَن يُصَلِّي إِلَى قبَّة فِيهَا تماثيل وَقَالَ الثَّوْريّ لَا بَأْس بالصور فِي الوسائد لِأَنَّهَا تُوطأ وتجلس عَلَيْهَا وَكره الْحسن بن حَيّ أَن يدْخل بَيْتا فِيهِ تِمْثَال أَو تماثيل كَنِيسَة أَو غير ذَلِك وَكَانَ لَا يرى بَأْسا بِالصَّلَاةِ فِي الْكَنِيسَة والبيعة وَكره اللَّيْث التماثيل الَّتِي تكون فِي الْبيُوت والأسرة والقباب والطساس والمنارات إِلَّا مَا كَانَ رقما فِي ثوب وَقَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي وَإِن دعِي رجل إِلَى عرس فَرَأى صورا ذَات أَرْوَاح لم يدْخل إِن كَانَت مَنْصُوبَة وَإِن كَانَت تُوطأ فَلَا بَأْس وَإِن كَانَ صور الشّجر فَلَا بَأْس الحديث: 2063 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 379 روى عَليّ وَابْن عَبَّاس وَأُسَامَة بن زيد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الْمَلَائِكَة لَا تدخل بَيْتا فِيهِ صُورَة وروى الزُّهْرِيّ عَن الْقَاسِم عَن عَائِشَة قَالَت دخل عَليّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا مستترة بقرام فِيهِ صور فهتكه ثمَّ قَالَ إِن أَشد النَّاس عذَابا يَوْم الْقِيَامَة الَّذين يشبهون بِخلق الله تَعَالَى قَالَ أَبُو جَعْفَر عُمُومه يَقْتَضِي الرقم والنحت وَغَيره وروى عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أمه أَسمَاء بنت عبد الرَّحْمَن عَن عَائِشَة قَالَت قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من سفر وَعِنْدِي نمط فِيهِ صُورَة فَوَضَعته على سهوتي فَأَخذه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاجتبذه وَقَالَ لَا تستري الْجِدَار قَالَت فصنعته وسادتين فَرَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يرتفق عَلَيْهِمَا وروى الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة نَحْو ذَلِك فَدلَّ على كَرَاهَة التماثيل مَا كَانَ مِنْهَا رقما أَو نحتا وعَلى انه لَا يكره فِي الوسائد والبسط وروى عَن عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة قَالَ اشْتَكَى أَبُو طَلْحَة بن سهل فَقَالَ لي عُثْمَان بن حنيف هَل لَك فِي أبي طَلْحَة نعوده فَقلت نعم فجئناه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 380 فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ وَتَحْته نمط فِيهِ صُورَة فَقَالَ ابعدوا هَذَا النمط عني فَقَالَ لَهُ عُثْمَان بن حنيف أَو مَا سَمِعت يَا أَبَا طَلْحَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين نهى عَن الصُّورَة فَقَالَ إِلَّا رقما فِي ثوب أَو ثوبا فِيهِ رقم قَالَ بلَى وَلكنه أطيب لنَفْسي فأميطوه عَنى قَالَ أَبُو جَعْفَر فَيحمل هَذَا الحَدِيث على أَنه رقم فِي ثوب يُوطأ ويمتهن كالوسائد والبسط 2064 - فِي شعر الْخِنْزِير للخرازين قَالَ أَصْحَابنَا لَا ينْتَفع من الْخِنْزِير بِشَيْء وَلَا يجوز بيع شَيْء مِنْهُ وَيجوز للخرازين أَن ينتفعوا بشعرة وبشعرتين للخرز وَكره أَبُو يُوسُف الخرز بِهِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا بَأْس بِأَن يخاط بِشعر الْخِنْزِير وَيجوز للخراز أَن يَشْتَرِيهِ وَلَا يَبِيعهُ وَقَالَ الْمُزنِيّ خَالف الشَّافِعِي الْمَدَنِيين والكوفيين فِي الِانْتِفَاع بِشعر الْخِنْزِير فَقَالَ لَا ينْتَفع بِشَيْء مِنْهُ قَالَ أَبُو جَعْفَر الْخِنْزِير محرم الْعين لَا يجوز الِانْتِفَاع بِهِ فِي حَيَاته وَلَا بعد مَوته أَلا ترى أَنه لَا ينْتَفع بجلده وَإِن دبغ وَكَذَلِكَ شعره الحديث: 2064 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 381 2065 - فِي إحفاف الشَّارِب قَالَ أَبُو جَعْفَر أما أَبُو حنيفَة وَزفر وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد فَكَانَ مَذْهَبهم فِي شعر الرَّأْس والشارب أَن الإحفاء أفضل من التَّقْصِير عَنهُ وَإِن كَانَ مَعَه حلق بعض الشّعْر وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك قَالَ إحفاء الشَّارِب عِنْدِي مثلَة قَالَ مَالك وَتَفْسِير حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي إحفاف الشَّارِب الإطار وَكَانَ يكره أَن يُؤْخَذ من أَعْلَاهُ وَإِنَّمَا كَانَ يُوسع ذَا الإطار مِنْهُ فَقَط وَذكر عَنهُ أَشهب قَالَ سَأَلت مَالِكًا عَمَّن أحفى شَاربه فَقَالَ أرى أَن يوجع ضربا لَيْسَ حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الإحفاء كَانَ يُبْدِي حُرُوف الشفتين الإطار ثمَّ قَالَ لمن يحلق شَاربه هَذِه بدع فَظهر فِي النَّاس كَانَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ إِذا أكربه أَمر نفخ فَجعل رجل يراده وَهُوَ يفتل شَاربه وَسُئِلَ الْأَوْزَاعِيّ عَن الرجل يحلق رَأسه فَقَالَ أما فِي الْحَضَر فَلَا يعرف إِلَّا يَوْم النَّحْر وَهُوَ فِي الْغَزْو وَكَانَ عِنْده ابْن أبي لبَابَة فَذكر فِيهِ فضلا عَظِيما وَقَالَ اللَّيْث لَا أحب أَن يحلق شَاربه جدا حَتَّى يبلغ الْجلد وأكرهه وَلَكِن يقص 2 الَّذِي على طرف الشَّارِب وأكره أَن يكون طَوِيل الشاربين وَقَالَ إِسْحَاق بن أبي إِسْرَائِيل سَأَلت عبد الْمجِيد بن عبد الْعَزِيز بن أبي رواد عَن حلق الرَّأْس فَقَالَ أما بِمَكَّة فَلَا بَأْس بِهِ لِأَنَّهُ بلد الْحلق وَأما فِي غَيره فِي الْبلدَانِ فَلَا قَالَ أَبُو جَعْفَر لم نجد عَن الشَّافِعِي فِي ذَلِك شَيْئا مَنْصُوصا وَأَصْحَابه الحديث: 2065 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 382 الَّذين رأيناهم الْمُزنِيّ وَالربيع يحفان شواربهما فَدلَّ على أَنَّهُمَا أخذا ذَلِك عَن الشَّافِعِي وَقد رَوَت عَائِشَة وَأَبُو هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ الْفطْرَة عشر مِنْهَا قصّ الشَّارِب وروى الْمُغيرَة بن شُعْبَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخذ من شَاربه على سواك وَذَلِكَ مِمَّا لَا يكون مَعَه إحفاء وَهَذَا يحْتَمل أَن يكون إِنَّمَا فعل ذَلِك لِأَنَّهُ لم يقدر بِمَا كَانَ مَعَه مِمَّا يَأْخُذ بِهِ غير مَا فعل فَترك حلقه لعدم الْآلَة الَّتِي يكون بهَا الْحلق فِي الْوَقْت وروى عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يجز شَاربه وَهَذَا يحْتَمل أَن يكون على الجز الَّذِي مَعَه الإحفاء وروى عبيد الله بن عمر عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ جزوا الشَّوَارِب وارخوا اللحى هَذَا يحْتَمل الإحفاء أَيْضا وروى الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ جزوا الشَّوَارِب وأرخوا اللحى وَهَذَا يحْتَمل أَيْضا وروى عمر بن أبي سَلمَة عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ اُحْفُوا الشَّوَارِب وَاعْفُوا اللحى فَدلَّ بِهِ على المُرَاد بالجز الجزء: 4 ¦ الصفحة: 383 وَقد رُوِيَ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ وَأبي أسيد وَرَافِع بن خديج وَسَهل بن سعد وَعبد الله بن عمر وَجَابِر بن عبد الله وَأبي هُرَيْرَة أَنهم كَانُوا يحفونَ شواربهم وَقَالَ إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن حَاطِب رَأَيْت ابْن عمر يحفي شَاربه كَأَنَّهُ ينتفه وَقَالَ بَعضهم حَتَّى يرى بَيَاض الْجلد وَلما كَانَ التَّقْصِير مسنونا فِي الشَّارِب عِنْد الْجَمِيع كَانَ الْحلق أفضل كالرأس وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رحم الله المحلقين ثَلَاثًا فَجعل حلق الرَّأْس أفضل من تَقْصِيره وَمَا احْتج بِهِ مَالك أَن عمر كَانَ يفتل شَاربه إِذا غضب فَجَائِز أَن يكون كَانَ يتْركهُ حَتَّى يُمكن فتله ثمَّ يحلقه كَمَا يرى كثيرا من النَّاس يَفْعَله 2066 - فِي تهنئة الْعِيد عبد الله بن يُوسُف قَالَ سَأَلت مَالِكًا عَن قَول النَّاس فِي الْفطر والأضحى قبل الله منا ومنكم قَالَ ذَلِك من فعل الْأَعَاجِم وَكَرِهَهُ وَقَالَ عمر سُئِلَ الْأَوْزَاعِيّ عَن تلاقي النَّاس فِي الْعِيدَيْنِ بالتحية وَالدُّعَاء فَقَالَ التَّحِيَّة بِالسَّلَامِ حسن وتلاقيهم بِالدُّعَاءِ مُحدث وَقَالَ عَمْرو بن خَالِد كُنَّا نأتي اللَّيْث بن سعد فِي الْفطر والأضحى فَتَقول قبل الله مِنْك وَمنا يَا أَبَا الْحَارِث فَيَقُول ومنكم ومنكم وَذكر ابْن وهب عَن اللَّيْث أَنه لَا بَأْس بذلك الحديث: 2066 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 384 وَقَالَ يحيى بن عُثْمَان سَأَلت الْحَارِث بن مِسْكين عَن ذَلِك فَقَالَ لم تزل الْأَشْيَاخ يمصر يَقُول ذَلِك وَلَكِن هَؤُلَاءِ الَّذين يَقُولُونَ سِنِين كَثِيرَة لَا يُرِيدُونَ أَن يموتوا قَالَ أَبُو جَعْفَر وَحدثنَا يحيى بن عُثْمَان قَالَ حَدثنَا نعيم قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن حَرْب عَن مُحَمَّد بن زِيَاد الْأَلْهَانِي قَالَ كُنَّا نأتي أَبَا أُمَامَة وواثلة بن الْأَسْقَع فِي الْفطر والأضحى ونقول لَهما قبل الله منا ومنكم فَيَقُولَانِ ومنكم ومنكم لَا يعلم عَن أحد من الصَّحَابَة فِي ذَلِك كَرَاهَة وَلَا إِبَاحَة غير مَا رُوِيَ عَن أبي أُمَامَة وواثلة وروى أَبُو عوَانَة عَن ابْن عون قَالَ قلت لِلْحسنِ فِي قَول النَّاس فِي المعيدين تقبل الله منا ومنكم فَقَالَ مُحدث وَذكر عبد الرَّحْمَن بن مهْدي أَن هَذَا من كَلَام ابْن عون وَقد روى حَمَّاد بن سَلمَة عَن أَيُّوب قَالَ كُنَّا نأتي مُحَمَّد بن سِيرِين وَالْحسن فِي الْفطر والأضحى فَنَقُول لَهما قبل الله منا ومنكم فَيَقُولَانِ ومنكم وَلما اتَّفقُوا على أَنه جَائِز لمن يُرِيد ذبح الْأُضْحِية أَن يَقُول اللَّهُمَّ تقبل مني جَازَ لغيره أَن يَدْعُو لَهُ بذلك وَكَذَلِكَ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي أَنه جَائِز أَن يَقُول للقادم من الْحَج قبل الله حجك فَجَاز مثله فِي الْعِيدَيْنِ وَقد كَانَ بكار بن قُتَيْبَة والمزني وَأَبُو جَعْفَر بن أبي عمرَان وَيُونُس بن عبد الْأَعْلَى يهنئون بالعيد فيردون مثله على الدَّاعِي لَهُم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 385 2067 - فِي الصَّلَاة فِي السبخة أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه وَمَالك وَاللَّيْث لَا يجوزون الصَّلَاة فِي السبخة وَذكر اللَّيْث أَن بعض النَّاس يكرهها وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جعلت لي الأَرْض مَسْجِدا وَطهُورًا وَيُشبه أَن يكون من كرهها إِنَّمَا كرهها لِأَن الْمُصَلِّي لَا يتَمَكَّن من السُّجُود عَلَيْهَا للتهاون بِمَا لم يُوجد فكره ذَلِك كَمَا نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الصَّلَاة فِي أعطان الْإِبِل للخوف من جنايتها 2068 - فِي الصَّلَاة بَين أشفاع الْقُنُوت فِي رَمَضَان قَالَ مَالك لَا بَأْس بذلك وَمَا علمت أَن أحدا كرهه وَعَن الشَّافِعِي مثل ذَلِك وَكره قوم من أهل الحَدِيث ذَلِك مِنْهُم ابْن حَنْبَل ذكره عَنهُ الْأَثْرَم أَن أَحْمد بن حن 4 بل كره الصَّلَاة بَين التَّرَاوِيح فَذكر لَهُ فِي ذَلِك رخصَة عَن بعض الصَّحَابَة قَالَ هَذَا بَاطِل إِنَّمَا فِيهِ رخصَة عَن الْحسن وَسَعِيد بن جببير وَإِبْرَاهِيم قَالَ وَفِيه عَن ثَلَاثَة من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَرَاهَة عبَادَة بن الصَّامِت وَعقبَة بن عَامر وَأبي الدَّرْدَاء الحديث: 2067 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 386 قَالَ أَبُو جَعْفَر وَرُوِيَ عَن عَامر بن عبد الله بن الزبير وَأبي بكر بن حزم وَيحيى بن سعيد أَنهم كَانُوا يصلونَ بَين الأشفاع وَالْأولَى أَن لايزاد فِي التَّرَاوِيح شَيْء فِي حَال مَا يُصَلِّي كَمَا لَا ينقص مِنْهُ لِئَلَّا يخْتَلط بهَا كَمَا كره النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يُصَلِّي رَكْعَتي الْفجْر بَعْدَمَا أُقِيمَت الصَّلَاة لِئَلَّا يخْتَلط التَّطَوُّع بِالْفَرْضِ 2069 - فِي الصَّلَاة بَين أَذَان الْمغرب وإقامته قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا خلاف بَين فُقَهَاء المصار أَنه لَا يصلى وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل فِي الرَّكْعَتَيْنِ قبل الْمغرب أَحَادِيث جِيَاد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمن شَاءَ صلى بَين الْأَذَان وَالْإِقَامَة قَالَ وَإِن صلى إِذا غربت الشَّمْس وحلت الصَّلَاة فَهُوَ جَائِز قَالَ أَبُو جَعْفَر روى كهمس بن الْحسن والجريري عَن عبد الله بن بُرَيْدَة قَالَ حَدثنَا عبد الله بن مُغفل الْمُزنِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين كل أذانين صَلَاة بَين كل أذانين صَلَاة بَين كل أذانين صَلَاة لمن شَاءَ وروى حُسَيْن الْمعلم عَن عبد الله بن بُرَيْدَة عَن عبد الله بن الْمُغَفَّل أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ صلوا قبل صَلَاة الْمغرب رَكْعَتَيْنِ ثمَّ قَالَ صلوا قبل صَلَاة الحديث: 2069 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 387 الْمغرب رَكْعَتَيْنِ ثمَّ قَالَ عِنْد الثَّالِثَة لمن شَاءَ كَرَاهَة أَن يحسبها النَّاس سنة فَاخْتلف كهمس والجريري وحسين الْمعلم فِي متن الحَدِيث فَإِن حمل على أَن رِوَايَة الِاثْنَيْنِ كَانَ أولى من رِوَايَة الْوَاحِد سقط لفظ حَدِيث حُسَيْن الْمعلم وَإِن تكافيا لم يكن أَحدهمَا أولى من الآخر وَلم تثبت الزِّيَادَة الَّتِي فِي حَدِيث حُسَيْن الْمعلم إِذْ كَانَت رِوَايَة غَيره تخالفها وَقد رُوِيَ عَن أنس قَالَ رآنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نصلي قبل الْمغرب رَكْعَتَيْنِ فَلم يَأْمُرنَا وَلم ينهنا وروى شُعْبَة عَن عَمْرو بن عَامر الْأنْصَارِيّ قَالَ سَمِعت أنسا يَقُول كَانَ إِذا نوى إِلَى الْمغرب قَالَ كُنَّا نرى أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يبتدرون السَّوَارِي يصلونَ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ وَقد روى عَاصِم بن بَهْدَلَة عَن زر عَن أبي بن كَعْب وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف أَنَّهُمَا كَانَا يصليان رَكْعَتَيْنِ قبل الْمغرب وروى شُعْبَة عَن قَتَادَة قَالَ قلت لسَعِيد بن الْمسيب إِن أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ كَانَ يُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ قبل الْمغرب فَقَالَ كَانَ ينْهَى عَنْهُمَا وَلم أدْرك أحدا من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصليهَا غير سعد بن مَالك الجزء: 4 ¦ الصفحة: 388 وروى الْمُغيرَة عَن إِبْرَاهِيم الركعتان قبل الْمغرب بِدعَة 2070 - فِي رد العطاس قَالَ أَبُو جَعْفَر الَّذين شاهدناهم من أَصْحَاب أبي حنيفَة كَانَ إِذا عطس أحدهم فَقَالَ لَهُ يَرْحَمكُمْ الله وَيَقُول هُوَ يغْفر الله لكم وَمن خالفهم يَقُول يهديكم الله وَيصْلح بالكم وَقَالَ إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ يهديكم الله وَيصْلح بالكم عِنْد العطاس شَيْء قالته الْخَوَارِج لأَنهم لَا يَسْتَغْفِرُونَ للنَّاس وروى أَبُو بردة بن أبي مُوسَى عَن أَبِيه أَن الْيَهُود كَانُوا يتعاطسون عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَجَاء أَن يَقُول يَرْحَمكُمْ الله فَكَانَ يَقُول يهديكم الله وَيصْلح بالكم وروى سَالم بن عبيد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا عطس أحدكُم فَلْيقل الْحَمد لله رب الْعَالمين أَو على كل حَال وليردوا عَلَيْهِ يغْفر الله لكم وروى عبد الله بن دِينَار عَن أبي صَالح السمان عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا عطس أحدكُم فَلْيقل الْحَمد لله وَليقل لَهُ أَخُوهُ أَو صَاحبه يَرْحَمكُمْ الله وَليقل يهديكم الله وَيصْلح بالكم الحديث: 2070 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 389 وروت عمْرَة عَن عَائِشَة قَالَت عكس رجل عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ مَاذَا أَقُول يَا رَسُول الله قَالَ الْحَمد لله قَالَ الْقَوْم مَا نقُول لَهُ يَا رَسُول الله قَالَ قُولُوا يَرْحَمك الله قَالَ مَاذَا أَقُول لَهُم قَالَ قل يهديكم الله وَيصْلح بالكم وروى عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا عطس أحدكُم فَلْيقل الْحَمد لله رب الْعَالمين وَليقل لَهُ أَخُوهُ أَو صَاحبه يَرْحَمكُمْ الله وَليقل يهديكم الله وَيصْلح بالكم قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ الله تَعَالَى {وَإِذا حييتُمْ بِتَحِيَّة فَحَيوا بِأَحْسَن مِنْهَا أَو ردوهَا} فَإِذا قَالَ جَوَاب قَوْله يَرْحَمكُمْ الله يغْفر الله لكم فقد رد عَلَيْهِ مثل مَا حَيَّاهُ وَإِذا قَالَ يهديكم الله وَيصْلح بالكم حَيَّاهُ بِأَحْسَن مِمَّا حَيَّاهُ فَكَانَ متجاوزا لَهُ فِي الْفضل لِأَن الْمَغْفِرَة إِنَّمَا هِيَ ستر الذُّنُوب وَالرَّحْمَة ترك الْعقَاب عَلَيْهَا وَمن حصلت لَهُ الْهِدَايَة وَكَانَ مهديا كَانَ بَعيدا من الذُّنُوب وَمن أصلح باله فحاله فَوق حَال المغفور لَهُ فَكَانَ ذَلِك أولى 2071 - فِي نقش الْمَسَاجِد قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه لَا بَأْس بِأَن ينقش الْمَسْجِد بالجص والساج وَمَاء الذَّهَب وَكره ذَلِك مَالك وَقَالَ قد كره النَّاس ذَلِك فِي مَسْجِد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَنَّهُ يشغل الْمُصَلِّي وَقد بَلغنِي أَن عمر بن عبد الْعَزِيز أَرَادَ نَزعه فَقيل لَهُ لَا يخرج مِنْهُ كَبِير شَيْء من الذَّهَب فَتَركه الحديث: 2071 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 390 وَقَالَ مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب سَأَلت الثَّوْريّ أتكره النقش فِي الْمَسْجِد فَقَالَ نعم قلت السّقف وكل شَيْء قَالَ نعم إِنَّمَا زين الْمَسْجِد وعمارته ذكر الله تَعَالَى قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ فِي إِبَاحَة تخليق الْمَسَاجِد وَإِن كَانَ الرجل مَنْهِيّا عَن تخليق بدنه كَمَا هُوَ مَنْهِيّ عَن لبس الذَّهَب كَذَلِك يجوز نقش الْمَسْجِد بِالذَّهَب وَإِن حرم على الرجل لبسه إِلَّا أَنه يكره مَا يلهي الْمُصَلِّي كَمَا يكره من الخلوق مَا يلهي وَأما عمر بن عبد الْعَزِيز فَإِنَّهُ ظن أَن الذَّهَب الَّذِي فِيهِ إِذا أَخذ صرف فِي مَنَافِع الْمُسلمين فَقيل لَهُ لَا يخرج مِنْهُ شَيْء فَتَركه 2072 - فِي قطع السدر قَالَ أَبُو حنيفَة وَالثَّوْري لَا بَأْس بِقطع السدر وَكَرِهَهُ قوم ونهوا عَنهُ إِلَّا مَا كَانَ فِي زرع مُفسد لَهُ فَإِنَّهُم أباحوه وروى ابْن جريج عَن عُثْمَان بن أبي سُلَيْمَان عَن سعيد بن مُحَمَّد بن جُبَير بن مطعم عَن عبد الله بن حبشِي قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قطع سِدْرَة صوب الله رَأسه فِي النَّار وَسَعِيد بن مُحَمَّد هَذَا لَيْسَ بِمَشْهُور فِي الْعلم وَلَا يدرى هَل لَقِي عبد الله بن حبشِي أَو لم يلقه فَلم يثبت بِهَذَا الْإِسْنَاد حجَّة وَقد روى مُحَمَّد بن شريك عَن عَمْرو بن دِينَار عَن عَمْرو بن أَوْس عَن عُرْوَة بن الزبير عَن عَائِشَة قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الَّذين يقطعون السدر الحديث: 2072 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 391 يصبون فِي النَّار على رؤوسهم صبا فَهَذَا الْإِسْنَاد أحسن من الأول إِلَّا أَن أَبَا أُسَامَة رَوَاهُ عَن ابْن جريج عَن عَمْرو بن دِينَار عَن عُرْوَة من قَوْله غير مَرْفُوع وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيم بن يزِيد عَن عَمْرو بن دِينَار عَن عَمْرو بن أَوْس قَالَ أدْركْت شَيخا من ثَقِيف قد أفسد السدر زرعه فَقلت أَلا تقطعه فَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِلَّا من زرع قَالَ أَنا سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول أَلا من قطع السدر إِلَّا من زرع صب الله عَلَيْهِ الْعَذَاب صبا وَأَنا أكره أَن أقطعه من الزَّرْع وَمن غَيره وروى مُحَمَّد بن مُسلم الطَّائِفِي عَن عَمْرو بن دِينَار عَن رجل من ثَقِيف سمع ابْن الزبير يَقُول من قطع السدر صب الله عَلَيْهِ الْعَذَاب صبا فَهَذَا الِاضْطِرَاب فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث يسْقطهُ وَقد روى هِشَام عَن عروه عَن أَبِيه أَنه كَانَ يقطع السدر يَجعله أبوابا وَقد قَالَ الله تَعَالَى {مَا قطعْتُمْ من لينَة أَو تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَة على أُصُولهَا فبإذن الله} فأباح قطع النّخل وروى أنس أَن مَوضِع مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ قُبُور الْمُشْركين وَكَانَ فِيهِ حرث ونخل فَأمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقبور الْمُشْركين فنبشت وبالحرث فسويت وَأمر بِالنَّخْلِ فَقطع فَإِذا جَازَ قطع النّخل مَعَ مَا فِيهِ من الْمَنَافِع فِي ثَمَرَته فالسدر أولى بذلك آخر كتاب الْكَرَاهَة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 392 = كتاب الزِّيَادَات = 2073 - فِي تَارِك الصَّلَاة عَامِدًا قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه من ترك من الْمُسلمين الصَّلَاة على غير جحودها لم يكن بذلك مُرْتَدا وَكَانَ مأخوذا بهَا حَتَّى يُصليهَا وَقَالَ بعض حفاظ قَول مَالك إِن من مَذْهَب مَالك أَن من ترك صَلَاة مُتَعَمدا لغير عذر حَتَّى خرج وَقتهَا فَهُوَ مُرْتَد وَيقتل إِلَّا أَن يُصليهَا وَهُوَ قَول الشَّافِعِي روى الْأَعْمَش عَن أبي سُفْيَان عَن جَابر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين العَبْد وَبَين الْكفْر أَو الشّرك ترك الصَّلَاة وروى أَبُو الزبير عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثله وَهَذَا يحْتَمل تَركهَا على وَجه الْجُحُود وروى عِيسَى بن هِلَال الصَّدَفِي عَن عبد الله بن عَمْرو أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من حَافظ على هَؤُلَاءِ الصَّلَوَات الْمَكْتُوبَة كَانَت لَهُ نورا وبرهانا وَنَجَاة من النَّار وَمن لم يحافظ عَلَيْهِنَّ لم تكن لَهُ نورا وَلَا برهانا وَلَا نجاة وَكَانَ يَوْم الحديث: 2073 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 393 الْقِيَامَة مَعَ فِرْعَوْن وهامان وَقَارُون وَأبي صَاحب الْعِظَام وَهَذَا أَيْضا يحْتَمل تَركهَا على وَجه الْجُحُود لِأَن فِرْعَوْن وَمن ذكر كَانُوا يتركونها على وَجه الْجُحُود وَقد روى مَالك عَن يحيى بن سعيد عَن مُحَمَّد بن يحيى بن حبَان عَن ابْن محيريز عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول خمس صلوَات كتبهن الله على الْعباد فَمن جَاءَ بِهن لم يضيع مِنْهُنَّ شَيْئا اسْتِخْفَافًا بحقهن كَانَ لَهُ عِنْد الله عهد أَن يدْخلهُ الْجنَّة وَمن لم يَأْتِ بِهن فَلَيْسَ لَهُ عِنْد الله عهد إِن شَاءَ عذبه وَإِن شَاءَ أدخلهُ الْجنَّة فَدلَّ على أَنه لَيْسَ بِكَافِر لِأَن الْكَافِر لَا يدْخل الْجنَّة بِحَال وَلم يَخْتَلِفُوا أَن تَارِك صَوْم رَمَضَان من غير عذر لَيْسَ بِكَافِر كَذَلِك تَارِك الصَّلَاة وَأَيْضًا لَا يَخْتَلِفُونَ أَن تَارِك الصَّلَاة مَأْمُور بِفِعْلِهَا وَالْمُرْتَدّ لَا يُؤمر بِفعل الصَّلَاة إِنَّمَا يُؤمر بِالْإِسْلَامِ ثمَّ بِالصَّلَاةِ 2074 - فِي سُجُود السَّهْو لما ترك عمدا قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه لَا يجب بترك شَيْء من الصَّلَاة عمدا سُجُود السَّهْو وَقَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي فِي جَامعه قَالَ وَأرى أَن كل مَا لَو فعله سَاهِيا وَجب عَلَيْهِ سُجُود السَّهْو فَإِذا فعل عَامِدًا سجد فِيهِ الحديث: 2074 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 394 وَقَالَ أَبُو جَعْفَر وَلم نجد هَذَا القَوْل عَن أحد من أهل الْعلم سواهُ وَقَالَ مَالك فِيمَن ترك الْقعُود الأول من صلَاته مُتَعَمدا فَسدتْ عَلَيْهِ صلَاته قَالَ أَبُو جَعْفَر مَا لَا تفْسد الصَّلَاة بِتَرْكِهِ سَاهِيا وَكَذَلِكَ عَامِدًا كَسَائِر أَفعَال الصَّلَاة وَأما سُجُود السَّهْو فِي الْعمد فروى زيد بن أسلم عَن عَطاء بن يسَار عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا شكّ أحدكُم فِي صلَاته فَلم يدر كم صلى ثَلَاثًا أَو أَرْبعا فَليقمْ فَليصل رَكْعَة ثمَّ يسْجد سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالس قبل التَّسْلِيم فَإِن كَانَت الرَّكْعَة الَّتِي صلى خَامِسَة شفعها بِهَاتَيْنِ السَّجْدَتَيْنِ وَإِن كَانَ رَابِعَة فالسجدتان ترغيم للشَّيْطَان وَكَذَلِكَ رَوَاهُ زيد بن أسلم عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثله فَلَمَّا جعل السَّجْدَتَيْنِ ترغيما للشَّيْطَان لأجل النسْيَان الَّذِي لحقه من أَجله والعمد لَيْسَ فِيهِ هَذَا الْمَعْنى إِذا لم يكن للشَّيْطَان سَبَب فِي تَركه لم تجب فِيهِ سُجُود 2075 - فِي الْبكاء فِي الصَّلَاة قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه إِن كَانَ من خوف الله لم يقطعهَا وَإِن كَانَ من وجع قطعهَا وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن إِذا اشْتَدَّ كَأَنَّهُ قد عمل فِي غير الصَّلَاة وَلما كَانَ قَلِيله إِذا كَانَ من خوف الله لَا يقطع كَذَلِك كَثِيره الحديث: 2075 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 395 2076 - فِي سَماع الْخطْبَة قَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا خطب يَوْم الْجُمُعَة فَلم يسْمعهَا أحد من الْحَاضِرين لم تصح الْجُمُعَة وَإِن سَمعهَا بَعضهم صحت قَالَ أَبُو جَعْفَر لم نجد هَذَا القَوْل عَن أحد من أهل الْعلم غَيره لأَنهم يَقُولُونَ إِن الصَّلَاة جَائِزَة سَمِعت أَو لم تسمع وَقد أَسَاءَ حِين لم يجْهر بهَا 2077 - فِي التسليمة الأولى فِي الصَّلَاة قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه وَالشَّافِعِيّ يخرج بالتسليمة الأولى من الصَّلَاة وَقَالَ الْحسن بن حَيّ لَا يخرج حَتَّى يسلم تسليمتين قَالَ وَلَو سلم الْمُسَافِر تَسْلِيمَة ثمَّ نوى الْإِقَامَة قَامَ فأتمها وَلَو سلمهما ثمَّ نوى الْإِقَامَة لم يتم قَالَ أَبُو جَعْفَر فِي حَدِيث عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل عَن مُحَمَّد بن الحنيفية عَن عَليّ بن أبي طَالب عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِفْتَاح الصَّلَاة الطّهُور وإحرامها التَّكْبِير وإحلالها التَّسْلِيم وَقد وجد التَّسْلِيم يخرج بِهِ الحديث: 2076 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 396 2078 - فِي رد السَّلَام قَالَ أَبُو جَعْفَر حَدثنَا سُلَيْمَان عَن أَبِيه عَن أبي يُوسُف أَنه يُنكر الحَدِيث الَّذِي رُوِيَ أَنه إِذا رد السَّلَام بعض الْقَوْم أَجْزَأَ عَن الْجَمِيع وَقَالَ لَا يجزىء إِلَّا أَن يردوا جَمِيعًا وَلم يذكر خلافًا وَقَالَ مَالك إِذا سلم الرجل على الْجَمَاعَة فَرد عَلَيْهِ وَاحِد مِنْهُم أَجْزَأَ عَنْهُم وَهُوَ قَول الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ أَبُو جَعْفَر روى ابْن وهب عَن مَالك عَن زيد بن أسلم أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يسلم الرَّاكِب على الْمَاشِي وَإِذا سلم من الْقَوْم وَاحِد أَجْزَأَ عَنْهُم قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلَا نعلم فِي هَذَا الْبَاب شَيْئا رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غير هَذَا الحَدِيث وَغير شَيْء رُوِيَ فِيهِ عَن أبي النَّضر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وكل هذَيْن الْوَجْهَيْنِ لَا يحْتَج بِهِ وَمَا روى من قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَإِذا سلم من الْقَوْم وَاحِد أَجْزَأَ عَنْهُم فَإِن السَّلَام خلاف رد السَّلَام لِأَن السَّلَام الْمُبْتَدَأ تطوع ورده فَرِيضَة وَقد وجدنَا من الْفُرُوض مَا هُوَ على الْكِفَايَة إِذا قَامَ بِهِ بَعضهم سقط عَن البَاقِينَ كَصَلَاة الْجَمَاعَة فِي الْمَسَاجِد وَغسل الْمَوْتَى ودفنهم وَالصَّلَاة عَلَيْهِم وَلَيْسَ رد السَّلَام من هَذَا الْبَاب لِأَنَّهُ لَو رد غير الْمُسلم عَلَيْهِم لم يسْقط ذَلِك عَنْهُم فرض الرَّد وَمَا كَانَ فرضا على الْكِفَايَة من قَامَ بِهِ من النَّاس سقط عَن البَاقِينَ فَدلَّ ذَلِك على أَن رد السَّلَام من الْفُرُوض الَّتِي يلْزم كل إِنْسَان بِنَفسِهِ الحديث: 2078 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 397 2079 - فِيمَن حج أَعْرَابِيًا ثمَّ هَاجر قَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا حج الْمَمْلُوك أَو الصَّبِي أَو الْأَعرَابِي ثمَّ عتق الْمَمْلُوك وَأدْركَ الصَّبِي وَهَاجَر الْأَعرَابِي فَعَلَيْهِم الْحَج إِذا اسْتَطَاعُوا إِلَيْهِ السَّبِيل قَالَ أَبُو جَعْفَر قَوْله فِي الْأَعرَابِي لم نجده عَن أحد من أهل الْعلم سواهُ وَقَول الله تَعَالَى {وَللَّه على النَّاس حج الْبَيْت من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} قد دخل فِيهِ الْأَعرَابِي وَغَيره وروى فِي أَن حج الْأَعرَابِي لَا يجزىء حرَام بن عُثْمَان حَدِيثا وَحرَام بن عُثْمَان لَيْسَ مِمَّن يكْتب حَدِيثه وَسمعت الرّبيع يَقُول سَمِعت الشَّافِعِي يَقُول الحَدِيث عَن حرَام بن عُثْمَان حرَام وَمَعَ ذَلِك فقد روى مُجَاهِد عَن طَاوس عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَوْم الْفَتْح إِنَّه لَا هِجْرَة وَلَكِن جِهَاد وَنِيَّة وَإِذا سافرتم فانفروا وَقَالَت عَائِشَة إِنَّمَا كَانَت الْهِجْرَة قبل فتح مَكَّة وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْمَدِينَةِ يفر الرجل بِدِينِهِ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِن قيل فقد روى أَبُو إِدْرِيس الْخَولَانِيّ عَن عبد الله بن وقدان الْقرشِي وَكَانَ مسترضعا فِي بني سعد قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تَنْقَطِع الْهِجْرَة مَا قوتل الْكفَّار وَرَوَاهُ أَيْضا عبد الله بن محيريز عَن عبد الله السَّعْدِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثله الحديث: 2079 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 398 قيل لَهُ الْهِجْرَة الْمَذْكُورَة فِي هَذِه الْآثَار خلاف الْهِجْرَة الْمَذْكُورَة فِي الْآثَار الأولى لِأَن الْهِجْرَة فِي الْآثَار الأولى إِنَّمَا هِيَ الْهِجْرَة الَّتِي يحرم بهَا على أَهلهَا الرُّجُوع إِلَى الدَّار الَّتِي هَاجرُوا مِنْهَا كَمَا قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لسعد حِين مرض بِمَكَّة فَقَالَ أَتَخَلَّف عَن هجرتي فَقَالَ لَا لَكِن البائس سعد بن خَوْلَة يرثي لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن مَاتَ بِمَكَّة وكما روى عَن الْعَلَاء بن الْحَضْرَمِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمقَام بِمَكَّة بعد بعد الصَّدْر لِلْمُهَاجِرِ أَنه ثَلَاث وَهُنَاكَ هِجْرَة أُخْرَى وَهُوَ مَا روى مُعَاوِيَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا تَنْقَطِع الْهِجْرَة حَتَّى تَنْقَطِع التَّوْبَة حَتَّى تطلع الشَّمْس من مغْرِبهَا فَهَذِهِ الْهِجْرَة هِجْرَة العَاصِي غير الهجرتين الْأَوليين كَمَا روى الزُّهْرِيّ عَن صَالح بن بشر بن فديك قَالَ خرج فديك الى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله إِنَّهُم يَزْعمُونَ أَنه من لم يُهَاجر هلك فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أقِم الصَّلَاة وَآت الزَّكَاة واهجر السوء واسكن من أَرض قَوْمك حَيْثُ شِئْت تكون مُهَاجرا 2080 - فِي الرجل يعْتق عَبده على مَال فَيردهُ قَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك فِي رجل أعتق على مائَة دِينَار إِن ذَلِك لَازم للْعَبد وَإِن كره العَبْد ذَلِك الحديث: 2080 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 399 قَالَ أَبُو جَعْفَر لم نجد هَذَا القَوْل عَن أحد من أهل الْعلم غَيره وَقَالَ جمَاعَة من أهل الْعلم لَا يعْتق حَتَّى يقبل وَأَجَازَ الله تَعَالَى الْكِتَابَة بِرِضا العَبْد وابتغائه بقوله تَعَالَى {وَالَّذين يَبْتَغُونَ الْكتاب مِمَّا ملكت أَيْمَانكُم فكاتبوهم} فَإِذا لم تصح الْكِتَابَة عَلَيْهِ إِلَّا بقبوله لأجل المَال كَذَلِك الْعتْق فَإِن قيل فقد يؤاجره بِغَيْر رِضَاهُ قيل لَهُ لِأَن العَبْد لَا يملك بهَا نَفسه كَالْبيع وَأما الْعتْق فَيملك العَبْد بِهِ نَفسه فاستحال أَن يلْزمه المَال بعد الْعتْق بِغَيْر قبُوله 2081 - فِيمَن قَالَ إِذا مت وَفُلَان فَأَنت حر قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه لَا يكون هَذَا العَبْد مُدبرا حَتَّى يَمُوت فلَان قبل الْمولى فَيكون مُدبرا حِينَئِذٍ وَإِن مَاتَ الْمولى وَلم يمت فلَان فَهُوَ عبد للْوَرَثَة لَهُم أَن يبيعوه وَهُوَ قِيَاس قَول الشَّافِعِي إِلَّا أَن الشَّافِعِي يُجِيز بيع الْمُدبر وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك أَيهمَا مَاتَ أَولا فَإِنَّهُ من الثُّلُث إِن مَاتَ الْمولى أَولا عتق من الثُّلُث قَالَ أَبُو جَعْفَر لَو قَالَ لعَبْدِهِ إِن دخلت الدَّار بعد موتِي فَأَنت حر كَانَ هَذَا بَاطِلا كَذَلِك إِذا مَاتَ الْمولى أَولا كَانَ فِيهِ بِمَنْزِلَة من قَالَ إِذا مَاتَ فلَان بعد موتِي فَأَنت حر فَلَا يعْتق وَقد قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن فِيمَا لم يحك فِيهِ خلافًا أَن رجلا لَو قَالَ لعَبْدِهِ أَنْت حر بعد موتِي بِشَهْر إِن ذَلِك بَاطِل الحديث: 2081 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 400 2082 - فِي وطىء الْجَارِيَة الْمُزَوجَة قَالَ ابْن وهب عَن اللَّيْث فِي الرجل يُزَوّج عَبده أمته ثمَّ يُخَالِفهُ إِيَّاهَا فيطأها فتحبل على ذَلِك ثمَّ ادّعى وَلَدهَا قَالَ لاشيء لَهُ وَلَا يلْحق بِهِ الْوَلَد وَالْولد للْعَبد وَإِن علم بِهِ جلد مائَة وعتقت قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلم يقل أحد أَن الْجَارِيَة تعْتق بِهَذَا الْفِعْل غير اللَّيْث وَكَيف تعْتق وَهُوَ لَو لحق بِهِ نسب وَلَدهَا لم تعْتق فِي الْحَال وَإِنَّمَا كَانَت تصير أم ولد 2083 - فِيمَن قَالَ لعَبْدِهِ اخدمني وَأَنت حر قَالَ ابْن وهب عَن اللَّيْث فِي رجل قَالَ لعَبْدِهِ اخدمني وَأَنت حر وَلم يؤقت قَالَ أرى أَنه إِذا لم يؤقت وقتا أَنه يعْتق قَالَ أَبُو جَعْفَر يَعْنِي أَنه يعْتق عقيب ذَلِك القَوْل من الْمولى بِغَيْر خدمَة يكون مِنْهُ وَهُوَ قَائِما على شَرطه بِالْخدمَةِ فَكيف يعْتق قبلهَا أَلا ترى أَنه لَو قَالَ إِن ضربتك فَأَنت حر لم يعْتق حَتَّى يضْربهُ كَذَلِك الْخدمَة 2084 - فِي التَّأْجِيل فِي التَّمْلِيك قَالَ ابْن وهب عَن مَالك فِي الرجل يضْرب لامْرَأَته أَََجَلًا إِن هُوَ أَتَى إِلَيْهِ وَإِلَّا أمرهَا بِيَدِهَا فيمضي ذَلِك الْأَجَل فَلَا يقْضِي شَيْء ثمَّ تُرِيدُ أَن تخْتَار نَفسهَا قَالَ إِن كَانَت تربصت أَيَّامًا بعد مُضِيّ الْأَجَل رَجَاء أَن يقدم رَأَيْت ذَلِك لَهَا الحديث: 2082 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 401 2085 - فِي عدَّة أم الْوَلَد قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ عدَّة أم الْوَلَد حَيْضَة وَلَا تحل للأزواج حَتَّى ترى الطُّهْر مِنْهَا قَالَ أَبُو جَعْفَر يدل على أَن الْإِقْرَار هِيَ الْحيض فَيَنْبَغِي أَن تكون عدَّة الْحرَّة ثَلَاث حيض 2086 - فِي النِّكَاح الْفَاسِد قَالَ ابْن وهب عَن اللَّيْث فِي رجل تزوج امْرَأَة فِي عدتهَا أَو أُخْته فِي الرضَاعَة فَلم يبن بهَا حَتَّى علم ذَلِك فَفرق بَينهمَا قَالَ لَا يصلح لِابْنِهِ وَلَا لِأَبِيهِ أَن ينْكِحهَا وَقد روى هَذَا القَوْل عَن مَالك بن أنس أَيْضا وَسَائِر الْفُقَهَاء لَا يحرمونها على ابْنه وَأَبِيهِ 2087 - فِيمَن لَهُ على رجل دين فَابْتَاعَ مِنْهُ شَيْئا بِجِنْس الدّين قَالَ ابْن وهب عَن اللَّيْث فِي رجل سَأَلَ رجلا الدينارين اللَّذين عَلَيْهِ فمطله بهما ثمَّ يجده يَبِيع طَعَاما إِلَى أجل فيشتري مِنْهُ بدينارين طَعَاما إِلَى أجل ثمَّ يتقاضاه الدينارين فِي مَجْلِسه فيدفعهما إِلَيْهِ قَالَ لَا أرى هَذَا يصلح لِأَنَّهُ كَانَ أَخذه بِالدِّينَارَيْنِ وأضعف لَهُ وَلَا يعرف ذَلِك عَن أحد من أهل الْعلم غير اللَّيْث وروى أَبُو سعيد وَأَبُو هُرَيْرَة فِي قصَّة تمر خَيْبَر فَقَالَ إِنَّا نَأْخُذ الصَّاع بالصاعين فَقَالَ لَا تفعل وَلَكِن بِعْ تَمرا بدرهم ثمَّ ابتع بِالدَّرَاهِمِ هَذَا الحديث: 2085 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 402 وَقَالَ ابْن عمر للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنِّي أبيع الْإِبِل بِالبَقِيعِ فآخذ بِالدَّرَاهِمِ الدَّنَانِير وبالدنانير الدَّرَاهِم فَقَالَ إِذا كَانَ ذَلِك من صرف يومكما وافترقتما وَلَيْسَ بَيْنكُمَا شَيْء فَلَا بَأْس 2088 - فِي بيع الْمَرِيض من وَارثه قَالَ أَبُو حنيفَة لَا يجوز بَيْعه فِي مَرضه من وَارثه بِمثل الْقيمَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَمَالك وَالشَّافِعِيّ يجوز 2089 - فِي قرض الْحلِيّ قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه وَالشَّافِعِيّ لَا يجوز قرض الْحلِيّ كالأواني وَنَحْوهَا وَقَالَ مَالك إِذا كَانَت لَهُ صناعَة مَعْرُوفَة جَازَ قرضه فَإِذا أَعَارَهُ غَيره كَانَت عاريته قرضا قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ أَن على مستهلك الْحلِيّ قِيمَته دون مثله فَوَجَبَ أَن لَا يجوز قرضه فَإِذا أعراه كَانَ بِمَنْزِلَة عَارِية الدَّوَابّ وَالثيَاب 2090 - فِي جِنَايَة الْمكَاتب قَالَ إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ جِنَايَة أم الْوَلَد وَالْمُدبر وَالْمكَاتب على السَّيِّد وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه على الْمكَاتب الْأَقَل من قِيمَته وَمن أرش الْجِنَايَة وَلَا يُجَاوز بِهِ الدِّيَة وَقَالَ مَالك فِيمَا ذكر عَنهُ ابْن الْقَاسِم يقْضِي عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ كلهَا كَمَا يُقَال الحديث: 2088 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 403 للْمولى لَو كَانَ عبدا إِمَّا أَن تَدْفَعهُ أَو تُؤدِّي الْجِنَايَة كلهَا كَذَلِك الْمكَاتب إماأن يُؤَدِّي جَمِيع الْجِنَايَة وَإِلَّا عجز وَخير سَيّده فِي الدّفع أَو الْفِدَاء وَقَالَ الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ جِنَايَة الْمكَاتب فِي رقبته وَقَالَ الشَّافِعِي على الْمكَاتب الْأَقَل من أرش الْجِنَايَة وَمن قِيمَته قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ أَنه يسْتَحق أرش الْجِنَايَة وَكَذَلِكَ يلْزمه جِنَايَته فَالْقِيَاس على ذَلِك أَن تلْزمهُ الدِّيَة إِذا قتل كَالْحرِّ إِلَّا أَنه لما كَانَ رَقِيقا فَلَا يلْزم الْمولى بِجِنَايَة العَبْد أَكثر من دَفعه كَذَلِك الْمكَاتب إِذْ أدّى قِيمَته لتعذر دفع الرَّقَبَة فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَكثر من ذَلِك 2091 - فِي الْمَقْبُوض على وَجه السّوم قَالَ بشر عَن أبي يُوسُف فِي رجل يساوم رجلا بِثَوْب فَقَالَ البَائِع هُوَ لَك بِعشْرين وَقَالَ المُشْتَرِي لَا بل لَك بِعشْرَة فَذهب بِهِ فَهَذَا إِن لم يَقع بَينهمَا بيع غير أَن المُشْتَرِي إِن اسْتَهْلكهُ فَعَلَيهِ عشرُون وَله أَن يرد مَا لم يستهلكه وَالْقِيَاس أَن يكون عَلَيْهِ قِيمَته قَالَ وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف قَالَ وَلَو قَالَ البَائِع قد نقضت البيع ثمَّ اسْتَهْلكهُ المُشْتَرِي فَعَلَيهِ قِيمَته وَكَذَلِكَ لَو مَاتَ البَائِع ثمَّ اسْتَهْلكهُ المُشْتَرِي فَعَلَيهِ قِيمَته وَكَذَلِكَ لَو مَاتَ المُشْتَرِي فاستهلكه وَارثه فَعَلَيهِ قِيمَته الحديث: 2091 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 404 وَقَالَ الْحسن بن زِيَاد عَن أبي يُوسُف إِذا قَالَ المُشْتَرِي قد أَخَذتهَا بِأَلف فَقَالَ صَاحبهَا مَا أنقصك من أَلفَيْنِ فَذهب بهَا على ذَلِك فَمَاتَتْ عِنْده فَعَلَيهِ ألفا دِرْهَم مَا قَالَ البَائِع وَقَالَ زفر عَلَيْهِ الْقيمَة وَإِن لم تمت وردهَا برِئ فِي قَوْلهم جَمِيعًا وَحكى ابْن أبي عمرَان أَن قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد فِي هَذَا إِن الثَّوْب إِذا كَانَ فِي يَد البَائِع فقا أبيعكه بِعشْرَة وَقَالَ الآخر لَا بِخَمْسَة فَدفعهُ رب الثَّوْب إِلَيْهِ فَهُوَ بِخَمْسَة وَإِن كَانَ الثَّوْب فِي يَد المُشْتَرِي فَقَالَ لَهُ صَاحبه أبيعكه بِعشْرَة وَقَالَ الآخر لَا بِخَمْسَة فَذهب بِهِ فَهُوَ بِعشْرَة وَهُوَ قَول الْحسن بن حَيّ وَقَالَ ابْن أبي ليلى إِذا اشْترى بيعا على أَن البَائِع بِالْخِيَارِ يَوْمًا وَقَبضه المُشْتَرِي فَهَلَك فِي يَده فَهُوَ أَمِين وَلَا ضَمَان عَلَيْهِ فَإِذا لم يضمن فِي بيع الْخِيَار فَفِي سوم البيع أَحْرَى أَن لَا يضمن عِنْده وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك مَا قَبضه على وَجه السّوم فَركب الدَّابَّة لينْظر إِلَى سَيرهَا أَو نزع بِالْقَوْسِ فَانْكَسَرت فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ إِذا لم يُخَالف وَلم يَأْخُذهَا بِغَيْر أَمر صَاحبهَا وَقَالَ الثَّوْريّ فِي رجل أَخذ دَابَّة فَقَالَ اركبها فَإِن رضيتها أَخَذتهَا فَضَاعَت الدَّابَّة فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وروى الرّبيع عَن الشَّافِعِي مَا يدل على أَنه اخْتَار ضَمَان الْمَقْبُوض على وَجه السّوم وَقد روى الشّعبِيّ أَن عمر أَخذ فرسا من رجل على سوم فَحمل عَلَيْهِ رجلا فَعَطب فخاصمه فَجعلَا بَينهمَا شريحا فَقَالَ شُرَيْح يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَخَذته مِنْهُ صَحِيحا سليما فَأَنت لَهُ ضَامِن حَتَّى ترده صَحِيحا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 405 سليما فأعجب عمر فَبَعثه قَاضِيا على الْعرَاق 2092 - فِي تَأْخِير الدّين على شَرط الضَّمَان قَالَ أبوحنيفة وَأَصْحَابه فِي رجل لَهُ على رجل دين حَال من ثمن مَبِيع فَأَخَّرَهُ على أَن يضمنهُ فلَان عَنهُ فَإِن كَانَ فلَان حَاضرا فضمن صَحَّ التَّأْجِيل وَإِن لم يقبل الضَّمَان بَطل التَّأْجِيل وَالرَّهْن مثله وَقَالَ مَالك فِيمَا ذكره ابْن الْقَاسِم إِن كَانَ الدّين حَالا فَأَجله فِيهِ على شَرط الرَّهْن أَو الْكَفِيل جَازَ إِذا رهن وَضمن الْحميل وَإِن كَانَ الدّين إِلَى أجل فَشرط فِي تَأْجِيله الرَّهْن أَو الْكَفِيل لم يجز قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا فرق بَين أَن يكون الدّين حَالا أَو مُؤَجّلا فِي جَوَاز التَّأْجِيل على شَرط الْكفَالَة وَالرَّهْن 2093 - فِي الرُّجُوع فِي الْعَارِية قَالَ ابْن وهب عَن اللَّيْث فِي رجل قَالَ اشْهَدُوا أَنِّي قد أسلفت فلَانا عشرَة دَنَانِير أَو أعرت فلَانا دَابَّتي إِلَى كَذَا أَو أعمرته دَاري كَذَا وَكَذَا ثمَّ يُرِيد بعد ذَلِك أَن لَا يفعل شَيْئا من ذَلِك قَالَ إِذا أشهد لَهُ على ذَلِك فَإِن ذَلِك يلْزمه وَيَقْضِي بِهِ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ أَن ينْزع قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلم نجد أحدا يفرق فِي الْعَارِية بَين الْإِشْهَاد عَلَيْهَا وَبَين أَن لَا يشْهد غير اللَّيْث وَوجدنَا سَائِر عُقُود التمليكات لَا يخْتَلف حكمهَا بَين الْإِشْهَاد وَغَيره الحديث: 2092 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 406 وَقَالَ ابْن وهب عَن اللَّيْث فِي الرجل يخْدم الرجل عَبده عشر سِنِين ثمَّ هوحر فيخدمه أَيَّامًا ثمَّ يَقُول لَهُ الْخدمَة الَّتِي قبلك قد وَضَعتهَا عَنْك اذْهَبْ فَأَنت حر قَالَ اللَّيْث لَا يعْتق حَتَّى يمْضِي الْعشْر السنون وَقَالَ مَالك يكون حرا مَكَانَهُ وَقَالَ ابْن وهب عَن اللَّيْث فِي الرجل يدبر الْجَارِيَة بعد مَوته عَن أمة أَنه لَا يجوزله أَن يَطَأهَا وَكَذَلِكَ إِن دبرهَا عَن أمة بعد مَوتهَا فَإِنَّهَا لَا تخرج من الثُّلُث وَلَا يلْحقهَا دين فَإِن أشهد على ذَلِك لم يصلح لَهُ أَن يَطَأهَا وَقَالَ اللَّيْث من أخدم جَارِيَته رجلا سِتَّة أشهر وأياما فَلَا بَأْس أَن يَطَأهَا سَيِّدهَا إِلَّا أَن يخدمها إِيَّاه حَيَاته فَلَيْسَ لَهُ أَن يَطَأهَا حَتَّى يَمُوت الَّذِي تخدمه وَترجع إِلَيْهِ 2094 - فِي الْوَصِيَّة بِخِدْمَة العَبْد وَنَحْوهَا قَالَ مُحَمَّد فِي الأَصْل قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا أوصى لرجل بِخِدْمَة عَبده وَلآخر بِرَقَبَتِهِ وَهُوَ يخرج من الثُّلُث فَالْعَبْد لصَاحب الرَّقَبَة والخدمة لصَاحب الْخدمَة وَكَذَلِكَ الْوَصِيَّة بالأمة لوَاحِد وَبِوَلَدِهَا الَّذِي فِي بَطنهَا لآخر وَكَذَلِكَ الْخَاتم والفص وَلم يذكر خلافًا وروى ابْن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد إِذا أوصى لرجل بِخَاتمِهِ وَلآخر بفصه فَإِن كَانَ فِي كَلَام وَاحِد فالفضة للْمُوصى لَهُ بالخاتم والفص للْمُوصى لَهُ بالفص وَإِن كَانَ فِي كلامين مُخْتَلفين فالفصة للْمُوصى لَهُ بالخاتم والفص بَينهمَا نِصْفَيْنِ وَلم يحك خلافًا وَذكر مُحَمَّد فِي الزِّيَادَات مثل رِوَايَة ابْن سَمَّاعَة فِي الفص والخاتم وَالْبناء وَالدَّار وَالثَّمَرَة والقوصرة الحديث: 2094 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 407 وَقَالَ فِي الْوَصِيَّة بِالْخدمَةِ وَالْعَبْد والبستان وَالْغلَّة والدر وسكناها فهوكما قَالَ وصل أَو قطع لكل وَاحِد مَا أوصى لَهُ بِهِ لَا يُشَارِكهُ فِيهِ الآخر وروى بشر عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة فِي الْإِمْلَاء إِن هَذَا كُله سَوَاء الدَّار وسكناها وَالْعَبْد وخدمته والفص والخاتم وَالشَّاة وَالصُّوف كل هَذَا وَاحِد وَلكُل وَاحِد مَا أوصى لَهُ بِهِ لَا يُشَارِكهُ الآخر فِيهِ قَالَ وَلَو أوصى بِهَذَا الْخَاتم وَبَعضه لفُلَان ثمَّ قَالَ قد أوصيت بفصه لفُلَان فَإِنَّهُمَا يَشْتَرِكَانِ فِي القص إِذا سمى الفص مَعَ الْخَاتم لصَاحب الْخَاتم وَكَذَلِكَ الشّجر وَالنَّخْل وَذكر الرّبيع عَن الشَّافِعِي إِذا قَالَ خَاتمِي هَذَا لفُلَان وفصه لفُلَان كَانَ الْخَاتم للْمُوصى لَهُ بالخاتم والفص للْمُوصى لَهُ بالفص قَالَ أَبُو جَعْفَر الْقيَاس مَا رَوَاهُ أَبُو يُوسُف لِأَن الفص لَو أزيل من الْخَاتم قبل موت الْمُوصى لَهُ بالخاتم بطلت وَصيته بالفص هَذَا إِذا لم يكن موصى لَهُ غَيره كَذَلِك إِذا أوصى بِهِ لغيره وَلَا وَصِيَّة لصَاحب الْخَاتم فِيهِ وَكَذَلِكَ بِنَاء الدَّار فَهَذَا إِنَّمَا نَأْخُذهُ الْبناء على وَجه التبع فَإِذا أوصى بِهِ لغيره بطلت الْوَصِيَّة فِي الفص لصَاحب الْخَاتم كَمَا لَو زايل الأَصْل وَلَيْسَ يَنْبَغِي أَن يخْتَلف فِي هَذَا أَن يَقُول ذَلِك فِي كلامين موصولين اَوْ مقطوعين 2095 - فِيمَن أقرّ بدار إِلَّا بناءها قَالَ مُحَمَّد فِي إمْلَائِهِ من رِوَايَة أبي سُلَيْمَان وَإِذا قَالَ لرجل هَذَا دَارك إِلَّا بناءها فَإِنَّهُ لي فَالْقَوْل قَول الْمقر لَهُ ويأخذها وبناءها إِلَّا أَن يُقيم الْمقر الْبَيِّنَة أَنه أحدث هَذَا الْبناء فِيهَا فَتقبل بَينته وَكَذَلِكَ الْخَاتم والفص والجبة والبطانة وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَقَوْلنَا الحديث: 2095 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 408 وروى ابْن عبد الحكم أَن القَوْل قَول الْمقر فِي قِيَاس قَول مَالك وَذكر الرّبيع عَن الشَّافِعِي إِذا قَالَ هَذَا الْخَاتم لفُلَان وفصه لي أَو لفُلَان فَهُوَ مثل قَوْله هَذَا الْخَاتم إِلَّا فصه لفُلَان أَو لي فالخاتم لفُلَان والفص لَهُ أَو لفُلَان قَالَ أَبُو جَعْفَر يَنْبَغِي أَن يَصح اسْتثِْنَاء الْبناء والفص كمتاع مَوْضُوع فِي الدَّار لَو قَالَ هَذِه الدَّار لفُلَان وَالْمَتَاع الَّذِي فيهالي كَانَ القَوْل قَوْله 2096 - فِي بييع فضَّة بنوعين من الْفضة قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه إِذا بَاعَ ألف دِرْهَم بِخَمْسِمِائَة بيض وَخَمْسمِائة سود جَازَ وَكَذَلِكَ لَو بَاعهَا بِخَمْسِمِائَة وثوب وَقَالَ مَالك لَا يجوز بيع ألف بيض بِأَلف سود وبيض إِذا كَانَت الْبيض خيرا من السود وَلَو كَانَت كلهَا سُودًا ببيض جَازَ وَكَذَلِكَ قَالَ اللَّيْث وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الذَّهَب بِالذَّهَب مثلا بِمثل وَالْفِضَّة بِالْفِضَّةِ مثلا بِمثل تبرها وعينها سَوَاء فَدلَّ على أَن لَا اعْتِبَار فِيهِ بِنُقْصَان إِنَّمَا يعْتَبر الْوَزْن آخر كتاب الزِّيَادَات الحديث: 2096 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 409 = كتاب الْمكَاتب = 2097 - فِي الْكِتَابَة الْحَالة قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه تجوز الْكِتَابَة الْحَالة فَإِن أَدَّاهَا حِين طلبَهَا الْمولى مِنْهُ وَإِلَّا رد فِي الرّقّ وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك فِي رجل قَالَ كاتبوا عَبدِي على ألف دِرْهَم وَلم يضْرب لَهَا أَََجَلًا أَنَّهَا تنجم على الْمكَاتب على قدر مَا يرى فِي كِتَابَته مثله وَقدر قوته قَالَ وَالْكِتَابَة عِنْد النَّاس منجمة وَلَا تكون حَالَة إِن أدّى ذَلِك إِلَى السَّيِّد وَقَالَ اللَّيْث إِنَّمَا جعل التنجيم على الْمكَاتب رفقا بالمكاتب وَلم يَجْعَل ذَلِك رفقا بالسيد وَقَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي لَا تجوز الْكِتَابَة على أقل من نجمين قَالَ أَبُو جَعْفَر الْكِتَابَة يتَضَمَّن تمْلِيك الْمكَاتب كَسبه ومنافعه بِالْبَدَلِ الَّذِي عقد عَلَيْهِ فَتجوز حَالَة كَالْبيع وَالْإِجَارَة وَنَحْوهَا وَأَيْضًا لما جَازَت آجلة فَهِيَ عاجلة أجوز لأَنا قد وجدنَا من الْعُقُود مَا يجوز عَاجلا وَلَا يجوز آجلا كالصرف وَرَأس مَال السّلم الحديث: 2097 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 411 2098 - فِي عقد الْكِتَابَة من غير ذكر حُرِّيَّته قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه وَمَالك إِذا كَاتبه على ألف دِرْهَم وَلم يقل إِذا أدّيت فَأَنت حر فَهُوَ جَائِز وَقَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي إِذا كَاتبه على مائَة دِينَار إِلَى عشر سِنِين كَذَا كَذَا نجما فَهُوَ جَائِز وَلَا يعْتق حَتَّى يَقُول فِي الْكِتَابَة إِذا أدّيت هَذَا فَأَنت حر أَو يَقُول بعد ذَلِك إِن قولي قد كاتبتك فَكَانَ معقودا على أَنَّك إِن أدّيت فَأن حر قَالَ أَبُو جَعْفَر الْكِتَابَة اسْم تَتَضَمَّن الْحُرِّيَّة بِالْأَدَاءِ كالخلع وَالْإِجَارَة يتَضَمَّن مَا تَحْتَهُ من تمْلِيك الْبضْع أَو الْمَنَافِع فَلَا يحْتَاج أَن يشْتَرط الْحُرِّيَّة 2099 - فِي وضع الْكِتَابَة قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه لَيْسَ على الْمولى أَن يضع عَن عَبده شَيْئا من كِتَابَته وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَقَالَ مَالك فِي قَوْله تَعَالَى {وَآتُوهُمْ من مَال الله الَّذِي آتَاكُم} هُوَ أَن يضع من كِتَابَته شَيْئا وَلم يؤقت وَقَالَ الشَّافِعِي يجْبر السَّيِّد على أَن يضع من كِتَابَته شَيْئا وَإِن مَاتَ السَّيِّد بعد قبض جَمِيع الْكِتَابَة حَاص للْمكَاتب بِالَّذِي لَهُ الدّين والوصايا قَالَ أَبُو جَعْفَر قَوْله تَعَالَى {وَآتُوهُمْ من مَال الله الَّذِي آتَاكُم} يحْتَمل الْإِيجَاب وَيحْتَمل النّدب وَلم يَخْتَلِفُوا أَن قَوْله فكاتبوهم على النّدب فَهُوَ مُحكم فَوَجَبَ أَن يعْطف عَلَيْهِ الْمُتَشَابه وَيدل عَلَيْهِ من جِهَة السّنة حَدِيث الزُّهْرِيّ وَهِشَام بن عُرْوَة عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة أَن بَرِيرَة جَاءَت الحديث: 2098 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 412 تستعينها فِي كتَابَتهَا وَلم تكن قَضَت من كتَابَتهَا شَيْئا فَقَالَت عَائِشَة إِن أَحبُّوا أَن أعدهَا لَك عدَّة وَاحِدَة وَفِي لفظ الزُّهْرِيّ أَن أَقْْضِي عَنْك كتابتك وَيكون وولاؤك لي فَذكرت ذَلِك بَرِيرَة لأَهْلهَا فَأَبَوا وَقَالُوا إِن شَاءَت أَن تحتسب فلتفعل وَيكون ولاؤك لنا فَسَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ خديها فَإِن الْوَلَاء لمن أعتق فَلم يُنكر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَوْلهَا إِن شِئْت عددتها عدَّة وَاحِدَة وَلَو كَانَ الإيتاء وَاجِبا لأخبر بِسُقُوط بَعْضهَا 2100 - فِي كِتَابَة العبيد على مَال وَاحِد قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد فِيمَا روى مُحَمَّد إِذا كَاتب عَبْدَيْنِ مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعل نجومها وَاحِدَة إِن عَجزا ردا وَإِن أديا عتقا فَهُوَ جَائِز وَلَا يعتقان إِلَّا جَمِيعًا وَلَا يردان إِلَّا جَمِيعًا وكل وَاحِد كَفِيل ضَامِن عَن صَاحبه وَرُوِيَ ذَلِك عَن إِبْرَاهِيم وَقَالَ زفر وَالشَّافِعِيّ وَالْحسن بن حَيّ إِذا لم يقل كل وَاحِد كَفِيل ضَامِن عَن صَاحبه فَكل وَاحِد مكَاتب بِحِصَّتِهِ إِن أدّى حِصَّته مِنْهَا عتق مِنْهُ وَلم يعْتق الآخر وَقَالَ زفر إِن قَالَ كل وَاحِد كَفِيل عَن صَاحبه لم يعْتق وَاحِد مِنْهُمَا إِلَّا بأَدَاء الْجَمِيع وَقَالَ ابْن شبْرمَة فِي رجل كَاتب مملوكين لَهُ على ألف دِرْهَم فأديا خَمْسمِائَة دِرْهَم ثمَّ مَاتَ أَحدهمَا أَن على الْبَاقِي مِائَتَيْنِ وَخمسين الحديث: 2100 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 413 وَقَالَ مَالك إِذا كاتبها كِتَابَة وَاحِدَة كَانَ كل وَاحِد مِنْهُمَا كَفِيلا عَن صَاحبه يعتقان مَعًا ويرقان مَعًا فَإِن أعتق الْمولى أَحدهمَا لم يجز عتقه إِلَّا أَن يكون زَمنا فَيجوز عتق الزَّمن وَلَا يجوز عتق الصَّحِيح إِلَّا برضى الآخر وَقَالَ أَبُو جَعْفَر لَو بَاعَ عبدا من جمَاعَة صَفْقَة وَاحِدَة لم يكن لأَحَدهمَا أَن يقبض حِصَّته حَتَّى يقبض البَائِع جَمِيع الثّمن كَذَلِك الْقيَاس فِي الْكِتَابَة أَن لَا يسْتَحق وَاحِد من الْعَبْدَيْنِ رقبته بِالْعِتْقِ إِلَّا بِقَبض الْمولى جَمِيع الْكِتَابَة 2101 - فِي رجلَيْنِ كَاتبا مملوكين لَهما قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه لَو أَن لِرجلَيْنِ لكل وَاحِد عبد على حِدة كاتبهما جَمِيعًا مُكَاتبَة وَاحِدَة على ألف دِرْهَم وَجعلا نجومهما وَاحِدَة إِن أديا عتقا وَإِن عَجزا ردا فَكل وَاحِد مِنْهُمَا مكَاتب على حِدة بِقدر قِيمَته يعْتق بِأَدَائِهِ دون الآخر وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ مَالك إِذا كاتباهما كِتَابَة وَاحِدَة وكل وَاحِد حميل مِمَّا على صَاحبه لم تصلح هَذِه الْكِتَابَة لِأَنَّهُ غرر قَالَ أَبُو جَعْفَر يجوز هَذَا كَمَا لَو تزوج امْرَأتَيْنِ على ألف دِرْهَم كَانَ لكل وَاحِدَة مِنْهُمَا حصَّتهَا من الْألف بِقدر مهر الْمثل وَأما مَذْهَب مَالك فِي شَرطه الْحمالَة فَإِن عِنْد مَالك أَن ضَمَان الْكِتَابَة لمَوْلَاهُ لَا يجوز 2102 - فِي الْمكَاتب هَل يُسَافر قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه فِي الْمكَاتب يشْتَرط عَلَيْهِ مَوْلَاهُ بِأَن لَا يخرج من الْكُوفَة إِلَّا بِإِذْنِهِ فَالشَّرْط بَاطِل وَالْكِتَابَة جَائِزَة وَله أَن يخرج وَقَالَ مَالك لَيْسَ للْمكَاتب أَن يخرج من أَرض سَيّده إِلَّا بِإِذْنِهِ اشْترط ذَلِك عَلَيْهِ أَو لم يشْتَرط وَذَلِكَ بيد سَيّده إِن شَاءَ أذن لَهُ وَإِن شَاءَ مَنعه وَقَالَ عُثْمَان البتي وكل شَرط على الْمكَاتب عِنْد كِتَابَته فَهُوَ جَائِز وَإِن اشْترط عَلَيْهِ أَن لَا يخرج من أرضه الَّتِي هُوَ فِيهَا الحديث: 2101 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 414 وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا اشْترط على الْمكَاتب أَن لَا يخرج فَلَيْسَ لَهُ أَن يخرج وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا كَاتب عَبده فَلَيْسَ لَهُ أَن يمنعهُ أَن يخرج حَيْثُ شَاءَ وَلَا يستأمر مَوْلَاهُ وَقَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي وَالْمكَاتب لَا يمْنَع من السّفر والاكتساب قَالَ وَقَالَ فِي الْإِمْلَاء لَيْسَ للْمكَاتب أَن يُسَافر بِغَيْر إِذن سَيّده قَالَ الْمُزنِيّ الأول أَقيس على أَصله وَقَالَ الرّبيع عَن الشَّافِعِي فِي إمْلَائِهِ وللمكاتب أَن يُسَافر بِالتِّجَارَة وَلَيْسَ للْمولى أَن يمنعهُ 2103 - فِي الْخِيَار فِي الْمُكَاتبَة قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه إِذا كَاتب أمته على أَنه بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا فَولدت فِي الثَّلَاثَة أَو اكْتسبت مَالا ثمَّ أجَاز الْمولى الْكِتَابَة فولدها دَاخل فِي الْكِتَابَة وَالْكَسْب لَهَا وَقَالَ ابْن الْقَاسِم قِيَاس قَول مَالك أَن الْوَلَد يدْخل فِي كتَابَتهَا إِذا أجَاز الْمولى الْكِتَابَة 2104 - فِي كِتَابَة الْأَب وَالْوَصِيّ قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه للْأَب ووصي الْأَب أَن يُكَاتب عبد الصَّغِير وَلَيْسَ لَهما أَن يعتقاه على مَال وَقَالَ ابْن أبي ليلى لَا تجوز كِتَابَة الْوَصِيّ وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك للْأَب وَالْوَصِيّ أَن يكاتبا عبد الصَّغِير وَلَيْسَ الحديث: 2103 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 415 للْوَصِيّ أَن يعتقهُ على مَال إِذا كَانَ إِنَّمَا يَأْخُذ المَال من العَبْد فَإِن أعطَاهُ رجل مَالا على أَن يعتقهُ فَفعل ذَلِك نظر للْيَتِيم فَهُوَ جَائِز وَقَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي وَلَيْسَ لوَلِيّ الْيَتِيم أَن يُكَاتب عَبده بِحَال لِأَنَّهُ لَا نظر لَهُ فِي ذَلِك قَالَ أَبُو جَعْفَر لما لم يكن للمأذون أَن يُكَاتب كَمَا لَا يعْتق على مَال كَذَلِك الْأَب وَالْوَصِيّ وَفَارَقت الْكِتَابَة للْبيع لِأَن للمأذون أَن يَبِيع وَأَيْضًا فَإِنَّهُ إِنَّمَا يعْتق بأَدَاء مَال هُوَ كَسبه يسْتَحقّهُ الصَّبِي لَو لم يُكَاتب فَهُوَ كَالْعِتْقِ على مَال 2105 - فِي كِتَابَة الْمكَاتب قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه للْمكَاتب أَن يُكَاتب فَإِن أدّى الثَّانِي قبل الأول فَالْولَاء للْمولى وَإِن أدّى الأول قبل الثَّانِي فولاء الثَّانِي للْأولِ وَقَالَ مَالك فِيمَا ذكره عَنهُ ابْن وهب ينظر فِي كِتَابَة الْمكَاتب فَإِن أَرَادَ بذلك الْمُحَابَاة للْعَبد وَعرف ذَلِك بِالتَّخْفِيفِ عَنهُ لم يجز ذَلِك وَإِن كَانَ إِنَّمَا كَاتبه على وَجه الرَّغْبَة وَطلب المَال والعون على كِتَابَته فَهُوَ جَائِز وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك فِي الْمكَاتب إِذا كَاتب عَبده على وَجه النّظر بذلك لنَفسِهِ أَنه جَائِز فَإِن أدّى الْمكَاتب الْأَسْفَل قبل الْأَعْلَى وَأدّى الْمكَاتب الْأَعْلَى بعد ذَلِك رَجَعَ إِلَيْهِ وَلَاء الْمكَاتب الْأَسْفَل وَقَالَ الثَّوْريّ تجوز كِتَابَة الْمكَاتب فَإِن أدّى الثَّانِي وَعجز الأول فَالْولَاء للْمولى وَإِن أديا جَمِيعًا كَانَ الْوَلَاء لَهُ وَقَالَ عُثْمَان البتي إِذا كَاتب الْمكَاتب عبدا لَهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَة البيع وَالشِّرَاء وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَا تجوز كِتَابَة الْمكَاتب إِلَّا بِإِذن الْمولى وَإِن كَاتبه بِإِذن الحديث: 2105 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 416 مَوْلَاهُ فَأدى عتق ورق سَيّده إِن عجز فَإِن كَاتبه بِغَيْر إِذن مَوْلَاهُ فَأدى فَلَا عتق لَهُ حَتَّى يُؤَدِّي الْمكَاتب الأول كِتَابَته فَإِذا أَدَّاهَا عتق هُوَ ومكاتبه الَّذِي كَاتبه فِي كِتَابَته وَقَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي إِذا كَاتب الْمكَاتب فَفِيهَا قَولَانِ أَحدهمَا لَا يجوز لِأَن الْوَلَاء لمن أعتق وَالثَّانِي أَنه يجوز وَفِي الْوَلَاء قَولَانِ أَحدهمَا أَن الْوَلَاء مَوْقُوف فَإِن عتق الأول كَانَ لَهُ الْوَلَاء وَإِن لم يعْتق حَتَّى يَمُوت فَالْولَاء لمولى الْمكَاتب وَالثَّانِي إِن الْوَلَاء لسَيِّد الْمكَاتب بِكُل حَال لِأَنَّهُ عتق فِي حَال لَا يكون لَهُ أَن يعتقهُ مَوْلَاهُ وَقَالَ فِي الْإِمْلَاء لَو كَاتب الْمكَاتب عَبده فَأدى لم يعْتق كَمَا لَو أعْتقهُ لم يعْتق قَالَ الْمُزنِيّ هَذَا عِنْدِي أشبه 2106 - فِي الْمكَاتب يعْتق عَبده على مَال قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه لَا يجوز عتق الْمكَاتب عَبده على مَال وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِن أعْتقهُ على مَال يَدْفَعهُ إِلَيْهِ من غير مَال هُوَ للْعَبد فَذَلِك جَائِز إِذا كَانَ على وَجه النّظر لنَفسِهِ وَإِن كَانَ إِنَّمَا أعْتقهُ على مَال للْعَبد فَأَخذه مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يجوز وَقَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي وَإِن أعتق الْمكَاتب عَبده على مَال أَو كَاتبه بِإِذن سَيّده فَأدى كِتَابَته فَفِيهَا قَولَانِ أَحدهمَا لَا يجوز لِأَن الْوَلَاء لمن أعتق وَالثَّانِي إِنَّه يجوز الحديث: 2106 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 417 2107 - فِي اخْتِلَافهمَا فِي الْكِتَابَة قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالْأَوْزَاعِيّ إِذا اخْتلف الْمولى وَالْعَبْد فِي مِقْدَار مَال الْكِتَابَة فَالْقَوْل قَول الْمكَاتب وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالشَّافِعِيّ يَتَحَالَفَانِ ويترادان قَالَ أَبُو جَعْفَر الْقيَاس التخالف كَالْبيع أَلا ترى أَنه لَو شهد للْمكَاتب شَاهِدَانِ أَحدهمَا بِأَلف وَالْآخر بِأَلف وَخَمْسمِائة أَن الشَّهَادَة بَاطِلَة كَالْبيع لَو شهد بِهِ كَذَلِك وَلم يكن كمن لَهُ ألف وَخَمْسمِائة فَشهد لَهُ شَاهد بِأَلف وَالْآخر بِأَلف وَخَمْسمِائة فَتجوز الشَّهَادَة على الْألف 2108 - فِي الْمولى يشْتَرط على مُكَاتبَته وَطْؤُهَا قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه هَذِه كِتَابَة فَاسِدَة فَإِن أدَّت عتقت وَعَلَيْهَا فضل الْقيمَة إِن كَانَت أَكثر من الْكِتَابَة وَإِن كَانَت الْقيمَة أقل من الْكِتَابَة عتقت بأَدَاء الْقيمَة وَلَا شَيْء عَلَيْهَا غير ذَلِك وَقَالَ زفر إِذا أدَّت الْقيمَة عتقت سَوَاء كَانَت أقل من الْقيمَة أَو أَكثر وَقَالَ ابْن الْقَاسِم فِي قِيَاس قَول مَالك إِن الْكِتَابَة جَائِزَة وَالشّرط بَاطِل وَلَا يشبه البيع لِأَن البيع لَا يجوز فِيهِ الْغرَر وَالْكِتَابَة على الْوَصْف جَائِزَة وَقَول الثَّوْريّ يدل على أَن مذْهبه أَن الْكِتَابَة جَائِزَة وَالشّرط بَاطِل وَمذهب الشَّافِعِي يدل على أَن هَذَا الشَّرْط يفْسد الْكِتَابَة الحديث: 2107 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 418 2109 - فِي ضَمَان الْأَجْنَبِيّ لمَال الْكِتَابَة قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه لَا يجوز ضَمَان الْأَجْنَبِيّ لمَال الْكِتَابَة إِلَّا أَن يكون للْمكَاتب على الضَّامِن مَال فَيضمنهُ لمَوْلَاهُ وَقَالَ ابْن أبي ليلى يجوز ضَمَان الْأَجْنَبِيّ لمَال الْكِتَابَة وَقَالَ مَالك لَا يجوز لأحد أَن يحمل للسَّيِّد كِتَابَة عَبده وَهُوَ قَول الشَّافِعِي 2110 - فِي تَزْوِيج الْمكَاتب وعتقه وضمانه وهبته قَالَ أَبُو حنيفَة لَا يجوز تَزْوِيج الْمكَاتب إِلَّا بِإِذن مَوْلَاهُ وَأما هِبته وعتقه وكفالته عَن رجل فَإِنَّهُ لَا يجوز شَيْء من ذَلِك وَإِن أذن لَهُ الْمولى وَقَالَ ابْن أبي ليلى للْمكَاتب أَن يتَزَوَّج إِلَّا أَن يكون الْمولى اشْترط عَلَيْهِ فِي الْكِتَابَة أَن لَا يتَزَوَّج إِلَّا بِإِذْنِهِ فَيكون ذَلِك كَمَا شَرط قَالَ وكفالته أَيْضا جَائِزَة قَالَ فَأَما عتقه وهبته فموقوفان فَإِن أعتق أمضى ذَلِك وَإِن عجز بَطل وَقَالَ ابْن الْقَاسِم وَابْن وهب عَن مَالك لَا يتَزَوَّج الْمكَاتب إِلَّا بِإِذن مَوْلَاهُ وَإِن أعتق الْمكَاتب عبدا أَو وهب بعض مَاله ثمَّ عتق بعد ذَلِك عَلَيْهِ وَإِن علم السَّيِّد قبل أَن يعْتق فَرده بَاطِل فَإِن عتق بعد ذَلِك لم ينفذ مَا فعل وَقَالَ الثَّوْريّ إِن اشْترط عَلَيْهِ أَن لَا يتَزَوَّج لم يتَزَوَّج وعتقه وصدقته الحديث: 2109 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 419 موقوفان فَإِن أدّى نفذ ذَلِك وَإِن عجز بَطل وَهُوَ قَول عُثْمَان البتي فِي الْعتْق وَالصَّدَََقَة وَقَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي لَا يهب الْمكَاتب مَاله إِلَّا بِإِذن سَيّده فَإِن أعتق عبدا بِإِذن سَيّده فَفِي الْوَلَاء قَولَانِ أَحدهمَا أَنه مَوْقُوف فَإِن عتق الْمكَاتب كَانَ لَهُ وَإِن لم يعْتق حَتَّى يَمُوت فَالْولَاء لسَيِّد الْمكَاتب وَالثَّانِي أَن الْوَلَاء للسَّيِّد على كل حَال 2111 - فِي الْمكَاتب يدبره الْمولى قَالَ مُحَمَّد فِي إمْلَائِهِ قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا دبر الرجل عَبده ثمَّ كَاتبه بعد ذَلِك فِي صِحَّته ثمَّ مَاتَ الْمولى وَله مَال يخرج العَبْد ومكاتبته من ثلثه أَو تخرج الْمُكَاتبَة وَحدهَا من ثلثه فَالْعَبْد حر لَا سَبِيل عَلَيْهِ وَقد بطلت الْمُكَاتبَة وَإِن كَانَ العَبْد يخرج من ثلثه وَالْمُكَاتبَة لَا تخرج من ثلثه فَفِي قِيَاس قَوْله أَن يسْعَى فِي الْكِتَابَة إِلَّا أَن يعجز عَنْهَا فَيعتق وَلَا تكون عَلَيْهِ سِعَايَة وَلَكِن هَذَا فسخ لِأَن العَبْد إِذا عجز عَن الْمُكَاتبَة وَخرج من الثُّلُث كَانَ حرا وَتبطل الْكِتَابَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِن خرجت الرَّقَبَة من ثلث المَال أَو الْمُكَاتبَة أَيهمَا خرج فَالْعَبْد حر فَإِن مَاتَ الْمولى وَلَا مَال لَهُ غير العَبْد فَإِن أَبَا حنيفَة قَالَ يسْعَى فِي جَمِيع الْكِتَابَة إِلَّا أَن يعجز فيسعى فِي ثُلثي قِيمَته الحديث: 2111 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 420 وَفِي قَول أبي يُوسُف يسْعَى فِي الْأَقَل فِيمَا بَقِي عَلَيْهِ من جَمِيع الْكِتَابَة وثلثي الْقيمَة وَقَالَ مُحَمَّد يسْعَى فِي الْأَقَل من ثُلثي جَمِيع مَا بَقِي عَلَيْهِ من الْكِتَابَة وثلثي الْقيمَة وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا دبر عَبده ثمَّ كَاتبه ثمَّ مَاتَ فَالْعَبْد يخرج من ثلثه وانتقضت الْكِتَابَة وَيعتق بِالتَّدْبِيرِ فَإِن لم يحملهُ الثُّلُث عتق مِنْهُ الثُّلُث وَيسْعَى فِيمَا بَقِي من الْكِتَابَة وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا كَاتب عَبده فَقبض بعض الْكِتَابَة ثمَّ مَاتَ الْمولى فَقَامَتْ الْبَيِّنَة أَنه كَانَ دبره قبل أَن يكاتبه فللمولى مَا أَخذه فِي حَيَاته وَمَا أَخذ مِنْهُ الْوَرَثَة بعد الْمَوْت يردونه عَلَيْهِ وَهُوَ حر وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا دبره ثمَّ كَاتبه ثمَّ مَاتَ عتق بِالتَّدْبِيرِ إِن حمله الثُّلُث وَبَطلَت الْكِتَابَة فَإِن لم يحملهُ الثُّلُث عتق مَا حمل الثُّلُث وَبَطل عَنهُ من الْكِتَابَة بِقَدرِهِ وَكَانَ مَا بَقِي على الْكِتَابَة إِلَّا أَن يعجز فيرق 2112 - فِيمَن كُوتِبَ على نَفسه وعَلى عبد غَائِب قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه إِذا كَاتب عبدا لَهُ على نَفسه وعَلى عبد لَهُ غَائِب فالكتابة جَائِزَة فَإِذا أدّى الْحَاضِر عتقا وَلَيْسَ على الْغَائِب مِنْهَا شَيْء الحديث: 2112 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 421 وَقَالَ ابْن الْقَاسِم فِي قِيَاس قَول مَالك إِن الْكِتَابَة جَائِزَة وَيكون الْغَائِب مكَاتبا مَعَه أحب أَو كره فَإِن أدّى الْحَاضِر جَمِيع الْكِتَابَة رَجَعَ على الْغَائِب بِحِصَّتِهِ قَالَ أَبُو جَعْفَر وَالَّذِي دلّ عَلَيْهِ قِيَاس قَول الشَّافِعِي إِن الْكِتَابَة لَا تجوز على الْغَائِب 2113 - فِي الْمكَاتب يملك ذَا رحم محرم مِنْهُ قَالَ أَبُو حنيفَة للْمكَاتب أَن يَبِيع كل من يَشْتَرِي من ذَوي أرحامه إِلَّا الْوَالِدين وَالْولد وَأم الْوَلَد إِذا كَانَ مَعهَا وَلَدهَا فاجتمعا فِي ملكه فَإِنَّهُ لَا يَبِيع هَؤُلَاءِ وَيبِيع جَمِيع ذَوي أرحامه غَيرهم وَيبِيع أم الْوَلَد إِذا لم يكن مَعهَا وَلَدهَا وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد كل مَا لم يكن للْحرّ أَن يَبِيعهُ إِذا اشْتَرَاهُ فَكَذَلِك الْمكَاتب لَا يَبِيعهُ وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك لَيْسَ الْمكَاتب أَن يَشْتَرِي ابْنه إِلَّا بِإِذن السَّيِّد فَإِن أذن لَهُ جَازَ وَدخل فِي الْكِتَابَة قَالَ وَإِن اشْترى أَبَوَيْهِ لم يبعهما وَلم يدخلا مَعَه فِي الْكِتَابَة وَإِن خَافَ الْعَجز جَازَ لَهُ أَن يبيعهم وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ للْمكَاتب أَن يَبِيع أَبَاهُ وأخاه إِذا خَافَ الْعَجز عَن أَدَاء الْكِتَابَة وَيبِيع أم وَلَده أَيْضا وَقَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي لَيْسَ للْمكَاتب أَن يَشْتَرِي من يعْتق عَلَيْهِ لَو كَانَ حرا وَله أَن يقيلهم لَو أوصى لَهُ بهم ويكسبون على أنفسهم وَيَأْخُذ فضل كسبهم وَإِن استولد جَارِيَة لَهُ ألحقته بِهِ ومنعته من الْوَطْء وفيهَا قَولَانِ أَحدهمَا لَا يَبِيعهَا بِحَال وَالْآخر أَن يَبِيعهَا خَافَ الْعَجز أَو لم يخف قَالَ أَبُو جَعْفَر وَذكرنَا فِيمَا تقدم أَن الْقيَاس أَنه لَا يجوز كِتَابَة الْمكَاتب الحديث: 2113 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 422 كَمَا لَا يجوز عتقه فَكل من دخل فِي كِتَابَته بِالشِّرَاءِ فَالْقِيَاس أَن لَا يجوز شِرَاؤُهُ لَهُ إِلَّا بِإِذن السَّيِّد 2114 - فِي كِتَابَة أحد الشَّرِيكَيْنِ قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه وَالثَّوْري وَمَالك وَالشَّافِعِيّ لَا يجوز لأحد الشَّرِيكَيْنِ مُكَاتبَة نصِيبه بِغَيْر إِذن شَرِيكه وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَعبيد الله بن الْحسن وَعُثْمَان البتي وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ تجوز كِتَابَة أَحدهمَا بِغَيْر إِذن شَرِيكه 2115 - فِي كِتَابَة أحد الشَّرِيكَيْنِ بِإِذن الآخر قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا كَاتب نصِيبه بِإِذن شَرِيكه فالكتابة جَائِزَة فِي نصِيبه وَنصِيب الآخر عبد وإذنه فِي الْكِتَابَة إِذن فِي قبض الْمكَاتب من جَمِيع كَسبه مَا لم يَنْهَهُ وَلَا يرجع على الَّذِي كَاتب بِشَيْء فِيمَا قَبضه من مَال الْكِتَابَة إِلَّا أَن يكون نَهَاهُ عَن قبض الْكِتَابَة من كسب نصِيبه وَإِن أدّى عتق وَلم يكن لَهُ أَن يضمن الشَّرِيك وَلكنه يستسعي إِن شَاءَ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد هُوَ مكَاتب لَهما جَمِيعًا وَمَا أَدَّاهُ فَهُوَ بَينهمَا وَالْكِتَابَة لَا تتبعض عِنْدهمَا وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك لَا تجوز كِتَابَة أَحدهمَا بِإِذن شَرِيكه وَيفْسخ وَإِن أدّى إِلَى الَّذِي كَاتبه لم يعْتق وَقَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي لَا يجوز أَن يُكَاتب بعض عبد إِلَّا أَن يكون بَاقِيه حرا وَلَا بعض عبد بَينه وَبَين شَرِيكه وَإِن كَانَ بِإِذْنِهِ وَقَالَ فِي الْإِمْلَاء الحديث: 2114 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 423 الْكِتَابَة جَائِزَة وللذي لم يُكَاتب أَن يستخدمه يَوْمًا ويخليه يَوْمًا للكسب وَإِن أَبرَأَهُ مِمَّا عَلَيْهِ كَانَ نصِيبه حرا وَقوم عَلَيْهِ الْبَاقِي وَعتق إِن كَانَ مُوسِرًا ورق إِن كَانَ مُعسرا 2116 - فِي مكَاتب لِرجلَيْنِ أعْتقهُ أَحدهمَا قَالَ مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة فِي مكَاتب بَين رجلَيْنِ أعْتقهُ أَحدهمَا عتق نصِيبه مِنْهُ وَنصِيب الآخر مكَاتب وَإِذا أدّى إِلَيْهِ عتق وَكَانَ وَلَاؤُه بَينهمَا نِصْفَيْنِ وَقَالَ أَبُو يُوسُف قد صَار حرا كُله وَيضمن الْمُعْتق لشَرِيكه نصف قيمَة العَبْد إِن كَانَ مُوسِرًا وَإِن كَانَ مُعسرا سعى العَبْد للَّذي لم يعْتق فِي نصف قِيمَته وَإِن لم يبْق من مَال الْكِتَابَة إِلَّا دِرْهَم وَاحِد وَقَالَ مُحَمَّد إِذا أعْتقهُ وَهُوَ مُوسر عتق كُله وَضمن الْمُعْتق الْأَقَل من نصف قيمَة العَبْد وَمن نصف مَا بَقِي من الْكِتَابَة لِأَنَّهُ لم يستهلك لشَرِيكه من المَال إِلَّا الْأَقَل وَإِن كَانَ مُعسرا سعى العَبْد لذِي لم يعْتق فِي الْأَقَل من نصف قِيمَته وَمن نصف مَا بَقِي من الْكِتَابَة وَقَالَ مَالك فِيمَا ذكره عَنهُ ابْن الْقَاسِم فِي رجل أعتق بعض مكَاتبه وَهُوَ صَحِيح قَالَ لَا يعْتق مِنْهُ شَيْء وَإِنَّمَا الْعتْق هَاهُنَا وضع مَال عِنْد مَالك فَينْظر إِلَى مَا عتق وَيُوضَع عَنهُ من الْكِتَابَة بِقدر ذَلِك ثمَّ يسْعَى فِيمَا بَقِي فَإِن أَدَّاهُ عتق وَإِن عجز رق كُله وَقَالَ مَالك إِلَّا أَن يكون أعتق ذَلِك الشّقص مِنْهُ فِي وَصِيَّة فَإِن ذَلِك عتق للْمكَاتب إِن عجزوحمل ذَلِك الثُّلُث قَالَ مَالك وَلَو أَن مكَاتبا بَين رجلَيْنِ أعتق أَحدهمَا نصِيبه ثمَّ عجز عَن الحديث: 2116 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 424 نصيب صَاحبه لم يقوم على الَّذِي أعْتقهُ وَيكون رَقِيقا بَينهمَا وروى الْأَوْزَاعِيّ مَا يدل على أَن مذْهبه فِي ذَلِك كمذهب مَالك وَقَالَ الشَّافِعِي فِيمَا رَوَاهُ عَنهُ الْمُزنِيّ فِي مكَاتب بَين رجلَيْنِ أعْتقهُ أَحدهمَا قوم عَلَيْهِ الْبَاقِي إِن كَانَ مُوسِرًا وَعتق كُله وَإِلَّا كَانَ الْبَاقِي مكَاتبا وَكَذَلِكَ لَو أَبرَأَهُ فَهُوَ كعتقه وَلَو مَاتَ سيد الْمكَاتب فَأَبْرَأهُ بعض الوراثة من حِصَّته عتق نصِيبه عجز أَو لم يعجز وَوَلَاؤُهُ للَّذي كَاتبه وَلَا أقومه عَلَيْهِ وَالْوَلَاء لغيره وَقَالَ فِي مَوضِع آخر فِيهَا قَولَانِ أَحدهمَا هَذَا وَالْآخر يقوم عَلَيْهِ إِذا عجز وَكَانَ لَهُ وَلَاؤُه كُله لِأَن الْكِتَابَة الأولى بطلت وَأعْتق هَذَا ملكه قَالَ أَبُو جَعْفَر لما اتّفق الْجَمِيع على أَن الْمكَاتب إِذا أدّى الْكِتَابَة عتق وَصَارَ وَلَاؤُه لمَوْلَاهُ دلّ ذَلِك على بَقَاء ملكه فِيهِ بعد الْكِتَابَة لَوْلَا ذَلِك لما اسْتحق عَلَيْهِ وَلَاؤُه بِالْعِتْقِ وَإِذا كَانَ مَالِكًا جَازَ عتقه وَيَنْبَغِي أَن يَرث ورثته رقبته فَيجوز عتق بَعضهم نصِيبه 2117 - فِي قبض أحد الشَّرِيكَيْنِ حِصَّته قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه إِذا كَاتب رجلَانِ عبدا لَهما مُكَاتبَة وَاحِدَة فَأدى إِلَى أَحدهمَا حِصَّته لم يعْتق حَتَّى يُؤَدِّي جَمِيع الْكِتَابَة إِلَيْهِمَا سَوَاء قبض بِإِذن شَرِيكه أَو بِغَيْر إِذْنه وَكَذَلِكَ قَالَ مَالك إِنَّه لَا يعْتق بِقَبض أَحدهمَا حِصَّته وَقَالَ الشَّافِعِي أصح مَا فِيهِ أَن لَا يعْتق بِقَبض أَحدهمَا حِصَّته قَالَ أَبُو جَعْفَر قَوْله أصح مَا فِيهِ دَلِيل على أَن فِيهِ غير ذَلِك القَوْل قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلما كَانَا شَرِيكَيْنِ فِيمَا قبض لم يعْتق لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة لَو دفع إِلَيْهِ الحديث: 2117 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 425 بعض حِصَّته وَلَا يشبه هَذَا عبد بَين رجلَيْنِ باعاه صَفْقَة وَاحِدَة بِثمن وَاحِد فَدفع الْمُبْتَاع إِلَى أَحدهمَا حِصَّته من الثّمن فَيكون لَهُ أَن يقبض نصِيبه من العَبْد لِأَنَّهُ يجوز لَهُ بيع نصِيبه على حِدة وَلَا يجوز لأَحَدهمَا مُكَاتبَة نصِيبه على حِدة وَله أَن يفسخه إِن كَاتب نصِيبه 2118 - فِي الْكِتَابَة يشْتَرط فِيهَا شرطا بعد أَدَاء المَال قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه إِذا كَاتب عَبده على ألف دِرْهَم على أَنه إِذا عتق فَعَلَيهِ ألف آخر أَو على أَن يَخْدمه بعد ذَلِك شهرا جَازَ ذَلِك على مَا شَرط وَلَو قَالَ على أَن يَخْدمه وَلم يؤقت لم تجز الْكِتَابَة وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك إِذا كَاتب عَبده بِذَهَب أَو ورق وَاشْترط عَلَيْهِ فِي كِتَابَته سفرا أَو خدمَة أَو أضْحِية أَو كسْوَة فَإِنَّهُ ينظر إِلَى مَا شَرط عَلَيْهِ من خدمَة وَمن سفر وَمَا سوى ذَلِك مِمَّا يعالجه بِنَفسِهِ فَيكون ذَلِك مَوْضُوعا لَا شَيْء عَلَيْهِ مِنْهُ لسَيِّده وَمَا كَانَ من أضْحِية أَو كسْوَة أَو شَيْء يُؤَدِّيه فَهُوَ بِمَنْزِلَة الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير وَقَالَ الشَّافِعِي فِيمَا رَوَاهُ الْمُزنِيّ فِي جَامعه وَلَو كَاتبه على أَن يَخْدمه شهرا يَأْخُذ فِيهِ حِين كَاتبه وَيُؤَدِّي إِلَيْهِ بعد الشَّهْر مَالا جَازَ وَلَو شَرط تَعْجِيل المَال وَتَأْخِير الْعَمَل لم يجز وَإِن وصف الْأُضْحِية فَقَالَ مَا عز ثنية من شَاة بدل كَذَا أومن شَاة بني فلَان يَدْفَعهَا إِلَيْهِ يَوْم كَذَا من سنة كَذَا جَازَ وَإِن قَالَ أضْحِية وَلم يصفها لم يجز كَمَا لَا يجوز فِي البيع قَالَ أَبُو جَعْفَر الْقيَاس أَن تكون الْكِتَابَة فَاسِدَة إِذا شَرط عَلَيْهِ بعد الْعتاق شَيْئا كَالْبيع لِأَنَّهُ يلْحقهَا الْفَسْخ الحديث: 2118 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 426 2119 - فِي كِتَابَة النَّصْرَانِي قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه فِي نَصْرَانِيّ كَاتب عبدا نَصْرَانِيّا ثمَّ أسلم العَبْد فَهُوَ على كِتَابَته وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه لَو اشْترى نَصْرَانِيّ عبدا مُسلما وكاتبه جَازَت كِتَابَته وَقَالَ مَالك فِيمَا ذكره ابْن الْقَاسِم عَنهُ إِذا أسلم مكَاتب النَّصْرَانِي بِيعَتْ كِتَابَته من مُسلم فَإِن أَدَّاهَا فَعتق فولاؤه لِلنَّصْرَانِيِّ الَّذِي كَاتبه إِذا أسلم يَوْمًا مَا وَإِن عجز كَانَ رَقِيقا لمن اشْتَرَاهُ قَالَ مَالك وَيجوز شِرَاء النَّصْرَانِي للْعَبد الْمُسلم وَيجْبر على بَيْعه فَإِن كَاتبه على أَن يُبَاع عَلَيْهِ أجبر النَّصْرَانِي على بيع كِتَابَته وَإِن عتق كَانَ وَلَاؤُه لجَمِيع الْمُسلمين وَإِن أسلم مَوْلَاهُ بعد ذَلِك لم ترجع وَلَاؤُه إِلَيْهِ قَالَ وَلَو كَاتبه وَهُوَ نَصْرَانِيّ ثمَّ أسلم فَبيع عَلَيْهِ كِتَابَته ثمَّ أدّى فَعتق فَإِن أسلم مَوْلَاهُ الَّذِي كَاتبه رَجَعَ إِلَيْهِ وَلَاؤُه وَلَا يشبه هَذَا أَن يعْقد الْكِتَابَة وَالْعَبْد مُسلم وَقَالَ اللَّيْث إِذا أسلم مكَاتب النَّصْرَانِي أَو مدبره بيعا جَمِيعًا مِمَّن يعتقهما قَالَ أَبُو جَعْفَر إِذا أعتق على النَّصْرَانِي فولاؤه لَهُ لِأَن الْوَلَاء لحْمَة كلحمة النّسَب كَمَا يلْحق بِهِ النّسَب كَذَلِك الْوَلَاء 2120 - فِي بيع الْمكَاتب قَالَ أَبُو جَعْفَر روى أَسد بن الفران عَن مُحَمَّد وَأبي يُوسُف عَن الحديث: 2119 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 427 أبي حنيفَة إِذا بَاعَ مكَاتبا فَأعْتقهُ المُشْتَرِي فعتقه بَاطِل وَبيعه بَاطِل وَهُوَ مكَاتب كَمَا كَانَ فَإِن قَالَ الْمكَاتب قد عجزت وَكسرت الْكِتَابَة فَبَاعَهُ الْمولى فبيعه جَائِز وَلم يحك خلافًا وَسمعت أبن أبي عمرَان يَحْكِي عَن أبي يُوسُف فِي أَمَالِيهِ أَن الْمكَاتب إِذا بيع بِرِضَاهُ بذلك قبل عَجزه عَن الْكِتَابَة أَن بَيْعه جَائِز وَإِن بيع بِغَيْر رِضَاهُ لم يجز بَيْعه وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك لَا يُبَاع رَقَبَة الْمكَاتب وَإِن رَضِي الْمكَاتب لِأَن الْوَلَاء قد ثَبت للَّذي عقد الْكِتَابَة فَإِن فَاتَ ذَلِك حَتَّى يعْتق لم أرده وَلَا وَلَاؤُه للَّذي اشْتَرَاهُ وَأعْتقهُ لِأَن ذَلِك عِنْدِي رضى من العَبْد بِفَسْخ الْكِتَابَة وَقد دخله عتق وَقَالَ عُثْمَان البتي وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ لَا يُبَاع الْمكَاتب قَالَ أَبُو جَعْفَر روى ابْن شهَاب عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة أَن بَرِيرَة كَانَت مُكَاتبَة جَاءَت تستعينها فِي كتَابَتهَا فَقَالَت لَهَا عَائِشَة ارجعي إِلَى أهلك فَإِن أَحبُّوا أَن أعطيهم ذَلِك جمعا وَيكون ولاؤك لي فعلت فَذَهَبت إِلَى أَهلهَا فعرضت ذَلِك عَلَيْهِم فَأَبَوا وَقَالُوا إِن شَاءَت أَن تحتسب فلتفعل وَيكون ولاؤك لنا فَذكرت ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَا يمنعك ذَلِك مِنْهَا ابتاعي وأعتقي فَإِنَّمَا الْوَلَاء لمن أعتق فَذكر فِي هَذَا الحَدِيث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمرهَا بشرائها وعتقها وَذَلِكَ كَانَ برضى بَرِيرَة وَهَذَا يدل على مَا ذَكرْنَاهُ عَن أبي يُوسُف فِي جَوَاز شِرَاء الْمكَاتب بِرِضَاهُ وعَلى أَنه لم يقل اشتريها وَهِي مُكَاتبَة وَهَذَا مَحْمُول على الْحَال الَّتِي يجوز فِيهَا بيعهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 428 2121 - فِي ابتياع كِتَابَة الْمكَاتب قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه وَالشَّافِعِيّ لَا يجوز بيع كِتَابَة الْمكَاتب وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك يجوز بيع كِتَابَة الْمكَاتب وَإِن هلك الْمكَاتب وَرثهُ الَّذِي اشْترى كِتَابَته جَمِيع مَاله وَإِن عجز فَلهُ رقبته وَإِن أدّى كِتَابَته إِلَى المُشْتَرِي عتق وَوَلَاؤُهُ للَّذي عقد كِتَابَته وَلَيْسَ للْمُشْتَرِي من ولائه شَيْء وَقَالَ اللَّيْث يجوز بيع كِتَابَة الْمكَاتب فَإِن مَاتَ الْمكَاتب قبل أَن يُؤَدِّي كَانَ للْمُشْتَرِي من مَاله قدر الثّمن وَالْفضل للَّذي كَاتب وَإِن عجز كَانَ عبدا للَّذي اشْترى كِتَابَته قَالَ أَبُو جَعْفَر إِنَّمَا عقد البيع على مَال الْكِتَابَة فَغير جَائِز دُخُول الرَّقَبَة فِيهِ ثمَّ قَالَ الَّذين أجازوه إِن مَاتَ الْمكَاتب اسْتحق المُشْتَرِي كَسبه وَذَلِكَ معنى لم يتَنَاوَلهُ عقد البيع وَلَو اقْتَضَاهُ عقد البيع لفسد العقد لِأَنَّهُ قد يَقع على الْمَوْجُود والمستفاد أَيْضا فقد قَالُوا إِنَّه لَو أدّى الْكِتَابَة لم يكن للْمُشْتَرِي أَكثر من الْكِتَابَة الَّتِي ابتاعها وَكَانَ حرا على ملك الَّذِي كَاتب فَدلَّ ذَلِك على أَن عقده على الْكِتَابَة لَا يَقْتَضِي دُخُول كَسبه ورقبته فِيهِ 2122 - فِي الْمكَاتب يسبى بعد الرِّدَّة قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه إِذا ارْتَدَّ الْمكَاتب وَلحق بدار الْحَرْب فسبي عرض عَلَيْهِ الْإِسْلَام فَإِن أسلم وَإِلَّا قتل وَأدّى كِتَابَته وَمَا بَقِي فميراث لوَرثَته وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لَا يملك العَبْد الْمكَاتب وَلَا مَاله الحديث: 2121 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 429 وَقَالَ اللَّيْث إِذا أبقت الْمُكَاتبَة إِلَى دَار الْحَرْب فقد نقضت كتَابَتهَا فَإِذا سبت ردَّتْ إِلَى مَوْلَاهَا وَإِن أبقت إِلَى غير دَار الْحَرْب فَهِيَ على كتَابَتهَا قَالَ أَبُو جَعْفَر من يَجْعَل أهل الْحَرْب يملكُونَ بالغلبة فَإِنَّمَا يَجْعَل ذَلِك فِيمَا تحصل أَيْديهم عَلَيْهِ وَمَال الْمكَاتب لم تزل يَده عَنهُ لِأَن الْمكَاتب لَا يملك رقبته وَكَانَت رقبته وَمَاله باقيتين على حَاله 2123 - فِي الْمكَاتب يَمُوت وَيتْرك ولدا أَو والدا قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ أَبُو حنيفَة فِي الْمكَاتب يَمُوت وَلم يدع مَالا ويدع ولدا أَو والدا أَو أُمَّهَات أَوْلَاد أَو ذَوي أَرْحَام فِي ملكه فَإِنَّهُم يباعون فِي الْكِتَابَة وَاسْتحْسن فِي الْوَلَد الْمُشْتَرى أَنه إِنَّه قَالَ أودى الْكِتَابَة حَالَة قبلت مِنْهُ وَلَا يقبل ذَلِك من وَالِد وَلَا غَيره وَأما الْوَلَد الْمَوْلُود فِي الْكِتَابَة فَإِنَّهُ يسْعَى على النُّجُوم وَفِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد كل من لَا يجوز لَهُ بَيْعه من ذَوي أرحامه وَمن أُمَّهَات أَوْلَاده فَإِنَّهُ يسْعَى على النُّجُوم وَقَالَ مَالك كل من دخل فِي كِتَابَة الْمكَاتب من غير أَن يعْقد عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يسْعَى على النُّجُوم بعد موت الْمكَاتب 2124 - فِي الْمكَاتب يُؤْتِي شَيْئا من الصَّدَقَة ثمَّ يعجز قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه وَالشَّافِعِيّ إِذا عجز الْمكَاتب وَقد أدّى إِلَى الْمولى بعض الْكِتَابَة من الصَّدَقَة فَإِنَّهُ طيب للْمولى وَكَذَلِكَ لَو أعتق وَقد بَقِي فِي يَده شَيْء مِمَّا تصدق بِهِ عَلَيْهِ فَهُوَ لَهُ طيب الحديث: 2123 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 430 وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِن دفع إِلَيْهِ الصَّدَقَة لَا على وَجه فكاك رقبته فَهِيَ طيبَة للْمولى بعد الْعَجز وَإِن دَفعهَا لفكاك رقبته فَدَفعهَا إِلَى الْمولى ثمَّ عجز أَو أدّى فَعتق ففضل فِي يَده شَيْء مِنْهَا فَإِنِّي أرى لَهُ أَن يستحلهم أَو يردهُ عَلَيْهِم وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا سَأَلَ الْمكَاتب النَّاس وَأَعْطوهُ ثمَّ عجز فليجعل مَا أَخذ مِنْهُ فِي المكاتبين وَهُوَ قَول الْحسن بن حَيّ قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا خلاف بَينهم أَن الصَّدَقَة على الْمكَاتب جَائِزَة وَأَنه مُبَاح لمَوْلَاهُ أَخذ ذَلِك من كِتَابَته وَإِن كَانَ مِمَّن لَا تحل لَهُ الصَّدَقَة فَلَا يجوز أَن يرحم ذَلِك عَلَيْهِ لعجز الْمكَاتب كَمَا أَن فَقِيرا لَو تصدق عَلَيْهِ ثمَّ اسْتغنى لم تحرم عَلَيْهِ تِلْكَ الصَّدَقَة وَكَذَلِكَ إِذا عتق ففضل فِي يَده شَيْء 2125 - فِي الْمكَاتب يَمُوت وَيتْرك وَفَاء قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه وَابْن أبي ليلى وَابْن شبْرمَة وَعُثْمَان البتي وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ إِذا مَاتَ الْمكَاتب وَترك وَفَاء أدّيت كِتَابَته وَعتق وَمَا بَقِي فَهُوَ مِيرَاث لوَرثَته فَإِن لم يتْرك وَفَاء وَترك ولدا ولد فِي كِتَابَته يسعوا فِيهَا على النُّجُوم وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث إِن ترك ولدا قد دخلُوا فِي كِتَابَته يسعوا فِيهَا على النُّجُوم وَعتق الْمكَاتب وَولده وَإِن لم يتْرك من دخل فِي كِتَابَته فقد مَاتَ عبدا لَا تُؤَدّى كِتَابَته من مَاله وَجَمِيع مَاله للْمولى وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا مَاتَ وَقد بَقِي عَلَيْهِ دِرْهَم فقد مَاتَ عبدا لَا يلْحقهُ عتاق بعد ذَلِك الحديث: 2125 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 431 قَالَ أَبُو جَعْفَر رُوِيَ عَن عَليّ وَزيد بن ثَابت وَابْن الزبير تُؤدِّي كِتَابَته بعد مَوته وَيعتق وَرُوِيَ عَن عمر وَعلي أَن جَمِيع مَاله لسَيِّده وَلَا تُؤَدّى مِنْهُ كِتَابَته قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ أَنه إِذا علق عتقه بِشَرْط ثمَّ مَاتَ العَبْد قبل وجود الشَّرْط أَنه يبطل وَلَا يلْحقهُ عتقاق بعد مَوته كَذَلِك الْمكَاتب عتقه مُعَلّق بأَدَاء المَال فَإِذا مَاتَ قبل الْأَجَل بطلت الْكِتَابَة وَالْعِتْق إِلَّا أَنهم قد اتَّفقُوا على أَنه لَو علق عتقه بِفعل للْمولى وَجعله شرطا فِيهِ ثمَّ مَاتَ الْمولى بَطل ذَلِك وَلم يعْتق بِهِ ابدا وَاتَّفَقُوا على أَن موت الْمولى لَا يبطل الْأَدَاء من جِهَة العَبْد وَلَا تبطل الْكِتَابَة كَذَلِك لَا يُبطلهُ موت العَبْد وَصَارَ بِمَنْزِلَة البيع وَفَارق الْأَيْمَان فِي بُطْلَانهَا بِمَوْت أَحدهمَا فَإِن قيل كَيفَ يعْتق بعد الْمَوْت قُلْنَا لَهُ إِذا أدّى حكم بِعِتْقِهِ قبل الْمَوْت بِلَا فصل كَمَا لَو مَاتَ رجل وَترك ابْنَيْنِ وَألف دِرْهَم وَعَلِيهِ دين ألف دِرْهَم أَنَّهُمَا لَا يرثانه فَإِن مَاتَ أحد الِابْنَيْنِ ثمَّ برأَ الْغَرِيم من الدّين أَخذ ابْن الْمَيِّت مِنْهُمَا حِصَّته مِيرَاثا عَن أَبِيه وَإِن لم يكن مَالِكًا لَهُ يَوْم الْمَوْت وَلكنه جعل فِي حكم من كَانَ مَالِكًا لتقدم سَببه كَذَلِك الْمكَاتب يعْتق بِالْأَدَاءِ قبل الْمَوْت بِلَا فصل 2126 - فِي الْمكَاتب مَتى يعْتق قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه وَابْن أبي ليلى وَابْن شبْرمَة وَعُثْمَان البتي وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث الْمكَاتب عبد مَا بَقِي عَلَيْهِ دِرْهَم لَا يعْتق إِلَّا بأَدَاء جَمِيع الْكِتَابَة الحديث: 2126 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 432 وروى الْأَشْجَعِيّ عَن الثَّوْريّ قَالَ إِذا أدّى الْمكَاتب النّصْف أَو الثُّلُث من كِتَابَته فالأحب إِلَيّ أَن لَا يرد إِلَى الرّقّ لما جَاءَ فِيهِ وَرُوِيَ عَن الشّعبِيّ قَالَ كَانَ عبد الله وَشُرَيْح يَقُولَانِ فِي الْمكَاتب إِذا أدّى الثُّلُث فَهُوَ غَرِيم وروى الْمُغيرَة عَن إِبْرَاهِيم قَالَ قَالَ عبد الله إِذا أدّى الْمكَاتب قيمَة رقبته فَهُوَ غَرِيم وروى جَابر بن سَمُرَة عَن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ إِذا أدّى الْمكَاتب النّصْف فَهُوَ غَرِيم وَقَالَت عَائِشَة وَأم سَلمَة وَزيد بن ثَابت الْمكَاتب عبد مَا بَقِي عَلَيْهِ دِرْهَم وروى عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْمكَاتب عبد مَا بَقِي عَلَيْهِ من كِتَابَته دِرْهَم وروى حَمَّاد بن سَلمَة عَن أَيُّوب عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يُؤَدِّي الْمكَاتب بِحِصَّة مَا أدّى دِيَة حر وَمَا يبْقى دِيَة عبد وروى حجاج الصَّوَاب عَن يحيى بن أبي كثير عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثله وروى حَمَّاد بن سَلمَة عَن أَيُّوب عَن عِكْرِمَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثله وَلم يذكر ابْن عَبَّاس قَالَ أَبُو جَعْفَر لما اتَّفقُوا أَنه لَا يعْتق بِنَفس الْكِتَابَة أشبه البيع الجزء: 4 ¦ الصفحة: 433 أَو الرَّهْن لِأَنَّهُ لَا يسْتَحق الْقَبْض إِلَّا بعد أَدَاء جَمِيع الثّمن أَو الدّين 2127 - فِي وَطْء الْمولى مُكَاتبَته قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ إِذا وطئ الْمولى مُكَاتبَته طَائِعَة أَو مستكرهة فَلَا حد عَلَيْهِ وَعَلِيهِ الْمهْر وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك لَا شَيْء عَلَيْهِ من الْمهْر وَيُعَزر إِن كَانَ عَالما سَوَاء كَانَت طَائِعَة أَو مستكرهة وَقَالَ فِي مَوضِع آخر إِذا اغتصبها فَعَلَيهِ مَا نَقصهَا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا كَانَت مستكرهة ضرب الْحَد وَلها صدَاق مثلهَا وتمضي على كتَابَتهَا وَإِن كَانَت طاوعته ضربت خمسين جلدَة وَلَا صدَاق لَهَا وتمضي على كتَابَتهَا وَقَالَ ابْن وهب عَن اللَّيْث إِن كَانَت طاوعته فَذَلِك فسخ لكتابتها وَإِن أكرهها فَإِنَّهُ يُعَاقب عُقُوبَة موجعة وتعتق مَكَانهَا وَقَالَ أَبُو جَعْفَر لَا حد عَلَيْهِ لِأَن لَهُ فِيهَا رقا وَيجب عَلَيْهِ الْمهْر كَمَا يجب على غَرِيب لَو وَطئهَا بِشُبْهَة لِأَنَّهَا أَحَق بكسبها وَأرش جراحتها وَلَا تعْتق لِأَن الْوَطْء لَيْسَ بِعِتْق وَلَيْسَ بعجز لِأَنَّهَا لم تعجز 2128 - فِي الصُّلْح من الْكِتَابَة قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد إِذا كَاتبه على ألف دِرْهَم إِلَى سنة ثمَّ صَالحه على خَمْسمِائَة حَالَة أَنه جَائِز وَقَالَ أَبُو يُوسُف فِي الْإِمْلَاء لَا يجوز الحديث: 2127 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 434 وَقَالُوا جَمِيعًا فِي الدّين على غير مُكَاتبَة إِنَّه لَا يجوز على هَذَا الْوَجْه وَقَالَ زفر فِي الْأَجْنَبِيّ أَيْضا وَقَالَ مَالك مثل قَول أبي حنيفَة فِي الْمُكَاتبَة وَفِي دين الْأَجْنَبِيّ وَوَافَقَهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ جَمِيعًا وَقَالَ الثَّوْريّ وَعُثْمَان البتي لَا يجوز أَن يَقُول لغريمه عجل لي وأضع عَنْك وَكَذَلِكَ قَالَ البتي فِي الْكِتَابَة وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِي وَقَالَ الْمُزنِيّ قَالَ فِي هَذَا الْموضع وتعجل لَا يجوز وَأَجَازَهُ فِي الدّين وَقَالَ أَبُو جَعْفَر رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ لَا يرى بَأْسا أَن يَقُول عجل لي وأضع عَنْك وَكَرِهَهُ ابْن عمر وَزيد بن ثَابت وَقَالَ أَبُو جَعْفَر كَانَ رَبًّا الْجَاهِلِيَّة الَّذِي ورد الْقُرْآن بِتَحْرِيمِهِ تَأْخِير الدّين الْحَال بِزِيَادَة المَال فحظر عَلَيْهِم ابتياع الْآجَال بالأموال وَالْقِيَاس على ذَلِك إِذا كَانَ عَلَيْهِ دين مُؤَجل أَن لَا يجوز صلحه على بعضه حَالا لِأَن فِيهِ ابتياع الْأَجَل بِالْمَالِ الَّذِي حطه وَالْقِيَاس أَن لَا فرق بَين سَائِر الدُّيُون وَبَين الْكِتَابَة 2129 - فِي عجز الْمكَاتب قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد فِي الْمكَاتب يعجز فَيَقُول أخروني وَقد أجل بِنَجْم قَالَ إِن كَانَ لَهُ مَال حَاضر أَو مَال غَائِب يَرْجُو قدومه أَخّرهُ يَوْمَيْنِ أَو ثَلَاثَة لَا يزِيدهُ على ذَلِك شَيْئا وَإِلَّا رد فِي الرّقّ وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَا أرده حَتَّى يتوالى عَلَيْهِ نجمان وَقَالُوا جَمِيعًا لَو رده فِي الرّقّ بِرِضَاهُ جَازَ الحديث: 2129 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 435 وَقَالَ ابْن أبي ليلى لَا أرده فِي الرّقّ حَتَّى يتوالى عَلَيْهِ نجمان وَلَا يكون عَجزه إِلَّا عِنْد القَاضِي وَقَالَ مَالك إِذا كَاتبه على نُجُوم إِلَى آجال سَمَّاهَا وَإِلَّا فَلَا كِتَابَة لَهُ فَلَيْسَ محو كِتَابَة العَبْد بيد السَّيِّد بِمَا شَرط ويتلوم للْمكَاتب إِن جَاءَ الْأَجَل فَإِن أعطَاهُ كَانَ على كِتَابَته وَلَا يكون عَاجِزا إِلَّا عِنْد السُّلْطَان وَالشّرط أَنه يكون عَاجِزا دون السُّلْطَان بَاطِل قَالَ وَإِذا كَانَ للْمكَاتب مَال ظَاهر فَلَيْسَ لَهُ أَن يعجز نَفسه قَالَ وَيكون عجز الْمكَاتب دون السُّلْطَان عَجزا إِذا لم يكن لَهُ مَال مَعْرُوف وَإِنَّمَا الَّذِي لَا يكون عَجزه إِلَّا عِنْد السُّلْطَان هُوَ الَّذِي تحل نجومه وَيَقُول أَنا أودي وَلَا يعجز نَفسه فيريده سَيّده أَن يعجزه فَهَذَا يتلوم لَهُ السُّلْطَان فَإِن رأى وَجه أَدَاء تَركه على نجومه وَإِن لم ير لَهُ وَجه أَدَاء عَجزه وَقَالَ الثَّوْريّ قَالَ بَعضهم يعجز إِذا أخل بِنَجْم وَمِنْهُم من يَقُول إِذا أخل بنجمين وَالِاسْتِثْنَاء فِيهِ أحب إِلَيّ وَقَالَ الْمعَافى عَن الثَّوْريّ إِذا عجز الْمكَاتب فَقَالَ قد عجزت صَار عبدا ويعجبني أَن يكون الْعَجز عِنْد السُّلْطَان فَإِن كَانَ دونه فَجَائِز وَسُئِلَ الْأَوْزَاعِيّ عَن الْمكَاتب يعجز كم يُؤَجل حَتَّى يرد إِلَى الرّقّ قَالَ ذَلِك إِلَى رَأْي الإِمَام وَقَالَ عُثْمَان البتي فِي الْمكَاتب إِذا كُوتِبَ وَاشْترط سَيّده عَجزه فسيده على شَرطه فِيهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 436 وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا توالى عَلَيْهِ نجمان فَلم يؤدهما رد فِي الرّقّ وَلَا يرد حَتَّى يتوالى عَلَيْهِ نجمان وَإِن تراضى السَّيِّد وَالْمكَاتب أَن يرجع فِي الرّقّ رَجَعَ فِي الرّقّ دون السُّلْطَان وَإِن لم يعجز وَقَالَ اللَّيْث إِذا دخل عَلَيْهِ بعض نجومه فَلم يَأْتِ بِهِ لم يعجل عَلَيْهِ وينتظره السُّلْطَان فَإِن رَأْي لَهُ وَجه مكسب أَخّرهُ لذَلِك وَإِن لم ير لَهُ حِرْفَة وَلَا وَجه مكسب يكون قَرِيبا رده فِي الرّقّ وَقَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي لَيْسَ للسَّيِّد أَن يفْسخ كِتَابَته حَتَّى يعجز عَن أَدَاء نجم فَيكون لَهُ فَسخهَا بِحَضْرَتِهِ إِن كَانَ بِبَلَدِهِ فَإِذا قَالَ لَيْسَ عِنْدِي مَال فَأشْهد أَنه قد عَجزه بطلت كَانَ عِنْد السُّلْطَان أَو غَيره وَلَا ينظره السُّلْطَان وَإِن شَاءَ ذَلِك إِلَّا يحضرهُ مَاله يَبِيعهُ مَكَانَهُ فينظره قدر بَيْعه فَإِن حل عَلَيْهِ نجم فِي غيبته فَأشْهد سَيّده أَن قد عَجزه أَو فسخ مُكَاتبَته فَهُوَ عَاجز وَلَا يعجزه السُّلْطَان إِلَّا أَن يثبت عِنْده حُلُول نجم من نجومه قَالَ أَبُو جَعْفَر لما جَازَت الْكِتَابَة بدءا عِنْد غير سُلْطَان جَازَ الْعَجز عَنْهَا كَذَلِك وَقد رُوِيَ عَن ابْن عمر وَجَابِر بن عبد الله ويعلى بن أُميَّة جَوَاز الْعَجز دون السُّلْطَان وَلم يرو عَن غَيرهم من الصَّحَابَة خِلَافه وكما جَازَت الْإِقَالَة فِي البيع عِنْد غير السُّلْطَان كَذَلِك الْكِتَابَة إِذا حل عَلَيْهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 437 نجم فَلم يُمكنهُ أَدَاؤُهُ صَار كمن عَلَيْهِ ثمن بيع فيبيعه السُّلْطَان عَلَيْهِ أَو يحْبسهُ حَتَّى يَبِيعهُ أَو يفْسخ البيع وَلَا ينْتَظر بِهِ معنى آخر كَذَلِك الْكِتَابَة إِذا حلت وَتعذر عَلَيْهِ الْأَدَاء وَجب فَسخهَا آخر كتاب الْمكَاتب الجزء: 4 ¦ الصفحة: 438 = كتاب الْفَرَائِض = 2130 - فِي الْحجب بِمن لَا يَرث قَالَ عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ وَزيد بن ثَابت من لَا يَرث لَا يحجب وَذَلِكَ نَحْو الْإِخْوَة الْكفَّار مَعَ الْأُم وَالِابْن الْكَافِر مَعهَا وَمَعَ الْمَرْأَة أَو الزَّوْج أَنهم لَا يحجبون وَلَا يَرِثُونَ وَقَالَ عبيد الله يحجبون وَإِن لم يرثوا وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه وَمَالك وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ الْمَمْلُوك والمشرك وَالْقَاتِل لَا يَرِثُونَ وَلَا يحجبون وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ الْمَمْلُوك وَالْكَافِر لَا يرثان وَلَا يحجبان وَالْقَاتِل لَا يَرث ويحجب قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ أَن الْأَب الْكَافِر لَا يحجب ابْنه الْمُسلم من مِيرَاث ابْنه الْمُسلم وَأَنه بِمَنْزِلَة الْمَيِّت كَذَلِك من ذكرنَا الحديث: 2130 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 439 2131 - فِي مِيرَاث الْمُرْتَد قَالَ أَبُو حنيفَة وَالثَّوْري مَا اكْتَسبهُ قبل الرِّدَّة فَهُوَ لوَرثَته من الْمُسلمين وَمَا اكْتَسبهُ بعد الرِّدَّة فَهُوَ فَيْء وَقَالَ ابْن شبْرمَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالْأَوْزَاعِيّ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ مَا اكْتَسبهُ قبل الرِّدَّة وَبعدهَا فَهُوَ لوَرثَته من الْمُسلمين وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ جَمِيع مَاله فَيْء وَقَالَ أَبُو يُوسُف وبلغنا عَن عَليّ بن أبي طَالب وَعبد الله بن مَسْعُود وَزيد بن ثَابت أم قَالُوا مِيرَاث الْمُرْتَد لوَرثَته الْمُسلمين قَالَ أَبُو جَعْفَر روى سُفْيَان وَيُونُس عَن الزُّهْرِيّ عَن عَليّ بن حُسَيْن عَن عَمْرو بن عُثْمَان عَن أُسَامَة بن زيد قَالَ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يَرث الْكَافِر الْمُسلم وَلَا يَرث الْمُسلم الْكَافِر وَذكره مَالك عَن الزُّهْرِيّ بِإِسْنَادِهِ من قَول أُسَامَة غير مَرْفُوع قَالَ أَبُو جَعْفَر وَاحْتج من مَاله فَيْئا بِهَذَا لحَدِيث وَقَالَ الْآخرُونَ المُرَاد بِهَذَا الْكَافِر الَّذِي يقر على كفره وَيَرِث مثله فَأَما المرتدون فَلم يدخلُوا فِيهِ لأَنهم غير مقرين على كفرهم وَلَا يَرث بَعضهم بَعْضًا كَمَا يتوارث سَائِر الْكفَّار بَعضهم من بعض الحديث: 2131 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 440 وَيدل على ذَلِك مَا روى هشيم عَن الزُّهْرِيّ قَالَ حَدثنَا عَليّ بن حُسَيْن عَن عَمْرو بن عُثْمَان عَن أُسَامَة بن زيد قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يتوارث أهل ملتين لَا يَرث الْمُسلم الْكَافِر وَلَا يَرث الْكَافِر الْمُسلم وَكَانَ فِي هَذَا الحَدِيث هَذِه الزِّيَادَة فَدلَّ على أَن المُرَاد بِالْحَدِيثِ الأول الْكَافِر الَّذِي لَهُ مِلَّة يقر عَلَيْهَا وَرُوِيَ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قتل الْمُسْتَوْرد وَكَانَ مُرْتَدا وَجعل مَاله لوَرثَته من الْمُسلمين وروى الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ مَال الْمُرْتَد لوَرثَته وَرُوِيَ عَن الْحسن وَسَعِيد بن الْمسيب مثل ذَلِك فَإِن قيل كَمَا لَا يرثنا الْمُرْتَد لَا نرثه قيل لَهُ إِنَّمَا لم يرثنا عُقُوبَة لَهُ كَمَا يقتل عُقُوبَة وَقد لَا يَرث الْقَاتِل من الْمَقْتُول وَيَرِث لَو مَاتَ الْقَتْل قبله بعد جراحته وَأَيْضًا قد اتَّفقُوا على أَن مستهلك مَال الْمُرْتَد فِي جِنَايَة يضمنهُ وَأَنه لَيْسَ بِمَنْزِلَة مَال الْحَرْبِيّ فَدلَّ ذَلِك على بَقَاء حكم مَاله على مَا كَانَ عَلَيْهِ قبله الرِّدَّة فَيَنْبَغِي أَن يسْتَحقّهُ بعد مَوته من كَانَ يسْتَحقّهُ لَو مَاتَ قبل الرِّدَّة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 441 فَإِن قيل روى الْبَراء بن عَازِب قَالَ مر بِي خَالِي أَبُو بردة وَمَعَهُ الرَّايَة فَقلت إِلَى أَي تذْهب فَقَالَ أَرْسلنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى رجل نكح امْرَأَة أَبِيه أَن أَقتلهُ وآخذ مَاله فَهَذَا يدل على أَن مِيرَاث الْمُرْتَد فَيْء قيل لَهُ إِنَّمَا فعل ذَلِك لِأَن الرجل كَانَ مُحَاربًا مَعَ استحلاله لذَلِك حَرْبِيّا فَكَانَ مَاله مغنوما لِأَن الرَّايَات إِنَّمَا تعقد للمحاربة وَقد روى مُعَاوِيَة بن قُرَّة عَن أَبِيه أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث جد مُعَاوِيَة إِلَى رجل عرس بِامْرَأَة أَبِيه أَن يضْرب عُنُقه ويخمس مَاله فَهَذَا يدل على أَن مَال ذَلِك الرجل كَانَ مغنوما بالمحاربة وَلذَلِك أَخذ مِنْهُ الْخمس 2132 - فِي مِيرَاث الْقَاتِل قَالَ أَبُو حنيفَة لَا يَرث قَاتل عمد وَلَا خطأ إِلَّا أَن يكون صَبيا أَو مَجْنُونا فَلَا يحرم الْمِيرَاث وَقَالَ ابْن هَب عَن مَالك لَا يَرث الْقَاتِل من دِيَة من قتل شَيْئا وَلَا من مَاله وَإِن قَتله خطأ لم يَرث من دِيَته وَيَرِث من سَائِر مَاله وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ وَقَالَ عُثْمَان البتي قَاتل الْخَطَأ يَرث وَلَا يَرث قَاتل الْعمد وَقَالَ ابْن شرمة لَا يَرث قَاتل الْخَطَأ وَقَالَ الثَّوْريّ لَا يَرث الْقَاتِل من مَال الْمَقْتُول وَلَا من دِيَته وَذكر الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي أَنه إِذا قتل الْبَاغِي الْعَادِل أَو الْعَادِل الْبَاغِي لَا يتوارثان لِأَنَّهُمَا قاتلان الحديث: 2132 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 442 قَالَ أَبُو جَعْفَر روى حَفْص بن ميسرَة قَالَ حَدثنِي عبد الرَّحْمَن بن حَرْمَلَة عَن عدي الجذامي قَالَ قلت يَا رَسُول الله كَانَت لي امْرَأَتَانِ فاستبتا فرميت إِحْدَاهمَا فَمَاتَتْ فَقَالَ اعقلها وَلَا ترثها وَرَوَاهُ وهيب بن عبد الرَّحْمَن بن حَرْمَلَة بِإِسْنَادِهِ وَقَالَ فِيهِ فرميت إِحْدَاهمَا بِحجر وَذكر مثله وروى خلاس أَن رجلا رمى رجلا بِحجر فَأصَاب أمه فَقَتلهَا فغرمه عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام الدِّيَة ونفاه من الْمِيرَاث وَقَالَ إِنَّمَا حظك من مِيرَاثهَا الْحجر وروى قَتَادَة عَن أبي الْمليح أَن عرْفجَة حذف ابْنه بِالسَّيْفِ فَأصَاب رجله فتله فغرمه عمر الدِّيَة مُغَلّظَة ونفاه من مِيرَاثه وَجعل مِيرَاثه لأمه وأخيه وروى عَن ابْن عَبَّاس فِي قَاتل الْخَطَأ أَنه لَا مِيرَاث لَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَر فاتفق عمر وَعلي وَابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُم أَن الْقَاتِل لَا يَرث من الْمَقْتُول دِيَة وَلَا غَيرهَا 2133 - فِي الْبَاغِي يقتل الْعَادِل قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد إِذا قتل الْبَاغِي الْعَادِل وَقَالَ كنت على حق فِي رأئي حِين قتلته لم أورثه مِنْهُ وَإِن قَالَ كنت على حق فِي رأئي حِين قتلته الحديث: 2133 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 443 وَأَنا الْآن على حق ورثته وأقدت الْبَاغِي فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَا أورث الْبَاغِي فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا وَأما الْعَادِل فَإِنَّهُ يَرث الْبَاغِي فِي قَوْلهم جَمِيعًا وَقَالَ الشَّافِعِي أَيهمَا قتل صَاحبه لم يَرِثهُ قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا نعلم خلافًا أَن الْقَاتِل على وَجه الْقود الْوَاجِب لَهُ يَرث من الْمَقْتُول وَكَذَلِكَ المرجوم فِي الزِّنَا يَرِثهُ من رجمه لِأَنَّهُ قَتله بِحَق كَذَلِك الْعَادِل إِذا قتل الْبَاغِي وَإِذا ثَبت ذَلِك ورث الْبَاغِي الْعَادِل الْمَقْتُول أَيْضا لِأَنَّهُ فِي حكم الْقَتْل الْمُسْتَحق فِي بَاب أَنه لَا يجب بِهِ قَود وَلَا دِيَة فَكَانَ بِمَنْزِلَة من قَتله بِحَق 2134 - فِي وَلَاء الْمُوَالَاة قَالَ أَصْحَابنَا من أسلم على يَدي رجل ووالاه وعاقده ثمَّ مَاتَ وَلَا وَارِث لَهُ غَيره فميراثه لَهُ وَقَالَ مَالك وَابْن شبْرمَة وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ مِيرَاثه للْمُسلمين وَقَالَ يحيى بن سعيد إِذا جَاءَ من أَرض الْعَدو فَأسلم على يَده فَإِن ولاءه لمن وَالَاهُ وَمن أسلم من أهل الذِّمَّة على يَدي رجل مُسلم فولاؤه للْمُسلمين عَامَّة وَقَالَ اللَّيْث من أسلم على يَدي رجل فقد وَالَاهُ وميراثه للَّذي أسلم على يَده إِذا لم يدع وَارِثا غَيره الحديث: 2134 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 444 قَالَ أَبُو جَعْفَر روى عبد الْعَزِيز بن عمر بن عبد الْعَزِيز عَن عبد الله بن موهب عَن قبيصَة بن ذُؤَيْب عَن تَمِيم الدَّارِيّ قَالَ سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الرجل يسلم على يَدي الرجل قَالَ هُوَ أولى النَّاس بِهِ بمحياه ومماته قَالَ عبد الْعَزِيز شهِدت عمر بن عبد الْعَزِيز قضى بذلك فِي رجل أسلم على يَدي رجل مُسلم فَمَاتَ وَترك مَالا وبنتا فَأعْطى الْبِنْت النّصْف وَالَّذِي أسلم على يَدَيْهِ النّصْف قَالَ أَبُو جَعْفَر روى أَبُو عَاصِم النَّبِيل عَن ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ كتب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على كل بطن عقوله وَقَالَ لَا يتَوَلَّى مولى قوما إِلَّا بإذنهم قَالَ وَوجدت فِي صَحِيفَته لعن من فعل ذَلِك فأباح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُوَالَاتهمْ بإذنهم وروى قَتَادَة عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ من أسلم على يَد قوم ضمنُوا جرائره وَحل لَهُم مِيرَاثه وروى معمر عَن الزُّهْرِيّ أَنه سُئِلَ عَن رجل أسلم فوالنى رجلا هَل بذلك الجزء: 4 ¦ الصفحة: 445 بَأْس قَالَ لَا بَأْس بِهِ قد أجَاز ذَلِك عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن إِذا أسلم كَافِر على يَدي رجل مُسلم بِأَرْض الْعَدو أَو بِأَرْض الْمُسلمين فيمراثه للَّذي أسلم على يَدَيْهِ 2135 - فِي مِيرَاث الْمولى الْأَسْفَل من الْأَعْلَى قَالَ أَبُو جَعْفَر حكى الْحسن بن زِيَاد عَن أَصْحَابه أَنهم لَا يورثون الْمولى الْأَسْفَل من الْأَعْلَى وَإِنَّهُم يعْقلُونَ عَنْهُم وَإِن لم يرثوهم قَالَ الْحسن وَقلت أَنا يعْقلُونَ ويرثون بِالْحَدِيثِ الَّذِي جَاءَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه ورث الْمولى من أَسْفَل قَالَ أَبُو جَعْفَر وَقَالَ مَالك وَالثَّوْري وَمُحَمّد بن الْحسن وَالشَّافِعِيّ وَسَائِر أهل الْعلم مثل قَول أبي حنيفَة فِي الْمِيرَاث قَالَ أَبُو جَعْفَر روى حَمَّاد بن سَلمَة وَحَمَّاد بن زيد ووهيب بن خَالِد وَمُحَمّد بن مُسلم الطَّائِفِي عَن عَمْرو بن دِينَار عَن عَوْسَجَة مولى ابْن عَبَّاس عَن ابْن عَبَّاس أَن رجلا أعتق عبدا لَهُ فَمَاتَ الْمُعْتق وَلم يتْرك إِلَّا الْمُعْتق فَجعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِيرَاثه للغلام الْمُعْتق الحديث: 2135 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 446 وَقَالَ أَبُو جَعْفَر وَلَيْسَ هَذَا الحَدِيث بمعارض وَلما وجدنَا الْأَسْبَاب الَّتِي تجب بهَا الْمِيرَاث هِيَ الْوَلَاء وَالنّسب وَالنِّكَاح ثمَّ كَانَ ذَوُو الْأَسْبَاب يتوارثون وَكَذَلِكَ الزَّوْجَات وَجب أَن يكون الْوَلَاء من حَيْثُ أوجب الْمِيرَاث للأعلى من الْأَسْفَل أَن يُوجِبهُ للأسفل من الْأَعْلَى 2136 - فِي اللَّقِيط قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك اللَّقِيط وَلَاؤُه لجَماعَة الْمُسلمين يرثونه ويعقلون عَنهُ وَهُوَ حر وَقَالَ الشَّافِعِي لَا وَلَاء لَهُ وميراثه لجَماعَة الْمُسلمين وَقَالَ اللَّيْث وَلَاء المنبوذ للَّذي يجده وَبِذَلِك قضى عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ أَبُو جَعْفَر روى بَقِيَّة بن الْوَلِيد عَن سُلَيْمَان بن أبي سُلَيْمَان عَن عمر بن روبة وَرَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاهْوَيْةِ عَن مُحَمَّد بن حَرْب الأبرش عَن عمر بن روبة عَن عبد الْوَاحِد بن عبد الله النصري عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع قَالَ قَالَ الحديث: 2136 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 447 رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَرْأَة تحرز ثَلَاث مَوَارِيث عتيقها ولقيطها وَوَلدهَا الَّذِي تلاعن عَلَيْهِ فَهَذَا حجَّة اللَّيْث بن سعد فِي وجوب وَلَاء اللَّقِيط للملتقط لِأَنَّهُ لَا يسْتَحق مِيرَاثه إِلَّا بِثُبُوت ولائه مِنْهُ غير أَن هَذَا الحَدِيث إِنَّمَا يَدُور على عمر بن روبة وَلَيْسَ هُوَ بالمشهور وَلَا يثبت مثله وروى الزُّهْرِيّ عَن سِنِين أبي جميلَة أَن عمر قَالَ لَهُ فِي المنبوذ الَّذِي وجده هُوَ حر وَلَك وَلَاؤُه وعلينا نَفَقَته قَالَ أَبُو جَعْفَر تَأَول مُحَمَّد بن الْحسن هَذَا الحَدِيث على أَن عمر عقد لَهُ ولاءه كَمَا كَانَ يعقده اللَّقِيط على نَفسه لَو كَانَ بَالغا وَهَذَا جَائِز للْإِمَام أَن يعقده عَلَيْهِ 2137 - فِي مَوَارِيث الْمَجُوس قَالَ أَبُو جَعْفَر كَانَ عَليّ وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا يورثان الْمَجُوس بالسببين جَمِيعًا نَحْو أَن يكون أما وأختا ورثتهما مِيرَاث الْأُم وَالْأُخْت الحديث: 2137 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 448 جَمِيعًا وَكَذَلِكَ جَمِيع الْمَوَارِيث وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَأَصْحَابه وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لَا يَرث بالسببين وَلكنه يُورث بآكدهما نَحْو أَن يكون أما وأختا لأَب فتورث بِأَنَّهَا أم لِأَنَّهَا لَا تسْقط بِحَال وَلَا تورث بأنهاأخت لِأَنَّهَا قد تسْقط فِي حَال قَالَ أَبُو جَعْفَر لما كَانَ يحرم السَّبَب الَّذِي بِهِ ثَبت النّسَب من الْوَجْهَيْنِ اللَّذين ذكرناهما فِي الْمَجُوس لم يمْنَع ثُبُوت النّسَب من الْوَجْهَيْنِ مَعَ حظر السَّبَب لم يحل بعد ذَلِك من أحد الْوَجْهَيْنِ إِمَّا أَن يَجْعَل ثُبُوت النّسَب من الْوَجْهَيْنِ مُوجبا لَهُ حكما بالاجتماع ذَلِك مُخَالفا لحكمه لَو انْفَرد كل وَاحِد مِنْهُمَا كأخت لأَب وَأم قد اخْتصّت بِحكم دون الْأُخْت من الْأُم وَالْأُخْت من الْأَب وَلم ععط مِيرَاث الْأُخْت للْأُم على حياله فَلَمَّا اتَّفقُوا على أَن لَا يثبت إِذا كَانَت أُخْتا لم تخْتَص بميراث خلاف مِيرَاثهَا لَو انْفَرَدت بِكُل وَاحِدَة مِنْهُمَا ثَبت أَنَّهَا تورث بالسببين جَمِيعًا وَتصير كَأَنَّهُ ترك أُخْتا على حِدة وبنتا على حِدة وَقد اتّفق فُقَهَاء الْأَمْصَار فِي ابْني عَم أَحدهمَا أَخ لأم لِأَن للْأَخ من الْأُم السُّدس وَالْبَاقِي بَينهمَا بِالسَّوِيَّةِ وهوقول عَليّ وَزيد بن ثَابت وَإِن كَانَ قد خَالف فِيهِ عمر وَعبد الله وَجعل الْأَخ من الْأُم أولى فَكَذَلِك مَا وَصفنَا 2138 - فِي مَوَارِيث الْكفَّار بَعضهم من بعض قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ فِيمَا رَوَاهُ الْمُزنِيّ فِي جَامِعَة يتوارثون مَعَ اخْتِلَاف ملتهم وَالْكفْر كُله مِلَّة وَاحِدَة الحديث: 2138 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 449 قَالَ ابْن الْقَاسِم لَا أحفظه عَن مَالك وَلَكِن لَا يتوارث أهل مِلَّة من مِلَّة أُخْرَى غَيرهَا قَالَ أَبُو جَعْفَر لما قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يَرث الْمُسلم الْكفَّار دلّ على أَن الْكَافِر يَرث الْكفَّار وَيدل عَلَيْهِ مَا رُوِيَ عَنهُ لَا يتوارث أهل ملتين فَدلَّ أَن الْكفْر كُله مِلَّة وَاحِدَة 2139 - فِي الْوَلَد يَدعِيهِ رجلَانِ قَالَ أَبُو جَعْفَر حَدثنَا سُلَيْمَان عَن أَبِيه عَن مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة قَالَ لَو أَن صَبيا ادَّعَاهُ نَصْرَانِيّ ويهودي ومجوسي وَأَقَامُوا الْبَيِّنَة قضيت بِهِ لِلْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيّ والمجوسي وَجَعَلته على دين أهل الْكتاب وَفِي قَول أبي يُوسُف يلْحقهُ بِثُلثِهِ وَيَقُول ألحق بِأَيِّهِمْ شِئْت وروى عَليّ بن معبد عَن مُحَمَّد قَالَ لَو أَن جَارِيَة بَين أَرْبَعَة جَاءَت بِولد فَادعوهُ جَمِيعًا فَهُوَ بَينهم على قِيَاس قَول عمر رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ الْحسن بن زِيَاد عَن زفر فِي أَخَوَيْنِ بَينهمَا جَارِيَة فَجَاءَت بابنة وادعياها مَعًا أَنَّهَا ابنتهما فَإِن مَاتَا جَمِيعًا ثمَّ مَاتَ أَبوهُمَا وَترك هَذِه الِابْنَة الحديث: 2139 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 450 وعصبة أَنه يكون لهَذِهِ الِابْنَة من تركته الثُّلُثَانِ وَيكون مَا بَقِي مِنْهَا مِيرَاث للْعصبَةِ وَقَالَ أَبُو يُوسُف يكون لَهَا النّصْف وَمَا بَقِي فللعصبة قَالَ أَبُو جَعْفَر وَهَذَا القَوْل الَّذِي حكيناه عَن أبي يُوسُف فَهُوَ قَول مُحَمَّد بن الْحسن رَوَاهُ عَن أبي حنيفَة وَعَن أبي يُوسُف فِي كتاب الْفَرَائِض وَقَول الثَّوْريّ فِي ذَلِك مثل قَول أبي حنيفَة وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك فِي جَارِيَة بَين رجلَيْنِ وطئاها فِي طهر وَاحِد وادعيا وَلَدهَا ادّعى لولدها الْقَافة وَكَذَلِكَ لَو وَطئهَا الْمولى ثمَّ بَاعهَا فَوَطِئَهَا المُشْتَرِي فِي ذَلِك الطُّهْر ثمَّ ادّعَيَا الْوَلَد دعِي لَهُ الْقَافة وَلَا فرق عِنْده بَين أَن يَكُونَا مُسلمين أَو أَحدهمَا مُسلم وَالْآخر كَافِر قَالَ مَالك إِنَّمَا الْقَافة فِي أَوْلَاد الْإِمَاء وَلَا يرى الْقَافة فِي الْحَرَائِر وَلَو طلق رجل امْرَأَته فَتزوّجت قبل أَن تحيض فَولدت فَالْوَلَد للْأولِ وَإِن تزَوجهَا بعد حَيْضَة من عدتهَا فَالْوَلَد للْآخر وَإِن ولدت لسِتَّة أشهر مُنْذُ دخل بهَا الْأَخير وَإِن ولدت لأَقل من ذَلِك فَهُوَ للْأولِ وَلَا يرى الْقَافة فِي ذَلِك وَمَا اسْتعْمل فِيهِ قَول الْقَافة فَقَالُوا قد اشْتَركَا فِيهِ قيل هَل وَال أَيهمَا شِئْت وَقَول اللَّيْث فِي ذَلِك كَقَوْل مَالك وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي امْرَأَة غلبها رجل على نَفسهَا وَلها زوج اجْتمعَا عَلَيْهَا فِي طهر وَاحِد فَحَملته فَإِنَّهَا إِذا وضعت دعِي لولدها الْقَافة فالحقوه بِالَّذِي هُوَ مِنْهُ وَكَذَلِكَ الموليان إِذا وطئا جَارِيَة فِي طهر وَاحِد فَجَاءَت بِولد فَإِنَّهُ يرى الْقَافة إِذا ادعياه وَإِن نفياه جَمِيعًا وأنكرا أَن يَكُونَا وطئاها لم يلْحق بهما وَضربت الْأمة خمسين جلدَة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 451 وَقَالَ الشَّافِعِي فِيمَا حَكَاهُ الْمُزنِيّ عَنهُ إِذا ادَّعَاهُ حر وَعبد مُسلم مولودا التقطوه فَلَا فرق بَين وَاحِد مِنْهُم فأريته الْقَافة فَإِن ألحقوه بِوَاحِد مِنْهُم فَهُوَ ابْنه وَإِن ألحقوه بِأَكْثَرَ لم يكن ابْن وَاحِد مِنْهُم حَتَّى يبلغ فينتسب إِلَى أَيهمْ شَاءَ فَيكون ابْنه وَيَنْقَطِع عَنهُ دَعْوَى غَيره قَالَ أَبُو جَعْفَر من اسْتعْمل قَول الْقَائِف ذهب فِيهِ إِلَى حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن عَائِشَة قَالَت دخل عَليّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَبْرق أسارير وَجهه فَقَالَ ألم ترى أَن مجززا نظر آنِفا إِلَى زيد بن حَارِثَة وَأُسَامَة بن زيد فَقَالَ إِن هَذِه الْأَقْدَام بَعْضهَا من بعض وَفِي لفظ آخر أَنَّهُمَا قد غطيا رؤوسهما وَعَلَيْهِمَا قطيفة وَقد بَدَت أقدامهما قَالُوا فَلَمَّا ترك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النكير على مجزز دلّ ذَلِك على صِحَة قَول الْقَائِف لَوْلَا ذَلِك لنهاه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنهُ قَالَ أَبُو جَعْفَر وَهَذَا لَا حجَّة لَهُم فِيهِ لِأَن نسب أُسَامَة بن زيد قد كَانَ ثَابتا قبل ذَلِك فصادف ذَلِك القَوْل مِنْهُ حَقِيقَة الحكم وَإِنَّمَا أعجب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بصوابه كَمَا يظنّ الرجل الشَّيْء الَّذِي لَا يحرم عَلَيْهِ فِي دينه أَن يَظُنّهُ فَيُصِيب حَقِيقَته فيعجب من فهمه قَالَ أَبُو بكر وَنَظِيره مَا رُوِيَ عَن أبي بكر الصّديق أَنه قَالَ فِي مَرضه لعَائِشَة إِنِّي كنت نحلتك جدَاد عشْرين وسْقا وَإنَّك لم تَكُونِي حُزْتِيهِ وَلَا قبضتيه وَإِنَّمَا هُوَ مَال الْوَارِث وَإِنَّمَا هما أَخَوَاك وَأُخْتَاك قَالَت فَقلت إِنَّمَا هِيَ أُخْتِي أَسمَاء فَقَالَ أَظن ذَا بطن بنت خَارِجَة جَارِيَة فَكَانَ كَذَلِك الجزء: 4 ¦ الصفحة: 452 وَلم يحرم عَلَيْهِ هَذَا الظَّن وَلم يُوجب مَعَ ذَلِك حكما كَذَلِك قَول مجزز وظنه لم يكن مُنْكرا إِذا صَادف حَقِيقَة الْأَمر وَاحْتَجُّوا أَيْضا بِمَا روى هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن يحيى بن حَاطِب عَن أَبِيه قَالَ أَتَى رجلَانِ إِلَى عمر بن الْخطاب يختصمان فِي غُلَام من ولادَة الْجَاهِلِيَّة يَقُول هَذَا ابْني وَيَقُول هَذَا هُوَ ابْني فَدَعَا لَهما عمر قائفا من بني المصطلق فَسَأَلَهُ فَنظر فَقَالَ قد اشْتَركَا فِيهِ فَقَامَ إِلَيْهِ عمر فَضَربهُ بِالدرةِ حَتَّى اضْطجع ثمَّ قَالَ للغلام اتبع أَيهمَا شِئْت وَهَذَا لَا حجَّة لَهُم فِيهِ لِأَنَّهُ لَو قبل قَول الْقَائِف لألحقه بِالرجلَيْنِ لِأَنَّهُ قَالَ هُوَ مِنْهُمَا قَالَ أَبُو بكر فَإِن قيل فعلى قَوْلكُم كَانَ يَنْبَغِي أَن يلْحقهُ بهما قيل لَهُ يجوز أَن يكون الْغُلَام بَالغا فَلَا يثبت دعواهما إِلَّا بتصديقه فَلم يصدقهما عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَانَ فِي يَد نَفسه وَهُوَ حر وَلذَلِك قَالَ لَهُ اتبع أَيهمَا شِئْت وَإِن لم يكن الْغُلَام بَالغا وَكَانَ لَا محَالة مِمَّن يعبر عَن نَفسه فَلم يصدقهما عَلَيْهِ إِلَّا بتصديقه وَهُوَ أَيْضا قَوْلنَا وَقد روى شُعْبَة عَن تَوْبَة الْعَنْبَري عَن الشّعبِيّ عَن ابْن عمر أَن رجلَيْنِ اشْتَركَا فِي طهر امْرَأَة فَولدت فَدَعَا عمر الْقَافة فَقَالُوا نجد الشّبَه مِنْهُمَا قَالَ فَجعله بَينهمَا قَالَ وروى قَتَادَة عَن سعيد بن الْمسيب عَن عمر مثله وروى عَوْف بن أبي جميلَة عَن أبي الْمُهلب عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قضى فِي رجل ادَّعَاهُ رجلَانِ كِلَاهُمَا يزْعم أَنه ابْنه وَذَلِكَ فِي الْجَاهِلِيَّة فَدَعَا أم الْغُلَام فَسَأَلَهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 453 فَقَالَت لَا أَدْرِي لمن هُوَ أَتَانِي هَذَا أول اللَّيْل وَهَذَا آخِره فَدَعَا عمر أَرْبَعَة من الْقَافة ودعا بِتُرَاب فَأمر المدعيين فوطىء كل وَاحِد مِنْهُم بقدم وَأمر الْغُلَام فوطىء بقدم ثمَّ دَعَا بالقافة وَاحِدًا وَاحِدًا وَفرق بَينهم فتتابعوا أربعتهم أَنه من هذَيْن الرجلَيْن فَقَالَ عمر عجبا لما يَقُول هَؤُلَاءِ قد كنت أعلم أَن الكلبة تلقح بالكلاب ذَوَات الْعدَد وَلم أشعر النِّسَاء يفعلن ذَلِك قبل هَذَا إِنِّي لَا أرى مَا يرَوْنَ اذْهَبْ فهما أَبَوَاك وَقَالَ سعيد بن الْمسيب كَانَ عمر قائفا وَإِنَّمَا سَأَلَ الْقَافة هَل يكون الْوَلَد من رجلَيْنِ وَإِنَّمَا ألحقهُ بهما بالدعوة لَا بقول الْقَافة وَقد أوجب الله تَعَالَى اللّعان بَين الزَّوْجَيْنِ إِذا قَذفهَا ولاعن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يعْتَبر قَول الْقَائِف وَلَو كَانَ قَول الْقَائِف يُؤَدِّي إِلَى حَقِيقَة لعمل عَلَيْهِ وَلما وَافَقنَا مَالك على ترك اعْتِبَار قَول الْقَائِف فِي الْحَرَائِر وَجب مثله فِي الْإِمَاء وَأَيْضًا اتَّفقُوا فِي الْأمة تدعى أَن وَلَدهَا من الْمولى أَنه لَا يرجع إِلَى قَول الْقَافة لِأَن النَّاس على قَوْلَيْنِ فَقَالَ عمر وَابْن عمر إِذا أقرّ بِوَطْئِهَا لزمَه وَقَالَ ابْن عَبَّاس وَزيد بن ثَابت لَا يلْزمه إِلَّا أَن يقر بِالنّسَبِ وَلم يعْتَبر أحد مِنْهُم قَول الْقَافة فِي كَونه مِنْهُ أَو من غَيره 2140 - فِي مِيرَاث الغرقى قَالَ أَبُو حنيفَة رُوِيَ عَن أبي بكر الصّديق وَزيد بن ثَابت وَعمر بن الحديث: 2140 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 454 عبد الْعَزِيز فِي الغرقى يموتون وَلَا يعلم أَيهمْ مَاتَ أَولا أَنه يُورث الْأَحْيَاء من الْأَمْوَات وَلَا يُورث الْأَمْوَات بَعضهم من بعض وَهُوَ قَول أَصْحَاب أبي حنيفَة وَابْن شبْرمَة وَالثَّوْري وَمَالك قَالَ أَبُو جَعْفَر وَسمعت ابْن أبي عمرَان يَقُول كَانَ أَبُو حنيفَة يذهب فِي الغرقى إِلَى تَوْرِيث بَعضهم من بعض وَكَانَ يَقُول فِي نَفسِي مِنْهُ شَيْء وَلَا أجد من ألجأ إِلَيْهِ بِمَا فِي نَفسِي من الْأَئِمَّة لِأَن عمر وَعلي وَابْن مَسْعُود يورثون بَعضهم من بعض حَتَّى حج فلقي أَبَا الزِّنَاد فَذكر ذَلِك لَهُ فحدثه أَبُو الزِّنَاد عَن خَارِجَة بن زيد عَن أَبِيه أَنه كَانَ لَا يُورث بَعضهم من بعض وَيُورث الْأَحْيَاء من الْأَمْوَات فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى الْكُوفَة أفتى بذلك وَترك مَا كَانَ عَلَيْهِ قبل ذَلِك لحَدِيث أبي الزِّنَاد وَرُوِيَ عَن الثَّوْريّ أَنه ورث بَعضهم من بعض رَوَاهُ عَنهُ الْمعَافى وروى عَنهُ الْأَشْجَعِيّ أَنه لَا يُورث بَعضهم من بعض وَقَول الْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ كَقَوْل أبي حنيفَة وَأَصْحَابه قَالَ أَبُو جَعْفَر رُوِيَ عَن عمر وَعلي وَعبد الله بن مَسْعُود تَوْرِيث بَعضهم من بعض من تلاد أَمْوَالهم وَلَا يُورث بَعضهم من بعض مِمَّا وَرثهُ صَاحبه وَرُوِيَ عَن إِيَاس بن عبد الله وَكَانَ من الصَّحَابَة مثله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 455 وَرُوِيَ عَن زيد بن ثَابت أَنه لَا يُورث بَعضهم من بعض وَلَا يحجبون وَهُوَ قَول إِبْرَاهِيم وروى أَبُو الزِّنَاد أَن مِيرَاث أهل الْحرَّة قسم بَين الْأَحْيَاء وَلم يُورث الْأَمْوَات بَعضهم من بعض وَذَلِكَ بِرَأْي أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْهِ يَوْمئِذٍ قَالَ ابو جَعْفَر لَا يجوز ان يورثوا بِالشَّكِّ كَمَا لَا يُورث السقط بِالشَّكِّ إِذا وَقع مَيتا مَعَ جَوَاز أَن يكون قد كَانَ حَيا قبل الولاده ثمَّ مَاتَ أَبوهُ 2141 - فِي مِيرَاث الْخُنْثَى قَالَ أَبُو حنيفَة إِن بَال من حَيْثُ يَبُول الْغُلَام فَهُوَ غُلَام وَإِن بَال من حَيْثُ تبول الْجَارِيَة فَهُوَ جَارِيَة وَإِن بَال مِنْهُمَا فَمن أسبقهما فَإِن لم يسْبق وَاحِد مِنْهُمَا فَهُوَ مُشكل عِنْد أبي حنيفَة وَعند أبي يُوسُف وَمُحَمّد من أكثرهما بولا يُورث وَإِن كَانَ مُشكلا فَإِن أَبَا حنيفَة يُعْطِيهِ بأخس أَحْوَاله فَإِن كَانَ أخس أَحْوَاله أَن يكون ذكرا أعطَاهُ ذَلِك وَإِن كَانَ أخس أَحْوَاله أَن يكون أُنْثَى أعطَاهُ ذَلِك روى ذَلِك أَيُّوب بن سُلَيْمَان الْبَصْرِيّ عَن يحيى بن آدم وَذكر أَنه مَذْهَب أبي حنيفَة الحديث: 2141 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 456 وروى مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة أَنه أُنْثَى حَتَّى يثبت انه ذكر وَلم يذكر أخس أَحْوَاله 2 وَذكر أَبُو سُلَيْمَان الْجوزجَاني فِي نوادره عَن مُحَمَّد فِي رجل ترك ابْنا وَخُنْثَى أَن المَال بَينهمَا للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ فِي قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف الأول وَمُحَمّد وَأما فِي قِيَاس قَول الشّعبِيّ فَإِن أَبَا يُوسُف قَالَ يقسم المَال بَينهمَا على سَبْعَة للِابْن أَرْبَعَة وللخنثى ثَلَاثَة جعل الْخُنْثَى ثَلَاثَة أَربَاع ابْن وَقَالَ مُحَمَّد على قِيَاس قَول الشّعبِيّ للخنثى خَمْسَة من اثْنَي عشر وللابن سَبْعَة لِأَن الْخُنْثَى إِن كَانَ بِنْتا فلهَا أَرْبَعَة وَإِن كَانَ ابْنا فَلهُ سِتَّة فَلهُ نصف مِيرَاث ابْن وَنصف مِيرَاث بنت وَذَلِكَ خَمْسَة وَأما الابْن فَإِن كَانَ الْخُنْثَى بِنْتا فَلهُ ثَمَانِيَة وَإِن كَانَ ابْنا فَلهُ سِتَّة فَجعلنَا لَهُ نصف ذَلِك ثمَّ رَجَعَ أَبُو يُوسُف إِلَى هَذَا القَوْل قَالَ أَيُّوب بن سُلَيْمَان وَأما الشّعبِيّ وَابْن أبي ليلى وَأهل الْبَصْرَة وَأهل الْمَدِينَة وَأَصْحَاب الْفَرَائِض فَإِنَّهُم يَقُولُونَ فِي الْخُنْثَى لَهُ نصف مِيرَاث الذّكر وَنصف مِيرَاث الْأُنْثَى وَذَلِكَ ثَلَاثَة أَربَاع المَال ويختلفون فِي تَنْزِيل ذَلِك فَأَما أهل الْمَدِينَة فَيَقُولُونَ إِن كَانَ ذكرا فَلهُ المَال فيجعلون لَهُ نصف المَال وَإِن كَانَ أُنْثَى فلهَا النّصْف فيجعلون لَهُ نصف ذَلِك وَهُوَ الرّبع فَذَلِك ثَلَاثَة أَربَاع وَقَالَ البصريون لَهُ النّصْف لَا شكّ فِيهِ وَالشَّكّ فِي النّصْف الآخر هَل هُوَ لَهُ أَو للْعصبَةِ فيجعلون لَهُ نصفه فَصَارَ لَهُ ثَلَاثَة أَربَاع المَال الجزء: 4 ¦ الصفحة: 457 وَقَالَ سُفْيَان الثَّوْريّ وَالْحسن اللؤْلُؤِي لَا بل لَهَا ثَلَاثَة أَربَاع مِيرَاث للذّكر فيجعلونه فِي كل مَوضِع مُنْفَردا بِثَلَاثَة أَربَاع مِيرَاث الذّكر قَالَ وَقَالَ أَبُو حنيفَة انْظُر إِلَى أخس أَحْوَاله فَأعْطِيه إِيَّاه وأجعله فِيمَا فضل مُدعيًا أَخْبرنِي بذلك يحيى بن آدم قَالَ أَيُّوب وَقَول مُحَمَّد بن الْحسن خلاف قَول أبي حنيفَة وَلم يذكر أَيُّوب كَيفَ قَول مُحَمَّد وَقد بَينه مُحَمَّد بن سَمَّاعَة قَالَ ابْن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد فِي ابْن وَخُنْثَى قَالَ قَول أبي يُوسُف أَنه يضْرب لَهُ ثَلَاثَة أَربَاع نصيب ابْن يَقُول إِن كَانَ غُلَاما فَلهُ أَرْبَعَة وَإِن كَانَ جَارِيَة فلهَا سَهْمَان وللغلام أَرْبَعَة وَأَجْعَل لَهُ ثَلَاثَة يضْرب بهَا مَعَ الْغُلَام وَيضْرب الْغُلَام لنَفسِهِ بأَرْبعَة فَيكون المَال بَينهمَا على سَبْعَة يضْرب بِثَلَاثَة أَربَاع نصيب الْغُلَام وَهَذَا على قِيَاس قَول الشّعبِيّ وَقَالَ مُحَمَّد وَلَكِنِّي أضْرب لَهُ بِثَلَاثَة أَربَاع نصيب الْغُلَام فأورثه نصف مِيرَاث الْغُلَام وَنصف مِيرَاث الِابْنَة قِيَاس قَول الشّعبِيّ وأضرب لَهُ بذلك فَهُوَ من اثْنَي عشر سَهْما للِابْن سَبْعَة وَله خَمْسَة من قبل أَنه أقل مَا يكون للخنثى أَرْبَعَة إِن كَانَ جَارِيَة وَأكْثر مَا يكون لَهُ سِتَّة إِن كَانَ غُلَاما فَلهُ الْأَرْبَعَة على كل حَال وَنصف الَّذِي يكون لَهُ فِي حَال وَلَا يكون لَهُ فِي حَال فَلهُ خَمْسَة وَأما الْغُلَام فَأَقل مَا يكون لَهُ سِتَّة إِن كَانَ الْخُنْثَى غُلَاما وَأكْثر مَا يكون لَهُ ثَمَانِيَة إِن كَانَ الْخُنْثَى جَارِيَة لَهُ نصف الِاثْنَيْنِ وَاحِد وَله سَبْعَة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 458 وَقَالَ مُحَمَّد قَول أبي يُوسُف فِي الْخُنْثَى إِذا كَانَت مَعَه جَارِيَة قِيَاس قولي هَذَا وَفِي ذَلِك ترك لقَوْله الأول فِي الْخُنْثَى مَعَ الْغُلَام قَالَ أَبُو جَعْفَر لم يحفظ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك فِي الْخُنْثَى مَعَ شَيْئا لَا فِي الْمِيرَاث وَلَا فِي الشَّهَادَة وَلَا فِي غَيرهَا قَالَ وَلَكِنِّي أرى أَن يعْتَبر أمره بمثاله وَذكر بعض حفاظ قَول مَالك أَنه يُورث نصف مِيرَاث الذّكر وَنصف مِيرَاث الْأُنْثَى وَقد روى أَيُّوب عَن أهل المدينه مَا قدمنَا وَفِيهِمْ مَالك وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا بَال مِنْهُمَا فشهادته وميراثه مِيرَاث النِّسَاء وَإِذا صلى قَامَ مَعَ الرِّجَال فَإِذا مَاتَ غسله الرِّجَال رَوَاهُ الْأَشْجَعِيّ عَنهُ وَلم يذكر غير هَذَا وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه فِي الْخُنْثَى الْمُشكل يُصَلِّي بَين صُفُوف الرِّجَال وَبَين صُفُوف النِّسَاء وَلَا يغسلهُ الرِّجَال بعد الْمَوْت وَلَا النِّسَاء وَلكنه ييمم وروى أَيُّوب عَن الثَّوْريّ مَا قدمنَا فِي الْمِيرَاث وَذكر الرّبيع عَن الشَّافِعِي قَالَ يُعْطي الْخُنْثَى مِيرَاث امْرَأَة إِذا أشكل وَتوقف بَقِيَّة المَال حَتَّى يبين أمره وَذكر الْمُزنِيّ فِي كتاب الْجَنَائِز فِي الْخُنْثَى الْمُشكل أَنه ييمم بعد الْمَوْت قَالَ أَبُو جَعْفَر الْقيَاس أَن لَا يسْتَحق إِلَّا الْأَقَل لِأَن مَا زَاد مَشْكُوك فِيهِ فَلَا نملكه إِيَّاه إِذا لم يكن مَالِكه فِي الأَصْل الجزء: 4 ¦ الصفحة: 459 2142 - فِي المشركة قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه فِي مَسْأَلَة المشركة وَهِي امْرَأَة مَاتَت وخلفت زوجا وَأما وأخوين لأم وإخوة أَو إخْوَة وأخوات لأَب وَأم أَن للزَّوْج النّصْف وَللْأُمّ السُّدس وللأخوين من الْأُم الثُّلُث وَلَا شَيْء للَّذين من قبل الْأَب وَالأُم وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ الثُّلُث بَين جَمِيع الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات بِالسَّوِيَّةِ قَالَ أَبُو جَعْفَر روى معمر عَن سماك بن الْفضل عَن وهب بن مُنَبّه عَن الحكم بن مَسْعُود الثَّقَفِيّ قَالَ شهِدت عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أشرك الْإِخْوَة من الْأَب وَالأُم مَعَ الْإِخْوَة من الْأُم فِي الثُّلُث فَقَالَ لَهُ رجل قد قضيت عَام أول بِغَيْر هَذَا قَالَ كَيفَ قضيت قَالَ جعلته للإخوة للْأُم وَلم تعط الْإِخْوَة من الْأَب وَالأُم شَيْئا قَالَ تِلْكَ على مَا قضينا وَهَذَا على مَا قضينا قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلَا اخْتِلَاف عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه لَا يُشْرك الْإِخْوَة من الْأَب وَالأُم مَعَ الْإِخْوَة من الْأُم فِي الثُّلُث وَأَن الثُّلُث للإخوة من الْأُم خَاصَّة وروى أَبُو قيس عَن هزيل بن شُرَحْبِيل عَن عبد الله مثل قَول عَليّ رَضِي الله عَنهُ وروى الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم عَن عبد الله مثل قَول عمر رَضِي الله عَنهُ فِي السوال وَكَذَلِكَ رَوَاهُ زيد بن ثَابت الحديث: 2142 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 460 قَالَ أَبُو جَعْفَر وَاحْتج الشَّافِعِي بِأَنَّهُم قد اشْتَركُوا فِي قرَابَة الْأُم فَوَجَبَ أَن يستحقوا الثُّلُث كلهم وَهَذَا فَاسد لأَنهم لَا يَخْتَلِفُونَ فِي زوج وَأُخْت لأَب وَأم وَأَخ وَأُخْت لأَب إِن للزَّوْج النّصْف وَللْأُخْت للْأَب وَالأُم النّصْف وَلَا شَيْء للْأَخ وَالْأُخْت من الْأَب لِأَنَّهُمَا عصبَة فَلَا يدْخلُونَ مَعَ ذَوي السِّهَام وَلم يَجْعَل الْأَخ من الْأَب بِمَنْزِلَة من لم يكن حَتَّى تسْتَحقّ الْأُخْت من الْأَب السُّدس الَّذِي كَانَت تستحقه لَو لم يكن أَخ كَذَلِك يجب أَن لَا يدْخل الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات من الْأَب وَالأُم مَعَ الْإِخْوَة فِي الثُّلُث الْمُسَمّى لَهُم إِذا كَانُوا عصبَة لِأَن ميراثهم فِيمَا سوى الثُّلُث لَا فِي الثُّلُث وَإِنَّمَا هُوَ فِيمَا فضل فَإِذا لم يفضل شَيْء فَلَا شَيْء لَهُم كَمَا قُلْنَا فِي الْأَخ وَالْأُخْت من الْأَب مَعَ الزَّوْج وَالْأُخْت من الْأَب وَالأُم 2143 - فِي مِيرَاث الْجد مَعَ الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات قَالَ أَبُو حنيفَة وَعُثْمَان البتي الْجد بِمَنْزِلَة الْأَب يَرث مَا يَرث الْأَب ويحجب مَا يحجب الْأَب وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَمَالك وَالشَّافِعِيّ بقول زيد بن ثَابت فِي الْجد فَإِن كَانَ مَعَ الْجد إخْوَة وأخوات لأَب فَإِنَّهُ يقاسم بهم الْجد مَا دَامَت الْمُقَاسَمَة خيرا لَهُ من الثُّلُث فَإِذا كَانَ الثُّلُث خيرا لَهُ من الْمُقَاسَمَة أعطَاهُ الثُّلُث ويقاسم بالإخوة وَالْأَخَوَات من الْأَب وَالأُم الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات من الْأَب مَعَ الْجد ثمَّ يرد الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات من الْأَب على الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات من الْأَب وَالأُم فَإِن كَانَت أُخْتا وَاحِدَة لأَب وَأم وأخوات لأَب مَعَ الْجد قاسمت الْأُخْت من الْأَب وَالأُم وَالْأَخَوَات من الْأَب الْجد فَمَا أصابهن رد الْأَخَوَات الحديث: 2143 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 461 من الْأَب على الْأُخْت من الْأَب وَالأُم حَتَّى يستكمل النّصْف وَمَا بَقِي فللأخوات من الْأَب وَلَا يَرث الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات من الْأُم مَعَ الْجد شَيْئا على حَال وَلَا يَرث بَنو الْإِخْوَة من الْأَب وَالأُم وَلَا من الْأَب وَلَا من الْأُم مَعَ الْجد شَيْئا على حَال وَإِذا كَانَ مَعَ الْجد وَالإِخْوَة وَالْأَخَوَات أحد لَهُ فَرِيضَة امْرَأَة أَو أم أَو زوج أَو بنت أَو بنت ابْن أعطي أَصْحَاب الْفَرَائِض فرائضهم ثمَّ نظر إِلَى مَا بَقِي فَأعْطى الْجد خير الثَّلَاثَة من الْمُقَاسَمَة وَمن ثلث مَا بَقِي وَمن السُّدس وَلَا ينقص الْجد من السُّدس شَيْئا على حَال إِذا ورث إِلَّا فِي الأكدرية وَهِي زوج وَأم وَأُخْت لأَب وَأم وجد فَإِنَّهُ يكون للزَّوْج النّصْف وَللْأُمّ الثُّلُث وللجد السُّدس وَللْأُخْت النّصْف ثمَّ يُؤْخَذ مَا فِي يَد الْأُخْت وَمَا بَقِي فِي يَد الْجد فَيقسم بَين الْجد وَالْأُخْت على ثَلَاثَة أسْهم للْجدّ سَهْمَان وَللْأُخْت سهم وروى هِشَام عَن مُحَمَّد أَنه وقف بعد ذَلِك فِي الْجد لينْظر فِيهِ قَالَ أَبُو يُوسُف وَكَانَ أبن أبي ليلى يَأْخُذ فِي الْجد بقول عَليّ رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ أَبُو جَعْفَر وَقَول عَليّ رَضِي الله عَنهُ فِي ذَلِك مَا روى مُحَمَّد بن الْحسن عَن السّري بن إِسْمَاعِيل عَن الشّعبِيّ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قضى فِي فَرَائض الْجد أَنه جعله أَخا إِلَى سِتَّة أسْهم فقاسمهم مَا كَانَت الْمُقَاسَمَة خيرا لَهُ من السُّدس فَإِن نقص حَظه من السُّدس إِذا قاسمهم أعْطى السُّدس كَامِلا وَإِن كَانَت فَرِيضَة من الْبَنَات أَو الْأُم أَو الْمَرْأَة أَو الزَّوْج أَو مَا سوى ذَلِك من الْوَرَثَة أعْطى أهل الْفَرَائِض فرائضهم وَقسم مَا بَقِي بَين الْجد وَالإِخْوَة الْجد كَأحد الذُّكُور من الْإِخْوَة مَا بلغ حَظه السُّدس فَمَا فَوْقه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 462 وَلَا ينقص من السُّدس شَيْئا وَكَانَ مَا بَقِي بَين الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ وَإِن استوفى أهل الْفَرَائِض فرائضهم وَلم يبْق إِلَّا السُّدس فَهُوَ للْجدّ من قبل أَن الْجد لَا ينقص من السُّدس شَيْئا وَلَا يَرث الْإِخْوَة من الْأُم وَلَا بَنو الْإِخْوَة للْأَب وَالأُم مَعَ الْجد شَيْئا وَلَا يعْتد بِأَخ من أَب مَعَ أَخ من أَب وَأم فَإِن كَانَ أَخ لأَب وَأم وَأُخْت لأَب وجد أعطي الْجد النّصْف وللأخ للْأَب وَالأُم النّصْف وَلَيْسَ لِأَخِيهِ من الْأَب شَيْء وَلَا يعْطى الْجد مَعَ الْوَلَد إِلَّا السُّدس ذكرا كَانَ أَو أُنْثَى إِلَّا أَن يكون هُوَ الْعصبَة فَيعْطى مَا بَقِي فَإِن كَانَت ابْنة الصلب أَو ابْنة ابْن أَو أَكثر من ذَلِك من الْبَنَات ومعهن أُخْت أَو أَكثر من ذَلِك من الْأَخَوَات للْأَب وَالْجد فللبنات فرائضهن وللجد سدس المَال وللأخوات مَا بَقِي وَبَنَات الابْن بِمَنْزِلَة الْبَنَات إِذا لم تكن بَنَات لصلبه وَالْأَخَوَات من الْأَب بِمَنْزِلَة الْأَخَوَات من الْأَب وَالأُم إِذا لم تكن أَخَوَات من الْأَب وَالأُم قَالَ أَبُو جَعْفَر وروى إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد عَن الشّعبِيّ قَالَ حدثت أَن عليا رَضِي الله عَنهُ كَانَ ينزل بني الْأَخ مَعَ الْجد منَازِل آبَائِهِم وَلم يكن أحد من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَفْعَله غَيره الجزء: 4 ¦ الصفحة: 463 وَقد روينَا عَنهُ خِلَافه فِي رِوَايَة السّري بن إِسْمَاعِيل عَن الشّعبِيّ وَهَذَا أولى لموافقته أقاويل الصَّحَابَة وَقَالَ عبد الله بن مَسْعُود فِي فَرَائض الْجد إِنَّه إِذا وَافق إخْوَة ذُكُورا وإناثا أَنه كَأحد الذُّكُور مَا أَصَابَهُ الثُّلُث فَإِن نقص حَظه من الثُّلُث أعطي الثُّلُث كَامِلا وَقسم مَا بَقِي بَين الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ وَإِن كَانَت مَعَه فَرَائض أعطي أهل الْفَرَائِض فرائضهم وَقسم مَا بَقِي بَينه وَبَين الْإِخْوَة الْجد كَأحد الْإِخْوَة إِلَّا أَن ينقص حَظه من السُّدس فَإِن نقص حَظه من السُّدس أكمل لَهُ سدس المَال وَقسم مَا بَقِي بَين الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِن كَانَ جد وأخوات لَيْسَ مَعَهُنَّ أَخ فللأخوات الثُّلُثَانِ وللجد مَا بَقِي وَإِن كَانَت أُخْتا وَاحِدَة فلهَا النّصْف وللجد مَا بَقِي وَإِن كَانَ جد وأخوات ومعهن فَرَائض سوى الْبَنَات أعطي أَصْحَاب الْفَرَائِض فرائضهم وَأعْطى الْأَخَوَات وَالْأُخْت فرائضهن وَأعْطِي الْجد مَا بَقِي فَإِن كَانَ الَّذِي بَقِي أقل من السُّدس ألحق لَهُم سَهْما من الْحساب السُّدس فَإِن كَانَت الْفَرِيضَة من الْبَنَات وَاحِدَة أَو أَكثر مِنْهَا وَكَانَت فَرَائض سوى ذَلِك أَو لم يكن أعطي من كَانَ فِيهَا من فريضته وَلكُل وَارِث مَا سمي لَهُ وَيقسم مَا بَقِي بَين الْجد وَبَين من كَانَ مَعَه من الْأَخَوَات هُوَ كأخ إِلَّا أَن يكون مَا يُصِيبهُ أقل من سدس المَال فيكمل لَهُ سدس المَال وَإِن كَانَت أم وجد وَمَعَهَا فَرَائض فَإِن الْأُم لَا تُعْطى ثلث المَال كَامِلا إِلَّا أَن يكون الَّذِي يُصِيب الْجد الثُّلُث مِنْهُ وَكره أَن يفضلها على الْجد وَكَانَ لَا يعْتد بالإخوة من الْأَب مَعَ الْإِخْوَة من الْأَب وَالأُم مَعَ الْجد وَلَا يَحْجُبهُ بهم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 464 وَإِن كَانَت أُخْت لأَب وَأم وإخوة لأَب وجد فَإِن للْأُخْت من الْأَب وَالأُم النّصْف وللجد النّصْف وَلَا يَرث الْإِخْوَة من الْأَب شَيْئا إِلَّا أَن يكون مَعَ الْأُخْت للْأَب ولأم أُخْت لأَب أَو أَكثر مِنْهَا من الْأَخَوَات للْأَب لَا أَخ مَعَهُنَّ فَإِن للْأُخْت للْأَب وَالأُم النّصْف وللأخوات للْأَب سهم تَكْمِلَة الثُّلثَيْنِ وللجد مَا بَقِي وَلَا يَرث مَعَ الْجد أَخ لأم وَلَا بَنو أَخ وَالْأَخَوَات من الْأَب بِمَنْزِلَة الْأَخَوَات من الْأَب وَالأُم إِذا لم تكن أَخَوَات لأَب وَأم فِي جَمِيع مَا ذكرنَا وَرُوِيَ عَن الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم أَن عمر وَابْن مَسْعُود كَانَا يكرهان أَن يفضلا أما على جد وَقَالَ إِبْرَاهِيم عَن مَسْرُوق إِن ابْن مَسْعُود كَانَ يَقُول فِي ابْنة وَأُخْت وجد من أَرْبَعَة أسْهم للابنة النّصْف وَللْأُخْت سهم وللجد سهم وَإِن كَانَت أُخْتَيْنِ وَابْنَة وجد كَانَت من ثَمَانِيَة للابنة النّصْف أَرْبَعَة وللجد سَهْمَان وللأختين سَهْمَان وَإِن كن ثَلَاث أَخَوَات كَانَت من عشرَة للابنة النّصْف خَمْسَة وللجد سَهْمَان وَلكُل وَاحِدَة سهم سهم فِي قَول عبد الله إِذا كَانَت فَرَائض فَإِن كَانَت الْمُقَاسَمَة خيرا لَهُ أعطَاهُ وَإِن كَانَ ثلث مَا يفضل بعد الْفَرِيضَة خيرا لَهُ أعطَاهُ وَإِن كَانَ السُّدس خيرا لَهُ من هَذَا أعطَاهُ السُّدس الجزء: 4 ¦ الصفحة: 465 وَرُوِيَ عَن عمر بن الْخطاب فِي ذَلِك مثل قَول زيد بن ثَابت وَعَن أبي بكر الصّديق وَعبد الله بن عَبَّاس أَن الْجد بِمَنْزِلَة الْأَب قَالَ ابْن عَبَّاس مَا ذكر الله تَعَالَى جدا وَلَا جدة إِلَّا أَنهم