الكتاب: جواهر العقود ومعين القضاة والموقعين والشهود المؤلف: شمس الدين محمد بن أحمد بن علي بن عبد الخالق، المنهاجي الأسيوطي ثم القاهري الشافعي (المتوفى: 880هـ) حققها وخرج أحاديثها: مسعد عبد الحميد محمد السعدني الناشر: دار الكتب العلمية بيروت - لبنان الطبعة: الأولى، 1417 هـ - 1996 م   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] ---------- جواهر العقود المنهاجي الأسيوطي الكتاب: جواهر العقود ومعين القضاة والموقعين والشهود المؤلف: شمس الدين محمد بن أحمد بن علي بن عبد الخالق، المنهاجي الأسيوطي ثم القاهري الشافعي (المتوفى: 880هـ) حققها وخرج أحاديثها: مسعد عبد الحميد محمد السعدني الناشر: دار الكتب العلمية بيروت - لبنان الطبعة: الأولى، 1417 هـ - 1996 م   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] ـ[جَوَاهِر الْعُقُود ومعين الْقُضَاة والموقعين وَالشُّهُود]ـ الْمُؤلف: شمس الدّين مُحَمَّد بن أَحْمد المنهاجي الأسيوطي (الْمُتَوفَّى: 880هـ) حققها وَخرج أحاديثها: مسعد عبد الحميد مُحَمَّد السعدني الناشر: دَار الْكتب العلمية بيروت - لبنان الطبعة: الأولى، 1417 هـ - 1996 م [ترقيم الْكتاب مُوَافق للمطبوع] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 1 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْمُقدمَة الْحَمد لله رب الْعَالمين، الَّذِي أنزل الْقُرْآن الْكَرِيم على رَسُوله النَّبِي الامي، الصَّادِق، الامين، فشرح بِهِ صُدُور عباده الْمُؤمنِينَ، وَنور لَهُم بصائرهم وَجعل مِنْهُم أَوْلِيَاء وعارفين فاستنبطوا مِنْهُ الاحكام وميزوا بِهِ الْحَلَال من الْحَرَام، يَقُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " من طلب الْعلم وأدركه كَانَ لَهُ كفلان من الأجر، وَإِن لم يُدْرِكهُ كَانَ لَهُ كفل من الأجر " (1) إِن خير الْعُلُوم وأفضلها عِنْد الله علم الدّين والشرائع:، الْمُبين لما احتوت عَلَيْهِ الاحكام الالهية من عَدَالَة سَمَاوِيَّة يتَبَيَّن من خلالها حل الاشياء وحرمتها، وَمَا يحْتَاج إِلَيْهِ الانام، أما بعد فكتاب " جوَار الْعُقُود ومعين الْقَضَاء والمقعين وَالشُّهُود " الَّذِي عملت على ضَبطه فقد كَانَ رَوْضَة أنيقة يَسْتَطِيع أَن يجني من ثمارها ويستنير بكواكبها المشرقة كل ذِي حَاجَة لحكم أَو عقد أَو اتفاقية وفْق كتاب الله وَسنة نبيه، فَإِنَّهُمَا خير مَا يجب أَن نعض عَلَيْهِمَا بالنواجذ لانهما نبراس لكل ساع إِلَى هِدَايَة وَنبيه، أسأَل الله عزوجل أَن يَنْفَعنِي وإخواني الْمُسلمين بِعِلْمِهِ وهدايته، إِنَّه السَّمِيع الْبَصِير الْقَدِير على كل شئ وَهُوَ حسبي وَنعم الْوَكِيل مُحَمَّد أَمِين الضناوي   (1) رَوَاهُ الدَّارمِيّ فِي كتاب الرقَاق، بَاب: فضل الْعلم والعالم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 3 هُوَ مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن عبد الْخَالِق، شمس الدّين السُّيُوطِيّ، ثمَّ القاهري، الشَّافِعِي المنهاجي: فَاضل مصري، ولد - كَمَا قَالَ لي، فِي جُمَادَى الاخرة سنة ثَلَاث عشرَة وَثَمَانمِائَة، وَقيل: سنة عشر - بأسيوط وَنَشَأ بهَا، وجاور بِمَكَّة مُدَّة، وَاسْتقر فِي الْقَاهِرَة. فحفظ الْقُرْآن عِنْد سعد الدّين الواحي وَغَيره، والعمدة، وَأَرْبَعين النَّوَوِيّ، والشاطبية، والمنهاج الفرعي، والاصلي. وسطور الاعلام فِي معرفَة الايمان والاسلام للحمصي فِيمَا زَعمه، أَنه عرض على الْجلَال البُلْقِينِيّ، وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ، والبيجوري. والشرف الاقفهسي، والتفهني، وقارئ الْهِدَايَة، والبساطي. وَابْن مغلي، فِي آخَرين مِنْهُم: النَّجْم بن غبد الْوَارِث، والحمصي، أَنه تَلا لابي عَمْرو وَعلي الشَّمْس البوصيري. وَقَرَأَ فِي الْفِقْه على الزكي الْمَيْدُومِيُّ. وَالشَّمْس بن عبد الرَّحِيم، والبدر بن الْخلال، وَعَن الزكي أَخذ النَّحْو أَيْضا، وَعَن الشهَاب السخاوي - القادم عَلَيْهِم أسيوط - مَجْمُوع الكلائي، والملحة. وَقيل: بل الشهَاب العجيمي - وَهُوَ الَّذِي سمعته مِنْهُ. والْحَدِيث عَن شَيخنَا - يَعْنِي الْحَافِظ أَحْمد بن عَليّ بن حجر الْعَسْقَلَانِي - والتقي بن عبد الْبَارِي الكفيف وَغَيرهمَا. وتكسب بِالشَّهَادَةِ، ومعاني الادب، وتميز فِيهِ. وامتدح شَيخنَا - ابْن حجر - بقصيدة دالية، سَمعتهَا مِنْهُ فِي مَكَّة والقاهرة. وكتبها - أَو جلها - فِي الْجَوَاهِر، كَذَا. وكتبها عَنهُ البقاعي، مِنْهَا: يَا كعبة، قبل الْوُقُوف، ذخلتها من بَاب شيبَة، حمدك المتأكد   (1) الاعلام خير الدّين الزركلي، ج د ص 334، الضَّوْء اللامع لاهل الْقرن التَّاسِع، شمس الدّين مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن السخاوي، ج 7 ص 13. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 5 وَجمع فِي الشُّرُوط كتابا سَمَّاهُ " جَوَاهِر الْعُقُود، وَمعنى الْقَضَاء وَالشُّهُود " فِي مُجَلد صخم، وَأذن لَهُ شَيخنَا فِي الْعُقُود. صحب الامير جانم قريب الاشرف برسباي، فاختص بِهِ، وسافر مَعَه لحلب ثمَّ للشام. وَكتب عَنهُ الْفُضَلَاء من نظمه ونثره. وَجمع مجاميع فِي الادب والتاريخ. وَلكنه يرْمى بالمجازفة. وَلَا يحمد فِي شهاداته، وَقد أهين بِسَبَبِهَا فِي مَكَّة وَغَيرهَا. وَلما كَانَ مجاورا بِمَكَّة أقْرض للتقي بن فَهد كِتَابه الْقَرِيب. وَقَرَأَ بهَا البُخَارِيّ مرّة بعد أُخْرَى. ثمَّ لقِيه حفيده الْعِزّ بحلب بعد دهر، وَكتب عَنهُ من نظمه قصائد. ولقيني بِمَكَّة ثمَّ بِالْقَاهِرَةِ. من كتبه " أتحاف الاخصاء بفضائل الْمَسْجِد الاقصى، فَضَائِل الشَّام: تحفة الظرفاء، هِدَايَة السالك إِلَى أوضح المسالك: التَّذْكِرَة المنهاجية (1)   (1) قَالَ الزركلي فِي الاعلام: " رَأَيْته بِخَطِّهِ فِي الاسكوريال (الرقم 292) وأظن أَن هُنَاكَ جُزْءا آخر مِنْهُ أَو أَكثر ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 6 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَبِه ثقتي، وَهُوَ حسبي. وَنعم الْوَكِيل رب يسر بجودك الشَّامِل، وتمم بِفَضْلِك الْكَامِل. الْحَمد لله الَّذِي جعل مدَار الاحكام الشَّرْعِيَّة على صِحَة إداء السهادة. وميز بهَا مقادير أهل الرتب الْعلية. فتميزوا عِنْد الحكم الْعدْل تميزا جرى بِهِ قلم الْقُدْرَة والارادة. (وأشهدهم على أنفسهم أَلَسْت بربكم قالو بلَى شهادنا) (الاعراف، 172) وَهَذَا أول دَلِيل على أَن الشَّهَادَة بِالْحَقِّ عنوان السَّعَادَة، وَحَيْثُ أقرُّوا بوحدانية، وَصَدقُوا رَسُوله، وَاتبعُوا النُّور الَّذِي أنزل مَعَه، حصلوا من هَدْيه على النّظر والمعرفة التَّامَّة النافية للْجَهَالَة، بكمالات الرقي فِي مَرَاتِب السِّيَادَة، وَكَذَلِكَ أطلق بتنفذ مَا خصهم بِهِ من المزية على غَيرهم من الامم أَلْسِنَة الاقلام فِي المحابر، وَأثبت لَهُم الْحجَّة بالتعديل فِي الْكتاب المسطور، إِثْبَاتًا عرفُوا إصداره وإيراده، من قَوْله الله جلّ اسْمه فِي كِتَابه العزير (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أمة وسطا لِتَكُونُوا شُهَدَاء على النَّاس وَيكون الرَّسُول عَلَيْكُم شَهِيدا) (الْبَقَرَة، 143) وناهيك بِهِ من وصف جمع الله بِهِ لعدول هَذِه ا، مة طارف الْفضل وتلاده. أَحْمد حمد عبد عرى إيمَانه بِاللَّه وثيقه، ومواهب نعمه عَلَيْهِ من مزِيد شكره إِيَّاه مستفاده. وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ، شَهَادَة، الاخصلاص بهَا نَافِذ الحكم فِي الْجنان وَاللِّسَان، مَا مضى الامر بأدائها فِي الْبدَاءَة والاعادة. وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الَّذِي اشتغلت ذمَّة عُلَمَاء أمته من تَقْرِير أَحْكَام شَرِيعَته بِحَق صَحِيح شَرْعِي وَجب الْعَمَل بِهِ، وَأَرَادَ الله إبرام حكمه وإنفاذه. فَمن ائتمر بِمَا بِهِ أمروا، وانْتهى عَمَّا عَنهُ نهوا: حصل من شُرُوط الْوَفَاء على صِحَة الدَّعْوَى وَجرى من عوائد اللطف فِي الْقَضَاء على أجمل عَادَة. صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَصَحبه الَّذين أعلم لَهُم فِي مَكْتُوب الْمُبَايعَة تَحت الشَّجَرَة - تلو رسم شَهَادَتهم بنبوته ورسالته - عَلامَة الْأَدَاء وَالْقَبُول. وأعلمهم بِمَا ثَبت عِنْده من أَن الله وعده أَن ينصر بهم عباده. وَيفتح على أَيْديهم معالقه وحصونه وبلاده. وبشرهم مَعَ ذكل بقوله: (إِن الله اشْترى من الْمُؤمنِينَ أنفسهم وَأَمْوَالهمْ بِأَن لَهُم الْجنَّة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 7 يُقَاتلُون فِي سبل الله فيقاتلون وَيقْتلُونَ وَعدا عَلَيْهِ حَقًا فِي التَّوْرَاة والانجيل والقرءآن وَمن أوفي بعده من الله فاستبشروا ببعكم الذى بايعتم بِهِ وذالك هُوَ الْفَوْز الْعَظِيم (111)) التَّوْبَة: 111) فَمَا مِنْكُم إِلَّا من ملا بحبه قلبه: وَصرف إِلَى سَماع مَا بشر بِهِ سَمعه وبصره وفؤاد، صَلَاة تبلغ بِهِ مَعَهم فِي دَرَجَات الْمُحْسِنِينَ - من الْمَقَاصِد الْحَسَنَة الاسلاك والسلوك - الْحسنى وَزِيَادَة. وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا. وَبعد. فَإِن توقيع الحكم الْعَزِيز ميزَان الْعدْل الرَّاجِح - ومحجة الصدْق الَّتِي سلوك نهجها القويم من أكبر الْمصَالح. وَعَلِيهِ اعْتِمَاد الْحُكَّام فِيمَا يدْخل عَلَيْهِ النَّقْض والابرام من الاحكام بِالدَّلِيلِ الْوَاضِح. فمصالح الامة فِي الْوَاقِع بتوقيع موقعيه موفورة. ومهمات أُمُورهم المؤسسة على الْقَوَاعِد الشَّرْعِيَّة بالثبات مَشْهُورَة، ومتعدادت فضائلهم الجمة بِلِسَان الاجماع مشكورة، وعَلى أَيْديهم يُؤْخَذ الْحق وَيُعْطى، وبتعريفهم يحصل التَّمْيِيز فِي كل حَال بَين الصَّوَاب وَالْخَطَأ، وهم مِمَّن تَنْتَهِي إِلَيْهِم الامال والرغائب. وهم المرتقون إِلَى أشرف المناصب وَأَرْفَع الْمَرَاتِب مدَار الْحل وَالْعقد عَلَيْهِم. ومرجع التَّصَرُّف فِي وضع أَحْكَام الْحُكَّام إِلَيْهِم. وهم - وَإِن مَالَتْ الْكتاب على اخْتِلَاف طبقاتهم فِيمَا يَكْتُبُونَ بِهِ إِلَى التدبيج والتفويف - فالعدول لَيْسَ لَهُم عدُول إِلَّا إِلَى القَوْل الْحق بِمُوجب الشَّرْع الشريف. وَبِذَلِك ثَبت فَخْرهمْ وَاسْتقر. وَإِن كتب غَيرهم الْمجْلس أَو الجنات، أَو الْمقر. فكم كتبُوا إِقْرَار صَحِيحا شَرْعِيًّا، أذا تَأمله حَاكم الشَّرِيعَة المطهرة، تهلل وَجه إِنْسَان عينه وقر، وَكَيف لَا يجون ذَلِك؟ وباعهم فِي مواصفات الْبيُوع طويف، وعلمهم بِمَا يجوز بَيْعه وَمَا لَا يجوز لَا يشاركهم فِي الْخَلِيل. وَلَا يُطيق الدُّخُول إِلَيْهِ بِسَبَب خَفِيف وَلَا ثقيل، وَلَهُم فِيمَا يفْسد البيع وَمَا لَا يُفْسِدهُ حكم تَفْرِيق الصَّفْقَة الَّتِي فَضِيلَة السَّبق فِي تفريقها لَا تعرف إِلَّا لصَاحب نسبم الصِّبَا، وَلَا أَتَى أحد بِمَا أَتَى بِهِ فِي وسصف الاعيان الْمَنْصُوص فِيهَا على تَحْرِيم الرِّبَا. ولعمري مَا دخل الْمُوثقُونَ لاخذ إصول هَذَا الْفَنّ، واجتنوبا ثماره اليانعة من فروعها، إِلَّا من بَاب بيع الْمُصراة بالمسرة. ففازوا بالمرابحة واستغنوا بهَا عَن الْبيُوع الْمنْهِي عَنْهَا، وأعرضوا عَن مجموعها، وَحين وقفُوا على اخْتِلَاف الْمُتَبَايعين من اخْتِلَاف الائمة. (فَألْقوا السّلم مَا كُنَّا نعمل من سوعم) (النَّحْل: 28) أمنُوا على خواطرهم السليمة من وَهن الرَّهْن الْمعَاد يَوْم الْمعَاد، ومعرة التَّفْلِيس وَالْحجر - فَلَا وَالله مَا ابتأسوا وَلَا يئسوا، بل عقدوا الصُّلْح يَوْم الْحُدَيْبِيَة، اعْتِمَادًا على مَا صَدره من الْحِوَالَة على الْعَام الْقَابِل وَالضَّمان المقبول. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 8 وعَلى الْجُمْلَة: فمحلهم قَابل للوصف بِكُل منقبة غراء. أخصها تسميتهم عِنْد أهل الْعدْل " الْعُدُول ": من تلق مِنْهُم تقل: لاقيت سيدهم مثل النُّجُوم الَّتِي يهدي بهَا الساري وَكَانَ السببب الْبَاعِث على تَحْرِير هَذَا الْكتاب، وَتَقْرِير مَا حواه من الْمَعْنى الدَّقِيق الَّذِي اطرحت مِنْهُ القشر وَأثبت اللّبَاب: هُوَ أَنِّي وقفت على كثير من كتب الْمُتَقَدِّمين فِي الوثائق والشروط، وأتيت على مَا فِيهَا من المصطلحات الْحكمِيَّة، وتأملت الْمُخْتَصر مِنْهَا والمبسوط، فَإِذا هِيَ ذَات عِبَارَات مؤتلفة ومختلفة، وحالات قوانيت أوضاعها يُغْنِيك موصوفها عَن الصّفة، وَفِي غضونها من الْأَلْفَاظ مَا تمجه الاسماع لطوله وَبسطه. وَرُبمَا حصل لمتأمله ملل أَدَّاهُ إِلَى الاخلال بمقصوده الْمُؤلف وَشَرطه. وَرَأَيْت - مَعَ ذَلِك - أَن مصطلح الاولين بِالنِّسْبَةِ إل يأفهام الْمُتَأَخِّرين لما فِيهِ من التَّرْكِيب العجيب غَرِيب، وَمِنْه مَا هُوَ مُحْتَاج إِلَى التَّهْذِيب وتقريب وترتيب. والمعلوم من طَرِيق الْمَنْطُوق وَالْمَفْهُوم: أَن هَذَا الْعلم، وَإِن كَانَ بحرا لَا يصل أحد إِلَى قراره، وَلَا يَسْتَطِيع أَن يَأْتِي من يحملهُ ويفصله بالعشر من معشاره - فقد اسْتعْمل النَّاس فِيهِ فصوله جَامِعَة لمعاني الْكَلَام، وتصرفوا فِي موضعهَا تَصرفا توقفت عَلَيْهِ أَحْكَام الْحُكَّام. وَمِنْهُم من سبرها ودربها، ورتبها، وبوبها، وحسبها وكتبها. فَصَارَت مِمَّا لَا يجهل وَلَا يُنكر، وَإِذا وَقعت لَاحَدَّ من حقذاق حزبة نزلها بلطيف استنباطه على الاوضاع، وَإِن كَانَت فِي كتب الوثائق لم تذكر. وَمثل ذَلِك كثير. وَلَا ينبئك مثل خَبِير. وَكَانَ قد وَقع لي شئ أشكل عَليّ، وخفي فِيهِ الصَّوَاب. فعدلت إِلَى السُّؤَال عَنهُ من عدُول فضلاء، وأساطين من الموقعين النبهاء والنبلاء. فَلم يأتني أحد مِمَّن سَأَلته بِجَوَاب. وَرُبمَا قَالَ الَّذِي عِنْده علم من الْكتاب: لَا بَأْس أَن تضع فِي هَذَا الْفَنّ كتابا، تكشف فِيهِ ظلمَة مَا أبهم من الاشكال فيتضح. فَقلت لَهُ: أبشر، فَإِن الْبَاب الَّذِي قرعته قد فتح. وَهَا قد نهضت لذَلِك فاسترح. وشرعت والشروع كَمَا علمت مُلْزم، وَأمر من أَمرنِي بذلك وَاجِب الِامْتِثَال، كونى بتمييزه وخيره وَشَرطه: أنصب وَأَرْفَع وأجزم. واستخرت الله لاذي مَا خَابَ من استخاره، وَلَا نَدم من استجاره. وَجعلت هَذَا الْكتاب ناطقا بِمَحَامِد الْكتب السَّابِقَة، وَإِنَّهَا لافصح ناطقة. سلكت فِيهِ سَبِيل مصطلح أهل هَذَا الزَّمَان، منبها فِي كل بَاب من أبوابه على الحكم الْمُتَعَلّق بِهِ بأوضح بَيَان، ثمَّ على مسَائِل الْخلاف الْجَارِي فِي كل مَسْأَلَة بَين إمامنا الشَّافِعِي وَمَالك، وَأحمد، وَأبي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 9 حنيفَة النُّعْمَان، وَإِذا انْتهى ذكر الحكم وتفصيل الْخلاف، ذكرت المصطلح بِعِبَارَة وجيزة. وسبكت معنى الالفاظ مَعَ الاحتصار فِي مَحَله سبكا، لَو رَآهُ السُّبْكِيّ لاقر أَنِّي سبكت إبريزه. وقابلت بأَدَاء النصب تَمْيِيزه. أَو لَو رأى مَجْمُوعه الْحسن بن حبيب لتلفع من مروط محاسنه بمرطين، أَو ابْن بهْرَام لشنف آذان الثريا من جَوَاهِر عقوده - إِذا حقق المناط - بقرطين: أَو ابْن الصَّيْرَفِي لظهر لَهُ الْفرق مَا بَين الدِّرْهَم وَالدِّينَار فِي الصّرْف، وَلَا عطى المواثيق والعهود أَن انتقاده يعجز عَن أَن يَأْتِي فِيهِ بتزييف حرف، أَو الشلقامي لعلم أَن فِي كَلَامه - على رَأْي أهل المساحة. شلقمة ولتحلى بحالته الْمرة، وروى أَحَادِيث كؤوس ورده عَن عَلْقَمَة، أَو ابْن الزلباني لقلى نَفسه بِنَار دهنه ودهن ناره المشتعلة، ولحرق بأصابعه لجين أَلْفَاظه، الَّتِي جهد أَن يقلبها إبريزا، فَمَا قعد مِنْهَا إِلَّا فِي شباك وسلسلة، أَو الشريف الجرواني لقَالَ: وَالله هَذِه مواهب إلهية، وفوائد سنية، ونقود ذهبية، يتعامل بهَا من الان فِي الديار المصرية، والممالك الاسلامة، وَإنَّهُ لكتاب ختمت بهكتب أهل هَذِه الصِّنَاعَة. وأرجوا أَن يكون وَاسِطَة عقدهم، ورابطة مقتضياتهم، الَّتِي إِلَيْهَا يرجعُونَ فِي حلهم وعقدهم. مَا تَأمله منصف خَبِير، فأمعن فِيهِ نظرا، وَرَأى وَجه الْمُنَاسبَة فِيهِ بَين الْمسَائِل الْفِقْهِيَّة والوثائق الشَّرْعِيَّة وَجها مقمرا، إِلَّا تَيَقّن أَن طرفه الساري إِلَى أَبْوَاب هَذَا الْكتاب واثق من مَعْرُوف مُؤَلفه، وبشره بصباح عِنْده يحمده السرى، وَيَقُول - إِذا طالع مَا اشْتَمَل عَلَيْهِ من الْفَوَائِد -: لاجرم أَن كل الصَّيْد فِي جَوف الفرا. وَقد عزمت على أَن لَا أدع فِي بَاب من أبوابه فرعا يتَعَلَّق بمقصود إِلَّا ذكرته بِقصد حُصُول الْفَائِدَة. والتزمت أَنِّي لَا آتِي على لفظ رَكِيك، وَلَا كلمة ذَات معنى غَرِيب، إِلَّا نبهت على مَعْنَاهَا، وأشرت إِلَيْهِ بِحَسب الامكان على الْقَاعِدَة سائقا مَا لَا يسْتَغْنى الْكتاب عَنهُ فِي الْجُمْلَة، من تناسق مقْصده فِي غَايَة، أَو مُنَاسبَة بَين كلمة وَكلمَة فِي بداية أَو نِهَايَة. وبنيت الْمَقْصُود مِنْهُ على قَوَاعِد وأصول، ورتبته على أَبْوَاب الْفِقْه، وَقسمت الابواب إِلَى فُصُول، وأضفت إِلَى كل بَاب مِنْهَا مَا يتَعَلَّق بِهِ من المقتضيات الَّتِي هِيَ فِي حكمه، ليسهل تنَاولهَا، وضعا للشئ فِي مَحَله الَّذِي وضع برسمه. وقدمت بَين يَدي ذَلِك كُله مُقَدّمَة كلهَا نتائج، وموضوع منطوقها يشْتَمل على ذكر مَا هُوَ شَرط فِي الشَّاهِد، وَمَا يَنْبَغِي أَن يَتَّصِف بِهِ من يُرِيد الدخوف فِي الْبَاب، فَلَا يكون عَنهُ خَارج، وَمَا أمكن أَن أسكت عَن ذكر الحلى الَّتِي ذكرهَا مُهِمّ، اعْتِمَادًا على وجودهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 10 فِي كتب هَذَا الْفَنّ، وَإِمْكَان مراجعتها فِي الامر الملم، بل أختم الْكتاب بفصل يتَضَمَّن ذكر الحلى والكنى والالقاب، إِذْ هم مِمَّا يحْتَاج إِلَيْهِ أهل هَذِه الصِّنَاعَة وأذيله - إِن شَاءَ الله تَعَالَى - بِذكر مَا اصْطلحَ عَلَيْهِ أهل هَذَا الْعَصْر، من ألقاب الْخُلَفَاء الرَّاشِدين، وَعُظَمَاء الْمُلُوك والسلاطين، وكفال الممالك الاسلامية، ونواب القلاع. وَمن فِي معناهم من أَرْبَاب السيوف، وَمَا يحْتَاج إِلَيْهِ الْكَاتِب من معرفَة ألقاب أَرْبَاب الاقلام، وأركان الدولة الشَّرِيفَة على النظام، وَقَضَاء الْقُضَاة ومشايخ الاسلام. وَمن فِي درجتهم من الْعلمَاء الاعلام. وسميته: جَوَاهِر الْعُقُود، ومعين الْقَضَاء ز الموقعين وَالشُّهُود، وَمَا هُوَ إِلَّا عقد من الْجَوْهَر فِي تناسبه وانتظامه، لَا، بل كالجوهر الْفَرد فِي انتظامه، يشبه عدم انقسامه. وَأَنا أعْتَذر إِلَى كل وَاقِف عَلَيْهِ، وناظر إِلَيْهِ، من اتقصير، سَائِلًا بسط الْعذر فميا طَغى بِهِ الْقَلَم وَجرى بِهِ اللِّسَان، الَّذِي هُوَ فِي هَذَا الاسلوب قصير. وَمن الله أسأَل - وَهُوَ أجل مسؤول، وَإِلَيْهِ الْمرجع والمآب فِيمَا آل من الامر وفميا يؤول - أَن يمدني بالمعونة على مَا قصدته، والتوفيق إِلَى سَبِيل الرشاد فِيمَا أردته، فَلَيْسَ الا عَلَيْهِ اعتمادي، وَإِلَيْهِ تفويضي واستنادي، وأسأله النَّفْع بِهِ لي ولسائر الْمُسلمين، أَقُول: شَرط الشَّاهِد، مُسلم مُكَلّف حر، عدل، ذُو مُرُوءَة غير مُتَّهم، وَشرط الْعَدَالَة، اجْتِنَاب الْكَبَائِر والاصرار على صَغِيرَة، وَيجب على الموثق أَن يَتَّقِي الله، وَيكْتب كَمَا علمه الله، وَينْصَح فِيهِ لمن اسْتَعْملهُ، مَعَ الِاحْتِرَاز من الالفاظ المحتملة والمبهمة. وَيسْتَحب أَن يكون من أهل الْعلم وَالدّين، متحليا بحلية الامانة، عَالما بالامور الشَّرْعِيَّة، حاويا طرفا كَبِيرا من العربة، سالكا مَسْلَك الْفُضَلَاء، مَاشِيا على نهج الْعُقَلَاء، عَارِفًا بقسمة الْفَرَائِض، ومراتب الْحساب، متصرفا فِي بسط مجموعها وموضوعها، وتبيين أُصُولهَا وفروعها، وَيَنْبَغِي للموثق: أَن لَا يعود لِسَانه بِالْكَذِبِ، فَإِن الْعَدَالَة ملكة فِي النَّفس تمنعها عَن اقتراب الْكَبَائِر والرذائل الْمُبَاحَة، وَأَن يجْتَنب معاشرة الاراذل والاسافل ومحادثتهم، إِلَّا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 لضَرُورَة، لابد لَهُ مِنْهَا، فَإِن صناعته شريفة، ورتبته منيفة، بهَا يطلع على غوامض الامور، وأسرار الْمُلُوك، وأحوال الْجُمْهُور، وَبهَا يحفظ دِمَاء النَّاس وَأَمْوَالهمْ، وتنبني عَلَيْهَا أَقْوَالهم وأفعالهم، وَيَنْبَغِي أَن لَا يتَكَلَّم مَعَ الاخصام من الشُّهُود، إِلَّا الْعَارِف بالقضايا، وَأَن يُمَيّز بَين الْخَصْمَيْنِ، وَيعرف المشعود عَلَيْهِ من الْمَشْهُود لَهُ، وَلَا يبطن قَضِيَّة مَعَ أحد الْخَصْمَيْنِ يكون للاخر فِيهَا حَقًا، فَإِن ذَلِك يُؤَدِّي إِلَى الاتهام فِي النَّصِيحَة. وَرُبمَا أدَّت المباطنة مَعَ أحد الْخَصْمَيْنِ إِلَى زِيَادَة مخاصمة، وَرُبمَا عَاد ضَرَر ذَلِك على الشَّاهِد فِي الْحَال والمآل. وَإِذا كَانَ أحد الشَّاهِدين مَعَ الْخَصْمَيْنِ، أَو مَعَ أَحدهمَا فِي مَسْأَلَة، فَلَا يتَكَلَّم فِيهَا الشَّاهِد الثَّانِي حَتَّى يَنْتَهِي كَلَام الاول. فَإِن كَانَ صَوَابا وَإِلَّا رده عَلَيْهِ الثَّانِي، ونبهه على الصَّوَاب بِرِفْق، وَلَا يتنازعان فِي الْمجْلس بِحَضْرَة الاخصام، فَإِن ذَلِك يكسر الْحُرْمَة، ويهزيل الابهة 0 وَيَنْبَغِي للشَّاهِد: أَن لَا يسْرع فِي الْكِتَابَة، حَتَّى يُوقع الشَّهَادَة بِمَا يَقع عَلَيْهِ الِاتِّفَاق، فَإِن ذَلِك يقطع التَّنَازُع بَين الْخَصْمَيْنِ، وَرُبمَا الْمَشْهُود عَلَيْهِ ضَعِيفا، فَإِذا اشْتغل الشَّاهِد فِي الْكتاب رُبمَا أُغمي عَلَيْهِ، وَاسْتمرّ مغمورا إِلَى أَن يَمُوت، فَيفوت الْمَقْصُود. وَلَا يكْتب الشَّاهِد على ظهر مَكْتُوب قبل تَحْرِير مَا يَقع بِهِ الاشهاد، فَرُبمَا حصل خلف بَينهمَا، فَيُؤَدِّي ذَلِك إِلَى فَسَاد الْمَكْتُوب على صَاحبه، وتتطرق الرِّيبَة إِلَيْهِ، بل يلخص الْمَشْهُود بِهِ فِي مسودة، ثمَّ يُوقع الاشهاد بِهِ، ثمَّ يكْتب على ظهر الْمَكْتُوب، بعد أَن يُوقف عَلَيْهِ رَفِيقه الَّذِي يشْهد مَعَه فِي الْقَضِيَّة، ثمَّ يَنْقُلهُ إِلَى الْكتاب الَّذِي يُرِيد أَن يَكْتُبهُ، فَإِنَّهُ إِذا لم يفعل ذَلِك، وَشرع فِي الْكِتَابَة، مُعْتَمدًا على جودة ذهنه، وبادي بديهته، ووثوقه من نَفسه بِعَدَمِ الْخَطَأ فِي الْغَالِب. فقد يذهل وَيجْرِي الْقَلَم - الَّذِي هُوَ لِسَان الْيَد، وبهجة الضَّمِير، وسفير الْعُقُول، ووحي الْفِكر، ورائد الامور - بِغَيْر مُرَاد الْكَاتِب، فَإِن كَانَ الْمَكْتُوب إنْشَاء فَيحْتَاج إِلَى كشط، أَو إِلْحَاق. فَيكون ذَلِك عَيْبا فِي الْمَكْتُوب، لَا سِيمَا إِن ذهل عَن الِاعْتِذَار عَنهُ. وَخرج الْمَكْتُوب من يَده، فَيصير فِيهِ رِيبَة إِن بعد الزَّمَان، وَمَات الشَّاهِد أَو غَابَ، وَإِن غير امكتوب، فقد كلف نَفسه غرم ذَلِك، وَإِن كَانَت الْكِتَابَة على ظهر مَكْتُوب قديم قد توالت عَلَيْهِ خوطوط بالاحكام وَالثنَاء فِيهِ، فَيجْرِي الْقَلَم بِغَيْر الْمَقْصُود. فَيحْتَاج إِلَى تَغْيِير ذَلِك الْفَصْل فِي فصل آخر. فقد تتعذر الْكِتَابَة على الْمَكْتُوب، لضيقه أَو لضيق الزَّمَان. فَإِن أبقاه على الْخَطَأ، أَو إصلحه بِالْمَقْصُودِ على عسر فِي الْكِتَابَة، وضيق فِي الْمَكْتُوب، أُدي ذَلِك إل يالكلام فِي الْمَكْتُوب وَالْكَاتِب. وَهَذَا فِي حق موقعي الحكم العزير آكِد، من كَون أَن غَالب القضايا الْحكمِيَّة، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 والوقائع الَّتِي تقع بَين النَّاس ترد عَلَيْهِم بِقصد إِثْبَاتهَا وَالْحكم بهَا عِنْد حكام الشَّرِيعَة المطهرة. فَالَّذِي يَنْبَغِي للموقع: إِنَّه إِذا استأدي مَكْتُوبًا ليثبته عِنْد الْحَاكِم: أَن لَا يدْخل بِهِ إِلَيْهِ، حَتَّى يَسْتَوْفِيه بِالْقِرَاءَةِ، ويتأمله، وَيسْأل عَن شُهُوده، وَعَن المُرَاد بإثباته، ليَكُون على بَصِيرَة من أمره، فَإِذا فعل ذَلِك كَانَ مستعدا للجواب. وَيَنْبَغِي لَهُ: أَنه إِذا استقضى مَكْتُوبًا بِظَاهِرِهِ فصل، يُرِيد مَالِكه ثُبُوته، وَالْحكم بِمُوجبِه عِنْد الْحَاكِم فِي الْفَصْل المكتتب على ظَاهر الْمَكْتُوب - قبل الْوُقُوف على مَا فِي بَاطِنه وتأمله - فِيهِ تهاون، لِأَنَّهُ قد يكون الْحَاكِم الَّذِي ثَبت الْفَصْل المسطر على ظَاهر الْمَكْتُوب لَا يرى صِحَة الَّذِي فِي الْبَاطِن، والفصل الَّذِي بِظَاهِرِهِ مُتَعَلق بباطنه، فَإِذا ثَبت هَذَا الْفَصْل، ثمَّ تبين فَسَاد الْبَاطِن، الْمَبْنِيّ عَلَيْهِ الْفَصْل الْمَذْكُور - فيتطرق من ذَلِك الْخلَل فِي الحكم، وَالْكَلَام فِي الْمَكْتُوب وَالْكَاتِب وَالْحَاكِم وَلذَلِك صور. مِنْهَا: إِذا تزوج رجل امْرَأَة، وَطَلقهَا ثَلَاثًا، ثمَّ إِن رجلا حللها لَهُ، ثمَّ عَادَتْ إِلَى الاولى بعد الْمُحَلّل فِي فصل بِظَاهِر الْكتاب الاول، وَآل الْأَمر إِلَى ثُبُوت عقد هَذَا النِّكَاح. وَالْحكم بِمُوجبِه عِنْد من لَا يرى صِحَة الاستحلال، وَلَا صُحْبَة الْمَبْنِيّ عَلَيْهِ. وَمِنْهَا: إِذا صالحت الْمَرْأَة الْوَرَثَة على صَدَاقهَا وعَلى مِيرَاثهَا من زَوجهَا صَفْقَة وَاحِدَة، بِفِضَّة عَن فضَّة وَذهب ومصاغ وقماش وحيوان وَغير ذَلِك، وَلم تقبضه. وَكتب الاشهاد الاول، وَكتب بعده إِبْرَاء. وَقصد الْوَرَثَة ثُبُوت الْقَبْض وَالْإِبْرَاء. وَمِنْهَا: إِذا طلق الرجل امْرَأَته طَلْقَتَيْنِ، وعادت إِلَيْهِ، وَبقيت مَعَه بِطَلْقَة وَاحِدَة، ثمَّ خلعها خلعا عَارِيا عَن لفظ الطَّلَاق وَنِيَّته، وَلم يثبت ذَلِك عِنْد من يرى صِحَّته، ثمَّ أعادتها من ذَلِك الْخلْع بِظَاهِر كتابها، وَلم يحكم بِصِحَّتِهِ حَاكم، وَآل الْأَمر إِلَى ثُبُوته وَالْحكم بِمُوجبِه عِنْد من يرى أَن الْخلْع طَلَاق. وَمِنْهَا: إِن الرجل إِذا صَالح صلحا على إِنْكَار بمبلغ على حكم الْحُلُول - وَلم يحكم بِصِحَّتِهِ حَاكم، ثمَّ قبض الْمبلغ وَكتب بِهِ فصل بِظَاهِر الْمَكْتُوب وَضَمنَهُ إبارء وَأَرَادَ إِثْبَات ذَلِك وَالْحكم بِمُوجبِه عِنْد من يرى بطلَان الصُّلْح على الْإِنْكَار. وَمِنْهَا: إِن الرجل إِذا أسلم إِلَى رجل مائَة دِرْهَم فِي شئ من الطَّعَام الْمكيل أَو الْمَوْزُون. فَحل الاجل وَقبض نصفه، ثمَّ تَقَايلا فِي النّصْف الثَّانِي، وَتَأَخر نصف رَأس الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 المَال، وَكتب بذلك إِشْهَاد، ثمَّ اعْترف مُسْتَحقّ نصف رَأس المَال بِقَبض بِظَاهِر الْمَكْتُوب. وَكتب بعد ذَلِك إِبْرَاء وَقصد الحكم بالابراء وَالْقَبْض. وَمِنْهَا: إِذا صَالح إِنْسَان على حِصَّته من مِيرَاثه بمبلغ حَال قبل أَن يعلم مِقْدَار حِصَّته من التَّرِكَة، وَكتب بالمبلغ الْمصَالح بِهِ إِشْهَاد، ثمَّ بعد مُدَّة قبض الْمبلغ الْمصَالح بِهِ بِظَاهِر الاشهاد، وَأَرَادَ ثُبُوته وَالْحكم بِمُوجبِه على حَاكم يرى بطلَان هَذَا الصُّلْح. فَجَمِيع مَا ذكر من هَذِه الصُّور وَمَا أشبههَا للْحَاكِم فِيهِ نظر. وَإِذا شهد الشَّاهِد فِي مسودة بِصَدَاق، أَو عتق، أَو وقف، أَو وَصِيّه، أَو غير ذَلِك، فليكتب فِيهَا جَمِيع مَا يتَعَلَّق بالواقعة مُسْتَوفى، ثمَّ يكْتب التَّارِيخ، وَيكْتب رسم شَهَادَته، وَيكْتب رَفِيقه، ويستكتب من حضر الْوَاقِعَة، وَلَا يهمل ذَلِك، فَإِنَّهُ رُبمَا احْتِيجَ إِلَى الشَّهَادَة بِتِلْكَ الْقَضِيَّة، وَتعذر حُضُور الشَّاهِدين الواضعين رسم شَهَادَتهمَا فِيهَا، أَو أَحدهمَا، بسفر أَو موت، فَلَا يُوجب من يشْهد بذلك، أَو لَا يُوجد من يشْهد على خطّ المتعذر، عِنْد من لَا يرَاهُ، أَو ترفع الْقَضِيَّة إِلَى من لَا يرى الحكم بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِين، فيبطلها، فَيفوت الْمَقْصُود، وَهَذَا من بَاب الِاحْتِيَاط والتحرز. وَلَا يستشهد فِي قَضِيَّة من لَا يعرفهُ، وَلَا من لَا تعرف لَهُ عَدَالَة، خُصُوصا فِيمَا لَا تجوز الشَّهَادَة فِيهِ إِلَّا بعدلين، كَالنِّكَاحِ، وَالطَّلَاق، وَالْعِتْق، وَمَا أشبه ذَلِك. وَإِذا كَانَ الْجَمَاعَة من لَا يعرف الْمَرْأَة، وَفِيهِمْ من يعرفهَا، فليشهد عَلَيْهَا من يعرفهَا. وَإِذا وَقعت قَضِيَّة مشكلة فَلَا يستبد بِالنّظرِ فِيهَا وَاحِد من الْجَمَاعَة، بل يشاور فِيهَا أَصْحَاب الرَّأْي والمعرفة من جماعته ورفقته وَغَيرهم، فَإِنَّهُ قد يكون فيهم من يعرف أصل الْقَضِيَّة، إِمَّا بصلاح، فَيَزْدَاد وضوحا، وَإِمَّا بِفساد، فيجتنب الْقَضِيَّة، وَيسلم من تبعتها وتعبها، وَيكون ذَلِك أخْلص لَهُ. وَإِذا أشكل على الشَّاهِد أَمر تدبر وتذكر، وَلَا يشْهد إِلَّا على مصل الشَّمْس الطالعة، مَعَ الْعلم بِمَا تصح بِهِ الشَّهَادَة، لَان الْعدْل المبرز، الْعَالم بِمَا تصح بِهِ الشَّهَادَة لَا يقْدَح فِي شَهَادَته إِلَّا بالعداوة، بِخِلَاف غَيره. وَيَنْبَغِي لمن أتصف بِصفة الْعَدَالَة، وتوقيع الحكم، وَالْجُلُوس لذَلِك فِي مجَالِس الْحُكَّام: أَن يسْلك من الادب مَا يَنْبَغِي سلوكه، وَإِذا جلس بَين يَدي الْحَاكِم فليجلس بسكينة ووقار، وَلَا يبْدَأ الْحَاكِم بالْكلَام فِيمَا دعى إِلَيْهِ بِسَبَبِهِ، وَإِذا سَأَلَهُ الْحَاكِم عَن قَضِيَّة تتَعَلَّق بِهِ أَو بِغَيْرِهِ، فَلَا يسْرع الْجَواب، حَتَّى يتَأَمَّل مقَالَة الْحَاكِم، فَإِن كَانَ كَلَامه مُسْتَوْفيا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 لجَمِيع مَا طلب بِسَبَبِهِ، أَجَابَهُ بِلَفْظ وجيز مُحِيط بِجَمِيعِ ذَلِك، وإنم دلّ كَلَام الْحَاكِم على بعض مَا طلب بِسَبَبِهِ فَلَا يجِيبه بِجَمِيعِ الْقَضِيَّة إِلَّا بأذن مِنْهُ، لاحْتِمَال أَن يكون أَرَادَ السُّؤَال عَن ذَلِك الْبَعْض خَاصَّة، فَإِذا أذن لَهُ أجابة، وَإِلَّا فَيُجِيبهُ عَمَّا سَأَلَهُ عَنهُ خَاصَّة، وَإِذا كَانَ بِمَجْلِس الْحَاكِم جمَاعَة من الموقعين، وسألهم الْحَاكِم سؤالا، وَلم يعين وَاحِدًا مِنْهُم، فليجبه الْعَالم عَن جَمِيع مَا سَأَلَ عَنهُ، وَإِذا كَانَ فيهم من يعرف بعض الْقَضِيَّة، وَذَلِكَ الْبَعْض لَيْسَ هُوَ المُرَاد. فَلَا يُجيب بشئ، حَتَّى يسْأَله عَنهُ على الْخُصُوص، وَإِن كَانُوا كلهم يعلمُونَ بِمَا سَأَلَ عَنهُ، يجب يَكْتَفِي بِجَوَاب وَاحِد مِنْهُم، فَلَا يجِيبه إِلَّا أحْسنهم نطقا وأفصحهم لِسَانا، وأوجزهم لفظا، فَإِن وَقع غير ذَلِك، فقد يخْتَلف الْجَواب، ويتوهم الْحَاكِم فيهم رِيبَة بِسَبَب ذَلِك. وَقد يصدر مِنْهُ فِي حَقهم مَا لَا يرضونه. وَيَنْبَغِي للشَّاهِد: أَن لَا يُكَرر الشَّهَادَة على الْخصم مرّة بعد أُخْرَى فِي قَضِيَّة وَاحِدَة. وَلَا ينْفَرد بِالشَّهَادَةِ عَلَيْهِ مَعَ حُضُور رَفِيقه فِي الْمجْلس، بل ينبهه على سَماع مَا يَقع بِهِ الاشهاد. فَإِن الشَّاهِد إِذا كرر الشَّهَادَة على الْخصم، رُبمَا يتخيل فينكر، أَو يعرض فِي فكره أَمر، فَإِذا أَرَادَ لَا شَاهد الثَّانِي أَن يشْهد عَلَيْهِ: أنكر وَامْتنع من الاشهاد فَيحْتَاج الامر إِلَى تَعب وعلاج، وَرُبمَا أثار ذَلِك عِنْد الشَّاهِد الاول شَحْنَاء أَو غيظا، أَو ضغينة تجره إِلَى هوى النَّفس، فَيَقَع فِي الْمَحْذُور وَالْعِيَاذ بِاللَّه، اللَّهُمَّ إِلَّا إِن يكون فِي الْمَسْأَلَة حزبة فِيهَا حق للْمَشْهُود عَلَيْهِ، أَو مَا علم الحكم فِي الْمَسْأَلَة، وَاحْتَاجَ إِلَى التَّعْرِيف بهَا، ليفهم معنى مَا يشْهد عَلَيْهِ بِهِ، وَإِن كَانَ الشَّاهِد الثَّانِي مَشْغُولًا فِي قَضِيَّة إخرى لم يسمع الاقرار، أَو لم يكن حَاضرا، ثمَّ حضر فَلَا بَأْس بالاعادة هَهُنَا، لِأَنَّهُ مَوضِع ضَرُورَة تُعَاد فِيهِ الشَّهَادَة لتتم. وَيَنْبَغِي للموثق - خُصُوصا الْموقع - أَن يحسن خطه، وَلَا يقرطم الْحُرُوف، وَلَا يداخلها فِي بَعْضهَا مداخلة يسْقط بهَا بعض الْحُرُوف، أَو تخل بِالْمَعْنَى، أَو تُؤدِّي إِلَى خلل فِي اللَّفْظ الْمَشْهُود بِهِ، وَلَا يُقيد مَوضِع الاطلاق، كَمَا لَا يُطلق مَوضِع التَّقْيِيد. فَإِن فِي ذَلِك إخلالا بِالْعُقُودِ، وَسبب لحوصل الضَّرَر من ضيَاع حُقُوق الْمُسلمين وإتلافها أَو بَعْضهَا. وَقد بَلغنِي من غير وَاحِد عَن بعض حكام الْمُسلمين بالديار المصرية: أَنه كَانَ يُعَزّر من اعْتمد شَيْئا من ذَلِك، حَتَّى كَانَت الشُّهُود فِي أَيَّامه يَكْتُبُونَ الوثائق - على اختلافها وتباين حالاتها - بالحروف الْعَرَبيَّة الْقَاعِدَة المنقوطة المشكولة، الَّتِي هِيَ فِي غَايَة الايضاح، وَهَذَا مَعْدُود من نصح هَذَا لاحاكم فِيهَا تولاه. رَحمَه الله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 وَيَنْبَغِي أَن يبين الشَّاهِد الْمبلغ الْمَشْهُود بِهِ وينصفه، بِحَيْثُ يقرأه كل أحد، ويحترز فِي مَوضِع جملَته وتنصيفه من الْقَلَم القبطي والديواني والرومي، فَإِن ذَلِك أنفى للتدليس، وَأبْعد للالحاق، والاصلاح فِي الزِّيَادَة وَالنُّقْصَان، ويوضح التَّارِيخ إيضاحا جليا، يذكر الْيَوْم والشهر وَالسّنة، وَإِن ذكر السَّاعَة الَّتِي كتب فِيهَا فَهُوَ أَجود وَإِذا أَكثر الالحاق أَو الكشط فِي ورقة نبه عَلَيْهِ فِي موَاضعه. وَإِذا كَانَ فِي الْمَكْتُوب ضرب على شئ غير صَحِيح كتب " وَفِيه ضرب فِي لاسطر الْفُلَانِيّ " يَعْنِي الْعَاشِر أَو الْحَادِي عشر، أَو أقل أَو أَكثر، من مَوضِع كَذَا إِلَى مَوضِع كَذَا، لَا يعْتد بِمَا تَحت الضَّرْب، فَهُوَ غير صَحِيح، وَإِن كَانَ مَا تَحت الضَّرْب صَحِيح، قَالَ، (وَمَا تَحت الضَّرْب صَحِيح مُعْتَد بِهِ فِي مَوْضِعه ". وَإِذا انْتهى الْمَكْتُوب، عد سطوره وَكتب فِي أَسْفَله عدتهَا، وعد الاوصال. وَكتب على كل وصل مِنْهَا عَلامَة يعرفهَا، وَقيد بِالْكِتَابَةِ مَعَ عدَّة السطور عدَّة الاوصال. وَيَنْبَغِي للشَّاهِد: أَن لَا يدْخل فِي قَضِيَّة، إِلَّا إِذا علم من نَفسه النَّفْع بِهِ فِيهَا، وَلَا يُؤَدِّيهَا إِلَّا إِذا ذكرهَا. فَإِن الخطوط تشتبه، وَرُبمَا أوقعه الِاشْتِبَاه فِي الْمَحْذُور، وَأَن يحْتَرز من الْغَلَط، ويتيقظ كل التيقظ. فَرُبمَا طَغى الْقَلَم، فجره إِلَى الْغَلَط. وَيَنْبَغِي للموقع: أَنه إِذا أَرَادَ الدُّخُول على الْحَاكِم: فَلَا يدْخل إِلَّا وَمَعَهُ الالة الَّتِي لَا يتم الْمَقْصُود إِلَّا بهَا، وَهِي الدواة وَمَا بهَا من الاقلام. وَيَنْبَغِي أَن يتَّخذ من أنابيب الاقلام أَقَله عقدا، وأكثفه شحما، وأصلبه قشرا وأعدله اسْتِوَاء، وسكينا حادا تعينه على بري الْقَلَم، يبريه من نَاحيَة نَبَات القصبة. وَاعْلَم أَن مَحل الْقَلَم من الْكَاتِب كمحل الرمْح من الفهارس. قَالَه إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الشَّيْبَانِيّ. ويبنغي أَن يكون مَا فِي الدواة من الاقلام ثَلَاثَة: قلم لعلامة الْحَاكِم، وقلم لنَفسِهِ، وقلم للاصلاح والالحاق بَين السطور، لانه إِذا كَانَ فِي الدواة قلم وَاحِد فقد تتعذر دَوَاة الْحَاكِم عِنْد إِرَادَة كِتَابَته على حكم. فَيحْتَاج إِلَى قلم الْعَلامَة، فيقط الْقَلَم الَّذِي بِيَدِهِ، فيتعطل هُوَ بِسَبَبِهِ، أَو لَا يكون مَعَه مَا يقط بِهِ الْقَلَم، فينسب إِلَى قلَّة الْمُرُوءَة، أَو يكون الْحَاكِم مَرِيضا، أَو على سفر مجد، فيشتغل فِي طلب الدواة، أَو إصْلَاح الْقَلَم فَيَمُوت، أَو يُسَافر قبل ذَلِك، فَيفوت الْمَقْصُود من الْحَاكِم. وأذا أَرَادَ الْكِتَابَة: فليضع الدواة عَن يَمِين، وَيَأْخُذ الْقَلَم بِيَمِينِهِ، وَيجْعَل القرطاس فِي يسَاره، وَيجْعَل رَأس القرطاس من أَعْلَاهُ إِلَى أَسْفَله، وَمَوْضِع قطع الورقة مِمَّا يَلِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 16 الْهَامِش، وَيجْعَل يهده فِي القرطاس على وركه الايمن، ويحاذي بالقلم شحمة أُذُنه، فَإِن ذَلِك أجمع للحواس، وأسرع فِي التفكر، وَيبدأ فَيكْتب بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم، يطول الْبَاء، وَيفرق السِّين، وَيحسن " الله " ويمد " الرَّحْمَن " ويجر " الرَّحِيم " وَلَا يفعل فِي الْبَسْمَلَة مَا يَفْعَله كتاب القبط وَغَيرهم، من خلط حُرُوف الْبَسْمَلَة الشَّرِيفَة بَعْضهَا بِبَعْض، وَإِسْقَاط غَالب حروفها وتحريفها عَن موَاضعهَا، وتغييرها عَن رسمها المطبوع فِي كتاب الله العزير الَّذِي لَا يَأْتِ يه الْبَاطِل من بَين يَدَيْهِ وَلَا من خَلفه تَنْزِيل من حكم حميد. فَيكون من الَّذين يحرفُونَ الْكَلم عَن موَاضعه، وَقد ثَبت أَنَّهَا آيَة من سُورَة النَّمْل، وَمن اعْتمد فِي الْبَسْمَلَة لَا شريفة خلاف مَا هِيَ مطبوعة عَلَيْهِ فِي كتاب الله عزوجل اسْتحق التَّأْدِيب. وَكَانَ حَقِيقا أَن يحرمه الله بركتها وثوابها. وَيُصلي على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بعد الْبَسْمَلَة الشريف، من غير فصل بَينهمَا بواو وَلَا يهمل ذَلِك فَإِن فَصله إشهر من أَن يذكر، وَأكْثر من أَن يحصر، وَلَا يخفى ذَلِك على ذِي لَهُ وأدب. ثمَّ يكْتب مَا يَقع عَلَيْهِ الِاتِّفَاق بَين الخوصم من إِقْرَار وَغَيره بِحَسب وقائعها، على مَا سَيَأْتِي بَيَانه فِي بَابه، وَيَنْبَغِي للموثق: أَن يعرف مقادير النَّاس فينزلهم مَنَازِلهمْ. وَيكْتب لكل شخص مَا يُنَاسِبه من الالقاب اللائقة بِهِ من الْخَلِيفَة أَمِير الْمُؤمنِينَ، وَالسُّلْطَان ومقدمي الالوف، وأرباب الْوَظَائِف بالابواب الشَّرِيفَة من أَرْبَاب الأقلام وَالسُّيُوف، وأمراء الطبلخانات والعشراوات. وكفال الممالك الاسلامية وأمرائها، وأرباب وظائفها: ونواب القلاع وَغَيرهم، ثمَّ السادات الموَالِي قَضَاء الْقَضَاء ذَوي الْمذَاهب الاربعة بالديار المصرية، والممالك الشَّرِيفَة الاسلامية ونوابهم، وَمن هُوَ فِي درجتهم وموصوف فيهم بِالْعلمِ وَالدّين وَالْفضل، مُبَاشرَة الْوَظَائِف الدِّينِيَّة، والمناصب السّنيَّة، وينوه بِذكر ذَوي الْبيُوت العريقة، لَا سِيمَا من ترشح إِلَى أَن يكون قَاضِي الْقُضَاة. فيذكر نَعته ولقبه بِحَسب مَا يعرف الموثق من مقَامه. وَإِن كَانَ لَهُ وَظِيفَة خصصه بهَا قَاضِي الْقُضَاة أَو صَارَت إِلَيْهِ بِولَايَة من السُّلْطَان ذكرهَا، مثل إِفْتَاء دَار الْعدْل الشريف: أَو قَضَاء الْعَسْكَر الْمَنْصُور: إو نظر الاوقاف: إو نظر الجوالي، أَو نظر الْكسْوَة، أَو وكَالَة بَيت المَال الْمَعْمُور أَو غَيره، فَإِن عدم ذكر ذَلِك يحصل مِنْهُ تَأْثِير فِي النَّفس، وَإِذا ذكر ارتاحت لَهُ النُّفُوس وانبعثت لَهُ الخواطر. وَيكْتب لِنسَاء الْمُلُوك والسلطاين: الادر (1) الشَّرِيفَة خوند، ولنساء الامراء   (1) الادر والماد وزمن: من ينفتق صفاقه فَيَقَع قصبه فِي صفنة وَلَا ينفتق إِلَّا من جَانِبه الايسر أَو من يُصِيبهُ فتق فِي إِحْدَى خصييه، أدر كفرح الادرة بِالضَّمِّ، ويحرك، وخصية أدراء عَظِيمَة بِلَا فتق وَقوم مآدير أدر. (الْقَامُوس الْمُحِيط، مَادَّة الادر) ، وَهِي الَّتِي تسميها النَّاس القيلة كَمَا ورد فِي لِسَان الْعَرَب أَن لَفْظَة آلادر لَا تقال للْمَرْأَة أمنا لانه لم يسمع، وَإِمَّا أَن يكون لاخْتِلَاف الْخلقَة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 المقدمين، وأرباب الْوَظَائِف، وَمن دونهن، ولنساء ذَوي الرتب الْعَالِيَة من قَضَاء الْقَضَاء وأرباب الاقلام بالابواب الشَّرِيفَة ودواوين الامراء، وَنسَاء التُّجَّار: الخواجكية والسفارة وَمن دونهن من أَصْحَاب الْحَرْف وأرباب الصَّنَائِع والسوقة، وَمن فِي معناهن مَا يَلِيق بِهن من النعوت والالقاب على قدر طبقاتهن وطبقات أَزوَاجهنَّ. وَمن كَانَت مِنْهُنَّ لَهَا زوج أَو مُطلق أَو ولد تعرف بِهِ: عرفهَا بِهِ. وَيكْتب لاهل الذِّمَّة من الْيَهُود وَالنَّصَارَى والسامرة والفرنج مَا يَلِيق بهم، فَإِن كَانَ الْمَشْهُود عَلَيْهِ يَهُودِيّا: ربانا أَو قراء كتب الْيَهُودِيّ الربان أَو الْقُرَّاء، وَإِن كَانَ نَصْرَانِيّا: فإمَّا أَن يكون يعقوبيا أَو ملكيا، فَإِن كَانَ يعقوبيا كتب النَّصْرَانِي اليعقوبي، أَو النَّصْرَانِي الملكي، وَإِن كَانَ سامريا، كتب الْيَهُودِيّ السامري، وَإِن كَانَ فرنجيا: كتب الفرنجي الماغوصي، أَو الكيتلاني، وَيذكر صنائعهم وأماكنهم الَّتِي يُقِيمُونَ بهَا، وَإِن كَانَ الْمَشْهُود عَلَيْهِ مُسلما والمشهود عَلَيْهِ من أهل الذِّمِّيّ والمشهود لَهُ مُسلما: اسْتحبَّ تَقْدِيم الْمَشْهُود لَهُ فِي هَذِه الصُّورَة، كَمَا اخْتَارَهُ كثير من الموثقين الْمُتَقَدِّمين والمتأخرين. وَفِي ذَلِك يحسن قَوْله الْقَائِل: إِذا كَانَ مدحا فالنسيب الْمُقدم. وَإِن كَانَ الْمَشْهُود عَلَيْهِ مَعْرُوفا بنسبه كتب الموثق: وشهوده يعرفونه، أَو وشهوده بِهِ عارفون، أَو وَهُوَ مَعْرُوف عِنْد شُهُوده. وَيَنْبَغِي أَن يسْتَعْمل تَقْدِيم اسْم الْمَشْهُود لَهُ، أذا كَانَ خَليفَة أَو سُلْطَانا، أَو مشارا إِلَيْهِ فِي الدولة، أعالما، أَو مدرسا، أَو مِمَّن لَهُ وجاهة يسْتَحق بهَا التَّقْدِيم، من جِهَة الدّيانَة وَالْعِبَادَة، والزهادة، وإفادة الْعُلُوم، وخدمة السّنة الشَّرِيفَة إِن كَانَ مَنْسُوبا إِلَى بَيت شرِيف: إو أصل عريق، أَو مُبَاشرَة وَظِيفَة دينية تَقْتَضِي الْحَال نَصبه فِيهَا على التَّمْيِيز على الْمَشْهُود عَلَيْهِ، إِذا كَانَ دونه فِي الرُّتْبَة، على مَا جرت بِهِ عَادَة الْمُتَأَخِّرين اصْطِلَاحا، وَإِن كَانَ مَعْرُوفا فِي الْجُمْلَة، بِحَيْثُ لَا يخفى على كثير من الناص، فَيَنْبَغِي أَن لَا يذكر معرفه. فَإِن عدم ذكر ذَلِك يدل على مَعْرفَته. فَإِن كَانَت مَعْرفَته قريبَة كتب " وَهُوَ مَعْرُوف " وَإِن كَانَت حَادِثَة كتب " وَقد عرفه شُهُوده " وَإِن كَانَ الموثق لَا يعرف الْمَشْهُود لَهُ وَلَا الْمَشْهُود عَلَيْهِ، فَيَنْبَغِي أَن يكْتب الْحلِيّ إِن كَانَ يعرف، وَألا فَيتْرك الْكِتَابَة لمن يعرف الْحلِيّ فيحليه، فالحلي بَاب كَبِير لَا يكَاد يدْخل الختلاط والاشتباه على من اعْتَمدهُ فِي وثائقه. أَظن ذَلِك إِلَّا لِكَثْرَة معاملات النَّاس مَعَ بَعضهم بَعْضًا، وَكَثْرَة ترددهم إِلَى الشُّهُود فِي معاقداتهم وبيوعهم ومعاملاتهم، حَتَّى صَار غَالب الموثقين يعْرفُونَ الْمقر وَالْمقر لَهُ، أَو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18 الرَّاهِن وَالْمُرْتَهن، أَو الضَّامِن والمضمون لَهُ وَمَا أشبه ذَلِك، معرفَة ت امة لَا يخالطها جَهَالَة لَا سِيمَا من قدمت هجرته مِنْهُم فِي مجَالِس الْحُكَّام ودكاكين الشُّهُود، وَلَا يغلب على ظَنِّي أَن ترك ذَلِك إِلَّا لذَلِك. وَلَا بَأْس أَن يتحفظ الموثق، وَيحصل فِي حفظه أَنْوَاعه من الْحلِيّ مِمَّا هُوَ إشهر فِي الانسان، وَيُرَاجع فِيهَا بَاب الْحلِيّ. فَإِنَّهُ رُبمَا احْتَاجَ إِلَيْهَا، فَإِن استعملها نفعته، وَإِن تَركهَا اعْتِمَادًا على معرفَة الْخُصُوم فَمَا تضره. وَلَوْلَا خشيَة الاطاعة لذكرت مِنْهَا مَا يَنْبَغِي للموثق أَن يحفظه، وَلَكِن شَاهد النّظر أعدل من شَاهد الْفِكر، وَلَيْسَ العيان كالخبر، وَفِيمَا آتِي بِهِ إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي خَاتِمَة هَذَا الْكتاب، من بسط القَوْل فِي ذكر الْحلِيّ كِفَايَة، يحصل بهَا الاستفادة المستغنى بهَا عَن النّظر فِيمَا عَداهَا، وَأَرْجُو أَن تُؤْتى بهَا كل نفس هداها. والان فقد آن أَوَان شروعي فِيمَا بنيت مَقْصُود هَذَا الْكتاب عَلَيْهِ، وأشرت فِي صدر ديباجته إِلَيْهِ، مقدما ذكر حكم كل بَاب وَمُقْتَضَاهُ، على قاعده مَذْهَب إمامنا الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ وأرضاه. مردفا ذكر تَقْرِير الحكم باخْتلَاف الائمة فِي مسَائِل الْبَاب، ثمَّ بالمصطلح على التَّرْتِيب. وَمَا توفيقي إِلَّا بِاللَّه. عَلَيْهِ توكلت وَإِلَيْهِ أنيب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 كتاب الْإِقْرَار وَمَا يتَعَلَّق بِهِ مِمَّا هُوَ فِي حكمه ومندرج تَحت اسْمه ورسمه أما الحكم: فَالْأَصْل فِي الْإِقْرَار: الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع وَالْقِيَاس أما الْكتاب: فَقَوله تَعَالَى: {وَإِذ أَخذ الله مِيثَاق النَّبِيين لما آتيتكم من كتاب وَحِكْمَة ثمَّ جَاءَكُم رَسُول مُصدق لما مَعكُمْ لتؤمنن بِهِ ولتنصرنه قَالَ أأقررتم وأخذتم على ذَلِكُم إصري قَالُوا أقررنا} وَقَوله تَعَالَى: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ} وَقَوله تَعَالَى: {أَلَسْت بربكم قَالُوا بلَى} وَأما السّنة: فَروِيَ أَن ماعزا والغامدية أقرا عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالزِّنَا فَأمر برجمهما وَقَالَ: (اغْدُ يَا أنيس على امْرَأَة هَذَا فَإِن اعْترفت فارجمها) وَأما الْإِجْمَاع: فَلَا خلاف بَين الْأمة فِي تَعْلِيق الحكم بِالْإِقْرَارِ وَأما الْقيَاس: فَإِن الْإِقْرَار آكِد من الشَّهَادَة لِأَنَّهُ لَا يتهم فِيمَا يقر بِهِ على نَفسه فَإِذا تعلق الحكم بِالشَّهَادَةِ فَلِأَن يتَعَلَّق بِالْإِقْرَارِ أولى وَالْإِقْرَار على أَرْبَعَة أَقسَام: أَحدهَا: لَا يقبل بِحَال وَهُوَ إِقْرَار الْمَجْنُون والمحجور عَلَيْهِ بِسَفَه وَالثَّانِي: إِقْرَار لَا يقبل فِي حَال وَيقبل فِي حَال وَهُوَ إِقْرَار الْمَحْجُور عَلَيْهِ بالفلس وَالثَّالِث: إِقْرَار لَا يَصح فِي شَيْء وَيصِح فِي غَيره مثل إِقْرَار الصَّبِي فِي الْوَصِيَّة وَالتَّدْبِير وَمثل إِقْرَار العَبْد فِي الْحُدُود وَالْقصاص وَالطَّلَاق وَالرَّابِع: الْإِقْرَار الصَّحِيح وَهُوَ الَّذِي لَا يقبل مِنْهُ الرُّجُوع وَهُوَ إِقْرَار الْحر الْبَالِغ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 لغير الْوَارِث وَلَا يقبل الرُّجُوع عَن الْإِقْرَار الصَّحِيح إِلَّا فِي ثَلَاث مسَائِل إِحْدَاهُنَّ: فِي الرِّدَّة وَالثَّانيَِة: فِي الزِّنَا وَفِي سَائِر الْحُدُود قَولَانِ وَالثَّالِثَة: أَن يَقُول رجل: وهبت هَذِه الدَّار من فلَان وأقبضته إِيَّاهَا ثمَّ يَقُول: مَا أقبضته إِيَّاهَا فقد تقرر على أَن الْإِقْرَار يَصح من مُطلق التَّصَرُّف وَأما المحجورون: فأقارير الصَّبِي وَالْمَجْنُون لاغية وَلَو ادّعى الصَّبِي الْبلُوغ بالاحتلام وَقت الْإِمْكَان صدق وَلم يحلف وَفِي دَعْوَاهُ الْبلُوغ بِالسِّنِّ يُطَالب بِالْبَيِّنَةِ وَالسَّفِيه والمفلس من حكم إِقْرَار الصَّبِي وَالْمَجْنُون وَأما العَبْد: فَيقبل إِقْرَاره بِمَا يُوجب عَلَيْهِ عُقُوبَة وَلَو أقرّ بدين جِنَايَة لَا توجب عُقُوبَة وَكذبه السَّيِّد: لَا يتَعَلَّق بِرَقَبَتِهِ وَلَكِن يتَعَلَّق بِذِمَّتِهِ وَيتبع بِهِ بعد الْعتْق وَلَو أقرّ بدين مُعَاملَة لم يقبل على السَّيِّد إِن لم يكن مَأْذُونا لَهُ فِي التِّجَارَة وَيقبل إِن كَانَ مَأْذُونا لَهُ وَيُؤَدِّي من كَسبه وَمَا فِي يَده وَالْمَرِيض فِي مرض الْمَوْت يَصح إِقْرَاره لَكِن لَو أقرّ لوَارِثه فَفِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: يقبل وَالثَّانِي: لَا يقبل وَلَو أقرّ لإِنْسَان فِي صِحَّته بدين وَلآخر فِي مَرضه بدين: لم يقدم الأول وَلَا يَصح إِقْرَار الْمُكْره على الْإِقْرَار وَيشْتَرط فِي الْمقر لَهُ: أَهْلِيَّة اسْتِحْقَاق الْمقر بِهِ فَلَو قَالَ: لهَذِهِ الدَّابَّة عَليّ كَذَا فَهُوَ لَغْو وَلَو قَالَ: عَليّ بِسَبَب هَذِه الدَّابَّة لمَالِكهَا كَذَا وَكَذَا: لزمَه مَا أقرّ بِهِ وَلَو قَالَ: لحمل فُلَانَة عَليّ كَذَا بِإِرْث أَو وَصِيَّة لزمَه وَإِذا كذب الْمقر لَهُ الْمقر ترك المَال فِي يَده وَلَو رَجَعَ الْمقر عَن الْإِقْرَار فِي حَال تَكْذِيبه وَقَالَ: غَلطت قبل رُجُوعه فِي أرجح الْوَجْهَيْنِ للشَّافِعِيّ الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب: اتّفق الْأَئِمَّة رَضِي الله عَنْهُم على أَن الْحر الْبَالِغ إِذا أقرّ بِحَق مَعْلُوم من حُقُوق الْآدَمِيّين لزمَه إِقْرَاره وَلَا يقبل مِنْهُ الرُّجُوع فِيهِ وَاتَّفَقُوا على أَن الْمَجْنُون وَالصَّبِيّ غير الْمُمَيز وَالْعَبْد الصَّغِير غير الْمَأْذُون لَهُ: لَا يقبل إقرارهم وَلَا طلاقهم وَلَا تلْزم عقودهم وَاتَّفَقُوا على أَن العَبْد يقبل إِقْرَاره على نَفسه وَلَا يقبل فِي حق سَيّده وَالْإِقْرَار بِالدّينِ فِي الصِّحَّة وَالْمَرَض سَوَاء يكون للْمقر لَهُم جَمِيعًا على قدر حُقُوقهم إِن وفت التَّرِكَة بذلك إِجْمَاعًا فَإِن لم تف: فَعِنْدَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد يتحاصصون فِي الْمَوْجُود على قدر دُيُونهم وَقَالَ أَبُو حنيفَة: غَرِيم الصِّحَّة يقدم على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 غَرِيم الْمَرَض فَيبْدَأ بِاسْتِيفَاء دينه فَإِن فضل شَيْء صرف إِلَى غَرِيم الْمَرَض وَإِن لم يفضل شَيْء فَلَا شَيْء لَهُ وَلَو أقرّ فِي مرض مَوته لوَارث فَعِنْدَ أبي حنيفَة وَأحمد: لَا يقبل إِقْرَار الْمَرِيض لوَارث أصلا وَقَالَ مَالك: إِن كَانَ لَا يتهم ثَبت وَإِلَّا فَلَا مِثَاله: أَن يكون لَهُ بنت وَابْن أَخ فَإِن أقرّ لِابْنِ أَخِيه لم يتهم وَإِن أقرّ لابنته اتهمَ وَالرَّاجِح من قولي الشَّافِعِي: أَن الْإِقْرَار للْوَارِث صَحِيح ومقبول وَلَو مَاتَ رجل عَن ابْنَيْنِ وَأقر أَحدهمَا بثالث وَأنكر الآخر لم يثبت نسبه الِاتِّفَاق وَلكنه يُشَارك الْمقر فِيمَا فِي يَده مُنَاصَفَة عِنْد أبي حنيفَة وَقَالَ مَالك وَأحمد: يدْفع إِلَيْهِ ثلث مَا فِي يَده لِأَنَّهُ قدر مَا يُصِيبهُ من الْإِرْث لَو أقرّ بِهِ الْأَخ الآخر وَقَامَت بذلك بَيِّنَة وَقَالَ الشَّافِعِي: لَا يَصح الْإِقْرَار أصلا وَلَا يَأْخُذ شَيْئا من الْمِيرَاث لعدم ثُبُوت نسبه وَلَو أقرّ بعض الْوَرَثَة بدين على الْمَيِّت وَلم يصدقهُ الْبَاقُونَ قَالَ أَبُو حنيفَة: يلْزم الْمقر مِنْهُم بِالدّينِ جَمِيع الدّين وَقَالَ مَالك وَأحمد: يلْزمه من الدّين بِقدر حِصَّته من مِيرَاثه وَهُوَ أشهر قولي الشَّافِعِي وَالْقَوْل الآخر: كمذهب أبي حنيفَة فصل : وَمن أقرّ لإِنْسَان بِمَال وَلم يذكر مبلغه قَالَ بعض أَصْحَاب مَالك: يُقَال لَهُ: سم مَا شِئْت مِمَّا يتمول فَإِن قَالَ: قِيرَاط أَو حَبَّة قبل مِنْهُ وَحلف أَنه لَا يسْتَحق أَكثر من ذَلِك وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ لِأَن الْحبَّة مَال وَقَالَ بعض أَصْحَاب مَالك: يلْزمه مِائَتَا دِرْهَم إِن كَانَ من أهل الْوَرق وَعِشْرُونَ دِينَارا إِن كَانَ من أهل الذَّهَب وَهُوَ أول نِصَاب الزَّكَاة وَقَالَ القَاضِي عبد الْوَهَّاب: وَلَيْسَ لمَالِك فِي ذَلِك نَص وَعِنْدِي: أَنه يجب على مذْهبه ربع دِينَار فَإِن كَانَ من أهل الْوَرق فَثَلَاثَة دَرَاهِم وَلَو قَالَ: لَهُ على مَال عَظِيم أَو خطير قَالَ ابْن هُبَيْرَة فِي الإفصاح: لم يُوجد عَن أبي حنيفَة نَص مَقْطُوع بِهِ فِي هَذِه الْمَسْأَلَة إِلَّا أَن صَاحِبَاه قَالَا: يلْزمه مِائَتَا دِرْهَم إِن كَانَ من أهل الْوَرق أَو عشرُون دِينَارا إِن كَانَ من أهل الذَّهَب وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد: يقبل تَفْسِيره بِأَقَلّ مَا يتمول حَتَّى بفلس وَاحِد وَلَا فرق عِنْدهمَا بَين قَوْله: على مَال أَو مَال عَظِيم قَالَ القَاضِي عبد الْوَهَّاب: وَلَيْسَ لمَالِك نَص فِي الْمَسْأَلَة أَيْضا وَكَانَ الْأَزْهَرِي بقول الشَّافِعِي وَالَّذِي يقوى فِي نَفسِي: قَول أبي حنيفَة وَلَو قَالَ: لَهُ عَليّ دَرَاهِم كَثِيرَة قَالَ الشَّافِعِي وَأحمد: يلْزمه ثَلَاثَة دَرَاهِم وَبِه قَالَ مُحَمَّد بن عبد الحكم الْمَالِكِي إِذْ لَا نَص فِيهَا لمَالِك وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يلْزمه عشرَة دَرَاهِم وَقَالَ صَاحِبَاه: يلْزمه مِائَتَا دِرْهَم وَاخْتَارَهُ القَاضِي عبد الْوَهَّاب الْمَالِكِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 فصل : وَلَو قَالَ: عَليّ ألف دِرْهَم قبل تَفْسِير الْألف بِغَيْر الدَّرَاهِم حَتَّى لَو قَالَ: أردْت ألف جوزة قبل وَكَذَا لَو قَالَ: لَهُ عَليّ ألف وكر حِنْطَة أَو ألف وجوزة أَو ألف وبيضة: لم يكن فِي جَمِيع هَذَا الْعَطف تَفْسِير للمعطوف عَلَيْهِ عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَسَوَاء كَانَ الْعَطف من جنس مَا يُكَال أَو مَا يُوزن أَو مَا يعد أَو لَا وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِذا كَانَ الْعَطف من جنس مَا يُكَال أَو يُوزن أَو يعد: فَهُوَ تَفْسِير للمعطوف عَلَيْهِ الْمُجْمل وَإِلَّا فَلَا يلْزمه عِنْده فِي الدَّرَاهِم ألف دِرْهَم وَفِي الْجَوْز ألف جوزة وجوزة وَفِي الْحِنْطَة ألف كرّ وكر فصل: وَالِاسْتِثْنَاء جَائِز فِي الْإِقْرَار لِأَنَّهُ فِي الْكتاب وَالسّنة مَوْجُود فَيصح وَهُوَ من الْجِنْس جَائِز بِاتِّفَاق الْأَئِمَّة وَأما من غير الْجِنْس: فَاخْتَلَفُوا فِيهِ فقا أَبُو حنيفَة: إِن كَانَ اسْتِثْنَاؤُهُ مِمَّا يثبت فِي الذِّمَّة كمكيل وموزون ومعدود كَقَوْلِه: لَهُ ألف دِرْهَم إِلَّا كرّ حِنْطَة صَحَّ وَإِن كَانَ مِمَّا لَا يثبت فِي الذِّمَّة إِلَّا قِيمَته كَثوب وَعبد لم يَصح اسْتِثْنَاؤُهُ وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ: يَصح الِاسْتِثْنَاء من غير الْجِنْس على الْإِطْلَاق وَظَاهر كَلَام أَحْمد: أَنه لَا يَصح وَكَذَلِكَ اسْتثِْنَاء الْأَقَل من الْأَكْثَر فَيصح بالِاتِّفَاقِ وَاخْتلفُوا فِي عَكسه فَعِنْدَ الثَّلَاثَة يَصح وَعند أَحْمد لَا يَصح وَإِذا قَالَ: عِنْدِي ألف دِرْهَم فِي كيس أَو عشرَة أَرْطَال تمر فِي جراب أَو ثوب فِي منديل فَهُوَ إِقْرَار بِالدَّرَاهِمِ وَالتَّمْر وَالثَّوْب دون الأوعية عِنْد مَالك وَأحمد وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ أهل الْعرَاق: يكون الْجَمِيع لَهُ فصل : وَإِذا أقرّ العَبْد الَّذِي هُوَ غير مَأْذُون لَهُ فِي التِّجَارَة بِإِقْرَار يتَعَلَّق بعقوبة فِي بدنه كَالْقَتْلِ الْعمد وَالزِّنَا وَالسَّرِقَة وَالْقَذْف وَشرب الْخمر قبل إِقْرَاره وأقيم عَلَيْهِ حد مَا أقرّ بِهِ عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ أَحْمد: لَا يقبل إِقْرَاره فِي قتل الْعمد وَقَالَ الْمُزنِيّ وَمُحَمّد بن الْحسن وَدَاوُد: لَا يقبل إِقْرَاره بذلك كَمَا لَا يقبل فِي المَال إِلَّا فِي الزِّنَا وَالسَّرِقَة فَقَط فَإِنَّهُ يقبل فيهمَا والمأذون لَهُ إِذا أقرّ بِحُقُوق تتَعَلَّق بِالتِّجَارَة كَقَوْلِه: داينت فلَانا وَله عَليّ ألف دِرْهَم ثمن مَبِيع أَو مائَة دِرْهَم أرش عيب أَو قرض فَإِنَّهُ يقبل إِقْرَاره عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَمَا كَانَ من دين لَيْسَ من مُتَضَمّن التِّجَارَة فَإِنَّهُ فِي ذمَّته لَا يُؤْخَذ من المَال الَّذِي فِي يَده كَمَا لَو أقرّ بِغَصب وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يُؤْخَذ من المَال الَّذِي فِي يَده كَمَا يُؤْخَذ مِنْهُ مَا يتَضَمَّن التِّجَارَة فصل : لَو أقرّ يَوْم السبت بِمِائَة وَيَوْم الْأَحَد بِمِائَة فمائة وَاحِدَة عِنْد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 مَالك @ 24 وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَمُحَمّد وَأبي يُوسُف وَلَا فرق عِنْدهم بَين الْمجْلس الْوَاحِد وَبَين الْمجَالِس المتعددة وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِن كَانَ فِي مجْلِس وَاحِد: كَانَ إِقْرَارا بِمِائَة وَاحِدَة أَو فِي مجَالِس: كَانَ إِقْرَارا مستأنفا وَلَو أقرّ بدين مُؤَجل وَأنكر الْمقر لَهُ الْأَجَل قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك: القَوْل قَول الْمقر لَهُ مَعَ يَمِينه أَنه حَال وَقَالَ أَحْمد: القَوْل قَول الْمقر مَعَ يَمِينه وَللشَّافِعِيّ قَولَانِ كالمذهبين أصَحهمَا: أَن القَوْل قَول الْمقر مَعَ يَمِينه وَلَو شهد شَاهد لزيد على عَمْرو بِأَلف دِرْهَم وَشهد لَهُ آخر بِأَلفَيْنِ ثَبت لَهُ الْألف بِشَهَادَتِهِمَا وَله أَن يحلف مَعَ الشَّاهِد الَّذِي زَاد ألفا آخر هَذَا مَذْهَب مَالك وَأحمد وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يثبت لَهُ بِهَذِهِ الشَّهَادَة شَيْء أصلا لِأَنَّهُ لَا يقْضِي بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِين وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا أقرّ الْمَرِيض فِي مَرضه بِاسْتِيفَاء دُيُونه فَقَالَ أَبُو حنيفَة: يقبل قَوْله فِي دُيُون الصِّحَّة دون الْمَرَض وَقَالَ مَالك: إِذا أقرّ فِي الْمَرَض بِقَبض دينه مِمَّن لَا يتهم لَهُ قبل إِقْرَاره وبرىء من كَانَ عَلَيْهِ الدّين سَوَاء كَانَ أَدَاؤُهُ فِي الصِّحَّة أَو الْمَرَض وَإِن أقرّ لمن يتهم لَهُ لم يقبل إِقْرَاره فِي الْمَرَض أَو الصِّحَّة وَقَالَ أَحْمد: يقبل قَوْله فِي ذَلِك وَيصدق فِي دُيُون الصِّحَّة وَالْمَرَض مَعًا وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا علق الْإِقْرَار بِالْمَشِيئَةِ مثل أَن يَقُول: لَهُ عَليّ ألف دِرْهَم إِن شَاءَ الله فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك فِي الْمَشْهُور عَنهُ وَالشَّافِعِيّ: يبطل الْإِقْرَار بِالِاسْتِثْنَاءِ وَقَالَ أَحْمد: يلْزمه مَا أقرّ بِهِ مَعَ الِاسْتِثْنَاء وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا قَالَ: كَانَ لَهُ عَليّ ألف دِرْهَم وَقَبضهَا أَو قَالَ: لَهُ عَليّ ألف دِرْهَم من ثمن مَبِيع هلك قبل قَبضه فَكَانَ مَبِيعًا من شَرط ضَمَانه الْقَبْض وَكَذَلِكَ لَو قَالَ: لَهُ عَليّ ألف دِرْهَم ثمن خمر أَو خِنْزِير وَكَذَلِكَ لَو قَالَ: بِعته إِلَى أجل مَجْهُول أَو تكفلت بِشَرْط الْخِيَار فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك: يسْقط أَصله وَيلْزمهُ مَا أقرّ بِهِ وَقَالَ أَحْمد: القَوْل قَوْله فِي الْكل وَلَا يلْزمه شَيْء محتجا فِي ذَلِك بِمذهب ابْن مَسْعُود وَعَن الشَّافِعِي: قَولَانِ كالمذهبين أظهرهمَا عِنْد أَصْحَابه: مُوَافقَة أبي حنيفَة وَمَالك انْتهى وَيَنْبَنِي على مُقْتَضى الحكم فِي هَذَا الْبَاب ومسائل الْخلاف: صور مُخْتَلفَة الْمعَانِي مؤتلفة المباني مِمَّا قوبل فصح وعذب لَفظه وَفهم مَعْنَاهُ واتضح وَيُسمى عِنْد أهل هَذَا الْفَنّ: المصطلح وَهُوَ أَنْوَاع وَاعْلَم علمك الله الْعلم وزينك بالتقوى والحلم أَن الْإِقْرَار لَا يَخْلُو: إِمَّا أَن يكون من ذكر مُفْرد أَو من ذكرين مثنيين أَو جمَاعَة أَو مؤنث أَو خُنْثَى أَو أخرس الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 أَصمّ أَو غير أَصمّ أَو منحبس اللِّسَان عَن النُّطْق لضعف حصل لَهُ أَو أعجمي لَا يحسن الْعَرَبيَّة أَو عبد مَأْذُون لَهُ فِي التِّجَارَة وَفِي غَيرهَا أَو مكَاتب أَو عبد خَال عَن إِذن سَيّده أَو مراهق أَو مَجْنُون مطبق أَو معتوه يفِيق فِي وَقت ويجن فِي وَقت أَو سَكرَان مقرّ بِنسَب أَو غَيره على الْخلاف الْمَذْكُور وَالْإِقْرَار لَا يَخْلُو: إِمَّا أَن يكون إِقْرَارا بدين لَازم للذمة عَن قرض أَو ثمن مَبِيع أَو غَيره وَإِمَّا أَن يكون إِقْرَارا بِقَبض فِي وَفَاء دين أَو ثمن مَبِيع أَو أُجْرَة مأجور أَو حِصَّة من مَال تَرِكَة أَو مبلغ صدَاق أَو مصالحة عَن شَيْء أَو دِيَة مقتول أَو حِصَّة مِنْهَا أَو نُجُوم كِتَابَة أَو غير ذَلِك من المواصفات الَّتِي يصدر فِيهَا بِالْقَبْضِ ومدار الْأَمر فِي ذَلِك كُله: على قَاعِدَة وصور تشْتَمل على أَبْوَاب وفصول أما الْقَاعِدَة: فَهُوَ أَن يذكر اسْم الْمقر وَاسم أَبِيه وجده وشهرته وَمَا يعرف بِهِ وَاسم الْمقر لَهُ أَو الْمَقْبُوض مِنْهُ كَذَلِك وَقدر الْمبلغ الْمقر بِهِ من نقد أَو غَيره مِمَّا يثبت فِي الذِّمَّة وَيذكر الْحُلُول فِي الدّين أَو الْأَجَل الْمُتَّفق عَلَيْهِ وَإِقْرَار الْمقر فِي الدّين بالملاءة وَالْقُدْرَة على مَا أقرّ بِهِ وَيذكر الْعِوَض فِي ذَلِك مِمَّا يُخرجهُ عَن الْجَهَالَة أَو تَبْيِين السَّبَب الَّذِي لزمَه الدّين بِهِ أَو قَبضه بِمُقْتَضَاهُ إِمَّا أَن يكون بدل قرض أَو ثمن مَبِيع أَو غير ذَلِك من الْأَسْبَاب الملزمة وَيذكر الرَّهْن إِذا كَانَت فِيهِ أَو الضَّامِن إِن كَانَ فِي الذِّمَّة أَو ضَمَان وَجه وبدن بِسَبَب الدّين وَإِذن الْمَضْمُون للضامن فِي الضَّمَان فِي الْحَالَتَيْنِ واعتراف الضَّامِن فِي ضَمَان الذِّمَّة أَنه مَلِيء بِمَا ضمنه قَادر عَلَيْهِ عَارِف بِمَعْنى ضَمَان الذِّمَّة ولزومه شرعا وبالمضمون لَهُ فِيهِ وَفِي ضَمَان الْوَجْه: أَنه عَارِف بِمَعْنى الضَّمَان الْمَذْكُور وَمَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ شرعا وتسلم الْمَضْمُون من الْمَضْمُون لَهُ التسلم الشَّرْعِيّ وَإِن كتب فِي ضَمَان الذِّمَّة الْحَالَات السِّت وَهِي: الْعسر واليسر وَالْمَوْت والحياة والغيبة والحضور وَقبُول الْمَضْمُون لَهُ عقد الضَّمَان فِي الْمجْلس: خرج من الْخلاف وَيخْتم بِتَصْدِيق الْمقر لَهُ أَو الْمَقْبُوض مِنْهُ على ذَلِك إِن حضر مجْلِس الْإِقْرَار وَإِلَّا فَلَا وَيخْتم ذَلِك كُله بالتاريخ وَلَا يخفى مَا فِيهِ من الْفَوَائِد الَّتِي تنبني عَلَيْهِ ثمَّ رسم شَهَادَة الشُّهُود فِي ذَلِك أَو عَلامَة الْحَاكِم إِن كَانَ الْإِشْهَاد وَقع فِي مجْلِس حكمه إِمَّا بالاعتراف أَو غَيره وَسَيَأْتِي فِي كتاب الْأَقْضِيَة ذكر مَا يحْتَاج إِلَيْهِ القَاضِي وَبَيَان معرفَة الرَّسْم فِي الْكِتَابَة على المكاتيب الْحكمِيَّة والإسجالات وَالْعرُوض وشروح الْمجَالِس وصور الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 الدَّعَاوَى وأوراق الاعتقالات والرقم للشُّهُود وتمييز بَعضهم على بعض على المصطلح فِي ذَلِك من الْعَلامَة والتواريخ إِلَى الحسبلة إِلَى غير ذَلِك مُبينًا إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَسَيَأْتِي فِي كتاب الشَّهَادَات بَيَان معرفَة رسم الشَّاهِد فِي الْكِتَابَة على المكاتيب والحجج والمساطير وَبَيَان موَاضعهَا وَكَيْفِيَّة رسم الشَّهَادَة بعد التَّارِيخ على اخْتِلَاف مراتبها وتباين حالاتها فِي الْوَضع بِاعْتِبَار علو رُتْبَة الشَّاهِد بِالنِّسْبَةِ إِلَى مرافقة ورتبة الْمَشْهُود عَلَيْهِ وَبِمَا يُنَاسب كل مَحل وَاضحا إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَالْمُسْتَحب لمن كتب كتابا فِي هَذَا الْمَعْنى أَو غَيره: إِذا افتتحه بالبسملة والحمدلة وَالصَّلَاة على النَّبِي: أَن يخْتم أَيْضا بِالصَّلَاةِ على النَّبِي ثمَّ بقوله: حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل فَإِن ذَلِك فِيهِ النجاح والفلاح وَقد جرى على نهجه القويم السّلف وَالْخلف تبركا وتيمنا لَا سِيمَا الحسبلة وَقد سَأَلت بعض الْأَعْيَان عَن الْحِكْمَة فِي ختم الْحُكَّام فِي علاماتهم بالحسبلة وَختم النَّاس فِي كتبهمْ ومطالعاتهم فِي الْغَالِب بهَا دون غَيرهَا فَقَالَ: الْحِكْمَة فِي ذَلِك والسر فِيهِ ظَاهر مَعْلُوم من قَوْله تَعَالَى: {فانقلبوا بِنِعْمَة من الله وَفضل لم يمسسهم سوء} وَمِنْهُم: شيخ قديم هِجْرَة فِي الْكتاب أَخْبرنِي عَن بعض شُيُوخه: أَنه أَفَادَهُ أَن الحسبلة لَا تكون فِي مَكْتُوب وَيحصل لكَاتبه بِسَبَبِهِ سوء أبدا وَأما الصُّور: فَمِنْهَا صُورَة إِقْرَار ذكر مُفْرد لذكر مُفْرد بدين يَقُول: أقرّ فلَان ابْن فلَان الْفُلَانِيّ وَهُوَ مَعْرُوف لشهوده إِقْرَارا شَرْعِيًّا فِي صِحَّته وسلامته وطواعيته واختياره: أَن فِي ذمَّته بِحَق صَحِيح شَرْعِي لفُلَان ابْن فلَان الْفُلَانِيّ من الذَّهَب الأشرفي أَو الْعين الهرجة الْمصْرِيّ المصكوك بصكة الْإِسْلَام كَذَا وَكَذَا أشرفيا أَو كَذَا وَكَذَا مِثْقَالا أَو من الْفضة الطّيبَة الْخَالِصَة السالمة من الْغِشّ المتعامل بهَا يَوْمئِذٍ بالديار المصرية أَو مُعَاملَة دمشق المحروسة كَذَا وَكَذَا درهما فَإِن كَانَ وزنا قَالَ: وزنا بصنج الْفضة وَإِن كَانَت عددا قَالَ عددا أَو من الْقَمْح الطّيب الْجَدِيد الصعيدي أَو الْبُحَيْرِي أَو الفول أَو الشّعير أَو السمسم أَو الزَّيْت أَو الْعَسَل أَو غير ذَلِك من النُّقُود أَو الْعرُوض أَو الْحُبُوب أَو الأدهان أَو غير ذَلِك من الْأَصْنَاف يقوم لَهُ بذلك جملَة وَاحِدَة حَالا أَو على حكم الْحُلُول أَو مقسطا عَلَيْهِ فِي غرَّة كل شهر أَو فِي سلخ كل شهر يمْضِي من تَارِيخه كَذَا وَكَذَا على مَا يَقع الِاتِّفَاق عَلَيْهِ بَينهمَا وَأقر بالملاءة وَالْقُدْرَة على ذَلِك وبقبض الْعِوَض الشَّرْعِيّ عَن ذَلِك عوضا شَرْعِيًّا مَعْلُوما عِنْدهمَا الْعلم الشَّرْعِيّ النَّافِي للْجَهَالَة وَإِن عين الْعِوَض فَيَقُول: وَقبض الْعِوَض الشَّرْعِيّ عَن ذَلِك كَذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 وَكَذَا ويصفه بِمَا يُخرجهُ عَن الْجَهَالَة وَصفا تَاما أَو يَقُول: وَأَن ذَلِك ثمن الشَّيْء الْفُلَانِيّ ويصفه ثمَّ يَقُول: ابْتَاعَ ذَلِك مِنْهُ بِالْقدرِ الْمقر بِهِ الْمعِين أَعْلَاهُ وتسلمه مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا بعد النّظر والمعرفة وَالْمُعَاقَدَة الشَّرْعِيَّة أَو يكون الْمقر بِهِ مُسلما فِيهِ فَيَقُول: وبقبض رَأس مَال السّلم الشَّرْعِيّ عَن ذَلِك فِي مجْلِس التعاقد بَينهمَا على ذَلِك وَإِن عينه وَذكر قدره فَهُوَ أَجود وَإِن حضر الْمقر لَهُ مجْلِس الْإِشْهَاد فَيَقُول: وَصدقه الْمقر على ذَلِك التَّصْدِيق الشَّرْعِيّ وَإِن كَانَ فِيهِ رهنا فَيَقُول بعد اسْتِيفَاء ذكر الْعِوَض: وَرهن الْمقر الْمَذْكُور أَعْلَاهُ تَحت يَد الْمقر لَهُ أَعْلَاهُ توثقة على الدّين الْمعِين أَعْلَاهُ وعَلى كل جُزْء مِنْهُ مَا ذكر أَنه لَهُ وَبِيَدِهِ وَملكه وتصرفه وحيازته إِلَى حِين صُدُور هَذَا الرَّهْن وَذَلِكَ جَمِيع كَذَا وَكَذَا ويصفه وَصفا تَاما وَإِن كَانَ مَكَانا وَصفه وحدده ثمَّ يَقُول: رهنا صَحِيحا شَرْعِيًّا مُسلما مَقْبُوضا بيد الْمُرْتَهن بِإِذن الرَّاهِن مُشْتَمِلًا على الْإِيجَاب وَالْقَبُول وَإِن كَانَ الرَّهْن معادا فَيَقُول بعد قَوْله: مَقْبُوضا بيد الْمُرْتَهن بِإِذن الرَّاهِن معادا إِلَيْهِ لينْتَفع بِهِ مَعَ بَقَاء أَحْكَام الرَّهْن الْمَذْكُور وَإِن أحضر ضَامِنا يضمنهُ فَلَا يَخْلُو: إِمَّا أَن يكون ضمنه فِي الذِّمَّة أَو ضمن وَجهه وبدنه فَإِن كَانَ الضَّمَان فِي الذِّمَّة فَيَقُول: وَحضر بِحُضُور الْمقر الْمَذْكُور فلَان ابْن فلَان الْفُلَانِيّ وَضمن وكفل فِي ذمَّته وَمَاله مَا فِي ذمَّة الْمقر الْمَذْكُور من الدّين الْمعِين أَعْلَاهُ للْمقر لَهُ أَعْلَاهُ على حكمه ضمانا شَرْعِيًّا فِي الْعسر واليسر وَالْمَوْت والحياة والغيبة والحضور بِإِذْنِهِ لَهُ فِي ذَلِك الْإِذْن الشَّرْعِيّ وَأقر أَنه مَلِيء بِمَا ضمنه قَادر عَلَيْهِ عَارِف بِمَعْنى الضَّمَان ولزومه شرعا وبالمضمون لَهُ فِيهِ الْمعرفَة الشَّرْعِيَّة وَقبل الْمَضْمُون لَهُ فِيهِ عقد الضَّمَان فِي الْمجْلس قبولا شَرْعِيًّا وَإِن كَانَ ضمنه ضَمَان وَجه وبدن فَيَقُول: وَحضر بِحُضُور الْمقر الْمَذْكُور فلَان ابْن فلَان الْفُلَانِيّ وَضمن وَجه وبدن وإحضار الْمقر الْمَذْكُور للْمقر لَهُ فِيهِ بِسَبَب الدّين الْمعِين أَعْلَاهُ مَتى التمس إِحْضَاره مِنْهُ فِي ليل أَو نَهَار صباحا أَو مسَاء ضمانا شَرْعِيًّا بِالْإِذْنِ الشَّرْعِيّ وَمَتى تعذر إِحْضَاره كَانَ عَلَيْهِ الْقيام بِمَا يلْزمه من ذَلِك شرعا على مَذْهَب من يرى ذَلِك من السَّادة الْعلمَاء رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ واعترف بِمَعْرِِفَة معنى ذَلِك وَمَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ شرعا قبل الْمَضْمُون لَهُ ذَلِك قبولا شَرْعِيًّا ويكمل بِالْإِشْهَادِ ويؤرخ وَإِن كَانَ الْإِقْرَار على اثْنَيْنِ: أَتَى فيهمَا بِلَفْظ التَّثْنِيَة فَيَقُول فِي إقرارهما: فِي صحتهما وسلامتهما وطواعيتهما واختيارهما وَيقومَانِ لَهُ بذلك مقسطا عَلَيْهِمَا وأقرا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 بالملاءة وَالْقُدْرَة على ذَلِك وقبضا الْعِوَض الشَّرْعِيّ عَن ذَلِك وصدقهما الْمقر لَهُ على ذَلِك وَبِه شهد عَلَيْهِمَا وَإِن كَانَ الْإِقْرَار من جمَاعَة: أَتَى بواو الْجمع وميمها فيهم وينبه فِي التَّثْنِيَة وَالْجمع على لُزُوم الدّين بِالْإِقْرَارِ إِن كَانَ عَلَيْهِمَا أَو عَلَيْهِم بِالسَّوِيَّةِ أَو مُتَفَاضلا وَإِن كَانَ على وَاحِد أقل من الآخر ذكر الَّذِي عَلَيْهِ الْأَقَل أَولا وَالَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَر بعده وَفِي الصُّورَة الْأَقَل وَالْأَكْثَر يَقُول: إِن فِي ذمتهما أَو فِي ذمتهم بِحَق صَحِيح شَرْعِي على مَا يفصل فِيهِ: لفُلَان ابْن فلَان الْفُلَانِيّ كَذَا وَكَذَا وَإِذا انْتهى ذكر جملَة الْمبلغ الْمقر بِهِ وتنصيفه فَصله تَفْصِيلًا مطابقا للجملة الْمقر بهَا وَبَين مَا على كل وَاحِد من ذَلِك فَإِذا انْتهى تَفْصِيل الْجُمْلَة يَقُول: يقومان أَو يقومُونَ لَهُ بذلك إِمَّا جملَة وَاحِدَة حَالا وَإِمَّا مقسطا أَو يكون الْبَعْض حَالا وَالْبَعْض مقسطا فيذكر الْحُلُول أَولا وَيذكر التقسيط بعده ويوضح مُدَّة الْأَجَل إيضاحا يَنْتَفِي بِهِ الْإِبْهَام فِي الشَّهْر وَالسّنة وَإِن كَانَ التقسيط بِالْيَوْمِ أَو بالأسبوع فَيَقُول: عِنْد التَّارِيخ وَبِه شهد عَلَيْهِ فِي يَوْم الْأَحَد مثلا أَو الْإِثْنَيْنِ أَو غَيرهمَا من بَقِيَّة أَيَّام الْأُسْبُوع ويكمل على نَحْو مَا سبق تَنْبِيه: إِذا كَانَ الْإِقْرَار بِالدّينِ من اثْنَيْنِ أَو جمَاعَة فَيكْتب الموثق: أقرّ فلَان وَفُلَان وَفُلَان أَن فِي ذمتهم وَلَا يَقُول: أقرّ كل من فلَان وَفُلَان وَفُلَان أَن فِي ذمَّته فَإِن ذَلِك يَقْتَضِي لُزُوم كل من المقرين بِجَمِيعِ الدّين ويتعدد على كل مِنْهُم بطرِيق اللُّزُوم فِي لَفْظَة (كل) وَكَذَلِكَ فِي الضَّمَان وَغَيره من الْعُقُود الملزمة للذمة وَهَذَا مَحل احْتِرَاز وَالْخُنْثَى يلْحق بالذكورية وَيَقُول فِيهِ: وَهُوَ خُنْثَى مُشكل يمِيل إِلَى الرِّجَال وَالنِّسَاء دفْعَة وَاحِدَة بِإِقْرَارِهِ وَالْأُنْثَى تلْحق بهَا تَاء التَّأْنِيث مثل: أقرَّت وَحَضَرت وأشهدت وصدقت وَتقوم وَفِي التَّثْنِيَة كالمذكر بِالْألف وَيلْحق تَاء التَّأْنِيث مثل: أقرتا وحضرتا وصدقتا وأشهدتا وتقومان وَفِي جمَاعَة النِّسَاء: أقررن وحضرن وأشهدن وصدقن ويقمن والأخرس والأصم يَقُول فِيهِ: بِإِشَارَة مفهمة قَائِمَة مِنْهُ مقَام النُّطْق فَإِن كَانَ الْمَشْهُود عَلَيْهِ أخرسا وَهُوَ قارىء فَيقْرَأ الْكتاب ويتحمل عَلَيْهِ الشَّهَادَة بِالْإِشَارَةِ وَيَقُول فِيهِ: وَهُوَ أخرس اللِّسَان أَصمّ الْأُذُنَيْنِ عَاقل عَارِف بِمَا يجب عَلَيْهِ شرعا خَبِير بتدبير نَفسه عَالم بِمَا يَنْفَعهُ ويضره بِالْإِشَارَةِ المفهمة الْقَائِمَة مقَام النُّطْق مِنْهُ والأخرس الَّذِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 هُوَ غير الْأَصَم تحصل الشَّهَادَة عَلَيْهِ بِاللَّفْظِ من الشَّاهِد وَالْإِشَارَة المفهمة مِنْهُ والمنحبس لِسَانه عَن النُّطْق لضعف حصل لَهُ يَقُول فِيهِ: أقرّ فلَان الْفُلَانِيّ الَّذِي انحبس لِسَانه عَن النُّطْق لضعف حصل لَهُ وَهُوَ فِي صِحَة عقله وَحُضُور حسه وفهمه والأعجمي: يتَحَمَّل عَلَيْهِ من يعرف لِسَانه وَإِن كَانَ يعرف الْعَرَبيَّة وَيفهم مَعْنَاهَا استنطق بهَا وَيَقُول: الَّذِي استنطق بِالْعَرَبِيَّةِ وَعرف مَعْنَاهَا وَالْعَبْد الْمَأْذُون لَهُ فِي التِّجَارَة وَغَيرهَا يَقُول فِيهِ: أقرّ فلَان ابْن عبد الله الْبَالِغ أَو الرجل الْكَامِل وَيذكر نَوعه وجنسه ثمَّ يَقُول: الَّذِي هُوَ فِي رق مَوْلَاهُ فلَان وَأذن لَهُ فِي التِّجَارَة وَغَيرهَا وَفِي البيع وَالشِّرَاء وَالْأَخْذ وَالعطَاء بِسَبَب مَا أذن لَهُ فِيهِ فِيمَا يرى فِيهِ الْحَظ والمصلحة وَالْغِبْطَة لسَيِّده الْمَذْكُور وَالْعَبْد الْخَالِي عَن إِذن سَيّده يتبع بِإِقْرَارِهِ إِذا عتق وَهُوَ أَن يَأْخُذ مَالا من شخص بِغَيْر إِذن سَيّده ويتلف فِي يَده والمراهق: يَصح إِقْرَاره فِي الْقرب وَالْوَصِيَّة على الْخلاف الْمَذْكُور وَالْمَجْنُون المطبق: لَا يَصح مِنْهُ وَالْمَعْتُوه كَالْمَجْنُونِ وَالَّذِي يفِيق فِي وَقت ويجن فِي وَقت: يَصح مِنْهُ وَقت الْإِفَاقَة وَيَقُول فِيهِ: الَّذِي يجن فِي وَقت ويفيق فِي وَقت وَهُوَ فِي حَال هَذَا الْإِقْرَار مُفِيق عَارِف بِمَا يبديه من قَول وَفعل فصل : إِذا كَانَ الْإِقْرَار بِالدّينِ مَكْتُوبًا باسم شخص وَأقر بِهِ لغيره يَقُول: أشهد عَلَيْهِ فلَان الْمَذْكُور وباطنه: أَنه لما داين فلَانا الْمقر الْمَذْكُور بَاطِنه بِالدّينِ الْمعِين بَاطِنه كَانَ من مَال فلَان الْفُلَانِيّ وصلب حَاله وَأَنه كتب اسْمه على سَبِيل النِّيَابَة عَنهُ وَأَنه كَانَ أذن لَهُ فِي مُعَاملَة الْمقر الْمَذْكُور بَاطِنه ومداينته وَرَضي بِذِمَّتِهِ وان فلَانا الْمَذْكُور يسْتَحق مُطَالبَة الْمقر الْمَذْكُور بذلك وَقَبضه مِنْهُ واستخلاصه بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيّ وَصدقه الْمقر لَهُ على ذَلِك كُله