الكتاب: تحريم كتابة القرآن الكريم بحروف غير عربية المؤلف: أبو سهل صالح علي العَوْد تقديم: محمد بن عبد الوهاب أبياط الناشر: وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد - المملكة العربية السعودية الطبعة: الأولى، 1416هـ عدد الصفحات: 144 عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي] ---------- تحريم كتابة القرآن الكريم بحروف غير عربية أعجمية أو لاتينية صالح علي العود الكتاب: تحريم كتابة القرآن الكريم بحروف غير عربية المؤلف: أبو سهل صالح علي العَوْد تقديم: محمد بن عبد الوهاب أبياط الناشر: وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد - المملكة العربية السعودية الطبعة: الأولى، 1416هـ عدد الصفحات: 144 عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي] [ مقدمة الناشر ] تحريم كتابة القرآن الكريم بحروف غير عربية أعجمية أو لاتينية بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة الناشر إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له وأشهد أن لا آله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أما بعد: فإن الجهل بكتاب الله في كثير من بلاد المسلمين قد أوقع بعضاً منهم بأمور خطيرة ومصيبة عظيمة إما عن حسن نية وجهل، وإما عن معرفة وعلم وقصد سيئ وأعداء الإسلام كثيرون من بلاد الإسلام وخارجها وصدق الله القائل {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [يوسف: 103] والقائل {قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ} [آل عمران: 118] ولا شك أن من أعظم ما تغزى به الأمم هو غزوها في أعظم مقوماتها، والأمة المسلمة أعظم ما تمنى به هو محاولة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 3 العبث بكتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، وإن أعداء الإسلام منذ القدم وهم يحاولون زعزعة المسلمين عن كتابهم العظيم الذي فيه عزتهم ورشدهم وصوابهم، والذى إن تمسكوا به لن يضلوا أبداً فهم دائماً وأبداً يحاولون تحريفه بالزيادة فيه أو النقص منه أو بتغيير بعض الكلمات والعبارات؛ لتحقيق ما يهدفون إليه من نزع الثقة منه ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون، والأخطر من كل ذلك والأدهى والأمرُّ أن يحاولوا في هذه المرة انتزاع القرآن من عربيته فيكتب بحروف أعجمية أو لاتينية بحجة تقريبه وفهمه لأبناء المسلمين قاطبة عربهم وعجمهم وهذا بلا شك من أعظم الوسائل لطمس القرآن وتمزيقه وهو بهذا يكون عرضة للتغيير والتبديل والتحريف حيث إن اللغات الأعجمية متعددة وحروفها كذلك فيترتب على ذلك الفعل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 4 الذميم أن كل شعب من شعوب الأرض له قرآنه الذي كتب بحروف ذلك الشعب وهكذا حتى تتعدد المصاحف بتعدد لغات الشعوب وبهذا يضيع كتاب الله وتتلاشى فائدته وعموميته وإعجازه، ولا غرو أن يصدر هذا العمل من عدو للقرآن وكاره للغة العربية حريص على زوالها واستبدالها بغيرها من اللغات اللاتينية والأعجمية. . والقرآن عربي بإجماع المسلمين قال تعالى: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ} [فصلت: 44] إن هذا العمل حقيقته تجريد القرآن عن معجزته الخالدة التي تكمن في فصاحته وبلاغته وجودة أساليبه وعباراته؛ لأن ذلك لن يكون إلا باللغة التي نزل بها والقرآن نزل بلسان عربي مبين. . إن كتابة القرآن بغير الحروف العربية ضلال وانحراف وتعطيل، وصدٌ عن سبيل الله وإهدار الجزء: 1 ¦ الصفحة: 5 لكرامة القرآن، وتضييع لأوامره ونواهيه وأحكامه، ولا يصدر ذلك إلا من جاهل أو مارق محاد لله ورسوله. . وجزى الله مؤلف هذا الكتاب أخانا في الله (صالح على العود) خيراً فقد تضمن كتابه هذا مع صغر حجمه الذود عن كتاب الله بما أثبته من إجابات وفتاوى متعددة عن عدد كبير من العلماء الموثوقين المعاصرين ومن علماء الأمة السابقين والتي تفيد أن كتابة القرآن بحروف غير عربية ضلال وإلحاد ومحادة لله ورسوله. . وقد عزمت وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد على طباعة هذا الكتاب ونشره بين المسلمين على نفقتها تعميماً للفائدة ودفاعاً عن كتاب الله رجاء لما عند الله من المثوبة والأجر، وتوضيحاً للحكم الشرعي في هذا الموضوع المهم. . والله نسأل أن يصلح أحوال المسلمين ويوحد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 6 صفوفهم وكلمتهم على الحق والهدى، وأن يجعل كيد الأعداء في نحورهم إنه ولى ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. د عبد الله بن أحمد الزيد وكيل وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد المساعد لشؤون المطبوعات والنشر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 7 [ تقريظ الأستاذ محمد أبياط ] بسم الله الرحمن الرحيم تقريظ الأستاذ محمد أبياط فضيلة الشيخ أبي سهل: صالح علي العَوْد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد أهنئكم على اليقظة التي حباكم الله بها في تتبع وملاحقة ما تفرزه أقلام الأعداء، وتبديه أفئدتهم الماكرة، مما يخفى عن البعيد، وقد يخفى عن الحاضر اللاهي الساهي. إن كتابة " القرآن الكريم " بحرف غير عربي وعلى هيئة مبتدعة مخالفة للرسم العثماني، تعد مؤامرة لا يقل خبثها عن خبث التمريض والتجهيل والتجويع والتقتيل، لأن سهامها موجهة أصلاً إلى قطع الحبل الذي يصل البشرية بربها، لتبقى مضطربة بين أمواج الجهل والظلم والاستبداد! . ولا أشكركم - سيدي - على الجهود التي تبذلونها في مواجهة الحملة الخطيرة، لكن أرجو الله أن يتقبل منكم، ويعينكم بصالح المؤمنين، ويجعلكم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 8 أشواكاً في حلوق الكائدين. . لقد قرأت كتابكم العدد (11) من سلسلة التربية الإسلامية، الذي سلمه إلي أخونا وصديقنا الحميم الأستاذ أبو بكر صابر الغيور. . . قرأته بشوق ولهفة، وتتبعت حجج الشيوخ والعلماء، التي اعتمدوها في إصدار حكمهم بمنع وتحريم تغيير هيئة الرسم العثماني، فوجدتها تؤول - في مجموعها - إلى أمرين خطيرين تنتج عنهما آثار ناسفة لمقومات الأُمة الإسلامية كلها، وهما: 1 - محاربة اللغة العربية. . 2 - تغيير الرسم الاصطلاحي للمصحف العثماني. . ومحاربة اللغة العربية هي محاربة لجميع علومها، واحتقار وازدراء لأهلها، وأفكارهم واجتهاداتهم. . وقد أجمع العلماء - قديماً وحديثَاَ - على وجوب تعلم العربية، لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. ولم يكن الرب - سبحانه - عاجزاً عن إنزال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 9 القرآن بلغة غير العربية، ومن هنا ينبعث الحسد والحقد في صدور الأعداء! ومن هنا - أيضاً - نعتقد أنَّ كلَّ من حارب اللغة العربية فإنما يحارب اللغة التي اختارها الله، ومن ثمَّ فهو يتهم الله في اختياره! وبالتالي فهو كافر، لأنَّه لا يقدِّس الله ولا ينزِّهُه عن النقص، تعالى الله عن ذلك عُلوّاً كبيراً. . لكنَّ الكفَّار يدركون: أنه ما سادت لغة في أمة إلاَّ ساد فكرها، ومتى خضعت أمة لغزو لغة وفكرها إلاَّ كانت تابعة مأمورة، وذلك ما يخيفهم! أمَّا محاولتهم لتغيير الرسم العثماني فيكفي لرده أنه سيفتح باب الذرائع للأفكار المغرضة. بالإضافة إلى عجز اللغة اللاتينية عن تحمل مضامين الحروف العربية وخصائصها. . ولا عجب أن يقوم بنشر هذه الدعوة البغيضة: الأعداء والمنافقون. . . لكن العجب أن يحملها وينافح عنها مدعو الإسلام، والمسلمون، ويكلفون أنفسهم إيجاد البراهين المسوغة لها. . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 10 وليسمح لي مؤيدو هذه الدعوة من المسلمين أن أقول لهم: إن كنتم مخلصين في نشر الإسلام وتيسيره على من أسلم أو نسي لغته، فاجتهدوا في تعليم اللغة العربية ونشرها بكل ما تطيقون، كما نشر الغرب فينا لغته وغزانا بفكره. . . فإنكم بذلك ستجذرون لعقيدة الإسلام. . وأتوجه بتنبيه لكلِّ من أسلم صادقاً - ولا يعرف العربية - أن يكون حذراً من قراءة ترجمة القرآن، وعليه أن يعرض ما فهمه منها على شيوخ الإسلام، الذين يتقنون فَهْمَ أسلوب القرآن، ليصححوا له المفاهيم، وينبِّهوه إلى المحاذير. . وعلى أيِّ حال: فجزاكم الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، والسلام. . فاس / الاثنين (7) جمادى الأولى (1411) هـ (26) نوفمبر (1990) م. محمد بن عبد الوهاب أبياط أستاذ مساعد بكلية الشريعة بفاس (المغرب) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 [ مقدمة المؤلف ] بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة المؤلف الحمد لله الذي شرَّفَ أمّة الإسلام بالقرآن العظيم، ورفع مقامها بالآيات والذكر الحكيم، واصطفاها على العالمين بمزيد العزَّة والفضل والتكريم. . وأشهد أن لا إله إلا الله مُنَزِّلِ الكتاب بلسان عربي مبين، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، الداعي إلى هذا الدين المكين، صلوات الله عليه وسلامه، وعلى إخوانه النبيين. . ورضي الله عن إله وأصحابه والتابعين: جمعوا لنا هذا القرآن في الصدور والسطور جميعاً (1) {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} [البقرة: 282] (2) وها   (1) الجمع في الصدور: بطريق الحفظ والاستظهار. والجمع في السطور: بطريق النسخ والكتابة. (2) سورة البقرة، آية: (282) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 هو اليوم لدينا حفيظ أمين، متلو بالألسن، مدوَّن بالأقلام، فجزاهم الله عمَّا بذلوا من جهد في خدمة الإسلام والمسلمين. . أمَّا بعد؛ فالقرآن الكريم، هو ذلك الكتاب الخالد الذي: {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت: 42] (1) نزل به جبريل الأمين باللسان العربيِّ، على قلب الرسول - صلى الله عليه وسلم - ليكون من المنذرين. . وإنَّ ربَّ العزة - جلَّ في علاه - أرشد نبيَّه إلى كيفية التلقي فقال له: {لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ - إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ - فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} [القيامة: 16 - 18] (2) . وكان جبريل المعلم - عليه السلام - يدارسه القرآن، وفي رمضان كان يلقاه في كل ليلة، فلما كان العام الذي توفي فيه - صلى الله عليه وسلم - عارضه به مرتين. .   (1) سورة فصلت، آية: (42) . (2) سورة القيامة، الآيات: (16 - 18) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 أما الصحابة - رضي الله عنهم - فقد سارعوا إلى تلقيه عن رسولهم - صلى الله عليه وسلم -: كتابة وقراءة وحفظا، ثم تعليمه أزواجهم وأولادهم في البيوت، وكان يسمع لهم دوي كدوي النحل، حتى أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يمر على بعض دُور الأنصار فيقف عندها يستمع القرآن في غسق الدُّجَى. . فعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إني لأعرف أصوات رفقة الأشعريين بالقرآن، حين يدخلون بالليل، وأعرف منازلهم من أصواتهم بالقرآن بالليل، وإن كنت لم أر منازلهم حين نزلوا بالنهار» (1) . ثم جد تعليم القرآن: حملا وتدوينا وتبليغا في أجيال التابعين، ومن بعدهم، حتى أن من يدخل في الإسلام كانوا يعلمونه القرآن وأحكام الدين قولا وعملا باللغة العربية، ولم يؤثر عنهم تعليم أو   (1) رواه البخاري ومسلم (جامع الأصول: 6 / 217) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 تبليغ أو تثقيف بغيرها، حتى صارت أوطان أعجمية إلى النطق بالعربية. . قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (كان المسلمون المتقدمون لما سكنوا أرض الشام ومصر ولغة أهلهما: رومية، وأرض العراق وخراسان ولغة أهلهما: فارسية، وأهل المغرب ولغة أهلها: بربرية، عوَّدوا أهل هذه البلاد: العربية، حتى غلب على أهل هذه الأمصار: مسلمهم وكافرهم) . . فإذا كان هذا هو المنهج الحق، وهو منهج الرسول - صلى الله عليه وسلم - والصحابة والسلف الصالح - رضي الله عنهم - في تعلُّم وتعليم القرآن الكريم، فكيف نذهب إلى وجهة غدرا تتمثل في كتابته بحروف أعجمية ولاتينية؟ ومسخه من لغته العربية - أعظم خصائص القرآن على الإطلاق - بحجة تيسير القراءة لمن لا يعرف الحروف العربية؟ ! أو لمن يدخل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 في الإسلام جديدا من غير العرب، فيكتبون له آيات أو بعض سور بحروف لغته: (فرنسية إذا كان فرنسيا، وإنجليزية إذا كان إنجليزيا، وصينية إذا كان صينيا، ويابانية إذا كان يابانيا، وتركية إذا كان تركيا، وإيطالية إذا كان إيطاليا إلى آخر قائمة لغات أهل الأرض قاطبة) . والغريب أن المباشرين لهذا النوع من التحريف للقرآن الكريم بكتابته بالحروف اللاتينية أو بغيرها من الحروف الأعجمية: فرحون بما أَتوا، ويحسبون أنهم يحسنون صنعا! متمثلين قول الشاعر: وإني وإن كنت الأخير زمانه ... لآت بما لم تستطعه الأوائل إن عمل هؤلاء: ظاهره رحمة، وباطنه عذاب؛ بل نشهد أنهم يحُادُّون (1) الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - والله تعالى يقول: {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا} [التوبة: 63]   (1) المخالفة والمغاضبة والعصيان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 16 (1) . كتب القرآن الكريم بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأمر منه وبرسم خاص ثم جاء الخليفة أبو بكر فعثمان - رضي الله عنهما - فاستنسخا ما كان على عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - في المصاحف وأقرهما على الكتابة على تلك الصورة أكثر من (اثني عشر ألف صحابي) يومها وانتهى بعد ذلك إلى التابعين وتابعي التابعين فلم يخالف أحد منهم هذا الرسم القويم الجليل ولم ينقل عن أحد منهم أنه فكر في استبداله برسم آخر من الرسوم ولو بنفس الحروف التي كتب بها وهي " العربية " كطريقة الإملاء الحديثة اليوم (2) . وكان من بين صحابة النبي - صلى الله عليه وسلم - عجم من   (1) سورة التوبة آية: (63) . (2) خذ مثلا كلمة (الصلوة) هكذا تكتب في المصحف أما طريقة الإملاء الحديثة اليوم التي نقرأ بها في الكتب وفي المدارس فإنها تكتب هكذا [الصلاة] وفي المصحف (السموات) والإملاء (السماوات) . . الخ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 الفرس والروم والحبشة وغيرهم من مختلف الألسن فهل فكروا في كتابة القرآن بألسنتهم ليسهل على أقوامهم قراءة القرآن؟ ! لا. . وألف لا! إنما كان التزامهم بما التزم به الرسول - صلى الله عليه وسلم - من النهج الرباني في حفظ القرآن وتعليمه وتبليغه باللسان العربي المبين الذي رضيه الله أزلا، وأنزل به كتابه إلينا في دار الدنيا لنحافظ عليه ونعمل به، لا لنبدله أو نعارضه بحرف آخر غير الحرف العربي المقدس، ونشتري به ثمنا قليلا! أما كتابة القرآن بحروف لاتينية أو بغيرها من الحروف الأعجمية، فإنه عمل بئيس، وكاتبه تعيس في الدنيا والآخرة (1) ؛ إذ هو عمل يمارسه كل من يحمل الكراهية والضغينة للقرآن والعربية وأهلها والإسلام والمسلمين جميعا (2) .   (1) ومعه الطابع والناشر والبائع والمشتري. (2) فمثلا المتنبي صالح بن طريف من (برغواطه) في القرن الثاني للهجرة (الثامن الميلادي) كتب (قرآنه) باللغة البربرية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18 أما النتائج فمعروفة: إبعاد الناس عن الرسم العربي، لتنقطع بعد ذلك صلتهم بالقرآن الكريم؛ فيصبح - لا قدر الله - أثرا بعد عين! وهذا ما حدث تماما للكتب السابقة. صحيح أن الله تعالى أخبرنا بقوله {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9] (1) . هذا الضمان الرباني والأمان الإلهي لا يعفي مسلمي اليوم شرقا وغربا الذب عنه، ورد عادية الطاعنين فيه، والمعتدين عليه، وتحريف المبطلين، وتأويل الجاهلين؛ ولولا ضعف الوارع الديني في نفوس مسلمي اليوم، وذهاب سلطان الدين من بين أيديهم، لما برزت إلى دنيانا محاولات ومحاولات لتحريف القرآن الكريم! ولما جعل كتاب الله حقلا لتجارب العابثين، يعبثون بآياته وسوره، يكتبونها   (1) سورة الحجر، آية: (9) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 بلغات وحروف غير التي ارتضاها الله وأنزل بها كتابه! هذا النوع من التحريف، أشد ما يكون اليوم من ضراوة في التآمر على القرآن، والحيلولة دون أصله، المشرب الصافي لكل أجناس البشرية جمعاء بمختلف لغاتها. هذا النوع من التحريف ألبسوه ثوبا لماعا أسموه: " تيسير قراءة القرآن لغير العرب " أو ما شاء لهم من أسماء ومسميات لم يأذن الله بها، وهو خدعة انطلت على البسطاء وبعض من قاصري الفكر والنظر من علماء اليوم (علماء آخر الزمان) ! فرفقا يا علماء آخر الزمان بالإسلام والمسلمين، فهم كالشاة في الليلة المطيرة، لا سلطان لهم ولا راعي، كفاهم ضياعا، وفرقة وتشرذما! رفقا يا علماء آخر الزمان بكتاب الله، ولا تأذنوا للطامعين والذين في قلوبهم مرض أن يجعلوه حقلا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 للتجارب، كلما عنَّت لأحدهم فكرة أو مشروع، وتذكروا ما قرأتموه في كتب " أصول الفقه " ولا زلتم تقرئونه للناس في الحلقات وعلى المنابر أن: " درء المفاسد مقدم على جلب المصالح ". ففي فرنسة صدر الجزء الأخير من القرآن " جزء عم " بأكمله بالحروف الفرنسية! وهناك طبعات أخرى في المكتبات تتفاوت كما وكيفا، وهناك من يفكر في إخراج " المصحف " كله بالفرنسية! وفي أندونيسية - البلد المسلم - ظهرت فيه هو كذلك طبعة للقرآن الكريم كله بالحروف الأندونيسية! يتداولها الناس هناك في رضا! رفع تقريرا عنها مبعوث رئاسة إدارة البحوث العلمية إليها. وبالإنجليزية صدر " قرآن " من هذا القبيل - أيضا - أطلعني عليه الدكتور عبد الحليم خلدون الكناني - شفاه الله وعافاه - مدير مكتب رابطة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 العالم الإسلامي السابق في باريس. وفي غينيا رجل مسلم له نشاط غريب في هذا الميدان، كان يقوم ولا يزال بكتابة القرآن بالحروف اللاتينية! بعد أن وجد هناك في إفريقية سوقا رائجة لما يكتب، ويقوم اليوم في باريس ناشر مسلم بطبع كتبه تلك وعرضها في الأسواق في رداءة طبع، وإخراج فني ممجوج! وفي السبعينات قام رجل في مصر يدعى " لبيب الجمال " يهفو ويدعو إلى كتابة القرآن بحروف غير عربية! وتسمع " هيأة التمويل الدولية " بالمشروع فتتحمس له ولصاحب الفكرة وترصد له مليون دولار! (1) . ومنذ شهور - وفي مصر أيضا - قام ناس لم تعرف مكانتهم، يسعون إلى بعث مشروع من هذا   (1) مجلة " الاعتصام " القاهرية العدد 104 (1396 هـ / 1976 م. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 النوع باسم الأزهر! ثم عدل عنه (1) . والأتراك الذين ألفوا الحروف اللاتينية، وهجروا الحروف العربية هجرا لم يبق من سابق صلتهم بها عينا ولا أثرا، عمدوا كذلك إلى استبدال القرآن بقرآن طبع بالحروف اللاتينية واللفظ العربي! وأخيرا أقول ما قاله الدكتور محمد أحمد فراخ: (إن الفئات التي حرفت المصحف العربي، تأتيها الفرصة المناسبة في هذا النص اللاتيني، الذي لا يستطيع كشف التحريف فيه إلا القلة، بخلاف " المصحف " العربي الذي يستطيع كشف التحريف فيه كل من يعرف العربية هنا أو هناك) . هذا ما وسعه جهدي، قمت به وكتبت فيه (2) أنافح وأدافع بذلك عن كتاب ربي " الوثيقة الخالدة "   (1) مجلة (الدعوة) السعودية، العدد: 1068 سنة: (1407 / 1987) . (2) كتابا بعنوان [كتابة النص القرآني بالحرف اللاتيني خطر داهم على المصحف العثماني] طبع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 والأثر النفيس الباقي في القارات الخمس؛ وهذا الذي جاء في كتابي (1) وما نثرته كذلك في هذه " المقدمة " المتواضعة التي جاءت على عجل لتزاحم الأعمال، وتراكم الأشغال، هو الذي أومن به وأدافع عنه، وألقى الله عليه، إن شاء الله. وحتى لا أكون قاسيا في الحكم على: أ - خطة كتابة القرآن بحروف غير عربية: أعجمية كانت أو لاتينية. ب - أولئك الذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون: هذا من عند الله، والله يعلم إنهم لكاذبون. قمت - بعد طبع كتابي ذاك - بإرسال أكثر من مائة وعشرين رسالة، وجهتها إلى العلماء والدعاة والمراجع العلمية، والمجامع الفقهية، ودور   (1) كتابا بعنوان [كتابة النص القرآني بالحرف اللاتيني خطر داهم على المصحف العثماني] طبع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 الإفتاء، ووزارات الأوقاف، والجامعات الإسلامية، ومراكز الدعوة في الأقطار التالية: (السعودية مصر سورية لبنان الأردن الكويت قطر الإمارات العربية المتحدة باكستان الهند تركية يوغسلافية بريطانية بلجيكة تونس الجزائر المغرب موريتانية جزر القمر تشاد سيراليون) . وأرفقت بكل رسالة نسخة من كتابي وسؤالين: 1 - ما قول أصحاب الفضيلة العلماء أئمة الدين: في موضوع " كتابة النص القرآني بالحرف اللاتيني "، تيسيرا لغير العرب، أو المسلمين الجدد، لقراءة القرآن الكريم بلغتهم؟ ! 2 - ما قولكم دام فضلكم في الكتاب الذي بين أيديكم، وما فيه من بحوث؟ لكن إجاباتهم كانت قليلة للأسف، فعاودت الكتابة إليهم مرة ثانية وثالثة، حتى استطعنا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 - بفضل الله وعونه - أن نحصل على هذا النزر القليل من فتاواهم وأقوالهم وآرائهم، وهي: بضع وعشرون إجابة، يشكرون عليها. وقد جاءت والحمد لله قولا واحدا: تجمع على أن " كتابة القرآن بحروف غير عربية " حرام قطعا وممنوعة منعا باتا. وقد أثبتُّ في هذا الكتاب فقرات ومقتطفات من كل رسالة، وليس كلها، إذ أن ذلك يستدعي مجلدا ضخما - والطباعة هنا مرتفعة الأثمان جدا - (1) . ثم ضممت إلى أقوالهم وردودهم نقولا وأدلة أخرى، كانت مبعثرة في بطون الكتب والمراجع، لتكون الحجة بالتحريم أكثر صلابة، ولنعتصم بذلك في وجه كل أفاك يحاول انتزاع الأدلة من غير   (1) سوف تصدر هذه الفتوى مجموعة كلها بإذن الله، بعد أن تصلنا كل ردود علمائنا، وها نحن نذكر كل من لم يبعث بالجواب أن يتفضل مشكورا بالإجابة إلينا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 دروبها، ليظهرها بمظهر التأييد لإفكه ونزوعه! لكنها عند أهل الحق ظاهرة على غير وجهها؛ بل من قبيل: " كلمة حق أريد بها باطل "! فجاء الكتاب والحمد لله حافَلا بأكثر من " خمسين " شهادة رفيعة من العلماء المعاصرين، من حراس العقيدة وحفاظ الشريعة يمنعون ويحملون بشدة على خطة: " تحريف القرآن بكتابته بحروف غير عربية ". وهكذا يلتقي علماء اليوم بعلماء الأمس، على " حكم واحد " في أخطر دسيسة عفنة، تقرع كتاب الله الذي حفظته وحافظت عليه الأجيال، ثم نشقى به اليوم، إذ لو كان خيرا لسبقونا إليه وكانت الدوافع إلى إصدار هذه العينات من " الفتاوى " التي وصلتنا، وطبعها في كتاب مستقل لتوزع على الحاضرين في " الندوة العالمية الأولى، لمقاومة تحريف القرآن بكتابته بالحروف اللاتينية، أو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 بغيرها من الحروف الأعجمية " وهي خطوة أخرى عظيمة في الانتصار لكتاب " الله " ومقاومة من يمسه بسوء! وعسى أن أكون بهذا وذاك قد أرضيت ربي أولا، ونفسي ثانيا، ولكني على يقين الراشد: أن الأمر يتطلب أكثر من جهد، وأكثر من حملة، لأن المفسدين في الأرض عتاة، وأهل الحق يغطون في سبات عميق! ونأمل - وهي صرخة تخرج من أوربة بلد الحرية! - من المراجع العلمية العليا: كالرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، ورابطة العالم الإسلامي، والأمانة العامة لمسابقة القرآن الكريم الدولية، والندوة العالمية للشباب الإسلامي في المملكة العربية السعودية؟ والأزهر الشريف، ومجمع البحوث الإسلامية، والمؤتمر الدولي للسيرة النبوية في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 جهورية مصر العربية، ووزارات الأوقاف في العالم الإسلامي؛ ومنظمة المؤتمر الإسلامي في جدة؛ والجامعات الإسلامية في الدول العربية والإسلامية؛ ومراكز الدعوة الإسلامية في أنحاء العالم: أن تضطلع بمسؤولياتها، وتنهض بدورها إلى عقد ندوات عالمية: ثانية، وثالثة، ورابعة، وخامسة، ليقدم كل المزيد من الضمانات والجهود التي من شأنها؛ أن تقف في وجه الباطل، ويضعوا الحواجز والعواقب لنسف هذا التحريف الزاحف على كتاب الله. اللهم إني قد بلغت بما استطعت. . . اللهم فاشهد! . قال الله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ} [الأنعام: 93] (1)   (1) سورة الأنعام، آية: (93) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 والحمد لله أولا وآخرا، ظاهرا وباطنا. باريس، ضحى يوم الثلاثاء 25 / شعبان (1458) هـ - 12 / 4 / 1988 م. كتبه: أبو سهل صالح علي العَوْد [ الفصل الأول القرآن العظيم والسنة الشريفة والصحابة والتابعون وإجماع ] الأمة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 [ القرآن العظيم شاهد على أنه عربي ] الفصل الأول القرآن العظيم السنة الشريفة الصحابة والتابعون إجماع الأمة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 (1) القرآن العظيم شاهد على أنه عربي (1) قال تعالى: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ - عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ - بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: 193 - 195] (2) . {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الزخرف: 3] (3) . {قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [الزمر: 28] (4) . {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ} [فصلت: 44] (5) . {وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [يونس: 37] (6)   (1) جاء وصف القرآن في التنزيل كونه " عربيا " إحدى عشرة مرة؛ وبالتالي فهو دليل صارخ على أن لا يكون أعجميا أو لاتينيا: لا عوج ولا عرج ولا عجمة فيه. (2) سورة الشعراء، آية: (193 - 195) . (3) سورة الزخرف، آية: (3) . (4) سورة الزمر، آية: (28) . (5) سورة فصلت، آية: (44) . (6) سورة يونس، آية: (37) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ} [البقرة: 79] (1) . [ السنة الشريفة الرسول صلى الله عليه وسلم يضع الدستور لكتاب الوحي ] في رسم القرآن وكتابته   (1) سورة البقرة، آية: (79) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 (2) السنة الشريفة الرسول - صلى الله عليه وسلم - يضع الدستور لكتاب الوحي في رسم القرآن وكتابته روي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لمعاوية - رضي الله عنه - وهو من كتبة الوحي -: «ألق الدواة وحرف القلم، وانصب الباء، وفرق السين ولا تعور الميم، وحسن الله، ومد الرحمن، وجود الرحيم، وضع قلمك على أذنك اليسرى، فإنه أذكر لك» (1) .   (1) ورد هذا الحديث في الترمذي عن زيد بن ثابت بلفظ " ضع قلمك على أذنك فإنه أذكر للملى " قال الترمذي هذا حديث غريب لا نعرفه إلا هذا الوجه وهو سند ضعيف عنبسة بن عبد الرحمن ومحمد بن زاذان يضعفان في الحديث عارضة الأحوذي جـ 10 كتاب الاستئذان ص 181. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 [ الصحابة والتابعون يتبعون ما أمرهم به الرسول صلى الله عليه وسلم ] (3) الصحابة والتابعون يتبعون ما أمرهم به الرسول - صلى الله عليه وسلم - في عهد الصديق كان جمع الصحف التي كتبها الصحابة - رضوان الله عليهم - على العهد النبوي، لم يزيدوا ولم ينقصوا؛ وفي زمن عثمان كان النسخ في المصاحف بيد زيد بن ثابت وبرضا منه، إذ كان كاتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى مرأى ومسمع من كل الصحابة يومئذٍ. قال الشيخ عبد الحي الكتاني نقلا عن الإمام القسطلاني: " كان التأليف في الزمن النبوي، والجمع في الصحف في زمن الصديق، والنسخ في المصاحف في زمن عثمان، وقد كان القرآن كله مكتوبا في عهده - صلى الله عليه وسلم - لكنه غير مجموع في موضع واحد، ولا مرتب السور ". فها أنت ترى أن الصحابة الكرام - عليهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 الرضوان - أقروا ما رسمه كتبة الوحي، ورضيه الخلفاء الأربعة الراشدون: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي؛ ولم يظهر لهم مخالف على الإطلاق، ثم انتهى الأمر إلى التابعين فمن بعده إلى اليوم، فلم يخالف أحد منهم في هذا الرسم، ولم ينقل أن أحدا منهم فكر أن يستبدل به رسما آخر من الرسوم، التي حدثت في عهد ازدهار التأليف، ونشاط التدوين، وتقدم العلوم؛ بل بقي الرسم العثماني محترما متبعا في كتابة المصاحف، لا يمس استقلاله، ولا يباح حماه! . أخرج ابن أشته في المصاحف، عن زيد بن ثابت: أنه كان يكره أن تكتب: (بسم الله الرحمن الرحيم) ليس لها سين. وأخرج عن يزيد بن أبي حبيب: أن كاتب عمرو بن العاص كتب إلى عمر فكتب (بسم الله) ولم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 يكتب لها سينا، فضربه عمر؛ فقيل له؛ فيم ضربك أمير المؤمنين؟ قال: ضربني في سين. وأخرج عن ابن سيرين أنه كان يكره أن تمد الباء إلى الميم حتى تكتب السين. وأخرج ابن أبي داود في المصاحف، عن ابن سيرين: أنه كره أن يكتب المصحف مشقا. قيل: لم؟ قال: لأن فيه نقصا. ومعنى المشق: سرعة الكتابة. [ إجماع الأمة الإسلامية على ما كتب الخليفة عثمان رضي الله عنه ] (4) إجماع الأمة الإسلامية على ما كتب الخليفة " عثمان " - رضي الله عنه - ملخص هذا الدليل: أن رسم المصاحف العثمانية، ظفر بأمور: كل واحد منها يجعله جديرا بالتقدير ووجوب الاتباع، تلك الأمور هي: إقرار الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 الرسول - صلى الله عليه وسلم - عليه، وأمره بدستوره، وإجماع الصحابة - وكانوا أكثر من اثني عشر ألف صحابي - عليه، ثم إجماع الأمة عليه بعد ذلك، في عهد التابعين والأئمة المجتهدين! وأنت خبير بأن اتباع الرسول واجب فيما أمر به أو أقر عليه؛ لقوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [آل عمران: 31] (1) . والاهتداء بهدي الصحابة واجب، خصوصا الخلفاء الراشدين، لحديث العرباض بن سارية، وفيه يقول - صلى الله عليه وسلم -: «. . فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ» (2) . ولا ريب أن إجماع الأمة في أي عصر واجب   (1) سورة آل عمران، آية: (31) . (2) رواه أبو داود، والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 الاتباع، خصوصا العصر الأول، قال تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: 115] (1) . ممن حكى إجماع الأمة على ما كتب عثمان: صاحب المقنع إذ يروي بإسناده إلى مصعب بن سعد قال: " أدركت الناس حين شقق عثمان - رضي الله عنه - المصاحف، فأعجبهم ذلك ولم يعبه أحد ". وكذلك يروي شارح العقيلة، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -: أن عثمان أرسل إلى كل جند من أجناد المسلمين مصحفا، وأمرهم أن يحرقوا كل مصحف يخالف الذي أرسل إليهم. ولم يعرف أن أحدا خالف في رسم هذه   (1) سورة النساء، آية: (115) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 المصاحف العثمانية. وانعقاد الإجماع على تلك المصطلحات في رسم المصحف: دليل على أنه لا يجوز العدول عنها إلى غيرها. قال الحافظ ابن الجوزي: " إنَّ كتابة الصحابة للمصحف الكريم، مما يدل على عظيم فضلهم في علم الهجاء خاصة، وثقوب فهمهم في تحقيق كل علم " (1) .   (1) مناهل العرفان في علوم القرآن للعلامة الزرقاني: (1 / 376) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 [ الفصل الثاني نقول الأئمة الأربعة وأقوال المحدثين وأقوال الفقهاء ] [ أقوال الأئمة الأربعة رحمهم الله تعالى ] الفصل الثاني نقول الأئمة الأربعة أقوال المحدثين أقوال الفقهاء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 الأئمة الأربعة - رحمهم الله تعالى - (5) الإمام مالك بن أنس (المتوفى 179 هـ) روى السخاوي بسنده: أنَّ مالكا - رحمه الله - سئل: أرأيت من استكتب مصحفا، أترى أن يكتب على ما استحدثه الناس من الهجاء اليوم؟ فقال: " لا أرى ذلك، ولكن يكتب على الكتبة الأولى ". قال السخاوي: والذي ذهب إليه " مالك " هو الحق، إذ فيه بقاء الحالة الأولى إلى أنْ تعلمها الطبقة الأخرى، ولا شك أنَّ هذا هو الأحرى بعد الأحرى، إذ في خلاف ذلك تجهيل الناس بأولية ما في الطبقة الأولى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 وقال أبو عمرو الداني: لا مخالف لمالك من علماء الأمة في ذلك. وقال أبو عمرو الداني - أيضا -: سئل مالك عن الحروف في القرآن مثل الواو والألف، أترى أنْ يغير من المصحف إذا وجد فيه كذلك؟ قال: " لا ". قال أبو عمرو: يعني الألف والواو المزيدتين في الرسم، المعدومتين في اللفظ نحو: (أُولُوا) . (6) الإمام أحمد بن حنبل (المتوفى 241 هـ) قال الإمام أحمد بن حنبل: " تحرم مخالفة خط مصحف عثمان في واوٍ أو ألفٍ أو ياءٍ، أو غير ذلك ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 (7) الحنفية جاء في المحيط البرهاني في فقه الحنفية ما نصه: " إنه ينبغي ألا يكتب المصحف بغير الرسم العثماني ". (8) الشافعية جاء في حواشي المنهاج في فقه الشافعية ما نصه: " كلمة (الربا) تكتب بالواو والألف، كما جاء في الرسم العثماني، ولا تكتب في القرآن بالياء أو الألف، لأن رسمه سنة متبعة ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 [ أقوال المحدثون والفقهاء رحمهم الله تعالى ] المحدثون والفقهاء - رحمهم الله تعالى - (9) الحافظ البيهقي (المتوفى 458 هـ) جاء في كتابه " شعب الإيمان " ما نصه: " من كتب مصحفا ينبغي أن يحافظ على الهجاء الذي كتبوا به تلك المصاحف ولا يخالفهم فيه ولا يغير مما كتبوه شيئا؛ فإنهم كانوا أكثر علما وأصدق قلبا ولسانا وأعظم أمانة، فلا ينبغي أن نظن بأنفسنا استدراكا عليهم ". (10) الإمام البغوي (المتوفى 516 هـ) جاء في كتابه " شرح السنة " ما نصه: " المصحف الذي استقر عليه الأمر هو آخر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 العرضات على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمر عثمان بنسخه في المصاحف، وجمع الناس عليه، وأذهب ما سوى ذلك، قطعا لمادة الخلاف، فصار ما يخالف خط المصحف في حكم المنسوخ، والمرفوع كسائر ما نسخ ورفع، فليس لأحد أن يعدو في اللفظ إلى ما هو خارج عن الرسم ". (11) الفقيه أبو بكر بن العربي (المتوفى 546 هـ) " قال القاضي أبو بكر بن العربي في تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ} [فصلت: 44] (1) . قال علماؤنا: هذا يبطل قول أبي حنيفة - رضي   (1) سورة فصلت، آية: (44) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 الله عنه - أن ترجمة القرآن بإبدال اللغة العربية بالفارسية جائز، لأن الله تعالى قال: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ} [فصلت: 44] نفى أن يكون للعجمة إليه طريق، فكيف يصرف إلى ما نفى الله عنه، مع إن التبيان والإعجاز إنما يكون بلغة العرب، فلو قلب إلى غير هذا لما كان قرآنا، ولا بيانا، ولا اقتضى إعجازا ". (12) العلامة نظام الدين النيسابوري " قال جماعة من الأئمة: إن الواجب على القراء والعلماء وأهل الكتابة أن يتبعوا هذا الرسم في خط المصحف؛ فإنه رسم زيد بن ثابت، وكان أمين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكاتب وحيه ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 (13) شيخ الإسلام ابن تيمية (المتوفى 728 هـ) " إن الله لما أنزل كتابه باللسان العربي، وجعل رسوله مبلغا عنه الكتاب والحكمة بلسانه العربي، وجعل السابقين إلى هذا الدين متكلمين به: لم يكن سبيل إلى ضبط الدين ومعرفته إلا بضبط هذا اللسان، وصارت معرفته من الدين، وصار اعتياد التكلم به أسهل على أهل الدين في معرفة دين الله، وأقرب إلى إقامة شعائر الدين، وأقرب إلى مشابهتهم للسابقين الأولين، من المهاجرين والأنصار في جميع أمورهم. ولهذا لما علم المؤمنون من أبناء فارس وغيرهم هذا الأمر، أخذ من وفقه الله منهم نفسه بالاجتهاد في تحقيق المشابهة بالسابقين، فصار أولئك من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 أفضل التابعين بإحسان إلى يوم القيامة، وصار كثير منهم أئمة لكثير من غيرهم، ولهذا كانوا يفضلون من الفرس: من رأوه أقرب إلى متابعة السابقين، حتى قال الأصمعي - فيما رواه عنه أبو طاهر السلفي - في كتاب فضل الفرس: " عجم أصبهان: قريش العجم " (1) . (14) الإمام ابن الحاج العبدري (المتوفى 737 هـ) قال الإمام ابن الحاج: " ينبغي له - أي للناسخ - بل يتعين عليه: أن لا ينسخ الختمة بلسان العجم، لأن الله تعالى أنزله بلسان عربي مبين، ولم ينزله بلسان العجم، وقد كره مالك - رحمه الله - نسخ المصحف في أجزاء   (1) عن كتابه: (اقتضاء الصراط المستقيم) ص: (11 - 12) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 متفرقة، وقال: إن الله - عز وجل - قال: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ} [القيامة: 17] (1) وهؤلاء يفرقونه، فإذا كره هذا في الأجزاء، فما بالك بتغييره عن اللسان العربي المبين؟ ! ولقد سرى هذا لبعض الناس في هذا الزمان، حتى إنهم ليعدون قراءة القرآن بالعجمية ونسخ الختمة بها من الفضيلة، وبعضهم يجمع في الختمة الواحدة بين كتبها باللسان العربي واللسان الأعجمي، وهذا مخالف لما أجمع عليه الصدر الأول، والسلف الصالح، والعلماء - رضي الله عنهم - وإذا كان ذلك كذلك، فيتعين عليه أن لا يعرج على قول من أجاز ذلك فليحذر من ذلك، والله الموفق " (2) .   (1) سورة القيامة، آية: (17) . (2) عن كتابه (المدخل) ج 4 ص 86 ط دار الفكر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 (15) الإمام أبو إسحاق الشاطبي (المتوفى 790 هـ) قال الإمام أبو إسحاق: " إن الله - عز وجل - أنزل القرآن عربيا لا عجمة فيه، بمعنى أنه جار في ألفاظه ومعانيه وأساليبه على لسان العرب، قال تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [الزخرف: 3] (1) . وقال: {قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ} [الزمر: 28] (2) . وقال: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ - عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ - بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: 193 - 195] (3) . وكان المنزل عليه القرآن: عربيا، أفصح من نطق بالضاد، وهو: " محمد بن عبد الله " - صلى الله عليه وسلم - وكان الذين بعث فيهم عربا - أيضا - يجري الخطاب على   (1) سورة الزخرف، آية: (3) . (2) سورة الزمر، آية: (28) . (3) سورة الشعراء، آية: (193 - 195) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 معتادهم في لسانهم، فليس فيه شيء من الألفاظ والمعاني إلا وهو جارٍ على ما اعتادوه ولم يدخله شيء؛ بل نفى عنه أن يكون فيه شيء عجمي فقال تعالى: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} [النحل: 103] (1) . وقال: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ} [فصلت: 44] (2) . هذا وإن كان بعث للناس كافة، فإن الله - عز وجل - جعل جميع الأمم وعامة الألسنة في هذا الأمر تبعا للسان العرب، وإذا كان ذلك فلا يفهم كتاب الله تعالى إلا من الطريق الذي نزل عليه وهو اعتبار ألفاظها ومعانيها وأساليبها ".   (1) سورة النحل، آية: (103) . (2) سورة فصلت، آية: (44) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 [ الفصل الثالث لجان ومجالس وهيئات منظمات ودور إفتاء وجمعيات معاصرة ] الفصل الثالث لجان ومجالس وهيئات منظمات ودور إفتاء وجمعيات معاصرة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 (16) هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية بعد دراسة الموضوع ومناقشته وتداول الرأي فيه، قرر المجلس بالإجماع: تحريم كتابة القرآن بالحروف اللاتينية، أو غيرها من حروف اللغات الأخرى، وذلك للأسباب التالية: 1 - إن القرآن قد نزل بلسان عربي مبين، حروفه ومعانيه، قال تعالى: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ - نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ - عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ - بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: 192 - 195] (1) والمكتوب بالحروف اللاتينية لا يسمى قرآنا، لقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [الشورى: 7] (2) وقوله: {لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} [النحل: 103] (3) .   (1) سورة الشعراء، الآيات: (192 - 195) . (2) سورة الشورى، آية: (7) . (3) سورة النحل، آية: (103) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 2 - إن القرآن كتب حين نزوله، وفي جمع أبي بكر، وعثمان، - رضي الله عنهما - إياه بالحروف العربية، ووافق على ذلك سائر الصحابة - رضي الله عنهم - وأجمع عليه التابعون، ومن بعدهم إلى عصرنا، رغم وجود الأعاجم، وثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين» الحديث (1) . فوجبت المحافظة على ذلك، عملا بما كان في عهده - صلى الله عليه وسلم - وخلفائه الراشدين، - رضي الله عنهم - وعملا بإجماع الأمة. 3 - إن حروف اللغات من الأمور المصطلح عليها، فهي قابلة للتغيير مرات بحروف أخرى، فيخشى إذا فتح هذا الباب أن يفضي   (1) رواه أبو داود، والترمذي، وقال حديث حسن صحيح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 إلى التغيير كلما اختلف الاصطلاح، ويخشى أن تختلف القراءة تبعا لذلك، ويحصل التخليط على مر الأيام، ويجد عدو الإسلام مدخلا للطعن في القرآن للاختلاف والاضطرابات، كما حصل بالنسبة للكتب السابقة، فوجب أن يمنع ذلك محافظة على أصل الإسلام، وسدا لذريعة الشر والفساد. 4 - يخشى إذا رخص في ذلك أو أقر: أن يصير القرآن ألعوبة بأيدي الناس، فيقترح كل أن يكتبه بلغته، وبما يجد من اللغات، ولا شك أن ذلك مثار اختلاف وضياع، فيجب أن يصان القرآن عن ذلك صيانة للإسلام وحفظا لكتاب الله من العبث والاضطرابات. 5 - إن كتابة القرآن بغير الحروف العربية يثبط المسلمين عن معرفة اللغة العربية، التي بواسطتها يعبدون ربهم، ويفهمون دينهم، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 ويتفقهون فيه، هذا وبالله التوفيق، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم. هيئة كبار العلماء وجهنا السؤال إلى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية، فتفضل مشكورا بإرساله هذه الفتوى الصادرة عن الهيئة في دورتها الرابعة عشر بالطائف، في شوال (1399) هـ. (17) هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية بعد دراسة الموضوع ومناقشته وتداول الرأي فيه، تبين للمجلس أن هناك أسبابا تقتضي بقاء كتابة المصحف بالرسم العثماني، وهي: 1 - ثبت أن كتابة المصحف بالرسم العثماني، كانت في عهد عثمان - رضي الله عنه - وأنه أمر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 كتبة المصحف أن يكتبوه على رسم معين، ووافقه الصحابة، وتابعهم التابعون، ومن بعدهم إلى عصرنا هذا. وثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين» (1) فالمحافظة على كتابة المصحف بهذا الرسم هو المتعين، اقتداء بعثمان وعلي، وسائر الصحابة، وعملا بإجماعهم. 2 - إن العدول عن الرسم العثماني، إلى الرسم الإملائي الموجود حاليا، بقصد تسهيل القراءة! يفضي إلى تغيير آخر إذا تغير الاصطلاح في الكتابة، لأن الرسم الإملائي نوع من الاصطلاح، قابل للتغير باصطلاح آخر، وقد يؤدي ذلك إلى تحريف القرآن بتبديل بعض الحروف أو زيادتها أو نقصها، فيقع الاختلاف بين المصاحف على مر   (1) رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 السنين، ويجد أعداء الإسلام مجالا للطعن في القرآن الكريم، وقد جاء الإسلام بسد ذرائع البشر، ومنع أسباب الفتن. 3 - ما يخشى من أنه إذا لم يلتزم الرسم العثماني في كتابة القرآن: أن يصير كتاب الله ألعوبة بأيدي الناس، كلما عنَّتْ لإنسان فكرة في كتابته اقترح تطبيقها، فيقترح بعضهم كتابته باللاتينية أو غيرها، وفي هذا ما فيه من الخطر، ودرء المفاسد أولى من جلب المصالح. وبناء على هذه الأسباب، اتخذ المجلس! القرار التالي: " يرى مجلس هيئة كبار العلماء: أن يبقى رسم المصحف على ما كان بالرسم العثماني، ولا ينبغي تغييره ليوافق قواعد الإملاء الحديثة، محافظة على كتاب الله من التحريف، واتباعا لما كان عليه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 الصحابة، وأئمة السلف - رضوان الله عليهم أجمعين - والله الموفق، وصلى الله على نبينا محمد. هيئة كبار العلماء وجهنا السؤال إلى مجلس البحث الفقهي بلندن، فأرسل إلينا هذه الفتوى مشكورا، وهي برقم (71) وبتاريخ (21 / 10 / 1399) هـ. (18) مجلس المجمع الفقهي الإسلامي مكة المكرمة إن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي قد اطلع على خطاب الشيخ هاشم وهبة عبد العال من جدة، الذي ذكر فيه موضوع (تغيير رسم المصحف العثماني إلى الرسم الإملائي) وبعد مناقشة هذا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 الموضوع من قبل المجلس واستعراض قرار هيئة كبار العلماء بالرياض رقم (71) وتاريخ 21 / 10 / 1399) هـ، الصادر في هذا الشأن، مما جاء فيه من ذكر الأسباب المقتضية بقاء كتابة المصحف بالرسم العثماني: قرر بالإجماع تأييد ما جاء في قرار مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية من عدم جواز تغيير رسم المصحف العثماني، ووجوب بقاء رسم المصحف العثماني على ما هو عليه، ليكون حجة خالدة، على عدم تسرب أي تغيير أو تحريف في النص القرآني، واتباعا لما كان عليه الصحابة، أئمة السلف - رضوان الله عليهم أجمعين - أما الحاجة إلى تعليم القرآن، وتسهيل قراءته على الناشئة التي اعتادت الرسم الإملائي الدارج، فإنها تتحقق عن طريق تلقين المعلمين، إذ لا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 يستغني تعليم القرآن في جميع الأحوال عن معلم، فهو يتولى تعليم الناشئين قراءة الكلمات التي يختلف رسمها في المصحف العثماني عن رسمها في قواعد الإملاء الدارجة، ولا سيما إذا لوحظ أن تلك الكلمات عددها قليل، وتكرار ورودها في القرآن كثير، ككلمة: (الصلوة) و: (السموات) ونحوهما، فمتى تعلم الناشئ الكلمة بالرسم العثماني، سهل عليه قراءتها كلما تكررت والمصحف، كما يجري مثل ذلك تماما في رسم كلمة (هذا) ، و (ذلك) في قواعد الإملاء الدارجة أيضا. والله ولي التوفيق، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. تفضل كذلك بإرسالها إلينا مجلس البحث الفقهي بلندن فشكرا جزيلا للأستاذ حسن علي الأهدل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 (19) وزارة العدل - دار الإفتاء جمهورية مصر العربية للإجابة على السؤال وهو: ما مدى جواز كتابة النص القرآني بالحرف اللاتيني تيسيرا لغير العرب؟ يتوقف الجواب على هذا السؤال على معرفة الإجابة عن سؤال آخر وهو: هل الرسم العثماني للمصحف توقيفي، وهل يجب الالتزام به أم لا؟ ذهب جمهور العلماء إلى أن رسم المصحف توقيفي، لا تجوز مخالفته - واستدلوا بأدلة كثيرة منها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان له كتاب يكتبون الوحي، وقد كتبوا القرآن الكريم فعلا بهذا الرسم، وأمرهم الرسول على كتابته، ومضى عهده - صلى الله عليه وسلم - والقرآن على هذه الصورة، ولم يحدث فيه تغيير ولا تبديل - بل ورد أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يضع الدستور لكتاب الوحي في رسم القرآن وكتابته - والكتيب الذي أرفق - بطلب مركز التربية الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 الإسلامية بفرنسة - عظيم في هذا الشأن، ونؤيد ما جاء به، وخاصة قرار مجلس المجمع الفقهي الإسلامي المنعقد في مكة المكرمة، في تاريخه، والذي قرر بإجماع أعضائه ما جاء في قرار مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية: عدم جواز تغيير رسم المصحف العثماني، ووجب بقاء رسم المصحف العثماني على ما هو عليه ليكون حجة خالدة على عدم تسرب أي تغيير تحريف في النص القرآني، واتباعا لما كان عليه الصحابة، وأئمة السلف - رضوان الله عليه أجمعين - ويجب على من يعتنق الإسلام: أن يجتهد قدر وسعه، ويبذل طاقته لتعلم اللغة العربية، ما تيسر له، حتى يستطيع أن يقرأ ما تصح به الصلاة بالعربية، وإن وجد صعوبة في باقي الفروع فلا بأس من ترجمة المعاني، أي: تفسير النص القرآني الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 وترجمته إلى غير العربية حفاظا على جمال " القرآن الكريم " وكماله وبلاغته وإعجازه. والله ولي التوفيق. مفتي جمهورية مصر العربية سيد محمد طنطاوي وجهنا إليه السؤال، فتفضل بالجواب مشكورا. (20) لجنة الفتوى في الأزهر جمهورية مصر العربية سئلت لجنة الفتوى في الأزهر عن: كتابة القرآن بالحروف اللاتينية؟ فأجابت: بعد حمد الله، والصلاة والسلام على رسوله، بما نصه: " لا شك أن الحروف اللاتينية المعروفة، خالية من عدة حروف توافق العربية، فلا تؤدي جميع ما تؤديه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 الحروف العربية، فلو كتب القرآن الكريم بها على طريق النظم العربي - كما يفهم من الاستفتاء - لوقع الإخلال والتحريف في لفظه، ويتبعهما تغير المعنى وفساده، وقد قضت نصوص الشريعة بأن يصان القرآن الكريم من كل ما يعرضه للتبديل والتحريف، وأجمع علماء الإسلام - سلفا وخلفا - على أن كل تصرف في القرآن يؤدي إلى تحريف في لفظه، أو تغيير في معناه: ممنوع منعا باتا، ومحرم تحريما قاطعا، وقد التزم الصحابة - رضوان الله عليهم - ومن بعدهم إلى يومنا هذا: كتابة القرآن بالحروف العربية) . أوردها الشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني في كتابه: مناهل العرفان ج 2 ص 134 ط دار الفكر محيلا على المجلد السابع من مجلة الأزهر ص (45) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 (21) لجنة من أفاضل علماء الأزهر بمصر تشكلت لجنة ضمت نخبة من أفاضل علماء الأزهر لوضع تفسير عربي دقيق، تمهيدا لترجمته بواسطة لجنة فنية مختارة، تنفيذا لقرار مجلس الوزراء المصري المنعقد في (16 أبريل 1936) بناء على ما رفعه إليه فضيلة شيخ الأزهر في ذلك الوقت. هذه اللجنة كان أول ما وضعته من ضوابط وتحفظات، ما جاء في البند الأول من قرارها وهو: 1 - عدم جواز كتابة القرآن الكريم بحروف غير عربية حذرا من التحريف في لفظه العربي. عن بحث: " ترجمة القرآن بين الحظر والإباحة " لفضيلة شيخ الأزهر الشيخ جاد الحق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 (22) مجلس الإقراء بدمشق في محضر كبار القراء ومشيختهم الجمهورية العربية السورية اطلع المجلس على الكتاب ودرسه بدقة فقرر بعد ذلك بالإجماع: أن كتابة القرآن العظيم بالأحرف اللاتينية، أمر خطير بالغ الخطورة، وهو غير جائز، لأن الأحرف العربية لا يوجد كثير منها باللاتينية، وهو تحريف للقرآن وتغيير له عن العربية المنزل بها، وليس هناك مبرر لكتابته باللاتينية من أجل الذين دخلوا ويدخلون في الإسلام من غير العرب، فحال هؤلاء كحال الذين من قبلهم من الأمم غير العرب، الذين لم يفكروا في يوم من الأيام أن يكتبوا القرآن بأحرفهم، مع أن أكثر المسلمين اليوم في الدنيا من غير العرب: من أتراك، وعجم، وهند، وباكستان، وأندونيسية، وأفريقية، وغيرهم من بلاد المسلمين، فكل هذه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 البلاد التي تدين بالإسلام لم تكتب القرآن فيما مضى بغير الحرف العربي، ولو كتب القرآن كل بلغته، وأضافه إلى قطره وبلده، لتعددت الكتابات، وأدى ذلك إلى أن يقال في مستقبل الأمر وبعد الاختصار: قرآن هندي، وقراَن تركي، أو غير ذلك، وفيه ما فيه، ولقد رأينا في صفوف الأعاجم من المسلمين اليوم: من يقرأ القرآن مرتلا مجودا، أحسن من قراءة كثير من العرب، الذين أنزل القرآن بلغتهم! ثم يقول الشيخ حسني خطاب شيخ قراء الشام بدمشق: يجب أن لا يقدم أحد على كتابة المصحف الشريف، أو طباعته، إلا بعد مراجعة رسمه الأول واقتفاء أثره، اقتداء بالسلف الصالح، وعملا بما عليه الجماهير المعتمدة من أئمة الإسلام، ومحافظة على ما يحويه الرسم من أنواع القراءات المتواترة، التي يشملها الرسم القديم، ولا يترك شيء قد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 أحكمه السلف لجهل الجاهلين، أو زحفا وراء المغرضين من أعداء الدين، أو طمعا في نزر يسير من حطام الدنيا ومتاعها، فإنها لا تساوي عند الله جناح بعوضة؛ والقرآن كلام الله لا يعدله شيء، وفي ذكر هذه النصوص الموجزة، من الحديث والقديم: بيان ما يجب أن يصار إليه في رسم القرآن الكريم، والمحافظة عليه كتابة وقراءة، وترتيلا وتجويدا، أما غير ذلك فإنه لعب بكتاب الله، وتعريض له للضياع، وسبب في تفريق كلمة المسلمين، وقد أنزل الله كتابه لتوحيد كلمتهم، وضم شملهم، وضمان حقوقهم، وتهذيب أخلاقهم: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9] (1) والحمد لله رب العالمين. وجهنا السؤال إلى فضيلة الشيخ عبد الرزاق الحلبي، فتفضل المجلس كله بالجواب، فشكرا له ولهم جميعاٌ.   (1) سورة الحجر، آية: (9) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 (23) وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية دائرة الإفتاء العام - عمان / الأردن فإن مما لا شك أن الحروف اللاتينية المعروفة خالية من عدة حروف توافق العربية؛ فلا تؤدي جميع الحروف العربية مثل: (القاف، والحاء، والخاء، والعين، والضاد، والظاء، والطاء) . فلو كتب القرآن الكريم بالحروف اللاتينية، على طريقه النظم العربي، لوقع الإخلال والتحريف في لفظه، وتبعها تغير المعنى وفساده! وقد قضت نصوص الشريعة الإسلامية بأن يصان القرآن الكريم عن كل ما يعرضه للتبديل والتحريف: قال الله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9] (1) وقال   (1) سورة الحجر، آية: (9) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 الله تعالى: {لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ} [يونس: 64] (1) . وقال تعالى: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ - عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ - بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: 193 - 195] (2) . وقال تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الزخرف: 3] (3) . وقال تعالى: {قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [الزمر: 28] (4) . فلا عوج فيه، لا من حيث اللفظ والنظم، ولا من حيث المعنى. وبذلك أجمع علماء الإسلام - سلفا وخلفا - على أن كل تصرف في القرآن الكريم يؤدي إلى تحريف لفظه أو تغيير في معناه: ممنوع منعا باتا، ومحرم تحريما قاطعا. وقد التزم الصحابة - رضي الله عنهم - ومن   (1) سورة يونس، آية: (64) . (2) سورة الشعراء، آية: (193 - 195) . (3) سورة الزخرف، آية: (3) . (4) سورة الزمر، آية: (28) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 بعدهم إلى يومنا هذا: كتابة القرآن الكريم بالحروف العربية. ومن هذا تبين بوضوح: أن كتابة القرآن الكريم بالحروف اللاتينية المعروفة، أو بحروف اللغات الأخرى: لا تجوز والله تعالى أعلم. المفتي العام عز الدين الخطيب التميمي وجهنا السؤال إلى مجلس المنظمات والجمعيات الإسلامية بالأردن، فأحالوه إلى دائرة الإفتاء، فتفضلت بالجواب، فشكرا لهم جميعا. (24) كلية الشريعة والدراسات الإسلامية جامعة قطر فقد أنزل الله تعالى القرآن عربيا، كما نصت على ذلك آياته الكثيرة، مثل قوله تعالى: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [يوسف: 2] (1) . {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا} [الرعد: 37] (2) . وقد اقتضت حكمة الله تعالى أن يكتب هذا القرآن الكريم منذ أنزل على رسوله - صلى الله عليه وسلم - بالحرف العربي المعبر عن اللسان العربي، فهو قرآن وكتاب، ومن حيث هو قرآن: يتلى باللسان العربي، ومن حيث هو كتاب: يكتب بالحرف العربي المعبر عن الأصوات التي تميزت بها العربية. وعلى هذا أجمعت الأمة منذ عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وعهد خلفائه الراشدين المهديين، الذين أمرنا أن نتمسك بسنتهم، ونعض عليها بالنواجذ. وإذا كان هذا هو موقف المسلمين الإجماعي، من الرسم العثماني للنص القرآني وحرصهم عليه، ورفضهم لأي تغيير في صورته مع بقاء الحرف العربي كما هو، فكيف نجيز كتابة النص القرآني   (1) سورة يوسف، آية: (2) . (2) سورة، الرعد، آية: (37) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 بحرف آخر غير الحرف العربي، مثل الحرفي اللاتيني؟ ! مع أن هذا الحرف لا يوجد به ما يعبر عن كل الأصوات العربية، التي لها أحرف خاصة في لغة العرب، مثل: الصاد، والضاد، والطاء، والظاء، والعين، والحاء، ونحوها. وربما قيل: إن ذلك يمكن أن يعالج بوضع علامات خاصة، كالتي وضعها المستشرقون لتمييز الصوت الذي لا يوجد له حرف خاص يعبر عنه في الحروف اللاتينية، ولكن هذا يفيد من يعرف اللغة العربية، وأصوات الحروف فيها، أما غيره فلا يستفيد منها إلا بعد دراسة وتدريب. ثم هناك أشياء مثل: همزة الوصل، ومتى ينطق بها، ومتى لا ينطق؟ وكذلك التنوين في حالة الوصل، وحالة الوقف، واختلاف ذلك في حالة النصب عن حالتي الرفع والجر، وأيضا التنوين في التاء المربوطة واختلافه عن التاء المفتوحة في حالة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 الوقف؛ وغير ذلك، مما يمكن أن يظهر بالممارسة، ولا يصلح معه إلا التلقي الشفهي. مكتب العميد الدكتور يوسف القرضاوي وجهنا إليه السؤال، فتفضل بالجواب مشكورا (25) وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الهيئة العامة للفتوى - الكويت لا يجوز كتابة القرآن الكريم (المصحف) بغير اللغة العربية، وبغير الرسم العثماني؛ حتى ولو كان بقصد تيسير قراءة القرآن الكريم لغير العرب، أو للمسلمين الجدد، لما يترتب على ذلك من تحريف للقرآن الكريم، وتبديل بعض الحروف، ولأنه كتب بالرسم العثماني، الذي يستوعب القراءات السبع كلها، وسدا للذرائع، وصيانة للقرآن الكريم من محاولات التغيير والتبديل، التي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 يحرص عليها أعداء الإسلام، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم. مدير مكتب الإفتاء مشعل مبارك الصباح وجهنا السؤال إلى الهيئة الخيرية العالمية الإسلامية، فأحالته إلى الهيئة العامة للفتوى، فتفضلت بالجواب مشكورة، فشكرا لهما جميعا. (26) وزارة الأوقاف - إدارة جامع بني أمية الجمهورية العربية السورية إن فكرة كتابة القرآن الكريم بالأحرف اللاتينية فكرة هدامة، يجب محاربتها بكل الوسائل، على أن علماء الأمة الإسلامية، وعلماء القراءات، لم يجيزوا كتابته إلا بالرسم الذي رسم به في زمن الخليفة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 الثالث سيدنا عثمان - رضي الله عنه - وحافظوا على هذا الرسم حتى وصلنا بطريق التواتر، والآيات القرآنية شاهدة على ذلك، بأن نزل باللغة العربية وحروفها، والذي نعتقده وندين به: أنه لا يجوز كتابة القرآن باللاتينية، ولا على قواعد الإملاء الحديث، وإنما على ما كتبه الصحابة الكرام، ومراعاة الأصول في ذلك، والله أعلم. كتبه عبد الرزاق الحلبي وجهنا إليه السؤال، فتفضل بالجواب مشكورا. (27) جمعية علماء الهند دلهي - الهند أود أن أجيبكم بأن علماء السلف الصالح لا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 يجيزون كتابة نص القرآن الكريم بغير العربية، وهذا هو مسلك الأمة؛ وكما هو معلوم أن الأمة الإسلامية تتعرض لفتن ومخاطر كثيرة في هذا العصر على أيدي الأعداء، وهذه الفتنة تشكل جزءا من مسلسل التآمر! رئيس جمعية علماء الهند أسعد مدني وجهنا إليه السؤال، فتفضل بالجواب مشكورا. (28) رئاسة الشؤون الدينية أنقرة - الجمهورية التركية من المعلوم أن الكتابة هي بيان الأصوات: بالحروف أو الأرقام أو الإشارات (كالنوطة في الموسيقى مثلا) ، وأنه كما توجد في جميع اللغات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 أصوات تتوافق مع بعضها، يوجد كذلك أصوات منفردة في بعض اللغات لا توجد في غيرها. وإن مجموع الإشارات التي تعبر عن الأصوات الخاصة، بأي لغة يطلق عليها: " الحروف الهجائية "، فبسبب اختلاف عدد وصفات الأصوات في مختلف اللغات، قد تكون الحروف الهجائية مختلفة أيضا بين اللغات، لأن كل مجموعة من حروف الهجاء، مرتبة لتعبير الأصوات الخاصة بلغتها، لذا لا يمكن كتابة أي نص كتابة تامة وسالمة من الأخطاء بحروف هجائية عائدة إلى لغة غير لغة ذلك النص، كما لا يمكن - أيضا - قراءته قراءة صحيحة بأصوات تلك اللغة. إن لغة القرآن الكريم هي: اللغة العربية، والقرآن مخطوط بالحروف الهجائية العربية، وعدد الحروف الهجائية العربية: (28) حرفا، وعدد حروف الهجاء المحدثة من أصل لاتيني للغات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 التي تستعمل في مختلف البلدان بقرب نفس العدد، تقل أو تكثر عنها بحرف أو حرفين فقط. ولكن الجدير بالذكر هنا: أن كل حرف من حروف اللغة العربية له صوت خاص ينفرد عن غيره، وبعض الحروف المحدثة من أصل لاتيني كحروف (i، e، a، u، o،) تستعمل لتصويت الحروف الأخرى، حيث تقوم الحركات مقام هذا التصويت المذكور باللغة العربية (كالفتحة والكسرة والضمة، وهي إشارات خاصة لهذه اللغة) ، وليس من الضروري أن توجد هذه الحركات مرسومة على الخط المكتوب. إذا، إن حروف الهجاء للغة العربية تزيد عن اللغات المحدثة من أصل لاتيني بثمانية حروف، وذاك بالإضافة إلى أنه لا يوجد بين حروف هجاء اللغة العربية أصوات وصفات بعض الأحرف المستعملة باللغات المحدثة من أصل لاتيني الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 كحروف: (o، o، j، g، c، p) . ومعنى هذا: أن النص العربي إذا كتب بحروف لاتينية، فلا تستعمل هذه الحروف المدرجة أعلاه بكتابة ذلك النص. وبذلك يزداد عدد أصوات اللغة العربية، التي لا يوجد مقابلها في اللغات اللاتينية. كما أن لتلاوة القرآن الكريم قواعد خاصة تجويدية، كالإدغام والإظهار والإخفاء والإقلاب، لا يمكن تحقيق هذه القواعد إلا بالخط القرآني العربي. إذا، لا توجد في الحروف اللاتينية جميع أصوات الحروف العربية، كما لا توجد - أيضا - الميزات اللازمة والضرورية لتلاوة القرآن الكريم، لذا لا يمكن كتابة وتلاوة القرآن الكريم بالحروف اللاتينية سالمة من النقص والأخطاء، إلا بعد تنسيق وإبداع واستعمال بعض الرموز والحروف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 الخاصة، مع أن هذه الرموز والحروف الخاصة التي تستخدم بقراءة الحروف العربية والتي يسمونها: (ترانسكريبسيون - Transkripsiyon) ، تنفع فقط في حالة المعرفة التامة للحروف العربية ومخارجها وقراءتها، وإلا فلا فائدة لها في حالة عدم معرفة مخارج الحروف العربية، ولا تؤدي لأي سهولة وتيسير في تلاوة القرآن الكريم تلاوة صحيحة، وقي الأصل ليس سبب وضع رموز (الترانسكريبسيون) كان لكتابة النصوص العربية الطويلة؛ بل السبب الوحيد هو استعمالها بكتابة بعض الألفاظ والأسامي العربية المحدودة، في الكتب والمقالات الأجنبية، وقراءتها قراءة صحيحة من قبل الذين يعلمون تلك الرموز، وإلا فلم يوجد في العالم أي كتاب عربي مطبوع برموز (الترانسكريبسيون) . لا يفيد رأينا هذا عدم إمكانية كتابة وتلاوة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 القرآن الكريم بالحروف اللاتينية فحسب؛ بل يفيد - أيضا - عدم إمكانية كتابة وقراءة أي كتاب عربي بتلك الحروف. وكما ذكرنا أعلاه: إنه لا يمكن كتابة وقراءة وفهم أي متن عربي، وخاصة النص القرآني بالحروف اللاتينية. وهذا هو رأينا العلمي بالخصوص، والله أعلم. رئيس اللجنة العليا للشؤون الدينية وجهنا إليها السؤال، فتفضلت بالجواب مشكورة. [ الفصل الرابع علماء وشيوخ وأساتذة ومدرسون مدراء وخطباء ودعاة ومفتون ] معاصرون ومجلات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 الفصل الرابع علماء وشيوخ، وأساتذة ومدرسون مدراء وخطباء ودعاة ومفتون معاصرون ومجلات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 (29) الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الجامع الأزهر (الأسبق) القاهرة - مصر المحاولات لتحريف القرآن الكريم، مستمرة ودائمة. . منذ عهد قديم، وقد تمثلت أولا في الخروج بتفسيره عن هدي الدين، وصرف المسلمين عن هدايته بأخبار موضوعة تبلبل المفاهيم وتصرفها عن روح الدين، كما هو ملاحظ في بعض التفاسير من الإسرائيليات، والحشو. ومن ناحية ثانية: فقد حرفت بعض الطوائف معاني القرآن الواضحة الظاهرة إلى معان باطنة! لا تمثل إلا ما يهدم الدين تحت دعوى الخصوصية والفهم الذي لا يقبل الخطأ ونحو ذلك! وتمثلت هذه المحاولات: في القضاء على لغة القرآن وتوجيه الطعنات إليها، ثم إلى القرآن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 ثالثا: بتغيير رسمه، وكيفية نطقه. وآخر هذه المحاولات تغيير " القرآن الكريم " بحذف بعض الكلمات منه، أو تغيير شكل الكلمة، حتى يتغير المعنى تبعا لذلك، وطبع مصاحف محرفة طبعات أنيقة وتم نشرها على أوسع نطاق! وعلماء المسلمين يحفظون القرآن في صدورهم، ويكشفون ما استطاعوا من هذا التزييف، والأزهر يمارس نشاطا كبيراٌ في مجال القضاء على كل محاولات التحريف، فتقوم لجنة المصحف التابعة لمجمع البحوث الإسلامية باعتماد ما تراه صحيحا من المصاحف قبل الطبع. وتفحص المصاحف المزورة وتصدر نشرات عنها وعن طبعاتها، وتنبه البلاد الإسلامية إلى خطرها. والأمل كبير في أن تتكاتف الحكومات الإسلامية أمام هذا المظهر الخطر من محاولات تزييف الدين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 والتراث في أقدس مخلداته، وهو القرآن الكريم الذي: {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت: 42] (1) . نقلا عن فتاواه (ج 1 ص 157) ط دار المعارف بمصر. (30) الشيخ محمد عبد الله دراز من علماء الأزهر الشريف روعي في تسميته قرآنا كونه متلوا بالألسن، كما روعي في تسميته كتابا كونه مدونا بالأقلام، فكلتا التسميتين من تسمية الشيء بالمعنى الواقع عليه، وفي تسميته بهذين الاسمين إشارة إلى أنه من حقه العناية بحفظه في موضعين لا في موضع واحد، أعني: أنه يجب حفظه في الصدور والسطور جميعا   (1) سورة فصلت، آية: (42) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 قال تعالى {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} [البقرة: 282] (1) فلا ثقة لنا بحفظ حافظٍ، حتى يوافق الرسم المجمع عليه من الأصحاب، المنقول إلينا جيلا بعد جيل، على هيئته التي وضع عليها أول مرة، ولا ثقة لنا بكتابة كاتب، حتى يوافق ما هو عند الحفاظ بالإسناد الصحيح المتواتر. وبهذه العناية المزدوجة التي بعثها الله في نفوس الأمة المحمدية اقتداء بنبيها - صلى الله عليه وسلم - بقي القرآن محفوظا في حرز حريز، إنجازا لوعد الله الذي تكفل بحفظه، حيث يقول: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9] (2) ولم يصبه ما أصاب الكتب الماضية من التحريف والتبديل وانقطاع السند.   (1) سورة البقرة، آية: (282) . (2) سورة الحجر، آية: (9) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 (31) الشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني مدرس علوم القرآن وعلوم الحديث بكلية أصول الدين جامعة الأزهر مصر جمال القرآن اللغوي هو تلك الظاهرة العجيبة التي امتاز بها القرآن في رصف حروفه وترتيب كلماته، ترتيبا دونه كل ترتيب ونظام، تعاطاه الناس في كلامهم، وبيان ذلك: أنك إذا استمعت إلى حروف القرآن خارجة من مخارجها الصحيحة تشعر بلذة جديدة في رصف هذه الحروف، بعضها بجانب بعض في الكلمات والآيات هذا ينقر، وذاك يصفر، وهذا يخفى، وذاك يظهر، وهذا يهمس وذاك يجهر. . إلى غير ذلك، مما هو مقرر في باب مخارج الحروف وصفاتها في علم التجويد. ومن هنا يتجلى لك جمال لغة القرآن حين خرج الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 إلى الناس في هذه المجموعة المختلفة المؤتلفة الجامعة بين اللين والشدة، والخشونة والرقة والجهر والخفية، على وجه دقيق محكم، وضع كلا من الحروف وصفاتها المتقابلة في موضعه بميزان حتى تألف من المجموع قالب لفظي مدهش وقشرة سطحية أخاذة امتزجت فيها جزالة البداوة في غير خشونة، برقة الحضارة من غير ميوعة وتلاقت عندها أذواق القبائل العربية على اختلافها بكل يسر وسهولة، ولقد وصل هذا الجمال اللغوي إلى قمة الإعجاز، بحيث لو داخل في القرآن شيء من كلام الناس لاعتل مذاقه في أفواه قارئيه واختل نظامه في آذان سامعيه! ومن عجيب أمر هذا الجمال اللغوي، وذاك النظام الصوتي، أنهما كما كانا دليل إعجاز من ناحية، كانا سورا منيعا لحفظ القرآن من ناحية أخرى، وذلك أن من شأن الجمال اللغوي والنظام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 الصوتي، أن يسترعي الأسماع، ويثير الانتباه ويحرك داعية الإقبال في كل إنسان، إلى هذا القرآن الكريم، وبذلك يبقى أبد الدهر سائدا على ألسنة الخلق وفي آذانهم، ويعرف بذاته ومزاياه بينهم، فلا يجرؤ أحد على تغييره وتبديله، مصداقا لقوله سبحانه: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9] (1) . نقلا عن كتابه (مناهل العرفان في علوم القرآن) ج 2 ص 312 ط دار الفكر. (32) الشيخ محمد شاكر من علماء مصر هل يريد أولئك الذين أصابتهم حمى التجدد والانتقال، بثورتهم هذه على القرآن الكريم في ثوبه   (1) سورة الحجر، آية: (9) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 العربي: أن يشهدوا آخر مصرع للجامعة الإسلامية؟ ! إذ يجدون في الجمهورية التركية قرآنا تركيا، وفي المستعمرات الإنكليزية قرآَنا إنكليزياَ وفي مستعمرات الدول الأخرى قرآنا فرنسيا، وآخر إيطالياٌ، أو إسبانيا، أو هولانديا! نقلا عن كتابه (القول الفصل في ترجمة القرآن الكريم) ص (11 - 12) . (33) الشيخ علال الفاسي من علماء الطبقة الأولى بجامع القرويين فاس - المغرب انبعث الجذال في هذه المسألة حينما فكر مصطفى كمال في نقل القرآن إلى التركية، وترجمة الفاتحة والأذان باللغة التركية، وكانت أسباب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 الاستنكار لذلك زيادة على ما بينه العلماء الأقدمون، مما يمس إعجاز القرآن والتحدي بلفظه ومعناه، ترجع إلى ما يمكن أن يحدث ذلك من الشعور بالاختلاف بين المسلمين في العبادات وفي فهم القرآن المترجم، أما الأسباب التي استعملها الأتراك لتبرير الفعل فترجع إلى ضرورة استعمال اللغة القومية قي العبادات والمعاملات، وهي علة تتنافى مع مقاصد الوحدة في الإسلام. وهناك أسباب أخرى تستوجب الاعتبار وهي: أن القرآن أنزل للمسلمين جميعا، لا فرق بين عربهم وعجمهم، وأن الواجب يقضي بتعميم الاستفادة منه للجميع. نقلا عن كتابه (مقاصد الشريعة الإسلامية) ص 104. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 (34) الدكتور عبد الغني الراجحي أستاذ الدراسات العليا بجامعة الأزهر نحن لا نوافق على هذا العمل الطائش: أن تكتب الألفاظ القرآنية بحروف لاتينية، وهو يفتح الباب لأن يكتب القرآن بحروف إنجليزية أو صينية أو يابانية، فيقوم بدل القرآن الواحد المنقول إلينا بالتواتر رسمه ولفظه وإملاؤه: قرآنات كثيرة! حاشي لله، والله يقول: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [يوسف: 2] (1) فالعربية والقرآن متلازمان لا ينفكان؛ ثم إن هذا يفتح الباب لتعدد القرآن كتعدد الأناجيل، وفي ذلك من الفساد ما لا يحصى، وأما إبلاغ هداية القرآن إلى الناس، فيأتي بالترجمة المعنوية لمعاني القرآن الكريم حتى تصل هدايته إلى الناس بطريق الترجمة مع الاحتفاظ   (1) سورة يوسف، آية: (2) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 بأصله العربي المنزل عليه والعض عليه بالنواجذ: {قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [الزمر: 28] (1) . وجهنا إليه السؤال، فتفضل بالجواب مشكورا. (35) الشيخ يوسف بن عبد الرحمن البرقاوي الزرقاء - المملكة الأردنية الهاشمية لا شك أن كتابة النص القرآني بالحرف اللاتيني للتيسير على الأعاجم أمر خطير، لما يترتب عليه من العواقب، فهذا مرفوض لأن القرآن الكريم أنزله الله بلسان عربيٍّ مبين، تحدى به أرباب الفصاحة وأصحاب البيان، وهم العرب أهل اللسان الذين عجزوا عن أن يأتوا بسورة من مثله، فإذا رسم القرآن بغير الحروف العربية فإنه يفقد إعجازه   (1) سورة الزمر، آية: (28) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 ويصبح كأي كتاب آخر. وجهنا إليه السؤال، فتفضل بالجواب مشكورا. (36) الشيخ عبد الحميد طهماز مدرس القرآن الكريم وتجويده في معهد تعليم اللغة العربية جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض إن القرآن الكريم كلام الله تعالى المنزل على سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باللفظ العربي، فلا تجوز كتابته بأي حرف بغير الحروف العربية التي أنزل بها، كما لا تجوز كتابته بغير الرسم الذي رسمت حروفه به عندما نسخت المصاحف في عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان - رضي الله عنه وأرضاه - على هذا رانعقد إجماع الأمة المسلمة من عصر الصحابة، فلا يجوز مخالفة هذا الإجماع والخروج عليه، حتى لا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 ينطبق علينا قوله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: 115] (1) . إن كتابة المصحف بغير الحروف العربية، وبغير الرسم العثماني: ابتداع في الدين، واتباع لغير سبيل المؤمنين، ومخالفة لما سنه الصحابة - رضي الله عنهم - في عهد الخلفاء الراشدين، الذين أوصى الرسول - صلى الله عليه وسلم - بوجوب التمسك بسنتهم فقال: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة» (2) . ولا شك أن كتابة القرآن الكريم بالحروف اللاتينية: بدعة في الدين كبيرة، وهي من أقبح البدع وأشنعها، لما فيها من خطر على كتاب الله تعالى، ومحاولة إحداث تغيير فيه، وواجب على كل مسلم أن يعمل بكل ما أوتي من قوة على قمعها   (1) سورة النساء، آية: (115) . (2) رواه أبو داود، والترمذي وقال: حديث حسن صحيح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 ومنعها، من أجل المحافظة على كتاب الله تعالى والمصحف الذي يكتب بالحروف اللاتينية أو بغيرها من الحروف الأعجمية لا يعد شرعا قرآنا، ولا تصح الصلاة بقراءته، لأن الله سبحانه ما أنزل القرآن الكريم إلا بلسانٍ عربي مبين. وجهنا إليه السؤال، فتفضل بالجواب مشكورا. (37) الشيخ بدَّاه بن البوصيري خطيب المسجد الكبير في نواكشوط الجمهورية الإسلامية الموريتانية من المعلوم بديهيا من دواوين كتب الفروع والأصول، ومن الذوق السليم: أن رسم القرآن في المصحف العثماني سنة متبعة، لا يجوز تغييرها ولا تبديلها، لأنها: إما بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - وإما باجتماع الخلفاء الراشدين، الذين قال فيهم - صلى الله عليه وسلم - كما في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 الحديث الصحيح -: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور. . .» (1) . فقد روى إمام المالكية - العالم المنقطع النظير - القاضي عياض: أن من بدل شيئا من الرسم الأصيل كفر والعياذ بالله تعالى. ومن المعلوم أن من أمر بذلك كمن فعله، فخط المصحف القديم لا تهتدي لسره الفحول، ولا تحوم حوله العقول، قد خص بتلك المنزلة عن جميع الكتب المنزلة، ليظهر الإعجاز في المرسوم منه كما في لفظه المنظوم. وكتبه - والحالة هذه - بحروف لاتينية يصبح مسلوب الخصيصة بكونه قرآنا وحكما عربيا،   (1) رواه أبو داود، والترمذي وقال: حديث حسن صحيح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 يصبح إما قرآنا فرنسيا، أو قرآنا أمريكيا، أو قرآنا إنجليزيا، إلى غير ذلك! ! فيالله للإسلام والمسلمين! فيا أيها المسلمون في جميع أنحاء المعمورة: تنبهوا لهذا الداء الفتاك، قبل أن يستفحل في جميع البلاد فيعم ضرره ويتطاير شرره وقذره، فإن بادرتموه تداركوه، وإلا يسبق السيف البدار! وجهنا إليه السؤال، فتفضل بالجواب مشكورا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 (38) الشيخ عبد الله بن إبراهيم الأنصاري مدير إدارة إحياء التراث الإسلامي الدوحة - قطر نزل القرآن باللسان العربي، وحيث إنه معجز برسم كلماته، ودلالات معانيه، وصوره البلاغية، التي لا تحسن أي لغة أداءها، وضمانا له من التحريف أن يتحول إلى أي رسم آخر غير رسمه العربي، وقد كان من ضمن صحابة النبي - صلى الله عليه وسلم - أعاجم من الفرس والروم والأحباش، وغيرهم من مختلف الألسن في ذلك الزمان، ولكن الرسول - صلى الله عليه وسلم - التزم المنهج الرباني في حفظ القرآن، وتعليمه باللسان العربي المبين، فلم يأمر من كانت ألسنتهم من غير العرب بنقله بألسنتهم تيسيرا لهم، وإنما أمرهم - صلى الله عليه وسلم - بتعليم العربية، ومن ثم تعلم القرآن وإجادة أدائه، وقال: «اقرؤوا القرآن كما أنزل» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 وإن من ضرورات الدين: تعلم الله العربي لإتقان العبادة لله، وتعلم اللغة لا يكون بتحريفها عن طريق قراءتها أو كتابتها بالحروف اللاتينية فهذا غش وتزوير، وخروج عن مفهوم وواقع اللغة، وإن صلح هذا الأمر لبعض اللغات الأخرى، التي لا ترتبط بمفاهيم العادة فإنه لا يصح ولا يصلح إطلاقا بالنسبة للقرآن الكريم لارتباط اللغة العربية به وارتباطها أيضا بالقرآن فهي معينه، وعن طريقها تم العبادة ويتوجه بها المتعبد إلى رب السماء، وقراءة القرآن من أجلِّ وأفضل العبادات. وكتابة القرآن بالحرف اللاتيني شر لا يعلمه إلا أهل التحقيق، لأن بلاغة القرآن لا تنقله صحيحا إلا اللغة العربية، التي بها أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - وفي اللغات الأعجمية أعجومة الحروف، والقرآن لا يقبله: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 قال تعالى {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر: 17] (1) . وجهنا إليه السؤال، فتفضل بالجواب مشكورا. (39) الشيخ سيد سابق جامعة أم القرى - دراسات عليا كلية الشريعة والدراسات الإسلامية مكة المكرمة نفيدكم: أنه لا يجوز كتابة المصحف إلا باللغة العربية. وجهنا إليه السؤال، فتفضل بالجواب مشكورا.   (1) سورة القمر، آية: (17) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 (40) الشيخ أبو بكر جابر الجزائري الواعظ بالمسجد النبوي الشريف إن الله تعالى قد أنزل كتابه: القرآن الكريم بلسان العرب، لحكمة يعلمها فقال: {حم - وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ - إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الزخرف: 1 - 3] (1) وأناط إعجازه بحروفه ومعانيه فقال: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ} [البقرة: 23] (2) . وأمر بترتيله عند تلاوته فقال: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} [المزمل: 4] (3) . وأثنى على من يجود قراءته ويحسن تلاوته فقال {يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ} [البقرة: 121] (4) .   (1) سورة الزخرف، آية: (1_ 3) . (2) سورة البقرة، آية: (23) . (3) سورة المزمل، آية: (4) . (4) سورة البقرة، آية: (121) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 وأنزله على سبعة أحرف، فكتب بحروف ترمز إلى وجوه تلك القراءات السبع فمثلا كلمة: (أسورة من ذهب) تكتب بألف محذوفة من السطر إشارة إلى قراءة سبعية وهي: (أسورة) بإسكان السين جمع سوار كالأولى. وبناء على ما ذكر فإنه: يحرم ولا يحل كتابة القرآن الكريم بغير الحروف العربية، ولا كتب المصحف الكريم بما يخالف المصحف العثماني ولو كانت حروف الكتابة عربية، لما يؤدي ذلك إلى سلب القرآن الكريم خصائصه التي من أظهرها: الإعجاز، والتعبد بتلاوة الحروف التي نزل بها والهداية المشتمل عليها بألفاظه ومعانيه والفصاحة والبيان اللذين هما جزء الإعجاز القرآني. زيادة على ما ذكر: أنه لو أذن للناس أن يكتبوا القرآن الكريم بغير الحرف العربي لأدى ذلك حتما إلى تحريف القرآن وضياع ما يحمله من هدى وثور الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 للمؤمنين والمسلمين المتقين، كما يؤدي إلى إسقاط واجب تعلم اللغة العربية، ولا قائل بهذا ألبتة وإن تعلم اللغة العربية واجب على كل مسلم ومسلمة، لأنه لا يمكنهم الفهم عن ربهم ونبيهم إلا من طريق اللسان العربي (وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب) والوسائل تعطى حكم الغايات، شرعا وعقلا. وإن قلنا: إن ما أصاب العالم الإسلامي من هزات وما داخله من الفساد والشر هو نتيجة الجهل بالكتاب والسنة، لما كنا مخطئين، ولذا أقرر وأنا على علم مما أقرر وأقول: إنه لا يجوز كتابة القرآن الكريم بغير الحرف العربي، ولا كتابة المصحف الكريم بما يخالف المصحف العثماني. وجهنا إليه السؤال - عند زيارته العلمية إلى باريس - فتفضل بالجواب مشكورا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 (41) الشيخ محمد علي الصابوني أستاذ التفسير بجامعة أم القرى مكة المكرمة إن الكتاب العظيم الذي أنزله الله على رسوله الكريم خاتم الأنبياء والمرسلين، هو خاتم الكتب السماوية، ختم الله به الوحي الإلهي، وقد أنزله - تباركت أسماؤه - بلسانٍ عربي مبين، بحروفه وألفاظه ومعانيه، كما قال سبحانه: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ - عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ - بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: 193 - 195] (1) . فالقرآن العظيم: وحي منزل من رب العزة والجلال، نزل باللسان العربي، وبالحرف العربي على نبي عربي، فلا يجوز كتابته بالحرف اللاتيني لأنه تغيير للفظ الذي أنزله الله به، ولأن هذا العمل   (1) سورة الشعراء، الآيات: (193 - 195) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 يعتبر تحريفا لكلام الله تعالى، وإذا كان الله تبارك وتعالى قد ذم أهل الكتاب " اليهود والنصارى " لأنهم حرفوا كتبهم بتغيير ألفاظها، وتبديل كلماتها، فهذا الذم والوعيد يشمل: من كتب القرآن بالحروف غير العربية، كالفرنسية والإنجليزية، والفارسية، لأنه مخالفة صريحة لكلام الله العلي الكبير، الذي يقول: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [يوسف: 2] (1) وترجمة معانيه إلى اللغات الأخرى لا بأس بها، لأنها لا تسمى قرآنا، وإنما هي تفسير لمعاني القرآن، فهي ترجمة للمعاني فقط ولا تأخذ حكم القرآن، أما كتابة النص القرآني باللغة اللاتينية فحرام قطعا بلا خلاف، لأنها تحريف لكتاب الله، ففي القرآن حروف لا توجد في غير اللغة العربية، كالضاد مثلا - فكيف نقرأ مثلا قوله تعالى {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7]   (1) سورة يوسف، آية: (2) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 (1) ؟ إذا قرأناها بغير الضاد خالفنا كلام الله، فلذلك لا يجوز أبدا تحريف كلام الله، ومن أظهر الدلائل على حرمة ذلك، أن النبي - عليه الصلاة والسلام - حين أرسل لملك الروم هرقل كتابه الذي يدعوه فيه إلى الإسلام ضمنه بالآية الكريمة باللفظ العربي: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا} [آل عمران: 64] (2) الآية. وختاما: حرام كتابة القرآن بالحروف اللاتينية والله على ما نقول وكيل. وجهنا إليه السؤال، فتفضل بالجواب مشكورا.   (1) سورة الفاتحة، آية: (7) . (2) سورة آل عمران، آية: (64) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 (42) الداعية الإسلامي الكبير الشيخ محمد الغزالي جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية قسنطينة - الجزائر نعرفكم بأن الحروف الهجائية في اللغات اللاتينية وغيرها، تخالف الحروف الهجائية العربية فليس فيها (الحاء، ولا الخاء، ولا الضاد، ولا الصاد، ولا الظاء، ولا العين، ولا الغين) فضلا عن أن مخارج الحروف وضوابطها وضوابط المدود والغنن غير موجودة، لهذا يصعب أن يكتب القرآن بالحروف اللاتينية؛ بل يستحيل إيجاد مصحف لهذه الحروف، ولذلك فإن ما ينتشر من مصاحف بغير الحروف العربية لا يعتبر قرآنا، وهو يفتح باب التحريف والكذب على الوحي الإلهي المصون ويستوي في المنع طبع مصحف أو أجزاء منه. وجهنا إليه السؤال، فتفضل بالجب مشكورا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 (43) الشيخ مناع القطان الأستاذ بالمعهد العالي للقضاء في الرياض يجب كتابة القرآن بالرسم العثماني المعهود في المصحف، فهو الرسم الاصطلاحي الذي توارثته الأمة، منذ عهد عثمان - رضي الله عنه - والحفاظ عليه ضمان قوي لصيانة القرآن، من التغيير والتبديل في حروفه، ولو أبيحت كتابته بالاصطلاح الإملائي لكل عصر، لأدى هذا إلى تغيير خط المصحف من عصر لآخر، بل إن قواعد الإملاء نفسها تختلف فيها وجهات النظر في العصر الواحد، وتتفاوت في بعض الكلمات من بلد لآخر. وحجة تيسير القراءة على الطلاب والدارسين بانتفاء التعارض بين رسم القرآن والرسم الإملائي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 الاصطلاحي: لا تكون مبررا للتغيير، الذي يؤدي إلى التهاون في تحري الدقة بكتابة القرآن. والذي يعتاد القراءة في المصحف، يألف ذلك ويفهم الفوارق الإملائية بالإشارات الموضوعة على الكلمات، والذين يمارسون هذا في الحياة التعليمية أو مع أبنائهم، يدركون أن الصعوبة التي توجد في القراءة بالمصحف أول الأمر تتحول بالمران بعد فترة قصيرة إلى سهولة تامة. نقلا عن كتابه: (مباحث في علوم القرآن) ص (149) ط الثامنة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 (44) الشيخ عبد الرحمن صافي من علماء الكويت بما أن القرآن الكريم هو كتاب خاتمة الرسالات، فقد تعهد الله تعالى بحفظه ألا تمسه يد بشر بتحريف أو تزييف، وإن كان هذا التعهد لا يعفي المسلمين من مسؤولية حمايته والحرص عليه وأن تكون لهم يد في بقائه كما أنزله الله تعالى ويدخل هنا ضمن النصح له الوارد في حديث النصيحة، من ذلك: ما فعله أبو بكر - رضي الله عنه - من جمع صحائفه المكتوبة، وأقره صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، ومنه - أيضا - الجهود التي تبذل اليوم لطباعته خطيا وتسجيله صوتيا وتعميم تعليمه. غير أن للقرآن الكريم حصانة ذاتية، مجملة في كونه كتاب الله وكلامه، ومفصلة في خصائص له الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 تكون سياجا يحميه من مساس بسوء، فدون الاعتداء عليه حمى، من قاربها فضحه الله، وهتك ستر محاولته! على رأس تلك الدلالات: وصف القرآن الكريم بأنه كلام الله تعالى، وهو كثير، ونزيد هنا: أن من أوجه الدلالة في هذه الآيات، أن الذي ينطبق عليه هذا الوصف هو ما نزل، وكما نزل، وهو القرآن المقروء والمكتوب في المصحف، والذي لقنه المبعوث به وهو محمد - صلى الله عليه وسلم - إلى صحابته، كما تلقاه عن جبريل، عن الله تعالى، ثم توورث حتى وصل إلينا. والصورة التي نزل عليها، لا سبيل إلى إباحة مساسها بحال من الأحوال، والحكم هذا بشكل عام ومطلق، لا تقييد فيه، ولا تخصيص، حتى لا يحل بقيود ولا شروط، كليا أو جزئيا. وكل مساس به، يخرج كلام الله عن وضعه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 الذي نزل عليه. وتتساوى في الدلالة هذه الآيات التي تحظر أن يعبث بكلام الله تعالى بتغيير، سواء ابتداع كلام لم يقله، أو زيادة على ما قاله، أو إنقاص منه، أو إجراء تعديل عليه، لا فرق في ذلك كله. نقلا عن: (مجلة البلاغ) ص: (37) : عدد: (791) . (45) الشيخ الطاهر أحمد الزاوي مفتي ليبية إن هناك موانع جوهرية: تمنع من كتابة القرآن بالحروف اللاتينية، وذلك لما يترتب عليه من تغيير كثير من الكلمات، الذي يلزم منه تغيير المعنى وهو خطر بالغ الخطورة، يجب الابتعاد عنه وتحريمه تحريما قاطعا، ولا يوجد ما يبرره مهما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 التمست الأعذار. وإذا أريد تحفيظ القرآن للأعاجم فلا يمكن بل هو مستحيل، إلا بكتابته بالحروف العربية وإذا أريد تفهيمهم معانيه، فلا يمكن ذلك من طريق ترجمة ألفاظه ترجمة حرفية، وقد يمكن من طريق ترجمة المعنى بطريقة التفسير، على ما فيها من صعوبة. ومن المستحيل أن تؤدي كتابة القرآن بالحروف الأعجمية، المعنى الذي قصد إليه القرآن، والذي يفهم منه وهو مكتوب بالحروف العربية. . ومن أجل خوف تغيير المعنى بسبب تغير الحروف، قال مالك: " القرآن يكتب بالكتاب الأول، ولا يجوز غير ذلك ". وقد ذكر صاحب المدخل: " إنه لا يجوز نسخ القرآن بلسان العجم، لأن الله أنزله بلسان عربي مبين ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 ومنع كتابة القرآن بالحروف اللاتينية مما يرغب من يريد قراءة القرآن من الأعاجم: في تعلم اللغة العربية، لفهم معاني القرآن. ولا يجوز كتابة المصحف بحروف عربية غير مشكولة، لأنه لا يمكن قراءة القرآن قراءة صحيحة بدون شكل الحروف. وكذلك لا يجوز كتابة القرآن بإملاء عربي يخالف رسوم المصحف العثماني، لأن هذا الرسم محل إجماع من الصحابة الذين حضروا جمع المصحف، وأقرهم عليه التابعون ومن بعدهم فكتابته بإملاء يخالف رسم المصحف: فيها مخالفة للإجماع، وهي لا تجوز. ويقول ابن الحاج في المدخل: " ومن لا يعرف المرسوم من الأمة يجب عليه ألا يقرأ في المصحف إلا بعد أن يتعلم القراءة على وجهها، أو يتعلم مرسوم المصحف، فإذا فعل غير ذلك فقد خالف ما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 اجتمعت عليه الأمة، وحكم من خالف ما اجتمعت عليه الأمة معلوم في الشرع الشريف ". ويقصد ابن الحاج: أن مخالفة ما أجمعت عليه الأمة: كفر! وفتح هذا الباب مما يشوه جمال القرآن، ويفقده بلاغته وإعجازه. نقلا عن " فتاواه " ص (135) ط: الثانية (1396) هـ. (46) الدكتور محمد أحمد فراخ جدة - المملكة العربية السعودية تلقى المسلمون رسم المصحف عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ويجب عدم اللجوء إلى أي نوع آخر من الكتابة المستحدثة، سواء كان ذلك بالعربية أم بغيرها من الحروف الأجنبية، فاتباع الرسم العثماني يفيد مزيد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 ثقة واطمئنان في حفظه وتلاوته، كما يبعد الشبهات أن تحوم حوله، وهو يحفظ شيئا من تاريخ الملة وسلف الأمة. . . وإذا كان السلف قد حرم كتابة المصحف بالرسم الإملائي، في وقت كانوا فيه أحرص الناس على حفظ القرآن، وتلاوته وفهمه، وتفسيره والعناية به في كل جانب من جوانبه، وفي وقت أمن فيه اللبس حيث كانوا لا يلحنون، ويبتعدون عن تحريف القرآن تلاوة وحفظا ودرسا وتبليغا. وما ظنك وقد انتشر القرآن لفظا بالحروف اللاتينية أو العبرية! من ذا الذي يمنع اللحن والخطأ والتحريف فيه؟ . إن الفئات التي حرفت المصحف العربي تأتيها الفرصة المناسبة في هذا النص اللاتيني، الذي لا يستطيع كشف التحريف فيه إلا القلة، بخلاف المصحف العربي، الذي يستطيع كشف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 التحريف فيه كل من يعرف العربية هنا أو هناك، ومن أجل ذلك كله: يرى العلماء منع كتابة المصحف بالحرف اللاتيني أو بغيره من حروف الأرض، ما عدا الحرف العربي الذي نزل به. ونضيف إلى هذا البيان البدائل التي يمكن أن تقوم جامعة الأزهر وغيرها من المؤسسات المتخصصة في هذا الميدان: وأولها: محاولة نشر اللغة العربية بين المسلمين الأجانب في شتى أنحاء العالم، حتى يقرأ المسلمون القرآن باللسان العربي، وليس بالحرف اللاتيني أو اليوناني، وحتى يفهموا معاني التنزيل، ويتدبروا معانيه، ويعرفوا أحكامه ويقفوا على إعجازه، ولسنا أقل شأنا من المؤسسات المتخصصة التي تقوم بنشر لغاتها القومية في كل مكان. ولو كان عند الإنجليز ما عندنا لاستماتوا في فرض لغتهم على شعوب الأرض! لكننا قوم بلا عمل مدروس منظم مفيد! . . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 ثانيهما: إذا كان المشروع المشار إليه في صحيفة " المسلمون " يهدف إلى تيسير قراءة القرآن على المسلمين الأجانب، بتوفير النص القرآني بحرف يفهمونه، فإن ذلك لا يأتي على حساب النص العربي، وعلى إماتته، ويمكن تعليم المسلمين هناك الحروف العربية، ليقرؤوا بها ويكتبوا، وهنا تكون المحاولة قاصرة على القراءة والكتابة العربية، ويمكن تعلم ذلك في أسابيع قليلة، يستطيع الدارس بعدها الاستقلال بالقراءة والكتابة العربية، وأقول ذلك من واقع التجربة العملية التي قمت بها في أماكن مختلفة كاليابان، والفلبين، ونيجيرية. أما كتابة النص باللاتينية، فأمر قديم يمارسه كل من يحمل الضغينة للعرب والإسلام، فالكتب في ذلك منتشرة في جامعات الدراسات الأجنبية بكوريا الجنوبية - مثلا ليبعدوا الدارس عن الرسم العربي، ويحاول البعض تنفيذ الفكرة منذ سنوات، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 مثل " لبيب الجمال " في بنك أفكاره " وأظن أن المشروع المشار إليه في جريدة " المسلمون " لم يدرس دراسة علمية واعية، لأنه يخدم الرسم الصوتي الأجنبي، ولا يخدم الرسم العربي الذي نزل به القرآن، ولأنه يشوه النطق القرآني، ولأنه يؤكد مزاعم الغربيين في صعوبة اللغة العربية ووعورتها، ولأنه يشجع محاولاتهم في القضاء عليها في أماكن كثيرة قبل ذلك، ولا ينسى أحد ما فعله " أتاتورك " عام (1928) م من إحلال اللاتينية محل العربية، التي امتدت في ذهن الأتراك حتى جذوره، ولا ننسى إحلال اللاتينية في الكتابة الملاوية محل العربية في شبه الجزيرة الملاوية: في سولو وصباح، وغيرهما من الأماكن الإسلامية في آسية وإفريقية. . . فرفقا علماء اليوم بإخوانكم، وكفى ما هم فيه من ضعف ووهن، ورجاء: لا تجعلوا كتاب الله حقلا للتجارب غير الجادة، حتى لا تذهب الهيبة من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 قلوب الناس، وتذكروا أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح والله المستعان. نقلا عن مجلة " الدعوة " السعودية. (47) مكتب شيخ الجامع الأزهر القاهرة - جمهورية مصر نفيد بأن هذا الكتاب مع صغر حجمه عظيم الفائدة في موضوعه، فقد استصفى من بحوث وفتاوى علماء المسلمين في ماضيهم وحاضرهم ما يقطع: بعدم جواز كتابة القرآن الكريم بالحروف غير العربية، وهو جهد مشكور تجلى في حسن تبويبه وتحقيق نصوصه ونقوله وضبط الآيات القرآنية وصحة طباعتها، وهو بهذه الصورة كتاب يحتاج إليه كل داعية مسلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 مدير عام الشؤون الفنية بمكتب الإمام الأكبر شيخ الأزهر محمد أمين بدوي وجهنا السؤال إلى شيخ الأزهر " جاد الحق " فتفضل مكتبه بالجواب مشكورا (48) مدير المجمع الفقهي مكة المكرمة أرى الاكتفاء بما جاء في قراري هيئة كبار العلماء، ومجلس المجمع الفقهي، الصادرين في هذا الشأن (1) . الدكتور طلال عمر بافقيه وجهنا إليه السؤال، فتفضل بالجواب مشكورا.   (1) انظرهما - إن شئت - في صفحة: " 52 - 60 ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 (49) مدير مكتب رابطة العالم الإسلامي والمعهد القرآني في نواكشوط الجمهورية الإسلامية الموريتانية نحن نتفق معكم على تحريم كتابة القرآن الكريم بالحرف اللاتيني. الدكتور إبراهيم بن إسماعيل وجهنا إليه السؤال، فتفضل بالجواب مشكورا. (50) الأمانة العامة لمسابقة القرآن الكريم الدولية الرياض - المملكة العربية السعودية بعد اطلاعنا على الكتاب المرفق، حول ما قيل عن حكم تغيير الرسم العثماني إلى الحرف اللاتيني الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 تيسيرا لغير العرب، فقد حفل الكتاب بمقالات وبحوثٍ وفتاوى، من أشهرها: فتوى هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية، وفتوى المجمع الفقهي الإسلامي، وما بعد هاتين الجهتين من معقب. الأمين العام عبد العزيز السبيهين وجهنا إليه السؤال، فتفضل بالجواب مشكورا. (51) الندوة العالمية للشباب الإسلامي الرياض - المملكة العربية السعودية إن الهجمة الشرسة التي روج لها بعض المستشرقين، ودعاة التنصير والتغريب، مؤيدة من الاستعمار، التي تستهدف ضرب سر قوة المسلمين وعزتهم، وتمسكهم بكتاب الله - عز وجل - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 وسعي أعداء الله الحثيث لكتابة اللغة العربية باللهجة العامية المحلية تارة، وبتغيير الحرف العربي بالحرف اللاتيني تارة أخرى، إنما ذلك لون من ألوان الغزو الفكري على الإسلام وديار المسلمين وقد هب علماء المسلمين - من أمثالكم - لفضح هذه المؤامرات الدنيئة، فهوت وسقطت، وصدق الله العظيم: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9] (1) الأمين العام الدكتور مانع الجهني وجهنا إليه السؤال، فتفضل بالجواب مشكورا.   (1) سورة الحجر، آية (9) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 (52) الداعية المسلمة الشيخة زينب الغزالي القاهرة - مصر الموضوع واضح ولا يحتاج إلى إثبات كما نظن، فالقرآن عربي اللسان، عربي اللهجة، والآيات التي تؤكد ذلك كثيرة، نذكر منها: {كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [فصلت: 3] (1) . و {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: 195] (2) وغيرها. والواضح كذلك: أن نقل القرآن بالأحرف اللاتينية، يشوه الصورة، ويضيع المعنى، ولا يسمن ولا يغني من جوع؟ ونحن نرفض تماما كتابة القرآن بالأحرف اللاتينية. وإني أقول: إن أصحاب دعوة كتابة القرآن بغير الأحرف العربية، يسيئون للإسلام أكثر مما ينفعوه،   (1) سورة فصلت، آية: " 3 ". (2) سورة الشعراء، آية: " 195 ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 ويريدونها فتنة! ! وقانا الله جميعا شر الفتن، وأعز بنا الإسلام والمسلمين. . . زينب الغزالي الجبيلي وجهنا إليها السؤال، فتفضلت بالجواب مشكورة. (53) مجلة " الدعوة " السعودية يبدو أن قضية كتابة النص القرآني الكريم باللغة اللاتينية بدأت تتفاعل وتأخذ أبعادا جديدة فمن فرنسة ورد إلينا هذا الكتيب تحت عنوان " كتابة النص القرآني بالحرف اللاتيني، خطر داهم على المصحف العثماني " ونحن مع المؤلف: إن الإصرار من قبل بعض الهيئات والجهات المسؤولة وغير المسؤولة، سواء في داخل العالم الإسلامي أم خارجه، لكتابة المصحف بالحروف اللاتينية إنما هو: مؤامرة دنيئة تستهدف النيل من الإسلام عن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 طريق تشويه كتابه الخالد، حينما تجرده من أعظم خصائصه التي أنزل بها، وتستبدل الرسم العثماني الذي كتب به منذ ما يقرب من أربعة عشر قرنا بحروف قاصرة عن الأداء لأنها غير عربية، سواء أكانت إنجليزية، أم فرنسية، أم صينية، أم روسية والتي ترمي في النهاية إلى القضاء على جمال وبهاء وبلاغة النص القرآني، المتمثل في اللغة العربية، لغة الوحي والتنزيل. في عددها: (1104) الصادر بتاريخ: (30 / 12 / 1457) هـ (54) الشيخ صالح علي العود باريس - فرنسة قال تعالى: {قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ} [الزمر: 28] (1) وقال   (1) سورة الزمر، آية: (28) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا} [الكهف: 1] (1) . لم يجعل فيه شيئا من العوج: لا في ألفاظه، ولا في معانيه، وليس فيه أي عيب أو تناقض. حقا، إنه لوصف جليل لهذا التنزيل العظيم لكننا نصر على أن نعيبه فنكتبه بحروف ليس لها من الاستقامة في النطق، ولا الكفاءة في الأداء ما للحروف العربية من خصائص قائمة الذات، عدا جمال التعبير فيه، والجرس الحسن عند الترتيل، على أن أعظم خصائص هذا القرآن تتمثل في نزوله بلسان عربي غير ذي عوج، فإذا كتب بحروف لاتينية فقد انسلخ من خصيصته العظيمة تلك؛ على الإطلاق، ومسخ نصه المعجز الرائعِ، وشوه جماله الخلاب ليصبح بعد حين ليس قرآناَ عربيا - وهو الذي أنزله الله على النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - وإنما   (1) سورة الكهف، آية: (1) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 ليكون قرآنا فرنسيا، وآخر إنجليزيا، فصينيا، ثم ألمانيا، وهكذا إلى آخر قائمة لغات الدنيا! ! . وأنا الساطر - عفا الله عنه وتقبله ربه بقبول حسن -: أرى لزاما أن كتابته بحروف لاتينية مخل جدا بتعظيمه؛ بل هو عين التحريف الذي جاء في قوله تعالى: {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} [المائدة: 13] (1) وهو تبديل حروفه على غير ما أنزله الله على رسوله، وهو ما جاء في قوله تعالى: {أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ} [فصلت: 44] (2) وهو معنى عدم ارتضاء كاتب النص بالحرف الإفرنجي نزوله ووضعه العربي، وبالتالي فهو شعور لا شك أنه كفر صارخ. نقلا عن كتابه: (كتابة النص القرآني بالحرف اللاتيني خطر داهم على المصحف العثماني) .   (1) سورة المائدة، آية: (13) . (2) سورة فصلت، آية: (44) . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 بسم الله الرحمن الرحيم حمدا وصلاة وسلاما على رسول الله توصيات الندوة العالمية الأولى. انعقدت الندوة العالمية الأولى لمقاومة تحريف القرآن بكتابته بالحروف اللاتينية أو غيرها من الحروف الأعجمية، وذلك يوم السبت (19) شوال (1408) الموافق هـ (4 / 6 / 1988) في باريس، بدعوة من " مركز التربية الإسلامية ". وقد حضر الندوة أصحاب الفضيلة العلماء وأئمة المساجد، ورؤساء الجمعيات الدينية ومدراء المراكز الإسلامية في فرنسة وخارجها ونخص بالذكر الوفود التالية من: المملكة العربية السعودية، حيث مثلت: - الجامعة الإسلامية، ومجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المدينة المنورة، بالشيخ " علي عبد الرحمن الحذيفي " إمام وخطيب المسجد النبوي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 الشريف، وعضو هيئة التدريس بالجامعة، وعضو الهيئة الاستشارية العليا بالمجمع. - وزارة الحج والأوقاف بالشيخ " سعيد عبد العزيز الجندول " مستشار وزير الحج والأوقاف للشؤون الإسلامية، والمشرف العام على مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف. - رابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة بالشيخ " عبد الله بن عقيل بن سليمان العقيل " الأمين العام المساعد لشؤون المساجد. - الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد في الرياض بالشيخ " محمود مجاهد محمد حسن " مندوبها في بلجيكة. الجمهورية العربية السورية، حيث مثلت: - وزارة الأوقاف: إدارة جامع بني أمية الكبير، ومجلس مشيخة كبار القراء في دمشق بالشيخ " عبد الرزاق الحلبي " مفتي السادة الحنفية، وعضو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 مجلس مشيخة كبار القراء. - معهد الفتح الإسلامي في دمشق بالشيخ " عبد الفتاح البزم " مدير المعهد. جمهورية السودان، حيث مثل: - المركز الإسلامي الإفريقي في الخرطوم بالدكتور " عبد الرحيم علي محمد " نائب المركز. المملكة الأردنية الهاشمية، حيث مثلت: بالشيخ " يوسف عبد الرحمن البرقاوي " مفتي مدينة الزرقاء. الجمهورية التركية، حيث مثل: - الوقف لمركز البحوث الإسلامية ونشرها في أنقرة بالشيخ " لطفي دوغان " مدير الوقف، ورئيس الشؤون الدينية في أنقرة (سابقا) . المملكة المتحدة (بريطانية) حيث مثلت: - جمعية القرآن في لندن بالشيخ " شريف أحمد حافظ ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 فرنسة، حيث مثلت: - الجامعة العامة لمسلمي فرنسة بالشيخ " محمد أيوب " رئيسها. - مركز التربية الإسلامية: بالشيخ " صالح العود ". - اتحاد المنظمات الإسلامية: بالشيخ " أنيس عبد الرحمن " مندوب عن الشيخ " فيصل مولوي ". - المركز الإسلامي في جزيرة رينيون بالشيخ " أحمد سعيد انقار " رئيس المركز. افتتحت الندوة بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم، تلاها المقرئ الشيخ " علي عبد الرحمن الحذيفي " إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف. ثم ألقى مركز التربية الإسلامية كلمة وافية عن أهداف الندوة، والأسباب الداعية لها، تبعتها كلمات الوفود المشاركة، التي تتضمن التنديد والاستنكار لهذه المحاولات التي تستهدف النيل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 من كتاب الله - عز وجل - وبعد ذلك تقدم الحاضرون مع المشاركين باقتراحاتهم الوجيهة، ثم أعلنوا بالإجماع في ختام الندوة عقيب صلاة العصر التوصيات التالية: 1 - أيد المجتمعون في الندوة ما صدر من فتاوى شرعية بتحريم ومنع كتابة القرآن - كله أو بعضه - بأحرف غير عربية، واستنكار كتابة القرآن الكريم أو بعضه بأحرف غير عربية، والاتفاق على تحريم ذلك لما فيه من المخاطر الجسيمة، والموافقة على ما صدر من الهيئات العلمية والفقهية التي تحرم وتمنع: كتابة القرآن العظيم أو بعضه بحروف غير عربية. 2 - رصد وجمع كل ما ينشر مما فيه تحريف أو إساءة للقرآن الكريم للتصدي له ومحاربته، وتبصير المسلمين بأضراره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 3 - التنبيه على العلماء، والدعاة، وأئمة المساجد، للوقوف بحزم أمام هذه المحاولات الخطيرة لمنع انتشارها والقضاء عليها في مهدها. 4 - الاستفادة من الترجمات التفسيرية للقرآن الكريم مع شدة الحذر من التوسع فيها إلا بمقدار ما تمليه الضرورة، وأن تكون كل ترجمة بهذا النص: " ترجمة تفسير القرآن الكريم " بدلا من كلمة ترجمة معاني القرآن الكريم، لأن المعاني القرآنية لا تفي بها أي لغة أجنبية. 5 - دعوة المؤسسات الإسلامية في المملكة العربية السعودية لاختيار " تفسير مناسب للقرآن الكريم " يكون مادة للترجمات المعتمدة. 6 - الاهتمام بتعليم القرآن الكريم ونشره بين الصغار والكبار في المساجد والمدارس. 7 - الاهتمام بنشر اللغة العربية وتعليمها لأبناء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 المسلمين في المساجد والمدارس، لا سيما في بلاد المهجر. 8 - مطالبة الهيئات والمؤسسات العلمية والفقهية العالمية بالدفاع عن كتاب الله الكريم، ضد محاولات الأعداء. 9 - تحذير المطابع والمكتبات ودور النشر من طباعة أو نشر أي مطبوعات فيها إساءة لكلام الله - عز وجل - ومقاطعتها عند إصرارها. 10 - التوصية: بتكوين لجنة متخصصة لفحص الترجمات القائمة، وإجازة الترجمات المستقبلة، وأن يكون مقرها في المملكة العربية السعودية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140