آبَاء {وَاتَّبَعت مِلَّة آبَائِي إِبْرَاهِيم وَإِسْحَاق وَيَعْقُوب} قَالَ أَبُو جَعْفَر لم يَخْتَلِفُوا أَن الْإِخْوَة من الْأُم لَا يَرِثُونَ مَعَ الْجد كَمَا لَا يَرِثُونَ مَعَ الْأَب وَكَانَ الْجد كَالْأَبِ فِي حجبهم كَذَلِك فِي حجب الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات من الْأَب وَالأُم وَأَيْضًا اتَّفقُوا أَن بني الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات من الْأَب وَالأُم لَا يَرِثُونَ مَعَ الْجد وَكَذَلِكَ آباؤهم كَمَا لم يرثوا مَعَ الْأَب أَلا ترى أَن الْأَخ للْأَب أولى بِالْمِيرَاثِ من الْعم وَكَذَلِكَ ابْن الْأَخ أولى من الْعم فَلَو كَانَ الْأَخ يسْتَحق الْمِيرَاث مَعَ الْجد لَكَانَ ابْنه بِمَنْزِلَتِهِ إِذا لم يكن أَخ فَإِن قيل فالأخ من الْأَب وَالأُم أولى بِالْمِيرَاثِ من الْأَخ للْأَب ثمَّ لم يكن ابْن الْأَخ من الْأَب وَالأُم أولى بِهِ من الْأَخ للْأَب قيل لَهُ الْأَخ من الْأَب وَالأُم وَالْأَخ من الْأَب هما جَمِيعًا إخْوَان للْمَيت وَإِنَّمَا صَار الْأَخ من الْأَب وَالأُم أولى بِهِ لِأَن مَعَه زِيَادَة أم فَإِذا لم يكن أَخ لأَب وَأم كَانَ الْأَخ من الْأَب أولى لِأَنَّهُ أَخ وَأما الْعم فَلَيْسَ بِأَخ وَكَانَ ابْن الْأَخ أولى وَكَذَلِكَ الْجد لَيْسَ بِأَخ وَكَانَ يَنْبَغِي أَن يقوم ابْن الْأَخ مقَام أَبِيه مَعَ الْجد فَلَمَّا لم يكن كَذَلِك علمنَا أَن الْأَخ لَا مِيرَاث لَهُ مَعَ الْجد فَإِن قيل لَو كَانَ الْجد أَبَا لَا يسْتَحق الثُّلُث كَامِلا إِذا تركت الْميتَة زوجا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 466 وَأما وجدا وكما لَو تركت زوجا وأبوين فَلَمَّا قَالُوا إِن للزَّوْج النّصْف وَللْأُمّ الثُّلُث وَمَا بَقِي فللجد دلّ على أَنه لَيْسَ بأب قيل لَهُ لَا يلْزم ابْن عَبَّاس هَذَا لِأَنَّهُ لَا يفرق بَينه وَبَين الْأَب وَالأُم فِي هَذِه الْمَسْأَلَة وَأما الْآخرُونَ فَلَا يلْزمهُم أَيْضا لِأَن الْأَب وَالأُم جَمِيعًا فِي دَرَجَة وَاحِدَة فِي الْقرب من الْمَيِّت فَجَاز أَن يتَحَوَّل فرض الْأُم إِلَى السُّدس وَلما كَانَت الْجدّة مَعَ الْأُم فِي دَرَجَتَيْنِ مختلفتين أَعْطَيْت الثُّلُث كَامِلا أَلا ترى أَن بنت الصلب لَهَا النّصْف فَإِن كَانَ مَعهَا ابْن نقلهَا عَن مِيرَاثهَا إِلَى الثُّلُث عَن منزلتها وَلَو كَانَ مَعهَا ابْن ابْن لم ينقلها عَن فَرضهَا فَكَذَلِك الْأُم ينقلها الْأَب عَن فَرضهَا فِي مَسْأَلَة الزَّوْج والأبوين وَلَا ينقلها الْجد فَإِن قَالَ قَائِل قد رَأينَا فرض الْأُم الثُّلُث إِذا لم يكن مَعهَا إخْوَة ثمَّ كَانَ للجدة السُّدس إِذا لم تكن أم وَلم تعط الْجدّة سهم الْأُم وَلم تكن بمنزلتها كَذَلِك الْجد لَا يكون بِمَنْزِلَة الْأَب قيل لَهُ إِن الْجدّة لم تجْعَل كالأم فِي الْمِيرَاث وَلم يحكم لَهَا بحكمها فِيهِ بل جعل لَهَا مِيرَاث باين من ذَلِك مفارق لَهُ مِقْدَاره أقل من مِقْدَاره وَجعلت الْجدّة من قبل الْأَب شريكة لَهَا فِيهِ فَدلَّ على أَنهم لم يقيموها مقَام الْأُم وَلَيْسَ كَذَلِك الْجد لأَنا وَجَدْنَاهُ مَعَ الابْن يقوم مقَام الْأَب فِي مِقْدَار مِيرَاثه ووجدناه قد حكم لَهُ بِحكم الْأَب فِي حجب الْإِخْوَة من الْأُم وَقَالَ الشَّافِعِي لَو كَانَ الْأَمر إِلَى الْقيَاس لَكَانَ الْإِخْوَة أَكثر مِيرَاثا من أخيهم من الْجد لِأَن قرَابَة الْجد وقرابتهم إِنَّمَا هِيَ بِالْأَبِ وَالْأَب لَو مَاتَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 467 وَخلف أَبَاهُ هُوَ الْجد وبنيه وهم إخْوَة الْمُتَوفَّى لَكَانَ بنوه أَكثر حظا فِي الْمِيرَاث من الْأَب فَكَذَلِك كَانَ يجب أَن يَكُونُوا أَكثر حظا فِي ميراثهم بِهِ من أخيهم من الْجد فَيُقَال لَهُ قد أجمع الْعلمَاء على خلاف الْوَاجِب بِهَذِهِ الْعلَّة الَّتِي ذكرتها وأجروا الْأَمر على مَا أجروه عَلَيْهِ مِمَّا يُخَالف مُوجبهَا وَفِي إِجْمَاعهم على ترك اسْتِعْمَال مَا ذكرت دَلِيل على بطلَان هَذِه الْعلَّة 2144 - فِي الْجدّة هَل تَرث مَعَ ابْنهَا قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه وَمَالك وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ لَا تَرث الْجدّة مَعَ ابْنهَا وَقَالَ أبوب بن سُلَيْمَان الْبَصْرِيّ النَّاس كلهم لَا يورثون الْجدّة وَابْنهَا حَيّ مَا خلا الْبَصرِيين فَإِنَّهُم يورثونها قَالَ أَبُو جَعْفَر وفقهاء الْبَصرِيين سوار بن عبد الله وَعبيد الله بن الْحسن قَالَ أَبُو جَعْفَر رُوِيَ عَن عَليّ وَزيد وَعُثْمَان أَنهم كَانُوا لَا يورثونها وَابْنهَا حَيّ وَرُوِيَ عَن عمر وَعبد الله بن مَسْعُود وَعمْرَان بن حُصَيْن وَأبي الطُّفَيْل أَنهم ورثوها مَعَ ابْنهَا قَالَ أَبُو جَعْفَر اتَّفقُوا على أَن الْأُم لَا تحجب الْجدَّات كُلهنَّ وَأَن الحديث: 2144 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 468 الْأَب لَا يحجب الْجدّة من قبل الْأُم فَوَجَبَ أَن لَا تحجب الْجدّة من قبله أَيْضا 2145 - فِي الْجدَّات إِذا كَانَ بَعضهنَّ أقرب قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري الْأَقْرَب فَالْأَقْرَب مِنْهُنَّ أولى بِالْمِيرَاثِ من الْأَبْعَد من قبل الْأُم كن أَو من قبل الْأَب وَالأُم قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ إِن كَانَت الَّتِي من قبل الْأُم أقرب فَهِيَ أولى بِالْمِيرَاثِ وَهُوَ السُّدس وَإِن كَانَت الَّتِي من قبل الْأَب أقرب شاركتها الَّتِي من قبل الْأُم وَإِن كَانَت أبعد قَالَ مَالك وَلَا مِيرَاث إِلَّا لجدتين فَإِن كَانَتَا سَوَاء فِي الْقرب فالسدس بَينهمَا وَإِن كَانَت الَّتِي من قبل الْأَب أبعد فالسدس الَّتِي من قبل الْأُم قَالَ أَبُو جَعْفَر رُوِيَ عَن عَليّ وَزيد أَنَّهُمَا قَالَا أقربهما أولى وَرُوِيَ عَن زيد أَن الْأَقْرَب إِن كَانَت من قبل الْأَب اشتركتا وَإِن كَانَت الَّتِي من قبل الْأُم أقرب فَهِيَ أولى وَإِن استويتا اشتركتا قَالَ أَبُو جَعْفَر لما اتَّفقُوا على أَن الْأَقْرَب من قبل الْأُم أولى وَجب مثله فِي الَّتِي من قبل الْأَب قَالَ أَبُو جَعْفَر وَحكى أَيُّوب بن سُلَيْمَان أَن مَالك بن أنس خَالف النَّاس الحديث: 2145 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 469 جَمِيعًا فِي قَوْله إِنَّه لَا يَرث من الْجدَّات أَكثر من جدتين وَأَن الْجدّة أم أَب الْأَب لَا تَرث وَلَو لم تكن غَيرهَا وَالنَّاس على خلاف قَوْله ثمَّ جَاءَ فِي كِتَابه بِمَا يدل على أَن الجدتين عِنْده اللَّتَيْنِ ورثهما مَالك إِنَّمَا هما أم الْأُم وَأم الْأَب دينه وَبَقِي بذلك أتكون من فَوْقهمَا من الْجدَّات تَرث الْمُتَوفَّى على حَال وَهَذَا غلط مِنْهُ على مَالك لِأَنَّهُ لَو كَانَ كَمَا ذكر لم تكن لإحداهما من الْقرب إِلَّا مَا لِلْأُخْرَى وَلم تكن فيهمَا قربى وبعدى كَمَا ذكرهمَا مَالك فِيمَا رَوَاهُ ابْن وهب عَنهُ وَإِنَّمَا أَرَادَ مَالك بالجدتين جدة كل وَاحِدَة من الْأَب وَمن الْأُم من قبل أمه وَإِن بَعدت لِأَن سواهُمَا من قبل أَب الْأَب فَأَما أَبُو حنيفَة وَسَائِر أهل الْعلم سوى مَالك فَإِنَّهُم يورثون أم أَب الْأَب مَعَ من يحاذيها من جدات الْمُتَوفَّى من قبل أَبِيه وَمن قبل أمه غير الْجدّة أم أَب الْأُم فَإِنَّهَا لَا تَرث وَاحْتج من ذهب إِلَى قَول مَالك بِأَن أم أَب الْأُم لما لم تَرث كَانَ كَذَلِك أم أَب الْأَب وَهَذَا لَيْسَ بِحجَّة لَهُ لِأَن هَذِه الْجدّة لَا تَرث ابْنهَا لَو كَانَ بَاقِيا فأمه أَحْرَى أَن لَا تَرث وَأب الْأَب لَا يَرث إِذا لم يكن أَب وَأمه تَرث أَيْضا وروى الشّعبِيّ أَن عبد الله بن مَسْعُود كَانَ يُشْرك بَين أقربهن وأبعدهن فِي السُّدس وَإِن كن بمَكَان شَتَّى وَحكى عَنهُ أَيُّوب أَنه كَانَ يُورث أم أَب ألأم مَعَ من لَهُ سهم من ذَوي الْأَرْحَام الَّذين يَرِثُونَ بأرحامهم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 470 قَالَ وروى بَعضهم لَا يُورثهَا وَلَا اخْتِلَاف عَنهُ أَنه كَانَ لَا يُورث جدة مَعَ جدة هِيَ أمهَا وروى إِبْرَاهِيم أَن عبد الله كَانَ يُورث من الْجدَّات ثَلَاثًا جدتي الْأَب وَأم الْأُم وروى لَيْث عَن طَاوس عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ لَا يَرث مَعَ الْجدَّات الْأَرْبَع وَرُوِيَ نَحوه عَن جَابر بن زيد وَعَن الْحسن الْبَصْرِيّ وَمُحَمّد بن سِيرِين قَالَ مُحَمَّد بن سِيرِين ثَبت أَن أول جدة أطعمت السُّدس أم أَب وَكَانَ يَقُول إِذا اجْتَمعْنَ الْجدَّات الْأَرْبَع فالسدس بَينهُنَّ لِأَن ذَلِك طعمة وأيتهن كَانَت أقرب فَهِيَ أولى وَعَن مَسْرُوق أَنه جَاءَتْهُ أَربع جدات فَألْقى أم أَب الْأُم وَورث سائرهن وَعَن إِبْرَاهِيم مثله وَقَالَ إِبْرَاهِيم أطعن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبُو بكر ثَلَاث جدات السُّدس قَالَ إِبْرَاهِيم وهما جدتا أَبِيه أم أمه وَأم أَبِيه وجدته أم أم أمه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 471 قَالَ أَبُو جَعْفَر وَالْحجّة فِي أَن الْقُرْبَى مِنْهُنَّ أولى أَن الْعَصَبَات وَالْأَوْلَاد الْأَقْرَب فَالْأَقْرَب مِنْهُنَّ أولى فَكَذَلِك الْجدَّات 2146 - فِي الرَّد وتوريث ذَوي الْأَرْحَام كَانَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ وَشريك يَقُولُونَ بِالرَّدِّ وتوريث ذَوي الْأَرْحَام مِمَّن لَيْسَ لَهُ سهم مَذْكُور وَلَا هُوَ عصبَة إِذا لم يكن غَيرهم وَمَالك وَالشَّافِعِيّ لَا يردان وَلَا يورثان ذَوي الْأَرْحَام ويجعلان مَا فضل من ذَوي السِّهَام لبيت المَال قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ الله تَعَالَى {وأولو الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض فِي كتاب الله} ذكره فِي موضِعين أَحدهمَا بعد ذكره الْولَايَة لِلْهِجْرَةِ بقوله {وَالَّذين آمنُوا وَلم يهاجروا مَا لكم من ولايتهم من شَيْء} وَالْآخر بقوله {النَّبِي أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وأولو الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض فِي كتاب الله من الْمُؤمنِينَ والمهاجرين} فنسخ بِهِ التَّوَارُث بِالْحلف وَرُوِيَ عَن ابْن الزبير مثل ذَلِك فِي سَبَب نزُول الْآيَة وَذكر أَنَّهَا نزلت فِي الْعَصَبَات وروى زيد بن أسلم عَن عَطاء بن يسَار أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دعِي إِلَى جَنَازَة رجل من الْأَنْصَار فَقَالَ لَهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا ترك قَالُوا ترك عمته وخالته فَقَالَ الحديث: 2146 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 472 اللَّهُمَّ رجل ترك عمته وخالته فَلم ينزل عَلَيْهِ شَيْء فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا أجد لَهما شَيْئا وَهَذَا حَدِيث مُنْقَطع لَا يحْتَج بِمثلِهِ وَقَول ابْن الزبير إِنَّهَا نزلت فِي الْعَصَبَات لَيْسَ بِحجَّة وَقد خَالفه فِي ذَلِك جمَاعَة من الصَّحَابَة وروى أَبُو أُمَامَة بن سهل بن حنيف عَن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الله وَرَسُوله مولى من لَا مولى لَهُ وَالْخَال وَارِث من لَا وَارِث لَهُ وروى ابْن جريج عَن عَمْرو بن مُسلم عَن طَاوس عَن عَائِشَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ الْخَال وَارِث من لَا وَارِث لَهُ وروى شُعْبَة عَن بديل بن ميسرَة الْعقيلِيّ عَن رَاشد بن سعد عَن أبي عَامر الْهَوْزَنِي عَن الْمِقْدَام بن معدي كرب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من ترك كلا فَإِلَيَّ وَمن ترك مَالا فلورثته وَأَنا وَارِث من لَا وَارِث لَهُ أَعقل عَنهُ وَأَرِثهُ وَالْخَال وَارِث من لَا وَارِث لَهُ يعقل عَنهُ ويرثه وَهَذِه آثَار مُتَّصِلَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهِي أولى فَإِن قيل لما ذكر الْعقل دلّ على أَنه أَرَادَ الْخَال الَّذِي يكون من الْعصبَة وَهُوَ أَن يكون من بني أعمام الْمَيِّت الجزء: 4 ¦ الصفحة: 473 قيل لَهُ أما عقل الْجِنَايَة فَلم يذكرهُ إِلَّا شُعْبَة وَقد رَوَاهُ حَمَّاد بن زيد عَن بديل بن ميسرَة عَن عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن رَاشد بن سعد عَن أبي عَامر الْهَوْزَنِي عَن الْمِقْدَام بن معدي كرب قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنا مولى من لَا مولى لَهُ أرث مَاله وأفك عانيه وَالْخَال وَارِث من لَا وَارِث لَهُ ويفك عانيه وَحدثنَا الرّبيع بن سُلَيْمَان الْمرَادِي قَالَ حَدثنَا أَسد بن مُوسَى قَالَ حَدثنَا مُعَاوِيَة بن صَالح قَالَ أَخْبرنِي رَاشد بن سعد أَنه سمع الْمِقْدَام بن معدي كرب يحدث عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الله وَرَسُوله مولى من لَا مولى لَهُ يَرث مَاله ويفك عنوه وَالْخَال وَارِث من لَا وَارِث لَهُ يَرث مَاله ويفك عنوه فَثَبت أَنه إِنَّمَا أَرَادَ حمل الثّقل عَنهُ بالرحم الَّذِي بَينه وَبَينه لَا عقل الْجِنَايَات الَّتِي يُؤْخَذ بهَا كَمَا روى عِكْرِمَة عَن عَائِشَة قَالَت قلت يَا رَسُول الله أَخْبرنِي عَن ابْن عَمَّتي ابْن جدعَان كَانَ ينْحَر الكوماء وَكَانَ يحلب على المَاء وَكَانَ يكرم الْجَار ويقري الضَّيْف وَيصدق الحَدِيث ويصل الرَّحِم ويفي بِالذِّمةِ ويفك العاني وَيطْعم الطَّعَام وَيُؤَدِّي الْأَمَانَة قَالَ هَل قَالَ يَوْمًا اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من نَار جَهَنَّم قَالَت قلت لَا مَا كَانَ يدْرِي مَا نَار جَهَنَّم قَالَ فَلَا إِذا فَدلَّ على أَنه أَرَادَ مَا يحملهُ اخْتِيَارا لَا مَا يلْزم بِالْجِنَايَةِ فَإِن قيل روى مُحَمَّد بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم عَن عبد الرَّحْمَن بن حنظله الزرقي أَنه أخبرهُ عَن مولى القريش يُقَال لَهُ ابْن مُوسَى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 474 قَالَ كنت جَالِسا عِنْد عمر فَلَمَّا صلى الظّهْر قَالَ يَا يرفأ هَلُمَّ ذَلِك الْكتاب لكتاب كَانَ كتب فِي شَأْن الْعمة يسْأَل عَنْهَا ويستخير فِيهَا فَأتى بِهِ يرفأ فَدَعَا بقدح فِيهِ مَاء فمحا ذَلِك الْكتاب فِيهِ ثمَّ قَالَ لَو رضيك الله لأمرك لَو رضيك الله لأقرك قَالُوا فَهَذَا يدل على رفع عمر مِيرَاث الْعمة قيل لَهُ ابْن مُوسَى لَا يدرى من هُوَ وَلَا يثبت مثل ذَلِك بِرِوَايَة مثله وَقد روى الشّعبِيّ أَن عمر جعل الْعمة بِمَنْزِلَة الْأَخ وَالْخَالَة بِمَنْزِلَة الْأُخْت فَأعْطى الْعمة الثُّلثَيْنِ وَالْخَالَة الثُّلُث وَرُوِيَ عَن عَليّ وَعبد الله أَيْضا تَوْرِيث ذَوي الْأَرْحَام وَرُوِيَ عَن زيد بن ثَابت أَنه كَانَ لَا يُورث ذَوي الْأَرْحَام وَيجْعَل بَيت المَال أولى قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلما اتَّفقُوا على أَن الْعَصَبَات الْأَقْرَب أولى من الْأَبْعَد كَذَلِك ذَوُو الْأَرْحَام يَنْبَغِي أَن يَكُونُوا أولى من جمَاعَة الْمُسلمين لأجل الْقرب فَإِن قيل إِنَّمَا وَجب اعْتِبَار ذَلِك فِي الْعصبَة فَمَا الدَّلِيل على أَن ذَوي الْأَرْحَام لَيْسُوا بعصبة أولى من الْمُسلمين قيل لَهُ لِأَنَّهُ يجوز أَن يسْتَحق المَال بِالنّسَبِ الَّذِي لَا يثبت بِهِ تعصيب مثل الْأَخ من الْأَب وَالأُم هُوَ أولى من الْأَخ للْأَب بِزِيَادَة سَبَب الْأُم الَّذِي لَيْسَ فِيهِ تعصيب أَلا ترى أَن الْأَخ من الْأُم لَيْسَ بعصبة وَقد اخْتلف الصَّحَابَة فِي وُجُوه الرَّد الجزء: 4 ¦ الصفحة: 475 فروى إِبْرَاهِيم عَن مَسْرُوق أَن عبد الله كَانَ لَا يرد على إخْوَة الْأُم مَعَ أم وَلَا على ابْنة ابْن مَعَ ابْنة الصلب وَلَا على أَخَوَات لأَب مَعَ أُخْت لأَب وَأم وَلَا على امْرَأَة وَلَا على زوج وَلَا على جدة وروى الشّعبِيّ عَنهُ مثل ذَلِك وَقَالَ وَلَا على جدة إِذا كَانَ مَعهَا وَارِث غَيرهَا قَالَ الشّعبِيّ وَكَانَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ يرد على كل وَارِث بِحِسَاب مَا ورث من الْفضل بعد الْفَرَائِض وَلَا يرد على زوج وَلَا على امْرَأَة شَيْئا وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَأَصْحَابه وَالثَّوْري وَقد اخْتلف أهل الْعلم أَيْضا فِي أَشْيَاء أخر من هَذَا الْمَعْنى من ذَلِك اخْتلَافهمْ فِي بنت بنت وَبنت أُخْت لأَب وَأم فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه الْمِيرَاث لابنَة الْبِنْت دون ابْنة الْأُخْت قَالَ الثَّوْريّ وَمن قَالَ بالتشريك قَالَ الْمِيرَاث بَينهمَا نِصْفَيْنِ وَرُوِيَ ذَلِك عَن عبد الله بن مَسْعُود وَلَا يعلم عَن أحد من الصَّحَابَة خِلَافه قَالَ أَبُو جَعْفَر هَذَا الحَدِيث لم يرفعهُ إِلَى ابْن مَسْعُود غير زيد بن الْحباب عَن الْحُسَيْن بن وَاقد عَن مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة عَن عبد الله وَيُقَال إِنَّه مِمَّا غلط فِيهِ زيد بن الْحباب وَإِنَّمَا هُوَ مَوْقُوف على عَلْقَمَة وَقَالَ رَوَاهُ الْفضل بن مُوسَى السينَانِي عَن الْحُسَيْن بن وَاقد عَن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 476 مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة فِي بنت بنت وَبنت أُخْت فَقَالَ النّصْف وَالنّصف وَأما الْكُوفِيُّونَ فينكرون هَذَا الحَدِيث ويزعمون أَنه لَيْسَ من حَدِيث مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر أصلا وَالْقِيَاس يدل على قَول أَصْحَابنَا لِأَنَّهُ إِنَّمَا يجب أَن يعْتَبر للرحم الَّذِي بَين الْحَيّ الْوَارِث وَبَين المتوفي الْمَوْرُوث وَلَا يعْتَبر النّسَب الَّذِي بِهِ يُدْلِي لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُدْلِي بميت لَا يَرث وَاخْتلفُوا فِي عمَّة وَابْنَة خَالَة وَابْنَة عمَّة فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه الْمِيرَاث للقربى مِنْهَا وَقَالَ الثَّوْريّ يَجْعَل لكل وَاحِدَة مِيرَاث من تدلي من عمته أَو خَالَته وَلَا تعْتَبر الْقُرْبَى مِنْهُمَا 2147 - فِي ذَوي الْأَرْحَام وَمولى عتاقه قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه وَالثَّوْري مولى الْعتَاقَة أَحَق بِالْمِيرَاثِ من الْعمة وَالْخَالَة وَقَالَ عبد الله بن الْمُبَارك الْعمة وَالْخَالَة أولى مِنْهُ قَالَ أَبُو جَعْفَر قَوْله تَعَالَى {وأولو الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض فِي كتاب الله} يحْتَمل أَن يُرَاد بِهِ أَنه أولى من الْمولى فَلَمَّا وجدنَا الزَّوْج وَالْمَرْأَة قد يرثان مَعَ ذَوي الْأَرْحَام الَّذين مَعَهم التَّعْصِيب علمنَا أَن المُرَاد بِهِ نسخ الْمِيرَاث بِالْحلف وَالْهجْرَة وَإِثْبَات الْمِيرَاث لِذَوي الْأَسْبَاب وَالْوَلَاء بِمَنْزِلَة النّسَب الحديث: 2147 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 477 وَقد روى سَلمَة بن كهيل عَن عبد الله بن شَدَّاد قَالَ كَانَ لابنَة حَمْزَة مولى أَعتَقته فَمَاتَ الْمولى وَترك بِنْتا وَابْنَة حَمْزَة فَرفع ذَلِك إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأعْطى ابْنَته النّصْف وَأعْطى مولاته ابْنة حَمْزَة النّصْف فَإِن قيل روى مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم أَنه ذكر لَهُ خبر ابْنة حَمْزَة هَذَا فَقَالَ إِنَّمَا أعْطى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ابْنة حَمْزَة مَا أَعْطَاهَا من هَذَا طعمة قَالَ أَبُو جَعْفَر سَمِعت ابْن أبي عمرَان يَقُول هَذَا كَلَام مُسْتَحِيل لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو ذَلِك الْمِيرَاث أَن يكون وَجب لابنَة الْمُتَوفَّى دون ابْنة حَمْزَة أَو لابنَة الْمُتَوفَّى وَابْنَة حَمْزَة فَإِن كَانَ وَجب لابنَة الْمُتَوفَّى ولبنت حَمْزَة كَانَ ذَلِك مِيرَاثا لَا طعمة وَإِن كَانَ وَجب لبِنْت الْمُتَوفَّى لم يكن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليعطي حَقّهَا للْغَيْر طعمة وَقد روى قَتَادَة عَن الْحسن عَن عمرَان بن حُصَيْن قَالَ جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن ابْن ابْني مَاتَ فَمَالِي من مِيرَاثه قَالَ السُّدس فَلَمَّا ولى دَعَاهُ وَقَالَ لَك سدس آخر فَلَمَّا ولى دَعَاهُ وَقَالَ السُّدس الآخر طعمة وَقد رُوِيَ عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ أَنه جعل الْمِيرَاث للْمولى مَعَ الِابْنَة نِصْفَيْنِ وَرُوِيَ عَن عبد الله بن مَسْعُود أَن المَال كُله للْبِنْت الجزء: 4 ¦ الصفحة: 478 2148 - فِي مِيرَاث ابْن الْمُلَاعنَة قَالَ أَصْحَابنَا ابْن الْمُلَاعنَة بِمَنْزِلَة غَيره فِي الْمِيرَاث إِلَّا أَنه لَا نسب لَهُ من جِهَة الْأَب وَلَا قرَابَة بِحَال وَكَذَلِكَ ولد الزِّنَا فَلَو ترك أَخَاهُ الَّذِي ولد مَعَه فِي بطن وأخا آخر لأمه كَانَ لأمه السُّدس ولأخويه الثُّلُث بَينهمَا ثمَّ يرد الْبَاقِي عَلَيْهِم أَثلَاثًا على قدر مواريثهم وَقَالَ عُثْمَان البتي تَرث أمه جَمِيع الْمِيرَاث إِلَّا أَن يكون مَعهَا أحد من أهل الْفَرَائِض فَيعْطى فريضته وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك فِي ولد الْمُلَاعنَة وَولد الزِّنَا إِذا مَاتَ ورثت أمه حَقّهَا فِي كتاب الله تَعَالَى وَإِخْوَته من أمه حُقُوقهم وَيَرِث الْبَقِيَّة موَالِي أمه إِن كَانَت مولاة فَإِن كَانَت عَرَبِيَّة ورثت حَقّهَا وَورث إخْوَته من أمه حُقُوقهم وَكَانَ مَا بَقِي للْمُسلمين وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وروى ابْن الْقَاسِم سُئِلَ مَالك فِي ملاعنة تَلد غلامين توأمين فِي بطن وَاحِد فَيهْلك أَحدهمَا وَيتْرك مَالا بِأَيّ شَيْء ترى أَن يورثه أَخُوهُ بوراثة الْأُم أَو بوراثة الْأَب قَالَ بوراثة الْأَب فَلَيْسَ هَذَا عِنْدِي كَوَلَد الزِّنَا لِأَن ذَلِك لَا أَب لَهُ وَإِن هَذَا لَو قَالَ لَهُ أحد لَيْسَ أَبوك فلَان جلد الْحَد فَأرى أَن يتوارث بوراثة الْأَب وَقَالَ الْمعَافى بن عمرَان عَن الثَّوْريّ إِذا كَانَ لِابْنِ الْمُلَاعنَة أَخ لأَب وَأم فللأم الثُّلُث وللأخ السُّدس وَمَا بَقِي فَيرد على الْأُم دون الْأَخ لِأَنَّهَا عصبَة الحديث: 2148 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 479 وَقَالَ الْفرْيَابِيّ عَن سُفْيَان الثَّوْريّ فِي ابْن الْمُلَاعنَة إِن ترك ابْن أَخِيه وجده أَن المَال لِابْنِ الْأَخ لِأَنَّهُ عصبَة أمه قَالَ سُفْيَان وَمن النَّاس من يَقُول أمت الْأُم فَمن يَرِثهَا فَهُوَ يَرِثهُ وَقَالَ سُفْيَان فِي ابْن الْمُلَاعنَة ترك خالا وَخَالَة فَالْمَال للخال وَفِي قَول إِبْرَاهِيم الثُّلُث للخالة وَالثُّلُثَانِ للخال قَالَ سُفْيَان الْخَال عصبَة الْأُم وَقَالَ سُفْيَان فِي ابْن ملاعنة ترك بِنْتا وعصبة لأمه فللبنت النّصْف وَمَا بَقِي فلعصبة أمه قَالَ أَبُو جَعْفَر وروى مُحَمَّد عَن السّري بن إِسْمَاعِيل عَن الشّعبِيّ عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ فِي مِيرَاث ابْن الْمُلَاعنَة مثل مَا حكيناه عَن أَصْحَابنَا وَقَالَ فِي آخِره فَإِن مَاتَ وَلَيْسَت لَهُ أم فَإِن عصبته عصبَة أمه وَرُوِيَ عَن عبد الله بن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس أَن عصبته عصبَة أمه مثل مَا روينَاهُ عَن الثَّوْريّ وَقَالَ ابْن عمر أمه عصبته تَرثه ويرثها وَقَالَ زيد بن ثَابت إِذا مَاتَ ابْن الْمُلَاعنَة وَترك أمه وَمن سميت لَهُ فَرِيضَة فَإِن لكل وَارِث مَا سمي لَهُ وَمَا فضل فلبيت المَال وَقَول عُثْمَان البتي مُوَافق لقَوْل ابْن عمر قَالَ وَاحْتج من قَالَ عصبته عصبَة أمه أَنه لما رد نسبه بالملاعنة إِلَى أمه صَار فِي الحكم من قَومهَا فَصَارَ قَومهَا عصبَة لَهُ كَمَا كَانُوا عصبَة لَهَا كَمَا فَيُقَال لَهُم هُوَ بِمَنْزِلَة من كَانَ لَهُ أَب فَمَاتَ وَلم يتْرك لَهُ قرَابَة من جِهَته الجزء: 4 ¦ الصفحة: 480 فَلَا تصير عصبته عصبَة أمه كَذَلِك ابْن الْمُلَاعنَة قَالَ وَأما مَا روى عَن مَالك فِي الْفرق بَين الْمُلَاعنَة وَولد الزِّنَا فِي أَنَّهُمَا إِذا كَانَا توأمين من الْمُلَاعنَة وَرثهُ أَخُوهُ بِقرَابَة الْأَب وَفِي ولد الزِّنَا لَا يَرث بِقرَابَة الْأَب فَلَا معنى لَهُ لِأَن النّسَب من جِهَة الْأَب مُنْقَطع فِي الْحَالين فَلَا معنى لاعْتِبَار نسب مُنْقَطع 2149 - فِي الْإِقْرَار قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري فِي رجل مَاتَ وَترك ابْنَيْنِ فَأقر أَحدهمَا بِأَخ وَجحد الآخر أَنه يُعْطِيهِ نصف مَا فِي يَده وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَمَالك وَعبيد الله بن الْحسن يُعْطِيهِ ثلث مَا فِي يَده وَقَالَ ابْن شبرمه يَقُول لَهُ الْحَاكِم اعطه ماشئت فَأَما أَنا فَلَا أعْطِيه شَيْئا فَإِن قَالَ لَيْسَ لي أَن أنكر بِنَصِيبِهِ أخذت حِصَّته الَّتِي يزْعم فتصدقت بهَا وَقَالَ اللَّيْث وَالشَّافِعِيّ لَا يُعْطِيهِ لِأَن النّسَب لم يثبت قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ أَنه لَو أقرّ بِامْرَأَة أَنَّهَا كَانَت زَوْجَة أَبِيه وَجحد الآخر أَنه يُعْطِيهَا بِقدر مَا تستحقه من مِيرَاث الزَّوْجَة على اخْتلَافهمْ فِيهِ وَلم يمنعوها من ذَلِك لأجل التَّزْوِيج لم يثبت فَكَذَلِك إِقْرَاره بِأَخ وَأَيْضًا لَو اشْترى عبدا ثمَّ أقرّ أَن البَائِع كَانَ أعْتقهُ وَجحد البَائِع نفد الْعتْق وَلم يَنْفَسِخ البيع وَأَيْضًا لَو كَانَ وَارثه مولى لَهُ أعْتقهُ فَأقر بِابْن للْمَيت فَإِن أعطَاهُ نصِيبه فَهُوَ الحديث: 2149 ¦ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 481 مَا قُلْنَا وَإِن لم يُعْطه فَكيف يتْرك فِي يَده مَال هُوَ مقرّ بِأَنَّهُ لَا يسْتَحق مِنْهُ شَيْئا وَأَن غَيره هُوَ الْمُسْتَحق لَهُ وَأما اخْتِلَاف الْقَائِلين بإعطائه بقض مَا فِي يَده فَإِن قَول أَصْحَابنَا فِيهِ أصح لِأَن إِقْرَاره يضمن أَنَّهُمَا متساويان فِي كل جُزْء من المَال فَغير جَائِز أَن يبخس حَظّ أحدهم لأجل ظلم غَيرهمَا لَهما كَمَا لَو غصب غَاصِب بعض المَال كَانَ الْبَاقِي بَين الْوَرَثَة على فَرَائض الله تَعَالَى آخر كتاب الْفَرَائِض انْتهى الْجُزْء الرَّابِع ويليه الْجُزْء الْخَامِس وأوله كتاب الْوَصَايَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 482 = كتاب الْوَصَايَا = [2150] فِي الْوَصِيَّة بِأَكْثَرَ من الثُّلُث إِذا أجازها الْوَرَثَة [فِي حَيَاة الْمُوصي] قَالَ أَصْحَابنَا وَالْحسن بن حَيّ وَعبيد الله بن الْحسن وَالشَّافِعِيّ إِذا أوصى لرجل بِأَكْثَرَ من الثُّلُث أَو أوصى لبَعض ورثته فأجازها الْوَرَثَة فِي حَيَاته لم يجز ذَلِك حَتَّى يجيزوه بعد الْمَوْت وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَعُثْمَان البتي لَيْسَ لَهُم أَن يرجِعوا فِيهِ بعد الْمَوْت وَهِي جَائِزَة عَلَيْهِم وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا استأذنهم فَكل وَارِث بَائِن عَن الْمَيِّت مثل الْوَلَد الَّذِي بَان عَن أَبِيه وَالْأَخ وَابْن الْعم واللذين لَيْسُوا فِي عِيَاله فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُم أَن يرجِعوا وَأما امْرَأَته وَبنَاته اللآتي لم يبن مِنْهُ وكل [من] فِي عِيَاله فَإِن كَانَ قد احْتَلَمَ فَلهم ان يرجِعوا وَكَذَلِكَ الْعم وَابْن الْعم وَمن خَافَ مِنْهُم انه [إِن] لم يجزه لحقه مِنْهُم فِي قطع النَّفَقَة إِن صَحَّ فَلهم أَن يرجِعوا وروى ابْن وهب عَن مَالك فِي الْمَرِيض ليستأذن ورثته فِي الْوَصِيَّة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 5 لبَعض ورثته فَإِن أذنوا لَهُ فَلَيْسَ لَهُم أَن يرجِعوا فِي شَيْء من ذَلِك وَلَو كَانَ استأذنهم فِي الصِّحَّة فَلهم أَن يرجِعوا إِن شاؤوا وَإِنَّمَا يجوز إذْنهمْ فِي حَال الْمَرَض لِأَنَّهُ يحجب عَن مَاله بحقهم فَيجوز ذَلِك عَلَيْهِم وَقَول اللَّيْث فِي ذَلِك كَقَوْل مَالك وَإِن أجازوه بعد الْمَوْت جَازَ عِنْد جَمِيع الْفُقَهَاء قَالَ أَبُو جَعْفَر لما كَانَ للْمُوصي إبِْطَال تِلْكَ الْوَصِيَّة فِي الْحَيَاة مَعَ كَونه مَالِكًا لِلْمَالِ فالورثة أَحْرَى ان يرجِعوا فِيمَا أَجَازُوا 2251 - فِي الْوَصِيَّة بِشَيْء بِعَيْنِه قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا أوصى لرجل بِعَبْد وَلآخر بِعَبْد آخر قيمَة أَحدهمَا أَكثر من الثُّلُث وَقِيمَة الآخر أقل من الثُّلُث ضرب الَّذِي قيمَة عَبده أقل من الثُّلُث بِقِيمَة العَبْد وَضرب الَّذِي قِيمَته أَكثر من الثُّلُث بِمِقْدَار الثُّلُث من العَبْد وَلَا يضْرب بِالْفَضْلِ وَقَالَ ابو يُوسُف وَمُحَمّد يضْرب كل وَاحِد مِنْهُمَا فِي الثُّلُث بِقِيمَة عَبده كَامِلَة فَيقسم الثُّلُث بَينهمَا وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا أوصى لرجل بسكنى دَاره سنة اَوْ خدمَة عَبده سنة وَلَا مَال لَهُ غير ذَلِك فَإِنَّهُ يُقَال للْوَرَثَة إِمَّا أَن تسلموا إِلَيْهِ ذَلِك أَو تعطوه ثلث مَال الْمَيِّت الجزء: 5 ¦ الصفحة: 6 وَلَو أوصى لَهُ بِالْعَبدِ وَهُوَ أَكثر من الثُّلُث فَأحب أَن يعطوه ثلث جَمِيع مَال الْمَيِّت من العَبْد وَلَا يُعْطي غَيره وَقَالَ مرّة أُخْرَى يُعْطي ثلث مَال الْمَيِّت من كل شَيْء قَالَ وَقَالَ مَالك لَو أوصى لَهُ بدين فَلم يحمل ذَلِك الثُّلُث وأبى الْوَرَثَة أَن يجيزوا أَعْطوهُ من الْعين وَالدّين وَالْعَقار وكل شَيْء يبلغ الثُّلُث وَلَو أوصى لَهُ بِمِائَة دِينَار وَهِي اكثر من الثُّلُث فَلم يجيزوه أَعْطوهُ ثلث مَا ترك من الدّين وَغَيره وَفرق بَين العَبْد يوصى بِهِ بِعَيْنِه وَبَين الدّين وَالدَّنَانِير وَالسُّكْنَى وَنَحْوهَا وَذكر الْمُزنِيّ فِي مُخْتَصره عَن الشَّافِعِي أَن لكل وَاحِد من أَصْحَاب الْوَصَايَا مَا سمي لَهُ من الثُّلُث إِذا كَانَت وصاياهم أَكثر من الثُّلُث وَذكر الْمُزنِيّ فِي جَامعه عَن الشَّافِعِي مثل هَذَا وَقَالَ فِيهِ إِذا أوصى بِشَيْء بِعَيْنِه فَهُوَ فِيمَا أوصى بِهِ وَلَا يخرج إِلَى غَيره مَا سلمهَا الْوَرَثَة فَإِن لم يسلم الْوَرَثَة مَا لَزِمَهُم ضرب بِمَا أَصَابَهُ فِي مَال الْمَيِّت قَالَ الْمُزنِيّ هَذَا غلط بل تصح وَصيته فِي الشَّيْء بِعَيْنِه أَو مَا احْتمل الثُّلُث مِنْهُ قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْلُو وَصيته من أَن تكون جَائِزَة فَلَا يسعهم مَنعه أَو لَا تجوز فَلهم أَن يمنعوه وَلَا يلْزمهُم بِمَنْع مَا لَهُم أَن يمنعوه من حَقهم الجزء: 5 ¦ الصفحة: 7 وَاحْتج بَعضهم على ابي حنيفَة بِالْعَبدِ الْجَانِي إِذا اخْتَار الْمولى إِمْسَاكه لَزِمته الدِّيَة وَهِي أَضْعَاف قيمَة العَبْد وَكَذَلِكَ مَا أوصى بِهِ الْمَيِّت إِذا كَانَ بِعَيْنِه فَلم تسلمه الْوَرَثَة وَجب عَلَيْهِم تَسْلِيم ثلث مَال الْمَيِّت لِأَن الْمَيِّت كَانَ لَهُ أَن يُوصي بِهِ قَالَ أبوجعفر وَمَا ظَنَنْت أَن أحدا من أهل الْعلم يقنع بِمثل هَذَا من نَفسه لِأَن الْوَاجِب بِالْجِنَايَةِ أحد شَيْئَيْنِ إِمَّا دفع العَبْد أَو الدِّيَة فَإِذا مَنعه فقد اخْتَار الدِّيَة وَأما العَبْد الْمُوصى بِهِ فَلم تجز الْوَصِيَّة فِيهِ إِلَّا بِمِقْدَار الثُّلُث مِنْهُ فَمن أَو جب عَلَيْهِم الثُّلُث من غَيره وعَلى أَن العَبْد الْجَانِي لَيْسَ بعروض الْوَصِيَّة لِأَن الْجَانِي فِي ملك مَوْلَاهُ فَلهُ أَن يختاره وَيدْفَع الدِّيَة وَله أَن يَدْفَعهُ وَالشَّيْء الْمُوصى بِهِ فِي ملك الْمُوصى لَهُ بِهِ إِن خرج من الثُّلُث لَا حق للْوَارِث فِيهِ وَإِن لم يخرج من الثُّلُث فمقدار مَا يخرج من الثُّلُث فِي ملك الْمُوصى لَهُ فَلَيْسَ للْوَارِث مَنعه وبقيته فِي ملك الْوَارِث فَلَيْسَ للْمُوصى لَهُ اخذها مِنْهُ 2152 - فِي الْوَصِيَّة بِالثُّلثِ إِذا أَفَادَ مَالا بعده قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ إِذا اوصى بِثلث مَاله ثمَّ أَفَادَ مَالا ثمَّ مَاتَ فَإِنَّمَا لَهُ ثلث مَاله يَوْم يَمُوت الْمُوصي وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك إِذا اوصت امْرَأَة فِي مَرضهَا بِالثُّلثِ فورثت مَالا فللموصى لَهُ الثُّلُث من جملَة الْمَالَيْنِ إِلَّا أَن يكون مَالا لم يعلم بِهِ حَتَّى مَاتَت فَلَيْسَ للْمُوصى لَهُ من المَال الَّذِي لم يعلم بِهِ شَيْء الحديث: 2152 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 8 وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك مثله وَقَالَ لَو أوصى بِعِتْق أَو غَيره فَإِن المَال الَّذِي وَرثهُ وَلم يعلم بِهِ أَنه لَا تدخل فِيهِ الْوَصَايَا لَا عتق وَلَا غَيره وَمَا علم بِهِ فَإِن الْوَصَايَا تدخل فِيهِ وَقَالَ عُثْمَان البتي إِذا أوصى فِي مَرضه بِثلث مَاله ثمَّ ورث مَالا لم يحدث فِيهِ شَيْئا فَالْوَصِيَّة فِي ثلث مَا كَانَ أوصى الا أَن يكون الْمُوصي أوصى وَهُوَ صَحِيح فَأرى لَهُ ثلث كل شَيْء تَركه قَالَ اللَّيْث إِذا أوصى ثمَّ ورث مَالا وَلم يعلم بِهِ لم يكن للْمُوصى لَهُ مِنْهُ شَيْء قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ ان مَا علم بِهِ مِمَّا أَفَادَ يدْخل فِي الْوَصِيَّة كَذَلِك مَا لم يعلم بِهِ لِأَن الْعلم وَالْجهل فِيهِ سَوَاء إِذْ كل وَاحِد مِنْهُمَا لم تُوجد فِيهِ وَصِيَّة مستأنفة 2153 - فِيمَن أوصى بِأَكْثَرَ من الثُّلُث قَالَ أبوحنيفة فِي رجل أوصى لرجل بِثلث مَاله وَلآخر بِجَمِيعِ مَاله فَلم تجزه الْوَرَثَة أَن الثُّلُث بَينهمَا نِصْفَانِ وروى مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة أَنه إِن أجَاز الْوَرَثَة فَلصَاحِب الثُّلُث السُّدس وَالْبَاقِي لصَاحب الْجَمِيع قَالَ الْحسن عَن زفر عَن أبي حنيفَة فِي رجل أوصى لرجل بِثلث مَاله وَلآخر بِجَمِيعِ مَاله أَن الثُّلُث بَينهمَا نِصْفَانِ وَهُوَ قَول زفر وَإِن أجازت الْوَرَثَة الحديث: 2153 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 9 كَانَ الثُّلُث بَينهمَا نِصْفَيْنِ وَكَانَ للَّذي أوصى لَهُ بِالْجَمِيعِ نصف جَمِيع المَال يَأْخُذهُ من الثُّلثَيْنِ وَالسُّدُس الْبَاقِي من الثُّلثَيْنِ بَين الْمُوصى لَهما نِصْفَيْنِ وَقَالَ أَبُو يُوسُف إِن لم تجز الْوَرَثَة فَالثُّلُث بَينهمَا على أَرْبَعَة وَكَذَلِكَ إِن أجَازه الْوَرَثَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَابْن أبي ليلى وَابْن شبْرمَة وَمَالك وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ الثُّلُث بَينهمَا على أَرْبَعَة إِذا لم يجيزوا وَقَالَ أَبُو حنيفَة مَعَهم إِذا أوصى لرجل بِالثُّلثِ وَلآخر بالسدس قسم الثُّلُث بَينهمَا على ثَلَاثَة إِذا لم تجز الْوَرَثَة قَالَ أَبُو جَعْفَر الْمُوصى لَهُ بِجَمِيعِ المَال موصى لَهُ بِمَا زَاد على الثُّلُث بِملك الْعين فَلَا يضْرب بِهِ وَالْمُوصى لَهُ بِالثُّلثِ وبالسدس كل وَاحِد مِنْهُمَا على الِانْفِرَاد موصى لَهُ بِمَا يملكهُ الْمَيِّت فيتحاصان فِي الثُّلُث على قدر الوصيتين وَأما إِذا أَجَازُوا فَإِن رِوَايَة مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة أَنه لَا تعْمل الْإِجَازَة لصَاحب الثُّلُث وأعملها لصَاحب الْجَمِيع وَرِوَايَة زفر عَن أبي حنيفَة أَنه قسم الثُّلُث بَينهمَا بِغَيْر إجَازَة وَبَقِي الثُّلُثَانِ لَا يَدعِي صَاحب الثُّلُث فِيهِ أَكثر من السُّدس وَالنّصف مُسلم لصَاحب الْجَمِيع وَالسُّدُس قد يتنازعاه فَهُوَ بَينهمَا نِصْفَانِ أَلا ترى أَنه لَو أجَاز الْوَرَثَة لصَاحب الثُّلُث خَاصَّة كَانَ لَا يَأْخُذ إِلَّا السُّدس مِمَّا بَقِي فَهَذَا مِمَّا كَانَ يمِيل إِلَيْهِ متقدمو أَصْحَابنَا من قَول أبي حنيفَة قَالَ أَبُو جَعْفَر وَالْقِيَاس عِنْدِي على أصل ابي حنيفَة أَن يكون الثُّلُثَانِ بَين الجزء: 5 ¦ الصفحة: 10 الْمُوصى لَهُم على خَمْسَة أَرْبَعَة أخماسه لصَاحب الْجَمِيع وخسمه لصَاحب الثُّلُث نضرب كل وَاحِد بِمَا بَقِي من وَصيته كَمَا قُلْنَا فِيمَن أوصى بِثلث مَاله لرجل وبسدسه لآخر فَلم تجز الْوَرَثَة أَنَّهُمَا يتضاربان فِيهِ بوصيتهما 2154 - فِيمَن أوصى بِشَيْء لرجل ثمَّ أوصى بِهِ لآخر قَالَ أَبُو جَعْفَر روى عَليّ بن معبد عَن مُحَمَّد قَالَ وَإِذا قَالَ قد أوصيت لفُلَان بِثلث مَالِي ثمَّ قَالَ الثُّلُث الَّذِي أوصيت بِهِ لفُلَان قد أوصيت بِهِ لفُلَان فَالثُّلُث بَينهمَا نِصْفَانِ وَقَالَ فِي الأَصْل إِذا أوصى بِعَبْد لرجل ثمَّ أوصى بِهِ لآخر فَهُوَ بَينهمَا نِصْفَانِ وَلَو قَالَ العَبْد الَّذِي أوصيت بِهِ لفُلَان هُوَ لفُلَان كَانَ ذَلِك رُجُوعا فِي الْوَصِيّ الأولى وَلَو قَالَ قد أوصيت بِهِ لفُلَان كَانَ بَينهمَا نِصْفَيْنِ وَرُوِيَ عَن ابْن وهب عَن مَالك إِذا أوصى بِوَصِيَّة ثمَّ أوصى بِوَصِيَّة وَلم يذكر الآخر قَالَ تجوزان جَمِيعًا وَلَا تنقض الْآخِرَة الأولى إِلَّا أَن يبين فِيهَا نقض شَيْء مِمَّا فِي الأولى قَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا قَالَ العَبْد الَّذِي أوصيت بِهِ لفُلَان هُوَ وَصِيَّة لفُلَان فالثانية نقض الأولى وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا أوصى بِعَبْد لرجل ثمَّ أوصى بِهِ لآخر فَهُوَ بَينهمَا نِصْفَانِ وَقَالَ سوار بن عبد الله فِي رجل أوصى بِوَصِيَّة ثمَّ أوصى بعد ذَلِك بِوَصِيَّة أُخْرَى أَن الثَّانِيَة تفسخ الأولى الحديث: 2154 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 11 وَكَانَ عبيد الله بن الْحسن يراهما جَمِيعًا وَقَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي إِذا أوصى لرجل بِعَبْد بِعَيْنِه ثمَّ أوصى بِهِ لآخر فَهُوَ بَينهمَا نِصْفَانِ وَلَو قَالَ العَبْد الَّذِي أوصيت بِهِ لفُلَان لفُلَان أَو قَالَ قد أوصيت بِهِ لفُلَان كَانَ ذَلِك رُجُوعا عَن الأول بِالْآخرِ قَالَ أَبُو جَعْفَر الْوَصِيَّة إِنَّمَا هِيَ تمْلِيك بعد الْمَوْت فَالْأولى وَالثَّانيَِة سَوَاء مَا لم تكن فِي الثَّانِيَة دلَالَة على الرُّجُوع عَن الأولى فَإِن قيل يَنْبَغِي أَن تكون الْوَصِيَّة الثَّانِيَة رُجُوعا عَن الأولى على كل حَال قَالَ سوار بن عبد الله كَمَا لَو قَالَ قد بِعْتُك عَبدِي هَذَا بِأَلف دِرْهَم فَلم يقبله حَتَّى قَالَ لرجل قد بعتكه بِمِائَة دِينَار كَانَ ذَلِك رُجُوعا عَن البيع الأول قيل لَهُ الْفرق بَينهمَا أَن البيع لَا يَقع إِلَّا بِقبُول الآخر وَالْوَصِيَّة قد صحت من قبل الْمُوصي قبل قبُول الْمُوصى لَهُ أَلا ترى أَن الْمُخَاطب بِالْبيعِ لَو مَاتَ قبل الْقبُول بَطل البيع وَلَو مَاتَ الْمُوصى لَهُ بعد موت الْمُوصي قبل الْقبُول صحت الْوَصِيَّة لَهُ 2155 - مَا يبْدَأ بِهِ من الْوَصَايَا قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه إِذا أوصى بوصايا مُخْتَلفَة من عتق وَحج وَصدقَة ووصايا لقوم بأعيانهم فَإِنَّهُ ينظر إِلَى الثُّلُث فَيقسم بَين أَصْحَاب الْوَصَايَا وَبَين سَائِر مَا ذكر من الْقرب ثمَّ ينظر إِلَى مَا حصل من حِصَّة الحديث: 2155 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 12 الْقرب الَّتِي لَيست لإِنْسَان بِعَيْنِه فَيبْدَأ مِنْهَا بالفروض الَّتِي أوجبهَا الله تَعَالَى كَزَكَاة المَال وَحجَّة الْإِسْلَام على التَّطَوُّع بَدَأَ بهَا أَو أَخّرهَا ثمَّ ينظر إِلَى مَا بَقِي فَيبْدَأ بِمَا بَدَأَ من النَّوَافِل وَالتَّسْمِيَة إِذا كَانَت بِعَينهَا فَهِيَ بِمَنْزِلَة وَصِيَّة لإِنْسَان بِعَيْنِه وروى بشر عَن أبي يُوسُف فِي الزَّكَاة وَحجَّة الْإِسْلَام أَنه يبْدَأ بِالزَّكَاةِ وَإِن أَخّرهَا ثمَّ الْحجَّة ثمَّ كَفَّارَات الْأَيْمَان وَجَزَاء الصَّيْد وَنَحْوه وَإِن كَانَت حجَّة تطوع وَكَفَّارَة يَمِين بدأت بكفارة الْيَمين وَيبدأ بكفارة الْقَتْل على جَزَاء الصَّيْد لِأَن الْقَتْل أوجب من جَزَاء الصَّيْد قَالَ وأبدأ بكفارة الْقَتْل على كَفَّارَة رَمَضَان لِأَن كَفَّارَة الْقَتْل فَرِيضَة فِي الْكتاب وَكَفَّارَة رَمَضَان مُخْتَلف فِيهَا قَالَ إِبْرَاهِيم يسْتَغْفر الله وَيَقْضِي يَوْمًا وَلَا كَفَّارَة عَلَيْهِ قَالَ وَلَو أوصى بِعِتْق فِي كَفَّارَة يَمِين وبكفارة صيد وفدية الاذى بَدَأَ بِمَا بَدَأَ بِهِ لِأَن هَذِه أَشْيَاء مُتَسَاوِيَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف فِي مَوضِع آخر من الْإِمْلَاء فِي الزَّكَاة وَالْحج يتحاصان وَقَالَ الْحسن عَن زفر إِذا اوصى بِمِائَة دِرْهَم فِي سَبِيل الله وبمائة دِرْهَم فِي الْمَسَاكِين وبمائة دِرْهَم فِي الْحَج وَأوصى لرجل بِمِائَة دِرْهَم وَأوصى أَن يعْتق فَإِنَّهُ لَا يبْدَأ بِشَيْء قبل شَيْء الجزء: 5 ¦ الصفحة: 13 قَالَ أَبُو يُوسُف يتحاصون فَمَا أصَاب الرجل سلم إِلَيْهِ وَمَا بعد ذَلِك فَهُوَ تطوع يبْدَأ فِيهِ بِمَا بَدَأَ وَإِن كَانَ فِيهِ وَاجِب بَدَأَ بِالْوَاجِبِ وَإِن أَخّرهُ وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك الْعتْق الْبَتَات وَالتَّدْبِير يبْدَأ بهما على سَائِر الْوَصَايَا ثمَّ عتق عبد قد أوصى بِهِ بِعَيْنِه وَالَّذِي أوصى أَن يَشْتَرِي بِعَيْنِه وَيعتق يتحاصان ثمَّ الْكِتَابَة ثمَّ الْحَج قَالَ وَالْعِتْق الْبَتَات وَالتَّدْبِير يبْدَأ بهما على الزَّكَاة وعَلى الْوَصِيَّة بِالْعِتْقِ وَإِقْرَاره بدين لمن لَا يجوز لَهُ إِقْرَاره يبْدَأ بِهِ قبل الْوَصِيَّة بِالْعِتْقِ فَإِن علم وجوب الزَّكَاة فِي مَاله بإجاة مَا كَانَ غَائِبا وَعلم وجوب زَكَاته فَهُوَ من رَأس المَال إِذا وَجَبت فِي مَرضه وَإِن وَجَبت الزَّكَاة فِي صِحَّته ففرط فِيهَا ثمَّ أوصى بِهَذَا فَهَذَا يكون من الثُّلُث قَالَ ابْن الْقَاسِم وَقَالَ مَالك إِذا أوصى بِزَكَاة مَاله وَعتق رَقَبَة من ظِهَار أَو قتل بدىء بِالزَّكَاةِ ثمَّ الْعتْق الْوَاجِب فِي الظِّهَار وَالْقَتْل وهما سَوَاء يتحاصان فِيهِ ويبدآن على عتق التَّطَوُّع وَعتق الظِّهَار وَالْقَتْل يبْدَأ بهما على كَفَّارَة الْيَمين وَيبدأ بِالطَّعَامِ فِي قَضَاء رَمَضَان على النّذر لِأَنَّهُ آكِد وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك إِذا أوصى أَن يَشْتَرِي غُلَام فلَان بعد مَوته فَيعتق عَنهُ وَأوصى بوصايا يعجز عَنْهَا الثُّلُث بدىء بِالْعِتْقِ الَّذِي سمى قبل غَيره وَقَالَ الْأَشْجَعِيّ عَن الثَّوْريّ إِذا أوصى بعتاقة ووصايا بدىء بالعتاقة فَإِن بَقِي شَيْء كَانَ لأَصْحَاب الْوَصَايَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 14 وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي امْرَأَة أوصت أَن يحجّ عَنْهَا وَيعتق قَالَ إِن كَانَت صرورة بدىء بالعتاق ثمَّ حج بِمَا بَقِي من حَيْثُ يبلغ وَقَالَ الْحسن بن حَيّ الْوَصَايَا كلهَا بِالْحِصَصِ إِلَّا عتقا موقعا فَإِنَّهُ يبْدَأ بِهِ قدم أَو أخر وَإِذا وهب فِي الْمَرَض ثمَّ أوصى بِالثُّلثِ حَاص الْمُوصى لَهُ بِالثُّلثِ الْمَوْهُوب لَهُ وَقَالَ ابْن وهب عَن اللَّيْث إِذا دبر رَقِيقا فِي صِحَّته وَأعْتق آخَرين عِنْد الْمَوْت تحاصا جَمِيعًا قَالَ وَقَالَ مَالك يبْدَأ المدبرون عَلَيْهِم قَالَ وَقَالَ اللَّيْث إِذا أوصى بِزَكَاة مَاله وبوصايا مَعهَا بدىء بِالزَّكَاةِ على الْوَصَايَا من الْعتْق وَغَيره فَيخرج من ثلثه فَإِن فضل بعد ذَلِك من الثُّلُث شَيْء كَانَ لأهل الْوَصَايَا بِالْحِصَصِ قَالَ وَإِذا أوصى بِعِتْق رَقَبَة بِعَينهَا وبحجة ووصايا وَلم يكن حج بدىء بالعتاقة ثمَّ بِالْحَجِّ ويتحاص أهل الْوَصَايَا فِيمَا بَقِي من الثُّلُث بعد ذَلِك وَإِن قَالَ اشْتَروا غُلَام فلَان فأعتقوه وَأوصى بوصايا مَعَ ذَلِك فَلم يحمل الثُّلُث فَإِنَّهُم يتحاصون وَلَو أعتق عبدا بِعَيْنِه بَدَأَ بِعِتْقِهِ وَقَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي فِي جَامعه وَلَو قَالَ فِي مَرضه غلامي هَذَا حر لوجه الله تَعَالَى ثمَّ قَالَ غلامي هَذَا حر ثمَّ قَالَ بعد ذَلِك لآخر وَلَيْسَ لَهُ مَال غَيرهم ثمَّ مَاتَ عتق الأول كُله إِن خرج من الثُّلُث فَإِن كَانَ أَكثر من الثُّلُث عتق مِنْهُ مَا حمل الثُّلُث ورق مَا بَقِي مِنْهُ والعبدان مَعَه وَإِن كَانَ أقل من الثُّلُث عتق كُله وَعتق من الثَّانِي تَمام الثُّلُث فَإِن فضل شَيْء عتق من الثَّالِث وَقَالَ فِي الْوَصَايَا إملاء وَلَا يبْدَأ من الْعتَاقَة بِشَيْء دون شَيْء تَدْبِير الجزء: 5 ¦ الصفحة: 15 وَلَا غَيره إِنَّمَا يعْتق الْبَتَات فِي الْمَرَض الَّذِي لَو صَحَّ أعتق كُله وَقَالَ فِي الْوَصَايَا بِخَطِّهِ هبة الْبَتَات إِذا قبضت بدئت على الْعتْق فِي الْوَصَايَا قَالَ أَبُو جَعْفَر لما لم يخْتَلف حكم الْهِبَة فِي الْمَرَض والوصايا فِي أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا من الثُّلُث وَجب أَن يتحاصوا إِلَّا أَنهم قد اتَّفقُوا على أَن الْعتْق الْموقع فِي الْمَرَض يبْدَأ بِهِ على سَائِر الْوَصَايَا 2156 - فِي الْمُحَابَاة وَالْعِتْق فِي الْمَرَض قَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله إِذا حابى فِي البيع فِي مَرضه ثمَّ أعتق بدا بالمحاباة ثمَّ الْعتْق وَإِن أعتق ثمَّ حابى تحاصا وَإِن حابى ثمَّ أعتق ثمَّ حابى فَللْبَائِع الأول نصف الثُّلُث وَنصف الثُّلُث بَين الْمُعْتق وَبَين البَائِع الآخر وَقَالَ أَبُو يُوسُف أبدأ فِي ذَلِك كُله بِالْعِتْقِ وَقَالَ زفر إِذا أعتق ثمَّ حابى بَدَأَ بِالْعِتْقِ وَإِن حابى ثمَّ أعتق بدىء بالمحاباة وَإِن حابى ثمَّ أعتق ثمَّ حابى بدىء بالمحاباة الأولى ثمَّ بِالْعِتْقِ ثمَّ بالمحاباة الثَّانِيَة وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك إِذا تصدق فِي مَرضه ثمَّ أوصى بوصايا لم يكن لأَصْحَاب الْوَصَايَا أَن يدخلُوا على الْمُتَصَدّق عَلَيْهِ فِي الصَّدَقَة وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك قِيَاس لقَوْله إِنَّه إِذا حابى ثمَّ أعتق فالعتق أولى وَقَالَ الرّبيع فِي الْبُوَيْطِيّ عَن الشَّافِعِي إِذا حابى وَأوصى بوصايا تحاصوا فِي الثُّلُث الحديث: 2156 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 16 قَالَ وَقد قيل فِيمَن بَاعَ فِي مَرضه بيعا حابى فِيهِ فسخ البيع لِأَن الْعقْدَة وَقعت على غرر لِأَنَّهُ إِن صَحَّ ثَبت وَإِن مَاتَ نقض على كَثْرَة الثُّلُث وقلته وعَلى قدر وَصَايَاهُ وَدينه وَهُوَ أحب إِلَيّ قَالَ أَبُو جَعْفَر وَالْقِيَاس مَا قَالَ الشَّافِعِي لِأَن الثّمن لم يتَحَصَّل بعد وَرُبمَا زَاد وَرُبمَا نقص قَالَ أَبُو بكر هَذَا لَيْسَ بِشَيْء لانه وَجب لَو وَجب هَذَا لوَجَبَ أَن لَا يجوز شِرَاء العَبْد الْمَعِيب الَّذِي لَا يعلم بِهِ المُشْتَرِي لانه لَو هلك فِي يَده رَجَعَ بِحِصَّة الْعَيْب من الثّمن وَيكون مَا بَقِي بعد الْحصَّة مَجْهُولا وَلِأَنَّهُ جَائِز أَن يجب لَهُ الرُّجُوع وَجَائِز أَن لَا يجب لَهُ الرُّجُوع لِأَنَّهُ إِن بَاعَ العَبْد من غَيره أَو قَتله لم يجب الرُّجُوع بِأَرْش الْعَيْب وَلِأَنَّهُ لَو علم بِهِ وَالْعَبْد قَائِم كَانَ خِيَاره فِي فسخ البيع دون الرُّجُوع بِالْحِصَّةِ فَلَمَّا لم يمْنَع كَونه معيبا من صِحَة البيع مَعَ جَوَاز مَا ذكرنَا كَانَ كَذَلِك حكم الْمُحَابَاة وَالْمعْنَى فِي جَمِيع ذَلِك أَن البيع قد وَقع صَحِيحا وَالثمن هُوَ مَا ثَبت بِالْعقدِ وورود الزِّيَادَة وَالنُّقْصَان فِيهِ إِنَّمَا يكون فِي الْمُحَابَاة بعد ثُبُوته وَصِحَّته وَكَذَلِكَ يلْزم الشَّافِعِي على هَذَا الْقيَاس أَن لَا يجوز شِرَاء عَبْدَيْنِ صَفْقَة لِأَنَّهُ جَائِز أَن يَمُوت أَحدهمَا فِي يَده وَيحدث للْبَاقِي عيب فَيردهُ بِالْحِصَّةِ وَتَكون حِصَّة الْبَاقِي مَجْهُولَة فَهَذَا يدل على ضعف اعتلال الشَّافِعِي 2157 - فِيمَن أوصى لقبيلة لَا يُحصونَ قَالَ أَصْحَابنَا إِذا أوصى لبني فلَان قَبيلَة لَا يُحصونَ فَالْوَصِيَّة بَاطِلَة الحديث: 2157 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 17 وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك هِيَ جَائِزَة وَقَالَ الْمُزنِيّ فِي مُخْتَصره عَن الشَّافِعِي وَلَو أوصى لَهُ وَلمن لَا يُحْصى بِثُلثِهِ فَالْقِيَاس أَنه كأحدهم فَهَذَا يدل على جَوَاز الْوَصِيَّة لمن لَا يُحْصى وَقَالَ الرّبيع عَن الشَّافِعِي وَإِن حبس على عشيرة وهم لَا يُحصونَ مثل بني تَمِيم فقد قيل إِن أعْطى مِنْهُم ثَلَاثَة فَصَاعِدا أَجزَأَهُ كَالْوَصِيَّةِ للْفُقَرَاء وَقد قيل لَا شَيْء لَهُم لأَنهم قوم بأعيانهم لَا يدرى مَا يصير لكل وَاحِد مِنْهُم قَالَ أَبُو جَعْفَر قد اتّفق الْجَمِيع على جَوَاز الْوَصِيَّة للْفُقَرَاء وَإِن لم يَكُونُوا مُعينين إِلَّا أَن ذَلِك إِنَّمَا جَازَ لِأَنَّهَا لله تَعَالَى وَإِذا دخل فِيهَا الْأَغْنِيَاء وهم غير مَحْصُورين صَارَت حَقًا لآدَمِيّ وَحقّ الْآدَمِيّ لَا يثبت لغير عين أَلا ترى أَنه لَو قَرَأَ بِمَجْهُول غير معِين لم يجز إِقْرَاره كَذَلِك الْوَصِيَّة وَأَيْضًا فَإِن الْوَصِيَّة إِذا كَانَت لآدَمِيّ فَإِنَّمَا يتم الْقبُول الْمُوصى لَهُ وَالْمُوصى لَهُ هَاهُنَا غير معِين وَلَا يَصح مِنْهُ الْقبُول فَلم تصح 2158 - فِيمَن أوصى لولد فلَان قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه إِذا أوصى بِثلث مَاله لبني فلَان وَلم يسمهم وَكَانَ لَهُ بنُون فماتوا وَولد لَهُ آخَرُونَ قبل موت الْمُوصي فَالْوَصِيَّة لمن وجد حَيا من وَلَده يَوْم يَمُوت الْمُوصي وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث الْوَصِيَّة لمن أدْرك الْقسم مِنْهُم وَلَا يلْتَفت إِلَى من مَاتَ مِنْهُم بعد موت الْمُوصي قبل أَن يقسم المَال الحديث: 2158 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 18 وَقَالَ الثَّوْريّ إِنَّمَا يعْطى من كَانَ مَوْجُودا يَوْم الْوَصِيَّة والمزني قَالَ فِيهِ مرّة مثل قَول أبي حنيفَة وَمرَّة مثل قَول الثَّوْريّ وَلَا يحفظ عَن الشَّافِعِي فِيهِ شَيْء قَالَ أَبُو جَعْفَر الأولى أَن يعْتَبر من كَانَ مَوْجُودا وَقت الِاسْتِحْقَاق كَمَا قَالُوا جَمِيعًا فِي الْأَوْقَاف 2159 - فِيمَن أوصى لمَيت قد علم بِمَوْتِهِ قَالَ أَصْحَابنَا إِذا أوصى بِثُلثِهِ لفُلَان فَمَاتَ قبل الْمُوصي أَو كَانَ مَيتا يَوْم الْوَصِيَّة وَهُوَ يعلم اَوْ لَا يعلم فَالْوَصِيَّة بَاطِلَة وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك فِي رجل أوصى بِثُلثِهِ لرجل فَإِذا الرجل قد مَاتَ قبل الْوَصِيَّة قَالَ إِن كَانَ علم بِمَوْتِهِ حِين أوصى فَهُوَ للْمَيت الْمُوصى لَهُ يقْضى بهَا دينه ويرثها ورثته إِن لم يكن عَلَيْهِ دين وَإِن كَانَ لم يعلم بِمَوْتِهِ الْمُوصي فَلَا وَصِيَّة لَهُ وَلَا لوَرثَته وَلَا لأهل دينه قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ أَنه لَو وهب لزيد وَهُوَ ميت أَن الْهِبَة بَاطِلَة علم بِمَوْتِهِ أَو لم يعلم وَأَن ورثته لَا تقوم فِي قبُولهَا مقَامه كَذَلِك الْوَصِيَّة لِأَنَّهَا إِنَّمَا أوجبهَا للْمَيت فَإِذا لم تصح للْمَيت لم يستحقوها عَنهُ 2160 - فِي الْوَصِيَّة للْقَاتِل قَالَ اصحابنا وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ لَا تجوز وَصِيَّة الْمَقْتُول للْقَاتِل فَإِن أجازها الْوَرَثَة جَازَت عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَلم تجز عِنْد أبي يُوسُف الحديث: 2159 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 19 وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا ضربه عمدا أَو خطأ فأوصى لَهُ الْمَضْرُوب ثمَّ مَاتَ من ذَلِك جَازَت الْوَصِيَّة فِي مَاله وَفِي دِيَته إِذا علم بذلك مِنْهُ وَلَو أوصى لَهُ بِوَصِيَّة ثمَّ قَتله الْمُوصى لَهُ عمدا أَو خطأ فَالْوَصِيَّة لقَاتل الْخَطَأ تجوز فِي مَاله وَلَا تجوز فِي دِيَته وَقَاتل الْعمد لَا تجوز لَهُ وَصِيَّة من الْمَقْتُول فِي مَاله وَلَا فِي دِيَته وَقَالَ ابْن شبْرمَة وَالْأَوْزَاعِيّ تجوز وَصِيَّة الْمَقْتُول للْقَاتِل فِي ثلثه كَمَا تجوز لغير الْقَاتِل قَالَ أَبُو جَعْفَر قد ثَبت ان الْقَاتِل لَا يَرث لِأَن الْمِيرَاث يجب بِالْمَوْتِ وَكَانَ هُوَ سَببه وَكَذَلِكَ لَا تجوز لَهُ الْوَصِيَّة لِأَنَّهَا تجب بِالْمَوْتِ وَكَانَ هُوَ سَببه وَلَو جَازَت الْوَصِيَّة مَعَ حرمَان الْمِيرَاث كَأَن لَو لم يقْتله وَمَات كَانَ يسْتَحق عشر مَاله وَإِذا قَتله وَقد أوصى لَهُ فَلَو جَازَت الْوَصِيَّة لَهُ كَانَ يسْتَحق الثُّلُث فَيكون قد جر مَاله إِلَى نَفسه بقتْله فَلَا تجوز كالميراث وَلَا فرق بَين الدِّيَة وَبَين سَائِر مَاله لِأَن الْجَمِيع من مَال الْمَيِّت موروث عَنهُ وَلَا فرق أَيْضا بَين أَن تتقدم الْجِنَايَة على الْوَصِيَّة أَو تتأخر عَنْهَا لِأَن الْوَصِيَّة لَو جَازَت كَانَت مُتَعَلقَة بِالْمَوْتِ وَهُوَ قَاتل بعد الْمَوْت فَلَا وَصِيَّة لَهُ وَأما خلاف أبي يُوسُف فِي مَنعه الْإِجَازَة بِإِجَازَة الْوَرَثَة فَإِن الْقيَاس مَا قَالَه لِأَنَّهُ لما جعل كالميراث فِي بُطْلَانهَا بِالْقَتْلِ وَجب أَن لَا تجوز بِإِجَازَة الْوَرَثَة كَمَا لَا يجوز لَهُ الْمِيرَاث بِإِجَازَة الْوَرَثَة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 20 2161 - فِي وَصِيَّة الْبَالِغ الْمَحْجُور عَلَيْهِ قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن فِي كتاب الْحجر وَلم يحك خلافًا عَن أحد من أَصْحَابه الْقيَاس فِي وَصَايَا الْغُلَام الَّذِي قد بلغ وَهُوَ مُفسد غير مصلح من التَّدْبِير وَغَيره أَنه بَاطِل وَلَكنَّا نستحسن فِي وَصَايَاهُ إِذا وَافق فِيهَا الْحق وَلم يَأْتِ سَرفًا يسْتَحقّهُ الْمُسلمُونَ أَن يجوز من ثلثه كَمَا تجوز وَصِيَّة غَيره قَالَ ابْن وهب عَن مَالك الضَّعِيف فِي عقله والمصاب الَّذِي يفِيق أَحْيَانًا تجوز وصاياهم إِذا كَانَ مَعَهم من عُقُولهمْ مَا يعْرفُونَ بِهِ مَا يوصون بِهِ فَأَما من لَيْسَ مَعَه من عقله مَا يعرف بِهِ مَا يُوصي بِهِ أَو كَانَ مَغْلُوبًا على عقله فَلَا وَصِيَّة لَهُ وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك فِي الْمَحْجُور عَلَيْهِ إِن حَضرته الْوَفَاة فأوصى بوصايا فَذَلِك جَائِز وَقَالَ الرّبيع بن سُلَيْمَان عَن الشَّافِعِي تجوز وَصِيَّة كل من عقل الْوَصِيَّة من بَالغ مَحْجُور وَغير بَالغ قَالَ أَبُو جَعْفَر إِنَّمَا منع الْمَحْجُور عَلَيْهِ للْفَسَاد فِي مَاله احْتِيَاطًا لَهُ فَإِذا صَار فِي حَال الْمَوْت اسْتغنى عَن ذَلِك فَكَانَ بِمَنْزِلَة من لَيْسَ بمحجور عَلَيْهِ أَلا ترى أَنه يحد فِي الْقَذْف وَيجوز طَلَاقه وَهُوَ مُفَارقَة للصَّبِيّ من هَذَا الْوَجْه 2162 - فِي وَصِيَّة الصَّبِي قَالَ أَصْحَابنَا لَا تجوز وَصِيَّة الصَّبِي الحديث: 2161 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 21 وَذكر الْمُزنِيّ نَحْو ذَلِك وَلم يعزه إِلَى الشَّافِعِي وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا أوصى وَهُوَ ابْن عشر سِنِين جَازَ مَا لم تكن فِي وَصيته اخْتِلَاط وَكَذَلِكَ إِذا كَانَ أقل من عشر بالشَّيْء الْخَفِيف وَقَالَ اللَّيْث تجوز وَصيته إِذا أصَاب الْوَصِيَّة وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن إِذا أوصى فِي وسط مَا يَحْتَلِم لَهُ الغلمان جوزت وَصيته قَالَ أَبُو جَعْفَر روى عَمْرو بن سليم الزرقي وَأَبُو بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم (أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أجَاز وَصِيَّة غُلَام يفاع قَالَ أَبُو بكر وَكَانَ الْغُلَام ابْن عشر سِنِين وَهُوَ مُنْقَطع لِأَن وَاحِدًا مِنْهُمَا لم يدْرك عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ وَالْقِيَاس أَن لَا تجوز وَصيته لِأَنَّهُ لَا يجوز طَلَاقه وَلَا يحد وَلَا يقْتَصّ مِنْهُ فَكَانَ قَوْله كلا قَوْله فِي هَذِه الْأَشْيَاء كَذَلِك فِي وَصيته وَلَيْسَ كالمحجور عَلَيْهِ للْفَسَاد لِأَن أَقْوَاله فِي هَذِه الْأَشْيَاء جَائِزَة 2163 - فِي الْوَصِيَّة بوقف الْمُصحف قَالَ أَبُو حنيفَة لَا تصح بذلك وَهُوَ مِيرَاث وَقَالَ مَالك وَمُحَمّد وَالشَّافِعِيّ تجوز من الثُّلُث الحديث: 2163 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 22 قَالَ أَبُو جَعْفَر رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ إِنَّكُم تظْلمُونَ خَالِدا إِنَّه احْتبسَ أدرعه وأعتده حبسا فِي سَبِيل الله تَعَالَى وَرُوِيَ عَنهُ أَيْضا فِي الْجمل الَّذِي جعله أَبُو طليق حَبِيسًا فِي سَبِيل الله وَأَجَازَ لَهُ الرّكُوب فِيهِ وَإِذا جَازَ أَن يفعل ذَلِك فِي صِحَّته جَازَت الْوَصِيَّة بِهِ 21164 - فِي الْوَصِيَّة بالنصيب قَالَ أبوحنيفة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا ترك ابْنا وَأوصى بِنَصِيب ابْن لم تجز الْوَصِيَّة وَلَو أوصى بِمثل نصيب ابْن أَو بِنَصِيب ابْن لَو كَانَ جَازَ وَكَانَ ذَلِك وَصِيَّة بِنصْف المَال قَالَ وَلَو ترك ابْنة فَقَالَ قد أوصيت لَهَا بِنَصِيب ابْن جَازَ وَلها الثُّلُثَانِ إِن أجازت الْوَرَثَة قَالَ مُحَمَّد وَلَو قَالَ بِمثل نصيب ابْن كَانَ لَهُ الخمسان وَقَالَ زفر أَو أوصى لَهُ بِنَصِيب أحد بنيه وهم خَمْسَة أعطي الْخمس وَإِن أوصى بِنَصِيب امْرَأَته وَلَيْسَ لَهُ ولد أعطي الرّبع وَبِه قَالَ الْحسن وَقَالَ زفر لَو قَالَ أوصيته بِنَصِيب ابْني الْمَيِّت لَو كَانَ حَيا فَالْوَصِيَّة جَائِزَة وَيُعْطى نصيب الابْن لَو كَانَ حَيا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 23 وَقَالَ أَبُو يُوسُف الْوَصِيَّة فِي ذَلِك بَاطِل قَالَ وأصل قَول مَالك الَّذِي يحكيه أَصْحَابه عَنهُ أَنه إِذا أوصى بِمثل نصيب ابْنه أَو بِنَصِيب ابْنه وَلَا وَارِث لَهُ غير ابْنه ذَلِك فَيُخَير الابْن أَن الْمُوصى لَهُ يَأْخُذ جَمِيع المَال وَيخرج الابْن من الْمِيرَاث وَقَالَ الثَّوْريّ وَالْحسن بن حَيّ وَعبيد الله بن الْحسن إِذا أوصى بِمثل نصيب أحد ابنيه وَلم يتْرك غَيرهمَا فَلهُ الثُّلُث وَإِن كَانُوا ثَلَاثَة فَلهُ الرّبع وَهُوَ قَول عُثْمَان البتي وَقَالَ عُثْمَان البتي أَيْضا لَو قَالَ لفُلَان مثل نصيب أحد وَلَدي وَله بنُون وَبَنَات فَإِن كَانَ ذكرا فَلهُ مَا للذّكر وَإِن كَانَت انثى فلهَا نصيب الْأُنْثَى وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا أوصى لرجل بِنَصِيب ابْنه وَلَا ابْن لَهُ غَيره فَلهُ النّصْف فَإِن لم يجز الابْن فَلهُ الثُّلُث وَلَو قَالَ بِمثل نصيب أحد وَلَدي فَلهُ مَعَ الِاثْنَيْنِ الثُّلُث وَمَعَ الثَّلَاثَة الرّبع حَتَّى يكون كأحدهم وَلَو قَالَ بِمثل نصيب أحد ورثتي أَعْطيته مثل أقلهم قَالَ أَبُو جَعْفَر قَول مَالك لَا معنى لَهُ لِأَنَّهُ جعل الْمُوصى لَهُ بِمثل نصيب الابْن جَمِيع نصيب الابْن والموصي لم يوص لَهُ بِجَمِيعِ نصِيبه إِنَّمَا أوصى لَهُ بِمثل نصِيبه وَقد قَالَ الله تَعَالَى {للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ} النِّسَاء 11 فَلم يُوجب بذلك إِخْرَاج الْأُنْثَيَيْنِ من الْمِيرَاث وَأَيْضًا فَلَا يعقل غير ذَلِك من اللَّفْظ لِأَنَّهُ لَا يجوز أَن يكون مثلا لشَيْء مُنْتَفٍ إِنَّمَا يكون مثلا لشَيْء ثَابت قَالَ وَأما تَسْوِيَة زفر بَين الْوَصِيَّة وَبَين نصيب ابْن وَبَين الْوَصِيَّة بِمثل نصيب ابْن فَلَا معنى لذَلِك أَيْضا لِأَن الْوَصِيَّة بِنَصِيب الابْن يتَنَاوَل نصِيبه خَاصَّة يقوم الجزء: 5 ¦ الصفحة: 24 الْمُوصى لَهُ فِي نصِيبه الَّذِي كَانَ يَأْخُذهُ لَوْلَا تِلْكَ الْوَصِيَّة وَالْوَصِيَّة بِمثل نصِيبه وَصِيَّة يبْقى مَعَه نصِيبه وهما مُخْتَلِفَانِ وَقد قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِن الْوَصِيَّة بِنَصِيب الابْن بَاطِل لِأَن نصيب الابْن هُوَ مَا قد اسْتَحَقَّه مِيرَاثا عَن ابيه وَملكه وَمَا قد ملكه لَا تصح وَصِيَّة أَبِيه فِيهِ كَمَا لَو قَالَ إِذا ملك ابْني من تركتي مَا يسْتَحقّهُ مِنْهَا فقد أوصيت بِهِ لفُلَان فَلَا تصح الْوَصِيَّة بِهِ 2165 - فِيمَن يُوصي بِسَهْم من مَاله قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا أوصى بِسَهْم من مَاله فَلهُ نصيب أحد الْوَرَثَة إِلَّا أَن يكون أقل من السُّدس فَيكون لَهُ السُّدس وَقد قَالَ ابو يُوسُف وَمُحَمّد لَهُ مثل نصيب أحد الْوَرَثَة الْأَقَل مِنْهُم إِلَّا أَن يزِيد على الثُّلُث فَيكون لَهُ الثُّلُث وَلَا يُزَاد عَلَيْهِ إِلَّا بِإِجَازَة الْوَرَثَة قَالَ أَبُو جَعْفَر قَوْله إِلَّا أَن يكون أقل من السُّدس فِي قَول أبي حنيفَة غلط وَإِنَّمَا هُوَ إِلَّا ان يكون اكثر من السُّدس فَيكون لَهُ السُّدس وَهُوَ قَول زفر قَالَ أَبُو بكر رِوَايَة أبي جَعْفَر هُوَ مَا ذكره فِي الْجَامِع الصَّغِير وَقَالَ فِي الأَصْل يعْطى أخس سِهَام الْوَرَثَة وَإِن كَانَ أقل من السُّدس وَإِن كَانَ الْأَقَل أَكثر من السُّدس أعطي السُّدس فِي قَول أبي حنيفَة الحديث: 2165 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 25 وَأما الْجُزْء والنصيب فَفِي قَوْلهم جَمِيعًا تعطيه الْوَرَثَة مَا شاؤوا وَقَالَ اشهب بن عبد الْعَزِيز وَلم يعزه إِلَى مَالك لَهُ الثّمن إِذا لم يعرف عدد الْوَرَثَة لِأَنَّهُ أقل سِهَام الْفَرِيضَة وَقَالَ ابْن الْقَاسِم من رَأْيه لَهُ السُّدس إِذا لم يعرف عدد الْوَرَثَة فَإِن عرف فَلهُ أخس نصيب أحد الْوَرَثَة وَقَالَ عُثْمَان البتي وَالثَّوْري لَهُ الثُّلُث قلت سِهَام الْوَرَثَة أَو كثرت وَقَالَ عُثْمَان البتي وَلَو أوصى بِنَصِيب من مَاله فَلَو جعل لَهُ مثل نصيب أحد وَلَده كَانَ حسنا وَقَالَ الرّبيع والمزني عَن الشَّافِعِي إِذا أوصى لَهُ بِنَصِيب أَو جُزْء أَو حَظّ قيل للْوَرَثَة أَعْطوهُ مَا شِئْتُم وَلم يذكر السهْم قَالَ أَبُو جَعْفَر قَوْله سهم من مَال يحْتَمل أَن يكون سَهْما من السِّتَّة الأسهم الَّتِي تَنْقَسِم عَلَيْهِ الْفَرَائِض وَيحْتَمل أَن يكون سَهْما من عشرَة لِأَن الْأَعْدَاد عشرَة وَإِنَّمَا يُزَاد عَلَيْهَا بعد ذَلِك أَجزَاء مِنْهَا وَيحْتَمل أَن يكون سَهْما من السِّهَام الَّتِي تَنْقَسِم عَلَيْهَا مِيرَاث الْمُوصي بَين ورثته على فَرَائض الله تَعَالَى الَّتِي يرثونه عَلَيْهَا وَكَانَ هَذَا أولى لِأَن هَذِه هِيَ السِّهَام الموروثة عَنهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 26 فَأَما مَا اعْتَبرهُ أَبُو حنيفَة من السِّهَام إِذا كَانَت دون سِتَّة أَو فَوْقهَا فَلَا وَجه لَهُ فِي الْقيَاس وَكَانَ يَنْبَغِي أَن يعْتَبر السُّدس أَو سهم من سِهَام الْفَرِيضَة كَمَا قَالَ فِي رجل قَالَ لعَبْدِهِ سهم مِنْك حر أَنه يعْتق سدسه وكما قَالَ عُثْمَان البتي وَالثَّوْري وروى عَمْرو بن خَالِد عَن ابْن الْمُبَارك عَن يَعْقُوب بن الْقَعْقَاع عَن عَطاء فِيمَن أوصى بِسَهْم من مَاله قَالَ لَيْسَ بِشَيْء وَرُوِيَ عَن شُرَيْح أَنه يعْطى مثل أحد سِهَام الْوَرَثَة وَرُوِيَ عَن الْحسن الْبَصْرِيّ أَن لَهُ السُّدس على كل حَال 2166 - فِي الْوَصِيَّة لعبد بعض الْوَرَثَة قَالَ أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيّ لَا تجوز الْوَصِيَّة لعبد بعض ورثته وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك تجوز الْوَصِيَّة لَهُ بالتافه الْيَسِير قَالَ ابو جَعْفَر لَا فرق بَين الْقَلِيل وَالْكثير كَمَا لَو أوصى للْوَارِث 2167 - فِيمَن قَالَ لرجل اجْعَل ثُلثي حَيْثُ أَحْبَبْت قَالَ اصحابنا إِذا أوصى لرجل بِثُلثِهِ حَيْثُ شَاءَ أَو نصفه حَيْثُ شَاءَ كَانَ لَهُ أَن يَجعله لنَفسِهِ أَبُو لبَعض وَلَده وَلَو قَالَ يُعْطِيهِ من أحب لم يكن لَهُ أَن يُعْطِيهِ نَفسه وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا قَالَ يَجعله حَيْثُ رأى فَأعْطَاهُ الْوَصِيّ الحديث: 2166 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 27 أحدا من وَلَده أَو قرَابَته لم يجز إِلَّا أَن يكون لذَلِك وَجه يعرف بِهِ صَوَاب فعله هَذَا شَاهد لِابْنِهِ فَأرى أَن يجوز قَالَ ابو جَعْفَر فَإِذا لم يجز أَن يَجعله لِابْنِهِ فِي كل حَال فَأن لَا يَجعله لِأَبِيهِ أولى وَقَالَ الْمُزنِيّ فِي جَامعه عَن الشَّافِعِي إِذا قَالَ ثلث مَالِي إِلَى فلَان يَضَعهُ حَيْثُ رَآهُ فَلَيْسَ لَهُ أَن يَأْخُذ لنَفسِهِ مِنْهُ شَيْئا كَمَا لَو أمره أَن يَبِيع لَهُ شَيْئا لم يكن لَهُ أَن يَبِيعهُ من نَفسه فَلَيْسَ لَهُ أَن يُعْطِيهِ وَارِثا لَهُ وَلَيْسَ لَهُ أَن يَضَعهُ فِيمَا لَيْسَ للْمَيت فِيهِ نظر قَالَ ابو بكر تَشْبِيه الشَّافِعِي ذَلِك بِالْأَمر بِالْبيعِ بعيد لِأَنَّهُ لَو قَالَ بِعْهُ من نَفسك لم يجز وَلَو قَالَ اجْعَلْهُ لنَفسك جَازَ عِنْد الْجَمِيع 2168 - فِيمَن أوصى بِثُلثِهِ لفُلَان وللفقراء وَالْمَسَاكِين قَالَ أَبُو حنيفَة فِي الْجَامِع الصَّغِير إِذا أوصى بِثُلثِهِ لأمهات أَوْلَاده وَهن ثَلَاث وللفقراء وَالْمَسَاكِين قسم الثُّلُث على خَمْسَة لأمهات أَوْلَاده ثَلَاثَة وللفقراء سهم وللمساكين سهم وَلَو أوصى بِثُلثِهِ لفُلَان وللمساكين فنصفه لفُلَان وَنصفه للْمَسَاكِين وَلم يحك خلافًا وَقَالَ أَبُو يُوسُف فِي إمْلَائِهِ فِي رجل أوصى بِثلث مَاله للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين وَلفُلَان فَإِن أَبَا حنيفَة قَالَ أقسمه على ثَلَاثَة أسْهم سهم للْفُقَرَاء وَسَهْم للْمَسَاكِين وَسَهْم لفُلَان الحديث: 2168 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 28 وَقَالَ أَبُو يُوسُف أقسمه على سَهْمَيْنِ سهم للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين وَسَهْم لفُلَان لِأَن الْمِسْكِين يَقع عَلَيْهِ اسْم الْفَقِير وَالْفَقِير يَقع عَلَيْهِ اسْم الْمِسْكِين أَلا ترى أَنه لَو قَالَ للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين والمحتاجين لم يَجْعَل للمحتاجين سهم لِأَن الِاسْم الْوَاحِد من هَذَا يجمع هَذَا كُله وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك فِي رجل أوصى بِثلث مَاله فِي سَبِيل الله وَفِي الْفُقَرَاء واليتامى يقسم الثُّلُث عَلَيْهِم على وَجه الِاجْتِهَاد وَلم يره أَثلَاثًا قَالَ ابْن الْقَاسِم فَإِذا أوصى لفُلَان وللمساكين لم أر لَهُ نصف الثُّلُث وَلكنه يعْطى مِنْهُ على وَجه الِاجْتِهَاد وَلَو قَالَ ثلث مَالِي لفُلَان وَفُلَان وَأَحَدهمَا غَنِي كَانَ الثُّلُث بَينهمَا نِصْفَيْنِ وَقَالَ الْمُزنِيّ فِي جَامعه الْكَبِير عَن الشَّافِعِي إِذا أوصى بِثُلثِهِ فِي الْمَسَاكِين قسم فِي مَسَاكِين ذَلِك الْبَلَد دون غَيرهم يدْخل فِيهِ الْفُقَرَاء لأَنهم مَسَاكِين فَإِن كثر حَتَّى يغنيهم نقل إِلَى أقرب الْبلدَانِ فَإِن قَالَ فِي الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين علمنَا أَنه أَرَادَ التَّمْيِيز بَين أهل الْفقر وَأهل المسكنة وَالْفَقِير من لَا مَال لَهُ وَلَا كسب والمسكين من لَهُ مَال أَو كسب يَقع مِنْهُ موقعا وَلَا يُغْنِيه فَيجْعَل الثُّلُث بَينهمَا نِصْفَيْنِ قَالَ ابو جَعْفَر قَالَ الله تَعَالَى {إِنَّمَا الصَّدقَات للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين} التَّوْبَة 60 فَذكر الصِّنْفَيْنِ وَقَالَ {وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم من شَيْء فَأن لله خمسه وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى واليتامى وَالْمَسَاكِين} الْأَنْفَال 41 وَقَالَ فِي آيَة الفيئ {مَا أَفَاء الله على رَسُوله من أهل الْقرى} إِلَى قَوْله {وَالْمَسَاكِين} الْحَشْر 7 فَذكر الجزء: 5 ¦ الصفحة: 29 فِي هَاتين الْآيَتَيْنِ الْمَسَاكِين وَلم يذكر الْفُقَرَاء وَلَا خلاف أَن من يُعْطي من الزَّكَاة لفقر أَو مسكنة أَنه يُعْطي من الفيئ فَثَبت أَن ذكره للْفُقَرَاء مَعَ الْمَسَاكِين على وَجه التَّأْكِيد لَا على أَن وَاحِدًا من الصِّنْفَيْنِ غير الآخر وَقَالَ تَعَالَى {فكفارته إطْعَام عشرَة مَسَاكِين} الْمَائِدَة 89 وَجَائِز عِنْد الْجَمِيع إِعْطَاء الْفُقَرَاء وَكَذَلِكَ سَائِر الْمَوَاضِع الَّتِي ذكر فِيهَا الْمَسَاكِين والفقراء بمثابتهم عِنْد من يفرق بَينهم وَأما مَا فرق بِهِ الشَّافِعِي بَين الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين فَلَا دلَالَة عَلَيْهِ من كتاب وَلَا سنة وَلَا لُغَة فَإِن قيل قَالَ الله تَعَالَى {أما السَّفِينَة فَكَانَت لمساكين يعْملُونَ فِي الْبَحْر} الْكَهْف 79 فسماهم مَسَاكِين وَأثبت لَهُم ملك السَّفِينَة والفقراء خلافهم وهم الَّذين لَا يملكُونَ شَيْئا قيل لَهُ قد رَأينَا الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى سمى من لَا يملك شَيْئا مِسْكينا بقوله {أَو مِسْكينا ذَا مَتْرَبَة} الْبَلَد 16 وَهُوَ الَّذِي قد أفْضى إِلَى التُّرَاب فَلم يكن لَهُ مَا يُغْنِيه عَنهُ فقد صَار مُسْتَحقّا لاسم المسكنة بمرتبة سفلى وبمرتبة أَعلَى مِنْهَا وَقَالَ تَعَالَى {للْفُقَرَاء الَّذين أحْصرُوا فِي سَبِيل الله} الْبَقَرَة 273 فوصفهم بالحصر فِي سَبِيل الله وبالمنع بِالْخرُوجِ مِنْهُ إِلَى غَيره وَقد أحطنا علما أَنهم لم يدخلُوا فِي سَبِيل الله خالين من سلَاح يُقَاتلُون بِهِ وَلَا عُرَاة من ثِيَاب تواريهم يؤوون فِيهَا فَرَائض صلواتهم وَقد قَالَ الرَّاعِي ... أما الْفَقِير الَّذِي كَانَت حلوبته ... وفْق الْعِيَال فَلم يتْرك لَهُ سبد ... الجزء: 5 ¦ الصفحة: 30 فَسَماهُ فَقِيرا مَعَ ملكه للحلوبة فَثَبت بذلك أَن الْفَقِير قد يملك وَقد لَا يملك وَكَذَلِكَ الْمِسْكِين وَإِن الاسمين بِمَعْنى وَاحِد وَقد قَالَ بعض أهل اللُّغَة هُوَ الَّذِي يجد الشَّيْء الَّذِي لَا يُغْنِيه وَإِن الْمِسْكِين هُوَ الَّذِي لَا يجد شَيْئا فَيُقَال لَهُ قد قَالَ الله تَعَالَى {أما السَّفِينَة فَكَانَت لمساكين} الْكَهْف 79 فَدلَّ أَن الْمِسْكِين قد يملك وَقد لَا يملك بقوله تَعَالَى {أَو مِسْكينا ذَا مَتْرَبَة} وَالْفَقِير أَيْضا قد يملك بِمَا دلّ عَلَيْهِ قَوْله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {للْفُقَرَاء الَّذين أحْصرُوا فِي سَبِيل الله} الْبَقَرَة 273 مَعَ وجودهم مَا يَأْكُلُون وَمَا يلبسُونَ وَمَا يُقَاتلُون بِهِ وَقد سمي فَقِيرا وَهُوَ مِمَّن أفْضى