تَصْدِيقًا شَرْعِيًّا ويؤرخ وَإِذا كَانَ الدّين على شخص لشخص وصير الْمقر لَهُ الدّين لشخص آخر يَقُول: أشهد عَلَيْهِ فلَان: أَن مبلغ الدّين الْمعِين بَاطِنه وَجُمْلَته كَذَا وَكَذَا صَار وَوَجَب لفُلَان الْفُلَانِيّ بطرِيق صَحِيح شَرْعِي من وَجه حق لَا شُبْهَة فِيهِ وَأَنه يسْتَحق جَمِيع الْمبلغ الْمقر بِهِ الْمعِين بَاطِنه دونه وَدون كل أحد بِسَبَبِهِ استحقاقا شَرْعِيًّا وَأقر أَنه لَيْسَ لَهُ فِي ذَلِك حق وَلَا شُبْهَة حق وَلَا اسْتِحْقَاق وَلَا شَيْء قل وَلَا جلّ وَصدقه الْمقر لَهُ الْمَذْكُور على ذَلِك التَّصْدِيق الشَّرْعِيّ ويؤرخ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 وَإِذا كَانَ الدّين حَالا وَانْظُر صَاحب الدّين الْمَدِين فِيهِ يَقُول: أشهد عَلَيْهِ فلَان أَنه أنظر فلَانا الْمقر الْمَذْكُور بَاطِنه بمبلغ الدّين الْمعِين بَاطِنه وَجُمْلَته كَذَا وَكَذَا على أَن يقوم لَهُ بذلك مقسطا عَلَيْهِ فِي كل يَوْم أَو فِي كل أُسْبُوع أَو فِي كل شهر أَو جملَة وَاحِدَة بعد مُضِيّ كَذَا وَكَذَا شهرا من تَارِيخه كَذَا وَكَذَا إنظارا شَرْعِيًّا لعلمه بِحَالهِ وَأَنه لَا يقدر على وَفَاء ذَلِك إِلَّا كَذَلِك على مَذْهَب من يرى ذَلِك من السَّادة الْعلمَاء رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ قبل ذَلِك قبولا شَرْعِيًّا وَأقر بالملاءة وَالْقُدْرَة على ذَلِك على حكم الإنظار المشروح أَعْلَاهُ وتصادقا على ذَلِك كُله تَصَادقا شَرْعِيًّا ويؤرخ وَإِن نذر صَاحب الدّين أَنه لَا يُطَالب الْمَدْيُون بِالدّينِ إِلَّا مقسطا أَو بعد مُضِيّ شهر أَو سنة يَقُول: أشهد عَلَيْهِ فلَان أَنه نذر لله تَعَالَى أَنه لَا يُطَالب فلَانا الْفُلَانِيّ الْمَذْكُور بَاطِنه بِمَالِه فِي ذمَّته من الدّين الشَّرْعِيّ الْمعِين بَاطِنه وَجُمْلَته كَذَا وَكَذَا إِلَّا مقسطا أَو جملَة وَاحِدَة بعد مُضِيّ كَذَا وَكَذَا شهرا من تَارِيخه كَذَا وَكَذَا نذرا شَرْعِيًّا يلْزمه الْوَفَاء بِهِ على مَذْهَب من يرى ذَلِك من السَّادة الْعلمَاء رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ ويكمل على نَحْو مَا سبق ويؤرخ مَسْأَلَة: إِذا قَالَ: لَهُ عَليّ من دِرْهَم إِلَى عشرَة لزمَه تِسْعَة فِي الْأَصَح أَو عَليّ مَا بَين دِرْهَم وَعشرَة فثمانية أَو إِلَى عشرَة فَكَذَا فِي الصَّحِيح أَو دِرْهَم فِي عشرَة وَأَرَادَ الْحساب فعشرة أَو الْمَعِيَّة فأحد عشر أَو الظّرْف فدرهم أَو أطلق فَكَذَا على الْمَشْهُور وَصُورَة مَا يكْتب فِي ذَلِك: أقرّ فلَان أَن فِي ذمَّته لفُلَان من الدَّرَاهِم المتعامل بهَا يَوْمئِذٍ بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ: من دِرْهَم إِلَى عشرَة أَو مَا بَين دِرْهَم وَعشرَة دَرَاهِم أَو دِرْهَم فِي عشرَة وَأَنه أَرَادَ الْحساب أَو الْمَعِيَّة أَو أَرَادَ الظّرْف أَو أطلق ويكمل ويؤرخ وَإِذا أَرَادَ ثُبُوت ذَلِك عَن القَاضِي يَقُول بعد اسْتِيفَاء صدر الإسجال إِلَى قَوْله على الرَّسْم الْمَعْهُود فِي مثله: مَا نسب إِلَى الْمقر الْمُسَمّى بَاطِنه من الْإِقْرَار المشروح بَاطِنه على مَا نَص وَشرح بَاطِنه وباطنه مؤرخ بِكَذَا وجريان حلف الْمقر لَهُ فِيهِ الْحلف الشَّرْعِيّ والإعذار لمن لَهُ الْإِعْذَار فِي ذَلِك ثبوتا صَحِيحا شَرْعِيًّا وَحكم بِمُوجب ذَلِك وَمن مُوجبه: أَن الَّذِي يجب على الْمقر الْمَذْكُور فِيهِ بِمُقْتَضى إِقْرَاره المشروح فِيهِ: كَذَا وَكَذَا درهما حكما شَرْعِيًّا تَاما مُعْتَبرا مرضيا مسؤولا فِيهِ مُسْتَوْفيا شَرَائِطه الشَّرْعِيَّة ويكمل على الْعَادة وَيَنْبَنِي على الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب الوفاقية والخلافية: أَحْكَام وصور الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 مِنْهَا: مَا إِذا كَانَ الْإِقْرَار من بَالغ عَاقل بمبلغ ثمن مَبِيع طَاهِر جَائِز بَيْعه برهن حِصَّة شائعة فِي مَكَان كَامِل وَالرَّهْن معَاذًا فَهَذَا صَحِيح على مَذْهَب الإِمَام الشَّافِعِي وَحده فَإِن رهن الْحصَّة الشائعة عِنْد أبي حنيفَة بَاطِل وَالرَّهْن الْمعَاد عِنْده وَعند مَالك وَأحمد بَاطِل وَعلة الْبطلَان: هِيَ كَون الْمُرْتَهن قبض الرَّهْن ثمَّ أَعَادَهُ فالإعادة هِيَ عِلّة الْبطلَان وَفِي صُورَة الْإِقْرَار بذلك يَقُول: أقرّ فلَان أَن فِي ذمَّته لفُلَان من الذَّهَب كَذَا وَكَذَا يَقُول لَهُ بذلك حَالا وَأقر بالملاءة وَالْقُدْرَة على ذَلِك وَأَن ذَلِك ثمن الشَّيْء الْفُلَانِيّ ويذكره إِذا كَانَ مَبِيعًا طَاهِرا جَائِزا بَيْعه ابْتَاعَ ذَلِك مِنْهُ وتسلمه تسلما شَرْعِيًّا بعد النّظر والمعرفة وَالْمُعَاقَدَة الشَّرْعِيَّة والإحاطة بذلك علما وخبرة نَافِيَة للْجَهَالَة وَصدقه الْمقر لَهُ الْمَذْكُور على ذَلِك وَرهن الْمقر الْمَذْكُور أَعْلَاهُ تَحت يَد الْمقر لَهُ الْمَذْكُور أَعْلَاهُ توثقة على الدّين الْمعِين أَعْلَاهُ وعَلى كل جُزْء مِنْهُ: مَا ذكر أَنه لَهُ وَبِيَدِهِ وَملكه وتصرفه إِلَى حِين صُدُور هَذَا الرَّهْن وَذَلِكَ جَمِيع الْحصَّة الَّتِي مبلغها كَذَا وَكَذَا سَهْما من أصل أَرْبَعَة وَعشْرين سَهْما شَائِعا ذَلِك فِي جَمِيع الْمَكَان الْفُلَانِيّ ويصفه ويحدده رهنا شَرْعِيًّا صَحِيحا مَقْبُولًا مَقْبُوضا بِالْإِذْنِ الشَّرْعِيّ مُشْتَمِلًا على الْإِيجَاب وَالْقَبُول معادا إِلَى الرَّاهِن الْمَذْكُور ولينتفع بِهِ مَعَ بَقَاء حكم الرَّهْن ولزومه ويكمل ويؤرخ وَمِنْهَا: مَا يكون إِقْرَارا صَحِيحا عِنْد أبي حنيفَة بَاطِلا عِنْد البَاقِينَ وَفِي صُورَة الْإِقْرَار بذلك يَقُول: أقرّ فلَان الْمُرَاهق الَّذِي ناهز الِاحْتِلَام طَائِعا مُخْتَارًا فِي صِحَّته وسلامته بِحُضُور وليه فلَان وإذنه لَهُ فِي الْإِقْرَار: أَن فِي ذمَّته لفُلَان من الدَّرَاهِم أَو الذَّهَب كَذَا وَكَذَا يقوم لَهُ بذلك حَالا وَأقر بالملاءة وَالْقُدْرَة على ذَلِك وان ذَلِك ثمن خَمْسَة قوانين من خشب الآبنوس وَعظم العاج مطعمة بعرق اللوري كَامِلَة الأوتار واللوالب ابتاعها مِنْهُ وتسلمها وتسلم مثله لمثل ذَلِك تسلما شَرْعِيًّا وَرهن الْمقر الْمَذْكُور أَعْلَاهُ عِنْد الْمقر لَهُ الْمَذْكُور أَعْلَاهُ على جَمِيع الدّين الْمعِين أَعْلَاهُ وعَلى كل جُزْء مِنْهُ مَا ذكر أَنه لَهُ وَبِيَدِهِ وَملكه وتصرفه حَالَة الرَّهْن وَذَلِكَ جَمِيع المزبلة السرجين الَّتِي ارتفاعها ثَلَاث عصي بالعصى الْمَعْهُودَة الَّتِي يتماسح بهَا الزبالون الَّتِي طولهَا ثَلَاثَة أَذْرع بالذراع التجاري وَطول هَذِه المزبلة قبْلَة وَشمَالًا ثَلَاث عصي وعرضها شرقا وغربا عصوان وثلثي عصي بالعصى الْمَذْكُورَة رهنا صَحِيحا شَرْعِيًّا مُسلما مَقْبُوضا بيد الْمُرْتَهن بِإِذن الرَّاهِن وَقبل الْمُرْتَهن الْمَذْكُور عقد هَذَا الرَّهْن قبولا شَرْعِيًّا ويكمل ويؤرخ وَمِنْهَا: مَا إِذا أقرّ العَبْد الْقِنّ الرَّقِيق بِمَا يُوجب عَلَيْهِ عُقُوبَة أَو أقرّ بدين جِنَايَة مَعَ تَكْذِيب السَّيِّد لَهُ يتَعَلَّق بِذِمَّتِهِ وَيتبع بِهِ إِذا عتق أَو أقرّ بدين مُعَاملَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 وَصُورَة مَا يكْتب فِي ذَلِك: أقرّ فلَان ابْن عبد الله رَقِيق فلَان الْمُعْتَرف لَهُ بِالرّقِّ والعبودية طَائِعا مُخْتَارًا فِي صِحَة عقله وبدنه: أَن فِي ذمَّته لفُلَان كَذَا وَكَذَا على حكم الْحُلُول وَأَن ذَلِك لزمَه عَن أرش جِنَايَة جناها على الْمقر لَهُ الْمَذْكُور يتبعهُ بهَا إِذا عتق وَإِذا كَانَ الْإِقْرَار يُوجب عُقُوبَة كتب: أقرّ فلَان ابْن عبد الله رَقِيق فلَان الْمُعْتَرف لَهُ بِالرّقِّ والعبودية: أَنه شرب الْخمر الْمُسكر وَأَنه وَجب عَلَيْهِ بذلك الْحَد وجوبا شَرْعِيًّا أَو أقرّ: أَنه زنا بِجَارِيَة فلَان أَو بفلانة بنت فلَان وَأقر بذلك ثَلَاث مَرَّات وَأَنه وَجب عَلَيْهِ بذلك الْحَد أَو أقرّ: أَنه قذف فلَانا قذفا صَحِيحا يُوجب عَلَيْهِ الْحَد أَو أقرّ: أَنه جنى على فلَان جِنَايَة بدنية وَهُوَ: أَنه جرحه فأجافه أَو أقرّ: أَنه قلع عينه الْفُلَانِيَّة أَو قطع أَنفه أَو أُذُنه أَو غير ذَلِك من جراحات الرَّأْس وَالْبدن فَكل ذَلِك يقبل إِقْرَاره فِيهِ وَيصِح ويستوفى مِنْهُ الْحَد ويقتص مِنْهُ على الْجِنَايَة وكل ذَلِك صَحِيح عِنْد الشَّافِعِي فَإِذا أقرّ العَبْد الْمَأْذُون لَهُ بِمَال يتَعَلَّق بِالتِّجَارَة الَّتِي فِي يَده كتب: أقرّ فلَان ابْن عبد الله رَقِيق فلَان ومأذونه فِي التِّجَارَة بِتَصْدِيق سَيّده على ذَلِك: أَن فِي ذمَّته لفُلَان كَذَا وَكَذَا حَالا وَأَن ذَلِك لزمَه من مُعَاملَة كَانَت بَينهمَا مُتَعَلقَة بِمَال التِّجَارَة الَّتِي بِيَدِهِ يقوم لَهُ بذلك من كَسبه وَمَا فِي يَده من مَال التِّجَارَة وَأقر بالملاءة وَالْقُدْرَة على ذَلِك ويكمل ويؤرخ وَمِنْهَا: مَا إِذا أقرّ العَبْد الْمَأْذُون بِمَا يتَعَلَّق بِذِمَّتِهِ عِنْد أبي حنيفَة وَأحمد فِي رِوَايَة عَنهُ وَيُبَاع فِيمَا إِذا أقرّ بِهِ عِنْدهمَا وَعند مَالك وَالشَّافِعِيّ: تتَعَلَّق بِذِمَّتِهِ وَيتبع بهَا إِذا عتق وَصُورَة مَا يكْتب فِي ذَلِك: أقرّ فلَان ابْن عبد الله العَبْد الْمَأْذُون لَهُ فِي التِّجَارَة من سَيّده فلَان: أَن فِي ذمَّته لفُلَان كَذَا وَكَذَا بدل قرض شَرْعِي أَو عَن أرش جِنَايَة جناها عَلَيْهِ أَو دِيَة مورث الْمقر لَهُ فلَان الَّذِي قَتله الْمقر الْمَذْكُور خطأ أَو هُوَ مَا غصبه مِنْهُ وَأرش مَا نقص الْمَغْصُوب أَو قيمَة مَا غصبه مِنْهُ وَهلك الْمَغْصُوب فِي يَده وَهُوَ كَذَا وَكَذَا فَإِن كَانَ عِنْد أبي حنيفَة وَأحمد فَيَقُول: يُبَاع العَبْد الْمَذْكُور فِي هَذَا الْقَرْض أَو الْجِنَايَة أَو الْغَصْب وَلَا يذكر فِي الْغَصْب أرش مَا نقص من الْمَغْصُوب فَإِن أَبَا حنيفَة: لَا يُوجب أرش النَّقْص وَإِن كَانَ عِنْد الشَّافِعِي وَمَالك فَيَقُول: يتبع بذلك بعد الْعتْق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 فَإِن كَانَت جِنَايَة بدنية كتب إِقْرَار العَبْد بصورته وَيَقُول: وَوَجَب للْمَجْنِيّ عَلَيْهِ الاقتصاص مِنْهُ بنظير مَا جنى عَلَيْهِ وَإِن كَانَ إِقْرَاره بقتل الْعمد فَجَائِز عِنْد الثَّلَاثَة إِلَّا أَحْمد فَإِنَّهُ قَالَ: لَا يقبل إِقْرَاره بِهِ فِي الرّقّ وَيتبع بِهِ إِذا عتق وَصُورَة إِقْرَاره بِهِ: أقرّ فلَان ابْن عبد الله العَبْد الْمَأْذُون لسَيِّده فلَان طَائِعا مُخْتَارًا من غير إِكْرَاه وَلَا إِجْبَار: أَنه قتل فلَانا عمدا أَو ضربه بمحدد عمدا ضَرْبَة فَمَاتَ مِنْهَا وَوَجَب عَلَيْهِ الْقَتْل بذلك وَكَذَلِكَ الْمَحْجُور عَلَيْهِ يقبل إِقْرَاره فِي ذَلِك وَيكْتب كَمَا تقدم فِي العَبْد الْمَأْذُون وَمِنْهَا: مَا إِذا أقرّ الْمَرِيض فِي مرض مَوته لوَارِثه وَصُورَة مَا يكْتب فِي ذَلِك: أقرّ فلَان فِي صِحَة عقله وتوعك جِسْمه وَثُبُوت فهمه: أَن فِي ذمَّته لابنته لصلبه فُلَانَة كَذَا وَكَذَا على حكم الْحُلُول وَأَن ذَلِك لزم ذمَّته لَهَا بِسَبَب كَذَا وَكَذَا وَيكون الْمقر لَهُ من الْوَرَثَة ابْنَته الْمَذْكُورَة وَأَخ لِأَبَوَيْنِ أَو لأَب أَو ابْن أَخ أَو بَيت المَال فَهُوَ يتهم فِي هَذِه الصُّورَة وَهِي بَاطِلَة عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك وَأحمد صَحِيحَة عِنْد الشَّافِعِي وَلَو أقرّ لِابْنِ أَخِيه أَو لبيت المَال لَا يكون مُتَّهمًا فِي ذَلِك فَيكون ثَابتا عِنْد مَالك صَحِيحا عِنْد الشَّافِعِي بَاطِلا عِنْد أبي حنيفَة وَأحمد وَمِنْهَا: مَا إِذا داين الْأَب أَو الْجد للْأَب أَو الْوَصِيّ شخصا بدين لمحجوره وَصُورَة مَا يكْتب فِي ذَلِك: أقرّ فلَان أَن فِي ذمَّته لفُلَان الصَّغِير الَّذِي هُوَ فِي حجر وَالِده وَتَحْت نظره بالأبوة شرعا أَو الَّذِي هُوَ فِي حجر جده أبي أَبِيه وولايته بالأبوة شرعا أَو الْيَتِيم الَّذِي هُوَ تَحت نظر فلَان ووصيته بِمُقْتَضى الْوَصِيَّة الشَّرْعِيَّة المفوضة إِلَيْهِ من وَالِد الْيَتِيم الْمَذْكُور الَّتِي جعل لَهُ فِيهَا النّظر فِي حَاله وَالْكَلَام لَهُ وَالتَّصَرُّف فِي مَاله بِالْبيعِ وَالشِّرَاء وَالْأَخْذ وَالعطَاء والمعاملة والمداينة وَسَائِر التَّصَرُّفَات الشَّرْعِيَّة بِمَا فِيهِ الْحَظ والمصلحة وَالْغِبْطَة للْيَتِيم الْمَذْكُور إِلَى غير ذَلِك مِمَّا هُوَ مشروح فِي كتاب الْوَصِيَّة الْمحْضر لشهوده والمؤرخ بَاطِنه بِكَذَا الثَّابِت مضمونه مَعَ قبُول الْمُوصى إِلَيْهِ الْمَذْكُور الْوَصِيَّة الْمَذْكُورَة بعد موت الْمُوصي بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ المؤرخ بِكَذَا من الدَّرَاهِم أَو الذَّهَب كَذَا وَكَذَا حَالا أَو مقسطا وَأقر بالملاءة وَالْقُدْرَة على ذَلِك وَأَن ذَلِك ثمن قماش مُخْتَلف الألوان ويصفه بِمَا يُخرجهُ عَن الْجَهَالَة ابتاعه من وَالِد الْمقر لَهُ أَو جده أَو وَصِيّه وتسلمه تسلما شَرْعِيًّا بعد النّظر والمعرفة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 وَالْمُعَاقَدَة الشَّرْعِيَّة واعترف الْمقر الْمَذْكُور: أَن ذَلِك ثمن الْمثل عَن الْمَبِيع الْمَذْكُور لَا حيف فِيهِ وَلَا شطط وَلَا غبينة وَلَا فرط وَلَا فَسَاد فِي الْمُعَامَلَة وَصدقه وَالِد الْمقر لَهُ أَو جده أَو وَصِيّه على ذَلِك كُله التَّصْدِيق الشَّرْعِيّ وَرهن الْمقر الْمَذْكُور أَعْلَاهُ عِنْد المداين الْمَذْكُور أَعْلَاهُ على جَمِيع الدّين الْمعِين أَعْلَاهُ وعَلى كل جُزْء مِنْهُ مَا ذكر أَنه لَهُ وَبِيَدِهِ وَملكه وَتَحْت تصرفه إِلَى حِين هَذَا الرَّهْن وَذَلِكَ جَمِيع التركيبة الزركش الذَّهَب الهرجة المركبة على حَاشِيَة حَرِير أَبيض الَّتِي زنتها كَذَا وَكَذَا مِثْقَالا بِمَا فِيهِ من الْحَاشِيَة المركبة عَلَيْهَا والبطانة وَالْحَرِير والريش رهنا صَحِيحا شَرْعِيًّا مُسلما مَقْبُوضا بيد الْمَذْكُور بِالْإِذْنِ الشَّرْعِيّ مَقْبُولًا ويكمل ويؤرخ وَمِنْهَا: مَا إِذا أقرّ الْوَالِد أَو الْجد للْوَلَد بمبلغ أَو عقار أَو غَيره وَصُورَة مَا يكْتب فِي ذَلِك: أقرّ فلَان أَن وَلَده لصلبه أَو ولد وَلَده لصلبه فلَان الصَّغِير الَّذِي هُوَ فِي حجره وَتَحْت ولَايَته بِحكم الْأُبُوَّة شرعا: ملك عَلَيْهِ وَاسْتحق دونه من وَجه صَحِيح شَرْعِي مُعْتَبر مرضِي سوغه الشَّرْع الشريف وارتضاه وَأَجَازَهُ وأمضاه جَمِيع الشَّيْء الْفُلَانِيّ ويصفه وَصفا تَاما أَو جَمِيع الْمَكَان الْفُلَانِيّ ويصفه ويحدده ملكا صَحِيحا شَرْعِيًّا واستحقاقا لَازِما مرضيا وَأَن ذَلِك فِي يَده وحيازته لوَلَده الْمَذْكُور يتَصَرَّف لَهُ فِيهِ التَّصَرُّف التَّام الْمُعْتَبر بِمَا لَهُ عَلَيْهِ من الْولَايَة الشَّرْعِيَّة وَأقر أَنه لَا يسْتَحق مَعَه فِي الْمَكَان الْمَذْكُور وَلَا فِي شَيْء مِنْهُ حَقًا وَلَا بَقِيَّة من حق بِوَجْه من الْوُجُوه وَلَا بِسَبَب من الْأَسْبَاب وَأَن بَاطِن هَذَا الْإِقْرَار كظاهره وَظَاهره كباطنه عرف الْحق فِي ذَلِك فَأقر بِهِ والصدق فَاتبعهُ لوُجُوبه عَلَيْهِ شرعا وَإِن كَانَ وَلَده الْمقر لَهُ بَالغا عَاقِلا أَو امْرَأَة كَامِلَة قَالَ: وَصدق الْمقر لَهُ الْمَذْكُور على ذَلِك كُله تَصْدِيقًا شَرْعِيًّا وَقبل من الْمقر الْمَذْكُور هَذَا الْإِقْرَار قبولا شَرْعِيًّا وَإِن كَانَ الْإِقْرَار لأَجْنَبِيّ ذيله أَيْضا بالتصديق وَالْقَبُول وَمِنْهَا: مَا إِذا كَانَ الْمقر بِهِ انْتقل إِلَى الْمقر لَهُ بِسَبَب مُتَقَدم على الْإِقْرَار مثل أَن يكون قد انْتقل إِلَيْهِ بِالْإِرْثِ من أمه أَو بالتمليك أَو الْهِبَة أَو الْوَصِيَّة من قريب أَو أَجْنَبِي وَصُورَة مَا يكْتب فِي ذَلِك: أقرّ فلَان أَن جَمِيع الْمَكَان الْفُلَانِيّ ويصفه ويحدده ملك من أَمْلَاك فلَان وَحقّ من حُقُوقه وواجب من واجباته وَأَنه بِيَدِهِ وَفِي حيازته وتصرفه انْتقل إِلَيْهِ بِالْإِرْثِ الشَّرْعِيّ من مُوَرِثه فلَان أَو بِوَجْه من وُجُوه الِانْتِقَالَات الَّتِي ذَكرنَاهَا من قبل تَارِيخه انتقالا صَحِيحا شَرْعِيًّا وَأَنه لَا يسْتَحق مَعَه فِي ذَلِك وَلَا فِي شَيْء مِنْهُ وَلَا فِي حق من حُقُوقه حَقًا وَلَا دَعْوَى وَلَا طلبا بِوَجْه وَلَا سَبَب وَلَا علاقَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 وَلَا تبعة وَلَا ملكا وَلَا شُبْهَة ملك وَلَا مَنْفَعَة وَلَا اسْتِحْقَاق مَنْفَعَة وَلَا شَيْئا قل وَلَا جلّ ويكمل ويؤرخ وَمِنْهَا: مَا إِذا أقرّ الزَّوْج لزوجته بصداقها الَّذِي تزَوجهَا عَلَيْهِ عِنْد عدم الصَدَاق المكتتب بَينهمَا وَصُورَة مَا يكْتب فِي ذَلِك: أقرّ فلَان أَن فِي ذمَّته لزوجته فُلَانَة المستمرة فِي عصمته وَعقد نِكَاحه إِلَى يَوْم تَارِيخه من الذَّهَب كَذَا وَكَذَا على حكم الْحُلُول أَو التنجيم وَأَن هَذِه الْجُمْلَة هِيَ جَمِيع مبلغ صَدَاقهَا الَّذِي تزَوجهَا عَلَيْهِ التَّزْوِيج الشَّرْعِيّ بولِي مرشد وشاهدي عدل ورضاها بتاريخ مُتَقَدم على تَارِيخه وَادعت الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة عدم الصَدَاق الْمَذْكُور عدما لَا يقدر على وجوده وَحلفت على ذَلِك الْيَمين الشَّرْعِيّ وَأقر الزَّوْج الْمَذْكُور واعترف: أَنه دخل بِزَوْجَتِهِ الْمَذْكُورَة وأفضى إِلَيْهَا واستحقت جَمِيع الصَدَاق الْمَذْكُور فِي ذمَّته على الحكم المشروح أَعْلَاهُ استحقاقا شَرْعِيًّا بِحكم مَا اسْتحلَّ من فرجهَا أَو من بضعهَا واستمتع بهَا وَأَنه لم يجر بَينهمَا طَلَاق وَلَا فرقة وَلَا فسخ نِكَاح وَأَن أَحْكَام الزَّوْجِيَّة بَاقِيَة بَينهمَا إِلَى الْآن وَحَضَرت الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة وصدقت على ذَلِك كُله تَصْدِيقًا شَرْعِيًّا ويكمل ويؤرخ وَمِنْهَا: مَا إِذا وَقع إِقْرَار لجِهَة وقف لمدرسة أَو مَسْجِد أَو غير ذَلِك أَو مَكَان وَقفه وَصُورَة مَا يكْتب فِي ذَلِك: أقرّ فلَان أَن فِي ذمَّته لمستحق أوقاف الْمَسْجِد الْفُلَانِيّ أَو بِالْمَدْرَسَةِ الْفُلَانِيَّة كَذَا وَكَذَا وَأَن ذَلِك هُوَ الْقدر الَّذِي استولى عَلَيْهِ أَو تحصل تَحت يَده أَو وصل إِلَيْهِ من ريع أوقاف الْجِهَة الْمَذْكُورَة من حوانيت أَو مغل قَرْيَة من سنة كَذَا أَو عَن كَذَا وَكَذَا شهرا من سنة كَذَا وَأقر بالملاءة وَالْقُدْرَة على ذَلِك وَصدقه على ذَلِك مُصدق شَرْعِي سَائِغ تَصْدِيقه فِي ذَلِك شرعا ويكمل ويؤرخ وَإِن كَانَ الْإِقْرَار بمَكَان وقف كتب: أقرّ فلَان أَن جَمِيع الْمَكَان الْفُلَانِيّ ويصفه ويحدده وقف صَحِيح شَرْعِي وَحبس صَرِيح مؤيد مرعي وَصدقَة دائمة مستمرة على الْمَسْجِد الْفُلَانِيّ أَو الْمدرسَة الْفُلَانِيَّة يصف الْمَسْجِد أَو الْمدرسَة ويحدد تصرف أجوره ومنافعه فِي مصَالح الْمَكَان الْمَذْكُور من عِمَارَته وفرشه وتنويره وَإِقَامَة شعائره ومعاليم أَرْبَاب الْوَظَائِف بِهِ على مَا يرَاهُ فلَان النَّاظر فِي أمره بِمُقْتَضى أَن الْمقر الْمَذْكُور كَانَ وَقفه على الْمَكَان الْمَذْكُور بتاريخ مُتَقَدم على تَارِيخه وَأخرجه عَن ملكه وحيازته وَجعل النّظر فِيهِ لمن كَانَ نَاظرا على الْمَكَان الْمَوْقُوف عَلَيْهِ وَرفع يَده عَنهُ وَسلمهُ إِلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 النَّاظر الْمَذْكُور فتسلمه مِنْهُ لجِهَة الْوَقْف الْمَذْكُور وَصدقه النَّاظر الْمَذْكُور على ذَلِك التَّصْدِيق الشَّرْعِيّ ويكمل ويؤرخ وَمِنْهَا: مَا إِذا أقرّ لمَكَان وقف بِاسْتِحْقَاق الِانْتِفَاع بِأَرْض مُعينَة أَو قَرْيَة أَو حَانُوت أَو غير ذَلِك مُدَّة أَو كَانَ الْإِقْرَار لرجل بِعَيْنِه أَو امْرَأَة بِالِانْتِفَاعِ بِشَيْء من الْأَشْيَاء مُدَّة مُعينَة وَصُورَة مَا يكْتب فِي ذَلِك: أقرّ فلَان أَن مستحقي أوقاف الْمَكَان الْفُلَانِيّ ويصف الْمَكَان ويحدد مستحقون الِانْتِفَاع بِجَمِيعِ الْقرْيَة الْفُلَانِيَّة الَّتِي بِبَلَد كَذَا وأراضيها ويحددها الْجَارِيَة هَذِه الْقرْيَة فِي ملك الْمقر الْمَذْكُور أَعْلَاهُ وَيَده وحيازته بحقوقه كلهَا الدَّاخِلَة فِيهَا والخارجة عَنْهَا استحقاقا صَحِيحا شَرْعِيًّا بِحَق ثَابت لَازم مُعْتَبر شَرْعِي لمُدَّة كَذَا وَكَذَا سنة من تَارِيخه تصرف مغلات هَذِه الْقرْيَة ومنافعها وأجورها إِلَى مصَالح الْمَكَان الْمَوْقُوف الْمشَار إِلَيْهِ وَفِي عِمَارَته وَفِي فرشه وتنويره وتعاليم أَرْبَاب وظائفه على مُقْتَضى شَرط واقفه الْمعِين فِي كتاب وَقفه لطول الْمدَّة الْمعينَة أَعْلَاهُ من غير مَانع وَلَا مُنَازع وَلَا معَارض وَلَا رَافع ليد من تَارِيخه وَإِلَى حِين انْتِهَاء الْمدَّة الْمَذْكُورَة وَذَلِكَ عِنْد وجود السَّبَب الَّذِي اطلع عَلَيْهِ وَهُوَ: أَن وَالِده مُوَرِثه الْقرْيَة الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ: كَانَ أجرهَا من نَاظر شَرْعِي فِي الْوَقْف الْمَذْكُور الْمدَّة الْمعينَة أَعْلَاهُ بِأُجْرَة مَعْلُومَة وَأَن وَالِده قبض الْأُجْرَة يَوْم أجرهَا بِتَمَامِهَا وكمالها واستحقت جِهَة الْوَقْف الِانْتِفَاع بالقرية الْمَذْكُورَة الِاسْتِحْقَاق الشَّرْعِيّ إِلَى حِين فرَاغ الْمدَّة الْمَذْكُورَة وَصدق النَّاظر الشَّرْعِيّ على ذَلِك التَّصْدِيق الشَّرْعِيّ وَصُورَة مَا يكْتب فِيمَا إِذا كَانَ الْإِقْرَار لرجل أَو امْرَأَة بِعَينهَا: أقرّ فلَان أَن فلَانا اسْتحق واستوجب الِانْتِفَاع بِجَمِيعِ الْقطعَة الأَرْض الْبيَاض السليخة الْمعدة للزَّرْع أَو الْقطعَة الأَرْض لسقي الشّجر بِهِ وبجميع الْغِرَاس الْأَشْجَار الْقَائِمَة بهَا الْمُخْتَلفَة الثِّمَار ويحدد وزرعها واستغلالها الْمدَّة كَذَا وَكَذَا سنة أَولهَا كَذَا وَآخِرهَا كَذَا استحقاقا صَحِيحا شَرْعِيًّا ووجوبا تَاما كَامِلا لَازِما مُعْتَبرا مرضيا من وَجه صَحِيح شَرْعِي وَسلم الْمقر الْمَذْكُور جَمِيع الْمقر بِهِ الْمَوْصُوف الْمَحْدُود بأعاليه إِلَى الْمقر لَهُ الْمَذْكُور أَعْلَاهُ يستغله بِسَائِر وُجُوه الاستغلالات الشَّرْعِيَّة الْمدَّة الْمَذْكُورَة من غير معَارض وَلَا مُنَازع لَهُ فِي ذَلِك فتسلمه مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا وَذَلِكَ مَعَ بَقَاء رَقَبَة الْملك الْمَذْكُور فِي يَد الْمقر الْمَذْكُور واستحقاقه الأَرْض الْمَذْكُورَة الِاسْتِحْقَاق الشَّرْعِيّ ويكمل ويؤرخ وَمِنْهَا: مَا إِذا كَانَ الْإِقْرَار بِملك بَين جمَاعَة أقرّ بَعضهم لبَعض وَتسَمى المواصفة وَصُورَة مَا يكْتب فِي ذَلِك: هَذَا كتاب مواصفة صَحِيحَة شَرْعِي وَإِقْرَار مُعْتَبر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 مرعي اكتتبه فلَان ابْن فلَان وَفُلَان ابْن فلَان وَفُلَان ابْن فلَان الْمُجْتَمع نسبهم فِي جدهم الْأَعْلَى فلَان الْمَذْكُور ليَكُون حجَّة لَهُم فِيمَا يؤول أَمرهم إِلَيْهِ ونصا بَينا عِنْد اخْتلَافهمْ يرجعُونَ إِلَيْهِ ويعتمدون عَلَيْهِ وأقروا عِنْد شُهُوده بمضمونه واعترفوا عِنْدهم بِمَعْرِِفَة ظَاهره ومكنونه وَأشْهدُوا عَلَيْهِم طائعين مختارين فِي صِحَة مِنْهُم وسلامة وَجَوَاز أَمر ونفوذ تصرف وخلو عَن مَوَانِع صِحَة الْإِقْرَار حِين يَدْعُو إِلَى المواصفة فِيمَا هُوَ لَهُم وملكهم وَفِي أَيْديهم وَتَحْت تصرفهم ومنتقل إِلَيْهِم بِالْإِرْثِ الشَّرْعِيّ من جدهم فلَان الْمَذْكُور أَعْلَاهُ إِلَى أَوْلَاده فلَان وَفُلَان وَفُلَان آبَاء المقرين الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ ثمَّ إِلَى المقرين الثَّلَاثَة الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ بَينهم بِالسَّوِيَّةِ أَثلَاثًا وَذَلِكَ: جَمِيع الْمَكَان الْفُلَانِيّ وَالْمَكَان الْفُلَانِيّ وَالْمَكَان الْفُلَانِيّ ويصف كل مَكَان مِنْهَا ويحدد ثمَّ يَقُول: بِجَمِيعِ حُقُوق ذَلِك كُله ومنافعه ومرافقه وطرقه وأحجاره وأخشابه وأبوابه وأعتابه وأنجافه ومجاري مياهه فِي حُقُوقه ورسومه وَبِكُل حق هُوَ لذَلِك وَمَا هُوَ مَعْرُوف بِهِ ومنسوب إِلَيْهِ ومحسوب من جملَته على تناهي الْجِهَات أجمعها وَأَن ذَلِك بَينهم أَثلَاثًا لَا مزية لأَحَدهم على الآخر بِوَجْه من وُجُوه الاختصاصات إِلَّا بِمَا هُوَ لَهُ من ذَلِك بِالسَّبَبِ الْمعِين أَعْلَاهُ وَأَن كلا مِنْهُم رَاض بذلك مقرّ بِهِ مُلْتَزم حكم الْإِقْرَار بِمُوجبِه لَا حق لَهُ مَعَ صَاحبه فِيمَا هُوَ مُخْتَصّ بِهِ من ذَلِك حَسْبَمَا اتَّفقُوا وتراضوا على ذَلِك عرف كل مِنْهُم الْحق فِي ذَلِك فَأقر بِهِ والصدق فَاتبعهُ لوُجُوبه عَلَيْهِ شرعا فَمَتَى ادّعى أحد مِنْهُم على الآخر بِدَعْوَى تخَالف ذَلِك أَو شَيْئا مِنْهُ بِنَفسِهِ أَو بوكيله كَانَت دَعْوَاهُ وَدَعوى من يَدعِي عَنهُ بَاطِلَة وَإِن أَقَامَ بَيِّنَة كَانَت كَاذِبَة أَو أدلى بِحجَّة كَانَت داحضة لَا صِحَة لَهَا وَلَا حَقِيقَة لأصلها قبل كل مِنْهُم ذَلِك من الآخر لنَفسِهِ قبولا شَرْعِيًّا وتصادقوا على ذَلِك كُله تَصَادقا شَرْعِيًّا ويكمل ويؤرخ صُورَة أُخْرَى فِي المواصفة: أقرّ فلَان وَفُلَان وَفُلَان أَن جَمِيع الْمَكَان الْفُلَانِيّ ويصف ويحدد يَنْقَسِم بَينهم على أَرْبَعَة وَعشْرين سَهْما من ذَلِك مَا هُوَ لفُلَان المبدأ بِذكرِهِ: الرّبع وَالثمن شَائِعا فِيهِ وَمَا هُوَ للْمقر الثَّانِي: السُّدس وَالثمن شَائِعا فِيهِ وَمَا هُوَ للْمقر الثَّالِث: الرّبع شَائِعا فِيهِ وَمَا هُوَ للْمقر الرَّابِع: نصف السُّدس مشَاعا فِيهِ وَأقر كل مِنْهُم أَنه لَا يملك فِي الْملك الْمَحْدُود الْمَوْصُوف بأعاليه سوى مَا عين لَهُ أَعْلَاهُ بِغَيْر زَائِد على ذَلِك وَأقر كل مِنْهُم: أَنه لَا يسْتَحق مَعَ الآخرين فِيمَا صَار إِلَيْهِم من ذَلِك حَقًا وَلَا بَقِيَّة من حق وَلَا دَعْوَى وَلَا طلبة وَلَا علقَة وَلَا تبعة وَلَا شَيْئا قل وَلَا جلّ قبل كل مِنْهُم ذَلِك من الآخر قبولا شَرْعِيًّا وَرَضوا بِهِ وتصادقوا عَلَيْهِ تَصَادقا شَرْعِيًّا ويكمل ويؤرخ وَمِنْهَا: مَا إِذا وَقعت مُهَايَأَة بَين جمَاعَة فِي ملك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 برضى شَرِيكه الْمَذْكُور ليسكنها على الحكم المشروح أَعْلَاهُ ثمَّ يُعِيدهَا لشَرِيكه ليسكنها الْمدَّة الَّتِي تلِي مدَّته بِحكم التداول الْمُتَّفق عَلَيْهِ المشروح ويكمل ويؤرخ وَمِنْهَا: مَا إِذا أقرّ وَارِث بِقَبض مَا خصّه من مِيرَاث مُوَرِثه وَأَبْرَأ بعده وَصُورَة مَا يكْتب فِي ذَلِك: أقرّ فلَان أَنه قبض وتسلم من فلَان أَمِين الحكم الْعَزِيز بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ أَو الْمُتَكَلّم الشَّرْعِيّ على تَرِكَة فلَان مورث الْقَابِض الْمَذْكُور أَعْلَاهُ أَو مَنْصُوب الشَّرْع الشريف أَو الْوَصِيّ الشَّرْعِيّ على تَرِكَة فلَان وعَلى بَنَاته لصلبه فُلَانَة وفلانة وفلانة القاصرات عَن دَرَجَة الْبلُوغ اللَّاتِي هن تَحت نظره بِالْوَصِيَّةِ الشَّرْعِيَّة المفوضة إِلَيْهِ من والدهن الَّتِي جعل لَهُ فِيهَا الحوطة على تركته والبداءة مِنْهَا بمؤنة تَجْهِيزه وتكفينه ووفاء دُيُونه وَقسم مَا فضل بَين ورثته الْمُسْتَحقّين لميراثه شرعا فَمن كَانَ مِنْهُم بَالغا راشدا سلم إِلَيْهِ مَاله وَأشْهد عَلَيْهِ بِقَبْضِهِ وَمن كَانَ صَغِيرا حفظ مَاله تَحت يَده إِلَى غير ذَلِك مِمَّا هُوَ مشروح فِي كتاب الْوَصِيَّة الْمحْضر لشهوده المؤرخ بِكَذَا الثَّابِت مضمونه بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ المؤرخ بِكَذَا من الدَّرَاهِم أَو من الذَّهَب كَذَا وَكَذَا درهما أَو دِينَارا وَذَلِكَ هُوَ الْقدر الَّذِي جَرّه إِلَيْهِ الْإِرْث الشَّرْعِيّ من مُوَرِثه الْمَذْكُور أَعْلَاهُ بِحَق الثُّلُث من جَمِيع مَا تَركه مُوَرِثه الْمَذْكُور من دَرَاهِم وَذهب وَثمن قماش ونحاس وأثاث وحيوان وصامت وناطق وَغير ذَلِك مَا عدا الْعقار الْفُلَانِيّ الْكَائِن بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ ويصف ويحدد المخلف عَن الْمُورث الْمَذْكُور فَإِن نصِيبه فِيهِ بَاقٍ إِلَى الْآن قبضا شَرْعِيًّا تَاما وافيا بِحَضْرَة شُهُوده ومعاينتهم لذَلِك وَذَلِكَ بعد أَن أحضر الْوَصِيّ الْمَذْكُور أوراق الحوطة الشَّرْعِيَّة المتضمنة عرض مَا هُوَ مخلف عَن الْمُورث الْمَذْكُور المشمولة بخطوط الْعُدُول المندوبين لذَلِك من مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ بعد أَن ثَبت عِنْد الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ انحصار إِرْث الْمُتَوفَّى الْمَذْكُور فِي بَنَاته الثَّلَاث وَابْن أَخِيه الْقَابِض الْمَذْكُور أَعْلَاهُ وَأَن الْبَنَات الْمَذْكُورَات صغيرات داخلات تَحت حجر الشَّرْع الشريف وَأَن ابْن الْأَخ الْمَذْكُور غَائِب حَال وَفَاة مُوَرِثه الْمَذْكُور عَن الْمَكَان الْفُلَانِيّ الْغَيْبَة الشَّرْعِيَّة الْمُوجبَة للحوطة من قبل الْحَاكِم شرعا وَبعد إِحْضَار أوراق الْمَبِيع بالأسواق مشمولة بخطوط الْعُدُول الْمشَار إِلَيْهِم وتنزيل أصل الحوطة على الْمَبِيع ومقابلته بِهِ فصح وَوَافَقَ وَلم يبْق مَا هُوَ خَارج عَن الْمَبِيع سوى الْعقار فَإِنَّهُ لم يبع مِنْهُ شَيْء وَحسب نصيب الْمقر الْقَابِض فَكَانَ الْقدر الْمَقْبُوض أَعْلَاهُ بعد المصروف الْمعِين فِي أوراق الْمَبِيع الْمَعْلُوم عِنْد الْعُدُول الَّذِي صدق الْقَابِض على صِحَّته وَلم يتَأَخَّر لَهُ بِسَبَب ذَلِك مُطَالبَة وَلَا شَيْء قل وَلَا جلّ وَأقر الْقَابِض الْمَذْكُور أَعْلَاهُ أَنه لَا يسْتَحق وَلَا يسْتَوْجب فِي التَّرِكَة الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ وَلَا على الْوَصِيّ الدَّافِع الْمَذْكُور أَعْلَاهُ وَلَا فِي جِهَته وَلَا تَحت يَده بعد ذَلِك حَقًا وَلَا دَعْوَى وَلَا طلبا بِوَجْه وَلَا سَبَب وَلَا فضَّة وَلَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 الْمدَّة الَّتِي تلِي مدَّته بِحكم التداوالمتفق عَلَيْهِ المشروح ويكمل ويؤرخ وَمِنْهَا مَا إِذا أقرّ وَارِث بِقَبض مَا خصّه من الْمِيرَاث مُوَرِثه وَأَبْرَأ بعده وَصُورَة مَا يكْتب فِي ذَلِك: أقرّ فلَان وَفُلَان وَفُلَان أَوْلَاد فلَان أَنهم تهايؤوا فِي جَمِيع الْأَمْلَاك الَّتِي بِأَيْدِيهِم وحيازتهم وَتَحْت تصرفهم إِلَى حِين هَذِه الْمُهَايَأَة ومنتقلة إِلَيْهِم بِالْإِرْثِ الشَّرْعِيّ من والدهم الْمَذْكُور أَعْلَاهُ بَينهم بِالسَّوِيَّةِ أَثلَاثًا وَذَلِكَ جَمِيع الدَّار الَّتِي بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ أَو الْأَمْكِنَة الَّتِي بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ ويصف كل مَكَان مِنْهَا ويحدد ثمَّ يَقُول: بِجَمِيعِ حُدُود ذَلِك كُله وحقوقه إِلَى آخِره مُهَايَأَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة مَاضِيَة مُعْتَبرَة مرضية جرت بَينهم عَن ترَاض مِنْهُم مَعَ بَقَاء رَقَبَة الْملك فِي ذَلِك بَينهم على حكم الإشاعة فَأصَاب الأول مِنْهُم: الْمَكَان الْفُلَانِيّ الْمَحْدُود الْمَوْصُوف أَولا وَأصَاب الثَّانِي: الْمَكَان الْفُلَانِيّ وَأصَاب الثَّالِث: الْمَكَان الْفُلَانِيّ وَوَجَب لكل مِنْهُم الِانْتِفَاع بِمَا أَصَابَهُ من هَذِه الْأَمَاكِن الْمَذْكُورَة بالسكن والإسكان والارتفاق بِهِ بِالْمَعْرُوفِ وتصادقوا على أَن قيمَة كل مَكَان من الْأَمْكِنَة المحدودة الموصوفة بأعاليه وَأُجْرَة الْمثل لكل وَاحِد مِنْهَا: مقاربة للقيمة وَالْأُجْرَة من كل مَكَان من البَاقِينَ وَأَنه لَيْسَ بَين قيمَة كل مَكَان مِنْهَا وَلَا فِي أُجْرَة الْمثل عَنْهَا تفَاوت كَبِير وَأَنَّهُمْ لَا غبن عَلَيْهِم فِي ذَلِك وَلَا شطط وَلَا حيف وَلَا فرط وَأَن مَا أصَاب كل وَاحِد مِنْهُم بِحَق هَذِه الْمُهَايَأَة ومقتضاها الْجَارِي حكمه بَينهم على الحكم المشروح أَعْلَاهُ يُقَارب الْوَفَاء بِنَصِيبِهِ والإكمال لحقه الْوَاجِب لَهُ شرعا ويكمل ويؤرخ صُورَة أُخْرَى فِي الْمُهَايَأَة بَين شَرِيكَيْنِ: أقرّ فلَان وَفُلَان: أَن لَهما وَفِي أَيْدِيهِمَا وملكهما وتصرفهما جَمِيع الدَّار الْفُلَانِيَّة وتوصف وتحدد فَمن ذَلِك: مَا هُوَ ملك فلَان المبدأ بِذكرِهِ كَذَا وَكَذَا سَهْما شَائِعا فِيهَا وَمَا هُوَ ملك فلَان الْمثنى بِذكرِهِ كَذَا وَكَذَا سَهْما شَائِعا فِيهَا وَأَن كلا مِنْهُمَا وَاضع يَده على حِصَّته الْمعينَة لَهُ فِيهِ يتَصَرَّف فِيهَا تصرف الْملاك فِي أملاكهم وَذَوي الْحُقُوق فِي حُقُوقهم من غير ممانع وَلَا معَارض وَلَا مُنَازع وأنهما عارفان بهَا الْمعرفَة الشَّرْعِيَّة وَلما كَانَ فِي يَوْم تَارِيخه اتفقَا وتراضيا على الْمُهَايَأَة بَينهمَا فِي مَنْفَعَة الدَّار الْمَذْكُورَة على قدر حِصَّة كل مِنْهُمَا وَأَن كلا مِنْهُمَا اخْتَار السكن فِي هَذِه الدَّار سفلا وعلوا مُدَّة شَهْرَيْن كَامِلين أَولهمَا يَوْم تَارِيخه بِحِصَّتِهِ وَهِي الثُّلُثَانِ وعَلى أَن فلَانا الْمثنى بِذكرِهِ يسكن بعده فِيهَا شهرا وَاحِدًا يَلِي الشَّهْرَيْنِ الْمَذْكُورين بِحِصَّتِهِ وَهِي الثُّلُث شَائِعا مِنْهَا وأنهما يتداولان ذَلِك كَذَلِك بالسكن شَهْرَيْن ثمَّ شهرا ابْتِدَاء ذَلِك يَوْم تَارِيخه مُهَايَأَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة جَائِزَة نَافِذَة تواجباها بِإِيجَاب وَقبُول بِاتِّفَاق وتراض واعترفا بِمَعْرِِفَة مَعْنَاهَا وَأقر فلَان المبدأ بِذكرِهِ أَنه تسلم الدَّار الْمَذْكُورَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 ذَهَبا وَلَا قماشا وَلَا نُحَاسا وَلَا أثاثا وَلَا وَدِيعَة وَلَا عَارِية وَلَا قبضا وَلَا رُجُوعا بمقبوض وَلَا مصاغا وَلَا حَيَوَانا صامتا وَلَا ناطقا وَلَا إِرْثا وَلَا موروثا وَلَا مصروفا وَلَا بَقِيَّة مِنْهُ وَلَا نَصِيبا وَلَا شِقْصا وَلَا اختصاصا وَلَا شركَة وَلَا مَكِيلًا وَلَا مَوْزُونا وَلَا معدودا وَلَا مذروعا وَلَا محاكمة وَلَا مخاصمة وَلَا مُنَازعَة وَلَا علقَة وَلَا تبعة وَلَا مَالا فِي الذِّمَّة وَلَا شَيْئا فِي الْيَد وَلَا قَلِيلا وَلَا كثيرا وَلَا جَلِيلًا وَلَا حَقِيرًا وَلَا مَا تصح بِهِ الدَّعْوَى شرعا وَلَا يَمِينا بِاللَّه تَعَالَى على ذَلِك وَلَا على شَيْء مِنْهُ وَلَا شَيْء قل وَلَا جلّ لما مضى من الزَّمَان وَإِلَى يَوْم تَارِيخه سوى مَا يسْتَحقّهُ من حِصَّته فِي الْعقار المخلف عَن مُوَرِثه الْمَذْكُور والمستثنى أَعْلَاهُ بالفريضة الشَّرْعِيَّة بِغَيْر زَائِد على ذَلِك وَصدقه الْوَصِيّ الدَّافِع الْمَذْكُور على ذَلِك كُله تَصْدِيقًا شَرْعِيًّا ويكمل ويؤرخ وَمِنْهَا: مَا إِذا كَانَ الْإِقْرَار من الْوَرَثَة وَأَنَّهُمْ وقفُوا على تَرِكَة مُورثهم واقتسموها بنيهم وَوصل إِلَى كل مِنْهُم مَا خصّه مِنْهَا بالفريضة الشَّرْعِيَّة وَصُورَة مَا يكْتب فِي ذَلِك: أقرّ فلَان وَفُلَان وفلانة وَيذكر الْوَرَثَة كلهم ذُكُورا وإناثا ثمَّ يَقُول: وهم وَرَثَة فلَان الْمُتَوفَّى إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى قبل تَارِيخه المستحقون لميراثه المستوعبون لجميعه: أَن مُورثهم الْمَذْكُور لما درج بالوفاة إِلَى رَحْمَة الله وضربوا الحوطة على تركته وجمعوها وحصروها وحرروا مَا اشْتَمَلت عَلَيْهِ من نقد وَعرض وقماش وأثاث وحيوان ودقيق وصامت وناطق ومكيل وموزون ومذروع ومعدود وعقار وَغير ذَلِك مِمَّا هُوَ مُتَمَوّل شرعا وَوَضَعُوا أَيْديهم على مَا وجدوا من نقد وَبَاعُوا بَاقِي التَّرِكَة بِأَنْفسِهِم ووكلائهم وجمعوا الْأَثْمَان كلهَا صرفُوا مِنْهَا مَا يجب صرفه من كلفة تجهيز مُورثهم ووفوا دُيُونه ونفذوا وَصَايَاهُ الَّتِي وصّى بصرفها الْمعِين وَغير معِين وَمَا جرت الْعَادة بِهِ من كلفة الْمَبِيع فِي الْأَسْوَاق من أُجْرَة دلالين وعدول وَغير ذَلِك من المصاريف الشَّرْعِيَّة والعادية والعرفية وأضافوا مَا بَقِي من أَثمَان المبيعات إِلَى الْعين الْحَاصِلَة تَحت أَيْديهم فَجَاءَت جملَة ذَلِك جَمِيعه كَذَا وَكَذَا واقتسموا ذَلِك بَينهم بالفريضة الشَّرْعِيَّة على مَا صحت مِنْهُ مسألتهم وَكَانَ مَا خص فُلَانَة الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة بِحَق الثّمن كَذَا وَكَذَا وَمَا خص الْأُم بِحَق السُّدس كَذَا وَكَذَا وَمَا خص أَوْلَاده الذُّكُور بِالسَّوِيَّةِ بَينهم كَذَا وَكَذَا وَمَا خص بَنَاته الْمَذْكُورَات كَذَا وَكَذَا وانفصل الْحَال بَينهم على ذَلِك واعترف كل مِنْهُم بِصِحَّة هَذِه الْقِسْمَة وجريانها بَينهم على نهج السداد والاستقامة من غير حيف وَلَا شطط وَلَا ضَرَر وَلَا إِضْرَار بِأحد مِنْهُم وَأَن الَّذِي صَار إِلَيْهِ وَقَبضه هُوَ جَمِيع حَقه من التَّرِكَة الْمَذْكُورَة وَأَن كلا مِنْهُم لم يتَأَخَّر لَهُ فِي يَد أحد من مشاركيه من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 الْوَرَثَة الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ من نصِيبه الْمُخْتَص بِهِ الدِّرْهَم الْفَرد وَلَا أقل من ذَلِك وَلَا أَكثر وَأقر كل مِنْهُم أَنه لَا يسْتَحق على الآخر بِسَبَب هَذِه التَّرِكَة وَلَا على أحد من الوكلاء الَّذين تصرفوا عَمَّن وَكلهمْ من الْوَرَثَة فِي بيع شَيْء من ذَلِك أَو قَبضه أَو صرفه حَقًا وَلَا دَعْوَى وَلَا طلبا ويكمل الْإِقْرَار بِعَدَمِ الِاسْتِحْقَاق وَيسْتَعْمل من أَلْفَاظه الْمَذْكُورَة فِي الصُّورَة الَّتِي قبل هَذِه مَا يَلِيق بالواقعة ثمَّ يَقُول: وَأَبْرَأ كل مِنْهُم ذمَّة الآخر من سَائِر العلق والتبعات والدعاوى والمطالبات والمحاكمات على اخْتِلَاف الْحَالَات والأيمان الْوَاجِبَات إِبْرَاء صَحِيحا شَرْعِيًّا عَاما شَامِلًا جَامعا مَانِعا حاسما قَاطعا مسْقطًا لكل حق وتبعة وَدَعوى وَيَمِين تتقدم على تَارِيخه وَإِلَى تَارِيخه قبل كل مِنْهُم ذَلِك من الآخر قبولا شَرْعِيًّا وتصادقوا على ذَلِك كُله تَصَادقا شَرْعِيًّا ويكمل ويؤرخ وَمِنْهَا: مَا إِذا قبض وَرَثَة مقتول دِيَة مُورثهم من قَاتله وأبرؤوه بَرَاءَة شَامِلَة وَصُورَة مَا يكْتب فِي ذَلِك: أقرّ فلَان وَفُلَان ولدا فلَان وفلانة زَوجته: أَنهم قبضوا وتسلموا من فلَان من الْفضة عشرَة آلَاف دِرْهَم أَو اثْنَي عشر ألف دِرْهَم بَينهم على حكم الْفَرِيضَة الشَّرْعِيَّة: مَا هُوَ للزَّوْجَة الْمَذْكُورَة كَذَا وَكَذَا وَمَا هُوَ لكل ابْن كَذَا وَكَذَا قبضا شَرْعِيًّا وَصَارَ ذَلِك إِلَيْهِم وبيدهم وحوزهم وَذَلِكَ دِيَة مُورثهم الْمَذْكُور أَعْلَاهُ الَّذِي اعْترف الدَّافِع الْمَذْكُور أَعْلَاهُ بقتْله عمدا فَعَفَا الْوَرَثَة المذكورون أَعْلَاهُ عَن الْقصاص وَعدلُوا إِلَى الدِّيَة وَرَضوا بهَا دَرَاهِم حَيْثُ تعذر حُصُول مائَة من الْإِبِل وأقروا أَنهم لَا يسْتَحقُّونَ قبل الدَّافِع الْمَذْكُور أَعْلَاهُ بعد ذَلِك حَقًا كثيرا وَلَا قَلِيلا وَلَا دِيَة عمد وَلَا خطأ وَلَا شبه عمد وَلَا شبه خطأ وَلَا قصاصا وَلَا محاكمة وَلَا مخاصمة وَلَا مُنَازعَة وَلَا علقَة وَلَا تبعة وَلَا قودا وَلَا مَا تصح بِهِ الدَّعْوَى شرعا وَلَا شَيْئا قل وَلَا جلّ لما مضى من الزَّمَان وَإِلَى يَوْم تَارِيخه وأبرؤوا ذمَّته من سَائِر العلق والتبعات ويكمل على نَحْو مَا سبق فِي الصُّورَة الَّتِي قبل هَذِه ويؤرخ وَمِنْهَا: مَا إِذا صَالح الْعَاقِلَة ولي الْمَقْتُول عَمَّا وَجب عَلَيْهِ من دِيَة قتل الْخَطَأ مقسطا بِمَال معجل وَوَقع إِبْرَاء وَصُورَة مَا يكْتب فِي ذَلِك: أقرّ فلَان وَفُلَان ولدا المرحوم فلَان أَنَّهُمَا قبضا وتسلما من عَاقِلَة قَاتل أَبِيهِمَا الْمَذْكُور فلَان وهم فلَان وَفُلَان إِلَى آخِرهم كَذَا وَكَذَا وَهَذِه الْجُمْلَة دَفعهَا الْعَاقِلَة المذكورون إِلَى القابضين الْمَذْكُورين مصالحة عَن دِيَة والدهما الْمَذْكُور الَّتِي أوجبهَا الشَّرْع الشريف على عَاقِلَة قَاتل والدهما مقسطا عَلَيْهِم قبضا تَاما وافيا وأبرآ ذمَّة الْعَاقِلَة الدافعين الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ من بَاقِي الدِّيَة وَهُوَ كَذَا وَكَذَا بَرَاءَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 شَرْعِيَّة بَرَاءَة عَفْو وَإِسْقَاط قبلوا ذَلِك مِنْهُمَا قبولا شَرْعِيًّا وأقرا أَنَّهُمَا لَا يستحقان قبل الْعَاقِلَة الدافعين الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ بعد ذَلِك حَقًا وَلَا دَعْوَى وَلَا طلبا وَلَا دِيَة وَلَا بَاقِي دِيَة وأنهما لَا يستحقان على الْقَاتِل الْمَذْكُور حَقًا وَلَا دَعْوَى وَلَا طلبا بِوَجْه وَلَا سَبَب وَلَا محاكمة وَلَا مخاصمة وَلَا مُنَازعَة وَلَا علقَة وَلَا تبعة وَلَا مُطَالبَة بقتل عمد وَلَا خطأ وَلَا قصاصا وَلَا مَا تصح بِهِ الدَّعْوَى شرعا وَلَا شَيْئا قل وَلَا جلّ وأبرآ ذمَّته وَذمَّة عَاقِلَته من سَائِر العلق والتبعات ويكمل على نَحْو مَا سبق ويؤرخ وَمِنْهَا: مَا إِذا كَانَ جمَاعَة قتلوا وَاحِدًا فَاخْتَارَ الْوَلِيّ قتل وَاحِد مِنْهُم أَو اثْنَيْنِ وَأخذ من البَاقِينَ حصتهم فِي الدِّيَة بِشَرْط أَن الدِّيَة توزع على الْجَمِيع فَمَا خرج على الْمَقْتُول قصاصا سقط من الدِّيَة بنظيره وَأخذ الْبَاقِي من المعفو عَنْهُم فَإِذا كَانَ القاتلون خَمْسَة مثلا فاقتص من اثْنَيْنِ وَأخذ الدِّيَة من ثَلَاثَة فَالْوَاجِب على الثَّلَاثَة ثَلَاثَة أَخْمَاس الدِّيَة وَأحسن مَا يَقع الْإِشْهَاد بذلك فِي مجْلِس حَاكم شَرْعِي وَصُورَة مَا يكْتب فِي ذَلِك: بعد أَن ثَبت بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ أَن فلَانا وَفُلَانًا وَفُلَانًا وَفُلَانًا قتلوا فلَانا قتلا عمدا مَحْضا بمحدد باعترافهم أَو بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّة بعد وجود الشُّرُوط الْمُعْتَبرَة فِي قتل الْعمد شرعا وَأَن فلَانا الْمُدَّعِي عَلَيْهِم بذلك ولد الْمَقْتُول لصلبه وَأَن إِرْثه انحصر فِيهِ من غير شريك لَهُ فِي ذَلِك الثُّبُوت الشَّرْعِيّ اخْتَار الْوَارِث الْمَذْكُور قتل اثْنَيْنِ مِنْهُم وهما: فلَان وَفُلَان وَعدل عَن الْقصاص من البَاقِينَ إِلَى مَا وَجب عَلَيْهِم من الدِّيَة وَهُوَ ثَلَاثَة أخماسها فدفعوا إِلَيْهِ مَا وَجب عَلَيْهِم مِنْهَا وَهُوَ كَذَا وَكَذَا فَقَبضهُ مِنْهُم قبضا شَرْعِيًّا تَاما وافيا وَأقر أَنه لَا يسْتَحق عَلَيْهِم بعد ذَلِك حَقًا وَلَا دَعْوَى وَلَا طلبا بِوَجْه وَلَا سَبَب وَلَا مُطَالبَة بقصاص وَلَا دِيَة ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه ويؤرخ وَمِنْهَا: مَا إِذا كَانُوا ثَلَاثَة قتلوا وَاحِدًا وَثَبت أَن اثْنَيْنِ قتلا عمدا وَالثَّالِث: قتل خطأ فَسقط الْقصاص بذلك وَوَجَبَت دِيَة الْخَطَأ وَصُورَة مَا يكْتب فِي ذَلِك: أقرّ فلَان أَنه قبض وتسلم من فلَان وَمن الْأَخَوَيْنِ الشقيقين فلَان وَفُلَان وَلَدي فلَان كَذَا وَكَذَا وَذَلِكَ دِيَة وَالِده الْمَذْكُور الَّذِي ثَبت أَن الدَّافِع الأول قصد رمي طير بِسَهْم فَوَقع السهْم فِي وَالِد الْقَابِض الْمَذْكُور وَأَنه لم يقْصد الرَّمْي إِلَيْهِ وَلَا تَعَمّده وَلَا اعْتدى عَلَيْهِ وَأَن الدَّافِع الثَّانِي والدافع الثَّالِث تعمداه ورمياه بسهميهما عمدا فأزهقا روحه ظلما وعدوانا وبمقتضى ذَلِك سقط الْقصاص وَوَجَبَت دِيَة الْخَطَأ على القاتلين الْمَذْكُورين فدفعوها إِلَى ولي الْمَقْتُول فقبضها مِنْهُم قبضا شَرْعِيًّا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 وَأقر أَنه لَا يسْتَحق بعد ذَلِك على الدافعين الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ حَقًا وَلَا دَعْوَى وَلَا طلبا ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه ويؤرخ وَمِنْهَا: مَا إِذا شَارك رجل رجلا فِي قتل وَلَده فَوَجَبَ الْقصاص على شريك الْأَب فَعَفَا الْأَب وَالأُم عَن الشَّرِيك الْقَاتِل وَصُورَة مَا يكْتب فِي ذَلِك: بعد أَن تصادق فلَان وَفُلَان على أَنَّهُمَا اشْتَركَا فِي قتل فلَان ولد الْمُصدق الأول لصلبه وأنهما ضرباه بسيفهما أَو بمحددهما عمدا عُدْوانًا فأزهقا روحه وَمَات من ذَلِك فَوَجَبَ الْقصاص على شريك الْأَب وَسقط عَن الْوَالِد لكَونه سَببا لوُجُوده فَلَا يكون هُوَ سَببا لإعدام وَالِده وَعَفا وَالِد الْمَقْتُول عَن الشَّرِيك الْمَذْكُور وَحَضَرت فُلَانَة وَالِدَة الْمَقْتُول الْمَذْكُور وأسقطت حَقّهَا من الْقصاص عَن الشَّرِيك الْمَذْكُور وعفت عَنهُ وَرجعت إِلَى مَا يَخُصهَا من الدِّيَة وَهُوَ الثُّلُث فَدفع إِلَيْهَا الشَّرِيك الْمَذْكُور مَا يَخُصهَا من الدِّيَة وَهُوَ كَذَا وَكَذَا فقبضته مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا وأقرت أَنَّهَا لَا تسْتَحقّ عَلَيْهِ بعد ذَلِك حَقًا وَلَا دَعْوَى وَلَا طلبا بقصاص وَلَا دِيَة بِسَبَب وَلَدهَا الْمَذْكُور ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه ويؤرخ وَمِنْهَا: حر وَعبد اشْتَركَا فِي قتل عبد أَو حر وذمي اشْتَركَا فِي قتل ذمِّي أَو حَرْبِيّ وَغير حَرْبِيّ اشْتَركَا فِي قتل مُسلم فَفِي الصُّورَة الأولى: يسْقط الْقصاص عَن الْحر وَيجب على العَبْد وَيَأْخُذ سيد العَبْد من الْحر نصف قيمَة عَبده وَصُورَة مَا يكْتب فِي ذَلِك: أقرّ فلَان أَنه قبض وتسلم فلَان وَهُوَ دَافع عَن نَفسه وَمن فلَان وَهُوَ دَافع من مَاله مصالحة عَن عَبده الْقِنّ فلَان كَذَا وَكَذَا وَذَلِكَ قيمَة العَبْد الْقَتِيل الَّتِي لَا حيف فِيهَا وَلَا شطط قبضا شَرْعِيًّا وَذَلِكَ: بعد أَن اعْترف الدَّافِع الأول وَعبد الدَّافِع الثَّانِي بقتل الْقَتِيل الْمَذْكُور وإزهاق نَفسه وَأَنه تعين وَوَجَب بِالشَّرْعِ الشريف الرُّجُوع على الأول بِنصْف الْقيمَة وَالْقصاص على عبد الدَّافِع الثَّانِي وَعَفا الْمقر الْقَابِض عَن الْقصاص إِلَى أَخذ الْقيمَة وَلم يتَأَخَّر لَهُ بِسَبَب ذَلِك مُطَالبَة وَلَا شَيْء قل وَلَا جلّ وَأقر الْقَابِض الْمَذْكُور أَنه لَا يسْتَحق على الدَّافِع الأول وعَلى عبد الدَّافِع الثَّانِي حَقًا وَلَا دَعْوَى وَلَا طلبا إِلَى آخِره ويؤرخ وَفِي الصُّورَة الثَّانِيَة: يسْقط الْقصاص عَن الْحر وَيرجع ولي الذِّمِّيّ إِلَى نصف دِيَة قتيله من ذَلِك الْحر وَيقبض من الذِّمِّيّ أَو يعْفُو عَن الْقصاص إِلَى نصف الدِّيَة وَصُورَة مَا يكْتب فِي ذَلِك: الصُّورَة بِحَالِهَا كَمَا تقدم فِي الَّتِي قبلهَا وَإِنَّمَا يكون الْكَلَام فِي مَوضِع الْقيمَة فِي العَبْد: ذكر الدِّيَة فِي الذِّمِّيّ وَأَخذهَا من قَاتله الْحر وَذكر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 الْقصاص من الذِّمِّيّ الْقَاتِل أَو الْعَفو عَنهُ وَالرُّجُوع إِلَى مَا يجب عَلَيْهِ من الدِّيَة ثمَّ الْإِقْرَار من ولي الذِّمِّيّ بِعَدَمِ الِاسْتِحْقَاق كَمَا تقدم وَفِي الثَّالِثَة: الصُّورَة أَيْضا بِحَالِهَا وَيكون الْكَلَام فِيمَا يتَعَلَّق بالحربي وَغير الْحَرْبِيّ إِذا قتلا مُسلما وَالله أعلم وَالْكَلَام فِي هَذَا الْبَاب كثير فِيمَا يتَعَلَّق بشجاج الرَّأْس وَالْوَجْه والجراح فِي الْبدن وسنذكره فِي مَحَله من كتاب الْجراح وَكتاب الدِّيات وَإِنَّمَا قدمنَا ذكر هَذِه الصُّورَة فِي هَذَا الْبَاب لتعلقها بِالْإِقْرَارِ فِي الْقَبْض وَالْإِبْرَاء وَمِنْهَا: مَا إِذا قبض صَاحب الدّين دينه من الْمقر أَو أَبرَأَهُ من الْبَعْض وَقبض الْبَعْض وخصم مسطور الدّين وَصُورَة مَا يكْتب فِي ذَلِك: أقرّ فلَان الْمقر لَهُ الْمَذْكُور بَاطِنه: أَنه قبض وتسلم من فلَان الْمقر الْمَذْكُور بَاطِنه جَمِيع مبلغ الدّين الْمعِين بَاطِنه وَهُوَ كَذَا وَكَذَا وَمن جملَة مبلغ الدّين الْمعِين بَاطِنه كَذَا وَكَذَا قبضا شَرْعِيًّا وأبرأه من مبلغ كَذَا وَكَذَا بَرَاءَة شَرْعِيَّة بَرَاءَة عَفْو وَإِسْقَاط قبل ذَلِك مِنْهُ قبولا شَرْعِيًّا لتتمة الْمَقْبُوض والمبرأ مِنْهُ كَذَا وَكَذَا وَذَلِكَ هُوَ الْقدر الَّذِي كَانَ للقابض الْمَذْكُور فِي ذمَّة المقبض الْمَذْكُور بِمُقْتَضى هَذَا المسطور أَو بِمُقْتَضى مساطير شَرْعِيَّة مكتتبة من قبل تَارِيخه أحضرت لشهوده وَقطعت فِي يَوْم تَارِيخه وَأَن ذَلِك آخر مَا يسْتَحقّهُ الْقَابِض الْمَذْكُور فِي ذمَّة الْقَبْض الْمَذْكُور مِمَّا كَانَ لَهُ فِي ذمَّته من الدّين الشَّرْعِيّ بِمُقْتَضى مسطور أَو مساطير مُتَقَدّمَة التَّارِيخ على تَارِيخه بعد كل حِسَاب وَلم يتَأَخَّر لَهُ بِسَبَب ذَلِك مُطَالبَة وَلَا شَيْء قل وَلَا جلّ وَأقر كل مِنْهُمَا أَنه لَا يسْتَحق على الآخر حَقًا وَلَا دَعْوَى وَلَا طلبا إِلَى آخِره ويكمل على نَحْو مَا سبق من الْإِقْرَار بِعَدَمِ الِاسْتِحْقَاق وَيخْتم بتصادقهما على ذَلِك كُله التصادق الشَّرْعِيّ ويؤرخ وَمِنْهَا: مَا إِذا انْفَصل الشريكان فِيمَا كَانَ بَينهمَا من الشّركَة وتفاسخاها وتسلم كل مِنْهُمَا حَقه وتبارءا من الطَّرفَيْنِ وَصُورَة مَا يكْتب فِي ذَلِك: أقرّ فلَان وَفُلَان أَنَّهُمَا تفاسخا عقد الشّركَة الَّتِي كَانَت بَينهمَا فِي مَال التِّجَارَة الْمُخْتَلفَة الْأَصْنَاف من الذَّهَب والجواهر واللالىء وَالْعرُوض والبضائع على اخْتِلَاف الصِّفَات وتحاسبا على ذَلِك كُله وضبطاه واقتسماه قسْمَة عدل بَينهمَا على قدر الْمَالَيْنِ وَصَارَ إِلَى كل مِنْهُمَا حَقه من ذَلِك بِتَمَامِهِ وكماله وانفصلا فِي ذَلِك على الِاتِّفَاق والتراضي انفصالا شَرْعِيًّا وَأقر كل مِنْهُمَا: أَنه لَا يسْتَحق على الآخر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 بعد ذَلِك بِسَبَب الشّركَة الْمَذْكُورَة وَلَا بِسَبَب غير ذَلِك حَقًا وَلَا دَعْوَى وَلَا طلبا وَلَا مَالا من عين وَلَا دين وَلَا بَقِيَّة من دين وَلَا حجَّة بدين وَلَا شركَة وَلَا بَاقِي شركَة وَلَا وَدِيعَة وَلَا عَارِية وَلَا أَمَانَة وَلَا غصبا وَلَا خِيَانَة وَلَا حليا وَلَا زركشا وَلَا لؤلؤا وَلَا قيمَة عَن ذَلِك وَلَا مُتَقَوّما وَلَا مثلِيا وَلَا قماشا وَلَا نُحَاسا وَلَا أثاثا وَلَا مكيولا وَلَا مَوْزُونا وَلَا معدودا وَلَا مذروعا وَلَا مَنْقُولًا وَلَا ملكا وَلَا شُبْهَة ملك وَلَا رَقِيقا وَلَا حَيَوَانا وَلَا صامتا وَلَا ناطقا وَلَا محاسبة وَلَا غَلطا فِيهَا وَلَا مَالا فِي الذِّمَّة وَلَا شَيْئا فِي الْيَد وَلَا مَا يتمول شرعا وَلَا شَيْئا من الْأَشْيَاء كلهَا قليلها وكثيرها جليلها وحقيرها على اخْتِلَاف أَنْوَاعهَا وتباين أجناسها وَلَا يَمِينا بِاللَّه تَعَالَى على ذَلِك وَلَا على شَيْء مِنْهُ وَلَا شَيْئا قل وَلَا جلّ لما مضى من الزَّمَان وَإِلَى يَوْم تَارِيخه وتصادقا على ذَلِك كُله تَصَادقا شَرْعِيًّا ويذيل بِالْبَرَاءَةِ من الْجَانِبَيْنِ على نَحْو مَا تقدم شَرحه ويؤرخ وَمِنْهَا: مَا إِذا قبضت الزَّوْجَة من مَال تَرِكَة زَوجهَا مبلغ صَدَاقهَا وَمَا خصها من الْإِرْث وَالْإِبْرَاء مِمَّا عدا ذَلِك وَصُورَة مَا يكْتب فِي ذَلِك: أقرَّت فُلَانَة وَهِي الَّتِي كَانَت زوجا لفُلَان وَتُوفِّي عَنْهَا إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى من قبل تَارِيخه أَنَّهَا قبضت وتسلمت من مَال تَرِكَة زَوجهَا فلَان على يَد وَلَده فلَان أَو وَصِيّه الشَّرْعِيّ فلَان أَو مَنْصُوب الشَّرْع الشريف فلَان كَذَا وَكَذَا فَمن ذَلِك: مَا هُوَ نَظِير مبلغ صَدَاقهَا عَلَيْهِ الشَّاهِد بَينهمَا بِأَحْكَام الزَّوْجِيَّة إِلَى حِين الْوَفَاة الْمحْضر لشهوده والمؤرخ بَاطِنه بِكَذَا الثَّابِت مضمونه وحلفها على اسْتِحْقَاق ذَلِك فِي ذمَّة زَوجهَا الْمَذْكُور إِلَى حِين وَفَاته وعَلى عدم الْمسْقط والمبطل لذَلِك ولشيء مِنْهُ وإعذار من لَهُ الْإِعْذَار فِي ذَلِك بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ: مبلغ كَذَا وَكَذَا وَمَا هُوَ جملَة مَا خصها من تَرِكَة زَوجهَا الْمَذْكُور بعد وَفَاء دُيُونه الْمُسْتَحقَّة عَلَيْهِ شرعا بِحَق الثّمن بِقِيمَة ذَلِك وَهُوَ كَذَا وَكَذَا قبضا شَرْعِيًّا وَلم يتَأَخَّر لَهَا بِسَبَب ذَلِك مُطَالبَة وَلَا شَيْء قل وَلَا جلّ وأقرت أَنَّهَا لَا تسْتَحقّ على زَوجهَا الْمَذْكُور وَلَا فِي ذمَّته وَلَا فِي تركته وَلَا على ورثته وَلَا على الْوَصِيّ الدَّافِع الْمَذْكُور بِسَبَب التَّرِكَة الْمَذْكُورَة حَقًا وَلَا دَعْوَى وَلَا طلبا وَلَا صَدَاقا وَلَا بَقِيَّة من صدَاق وَلَا كسْوَة وَلَا نَفَقَة وَلَا وَاجِبا وَلَا قيَاما بِوَاجِب وَلَا دينا وَلَا عينا وَلَا إِرْثا وَلَا موروثا وَلَا مَا يتمول شرعا وَلَا يَمِينا بِاللَّه تَعَالَى على ذَلِك وَلَا على شَيْء مِنْهُ وَلَا شَيْئا قل وَلَا جلّ لما مضى من الزَّمَان وَإِلَى يَوْم تَارِيخه وصدقها الدَّافِع الْمَذْكُور على ذَلِك كُله تَصْدِيقًا شَرْعِيًّا ويؤرخ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 وَمِنْهَا: مَا إِذا كَانَ الْقَبْض بِسَبَب حمولة غلال أَو غَيره من مَكَان إِلَى مَكَان وَصُورَة مَا يكْتب فِي ذَلِك: أقرّ فلَان أَنه قبض وتسلم من فلَان كَذَا وَكَذَا وَذَلِكَ زبون مَا سيحمله لَهُ على ظهر مركبه المورقي الْكَامِل الْعدة والآلة وَالرِّجَال وَغير ذَلِك من الغلال أَو القماش أَو الْعَسَل أَو الْحَطب أَو غير ذَلِك من البضائع من نَاحيَة كَذَا إِلَى نَاحيَة كَذَا على ظهر الْبَحْر العذب أَو الْملح كَذَا وَكَذَا أردبا أَو قِنْطَارًا حسابا عَن كل مائَة أردب بِالْكَيْلِ الْفُلَانِيّ أَو مائَة قِنْطَار بالقنطار الْفُلَانِيّ كَذَا وَكَذَا وَعَلِيهِ الشُّرُوع فِي ذَلِك من اسْتِقْبَال الْيَوْم الْفُلَانِيّ بِنَفسِهِ وَرِجَاله وَالْخُرُوج مِمَّا سيصير إِلَيْهِ من ذَلِك من غير عجز وَلَا نقص وَلَا قفافة وَلَا كيالة مَعَ سَلامَة الله تَعَالَى وعونه وَله الْمُؤْنَة على جاري الْعَادة إِن اتفقَا عَلَيْهَا وتعاقدا على ذَلِك تعاقدا شَرْعِيًّا واعترف كل مِنْهُمَا بِمَعْرِِفَة مَا عقد عَلَيْهِ الْمعرفَة الشَّرْعِيَّة النافية للْجَهَالَة وتصادقا على ذَلِك كُله تَصَادقا شَرْعِيًّا ويؤرخ وَمِنْهَا: الْإِقْرَار بِالنّسَبِ وَهُوَ تَارَة يكون من زَوجته وَتارَة يكون من وَطْء شُبْهَة وَتارَة يكون قد نَشأ من استيلاد وَتارَة يكون قد نَشأ من وَطْء الْأَب جَارِيَة ابْنه فَأَما الزَّوْجِيَّة فَيكْتب: أقرّ فلَان أَنه تزوج بفلانة تزويجا شَرْعِيًّا بِنِكَاح صَحِيح شَرْعِي بولِي مرشد وشاهدي عدل ورضاها من قبل تَارِيخه وَدخل بهَا وأصابها واستولدها على فرَاشه ولدا يُسمى فلَان وَأَن الْوَلَد الْمَذْكُور وَلَده لصلبه وَنسبه لَاحق بنسبه عرف الْحق فِي ذَلِك فَأقر بِهِ والصدق فَاتبعهُ لوُجُوبه عَلَيْهِ شرعا وَإِن كَانَ الْوَلَد مِمَّن تجوز الشَّهَادَة عَلَيْهِ فَيكْتب: وَصدقه الْوَلَد الْمَذْكُور على ذَلِك تَصْدِيقًا شَرْعِيًّا وَإِن كَانَ من وَطْء شُبْهَة فَيكْتب: أقرّ فلَان أَنه من قبل تَارِيخه: وجد امْرَأَة على فرَاش ظَنّهَا زَوجته فُلَانَة أَو مملوكته فُلَانَة وَأَنه وَطئهَا بِالظَّنِّ الْمَذْكُور وَهِي مطاوعة لَهُ ظانة كظنه لما يجب فِي حَقّهَا وَأَنه أولدها من ذَلِك الْوَطْء ولدا يُسمى فلَان وَأَن نسبه لَاحق بنسبه وَأَنه مُلْتَزم بِمَا يجب عَلَيْهِ لَهَا على الْوَجْه الشَّرْعِيّ وَإِن كَانَت الْمَوْطُوءَة أمة: فَيكْتب وَأَنه مُلْتَزم بِمَا يجب عَلَيْهِ من قيمَة الْوَلَد إِن خرج حَيا ومهرها وَقِيمَة الْأمة إِن مَاتَت حَالَة الطلق وصدقته على ذَلِك إِن أمكن مِنْهَا التَّصْدِيق وَصُورَة مَا يكْتب فِي الْأمة: يشْهد على الواطىء أَنه وطىء فُلَانَة أمة فلَان على الحكم المشروح فِيهِ وَأَنه أولدها ولدا يُسمى فلَان وَأَن قِيمَته كَذَا ومهرها كَذَا وَإِن مَاتَت من الطلق فَيكْتب: وَأَن قيمتهَا كَذَا وَيشْهد على السَّيِّد أَنه قبض ذَلِك مِنْهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 بِمُقْتَضى أَنه وطىء جَارِيَته فُلَانَة وَطْء شُبْهَة وانها مَاتَت من الطلق بِالْوَلَدِ الْمَذْكُور وَلزِمَ الواطىء الدَّافِع قيمتهَا وَهُوَ الْقدر الْمَقْبُوض الْمعِين أَعْلَاهُ تَصَادقا على ذَلِك كُله تَصَادقا شَرْعِيًّا ويؤرخ وَإِن كَانَ من استيلاد فَيكْتب: أقرّ فلَان أَنه ابْتَاعَ جَمِيع الْجَارِيَة وَيذكر جِنْسهَا المدعوة فُلَانَة من قبل تَارِيخه ابتياعا صَحِيحا شَرْعِيًّا بِإِيجَاب وَقبُول وتسلم وَتَسْلِيم شرعيين وَأَنه جعلهَا فراشا لَهُ واستولدها على فرَاشه ولدا يُسمى فلَان وَأَن الْوَلَد الْمَذْكُور وَلَده لصلبه وَنسبه لَاحق بنسبه وَأَن فُلَانَة الْمَذْكُورَة صَارَت بِحكم هَذَا الِاسْتِيلَاد مُسْتَوْلدَة وَأم ولد تعْتق بِمَوْتِهِ وَأَن لَهُ وَطأهَا وإجارتها واستخدامها مَا دَامَت فِي حكم الِاسْتِيلَاد وَأُمَّهَات الْأَوْلَاد وصدقته على ذَلِك تَصْدِيقًا شَرْعِيًّا ويؤرخ وَإِن كَانَ من وَطْء الْأَب جَارِيَة ابْنه: فَتَارَة يكون الابْن وَطئهَا قبل الْأَب أَو لم يكن وَطئهَا فَإِن لم يكن وَطئهَا كتب: أقرّ فلَان أَنه وطىء فُلَانَة جَارِيَة وَلَده فلَان وَأَنه أولدها من ذَلِك الْوَطْء ولدا ذكرا يُسمى فلَان وَأَن الْوَلَد الْمَذْكُور حر نسيب وَأَن نسبه لَاحق بنسبه وَيثبت بذلك أُميَّة الْوَلَد وَلَزِمَه الْمهْر وَقِيمَة الْأُم لوَلَده الْمَذْكُور وَهُوَ كَذَا وَكَذَا وَلَا يلْزمه قيمَة الْوَلَد وَذَلِكَ بِحُضُور وَلَده سيد الْأمة الْمَذْكُور واعترافه: أَنه لم يكن وطىء الْجَارِيَة الْمَذْكُورَة إِلَى الْآن وَأَنَّهَا بِمُقْتَضى وَطْء أَبِيه الْمَذْكُور واستيلاده إِيَّاهَا حرمت عَلَيْهِ أبدا وَإِن كَانَ الابْن قد وَطئهَا فَيكْتب: واعترف الابْن الْمَذْكُور: أَنه وطىء الْجَارِيَة الْمَذْكُورَة قبل وَالِده وَأَنَّهَا بِمُقْتَضى ذَلِك حرمت عَلَيْهِ أبدا وَأما الْبَرَاءَة الْمُجَرَّدَة عَن الْقَبْض: فَهِيَ مَأْخُوذَة من الْأَلْفَاظ المستعملة فِي الْإِقْرَار بِعَدَمِ الِاسْتِحْقَاق كَمَا تقدم وَهِي إِمَّا أَن تصدر بِالْإِبْرَاءِ فألفاظها وطرقها مَعْلُومَة مشروحة هِيَ وألفاظ الْإِقْرَار بِعَدَمِ الِاسْتِحْقَاق كَمَا سبق والحاذق الفهيم من الموقعين يضيف إِلَى كل وَاقعَة من أَلْفَاظ المصطلح مَا تَدْعُو الْحَاجة إِلَيْهِ ليَكُون ذَلِك أقوم وَأقوى فِي سد أَبْوَاب الذرائع الَّتِي تنشأ الْخُصُومَات بِسَبَبِهَا فَإِن الْغَالِب فِيهَا وَفِيمَا يتَطَرَّق إِلَيْهِ الْخلَل مِنْهَا إِنَّمَا يكون فِي الْغَالِب بِسَبَب إخلال الْكَاتِب فِيهَا بِمَا هُوَ من متعلقاتها ومقتضياتها لفظا أَو معنى وَهَذَا بَاب وَاسع جدا لَا يسعنا فِيهِ إِلَّا الِاقْتِصَار على مَا ذَكرْنَاهُ وَالله يهدي من يَشَاء إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم وَهُوَ بِكُل شَيْء عليم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 كتاب الْبيُوع بَاب أَحْكَام البيع وَمَا يتَعَلَّق بِهِ البيع جَائِز وَالْأَصْل فِي جَوَازه: الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع أما الْكتاب: فَقَوله تَعَالَى: {تكتبوها وَأشْهدُوا إِذا تبايعتم} وَقَوله تَعَالَى: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُم بَيْنكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تكون تِجَارَة عَن ترَاض مِنْكُم} وَقَوله تَعَالَى: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا تداينتم بدين إِلَى أجل مُسَمّى فاكتبوه} والمداينة لَا تكون إِلَّا فِي بيع وَقَوله تَعَالَى: {لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تَبْتَغُوا فضلا من ربكُم} قَالَ ابْن عَبَّاس وَابْن الزبير: هَذِه الْآيَة فِي التِّجَارَة فِي مواسم الْحَج وَأما السّنة: فَروِيَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (اشْترى فرسا وَجَارِيَة) و (بَاعَ حلسا وَقَدحًا) وروى قيس بن وَائِل الْجُهَنِيّ قَالَ: كُنَّا نسمى على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَسلم السماسرة فسمانا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم باسم أحسن مِنْهُ فَقَالَ: (يَا معاشر التُّجَّار إِن البيع يحضرهُ اللَّغْو وَالْحلف فشوبوه بِشَيْء من الصَّدَقَة) وَرُوِيَ عَن رَافع بن خديج قَالَ: قيل: يَا رَسُول الله أَي الْكسْب أطيب قَالَ: (عمل الرجل بِيَدِهِ وكل بيع مبرور) و (كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يجتاز فِي السُّوق بكرَة وَعَشِيَّة ينْهَى عَن الشَّيْء بعد الشَّيْء) وَأما الْإِجْمَاع: فأجمعت الْأمة على جَوَازه وروى أَن أَبَا بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ (كَانَ بزازا) وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (لَو اتّجر أهل الْجنَّة لم يتجروا إِلَّا فِي الْبَز) وَقَالَ: (خير تجاراتكم الْبَز) وَكَانَ عمر رَضِي الله عَنهُ يَبِيع الْحِنْطَة والأقط وَكَانَ الْعَبَّاس بن عبد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 الْمطلب رَضِي الله عَنهُ عطارا وَكَانَ أَبُو سُفْيَان يَبِيع الْأَدِيم وابتاعت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا بَرِيرَة بمشورة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْبيع فِي اللُّغَة: إِعْطَاء شَيْء وَأخذ شَيْء وَفِي الشَّرْع: عبارَة عَن إِيجَاب وَقبُول والبيوع على أَرْبَعَة أَقسَام أَحدهَا: بيع صَحِيح قولا وَاحِدًا وَالثَّانِي: بيع فَاسد قولا وَاحِدًا وَالثَّالِث: بيع هَل هُوَ صَحِيح أم لَا على قَوْلَيْنِ وَالرَّابِع: بيع مَكْرُوه فَأَما البيع الصَّحِيح: فسبعة أَنْوَاع: بُيُوع الْأَعْيَان وبيوع الصِّفَات وَالصرْف والمرابحة وَشِرَاء مَا يُبَاع وَبيع الْخِيَار وَبيع الْحَيَوَان بِالْحَيَوَانِ وَأما البيع الْفَاسِد: فعشرون نوعا: بيع مَا لم يقبض وَبيع مَا لم يقدر على تَسْلِيمه وَبيع حَبل الحبلة وَبيع المضامين والملاقيح وَالْمُلَامَسَة والمنابذة والمحاقلة والمزابنة وَبيع مَا لم يملك والربا وَبيع اللَّحْم بِالْحَيَوَانِ وَبيع المَاء مُفردا وَبيع الْحَصَاة وَبيع الثِّمَار قبل الإبار وَبيع وَشرط وَبيع الْكَلْب وَالْخِنْزِير وَبيع عسب الْفَحْل وَبيع الْأَعْمَى وَبيع الْغرَر وَأما البيع الَّذِي هُوَ على قَوْلَيْنِ: فاثنا عشر نوعا: بيع خِيَار الرُّؤْيَة وَبيع تَفْرِيق الصَّفْقَة وَبيع الْوَقْف وَبيع العَبْد الْمُسلم من الْكَافِر وَبيع الْعَرَايَا وَالْجمع بَين بيع وَعقد آخر وَالْبيع بِشَرْط الْبَرَاءَة وَالْبيع بِشَرْط الْعتْق وَالْبيع بِشَرْط الرَّهْن وَالْبيع بِشَرْط الْوَلَاء وَشِرَاء الْأَعْمَى وَأَن يَبِيع عَبْدَيْنِ بِثمن وَاحِد على أَنه بِالْخِيَارِ فِي أَحدهمَا وَأما البيع الْمَكْرُوه: فتسعة أَنْوَاع: بيع تلقي الركْبَان وَبيع النجش وَبيع الْمُسلم على بيع الْمُسلم وَبيع الْمُصراة وَبيع الْعِنَب مِمَّن يعصره خمرًا وَبيع السِّلَاح مِمَّن يقتل الْمُسلمين ظلما وَبيع الشباك مِمَّن يصيد فِي الْحرم وَبيع التَّدْلِيس وَبيع العربان الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب: اعْلَم أَن الْإِجْمَاع مُنْعَقد على حل البيع وَتَحْرِيم الرِّبَا وَاتفقَ الْأَئِمَّة على أَن البيع يَصح من كل بَالغ عَاقل مُخْتَار مُطلق التَّصَرُّف وعَلى أَنه لَا يَصح بيع الْمَجْنُون وَاخْتلفُوا فِي بيع الصَّبِي قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ: لَا يَصح وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد: يَصح إِذا كَانَ مُمَيّزا لَكِن أَبُو حنيفَة يشْتَرط فِي انْعِقَاده إِذْنا سَابِقًا من الْوَلِيّ إِذن إجَازَة لاحقة وَأحمد يشْتَرط فِي الِانْعِقَاد إِذن الْوَلِيّ وَبيع الْمُكْره لَا يَصح عِنْد الثَّلَاثَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يَصح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 والمعاطاة لَا ينْعَقد بهَا البيع على الرَّاجِح من مَذْهَب الشَّافِعِي وَهِي رِوَايَة عَن أبي حنيفَة وَأحمد وَقَالَ مَالك: ينْعَقد بهَا البيع وَبيع المصادر صَحِيح عِنْد مَالك وَاخْتَارَهُ ابْن الصّباغ وَالنَّوَوِيّ وَجَمَاعَة من الشَّافِعِيَّة وَهِي رِوَايَة عَن أبي حنيفَة وَأحمد مثله والأشياء الحقيرة: هَل يشْتَرط فِيهَا الْإِيجَاب وَالْقَبُول كالخطيرة قَالَ أَبُو حنيفَة فِي رِوَايَة: لَا يشْتَرط لَا فِي الحقيرة وَلَا فِي الخطيرة وَقَالَ فِي رِوَايَة أُخْرَى: يشْتَرط فِي الخطيرة دون الحقيرة وَبِه قَالَ أَحْمد وَقَالَ مَالك: لَا يشْتَرط مُطلقًا وكل مَا رَآهُ النَّاس بيعا فَهُوَ صَحِيح جَائِز وَقدر الحقير برطل خبز وَينْعَقد البيع بِلَفْظ الاستدعاء عِنْد الثَّلَاثَة كبعني فَيَقُول: بِعْتُك وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا ينْعَقد فصل : وَإِذا انْعَقَد البيع: ثَبت لكل من الْمُتَبَايعين خِيَار الْمجْلس مَا لم يَتَفَرَّقَا أَو يتخايرا عِنْد الشَّافِعِي وَأحمد وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك: لَا يثبت خِيَار الْمجْلس وَيجوز شَرط الْخِيَار ثَلَاثَة أَيَّام عِنْد أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَلَا يجوز فَوق ذَلِك وَقَالَ مَالك: يجوز على حسب مَا تَدْعُو إِلَيْهِ الْحَاجة وَيخْتَلف ذَلِك باخْتلَاف المبيعات فالفاكهة الَّتِي لَا تبقى أَكثر من يَوْم لَا يجوز الْخِيَار فِيهَا أَكثر من يَوْم والعزبة الَّتِي لَا يُمكن الْوُقُوف عَلَيْهَا فِي ثَلَاثَة أَيَّام يجوز شَرط الْخِيَار فِيهَا أَكثر من ثَلَاثَة أَيَّام وَقَالَ أَحْمد وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد: يثبت من الْخِيَار مَا يتفقان على شَرطه كالأجل وَإِن شَرط الْخِيَار إِلَى اللَّيْل لم يدْخل اللَّيْل فِي الْخِيَار عِنْد الثَّلَاثَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يدْخل فِيهِ وَإِذا مَضَت مُدَّة الْخِيَار من غير اخْتِيَار فسخ وَلَا إجَازَة لزم البيع عِنْد الثَّلَاثَة وَقَالَ مَالك: لَا يلْزم بِمُجَرَّد ذَلِك وَإِذا بَاعه سلْعَة على أَنه إِن لم يقضه الثّمن فِي ثَلَاثَة أَيَّام فَلَا بيع بَينهمَا فَذَاك شَرط فَاسد يفْسد البيع وَكَذَلِكَ إِذا قَالَ البَائِع: بِعْتُك على أَنِّي إِذا رددت عَلَيْك الثّمن بعد ثَلَاثَة أَيَّام فَلَا بيع بَيْننَا عِنْد الثَّلَاثَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة: البيع صَحِيح وَيكون فِي القَوْل الأول إِثْبَات خِيَار المُشْتَرِي وَحده وَيكون فِي القَوْل الثَّانِي: إِثْبَات خِيَار البَائِع وَحده وَلَا يلْزم تَسْلِيم الثّمن فِي مُدَّة الْخِيَار عِنْد الثَّلَاثَة وَقَالَ مَالك: يلْزم فصل : وَمن ثَبت لَهُ الْخِيَار فسخ البيع بِحُضُور صَاحبه وَفِي غيبته عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَيْسَ لَهُ فسخ إِلَّا بِحُضُور صَاحبه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 وَإِذا اشْترط فِي البيع خِيَار مَجْهُول بَطل الشَّرْط وَالْبيع عِنْد أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ مَالك: يجوز وَيضْرب لَهما خِيَار مثله فِي الْعَادة وَظَاهر قَول أَحْمد صحتهما وَقَالَ ابْن أبي ليلى بِصِحَّة البيع وَبطلَان الشَّرْط وَإِذا مَاتَ من لَهُ الْخِيَار فِي الْمدَّة انْتقل إِلَى وَارثه عِنْد الثَّلَاثَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يسْقط الْخِيَار بِمَوْتِهِ وَفِي الْوَقْت ينْتَقل الْملك فِيهِ إِلَى المُشْتَرِي فِي مُدَّة الْخِيَار وَللشَّافِعِيّ أَقْوَال أَحدهَا: بِنَفس العقد وَهُوَ قَول أَحْمد وَالثَّانِي: بِسُقُوط الخي وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَمَالك وَالثَّالِث وَهُوَ الرَّاجِح أَنه مَوْقُوف إِن أَمْضَاهُ ثَبت انْتِقَاله بِنَفس العقد وَإِلَّا فَلَا وَلَو كَانَ الْمَبِيع جَارِيَة لم يحل للْمُشْتَرِي وَطئهَا فِي مُدَّة الْخِيَار على الْأَقْوَال كلهَا وَيحل للْبَائِع وَطْؤُهَا على الْأَقْوَال كلهَا عِنْد الثَّلَاثَة وَيَنْقَطِع بِهِ الْخِيَار وَقَالَ أَحْمد: لَا يحل وَطْؤُهَا لَا للْمُشْتَرِي وَلَا للْبَائِع فصل: بيع الْعين الطاهرة صَحِيح بِالْإِجْمَاع وَأما بيع الْعين النَّجِسَة فِي نَفسهَا كَالْكَلْبِ وَالْخمر والسرجين فَهَل يَصح أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة: يَصح بيع الْكَلْب والسرجين وَأَن يُوكل الْمُسلم ذِمِّيا فِي بيع الْخمر وابتياعها وَاخْتلف أَصْحَاب مَالك فِي بيع الْكَلْب فَمنهمْ من أجَازه مُطلقًا وَمِنْهُم من كرهه وَمِنْهُم من خص الْجَوَاز بالمأذون فِي إِمْسَاكه وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد: لَا يجوز بيع شَيْء من ذَلِك أصلا وَلَا قيمَة الْكَلْب إِن قتل أَو أتلف والدهن إِذا تنجس: هَل يطهر بِغسْلِهِ الرَّاجِح من مَذْهَب الشَّافِعِي: أَنه لَا يطهر فَلَا يجوز بَيْعه عِنْده وَبِه قَالَ مَالك وَأحمد وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يجوز بيع الدّهن النَّجس بِكُل حَال وَلَا يجوز بيع أم الْوَلَد بالِاتِّفَاقِ وَقَالَ دَاوُد بِجَوَاز ذَلِك وَحكي عَن عَليّ وَابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا وَبيع الْمُدبر جَائِز عِنْد الثَّلَاثَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يجوز إِذا كَانَ التَّدْبِير مُطلقًا وَلَا يجوز بيع الْوَقْف عِنْد الثَّلَاثَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يجوز بَيْعه مَا لم يتَّصل بِهِ حكم حَاكم أَو يُخرجهُ الْوَاقِف مخرج الْوَصَايَا وَالْعَبْد الْمُشرك يجوز بَيْعه من الْمُشرك صَغِيرا كَانَ أَو كَبِيرا عِنْد الثَّلَاثَة وَقَالَ أَحْمد: إِن كَانَ صَغِيرا لَا يجوز بَيْعه من مُشْرك وَلبن الْمَرْأَة طَاهِر بالِاتِّفَاقِ وَيجوز بَيْعه عِنْد الشَّافِعِي وَأحمد وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك: لَا يجوز بَيْعه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 وَبيع دور مَكَّة صَحِيح عِنْد الشَّافِعِي وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك: لَا يَصح وَيكرهُ إِجَارَتهَا عِنْدهمَا وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ أصَحهمَا عدم الصِّحَّة فِي البيع وَالْإِجَارَة وَإِن فتحت صلحا وَبيع دود القز صَحِيح عِنْد الثَّلَاثَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يَصح وَلَا يَصح بيع مَا لَا يملكهُ بِغَيْر إِذن مَالِكه على الْجَدِيد الرَّاجِح من قولي الشَّافِعِي وعَلى الْقَدِيم مَوْقُوف فَإِن أجَازه مَالِكه نفذ وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يَصح البيع وَيُوقف على إجَازَة مَالِكه وَالشِّرَاء لَا يُوقف على الْإِجَازَة وَقَالَ مَالك: يُوقف الْجَمِيع على الْإِجَازَة وَقَالَ أَحْمد: فِي الْجَمِيع رِوَايَتَانِ وَلَا يَصح بيع مَا لم يسْتَقرّ ملكه عَلَيْهِ مُطلقًا كَالْبيع قبل قَبضه عقارا كَانَ أَو مَنْقُولًا عِنْد الشَّافِعِي وَبِه قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يجوز بيع الْعقار قبل الْقَبْض وَقَالَ مَالك: بيع الطَّعَام قبل الْقَبْض لَا يجوز وَبيع مَا سواهُ يجوز وَقَالَ أَحْمد: إِن كَانَ الْمَبِيع مَكِيلًا أَو معدودا أَو مَوْزُونا لم يجز بَيْعه قبل قَبضه وَإِن كَانَ غير ذَلِك: جَازَ وَالْقَبْض فِيمَا ينْقل: النَّقْل وَفِيمَا لَا ينْقل كالعقار وَالثِّمَار على الْأَشْجَار التَّخْلِيَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة: الْقَبْض فِي الْجَمِيع التَّخْلِيَة فصل: وَلَا يجوز بيع مَا لَا يقدر على تَسْلِيمه : كالطير فِي الْهَوَاء والسمك فِي المَاء وَالْعَبْد الْآبِق بالِاتِّفَاقِ وَحكي عَن ابْن عمر: أَنه أجَاز بيع الْآبِق وَرُوِيَ عَن عمر بن عبد الْعَزِيز وَابْن أبي ليلى: أَنَّهُمَا أجازا بيع السّمك فِي بركَة عَظِيمَة وَإِن احْتِيجَ فِي أَخذه إِلَى مُؤنَة كَبِيرَة وَلَا يجوز بيع عين مَجْهُولَة كَعبد من عبيد وثوب من أَثوَاب عِنْد الثَّلَاثَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يجوز بيع عبد من ثَلَاثَة أعبد وثوب من ثَلَاثَة أَثوَاب بِشَرْط الْخِيَار لَا فِيمَا زَاد وَلَا يَصح بيع الْعين الغائبة عَن الْمُتَعَاقدين الَّتِي لم تُوصَف لَهما عِنْد مَالك وعَلى الرَّاجِح من قولي الشَّافِعِي وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يَصح وَيثبت للْمُشْتَرِي الْخِيَار فِيهِ إِذا رَآهُ وَاخْتلف أَصْحَابه فِيمَا إِذا لم يذكر الْجِنْس وَالنَّوْع كَقَوْلِه: بِعْتُك مَا فِي كمي وَقَالَ أَحْمد: فِي صِحَة بيع الْغَائِب رِوَايَتَانِ أشهرهما: يَصح وَلَا يَصح بيع الْأَعْمَى وشراؤه إِذا وصف لَهُ الْمَبِيع وإجارته