بِهِ الْفقر إِلَى التُّرَاب وَقد روى الْمُعَلَّى عَليّ بن مَنْصُور قَالَ أَخْبرنِي يحيى بن سعيد قَالَ أَخْبرنِي مجَالد عَن الشّعبِيّ عَن وهب بن خنبش قَالَ جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ وَاقِف بِعَرَفَة فَسَأَلَهُ رِدَاءَهُ فَأعْطَاهُ إِيَّاه فَذهب بِهِ ثمَّ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الْمَسْأَلَة لَا تحل إِلَّا من فقر مدقع أَو غرم مفظع والفقر المدقع هُوَ المفضي بِصَاحِبِهِ إِلَى الدقعاء وَهِي التُّرَاب 2169 - فِي الْوَصِيَّة للْوَارِث إِذا أجازها الْوَرَثَة قَالَ اصحابنا وَمَالك وَالشَّافِعِيّ إِذا أوصى لبَعض ورثته فأجازته بَقِيَّتهمْ جَازَت وَصيته وَقَالَ الْمُزنِيّ لَا تجوز لِأَنَّهُ إِنَّمَا منع الْوَارِث من الْوَصِيَّة لِئَلَّا يَأْخُذ مَال الْمَيِّت من وَجْهَيْن مُخْتَلفين فَلم يجز أَن يجتمعا فِي حَال وَاحِدَة الحديث: 2169 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 31 قَالَ أَبُو جَعْفَر لما اتَّفقُوا على جَوَاز الْوَصِيَّة بِجَمِيعِ المَال إِذا أجَازه الْوَرَثَة كَذَلِك تجوز للْوَارِث بإجازتهم لَا فرق بَينهمَا 2170 - فِي الْعتْق الْمُؤَقت بعد الْمَوْت قَالَ فِي الأَصْل وَلم يحك خلافًا إِذا قَالَ فِي وَصيته يخْدم عَبدِي فلَانا سنة ثمَّ يعْتق وَلَا مَال لَهُ غَيره فَإِنَّهُ يخْدم فلَانا يَوْمًا وَالْوَرَثَة يَوْمَيْنِ فَإِذا مضى ثَلَاث سِنِين عتق قَالَ أَبُو جَعْفَر ظَاهر ذَلِك أَنه يعْتق وَإِن لم يعتقهُ مُعتق وَقَالَ مُحَمَّد بن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد إِذا قَالَ هُوَ حر بعد موتِي بِشَهْر إِنَّمَا يعْتق بعد شهر وَلَا يعْتق حَتَّى يعْتق وَالْقِيَاس أَنه يكون بَاطِلا وَلَيْسَ بِمَنْزِلَة الْعتْق الْبَتَات أَلا ترى أَنه لَو جنى جِنَايَة قبل مَجِيء الشَّهْر كَانَ للْوَرَثَة أَن يَدْفَعُوهُ وروى ابْن الْقَاسِم عَن مَالك مَا دلّ ظَاهره على أَنه يعْتق بعد الْوَقْت من غير تَجْدِيد عتق وعَلى ذَلِك يدل قَول الشَّافِعِي فِيمَا رَوَاهُ عَنهُ الرّبيع قَالَ أَبُو جَعْفَر لما لم يعْتق بِالْمَوْتِ وَلم يجز عتقه قبل الْمَوْت صَار مِيرَاثا للْوَرَثَة فَلَا تصح الْوَصِيَّة بعد ذَلِك لِأَن حكم الْوَصَايَا أَن يكون وُجُوبهَا عقيب الْمَوْت بِلَا فصل 2171 - فِي الْوَصِيَّة بالغلة والخدمة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا أوصى لرجل بسكنى دَار أَو بِخِدْمَة عبد أَبُو بغلة أَرض أَو بُسْتَان وَذَلِكَ ثلثه أَو أقل فَهُوَ جَائِز وَهُوَ قَول مَالك وَالثَّوْري وَعُثْمَان الحديث: 2170 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 32 البتي وسوار بن عبد الله وَعبيد الله بن الْحسن وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ ابْن أبي ليلى لَا تجوز ذَلِك وَالْوَقْت وَغير الْوَقْت فِي ذَلِك سَوَاء قَالَ أَبُو جَعْفَر لم يَخْتَلِفُوا فِيمَن أوصى لرجل بِشَيْء ثمَّ مَاتَ وَهُوَ فِي غير ملكه أَن وَصيته بذلك غير جَائِزَة فَاحْتمل أَن تكون الْوَصِيَّة بالمنافع كَذَلِك لِأَن الْمُوصي لَو مَاتَ وَهِي فِي غير ملكه ثمَّ وجدنَا الْمَنَافِع قد يجوز أَن يسْتَحق بِعقد الْإِجَازَة وَإِن لم يكن المؤاجر مَالِكًا للمنافع يَوْم عقد الْإِجَازَة إِلَّا أَن الْمَنَافِع تكون حَادِثَة على ملك المؤاجر فَتجوز وَأما مَنَافِع الدَّار وَالْأَرْض بعد موت الْمُوصي فَهِيَ طارئة على ملك الْوَرَثَة وَالْقِيَاس أَن لَا تجوز الْوَصِيَّة 2172 - فِيمَن أوصى بِأَن يخْدم عَبده فلَانا سنة ثمَّ جن فَلَا يقبل فلَان ذكر ابْن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد عَن ابي حنيفَة إِذا أوصى أَن يخْدم عَبده فلَانا سنة ثمَّ جن فَقَالَ فلَان لَا اريد خدمته فَالْعَبْد رَقِيق للْوَرَثَة يبيعونه إِن شاؤوا وَلم يحك خلافًا وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك فِي العَبْد يخْدم الرجل سنة ثمَّ هُوَ حر فيهب الْمُوصى لَهُ بِالْخدمَةِ الْخدمَة للْعَبد أَو يَبِيعهَا مِنْهُ أَنه حر تِلْكَ السَّاعَة وَلَا شَيْء للْوَرَثَة فِي ذَلِك قَالَ ابْن الْقَاسِم وَفِي مَسْأَلَتنَا يَنْبَغِي أَن يعْتق حِين أَبى أَن يقبل الْوَصِيَّة الحديث: 2172 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 33 وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي رجل أوصى لِابْنِهِ بِخِدْمَة غُلَامه سنة ثمَّ هُوَ حر وَله إخْوَان فَقَالَ يخدمهم جَمِيعًا سنة ثمَّ هُوَ حر وَقَالَ اللَّيْث فِي امْرَأَة أوصت لرجل بِثلث مَالهَا وأوصت فِي غُلَام لَهَا أَن يخْدم وَلَدهَا حَتَّى يبلغُوا أَشَّدهم ثمَّ هُوَ حر فَقَالَ يبْدَأ بالغلام فيقام بِرَجُل فِي الثُّلُث فَتكون خدمته على فَرَائض الله تَعَالَى فَإِذا بلغُوا أَشَّدهم أعتق وَمَا فضل من الثُّلُث فلأهل الْوَصَايَا 2173 - فِي الْمُوصى لَهُ بِالْخدمَةِ يُؤَاجر العَبْد قَالَ أَصْحَابنَا إِذا أوصى لرجل بسكنى دَار أَو بِخِدْمَة عبد فَلَيْسَ لَهُ أَن يُؤَاجر الدَّار وَلَا العَبْد وَقَالَ مَالك يجوز لَهُ أَن يُؤَاجر الدَّار وَالْعَبْد إِلَّا ان يكون قَالَ اخدم ابْني مَا عَاشَ ثمَّ أَنْت حر فَلَا يُؤَاجر لِأَن المُرَاد بِهِ الْحَضَانَة وَالْكَفَالَة وَقَالَ اللَّيْث لَهُ أَن يكريه إِلَّا أَن يشرط عَلَيْهِ أَن يسكنهُ وَلَا يكريه وَقَالَ الرّبيع عَن الشَّافِعِي فِي الصَّدَقَة إِذا اشْترط عَلَيْهِ السُّكْنَى جَازَ أَن يكروا قَالَ أَبُو جَعْفَر اتَّفقُوا جَمِيعًا على أَن للْمُسْتَأْجر أَن يُؤَاجر وَاتَّفَقُوا أَيْضا أَنه لَيْسَ للْمُوصى لَهُ بالغلة أَن يسكن فَوَجَبَ أَن لَا يُؤَاجر الْمُوصى لَهُ بِالسُّكْنَى وان لَا يتَعَدَّى مَا أوصى لَهُ بِهِ قَالَ الشَّيْخ وَأَيْضًا لما لم يكن للْمُسْتَعِير أَن يعير وَجب أَن يكون كَذَلِك الْمُوصى لَهُ لِأَنَّهُ ملك الْمَنَافِع بِغَيْر بدل الحديث: 2173 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 34 2174 - فِيمَن أوصى بِعِتْق أمة لَهُ على أَن لَا يتَزَوَّج قَالَ أَبُو حنيفَة فِي الأَصْل من غير خلاف بَينهم إِذا أوصى أَن يعْتق أمته على أَن لَا يتَزَوَّج ثمَّ مَاتَ فَقَالَت لَا أَتزوّج فَإِنَّهَا تعْتق من ثلثه فَإِن تزوجت بعد لم تبطل وصيتها وَكَذَلِكَ لَو قَالَ هِيَ حرَّة على أَن تثبت على الْإِسْلَام فَإِن أَقَامَت على الْإِسْلَام سَاعَة فَهِيَ حرَّة وَإِن إرتدت بعد ذَلِك لم تبطل وصيتها وَإِذا أوصى لأم وَلَده بِأَلف دِرْهَم على ان لَا تتَزَوَّج أبدا أَو قَالَ سنة أَو يَوْمًا فَإِن تزوجت قبل ذَلِك فوصيتها بَاطِلَة وَكَذَلِكَ لَو قَالَ اعتقوها على أَن لَا تخرج من عِنْد وَلَدي إِلَى شهر أَو إِلَى سنة أَو قَالَ هِيَ حرَّة إِن لم تتَزَوَّج شهرا فَإِن تزوجت قبل الشَّهْر أَو خرجت قبل الْوَقْت فوصيتها بَاطِلَة وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا أوصى لأم وَلَده بِأَلف دِرْهَم على أَن لَا تتَزَوَّج فَقَالَت لَا أَتزوّج وقبضت الْألف ثمَّ تزوجت بعد ذَلِك فَإِنَّهُ ينْزع مِنْهَا الْألف وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي رجل أعتق أم وَلَده عِنْد الْمَوْت ثمَّ أصدقهَا أَرْبَعمِائَة دِينَار على أَن لَا تتَزَوَّج فَإِن تزوجت فصداقها مائَة دِينَار قَالَ لَهَا اربعمائة دِينَار وَيفْسخ الشَّرْط قَالَ أَبُو جَعْفَر إِذا وَقعت الْوَصِيَّة على شَرط لم تنفذ حَتَّى يُوجد الشَّرْط وَلَا خلاف أَنَّهَا إِذا قَالَت بعد مَوته لَا أَتزوّج أَنَّهَا تسْتَحقّ الْعتْق بِالْوَصِيَّةِ فَدلَّ على أَن الشَّرْط فِي وَصِيَّة مَوْلَاهَا هُوَ قَوْلهَا لَا أَتزوّج لَا ترك التَّزْوِيج حَتَّى تَمُوت لِأَنَّهُ لَو كَانَ الشَّرْط أَن لَا تتَزَوَّج حَتَّى تَمُوت لما اسْتحقَّت الْوَصِيَّة حَتَّى تَمُوت وَبعد الْمَوْت لَا تصح لَهَا وَصِيَّة فَثَبت أَن الشَّرْط هُوَ قَوْلهَا لَا أَتزوّج فتستحق الْعتْق وَلَا يُبطلهُ بعد ذَلِك التَّزْوِيج الحديث: 2174 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 35 2175 - فِيمَن قَالَ فلَان مُصدق بعد موتِي فِيمَا يَدعِيهِ عَليّ من دين قَالَ أَصْحَابنَا فِي الرجل تحضره الْوَفَاة فَيَقُول لفُلَان عَليّ دين فصدقوه فِيمَا قَالَ قَالَ يصدق فِيمَا بَينه وَبَين الثُّلُث فَإِن كَانَ أوصى بوصايا غير الثُّلُث لأَصْحَاب الْوَصَايَا فَالثُّلُث لأَصْحَاب الْوَصَايَا وَالثُّلُثَانِ للْوَرَثَة ثمَّ قيل لأَصْحَاب الْوَصَايَا أقرُّوا لَهُ من الثُّلُث بِمَا شِئْتُم وللورثة أقرُّوا لَهُ من الثُّلثَيْنِ بِمَا شِئْتُم فَمَا بَقِي من الثُّلُث فأصحاب الْوَصَايَا أَحَق بِهِ من صَاحب الدّين وَلَا يشاركهم فِيهِ قَالَ أَبُو جَعْفَر وَهَذَا من قَوْلهم إِذا كَانَ الْمُوصي قد أقرّ أَن عَلَيْهِ للْمُوصى لَهُ دينا لم يذكر مِقْدَاره فَأَما إِذا قَالَ صدقوه فِيمَا يَدعِيهِ عَليّ وَلم يقر أَن عَلَيْهِ دينا لم يجب تَصْدِيقه على شَيْء مِمَّا يَدعِيهِ لنَفسِهِ من الدّين على الْمَيِّت الْمُوصي وَلَا اخْتِلَاف عَنْهُم فِي شَيْء من ذَلِك وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك فِي رجل أوصى أَن لرجل عَلَيْهِ أَرْبَعِينَ دِينَارا وَأوصى مَعَ ذَلِك أَنه يصدق فِيمَا قَالَ فَادّعى ان لَهُ خمسين دِينَارا قَالَ أرى ان يحلف وَيَأْخُذ خميسين دِينَارا وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا قَالَ فِي مَرضه مَا قَالَ فلَان من شَيْء فصدقوه قَالَ هُوَ وَصِيَّة من الثُّلُث وَهُوَ قَول عبيد الله بن الْحسن وَقَالَ الرّبيع عَن الشَّافِعِي لَو ضمن لرجل مَا قضى بِهِ على فلَان لرجل الحديث: 2175 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 36 آخر أَو مَا أشهد بِهِ فلَان عَلَيْهِ فَلَا يجوز وَهُوَ مخاطرة وَإِذا كَانَ هَذَا غير جَائِز من الْحَيّ على نَفسه كَانَ من الْمَيِّت عل نَفسه من الْجَوَاز أبعد قَالَ أَبُو جَعْفَر لَو قَالَ فِي حَيَاته فلَان مُصدق فِيمَا يَدعِيهِ عَليّ لم يلْزم الْمُدعى عَلَيْهِ شَيْء بقول الْمُدَّعِي وَكَانَ قَوْله ذَلِك كلا قَول وَكَذَلِكَ يجب أَن يكون حكمه بعد الْمَوْت وَقَول أبي حنيفَة فِي قَول الرجل فِي وَصيته لفُلَان عَليّ دين فصدقوه أَنه يصدق فِيمَا بَينه وَبَين الثُّلُث اسْتِحْسَانًا لِأَن من قَالَ لفُلَان على دين القَوْل قَوْله فِي مِقْدَاره وَالْقَوْل قَول ورثته بعد مَوته وَلكنه اسْتحْسنَ فِي أَن يصدق فِي مِقْدَار مَا تصح الْوَصِيَّة بِهِ 2176 - فِيمَن قَالَ صدقُوا وصيتي فِيمَن أوصيت لَهُ قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه فِيمَن أوصى إِلَى رجل وَقَالَ قد جعلت ثُلثي لرجل قد سميته لَهُ فصدقوه يَعْنِي الْوَصِيّ لم يصدق الْوَصِيّ وَحده لِأَنَّهُ شَاهد وَهُوَ قَول عبيد الله بن الْحسن وَقَالَ مَالك إِذا قَالَ قد كتبت وصيتي وجعلتها عِنْد فلَان فصدقوه وأنفذوا مَا فِيهَا أَنه يصدق وَينفذ مَا فِيهَا قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يصدق الْوَصِيّ لِأَنَّهُ شَاهد كَمَا لَا يصدق إِذا قَالَ صدقُوا فلَانا فِيمَا يَدعِيهِ عَليّ الحديث: 2176 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 37 2177 - فِيمَن أوصى لوَارث ولأجنبي قَالَ مُحَمَّد فِي الْإِمْلَاء إِذا مَاتَ وَله ابْنَانِ لَا وَارِث لَهُ غَيرهمَا فأوصى بِمَالِه كُله لأحد ابنيه ولرجل أَجْنَبِي أَو قَالَ مَالِي كُله لفُلَان وَلفُلَان وَصِيَّة ثمَّ مَاتَ فَأجَاز الابنان للْأَجْنَبِيّ وَصيته وَلم يجزه الْوَارِث لِأَخِيهِ فللرجل الْأَجْنَبِيّ نصف المَال وَكَانَ مَا بَقِي بَين الِابْنَيْنِ نِصْفَيْنِ وَلَو أجَاز لِأَخِيهِ وَلم يجز للْأَجْنَبِيّ فللأجنبي ثلث المَال بِغَيْر إجَازَة فَيكون لَهُ أَرْبَعَة أسْهم من اثْنَي عشر سَهْما وَيكون للِابْن الْمُوصى لَهُ سَبْعَة من اثْنَي عشر وَمَا بَقِي فللابن الَّذِي لم يوص لَهُ بِسَهْم قَالَ وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَقَوْلنَا وَقَالَ فِي الْجَامِع الصَّغِير إِذا أوصى لوَارث ولأجنبي بِوَصِيَّة جَازَت وَصِيَّة الْأَجْنَبِيّ وَبَطلَت وَصِيَّة الْوَارِث وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا أوصى الْوَارِث لأجنبيين وَلم يسع ذَلِك الثُّلُث فَإِن لم يتْرك وَارِثا غير الَّذِي أوصى لَهُ بُدِئَ بالأجنبيين فِي الْوَصِيَّة فِي الثُّلُث وَلم يحاصهم الْوَارِث بِشَيْء وَلَو كَانَ مَعَ الْوَارِث وَارِث غَيره يحاص الْوَارِث الَّذِي أوصى لَهُ والأجنبيون فِي الثُّلُث فَمَا صَار للأجنبيين من المحاصة أسلم إِلَيْهِم وَمَا صَار للْوَارِث من ذَلِك فَإِن شريكيه فِي الْمِيرَاث يخيرون فَإِن شاؤوا أنفذوه لَهُ وَإِن شاؤوا ردوا فَيكون مِيرَاثا بَينهم وَمذهب الْحسن بن حَيّ يدل على أَنه إِذا أوصى لوَارث ولأجنبي أَن الْأَجْنَبِيّ لَا يحاصه الْوَارِث وَيكون الْوَارِث كمن لم يوص لَهُ الحديث: 2177 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 38 وَقَالَ اللَّيْث فِيمَن أوصى لوَارث بسدس مَاله وَأوصى لأَجْنَبِيّ بِثلث مَاله فَلم تجز الْوَرَثَة للْوَارِث ذَلِك السُّدس فللموصى لَهُ بِالثُّلثِ ثلث المَال بعد ذَلِك السُّدس فَيكون ذَلِك السُّدس ردا على الْوَرَثَة وَقَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي فِيمَن أوصى لوَارث ولأجنبي فَلم يجيزوا فللأجنبي النّصْف وَيسْقط النّصْف قَالَ أَبُو جَعْفَر الْوَصِيَّة للْوَارِث إِذا لم تجزها الْوَرَثَة فَهِيَ كَالْوَصِيَّةِ فَلَا يجوز أَن يحاص الْأَجْنَبِيّ فِيمَا أوصى لَهُ بِهِ 2178 - فِيمَن اوصى لِقَرَابَتِهِ قَالَ وَإِذا أوصى بِثلث مَاله لِذَوي قرَابَته فَإِن أَبَا حنيف وَزفر قَالَا ذُو الْقَرَابَة كل ذِي رحم محرم مِمَّن لَا يَرِثهُ الْأَقْرَب فَالْأَقْرَب الرِّجَال وَالنِّسَاء فِيهِ سَوَاء وَأَقلهمْ اثْنَان فَصَاعِدا فَإِن كَانَ لَهُ عمان وخالان وَابْن فَالْوَصِيَّة للعمين دون الخالين فَإِن كَانَ عَم وَاحِد وخالان فَالْوَصِيَّة بَينهم للعم نصفه وللخالين مَا بَقِي فَإِن أوصى لذِي قرَابَته فَهَذَا على وَاحِد وَإِن كَانَ لَهُ عَم وخالان فَالْوَصِيَّة للعم وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا أوصى لِذَوي قرَابَته أَو لأقربائه فَهَذَا على بني الْأَب الَّذين ينسبون إِلَيْهِ من قبل الرِّجَال أَو النِّسَاء أقْصَى أَب فِي الْإِسْلَام كَانُوا ذَوي رحم محرم مِنْهُ أَو لم يَكُونُوا الْأَقْرَب والأبعد فِيهِ سَوَاء وَرُوِيَ عَن زفر من غير جِهَة الْحسن أَن الْوَصِيَّة لمن قرب من قبل الْأُم أَو الْأَب دون الْأَبْعَد وَسَوَاء فِيهِ الرَّحِم الْمحرم وَغَيره الحديث: 2178 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 39 وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك لَا يدْخل فِي الْأَقَارِب إِذا أوصى لِقَرَابَتِهِ إِلَّا من كَانَ من قبل الْأَب الْعمة وَابْنَة الْأَخ وَمن أشبههما وَيبدأ بالفقراء حَتَّى يغنوا ثمَّ يُعْطوا الْأَغْنِيَاء وَقَالَ ابْن وهب عَن اللَّيْث إِذا أوصى للأقربين قسم على أقرابئه كلهم مَا كَانَ من عَم وخال كل من بَينه وَبَينه قرَابَة وَيكون الْقسم فِي ذَلِك وَاجِبا لَا يفضل بَعضهم على بعض وَإِن كَانَ بَعضهم احوج من بعض وَقَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي إِذا قَالَ ثُلثي لقرابتي أَو لذِي رحمي أَو لأرحامي فَسَوَاء من قبل الْأَب وَالأُم وأبعدهم وأقربهم فَإِن كَانَ من قُرَيْش أعطي بقرابته الْمَعْرُوفَة عِنْد الْعَامَّة الَّتِي ينْسب إِلَيْهَا قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ الله تَعَالَى {فَأن لله خمسه وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} الْأَنْفَال 41 وَقَالَ {مَا أَفَاء الله على رَسُوله من أهل الْقرى فَللَّه وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} الْحَشْر 7 وَلما قسم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سهم ذَوي الْقُرْبَى أعْطى بني هَاشم وَبني الْمطلب وَأكْثر بني هَاشم فليسو ذَوي رحم محرم مِنْهُ وَبني الْمطلب كلهم غير ذَوي رحم محرم مِنْهُ فَثَبت بذلك فَسَاد قَول من اعْتبر ذَوي الرَّحِم الْمحرم وَفَسَد بذلك أَيْضا قَول من اعْتبر الْأَقْرَب فَالْأَقْرَب وَإِن كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعْطى بني هَاشم جَمِيعًا وَبَعْضهمْ أقرب إِلَيْهِ من بعض وَأعْطى بني الْمطلب وَبَنُو هَاشم أقرب إِلَيْهِ مِنْهُم وَثَبت بِهِ أَيْضا فَسَاد قَول من جعل أهل الْحَاجة مِنْهُم أولى لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الله عَلَيْهِ وَسلم قد عَم بعطيته بني هَاشم وَفِيهِمْ أَغْنِيَاء الجزء: 5 ¦ الصفحة: 40 وَكَانَ قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَالشَّافِعِيّ فِي ذَلِك أولى عندنَا بِالْحَقِّ فَإِن قيل فقد أعْطى هَؤُلَاءِ قرَابَته من قبل الْأُم وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يُعْط قرَابَته من قبل أمه قيل لَهُ هُوَ كَمَا ذكرت وَذَلِكَ لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يعم بعطيته سهم ذَوي الْقُرْبَى قراباته كلهم وَإِنَّمَا أعْطى بَعضهم لِأَن الله تَعَالَى قد جعل لَهُ أَن يُعْطي من شَاءَ مِنْهُم وَيتْرك البَاقِينَ وَإِن كَانُوا أقرباءه 2179 - فِيمَن أوصى بِوَصِيَّة إِن مَاتَ فِي سفرة قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه إِذا أوصى فَذكر فِي مَرضه أَو فِي سَفَره فَرجع من ذَلِك السّفر أَو برأَ من ذَلِك الْمَرَض بطلت الْوَصِيَّة وَإِن جعلهَا مُبْهمَة فَمَتَى مَاتَ فَهِيَ جَائِزَة من ثلثه وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَرُوِيَ عَن الثَّوْريّ نَحوه وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك فِي الرجل يكْتب وَصيته فِي سَفَره أَو مَرضه ويضعها على يَدي رجل ثمَّ يقدم من سَفَره أَو يبرأ من مَرضه فيقبضها مِمَّن هِيَ عِنْده فَيَمُوت فتؤخذ الْوَصِيَّة بِحَالِهَا أَو تقوم الْبَيِّنَة بهَا فَإِنَّهَا لَا تنفذ لِأَنَّهُ قد أَخذهَا قَالَ وَلَو قَالَ فِي وَصيته إِن حدث بِي حدث من مرضِي أَو سَفَرِي هَذَا فلفلان كَذَا وَفُلَان عَبدِي حر وَكتب هَذَا وَهُوَ مَرِيض فبرأ من مَرضه وَقدم من سَفَره فَأقر وَصيته بِحَالِهَا فَمَتَى مَاتَ فَهِيَ جَائِزَة وَإِن برأَ من مَرضه وَقدم من سَفَره مَا لم ينقضها وَإِن لم يكن كتب ذَلِك وَلكنه قَالَ إِن حدث من سَفَرِي هَذَا أَو من مرضِي هَذَا وَأشْهد على ذَلِك فَإِذا صَحَّ من مَرضه ذَلِك أَو قدم من سَفَره ثمَّ مَاتَ فَإِن ذَلِك بَاطِل لَا يجوز وَقَالَ اللَّيْث إِذا قَالَ إِن حدث بِي حدث فِي سَفَرِي هَذَا أَو مرضِي هَذَا ثمَّ يقدم أَو يبرأ فقد بطلت الْوَصِيَّة الحديث: 2179 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 41 قَالَ أَبُو جَعْفَر لما لم يَخْتَلِفُوا أَنه إِذا لم يَكْتُبهَا كَانَت مَوْقُوفَة على الشَّرْط الَّذِي اشْتَرَطَهُ كَذَلِك إِذا كتبهَا لِأَن الْوَصِيَّة إِنَّمَا تصح بالْقَوْل لَا بِالْكِتَابَةِ 2180 - فِي الْوَصِيَّة بِمَا بَقِي قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه إِذا كَانَ لَهُ ثَلَاثَة آلَاف دِرْهَم كل ألف فِي كيس على حِدة فَقَالَ قد أوصيت لهَذَا بِمَا بَقِي من هَذِه الْألف بِعَيْنِه ثمَّ أوصى لرجل آخر بِأَلف أُخْرَى كَانَت الْألف الثَّانِيَة جَائِزَة لصَاحِبهَا وَلَيْسَ لصَاحب مَا بَقِي شَيْء وَقَالَ ابْن الْقَاسِم فِي رجل أوصى فَقَالَ لفُلَان عشرَة دَنَانِير وَلفُلَان مَا بَقِي من ثُلثي فَمَاتَ صَاحب الْعشْرَة قبل الْمُوصي فَإِن علم الْمُوصي فَالثُّلُث كُله لَهُ وَإِن لم يعلم أعطي مَا بعد ذَلِك وَلم يروه عَن مَالك وَقَالَ اللَّيْث إِذا قَالَ إِن مت فغلامي فلَان وَفُلَان حران وَمَا بَقِي من ثُلثي لفُلَان ثمَّ يَمُوت أحد الغلامين أَو كِلَاهُمَا فَإِنَّهُمَا يقومان قيمَة فِي ثلثه ثمَّ تطرح تِلْكَ الْقيمَة وَيكون مَا بَقِي من الثُّلُث بعد الْقيمَة للْمُوصى لَهُ وروى الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي وَلَو أَن رجلا قد حج فَقَالَ احجوا عني رجلا بِمِائَة دِرْهَم واعطوا مَا بَقِي من ثُلثي لفُلَان وَأوصى بِثلث مَاله لرجل بِعَيْنِه فللموصى لَهُ بِالثُّلثِ نصف الثُّلُث وللحاج وللموصى لَهُ بِمَا بَقِي من الثُّلُث نصف الثُّلُث ويحج عَنهُ رجل بِمِائَة قَالَ الشَّافِعِي وَلَو أوصى لرجل بِشَيْء وَقَالَ مَا فضل من ثُلثي لفُلَان جَازَ فَإِن هلك ذَلِك الشَّيْء كَانَ من مَال الْمُوصى لَهُ بِهِ وَقوم من الثُّلُث ثمَّ أعْطى الَّذِي أوصى لَهُ بِفضل الثُّلُث مَا فضل عَنهُ كَمَا لَو سلم فَدفع قَالَ أَبُو جَعْفَر قَوْله بِمَا بَقِي من الثُّلُث يحْتَمل أَن يُرِيد بعد الْوَصَايَا وَيحْتَمل أَن يكون مُرَاده بعد لتسمية للْأولِ وَإِن لم يثبت لَهُ كَمَا لَو أوصى لرجل بِثَلَاثَة ارباع الثُّلُث وَلآخر بِالربعِ الحديث: 2180 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 42 فَلَمَّا كَانَ لَو قَالَ قد أوصيت بِمَا بَقِي من الثُّلُث وَلم يوص للْآخر بِشَيْء اسْتحق الثُّلُث علمنَا أَن الْمُوصى لَهُ يسْتَحق كل الثُّلُث إِلَّا مَا يسْتَحق عَلَيْهِ بِوَصِيَّة يسلم للْمُوصى لَهُ 2181 - فِي الرجل يُوصي لعَبْدِهِ قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه وَمَالك وَالثَّوْري وَاللَّيْث وَالْحسن ن حَيّ إِذا أوصى لعَبْدِهِ بِثلث مَاله فَإِنَّهُ يعْتق رقبته من الثُّلُث وَإِن بَقِي من الثُّلُث شَيْء أعطي وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي رجل أوصى لعَبْدِهِ بِثلث مَاله فَلَا شَيْء لَهُ وَهُوَ للْوَرَثَة قَالَ أَبُو جَعْفَر الْوَصِيَّة تمْلِيك مثل الْهِبَة وَالصَّدَََقَة بل الْوَصِيَّة آكِد لِأَنَّهَا تصح غير مَقْبُوضَة وَلَو وهب لعَبْدِهِ نَفسه أَو تصدق بهَا عَلَيْهِ عتق كَذَلِك إِذا أوصى بِهِ لنَفسِهِ بِالْوَصِيَّةِ 2182 - فِي الْوَصِيَّة لبني فلَان وَله ولد ولد قَالَ بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا أوصى بِثلث مَاله لبني فلَان وَلَا ولد لَهُ لصلبه فَإِنَّهُ يُعْطي ولد وَلَده من قبل الرِّجَال وَلَا يُعْطي ولد وَلَده من قبل الْبَنَات وَقَالَ فِي الأَصْل إِذا أوصى لبني فلَان وَله بنُون وَبَنَات وَمَات فَالْوَصِيَّة للذكور دون الْإِنَاث فِي قَول أبي حنيفَة وَكَذَلِكَ إِن كَانَ فلَان حرا الحديث: 2181 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 43 وَلَا يدْخل فِيهِ الْبَنَات وَلَا بَنَات الابْن وَلَو قَالَ لولد فلَان دخل فِيهِ الذُّكُور وَالْإِنَاث فَإِن كَانَ لَهُ ولد لصلبه فَالْوَصِيَّة لولد الابْن الذُّكُور وَالْإِنَاث وَلَيْسَ لولد الْبَنَات شَيْء وَقَالَ مُحَمَّد فِي السّير الْكَبِير إِذا أَمنهم على أَوْلَادهم لم يدْخل أَوْلَاد الْبَنَات فِيهِ وَدخل فِيهِ أَوْلَاد الْبَنِينَ وَلم يذكر خلافًا قَالَ الْخصاف فِي كِتَابه فِي الْوُقُوف قَالَ أَبُو حنيفَة فِي رجل أوصى بِثلث مَاله لولد زيد وَلَيْسَ لَهُ ولد لصلبه وَله ولد من أَوْلَاد الذُّكُور وَالْإِنَاث أَن الثُّلُث لولد الذُّكُور دون ولد الْإِنَاث قَالَ وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن يدْخل الْبَنَات فِيهِ فيكونون أُسْوَة أَوْلَاد الْبَنِينَ وَهَذَا خلاف مَا ذكر مُحَمَّد فِي السّير وَفِي الأَصْل من الْوَصَايَا وَسمعت بكار بن قُتَيْبَة أَبَا بكرَة يَقُول كَانَ ابْن عَائِشَة يَعْنِي عبيد الله بن مُحَمَّد التَّيْمِيّ يَأْخُذ من وقف لبَعض الهاشميين كَانَ وَقفه على وَلَده وَكَانَت أم ابْن عَائِشَة مِنْهُم فَكَانَ يَأْخُذ بهَا من ذَلِك الْوَقْف حَتَّى أخرجه مِنْهُ عِيسَى بن أبان وَلم ير لَهُ فِيهِ حَقًا بِأُمِّهِ الَّتِي هِيَ من ولد الْوَاقِف قَالَ بكار وَأنكر أَصْحَابنَا هِلَال وَغَيره يَوْمئِذٍ على عِيسَى ذَلِك ورأوه قد خرج بِهِ من قَول أَصْحَابه إِلَى قَول مخالفهم فَذكرت ذَلِك لعيسى عَنْهُم فَقَالَ مَا خرجت بذلك من قَول أَصْحَابنَا هَذَا قَول مُحَمَّد بن الْحسن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 44 قَالَ أَبُو جَعْفَر فَذكرت أَنا ذَلِك لأبي خازم فَقَالَ لي صدق عِيسَى هَذَا قَول مُحَمَّد بن الْحسن فِي السّير الْكَبِير قَالَ أَبُو جَعْفَر وَذكر مُحَمَّد بن عبد الله الْأنْصَارِيّ فِي كِتَابه فِي الْوَقْف وَهُوَ من أَصْحَاب زفر مِنْهُم تعلم وَإِلَى قَوْله يذهب وَلم يحك خلافًا بَين زفر وَأبي حنيفَة أَنه إِذا أوقف وَقفا على وَلَده أَنه يدْخل فِيهِ وَلَده وَولد وَلَده مَا تَنَاسَلُوا الْبَطن الْأَعْلَى والأسفل وَيدخل فِيهِ ولد الذُّكُور وَولد الْإِنَاث مَا تَنَاسَلُوا وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك إِذا قَالَ دَاري حبيس على وَلَدي فَإِن ولد الْوَلَد يدْخلُونَ مَعَ الْآبَاء وبدئ بِالْآبَاءِ وَإِن قَالَ وَلَدي وَولد وَلَدي دخلُوا أَيْضا وبدئ بِالْوَلَدِ وَكَانَ لَهُم الْفضل إِن كَانَ فضلا قَالَ وَكَانَ الْمُغيرَة وَغَيره يُسَوِّي بَينهم قَالَ مَالك إِذا قَالَ حبيس على وَلَدي فَهِيَ لوَلَده وَولد وَلَده وَلَيْسَ لولد الْبَنَات شَيْء قَالَ الله تَعَالَى {يُوصِيكُم الله فِي أَوْلَادكُم} النِّسَاء 11 وَأجْمع النَّاس على أَنه لَا يقسم لولد الْبَنَات شَيْء إِذا لم يكن ولد لصلبه وَإِن بني الْبَنِينَ وَالْبَنَات يقسم لَهُم ويحجبون من كَانَ يحجب من كَانَ فَوْقهم وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا قَالَ ثُلثي لبني فلَان فَلَيْسَ لبني الْبَنَات شَيْء إِنَّمَا هُوَ لبني بنيه وَكَذَلِكَ قَالَ اللَّيْث وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن يدْخل ولد الْبَنَات ومسائل الشَّافِعِي تدل على أَن ولد الْبَنَات يدْخلُونَ فِي ذَلِك لِأَنَّهُ يعْتق عَلَيْهِ إِذا ملكهن لولد الْبَنِينَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 45 قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ الله تَعَالَى {يُوصِيكُم الله فِي أَوْلَادكُم للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ} النِّسَاء 1 وَأَجْمعُوا أَن ولد الْبَنِينَ يدْخلُونَ فِي ذَلِك إِذا لم يكن ولد لصلبه وَأَجْمعُوا أَن ولد الْبَنَات لَا يدْخلُونَ وَلَا دلَالَة فِيهِ على أَنهم لَيْسُوا من أَوْلَاده لِأَن الْكفَّار وَالْعَبِيد من أَوْلَاده لصلبه لَا يدْخلُونَ فِي الْمِيرَاث وَلَا يدل على أَنهم لَيْسُوا وَلَده وَقد روى إِسْرَائِيل عَن أبي إِسْحَاق عَن هَانِئ بن هَانِئ عَن عَليّ بن أبي طَالب عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ ولد لي غُلَام فسميته حَربًا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا سميت ابْني قلت سميناه حَربًا قَالَ هُوَ حسن وَقَالَ فِي الْحُسَيْن مثل ذَلِك وروى الْأَشْعَث عَن الْحسن عَن أبي بكرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن ابْني هَذَا سيد وَإِنِّي لأرجو أَن يصلح الله بِهِ بَين فئتين من أمتِي يَعْنِي الْحسن بن عَليّ رَضِي الله عَنْهُمَا وروى عبد الله بن شَدَّاد بن الْهَاد عَن أَبِيه قَالَ خرج علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي إِحْدَى صَلَاتي الْعشَاء وَهُوَ حَامِل أحد ابنيه الْحسن أَو أَو الْحُسَيْن فَتقدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَوضع الْغُلَام عِنْد قدمه الْيُمْنَى فَسجدَ بَين ظهراني صلَاته سَجْدَة أطالها فَرفعت رَأْسِي فَإِذا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ساجد وَإِذا الْغُلَام رَاكب ظَهره فعدت فسجدت فَلَمَّا صلى قَالُوا يَا رَسُول الله إِنَّك سجدت بَين ظهراني صَلَاتك سَجْدَة أطلتها أَشَيْء أمرت بِهِ أم كَانَ يُوحى إِلَيْك قَالَ كل ذَلِك لم يكن وَلَكِن ابْني ارتحلني فَكرِهت أَن أعجله حَتَّى يقْضِي من حَاجته فَسمى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ابْن ابْنَته ابْنا فِي هَذِه الْأَخْبَار الجزء: 5 ¦ الصفحة: 46 2183 - فِي الرجل يُوصي لبني فلَان هَل تدخل فِيهِ الْإِنَاث قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا قَالَ ثلث مَالِي لبني فلَان وَله بنُون وَبَنَات فَالثُّلُث للبنين دون الْبَنَات إِلَّا أَن يكون فلَان فخذا أَو قَبيلَة تحصى فَيكون للذكور وَالْإِنَاث وَهُوَ قَول الْحسن بن حَيّ وروى يُوسُف بن خَالِد السَّمْتِي عَن أبي حنيفَة فِي رجل قَالَ ثلث مَالِي لبني فلَان وَله بنُون وَبَنَات أَن الثُّلُث لَهُم جَمِيعًا وهم فِيهِ سَوَاء وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد الذّكر وَالْأُنْثَى فِيهِ سَوَاء وَهُوَ قَول عُثْمَان البتي وَالثَّوْري وروى الْمعَافى عَن الثَّوْريّ إِذا أوصى بِثُلثِهِ لإخوة فلَان فَهُوَ للذكور دون الْإِنَاث قَالَ أَبُو جَعْفَر إِذا كَانَ فلَان فخذا جَازَ أَن يُقَال للْمَرْأَة هِيَ من بني فلَان فَدخلت فِي الْوَصِيَّة وَإِذا لم يكن فخذا أَو كَانُوا لصلبه لم يجز أَن يُقَال للْمَرْأَة هَذِه من بني فلَان إِلَّا أَنه إِذا اجْتمع الذُّكُور وَالْإِنَاث جَازَ أَن يُقَال هَؤُلَاءِ بَنو فلَان فَالْقِيَاس أَن يدْخل فِيهِ الذُّكُور وَالْإِنَاث 2184 - فِي الْوَصِيَّة بِالنَّفَقَةِ روى الْحسن عَن أبي حنيفَة وَزفر وَهُوَ رِوَايَة مُحَمَّد أَيْضا عَن أبي حنيفَة وَقَول مُحَمَّد إِن الْوَصِيَّة بِالنَّفَقَةِ مَا عَاشَ إِذا لم يشترطها من الثُّلُث فَهُوَ بِمَنْزِلَة الْوَصِيَّة بِجَمِيعِ المَال فَإِن أجازها الْوَرَثَة وقف جَمِيع الحديث: 2183 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 47 المَال عَلَيْهِ إِلَى أَن يَمُوت وَإِن أوصى بوصايا مَعَ ذَلِك ضرب الْمُوصى لَهُ بِالنَّفَقَةِ بِالثُّلثِ وَالْمُوصى لَهُ بِالثُّلثِ بِالثُّلثِ أَيْضا فَيكون الثُّلُث نِصْفَيْنِ إِن لم تجز الْوَرَثَة وَفِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد يكون الثُّلُث بَينهمَا على أَرْبَعَة يضْرب الْمُوصى لَهُ بِالنَّفَقَةِ بِجَمِيعِ المَال وَالْآخر بِالثُّلثِ وَقَالَ الْحسن وَقَالَ أَبُو يُوسُف إِن كَانَ الثُّلُث كثيرا حبست لصَاحب النَّفَقَة بِالْعشرَةِ دَرَاهِم كل شهر قدر عمر الْإِنْسَان من أهل ذَلِك الزَّمَان وأقصى مَا يُوقف لَهُ قدر تَمام مائَة سنة من وَقت مولده فَإِن كَانَ الْمُوصى لَهُ ابْن أَرْبَعِينَ سنة حسب مَا يُصِيبهُ فِي سِتِّينَ سنة كل شهر عشرَة دَرَاهِم فَيُوقف ذَلِك لَهُ وَيرد مَا بَقِي على الْوَرَثَة وَيُؤْخَذ مِنْهُم كَفِيل وَينْفق على الرجل مِمَّا عزل فَإِن مَاتَ الْمُوصى لَهُ قبل أَن يستكمل مَا عزل لَهُ رد مَا بَقِي على الْوَرَثَة وَإِن بَقِي حَتَّى ينْفق عَلَيْهِ ذَلِك وينفد أَخذ من الْوَرَثَة عشرَة كل شهر وَأنْفق عَلَيْهِ حَتَّى يستكمل الثُّلُث أَو يَمُوت وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا قَالَ أَنْفقُوا على فلَان عشر سِنِين فعزلت لَهُ نَفَقَة عشر سِنِين ثمَّ مَاتَ الْمُوصى لَهُ قبل أَن ينْفق رَجَعَ ذَلِك إِلَى وَرَثَة الْمُوصي وَقَالَ أَشهب عَن مَالك فِيمَن أوصى بوصايا وَأوصى لنفر خَمْسَة بنفقتهم مَا عاشوا فَإِنَّهُ يعمر كل وَاحِد من الْخَمْسَة سبعين سنة سبعين سنة من وَقت مولده من كَانَ مِنْهُم ابْن عشر سِنِين حبس لَهُ نَفَقَة سِتِّينَ سنة وَمن كَانَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 48 أقل أَو أَكثر فعلى هَذَا لِأَنِّي أرى السّبْعين من أَعمار النَّاس الْيَوْم فَكلما مَاتَ مِنْهُم وَاحِد رد نصِيبه على أهل الْوَصَايَا حَتَّى يموتوا فَإِذا مَاتُوا وَمَعَهُمْ أهل وَصَايَا رد ذَلِك على أهل الْوَصَايَا حَتَّى يستوفوها فَإِذا فضل شَيْء رد على وَرَثَة الْمَيِّت وَقَالَ عُثْمَان البتي إِذا أوصى لفُلَان بِمِائَة وَلفُلَان عشرَة كل شهر فَإِنَّهُمَا يتحاصان يضْرب الْمُوصى لَهُ بِالْمِائَةِ بِمِائَة وَالْمُوصى لَهُ بِالْعشرَةِ يضْرب فِي أول شهر بِعشْرَة فيعطي حصتهم وَيدْفَع مَا بَقِي إِلَى الْمُوصى لَهُ بِالْمِائَةِ فَإِذا كَانَ الشَّهْر الثَّانِي ضرب بِعشْرين وَضرب صَاحب الْمِائَة بِمِائَة وَحسب على صَاحب الْعشْرَة مَا أَخذ فِي الشَّهْر الأول وَكَذَلِكَ يقسم بَينهمَا فِي كل شهر وَقَالَ الْحسن بن حَيّ الْمُوصى لَهُ بِالنَّفَقَةِ بِمَنْزِلَة الْمُوصى لَهُ بِجَمِيعِ المَال فَيضْرب مَعَ صَاحب الثُّلُث فِي الثُّلُث بذلك وَقَالَ اللَّيْث إِذا أوصى بِثلث مَاله وَلآخر أَن ينْفق عَلَيْهِ مَا عَاشَ وَالثلث مائَة دِينَار قسم الْمِائَة بَينهمَا فَإِن مَاتَ قبل أَن يَسْتَوْفِيه رد مَا بَقِي على الآخر قَالَ أَبُو جَعْفَر وَالْقِيَاس أَن يُوقف عَلَيْهِ بِمِقْدَار مَا يعِيش مثله فِي الْعَادة وَلَا يجوز أَن يُوقف عَلَيْهِ لما يعلم أَنه لَا يعِيش إِلَى مثله فَإِن قيل يجوز أَن يهْلك المَال الْمَوْقُوف عَلَيْهِ فَيحْتَاج أَن يعود إِلَى مَا أَخذه الْوَرَثَة قيل لَهُ لَا يجوز ذَلِك لِأَن الْقِسْمَة قد صحت فِيمَا عزل فَيكون بِمَنْزِلَة مَا قد أوصى بِهِ بِعَيْنِه الجزء: 5 ¦ الصفحة: 49 وَأما قَول عُثْمَان البتي فَلَا معنى لَهُ لِأَنَّهُ إِن وَجب أَن لَا يضْرب للْمُوصى لَهُ بِالنَّفَقَةِ إِلَّا بِنَفَقَة الشَّهْر الْوَاحِد الَّذِي يسْتَحقّهُ فَيَنْبَغِي أَن لَا يضْرب الْمُوصى لَهُ بِالثُّلثِ إِلَّا الْقدر الَّذِي يسْتَحقّهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ وَاحِد مِنْهُمَا أولى بِالِاحْتِيَاطِ لَهُ من الآخر 2185 - فِي الْوَصِيَّة للجيران قَالَ مُحَمَّد إِذا أوصى لجيرانه فَالْقِيَاس أَن يكون لجيرانه الملاصقين دون غَيرهم وَهُوَ قَول أبي حنيفَة فِيمَا رُوِيَ عَنهُ وَيكون للسكان والملاك قَالَ مُحَمَّد وَإِنَّمَا أستحسن أَن أجعله لجَمِيع من يجمعه مَسْجِد الْمحلة الَّتِي فِيهَا الْمُوصي من الملاصقين وَغَيرهم والملاك والسكان فِيهِ سَوَاء وَلَا يدْخل فِيهِ الرَّقِيق وَقَالَ بشر عَن أبي يُوسُف الْجِيرَان الَّذين تجمعهم محلّة وَاحِدَة أَو مَسْجِد وَاحِد فَإِن تفَرقُوا فِي مسجدين فهم أهل محلّة وَاحِدَة إِذا كَانَ المسجدان متقاربين فَأَما إِذا تبَاعد مَا بَينهمَا وَكَانَ كل مَسْجِد عَظِيما جَامعا فَكل أهل مَسْجِد جيران دون الآخرين وَأما الْأَمْصَار الَّتِي فِيهَا الْقَبَائِل فالجيران على الأفخاذ دون الْقَبَائِل وَإِن كَانَ أَهلهَا من قبائل شَتَّى غير أَن الْفَخْذ الَّذِي فِيهِ الدّور يجمعهُمْ فَهَؤُلَاءِ جيران وَقَالَ الْحسن عَن زفر فِي رجل أوصى لجيرانه قَالَ فجيرانه كل حَدِيد لداره سَاكن أَو مَالك للدَّار وَقَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي وأقصى الْجوَار أَرْبَعُونَ دَارا من كل نَاحيَة الحديث: 2185 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 50 قَالَ أَبُو جَعْفَر تَوْقِيت دور بِعَينهَا لَا معنى لَهُ لِأَن التَّوْقِيت فِي مثله لَا يثبت إِلَّا بالتوقيف وَقَول من اعْتبر الْجَار الملاصق فَاسد أَيْضا لِأَنَّهُ روى عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت يَا رَسُول الله إِن لي جارين فَإلَى أَيهمَا أهدي قَالَ أقربهما مِنْك بَابا وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ إِذا اجْتمع الداعيان فأجب أقربهما بَابا فَإِن أقربهما بَابا أقربهما جوارا فَلم يعْتَبر الملاصقة وَاعْتبر الْقرب بِالْبَابِ مَعَ كَونهمَا جارين فَالْقَوْل مَا قَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لِأَنَّهُ فِي الْعَادة كَذَلِك 2186 - فِي الْوَصِيَّة للأرامل قَالَ مُحَمَّد إِذا أوصى لأرامل بني فلَان والأرامل من النِّسَاء وَهِي الَّتِي قد أرملت من زَوجهَا وَمَالهَا وَهِي بَالِغَة فَإِن كن يحصين أعطين وَإِن لم يحصين أعطي الْفُقَرَاء مِنْهُنَّ وَرُوِيَ عَن أبي يُوسُف فِي الْإِمْلَاء مثل قَول مُحَمَّد إِلَّا أَنه قَالَ على الفقيرة والموسرة وَقَالَ الْمعَافى عَن الثَّوْريّ إِذا قَالَ ثلث مَالِي لأرامل بني فلَان فالذكر وَالْأُنْثَى فِيهِ سَوَاء وَذكر ذَلِك عَن الشّعبِيّ قَالَ أَبُو جَعْفَر روى سماك بن حَرْب عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ الحديث: 2186 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 51 قدمت عبر الْمَدِينَة فَاشْترى مِنْهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَتَاعا فَبَاعَهُ بِرِبْح أَوَاقٍ فضَّة فَتصدق بهَا على أرامل بني عبد الْمطلب ثمَّ قَالَ لَا أَعُود أَن أَشْتَرِي بعْدهَا شَيْئا وَلَيْسَ ثمنه عِنْدِي قَالَ أَبُو جَعْفَر وَإِنَّمَا أَرَادَ بذلك النِّسَاء من بني عبد الْمطلب اللائي أنسابهن فِي غَيرهم وَلم يرد الرِّجَال الَّذين لَا تحل لَهُم الصَّدَقَة لِأَنَّهُ تصدق من الرِّبْح فَحصل لَهُ قبل أَن يُؤَدِّي عَنهُ كَمَا يتَصَدَّق بِرِبْح مَا لم يضمن قَالَ وَإِنَّمَا سميت أرملة وَسمي الرجل أرمل لذهاب زادهما وإفضائهما إِلَى الرمل حَتَّى صَارا لَا يحجبهما عَنهُ شَيْء قَالَ أَبُو بكر كَمَا قَالَ الله تَعَالَى {أَو مِسْكينا ذَا مَتْرَبَة} الْبَلَد 16 فَأفَاد لفظ الأرملة شَيْئَيْنِ فقد الزَّوْج وَالْمَال فَإِن كَانَ لَهَا زوج ينْفق عَلَيْهَا فَلَيْسَتْ أرملة إِن كَانَ لَهَا مَال وفقدت زَوجهَا فَلَيْسَتْ أرملة لوُجُود مَا يمْنَعهَا من هَذِه الصّفة فَدلَّ على صِحَة قَول مُحَمَّد غير قَول أبي يُوسُف وَأما قَول من قَالَ يدْخل فِيهِ الرِّجَال فَلَا معنى لَهُ أَيْضا لِأَن الأرامل جمع أرملة كَمَا أَن الأنامل جمع أُنْمُلَة وَجمع أرمل رمل كَمَا يُقَال أَخْضَر وخضر وأحمر وحمر 2187 - فِي الْوَصِيَّة لرجل بِذِي رحم محرم مِنْهُ قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد وَأَبُو يُوسُف إِذا أوصى لرجل بأَخيه أَو امْرَأَته ثمَّ مَاتَ لم يعْتق العَبْد وَلم يفْسد النِّكَاح حَتَّى يقبل الْمُوصى لَهُ الْوَصِيَّة وَقَالَ زفر وَمَالك وَالثَّوْري يعْتق قبل أَو لم يقبل الحديث: 2187 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 52 وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا وهب لصبي من يعْتق عَلَيْهِ أَو أوصى لَهُ بِهِ وَله وَصِيّ كَانَ عَلَيْهِ قبُوله وَيعتق عَلَيْهِ قَالَ أَبُو جَعْفَر قد اتَّفقُوا على أَن الْمُوصى لَهُ بِالْمَالِ إِذا رد الْوَصِيَّة بطلت وَكَانَت كَالْهِبَةِ لَا تملك إِلَّا بِالْقبُولِ كَسَائِر عُقُود التمليكات 2188 - فِي الْوَصِيَّة بِجَمِيعِ المَال لمن لَا وَارِث لَهُ قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه إِذا لم يكن لَهُ وَارِث فأوصى بِجَمِيعِ مَاله جَازَ وَهُوَ قَول شريك بن عبد الله وَقَالَ مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ لَا تجوز وَصيته إِلَّا فِي الثُّلُث قَالَ أَبُو جَعْفَر روى الشّعبِيّ وَغَيره عَن عَمْرو بن شُرَحْبِيل قَالَ قَالَ عبد الله بن مَسْعُود لَيْسَ من حَيّ الْعَرَب أَحْرَى أَن يَمُوت الرجل مِنْهُم وَلَا يعرف لَهُ وَارِث مِنْكُم معشر هَمدَان فَإِذا كَانَ كَذَلِك فليضع مَاله حَيْثُ أحب وَلَا نعلم لَهُ مُخَالفا من الصَّحَابَة وَأَيْضًا فَإِن الْمُسلمين لَا يسْتَحقُّونَ مَاله بعد مَوته على سَبِيل الْمِيرَاث لِأَنَّهُ لَو كَانَ كَذَلِك لما جَازَ أَن يسْتَحقّهُ الرجل مَعَ أَبِيه لِأَن الْأَب وَالْجد لَا يَجْتَمِعَانِ فِي مِيرَاث وَاحِد فَعلمنَا أَنهم لَا يستحقونه على جِهَة الْمِيرَاث وَإِنَّمَا يعطيهم الإِمَام من جِهَة أَنه مَال لَا مَالك لَهُ وَكَانَ للْإِمَام أَن يَضَعهُ حَيْثُ يرى فمالكه أولى بذلك من الإِمَام لِأَنَّهُ كَانَ مَالِكًا لَهُ إِلَى أَن توفّي أَلا ترى أَنه إِذا كَانَ لَهُ وَارِث فأوصى بِأَكْثَرَ من الثُّلُث أَنه إِذا لم تجزه الْوَرَثَة رد إِلَيْهِ مَا زَاد الحديث: 2188 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 53 لِأَنَّهُ يَأْخُذهُ مِيرَاثا فَإِذا لم يكن مِيرَاث فَالْوَصِيَّة جَائِزَة كالثلث الَّذِي لَا يُورث إِذا أوصى بِهِ وَأَيْضًا فللإمام أَن يَجعله لرجل من الْمُسلمين فالموصي بذلك أولى مِنْهُ كَمَا كَانَ فِي حَال الْحَيَاة 2189 - فِي عتق النَّسمَة عَن الْمَيِّت قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه إِذا أوصى بِأَن يعْتق عَنهُ نسمَة من ثلث مَاله وَمَاله ثَلَاثَة آلَاف دِرْهَم فَاشْترى الْوَصِيّ عبدا بِأَلف دِرْهَم وَأعْتقهُ وَأعْطى الْوَرَثَة الْأَلفَيْنِ ثمَّ لحق الْمَيِّت دين فَإِنَّهُ يُؤْخَذ من الْوَرَثَة مَا قبضوا حَتَّى يقْضِي الدّين وَيضمن الْوَصِيّ الثّمن الَّذِي دَفعه وَيكون الْعتْق عَن الْوَصِيّ وَقَالَ مَالك فِيمَا ذكره ابْن الْقَاسِم عَنهُ إِن لحقه دين يسْتَغْرق جَمِيع مَاله رد العَبْد فِي الرّقّ وَإِن لم يستغرقه عتق مِنْهُ بِقدر الثُّلُث بعد الدّين وَلَا يضمن الْوَصِيّ شَيْئا إِذا لم يعلم بِالدّينِ وَلم نجد عَن الشَّافِعِي شَيْئا مَنْصُوصا وَقِيَاس قَوْله أَن يضمن الْوَصِيّ وَلَا يخْتَلف فِيهِ حكم الْعلم وَالْجهل قَالَ أَبُو جَعْفَر لما اتَّفقُوا على أَن الْوَصِيّ لَو كَانَ عَالما بِالدّينِ ضمن مَا دَفعه من مَال الْمَيِّت فِي ثمن النَّسمَة كَذَلِك إِذا لم يعلم لِأَن حُقُوق الْآدَمِيّين لَا يخْتَلف فِي ضَمَانهَا حكم الْجَهْل وَالْعلم وَقد قَالَ مَالك إِذا أَخطَأ القَاضِي فَقتل رجلا بِشَهَادَة عَبْدَيْنِ أَنه يضمن وَإِن لم يتَعَمَّد وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه إِذا كَانَ القَاضِي أَو أَمِينه أعتق ثمَّ لحق الْمَيِّت دين بَطل الْعتْق وَبيع فِي الدّين لِأَن القَاضِي لَا يلْحقهُ ضَمَان فِيمَا تصرف فِيهِ من جِهَة الحكم فَلَا يكون مُشْتَريا لنَفسِهِ وَلَا ينفذ عتقه لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَصِيَّة للْمَيت الحديث: 2189 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 54 2190 - فِي أُمَّهَات الْأَوْلَاد هَل يدخلن فِي الموَالِي قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد فِي رجل أوصى بِثلث مَاله لمواليه لم تدخل فِيهِ أُمَّهَات أَوْلَاده وَلَا مدبروه وَإِنَّمَا يدْخل فِيهِ من عتق مِنْهُم قبل مَوته وروى بشر عَن أبي يُوسُف أَنه قَالَ تدخل فِيهِ أُمَّهَات أَوْلَاده ومدبروه وكل من عتق بِمَوْتِهِ ثمَّ رَجَعَ أَبُو يُوسُف فَقَالَ لَا يدخلن إِلَّا من عتق قبل مَوته وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك تدخل أُمَّهَات أَوْلَاده ومدبروه وَهُوَ قَول اللَّيْث قَالَ أَبُو جَعْفَر الْوَصِيَّة إِنَّمَا تسْتَحقّ بِالْمَوْتِ فَمن لم يكن من موَالِيه فِي تِلْكَ الْحَال وَإِنَّمَا يثبت لَهُ الْوَلَاء بعد ذَلِك فَلَا يدْخل فِي الْوَصِيَّة 2190 - م فِي الْوَصِيَّة للموالي قَالَ مُحَمَّد فِي الْجَامِع وَلم يذكر خلافًا فِي رجل عَرَبِيّ أوصى لمواليه وَله موَالِي أعتقهم وَلَهُم أَوْلَاد وموالي أعتقهم موَالِيه فَالْوَصِيَّة لمواليه الَّذين أعتقهم ولأولادهم وَلَا شَيْء مِنْهَا لموَالِي موَالِيه وَلَو لم يكن لَهُ موَالِي أعتقهم وَلَا أَوْلَادهم قد مَاتُوا وَله موَالِي أعتقهم موَالِيه فَالْوَصِيَّة لموَالِي موَالِيه وَإِن لم يكن وَاحِد من هَؤُلَاءِ وَكَانَ لَهُ موَالِي أعتقهم ابْنه وَقد مَاتَ فورث ولاءهم فَلَا شَيْء لهَؤُلَاء وَإِن كَانَ يَرث ميراثهم لأَنهم لَيْسُوا موَالِيه الحديث: 2190 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 55 وَقَالَ زفر الْوَصِيَّة لمواليه الَّذين أعتقهم ولموالي أَبِيه إِذا كَانَ قد ورث ولاءهم وَكَذَلِكَ إِن كَانَ لَهُ موَالِي قد مَاتُوا وَقَالَ بشر عَن أبي يُوسُف فِي رجل عَرَبِيّ أوصى بِثلث مَال لمواليه وَقد أعتق عبدا وَأعْتق عَبده عبدا فَإِن عبد العَبْد الْمُعْتق لَا يدْخل فِي الْوَصِيَّة وَإِن كَانَ الَّذِي أعْتقهُ مَيتا لِأَنَّهُ ينْسب إِلَيْهِ وَإِن كَانَ مَيتا وَإِنَّمَا يَرِثهُ الْمولى الْأَعْلَى لَو كَانَ حَيا بولاء الْمِيرَاث لَا بولاء الْعتْق وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا أوصى بِصَدقَة على موَالِيه دخل فِيهِ كل من يَرِثهُ بِالْوَلَاءِ من موَالِي أَبِيه وَذَوي قرَابَته وَيُعْطِي الْأَقْرَب فَالْأَقْرَب إِلَّا أَن يكون فِي الأباعد من هُوَ أحْوج من الْأَوَّلين وَيبدأ بِأَهْل الضعْف وَالْحَاجة وَقَالَ اللَّيْث فِي رجل أعتق عِنْد مَوته رَقِيقا وَأوصى بِبَقِيَّة الثُّلُث لمَوْلَاهُ ولأبيه وَعَمه موَالِي فَالْوَصِيَّة لموَالِي أَبِيه وَعَمه خَاصَّة وَقَالَ اللَّيْث إِذا قَالَ دَاري حبيس على موَالِي وَله أَوْلَاد موَالِي أَنهم يدْخلُونَ فِي ذَلِك وَقَالَ الرّبيع عَن الشَّافِعِي فِي مسَائِل الْحَبْس وَإِن قَالَ موَالِي من أَسْفَل ولولده موَالٍ من أَسْفَل لم يدْخل فِي ذَلِك إِلَّا موَالِيه خَاصَّة وَولد موَالِيه وَلم يدْخل فِي ذَلِك موَالِي موَالِيه قَالَ أَبُو جَعْفَر ويحتج لمَذْهَب مَالك بِمَا روى ابْن لَهِيعَة عَن ابْن الْهَاد عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الْحَارِث عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لزيد بن حَارِثَة لما اخْتصم هُوَ وَعلي وجعفر فِي ابْنة حَمْزَة أما أَنْت يَا زيد فمولاي مَوْلَاهَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 56 فَأخْبر أَن زيد مَوْلَاهَا وَهِي ابْنة عَمه قَالَ أَبُو جَعْفَر يَقُول أَصْحَاب الحَدِيث إِن ابْن لَهِيعَة غلط فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث وَإِنَّمَا هُوَ عَن مُحَمَّد بن نَافِع عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ وَرَوَاهُ إِسْرَائِيل عَن أبي إِسْحَاق عَن هَانِئ وهبيرة عَن عَليّ فِي هَذَا الحَدِيث فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لزيد أَنْت أخونا ومولانا وَهَذَا أولى مِنْهُ لاتصال إِسْنَاده ولفساد حَدِيث ابْن لَهِيعَة وَلِأَن مُحَمَّد بن نَافِع لَعَلَّه لم يُولد فِي حَيَاة عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قصَّة بَرِيرَة إِنَّمَا الْوَلَاء لمن أعتق فنفى ثُبُوت الْوَلَاء لمن لم يعْتق 2191 - فِيمَن أوصى لمواليه وَله موَالِي أَعلَى وموالي أَسْفَل قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه إِذا أوصى لمواليه وَله موَالِي أعتقهم وموالي أعتقوه فَالْوَصِيَّة بَاطِلَة حَتَّى يبين لأيهم أوصى وَذكر ابْن أبي عمرَان أَن أَبَا يُوسُف قَالَ إِن كَانَ الْمُوصي مِمَّن عظم أمره الحديث: 2191 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 57 حَتَّى صَار لَهُ موَالِي أعتقهم منسوبين إِلَيْهِ فَالْوَصِيَّة لأولئك دون الَّذين أعتقوه وَذكر الْأنْصَارِيّ عَن أبي حنيفَة وَزفر أَن الْوَصِيَّة بَاطِلَة وَأَن عُثْمَان البتي وسوار بن عبد الله وَعبيد الله بن الْحسن قَالُوا يُوقف ذَلِك على الموَالِي فَإِن اصْطَلحُوا على أَمر جَازَ وَإِن لم يصطلحوا أوقف ذَلِك وَلم يحفظ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك فِيهِ شَيْئا وَقَالَ رَأْيِي أَن يكون للَّذين هم أَسْفَل وَلم يحفظ عَن الشَّافِعِي شَيْئا قَالَ أَبُو جَعْفَر قَول من جعله للْمولى الْأَسْفَل لَا معنى لَهُ لِأَن الِاسْم يَقع عَلَيْهِمَا وَإِنَّمَا ذَلِك قَضَاء بِالظَّنِّ على مُرَاد الْمُوصي وتخصيصه وَلَا يجوز الْقَضَاء فِي الْأَمْوَال بِالظَّنِّ وَقَول من قَالَ يُوقف حَتَّى يصطلحوا لَا معنى لَهُ أَيْضا لِأَن الْوَصِيَّة إِنَّمَا تصح بِقبُول الْمُوصى لَهُ إِذا أُشير إِلَيْهِ بِعَيْنِه أَلا ترى أَنه لَو قَالَ قد بِعْت عَبدِي من وَاحِد من فلَان أَو فلَان فاصطلحا على قبُوله لم يَصح وَلَيْسَ ذَلِك مثل الْوَصِيَّة لأحد الْفَرِيقَيْنِ من الموَالِي الأعلين والأسفلين لِأَنَّهُ لَو كَانَ كَذَلِك لَكَانَ للْوَرَثَة أَن يجعلوها لأي الجنسين شاؤوا وَلم يكن يحْتَاج إِلَى الِاصْطِلَاح 2193 - فِيمَن أوصى لكل وَاحِد من رجلَيْنِ بِثلث مَاله فَيَمُوت أَحدهمَا قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه إِذا أوصى لرجل بِثلث مَاله ثمَّ أوصى لآخر بِثلث مَاله ثمَّ مَاتَ أَحدهمَا قبل موت الْمُوصي فللثاني مِنْهُمَا جَمِيع الثُّلُث الحديث: 2193 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 58 وَقَالَ ابْن الْقَاسِم آخر قَول مَالك فِي ذَلِك إِن نصف الثُّلُث يرجع إِلَى الْوَرَثَة وَكَذَلِكَ قَول اللَّيْث قَالَ أَبُو جَعْفَر وَصِيَّة الْمَيِّت بَينهمَا قد بطلت فَكيف يحاص وَرَثَة الْمُوصى لَهُ الْحَيّ بِوَصِيَّة قد بطلت فَوَجَبَ أَن يكون الثُّلُث كُله للحي وَلَا فرق بَين علمه بِمَوْتِهِ وجهله قَالَ مُحَمَّد فِي إمْلَائِهِ إِذا أوصى بِثُلثِهِ لِرجلَيْنِ وَأَحَدهمَا ميت فللباقي جَمِيع الثُّلُث علم الْمُوصي بِمَوْتِهِ أَو لم يعلم قَالَ وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَقَوْلنَا وروى بشر عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة مثل ذَلِك قَالَ وَقَالَ أَبُو يُوسُف إِذا كَانَ مَجْهُول الْمَوْت فللباقي نصف الثُّلُث وَإِذا كَانَ مَعْرُوف الْمَوْت فَهُوَ كَمَا قَالَ أَبُو حنيفَة 2194 - فِي ولد الْمُوصى بهَا قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه مَا وَلدته الْأمة الْمُوصى بهَا قبل موت الْمُوصي لَا يدْخل فِي الْوَصِيَّة بِحَال وَمَا وَلدته بعد مَوته قبل الْقِسْمَة فَإِنَّهُ يدْخل فِي الْوَصِيَّة بِالرَّقَبَةِ وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَيبدأ بِالْأُمِّ من الثُّلُث ثمَّ بِالْوَلَدِ إِن بَقِي من الثُّلُث شَيْء وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَزفر وَمُحَمّد يكون الثُّلُث مِنْهُمَا وَقَالُوا إِذا أوصى بِعِتْق جَارِيَته ثمَّ مَاتَ فَولدت قبل أَن يعْتق أعتقت دون وَلَدهَا وَلَو أوصى أَن يتَصَدَّق بهَا فَولدت تصدق بِوَلَدِهَا مَعهَا إِذا خرجا من الثُّلُث وَلَو أوصى بِأَن تبَاع من فلَان بِأَلف دِرْهَم فَولدت قبل البيع لم يبع وَلَدهَا مَعهَا وَلَو أوصى أَن تبَاع من فلَان بِأَلف دِرْهَم وَيتَصَدَّق بِثمنِهَا على الْمَسَاكِين بيع الْوَلَد مَعهَا الحديث: 2194 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 59 وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا أوصى لَهُ بِخِدْمَة جَارِيَته حَيَاته فَولدت بعد مَوته فَإِنَّهُ يقوم فِي الْخدمَة مَعهَا وَكَذَلِكَ لَو قَالَ اعتقوا جاريتي هَذِه بعد موتِي فولدها بمثابتها يعتقون مَعهَا من الثُّلُث وَلَا يقرع بَينهم إِذا لم يسعهم الثُّلُث كَمَا يقرع بَين الَّذين أوصى بعتقهما إِذا لم يحملهما الثُّلُث وَقَالَ ابْن وهب عَن اللَّيْث فِيمَن أوصى بِعِتْق أمة لَهُ إِن مَاتَ من مَرضه فَولدت ولدا قبل أَن يَمُوت ثمَّ مَاتَ من مَرضه فولدها بمنزلتها قَالَ وَقَالَ اللَّيْث إِذا أوصى بِعِتْق أمة لَهُ وَهِي حَامِل فَوضعت حملهَا ثمَّ مَاتَ لم تعْتق إِلَّا هِيَ وَلَو مَاتَ وَهِي حَامِل أعتق وَلَدهَا مَعهَا وَذكر الْمُزنِيّ أَن الْوَاجِب على مَذْهَب الشَّافِعِي أَن يدْخل الْوَلَد وَالْهِبَة الحادثان بعد موت الْمُوصي قَالَ أَبُو جَعْفَر قَول اللَّيْث لَا معنى لَهُ فِي إِدْخَال الْوَلَد الْحَادِث قبل الْمَوْت فِي الْوَصِيَّة لِأَن الْوَصِيَّة إِنَّمَا تجب بِالْمَوْتِ فَوجدَ الْمَوْت وَالْولد بَائِن مِنْهَا فَلَا يدْخل فِيهَا قَالَ وَلَا تَخْلُو الْجَارِيَة بعد مَوته من أَن تكون على ملك الْوَرَثَة أَو ملك الْمُوصى لَهُ أَو مَوْقُوفَة فَلَو كَانَت على ملك الْوَرَثَة قبل الْقبُول لما صحت الْوَصِيَّة فِيهَا بعد ذَلِك وَإِن كَانَت فِي ملك الْمُوصى لَهُ فَهَذَا فَاسد لِأَنَّهُ يجوز أَن يدْخل فِي ملكه بِغَيْر قبُوله فَثَبت أَنَّهَا مَوْقُوفَة فَإِن قيل ملك بِالْمَوْتِ فَيدْخل الْوَلَد مَعَ الْأُم ويكونان جَمِيعًا من الثُّلُث كَأَنَّهُ أوصى بهما لَهُ وَأما الْوَصِيَّة بِالْعِتْقِ فَلَا يدْخل الْوَلَد فِيهَا لِأَن الْعتْق لَا ملك فِيهِ لأحد وَلَا يعْتَبر قبُولهَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 60 2195 - فِيمَن أوصى بنسمة بِمَال مَعْلُوم قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا أوصى أَن يعْتق عَنهُ نسمَة بِأَلف دِرْهَم فَكَانَ ثلثه أقل من ألف بطلت الْوَصِيَّة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يَشْتَرِي لَهُ بِالثُّلثِ نسمَة وَيعتق عَنهُ وَهُوَ قَول مَالك قَالَ مَالك وَإِن لم يَجدوا مايشتري بِهِ رَقَبَة فَإنَّا نشْرك بَينه وَبَين آخر وَإِن لم يَفِ بذلك جَازَ أَن يعتقوا بِهِ مكَاتبا فِي آخر كِتَابَته قَالَ أَبُو جَعْفَر لم يَخْتَلِفُوا فِي أَنه لَو أوصى أَن يحجّ عَنهُ بِمِائَة فَلم يبلغ ذَلِك الثُّلُث أَنه يحجّ عَنهُ بِالثُّلثِ من حَيْثُ يبلغ وَكَذَلِكَ النَّسمَة وَفرق أَبُو حنيفَة بَينهمَا بِأَنَّهُ يجوز أَن يحجّ عَنهُ بِغَيْر وَصِيَّة فَيَقَع عَن الْمَيِّت وَلَا يعْتق عَنهُ بِغَيْر أمره فَيكون الْوَلَاء للْمَيت بل يكون للْمُعْتق قَالَ أَبُو جَعْفَر إِن هَذَا وَإِن كَانَ كَذَلِك فَإِنَّهُم لَا يَخْتَلِفُونَ أَن الثُّلُث إِذا بلغ مَا سمى أَنه لَا يحجّ عَنهُ بِأَقَلّ مِنْهُ كالنسمة وَأما قَول مَالك فِي الشّرك فِي الرَّقَبَة ومعونة الْمكَاتب فَلَا معنى لَهُ لِأَن ذَلِك خلاف وَصِيَّة الْمَيِّت 2196 - فِي الْوَصِيَّة بِالنِّكَاحِ كَانَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه وَالشَّافِعِيّ لَا يجيزون وَصِيَّة الرجل إِلَى غَيره فِي تَزْوِيج ابْنَته بكرا كَانَت أَو ثَيِّبًا صَغِيرَة أَو كَبِيرَة الحديث: 2195 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 61 وَقَالَ ابْن الْقَاسِم إِذا أوصى فِي مَرضه فَقَالَ زوجوا ابْنَتي فُلَانَة فلَانا وَهِي بكر فِي حجره أَو يَقُول إِن مت من مرضِي هَذَا فقد زوجت ابْنَتي فلَانا فَرضِي فلَان بذلك بعد مَوته إِن ذَلِك يلْزمهَا وَالْوَصِيَّة بعد الْمَوْت أسهل وَقد سُئِلَ مَالك عَن رجل أوصى أَن يُزَوّج ابْنَته رجلا بعد مَوته فَقَالَ ذَلِك لَازم لَهَا قَالَ أَبُو جَعْفَر الْأَب إِنَّمَا هُوَ ولي لَهَا فِي حَيَاته غير ولي بعد الْمَوْت وَقد صَارَت الْولَايَة بعد الْمَوْت لغيره فَلَا تصح الْوَصِيَّة بِالتَّزْوِيجِ مَعَ زَوَال ولَايَة الْأَب وثبوتها لغيره من الْأَوْلِيَاء وَأَيْضًا قد اتَّفقُوا أَن سَائِر الْأَوْلِيَاء غير الْأَب إِلَيْهِم ولَايَة تَزْوِيجهَا فِي الْحَيَاة وَلَيْسَ إِلَيْهِم الْوَصِيَّة بذلك إِلَى أحد بعد مَوْتهمْ فَكَذَلِك الْأَب 2197 - فِي الْمَرِيض يقْضِي بعض غُرَمَائه قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه وَمَالك لَيْسَ للْمَرِيض أَن يقْضِي بعض غُرَمَائه دينه دون بعض وَقَالَ الثَّوْريّ لَهُ أَن يَقْضِيه وَيسلم لَهُ مَا قبض وَهُوَ قَول الشَّافِعِي قَالَ أَبُو جَعْفَر لما كَانَت هباته من الثُّلُث وقضاؤه للدّين من جَمِيع المَال وَجب أَن يكون حَال الْمَرَض فِي قَضَاء الدّين بِمَنْزِلَة حَال الصِّحَّة فَيجوز قَضَاؤُهُ وَلَا يحاصه سَائِر الْغُرَمَاء قَالَ أَبُو بكر وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْء لِأَن الدّين بعد الْمَوْت من جَمِيع المَال وَلَا يجوز للْقَاضِي وَلَا للْوَصِيّ أَن يقْضِي لبَعض الْغُرَمَاء دون بعض 2198 - فِي الشَّهَادَة على الْوَصِيَّة قَالَ هِشَام عَن مُحَمَّد فِيمَن كتب وَصيته بِيَدِهِ وَالْقَوْم ينظرُونَ إِلَيْهِ وَلَا يقدر أَن ينْطق لم يجز ذَلِك حَتَّى يَقُول اشْهَدُوا عَليّ بهَا وَلم يذكر خلافًا الحديث: 2197 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 62 وروى ابْن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد قَالَ قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا كتب الرجل وَصيته ثمَّ قَالَ لقوم اشْهَدُوا على مَا فِي هَذَا الْكتاب إِن كَانَ ذَلِك فِي صك فِيهِ ذكر حق لم يجز ذَلِك حَتَّى يقرأه أَو يرونه يَكْتُبهُ وهم يعْرفُونَ الْكتاب ويقرؤنه أَو يقْرَأ عَلَيْهِم فَيَقُول اشْهَدُوا عَليّ بِمَا فِيهِ قَالَ وَلَو كتب رِسَالَة من رجل إِلَى فلَان سَلام عَلَيْك أما بعد فَإنَّك كتبت إِلَيّ تتقاضاني الْألف الَّتِي كَانَت لَك عَليّ وَقد كنت قضيتك مِنْهُ خَمْسمِائَة وَبقيت خَمْسمِائَة عَليّ فَهَذَا جَائِز وَهِي شَهَادَة عَلَيْهِ بِالْحَقِّ للرجل وَإِن لم يشهدهم وَيَنْبَغِي لمن علم ذَلِك أَن يشْهد عَلَيْهِ وَإِن أشهدهم على الرسَالَة وَلم يعرفوا مَا فِيهَا لم يجز ذَلِك عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ أَبُو يُوسُف يجوز ذَلِك فِي الرسَالَة وَلَا يجوز فِي الصَّك وَقَالَ ابْن أبي ليلى إِذا كتب وَصيته وَختم عَلَيْهَا وَقَالَ للشُّهُود اشْهَدُوا بِمَا فِيهَا لم يجز ذَلِك وَكَذَلِكَ قَالَ الثَّوْريّ حَتَّى يقرأه عَلَيْهِم وَقَالَ ابْن وهب وَابْن الْقَاسِم عَن مَالك فِي رجل كتب وَصيته ثمَّ دَفعهَا إِلَى نفر وأشهدهم أَن مَا فِيهَا مِنْهُ وَأمرهمْ أَن لَا يفضوا خَاتمه حَتَّى يَمُوت قَالَ ذَلِك جَائِز إِذا أشهدهم أَن مَا فِيهَا مِنْهُ وَمَتى عرفُوا أَنه الْكتاب بِعَيْنِه فليشهدوا بِهِ وَقَالَ اللَّيْث إِذا أشهدهم على مَا فِي الْكتاب وَلَا يعلمُونَ مَا فِيهِ فَإِن ختموا عَلَيْهِ بخواتيمهم ووضعوه عِنْد رجل مِنْهُم فَلَا بَأْس بِأَن يشْهدُوا على ذَلِك الجزء: 5 ¦ الصفحة: 63 الْكتاب إِذا كتبُوا شهاداتهم فِيهِ وَإِن لم يعلمُوا مَا فِيهِ وَإِن هم تركُوا الْكتاب عِنْد صَاحبه ثمَّ مَاتَ لم أر لَهُم أَن يشْهدُوا على مَا فِيهِ قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ أَنه لَو قرئَ الْكتاب على الْمُوصي ثمَّ أقرّ الْمَشْهُود عَلَيْهِ أَنه قد فهمه وأشهدهم عَلَيْهِ جَازَ وَجَائِز ان يكون أقرّ لَهُم بذلك وَهُوَ فِي الْحَقِيقَة بِخِلَاف ذَلِك فَالْقِيَاس على ذَلِك أَن تصح الشَّهَادَة عَلَيْهِ بِمَا فِيهِ وَإِن لم يَقْرَؤُهُ عَلَيْهِ إِذا أقرّ عِنْدهم بذلك وَأَيْضًا لَا يَخْتَلِفُونَ فِيمَن فِي يَده شَيْء مغطى فأشهدهم أَن مَا فِيهِ لفُلَان أَن ذَلِك جَائِز ويسعهم أَن يشْهدُوا بِهِ عِنْد القَاضِي لِأَنَّهُ أشهدهم على مَاله حَقِيقَة مَعْلُومَة فِي نَفسه وَكَذَلِكَ إشهادهم على مَا فِي الْكتاب الْمَخْتُوم وَقد روى مُعْتَمر بن سُلَيْمَان عَن أَبِيه قَالَ حَدثنِي الْحَضْرَمِيّ عَن أبي السوار عَن جُنْدُب بن عبد الله أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث رهطا عَلَيْهِم أَبَا عُبَيْدَة أَو عُبَيْدَة بن الْحَارِث فَلَمَّا مضى لينطلق بَكَى صبَابَة إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فَجَلَسَ وَبعث عبد الله بن جحش وَكتب لَهُ كتابا وَأمره أَن لَا يقْرَأ الْكتاب حَتَّى يبلغ مَكَان كَذَا وَكَذَا وَلَا تكرهن أحدا من أَصْحَابك على الْمسير فَلَمَّا بلغ الْمَكَان قَرَأَ الْكتاب واسترجع وَقَالَ سمعا وَطَاعَة لله وَلِرَسُولِهِ قَالَ فَرجع رجلَانِ وَمضى بَقِيَّتهمْ فَكَانَ مَا فِي هَذَا الْكتاب لَازِما لعبد الله بن جحش مَعَ جَهله بِمَا فِيهِ فَكَذَلِك الْإِشْهَاد عَلَيْهِ فِي مثله وَإِن لم يقرأه الجزء: 5 ¦ الصفحة: 64 2199 - فِي الشَّهَادَة على الْإِيمَاء قَالَ أَبُو حنيفَة فِي الْأَخْرَس يقْرَأ عَلَيْهِ وَصيته وَيُقَال لَهُ نشْهد عَلَيْك بِمَا فِيهِ فيشير بِرَأْسِهِ نعم قَالَ إِذا جَاءَ من ذَلِك مَا يعرف أَنه إِقْرَار أَو كتب فَهُوَ جَائِز وَإِذا اعتقل لِسَان الرجل لم يجز أَن يشْهدُوا على إِشَارَته قَالَ أَبُو جَعْفَر يَعْنِي بذلك من اعتقل لِسَانه إِذا لم يطلّ بِهِ ذَلِك فَأَما إِذا ييئس من برئه بِمُضِيِّ مُدَّة أجل عنين فَهُوَ بِمَنْزِلَة الْأَخْرَس قَالَ أَشهب إِذا جَاءَ من ذَلِك مَا يعرف جَازَ وَلم يذكر خلافًا بَينه وَبَين مَالك وَقَالَ اللَّيْث إِذا أثبت إِشَارَة الْمَرِيض على مَا يعرف من حَضَره أَنه يعرف مَا يصنع جَازَت وَصيته وَإِن اخْتلف ذَلِك فِيهِ وَإِن لم يثبت مَا يُشِير بِهِ من وَصيته أبطل ذَلِك وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي امْرَأَة قَالَت فِي مَرضهَا فلَان حر وَفُلَان حر ثمَّ أصمتت فَقيل لَهَا وَفُلَان حر فأومأت برأسها أَي نعم ثمَّ أفاقت فتكلمت فَسمِعت أخرين فأجازهم مَكْحُول كلهم وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا كَانَ قبله كَلَام وَبعده كَلَام كَانَ جَائِزا وروى الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي فِي مُخْتَصره قَالَ وأصمتت أُمَامَة بنت الحديث: 2199 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 65 أبي الْعَاصِ فَقيل لَهَا لفُلَان كَذَا وَلفُلَان كَذَا فَأَشَارَتْ أَن نعم فبرئت وَصيته قَالَ الشَّافِعِي فَإِذا جَازَ هَذَا فِي الصَّحِيح لما لم يقدر على الْكَلَام كَانَ فِي الَّذِي لم يزل أمره بِالْإِشَارَةِ أَحْرَى قَالَ أَبُو جَعْفَر حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن أبي دَاوُد قَالَ حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن عبد الله الأويسي قَالَ حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن سعد عَن شُعْبَة عَن هِشَام بن زيد عَن أنس بن مَالك قَالَ عدا يَهُودِيّ على جَارِيَة فَأخذ أَوْضَاحًا كَانَت عَلَيْهَا ورضخ رَأسهَا بَين حجرين فَأتى بهَا أَهلهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهِي فِي آخر رَمق قد أصمتت قَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَتلك فلَان يَعْنِي الْيَهُودِيّ الَّذِي قَتلهَا فَأَشَارَتْ برأسها أَي لَا فَقَالَ ففلان لرجل آخر غير الَّذِي قَتلهَا فَأَشَارَتْ برأسها أَي لَا فَقَالَ ففلان لقالتها فَأَشَارَتْ أَي نعم فَأمر بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرض رَأسه بَين حجرين قَالَ أَبُو جَعْفَر فَجعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إشارتها بِمَنْزِلَة دَعْوَاهَا ذَلِك بلسانها من غير اعْتِبَار مِنْهُ دوَام ذَلِك عَلَيْهَا مُدَّة من الزَّمَان فَدلَّ على أَن من اعتقل لِسَانه فَهُوَ بِمَنْزِلَة الْأَخْرَس فَيجوز إِقْرَاره بِالْإِيمَاءِ وَالْإِشَارَة قَالَ أَبُو بكر رَحمَه الله مَعْلُوم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يقتل الْيَهُودِيّ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 66 بإيمائها وَإِنَّمَا قَتله بِإِقْرَار مِنْهُ بذلك أَو بِبَيِّنَة لِأَن دَعْوَى الْمَجْرُوح لَا تقبل على غَيره وَإِن جَازَ أَن يقْتله بِإِقْرَارِهِ وَإِن لم ينْقل إِلَيْنَا كَذَلِك يجوز أَن يكون إِنَّمَا قبل الْخُصُومَة من أوليائها فِي ذَلِك بدعواهم وَكَانَت فَائِدَة استثباتها فِي ذَلِك وإشارتها أَنه يغلب مَعهَا فِي الظَّن أَنه هُوَ الْقَاتِل فيسع الْأَوْلِيَاء أَن يدعوا عَلَيْهِ وَإِن لم يغلب ذَلِك فِي الظَّن لما وسعهم أَن يعترضوا رجلا من عرض النَّاس فيدعوا ذَلِك عَلَيْهِ 2200 - فِي حكم الْحَامِل وَمن شهد الْقِتَال فِي أَمْوَالهم قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه فِي المحصور وَالَّذِي فِي صف الْقِتَال وَالْحَامِل إِنَّهُم بِمَنْزِلَة الصَّحِيح فِي أَمْوَالهم وَمن بارز رجلا أَو قدم ليقْتل فِي قصاص أَو ليرجم فِي زنا فَهُوَ بِمَنْزِلَة الْمَرِيض وَكَذَلِكَ الْحَامِل إِذا ضربهَا الطلق أَو حدث بهَا من الْحمل مَا تصير بِهِ صَاحِبَة فرَاش فَهِيَ كَالْمَرِيضِ وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك وَاللَّيْث إِذا مضى على الْحَامِل سِتَّة أشهر لم يجز لَهَا قَضَاء فِي مَالهَا إِلَّا فِي ثلثهَا قَالَ مَالك وَكَذَلِكَ إِذا زحف فِي صف الْقِتَال فَهُوَ بِمَنْزِلَة الْمَرِيض الْمخوف عَلَيْهِ مَا كَانَ على تِلْكَ الْحَالة وَقَالَ الْحسن بن حَيّ وَالثَّوْري إِذا التقى الصفان فَمَا صنع فَهُوَ وَصِيَّة وَقَالَ سعيد بن الْمسيب الْحَامِل والغازي صدقتهما من الثُّلُث وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ مثل الصَّحِيح وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن وَالشَّافِعِيّ الْحَامِل بِمَنْزِلَة الصَّحِيح مَا لم يضْربهَا الْمَخَاض الحديث: 2200 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 67 وَقَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي فِي الْأَسير إِذا قدم ليقْتل لم يجز لَهُ من مَاله إِلَّا الثُّلُث وَإِذا اقتحم فِي الْحَرْب فمخوف وَإِذا كَانَ فِي أَيدي الْمُشْركين الَّذين يقتلُون الأسرى فمخوف وَقَالَ فِي الْإِمْلَاء إِن قدم من عَلَيْهِ قصاص فَهُوَ غير مخوف مَا لم يجرحوا لِأَنَّهُ يُمكن أَن يتْركُوا فيحيوا وَقَالَ الْمُزنِيّ الأول أولى لِأَنَّهُ قد يسلم من التحام الْحَرْب وَمن كل مرض مخوف قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ أَن تصرف الْمَرِيض صَاحب فرَاش من الثُّلُث فِي هباته وصدقاته وعتاقه مَعَ اخْتِلَاف حَال الْأَمْرَاض بعد أَن يكون صَاحب فرَاش وَلم يفرقُوا فِي الْمَرَض الَّذِي هَذَا وَصفه أَن يكون وُقُوع تصرفه فِي أَوله أَو آخِره فَلَمَّا لم يكن لأوّل حَال الْحمل حكم الْمَرَض كَذَلِك آخِره مَا لم تضربه إِلَى أَن تصير صَاحِبَة فرَاش بحدوث الطلق وَكَذَلِكَ من خيف عَلَيْهِ الْقَتْل وَلَا حكم لذَلِك إِلَّا أَن يبارز أَن يقدم ليقتص مِنْهُ أَو يقتل بِغَيْر قصاص 2201 - فِي ولَايَة الْجد على الصَّغِير قَالَ أَصْحَابنَا وَصِيّ الْأَب أولى بِالْولَايَةِ على الصَّغِير فِي الشِّرَاء وَالْبيع من الْجد أَب الْأَب فَإِذا لم يكن أَب وَلَا وَصِيّه فالجد بِمَنْزِلَة الْأَب فِي ذَلِك وَقَالَ مَالك لَا يجوز للْجدّ بيع مَال ابْن ابْنه الصَّغِير وَلَا يجوز أمره فِيهِ أَلا أَن يكون وَالِد الصَّبِي أوصى إِلَيْهِ بذلك الحديث: 2201 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 68 قَالَ وَكَذَلِكَ الْأَخ وَهُوَ قَول الْحسن بن حَيّ وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْجَارِيَة الْبكر لَا يُزَوّجهَا بِغَيْر إِذْنهَا وَلَا الصَّغِيرَة إِلَّا أَبوهَا أَو جدها فَدلَّ ذَلِك على أَن مذْهبه أَن الْجد يقوم مقَام الْأَب قَالَ أَبُو جَعْفَر لما كَانَ وَصِيّ الْأَب أولى بِالتَّصَرُّفِ على الصَّغِير دلّ على أَن الْجد لَا ولَايَة لَهُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَو كَانَ لَهُ ولَايَة لما كَانَ وَصِيّ الْأَب أولى مِنْهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ للْأَب أَن يزِيل ولَايَته إِذا كَانَت مُسْتَحقَّة بِالنّسَبِ وَهُوَ ثَابت مَعَ وَصِيّ الْأَب وَمَعَ عَدمه 2202 - فِيمَن اشْترى ابْنه فِي مَرضه قَالَ أَبُو حنيفَة وَاللَّيْث فِيمَن اشْترى ابْنه فِي مَرضه فَإِن خرج من ثلثه عتق وَورثه وَإِن لم يخرج من ثلثه لم يَرِثهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يَرث فِي الْأَحْوَال كلهَا وَيسْعَى فِي قِيمَته لِأَنَّهُ لَا وَصِيَّة لَهُ وَيسْقط عَنهُ مِنْهَا بِقدر مِيرَاثه وَيسْعَى لباقي الْوَرَثَة فِي حصصهم 2203 - فِي إِقْرَار بعض الْوَرَثَة بِوَصِيَّة من الْمَيِّت قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد فِي الرِّوَايَة الْمَشْهُورَة فِي رجل مَاتَ وَترك ابْنَيْنِ فَأقر أَحدهمَا بِأَن الْمَيِّت أوصى لَهُ بِثلث مَاله وَجحد الآخر أَنه يدْفع إِلَى الْمُوصى لَهُ الثُّلُث مِمَّا فِي يَده وَهُوَ قَول الشَّافِعِي الحديث: 2202 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 69 وَسمعت ابْن أبي عمرَان يَقُول سَمِعت مُحَمَّد بن سَمَّاعَة عَن أبي يُوسُف أَنه يَأْخُذ من الْمقر نصف مَا فِي يَده وَكَذَلِكَ روى الْحسن بن زِيَاد عَن زفر قَالَ وَقَالَ مَالك يَأْخُذ الْمقر لَهُ مِقْدَار حَقه من نصيب الَّذِي أقرّ قَالَ أَبُو جَعْفَر لم يخْتَلف أَصْحَابنَا فِي الْمقر بِابْن آخر أَنه يُعْطِيهِ نصف مَا فِي يَده وَاتَّفَقُوا أَيْضا أَن الْمُوصى لَهُ لَو أَقَامَ الْبَيِّنَة على أحد الِابْنَيْنِ وَالْآخر غَائِب أَنه يَأْخُذ مِنْهُ نصف مَا فِي يَده وَكَذَلِكَ إِذا جحد أَحدهمَا وَأقر الآخر 2204 - فِيمَن أوصى إِلَى رجل فِي خَاص مَاله قَالَ أَبُو حنيفَة فِي رجل أوصى إِلَى رجل فِي بيع تركته وَأوصى إِلَى آخر فِي اقْتِضَاء دينه أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا وَصِيّ فِي جَمِيع ذَلِك وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن كل وَاحِد مِنْهُمَا وَصِيّ فِيمَا أوصى بِهِ إِلَيْهِ خَاصَّة وَذكر مُحَمَّد فِي الأَصْل أَن قَول أبي يُوسُف مثل قَول أبي حنيفَة وروى الْحسن بن زِيَاد عَن زفر مثل قَول أبي حنيفَة وَعَن أبي يُوسُف مثل قَول مُحَمَّد إِنَّه وَصِيّ فِيمَا أوصِي بِهِ إِلَيْهِ خَاصَّة وَذكر ابْن الْقَاسِم من رَأْيه أَنه إِذا قَالَ فلَان وَصِيّ على مَالِي وَفُلَان وَصِيّ على قَضَاء ديني وَفُلَان وَصِيّ على بضع بَنَاتِي إِن هَذَا جَائِز قَالَ وَسُئِلَ مَالك عَن رجل أوصى إِلَى رجل أَن يتقاضى دينه وَيبِيع تركته وَلم يوص إِلَيْهِ بِأَكْثَرَ من هَذَا أَيجوزُ أَن يُزَوّج بَنَاته فَقَالَ مَالك لَو وَقع ذَلِك رَجَوْت أَن يكون جَائِزا وَلَكِن الأحب إِلَيّ أَن يرفع ذَلِك إِلَى السُّلْطَان حَتَّى ينظر فِيهِ وَإِن قَالَ فلَان وَصِيّ حَتَّى يقدم فلَان فَإِذا أقدم ففلان القادم وَصِيّ فَهَذَا جَائِز الحديث: 2204 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 70 وروى الْمُزنِيّ فِي جَامعه عَن الشَّافِعِي إِذا أوصى إِلَى رجل بِمَال وَإِلَى آخر بِمَال كَانَت كل وَاحِدَة من الوصيتين إِلَى من جعلهَا إِلَيْهِ قَالَ أَبُو جَعْفَر لما كَانَ لَهُ أَن يُوصي فِي الثُّلُث بِمَا شَاءَ وَكَانَ ذَلِك بِمَنْزِلَة تصرفه فِيهِ فِي حَيَاته وَكَذَلِكَ لَهُ أَن يُوصي بِبَعْض مَاله إِلَى رجل وببعضه إِلَى آخر كَمَا كَانَ لَهُ أَن يفعل ذَلِك فِي حَيَاته بِالتَّوْكِيلِ فِيهِ 2205 - فِي وَصِيّ الْأُم وَالْأَخ قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه وَصِيّ الْأُم وَالْأَخ بِمَنْزِلَة وَصِيّ الْأَب على الْكَبِير الْغَائِب فِي مِيرَاثه عَنْهُمَا مَا سوى الْعقار وَلَا يَبِيع الْعقار وَلَا يتجر فِي المَال وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَصِيّ الْأُم أَحَق بِمَال الصغار الَّذِي ورثوه عَن الْأُم من أَبِيهِم وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك فِي امْرَأَة أوصت بابنة لَهَا إِلَى أُخْت لَهَا وللابنة مَال فَذَلِك جَائِز وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك وَلَا يجوز ذَلِك لوصي الْأَخ وَلكنه يرفع إِلَى السُّلْطَان وَفرق بَين وَصِيّ الْأُم ووصي الْأَخ لِأَن الْأُم يجوز لَهَا فِي وَلَدهَا أَشْيَاء كَثِيرَة لَا يجوز للْأَخ وَلَو أجزته للْأَخ أجزته للعم وَلمن هُوَ أبعد مِنْهُ قَالَ وَلَا يجوز أَيْضا لوصي الْجد أَمر إِذا لم يكن الْأَب أوصى إِلَيْهِ قَالَ أَبُو جَعْفَر لما لم يكن للْأُم وَالْأَخ ولَايَة فِي مَال الصَّغِير كَذَلِك وصيهما وَقد اتَّفقُوا على أَن وصيهما لَا يتَصَرَّف فِيمَا لم يَرِثهُ الصَّغِير عَنْهُمَا الحديث: 2205 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 71 2206 - فِي وَصِيَّة الرجل إِلَى عَبده قَالَ أَبُو حنيفَة إِن كَانَ الْوَرَثَة صغَارًا فَالْوَصِيَّة جَائِزَة وَإِن كَانُوا كبارًا فَالْوَصِيَّة إِلَى عَبده بَاطِلَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد الْوَصِيَّة إِلَى عَبده بَاطِل فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ مَالك تجوز الْوَصِيَّة إِلَى عَبده وَإِن كَانَ فِي الْوَرَثَة أكَابِر فَإِن أَرَادَ الْكِبَار بيع أنصبائهم اشْترى ذَلِك للصغار إِن كَانَ لَهُم مَال وَإِن لم يكن لَهُم مَال ترك نصيب الأصاغر من العَبْد يقوم عَلَيْهِ إِلَّا أَن يكون فِي بيع الأكابر نصِيبهم ضَرَر على الأصاغر فَيُبَاع نصيب الأصاغر مَعَهم وَقَول اللَّيْث فِي هَذَا مثل قَول مَالك قَالَ أَبُو جَعْفَر من شَرط الْوَصِيّ أَن يكون عدلا أَمينا وَالْعَبْد مَنْقُوص الْحَال فِي بَاب الشَّهَادَة وَسُقُوط بعض الْفَرَائِض عَنهُ فَالْقِيَاس أَنه لَا تجوز الْوَصَايَا إِلَيْهِ بِوَجْه 2207 - فِي الْوَصِيّ يدْفع مَال الْيَتِيم مُضَارَبَة أَو يتجر بِهِ قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه وَمَالك وَالشَّافِعِيّ للْوَصِيّ أَن يتجر بِمَال الْيَتِيم وَأَن يَدْفَعهُ مُضَارَبَة وَلَا يضمن وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يتجر بِهِ لنَفسِهِ وَيضمنهُ وَلَا يتجر بِهِ للْيَتِيم وَقَالَ الثَّوْريّ لَا يحركه أحب إِلَيّ وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِن اتّجر بِهِ وَأخرجه جَازَ لَهُ ذَلِك وَإِن دَفعه إِلَى الحديث: 2206 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 72 غَيره ليتجر بِهِ وَكَانَ ذَلِك أمثل فَلَا بَأْس بِهِ فَإِن هلك لم يضمنهُ فِي الْوَرع وَضَمنَهُ فِي الْقَضَاء إِلَّا أَن يُقيم بَيِّنَة وَقَالَ اللَّيْث لَا بَأْس بِأَن يسلف ولي الْيَتِيم مَال الْيَتِيم من يضمنهُ ويتجر فِيهِ وضمانه على وَالِي الْيَتِيم إِن أسلفه أحد أَو استسلفه لنَفسِهِ فِي بعض مَا يحْتَاج إِلَيْهِ وَإِن تسلفه فيتجر فِيهِ فَالضَّمَان عَلَيْهِ وَالرِّبْح للْيَتِيم وَقَالَ ابْن أبي ليلى لَا يجوز للْوَصِيّ أَن يتجر فِي مَال الْيَتِيم وَعَلِيهِ الضَّمَان إِن فعل وَكَذَلِكَ إِن دَفعه مُضَارَبَة قَالَ أَبُو جَعْفَر رُوِيَ عَن عمر أَنه دفع مَال يَتِيم مُضَارَبَة وَقَالَ نَافِع كَانَ ابْن عمر يكون عِنْده مَال الْيَتِيم فَرُبمَا أنْفق بعضه وَرُبمَا أعْطى مِنْهُ مُضَارَبَة وَقَالَ الْقَاسِم بن مُحَمَّد كَانَت أَمْوَالنَا عِنْد عَائِشَة وَكَانَت تبضعها فِي الْبَحْر وَلَا يرْوى عَن غَيرهم من الصَّحَابَة خلافهم وَلم يَخْتَلِفُوا أَن للْأَب أَن يتجر فِي مَال الصَّغِير وَكَذَلِكَ وَصِيّه 2208 - فِي الْوَصِيّ يَبِيع عقار الصَّغِير قَالَ أَصْحَابنَا إِذا كَانَ الْوَرَثَة كبارًا وَلَيْسَ على الْمَيِّت دين وَلَا هُنَاكَ وَصِيَّة لم يجز للْوَصِيّ بيع الْعقار عَلَيْهِم وَإِن كَانُوا أَغْنِيَاء فَإِن كَانَ فيهم الحديث: 2208 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 73 صَغِير فَإِن أَبَا حنيفَة قَالَ للْوَصِيّ أَن يَبِيع على الصغار والكبار وَهُوَ قَول ابْن أبي ليلى وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا يجوز بَيْعه فِي نصيب الْكِبَار وَيجوز فِي حِصَّة الصغار وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك لَا يَبِيع الْوَصِيّ عقار الْيَتَامَى إِلَّا أَن يكن دَارا غَلَّتهَا لَا تحملهم وَلَيْسَ لَهُم مَا ينْفق عَلَيْهِم مِنْهُ فتباع الدَّار أَو يرغب فِيهَا فيعطي الثّمن الَّذِي فِيهِ غِبْطَة وَمَا أشبه ذَلِك فَيجوز بَيْعه على الصغار وَلَا يجوز على الْكِبَار وَلكنه يتْرك أنصباء الْكِبَار الْغَيْب وَيكون النّظر فِي نصيب لغَائِب إِلَى السُّلْطَان وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا لم يكن على الْمَيِّت دين وَلَا وَصِيَّة لم يجز بيع الْوَصِيّ لعقار الْكِبَار وَينظر فِي بَيْعه على الصغار فَإِن كَانَ نظرا لَهُم جَازَ إِن كَانَ غير نظر لَهُم لم يجز قَالَ أَبُو جَعْفَر الْوَصِيّ مَأْمُور بشرَاء الْعقار للصغار إِذا كَانَ لَهُم فِيهِ حَظّ لِأَن فِيهِ حفظ مَالهم وَلَا يجوز أَن يصرف الْعقار إِلَى غَيره إِلَّا لضَرُورَة أَو غِبْطَة كَمَا جَازَ سواهُ لما فِيهِ من الْغِبْطَة لَهُم 2209 - فِي الْوَصِيّ يُوصي إِلَى غَيره قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري فِي الْوَصِيّ يُوصي إِلَى غَيره أَن الثَّانِي وَصِيّ للْمَيت الأول ولوصيه الحديث: 2209 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 74 وَقَالَ ابْن أبي ليلى لَا يكون وَصِيّا للْأولِ إِلَّا أَن يُوصي إِلَيْهِ الآخر بِوَصِيَّة الأول وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك فِي الْوَصِيّ تحضره الْوَفَاة فيوصي بِمَال ذَلِك الرجل إِلَى رجل وببضع بَنَاته إِلَى رجل آخر فَذَلِك جَائِز وروى الْمُزنِيّ فِي مُخْتَصره عَن الشَّافِعِي قَالَ لَيْسَ للْوَصِيّ أَن يُوصي بِمَا أوصى بِهِ إِلَيْهِ وَإِن قَالَ إِن حدث بوصيي حدث فقد أوصيت إِلَى من أوصى إِلَيْهِ لم يجز لِأَنَّهُ أوصى بِمَال غَيره وَقَالَ فِي اخْتِلَاف أبي حنيفَة وَابْن أبي ليلى إِن ذَلِك جَائِز إِذا قَالَ قد أوصيت إِلَيْك بتركة فلَان قَالَ الْمُزنِيّ قَوْله هَذَا مُوَافق لقَوْل الْكُوفِيّين والمدنيين وَالَّذِي قبله أشبه بقوله قَالَ ابو جَعْفَر لَيْسَ للْوَكِيل أَن يُوكل غَيره فِيمَا وكل بِهِ إِلَّا أَن يَجْعَل إِلَيْهِ ذَلِك فَيجوز لَهُ تَوْكِيل غَيره وَكَذَلِكَ الْوكَالَة الْمُطلقَة لَا يسْتَحق بهَا التَّصَرُّف فِي البيع إِلَّا أَن يَجْعَل ذَلِك إِلَيْهِ أَو يَقُول لَهُ اعْمَلْ فِيهِ بِرَأْيِك ويجيز أمره فِيهِ وَالْوَصِيّ يسْتَحق التَّصَرُّف فِي المَال بِنَفس الْوَصِيَّة وَإِن لم يشْتَرط ذَلِك لَهُ فِي عقد الْوَصِيَّة وَلَا يشرط جَوَاز أمره فَصَارَ لفظ الْوَصِيَّة مقتضيا لجَوَاز أمره فِيهِ كَالْوكَالَةِ إِذا شَرط فِيهَا ذَلِك فَيجوز للْوَصِيّ أَن يُقيم وَصِيّا مَكَانَهُ وَإِن لم يشرط لَهُ كَمَا يتَصَرَّف بِسَائِر وُجُوه التَّصَرُّف وَإِن لم يشرط لَهُ وكما يُوكل الْوَكِيل إِذا شَرط لَهُ جَوَاز أمره قَالَ أَبُو جَعْفَر وَقَول الشَّافِعِي إِنَّه إِذا اشْترط فِي وَصيته إِن حدث الجزء: 5 ¦ الصفحة: 75 بوصيه حدث الْمَوْت فقد أوصى إِلَى من أوصى إِلَيْهِ وَصِيّه لم يجز واحتجاجه أَنه جعله وَصِيّا فِي مَال غَيره فَإِنَّهُ منتقض لِأَنَّهُ يُوجب أَن لَا تجوز الْوِصَايَة الأولى مِنْهُ لِأَنَّهَا فِي مَال الْغَيْر 2210 - فِي تصرف أحد الْوَصِيّين روى ابْن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد فِي رجل يُوصي إِلَى رجلَيْنِ قَالَ لَيْسَ لأَحَدهمَا أَن يفعل شَيْئا دون صَاحبه إِلَّا فِي سِتَّة أَشْيَاء يجوز لَهُ مَا يجوز للْوَارِث أَن يَفْعَله إِلَّا فِي خَصْلَتَيْنِ يجوزان لَهُ وَلَا يجوز للْوَارِث النَّفَقَة على الصغار فِي الطَّعَام وَالْكِسْوَة الَّتِي لابد مِنْهَا فَإِن ذَلِك يجوز لَهُ وَلَا يجوز للْوَارِث أَن يَفْعَله وَيجوز لَهُ شِرَاء الْكَفَن وَقَضَاء الدّين عَنهُ وإنفاذ وَصيته فِيمَا أوصى بِهِ من صَدَقَة أَو نَحْوهَا أَو شَيْء لرجل يَدْفَعهُ إِلَيْهِ من غير شركَة بَينه وَبَين قوم وَيكون خصما فِيمَا يدعى على الْمَيِّت فَأَما غير ذَلِك من شِرَاء وَبيع فَلَا وَقَالَ فِي الْجَامِع الصَّغِير لَيْسَ لأحد الْوَصِيّين أَن يَشْتَرِي للْوَرَثَة إِذا كَانُوا صغَارًا إِلَّا الطَّعَام وَالْكِسْوَة لَيْسَ لَهُ أَن يَشْتَرِي لَهُم عبدا يخدمهم وَإِن احتاجوا إِلَى ذَلِك إِلَّا بِأَمْر الآخر فِي قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف فعل أحد الْوَصِيّين جَائِز كفعلهما وروى الْحسن عَن زفر مثل قَول أبي حنيفَة وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك لَيْسَ لأحد الْوَصِيّين أَن يَشْتَرِي وَيبِيع لِلْيَتَامَى دون صَاحبه وَكَذَلِكَ الارتهان وَإِن اخْتلفَا نظر فِي ذَلِك السُّلْطَان وَقَالَ الشَّافِعِي فِيمَا حَكَاهُ عَنهُ الْمُزنِيّ إِذا أوصى إِلَى رجلَيْنِ فَمَاتَ الحديث: 2210 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 76 أَحدهمَا أبدل مَكَانَهُ آخر وَإِن دفع مكَاتب الْمَيِّت مُكَاتبَته إِلَى أحد وصييه لم يعْتق قَالَ أَبُو جَعْفَر لم يَخْتَلِفُوا فِي الوكيلين بِالْبيعِ والمضاربين أَنه لَا يجوز تصرف أَحدهمَا دون الآخر كَذَلِك يجب أَن يكون الوصيان 2211 - فِي حفظ الْوَصِيّين لِلْمَالِ قَالَ فِي الأَصْل قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا اخْتلف الوصيان فِي المَال عِنْد من يكون فَإِنَّهُ يكون عِنْد كل وَاحِد مِنْهُمَا نصفه وَإِن شَاءَ استودعاه رجلا وَإِن شَاءَ أجعلاه عِنْد أَحدهمَا وَلم يذكر خلافًا وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك فِي الرجل يُوصي إِلَى الْقَوْم أَنهم لَا يقسمون مَاله بَينهم بل يكون عِنْد أفضلهم فَيكون هُوَ الَّذِي يَلِي النَّفَقَة على من ترك فَإِن اتهموا كلهم ختم ذَلِك المَال فَوضع على يَدي عدل وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا اخْتلفَا قسم بَينهمَا وَجعل فِي أَيْدِيهِمَا نِصْفَيْنِ قَالَ أَبُو جَعْفَر إِذا كَانَا متساويين فِي الْوَصِيَّة استحقا جَمِيعًا إمْسَاك المَال بَينهمَا وَالتَّصَرُّف على الصَّغِير فَلَا معنى لاعْتِبَار أفضلهما 2212 - فِي الْوَصِيَّة بشرَاء نسمَة بِعَينهَا قَالَ أَبُو جَعْفَر قِيَاس قَول أبي حنيفَة وَأَصْحَابه وَالشَّافِعِيّ فِيمَن أوصى أَن يَشْتَرِي عبد فلَان بِأَلف دِرْهَم وَيعتق عَنهُ فَبَاعَهُ فلَان بِأَقَلّ من ألف دِرْهَم أَنه يعْتق عَن الْمَيِّت وَيكون الْفضل مَرْدُود إِلَى الْوَرَثَة الحديث: 2211 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 77 وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك يعان بِالْفَضْلِ رَقَبَة بِعَينهَا فَيعتق أَو مكَاتب يقاطع وَهُوَ قَول اللَّيْث قَالَ أَبُو جَعْفَر إِذا أوصى بِالْمَالِ فِي وَجه لَا يجوز صرفه فِي غير ذَلِك الْوَجْه وَإِن تعذر تصرفه فِي الْوَجْه الْمُوصى بِهِ رَجَعَ إِلَى الْوَرَثَة نَحْو أَن يُوصي بِأَن يَشْتَرِي بِثلث مَاله عبد زيد فَيعتق عَنهُ فَأبى زيد أَن يَبِيعهُ وَأعْتقهُ عَن نَفسه إِن مَا أوصى بِهِ الْمَيِّت يرجع إِلَى الْوَارِث كَذَلِك مَا فضل من ثمن رَقَبَة بِعَينهَا يَنْبَغِي أَن يرجع إِلَى الْوَارِث 2213 - فِي الْوَصِيّ يَأْكُل من مَال الْيَتِيم قَالَ إِسْمَاعِيل بن سَالم عَن مُحَمَّد قَالَ أما نَحن فَلَا نحب للْوَصِيّ أَن يَأْكُل من مَال الْيَتِيم شَيْئا قرضا وَلَا غَيره وَلم يذكر خلافًا وَذكر بشر بن الْوَلِيد فِي نَوَادِر أبي يُوسُف سَمِعت أَبَا يُوسُف قَالَ لَا يَأْكُل الْوَصِيّ من مَال الْيَتِيم إِذا كَانَ مُقيما وَإِذا أَرَادَ أَن يخرج فِي تقاضي دين لَهُم وَإِلَى ضيَاع لَهُم فَلهُ أَن ينْفق ويكتسي وَيَشْتَرِي دَابَّة فَإِذا رَجَعَ رد الثِّيَاب الَّتِي عَلَيْهِ إِن كَانَ بَقِي مِنْهَا شَيْء وَيرد الدَّابَّة وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَا أَدْرِي لَعَلَّ هَذِه الْآيَة مَنْسُوخَة يَعْنِي قَوْله تَعَالَى {وَمن كَانَ فَقِيرا فَليَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ} النِّسَاء 6 بقوله {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُم بَيْنكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تكون تِجَارَة عَن ترَاض مِنْكُم وَلَا تقتلُوا أَنفسكُم إِن الله كَانَ بكم رحِيما} النِّسَاء 29 وَقَالَ ابْن الحكم عَن مَالك وَمن كَانَ لَهُ يَتِيم فخلط نَفَقَته بِمَالِه فَإِن كَانَ الحديث: 2213 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 78 الَّذِي يُصِيب الْيَتِيم أَكثر مِمَّا يُصِيب وليه من نَفَقَته فَلَا بَأْس وَإِن كَانَ الْفضل للْيَتِيم فَلَا يخالطه قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلم يفرق بَين الْغَنِيّ وَالْفَقِير وَقَالَ الْمعَافى عَن الثَّوْريّ يجوز لوَلِيّ الْيَتِيم أَن يَأْكُل طَعَام الْيَتِيم ويكافئه عَلَيْهِ وَهَذَا يدل على أَنه كَانَ يُجِيز لَهُ أَن يستقرض من مَاله قَالَ الثَّوْريّ وَلَا يُعجبنِي أَن ينْتَفع من مَاله بِشَيْء وَإِن لم يكن على الْيَتِيم فِيهِ ضَرَر نَحْو اللَّوْح يكْتب فِيهِ وَقَالَ الْحسن بن حَيّ ويستقرض الْوَصِيّ من مَال الْيَتِيم إِذا احْتَاجَ إِلَيْهِ ثمَّ يَقْضِيه وَيَأْكُل الْوَصِيّ من مَال الْيَتِيم بِقدر عمله فِيهِ إِذا لم يضر بِالصَّبِيِّ قَالَ أَبُو جَعْفَر روى الزُّهْرِيّ عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد أَن رجلا أَتَى ابْن عَبَّاس فَقَالَ إِن إِلَيّ مواشي أَيْتَام فَهَل عَليّ جنَاح أَن أُصِيب من رسل مَوَاشِيهمْ فَقَالَ ابْن عَبَّاس إِن كنت تبغي ضَالَّتهَا وَتَهْنَأ جَرْبَاهَا وَتَلوط حياضها وتفرط عَلَيْهَا يَوْم وُرُودهَا فَلَا جنَاح عَلَيْك أَن تصيب من رسلها فَلم يذكر أَن مِقْدَار مَا يصل إِلَيْهِ من مَال الْيَتِيم مثل مَا يصيبهم من مَنَافِعه فَدلَّ على أَنه لم يَجْعَل ذَلِك بَدَلا مِمَّا يَفْعَله الْوَلِيّ للْيَتِيم وروى الْأَعْمَش عَن أبي وَائِل قَالَ قَالَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ إِنِّي أنزلت مَال الله تَعَالَى مني بِمَنْزِلَة مَال الْيَتِيم من كَانَ غَنِيا فليستعفف وَمن كَانَ فَقِيرا فَليَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ فَاحْتمل أَن يكون مُرَاده الْقَرْض أَو بِغَيْر بدل وروى سُفْيَان عَن أبي إِسْحَاق عَن حَارِثَة بن مضرب قَالَ كتب عمر بن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 79 الْخطاب رَضِي الله عَنهُ إِنِّي أنزلت نَفسِي منزلَة وَالِي مَال الْيَتِيم إِذا اسْتَغْنَيْت اسْتَعْفَفْت وَإِن احتجت استقرضت ثمَّ قضيت وروى أَبُو الْأَحْوَص عَن أبي إِسْحَاق عَن يرفأ مولى عمر عَن عمر رَضِي الله عَنهُ مثل ذَلِك فَثَبت أَنه إِنَّمَا كَانَ يرى أَخذه على جِهَة الْقَرْض وَهَذَا خلاف مَا رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس وَهُوَ أولى لِأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا يحل لي مِمَّا أَفَاء الله عَلَيْكُم مثل هَذِه يَعْنِي وبرة أَخذهَا من بعيرة إِلَّا الْخمس إِذا كَانَ النَّبِي صلى فِيمَا يَتَوَلَّاهُ من أَمْوَال الْمُسلمين كَا ذكرنَا كَانَ الْوَصِيّ فِيمَا يَتَوَلَّاهُ من مَال الْيَتِيم أَحْرَى أَن يكون كَذَلِك 2214 - فِي شِرَاء الْوَصِيّ من نَفسه قَالَ فِي الأَصْل قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا اشْترى الْوَصِيّ لنَفسِهِ شَيْئا من مَتَاع الْيَتِيم فَإِن كَانَ ذَلِك خيرا للْيَتِيم بِأَن يَشْتَرِيهِ بِأَكْثَرَ من قِيمَته جَازَ وَإِن اشْتَرَاهُ بِمثل قِيمَته لم يجز وروى الْحسن بن زِيَاد عَن أبي حنيفَة وَزفر أَنه لَا يجوز أَن يَشْتَرِي من مَال الْيَتِيم شَيْئا قَالَ وَقَالَ أَبُو يُوسُف إِذا اشْترى بِمَا يَشْتَرِي بِمثلِهِ جَازَ وَقَالَ فِي الأَصْل لَا يجوز شِرَاءَهُ فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَإِن كَانَ خيرا للْيَتِيم وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ ابْن شبْرمَة وَعبيد الله بن الْحسن لَا يجوز للْأَب أَن يَشْتَرِي لنَفسِهِ شَيْئا من مَال الصَّغِير فَإِذا لم يجز للْأَب فالوصي أَحْرَى بذلك الحديث: 2214 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 80 وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك فِي الْوَصِيّ يَشْتَرِي من مَال الْيَتِيم أرى أَن يُعَاد فِي السُّوق فَإِن زادوه بَاعه وَإِلَّا لزم الْوَصِيّ بِالَّذِي اشْترى قَالَ وَيجوز للْوَصِيّ إقراض مَال أحد اليتيمين للْآخر لِأَنَّهُ لَا تُهْمَة فِيهِ قَالَ وَقَالَ مَالك إِذا أبضع رجل رجلا بضَاعَة دَرَاهِم يصرفهَا لَهُ وأبضعه آخر دَنَانِير يصرفهَا هُوَ لَهما بِنَفسِهِ جَازَ ذَلِك قَالَ وَقَالَ مَالك للْأَب أَن يَشْتَرِي لنَفسِهِ مَال ابْنه الصَّغِير قَالَ وَلَا يُعجبنِي أَن يَشْتَرِي الْوَصِيّ لنَفسِهِ من مَال الْيَتِيم فَإِن اشْتَرَاهُ رَأَيْت أَن يُعِيدهُ فِي البيع فَإِن كَانَ فِيهِ فضل كَانَ لأهل الْمِيرَاث وَإِن كَانَ فِيهِ نُقْصَان كَانَ عَلَيْهِ إِلَّا أَن يكون فِيهِ فضل بعد أَن يجْتَهد وَلَا بَأْس بِأَن يحْبسهُ الْوَصِيّ بذلك وَأَجَازَ مَالك فِي الشي التافه أَن يَشْتَرِي بِهِ الْوَصِيّ لنَفسِهِ وَعَن الثَّوْريّ رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا أَنه يَشْتَرِي وَالْأُخْرَى أَنه لَا يَشْتَرِي إِلَّا بِأَمْر القَاضِي وَقَالَ الْحسن بن حَيّ للْأَب أَن يَشْتَرِي من مَال ابْنه الصَّغِير ويبيعه مِنْهُ لنَفسِهِ وَقَالَ اللَّيْث يجوز أَن يَشْتَرِي الْوَصِيّ من نَفسه مَال الْيَتِيم إِذا حضر أهل الْبَصْرَة والمعرفة بذلك وَإِن لم يحضر أهل الْمعرفَة بذلك لم يجز وَقَالَ الشَّافِعِي فِيمَا رَوَاهُ الْمُزنِيّ لَا يجوز للْوَكِيل وَالْوَصِيّ أَن يَشْتَرِي من نَفسه وَعَن الشَّافِعِي من غير هَذِه الرِّوَايَة أَنه يجوز للْأَب أَن يَشْتَرِي لنَفسِهِ مَتَاع ابْنه الصَّغِير الجزء: 5 ¦ الصفحة: 81 قَالَ أَبُو جَعْفَر وَمن قَول زفر إِن الْأَب لَا يجوز أَن يَشْتَرِي مَتَاع الصَّغِير لنَفسِهِ قَالَ أَبُو جَعْفَر الْقيَاس أَن لَا يجوز للْوَصِيّ وَلَا للْأَب أَن يَشْتَرِي من نَفسه إِلَّا أَن فِي الْأَب معنى يُفَارق الْوَصِيّ وَهُوَ ان الْأَب يهب مَاله لِابْنِهِ الصَّغِير وَيكون هُوَ الْوَاهِب والقابض وَلَا يجوز مثله فِي الْوَصِيّ قَالَ أَبُو بكر لَا فرق عِنْدهم بَين الْأَب وَالْوَصِيّ فِي جَوَاز هِبته للصَّغِير وَيكون قَابِضا لَهُ عقيب العقد 2215 - فِي مقاسمة الْوَصِيّ الْمُوصى لَهُ على الْوَرَثَة قَالَ أَبُو حنيفَة فِي الْجَامِع الصَّغِير وَلم يحك خلافًا مقاسمة الْوَصِيّ الْمُوصى لَهُ بِالثُّلثِ على الْوَرَثَة جَائِزَة ومقاسمة الْوَرَثَة الْوَصِيّ على الْمُوصى لَهُ بَاطِلَة فَإِن قَاسم الْوَصِيّ الْوَرَثَة فَأخذ نصيب الْمُوصى لَهُ فَضَاعَ كَانَ للْمُوصى لَهُ أَن يرجع فَيَأْخُذ من الْوَرَثَة ثلث مَا فِي أَيْديهم وَقَالَ الْحسن عَن زفر مثل ذَلِك قَالَ الْحسن وَقَالَ أَبُو يُوسُف مقاسمة الْوَصِيّ الْوَرَثَة على الْمُوصى لَهُ جَائِزَة فَإِن ضَاعَ مَا فِي يَدي الْوَصِيّ ضَاعَ من مَال الْمُوصى لَهُ وَلَا يرجع الْمُوصى لَهُ على أحد بِشَيْء وَيَأْخُذ قَالَ الْحسن وَقَالَ زفر إِن لم يوص الْمَيِّت بِشَيْء وَالْوَرَثَة بَعضهم حُضُور وَبَعْضهمْ غيب فقاسم الْوَصِيّ الْحُضُور على الْغَيْب وَدفع إِلَى الْحُضُور حصتهم وَأخذ حِصَّة الْغَيْب فَضَاعَت من يَد الْوَصِيّ أَن للغيب أَن يرجِعوا على الْحُضُور فيقاسموهم مَا وصل إِلَيْهِم على الْمَوَارِيث كَأَن الْمَيِّت لم يتْرك غير الَّذِي وصل إِلَيْهِم وَإِن شاؤوا رجعُوا الحديث: 2215 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 82 بحصتهم مِمَّا وصل إِلَى الْحُضُور على الْوَصِيّ لِأَنَّهُ دَفعه إِلَيْهِم بِغَيْر إذْنهمْ وَيرجع بِهِ الْوَصِيّ على الْحُضُور وَقَالَ أَبُو يُوسُف الْقِسْمَة جَائِزَة على الْغَيْب وَلَيْسَ للغيب أَن يرجِعوا عل الْحُضُور بِشَيْء ضَاعَ مَا أَخذ الْوَصِيّ أَو لم يضع وَبِه قَالَ الْحسن وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك لَا يقاسم على الْكَبِير والنائب إِلَّا السُّلْطَان وَلَا يقاسم الْوَصِيّ عَلَيْهِم وَيجوز للْأَب وللوصي أَن يقاسما على الصغار وَلَا فرق بَين الْعقار وَغَيره وَقَالَ الْحسن بن حَيّ يقسم الْوَصِيّ على الصغار وَلَا يقسم على الْكَبِير الْغَائِب قَالَ أَبُو جَعْفَر الْقيَاس أَن لَا يقسم على الْكِبَار وَلَا على الْمُوصى لَهُ لِأَنَّهُ لَا ولَايَة لَهُ عَلَيْهِم مُلْحقَة 2180 زِيَادَة فِي مَسْأَلَة الْوَصِيَّة بِمَا بَقِي من الثُّلُث وَقد تقدّمت قَالَ أَبُو جَعْفَر كل مَا استدللنا على أَن الْمُوصى لَهُ بِمَا بَقِي من الثُّلُث يسْتَحق الْجَمِيع إِذا مَاتَ أهل الْوَصَايَا قبل الْمُوصي غَيره بِأَنَّهُ لَو أوصى بِمَا بَقِي من الثُّلُث وَلَو يوص لغيره أَنه يسْتَحق جَمِيع الثُّلُث وظننا أَنه لَا مُخَالف فِيهِ ثمَّ وجدنَا فِيمَا ذكره أَبُو زيد عَن ابْن الْقَاسِم أَن مَالِكًا قَالَ فِي رجل قَالَ لفُلَان مَا بَقِي مَالِي وَلم يوص بِشَيْء أَنه لَا شَيْء لَهُ قَالَ وَهِي من مسَائِل الشُّرُوط قَالَ أَشهب يكون لَهُ الثُّلُث كُله فمما يحْتَج بِهِ عَلَيْهِ أَنه لَو أوصى لرجل الجزء: 5 ¦ الصفحة: 83 بِمَا بَقِي من ثلثه وَلم يوص قبل ذَلِك ثمَّ أوصى بوصايا فِي ثلثه أَنه يجوز لمن أوصى لَهُ بهَا وَيكون مَا بَقِي من ثلثه للَّذي أوصى لَهُ بِمَا بَقِي وَلَا يعلم فِي ذَلِك خلافًا فَلَو لم تكن الْوَصِيَّة بِمَا بَقِي وَصِيَّة جَائِزَة لما جَازَت إِذا أوصى بوصايا بعْدهَا فَثَبت بذلك أَن الْوَصِيَّة بِمَا بَقِي وَصِيَّة صَحِيحَة وَإِن انْفَرَدت آخر كتاب الْوَصَايَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 84 = كتاب الدِّيات والجنايات = 2216 - فِي شبه الْعمد وَمَا يجب فِيهِ قَالَ أَبُو جَعْفَر جملَة قَول أبي حنيفَة رَحمَه الله فِي ذَلِك أَنه إِذا قَتله بحديدة أَو بليطة قصب أَو بِنَار فَهُوَ عمد فِيهِ الْقصاص وَمَا سوى ذَلِك شبه عمد فَلَا قصاص فِيهِ وَفِيه الدِّيَة مُغَلّظَة على الْعَاقِلَة وَعَلِيهِ الْكَفَّارَة وَلَا يكون الحديث: 2216 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 85 التَّغْلِيظ عِنْده إِلَّا فِي أَسْنَان الْإِبِل خَاصَّة دون عَددهَا وَلَيْسَ فِيمَا دون النَّفس شبه عمد بِأَيّ شَيْء ضربه فَعَلَيهِ الْقصاص إِذْ أمكن فَإِن لم يُمكن فَعَلَيهِ أَرْشه مغلظا إِذا كَانَ من الْإِبِل يقسط مَا يجب وَجُمْلَة قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد إِن شبه الْعمد مَا لَا يقتل مثله كاللطمة الْوَاحِدَة والضربة الْوَاحِدَة بِالسَّوْطِ وَلَو كرر ذَلِك حَتَّى صَارَت جملَته مِمَّا يقتل كَانَ عمدا وَفِيه الْقصاص بِالسَّيْفِ وَكَذَلِكَ إِذا غرقه بِحَيْثُ لَا يُمكنهُ الْخَلَاص مِنْهُ وَهُوَ قَول عُثْمَان البتي إِلَّا أَنه يَجْعَل دِيَة شبه الْعمد فِي مَاله وَقَالَ ابْن شبْرمَة وَمَا كَانَ من شبه عمد فَهُوَ عَلَيْهِ فِي مَاله يبْدَأ بِمَالِه فَيُؤْخَذ حَتَّى لَا يتْرك لَهُ شَيْء فَإِن لم يتم كَانَ مَا بَقِي من الدِّيَة على عَاقِلَته وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك إِذا ضربه بعصا أَو رَمَاه بِحجر أَو ضربه عمدا فَهَذَا عمد وَفِيه الْقصاص وَمن الْعمد أَن يضْربهُ فِي ثائرة يكون بَينهمَا ثمَّ ينْصَرف عَنهُ وَهُوَ حَيّ ثمَّ يَمُوت فَتكون فِيهِ الْقسَامَة وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك شبه الْعمد بَاطِل إِنَّمَا هُوَ عمد أَو خطأ وَقَالَ الشجعي عَن الثَّوْريّ شبه الْعمد أَن يضْربهُ بعصا أَو بِحجر أَو بِيَدِهِ فَيَمُوت فَفِيهِ الدِّيَة مُغَلّظَة وَلَا قَود فِيهِ والعمد مَا كَانَ بسلاح فَفِيهِ الْقود وَالنَّفس يكون فِيهَا الْعمد وَشبه الْعمد وَالْخَطَأ والجراحة لَا تكون فِيهَا إِلَّا خطأ أَو عمدا وروى الْفضل بن دُكَيْن عَن الثَّوْريّ إِذا حدد عودا أَو عظما فجرح بِهِ بطن حَيّ فَهَذَا شبه الْعمد لَيْسَ فِيهِ قَود وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي شبه الْعمد الدِّيَة فَإِن لم يكن تَمام فعلى الْعَاقِلَة وَشبه الْعمد أَن يضْربهُ بعصا أَو بِسَوْط ضَرْبَة وَاحِدَة فَيَمُوت فَإِن ثنى بالعصا ثمَّ مَاتَ مَكَانَهُ فَهُوَ عمد يقتل بِهِ وَالْخَطَأ على الْعَاقِلَة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 86 وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا ضربه بعصا ثمَّ عَاد فَقتله مَكَانَهُ من الضَّرْبَة الثَّانِيَة فَعَلَيهِ الْقصاص وَإِن عل الثَّانِيَة فَلم يمت مِنْهَا ثمَّ مَاتَ فَهُوَ شبه الْعمد لَا قصاص فِيهِ وَفِيه الدِّيَة على الْعَاقِلَة وَالْخَطَأ على الْعَاقِلَة وَقَالَ اللَّيْث الْعمد مَا عمد بِهِ إِنْسَان وَإِن ضربه بإصبعه فَمَاتَ من ذَلِك دفع إِلَى ولي الْمَقْتُول وَالْخَطَأ فِيهِ الدِّيَة على الْعَاقِلَة قَالَ أَبُو جَعْفَر هَذَا يدل على أَن اللَّيْث لَا يرى شبه الْعمد وَإِنَّمَا يكون خطأ أَو عمدا وَقَالَ الْمُزنِيّ فِي مُخْتَصره عَن الشَّافِعِي إِذا عمد رجل بِسيف أَو بخنجر أَو سِنَان رمح أَو مَا يشق بحده إِذا ضرب أَو رمى بِهِ الْجلد وَاللَّحم دون المقتل فجرحه جرحا كَبِيرا أَو صَغِيرا فَمَاتَ مِنْهُ فَعَلَيهِ الْقود وَإِن شدخه بِحجر أَو تَابع عَلَيْهِ الخنق أَو والى بِالسَّوْطِ حَتَّى يَمُوت أَو طبق عَلَيْهِ بَيْتا بِغَيْر طَعَام وَلَا شراب أَو ضربه بِسَوْط فِي شدَّة حر أَو برد مِمَّا الْأَغْلَب أَنه يَمُوت مِنْهُ فَمَاتَ فَعَلَيهِ الْقود وَإِن ضربه بعمود أَو بِحجر لَا يشدخ أَو بِحَدّ سيف وَلم يجرح أَو أَلْقَاهُ فِي بَحر قريب الْبر وَهُوَ يحسن العوم أَو مَا يغلب على الظَّن أَنه لَا يَمُوت بِمثلِهِ فَمَاتَ فَلَا قَود فِيهِ وَفِيه الدِّيَة على الْعَاقِلَة مُغَلّظَة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 87 قَالَ أَبُو جَعْفَر الدَّلِيل على ثُبُوت شبه الْعمد مَا روى هشيم عَن خَالِد الْحذاء عَن الْقَاسِم بن ربيعَة بن جوشن عَن عقبَة بن أَوْس السدُوسِي عَن رجل من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطب يَوْم فتح مَكَّة فَقَالَ فِي خطبَته أَلا إِن قَتِيل خطأ الْعمد بِالسَّوْطِ والعصا وَالْحجر فِيهِ دِيَة مُغَلّظَة مائَة من الْإِبِل مِنْهَا أَرْبَعُونَ خلفة فِي بطونها أَوْلَادهَا فَثَبت بذلك شبه الْعمد الَّذِي لَيْسَ بعمد مَحْض وَلَا خطا مَحْض وروى إِبْرَاهِيم عَن عبيد بن نضيلة الْخُزَاعِيّ عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة أَن امْرَأتَيْنِ ضربت إِحْدَاهمَا الْأُخْرَى بعمود الْفسْطَاط فقتلتها فَقضى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالدِّيَةِ على عصبَة الْعَاقِلَة وَقضى فِيمَا فِي بَطنهَا بغرة والغرة عبد أَو أمة فَقَالَ الْأَعرَابِي أغرم من لَا طعم وَلَا شرب وَلَا صَاح فَاسْتهلَّ مثل ذَلِك يطلّ فَقَالَ سجع كسجع الْأَعْرَاب وروى يُونُس عَن ابْن شهَاب عَن ابْن الْمسيب وَأبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ اقْتتلَتْ امْرَأَتَانِ من هُذَيْل فَضربت إِحْدَاهمَا الْأُخْرَى بِحجر الجزء: 5 ¦ الصفحة: 88 فقتلتها وَمَا فِي بَطنهَا فاختصموا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقضى أَن دِيَة جَنِينهَا عبد أَو أمة وَقضى بدية الْمَرْأَة على عاقلتها وورثها وَلَدهَا وَمن مَعَهم فَقَالَ حمل بن مَالك بن النَّابِغَة الْهُذلِيّ يَا رَسُول الله كَيفَ أغرم من لَا شرب ولاأكل وَلَا نطق وَلَا اسْتهلّ فَمثل ذَلِك يطلّ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن هَذَا من إخْوَان الْكُهَّان من أجل سجعه الَّذِي سجعه فَفِي هذَيْن الْحَدِيثين وجوب الدِّيَة على الْعَاقِلَة وَقد روى أَبُو عَاصِم عَن ابْن جريج قَالَ أَخْبرنِي عَمْرو بن دِينَار عَن طَاوس عَن ابْن عَبَّاس ان عمر بن الْخطاب نَشد النَّاس قَضَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْجَنِين فَقَامَ حمل بن مَالك بن النَّابِغَة فَقَالَ إِنِّي كنت بني امْرَأتَيْنِ وَأَن إِحْدَاهمَا ضربت الْأُخْرَى بمسطح فقتلتها وجنينها فَقضى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْجَنِين بغرة وَأَن تقتل مَكَانهَا فَذكر فِي هَذَا الحَدِيث الْقَتْل وَقد قيل إِن هَذَا غلط من أبي عَاصِم لِأَن الْحميدِي قد روى عَن هِشَام بن سُلَيْمَان المَخْزُومِي عَن ابْن جريج عَن عَمْرو بن دِينَار عَن طَاوس عَن ابْن عَبَّاس مثل حَدِيث أبي عَاصِم عَن ابْن جريح وَلم يذكر فِيهِ وَأَن تقتل مَكَانهَا وَرَوَاهُ أَيْضا سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عَمْرو بن دِينَار عَن طَاوس أَن عمر قَالَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 89 آذكر الله امْرَءًا سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قضى فِي الْجَنِين بِشَيْء فَذكر مثل ذَلِك وَلم يقل فِيهِ أَن تقتل مَكَانهَا قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلَيْسَ هَذَا بغلط من أبي عَاصِم لِأَن الْحجَّاج بن مُحَمَّد قد روى عَن ابْن جريج قَالَ أَخْبرنِي عَمْرو بن دِينَار سمع طاوسا يحدث عَن ابْن عَبَّاس عَن عمر أَنه نَشد قَضَاء رَسُول الله صلى فِي ذَلِك فَقَامَ حمل بن مَالك فَقَالَ كنت بَين حجري امْرَأتَيْنِ فَضربت إِحْدَاهمَا الْأُخْرَى بمسطح فقتلتها وجنينها فَقضى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي جَنِينهَا بغرة وَأَن تقتل مَكَانهَا فَثَبت بذلك أَن أَبَا عَاصِم لم يغلط فِي هَذِه الزِّيَادَة وعَلى أَنه لَو انْفَرد بهَا عَاصِم كَانَت مَقْبُولَة لِأَنَّهُ لَيْسَ باخْتلَاف فِي نفس الحكم وَإِنَّمَا هُوَ زِيَادَة زَادهَا أَبُو عَاصِم وحذفها ابْن عُيَيْنَة وَغَيره وَقد روى سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ سَمِعت أَبَا الْمليح ابْن أُسَامَة الْهُذلِيّ قَالَ كَانَ فِينَا امْرَأَتَانِ فَضربت إِحْدَاهمَا الْأُخْرَى بعمود فقتلتها وَقتلت مَا فِي بَطنهَا فَقضى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَرْأَة بِالْعقلِ وَفِي الْجَنِين بغرة عبد أَو أمة أَو بفرس أَو عشر من الْإِبِل وَقضى أَن الْعقل على عصبَة القاتلة وروى شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أبي الْمليح عَن حمل بن مَالك قَالَ كَانَت الجزء: 5 ¦ الصفحة: 90 لي امْرَأَتَانِ فرجمت إِحْدَاهمَا الْأُخْرَى بِحجر فَأصَاب قَتلهَا وَهِي حَامِل فَأَلْقَت جَنِينا وَمَاتَتْ فَرفع ذَلِك إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقضى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالدِّيَةِ على عَاقِلَة القاتلة وَقضى فِي الْجَنِين بغرة عبد أَو أمة أَو مائَة شَاة أَو عشر من الْإِبِل قَالَ أَبُو جَعْفَر فَكَانَ مَا روى حمل بن مَالك فِي ذَلِك مضطربا وَكَانَت هَذِه الْقَضِيَّة بِمَنْزِلَة مَا لم يرد فِيهِ شَيْء وَثَبت مَا روى الْمُغيرَة وَأَبُو هُرَيْرَة فِيهَا وَهُوَ نفي الْقصاص وَلما ثَبت فِي هَذِه الْأَخْبَار أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جعل دِيَة الْمَرْأَة على الْعَاقِلَة ثَبت أَن دِيَة شبه الْعمد على الْعَاقِلَة وَقد رُوِيَ عَن عمر بن الْخطاب أَنه قَالَ يعمد أحدكُم فَيضْرب أَخَاهُ بِمثل آكِلَة اللَّحْم وَهِي الْعَصَا ثمَّ يَقُول لَا قَود عَليّ لَا أُوتى بِأحد فعل ذَلِك إِلَّا أقدته وروى شريك عَن أبي إِسْحَاق عَن عَاصِم بن ضَمرَة عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ شبه الْعمد بالعصا وَالْحجر الثقيل وَلَيْسَ فيهمَا قَود 2217 - فِي الْقَاتِل فِي الْحرم وَفِي الشَّهْر الْحَرَام قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه وَابْن أبي ليلى وَمَالك إِن الْقَتْل فِي الْحل وَالْحرم سَوَاء فِيمَا يجب بِهِ من الدِّيَة أَو الْقود وَسُئِلَ الْأَوْزَاعِيّ عَن الْقَتْل فِي الشَّهْر الْحَرَام أَو الْحرم هَل تغلظ الدِّيَة فِيهِ قَالَ بلغنَا أَنه إِذا قتل فِي أشهر الْحرم أَو فِي الْحرم زيد على الْعقل الثُّلُث وَيُزَاد فِي شبه الْعمد فِي أَسْنَان الْإِبِل الحديث: 2217 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 91 وَذكر الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي فِي مُخْتَصره وَذكر تَغْلِيظ الدِّيَة فِي شبه الْعمد وَقَالَ الدِّيَة فِي هَذَا على الْعَاقِلَة وَكَذَلِكَ الْجراح وَكَذَلِكَ التَّغْلِيظ فِي النَّفس والجراح فِي الشَّهْر الْحَرَام والبلد الْحَرَام وَذي الرَّحِم وَرُوِيَ عَن عُثْمَان أَنه قضى فِي دِيَة امْرَأَة وطِئت بِمَكَّة بدية وَثلث قَالَ أَبُو جَعْفَر قد رُوِيَ عَن عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ ذَلِك وروى إِبْرَاهِيم عَن الْأسود أَن رجلا أُصِيب عِنْد الْبَيْت فَسَأَلَ عمر عليا رَضِي الله عَنْهُمَا فَقَالَ لَهُ دِيَته من بَيت مَال الْمُسلمين فَلم ير عليا رَضِي الله عَنهُ مِنْهُ أَكثر من الدِّيَة وَلم يُخَالِفهُ عمر فِيهِ وَقَالَ الله تَعَالَى {وَمن قتل مُؤمنا خطأ فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤمنَة ودية مسلمة إِلَى أَهله} النِّسَاء 92 وَهُوَ عَام فِي الْحرم والحل وَلما كَانَت الْكَفَّارَة فِي الْحرم كهي فِي الْحل كَذَلِك الدِّيَة وَقَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا إِن قَتِيل خطأ الْعمد قَتِيل السَّوْط والعصا فِيهِ مائَة من الْإِبِل وَلم يفرق بَين الْحل وَالْحرم وَقد اخْتلف التابعون فِي ذَلِك فَروِيَ عَن سعيد بن الْمسيب وَعُرْوَة بن الزبير وَأبي بكر بن عبد الرَّحْمَن وخارجة بن زيد وَعبيد الله بن عبد الله وَسليمَان بن يسَار أَن الدِّيَة فِي الْحرم وَفِي الشَّهْر الْحرم كهي فِي غَيره وَقد رُوِيَ عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد وَسَالم بن عبد الله أَن من قتل فِي الْحرم زيد على دِيَته مثل ثلثهَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 92 2218 - فِي كَيْفيَّة تَغْلِيظ الدِّيَة وَهل تغلظ فِي غير شبه الْعمد قَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله لَا تَغْلِيظ إِلَّا فِي أَسْنَان الْإِبِل فِي شبه الْعمد وَفِي الْعمد الَّذِي لَا قصاص فِيهِ إِلَّا أَن الْعمد الَّذِي لَا قصاص فِيهِ الدِّيَة فِيهِ فِي مَال الْجَانِي فِي ثَلَاث سِنِين نَحْو الْأَب يقتل ابْنه وَفِي شبه الْعمد على الْعَاقِلَة ودية شبه الْعمد عِنْد أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف أَربَاعًا خمس وَعِشْرُونَ بنت مَخَاض وَخمْس وَعِشْرُونَ بنت لبون وَخمْس وَعِشْرُونَ حقة وَخمْس وَعِشْرُونَ جَذَعَة وَهُوَ قَول عبد الله بن مَسْعُود وَقَالَ مُحَمَّد دِيَة شبه الْعمد أَثلَاثًا ثَلَاثُونَ حقة وَثَلَاثُونَ جَذَعَة وَأَرْبَعُونَ مَا بَين ثنية إِلَى بازل عامها كلهَا خلفة يَعْنِي بالخلفة الْحَامِل وَهُوَ قَول زيد بن ثَابت وَرُوِيَ مثله عَن عمر بن الْخطاب وَهُوَ قَول سُفْيَان الثَّوْريّ وروى ابْن الْقَاسِم عَن مَالك أَن الدِّيَة الْمُغَلَّظَة فِي الرجل يحذف ابْنه بِالسَّيْفِ فيقتله فَتكون عَلَيْهِ الدِّيَة مُغَلّظَة ثَلَاثُونَ حقة وَثَلَاثُونَ جَذَعَة وَأَرْبَعُونَ خلفة وَهِي حَالَة قَالَ وَالْجد إِذا قتل ولد وَلَده على هَذَا الْوَجْه فَهُوَ مثل الْأَب فَإِن قطع يَد الْوَلَد وعاش فَفِيهِ نصف الدِّيَة مُغَلّظَة وَقَالَ مَالك تغلظ على أهل الْوَرق وَالذَّهَب أَيْضا وَهُوَ أَن ينظر إِلَى قيمَة الثَّلَاثِينَ من الحقة وَالثَّلَاثِينَ من الْجَذعَة وَالْأَرْبَعِينَ من الخلفة فَيعرف كم قيمتهن ثمَّ ينظر إِلَى دِيَة الْخَطَأ أَخْمَاسًا من الْأَسْنَان عشْرين بنت مَخَاض الحديث: 2218 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 93 وَعشْرين ابْن لبن وَعشْرين بَنَات لبون وَعشْرين حَقه وَعشْرين جَذَعَة ثمَّ ينظر كم فضل مَا بَين دِيَة الْخَطَأ ودية الْمُغَلَّظَة فيزاد فِي الدِّيَة على قدر ذَلِك قَالَ وَهُوَ على قدر الزِّيَادَة وَالنُّقْصَان فِي سَائِر الْأَزْمَان وَإِن صَارَت التَّغْلِيظ ضعْفي دِيَة الْخَطَأ زيد عَلَيْهِ من الْوَرق بِقدر ذَلِك وَقَالَ الثَّوْريّ فِي دِيَة شبه الْعمد من الْوَرق وَيُزَاد عَلَيْهَا بِقدر مَا بَين دِيَة الْخَطَأ إِلَى دِيَة شبه الْعمد فِي أَسْنَان الْإِبِل نَحْو مَا قَالَ مَالك وَهُوَ قَول الْحسن بن حَيّ قَالَ أَبُو جَعْفَر روى عَمْرو بن شُعَيْب أَن عمر قضى فِي قَتَادَة المدلجي حَيْثُ حذف ابْنه بِالسَّيْفِ فَمَاتَ بِمِائَة من الْإِبِل ثَلَاثِينَ حقة وَثَلَاثِينَ جَذَعَة وَأَرْبَعين خلفة وَأَخذهَا حَالا وَجعلهَا لأخي الْمَقْتُول وَهَذَا مُرْسل لِأَن عَمْرو بن شُعَيْب لم يدْرك زمَان عمر وَقد روى وَاصل الأحدب عَن الْمَعْرُور بن سُوَيْد عَن عمر قَالَ الدِّيَة تحمل فِي ثَلَاث سِنِين وَلم يخصص دِيَة دون دِيَة قَالَ أَبُو جَعْفَر قد اتَّفقُوا على أَن التَّغْلِيظ فِي الْأَسْنَان وَأَن التَّغْلِيظ فِيهَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 94 لَا يكون بِزِيَادَة الْعدَد ثمَّ اخْتلفُوا فِي الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير فَقَالَ بَعضهم هِيَ ديات فِي أَنْفسهَا وَقَالَ بَعضهم لَيست هِيَ بديات فِي أَنْفسهَا وَإِنَّمَا هِيَ بدل من الدِّيَة الَّتِي هِيَ مائَة من الْإِبِل وَوجدنَا عمر رَضِي الله عَنهُ قد جعل الدِّيَة من الذَّهَب ألف دِينَار وَمن الْوَرق مَا قد اخْتلف عَنهُ فِيهِ فروى عَنهُ أهل الْمَدِينَة أَنه جعلهَا اثْنَي عشر ألفا وروى أهل الْعرَاق أَنه جعلهَا عشرَة ألف وَأَجْمعُوا أَنه جعلهَا فِي ثَلَاث سِنِين فَدلَّ على أَنَّهَا ديات فِي أَنْفسهَا لَيست بأبدال عَن غَيرهَا لِأَنَّهَا لَو كَانَت إبدالا لَكَانَ دينا بدين فَثَبت أَنَّهَا ديات بأنفسها وَقد فعل ذَلِك عمر بِحَضْرَة من الصَّحَابَة من غير خلاف فَلَا تجوز الزِّيَادَة عَلَيْهَا لِأَن التَّغْلِيظ إِنَّمَا هُوَ فِي صفة الدِّيَة لَا فِي زِيَادَة عَددهَا قَالَ أَبُو بكر وَلَو كَانَت الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير بَدَلا من الْإِبِل لوَجَبَ اعْتِبَارهَا بِالْإِبِلِ فِي سَائِر الْأَزْمَان على حسب زِيَادَة الْقيم ونقصانها وَكَانَت لَا تكون مقدرَة بِعشْرَة ألف دِرْهَم وَألف دِينَار قَالَ أَبُو بكر فَإِن قيل لَا يمْتَنع أَن تكون مَأْخُوذَة عَن قيمَة الْإِبِل وَيجوز لَا على أَنَّهَا دين بدين كَمَا يَقُولُونَ فِيمَن تزوج بِامْرَأَة على عشْرين من الْإِبِل أَن عَلَيْهِ الْوسط من ذَلِك وَإِن جَاءَ بِالْقيمَةِ دَرَاهِم أَو دَنَانِير قبلت مِنْهُ وَلم يكن ذَلِك بيع دين بدين الجزء: 5 ¦ الصفحة: 95 قيل لَهُ لَو كَانَ كَذَلِك لوَجَبَ اعْتِبَار قيمَة الْإِبِل فِي سَائِر الْأَزْمَان فِي الدِّيات فَلَمَّا لم يعْتَبر ذَلِك أحد وَأوجب الْجَمِيع الدِّيَة من الذَّهَب ألف دِينَار وَمن الْوَرق على اخْتلَافهمْ فِيهَا دلّ ذَلِك على أَنَّهَا ديات بأنفسها وَلَيْسَت مَأْخُوذَة بَدَلا عَن الْإِبِل 2219 - فِي أَسْنَان الْإِبِل فِي الْخَطَأ قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه دِيَة الْخَطَأ أَخْمَاسًا وَكَذَلِكَ قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ إِلَّا أَنهم اخْتلفُوا فِي الْأَسْنَان من كل صنف فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه عشرُون ابْن مَخَاض وَعِشْرُونَ بنت مَخَاض وَعِشْرُونَ بنت لبون وَعِشْرُونَ حقة وَعِشْرُونَ جَذَعَة وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ عشرُون بنت مَخَاض وَعِشْرُونَ ابْن لبون وَعِشْرُونَ بنت لبون وَعِشْرُونَ حقة وَعِشْرُونَ جَذَعَة قَالَ أَبُو جَعْفَر روى زيد بن جُبَير عَن خشف بن مَالك عَن عبد الله بن مَسْعُود أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جعل الدِّيَة فِي الْخَطَأ أَخْمَاسًا وروى مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم عَن عبد الله بن مَسْعُود فِي دِيَة الْخَطَأ أَخْمَاسًا وَذكر الْأَسْنَان مثل قَول أبي حنيفَة الحديث: 2219 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 96 فَهَذَا يدل على أَن الْأَخْمَاس الَّتِي رَوَاهَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَت على هَذَا الْوَجْه إِلَّا أَن خشف بن مَالك لَا يعرف وروى أَبُو إِسْحَاق عَن عَاصِم بن ضَمرَة عَن عَليّ فِي دِيَة الْخَطَأ أَربَاعًا خَمْسَة وَعِشْرُونَ جَذَعَة وحقة وَبنت مَخَاض وَبنت لبون وَقَالَ أَبُو جَعْفَر مَا ذهب إِلَيْهِ مَالك فِي أَسْنَان الْخَطَأ لَا يروي عَن أحد من الصَّحَابَة ويروي مثله عَن سُلَيْمَان بن يسَار قَالَ أَبُو جَعْفَر قَول من جعل فِي الْخَطَأ مَكَان ابْن لبون ابْن مَخَاض أولى لِأَن بني اللَّبُون أَعلَى من بني الْمَخَاض فَلَا تثبت هَذِه الزِّيَادَة بِغَيْر تَوْقِيف قَالَ أَبُو بكر وَأَيْضًا فَإِن ابْن اللَّبُون بِمَنْزِلَة بنت الْمَخَاض فَيصير مُوجبه بِمَنْزِلَة مُوجب أَرْبَعِينَ بنت مَخَاض 2220 - فِي الدِّيَة من غير الْإِبِل قَالَ أَبُو حنيفَة وَزفر وَمَالك وَالشَّافِعِيّ الدِّيَة من غير الْإِبِل من الدَّنَانِير ألف دِينَار وَمن الْوَرق عِنْد أبي الْوَرق عِنْد أبي حنيفَة وَأَصْحَابه عشرَة ألف دِرْهَم وَعند مَالك وَالشَّافِعِيّ إثنا عشر ألفا وَقَالَ مَالك أهل الذَّهَب أهل الشَّام ومصر وَأهل الْوَرق أهل الْعرَاق وَأهل الْإِبِل الْبَوَادِي قَالَ مَالك لَا يقبل من أهل الْإِبِل إِلَّا الْإِبِل وَمن أهل الذَّهَب إِلَّا الذَّهَب وَمن أهل الْوَرق إِلَّا الْوَرق الحديث: 2220 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 97 وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد الدِّيَة من الْوَرق عشرَة ألف وعَلى أهل الذَّهَب ألف دِينَار وعَلى أهل الْإِبِل مائَة بعير وعَلى أهل الْبَقر مِائَتَا بقرة وعَلى أهل الشَّاة ألفا شَاة وعَلى أهل الْحلَل مِائَتَا حلَّة يَمَانِية وَلَا يُؤْخَذ من الْبَقر وَالْغنم فِي الدِّيَة إِلَّا الثني فَصَاعِدا وَلَا يُؤْخَذ من الْحلَل إِلَّا اليمانية قيمَة كل حلَّة خَمْسُونَ درهما فَصَاعِدا وَذكر الثَّوْريّ مثل ذَلِك عَن عمر وَلم يذكر خِلَافه فِيهِ وَقَالَ اللَّيْث الدِّيَة من الْإِبِل الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير قَالَ أَبُو جَعْفَر روى مُحَمَّد بن مُسلم الطَّائِفِي عَن عَمْرو بن دِينَار عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قضى بِالدِّيَةِ فِي الْخَطَأ أثني عشر ألف دِرْهَم قَالَ أَبُو جَعْفَر روى هَذَا الحَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عَمْرو بن دِينَار عَن عِكْرِمَة وَلم يذكر ابْن عَبَّاس وسُفْيَان بن عُيَيْنَة حجَّة على مُحَمَّد بن مُسلم وَمُحَمّد بن مُسلم لَيْسَ بِحجَّة عَلَيْهِ فَلم يثبت بِهَذَا الحَدِيث حجَّة وروى الشّعبِيّ عَن عُبَيْدَة عَن عمر أَنه جعل الدِّيَة على أهل الذَّهَب ألف دِينَار وعَلى أهل الْوَرق عشرَة ألف وعَلى أهل الْبَقر مِائَتي بقرة وعَلى أهل الشَّاة ألفي شَاة وعَلى أهل الْإِبِل مائَة من الْإِبِل وعَلى أهل الْحلَل مِائَتي حلَّة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 98 وروى هشيم عَن يُونُس عَن الْحسن أَن عمر بن الْخطاب قوم الْإِبِل فِي الدِّيَة مائَة من الْإِبِل قوم كل بعير بِمِائَة وَعشْرين درهما أثني عشر ألف دِرْهَم فقد اخْتلف عَن عمر فِي ذَلِك فَذكر فِي هَذَا الحَدِيث أَنه جعل الْوَرق قيمَة الْإِبِل لَا أَنه أصل فِي الدِّيَة وَفِي غير هَذَا الحَدِيث أَنه جعل الدِّيَة من الْوَرق وَقد روى ابْن أبي نجيح عَن أَبِيه أَن عُثْمَان قضى فِي الدِّيَة بأثني عشر ألف دِرْهَم وروى نَافِع بن جُبَير بن مطعم عَن ابْن عَبَّاس مثل ذَلِك وروى الشّعبِيّ عَن الْحَارِث عَن عَليّ قَالَ الدِّيَة إثنا عشر الْفَا قَالَ أَبُو جَعْفَر قد اتّفق الْجَمِيع على الْعشْرَة ألف وَاخْتلفُوا فِي الزِّيَادَة فَلَا تجوز إِثْبَاتهَا بِغَيْر دلَالَة وَقد دلّ قَوْلهم هَذَا على أَن الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير صنف من أَصْنَاف الدِّيَة لَا على وَجه الْبَدَل وَقد قَالَ أَبُو حنيفَة فِيمَا ذكره عَنهُ الْحسن بن زِيَاد أَن عمر إِنَّمَا جعل الدِّيَة من الْأَصْنَاف الَّتِي رويت عَنهُ لِأَن ذَلِك كَانَ أَمْوَالهم فَلَمَّا صَارَت الدَّوَاوِين والأعطية جعل أَمْوَالهم الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير وَالْإِبِل قَالَ أَبُو جَعْفَر جعله الدِّيَة فِي الأعطية لم يُخرجهَا من أَن تكون من الْإِبِل عِنْده كَذَلِك سَائِر الْأَصْنَاف الجزء: 5 ¦ الصفحة: 99 2221 - فِي العواقل قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه الدِّيَة فِي قتل الْخَطَأ على الْعَاقِلَة فِي ثَلَاث سِنِين من يَوْم يقْضِي بهَا الْعَاقِلَة هم أهل ديوانه إِن كَانَ من أهل الدِّيوَان يُؤْخَذ ذَلِك من أعطياتهم حَتَّى يُصِيب الرجل مِنْهُم من الدِّيَة كلهَا أَرْبَعَة دَرَاهِم أَو ثَلَاثَة فَإِن أَصَابَهُ أَكثر من ذَلِك ضم إِلَيْهَا أقرب الْقَبَائِل إِلَيْهِم فِي النّسَب من أهل الدِّيوَان وَإِن كَانَ الْقَاتِل لَيْسَ من أهل الدِّيوَان فرضت الدِّيَة على عَاقِلَته الْأَقْرَب فَالْأَقْرَب فِي ثَلَاث سِنِين من يَوْم يقْضِي بهَا القَاضِي فَيُؤْخَذ فِي كل سنة ثلث الدِّيَة عِنْد رَأس كل حول وَيضم إِلَيْهِم أقرب الْقَبَائِل مِنْهُم فِي النّسَب حَتَّى يُصِيب الرجل من الدِّيَة ثَلَاثَة دَرَاهِم أَو أَرْبَعَة قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن يعقل عَن الحليف حلفاؤه وَلَا يعقل عَنهُ قومه وَقَالَ عُثْمَان البتي لَيْسَ أهل الدِّيوَان أولى بهَا من سَائِر الْعَاقِلَة وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك الدِّيَة على الْقَبَائِل على الْغَنِيّ على قدره وَمن دونه على قدره حَتَّى يُصِيب الرجل من مائَة دِرْهَم وَنصف وَحكى عَنهُ أَن ذَلِك يُؤْخَذ من أعطياتهم وَقَالَ الثَّوْريّ تجْعَل الدِّيَة ثلثا فِي الْعَام الَّذِي أُصِيب فِيهِ الرجل وَلَكِن يكون عِنْد الأعطية على الرِّجَال الحديث: 2221 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 100 وَقَالَ الْحسن بن حَيّ الْعقل على رُؤُوس الرِّجَال فِي أعطية الْمُقَاتلَة وَقَالَ اللَّيْث الْعقل على الْقَاتِل وعَلى الْقَوْم الَّذين يَأْخُذ مَعَهم الْعَطاء وَلَا يكون على قومه مِنْهُ شَيْء فَإِن لم يكن فيهم من يحمل الْعقل ضم إِلَى ذَلِك أقرب الْقَبَائِل إِلَيْهِم وروى الْمُزنِيّ فِي مُخْتَصره عَن الشَّافِعِي أَن الْعقل على ذَوي الْأَنْسَاب دون أهل الدِّيوَان والحلفاء على الْأَقْرَب فَالْأَقْرَب من بني أَبِيه ثمَّ بني جده ثمَّ بني جد أَبِيه فَإِن عجزوا عَن الْبَعْض حمل الموَالِي المعتقين الْبَاقِي فَإِن عجزوا عَن بعض وَلَهُم عواقل أعقلته عواقلهم فَإِن لم يكن لَهُ ذُو نسب وَلَا مولى من أَعلَى حمل للْمولى أَسْفَل وَيحمل من كثر مَاله نصف دِينَار وَمن كَانَ دونه ربع دِينَار لَا يُزَاد على هَذَا وَلَا ينقص مِنْهُ قَالَ أَبُو جَعْفَر روى ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ كتب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على كل بطن عقوله وَقَالَ وَلَا يتَوَلَّى مولى قوما إِلَّا بإذنهم قَالَ أَبُو جَعْفَر فَظَاهره يَقْتَضِي التَّسْوِيَة بَين الْقَرِيب والبعيد من الْجَانِي لأَنهم من الْبَطن وروى عَن عمر رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ لسَلمَة بن نعيم حِين قتل مُسلما وَهُوَ يَظُنّهُ كَافِرًا أَن عَلَيْهِ وعَلى قومه الدِّيَة وَلم يفرق بَين الْقَرِيب الْبعيد فَهَذَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 101 يدل على أَن الْبعيد والقريب سَوَاء وَهَذَا أَيْضا يدل على التَّسْوِيَة بَينهم فِيمَا يلْزم كل وَاحِد مِنْهُم من غير اعْتِبَار الْغَنِيّ من الْفَقِير وَأما الحليف فقد روى سعد بن إِبْرَاهِيم عَن أَبِيه عَن جُبَير بن مطعم عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا حلف فِي الْإِسْلَام وإيما حلف كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة فَلم يزده الْإِسْلَام إِلَّا شدَّة فَأثْبت حلف الْجَاهِلِيَّة وَقد كَانَ الحليف عِنْدهم كالقرابة فِي النُّصْرَة وَالْعقل ثمَّ أكد الْإِسْلَام ذَلِك وَقد كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ظهر قبله على رجل من الْمُشْركين فربطه إِلَى سَارِيَة من سواري مَسْجده فَقَالَ علام أحبس فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بجريرة حلفائك فَدلَّ على بَقَاء الْحلف الَّذِي كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة وَأما مَا اخْتلفُوا فِيهِ من الْعَاقِلَة فَإِن أهل الْجَاهِلِيَّة كَانُوا يتعاقلون بالنصرة ثمَّ جَاءَ الْإِسْلَام فَجرى الْأَمر فِيهِ كَذَلِك ثمَّ جعل عمر الدَّوَاوِين فَجمع بهَا النَّاس وَجعل أهل كل جند يدا وَجعل عَلَيْهِم قتال من يليهم من الْأَعْدَاء فصاروا بِهِ فِي الْحَال الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا وَمن أجلهَا يتعاقلون وَقَول من اعْتبر ثَلَاثَة وَأَرْبَعَة دَرَاهِم أولى لِأَن هَذَا الْقدر مُتَّفق عَلَيْهِ وَمَا زَاد مُخْتَلف فِيهِ وَلم تقم عَلَيْهِ دلَالَة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 102 2222 - فِي الْعمد فِيمَا دون النَّفس مِمَّا لَا قصاص فِيهِ قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه كل جِنَايَة فِيمَا دون النَّفس لَا يُسْتَطَاع فِيهَا الْقصاص من قطع عُضْو من غير مفصل نَحْو المنقلة والآمة والجائفة فالأرش فِي مَال الْجَانِي وَهُوَ قَول عُثْمَان البتي وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ ابْن وهب وَابْن الْقَاسِم عَن مَالك هم على الْعَاقِلَة وَهُوَ آخر قَول مَالك قَالَ ابْن الْقَاسِم وَقَالَ لَو قطع يَمِين رجل وَلَا يَمِين لَهُ كَانَت دِيَة الْيَد فِي مَاله وَلَا تحملهَا الْعَاقِلَة وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ هُوَ فِي مَال الْجَانِي فَإِن لم يبلغ ذَلِك مَاله حمل ذَلِك على عَاقِلَته وَكَذَلِكَ إِذا قتلت امْرَأَة زَوجهَا متعمدة وَلها مِنْهُ أَوْلَاد فعقله فِي مَالهَا خَاصَّة فَإِن لم يبلغ ذَلِك مَالهَا حمل على عاقلتها قَالَ أَبُو جَعْفَر روى سعيد بن مَنْصُور قَالَ حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن أبي الزِّنَاد عَن أَبِيه عَن عبد الله بن عبد الله بن عتبَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لَا تعقل الْعَاقِلَة عمدا وَلَا صلحا وَلَا اعترافا روى عَن عمر فِي الَّذِي حذف ابْنه بِالسَّيْفِ أَن الدِّيَة عَلَيْهِ فِي مَاله وَلَا فرق بَين النَّفس وَمَا دونهَا الحديث: 2222 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 103 2223 - فِي الْجَانِي هَل يدْخل فِي الْعقل قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه وَمَالك وَاللَّيْث وَابْن شبْرمَة الْقَاتِل والجارح يعقل مَعَ الْعَاقِلَة وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ لَا يدْخل الْجَانِي مَعَهم فِي الْعقل وَقَالَ الرّبيع عَن الشَّافِعِي الدِّيَة على الْعَاقِلَة وَمَا عجزت عَنهُ الْعَاقِلَة فَهُوَ فِي مَاله قَالَ أَبُو جَعْفَر روى سعد بن طَارق عَن نعيم بن أبي هِنْد عَن سَلمَة بن نعيم أَنه قتل رجل من الْمُسلمين ظَنّه من الْمُشْركين يَوْم الْيَمَامَة فَقَالَ لَهُ عمر عَلَيْك وعَلى قَوْمك الدِّيَة وروى عِكْرِمَة عَن عمر بن عبد الْعَزِيز مثل ذَلِك وَلَا يعرف عَن أحد من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ خِلَافه 2224 - فِيمَن أقرّ بقتل خطأ قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه وَابْن شبْرمَة وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ عَلَيْهِ الدِّيَة فِي مَاله وَقَالَ مَالك لَا شَيْء عَلَيْهِ فِيمَا ذكره عَنهُ ابْن وهب وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَنهُ لَا شَيْء عَلَيْهِ فِي مَاله وَإِن كَانَ الَّذِي أقرّ لَهُ مِمَّن لَا يتهم عَلَيْهِ فَهُوَ على الْعَاقِلَة بقسامة قَالَ أَبُو جَعْفَر وروى عَن ابْن عَبَّاس لَا تعقل الْعَاقِلَة عمدا وَلَا صلحا وَلَا اعترافا وَلَا نعلم عَن أحد من الصَّحَابَة خلاف وَهُوَ الْقيَاس لِأَن الحديث: 2223 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 104 الْعَاقِلَة إِنَّمَا تحمل عَنهُ مَا قد لزمَه وَوَجَب عَلَيْهِ فَإِذا لم يصدقهُ على الْعَاقِلَة صدق على نَفسه وَلَا يجوز أَن تلْزم الْعَاقِلَة إِن كَانَ مِمَّن لَا يتهم لِأَن أحدا لَا يصدق على غَيره وَإِذا لم يسْتَحقّهُ عَلَيْهِ وَلَا قسَامَة فَكَذَلِك بالقسامة وَأَيْضًا لما اتّفق الْجَمِيع على أَن القَاضِي يسْأَل الْمُدعى عَلَيْهِ عَن قتل الْخَطَأ دلّ ذَلِك على أَن الْوَاجِب بِالْقَتْلِ هُوَ حق عَلَيْهِ وَإِن كَانَت عَاقِلَته تتحمله لِأَنَّهُ لَو كَانَ على عَاقِلَته دِيَة لما سُئِلَ عَنهُ أَلا ترى أَن مَا يدعى على الْمولى لَا يسْأَل الأوصياء عَنهُ لأَنهم لَو أقرُّوا بِهِ لم يلْزمهُم 2225 - فِي ديات النِّسَاء قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ دِيَة الْمَرْأَة وجراحها على النّصْف من دِيَة الرجل فِيمَا قل أَو كثر وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث يسوى الرجل وَالْمَرْأَة فِي عقل الْجراح حَتَّى يبلغ ثلث دِيَة الرجل ثمَّ تكون دِيَة الْمَرْأَة على النّصْف قَالَ أَبُو جَعْفَر روى ابْن وهب عَن مَالك عَن ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن قَالَ سَأَلت سعيد بن الْمسيب كم فِي إِصْبَع الْمَرْأَة فَقَالَ عشر من الْإِبِل فَقلت وَكم فِي إِصْبَعَيْنِ قَالَ عشرُون من الْإِبِل فَقلت وَكم من ثَلَاث أَصَابِع قَالَ ثَلَاثُونَ من الْإِبِل قلت فكم من أَربع عشرُون من الْإِبِل فَقلت حِين عظم جرحها واشتدت مصيبتها نقص عقلهَا فَقَالَ سعيد أعراقي أَنْت فَقلت بل عَالم متثبت أَو جَاهِل متعلم فَقَالَ هِيَ السّنة يَا ابْن أخي الحديث: 2225 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 105 وَقَوله هِيَ السّنة لَا دلَالَة على أَنه تَوْقِيف من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَن السّنة قد تكون من غَيره قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْكُم بِسنتي وَسنة الْخُلَفَاء الرَّاشِدين من بعدِي وَلَيْسَ يرْوى ذَلِك إِلَّا عَن زيد بن ثَابت وروى عَن عَليّ وَعبد الله بن مَسْعُود أَن أَرْشهَا على النّصْف فِيمَا قل أَو كثر وَلما اتَّفقُوا على أَن مَا فَوق الثُّلُث على النّصْف فَكَذَلِك مَا دونه 2226 - فِيمَن قتل ابْنه قَالَ أَبُو جَعْفَر وَأَصْحَابه وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ لَا يُقَاد وَالِد بولده وَلَا الْجد وَقَالَ الْحسن بن حَيّ يُقَاد الْجد بِابْن الابْن وَلَا يُقَاد الْأَب بالابن وَكَانَ يُجِيز شَهَادَة الْجد لِابْنِ ابْنه وَلَا يُجِيز شَهَادَة الْأَب لَهُ وَقَالَ عُثْمَان البتي إِذا قتل ابْنه عمدا قتل بِهِ قَالَ مَالك لمن ذبحه قتل بِهِ وَإِن حذفه بِسيف أَو عَصا لم يقتل بِهِ وَكَذَلِكَ الْجد قَالَ أَبُو جَعْفَر قد روى عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فِي قصَّة قَتَادَة الحديث: 2226 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 106 المدلجي الَّذِي حذف ابْنه بِالسَّيْفِ فقلته أَنه قَالَ لَوْلَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا يُقَاد وَالِد بولده لأقدتك وَهُوَ خبر مستفيض عِنْد أهل الْعلم كَمَا روى أَن لَا وَصِيَّة لوَارث وَاخْتِلَاف الْمُتَبَايعين وَأَنه ورد من طَرِيق الْآحَاد فَهُوَ بِمَنْزِلَة التَّوَاتُر لاستفاضته وشهرته 2227 - فِيمَا دون الْمُوَضّحَة قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه وَمَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ لَيْس َ فِيمَا دون الْمُوَضّحَة من شجاج أرش مُقَدّر وَإِنَّمَا فِيهِ حُكُومَة وَقَالَ الْحسن بن حَيّ فِي السمحاق أَربع من الْإِبِل وروى ذَلِك عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ أَبُو جَعْفَر روى عَن عَليّ فِي السمحاق أَربع من الْإِبِل وَعَن عمر أَنه قضى فِي الترقوة بِحمْل وَفِي الضلع بِحمْل وَقَالَ زيد بن ثَابت فِي الْعين الْقَائِمَة إِذا طعنت مائَة دِينَار وَهَذَا عندنَا على وَجه الْحُكُومَة لِأَنَّهُ تَوْقِيف الحديث: 2227 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 107 2228 - فِي مَوَاضِع الشجاج قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه لَا يكون الشجاج إِلَّا فِي الْوَجْه وَالرَّأْس وَلَا تكون الْجَائِفَة إِلَّا فِي الْجوف قَالَ بشر عَن أبي يُوسُف كل مَوضِع يكون فِيهِ منقلة وهاشمة وسمحاق وباضعة ومتلاحمة ودامية فَإِنَّمَا ذَلِك فِي الرَّأْس والجبهة والصدغين واللحيين وَمَوْضِع الْعظم من اللحيين والذقن وَلم نجد خلافًا وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَقَالَ عُثْمَان البتي الْمُوَضّحَة فِي الْوَجْه وَالرَّأْس سَوَاء وَقَالَ مَالك المأمومة والمنقلة والموضحة لَا تكون إِلَّا فِي الْوَجْه وَالرَّأْس وَلَا تكون المأمومة إِلَّا فِي الرَّأْس خَاصَّة إِذا وصل إِلَى الدِّمَاغ قَالَ والموضحة مَا تكون فِي جمجمة الرَّأْس وَمَا دونهَا فَهُوَ من الْعُنُق لَيْسَ فِيهِ مُوضحَة وَقَالَ مَالك الْأنف لَيْسَ من الرَّأْس فِيهِ مُوضحَة وَكَذَلِكَ اللحى الْأَسْفَل ليسه فِيهِ مُوضحَة الحديث: 2228 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 108 وَقَالَ مَالك فِي الْحَد مُوضحَة فَإِن شان الْوَجْه زيد فِي الْأَرْش وَإِن لم يَشن لم يزدْ على أرش الْمُوَضّحَة قَالَ والجائفة مَا أفضت إِلَى الْجوف وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي الْمُوَضّحَة فِي الْوَجْه وَالرَّأْس سَوَاء وَفِي جِرَاحَة الْجَسَد على النّصْف مَا فِي جِرَاحَة الرَّأْس قَالَ ابْن وهب عَن اللَّيْث الْمُوَضّحَة فِي الْجَسَد قَالَ الله تَعَالَى {والجروح قصاص} الْمَائِدَة 45 قَالَ أَبُو جَعْفَر روى عبد الله بن عمر أَنه قَالَ مَا فَوق الذقن من الرَّأْس وَلَا يغطيه الْمحرم وَقد اتّفق الْفُقَهَاء على أَن الْمحرم لَا يُغطي رقبته كَمَا لَا يُغطي وَجهه فَدلَّ على أَن مُرَاد ابْن عمر أَن الذقن من الْوَجْه وَإِنَّمَا ذكر مَا فَوق الذقن كَمَا قَالَ الله تَعَالَى {فاضربوا فَوق الْأَعْنَاق} الْأَنْفَال 12 وَإِذا كَانَ ذَلِك من الْوَجْه وَجب أَن تكون فِيهِ مُوضحَة وَفِيمَا يحاذيه من الرَّأْس مِمَّا يَلِي الْعُنُق وَلَا يخْتَلف حكمهَا باخْتلَاف جوانبها فَثَبت مَا ذكرنَا عَن أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيّ وَبَطل مَا قَالَه مَالك قَالَ أَبُو جَعْفَر وَقَول اللَّيْث لَا معنى لَهُ لِأَن مَا فِي الْبدن لَا يُسمى شجاجا وَإِنَّمَا سمي شجة مَا كَانَ فِي الرَّأْس وَتسَمى مَا كَانَ فِي الْبدن جِرَاحَة 2229 - مَتى تقتص من الْجِرَاحَات قَالَ أَبُو جَعْفَر وَأَصْحَابه فِيمَن كسر سنّ رجل الْأَرْش فِيهِ حَتَّى يحول الحديث: 2229 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 109 الْحول فَيحكم بِمَا يؤول إِلَيْهِ أمره وَكَذَلِكَ الْجِرَاحَات لَا يقْضِي فِيهَا بِأَرْش حَتَّى ينظر مَا تؤول وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك لَا تقاد من جِرَاحَة عمدا إِلَّا بعد الْبُرْء وَلَا يعقل الْخَطَأ إِلَّا بعد الْبُرْء وَقَالَ الثَّوْريّ مثل ذَلِك وَقَالَ الْحسن بن حَيّ يتربص بِالسِّنِّ وَالْجرْح سنة مَخَافَة أَن يبتعض وَقَالَ الْمُزنِيّ فِي مُخْتَصره عَن الشَّافِعِي وَلَو قطع إِصْبَع رجل فَسَأَلَ الْمَقْطُوع الْقود سَاعَة قطع أقدته فَإِن ذهبت كف المجنى عَلَيْهِ جعلت على الْجَانِي أَرْبَعَة أَخْمَاس دِيَتهَا وَلَو مَاتَ مِنْهَا قتلته فَإِن قطع إصبعه فتأكلت فَذَهَبت كَفه أقدته من الإصبع وَأخذ أرش يَده إِلَّا إصبعا وَلم ينْتَظر أَن يبرأ إِلَى مثل جِنَايَته أَو لَا قَالَ أَبُو جَعْفَر احْتج من أوجب الْقصاص قبل الْبُرْء بِمَا روى أنس أَن يَهُودِيّا رض رَأس صبي بَين حجرين فَأمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يرض رَأسه بَين حجرين قَالُوا فَثَبت أَنه يَنْبَغِي أَن يقْتَصّ مِنْهُ بِمثل مَا فعل قَالَ وَإِذا كَانَ ذَلِك وَاجِبا لم يكن للانتظار بِهِ وَجه قيل لَهُ هَذَا الَّذِي ذكرت رَوَاهُ قَتَادَة وَهِشَام بن زيد عَن أنس وَقد روى معمر عَن أَيُّوب عَن أبي قلَابَة عَن أنس أَن رجلا من الْيَهُود رضخ رَأس جَارِيَة على حلي لَهَا فَأمر بِهِ أَن يرْجم حَتَّى قتل فقد تساوى الحديثان فِي ذَلِك من جِهَة السَّنَد فَلَيْسَ أَحدهمَا بِأولى بِالْقبُولِ من الآخر الجزء: 5 ¦ الصفحة: 110 وَوجه الرَّجْم على مَا كَانَ عَلَيْهِ الْأَمر من الْإِبَاحَة للمثلة كَمَا قطع أَيدي العرنيين وأرجلهم وسمل أَعينهم ثمَّ نسخ ذَلِك وَقد روى الْحسن عَن عمرَان بن حُصَيْن قَالَ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَخْطُبنَا فيأمرنا بِالصَّدَقَةِ وينهانا عَن الْمثلَة وروى الْحسن عَن سَمُرَة قَالَ قل مَا خَطَبنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطْبَة إِلَّا أمرنَا فِيهِ بِالصَّدَقَةِ ونهانا عَن الْمثلَة وروى مُغيرَة عَن سماك عَن إِبْرَاهِيم عَن هني بن نُوَيْرَة عَن عَلْقَمَة عَن عبد الله عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أحسن النَّاس قتلة أهل الْإِيمَان وَفِي حَدِيث آخر أعف النَّاس قتلة أهل الْإِيمَان وَهَذَا لَا يكون إِلَّا فِيمَن حل لَهُم قَتله فوصفهم بِصفة الْقَتْل وَأَن لَا يكون مِنْهُم مَا قد نهوا عَنهُ عَن الْمثلَة وروى خَالِد الْحذاء عَن أبي قلَابَة عَن الْأَشْعَث عَن شَدَّاد بن أَوْس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله كتب الْإِحْسَان على كل شَيْء فَإِذا قتلتم فَأحْسنُوا القتلة وَإِذا ذبحتم فَأحْسنُوا الذّبْح وليحد أحدكُم شفرته وليرح ذَبِيحَته وروى ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى أَن يمثل بالبهائم الجزء: 5 ¦ الصفحة: 111 وَرُوِيَ أَن عبد الرَّحْمَن بن خَالِد بن الْوَلِيد قتل أعلاجا صبرا بِالنَّبلِ فَقَالَ أَبُو أَيُّوب الْأنْصَارِيّ سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينْهَى عَن قتل الصَّبْر وروى ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا تَتَّخِذُوا شَيْئا فِيهِ الرّوح غَرضا فَإِذا كَانَ ذَلِك مَمْنُوعًا مِنْهُ فِي الْبَهَائِم كَانَ بَنو آدم فِي الْمَنْع أولى وَقَالَ الله تَعَالَى {والجروح قصاص} الْمَائِدَة 45 وَلَا يُمكن اسْتِيفَاء الْقصاص بِالرَّمْي والرضخ بِالْحجرِ وَإِذا قطع يَد رجل فَمَاتَ فَلَو قَطعنَا يَده ثمَّ لم يمت احتجنا أَن نَقْتُلهُ بعد ذَلِك فَلَا يكون ذَلِك قصاصا لأَنا قد جرحناه بِأَكْثَرَ من جراحته وَقد يجرح الرجل الْجراحَة فيعدي إِلَى أَعْضَاء آخر فَتجب فِيهَا ديات إِذا برأَ مِنْهَا وَإِن مَاتَ وَجَبت دِيَة وَاحِدَة فَكيف يحكم عَلَيْهِ بديات لَا يدْرِي هَل يَسْتَحِقهَا وَإِن دفعناها إِلَيْهِ احتجنا إِلَى استرجاعها مِنْهُ فَهَذَا يدل على أَن حكم الْجِرَاحَات مُعْتَبر بِمَا يؤول إِلَيْهِ 2230 - فِي كسر الْعظم قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه لَا قصاص فِي عظم مَا خلا السن وَقَالَ اللَّيْث وَالشَّافِعِيّ مثل ذَلِك وَلم يستثنوا السن وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك عِظَام الْجَسَد كلهَا فِيهَا الْقود إِلَّا مَا كَانَ مخوفا مثل الْفَخْذ وَمَا أشبهه فَلَا قَود فِيهِ وَلَيْسَ فِي الهاشمة قَود وَكَذَلِكَ الحديث: 2230 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 112 المنقلة وَفِي الذراعين والعضد والساقين والقدمين والكعبين والأصابع إِذا كسرت فَفِيهَا الْقصاص وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَيْسَ فِي المأمومة قصاص قَالَ أَبُو جَعْفَر اتَّفقُوا على أَن لَا قصاص فِي عظم الرَّأْس وَكَذَلِكَ سَائِر الْعِظَام قَالَ الله تَعَالَى {والجروح قصاص} الْمَائِدَة 45 وَذَلِكَ غير مُمكن وروى حَمَّاد بن سَلمَة عَن عَمْرو بن دِينَار عَن ابْن الزبير انه اقْتصّ من مأمومة فَأنْكر ذَلِك عَلَيْهِ وَهَذَا يدل على أَن الَّذين أنكروه كَانُوا نظراؤه من الصَّحَابَة وَإنَّهُ لم ينكروه من طَرِيق الرَّأْي لِأَن مَا كَانَ طَرِيقه الِاجْتِهَاد لَا يجوز النكير فِيهِ 2231 - فِي مِقْدَار مَا تحمله الْعَاقِلَة قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه إِذا بلغ من الْمَرْأَة نصف عشر دِيَتهَا وَمن الرجل نصف عشر دِيَته حَملته الْعَاقِلَة وَمَا دونهَا فَهُوَ فِي مالح لَا تحمله الْعَاقِلَة وَقَالَ مَالك إِذا بلغ ثلث الدِّيَة حَملته الْعَاقِلَة وَمَا دون ذَلِك لَا تحمله الْعَاقِلَة وَهُوَ فِي مَال الْجَانِي وَقَالَ الثَّوْريّ وَابْن شبْرمَة الْمُوَضّحَة وَمَا زَاد فَهُوَ على الْعَاقِلَة فَدلَّ على أَنه اعْتبر من الرجل وَالْمَرْأَة مِقْدَار مُوضحَة الرجل الحديث: 2231 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 113 وَقَالَ عُثْمَان البتي وَالشَّافِعِيّ تحمل الْعَاقِلَة قَلِيل وَكثير من قتل وجرح من عبد وحر قَالَ أَبُو جَعْفَر قد اتَّفقُوا على أَن الْعَاقِلَة لَا تحمل ضَمَان الْأَمْوَال وَتحمل الثُّلُث من الدِّيَة وَالْمعْنَى فِيهِ أَن لَهُ أرشا مَعْلُوما فَلَمَّا كَانَ للموضحة أرش مَعْلُوم وَجب أَن تحمله الْعَاقِلَة وَمَا دونهَا لَا أرش لَهُ مَعْلُوم وَإِنَّمَا فِيهِ حُكُومَة كتقويم الْمَتَاع الْمُسْتَهْلك فَلَا تحمله الْعَاقِلَة 2232 - فِيمَن قتل نَفسه خطأ قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه وَمَالك وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ من قتل نَفسه خطأ أَو عمدا لم يجب على عَاقِلَته شَيْء وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ لَو أَن رجلا ذهب يضْرب بِسَيْفِهِ فِي الْعَدو فَأصَاب نَفسه فعلى عَاقِلَته الدِّيَة قَالَ أَبُو جَعْفَر إِنَّمَا تحمل الْعَاقِلَة عَن الْجَانِي مَا قد لزمَه فتتحمله تَخْفِيفًا عَنهُ أَلا ترى أَن الَّذِي لَا عَاقِلَة لَهُ يلْزمه ذَلِك فِي مَاله والجاني على نَفسه يَسْتَحِيل أَن يجب لَهُ على نَفسه شَيْء فاستحال وجوب ذَلِك على عَاقِلَته 2233 - فِي الرُّجُوع عَن الْإِقْرَار بِالْقَتْلِ قَالَ أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيّ من أقرّ بقتل عمد ثمَّ رَجَعَ عَن إِقْرَاره لم يقبل رُجُوعه وَاخْتلفت الرِّوَايَة عَن مَالك فروى ابْن الْقَاسِم عَنهُ أَن لَا يقبل وروى عبد الله بن عبد الحكم أَنه يقبل رُجُوعه الحديث: 2232 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 114 وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا أقرّ بقتل رجل من غير امتحان ثمَّ أنكر لم يقتل بِهِ وَيضْرب على مَا يرى الإِمَام قَالَ أَبُو جَعْفَر قد اسْتحق عَلَيْهِ الْوَالِي الْقود بِإِقْرَارِهِ فَلَا يقبل رُجُوعه فِي إِسْقَاطه عَن نَفسه فَإِن قيل فَلَو رَجَعَ شَاهد الْقَتْل بعد الْقَضَاء بِهِ سقط الْقود هلا كَانَ الْإِقْرَار مثله قيل لَهُ قد قَالُوا إِن الْقيَاس أَن لَا يبطل بِرُجُوع الشَّاهِدين فإسقاطه بعد الرُّجُوع اسْتِحْسَان وَالْإِقْرَار مَحْمُول على الْقيَاس قَالَ وَمذهب الْأَوْزَاعِيّ أَن رُجُوع الشَّاهِدين يسْقط الْقود وَسَائِر الْحُقُوق قبل الْقَبْض وَجعل الْإِقْرَار فِي ذَلِك كَالشَّهَادَةِ 2234 - فِي الصَّبِي يقتل قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث فِي الصَّبِي إِذا قتل عمدا أَو خطأ فَهُوَ بِمَنْزِلَة الْخَطَأ تحمل الْعَاقِلَة مِنْهُ مَا تحمل من الْجَانِي خطأ وَمَا دونهَا وَقَالَ الشَّافِعِي عمد الصَّبِي فِي مَاله قَالَ أَبُو جَعْفَر إِذا كَانَ الْبَالِغ الَّذِي تلْزمهُ الْكَفَّارَة فِي قتل الْخَطَأ تحمل جِنَايَته عَاقِلَته وَالصَّبِيّ وَالْمَجْنُون اللَّذَان لَا كَفَّارَة عَلَيْهِمَا أَحْرَى أَن تحمله الْعَاقِلَة الحديث: 2234 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 115 2235 - فِي الصَّبِي وَالرجل يقتلان رجل قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه إِذا أشرك صبي وَرجل أَو مَجْنُون وصحيح أَو قَاتل عمد وَقَاتل خطأ فِي قتل رجل فَلَا قصاص على وَاحِد مِنْهُمَا وَكَذَلِكَ إِذا كَانَ أَحدهمَا أَبَا للمقتول فعلى الْأَب والعامد نصف الدِّيَة فِي مَاله وعَلى الْمُخطئ وَالْقَاتِل الْبَالِغ على عَاقِلَته وَقَالَ الْحسن عَن زفر عَن رجل قتل امْرَأَته هُوَ وأجنبي مُتَعَمدا بحديدة وللرجل مِنْهَا ابْن كَانَ لِابْنِهِ أَن يقتل الْأَجْنَبِيّ وَيرجع على أَبِيه بِنصْف الدِّيَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَا قصاص على وَاحِد مِنْهُمَا وَقَالَ مَالك إِذا اشْترك الصَّبِي وَالرجل فِي قتل رجل فعلى عَاقِلَته الصَّبِي نصف الدِّيَة وَيقتل الرجل وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ على عاقلتهما الدِّيَة وَقَالَ الْحسن بن حَيّ على الرجل نصف الدِّيَة وعَلى الصَّبِي