وَرَهنه وهبته على الرَّاجِح من قولي الشَّافِعِي إِلَّا إِذا كَانَ قد رأى شَيْئا قبل الْعَمى وَهُوَ مِمَّا لَا يتَغَيَّر كالحديد وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد: يَصح بَيْعه وشراؤه وَيثبت الْخِيَار إِذا لمسه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 وَلَا يجوز بيع الباقلاء فِي قشره عِنْد الثَّلَاثَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة بِالْجَوَازِ والمسك طَاهِر وَكَذَا فأرته إِن انْفَصل من حَيّ على الْأَصَح من مَذْهَب الشَّافِعِي وَبيعه صَحِيح بِالْإِجْمَاع وَلَا يجوز بيع الْحِنْطَة فِي سنبلها على أصح قولي الشَّافِعِي وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد: يَصح فصل: وَإِذا قَالَ: بِعْتُك هَذِه الصُّبْرَة كل قفيز بدرهم صَحَّ ذَلِك عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يَصح فِي قفيز وَاحِد مِنْهَا وَلَو قَالَ: بِعْتُك عشرَة أَقْفِزَة من هَذِه الصُّبْرَة وَهِي أَكثر من ذَلِك صَحَّ بالِاتِّفَاقِ وَقَالَ دَاوُد: لَا يَصح وَلَو قَالَ: بِعْتُك هَذِه الأَرْض كل ذِرَاع بدرهم أَو هَذَا القطيع كل شَاة بدرهم صَحَّ البيع وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يَصح وَلَو قَالَ: بِعْتُك من هَذِه الأَرْض عشرَة أَذْرع وَهِي مائَة ذِرَاع صَحَّ البيع فِي عشرهَا مشَاعا وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يَصح وَلَو بَاعه عشرَة أَقْفِزَة من صبرَة وكالها لَهُ وَقَبضهَا فَعَاد المُشْتَرِي وَادّعى أَنَّهَا تِسْعَة وَأنكر البَائِع فل لشافعي قَولَانِ أَحدهمَا: أَن القَوْل قَول المُشْتَرِي وَهُوَ المحكي عَن أبي حنيفَة وَالثَّانِي: أَن القَوْل قَول البَائِع وَهُوَ قَول مَالك وَيصِح عِنْد الثَّلَاثَة بيع النَّحْل وَلَو فِي كواراته إِن شوهد وَقَالَ أَبُو حنيفَة: بيع النَّحْل لَا يجوز وَلَا يجوز بيع اللَّبن فِي الضَّرع عِنْد الثَّلَاثَة وَقَالَ مَالك: يجوز أَيَّامًا مَعْلُومَة إِذا عرف قدر حلابها وَلَا يجوز بيع الصُّوف على ظهر الْغنم عِنْد الشَّافِعِي وَأبي حنيفَة وَأحمد وَقَالَ مَالك: يجوز بِشَرْط الجز وَيجوز بيع الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير جزَافا عِنْد الثَّلَاثَة وَقَالَ مَالك: لَا يجوز فَإِن بَاعَ شَاة على أَنَّهَا لبون قَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يجوز وَلَو قَالَ: بِعْتُك هَذِه بِمِائَة مِثْقَال ذهب وَفِضة لم يَصح وَقَالَ أَبُو حنيفَة يَصح وَيجْعَل نِصْفَيْنِ وَاتَّفَقُوا على جَوَاز شِرَاء الْمُصحف وَاخْتلفُوا فِي بَيْعه فأباحه الثَّلَاثَة من غير كَرَاهَة وَكَرِهَهُ أَحْمد وَصرح ابْن قيم الجوزية بِالتَّحْرِيمِ وَلَا يَصح بيع الْمُصحف وَلَا بيع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 الْمُسلم من كَافِر على أرجح قولي الشَّافِعِي وَهِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن مَالك وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يَصح البيع وَيُؤمر بِإِزَالَة ملكه عَنهُ وَهِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى عَن مَالك وَقَالَ أَحْمد: لَا يَصح وَثمن مَاء الْفَحْل حرَام وَأُجْرَة ضرابه حرَام عِنْد الثَّلَاثَة وَعند مَالك: جَوَاز أَخذ الْعِوَض عَن ضراب الْفَحْل وَيحرم كِرَاء الْفَحْل عِنْده مُدَّة مَعْلُومَة لينزو على الْإِنَاث وَيحرم التَّفْرِيق بَين الْأُم وَالْولد حَتَّى يُمَيّز فَإِن فرق بِبيع بَطل عِنْد الثَّلَاثَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يجوز فصل : وَإِذا بَاعَ عبدا بِشَرْط الْعتْق صَحَّ البيع عِنْد الثَّلَاثَة وَالْمَشْهُور عَن أبي حنيفَة: أَنه لَا يَصح وَإِن بَاعَ عبدا بِشَرْط الْوَلَاء لم يَصح بالِاتِّفَاقِ وَقَالَ الأصطخري من أَصْحَاب الشَّافِعِي: يَصح البيع وَيبْطل الشَّرْط وَإِن بَاعَ بِشَرْط يُنَافِي مُقْتَضى البيع كَمَا إِذا بَاعَ عبدا بِشَرْط أَن لَا يَبِيعهُ أَو لَا يعتقهُ أَو دَارا بِشَرْط أَن يسكنهَا البَائِع أَو ثوبا بِشَرْط أَن يخيطه لَهُ بَطل البيع عِنْد أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَعَن ابْن أبي ليلى وَالنَّخَعِيّ وَالْحسن: البيع جَائِز وَالشّرط فَاسد وَقَالَ ابْن شبْرمَة: البيع وَالشّرط جائزان وَقَالَ مَالك: إِذا شَرط من مَنَافِع البيع يسير كسكنى الدَّار صَحَّ وَقَالَ أَحْمد: إِن شَرط سُكْنى الْيَوْم واليومين لم يفْسد العقد وَإِذا قبض الْمَبِيع بيعا فَاسِدا لم يملكهُ الْقَابِض بِاتِّفَاق الثَّلَاثَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِذا قَبضه بِإِذن البَائِع بعوض لَهُ قيمَة: ملكه بِالْقَبْضِ بِقِيمَتِه وَللْبَائِع أَن يرجع فِي الْعين مَعَ الزِّيَادَة الْمُتَّصِلَة والمنفصلة إِلَّا أَن يتَصَرَّف المُشْتَرِي فِيهَا تَصرفا يمْنَع الرُّجُوع فَيَأْخُذ قيمتهَا وَلَو غرس فِي الأَرْض الْمَبِيعَة بيعا فَاسِدا وَبنى لم يكن للْبَائِع قلع الْغِرَاس وَلَا الْبناء إِلَّا بِشَرْط ضَمَان النُّقْصَان وَله أَن يبْذل الْقيمَة ويتملكها عِنْد الثَّلَاثَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَيْسَ لَهُ استرجاع الأَرْض وَيَأْخُذ قيمتهَا وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد: ينْقض الْبناء ويقلع الْغِرَاس وَترد الأَرْض على البَائِع فصل : إِذا جمع فِي البيع بَين مَا يجوز بَيْعه وَمَا لَا يجوز كَالْحرِّ وَالْعَبْد أَو عَبده وَعبد غَيره أَو ميتَة ومذكاة فللشافعي أَقْوَال أظهرها وَهُوَ قَول مَالك يَصح فِيمَا يجوز وَيبْطل فِيمَا لَا يجوز وَالثَّانِي: الْبطلَان فيهمَا وَإِذا قُلْنَا بالأظهر يُخَيّر المُشْتَرِي إِن جهل فَإِن أجَاز فبحصته من الثّمن على الرَّاجِح وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِن كَانَ الْفساد فِي أَحدهمَا ثَبت بِنَصّ أَو إِجْمَاع كَالْحرِّ وَالْعَبْد فسد فِي الْكل وَإِن كَانَ بِغَيْر ذَلِك صَحَّ فِيمَا يجوز بقسط من الثّمن كأمته وَأم وَلَده وَقَالَ فِيمَن بَاعَ مَا سمي عَلَيْهِ وَمَا لم يسم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 عَلَيْهِ من الذَّبِيحَة: إِنَّه لَا يَصح فِي الْكل وَخَالفهُ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَقَالَ فِيمَن بَاعَ بِخَمْسِمِائَة نَقْدا أَو خَمْسمِائَة إِلَى الْعَطاء فسد العقد إِلَى الْكل وَقَالَ أَحْمد: رِوَايَتَانِ كالقولين وَاخْتلفُوا فِي البيع وَالشِّرَاء فِي الْمَسْجِد فَمنع أَحْمد وَحده صِحَّته وجوازه وَقَالَ أَبُو حنيفَة: هُوَ جَائِز مَعَ كَرَاهَة إِحْضَار السّلع فِي الْمَسْجِد وَقت البيع وَينْعَقد البيع وَأَجَازَهُ مَالك وَالشَّافِعِيّ مَعَ الْكَرَاهَة وَاخْتلفُوا فِي جَوَاز بيع الملاهي فَقَالَ مَالك وَأحمد: لَا يجوز بيعهَا وَلَا ضَمَان على متلفها وَقَالَ الشَّافِعِي: لَا يَصح بيعهَا وَإِن أتلفهَا إتلافا شَرْعِيًّا فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يجوز بيعهَا وَيضمن متلفها ألواحا غير مؤلفة تأليفا يلهى فصل : والأعيان الْمَنْصُوص على تَحْرِيم الرِّبَا فِيهَا سِتَّة: الذَّهَب وَالْفِضَّة وَالْبر وَالشعِير وَالتَّمْر وَالزَّبِيب وَالْملح وَالذَّهَب وَالْفِضَّة: يحرم فيهمَا الرِّبَا عِنْد الشَّافِعِي بعلة وَاحِدَة لَازِمَة وَهِي أَنَّهَا من جنس الْأَثْمَان وَقَالَ أَبُو حنيفَة: الْعلَّة فيهمَا: مَوْزُون جنس فَيحرم الرِّبَا فِي سَائِر الموزونات وَأما الْأَرْبَعَة الْبَاقِيَة: فَفِي علتها للشَّافِعِيّ قَولَانِ الْجَدِيد: إِنَّهَا مطعومة فَيحرم الرِّبَا فِي المَاء والأدهان على الْأَصَح وَالْقَدِيم: إِنَّهَا مطعومة أَو مكيلة أَو موزونة وَقَالَ أهل الظَّاهِر: الرِّبَا غير مُعَلل وَهُوَ مُخْتَصّ بالمنصوص عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو حنيفَة: الْعلَّة فِيهَا إِنَّهَا مكيلة فِي جنس وَقَالَ مَالك: الْعلَّة الْقُوت وَمَا يصلح الْقُوت فِي جنس وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا: كَقَوْل الشَّافِعِي وَالثَّانيَِة: كَقَوْل أبي حنيفَة وَقَالَ ربيعَة: كل مَا تجب فِيهِ الزَّكَاة يحرم فِيهِ الرِّبَا فَلَا يجوز بيع بعير ببعيرين وَحكى ابْن سِيرِين: أَن الْعلَّة الْجِنْس بِانْفِرَادِهِ وَرُوِيَ عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة أَنهم قَالُوا: (إِنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَة) فَلَا يحرم التَّفَاضُل وَقد أجمع الْمُسلمُونَ على أَنه لَا يجوز بيع الذَّهَب بِالذَّهَب مُنْفَردا وَالْوَرق بالورق مُنْفَردا تبرها ومضروبها وحليها إِلَّا مثلا بِمثل وزنا بِوَزْن يدا بيد وَيحرم نَسِيئَة وَاتَّفَقُوا على أَنه لَا يجوز بيع الْحِنْطَة بِالْحِنْطَةِ وَالشعِير بِالشَّعِيرِ وَالتَّمْر بِالتَّمْرِ وَالْملح بالملح إِذا كَانَ بمعيار إِلَّا مثلا بِمثل يدا بيد وَيجوز بيع التَّمْر بالملح وَالْملح بِالتَّمْرِ متفاضلين يدا بيد وَيجوز أَن يَتَفَرَّقَا قبل الْقَبْض إِلَّا عِنْد أبي حنيفَة وَلَا يجوز بيع المصوغ بالمضروب مُتَفَاضلا عِنْد الثَّلَاثَة وَعَن مَالك: أَنه يجوز أَن يَبِيعهُ بِقِيمَتِه من جنسه وَلَا يجوز التَّفَرُّق قبل التَّقَابُض فِي بيع المطعومات بَعْضهَا بِبَعْض عِنْد الشَّافِعِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 وَمَالك وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يجوز وَيخْتَص تَحْرِيم ذَلِك عِنْده بِالذَّهَب وَالْفِضَّة فصل : وَمَا عدا الذَّهَب وَالْفِضَّة والمأكول والمشروب: لَا يحرم فِيهِ شَيْء من جِهَات الرِّبَا وَهِي النِّسَاء والتفاضل والتفرق قبل التَّقَابُض وَقَالَ أَبُو حنيفَة: الْجِنْس بِانْفِرَادِهِ يحرم النِّسَاء وَقَالَ مَالك: لَا يجوز بيع حَيَوَان بحيوانين من جنسه يقْصد بهما أمرا وَاحِدًا من ربح وَغَيره فَإِذا كَانَ البيع بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِير بِأَعْيَانِهَا فَإِنَّهَا تتَعَيَّن عِنْد الشَّافِعِي وَمَالك وَأحمد وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا تتَعَيَّن بِنَفس البيع وَلَا يجوز بيع الدَّرَاهِم المغشوشة بَعْضهَا بِبَعْض وَيجوز أَن يشترى بهَا سلْعَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِن كَانَ الْغِشّ غَالِبا لم يجز فصل : وكل شَيْئَيْنِ اتفقَا فِي الِاسْم الْخَاص من أصل الْخلقَة: فهما جنس وَاحِد وكل شَيْئَيْنِ اخْتلفَا: فهما جِنْسَانِ وَقَالَ مَالك: الْبر وَالشعِير جنس وَاحِد وَفِي اللحمان والألبان للشَّافِعِيّ قَولَانِ أصَحهمَا: أَنَّهُمَا أَجنَاس وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَلَا رَبًّا فِي الْحَدِيد والرصاص وَمَا أشبههما عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ لِأَن الْعلَّة فِي الذَّهَب وَالْفِضَّة الثمينة وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد فِي أظهر الرِّوَايَتَيْنِ عَنهُ: تتعدى إِلَى النّحاس والرصاص وَمَا أشبههما وَيعْتَبر التَّسَاوِي فِيمَا يُكَال ويوزن بكيل الْحجاز ووزنه وَمَا جهل يُرَاعى فِيهِ عَادَة بلد البيع قَالَ أَبُو حنيفَة: مَا لَا نَص فِيهِ يعْتَبر فِيهِ عَادَة النَّاس فِي الْبِلَاد وَمَا يحرم فِيهِ الرِّبَا لَا يجوز بيع بعضه بِبَعْض وَمَعَ أحد الْعِوَضَيْنِ جنس آخر يُخَالِفهُ فِي الْقيمَة عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ وَكَذَلِكَ لَا يُبَاع نَوْعَانِ من جنس تخْتَلف قيمتهمَا بِأحد النَّوْعَيْنِ كمد عَجْوَة وَدِرْهَم بمدي عَجْوَة وكدينار صَحِيح ودينار قراضة بدينارين صَحِيحَيْنِ وَأَجَازَهُ أَحْمد إِلَّا فِي النَّوْعَيْنِ وَقَالَ أَبُو حنيفَة: كل ذَلِك جَائِز وَلَا يجوز بيع رطبَة بيابسة على الأَرْض كَبيع الرطب بِالتَّمْرِ على الأَرْض وَيجوز عِنْد الشَّافِعِي فِيمَا دون خَمْسَة أوسق وَالرَّاجِح عِنْده: أَنه لَا يخْتَص بالفقراء وَهُوَ قَول أَحْمد إِلَّا أَنه قَالَ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ: يخرصه رطبا ويبيعه بِمثلِهِ تَمرا وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يجوز ذَلِك بِحَال وَقَالَ مَالك: يجوز فِي مَوضِع مَخْصُوص وَهُوَ أَن يكون قد وهب لرجل ثَمَرَة نَخْلَة من حَائِط وشق عَلَيْهِ دُخُوله إِلَيْهَا فيشتريها مِنْهُ بِخرْصِهَا من التَّمْر بعجلة وَيجوز بيع العريا فِي عُقُود مُتَفَرِّقَة وَإِن زَاد على خَمْسَة أوسق: وَقَالَ أَحْمد: لَا يجوز أَكثر من عرية وَاحِدَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 وَلَا يجوز بيع الْحبّ بالدقيق من جنسه عِنْد أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَقَالَ مَالك: يجوز بَيْعه بِهِ كَيْلا وَقَالَ أَحْمد فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى: يجوز بَيْعه بِهِ وزنا وَقَالَ أَبُو ثَوْر: يجوز بيع الدَّقِيق بِالْحِنْطَةِ مُتَفَاضلا وَلَا يجوز بيع الْحِنْطَة بدقيقها عِنْد الشَّافِعِي وَمَالك وَقَالَ أَحْمد يجوز وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يجوز بيع أَحدهمَا بِالْآخرِ إِذا اسْتَويَا فِي النعومة والخشونة وَلَا يجوز بيع دقيقه بخبزه وَقَالَ أَصْحَاب أبي حنيفَة: يجوز بيع الْحِنْطَة بالخبز مُتَفَاضلا وَلَا يجوز بيع الْخبز بالخبز إِذا كَانَا رطبين أَو أَحدهمَا وَقَالَ أَحْمد: يجوز متماثلا وَإِن بَاعَ ذَهَبا بِذَهَب جزَافا: لم يَصح وَعند أبي حنيفَة: أَنَّهُمَا إِن علم التَّسَاوِي بَينهمَا قبل التَّفَرُّق صَحَّ وَإِن علم بعد التَّفَرُّق لم يَصح وَعند زفر: أَنه يَصح بِكُل حَال وَإِذا تصارفا ثمَّ تقابضا بعض ثمن الصّرْف وتفرقا بَطل العقد كُله وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يجوز فِيمَا تقابضاه وَيبْطل فِيمَا لم يتقابضاه وَإِن تفارقا قبل أَن يتقابضا فالصرف فَاسد بالِاتِّفَاقِ وَلَا يجوز بيع حَيَوَان يُؤْكَل بِلَحْم من جنسه عِنْد الثَّلَاثَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يجوز ذَلِك وَأَجْمعُوا على أَن بيع الْحَيَوَان بِاللَّحْمِ يدا بيد جَائِز وَقَالَ مَالك: لَا يجوز وَأَجْمعُوا على أَن بيع المَاء من مثل الْفُرَات والنيل جَائِز فصل : وَيدخل فِي بيع الدَّار: الأَرْض وكل بِنَاء حَتَّى حمامها إِلَّا الْمَنْقُول كالدلو والبكرة والسرير بالِاتِّفَاقِ وَتدْخل الْأَبْوَاب المنصوبة والإجانات والرف وَالسّلم المسمرات وَعَن أبي حنيفَة أَنه قَالَ: مَا كَانَ من حُقُوق الدَّار لَا يدْخل فِي البيع وَإِن كَانَ مُتَّصِلا بهَا وَعَن زفر: أَنه إِذا كَانَ فِي الدَّار آلَة وقماش دخل فِي البيع وَإِذا بَاعَ نخلا عَلَيْهِ طلع غير مؤبر دخل فِي البيع أَو مؤبرا لم يدْخل عِنْد الثَّلَاثَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يكون للْبَائِع بِكُل حَال وَقَالَ ابْن أبي ليلى: الثَّمَرَة للْمُشْتَرِي بِكُل حَال وَإِذا بَاعَ غُلَاما أَو جَارِيَة وَعَلَيْهَا ثِيَاب لم تدخل فِي البيع بالِاتِّفَاقِ وَعَن ابْن عمر: أَنه يدْخل فِي البيع جَمِيع مَا عَلَيْهَا وَقَالَ قوم: يدْخل مَا تستر بِهِ الْعَوْرَة وَلَا يدْخل الْحَبل والمقود واللجام فِي بيع الدَّابَّة بالِاتِّفَاقِ وَقَالَ قوم: يدْخل وَإِذا بَاعَ شَجَرَة وَعَلَيْهَا ثَمَرَة للْبَائِع لم يُكَلف قطع الثَّمَرَة عَن مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد إِلَى أَوَان الجداد فِي الْعَادة وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يلْزمه قطعه فِي الْحَال وَلَا يجوز بيع الثَّمر وَالزَّرْع قبل بَدو صَلَاحه من غير شَرط الْقطع عِنْد مَالك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَقَالَ أَبُو حنيفَة يَصح بَيْعه مُطلقًا وَيَقْتَضِي ذَلِك الْقطع عِنْده وَإِن بَاعَ الثَّمَرَة بعد بَدو صَلَاحهَا: جَازَ عِنْد الشَّافِعِي وَمَالك وَأحمد بِكُل حَال وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يجوز بيعهَا بِشَرْط التبقية وَإِنَّمَا يعْتَبر فِي جَوَاز البيع تبقية مَا كَانَ مَعَه فِي الْبُسْتَان فَأَما مَا كَانَ فِي بُسْتَان آخر فَلَا يتبعهُ عِنْد الشَّافِعِي وَأحمد وَقَالَ مَالك: يجوز بيع مَا جاوره إِذا كَانَ الصّلاح معهودا وَعنهُ أَيْضا: إِذا بدا الصّلاح فِي نَخْلَة جَازَ بيع ثمار الْبَلَد وَقَالَ اللَّيْث: إِذا بدا الصّلاح فِي جنس من الثَّمَرَة فِي الْبُسْتَان: جَازَ بيع جَمِيع أَجنَاس الثِّمَار فِي ذَلِك الْبُسْتَان وَإِذا بَاعَ الثَّمَرَة الظَّاهِرَة وَمَا يظْهر بعد ذَلِك لم يَصح البيع عِنْد أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَقَالَ مَالك: يَصح وَإِذا بَاعَ صبرَة وَاسْتثنى مِنْهَا أمدادا وآصعا مَعْلُومَة لم يَصح وَلَا يجوز أَن يَسْتَثْنِي من الشَّجَرَة غصنا عِنْد أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَقَالَ مَالك: يجوز ذَلِك وَإِذا قَالَ: بِعْتُك ثَمَرَة هَذَا الْبُسْتَان إِلَّا ربعهَا صَحَّ بالِاتِّفَاقِ وَعَن الْأَوْزَاعِيّ: أَنه لَا يَصح وَلَا يجوز أَن يَبِيع الشَّاة ويستثني شَيْئا مِنْهَا جلدا أَو غَيره لَا فِي سفر وَلَا فِي حضر عِنْد أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ أَحْمد: يجوز فِي السّفر دون الْحَضَر فصل : وَأَجْمعُوا على منع بيع حَبل الحبلة وَهُوَ فِي قَول الشَّافِعِي: أَن يَبِيع بِثمن إِلَى أَن تحمل هَذِه النَّاقة وتلد وَيحمل وَلَدهَا وَفِي قَول أبي عبيد أَن يَقُول: إِذا ولدت هَذِه النَّاقة وَولد وَلَدهَا فقد بِعْتُك الْوَلَد وَأَجْمعُوا على فَسَاد بيع المضامين والملاقيح قَالَ أَبُو عبيد: هُوَ مَا فِي الأصلاب وَمَا فِي الْبُطُون وَنهى عَن بيع المحاقلة والمزابنة وتلقى الركْبَان خَارج الْمَدِينَة لَا يجوز وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا أرى بِهِ بَأْسا فصل : والتصرية فِي الْإِبِل وَالْبَقر وَالْغنم تَدْلِيس فِي البيع على المُشْتَرِي وَهُوَ حرَام بالِاتِّفَاقِ وَهل يثبت بِهِ الْخِيَار قَالَ الثَّلَاثَة: نعم وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا وَمن حلب الْمُصراة فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أمْسكهَا وَإِن شَاءَ ردهَا وصاعا من تمر وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَيْسَ لَهُ ردهَا إِذْ لَا يَسْتَطِيع رد مَا أَخذ مِنْهَا وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَابْن أبي ليلى: يرد مَعهَا قيمَة اللَّبن وَإِذا ثَبت للْمُشْتَرِي خِيَار الرَّد فَلَا يفْتَقر الرَّد إِلَى رضى البَائِع وحضوره وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِن كَانَ قبل الْقَبْض افْتقر إِلَى حُضُوره وَإِن كَانَ بعده: افْتقر إِلَى رِضَاهُ بِالْفَسْخِ أَو حكم حَاكم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 وَالرَّدّ بِالْعَيْبِ عِنْد أبي حنيفَة وَأحمد على التَّرَاخِي وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ: على الْفَوْر وَإِذا قَالَ البَائِع للْمُشْتَرِي: أمسك الْمَبِيع وَخذ أرش الْعَيْب لم يجْبر المُشْتَرِي وَإِن قَالَه المُشْتَرِي: لم يجْبر البَائِع بالِاتِّفَاقِ فَإِن تَرَاضيا عَلَيْهِ صَحَّ الصُّلْح عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك وَرجحه ابْن سُرَيج من أَئِمَّة الشَّافِعِيَّة والمرجح عِنْد جُمْهُور أَصْحَابه الْمَنْع ونظيرها فِي الشُّفْعَة وَقَالَ أَحْمد: للْمُشْتَرِي إمْسَاك البيع ومطالبة البَائِع بِالْأَرْشِ وَيجْبر البَائِع على دَفعه إِلَيْهِ وَإِذا لَقِي البَائِع فَسلم عَلَيْهِ قبل الرَّد لم يسْقط حَقه فِي الرَّد بالِاتِّفَاقِ وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن: يسْقط وَإِذا حدث بِالْمَبِيعِ عيب بعد قبض الثّمن لم يثبت الْخِيَار للْمُشْتَرِي عِنْد أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ مَالك: عُهْدَة الرَّقِيق إِلَى ثَلَاثَة أَيَّام إِلَّا فِي الجذام والبرص وَالْجُنُون فَإِن عهدته إِلَى سنة يثبت لَهُ الْخِيَار وَإِذا بَاعَ اثْنَان عينا ثمَّ ظهر بهَا عيب فَأَرَادَ أَحدهمَا أَن يمسك حِصَّته وَأَرَادَ الآخر أَن يرد حِصَّته: جَازَ للْوَاحِد عِنْد الشَّافِعِي وَأحمد وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد وَمَالك فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَيْسَ لأَحَدهمَا أَن ينْفَرد بِالرَّدِّ دون الآخر وَإِذا زَاد الْمَبِيع زِيَادَة متميزة كَالْوَلَدِ وَالثَّمَرَة أمسك الزِّيَادَة ورد الأَصْل عِنْد الشَّافِعِي وَأحمد وَقَالَ مَالك: إِن كَانَت الزِّيَادَة ولدا رده مَعَ الأَصْل أَو ثَمَرَة أمْسكهَا ورد الأَصْل وَقَالَ أَبُو حنيفَة: حُصُول الزِّيَادَة فِي يَد المُشْتَرِي تمنع الرَّد بِالْعَيْبِ بِكُل حَال وَلَو كَانَ الْمَبِيع جَارِيَة فَوَطِئَهَا المُشْتَرِي ثمَّ علم بِالْعَيْبِ فَلهُ أَن يردهَا وَلَا يرد مَعهَا شَيْئا عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن أَحْمد وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه: لَا يردهَا وَقَالَ ابْن أبي ليلى: يردهَا وَيرد مَعهَا مهر مثلهَا ويروى ذَلِك عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ وَإِذا وجد المُشْتَرِي بِالْمَبِيعِ عَيْبا وَنقص فِي يَده لِمَعْنى لَا يقف استعلام الْعَيْب عَلَيْهِ كَوَطْء الْبكر وَقطع الثَّوْب وتزويج الْأمة امْتنع الرَّد لَكِن يرجع بِالْأَرْشِ عِنْد أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ مَالك: يردهَا وَيرد مَعهَا أرش الْبكارَة وَهُوَ الْمَشْهُور عَن أَحْمد بِنَاء على أَصله فَإِن الْعَيْب الْحَادِث عِنْده لَا يمْنَع الرَّد وَإِن وجد الْعَيْب وَقد نقص الْمَبِيع لِمَعْنى يقف استعلام الْعَيْب عَلَيْهِ أَي لَا يعرف الْقَدِيم إِلَّا بِهِ كالرابح وَهُوَ جوز الْهِنْد وَالْبيض والبطيخ فَإِن كَانَ الْكسر قدرا لَا يُوقف على الْعَيْب إِلَّا بِهِ امْتنع الرَّد عِنْد أبي حنيفَة وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَالرَّاجِح من مذْهبه: أَن لَهُ الرَّد وَقَالَ مَالك وَأحمد فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ: لَيْسَ لَهُ رد وَلَا أرش الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 وَإِن وجد بِالْمَبِيعِ عَيْبا وَحدث عِنْده عيب لم يجز لَهُ الرَّد عِنْد أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ إِلَّا أَنه يرضى البَائِع وَيرجع بِالْأَرْشِ وَقَالَ مَالك وَأحمد: هُوَ بِالْخِيَارِ بَين أَن يرد وَيدْفَع أرش الْعَيْب الْحَادِث عِنْده وَبَين أَن يمسِكهُ وَيَأْخُذ أرش الْقَدِيم فصل : وَالْعَيْب: مَا يعده النَّاس عَيْبا كالعمى والصمم والخرس وَالْعَرج والبخر وَالْبَوْل فِي الْفراش وَالزِّنَا وَشرب الْخمر وَالْقَذْف وَترك الصَّلَاة وَالْمَشْي بالنميمة وَقَالَ أَبُو حنيفَة: البخر وَالْبَوْل فِي الْفراش وَالزِّنَا عيب فِي الْجَارِيَة دون العَبْد وَإِذا وجد الْجَارِيَة مغنية لم يثبت لَهُ الْخِيَار وَقَالَ مَالك بِثُبُوتِهِ وَإِذا اشْترى عبدا فَوَجَدَهُ مَأْذُونا لَهُ فِي التِّجَارَة وَقد ركبته الدُّيُون لم يثبت لَهُ الْخِيَار عِنْد الشَّافِعِي وَمَالك وَعَن أَحْمد: لَهُ الْخِيَار وَقَالَ أَبُو حنيفَة: البيع بَاطِل بِنَاء على أَصله فِي تعلق الدّين بِرَقَبَتِهِ وَلَو اشْترى عبدا على أَنه كَافِر فَخرج مُسلما فَلهُ الْخِيَار بالِاتِّفَاقِ وَإِن اشْتَرَاهُ مُطلقًا فَبَان كَافِرًا فَلَا خِيَار لَهُ وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَهُ الْخِيَار وَلَو اشْترى جَارِيَة على أَنَّهَا ثيب فَخرجت بكرا فَلَا خِيَار لَهُ وَلَو اشْترى جَارِيَة فَبَان أَنَّهَا لَا تحيض فَلَا خِيَار لَهُ وَقَالَ الشَّافِعِي: لَهُ الْخِيَار وَإِذا علم بِالْعَيْبِ بعد أكل الطَّعَام أَو هَلَاك العَبْد رَجَعَ بِالْأَرْشِ وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يرجع وَإِذا ملك عبدا مَالا وَبَاعه وَقُلْنَا: إِنَّه يملك لم يدْخل مَاله فِي البيع إِلَّا أَن يَشْتَرِطه المُشْتَرِي بالِاتِّفَاقِ وَقَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ: يدْخل مَاله فِي مُطلق البيع تبعا وَكَذَا إِذا أعْتقهُ وروى ذَلِك عَن مَالك وَمن بَاعَ عبدا فعهدته عِنْد مَالك: ثَلَاثَة أَيَّام بلياليها كل مَا حدث بِهِ فِي هَذِه الْمدَّة من شَيْء كَمَا لَو مَاتَ فعهدته وضمانه على بَائِعه وَنَفَقَته عَلَيْهِ ثمَّ يكون بعد ذَلِك عَلَيْهِ عُهْدَة السّنة من الْجُنُون والجذام والبرص فَمَا حدث بِهِ من ذَلِك فِي تِلْكَ السّنة رده المُشْتَرِي فَإِذا انْقَضتْ السّنة وَلم يظْهر ذَلِك فَلَا عُهْدَة على البَائِع وَإِن كَانَت جَارِيَة تحيض فحتى تخرج من الْحَيْضَة ثمَّ تبقى عُهْدَة السّنة كَالْعَبْدِ وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: كل مَا حدث من عيب قبل قبض المُشْتَرِي فَمن ضَمَان البَائِع أَو بعد قَبضه فَمن ضَمَان المُشْتَرِي وَلَو بَاعَ عبدا جانيا فَالْبيع صَحِيح عِنْد أبي حنيفَة وَأحمد وَللشَّافِعِيّ فِيهِ قَولَانِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 أَحدهمَا: الصِّحَّة وَالثَّانِي: الْبطلَان وَهُوَ الْأَصَح وَإِذ بَاعَ بِشَرْط الْبَرَاءَة من كل عيب فل لشافعي أَقْوَال أَحدهَا: أَنه يبرأ من كل عيب على الْإِطْلَاق وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَالثَّانِي: أَنه لَا يبرأ من شَيْء من الْعُيُوب حَتَّى يُسمى الْعَيْب وَهُوَ قَول أَحْمد وَالثَّالِث وَهُوَ الرَّاجِح عِنْد جُمْهُور أَصْحَابه أَنه لَا يبرأ إِلَّا من عيب بَاطِن فِي الْحَيَوَان لم يعلم بِهِ البَائِع وَقَالَ مَالك: الْبَرَاءَة فِي ذَلِك جَائِزَة فِي الرَّقِيق دون غَيره فَيبرأ مِمَّا لَا يُعلمهُ وَلَا يبرأ مِمَّا علمه وَالْإِقَالَة عِنْد مَالك بيع وَقَالَ أَبُو حنيفَة: فسخ وَهُوَ الرَّاجِح من مَذْهَب الشَّافِعِي وَقَالَ أَبُو يُوسُف: هِيَ قبل الْقَبْض فسخ وَبعده بيع إِلَّا فِي الْعقار فَبيع مُطلقًا فصل : وَمن اشْترى سلْعَة جَازَ لَهُ بيعهَا عِنْد الشَّافِعِي بِرَأْس مَالهَا وَأَقل وَأكْثر من البَائِع وَغَيره قبل نقد الثّمن وَبعده وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد: لَا يجوز بيعهَا من بَائِعهَا بِأَقَلّ من الثّمن الَّذِي ابتاعها بِهِ قبل نقد الثّمن فِي الْمَبِيع الأول وَيجوز أَن يَبِيع مَا اشْتَرَاهُ مُرَابحَة بالِاتِّفَاقِ وَهُوَ أَن يبين رَأس المَال وَقدر الرِّبْح وَيَقُول: بعتكها بِرَأْس مَالهَا وَربح دِرْهَم فِي كل عشرَة وَكَرِهَهُ ابْن عَبَّاس وَابْن عمر وَمنع إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه جَوَازه وَإِذا اشْترى شَيْئا بِثمن مُؤَجل لم يُخَيّر بِثمن مُطلق بالِاتِّفَاقِ بل يبين وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ: يلْزم العقد إِذا أطلق وَيثبت الثّمن فِي ذمَّته مُؤَجّلا وعَلى مَذْهَب الْأَئِمَّة: يثبت للْمُشْتَرِي الْخِيَار إِذا لم يعلم بالتأجيل وَإِذا اشْترى شَيْئا من أَبِيه أَو من ابْنه جَازَ أَن يَبِيعهُ مُرَابحَة مُطلقًا وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يجوز حَتَّى يبين من اشْترى مِنْهُ فصل: والنجش حرَام وَهُوَ أَن يزِيد فِي الثّمن لَا لرغبة فِي الشِّرَاء بل ليخدع غَيره فَإِن اغْترَّ بِهِ إِنْسَان فَاشْترى فشراؤه صَحِيح عِنْد الثَّلَاثَة وَإِن أَثم الْغَار وَقَالَ مَالك: الشِّرَاء بَاطِل وَيحرم بيع الْحَاضِر للبادي بالِاتِّفَاقِ وَهُوَ أَن يقدم غَرِيب بمتاع تعم الْحَاجة إِلَيْهِ ليَبِيعهُ بِسعْر يَوْمه فَيَقُول بلدي: اتركه عِنْدِي لأبيعه قَلِيلا قَلِيلا وَيحرم بيع العربون وَهُوَ أَن يَشْتَرِي السّلْعَة وَيدْفَع إِلَيْهِ درهما ليَكُون من الثّمن إِن رَضِي السّلْعَة وَإِلَّا فَهُوَ هبة وَقَالَ أَحْمد: لَا بَأْس بذلك وَيجوز بيع الْعينَة عِنْد الشَّافِعِي مَعَ الْكَرَاهَة وَهُوَ أَن يَبِيع سلْعَة بِثمن إِلَى أجل ثمَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 يَشْتَرِيهَا من مشتريها نَقْدا بِأَقَلّ من ذَلِك وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد: لَا يجوز ذَلِك وَيحرم التسعير عِنْد أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ مَالك: إِذا خَالف أحد أهل السُّوق بِزِيَادَة أَو نُقْصَان فَيُقَال: إِمَّا أَن تبيع بِسعْر السُّوق أَو تنعزل عَنْهُم فَإِن سعر السُّلْطَان على النَّاس فَبَاعَ الرجل مَتَاعه وَهُوَ لَا يُرِيد بَيْعه كَانَ مكْرها وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِكْرَاه السُّلْطَان يمْنَع صِحَة البيع وإكراه غَيره: لَا يمْنَع والاحتكار فِي الأقوات حرَام بالِاتِّفَاقِ وَهُوَ أَن يبْتَاع طَعَاما فِي الغلاء ويمسكه لِيَزْدَادَ ثمنه وَاتَّفَقُوا على أَنه لَا يجوز بيع الكالىء بالكالىء وَهُوَ بيع الدّين بِالدّينِ وَثمن الْكَلْب خَبِيث وَكره مَالك بَيْعه مَعَ الْجَوَاز فَإِن بيع لم يفْسخ البيع عِنْده على كلب أمكن الِانْتِفَاع بِهِ وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حنيفَة وَقَالَ الشَّافِعِي: لَا يجوز أصلا وَلَا قيمَة لَهُ إِن قتل أَو أتلف وَبِه قَالَ أَحْمد فصل : وَإِذا حصل الِاخْتِلَاف بَين الْمُتَبَايعين فِي قدر الثّمن وَلَا بَيِّنَة تحَالفا بالِاتِّفَاقِ وَالأَصَح من مَذْهَب الشَّافِعِي: أَنه يبْدَأ بِيَمِين البَائِع وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يبْدَأ بِيَمِين المُشْتَرِي فَإِن كَانَ الْمَبِيع هَالكا وَاخْتلفَا فِي قدر ثمنه تحَالفا عِنْد الشَّافِعِي وَفسخ البيع وَرجع بِقِيمَة الْمَبِيع إِن كَانَ مُتَقَوّما وَإِن كَانَ مثلِيا وَجب على المُشْتَرِي مثله وَهَذَا إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن أَحْمد وَإِحْدَى الرِّوَايَات عَن مَالك وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا تحالف بعد هَلَاك الْمَبِيع وَيكون القَوْل قَول المُشْتَرِي ويروى ذَلِك عَن أَحْمد وَمَالك وَقَالَ زفر وَأَبُو ثَوْر: القَوْل قَول المُشْتَرِي بِكُل حَال وَقَالَ الشّعبِيّ وَابْن سُرَيج: القَوْل قَول البَائِع وَاخْتِلَاف ورثتهما كاختلافهما وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِن كَانَ الْمَبِيع فِي يَد وَارِث البَائِع تحَالفا وَإِن كَانَ فِي يَد وَارِث المُشْتَرِي: فَالْقَوْل قَوْله مَعَ يَمِينه وَإِن اخْتلف الْمُتَبَايعَانِ فِي شَرط الْأَجَل أَو قدره أَو فِي شَرط الْخِيَار أَو قدره أَو فِي شَرط الرَّهْن وَالضَّمان بِالْمَالِ أَو بالعهدة: تحَالفا عِنْد الشَّافِعِي وَمَالك وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد: لَا تحالف فِي هَذِه الشَّرَائِط وَالْقَوْل قَول من ينفيها وَإِذا بَاعه عينا بِثمن فِي الذِّمَّة ثمَّ اخْتلفَا فَقَالَ البَائِع: لَا أسلم الْمَبِيع حَتَّى أَقبض الثّمن وَقَالَ المُشْتَرِي: فِي الثّمن مثله فللشافعي أَقْوَال أَصَحهَا: يجْبر البَائِع على تَسْلِيم الْمَبِيع ثمَّ يجْبر المُشْتَرِي على تَسْلِيم الثّمن وَفِي قَول: يجْبر المُشْتَرِي وَفِي قَول: لَا إِجْبَار فَمن سلم أجبر صَاحبه وَفِي قَول يجبران وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك: يجْبر المُشْتَرِي أَولا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 وَإِذا تلف الْمَبِيع قبل الْقَبْض بِآفَة سَمَاوِيَّة انْفَسَخ البيع عِنْد أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ مَالك وَأحمد: إِذا لم يكن الْمَبِيع مَكِيلًا وَلَا مَوْزُونا وَلَا معدودا فَهُوَ من ضَمَان المُشْتَرِي وَإِذا أتْلفه أَجْنَبِي فللشافعي أَقْوَال أَصَحهَا: أَن البيع لَا يَنْفَسِخ بل يتَخَيَّر المُشْتَرِي بَين أَن يُجِيز وَيغرم الْأَجْنَبِيّ أَو يفْسخ وَيغرم البَائِع الْأَجْنَبِيّ وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَأحمد وَهُوَ الرَّاجِح من مَذْهَب مَالك وَإِن أتْلفه البَائِع انْفَسَخ كالآفة عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ أَحْمد: لَا يَنْفَسِخ بل على البَائِع قِيمَته وَإِن كَانَ مثلِيا فَمثله وَلَو كَانَ الْمَبِيع ثَمَرَة على شَجَرَة فتفلت بعد التَّخْلِيَة قَالَ أَبُو حنيفَة: التّلف من ضَمَان المُشْتَرِي وَهُوَ الْأَصَح من قولي الشَّافِعِي وَقَالَ مَالك: إِن كَانَ التّلف أقل من الثُّلُث فَهُوَ من ضَمَان المُشْتَرِي وَالثلث فَمَا زَاد من ضَمَان البَائِع وَقَالَ أَحْمد: إِن تلف بِأَمْر سماوي كَانَ من ضَمَان البَائِع أَو بِنَهْب أَو سَرقَة فَمن ضَمَان المُشْتَرِي انْتهى المصطلح : اعْلَم أَن حالات أوضاع المكاتبات والمبايعات تخْتَلف باخْتلَاف الْمعَانِي الَّتِي تنشأ عَنْهَا بِاعْتِبَار الْعبارَات والألفاظ الَّتِي هِيَ الْآن مستعملة فِي ذَلِك وَهِي تشْتَمل على فَوَائِد يَنْبَغِي التَّعْرِيف بهَا ليستفاد مِنْهَا مَا لَا بَأْس باستفادته مِمَّا يَنْبَنِي على الْقَاعِدَة الْمَشْرُوطَة فِي الْبيُوع وَغَيرهَا من الْعُقُود أما الْقَاعِدَة الْمَشْرُوطَة فِي الْبيُوع وَغَيرهَا من الْعُقُود: فَهِيَ ذكر المُشْتَرِي وَالْبَائِع إِذا تبَايعا بأنفسهما أَو بوكيلهما أَو أَحدهمَا بِنَفسِهِ وَالْآخر بوكيله وَذكر الْمَبِيع إِن كَانَ كَامِلا أَو حِصَّة مِنْهُ وجريانه فِي ملك البَائِع أَو الْمَبِيع عَنهُ أَو الْمَبِيع عَلَيْهِ إِلَى حِين صُدُور البيع وَوَصفه بِمَا يُخرجهُ عَن الالتباس والاشتباه وتحديده من جهاته الْأَرْبَع وَذكر الثّمن وحلوله أَو تَأْجِيله أَو قَبضه وَذكر النّظر والمعرفة وَالْمُعَاقَدَة الشَّرْعِيَّة والتسلم وَالتَّسْلِيم أَو التَّخْلِيَة والتفرق بالأبدان عَن ترَاض أَو اشْتِرَاط الْخِيَار وَضَمان الدَّرك فِي ذَلِك وَمَعْرِفَة الْمُتَعَاقدين بِمَا تعاقدا عَلَيْهِ الْمعرفَة الشَّرْعِيَّة والتاريخ وَأما غير الْمُسْتَعْمل مِنْهَا فَفِي التَّعْرِيف بِهِ فَوَائِد: الْفَائِدَة الأولى: الْبدَاءَة بعد الْبَسْمَلَة الشَّرِيفَة بقوله: (شترى) أَو (هَذَا مَا شترى) أَو (هَذَا كتاب مبايعة) أَو غير ذَلِك وَكله جَائِز وَقد كتب عَليّ بن أبي طَالب عَن رَسُول الله فِي صلح الْحُدَيْبِيَة (هَذَا مَا صطلح عَلَيْهِ مُحَمَّد بن عبد الله) وَقَالَ الله تَعَالَى: {هَذَا مَا توعدون ليَوْم الْحساب} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 الْفَائِدَة الثَّانِيَة: رفع نسب الْمَشْهُود عَلَيْهِ إِلَى الْجد احْتِرَازًا من قَول أبي حنيفَة لِأَنَّهُ لَا يكون تعريفا عِنْده حَتَّى ينْسب إِلَى الْجد فَبِهَذَا الْمُقْتَضى لَا يضر ذكر الْجد الْفَائِدَة الثَّالِثَة: التَّعْرِيف بالصناعة أَو الْقَبِيلَة أَو الْبَلَد فَإِنَّهُ قد تتفق الْأَنْسَاب والصناعات دون الْقَبِيلَة والبلد فالأحوط ذكر ذَلِك لينتفي التشابه الْفَائِدَة الرَّابِعَة: قَوْله: (جَمِيع الدَّار الكائنة بِمَدِينَة كَذَا) وَلَا يَقُول: (فِي مَدِينَة كَذَا) فقد يحمل ذَلِك على وَقت البيع لِأَنَّهُ قد يجوز أَن يُقَال بعد ذَلِك: (هَذِه الدَّار الَّتِي من مَدِينَة كَذَا فِي بلد كَذَا) فَيرجع ذَلِك إِلَى وَقت العقد: أَنه كَانَ فِي مَكَان كَذَا الْفَائِدَة الْخَامِسَة: قَوْله فِي الْحُدُود: (وَهِي لَهَا وَمِنْهَا وَآخر غاياتها) لاخْتِلَاف النَّاس فِي الْحَد هَل هُوَ من الْمَحْدُود أَو خَارج عَنهُ فَإِذا صرح بِهِ كَانَ أبلغ فِي الِاحْتِرَاز وَإِزَالَة الالتباس وَلِهَذَا أنكر على بَعضهم قَوْله: (حَدهَا دَار فلَان) ] فَقيل لَهُ: أدخلت دور النَّاس فِي الْمَبِيع وَكتب آخر: (حَدهَا حد دَار فلَان) فَقيل لَهُ: جعلت حد دَار فلَان حدا لهَذَا المُشْتَرِي وَلَا يخفى مَا فِيهِ من التَّنَاقُض قَالَ الله تَعَالَى: {أَو لم يرَوا أَنا جعلنَا حرما آمنا وَيُتَخَطَّف النَّاس من حَولهمْ أفبالباطل} فَجعل مَا حوله خَارِجا عَنهُ وسابق رَسُول الله بَين الْخَيل إِلَى غَايَة فَكَانَ مَا بعد الْغَايَة خَارِجا عَنْهَا الْفَائِدَة السَّادِسَة: اسْتِيفَاء ذكر الْحُدُود الْأَرْبَعَة احْتِرَازًا من قَول بَعضهم (إِذا حدث بِثَلَاثَة حُدُود وَلها حُدُود أَرْبَعَة جَازَ وَإِذا حدت بحدين لم يجز) وَمِمَّا يدل على بعد مَا قَالَه: أَنه لَا فرق بَين أَن يتْرك حدا من الْأَرْبَعَة أَو يتْرك حَدَّيْنِ إِذْ الْمَقْصُود من ذكر الْحُدُود: إِنَّمَا هُوَ التَّعْرِيف وَترك الْحَد والحدين وَالثَّلَاثَة سَوَاء فِي بَاب عدم التَّعْرِيف الْفَائِدَة السَّابِعَة: أَن يَقُول: (ملاصقة لدار تعرف بفلان) وَلَا يكْتب: (ملاصقة لدار فلَان) لِأَن فِي ذَلِك إِضَافَة ملكهَا إِلَيْهِ فَمنع الْمقر بذلك إِن ابتاعها مِمَّن هِيَ فِي يَده من وجوب الدَّرك لِأَنَّهُ مقرّ لَهُ بِالْملكِ مُصدق لَهُ فِي أَنه بَاعَ مَا ملك فَبَطل بذلك الرُّجُوع بالدرك على بَائِعهَا عِنْد الِاسْتِحْقَاق فَإِذا كتب: (تعرف بفلان) كَانَ أولى لِأَن الشَّيْء قد يعرف بفلان وَلَا يكون ملكه وَحكي عَن ابْن سُرَيج والطَّحَاوِي وَغَيرهمَا: أَن ذَلِك لَا يمْنَع الرُّجُوع بالدرك وَأَن لَا يحمل ذَلِك على حَقِيقَة الْملك للْغَيْر وَإِنَّمَا كَانَ من حَيْثُ الظَّاهِر وَالْيَد تدل على الْملك وَإِن كَانَ جَائِزا فَيَنْبَغِي أَن يحْتَرز مِنْهُ على قَول من حمل ذَلِك على الْإِقْرَار بِالْملكِ فَيَنْتَفِي الْوَهم وَيَزُول الخيال الْفَائِدَة الثَّامِنَة: أَن يَقُول: (جَمِيع الدَّار الْكَامِلَة أَرضًا وَبِنَاء أَو أرْضهَا وبناؤها) وَلَا يدْخل الْوَاو على (أرْضهَا) فِي الأول لِأَن (الدَّار) هِيَ الأَرْض وَالْبناء فَإِذا كتب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 (وأرضها) كَمَا كتب بعض أهل الْعرَاق: صَارَت الدَّار والأر شَيْئَيْنِ متغايرين والمعقود عَلَيْهِ شَيْء وَاحِد وَهَذِه دقيقة خُفْيَة الْفَائِدَة التَّاسِعَة: أَن يَقُول: (سفل جَمِيع الدَّار وعلوه) وَلَا يَقُول: (سفلها وعلوها) كَمَا كتب بعض أهل الْبَصْرَة وَمعنى الِاحْتِرَاز فِي ذَلِك: أَنه لَيْسَ لكل الدَّار سفل وعلو فَيدْخل فِي الْمَبِيع مَا لَيْسَ مِنْهُ الْفَائِدَة الْعَاشِرَة: أَن يكْتب: (مسيل مَائِهَا وملقي ثلجها فِي حُقُوقهَا) لِأَن الْحُقُوق هِيَ الْخَالِصَة لَهَا فَإِذا لم يكْتب (فِي حُقُوقهَا) أوهم أَن ذَلِك لَيْسَ هُوَ من حُقُوقهَا الْفَائِدَة الْحَادِيَة عشرَة: أَن يكْتب: (وكل حق هُوَ لَهَا دَاخل فِيهَا وخارج مِنْهَا) وَلَا يكْتب كَمَا كتب البصريون وَأهل الْعرَاق: (وكل حق هُوَ لَهَا دَاخل فِيهَا وخارج) لِاسْتِحَالَة الدَّاخِل من الْحُقُوق أَن يكون خَارِجا وَالْخَارِج مِنْهَا أَن يكون دَاخِلا لتضاد ذَلِك الْفَائِدَة الثَّانِيَة عشرَة: أَن يكْتب التَّفَرُّق قبل ذكر الْقَبْض وَالتَّسْلِيم وَإِن كَانَ جَائِزا أَن يذكرهُ بعدهمَا لِمَعْنى وَهُوَ أَن حُقُوق التَّسْلِيم وَالْقَبْض إِنَّمَا تجب بعد تَمام البيع فَكَانَ ذكر مَا يتم مَعَه مبدى على مَا لَا يتم أولى الْفَائِدَة الثَّالِثَة عشرَة: أَن يكْتب التَّخْيِير قبل التَّفَرُّق للْخَبَر الْمَرْوِيّ عَن رَسُول الله فِي قَوْله: (حَتَّى يَتَفَرَّقَا إِلَّا بيع الْخِيَار) وَهُوَ قَول: (قد اخترنا إِمْضَاء البيع وإنفاذه قبل التَّفَرُّق) ثمَّ يفترقان بعد هَذَا الِاخْتِيَار الْفَائِدَة الرَّابِعَة عشرَة: أَن يكْتب: (التَّفَرُّق بالأبدان) احْتِرَازًا من قَول من يَقُول: إِنَّه لَا يَصح بالْقَوْل وَهُوَ مَالك وَأَبُو حنيفَة فَإِذا ذكرا مَعًا زَالَ الْإِشْكَال الْفَائِدَة الْخَامِسَة عشرَة: أَن يكْتب: (وَغَابَ كل وَاحِد مِنْهَا عَن صَاحبه) لحَدِيث أبي بردة وَهُوَ قَوْله فِي رجل مكث مَعَ بَائِعه يَوْمًا وَلَيْلَة: (مَا أراكما تفرقتما) والأغلب أَنَّهُمَا صليا وتطهرا للصَّلَاة فزايلا الْمَكَان نَفسه وَلم يغب أَحدهمَا عَن الآخر فَذكر غيبَة أَحدهمَا عَن الآخر ضرب من التَّأْكِيد لَا أَن ترك ذَلِك مِمَّا يقْدَح فِي نفس العقد فَيفْسد بِتَرْكِهِ الْفَائِدَة السَّادِسَة عشرَة: ذكر نقد الثّمن ووزنه لِأَنَّهُ لَا يجوز إِلَّا أَن يكون مَعْلُوما فَإِذا ذكر وَزنه الَّذِي وَقع عَلَيْهِ العقد كَانَ ثمن الْمَبِيع مَعْلُوما الْفَائِدَة السَّابِعَة عشرَة: أَن يبْدَأ بِقَبض الثّمن تَحَرُّزًا من قَول مَالك فَإِنَّهُ يَقُول: إِن الدَّار إِذا تسلمها المُشْتَرِي وَدفعهَا بَائِعهَا إِلَيْهِ كَانَ ذَلِك دَلِيلا عِنْده على قبض الثّمن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 وَالْقَوْل قَول المُشْتَرِي مَعَ يَمِينه أَنه وفاه ثمنهَا فَإِذا بَدَأَ بِذكر قبض الثّمن ثمَّ ذكر التَّسْلِيم بعده زَالَ الْإِشْكَال الْفَائِدَة الثَّامِنَة عشرَة: ذكر دفع الْمُبْتَاع الثّمن إِلَى البَائِع تَحَرُّزًا من قَول أبي حنيفَة: إِن من قبض شَيْئا بِغَيْر الدّفع من الْمُبْتَاع فَهُوَ كلا قبض ثمنا كَانَ أَو غَيره الْفَائِدَة التَّاسِعَة عشرَة: التَّحَرُّز فِي قَوْله: (شِرَاء صَحِيحا شَرْعِيًّا) بل يَقُول: (شِرَاء شَرْعِيًّا) لِأَن الِاعْتِرَاف بِصِحَّتِهِ اعْتِرَاف بِأَن بَائِعه بَاعَ مَا ملكه فَإِذا خرج الْمَبِيع مُسْتَحقّا للْغَيْر لم يكن لمشتريه الرُّجُوع على بَائِعه بِالثّمن وَالْأولَى أَن يكْتب فِيهِ: (لَا على سَبِيل رهن) لهَذَا الْمَعْنى وَلَا يكْتب (لَا فَسَاد فِيهِ) لِأَن الِاعْتِرَاف أَنه لَا فَسَاد فِيهِ بِنَفْي الرُّجُوع بالدرك عِنْد الِاسْتِحْقَاق الْفَائِدَة الْعشْرُونَ: أَن يكْتب: (وَلَا اشْتِرَاط خِيَار يُفْسِدهُ) لِأَن من الْخِيَار مَا إِذا اشْترط فِي عقد البيع عِنْد طَائِفَة وَهُوَ مَا زَاد على الثَّلَاث يُفْسِدهُ الْفَائِدَة الْحَادِيَة وَالْعشْرُونَ: أَن يَقُول: (وَلَا غير ذَلِك من الشُّرُوط سوى شُرُوطه الْمَذْكُورَة فِي هَذَا الْكتاب) لينتفي بذلك كل شَرط خَارج عَن مضمونه مِمَّا يجوز اشْتِرَاطه الْفَائِدَة الثَّانِيَة وَالْعشْرُونَ: ذكر نظر الْمُتَبَايعين إِلَى الْمَبِيع عِنْد العقد وَقَبله لِأَن من النَّاس من يَقُول: لَو رَآهُ ثمَّ غَابَ عَنهُ فَاشْتَرَاهُ: إِن الشِّرَاء جَائِز وَمِنْهُم من يَقُول: لَا يجوز وَإِن اقْتصر على ذكر الرُّؤْيَة عِنْد الشِّرَاء كَانَ كَافِيا الْفَائِدَة الثَّالِثَة وَالْعشْرُونَ: التَّنْبِيه على أَن يَد البَائِع على الْمَبِيع عِنْد البيع تَحَرُّزًا من قَول عبيد بن جرثومة وَقَول عبد الله بن الْحسن فَإِنَّهُمَا قَالَا: إِن من بَاعَ مَا لَيْسَ فِي يَده فبيعه بَاطِل الْفَائِدَة الرَّابِعَة وَالْعشْرُونَ: ذكر بَقَاء الْمَبِيع فِي الْيَد إِلَى حِين تَسْلِيمه لمبتاعه على الصّفة الَّتِي بَاعهَا عَلَيْهَا لِأَنَّهُ قد يحدث فِي يَد البَائِع قبل التَّسْلِيم وَالْقَبْض وَقبل التَّفَرُّق: عيب فَيكون ضَمَانه على البَائِع وَيكون لمبتاعه الْخِيَار فِي قَبضه نَاقِصا عَمَّا ابتاعه وَإِلَى هَذَا ذهب الْمُزنِيّ وَوَافَقَهُ عَلَيْهِ كثير من الْأَصْحَاب وَمن النَّاس من قَالَ: إِن الَّذِي حدث فِي يَد البَائِع إِنَّمَا حدث فِي ملك المُشْتَرِي إِذا كَانَ حُدُوثه من غير جِنَايَة من البَائِع وَلَا خِيَار لَهُ وَهُوَ قَول مَالك وَغَيره مِمَّن قَالَ: إِن افْتِرَاق الْمُتَبَايعين بالْقَوْل دون الْبدن الْفَائِدَة الْخَامِسَة وَالْعشْرُونَ: أَن يَقُول: (سلم فلَان إِلَى فلَان جَمِيع مَا بَاعه إِيَّاه) وَلَا يكْتب: (جَمِيع مَا وَقع عَلَيْهِ عقد هَذَا البيع) لِأَن البيع وَاقع على الْمَبِيع وعَلى ثمنه وَإِنَّمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 يلْزمه تَسْلِيم الْمَبِيع لَا تَسْلِيم الثّمن إِذْ لَا يتَصَوَّر ذَلِك الْفَائِدَة السَّادِسَة وَالْعشْرُونَ: أَن يَقُول فِي ضَمَان الدَّرك: (إِن على فلَان البَائِع الْخُرُوج لفُلَان المُشْتَرِي من جَمِيع الْوَاجِب لَهُ بِسَبَب هَذَا الدَّرك إِذا اسْتحق الْمَبِيع احْتِرَازًا من اخْتِلَاف النَّاس فِي الْوَاجِب بِسَبَب الِاسْتِحْقَاق فَمنهمْ من يَقُول: (عَلَيْهِ أَن يخلص الدَّار من يَد مستحقها بِمَا عز وَهَان ويدفعها إِلَى المُشْتَرِي) وَهُوَ قَول أهل الْعرَاق وَوُقُوع البيع بِاشْتِرَاط هَذَا الْخَلَاص مُفسد لَهُ عِنْد كثير من الْعلمَاء وَهُوَ قَول الشَّافِعِي ومتبعيه وَمِنْهُم من قَالَ: (عَلَيْهِ دَار مثلهَا) وَهَذَا أَيْضا فَاسد لِأَن الدَّار لَا مثل لَهَا إِذْ لَيست هِيَ من ذَوَات الْأَمْثَال فَيكون هَذَا الشَّرْط غير مَقْدُور عَلَيْهِ وَمِنْهُم من قَالَ: (يرد النَّفَقَة الَّتِي أنفقها المُشْتَرِي وَقِيمَة الْغِرَاس وَالزَّرْع وَالْبناء الْقَائِم يَوْم الِاسْتِحْقَاق) وهم أهل الْعرَاق وَعند آخَرين: البيع مفسوخ على هَذِه الْوُجُوه مِنْهُم مَالك وَالشَّافِعِيّ وَلَا شكّ أَن الدَّرك إِذا أطَاق فَكل يحملهُ على مَا يرَاهُ فِي مذْهبه فِي رد مَا يرى رده على المُشْتَرِي بِسَبَب الِاسْتِحْقَاق الْفَائِدَة السَّابِعَة وَالْعشْرُونَ: أَن يقْرَأ على الْمُتَبَايعين الْمَكْتُوب لِأَن من النَّاس من زعم أَنه لَا يجوز أَن يشْهد على مَا فِي الْكتاب إِلَّا بعد قِرَاءَته وَحُصُول الْعلم من الْمُتَعَاقدين بمضمونه وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَغَيره من الْعلمَاء وَحُصُول علم الشُّهُود بِمَا فِيهِ الْفَائِدَة الثَّامِنَة وَالْعشْرُونَ: اعْتِرَاف الْمُتَعَاقدين أَنَّهُمَا سمعاه وفهماه وعرفاه لِأَنَّهُ لَيْسَ كل من يقْرَأ يسمعهُ وَلَا كل من يسمعهُ يفهمهُ فَإِذا جمع بَين السماع والفهم والمعرفة زَالَ الْإِشْكَال الْفَائِدَة التَّاسِعَة وَالْعشْرُونَ: ذكر الطواعية وَصِحَّة الْعقل وَالْبدن ليزول يذكر (الطواعية) الْإِكْرَاه وَبِغَيْرِهِ الْحجر وَالْمَرَض وَإِن كتب: (وَجَوَاز الْأَمر) فَهُوَ آكِد فِي نفي الْحجر وَالْمَرَض الْفَائِدَة الثَّلَاثُونَ: التَّصْرِيح بِمَعْرِِفَة الشُّهُود بالمتعاقدين لإِجْمَاع الْأمة على أَن من شهد على شخص لَا يعرفهُ باسمه وَنسبه لَا يَصح إِلَّا أَن يكون الْمَشْهُود عَلَيْهِ حَاضرا عِنْد الْحَاكِم فَيشْهد الشَّاهِدَانِ على إِقْرَاره مُوَاجهَة فَتَصِح الشَّهَادَة على هَذَا الْعين فِي الْحَال الْفَائِدَة الْحَادِيَة وَالثَّلَاثُونَ: إِيضَاح التَّارِيخ الْإِيضَاح الْجَلِيّ بِالْيَوْمِ والشهر وَالسّنة كَمَا تقدم إِذْ لَا يخفى مَا فِي ذَلِك من الْفَوَائِد فِي تعَارض الْبَينَات وَطلب الْحُقُوق كلهَا وَمَا يَتَرَتَّب عَلَيْهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 الْفَائِدَة الثَّانِيَة وَالثَّلَاثُونَ: أَن الْمَبِيع إِذا وَقع بَين اثْنَيْنِ أذن كل وَاحِد مِنْهُمَا لصَاحبه فِي بيع مَا بَاعه لِأَن بعض أهل الْعلم قَالَ: من بَاعَ شِقْصا شَائِعا من مَبِيع وَقع بَيْعه على نصف نصِيبه دون كُله إِذْ لَا جُزْء إِلَّا ولشريكه جُزْء شَائِع فِيهِ فيحترز بِالْإِذْنِ من كل وَاحِد مِنْهُمَا لصَاحبه فِي بيع مَا بَاعه لِئَلَّا يخرج من الْمَبِيع فِي نصِيبه شَيْء وَهَذَا القَوْل مَنْسُوب إِلَى عبد الله بن الْحسن وَإِن كَانَ لأَحَدهمَا مَال أَكثر من مَال الآخر فَلَا يَصح الْإِذْن مِنْهُ فِيمَا زَاد على حَقه حَتَّى يُوكله على قَول الشَّافِعِي وَغَيره انْتهى وَالْبيع تَارَة يكون لشخص من شخص لأنفسهما وَتارَة يكون البيع من وَكيل شخص لشخص وَتارَة يكون البيع من وَكيل شخص لوكيل شخص فمثال الأول: اشْترى فلَان لنَفسِهِ من فلَان البَائِع عَن نَفسه وَمِثَال الثَّانِي: اشْترى فلَان لنَفسِهِ من فلَان الْقَائِم فِي بيع مَا سَيذكرُ فِيهِ لمن عين فِيهِ بِالثّمن الَّذِي سيعين بطرِيق الْوكَالَة الشَّرْعِيَّة عَن فلَان الْفُلَانِيّ حَسْبَمَا وَكله فِي ذَلِك وَفِي التسلم وَالتَّسْلِيم وَالْمُكَاتبَة وَالْإِشْهَاد على الرَّسْم المتعاهد بِشَهَادَة شُهُوده أَو بِمُقْتَضى الْوكَالَة الشَّرْعِيَّة المحضرة لشهوده المتضمنة لذَلِك المؤرخة بِكَذَا الثَّابِت مضمونها فِي مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ وَمِثَال الثَّالِث: اشْترى فلَان الْقَائِم فِي ابتياع مَا سَيَأْتِي ذكره فِيهِ بِالثّمن الَّذِي سيعين فِيهِ لمُوكلِه فلَان حَسْبَمَا وَكله فِي ذَلِك إِلَى آخِره لمُوكلِه الْمَذْكُور وبماله من فلَان الْقَائِم فِي بيع مَا سَيَأْتِي ذكره بِالثّمن الَّذِي سيعين فِيهِ بطرِيق الْوكَالَة الشَّرْعِيَّة عَن فلَان حَسْبَمَا وَكله فِي ذَلِك إِلَى آخر مَا ذكر الْوَكِيل الْمَذْكُور: أَن ذَلِك بيد مُوكله الْمَذْكُور وَملكه تَحت تصرفه إِلَى حَالَة هَذَا البيع وَذَلِكَ جَمِيع الشَّيْء الْفُلَانِيّ وَيذكر فِي مُشْتَرِي الْوَكِيل دفع الثّمن من مَال مُوكله الْمَذْكُور وتسلم الْمَبِيع لمُوكلِه وَأَن ضَمَان الدَّرك فِي ذَلِك لَازم ومرجوع بِهِ حَيْثُ يُوجِبهُ الشَّرْع الشريف ويقتضيه وَإِن حضر الْمُوكل واعترف بوصول الثّمن إِلَيْهِ من وَكيله كتب حُضُوره واعترافه بذلك وتصديقه وَمَا يَقع من التعاقد من وَصِيّ أَو مَنْصُوب من جِهَة الْحَاكِم أَو وَكيل فِي بَيت المَال الْمَعْمُور أَو أَب أَو جد على مَحْجُور يَأْتِي الْكَلَام عَلَيْهِ فِي مَوْضِعه إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَاعْلَم أَن المبيعات تخْتَلف باخْتلَاف أَنْوَاعهَا ومواصفاتها الَّتِي هِيَ مُشْتَمِلَة عَلَيْهَا وَهِي لَا تَخْلُو: إِمَّا أَن يَقع عقد التبايع بَين الْمُتَبَايعين على دَار كَامِلَة أَرضًا وَبِنَاء أَو بِنَاء دون أَرض أَو حِصَّة من ذَلِك أَو من غَيره والحصة لَا تَخْلُو: إِمَّا أَن تكون مشَاعا فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 الْمَبِيع أَو مقسومة مفروزة مِمَّا تجوز فِيهِ الْقِسْمَة شرعا فَإِن كَانَ الْمَبِيع دَارا كَامِلَة أَرضًا وَبِنَاء كتب بعد استكمال الْأَلْفَاظ فِي الصَّدْر: وَذَلِكَ جَمِيع الدَّار الْكَامِلَة أَرضًا وَبِنَاء بِمَدِينَة كَذَا من عمل كَذَا وصفتها على مَا دلّت عَلَيْهِ الْمُشَاهدَة أَو على مَا تصادق عَلَيْهِ الْمُتَبَايعَانِ: أَنَّهَا تشْتَمل على بَاب مربع أَو مقنطر يدْخل مِنْهُ إِلَى دهليز مربع أَو مستطيل ويصف مَا بهَا من الْأَبْنِيَة والأواوين والقبب والخزاين والخرستانات والرخام والبلاط وبركة المَاء وجريان المَاء إِلَيْهَا من النَّهر الْفُلَانِيّ أَو من قناة كَذَا بِحَق قديم وَاجِب دَائِم مُسْتَمر لَيْلًا وَنَهَارًا وَإِذا انْتهى الْوَصْف يَقُول: مَنَافِع ومرافق وَحُقُوق ويحددها بحدودها الْأَرْبَعَة من غير إخلال بِشَيْء مِنْهَا ثمَّ يَقُول: بِجَمِيعِ حُقُوقهَا كلهَا ومنافعها ومرافقها وطرقها وعلوها وسفلها وأحجارها وأخشابها وأبوابها وأعتابها وأنجافها ومنجورها ومجاري مياهها فِي حُقُوقهَا ورسومها وحقها من المَاء الْوَاصِل إِلَيْهَا من الْقَنَاة الْمَذْكُورَة أَو من النَّهر الْفُلَانِيّ الْمَذْكُور وَهُوَ حق وَاجِب مَعْلُوم بَين الْمُتَبَايعين الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ مُسْتَمر لَيْلًا وَنَهَارًا مَا جرى المَاء فِي الْقَنَاة الْمَذْكُورَة وَوصل إِلَى الْبركَة الْمَذْكُورَة فِي كيزانها وبرابخها المختصة بهَا الآخذة من الْمقسم الْفُلَانِيّ الْمُتَّصِل بالقناة الْمَذْكُورَة وَذَات الأسطحة الْعَالِيَة على ذَلِك المحضرة أَو غير المحضرة وَذَات الْقَنَاة الْخَاصَّة لذَلِك أَو الْمُشْتَركَة وَمَا يعرف بهَا وينسب إِلَيْهَا من كل حق هُوَ لَهَا وَمِنْهَا دَاخل فِيهَا وخارج عَنْهَا ومعدود من جُمْلَتهَا على تناهي الْجِهَات أجمعها الْمَعْلُوم عِنْدهَا الْعلم الشَّرْعِيّ النَّافِي للْجَهَالَة شِرَاء شَرْعِيًّا ويكمل ويؤرخ وَإِن كَانَ الْمَبِيع بِنَاء على أَرض محكرة كتب: جَمِيع أبنية الدَّار الكائنة بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ ويصف ذَلِك وَصفا تَاما ويحدد وَيكْتب بعد قَوْله: وَمَا يخْتَص بِهِ من الْحُقُوق الْوَاجِبَة لَهُ شرعا خلا قَرَار ذَلِك الْحَامِل لأبنية الدَّار الموصوفة المحدودة بأعاليه فَإِنَّهُ خَارج عَن هَذَا البيع وَغير دَاخل فِيهِ وَعَلِيهِ من الحكر فِي كل سنة كَذَا وَكَذَا وَعلم المُشْتَرِي بذلك واطلع عَلَيْهِ وَرَضي بِهِ وأقدم عَلَيْهِ ويكمل وَإِن كَانَت الأَرْض حاملة لبِنَاء المُشْتَرِي كتب: جَمِيع الْقطعَة الأَرْض الحاملة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 للأبنية الْجَارِيَة فِي ملك المُشْتَرِي الْمَذْكُور ويشتمل مَا عَلَيْهَا من الْأَبْنِيَة على قاعة ويصفها ويحددها ويكمل على نَحْو مَا سبق وَإِن كَانَ الْمَبِيع بَيْتا من ربع أَو مخزنا من خَان أَو حانوتا من سوق كتب: جَمِيع المخزن الْفُلَانِيّ أَو الطَّبَقَة الْفُلَانِيَّة أَو الْحَانُوت الْفُلَانِيّ الَّذِي هُوَ من جملَة حُقُوق الْمَكَان الْفُلَانِيّ الْمُشْتَمل على كَذَا وَكَذَا ويصف الْمَكَان الَّذِي يَبِيع مِنْهُ الْمَكَان الْوَاقِع عَلَيْهِ عقد البيع ويحدده وَيذكر المخزن أَو الطَّبَقَة أَو الْحَانُوت فِي أَي حد هُوَ وَفِي أَي صف من صُفُوف الْمَكَان الْمَبِيع مِنْهُ وَإِن حدد الطَّبَقَة أَو الْحَانُوت أَيْضا فَهُوَ أحوط وَإِن كَانَ الْمَبِيع سطح حوانيت دون السّفل كتب: جَمِيع سطح الحوانيت الكائنة بِالْوَضْعِ الْفُلَانِيّ الَّتِي عدتهَا كَذَا وَكَذَا دون سفلها الْآتِي ذكر ذَلِك وَوَصفه وتحديده فِيهِ: الْجَارِي سطح الحوانيت الْمَذْكُورَة بيد البَائِع وَملكه وَتَحْت تصرفه إِلَى حَالَة البيع وارتفاع الحوانيت من وَجه الأَرْض إِلَى نِهَايَة علوها كَذَا وَكَذَا ذِرَاعا وذرع سطح جَمِيع هَذِه الحوانيت الدَّاخِل فِي أَحْكَام هَذَا البيع دون سفله من مشرقيه إِلَى غربيه مِمَّا يَلِي قبليه كَذَا وَمن شرقيه إِلَى بحريه مِمَّا يَلِي بحريه كَذَا وَكَذَا ذِرَاعا بِذِرَاع الْعَمَل أَو الذِّرَاع الْحَدِيد ويحدد وَإِن كَانَ الْمَبِيع سطح قاعة أَو سطح دَار ذكر الْموضع والسقع وَالطَّرِيق المسلوك فِيهَا وَصفَة القاعة أَو الدَّار وَمَا يشْتَمل عَلَيْهِ وذرع السَّطْح على مَا تقدم وحدوده وَإِن كَانَ الْمَبِيع بَيْتا علوا من دَار دون سفله كتب: جَمِيع الْبَيْت الْعُلُوّ الْمَبْنِيّ على الْبَيْت السّفل الَّذِي هُوَ من الدَّار الْفُلَانِيَّة ويحدد الدَّار وَيَقُول: وَهَذَا الْبَيْت الْمُشْتَرى عَن يَمِين الدَّاخِل إِلَى هَذِه الدَّار من بَابهَا الْمُشْتَملَة عَلَيْهِ الْآن أَو على يسرته أَو تِلْقَاء وَجهه ويحدد السّفل دون الْعُلُوّ بِحُدُودِهِ الْأَرْبَعَة ثمَّ يذكر ذرعه طولا وعرضا ثمَّ يَقُول: وَطَرِيق هَذَا الْبَيْت الْعلوِي أَو ويصعد إِلَى هَذَا الْبَيْت الْعلوِي من على الدرجَة الَّتِي بمَكَان كَذَا من هَذِه الدَّار إِن كَانَت فِي داخلها أَو فِي خَارِجهَا وذرع الْموضع لهَذِهِ الدرجَة من كل جَانب مِنْهَا حَتَّى يذكر الجوانب كلهَا وَطَرِيقه مسلوك إِلَيْهَا من ساحة هَذِه الدَّار ودهليزها ويكمل وَإِن كَانَ الْمَبِيع السّفل من الدَّار دون الْعُلُوّ كتب كَمَا تقدم إِلَّا أَنه يكْتب فِي ذكر الْحُقُوق: (وسفله وكل حق هُوَ لَهُ) وَلَا يكْتب علوه لِأَن علو الْبَيْت مُخْتَلف فِيهِ فَمن قَائِل: إِن السّقف والعلو يدْخل فِي الْمَبِيع أبدا إِلَّا أَن يستثنيه وَمن قَائِل: إِن السّقف لصَاحب السّفل وَمن قَائِل: إِنَّه لصَاحب الْعُلُوّ وَمِنْهُم من زعم أَنه مُشْتَرك بَينهمَا فَإِذا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 كتب: (بِجَمِيعِ حُقُوقه الَّتِي هِيَ لَهُ) فقد استوعب بذلك مَا هُوَ مِنْهُ وَاحْترز بِهِ من الِاخْتِلَاف وَأما ذكر الطَّرِيق والمرقى إِلَى الْبَيْت الْعلوِي: فَلَا بُد مِنْهُ لاخْتِلَاف الْفُقَهَاء فِي بطلَان البيع فِيمَن بَاعَ بَيْتا لَا طَرِيق لَهُ فَإِن أمكنه اتِّخَاذ ممر صَحَّ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ قَالَ النَّوَوِيّ رَحمَه الله تَعَالَى: أصَحهمَا الْبطلَان وَإِن كَانَ الْمَبِيع قَرْيَة كتب: جَمِيع الْقرْيَة وأراضيها الْمَعْرُوفَة بقرية كَذَا من عمل كَذَا ومضافات كَذَا وعدة فدنها كَذَا وَكَذَا فدانا عامرة آهلة وتشتمل هَذِه الْقرْيَة على أَرَاضِي معتمل ومعطل وَسَهل ووعر وأقاصي وأداني ومصايف ومشاتي ومسارح ومراعي وبيادر وأنادر وعامر وغامر ودمن ومغارات وكهوف وجباب وصهاريج وعيون مَاء سارحة وأشجار مثمرة وَغير مثمرة وغراس ونصوب وبيوت ومساكن وَمَنَافع ومرافق وَحُقُوق ويحددها ثمَّ يَقُول: بِجَمِيعِ حُقُوق ذَلِك كُله وطرقه ومرافقه وحجره ومدره وبيادره وأنادره ومعتمله ومعطله وسهله ووعره وأقاصيه وأدانيه ومصايفه ومشاتيه ومسارحه ومراعيه ودمنه ومغاراته وكهوفه وجبابه وصهاريجه وعيونه السارحة فِيهِ الْمعدة لسقي بعض أراضيه وأشجاره وغروسه ونصوبه وأصوله وفروعه وثماره وسقيه ومساكنه ومرابعه ومراتعه ومجاري مياهه فِي حُقُوقه ورسومه وَبِكُل حق هُوَ لذَلِك أَو لشَيْء مِنْهُ مَعْرُوف فِيهِ ومنسوب إِلَيْهِ دَاخل الْحُدُود الْمَذْكُورَة وخارج عَنْهَا من سَائِر الْحُقُوق الْوَاجِبَة لجميعه شرعا خلا مَا فِي ذَلِك من مَسْجِد لله تَعَالَى ومقبرة للْمُسلمين وَطَرِيق سالك ورزق وإقطاعات جيشية وأحباسية وخلا مَا هُوَ وقف على مَسْجِد الْقرْيَة الْمَذْكُورَة وَهُوَ قِطْعَة أَرض من الْجِهَة الْفُلَانِيَّة بهَا غراس يعرف بِكَذَا ويحددها فَإِن ذَلِك غير دَاخل فِي عقد هَذَا التبايع الْمَعْلُوم ذَلِك عِنْد الْمُتَبَايعين الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ الْعلم الشَّرْعِيّ النَّافِي للْجَهَالَة شِرَاء شَرْعِيًّا ويكمل وَإِن كَانَ الْمَبِيع حِصَّة من قَرْيَة شائعة أَو مقسومة مفروزة كتب: جَمِيع الْحصَّة الشائعة أَو المقسومة المفروزة وقدرها كَذَا وَكَذَا سَهْما من أصل كَذَا وَكَذَا سَهْما أَو قدرهَا كَذَا وَكَذَا فدانا من أصل كَذَا وَكَذَا فدانا من جَمِيع الْقرْيَة وأراضيها الْمَعْرُوفَة بقرية كَذَا من عمل كَذَا ويصف الْقرْيَة ويحددها ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه وَلنَا فِي هَذَا الْمحل تَنْبِيهَانِ: أَحدهمَا: إِن كَانَ فِي الْقرْيَة حصيد فَلَا يَكْتُبهُ لكَونه مَجْهُولا إِلَّا أَن يكون مَكِيلًا فيذكر كَيْله وَلَا يكْتب: (خلا حق الله تَعَالَى إِن وَجب) لما فِيهِ من الْجَهَالَة وَإِن كتب فليعين قدر حق الله فِيهَا وَهُوَ سهم وَاحِد أَو سَهْمَان حَتَّى يَنْتَفِي الْجَهْل والإضراب عَن ذكر ذَلِك أولى لِأَن ترك ذكره لَا يمْنَع من وُجُوبه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 وَإِن كَانَ فِي الْقرْيَة طَرِيق لقوم اسْتَثْنَاهُ وَكتب: إِلَّا مَا لفُلَان من الاجتياز فِي هَذِه الْقرْيَة بِحَق وَاجِب دون أَن يملك شَيْئا من رقبته أَو تكون رَقَبَة هَذَا الطَّرِيق مَمْلُوكَة لرجل بِعَيْنِه لَا مرفق فِيهِ لغيره بالاجتياز فَيَسْتَثْنِي أَيْضا وينبه على ذَلِك وَبَعض أهل الْعرَاق كتب: (خلا مَا فِيهَا من مَسْجِد ومقبرة) فَإِنَّهُ غير دَاخل فِي هَذَا العقد فَإِن كتب على هَذِه الصّفة كَانَ جَائِزا وَإِن ترك ذكر الِاسْتِثْنَاء فِي ذَلِك كَانَ جَائِزا لِأَنَّهُ مَعْلُوم عِنْد الْمُتَعَاقدين: أَن الْمَسَاجِد والمقابر والأوقاف الَّتِي فِيهِ لَا تدخل فِي البيع وَلَا يحل العقد عَلَيْهَا وَالَّذِي أرَاهُ أَن ذكرهَا وَذكر حُدُودهَا لتعلم أولى احْتِرَازًا من اسْتثِْنَاء الْمَجْهُول من الْمَعْلُوم الثَّانِي: المحتش والمحتطب قَالَ القَاضِي أَبُو مُحَمَّد بن بشير: إِن الحذاق من أَصْحَاب الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ لَا يذكرُونَهُ وَكره ابْن سَعْدَوَيْه ذكره لِأَنَّهُ قد يكون مُشْتَركا بَين صَاحب الْقرْيَة وَبَين الْمُسلمين وَعَامة أَصْحَاب أبي حنيفَة يذكرُونَهُ انْتهى وَإِن كَانَ الْمَبِيع بستانا شجريا كتب: جَمِيع الْبُسْتَان الْمَعْرُوف بِكَذَا الْكَائِن بِظَاهِر مَدِينَة كَذَا الْمُشْتَمل على سياج دائر عَلَيْهِ ومحيط بِهِ وعَلى جوسق أَو قاعة أَو منظرة وبحرة مستطيلة ويصف القاعة أَو المنظرة أَو الْجَوْسَقِ وَصفا تَاما على مَا هُوَ عَلَيْهِ ثمَّ يَقُول: ويشتمل الْبُسْتَان الْمَذْكُور على أَشجَار وغراس مُخْتَلف الْأَنْوَاع وَالثِّمَار يسقى بِمَاء يصل إِلَيْهِ من نهر كَذَا فَأَما مَاء الْجَوْسَقِ أَو القاعة: فَإِنَّهُ يجْرِي إِلَيْهَا المَاء من النَّهر الْمَذْكُور أبدا دَائِما مستمرا مَا جرى المَاء فِي النَّهر الْمَذْكُور وَوصل إِلَيْهِ وَإِلَى الشاذروان الَّذِي هُوَ بالقاعة وَأما الْبُسْتَان: فَإِنَّهُ يجْرِي إِلَيْهِ المَاء من النَّهر الْمَذْكُور برسم شربه وَهُوَ يَوْم الْخَمِيس وَلَيْلَة الْجُمُعَة بكمالهما وَيَوْم الْإِثْنَيْنِ وَلَيْلَة الثُّلَاثَاء بكمالهما من كل أُسْبُوع دَائِما مستمرا مَا جرى المَاء فِي النَّهر الْمَذْكُور وَوصل إِلَيْهِ ويحدد الْبُسْتَان وَإِن كَانَ سقيه من الْآبَار أَو السواقي: فَيكْتب فِي كل بِلَاد على اصْطِلَاح أَهلهَا وَيكْتب: فِيمَا يسْقِي من الْآبَار الهمالية والصدور البحرية دَار الْبَقر والشونة وَالْعدة الْخشب وَمَا يشْتَمل عَلَيْهِ من الْجذع والأتراس والمحلة والطونس والقواديس والقائم وَصفَة الْبِئْر واستطالتها وتدويرها وَإِن كَانَت ذَات وَجه أَو وَجْهَيْن أَو ثَلَاثَة أَو أَرْبَعَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 وأبنيتها وحيطانها وهراميسها الْمَعْلُوم ذَلِك عِنْدهمَا الْعلم الشَّرْعِيّ النَّافِي للْجَهَالَة شِرَاء شَرْعِيًّا ويكمل وَإِن كَانَ الْمَبِيع أشجارا بِأَرْض مَوْقُوفَة على جِهَة مُتَّصِلَة كتب: جَمِيع الْأَشْجَار الْمُخْتَلفَة الأثمار الْقَائِمَة بِقِطْعَة أَرض بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ من بلد كَذَا وَيعرف ذَلِك ببستان كَذَا وعدة أشجاره يَوْمئِذٍ كَذَا وَكَذَا ولهذه الْأَشْجَار حق شرب من مَاء قناة كَذَا أَو نهر كَذَا أَو ناعورة كَذَا فِي وَقت كَذَا أَو يَوْم كَذَا أَو لَيْلَة كَذَا ويحدد وَيَقُول: بِحَق ذَلِك كُله إِلَى آخِره فَإِذا وصل إِلَى قَوْله: (وَمَا يخْتَص بِهِ من الْحُقُوق الْوَاجِبَة لَهُ شرعا) يَقُول: (خلا الأَرْض الحاملة لهَذِهِ الْأَشْجَار والحوائط المحيطة بهَا فَإِنَّهَا غير دَاخِلَة فِي عقد هَذَا البيع وَهِي من جملَة الْأَوْقَاف الْجَارِيَة فِي الْجِهَة الْفُلَانِيَّة وَللْمُشْتَرِي الْمَذْكُور الْمُرُور فِيهَا بِنَفسِهِ وأجرائه ودوابه وَمن أَرَادَ وَهِي جَارِيَة فِي إِيجَار المُشْتَرِي مُدَّة طَوِيلَة بِعقد إِجَارَة جرى بَينه وَبَين البَائِع بِمَا مبلغه فِي كل سنة كَذَا وَكَذَا وَهِي نَظِير الْأُجْرَة الَّتِي اسْتَأْجرهَا بهَا البَائِع الْمَذْكُور من النَّاظر الشَّرْعِيّ على الْوَقْف الْمَذْكُور وَأذن البَائِع للْمُشْتَرِي فِي دفع الْأُجْرَة عَن كل سنة إِلَى مستحقي قبضهَا مِنْهُ بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيّ من نَاظر شَرْعِي أَو غَيره إِذْنا شَرْعِيًّا ويكمل وَإِن كَانَ الْمَبِيع الثِّمَار كتب: جَمِيع ثَمَرَة الْأَشْجَار الْقَائِمَة بالبستان الْفُلَانِيّ الَّتِي بدا صَلَاحهَا وطاب أكلهَا وَجَاز قطافها وَبَيْعهَا بِشَرْط الْقطع أَو بِشَرْط التبقية إِلَى أَوَان الجداد إِذا كَانَت الثَّمَرَة نخلا وَإِن كَانَت غير ذَلِك: فَإلَى أَوَان قطاف تِلْكَ الثَّمَرَة على الْعَادة وعدة الْأَشْجَار كَذَا وَكَذَا شَجَرَة ويصف الْبُسْتَان ويحدده ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه وَإِن كَانَ الْمَبِيع حَماما كتب: جَمِيع الْحمام العامر الدائر الْمَعْرُوف بِكَذَا الْكَائِن بِمَدِينَة كَذَا الْمعد لدُخُول الرِّجَال وَالنِّسَاء أَو لأَحَدهمَا الْمُشْتَمل على بوابة مقنطرة مقرنصة بالرخام أَو مربعة يدْخل مِنْهَا إِلَى دهليز مستطيل مبلط ومسلخ بِهِ مصاطب دَائِرَة ومقاطيع سفلية وعلوية وفسقية برسم المَاء الْبَارِد وَبَاب يدْخل مِنْهُ إِلَى بَيت أول بِهِ حَوْض أَو حوضان للْمَاء الْبَارِد وَبَاب يدْخل مِنْهُ إِلَى بَيت الْحَرَارَة بِهِ أَرْبَعَة أحواض متقابلة وجرن صوان أَو رُخَام ومطهر سكندري وَثَلَاث خلاوي بِأَبْوَاب مقنطرة أَحدهَا: بَاب الْمجَاز المتوصل مِنْهُ إِلَى بَيت الْحَرَارَة ويعلو ذَلِك قباب معقودة وأقبية مغموسة بِالْحِجَارَةِ أَو بالآجر والكلس وَذَات الجامات الرخام الملون وَأَرْض ذَلِك مفروشة بالرخام المقصص المجزع أَو الألواح أَو غير ذَلِك ويشتمل الْحمام الْمَذْكُور على خزانَة ومصنع وَقدر من نُحَاس وَأَرْبَعَة قدور من الرصاص وأقيم ومنشر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 ومستوقد وَدَار الدَّوَابّ والشونة والسراب الْمَنْسُوب لَهَا فِي تخوم الأَرْض وَيجْرِي المَاء إِلَى هَذَا الْحمام من قناة كَذَا فِي كيزانه وبرابخه المختصة بِهِ من مقسم كَذَا وَهُوَ نصف إِصْبَع من أَصَابِع الذِّرَاع النجاري أبدا لَيْلًا وَنَهَارًا مَا جرى المَاء فِي الْقَنَاة الْمَذْكُورَة وَوصل إِلَيْهِ وَيَقُول: وَذَات الْبِئْر المَاء الْمعِين المطوية بالآجر والجير والساقية الْخشب المركبة على فوهتها والمقاسم والمغائص ومجاري المَاء وَإِن كَانَ من حُقُوق ذَلِك دكاكينا أَو طباقا ذكرهَا ويحدده ثمَّ يَقُول: بِحُقُوق ذَلِك كُله ومجاري مياهه الظَّاهِرَة ومصارف مياهه الهاربة فِي حُقُوقه ورسومه ويكمل وَإِن كَانَ الْمَبِيع طاحونا كتب: جَمِيع الطاحونة الْبَيْت الأرحاء الْمَعْرُوفَة بِكَذَا الراكبة على نهير كَذَا ظَاهر مَدِينَة كَذَا من قبليها أَو شماليها الْمُشْتَملَة على ثَلَاثَة أَزوَاج حِجَارَة معدة لطحن الْغلَّة وعَلى إصطبل وآلات وَمَنَافع وَحُقُوق وتحدد ثمَّ يَقُول: بِحَق ذَلِك كُله وطرقه ومرافقه وعدده وآلاته وأحجاره الْمعدة للطحن فِيهِ وأسبابه ومرونه وحدايده وقلاقله وفوده وسكره ومجاري مياهه فِي حُقُوقه ورسومه وبحق دوران أحجارها من مَاء النَّهر الْمَذْكُور الْجَارِي فِي فودها الْمُخْتَص بهَا وَقدر طوله ثَلَاثمِائَة ذِرَاع بالذراع النجاري وَعرضه ذراعان وَله كتفان قائمان عرض كل مِنْهُمَا ذِرَاع وَاحِد بالذراع الْمَذْكُور وَهُوَ حق قديم وَاجِب مُسْتَمر أبدا مَا جرى المَاء فِي النَّهر الْمَذْكُور وَوصل إِلَيْهَا فِي فودها وَمَا يخْتَص بِهِ من الْحُقُوق الْوَاجِبَة لجميعه شرعا وَإِن كَانَت مِمَّا يَدُور بالدواب كتب: الْمُشْتَملَة على بَاب يدْخل مِنْهُ إِلَى مسطاح بِهِ تَابُوت أَو تابوتين معدان للدقيق وجرن حجر صوان معد للْمَاء برسم غسل الْقَمْح وَبَاب يدْخل مِنْهُ إِلَى حجر وَاحِد فَارسي أَو حجرين مُتَقَابلين دائرين مكملي الْعدة والآلة بالقاعدة وَالْقلب والفأس الْحَدِيد والهرميس وَالْحَلقَة المحددة يتَوَصَّل من ذَلِك إِلَى دَار الدَّوَابّ ثمَّ إِلَى الْبِئْر المَاء الْمعِين والمراغة ثمَّ إِلَى سلم يتَوَصَّل مِنْهُ إِلَى علو ذَلِك الْمُشْتَمل على الْمضَارب الْمعدة لخزن الْقَمْح والسطح العالي على ذَلِك وَذَات الْمرَافِق والحقوق ويكمل على مُقْتَضى اصْطِلَاح أهل كل بلد وَإِن كَانَ الْمَبِيع أَرضًا نهرية مضربا لطاحونة وأرضا مستطيلة كتب: جَمِيع القطعتي الأَرْض المتلاصقتين وَبِهِمَا مضرب يصلح لبِنَاء طاحونة وفودها وسكرها وساقيتها على مَا يَأْتِي ذكره وَهَاتَانِ القطعتان: إِحْدَاهمَا شرقية مربعة وَالْأُخْرَى: غربية مستطيلة وهما مجاورتان للنهر الْفُلَانِيّ من شمَالي الْبَلَد بِحَضْرَة الْمَكَان الْفُلَانِيّ ذرع الْقطعَة المربعة الشرقية قبْلَة وَشمَالًا كَذَا وَكَذَا وشرقا وغربا كَذَا وَكَذَا ويحددها ثمَّ يَقُول: وذرع الْقطعَة الغربية المستطيلة قبْلَة وَشمَالًا كَذَا وَكَذَا ذِرَاعا وشرقا وغربا كَذَا وَكَذَا ويحددها أَيْضا ثمَّ يَقُول: بِحَق ذَلِك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 كُله وطرقه ومرافقه وفوده وساقيته وَمحل سكره ومجاري مياهه فِي حُقُوقه ورسومه وبحقه من المَاء الْوَاصِل إِلَيْهِ من النَّهر الْمَذْكُور لإدارة أحجاره الَّتِي تبنى فِيهِ أبدا مَا جرى المَاء فِي النَّهر الْمَذْكُور وَبِمَا يخْتَص بِهِ من الْحُقُوق الْوَاجِبَة لَهُ شرعا شِرَاء شَرْعِيًّا لَازِما لبِنَاء طاحونة تَامَّة كَامِلَة راكبة على النَّهر الْمَذْكُور تسع ثَلَاثَة أَزوَاج حِجَارَة معدة لطحن الْغلَّة وُفُود وسكر وساقية وإصطبل وَمَنَافع ومرافق وَبِنَاء سَائِر مَا تحْتَاج إِلَيْهِ وإجراء مَاء النَّهر الْمَذْكُور لإدارة أحجارها حَسْبَمَا شرح أَعْلَاهُ وجوبا شَرْعِيًّا ويكمل وَإِن كَانَ الْمَبِيع ناعورة كتب: جَمِيع الناعورة الراكبة على النَّهر الْفُلَانِيّ الْمَعْرُوفَة بِكَذَا ظَاهر مَدِينَة كَذَا من قبليها أَو شماليها وتشتمل على فخذين مبنيين بِالْحِجَارَةِ والكلس يجْرِي المَاء بَينهمَا لدورانها على سكر مستطيل من الْحِجَارَة العجالية والهرقلية والعتالية والأعتاب المستطيلة وعَلى فلكة خشب مستديرة مركبة بَين الفخذين وعَلى قلب وفوقية وبتوس ذرع دَائِرَة فلكها كَذَا وَكَذَا ذِرَاعا بالنجاري وَهِي من ذَات وَجْهَيْن أَو ذَات وَجه وَاحِد كَامِلَة الدسر والمسامير والقار والزفت ويحددها ثمَّ يَقُول: بِجَمِيعِ حُقُوق ذَلِك كُله وطرقه ومرافقه وأحجاره وأرضه وأبنيته وأخشابه وفلكته ونفيره وفوقيه وبتوسه وساقاته وأضلاعه وصلبانه وبحقه من مَاء النَّهر الْمَذْكُور لغرف الناعورة مِنْهُ أبدا دَائِما مستمرا مَا جرى المَاء فِيهِ وَوصل إِلَيْهَا وَهُوَ حق قديم مَعْلُوم مؤبد يسْقِي بِهِ المُشْتَرِي مَا شَاءَ من الْبَسَاتِين والأراضي وَغير ذَلِك وَمِمَّا يخْتَص بِهِ من الْحُقُوق الْوَاجِبَة لَهُ شرعا شِرَاء شَرْعِيًّا ويكمل وَإِن كَانَ الْمَبِيع أَرضًا نهرية تصلح لبِنَاء ناعورة كتب: جَمِيع القطعتي الأَرْض المتلاصقتين اللَّتَيْنِ هما مضرب يصلح لبِنَاء ناعورة وسكرها على مَا يَأْتِي ذكره وَهَاتَانِ القطعتان إِحْدَاهمَا شرقية ذرعها كَذَا وَحدهَا كَذَا وَالْأُخْرَى غربية ذرعها كَذَا وَحدهَا كَذَا وهما على كتف النَّهر الْفُلَانِيّ من شمَالي بلد كَذَا بِحَضْرَة الْمَكَان الْفُلَانِيّ ثمَّ يكْتب: بِحُقُوق ذَلِك كُله وبحق بِنَاء فَخذيهِ وسكره ومجاري مياهه وبحقه من مَاء النَّهر الْمَذْكُور الْوَاصِل إِلَيْهِ لإدارة ناعورة تُوضَع بِهِ وبحق غرفها من المَاء الْمَذْكُور أبدا دَائِما مستمرا لَيْلًا وَنَهَارًا وَهُوَ حق وَاجِب مَا جرى المَاء فِي النَّهر الْمَذْكُور وَوصل إِلَيْهِ بِمُقْتَضى مَا وَقع بَين الْمُتَبَايعين أَو بَين البَائِع وَبَين وَكيل بَيت المَال الْمَعْمُور حِين ابْتَاعَ ذَلِك مِنْهُ لبِنَاء ناعورة وإدارتها وغرفها من النَّهر الْمَذْكُور بِمُقْتَضى كتاب التبايع الشَّاهِد لَهُ بذلك شِرَاء شَرْعِيًّا ويكمل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 وَإِن كَانَ الْمَبِيع حِصَّة من مقسم المَاء كتب: جَمِيع الْحصَّة الشائعة وقدرها سِتَّة أسْهم مثلا من أصل أَرْبَعَة وَعشْرين سَهْما من جَمِيع مقسم المَاء الَّذِي هُوَ بِمَدِينَة كَذَا بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ وَهُوَ مَبْنِيّ بِالْحِجَارَةِ والكلس وقراره خَاص لَهُ وَبِه جرن مُسْتَقر يجْرِي إِلَيْهِ المَاء من نهر كَذَا إِلَى طوالع ونوازل وبرابخ إِلَى أَن يصل وَيَنْتَهِي إِلَيْهِ وَمَاء هَذَا الْمقسم آخذ من الْمقسم الْفُلَانِيّ الَّذِي بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ ومجموع مَا فِي هَذَا الْمقسم الْمَبِيع مِنْهُ هَذِه الْحصَّة من الْمقسم الْآخِذ مِنْهُ الَّذِي هُوَ بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ الْمقسم الْمَأْخُوذ مِنْهُ آخذ من نفس النَّهر الْمَذْكُور ببرابخ مُخْتَصَّة بِهِ وَهَذَا الْمقسم الْمَبِيع مِنْهُ يشْتَمل جرنه على مَا جملَته سِتَّة أَصَابِع من أَصَابِع الذِّرَاع النجاري وَهُوَ مَفْرُوض من جوانبه بفروض يَنْقَسِم مَاؤُهُ فِيهَا إِلَى مستحقيها فَمِنْهَا هَذَا الْمَبِيع الْمعِين فِيهِ وَهُوَ إِصْبَع وَاحِد وَنصف إِصْبَع من جملَة سِتَّة أَصَابِع وَهِي جَمِيع مَاء الْمقسم الْمَذْكُور وَهَذَا الْمَبِيع الْمعِين أَعْلَاهُ يجْرِي مَاؤُهُ إِلَى ملك المُشْتَرِي الْمَذْكُور دَائِما لَيْلًا وَنَهَارًا لَا يحبس عَنهُ أبدا وَلَا يَنْقَطِع مَا جرى المَاء فِي النَّهر الْمَذْكُور ووصار إِلَيْهِ ينْتَفع بِهِ المُشْتَرِي الْمَذْكُور فِي ملكه ويقسطه فِيهِ كَيفَ شَاءَ من بركَة إِلَى أُخْرَى إِلَى صهريج ومطبخ ومرتفق ومشرب غراس وَغير ذَلِك مِمَّا يَقع عَلَيْهِ اخْتِيَاره من غير اعْتِرَاض عَلَيْهِ فِي ذَلِك وَلَا فِي شَيْء مِنْهُ ويحدد الْمقسم ثمَّ يَقُول: بِحَق ذَلِك كُله وطرقه ومرافقه وأرضه وأبنيته وطوالعه ونوازله وبرابخه وكيزانه وجرنه ومقره وممره وبحق الْحصَّة الْمعينَة أَعْلَاهُ من مَائه الْمعِين فِيهِ الْوَاصِل إِلَيْهِ وَمَا يخْتَص بِهِ من الْحُقُوق الشَّرْعِيَّة الْوَاجِبَة لَهُ شرعا شِرَاء شَرْعِيًّا ويكمل وَإِن كَانَ الْمَبِيع عين مَاء كتب: جَمِيع الْعين الْمَعْرُوفَة بِكَذَا الَّتِي هِيَ بِبَلَد كَذَا وَجَمِيع الأَرْض المحيطة بهَا من جوانبها ومبتدأها من مَوضِع كَذَا واستدارتها كَذَا وَكَذَا ذِرَاعا وعمقها كَذَا وَكَذَا ذِرَاعا بِذِرَاع كَذَا ظَاهر مَائِهَا غير متفرق وذرع الأَرْض المحيطة بهَا من جوانبها كَذَا وَكَذَا ذِرَاعا فَائِدَة: الْكِتَابَة فِي بيع الْعين على هَذِه الصّفة أولى من أَن يكْتب: اشْترى مِنْهُ الْعين وحريمها وَهُوَ خَمْسمِائَة ذِرَاع على مَا جَاءَ فِي الْخَبَر: (أَن حريمها خَمْسمِائَة ذِرَاع) لِأَن النَّاس اخْتلفُوا فِي حَرِيم الْعُيُون والآبار والأنهار فَمنهمْ من ذكر أَنه أَرْبَعُونَ ذِرَاعا وَمِنْهُم من قَالَ سِتُّونَ وَمِنْهُم من قَالَ مَا بلغ حبلها يَعْنِي فِي الْآبَار وَمِنْهُم من قَالَ: إِنَّه على قدر الرَّمْي بالمخارق وَهُوَ مَجْهُول لَا يعلم قدره لاخْتِلَاف قُوَّة الرَّامِي فَإِذا كتب مَا ذَكرْنَاهُ سلم من الْخلاف انْتهى وَإِن كَانَ الْمَبِيع بِئْر مَاء معِين كتب: جَمِيع الْبِئْر المَاء الْمعِين المبنية بالطوب الْآجر والطين والجير أَو الْحجر أَو القرميد والكلس وَجَمِيع الساقية الْخشب المركبة على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 فوهتها ويصفها وَيذكر حُدُود الْبِئْر الْأَرْبَعَة وَمِقْدَار دورها إِن كَانَت مستديرة أَو مربعة وَإِن كَانَ الْمَبِيع جبا محتفرا حفرا مربعًا أَو مدورا كتب: ذرعه قبْلَة وَشمَالًا وشرقا وغربا وذرع دوره وتربيعه واعتماقه وذرع سفله ويصف مَا على رَأسه من خرزة وَمَا بجانبي الخرزة من عمودين من حَدِيد أَو حجر وَمَا يعلوهما من عتبَة أَو قنطرة من حَدِيد أَو قَائِمَة من خشب وحلقة من حَدِيد وبكرة من خشب الْجَوْز ملبسة بنحاس أَو مطوقة بالحديد دَائِرَة على قضيب من حَدِيد وسطل من حَدِيد أَو من نُحَاس ويحدده ثمَّ يَقُول: بِجَمِيعِ حُقُوق ذَلِك كُله وطرقه ومرافقه وأرضه الَّتِي هِيَ حريمه وَمن جملَة حُقُوقه وخرزه وعمده وبكرته وسطله ومصارف مياهه الْمُنْفَصِلَة بعد الِاسْتِيفَاء مِنْهُ وَالِانْتِفَاع بِهِ وَإِن كَانَ لَهُ مصول كتب: وَجَمِيع المصول الْمُشْتَمل على بركَة يعلوها قبو مَبْنِيَّة بِالْحِجَارَةِ الْكِبَار العجالية والسيور والأعتاب المستطيلة وَصُورَة بنائِهِ صُورَة زلحفة الْعُلُوّ كالسفل وطهره مركوك بفرش من الْحِجَارَة والكلس يستطرق إِلَيْهِ من بَاب مربع فِي درج من الْحِجَارَة متخذ ذَلِك الْبَاب لتحرزه من الطين الراسب بأرضه وتنقيته وتنظيفه وَلِهَذَا الصهريج حق مَا وَاصل إِلَيْهِ فِي قناة صَغِيرَة الوسع مدفونة فِي الأَرْض متخذة من الْحِجَارَة المنقورة آخذ من نهر كَذَا وَهُوَ حق قديم وَاجِب مُسْتَمر مَا جرى المَاء فِي النَّهر الْمَذْكُور وَوصل إِلَيْهِ ويحدد الصهريج والمصول ثمَّ يَقُول: بِجَمِيعِ حُقُوق ذَلِك كُله وطرقه ومرافقه وبنائه ورصاصه المغترس فِي أرضه وخرزته وسطله وبلاطه ومصبه ومصارف مياهه فِي حُقُوقه ورسومه وقناته الْوَاصِل فِيهَا المَاء من النَّهر الْمَذْكُور إِلَيْهِ وبسائر الْحُقُوق الْوَاجِبَة لجميعه شرعا شِرَاء شَرْعِيًّا ويكمل وَصُورَة وَقفه وَمَا يوقفه المُشْتَرِي على مَصَالِحه يَأْتِي فِي كتاب الْوَقْف إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَإِن كَانَ الْمَبِيع دولابا ذكر بقعته وعمقه وَهل هُوَ مستطيل أَو مربع وذرع دوره وَمَا هُوَ مُشْتَمل عَلَيْهِ من بكرَة وقائم وقلب وبقر وسائق وقائد وكيزان وحبال ويحدده ويكمل وَإِن كَانَ الْمَبِيع جبا معدا لخزن الْغلَّة أَو صهريجا لخزن الزَّيْت أَو غير ذَلِك مِمَّا يدّخر فِي الْجبَاب ذكر بقعته وضيق رَأسه وَطول رقبته واتساع حالاته وذرع سفله وعمقه وَإِذا انْتهى ذكر وَصفه حدده وَإِن كَانَ الْمَبِيع مَوضِع الجليد وَهُوَ فِي غير ديار مصر كتب: جَمِيع الْبَيْت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 الْمَعْرُوف بِبَيْت الجليد وموقعه بِبَلَد كَذَا فَإِن كَانَ محفورا كتب طوله وَعرضه وعمقه محررا بالذراع وَكتب حُقُوقه وعماراته وبناءه وَسَائِر مرافقه ومحبس مَائه وكل شَيْء هُوَ لَهُ على مِثَال شَرط الدَّار ويصفه وَصفا تَاما ويحدده وَإِن كَانَ محتبس مَائه مُتَّصِلا بِهِ ذكره مَعَه وَذكر المحتبس من الْجَانِب الَّذِي يتَّصل بِأحد الْحُدُود وَإِن كَانَ نَائِبا عَنهُ ذكر حُدُوده الَّتِي هِيَ لَهُ على تناهي الْوُجُوه كلهَا من مجْرى مَاء وساقية أَو عين وقناة مِنْهُ للمجرى كَمَا سبق فِي غَيره ويكمل وَإِن كَانَ الْمَبِيع نَهرا كتب: جَمِيع النَّهر الْفُلَانِيّ وَجَمِيع الأَرْض الَّتِي على جانبيه وَهِي كَذَا وَكَذَا ذِرَاعا طولا وعمق هَذَا النَّهر كَذَا وَكَذَا ومأخذه من نهر كَذَا ومصبه إِلَى نهر كَذَا ويحدد الأَرْض ويكمل فَائِدَة: إِنَّمَا يذكر العمق فِي النَّهر لِأَنَّهُ قد يُزَاد فِي الْحفر فِي عمقه فَيكون ضَرَرا على النَّهر الَّذِي هُوَ آخذ مِنْهُ مَانع لزِيَادَة المَاء الَّذِي ينصب مَاء هَذَا النَّهر فِيهِ انْتهى وَإِن كَانَ الْمَبِيع مركبا كتب: جَمِيع الْمركب المورقي أَو الباطوسي الدرمونة أَو الْعقبَة أَو المبطن أَو القياسية أَو الحراقة أَو الشختور أَو الزورق أَو الككة أَو الْعَامَّة أَو الشيني أَو الْقطعَة أَو السَّفِينَة أَو الْفلك أَو غير ذَلِك من مراكب الْبَحْر الْملح أَو العذب على اصْطِلَاح لُغَة أهل الْبَحْر فِي ذَلِك وَإِن كَانَ الْمركب من مراكب الْبَحْر الْملح ذكر مَا فِيهِ من الصواري والقلاع والخصف أَو الْقطن والمراسي والحبال والسرياقات والأخشاب والآلات والستاير وَيَقُول فِي وصف كل وَاحِد من هَذِه السفن: الصَّحِيحَة الخالية من الْكسر والشقوق والخروق الْكَامِلَة الألواح والدسر والحبال والسرياقات المحكمة المقنبطة بالقنب والقار والزفت والفتبار وَفِي مراكب الْبَحْر العذب يذكر النَّوْع والصواري والجوامير والقرايا والقلاع وعدة مفصلاتها وبيلماناتها وَإِن كَانَت منورة أَو ياسمينية مربعة أَو جنَاحا وعدة مراسيه وحباله ومهدته ومجاديفه ودوامسه وجساطينه وأصاقيله ودفاته ومرماته ومداريه وَمَا هُوَ مُشْتَمل عَلَيْهِ من سد السويين وتغطية الحتين وذرع طوله بالذراع النجاري ومحمله من الغلات والحبوب والأحطاب ويكمل الْأَوْصَاف على لُغَة أهل كل بَحر مُعْتَمدًا على وَصفهم فِي تَسْمِيَة ذَلِك الْمَبِيع وَمَا بِهِ من الْعدَد والآلات الْمعدة لَهُ فِي عرفهم الدَّاخِلَة فِي عقد البيع فَإِذا انْتهى من ذَلِك يَقُول: شِرَاء شَرْعِيًّا ويكمل فَائِدَة: الزورق صَغِير خَال من المرساة والصواري والقلاع وَهُوَ فِي الْبَحْر الْملح بِهَذِهِ الصّفة وَفِي الْبَحْر العذب: يسير بالصواري والقلاع والمرساة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 والشيني: دَقِيق مسنم السّفل حاد الْمُقدم والمؤخر أَسْفَله خَال من التثقيل مفروش بِالدُّفُوفِ للمعاتلة بمقاديف ومرساة وستائر وَعدد معلقَة بِهِ خَال من الصواري والقلاع والككة: عريضة السّفل والعلو مقدمها ومؤخرها حاد متسعة ذَات طباق الطَّبَقَة السُّفْلى مِنْهَا: للحديد والقطن والأثقال وَالثَّانيَِة للحريم والجواري وَالرَّقِيق والعلو: للرِّجَال ويشتمل علوها على صَار أَو اثْنَيْنِ وعَلى قلع أَو اثْنَيْنِ وعَلى مرساة أَو اثْنَيْنِ وحبال وسرياقات وصهريج برسم المَاء الحلو والقطعة: أكبر من الككة وسفلها وعلوها متسع جدا وتشتمل على طَبَقَات فِي السّفل وعَلى طباق فِي الْعُلُوّ ذَات رواشن مشقفة مدهونة بطاقات مشرفة ومطلة على الْبَحْر وصهاريج وأفران ومرتفقات وَأَرْض مفروشة بِالتُّرَابِ لزرع الخضراوات وصواري وقلاع ومراسي وَلَيْسَ بهَا مقاديف فَإِنَّهَا لَو اجْتمعت خلائق كَثِيرَة على تحريكها بالمقاديف لعجزوا وَلَا يسيرها إِلَّا الله تَعَالَى بالرياح الْعَاصِفَة وَأما السَّفِينَة والفلك: فهما أكبر من الْقطعَة وهما من نوع الْفلك الَّتِي صنعها نوح عَلَيْهِ السَّلَام وَركب هُوَ وَمن أمره الله بالركوب فِيهَا انْتهى وَإِن كَانَ الْمَبِيع قبانا كتب: جَمِيع القبان الْمُشْتَمل على قَصَبَة من حَدِيد مكفتة مشجرة مطعمة بِالْفِضَّةِ أَو بِالنُّحَاسِ الْأَصْفَر أَو الْأَحْمَر فَإِن كَانَ محرزا فِي الْقَضِيب كَبِيرا وصغيرا فَيَقُول: وَفِي القصبة بَابَانِ محرزان الْكَبِير مِنْهَا يخرج من مائَة رَطْل إِلَى مائَة وَخمسين رطلا وَالْبَاب الصَّغِير آخِره مائَة رَطْل فَإِن كَانَ قبانا كَبِيرا يَقُول: ويشتمل هَذَا القبان على متحدين الأول مِنْهُمَا: إِلَى جِهَة القصبة يخرج مائَة وَخمسين رطلا أَو يخرج مائَة وَثَمَانِينَ رطلا بالدمشقي وَهَذَا نِهَايَة مَا يُخرجهَا القبان وَهَذَا يُسمى رومي والقبان الصَّغِير يُسمى فرسطوني وَيخرج خمسين رطلا وصغير الصَّغِير وَهُوَ الَّذِي يكون رطلان أَو ثَلَاثَة أَرْطَال وَآخره عشرَة أَرْطَال ثمَّ يَقُول: مَفْرُوض بعلامات يخرج فِي الْبَاب الْكَبِير من كَذَا إِلَى كَذَا وَفِي الْبَاب الصَّغِير من كَذَا إِلَى كَذَا وَفِي صَغِير الصَّغِير من كَذَا إِلَى كَذَا وَيذكر فِي كل وَاحِد نِهَايَة مَا يُخرجهُ بفروض مَعْلُومَة على القنتين من فولاذ وقنتنين كَبِير وصغير وعقرب ورمانة وطبق وسلاسل من حَدِيد شِرَاء شَرْعِيًّا وَإِن كَانَ الْمَبِيع رَقِيقا فالرقيق تخْتَلف أجناسه وحلاه فالتركي مِنْهُ أَنْوَاع قياط ونيمان ومغل وقبجق وخطامي وجركس وروس وآص وبلغار وتتر وآق وجقطاي وكرج وروم وأرمن والسودان أَجنَاس: أمحري حبشِي وتكروري الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 ونوبي وزغاوي وداجوي وهندي وخلنجي وبجاوي وزنجي ويمني وسروي ومولد فَإِذا كتب عَهده بِبيع جنس من هَذِه الْأَجْنَاس ذكر الْجِنْس والشبه والحلية وَالْإِسْلَام أَو غير مُسلم وَالْبُلُوغ أَو مراهقا أَو عشاريا أَو تساعيا أَو ثمانيا أَو سباعيا أَو سداسيا أَو خماسيا أَو رباعيا أَو ثلاثيا أَو فطيما أَو رضيعا ذكرا أَو أُنْثَى وَإِن كَانَ بَالغا كتب اعترافه لبَائِعه بِالرّقِّ والعبودية وَإِن كَانَ الْمَبِيع مَمْلُوكا تركيا كتب جَمِيع الْمَمْلُوك التركي المغلي أَو غَيره وَمن حليته: حِين طر شَاربه وَهُوَ ظَاهر اللَّوْن أبيضه وَاضح الْجَبْهَة أدعج الْعَينَيْنِ طَوِيل الْأَهْدَاب أكحل الجفون متطامن قَصَبَة الْأنف سهل الْخَدين مضرج الوجنتين ألعس الشفتين مفلج الْأَسْنَان صَغِير الْفَم طَوِيل الْعُنُق تَامّ الْقَامَة صَغِير الْقَدَمَيْنِ شِرَاء شَرْعِيًّا ويكمل وَإِن كَانَ الْمَبِيع جَارِيَة تركية كتب: جَمِيع الْجَارِيَة الغنجاقية الْجِنْس الْمسلمَة الدّين المدعوة فُلَانَة بنت عبد الله الْبَالِغ المعترفة لبائعها الْمَذْكُور بِالرّقِّ والعبودية وَمن حليتها: أَنَّهَا شَابة ظَاهِرَة اللَّوْن مشربَة بحمرة وَاضِحَة الْجَبْهَة كَمَا تقدم فِي الصُّورَة الَّتِي قبل هَذِه بِصِيغَة التَّأْنِيث وَإِن كَانَ الْمَبِيع أسود كتب: جَمِيع العَبْد الْأسود التكروري الْجِنْس الْمُسلم الدّين الْبَالِغ الْمَدْعُو فلَان الْمُعْتَرف لبَائِعه الْمَذْكُور بِالرّقِّ والعبودية وَمن حليته: أَنه آدم اللَّوْن قطط الشّعْر سهل الْخَدين صبيح الْوَجْه معتدل الْقَامَة ويكمل وَإِن كَانَ الْمَبِيع جَارِيَة سَوْدَاء كتب: جِنْسهَا ولونها وَأَنَّهَا مسلمة بَالِغَة واعترافها لبائعها بِالرّقِّ والعبودية ووصفها بأتم مَا هِيَ مُشْتَمِلَة عَلَيْهِ من الْأَوْصَاف الظَّاهِرَة وَإِن كَانَ الْمَبِيع عبدا بِعَبْد أَو عبدا أسود بمملوك أَبيض أَو عبدا أَبيض أَو أسود بِجَارِيَة أَو عبدا أسود أَو مَمْلُوكا أَبيض أَو جَارِيَة بدار أَو فرس أَو بغل أَو حمَار أَو عرُوض قماش أَو لُؤْلُؤ أَو غير ذَلِك من الثمنيات الظاهرات الْجَائِز بيعهَا إِجْمَاعًا أَو فِيهِ خلاف مثل كلب أَو سرجين أَو زَيْت نجس أَو شَيْء من آلَات الملاهي على اختلافها فيذكر صِفَات كل وَاحِد من الثّمن والمثمن فَإِن كَانَ أَحدهمَا مِمَّا فِيهِ الْخلاف كتبه وَيرْفَع إِلَى حَاكم حَنَفِيّ يُثبتهُ وَيحكم فِيهِ مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ وَإِن كَانَ رَقِيقا بحيوان أَو رَقِيقا برقيق فيذكر فِي الرَّقِيق الْجِنْس واللون والحلية وَالِاسْم وَالِاعْتِرَاف بِالرّقِّ والعبودية إِن كَانَ بَالغا وَيذكر فِي الْحَيَوَان الْجِنْس وَالسّن والشبه ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 والبيوع تَارَة تكون مُتَعَلقَة بِبَيْت المَال الْمَعْمُور ويتولى السُّلْطَان البيع بِنَفسِهِ أَو وَكيل بَيت المَال أَو نَائِبه وَتارَة تكون أَهْلِيَّة تتَعَلَّق بِالْأَبِ أَو الْجد أبي الْأَب على ولدهما الصَّغِير لغبطة أَو مصلحَة ظَاهِرَة أَو لحَاجَة يسوغ مَعهَا البيع شرعا وَتارَة تكون من وَصِيّ شَرْعِي أَو مَنْصُوب من حَاكم الشَّرْع الشريف بِإِذْنِهِ وَأمره فِي البيع على يَتِيم فِي حجر الشَّرْع الشريف لغبطة أَو حَاجَة من نَفَقَة أَو كسْوَة أَو على غَائِب أَو ميت لوفاء دين أَو صدَاق أَو فرض متجمد أَو غير ذَلِك وَتارَة تكون وَاقعَة بَين متبايعين لأنفسهما أَو لوكيليهما أَو وَكيل أَحدهمَا كَمَا تقدم فَإِن كَانَ مِمَّا يتَعَلَّق بِبَيْت المَال الْمَعْمُور وَالْبَائِع السُّلْطَان بِنَفسِهِ كتب: هَذَا كتاب ابتياع شَرْعِي أَمر بكتابته وتسطيره وإنشائه وتحريره وَاسْتِيفَاء مقاصده وَاسْتِعْمَال مَعَانِيه مَوْلَانَا الْمقَام الْأَعْظَم الشريف العالي المولوي السلطاني الملكي الْفُلَانِيّ أعز الله نَصره وأنفذ فِي الْخَافِقين نَهْيه وَأمره وَأشْهد بِهِ على نَفسه الشَّرِيفَة فِي صِحَة جثمانه وتمكين قوته وسلطانه وَثُبُوت قدرته ونفوذ كَلمته من حضر مقَامه الشريف ومجلسه الْمُعظم المنيف من الْعُدُول الواضعين خطوطهم آخِره أَنه فِي يَوْم تَارِيخه: بَاعَ من الْمقر الْأَشْرَف العالي المولوي الْفُلَانِيّ وَيذكر من ألقابه مَا يَلِيق بِهِ فَاشْترى مِنْهُ فِي عقد وَاحِد صَفْقَة وَاحِدَة مَا هُوَ جَار فِي أَمْلَاك بَيت المَال الْمَعْمُور وَفِي أَيدي نوابه وَلَا يَد لأحد عَلَيْهِ سواهُم إِلَى حِين هَذَا البيع للْحَاجة الداعية إِلَى بيع مَا يَأْتِي ذكره فِيهِ وَصرف ثمنه الْآتِي تَعْيِينه فِي مصَالح الْمُسلمين وأرزاق الْجند الْمُجَاهدين فِي سَبِيل الله الذابين عَن حوزة الْإِسْلَام وَفِي عمَارَة الأسوار وسد الثغور وَغير ذَلِك من الْمصَالح وَمَا لَا بُد للْمُسلمين مِنْهُ وَلَا غنى لَهُم عَنهُ وَبِمَا إِلَيْهِ خلد الله ملكه وَجعل الأَرْض بأسرها ملكه من الْولَايَة الشَّرْعِيَّة الْعَامَّة على بَيت المَال الْمَعْمُور وَفعل مَا تَقْتَضِيه الْمصلحَة على مَا يَقْتَضِيهِ رَأْيه الشريف وَلكَون الثّمن الْآتِي تَعْيِينه ثمن الْمثل للْمَبِيع الْآتِي ذكره يَوْمئِذٍ بِشَهَادَة من سيعين بعد ذَلِك فِي رسم شَهَادَته آخِره وَذَلِكَ جَمِيع الْقرْيَة وأراضيها الْمَعْرُوفَة بِكَذَا الَّتِي هِيَ من عمل كَذَا وتوصف وتحدد ثمَّ يَقُول: بِجَمِيعِ حُقُوق ذَلِك كُله إِلَى آخر مَا تقدم شَرحه شِرَاء شَرْعِيًّا بِثمن مبلغه كَذَا وَهُوَ الثّمن الزَّائِد على ثمن الْمثل وَهُوَ من جملَة الْمَبِيع الْمعِين أَعْلَاهُ الْجَمِيع على حكم الْحُلُول أذن مَوْلَانَا السُّلْطَان عز نَصره للْمُشْتَرِي الْمشَار إِلَيْهِ أَعْلَاهُ فِي دفع الثّمن الْمعِين أَعْلَاهُ إِلَى مباشري بَيت المَال الْمَعْمُور الواضعين خطوطهم بهامشه وهم فلَان وَفُلَان وَفُلَان فَدفع ذَلِك إِلَيْهِم فقبضوه مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا وَحمل إِلَى بَيت المَال الْمَعْمُور وبرئت بذلك ذمَّة المُشْتَرِي الْمُسَمّى أَعْلَاهُ من جَمِيع الثّمن الْمعِين أَعْلَاهُ وَمن كل جُزْء مِنْهُ بَرَاءَة شَرْعِيَّة بَرَاءَة قبض الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 وَاسْتِيفَاء وَسلم مَوْلَانَا الْمقَام الْأَعْظَم العالي المولوي السلطاني الْمشَار إِلَيْهِ أدام الله دولته وأنفذ فِي مصَالح الْمُسلمين كَلمته إِلَى المُشْتَرِي الْمشَار إِلَيْهِ جَمِيع الْمَبِيع الْمعِين فِيهِ فتسلمه مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا تسلم مثله لمثل ذَلِك وَصَارَ ملكا من أملاكه وَحقا من حُقُوقه بِحكم هَذَا التبايع الشَّرْعِيّ وَالثمن الْمَقْبُوض وَقد وقف مَوْلَانَا السُّلْطَان البَائِع الْمشَار إِلَيْهِ خلد الله سُلْطَانه وَالْمُشْتَرِي الْمشَار إِلَيْهِ على هَذَا الْمَبِيع الْمعِين أَعْلَاهُ وعَلى حُدُوده وحقوقه كلهَا ونظراه وشاهداه وأحاطا بِهِ علما وخبرة نَافِيَة للْجَهَالَة وتعاقدا على ذَلِك المعاقدة الصَّحِيحَة الشَّرْعِيَّة وتفرقا بالأبدان عَن ترَاض مِنْهُمَا وَضَمان الدَّرك فِي ذَلِك لَازم ومرجوع بِهِ فِي بَيت الْمَعْمُور بِمُوجب الشَّرْع الشريف وعدله وَاسْتقر الثّمن الْمعِين أَعْلَاهُ فِي بَيت المَال الْمَعْمُور ليصرف بطريقة الشَّرْع فِي مصَالح الْمُسلمين وَفِيمَا ذكر حَسْبَمَا عين وَبَين أَعْلَاهُ استقرارا شَرْعِيًّا ويكمل ويؤرخ صُورَة بيع وَكيل بَيت المَال الْمَعْمُور بمرسوم شرِيف سلطاني: هَذَا مَا اشْترى فلَان الْفُلَانِيّ من سيدنَا القَاضِي فلَان الدّين وَكيل بَيت المَال الْمَعْمُور بالمملكة الْفُلَانِيَّة الْوكَالَة الصَّحِيحَة الشَّرْعِيَّة المفوضة إِلَيْهِ من مَوْلَانَا الْمقَام الْأَعْظَم الشريف العالي المولوي السلطاني الملكي الْفُلَانِيّ جدد الله لَهُ فِي كل يَوْم لَهُ نصرا وَملكه بِسَاط البسيطة برا وبحرا الْمُتَقَدّمَة التَّارِيخ على تَارِيخه الثَّابِت مضمونها بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الشَّافِعِي بالديار المصرية الثُّبُوت الشَّرْعِيّ الْمُتَّصِلَة الثُّبُوت بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ الِاتِّصَال الشَّرْعِيّ اشْترى المُشْتَرِي الْمشَار إِلَيْهِ من البَائِع الْمشَار إِلَيْهِ فَبَاعَهُ بِمُقْتَضى المرسوم الشريف المربع الْوَارِد عَلَيْهِ على يَد المُشْتَرِي الْمشَار إِلَيْهِ من الْأَبْوَاب الشَّرِيفَة الأعظمية المولوية السُّلْطَانِيَّة الملكية الْفُلَانِيَّة الْمشَار إِلَيْهَا الَّذِي من مضمونه: أَن يتَقَدَّم وَكيل بَيت المَال الْمَعْمُور بالمملكة الْفُلَانِيَّة وَهُوَ فلَان الْفُلَانِيّ بالتوجه إِلَى الْقرْيَة الْفُلَانِيَّة من عمل كَذَا وصحبته عدُول الْقيمَة وأرباب الْخِبْرَة وَمن جرت عَادَته بِالْوُقُوفِ على مثل ذَلِك وتحديدها وتحرير أمرهَا وَقطع الْقيمَة عَنْهَا بعد اسْتثِْنَاء مَا يجب اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْهَا من مَسْجِد لله تَعَالَى ومقبرة وَطَرِيق ووقف بِمَا فِيهِ الْحَظ والمصلحة وَالْغِبْطَة لبيت المَال الْمَعْمُور وَبَيْعهَا من المُشْتَرِي الْمُسَمّى أَعْلَاهُ على الْوَجْه الشَّرْعِيّ وَحمل الثّمن عَنْهَا إِلَى بَيت المَال الْمَعْمُور وَهُوَ متوج بالعلامة الشَّرِيفَة ثَابت الحكم بالدواوين المعمورة مؤرخ بِكَذَا مَا هُوَ جَار فِي أَمْلَاك بَيت المَال الْمَعْمُور وبيد من لَهُ الْولَايَة عَلَيْهِ شرعا يَوْم تَارِيخه وَذَلِكَ جَمِيع الْقرْيَة وأراضيها الْمَعْرُوفَة بِكَذَا من بلد كَذَا وتشتمل هَذِه الْقرْيَة على كَذَا وَكَذَا فدانا عامرة ويحددها ويحدد الْمُسْتَثْنى مِنْهَا وَيذكر الفواصل بِجَمِيعِ حُقُوق ذَلِك كُله على نَحْو مَا تقدم شَرحه شِرَاء شَرْعِيًّا بِثمن مبلغه كَذَا السُّدس مِنْهُ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا زَائِد على ثمن الْمثل لهَذَا الْمَبِيع وَهُوَ غِبْطَة ظَاهِرَة وَزِيَادَة وافرة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 يسوغ مَعَ وجودهما البيع على جِهَة بَيت المَال الْمَعْمُور شرعا بِشَهَادَة من سبعين ذَلِك فِي رسم شَهَادَته آخِره أذن البَائِع الْمشَار إِلَيْهِ للْمُشْتَرِي الْمُسَمّى أَعْلَاهُ فِي دفع الثّمن الْمعِين أَعْلَاهُ إِلَى مباشري بَيت المَال الْمَعْمُور الواضعين خطوطهم بهامشه وهم: فلَان وَفُلَان وَفُلَان فَدفعهُ إِلَيْهِم فقبضوه مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا تَاما وافيا وَحمل إِلَى بَيت المَال الْمَعْمُور بَرِئت بذلك ذمَّة المُشْتَرِي الْمُسَمّى أَعْلَاهُ من الثّمن الْمعِين أَعْلَاهُ وَمن كل جُزْء مِنْهُ بَرَاءَة شَرْعِيَّة بَرَاءَة قبض وَاسْتِيفَاء ويكمل بالتسلم وَالتَّسْلِيم والرؤية وَالْمُعَاقَدَة الشَّرْعِيَّة والتفرق على نَحْو مَا سبق ويؤرخ وَصُورَة المُشْتَرِي من وَكيل بَيت المَال الْمَعْمُور بِمُقْتَضى وكَالَته: هَذَا مَا اشْترى فلَان من سيدنَا فلَان الدّين وَكيل بَيت المَال الْمَعْمُور بِمَدِينَة كَذَا وأعمالها بِالْوكَالَةِ الصَّحِيحَة الشَّرْعِيَّة وَيذكر مَا تقدم من تَارِيخ الْوكَالَة وثبوتها واتصال ثُبُوتهَا وَأَنه بَائِع لما يذكر فِيهِ لوُجُود الْغِبْطَة والمصلحة لبيت المَال الْمَعْمُور بِالثّمن الزَّائِد على ثمن الْمثل الْآتِي تَعْيِينه ثمَّ يَقُول: مَا هُوَ ملك جَار فِي أَمْلَاك بَيت المَال الْمَعْمُور وبيد من لَهُ الْولَايَة عَلَيْهِ شرعا يَوْم تَارِيخه وَذَلِكَ جَمِيع كَذَا وَكَذَا ويصفه ويحدده ويكمل الْكتاب على مَا سبق وَصُورَة شِرَاء وَكيل بَيت المَال لجِهَة بَيت المَال: هَذَا مَا اشْترى سيدنَا القَاضِي فلَان الدّين وَكيل بَيت المَال الْمَعْمُور بِمَدِينَة كَذَا وأعمالها بِالْوكَالَةِ الصَّحِيحَة الشَّرْعِيَّة وَيذكر مَا تقدم ثمَّ يَقُول وَهُوَ مُشْتَر لما يَأْتِي ذكره لجِهَة بَيت المَال الْمَعْمُور لوُجُود الْغِبْطَة والمصلحة لبيت المَال فِي شِرَاء مَا يَأْتِي ذكره بِالثّمن الْآتِي تَعْيِينه على الْوَجْه الْآتِي شَرحه بِشَهَادَة من سيعين ذَلِك فِي رسم شَهَادَته آخِره من فُلَانَة الْفُلَانِيَّة فباعته مَا ذكرت أَنه لَهَا وبيدها وملكها وَتَحْت تصرفها إِلَى حَالَة البيع ومنتقل إِلَيْهَا بِالْإِرْثِ الشَّرْعِيّ من زَوجهَا فلَان الْمُتَوفَّى إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى قبل تَارِيخه والمنحصر إِرْثه الشَّرْعِيّ فِيهَا وَفِي بَيت المَال الْمَعْمُور وَذَلِكَ جَمِيع الْحصَّة الَّتِي مبلغها الرّبع سِتَّة أسْهم من أصل أَرْبَعَة وَعشْرين سَهْما شَائِعا فِي الْمَكَان الْفُلَانِيّ ويصف ويحدد بِثمن مبلغه كَذَا وَهُوَ زَائِد على ثمن الْمثل أذن سيدنَا الْمشَار إِلَيْهِ لعمال بَيت المَال الْمَعْمُور وهم: فلَان وَفُلَان فِي دفع الثّمن الْمعِين أَعْلَاهُ من المَال الْحَاصِل تَحت أَيْديهم لبيت المَال الْمَعْمُور إِلَى البائعة الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ فدفعاه إِلَيْهَا فقبضته مِنْهُمَا قبضا شَرْعِيًّا تَاما وافيا وخلت أَيدي عُمَّال بَيت المَال الْمَعْمُور من الْقدر الْمعِين أَعْلَاهُ خلوا شَرْعِيًّا وسلمت البائعة الْمَذْكُورَة إِلَى سيدنَا القَاضِي فلَان الدّين المُشْتَرِي الْمشَار إِلَيْهِ جَمِيع الْمَبِيع الْمَحْدُود الْمَوْصُوف بأعاليه فتسلمه مِنْهَا لجِهَة بَيت المَال الْمَعْمُور تسلما شَرْعِيًّا كتسلم مثله ويكمل بِالرُّؤْيَةِ وَالْمُعَاقَدَة الشَّرْعِيَّة والتفرق وَضَمان الدَّرك كَمَا سبق ثمَّ يَقُول: كمل لجِهَة بَيت المَال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 الْمَعْمُور وَبِهَذَا الْمَبِيع وَبِمَا انْتقل إِلَيْهِ بِالْإِرْثِ الشَّرْعِيّ من الموروثين الْمَذْكُور أَعْلَاهُ ملك جَمِيع الْمَكَان الْمَحْدُود الْمَوْصُوف بأعاليه ملكا شَرْعِيًّا وَصُورَة بيع الْوَالِد على وَلَده الطِّفْل: اشْترى فلَان من فلَان وَهُوَ الْقَائِم فِي بيع مَا سَيَأْتِي ذكره على وَلَده لصلبه فلَان الطِّفْل الصَّغِير الَّذِي هُوَ فِي حجره وولايته بالأبوة شرعا لما رأى لَهُ فِي ذَلِك من الْحَظ والمصلحة وَالْغِبْطَة وَلكَون الْمَبِيع الْآتِي ذكره خراب معطل لَيْسَ فِيهِ مَنْفَعَة وَلَا أُجْرَة وَأَن الثّمن الْآتِي ذكره ثمن الْمثل لَهُ حَالَة البيع وَيَشْتَرِي لَهُ بِثمنِهِ مَا يعود نَفعه عَلَيْهِ أَو يَقُول: وَهُوَ قَائِم فِي بيع مَا سَيَأْتِي ذكره فِيهِ على وَلَده لصلبه فلَان الطِّفْل الَّذِي هُوَ فِي حجره وولايته بالأبوة شرعا ليصرف ثمنه فِي نَفَقَته وَكسوته وَمَا يحْتَاج إِلَيْهِ بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيّ حَسْبَمَا يرَاهُ وتقتضيه الْمصلحَة لوَلَده الْمَذْكُور وَذَلِكَ جَمِيع كَذَا وَكَذَا ويصفه ويحدده بِثمن مبلغه كَذَا دفع المُشْتَرِي الْمَذْكُور للْبَائِع الْمَذْكُور جَمِيع الثّمن الْمعِين أَعْلَاهُ: فَقَبضهُ مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا وَاسْتقر فِي يَده ليصرفه فِي نَفَقَة وَلَده الْمَذْكُور وَكسوته بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيّ أَو ليَشْتَرِي لَهُ بِهِ ملكا يعود نَفعه عَلَيْهِ ويكمل على نَحْو مَا سبق وَصُورَة بيع الْوَالِد على وَلَده وَالشِّرَاء لنَفسِهِ وتوالي الطَّرفَيْنِ: اشْترى فلَان لنَفسِهِ من نَفسه على وَلَده الطِّفْل الصَّغِير فلَان الَّذِي هُوَ فِي حجره وولايته بالأبوة شرعا مَا هُوَ ملك وَلَده الْمَذْكُور وَبِيَدِهِ حَالَة البيع لما رأى لَهُ فِي بيع مَا سَيَأْتِي ذكره فِيهِ بِالثّمن الَّذِي سيعين فِيهِ من الْحَظ والمصلحة وَالْغِبْطَة وَحسن النّظر وَالِاحْتِيَاط وَكَون الثّمن الْآتِي ذكره ثمن الْمثل للْمَبِيع حَالَة البيع وَذَلِكَ جَمِيع كَذَا وَكَذَا بِثمن مبلغه كَذَا قبض المُشْتَرِي الْمَذْكُور من نَفسه لوَلَده الْمَذْكُور جَمِيع الثّمن الْمعِين أَعْلَاهُ قبضا شَرْعِيًّا وأفرزه من مَال نَفسه وأبقاه فِي يَده لوَلَده الْمَذْكُور ليتصرف لَهُ فِيهِ على الْوَجْه الشَّرْعِيّ أَو لينفقه عَلَيْهِ فِي كسوته وَنَفَقَته بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيّ وتسلم الْمَبِيع الْمَذْكُور من نَفسه لنَفسِهِ تسلما شَرْعِيًّا ويكمل على نَحْو مَا سبق وَإِن كَانَ قد بَاعَ ملكه من نَفسه وابتاعه لوَلَده من المَال الْحَاصِل لَهُ تَحت يَده فالعبارة مفهومة فِي ذَلِك من الْكتاب الْمُقدم شَرحه وَيَقُول فِي التَّسْلِيم: وَأَنه تسلم من نَفسه لوَلَده الْمَذْكُور الْمَبِيع الْمعِين أَعْلَاهُ فَصَارَ فِي يَده لوَلَده الْمَذْكُور مصيرا شَرْعِيًّا وَصُورَة مُشْتَرِي الْوَالِد لوَلَده الطِّفْل من أَجْنَبِي: اشْترى فلَان لوَلَده الطِّفْل الصَّغِير فلَان الَّذِي هُوَ فِي حجره وولايته بالأبوة شرعا لما رأى لَهُ فِي شِرَاء مَا سَيَأْتِي ذكره بِالثّمن الَّذِي سيعين فِيهِ من الْحَظ والمصلحة وَحسن النّظر وَالِاحْتِيَاط الْكَافِي بِمَال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 وَلَده الْمَذْكُور الْحَاصِل لَهُ تَحت يَده دون مَال نَفسه من فلَان جَمِيع كَذَا وَكَذَا بِثمن مبلغه كَذَا دفع المُشْتَرِي الْمُسَمّى أَعْلَاهُ إِلَى البَائِع الْمَذْكُور أَعْلَاهُ جَمِيع الثّمن الْمعِين أَعْلَاهُ من مَال لوَلَده الْمَذْكُور فَقَبضهُ مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا وَسلم البَائِع الْمَذْكُور إِلَى المُشْتَرِي الْمَذْكُور جَمِيع الْمَبِيع الْمَوْصُوف الْمَحْدُود بأعاليه فتسلمه مِنْهُ وَلَده الْمَذْكُور تسلما شَرْعِيًّا كتسلم مثله لمثل ذَلِك ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه وَصُورَة التبايع من اثْنَيْنِ بأنفسهما لأنفسهما: اشْترى فلَان بِمَالِه لنَفسِهِ من فلَان مَا ذكر البَائِع الْمَذْكُور أَنه لَهُ وَبِيَدِهِ وَملكه وَتَحْت تصرفه إِلَى حَالَة البيع فَإِن كَانَ إنْشَاء كتب: (وَيعرف بإنشائه وعمارته) وَإِن كَانَ أظهر مَكْتُوبًا يشْهد لَهُ بملكية ذَلِك كتب: وَأظْهر من يَده مَكْتُوبًا بارقا أَو كاغدا يشْهد لَهُ بذلك وسيخصم ظَاهره بفصل انْتِقَال مُوَافق لتاريخه ولشهوده وَذَلِكَ جَمِيع الْمَكَان الْفُلَانِيّ أَو جَمِيع الْحصَّة الَّتِي مبلغها كَذَا من أصل كَذَا شَائِعا من جَمِيع الْمَكَان الْفُلَانِيّ الْكَامِل أَرضًا وَبِنَاء أَو الْبناء الْقَائِم على الأَرْض المحتكرة أَو الْحمام أَو الطاحون أَو الْبُسْتَان أَو غير ذَلِك مِمَّا تقدم ذكره ويصف ويحدد وَيذكر فِي أَرَاضِي الضَّيْعَة مساحتها إِن كَانَت تزرع وَزرع الأَرْض إِن كَانَت يَبْنِي عَلَيْهَا ويكمل بِذكر الثّمن وَقَبضه والرؤية وَالْمُعَاقَدَة وَالتَّسْلِيم وَضَمان الدَّرك والتفريق على نَحْو مَا سبق وَصُورَة بيع الْوَصِيّ من تَرِكَة الْمُوصي لاستئجار من يحجّ عَنهُ حجَّة الْإِسْلَام ووفاء مَا يثبت عَلَيْهِ من الدُّيُون والحقوق الشَّرْعِيَّة وتنفيذ وَصَايَاهُ من ثلث مَاله: اشْترى فلَان من فلَان الْوَصِيّ الشَّرْعِيّ على تَرِكَة فلَان بِالْوَصِيَّةِ الشَّرْعِيَّة الَّتِي أسندها وفوضها إِلَيْهِ وَجعل لَهُ فِيهَا أَن يحْتَاط على تركته وَيَقْضِي مَا عَلَيْهِ من الدُّيُون الشَّرْعِيَّة لأربابها واستئجار من يحجّ عَنهُ حجَّة الْإِسْلَام بفروضها وسننها وتنفيذ وَصَايَاهُ الَّتِي وصّى بهَا من ثلث مَاله المفسوح لَهُ فِي إِخْرَاجه شرعا وَقسم بَاقِي تركته بَين ورثته الْمُسْتَحقّين لميراثه المستوعبين لجميعه حَسْبَمَا تضمنه كتاب الْوَصِيَّة الْمحْضر لشهوده المؤرخ بِكَذَا الثَّابِت مَضْمُونَة بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ فبمقتضى ذَلِك: اشْترى المُشْتَرِي الْمَذْكُور من البَائِع الْوَصِيّ الْمَذْكُور أَعْلَاهُ فَبَاعَهُ مَا هُوَ ملك مخلف عَن الْوَصِيّ الْمَذْكُور وَهُوَ بيد وَصِيّه الْمَذْكُور إِلَى حِين هَذَا البيع وَذَلِكَ جَمِيع كَذَا وَكَذَا شِرَاء شَرْعِيًّا بِثمن مبلغه كَذَا دفع المُشْتَرِي الْمَذْكُور إِلَى البَائِع الْوَصِيّ الْمَذْكُور جَمِيع الثّمن الْمعِين أَعْلَاهُ فَقَبضهُ مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا وَاسْتقر بِيَدِهِ ليصرفه فِي وَفَاء مَا على الْوَصِيّ الْمَذْكُور من الدُّيُون الثَّابِتَة شرعا وَفِي اسْتِئْجَار من يحجّ عَنهُ حجَّة الْإِسْلَام بطريقه الشَّرْعِيّ وَسلم الْوَصِيّ البَائِع الْمَذْكُور إِلَى المُشْتَرِي الْمَذْكُور جَمِيع الْمَبِيع الْمعِين أَعْلَاهُ فتسلمه مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا بعد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 الرُّؤْيَة والمعرفة وَالْمُعَاقَدَة الشَّرْعِيَّة ويكمل على نَحْو مَا سبق وَصُورَة الِاسْتِئْجَار لِلْحَجِّ مَا يَأْتِي فِي كتاب الْإِجَارَة إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَصُورَة البيع على الْيَتِيم للْحَاجة: اشْترى فلَان من فلَان الْوَصِيّ الشَّرْعِيّ على فلَان الْيَتِيم الصَّغِير بِمُقْتَضى الْوَصِيَّة الشَّرْعِيَّة ويشرحها وتاريخها وثبوتها وبإذن سيدنَا فلَان الدّين وَأمره الْكَرِيم على فلَان الْيَتِيم الصَّغِير الْمَذْكُور الَّذِي هُوَ فِي حجر الشَّرْع الشريف وَتَحْت نظر البَائِع الْمَذْكُور وولايته بِمُقْتَضى الْوَصِيَّة المسندة أَو المفوضة إِلَيْهِ من وَالِد الطِّفْل الْمَذْكُور المتضمنة النّظر فِي أمره وَالتَّصَرُّف لَهُ فِي مَاله بِمَا فِيهِ الْحَظ والمصلحة الظَّاهِرَة وَالْغِبْطَة الوافرة وبسائر التَّصَرُّفَات الشَّرْعِيَّة على القوانين الْمُعْتَبرَة المرضية إِلَى غير ذَلِك مِمَّا تضمنه كتاب الْوَصِيَّة المؤرخ بِكَذَا الثَّابِت مضمونه بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ لوُجُود حَاجَة الصَّغِير الْمَذْكُور الداعية إِلَى بيع مَا يَأْتِي ذكره فِيهِ عَلَيْهِ وَصرف ثمنه فِي نَفَقَته وَكسوته ومصالحه وَمَا لَا بُد لَهُ مِنْهُ من لَوَازِم شَرْعِيَّة وَلكَون الْمَبِيع الْآتِي ذكره لَا يَفِي ريعه وأجوره أَو مغله بِمَا يحْتَاج إِلَيْهِ الْيَتِيم الْمَذْكُور فِي نَفَقَته وَكسوته وَمَا لَا بُد لَهُ مِنْهُ مَا هُوَ ملك الْمَبِيع عَلَيْهِ الْمَذْكُور وبيد البَائِع الْمُسَمّى أَعْلَاهُ إِلَى حِين هَذَا البيع وَذَلِكَ جَمِيع كَذَا وَكَذَا ويصفه ويحدده شِرَاء شَرْعِيًّا بِثمن مبلغه كَذَا دفع المُشْتَرِي الْمَذْكُور إِلَى الْوَصِيّ البَائِع جَمِيع الثّمن الْمعِين أَعْلَاهُ فَقَبضهُ مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا وَصَارَ فِي يَده ليصرفه فِي نَفَقَة الْيَتِيم الْمَذْكُور وَكسوته وَمَا يحْتَاج إِلَيْهِ من اللوازم الشَّرْعِيَّة بطريقه الشَّرْعِيّ وَسلم البَائِع الْمَذْكُور إِلَى المُشْتَرِي الْمَذْكُور بِالْإِذْنِ الْمشَار إِلَيْهِ جَمِيع الْمَبِيع الْمعِين أَعْلَاهُ فتسلمه مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا وَصَارَ ذَلِك ملكا من أَمْلَاك المُشْتَرِي الْمَذْكُور وَحقا من حُقُوقه يتَصَرَّف فِيهِ تصرف الْملاك فِي أملاكهم وَذَوي الْحُقُوق فِي حُقُوقهم بِحكم هَذَا التبايع الْمَشْرُوع وَالثمن الْمَقْبُوض وَذَلِكَ بعد النّظر والمعرفة وَالْمُعَاقَدَة الشَّرْعِيَّة بِالْإِذْنِ الْمشَار إِلَيْهِ والإحاطة بذلك علما وخبرة نَافِيَة للْجَهَالَة وَجرى عقد هَذَا التبايع وَالْإِذْن بعد أَن ثَبت عِنْد سيدنَا الْحَاكِم الْآذِن الْمشَار إِلَيْهِ بِشَهَادَة من يضع خطه فِي رسم شَهَادَة آخِره: أَن الْمَبِيع الْمعِين أَعْلَاهُ ملك الْيَتِيم الْمَذْكُور وبيد من لَهُ الْولَايَة عَلَيْهِ شرعا إِلَى حِين هَذَا البيع وَأَنه مُحْتَاج إِلَى بَيْعه وَصرف ثمنه فِيمَا عين أَعْلَاهُ من الْحَاجة المسوغة للْبيع عَلَيْهِ شرعا وَأَن الثّمن الْمعِين أَعْلَاهُ ثمن الْمثل للْمَبِيع الْمَذْكُور يَوْمئِذٍ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ وَبعد النداء على الْمَبِيع وإشهاره فِي مَوَاطِن الرغبات مُدَّة بِحُضُور عَدْلَيْنِ مندوبين لذَلِك من مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْمشَار إِلَيْهِ فَكَانَ أنهى مَا بذل فِيهِ الثّمن الْمعِين أَعْلَاهُ وَبعد اسْتِيفَاء الشَّرَائِط الشَّرْعِيَّة وَاعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره فِي ذَلِك شرعا ويكمل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 وَصُورَة البيع على الْيَتِيم للغبطة والمصلحة: اشْترى فلَان من فلَان أَمِين الحكم الْعَزِيز بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ أَو النَّاظر فِي أَمر الْأَيْتَام بِبَلَد كَذَا وَهُوَ قَائِم فِي بيع مَا يَأْتِي ذكره على الْوَجْه الَّذِي سيشرح فِيهِ بِإِذن سيدنَا ومولانا قَاضِي الْقُضَاة فلَان الدّين وَأمره الْكَرِيم على فلَان الْيَتِيم الصَّغِير أَو الطِّفْل الَّذِي هُوَ فِي حجر الحكم الْعَزِيز أَو الشَّرْع الشريف وَتَحْت ولَايَته وَنَظره لوُجُود الْغِبْطَة والمصلحة فِي بيع مَا يَأْتِي ذكره فِيهِ المسوغين للْبيع لَهُ شرعا أَو الَّتِي سوغ مَعهَا الشَّرْع الشريف البيع عَلَيْهِ شرعا مَا هُوَ ملك الْيَتِيم الْمَذْكُور وبيد من لَهُ الْولَايَة عَلَيْهِ شرعا إِلَى حِين هَذَا البيع وَذَلِكَ جَمِيع الْمَكَان الْفُلَانِيّ ويصفه ويحدده شِرَاء شَرْعِيًّا بِثمن مبلغه كَذَا دفع المُشْتَرِي الْمَذْكُور إِلَى البَائِع الْمَذْكُور جَمِيع الثّمن الْمعِين أَعْلَاهُ فَقَبضهُ مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا وَصَارَ فِي يَد البَائِع ليتصرف للْيَتِيم الْمَذْكُور فِيهِ على الْوَجْه الشَّرْعِيّ بِالْبيعِ وَالشِّرَاء وَالْأَخْذ وَالعطَاء ويكتسب لَهُ فِيهِ وينميه مَعَ بذل الِاجْتِهَاد وَالِاحْتِيَاط وَسلم البَائِع الْمَذْكُور إِلَى المُشْتَرِي الْمَذْكُور جَمِيع الْمَبِيع الْمعِين أَعْلَاهُ بِالْإِذْنِ الْكَرِيم الْمشَار إِلَيْهِ أَعْلَاهُ فتسلمه مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا وَذَلِكَ بعد النّظر والمعرفة وَالْمُعَاقَدَة الشَّرْعِيَّة وَبعد أَن ثَبت عِنْد الْحَاكِم الْآذِن بِشَهَادَة من يضع خطه آخِره: أَن الْمَبِيع الْمعِين أَعْلَاهُ ملك الْيَتِيم الْمَذْكُور وبيد من لَهُ الْولَايَة عَلَيْهِ شرعا إِلَى حِين هَذَا البيع وَأَن للْيَتِيم فِي بيع مَا عين أَعْلَاهُ بِالثّمن الْمعِين أَعْلَاهُ غِبْطَة وافرة ومصلحة ظَاهِرَة يسوغ مَعَهُمَا البيع عَلَيْهِ شرعا وَأَن الثّمن الْمعِين أَعْلَاهُ ثمن الْمثل لَهُ وَزِيَادَة يَوْمئِذٍ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ وَبعد إشهار الْمَبِيع الْمَذْكُور والنداء عَلَيْهِ فِي مَوَاطِن الرغبات وَمحل الطلبات مُدَّة فَكَانَ أنهى مَا بذل فِيهِ: الثّمن الْمعِين أَعْلَاهُ وَبعد اسْتِيفَاء الشَّرَائِط الشَّرْعِيَّة وَاعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره شرعا ويكمل وَصُورَة البيع على يَتِيم بِصفة أُخْرَى: اشْترى فلَان من فلَان وَهُوَ قَائِم فِي بيع مَا سَيَأْتِي ذكره فِيهِ على الْوَجْه الَّذِي سيشرح فِيهِ بِإِذن سيدنَا فلَان الدّين إِلَى قَوْله: لوُجُود الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 الْحَظ والمصلحة لَهُ فِي بيع الدَّار الْآتِي ذكرهَا فِيهِ ولقلة الِانْتِفَاع بهَا وَكَونهَا من الْعقار النفيس لامس أجرته بِالنِّسْبَةِ إِلَى ثمنه وليصرف ثمنهَا فِي شِرَاء عقار هُوَ أَعُود نفعا عَلَيْهِ من ذَلِك ويسوق الْكَلَام إِلَى قبض الثّمن قبضا شَرْعِيًّا ليصرفه فِي ثمن عقار يبتاعه للْيَتِيم الْمَذْكُور ليَكُون أَعُود نفعا عَلَيْهِ من الْمَبِيع الْمعِين أَعْلَاهُ ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه وَيَقُول فِي هَذِه الصُّورَة: وَأَن أُجْرَة الدَّار الْمَبِيعَة الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى كَثْرَة ثمنهَا كثير جدا لامس لَهُ وَصُورَة البيع على الْيَتِيم لعدم الِانْتِفَاع بِالْمَبِيعِ لاستهدامه وتعطله ولدوام عدم الرَّغْبَة فِيهِ لدثوره: اشْترى فلَان من فلَان ويسوق الْكَلَام كَمَا تقدم ثمَّ يَقُول لوُجُود الْحَظ والمصلحة فِي بيع الدَّار الْآتِي ذكرهَا فِيهِ لاستهدامها وتعطلها ودوام عدم الرَّغْبَة فِيهَا لدثورها وليصرف ثمنهَا فِي شِرَاء عقار يعود على الْيَتِيم الْمَذْكُور ويرتفق بريعه مَعَ كَون الثّمن الْآتِي تَعْيِينه ثمن الْمثل لَهُ يَوْمئِذٍ ويكمل على نَحْو مَا سبق وَصُورَة البيع على يَتِيم للغبطة والمصلحة وعَلى يتيمين لوفاء مَا وَجب فِي نصيبهما من الْمَبِيع من صدَاق زَوْجَة والدهما: اشْترى فلَان من فلَان وَهُوَ بَائِع لما يذكر فِيهِ عَن نَفسه وبإذن سيدنَا فلَان الدّين وَأمره الْكَرِيم على أَخِيه لِأَبَوَيْهِ فلَان الْيَتِيم الصَّغِير الَّذِي هُوَ فِي حجر الشَّرْع الشريف وَتَحْت نظره وولايته شرعا لوُجُود الْغِبْطَة والمصلحة لَهُ فِي بيع مَا يذكر بَيْعه عَلَيْهِ بِمَا فِيهِ الْغِبْطَة الوافرة والمصلحة الظَّاهِرَة المسوغين للْبيع عَلَيْهِ شرعا الثابتتين عِنْد الْحَاكِم الْآذِن الْمشَار إِلَيْهِ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ بِشَهَادَة من يعين ذَلِك فِي رسم شَهَادَته آخِره وَهُوَ بَائِع أَيْضا بِإِذن سيدنَا فلَان الْحَاكِم الْآذِن الْمشَار إِلَيْهِ وَأمره الْكَرِيم على الْأَخَوَيْنِ الشقيقين فلَان وَفُلَان وَلَدي أَخِيه لِأَبَوَيْهِ فلَان الْمُتَوفَّى إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى بعد وَفَاة وَالِده مُوَرِثه الْمَذْكُور اليتيمين الصغيرين اللَّذين هما فِي حجر الشَّرْع الشريف وَتَحْت ولَايَته لوفاء مَا وَجب فِي نصيبهما من الْمَبِيع الْآتِي ذكره وتحديده فِيهِ الصائر إِلَيْهِمَا بِالْإِرْثِ الشَّرْعِيّ من والدهما الْمَذْكُور بِالسَّوِيَّةِ بَينهمَا وَإِن كَانَ ذكرا وَأُنْثَى فَيَقُول: بَينهمَا على حكم الْفَرِيضَة الشَّرْعِيَّة وَهُوَ منتقل إِلَى والدهما بِالْإِرْثِ الشَّرْعِيّ من وَالِده الْمَذْكُور من الصَدَاق الْآتِي تَعْيِينه فِيهِ ولحاجتهما الداعية إِلَى بيع مَا يفضل من نصيبهما بعد وَفَاء الصَدَاق الْمَذْكُور وَصرف ثمن ذَلِك فِي نفقتهما وكسوتهما وَمَا لَا بُد لَهما مِنْهُ من الْحَاجة الشَّرْعِيَّة الثَّابِتَة عِنْد الْحَاكِم الْآذِن الْمشَار إِلَيْهِ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ بِشَهَادَة من يعين ذَلِك فِي رسم شَهَادَته آخِره وَالصَّدَاق الْمعِين أَعْلَاهُ: هُوَ الثَّابِت فِي ذمَّة والدهما فلَان الْمَذْكُور لزوجته فُلَانَة وَالِدَة الْأَخَوَيْنِ الْمَبِيع عَلَيْهِمَا الْبَائِن من والدهما الْمَذْكُور من قبل وَفَاته الْمحْضر من يَدهَا الَّذِي من مضمونه: أَنه أصدقهَا عِنْد تزَوجه إِيَّاهَا صَدَاقا مبلغه كَذَا على حكم الْحُلُول مؤرخ بِكَذَا وَثَبت إِقْرَار الزَّوْج الْمُتَوفَّى الْمَذْكُور بذلك وجريان حلف الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة على اسْتِحْقَاق ذَلِك وعَلى عدم الْمسْقط والمبطل لَهُ الْيَمين الشَّرْعِيَّة الجامعة لمعاني الْحلف شرعا عِنْد الْحَاكِم الْآذِن الْمشَار إِلَيْهِ حَسْبَمَا تضمنه إشهاده المكتتب بِظَاهِر الصَدَاق الْمَذْكُور مؤرخ ثُبُوته بِكَذَا مَا ذكر أَنه لَهُ ولأخيه الصَّغِير الْمَذْكُور ولولدي أَخِيه الْمَذْكُورين ومخلف عَن وَالِده الْمَذْكُور أَعْلَاهُ وَهُوَ بِأَيْدِيهِم إِلَى حِين هَذَا البيع بَينهم على مَا يَأْتِي تَفْصِيله وَالثمن الْآتِي تَعْيِينه بَينهم على مَا يذكر فِيهِ وَذَلِكَ جَمِيع الْمَكَان الْفُلَانِيّ ويصفه ويحدده بِثمن مبلغه كَذَا الْجَمِيع على حكم الْحُلُول فَمن ذَلِك: مَا تولى البَائِع الْمَذْكُور بَيْعه عَن نَفسه فِي عقد أول ثَمَانِيَة أسْهم من أصل أَرْبَعَة وَعشْرين سَهْما بِمَا يُقَابل ذَلِك من الثّمن وَمِنْهَا: مَا تولى بَيْعه على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 أَخِيه فلَان الصَّغِير الْمَذْكُور فِي عقد ثَان كَذَا وَكَذَا سَهْما من الأَصْل الْمَذْكُور لوُجُود الْمصلحَة وَالْغِبْطَة لَهُ فِي ذَلِك حَسْبَمَا شرح أَعْلَاهُ بمقابله من الثّمن وَبَقِيَّة الْمَبِيع الْآتِي ذكره وَهُوَ كَذَا وَكَذَا سَهْما تولى البَائِع الْمَذْكُور بيعهَا فِيهِ فِي عقد ثَالِث على وَلَدي أَخِيه الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ من تَرِكَة والدهما الْمَذْكُور لوفاء الصَدَاق الْمعِين أَعْلَاهُ وَصرف بَاقِي ثمن ذَلِك فِي نفقتهما وكسوتهما بِمَا يُقَابل ذَلِك من الثّمن الْمعِين أَعْلَاهُ دفع المُشْتَرِي الْمَذْكُور جَمِيع الثّمن الْمعِين أَعْلَاهُ إِلَى البَائِع الْمَذْكُور فَقَبضهُ مِنْهُ لنَفسِهِ للجهتين المذكورتين أَعْلَاهُ حَسْبَمَا عين وَبَين أَعْلَاهُ قبضا شَرْعِيًّا ويكمل الْمُبَايعَة إِلَى آخرهَا وَيَقُول: ثمَّ دفع البَائِع الْمَذْكُور بِإِذن الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ إِلَى الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة مبلغ كَذَا وَكَذَا من ثمن الْحصَّة الْمَبِيعَة من تَرِكَة أَخِيه الْمَذْكُور عوضا عَن صَدَاقهَا الْمعِين أَعْلَاهُ فتعوضت مِنْهُ بذلك وقبضته مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا وَبَاقِي ثمن الْحصَّة وَهُوَ كَذَا اسْتَقر تَحت يَده مَعَ مَا هُوَ مُخْتَصّ بأَخيه الصَّغِير الْمَذْكُور استقرارا شَرْعِيًّا بتقرير الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ ليصرفه فِي نَفَقَتهم وكسوتهم وَمَا لَا بُد لَهُم مِنْهُ بطريقه الشَّرْعِيّ وبحكم ذَلِك بَرِئت ذمَّة الزَّوْج الْمُتَوفَّى الْمَذْكُور من جَمِيع الصَدَاق الْمعِين أَعْلَاهُ من كل جُزْء مِنْهُ الْبَرَاءَة الشَّرْعِيَّة وَذَلِكَ: بعد أَن ثَبت عِنْد سيدنَا الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ جَرَيَان الْحصَّة الْمَبِيعَة على الْيَتِيم الْمَذْكُور فِي ملكه إِلَى حَالَة البيع وَأَن فِي بيعهَا عَلَيْهِ بِثمنِهَا الْمعِين أَعْلَاهُ غِبْطَة وافرة ومصلحة ظَاهِرَة وَأَن الْحصَّة الْمَبِيعَة على الْأَخَوَيْنِ الْمَذْكُورين فِي وَفَاء الصَدَاق الْمَذْكُور ملك مخلف عَن الْمُتَوفَّى الْمَذْكُور وبيد البَائِع حَالَة البيع لوَلَدي أَخِيه الْمَبِيع عَلَيْهِمَا الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ بَينهمَا حَسْبَمَا عين أَعْلَاهُ وَأَن ثمنهَا الْمعِين أَعْلَاهُ ثمن الْمثل لَهَا وَقِيمَة الْعدْل حَالَة البيع ويكمل وَصُورَة البيع من مجْلِس الحكم الْعَزِيز فِي وَفَاء دين على ميت: اشْترى فلَان من فلَان الْقَائِم فِي بيع مَا سَيَأْتِي ذكره بِإِذن سيدنَا فلَان الدّين وَأمره الْكَرِيم من تَرِكَة فلَان لوفاء مَا فِي ذمَّته من الدّين الشَّرْعِيّ لهَذَا المُشْتَرِي الْمَذْكُور بِمُقْتَضى المسطور الْمحْضر من يَده لشهوده الَّذِي مبلغه كَذَا مؤرخ بِكَذَا ثَابت مضمونه وجريان حلف رب الدّين على اسْتِحْقَاق ذَلِك فِي ذمَّة الْمقر الرَّاهِن إِن كَانَ الْمَبِيع رهنا وَفِي تركته وعَلى عدم الْمسْقط والمبطل لذَلِك ولشيء مِنْهُ وعَلى بَقَاء حكم الرَّهْن ولزومه الْمعِين فِي المسطور الْمَذْكُور وَهُوَ الْمَبِيع الْآتِي ذكره الْيَمين الشَّرْعِيَّة الْمُعْتَبرَة فِي الحكم على الْمَيِّت شرعا عِنْد سيدنَا الْحَاكِم الْآذِن الْمشَار إِلَيْهِ وَحكم أعز الله أَحْكَامه بذلك وبصحة الرَّهْن الْمُعْتَاد حكما شَرْعِيًّا وَلما تَكَامل ذَلِك عِنْده تقدم إِذْنه الْكَرِيم بِعرْض الْمَبِيع الْآتِي ذكره وتحديده فِيهِ وإشهاره والنداء عَلَيْهِ فِي مَوَاطِن الرغبات وَبيعه بِثمن مثله ومقاصصة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 المُشْتَرِي بِالثّمن إِلَى نَظِيره من الدّين الثَّابِت لَهُ فِي ذمَّة الْمَبِيع عَلَيْهِ وَالْمُكَاتبَة وَالْإِشْهَاد بعد استجماع الشَّرَائِط الشَّرْعِيَّة الْمُعْتَبرَة فِي هَذَا البيع وَصِحَّته شرعا وَأذن للْبَائِع الْمَذْكُور فِي ذَلِك كُله فبمقتضى ذَلِك اشْترى المُشْتَرِي الْمَذْكُور من البَائِع الْمَذْكُور مَا هُوَ ملك مخلف عَن الْمُتَوفَّى الْمَذْكُور وَهُوَ بيد البَائِع إِلَى حَالَة البيع وَذَلِكَ جَمِيع الْمَكَان الْفُلَانِيّ ويصفه ويحدده بِثمن مبلغه كَذَا قاصص المُشْتَرِي الْمَذْكُور بِهِ إِلَى نَظِيره من الدّين الشَّرْعِيّ الثَّابِت لَهُ فِي ذمَّة الْمُتَوفَّى الْمَذْكُور مقاصصة شَرْعِيَّة ويسوق بَقِيَّة الْكَلَام من التسلم وَالتَّسْلِيم وَالنَّظَر والمعرفة وَالْمُعَاقَدَة الشَّرْعِيَّة وَذكر ثُبُوت ملكية الْمَبِيع عَلَيْهِ لذَلِك وَثُبُوت الْقيمَة وَالْإِشْهَاد والنداء على نَحْو مَا سبق وَصُورَة البيع بِإِذن الْحَاكِم على أَيْتَام وبالوكالة عَن بالغين فِي وَفَاء دين مُورثهم: اشْترى فلَان من فلَان الْوَصِيّ الشَّرْعِيّ على تَرِكَة فلَان وَهُوَ بَائِع بِإِذن سيدنَا فلَان وَأمره الْكَرِيم على أَوْلَاد الْمُتَوفَّى الْمَذْكُور لصلبه وهم: فلَان وَفُلَان وَفُلَان الْأَطْفَال الصغار الَّذين هم فِي حجر الشَّرْع الشريف وَتَحْت وَصِيَّة فلَان البَائِع الْمَذْكُور وَمَا يخصهم من البيع لوفاء مَا وَجب فِي نصِيبهم بِحَق كَذَا وَكَذَا سَهْما من الدّين الْآتِي ذكره فِيهِ وَعَن موكلته فُلَانَة زَوْجَة الْمُتَوفَّى الْمَذْكُور وَعَن وَلَدهَا مِنْهُ فلَان الرجل الْكَامِل حَسْبَمَا وكلاه فِي بيع مَا يخصهما من الْمَبِيع الْآتِي ذكره بِالثّمن الَّذِي سيعين فِيهِ لوفاء مَا وَجب فِي نصيبيهما بِحَق كَذَا وَكَذَا سهم من الدُّيُون الْمَوْعُود بذكرها الثَّابِتَة فِي ذمَّة مُورثهم الْمَذْكُور لفُلَان بِمُقْتَضى مسطور شَرْعِي جملَته كَذَا مؤرخ بِكَذَا وَلفُلَان كَذَلِك وَفُلَان كَذَلِك وجريان حلف كل وَاحِد من أَرْبَاب الدُّيُون على اسْتِحْقَاق مَا هُوَ لَهُ فِي ذمَّة الْمُتَوفَّى وَفِي تركته وعَلى عدم الْمسْقط والمبطل لذَلِك وَذَلِكَ جَمِيع كَذَا وَكَذَا ويصفه ويحدده بِثمن مبلغه كَذَا وَيذكر قبض الثّمن بيد البَائِع وَدفعه بِإِذن الْحَاكِم إِلَى كل وَاحِد من أَرْبَاب الدُّيُون مَا هُوَ لَهُ ويعينه ويكمل بالتسلم وَالتَّسْلِيم وَالْمُعَاقَدَة وَثُبُوت ملكية الْمَبِيع عَلَيْهِم لذَلِك وَكَون الثّمن ثمن الْمثل على نَحْو مَا تقدم شَرحه وَصُورَة البيع على غَائِب وَفَاء لحق زَوجته من النَّفَقَة وَالْكِسْوَة: اشترت فُلَانَة من فلَان وَهُوَ بَائِع لما يذكر فِيهِ بِإِذن سيدنَا فلَان وَأمره الْكَرِيم على زوج المشترية فلَان الْغَائِب عَن مَدِينَة كَذَا الثَّابِتَة غيبته عِنْد سيدنَا فلَان الْآذِن لوفاء مَا وَجب لَهَا فِي ذمَّته بِالشَّرْعِ الشريف من النَّفَقَة وَالْكِسْوَة الماضيتين فِي مُدَّة كَذَا بِحكم اسْتِمْرَار الزَّوْجِيَّة بَينهمَا وغيبته عَنْهَا الْمدَّة الْمَذْكُورَة وَتَقْرِير ذَلِك عَلَيْهِ من الْمدَّة كَذَا وَكَذَا درهما حسابا عَن كل سنة كَذَا التَّقْرِير الشَّرْعِيّ فَلَمَّا وَجب لَهَا ذَلِك فِي مَال زَوجهَا الْغَائِب الْمَذْكُور فِي ذمَّته وَثَبت عِنْد الْحَاكِم الْآذِن بطريقه الشَّرْعِيّ طلبت من الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ تقدم أمره الْكَرِيم إِلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 من رأى من الْأُمَنَاء بِبيع الْمَبِيع الْآتِي ذكره ويقاصصها بِثمنِهِ إِلَى نَظِيره مِمَّا وَجب لَهَا حَسْبَمَا عين أَعْلَاهُ فأجابها إِلَى ذَلِك وَتقدم إِلَى البَائِع الْمَذْكُور بذلك بعد أَن ثَبت عِنْده أَن الْمَبِيع الْآتِي ذكره ملك الزَّوْج الْغَائِب إِلَى حَالَة البيع وَأَن الثّمن ثمن الْمثل لَهُ وَبعد إشهاره فِي مَوَاطِن الرغبات الإشهار الشَّرْعِيّ وَبعد ثُبُوت الزَّوْجِيَّة والغيبة واستجماع سَائِر الشُّرُوط الْمُعْتَبرَة فِي جَوَاز هَذَا البيع وَصِحَّته شرعا مَا هُوَ ملك زَوجهَا الْغَائِب وَبِيَدِهِ إِلَى حِين البيع وَذَلِكَ جَمِيع كَذَا وَكَذَا ويصفه ويحدده بِثمن مبلغه كَذَا قاصص البَائِع الْمَذْكُور المشترية الْمَذْكُورَة هَذَا الثّمن الْمَذْكُور إِلَى نَظِيره مِمَّا وَجب لَهَا فِي مَال زَوجهَا الْغَائِب الْمَذْكُور بِإِذن الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ مقاصصة شَرْعِيَّة بَرِئت بهَا ذمَّة المشترية الْمَذْكُورَة من الثّمن الْمَذْكُور وَذمَّة زَوجهَا من نَظِيره من الْمبلغ الْمعِين أَعْلَاهُ بَرَاءَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة ويكمل على نَحْو مَا سبق وَصُورَة ابتياع عقار الْوَصِيَّة من ثلث تَرِكَة الْمُوصي وإنقاذ ذَلِك: اشْترى فلَان وَهُوَ وَصِيّ فلَان فِي الِاحْتِيَاط على تركته والبداءة مِنْهَا بمؤونة تَجْهِيزه وَقَضَاء مَا عَلَيْهِ من الدُّيُون والحقوق الشَّرْعِيَّة وَقبض مَاله من الْحُقُوق الْوَاجِبَة والديون الشَّرْعِيَّة وتنفيذ وَصَايَاهُ من ثلث مَاله وَمَا فضل من الثُّلُث الْمَذْكُور يَشْتَرِي بِهِ ملكا وعقارا بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيّ وَظَاهره ويتسلمه تسلم مثله ويقفه عَنهُ وَقفا صَحِيحا شَرْعِيًّا تصرف أجوره ومنافعه بعد عِمَارَته وإصلاحه على الْوَجْه الْآتِي شَرحه وَيكْتب جَمِيع مَا اشْتَرَطَهُ الْوَصِيّ فِي وَصيته بِحُرُوفِهِ الْمَنْصُوص عَلَيْهَا فِي كتاب الْوَصِيَّة وَأَن يكون النّظر للْوَصِيّ الْمَذْكُور ثمَّ للأرشد فالأرشد من أَوْلَاده ونسله وعقبه فَإِذا انقرضوا يكون النّظر لفُلَان أَو للْحَاكِم وَذَلِكَ بِمُقْتَضى الْوَصِيَّة الشَّرْعِيَّة الَّتِي أسندها إِلَيْهِ وَجعل لَهُ التَّصَرُّف فِي ذَلِك بمراجعة فلَان وَنَظره بِحَيْثُ لَا ينْفَرد بِشَيْء من التَّصَرُّفَات إِلَّا بِإِذْنِهِ وَنَظره ومراجعته مؤرخ كتاب الْوَصِيَّة الْمَذْكُور بِكَذَا ثَابت مضمونه مَعَ قبُول الْمُوصي إِلَيْهِ الْوَصِيَّة الشَّرْعِيَّة المشروحة وَقبُول النَّاظر النّظر بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ وَالْوَصِيّ الْمَذْكُور مُشْتَر لما يَأْتِي ذكره بِمُقْتَضى الْوَصِيَّة الْمَذْكُورَة عملا بمقتضاها وإنفاذا لَهَا بِإِذن النَّاظر الْمشَار إِلَيْهِ بِالثّمن الْآتِي تَعْيِينه الْحَاصِل تَحت يَده ثلث تَرِكَة الْمُوصي الْمشَار إِلَيْهِ بعد إِنْفَاذ الْوَصَايَا الَّتِي عينهَا فِي كتاب الْوَصِيَّة الْمَذْكُور وَمَعَ كَون الثّمن الْآتِي تَعْيِينه ثمن الْمثل للْمَبِيع الْآتِي ذكره حَالَة البيع بِشَهَادَة من يعين ذَلِك فِي رسم شَهَادَته آخِره من فلَان الْفُلَانِيّ مَا ذكر أَنه لَهُ وَبِيَدِهِ وَملكه وَتَحْت تصرفه إِلَى حِين هَذَا البيع وَذَلِكَ جَمِيع كَذَا وَكَذَا بِثمن مبلغه كَذَا دفع الْوَصِيّ المُشْتَرِي الْمَذْكُور إِلَى البَائِع الْمَذْكُور جَمِيع الثّمن الْمَذْكُور من المَال الْحَاصِل تَحت يَده من ثلث تَرِكَة الْمُوصي الْمَذْكُور فَقَبضهُ مِنْهُ قبضا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 شَرْعِيًّا بِحَضْرَة شُهُوده وَسلم البَائِع الْمَذْكُور إِلَى المُشْتَرِي الْمَذْكُور الْمَبِيع الْمَوْصُوف الْمَحْدُود بأعاليه فتسلمه بِإِذن النَّاظر الْمشَار إِلَيْهِ وَصَارَ بِيَدِهِ ليقفه حَسْبَمَا عين أَعْلَاهُ ويكمل على نَحْو مَا سبق من ذكر الشُّرُوط الْمُعْتَبرَة وَصُورَة وقف الْوَصِيّ المُشْتَرِي لما اشْتَرَاهُ يَأْتِي فِي كتاب الْوَقْف إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَصُورَة البيع على غَائِب فِي وَفَاء صدَاق زَوجته: اشْترى فلَان من فلَان وَهُوَ بَائِع لما يَأْتِي ذكره بِإِذن سيدنَا فلَان الْغَائِب عَن مَدِينَة كَذَا الْغَيْبَة الشَّرْعِيَّة الثَّابِتَة عِنْد الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ لوفاء مَا وَجب وتقرر فِي ذمَّته من صدَاق زَوجته فُلَانَة الشَّاهِد بِهِ صَدَاقهَا عَلَيْهِ المتضمن أَنه أصدقهَا عِنْد تزَوجه إِيَّاهَا صَدَاقا مبلغه كَذَا مؤرخ بِكَذَا ثَابت مضمونه وجريان حَلفهَا على اسْتِحْقَاقهَا لذَلِك فِي مَال زَوجهَا الْمَذْكُور وَفِي ذمَّته الْيَمين الشَّرْعِيَّة الجامعة لمعاني الْحلف شرعا الْمُعْتَبرَة فِي الحكم على الْغَائِب مَعَ مَا يعْتَبر ثُبُوته فِيهِ عِنْد الْحَاكِم الْآذِن الْمشَار إِلَيْهِ مَا هُوَ ملك الْغَائِب الْمُسَمّى أَعْلَاهُ وَبِيَدِهِ وَفِي تصرفه إِلَى حِين هَذَا البيع وَذَلِكَ جَمِيع كَذَا وَكَذَا بِثمن مبلغه كَذَا دفع المُشْتَرِي الْمَذْكُور إِلَى البَائِع الْمَذْكُور جَمِيع الثّمن الْمعِين أَعْلَاهُ فَقَبضهُ مِنْهُ ثمَّ دَفعه بِإِذن الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ إِلَى الزَّوْجَة الْمُسَمَّاة أَعْلَاهُ فقبضته مِنْهُ عَن صَدَاقهَا الْمعِين أَعْلَاهُ بِمُقْتَضى مصادقة شَرْعِيَّة جرت بَينهمَا فِي ذَلِك على الْوَجْه الشَّرْعِيّ بَرِئت بذلك ذمَّة المُشْتَرِي الْمَذْكُور من جَمِيع الثّمن الْمعِين أَعْلَاهُ وَذمَّة الْغَائِب الْمَبِيع عَلَيْهِ الْمَذْكُور من الصَدَاق الْمَذْكُور بَرَاءَة شَرْعِيَّة ويكمل بالتسلم وَالتَّسْلِيم وَالْمُعَاقَدَة وَذكر ثُبُوت أَن الْمَبِيع ملك الزَّوْج الْغَائِب الْمَبِيع عَلَيْهِ إِلَى حِين البيع وَأَن الثّمن ثمن الْمثل وإشهاره والنداء عَلَيْهِ فِي مَوَاطِن الرغبات وَاسْتِيفَاء الشَّرَائِط الشَّرْعِيَّة الْمُعْتَبرَة فِي ذَلِك شرعا وَصُورَة البيع من تَرِكَة ميت لَهُ وَرَثَة فيهم طِفْل صَغِير فِي وَفَاء دينه: اشْترى فلَان من فلَان الْوَصِيّ فِي أَمر الْيَتِيم الْآتِي ذكره أَو الْمُتَكَلّم فِي أَمر الْيَتِيم وَهُوَ بَائِع لما يذكر فِيهِ بِإِذن سيدنَا فلَان وَأمره الْكَرِيم على فلَان الْيَتِيم الصَّغِير الْمَحْجُور عَلَيْهِ من قبل الحكم الْعَزِيز لوفاء مَا وَجب فِي نصِيبه الصائر إِلَيْهِ بِالْإِرْثِ الشَّرْعِيّ من وَالِده الْمَذْكُور الْمُتَوفَّى إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى من قبل تَارِيخه المنحصر إِرْثه الشَّرْعِيّ فِي زَوجته فُلَانَة وَأَوْلَاده لصلبه فلَان وَفُلَان الرجلَيْن الكاملين وَفُلَان الصَّغِير الْمَذْكُور وَقدر مَا وَجب فِي نصِيبه: السُّدس وَالثمن من الدّين الثَّابِت فِي ذمَّة الْمُتَوفَّى الْمَذْكُور الْآتِي ذكره لمن سيعين فِيهِ ولحاجة الْيَتِيم الْمَذْكُور إِلَى بيع مَا يفضل لَهُ بعد وَفَاء الدُّيُون الْمَذْكُورَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 الْحَاجة الشَّرْعِيَّة وَمن فلَان وَفُلَان الرجلَيْن الكاملين الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ وهما بائعان لما يذكر فِيهِ عَن أَنفسهمَا لوفاء مَا وَجب فِي نصيبهما الصائر إِلَيْهِمَا بِالْإِرْثِ الشَّرْعِيّ من أَبِيهِمَا الْمَذْكُور وَقدره: الثُّلُث وَالرّبع من الدُّيُون الْآتِي ذكرهَا بَينهمَا بِالسَّوِيَّةِ وَمن فُلَانَة الزَّوْجَة الْمُسَمَّاة أَعْلَاهُ وَهِي بائعة لما يذكر فِيهِ عَن نَفسهَا لوفاء مَا وَجب فِي نصِيبهَا الصائر إِلَيْهَا بِالْإِرْثِ الشَّرْعِيّ من زَوجهَا فلَان الْمَذْكُور وَهِي الثّمن من الدُّيُون الْمَوْعُود بذكرها الشَّاهِد بهَا لفُلَان المسطور أَو الشَّاهِد بهَا لفُلَان وَفُلَان المساطير الشَّرْعِيَّة المتضمن الأول مِنْهَا بِإِقْرَار الْمُتَوفَّى الْمَذْكُور لفُلَان الْمَذْكُور بِكَذَا مؤرخ بِكَذَا وَالثَّانِي كَذَلِك وَالثَّالِث كَذَلِك ثَابت مضمونها وَحلف الْمقر لَهُ على اسْتِحْقَاق الْمبلغ الْمقر بِهِ فِي ذمَّة الْمُتَوفَّى وَفِي تركته مَعَ مَا يعْتَبر ثُبُوته فِيهِ عِنْد الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ وَجُمْلَة هَذِه الدُّيُون كَذَا وَكَذَا اشْترى المُشْتَرِي الْمَذْكُور من البائعين الْمَذْكُورين فباعوه بِمُقْتَضى مَا شرع أَعْلَاهُ مَا هُوَ ملك مخلف عَن مُورثهم الْمَذْكُور وبيد البائعين الْمَذْكُورين وَالْمَبِيع عَلَيْهِ إِلَى حَالَة البيع وَهُوَ بَينهم على أَرْبَعَة وَعشْرين سَهْما بالفريضة الشَّرْعِيَّة وَذَلِكَ جَمِيع كَذَا ويصفه ويحدده بِثمن مبلغه كَذَا الْجَمِيع على حكم الْحُلُول فَمن ذَلِك مَا بَاعه فلَان وَفُلَان بِالسَّوِيَّةِ كَذَا وَكَذَا سَهْما بِمَا يُقَابل ذَلِك من الثّمن وَمَا باعته الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة كَذَا وَكَذَا بِمَا يُقَابله من الثّمن الْمَذْكُور وَمَا بَاعه فلَان على الْيَتِيم الْمَذْكُور كَذَا وَكَذَا بِمَا يُقَابله من الثّمن دفع المُشْتَرِي الْمَذْكُور إِلَى البائعين الْمَذْكُورين جَمِيع الثّمن الْمعِين أَعْلَاهُ فقبضوه مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا ثمَّ دفعُوا مِنْهُ إِلَى أَرْبَاب الدُّيُون الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ مَا ثَبت لَهُم من الدّين الْمعِين أَعْلَاهُ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا فقبضوا ذَلِك مِنْهُم قبضا شَرْعِيًّا بَينهم على الحكم المشروح أَعْلَاهُ وَاسْتقر مَا يخص الْيَتِيم من بَقِيَّة الثّمن الْمعِين أَعْلَاهُ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا فِي يَد الْوَصِيّ الْمُتَكَلّم الْمَذْكُور ليتصرف فِيهِ وَينْفق عَلَيْهِ مِنْهُ ويكسوه بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيّ بَرِئت بذلك ذمَّة المُشْتَرِي الْمَذْكُور من الثّمن الْمعِين أَعْلَاهُ وَذمَّة الْمُتَوفَّى الْمَذْكُور من الدُّيُون الْمعينَة أَعْلَاهُ الْبَرَاءَة الشَّرْعِيَّة ويكمل بالتسلم وَالتَّسْلِيم وَالْمُعَاقَدَة وَذكر ثُبُوت الْملك والحيازة للمتوفى إِلَى حِين وَفَاته وَأَنه بيد ورثته الْمَذْكُورين إِلَى حِين البيع واحتياج الصَّغِير إِلَى نَفَقَة وَكِسْوَة وَصرف مَا فضل من ثمن حِصَّته بعد وَفَاء مَا وَجب فِيهِ من الدّين الشَّرْعِيّ فِي نَفَقَته وَكسوته الْحَاجة الشَّرْعِيَّة وَأَن الثّمن لحصة الْيَتِيم ثمن الْمثل وَالْإِشْهَاد والنداء على مَا تقدم شَرحه وَصُورَة البيع لوفاء فرض فَرْضه القَاضِي لولد شخص ميت: اشْترى فلَان من فلَان وَهُوَ بَائِع لما يذكر فِيهِ بِإِذن سيدنَا فلَان الدّين وَأمره من تَرِكَة فلَان لوفاء مَا تجمد عَلَيْهِ من الْفَرْض الْمُقَرّر فِي مَاله لوَلَده فلَان الصَّغِير الَّذِي هُوَ فِي حضَانَة والدته فُلَانَة مُطلقَة أَبِيه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 الْمَذْكُور بِمُقْتَضى الْفَرْض الشَّرْعِيّ المتضمن أَن الْحَاكِم الْفُلَانِيّ فرض فِي مَال الْمُتَوفَّى الْمَذْكُور لوَلَده الْمَذْكُور برسم طَعَامه وَشَرَابه وَكسوته ولوازمه الشَّرْعِيَّة وَمَا لَا بُد مِنْهُ فِي كل شهر كَذَا وَكَذَا وَأذن لحاضنته الْمَذْكُورَة فِي إِخْرَاج ذَلِك من مَالهَا والإنفاق وَالرُّجُوع بِهِ فِي مَال وَالِده الْمَذْكُور عِنْد تعذر وصولها إِلَيْهِ من جِهَته وَجُمْلَة مَا تجمد عَلَيْهِ من ذَلِك إِلَى سلخ كَذَا وَكَذَا: مبلغ كَذَا وَكَذَا وَثُبُوت حلف الحاضنة الْمَذْكُورَة على اسْتِحْقَاق الْجُمْلَة المتجمدة فِي تَرِكَة الْمُتَوفَّى الْمَذْكُور وعَلى عدم الْمسْقط وَأَنَّهَا أنفقت ذَلِك على وَجه تسْتَحقّ بِهِ الرُّجُوع فِي التَّرِكَة الْمَذْكُورَة الْيَمين الشَّرْعِيَّة وَثَبت عِنْد الْحَاكِم الْآذِن الْفَرْض الْمَذْكُور وجريان حَلفهَا على ذَلِك مَعَ مَا يعْتَبر فِيهِ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ وَذَلِكَ جَمِيع الْمَكَان الْفُلَانِيّ ويحدده بِثمن مبلغه كَذَا وَكَذَا دفع المُشْتَرِي الْمَذْكُور جَمِيع الثّمن الْمعِين أَعْلَاهُ إِلَى البائ الْمَذْكُور فَقَبضهُ مِنْهُ وَدفعه إِلَى الحاضنة الْمَذْكُورَة وَفَاء لما ثَبت لَهَا أَعْلَاهُ ويكمل بالتسلم وَالتَّسْلِيم والرؤية وَالْمُعَاقَدَة وَذكر ثُبُوت ملكية الْمُتَوفَّى لذَلِك وَأَن الثّمن ثمن الْمثل وَالْإِشْهَاد والنداء على نَحْو مَا سبق وَصُورَة البيع من تَرِكَة ميت على غَائِب وصغير فِي وَفَاء دين مورثهما وَفِيمَا وصّى بِهِ الْمَوْرُوث من الْوَصَايَا الشَّرْعِيَّة: اشْترى فلَان من فلَان وَهُوَ بَائِع لما يذكر فِيهِ بِإِذن الْحَاكِم الْفُلَانِيّ وَأمره على الْغَائِب فلَان وعَلى أَخِيه الصَّغِير فلَان بِالْوَصِيَّةِ الشَّرْعِيَّة إِن كَانَ وَصِيّا لوفاء مَا ثَبت على مورثهما فلَان الْمُتَوفَّى إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى من قبل تَارِيخه من الدّين الشَّرْعِيّ لفُلَان بِمُقْتَضى المسطور الشَّرْعِيّ الَّذِي جملَته كَذَا المؤرخ بِكَذَا الثَّابِت مضمونه وجريان حلف رب الدّين على اسْتِحْقَاقه ولوفاء مَال الْوَصَايَا الَّتِي وصّى بهَا والدهما الْمَذْكُور لفُلَان وَفُلَان الشَّاهِد بهَا كتاب الْوَصِيَّة المتضمن إِقْرَار الْمُوصي بذلك على الْوَجْه المشروح فِي الْكتاب الْمَذْكُور وثبوته وجريان حلف كل وَاحِد من الْمُوصي لَهُم على اسْتِحْقَاقه لما وصّى لَهُ بِهِ وعَلى عدم الرَّد والاستيفاء الْيَمين الشَّرْعِيَّة عِنْد الْحَاكِم الْآذِن الْمشَار إِلَيْهِ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ وَحكم بذلك حكما شَرْعِيًّا وَذَلِكَ جَمِيع الْمَكَان الْفُلَانِيّ ويحدد وَيذكر دفع المُشْتَرِي الثّمن إِلَى البَائِع وَقَبضه مِنْهُ وَدفعه بِإِذن الْحَاكِم إِلَى رب الدّين وَإِلَى الْمُوصي لَهُم مَا ثَبت لَهُم بَينهم على حسب مَا فصل أَعْلَاهُ فقبضوه وَاسْتقر الْبَاقِي من الثّمن الْمَذْكُور وَهُوَ كَذَا وَكَذَا تَحت يَده للْغَائِب ولأخيه الطِّفْل الْمَذْكُور ليحفظ مَال الْغَائِب إِلَى حِين حُضُوره وتسليمه إِيَّاه ويتصرف للصَّغِير الْمَذْكُور فِيمَا يَخُصُّهُ من ذَلِك على الْوَجْه الشَّرْعِيّ ويكمل على نَحْو مَا سبق وَصُورَة بيع مَرْهُون من تَرِكَة ميت ووفاء مَا استدين لأولاده حَال حَيَاته وغيبته الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 : اشْترى فلَان من فلَان وَهُوَ بَائِع لما يذكر فِيهِ بِإِذن سيدنَا فلَان وَأمره على فلَان وَفُلَان أَوْلَاد فلَان الْأَيْتَام الصغار الَّذين توفّي والدهم الْمَذْكُور وانحصر إِرْثه الشَّرْعِيّ فيهم من غير شريك لَهُم فِي ذَلِك وهم الْآن فِي حجر الشَّرْع الشريف وحضانة جدتهم لأمهم فُلَانَة لوفاء مَا استدانته الحاضنة الْمَذْكُورَة بِإِذن الْحَاكِم الْآذِن الْمشَار إِلَيْهِ من فلَان ومبلغه كَذَا ورهنت عِنْده على الدّين الْمَذْكُور بِالْإِذْنِ الشَّرْعِيّ الْمشَار إِلَيْهِ جَمِيع مَا هُوَ جَار فِي ملك والدهم الْمَذْكُور الْغَائِب إِذْ ذَاك عَن مَدِينَة كَذَا الْغَيْبَة الشَّرْعِيَّة وَهُوَ كَذَا رهنا شَرْعِيًّا من قبل تَارِيخه لتصرف الْمبلغ الْمَذْكُور فِي نَفَقَة أَوْلَاده الْمَذْكُورين وكسوتهم وَمَا لَا بُد لَهُم مِنْهُ من لَوَازِم شَرْعِيَّة بِمُقْتَضى المسطور الشَّرْعِيّ المتضمن لذَلِك المؤرخ بِكَذَا الثَّابِت مضمونه وجريان حلف المداين الْمَذْكُور على اسْتِحْقَاق ذَلِك وعَلى عدم الْمسْقط والمبطل لذَلِك ولشيء مِنْهُ وعَلى بَقَاء حكم الرَّهْن ولزومه الْيَمين الشَّرْعِيَّة المستوفاة الجامعة لمعاني الْحلف شرعا مَعَ مَا يعْتَبر ثُبُوته فِيهِ عِنْد الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ وَذَلِكَ جَمِيع كَذَا وَكَذَا ويحدد ويكمل على نَحْو مَا سبق وَصُورَة بيع وَكيل الرَّاهِن الرَّهْن عِنْد حُلُول الدّين وَدفعه للْمُرْتَهن وَفَاء لدينِهِ: اشْترى فلَان من فلَان وَهُوَ البَائِع لما يذكر فِيهِ عَن مُوكله فلَان بِإِذْنِهِ لَهُ فِي ذَلِك بِالثّمن الَّذِي سيعين فِيهِ على الْحَاكِم الْآتِي شَرحه فِيهِ وتوكيله إِيَّاه فِي ذَلِك كُله التَّوْكِيل الشَّرْعِيّ مَا ذكر البَائِع الْوَكِيل الْمَذْكُور أَنه ملك مُوكله الْمَذْكُور وبيد المُشْتَرِي الْمَذْكُور رهنا على دينه الْوَاجِب لَهُ فِي ذمَّة الْمُوكل الْمَذْكُور الْحَال حَالَة البيع ومبلغه كَذَا بِمُقْتَضى المسطور الشَّرْعِيّ المتضمن إِقْرَار الْمُوكل الْمَذْكُور للْمُشْتَرِي الْمَذْكُور بالمبلغ الْمَذْكُور وَأَنه رهن تَحت يَده على الدّين الْمَذْكُور وعَلى كل جُزْء مِنْهُ جَمِيع الدَّار الْآتِي ذكرهَا وتحديدها فِيهِ بحقوقها كلهَا رهنا صَحِيحا شَرْعِيًّا مؤرخ المسطور الْمَذْكُور بِكَذَا ووكل وَكيله الْمَذْكُور فِي بيع الرَّهْن الْمَذْكُور عِنْد حُلُوله وَبعده بِثمن الْمثل وَمَا قاربه مِمَّن يرغب فِي ابتياعه وَفِي قبض الثّمن وَتَسْلِيم الْمَبِيع أَو فِي مقاصصة المُشْتَرِي الْمَذْكُور بِالثّمن الْوَاقِع عَلَيْهِ عقد البيع إِلَى نَظِيره من الدّين الْمعِين أَعْلَاهُ وَفِي الْمُكَاتبَة وَالْإِشْهَاد على الرَّسْم الْمُعْتَاد التَّوْكِيل الشَّرْعِيّ حَسْبَمَا هُوَ معِين فِي المسطور الْمَذْكُور وَذَلِكَ جَمِيع الْمَكَان الْفُلَانِيّ ويصف ويحدد بِثمن مبلغه كَذَا دفع المُشْتَرِي الْمَذْكُور إِلَى البَائِع الْمَذْكُور جَمِيع الثّمن الْمعِين أَعْلَاهُ فَقَبضهُ قبضا شَرْعِيًّا أَو قاصص الْوَكِيل البَائِع الْمَذْكُور المُشْتَرِي الْمَذْكُور بِالثّمن الْمعِين أَعْلَاهُ إِلَى الدّين الْمعِين أَعْلَاهُ فِي المسطور الْمَذْكُور مقاصصة شَرْعِيَّة بَرِئت بذلك ذمَّة المُشْتَرِي الْمَذْكُور من جَمِيع الثّمن الْمعِين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 أَعْلَاهُ وَذمَّة الْمُوكل الْمَذْكُور من جَمِيع الدّين الْمعِين أَعْلَاهُ وَمن كل جُزْء مِنْهُ بَرَاءَة شَرْعِيَّة ويكمل على نَحْو مَا سبق وَإِن حضر الْمُوكل وَصدق واعترف بِصِحَّة البيع ولزومه وبالتوكيل المشروح أَعْلَاهُ وتقدمه على عقد هَذَا البيع وبالدين وبقائه فِي ذمَّته إِلَى حَالَة البيع وَأَن ذَلِك صدر من أَهله فِي مَحَله على الأوضاع الشَّرْعِيَّة صدورا شَرْعِيًّا وَأَن الثّمن ثمن الْمثل لذَلِك حَالَة البيع: كتب ذَلِك فِي ذيل الْمُبَايعَة بِلَفْظِهِ فصل : وَإِن كَانَ الْمَبِيع مَرْهُونا عِنْد المُشْتَرِي وَقت البيع فَلَا عِبْرَة بِهِ فَإِنَّهُ الَّذِي أبطل حَقه من الرَّهْن وأبطل عقد الرَّهْن بِمُجَرَّد المعاقدة الْجَارِيَة بَينه وَبَين البَائِع أَو وَكيله وَإِن كَانَ مَرْهُونا عِنْد غير المُشْتَرِي وَوَقع العقد وَقع بَاطِلا وَللْمُشْتَرِي الرُّجُوع بِالثّمن عِنْد ثُبُوته واطلاعه عَلَيْهِ بعد حكم حَاكم بِبُطْلَان البيع وَيجْرِي فِي هَذِه الْمَسْأَلَة الْخلاف بَين الْأَئِمَّة رَضِي الله عَنْهُم فَإِن كَانَ الرَّهْن معادا كَانَ صَحِيحا عِنْد الشَّافِعِي بَاطِلا عِنْد البَاقِينَ وللمتبايعين الترافع بِالْمَبِيعِ الْمَرْهُون رهنا معادا فَإِن ترافعا إِلَى شَافِعِيّ حكم بِبُطْلَان البيع وَصِحَّة الرَّهْن وَإِن ترافعا إِلَى غَيره حكم بِصِحَّة البيع وَبطلَان الرَّهْن فصل: وَإِذا أَرَادَ الْكَاتِب أَن يعين أَن الْمَبِيع كَانَ مَرْهُونا فَيَقُول: وَهَذَا الْمَبِيع كَانَ مَرْهُونا عِنْد فلَان على دين شَرْعِي مبلغه كَذَا فِي ذمَّة البَائِع الْمَذْكُور وَحضر رب الدّين الْمَذْكُور وَفك عقد الرَّهْن عَن الْمَبِيع الْمعِين أَعْلَاهُ قبيل صُدُور هَذَا البيع وَسلمهُ إِلَى البَائِع فتسلمه مِنْهُ وَصَارَ فِي يَده ثمَّ وَقع عقد البيع بعد ذَلِك على الحكم المشروح أَعْلَاهُ واعتراف الْمُرْتَهن الْمَذْكُور بِصِحَّة هَذَا البيع ولزومه ونفوذه وجريانه على الصِّحَّة واللزوم وَأَنه صدر من أَهله فِي مَحَله على الأوضاع الشَّرْعِيَّة صدورا شَرْعِيًّا فصل: وَإِن كَانَ الْمَبِيع وَقفا ورده الْمَوْقُوف عَلَيْهِم كتب قبل الْإِشْهَاد وَقبل التَّارِيخ: وَهَذَا الْمَبِيع الْمعِين أَعْلَاهُ كَانَ وَالِد البَائِع أَو البائعين وَقفه عَلَيْهِم وَأشْهد عَلَيْهِ بذلك ثمَّ ثَبت عِنْد الْحَاكِم الْفُلَانِيّ أَن الْوَاقِف الْمَذْكُور إِنَّمَا صدر مِنْهُ الْوَقْف الْمَذْكُور فِي مرض مَوته أَو فِي الْمَرَض الْمُتَّصِل بِمَوْتِهِ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ ثمَّ حضر الْمَوْقُوف عَلَيْهِم المذكورون أَعْلَاهُ إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْمشَار إِلَيْهِ وردوا الْوَقْف الْمَذْكُور ردا شَرْعِيًّا وَحلف كل وَاحِد مِنْهُم الْيَمين الشَّرْعِيَّة: أَنه لم تصدر مِنْهُ إجَازَة للْوَقْف وَلَا اخْتَارَهُ وَلَا رَضِي بِهِ وَلَا صدر مِنْهُ مَا يُوجب إبِْطَال حَقه من الْوَقْف الْمَذْكُور بعد وَفَاة وَالِده الْمَذْكُور بِوَجْه من الْوُجُوه وَلَا بِسَبَب من الْأَسْبَاب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 وَإِن كَانَ الْمَبِيع حِصَّة مبلغها الثُّلُثَانِ من مَكَان كَامِل فَيَقُول: وَهَذَا الْمَبِيع الْمعِين أَعْلَاهُ كَانَ وَالِد البَائِع الْمَذْكُور قد وَقفه فِي جملَة الدَّار الْمعينَة أَعْلَاهُ فِي مَرضه الْمُتَّصِل بِمَوْتِهِ أَو فِي زمن الوباء وَلما توفّي حضر ولد الْوَاقِف البَائِع الْمَذْكُور إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ وَأقَام بَيِّنَة شَرْعِيَّة أَن وَالِده الْمَذْكُور وقف الْمَوْقُوف الْمعِين أَعْلَاهُ فِي جملَة الدَّار الْمَبِيع مِنْهَا فِي مَرضه الَّذِي توفّي فِيهِ أَو فِي زمن الوباء وَأَن تركته جَمِيعهَا هِيَ الدَّار المحدودة بأعاليه وَطلب من الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الحكم برد الْوَقْف الْمَذْكُور وتصحيحه من الثُّلُث حَسْبَمَا اقْتَضَاهُ الشَّرْع الشريف فَأَجَابَهُ إِلَى سُؤَاله وَحكم لَهُ بذلك حكما شَرْعِيًّا صَحَّ بِهِ الْوَقْف فِي ثلث الدَّار الْمَذْكُورَة وَبَقِي الثُّلُثَانِ ملكا طلقا لوَارِثه الْمَذْكُور حَسْبَمَا تضمنه إشهاده المؤرخ بِكَذَا الثَّابِت عِنْد الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ وَصُورَة تَحْدِيد كتاب تبَايع صدر بَين متبايعين بتاريخ مُتَقَدم على تَارِيخ الْإِشْهَاد: أشهد عَلَيْهِ فلَان أَنه فِي تَارِيخ كَذَا وَكَذَا بَاعَ لفُلَان فَاشْترى مِنْهُ مَا هُوَ لَهُ وَبِيَدِهِ وَملكه إِلَى حِين هَذَا البيع الصَّادِر بَينهمَا فِي التَّارِيخ الْمعِين أَعْلَاهُ جَمِيع الْمَكَان الْفُلَانِيّ ويصفه ويحدده بِثمن مبلغه كَذَا وَأَنه قبض مِنْهُ جَمِيع الثّمن الْمعِين أَعْلَاهُ عِنْد جَرَيَان المعاقدة بَينهمَا على ذَلِك قبضا شَرْعِيًّا وَأَنه سلم إِلَيْهِ الْمَبِيع الْمعِين أَعْلَاهُ فِي التَّارِيخ الْمَذْكُور فتسلمه تسلما شَرْعِيًّا وأنهما تعاقدا على ذَلِك فِي التَّارِيخ الْمعِين أَعْلَاهُ معاقدة شَرْعِيَّة مُشْتَمِلَة على الْإِيجَاب وَالْقَبُول وَأقر فلَان الْمَذْكُور: أَنه لَا