على عَاقِلَته وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا قتل رجل مَعَ صبي رجلا قتل الرجل وعَلى الصَّبِي نصف الدِّيَة فِي مَاله وَكَذَلِكَ الْحر وَالْعَبْد إِذا قتلا عبدا وَالْمُسلم وَالنَّصْرَانِيّ إِذا قتلا نَصْرَانِيّا الحديث: 2235 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 116 قَالَ وَإِن اشْترك قَاتل خطأ فعلى الْعَامِد نصف الدِّيَة فِي مَاله وَجِنَايَة الْمُخطئ على عَاقِلَته قَالَ الْمُزنِيّ وَاحْتج الشَّافِعِي على مُحَمَّد بن الْحسن فِي منع الْقود من الْعَامِد إِذا شَاركهُ صبي أَو مَجْنُون فَقَالَ إِن كنت دفعت عَنهُ الْقَتْل لِأَن الْقَلَم عَنْهُمَا مَرْفُوع وَإِن عمدهما خطأ على عاقلتهما فَهَلا أقدت من الْأَجْنَبِيّ إِذا قتل عمدا مَعَ الْأَب لِأَن الْقَلَم عَن الْأَب لَيْسَ بمرفوع وَهَذَا ترك أصلك قَالَ الْمُزنِيّ قد شرك الشَّافِعِي مُحَمَّد بن الْحسن فِيمَا أنكر عَلَيْهِ فِي هَذِه الْمَسْأَلَة لِأَن رفع الْقصاص عَن الخاطئ وَالْمَجْنُون وَاحِد فَكَذَلِك حكم من شاركهم بالعمد وَاحِد قَالَ الشَّيْخ الَّذِي ألزمهُ الشَّافِعِي مُحَمَّدًا غير لَازم بِحَق النّظر لِأَن الَّذِي يلْزم على هَذَا الأَصْل أَن كل من كَانَ عمده خطأ أَن لَا يقتل المشارك لَهُ فِي الْقَتْل وَإِن كَانَ عَامِدًا فَأَما من لَيْسَ عمده خطأ إِذا شَاركهُ فَلَيْسَ بِلَازِم على ذَلِك وَهُوَ مَوْقُوف الحكم على دَلِيله لِأَنَّهُ عكس الْعلَّة قَالَ أَبُو جَعْفَر الْقيَاس فِي هَذِه الْمسَائِل أَن يكون كل وَاحِد مِنْهُمَا مَحْكُومًا عَلَيْهِ بِحكم نَفسه دون غَيره كَأَنَّهُ تفرد بقتْله دونه الجزء: 5 ¦ الصفحة: 117 2236 - فِي قطع الْيَد النَّاقِصَة قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا قطع كَفه وفيهَا إِصْبَع أَو إصبعان فَفِيهِ دِيَة الإصبع دون الْكَفّ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد ينظر إِلَى أرش الإصبع وَأرش الْكَفّ بِغَيْر الإصبع فَيدْخل الْقَلِيل فِي الْكثير وَقد روى مُحَمَّد أَن عَلَيْهِ دِيَة مَا فِي الْكَفّ من الْأَصَابِع ثمَّ ينظر إِلَى الْوَاجِب فِي الْكَفّ لَو قطعت وَلَا أَصَابِع فِيهَا فَينْظر مَا كَانَ من ذَلِك مُقَابلا لما كَانَ بَقِي من الْأَصَابِع فِي الْكَفّ فَيسْقط عَن الْجَانِي وَإِلَى مَا كَانَ من ذَلِك مُقَابلا لما كَانَ قطع من أَصَابِع الْكَفّ فَيُؤْخَذ من الْجَانِي وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا قطع الْكَفّ فَإِنَّمَا لَهُ بِحِسَاب مَا بَقِي من الْأَصَابِع فِي الْكَفّ وَقَالَ ابْن الْقَاسِم وَإِن بقيت إِصْبَع وَاحِدَة فَفِي الْكَفّ حُكُومَة وَفِي الإصبع الدِّيَة وَقَالَ الشَّافِعِي على الْقَاطِع أرش الإصبع والحكومة فِي الْكَفّ فَإِذا وَجب أرش الْيَد تَامَّة دخلت الْكَفّ مَعَ الْأَصَابِع قَالَ أَبُو جَعْفَر لم يَخْتَلِفُوا أَن قطع الْكَفّ مَعَ الْأَصَابِع الْخمس لَا توجب للكف شَيْئا فَالْقِيَاس على هَذَا أَن لَا يكون للكف أرش مَعَ الإصبع الْوَاحِدَة وَأَن لَا يدْخل أرش الإصبع فِي أرش الْكَفّ فَبَطل قَول أبي يُوسُف فِي اتِّبَاعه الْقَلِيل وَالْكثير وَبَقِي الْكَلَام بَين أبي حنيفَة وَمُحَمّد على الرِّوَايَة الحديث: 2236 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 118 الْأُخْرَى فَالْقِيَاس مَا قَالَ مُحَمَّد إِن كل خمس من الْكَفّ تَابع لإصبع من الْأَصَابِع الْخمس 2237 - فِي الْيَد تقطع من نصف الساعد قَالَ الطَّحَاوِيّ عَن مُحَمَّد فِي رجل قطع يَد رجل من نصف الساعد أَن فِي الْيَد نصف الدِّيَة وَفِيمَا قطع من الساعد حُكُومَة قَالَ مُحَمَّد وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَأبي حنيفَة وَقَوْلنَا وروى بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف فِي الْيَد إِذا قطعت من الْمرْفق الدِّيَة وَفضل حُكُومَة فِي قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف نصف الدِّيَة وَهُوَ قَول ابْن أبي ليلى وَهُوَ قَول الشَّافِعِي أَيْضا قَالَ الثَّوْريّ إِذا قطعت الْيَد من الْمرْفق أَو الْمفصل أَو الْمنْكب فَفِيهِ الدِّيَة وَكَذَلِكَ روى ابْن الْقَاسِم عَن مَالك قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ فِي قَاطع الْأَصَابِع أَن عَلَيْهِ دِيَة الْيَد وَكَذَلِكَ لَو قطع الْكَفّ مَعهَا فَمن لم يُوجب للساعد شَيْئا جعلهَا بِمَنْزِلَة الْكَفّ مَعَ الْأَصَابِع وَمن أوجب فرق مَا بَينهمَا بِأَنَّهُم يدْخلُونَ مَا لَا أرش لَهُ مَعْلُوم فِيمَا لَهُ أرش مَعْلُوم وَلَا يدْخلُونَ الشَّيْئَيْنِ اللَّذين لَا أرش لَهما فِي الشَّيْء الحديث: 2237 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 119 الْوَاحِد الَّذِي لَهُ أرش مَعْلُوم أَلا ترى أَن فِي المارن الدِّيَة وَإِذا قطع الْأنف بالمارن لم يكن عَلَيْهِ إِلَّا دِيَة وَاحِدَة وَلَو قطع مَعَ الْأنف طَائِفَة من الْوَجْه كَانَ عَلَيْهِ الدِّيَة وحكومة فِيمَا قطع من الْوَجْه وَكَذَلِكَ الْكَفّ تدخل فِي أرش الْأَصَابِع وَلَا تدخل مَعهَا الذِّرَاع 2238 - فِي الْأَعْوَر تفقأ عينه الصَّحِيحَة قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه وَالثَّوْري وَعُثْمَان البتي وَالشَّافِعِيّ فِيهَا نصف الدِّيَة إِذا كَانَ خطأ وَقَالَ ابْن وهب وَابْن الْقَاسِم عَن مَالك فِيهَا الدِّيَة كَامِلَة قَالَ ابْن الْقَاسِم وَقَالَ مَالك إِذا كَانَ ذَاهِب السّمع من إِحْدَى أُذُنَيْهِ فَضرب إِنْسَان الْأذن الْأُخْرَى فَأذْهب سَمعه فَعَلَيهِ نصف الدِّيَة وَكَذَلِكَ الرجلَيْن وَالْيَدَيْنِ إِذا قطع إِنْسَان الْبَاقِيَة مِنْهُمَا فَعَلَيهِ نصف الدِّيَة وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِك فِي عين الْأَعْوَر دون غَيرهَا وَقَول اللَّيْث فِي الْعين مثل قَول مَالك وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِن كَانَت يَده أُصِيبَت فِي سَبِيل الله ثمَّ أصَاب الْيَد الْأُخْرَى إِنْسَان فَفِيهَا الدِّيَة كَامِلَة وَإِن كَانَ أَخذ لَهَا عقلا فَنصف الْعقل وَكَذَلِكَ قَالَ فِي الْعين الحديث: 2238 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 120 قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ الله تَعَالَى {وَالْعين بِالْعينِ} الْمَائِدَة 45 وَلم ينْسَخ الله ذَلِك فَكَانَ معقولا أَن الْوَاجِب إِذا كَانَ عمدا الْقصاص وَفِي الْخَطَأ دِيَتهَا كَمَا يقْتَصّ فِي الْعَينَيْنِ فِي الْعمد وَتُؤْخَذ دِيَتهَا فِي الْخَطَأ وَفِي كتاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّذِي كتبه لعَمْرو بن حزم وَفِي الْعين خَمْسُونَ من الْإِبِل وَفِي الْيَد خَمْسُونَ من الْإِبِل وَلم يفرق بَين عين الْأَعْوَر وَالصَّحِيح وَقد قَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي الْيَد نصف الدِّيَة إِذا كَانَت الأولى قد أَخذ أَرْشهَا فَكَذَلِك إِذا لم يَأْخُذ أَرْشهَا لِأَن الْجَانِي إِنَّمَا يلْزمه حكم جِنَايَته خَاصَّة وَلَا اعْتِبَار فِي فعله بِمَا فعله غَيره فِي الْيَد الْأُخْرَى وَقَالَ أَبُو جَعْفَر وَرُوِيَ عَن عمر وَعُثْمَان وَابْن عمر فِي الْأَعْوَر تفقأ عينه الصَّحِيحَة أَن عَلَيْهِ الدِّيَة كَامِلَة 2239 - فِي الممسك هَل يقتل قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه فِيمَن أمسك رجلا حَتَّى قَتله آخر فالقود على الْقَاتِل دون الممسك وَيُعَزر الممسك وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك إِذا أَمر عَبده أَن يقتل رجلا فَقتله فَإِن كَانَ العَبْد أعجميا قتل السَّيِّد وَإِن كَانَ غير أعجمي قتل العَبْد وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك فِي الممسك للرجل حَتَّى يقْتله فعلَيْهِمَا جَمِيعًا الْقصاص فَإِن الماسك قد أَرَادَ قَتله وَقَالَ اللَّيْث مثل قَول مَالك الحديث: 2239 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 121 وَقَالَ اللَّيْث إِن أمْسكهُ ليضربه فقلته قتل الْقَاتِل وعوقب الآخر قَالَ اللَّيْث وَلَو أَمر غُلَامه أَن يقتل رجلا فَقتله قتلا بِهِ جَمِيعًا وَقَالَ الْمُزنِيّ فِي مُخْتَصره عَن الشَّافِعِي وَيقتل الذَّابِح دون الماسك كَمَا يحد الزَّانِي دون الماسك قَالَ أَبُو جَعْفَر الممسك معِين لَيْسَ بِقَاتِل كالمعين على الزِّنَا لَا يحد إِذْ لَيْسَ بزان فَإِن قيل روى يحيى بن سعيد عَن سعيد بن الْمسيب أَن عمر بن الْخطاب قتل نَفرا خَمْسَة أَو سَبْعَة بِرَجُل وَاحِد قَتَلُوهُ قتل غيلَة وَقَالَ عمر لَو تمالأ عَلَيْهِ أهل صنعاء لقتلتهم جَمِيعًا قيل لَهُ أَرَادَ بالممالاة مُبَاشرَة الْقَتْل أَلا ترى أَنه لَو مالأه عَلَيْهِ ثمَّ تفرد أَحدهمَا بقتْله من غير محْضر من الآخر كَانَ الْقود على من بَاشر الْقَتْل دون من مالأ عَلَيْهِ 2240 - فِي الْقصاص فِي مُوضحَة مَا بَين قَرْني المشجوج قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه إِذا شجه مُوضحَة فأحدث مَا بَين قَرْني المشجوج وَهِي لَا تَأْخُذ مَا بَين قَرْني الشاج فَإِن المشجوج مُخَيّر بَين الْأَرْش أَو الْقصاص بِمِقْدَار طول شجته فَحسب وَإِن كَانَت الشَّجَّة مَا بَين قَرْني المشجوج وَهِي تَأْخُذ مَا بَين قَرْني الشاج ويفضل مِنْهَا خير المشجوج أَيْضا فَإِن شَاءَ أَخذ الْأَرْش وَإِن شَاءَ اقْتصّ مَا بَين قَرْني الشاج لَا أزيده على ذَلِك وَكَذَلِكَ الحديث: 2240 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 122 على هَذَا الِاعْتِبَار إِذا كَانَت الشَّجَّة فِي طول رَأس المشجوج فتقصر عَن رَأس الشاج أَو تزيد وَقَالَ مَالك يقْتَصر لَهُ بِقدر شجته طولا إِلَى حَيْثُ يبلغ وَهُوَ قَول الشَّافِعِي فِيمَا رَوَاهُ عَنهُ الْمُزنِيّ فِي مُخْتَصره قَالَ الشَّافِعِي وَإِن أخذت رَأس الشاج كُله وَبَقِي شَيْء أَخذ أَرْشه وَقَالَ الرّبيع إِذا شجه فِي قرنه والشاج أسلخ الْقرن فللمشجوج الْخِيَار فِي الْقصاص وَالْأَرْش وَلَو كَانَ خَفِيف الشّعْر أَو فِيهِ قرع قَلِيل يكتسي إِن طَال شَيْئا فَلهُ الْقصاص قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ إِن قَاطع الْيَد الصَّحِيحَة إِذا كَانَ نَاقص الْيَد فَاخْتَارَ الْمَقْطُوع الْقصاص أَنه لَا أرش لَهُ مَعَ ذَلِك بِقدر مَا بَين الصَّحِيحَة والناقصة فَكَذَلِك إِذا كَانَ مَا بَين قَرْني الشاج أنقص وَجب أَن يكون مُخَيّرا بَين الْقصاص بِلَا أرش أَو أرش الشَّجَّة بِلَا قصاص قَالَ أَبُو جَعْفَر وَكَانَ مُحَمَّد بن الْعَبَّاس الرَّازِيّ يَقُول يَنْبَغِي أَن لَا يكون للمشجوج الْخِيَار وَإِن فضلت الشَّجَّة عَن قَرْني الشاج فَإِنَّهُ إِنَّمَا يَأْخُذ مَا بَين قَرْني الشاج فَحسب لِأَن ذَلِك لَيْسَ بِعَيْب فِي الْخلقَة وَإِنَّمَا هُوَ صغر الْعُضْو كَالْيَدِ الصَّغِيرَة تُؤْخَذ بالكبيرة وَلَا يُوجب للمقطوع الْخِيَار قَالَ وَإِن كَانَ مَا بَين قَرْني الشاج أوسع فَيَنْبَغِي أَن يقْتَصّ لَهُ مَا بَين قَرْني الشاج كُله كَالْيَدِ الْكَبِيرَة تُؤْخَذ بالصغيرة وكالموضحة إِذا كَانَ الشاج كثير اللَّحْم وَرَأس المشجوج ملصق جلده بالعظم وَكَانَ مُحَمَّد بن الْعَبَّاس يحْكى ذَلِك عَمَّن تقدمه من أهل الْعلم مِمَّن تَأَخّر عَمَّن ذكرنَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 123 2241 - فِي حكم الْأُذُنَيْنِ فِي الدِّيَة قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ فِي الْأُذُنَيْنِ الدِّيَة وَفِي السّمع الدِّيَة وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك الدِّيَة فِي السّمع وَفِي الْأُذُنَيْنِ الْحُكُومَة إِذا لم يذهب السّمع قَالَ أَبُو جَعْفَر روى أَبُو إِسْحَاق عَن عَاصِم بن ضَمرَة عَن عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام فِي الْأذن نصف الدِّيَة وروى معمر عَن عَمْرو بن مُسلم عَن طَاوس قَالَ قضى أَبُو بكر فِي الْأذن إِذا استؤصلت بِخمْس عشرَة من الْإِبِل وَقضى فِيهَا عمر بِنصْف الدِّيَة قَالَ أَبُو جَعْفَر لما كَانَ فِي الْأنف الدِّيَة وَهِي ناتئ عَن الْوَجْه طَرِيق للشم كَمَا أَن الْأُذُنَيْنِ بائنان عَن الرَّأْس طَرِيقَانِ للصوت إِلَى السّمع وَجب أَن يكون فيهمَا الدِّيَة لتساويهما فِي ذَلِك 2242 - فِي شعر الرَّأْس واللحية قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَي ّ فِي شعر الرَّأْس واللحية إِذا حلقا فَلم ينْبت فَفِي كل وَاحِد مِنْهُمَا الدِّيَة وَقَالَ ابْن الْقَاسِم قِيَاس قَول مَالك وَهُوَ قَول الشَّافِعِي فِيهِ حُكُومَة الحديث: 2241 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 124 قَالَ أَبُو جَعْفَر روى أَبُو حنيفَة عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ بلاغا أَن فِي اللِّحْيَة إِذا لم تنْبت الدِّيَة وَقد رُوِيَ عَن سعيد بن الْمسيب وَشُرَيْح وَالْحسن أَن فِي الحاجبين الدِّيَة وَعَن الشّعبِيّ مثله وَلَيْسَ عَن غَيرهم من التَّابِعين خلاف ذَلِك وَالْقِيَاس أَن تكون فيهمَا حُكُومَة لِأَن طَرِيق إِثْبَات الدِّيات التَّوْقِيف وَلَيْسَ للحاجبين وَشعر الرَّأْس أصل يرد إِلَيْهِ من إِيجَاب الدِّيَة وَاخْتِلَاف من ذكرنَا من الْفُقَهَاء فِي الحاجبين كَهُوَ فِي شعر الرَّأْس 2243 - فِي الْقصاص فِي نتف شعر الرَّأْس قَالَ أَصْحَابنَا لَا قصاص فِي الشّعْر نبت أَو لم ينْبت وَهُوَ قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ اللَّيْث إِذا نتف من لحيته وَرَأسه شعرًا نتف من لحيته وَرَأسه نَحْو مَا نتف قصاصا يكون ذَلِك فِي خَفِيف اللِّحْيَة وكثيرها قَالَ أَبُو جَعْفَر الْقصاص اسْتِيفَاء الْمثل لِأَنَّهُ يَأْخُذ من الْمُقْتَص مِنْهُ مَا لم يكن مَوْجُودا وَقت الْجِنَايَة 2244 - فِي الْقصاص فِي اللِّسَان قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه لَا يقْتَصّ من اللِّسَان وَهُوَ قَول مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ الحديث: 2243 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 125 وَقَالَ اللَّيْث يقْتَصّ مِنْهُ قَالَ أَبُو جَعْفَر الْقصاص اسْتِيفَاء وَذَلِكَ غير مُمكن فِي اللِّسَان لِأَنَّهُ إِن قطع بعضه فَذهب بعض الْكَلَام لم يدر أَن مَا يَأْخُذهُ بِالْقصاصِ يذهب بِهِ من الْكَلَام مثل مَا ذهب من المجنى عَلَيْهِ وَإِن قطعه من أَصله فَإِنَّهُ لَا يُوصل إِلَيْهِ إِلَّا بجذبه وَقد ينجذب أَكثر مِمَّا أَخذ الْجَانِي أَو أقل فَلَا سَبِيل فِيهِ إِلَى اسْتِيفَاء الْمثل 2245 - فِي الْقصاص من اللَّطْمَة وَالسَّوْط قَالَ أَصْحَابنَا لَا قصاص فِي اللَّطْمَة وَلَا فِي اللكزة وَلَا فِي ضرب السِّيَاط وعَلى الْفَاعِل التَّعْزِير وَلَا أرش فِي شَيْء من ذَلِك إِلَّا أَن يجرح فَإِن اخضر أَو احمر أَو تورم فَلَا أرش فِيهِ وَلَا قصاص وَقَالَ مَالك لَا قَود فِي اللَّطْمَة وَلَا يحفظ عَنهُ فِي السَّوْط شَيْئا وَقَالَ ابْن الْقَاسِم وَأرى فِيهِ الْقود وَقَالَ اللَّيْث فِي ضرب السَّوْط يُقَاد مِنْهُ وَيُزَاد عَلَيْهِ للتعدي واللطمة إِن كَانَت فِي الْعين فَلَا قصاص للخوف على الْعين ويعاقبه السُّلْطَان وَإِن كَانَت على الخد فَفِيهَا الْقود وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْبُوَيْطِيّ فِي اللَّطْمَة وَالضَّرْب بالسياط الَّتِي لَا تبضع وَلَا تجرح فِيهَا حُكُومَة عدل إِلَّا أَن تكون اللَّطْمَة لَيْسَ لَهَا أثر خضرَة وَلَا صفرَة فَإِن كَانَت لَهَا خضرَة أَو صفرَة كَانَ فِيهَا بِقَدرِهَا قَالَ أَبُو جَعْفَر روى عبد الله بن مسلمة القعْنبِي عَن مُحَمَّد بن هِلَال عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَسْجِد فَقَامَ وقمنا حَتَّى الحديث: 2245 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 126 بلغ وسط الْمَسْجِد أدْركهُ أَعْرَابِي فجبذ بردائه من وَرَائه وَكَانَ رِدَاؤُهُ خشنا فحمر رقبته فَقَالَ يَا مُحَمَّد احْمِلْ لي على بَعِيري هذَيْن فَإنَّك لَا تحمل لي من مَالك وَلَا من مَال أَبِيك فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا أحمل لَك حَتَّى تقيدني مِمَّا حبذت برقبتي فَقَالَ الْأَعرَابِي لَا وَالله لَا أقيدك فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَلِك ثَلَاث مَرَّات كل ذَلِك يَقُول لَا وَالله لَا أقيدك فَلَمَّا سمعنَا قَول الْأَعرَابِي أَقبلنَا إِلَيْهِ سرَاعًا فَالْتَفت إِلَيْنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ عزمت على من سمع كَلَامي أَن لَا يبرح من مقَامه حَتَّى آذن لَهُ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لرجل من الْقَوْم يَا فلَان احْمِلْ لَهُ على بعير شَعِيرًا وعَلى بعير تَمرا ثمَّ قَالَ رَسُول الله صلى انصرفوا فَطلب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْهُ الْقصاص فَاحْتمل أَنه يُرِيد بِهِ أَنه قد لزمَه قصاص الْآخِرَة فَطلب ذَلِك مِنْهُ ليسقط عَنهُ فِي الْآخِرَة وَإِذا احْتمل ذَلِك لم يجب الْقصاص فِي الدُّنْيَا لجهلنا بمقداره وَقد روى طَارق بن شهَاب قَالَ لطم أَبُو بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ رجلا فَقَالُوا وَالله مَا رَأينَا كَالْيَوْمِ قطّ مَا رَضِي أَن يمنعهُ حَتَّى لطمه فَقَالَ أَبُو بكر إِن هَذَا أَتَانِي يستحملني فَحَملته ثمَّ أَتَانِي يستحملني فَحَملته ثمَّ أَتَانِي يستحملني فَحَملته فَإِذا هُوَ يَبِيعهَا فَحَلَفت أَن لَا أحملهُ ثمَّ قَالَ وَالله لأحملنه ثمَّ قَالَ اقْتصّ مني فَعَفَا الآخر عَنهُ وَقَالَ عمر بن الْخطاب وَالله لأقتص من عمالي فَقَالَ عَمْرو بن الْعَاصِ وَالله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن كَانَ كل رجل على طَائِفَة فأدب بعض رَعيته إِنَّك لتقْتَص مِنْهُ قَالَ أَي وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لأقصن مِنْهُ وَقد رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقص من نَفسه الجزء: 5 ¦ الصفحة: 127 وَرُوِيَ أَن خَالِد بن الْوَلِيد اقْتصّ رجلا من ابْن أَخ لَهُ لطمه قَالَ أَبُو جَعْفَر وَيحْتَمل أَن يكون مَعْنَاهُ مَا تأولناه فِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم 2246 - فِيمَا تسري إِلَيْهِ الْجِنَايَة قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا شجه مُوضحَة فَذهب مِنْهَا شعر رَأسه فَعَلَيهِ الدِّيَة وَيدخل أرش الْمُوَضّحَة فِيهِ وَكَذَلِكَ إِن ذهب عقله فَعَلَيهِ الدِّيَة بِلَا أرش الْمُوَضّحَة فَإِن ذهب سَمعه وبصره فَعَلَيهِ ديتان وَأرش الْمُوَضّحَة فَإِن ذهب بعض الشّعْر نظر إِلَى أرش الْمُوَضّحَة وَأرش الشّعْر فَيدْخل الْأَقَل فِي الْأَكْثَر وَإِن شجه آمة فَذهب مِنْهَا عقله فَعَلَيهِ الدِّيَة تَامَّة وَلم يذكر خلافًا وَقَالَ الْحسن عَن زفر إِذا شجه آمة فَذهب مِنْهَا عقله فَعَلَيهِ دِيَة وَثلث دِيَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف عَلَيْهِ الدِّيَة وَيدخل أرش الآمة فِيهَا وَإِن ذهب بَصَره قَالَ زفر عَلَيْهِ دِيَة وَثلث وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَإِن ذهب سَمعه وبصره فَعَلَيهِ ديتان وَتدْخل الآمة فِي السّمع وَلَا تدخل فِي الْبَصَر وَقَالَ زفر عَلَيْهِ ديتان وَثلث وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا قطع لِسَانه فَمنع الْكَلَام فَعَلَيهِ الدِّيَة وَإِنَّمَا تجب الدِّيَة فِي قطع اللِّسَان إِذا منع الْكَلَام فَإِن ضربه فَأذْهب سَمعه وَاصْطلمَ أُذُنَيْهِ فَعَلَيهِ دِيَة وَاحِدَة وَقَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي لَو شجه مُوضحَة فَذهب مِنْهَا عَيناهُ وشعره الحديث: 2246 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 128 فَلم ينْبت ثمَّ برِئ اقْتصّ من الْمُوَضّحَة فَإِن ذهبت عَيناهُ وَلم ينْبت شعره فقد استوفى حَقه وَإِن لم تذْهب عَيناهُ وَنبت شعره زِدْنَا عَلَيْهِ الدِّيَة وَفِي الشّعْر حُكُومَة وَلَا أبلغ بِشعر رَأسه ولحيته دِيَة وَقَالَ الرّبيع عَن الشَّافِعِي إِذا جنى عَلَيْهِ فَذهب عقله فَفِي ذهَاب عقله الدِّيَة فَإِن كَانَ قد جنى عَلَيْهِ مَعَ ذَلِك جِنَايَة لَهَا أرش فَعَلَيهِ أرش تِلْكَ الْجِنَايَة مَعَ الدِّيَة فِي ذهَاب عقله قَالَ أَبُو جَعْفَر اتَّفقُوا على أَن أرش الْكَفّ يدْخل فِي أرش الْأَصَابِع وَكَذَلِكَ الْأنف فِي المارن وَبَاقِي الذّكر فِي الْحَشَفَة لِأَن بعض ذَلِك لَهُ أرش مَعْلُوم وَبَعضه لَيْسَ لَهُ أرش مَعْلُوم فأدخلوا مَا لَا أرش لَهُ مَعْلُوم فِيمَا لَهُ أرش وللموضحة أرش مَعْلُوم كَذَلِك الْعقل والسمع فَوَجَبَ أَن لَا يدْخل أرش الْمُوَضّحَة فِي شَيْء من ذَلِك وَقد اتَّفقُوا أَيْضا على أَن أرش الْمُوَضّحَة لَا يدْخل فِي الْبَصَر وَكَذَلِكَ فِي السّمع وَالْعقل قَالَ أَبُو جَعْفَر وَكَذَلِكَ لَا يجب أَن يدْخل أرش الْمُوَضّحَة فِي شعر الرَّأْس لِأَن مَوضِع الْمُوَضّحَة لَو كَانَ لَا شعر فِيهِ لَكَانَ نَاقِصا معيبا فَلم يجب أرش الْمُوَضّحَة لذهاب الشّعْر فَحسب الجزء: 5 ¦ الصفحة: 129 2247 - فِي أَخذ الْيُمْنَى باليسرى قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالشَّافِعِيّ لَا تُؤْخَذ الْيُمْنَى باليسرى وَلَا الْيُسْرَى باليمنى لَا فِي الْعين وَلَا فِي الْيَد وَلَا تُؤْخَذ السن إِلَّا بِمِثْلِهَا من الْجَانِي وَقَالَ ابْن شبْرمَة تفقأ الْيُمْنَى باليسرى واليسرى باليمنى وَكَذَلِكَ اليدان وَتُؤْخَذ الثَّنية بالضرس والضرس بالثنية وَقَالَ الْحسن إِذا قطع إصبعا من كف وَلم يكن للقاطع من تِلْكَ الْكَفّ إِصْبَع مثلهَا قطع من تِلْكَ الْكَفّ إِصْبَع مثلهَا مِمَّا تلِي تِلْكَ الإصبع وَلَا تقطع إِصْبَع كف بإصبع كف أُخْرَى كَذَلِك تقلع السن الَّتِي تَلِيهَا إِذا لم تكن للقالع سنّ مثلهَا وَإِن بلغ ذَلِك الأضراس وتفقأ الْعين الْيُمْنَى باليسرى إِذا لم تكن لَهُ يمنى وَلَا تقطع الْيَد الْيُمْنَى باليسرى وَلَا الْيُسْرَى باليمنى قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ الله تَعَالَى {وَالْعين بِالْعينِ وَالْأنف} الْآيَة الْمَائِدَة 45 وَاتَّفَقُوا على أَنه إِذا كَانَ ذَلِك الْعُضْو من الْجَانِي صَحِيحا لم يكن للْمَجْنِيّ عَلَيْهِ أَن يتَعَدَّى مَا قابله من عُضْو الْجَانِي إِلَى غَيره مِمَّا بأزائه وَإِن تَرَاضيا فَدلَّ على أَن المُرَاد بِالْآيَةِ هُوَ مَا قَابل ذَلِك الْعُضْو من الْجَانِي دون غَيره 2248 - فِي الْوَلِيّ الْكَبِير هَل يقْتَصّ دون الصَّغِير قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك إِذا قتل الرجل وَله ابْنَانِ أَحدهمَا كَبِير وَالْآخر صَغِير فللكبير أَن يقْتَصّ وَلَا ينْتَظر بُلُوغ الصَّغِير وَقَالَ مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ لَو ترك ابْنا صَغِيرا وأخا كَبِيرا كَانَ للْأَخ أَن الحديث: 2247 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 130 يقْتَصّ قبل بُلُوغ الصَّغِير وَكَذَلِكَ غَيره من الْعصبَة قَالَ مَالك وللعصبة أَن يصالحوا على الدِّيَة وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ لَا يقْتَصّ حَتَّى يبلغ الصَّغِير قَالَ أَبُو جَعْفَر الْقصاص موروث عَن الْمَيِّت وللصغير نصِيبه فَلَا يَسْتَوْفِيه من لَا ولَايَة لَهُ عَلَيْهِ كالغائب 2249 - فِيمَن يجب لَهُ الْقصاص قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ لكل وَارِث نصِيبه من الْقصاص وَيجوز عَفوه على نَفسه وَلَا يجوز على غَيره فِي إبِْطَال حَقه من الدِّيَة وَلَا يخْتَلف فِي ذَلِك الرِّجَال وَالنِّسَاء وَقَالَ ابْن أبي ليلى الْقصاص لكل وَارِث إِلَّا الزَّوْج وَالْمَرْأَة وَقَالَ مَالك لَيْسَ للبنات وَالْأَخَوَات من الْقصاص شَيْء وَإِنَّمَا هُوَ للرِّجَال الْبَنِينَ وَالإِخْوَة وَيجوز عَفْو الرِّجَال على النِّسَاء وَلَا يجوز عَفْو النِّسَاء قَالَ مَالك وَلَيْسَ للإخوة من الْأُم عَفْو عَن الْقصاص قَالَ فَإِن عَفا الرِّجَال على أَن يَأْخُذُوا الدِّيَة فَالدِّيَة بَين سَائِر الْوَرَثَة على فَرَائض الله تَعَالَى وَقَالَ اللَّيْث يجوز عَفْو الْعصبَة عَن الدَّم وَيبْطل حق الْبَنَات وَلَا عَفْو للنِّسَاء وَلَا قسَامَة لَهُنَّ وَهُوَ قَول مَالك فِيمَا ذكره ابْن وهب قَالَ أَبُو جَعْفَر الدَّم موروث عَن الْمَيِّت بِدلَالَة أَن الْمَجْرُوح لَو عَفا عَن الحديث: 2249 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 131 الْجَارِح جَازَ عَفوه فَإِذا كَانَ موروثا عَنهُ وَجب أَن يسْتَحقّهُ جَمِيع الْوَرَثَة وَقد اتَّفقُوا على أَن الْعصبَة إِذا صَالحُوا عَن الدِّيَة كَانَت بَينهم على فَرَائض الله تَعَالَى فَدلَّ أَن بدلهَا وَهُوَ الدَّم لَهُم 2250 - فِي الْوَلِيّ يقطع ثمَّ يعْفُو قَالَ أَبُو حنيفَة وَزفر ولي الْقَتِيل إِذا قطع يَد الْقَاتِل ثمَّ عَفا عَنهُ فَعَلَيهِ دِيَة الْيَد فِي مَاله وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالشَّافِعِيّ لَا شَيْء عَلَيْهِ وَيُعَزر وَقَالَ مَالك فِيمَا رَوَاهُ ابْن الْقَاسِم عَنهُ إِذا قطع يَده فَعَلَيهِ الْقصاص لِأَن حَقه النَّفس دون الْيَد قَالَ أَبُو جَعْفَر قد وافقهم مَالك على أَنه إِذا قَتله فقد أتلف بِالْقَتْلِ سَائِر أَعْضَائِهِ فَلَا يضمنهَا كَمَا لَا يضمن قطع يَد الْمُرْتَد لِأَنَّهُ اسْتحق تلف أعضاءه بِالْقَتْلِ وَأما إِذا عَفا بعد الْقطع فَإِن ذَلِك الْقطع لَا يَخْلُو من أَن يكون مُوجبا للضَّمَان أَو غير مُوجب لَهُ فَإِن كَانَ مُوجبا فَيَنْبَغِي أَن لَا يسْقطهُ الْقَتْل وَإِن كَانَ غير مُوجب لَهُ فَيَنْبَغِي أَن لَا يُوجِبهُ الْعَفو 2250 - م فِيمَن جنى على عُضْو فَذهب مِنْهُ عُضْو آخر قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا شجه مُوضحَة فَذَهَبت عَيناهُ أَو قطع إصبعه فشلت أُخْرَى أَو قطع الْيُمْنَى فشلت الْيُسْرَى أَو شجه مُوضحَة فَصَارَت منقلة أَو قطع مفصلا من إصبعه فشل مَا بَقِي مِنْهَا فَلَا قصاص فِي شَيْء من ذَلِك وَعَلِيهِ الْأَرْش الحديث: 2250 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 132 قَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد فِي الْعُضْو الْوَاحِد مثل ذَلِك نَحْو أَن يشجه مُوضحَة فَيصير منقلة أَو يقطع أنملته فتشل إصبعه فَلَا يكون فِي هَذَا قصاص وَأما إِذا ذهبت عينه من الْمُوَضّحَة أَو ذهبت إِصْبَع أُخْرَى أَو يَد أُخْرَى فَعَلَيهِ الْقصاص فِي الأولى وَالْأَرْش فِي الْأُخْرَى وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَو كسر بعض سنة فَسَقَطت أَو قطع أنملته فَسَقَطت أُصْبُعه كلهَا أَو يَده فَعَلَيهِ الْقصاص فِي الإصبع وَفِي الْيَد وروى بشر عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة إِذا قطع إصبعه من غير مفصل فَسَقَطت الإصبع من الْمفصل لم أقتص مِنْهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُف أجعَل لَهُ الْقصاص فِي الإصبع وَقَالَ مُحَمَّد فِي الْإِمْلَاء لَو قطع إصبعه فَسَقَطت الْكَفّ من الْمفصل قطعت يَده كَأَنَّهُ قطعهَا من الْمفصل وَلَو سَقَطت من نصف الساعد ثمَّ برأَ فَلَا قصاص عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ ابْتَدَأَ قطعهَا من نصف الساعد وَعطف على هَذَا مسَائِل ثمَّ قَالَ وَهَذَا كُله قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَقَوْلنَا وَقَالَ عُثْمَان البتي إِذا فَقَأَ عينه عمدا فَذَهَبت الْعين الْأُخْرَى فقأت عَيْنَيْهِ جَمِيعًا وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا قطع إصبعه عمدا فشلت يَده فَعَلَيهِ الْقصاص فِي الإصبع وَالْأَرْش فِي الْيَد ويجتمع فِي قَول مَالك فِي ضَرْبَة وَاحِدَة قصاص وعقل وَقَالَ الشَّافِعِي فِيمَا ذكره الرّبيع إِن قطع إِحْدَى أنثييه فَسَقَطت الْأُخْرَى فَعَلَيهِ الْقصاص فِيمَا قطع وَالْعقل فِي الَّتِي سَقَطت الجزء: 5 ¦ الصفحة: 133 قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا خلاف بَينهم أَنه لَو جنى على عُضْو فسرت إِلَى النَّفس أَن عَلَيْهِ الْقصاص فِي النَّفس فَاعْتبر مَا آلت إِلَيْهِ الْجِنَايَة وَكَذَلِكَ إِذا قطع إصبعه فَسَقَطت الْيَد فَكَأَنَّهُ بَاشر قطع الْيَد فَعَلَيهِ الْقصاص فِي الْيَد وَإِذا شلت الْيَد فَكَأَنَّهُ بَاشر ضرب الْيَد فشلت فَلَا قصاص فِيهِ 2251 - فِي قطع الذّكر والأنثيين قَالَ أَبُو يُوسُف فِي الْإِمْلَاء وَلم يحك خلافًا إِذا بَدَأَ فَقطع الذّكر ثمَّ الْأُنْثَيَيْنِ خطأ فَعَلَيهِ ديتان وَإِن بَدَأَ بالأنثيين ثمَّ الذّكر فَفِي الْأُنْثَيَيْنِ الدِّيَة وَفِي الذّكر حُكُومَة وَإِن قطعهمَا من جَانب ففيهما ديتان وروى ابْن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد مثله من غير خلاف وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا قطع الذّكر والأنثيين فَعَلَيهِ ديتان بِأَيِّهِمَا بَدَأَ قَالَ أَبُو جَعْفَر الْقيَاس مَا قَالَ مَالك لِأَنَّهُ إِن قطع الْأُنْثَيَيْنِ أَولا فقد وَجَبت دِيَتهمَا وحكومة فِي النُّقْصَان الَّذِي دخل فِي الذّكر فَإِذا قطع الذّكر بعد ذَلِك وَجب كَمَال الدِّيَة 2252 - فِيمَن قطع يَد رجل ثمَّ قَتله قَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ فِيمَن قطع يَد رجل عمدا ثمَّ قَتله عمدا قبل الْبُرْء فللولي أَن يقطع يَده ثمَّ يقْتله وَقَالَ ابْن شبْرمَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَمَالك يقْتله وَلَا يقطع يَده رَوَاهُ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك الحديث: 2251 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 134 قَالَ أَبُو جَعْفَر لم يَخْتَلِفُوا أَنه لَو قطع يَده فبرأ مِنْهَا ثمَّ قَتله أَن لَهُ أَن يقطع يَده ثمَّ يقْتله كَذَلِك إِذا لم يبرأ مِنْهَا حَتَّى قَتله 2253 - فِيمَن ضرب سنّ رجل فتسود أَو يضْرب عينه فتبيض قَالَ أَصْحَابنَا فِي الْعين إِذا ابْيَضَّتْ حَتَّى لَا يبصر وَالْيَد إِذا شلت حَتَّى لَا ينْتَفع بهَا فَعَلَيهِ عقلهَا فَأَما إِن كَانَ عمدا فَفِي مَاله وَإِن كَانَ خطأ فعلى الْعَاقِلَة وَإِذا اسودت السن أَو احْمَرَّتْ أَو اخضرت فَفِيهَا أَرْشهَا كَامِلا وَإِن اصْفَرَّتْ فَإِن أَبَا حنيفَة قَالَ فِيهَا حُكُومَة وَقَالَ عُثْمَان البتي لَا يجب فِي السن جَمِيع دِيَتهَا إِذا اسودت وَقَالَ مَالك وَالثَّوْري وَاللَّيْث إِذا اسودت فَفِيهَا عقلهَا تَاما وَقَالَ الشَّافِعِي فِيهَا حُكُومَة قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَنْبَغِي أَن يكون فِي السوَاد مثل مَا فِي السُّقُوط لِأَنَّهُ لَو وَجب ذَلِك لوَجَبَ أَن يكون لَو جنى عَلَيْهَا بعد ذَلِك جَان فَسَقَطت أَن يكون فِيهَا شَيْء آخر فَيكون قد اخذ أَكثر من أرش السن 2254 - فِي السن تقلع ثمَّ تنْبت قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قلع سنّ رجل فَنَبَتَتْ فَلَا شَيْء على القالع وَرُوِيَ عَن أبي يُوسُف من غير هَذِه الْجِهَة أَن على الْجَانِي حُكُومَة لما نَالَ الْمَجْنِي عَلَيْهِ من الْأَلَم الحديث: 2253 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 135 وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث مثل قَول أبي حنيفَة وَقَالَ الشَّافِعِي فِيمَن قلع سنّ صبي لم يثغر فَإِن لم تنْبت تمّ عقلهَا وَإِن نَبتَت فَلَا عقل لَهَا وَإِن نَبتَت سنّ رجل قد قلعت بعد أَخذه أَرْشهَا قَالَ الْمُزنِيّ قَالَ الشَّافِعِي فِي مَوضِع يرد مَا أَخذ وَقَالَ فِي مَوضِع آخر لَا يرد شَيْئا قَالَ الْمُزنِيّ هَذَا أَقيس لِأَنَّهُ لَا ينْتَظر بسنه كَمَا ينْتَظر بسن من لم يثغر قَالَ الشَّافِعِي لَو قطع لِسَان رجل وَأخذ أَرْشه ثمَّ نبت صَحِيحا لم يرد شَيْئا وَقَالَ الرّبيع عَن الشَّافِعِي إِذا جرحه فِي رَأسه فنبت الشّعْر كَانَ فِيهِ حُكُومَة إِن كَانَ خطأ لَا تبلغ بهَا دِيَة وَإِن لم ينْبت الشّعْر غير أَنه إِذا لم ينْبت الشّعْر زيد فِي الْحُكُومَة بِقدر الشين مَعَ الْأَلَم وَقَالَ فِي مَوضِع آخر إِذا كَانَ الشين أكبر من الْجرْح لم يرد للشين شَيْء وَعَلِيهِ أرش الْجرْح وَلَا يبلغ بِهِ أرش الْمُوَضّحَة قَالَ أَبُو جَعْفَر وَقَالَ أَبُو حنيفَة فِيمَا رَوَاهُ الْحسن بن زِيَاد عَنهُ فَإِذا شجه مُوضحَة فالتحمت وبرأ فَشَجَّهُ عَلَيْهَا آخر مُوضحَة أَن على الأول أرش الْمُوَضّحَة وعَلى الثَّانِي حُكُومَة وَلَا قصاص فِيهَا قَالَ أَبُو يُوسُف أقتص مِنْهَا وَقَالَ الْحسن على الأول حُكُومَة وعَلى الثَّانِي الْقصاص قَالَ أَبُو جَعْفَر سنّ الْكَبِير إِذا قلعت إِنَّمَا ينْتَظر بهَا الْبُرْء كَسَائِر الْجِنَايَات فَإِذا حصل الْبُرْء فَلَا يَنْبَغِي أَن يسْقط الْأَرْش بنبات الشّعْر فِي الْمُوَضّحَة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 136 وَلَا بنبات السن وَأما سنّ الصَّغِير فَإِنَّمَا ينْتَظر بهَا عودهَا لجَرَيَان الْعَادة بِأَنَّهَا تنْبت إِذا لم يكن قد أثغر 2255 - فِي الْيَد الشلاء وَنَحْوهَا قَالَ أَصْحَابنَا وَالْحسن بن حَيّ فِي ذكر الْخصي ولسان الْأَخْرَس وَالْيَد الشلاء وَالرجل العرجاء وَالْعين الْقَائِمَة العور أَو السن السَّوْدَاء وَذكر الْعنين حُكُومَة عدل وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك فِي الْعين الْقَائِمَة إِذا قلعت وَفِي الْيَد الشلاء إِذا قطعت لَيْسَ فِيهَا عقل مُسَمّى وَإِنَّمَا فِيهِ الِاجْتِهَاد وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك فِي كل سنّ من الْأَسْنَان إِذا أُصِيبَت مِنْهُ سنّ فانتقص ثمَّ أُصِيبَت ذَلِك السن فَإِنَّمَا لَهُ على حِسَاب مَا بَقِي من ذَلِك الْعُضْو قَالَ وَمَا كَانَ خلقَة لم ينْتَقض مِنْهُ شَيْء مثل استرخاء الْبَصَر أَو ضعفه بالرمد وَالْيَد الضعيفة وَهُوَ ينْتَفع بهَا ويبطش وَالرجل ينْتَفع بهَا وفيهَا ضعف فَفِي ذَلِك كُله الدِّيَة كَامِلَة لَو كَانَ ذَلِك ضعف من جِنَايَة إِنْسَان فَأخذ لَهُ عقلا ثمَّ أُصِيب بعد ذَلِك فَلهُ مَا بَقِي من الْعقل وَلَو كَانَ من السَّمَاء فعرج إِلَّا أَنه يمشي وَضعف الْبَصَر من الرمد إِلَّا أَنه يبصر فَفِيهِ الدِّيَة كَامِلَة وَقَالَ ابْن شبْرمَة فِي الْيَد الشلاء وَالْعين العور أَو لِسَان الْأَخْرَس فِي كل شَيْء من ذَلِك ثلث دِيَته وَكَذَلِكَ قَالَ الثَّوْريّ فِي الْيَد الشلاء وَقَالَ الثَّوْريّ فِي ذكر الْخصي ولسان الْأَخْرَس حكم عدل الحديث: 2255 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 137 وَقَالَ اللَّيْث فِي الْعين الْقَائِمَة العوراء مائَة دِينَار وَهُوَ قَول زيد بن ثَابت وَفِي السن إِذا اسودت عقلهَا كَامِلا وَإِن طرحها إِنْسَان آخر بعد ذَلِك وَهِي ثَابِتَة فَعَلَيهِ أَيْضا أَرْشهَا كَامِلا وَهُوَ قَول سعيد بن الْمسيب وَقَالَ الشَّافِعِي فِي قدم الْأَعْرَج وَفِي يَد الأعسر إِذا كَانَتَا سالمتين الدِّيَة وَفِي الْعين الْقَائِمَة وَالْيَد وَالرجل الشلاء ولسان الْأَخْرَس وَالذكر الأشل يكون منقبضا لَا ينبسط أَو منبسطا لَا ينقبض فِي ذَلِك كُله حُكُومَة قَالَ الشَّافِعِي ويقاد بِذكر رجل شيخ وَصبي وَخصي وَالَّذِي لَا يَأْتِي النِّسَاء وَكَانَ الذّكر ينتشر أَو لَا ينتشر مَا لم يكن بِهِ شلل يمنعهُ من أَن ينقبض أَو ينبسط قَالَ أَبُو جَعْفَر تَوْقِيت ابْن شبْرمَة ثلث دِيَة هَذِه الْأَعْضَاء لَا معنى لَهُ لِأَن طَرِيق ذَلِك التَّوْقِيف أَو الِاتِّفَاق وَأما مَا روى اللَّيْث عَن زيد بن ثَابت أَن فِي الْعين الْقَائِمَة مائَة دِينَار فَإِنَّهُ جَائِز أَن يكون تقويما مِنْهُ لعين بِعَينهَا على وَجه الِاجْتِهَاد كَمَا رُوِيَ عَن عمر أَنه قضى فِي الترقوة بجمل وَفِي الضلع بجمل وَلما اتَّفقُوا أَن فِي الْمُوَضّحَة نصف عشر الدِّيَة أَو مَا دونهَا فِيهَا حُكُومَة وَكَذَلِكَ سَائِر الْأَعْضَاء الَّتِي لَهَا أروش مقدرَة أَن يكون فِي بَعْضهَا حُكُومَة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 138 فَإِن قيل لما حَدثنَا يحيى بن عُثْمَان قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن أبي السّري الْعَسْقَلَانِي قَالَ حَدثنَا عبد الرَّزَّاق قَالَ حَدثنَا سُفْيَان الثَّوْريّ عَن مَالك بن أنس عَن يزِيد بن عبد الله بن قسيط اللَّيْثِيّ عَن سعيد بن الْمسيب أَن عمر بن الْخطاب وَعُثْمَان بن عَفَّان قضيا فِي الملطأة بِنصْف الْمُوَضّحَة قَالَ عبد الرَّزَّاق فَذَكرته لمَالِك بن أنس قَالَ لَيْسَ الْعَمَل على هَذَا عندنَا قيل لَهُ هَذَا حَدِيث لَا أصل لَهُ عندنَا لِأَن الْحَارِث بن مِسْكين ذكر عَن ابْن الْقَاسِم عَن عبد الرَّحْمَن بن أَشْرَس عَن مَالك عَمَّن حَدثهُ عَن يزِيد بن عبد الله بن قسيط فَأدْخل بَينهمَا رجلا مَجْهُولا 2256 - فِي الشَّهَادَة على الْقَتْل قَالَ أَصْحَابنَا إِذا شهدُوا أَنه ضربه بِسيف فَلم يزل صَاحب فرَاش حَتَّى مَاتَ فَعَلَيهِ الْقصاص وَهُوَ قَول عُثْمَان البتي وَالثَّوْري وَقَالَ شُرَيْح حَتَّى يشْهدُوا أَنه قَتله وَقَالَ أَبُو جَعْفَر روى الْحسن بن زِيَاد عَن زفر فِي رجل قطع إِصْبَع رجل عمدا ثمَّ جَاءَ آخر فَقطع مَا بَقِي من الْكَفّ قبل أَن تبين الإصبع فَلم يزل مَرِيضا حَتَّى مَاتَ قتلا جَمِيعًا وَقَالَ أَبُو يُوسُف تقطع إِصْبَع الَّذِي قطع الإصبع وَيقتل الَّذِي قطع الْكَفّ قَالَ أَبُو جَعْفَر فَهَذَا يدل على أَن مَذْهَب زفر فِي الْمَسْأَلَة الأولى كَقَوْل أبي حنيفَة وَسَائِر أَصْحَابه الحديث: 2256 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 139 وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا ضربه فَبَقيَ بعد الضَّرْب مغمورا لم يَأْكُل وَلم يشرب وَلم يتَكَلَّم وَلم يفق حَتَّى مَاتَ فَهَذَا الَّذِي لَا قسَامَة فِيهِ وَإِن أكل أَو شرب وعاش ثمَّ مَاتَ بعد ذَلِك فَفِيهِ الْقسَامَة وَإِن شهد شَاهد أَنه ضربه فأجافه وعاش الرجل فَأكل وَشرب وَتكلم فَفِيهِ الْقسَامَة إِذا كَانَ الشَّاهِد عدلا وَقَالَ اللَّيْث إِذا ضربه فَلم يزل مغمورا حَتَّى مَاتَ وَلم يفق من غمرته أَو أَفَاق إفاقة شرب فِيهَا مآء أَو تكلم ثمَّ مَاتَ مَكَانَهُ فَإِنَّهُ يقتل بِهِ وَإِن كَانَت جِنَايَته تَأَخَّرت حَتَّى أَفَاق أَو تكلم أَو أكل وَشرب ثمَّ مَاتَ بعد ذَلِك لم يقتل إِلَّا بالقسامة أَنه مَاتَ من تِلْكَ الضَّرْبَة وَقَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي إِذا شهدُوا أَنه ضربه بِسيف وَمَا أنهر الدَّم وَمَات مَكَانَهُ جعلته قَاتلا وَإِن قَالُوا لَا نَدْرِي أنهر دَمه أَولا ورأيناه شلاء لم أجعله جارحا حَتَّى يَقُولُوا أوضحه هَذِه الْمُوَضّحَة بِعَينهَا وَقَالَ الرّبيع عَنهُ إِذا جرحه عمدا بسلاح فَكَانَ ضمنا حَتَّى مَاتَ فَعَلَيهِ الْقصاص قَالَ أَبُو جَعْفَر أَكثر مَا يُمكن أَن يعلم بِهِ حُدُوث الْمَوْت من جراحته أَن يبْقى مَرِيضا صَاحب فرَاش حَتَّى يَمُوت فيسعهم أَن يشْهدُوا أَنه مَاتَ مِنْهَا كَمَا يسعهم أَن يشْهدُوا أَن هَذَا ابْنه إِذا كَانَ قد ولد على فرَاشه وكما يَسعهُ إِذا رأى صَبيا فِي يَدي رجل يَدعِي أَنه ابْنه أَن يشْهد أَنه ابْنه مَعَ جَوَاز أَن يكون الْمقر كَاذِبًا فَكَمَا جَازَ ذَلِك فِي الْأَنْسَاب لِأَن ذَلِك جِهَة الشَّهَادَة بِهِ ونهايته كَذَلِك حُدُوث الْمَوْت من الْجراحَة إِذْ كَانَ ذَلِك جِهَة الشَّهَادَة بِالْمَوْتِ من الْجراحَة وَأما قَول مَالك وَاللَّيْث فِي الْقسَامَة الَّتِي ذكرَاهَا أَنه مَاتَ من الْجراحَة فَلَا معنى لَهُ لِأَن هَذِه دَعْوَى وَقد قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو أعطي النَّاس بدعواهم الجزء: 5 ¦ الصفحة: 140 لادعى نَاس دِمَاء نَاس وَأَمْوَالهمْ وَلَكِن الْبَيِّنَة على الْمُدَّعِي وَالْيَمِين على الْمُدعى عَلَيْهِ فَجمع بَين دَعْوَى المَال وَالدَّم 2257 - فِيمَن قطع الْأَصَابِع ثمَّ قطع الْكَفّ قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه وَالشَّافِعِيّ فِيمَن قطع أَصَابِع رجل ثمَّ قطع مَا بَقِي من الْكَفّ وَذَلِكَ كُله خطأ فَعَلَيهِ دِيَة الْيَد وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِن قطع إِصْبَعَيْنِ مِمَّا يليهما من الْكَفّ فَإِن كَانَ فِي ضَرْبَة وَاحِدَة فخمسا الدِّيَة دِيَة الْيَد قَالَ أَبُو جَعْفَر هَذَا يدل على أَنه لَو كَانَ بضربتين كَانَ خلاف ذَلِك قَالَ أَبُو جَعْفَر لما كَانَ حكم قطع الإصبع مراعى بِمَا يؤول إِلَيْهِ فَلَو سقط الْكَفّ كَانَ عَلَيْهِ دِيَة الْيَد كَأَنَّهُ بَاشر قطعهَا وَقد يجوز أَن يَمُوت مِنْهَا فَتجب دِيَة النَّفس فَإِذا حدثت الْجِنَايَة الثَّانِيَة على مَا يجوز أَن يتناهى إِلَيْهِ دخلت الأولى فِيهَا وَصَارَ كَأَنَّهُ ابتدأها كَذَلِك وَأما إِذا برأت الأولى فقد زَالَت المراعاة وَوَجَب اعْتِبَار كل وَاحِدَة بِنَفسِهَا 2258 - فِيمَن عض ذِرَاع رجل قَالَ أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِي ّ فِيمَن عض ذِرَاع رجل فَانْتزع المعضوض ذراعه فَقلع سنا من أَسْنَان العاض فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ فِي السن وَإِن جرحه المعضوض فِي مَوضِع آخر فَعَلَيهِ ضَمَانه الحديث: 2257 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 141 وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَمَالك هُوَ ضَامِن لدية السن وَقَالَ عُثْمَان البتي إِن انتزعها من ألم العضة فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَإِن انتزعها من غير ألم أَصَابَهُ فَعَلَيهِ قَالَ أَبُو جَعْفَر روى شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن زُرَارَة بن أوفى عَن عمرَان بن حُصَيْن أَن رجلا عض يَد رجل فَقَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا وَنزع يَده فَوَقَعت ثنيتاه فاختصموا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يعَض أحدكُم أَخَاهُ كَمَا يعَض الْفَحْل لَا دِيَة لَك وروى ابْن جريج عَن عَطاء بن أبي رَبَاح أَن صَفْوَان بن يعلى حَدثهُ عَن يعلى بن أُميَّة قَالَ كَانَ لي أجِير فقاتل إنْسَانا فعض أَحدهمَا صَاحبه فَانْتزع إصبعه فَسَقَطت ثنيتاه فجَاء إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأهدر ثنيته وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أيدع يَده فِي فِيك فتقضمه كقضم الْفَحْل وَهَذَا مِمَّا لَا يجوز خِلَافه لصِحَّة مَجِيئه ولاشيء يُخَالِفهُ مِمَّا رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا يَخْتَلِفُونَ أَيْضا فِيمَن شهر على رجل سِلَاحا وَأَوْمَأَ إِلَى قَتله وَهُوَ صَحِيح الْعقل فَقتله الْمَشْهُور عَليّ دافعا لَهُ عَن نَفسه أَنه لَا ضَمَان عَلَيْهِ فَإِذا لم يضمن نَفسه بِدَفْعِهِ إِيَّاه عَن نَفسه كَذَلِك لَا يضمن سنه بِدَفْعِهِ إِيَّاه عَن عضه وَقد روى سعيد بن كثير بن عفير قَالَ حَدثنَا سُلَيْمَان بن بِلَال عَن عَلْقَمَة بن أبي عَلْقَمَة عَن أمه عَن عَائِشَة قَالَت سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من أَشَارَ بحديدة إِلَى أحد من الْمُسلمين يُرِيد بهَا قَتله فقد وَجب دَمه الجزء: 5 ¦ الصفحة: 142 2259 - فِي الْجَانِي إِذا فقد مَا يجب عَلَيْهِ فِيهِ الْقصاص قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قطع يَد رجل فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْقصاص فَقطعت يَده فِي سَرقَة أَو فِي قصاص لآخر فللآخر عَلَيْهِ أرش يَده وَلَو قطعهمَا إِنْسَان بِغَيْر حق لم يكن للمقطوع الأول شَيْء وَلَو قتل رجل عمدا فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْقود فَقتل بِحَق أَو بِغَيْر حق فَلَا شَيْء لوَلِيّ الْمَقْتُول الأول وَقَالَ عُثْمَان البتي مثل ذَلِك فِي النَّفس وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا ذهبت يَده من السَّمَاء أَو قطعت فِي السّرقَة فَلَا شَيْء للمقطوع الأول وَإِن قطع رجل يَد الْقَاطِع خطأ فعلى الْقَاطِع الثَّانِي دِيَة الْيَد وَيكون ذَلِك للمقطوع الأول وَإِن قطعهَا رجل عمدا كَانَ للمقطوع الأول الْقصاص على الْقَاطِع الثَّانِي لِأَنَّهُ كَانَ أَحَق بِيَدِهِ من نَفسه قَالَ وَلَو قتل رجل عمدا فجَاء رجل فَقتل هَذَا الْقَاتِل عمدا قيل لأولياء الْقَاتِل الآخر ارضوا أَوْلِيَاء الْمَقْتُول الأول وخذوا قَاتل وَلِيكُم فَاصْنَعُوا بِهِ مَا شِئْتُم فَإِن أرضوا أَوْلِيَاء الْمَقْتُول الأول وَإِلَّا دفع الْقَاتِل الثَّانِي إِلَى أَوْلِيَاء الْمَقْتُول الأول فصنعوا بِهِ مَا أَرَادوا وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا قتل الْقَاتِل الأول فَلَا حق لأولياء الأول على الْقَاتِل الثَّانِي وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا قتل رجلا عمدا فَقطع رجل يَد الْقَاتِل عمدا أَو خطأ فَلَا سَبِيل لوَلِيّ الْمَقْتُول على المَال وَقيل لَهُ إِن شِئْت فَاقْتُلْ وَإِن شِئْت فَخذ الدِّيَة الحديث: 2259 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 143 قَالَ أَبُو جَعْفَر قد اتَّفقُوا على أَن وجوب الْقصاص لَا يُوجب لمن وَجب لَهُ ذَلِك ملك الْيَد وَلَا النَّفس وَإِنَّمَا لَهُ حق اسْتِيفَاء الْقصاص فَإِذا ذهبت يَده أَو نَفسه فَالْقِيَاس أَن لَا يجب للْأولِ شَيْء سَوَاء أَخذ ذَلِك بِحَق أَو بِغَيْر حق فِي النَّفس وَمَا دونهَا 2260 - فِيمَن قطع من رجل إصبعا وَمن آخر يَده قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قطع إِصْبَع رجل ثمَّ قطع يَد آخر وَذَلِكَ كُله فِي الْيُمْنَى ثمَّ اجْتَمعُوا أَو بَدَأَ بِالْيَدِ ثمَّ بالأصابع فَإِنَّهُ تقطع إصبعه للْأولِ ثمَّ يُخَيّر صَاحب الْيَد بَين الدِّيَة وَبَين الْقصاص وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا قطع يَد رجل وَقتل آخر قتل وَلم تقطع يَده وَكَذَلِكَ سَائِر الْجِرَاحَات وَقَالَ الرّبيع عَن الشَّافِعِي لَو قطع إِصْبَع رجل من الْيُمْنَى وكف آخر من الْيُمْنَى واجتمعا اقْتصّ من الإصبع وَكَانَ لصَاحب الْكَفّ أَن يقْتَصّ وَيَأْخُذ أرش الإصبع وَإِن شَاءَ أَخذ أرش الْكَفّ قَالَ وَلَو بَدَأَ فاقتصه من صَاحب الْكَفّ أعْطى صَاحب الإصبع أَرْشهَا وَقَالَ الشَّافِعِي وَإِذا قتل الرجل نَفرا اقْتصّ مِنْهُ للَّذي قَتله أَولا وَالدية فِي مَاله لمن بَقِي مِمَّن قَتله آخرا قَالَ أَبُو جَعْفَر الْقيَاس أَن يقْتَصّ من إصبعه ثمَّ تقطع بَقِيَّة الْكَفّ للْآخر بِغَيْر خِيَار لِأَنَّهُ لم يكن لَهُ خِيَار قبل قطع الإصبع وَإِنَّمَا جعل أَصْحَابنَا لَهُ الْخِيَار لِأَنَّهُ إصبعه أخذت بِحَق عَلَيْهِ وَلَو ذهبت إصبعه بِغَيْر حق عَلَيْهِ لَكَانَ لَا خِيَار للمقطوعة يَده فِي ترك يَد قاطعه وَأخذ يَده وَلَيْسَ يشبه هَذَا عِنْدهم الحديث: 2260 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 144 ذهَاب الإصبع قبل قطعه يَد الآخر فِي وجوب الْخِيَار للمقطوعة يَده بَين الْقصاص وَبَين الْأَرْش لِأَن الْجِنَايَة أوجبت الْخِيَار وَإِذا كَانَت الْيَد صَحِيحَة فالجناية لم توجب خيارا للْمَجْنِيّ عَلَيْهِ وَلَو ذهبت بِغَيْر حق لم يكن للْمَجْنِيّ عَلَيْهِ شَيْء فَكَذَلِك ذَهَبا بعضه بِغَيْر حق لَا يُوجب لَهُ خيارا وَأما قَول الشَّافِعِي فِي الْجِنَايَة للمقطوعة يَده الْخِيَار بَين قطع الْيَد وَأخذ أرش الإصبع إِذا قطع الإصبع فَإِنَّهُ مُخَالف لأصله لِأَنَّهُ لَو كَانَ حِين قطع مَقْطُوع الإصبع لم يكن للمقطوع يَده أَن يقطعهَا وَيَأْخُذ أرش الإصبع وَأما قَول الشَّافِعِي فِيمَن قتل جمَاعَة إِنَّه يقتل للْأولِ وللآخرين الدِّيَة فَإِن أَبَا حنيفَة وَأَصْحَابه يَقُولُونَ يقتل لَهُم جَمِيعًا لِأَن نفس الْقَاتِل لم يملكهَا ولي الْمَقْتُول الأول فَثَبت حق ولي الْمَقْتُول الثَّانِي فِيهَا كَمَا ثَبت للْأولِ أَلا ترى أَنه لَو سرق من رجل ثمَّ سرق من آخر قطع لأيهما حضر وَإِن اجْتمعَا قطع لَهما 2261 - فِي الْعَفو عَن الْقطع أَو الْجراحَة قَالَ أَبُو حنيفَة وَزفر إِذا عَفا عَن الْجراحَة الْعمد أَو الشَّجَّة أَو الْقطع ثمَّ مَاتَ فَعَلَيهِ الدِّيَة فَإِن عَفا عَن الْجِنَايَة أَو عَن الْجراحَة وَمَا يحدث مِنْهَا فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا شَيْء عَلَيْهِ فِي ذَلِك كُله وَقَالَ ابْن وهب وَابْن الْقَاسِم عَن مَالك فِي الصُّلْح من الْجراحَة أَنه لَا يكون صلحا عَن النَّفس فَإِن مَاتَ فَلهُ أَن يقْتله وَكَذَلِكَ إِذا عَفا عَن الْيَد ثمَّ مَاتَ فَلهُ الْقصاص فِي النَّفس الحديث: 2261 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 145 وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا عَفا عَن الْجراحَة ثمَّ مَاتَ لم يقتل وَيعْقل بِمَا فضل من الدِّيَة وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا قَالَ قد عَفَوْت عَن الْجراحَة وَعَما يحدث مِنْهَا من عقل وقود ثمَّ مَاتَ فقد بَطل الْقود وَنظر إِلَى أرش الْجِنَايَة وَكَانَ فِيهَا قَولَانِ أَحدهمَا أَنه جَائِز أَن يعْفُو عَنهُ من ثلث مَال الْعَافِي كَأَنَّهَا مُوضحَة فَهِيَ نصف الْعشْر وَيُؤْخَذ بباقي الدِّيَة وَالْقَوْل الثَّانِي إِنَّه يُؤْخَذ بِجَمِيعِ الْجِنَايَة لِأَنَّهَا صَارَت نفسا وَهَذَا قَاتل لَا تجوز لَهُ وَصِيَّة بِحَال قَالَ أَبُو جَعْفَر الْجراحَة مُرَاعَاة فَإِن برأت كَانَ الْعَفو عَنْهَا وَإِن مَاتَ علمنَا أَنه عَفا عَمَّا لم يجب لَهُ فَكَأَنَّهُ لم يعف عَن شَيْء 2262 - فِي الْمُقْتَص مِنْهُ إِذا مَاتَ قَالَ أَبُو حنيفَة وَالثَّوْري وَابْن أبي ليلى إِذا اقْتصّ من يَد أَو شجة فَمَاتَ الْمُقْتَص مِنْهُ فديته على عَاقِلَة الْمُقْتَص لَهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا شَيْء على الْمُقْتَص لَهُ وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك مثل قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ عُثْمَان البتي فِي رجل قَتله الْقصاص يرفع عَن الَّذِي اقْتصّ لَهُ قدر تِلْكَ الْجراحَة وَمَا بَقِي من دِيَته على عَاقِلَة الْمُقْتَص لَهُ إِلَّا أَن يكون الْمُقْتَص لَهُ عبدا فَمَا بَقِي من ثمنه فَفِي مَال الْمُقْتَص لَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَر روى عَطاء عَن عبيد الله بن عمر أَن عمر وعليا كَانَا يَقُولَانِ فِي الَّذِي يَمُوت من قصاص لَا دِيَة لَهُ الحديث: 2262 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 146 وروى سعيد بن الْمسيب عَن عمر مثل ذَلِك وَقَالَ قَتله الْحق لَا دِيَة لَهُ وروى أَبُو يعِيش عَن إِبْرَاهِيم أَن ابْن مَسْعُود كَانَ يَقُول فِي الَّذِي يقْتَصّ مِنْهُ ثمَّ يَمُوت يحط عَنهُ قدر جراحته ثمَّ يكون ضَامِنا لما بَقِي فَقَوْل عَليّ وَعمر مُوَافق لقَوْل أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَمن قَالَ بقولهمَا وَقَول ابْن مَسْعُود مُوَافق لقَوْل عُثْمَان البتي وَلَا نعلم عَن أحد من الصَّحَابَة مثل قَول أبي حنيفَة وَابْن أبي ليلى وَرُوِيَ عَن إِبْرَاهِيم وَالْحكم مثل قَول عُثْمَان البتي وَرُوِيَ عَن حَمَّاد مثل قَول أبي حنيفَة وَهُوَ قَول طَاوس وَعَطَاء وَقَالَ وَاحْتج من لم يُوجب شَيْئا باتفاقهم فِي الْمَقْطُوع فِي السّرقَة مَاتَ أَنه لَا شَيْء فِيهِ لِأَنَّهُ قطع بِحَق قَالَ وَالْفرق بَينهمَا أَن الْقطع فِي السّرقَة حق لله تَعَالَى وَالله تَعَالَى أَخذ نَفسه وَأَخذه غير مَضْمُون وَمَا أَخذه الْمُقْتَص مِنْهُ فَهُوَ مَضْمُون عَلَيْهِ فإباح الْأَخْذ لَا يسْقط الْقصاص لِأَن رمي الْغَرَض مُبَاح وَإِن أصَاب إنْسَانا ضمن وَلَا خلاف فِيمَن أدب امْرَأَته فَمَاتَتْ أَنه ضَامِن وَلَا يسْقط عَنهُ الْإِبَاحَة وَأما رفع أرش الْعُضْو عَنهُ على قَول عُثْمَان البتي فَلَا معنى لَهُ لِأَن الْقطع إِذا سرى إِلَى النَّفس فَالْحكم للنَّفس لَا للعضو 2263 - فِي كَيْفيَّة الْقصاص قَالَ أَصْحَابنَا على أَي وَجه قَتله لم يقتل إِلَّا بِالسَّيْفِ وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِن قَتله بعصا أَو بِحجر أَو بالنَّار الحديث: 2263 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 147 أَو بِالتَّفْرِيقِ قتل بِمثلِهِ فَإِن لم يمت فَلَا يزَال يُكَرر عَلَيْهِ من جنس مَا قَتله بِهِ حَتَّى يَمُوت وَإِن زَاد على فعل الْقَاتِل الأول وَقَالَ ابْن شبْرمَة يضْرب مثل ضربه وَلَا يضْربهُ أَكثر من ذَلِك وَقد كَانُوا يكْرهُونَ الْمثلَة وَيَقُولُونَ السَّيْف يُجزئ من ذَلِك كُله فَإِن غمسه فِي المَاء فَإِنِّي لَا أَزَال أغمسه فِيهِ حَتَّى يَمُوت وَقَالَ الشَّافِعِي إِن ضربه بِحجر فَلم يقْلع عَنهُ حَتَّى مَاتَ فعل بِهِ مثله وَإِن حَبسه بِلَا طَعَام وَلَا شراب حَتَّى مَاتَ حبس فَإِن لم يمت فِي تِلْكَ الْمدَّة قتل بِالسَّيْفِ وَكَذَلِكَ قَالَ فِي التَّفْرِيق وَكَذَلِكَ إِذا أَلْقَاهُ فِي مهواة بعيدَة وَلَو قطع يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ فَمَاتَ فعل بِهِ الْوَلِيّ مثل ذَلِك فَإِن مَاتَ وَإِلَّا قَتله بِالسَّيْفِ قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يُمكن اسْتِيفَاء الْقصاص على الْوَجْه الَّذِي قَالَه مَالك وَالشَّافِعِيّ فَلَا يجوز أَن يفعل بِهِ مَا لم يَفْعَله بالمقتول لِأَن ذَلِك خلاف الْقصاص الَّذِي أَمر الله تَعَالَى بِهِ وَقد قَالَ قوم أَنه إِذا فعل بِهِ مثل مَا فعل بِأَن قطع يَده قبل الْبُرْء ثمَّ مَاتَ الْمَقْطُوع الأول أَنه لَا شَيْء على الْقَاطِع الأول وَهُوَ قَول عَطاء وَقد روى عَمْرو بن دِينَار عَن مُحَمَّد بن طَلْحَة قَالَ طعن رجل بقرن فِي رجله فَأتى النَّبِي صلى فَقَالَ أقدني فَقَالَ انْتظر فَعَاد إِلَيْهِ فَقَالَ انْتظر فَعَاد إِلَيْهِ فَقَالَ انْتظر فَعَاد إِلَيْهِ فأقاده فبرأ المستقاد مِنْهُ وشلت رجل الآخر فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ قد بَرِئت رجله وشلت رجْلي قَالَ قد قلت لَك انْتظر وَلم ير لَهُ شَيْئا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 148 وَهَذَا يُوجب أَن لَا يُؤْخَذ من الْبدن الْجَانِي شَيْء لم يَأْخُذهُ من بدن الْمَجْنِي عَلَيْهِ وَأَن يُؤْخَذ مِنْهُ مَكَان ذَلِك دِيَة مَا ذهب لجنايته مِمَّا لم يعمد إِلَى أَخذه 2264 - فِي رجلَيْنِ قطعا يَد رجل قَالَ أَصْحَابنَا لَا تقطع يدان بيد وَاحِدَة وَكَذَلِكَ سَائِر الْأَعْضَاء وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَقَالَ مَالك تقطع أَيْديهم جَمِيعًا وَإِن كَانُوا جمَاعَة وَقَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي يقْتَصّ مِنْهُم إِذا جرحوه مَعًا لَا يتَجَزَّأ قَالَ أَبُو جَعْفَر الْعُضْو ذُو أَجزَاء لَهُ مساحة فَإِذا أَخذه جمَاعَة وكل وَاحِد إِنَّمَا أَخذ بعضه وَلَو انْفَرد بِقطع ذَلِك الْبَعْض لم يسْتَحق عَلَيْهِ قطع الْعُضْو فَكَذَلِك إِذا قطعه مَعَ غَيره لِأَنَّهُ منقسم متجزئ وَلَيْسَ كَذَلِك النَّفس لِأَنَّهَا غير متجزئة وَلَا منقسمة وَقد تُؤْخَذ بِغَيْر قطع شَيْء من الْأَعْضَاء فيتلف وَإِنَّمَا هِيَ خُرُوج الدَّم من يَده فَكل وَاحِد من الآخذين فِي حكم الْجَمَاعَة قَالَ أَبُو جَعْفَر وَالرِّجَال وَالنِّسَاء فِي الْقصاص فِي النَّفس سَوَاء عِنْد جَمِيع من ذكرنَا غير عُثْمَان البتي فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْمَرْأَة تقتل الرجل عمدا إِن لأوليائه أَن يقتلوها وَلَهُم فِي مَالهَا أَيْضا نصف الدِّيَة وَإِن كَانَ هُوَ الَّذِي قَتلهَا فَعَلَيهِ الْقود لِأَن رجلَيْنِ لَو قتلا رجلا قتلا وَلَو قتل رجل رجلَيْنِ كَانَ عَلَيْهِ الْقود وَالدية الحديث: 2264 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 149 قَالَ أَبُو جَعْفَر لما اتَّفقُوا على وجوب الْقصاص بَينهمَا دلّ على تكافئهما فَلَا يجب مَعَ الْقود غَيره قَالَ وَقَوله تَعَالَى {وَالْأنف بالأنف} الْمَائِدَة 45 أَرَادَ بِهِ التَّسْوِيَة بَين الشريف والوضيع فِي الْقصاص وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمُسلمُونَ تَتَكَافَأ دِمَاؤُهُمْ فجعلهم جَمِيعًا متكافئين فِي الدِّمَاء وَقَوله تَعَالَى {وَالْأنف بالأنف} الْمَائِدَة 45 لما لم يمْنَع قتل الْمَرْأَة بِالرجلِ كَذَلِك قتل الرجل بِالْمَرْأَةِ 2265 - فِي قتل الْحر بِالْعَبدِ قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري يقتل الْحر بِالْعَبدِ وَقَالَ مَالك وَابْن شبْرمَة وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ لَا يقتل وَعَن سعيد بن الْمسيب قَالَ يقتل الْحر بِالْعَبدِ وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمُسلمُونَ تَتَكَافَأ دِمَاؤُهُمْ فَإِن قيل فَلم لَا تقطع يَد الْحر بيد العَبْد قيل لَهُ لما روى عمرَان بن حُصَيْن عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي عبد لقوم قطع أذن عبد لقوم فَلم يَجْعَل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَينهمَا قصاصا الحديث: 2265 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 150 2266 - فِي رمحة الدَّابَّة قَالَ أَصْحَابنَا فِي رمحة الدَّابَّة برجلها إِذا كَانَ صَاحبهَا يسير عَلَيْهَا فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ وَقَالَ ابْن أبي ليلى يضمن وَهُوَ قَول ابْن شبْرمَة وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث إِن أقرعها ضمن مَا أَصَابَت برجلها وَإِن لم يقرعها لم يضمن وَيضمن مَا أَصَابَت بمقدمها قَالَ أَبُو جَعْفَر روى ابْن وهب قَالَ سَمِعت سُفْيَان الثَّوْريّ يحدث عَن أبي قيس عَن هزيل بن شُرَحْبِيل قَالَ أَبُو جَعْفَر هَذَا هزيل الْأَعْمَى روى عَنهُ الزُّهْرِيّ لقِيه بِالْكُوفَةِ وهزيل كُوفِي وَهُوَ يذكر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْبِئْر جَبَّار والمعدن جَبَّار والعجماء جَبَّار وَفِي الرِّكَاز الْخمس وروى أَحْمد بن الْمِقْدَام عَن زِيَاد بن عبيد الله البكائي قَالَ حَدثنَا الْأَعْمَش عَن أبي قيس عَن هزيل بن شُرَحْبِيل عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ العجماء جَبَّار والبئر جَبَّار وَالرجل جَبَّار وَفِي الرِّكَاز الْخمس الحديث: 2266 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 151 وَقد روى عباد بن الْعَوام عَن سُفْيَان بن حُسَيْن عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الرجل جَبَّار وَرَوَاهُ مُحَمَّد بن يزِيد الوَاسِطِيّ عَن سُفْيَان بن حُسَيْن بِإِسْنَادِهِ مثله وروى عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ النَّار جَبَّار قَالَ لنا أَحْمد بن أبي عمرَان سَمِعت يحيى بن معِين يَقُول أَصله الرجل جَبَّار وَلكنه صحف وَرُوِيَ عَن شُرَيْح أَنه أبطل النفح بِالرجلِ قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يُمكنهُ التحفظ من الرجل والذنب فَهُوَ جَبَّار ويمكنه التحفظ من الْيَد والفم فَعَلَيهِ ضَمَانه 2267 - فِي الفارسين يصطدمان قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَي ّ فِي الفارسين يصطدمان فيموتان فعلى كل وَاحِد مِنْهُمَا دِيَة الآخر على عَاقِلَته الحديث: 2267 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 152 وَقَالَ عُثْمَان البتي وَزفر وَالشَّافِعِيّ على كل وَاحِد مِنْهُمَا نصف دِيَة صَاحبه قَالَ أَبُو جَعْفَر لم يَخْتَلِفُوا فِيمَن وضع حجرا فِي الطَّرِيق أَو بنى حَائِطا فصدم الْحَائِط أَو عثر بِالْحجرِ رجل إِن ضَمَانه على الْبَانِي وَوَاضِع الْحجر وَلَا يسْقط عَنهُ شَيْء من أجل أَن الصدم فعله كَذَلِك المصطدمان 2268 - فِي اخْتِلَاف حَال الرَّمْي والوقوع قَالَ أَبُو حنيفَة فِيمَن رمى مُسلما فَارْتَد المرمى ثمَّ وَقع بِهِ السهْم فَقتله فَالدِّيَة على الرَّامِي لوَرَثَة الْمُرْتَد وَقَالَ ابو يُوسُف وَمُحَمّد لَا شَيْء عَلَيْهِ وَإِن رَمَاه وَهُوَ مُرْتَد فَوَقع بِهِ السِّهَام بعد مَا أسلم فَلَا شَيْء عَلَيْهِ فِي قَوْلهم جَمِيعًا قَالَ أَبُو حنيفَة وَلَو رمى عبدا فَأعتق ثمَّ وَقع السهْم بِهِ فَمَاتَ فعلى الرَّامِي قيمَة العَبْد للْمولى وَقَالَ مُحَمَّد عَلَيْهِ مَا بَين قِيمَته مرمي إِلَى غير مرمي وَقَالَ زفر إِذا رَمَاه وَهُوَ مُرْتَد ثمَّ أسلم ثمَّ وَقع بِهِ السهْم وَهُوَ مُسلم فعلى الرَّامِي الدِّيَة قَالَ وَلَو رمى عبدا فَأعتق ثمَّ وَقع بِهِ السهْم فَعَلَيهِ الدِّيَة قَالَ أَبُو جَعْفَر فَاعْتبر أَبُو حنيفَة حَال خُرُوج السهْم لَا مَا سواهُ وَاعْتبر زفر حَال وُقُوعه وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد اعْتبر الْحَالين دون أَحدهمَا على الإنفراد وَقَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي إِذا رَمَاه وَهُوَ نَصْرَانِيّ ثمَّ وَقع بِهِ وَهُوَ مُسلم الحديث: 2268 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 153 أَو عبد فَأعتق ثمَّ وَقع السهْم بِهِ فَلَا قصاص عَلَيْهِ وَفِيه دِيَة حر مُسلم وَكَذَلِكَ الْمُرْتَد يسلم قبل وُقُوع السهْم فتحول الْحَال قبل وُقُوع الرَّمية قَالَ أَبُو جَعْفَر قَول أبي حنيفَة فِي مراعاته خُرُوج السهْم دون غَيره يفْسد لِأَنَّهُ يلْزمه أَن يَقُول لَو رمى عبدا فَمَاتَ قبل وُقُوع السهْم بِهِ ثمَّ وَقع بِهِ السهْم وَهُوَ ميت أَنه يلْزمه قِيمَته وَهَذَا لَا يَقُوله أحد وَيلْزمهُ أَن يَقُول لَو أعْتقهُ مَوْلَاهُ قبل وُقُوع السهْم ثمَّ مَاتَ أَبوهُ وَخلف مَالا ثمَّ وَقع بِهِ السهْم فَقتله أَن لَا يورثه من أَبِيه اسْتَحَالَ أَن يَجعله فِي حكم الْمَقْتُول قبل ذَلِك على ملك مَوْلَاهُ وَلما بَطل هَذَا ثمَّ وجدنَا الرَّامِي قد يَمُوت قبل وُقُوع السهْم بالمرمى ثمَّ يَقع بِهِ السهْم فيقتله فَيكون قَاتلا لَهُ بَطل أَن يكون الرَّامِي كالمباشر للْقَتْل بِالرَّمْي لِأَن الْمَيِّت لَا يَصح مِنْهُ مُبَاشرَة الْقَتْل فَبَطل قَول زفر أَيْضا إِنَّه إِذا أسلم الْمُرْتَد المرمى ثمَّ وَقع بِهِ السهْم أَنه يضمن وَثَبت مَا قَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد من اعْتِبَار حَال المرمى فِي وَقت خُرُوج السهْم وَفِي وَقت وُقُوعه قَالَ وَقَول الشَّافِعِي فِي ذَلِك مُضْطَرب لِأَنَّهُ رَاعى فِي الْقصاص خُرُوج السهْم من يَد الرَّامِي وراعى فِيمَا أوجب بِوُقُوع السهْم حكم المرمى فَالْوَاجِب أَن لَا يَجْعَل فِيهِ دِيَة حر إِذا كَانَ قد رَمَاه وَهُوَ عبد وَأَن لَا يَجْعَل فِيهِ دِيَة مُسلم إِذا كَانَ رَمَاه وَهُوَ غير مُسلم 2269 - فِي الْعَفو عَمَّا وَقع عَلَيْهِ الصُّلْح من الدَّم قَالَ أَبُو جَعْفَر ذكر ابْن وهب عَن اللَّيْث فِي الرجل يقتل عمدا فيصالحه على الدِّيَة ويعفيه من الْقَتْل إِن هُوَ مَاتَ ثمَّ يبدوا لَهُ فَيَضَع تِلْكَ الدِّيَة لما يَرْجُو من الثَّوَاب فَذَلِك جَائِز وَلَا يتبع مِنْهُ بِشَيْء قَالَ اللَّيْث وَإِن وضع نصفهَا أَو ثلثهَا أَو مَا كَانَ مِنْهَا مَا لم يَضَعهَا كلهَا فَإِن مَا وضع من ذَلِك لَا يجوز إِلَّا فِي ثلثه بِمَنْزِلَة الْوَصِيَّة الحديث: 2269 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 154 قَالَ أَبُو جَعْفَر وَهَذَا يدل على أَن وَضعه كَذَلِك كَانَ وَهُوَ صَاحب فرَاش وَلم نجد هَذَا القَوْل عَن أحد من أهل الْعلم فِي وَضعه جَمِيع الدِّيَة بعد الصُّلْح وَبَعْدَمَا صَار مَالا ثمَّ فرق بَينهمَا وَبَين وضع النَّقْص 2270 - فِي ديات أهل الْكفْر قَالَ أَصْحَابنَا وَعُثْمَان البتي وَالْحسن بن حَيّ دِيَة الْكَافِر مثل دِيَة الْمُسلم واليهودي وَالنَّصْرَانِيّ والمجوسي والمعاهد وَالذِّمِّيّ سَوَاء وَقَالَ مَالك دِيَة أهل الْكتاب على النّصْف من دِيَة الْمُسلم ودية الْمَجُوسِيّ ثَمَانمِائَة دِرْهَم وديات نِسَائِهِم على النّصْف من ذَلِك وَقَالَ الشَّافِعِي دِيَة الْيَهُودِيّ وَالنَّصْرَانِيّ ثلث الدِّيَة ودية الْمَجُوسِيّ ثَمَانمِائَة وَالْمَرْأَة على النّصْف وَقَالَ أَبُو جَعْفَر حَدثنَا ابْن أبي دَاوُد قَالَ حَدثنَا الْوَهْبِي قَالَ حَدثنَا ابْن إِسْحَاق عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ لما دخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَكَّة عَام الْفَتْح قَالَ فِي خطبَته دِيَة الْكفَّار نصف دِيَة الْمُسلم قَالَ أَبُو جَعْفَر لم ترو عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي دِيَة الْكَافِر أَنَّهَا النّصْف أَعلَى الحديث: 2270 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 155 من هَذَا الحَدِيث وَلَيْسَ كل أهل الْعلم بِالْحَدِيثِ يقبلُونَ هَذَا الْإِسْنَاد وَلَا يحتجون بِهِ وَرُوِيَ عَن سعيد بن الْمسيب عَن عمر بن الْخطاب قَالَ دِيَة الْيَهُودِيّ وَالنَّصْرَانِيّ أَرْبَعَة ألف ودية الْمَجُوسِيّ ثَمَانمِائَة دِرْهَم قَالَ سعيد وَقضى عُثْمَان فِي دِيَة الْمعَاهد بأَرْبعَة ألف وروى الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه أَن مُسلما قتل كَافِرًا من أهل الْعَهْد فَقضى عَلَيْهِ عُثْمَان بن عَفَّان بدية الْمُسلم وروى عبد الْعَزِيز بن عبد الله الأويسي قَالَ حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن سعد عَن ابْن شهَاب قَالَ كَانَ أَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان يجْعَلُونَ دِيَة الْيَهُود وَالنَّصَارَى إِذا كَانُوا معاهدين مثل دِيَة الْمُسلم سَوَاء وروى مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن دَاوُد بن الْحصين عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى {فَإِن جاؤوك فاحكم بَينهم أَو أعرض عَنْهُم وَإِن تعرض عَنْهُم فَلَنْ يضروك شَيْئا وَإِن حكمت فاحكم بَينهم بِالْقِسْطِ} الْمَائِدَة 42 قَالَ نزلت فِي الدِّيَة بَين بني قُرَيْظَة وَبَين بني النَّضِير وَذَلِكَ أَن قَتْلَى بني النَّضِير كَانَ لَهُم شرف يودون الدِّيَة كَامِلَة وَبني قُرَيْظَة كَانُوا يودون نصف الدِّيَة فَتَحَاكَمُوا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله تَعَالَى فيهم فحملهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْحق فَجعل الدِّيَة سَوَاء قَالَ أَبُو جَعْفَر وَمن جِهَة النّظر أَن الله تَعَالَى قَالَ {وَإِن كَانَ من قوم بَيْنكُم وَبينهمْ مِيثَاق فديَة مسلمة إِلَى أَهله وتحرير رَقَبَة مُؤمنَة} الجزء: 5 ¦ الصفحة: 156 النِّسَاء 92 كَمَا قَالَ {وَمن قتل مُؤمنا خطأ} فَذكر الدِّيَة فِي كل وَاحِد مِنْهُمَا وَالْكَفَّارَة وَاتَّفَقُوا على أَن الْكَفَّارَة فيهمَا وَاحِد كَذَلِك الدِّيَة فتأول مَالك على أَن المقتولين فِي هَذِه الْآيَة مُؤمنُونَ لِأَنَّهُ قَالَ فِي أول هَذِه الْآيَة {وَمن قتل مُؤمنا خطأ} ثمَّ قَالَ {وَإِن كَانَ من قوم بَيْنكُم وَبينهمْ مِيثَاق} أَي إِن كَانَ ذَلِك الْمُؤمن من قوم بَيْنكُم وَبينهمْ مِيثَاق وَالْحجّة عَلَيْهِ أَن الله تَعَالَى قد قَالَ فِي هَذِه الْآيَة وَإِن كَانَ من قوم عَدو لكم وَهُوَ مُؤمن فَدلَّ ذَلِك على أَنه تَعَالَى لم يعطفه على مَا تقدم من قَوْله {وَمن قتل مُؤمنا خطأ} لِأَنَّهُ لَو كَانَ مَعْطُوفًا عَلَيْهِ لأغنى ذَلِك عَن وَصفه بِالْإِيمَان وَكَذَلِكَ قَوْله {وَإِن كَانَ من قوم بَيْنكُم وَبينهمْ مِيثَاق} غير مُضْمر فِيهِ الْمُؤمن الَّذِي تقدم ذكره لِأَن قَوْله وَإِن كَانَ من قوم عَدو لكم وَهُوَ مُؤمن هُوَ الَّذِي يَلِي قَوْله {وَمن قتل مُؤمنا خطأ} فَإِذا لم يكن مَا يَلِيهِ مَعْطُوفًا عَلَيْهِ فَمَا بعده أولى بذلك فَثَبت أَن دِيَة الْمُسلم وَالْكَافِر سَوَاء وَرُوِيَ عَن عَلْقَمَة وَسَعِيد بن الْمسيب وَمُجاهد وَعَطَاء وَالزهْرِيّ 2271 - فِي قتل الْمُؤمن بالكافر قَالَ أَصْحَابنَا وَابْن أبي ليلى وَعُثْمَان البتي يقتل الْمُسلم بالذمي وَقَالَ ابْن شبْرمَة وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ لَا يقتل الحديث: 2271 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 157 وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث إِن قَتله غيلَة قتل بِهِ وَإِلَّا لم يقتل قَالَ أَبُو جَعْفَر وروى الشّعبِيّ عَن أبي جُحَيْفَة عَن عَليّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يقتل مُؤمن بِكَافِر وَلَا ذُو عهد فِي عَهده وَهَذَا هُوَ الْكَافِر الَّذِي لَا يقتل بِهِ ذُو الْعَهْد وَهُوَ الْحَرْبِيّ وَلَا يجوز أَن يحمل على أَن الْعَهْد قد حقن دَمه فَلَا يقتل بِهِ لبُطْلَان فَائِدَته إِذْ قد علم أَن الْإِسْلَام والعهد يحقنان الدَّم وروى الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ لما قتل عبيد الله بن عمر الهرمزان وجفينة وَكَانَ نَصْرَانِيّا فَاجْتمع الْمُهَاجِرُونَ وَأمر عُثْمَان بقتل عبيد الله وَكَانَ فَرح للنَّاس مَعَ عبيد الله يَقُولُونَ لجفينة والهرمزان أبعدهُمَا الله فَلم يقل الْمُهَاجِرُونَ إِنَّمَا يَأْمُرهُ بقتْله الهرمزان لَا لجفينة فَدلَّ على أَن تَأْوِيل قَوْله لَا يقتل مُؤمن بِكَافِر على الْوَجْه الَّذِي ذكرنَا وروى شُعْبَة عَن عبد الْملك بن ميسرَة عَن النزال بن سُبْرَة أَن عمر كتب أَن يقتل رجل من الْمُسلمين بِرَجُل من الْكفَّار فَجعلُوا يَقُولُونَ اقْتُل حنين فَيَقُول حَتَّى يَجِيء القبط فَكتب عمر أَن يودي وَلَا يقتل فقد رأى عمر قتل الْمُسلم بالكافر وَإِنَّمَا أَمر بعد ذَلِك أَن يودي لِأَن الرجل قَالَ حَتَّى يَجِيء القبط فَجعل ذَلِك شُبْهَة فِي دَرْء الْقود وَقد روى سُلَيْمَان بن بِلَال عَن ربيعَة عَن عبد الرَّحْمَن بن الْبَيْلَمَانِي أَن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 158 النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَى بِرَجُل من الْمُسلمين قد قتل معاهدا من أهل الذِّمَّة فَضرب عقنه وَقَالَ أَنا أولى من وفى بِذِمَّتِهِ وروى معمر عَن عَمْرو بن مَيْمُون أَن عمر بن عبد الْعَزِيز فعل ذَلِك وَمن جِهَة النّظر أَنه كَمَا تقطع فِي السّرقَة مِنْهُ كَذَلِك فِي الْقَتْل يُقَاد مِنْهُ كَالْمُسلمِ بل أَمر الذِّمِّيّ فِي هَذَا أغْلظ لِأَن العَبْد لَا تقطع فِي مَال مَوْلَاهُ وَيقتل بِهِ وَاحْتج الشَّافِعِي بِأَنَّهُ لَا خلاف أَنه لَا يقتل بالحربي الْمُسْتَأْمن كَذَلِك لَا يقتل بالذمي وهما فِي تَحْرِيم الْقَتْل سَوَاء قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلَيْسَ مَا ذكره الشَّافِعِي إِجْمَاع لِأَن أَحْمد بن أبي عمرَان وجعفر بن أَحْمد قد حدثانا قَالَا حَدثنَا بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف قَالَ يقتل الْمُسلم بالحربي الْمُسْتَأْمن 2272 - فِي الْقصاص بَين الرجل وَالنِّسَاء قَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله وَأَصْحَابه وَابْن شبْرمَة لَا قصاص بَين الرجل وَالنِّسَاء إِلَّا فِي النَّفس وَرُوِيَ عَن ابْن شبْرمَة رِوَايَة أُخْرَى أَن بَينهم قصاصا فِيمَا دون النَّفس وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَمَالك وَاللَّيْث وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ الحديث: 2272 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 159 الْقصاص فِيمَا بَين الرِّجَال وَالنِّسَاء فِي النَّفس وَمَا دونهَا إِلَّا أَن اللَّيْث قَالَ إِذا جنى الرجل على امْرَأَته عقلهَا وَلم يقْتَصّ بِهِ وَقَالَ عُثْمَان البتي إِذا قتلت امْرَأَة رجلا قتلت وَأخذ من مَالهَا نصف الدِّيَة وَكَذَلِكَ إِن أَصَابَته بجراحة وَإِن كَانَ هُوَ الَّذِي قَتلهَا أَو جرحها فَعَلَيهِ الْقود وَلَا يرد عَلَيْهَا شَيْء قَالَ أَبُو جَعْفَر لما كَانَ بَينهم الْقصاص فِي النَّفس وَجب فِيمَا دونهَا وَأَن لَا يعْتَبر اخْتِلَاف الدِّيات 2273 - فِي الْقصاص بَين العبيد قَالَ أَصْحَابنَا وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ لَا قصاص بَين العبيد إِلَّا فِي الْأَنْفس خَاصَّة وَقَالَ ابْن شبْرمَة لَا قصاص بَين العبيد وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ الْقصاص بَينهم وَاجِب فِي النَّفس وَمَا دونهَا قَالَ أَبُو جَعْفَر روى قَتَادَة عَن أبي نَضرة عَن عمرَان بن حُصَيْن أَن عبدا لقوم فُقَرَاء قطع إِذن عبد لقوم أَغْنِيَاء فَأتوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا يَا رَسُول الله إِنَّا قوم فُقَرَاء فَلم يقصه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ الْمُسلمُونَ تَتَكَافَأ دِمَاؤُهُمْ فاستعملنا الْحَدِيثين أَحدهمَا فِي النَّفس وَالْآخر فِيمَا دونهَا فَإِن قيل إِنَّمَا لم يُوجب الْقصاص فِي إِذن العَبْد لِأَن موَالِيه كَانُوا فُقَرَاء الحديث: 2273 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 160 قيل لَهُم لم يكن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليفعل ذَلِك وَلَا يخص فَقِيرا من غنى مَعَ قَول الله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا كونُوا قوامين بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لله وَلَو على أَنفسكُم أَو الْوَالِدين والأقربين إِن يكن غَنِيا أَو فَقِيرا فَالله أولى بهما} النِّسَاء 135 فَثَبت أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يقْتَصّ مِنْهُ لِأَن ذَلِك لم يكن وَاجِبا وَرُوِيَ عَن الحكم أَنه لَا يقْتَصّ من العَبْد للْعَبد إِلَّا فِي النَّفس وَقَالَ الْحسن فِي المماليك الْقصاص بَينهم فِي الْجِرَاحَات وَقَالَ إِبْرَاهِيم وَالشعْبِيّ لَا قصاص بَينهم فِي الْجِرَاحَات وَهُوَ قَول إِيَاس بن مُعَاوِيَة 2274 - فِي الْقصاص بَين العبيد والأحرار قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه لَا قصاص بَين الْأَحْرَار وَالْعَبِيد إِلَّا فِي النَّفس وَقَالَ ابْن أبي ليلى الْقصاص بَينهم فِي جَمِيع الْجِرَاحَات الَّتِي يُسْتَطَاع فِيهَا الْقصاص وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك لَيْسَ بَين الْحر وَالْعَبْد قَود فِي شَيْء من الْجراح وَالْعَبْد يقتل بِالْحرِّ وَلَا يقتل الْحر بِالْعَبدِ وَقَالَ اللَّيْث إِذا كَانَ العَبْد هُوَ الْجَانِي اقْتصّ مِنْهُ وَلَا يقْتَصّ من الْحر للْعَبد وَقَالَ الشَّافِعِي من جرى عَلَيْهِ الْقصاص فِي النَّفس جرى عَلَيْهِ الْقصاص فِي الْجراح وَقَالَ اللَّيْث أَيْضا إِذا قتل العَبْد الْحر فلولي الْمَقْتُول أَن يَأْخُذ بهَا الحديث: 2274 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 161 نفس العَبْد الْقَاتِل فَيكون لَهُ وَإِذا جنى على الْحر فِيمَا دون النَّفس فللمجروح الْقصاص إِن شَاءَ قَالَ أَبُو جَعْفَر وَإِيجَاب اللَّيْث الْخِيَار لنُقْصَان العَبْد على الْحر لَا معنى لَهُ لِأَن الْمَرْأَة نَاقِصَة عَن الرجل وَهُوَ لَا يُوجب خيارا 2275 - فِي الذِّمِّيّ يجني على الْمُسلم قَالَ أَصْحَابنَا الْقصاص مِمَّا بَين الْمُسلم وَالْكَافِر كَمَا هُوَ بَين الْمُسلمين وَقَالَ مَالك فِيمَا ذكر عَنهُ ابْن وهب لَا يقْتَصّ للْحرّ من العَبْد وَلَا من النَّصْرَانِي فِي شَيْء من الْجراح إِلَّا فِي النَّفس وَذكر ابْن عبد الحكم عَن مَالك قَالَ إِذا فَقَأَ نَصْرَانِيّ عين مُسلم عمدا اجْتهد فِي ذَلِك السُّلْطَان وَلَيْسَ هُوَ بِمَنْزِلَة العَبْد لِأَن العَبْد يُؤْخَذ أَحْيَانًا رَقِيقا فِي ذَلِك وَقد قيل لَهُ الدِّيَة وَلَا قَود بَينهمَا إِلَّا أَن يقتل الذِّمِّيّ مُسلما فَيقْتل بِهِ وَكَذَلِكَ العَبْد وَقَالَ اللَّيْث يقْتَصّ لِلْمُؤمنِ من الْكَافِر فِي الْعمد وَلَا يقْتَصّ للْكَافِرِ من الْمُؤمن وَيكون عَلَيْهِ الْعقل وَقَالَ الشَّافِعِي يقْتَصّ من العَبْد وَالنَّصْرَانِيّ للْحرّ الْمُسلم فِي الْجراح 2276 - فِي غصب الصَّبِي الْحر قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه فِيمَن غصب صَبيا حرا فَمَاتَ عِنْده بحمى أَو فجاءة فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَإِن أَصَابَته صَاعِقَة أَو نهشته حَيَّة فعلى عَاقِلَة الْغَاصِب الحديث: 2275 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 162 وَسمعت ابْن أبي عمرَان يَقُول كَانَ زفر يَقُول لَا ضَمَان عَلَيْهِ فِي شَيْء من ذَلِك وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا حمل صَبيا على دَابَّة يسقيها أَو يمْسِكهَا فوطئت الدَّابَّة رجلا فَقتلته فَالدِّيَة على عَاقِلَة الصَّبِي وَلَا يرجع على عَاقِلَة الرجل قَالَ أَبُو جَعْفَر هَذَا يدل على أَنه لَا يضمن الصَّبِي لِأَنَّهُ لَو ضمنه لرجع عَلَيْهِ بِمَا يحدث عَلَيْهِ فِي يَده لِأَن أَبَا حنيفَة وَأَصْحَابه الَّذين يضمنُون الصَّبِي بِالْغَصْبِ من حَادث عَلَيْهِ فِي يَده مِمَّا يُمكن أَن يتحفظ مِنْهُ يوجبون فِي هَذِه الْمَسْأَلَة لعاقلة الصَّبِي أَن يرجع على عَاقِلَة الْغَاصِب وَقَالَ الثَّوْريّ إِذْ أرسل رجل صَبيا فِي حَاجَة فجنى الصَّبِي فَلَيْسَ على الْمُرْسل شَيْء وَهُوَ على الصَّبِي وَإِذا أرسل مَمْلُوكا فجنى جِنَايَة فعلى الْمُرْسل وروى الْمعَافى عَن الثَّوْريّ وَمن يسْتَعْمل أَجِيرا صَغِيرا فِي حَاجَة فَأَكله الذِّئْب فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَإِن اسْتعْمل أَجِيرا فِي عمل شَدِيد فَمَاتَ مِنْهُ فَإِن كَانَ صَغِيرا ضمن وَإِن كَانَ كَبِيرا فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَكَانَ الْحسن بن حَيّ لَا يرى بَأْسا أَن يستعير الرجل مَمْلُوكا يَقُول اسْقِنِي مَاء وناولني وضُوءًا وَالصَّبِيّ كَذَلِك وَإِن كَانَ غَنِيا عَن ذَلِك ضمن وَقَالَ الشَّافِعِي لَو صَاح رجل بصبي أَو معتوه فَسقط من صيحته ضمن قَالَ أَبُو جَعْفَر فَإِذا ضمنه بسقوطه من صيحته بِغَيْر وُقُوع يَده عَلَيْهِ فَإِذا عطب من قبل ذَلِك بعد وُقُوع يَده عَلَيْهِ أَحْرَى أَن يضمنهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 163 قَالَ أَبُو جَعْفَر ضَمَان الْغَصْب لَا يخْتَلف بِأَن يَمُوت حتف أَنفه أَو بحادث من غَيره فَلَمَّا لم يضمن للصَّبِيّ بِمَوْتِهِ حتف أَنفه وَجب أَن لَا يضمن بحادث من غَيره 2271 - م زِيَادَة فِي قتل الْمُؤمن بالكافر قَالَ أَبُو جَعْفَر قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمُسلمُونَ تَتَكَافَأ دِمَاؤُهُمْ غير ناف تكافؤ دِمَاء الْمُسلمين ودماؤهم لِأَنَّهُ قد يُضَاف الْأَمر إِلَى الْمُسلمين وَيدخل أهل الذِّمَّة فِيهِ فَالْمَعْنى كَمَا قَالَ هَذِه طرق الْمُسلمين وَأهل الذِّمَّة وهم سَوَاء وَمِنْه قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمُسلم أَخُو الْمُسلم لَا يحل لَهُ من مَاله إِلَّا مَا حل لَهُ من نَفسه وَأهل الذِّمَّة داخلون فِي حظر الدِّمَاء وَالْأَمْوَال قَالَ أَبُو بكر كَقَوْلِه لَا يحل مَال امْرِئ مُسلم إِلَّا بِطيبَة من نَفسه وَالذِّمِّيّ كَذَلِك 2277 - فِيمَا يحدث فِي الطَّرِيق والفناء قَالَ أَبُو حنيفَة لَهُ أَن يحدث فِي الطَّرِيق الْأَعْظَم كنيفا أَو ميزابا أَو ظلة أَو دكانا وَينْتَفع بِهِ مَا لم يضر بِالْمُسْلِمين وللرجل من عرض النَّاس أَن يُبطلهُ وَإِن كَانَ يضر بِالطَّرِيقِ لم يَسعهُ الِانْتِفَاع بِهِ وَهُوَ ضَامِن لما أصَاب الحديث: 2277 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 164 فِي ذَلِك فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا إِلَّا أَن يكون بالوعة أَمرهم السُّلْطَان أَن يحفروها فَلَا يضمنُون فَإِن حفروها بِغَيْر إِذن السُّلْطَان ضمنُوا وَله أَن يحْفر ذَلِك فِي الْمَفَازَة وَيَبْنِي وَلَا يضمن وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَابْن أبي ليلى مَا لَا يضر بِالطَّرِيقِ من ذَلِك لَا أقلعه وَيضمن عِنْد أبي يُوسُف وَمُحَمّد مَا عطب بِهِ وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك لَهُ أَن يحدث فِي الطَّرِيق مر الْمَطَر والمرحاض بحفرة إِلَى جَانب حَائِطه والميزاب والظلة وَلَا يضمن مَا عطب بذلك وَمَا حفره فِي الطّرق مِمَّا لَا يجوز لَهُ ضمن مَا عطب بِهِ قَالَ مَالك وَإِن حفرهَا فِي دَاره لسارق يرصده ليَقَع فِيهَا أَو وضع حِبَالًا أَو شَيْئا يتلفه فَعَطب بِهِ السَّارِق فَهُوَ ضَامِن وَكَذَلِكَ إِن عطب بِهِ غير السَّارِق وَقَالَ الْحسن بن حَيّ من أحدث فِي الطَّرِيق حَدثا من نضح أَو مَاء اَوْ حجر أَو شَيْء أخرجه من دَاره فِي الطَّرِيق من ظله أَو جنَاح فَهُوَ ضَامِن لما عطب بِهِ من ذَلِك إِذا عطب بالجناح وَهُوَ قَائِم فِي مَوْضِعه فَإِن انْقَطع فَأصَاب شَيْئا ضمن مِنْهُ مِقْدَار مَا كَانَ خَارِجا وَلم يضمن حِصَّة مَا كَانَ فِي حَائِطه مِنْهُ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِيمَن أخرج كنيفا أَو جذعا على الطَّرِيق فأعنت أحدا ضمن ذَلِك وَقَالَ اللَّيْث فِي رجل ربط بَعِيرًا أَو دَابَّة على طَرِيق فعقرت فِي رباطها أَو أفلتت فَإِن كَانَ ذَلِك من شَأْنهَا مَعْلُوما فَعَسَى أَن يضمن وَإِن كَانَ شَيْئا لم يكن مِنْهَا فِيمَا خلا فَلَا أرى عَلَيْهِ شَيْئا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 165 قَالَ وَإِن أخرج عودا أَو حجرا أَو خَشَبَة من جِدَاره فَمر بهَا إِنْسَان فجرحته أَو قتلته فَإِن كَانَ ذَلِك لَا يعرف من صنع النَّاس ضمن قَالَ وَإِن حفر بِئْرا فِي دَاره أَو فِي طَرِيق أَو فِي رحبة لَهُ فَوَقع فِيهَا إِنْسَان فَإِنَّهُ لَا يضمن مَا حفر فِي دَاره أَو فِي رحبة لَهُ لَا حق لأحد فِيهَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي ذَلِك شَيْء وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن فِيمَا يتَّخذ النَّاس من الساباطات والكنف إِذا لم يكن مِنْهَا ضَرَر فِي أطلام أَو حمولة فَإِنَّهَا تتْرك فَإِن أَبى رجل وَاحِد أَن يرضى قَالَ هَذَا مضار فَإِن كَانَ جماع رددتهم حَتَّى يصطلحوا قَالَ والدكاكين أَهْون من الساباطات يتكأ عَلَيْهَا وَيُوضَع عَلَيْهَا الْحمل وَإِن جنت ضمن وَقَالَ فِي الكرابيس الَّتِي تتَّخذ فِي الطَّرِيقَة وَقد أحكمت أفواهها فَلهم أَن يمنعوهم قَالَ الشَّافِعِي فِي وَاضع الْحجر فِي الأَرْض لَا يملكهَا يضمن مَا عطب بِهِ قَالَ وَلَو حفر فِي صحراء أَو فِي طَرِيق وَاسع مُحْتَمل فَمَاتَ بِهِ إِنْسَان أَو مَال الجزء: 5 ¦ الصفحة: 166 حَائِط من دَاره فَوَقع على إِنْسَان فَمَاتَ فَلَا شَيْء عَلَيْهِ لِأَنَّهُ وَضعه فِي ملكه وَإِن كَانَ قد أشهد عَلَيْهِ وَإِن أخرج جنَاحا إِلَى الطَّرِيق فَإِن لم يضر ترك وَإِن أضرّ قلع قَالَ أَبُو جَعْفَر لم يَخْتَلِفُوا أَنه يضمن فِيمَا لَيْسَ لَهُ أَن يحدثه وَإِنَّمَا اخْتلفُوا فِيمَا لَهُ أَن يحدثه فِي غير ملكه وَجَوَاز إحداثه لَا يُبرئهُ من الضَّمَان كراكب الدَّابَّة يضمن مَا عطب بِهِ وَإِن كَانَ لَهُ أَن يسير 2278 - فِي جِنَايَة الْكَلْب قَالَ أَصْحَابنَا فِي الْكَلْب يَجعله الْإِنْسَان فِي دَاره فَيدْخل دَاخل فيعقره فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْحسن بن حَيّ وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك قَالَ فِي الْكَلْب الْعَقُور إِذا كَانَ فِي الدَّار أَو فِي غير الدَّار فَتقدم إِلَى صَاحبه فَهُوَ ضَامِن لما عقر قَالَ ابْن الْقَاسِم وَإِنَّمَا يعْتَبر ملك الْمُقدم فِي الْموضع الَّذِي يجوز لَهُ اتِّخَاذه وَلَيْسَ كَذَلِك لما يَتَّخِذهُ فِي الدّور وَمَا أشبههَا مِمَّا لَا يجوز اتِّخَاذه فِيهَا وَذكر الْوَاقِدِيّ عَن مَالك وَابْن أبي ذِئْب فِي الرجل يدْخل فِي دَار قوم وَلَهُم كلب عقور فيعقره أَنه لَا ضَمَان عَلَيْهِ مربوطا كَانَ أَو غير مربوط وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك فِي رجل اقتنى كَلْبا فِي دَاره لماشية فعقر الْكَلْب إنْسَانا أَنه إِذا اقتناه وَقد علم انه يعقر النَّاس فَهُوَ ضَامِن لما أصَاب الحديث: 2278 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 167 قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا خلاف أَن من وضع فِي دَاره حجرا فَعَطب بِهِ إِنْسَان أَنه لَا يضمن لِأَنَّهُ فِي ملكه كَذَلِك الْكَلْب وَقد رخص رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي اتِّخَاذ الْكَلْب للماشية فَكيف يضمن مَعَ إِبَاحَته لَهُ 2279 - فِي الْحَائِط المائل قَالَ أَصْحَابنَا فِي الْحَائِط المائل إِذا اشْهَدْ عَلَيْهِ فَلم يهدمه حَتَّى وَقع على إِنْسَان أَو دَابَّة ضمن وَإِن لم يشْهد عَلَيْهِ لم يضمن وَهُوَ قَول مَالك وَالثَّوْري وَالْحسن بن حَيّ وَقَالَ ابْن أبي ليلى يضمن أشهد عَلَيْهِ أَو لم يشْهد وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يضمن أشهد عَلَيْهِ أَو لم يشْهد قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا خلاف أَنه لَو جعل دَابَّة فِي ملكه فَخرج إِلَى غير ملكه فَقتل وأفسد أَن صَاحبه لَا يضمن أشهد عَلَيْهِ أَو لم يشْهد كَذَلِك الْقيَاس فِي الْحَائِط لِأَنَّهُ وَضعه فِي ملكه وميله لَيْسَ من فعله إِلَّا أَن أَصْحَابنَا تركُوا الْقيَاس لما رُوِيَ عَن جمَاعَة من التَّابِعين أَنه يضمن إِذا أشهد عَلَيْهِ مِنْهُم شُرَيْح وَالْحسن وَإِبْرَاهِيم الحديث: 2279 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 168 2280 - فِيمَن صَاح بِرَجُل من جِدَار فَوَقع قَالَ أَبُو جَعْفَر كَانَ أَبُو حنيفَة وَسَائِر أَصْحَابه يَقُولُونَ لَا ضَمَان على الصائح وَلَا مُخَالف لَهُم فِي ذَلِك غير اللَّيْث فَإِنَّهُ قَالَ من كَانَ على جِدَار أَو قصر أَو خَشَبَة فَقَالَ لَهُ رجلا آخر إياك أَن تسْقط فَسقط فَمَاتَ أَو انْكَسَرَ إِن كَانَ إِنَّمَا تَأَخّر بأَمْره جعلت الدِّيَة على عَاقِلَته وَقَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي فِي مُخْتَصره وَلَو صَاح رجل فَسقط عَن حَائِط لم أر عَلَيْهِ شَيْئا وَلَو كَانَ صَبيا أَو معتوها فَسقط من صيحته ضمن قَالَ أَبُو جَعْفَر الْجِنَايَات إِنَّمَا تكون إِمَّا بِمُبَاشَرَة الْقَتْل أَو بِسَبَب يتَّصل بالمجني عَلَيْهِ كالرمي وَنَحْوه والصياح لَيْسَ بِجِنَايَة من الصائح إِنَّمَا هُوَ ارتياع من الَّذِي صِيحَ بِهِ لَا فعل للصائح فِيهِ فَلم يكن الصائح جانيا وَلَو كَانَ هَذَا ارتاع من غير صياح مِنْهُ بِهِ لم يضمن هَذَا شَيْئا كَذَلِك إِذا ارتاع من صياحه لِأَن الارتياع لَيْسَ هُوَ فعلا من الصائح أحدثه فِي المرتاع 2281 - فِي أَخذ الدِّيَة من قَاتل الْعمد قَالَ أَصْحَابنَا وَمَالك وَالثَّوْري وَابْن شبْرمَة وَالْحسن بن حَيّ لَيْسَ لوَلِيّ الْمَقْتُول عمدا إِلَّا الْقصاص وَلَا يَأْخُذ الدِّيَة إِلَّا بِرِضا الْقَاتِل وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ هُوَ بِالْخِيَارِ بَين الْقصاص وَبَين أَخذ الدِّيَة وَإِن لم يرض الْقَاتِل وَقَالَ الشَّافِعِي وَإِن عَفا الْمُفلس عَن الْقصاص جَازَ وَلم يكن لأهل الحديث: 2280 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 169 الْوَصَايَا وَالدّين مَنعه لِأَن المَال لَا يملك بالعمد إِلَّا بِمَشِيئَة الْمَجْنِي عَلَيْهِ إِن كَانَ حَيا وبمشيئة الْوَرَثَة إِن كَانَ مَيتا قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ الله تَعَالَى {كتب عَلَيْكُم الْقصاص فِي الْقَتْلَى} إِلَى قَوْله {فَمن عُفيَ لَهُ من أَخِيه شَيْء فاتباع بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَان} الْبَقَرَة 178 فَقَالَ من خَيره بَين الْقصاص وَبَين الدِّيَة أَن الْآيَة قد اقْتَضَت ذَلِك شَاءَ الْقَاتِل أَو أَبى فَيُقَال لَهُم قد روى عَمْرو بن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَ الْقصاص فِي بني إِسْرَائِيل وَلم يكن فيهم دِيَة فَقَالَ الله تَعَالَى لهَذِهِ الْأمة {كتب عَلَيْكُم الْقصاص} إِلَى قَوْله {فَمن عُفيَ لَهُ} فالعفو فِي أَن يقبل الدِّيَة فِي الْعمد ذَلِك تَخْفيف من ربكُم مِمَّا كَانَ كتب على من كَانَ قبلكُمْ قَالَ أَبُو جَعْفَر وَحدثنَا ابْن أبي دَاوُد قَالَ حَدثنَا سعيد بن سُلَيْمَان الوَاسِطِيّ عَن سُلَيْمَان بن كثير قَالَا حَدثنَا عَمْرو بن دِينَار عَن طَاوس عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قتل فِي عميا أَو رميا يكون بَينهم بِحجر أَو سَوط أَو بعصا فعقله عقل خطأ وَمن قتل عمدا فقود يَده وَمن حَال بَينه وَبَينه فَعَلَيهِ لعنة الله وَالْمَلَائِكَة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ لَا يقبل الله مِنْهُ صرفا وَلَا عدلا فَإِن قيل قد روى ابْن عُيَيْنَة هَذَا الحَدِيث عَن عَمْرو عَن طَاوس مَوْقُوفا عَلَيْهِ لم يذكر فِيهِ ابْن عَبَّاس وَلَا رَوَاهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الله عَلَيْهِ وَسلم الجزء: 5 ¦ الصفحة: 170 قيل لَهُ قد كَانَ ابْن عُيَيْنَة حدث بِهِ مرّة هَكَذَا وَمرَّة أُخْرَى حدث بِهِ كَمَا حدث بِهِ سُلَيْمَان بن كثير رَوَاهُ عَنهُ حوثرة بن مُحَمَّد الْبَصْرِيّ وروى ابْن أبي ذِئْب عَن سعيد المَقْبُري قَالَ سمعة أَبَا شُرَيْح الكعبي يَقُول قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي خطبَته يَوْم فتح مَكَّة أَلا إِنَّكُم معشر خُزَاعَة قتلتم هَذَا الْقَتِيل من هُذَيْل وَإِنِّي عاقله فَمن قتل لَهُ بعد مَقَالَتي هَذِه قَتِيل فأهله بَين خيرتين بَين أَن يأخذو الْعقل وَبَين أَن يقتلوه وَقد روى يحيى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَوْم فتح مَكَّة من قتل لَهُ قَتِيل فَهُوَ بِخَير النظرين إِمَّا أَن يقتل وَإِمَّا أَن يودي وَهَذَا على معنى الْإِبَاحَة لأخذ الْعقل إِذا رَضِي الْقَاتِل وَقد روى مُحَمَّد بن عبد الله الْأنْصَارِيّ عَن حميد الطَّوِيل عَن أنس أَن عمته الرّبيع لطمت جَارِيَة فَكسرت ثنيتها فاختصموا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأمر بِالْقصاصِ فطلبوا إِلَيْهِم الْعَفو فَأَبَوا أَو الْأَرْش فَأَبَوا إِلَّا الْقصاص فَقَالَ أنس بن النَّضر يَا رَسُول الله أتكسر ثنية الرّبيع لَا وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ لَا تكسر ثنيتها فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا أنس كتاب الله الْقصاص فَعَفَا الْقَوْم فَقَالَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 171 رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن من عباد الله من لَو أقسم على الله لَأَبَره فَأخْبر عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أَن الَّذِي فِي كتاب الله هُوَ الْقصاص دون غَيره وروى ثَابت الْبنانِيّ عَن أنس أَن رجلا قتل رجلا فَدفعهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى ولي الْمَقْتُول ثمَّ قَالَ اعْفُ عَنهُ فَأبى ثمَّ قَالَ فَخذ أرشا فَأبى فَقَالَ أما إِنَّك إِن قتلته كنت مثله فَمضى الرجل فَلحقه النَّاس فَقَالُوا إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أما إِنَّك إِن قتلته كنت مثله فخلى سَبيله فَذهب إِلَى أَهله يجر نسعته فَقَالَ لَهُ اعْفُ فَلَمَّا أَبى قَالَ لَهُ خُذ أرشا فَدلَّ على أَنه إِن عَفا لم يكن لَهُ أرش وَلَو كَانَ لَهُ أرش لما قَالَ لَهُ خُذ أرشا بعد أَن قَالَ اعْفُ إِذْ كَانَ عَفوه يُوجب الْأَرْش فَإِن قيل إِنَّمَا لَزِمته الدِّيَة بِغَيْر رِضَاهُ لِأَن عَلَيْهِ إحْيَاء نَفسه قيل لَهُ فَيَنْبَغِي أَن يلْزمه إِعْطَاء دَاره وَعَبده إِذا أَرَادَ ذَلِك ولي الْمَقْتُول لِأَن عَلَيْهِ إحْيَاء نَفسه 2282 - فِي الْكَفَّارَة فِي قتل الْعمد قَالَ أَصْحَابنَا لَا كَفَّارَة عَلَيْهِ فِي قتل الْعمد وَقَالَ مَالك يَصُوم شَهْرَيْن أَو يعْتق رَقَبَة ويتقرب إِلَى الله سُبْحَانَهُ بِمَا الحديث: 2282 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 172 اسْتَطَاعَ من خير فخيره بَين الصَّوْم وَالْعِتْق وَهَذَا يدل على أَنه لم يرهَا وَاجِبَة لِأَن آيَة الْقَتْل يَقْتَضِي التَّرْتِيب وَقَول اللَّيْث أَيْضا يدل على أَنه لم يرهَا وَاجِبَة وَقَالَ الشَّافِعِي عَلَيْهِ الْكَفَّارَة كالمخطئ قَالَ أَبُو جَعْفَر احْتج من أوجبهَا بِأَن الله سُبْحَانَهُ أوجبهَا فِي الْخَطَأ والعمد أولى بذلك فَيُقَال لَهُ لم يُوجِبهَا فِي الْخَطَأ للمأثم حَتَّى يُقَاس عَلَيْهِ الْعمد لِأَن الْمُخطئ لَا مأثم عَلَيْهِ وَإِذا لم يكن مَوْضُوعَة للمأثم لم يسْقط بهَا المأثم عَن الْعَامِد فَلَا يجوز إِيجَابهَا عَلَيْهِ للمأثم وَقد روى ابْن الْمُبَارك عَن إِبْرَاهِيم بن أبي عبلة عَن العريف والعريف هُوَ عبد الله بن فَيْرُوز الديلمي تَابِعِيّ عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع قَالَ أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نفر من بني سليم فَقَالُوا إِن صاحبا لنا أوجب قَالَ فليعتق رَقَبَة يفْدي الله بِكُل عُضْو مِنْهَا عضوا مِنْهُ من النَّار وَاحْتج من أوجب الْكَفَّارَة فِي الْعمد بِهَذَا الحَدِيث قيل لَهُ لم يذكر بِأَيّ شَيْء أوجب بقتل أَو غَيره فَلَا دلَالَة فِيهِ على مَا ذكرت وَيدل على أَنه لم يرد الْقَتْل أَنه لم يَأْمُرهُ بِرَقَبَة مُؤمنَة وَلم يقل إِن لم يجد فَصِيَام شَهْرَيْن فَدلَّ أَنه لم يرد الْكَفَّارَة وَإِنَّمَا أَرَادَ التَّقَرُّب إِلَى الله تَعَالَى بذلك الجزء: 5 ¦ الصفحة: 173 2283 - فِيمَا تجب فِيهِ الْكَفَّارَة قَالَ أَصْحَابنَا لَا كَفَّارَة على السَّائِق والقائد وَلَا على حافر الْبِئْر وَوَاضِع الْحجر فِي الطَّرِيق وَالدية على عواقلهم وعَلى الرَّاكِب الْكَفَّارَة إِذا وطئ بِيَدِهِ أَو رجله وَمن لَا تجب عَلَيْهِ الْكَفَّارَة من هَؤُلَاءِ لَا يحرم الْمِيرَاث وَمن وَجَبت عَلَيْهِ الْكَفَّارَة مِنْهُم حرمه وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك فِيمَن دفع إِلَى صبي دَابَّته ليمسكها أَو دفع إِلَيْهِ سِلَاحا فَعَطب الصَّبِي بذلك فعلى عَاقِلَة الدَّافِع الدِّيَة وَعَلِيهِ الْكَفَّارَة وَقَالَ ابْن عبد الحكم عَنهُ وَمن أَمر غَيره بِضَرْب غُلَام لَهُ فَعَطب فعلَيْهِمَا الْكَفَّارَة قَالَ أَبُو جَعْفَر وَهَذَا يَقْتَضِي إِيجَاب الْكَفَّارَة على حافر الْبِئْر وَنَحْوه قَالَ وَمذهب الشَّافِعِي أَيْضا يدل على مُوَافقَة مَالك فِي ذَلِك قَالَ أَبُو جَعْفَر لما لم يكن مَا ذكرنَا من وَاضع الْحجر وَنَحْوه قَاتلا فِي الْحَقِيقَة وَإِنَّمَا فعل للسبب من غير اتِّصَال ذَلِك فِي الْمَقْتُول من فعله لم تلْزمهُ كَفَّارَة فسائر مَا وَصفنَا من الرَّمْي وَوَطْء الرَّاكِب أَفعَال من هَؤُلَاءِ يتَّصل بالمقتول وَكَانَ قَاتلا لَزِمته الْكَفَّارَة 2284 - فِي الْجَنِين قَالَ أَصْحَابنَا فِي رجل ضرب بطن امْرَأَة حرَّة فَأَلْقَت جَنِينا مَيتا فَلَا الحديث: 2283 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 174 كَفَّارَة فِيهِ وَعَلِيهِ الْغرَّة وَإِن وَقع حَيا ثمَّ مَاتَ فَفِيهِ الْكَفَّارَة وَالدية وَقِيمَة الْغرَّة خَمْسمِائَة دِرْهَم وَهِي على الْعَاقِلَة فِي سنة وَهِي بَين وَرَثَة الْجَنِين على فَرَائض الله تَعَالَى وَلَو قتل الْأُم بالضربة ثمَّ خرج الْجَنِين بعد مَوتهَا مَيتا فَعَلَيهِ الدِّيَة فِي الْأُم وَلَا شَيْء عَلَيْهِ فِي الْجَنِين وَالذكر وَالْأُنْثَى سَوَاء إِذا خرج مَيتا قبل موت الْأُم وَقَالَ مَالك فِي الْجَنِين غرَّة عبد أَو أمة وَقِيمَته خَمْسُونَ دِينَارا أَو سِتّمائَة دِرْهَم وَهِي موروثة عَن الْجَنِين على فَرَائض الله تَعَالَى وعَلى الضَّارِب الْكَفَّارَة وَذَلِكَ إِذا خرج الْجَنِين مَيتا قبل موت الْمَيِّت فَإِن خرج مَيتا بعد موت الْأُم فَلَا شَيْء فِيهِ وَفِي الْأُم الدِّيَة قَالَ فَإِن خرج حَيا ثمَّ مَاتَ فَإِن اسْتهلّ صَارِخًا فَفِيهِ مَا فِي الْجَنِين وَقَالَ مَالك فِي جَنِين الْيَهُودِيَّة والنصرانية عشر دِيَة أمه وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ جَنِين ابْن النَّصْرَانِي خَمْسُونَ دِينَارا وَقَالَ اللَّيْث دِيَة الْجَنِين لأمه وَحدهَا وَرُوِيَ عَن ربيعَة وَالزهْرِيّ أَنَّهَا موروثة على فَرَائض الله تَعَالَى وَقَالَ الشَّافِعِي فِي جَنِين الْحرَّة لمسلمة إِذا استبان شَيْء من خلقه وألقته مَيتا ففهي غرَّة عبد اَوْ أمة يُورث كَمَا لَو خرج حَيا ثمَّ مَاتَ وَعَلِيهِ الْكَفَّارَة وَأَقل شَيْء الْغرَّة يَنْبَغِي أَن تكون سبع سِنِين أَو ثَمَان سِنِين وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يقبلهَا مَعِيبَة وَلَا خَصيا رَوَاهُ عَنهُ الْمُزنِيّ فِي مُخْتَصره قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ أَنه لَو ضرب بطن امْرَأَة ميتَة حَامِل فَأَلْقَت جَنِينا مَيتا أَنه لَا شَيْء فِيهِ وَكَذَلِكَ إِذا كَانَ الضَّرْب فِي حَيَاتهَا ثمَّ مَاتَت ثمَّ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 175 ألقته مَيتا فَبَطل بذلك قَول اللَّيْث وَقد قَالَ اللَّيْث أَنه لَو ضربهَا فَمَاتَتْ قبل والجنين فِي بَطنهَا وَلم يسْقط أَنه لَا شَيْء فِيهِ فَكَذَلِك إِذا أسقطت بعد مَوتهَا وَأما الْكَفَّارَة فِي الْجَنِين فَإِن الله تَعَالَى قرن إِيجَاب الْكَفَّارَة بِوُجُوب الدِّيَة بقوله {وَمن قتل مُؤمنا خطأ فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤمنَة ودية مسلمة} النِّسَاء 92 والجنين لَا دِيَة فِيهِ وَلَا كَفَّارَة فِيهِ وَإِنَّمَا قُلْنَا إِن الْغرَّة موروثة وَلَيْسَت بِمَنْزِلَة بدل عُضْو من أعضائها أَنا وجدنَا لَو قطع يَدهَا فَمَاتَتْ لدخلت الْيَد فِي النَّفس وَلَو أَلْقَت جَنِينا مَيتا ثمَّ مَاتَت من الضَّرْبَة وَجَبت الدِّيَة والغرة وَلم تدخل الْغرَّة فِي الدِّيَة فَدلَّ ذَلِك على أَنه مُنْفَرد بِحكمِهِ دون أمه فَوَجَبَ أَن تكون الْعِزَّة موروثة عَنهُ وَبَطل قَول من جعلهَا لأمه 2285 - فِي الْغرَّة على الْعَاقِلَة قَالَ أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيّ الْغرَّة على الْعَاقِلَة وَقَالَ مَالك وَالْحسن بن حَيّ هِيَ فِي مَال الْجَانِي قَالَ أَبُو جَعْفَر قد رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بأخبار تقدم ذكرهَا أَنه جعل الْغرَّة على الْعَاقِلَة 2286 - فِي جِنَايَة النَّصْرَانِي من يحملهَا قَالَ أَصْحَابنَا فِي النَّصْرَانِي إِذا قتل مُسلما أَو ذِمِّيا فَإِن كَانَت لَهُ معاقل يتعاقلون فعلى عواقلهم وَإِن لم تكن لَهُم معاقل فَفِي مَال الْجَانِي وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك فِي النَّصْرَانِي إِذا جنى جِنَايَة يحمل عَنهُ تِلْكَ الحديث: 2285 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 176 الْجِنَايَة أهل جزيته وهم أهل كورتة الَّذين خراجه مَعَهم وَكَذَلِكَ إِذا أصَاب أهل الذِّمَّة بَعضهم بَعْضًا وَهُوَ قَول اللَّيْث وَقَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي إِذا كَانَ الْجَانِي نوبيا فَلَا عقل على أحد من النّوبَة إِلَّا أَن يَكُونُوا يثبتون أنسابهم إِثْبَات أهل الْإِسْلَام وَكَذَلِكَ كل رجل من قَبيلَة أَعْجَمِيَّة أَو لقبط أَو غَيره فَإِن لم يكن لَهُ وَلَاء يعلم فعلى الْمُسلمين لما بَينه وَبينهمْ من ولَايَة للدّين وَأَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ مَاله إِذا مَاتَ قَالَ أَبُو جَعْفَر الدِّيَة تلْزم الْجَانِي ويتحمله عَنهُ الْعَاقِلَة فَإِن كَانَ لأهل الذِّمَّة عواقل وَجب أَن يتحملها فَإِن تكن لَهُم عواقل فَفِي مَال الْمَقْتُول إِذا لم هُنَاكَ من يتحملها عَنهُ 2287 - فِي الْقسَامَة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا وجد قَتِيل فِي محلّة وَبِه شَرّ وَادّعى الْوَلِيّ على أهل الْمحلة أَنهم قَتَلُوهُ أَو على وَاحِد مِنْهُم بِعَيْنِه اسْتحْلف أهل الْمحلة خمسين رجلا بِاللَّه مَا قتلنَا وَلَا علمنَا قَاتلا يختارهم الْوَلِيّ فَإِن لم يبلغُوا خمسين كرر عَلَيْهِ الْأَيْمَان ثمَّ يغرمون الدِّيَة وَإِن نكلوا عَن الْيَمين حبسوا حَتَّى يقرُّوا أَو يحلفوا وَهُوَ قَول زفر الحديث: 2287 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 177 وَقَالَ الْحسن بن زِيَاد عَن أبي يُوسُف إِذا أَبَوا أَن يقسموا تَركهم وَلم يحبسهم وَجعل الدِّيَة على الْعَاقِلَة فِي ثَلَاث سِنِين وَقَالُوا جَمِيعًا إِن ادّعى الْوَلِيّ على رجل من غير أهل الْمحلة فقد أَبْرَأ أهل الْمحلة وَلَا شَيْء لَهُ عَلَيْهِم وَقَول الثَّوْريّ مثل قَول أبي حنيفَة إِلَّا أَن ابْن الْمُبَارك رُوِيَ عَنهُ أَنه إِذا ادّعى الْوَلِيّ على رجل بِعَيْنِه فقد أَبْرَأ الْمحلة وَقَالَ ابْن شبْرمَة إِذا ادّعى الْوَلِيّ على رجل بِعَيْنِه من أهل الْمحلة فقد برِئ أهل الْمحلة وَصَارَ دَمه هدرا إِلَّا أَن يُقيم الْبَيِّنَة على ذَلِك الرجل وَقَالَ عُثْمَان البتي يسْتَحْلف مِنْهُم خَمْسُونَ رجلا مَا قتلنَا وَلَا علمنَا قَاتلا ثمَّ لَا شَيْء عَلَيْهِم غير ذَلِك إِلَّا أَن تقوم الْبَيِّنَة على رجل بِعَيْنِه أَنه قَتله وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك الْقسَامَة لَا تجب إِلَّا بِأحد أَمريْن إِمَّا أَن يَقُول الْمَقْتُول دمي عِنْد فلَان أَو يَأْتِي وُلَاة الدَّم بلوث من بَيِّنَة وَإِن لم تكن قَاطِعَة على الَّذِي يدعى عَلَيْهِ الدَّم فَهَذَا مُوجب الْقِسْمَة لمُدعِي الدَّم على من ادعوهُ عَلَيْهِ فتبدأ بأيمان مدعي الدَّم فِي الْعمد وَالْخَطَأ فَيحلف من وُلَاة الدَّم خَمْسُونَ رجلا خمسين يَمِينا فَإِن قل عَددهمْ أَو نكل بَعضهم ردَّتْ الْأَيْمَان عَلَيْهِم إِلَّا أَن ينكل أحد من وُلَاة الْمَقْتُول الَّذين يجوز عفوهم فَلَا يقتل إِذا نكل وَاحِد مِنْهُم وَلَا ترد الْأَيْمَان على من بَقِي من وُلَاة الدَّم إِذا نكل وَاحِد مِنْهُم عَن الْأَيْمَان وَلَكِن إِذا كَانَ ذَلِك فَإِنَّمَا ترد الْأَيْمَان على الْمُدعى عَلَيْهِم الدَّم فَيحلف مِنْهُم خَمْسُونَ رجلا خمسين يَمِينا فَإِن لم يبلغُوا خمسين رجلا ردَّتْ الْخَمْسُونَ الْيَمين على من حلف مِنْهُم فَإِن لم يُوجد أحد يحلف إِلَّا الَّذِي ادّعى عَلَيْهِ الدَّم حلف هُوَ خمسين يَمِينا قَالَ وَلَا يقتل فِي الْقسَامَة إِلَّا وَاحِد لَا يقتل فِيهَا اثْنَان وَذكر ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا شهد رجل عدل على الْقَاتِل أقسم رجلَانِ فَصَاعِدا خمسين يَمِينا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 178 قَالَ ابْن الْقَاسِم وَالشَّاهِد فِي الْقسَامَة إِنَّمَا هُوَ لوث لَيست بِشَهَادَة وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يسْتَحْلف من أهل الْقرْيَة خَمْسُونَ رجلا مَا قتلنَا وَلَا علمنَا قَاتلا فَإِن حلفوا استحقوا وَإِن نقصت قسامتهم أَو نكل رجل مِنْهُم لم يُعْطوا الدَّم وعقل قبيلتهم إِذا كَانَ بِحَضْرَة الَّذين ادّعى عَلَيْهِم فِي دِيَارهمْ وَقَالَ الْحسن بن حَيّ يحلف من كَانَ حَاضرا من أهل الْمحلة من سكان أَو ملاك خمسين يَمِينا مَا قتلنَا وَلَا علمنَا قَاتلا فَإِذا حلفوا كَانَ عَلَيْهِم الدِّيَة وَلَا يسْتَحْلف من كَانَ غَائِبا وَإِن كَانَ مَالِكًا وَسَوَاء كَانَ بِهِ أثر أَو لم يكن وَكَانَ مُسلم بن خَالِد الزنْجِي وَأهل مَكَّة لَا يرَوْنَ الْقسَامَة وَقَالَ اللَّيْث الَّذِي يُوجب الْقسَامَة أَن يقل الْمَقْتُول قبل مَوته فلَان قتلني أَو يَأْتِي من الصّبيان وَالنِّسَاء وَالنَّصَارَى وَمن يشبههم مِمَّن لَا يقطع بِشَهَادَتِهِ أَنهم رَأَوْا حِين قتل هَذَا فَإِن الْقسَامَة تكون مَعَ ذَاك وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا وجد الْقَتِيل فِي دَار قوم مَحْضَة أَو قَبيلَة وَكَانُوا أَعدَاء للمقتول وَادّعى أولياؤه قَتله فَلهم الْقسَامَة وَكَذَلِكَ الزحام إِذا لم يفترقوا حَتَّى وجدوا بَينهم قَتِيل أَو فِي نَاحيَة لَيْسَ إِلَى جنبه إِلَّا رجل وَاحِد أَو يَأْتِي عَنهُ مُتَفَرّقين من الْمُسلمين من نواح لم يجتمعوا فِيهَا يثبت كل وَاحِد مِنْهُم على الِانْفِرَاد على رجل أَنه قَتله فتتواطأ شهاداتهم وَلم يسمع بَعضهم بِشَهَادَة بعض وَإِن لم يَكُونُوا مِمَّن لم يعدلُوا أَو شهد عدل أَنه قَتله لِأَن كل سَبَب من هَذَا يغلب على عقل الْحَاكِم أَنه كَمَا ادّعى وليه فللولي أَن يقسم على الْوَاحِد وَالْجَمَاعَة من أمكن أَن يكون فِي جملتم وَسَوَاء كَانَ بِهِ جرح أَو غَيره الجزء: 5 ¦ الصفحة: 179 لِأَنَّهُ قد يقتل بِمَا لَا أثر لَهُ وَإِن أنكر الْمُدعى عَلَيْهِ أَن يكون فيهم لم يسمع الْوَلِيّ إِلَّا بِبَيِّنَة وَلَا ينظر إِلَى دَعْوَى الْمَيِّت قَالَ أَبُو جَعْفَر روى مَالك عَن ابْن أبي ليلى بن عبد الله عَن عبد الرَّحْمَن بن سهل عَن سهل بن أبي حثْمَة أَنه أخبرهُ رجال من كبراء قومه أَن عبد الله بن سهل ومحيصة خرجا إِلَى خَبِير فَأتى محيصة فَأخْبر أَن عبد الله بن سهل قد قتل وَطرح فِي فَقير بِئْر أَو عين فَأتى يهود فَقَالَ لَهُم أَنْتُم وَالله قَتَلْتُمُوهُ فَقَالَ وَالله مَا قَتَلْنَاهُ فَأقبل حَتَّى قدم على قومه فَذكر لَهُم ذَلِك ثمَّ أقبل هُوَ وَأَخُوهُ حويصة وَهُوَ أكبر مِنْهُ وَعبد الرَّحْمَن بن سهل فَذهب محيصة ليَتَكَلَّم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لمحيصة كبر كبر يُرِيد السن فَتكلم حويصة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِمَّا أَن يدوا دِيَة صَاحبكُم وَإِمَّا أَن يؤذنوا بِحَرب فَكتب إِلَيْهِم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ذَلِك فَكَتَبُوا إِلَيْهِ إِنَّا وَالله مَا قَتَلْنَاهُ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لحويصة ومحيصة وَعبد الرَّحْمَن أتحلفون وتستحقون دم صَاحبكُم فَقَالُوا لَا قَالَ فَيحلف لكم يهود قَالُوا لَيْسُوا بمسلمين فوداه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من عِنْده فَبعث إِلَيْهِم بِمِائَة نَاقَة قَالَ أَبُو جَعْفَر مَعْلُوم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يقل للْيَهُود إِمَّا أَن تدوا صَاحبكُم وَإِمَّا أَن تأذنوا بِحَرب من الله إِلَّا وَقد تحقق عِنْده قبل ذَلِك وجود الْقَتْل بِخَيْبَر فَدلَّ ذَلِك على وجوب الدِّيَة على الْيَهُود بِوُجُود الْقَتِيل بَينهم لِأَنَّهُ لَا يجوز أَن يؤذنوا بِحَرب إِلَّا بمنعهم حَقًا وَاجِبا عَلَيْهِم فَدلَّ على صِحَة قَول أَصْحَابنَا وَقد رُوِيَ نَحْو ذَلِك عَن عمر فِي قَتِيل وجد بَين حيين فَجعله عمر الجزء: 5 ¦ الصفحة: 180 رَضِي الله عَنهُ على أقربهما فأحلف مِنْهُم خمسين رجلا مَا قتلنَا وَلَا نعلم قَاتلا ثمَّ أغرمهم الدِّيَة فَقَالَ لَهُ الْحَارِث بن الأزمع نحلف وتغرمنا فَقَالَ نعم وَاحْتج من قَالَ يبْدَأ المدعون فَيحلفُونَ فَإِذا حلفوا استحقوا دم صَاحبهمْ وَإِن لم يحلفوا حلف الْمُدعى عَلَيْهِم ويروا بِهَذَا الحَدِيث قَالَ أَبُو جَعْفَر وَقد روى عباد بن الْعَوام عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن عبد الرَّحْمَن بن بجيد قَالَ وَالله مَا كَانَ الحَدِيث كَمَا حدث سهل وَلَقَد أوهم إِنَّمَا كتب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى أهل خيبرأن قَتِيلا وجد بَين أفنيتكم فدوه فَكَتَبُوا يحلفُونَ مَا قتلنَا فوداه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من عِنْده قَالَ ابْن إِسْحَاق وَسمعت عَمْرو بن شُعَيْب فِي الْمَسْجِد الْحَرَام يَقُول وَالله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ مَا كَانَ الحَدِيث كَمَا حدث سهل وَلَقَد أوهم وَلَكِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث إِلَى أهل خَيْبَر أَن قَتِيلا وجد بَين أفنيتكم فدوه أَو آذنوا بِحَرب فبعثوا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحلفُونَ مَا قَتَلُوهُ فوداه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من عِنْده قَالَ أَبُو جَعْفَر وَالوهم فِي ذَلِك أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ للْيَهُود إِمَّا أَن تدوا وَإِمَّا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 181 أَن تأذنوا بِحَرب من الله وَفِي ذَلِك تَحْقِيق وجوب الدِّيَة على الْيَهُود وَلم يكن من أَوْلِيَاء الْقَتِيل قبل ذَلِك قسَامَة وَكَانَ محالا أَن يُقَال لأولياء الْقَتِيل أتحلفون وتستحقون دم صَاحبكُم وهم قد كَانُوا مستحقين لَهُ قبل ذَلِك بِوُجُود الْقَتِيل فِي الْموضع وَقد روى سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن يحيى بن سعيد سمع بشير بن يسَار عَن سهل بن أبي حثْمَة وَذكر الْقِصَّة إِلَى أَن قَالَ محيصة إِنَّا وجدنَا عبد الله بن سهل قَتِيلا فِي قليب من قلب خَيْبَر وَذكر عَدَاوَة الْيَهُود لَهُم قَالَ فتبرئك يهود بِخَمْسِينَ يَمِينا أَنهم لم يقتلوه قَالَ وَكَيف نرضى بأيمانهم وهم مشركون قَالَ فَيقسم مِنْكُم خَمْسُونَ أَنهم قَتَلُوهُ قَالَ كَيفَ نقسم على من لم نر فوداه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من عِنْده وَرَوَاهُ مَالك عَن يحيى عَن بشير بن يسَار أَن عبد الله بن سهل ومحيصة بن مَسْعُود خرجا إِلَى خَيْبَر وَذكر الْقِصَّة فَقَالَ لَهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أتحلفون خمسين يَمِينا وتستحقون دم صَاحبكُم أَو قاتلكم قَالُوا يَا رَسُول الله لم نشْهد وَلم نحضر فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فتبرئكم يهود بخمسي يَمِينا قَالُوا يَا رَسُول الله كَيفَ نقبل أَيْمَان كفار فَزعم بشير أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وداه من عِنْده فَذكر فِي هَذَا الحَدِيث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَدَأَ بأولياء الدَّم قَالَ أتحلفون وروى أَبُو نعيم قَالَ حَدثنَا سعيد بن عبيد الله الطَّائِي عَن بشير بن يسَار أخبرهُ عَن سهل بن أبي حثْمَة أَن نَفرا من قومه انْطَلقُوا إِلَى خَيْبَر فوجدوا أحدهم قَتِيلا فَقَالُوا للَّذين وجدوه عِنْدهم قتلتم صاحبنا فَقَالُوا وَالله مَا قتلنَا وَلَا علمنَا قَاتلا قَالَ فَانْطَلقُوا إِلَى نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا يَا نَبِي الله انطلقنا إِلَى خَيْبَر فَوَجَدنَا أَحَدنَا قَتِيلا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْكبر الْكبر فَقَالَ لَهُم تأتون الجزء: 5 ¦ الصفحة: 182 بِالْبَيِّنَةِ على من قتل قَالُوا مَا لنا بَيِّنَة قَالَ أفيحلفون لكم قَالُوا لَا نرضى بأيمان الْيَهُود فكره رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يبطل دَمه فوداه بِمِائَة من إبل الصَّدَقَة فَذكر فِي هَذَا الحَدِيث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طلب مِنْهُم الْبَيِّنَة فَلَمَّا أَخْبرُوهُ أَن لَا بَيِّنَة لَهُم قَالَ أيحلفون لكم وَلَيْسَ فِيهِ خلف من الْآثَار فَهَذَا أشبه وَأولى مِمَّا رُوِيَ على مَا ذَكرْنَاهُ دلّ كَقَوْل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو أعطي النَّاس بدعاويهم لادعى نَاس دِمَاء رجال وَأَمْوَالهمْ وَلَكِن الْبَيِّنَة على الْمُدَّعِي وَالْيَمِين على الْمُدعى عَلَيْهِ وروى معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي سَلمَة وَسليمَان بن يسَار عَن رجال من الْأَنْصَار أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ للْيَهُود بدأبهم يحلف مِنْكُم خَمْسُونَ فَأَبَوا فَقَالَ للْأَنْصَار استحقوا فَقَالُوا نحلف على الْغَيْب فَجَعلهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دِيَته على الْيَهُود وَلِأَنَّهُم وجد بَين أظهرهم فَفِي هَذَا الحَدِيث قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للْيَهُود يحلف مِنْكُم خَمْسُونَ وإبائهم لذَلِك وَقَوله للْأَنْصَار استحقوا وإبائهم ذَلِك وَقضى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد ذَلِك بدية ذَلِك الْقَتِيل على الْيَهُود لوُجُوده بَينهم فَدلَّ على أَن الدِّيَة مُسْتَحقَّة بوجد الْقَتِيل وَهَذَا مَا فِي حَدِيث بشير بن يسَار وَهُوَ أولى مِنْهُ لِاسْتِقَامَةِ طَرِيقَته لِأَن بشير بن يسَار لَيْسَ كَأبي سَلمَة وَلَا كسليمان بن يسَار لَا سِيمَا وَقد رُوِيَ عَن عمر بن الْخطاب مُوَافقَة ذَلِك فَإِن قيل فَمَا معنى قَوْله فِي هَذَا الحَدِيث استحقوا قيل مَعْنَاهُ أَي استحقوا بِمَا يُوجب الِاسْتِحْقَاق دَمه وَهُوَ الْبَيِّنَة وَهُوَ الْقود لِأَن الْمُسْتَحق قبل الْبَيِّنَة هُوَ الدِّيَة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 183 وَقد روى الْحسن عَن الْأَحْنَف ان عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ اشْترط على أهل الذِّمَّة إِن قتل رجل من الْمُسلمين بأرضكم فَعَلَيْكُم الدِّيَة قَالَ أَبُو جَعْفَر وَقَول مَالك إِذا قَالَ الْمَقْتُول دمي عِنْد فلَان أَن تجب الْقسَامَة فَلَا أصل لَهُ فِي السّنة وَلَا دَلِيل عَلَيْهِ وَقد نفى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَلِك بقوله لَو أعطي النَّاس بدعاويهم وَكَذَلِكَ اعْتِبَار الْعَدَاوَة بَينهم لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يقل أوجبت ذَلِك للعداوة وَلَا كشف عمر عَن ذَلِك فِي الْقَتِيل الَّذِي قضى فِيهِ بِالدِّيَةِ وروى إِبْرَاهِيم عَن الْأسود أَن رجلا أُصِيب عِنْد الْبَيْت فَسَأَلَ عمر عليا رَضِي الله عَنْهُمَا فَقَالَ دِيَة من بَيت مَال الْمُسلمين فَإِن قيل فَمَا معنى قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَدِيث سهل بن أبي حثْمَة أتحلفون خمسين يَمِينا وتستحقون دم صَاحبكُم أَو قاتلكم قيل لَهُ رُوِيَ فِي هَذَا الحَدِيث بِالشَّكِّ وَرُوِيَ فِي حَدِيث ابْن أبي ليلى عِنْد الله دم صَاحبكُم بِغَيْر شكّ مَعْنَاهُ اسْتِحْقَاق الْوَاجِب بِدَم صَاحبكُم وَقَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ الْعَمَل بالقسامة جَاهِلِيَّة 2288 - فِي كَيْفيَّة الْيَمين روى مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة قَالَ إِذا كَانَت الْيَمين على رجل يحلفهُ القَاضِي بِاللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ عَالم الْغَيْب وَالشَّهَادَة الرَّحْمَن الرَّحِيم الَّذِي يعلم من السِّرّ مَا يعلم من الْعَلَانِيَة فَذَلِك حسن وَإِن اكْتفى الحديث: 2288 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 184 بِالْأولَى أَجزَأَهُ وَلَا يسْتَقْبل القَاضِي بِالَّذِي يحلف الْقبْلَة وَلَا يدْخلهُ الْمَسْجِد وحيثما حلفه فَهُوَ مُسْتَقِيم وَرُوِيَ أَيْضا عَن أبي حنيفَة فِي الْقسَامَة يقسم مِنْهُم خَمْسُونَ رجلا بِاللَّه مَا قتلنَا وَلَا علمنَا قَاتلا ثمَّ يغرمون الدِّيَة وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك الْيَمين فِي الْقسَامَة على الْبَيِّنَة يقسم الْوَرَثَة بِاللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ أَن قَاتلا قَتله أَو مَاتَ من ضربه وَلَا يزِيد على ذَلِك وَلَا يَقُول الرَّحْمَن الرَّحِيم فِي سَائِر الْأَيْمَان قَالَ وَيكون ذَلِك فِي الْمَسَاجِد فِي أدبار الصَّلَوَات وعَلى رُؤُوس النَّاس قَالَ وَأهل قرى مَكَّة وَالْمَدينَة وَبَيت الْمُقَدّس يجلبون إِلَى الْبَلَد فيقسمون فِيهِ وَأهل الْآفَاق يستحلفون فِي مواضعهم إِلَّا أَن يكون بَينهم وَبَين الْمصر عشرَة أَمْيَال أَو نَحْوهَا فيجلبون إِلَى مصر فَيحلفُونَ فِي الْمَسْجِد وَقد روى أَسد عَن مَالك أَن يسْتَحْلف بِاللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ عَالم الْغَيْب وَالشَّهَادَة الَّذِي يعلم السِّرّ وَالْعَلَانِيَة وَحكى الْوَاقِدِيّ عَن أبي حنيفَة وَالثَّوْري أَن القَاضِي يستحلفه مَكَانَهُ وَلَا يستحلفه عِنْد الْمِنْبَر وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ يستحلفه وَالله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ وَإِن قَالَ وَالله فقد اكْتفى وَقَالَ الْمُزنِيّ فِي مُخْتَصره عَن الشَّافِعِي إِذا ادّعى مَالا مبلغه عشرُون دِينَارا أَو جِرَاحَة عمد صغرت أَو كَبرت أَو فِي طَلَاق أَو لعان أَو حد الجزء: 5 ¦ الصفحة: 185 أَو رد يَمِين فِي ذَلِك فَإِن كَانَ بِمَكَّة كَانَت الْيَمين بَين الْبَيْت وَالْمقَام وَإِن كَانَ بِالْمَدِينَةِ كَانَت على مِنْبَر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِن كَانَ بِبَلَد غَيرهمَا أَحْلف بعد الْعَصْر فِي مَسْجِد ذَلِك الْبَلَد بِمَا تؤكد بِهِ الْأَيْمَان وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه يَتْلُو عَلَيْهِ {إِن الَّذين يشْتَرونَ بِعَهْد الله وَأَيْمَانهمْ} آل عمرَان 77 قَالَ وَإِذا حلف فِي الْقسَامَة حلف بِاللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ عَالم خَائِنَة الْأَعْين وَمَا تخفي الصُّدُور بقتل فلَان فلَانا مُنْفَردا بقتْله مَا شركه أحد فِي قَتله وَيحلف الْمُدعى عَلَيْهِ كَذَلِك مَا قتل فلَانا وَلَا أعَان على قَتله وَلَا ناله من فعله وَلَا تسبب فعله شَيْء جرحه وَلَا وصل إِلَى شَيْء من بدنه قَالَ أَبُو جَعْفَر الْيَمين حق لمن وَجَبت لَهُ على الْحَالِف وَمن لزمَه حق أَخذ مِنْهُ لَا فِي مَكَان بِعَيْنِه فَكَذَلِك الْأَيْمَان فَإِن قيل إِنَّمَا اسْتحْلف فِي الْمَسْجِد وَنَحْوه لتعظيم المستحلف لذَلِك قيل لَهُ لَو كَانَ كَمَا ذكرت لوَجَبَ أَن لَا ينظر الْحَاكِم بَين النَّاس إِلَّا فِي هَذِه الْمَوَاضِع ليهاب من عَلَيْهِ الْحق جحوده وَفِي ذَلِك دَلِيل على أَن الِاسْتِحْلَاف على الْحُقُوق هُنَاكَ أَيْضا فَإِن قيل روى مَالك عَن هَاشم بن هَاشم بن عتبَة بن أبي وَقاص عَن عبد الله بن نسطاس عَن جَابر بن عبد الله أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من حلف على منبري هَذَا بِيَمِين آثمة تبوأ مَقْعَده من النَّار الجزء: 5 ¦ الصفحة: 186 قيل لَهُ يحْتَمل أَن يكون ذَلِك على جِهَة اخْتِيَار الْحَالِف لذَلِك لَا على إِيجَاب الْحَاكِم ذَلِك عَلَيْهِ وَقَالَ الله تَعَالَى {إِن الَّذين يشْتَرونَ بِعَهْد الله وَأَيْمَانهمْ} الْآيَة آل عمرَان 77 وَلم يفرق بَين شَيْء من الْأَمَاكِن وَإِذا رأى الْحَاكِم أَن إحلافه فِي بعض الْمَوَاضِع أزْجر لَهُ عَن الْيَمين الكاذبة جَازَ أَن يَفْعَله وَكَانَ حسنا وَلما اتَّفقُوا فِيمَا هُوَ أقل من ربع دِينَار أَنه لَا يسْتَحْلف إِلَّا فِي مَوضِع الْخُصُومَة كَذَلِك مَا فَوْقه وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {إِن الَّذين يشْتَرونَ بِعَهْد الله وَأَيْمَانهمْ ثمنا قَلِيلا} يُوجب التَّسْوِيَة بَين الْقَلِيل وَالْكثير فِي حكم الْيَمين قَالَ أَبُو جَعْفَر وَالزِّيَادَة على قَوْله بِاللَّه على وَجه التَّأْكِيد لَا معنى لَهُ فِي الْقيَاس لِأَن الْوَعيد لَا حق لمن حلف بِاللَّه كَاذِبًا وَإِن لم يؤكده وَلِأَن كَفَّارَة الْيَمين تتَعَلَّق بهَا مَعَ عدم التَّأْكِيد فِيهَا وَلَا فرق فِي الْقيَاس بَين الْقسَامَة وَغَيرهَا من الْأَيْمَان وَمن زَاد فِي الْقسَامَة فَإِنَّمَا زَاده اتبَاعا لَا قِيَاسا وَأما من أجَاز لوَلِيّ الْقَتِيل الْحلف على الْمُدعى عَلَيْهِ أَنه فعله فَإِن ذَلِك مِمَّا لَا يحل لِأَنَّهُ مُدع لما لَا يعلم وَقد نَهَاهُ الله تَعَالَى عَن ذَلِك بقوله {وَلَا تقف مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم} الْإِسْرَاء 36 كَمَا لَا يَسعهُ أَن يَقُول ذَلِك فِي غير الْقسَامَة والقسامة أَحْرَى بذلك وَأما قَول من يسْتَحْلف الْمُدعى عَلَيْهِم مَا قتلنَا وَلَا علمنَا قَاتلا إِنَّمَا هُوَ إِضَافَة إِلَى الْجُمْلَة وَأما الْوَاحِد إِذا حلف فَإِنَّهُ يحلف مَا قتلت وَلَا علمت قَاتلا وَلَا يسْتَحْلف الْوَاحِد مَا قتلنَا وَلَا علمنَا قَاتلا لِأَن ذَلِك يَمِين على فعل الْغَيْر مَا قتل وَذَلِكَ غيب لَا يسع الْحلف عَلَيْهِ فَإِن رأى الْحَاكِم توكيد الْيَمين وَلم يأب ذَلِك المستحلف كَانَ مَا رَوَاهُ أَسد عَن مَالك من قَوْله وَالَّذِي يعلم من السِّرّ وَالْعَلَانِيَة أحسن مِمَّا ذَكرْنَاهُ عَن أبي حنيفَة وَأَصْحَابه وَالشَّافِعِيّ الَّذِي يعلم من السِّرّ مَا يعلم من الْعَلَانِيَة لِأَن ذَلِك خُصُوصِيَّة وَقَوله الَّذِي يعلم السِّرّ وَالْعَلَانِيَة يعم ذَلِك وَيزِيد عَلَيْهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 187 2289 - فِي أَيْمَان أهل الْكفْر فِي الْقسَامَة وَغَيرهَا قَالَ أَصْحَابنَا يسْتَحْلف النَّصْرَانِي بِاللَّه الَّذِي أنزل الْإِنْجِيل على عِيسَى وَيحلف الْيَهُودِيّ بِاللَّه الَّذِي أنزل التَّوْرَاة على مُوسَى وَيحلف الْمَجُوسِيّ بِاللَّه الَّذِي خلق النَّار وَقَالَ مَالك يسْتَحْلف النَّصْرَانِي بِاللَّه حَيْثُ يعظم من الْكَنَائِس وَغَيرهَا وَقَالَ الْحسن بن حَيّ لَا يسْتَحْلف أحد بِغَيْر الله ويستحلف النَّصْرَانِي بِرَبّ عِيسَى واليهودي بِرَبّ مُوسَى والمجوسي بِرَبّ النَّار وَقَالَ يسْتَحْلف أهل الذِّمَّة حَيْثُ يعظمون من الْمَوَاضِع مِمَّا يعرف الْمُسلمُونَ وَمَا يعظم الْحلف مِنْهُم مثل قَوْله وَالله الَّذِي أنزل التَّوْرَاة على مُوسَى وَبِالَّذِي أنزل الْإِنْجِيل على عِيسَى وَمَا أشبه ذَلِك وَلَا يحلفُونَ بِمَا يجهل عَرفته الْمُسلمُونَ قَالَ أَبُو جَعْفَر روى الشّعبِيّ عَن جَابر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما سَأَلَ ابْني صوريا عَن الرَّجْم فِي التَّوْرَاة قَالَ لَهما أنشدكما بِاللَّه الَّذِي أنزل التَّوْرَاة على مُوسَى كَيفَ تَجِدُونَ حد الزَّانِيَيْنِ فِي التَّوْرَاة وَأما قَول الْحسن بن حَيّ إِن النَّصْرَانِي يسْتَحْلف بِرَبّ عِيسَى فَإِن النَّصَارَى يأبون ذَلِك وَقد أعْطوا الْجِزْيَة على أَن يتْركُوا على ذَلِك فَلَا يَنْبَغِي أَن يستحلفوا كَذَلِك قَالَ أَبُو جَعْفَر ذكر ابْن الْقَاسِم عَن مَالك قَالَ يسْتَحْلف فِي الْأَيْمَان قيَاما إِلَّا أَن يكون دخل بِهِ عَلَيْهِ وَالَّذِي يحلف عِنْد الْمِنْبَر يحلف قَائِما الحديث: 2289 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 188 وَلم نجد هَذَا القَوْل عَن أحد من أهل الْعلم سوى مَالك وَأَخذه بِالْقيامِ الَّذِي يُرِيد وَلَا تصلح الْعُقُوبَات بِغَيْر حجَّة 2290 - فِي الْقَتِيل فِي مَسْجِد جمَاعَة أوسوق قَالَ أَصْحَابنَا فِي الْقَتِيل يُوجد فِي سوق الْمُسلمين أَو فِي مَسْجِد جَمَاعَتهمْ فَهُوَ فِي بَيت المَال وَلَيْسَ قسَامَة وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَالْحسن بن حَيّ وَاللَّيْث وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك لَا شَيْء فِيهِ وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا وجد قَتِيل فِي محلّة قوم يخلطهم غَيرهم أَو فِي صحراء أَو مَسْجِد أَو سوق فَلَا قسَامَة فَإِن ادّعى وليه على أهل الْمحلة لم يحلف إِلَّا من أثبتوه بِعَيْنِه وَلَو كَانُوا ألفا فَيحلفُونَ يَمِينا لأَنهم يزِيدُونَ على خمسين فَإِن لم يبْق مِنْهُم إِلَّا وَاحِد حلف خمسين يَمِينا وَبرئ فَإِن نكلوا حلف وُلَاة الدَّم خمسين يَمِينا واستحقوا الدِّيَة فِي أَمْوَالهم إِن كَانَ عمدا وعَلى عواقلهم فِي ثَلَاث سِنِين إِن كَانَ خطأ قَالَ أَبُو جَعْفَر قد أوجب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الدِّيَة على الْيَهُود بِوُجُود الْقَتِيل فِيمَا بَينهم بقوله إِمَّا أَن يدوا صَاحبكُم وَإِمَّا أَن يأذنوا بِحَرب من الله وَرَسُوله وَكَانَ ذَلِك لقوم خَواص فَإِذا كَانَ الْموضع لعامة النَّاس وَجب أَن يكون فِي أَمْوَالهم وَهُوَ بَيت المَال وَقد رُوِيَ نَحْو ذَلِك عَن عَليّ وَعُثْمَان رَضِي الله عَنْهُمَا 2291 - فِي السكان فِي الْقَبِيلَة روى بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة فِي قَتِيل وجد فِي الحديث: 2290 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 189 قَبيلَة فالقسامة وَالْعقل على أهل الخطة دون المشترين والسكان وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَقَالَ ابْن أبي ليلى على السكان والمشترين مَعَهم وَأهل الخطة قَالَ فَإِن وجد فِي دَار فَهُوَ على أهل قَبيلَة تِلْكَ الدَّار والسكان اللَّذين فِيهَا فِي قَول ابْن أبي ليلى وَقَالَ أَبُو حنيفَة على عَاقِلَة مَالك الدَّار وَإِن كَانَ مُشْتَريا وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَقَالَ أَبُو حنيفَة فَإِن كَانَت هَذِه الْمحلة فِيهَا من قبائل شَتَّى فَالدِّيَة والقسامة على أهل الخطة الأولى وَلَا شَيْء على المشترين من قسَامَة وَلَا دِيَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف عَلَيْهِم مَعَهم وعَلى السكان مَعَ أهل الْملك تخْتَار الْوَرَثَة خمسين رجلا مِنْهُم جَمِيعًا فَيحلفُونَ وتلزمهم الدِّيَة فَإِن اخْتَارُوا الْخمسين من قَبيلَة وَاحِدَة فَذَاك عَلَيْهِم وَالدية عَلَيْهِم بِالْحِصَصِ جَمِيعًا قَالَ وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِن بَاعَ أهل الْمحلة جَمِيعًا فَالدِّيَة والقاسمة على المشترين وَلَيْسَ على السكان شَيْء من الدِّيَة وَلَا قسَامَة وَقَالَ ابْن أبي ليلى فِي دَار فِيهَا سكان وجد فِيهَا قَتِيل الدِّيَة والقسامة على السكان وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَقَالَ أَبُو حنيفَة على عواقل أَرْبَاب الدَّار وَإِن كَانُوا أَغْنِيَاء وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك فِي قَتِيل وجد فِي دَار قوم أَو فِي محلتهم أَو فِي أَرض قوم فَلَيْسَ فِيهِ قسَامَة وَقَالَ الْحسن بن حَيّ الْقسَامَة على من كَانَ حَاضر الْقَبِيلَة حِين وجد الْقَتِيل فِيهَا من سكان أَو أَرْبَاب الدّور وَمن كَانَ غَائِبا مِنْهُم لم يدْخل فِي الْقسَامَة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 190 وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا وجد قَتِيل فِي زحام قيل للْوَلِيّ ادْع على من شِئْت مِنْهُم فَإِن كَانَت جمَاعَة يُمكن أَن يَكُونُوا قاتليه قبلت دَعْوَاهُ وَحلف وَاسْتحق الدِّيَة على عواقلهم فِي ثَلَاث سِنِين فَإِن ادّعى على من لَا يُمكن أَن يكون كلهم زحمه فَإِن لم يدع على أحد بِعَيْنِه يُمكن أَن يكون زحمه لم يعرض لَهُم فِيهِ وَلم يَجْعَل فِيهِ عقل وَلَا قَود وَكَذَلِكَ إِن قتل بَين صفّين لَا يدْرِي من قلته قَالَ أَبُو جَعْفَر لم يعْتَبر فِي شَيْء من هَذَا حكم الْموضع فَلَمَّا أوجب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الدِّيَة على أهل خَيْبَر لوُجُوده فِيمَا بَينهم دلّ على وجوب اعْتِبَار حكم الْموضع وَأما من أوجب ذَلِك على السكان فَإِنَّهُ يحْتَج بِخَيْبَر وَكَانَت للْمُسلمين وَالْيَهُود سكان وَمن لم يُوجِبهُ على السكان احْتج بِأَن باليهود كَانُوا ملاكا وَكَانُوا على صلح قبل فتح خَيْبَر وَاحْتج بِمَا روى مُسَدّد عَن بشر بن الْمفضل عَن يحيى بن سعيد عَن بشير بن يسَار عَن سهل بن أبي حثْمَة قَالَ انْطلق عبد الله بن سهل ومحيصة بن مَسْعُود إِلَى خَيْبَر وَهِي يَوْمئِذٍ صلح فَتَفَرَّقُوا فِي حوائجهما وَذكر الحَدِيث وَبِمَا روى القعْنبِي عَن سُلَيْمَان بن بِلَال عَن يحيى بن سعيد عَن بشير بن يسَار أَن عبد الله بن سهل ومحيصة بن مَسْعُود خرجا إِلَى خَيْبَر وَهِي يَوْمئِذٍ صلح وَأَهْلهَا يهود وَذكر الحَدِيث فَدلَّ على أَن قصَّة الْقَتْل بِخَيْبَر كَانَت قبل فتحهَا وَأَن الْيَهُود كَانُوا ملاكها فَإِن قيل كَيفَ يجوز مُرَاعَاة الْملك فِي إيحاب الْقسَامَة وَالدية وَقد يكون الْملاك غيبا قُلْنَا لَهُ هَذَا على التَّسْلِيم لما جرى عَلَيْهِ الْأَمر فِي ذَلِك كَمَا وَجَبت الدِّيَة على الْعَاقِلَة من الرِّجَال وَإِن لم يكن مِنْهُم جِنَايَة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 191 2292 - فِي جريح فِي محلّة مَاتَ فِي غَيرهَا قَالَ أَبُو حنيفَة وَالثَّوْري إِذا وجد الرجل فِي محلّة وَبِه جِرَاحَة فَاحْتمل إِلَى بَيته وَلم يزل مَرِيضا حَتَّى مَاتَ فَالدِّيَة والقسامة على أهل الْمحلة الَّتِي جرح فِيهَا قَالَ ابْن أبي ليلى لَا شَيْء فِيهِ وروى بشر عَن أبي يُوسُف مثل قَول ابْن أبي ليلى فَإِن كَانَ صَحِيحا يَجِيء وَيذْهب ثمَّ مَاتَ فَلَا شَيْء فِيهِ عَلَيْهِ فِي قَوْلهم جَمِيعًا وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا كَانَ صَاحب فرَاش حَتَّى مَاتَ فَفِيهِ الْقسَامَة وَإِن كَانَ يَجِيء وَيذْهب إِن لم يلتئم الْجرْح فَلَا قسَامَة فِيهِ وَإِن مَاتَ قَالَ أَبُو جَعْفَر إِذا كَانَ وجود الْقَتِيل فِيهَا يجعلهم كمن بَاشر الْقَتْل فِي وجوب الْقسَامَة وَالدية وَجب أَن يكون وجود الْجراحَة إِذا مَاتَ مِنْهَا بِمَنْزِلَة وجود الْقَتِيل أَلا ترى أَن وجود الْجراحَة إِذا مَاتَ مِنْهَا بِمَنْزِلَة وجود الْقَتِيل إِذا بَاشرهُ فِي حكم الْقصاص 2293 - فِي العَبْد يُوجد قَتِيلا قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد فِي العَبْد يُوجد قَتِيلا فِي قَبيلَة فَفِيهِ الْقسَامَة وَعَلَيْهِم قِيمَته فِي ثَلَاث سِنِين وَلَا تبلغ بهَا الدِّيَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف فِيمَن قتل عبدا عَلَيْهِ قِيمَته بَالِغَة مَا بلغت لَا تعقله الْعَاقِلَة إِذا وجد فِي محلّة وَفِي قِيَاس هَذَا القَوْل لَا قسَامَة فِيهِ الحديث: 2292 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 192 وَرُوِيَ عَنهُ أَن الْقيمَة على الْعَاقِلَة وَفِي قِيَاس هَذَا القَوْل فِيهِ الْقسَامَة وروى الْحسن بن زِيَاد عَن أبي يُوسُف فِي عبد وجد قَتِيلا فِي دَار رجل قَالَ هُوَ هدر لَا شَيْء فِيهِ قسَامَة وَلَا قيمَة وَقَالَ زفر على عَاقِلَة رب الدَّار القاسمة وَالْقيمَة وَقَالَ ابْن شبْرمَة لَيْسَ فِي العَبْد وجد قَتِيلا شَيْء هُوَ كالدابة وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك لَيْسَ فِي العَبْد قسَامَة فِي عمد وَلَا خطأ قَالَ فَإِن قتل عبد عمدا أَو خطأ لم يكن على الْمولى قسَامَة وَلَا يَمِين وَلَا يسْتَحق ذَلِك إِلَّا بِبَيِّنَة عادلة أَو شَاهد وَيَمِين وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا وجد العَبْد قَتِيلا فِي دَار قوم فَعَلَيْهِم غرم ثمنه وَلَا قسَامَة فِيهِ وَذكر الرّبيع عَن الشَّافِعِي قَالَ لسَيِّد العَبْد الْقسَامَة فِي العَبْد وَيقسم الْمكَاتب فِي عَبده غَيره قَالَ أَبُو جَعْفَر قد اتَّفقُوا على وجوب الْكَفَّارَة على قَاتل العَبْد خطأ وَكَانَ كَالْحرِّ فَوَجَبَ فِيهِ الْقسَامَة وَالْقيمَة وَقَول الشَّافِعِي إِن الْمكَاتب يقسم فِي مَمْلُوكه لَا معنى لَهُ لِأَن الْمكَاتب لَيْسَ من أهل الْقسَامَة فِي غير مَمْلُوكه فَكيف يقسم فِي مَمْلُوكه 2294 - فِي السَّفِينَة تصطدمان قَالَ قِيَاس قَول أبي حنيفَة وَأَصْحَابه إِن ذَلِك إِن كَانَ من فعل الرَّاكِب أَو الملاح فَهُوَ ضَامِن وَإِن كَانَ من غير فعل وَاحِد مِنْهُمَا فَلَا ضَمَان على أحد فِي الْأَنْفس وَأما الْمَتَاع فَإِن الملاح فِيهِ أجِير مُشْتَرك فَيضمن فِي قَول من يضمن الْأَجِير وَلَا يضمن فِي قَول من لَا يضمن الحديث: 2294 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 193 وَقَالَ ابْن أبي ليلى فِي الملاح يغرق سفينته لَا ضَمَان عَلَيْهِ فِي الْمَتَاع لِأَن المَاء غَالب وَقَالَ ابْن شبْرمَة إِذا وَقعت إِحْدَاهمَا على الْأُخْرَى وَقد ربطت عل الجسر فِي طَرِيق الْمُسلمين فأيتهما انْكَسَرت فعلى الْأُخْرَى انكسارها وَقَالَ مَالك لَا ضَمَان على أحد إِلَّا أَن يعلم أَن النوتي لَو شَاءَ أَن يصرفهَا صرفهَا وَهُوَ يقدر على ذَلِك فَيضمن وَقَالَ الْحسن بن حَيّ فِيمَن كَانَ على دآبة فحمحمت الدَّابَّة بِهِ وغلبته فَمَا وطِئت فِي تِلْكَ الْحَال وَهُوَ مغلوب على حَبسهَا فَهُوَ ضَامِن وَإِن كَانَت منغلبة وَلَيْسَ صَاحبهَا عَلَيْهَا فَلَا شَيْء فِيهِ قَالَ وَكَذَلِكَ السَّفِينَة إِذا كَانَ فِيهَا رجال فَغَلَبَتْهُمْ فَمن كَانَ فِيهَا ضَامِن لما أَصَابَته بِمَنْزِلَة الرَّاكِب على الدَّابَّة الجامح وَقَالَ الرّبيع عَن الشَّافِعِي فِي السفينتين إِذا اصطدمتا إِذا أمكن وَاحِدًا مِنْهُمَا صرفهَا فعلى كل وَاحِد ضَمَان نصف دِيَة الآخر على عَاقِلَة الصادم فَإِن لم يُمكن وَاحِدًا مِنْهُم صرف ذَلِك بِحَال من الْأَحْوَال أبدا فَمَا صَنَعُوا هدر وَقَالَ فِي كتاب الْإِجَارَات لَا ضَمَان إِلَّا بِأَن يُمكن صرفهَا قَالَ أَبُو جَعْفَر رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ العجماء جَبَّار وَمعنى ذَلِك إِذا كَانَت الْجِنَايَة من فعلهَا لَا من فعل الرَّاكِب فَكَذَلِك السَّفِينَة لَا يضمن صَاحبهَا فِيمَا لَا يُمكن التحفظ مِنْهُ وَلَيْسَ من فعله وَضمن مَا كَانَ من فعله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 194 2295 - فِيمَن اطلع فِي بَيت غَيره ففقئت عينه قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا نعلم عَن أبي حنيفَة وَأَصْحَابه فِي ذَلِك شَيْئا مَنْصُوصا غير أَن أصلهم من فعل شَيْئا دافعا بِهِ عَن نَفسه فِيمَا لَهُ فعله أَنه لَا يضمن مَا تلف بِهِ من ذَلِك المعضوض إِذا انتزع يَده من فَم العاض فَسَقَطت ثنيتاه أَنه لَا شَيْء عَلَيْهِ لِأَنَّهُ دفع بِهِ عَن نَفسه عضة فَلَمَّا كَانَ من حق صَاحب الْبَيْت أَن لَا يطلع أحد فِي بَيته قَاصِدا لذَلِك أَن لَهُ مَنعه وَدفعه عَنهُ كَانَ ذهَاب عينه يمنعهُ من ذَلِك هدرا على هَذَا يدل مَذْهَبهم قَالَ أَبُو بكر هَذَا لَيْسَ بِشَيْء ومذهبهم أَنه يضمن لِأَنَّهُ يُمكنهُ أَن يمنعهُ من الِاطِّلَاع فِي بَيته من غير فقء عينه بِأَن يزجره بالْقَوْل أَو ينحيه عَن الْموضع وَلَو أمكن المعضوض أَن ينتزع يَده من غير كسر سنّ العاض فَكَسرهَا ضمن وَقَالَ ابْن عبد الحكم عَن مَالك من اطلع على رجل فِي بَيته ففقئ عينه بحصاة فَإِنَّهُ عَلَيْهِ الْقود قَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي لَو تطلع إِلَيْهِ رجل فِي بَيته فطعنه بِعُود أَو رَمَاه بحصاة ففقئت عينه فَهَذَا هدر وَقَالَ الرّبيع عَن الشَّافِعِي مَا كَانَ مُقيما على الِاطِّلَاع فَحَذفهُ بحصاة أَو بِعُود أما يعْمل عَلَيْهِ مِمَّا لَا يكون لَهُ جراح يخَاف قَتله وَإِن كَانَ قد يذهب الْبَصَر فَهُوَ هدر وَلَو مَاتَ المطلع من ذَلِك لم تكن عَلَيْهِ الْكَفَّارَة وَلَا إِثْم فَإِن نزع عَن الِاطِّلَاع لم يكن لَهُ أَن يَنَالهُ بِشَيْء وَمن ناله بِشَيْء فَعَلَيهِ الْقود قَالَ أَبُو جَعْفَر حَدثنَا يُونُس قَالَ حَدثنَا سُفْيَان عَن الزُّهْرِيّ عَن سهل بن سعد سمعته يَقُول اطلع رجل من جُحر فِي بَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مدرى يحك بِهِ رَأسه فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو أعلم أَنَّك تنظرني الحديث: 2295 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 195 لطعنت بِهِ فِي عَيْنك إِنَّمَا الاسْتِئْذَان من أجل الْبَصَر وَرَوَاهُ ابْن أبي ذِئْب أَيْضا عَن الزُّهْرِيّ عَن سهل بن سعد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثله وروى مُوسَى بن إِسْمَاعِيل قَالَ حَدثنَا أَبَا بن يزِيد الْعَطَّار قَالَ حَدثنَا يحيى بن أبي كثير أَن إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة حَدثهُ عَن أنس أَن أَعْرَابِيًا أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فألقم عينه حصاصة الْبَاب فَبَصر بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخذ سَهْما أَو عودا محدوا وَجَاء ليفقأ عين الْأَعرَابِي فَذهب فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أما إِنَّك لَو ثَبت لفقأت عَيْنك وروى عبد الله بن بكر قَالَ حَدثنَا حميد عَن أنس قَالَ اطلع رجل من خلل بَيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فسدد آلَة مشقصا فنحى الرجل رَأسه وروى سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من اطلع فِي بَيت قوم بِغَيْر إذْنهمْ فقد حل لَهُم أَن يفقئوا عينه وروى قَتَادَة عَن النَّضر بن أنس عَن بشير بن نهيك عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من اطلع فِي دَار قوم بِغَيْر إذْنهمْ ففقئوا عينه فَلَا دِيَة وَلَا قصاص فَهَذِهِ آثَار متواترة لَا يسع خلَافهَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 196 2296 - فِي الْعَاقِلَة تحمل قيمَة العَبْد قَالَ أَبُو حنيفَة وَزفر وَمُحَمّد وَأَبُو يُوسُف فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ إِذا قتل العَبْد خطأ فَقيمته على عَاقِلَة الْقَاتِل فِي ثَلَاث سِنِين وَرُوِيَ عَن أبي يُوسُف إِنَّهَا على الْجَانِي فِي مَاله حَالَة وَهُوَ قَول ابْن أبي ليلى وَمَالك وَقَالَ مَالك الْكَفَّارَة الَّتِي فِي الْقُرْآن فِي الْأَحْرَار وَالْكَفَّارَة فِي قتل العَبْد حَسَنَة وَقَالَ الثَّوْريّ وَالْحسن بن حَيّ وَاللَّيْث وَعُثْمَان البتي هِيَ من مَال الْقَاتِل وَقَالَ الشَّافِعِي هِيَ على الْعَاقِلَة وَكَذَلِكَ مَا دون النَّفس من الْحر وَالْعَبْد قل أَو كثر وَقَالَ أَصْحَابنَا لَا تعقل الْعَاقِلَة مَا جنى على العَبْد فِيمَا دون النَّفس قَالَ أَبُو جَعْفَر قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمُسلمُونَ تَتَكَافَأ دِمَاؤُهُمْ فَاقْتضى ذَلِك وجوب الْقصاص فِيمَا بَين الْحر وَالْعَبْد وَيلْزم قَاتله الْكَفَّارَة أَيْضا فَوَجَبَ أَن يكون على الْعَاقِلَة كَالْحرِّ فَإِن قيل فيلزمك ذَلِك فِيمَا دون النَّفس قَالَ أَبُو جَعْفَر الْقيَاس فيهمَا وَاحِد وَلكنه لما رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه لم يقْتَصّ من العَبْد فِيمَا دون النَّفس لم نوجبه الحديث: 2296 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 197 قَالَ أَبُو بكر مَا دون النَّفس من العَبْد بِمَنْزِلَة المَال لانْتِفَاء الْقصاص فِيهِ بِحَال على أصلنَا وَأما قَول مَالك إِن الْكَفَّارَة الَّتِي فِي الْقُرْآن إِنَّمَا هِيَ فِي الْأَحْرَار دون العبيد لِأَنَّهُ ذكر مَعهَا الدِّيَة وَالْعَبْد لَا تجب فِيهِ دِيَة فَإِن الله تَعَالَى قد قَالَ {فَإِن كَانَ من قوم عَدو لكم وَهُوَ مُؤمن فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤمنَة} النِّسَاء 92 فَأوجب الْكَفَّارَة بِلَا دِيَة فَعلمنَا أَن وجوب الْكَفَّارَة غير مَقْصُور على حَال وجوب الدِّيَة 2297 - فِي قيمَة العَبْد إِذا جَاوَزت الدِّيَة قَالَ أَبُو حنيفَة وَزفر وَمُحَمّد إِذا قتل عبدا خطأ قِيمَته أَكثر من الدِّيَة غرم عَاقِلَته عشر ألف دِرْهَم وَهُوَ قَول الحكم بن عتيبة وَحَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان قَالَ أَبُو يُوسُف يغرم قِيمَته بَالِغَة مَا بلغت فِي مَاله دون عَاقِلَته وَهُوَ قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ إِلَّا أَن الشَّافِعِي يَجْعَلهَا على الْعَاقِلَة فِي الْخَطَأ وَقَالَ الْأَشْجَعِيّ عَن الثَّوْريّ لَا يبلغ بِالْعَبدِ دِيَة الْحر إِذا قتل خطأ ينقص مِنْهَا الدِّرْهَم وَنَحْوه قَالَ أَبُو جَعْفَر الرّقّ نقص فمحال أَن يجب فِي حَال نقصانه أَكثر مِمَّا يجب فِي حَال تَمَامه وَهُوَ حَال الْحُرِّيَّة وَجب أَن لَا يُجَاوز بِهِ الدِّيَة وَأَيْضًا قد قَضَت السّنة بِأَن الدِّيَة فِي ثَلَاث فِي كل سنة الثُّلُث فَلَو وَجب أَكثر من الدِّيَة لوَجَبَ أَن يكون فِي أَكثر من ثَلَاث سِنِين وَذَلِكَ خلاف السّنة فَثَبت بطلَان قَول من جَاوز بهَا الدِّيَة ثمَّ كل من منع مُجَاوزَة الدِّيَة فَإِنَّهُ يُوجب النُّقْصَان وَمِقْدَار النُّقْصَان موكول إِلَى رَأْي الإِمَام 2298 - فِي أَعْضَاء العَبْد قَالَ أَبُو حنيفَة فِي يَد العَبْد أَو عينه نصف قِيمَته وَكَذَلِكَ شجاجه تجب الحديث: 2297 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 198 فِيهَا من قِيمَته مثل مَا يجب من الْحر من دِيَته إِلَّا أَن يزِيد على أرش الْحر فِي ذَلِك فينقص مِنْهُ بِقَدرِهِ إِن قطع يَده وَقِيمَته عشر ألف أَو أَكثر كَانَ عَلَيْهِ خَمْسَة ألف إِلَّا خَمْسَة دَرَاهِم وَقَالَ فِي أذن العَبْد ونتف حَاجِبه إِذا لم ينْبت مَا نَقصه وَقَالَ مُحَمَّد فِي جَمِيع مَا يتْلف من أَعْضَاء العَبْد النُّقْصَان ينظر إِلَى قِيمَته صَحِيحا وَإِلَى قيمَة دِيَة الْجِنَايَة فَيغرم الْجَانِي فضل مَا بَينهمَا وَقَالَ أَبُو يُوسُف مثل قَول أبي حنيفَة فِي أَعْضَاء العَبْد وَقَالَ فِي الْحَاجِب فِي الْأذن فِي كل وَاحِد مِنْهُمَا نصف قِيمَته كَمَا يجب فِي الْحر نصف دِيَته وروى الْحسن عَن زفر مثل قَول أبي حنيفَة وروى عَنهُ مُحَمَّد مثل قَول أبي حنيفَة وَإِن فَقَأَ عَيْني عبد وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِن شَاءَ سلمه إِلَيْهِ وَأخذ قِيمَته وَإِن شَاءَ أمْسكهُ وَلَا شَيْء لَهُ من النُّقْصَان وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِن شَاءَ أمْسكهُ وَأخذ النُّقْصَان وَإِن شَاءَ دَفعه وَأخذ قِيمَته وَقَالَ زفر عَلَيْهِ مَا نَقصه فَإِن بلغ ذَلِك أَكثر من عشرَة ألف كَانَ عَلَيْهِ عشرَة ألف دِرْهَم وروى ابْن وهب عَن مَالك أَن فِي مُوضحَة العَبْد نصف عشر ثمنه وَفِي منقلته عشره وَنصف عشر ثمنه وَفِي مأمومته وجائفته فِي كل وَاحِدَة مِنْهُمَا ثلث ثمنه وَفِيمَا سوى هَذِه الْخِصَال الْأَرْبَع مَا نَقصه وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَنهُ مثل ذَلِك وَقَالَ عَنهُ أَيْضا إِن فَقَأَ عَيْني عبد جَمِيعًا أَو قطع يَدَيْهِ ضمنه الْجَارِح وَيعتق عَلَيْهِ إِذا أبْطلهُ فَإِن كَانَ جرحا لم يُبطلهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 199 مثل فقء عين وَاحِدَة أَو جدع أنف فَعَلَيهِ مَا نَقصه من ثمنه وَلَا يعْتق عَلَيْهِ وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا أُصِيب من العَبْد مَا يكون نصف ثمنه من يَد أَو رجل أَخذ مَوْلَاهُ نصف ثمنه إِذا كَانَ برأَ وَإِذا أُصِيب أَنفه أَو ذكره دَفعه مَوْلَاهُ إِلَى الَّذِي أَصَابَهُ وَأخذ ثمنه إِذا كَانَ قد برأَ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي يَد العَبْد نصف ثمنه وَإِن غصب مَمْلُوكَة مَا قبضهَا ضرب مائَة وَغرم قيمتهَا وَيدْفَع إِلَى أَهلهَا وَقَالَ الْحسن بن حَيّ جِرَاحَة الْمَمْلُوك فِي قِيمَته مثل جِرَاحَة الْحرفِي دِيَته فَإِن قطع أُذُنَيْهِ أَو فَقَأَ عَيْنَيْهِ فَإِن شَاءَ الْمولى أَخذ النُّقْصَان وَإِن شَاءَ أَخذ الْقيمَة وَدفعه إِلَى الْجَانِي وَقَالَ اللَّيْث فِي رجل خصأ غُلَاما لرجل وَكَانَ ذَلِك زِيَادَة فِي ثمنه فَإِنَّهُ يقوم ثمنه كُله لسَيِّده زَاد أَو نقص ويعاقب فِي ذَلِك قَالَ الشَّافِعِي جِرَاحَة العَبْد من ثمنه كجراح الْحر من دِيَته فِي كل قَلِيل وَكثير وَقِيمَته مَا كَانَت وَتحمل ثمنه الْعَاقِلَة إِذا قتل خطأ وَفِي ذكره ثمنه وَلَو زَاد الْقطع فِي ثمنه أضعافا وَقَوله إِن لعبد يكون لمَوْلَاهُ على حَاله قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يجوز أَن يكون الْوَاجِب فِي عَيْني العَبْد قِيمَته وَيبقى العَبْد مَعَ ذَلِك فِي ملك الْمولى لِأَن الْأَشْيَاء الْمَمْلُوكَة لَا تجوز اجتماعها مَعَ أبدالها فِي ملك وَاحِد وَلَا يجوز أَيْضا أَخذ الْقيمَة وَتَسْلِيم العَبْد إِلَيْهِ بِغَيْر الجزء: 5 ¦ الصفحة: 200 رِضَاهُ لِأَن ذَلِك عقد وعقود التمليكات لَا تقع إِلَّا برضاهما فصح وجوب النُّقْصَان لَا غير على مَا قَالَ زفر 2299 - فِي العَبْد الْمَجْرُوح يعتقهُ مَوْلَاهُ قَالَ أَبُو حنيفَة فِيمَن قطع يَد عبد خطأ فَأعْتقهُ مَوْلَاهُ ثمَّ مَاتَ من الْقطع فعلى الْقَاطِع نصف قِيمَته لمَوْلَاهُ وَلَا شَيْء عَلَيْهِ فِي النَّفس وَقَالَ أَبُو يُوسُف يضمن الْقَاطِع مَا نقص العَبْد بِجِنَايَتِهِ لمَوْلَاهُ إِلَى أَن أعْتقهُ فَلَا شَيْء عَلَيْهِ سوى ذَلِك وَقَالَ عُثْمَان البتي فِي رجل جرح عبد رجل ثمَّ بَاعه مَوْلَاهُ ثمَّ مَاتَ فِي يَد المُشْتَرِي فَإِنَّهُ ينظر إِلَى مَا أَخذه البَائِع من الثّمن فَإِن كَانَ قِيمَته فَلَا شَيْء على الْجَارِح وَإِن كَانَ أقل رَجَعَ على الْجَانِي بِتمَام قِيمَته وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك فِيمَن يجرح عبد رجل فَأعْتقهُ ثمَّ مَاتَ من الْجراحَة فَإِن عقله عقل حر فَكَذَلِك النَّصْرَانِي يضْرب ثمَّ يسلم وَيَمُوت فَإِن دِيَته دِيَة مُسلم وَقَالَ الشَّافِعِي فِي رجل قطع يَد عبد فَأعتق ثمَّ مَاتَ فعلى الْحر الدِّيَة كَامِلَة فِي مَاله للسَّيِّد مِنْهَا نصف قِيمَته يَوْم قطعه وَالْبَاقِي لوَرثَته قَالَ وَلَو فَقَأَ عين عبد قِيمَته مِائَتَان من الْإِبِل فَأعتق ثمَّ مَاتَ فَلم يكن فِيهِ إِلَّا دِيَة لِأَن الْجِنَايَة تنقص بِمَوْتِهِ حرا وَكَانَت الدِّيَة لسَيِّده دون ورثته قَالَ أَبُو جَعْفَر الْجِنَايَة قد أوجبت على الْجَانِي حَقًا للْمولى أَلا ترى أَن عَفوه جَائِز بعد الْجِنَايَة فَإِذا أعْتقهُ سقط حَقه فِيمَا حدث بعد الْعتْق فَلَا يجوز أَن يجب للْوَرَثَة لِأَنَّهُ إِذا لم يجب للْمولى الَّذِي كَانَت الْجِنَايَة فِي ملكه فأحرى أَن الحديث: 2299 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 201 لَا يجب لمن لم يكن لَهُم حق فِي حَال وُقُوعهَا فَصَارَ الْعتْق كبرء العَبْد من الْجِنَايَة فَيكون عَلَيْهِ الْأَرْش إِلَى وَقت وُقُوع الْعتاق قَالَ أَبُو جَعْفَر وَقَالَ بعض أهل النّظر من الْمُتَأَخِّرين من أهل الْعلم إِن هَذِه الْجِنَايَة تبطل كلهَا وَلَا شَيْء على الْجَانِي مِنْهَا لَا للْمولى وَلَا لغيره لِأَنَّهُ لَو لم يعتقهُ لَكَانَ الْوَاجِب هُوَ النَّفس لَا الْجراحَة فَلَمَّا بطلت الْجراحَة وَلم يَسْتَحِقهَا الْمولى لسقوطها وَلم تجب النَّفس لِأَنَّهَا حدثت فِي غير ملكه سَقَطت الْجِنَايَة قَالَ فَيُقَال لَهُ إِنَّمَا يسْقط حكم الْجراحَة إِذا وَجَبت النَّفس فَيدْخل فِيهَا فَإِذا لم يجب بهَا ضَمَان النَّفس اسْتَحَالَ أَن يدْخل مَا دونهَا فِيهَا وَهِي لم تجب فَصَارَ ذَلِك بِمَنْزِلَة برْء العَبْد من الْجراحَة 2300 - فِي جَنِين الْأمة قَالَ أَبُو حنيفَة وَزفر وَمُحَمّد فِي رجل ضرب بطن امْرَأَة فَأَلْقَت جَنِينا مَيتا فعلى الضَّارِب نصف عشر قِيمَته إِن كَانَ غُلَاما وَعشر قيمتهَا إِن كَانَ جَارِيَة وروى الْحسن بن زِيَاد عَن أبي يُوسُف أَنه لَا شَيْء عَلَيْه ِ فِي جَنِين الْأمة إِلَّا أَن يكون قد نقص الْأُم فَعَلَيهِ نُقْصَان الْأُم وَقَالَ زفر إِن نقصتها الْولادَة فَعَلَيهِ أرش الْجَنِين ونقصان الْأُم أَيْضا وَاتَّفَقُوا كلهم أَنه لَو ضرب بطن دَابَّة أَلْقَت جَنِينا مَيتا أَن عَلَيْهِ مَا نقص الْأُم وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَالْحجاج بن أَرْطَاة فِي جَنِين الْأمة نصف عشر قيمَة أمه وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك فِي جَنِين الْأمة عشر قيمتهَا كجنين الْحرَّة الحديث: 2300 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 202 من دِيَة أمة وَقَالَ فِي جَنِين أم الْوَلَد إِذا كَانَ لسَيِّدهَا فِيهِ مَا فِي جَنِين الْحرَّة قَالَ قَالَ مَالك فِي غير هَذِه الرِّوَايَة فِي جَنِين الْبَهِيمَة كَمَا فِي جَنِين الْأمة عشر قيمَة أمه وَقَالَ الثَّوْريّ جَنِين الْأمة إِن كَانَ غُلَاما فَفِيهِ عشر قِيمَته لَو كَانَ حَيا وَقَالَ الْحسن بن حَيّ فِي جَنِين الْأمة نصف عشر قِيمَته وَكَذَلِكَ فِي جَنِين الْفرس فِيهِ نصف عشر وَقَالَ الشَّافِعِي فِي جَنِين الْأمة عشر قيمَة أمه يَوْم جنى عَلَيْهَا ذكرا كَانَ اَوْ أُنْثَى قَالَ الْمُزنِيّ وَالْقِيَاس على أَصله عشر قيمَة أمه يَوْم تلقيه لِأَنَّهُ قَالَ لَو ضربهَا ثمَّ أَلْقَت جَنِينا مَيتا ثمَّ أعتقت فَأَلْقَت جَنِينا آخر فَعَلَيهِ عشر قيمَة أمه لسَيِّدهَا وَللْآخر مَا فِي جَنِين الْحرَّة لأمه ولورثته وَقَالَ أَبُو جَعْفَر لما كَانَ فِي جَنِين الْحرَّة نصف عشر دِيَته إِن كَانَ ذكرا وَعشر دِيَتهَا إِن كَانَ أُنْثَى فَاعْتبر الْغرَّة بديته وَجب أَن يعْتَبر ذَلِك فِي جَنِين الْأمة بِقِيمَتِه لَا بِقِيمَة أمه وَأَيْضًا لَو اعْتبرنَا عشر قيمَة أمه كَانَت قيمَة أمه ألف دِرْهَم فَكَانَ الْوَاجِب مائَة دِرْهَم وَإِن كَانَت قيمَة الْجَنِين عشرَة دَرَاهِم وَلَو ألقته حَيا ثمَّ مَاتَ كَانَ الْوَاجِب عَلَيْهِ عشر قِيمَته عشرَة دَرَاهِم فَكَانَ الْوَاجِب إِذا ألقته حَيا ثمَّ مَاتَ أقل مِنْهُ إِذا ألقته مَيتا ففسد بذلك قَول من اعْتبر قيمَة أمه 2301 - فِي جِنَايَة الْمَمْلُوك قَالَ أَصْحَابنَا إِذا جنى العَبْد جِنَايَة خطأ خير الْمولى بَين دَفعه إِلَى ولي الْجِنَايَة وَبَين أَن يفْدِيه بِأَرْش الْجِنَايَة وَإِن اسْتهْلك مَالا تبع فِيهِ إِلَّا أَن يُؤَدِّي عَنهُ مَوْلَاهُ الحديث: 2301 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 203 وَقَالَ ابْن شبْرمَة وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن حَيّ إِذا جنى جِنَايَة خطأ قيل لمَوْلَاهُ ادفعه أَو افده بِأَرْش الْجِنَايَة وَقَالَ مَالك فِي الْجِنَايَة واستهلاك المَال إِمَّا أَن يَدْفَعهُ بذلك وَإِمَّا أَن يفْدِيه بِالدّينِ أَو أرش الْجِنَايَة وَإِن كَانَ للْعَبد مَال كَانَ ذَلِك فِي مَاله إِلَّا أَن يفْدِيه مَوْلَاهُ وَقَالَ اللَّيْث فِي جِنَايَة العَبْد خطأ يدْفع بهَا أَو يفْدِيه مَوْلَاهُ وَلَو قتل حرا عمدا فلولي الْقَتِيل أَن يَأْخُذ العَبْد وَقَالَ فِي عبد عَلَيْهِ دين جرح رجلا فالمجروح أولى بِرَقَبَة العَبْد من أهل الدّين حَتَّى يَسْتَوْفِي عقل جرحه فَإِن فضل لَهُم شَيْء بعد عقل الْجرْح فهم أولى بِهِ لأَنهم تركُوا طلب دينهم حَتَّى جرح الرجل وَقَالَ الشَّافِعِي فِي جِنَايَة العَبْد يُبَاع فِيهِ إِلَّا أَن يفْدِيه مَوْلَاهُ فَإِن بيع دفع إِلَى ولي الْجِنَايَة أرش جِنَايَته وَمَا بَقِي فلمولاه قَالَ أَبُو جَعْفَر جِنَايَة العَبْد على الْحر يسْتَحق بِهِ رَقَبَة الْجَانِي بِالْقصاصِ وَقِيمَة العَبْد مِمَّا يجوز أَن يسْتَحق فَوَجَبَ أَن يسْتَحق بِجِنَايَة الْخَطَأ إِلَّا أَن يفْدِيه الْمولى وَأما الدّين فَلَيْسَ فِي الْأُصُول اسْتِحْقَاق الرّقاب بهَا وَإِنَّمَا يثبت فِي الذِّمَّة فليستوفى من الْكسْب وَثمن العَبْد مثل كَسبه فليستوفى ثمنه دون الرَّقَبَة 2302 - فِي عتق العَبْد الْجَانِي قَالَ أَصْحَابنَا فِي الْمولى إِذا أعتق العَبْد الْجَانِي إِن كَانَ عَالما بِجِنَايَتِهِ فَعَلَيهِ أَرْشهَا كَامِلا وَإِن لم يعلم فَعَلَيهِ الْأَقَل من قِيمَته وَمن أرش الْجِنَايَة وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَالثَّوْري وَابْن شبْرمَة عَلَيْهِ الدِّيَة إِذا علم الحديث: 2302 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 204 وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ عَلَيْهِ الْقيمَة وَلم يفرق بَين الْعلم وَغَيره وَقَالَ الْحسن بن حَيّ فِي رِوَايَة حميد عَنهُ عَلَيْهِ الدِّيَة علم أَو لم يعلم وروى عَنهُ الْمُخْتَار أَن عَلَيْهِ الْقيمَة وَقَالَ مَالك إِذا أعْتقهُ وَهُوَ يعلم بِالْجِنَايَةِ الْخَطَأ فَإِن حلف مَا أَرَادَ بِعِتْقِهِ تحمل الْجِنَايَة أسلم العَبْد إِلَى ولي الْجِنَايَة وَيبْطل الْعتْق وَإِن قَالَ أردْت تحمل الْجِنَايَة جَازَ الْعتْق وَغرم أرش الْجراحَة وَإِن كَانَت جَارِيَة فاستولدها كَانَ كَذَلِك وَقَالَ اللَّيْث إِن لم يعلم بِالْجِنَايَةِ حَتَّى أعْتقهُ خير السَّيِّد فَإِن شَاءَ أمضى عتقه وَأدّى الْأَرْش وَإِن شَاءَ أسلمه بجريرته وَإِن علم بِالْجِنَايَةِ فالعقل على السَّيِّد وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا بَاعه وَقد جنى فَالْبيع مفسوخ إِلَّا أَن يتَطَوَّع بِالْجِنَايَةِ أَو قيمَة العَبْد كَالرَّهْنِ إِذا بَاعه وَفِيه قَول آخر إِن البيع جَائِز كَمَا يكون الْعتْق جَائِزا وَعَلِيهِ الْأَقَل من قِيمَته وَمن أرش الْجِنَايَة قَالَ أَبُو جَعْفَر لما كَانَ الْمولى مُخَيّرا بَين الدّفع وَالْفِدَاء ثمَّ أعْتقهُ مَعَ الْعلم بِالْجِنَايَةِ فقد اخْتَار إِمْسَاكه العَبْد لنَفسِهِ فَلَزِمَهُ الْفِدَاء كَالْعَبْدِ إِذا كَانَ المُشْتَرِي بِالْخِيَارِ فِيهِ فَأعْتقهُ 2303 - فِي الْمَحْجُور عَليّ يَأْمر مَحْجُورا بِالْجِنَايَةِ قَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد فِي عبد مَحْجُور عَلَيْهِ أَمر عبدا مَحْجُورا عَلَيْهِ أَن يقتل رجلا فَقتله فمولى الْقَاتِل بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ دفع وَإِن شَاءَ فدى فَإِن عتق العَبْد الْآمِر رَجَعَ مولى الْمَأْمُور عَلَيْهِ فَأخذ مِنْهُ قيمَة عَبده الْمَأْمُور وَلَو كَانَ العَبْد أَمر صَبيا حرا فَقتل رجلا فَالدِّيَة على عَاقِلَة الصَّبِي فَإِن عتق العَبْد لم يرجع عَلَيْهِ بِشَيْء وروى بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف فِي الْآمِر والمأمور إِذا كَانَا عَبْدَيْنِ الحديث: 2303 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 205 وَكَانَت الْجِنَايَة مَالا أَو نفسا فَإِذا أعتق الْآمِر لزمَه الدّين وَلَا تلْزمهُ الْجِنَايَة كَمَا لَو أقرّ بِجِنَايَة ثمَّ عتق لم يلْزمه بعد الْعتْق وَلَو أقرّ بدين لزمَه وروى الْحسن عَن زفر فِي عبد أَمر صَبيا أَن يقتل رجلا فَقتله فعلى عَاقِلَة الصَّبِي الدِّيَة ثمَّ ترجع عَاقِلَة الصَّبِي على سيد العَبْد فَقَالَ لَهُ ادْفَعْ العَبْد إِلَى الْعَاقِلَة وَأَخذه بِالدِّيَةِ وَهُوَ قَول الْحسن بن زِيَاد وَقَالَ أَبُو يُوسُف على عَاقِلَة الصَّبِي الدِّيَة ثمَّ يرجعُونَ على العَبْد إِذا أعتق يَوْمًا إِمَّا بِالْأَقَلِّ من الدِّيَة أَو قيمَة العَبْد وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْحر يَأْمر عبد غَيره أَو صبي غَيره بقتل رجل فَقتله فَإِن كَانَ العَبْد وَالصَّبِيّ يميزان بَينه وَبَين سَيّده وَأَبِيهِ ويريان لسَيِّده وَأَبِيهِ طَاعَة وَلَا يريانها لهَذَا عُوقِبَ الْآمِر وَكَانَ الصَّغِير وَالْعَبْد قاتلين دون الْآمِر وَإِن كَانَا لَا يميزان ذَلِك فالقاتل الْآمِر وَعَلِيهِ الْقود إِن كَانَ الْقَتْل عمدا وَإِذا أَمر الرجل ابْنه الصَّغِير أَو عبد غَيره الأعجمي أَن يقْتله فَقتله فدمه هدر لِأَنِّي لَا أجعَل جنايتهما بأَمْره كجنايته وروى ابْن الْمُبَارك عَن الثَّوْريّ فِي رجل قَالَ لعبد غَيره اقْتُل نَفسك فَفعل فَهُوَ ضَامِن لقيمته فَإِن قَالَ اقْتُل مَوْلَاك فَفعل فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء قَالَ أَبُو جَعْفَر العَبْد الْآمِر غَاصِب للْمَأْمُور من جِهَة الْقود وَقَوله لَا يلْزمه إِلَّا بعد الْعتْق وَلَا يلْزمه ضَمَان من جِهَة القَوْل فِي حَال الرّقّ فَيَنْبَغِي أَن يخْتَلف حكمه أَن يكون لَهُ تَمْيِيز أَو لَا يكون لِأَن العَبْد الْمَغْصُوب إِذا غصبه حر لَا يخْتَلف حكمه فِي الضَّمَان أَن يكون مُمَيّزا يقدر على الِامْتِنَاع من الْغَصْب أَو لَا يقدر عَلَيْهِ وَإِذا ثَبت ذَلِك فَمَا كَانَ ضَمَانه من جِهَة الْجِنَايَة لَا يلْزمه بعد الجزء: 5 ¦ الصفحة: 206 الْعتْق لِأَن جِنَايَة العَبْد لَا تثبت بعد الْعتْق وَمَا كَانَ من ضَمَان الْأَمْوَال فَإِنَّهُ يلْزمه بعد الْعتْق 2304 - فِي الْمُوصي بخدمته إِذا قتل قَالَ أَبُو حنيفَة فِي العَبْد الْمُوصى بخدمته لرجل وبرقبته لرجل إِذا قتل خطأ بعد موت الْمُوصي وَهُوَ يخرج من الثُّلُث فَإِنَّهُ تُؤْخَذ قِيمَته فيشترى بهَا عبد فيخدم صَاحب الْخدمَة وَإِن قطعت يَده أَخذ الْأَرْش فَإِن كَانَت الْجراحَة تنقص الْخدمَة اشْترى بِهِ عبدا آخر حَتَّى يَخْدمه مَعَ الأول أَو يُبَاع الأول فيشترى بِالْجَمِيعِ عبد حَتَّى يَخْدمه إِذا تراضوا وَإِن اخْتلفُوا لم يبع العَبْد وَاشْترى بِالْأَرْشِ عبدا يخْدم مَعَه فَإِن لم يُوجد بِهِ عبد وقف الْأَرْش حَتَّى يصطلحا وَقَالَ مَالك تُؤْخَذ الْقيمَة فَتكون لصَاحب الرَّقَبَة وَيبْطل حق صَاحب الْخدمَة قَالَ أَبُو جَعْفَر الْقيمَة قَائِمَة مقَام العَبْد فَيَنْبَغِي أَن يثبت فِيهَا حق صَاحب الْخدمَة كَالْعَبْدِ الْمَقْتُول لَو كَانَ بَاقِيا أَلا ترى أَن أَرض الْوَقْف لَو غرقها رجل حَتَّى صَارَت بحرا فغرم قيمتهَا أَنه يَشْتَرِي بهَا أَرض فَيُوقف مَكَانهَا 2305 - فِي جِنَايَة الْمُدبر قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قتل الْمُدبر أَو أم الْوَلَد رجلا خطأ فعلى الْمولى الْأَقَل من قِيمَته وَمن أرش الْجِنَايَة إِلَّا أَن تكون الْقيمَة عشرَة ألف أَو أَكثر فَيكون عَلَيْهِ عشرَة ألف إِلَّا عشرَة دَرَاهِم فَإِن قتل آخر فَلَا شَيْء على الْمولى واشتركا فِي تِلْكَ الْقيمَة وروى الْحسن عَن زفر فِي أم الْوَلَد قتلت رجلَيْنِ أَو ثَلَاثَة خطأ فعلى الْمولى لوَرَثَة كل وَاحِد مِنْهُم الْقيمَة الحديث: 2304 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 207 وَقَالَ أَبُو يُوسُف عَلَيْهِ قيمَة وَاحِدَة لَهُم جَمِيعًا وَقَالَ زفر فِي مُدبر قتل دَابَّة لرجل فَلصَاحِب الدَّابَّة أَن يستسعي الْمُدبر فِي قيمَة الدَّابَّة وَإِن شَاءَ اتبع الْمولى بِقِيمَة الْمُدبر ثمَّ اتبع الْمُدبر بِمَا بَقِي من قيمَة الدَّابَّة فاستسعى فِيهِ وَكَذَلِكَ أم الْوَلَد وَقَالَ أَبُو يُوسُف إِن شَاءَ صَاحب الدَّابَّة استسعى الْمُدبر فِي جَمِيع قيمَة دَابَّته وَإِن شَاءَ أتبع السَّيِّد بِالْقيمَةِ وَلم يكن لَهُ على الْمُدبر شَيْء حَتَّى يعْتق وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد فِي مُدبر اسْتهْلك مَتَاعا فَإِنَّهُ يسْعَى فِيهِ وَلَا شَيْء على الْمولى وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك فِي أم ولد جنت جِنَايَة فعلى الْمولى الْأَقَل من قيمتهَا وَمن أرش الْجِنَايَة وَقَالَ مَالك فِي الْمُدبر إِذا جنى وَله مَال فَأبى سَيّده أَن يفْدِيه فَإِن لم يكن فِيهِ وَفَاء اسْتعْمل الْمُدبر بِمَا بَقِي دِيَة جرحه وَقَالَ الثَّوْريّ فِي جِنَايَة الْمُدبر وَأم الْوَلَد على الْمولى الْقيمَة وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي جِنَايَة الْمُدبر إِن فدَاه الْمولى وَإِلَّا دفع بهَا وعَلى الْمولى فِي جِنَايَة أم الْوَلَد قيمتهَا إِن بلغ ذَلِك جنايتها وَقَالَ الْحسن بن حَيّ جِنَايَة الْمُدبر على سَيّده فَإِن قتل حرا فعلى مَوْلَاهُ الدِّيَة وَإِن قتل خَمْسَة فدياتهم على مَوْلَاهُ وَكَذَلِكَ أم الْوَلَد وَقَالَ اللَّيْث فِي جِنَايَة أم الْوَلَد يُخَيّر الْمولى بَين أَن يُؤَدِّي عقل جنايتها مَا بَينه وَبَين قيمَة رقبَتهَا وَإِن شَاءَ أَن يخليها تسْعَى فِي قيمَة رقبَتهَا لَيْسَ على الْمولى غير ذَلِك الجزء: 5 ¦ الصفحة: 208 وروى بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف قَالَ سَأَلت ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن عَن أم ولد قتلت رجلا قَالَ يُقَال لمولاها أد دِيَة قتيلها فَإِن فعل ذَلِك وَإِلَّا أعْتقهَا عَلَيْهِ وَجعلت دِيَة قتيلها على عاقلتها وَقَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي وَلَو جنت أم ولد ضمن الْمولى الْأَقَل من الْأَرْش أَو الْقيمَة فَإِن جنت أُخْرَى فَفِيهَا قَولَانِ أَحدهمَا أَن الثَّانِي يُشَارك الأول فِي الْقيمَة ثمَّ هَكَذَا كلما جنت وَالْقَوْل الثَّانِي إِن الْمولى يغرم قيمَة أُخْرَى للثَّانِي وَكَذَلِكَ كلما جنت 2306 - فِي جِنَايَة الْمكَاتب قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد فِي مكَاتب جنى جِنَايَة ثمَّ عجز قبل أَن يقْضِي دينه عَلَيْهِ قيل لمَوْلَاهُ ادفعه أَو افده وَإِن قضى عَلَيْهِ بِقِيمَتِه لوَلِيّ الْجِنَايَة ثمَّ عز فَإِنَّهُ يُبَاع فِيهَا وَقَالَ زفر إِذا عجز قبل الْقَضَاء أَو بعده فَإِنَّهُ يُبَاع فِيهِ وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا جنى الْمكَاتب قَالَ لَهُ القَاضِي أد وَإِلَّا عجزتك وَلم أسمعهُ يفرق بَين عَجزه قبل قَضَاء القَاضِي أَو بعده وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا جنى الْمكَاتب ثمَّ عجز قيل لمَوْلَاهُ ادفعه أَو افده فَإِن أدّى نصف الْجِنَايَة ثمَّ عجز خير الْمولى بِأَن يدْفع نصفا بِنصْف الْجِنَايَة أَو يفِيدهُ بِنِصْفِهَا وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا عجز بيع فِي الْجِنَايَة إِن لم يود عَنهُ مَوْلَاهُ قَالَ أَبُو جَعْفَر الْمكَاتب حكمه مراعى فِي الْجِنَايَة فِي رقبته لِأَنَّهُ رَقِيق فَإِن عجز قبل الْقَضَاء صَار كَعبد جنى فيخاطب الْمولى بِالدفع أَو الْفِدَاء وَإِن عجز بعد الْقَضَاء فَإِن القَاضِي قد جعله دينا فَيُبَاع فِيهِ الحديث: 2306 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 209 2307 - فِي الْمكَاتب يَمُوت وَعَلِيهِ جِنَايَة قَالَ أَبُو حنيفَة فِي مكَاتب جنى جِنَايَة ثمَّ مَاتَ وَلم يتْرك إِلَّا مائَة دِرْهَم ومكاتبته أَكثر من ذَلِك وَلم يقْض عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ فالمائة للْمولى لِأَنَّهُ مَاتَ عبدا وَلَو كَانَ عَلَيْهِ دين مَعَ ذَلِك دفع إِلَى صَاحب الدّين فَإِن كَانَت الْجِنَايَة قد قضى بهَا كَانَ مَا تَركه بَين أَصْحَاب الدّين وَالْجِنَايَة بِالْحِصَصِ وَقَالَ الْحسن عَن زفر الْجِنَايَة وَالدّين سَوَاء وَإِن لم يقْض بِالْجِنَايَةِ قَالَ وَقَول مَالك إِن الْجِنَايَة وَسَائِر الدُّيُون سَوَاء وَقَالَ مَالك إِذا عجل عتقه على مَال ثمَّ مَاتَ وَعَلِيهِ دين بُدِئَ بدين الْأَجْنَبِيّ ثمَّ الْمولى وَقَالَ مَالك فِي الْمكَاتب إِذا جنى عَلَيْهِ الْأَقَل من قِيمَته وَمن أرش الْجِنَايَة فَإِن كَانَ عَلَيْهِ دين وَكِتَابَة وَجِنَايَة فَلهُ أَن يبْدَأ بِمَا شَاءَ من ذَلِك وَقَالَ الْحسن بن حَيّ إِذا مَاتَ الْمكَاتب وَعَلِيهِ دين ضرب للْمولى مَعَ الْغُرَمَاء بِمَا بَقِي من الْكِتَابَة 2308 - فِي الْجمل الصؤول قَالَ أَصْحَابنَا فِي الرِّوَايَة الْمَشْهُورَة فِي بعير صال على رجل فَقتله الرجل فَهُوَ ضَامِن وروى عَليّ بن معبد عَن أبي يُوسُف أَنه قَالَ أستقبح أَن أضمنه وَقَالَ الثَّوْريّ يضمن وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لَا يضمن كَمَا لَو قتل رجلا قصد قَتله الحديث: 2307 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 210 قَالَ أَبُو جَعْفَر الْفرق بَين الرجل وَالْبَعِير لَو قتل الرجل كَانَ هدرا فحرمته قبل قَتله كهي بعده وَلِأَن الضَّرُورَة إِلَى مَال الْغَيْر لَا يسْقط ضَمَانه 2309 - فِي أَعْضَاء الْبَهِيمَة قَالَ أَبُو حنيفَة فِي شَاة القصاب وبقرة الجزار تفقأ عين وَاحِدَة مِنْهُنَّ فَفِي شَاة القصاب مَا نَقصهَا وَفِي الْبَعِير وَالْبَقَرَة ربع قيمتهَا وَهُوَ قَول زفر وروى الْحسن بن زِيَاد عَن زفر أَن فِي جَمِيع ذَلِك النُّقْصَان وَهُوَ قَول مَالك وَاللَّيْث وَقَالَ اللَّيْث أَيْضا إِن فقئ عينهَا أَو كسر رجلهَا أَو قطع ذنبها فَعَلَيهِ ضَمَان الدِّيَة حَتَّى يُؤَدِّي ثمنهَا أَو شراؤها وَقَالَ الشَّافِعِي فِي ذَلِك كُله مَا نقص وَقَالَ الْحسن بن حَيّ فِي غير الدَّابَّة ربع ثمنهَا فَإِن قطع ذنبها ضمن النُّقْصَان قَالَ أَبُو جَعْفَر الْقيَاس عِنْد أَصْحَابنَا إِيجَاب النُّقْصَان وَلَكنهُمْ تركُوا الْقيَاس لما رُوِيَ عَن عمر بن الْخطاب أَنه قضى فِي عين الدَّابَّة بِربع قيمتهَا بِمحضر الصَّحَابَة من غير مُخَالف لَهُ مِنْهُم وَلِأَن مثله لَا يُقَال قِيَاسا فَهُوَ إِذن تَوْقِيف 2310 - فِيمَا يفْسد الْبَهَائِم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار قَالَ أَصْحَابنَا لَا ضَمَان على أَرْبَاب الْبَهَائِم فِيمَا يُفْسِدهُ أَو يجني عَلَيْهِ لَا فِي اللَّيْل وَلَا فِي النَّهَار إِلَّا أَن يكون رَاكِبًا أَو قائدا أَو سائقا أَو مُرْسلا الحديث: 2309 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 211 وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ مَا أفسدت الْمَوَاشِي بِالنَّهَارِ فَلَيْسَ على أَهلهَا مِنْهُ شَيْء وَمَا أفسدت بِاللَّيْلِ فضمانه على أَرْبَابهَا وَقَالَ ابْن الْمُبَارك عَن الثَّوْريّ لَا ضَمَان على صَاحب الْمَاشِيَة وروى الْوَاقِدِيّ عَنهُ فِي شَاة وَقعت فِي غزل حائك بِالنَّهَارِ أَنه يضمن وَتَصْحِيح الرِّوَايَتَيْنِ إِذا أرسلها سائبة ضمن بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار وَإِذا أرسلها مَحْفُوظَة لم يضمن لَا بِاللَّيْلِ وَلَا بِالنَّهَارِ وَقَالَ اللَّيْث يضمن بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار وَلَا يضمن أَكثر من قيمَة الْمَاشِيَة قَالَ أَبُو جَعْفَر روى سُفْيَان عَن إِسْمَاعِيل بن أُميَّة وَعبد الله بن عِيسَى عَن الزُّهْرِيّ عَن حرَام بن محيصة عَن الْبَراء أَن نَاقَة لآل الْبَراء أفسدت شَيْئا فَقضى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن حفظ الثِّمَار على أَهلهَا بِالنَّهَارِ وَضمن أهل الْمَاشِيَة مَا أفسدت ماشيتهم بِاللَّيْلِ قَالَ أَبُو جَعْفَر روى مَالك وَابْن عُيَيْنَة وَمعمر عَن الزُّهْرِيّ عَن حرَام بن محيصة أَن نَاقَة للبراء بن عَازِب دخلت حَائِطا لرجل فأفسدت فِيهِ فَقضى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن على أهل الحوائط حفظهَا بِالنَّهَارِ وكل مَا أفسدت الْمَوَاشِي بِاللَّيْلِ فضمانه على أَهلهَا وَهَؤُلَاء أثبت من إِسْمَاعِيل بن أُميَّة وَعبد الله بن عِيسَى وَرَوَوْهُ مُرْسلا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 212 فَإِن قيل رَوَاهُ الْوَلِيد بن مُسلم عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن ابْن شهَاب عَن حرَام بن محيصة أَن الْبَراء بن عَازِب أخبرهُ وَذكر الحَدِيث قيل لَهُ إِسْمَاعِيل بن أُميَّة وَعبد الله بن عِيسَى فِي الوراية أتقن من الْأَوْزَاعِيّ فِيهَا وَإِذا كَانَ من ذكرنَا مِمَّن رَوَاهُ مُرْسلا حجَّة عَلَيْهَا فَهِيَ حجَّة على الْأَوْزَاعِيّ على أَن الْفرْيَابِيّ قد رَوَاهُ عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن الزُّهْرِيّ عَن حرَام بن محيصة أَن الْبَراء كَانَت لَهُ نَاقَة ضارية ثمَّ ذكر الحَدِيث فَحصل مُنْقَطِعًا وَقد روى مَالك وسُفْيَان وَيُونُس عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم العجماء جَبَّار وروى يزِيد بن هَارُون عَن ابْن عون عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثله وَلم يفرق بَين جنايتها بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار وَهَذَا الحَدِيث أولى لصِحَّة سَنَده واستقامة طَرِيقَته وَلَو تَسَاويا من جِهَة السَّنَد كَانَ هَذَا أولى لِأَن مَا فِي حَدِيث حرَام بن محيصة إِنَّمَا هُوَ على اتِّبَاع شَرِيعَة سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام لِأَن النَّفس إِنَّمَا تكون بِاللَّيْلِ مضمنة وصونه لله تَعَالَى فِي ذَلِك وَقَوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام جرح العجماء جَبَّار شَرِيعَة من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُبتَدأَة بعد الأولى الجزء: 5 ¦ الصفحة: 213 = كتاب الْحجر = 2311 - فِي الْحجر على الْمُفْسد لمَاله كَانَ أَبُو حنيفَة لَا يرى الْحجر على الْحر الْبَالِغ الْعَاقِل لَا لسفه وتبذير وَلَا لدين وإفلاس فَإِن حجر عَلَيْهِ القَاضِي ثمَّ أقرّ بدين أَو تصرف فِي مَاله جَازَ ذَلِك عَلَيْهِ وَقَالَ ابْن أبي ليلى إِذا كَانَ عَلَيْهِ دين وَقضى القَاضِي عَلَيْهِ بالتفليس لم يجز إِقْرَاره وَلَا بَيْعه وَلَا شِرَاؤُهُ وَلَا جَمِيع أَفعاله بعد التَّفْلِيس قَالَ أَبُو جَعْفَر فَإِذا كَانَ هَذَا مذْهبه فِي حفظ مَاله على غُرَمَائه حياطة لَهُ فَقِيَاس قَوْله أَن يكون كَذَلِك إِذا كَانَ سَفِيها مبذرا وَلَا دين عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو يُوسُف إِذا كَانَ سَفِيها حجرت عَلَيْهِ وَإِذا فلسته وحبسته حجرت عَلَيْهِ وَلم أجز بَيْعه وَلَا شِرَاؤُهُ وَلَا إِقْرَاره بدين إِلَّا بِبَيِّنَة تشهد بِهِ عَلَيْهِ أَنه كَانَ قبل الْحجر الحديث: 2311 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 215 وَقَالَ ابْن أبي عمرَان عَن ابْن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد فِي الْحجر بِمثل قَول أبي يُوسُف فِيهِ وَيزِيد عَلَيْهِ أَنه إِذا صَارَت فِي الْحَال الَّتِي يسْتَحق مَعهَا الْحجر صَار مَحْجُورا عَلَيْهِ حجر القَاضِي عَلَيْهِ مَعَ ذَلِك أَو لم يحْجر وَقَالَ أَبُو يُوسُف نقُول لَا يكون مَحْجُورا عَلَيْهِ بحدوث هَذِه الْأَحْوَال فِيهِ حَتَّى يحْجر القَاضِي عَلَيْهِ فَيكون بذلك مَحْجُورا عَلَيْهِ قَالَ مُحَمَّد وَقَالَ أَبُو حنيفَة الْحجر على الْحر بَاطِل فَإِذا بلغ الْغُلَام جَازَ تصرفه فِي مَاله بِالْبيعِ وَالْهِبَة وَغَيرهمَا وَإِن لم يؤنس مِنْهُ رشد كَانَ فَاسِدا ويحال بَينه وَبَين مَاله وَمَعَ ذَلِك إِن أقرّ بِهِ لإِنْسَان أَو بَاعه جَازَ مَا صنع من ذَلِك وَإِذا تمت لَهُ خمس وَعِشْرُونَ سنة دفع إِلَيْهِ مَاله وَإِن لم يؤنس مِنْهُ رشد وَقَالَ مُحَمَّد إِذا بلغ وَلم يؤنس مِنْهُ رشد لم يدْفع إِلَيْهِ مَاله وَلَا بَيْعه وَلَا هِبته وَكَانَ بِمَنْزِلَة من لم يبلغ فَمَا بَاعَ أَو اشْترى نظر الْحَاكِم فِيهِ فَإِن رأى إِجَازَته أجَازه وَهُوَ مَا لم يؤنس مِنْهُ رشد بِمَنْزِلَة الصَّبِي الَّذِي لم يبلغ إِلَّا أَنه يجوز لوصي الْأَب أَن يَبِيع وَيَشْتَرِي على الَّذِي لم يبلغ وَلَا يجوز أَن يَبِيع وَيَشْتَرِي على الَّذِي بلغ إِلَّا بِأَمْر الْحَاكِم وَقَول عبيد الله بن الْحسن فِي ذَلِك كَقَوْل أبي حنيفَة فَبَطل الْحجر على الْحر وَذكر ابْن الْقَاسِم وَابْن عبد الحكم عَن مَالك قَالَ وَمن أَرَادَ الْحجر على وليه فليحجر عَلَيْهِ عِنْد السُّلْطَان حَتَّى يوقفه للنَّاس يعرفهُ النَّاس وَيسمع مِنْهُ فِي مَجْلِسه وَيشْهد على ذَلِك وَترد بعد ذَلِك مَا مونع بِهِ وَمَا أذن بِهِ السَّفِيه فَلَا يلْحقهُ ذَلِك إِذا صلحت حَاله وَهُوَ مُخَالف للْعَبد إِذا مَاتَ الْمولى قد أدان فَلَا يقْضِي عَلَيْهِ وَهُوَ فِي مَوته بِمَنْزِلَتِهِ فِي حَيَاته إِلَّا أَن يُوصي بذلك فِي ثلثه فَيكون ذَلِك لَهُ وَإِذا بلغ الْوَلَد فَلهُ أَن يخرج عَن أَبِيه وَإِن كَانَ أَبوهُ شَيخا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 216 ضَعِيفا إِلَّا أَن يكون الابْن موليا عَلَيْهِ أَو سَفِيها أَو ضَعِيف الْعقل يخَاف عَلَيْهِ فَلَا يكون لَهُ ذَلِك وَقَالَ الْفرْيَابِيّ عَن الثَّوْريّ فِي قَوْله تَعَالَى {وابتلوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذا بلغُوا النِّكَاح فَإِن آنستم مِنْهُم رشدا فادفعوا إِلَيْهِم أَمْوَالهم} النِّسَاء 6 قَالَ الْفَصْل وَالْحِفْظ لمَاله وَكَانَ يُقَال إِذا اجْتمع فِيهِ خصلتان إِذا بلغ الْحلم وَكَانَ حَافِظًا لمَاله لَا يخدع عَنهُ وَحكى الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي فِي مُخْتَصره قَالَ وَإِذا أَمر الله تَعَالَى بِدفع أَمْوَال الْيَتَامَى إِلَيْهِم بأمرين لم يدْفع إِلَيْهِم إِلَّا بهما وهما الْبلُوغ والرشد وَالصَّلَاح فِي الدّين حَتَّى تكون الشَّهَادَة جَائِزَة مَعَ إصْلَاح المَال وَالْمَرْأَة إِذا أونس مِنْهَا الرشد دفع إِلَيْهَا مَالهَا تزوجت أَو لم تتَزَوَّج كالغلام نكح أَو لم ينْكح لِأَن الله تَعَالَى سوى بَينهمَا وَلم يذكر تزويجا فَإِذا حجر الإِمَام عَلَيْهِ لسفهه وإفساد مَاله أشهد على ذَلِك فَمن بَايعه بعد الْحجر فَهُوَ الْمُتْلف لمَاله وَمَتى أطلق عَنهُ الْحجر ثمَّ عَاد إِلَى حَال الْحجر حجر عَلَيْهِ وَمَتى رَجَعَ إِلَى حَال الْإِطْلَاق أطلق عَنهُ قَالَ أَبُو جَعْفَر قَول الشَّافِعِي إِن من إيناس الرشد الَّذِي لَا يدْفع المَال إِلَى صَاحبه حَتَّى يكون من أَهله جَوَاز الشَّهَادَة لم نجده عَن أحد من أهل الْعلم غَيره وَذكر التَّسْوِيَة بَين الرِّجَال وَالنِّسَاء وَقد ذكرنَا حكم الْمَرْأَة فِي مَالهَا فِي كتاب النِّكَاح الجزء: 5 ¦ الصفحة: 217 قَالَ أَبُو جَعْفَر منع الله تَعَالَى الْيَتَامَى بعد بُلُوغ النِّكَاح حَتَّى يؤنس الرشد مِنْهُم بقوله تَعَالَى {وابتلوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذا بلغُوا النِّكَاح فَإِن آنستم مِنْهُم رشدا فادفعوا إِلَيْهِم أَمْوَالهم} النِّسَاء 6 وَهِي آيَة محكمَة غير مَنْسُوخَة والابتلاء الْمَذْكُور فِيهَا هُوَ الاختبار لأحوالهم فِي حفظ المَال وتبذيره فَإِن قيل قد رُوِيَ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله وابتلوا الْيَتَامَى قَالَ عُقُولهمْ قيل لَهُ هَذَا محَال لِاتِّفَاق الْجَمِيع على أَنه مَمْنُوع من مَاله بعد الْبلُوغ إِذا كَانَ مُفْسِدا فَدلَّ على أَن إيناس الرشد لَيْسَ هُوَ الْعقل فَحسب لِأَنَّهُ لَو كَانَ إيناس الرشد هُوَ الْعقل لما صرفه أحد مِنْهُ مَعَ وجود الْعقل فَإِن قيل قَالَ الله تَعَالَى فِي آيَة الدّين {فَإِن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحق سَفِيها أَو ضَعِيفا أَو لَا يَسْتَطِيع أَن يمل هُوَ فليملل وليه بِالْعَدْلِ} الْبَقَرَة 282 فَأجَاز مداينة السَّفِيه فَدلَّ على أَن مداينة السَّفِيه لَا يُوجب حجرا قيل لَهُ اسْم السَّفه يَقع على مَعَاني مُخْتَلفَة مِنْهَا السَّفه فِي المَال وَهُوَ تبذيره وإفساده وَوَضعه فِي غير موَاضعه فَذَلِك السَّفه الْمُخْتَلف فِي حَال أَهله وَاسْتِحْقَاق الْحجر بِهِ وَمِنْهَا السَّفه فِي اللِّسَان وَمَعَهُ إصْلَاح المَال وَذَلِكَ غير مُوجب للحجر وَيدل على أَن السَّفه قد يكون فِي غير المَال قَوْله تَعَالَى {إِلَّا من سفه نَفسه} الْبَقَرَة 130 قَالَ أَبُو عُبَيْدَة يُرِيد أهلكها وأوبقها وَمِنْه مَا رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين قَالَ لَهُ عبد الله بن عَمْرو إِنِّي أحب أَن يكون رَأْسِي دهينا وقميصي غسيلا وشراك نَعْلي جَدِيدا أَفَمَن الْكبر هُوَ يَا رَسُول الله قَالَ لَا إِنَّمَا الْكبر من سفه الْحق وَغَمص النَّاس وَهَذَا يعود إِلَى معنى إهلاكه نَفسه ويوبقها الجزء: 5 ¦ الصفحة: 218 قَالَ وَقيل فِي قَوْله تَعَالَى {فليملل وليه بِالْعَدْلِ} الْبَقَرَة 282 قَولَانِ أَحدهمَا أَن الْهَاء فِي قَوْله وليه رجعت إِلَى صَاحب الدّين وَالْآخر أَنَّهَا رجعت إِلَى الَّذِي يتَوَلَّى الَّذِي عَلَيْهِ الدّين بأَمْره وَفِي أمره إِيَّاه يدل على انْتِفَاء الْحجر عَنهُ وَأَنه إِنَّمَا احْتَاجَ إِلَى غَيره فِي ذَلِك السَّفه الَّذِي قصر بِهِ عَن إملاء ذَلِك عَن نَفسه لجهله بِوُجُوه الْأَحْكَام وَيدل على تَأْكِيد أَمر الْحجر مَا رُوِيَ عَن عَليّ رضوَان الله عَلَيْهِ وَعُثْمَان وَالزُّبَيْر وَعبد الله بن جَعْفَر رَضِي الله عَنْهُم وَهُوَ مَا روى هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه أَن عبد الله بن جَعْفَر أَتَى الزبير فَقَالَ إِنِّي ابتعت بيعا ثمَّ إِن عليا يُرِيد أَن يحْجر عَليّ فَقَالَ الزبير فَأَنا شريكك فِي البيع فَأتى عَليّ عُثْمَان فَسَأَلَهُ أَن يحْجر على عبد الله بن جَعْفَر فَقَالَ الزبير أَنا شَرِيكه فِي هَذَا البيع قَالَ فَقَالَ عُثْمَان كَيفَ أحجر على رجل شَرِيكه الزبير فَهَذَا يدل على أَنهم جَمِيعًا قد رأو الْحجر جَائِزا وشاركه الزبير ليدفع الْحجر عَنهُ وَكَانَ ذَلِك بِحَضْرَة الصَّحَابَة من غير نَكِير غَيرهم عَلَيْهِم وَلَا خلاف قَالَ أَبُو بكر لَيْسَ فِيهِ دلَالَة على أَنه من مَذْهَب الزبير جَوَاز الْحجر وَإِنَّمَا يدل ذَلِك على تسويغه لعُثْمَان الْحجر وَلَا دلَالَة فِي ذَلِك على أَن ذَلِك كَانَ رَأْيه لِأَن ذَلِك يحكم سَائِر مسَائِل الِاجْتِهَاد وَقد روى يزِيد بن هُرْمُز أَن نجدة كتب إِلَى ابْن عَبَّاس يسْأَله مَتى يَنْقَضِي يتم الْيَتِيم فَكتب عبد الله بن عَبَّاس كتبت تَسْأَلنِي مَتى يَنْقَضِي يتم الْيَتِيم الجزء: 5 ¦ الصفحة: 219 ولعمري أَن الرجل تنْبت لحيته وَهُوَ الضَّعِيف الْأَخْذ لنَفسِهِ ضَعِيف الْإِعْطَاء مِنْهَا فَإِذا أَخذ لنَفسِهِ من صَالح مَا يَأْخُذ النَّاس فقد انْقَطع عَنهُ الْيُتْم وَفِي لفظ آخر أَنه إِذا بلغ الْحلم أونس رشده وَدفع إِلَيْهِ مَاله فقد انْقَضى يتمنه وروى الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة أَن عَائِشَة بلغَهَا أَن ابْن الزبير بلغه أَنَّهَا باعت بعض رباعها فَقَالَ لتنتهين أَو لأحجرن عَلَيْهَا فبلغها ذَلِك فَقَالَت لله عَليّ أَن لَا ُأكَلِّمهُ أبدا فَثَبت بذلك أَن ابْن الزبير كَانَ يرى الْحجر على المتسرع فِي مَاله وَهَذَا الحَدِيث يدل على أَن عَائِشَة كَانَت ترى الْحجر إِلَّا أَنَّهَا أنْكرت عَلَيْهِ أَن تكون هِيَ من أهل الْحجر فلولا ذَلِك لبينت أَن الْحجر لَا يجوز ولردت عَلَيْهِ قَوْله قَالَ وَاحْتج أَبُو يُوسُف لأبي حنيفَة فِي مذْهبه لرفع الْحجر بِمَا روى مَالك عَن عبد الله بن دِينَار عَن عبد الله بن عمر أَن رجلا ذكر لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه يخدع فِي الْبيُوع فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا بَايَعت فَقل لَا خلابة وَكَانَ الرجل إِذا بَايع يَقُول لَا خلابة فَفِي هَذَا الحَدِيث وقف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أَنه كَانَ يغبن فِي الْبيُوع فَلم يمنعهُ من التَّصَرُّف وَلم يحْجر عَلَيْهِ قَالَ أَبُو جَعْفَر لما قَالَ لَهُ إِذا بَايَعت فَقل لَا خلابة أَي لَا ينفذ على خلابتك إيَّايَ فَجعل بيوعه مُعْتَبرَة فَإِن كَانَ فِيهَا خلابة لم يجز عَلَيْهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 220 وَقد نهى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي حَدِيث آخر أَن يَبِيع حَاضر لباد وَقَالَ دعوا النَّاس يرْزق الله بَعضهم من بعض وَهَذَا إِنَّمَا يدل على قَول مُحَمَّد فِي اعْتِبَاره عُقُود الْمَحْجُور عَلَيْهِ قَالَ وَلم نجد عَن أحد من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ أَنه لَا حجر كَمَا قَالَ أَبُو حنيفَة إِلَّا إِبْرَاهِيم وَمُحَمّد بن سِيرِين فَإِنَّهُ قد روى شُعْبَة عَن مُغيرَة عَن إِبْرَاهِيم قَالَ لَا حجر على حر وروى ابْن عون عَن ابْن سِيرِين أَنه كَانَ لَا يرى الْحجر شَيْئا 2312 - فِي عتق الْمَحْجُور عَلَيْهِ ونكاحه قَالَ مُحَمَّد فِي الأَصْل وَإِن أعتق الْمَحْجُور عَلَيْهِ عبدا لَهُ جَازَ عتقه وَيسْعَى فِي قِيمَته للَّذي أعْتقهُ إِن دبره جَازَ تَدْبيره ويستخدمه وَلَا يجوز بَيْعه فَإِن مَاتَ الْمولى وَلم يؤنس مِنْهُ رشد سعى العَبْد فِي جَمِيع قِيمَته مُدبرا كَالْمَرِيضِ إِذا أعتق وَعَلِيهِ دين وَلَو تزوج امْرَأَة جَازَ نِكَاحه بِمهْر الْمثل وَيبْطل الْفضل قَالَ وَقَالَ مُحَمَّد بعد ذَلِك فِي أَمَالِيهِ من رِوَايَة ابْن سَمَّاعَة وَإِذا أعتق الْمَحْجُور عَلَيْهِ عبدا من عبيده فَإِن أَبَا يُوسُف قَالَ عتقه جَائِز وَيسْعَى فِي جَمِيع قِيمَته وَقَالَ مُحَمَّد الْعتْق جَائِز وَلَا يسْعَى فِي شَيْء قَالَ وَلَو كَانَ تجب عَلَيْهِ السّعَايَة لوَجَبَ إِذا طلق امْرَأَته قبل الدُّخُول أَن لَا يجب لَهَا شَيْء لم يَأْخُذ مِنْهَا شَيْئا الحديث: 2312 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 221 وَقَالَ ابْن وهب عَن مَالك الْأَمر عندنَا أَن السَّفِيه يجوز طَلَاقه وَلَا يجوز عتاقه مَحْجُورا عَلَيْهِ كَانَ أَو غير مَحْجُور عَلَيْهِ وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَنهُ مثل ذَلِك وَقَالَ عَنهُ فِي جواباته أيبيع وَلَا يجوز نِكَاح السَّفِيه وَلَا عتقه إِلَّا فِي أم وَلَده وَقَالَ الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي وَإِن أَكثر الْمَحْجُور عَليّ الطَّلَاق لم يُزَوّج وسرى وَالْعِتْق مَرْدُود وَقَالَ عَنهُ الرّبيع وَيجوز طَلَاق الْمَحْجُور عَلَيْهِ الْبَالِغ وَلَا يجوز عتقه لأم وَلَده وَلَا لغَيْرهَا قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْلُو عتقه من أَن يكون قد تنَاوله الْحجر فَلَا ينفذ أَو لم يتَنَاوَلهُ فَينفذ بِلَا سِعَايَة فَلَمَّا كَانَ الْمَمْلُوك مَالا لَهُ وَهُوَ مَحْجُور عَلَيْهِ فِي مَاله بِدلَالَة بطلَان بَيْعه وَهُوَ مَعَ ذَلِك يعتاض عَنهُ فالعتق أولى بِالْبُطْلَانِ إِذا لم يعتض مِنْهُ وَقَول من أوجب السّعَايَة بَاطِل لِأَن الْعتْق عِنْده لم يدْخل فِي الْحجر فَلَمَّا بَطل قَول من أوجب السّعَايَة وَقَول من أوجبه بِلَا سِعَايَة صَحَّ أَن عتقه لَا ينفذ فَإِن قيل فَلَو طلق امْرَأَته قبل الدُّخُول لزمَه ذَلِك وَقد كَانَ الْبضْع فِي حكم المَال لِأَنَّهَا لَو ارْتَدَّت سقط مهرهَا فَكَذَلِك عتقه كطلاقه قيل لَهُ لم يدْخل الطَّلَاق فِي الْحجر فَهُوَ فِيهِ بعد الْحجر كَهُوَ قبله لِأَن الْبضْع نَفسه لَيْسَ بِمَال وَالْعِتْق وَاقع فِي عبد هُوَ مَال لَهُ دَاخل فِي الْحجر لَا يجوز بَيْعه وتصرفه فَصَارَ عتقه فِيهِ كَبَيْعِهِ وهبته وَلَا فرق بَين أم الْوَلَد وَغَيرهَا من مماليكه لِأَنَّهَا فِي الْحَيَاة مَال لَهُ أَلا ترى أَن قَاتلا لَو قَتلهَا لَا يسْتَحق هُوَ قيمتهَا كهي لَو لم تكن أم ولد لَهُ ويطأها بِملك الْيَمين قَالَ أَبُو جَعْفَر وَمَا ذكره مُحَمَّد بن الْحسن من تشبيهه عتق الْمَحْجُور عَلَيْهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 222 بِعِتْق الْمَرِيض الَّذِي عَلَيْهِ دين فَغير مشبه لَهُ من قبل ان الْمَرِيض جَائِز التَّصَرُّف فِي أَمْوَاله وَإِنَّمَا يفْسخ مِنْهُ بعد الْمَوْت مَا يجب فَسخه أَلا ترى لَو وهب عَبده فِي مَرضه فَأعْتقهُ الْمَوْهُوب وعَلى الْمَرِيض دين يُحِيط بِمَالِه ثمَّ مَاتَ أَن الْمَوْهُوب لَهُ يغرم قِيمَته كلهَا وَلم تبطل الْهِبَة فَدلَّ ذَلِك على جَوَاز تصرفه قَالَ أَبُو بكر يُؤَكد هَذَا الْمَعْنى أَنه لَا حق لأحد قبل الْمَوْت فِي فسخ عقوده وتصرفه وَإِنَّمَا يثبت لَهُم الْحق بعد مَوته وَلَيْسَ كَذَلِك الْمَحْجُور عَلَيْهِ لِأَنَّهُ بِالْحجرِ قد صَارَت أَقْوَاله وعقوده كلا عُقُود فَلم ينف قَالَ وَأما نِكَاحه فقد اتَّفقُوا أَنه لَيْسَ للْوَلِيّ أَن يُزَوجهُ فِي حَال حجره فَدلَّ ذَلِك على أَنه لم يدْخل فِي الْحجر وَإِنَّمَا تنَاول الْحجر غير التَّزْوِيج فَإِذا تزوج جَازَ بِمهْر الْمثل قَالَ أَبُو بكر فَهَذَا يدل على بطلَان الْحجر لِأَن وليه لَا يَبِيع عَلَيْهِ وَلَا يتَصَرَّف فِي مَاله فَكَانَ فِي سَائِر مَاله بِمَنْزِلَة الصَّبِي وَالْمَجْنُون فَكَانَ ذَلِك يُوجب جَوَاز تصرف وليه فِي مَاله آخر كتاب الْحجر الجزء: 5 ¦ الصفحة: 223 = كتاب الْمَأْذُون فِي التِّجَارَة = 2313 - فِي الْإِذْن فِي تِجَارَة خَاصَّة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا قَالَ لعَبْدِهِ اقعد قصارا أَو صباغا فَهَذَا إِذن لَهُ فِي التِّجَارَات كلهَا وَإِذا أذن لَهُ فِي تِجَارَة خَاصَّة فَهُوَ مَأْذُون لَهُ فِي سَائِر التِّجَارَات وَإِن قَالَ لَهُ أجر نَفسك فِي البقالين أَو فِي عمل من الْأَعْمَال فَهَذَا إِذن مِنْهُ فِي سَائِر التِّجَارَات وَلَو قَالَ أجر نَفسك من فلَان لم يكن مَأْذُونا لَهُ فِي التِّجَارَة لِأَنَّهُ أمره أَن يُؤَاجر نَفسه من إِنْسَان بِعَيْنِه فَإِذا أرسل عَبده ليَشْتَرِي لَهُ ثوبا أَو أرسل جَارِيَته لتشتري لَهُ لَحْمًا بدرهم فَهَذَا فِي الْقيَاس إِذن فِي التِّجَارَة وَلَا يكون إِذْنا اسْتِحْسَانًا وَقَالَ الْحسن بن صَالح إِذا أذن لَهُ فِي نوع من التِّجَارَات فَهُوَ إِذن فِي التِّجَارَات كلهَا وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا أذن لَهُ فِي تِجَارَة خَاصَّة فَهُوَ مَأْذُون لَهُ فِيهَا خَاصَّة لَا يجوز لَهُ أَن يتجر فِي غَيرهَا وَهُوَ قِيَاس قَول الشَّافِعِي فِيمَا رَوَاهُ الرّبيع وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا خلى بَينه وَبَين الشِّرَاء وَالْبيع فَهُوَ مَأْذُون لَهُ فِي التِّجَارَة كلهَا وَإِذا قَالَ لَهُ أد إِلَى الْغَد لم يكن مَأْذُونا فِي التِّجَارَة فَإِن الحديث: 2313 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 225 أقعده قصارا لم يكن مَأْذُونا لَهُ قَالَ وَلَا يشبه هَذَا الْبَز لِأَن هَذَا عَامل بِيَدِهِ قد عرف النَّاس حَاله وَأَنَّهُمْ لم يؤمروا بمداينته وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ فِي رجل أذن لعَبْدِهِ فِي التِّجَارَة فَزعم الْمولى أَنه لم يَأْذَن لَهُ إِلَّا فِي خَاص مِنْهَا قَالَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَة بذلك وَإِلَّا فَهُوَ ضَامِن لجَمِيع مَا لحق العَبْد من الدّين قَالَ أَبُو جَعْفَر لما اتَّفقُوا على جَوَاز تَخْصِيص الْوكَالَة بالقصارة أَنه غير جَائِز لَهُ أَن يتعداها وَإِن دخل فِيهَا شِرَاء الصابون والأشنان فَكَذَلِك الْإِذْن فِي القصارة يجوز أَن يكون خَاصّا فِيهَا دون غَيره وَلما جَازَت الْمُضَاربَة الْخَاصَّة فِي نوع من التِّجَارَات كَانَ كَذَلِك حكم الْإِذْن فِي التِّجَارَة 2314 - فِي العَبْد الْمَأْذُون لَهُ هَل يكون عَلَيْهِ دين لمَوْلَاهُ قَالَ أَصْحَابنَا لَا يثبت للْمولى على عَبده دين سَوَاء كَانَ عَلَيْهِ دين أَو لم يكن وَهُوَ قَول الشَّافِعِي فِيمَا يَقْتَضِيهِ معنى مذْهبه وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك فِي العَبْد الْمَأْذُون إِذا داينه سَيّده لزم ذَلِك العَبْد وَيضْرب بِدِينِهِ مَعَ الْغُرَمَاء مَا لم يحابي العَبْد سَيّده قَالَ وَقَالَ مَالك إِذا كَانَ مَعَ العَبْد مَال لسَيِّده قد دَفعه إِلَيْهِ يتجر بِهِ فلحق العَبْد دين فَإِن الدّين الَّذِي لحق العَبْد يكون فِي مَال سَيّده الَّذِي دَفعه إِلَى العَبْد يتجر بِهِ وَفِي مَال العَبْد وَلَا يكون فِي رَقَبَة العَبْد وَيكون بَقِيَّة الدّين فِي ذمَّة العَبْد وَلَا يكون فِي ذمَّة السَّيِّد من ذَلِك الدّين شَيْء قَالَ أَبُو جَعْفَر العَبْد لَا يملك إِذا كَانَ ملكا لغيره وَلَا يجوز أَن يكون لمَوْلَاهُ عَلَيْهِ دين لِاسْتِحَالَة وجوب الدّين لَهُ فِي مَال نَفسه لِأَنَّهُ لَو كَانَ يجب لَهُ فِي مَاله دين كَانَ قد وَجب لَهُ على نَفسه دين وَهَذَا محَال الحديث: 2314 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 226 2315 - فِي عَارِية الْمَأْذُون وهديته قل أَصْحَابنَا يجوز هَدِيَّة العَبْد التَّاجِر الطَّعَام ودعوته وعاريته دَابَّته وَكره كسْوَة الثَّوْب وَالدَّنَانِير وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك لَا يجوز للْعَبد أَن يُعْطي من مَاله شَيْئا بِغَيْر أَمر سَيّده سَوَاء كَانَ مَأْذُونا لَهُ فِي التِّجَارَة أَو غير مَأْذُون لَهُ وَكَذَلِكَ الْعَارِية والدعوة إِلَى الطَّعَام إِلَّا أَن يكون مَأْذُونا لَهُ فِي التِّجَارَة فيصنع ذَلِك ليجتر بِهِ إِلَيْهِ المُشْتَرِي مِنْهُ فيطلب بذلك الْمَنْفَعَة فِي شِرَائِهِ وَبيعه فَيكون هَذَا من التِّجَارَة وَيجوز فَإِن علم أَن أَهله لَا يكْرهُونَ الدعْوَة فَأجَاز لَهُ ذَلِك وَقَالَ ابْن وهب سَأَلت اللَّيْث عَن عبد مَمْلُوك فِي منزل تمر بِهِ وَهُوَ فِيهِ يقدم إِلَيْك طَعَاما لَا تَدْرِي هَل أمره سَيّده أم لَا قَالَ اللَّيْث الضِّيَافَة حق وَاجِب وَأَرْجُو أَن لَا يكون بذلك بَأْس إِن شَاءَ الله وَقَالَ الْحسن بن حَيّ الْمَأْذُون لَهُ فِي التِّجَارَة لَا يهب وَلَا يصدق وَلَا يتَزَوَّج وَهُوَ بِمَنْزِلَة الْمَمْلُوك الْمَحْجُور عَلَيْهِ إِلَّا فِي البيع وَالشِّرَاء قَالَ أَبُو جَعْفَر العَبْد لَا يملك فحاله بعد الْإِذْن فِي الْهَدِيَّة وَالْعَارِية والدعوة كَهُوَ قبل الْإِذْن إِذْ لَيْسَ ذَلِك من التِّجَارَة فَإِن احْتج بِحَدِيث سلمَان الْفَارِسِي الَّذِي رَوَاهُ عَاصِم بن عمر بن قَتَادَة عَن مَحْمُود بن أَسد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ حَدثنِي سلمَان الْفَارِسِي ذكر الحَدِيث بِطُولِهِ وَذكر فِيهِ أَنه كَانَ عبدا قَالَ فَلَمَّا أمسيت جمعت مَا كَانَ عِنْدِي ثمَّ خرجت حَتَّى جِئْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَعَهُ نفر من أَصْحَابه فَقلت بَلغنِي إِنَّه لَيْسَ بِيَدِك شَيْء وَأَن مَعَك أَصْحَابك الحديث: 2315 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 227 وَأَنْتُم أهل حَاجَة وغربة وَقد كَانَ عِنْدِي شَيْء وَضعته للصدقة فَلَمَّا ذكر لي مَكَانكُمْ رأيتكم أَحَق بِهِ ثمَّ وَضعته لَهُ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كلوا وَأمْسك هُوَ ثمَّ أَتَيْته بعد أَن تحول إِلَى الْمَدِينَة وَقد جمعت شَيْئا فَقلت رَأَيْتُك لَا تَأْكُل الصَّدَقَة وَقد كَانَ عِنْدِي شَيْء أَحْبَبْت أَن أكرمك بِهِ لَيْسَ بِصَدقَة فَأكل وَأكل أَصْحَابه وروى شريك عَن عبيد الْمكتب عَن أبي الطُّفَيْل عَن سلمَان قَالَ أتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِصَدقَة فَردهَا وأتيته بهدية فقبلها وَرَوَاهُ ابْن بُرَيْدَة أَيْضا عَن أَبِيه عَن سلمَان فَإِن هَذَا لَيْسَ فِيهِ حجَّة لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يسْأَل سلمَان أمأذون هُوَ أَو مَحْجُور عَلَيْهِ وَجَائِز أَن يكون إِنَّمَا قبل هديته على ظَاهر الْحُرِّيَّة وَإِن كَانَ الْبَاطِن خلَافهَا كَمَا بَايع الْمَمْلُوك الَّذِي بَايعه فِي حَدِيث جَابر بن عبد الله على ظَاهر الْحُرِّيَّة وَقد كَانَ عبدا وَحَدِيث جَابر يرويهِ اللَّيْث عَن أبي الزبير عَن جَابر أَنه قَالَ جَاءَ عبد فَبَايع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْهِجْرَة وَلَا يشْعر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه عبد فجَاء سَيّده يُريدهُ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعنيه فَاشْتَرَاهُ بعبدين أسودين وَلم يُبَايع أحدا حَتَّى يسْأَله أعبد هُوَ فَجَائِز أَن يكون قبل هَدِيَّة سلمَان على هَذَا الْوَجْه الجزء: 5 ¦ الصفحة: 228 قَالَ أَبُو بكر لَو كَانَ كَذَلِك لَكَانَ حِين علم برق سلمَان يامر برد صدقته وهديته وغرامتها فَلَمَّا لم يفعل ذَلِك دلّ على أَنه قبلهَا مَعَ علمه بِأَنَّهُ عبد وعَلى أَن العَبْد وَالْحر فِي ذَلِك سَوَاء قَالَ أَبُو جَعْفَر قد ذكرنَا عَن اللَّيْث بن سعد إِيجَاب الضِّيَافَة وَجعل من أجل ذَلِك من نزل على العَبْد قبُول ذَلِك وَأكله من غير إِذن مَوْلَاهُ وحجته فِي ذَلِك حَدِيث شُعْبَة عَن مَنْصُور عَن الشّعبِيّ عَن الْمِقْدَام أبي كَرِيمَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة الضَّيْف حق وَاجِب على كل مُسلم فَإِن أصبح بفنائه فَإِنَّهُ دين إِن شَاءَ اقْتَضَاهُ وَإِن شَاءَ تَركه وروى اللَّيْث عَن يزِيد بن أبي حبيب عَن أبي الْخَيْر عَن عقبَة بن عَامر قَالَ قُلْنَا يَا رَسُول الله إِنَّك تبعثنا فنمر بِقوم فَقَالَ إِن نزلتم بِقوم فَأمروا لكم بِمَا يَنْبَغِي للضيف قاقبلوا فَإِن لم يَفْعَلُوا فَخُذُوا مِنْهُم حق الضَّيْف الَّذِي يَنْبَغِي وروى عبد الرَّحْمَن بن أبي عَوْف الجرشِي عَن الْمِقْدَام بن معدي كرب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَيّمَا رجل ضاف بِقوم فَلم يقروه كَانَ لَهُ أَن يعقبهم بِمثل قراه وَبِمَا حَدثنَا بِهِ فَهُوَ قَالَ حَدثنَا عبد الله بن صَالح قَالَ حَدثنَا مُعَاوِيَة بن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 229 صَالح أَن أَبَا طَلْحَة حَدثهُ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَيّمَا ضيف نزل بِقوم فَأصْبح محروما فَلهُ أَن يَأْخُذ بِقدر قراه وَلَا حرج عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو جَعْفَر فَظَاهر هَذِه الْأَخْبَار يُوجب الضِّيَافَة وَجَائِز أَن يكون مَنْسُوخَة وَقد روى عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى قَالَ حَدثنَا الْمِقْدَاد بن الْأسود قَالَ جِئْت أَنا وَصَاحب لي قد كَادَت تذْهب أسماعنا وأبصارنا من الْجُوع فَجعلنَا نتعرض للنَّاس فَلم يضفنا أحد فأتينا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقُلْنَا يَا رَسُول الله أَصَابَنَا جوع شَدِيد فتعرضنا للنَّاس فَلم يضفنا أحد فأتيناك فَذهب إِلَى منزله وَعِنْده أَرْبَعَة أعنز فَقَالَ يَا مقداد احلبهن وجزء اللَّبن لكل اثْنَيْنِ جُزْءا فَلم يأمرهما أَن يأخذا مَا استضافا بِمِقْدَار ضيافتهما مَعَ شدَّة حاجتهما إِلَى ذَلِك فَدلَّ ذَلِك على أَن الضِّيَافَة قد كَانَت غير وَاجِبَة فِي بعض الْأَوْقَات وروى اللَّيْث عَن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري عَن أبي شُرَيْح الْعَدوي أَنه قَالَ سَمِعت أذناي وأبصرت عَيْنَايَ حِين تكلم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين قَالَ من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَليُكرم جَاره من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَليُكرم ضَيفه جائزته قَالَ وَمَا جائزته يَا رَسُول الله قَالَ يَوْمه وَلَيْلَته للضيافة ثَلَاث فَمَا كَانَ وَرَاء ذَلِك فَهُوَ صَدَقَة عَلَيْهِ وَمن كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلْيقل خيرا أَو ليصمت فَأخْبر فِي هَذَا الحَدِيث أَن الضِّيَافَة من كَرَامَة الضَّيْف فَدلَّ على انْتِفَاء الجزء: 5 ¦ الصفحة: 230 وُجُوبهَا وَجَائِز أَن تكون قد كَانَت وَاجِبَة عِنْد الْحَاجة إِلَيْهَا لقلَّة عدد أهل الْإِسْلَام فِي ذَلِك الْوَقْت وتقارب وتباعد مواطنهم أَن يَقع ذَلِك لعُمُوم الْإِسْلَام فِي الْجوَار لِأَن فِي حَدِيث شُرَيْح أَنَّهَا جائزته والجائزة منحة والمنحة إِنَّمَا تكون عَن اخْتِيَاره لَا عَن وجوب 2316 - فِي دين الْمَأْذُون هَل هُوَ فِي رقبته أَو فِي كَسبه قَالَ أَصْحَابنَا الْمَأْذُون وَكَسبه فِي دُيُون الْغُرَمَاء فَإِن كَانَ الْمولى قد أَخذ مِنْهُ غلَّة عشرَة دَرَاهِم فِي كل شهر لم يرجع عَلَيْهِ الْغُرَمَاء مِنْهَا بِشَيْء فَإِن كَانَ أَخذ أَكثر من ذَلِك رد الْفضل وللغرماء أَن لَا يطلبوا بيع العَبْد ويستسعوه فِي دينهم حَتَّى يستوفوه فَإِن طلبُوا بَيْعه فَبيع بِأَقَلّ من الدّين اقتسموا الثّمن بَينهم بِالْحِصَصِ على قدر دُيُونهم وَلم يكن لَهُم على العَبْد سَبِيل حَتَّى يعْتق فَإِذا عتق أتبعوه بِمَا بَقِي من دينهم وَقَالَ مَالك لَيْسَ للْغُرَمَاء من خراج العَبْد شَيْء وَلَا من الَّذِي يبْقى فِي يَد العَبْد بعد الْخراج وَإِنَّمَا يكون ذَلِك لَهُم فِي مَال العَبْد إِن وهب للْعَبد مَال أَو تصدق بِهِ عَلَيْهِ إِذْ أوصى لَهُ بِهِ فَقبله العَبْد فَأَما مَا عمله فَلَيْسَ لَهُم فِيهِ قَلِيل وَلَا كثير وَإِنَّمَا يكون دينهم الَّذِي صَار فِي ذمَّة العَبْد فِي مَال العَبْد إِن طَرَأَ للْعَبد مَال يَوْمًا مَا بِحَال مَا وصفت لَك وَإِن عتق العَبْد يَوْمًا مَا كَانَ ذَلِك الدّين يبتع بِهِ وَإِن قبل وَأَخذه سَيّده قِيمَته فَلَا شَيْء لَهُم فِي قِيمَته وَقَالَ الثَّوْريّ إِذا أعْتقهُ مَوْلَاهُ وَعَلِيهِ دين يضمن قِيمَته ويبيعه غرماؤه بِمَا زَاد على قِيمَته الحديث: 2316 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 231 وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ إِذا أذن لَهُ مَوْلَاهُ فِي البيع وَالشِّرَاء فِي مَال مَوْلَاهُ مِمَّا لحقه من دين فَهُوَ من مَال مَوْلَاهُ وَإِن كَانَ إِنَّمَا أذن لَهُ فِي البيع وَالشِّرَاء فِي مَال العَبْد أَو توجه العَبْد ثمَّ لحقه دين فَهُوَ فِي مَال العَبْد وَفِي رقبته وَإِن كَانَ دفع إِلَيْهِ مَالا مُسَمّى فادان فَهُوَ فِيمَا دفع إِلَيْهِ من مَاله وَفِي رَقَبَة العَبْد وَسُئِلَ الْأَوْزَاعِيّ عَن رجل زوج عَبده حرَّة وَجعل مهرهَا على نَفسه ثمَّ مَاتَ وَلم يدع مَالا غير العَبْد قَالَ إِن أدّى لَهَا أولياؤه مَا جعل على نَفسه من صداقتها فَهِيَ أَحَق بِهِ مَا أَقَامَت على نِكَاحه وَإِن كَرهُوا ذَلِك أسلموه إِلَيْهَا وَحرمت عَلَيْهِ وَذكر حميد عَن الْحسن بن صَالح قَالَ إِذا خرق العَبْد ثوب الرجل وأفسد لَهُ شَيْئا أَو اسْتهْلك لَهُ مَالا بِغَيْر أمره فَهُوَ دين فِي رَقَبَة العَبْد يسْعَى فِيهِ فَإِن بَاعه مَوْلَاهُ كَانَ ثمنه فِي دينه وَإِن فضل شَيْء عَن العَبْد لم يتبع بِهِ للْعَبد وَإِن عتق لِأَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ لَهُم ثمنه لَيْسَ لَهُم بعد ذَلِك شَيْء وَكَذَلِكَ كَانَ قَوْله فِي الْمَأْذُون لَهُ إِذا بَاعه مَوْلَاهُ ثمَّ أدّى ثمنه لم يتبع العَبْد بعد ذَلِك بِشَيْء وَإِن عتق وَذكر عَنهُ الْمُخْتَار قَالَ إِذا قَاطع مَمْلُوكه على الْغلَّة فآجر نَفسه مِمَّا أدّى فَهُوَ فِي رقبته وَإِذا كَانَ سَيّده يؤاجره فَلَيْسَ عَلَيْهِ من دينه شَيْء قَالَ وَإِذا ادان الْمَأْذُون لَهُ ثمَّ جنى فَإِنَّهُ يُخَيّر مَوْلَاهُ فَإِن دَفعه بِجِنَايَتِهِ اتبعهُ دينه وَإِن أعْتقهُ ضمن جِنَايَته وَيتبع الدّين الْمَمْلُوك وَإِن لم يعتقهُ فَلَيْسَ للْغُرَمَاء أَن يبيعوه وَلَكِن يؤاجرونه ولايأخذ مَوْلَاهُ من غَلَّته شَيْئا وَقَالَ اللَّيْث إِذا كَانَ على الْمَأْذُون دين وعَلى مَوْلَاهُ دين وَقد أفلسا فغرماء العَبْد أولى بِمَال العَبْد من غُرَمَاء الْمولى وَيُبَاع العَبْد لغرماء السَّيِّد قَالَ أَبُو جَعْفَر فَهَذَا يُوجب أَلا يُبَاع العَبْد فِي دين نَفسه وَقَالَ عبيد الله بن الْحسن غراماء العَبْد أَحَق أَن يستسعوه وَأَن يبيعوه من سَيّده وَإِن قَامَت عَلَيْهِ الْبَيِّنَة بدين ومولاه غَائِب بيع فِي دينه الجزء: 5 ¦ الصفحة: 232 وَقَالَ الشَّافِعِي فِي مُخْتَصر الْمُزنِيّ وَإِذا أذن الرجل لعَبْدِهِ فِي التَّزْوِيج فَتزَوج كَانَ لَهَا الْمهْر مَتى عتق وَفِي إِذْنه لعَبْدِهِ إِذن باكتساب الْمهْر وَالنَّفقَة إِذا وَجَبت عَلَيْهِ فَإِن كَانَ مَأْذُونا لَهُ فِي التِّجَارَة أعْطى مِمَّا فِي يَده قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ فِي العَبْد إِذا اسْتهْلك مَالا لغير مَوْلَاهُ بِغَيْر أَمر مَوْلَاهُ أَن على مَوْلَاهُ بَيْعه فِيهِ لصَاحبه إِلَّا أَن يَشَاء أَن يفْدِيه من مَاله بذلك فَوَجَبَ أَن يكون ذَلِك حكم مَا لزمَه فِي التِّجَارَة بِإِذن مَوْلَاهُ وَأما قَول الْحسن بن صَالح إِنَّه إِذا بيع فِي الدّين وَفضل دينه عَن الثّمن أَنه لَا يتبع بِهِ بعد الْعتْق فَلَا معنى لَهُ لِأَن الدّين كَانَ على العَبْد لَا على غَيره وَلذَلِك بيع فِيهِ فَلم يثر مِمَّا بَقِي بِالْبيعِ قَالَ أَبُو جَعْفَر وَالْقِيَاس أَن يكن الْغُرَمَاء أولى بِمِقْدَار مَا عَلَيْهِ من الْمولى كَسَائِر إكسابه 2317 - فِي صدَاق الْأمة الْمَأْذُون لَهَا أرش يَديهَا قَالَ أَصْحَابنَا إِذا أذن لَهَا فِي التِّجَارَة ففقأ رجل عينهَا ثمَّ لحقها دين فَإِن الْأَرْش للْمولى وَلَا حق للْغُرَمَاء فِيهِ وَإِن كَانَ الدّين قبل الفقء فالأرش للْغُرَمَاء وَكَذَلِكَ الْوَلَد بِمَنْزِلَة الْأَرْش وَكَذَلِكَ لَو كَانَ الفاقئ عبدا فَدفع بِهِ فَهُوَ كَالْوَلَدِ وَقَالَ الْحسن عَن زفر فِي الْمَأْذُون لَهَا يجوز للْمولى أَن يُزَوّجهَا كَانَ عَلَيْهَا دين أَو لم يكن وَالْمهْر للسَّيِّد سوآء زَوجهَا قبل الدّين أَو بعده قَالَ أَبُو يُوسُف إِن زَوجهَا وَعَلَيْهَا دين فالمهر للْغُرَمَاء وَإِن زَوجهَا قبل أَن يلْحقهَا دين فالمهر للسَّيِّد وَكَذَلِكَ الْوَطْء بِشُبْهَة على هَذَا الْخلاف قَالَ وَقَالَ زفر لَا يُبَاع وَلَدهَا فِي دينهَا وَهُوَ للسَّيِّد وَلدته قبل الدّين أَو بعده وتباع رقبَتهَا الحديث: 2317 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 233 وَقَالَ أَبُو يُوسُف إِن ولدت قبل أَن يستدين لم تبع وَإِن ولدت بعد الدّين بيع فِي دينهَا وَذكر سلمَان بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن مُحَمَّد مثل ذَلِك قَالَ مُحَمَّد وَالْكَسْب للْغُرَمَاء سَوَاء مَا كسبته قبل الِاسْتِدَانَة أَو بعْدهَا إِذا لحقها الدّين وَهُوَ فِي يَدهَا ثمَّ يَأْخُذهُ السَّيِّد قبل ذَلِك وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك إِذا جرح الْمَأْذُون لَهُ وَعَلِيهِ دين فالأرش للْمولى وَقَالَ الشَّافِعِي كمعنى قَول مَالك قَالَ أَبُو جَعْفَر كَمَا كَانَ للْغُرَمَاء بَيْعه فِي دينه كَذَلِك أرش أَعْضَائِهِ وكما يَأْخُذُونَ قِيمَته لَو قتل وَقد دللنا على استحقاقهم بَيْعه فِيمَا سلف وَإِذا كَانَ لَهُم أَخذ قِيمَته وَأرش جِنَايَته كَذَلِك لَهُم أَخذ صَدَاقهَا سَوَاء نَقصهَا الْوَطْء أَو لم ينقصها وَقَالَ زفر فِي الْوَطْء بِشُبْهَة إِن نَقصهَا وَذَلِكَ بعد الدّين فالمهر للْغُرَمَاء وَإِن كَانَ قبل الدّين فَهُوَ للْمولى وَإِن لم ينقصها فالمهر للْمولى قبل الدّين وَبعده 2318 - فِيمَا وهب للمأذون لَهُ وَقَالَ أَصْحَابنَا فِيمَا وهب للْعَبد هُوَ كَسَائِر إكسابه الْغُرَمَاء أَحَق بِهِ من الْمولى سَوَاء استفاده قبل الدّين أَو بعده وَقَالَ الْحسن عَن زفر لَا سَبِيل للْغُرَمَاء على الْهِبَة سَوَاء وهب لَهُ قبل الدّين أَو بعده الحديث: 2318 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 234 وَقَالَ مَالك فِيمَا ذكره ابْن الْقَاسِم عَنهُ إِذا لحقه دين ووهب لَهُ هبة فَهِيَ للْغُرَمَاء قَالَ أَبُو جَعْفَر لَا يَخْتَلِفُونَ فِي أَن مَا وهب للْمكَاتب بِمَنْزِلَة سَائِر إكسابه فَكَذَلِك الْمَأْذُون لَهُ يجب أَن يكون مَا وهب لَهُ كَسَائِر إكسابه وَلَيْسَ أرش الْجِنَايَة كالكسب لِأَن ذَلِك ملك للْمولى لم يستفده من جِهَة العَبْد فَلَا يلْحقهُ دين وَجب بعد لُزُومه كَمَا فِي يَده للْمولى 2319 - فِي العَبْد بَين رجلَيْنِ يَأْذَن لَهُ أَحدهمَا فِي التِّجَارَة قَالَ أَصْحَابنَا فِي عبد بَين رجلَيْنِ أذن لَهُ أَحدهمَا فِي التِّجَارَة إِن ذَلِك جَائِز فِي نصِيبه وَمَا لحقه من الدّين فَهُوَ فِي نصِيبه خَاصَّة دون من لم يَأْذَن وَلَيْسَ للْآخر أَن ينهاه عَن الشِّرَاء وَالْبيع لصَاحبه وَقَالَ مَالك لَا يجوز لأَحَدهمَا أَن يَأْذَن لَهُ فِي التِّجَارَة قَالَ أَبُو جَعْفَر لما اسْتحق كل وَاحِد مِنْهُمَا استخدامه بالمهايأة كَانَ لَهُ فِي يَوْم نوبَته أَن يَأْذَن لَهُ فِي التِّجَارَة ويستخدمه بِالتَّصَرُّفِ فِيهَا لِأَن أمره بِالْبيعِ وَالشِّرَاء ضرب من الِاسْتِخْدَام وَإِذا جَازَ ذَلِك ثَبت الدّين فِي نصِيبه فَثَبت أَنه لَيْسَ لوَاحِد مِنْهُمَا منع شَرِيكه من الْإِذْن فِي التِّجَارَة كَمَا لَيْسَ لَهُ مَنعه من استخدامه وَمن أمره إِيَّاه بالابتياع لَهُ وَالْبيع عَلَيْهِ لحقه فِيهِ 2320 - فِي الْمَأْذُون عَلَيْهِ دين حَال ومؤجل قَالَ أَصْحَابنَا الْمَأْذُون إِذا كَانَ عَلَيْهِ دين حَال لرجل وَلآخر عَلَيْهِ دين مُؤَجل فَأَرَادَ صَاحب الدّين الْحَال بَيْعه فَإِن القَاضِي يَبِيعهُ وَيُعْطِيه حِصَّته من الثّمن وَيدْفَع حِصَّة الْمُؤَجل إِلَى الْمولى فَإِذا حل دفع إِلَيْهِ الْمولى مَا قَبضه الحديث: 2319 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 235 فَإِن هلك فِي يَد الْمولى فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ وَيتبع صَاحب الدّين الْمُؤَجل صَاحب الدّين الْحَال فيشاركه فِيمَا قبض هَذِه رِوَايَة مُحَمَّد من غير خلاف ذكره وروى الْمُعَلَّى بن مَنْصُور الرَّازِيّ عَن أبي يُوسُف قَالَ إِذا بِعْت العَبْد الْمَأْذُون لَهُ حل كل دين عَلَيْهِ إِلَى أجل وَكَذَلِكَ إِذا حجر عَلَيْهِ الْمولى أَو بَاعه بِإِذن الْغُرَمَاء حل كل دين عَلَيْهِ إِلَى أجل وَإِن أعْتقهُ لم يحل مَا عَلَيْهِ وَكَانَ إِلَى أَجله وروى الْحسن عَن زفر أَنه إِذا بيع فَإِنَّهُ يُبَاع لَهُم جَمِيعًا فيقسمون ثمنه بَينهم بِالْحِصَصِ من حل دينه وَمن لم يحل وَهُوَ قَول الْحسن قَالَ وَقَالَ أَبُو يُوسُف يُبَاع لَهُم جَمِيعًا بِالْحِصَصِ فيعطي من حل دينه وَمن لم يحل حبس عَلَيْهِ حَتَّى يحل وَقَالَ مَالك لَا يُبَاع الْمَأْذُون لَهُ فِي الدّين وَلكنه قَالَ فِي الْمُفلس إِذا أفلس فقد حلت دُيُونه وَقَالَ ابْن صَالح إِذا مَاتَ وَعَلِيهِ دين مُؤَجل حل عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ إِذا أفلس حل دينه وَقَالَ اللَّيْث فِيمَن أفلس وَعَلِيهِ دين إِلَى أجل فَإِنَّهُ يحل دينه قبل الْمَيِّت وَيقسم مَاله بَين غُرَمَائه العاجل والآجل إِلَّا أَن يتَحَمَّل لَهُ الْغُرَمَاء بِدِينِهِ الآجل فَإِن ذَلِك يجوز لَهُم وَذكر الْمُزنِيّ فِي مُخْتَصره عَن الشَّافِعِي قَالَ وَقد ذهب بعض المفتيين إِلَى أَن دُيُون الْمُفلس إِلَى أجل تحل حلولها على الْمَيِّت وَقد يحْتَمل أَن يُؤَخر الْمُؤخر عَنهُ لِأَن لَهُ ذمَّة وَقد يملك وَالْمَيِّت قد بطلت ذمَّته وَلَا يملك بعد مَوته الدّين قَالَ الْمُزنِيّ هَذَا أصح وَبِه قَالَ فِي الْإِمْلَاء الجزء: 5 ¦ الصفحة: 236 وَذكر الْبُوَيْطِيّ عَنهُ فِي مُخْتَصره وَأَجَازَهُ لنا الرّبيع عَن الشَّافِعِي قَالَ وَمن مَاتَ أَو أفلس فقد حل دينه قَالَ أَبُو جَعْفَر لما لم يخْتَلف من أوجب بيع العَبْد فِي الدّين أَن الثّمن مقسوم بَين صَاحب الْحَال وَصَاحب الْمُؤَجل وَجب أَن لَا تكون حِصَّة الْمُؤَجل محبوسة عَنهُ لِأَنَّهُ قد بَطل ذَلِك الدّين من الذِّمَّة وَصَارَ فِي الْعين والآجال لَا تثبت إِلَّا فِي دُيُون فِي الذِّمَّة وَلَا تثبت فِي الْأَعْيَان أَلا ترى أَنه لَو بَاعَ عبدا بكر حِنْطَة بِعَينهَا إِلَى أجل كَانَ البيع فَاسِدا وَإِن بَاعه بكر فِي الذِّمَّة إِلَى أجل جَازَ فَكَذَلِك حِصَّة الدّين الْمُؤَجل لما تحولت فِي الْعين وَجب أَن يبطل الْأَجَل فِيهَا قَالَ وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن إِذا كَانَ على العَبْد دين مُؤَجل فَبَاعَهُ مَوْلَاهُ أَن بَيْعه جَائِز وَلَيْسَ للْغُرَمَاء على الْمولى سَبِيل فِي الثّمن فَإِذا حل دينهم ضمنوه الْقيمَة وَكَذَلِكَ لَو وهبه جَازَت هِبته وَضمن قِيمَته إِذا حل الدّين وَإِن توى مَا على الْمولى من الْقيمَة لم يكن لَهُم على العَبْد وَلَا على الْمَوْهُوب لَهُ سَبِيل قَالَ ذَلِك فِي الْمَأْذُون الْكَبِير وَقَالَ ابْن سَمَّاعَة عَنهُ فِي نوادره وَكَذَلِكَ الثّمن بَين رجلَيْنِ رُوِيَ عَنهُ فِي هَذِه الْمَسْأَلَة أَن للْغُرَمَاء أَن يبطلوا بيع الْمولى وهبته بديونهم الآجلة كَمَا يكون لَهُم إِبْطَالهَا بديونهم العاجلة قَالَ ابْن سَمَّاعَة عَنهُ وَإِنَّمَا كَانَ لَهُم أَن يبطلوا بَيْعه لِأَن دُيُونهم الآجلة فِي ذمَّته كالعاجلة وَإِن لم يكن لَهُم الْمُطَالبَة بِهِ كَالرَّهْنِ بِالدّينِ الْمُؤَجل أَنه لَيْسَ للرَّاهِن بَيْعه أَلا ترى أَنه يجوز إِبْرَاء الْغُرَمَاء مِنْهَا 2321 - فِي كَيْفيَّة الْحجر على العَبْد قَالَ أَصْحَابنَا لَا يكون الْحجر على الْمَأْذُون لَهُ إِلَّا فِي أهل سوقه وَلَا يكون الْحجر عَلَيْهِ فِي بَيِّنَة حجرا وَكَذَلِكَ الصَّبِي وَالْمَعْتُوه الحديث: 2321 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 237 وَقَالَ مَالك فِيمَا ذكره ابْن الْقَاسِم عَنهُ فِي الرجل يحْجر على وليه قَالَ لَا يحْجر عَلَيْهِ إِلَّا عِنْد السُّلْطَان فَيكون السُّلْطَان هُوَ الَّذِي يوقفه للنَّاس ويشيع بِهِ فِي مَجْلِسه وَيشْهد على ذَلِك فَمن بَاعه أَو ابْتَاعَ مِنْهُ بعد ذَلِك فَهُوَ مَرْدُود وَقَالَ فِي الرجل الْمَأْذُون لَهُ فِي التِّجَارَة إِذا أَرَادَ أَن يحْجر عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِهِ السُّلْطَان حَتَّى يكون السُّلْطَان هُوَ الَّذِي يوقفه للنَّاس وَقَالَ مَالك وَمن ذَلِك أَن يَأْمر بِهِ السُّلْطَان ليطاف بِهِ ليعلم النَّاس مِنْهُ ذَلِك قَالَ أَبُو جَعْفَر قد اتَّفقُوا أَن الْحجر لَيْسَ بِمَنْزِلَة الْعَزْل عَن الْوكَالَة الَّذِي يَصح بَين الْمولى وَبَين العَبْد الْوَكِيل فَيشْتَرط أَصْحَابنَا إِظْهَاره واشتهاره وَشرط مَالك السُّلْطَان وَقد اتَّفقُوا على صِحَة الْإِذْن بِغَيْر سُلْطَان فَكَذَلِك فَسخه كفسخ الْعُقُود الَّتِي تصح ابْتِدَاؤُهَا بِغَيْر سُلْطَان فَكَانَ فَسخهَا كابتدائها مثل البيع وَالْإِجَارَة وَالنِّكَاح وَمَا لم يَصح ابتداؤه إِلَّا بالسلطان كَانَ كَذَلِك أَجله مثل أجل الْعنين لَا يَصح إِلَّا بالسلطان فَكَذَلِك خِيَار الْمَرْأَة فِيهِ بعد الْأَجَل لَا يثبت إِلَّا بالسلطان فَوَجَبَ أَن يكون الْحجر جَائِزا دون السُّلْطَان كالإذن 2322 - فِي إِذن الصَّغِير فِي التِّجَارَة قَالَ أَصْحَابنَا يجوز للْأَب أَن يَأْذَن لِابْنِهِ الصَّغِير فِي التِّجَارَة إِذا كَانَ يعقل الشِّرَاء وَالْبيع وَكَذَلِكَ الْوَصِيّ فِي الْأَب وَيكون بِمَنْزِلَة العَبْد الْمَأْذُون لَهُ وَقَالَ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك لَا أرى إِذن الْأَب وَالْوَصِيّ للصَّبِيّ فِي التِّجَارَة جَائِزا وَإِن لحقه فِي ذَلِك لم يلْزمه الصَّبِي مِنْهُ شَيْء وَقَالَ الْحسن بن صَالح فِي الصَّبِي يَأْذَن لَهُ أَبوهُ فِي التِّجَارَة فِيهِ إِن دينا أَنه الحديث: 2322 ¦ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 238 يكون عَلَيْهِ فِي مَاله فَإِن لم يكن لَهُ مَال كَانَ عَلَيْهِ دينا يُؤْخَذ بِهِ مِمَّا وجد لَهُ مَال صَغِيرا كَانَ أَو كَبِيرا وَقَالَ الرّبيع عَن الشَّافِعِي فِي كِتَابه فِي الْإِقْرَار وَمَا أقرّ بِهِ الصَّبِي من حق الله تَعَالَى أَو لآدَمِيّ أَو حق فِي مَال أَو غَيره فَإِقْرَاره سَاقِط عَنهُ وَسَوَاء كَانَ الصَّبِي مَأْذُونا لَهُ فِي التِّجَارَة أذن لَهُ أَبوهُ أَو وليه من كَانَ أَو حَاكم وَلَا يجوز للْحَاكِم أَن يَأْذَن لَهُ فَإِن فعل فَإِقْرَاره سَاقِط عَنهُ وَكَذَلِكَ شِرَاؤُهُ وَبيعه مفسوخ وَلَو أجزت إِقْرَاره فِي التِّجَارَة أجزت أَن يَأْذَن لَهُ بِطَلَاق امْرَأَته أَو يَأْمُرهُ فيقذف رجلا فأحده أَو يخرج فاقتص مِنْهُ فَكَانَ بِهَذَا وأشباهه أولى أَن يلْزمه من إِقْرَاره لَو أذن لَهُ فِي التِّجَارَة لَيْسَ بِإِذن لَهُ بِالْإِقْرَارِ بِعَيْنِه وَلَكِن لَا يلْزمه شَيْء من هَذَا كَمَا يلْزم الْبَالِغ بِحَال قَالَ أَبُو جَعْفَر قد أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عمر بن أبي سَلمَة وَهُوَ صَغِير بتزويج أم سَلمَة إِيَّاه وَقد ذَكرْنَاهُ فِي كتاب الْوكَالَة فَدلَّ على أَن الصَّغِير الَّذِي لَا تجوز أَقْوَاله إِذا أطلق لَهُ غَيره أَقْوَاله لَهُ عَادَتْ أَقْوَاله إِلَى غير مَا كَانَت عَلَيْهِ حَالهَا قبل ذَلِك من بُطْلَانهَا وَإِذا عملت أَقْوَاله لغيره بأَمْره كَانَت أَقْوَاله لنَفسِهِ بِأَمْر من يملك ذَلِك أولى بِالْجَوَازِ وَقَالَ الله تَعَالَى {وابتلوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذا بلغُوا النِّكَاح} النِّسَاء 6 والإبتلاء الإختبار والإختبار قد يكون فِي عُقُولهمْ ومذاهبهم وَفِي حرفهم فِيمَا يبيعون ويبتاعون وَفِي ذَلِك دَلِيل على جَوَاز إِذن وليه لَهُ فِي التِّجَارَة آخر الْمَأْذُون تمّ الْمُخْتَصر وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَقع الْفَرَاغ من قِرَاءَته وتفهمه سلخ الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 239