يسْتَحق مَعَ فلَان الْمَذْكُور فِي الْمَكَان الْمَوْصُوف بأعاليه حَقًا وَلَا استحقاقا وَلَا دَعْوَى وَلَا طلبا ويسوق من أَلْفَاظ الْإِقْرَار بِعَدَمِ الِاسْتِحْقَاق مَا تقدم شَرحه وَإِن كَانَ قد كتب بَينهمَا كتاب تبَايع شَرْعِي بذلك وَعدم من المُشْتَرِي وَسَأَلَ البَائِع تَجْدِيد كتاب لَهُ بذلك فَأَجَابَهُ إِلَى سُؤَاله وَأقر لَهُ بذلك وَصدقه المُشْتَرِي على ذَلِك تَصْدِيقًا شَرْعِيًّا كتب ذَلِك كَذَلِك فرع: وَإِن كَانَ شَيْء من الثّمن مَجْهُول الْقيمَة فَيَقُول: بِثمن مبلغه ألف دِرْهَم مثلا ولؤلؤة أَو غَيرهَا من الْجَوَاهِر مَجْهُولَة الْوَزْن وَالْقيمَة مُشَاهدَة مرئية لشهوده حَال العقد وَإِن كَانَ بِمَا لَهُ فِي ذمَّة البَائِع من الدّين فَالَّذِي جرت الْعَادة بِهِ: أَنه إِذا بَاعَ الْمَدْيُون من مداينه اشْترى مِنْهُ فِي الذِّمَّة ثمَّ يتقاصان وَإِن كَانَ الدّين أَكثر من الثّمن قاص المُشْتَرِي البَائِع بِالثّمن إِلَى نَظِيره من دينه الَّذِي لَهُ فِي ذمَّته وَإِن كَانَ الثّمن أَكثر قاصه بنظير الدّين وَدفع إِلَيْهِ بَاقِي الثّمن وَإِن كَانَ البَائِع أَبْرَأ ذمَّة المُشْتَرِي من بعض الثّمن فَيَقُول: أَقرَأ البَائِع ذمَّة المُشْتَرِي من كَذَا وَكَذَا وَمن الثّمن بَرَاءَة شَرْعِيَّة بَرَاءَة عَفْو وَإِسْقَاط وَدفع إِلَيْهِ بَاقِي الثّمن الْمَذْكُور وَهُوَ كَذَا وَكَذَا فَقَبضهُ مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 وَإِن كَانَت الْبَرَاءَة من جَمِيع الثّمن كتب: أَبْرَأ البَائِع ذمَّة المُشْتَرِي الْمَذْكُور من جَمِيع الثّمن الْمعِين فِيهِ بَرَاءَة شَرْعِيَّة وَإِن كَانَ الْمَبِيع فِي بلد آخر كتب فِي مَوضِع التَّسْلِيم: وخلى البَائِع الْمَذْكُور بَين المُشْتَرِي الْمَذْكُور وَبَين الْمَبِيع الْمَذْكُور التَّخْلِيَة الشَّرْعِيَّة الْقَائِمَة مقَام التَّسْلِيم الْمُوجبَة للتسلم شرعا وَإِن كَانَ قد حضر التبايع شخص أَو جمَاعَة وضمنوا الدَّرك فِي الْمَبِيع كتب حضورهم وَأَن كلا مِنْهُم أشهد عَلَيْهِ أَنه ضمن الدَّرك فِي الْمَبِيع الْمَذْكُور وَالْقِيَام بِمُوجبِه لمستحقه شرعا عِنْد وُجُوبه على مَا تَقْتَضِيه الشَّرِيعَة المطهرة وَإِن اعْتَرَفُوا بِصِحَّة البيع ولزومه كتب كَمَا تقدم فِي حق الْمُرْتَهن وَإِن كَانَ بِالْمَبِيعِ عيب كتب قبل الْإِشْهَاد: وَقد علم المُشْتَرِي أَو وَقد اطلع المُشْتَرِي على أَن بِالْبيعِ الْمعِين أَعْلَاهُ عَيْبا يُوجب الرَّد وَينْقص الثّمن وَهُوَ كَذَا وَكَذَا وَرَضي بذلك وأقدم عَلَيْهِ وَأسْقط حَقه من الرَّد بِسَبَبِهِ وَطلب الْأَرْش وَمن الدَّعْوَى بذلك بِنَفسِهِ وبوكيله إِسْقَاطًا شَرْعِيًّا وَيكْتب كَذَلِك إِذا كَانَ الْمَبِيع مؤجرا فَهُوَ عيب وَللْمُشْتَرِي الْخِيَار فِي الْفَسْخ والإمساك إِذا علم بِهِ بعد العقد وَصُورَة بيع وقف وَشِرَاء غَيره مَكَانَهُ على مَذْهَب الإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل رَضِي الله عَنهُ: اشْترى فلَان من فلَان النَّاظر الشَّرْعِيّ فِي أَمر الْوَقْف الْآتِي ذكره الْمَنْسُوب إيقافه إِلَى فلَان الْجَارِيَة أجوره ومنافعه على الْمَكَان الْفُلَانِيّ أَو على البَائِع الْمَذْكُور وَمن يشركهُ ثمَّ على جِهَة مُتَّصِلَة حَسْبَمَا تضمنه كتاب الْوَقْف الشَّاهِد بذلك الثَّابِت مضمونه بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ أَو الشَّاهِد بِهِ الْمحْضر الشَّرْعِيّ المتضمن لذَلِك المؤرخ بِكَذَا الثَّابِت مضمونه بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ وبإذن سيدنَا فلَان الدّين الْحَنْبَلِيّ وَأمره الْكَرِيم لدثور الْوَقْف الْمَبِيع الْآتِي ذكره واستهدامه وتعطله وَتعذر الِانْتِفَاع بِهِ على مُقْتَضى شَرط واقفه بِمَا دون بَيْعه وَصرف ثمنه فِي مُشْتَرِي عقار عَامر فِيهِ مَنْفَعَة مُعْتَبرَة يُوقف على مُقْتَضى شَرطه فِي الْحَال والمآل لخلو جِهَة الْوَقْف الْمَذْكُور من حَاصِل يصرف فِي عِمَارَته الضرورية وَأَنه وقف على البَائِع الْمَذْكُور وشركائه بَينهم على سِهَام مَعْلُومَة ثمَّ على جِهَة مُتَّصِلَة وانه فِي يَد البَائِع الْمَذْكُور لنَفسِهِ ولشركائه وَأَن لَهُم النّظر فِي أمره وَأَن فِي بَيْعه حظا وافرا ومصلحة ظَاهِرَة لجِهَة الْوَقْف الْمَذْكُور وَأَن الثّمن الْآتِي تَعْيِينه فِيهِ ثمن الْمثل لَهُ يَوْمئِذٍ وَثُبُوت ذَلِك جَمِيعه عِنْد الْحَاكِم الْآذِن الثُّبُوت الشَّرْعِيّ بِشَهَادَة من يعين ذَلِك فِي رسم شَهَادَته آخِره وَذَلِكَ جَمِيع الْمَكَان الْفُلَانِيّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 ويصفه ويحدده شِرَاء شَرْعِيًّا وبيعا قَاطعا فاصلا مَاضِيا مرضيا لَازِما لَا شَرط فِيهِ وَلَا فَسَاد وَلَا دُلْسَة وَلَا تلجئة وَلَا عدَّة وَلَا دينا وَلَا توثقا بدين وَلَا على جِهَة تخَالف ظَاهره بِثمن مبلغه كَذَا دفع المُشْتَرِي إِلَى البَائِع الْمَذْكُور جَمِيع الثّمن الْمعِين فِيهِ فَقَبضهُ مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا وَاسْتقر فِي يَده ليَشْتَرِي بِهِ عقارا عَامِرًا فِيهِ مَنْفَعَة مُعْتَبرَة ويقفه عوضا عَنهُ على مُقْتَضى شَرطه فِي الْحَال والمآل بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيّ بَرِئت بذلك ذمَّة المُشْتَرِي الْمَذْكُور من الثّمن الْمعِين أَعْلَاهُ وَمن كل جُزْء مِنْهُ الْبَرَاءَة الشَّرْعِيَّة وَسلم البَائِع الْمَذْكُور إِلَى المُشْتَرِي الْمَذْكُور البيع الْمعِين فِيهِ فتسلمه مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا وَصَارَ ملكا طلقا من أَمْلَاك المُشْتَرِي الْمَذْكُور يتَصَرَّف فِيهِ وَفِيمَا شَاءَ مِنْهُ تصرف الْملاك فِي أملاكهم وَذَوي الْحُقُوق فِي حُقُوقهم من غير معَارض وَلَا مُنَازع وَلَا رَافع ليد وَذَلِكَ بعد الرُّؤْيَة والمعرفة وَالْمُعَاقَدَة الشَّرْعِيَّة والتفرق بالأبدان عَن ترَاض وَبعد أَن ثَبت عِنْد سيدنَا الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ مَا ذكر ثُبُوته أَعْلَاهُ وَبعد عرض الْمَبِيع الْمعِين أَعْلَاهُ وإشهاره والنداء عَلَيْهِ فِي مَوَاطِن الرغبات وَمحل الطلبات مُدَّة فَكَانَ أنهى مَا بذل فِيهِ: الثّمن الْمعِين أَعْلَاهُ بِحُضُور من ندب لذَلِك من الْعُدُول ولوجود المسوغ الشَّرْعِيّ الْمُقْتَضى لذَلِك ولجواز بَيْعه وَاعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره شرعا ويكمل ويؤرخ وَصُورَة بيع وقف داثر بمَكَان عَامر ليوقف مَكَانَهُ على مَذْهَب الإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل رَضِي الله عَنهُ: اشْترى فلَان من فلَان وَهُوَ بَائِع لما يذكر فِيهِ ويسوق الْكَلَام على نَحْو مَا تقدم إِلَى قَوْله بِشَهَادَة من يعين ذَلِك فِي رسم شَهَادَته آخِره ثمَّ يَقُول: جَمِيع الْمَكَان الْفُلَانِيّ الْمَوْقُوف على الْجِهَة الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ الخراب الداثر لما استهدم الْمُعَطل ويحدده شِرَاء شَرْعِيًّا بِجَمِيعِ الْمَكَان الْفُلَانِيّ العامر ويصفه ويحدده ثمَّ يَقُول: بِحُقُوق ذَلِك كُله دفع المُشْتَرِي الْمَذْكُور إِلَى البَائِع الْمَذْكُور جَمِيع الْمَكَان العامر الْمَذْكُور الْمَحْدُود الْمَوْصُوف بأعاليه فتسلمه تسلما شَرْعِيًّا وَسلم البَائِع إِلَى المُشْتَرِي جَمِيع الْمَبِيع الداثر المستهدم الْمَذْكُور أَعْلَاهُ فتسلمه مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا وَصَارَ ملكا طلقا من أَمْلَاك المُشْتَرِي الْمَذْكُور يتَصَرَّف فِيهِ وَفِيمَا شَاءَ مِنْهُ تصرف الْملاك فِي أملاكهم وَذَوي الْحُقُوق فِي حُقُوقهم بِحكم مَا عين وَبَين وَنَصّ وَشرح أَعْلَاهُ ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه ثمَّ يَقُول: وَبعد تَمام ذَلِك ولزومه شرعا وقف البَائِع الْمَذْكُور بِإِذن الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ جَمِيع الْمَكَان الَّذِي هُوَ الثّمن الْمعِين أَعْلَاهُ بحقوقه كلهَا وَقفا صَحِيحا شَرْعِيًّا على الْجِهَة الْمعينَة أَعْلَاهُ تجْرِي أجوره ومنافعه حَسْبَمَا هُوَ معِين ومبين ومشروط فِي الْحَال والمآل فِي كتاب وقف ذَلِك الْمُتَقَدّم تَارِيخه على تَارِيخه وَأشْهد عَلَيْهِ بذلك ويؤرخ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 وَصُورَة بيع العَبْد الْمَأْذُون: اشْترى فلَان من فلَان الْخَادِم الحبشي أَو الرُّومِي أَو غير ذَلِك من الْأَجْنَاس مَمْلُوك فلَان الَّذِي أذن لَهُ سَيّده الْمَذْكُور فِي التِّجَارَة والمعاملة وَالْمُضَاربَة والمداينة وَفِي شِرَاء مَا يرى شِرَاءَهُ وَبيع مَا يرى بَيْعه وَفِي دفع الثّمن عَمَّا يبتاعه وَقبض الثّمن عَمَّا يَبِيعهُ وَفِي التسلم وَالتَّسْلِيم وَالْمُكَاتبَة وَالْإِشْهَاد على الرَّسْم الْمُعْتَاد الْإِذْن الشَّرْعِيّ الشَّاهِد بِهِ كتاب الْإِذْن المتضمن لذَلِك وَلغيره المؤرخ بِكَذَا الثَّابِت بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ مَا ذكر أَنه لسَيِّده الْمَذْكُور وَملكه وبيد البَائِع حَالَة البيع وَذَلِكَ جَمِيع كَذَا وَكَذَا بِثمن مبلغه كَذَا دفع المُشْتَرِي الْمَذْكُور إِلَى البَائِع الْمَذْكُور جَمِيع الثّمن الْمعِين أَعْلَاهُ فَقَبضهُ مِنْهُ لسَيِّده الْمَذْكُور وأضافه إِلَى مَاله تَحت يَده من المَال قبضا شَرْعِيًّا ويكمل على نَحْو مَا سبق وَصُورَة مَا إِذا كَانَ العَبْد الْمَأْذُون هُوَ المُشْتَرِي: اشْترى فلَان العَبْد الْخَادِم مَمْلُوك فلَان الَّذِي أذن لَهُ سَيّده الْمَذْكُور فِي التِّجَارَة ويسوق مَا تقدم إِلَى آخِره من فلَان الْفُلَانِيّ لسَيِّده الْمَذْكُور وَمن مَاله الَّذِي هُوَ فِي يَده دون مَال نَفسه ويكمل وَيذكر فِي التَّسْلِيم: أَنه تسلم الْمَبِيع لسَيِّده الْمَذْكُور تسلما شَرْعِيًّا وَصُورَة بيع الْمكَاتب أم وَلَده مَعَ قدرته على أَدَاء مَال الْكِتَابَة وَمَعَ عَجزه وَهُوَ جَائِز عِنْد الشَّافِعِي خلافًا للباقين وَعند مَالك: الْجَوَاز مَعَ عجز الْمكَاتب عَن أَدَاء مَال الْكِتَابَة: اشْترى فلَان من فلَان مكَاتب فلَان بِإِذن سَيّده الْمَذْكُور أم وَلَده لصلبه فُلَانَة المعترفة للْمكَاتب البَائِع بِالرّقِّ والعبودية وَأَنَّهَا أم وَلَده لصلبه فلَان وَأَنه وَطئهَا بِملك الْيَمين الصَّحِيح الشَّرْعِيّ وأولدها الْوَلَد الْمَذْكُور مَعَ قدرته على أَدَاء مَال الْكِتَابَة باعترافه بذلك لشهوده وَذَلِكَ جَمِيع كَذَا شِرَاء شَرْعِيًّا بِثمن مبلغه كَذَا دفع المُشْتَرِي إِلَى البَائِع جَمِيع الثّمن الْمعِين أَعْلَاهُ فَقَبضهُ مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا ويكمل الْمُبَايعَة بشروطها الْمُعْتَبرَة وَيرْفَع إِلَى حَاكم شَافِعِيّ يحكم بِصِحَّة البيع مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ وَإِن كَانَ البيع لعَجزه عَن أَدَاء مَال الْكِتَابَة فَيَقُول: وَهُوَ بَائِع لما يَأْتِي ذكره فِيهِ لعَجزه عَن أَدَاء مَال الْكِتَابَة ويكمل على نَحْو مَا سبق شَرحه وَيرْفَع إِلَى حَاكم مالكي يُثبتهُ وَيثبت الْعَجز وَيحكم بِصِحَّة البيع مَعَ الْعَجز عَن أَدَاء مَال الْكِتَابَة مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ وَصُورَة بيع الْبَالِغ الثَّابِت رشده بعد الْحجر عَلَيْهِ: اشْترى فلَان من فلَان البَائِع الْكَامِل الرشيد الثَّابِت رشده بعد الْحجر عَلَيْهِ وَأَنه يسْتَحق فك الْحجر عَنهُ وَإِطْلَاق تَصَرُّفَاته الشَّرْعِيَّة لَدَى سيدنَا فلَان الدّين بِمُقْتَضى الْمحْضر الشَّرْعِيّ المتضمن لذَلِك المؤرخ بِكَذَا ويكمل الْمُبَايعَة على نَحْو مَا تقدم شَرحه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 وَصُورَة بيع الْأَخْرَس وشرائه: يُقَاس على مَا سبق فِي حَقه من الْإِشَارَة المفهمة الْقَائِمَة مقَام النُّطْق مِنْهُ فِي كتاب الْإِقْرَار وَصُورَة بيع الصَّبِي الْمُمَيز بِإِذن وليه على مَذْهَب الإِمَام أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ: اشْترى فلَان من فلَان الْمُمَيز وَهُوَ بَائِع بِإِذن فلَان الْوَصِيّ الشَّرْعِيّ عَلَيْهِ والمتكلم لَهُ فِي مَصَالِحه وَمَاله بِمُقْتَضى الْوَصِيَّة الشَّرْعِيَّة المسندة إِلَيْهِ من وَالِد البَائِع الْمَذْكُور المتضمنة لذَلِك وَلغيره المحضرة من يَده لشهوده المؤرخة بِكَذَا الثَّابِت مضمونها بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ ومشاورته لوصيه الْمَذْكُور ويكمل وَيرْفَع إِلَى حَاكم حَنَفِيّ يُثبتهُ وَيحكم بِمُوجبِه مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ وَصُورَة بيع الصَّبِي الْمُمَيز لاحقة للْبيع بعد وُقُوع العقد والتقابض على مَذْهَب أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ: اشْترى فلَان من فلَان الصَّبِي الْمُمَيز ويكمل إِلَى آخر المعاقدة وَإِذا انْتهى كتاب التبايع واستوفيت شُرُوطه يَقُول: وَحضر ولي البَائِع الْمَذْكُور ووصيه الشَّرْعِيّ ويحكي الْوَصِيَّة وتاريخها وثبوتها كَمَا تقدم وَأَجَازَ مَا فعله البَائِع الْمَذْكُور من البيع وَقبض الثّمن وَتَسْلِيم الْمَبِيع وَالْمُكَاتبَة وَالْإِشْهَاد إجَازَة شَرْعِيَّة صَحَّ بهَا عقد البيع المشروح أَعْلَاهُ على مَذْهَب من يرى ذَلِك من السَّادة الْعلمَاء رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ وَيرْفَع إِلَى حَاكم حَنَفِيّ يُثبتهُ وَيحكم بِمُوجبِه مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ وَصُورَة بيع الصَّبِي الْمُمَيز بِإِذن الْوَلِيّ وإشرافه على مَذْهَب الإِمَام أَحْمد رَضِي الله عَنهُ: اشْترى فلَان من فلَان الصَّبِي الْمُمَيز بِإِذن وليه الشَّرْعِيّ فلَان وإشرافه وَهُوَ الْوَصِيّ الشَّرْعِيّ فِي أَمر الْيَتِيم وَمَاله بِمُقْتَضى الْوَصِيَّة الشَّرْعِيَّة المسندة إِلَيْهِ من وَالِد الصَّغِير الْمَذْكُور وَيذكر تاريخها وثبوتها كَمَا تقدم ويكمل الْمُبَايعَة إِلَى آخرهَا بِالشُّرُوطِ الْمُعْتَبرَة وَيَقَع الْإِشْهَاد على الْمُتَبَايعين وَالْوَلِيّ والآذن بذلك وَيرْفَع إِلَى حَاكم حنبلي يُثبتهُ وَيحكم بِمُوجبِه مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ وَصُورَة بيع الصَّبِي الْمُمَيز بِغَيْر إِيجَاب وَلَا قبُول بِإِذن الْوَلِيّ أَو بِإِجَازَة لاحقة بِالْعقدِ على إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ من مَذْهَب أبي حنيفَة وَهِي أَنه يجوز بيع الْجَلِيل والحقير بِغَيْر إِيجَاب وَلَا قبُول: اشْترى فلَان من فلَان الصَّبِي الْمُمَيز اشْترى مِنْهُ فَبَاعَهُ من غير معاقدة بِإِيجَاب وَلَا قبُول وَلَكِن دفع إِلَيْهِ الْمبلغ الْآتِي ذكره فِيهِ ثمنا عَن الدَّار الْفُلَانِيَّة ويصفها ويحددها ثمَّ يَقُول: شِرَاء شَرْعِيًّا بِثمن مبلغه كَذَا دَفعه المُشْتَرِي الْمَذْكُور إِلَى البَائِع الْمَذْكُور فَقَبضهُ مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا وتسلم الْمَبِيع فَإِن كَانَ المُشْتَرِي مَا رأى الْمَبِيع فَيَقُول بدل الرُّؤْيَة والمعرفة وَللْمُشْتَرِي الْخِيَار عِنْد رُؤْيَة الْمَبِيع الْمَذْكُور إِن شَاءَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 أمْسكهُ وَإِن شَاءَ رده ثمَّ يَقُول: وَحضر فلَان وَصِيّ البَائِع الْمَذْكُور والناظر فِي أمره بِمُقْتَضى الْوَصِيَّة الشَّرْعِيَّة المسندة إِلَيْهِ من وَالِده الْمَذْكُور وَيذكر مضمونها وتاريخها وثبوتها كَمَا تقدم وَأَجَازَ مَا فعله البَائِع الْمَذْكُور إجَازَة شَرْعِيَّة مُعْتَبرَة مرضية ويكمل وَيرْفَع إِلَى حَاكم حَنَفِيّ ويثبته وَيحكم بِمُوجبِه مَعَ الْعلم بِمَا فِيهِ من الْخلاف من كَون البيع وَقع بِغَيْر معاقدة وَكَون المُشْتَرِي لم ير الْمَبِيع وَصُورَة بيع الْبَالِغ الْعَاقِل بِغَيْر إِيجَاب وَلَا قبُول على إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ من مَذْهَب أبي حنيفَة وعَلى مَذْهَب مَالك على الْإِطْلَاق خلافًا ل لشافعي على الْإِطْلَاق عِنْده: أَنه لَا يجوز البيع فِي جليل وَلَا حقير بِغَيْر إِيجَاب وَلَا قبُول وَخِلَافًا ل أَحْمد فِي كَونه لَا يَصح عِنْده البيع بِغَيْر إِيجَاب وَلَا قبُول إِلَّا فِي المحقرات كَمَا تقدم فِي مسَائِل الْخلاف اشْترى فلَان من فلَان جَمِيع الْمَكَان الْفُلَانِيّ ويصفه ويحدده شِرَاء وبيعا صدر بَين الْمُتَبَايعين الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ من غير إِيجَاب وَلَا قبُول لِكَوْنِهِمَا رَأيا ذَلِك بيعا وتراضيا بِهِ بِمَا مبلغه كَذَا ثمَّ يذكر الْقَبْض وَالتَّسْلِيم والرؤية النافية للْجَهَالَة ويكمل بِالْإِشْهَادِ وَيرْفَع إِلَى حَاكم حَنَفِيّ أَو مالكي يُثبتهُ وَيحكم بِمُوجبِه مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ وَصُورَة البيع بِلَفْظ المعاطاة على مَذْهَب الإِمَام مَالك رَضِي الله عَنهُ: هَذَا مَا أعْطى فلَان لفُلَان أعطَاهُ مَا ذكر أَنه لَهُ وَملكه وَبِيَدِهِ وَتَحْت تصرفه حَالَة البيع وَذَلِكَ جَمِيع الْمَكَان الْفُلَانِيّ ويصفه ويحدده عَطاء شَرْعِيًّا جَائِزا فَأَخذه مِنْهُ بمبلغ كَذَا وَدفع إِلَيْهِ الْمبلغ الْمَذْكُور فَقَبضهُ مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا وَسلم إِلَيْهِ الدَّار المعطاة أَعْلَاهُ فتسلمها مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا بعد الرُّؤْيَة والمعرفة النافية للْجَهَالَة وجريان المعطاة بَينهمَا فِي ذَلِك والتسلم ورضاهما بذلك واعتقادهما بِأَن ذَلِك بيع وَأَن الْمُسلمين رَأَوْهُ حسنا ويكمل بِالْإِشْهَادِ ويؤرخ وَيرْفَع إِلَى حَاكم مالكي يُثبتهُ وَيحكم بِمُوجبِه مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ فِي صِحَّته عِنْده على الْإِطْلَاق أَو عِنْد أبي حنيفَة فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنهُ أَو عِنْد أَحْمد فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَخِلَافًا لَهما فِي الرِّوَايَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ عَنْهُمَا وَخِلَافًا للشَّافِعِيّ على الْإِطْلَاق وَصُورَة بيع كلب مَأْذُون فِيهِ وَهُوَ كلب الصَّيْد على مَذْهَب أبي حنيفَة وَمَالك خلافًا للشَّافِعِيّ وَأحمد: اشْترى فلَان من فلَان جَمِيع الْكَلْب الْأسود أَو الأبقع أَو السلوقي الصيدي الْبَالِغ شِرَاء تَاما بِثمن مبلغه كَذَا ويكمل إِلَى آخر التبايع وَيرْفَع إِلَى حَاكم حَنَفِيّ أَو مالكي يُثبتهُ وَيحكم بِمُوجبِه مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ وَصُورَة بيع السرجين أَو الزَّيْت النَّجس أَو السّمن النَّجس: اشْترى فلَان من فلَان جَمِيع المزبلة الْمُشْتَملَة على سرجين وتبن وقش الْمَجْمُوعَة بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ الَّتِي هِيَ مربعة الْوَضع فِي جمعهَا وذرعها قبْلَة وَشمَالًا كَذَا وَكَذَا ذِرَاعا وشرقا وغربا كَذَا وَكَذَا ذِرَاعا وارتفاعها من الأَرْض الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 كَذَا وَكَذَا ذِرَاعا بالذرع النجاري ويحدد الْمَكَان الَّذِي بِهِ المزبلة الْمَبِيعَة ثمَّ يَقُول: شِرَاء شَرْعِيًّا بِثمن مبلغه كَذَا ويكمل التبايع وَيرْفَع إِلَى حَاكم حَنَفِيّ يُثبتهُ وَيحكم بِمُوجبِه مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ وَإِن كَانَ الْمَبِيع زيتا أَو سمنا نجسا فيذكر وَزنه وَأَنه نجس ويكمل الْمُبَايعَة وَيرْفَع إِلَى حَاكم حَنَفِيّ يُثبتهُ وَيحكم بِمُوجبِه مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ وَصُورَة البيع فِي الْمَسْجِد وثبوته عِنْد أحد الْحُكَّام مَا عدا الْحَنْبَلِيّ فَإِن البيع فِي الْمَسْجِد بَاطِل عِنْده: اشْترى فلَان من فلَان فَبَاعَهُ بِالْمَسْجِدِ الْجَامِع جَمِيع كَذَا وَكَذَا ويكمل الْمُبَايعَة بشروطها الْمُعْتَبرَة وَيرْفَع إِلَى حَاكم شَافِعِيّ أَو حَنَفِيّ أَو مالكي يُثبتهُ وَيحكم بِمُوجبِه مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ وَإِن كَانَ البيع وَقع فِي الْمَسْجِد وَلم يحكم بِهِ أحد من الثَّلَاثَة الْمَذْكُورين وَأَرَادَ أحد الحكم بِبُطْلَان البيع عِنْد الْحَنْبَلِيّ يَقع التداعي فِيهِ عِنْده وَتقوم الْبَيِّنَة بجريان عقد التبايع بَينهمَا فِي ذَلِك فِي الْمَسْجِد الْجَامِع وَيسْأل أَحدهمَا الحكم بِبُطْلَان البيع فَيحكم بذلك مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ وَصُورَة بيع عين غَائِبَة بِالْوَصْفِ لَا بِالرُّؤْيَةِ: اشْترى فلَان من فلَان جَمِيع الدَّار الَّتِي صفتهَا كَذَا ويحدد شِرَاء شَرْعِيًّا بِثمن مبلغه كَذَا وَيذكر قبض الثّمن والتخلية بَين المُشْتَرِي وَبَين الْمَبِيع وَالْمُعَاقَدَة الشَّرْعِيَّة مَعَ كَون الْمُتَبَايعين لم يَكُونَا رَأيا الْمَبِيع وَإِنَّمَا وصف لَهما ويكمل وَيرْفَع إِلَى حاك حَنَفِيّ أَو مالكي أَو حنبلي يُثبتهُ وَيحكم بِصِحَّة البيع مَعَ كَون الْمَبِيع مَوْصُوفا لَا مرئيا مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ فِي ذَلِك مَعَ الشَّافِعِي فِي أحد قوليه وَصُورَة بيع عين غَائِبَة غير مرئية وَلَا مَوْصُوفَة: اشْترى فلَان من فلَان جَمِيع الدَّار الَّتِي بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيّ ويحددها من غير وصف بِثمن مبلغه كَذَا وَيذكر دفع الثّمن وَقَبضه والتخلية بَين المُشْتَرِي وَبَين الْمَبِيع التَّخْلِيَة الشَّرْعِيَّة الْقَائِمَة مقَام التَّسْلِيم الْمُوجبَة للتسليم شرعا ثمَّ يَقُول: وَللْمُشْتَرِي الْخِيَار إِذا رَآهَا بَين الرَّد والإمساك ويكمل بِالْإِشْهَادِ وَيرْفَع إِلَى حَاكم حَنَفِيّ يُثبتهُ وَيحكم بِمُوجبِه أَو إِلَى حَاكم حنبلي يُثبتهُ إِن رأى الْعَمَل بالرواية الثَّانِيَة من مذْهبه وَيحكم بِمُوجبِه وَأَن العقد جَائِز عِنْده: وَللْمُشْتَرِي الْخِيَار إِذا رَآهَا واطلع على عيب شَرْعِي بَين الرَّد والإمساك وَصُورَة بيع أعمى من أعمى أَو أعمى من بَصِير أَو بَصِير من أعمى وَقد وصف الْمَبِيع: اشْترى فلَان الْأَعْمَى الَّذِي لَا يبصر أَيْضا جَمِيع الْمَكَان الْفُلَانِيّ الَّذِي وصف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 لَهما وَعرفا صفته واعترفا بذلك عِنْد شُهُوده ويحدد ويكمل الْمُبَايعَة إِلَى التَّسْلِيم وَيَقُول: وَسلم إِلَيْهِ الْمَبِيع الْمَوْصُوف فِيهِ فتسلمه مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا بعد الْوَصْف الْكَامِل الَّذِي اعترفا بمعرفته وفهمه وقيامه عِنْدهمَا مقَام الرُّؤْيَة ويكمل بِالْإِشْهَادِ وَيرْفَع إِلَى قَاض غير شَافِعِيّ يُثبتهُ وَيحكم بِمُوجبِه مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ فِي ذَلِك مَعَ الشَّافِعِي فِي أحد قوليه وَكَذَلِكَ يكْتب بَين أعمى وبصير وَصُورَة بيع الملاهي أَو ملهاة وَاحِدَة وَهِي أَنْوَاع: الطبل وَالْعود والمزمار والقانون والجنك والطنبور والصنطير والششتاه والأرغل والقبز والدف والصنوج والشبابة فَعِنْدَ أبي حنيفَة يجوز بيع هَذِه كلهَا وَيجب الضَّمَان على متلفها عِنْده خلافًا للباقين: اشْترى فلَان من فلَان جَمِيع الملهاة الْمَعْرُوفَة بِكَذَا الْمُشْتَملَة على أَلْوَاح من الْخشب الْجَوْز أَو البقس أَو الآبنوس أَو من عظم العاج وعَلى أوتار من نُحَاس أَو حَرِير عدتهَا كَذَا وَكَذَا وترا شِرَاء شَرْعِيًّا بِثمن مبلغه كَذَا وَكَذَا ويكمل الْمُبَايعَة بشروطها وَيرْفَع إِلَى حَاكم حَنَفِيّ يُثبتهُ وَيحكم بِمُوجبِه مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ وَصُورَة اعْتِرَاف المُشْتَرِي أَنه كَانَ وَكيلا لفُلَان عِنْد الشِّرَاء وَيكْتب على مَكْتُوب التبايع: حضر إِلَى شُهُوده فِي يَوْم تَارِيخه فلَان المُشْتَرِي الْمَذْكُور بَاطِنه وَأشْهد عَلَيْهِ شُهُوده طَائِعا مُخْتَارًا فِي صِحَّته وسلامته: أَنه لما ابْتَاعَ الْمَبِيع الْمَحْدُود الْمَوْصُوف بَاطِنه من البَائِع الْمَذْكُور بَاطِنه بِالثّمن الْمعِين بَاطِنه إِنَّمَا كَانَ ابتاعه لفُلَان وبماله دون مَال نَفسه حسب تَوْكِيله إِيَّاه فِي ذَلِك وَفِي دفع الثّمن وتسلم الْمَبِيع من بَائِعه وَالْمُكَاتبَة وَالْإِشْهَاد على الرَّسْم الْمُعْتَاد التَّوْكِيل الشَّرْعِيّ الصَّادِر قبل وُقُوع العقد الْمعِين بَاطِنه الَّذِي قبله مِنْهُ الْقبُول الشَّرْعِيّ وَأَنه دفع الثّمن من مَال مُوكله الْمَذْكُور وتسلم لَهُ الْمَبِيع الْمَذْكُور التسلم الشَّرْعِيّ وَأَن الْمَبِيع الْمعِين بَاطِنه ملك الْمُوكل الْمَذْكُور وَحقّ من حُقُوقه وواجب من واجباته لَا حق لَهُ مَعَه فِي ذَلِك وَلَا فِي شَيْء مِنْهُ وَأَن كل مَا أوجبته أَحْكَام البيع وتوجبه بِحَق هَذَا التبايع المشروح فِيهِ فَهُوَ للْمُوكل الْمَذْكُور أَعْلَاهُ دونه وَدون كل أحد بتسببه وَصدقه الْمُوكل الْمَذْكُور على ذَلِك كُله التَّصْدِيق الشَّرْعِيّ ويكمل ويؤرخ وَصُورَة إِقْرَار الْوَرَثَة أَن مُورثهم بَاعَ وَقبض الثّمن قبل وَفَاته: حضر إِلَى شُهُوده فِي يَوْم تَارِيخه فلَان وَفُلَان أَوْلَاد فلَان وَأشْهدُوا على أنفسهم طَوْعًا فِي صحتهم وسلامتهم: أَن والدهم الْمَذْكُور أَعْلَاهُ بَاعَ قبل وَفَاته إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى لفُلَان فَابْتَاعَ مِنْهُ مَا كَانَ جَارِيا فِي ملك مُورثهم الْمَذْكُور وَبِيَدِهِ وتصرفه إِلَى تَارِيخ البيع الصَّادِر بَينهمَا ذَلِك فِي شهر كَذَا من سنة كَذَا وَذَلِكَ: جَمِيع الْمَكَان الْفُلَانِيّ ويصفه ويحدده بيعا وَشِرَاء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 صَحِيحَيْنِ شرعيين لَا شَرط فيهمَا وَلَا فَسَاد وَلَا على جِهَة تخَالف ظَاهره بِثمن مبلغه كَذَا وَأَن مُورثهم الْمَذْكُور قبض من المُشْتَرِي الْمَذْكُور جَمِيع الثّمن الْمعِين أَعْلَاهُ حَالَة التعاقد الْجَارِي بَينهمَا على ذَلِك فِي التَّارِيخ الْمعِين أَعْلَاهُ قبضا شَرْعِيًّا وَسلم إِلَيْهِ الْمَبِيع الْمَذْكُور أَعْلَاهُ فتسلمه مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا تسلم مثله لمثل ذَلِك شرعا وَأَن الْمَكَان الْمَذْكُور ملك من أَمْلَاك فلَان الْمَذْكُور دون ملكهم وَأَن كلا مِنْهُم لايستحق مَعَه الْمَبِيع الْمعِين أَعْلَاهُ وَلَا فِي شَيْء مِنْهُ حَقًا وَلَا استحقاقا وَلَا دَعْوَى وَلَا طلبا بِوَجْه وَلَا سَبَب وَلَا إِرْثا وَلَا موروثا وَلَا شَيْئا قل وَلَا جلّ وَصدقهمْ الْمَشْهُود لَهُ الْمَذْكُور على ذَلِك كُله تَصْدِيقًا شَرْعِيًّا ويكمل ويؤرخ وَصُورَة التقايل بَين الْمُتَبَايعين فِي البيع وَيكْتب على ظهر الْمَكْتُوب تقايل الْمُتَبَايعَانِ الْمَذْكُورَان بَاطِنه وهما فلَان وَفُلَان أَحْكَام التبايع الصَّادِر بَينهمَا فِي الْمَبِيع الْمَوْصُوف الْمَحْدُود بَاطِنه تَقَايلا شَرْعِيًّا وفسخا عقد البيع الْمَذْكُور بَاطِنه فسخا شَرْعِيًّا وتسلم كل مِنْهُمَا من الآخر مَا وَجب لَهُ تسلمه شرعا وتصادقا على ذَلِك كُله تَصَادقا شَرْعِيًّا ويؤرخ وَصُورَة رد المُشْتَرِي على البَائِع الْمَبِيع بِالْعَيْبِ الَّذِي اطلع عَلَيْهِ: حضر إِلَى شُهُوده فِي يَوْم تَارِيخه فلَان وَأشْهد عَلَيْهِ أَنه كَانَ ابْتَاعَ من فلَان من قبل تَارِيخه جَمِيع الْمَكَان الْفُلَانِيّ أَو العَبْد الْفُلَانِيّ بِثمن مبلغه كَذَا وَأَنه اطلع فِي يَوْم تَارِيخه على أَن بِالْمَكَانِ الْمَذْكُور أَو العَبْد الْمَذْكُور عَيْبا قَدِيما يُوجب الرَّد وَينْقص الثّمن وَهُوَ كَذَا وَكَذَا وَأَنه حِين اطِّلَاعه على الْعَيْب الْمَذْكُور بَادر على الْفَوْر وَاخْتَارَ فسخ البيع ورد الْمَبِيع على بَائِعه بِالْعَيْبِ الْمَذْكُور وَأَنه بَاقٍ على طلب الرَّد واستعادة الثّمن الَّذِي أقبضهُ إِيَّاه وَرفع يَده عَن التَّصَرُّف فِي الْمَبِيع الْمَذْكُور رفعا شَرْعِيًّا ويؤرخ وَصُورَة التعويض الْحكمِي عَن دين شَرْعِي فِي ذمَّة ميت من مجْلِس حَاكم شَرْعِي: عوض فلَان بِإِذن سيدنَا فلَان الدّين وَأمره الْكَرِيم لفُلَان عَن جَمِيع مَا وَجب لَهُ فِي ذمَّة فلَان الْمُتَوفَّى إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى قبل تَارِيخه وَفِي تركته من الدّين الشَّرْعِيّ الْآتِي تَعْيِينه فِيهِ الشَّاهِد بِهِ مسطور الدّين المكتتب عَلَيْهِ بذلك المؤرخ بِكَذَا الثَّابِت مضمونه وجريان حلف المعتاض على اسْتِحْقَاقه حَال حلفه فِي ذمَّة الْمَدِين الْمَذْكُور وَفِي تركته لجَمِيع الدّين الْمعِين أَعْلَاهُ وعَلى عدم الْمسْقط والمبطل لذَلِك عِنْد سيدنَا فلَان الْحَاكِم الْآذِن الْمشَار إِلَيْهِ الْيَمين الشَّرْعِيَّة الجامعة لمعاني الْحلف شرعا الْمُعْتَبرَة فِي الحكم على الْمَيِّت شرعا وَحكم الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ بذلك حكما شَرْعِيًّا حَسْبَمَا تضمنه إشهاده بذلك المؤرخ بِكَذَا مَا هُوَ ملك مخلف عَن فلَان وَذَلِكَ جَمِيع الْمَكَان الْفُلَانِيّ ويوصف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 ويحدد عَن دينه الثَّابِت الْمعِين أَعْلَاهُ تعويضا صَحِيحا شَرْعِيًّا مُشْتَمِلًا على الْإِيجَاب وَالْقَبُول والتسلم وَالتَّسْلِيم بِالْإِذْنِ الشَّرْعِيّ الْمشَار إِلَيْهِ وَذَلِكَ بعد النّظر والمعرفة والإحاطة بذلك علما وخبرة نَافِيَة للْجَهَالَة والتفرق بالأبدان عَن ترَاض والإنفاذ لذَلِك وَالْإِجَازَة لجميعه وَضَمان الدَّرك فِي ذَلِك لَازم حَيْثُ يُوجِبهُ الشَّرْع الشريف وَيذكر ثُبُوت وَفَاة الْمَدِين وَأَن المعوض ملكه مخلف عَنهُ وَأَن قيمَة المعوض نَظِير الدّين وَأَنه أشهر وَنُودِيَ عَلَيْهِ ويكمل ويؤرخ وَإِن كَانَ التعويض عَن صدَاق فيذكر عوض المسطور الصَدَاق ومبلغه وتاريخه وثبوته وَحلف الزَّوْجَة على اسْتِحْقَاقهَا لجميعه ويعوضها مَنْصُوب القَاضِي بِإِذْنِهِ أَو يكون للْمَيت وَارِث بَالغ يعوض عَن نَفسه وبإذن القَاضِي عَن غير الْبَالِغ من إخْوَته الْأَيْتَام الصغار إِن كَانَ فَإِن كَانَ التعويض بعقار عَن دين وَفرض وصداق الْمَسْأَلَة بِحَالِهَا يعوض الْوَصِيّ على الْأَيْتَام ويشرح الْوَصِيَّة أَو بِإِذن الْحَاكِم للزَّوْجَة عَن جَمِيع صَدَاقهَا الَّذِي تزَوجهَا عَلَيْهِ الْمُتَوفَّى وَيذكر قدره وتاريخه وثبوته وَعَن دينهَا الثَّابِت فِي ذمَّة الْمُتَوفَّى بِمُقْتَضى المسطور الشَّرْعِيّ وَيذكر قدره وتاريخه وثبوته وَعَن الْفَرْض الشَّرْعِيّ المتجمد لَهَا فِي ذمَّة زَوجهَا الْمَذْكُور الَّذِي صرفته فِي نَفَقَة أَوْلَادهَا لبطنها مِنْهُ المعوض عَلَيْهِم الْمَذْكُورين بِإِذن الْحَاكِم فِي النَّفَقَة عَلَيْهِم من مَاله والاستدانة على ذمَّته والإنفاق وَالرُّجُوع فِي تَرِكَة والدهم الْمَذْكُور بِمُقْتَضى كتاب الْإِذْن الْحكمِي الْمحْضر من يَدهَا المتضمن لذَلِك المؤرخ بِكَذَا وَثُبُوت ذَلِك كُله عِنْد الْحَاكِم الْآذِن الْمشَار إِلَيْهِ وَثُبُوت جَرَيَان حلف المعوضة على اسْتِحْقَاق جَمِيع الصَدَاق وَجَمِيع الدّين وَجَمِيع مبلغ الْفَرْض وَهُوَ كَذَا وَكَذَا فِي ذمَّة زَوجهَا الْمَذْكُور وَفِي تركته حَال حَلفهَا وَأَنَّهَا أنفقت الْفَرْض الْمَذْكُور على أَوْلَادهَا الْمَذْكُورين وعَلى عدم الْمسْقط والمبطل لذَلِك ويصف الْعقار المعوض ويحدده وَيذكر: أَنه مخلف عَن زَوجهَا وبيد المعوض وَبَقِيَّة الْوَرَثَة حَالَة التعويض ويكمل كتاب التعويض بِشُرُوطِهِ الْمُعْتَبرَة من الْإِيجَاب وَالْقَبُول والتسلم وَالتَّسْلِيم والرؤية والمعرفة النافية للْجَهَالَة وَبَرَاءَة ذمَّة المعوض عَنهُ الْمُتَوفَّى الْمَذْكُور من جَمِيع الصَدَاق وَالدّين وَالنَّفقَة الْمَفْرُوضَة الْمعِين ذَلِك أَعْلَاهُ الْبَرَاءَة الشَّرْعِيَّة وَأَن المعوض بِهِ الْمعِين أَعْلَاهُ صَار ملكا من أَمْلَاك المعتاضة الْمَذْكُورَة وَحقا من حُقُوقهَا وَيذكر ثُبُوت جَرَيَان المعوض بِهِ فِي ملك الْمَدِين الْمُتَوفَّى الْمَذْكُور إِلَى حِين التعويض وَيذكر الْقيمَة وَالْإِشْهَاد والنداء ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه وَصُورَة التعويض الأهلي فِي عقار بعقار: عوض فلَان لفُلَان عَن جَمِيع الدَّار الْجَارِيَة فِي ملك فلَان المعتاض وَبِيَدِهِ حَالَة التعويض الَّتِي هِيَ بِمَدِينَة كَذَا وتوصف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 وتحدد جَمِيع الْحَانُوت الْفُلَانِيّ ويصفه ويحدده أَيْضا مُعَاوضَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة لَازِمَة ممضاة مُشْتَمِلَة على الْإِيجَاب وَالْقَبُول الشرعيين وتسلم المعتاض الْمَذْكُور جَمِيع الْحَانُوت الْمَذْكُور وتسلم المعوض جَمِيع الدَّار الْمَذْكُورَة تسلما شَرْعِيًّا وَصَارَ مَا تسلمه كل مِنْهُمَا ملكا لَهُ وَحقا من حُقُوقه وواجبا من واجباته يتَصَرَّف فِيهِ بِحكم هَذَا التعويض تصرف الْملاك فِي أملاكهم وَذَوي الْحُقُوق فِي حُقُوقهم من غير معَارض وَلَا مُنَازع وَلَا رَافع ليد وَضمن كل مِنْهُمَا الدَّرك والتبعة لصَاحبه فِيمَا صَار إِلَيْهِ من ذَلِك ضمانا شَرْعِيًّا ويذيل بِالْإِقْرَارِ بِعَدَمِ الِاسْتِحْقَاق لكل مِنْهُمَا للْآخر فِيمَا صَار إِلَيْهِ ويكمل وَصُورَة التعويض عَن دين فِي الذِّمَّة: عوض فلَان لفُلَان عَن جَمِيع دينه الْوَاجِب لَهُ فِي ذمَّته وَجُمْلَته كَذَا بِمُقْتَضى المسطور الشَّرْعِيّ الْمحْضر لشهوده المؤرخ بتاريخ كَذَا وَإِن كَانَ التعويض للزَّوْجَة عَن صَدَاقهَا يَقُول: عوض فلَان زَوجته فُلَانَة عَن جَمِيع صَدَاقهَا المستقر فِي ذمَّته لَهَا بِالدُّخُولِ والإصابة أَو عَن شطر مبلغ صَدَاقهَا الْوَاجِب لَهَا عَلَيْهِ بِالطَّلَاق قبل الدُّخُول بهَا والإصابة وَهُوَ كَذَا وَكَذَا مَا ذكر المعوض الْمَذْكُور أَنه لَهُ وَبِيَدِهِ وَملكه وَتَحْت تصرفه إِلَى حِين هَذَا التعويض وَذَلِكَ جَمِيع كَذَا وَكَذَا ويصفه ويحدده تعويضا صَحِيحا شَرْعِيًّا ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه وَصُورَة مناقلة عَن يَتِيم بِمُبَاشَرَة وَصِيّه الشَّرْعِيّ: هَذَا مَا تناقل عَلَيْهِ فلَان وَفُلَان فَالْأول مِنْهُمَا: مناقل عَن نَفسه وَالثَّانِي: مناقل عَن فلَان ابْن فلَان الْيَتِيم الصَّغِير الَّذِي هُوَ تَحت نظره بِالْوَصِيَّةِ الشَّرْعِيَّة المسندة إِلَيْهِ من وَالِده الْمَذْكُور الَّتِي جعل لَهُ فِيهَا النّظر فِي أمره وَفعل مَا تَقْتَضِيه الْمصلحَة الشَّرْعِيَّة وَالتَّصَرُّف فِي مَاله على الْوَجْه الشَّرْعِيّ حَسْبَمَا تضمنه كتاب الْوَصِيَّة المؤرخ بِكَذَا الثَّابِت مضمونه بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ ولوجود الْحَظ والمصلحة الظاهرتين المسوغتين لذَلِك شرعا تناقل الْمثنى بِذكرِهِ بِمَا هُوَ جَار فِي ملك المناقل الأول وَفِي ملك الْيَتِيم المناقل عَلَيْهِ الْمُسَمّى أَعْلَاهُ وبيد المتناقلين حَالَة المناقلة وَذَلِكَ جَمِيع الْحصَّة الشائعة وقدرها كَذَا الْجَارِيَة فِي ملك المناقل الأول من جَمِيع الدَّار الْفُلَانِيَّة ويصفها ويحددها وينبه على أَن بَاقِيهَا جَار فِي ملك الْيَتِيم المناقل عَلَيْهِ إِلَى جَمِيع الْحصَّة الشائعة وقدرها كَذَا من جَمِيع الْحَانُوت الْجَارِي مِنْهُ هَذِه الْحصَّة فِي ملك الْيَتِيم الْمَذْكُور وَبَاقِيه جَار فِي ملك المناقل الأول ويصف الْحَانُوت ويحدد ثمَّ يَقُول: مناقلة صَحِيحَة شَرْعِيَّة تَامَّة مرضية لَازِمَة جرت بَينهمَا بِإِيجَاب وَقبُول شرعيين على الْوَضع الشَّرْعِيّ والقانون الْمُحَرر المرعي وَسلم المناقل الأول جَمِيع الْحصَّة من الدَّار الموصوفة المحدودة بأعاليه إِلَى الْوَصِيّ المناقل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 الْمَذْكُور فتسلمها مِنْهُ للْيَتِيم الْمَذْكُور تسلما شَرْعِيًّا وكمل للْيَتِيم بِهَذِهِ المناقلة وبملكه السَّابِق عَلَيْهَا ملك جَمِيع الدَّار الموصوفة المحدودة بأعاليه كمالا شَرْعِيًّا وَسلم الْوَصِيّ الْمَذْكُور إِلَى المناقل الأول بِالْإِذْنِ الْحكمِي الْمشَار إِلَيْهِ جَمِيع الْحصَّة من الْحَانُوت الْمَذْكُور فتسلمها مِنْهُ لنَفسِهِ تسلما شَرْعِيًّا كمل لَهُ بذلك وبملكه السَّابِق عَلَيْهِ ملك جَمِيع الْحَانُوت الْمَذْكُور كمالا شَرْعِيًّا وَذَلِكَ بعد الرُّؤْيَة والمعرفة النافية للْجَهَالَة والتفرق عَن ترَاض وَجرى ذَلِك بَينهمَا بِالْإِذْنِ الشَّرْعِيّ فِي المناقلة الْمَذْكُورَة بعد أَن ثَبت عِنْد سيدنَا فلَان الْحَاكِم الْآذِن الْمشَار إِلَيْهِ مَا ذكر ثُبُوته أَعْلَاهُ وَأَن الْحصَّة من الْحَانُوت الْمَذْكُور ملك الْيَتِيم الْمَذْكُور وبيد وَصِيّه لَهُ حَالَة المناقلة وَأَن الْحصَّة من الدَّار المناقل بهَا ملك المناقل الأول وَبِيَدِهِ حَالَة المناقلة وَأَن فِي هَذِه المناقلة للْيَتِيم الْمَذْكُور حظا وافرا وغبطة ظَاهِرَة وَاعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره شرعا ويكمل على نَحْو مَا تقدم وَصُورَة مناقلة الْأَخَوَيْنِ الشقيقين كَذَلِك يتولاها كل مِنْهُمَا بِنَفسِهِ لنَفسِهِ من الآخر وَإِذن الْحَاكِم لَيْسَ لَهُ هُنَا دُخُول بِاعْتِبَار أَنَّهُمَا بالغين عاقلين لَا حجر لأحد عَلَيْهِمَا وَصُورَة المناقلة بَين بَيت المَال بمرسوم شرِيف سلطاني: هَذَا مَا تناقل عَلَيْهِ سيدنَا فلَان وَكيل بَيت المَال الْمَعْمُور بالمملكة الْفُلَانِيَّة والأمير الْفُلَانِيّ فالمناقل المبدأ بِذكرِهِ مناقل حسب المرسوم الشريف العالي المولوي السلطاني الملكي الْفُلَانِيّ الْوَارِد إِلَيْهِ من الْأَبْوَاب الشَّرِيفَة الَّذِي مضمونه: أَن يتَقَدَّم فلَان وَكيل بَيت المَال الْمَعْمُور ويناقل الْمجْلس الْفُلَانِيّ بِمَا هُوَ جَار فِي إقطاعه بمنشور شرِيف إِلَى مَا هُوَ جَار فِي بَيت المَال الْمَعْمُور ومرصد لمصَالح الْمُسلمين من سد الثغور وَصرف أرزاق المتفقهة والمؤذنين وَغير ذَلِك وَهُوَ بيد بواب بَيت المَال الْمَعْمُور حَال هَذِه المناقلة وَهُوَ مؤرخ بِكَذَا مكمل بالخط الشريف والعلائم الْكَرِيمَة تناقل المتناقلان الْمشَار إِلَيْهِمَا أَعْلَاهُ بِالطَّرِيقِ المشروح أَعْلَاهُ بِمَا هُوَ جَار فِي أَمْلَاك بَيت المَال الْمَعْمُور حَسْبَمَا عين أَعْلَاهُ وَهُوَ جَمِيع السُّوق الحوانيت الْمُشْتَمل على صفّين مُتَقَابلين قبلي وشمالي كل صف مِنْهُمَا كَذَا وَكَذَا حانوتا يشْتَمل كل حَانُوت مِنْهَا على دَاخل ومساطب وأبواب وَبَين الصفين الْمَذْكُورين ممر يستطرق مِنْهُ الْمَارَّة ويعلوه جملون بأخشاب وأتار ومناور مركب على هَذَا السُّوق بَابَانِ من خشب الْجَوْز المصفح بِالنُّحَاسِ الْأَحْمَر مختصان بِهِ وَهُوَ مَعْرُوف بسكن التُّجَّار فِي القماش الملبوس أَو الْمَقْطُوع بالذراع وَهُوَ بِمَدِينَة كَذَا ويحدده بِمَا هُوَ جَار فِي إقطاع الجناب الْفُلَانِيّ الْمشَار إِلَيْهِ وَهُوَ جَمِيع الْقرْيَة وأراضيها الْجَارِيَة أَيْضا فِي بَيت المَال الْمَعْمُور وَهِي من جملَة إقطاع الجناب الْمشَار إِلَيْهِ وَفِي يَده حَالَة المناقلة وَهِي من أَعمال كَذَا وتشتمل على كَذَا ويصفها ويحددها بالأوصاف الْمُعْتَبرَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 فِيهَا كَمَا تقدم ثمَّ يَقُول: مناقلة صَحِيحَة شَرْعِيَّة مُشْتَمِلَة على الْإِيجَاب وَالْقَبُول صَار بهَا جَمِيع السُّوق الْمَوْصُوف الْمَحْدُود بأعاليه جَارِيا فِي إقطاع الجناب الْمشَار إِلَيْهِ وَصَارَت الْقرْيَة الموصوفة المحدودة بأعاليه جَارِيَة فِي جملَة مَا هُوَ جَار فِي بَيت المَال ومرصدة على الْجِهَات الْمعينَة والمصالح المبينة أَعْلَاهُ مصيرا شَرْعِيًّا وَسلم كل من المتناقلين الْمشَار إِلَيْهِمَا أَعْلَاهُ إِلَى الآخر مَا وَجب تَسْلِيمه إِلَيْهِ فتسلمه مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا كتسلم مثله لمثل ذَلِك وَذَلِكَ بعد أَن وقف المتناقلان الْمَذْكُورَان أَعْلَاهُ على مَا تناقلا عَلَيْهِ ورأياه الرُّؤْيَة الْكَامِلَة وعرفاه الْمعرفَة الشَّرْعِيَّة النافية للْجَهَالَة وَبعد أَن ثَبت بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ أَن لكل من الْجِهَتَيْنِ المتناقل فيهمَا مصلحَة ظَاهِرَة مسوغة للمناقلة شرعا وَاسْتِيفَاء الشَّرَائِط الشَّرْعِيَّة وَاعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره شرعا ويكمل بِالْإِشْهَادِ ويؤرخ صُورَة مناقلة وقف بوقف أَو وقف بِملك على مَذْهَب أبي حنيفَة وَيُسمى الِاسْتِبْدَال: ناقل فلَان وَهُوَ الْقَائِم فِيمَا ينْسب إِلَيْهِ بِإِذن سيدنَا فلَان الدّين الْحَنَفِيّ بالمملكة الْفُلَانِيَّة وَأمره الْكَرِيم على جِهَة أوقاف الْمدرسَة الْفُلَانِيَّة الْمَنْسُوب إيقافها إِلَى فلَان الْجَارِيَة تَحت نظر مَوْلَانَا فلَان الدّين الْمشَار إِلَيْهِ أَو تَحت نظر فلَان المقايض الْمشَار إِلَيْهِ لظُهُور الْمصلحَة لجِهَة الْوَقْف الْمَذْكُور فِي ذَلِك وَفُلَان فَإِن كَانَ المقايض الثَّانِي ناقل بوقف أَيْضا فَالْكَلَام كَمَا تقدم فِي الْوَقْف الأول وَإِن كَانَ ناقل بِملك فَلَا يَخْلُو: إِمَّا أَن يكون الْملك لَهُ أَو لمُوكلِه أَو لأيتام فَإِن كَانَ الْملك لَهُ فَيَقُول: وَهُوَ مناقل بِمَا هُوَ ملكه وَبِيَدِهِ وَتَحْت تصرفه حَالَة هَذِه المناقلة وَإِن كَانَ وَكيلا فِي ذَلِك فَيَقُول: وَهُوَ مناقل عَن فلَان حسب تَوْكِيله إِيَّاه فِي المناقلة بذلك على الْوَجْه الْآتِي شَرحه وَفِي التسلم وَالتَّسْلِيم وَالْمُكَاتبَة وَالْإِشْهَاد على الرَّسْم الْمُعْتَاد التَّوْكِيل الشَّرْعِيّ الْمُتَقَدّم على صُدُور هَذِه المناقلة الَّذِي قبله مِنْهُ قبولا شَرْعِيًّا بِشَهَادَة من يعين ذَلِك فِي رسم شَهَادَته آخِره وَإِن كَانَ لأيتام فَلَا يَخْلُو: إِمَّا أَن يكون المناقل وَصِيّا عَلَيْهِم أَو ناقل بِإِذن الْحَاكِم فَإِن كَانَ وَصِيّا ذكر مَضْمُون الْوَصِيَّة وتاريخها وثبوتها واتصالها بالحاكم الْآذِن وَإِن كَانَ نَاقِلا بِإِذن الْحَاكِم فَيَقُول: وَهُوَ مناقل بِإِذن سيدنَا فلَان وَأمره الْكَرِيم على الْأَيْتَام الصغار الَّذين هم فِي حجر الْحَاكِم الْعَزِيز وهم فلَان وَفُلَان وَفُلَان أَوْلَاد فلَان لوُجُود الْمصلحَة لَهُم فِي ذَلِك تناقل المتناقلان الْمَذْكُورَان أَعْلَاهُ بِالطَّرِيقِ المشروح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 أَعْلَاهُ فِيمَا هُوَ وقف صَحِيح شَرْعِي وَحبس صَرِيح مؤبد مرعي على الْمدرسَة الْفُلَانِيَّة ويصفها ويحددها ثمَّ يَقُول: وَهُوَ معِين فِي كتاب وَقفهَا وموصوف ومحدود بِهِ أَيْضا ثَابت الْكتاب الْمَذْكُور بالوقفية والملكية والحيازة للْوَاقِف الْمشَار إِلَيْهِ عِنْد سيدنَا فلَان وَحكم بِصِحَّة ذَلِك مؤرخ بَاطِن الْكتاب الْمَذْكُور بِكَذَا مُتَّصِل ثُبُوته بالسادة الموَالِي الْقُضَاة بالمملكة الْفُلَانِيَّة ثمَّ بسيدنا الْحَاكِم الْآذِن الْمشَار إِلَيْهِ الِاتِّصَال الشَّرْعِيّ إِلَى مَا هُوَ جَار فِي أَمْلَاك المناقل الثَّانِي وَيَده ثَابِتَة عَلَيْهِ إِلَى حَالَة هَذِه المناقلة أَو إِلَى مَا هُوَ جَار فِي ملك مُوكل المناقل الثَّانِي فلَان وَبِيَدِهِ وَتَحْت تصرفه حَال هَذِه المناقلة أَو إِلَى مَا هُوَ جَار فِي أَمْلَاك الْأَيْتَام الْمَذْكُورين وَهُوَ بيد المناقل عَلَيْهِم حَالَة هَذِه المناقلة وَهُوَ جَمِيع كَذَا وَكَذَا ويصفه ويحدده ثمَّ يَقُول: بِجَمِيعِ حُقُوق كل مَكَان من هذَيْن المكانين الْمَذْكُورين الْوَقْف الْمحبس وَالْملك الْمُطلق وطرقه ومنافعه ومرافقه إِلَى آخِره مناقلة صَحِيحَة شَرْعِيَّة واستبدالا لَازِما مرضيا مُعْتَبرا مرعيا صَار بذلك الْمَكَان الْفُلَانِيّ الْجَارِي فِي ملك المناقل الْمَذْكُور مُخْتَصًّا بِجِهَة الْوَقْف على الْمدرسَة الْمَذْكُورَة وجاريا على حكم شَرط واقفها الْمَذْكُور فِي كتاب وَقفه الْمعِين أَعْلَاهُ وَصَارَ مَا كَانَ من جملَة الْوَقْف على الْمدرسَة الْمَذْكُورَة وَهُوَ الْمَكَان الْفُلَانِيّ الْمَوْصُوف الْمَحْدُود أَولا ملكا طلقا للمستبدل الثَّانِي الْمَذْكُور أَعْلَاهُ مصيرا شَرْعِيًّا يتَصَرَّف فِيهِ وَفِيمَا شَاءَ مِنْهُ تصرف الْملاك فِي أملاكهم بِالْبيعِ وَالْإِجَارَة والاستغلال وَالِانْتِفَاع الشَّرْعِيّ لَا حق لجِهَة الْوَقْف الْمَذْكُور أَعْلَاهُ فِيمَا صَار إِلَى المناقل الثَّانِي الْمَذْكُور وَلَا يَد وَلَا اخْتِصَاص بِوَجْه وَلَا سَبَب وَلَا حق للمناقل الثَّانِي الْمَذْكُور فِيمَا صَار إِلَى جِهَة الْوَقْف الْمَذْكُور أَعْلَاهُ وَلَا يَد وَلَا اخْتِصَاص وَلَا ملك وَلَا شُبْهَة ملك وَلَا علقَة وَلَا تبعة وَلَا مُنَازعَة بِوَجْه من الْوُجُوه وَلَا سَبَب من الْأَسْبَاب وَسلم كل من المتناقلين الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ إِلَى الآخر مَا وَجب تَسْلِيمه إِلَيْهِ من ذَلِك فتسلمه مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا وَذَلِكَ بعد الرُّؤْيَة والمعرفة النافية للْجَهَالَة وَالْمُعَاقَدَة الشَّرْعِيَّة وَجرى هَذَا الِاسْتِبْدَال والمناقلة بعد أَن ثَبت عِنْد سيدنَا فلَان مَا ذكر أَعْلَاهُ وَأَن فِي المناقلة لجِهَة الْوَقْف مصلحَة ظَاهِرَة وغبطة وافرة مسوغة للمناقلة وَأَن الَّذِي ناقل بِهِ المناقل الثَّانِي لَهُ ملكه وَبِيَدِهِ حَالَة المناقلة أَو بيد مُوكله الْمَذْكُور أَو بيد الْأَيْتَام وَيَقُول فِي حق الْأَيْتَام خَاصَّة: وَأَن فِي المناقلة الْمَذْكُورَة حظا وافرا ومصلحة ظَاهِرَة لجهتي الْوَقْف والأيتام وَبعد اسْتِيفَاء الشَّرَائِط الشَّرْعِيَّة فِي ذَلِك وَاعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره شرعا ويكمل وَيرْفَع إِلَى حَاكم حَنَفِيّ يُثبتهُ وَيحكم بِصِحَّة ذَلِك مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ صُورَة مناقلة الإقطاع بالإقطاع: هَذَا مَا تناقل عَلَيْهِ فلَان وَفُلَان كِلَاهُمَا من الْحلقَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 المنصورة بالمملكة الْفُلَانِيَّة تناقلا فِي جَمِيع مَا هُوَ جَار فِي إقطاع المناقل الأول وَمَا هُوَ جَار فِي إقطاع المناقل الثَّانِي بمنشورين شريفين وَهُوَ بيدهما حَالَة هَذِه المناقلة فَالَّذِي ناقل بِهِ المناقل الأول: كَذَا وَكَذَا ويصفه ويحدده وَالَّذِي ناقل بِهِ المناقل الثَّانِي: كَذَا وَكَذَا ويصفه ويحدده مناقلة جَائِزَة مُعْتَبرَة مرضية صَار بهَا مَا ناقل بِهِ المناقل الأول مُخْتَصًّا بالمناقل الثَّانِي وَمَا ناقل بِهِ المناقل الثَّانِي مُخْتَصًّا بالمناقل الأول مصيرا تَاما وخلى كل مِنْهُمَا بَين صَاحبه وَبَين مَا ناقله بِهِ التحلية الشَّرْعِيَّة الْمُوجبَة للتسليم شرعا وَذَلِكَ بعد أَن أحضرا رِسَالَة كَرِيمَة من مَوْلَانَا ملك الْأُمَرَاء أَو من المعتز الْفُلَانِيّ حَاجِب الْحجاب أَو نَاظر الجيوش المنصورة وَيكْتب هَذِه المناقلة بَينهمَا على لِسَان فلَان نقيب الْجَيْش بدار الْعدْل الشريف أَو رَأس نوبَة أَو غَيره وَصُورَة النُّزُول عَن الإقطاع والرزق والرواتب والجوامك وَغير ذَلِك: حضر إِلَى شُهُوده فِي يَوْم تَارِيخه فلَان وَأشْهد عَلَيْهِ طَائِعا مُخْتَارًا فِي صِحَّته وسلامته: أَنه نزل لفُلَان عَمَّا بِيَدِهِ من الإقطاع السلطاني الشَّاهِد بِهِ منشوره الشريف الَّذِي بِيَدِهِ وديوان الجيوش المنصورة وَهُوَ كَذَا وَكَذَا من اسْتِقْبَال يَوْم تَارِيخه نزولا مُعْتَبرا مرضيا قبل ذَلِك مِنْهُ قبولا شَرْعِيًّا بِحَيْثُ إِن النَّازِل الْمَذْكُور لَا يتظلم وَلَا يتشكى وَلَا يستغيث وَلَا يطْلب لذَلِك نقضا وَلَا بَدَلا وَلَا مغيرا يُغَيِّرهُ لما علم لنَفسِهِ فِي ذَلِك من الْحَظ والمصلحة وَالْأَمر فِي ذَلِك موكول إِلَى مَا تَقْتَضِيه الآراء الشَّرِيفَة الْعَالِيَة ويؤرخ وَكَذَلِكَ يكْتب فِي الرزق الإحباسية والرواتب والجوامك وَغير ذَلِك وَصُورَة مَا يكْتب ويخلد عِنْد الشُّهُود فِيمَا يتفقان عَلَيْهِ من الْمبلغ إِلَى أَن يخرج المنشور الشريف أَو مربعة شريفة باسم المنزول لَهُ من ديوَان الْجَيْش أَو غَيره فِي تَارِيخ كَذَا وَكَذَا: حصل الِاتِّفَاق والتراضي بَين فلَان وَفُلَان على مَا سيعين فِيهِ وَهُوَ أَن فلَانا نزل لفُلَان عَمَّا بِيَدِهِ من الإقطاع الْفُلَانِيّ وَالْتزم فلَان المنزول لَهُ بِالْقيامِ لفُلَان النَّازِل الْمَذْكُور بِمَا مبلغه كَذَا يقوم لَهُ بذلك من مَاله وصلب حَاله أَو جعل فلَان المنزول لَهُ لفُلَان النَّازِل الْمَذْكُور على ذَلِك مبلغا جملَته كَذَا جعلا شَرْعِيًّا يقوم لَهُ بذلك عِنْد خُرُوج المنشور الشريف باسم المنزول لَهُ الْمَذْكُور وَمهما حصل عَلَيْهِ الِاتِّفَاق بَينهمَا من تقاوي أَو مغل أَو غير ذَلِك يكْتب حَسْبَمَا اتفقَا وتراضيا على ذَلِك فَإِذا خرج المنشور الشريف أَو المربعة الشَّرِيفَة أَو الْإِمْضَاء أَو التَّقْرِير مِمَّن لَهُ الْولَايَة فِي المنزول عَنهُ كتب بَينهمَا إشهادا صورته: حضر إِلَى شُهُوده فِي يَوْم تَارِيخه فلَان وَأشْهد عَلَيْهِ طَائِعا مُخْتَارًا فِي صِحَّته الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 وسلامته: أَنه قبض وتسلم من فلَان مَا مبلغه كَذَا وَكَذَا قبضا شَرْعِيًّا وَصَارَ ذَلِك إِلَيْهِ وَبِيَدِهِ وحوزه وَذَلِكَ هُوَ الْقدر الَّذِي الْتزم بِهِ المقبض الْمَذْكُور للقابض الْمَذْكُور بِسَبَب نُزُوله لَهُ عَن إقطاعه بالناحية الْفُلَانِيَّة الشَّاهِد بذلك نُسْخَة النُّزُول وَخرج المنشور الشريف السلطاني باسم المنزول لَهُ فِيهِ الْمَذْكُور وَإِن كَانَ الْمبلغ جعَالَة فَيَقُول: وَذَلِكَ هُوَ الْقدر الَّذِي جعله المقبض الْمَذْكُور للقابض الْمَذْكُور جعَالَة إِلَى آخِره ثمَّ يَقُول: وَلم يتَأَخَّر لَهُ سَبَب ذَلِك مُطَالبَة وَلَا شَيْء قل وَلَا جلّ ويذيل هَذَا الْإِشْهَاد بِإِقْرَار بِعَدَمِ اسْتِحْقَاق وَبَرَاءَة شَامِلَة من الْجَانِبَيْنِ بشروطها وألفاظها الْمُتَقَدّمَة ثمَّ يَقُول: وَأَبْرَأ كل مِنْهُمَا دَار الْعدْل الشريف من الشكاوى والدعاوى والتظلم والاستغاثة بِسَبَب ذَلِك وتصادقا على ذَلِك كُله التصادق الشَّرْعِيّ الشَّيْء يذكر بلوازمه: صُورَة إِشْهَاد على جندي بِبَرَاءَة فلاح من الفلاحة فِي إقطاعه: أشهد عَلَيْهِ فلَان المقطع بالناحية الْفُلَانِيَّة أَن فلَانا لم يكن فلاحا عِنْده فِي النَّاحِيَة الْمَذْكُورَة وَلَا فِي غَيرهَا مِمَّا هُوَ جَار فِي إقطاعه فِي سَائِر الْأَعْمَال قرارا وَلَا مشَاعا وَلَا روكا وَلَا بطالا وَلَا شغالا وَلَا حملهَا قطّ فِي النَّاحِيَة الْمَذْكُورَة وَلَا فِي غَيرهَا من نواحي إقطاعه المستقر بِيَدِهِ وَلَا آلت إِلَيْهِ فلاحة من النَّاحِيَة الْمَذْكُورَة وَلَا فِي غَيرهَا من نواحي إقطاعه وَلَا إِلَى أحد من أَوْلَاده من جِهَة أَب وَلَا جد وَلَا أَخ وَلَا عَم وَلَا ابْن عَم وَلَا قرَابَة مَوْجُود وَلَا مَفْقُود قاطن وَلَا مستوفز بِوَجْه من الْوُجُوه وَلَا بِسَبَب من الْأَسْبَاب الملتزمة بالفلاحة فِي نواحي إقطاعات المقطعين وبلاد الْأُمَرَاء والسلاطين بِحِصَّة وَلَا نصيب وَلَا اخْتِصَاص بِقرْعَة وَلَا نزُول وَلَا دُخُول بعادة وَلَا اتِّبَاع بأثر وَلَا وسية وَلَا قَضِيَّة عرفية وَلَا عَادِية راتبة وَلَا غير راتبة من تقادم السنين إِلَى يَوْم تَارِيخه على اخْتِلَاف الْحَالَات وتباين الْعَادَات وَأقر أَنه لَيْسَ لَهُ على الْمَذْكُور بِسَبَب ذَلِك وَلَا غَيره دَعْوَى وَلَا مُطَالبَة وَلَا علقَة وَلَا تبعة وَلَا محاكمة وَلَا مخاصمة وَلَا مُنَازعَة وَلَا إِلْزَام وَلَا ملزوم بِهِ بِسَبَب فلاحة وَلَا زراعة بسؤال وَلَا رَغْبَة وَلَا استناد بِحكم وَلَا أَمر وَلَا رضى وَلَا إِقَامَة وَلَا يَمِين بِاللَّه تَعَالَى على ذَلِك وَلَا على شَيْء مِنْهُ وَلَا شَيْء قل وَلَا جلّ وَصدقه الْمَشْهُود لَهُ الْمَذْكُور على ذَلِك التَّصْدِيق الشَّرْعِيّ وَأَبْرَأ الْمَشْهُود عَلَيْهِ الْمَذْكُور من سَائِر العلق والتبعات والدعاوى والبينات والأيمان والواجبات إِبْرَاء عَاما شَامِلًا مُطلقًا جَامعا مَانِعا مسْقطًا لكل حق وتبعة وَدَعوى وَيَمِين مُتَقَدّمَة على تَارِيخ وَإِلَى تَارِيخه فَمَتَى دعى عَلَيْهِ بعد ذَلِك بِدَعْوَى تخَالف ذَلِك أَو شَيْئا مِنْهُ بِنَفسِهِ أَو بوكليه كَانَت دَعْوَاهُ وَدَعوى من يَدعِي عَنهُ بَاطِلَة وَإِن أَقَامَ بَيِّنَة كَانَت كَاذِبَة أَو أدلى بِحجَّة كَانَت داحضة لَا صِحَة لَهَا وَلَا حَقِيقَة لأصلها عرف الْحق فِي ذَلِك فَأقر بِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 والصدق فَاتبعهُ لوُجُوبه عَلَيْهِ شرعا قبل ذَلِك مِنْهُ قبولا شَرْعِيًّا ويؤرخ وَصُورَة التَّوْلِيَة فِي البيع وَيكْتب على ظهر مَكْتُوب التبايع: ولى فلَان فلَانا جَمِيع مَا ابتاعه بَاطِنه بنظير ثمن الْعين بَاطِنه وَقدره كَذَا وَكَذَا تَوْلِيَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة جَائِزَة نَافِذَة وَقبض مِنْهُ جَمِيع الثّمن الْمعِين فِيهِ بِتَمَامِهِ وكماله قبضا شَرْعِيًّا وَسلم إِلَيْهِ مَا ولاه فِيهِ فتسلمه مِنْهُ تسلما صَحِيحا شَرْعِيًّا وَذَلِكَ بعد النّظر والمعرفة وَالْمُعَاقَدَة الشَّرْعِيَّة وتصادقا على ذَلِك كُله التصادق الشَّرْعِيّ وَصَارَ الْمَبِيع الْمَوْصُوف بَاطِنه بِحكم هَذِه التَّوْلِيَة ومقتضاها ملكا لفُلَان الْمولي الْمَذْكُور يتَصَرَّف فِيهِ وَفِيمَا شَاءَ مِنْهُ تصرف الْملاك فِي أملاكهم وَلم يبْق لفُلَان الْمولي الْمَذْكُور فِيهِ ملك وَلَا شُبْهَة ملك وَلَا مَنْفَعَة وَلَا اسْتِحْقَاق مَنْفَعَة وَلَا شَيْء قل وَلَا جلّ ويكمل بِالْإِشْهَادِ ويؤرخ وَصُورَة مَا إِذا أشركه فِي الْمَبِيع بِنصْف الثّمن: أشهد عَلَيْهِ فلَان أَنه أشرك فلَانا فِي عقد التبايع الْوَارِد على الْعين الْمَذْكُورَة بَاطِنه بِنصْف الثّمن الْمعِين بَاطِنه وَهُوَ كَذَا وَكَذَا على حكمه الْمعِين بَاطِنه وأشركه مَعَه فِي ذَلِك اشتراكا صَحِيحا شَرْعِيًّا قبل ذَلِك مِنْهُ قبولا شَرْعِيًّا وَدفع إِلَيْهِ نصف الثّمن الْمَذْكُور أَعْلَاهُ فَقَبضهُ مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا وَسلم إِلَيْهِ مَا صَار لَهُ بِحكم هَذَا الِاشْتِرَاك الْمَذْكُور وَهُوَ النّصْف من الْمَبِيع الْمَذْكُور شَائِعا فِيهِ فتسلمه مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا بعد النّظر والمعرفة وَالْمُعَاقَدَة الشَّرْعِيَّة والإحاطة بذلك علما وخبرة نَافِيَة للْجَهَالَة وَضَمان الدَّرك حَيْثُ يجب شرعا وتصادقا على ذَلِك كُله تَصَادقا شَرْعِيًّا ويكمل بِالْإِشْهَادِ ويؤرخ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 كتاب السّلم وَمَا يتَعَلَّق بِهِ من الْأَحْكَام السّلم: جَائِز وَالْأَصْل فِي جَوَازه: الْكتاب وَالسّنة وَالْقِيَاس أما الْكتاب: فَقَوله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا تداينتم بدين إِلَى أجل مُسَمّى فاكتبوه وليكتب بَيْنكُم كَاتب بِالْعَدْلِ وَلَا يأب كَاتب أَن يكْتب كَمَا علمه الله فليكتب وليملل الَّذِي عَلَيْهِ الْحق وليتق الله ربه وَلَا يبخس مِنْهُ شَيْئا فَإِن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحق سَفِيها أَو ضَعِيفا أَو لَا يَسْتَطِيع أَن يمل هُوَ فليملل وليه بِالْعَدْلِ واستشهدوا شهيدين من رجالكم فَإِن لم يَكُونَا رجلَيْنِ فَرجل وَامْرَأَتَانِ مِمَّن ترْضونَ من الشُّهَدَاء أَن تضل إِحْدَاهمَا فَتذكر إِحْدَاهمَا الْأُخْرَى وَلَا يأب الشُّهَدَاء إِذا مَا دعوا وَلَا تسأموا أَن تكتبوه صَغِيرا أَو كَبِيرا إِلَى أَجله ذَلِكُم أقسط عِنْد الله وأقوم للشَّهَادَة وَأدنى أَلا ترتابوا إِلَّا أَن تكون تِجَارَة حَاضِرَة تديرونها بَيْنكُم فَلَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَلا تكتبوها وَأشْهدُوا إِذا تبايعتم وَلَا يضار كَاتب وَلَا شَهِيد وَإِن تَفعلُوا فَإِنَّهُ فسوق بكم وَاتَّقوا الله ويعلمكم الله وَالله بِكُل شَيْء عليم} وَقَالَ ابْن عَبَّاس: (أشهد أَن السّلف الْمَضْمُون إِلَى أجل أَجله الله فِي كِتَابه وَأذن فِيهِ فَقَالَ تَعَالَى الْآيَة) {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا تداينتم بدين} وَأما السّنة: فروى الشَّافِعِي بِإِسْنَادِهِ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة وهم يسلفون فِي الثَّمر السّنة وَرُبمَا قَالَ: السنتين وَالثَّلَاث فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (من أسلف فِي شَيْء فليسلف فِي كيل مَعْلُوم وَوزن مَعْلُوم إِلَى أجل مَعْلُوم) وَالسَّلَف: يَقع على الْقَرْض وعَلى السّلم وَهُوَ أَن يسلف عوضا خَاصّا فِي عوض مَوْصُوف فِي الذِّمَّة وَالْمرَاد بالْخبر: هُوَ السّلم لِأَن الْقَرْض يثبت بِمثلِهِ حَالا فَلَا يحْتَاج إِلَى تَقْدِير أجل وَأما الْقيَاس: فَلِأَن البيع يشْتَمل على ثمن ومثمن فَإِذا جَازَ أَن يثبت الثّمن فِي الذِّمَّة جَازَ أَن يثبت الْمُثمن فِي الذِّمَّة وَلِأَن بِالنَّاسِ حَاجَة إِلَى جَوَاز السّلم لِأَن أَرْبَاب الثِّمَار قد يَحْتَاجُونَ إِلَى مَا يُنْفقُونَ على تَكْمِيل ثمارهم وَرُبمَا أعوزتهم النَّفَقَة فجوز لَهُم السّلف ليرتفقوا بذلك ويرتفق بِهِ الْمُسلم إِلَيْهِ فِي الاسترخاص الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 سمي (سلما) لتسليم رَأس المَال فِي الْمجْلس و (سلفا) لتقديم رَأس المَال وَفِي حد السّلم عِبَارَات أحْسنهَا: أَنه عقد على مَوْصُوف فِي الذِّمَّة وَقيل: تَسْلِيم عَاجل فِي عوض لَا يجب تَعْجِيله الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب : اتّفق الْأَئِمَّة على جَوَاز السّلم الْمُؤَجل وَهُوَ السّلف وعَلى أَنه يَصح بِشُرُوط سِتَّة: أَن يكون فِي مَعْلُوم بِصفة مَعْلُومَة وَمِقْدَار مَعْلُوم وَأجل مَعْلُوم وَمَعْرِفَة مِقْدَار رَأس المَال وتسليمه فِي الْمجْلس وَزَاد أَبُو حنيفَة شرطا سابعا وَهُوَ تَسْمِيَة مَكَان التَّسْلِيم إِذا كَانَ لحمله مُؤنَة وَهَذَا السَّابِع لَازم عِنْد بَاقِي الْأَئِمَّة وَلَيْسَ بِشَرْط وَاتَّفَقُوا على جَوَاز السّلم فِي المكيلات والموزونات والمذروعات الَّتِي تضبط بِالْوَصْفِ وَاتَّفَقُوا على جَوَازه فِي المعدودات الَّتِي تَتَفَاوَت كالرمان والبطيخ وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يجوز السّلم فِيهِ لَا وزنا وَلَا عددا وَقَالَ مَالك: يجوز مُطلقًا وَقَالَ الشَّافِعِي: يجوز وزنا وَلأَحْمَد رِوَايَتَانِ أشهرهما: الْجَوَاز مُطلقًا عددا وَقَالَ أَحْمد: مَا أَصله الْكَيْل لَا يجوز السّلم فِيهِ وزنا وَمَا أَصله الْوَزْن: لَا يجوز السّلم فِيهِ كَيْلا وَيجوز السّلم حَالا ومؤجلا عِنْد الشَّافِعِي وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد: لَا يجوز السّلم حَالا وَلَا بُد فِيهِ من أجل وَلَو أَيَّامًا يسيرَة وَيجوز السّلم فِي الْحَيَوَان من الرَّقِيق والبهائم والطيور وَكَذَلِكَ قرضه لَا الْجَارِيَة الَّتِي يحل للمقترض وَطئهَا عِنْد الشَّافِعِي وَمَالك وَأحمد وَجُمْهُور الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يَصح السّلم فِي الْحَيَوَان وَلَا استقراضه وَقَالَ الْمُزنِيّ وَابْن جرير الطَّبَرِيّ: يجوز قرض الْإِمَاء اللواتي يجوز للمقترض وطئهن وَيجوز عِنْد مَالك البيع إِلَى الْحَصاد والجداد والنيروز والمهرجان وفصح النَّصَارَى وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ: لَا يجوز وَهُوَ أظهر الرِّوَايَتَيْنِ عَن أَحْمد وَيجوز السّلم فِي اللَّحْم عِنْد الثَّلَاثَة وَمنع مِنْهُ أَبُو حنيفَة وَلَا يجوز السّلم فِي الْخبز عِنْد أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأَجَازَهُ مَالك وَقَالَ أَحْمد: يجوز السّلم فِي الْخبز وَفِيمَا مسته النَّار وَيجوز السّلم فِي الْمَعْدُوم حِين عقد السّلم عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد إِذا غلب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 على الظَّن وجوده عِنْد الْمحل وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يجوز إِلَّا أَن يكون مَوْجُودا من حِين العقد إِلَى الْمحل لَا يجوز السّلم فِي الْجَوَاهِر النفيسة النادرة الْوُجُود إِلَّا عِنْد مَالك وَيجوز الِاشْتِرَاك وَالتَّوْلِيَة فِي السّلم كَمَا يجوز فِي البيع عِنْد مَالك وَمنع مِنْهُ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد فصل: وَالْقَرْض: مَنْدُوب إِلَيْهِ بالِاتِّفَاقِ وَيكون حَالا يطْلب بِهِ مَتى شَاءَ وَإِذا أجل لَا يلْزم التَّأْجِيل فِيهِ وَقَالَ مَالك: يلْزم وَيجوز قرض الْخبز عِنْد الثَّلَاثَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يجوز بِحَال وَهل يجوز وزنا أَو عددا فِي مَذْهَب الشَّافِعِي وَجْهَان أصَحهمَا: وزنا وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ وَقَالَ مَالك: يجوز الْخبز بالخبز عددا وَإِذا اقْترض رجل من رجل قرضا فَهَل يجوز لَهُ أَن ينْتَفع بِشَيْء من مَال الْمُقْتَرض من الْهَدِيَّة وَالْعَارِية وَأكل مَا يَدعُوهُ إِلَيْهِ من الطَّعَام فَيجوز مَا لم تجر عَادَته بِهِ قبل الْقَرْض وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك: لَا يجوز وَإِن لم يَشْتَرِطه وَقَالَ الشَّافِعِي: إِن كَانَ من غير شَرط جَازَ وَالْخَبَر مَحْمُول على مَا إِذا شَرط وَقَالَ فِي الرَّوْضَة: وَإِذا أهْدى الْمُقْتَرض للمقرض هَدِيَّة جَازَ قبُولهَا بِغَيْر كَرَاهَة وَيسْتَحب للمقترض أَن يرد أَجود مِمَّا أَخذ للْحَدِيث الصَّحِيح وَلَا يكره للمقرض أَخذه وَاتَّفَقُوا على أَن من كَانَ لَهُ دين على إِنْسَان إِلَى أجل فَلَا يحل لَهُ أَن يضع عَنهُ بعض الدّين قبل الْأَجَل ليعجل لَهُ الْبَاقِي وَكَذَلِكَ لَا يحل لَهُ أَن يعجل قبل الْأَجَل بعضه وَيُؤَخر الْبَاقِي إِلَى أجل آخر وَكَذَلِكَ لَا يحل لَهُ أَن يَأْخُذ قبل الْأَجَل بعضه عينا وَبَعضه عرضا وعَلى أَنه لَا بَأْس إِذا حل الْأَجَل أَن يَأْخُذ مِنْهُ الْبَعْض وَيسْقط الْبَعْض أَو يُؤَخِّرهُ إِلَى أجل آخر وَإِذا كَانَ للْإنْسَان دين آخر من جِهَة بيع أَو قرض فَأَجله مُدَّة فَلَيْسَ لَهُ عِنْد مَالك أَن يرجع فِيهِ وَيلْزمهُ تَأْخِيره إِلَى تِلْكَ الْمدَّة الَّتِي أجلهَا وَكَذَا لَو كَانَ لَهُ دين مُؤَجل فزاده فِي الْأَجَل وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حنيفَة إِلَّا فِي الْجِنَايَة وَالْقَرْض وَقَالَ الشَّافِعِي: لَا يلْزمه فِي الْجَمِيع وَله الْمُطَالبَة قبل ذَلِك الْأَجَل الثَّانِي إِذْ الْحَال لَا يُؤَجل انْتهى فَائِدَة: الْأَجَل الْمَضْرُوب بِالْعقدِ سَبْعَة أَنْوَاع أَحدهَا: عقد يُبطلهُ الْأَجَل كالصرف وَرَأس مَال السّلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 الثَّانِي: عقد لَا يَصح إِلَّا بالأجل كَالْإِجَارَةِ وَالْكِتَابَة الثَّالِث: عقد يَصح حَالا ومؤجلا كالسلم الرَّابِع: عقد يَصح بِأَجل مَجْهُول وَلَا يَصح بِمَعْلُوم كَالرَّهْنِ والقراض وكفالة الْبدن وَالشَّرِكَة وَالنِّكَاح الْخَامِس: عقد يَصح بِأَجل مَعْلُوم ومجهول كالعارية والوديعة السَّادِس: عقد يَصح بِمَجْهُول وَلَا يَصح بِمَعْلُوم كالعمرى والرقبى السَّابِع: أجل يخْتَص بِالرِّجَالِ دون النِّسَاء كالجزية انْتهى فَائِدَة: قَالَ أَبُو حَاتِم الْقزْوِينِي رَحمَه الله تَعَالَى: لَو أَرَادَ أَن يَأْخُذ بدل الْمُسلم فِيهِ شَيْئا آخر لم يَصح وَالْحِيلَة فِي تَصْحِيح ذَلِك: أَن يتفاسخ المتعاقدان عِنْد السّلم فَيثبت فِي ذمَّة البَائِع الثّمن ثمَّ إِنَّه يدْفع إِلَى المُشْتَرِي مَا يَقع تراضيهما عَلَيْهِ سَوَاء كَانَ من جنس الْمُسلم فِيهِ أَو من غير جنسه وَيَنْبَغِي أَن يتقابضا قبل التَّفَرُّق كَيْلا يصير بيع دين بدين المصطلح: فِي صور السّلم على الأوضاع المترتبة على الْمسَائِل الْمُتَّفق عَلَيْهَا والمختلف فِيهَا صُورَة السّلم فِي المكيلات فِي شَيْء مجمع على صِحَة السّلم فِيهِ: أقرّ فلَان أَنه قبض وتسلم من فلَان كَذَا وَكَذَا سلما فِي كَذَا وَكَذَا من الْقَمْح أَو من الْحِنْطَة أَو من الْبر وَيذكر نوعها وَذَلِكَ بكيل مَدِينَة كَذَا يقوم لَهُ بذلك بعد مُضِيّ مُدَّة شَهْرَيْن كَامِلين من تَارِيخه مَحْمُولا إِلَى الْمَكَان الْفُلَانِيّ وَأقر بالملاءة وَالْقُدْرَة على ذَلِك وَقبض رَأس مَال السّلم الشَّرْعِيّ فِي مجْلِس العقد وَهُوَ كَذَا وَكَذَا وَإِن شَاءَ كتب: أقرّ فلَان أَن فِي ذمَّته لفُلَان من الْحِنْطَة كَذَا ويكمل على نَحْو مَا سبق وَهَذِه الصُّورَة مُتَّفق عَلَيْهَا لَا خلاف بَين الْأَئِمَّة فِيهَا من جِهَة كَون الْأَجَل إِلَى شَهْرَيْن لموافقة من قَالَ: إِن السّلم لَا يجوز حَالا وموافقة من قَالَ: إِن أقل مُدَّة السّلم شَهْرَان وموافقة من قَالَ: إِن أقل مُدَّة السّلم ثَلَاثَة أَيَّام فَإِن زَاد عَلَيْهَا فَجَائِز عِنْده وَكَون الْمُسلم فِيهِ مَوْجُودا من حِين السّلم إِلَى حِين الْمحل وَكَون الْأَجَل مَعْلُوما بِمدَّة مُعينَة لَيْسَ إِلَى الْحَصاد والجداد والصرام وَغير ذَلِك مِمَّا هُوَ مُخْتَلف فِيهِ فَإِن كَانَ الْمُسلم فِيهِ حَالا فَيَقُول: يقوم لَهُ بذلك على حكم الْحُلُول الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 وَإِن كَانَ السّلم فِي تمر فَيَقُول: من التَّمْر الْجيد الْيَابِس الصيحاني أَو البرني أَو الْعِرَاقِيّ أَو الإبراهيمي أَو اللبانة والواحي أَو الصعيدي أَو غير ذَلِك من أَنْوَاع التَّمْر وَفِي الْعَسَل: جبلي أَو بلدي صَيْفِي أَو خريفي أَو أَبيض أَو أصفر وَإِن كَانَ السّلم فِي زَيْت فَيَقُول: من زَيْت الزَّيْتُون الطّيب الْبراق الْجيد والصافي الْمُسْتَخْرج على المطران أَو الجفت الْخَالِي من الْعَيْب الشَّرْعِيّ كَذَا وَكَذَا قِنْطَارًا بالقنطار الْفُلَانِيّ وَإِن كَانَ السّلم فِي ثِيَاب ضَبطهَا بِالْجِنْسِ وَالنَّوْع والذرع والطول وَالْعرض والجودة والرقة والصفاقة والنعومة والخشونة واللون والصبغ وَإِن كَانَ حَرِيرًا أضَاف إِلَى هَذِه الْأَوْصَاف: الْوَزْن والنقش وَإِن كَانَ السّلم فِي حبال ضَبطهَا بالطول وَالْجِنْس والغلظ وَالْوَزْن وَإِن كَانَ السّلم فِيمَا هُوَ من المعدودات كالجوز الْهِنْدِيّ وَيُسمى النارجين والرانج أَو الْجَوْز الْعَادة فيذكر الْجِنْس وَالنَّوْع والجودة والخلو من الْعَيْب الشَّرْعِيّ وَالْعدَد وَفِي بيع بعض الدَّجَاج أَو الأوز أَو النعام: الطري الْغَيْر الْخَفِيف وَلَا المذر وَلَا الجائف وَلَا ذِي أفراخ وَلَا أصفر القشرة وَفِي الرُّمَّان: الحلو الأتابكي أَو العقيقي الْأَحْمَر القاني أَو الْأَبْيَض الحامي أَو المليسي أَو الغوي الرَّقِيق قشره الناعم حبه أَو الحامض الشَّحْم السلطي الشَّديد الحموضة كَذَا وَكَذَا قِنْطَارًا وَفِي الْبِطِّيخ الْأَخْضَر: الشوشي أَو القلماوي أَو العتري أَو الْبَلَدِي أَو الْأَصْفَر الْكرْمَانِي أَو القلفي أَو الكمالي أَو السلطاني أَو الضميري فَإِن كَانَ بلديا فَيَقُول: الناعم قشره وَفِي الكمالي والسلطاني والضميري: الخشن قشره وَإِن كَانَ الْأَجَل إِلَى الْحَصاد والجداد والصرام فَيكْتب كَذَلِك عِنْد ذكر الْأَجَل فَإِن كَانَ فِي التَّمْر فَيَقُول: إِلَى الجداد على قَاعِدَة أهل الْحجاز فِي التَّمْر وَفِي الْبِلَاد الشامية يكون الْأَجَل إِلَى الْحَصاد وَفِي المصرية وَمَا يَليهَا يكون الْأَجَل إِلَى الصرام وَهَذَا عِنْد مَالك وَفِيه رِوَايَة عَن أَحْمد خلافًا لأبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَالرِّوَايَة الْأُخْرَى من مَذْهَب أَحْمد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 وَإِذا كَانَ رَأس مَال السّلم غير مَقْبُوض فِي الْمجْلس بل مُتَأَخِّرًا إِلَى مُدَّة بعده على مَا رَآهُ مَالك خلافًا للباقين فَيَقُول عِنْد ذكر رَأس مَال السّلم: وَيقوم الْمُسلم للْمُسلمِ لَهُ بِرَأْس مَال السّلم الشَّرْعِيّ فِي ذَلِك وَهُوَ كَذَا وَكَذَا بعض مُضِيّ عشرَة أَيَّام أَو يَوْم أَو يَوْمَيْنِ من تَارِيخه على مَذْهَب من يرى ذَلِك من السَّادة الْعلمَاء رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ فَإِن كَانَ السّلم فِي الرَّقِيق فَيَقُول: أسلم فلَان إِلَى فلَان كَذَا وَكَذَا سلما شَرْعِيًّا مُشْتَمِلًا على الْإِيجَاب وَالْقَبُول فِي مَمْلُوك مغلي الْجِنْس أَو رومي أَو جركسي أَو تتري أَو غَيره من الْأَجْنَاس بَالغ أَو مراهق أَو عشاري أَو ثَمَانِي أَو غير ذَلِك أسود الْعَينَيْنِ أَبيض الْبشرَة مفلج الْأَسْنَان صَغِير الْفَم رَقِيق الشفتين مدور الْوَجْه مكلثم الْخَدين أَو سهل الْخَدين أقنى الْأنف طَوِيل الْعُنُق عريض الْمَنْكِبَيْنِ رَقِيق الخصر طَوِيل أَصَابِع الْكَفّ صَغِير الْقَدَمَيْنِ إِلَى غير ذَلِك وَإِن كَانَ السّلم فِي جَارِيَة وصفهَا بالأوصاف الَّتِي يتواصفاها بَينهمَا وَذكر نوعها وجنسها وحليتها مَعَ الْبكارَة أَو الثيوبة وَإِن كَانَ السّلم فِي عبد أسود ذكر جنسه حبشِي هُوَ أَو تكروري أَو داجوري أَو نوبي ومخطوط أَو غير مخطوط وسنه وَقدره وَإِن كَانَ السّلم فِي الْخَيل فَيَقُول: فِي فرس عَرَبِيّ جواد عَتيق فَحل أَو خصي أَو برذون تتري أَو رومي وَيذكر لَونه وسنه وَإِن كَانَ السّلم فِي الْجمال ذكر اللَّوْن وَالْجِنْس وَالْعدة وقعودا أَو جذعا أَو رباعيا أَو سداسيا وَإِن كَانَ السّلم فِي الْبَقر فَيَقُول: بقرة أَو ثورا أَو تبيعا أَو مُسِنَّة وَيذكر اللَّوْن وَالْعدة وَإِن كَانَ السّلم فِي الْغنم والمعز: فيذكر الْعدة والشيات والأسنان وَإِن كَانَ السّلم فِي أَطْرَاف الْحَيَوَان وفضلاته فيذكر الْعدة وَهِي مائَة رَأس مثلا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 من رُؤُوس الْغنم الضَّأْن وَألف كارع من أكارع الضَّأْن السميط السمينة النظيفة المغسولة وَإِن كَانَ السّلم فِي الْجُلُود فَيَقُول: فِي ألف جلد من جُلُود الضَّأْن الخرفان الْبيض النقية من السوَاد والحمرة الرفيعة أَو السَّوْدَاء أَو الْحَمْرَاء المحكمة الدبغ السليمة من الْعَيْب الشَّرْعِيّ وَإِن كَانَ السّلم فِي جُلُود الْبَقر أَو غَيرهَا فَيَقُول: من جُلُود الْبَقر أَو من جُلُود الْجمال أَو من جُلُود الجواميس المدبوغة والمملوحة أَو القطير أَو غير ذَلِك وَإِن كَانَ السّلم فِي الشَّحْم أَو اللَّحْم أَو الألية وَالْخبْز فَيَقُول: من لحم الضَّأْن أَو الْمعز أَو الشيشك السمين السليخ أَو السميط لحم الْكَتف أَو الْفَخْذ أَو الضلع الْخصي أَو الرَّضِيع أَو المعلوف كَذَا وَكَذَا رطلا بالرطل الْفُلَانِيّ يقوم لَهُ كل يَوْم كَذَا وَكَذَا رطلا أَو من الألية الجيدة الخالية من الْعَيْب أَو من شَحم الْغنم الضَّأْن الْخَالِي من المصارين والدرن الطري أَو الكسير المملوح أَو من خبز الْحِنْطَة الكماخة الْأَصْفَر المصبغ أَو السميذ المخشخش أَو الماوي أَو الطلمة طلمة الجراية ويصف وزن المصبغ وَوزن الكماخة فِي كل رغيف وَلَك أَن تكْتب سلما فِي المكيلات وَتعين الْوَزْن فِيهَا مثل أَن يكون السّلم فِي أَرْبَعِينَ مكوكا أَو غرارة أَو إردبا فَتَقول: زنة المكوك أَو الغرارة أَو الإردب كَذَا وَكَذَا رطلا بالرطل الْفُلَانِيّ وَلَك أَن تكْتب سلما فِي الموزونات وَتعين الْكَيْل فِيهَا وتطرح الْوَزْن كل ذَلِك خلافًا لِأَحْمَد وَحده مُوَافقا للأئمة الثَّلَاثَة وَإِن كَانَ السّلم فِي الْجَوَاهِر فقد أجَازه مَالك وَحده وَمنعه الْبَاقُونَ والجواهر تشْتَمل على أَنْوَاع مِنْهَا اللُّؤْلُؤ وَفِي تَعْيِينه اخْتِلَاف كثير من كبر الْحبَّة إِلَى صغرها وَمِنْهَا مَا يدْخل مِنْهُ ألف حَبَّة تَحت مِثْقَال وَأكْثر من ذَلِك وَأَقل وَمِنْهَا مَا يدْخل أَكثر من ألف تَحت مِثْقَال وَهُوَ الَّذِي لَا يُمكن ثقبه لصغره وَعدم تدويره وَإِنَّمَا يسْتَعْمل فِي الأكحال مصحونا وينتقل التَّفَاوُت من ذَلِك إِلَى أَن تكون الْحبَّة الْوَاحِدَة مِثْقَالا ثمَّ الْيَاقُوت: وَمِنْه الْأَحْمَر والأصفر والأزرق والأبيض ثمَّ البلخش وَفِي أوزان قطعه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 اخْتِلَاف وَكَذَلِكَ فِي الْقيمَة عَنهُ فَكلما كثر وزن الْقطعَة كَانَت الْقيمَة كَثِيرَة ثمَّ الفيروزج وَفِيه تفَاوت كثير ثمَّ الماس وَعين الهر فَهَذِهِ مُقَدّمَة تعرف بهَا مَا نتكلم عَلَيْهِ من هَذِه الْجَوَاهِر المثمنة ذَوَات الْقيم النفيسة فَإِن كَانَ السّلم فِي اللُّؤْلُؤ فَيَقُول: من اللُّؤْلُؤ الْأَبْيَض الْخَالِي من الصُّفْرَة والكدرة والقشرة المدور المتناسب الْخَالِي من التبعيج مائَة حَبَّة زنتها كَذَا وَكَذَا مِثْقَالا أَو زنة كل لؤلؤة نصف مِثْقَال أَو أقل أَو أَكثر وَإِن كَانَ فِي لُؤْلُؤ صغَار يَقُول: من اللُّؤْلُؤ الصغار كَذَا وَكَذَا مِثْقَالا يدْخل تَحت كل مِثْقَال كَذَا وَكَذَا لؤلؤة وَإِن كَانَ السّلم فِي شَيْء من الفصوص الْجَوَاهِر كتب: عدَّة قطعهَا وزنة كل قِطْعَة مِنْهَا ويصف كل جنس بِوَصْف الْجَوْدَة والصفاء وإشراق اللَّوْن وَغير ذَلِك مِمَّا هُوَ مُعْتَبر فِي وصف الْجَوْهَر وَالله أعلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 كتاب الرَّهْن وَمَا يتَعَلَّق بِهِ من الْأَحْكَام الرَّهْن فِي اللُّغَة: مَأْخُوذ من الثُّبُوت والدوام تَقول الْعَرَب: رهن الشَّيْء إِذا ثَبت وَالنعْمَة الراهنة: هِيَ الثَّابِتَة الدائمة يُقَال: رهنت الشَّيْء فَهُوَ مره وَلَا يُقَال: أرهنت إِلَّا فِي شَاذ اللُّغَة وَفِي الشَّرْع: جعل المَال وَثِيقَة على الدّين ليستوفى مِنْهُ الدّين عِنْد تعذره وَهُوَ جَائِز وَالْأَصْل فِي جَوَازه: الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع أما الْكتاب: فَقَوله تَعَالَى: {وَإِن كُنْتُم على سفر وَلم تَجدوا كَاتبا فرهان مَقْبُوضَة} وَهَذَا أَمر على سَبِيل الْإِرْشَاد لَا على سَبِيل الْوُجُوب وَأما السّنة: فَمَا روى أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (الرَّهْن مركوب ومحلوب) إِلَى غير ذَلِك من الْأَحَادِيث وَأما الْإِجْمَاع: فَلَا خلاف بَين الْفُقَهَاء فِي جَوَازه وَجمع الرَّهْن: رهان وَيُقَال رهن الْخلاف فِي مسَائِل الْبَاب: الرَّهْن جَائِز فِي الْحَضَر وَالسّفر عِنْد كَافَّة الْفُقَهَاء وَعقد الرَّهْن يلْزم بِالْقبُولِ وَإِن لم يقبض عِنْد مَالك وَلكنه يجْبر الرَّاهِن على التَّسْلِيم وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: من شَرط صِحَة الرَّهْن الْقَبْض فَلَا يلْزم الرَّهْن إِلَّا بِقَبْضِهِ وَرهن الْمشَاع مُطلقًا جَائِز سَوَاء كَانَ مِمَّا يقسم أَو كَعبد وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يَصح رهن الْمشَاع واستدامة الرَّهْن عِنْد الْمُرْتَهن لَيست بِشَرْط عِنْد الشَّافِعِي وَهُوَ شَرط عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك فَمَتَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 خرج الرَّهْن من يَد الْمُرْتَهن على أَي وَجه كَانَ بَطل الرَّهْن إِلَّا أَن أَبَا حنيفَة يَقُول: إِن عَاد إِلَى الرَّاهِن بوديعة أَو عَارِية لم يبطل وَإِذا رهن عبدا ثمَّ أعْتقهُ فأرجح الْأَقْوَال عِنْد الشَّافِعِي: أَنه ينفذ من الْمُوسر وَيلْزمهُ قِيمَته يَوْم عتقه رهنا وَإِن كَانَ مُعسرا لم ينفذ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُور عِنْد مَالك وَقَالَ مَالك أَيْضا: إِن طَرَأَ لَهُ مَال أَو قضى الْمُرْتَهن مَا عَلَيْهِ بعد الْعتْق نفذ وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يعْتق فِي الْيَسَار والإعسار وَيسْعَى العَبْد الْمَرْهُون فِي قِيمَته للْمُرْتَهن فِي عسر سَيّده وَقَالَ أَحْمد: ينفذ عتقه على كل حَال فصل : وَإِن رهن شَيْئا على مائَة ثمَّ أقْرضهُ مائَة أُخْرَى وَأَرَادَ جعل الرَّهْن على الدينَيْنِ جَمِيعًا لم يجز على الرَّاجِح من مَذْهَب الشَّافِعِي إِذْ الرَّهْن لَازم بِالْحَقِّ الأول وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَأحمد وَقَالَ مَالك: بِالْجَوَازِ وَهل يَصح الرَّهْن على الْحق قبل وُجُوبه قَالَ أَبُو حنيفَة: يَصح وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: لَا يَصح وَإِذا شَرط الرَّاهِن فِي الرَّهْن أَن يَبِيعهُ عِنْد حُلُول الْحق وَعدم نَفعه جَازَ عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك وَأحمد وَقَالَ الشَّافِعِي: لَا يجوز للْمُرْتَهن أَن يَبِيع الْمَرْهُون بِنَفسِهِ بل يَبِيعهُ الرَّاهِن أَو وَكيله بِإِذن الْمُرْتَهن فَإِن أَبى ألزمهُ الْحَاكِم قَضَاء الدّين أَو بيع الْمَرْهُون وَالرَّفْع إِلَى الْحَاكِم مُسْتَحبّ عِنْد مَالك فَإِن لم يفعل وَبَاعه الْمُرْتَهن جَازَ وَإِذا وكل الرَّاهِن عدلا فِي بيع الْمَرْهُون عِنْد الْحُلُول وَوضع الرَّهْن فِي يَده كَانَت الْوكَالَة صَحِيحَة عِنْد الشَّافِعِي وَأحمد وللراهن فَسخهَا وعزله كَغَيْرِهِ من الوكلاء وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك: لَيْسَ لَهُ فسخ ذَلِك وَإِذا تَرَاضيا على وَضعه عِنْد عدل وَشرط الرَّاهِن أَن يَبِيعهُ الْعدْل عِنْد الْحُلُول فَبَاعَهُ الْعدْل فَتلف الثّمن قبل قبض الْمُرْتَهن فَهُوَ عِنْد أبي حنيفَة من ضَمَان الْمُرْتَهن كَمَا لَو كَانَ فِي يَده وَقَالَ مَالك: إِن تلف الرَّهْن فِي يَد الْعدْل فَهُوَ من ضَمَان الرَّاهِن بِخِلَاف كَونه فِي يَد الْمُرْتَهن فَإِنَّهُ يضمن وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد: يكون وَالْحَالة هَذِه من ضَمَان الرَّاهِن مُطلقًا إِلَّا أَن يتَعَدَّى الْمُرْتَهن فَإِن يَده يَد أَمَانَة وَإِذا بَاعَ الْعدْل الرَّهْن وَقبض الرَّاهِن الثّمن ثمَّ خرج الْمَبِيع مُسْتَحقّا فَلَا عُهْدَة على الْعدْل فِي البيع وَهُوَ على الْمُرْتَهن لِأَنَّهُ بيع لَهُ وَقَالَ القَاضِي عبد الْوَهَّاب: لَا ضَمَان عندنَا على الْوَكِيل وَلَا على الْوَصِيّ وَلَا على الْأَب فِيمَا يَبِيعهُ من مَال وَلَده وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَأحمد وَقَالَ أَبُو حنيفَة: الْعهْدَة على الْعدْل يغرم للْمُشْتَرِي ثمَّ يرجع على مُوكله وَكَذَا يَقُول فِي الْأَب وَالْوَصِيّ ويوافق مَالِكًا فِي الْحَاكِم وَأمين الحكم فَيَقُول: لَا عُهْدَة عَلَيْهِمَا وَلَكِن الرُّجُوع على من بَاعَ عَلَيْهِ إِن كَانَ مُفلسًا أَو مليئا وَإِذا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 قَالَ: رهنت عَبدِي هَذَا عنْدك على أَن تقرضني ألف دِرْهَم أَو تبيعني هَذَا الثَّوْب أَو عبدا صَحَّ الرَّهْن وَإِن تقدم وجوب الْحق فَإِن أقْرضهُ الدَّرَاهِم أَو بَاعه الثَّوْب فالرهن لَازم يجب تَسْلِيمه إِلَيْهِ عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد: الْقَرْض وَالْبيع يمضيان وَالرَّهْن لَا يَصح فصل: وَالْمَغْصُوب مَضْمُون ضَمَان غصب فَلَو رَهنه مَالِكه عِنْد الْغَاصِب من غير قَبضه صَار مَضْمُونا ضَمَان رهن وَزَالَ ضَمَان الْغَصْب عِنْد مَالك وَأبي حنيفَة وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد: يسْتَقرّ ضَمَان الْغَصْب وَلَا يلْزم الرَّهْن مَا لم يمض زمن إِمْكَان قَبضه وَعند مَالك: المُشْتَرِي الَّذِي اسْتحق الْمَبِيع من يَده يرجع بِالثّمن على الْمُرْتَهن لَا على الرَّاهِن وَيكون دين الْمُرْتَهن فِي ذمَّة الرَّاهِن كَمَا لَو تلف الرَّهْن وَكَذَا عِنْد أبي حنيفَة إِلَّا أَنه يَقُول: الْعدْل يضمن وَيرجع على الْمُرْتَهن وَقَالَ الشَّافِعِي: يرجع المُشْتَرِي على الرَّاهِن لِأَن الرَّهْن عَلَيْهِ بيع لَا على الْمُرْتَهن وَكَذَلِكَ يَقُول مَالك وَأَبُو حنيفَة فِي التَّفْلِيس وَإِذا بَاعَ الْحَاكِم أَو الْوَصِيّ أَو الْأمين شَيْئا من التَّرِكَة فللغرماء مطالبتهم وَأخذ الثّمن ثمَّ اسْتحق الثّمن فَإِن المُشْتَرِي عِنْدهمَا يرجع على الْغُرَمَاء وَيكون دين الْغُرَمَاء فِي ذمَّة غريمهم كَمَا كَانَ وَالْبَاب كُله عِنْد الشَّافِعِي وَأحمد وَالرُّجُوع يكون عِنْده على الرَّاهِن والمديون الَّذِي بيع مَتَاعه فصل: وَإِذا شَرط المُشْتَرِي للْبَائِع رهنا أَو ضمينا وَلم يعين الرَّهْن وَلَا الضمين فَالْبيع جَائِز عِنْد مَالك وعَلى الْمُبْتَاع أَن يدْفع رهنا برهن مثله على مبلغ ذَلِك الدّين وَكَذَلِكَ عَلَيْهِ أَن يَأْتِي بضمين ثِقَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ: البيع وَالرَّهْن باطلان وَقَالَ الْمُزنِيّ: هَذَا غلط وَعِنْدِي: الرَّهْن فَاسد للْجَهْل بِهِ وَالْبيع جَائِز وَللْبَائِع الْخِيَار إِن شَاءَ أتم البيع بِلَا رهن وَإِن شَاءَ فَسخه لبُطْلَان الْوَثِيقَة فصل: وَإِذا اخْتلف الرَّاهِن وَالْمُرْتَهن فِي مبلغ الدّين الَّذِي حصل بِهِ الرَّهْن فَقَالَ الرَّاهِن: رهنته على خَمْسمِائَة وَقَالَ الْمُرْتَهن: على ألف وَقِيمَة الرَّهْن تَسَاوِي الْألف أَو زِيَادَة على الْخَمْسمِائَةِ: فَعِنْدَ مَالك: القَوْل قَول الْمُرْتَهن مَعَ يَمِينه فَإِذا حلف وَكَانَت قيمَة الرَّهْن ألفا فالراهن بِالْخِيَارِ بَين أَن يُعْطِيهِ ألفا وَيَأْخُذ الرَّهْن أَو يتْرك الرَّاهِن للْمُرْتَهن وَإِن كَانَت الْقيمَة سِتّمائَة حلف الْمُرْتَهن على قِيمَته وَأَعْطَاهُ الرَّهْن وسِتمِائَة وَحلف أَنه لَا يسْتَحق عَلَيْهِ إِلَّا مَا ذكر وَتسقط الزِّيَادَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: القَوْل قَول الرَّاهِن فِيمَا يذكرهُ مَعَ يَمِينه فَإِذا حلف دفع إِلَى الْمُرْتَهن مَا حلف عَلَيْهِ وَأخذ رَهنه وَزِيَادَة الرَّهْن ونماؤه إِذا كَانَت مُنْفَصِلَة كَالْوَلَدِ وَالثَّمَرَة وَالصُّوف والوبر وَغير الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 ذَلِك تكون عِنْد مَالك ملكا للرَّاهِن ثمَّ الْوَلَد يدْخل فِي الرَّهْن دون غَيره وَقَالَ أَبُو حنيفَة: الزِّيَادَة مُطلقًا تدخل فِي الرَّهْن مَعَ الأَصْل وَقَالَ الشَّافِعِي: جَمِيع ذَلِك خَارج عَن الرَّهْن وَقَالَ أَحْمد: هُوَ ملك الْمُرْتَهن دون الرَّاهِن قَالَ بعض أَصْحَاب الحَدِيث: إِن كَانَ الرَّاهِن هُوَ الَّذِي ينْفق على الرَّهْن فَالزِّيَادَة لَهُ أَو الْمُرْتَهن فَالزِّيَادَة لَهُ فصل : وَاخْتلف الْعلمَاء فِي الرَّهْن هَل هُوَ مَضْمُون أم لَا فمذهب مَالك: أَن مَا يظْهر هَلَاكه كالحيوان وَالرَّقِيق فَهُوَ غير مَضْمُون على الْمُرْتَهن وَيقبل قَوْله فِي تلفه مَعَ يَمِينه وَمَا يخفى هَلَاكه كالنقد وَالثَّوْب فَلَا يقبل قَوْله فِيهِ إِلَّا أَن يصدقهُ الرَّاهِن وَاخْتلف قَوْله فِيمَا إِذا قَامَت الْبَيِّنَة بِالْهَلَاكِ فروى ابْن الْقَاسِم وَغَيره عَنهُ: أَنه لَا يضمن وَيَأْخُذ دينه من الرَّاهِن وروى أَشهب وَغَيره: أَنه ضَامِن لقيمته وَالْمَشْهُور من مذْهبه: أَنه مَضْمُون بِقِيمَتِه قلت أَو كثرت فَإِن فضل للرَّاهِن من الْقيمَة شَيْء زَائِد على مبلغ الْحق أَخذه من الْمُرْتَهن وَقَالَ أَبُو حنيفَة: الرَّاهِن على كل حَال مَضْمُون بِأَقَلّ الْأَمريْنِ من قِيمَته وَمن الْحق الَّذِي عَلَيْهِ فَإِذا كَانَت قِيمَته ألف دِرْهَم وَالْحق خَمْسمِائَة ضمن ذَلِك الْحق وَلم يضمن تِلْكَ الزِّيَادَة وَيكون تلفه من ضَمَان الرَّاهِن وَإِن كَانَت قيمَة الرَّهْن خَمْسمِائَة وَالْحق ألفا ضمن قيمَة الرَّهْن وَسَقَطت عَن ذمَّته وَأخذ بَاقِي حَقه وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد: الرَّهْن أَمَانَة فِي يَد الْمُرْتَهن كَسَائِر الْأَمَانَات لَا يضمنهُ إِلَّا بِالتَّعَدِّي وَقَالَ شُرَيْح وَالْحسن وَالشعْبِيّ: الرَّهْن مَضْمُون بِالْحَقِّ كُله وَإِذا ادّعى الْمُرْتَهن هَلَاك الرَّهْن وَكَانَ مِمَّا يخفى فَإِن اتفقَا على الْقيمَة فَلَا كَلَام وَإِن اتفقَا على الصّفة وَاخْتلفَا فِي الْقيمَة قَالَ مَالك: يسْأَل أهل الْخِبْرَة عَن قيمَة مَا هَذِه صفته وَيعْمل عَلَيْهَا وَقَالَ أَبُو حنيفَة: القَوْل قَول الْمُرْتَهن فِي الْقيمَة مَعَ يَمِينه وَمذهب الشَّافِعِي: أَن القَوْل قَول الْغَارِم مُطلقًا وَلَو شَرط الْمُتَبَايعَانِ أَن يكون نفس الْمَبِيع رهنا قَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ: لَا يَصح وَيكون البيع مفسوخا وَقَالَ القَاضِي عبد الْوَهَّاب: وَظَاهر قَول مَالك كَقَوْلِهِم وَلكنه عِنْدِي على طَريقَة الْكَرَاهَة وَأَنا أدل على جَوَازه وأنصر القَوْل بِهِ وَعِنْدِي أَن أصُول مَالك تدل عَلَيْهِ انْتهى فَائِدَة: لَو كَانَ الدّين على اثْنَيْنِ بِالسَّوِيَّةِ مثلا وهما متضامنان متكافلان فِي ذَلِك يَأْذَن كل مِنْهُمَا لصَاحبه ثمَّ إنَّهُمَا رهنا على ذَلِك الدّين رهنا فَإِن قَالَ الْكَاتِب: ورهنا على هَذَا الدّين مَا ذكرا أَنه لَهما وملكهما وَبَينهمَا بِالسَّوِيَّةِ كَانَ وَاحِد مَرْهُون على مَا فِي ذمَّته دون مَا كفله وَإِن قَالَ: وَرهن كل وَاحِد مِنْهُمَا على هَذَا الدّين مَا ذكر أَنه لَهُ وَبِيَدِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 فَهَذَا يَقْتَضِي أَن الرَّهْن على جَمِيع الدّين أَصَالَة وكفالة من كل وَاحِد مِنْهُمَا والنكتة فِي لَفْظَة (كل) وَقد سبق التَّنْبِيه فِي مُقَدّمَة الْكتاب على ذَلِك انْتهى المصطلح فِي ذَلِك يشْتَمل على صور: مِنْهَا: الرَّهْن الْمجمع عَلَيْهِ وَصورته: أَن يكْتب بعد فرَاغ ذكر الدّين وأجله فِي ذيل المسطور: وَرهن الْمقر الْمَذْكُور تَحت يَد الْمقر لَهُ الْمَذْكُور توثقة على الدّين الْمعِين أَعْلَاهُ وعَلى كل جُزْء مِنْهُ مَا ذكر أَنه لَهُ وَبِيَدِهِ وَملكه تَحت تصرفه إِلَى حِين هَذَا الرَّهْن أَو جَمِيع مَا استعاره من زَوجته فُلَانَة قبل صُدُور عقد هَذَا الرَّهْن ليرهنه على الدّين الْمعِين أَعْلَاهُ وعَلى كل جُزْء مِنْهُ وَذَلِكَ جَمِيع الدَّار الْفُلَانِيَّة ويحددها ثمَّ يَقُول: رهنا صَحِيحا شَرْعِيًّا مُسلما مَقْبُوضا بيد الْمُرْتَهن بعد تفريغها من السكان والمنازع والعوائق الْمَانِعَة لصِحَّة الرَّهْن بِإِذن الرَّاهِن وَقبل الْمُرْتَهن الْمَذْكُور عقد الرَّهْن قبولا شَرْعِيًّا فَإِن كَانَ الرَّهْن حِصَّة من دَار فَهُوَ صَحِيح عِنْد الثَّلَاثَة بَاطِل عِنْد أبي حنيفَة وَعلة بُطْلَانه عِنْد أبي حنيفَة من وَجْهَيْن أَحدهمَا: أَن الرَّهْن حِصَّة شائعة الثَّانِي: أَنه غير مَقْبُوض وارتهان رهن قد لزم بالْقَوْل من غير تَسْلِيم الرَّهْن إِلَى الْمُرْتَهن وَلَا قبض على مَذْهَب مَالك سَوَاء كَانَ الرَّهْن مُمَيّزا كَالْعَبْدِ وَالدَّار أَو غير متميز كقفيز من صبرَة لَازم عِنْده على الْإِطْلَاق وَعند أَحْمد: لَازم فِي المتميز دون غير المتميز فَإِذا كتب الصُّورَة على مَذْهَب مَالك يَقُول: وَرهن الْمقر الْمَذْكُور عِنْد رب الدّين الْمَذْكُور على جَمِيع الدّين الْمعِين فِيهِ وعَلى كل جُزْء مِنْهُ جَمِيع الدَّار الْفُلَانِيَّة ويحددها وَهَذَا الرَّهْن متميز أَو مكوكا من الْحِنْطَة أَو غرارة أَو إردبا من الْحِنْطَة الَّتِي قدرهَا ألف مكوك أَو غرارة أَو إِرْدَب بالمخزن الْفُلَانِيّ وَهَذَا غير متميز رهنا صَحِيحا شَرْعِيًّا لَازِما مَقْبُوضا بِلَفْظ الرَّاهِن للْمُرْتَهن بِهَذَا القَوْل بِحَضْرَة شُهُوده وَيرْفَع إِلَى حَاكم مالكي يُثبتهُ وَيحكم بِصِحَّة الرَّهْن مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ فِي صِحَة الرَّهْن بالْقَوْل ولزومه من غير تَفْرِيغ وَلَا تَسْلِيم وَإِن كتب على مَذْهَب أَحْمد فَيَقُول: وَذَلِكَ جَمِيع الدَّار الْفُلَانِيَّة ويحددها أَو العَبْد الْفُلَانِيّ ويصفه وَهَذَانِ متميزان وَلَا يكْتب القفيز من الصُّبْرَة لِأَنَّهُ غير متميز وَيرْفَع إِلَى مالكي أَو حنبلي لِأَن الرَّهْن متميز يحكم بِصِحَّتِهِ مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ فِي صِحَة الرَّهْن الَّذِي لم يتسلمه الْمُرْتَهن وَهُوَ قَول على رِوَايَة من مَذْهَب أَحْمد وَالرِّوَايَة الثَّانِيَة كمذهب أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 وَصُورَة ارتهان رهن مَنْقُول مَقْبُول مُسْتَقر بيد الْمُرْتَهن رَهنه رجل عِنْد آخر على مَا سيجب للْمُرْتَهن على الرَّاهِن من الْحق وَهَذَا الرَّهْن صَحِيح عِنْد أبي حنيفَة بَاطِل عِنْد البَاقِينَ: رهن فلَان عِنْد فلَان على مَا سيجب عَلَيْهِ من الْحق اللَّازِم لَهُ شرعا وَذَلِكَ جَمِيع الدَّار الْفُلَانِيَّة ويحددها أَو التركيبة الذَّهَب المزركش الْمصْرِيّ ويصفها وَمَا فِيهَا من الْحَاشِيَة والبطانة وَيذكر وَزنهَا بالمثاقيل ثمَّ يَقُول: رهنا صَحِيحا شَرْعِيًّا مُسلما مَقْبُوضا بيد الْمُرْتَهن وَقبل عقد الرَّهْن مِنْهُ قبولا شَرْعِيًّا وَصُورَة الرَّهْن الْمعَاد صَحِيحَة عِنْد الشَّافِعِي بَاطِلَة عِنْد أبي حنيفَة وَقد تقدم ذكر الرَّهْن الْمعَاد فِي كتاب الْإِقْرَار وَالتَّسْلِيم عِنْد مَالك لَيْسَ بِشَرْط فِي الْأَشْيَاء كلهَا وَعند أَحْمد: التَّسْلِيم لَيْسَ بِشَرْط إِلَّا فِي المتميز كَالدَّارِ وَالْعَبْد فَإِنَّهُ يلْزم التَّسْلِيم عِنْده فَإِن كَانَ الرَّهْن الْمعَاد دَارا: ذكر أَنه استعادها ليسكنها بأَهْله وَينْتَفع بهَا انْتِفَاع مثله بِمِثْلِهَا مَعَ بَقَاء حكم الرَّهْن ولزومه وَإِن كَانَ عبدا فيذكر التَّسْلِيم والاستعادة للْخدمَة والافتراش خلافًا للثَّلَاثَة وَإِن كَانَ الرَّهْن بقرة حلوبا أَو حمارا مركوبا وَجَوَاز حلب الْبَقَرَة وركوب الدَّابَّة بِقدر مَا يحتاجان إِلَيْهِ من الْعلف على مَا حَكَاهُ الْخرقِيّ من أَصْحَاب أَحْمد وَصُورَة الرَّهْن عِنْد امْتنَاع الرَّاهِن من علف الدَّابَّة يَقُول: وَذَلِكَ جَمِيع الْبَقَرَة الصَّفْرَاء الحلوب الرَّاتِب وَجَمِيع الْحمار الْأسود القارح رهنا صَحِيحا شَرْعِيًّا مُسلما مَقْبُوضا بيد الْمُرْتَهن الْمَذْكُور على أَن يقوم الرَّاهِن الْمَذْكُور بعلفهما وخدمتهما والإنفاق عَلَيْهِمَا نَفَقَة مثلهمَا وَإِن امْتنع الرَّاهِن من ذَلِك كَانَ للْمُرْتَهن الْإِنْفَاق عَلَيْهِمَا وَالرُّجُوع عَلَيْهِ بنظير مَا يُنْفِقهُ فِي علفهما وكلفتهما وَكَانَ لَهُ حلب الْبَقَرَة وَالِانْتِفَاع بلبنها وركوب الدَّابَّة واستعمالهما بِقدر مَا يحتاجان إِلَيْهِ من الْعلف ويكمل وَالَّذِي حَكَاهُ الْخرقِيّ: أَنه لَيْسَ للْمُرْتَهن الِانْتِفَاع بِشَيْء من الرَّهْن إِلَّا فِي هَذِه الصُّورَة فَقَط وَصُورَة الارتهان على مَذْهَب أبي حنيفَة وَأحمد وَهُوَ دُخُول الْوَلَد وَالصُّوف وَالثَّمَرَة وَاللَّبن وَأُجْرَة الْعقار وَأُجْرَة الدَّوَابّ فِي الرَّهْن إِذا حدث ذَلِك كُله بعد عقد الرَّهْن وَيكون ملكا للرَّاهِن خلافًا للشَّافِعِيّ على الْإِطْلَاق ولمالك فَإِن ذَلِك جَمِيعه لَا يدْخل شَيْء مِنْهُ فِي الرَّهْن عِنْد الشَّافِعِي وَأما مَالك: فَلَا يدْخل شَيْء من ذَلِك عِنْده فِي الرَّهْن إِلَّا الْوَلَد خَاصَّة فَيَقُول: وَذَلِكَ جَمِيع الْبَقَرَات الْخمس الْحَوَامِل وَجَمِيع الْبَقَرَات الْخمس الوالدات المقربات من الْوَضع المختلفات الشيات والألوان وَإِن شَاءَ وصف كل وَاحِدَة مِنْهَا وَجَمِيع الْبُسْتَان الْمُشْتَمل على أَشجَار مُخْتَلفَة الثِّمَار والأنواع ويحدده وَجمع الدَّار الْفُلَانِيَّة ويحددها وَجَمِيع الْحمير الْخمس القوارح الْمعدة لنقل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 الْحِجَارَة وآلات الْبناء وَغير ذَلِك وَجَمِيع الْغنم الضَّأْن الْبيَاض الْمُخْتَلفَة الْأَسْنَان والشيات وعدتها كَذَا وَكَذَا رَأْسا وَهن حوامل مقربات رهنا صَحِيحا شَرْعِيًّا مُسْتَقرًّا بيد الْمُرْتَهن وَمهما حدث بعد هَذَا العقد من نتاج الْبَقر وَالْغنم والضأن وَمَا تجدّد على ظُهُور الْغنم من صوف وَمهما أفضلت الْبَقر وَالْغنم من الْحَلب بعد رضَاع أَوْلَادهَا وَمهما فضل من أُجْرَة الْحمير الْمَذْكُورَة وَمن ريع الْبُسْتَان وَمهما تجدّد فِيهِ ثَمَرَة وَمهما وَجب من أُجْرَة الدَّار الموصوفة المحدودة بأعاليه كَانَ رهنا صَحِيحا شَرْعِيًّا على جَمِيع الدّين الْمعِين أَعْلَاهُ وعَلى كل جُزْء مِنْهُ بَاقِيا على ملك الرَّاهِن ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه وَيرْفَع إِلَى حَاكم حنبلي يُثبتهُ وَيحكم بِمُوجبِه مَعَ الْعلم بِمَا فِيهِ الْخلاف من دُخُول الْحَادِث من الرَّهْن بعد وُقُوع عقده فِي الرَّهْن وَصُورَة ارتهان عبد مكتسب وَأَن يكون الْكسْب رهنا مَعَ الأَصْل على مَذْهَب أَحْمد خلافًا للباقين: وَرهن الْمقر الْمَذْكُور عِنْد رب الدّين الْمَذْكُور على جَمِيع الدّين الْمعِين أَعْلَاهُ وعَلى كل جُزْء مِنْهُ جَمِيع العَبْد الزنْجِي أَو غَيره من الْأَجْنَاس الرجل الْكَامِل المكتسب الزَّرْكَشِيّ أَو الصَّائِغ أَو الْحداد أَو غير ذَلِك من الصَّنَائِع رهنا صَحِيحا شَرْعِيًّا مُسلما مَقْبُوضا وَمهما اكْتَسبهُ العَبْد الْمَذْكُور فِي مُدَّة الرَّهْن كَانَ رهنا مَعَه ويكمل وَيرْفَع إِلَى حَاكم حنبلي يحكم فِيهِ وَصُورَة ارتهان بقرة حَلُوب أَو حمَار مركوب أَو فرس أَو بغل أَو جمل والإنفاق على ذَلِك فِي غيبَة الرَّاهِن بِإِذن حَاكم شَرْعِي وَتصير النَّفَقَة دينا على الرَّاهِن يستوفيها الْمُرْتَهن من ثمن اللَّبن وَظهر الدَّابَّة على مَذْهَب أَحْمد وَحده وَلَا يحْتَاج عِنْده إِلَى إِذن حَاكم فِي الْإِنْفَاق: وَرهن الْمقر الْمَذْكُور عِنْد رب الدّين الْمَذْكُور على جَمِيع الدّين الْمعِين أَعْلَاهُ وعَلى كل جُزْء مِنْهُ جَمِيع الْبَقَرَة السَّوْدَاء الحلوب مَعَ الْحمار الْأَخْضَر القارح الْمعد للْعَمَل الْفُلَانِيّ رهنا صَحِيحا شَرْعِيًّا مُسلما مَقْبُوضا وللمرتهن الْإِنْفَاق على الرَّهْن الْمَذْكُور فِي غيبَة الرَّاهِن وَاسْتِيفَاء مَا يُنْفِقهُ من لبن الْبَقَرَة وَأُجْرَة الدَّابَّة ويكمل وَيرْفَع إِلَى حَاكم حنبلي يُثبتهُ وَيحكم بِمُوجبِه مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ وَصُورَة اشْتِرَاط فِي عقد المداينة وَاشْتِرَاط البيع فِي عقد الرَّاهِن وتوكيل الرَّاهِن للْمُرْتَهن فِي بيع الرَّهْن عِنْد حُلُول الدّين بِثمن الْمثل وَقبض الثّمن يصدر بِالْإِقْرَارِ بِالدّينِ وَيذكر الْأَجَل ثمَّ يَقُول: وَلَزِمَه ذَلِك ثمنا عَن قماش ويصفه ابتاعه مِنْهُ فَبَاعَهُ إِيَّاه بِشَرْط أَن يرْهن عِنْده الْمَرْهُون الْآتِي ذكره ويكمل الْإِقْرَار بالتسلم وَالتَّسْلِيم والرؤية والمعرفة وَالْمُعَاقَدَة الشَّرْعِيَّة ثمَّ يَقُول: وَرهن الْمقر الْمَذْكُور عِنْد رب الدّين الْمَذْكُور على جَمِيع الدّين الْمعِين أَعْلَاهُ وعَلى كل جُزْء مِنْهُ مَا شَرط ارتهانه أَعْلَاهُ وَهُوَ ملك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 الرَّاهِن الْمَذْكُور وَبِيَدِهِ حَالَة الرَّهْن وَذَلِكَ جَمِيع كَذَا وَكَذَا ويصفه ويحدده إِن كَانَ مِمَّا يحدد الَّذِي اشْترط الْمقر لَهُ الْمَذْكُور على الْمقر أَن يُوكله فِي بيع الرَّهْن الْمَذْكُور عِنْد حُلُول الدّين وَقَبضه من دينه الْمعِين أَعْلَاهُ رهنا صَحِيحا شَرْعِيًّا مُسلما مَقْبُوضا بيد الْمُرْتَهن ووكل الْمقر الْمَذْكُور رب الدّين الْمَذْكُور فِي بيع الرَّهْن الْمعِين أَعْلَاهُ بِثمن الْمثل وَقبض الثّمن وإقباضه لَهُ من دينه الْمعِين أَعْلَاهُ وَفِي تَسْلِيم الْمَبِيع لمبتاعه توكيلا شَرْعِيًّا قبله مِنْهُ قبولا شَرْعِيًّا فَلَا يملك عَزله أبدا حَتَّى يقْضِي هَذَا الدّين جَمِيعه ويكمل وَذَلِكَ جَمِيعه على مَذْهَب أبي حنيفَة وَمَالك وَأحمد وَقَالَ الشَّافِعِي: الشَّرْط فِي عقد البيع: أَن يرْهن الْمقر عِنْد رب الدّين صَحِيح وَشرط التَّوْكِيل فِي عقد الرَّهْن بَاطِل وَهل يبطل الرَّهْن أَيْضا على قَوْلَيْنِ فصل : وَإِذا اتّفق الرَّاهِن وَالْمُرْتَهن على أَن يكون الرَّهْن عِنْد ثَالِث جَازَ وَيكون عدلا أَمينا فَيَقُول: رهنا صَحِيحا شَرْعِيًّا مُسلما مَقْبُوضا وجعلاه عِنْد فلَان الَّذِي عرفا عَدَالَته وأمانته باتفاقهما على ذَلِك ورضاهما بِهِ وتسلمه فلَان الْمَذْكُور وَاسْتقر تَحت يَده استقرارا شَرْعِيًّا وَصُورَة الرَّهْن الَّذِي استعاره الرَّاهِن وَرَهنه عِنْد الْمقر لَهُ على دينه: وَرهن الْمقر الْمَذْكُور عِنْد رب الدّين الْمَذْكُور على جَمِيع الدّين الْمعِين أَعْلَاهُ وعَلى كل جُزْء مِنْهُ مَا استعاره بِشَهَادَة شُهُوده من فلَان فأعاره إِيَّاه ليرهنه على الدّين الْمَذْكُور عِنْد رب الدّين الْمَذْكُور مَعَ علمه بِقدر الدّين وأجله واعترافه بِمَعْرِِفَة معنى ذَلِك وَمَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ رهنا صَحِيحا شَرْعِيًّا ويكمل على نَحْو مَا سبق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 كتاب الْحجر والتفليس وَمَا يتَعَلَّق بهما من الْأَحْكَام التَّفْلِيس أَصله فِي اللُّغَة: الْفلس وَفِي الشَّرْع: اسْم لمن عَلَيْهِ دُيُون لَا يَفِي مَاله بهَا وَيُسمى مُعسرا والمعسر إِذا ثَبت إِعْسَاره وَجب إنظاره بِدَلِيل قَوْله تَعَالَى: {وَإِن كَانَ ذُو عسرة فنظرة إِلَى ميسرَة} وَلما رُوِيَ أَن رجلا ابْتَاعَ ثَمَرَة فأصيب بهَا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (تصدقوا عَلَيْهِ) فتصدقوا فَلم يَفِ بِمَا عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ: (تصدقوا عَلَيْهِ) فتصدقوا عَلَيْهِ فَلم يَفِ بِمَا عَلَيْهِ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لغرمائه: (خُذُوا مَا وجدْتُم مَا لكم غَيره) وَهَذَا نَص فَإِن كَانَ لَهُ مَال ظَاهر بَاعَ الْحَاكِم عَلَيْهِ مَاله وَقضى الْغَرِيم وَإِن قضى الْحَاكِم للْغُرَمَاء شَيْئا من مَال من عَلَيْهِ الدّين جَازَ بِدَلِيل مَا رُوِيَ (أَن عمر رَضِي الله عَنهُ صعد الْمِنْبَر وَقَالَ: أَلا إِن الأسيفع أسيفع جُهَيْنَة رَضِي من دينه وأمانته أَن يُقَال: سَابق الْحَاج ويروى: سبق الْحَاج فادان معرضًا وَأصْبح وَقد رين بِهِ فَمن كَانَ لَهُ عَلَيْهِ دين فليحضر غَدا فَإنَّا بَايعُوا مَاله فقاسموه بَين غُرَمَائه) وَرُوِيَ (فَمن كَانَ لَهُ عَلَيْهِ دين فليغد بِالْغَدَاةِ فلنقسم مَاله بَينهم بِالْحِصَصِ) وَهَذَا بمجمع من الصَّحَابَة وَلم يُنكر عَلَيْهِ أحد فَدلَّ أَنه إِجْمَاع تَنْبِيه: قَوْله: (فادان معرضًا) أَي يتَعَرَّض للنَّاس ليستدين مِمَّن أمكنه وَيَشْتَرِي بِهِ الْإِبِل الْجِيَاد وَيروح فِي الْحَج فَيَسْبق الْحَاج وَقَوله: (فَأصْبح وَقد رين بِهِ) يُقَال: رين بِالرجلِ إِذا وَقع فِيمَا لَا يَسْتَطِيع الْخُرُوج مِنْهُ وَلَا قبل لَهُ بِهِ وَيُقَال: لما غلبك وعلاك: وَقد ران بك وران عَلَيْك وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {كلا بل ران على قُلُوبهم مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 قَالَ الْحسن: هُوَ الذَّنب على الذَّنب حَتَّى يسود الْقلب انْتهى وَالْحجر على ضَرْبَيْنِ: أَحدهمَا: حجر عَام وَالثَّانِي: حجر خَاص فَأَما الْحجر الْخَاص: فَهُوَ مثل أَن يرْهن شَيْئا أَو يُكَاتب عَبده أَو يَبِيع عَبده الْآبِق أَو الْمَغْصُوب وَالْمَبِيع قبل الْقَبْض وَنَحْو ذَلِك فَلَا يجوز تصرفه وَأما الْحجر الْعَام: فَهُوَ على سَبْعَة أَنْوَاع: حجر الإفلاس وَحجر السَّفه وَحجر الْجُنُون وَحجر الصغر وَحجر الرّقّ وَحجر الْمَرَض وَحجر الارتداد فَأَما حجر الإفلاس: فَإِنَّهُ يَقع فِي المَال ويرتفع بارتفاع الإفلاس وَأما حجر السَّفه: فَإِنَّهُ يَقع فِي المَال وَالْعِتْق والإقرارات ويرتفع عِنْد الْحَاكِم بإيناس الرشد وَأما حجر الْجُنُون: فَإِنَّهُ يَقع فِي كل شَيْء ويرتفع بارتفاع الْجُنُون وَأما حجر الصغر: فَإِنَّهُ يَقع فِي كل شَيْء إِلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ: التَّدْبِير وَالْوَصِيَّة ويرتفع بِالْبُلُوغِ وإيناس الرشد وَأما حجر الرّقّ: فَإِنَّهُ يَقع فِي حق السَّيِّد وَأما حجر الْمَرَض: فَإِنَّهُ يَقع فِي الثُّلُث إِذا أخرجه الْمَرِيض عَن ملكه فِي غير طَاعَة أَو مُبَاح وَفِي كل المَال مَعَ الْوَرَثَة وَأما حجر الارتداد: فَإِنَّهُ يَقع فِي كل شَيْء فَإِن عَاد إِلَى الْإِسْلَام نفذت تَصَرُّفَاته وَرفع عَنهُ الْحجر وَإِن لم يعد فَلَا يرْتَفع الْحجر عَنهُ وَحكمه الْقَتْل بعد ثَلَاثَة أَيَّام فَإِن لم يعد إِلَى الْإِسْلَام قتل وَكَانَ مَاله فَيْئا وَاثْنَانِ من الْحجر يحْتَاج فِي رفعهما إِلَى حكم الْحَاكِم وهما حجر الإفلاس فِي قَول وَحجر الارتداد وَثَلَاثَة مِنْهَا ترْتَفع بِنَفسِهَا وَهِي حجر الْجُنُون وَحجر الصغر وَحجر الرّقّ وَوَاحِد مِنْهَا يحْتَاج إِلَى الْحَاكِم وَالْوَالِد وَهُوَ إِذا بلغ سَفِيها ثمَّ صَار رشيدا وَالله أعلم الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب: اعْلَم أَن الْحجر الْمُفلس عِنْد طلب الْغُرَمَاء وإحاطة الدُّيُون بالمدين مُسْتَحقّ على الْحَاكِم وَأَن لَهُ مَنعه من التَّصَرُّف حَتَّى لَا يضر بالغرماء وَأَن الْحَاكِم يَبِيع أَمْوَال الْمُفلس إِذا امْتنع من بيعهَا ويقسمها بَين غُرَمَائه بِالْحِصَصِ عِنْد الشَّافِعِي وَمَالك وَأحمد وَقَالَ أَبُو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 حنيفَة: لَا يحْجر على الْمُفلس بل يحبس حَتَّى تقضى الدُّيُون فَإِن كَانَ لَهُ مَال لم يتَصَرَّف الْحَاكِم فِيهِ وَلَا يَبِيعهُ إِلَّا أَن يكون مَاله دَرَاهِم وَدينه دَرَاهِم فيقبضها القَاضِي بِغَيْر أمره وَإِن كَانَ دينه دَرَاهِم وَمَاله دَنَانِير بَاعهَا القَاضِي فِي دينه وَاخْتلفُوا فِي تَصَرُّفَات الْمُفلس فِي مَاله بعد الْحجر عَلَيْهِ فَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يحْجر عَلَيْهِ فِي تصرفه وَإِن حكم بِهِ قَاض لم ينفذ قَضَاؤُهُ مَا لم يحكم بِهِ قَاض ثَان وَإِذا لم يَصح الْحجر عَلَيْهِ صحت تَصَرُّفَاته كلهَا سَوَاء احتملت الْفَسْخ أَو لم تحْتَمل فَإِن نفذ الْحجر قَاض ثَان صَحَّ من تَصَرُّفَاته مَا لَا يحْتَمل الْفَسْخ كَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاق وَالتَّدْبِير وَالْعِتْق وَالِاسْتِيلَاد وَبَطل مَا يحْتَمل الْفَسْخ كَالْبيع وَالْإِجَارَة وَالْهِبَة وَالصَّدَََقَة وَنَحْو ذَلِك وَقَالَ مَالك: لَا ينفذ تصرفه فِي أَعْيَان مَاله بِبيع وَلَا هبة وَلَا عتق وَعَن الشَّافِعِي قَولَانِ أَحدهمَا وَهُوَ الْأَظْهر كمذهب مَالك وَالثَّانِي: تصح تَصَرُّفَاته وَتَكون مَوْقُوفَة فَإِن قضيت الدُّيُون من غير نقض التَّصَرُّف نفذ التَّصَرُّف وَإِن لم تقض إِلَّا بنقضه فسخ مِنْهَا الأضعف فالأضعف فَيبْدَأ بِالْهبةِ ثمَّ البيع ثمَّ الْعتْق وَقَالَ أَحْمد فِي أظهر روايتيه: لَا ينفذ تصرفه فِي شَيْء إِلَّا فِي الْعتْق خَاصَّة وَلَو كَانَ عِنْد الْمُفلس سلْعَة وأدركها صَاحبهَا وَلم يكن البَائِع قبض من ثمنهَا شَيْئا والمفلس حَيّ قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: صَاحبهَا أَحَق بهَا من الْغُرَمَاء فيفوز بأخذها دونهم وَقَالَ أَبُو حنيفَة: صَاحبهَا كَأحد الْغُرَمَاء يقاسمونه فِيهَا فَلَو وجدهَا صَاحبهَا بعد موت الْمُفلس وَلم يكن قبض من ثمنهَا شَيْئا قَالَ الشَّافِعِي: صَاحبهَا أَحَق بهَا كَمَا لَو كَانَ حَيا وَقَالَ الثَّلَاثَة: صَاحبهَا أُسْوَة الْغُرَمَاء فصل: الدّين إِذا كَانَ مُؤَجّلا هَل يحل بِالْحجرِ أم لَا قَالَ مَالك: يحل وَقَالَ أَحْمد: لَا يحل وَللشَّافِعِيّ قَولَانِ كالمذهبين وأصحهما: لَا يحل وَأَبُو حنيفَة: لَا حجر عِنْده مُطلقًا وَهل يحل الدّين بِالْمَوْتِ قَالَ الشَّافِعِي وَأَبُو حنيفَة وَمَالك: إِنَّه يحل وَقَالَ أَحْمد وَحده: لَا يحل فِي أظهر روايتيه إِذا وثق الْوَرَثَة وَلَو أقرّ الْمُفلس بدين بعد الْحجر تعلق الدّين بِذِمَّتِهِ وَلم يُشَارك الْمقر لَهُ الْغُرَمَاء الدّين وَحجر عَلَيْهِ لأجلهم عِنْد الثَّلَاثَة وَقَالَ الشَّافِعِي: يشاركهم وَهل تبَاع دَار الْمُفلس الَّتِي لَا غنى لَهُ عَن سكناهَا وخادمه الْمُحْتَاج إِلَيْهِ قَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد: لَا يُبَاع ذَلِك وَزَاد أَبُو حنيفَة وَقَالَ: لَا يُبَاع عَلَيْهِ شَيْء من الْعقار وَالْعرُوض وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ: يُبَاع ذَلِك كُله وَإِذا ثَبت إِعْسَاره عِنْد الْحَاكِم فَهَل يحول الْحَاكِم بَينه وَبَين غُرَمَائه أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة: يُخرجهُ الْحَاكِم من الْحَبْس وَلَا يحول بَينه وَبَين غُرَمَائه بعد خُرُوجه ويلازمونه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 وَلَا يمنعونه من التَّصَرُّف وَيَأْخُذُونَ فضل كَسبه بِالْحِصَصِ وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ: يُخرجهُ الْحَاكِم من الْحَبْس وَلَا يفْتَقر إِخْرَاجه إِلَى إِذن غُرَمَائه ويحول بَينه وَبينهمْ وَلَا يجوز حَبسه بعد ذَلِك وَلَا ملازمته بل ينظر إِلَى ميسرَة وَاتَّفَقُوا على أَن الْبَيِّنَة تسمع على الْإِعْسَار بعد الْحَبْس وَاخْتلفُوا هَل تسمع قبله فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: تسمع قبله وَظَاهر مَذْهَب أبي حنيفَة: أَنَّهَا لَا تسمع إِلَّا بعده وَإِذا أَقَامَ الْمُفلس الْبَيِّنَة بإعساره فَهَل يحلف بعد ذَلِك أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد: لَا يحلف وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ: يحلف بِطَلَب الْغُرَمَاء وَاتَّفَقُوا على أَن الْأَسْبَاب الْمُوجبَة للحجر: الصغر وَالرّق وَالْجُنُون وَأَن الْغُلَام إِذا بلغ غير رشيد لم يسلم إِلَيْهِ مَاله وَاخْتلفُوا فِي حد الْبلُوغ فَقَالَ أَبُو حنيفَة: بُلُوغ الْغُلَام بالاحتلام والإنزال إِذا وطىء فَإِن لم يُوجد ذَلِك فحتى يتم لَهُ ثَمَان عشرَة سنة وَقيل: تسع عشرَة سنة وبلوغ الْجَارِيَة بِالْحيضِ والاحتلام وَالْحَبل أَو حَتَّى يتم لَهَا سبع عشرَة سنة وَأما مَالك: فَلم يحد فِيهِ حدا وَقَالَ أَصْحَابه: سبع عشرَة سنة أَو ثَمَان عشرَة سنة فِي حَقّهَا وَفِي رِوَايَة ابْن وهب: خمس عشرَة سنة وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد فِي أظهر رِوَايَته: حَده فِي حق خمس عشرَة سنة أَو خُرُوج الْمَنِيّ أَو الْحيض أَو الْحَبل ونبات الْعَانَة هَل يَقْتَضِي الحكم بِالْبُلُوغِ بِهِ أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة: لَا وَقَالَ مَالك وَأحمد: نعم وَالرَّاجِح من مَذْهَب الشَّافِعِي: أَنه يحكم بِالْبُلُوغِ بِهِ فِي حق الْكَافِر لَا الْمُسلم فصل: وَإِذا أونس من صَاحب المَال الرشد: دفع إِلَيْهِ مَاله بالِاتِّفَاقِ وَاخْتلفُوا فِي الرشد مَا هُوَ فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد: هُوَ فِي الْغُلَام إصْلَاح مَاله وتأتيه لتمييزه وَعدم تبذيره وَلم يراعوا عَدَالَة وَلَا فسقا وَقَالَ الشَّافِعِي: هُوَ إصْلَاح المَال وَالدّين وَهل بَين الْغُلَام وَالْجَارِيَة فرق قَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ: لَا فرق بَينهمَا وَقَالَ مَالك: لَا يفك الْحجر عَنْهَا وَإِن بلغت رَشِيدَة حَتَّى تتَزَوَّج وَيدخل بهَا الزَّوْج وَتَكون حافظة لمالها كَمَا كَانَت قبل التَّزْوِيج وَعَن أَحْمد: رِوَايَتَانِ الْمُخْتَار مِنْهُمَا: لَا فرق بَينهمَا وَالثَّانيَِة: كَقَوْل مَالك وَزَاد: حَتَّى يحول عَلَيْهَا حول عِنْده أَو تَلد ولدا وَقَالَ الثَّلَاثَة: إِن الصَّبِي إِذا بلغ وأونس مِنْهُ الرشد: دفع إِلَيْهِ مَاله فَإِن بلغ غير رشيد لم يدْفع إِلَيْهِ مَاله وَيسْتَمر مَحْجُورا عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِذا انْتهى سنه إِلَى خمس وَعشْرين سنة دفع إِلَيْهِ المَال بِكُل حَال وَإِذا طَرَأَ عَلَيْهِ السَّفه بعد إيناس رشده: هَل يحْجر عَلَيْهِ وَإِن كَانَ مبذرا وَيجوز للْأَب وَالْوَصِيّ أَن يشتريا لأنفسهما من مَال الْيَتِيم وَأَن يبيعا مَال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 أَنفسهمَا بِمَال الْيَتِيم إِذا لم يحابيا أَنفسهمَا عِنْد مَالك انْتهى المصطلح عَلَيْهِ الْمُتَرَتب على ذَلِك: وَصُورَة وَضعهَا فِي الْكِتَابَة يشْتَمل على أَنْوَاع مِنْهَا: صُورَة الْحجر على الْمُفلس بِطَلَب الْغُرَمَاء: هَذَا مَا أشهد بِهِ على نَفسه الْكَرِيمَة سيدنَا فلَان الدّين: أَنه حجر على فلَان حجرا صَحِيحا شَرْعِيًّا وَمنعه من التَّصَرُّف فِي مَاله الْحَاصِل بِيَدِهِ يَوْمئِذٍ والحادث بعده منعا تَاما بِحكم مَا ثَبت عَلَيْهِ من الدُّيُون الشَّرْعِيَّة الْوَاجِبَة فِي ذمَّته لأربابها الزَّائِدَة على قدر مَاله ومبلغ مَا عَلَيْهِ من الدُّيُون الشَّرْعِيَّة: كَذَا وَكَذَا بَيَان ذَلِك مَا هُوَ لفُلَان: كَذَا بِمُقْتَضى مسطور شَرْعِي تَارِيخه كَذَا وَلفُلَان كَذَا بمسطور تَارِيخه كَذَا ويعد الْغُرَمَاء وَيذكر قدر مَا لكل وَاحِد من الدّين وتاريخ مسطوره ثمَّ يَقُول: وَأثبت كل مِنْهُم مسطوره عِنْد الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ بِشَهَادَة الْعُدُول الواضعين رسم شَهَادَتهم فِي آخرهَا واستحلف كلا مِنْهُم على ذَلِك واستحقاقه لجميعه استحقاقا شَرْعِيًّا وَذَلِكَ بعد أَن ثَبت عِنْده بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّة: أَن الْمَدْيُون الْمَذْكُور مُعسر عَاجز عَن وَفَاء مَا عَلَيْهِ من الدُّيُون الْمَذْكُورَة وَأَن موجوده لَا تفي قِيمَته بِمَا عَلَيْهِ من الدّين الْمَذْكُور إِلَّا على حكم المحاصصة الثُّبُوت الشَّرْعِيّ وَحكم بفلس الْمَذْكُور وَصِحَّة الْحجر عَلَيْهِ مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ حكما شَرْعِيًّا مسؤولا فِيهِ وَفرض لَهُ فِي مَاله برسم نَفَقَته وَنَفَقَة من تلْزمهُ نَفَقَته وهم زَوجته فُلَانَة وَأَوْلَاده لصلبه مِنْهَا فلَان وَفُلَان وفلانة برسم طعامهم وشرابهم وَمَا لَا بُد لَهُم مِنْهُ من اللوازم الشَّرْعِيَّة فِي كل يَوْم كَذَا فرضا شَرْعِيًّا من تَارِيخه إِلَى حِين الْفَرَاغ من بيع قماشه وَمَا لَهُ من الأثاث وَالْمَتَاع وَقسم مَا يتَحَصَّل بَين الْغُرَمَاء بِنِسْبَة دُيُونهم على الْوَجْه الشَّرْعِيّ مُسْتَوْفيا شَرَائِطه الشَّرْعِيَّة ويكمل وَصُورَة الْحجر بالسفه والتبذير: أشهد عَلَيْهِ سيدنَا فلَان: أَنه حجر على فلَان حجرا صَحِيحا شَرْعِيًّا وَمنعه من التَّصَرُّف فِي مَاله الْحَاصِل يَوْمئِذٍ والحادث بعده منعا شَرْعِيًّا وحجرا مُعْتَبرا مرعيا بعد أَن ثَبت عِنْده بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّة العادلة المرضية أَن فلَانا الْمَذْكُور سَيْفه مُفسد لمَاله مبذر لَهُ مُسْرِف فِي إِنْفَاقه وَفِي بَيْعه وابتياعه مُسْتَحقّ لضرب الْحجر عَلَيْهِ وَمنعه من التَّصَرُّف إِلَى أَن يَسْتَقِيم حَاله وَيثبت رشده وَيظْهر صَلَاحه وَأَن الْمصلحَة فِي إِيقَاع الْحجر عَلَيْهِ وَإِبْطَال تَصَرُّفَاته ثبوتا صَحِيحا شَرْعِيًّا وَحكم بذلك وَضرب الْحجر على الْمَذْكُور وَمنعه من التَّصَرُّف وَحكم بسفهه حكما شَرْعِيًّا وَنَهَاهُ عَن الْمُعَامَلَات وأبطل فعله فِي جَمِيع التَّصَرُّفَات إبطالا شَرْعِيًّا وَفرض لَهُ فِي مَاله برسم نَفَقَته وَنَفَقَة من تلْزمهُ نَفَقَته من زَوجته فُلَانَة وَأَوْلَاده الصغار وهم فلَان وَفُلَان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 وَفُلَان وَمَا لَا بُد لَهُم مِنْهُ شرعا كل يَوْم من تَارِيخه كَذَا وَأوجب لَهُم ذَلِك فِي مَاله إِيجَابا شَرْعِيًّا بعد أَن ثَبت عِنْده بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّة: أَنه تحصل الْكِفَايَة لَهُ وَلمن مَعَه بذلك وَأَن لَيْسَ فِيهِ زِيَادَة على كِفَايَته ثبوتا شَرْعِيًّا ويكمل صُورَة الْحجر بالجنون: أشهد على نَفسه سيدنَا فلَان أَنه حجر على فلَان حجرا صَحِيحا شَرْعِيًّا وَمنعه من التَّصَرُّف فِي مَاله الْحَاصِل يَوْمئِذٍ والحادث بعده منعا شَرْعِيًّا وَذَلِكَ بعد أَن ثَبت عِنْده جُنُون الْمَحْجُور عَلَيْهِ جنونا مطبقا لَا يفِيق مِنْهُ بل ملازم لَهُ فِي جَمِيع الْحَالَات وَأَنه مَعَ كَونه ملازما لَهُ مفرط فِي أَمْوَاله مُسْرِف فِي أعطياته مسلوب الاهتداء إِلَى التَّصَرُّف فِي أَمْوَاله إِلَّا على وَجه الْإِتْلَاف والإفساد ثبوتا صَحِيحا شَرْعِيًّا وَفرض لَهُ فِي مَاله برسم نَفَقَته وَنَفَقَة من تلْزمهُ نَفَقَته فِي كل يَوْم من تَارِيخه كَذَا وَأوجب لَهُ ذَلِك فِي مَاله إِيجَابا شَرْعِيًّا وَأذن للمتكلم الَّذِي نَصبه متصرفا فِي أَمْوَاله فِي إِنْفَاق الْقدر الْمَفْرُوض عَلَيْهِ فِي كل يَوْم بِقسْطِهِ إِذْنا شَرْعِيًّا ويكمل وَصُورَة الْحجر بالخبل والعته: أشهد عَلَيْهِ سيدنَا فلَان الدّين أَنه حجر على فلَان حجرا صَحِيحا شَرْعِيًّا وَمنعه من التَّصَرُّف فِي مَاله الْبَاطِن وَالظَّاهِر والحادث بعده منعا شَرْعِيًّا بعد أَن ثَبت عِنْده ثَبت الله مجده بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّة: أَنه معتوه مخبول مسلوب لَا يَسْتَقِيم كَلَامه وَلَا يفهم خطابه وَلَا يسْتَمر نظامه وَلَا يرد الْجَواب بِالصَّوَابِ وَلَا يصدر مِنْهُ إِلَّا التَّخْلِيط وَأَنه مُسْتَحقّ لضرب الْحجر عَلَيْهِ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ وَفرض لَهُ فِي مَاله برسم نَفَقَته وَكسوته وَمَا لَا بُد لَهُ مِنْهُ شرعا فِي كل يَوْم من تَارِيخه كَذَا وَأذن لمن مَاله تَحت يَده فِي صرف الْقدر الْمَفْرُوض عَلَيْهِ إِذْنا شَرْعِيًّا ويكمل وَالله أعلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 كتاب الصُّلْح وَمَا يتَعَلَّق بِهِ من الْأَحْكَام الأَصْل فِي جَوَاز الصُّلْح: الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع أما الْكتاب: فَقَوله تَعَالَى: {وَإِن طَائِفَتَانِ من الْمُؤمنِينَ اقْتَتَلُوا فأصلحوا بَينهمَا} فَأمر الله تَعَالَى بِالصُّلْحِ بَين الْمُؤمنِينَ وَقَوله تَعَالَى: {وَإِن امْرَأَة خَافت من بَعْلهَا نُشُوزًا أَو إعْرَاضًا فَلَا جنَاح عَلَيْهِمَا أَن يصلحا بَينهمَا صلحا وَالصُّلْح خير} وَقَوله تَعَالَى: {وَإِن خِفْتُمْ شقَاق بَينهمَا فَابْعَثُوا حكما من أَهله وَحكما من أَهلهَا إِن يريدا إصلاحا يوفق الله بَينهمَا} فدلت هَذِه الْآيَات على جَوَاز الصُّلْح وَأما السّنة: فَمَا روى أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (الصُّلْح جَائِز بَين الْمُسلمين إِلَّا صلحا أحل حَرَامًا أَو حرم حَلَالا) وَأما الْإِجْمَاع: فَإِن الْأمة أَجمعت على جَوَازه وَالصُّلْح على أَرْبَعَة أَقسَام: الأول: صلح بِمَعْنى الْهِبَة وَهُوَ أَن يَدعِي الرجل عينا فِي يَد رجل ثمَّ يُصَالح مِنْهَا على بَعْضهَا فَيكون الْبَاقِي هبة وَالثَّانِي: صلح بِمَعْنى البيع وَهُوَ أَن يَدعِي شَيْئا أَو عبدا فِي يَد رجل فيصالح مِنْهَا على دَرَاهِم أَو دَنَانِير وَالثَّالِث: بِمَعْنى الْإِبْرَاء والحطيطة وَهُوَ أَن يَدعِي دَرَاهِم أَو دَنَانِير فِي ذمَّة رجل فيصالح مِنْهَا على بَعْضهَا ويبرىء من الْبَعْض وَالرَّابِع: الْمُصَالحَة مَعَ الْكفَّار وَسَيَأْتِي بَيَانهَا فِي بَابهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب : اعْلَم أَن من علم أَن عَلَيْهِ حَقًا فَصَالح على بعضه لم يحل لِأَنَّهُ هضم للحق أما إِذا لم يعلم وَادّعى عَلَيْهِ فَهَل تصح الْمُصَالحَة قَالَ الثَّلَاثَة: تصح وَقَالَ الشَّافِعِي: لَا تصح والمجهول على الْمَجْهُول جَائِز عِنْد الثَّلَاثَة وَمنعه الشَّافِعِي وَإِذا وجد حَائِط بَين دارين وَلِصَاحِب إِحْدَى الدَّاريْنِ جُذُوع وَادّعى كل وَاحِد مِنْهُمَا أَن جَمِيع الْحَائِط لَهُ فَعِنْدَ أبي حنيفَة وَمَالك: أَنه لصَاحب الْجُذُوع الَّتِي عَلَيْهِ مَعَ يَمِينه وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد: إِذا كَانَ لأَحَدهمَا جُذُوع عَلَيْهِ لم يتَرَجَّح جَانِبه بذلك بل الْجُذُوع لصَاحِبهَا مقرة على مَا هِيَ عَلَيْهِ والحائط بَينهمَا مَعَ أيمانهما وَإِذا تداعيا سقفا بَين بَيت وغرفة فَوْقه فالسقف عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك لصَاحب السّفل وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد: هُوَ بَينهمَا نِصْفَانِ وَإِذا انْهَدم الْعُلُوّ أَو السّفل فَأَرَادَ صَاحب الْعُلُوّ أَن يبنيه لم يجْبر صَاحب السّفل على الْبناء والتسقيف حَتَّى يَبْنِي صَاحب الْعُلُوّ بل إِن اخْتَار صَاحب الْعُلُوّ أَن يَبْنِي السّفل من مَاله وَيمْنَع صَاحب السّفل من الِانْتِفَاع حَتَّى يُعْطِيهِ مَا أنْفق فَهَذَا مَذْهَب أبي حنيفَة وَمَالك وَأحمد وَنقل عَن الشَّافِعِي كَذَلِك وَالصَّحِيح من مذْهبه: أَنه لَا يجْبر صَاحب السّفل وَلَا يمْنَع من الِانْتِفَاع إِذا بنى صَاحب الْعُلُوّ بِغَيْر إِذْنه بِنَاء على أَصله وَفِي قَوْله الْجَدِيد: إِن الشَّرِيك لَا يجْبر على الْعِمَارَة وَالْقَدِيم الْمُخْتَار عِنْد جمَاعَة من متأخري أَصْحَابه: إِنَّه يجْبر الشَّرِيك دفعا للضَّرَر وصيانة للأملاك الْمُشْتَركَة عَن التعطيل وَقَالَ الْغَزالِيّ فِي فَتَاوِيهِ: الِاخْتِيَار أَن القَاضِي يُلَاحظ أَحْوَال المتخاصمين فَإِن رأى أَن الِامْتِنَاع لغَرَض صَحِيح أَو شكّ فِي ذَلِك لم يجْبرهُ وَإِن علم أَنه عناد أجْبرهُ قَالَ: وَالْقَوْلَان يجريان فِي تبقية الْبِئْر والقناة وَالنّهر بَين الشُّرَكَاء فصل : وللمالك التَّصَرُّف فِي ملكه تَصرفا لَا يضر بجاره وَاخْتلفُوا فِي تصرف يضر بالجار فَأَجَازَهُ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَمنعه مَالك وَأحمد وَذَلِكَ مثل: أَن يَبْنِي حَماما أَو معصرة أَو مرحاضا أَو يحْفر بِئْرا مجاورة لبئر شَرِيكه فينقص مَاؤُهَا بذلك أَو يفتح لحائطه شباكا أَو كوَّة تشرف على دَاره فَلَا يمْنَع من ذَلِك لتصرفه فِي ملكه وَاتَّفَقُوا على أَن للْمُسلمِ أَن يعلي بناءه فِي ملكه لَكِن لَا يحل لَهُ أَن يطلع على عورات جِيرَانه فَإِن كَانَ سطحه أَعلَى من سطح غَيره قَالَ مَالك وَأحمد: لَهُ بِنَاء ستْرَة تَمنعهُ من الإشراف على جَاره وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ: لَا يلْزمه ذَلِك وَهَكَذَا اخْتلَافهمْ فِيمَا إِذا كَانَ بَين رجلَيْنِ جِدَار فَسقط فطالب أَحدهمَا الآخر ببنائه فَامْتنعَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 وَكَذَلِكَ إِذا كَانَ بَينهمَا دولاب أَو قناة أَو نهر فتعطل أَو بِئْر قَالَ أَبُو حنيفَة بالإجبار فِي النَّهر والدولاب والقناة والبئر لَا فِي الْجِدَار بل عدم الْإِجْبَار فِي الْجِدَار مُتَّفق عَلَيْهِ فَيُقَال للْآخر: إِن شِئْت فَابْن وامنعه من الِانْتِفَاع حَتَّى يعطيك قيمَة الْبناء وَوَافَقَهُ مَالك على الْإِجْبَار فِي الدولاب والقناة وَالنّهر والبئر وَاخْتلف فِي الْجِدَار الْمُشْتَرك فَعَنْهُ رِوَايَة بالإجبار وَالْأُخْرَى بِعَدَمِهِ انْتهى المصطلح الْمُتَرَتب على وضع الْكِتَابَة: وَصورته على أَنْوَاع مِنْهَا: صُورَة الصُّلْح الْحكمِي: هَذَا مَا صَالح عَلَيْهِ فلَان وَهُوَ الْمصَالح بِإِذن سيدنَا فلَان وَأمره الْكَرِيم على فلَان الْيَتِيم الصَّغِير الَّذِي هُوَ فِي حجر الحكم الْعَزِيز لوُجُود الْحَظ والمصلحة لَهُ فِي هَذَا الصُّلْح الْآتِي ذكره على الْوَجْه الشَّرْعِيّ الَّذِي سيشرح فِيهِ المسوغتين للصلح عَلَيْهِ شرعا فلَانا على مَا ادَّعَاهُ فِي ذمَّة وَالِد الْيَتِيم الْمَذْكُور وَفِي تركته وَهُوَ كَذَا وَكَذَا وَأقَام الْبَيِّنَة لَدَى الْحَاكِم الْآذِن الْمشَار إِلَيْهِ وَثَبت إِقْرَار وَالِده الْمَذْكُور بذلك وجريان حلف الْمُدَّعِي الْمَذْكُور على الِاسْتِحْقَاق وعَلى عدم الْمسْقط والمبطل الثُّبُوت الشَّرْعِيّ بِجَمِيعِ كَذَا مصالحة شَرْعِيَّة دَعَا الْمصَالح الْمَذْكُور إِلَيْهَا الْمصَالح وَرَضي بهَا الرضى التَّام وَدفع الْمصَالح الْمَذْكُور إِلَى الْمصَالح الْمَذْكُور بِالْإِذْنِ الْحكمِي الْمشَار إِلَيْهِ: جَمِيع القماش الْمصَالح بِهِ الْمعِين أَعْلَاهُ من مَال الْيَتِيم الْمَذْكُور إِلَى الْمصَالح الْمَذْكُور فَقَبضهُ مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا بَرِئت بِهِ ذمَّة وَالِد الْيَتِيم الْمَذْكُور من جَمِيع الدّين الثَّابِت فِي ذمَّته الْمعِين أَعْلَاهُ وَمن كل جُزْء مِنْهُ الْبَرَاءَة الشَّرْعِيَّة ويكمل وَصُورَة الصُّلْح من وَكيل بَيت المَال على ملك فِي يَد رجل ادّعى وَكيل بَيت المَال بِحِصَّة فِيهِ فصدقة صَاحب الْملك وَصَالَحَهُ: هَذَا مَا صَالح عَلَيْهِ سيدنَا فلَان وَكيل بَيت المَال الْمَعْمُور بِمَدِينَة كَذَا بِمُقْتَضى الْوكَالَة الشَّرْعِيَّة المفوضة إِلَيْهِ وَيذكر جَمِيع مَا تقدم ذكره مِمَّا هُوَ مُتَعَلق بوكيل بَيت المَال على نَحوه المشروح فِي كتاب الْبيُوع أَو صَالح عَنهُ نَائِبه بِإِذْنِهِ لَهُ لوُجُود الْحَظ والمصلحة وَالْغِبْطَة لجِهَة بَيت المَال الْمَعْمُور فلَان على جَمِيع الْحصَّة الشائعة وقدرها كَذَا من جَمِيع الدَّار ويصفها ويحددها بِمَا مبلغه كَذَا مصالحة شَرْعِيَّة صَارَت بهَا الْحصَّة الْمصَالح عَلَيْهَا ملكا من أَمْلَاك الْمصَالح الْمَذْكُور وَحقا من حُقُوقه وَلَا حق لبيت المَال الْمَعْمُور مَعَ الْمصَالح الْمَذْكُور فِي جَمِيع الدَّار الموصوفة المحدودة بأعاليه وَلَا فِي شَيْء مِنْهَا وَلَا فِي حق من حُقُوقهَا واستقرت يَد الْمصَالح الْمَذْكُور على الدَّار الْمَذْكُورَة جَمِيعهَا استقرارا شَرْعِيًّا أذن وَكيل بَيت المَال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 الْمَعْمُور الْمشَار إِلَيْهِ للْمصَالح الْمَذْكُور فِي دفع الْمبلغ الْمصَالح بِهِ إِلَى عُمَّال بَيت المَال الْمَعْمُور الواضعين خطوطهم بِهَامِش كتاب هَذَا الصُّلْح وهم: فلَان وَفُلَان وَفُلَان فَدفعهُ إِلَيْهِم فقبضوه مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا ويكمل على نَحْو مَا سبق وَصُورَة الصُّلْح بَين اثْنَيْنِ على دَار بِعَبْد أَو غَيره وَهُوَ عبارَة عَن بيع: صَالح فلَان فلَانا عَمَّا ادَّعَاهُ من أَنه يملك وَيسْتَحق جَمِيع الدَّار الْفُلَانِيَّة ويصفها ويحددها أَو حِصَّة مِنْهَا الَّتِي هِيَ بيد الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور بعد تنازعهما فِي عين الدَّعْوَى واعترف الْمصَالح الأول بعد ذَلِك بِمَا ادَّعَاهُ الثَّانِي وَصدقه عَلَيْهِ التَّصْدِيق الشَّرْعِيّ بِجَمِيعِ العَبْد الْفُلَانِيّ ويصفه وَيذكر جنسه واعترافه بِالرّقِّ والعبودية ثمَّ يَقُول: الْجَارِي فِي يَده وَملكه وبجميع القماش ويصفه وَصفا تَاما يُخرجهُ عَن الْجَهَالَة أَو بِمَا مبلغه كَذَا من عين أَو مَال مصالحة شَرْعِيَّة رَضِيا بهَا واتفقا عَلَيْهَا وتداعيا إِلَيْهَا دفع الْمصَالح الأول إِلَى الثَّانِي جَمِيع مَا صَالحه بِهِ وَقَبضه قبضا شَرْعِيًّا وَأقر الْمصَالح الثَّانِي الْمَذْكُور: أَنه لَا يسْتَحق مَعَ الْمصَالح الأول فِي هَذِه الدَّار الْمصَالح عَلَيْهَا حَقًا وَلَا استحقاقا وَلَا دَعْوَى وَلَا طلبا وَلَا ملكا وَلَا شُبْهَة ملك وَلَا مَنْفَعَة وَلَا اسْتِحْقَاق مَنْفَعَة وَلَا شَيْئا قل وَلَا جلّ وتصادقا على ذَلِك كُله تَصَادقا شَرْعِيًّا ويكمل وَصُورَة الصُّلْح عَن قماش أَو غَيره بِخِدْمَة عبد أَو سُكْنى دَار وَهَذَا الصُّلْح بِمَعْنى الْإِجَارَة: صَالح فلَان فلَانا عَمَّا ادَّعَاهُ الْمصَالح الثَّانِي فِي ذمَّة الْمصَالح الأول وَهُوَ اسْتِحْقَاق جَمِيع القماش الَّذِي صفته كَذَا وعدته كَذَا وَقِيمَته كَذَا بِمَا مبلغه كَذَا أَو بِخِدْمَة عَبده الحبشي الْجِنْس الْمُسلم الْبَالِغ الْمَدْعُو فلَان الْمُعْتَرف للْمصَالح الأول بِالرّقِّ والعبودية ليخدم الْمصَالح الثَّانِي مُدَّة سنة كَامِلَة من تَارِيخه خدمَة مثله لمثله أَو ليسكن جَمِيع الدَّار الْجَارِيَة فِي ملك الْمصَالح الأول الكائنة بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ ويصفها ويحددها مُدَّة سنة كَامِلَة من تَارِيخه وَينْتَفع بهَا انْتِفَاع مثله بِمِثْلِهَا من غير أُجْرَة مصالحة عَن هَذِه الدَّعْوَى الَّتِي جرت بَينهمَا بِالطَّرِيقِ الْمُعْتَبر الشَّرْعِيّ وَذَلِكَ بعد أَن تنَازعا فِي هَذِه الدَّعْوَى ثمَّ إِن الْمُدعى عَلَيْهِ اعْترف بِصِحَّتِهَا وَأقر بهَا إِقْرَارا شَرْعِيًّا وتصادقا على ذَلِك التصادق الشَّرْعِيّ ورضيا بِهِ واتفقا عَلَيْهِ وتفرقا من مجْلِس الصُّلْح عَن ترَاض وَأقر الْمُدَّعِي الْمَذْكُور أَنه لَا يسْتَحق على الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور وَلَا فِي ذمَّته مِنْهُ حَقًا وَلَا دَعْوَى وَلَا طلبا ويسوق أَلْفَاظ الْإِقْرَار بِعَدَمِ الِاسْتِحْقَاق الْمُتَقَدّمَة وَيسْتَعْمل مِنْهَا مَا يَلِيق بالواقعة ثمَّ يَقُول: وَأقر الْمصَالح الأول أَن الْمصَالح الثَّانِي الْمَذْكُور يسْتَحق الْمَبِيع الَّذِي قَبضه واستخدام العَبْد وسكنى الدَّار وَالِانْتِفَاع بذلك طول الْمدَّة الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ استحقاقا شَرْعِيًّا ويكمل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 وَصُورَة الصُّلْح على دَار يسكنهَا مُدَّة مُعينَة عَمَّا ادَّعَاهُ الْخصم الْمصَالح من دَار وَغَيرهَا وَهِي بِمَعْنى الْعَارِية: صَالح فلَان فلَانا عَمَّا ادَّعَاهُ الْمصَالح الثَّانِي على الْمصَالح الأول من أَنه مَالك مُسْتَحقّ لجَمِيع الْحصَّة الَّتِي قدرهَا كَذَا من جَمِيع الدَّار الْفُلَانِيَّة ويحددها وَأَنَّهَا انْتَقَلت إِلَيْهِ بِالْإِرْثِ الشَّرْعِيّ من والدته فُلَانَة وَهِي الَّتِي كَانَت زوجا لوالد الْمصَالح الأول المنتقلة إِلَيْهَا بِالْإِرْثِ الشَّرْعِيّ من زَوجهَا الْمَذْكُور وَصدقه الْمصَالح الأول على ذَلِك بسكنى جَمِيع الدَّار الْجَارِيَة فِي ملك الْمصَالح الأول الكائنة بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ ويحددها مُدَّة كَذَا وَكَذَا سنة من تَارِيخه وَسلم إِلَيْهِ السكن الْمَذْكُور فتسلمه مِنْهُ كتسلم مثله وَوَجَب لَهُ السكن بِالدَّار الْمَذْكُورَة وَالِانْتِفَاع بهَا بِنَفسِهِ وَأَهله الْمدَّة الْمَذْكُورَة وجوبا شَرْعِيًّا من غير أُجْرَة وَلَا عوض وَلَا مُقَابل وَلَا رُجُوع بِشَيْء من ذَلِك وَأقر الْمصَالح الثَّانِي: أَنه لَا يسْتَحق على الْمصَالح الأول بِسَبَب الدَّار الموصوفة المحدودة بأعاليه حَقًا وَدَعوى وَلَا طلبا ويكمل على نَحْو مَا سبق وَصُورَة الصُّلْح على الْإِنْكَار: صَالح فلَان فلَانا على جَمِيع الدَّار الْفُلَانِيَّة ويحددها الَّتِي ادّعى الْمصَالح الأول على الثَّانِي باستحقاقها من وَجه شَرْعِي وَأنكر الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور ذَلِك وَطلب من الْمُدعى عَلَيْهِ يَمِينه على ذَلِك فَرَأى أَن يصالحه عَن هَذِه الدَّعْوَى بِمَال افتداء ليمينه ودفعا للخصومة وقطعا للمنازعة فاصطلحا عَن الْمُدعى بِهِ مَعَ الْإِنْكَار لصِحَّة الدَّعْوَى واعتقاده بُطْلَانهَا وإصراره على الْإِنْكَار إِلَى حِين هَذَا الصُّلْح وَبعده وَدفع إِلَيْهِ مبلغ كَذَا وَكَذَا فَقَبضهُ مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا مصالحة جرت بَينهمَا عَن هَذِه الدَّعْوَى بِإِيجَاب وَقبُول شرعيين على الْوَجْه الشَّرْعِيّ وَأقر الْمُدَّعِي الْمَذْكُور أَن الدَّار الموصوفة المحدودة بأعاليه ملك الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور وَحقّ من حُقُوقه وَأَنه لَا حق لَهُ مَعَه فِيهَا وَلَا فِي شَيْء مِنْهَا بِوَجْه من الْوُجُوه وَلَا بِسَبَب من الْأَسْبَاب وتصادقا على ذَلِك كُله تَصَادقا شَرْعِيًّا ورضيا بِهِ واتفقا عَلَيْهِ ويكمل وَيرْفَع إِلَى حَاكم حَنَفِيّ أَو مالكي وَصُورَة صلح الْأَجْنَبِيّ عَن الْمُدعى عَلَيْهِ إِذا جَاءَ وَصدق الْأَجْنَبِيّ وَقَامَ مقَام الْمُدعى عَلَيْهِ صَحَّ الصُّلْح إِذا كَانَ الْمُدعى بِهِ دينا وَإِن كَانَ عينا فَصَالح الْأَجْنَبِيّ الْمُدَّعِي وَقَالَ لَهُ: إِن الْمُدعى عَلَيْهِ معترف بذلك فِي الْبَاطِن وَقد وكلني فِي الصُّلْح: صَحَّ الصُّلْح أَو قَالَ الْأَجْنَبِيّ: إِن الْمُدعى عَلَيْهِ اعْترف عِنْدِي بحقك ووكلني فِي الصُّلْح عَلَيْهِ صَحَّ الصُّلْح وَهُوَ صَحِيح عِنْد الشَّافِعِي صَالح فلَان فلَانا على جَمِيع الدَّار الَّتِي هِيَ بيد فلَان يَوْمئِذٍ وَادّعى الْمصَالح الثَّانِي أَن الدَّار الْمَذْكُورَة لَهُ وَملكه وَأَنَّهَا بيد الَّذِي صَالح عَنهُ الأول بِغَيْر حق وَلَا طَرِيق شَرْعِي فَقَالَ الْأَجْنَبِيّ الْمصَالح الأول: نعم وَهُوَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 معترف بذلك فِي الْبَاطِن واعترف عِنْدِي ووكلني فِي مصالحتك على هَذِه الدَّار الْمُدعى بهَا وَهِي الَّتِي بِيَدِهِ بمبلغ جملَته كَذَا وَكَذَا فَقَالَ الْمُدَّعِي الْمَذْكُور للْأَجْنَبِيّ الْمَذْكُور: صالحتك عَنْهَا بِهَذَا الْمبلغ مصالحة شَرْعِيَّة جرت بَينهمَا بِاللَّفْظِ الْمُعْتَبر الشَّرْعِيّ وَدفع الْمصَالح الْأَجْنَبِيّ الْمبلغ الْمعِين أَعْلَاهُ إِلَى الْمصَالح الْمُدَّعِي الْمَذْكُور من مَال الْمصَالح عَنهُ دون مَال الْأَجْنَبِيّ فَقَبضهُ مِنْهُ بِحكم هَذَا الصُّلْح وَمُقْتَضَاهُ شرعا وَأقر أَنه لم يبْق لَهُ قبل الْمصَالح عَنهُ فِي جَمِيع الدَّار الْمَذْكُورَة وَلَا فِي شَيْء مِنْهَا وَلَا فِي حق من حُقُوقهَا حق وَلَا اسْتِحْقَاق وَلَا مُطَالبَة وَلَا علقَة وَلَا تبعة وَلَا شَيْء قل وَلَا جلّ ويكمل على نَحْو مَا سبق تَنْبِيه: جرت عَادَة كتاب الوثائق أَن لَا يسموا الرجل الْأَجْنَبِيّ وَإِنَّمَا يَقُول الْكَاتِب: وَإِن رجلا بَالغا عَاقِلا جَائِز التَّصَرُّف عرف ذَلِك معرفَة تَامَّة وَأقر بِوُجُوبِهِ لفُلَان على فلَان وَصَالَحَهُ عَنهُ من مَاله بِغَيْر أَمر فلَان لَهُ وَلَا إِذْنه فِي ذَلِك وَمَا يكْتب ذَلِك كَذَلِك إِلَّا إِذا خَافَ الَّذِي فِي يَده الدَّار أَن يقر بهَا للْمُدَّعِي فَلَا يجِيبه إِلَى الصُّلْح وَالْكل جَائِز انْتهى وَصُورَة الصُّلْح على وضع الْخشب على حَائِط الدَّار: صَالح فلَان فلَانا على أَن يضع الأول مِنْهُمَا على حَائِط الثَّانِي وَهُوَ الْحَائِط الَّذِي بَين داريهما من الْجِهَة الْفُلَانِيَّة الْجَارِي فِي ملك الْمصَالح الثَّانِي واختصاصه وَهَاتَانِ الداران بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ ويصف كل وَاحِدَة مِنْهُمَا ويحددها ثمَّ يَقُول: من الأخشاب الْجَوْز أَو غَيره الحزم أَو الأرباع أَو الأنصاف أَو من اثْنَيْنِ حمل أَو من سِتَّة حمل أَو من ثَمَانِيَة حمل كل عود مِنْهَا طوله كَذَا وَكَذَا ذِرَاعا بالذراع النجاري عشْرين جذعا مَادَّة قبْلَة وَشمَالًا أَو شرقا وغربا بعوض مبلغه كَذَا دفع الْمصَالح الثَّانِي إِلَى الْمصَالح الأول جَمِيع الْعِوَض الْمَذْكُور فَقَبضهُ مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا وَوَجَب للْأولِ مِنْهُمَا فلَان وضع هَذِه الْجُذُوع على الْحَائِط الْمَذْكُور واستمرارها عَلَيْهِ وانتفاع الْمصَالح الْمَذْكُور بِهِ وورثته وَمن انْتقل إِلَيْهِ ذَلِك بطرِيق شَرْعِي وجوبا شَرْعِيًّا وَجرى ذَلِك بَينهمَا على الْوَضع الْمُعْتَبر الشَّرْعِيّ وتصادقا على ذَلِك ورضياه واتفقا عَلَيْهِ ويكمل وَصُورَة الصُّلْح على إِخْرَاج جنَاح أَو روشن إِلَى أَرض الْجَار: صَالح فلَان فلَانا على أَن الأول مِنْهُمَا يخرج روشنا أَو جنَاحا من دَاره الْفُلَانِيَّة ويحددها على ملك الْمصَالح الثَّانِي الْمُجَاورَة لدار الأول من الْجِهَة الْفُلَانِيَّة أَو الْمُقَابلَة لَهَا ويبرز بِهِ على أَرض جَاره بأخشاب من جوز أَو توت أَو غَيرهَا عدتهَا كَذَا وَكَذَا عودا وَطول بروز الْجنَاح الْمَذْكُور كَذَا وَكَذَا ذِرَاعا بالذراع الْمَذْكُور وَطول الْجنَاح على الْحَائِط كَذَا وَكَذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 ذِرَاعا بعوض مبلغه كَذَا ويكمل على نَحْو مَا سبق وَصُورَة الصُّلْح على فتح الْبَاب فِي الدَّرْب: صَالح فلَان فلَانا وَفُلَانًا وهم أهل الدَّرْب الْفُلَانِيّ الْكَائِن بالموضع الْفُلَانِيّ على أَن الْمصَالح الأول يفتح بَابا للدرب الْمَذْكُور إِلَى دَاره الْمُتَّصِلَة بالدرب الْمَذْكُور من الْجِهَة الْفُلَانِيَّة ويحددها حسب سُؤَاله لَهُم على ذَلِك وعَلى أَن يقوم لَهُم بِمَا مبلغه كَذَا فَأَجَابُوهُ إِلَى ذَلِك وصالحوه عَلَيْهِ بالمبلغ الْمَذْكُور بِالسَّوِيَّةِ بَينهم وَدفع إِلَيْهِم الْمبلغ الْمصَالح عَلَيْهِ بِسَبَب ذَلِك الْمعِين أَعْلَاهُ فقبضوه مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا وأذنوا لَهُ فِي فتح الْبَاب الْمَذْكُور إِذْنا شَرْعِيًّا قبل ذَلِك مِنْهُم قبولا شَرْعِيًّا وَرَضوا بذلك وَاتَّفَقُوا عَلَيْهِ وَبَقِي لفُلَان الْمصَالح الْمَذْكُور حق الاستطراق بالدرب الْمَذْكُور إِلَى دَاره الْمَذْكُورَة بِالسَّبَبِ الْمَذْكُور وَلم يبْق لكل من أهل الدَّرْب مَنعه من ذَلِك وَلَا من شَيْء مِنْهُ وَمَتى ادّعى أحد مِنْهُم بِدَعْوَى تخَالف ذَلِك بِنَفسِهِ أَو بوكيله كَانَت دَعْوَاهُ وَدَعوى من يَدعِي عَنهُ بَاطِلَة لَا صِحَة لَهَا وَلَا حَقِيقَة لأصلها وتصادقوا على ذَلِك كُله التصادق الشَّرْعِيّ وَأشْهدُوا عَلَيْهِم بذلك فِي حَالَة الصِّحَّة والسلامة والطواعية وَالِاخْتِيَار من غير إِكْرَاه وَلَا إِجْبَار وينشأ على أصُول مسَائِل الْبَاب فروع: الأول: إِذا قَالَ أحد الْوَرَثَة لصَاحبه: تركت حَقي من التَّرِكَة لَك فَقَالَ: قلت: لم يَصح وَيبقى حَقه كَمَا كَانَ الثَّانِي: إِذا بَاعَ ناصب الْمِيزَاب أَو باني الْجِدَار المائل: الدَّار لم يبرأ من الضَّمَان حَتَّى لَو سقط على إِنْسَان فَهَلَك بِهِ يجب الضَّمَان على عَاقِلَة البَائِع الثَّالِث: لَو أَرَادَ الْجَار أَن يَبْنِي جِدَاره الْخَالِص أَو الْمُشْتَرك مائلا إِلَى ملك الْجَار فَلهُ الْمَنْع وَإِن مَال فَلهُ الْمُطَالبَة بِالنَّقْضِ فَلَو تولد مِنْهُ هَلَاك وَجب الضَّمَان كَمَا لَو بناه مائلا إِلَى الشَّارِع وَلَو استهدم الْجِدَار وَلم يمل قَالَ الأصطخري: لَا يُطَالب بنقضه فعلى الأول: لَا ضَمَان عَلَيْهِ فِيمَا يتَوَلَّد مِنْهُ وعَلى الثَّانِي: هُوَ كَمَا لَو مَال فَلم ينْقضه وَمُقْتَضَاهُ لَا ضَمَان فِي الْأَصَح الرَّابِع: لَو رش المَاء فِي الطَّرِيق فزلق بِهِ إِنْسَان أَو بَهِيمَة فَإِن رش لمصْلحَة عَامَّة كدفع الْغُبَار عَن الْمَارَّة فكحفر الْبِئْر للْمصْلحَة الْعَامَّة وَإِن كَانَ لمصْلحَة نَفسه وَجب الضَّمَان الْخَامِس: لَو بنى على بَاب دَاره دكة فَتلف بهَا إِنْسَان أَو دَابَّة وَجب الضَّمَان وَكَذَا الطّواف إِذا وضع مَتَاعه فِي الطَّرِيق: فَتلف بِهِ شَيْء ضمنه بِخِلَاف مَا لَو وضع على طرف حانوته الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 السَّادِس: لَو بَالَتْ دَابَّة أَو راثت فزلق بِهِ إِنْسَان أَو دَابَّة أَو تطاير مِنْهُ شَيْء إِلَى طَعَام إِنْسَان فنجسه فَإِن كَانَت الدَّابَّة فِي ملكه فَلَا ضَمَان وَإِن كَانَت فِي الطَّرِيق أَو ربطها فِي الطَّرِيق ضمن على الْأَصَح وَلَو أسْند خَشَبَة إِلَى جِدَار فَسقط الْجِدَار على شَيْء فأتلفه فَإِن كَانَ الْجِدَار لغير الْمسند وَلم يَأْذَن لَهُ فَعَلَيهِ ضَمَان الْجِدَار وَمَا سقط عَلَيْهِ وَإِن كَانَ الْجِدَار للمسند وَلغيره وَقد أذن لَهُ فِي الْإِسْنَاد لم يجب ضَمَان الْجِدَار وَفِي ضَمَان مَا يسْقط عَلَيْهِ وَجْهَان تَنْبِيه: اعْلَم أَن الضَّمَان حَيْثُ أطلق فِي هَذِه الصُّورَة وَمَا أشبههَا أَو قيل: إِنَّه على الْحَافِر أَو على وَاضع الْحجر أَو الْقَاعِد أَو ناصب الْمِيزَاب أَو الْجنَاح وملقى القمامة وقشر الْبِطِّيخ: فَالْمُرَاد تعلق الضَّمَان بهم وَمَعْنَاهُ: يجب على عاقلتهم انْتهى تذييل: وَيجوز للْإنْسَان أَن يشرع روشنا فِي الطَّرِيق النَّافِذ إِذا لم تتضرر الْمَارَّة بِهِ وَلَا يجوز فِي الدَّرْب الْمُشْتَرك إِلَّا بِإِذن الشُّرَكَاء وَيجوز تَقْدِيم الْبَاب فِي الدَّرْب الْمُشْتَرك وَلَا يجوز تَأْخِيره إِلَّا عَن إِذن وَإِن أَرَادَ أَن يضع الْجذع على حَائِط جَاره أَو حَائِط مُشْتَرك بِغَيْر إِذن لم يجز فِي الْأَصَح وَإِن صَالحه على ذَلِك بِشَيْء جَازَ وَإِن كَانَ مَعْلُوما وَإِن كَانَ بَينهمَا حَائِط وَاقع أَو لأَحَدهمَا الْعُلُوّ وَالْآخر السّفل فَوَقع السّقف فَدَعَا أَحدهمَا صَاحبه إِلَى الْبناء وَامْتنع الآخر فَفِيهِ قَولَانِ أصَحهمَا: أَنه لَا يجْبر عَلَيْهِ وَالله أعلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 كتاب الْحِوَالَة وَمَا يتَعَلَّق بهَا من الْأَحْكَام الْحِوَالَة: نقل حق من ذمَّة إِلَى ذمَّة وَهِي مُشْتَقَّة من قَوْلهم: حولت الشَّيْء من مَوضِع إِلَى مَوضِع إِذا نقلته إِلَيْهِ وَالْأَصْل فِي جَوَازهَا: مَا روى أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (مطل الْغَنِيّ ظلم وَإِذا أُحِيل أحدكُم على مَلِيء فَليَحْتَلْ) وَرُوِيَ: (وَإِذا أتبع أحدكُم على مَلِيء فَليتبعْ) وَالْمرَاد بِهِ الْحِوَالَة وَتَصِح بِوُجُود خمس شَرَائِط: الْمُحِيل والمحتال والمحال عَلَيْهِ وَأَن يكون المَال فِي ذمَّة الْمحَال عَلَيْهِ على أصح الْقَوْلَيْنِ وَالْخَامِس: أَن لَا يعْتَبر رضى الْمحَال عَلَيْهِ وَهل يفْتَقر إِلَى علمه فِيهِ وَجْهَان الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب : اتّفق الْأَئِمَّة على أَنه إِذا كَانَ لإِنْسَان على آخر حق فأحاله على من لَهُ عَلَيْهِ حق لم يجب على الْمُحْتَال قبُول الْحِوَالَة وَقَالَ دَاوُد: يلْزمه الْقبُول وَلَيْسَ للمحال عَلَيْهِ أَن يمْتَنع من قبُول الْحِوَالَة عَلَيْهِ وَلَا يعْتَبر رِضَاهُ عِنْد أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ مَالك: إِن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 كَانَ الْمُحْتَال عدوا للمحتال عَلَيْهِ يلْزمه قبُولهَا وَقَالَ الأصطخري من أَئِمَّة الشَّافِعِيَّة: لَا يلْزم الْمحَال عَلَيْهِ الْقبُول مُطلقًا عدوا كَانَ الْمُحْتَال أم لَا وَعَن دَاوُد: إِذا قبل صَاحب الْحق الْحِوَالَة على مَلِيء فقد برىء الْمُحِيل على كل وَجه وَبِه قَالَ الْفُقَهَاء أجمع إِلَّا زفر فَقَالَ: لَا يبرأ وَاخْتلفُوا فِي رُجُوع الْمُحْتَال على الْمُحِيل إِذا لم يصل إِلَى حَقه من جِهَة الْمحَال عَلَيْهِ فمذهب مَالك أَنه إِن غره الْمُحِيل بفلس يُعلمهُ من الْمحَال عَلَيْهِ أَو عدم فَإِن الْمحَال يرجع على الْمُحِيل وَلَا يرجع فِي غير ذَلِك وَمذهب الشَّافِعِي وَأحمد: أَنه لَا يرجع بِوَجْه من الْوُجُوه سَوَاء غره بفلس أَو تجدّد الْفلس أَو أنكر الْمحَال عَلَيْهِ أَو جحد لتَقْصِيره بِعَدَمِ الْبَحْث والتفتيش وَصَارَ كَأَنَّهُ قبض الْعِوَض وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِنَّه يرجع عِنْد الْإِنْكَار انْتهى المصطلح: وَصُورَة تشْتَمل على أَنْوَاع: فصورة الْحِوَالَة الْمُتَّفق عَلَيْهَا: أحَال فلَان فلَانا على فلَان بمبلغ كَذَا بنظير مَا للمحتال الْمَذْكُور فِي ذمَّة الْمحَال عَلَيْهِ من الدّين الْمُوَافق لذَلِك فِي الْقدر وَالْجِنْس وَالصّفة والحلول والتأجيل أَو التقسيط حِوَالَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة رَضِي بهَا الْمُحْتَال والمحيل والمحال عَلَيْهِ وقبلوها جَمِيعًا قبولا شَرْعِيًّا بَرِئت بذلك ذمَّة الْمُحِيل من دين الْمُحْتَال بَرَاءَة شَرْعِيَّة فَإِن كَانَت الْحِوَالَة من غير رضَا الْمحَال عَلَيْهِ وَلَا حُضُوره كتب رضَا الْمُحْتَال بهَا وَقبلهَا قبولا شَرْعِيًّا ويكمل وَصُورَة الْحِوَالَة بِغَيْر رضى الْمُحْتَال وَلَا الْمحَال عَلَيْهِ فِي رِوَايَة عَن أَحْمد: أحَال فلَان فلَانا على فلَان بمبلغ كَذَا وَكَذَا وَذَلِكَ هُوَ الْقدر الَّذِي يسْتَحقّهُ الْمُحِيل فِي ذمَّة الْمحَال عَلَيْهِ وَهُوَ نَظِير مَا للمحتال الْمَذْكُور فِي ذمَّة الْمُحِيل حِوَالَة جَائِزَة عِنْد من يرى صِحَّتهَا من أَئِمَّة الْمُسلمين ويكمل وَيرْفَع إِلَى حنبلي يُثبتهُ فِي وَجه الْمُحْتَال والمحال عَلَيْهِ مَعَ عدم رضاهما وَيحكم بذلك مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ وَهَذِه تشبه أَن تكون مقاصصة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 كتاب الضَّمَان وَالْكَفَالَة وَمَا يتَعَلَّق بهما من الْأَحْكَام الأَصْل فِي وجوب الضَّمَان: الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع أما الْكتاب: فَقَوله تَعَالَى: {قَالُوا نفقد صواع الْملك وَلمن جَاءَ بِهِ حمل بعير وَأَنا بِهِ زعيم} قَالَ ابْن عَبَّاس: (الزعيم الْكَفِيل) وَأما السّنة: فروى أَبُو أُمَامَة: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطب يَوْم فتح مَكَّة فَقَالَ: (إِن الله تَعَالَى قد أعْطى كل ذِي حق حَقه فَلَا وَصِيَّة لوَارث وَلَا تنْفق امْرَأَة شَيْئا من بَيتهَا إِلَّا بِإِذن زَوجهَا وَالْعَارِية مُؤَدَّاة والمنحة مَرْدُودَة وَالدّين مقضي والزعيم غَارِم والزعيم الضمين) وروى قبيصَة بن الْمخَارِق: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (لَا تحل الصَّدَقَة إِلَّا لثَلَاثَة فَذكر رجلا تحمل بحمالة فَحلت لَهُ الْمَسْأَلَة حَتَّى يُؤَدِّيهَا ثمَّ يمسك) فأباح لَهُ الصَّدَقَة حَتَّى يُؤَدِّي ثمَّ يمسك فَدلَّ على أَن الْحمالَة قد لَزِمته وَأما الْإِجْمَاع: فَإِن أحدا من الْعلمَاء لم يُخَالف فِي صِحَة الضَّمَان وَإِن اخْتلفُوا فِي فروع مِنْهُ وَيُقَال فِيهِ: زعيم وضمين وحميل وكفيل وقبيل وَالْكل بِمَعْنى وَاحِد وَالضَّمان على ضَرْبَيْنِ: أَحدهمَا: ضَمَان النَّفس وَالثَّانِي: ضَمَان المَال فَأَما ضَمَان النَّفس: فعلى ضَرْبَيْنِ أَحدهمَا: فِي الْحُدُود وَذَلِكَ بَاطِل وَالثَّانِي: فِي غير الْحُدُود فعلى قَوْلَيْنِ: يجوز وَلَا يجوز وَأما ضَمَان المَال: فَإِنَّهُ يجوز بِثَلَاثَة شَرَائِط: أَن يعلم لمن هُوَ وَكم هُوَ وعَلى من هُوَ وَأما ضَمَان الْمَجْهُول وَمَا لم يجب: فعلى قَوْلَيْنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 أصَحهمَا: أَنه لَا يجوز وَأما الْأَعْيَان: فَغير جَائِز وَضَمان دَرك الْمَبِيع يلْزم البَائِع وَإِن لم يَشْتَرِطه المُشْتَرِي فَأَما إِذا ضمنه غَيره: فعلى قَوْلَيْنِ وَأما ضَمَان تَسْلِيم الْمَبِيع: فَفِيهِ وَجْهَان الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب: اتّفق الْأَئِمَّة على جَوَاز الضَّمَان وَأَنه لَا ينْتَقل الْحق عَن الْمَضْمُون عَنهُ الْحَيّ بِنَفس الضَّمَان بل الدّين بَاقٍ فِي ذمَّته لَا يسْقط عَن ذمَّته إِلَّا بِالْأَدَاءِ وَهل تَبرأ ذمَّة الْمَيِّت الْمَضْمُون عَنهُ بِنَفس الضَّمَان فَعِنْدَ الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة: لَا كالحي وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ وَضَمان الْمَجْهُول: جَائِز عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك وَأحمد ومثاله: أَنا ضَامِن لَك مَا على زيد وَهُوَ لَا يعرف قدره وَكَذَلِكَ يجوز عِنْدهم ضَمَان مَا لم يجب مِثَاله: داين زيدا فَمَا حصل لَك عَلَيْهِ فَهُوَ عَليّ أَو فَأَنا ضَامِن لَهُ وَالْمَشْهُور من مَذْهَب الشَّافِعِي: أَن ذَلِك لَا يجوز وَلَا الْإِبْرَاء من الْمَجْهُول وَإِذا مَاتَ إِنْسَان وَعَلِيهِ دين وَلم يخلف وَفَاء فَهَل يَصح ضَمَان الدّين عَنهُ أم لَا فمذهب مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد: أَنه يجوز وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِذا لم يخلف وَفَاء لم يجز الضَّمَان عَلَيْهِ وَيصِح الضَّمَان من غير قبُول الطَّالِب عِنْد الثَّلَاثَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يَصح إِلَّا فِي مَوضِع وَاحِد وَهُوَ أَن يَقُول الْمَرِيض لبَعض ورثته: اضمن عني ديني فَيضمنهُ والغرماء غيب فَيجوز وَإِن لم يسم الدّين فَإِن كَانَ فِي الصِّحَّة لم يلْزم الْكَفِيل شَيْئا فصل: وكفالة الْبدن صَحِيحَة عَن كل من وَجب عَلَيْهِ الْحُضُور إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز بالِاتِّفَاقِ لإطباق النَّاس عَلَيْهَا ومسيس الْحَاجة إِلَيْهَا وَتَصِح كَفَالَة الْبدن عَمَّن ادّعى عَلَيْهِ إِلَّا عِنْد أبي حنيفَة وَتَصِح ببدن ميت ليحضره لأَدَاء الشَّهَادَة وَيخرج الْكَفِيل عَن الْعهْدَة بِتَسْلِيمِهِ فِي الْمَكَان الَّذِي شَرطه أَرَادَهُ الْمُسْتَحق أَو أَبَاهُ بالِاتِّفَاقِ إِلَّا أَن يكون دونه يَد عَادِية مَانِعَة فَلَا يكون تَسْلِيمًا فَلَو مَاتَ الْكَفِيل بطلت الْكفَالَة إِلَّا عِنْد مَالك وَإِن تغيب الْمَكْفُول أَو هرب قَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ: لَيْسَ عَلَيْهِ غير إِحْضَاره وَلَا يلْزمه المَال وَإِذا تعذر عَلَيْهِ إِحْضَاره لغيبة أمْهل عِنْد أبي حنيفَة مُدَّة الْمسير وَالرُّجُوع بكفيل إِلَى أَن يَأْتِي بِهِ فَإِن لم يَأْتِ بِهِ حبس حَتَّى يَأْتِي بِهِ وَقَالَ مَالك وَأحمد: إِن لم يحضرهُ وَإِلَّا غرم وَقَالَ الشَّافِعِي: لَا يغرم المَال مُطلقًا وَلَو لم يعلم مَكَانَهُ لم يُطَالب بالِاتِّفَاقِ وَلَو قَالَ: إِن لم أحضر بِهِ غَدا فَأَنا ضَامِن لما عَلَيْهِ فَلم يحضر أَو مَاتَ الْمَطْلُوب ضمن مَا عَلَيْهِ إِلَّا عِنْد الشَّافِعِي وَمَالك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 وَلَو ادّعى رجل على آخر بِمِائَة دِرْهَم فَقَالَ رجل: إِن لم يواف بهَا غَدا فعلي الْمِائَة فَلم يواف لزمَه الْمِائَة إِلَّا عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ وَمُحَمّد بن الْحسن وَضَمان الدَّرك فِي البيع: جَائِز صَحِيح عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك وَأحمد وَهُوَ الرَّاجِح من قولي الشَّافِعِي بعد قبض الثّمن لإطباق جَمِيع النَّاس عَلَيْهِ فِي جَمِيع الْأَعْصَار وَله قَول: إِنَّه لَا يَصح ضَمَان مَا لم يجب انْتهى المصطلح: وتشتمل صُورَة على أَنْوَاع مِنْهَا: صُورَة ضَمَان مُتَّفق عَلَيْهِ وَقد سبق ذكرهَا فِي الْإِقْرَار صُورَة الضَّمَان عَن ذمَّة الْمَيِّت وَقد صَححهُ الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة إِذا خلف وَفَاء وَمنعه أَبُو حنيفَة إِذا كَانَ الْمَيِّت مُفلسًا وَصَححهُ الْبَاقُونَ وَإِن كَانَ مُفلسًا: حضر إِلَى شُهُوده فِي يَوْم تَارِيخه فلَان وَأشْهد عَلَيْهِ شُهُوده أَنه ضمن وكفل عَن ذمَّة فلَان الْمُتَوفَّى إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى قبل تَارِيخه لفُلَان مَا مبلغه كَذَا حَالا أَو مقسطا أَو إِلَى أجل ضمانا شَرْعِيًّا فِي ذمَّته وَمَاله أقرّ بالملاءة وَالْقُدْرَة على ذَلِك وبمعرفة معنى هَذَا الضَّمَان وَمَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ شرعا وَهَذِه الصُّورَة تكون عَارِية عَن الْإِذْن لتعذره بِمَوْت الْمَضْمُون عَنهُ وَإِن حضر الْمَضْمُون لَهُ كتب قبُوله لذَلِك قبولا شَرْعِيًّا وَصُورَة الضَّمَان عَن ذمَّة شخص لآخر بِغَيْر طلب الْمَضْمُون لَهُ وَلَا إِذن الْمَضْمُون عَنهُ: حضر إِلَى شُهُوده فِي يَوْم تَارِيخه فلَان وَأشْهد عَلَيْهِ شُهُوده: أَنه ضمن وكفل مبلغ الدّين الْمعِين أَعْلَاهُ إِن كَانَت الْكِتَابَة فِي مسطور الدّين على حكمه الْمعِين فِيهِ بِغَيْر إِذْنه لَهُ فِي الضَّمَان وَإِن كَانَت الْكِتَابَة مقتضبة فَيَقُول: إِنَّه ضمن وكفل لفُلَان مبلغ كَذَا وَكَذَا وَهُوَ الَّذِي فِي ذمَّته بِمُقْتَضى المسطور المؤرخ بِكَذَا بِغَيْر إدن لَهُ فِي الضَّمَان ضمانا شَرْعِيًّا وَأقر بالملاءة وَالْقُدْرَة على ذَلِك وَذَلِكَ على حكم الْحُلُول أَو التقسيط أَو التَّأْجِيل فِي الْعسر واليسر وَالْمَوْت والحياة والغيبة والحضور ويكمل وَهَذِه الْكفَالَة صَحِيحَة لَازِمَة عِنْد مَالك وَفِي رِوَايَة عَن أَحْمد صُورَة كَفَالَة الْأَعْيَان وَهِي مُتَّفق عَلَيْهَا إِلَّا فِي أحد الْوَجْهَيْنِ للشَّافِعِيّ: حضر إِلَى شُهُوده فِي يَوْم تَارِيخه فلَان وَأشْهد عَلَيْهِ شُهُوده: أَنه ضمن وكفل عَن فلَان مَا غصبه من فلَان وَهُوَ كَذَا وَكَذَا أَو ضمن وكفل مَا أودعهُ فلَان عِنْد فلَان من الْوَدِيعَة وَهُوَ كَذَا وَكَذَا أَو ضمن وكفل مَا أَعَارَهُ لفُلَان وَهُوَ كَذَا وَكَذَا ضمانا شَرْعِيًّا بِحَيْثُ إِن الْمُودع أَو الْمُسْتَعِير إِذا خَان فِي الْوَدِيعَة أَو فرط فِي حفظهَا يلْزم الْكَفِيل مَا يلْزمهُمَا أَو أَحدهمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 بِمُقْتَضى مَا يلْزم الْمُودع بتفريطه أَو الْمُسْتَعِير وَأقر بالملاءة وَالْقُدْرَة على ذَلِك واعتراف بِمَعْرِِفَة معنى كَفَالَة الْأَعْيَان ومقتضاها وَمَا يَتَرَتَّب عَلَيْهَا شرعا ويكمل وَصُورَة كَفَالَة الْوَجْه وَالْبدن تقدّمت فِي الْإِقْرَار وَفِيه صُورَة ثَانِيَة: حضر إِلَى شُهُوده فلَان وكفل لفُلَان وَجه فلَان على أَنه مَتى طَالبه بإحضاره إِلَيْهِ فِي ليل أَو نَهَار أحضرهُ وَسلمهُ إِلَيْهِ بِحَيْثُ يقدر على الانتصاف مِنْهُ ويتمكن من مُطَالبَته بِالْوَاجِبِ لَهُ عَلَيْهِ وَإِن لم يقدر على تَسْلِيمه إِلَيْهِ فَعَلَيهِ لفُلَان الْمَكْفُول لَهُ جَمِيع مَا يثبت لَهُ على فلَان من الْحق الشَّرْعِيّ من دِرْهَم إِلَى ألف دِرْهَم وَأكْثر وَأَقل مِنْهُ بَالغا مَا بلغ كَفَالَة شَرْعِيَّة أُذُنه لَهُ فِي ذَلِك وَقبل الْمَكْفُول لَهُ من الْكَفِيل هَذِه الْكفَالَة بمخاطبته إِيَّاه على ذَلِك وَإِن اخْتَار أَن يكْتب: أَنه إِذا عجز عَن إِحْضَاره كَانَ عَلَيْهِ الْقيام بِالدّينِ كتب: وَإِن عجز عَن إِحْضَاره كَانَ عَلَيْهِ الْقيام بِمَا عَلَيْهِ من الدّين الشَّرْعِيّ للمكفول لَهُ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا يُؤَدِّيه من مَاله وصلب حَاله وَأقر بالملاءة وَالْقُدْرَة على ذَلِك وتصادقا على أَن حَاكما من حكام الْمُسلمين جَائِز الْقَضَاء نَافِذ الْأَحْكَام حكم على الْكَفِيل بِصِحَّة الْكفَالَة ولزومها وَوُجُوب المَال عَلَيْهِ عِنْد الْعَجز عَن إِحْضَار الْمَكْفُول حكما شَرْعِيًّا لَازِما ويكمل وَالله أعلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 كتاب الشّركَة وَمَا يتَعَلَّق بهَا من الْأَحْكَام الأَصْل فِي جَوَاز الشّركَة: الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع أما الْكتاب: فَقَوله تَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم من شَيْء فَأن لله خمسه وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى واليتامى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل} فَجعل الْخمس مُشْتَركا بَين أهل الْخمس وَجعل أَرْبَعَة أَخْمَاس الْغَنِيمَة مُشْتَركا بَين الْغَانِمين وَقَوله تَعَالَى: {يُوصِيكُم الله فِي أَوْلَادكُم للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ} فَجعل الْمِيرَاث مُشْتَركا بَين الْأَوْلَاد وَقَوله تَعَالَى: {إِنَّمَا الصَّدقَات للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين والعاملين عَلَيْهَا والمؤلفة قُلُوبهم وَفِي الرّقاب والغارمين وَفِي سَبِيل الله وَابْن السَّبِيل} فَجعل الصَّدَقَة مُشْتَركَة بَين هَذِه الْأَصْنَاف الثَّمَانِية وَقَوله تَعَالَى: {وَإِن كثيرا من الخلطاء ليبغي بَعضهم على بعض} والخلطاء: هم الشُّرَكَاء وَأما السّنة: فَمَا روى جَابر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (من كَانَ لَهُ شريك فِي ربع أَو حَائِط فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يُؤذن شَرِيكه) وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (يَد الله مَعَ الشَّرِيكَيْنِ مَا لم يتخاونا) وَفِي رِوَايَة (يَقُول الله: أَنا ثَالِث الشَّرِيكَيْنِ مَا لم يخن أَحدهمَا صَاحبه فَإِذا خَان أَحدهمَا صَاحبه خرجت من بَينهمَا) يَعْنِي الْبركَة وروى السَّائِب قَالَ: (كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَرِيكي فَلَمَّا كَانَ بعد المبعث أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت: يَا رَسُول الله كنت شَرِيكي فَكنت خير شريك لَا تُدَارِي وَلَا تُمَارِي) يَعْنِي لَا تخَالف وَلَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 تنَازع من قَوْله تَعَالَى: {فادارأتم فِيهَا} يَعْنِي: اختلفتم وتنازعتم وَأما الْإِجْمَاع: فَإِن أحدا من الْعلمَاء لم يُخَالف فِي جَوَازهَا وَالشَّرِكَة: تَنْقَسِم على سِتَّة أَقسَام: شركَة فِي الْأَعْيَان وَالْمَنَافِع وَشركَة فِي الْأَعْيَان دون الْمَنَافِع وَشركَة فِي الْمَنَافِع دون الْأَعْيَان وَشركَة فِي الْمَنَافِع الْمُبَاحَة وَشركَة فِي حق الْأَبدَان وَشركَة فِي حُقُوق الْأَمْوَال فَأَما الأول: فَهُوَ أَن يكون بَين الرجلَيْن أَو بَين الْجَمَاعَة أَرض أَو عبيد أَو بهائم ملكوها بِالْبيعِ أَو بِالْإِرْثِ أَو بِالْهبةِ مشَاعا وَأما الثَّانِي: فَمثل أَن يُوصي رجل لرجل بِمَنْفَعَة عَبده أَو دَاره فَيَمُوت وَيحلف جمَاعَة ورثته فَإِن رَقَبَة العَبْد وَالدَّار تكون موروثة للْوَرَثَة دون الْمَنْفَعَة وَأما الثَّالِث: فَمثل أَن يُوصي بِمَنْفَعَة عَبده لجَماعَة أَو يسْتَأْجر جمَاعَة عبدا فينتفعون بِهِ على وَجه الِاشْتِرَاك فِي الْمَنْفَعَة تَنْبِيه: الْوَاقِف على الْجَمَاعَة إِن قُلْنَا: إِن ملك الرَّقَبَة ينْتَقل إِلَى الله تَعَالَى كَانَت الشّركَة بَين الْمَوْقُوف عَلَيْهِم فِي الْمَنَافِع دون الْأَعْيَان وَإِن قُلْنَا: ينْتَقل الْملك إِلَيْهِم كَانَت الشّركَة بَينهم فِي الْمَنَافِع والأعيان انْتهى وَأما الرَّابِع: فَمثل أَن يَمُوت رجل وَله وَرَثَة جمَاعَة ويخلف كلب صيد أَو زرع أَو مَاشِيَة فَإِن الْمَنْفَعَة مُشْتَركَة بَينهم وَأما الْخَامِس: فَهُوَ أَن يَرث جمَاعَة قصاصا أَو حد قذف وَأما السَّادِس: فَهُوَ أَن يَرث جمَاعَة الشُّفْعَة أَو الرَّد بِالْعَيْبِ أَو خِيَار الشَّرْط أَو حُقُوق الرَّهْن ومرافق الطَّرِيق تَنْبِيه: يكره للْمُسلمِ أَن يُشَارك الْكَافِر سَوَاء كَانَ الْمُسلم هُوَ الْمُتَصَرف أَو الْكَافِر أَو هما وَقَالَ الْحسن: إِن كَانَ الْمُسلم هُوَ الْمُتَصَرف لم يكره وَإِن كَانَ الْكَافِر هُوَ الْمُتَصَرف أَو هما كره انْتهى وعمدة الشّركَة: ذكر الشَّرِيكَيْنِ بأسمائهما وأنسابهما وَذكر صِحَة الْعقل وَالْبدن وَجَوَاز الْأَمر وَذكر مبلغ المَال الَّذِي اشْتَركَا فِيهِ وَمَا لكل وَاحِد مِنْهُمَا مِنْهُ ونقده وَذكر اخْتِلَاط الْمَالَيْنِ حَتَّى لَا يتَمَيَّز أَحدهمَا عَن الآخر وَذكر اشتراكهما فِي الْعَمَل على مَا يَصح وَيجوز وَالْإِذْن من كل وَاحِد مِنْهُمَا لصَاحبه فِي ذَلِك وَيكون ذَلِك فِي الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير وَمَعْرِفَة الشُّهُود بهَا وَذكر التَّارِيخ يَوْم اشتراكهما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 - وَالشَّرِكَة أَنْوَاع: مِنْهَا: شركَة الْأَبدَان وَهِي شركَة الحمالين والدلالين ليَكُون كسبهما بَينهمَا مُتَسَاوِيا مَعَ اتِّفَاق الصَّنْعَة أَو اختلافها وَمِنْهَا: شركَة الْمُفَاوضَة وَهِي أَن يشْتَرك اثْنَان ليَكُون بَينهمَا مَا يكسبان ويربحان ويلتزمان من غرم وينالان من غنم وَمِنْهَا: شركَة الْوُجُوه وَهِي أَن يشْتَرك الوجيهان ليبتاع كل وَاحِد مِنْهُمَا بِثمن مُؤَجل على أَن يكون مَا ابتاعاه بَينهمَا فَإِذا باعاه بَينهمَا ووفيا الْأَثْمَان كَانَ الْفَاضِل بَينهمَا وَمِنْهَا: شركَة الْعَنَان وَلَا بُد فِيهَا من لفظ يدل على إِذن فِي التَّصَرُّف وَيشْتَرط فِي الشَّرِيكَيْنِ أَهْلِيَّة التَّوْكِيل والتوكل وَعقد الشّركَة: هُوَ تسليط كل وَاحِد من الشَّرِيكَيْنِ على التَّصَرُّف على سَبِيل الْغِبْطَة والمصلحة الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب : اعْلَم أَن شركَة الْعَنَان جَائِزَة بالِاتِّفَاقِ وَشركَة الْمُفَاوضَة جَائِزَة عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك إِلَّا أَن أَبَا حنيفَة يُخَالف مَالِكًا فِي صورتهَا فَيَقُول: الْمُفَاوضَة أَن يشْتَرك الرّجلَانِ فِي جَمِيع مَا يملكانه من ذهب وورق وَلَا يبْقى لوَاحِد مِنْهُمَا شَيْء من هذَيْن الجنسين إِلَّا مثل مَا لصَاحبه فَإِذا زَاد مَال أَحدهمَا على مَال الآخر لم يَصح حَتَّى لَو ورث أَحدهمَا مَالا بطلت الشّركَة لِأَن مَاله زَاد على مَال صَاحبه وكل مَا ربحه أَحدهمَا كَانَ شركَة بَينهمَا وكل مَا ضمن أَحدهمَا من غصب وَغَيره ضمنه الآخر وَمَالك يَقُول: يجوز أَن يزِيد مَاله على مَال صَاحبه وَيكون الرِّبْح على قدر الْمَالَيْنِ وَمَا ضمنه أَحدهمَا مِمَّا هُوَ للتِّجَارَة فبينهما وَأما الْغَصْب وَنَحْوه فَلَا وَلَا فرق عِنْد مَالك بَين أَن يكون رَأس مَالهمَا عرُوضا أَو دَرَاهِم وَلَا بَين أَن يَكُونَا شَرِيكَيْنِ فِي كل مَا يملكانه ويجعلانه للتِّجَارَة أَو بعض مَالهمَا وَسَوَاء عِنْده اخْتَلَط مَالهمَا حَتَّى لَا يتَمَيَّز أَحدهمَا عَن الآخر أَو كَانَ متميزا بعد أَن يجمعاه وَتصير أَيْدِيهِمَا جَمِيعًا عَلَيْهِ فِي الشّركَة وَأَبُو حنيفَة قَالَ: تصح الشّركَة وَإِن كَانَ مَال كل وَاحِد مِنْهُمَا فِي يَده وَإِن لم يجمعاه وَمذهب الشَّافِعِي وَأحمد: أَن هَذِه الشّركَة بَاطِلَة فصل: وَشركَة الْوُجُوه جَائِزَة عِنْد أبي حنيفَة وَأحمد وَصورتهَا: أَن لَا يكون لَهما رَأس مَال وَيَقُول أَحدهمَا للْآخر: اشتركنا على أَن مَا اشْترى كل وَاحِد منا فِي الذِّمَّة كَانَ شركَة وَالرِّبْح بَيْننَا وَمذهب الشَّافِعِي وَمَالك: أَنَّهَا بَاطِلَة وَلَا يَصح عِنْد الشَّافِعِي إِلَّا شركَة الْعَنَان بِشَرْط أَن يكون رَأس مَالهمَا نوعا وَاحِدًا ويخلط حَتَّى لَا يتَمَيَّز عين أَحدهمَا من عين الآخر وَلَا يعرف وَلَا يشْتَرط تَسَاوِي قدر الْمَالَيْنِ الحديث: 152 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 وَإِذا كَانَ رَأس مَالهمَا مُتَسَاوِيا وَاشْترط أَحدهمَا أَن يكون لَهُ من الرِّبْح أَكثر مِمَّا لصَاحبه فالشركة فَاسِدَة عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يَصح ذل وَإِذا كَانَ الْمُشْتَرط لذَلِك أحذق فِي التِّجَارَة وَأكْثر عملا انْتهى وَلكُل وَاحِد مِنْهُمَا فسخ الشّركَة مَتى شَاءَ وتنفسخ بِمَوْت أَحدهمَا أَو جُنُونه أَو إغمائه وَيكون الرِّبْح والخسران على قدر الْمَالَيْنِ تَسَاويا فِي الْعَمَل أَو تَفَاوتا وَيَد كل وَاحِد مِنْهُمَا يَد أَمَانَة فَيقبل قَوْله فِي دَعْوَى الرَّد والتلف والخسران فَإِذا ادّعى التّلف بِسَبَب ظَاهر طُولِبَ بِالْبَيِّنَةِ على ذَلِك السَّبَب ثمَّ يقبل قَوْله فِي الْهَلَاك بِهِ وَلَو قَالَ من فِي يَده المَال: هَذَا المَال لي وَقَالَ الآخر: بل من مَال الشّركَة فَالْقَوْل قَول صَاحب الْيَد وَلَو قَالَ: انقسمنا وَصَارَ هَذَا المَال لي وَأنكر الآخر فَالْقَوْل قَول الْمُنكر المصطلح: وصوره تشْتَمل على أَنْوَاع مِنْهَا: صُورَة شركَة الْعَنَان: هَذَا مَا اشْترك عَلَيْهِ فلَان وَفُلَان أَو حضر إِلَى شُهُوده فِي يَوْم تَارِيخه فلَان وَفُلَان وأشهدا عَلَيْهِمَا: أَنَّهُمَا أخرجَا من مَالهمَا وصلب حَالهمَا مَا مبلغه من الذَّهَب كَذَا أَو الْفضة كَذَا وخلطا ذَلِك حَتَّى صَار مَالا وَاحِدًا لَا يتَمَيَّز بعضه من بعض وَأذن كل مِنْهُمَا للْآخر أَن يبْتَاع من عرض ذَلِك مَا شَاءَ من أَصْنَاف المتاجر ويبيعه بالحانوت الْجَارِي فِي إيجارهما الْكَائِن بسوق كَذَا بِالنَّقْدِ والنسيئة وَمهما أطلع الله فِي ذَلِك من ربح ويسره من فَائِدَة كَانَ مقسوما بَينهمَا نِصْفَيْنِ بِالسَّوِيَّةِ أَو على قدر ماليهما وَذَلِكَ بعد إِخْرَاج الْمُؤَن والكلف وَالْأَجْر وَحقّ الله تَعَالَى إِن وَجب شركَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة اتفقَا عَلَيْهَا وتراضيا بهَا وَقبلهَا كل مِنْهُمَا من الآخر قبولا شَرْعِيًّا وعَلى كل مِنْهُمَا أَدَاء الْأَمَانَة وتجنب الْخِيَانَة وَالْعَمَل فِي ذَلِك كُله بتقوى الله وطاعته وخشيته ومراقبته فِي سره وعلانيته وَصُورَة شركَة الْأَبدَان: حضر إِلَى شُهُوده فِي يَوْم تَارِيخه فلَان وَفُلَان وأشهدا عَلَيْهِمَا أَنَّهُمَا اشْتَركَا على أَن يحملا للنَّاس أثقالهم إِلَى أسواقهم وَبُيُوتهمْ وَمحل طلباتهم بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيّ نَهَارا دون اللَّيْل خلا أَوْقَات الصَّلَوَات وَمهما رزق الله تَعَالَى من أُجْرَة كَانَت بَينهمَا نِصْفَيْنِ بِالسَّوِيَّةِ شركَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة اتفقَا عَلَيْهَا وتراضيا بهَا وتقبلاها قبولا شَرْعِيًّا ونصبا أَنفسهمَا لذَلِك بِحكم الِاشْتِرَاك الْوَاقِع بَينهمَا على ذَلِك على مَذْهَب من يرى ذَلِك من السَّادة الْعلمَاء رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ ويكمل وَهَذِه صَحِيحَة عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك وَأحمد وَيجوز عِنْدهم على اخْتِلَاف الصّفة بَين الشَّرِيكَيْنِ وعَلى تفَاوت الْقِسْمَة بَينهمَا فِي الْأُجْرَة وَصُورَة شركَة الْمُفَاوضَة على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 الشَّرَائِط الَّتِي اشترطها أَبُو حنيفَة: حضر إِلَى شُهُوده فِي يَوْم تَارِيخه فلَان وَفُلَان وأشهدا عَلَيْهِمَا فِي حَال كَونهمَا مُسلمين بالغين عاقلين جائزي الْأَمر شرعا: أَنَّهُمَا اشْتَركَا على أَن وضع كل وَاحِد مِنْهُمَا من مَاله وصلب حَاله مَا مبلغه كَذَا وَكَذَا وخلطا ذَلِك حَتَّى صَار مَالا وَاحِدًا جملَته كَذَا وَأذن كل وَاحِد مِنْهُمَا للْآخر فِي الشِّرَاء بالمبلغ الْمَذْكُور مَا شَاءَ من أَصْنَاف البضائع وأنواع المتاجر على اختلافها بِالنَّقْدِ والنسيئة وَيبِيع ذَلِك بِنَقْد أَو نَسِيئَة وَعَلَيْهِمَا الْمُسَاوَاة فِي الْعَمَل وَأَن لَا يبقيا شَيْئا من جنس مَال الشّركَة إِلَّا ويدخلاه فِي مَال الشّركَة وكل وَاحِد مِنْهُمَا ضَامِن مَا ضمنه صَاحبه وَلَزِمَه بِعقد ضَمَان أَو غصب أَو شِرَاء فَاسد وَمهما اشْتَرَاهُ كل وَاحِد مِنْهُمَا يكون على الشّركَة خلا طَعَام أهل كل وَاحِد مِنْهُمَا وكسوتهم وعقدا هَذِه الشّركَة على أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا كَفِيل لصَاحبه ووكيل عَنهُ فِي جَمِيع تعلقات هَذِه الشّركَة شركَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة على أَن مهما رزق الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي ذَلِك من ربح ويسره من فَائِدَة كَانَ بَينهمَا نِصْفَيْنِ بِالسَّوِيَّةِ لَا مزية لأَحَدهمَا على الآخر وَذَلِكَ بعد إِخْرَاج رَأس المَال وَمَا لَا بُد من إِخْرَاجه شرعا وَعرفا وَحقّ الله تَعَالَى إِن وَجب قبل كل مِنْهُمَا ذَلِك من الآخر قبولا شَرْعِيًّا حَسْبَمَا اتفقَا وتراضيا عَلَيْهِ وَصُورَة الشّركَة فِي الاحتشاش والاصطياد والاحتطاب وَمَا يُوجد من الْمَعَادِن وَيجمع من الْمُبَاحَات على مَذْهَب مَالك وَأحمد: حضر إِلَى شُهُوده فِي يَوْم تَارِيخه فلَان وَفُلَان وأشهدا عَلَيْهِمَا أَنَّهُمَا اشْتَركَا على أَن يحتشا الْحَشِيش ويبيعاه ويصطادا من جَمِيع مَا يصطادا من الْبر وَالْبَحْر وَأَن يقطعا الْحَطب من الْجَبَل والحرج والشعاب والجزائر وَغَيرهَا وَأَن يجمعا مَا جرت الْعَادة بجمعه من الأعشاب وَالْعُرُوق وَجَمِيع الأزهار والرياحين من الْأَنْهَار والمروج مثل النرجس وزهر اللينوفر وَغير ذَلِك من الْمُبَاحَات ويبيعا مَا يتَّفق لَهما جمعه من ذَلِك وَمهما رزق الله تَعَالَى فِي ذَلِك كَانَ بَينهمَا نِصْفَيْنِ بِالسَّوِيَّةِ شركَة شَرْعِيَّة اتفقَا عَلَيْهَا وتراضيا بهَا وَقبلهَا كل مِنْهُمَا من الآخر قبولا شَرْعِيًّا ويكمل وَصُورَة شركَة الْوُجُوه على مَذْهَب أبي حنيفَة وَأحمد رَضِي الله عَنْهُمَا: حضر إِلَى شُهُوده فِي يَوْم تَارِيخه فلَان وَفُلَان وأشهدا عَلَيْهِمَا أَنَّهُمَا اشْتَركَا على أَن يبتاعا فِي ذمتهما مَا شاءا من أَنْوَاع الْحُبُوب وأصناف البضائع وأنواع المتاجر ويبيعا ذَلِك بِالنَّقْدِ والنسيئة وَمَا لزم أَحدهمَا من ضَمَان فَهُوَ عَلَيْهِمَا وَمهما رزق الله تَعَالَى فِي ذَلِك من كسب كَانَ بَينهمَا بِالسَّوِيَّةِ شركَة شَرْعِيَّة ويكمل على نَحْو مَا سبق وَصُورَة الشّركَة وَالْمَال من جِنْسَيْنِ أَو أَكثر على مَذْهَب الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة خلافًا للشَّافِعِيّ وَمَعَ كَون قسْمَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 الرّيع مُتَفَاوِتَة حضر إِلَى شُهُوده فِي يَوْم تَارِيخه فلَان وَفُلَان وأشهدا عَلَيْهِمَا أَنَّهُمَا أخرجَا من مَالهمَا وصلب حَالهمَا مَا مبلغه كَذَا فَمن ذَلِك: مَا أخرجه الأول من مَاله من الذَّهَب كَذَا وَمن الدَّرَاهِم الْفضة كَذَا وَمَا أخرجه الثَّانِي من الدَّرَاهِم الْفضة كَذَا فَكَانَت قيمَة مَا أخرجه الشَّرِيك الأول كَذَا وَكَذَا درهما وَجُمْلَة مَا أخرجه الثَّانِي كَذَا وَكَذَا درهما واشتركا فِي ذَلِك وَأذن كل وَاحِد مِنْهُمَا للْآخر فِي البيع وَالشِّرَاء وَالْعَمَل بِسَائِر أَنْوَاع التِّجَارَات بِالنَّقْدِ والنسيئة وَمهما رزق الله فِي ذَلِك كَانَ بَينهمَا بِالسَّوِيَّةِ أَو متفاوتا على مَا يتفقان مَعَ كَون أَن المَال بَينهمَا غير متساو وَلَا بِصفة وَاحِدَة شركَة شَرْعِيَّة عقداها واتفقا عَلَيْهَا ورضيا بهَا وقبلاها قبولا شَرْعِيًّا صُورَة فسخ الشَّرِيكَيْنِ الشّركَة وَقبض كل مِنْهُمَا من الآخر لمَاله قَبضه: سبق فِي الْإِقْرَار الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 كتاب الْوكَالَة وَمَا يتَعَلَّق بهَا من الْأَحْكَام الأَصْل فِي جَوَاز الْوكَالَة: الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع أما الْكتاب: فَقَوله تَعَالَى: {فَابْعَثُوا أحدكُم بورقكم هَذِه إِلَى الْمَدِينَة فَلْينْظر أَيهَا أزكى طَعَاما فليأتكم برزق مِنْهُ} وَهَذَا وكَالَة وَقَوله تَعَالَى: {اذْهَبُوا بقميصي هَذَا فألقوه على وَجه أبي} وَهَذَا وكَالَة وَأما السّنة: فروى جَابر قَالَ: أردْت الْخُرُوج إِلَى خَيْبَر فَأتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت: إِنِّي أُرِيد الْخُرُوج إِلَى خَيْبَر فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (إِذا لقِيت وَكيلِي بِخَيْبَر فَخذ مِنْهُ خَمْسَة عشر وسْقا من تمر فَإِن ابْتغى مِنْك آيَة يَعْنِي إِمَارَة فضع يدك على ترقوته) فَأخْبر أَن لَهُ وَكيلا وَرُوِيَ (أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وكل عَمْرو بن أُميَّة الضمرِي فِي قبُول نِكَاح أم حَبِيبَة بنت أبي سُفْيَان بن حَرْب) و (وكل أَبَا رَافع فِي قبُول نِكَاح مَيْمُونَة) و (وكل عُرْوَة الْبَارِقي فِي شِرَاء شَاة) و (وكل حَكِيم بن حزَام فِي شِرَاء شَاة) وَأما الْإِجْمَاع: فَإِن الْأمة أَجمعت على جَوَاز التَّوْكِيل لِأَن بِالنَّاسِ حَاجَة إِلَيْهِ وَلِأَن من النَّاس من لَا يتَمَكَّن من فعل مَا يحْتَاج إِلَيْهِ بِنَفسِهِ إِمَّا لقلَّة مَعْرفَته بذلك أَو لكثرته أَو لِأَنَّهُ يتنزه عَن ذَلِك فَجَاز التَّوْكِيل وَيشْتَرط فِي الْمُوكل: التَّمَكُّن من مُبَاشرَة مَا وكل فِيهِ بِالْملكِ وَالْولَايَة وَلَا يَصح تَوْكِيل الصَّبِي وَالْمَجْنُون وَلَا تَوْكِيل الْمحرم فِي النِّكَاح وَيصِح تَوْكِيل الْوَلِيّ فِي حق الطِّفْل وَيشْتَرط فِي التَّوْكِيل: أَن يتَمَكَّن من مُبَاشرَة التَّصَرُّف بِنَفسِهِ وَلَا يَصح أَن يكون الصَّبِي أَو الْمَجْنُون وَكيلا بل يعْتَمد قَول الصَّبِي فِي الْإِذْن فِي دُخُول الدَّار وإيصال الْهَدِيَّة وَلَا يَصح أَن يكون الْمحرم أَو الْمَرْأَة وَكيلا فِي النِّكَاح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 وَيجوز أَن يكون العَبْد وَكيلا فِي قبُول النِّكَاح لَا فِي إِيجَابه وَلَا يجوز التَّوْكِيل فِي الْعِبَادَات إِلَّا فِي الْحَج وتفريق الزَّكَاة وَذبح الضَّحَايَا فَيجوز التَّوْكِيل فِي ذَلِك وَلَا يجوز التَّوْكِيل فِي الْأَيْمَان والشهادات وَلَا فِي الْإِيلَاء وَاللّعان وَالظِّهَار والقسامة وَيجوز التَّوْكِيل فِي طرفِي البيع وَفِي السّلم وَفِي الرَّهْن وَالْهِبَة وَالنِّكَاح وَالطَّلَاق وَسَائِر الْعُقُود والفسوخ وَقبض الدُّيُون وإقباضها وَفِي الدَّعْوَى وَالْجَوَاب وَيجوز التَّوْكِيل فِي تملك الْمُبَاحَات كإحياء الْموَات والاصطياد والاحتطاب وَلَا يجوز التَّوْكِيل فِي الْإِقْرَار وَلَو قَالَ: وَكلتك فِي كل قَلِيل وَكثير وَفِي جَمِيع أموري أَو فوضت إِلَيْك كل شَيْء: لم يَصح لِأَنَّهُ مَجْهُول من كل وَجه فَائِدَة: قَالَ الشَّيْخ الْعِزّ بن عبد السَّلَام: لَا يُوكل فِي رد الْمَغْصُوب والمسروق مَعَ قدرته على رده بِنَفسِهِ إِذْ لَيْسَ لَهُ دَفعه إِلَّا إِلَى مَالِكه أَو من يجوز لَهُ انتزاع الْمَغْصُوب من الْغَاصِب انْتهى الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب : اتّفق الْأَئِمَّة على أَن إِقْرَار الْوَكِيل على مُوكله فِي غير مجْلِس الحكم لَا يقبل بِحَال فَلَو أقرّ عَلَيْهِ بِمَجْلِس الحكم قَالَ أَبُو حنيفَة: يَصح إِلَّا أَن يشْتَرط عَلَيْهِ أَن لَا يقر عَلَيْهِ وَقَالَ الثَّلَاثَة: لَا يَصح وَاتَّفَقُوا على أَن إِقْرَاره عَلَيْهِ بالحدود وَالْقصاص غير مَقْبُول سَوَاء كَانَ فِي مجْلِس الْحَاكِم أَو غَيره ووكالة الْحَاضِر صَحِيحَة عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِن لم يرض خَصمه بذلك إِن لم يكن الْوَكِيل عدوا للخصم وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا تصح وكَالَة الْحَاضِر إِلَّا بِرِضا الْخصم إِلَّا أَن يكون الْمُوكل مَرِيضا أَو مُسَافِرًا مَسَافَة على ثَلَاثَة أَيَّام فَيجوز حِينَئِذٍ وَإِذا وكل شخصا فِي اسْتِيفَاء حُقُوقه فَإِن وَكله بِحَضْرَة الْحَاكِم جَازَ وَلَا يحْتَاج فِيهِ إِلَى بَيِّنَة وَسَوَاء وَكله فِي اسْتِيفَاء الْحق من رجل بِعَيْنِه أَو جمَاعَة وَلَيْسَ حُضُور من يَسْتَوْفِي مِنْهُ الْحق شَرط فِي صِحَة تَوْكِيله وَإِن وَكله فِي غير مجْلِس الحكم فَتثبت وكَالَته بِالْبَيِّنَةِ عِنْد الْحَاكِم ثمَّ يَدعِي على من يُطَالِبهُ بِمَجْلِس الحكم هَذَا مَذْهَب مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِن كَانَ الْخصم الَّذِي وكل عَلَيْهِ وَاحِدًا كَانَ حُضُوره شرطا فِي صِحَة الْوكَالَة أَو جمَاعَة كَانَ حُضُور وَاحِد مِنْهُم شرطا فِي صِحَة الْوكَالَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 وللوكيل عزل نَفسه بِحَضْرَة الْمُوكل وَبِغير حَضرته عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَيْسَ لَهُ فسخ الْوكَالَة إِلَّا بِحُضُور الْمُوكل وللموكل أَن يعْزل الْوَكِيل عَن الْوكَالَة وينعزل وَإِن لم يعلم بذلك على الرَّاجِح عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يَنْعَزِل إِلَّا بعد الْعلم بذلك وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ فصل: وَإِذ وَكله فِي بيع مُطلقًا فمذهب مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد: إِن ذَلِك يَقْتَضِي البيع بِثمن الْمثل نَقْدا بِنَقْد الْبَلَد فَإِن بَاعه بِمَا لَا يتَغَابَن النَّاس بِمثلِهِ أَو نسيئا بِغَيْر نقد الْبَلَد لم يجز إِلَّا بِرِضا الْمُوكل وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يجوز أَن يَبِيع كَيفَ شَاءَ نَقْدا أَو نسيئا وَبِدُون ثمن الْمثل وَبِمَا لَا يتَغَابَن النَّاس بِمثلِهِ وبنقد الْبَلَد وَغير نَقده وَأما فِي الشِّرَاء: فاتفقوا أَنه لَا يجوز للْوَكِيل أَن يَشْتَرِي بِأَكْثَرَ من ثمن الْمثل وَلَا إِلَى أجل وَقَول الْوَكِيل فِي تلف المَال مَقْبُول بِيَمِينِهِ بالِاتِّفَاقِ وَهل يقبل قَوْله فِي الرَّد الرَّاجِح من مَذْهَب الشَّافِعِي: أَنه يقبل وَبِه قَالَ أَحْمد سَوَاء كَانَ يَجْعَل أَو بِغَيْرِهِ وَمن كَانَ عَلَيْهِ حق لشخص فِي ذمَّته أَو لَهُ عِنْده عين كعارية أَو وَدِيعَة فَجَاءَهُ إِنْسَان وَقَالَ: وكلني صَاحب الْحق فِي قَبضه مِنْك وَصدقه أَنه وَكيله وَلم يكن للْوَكِيل بَيِّنَة فَهَل يجْبر من عَلَيْهِ الْحق على الدّفع إِلَى الْوَكِيل أم لَا قَالَ القَاضِي عبد الْوَهَّاب: لست أعرفهَا منصوصة لنا وَالصَّحِيح عندنَا: أَنه لَا يجْبر على تَسْلِيم ذَلِك إِلَى الْوَكِيل وَبِه قَالَ الشَّافِعِي وَأحمد وَقَالَ أَبُو حنيفَة وصاحباه: يجْبر على تَسْلِيم مَا فِي ذمَّته وَأما الْعين فَقَالَ مُحَمَّد: يجْبر على تَسْلِيمهَا كَمَا قَالَ فِيمَا فِي الذِّمَّة وَاخْتلفُوا: هَل تسمع الْبَيِّنَة على الْوكَالَة من غير حُضُور الْخصم قَالَ أَبُو حنيفَة: لَا تسمع إِلَّا بِحُضُورِهِ وَقَالَ الثَّلَاثَة: تسمع من غير حُضُوره وَتَصِح الْوكَالَة فِي اسْتِيفَاء الْقصاص عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ على الْأَصَح من قوليه وعَلى أظهر الرِّوَايَتَيْنِ عَن أَحْمد وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا تصح إِلَّا بِحُضُورِهِ وَاخْتلفُوا فِي شِرَاء الْوَكِيل من نَفسه فَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يَصح ذَلِك على الْإِطْلَاق وَقَالَ مَالك: لَهُ أَن يبْتَاع من نَفسه لنَفسِهِ بِزِيَادَة فِي الثّمن وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ أظهرهمَا: أَنه لَا يجوز بِحَال وَاخْتلفُوا فِي تَوْكِيل الْمُمَيز والمراهق قَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد: يَصح وَقَالَ القَاضِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 عبد الْوَهَّاب: لَا أعرف فِيهِ نصا عَن مَالك إِلَّا أَنه لَا يَصح وَالْوَكِيل فِي الْخُصُومَة لَا يكون وَكيلا إِلَّا عِنْد أبي عبد الله وَحده فَائِدَة: قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين السُّبْكِيّ: لَو جَاءَ رجل وَقَالَ: أَنا وَكيل فلَان صدق بِلَا بَيِّنَة وَلَو قَالَ عَبده: أَنا عبد مَأْذُون لم يصدق وَالْفرق بَينهمَا: أَن الْوَكِيل يسْتَقلّ بِالْعُقُودِ لنَفسِهِ وَإِن لم يكن وَكيلا وَلَيْسَ العَبْد كَذَلِك انْتهى وعمدة الْوكَالَة: ذكر الْمُوكل وَالْوَكِيل وأسمائهما وأنسابهما وَذكر مَا يُوكله فِيهِ وَقبُول الْوَكِيل مِنْهُ ذَلِك وَذكر قيام الْوَكِيل بِمَا وَكله بِهِ وَمَعْرِفَة الشُّهُود وَصِحَّة الْعقل وَالْبدن والطواعية وَجَوَاز الْأَمر والتاريخ وَلَا يشْتَرط الْقبُول لفظا بل يجوز بالْقَوْل وَالْفِعْل المصطلح: وتشتمل صوره على أَنْوَاع مِنْهَا: صُورَة وكَالَة حكمِيَّة: بِإِذن سيدنَا ومولانا قَاضِي الْقُضَاة فلَان الدّين النَّاظر فِي الحكم الْعَزِيز الشَّافِعِي بالمملكة الْفُلَانِيَّة أَسْبغ الله تَعَالَى ظلاله وكل سيدنَا فلَان النَّاظر فِي أُمُور الْأَيْتَام والمحجور عَلَيْهِم فِي الحكم الْعَزِيز أَو أَمِين الحكم الْعَزِيز بالمملكة الْفُلَانِيَّة فلَانا فِي الْكَلَام فِي أَمر فلَان وَفُلَان وَلَدي فلَان محجوري الحكم الْعَزِيز بِمَدِينَة كَذَا وَفِي التَّصَرُّف لَهُم على وَجه الْحَظ والمصلحة الظَّاهِرَة وَالْغِبْطَة الوافرة بِالْبيعِ وَالشِّرَاء وَالْأَخْذ وَالعطَاء وَسَائِر أَنْوَاع التَّصَرُّفَات الْعَائِد نَفعهَا على اليتيمين الْمَذْكُورين أَو الْأَيْتَام إِن كَانُوا جمَاعَة وَأَن يحْتَاط لَهُم فِي مَالهم الِاحْتِيَاط الْكَافِي ويجتهد فِي تثميره وتنميته وازدياده الِاجْتِهَاد المبرىء لذمته وَذمَّة مُوكله من التبعة الأخروية المكسبة لوزر أَو خَطِيئَة ويكسوهم مِنْهُ وَينْفق عَلَيْهِم بِالْمَعْرُوفِ من غير إِسْرَاف وَلَا تقتير وَأَن يقبض مَا لَهُم من المَال بِبَلَد كَذَا بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز بِهِ ويحضر إِلَى بلد الْأَيْتَام الْمَذْكُورين ويضيفه إِلَى مَا لَهُم من المَال وَفِي الدَّعْوَى والمطالبة بحقوقهم كلهَا وواجباتهم بأسرها وَقَبضهَا واستيفائها مِمَّن هِيَ عَلَيْهِ وَعِنْده وَفِي ذمَّته وَتَحْت يَده كَائِنا من كَانَ من سَائِر النواحي والأماكن والبلدان وَفِي الِاسْتِئْجَار والإيجار لَهُم وَعَلَيْهِم بِأُجْرَة الْمثل مَعَ ظُهُور الْمصلحَة لَهُم وَفِي قبض أُجْرَة مَا يؤجره عَلَيْهِم وَدفع أُجْرَة مَا يستأجره لَهُم من مَالهم وَفِي الْحَبْس والترسيم والملازمة والإفراج وَفِي التسلم وَالتَّسْلِيم وَالْمُكَاتبَة وَالْإِشْهَاد على الرَّسْم الْمُعْتَاد وَفِي الدَّعْوَى وسماعها ورد الْأَجْوِبَة وَإِقَامَة الْبَينَات وَاسْتِيفَاء الْأَيْمَان وردهَا وَالْعَفو عَنْهَا إِذا رأى فِي ذَلِك مصلحَة وَفِي المحاكمة والمخاصمة والمنازعة والمحاققة والمحاسبة والمقابضة والمقايضة والمعاوضة والمصادقة والمقاصصة والمقاسمة والمناقلة والمقايلة والمداينة وَالْمُسَاقَاة وَطلب الشُّفْعَة وَالْأَخْذ بهَا وَأخذ الضمناء والكفلاء وَقبُول الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 الحوالات على الأملياء وَشِرَاء الْأَمْلَاك وَعمارَة مَا يحْتَاج إِلَى الْعِمَارَة مِنْهَا وَصرف الأجور والحقوق الْمُتَعَيّن صرفهَا شرعا وَفِي استخلاص مَا صَار إِلَيْهِم بِالْإِرْثِ الشَّرْعِيّ من والدهم الْمَذْكُور من نقد وَعرض وقماش ونحاس وأثاث وصامت وناطق ومكيول وموزون ومعدود ومذروع ومتمول ومتقوم ومثلي وَفعل مَا يَقْتَضِيهِ الْخِصَام وتجوزه الْأَحْكَام ويوجبه الْحُكَّام بِسَبَب ذَلِك وَمُقْتَضَاهُ بِسَائِر الْوُجُوه الشَّرْعِيَّة وَطلب الحكم من حكام الشَّرِيعَة المطهرة بِمَا يثبت لديهم شرعا أَقَامَهُ فِي ذَلِك مقَام نَفسه وأحله مَحَله وَجعل لَهُ أَن يُوكل فِي ذَلِك وَفِيمَا شَاءَ مِنْهُ من شَاءَ من الوكلاء ويعزله مَتى شَاءَ ويعيده إِذا شَاءَ وَأَن يسْتَبْدل وَكيلا بعد وَكيل توكيلا صَحِيحا شَرْعِيًّا قبله الْوَكِيل الْمَذْكُور قبولا شَرْعِيًّا ويكمل وَصُورَة الْوكَالَة السُّلْطَانِيَّة لأحد أُمَرَاء الحضرة الشَّرِيفَة أَو أحد كفال الممالك الإسلامية: هَذَا كتاب تَوْكِيل صَحِيح شَرْعِي وَإِذن صَرِيح مُعْتَبر مرعي أَمر بكتابته وتسطيره وإنشائه وتحريره: مَوْلَانَا الْمقَام الْأَعْظَم الشريف العالي المولوي السلطاني الْفُلَانِيّ ويسوق ألقاب السُّلْطَان كَمَا تقدم ثمَّ يَقُول بعد الدُّعَاء لَهُ: وَأشْهد على نَفسه الشَّرِيفَة صانها الله وحماها وحرس من الْغَيْر حماها بمضمون هَذَا الْكتاب وَهُوَ فِي صِحَة جثمانه ونفوذ أوامره وتمكيه سُلْطَانه: أَنه وكل الْمقر الْكَرِيم العالي الْفُلَانِيّ أعز الله أنصاره وجمل بِهِ أقاليم الْملك وأمصاره فِي التَّصَرُّف وَالْكَلَام فِي الْخَواص الشَّرِيفَة وجهاتها ومتعلقاتها وَمَا هُوَ مَعْرُوف بهَا من المطلقات والجهات على اختلافها وتباين حالاتها وَفعل سَائِر مَا تسوغه الشَّرِيعَة المطهرة وتقتضيه أَحْكَامهَا المقررة المحررة وَفِي عقد عُقُود المبايعات على اخْتِلَاف الْأَجْنَاس والأنواع وَالصِّفَات والإجارات وعروض التِّجَارَات والمعاملات واستخلاص الْحُقُوق والواجبات وَاسْتِيفَاء الْأُمُور المتعينات مِمَّن يتَعَيَّن عِنْده وَفِي ذمَّته وجهته وَتَحْت يَده كَائِنا من كَانَ وَحَيْثُ كَانَ من سَائِر الممالك والأقاليم والنواحي والجهات والبلدان وَفِي الْمُطَالبَة بذلك وَالدَّعْوَى بِهِ فِي مجَالِس الْحُكَّام وخلفائهم وولاة أُمُور الْإِسْلَام ونوابهم وَفِي الْحَبْس والترسيم والملازمة والإفراج وَفِي التسلم وَالتَّسْلِيم وَالْمُكَاتبَة وَالْإِشْهَاد على الرَّسْم الْمُعْتَاد وَأخذ الضمناء والكفلاء وَقبُول الحوالات على الأملياء وَطلب الرَّهْن وَاشْتِرَاط الْبَرَاءَة من الْعُيُوب وَاشْتِرَاط الْخِيَار فِي البيع وَالشِّرَاء فِيمَا يجوز اشْتِرَاط الْخِيَار فِيهِ وإنشاء الْعقار وحفر الْآبَار وشق الْأَنْهَار وسوق الْمِيَاه فِي قرى الْخَواص الشَّرِيفَة وأراضيها ودورها وبساتينها وطواحينها وَفِي إنْشَاء الدواليب والنواعير والسواقي والطواحين والحمامات والأسواق والخانات وَفتح الْأَرَاضِي المعطلة وتعليقها بِمَا يَلِيق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 بهَا من الزروع وَالْأَشْجَار من الْغِرَاس والنصوب وأنواع المزروعات الصيفية والشتوية وَفِي فعل مَا يَسْتَدْعِي بِهِ مصَالح السلطنة الشَّرِيفَة من المستعملات والخاصات وخاص الخاصات من المصنوعات والمنسوجات وَغير ذَلِك من سَائِر الْأَصْنَاف على اخْتِلَاف الْأَجْنَاس والأنواع وَأذن لَهُ أعز الله أنصاره أَن ينصب فِي ذَلِك وَفِيمَا شَاءَ مِنْهُ وَفِي الدَّعْوَى بِهِ وَبِمَا شَاءَ مِنْهُ لَدَى حكام الشَّرِيعَة المطهرة من شَاءَ من الْأُمَنَاء الثِّقَات الْعُدُول الكفاة مِمَّن ظَهرت نهضته واشتهرت عَدَالَته وأمانته وجربت مُبَاشَرَته وَعرفت مَعْرفَته ونوقش فِي تَصَرُّفَاته فَلم يخطىء مناهج السداد وَالصَّوَاب فِي الْخَطَأ وَالْجَوَاب توكيلا صَحِيحا شَرْعِيًّا وإذنا مُعْتَبرا مرعيا قبل ذَلِك مِنْهُ قبولا شَرْعِيًّا وألزم نَفسه الْعَمَل بِمُقْتَضَاهُ على مَا يُحِبهُ مَوْلَانَا السُّلْطَان ويرضاه وَصُورَة تَوْكِيل السُّلْطَان وَكيلا لبيت مَال الْمُسلمين: هَذَا كتاب وكَالَة جمعت شَمل الْمصَالح جَمِيع السَّلامَة وتأيدت بالتوفيق فَكَانَ الْقبُول عَلَيْهَا عَلامَة أَمر بكتابته وتسطيره وإنشائه وتحريره: مَوْلَانَا الْمقَام الشريف الْأَعْظَم العالي المولوي السلطاني الملكي الْفُلَانِيّ وَأشْهد على نَفسه الشَّرِيفَة حرسها الله تَعَالَى وزادها شرفا وتعظيما وإجلالا أَنه وكل القَاضِي فلَان الدّين فِي الْمُطَالبَة بِحُقُوق بَيت مَال الْمُسلمين بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيّ وأعمالها وضواحيها وَسَائِر المملكة المضافة إِلَيْهَا أَيْن كَانَت من أَرض الله وعَلى من كَانَت من عباد الله مَا كَانَ مِنْهَا قَائِما مَوْجُودا حَال التَّوْكِيل وَمَا يَتَجَدَّد لَهُ من الْحُقُوق وَفِي خلاص واجباته كلهَا وأمواله بأسرها وَفِي الدَّعْوَى على خصومه وغرمائه والمرافعة بِسَبَبِهِ إِلَى الْقُضَاة والحكام وولاة أُمُور الْإِسْلَام وَإِقَامَة بيناته وَإِثْبَات حججه ومكاتيبه ومساطيره وَفِي الِاسْتِحْلَاف ورد الْيَمين وَالْحَبْس والترسيم وَالْإِطْلَاق والملازمة وَفِي الإفراج وَفِي سَماع مَا يتَوَجَّه على بَيت المَال الْمَعْمُور من الدَّعَاوَى والبينات ورد الْأَجْوِبَة بِمَا يسوغ شرعا وَفِي جرح الشُّهُود بالأسباب الشَّرْعِيَّة الْمُعْتَبرَة فِي الْجرْح وَفِي بيع مَا يخْتَص بِبَيْت المَال الْمَعْمُور من الْعقار الْجَارِي فِي ملكه والمنتقل إِلَيْهِ بِثمن الْمثل عِنْد ضَرُورَة الْمُسلمين وحاجتهم إِلَى البيع ولمصالح الْمُسلمين الْعَامَّة وبالغبطة الظَّاهِرَة عِنْد استغنائهم عَن البيع وَفِي بيع مَا يخْتَص بِبَيْت المَال الْمَعْمُور من الرَّقِيق وَالْحَيَوَان والقماش والنحاس وَسَائِر المنقولات بالأثمان المثلية وَقبض الثّمن وَتَسْلِيم الْمَبِيع لمبتاعه وَفِي إِيجَار مَا يرى إيجاره من أَمْلَاك بَيت المَال الْمَعْمُور بِأُجْرَة الْمثل وَتَسْلِيم الْمَأْجُور وَالْمُكَاتبَة وَالْإِشْهَاد على الرَّسْم الْمُعْتَاد فِي مثله بعد النداء والإشهار وَبِذَلِك الِاجْتِهَاد وَفِي الْمُصَالحَة عَن بَيت المَال الْمَعْمُور على مَا تَقْتَضِيه الْمصلحَة الشَّرْعِيَّة وَالْإِذْن لعمال بَيت المَال فِي قبض أَثمَان مَا يتَوَلَّى بَيْعه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 وأجور مَا يتَوَلَّى إيجاره وَمَا يتَحَصَّل لبيت المَال الْمَعْمُور من الْحُقُوق وَفِي إِيقَاع الحوطات على التركات الحشرية وضبطها وتحريرها وَالْعَمَل فِيهَا بِمُقْتَضى الشَّرْع الشريف وموجبه وَفِي وَفَاء مَا يثبت على بَيت المَال من الْحُقُوق الْوَاجِبَات بالنواحي والبلدان وَفِي فسخ الْعُقُود عِنْد ظُهُور عدم الْمصلحَة لبيت المَال وَفِي الْمُقَابلَة والمقاسمة والمصارفة والمصادقة والمعاوضة والمقابضة والمقايضة والمناقلة وَالْمُسَاقَاة والمقاصصة وَالْمُعَاقَدَة وَطلب الشُّفْعَة وَالْأَخْذ بهَا والمحاكمة والمخاصمة والمحاسبة والمحاققة على وَجه الْغِبْطَة والمصلحة الشَّرْعِيَّة وَفِي جَمِيع التَّصَرُّفَات الَّتِي يملكهَا مَوْلَانَا السُّلْطَان بطرِيق الْولَايَة الشَّرْعِيَّة على بَيت المَال وَفِي طلب كل حق تعين لبيت المَال الْمَعْمُور مِمَّن هُوَ فِي جِهَته وَتَحْت يَده والتوصل إِلَيْهِ وَقَبضه واستخلاصه واستيفائه بِكُل طَرِيق مُمكن شَرْعِي وَكله مَوْلَانَا السُّلْطَان عز نَصره فِي هَذِه التَّصَرُّفَات جَمِيعهَا الْقَائِمَة حَال التَّوْكِيل والمتجددة بعده وكَالَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة نَافِذَة مَاضِيَة وَأذن أدام الله دولته للْوَكِيل الْمَذْكُور أَن يُوكل عَنهُ فِي ذَلِك وَفِيمَا شَاءَ مِنْهُ من شَاءَ من الوكلاء والعدول الْأُمَنَاء وَأَن يسْتَبْدل وَكيلا بعد وَكيل رِعَايَة لمصَالح بَيت المَال الْمَعْمُور إِذْنا شَرْعِيًّا قبل ذَلِك مِنْهُ قبولا شَرْعِيًّا ويكمل وَصُورَة الْوكَالَة الْمُطلقَة: وكل فلَان فلَانا فِي الْمُطَالبَة بحقوقه كلهَا وديونه بأسرها وواجباته بأجمعها مِمَّن هِيَ عَلَيْهِ وَعِنْده وَفِي ذمَّته وَفِي جِهَته وَتَحْت يَده كَائِنا من كَانَ وَحَيْثُ كَانَ من سَائِر النواحي والأماكن والبلدان من غَرِيم وخصم وأمير ومتكلم ومأذون ووكيل وَشريك ومودع ومعامل ومضارب ووصي ووارث وَغَيره وَفِي المرافعة وَالدَّعْوَى على غُرَمَائه وخصومه فِي مجَالِس السَّادة الْقُضَاة والحكام وخلفائهم وولاة أُمُور الْإِسْلَام ونوابهم وَفِي الْحَبْس والترسيم والإفراج والإعادة والملازمة وَالْإِطْلَاق وَأخذ الضمناء والكفلاء وَقبُول الحوالات على الأملياء والمعاوضة والمصارفة وَقبض مَال الْعِوَض وَالصرْف والمحاسبة والمحاققة والمحاكمة والمخاصمة وَسَمَاع الدَّعْوَى عَلَيْهِ ورد الْأَجْوِبَة بِمَا يسوغ شرعا وَإِقَامَة بيناته وَإِثْبَات حججه ومساطيره وَاسْتِيفَاء الْأَيْمَان وردهَا وَالْعَفو عَنْهَا وَقبُول مَا يفتدى بِهِ وَفِي الْمُعَامَلَة والمفاسخة وَالتَّوْلِيَة والإشراك والمرابحة وَالرَّدّ بِالْعَيْبِ ومقاسمة كل مَا كَانَ بَينه وَبَين شريك لَهُ فِي شَيْء من الْأَشْيَاء مِمَّا يجوز قسمته وَأخذ مَا تقرره لَهُ الْقِسْمَة الْجَارِيَة بَينهمَا فِي ذَلِك بِكُل نوع من أَنْوَاع الْقِسْمَة الشَّرْعِيَّة وَأخذ فضلَة قِيمَته إِن وَجب لَهُ فِي ذَلِك شَيْء من ذَلِك وَإِعْطَاء قيمَة ذَلِك عِنْد وُجُوبهَا وإبراء من يرى إبراءه وَمن كل حق يجب لَهُ وَمن كل جُزْء مِنْهُ وَأخذ كل مَا يجوز لَهُ أَخذه بِالشُّفْعَة وطلبها وَالْقِيَام بهَا وَإِعْطَاء ثمن ذَلِك من مَال مُوكله الْمَذْكُور لمستحقه عِنْد وُجُوبه بطريقه الشَّرْعِيّ وَفِي بيع مَا يرى بَيْعه وإيجار مَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 يرى إيجاره من أملاكه الْجَارِيَة فِي يَده واستحقاقه الشَّائِع مِنْهَا والمقسوم مِمَّن يرغب فِي ابتياعها أَو شَيْء مِنْهَا أَو استئجارها أَو شَيْء مِنْهَا بِثمن الْمثل وَأُجْرَة الْمثل فَمَا فَوق ذَلِك على حكم الْحُلُول أَو التَّأْجِيل على مَا يرَاهُ وَتَسْلِيم الْمَبِيع والمأجور لمبتاعه ومستأجره وَقبض الثّمن وَالْأُجْرَة عَن ذَلِك وَعمارَة كل مَا يرى عِمَارَته من ذَلِك وَإِصْلَاح مَا يرى إِصْلَاحه مِنْهُ وترميمه وَإِزَالَة شعثه وَقطع عيوبه والإنفاق على ذَلِك من مُوكله وَتَوَلَّى الْقيام بِهِ بِنَفسِهِ وبمن يَسْتَعِين بِهِ على مَا يرى لَهُ فِيهِ الْحَظ والمصلحة وَمُصَالَحَة من رأى مصالحته مِمَّن لمُوكلِه عَلَيْهِ حق على مَا يَصح وَيجوز وَقبض مَال الصُّلْح وَفِي ابتياع مَا يرى ابتياعه لَهُ من الْأَصْنَاف والعقارات على اختلافها وَدفع الثّمن من مَاله وَفِي المناقلة عَنهُ بأملاكه إِلَى مَا يرى من الْعقار وَفِي التسلم وَفِي التَّسْلِيم وَالْمُكَاتبَة وَالْإِشْهَاد على الرَّسْم الْمُعْتَاد وإبداء الدَّافِع ونفيه وَطلب الحكم من الْحُكَّام بإلزام الْخُصُوم بِمَا يلْزمهُم لَهُ وَطلب الثُّبُوت وَالْحكم بِمَا يثبت لديهم شرعا وَفِي الْمُقَابلَة فِي الْعقار وَغَيره وَفسخ مَا يرى فَسخه من الْبيُوع بطريقه إِذا رأى ذَلِك مصلحَة وَفِي طلب مَا جر إِلَيْهِ الْإِرْث الشَّرْعِيّ من فلَان الْمُتَوفَّى بِبَلَد كَذَا مِمَّن هُوَ فِي يَده وَتَحْت نظره وحوطته وَقبض جَمِيع مَا يتَعَيَّن لَهُ قَبضه واستخلاصه واستيفاؤه بِكُل طَرِيق مُمكن شَرْعِي وَفِي تَسْلِيم مغلات أملاكه ومستأجراته وإقطاعاته بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ وضبطها وتحريرها وَبيع مَا يرى بَيْعه مِنْهَا وخزن مَا يرى خزنه من مجموعها وتقوية فلاحيه وَصرف مَا يرى صرفه فِي ذَلِك من ثمن أدوات وآلات وَعدد وفلاحة وتقاوي وَغَيرهَا مِمَّا تَدْعُو الْحَاجة إِلَى صرفه فِي تعلقاته وجهات أملاكه ومستأجراته من المصاريف الشَّرْعِيَّة والعرفية والعادية الشَّاهِد بهَا ضَرَائِب إقطاعاته الديوانية ووفاء مَا عساه يكون على الْمُوكل الْمَذْكُور من دُيُون شَرْعِيَّة وجامكية وَغير ذَلِك وَفعل مَا تَقْتَضِيه الْمصلحَة لَهُ من حمل مَا يتَحَصَّل تَحت يَده من الْأَمْوَال إِلَى الْمَكَان الْفُلَانِيّ وَفِي السّفر بِهِ صُحْبَة الرّفْقَة الثِّقَات فِي الطّرق المأمونة المسلوكة وتجهيزه إِلَيْهِ صُحْبَة موثوق بِهِ إِن شَاءَ وإبقائه تَحت يَده إِذا شَاءَ توكيلا صَحِيحا شَرْعِيًّا عَاما مُطلقًا مفوضا موسعا مرضيا ينْدَرج تَحت عُمُومه البيع وَالشِّرَاء وَالْأَخْذ وَالعطَاء وَالْقَبْض والإقباض وَسَائِر التَّصَرُّفَات الشَّرْعِيَّة فِي جَمِيع التعلقات الْمَالِيَّة مِمَّا يَصح بِهِ التَّوْكِيل شرعا لم يسْتَثْن عَلَيْهِ فصلا من فُصُول التَّوْكِيل الْجَائِز شرعا وَلَا نوعا من أَنْوَاعه سوى حل العصم وعقدها وإشغال الذِّمَّة بِالدّينِ وَإِتْلَاف التملكات بِغَيْر عوض يساويها مثلا أَو قيمَة وَمَا عدا ذَلِك فقد فوضه إِلَيْهِ وَأطلق تصرفه فِيهِ وأقامه فِي ذَلِك كُله مَا عدا الْمُسْتَثْنى أَعْلَاهُ مقَام نَفسه وَرَضي بقوله وَفعله وَجعل لَهُ أَن يُوكل فِي ذَلِك وَفِيمَا شَاءَ مِنْهُ من شَاءَ من الوكلاء ويعزله مَتى شَاءَ ويعيده إِذا شَاءَ وَأَن يسْتَبْدل وَكيلا بعد وَكيل قبل ذَلِك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 مِنْهُ قبولا شَرْعِيًّا وَرَضي كل مِنْهُمَا بِهِ الرضى الشَّرْعِيّ ويكمل وَصُورَة تَوْكِيل وَكيل بَيت المَال وَكيلا عَنهُ فِي بلد من الْبِلَاد: أشهد عَلَيْهِ سيدنَا فلَان الدّين وَكيل بَيت المَال الْمَعْمُور بالمملكة الْفُلَانِيَّة بِمُقْتَضى الْوكَالَة الصَّحِيحَة الشَّرْعِيَّة المفوضة إِلَيْهِ من الْمقَام الْأَعْظَم الشريف العالي المولوي السلطاني الملكي الْفُلَانِيّ خلد الله سُلْطَانه وأعز جُنُوده وَنصر أعوانه الْمَأْذُون لَهُ فِيهَا: أَن يُوكل عَنهُ فِيمَا هُوَ وَكيل فِيهِ وَفِيمَا شَاءَ مِنْهُ من شَاءَ من الوكلاء الْعُدُول الْأُمَنَاء رِعَايَة لمصَالح بَيت المَال الْمَعْمُور الْإِذْن الشَّرْعِيّ وحسبما يشْهد بذلك كتاب الْوكَالَة الشَّرْعِيَّة الْمُتَقَدّم تَارِيخه على تَارِيخه الثَّابِت مضمونه بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ الْمُتَّصِل ثُبُوته الِاتِّصَال الشَّرْعِيّ إشهادا شَرْعِيًّا: أَنه وكل فلَانا فِي الْمُطَالبَة بِحُقُوق بَيت المَال الْمَعْمُور وواجباته بأسرها وَقَبضهَا واستيفائها وَالدَّعْوَى بهَا على من هِيَ فِي جِهَته وَتَحْت يَده لَدَى السَّادة الْقُضَاة والحكام وخلفائهم وولاة أُمُور الْإِسْلَام ونوابهم وَفِي إِيقَاع الحوطة على التركات الحشرية الصائرة لبيت المَال شرعا وضبطها وتحريرها وَبيع مَا يتَحَصَّل مِنْهَا من قماش ونحاس وأثاث ورقيق وحيوان وصامت وناطق وَغير ذَلِك مِمَّا يُطلق عَلَيْهِ اسْم المَال وَجمع الثّمن عَن ذَلِك وإحرازه بعد تحريره وتجهيزه إِلَى بَيت المَال الْمَعْمُور حملا إِلَيْهِ برسائل دَالَّة عَلَيْهِ وَصَرفه فِي مصارفه الشَّرْعِيَّة بِالْبَلَدِ الَّذِي تحصل فِيهِ بطريقه الْمُعْتَبر وَفِي الدَّعْوَى لبيت المَال الْمَعْمُور بِكُل حق هُوَ لَهُ وَإِقَامَة بيناته وَإِثْبَات حججه ومساطيره ومكاتيبه واستحقاقاته وَفِي سَماع الدَّعْوَى عَلَيْهِ بِمَا يسوغ سَمَاعه شرعا وَفِي إبداء الدَّافِع ونفيه وجرح الْبَيِّنَة وَطلب الْيَمين واستيفائه وَفِي التَّوَصُّل إِلَى كل حق هُوَ لَهُ وَقَبضه واستخلاصه واستيفائه بِكُل طَرِيق مُمكن شَرْعِي ويعتمد الْكَاتِب فِي هَذِه الْوكَالَة جَمِيع مَا ينص عَلَيْهِ وَكيل بَيت المَال ويعينه من نفي شَيْء أَو إثْبَاته على مَا جرت بِهِ الْعَادة من تَوْكِيل وَكيل بَيت المَال فِي هَذَا الزَّمَان وَهُوَ أَنه يُوكل فِي الضَّبْط والتحرير وَبيع الأثاث فَقَط وَيمْنَع من بيع الْعقار وَمن أَن يسمع الدَّعْوَى على بَيت المَال إِلَّا فِي مِائَتي دِرْهَم فَمَا دونهَا ويكمل على نَحْو مَا نَص عَلَيْهِ وَصُورَة تَوْكِيل رجل فِي قبُول نِكَاح امْرَأَة من وَليهَا الشَّرْعِيّ: وكل فلَان فلَانا فِي قبُول عقد فُلَانَة الْبكر الْبَالِغ أَو الْمَرْأَة أَو الْبكر المعضلة من وَليهَا فلَان والدها أَو جدها أبي أَبِيهَا أَو غَيرهمَا على تَرْتِيب الْأَوْلِيَاء فِي النِّكَاح على صدَاق مبلغه كَذَا حَالا أَو منجما توكيلا صَحِيحا شَرْعِيًّا قبل ذَلِك مِنْهُ قبولا شرع ويؤرخ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 وَصُورَة تَوْكِيل الْوَالِد فِي حق وَلَده أَو الْجد فِي حق ولد ابْنه أَو الْوَصِيّ فِي مَال الطِّفْل: وكل فلَان فلَانا فِي الْمُطَالبَة بِحُقُوق وَلَده الصَّغِير فلَان أَو بِحُقُوق وَلَده لصلبه الصَّغِير الَّذِي هُوَ فِي حجره وَتَحْت نظره بالأبوة الشَّرْعِيَّة أَو بِحُقُوق الْيَتِيم الصَّغِير فلَان الَّذِي هُوَ تَحت نظره وولايته بِالْوَصِيَّةِ الشَّرْعِيَّة المسندة إِلَيْهِ من وَالِد الْيَتِيم الْمَذْكُور بِمُقْتَضى كتاب الْوَصِيَّة المحضرة لشهوده المتضمن أَنه أوصى إِلَيْهِ على وَلَده الْمَذْكُور وَجعل لَهُ أَن يتَصَرَّف لَهُ فِي مَاله بِسَائِر التَّصَرُّفَات الشَّرْعِيَّة وَأَن يُوكل عَنهُ فِي ذَلِك ويوصي بِهِ إِلَى من أَرَادَ إِلَى غير ذَلِك مِمَّا هُوَ مشروح فِي كتاب الْوَصِيَّة الْمَذْكُور المؤرخ بِكَذَا الثَّابِت مضمونه بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ وَقبض ذَلِك واستيفائه مِمَّن هُوَ عَلَيْهِ وَعِنْده وَفِي ذمَّته وَفِي الدَّعْوَى بذلك فِي مجَالِس الْحُكَّام ويسوق من الْأَلْفَاظ الْمُتَقَدّم ذكرهَا مَا يَلِيق بِهَذَا الْمقَام مراعيا فِي كل حَالَة من الْحَالَات مَا يجب مراعاته من اسْتِعْمَال لفظ يحْتَاج إِلَيْهِ أَو تَركه عِنْد عدم الْحَاجة إِلَيْهِ وَلَا يخفى ذَلِك على الحذاق المعانين لكتابة الوثائق وَصُورَة تَوْكِيل الرجل عَبده فِي قبُول النِّكَاح لَهُ على امْرَأَة من وَليهَا على صدَاق معِين: وكل فلَان عَبده فلَانا الْجَارِي عَلَيْهِ حكم الرّقّ والعبودية الرجل الْكَامِل فِي قبُول عقد نِكَاحه على فُلَانَة الْبكر أَو الْمَرْأَة من وَليهَا الشَّرْعِيّ فلَان على صدَاق مبلغه كَذَا حَالا أَو منجما توكيلا شَرْعِيًّا قبله مِنْهُ قبولا شَرْعِيًّا وَصُورَة إِذن السَّيِّد لعَبْدِهِ فِي التِّجَارَة وَهُوَ العَبْد الْمَأْذُون: أشهد عَلَيْهِ فلَان أَنه سلم إِلَى عَبده فلَان الحبشي الْجِنْس الْمُسلم الدّين الرجل الْكَامِل الْمُعْتَرف لَهُ بِالرّقِّ والعبودية مَا مبلغه كَذَا وَكَذَا وَمن عرُوض التِّجَارَات القماش الْمُخْتَلف الألوان والأصناف: الصُّوف وَالْحَرِير والكتان مَا قِيمَته كَذَا وَكَذَا وَأذن لَهُ أَن يَشْتَرِي بالمبلغ الْمعِين أَعْلَاهُ ثيابًا قطنا خاما ويقصرها ويضمها إِلَى عرُوض التِّجَارَة الْمَذْكُورَة وَأَن يَبِيع ذَلِك كُله بِالنَّسِيئَةِ إِلَى أجل كَذَا فِي أقساط كَذَا وَأَن يسْتَخْرج أَثمَان ذَلِك مِمَّن هِيَ عَلَيْهِ أَوَان حلولها ووجوبها وَأَن يَدعِي على من يعسر عَلَيْهِ اسْتِخْرَاج مَا فِي ذمَّته من ثمن ذَلِك عِنْد حُلُول الثّمن لَدَى السَّادة الْقُضَاة والحكام وخلفائهم وولاة أُمُور الْإِسْلَام ونوابهم وَأَن يحبس من امْتنع من الْأَدَاء ويطلقه إِذا أَرَادَ ويلازمه إِذا أحب ويصالح من رأى مصالحته من الْغُرَمَاء على مَا يرَاهُ وَأَن يقبض مَال الصُّلْح ويبرىء من الْقدر الْبَاقِي وَأَن يَأْخُذ بِمَا يرَاهُ من الدّين الرَّهْن وَالْكَفِيل وَأَن يحِيل ويحتال ويرضى بِمن يحتال عَلَيْهِ وَبِمَا يُحَال بِهِ عَلَيْهِ وَأَن يصرف مَا لَا بُد لَهُ من صرفه من الْمُؤَن والكلف وَأُجْرَة الْحَانُوت والمخازن وَيخرج الزَّكَاة الشَّرْعِيَّة وَأَن يصرف مَا جرت الْعَادة بصرفه ب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 التُّجَّار وَأَن يبْتَاع بِالْمَالِ الْمُسْتَخْرج قماشا مِمَّا يحمل إِلَى الديار المصرية والبلاد الشامية أَو اليمنية أَو الْهِنْدِيَّة أَو السواكنية أَو النّوبَة أَو غير ذَلِك ويسافر بِهِ إِلَى حَيْثُ شَاءَ من سَائِر الْبِلَاد الْمَذْكُورَة شرقا وغربا وَبرا وبحرا عذبا وملحا ويبيعه بِالنَّسِيئَةِ أَيْضا دون النَّقْد إِلَى أجل ويستخرج ثمنه وَيفْعل مَا فعل أول مرّة ويبتاع بِمَا يتَحَصَّل من ذَلِك قماشا إسكندريا أَو إبياريا أَو سنباطيا أَو غير ذَلِك مِمَّا يحمل من تِلْكَ الْبِلَاد إِلَى الْبِلَاد الْفُلَانِيَّة ويبيعه أَيْضا بِالنَّسِيئَةِ دون النَّقْد وَيفْعل فِيهِ ذَلِك كَذَلِك مرّة بعد أُخْرَى ويديره فِي يَده حَالا بعد حَال على الشَّرْط وَالتَّرْتِيب المشروح بأعاليه إِذْنا شَرْعِيًّا قبل مِنْهُ ذَلِك قبولا شَرْعِيًّا ويكمل وَصُورَة التَّوْكِيل فِي أَدَاء فرض الْحَج من معضوب عَاجز عَن الْحَج بِنَفسِهِ: وكل فلَان فلَانا أَن يحجّ عَنهُ حجَّة الْإِسْلَام بفروضها وسننها وواجباتها مُفردا أَو قَارنا أَو مُتَمَتِّعا لكَونه كبر وهرم وَعجز عَن الرّكُوب والتوجه لأَدَاء الْفَرْض بِنَفسِهِ من مَدِينَة كَذَا إِلَى مَكَّة المشرفة إِلَى عَرَفَات ثمَّ إِلَى منى ثمَّ إِلَى مَكَّة المشرفة ثمَّ إِلَى الْمَدِينَة الشَّرِيفَة النَّبَوِيَّة على الْحَال بهَا أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام ثمَّ إِلَى الْقَاهِرَة المحروسة أَو غَيرهَا صُحْبَة الركب الشريف المتوجه فِي عَام تَارِيخه وَأَن يفعل جَمِيع مَا يحْتَاج إِلَى فعله مِمَّا يجب على الْمُوكل الْمَذْكُور أَن لَو حج بِنَفسِهِ من الْفُرُوض والأركان وَالسّنَن والمستحبات على الأوضاع الشَّرْعِيَّة وَيَأْتِي بِعُمْرَة مشهود فِيهَا على الْعَادة توكيلا شَرْعِيًّا قبله مِنْهُ قبولا شَرْعِيًّا وَأذن الْمُوكل الْمَذْكُور لوَكِيله الْمَذْكُور أَن يُوكل عَنهُ من يقوم مقَامه عِنْد عدم التَّمَكُّن من الْفِعْل أَو بعضه بِمَرَض أَو عَارض شَرْعِي إِذْنا شَرْعِيًّا وَجعل لَهُ على ذَلِك كَذَا وَكَذَا أُجْرَة وَدفع ذَلِك إِلَيْهِ فَقَبضهُ مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا ويكمل وَصُورَة التَّوْكِيل فِي تَفْرِيق زكوات الْأَمْوَال الْبَاطِنَة وَالظَّاهِرَة: وكل فلَان فلَانا فِي صرف زَكَاة مَاله الْبَاطِن من الذَّهَب وَالْفِضَّة فَإِن كَانَ شافعيا ذكر لَهُ أَصْنَاف الْمُسْتَحقّين لَهَا على مَذْهَب الشَّافِعِي وَإِن كَانَ غير ذَلِك فرقها على الْأَصْنَاف الثَّمَانِية أَو على الْمَوْجُود مِنْهَا على مَا ذكره غير الشَّافِعِيَّة وَكَذَلِكَ تَفْرِقَة زَكَاة الْفطر وَزَكَاة الْأَمْوَال الظَّاهِرَة وَهِي الْمَوَاشِي والحبوب فيعين لَهُ الْأَسْنَان من الْمَوَاشِي والوسق من الْحُبُوب وَالثِّمَار توكيلا شَرْعِيًّا أَقَامَهُ فِي ذَلِك مقَام نَفسه وَرَضي بقوله وَفعله وَسلم إِلَيْهِ الْقدر الْوَاجِب فِي مَاله وَهُوَ كَذَا وَكَذَا فَقَبضهُ مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا وَصَارَ فِي يَده ليصرفه عَنهُ فِيمَا وَكله فِيهِ عَاملا فِي ذَلِك كُله بتقوى الله وطاعته وخشيته ومراقبته فِي سره وعلانيته قبل ذَلِك مِنْهُ قبولا شَرْعِيًّا ويكمل وَالْقَوْل قَول الْوَكِيل فِي تَفْرِقَة هَذِه الزكوات على مستحقيها وَصُورَة التَّوْكِيل فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 ذبح الضَّحَايَا وتفرقتها وَالْإِذْن للْوَكِيل فِي أكل بَعْضهَا: وكل فلَان فلَانا أَن يذبح ضحاياه عَنهُ وَعَمن تلْزمهُ نَفَقَته وَهِي عشر بدنات حمر وَعشر بقرات صفر وَمِائَة شَاة من الْغنم الضَّأْن البشموري أَو الشَّرْقِي أَو غَيره كُلهنَّ سالمات من الْعُيُوب الْمَانِعَة من إِدْخَال أَوْصَاف التَّضْحِيَة بهَا شرعا وَأذن لَهُ أَن يفرق اللَّحْم على الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين من أمة سيد الْمُرْسلين مُحَمَّد وَأَن يَأْكُل من اللَّحْم إِذْنا شَرْعِيًّا قبل ذَلِك مِنْهُ قبولا شَرْعِيًّا ويكمل وَصُورَة التَّوْكِيل فِي السّلم: وكل فلَان فلَانا أَن يدْفع إِلَى فلَان بِعَيْنِه أَو أَن يدْفع من مَاله إِلَى من أَرَادَ مبلغ كَذَا وَكَذَا سلما شَرْعِيًّا فِيمَا يرَاهُ الْوَكِيل الْمَذْكُور من المكيلات والموزونات والمعدودات والمذروعات الْجَائِز عَلَيْهَا عقد السّلم شرعا فِي دفْعَة وَاحِدَة أَو دفعات حَسْبَمَا يرَاهُ الْوَكِيل الْمَذْكُور حَالا ومقسطا ومؤجلا وَدفع رَأس مَال السّلم فِي مجْلِس العقد الْوَاقِع بَينهمَا على مَا يتعاقداه من ذَلِك على أَن الْمُسلم إِلَيْهِ يقوم بِمَا يسلم إِلَيْهِ فِيهِ مَحْمُولا إِلَى الْبَلَد الْفُلَانِيّ توكيلا شَرْعِيًّا قبل ذَلِك مِنْهُ قبولا شَرْعِيًّا ويكمل وَصُورَة تَوْكِيل الْوَكِيل على أَن يرْهن لَهُ رهنا على دين فِي ذمَّته أَو على مَا يَتَرَتَّب فِي ذمَّته من الدّين أَو أَن يرتهن لَهُ رهنا من شخص فِي ذمَّته دين للْمُوكل: وكل فلَان فلَانا أَن يرْهن مَا هُوَ جَار فِي يَده وَملكه وتصرفه وَهُوَ كَذَا وَكَذَا على مَا هُوَ مُسْتَقر فِي ذمَّته من الدّين الشَّرْعِيّ لفُلَان بِمُقْتَضى مسطور شَرْعِي مبلغه كَذَا مؤرخ بِكَذَا وعَلى مَا سيستقر فِي ذمَّته لفُلَان من الدّين الشَّرْعِيّ رهنا شَرْعِيًّا ويسلمه للْمُرْتَهن الْمَذْكُور على ذَلِك تَسْلِيمًا شَرْعِيًّا وَأَن يرتهن لَهُ من فلَان كَذَا وَكَذَا على مَا لَهُ فِي ذمَّته من الدّين الشَّرْعِيّ ارتهانا شَرْعِيًّا بِشُرُوطِهِ الشَّرْعِيَّة ويتسلمه لمُوكلِه الْمَذْكُور تسلما شَرْعِيًّا على الْوَجْه الشَّرْعِيّ توكيلا شَرْعِيًّا قبله مِنْهُ قبولا شَرْعِيًّا ويكمل وَصُورَة تَوْكِيل الرَّاهِن فِي بيع الرَّهْن عِنْد حُلُول الدّين وَدفعه للْمُرْتَهن وَأحسن مَا يكْتب فِي ذيل مسطور الدّين بعد اسْتِيفَاء ذكر الرَّهْن يَقُول: وَبعد تَمام ذَلِك ولزومه شرعا: وكل فلَان الرَّاهِن الْمُسَمّى أَعْلَاهُ فلَانا فِي بيع الرَّهْن الْمَذْكُور عِنْد حُلُوله وَبعده بِثمن الْمثل وَمَا قاربه مِمَّن يرغب فِي ابتياعه وَفِي قبض الثّمن وَتَسْلِيم الْمَبِيع أَو فِي مقاصصة المُشْتَرِي إِن كَانَ هُوَ الْمُرْتَهن بِالثّمن الْوَاقِع عَلَيْهِ عِنْد عقد البيع إِلَى نَظِيره من الدّين الْمعِين أَعْلَاهُ وَفِي الْمُكَاتبَة وَالْإِشْهَاد على الرَّسْم الْمُعْتَاد توكيلا شَرْعِيًّا قبل ذَلِك مِنْهُ قبولا شَرْعِيًّا ويكمل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 وَصُورَة التَّوْكِيل فِي الْهِبَة: وكل فلَان فلَانا أَن يهب فلَانا مَا هُوَ جَار فِي ملك الْمُوكل الْمَذْكُور وحيازته وَتَحْت يَده وَذَلِكَ جَمِيع كَذَا وَكَذَا وَأَن يسلم إِلَيْهِ الْهِبَة الْمَذْكُورَة توكيلا شَرْعِيًّا قبل ذَلِك مِنْهُ قبولا شَرْعِيًّا ويكمل وَصُورَة التَّوْكِيل فِي طَلَاق الزَّوْجَة على بدل مِنْهَا إِمَّا الصَدَاق أَو على مبلغ فِي ذمَّتهَا: وكل فلَان فلَانا فِي سُؤال زَوجته فُلَانَة أَن يطلقهَا طَلْقَة وَاحِدَة أولى أَو طَلْقَة ثَانِيَة مسبوقة بِأولى بعد الدُّخُول بِزَوْجَتِهِ الْمَذْكُورَة واعتراف الْمُوكل الْمَذْكُور حَالَة التَّوْكِيل بذلك على نَظِير مبلغ صَدَاقهَا عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا أَو على مبلغ كَذَا وَكَذَا فِي ذمَّتهَا توكيلا شَرْعِيًّا قبل ذَلِك مِنْهُ قبولا شَرْعِيًّا ويكمل وَالله أعلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 كتاب الْعَارِية وَمَا يتَعَلَّق بهَا من الْأَحْكَام الْعَارِية: إِبَاحَة الِانْتِفَاع بِعَين من الْأَعْيَان وَهِي مُشْتَقَّة من عَار الشَّيْء إِذا ذهب وَمِنْه قيل للغلام البطال: عيار وَالْأَصْل فِي ثُبُوتهَا: الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع وَالْقِيَاس أما الْكتاب: فَقَوله تَعَالَى: {وتعاونوا على الْبر وَالتَّقوى} وَفِي الْعَارِية إِعَانَة وَقَوله تَعَالَى: {فويل للمصلين الَّذين هم عَن صلَاتهم ساهون الَّذين هم يراؤون وَيمْنَعُونَ الماعون} قَالَ ابْن مَسْعُود (الماعون: إِعَارَة الدَّلْو وَالْقدر وَالْمِيزَان) وَقَالَ بعض الْمُفَسّرين: هُوَ مَا يستعيره الْجِيرَان بَعضهم من بعض وَرُوِيَ عَن عَليّ وَابْن عمر (أَن الماعون الزَّكَاة) وَأما السّنة: فروى أَبُو أُمَامَة: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (إِن الله تَعَالَى قد أعْطى كل ذِي حق حَقه فَلَا وَصِيَّة لوَارث وَالْعَارِية مُؤَدَّاة) الحَدِيث وروى أَبُو هُرَيْرَة: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (مَا من صَاحب إبل وَلَا بقر لم يؤد حَقّهَا إِلَّا بطح لَهَا يَوْم الْقِيَامَة بقاع قرقر) وَرُوِيَ: (قرق تطؤه بأظلافها وتنطحه بقرونها كلما فني أولاها عَاد عَلَيْهِ أخراها) فَقيل: يَا رَسُول الله مَا حَقّهَا قَالَ: (عَارِية دلوها ومنحة لَبنهَا يَوْم ولادها) والقرق: المستوى قَالَ الشَّاعِر: كَأَن أَيْدِيهنَّ بالقاع القرق أَيدي جوَار يتعاطين الْوَرق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 والقرقر: مثله وَرُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتعَار من صَفْوَان بن أُميَّة يَوْم حنين دروعا فَقَالَ: أغصبا يَا مُحَمَّد فَقَالَ: (بل عَارِية مَضْمُونَة) وَأما الْإِجْمَاع: فقد أجمع الْمُسلمُونَ على جَوَاز الْعَارِية وَأما الْقيَاس: فَلِأَنَّهُ لما جَازَ هبة الْأَعْيَان جَازَ هبة مَنَافِعهَا وَيشْتَرط فِي الْمُعير أَن يكون مَالِكًا للمنفعة أَهلا للتبرع فَيجوز للْمُسْتَأْجر أَن يعير وَلَا يجوز للْمُسْتَعِير أَن يعير الْعَارِية لَكِن لَهُ أَن يَسْتَنِيب عَنهُ من يَسْتَوْفِي الْمَنْفَعَة لَهُ وَيشْتَرط فِي الْمُسْتَعَار: أَن يكون مُنْتَفعا بِهِ مَعَ بَقَاء عينه وَلَا يجوز إِعَارَة الْأَطْعِمَة الَّتِي مَنْفَعَتهَا فِي الِاسْتِهْلَاك وَيجوز إِعَارَة الْجَوَارِي للْخدمَة إِن أعَار من امْرَأَة أَو محرم وَيكرهُ إِعَارَة العَبْد الْمُسلم من الْكَافِر وَلَا بُد فِي الْإِعَارَة من لفظ: إِمَّا من جِهَة الْمُعير كأعرتك هَذَا أَو خُذ هَذَا لتنتفع بِهِ أَو من جِهَة الْمُسْتَعِير بِأَن يَقُول: أعرني هَذَا وَإِذا وجد اللَّفْظ من أَحدهمَا وَالْفِعْل من الآخر: كفى وَلَو قَالَ: أعرتك حماري لتعلفه أَو دَاري لتطين سطحها أَو أعرتك حماري لتعيرني فرسك فَهَذِهِ إِجَارَة فَاسِدَة توجب أُجْرَة الْمثل غير مَضْمُونَة وَمؤنَة الرَّد على الْمُسْتَعِير وَإِذا تلفت الْعَارِية بِالِاسْتِعْمَالِ فَعَلَيهِ الضَّمَان وَإِن لم يكن مِنْهُ تَقْصِير وَأظْهر الْوَجْهَيْنِ للشَّافِعِيّ: أَنه لَا ضَمَان إِذا تلفت الْعَارِية بِالِاسْتِعْمَالِ الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب : اتّفق الْأَئِمَّة على أَن الْعَارِية قربَة مَنْدُوب إِلَيْهَا ومثاب عَلَيْهَا وَاخْتلفُوا فِي ضَمَانهَا فمذهب الشَّافِعِي وَأحمد: أَن الْعَارِية مَضْمُونَة على الْمُسْتَعِير مُطلقًا تعدى أَو لم يَتَعَدَّ وَمذهب أبي حنيفَة وَأَصْحَابه: أَنَّهَا أَمَانَة على كل وَجه لَا تضمن إِلَّا بتعد وَيقبل قَوْله فِي تلفهَا وَهُوَ قَول الْحسن الْبَصْرِيّ وَالنَّخَعِيّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَالثَّوْري وَمذهب مَالك: أَنه إِذا ثَبت هَلَاك الْعَارِية لَا يضمنهَا الْمُسْتَعِير سَوَاء كَانَ حَيَوَانا أَو حليا أَو ثيابًا مِمَّا يظْهر أَو يخفى إِلَّا أَن يتَعَدَّى فِيهِ هَذِه أظهر الرِّوَايَات وَذهب قَتَادَة وَغَيره إِلَى أَنه إِذا شَرط الْمُعير على الْمُسْتَعِير الضَّمَان صَارَت مَضْمُونَة عَلَيْهِ بِالشّرطِ وَإِن لم يشْتَرط لم تكن مَضْمُونَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 وَإِذا اسْتعَار شَيْئا فَهَل لَهُ أَن يعيره لغيره قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك: لَهُ ذَلِك وَإِن لم يَأْذَن لَهُ الْمَالِك إِذا كَانَ لَا يخْتَلف باخْتلَاف الْمُسْتَعْمل وَقَالَ أَحْمد: لَا يجوز إِلَّا بِإِذن الْمَالِك وَلَيْسَ للشَّافِعِيّ فِيهَا نَص ولأصحابه وَجْهَان أصَحهمَا: عدم الْجَوَاز وَاخْتلفُوا: هَل للْمُعِير أَن يرجع فِيمَا أَعَارَهُ فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: للْمُعِير أَن يرجع فِي الْعَارِية مَتى شَاءَ وَلَو بعد الْقَبْض وَإِن لم ينْتَفع بهَا الْمُسْتَعِير وَقَالَ مَالك: إِن كَانَ إِلَى أجل لم يكن للْمُعِير الرُّجُوع فِيهَا إِلَى انْقِضَاء الْأَجَل وَلَا يُمكن الْمُعير استعادة الْعَارِية قبل انْتِفَاع الْمُسْتَعِير بهَا وَإِذا أعَار أَرضًا لبِنَاء أَو غراس قَالَ مَالك: لَيْسَ لَهُ أَن يرجع فِيهَا إِذا بنى أَو غرس بل للْمُعِير أَن يُعْطِيهِ قيمَة ذَلِك مقلوعا أَو يَأْمُرهُ بقلعه إِن كَانَ ينْتَفع بمقلوعه فَإِن كَانَ لَهُ مُدَّة فَلَيْسَ لَهُ أَن يرجع قبل انْقِضَائِهَا فَإِذا انْقَضتْ فَالْخِيَار للْمُعِير كَمَا تقدم وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِن وَقت لَهُ وقتا فَلهُ أَن يجْبرهُ على الْقلع وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ الْإِجْبَار قبل انْقِضَائِهَا وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد: إِن شَرط عَلَيْهِ الْقلع فَلهُ أَن يجْبرهُ عَلَيْهِ أَي وَقت اخْتَار وَإِن لم يشرط فَإِن اخْتَار الْمُسْتَعِير الْقلع قلع وَإِن لم يخْتَر فللمعير الْخِيَار بَين أَن يَتَمَلَّكهُ بِقِيمَتِه أَو يقْلع وَيضمن أرش النَّقْص فَإِن لم يخْتَر الْمُعير لم يقْلع إِن بذل الْمُسْتَعِير الْأُجْرَة فَائِدَة: الرَّد المبرىء من ضَمَان الْعَارِية: تَسْلِيمهَا إِلَى الْمَالِك أَو وَكيله فَلهُ رد الْبَهِيمَة إِلَى الإصطبل وَالثَّوْب إِلَى الْبَيْت الَّذِي أَخذه مِنْهُ وَإِذا لم يجد الْمُعير فَسلم الدَّابَّة إِلَى زَوجته أَو وَلَده فَأرْسلت إِلَى المرعي فَضَاعَت فالمعير بِالْخِيَارِ بَين أَن يغرم الْمُسْتَعِير أَو الزَّوْجَة أَو الْوَلَد المصطلح: وصوره تشْتَمل على أَنْوَاع مِنْهَا: صُورَة عَارِية الرجل ابْنَته أَو ابْنة جَارِيَته موطوءته للْخدمَة: أعَار فلَان وَلَده لصلبه فلَانا أَو ابْنَته لصلبه فُلَانَة جَمِيع الْجَارِيَة الحبشية أَو السَّوْدَاء التكرورية الْجِنْس أَو النوبية أَو الزنجية الْمَرْأَة الْكَامِلَة المدعوة فُلَانَة المعترفة للْمُعِير الْمَذْكُور بِالرّقِّ والعبودية الَّتِي هِيَ مفترشة الْمُعير الْمَذْكُور أَو أم وَلَده لتقوم بِخِدْمَة المستعيرة أَو الْمُسْتَعِير الْمَذْكُور خدمَة مثلهَا لمثلهَا أَو لمثله مُدَّة كَذَا وَكَذَا من تَارِيخه عَارِية شَرْعِيَّة مُعْتَبرَة مرعية وجد فِيهَا شُرُوط صِحَّتهَا من الْإِعَارَة بِاللَّفْظِ بالصيغة الْمُعْتَبرَة وَوُجُود الِاسْتِعْمَال من المستعيرة وَسلم إِلَيْهَا الْعَارِية الْمعينَة أَعْلَاهُ بالمقتضى المشروح أَعْلَاهُ فتسلمتها مِنْهُ التسلم الشَّرْعِيّ وَصَارَت فِي يَدهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 وحوزها وَوَجَب لَهَا الِاسْتِخْدَام الْمدَّة الْمعينَة أَعْلَاهُ وجوبا شَرْعِيًّا ويكمل وَصُورَة عَارِية الوالدة لابنتها حليا وقماشا تتزين بِهِ: أعارت فُلَانَة ابْنَتهَا لبطنها فُلَانَة مَا ذكرت المعيرة الْمَذْكُورَة: أَنه لَهَا وبيدها وملكها وَتَحْت تصرفها إِلَى حَالَة الْعَارِية الْمَذْكُورَة وصدقتها المستعيرة الْمَذْكُورَة على ذَلِك وَذَلِكَ جَمِيع الْعِصَابَة الْمُشْتَملَة على لُؤْلُؤ ويصفه بعدته وَيذكر الْوَزْن بالمثاقيل وَجَمِيع كَذَا وَجَمِيع كَذَا وَجَمِيع كَذَا ويصف كل شَيْء مِنْهَا بِحَسبِهِ من الْحلِيّ والقماش واللباس والفرش وَغير ذَلِك وَصفا تَاما يُخرجهُ عَن الْجَهَالَة ثمَّ يَقُول: عَارِية صَحِيحَة شَرْعِيَّة جرت بَينهمَا بِاللَّفْظِ الْمُعْتَبر فِي ذَلِك شرعا لتنتفع بذلك انْتِفَاع مثلهَا بِالْمَعْرُوفِ باللبس والتزين والتجمل بِهِ وفرش مَا يفرش مِنْهُ وَاسْتِعْمَال مَا يسْتَعْمل مِنْهُ من الْأَوَانِي الصيني والنحاس مُدَّة كَذَا وَكَذَا سنة من تَارِيخه بمنزلها الْكَائِن بالموضع الْفُلَانِيّ وسلمت إِلَى ابْنَتهَا المستعيرة الْمَذْكُورَة جَمِيع الْعَارِية الموصوفة أَعْلَاهُ فتسلمتها مِنْهَا تسلما شَرْعِيًّا وَصَارَت فِي يَدهَا وحوزها وَوَجَب لَهَا الِانْتِفَاع بهَا الْمدَّة الْمعينَة أَعْلَاهُ قبلت ذَلِك مِنْهَا قبولا شَرْعِيًّا هَذَا إِذا كَانَت المستعيرة بَالِغَة عَاقِلَة رَشِيدَة وَإِن كَانَت بَاقِيَة تَحت حجر والدها فَيَقَع التَّصْدِيق وَالتَّسْلِيم وَالْقَبُول مِنْهُ لمحجورته المستمرة تَحت حجره وَولَايَة نظره ويكمل وَصُورَة عَارِية الْوَالِد لابنته الشورة وَهِي الجهاز للتجمل بِهِ: أعَار فلَان لابنته لصلبه فُلَانَة الْبكر الْبَالِغ الَّتِي اعْترف برشدها عِنْد شُهُوده مَا ذكر أَنه لَهُ وَبِيَدِهِ وَملكه وتصرفه وَذَلِكَ جَمِيع الشورة الْمُشْتَملَة على كَذَا وَكَذَا ويصف اشتمالاتها كلهَا وَيذكر الْوَزْن وَالْقيمَة وَإِن كَانَ ملكا أَو دَارا وصفهَا وحددها ثمَّ يَقُول: إِعَارَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة مَقْبُولَة مسلمة مَقْبُوضَة بيد المستعيرة من الْمُعير بِإِذْنِهِ لَهَا فِي ذَلِك وَذَلِكَ بعد النّظر والمعرفة وَالْمُعَاقَدَة الشَّرْعِيَّة والتشخيص الشَّرْعِيّ وعَلى المستعيرة الْمَذْكُورَة حفظ ذَلِك وصونه وَالِانْتِفَاع بِهِ فِي منزلهَا بِموضع كَذَا والتجمل بِهِ على الْعَادة فِي مثله بِحَيْثُ لَا يخرج ذَلِك وَلَا شَيْئا مِنْهُ عَن يَدهَا إِلَى أَن تعيده إِلَى الْمُعير على الصّفة المشروحة أَعْلَاهُ وَاعْتَرَفت بِمَعْرِِفَة مِقْدَار الْعَارِية وَمَا يلْزمهَا فِيهِ وصدقت على ذَلِك كُله تَصْدِيقًا شَرْعِيًّا ويكمل وَصُورَة عَارِية الدَّار للسُّكْنَى: أعَار فلَان فلَانا مَا ذكر الْمُعير الْمَذْكُور أَنه لَهُ وَبِيَدِهِ وَملكه وَتَحْت تصرفه إِلَى حِين هَذِه الْعَارِية وَإِن كَانَت إِبَاحَة بِغَيْر أُجْرَة يَقُول: أَبَاحَ فلَان فلَانا جَمِيع الدَّار وَجَمِيع الْحصَّة الشائعة وقدرها كَذَا وَكَذَا من أصل كَذَا وَكَذَا من جَمِيع الدَّار الْفُلَانِيَّة ويصفها ويحددها عَارِية صَحِيحَة شَرْعِيَّة مُشْتَمِلَة على الْإِيجَاب وَالْقَبُول الشرعيين أَو إِبَاحَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة مُشْتَمِلَة على الْإِيجَاب وَالْقَبُول لمُدَّة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 كَذَا وَكَذَا سنة يسكنهَا الْمُسْتَعِير الْمَذْكُور أَو الْمُبَاح لَهُ الْمَذْكُور بِنَفسِهِ وَأَهله ومتاعه وخدمه لطول الْمدَّة الْمعينَة أَعْلَاهُ بِغَيْر أُجْرَة تلْزمهُ عَن ذَلِك وَسلم الْمُعير الْمَذْكُور إِلَى الْمُسْتَعِير الْمَذْكُور أَو وَسلم الْمَبِيع الْمَذْكُور للمباح لَهُ الْمَذْكُور جَمِيع الدَّار أَو جَمِيع الْحصَّة من جَمِيع الدَّار الْمَذْكُورَة فتسلمها مِنْهُ على الحكم المشروح أَعْلَاهُ تسلما شَرْعِيًّا وَصَارَت بِيَدِهِ وحوزه ثمَّ تفَرقا بالأبدان عَن ترَاض ثمَّ بعد تَمام ذَلِك ولزومه شرعا: قَامَ فلَان الْمُبِيح الْمَذْكُور فِي فسخ الْإِبَاحَة وَتمسك الْمُبَاح لَهُ بهَا وَذكر أَنَّهَا من الْعُقُود الْجَائِزَة للمدة الْمَذْكُورَة على مَذْهَب من يرى ذَلِك من السَّادة الْعلمَاء وتصادقا على أَنَّهُمَا ترافعا بِسَبَب ذَلِك إِلَى حَاكم من حكام الْمُسلمين جَائِز الحكم وَالْقَضَاء ماضيهما وَتقدم فلَان الْمُبِيح فِي فسخ هَذِه الْإِبَاحَة وَامْتنع الْمُبَاح لَهُ من فَسخهَا وَتمسك بِالْعقدِ فِيهَا وَسَأَلَ الحكم لَهُ بِمَا يُوجِبهُ الشَّرْع الشريف فِي ذَلِك وَأَنه حكم بِصِحَّة هَذِه الْإِبَاحَة الْمدَّة الْمَذْكُورَة وَقطع بإجازتها وإمضائها حكما شَرْعِيًّا بعد أَن ثَبت عِنْده صُدُور الْإِبَاحَة بَينهمَا فِي ذَلِك على الحكم المشروح أَعْلَاهُ ثبوتا شَرْعِيًّا مُسْتَوْفيا شَرَائِطه الشَّرْعِيَّة وَاعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره شرعا مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ ويكمل وَصُورَة إِبَاحَة الزَّوْجَة السكن لزَوجهَا فِي الدَّار الْجَارِيَة فِي ملكهَا: أشهدت عَلَيْهَا فُلَانَة شُهُوده إشهادا شَرْعِيًّا: أَنَّهَا فِي يَوْم تَارِيخه أَبَاحَتْ زَوجهَا فلَان الَّتِي هِيَ فِي عصمته وَعقد نِكَاحه السكن بهَا فِي جَمِيع الْمنزل الْفُلَانِيّ أَو الْبَيْت الْفُلَانِيّ الَّذِي هُوَ من حُقُوق الدَّار الْفُلَانِيَّة الكائنة بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ وتوصف وتحدد الَّتِي ذكرت المبيحة الْمَذْكُورَة أَنَّهَا لَهَا وَفِي ملكهَا وَتَحْت تصرفها بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيّ إِبَاحَة صَحِيحَة مَاضِيَة قَاطِعَة جَائِزَة نَافِذَة بِغَيْر أُجْرَة تلتمسها مِنْهُ وَلَا عوض وَلَا مُقَابل وَلَا مُكَافَأَة إِلَّا بِحسن الصُّحْبَة وَجَمِيل المعاشرة وَأَن يسكن فِيهَا بهَا مَا دَامَت فِي عصمته وَعقد نِكَاحه وسلمت إِلَيْهِ مَا وَقع عَلَيْهِ عقد هَذِه الْإِبَاحَة فتسلمه مِنْهَا وَصَارَ بِيَدِهِ وَوَجَب لَهُ الِانْتِفَاع بِهِ وجوبا شَرْعِيًّا وضمنت لَهُ الدَّرك فِي ذَلِك على أَنه مَتى نقلهَا من هَذَا الْمنزل الْمُخْتَص بهَا فَلَيْسَ لَهُ عَلَيْهَا طلب أجرته وَلَا غَيره بِوَجْه من الْوُجُوه وَلَا بِسَبَب من الْأَسْبَاب قبل مِنْهَا الْمُبَاح لَهُ الْمَذْكُور أَعْلَاهُ جَمِيع ذَلِك قبولا شَرْعِيًّا واعترف كل مِنْهُمَا بِمَعْرِِفَة معنى ذَلِك وَمَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ شرعا وَصُورَة عَارِية الدَّابَّة لرجل يركبهَا إِلَى مَكَان معِين: أعَار فلَان فلَانا مَا ذكر أَنه لَهُ وَبِيَدِهِ وَتَحْت تصرفه وَذَلِكَ جَمِيع الْبَغْل أَو البغلة أَو الْحمار أَو الحصان أَو الْفرس أَو غير ذَلِك مِمَّا يركب وَيذكر شيته على أَن يركب هَذِه الدَّابَّة الْمَذْكُورَة من الْموضع الْفُلَانِيّ إِلَى الْموضع الْفُلَانِيّ ركُوب مثله لمثلهَا فِي الطَّرِيق الْمَأْمُون الْمَعْرُوف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 بسلوك عابري السَّبِيل من التُّجَّار والمسافرين وَغَيرهم ثمَّ يعود عَلَيْهَا إِلَى الْموضع الْفُلَانِيّ عَارِية صَحِيحَة جَائِزَة مَضْمُونَة مَرْدُودَة مُؤَدَّاة وَسلم فلَان الْمُعير لفُلَان الْمُسْتَعِير الدَّابَّة الْمَذْكُورَة فتسلمها مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا وَصَارَت بِيَدِهِ على الحكم المشروح أَعْلَاهُ قبل كل مِنْهُمَا ذَلِك من الآخر قبولا شَرْعِيًّا ويكمل وَصُورَة عَارِية الأَرْض للغراس وَالْبناء: أعَار فلَان فلَانا جَمِيع الْقطعَة الأَرْض الْكَشْف الْبيَاض الخالية من الْعِمَارَة وَالْغِرَاس ويصفها ويحددها وَإِن ذكر ذرعها فَهُوَ أَجود عَارِية صَحِيحَة شَرْعِيَّة ليبني الْمُسْتَعِير فِيهَا مَا شَاءَ من الْبناء على الصّفة الَّتِي يختارها أَو ليغرس بهَا مَا شَاءَ من أَنْوَاع الْغِرَاس الْمُخْتَلف الثِّمَار مُدَّة ثَلَاثِينَ سنة أَو أَكثر أَو أقل من تَارِيخه وَأذن لَهُ فِي ذَلِك كُله إِذْنا شَرْعِيًّا وَسلم إِلَيْهِ الْعَارِية الْمَذْكُورَة فتسلمها مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا وَوَجَب للْمُسْتَعِير الْمَذْكُور الْبناء وَالْغِرَاس بِالْأَرْضِ المستعارة وَالِانْتِفَاع بهَا وَبِمَا يستجده فِيهَا من الْعِمَارَة وَالْغِرَاس لطول الْمدَّة الْمعينَة أَعْلَاهُ وجوبا شَرْعِيًّا ويكمل وَصُورَة عَارِية الْجِدَار لوضع الْجُذُوع: أعَار فلَان فلَانا جَمِيع الْحَائِط المستطيل الماد قبْلَة وَشمَالًا الْمَبْنِيّ بِالْحجرِ النحيت أَو المكسور أَو الْآجر أَو الطين أَو الجير الَّذِي ارتفاعه من الأَرْض كَذَا وَكَذَا ذِرَاعا وَطوله قبْلَة وَشمَالًا كَذَا وَكَذَا ذِرَاعا وَعرضه كَذَا وَكَذَا ذِرَاعا بِذِرَاع الْعَمَل وَهُوَ الْفَاصِل بَين دَار الْمُعير الْمَذْكُور الْقَدِيمَة الْبناء على الدَّار الَّتِي أَنْشَأَهَا الْمُسْتَعِير الْمَذْكُور عَارِية صَحِيحَة شَرْعِيَّة ليضع الْمُسْتَعِير الْمَذْكُور عَلَيْهَا كَذَا وَكَذَا جذعا من الْخشب رواقا وَاحِدًا بداره الْمَذْكُورَة لمُدَّة كَذَا وَكَذَا سنة أَو سنتَيْن أَو أقل أَو أَكثر من تَارِيخه وَسلم الْمُعير الْمَذْكُور إِلَى الْمُسْتَعِير الْمَذْكُور الْحَائِط الْمَذْكُور وَأذن لَهُ فِي وضع الْجُذُوع الْمَذْكُورَة عَلَيْهِ إِذْنا شَرْعِيًّا فتسلمه مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا وَصَارَ فِي يَده وَوَجَب لَهُ وضع الْجُذُوع عَلَيْهِ الْمدَّة الْمعينَة أَعْلَاهُ وجوبا شَرْعِيًّا ويكمل وَصُورَة عَارِية الأَرْض لدفن الْمَيِّت: أعَار فلَان فلَانا جَمِيع الْقطعَة الأَرْض الْكَشْف الْبيَاض الَّتِي هِيَ بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ وذرعها قبْلَة وَشمَالًا كَذَا وَكَذَا ذِرَاعا وشرقا وغربا كَذَا وَكَذَا ذِرَاعا بِذِرَاع الْعَمَل وتحدد عَارِية صَحِيحَة شَرْعِيَّة ليدفن فِيهَا الْمُسْتَعِير الْمَذْكُور موتاه وَيجْعَل لنَفسِهِ بهَا أزجا بِالْحِجَارَةِ مجوفا مقببا برسم دَفنه بِهِ وَيَبْنِي حول ذَلِك عمَارَة ويغرس بباقي الأَرْض الْمَذْكُورَة غراسا مُخْتَلفا ألوانه وأنواعه مُدَّة ثَلَاثِينَ سنة من تَارِيخه لم يرجع فِي الأَرْض الَّتِي بهَا الدّفن مَا لم يبل الْمَيِّت وَيرجع فِي الْبَاقِي عِنْد فرَاغ الْمدَّة أَعْلَاهُ وانقضائها على الْوَجْه الشَّرْعِيّ وَسلم الْمُعير الْمَذْكُور إِلَى الْمُسْتَعِير الْمَذْكُور الأَرْض المستعارة المذروعة المحدودة بأعاليه فتسلمها مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا وَوَجَب لَهُ الِانْتِفَاع بهَا الْمدَّة الْمعينَة أَعْلَاهُ على الحكم المشروح أَعْلَاهُ وجوبا شَرْعِيًّا ويكمل وَالله أعلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 كتاب الْغَصْب وَمَا يتَعَلَّق بِهِ من الْأَحْكَام الْغَصْب محرم وَالْأَصْل فِي تَحْرِيمه: الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع أما الْكتاب: فَقَوله تَعَالَى: {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُم بَيْنكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تكون تِجَارَة عَن ترَاض مِنْكُم} وَقَوله تَعَالَى: {إِن الَّذين يَأْكُلُون أَمْوَال الْيَتَامَى ظلما إِنَّمَا يَأْكُلُون فِي بطونهم نَارا وسيصلون سعيرا} وَقَوله تَعَالَى: {وَالسَّارِق والسارقة فَاقْطَعُوا أَيْدِيهِمَا جَزَاء بِمَا كسبا نكالا من الله} وَالسَّرِقَة من الْغَصْب وَأما السّنة: فَمَا رُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي خطبَته فِي حجَّة الْوَدَاع: (أَلا إِن دماءكم وَأَمْوَالكُمْ عَلَيْكُم حرَام كَحُرْمَةِ يومكم هَذَا فِي شهركم هَذَا فِي بلدكم هَذَا) وَمعنى ذَلِك: دِمَاء بَعْضكُم على بعض وأموال بَعْضكُم على بعض وَرُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (لَا يحل مَال امرىء مُسلم إِلَّا عَن طيب نفس مِنْهُ) وروى عبد الله بن السَّائِب عَن أَبِيه عَن جده أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (لَا يَأْخُذن أحدكُم مَال أَخِيه لاعبا وَلَا جادا فَمن أَخذ عَصا لِأَخِيهِ فليردها) وروى سَمُرَة بن جُنْدُب أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (على الْيَد مَا أخذت حَتَّى ترده) وَرُوِيَ (حَتَّى تُؤَدِّيه) وروى يعلى بن مرّة الثَّقَفِيّ: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (من أَخذ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 أَرضًا بِغَيْر حَقّهَا كلف أَن يحمل ترابها إِلَى الْمَحْشَر) وروى أَبُو هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (من أَخذ من الأَرْض شبْرًا بِغَيْر حَقه طوقه من سبع أَرضين يَوْم الْقِيَامَة) وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (ليَأْتِيَن على النَّاس زمَان لَا يُبَالِي الْمَرْء بِمَا أَخذ المَال بحلال أَو بِحرَام) وَأما الْإِجْمَاع: فقد أَجمعت الْأمة على تَحْرِيم الْغَصْب قَالَ الصَّيْمَرِيّ: من غصب شَيْئا واعتقد إِبَاحَته: كفر بذلك وَإِن اعْتقد تَحْرِيمه: فسق بِفِعْلِهِ وَردت شَهَادَته وَالْغَصْب: هُوَ الِاسْتِيلَاء على مَال الْغَيْر على وَجه التَّعَدِّي وَالرُّكُوب على دَابَّة الْغَيْر وَالْجُلُوس على فرَاش الْغَيْر غَاصِب لما عَلَيْهِ وَإِن لم ينْقل ذَلِك وَلَو دخل دَار الْغَيْر وأزعجه مِنْهَا فَكَذَلِك وَلَو أزعجه وقهره على الدَّار وَلم يدْخل صَار غَاصبا وَلَو سكن بَيْتا وَمنع الْمَالِك مِنْهُ دون بَاقِي الدَّار فَهُوَ غَاصِب لذَلِك الْبَيْت فَقَط وَلَو دخل على قصد الِاسْتِيلَاء وَلم يكن الْمَالِك فِي الدَّار فَهُوَ غَاصِب وَإِن سكن بهَا وَلم يزعجه فَهُوَ غَاصِب لنصف الدَّار إِلَّا أَن يكون السَّاكِن ضَعِيفا لَا يعد مثله مستوليا فَلَا يكون غَاصبا وعَلى الْغَاصِب رد الْمَغْصُوب فَإِن تلف فِي يَده ضمنه وَكَذَلِكَ الْأَيْدِي المترتبة على يَد الْغَاصِب أَيدي ضَمَان الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب : الْإِجْمَاع قد انْعَقَد على تَحْرِيم الْغَصْب وتأثيم الْغَاصِب وَأَنه يجب رد الْمَغْصُوب إِن كَانَت عينا بَاقِيَة وَلم يخف من نَزعهَا إِتْلَاف نفس وَاتَّفَقُوا على أَن الْعرُوض وَالْحَيَوَان وكل مَا كَانَ غير مَكِيل وَلَا مَوْزُون إِذا غصب وَتلف يضمن بِقِيمَتِه وَأَن الْمكيل وَالْمَوْزُون يضمن بِمثلِهِ إِذا وجده إِلَّا فِي رِوَايَة عَن أَحْمد وَمن جنى على مَتَاع إِنْسَان فأتلف عَلَيْهِ غَرَضه الْمَقْصُود مِنْهُ فَالْمَشْهُور عَن مَالك: أَنه يلْزمه قِيمَته لصَاحبه وَيَأْخُذ الْجَانِي ذَلِك الشَّيْء المتعدى عَلَيْهِ وَلَا فرق فِي ذَلِك بَين المركوب وَغَيره وَلَا بَين أَن يقطع ذَنْب حمَار القَاضِي أَو أُذُنه أَو غَيره مِمَّا يعلم أَن مثله لَا يركب مثل ذَلِك إِذا جنى عَلَيْهِ وَسَوَاء كَانَ حمارا أَو بغلا أَو فرسا هَذَا هُوَ الْمَشْهُور الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 عَنهُ وَعنهُ رِوَايَة أُخْرَى: أَن على الْجَانِي مَا نقص وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِن جنى على ثوب حَتَّى أتلف أَكثر مَنَافِعه لزمَه قِيمَته وَيسلم الثَّوْب إِلَيْهِ فَإِن أذهب نصف قِيمَته أَو دونهَا فَلهُ أرش مَا نقص وَإِن جنى على حَيَوَان ينْتَفع بِلَحْمِهِ وظهره كبعير وَغَيره فَإِنَّهُ إِذا قلع إِحْدَى عَيْنَيْهِ لزمَه دفع نصف قِيمَته وَفِي الْعَينَيْنِ جَمِيع الْقيمَة وَيرد على الْجَانِي بِعَيْنِه إِن كَانَ مَالِكه قَاض أَو عدله وَقَالَ فِي غير هَذَا الْجِنْس: مَا نقص وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد: فِي جَمِيع ذَلِك مَا نقص وَمن جنى على شَيْء غصبه بعد غصبه جِنَايَة لزم مَالِكه عِنْد مَالك أَخذه مَعَ مَا نَقصه الْغَاصِب أَو يَدْفَعهُ إِلَى الْغَاصِب وَيلْزمهُ بِقِيمَتِه يَوْم الْغَصْب وَالشَّافِعِيّ يَقُول: لصَاحبه أرش مَا نقص وَهُوَ قَول أَحْمد وَمن جنى على عبد غَيره فَقطع يَدَيْهِ أَو رجلَيْهِ فَإِن كَانَ أبطل غَرَض سَيّده مِنْهُ فلسيده أَن يُسلمهُ إِلَى الْجَانِي وَيعتق على الْجَانِي إِن كَانَ قد تعمد ذَلِك وَيَأْخُذ السَّيِّد قِيمَته من الْجَانِي أَو يمسِكهُ وَلَا شَيْء لَهُ هَذَا هُوَ الرَّاجِح من مَذْهَب مَالك وَفِي رِوَايَة عَنهُ: أَنه لَيْسَ لَهُ إِلَّا مَا نقص وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَهُ أَن يُسلمهُ وَيَأْخُذ قِيمَته أَو يمسِكهُ وَلَا شَيْء لَهُ وَقَالَ الشَّافِعِي: لَهُ أَن يمسِكهُ وَيَأْخُذ جَمِيع قِيمَته من الْجَانِي تَنْزِيلا على أَن قيمَة العَبْد كديته وَمن مثل بِعَبْد فَقطع أَنفه أَو يَده أَو قلع سنه عتق عَلَيْهِ عِنْد مَالك وَاخْتلف قَوْله: هَل يعْتق بِنَفس الْجِنَايَة أَو يحكم الْحَاكِم وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: لَا يعْتق عَلَيْهِ بالمثلة وَمن غصب جَارِيَة على صفة فزادت عِنْده زِيَادَة كسمن أَو تعلم صَنْعَة حَتَّى علت قيمتهَا ثمَّ نقصت الْقيمَة بهزال أَو نِسْيَان للصنعة: كَانَ لسَيِّدهَا أَخذهَا بِلَا أرش وَلَا زِيَادَة وَهَذَا قَول مَالك وَأبي حنيفَة وَأَصْحَابه وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد: لَهُ أَخذهَا وَأرش نقص تِلْكَ الزِّيَادَة الَّتِي كَانَت حدثت عِنْد الْغَاصِب وَالزِّيَادَة الْمُنْفَصِلَة كَالْوَلَدِ إِذا حدث بعد الْغَصْب فَهِيَ غير مَضْمُونَة عِنْد مَالك وَأبي حنيفَة وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد: هِيَ مَضْمُونَة على الْغَاصِب بِكُل حَال فصل: وَاخْتلف فِي مَنَافِع الْغَصْب فَقَالَ أَبُو حنيفَة: هِيَ غير مَضْمُونَة وَعَن مَالك رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا: وجوب الضَّمَان وَالثَّانيَِة: إِسْقَاط الضَّمَان وَالثَّالِثَة: إِن كَانَت دَارا فسكنها الْغَاصِب بِنَفسِهِ لم يضمن وَإِن أجرهَا لغيره ضمن فعلى هَذَا: إِذا كَانَ الْمَغْصُوب حَيَوَانا فَرده لَا يضمن وَإِن أنكرهُ ضمن وَعنهُ رِوَايَة رَابِعَة أَن الْغَاصِب إِذا كَانَ قَصده الْمَنْفَعَة كَالَّذي يسخر دَوَاب النَّاس فَإِنَّهُ يُوجب ضَمَان الْمَنْفَعَة عَلَيْهِ رِوَايَة وَاحِدَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد فِي أظهر روايتيه: هِيَ مَضْمُونَة وَإِذا غصب جَارِيَة وَوَطئهَا فَعَلَيهِ الْحَد وَالرَّدّ عِنْد الثَّلَاثَة وَقِيَاس مَذْهَب أبي حنيفَة: أَنه يحد وَلَا أرش عَلَيْهِ للْوَطْء فَإِن أولدها وَجب رد الْوَلَد وَهُوَ رَقِيق للْمَغْصُوب مِنْهُ وَأرش مَا نقصته الْولادَة عِنْد الشَّافِعِي وَأحمد وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك: إِن جبر الْوَلَد النَّقْص فَلَا أرش وَإِذا غصب دَارا أَو عبدا أَو ثوبا وَبَقِي فِي يَده مُدَّة وَلم ينْتَفع بِهِ فِي سكن وَلَا كِرَاء وَلَا اسْتِخْدَام وَلَا ركُوب وَلَا لبس إِلَى أَن أَخذه من الْغَاصِب فَلَا أُجْرَة عَلَيْهِ للمدة الَّتِي بَقِي فِيهَا فِي يَده وَلم ينْتَفع بِهِ هَذَا قَول مَالك وَأبي حنيفَة وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد: عَلَيْهِ أُجْرَة الْمدَّة الَّتِي كَانَت فِي يَده أُجْرَة الْمثل وَالْعَقار وَالْأَشْجَار تضمن بِالْغَصْبِ فَمَتَى غصب شَيْئا من ذَلِك فَتلف بسيل أَو حريق أَو غَيره: لزمَه قِيمَته يَوْم الْغَصْب عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ وَمُحَمّد بن الْحسن وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف: إِن مَا لَا ينْقل كالعقار لَا يكون مَغْصُوبًا بِإِخْرَاجِهِ عَن يَد مَالِكه إِلَّا أَن يجني الْغَاصِب عَلَيْهِ ويتلف بِسَبَب الْجِنَايَة فَيضمنهُ بِالْإِتْلَافِ وَالْجِنَايَة وَمن غصب إسطوانه أَو لبنة وَبنى عَلَيْهَا لم يملكهَا الْغَصْب عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَعند أبي حنيفَة يملكهَا وَيجب عَلَيْهِ قيمتهَا للضَّرَر الْحَاصِل على الْبَاقِي بهدم الْبناء وبسبب إخْرَاجهَا وَاتَّفَقُوا على أَن من غصب قِطْعَة من سَاج وأدخلها فِي سفينة فطالبه بهَا مَالِكهَا وَهُوَ فِي لجة الْبَحْر: أَنه لَا يجب عَلَيْهِ قلعهَا إِلَّا مَا حكى عَن الشَّافِعِي: أَنَّهَا تقلع وَالأَصَح أَن ذَلِك إِذا لم يخف تلف نفس أَو مَال فصل: وَمن غصب ذَهَبا أَو فضَّة فصاغ ذَلِك حليا أَو ضربه دَنَانِير أَو دَرَاهِم أَو نُحَاسا أَو رصاصا أَو حديدا فَاتخذ مِنْهُ آنِية أَو سيوفا فَعِنْدَ مَالك: عَلَيْهِ فِي ذَلِك كُله مثل مَا غصب فِي وَزنه وَصفته وَكَذَا لَو غصب ساجة فعملها أبوابا أَو تُرَابا فعمله لَبَنًا وَكَذَلِكَ الْحِنْطَة إِذا طحنها وخبزها وَقَالَ الشَّافِعِي: يرد ذَلِك كُله على الْمَغْصُوب مِنْهُ فَإِن كَانَ فِيهِ نقص ألزم الْغَاصِب بِالنَّقْصِ وَوَافَقَ أَبُو حنيفَة مَالِكًا إِلَّا فِي الذَّهَب وَالْفِضَّة إِذا صاغهما هَكَذَا نقل فِي عُيُون الْمسَائِل وَقَالَ القَاضِي ابْن رشد فِي الْمسَائِل: إِذا غصب حِنْطَة فطحنها أَو شَاة فذبحها أَو ثوبا فَقَطعه كَانَ كل ذَلِك للْمَغْصُوب مِنْهُ عِنْد الشَّافِعِيَّة والمالكية وَلم يملكهُ الْغَاصِب وَكَذَلِكَ إِذا غصب بَيْضَة فحطها تَحت دجَاجَة أَو حبا فزرعه أَو نواة فغرسها وَعند الْحَنَفِيَّة: تلْزم الْقيمَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 فصل: فتح قفص طَائِر بِغَيْر إِذن مَالِكه فطار ضمنه الفاتح عِنْد مَالك وَأحمد وَكَذَلِكَ إِذا حل دَابَّة من قيدها فهربت أَو عبدا مُقَيّدا أَو هربت الدَّابَّة فِي الْحَال عقب الْفَتْح والحل إِذا وقفت بعده ثمَّ طَار أَو هربت وَقَالَ الشَّافِعِي: إِن طَار الطَّائِر أَو هربت الدَّابَّة بعد مَا وقفت سَاعَة فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ وَإِن كَانَ ذَلِك عقب الْفَتْح أَو الْحل فَقَوْلَانِ أصَحهمَا: الضَّمَان وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا ضَمَان على من فعل ذَلِك على كل وَجه وَإِذا غصب عبدا فأبق أَو دَابَّة فهربت أَو عينا فسرقت أَو ضَاعَت فَعِنْدَ مَالك: يغرم قيمَة ذَلِك وَتصير الْقيمَة ملكا للْمَغْصُوب مِنْهُ وَيصير الْمَغْصُوب عِنْده ملكا للْغَاصِب حَتَّى لَو وجد الْمَغْصُوب لم يكن للْمَغْصُوب مِنْهُ الرُّجُوع فِيهِ وَلَا للْغَاصِب الرُّجُوع فِي الْقيمَة إِلَّا بتراضيهما وَبِه قَالَ أَبُو حنيفَة: إِلَّا فِي صُورَة وَهِي مَا لَو فقد الْمَغْصُوب فَقَالَ الْمَغْصُوب مِنْهُ: قِيمَته مائَة وَقَالَ الْغَاصِب: خَمْسُونَ وَحلف غرم خمسين مُقَيّدا خوف هربه فهرب فَعَلَيهِ قِيمَته وَسَوَاء عِنْد مَالك طَار الطَّائِر ثمَّ وجد الْمَغْصُوب وَقِيمَته مائَة كَمَا ذكر فَإِن لَهُ أَن يرجع فِي الْمَغْصُوب وَترد الْقيمَة وَعند مَالك يرجع الْمَالِك بِفضل الْقيمَة وَقَالَ الشَّافِعِي: الْمَغْصُوب مِمَّا ذكر بَاقٍ على ملك الْمَغْصُوب مِنْهُ فَإِذا وجد الْمَغْصُوب مِنْهُ الْقيمَة الَّتِي كَانَ أَخذهَا وَأخذ الْمَغْصُوب وَأما إِذا كتم الْغَاصِب الْمَغْصُوب وَادّعى هَلَاكه فَأخذ مِنْهُ الْقيمَة ثمَّ ظهر الْمَغْصُوب فَلَا خلاف أَن للْمَغْصُوب مِنْهُ أَخذه وَيرد الْقيمَة فصل: وَمن غصب عقارا فَتلف فِي يَده إِمَّا بهدم أَو سيل أَو حريق قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: يضمن الْقيمَة وَعَن أبي حنيفَة: أَنه إِذا لم يكن ذَلِك بِسَبَبِهِ فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ وَلَو غصب أَرضًا وزرعها فأدركها رَبهَا قبل أَن يَأْخُذ الزَّرْع قَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ: لَهُ إِجْبَاره على الْقلع وَقَالَ مَالك: إِن كَانَ وَقت الزَّرْع لم يفت فللمالك الْإِجْبَار وَإِن فَاتَ فروايتان أشهرهما: لَيْسَ لَهُ قلعه وَله أُجْرَة الأَرْض وَقَالَ أَحْمد: إِن شَاءَ صَاحب الأَرْض أَن يقر الزَّرْع فِي أرضه إِلَى الْحَصاد وَله الْأُجْرَة وَمَا نقص الزَّرْع وَإِن شَاءَ دفع إِلَيْهِ قيمَة الزَّرْع وَكَانَ الزَّرْع لَهُ وَإِذا أراق مُسلم خمرًا على ذمِّي فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ عِنْد الشَّافِعِي وَأحمد وَكَذَلِكَ إِذا أتلف عَلَيْهِ خنزيرا وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك: يغرم الْقيمَة لَهُ فِي ذَلِك تذييل: كل من غصب شَيْئا وَعمل فِيهِ عملا كَانَ لَهُ إبِْطَال عمله إِلَّا فِي خمس مسَائِل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 إِحْدَاهَا: إِذا غصب غزلا فنسجه ثوبا الثَّانِيَة: إِذا غصب نقرة فضربها دَرَاهِم الثَّالِثَة: إِذا غصب طينا وضربه لَبَنًا الرَّابِعَة: إِذا غصب جَوْهَر زجاج فاتخذه آنِية الْخَامِسَة: إِذا غصب ذَهَبا وَفِضة وَاتخذ ذَلِك حليا والمعاني: الَّتِي يجب بهَا الضَّمَان سَبْعَة: الْغَصْب وَالْعَارِية والتعدي والإتلاف وَمَنَافع الْإِجَارَة على أحد الْقَوْلَيْنِ بعد انْقِضَاء الْأَجَل وَالشَّيْء الْمَقْبُوض على البيع الْفَاسِد وَالشَّيْء الْمَقْبُوض على السّوم والمضمونات: على خَمْسَة أَقسَام أَحدهَا: مَا يضمن بِمثلِهِ وَالثَّانِي: مَا يضمن بِقِيمَتِه وَالثَّالِث: مَا يضمن بِغَيْرِهِ وَالرَّابِع: مَا يضمن بِأَقَلّ الْأَمريْنِ وَالْخَامِس: مَا يضمن بِأَكْثَرَ الْأَمريْنِ فَأَما مَا يضمن بِمثلِهِ: فَأَرْبَعَة أَنْوَاع: الْمكيل وَالْمَوْزُون وَالذَّهَب وَالْفِضَّة وَأما مَا يضمن بِقِيمَتِه: فَأَرْبَعَة أَنْوَاع: الدّور والحيوانات والسلع وَمَنَافع الْإِجَارَة وَأما مَا يضمن بِغَيْرِهِ: فَأَرْبَعَة أَنْوَاع: الْمَبِيع فِي يَد البَائِع وَلبن الْمُصراة وَالْمهْر فِي يَد الزَّوْج وجنين الْأمة وَأما مَا يضمن بِأَقَلّ الْأَمريْنِ: فَأَرْبَعَة أَنْوَاع: الضَّامِن إِذا بَاعَ شَيْئا من الْمَضْمُون لَهُ بالمضمون بِهِ صَحَّ فِي وَجه وَالسَّيِّد إِذا أتلف العَبْد الْجَانِي والراهن إِذا أتلف الرَّهْن وَالرَّابِع: مهر الْمَرْأَة إِذا هربت من دَار الْحَرْب إِلَى دَار الْإِسْلَام فِي وَقت الْهُدْنَة وَأما مَا يضمن بِأَكْثَرَ الْأَمريْنِ: فنوعان أَحدهمَا: الْمُلْتَقط بيع اللّقطَة بعد مُضِيّ الْحول ومجيء صَاحبهَا فَإِنَّهُ يضمن بِأَكْثَرَ الْأَمريْنِ وَالثَّانِي: أَن يَأْخُذ سلْعَة ليبيعها فيتعدى عَلَيْهَا ثمَّ يَبِيعهَا فَإِنَّهُ يضمن أَكثر الْأَمريْنِ فِي ثمنه وَقِيمَته انْتهى المصطلح: وتشتمل صوره على أَنْوَاع مِنْهَا: صُورَة رد عين الْمَغْصُوب: أشهد عَلَيْهِ فلَان أَنه كَانَ من قبل تَارِيخه استولى على جَمِيع الْقطعَة الأَرْض الَّتِي بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ ويحددها الْجَارِيَة فِي ملك فلَان على سَبِيل الْغَصْب والتعدي وانتزعها من يَده قهرا وظلما وانتفع بهَا انْتِفَاع مثلهَا بالزرع وَالْغِرَاس وَالْبناء وَأَنه الْآن رَجَعَ إِلَى الله تَعَالَى وَتَابَ إِلَيْهِ وعَلى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 أَنه وَجب عَلَيْهِ رد الأَرْض الْمَذْكُورَة إِلَى مَالِكهَا فَردهَا إِلَيْهِ خَائفًا من الله تَعَالَى متحذرا مَا حذره رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَيْثُ قَالَ: (من ظلم قيد شبر من الأَرْض طوقه من سبع أَرضين) وَسلم الأَرْض الْمَذْكُورَة إِلَى مَالِكهَا فتسلمها مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا ثمَّ بَاعَ الْغَاصِب الْمَذْكُور مِنْهُ جَمِيع الْبناء وَالْغِرَاس الْقَائِم على الأَرْض الْمَذْكُورَة المحدودة الموصوفة بأعاليه الْمُشْتَمل على كَذَا وَكَذَا ويصفه وَصفا تَاما فَاشْترى ذَلِك مِنْهُ شِرَاء شَرْعِيًّا بِثمن مبلغه كَذَا وَكَذَا على حكم الْحُلُول ثمَّ بعد ذَلِك ولزومه شرعا تصادق الْمُتَبَايعَانِ الْمَذْكُورَان أَعْلَاهُ على أَن مُدَّة الْغَصْب للْأَرْض الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ واستقرارها بيد الْغَاصِب الْمَذْكُور كَذَا وَكَذَا سنة مُتَقَدّمَة على تَارِيخه وَإِلَى تَارِيخه وَأَن أُجْرَة الْمثل لَهَا عَن الْمدَّة الْمَذْكُورَة مبلغ كَذَا وَكَذَا قاصص المُشْتَرِي الْمَذْكُور البَائِع الْمَذْكُور بِمَا وَجب لَهُ من أُجْرَة الْمثل للْأَرْض الْمَذْكُورَة وَهُوَ كَذَا بنظيره من الثّمن الْمعِين أَعْلَاهُ مقاصصة شَرْعِيَّة وَدفع إِلَيْهِ الْبَاقِي من الثّمن وَهُوَ كَذَا وَكَذَا فَقَبضهُ مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا وَسلم البَائِع الْمَذْكُور إِلَى المُشْتَرِي الْمَذْكُور جَمِيع الْمَبِيع الْمعِين أَعْلَاهُ فتسلمه مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا وَصَارَ ذَلِك لَهُ وَملكه بِحكم هَذَا التبايع المشروح أَعْلَاهُ وَذَلِكَ بعد النّظر والمعرفة وَالْمُعَاقَدَة الشَّرْعِيَّة ويكمل وَصُورَة غصب مَكِيل ورد مثله أَو قِيمَته أشهد عَلَيْهِ فلَان أَنه من قبل تَارِيخه استولى لفُلَان على عشْرين مكوكا أَو غرارة أَو إردبا من الْقَمْح الصعيدي أَو الْبُحَيْرِي أَو من الْحِنْطَة الصَّفْرَاء الجيدة الهودية أَو الأحصبة أَو المرجبة أَو العميقية أَو اللقيمية أَو الزيلعية أَو الجزائرية أَو غير ذَلِك وَأَنه تصرف فِي ذَلِك لنَفسِهِ وأزال عينه وأنهما ترافعا بِسَبَب ذَلِك إِلَى حَاكم شَرْعِي فَحكم عَلَيْهِ بِمثل الْحِنْطَة الْمَذْكُورَة وألزمه بِدفع ذَلِك إِلَيْهِ فَدفعهُ إِلَيْهِ فَقَبضهُ مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا وَنَقله إِلَى ملكه وَصَارَ ذَلِك لَهُ وَملكه بِحكم هَذَا الترافع أَو يَقُول: وأنهما ترافعا إِلَى حَاكم حنبلي الْمَذْهَب وتداعيا لَدَيْهِ بذلك فَأوجب عَلَيْهِ قيمَة الْحِنْطَة الْمَذْكُورَة وَحكم عَلَيْهِ بذلك على مُقْتَضى مذْهبه الشريف حكما شَرْعِيًّا فَدفع إِلَيْهِ الْقيمَة عَن ذَلِك وَهِي كَذَا وَكَذَا فقبضها مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا وتصادقا على ذَلِك تَصَادقا شَرْعِيًّا ويكمل وَصُورَة غصب الْعرُوض وَالْحَيَوَان وَالضَّمان بِقِيمَتِه بعد إِتْلَافه: أشهد عَلَيْهِ فلَان أَنه غصب من فلَان جَمِيع الْجمل الْأَحْمَر الفاطر أَو أول فطر وَجَمِيع الْحمل القماش الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 السكندري الَّذِي عدته من التفاصيل كَذَا وَكَذَا تفصيلة وَمن الثِّيَاب المرش كَذَا وَكَذَا ثوبا وَكَذَا وَكَذَا منديلا محيشي وَأَن قيمَة الْجمل الْمَذْكُور كَذَا وَكَذَا وَقِيمَة القماش كَذَا وَكَذَا الْقيمَة العادلة لَهُ حِين الْغَصْب وَأَنه تصرف فِي ذَلِك بِغَيْر طَرِيق شَرْعِي وأنهما ترافعا بِسَبَب ذَلِك إِلَى حَاكم شَرْعِي أَو إِلَى الْحَاكِم الْفُلَانِيّ وَحكم عَلَيْهِ بذلك بعد اعترافه لَدَيْهِ وتصديقه على ذَلِك كُله أَو بعد قيام الْبَيِّنَة الشَّرْعِيَّة عِنْد الْحَاكِم بذلك وَدفع إِلَيْهِ الْقيمَة الْمعينَة أَعْلَاهُ فقبضها مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا وَلم يتَأَخَّر لَهُ بِسَبَب ذَلِك مُطَالبَة وَلَا شَيْء قل وَلَا جلّ وَأقر كل مِنْهُمَا أَنه لَا يسْتَحق على الآخر حَقًا وَلَا دَعْوَى وَلَا طلبا ويستوفى أَلْفَاظ الْإِقْرَار بِعَدَمِ الِاسْتِحْقَاق على نَحْو مَا تقدم شَرحه ويكمل وَصُورَة غصب العَبْد سمينا ورده هزيلا مَعَ أرش مَا نقص وَهُوَ صَحِيح عِنْد الشَّافِعِي وَأحمد خلافًا ل مَالك وَأبي حنيفَة: أشهد عَلَيْهِ فلَان أَنه غصب من فلَان جَمِيع الْمَمْلُوك الرُّومِي الْجِنْس أَو الحبشي أَو غَيره العشاري الْمَدْعُو فلَان الْمُعْتَرف للْمَغْصُوب مِنْهُ بِالرّقِّ والعبودية وَأَنه اسْتعْمل الرَّقِيق الْمَذْكُور فهزل وأنهما ترافعا بِسَبَب ذَلِك إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ الشَّافِعِي وَحكم على الْغَاصِب الْمَذْكُور بِأَرْش مَا نقص بالهزال وَهُوَ كَذَا وَكَذَا وأنهما اتفقَا على أَن يدْفع إِلَيْهِ مَمْلُوكه الْمَذْكُور ومبلغ كَذَا وَكَذَا وَهُوَ أرش مَا نقص الْمَمْلُوك الْمَذْكُور بالهزال وَرَضي الْمَغْصُوب مِنْهُ بذلك وَسلم الْغَاصِب الْمَذْكُور إِلَى الْمَغْصُوب مِنْهُ مَمْلُوكه الْمَذْكُور والمبلغ الْمعِين أَعْلَاهُ فتسلم ذَلِك مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا وَأقر كل مِنْهُمَا أَنه لَا يسْتَحق على الآخر إِلَى آخِره ويكمل وَصُورَة غصب الْجَارِيَة وإحبالها واستيلادها وَوُجُوب الْحَد على الْغَاصِب وَأَنه غير مُحصن فَكَانَ حَده الضَّرْب وَالْحكم عَلَيْهِ بعد اسْتِيفَاء الْحَد برد الْجَارِيَة إِلَى الْمَغْصُوب مِنْهُ وَأرش مَا نقصتها الْولادَة ورد الْوَلَد إِلَى الْمَغْصُوب مِنْهُ رَقِيقا وَبيعه وَأمه من وَالِده الْغَاصِب بعد ذَلِك حضر إِلَى شُهُوده فِي يَوْم تَارِيخه فلَان وَفُلَان وتصادقا على أَن الْحَاضِر الأول غصب من الْحَاضِر الثَّانِي جَمِيع الْجَارِيَة التترية الْجِنْس الْمَرْأَة الْمسلمَة الْحَاضِرَة بحضورهما أَيْضا عِنْد شُهُوده المعترفة للْمَغْصُوب مِنْهُ بِالرّقِّ والعبودية وَأَنه افترشها وأولدها ولدا يدعى فلَان وأنهما ترافعا إِلَى الْحَاكِم الْفُلَانِيّ الشَّافِعِي وَادّعى الثَّانِي على الأول بِالْغَصْبِ وَأقَام عَلَيْهِ بِهِ الْبَيِّنَة وَأَنه اعْترف بذلك بعد ثُبُوته بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّة وَأَن الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ حكم عَلَيْهِ بِالْحَدِّ بعد أَن ثَبت عِنْده أَنه غير مُحصن وَحكم عَلَيْهِ برد الْجَارِيَة الْمَغْصُوبَة إِلَى مَالِكهَا وبأرش مَا نقصت بِالْوَطْءِ والولادة وَبرد الْوَلَد الْمَذْكُور الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 إِلَى الْمَغْصُوب مِنْهُ رَقِيقا لَهُ حكما شَرْعِيًّا وَاسْتوْفى الْحَد مِنْهُ ورد الْوَلَد على الْمَغْصُوب مِنْهُ فتسلم مِنْهُ الْجَارِيَة وَوَلدهَا الْمَذْكُور وَدفع إِلَيْهِ الْأَرْش وَهُوَ كَذَا وَكَذَا فَقَبضهُ مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا ثمَّ بعد ذَلِك اشْترى الْغَاصِب الْمَذْكُور من الْمَغْصُوب مِنْهُ الْمَذْكُور جَمِيع الْجَارِيَة وَوَلدهَا مِنْهُ الْمَذْكُور الرَّضِيع الْمَدْعُو فلَان شِرَاء شَرْعِيًّا بِثمن مبلغه كَذَا وَكَذَا وَدفع إِلَيْهِ الثّمن فَقَبضهُ مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا وَسلم إِلَيْهِ الْجَارِيَة وَوَلدهَا الْمَذْكُورين فتسلمهما مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا وَعتق وَلَده الْمَذْكُور عَلَيْهِ حِين دُخُوله فِي ملكه بِعقد هَذَا البيع وَمُقْتَضَاهُ عتقا صَحِيحا شَرْعِيًّا ويكمل وَصُورَة مَا إِذا غصب رجل جَارِيَة من رجل وباعها من آخر فأولدها المُشْتَرِي وَهُوَ لَا يعلم أَنَّهَا مَغْصُوبَة وترافعا إِلَى حَاكم شَافِعِيّ فَحكم برد الْجَارِيَة إِلَى الْمَغْصُوب مِنْهُ وَمهر مثلهَا وعَلى المُشْتَرِي من الْغَاصِب بِأَن يفتدي وَلَده بِقِيمَتِه وَيكون حرا وبالرجوع على الْغَاصِب بذلك كُله وَتَسْلِيم مَا وَجب للْمَغْصُوب مِنْهُ من الْجَارِيَة وَمهر الْمثل وَقِيمَة الْوَلَد وابتياع الْجَارِيَة لأَب الْوَلَد أَو إعْتَاقهَا وتزويجها بأب الْوَلَد حضر إِلَى شُهُوده فِي يَوْم تَارِيخه فلَان وَأشْهد عَلَيْهِ طَوْعًا فِي صِحَّته وسلامته: أَنه غصب من فلَان جَمِيع الْجَارِيَة الْفُلَانِيَّة غصبا عُدْوانًا وَأَنه بَاعهَا من فلَان وَأَن فلَانا افترشها وأولدها على فرَاشه ولدا يدعى فلَان وَأَنَّهُمْ بعد ذَلِك ترافعوا إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ الشَّافِعِي وتحاكموا عِنْده وتحرر الْأَمر بَينهم على أَن ثَبت عِنْد الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ مَا حصلت الدَّعْوَى بِهِ من الْغَصْب وَالْبيع والافتراش والولادة وَمَا يحْتَاج إِلَى ثُبُوته عِنْده شرعا بالاعتراف أَو بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّة وَأَنه حكم على المُشْتَرِي المفترش الْمَذْكُور برد الْجَارِيَة الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ وبمهر مثلهَا بعد ثُبُوت مِقْدَاره لَدَيْهِ وَقِيمَة الْوَلَد الْمَذْكُور مِنْهَا إِلَى الْمَغْصُوب مِنْهُ الْمَذْكُور أَعْلَاهُ حكما شَرْعِيًّا مسؤولا فِيهِ بسؤال من جَازَ سُؤَاله شرعا مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ فبمقتضى ذَلِك دفع فلَان الْمَذْكُور إِلَى فلَان الْمَغْصُوب مِنْهُ الْمَذْكُور جَمِيع الْجَارِيَة الْمَذْكُورَة ومبلغ كَذَا وَكَذَا من ذَلِك مَا هُوَ مهر مثلهَا الثَّابِت شرعا كَذَا وَكَذَا وَالْبَاقِي وَهُوَ كَذَا وَكَذَا قيمَة الْوَلَد الْمَذْكُور فَقَبضهُ مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا وَحكم الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ للدافع الْمَذْكُور بِالرُّجُوعِ على فلَان الْغَاصِب الْمَذْكُور أَعْلَاهُ بِمهْر الْمثل وَقِيمَة الْوَلَد الْمَذْكُور حكما شَرْعِيًّا وَقبض كل من الْمَغْصُوب مِنْهُ وَأبي الْوَلَد من الآخر مَا وَجب لَهُ قَبضه شرعا ثمَّ بعد ذَلِك ولزومه شرعا: أعتق الْمَغْصُوب مِنْهُ الْجَارِيَة الْمَذْكُورَة عتقا صَحِيحا شَرْعِيًّا وَزوجهَا بِإِذْنِهَا ورضاها من فلَان وَالِد ابْنهَا الْمَذْكُور تزويجا شَرْعِيًّا بِشُرُوطِهِ الشَّرْعِيَّة على صدَاق مبلغه كَذَا قبل ذَلِك مِنْهُ قبولا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 شَرْعِيًّا وَوَقع الْإِشْهَاد بذلك على الْوَجْه المشروح أَعْلَاهُ وبتصادقهما على ذَلِك كُله فِي تَارِيخ كَذَا وَكَذَا وَصُورَة مَا إِذا غصب من رجل شَيْئا وَاسْتَعْملهُ على سَبِيل الْغَصْب حَتَّى هلك وَلَزِمتهُ قِيمَته: أشهد عَلَيْهِ فلَان أَنه من قبل تَارِيخه تعدى على فلَان فِي مَتَاعه ويصفه وَأَخذه قهرا وَاسْتولى عَلَيْهِ عُدْوانًا وَاسْتَعْملهُ على سَبِيل الْغَصْب حَتَّى هلك وَذَهَبت عينه وَأَن أقْصَى قِيمَته كَذَا وَكَذَا وَأَن ذَلِك لزم ذمَّته بِالسَّبَبِ الْمعِين أَعْلَاهُ يقوم لَهُ بذلك حَالا وَأقر بالملاءة وَالْقُدْرَة على ذَلِك عرف الْحق فِي ذَلِك فَأقر بِهِ والصدق فَاتبعهُ لوُجُوبه عَلَيْهِ شرعا وَصدقه الْمَغْصُوب مِنْهُ الْمَذْكُور على ذَلِك تَصْدِيقًا شَرْعِيًّا ويكمل وَصُورَة مَا إِذا غصب جَارِيَة وَوَطئهَا عَالما بِالتَّحْرِيمِ أَو جَاهِلا بِهِ: أشهد عَلَيْهِ فلَان: أَنه غصب فُلَانَة جَارِيَة فلَان وَاسْتولى عَلَيْهَا بِغَيْر إِذن سَيِّدهَا وَوَطئهَا وطئا يُوجب الْمهْر وَأَن الْمهْر كَذَا وَكَذَا وَأَن ذمَّته مَشْغُولَة بِهِ وَيلْزمهُ دفع ذَلِك لمولاها بِالسَّبَبِ الْمَذْكُور أَعْلَاهُ وَأَنه عَالم بِالتَّحْرِيمِ وَأَن الْوَلَد إِذا وَلدته من ذَلِك الْوَطْء رَقِيق لسَيِّدهَا الْمَذْكُور وَإِن كَانَ جَاهِلا بِالتَّحْرِيمِ كتب: وَأَن الْوَلَد حر نسيب بِحكم جَهله بِالتَّحْرِيمِ حَالَة الْوَطْء وَأَن الْقيمَة للْوَلَد يَوْم الِانْفِصَال كَذَا وَكَذَا وَأَن ذَلِك لَازم ذمَّته لسَيِّد الْجَارِيَة حَالا وَأَنه مَلِيء قَادر بذلك وَصدقه السَّيِّد الْمَذْكُور على ذَلِك تَصْدِيقًا شَرْعِيًّا ويكمل وَصُورَة دفع الشَّيْء الْمَغْصُوب لمَالِكه: يصدر بالاعتراف من الْمَغْصُوب مِنْهُ بالتسلم إِن كَانَ بِعَيْنِه وَإِن كَانَ مثله كتب: وَهُوَ مثل مَا غصبه مِنْهُ وَإِن كَانَ أقْصَى قِيمَته كتب: وَهُوَ أقْصَى قيمَة مَا غصبه مِنْهُ ويذيل بِالْإِقْرَارِ بِعَدَمِ الِاسْتِحْقَاق على نَحْو مَا تقدم شَرحه وَكَذَلِكَ يفعل فِي كل صُورَة من صور الْغَصْب وَغَيره قَاعِدَة: الْكَاتِب لهَذِهِ الصِّنَاعَة الحاذق فِيهَا يسْتَخْرج الوقائع ويرتبها على الْقَوَاعِد الشَّرْعِيَّة وينزلها تَنْزِيلا مطابقا وَإِذا كتب شَيْئا فَلَا ينْتَقل مِنْهُ لغيره حَتَّى ينهيه ويستوفيه ويفرغ مِنْهُ وَإِلَّا فتجيء الْكِتَابَة مبددة فَإِن الْمَأْكُول إِذا عمل قانون الْحِكْمَة أَكثر شهيا وَلَا يخفى ذَلِك على الحاذق البارع انْتهى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 كتاب الشُّفْعَة وَمَا يتَعَلَّق بهَا من الْأَحْكَام الشُّفْعَة: اشتقاقها فِي اللُّغَة على أَقْوَال: أَحدهَا: أَنَّهَا من شفعت الشَّيْء أَي ضممته فَهِيَ ضم نصيب إِلَى نصيب وَمِنْه: شفع الْأَذَان ثَانِيهَا: من الزِّيَادَة وَمِنْه شَاة شَافِع أَي: حَامِل لِأَنَّهَا زَادَت بِوَلَدِهَا ثَالِثهَا: أَنَّهَا من التقوية والإعانة لِأَنَّهُ يتقوى بِمَا يَأْخُذهُ وَمِنْه: الْقُرْآن شَافِع مُشَفع رَابِعهَا: أَنَّهَا مُشْتَقَّة من الشَّفَاعَة لِأَن الشَّفِيع يَأْخُذهَا بلين ورفق فَكَأَنَّهُ مستشفع إِذْ المُشْتَرِي لَيْسَ بظالم وَالشُّفْعَة من أَمر الْإِسْلَام وَلم تكن فِي الْجَاهِلِيَّة وَهِي ثَابِتَة بِالسنةِ وَالْإِجْمَاع أما السّنة: فَمَا روى أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (الشُّفْعَة فِيمَا لم يقسم فَإِذا وَقعت الْحُدُود فَلَا شُفْعَة) وروى البُخَارِيّ بِإِسْنَادِهِ عَن جَابر بن عبد الله أَنه قَالَ: (إِنَّمَا جعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الشُّفْعَة فِي كل مَا لم يقسم فَإِذا وَقعت الْحُدُود وصرفت الطّرق فَلَا شُفْعَة) وَفِي صَحِيح مُسلم بن الْحجَّاج عَن جَابر قَالَ: (قضى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالشُّفْعَة فِي كل مُشْتَرك لم يقسم: ربع أَو حَائِط لَا يحل لَهُ أَن يَبِيعهُ حَتَّى يُؤذن شَرِيكه فَإِن شَاءَ أَخذ وَإِن شَاءَ ترك فَإِن بَاعه وَلم يُؤذنهُ فَهُوَ أَحَق بِهِ) وَالرّبع: اسْم للدَّار مَعَ بنائها والحائط اسْم للبستان مَعَ غراسه وَأما الْإِجْمَاع: فقد أجمع الْمُسلمُونَ على ثُبُوت الشُّفْعَة وَالْحكم فِي الشُّفْعَة على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 ثَلَاثَة أضْرب: ضرب تثبت فِيهِ الشُّفْعَة سَوَاء بيع مُفردا أَو مَعَ غَيره وَضرب لَا تثبت فِيهِ الشُّفْعَة بِحَال وَضرب تثبت فِيهِ الشُّفْعَة تبعا لغيره وَلَا تثبت فِيهِ الشُّفْعَة إِذا بيع مُنْفَردا فَأَما الضَّرْب الأول وَهُوَ مَا تثبت فِيهِ الشُّفْعَة مُفردا أَو مَعَ غَيره فَهِيَ العرصات عَرصَة الأَرْض وَالدَّار فَإِذا بَاعَ أحد الشَّرِيكَيْنِ نصِيبه فِيهَا ثَبت لشَرِيكه الشُّفْعَة فِيهِ وَهُوَ قَول عَامَّة الْعلمَاء إِلَّا الْأَصَم فَإِنَّهُ قَالَ: لَا تثبت الشُّفْعَة بِحَال لِأَن فِي ذَلِك إِضْرَارًا بأرباب الْأَمْوَال لِأَن المُشْتَرِي مَتى علم أَنه يُؤْخَذ مِنْهُ لم يرغب فِي الشِّرَاء فَيُؤَدِّي ذَلِك إِلَى الضَّرَر الْبَالِغ وَرُبمَا تقاعد شَرِيكه عَن الشِّرَاء مِنْهُ وَدَلِيلنَا عَلَيْهِ: مَا ذَكرْنَاهُ من الْأَخْبَار وَمَا ذكره الْأَصَم غير صَحِيح لأَنا نشاهد الأشقاص تشترى مَعَ علم المُشْتَرِي بِاسْتِحْقَاق الشُّفْعَة عَلَيْهِ وَأما الضَّرْب الثَّانِي وَهُوَ مَا لَا يثبت فِيهِ الشُّفْعَة بِحَال فَهُوَ كل مَا ينْقل ويحول مثل الطَّعَام وَالثيَاب وَالْعَبِيد فَإِذا بَاعَ أحد الشَّرِيكَيْنِ نصِيبه فِي ذَلِك لم يثبت لشَرِيكه فِيهِ الشُّفْعَة وَبِه قَالَ عَامَّة أهل الْعلم خلافًا لمَالِك فَإِنَّهُ قَالَ: تثبت الشُّفْعَة فِي جَمِيع ذَلِك دليلنا: قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (الشُّفْعَة فِي كل مَا لم يقسم فَإِذا وَقعت الْحُدُود وصرفت الطّرق فَلَا شُفْعَة) وَهَذَا لَا يتَنَاوَل مَا ينْقل وَمَا روى جَابر من قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا شُفْعَة إِلَّا فِي ربع أَو حَائِط) فنفى الشُّفْعَة فِي غَيرهمَا وَأما الضَّرْب الثَّالِث وَهُوَ مَا تثبت فِيهِ الشُّفْعَة تبعا لغيره فَهُوَ الْغِرَاس وَالْبناء فِي الأَرْض فَإِن بَاعَ أحد الشَّرِيكَيْنِ نصِيبه فِيهِ مُنْفَردا عَن الأَرْض لم تثبت فِيهِ الشُّفْعَة لِأَنَّهُ مَنْقُول كالثياب وَالْعَبِيد فَإِن بَاعَ أحد الشَّرِيكَيْنِ نصِيبه فِي الْبناء وَالْغِرَاس مَعَ نصِيبه من الأَرْض تثبت فِيهِ الشُّفْعَة لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (الشُّفْعَة فِي كل ربع أَو حَائِط) و (الرّبع) هُوَ الدَّار ببنائها و (الْحَائِط) هُوَ الْبُسْتَان بأشجاره ول الْبناء وَالْغِرَاس يرادان للبقاء والتأبيد فَتثبت فيهمَا الشُّفْعَة كالأرض الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب : الشُّفْعَة: تثبت للشَّرِيك فِي الْملك بِاتِّفَاق الْأَئِمَّة وَلَا شُفْعَة للْجَار عِنْد مَالك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَقَالَ أَبُو حنيفَة: تجب الشُّفْعَة بالجوار وَالشُّفْعَة عِنْد أبي حنيفَة وعَلى الرَّاجِح من مَذْهَب الشَّافِعِي: على الْفَوْر فَمن أخر الْمُطَالبَة بِالشُّفْعَة مَعَ الْإِمْكَان سقط حَقه فِيهَا كَخِيَار الرَّد وَللشَّافِعِيّ وَقَالَ آخر: أَنه يبْقى حَقه ثَلَاثَة أَيَّام وَله قَول آخر: أَنه يبْقى أبدا وَلَا يسْقط إِلَّا بالتصريح بالإسقاط وَأما مَذْهَب مَالك: فَإِذا بيع الْمَشْفُوع وَالشَّرِيك حَاضر يعلم بِالْبيعِ فَلهُ الْمُطَالبَة بِالشُّفْعَة مَتى شَاءَ وَلَا تَنْقَطِع شفعته إِلَّا بِأحد أَمريْن الأول: يمْضِي مُدَّة يعلم أَنه فِي مثلهَا قد أعرض عَن الشُّفْعَة ثمَّ رُوِيَ عَن مَالك أَن تِلْكَ الْمدَّة سنة وَرُوِيَ خمس سِنِين الثَّانِي: أَن يرفعهُ المُشْتَرِي إِلَى الْحَاكِم وَيلْزمهُ الْحَاكِم بِالْأَخْذِ أَو التّرْك فَالْحَاصِل من مَذْهَب مَالك: أَنَّهَا لَيست على الْفَوْر وَالثَّانيَِة: على التَّرَاخِي فَلَا تبطل أبدا حَتَّى يعْفُو وَيُطَالب فصل: وَالثَّمَرَة إِذا كَانَت على النّخل وَهِي بَين شَرِيكَيْنِ فَبَاعَ أَحدهمَا حِصَّته فَهَل لشَرِيكه الشُّفْعَة أم لَا اخْتلف فِي ذَلِك قَول مَالك فَقَالَ فِي رِوَايَة: لَهُ الشُّفْعَة وَقَالَ فِي أُخْرَى: لَا شُفْعَة لَهُ وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَهُ الشُّفْعَة وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد: لَا شُفْعَة لَهُ فصل: وَإِذا كَانَ ثمن الشُّفْعَة مُؤَجّلا فَللشَّفِيع عِنْد مَالك وَأحمد: الْأَخْذ بذلك الثّمن إِلَى ذَاك الْأَجَل وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِي فِي الْقَدِيم وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ فِي الْجَدِيد الرَّاجِح من مذْهبه: للشَّفِيع الْخِيَار بَين أَن يعجل الثّمن وَيَأْخُذ الشّقص الْمَشْفُوع أَو يصبر إِلَى حُلُول الْأَجَل فيزن وَيَأْخُذ بِالشُّفْعَة فصل: وَالشُّفْعَة مقسومة بَين الشفعاء على قدر حصصهم فِي المَال الَّذِي استوجبوا من جِهَته الشُّفْعَة فَيَأْخُذ كل وَاحِد من الشُّرَكَاء من الْمبلغ بِقدر ملكه فِيهِ عِنْد مَالك وَهُوَ الْأَصَح من قولي الشَّافِعِي وَقَالَ أَبُو حنيفَة: هِيَ مقسومة على الرؤوس وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَاخْتَارَهُ الْمُزنِيّ وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ وَالشُّفْعَة تورث عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ وَلَا تبطل بِالْمَوْتِ فَإِذا وَجَبت لَهُ شُفْعَة فَمَاتَ وَلم يعلم بهَا أَو علم وَمَات قبل التَّمَكُّن من الْأَخْذ انْتقل الْحق إِلَى الْوَارِث وَقَالَ أَبُو حنيفَة: تبطل بِالْمَوْتِ وَلَا تورث وَقَالَ أَحْمد: لَا تورث إِلَّا أَن يكون الْمَيِّت طَالب بهَا فصل: وَلَو بنى مُشْتَرِي الشّقص أَو غرس ثمَّ طَالب الشَّفِيع فَلَيْسَ لَهُ عِنْد مَالك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 وَالشَّافِعِيّ وَأحمد مُطَالبَة المُشْتَرِي بهدم مَا بنى وَلَا قلع مَا غرس مُضَافا إِلَى الثّمن وَقَالَ أَبُو حنيفَة: للشَّفِيع أَن يجْبر المُشْتَرِي على الْقلع وَالْهدم وَقَالَ فِي عُيُون الْمسَائِل: وَذهب قوم إِلَى أَن للشَّفِيع أَن يُعْطِيهِ ثمن الشّقص وَيتْرك الْبناء وَالْغِرَاس فِي مَوْضِعه فصل: وكل مَا لَا يَنْقَسِم كالحمام والبئر والرحا وَالطَّرِيق وَالْبَاب لَا شُفْعَة فِيهِ عِنْد الشَّافِعِي وَاخْتلف قَول مَالك فَقَالَ: فِيهِ الشُّفْعَة وَقَالَ: لَا شُفْعَة وَاخْتَارَ القَاضِي عبد الْوَهَّاب الأول قَالَ: وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وعهدة الشَّفِيع فِي الْمَبِيع: على المُشْتَرِي وعهدة المُشْتَرِي: على البَائِع عِنْد جُمْهُور الْعلمَاء فَإِذا ظهر الْمَبِيع مُسْتَحقّا أَخذه مُسْتَحقّه من يَد الشَّفِيع وَرجع الشَّفِيع بِالثّمن على المُشْتَرِي ثمَّ يرجع المُشْتَرِي على البَائِع وَقَالَ ابْن أبي ليلى: عُهْدَة الشَّفِيع على البَائِع بِكُل حَال وَاخْتلفُوا: هَل يجوز الاحتيال بِإِسْقَاط الشُّفْعَة مثل أَن يَبِيع سلْعَة مَجْهُولَة عِنْد من يرى ذَلِك مسْقطًا للشفعة أَو أَن يقر لَهُ بِبَعْض الْملك ثمَّ يَبِيعهُ الْبَاقِي أَو يَهبهُ لَهُ فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ: لَهُ ذَلِك وَقَالَ مَالك وَأحمد: لَيْسَ لَهُ ذَلِك فَإِذا وهبه من غير عوض فَلَا شُفْعَة فِيهِ عِنْد أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَكَذَلِكَ قَول أَحْمد بل لَا بُد أَن يكون قد ملك بعوض وَاخْتلف قَول مَالك فِي ذَلِك فَقَالَ: لَا شُفْعَة فِيهِ وَقَالَ فِيهِ الشُّفْعَة فَإِذا وَجَبت لَهُ الشُّفْعَة فبذل لَهُ المُشْتَرِي دَرَاهِم على ترك الْأَخْذ بِالشُّفْعَة جَازَ لَهُ أَخذهَا وتملكها عِنْد الثَّلَاثَة وَقَالَ الشَّافِعِي: لَا يجوز ذَلِك وَلَا يملك الدَّرَاهِم وَعَلِيهِ ردهَا وَهل تسْقط شفعته بذلك لأَصْحَابه وَجْهَان فصل: وَإِذا ابْتَاعَ اثْنَان من الشُّرَكَاء نصيبهما صَفْقَة وَاحِدَة كَانَ للشَّفِيع عِنْد الشَّافِعِي وَأحمد أَخذ نصيب أَحدهمَا بِالشُّفْعَة كَمَا لَو أَخذ نصيبهما جَمِيعًا وَقَالَ مَالك: لَيْسَ لَهُ أَخذ حِصَّة أَحدهمَا دون الآخر بل إِمَّا أَن يأخذهما جَمِيعًا أَو يتركهما جَمِيعًا وَبِه قَالَ أَبُو حنيفَة وَلَو أقرّ أحد الشَّرِيكَيْنِ: أَنه بَاعَ نصِيبه من رجل وَأنكر الرجل الشِّرَاء وَلَا بَيِّنَة وَطلب الشَّفِيع الشُّفْعَة قَالَ مَالك: لَيْسَ لَهُ ذَلِك إِلَّا بعد ثُبُوت الشِّرَاء وَقَالَ أَبُو حنيفَة: تثبت الشُّفْعَة وَهُوَ الْأَصَح من مَذْهَب الشَّافِعِي إِلَّا أَن إِقْرَاره يتَضَمَّن إِثْبَات حق المُشْتَرِي وَحقّ الشَّفِيع فَلَا يبطل حق الشَّفِيع بإنكار المُشْتَرِي وَتثبت الشُّفْعَة للذِّمِّيّ كَمَا تثبت للْمُسلمِ عِنْد مَالك وَأبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ أَحْمد: لَا شُفْعَة للذِّمِّيّ انْتهى فَائِدَة: حكى ابْن الصّلاح: أَن الْأَصْمَعِي سُئِلَ عَن معنى قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (الْجَار أَحَق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 بسقبه) فَقَالَ: أَنا لَا أفسر حَدِيث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَكِن الْعَرَب تزْعم أَن السقب: اللزيق المصطلح: تشْتَمل صوره على أَنْوَاع مِنْهَا: صُورَة طلب الشُّفْعَة وَالْأَخْذ بهَا: حضر إِلَى شُهُوده فلَان وَفُلَان وتصادقا على أَن الْحَاضِر الأول حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ وأحضر مَعَه الْحَاضِر الثَّانِي وَادّعى عَلَيْهِ عِنْد الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ: أَنه ابْتَاعَ من فلَان جَمِيع الْحصَّة الَّتِي مبلغها كَذَا الشائعة فِي جَمِيع الدَّار الْفُلَانِيَّة الْجَارِي نصفهَا الآخر فِي ملك الْمُدَّعِي الْمَذْكُور وتحدد بِثمن مبلغه كَذَا وَأَنه حَال اطِّلَاعه على ذَلِك حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْمشَار إِلَيْهِ قبل أَن يجلس أَو يشْتَغل بشغل مَا وَطلب مِنْهُ الشُّفْعَة فِي الْمَبِيع الْمعِين أَعْلَاهُ وَقَامَ فِي طلبَهَا على الْفَوْر وأحضر مَعَه الثّمن وَسَأَلَ الْحَاكِم سُؤَاله عَن ذَلِك فَسئلَ فَأجَاب بالتصديق على أَن النّصْف الآخر من الدَّار ملكه وَأَنه ابْتَاعَ مِنْهَا النّصْف الْمُدعى بِهِ بِالثّمن الْمعِين أَعْلَاهُ وَالْتمس يَمِين الْمُدَّعِي الْمَذْكُور أَنه لما بَاعه ذَلِك بَادر على الْفَوْر بِطَلَب الشُّفْعَة من الْمَبِيع الْمَذْكُور وَلم يتَأَخَّر سَاعَة وَاحِدَة وَلَا اشْتغل بشغل فَحلف كَمَا أَحْلف بالتماسه لذَلِك وَأَن الطَّالِب الْمَذْكُور سَأَلَ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الحكم عَلَيْهِ برد الْمَبِيع بِالثّمن الْمعِين أَعْلَاهُ فَحكم لَهُ بذلك حكما شَرْعِيًّا فَحِينَئِذٍ أَخذ الشَّفِيع الْمَذْكُور من المُشْتَرِي الْمَذْكُور النّصْف الْمَبِيع من الدَّار الْمَذْكُورَة أخذا شَرْعِيًّا وَدفع الثّمن الْمعِين أَعْلَاهُ إِلَيْهِ فَقَبضهُ مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا وَسلمهُ الْمَبِيع الْمعِين أَعْلَاهُ فتسلمه مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا وبمقتضى ذَلِك صَار جَمِيع الدَّار الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ ملكا من أَمْلَاك الشَّفِيع الْمَذْكُور وَحقا من حُقُوقه بطريقه الشَّرْعِيّ من وَجه حق لَا شُبْهَة فِيهِ ويكمل على نَحْو مَا سبق وَصُورَة الْأَخْذ بِالشُّفْعَة فِي ملك الْجَار: أَخذ فلَان من فلَان جَمِيع الدَّار الْفُلَانِيَّة ويحددها الَّتِي ابتاعها من فلَان من قبل تَارِيخه بمبلغ كَذَا وَكَذَا أخذا صَحِيحا شَرْعِيًّا وَدفع الْآخِذ إِلَيْهِ نَظِير الثّمن الْمعِين أَعْلَاهُ فَقَبضهُ مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا وتصادقا على أَنَّهُمَا ترافعا إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْحَنَفِيّ وَادّعى الْأَخْذ عَلَيْهِ بِالشُّفْعَة فِي الدَّار الْمَذْكُورَة وَأقَام عِنْد الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ بَيِّنَة أَنه حَال اطِّلَاعه على البيع طلب الشُّفْعَة على الْفَوْر من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 المُشْتَرِي الْمَذْكُور وَهُوَ قَائِم على الْمَبِيع وأحلفه على ذَلِك الْيَمين الشَّرْعِيَّة وَحكم لَهُ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ بذلك حكما شَرْعِيًّا مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ تَصَادقا شَرْعِيًّا وتسلم الْآخِذ من المُشْتَرِي الْمَشْفُوع الْمعِين أَعْلَاهُ تسلما شَرْعِيًّا وَصَارَ فِي يَده بِحكم أَخذه لذَلِك بِالسَّبَبِ المشروح أَعْلَاهُ مصيرا تَاما ويكمل على نَحْو مَا سبق وَصُورَة طلب الشُّفْعَة من الخليط: حضر إِلَى شُهُوده فِي يَوْم تَارِيخه فلَان وَأشْهد عَلَيْهِ أَنه لما بلغه أَن شَرِيكه فلَانا بَاعَ من فلَان النّصْف الشَّائِع من جَمِيع الدَّار الْفُلَانِيَّة الَّتِي يملك الْحَاضِر الْمَذْكُور النّصْف الآخر مِنْهَا وتحدد بِثمن مبلغه كَذَا بَادر على الْفَوْر من غير تَأَخّر وَلَا إهمال وَلَا جُلُوس بعد سَاعَة وَلَا اشْتِغَال بشغل وَطَلَبه الشُّفْعَة فِي الْمَبِيع الْمعِين أَعْلَاهُ وَأشْهد عَلَيْهِ بِالطَّلَبِ للشفعة فِيهِ بِحَق خلطته إشهادا شَرْعِيًّا ويكمل وَصُورَة طلب شُفْعَة الْجوَار: حضر إِلَى شُهُوده فِي يَوْم تَارِيخه فلَان وَأشْهد عَلَيْهِ أَنه لما بلغه أَن جَاره فلَانا بَاعَ جَمِيع الدَّار الْمُجَاورَة لَهُ من الْجِهَة الْفُلَانِيَّة وتحدد بِمَا مبلغه كَذَا حضر إِلَى البَائِع ووقف على الْمَبِيع وَطلب الشُّفْعَة فِيهِ وَأَنه مطَالب بِالشُّفْعَة بِحَق الْمُجَاورَة غير تَارِك لَهَا وَلَا نَازل عَنْهَا وَأشْهد عَلَيْهِ بذلك ويكمل وَصُورَة الْأَخْذ بِالشُّفْعَة وَيكْتب بِظَاهِر كتاب البايع: حضر إِلَى شُهُوده فِي يَوْم تَارِيخه فلَان وأحضر مَعَه فلَانا وَقَالَ لَهُ بِحَضْرَة شُهُوده: إِنَّه يملك جَمِيع الدَّار الْفُلَانِيَّة ويحددها ملكا صَحِيحا شَرْعِيًّا بتاريخ مُتَقَدم على تَارِيخه وَأَن الدَّار الْمَذْكُورَة قَابِلَة للْقِسْمَة وَأَنه يسْتَحق أَخذ الْمَبِيع الْمعِين أَعْلَاهُ بشفعة الخليط أَو بِالشُّفْعَة الشَّرْعِيَّة وَأَنه قَامَ على الْفَوْر وَطلب الشُّفْعَة مِنْهُ حِين سَمَاعه بِالْبيعِ من غير إهمال وَاجْتمعَ بِهِ وأعلمه أَنه طَالب للشفعة وَأَنه اسْتحق أَخذ الْمَبِيع الْمعِين أَعْلَاهُ وَطلب مِنْهُ تَسْلِيمه إِلَيْهِ وأحضر لَهُ نَظِير الثّمن الْمعِين بَاطِنه وَطلب يَمِينه أَنه لم يكن الْأَمر جرى بَينهمَا كَذَلِك فَأَعْرض المُشْتَرِي الْمَذْكُور عَن بذل الْيَمين واعترف بذلك وَصدق عَلَيْهِ تَصْدِيقًا شَرْعِيًّا وَالْتمس من الطَّالِب الْمَذْكُور الْقيام لَهُ بنظير الثّمن الْمعِين بَاطِنه فَدفعهُ إِلَيْهِ فَقَبضهُ مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا وَسلم إِلَيْهِ الْمَبِيع الْمعِين بَاطِنه فتسلمه مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا وَصَارَت الدَّار الْمَذْكُورَة جَمِيعهَا ملكا من أَمْلَاك الْآخِذ بِالشُّفْعَة الْمَذْكُورَة وَحقا من حُقُوقه اسْتَقَرَّتْ بِيَدِهِ وَتَحْت تصرفه مصيرا واستقرارا شرعيين وَأقر كل مِنْهُمَا أَنه بعد ذَلِك لَا يسْتَحق على الآخر حَقًا وَلَا دَعْوَى وَلَا طلبا إِلَى آخِره ويكمل وَصُورَة تسلم الْحصَّة للمحجور عَلَيْهِ بشفعة الخليط بِتَصْدِيق المُشْتَرِي وَيكْتب فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 ظَاهر كتاب التبايع: حضر إِلَى شُهُوده فلَان الْوَصِيّ الشَّرْعِيّ على الْيَتِيم الصَّغِير فلَان بِمُقْتَضى الْوَصِيَّة الشَّرْعِيَّة المسندة إِلَيْهِ من وَالِد الصَّغِير الْمَذْكُور المحضرة لشهوده المؤرخ بَاطِنهَا بِكَذَا الثَّابِت مضمونها مَعَ مَا يعْتَبر ثُبُوته شرعا بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ وأحضر مَعَه فلَانا المُشْتَرِي الْمَذْكُور بَاطِنه واعترف أَنه تسلم مِنْهُ للْيَتِيم الْمَذْكُور أَعْلَاهُ جَمِيع الْحصَّة الْمَبِيعَة من الدَّار المحدودة الموصوفة بَاطِنه الَّتِي يملك الْيَتِيم الْمَذْكُور مِنْهَا الْبَاقِي ملكا صَحِيحا شَرْعِيًّا بتاريخ مُتَقَدم على تَارِيخ كتاب التبايع المسطر بَاطِنه تسلما شَرْعِيًّا وَدفع إِلَيْهِ نَظِير الثّمن الْمعِين بَاطِنه من مَال الْيَتِيم الْمَذْكُور ومبلغه كَذَا وَكَذَا فَقَبضهُ مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا بعد أَن ترافعا بِسَبَب ذَلِك إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ وَادّعى الْوَصِيّ الْمَذْكُور لمحجوره الْيَتِيم الْمَذْكُور أَعْلَاهُ على المُشْتَرِي الْمَذْكُور بَاطِنه بشفعة الْخلطَة بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيّ وَبعد ثُبُوت ملكية الْيَتِيم الْمَذْكُور لِلنِّصْفِ الْبَاقِي من الدَّار الْمَذْكُورَة وَأَن الثّمن المبذول الْمعِين أَعْلَاهُ ثمن الْمثل للحصة الْمعينَة أَعْلَاهُ وَأَن للْيَتِيم الْمَذْكُور حظا ومصلحة فِي ذَلِك الثُّبُوت الشَّرْعِيّ وَالْحكم للْيَتِيم الْمَذْكُور بذلك وَاعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره شرعا وَصدقه المُشْتَرِي الْمُسَمّى بَاطِنه على ذَلِك كُله تَصْدِيقًا شَرْعِيًّا وَأقر أَنه لَا يسْتَحق مَعَ الْيَتِيم الْمَذْكُور أَعْلَاهُ فِي ذَلِك وَلَا فِي شَيْء مِنْهُ حَقًا وَلَا دَعْوَى وَلَا طلبا بِوَجْه وَلَا سَبَب وَلَا ملكا وَلَا شُبْهَة ملك وَلَا ثمنا وَلَا مثمنا وَلَا مَنْفَعَة وَلَا اسْتِحْقَاق مَنْفَعَة وَلَا شَيْئا قل وَلَا جلّ لما مضى من الزَّمَان وَإِلَى يَوْم تَارِيخه ويؤرخ فصل: فِي الْحِيَل الدافعة للشفعة مِنْهَا: أَن يَجْعَل الثّمن حَاضرا مَجْهُول الْقدر ويقبضه البَائِع من غير وزن فتندفع الشُّفْعَة وَيكْتب فِي الثّمن بصبرة من الدَّرَاهِم المجهولة الْوَزْن والمقدار المرئية حَالَة العقد أَو بِكَذَا وَكَذَا درهما وبجوهرة فاخرة أَو لؤلؤة نقية مَجْهُولَة الْقيمَة مرئية حَالَة العقد قَالَ النَّوَوِيّ وَمِنْهَا: أَن يهب لَهُ الشّقص بِلَا ثَوَاب ثمَّ يهب لَهُ صَاحبه قِيمَته وَمِنْهَا: أَن يَشْتَرِي عشر الدَّار مثلا بِتِسْعَة أعشار الثّمن كَيْلا يرغب الشَّفِيع لِكَثْرَة الثّمن ثمَّ يَشْتَرِي تِسْعَة أعشارها بِعشر الثّمن فَلَا يتَمَكَّن الْجَار من الشُّفْعَة لِأَن المُشْتَرِي حَالَة الشِّرَاء شريك فِي الدَّار وَالشَّرِيك مقدم على الْجَار أَو بِخَط البَائِع على طرف ملكه خطا مِمَّا يَلِي دَار جَاره وَيبِيع مَا وَرَاء الْخط فتمتنع شُفْعَة الْجَار لِأَن بَين ملكه وَبَين الْمَبِيع فاصلا ثمَّ يَهبهُ الْفَاصِل وَدفع الشُّفْعَة بالحيلة مَكْرُوه وَأما الْحِيلَة فِي دفع شُفْعَة الْجوَار: فَلَا كَرَاهَة فِيهَا قطعا وَالله أعلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 كتاب الْقَرَاض وَالْمُضَاربَة وَمَا يتَعَلَّق بهما من الْأَحْكَام الْقَرَاض وَالْمُضَاربَة: اسمان بِمَعْنى وَاحِد وَهُوَ أَن يدْفع مَاله إِلَى رجل ليتجر فِيهِ وَيكون الرِّبْح بَينهمَا على مَا يشترطانه وَرَأس المَال لرب المَال وَأهل الْحجاز يسمون هَذَا العقد (قراضا) وَاخْتلف فِي اشتقاقه فَقيل: إِنَّه مُشْتَقّ من الْقَرْض وَهُوَ الْقطع يُقَال: قرضت الطَّرِيق أَي قطعتها وقرض الفأر الثَّوْب أَي قطعه فَكَأَن رب المَال اقتطع لِلْعَامِلِ قِطْعَة من مَاله أَو أقطع لَهُ قِطْعَة من الرِّبْح وَقيل: إِنَّه مُشْتَقّ من الْمُسَاوَاة يُقَال: تقارض الشاعران إِذا سَاوَى كل وَاحِد مِنْهُمَا الآخر بِشعرِهِ فِي الْمَدْح والذم وَحكي عَن أبي الدَّرْدَاء أَنه قَالَ (قارض النَّاس مَا قارضوك فَإِن تَركتهم لم يتركوك) يُرِيد: ساوهم فالمتقارضان يتساويان لِأَن أَحدهمَا يبْذل المَال وَالْآخر يتَصَرَّف فِيهِ وَيحْتَمل أَن يكون ذَلِك لاشْتِرَاكهمَا فِي الرِّبْح فالمقارض بِكَسْر الرَّاء هُوَ رب المَال وَبِفَتْحِهَا: هُوَ الْعَامِل وَأما الْمُضَاربَة: فاشتقاقها من الضَّرْب بِالْمَالِ وَقيل: هُوَ من ضرب كل وَاحِد مِنْهُمَا فِي الرِّبْح بِسَهْم فالمضارب بِكَسْر الرَّاء هُوَ الْعَامِل لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يضْرب فِي المَال وَلم يشتق لرب المَال مِنْهُ اسْم والقراض: جَائِز وَالْأَصْل فِي جَوَازه: إِجْمَاع الصَّحَابَة وَرُوِيَ ذَلِك عَن عُثْمَان وَعلي وَابْن مَسْعُود وَحَكِيم بن حزَام رَضِي الله عَنْهُم وروى الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ: (أَن عبيد الله وَعبد الله ابْنا عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنْهُم خرجا فِي جَيش إِلَى الْعرَاق فتسلفا من أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ وَهُوَ عَامل لعمر مَالا فابتاعا بِهِ مَتَاعا وقدما بِهِ الْمَدِينَة فباعاه وربحا فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: أكل الْجَيْش قد أسلف قَالَا: لَا فَقَالَ عمر: أديا المَال وَربحه فَسكت عب الله وراجعه عبد الله فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لَو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 هلك المَال ضمناه فَلم لَا يكون ربحه لنا فَقَالَ رجل: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لَو جعلته قراضا فَقَالَ: قد جعلته قراضا فَأخذ مِنْهَا رَأس المَال وَنصف الرِّبْح) فَدلَّ على أَن الْقَرَاض كَا مستقيضا فِي الصَّحَابَة فَإِن قيل: إِذا تسلفا المَال من أبي مُوسَى فَكيف يحتجون بذلك على الْقَرَاض قُلْنَا: مَوضِع الْحجَّة مِنْهُ: قَول الرجل لعمر رَضِي الله عَنهُ (لَو جعلته قراضا) وَلم يُنكر عَلَيْهِ عمر وَلَا غَيره الْقَرَاض فَإِن قيل: إِذا كَانَا قد تسلفا ذَلِك من أبي مُوسَى وابتاعا بِهِ مَتَاعا فقد ملكا المَال وَربحه فَكيف سَاغَ لعمر أَن يَجعله قراضا وَيَأْخُذ مِنْهُمَا نصف الرِّبْح فتأول أَصْحَابنَا ذَلِك ثَلَاث تأويلات أَحدهَا وَهُوَ تَأْوِيل أبي الْعَبَّاس أَن أَبَا مُوسَى كَانَ قد اجْتمع عِنْده مَال لبيت المَال وَأَرَادَ أَن ينفذهُ إِلَى الْمَدِينَة فخاف عَلَيْهِ غرر الطَّرِيق فأقرضهما ذَلِك المَال ليَكُون فِي ذمتهما أحظ لبيت المَال وَقد ملكا المَال وَربحه إِلَّا أَن عمر أَرَادَ أَن ينفع الْمُسلمين فاستدعاهما واستطاب أَنفسهمَا عَن نصف الرِّبْح وللعامل أَن يفعل كَمَا فعل أَبُو مُوسَى إِذا خَافَ على المَال وَمن أَصْحَابنَا من قَالَ: كَانَ الطَّرِيق آمنا وَإِنَّمَا أقْرضهُمَا أَبُو مُوسَى ليتقرب بذلك إِلَى قلب أَبِيهِمَا عمر: فَلَمَّا تَصرفا فِي المَال وربحا كَانَ الرِّبْح ملكا للْمُسلمين واستحقا أُجْرَة الْمثل وَبَلغت أجرتهما نصف الرِّبْح وَلِهَذَا رُوِيَ عَن عمر رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: (كَأَنِّي بِأبي مُوسَى وَهُوَ يَقُول أئتيا أَمِير الْمُؤمنِينَ) وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: كَانَ أَبُو مُوسَى أقْرضهُمَا ذَلِك المَال ثمَّ قارضهما بعد ذَلِك فخلطا الرِّبْح الَّذِي حصل مِنْهُ فاستطاب عمر أَنفسهمَا عَن نصف الرِّبْح وَالْأول: أصح لِأَن الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير لَا تجوز إجارتهما للتِّجَارَة فجوز عقد الْقَرَاض عَلَيْهَا كالنخل لما لم تجز إِجَارَته ليستغل جَازَ عقد الْمُسَاقَاة عَلَيْهَا وَالْأَرْض لما جَازَت إِجَارَتهَا لتستغل لم يجز عقد المخابرة عَلَيْهَا وَاحْتَجُّوا لهَذَا العقد بِإِجْمَاع الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم وبالقياس على الْمُسَاقَاة وَيشْتَرط فِي المَال الْمَدْفُوع: أَن يكون نَقْدا وَهُوَ الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير المضروبة فَلَا تجوز على التبر والحلي والمغشوش وَالْعرُوض وَأَن يكون قدرا مَعْلُوما فَلَا يجوز على دَرَاهِم مَجْهُولَة الْقدر وَأَن يكون المَال عينا حَاضِرَة فَلَا يجوز أَن يقارضه على دين لَهُ فِي ذمَّة الْغَيْر وَلَا يجوز أَن يقارض صَاحب الدّين الْمَدْيُون بِمَا لَهُ فِي ذمَّته من الدّين وَأَن يكون مَال الْقَرَاض مُسلما إِلَى الْعَامِل فَلَا يجوز أَن يشْتَرط كَون المَال عِنْد الْمَالِك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 وَأَن يعْمل الْمَالِك مَعَ الْعَامِل وَيجوز أَن يشْتَرط عمل غُلَام رب المَال مَعَ الْعَامِل ووظيفة الْعَامِل: التِّجَارَة وتوابعها كنشر الثِّيَاب وطيها فَلَو قارضه على أَن يَشْتَرِي حِنْطَة فيطحنها ويخبزها أَو ثوبا يتَوَلَّى نسجه ثمَّ يَبِيعهُ فسد الْقَرَاض وَلَا يجوز أَن يشْتَرط عَلَيْهِ شِرَاء مَتَاع معِين أَو نوع ينْدر وجوده كالخيل البلق مثلا أَو يشْتَرط عَلَيْهِ الْمُعَامَلَة من شخص معِين وَيشْتَرط فِي الرِّبْح: الِاخْتِصَاص بالمتعاقدين فَلَا يجوز شَرط شَيْء مِنْهُ لثالث فَلَو قَالَ: قارضتك على أَن يكون الرِّبْح كُله لَك فَهَل يكون قراضا فَاسِدا أَو صَحِيحا فِيهِ وَجْهَان أصَحهمَا الأول وَلَو قَالَ: على كُله لي فَهَل يكون قراضا فَاسِدا أَو إبضاعا فِيهِ الْوَجْهَانِ الْمَذْكُورَان وَأَن يكون الرِّبْح بَينهمَا مَعْلُوما بالجزئية فَلَو قَالَ: على أَن لَك فِيهِ شركَة أَو نَصِيبا فسد العقد وَلَو قَالَ: على أَنه بَيْننَا وَصَحَّ وَيَقْتَضِي التَّسْوِيَة فِي الرِّبْح مُنَاصَفَة وَلَو قَالَ: على أَن النّصْف لي وَسكت عَن جَانب الْعَامِل لم يَصح وَلَو عكس وَقَالَ: على أَن النّصْف من الرِّبْح لَك صَحَّ وَلَو شَرط لنَفسِهِ عشرَة أَو مائَة أَو شَرط الِاخْتِصَاص بِعشْرَة أَو مائَة مثلا فسد الْقَرَاض وَلَا بُد فِي الْقَرَاض من الْإِيجَاب وَالْقَبُول وَقيل: لَو قَالَ: خُذ هَذِه الدَّرَاهِم واتجر فِيهَا على أَن الرِّبْح بَيْننَا فَأخذ اسْتغنى عَن الْقبُول وَيجوز أَن يقارض اثْنَان وَاحِدًا وَوَاحِد اثْنَيْنِ وَلَا يجوز لِلْعَامِلِ أَن يقارض بِغَيْر إِذن رب المَال وَإِذا فسد الْقَرَاض نفذت تَصَرُّفَات الْعَامِل وَكَانَ جَمِيع الرِّبْح لرب المَال وَعَلِيهِ أُجْرَة مثل الْعَمَل لِلْعَامِلِ وعَلى الْعَامِل أَن يتَصَرَّف بالغبطة وَلَا يَبِيع وَلَا يَشْتَرِي بِالْغبنِ وَلَا نَسِيئَة من غير إِذن وَله الرَّد بِالْعَيْبِ إِن كَانَت الْغِبْطَة فِي الرَّد وَلَا يُعَامل الْعَامِل الْمَالِك وَلَا يَشْتَرِي بِمَال الْقَرَاض بِأَكْثَرَ من رَأس المَال وَلَا من يعْتق على الْمَالِك بِغَيْر إِذْنه وَكَذَا لَو اشْترى زَوجته وَلَو فعل لم يَقع عَن الْمَالِك وَيَقَع عَن الْعَامِل إِذا اشْترى فِي الذِّمَّة وَلَا يُسَافر بِمَال الْقَرَاض إِلَّا بِإِذن الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب : اتّفق الْأَئِمَّة رَحِمهم الله تَعَالَى على جَوَاز الْمُضَاربَة وَهِي (الْقَرَاض) بلغَة أهل الْمَدِينَة وَهُوَ أَن يدْفع إِنْسَان إِلَى إِنْسَان مَالا ليتجر فِيهِ وَالرِّبْح مُشْتَرك فَلَو أعطَاهُ سلْعَة وَقَالَ لَهُ: بعها وَاجعَل ثمنهَا قراضا فَهَذَا عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: قِرَاض فَاسد وَقَالَ أَبُو حنيفَة: هُوَ قِرَاض صَحِيح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 وَاخْتلفُوا فِي الْقَرَاض بالفلوس فَمَنعه الْأَئِمَّة وَأَجَازَهُ أَشهب وَأَبُو يُوسُف إِذا راجت وَالْعَامِل إِذا أَخذ مَال الْقَرَاض بِبَيِّنَة لم يبرأ مِنْهُ عِنْد الْإِنْكَار إِلَّا بِبَيِّنَة وَقَالَ أهل الْعرَاق: يقبل قَوْله مَعَ يَمِينه وَإِذا دفع إِلَى الْعَامِل مَاله قراضا فَاشْترى الْعَامِل مِنْهُ سلْعَة ثمَّ هلك المَال قبل دَفعه إِلَى البَائِع فَلَيْسَ على الْمُقَارض عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد شَيْء والسلعة لِلْعَامِلِ وَعَلِيهِ ثمنهَا وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يرجع بذلك على رب المَال فصل: وَلَا يجوز الْقَرَاض إِلَى مُدَّة مَعْلُومَة لَا يفسخها قبلهَا وَلَا على أَنه إِذا انْتَهَت الْمدَّة يكون مَمْنُوعًا من البيع وَالشِّرَاء عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يجوز ذَلِك وَإِذا شَرط رب المَال على الْعَامِل: أَن لَا يَشْتَرِي إِلَّا من فلَان كَانَ الْقَرَاض فَاسِدا عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد: يَصح وَإِذا عمل الْمُقَارض بعد فَسَاد الْقَرَاض فَحصل فِي المَال ربح: كَانَ لِلْعَامِلِ أُجْرَة مثل عمله عِنْد أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَالرِّبْح لرب المَال وَالنُّقْصَان عَلَيْهِ وَاخْتلف قَول مَالك فَقَالَ: يرد إِلَى قِرَاض مثله وَإِن كَانَ فِيهِ شَيْء لم يكن لَهُ شَيْء وَقَالَ القَاضِي عبد الْوَهَّاب: وَيحْتَمل أَن يكون لَهُ قِرَاض مثله وَإِن كَانَ فِيهِ بعض شَيْء وَنقل عَنهُ: أَن لَهُ أُجْرَة مثله كمذهب الشَّافِعِي وَأبي حنيفَة فصل: وَإِذا سَافر الْعَامِل بِالْمَالِ فنفقته من مَال الْقَرَاض عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك وَقَالَ أَحْمد: من مَال نَفسه حَتَّى فِي ركُوبه وَللشَّافِعِيّ قَولَانِ أظهرهمَا: أَن نَفَقَته من مَال نَفسه وَمن أَخذ قراضا على أَن جَمِيع الرِّبْح لَهُ وَلَا ضَمَان عَلَيْهِ فَهُوَ جَائِز عِنْد مَالك وَقَالَ أهل الْعرَاق: يصير المَال قرضا عَلَيْهِ وَقَالَ الشَّافِعِي: لِلْعَامِلِ أُجْرَة مثله وَالرِّبْح لرب المَال وعامل الْقَرَاض يملك الرِّبْح بِالْقِسْمَةِ لَا بالظهور على أصح قولي الشَّافِعِي وَهُوَ قَول مَالك وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يملك بالظهور وَهُوَ أحد قولي الشَّافِعِي وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا اشْترى رب المَال شَيْئا من الْمُضَاربَة فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك: يَصح وَقَالَ الشَّافِعِي: لَا يَصح وَهُوَ أظهر الرِّوَايَتَيْنِ عِنْد أَحْمد وَلَو ادّعى الْمضَارب أَن رب المَال أذن لَهُ فِي البيع وَالشِّرَاء نَقْدا ونسيئة وَقَالَ رب المَال: مَا أَذِنت لَك إِلَّا بِالنَّقْدِ قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد: القَوْل قَول الْمضَارب مَعَ يَمِينه وَقَالَ الشَّافِعِي: القَوْل قَول رب المَال مَعَ يَمِينه وَالْمُضَارب لرجل إِذا ضَارب لآخر فربح قَالَ أَحْمد وَحده: لَا يجوز لَهُ الْمُضَاربَة فَإِن فعل وَربح رد الرِّبْح إِلَى الأول الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 المصطلح: وَمَا يشْتَمل عَلَيْهِ من الصُّور وَلها عمد: وَهِي ذكر رب المَال والمدفوع إِلَيْهِ وأسمائهما وأنسابهما وَأَن لَا يشْتَرط فِيهَا مُدَّة مَعْلُومَة وَذكر المَال ومبلغه من الذَّهَب أَو الْفضة وَذكر تِجَارَة الْعَامِل بِهِ فِي أَصْنَاف التِّجَارَات على مَا يُطلقهُ لَهُ رب المَال نَقْدا أَو نَسِيئَة وَذكر الْأَجْزَاء الْمَشْرُوطَة بَينهمَا فِيمَا رزق الله تَعَالَى من الرِّبْح وَصِحَّة الْعقل وَالْبدن وَجَوَاز الْأَمر وَمَعْرِفَة الش بهما والتاريخ وَأما الصُّور: فَهِيَ على أَنْوَاع مِنْهَا: صُورَة قِرَاض مُتَّفق عَلَيْهِ: أشهد عَلَيْهِ فلَان أَو أقرّ فلَان أَنه قبض وتسلم من فلَان من الذَّهَب كَذَا وَكَذَا دِينَارا أَو من الْفضة كَذَا وَكَذَا درهما قبضا شَرْعِيًّا وَصَارَ ذَلِك إِلَيْهِ وَبِيَدِهِ وحوزه على سَبِيل الْقَرَاض الشَّرْعِيّ الْجَائِز بَين الْمُسلمين أذن الدَّافِع الْمَذْكُور للقابض الْمَذْكُور أَن يبْتَاع بذلك مَا شَاءَ من أَصْنَاف البضائع وأنواع المتاجر وَأَن يُسَافر بذلك إِلَى حَيْثُ شَاءَ من الْبِلَاد شرقا وغربا وَبرا وبحرا عذبا وملحا صُحْبَة الرفاق والقفول فِي الطّرق المسلوكة المأمونة وَيبِيع ذَلِك كَيفَ شَاءَ بِالنَّقْدِ والنسيئة أَو بِأَحَدِهِمَا ويتصرف فِي ذَلِك بِالْبيعِ وَالشِّرَاء وَالْأَخْذ وَالعطَاء وَسَائِر التَّصَرُّفَات الشَّرْعِيَّة على الْوَجْه الشَّرْعِيّ ويتعوض بِهِ وَبِمَا شَاءَ مِنْهُ مَا شَاءَ من أَنْوَاع التِّجَارَات وأصناف البضائع على إِطْلَاقهَا وتباين أَنْوَاعهَا وأجناسها ويدير ذَلِك فِي يَده مرّة بعد أُخْرَى وَحَالا بعد حَال بِمَا فِيهِ الْحَظ والمصلحة وَالْغِبْطَة عَاملا فِي ذَلِك كُله بتقوى الله تَعَالَى وطاعته وخشيته ومراقبته فِي سره وعلانيته وَمهما رزق الله تَعَالَى فِي ذَلِك من ربح ويسره من فَائِدَة بعد إِخْرَاج الْمُؤَن والكلف وَالْأَجْر وتعديل رَأس المَال الْمَذْكُور وإفرازه وَحقّ الله تَعَالَى إِن وَجب كَانَ بَينهمَا بِالسَّوِيَّةِ نِصْفَيْنِ لَا مزية لأَحَدهمَا على الآخر قراضا صَحِيحا شَرْعِيًّا مُشْتَمِلًا على الْإِيجَاب وَالْقَبُول والتسلم وَالتَّسْلِيم على الْوَجْه الشَّرْعِيّ وَإِن صدر الْإِذْن من رب المَال فِي السّفر إِلَى بلد مَعْلُوم أَو نَص لَهُ على البيع بِالْعقدِ أَو بِالنَّسِيئَةِ أَو على أَن يجلس بحانوت بسوق معِين أَو غير ذَلِك نَص عَلَيْهِ وَكتب مَا يَقع عَلَيْهِ اتِّفَاقهمَا مُبينًا إِن كَانَ اتِّفَاقًا جَائِزا شرعا وَصُورَة الْقَرَاض بِلَفْظ الْمُضَاربَة: إِمَّا أَن يَقُول: ضَارب فلَان فلَانا على أَن يدْفع إِلَيْهِ من مَاله وصلب مَاله كَذَا وَكَذَا دِينَارا خَالِصا أَو كَذَا وَكَذَا درهما فضَّة جَيِّدَة خَالِصَة خَالِيَة من الْغِشّ وَإِمَّا أَن يبْدَأ بِالْإِشْهَادِ أَو الْإِقْرَار بِالْقَبْضِ حَسْبَمَا تقدم وَأذن لَهُ أَن يفعل كَذَا وَكَذَا ويسوق الْكَلَام ويستوعب الشُّرُوط الْمُتَّفق عَلَيْهِ الْجَائِزَة شرعا إِلَى آخرهَا ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 وَإِن كَانَت الْمُضَاربَة بِدَرَاهِم مغشوشة والغش فِيهَا أقل من الثُّلُث: فَهُوَ جَائِز عِنْد الْحَنَفِيَّة فَيكْتب الصَّدْر ويكمل الْإِشْهَاد بالألفاظ الْمُعْتَبرَة فِي ذَلِك حَسْبَمَا تقدم وَيثبت كتاب الْمُضَاربَة عِنْد قَاض حَنَفِيّ وَصُورَة إِذن الْمولى لعَبْدِهِ أَن يقارض: أقرّ فلَان الْمُسلم أَو النَّصْرَانِي أَو الْيَهُودِيّ الْبَالِغ وَيذكر حليته وجنسه ثمَّ يَقُول: مَمْلُوك فلَان الْحَاضِر مَعَه عِنْد شُهُوده الَّذِي أذن لَهُ فِي الْإِقْرَار بِمَا سَيَأْتِي ذكره فِيهِ إِذْنا شَرْعِيًّا إِقْرَار مثله وَلَا يُقَال فِي العَبْد: جَوَاز أمره وَإِنَّمَا يُقَال: جَوَاز إِقْرَار مثله وَأَنه قبض وتسلم من فلَان من الذَّهَب كَذَا أَو من الْفضة كَذَا وَكَذَا قبضا شَرْعِيًّا وَصَارَ ذَلِك بِيَدِهِ وحوزه ويكمل الْقَرَاض إِلَى آخِره على نَحْو مَا تقدم شَرحه فَإِذا وصل إِلَى التَّارِيخ كتب قبل (سَيّده) وَأقر فلَان الْقَابِض الْمَذْكُور أَعْلَاهُ: أَنه مَمْلُوك لفُلَان الْمَذْكُور وَأَنه قبل الْإِذْن مِنْهُ فِي الْعَمَل فِي مَال الْقَرَاض الْمَشْرُوع أَعْلَاهُ على الْوَضع الْمُعْتَبر الْمعِين أَعْلَاهُ وَصدقه المقار الْمَذْكُور على ذَلِك كُله تَصْدِيقًا شَرْعِيًّا وَوَقع الْإِشْهَاد على الْقَابِض ومولاه الْآذِن وَرب المَال بِمَا نسب إِلَى كل مِنْهُم أَعْلَاهُ فِي تَارِيخ كَذَا وَكَذَا وَصُورَة المفاصلة فِي الْمُضَاربَة: أقرّ فلَان أَنه كَانَ من قبل تَارِيخه دفع إِلَى فلَان مَالا وَقدره كَذَا وَكَذَا على سَبِيل الْمُضَاربَة الشَّرْعِيَّة على أَن يَشْتَرِي بِهِ وَيبِيع فِيهِ وَيعْمل مَا يرَاهُ واكتتب بذلك كتابا مؤرخا بَاطِنه بِكَذَا وَأَن فلَانا الْمَذْكُور اشْترى بِمَال الْمُضَاربَة مَا أمكنه شِرَاؤُهُ وَبَاعَ مَا أمكنه بَيْعه وَتصرف فِي ذَلِك تَصرفا شَرْعِيًّا وَأخذ وَأعْطى وأنهما تحاسبا بعد ذَلِك وَعرفا مَا رزق الله تَعَالَى فِي ذَلِك من نَمَاء ويسره من ربح وَفَائِدَة وتقاسماه بَينهمَا بعد أَن دفع فلَان إِلَى فلَان رَأس المَال الْمَذْكُور فَقَبضهُ مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا تَاما وافيا وتفاسخا مَا كَانَ بَينهمَا من هَذِه الْمُضَاربَة وأبطلاها وَلم يبْق لكل وَاحِد مِنْهُمَا قبل صَاحبه وَلَا عِنْده وَلَا فِي ذمَّته وَلَا فِي يَده حق وَلَا دَعْوَى وَلَا طلب وَلَا دين وَلَا عين وَلَا ورق وَلَا ربح وَلَا حق وَلَا بَقِيَّة من حق وَلَا يَمِين بِاللَّه تَعَالَى على ذَلِك وَلَا على شَيْء مِنْهُ وَلَا مُطَالبَة على أحد من خلق الله تَعَالَى بِسَبَب ذَلِك وَلَا شَيْء قل وَلَا جلّ لما مضى من سَائِر الزَّمَان إِلَى يَوْم تَارِيخه وتصادقا على ذَلِك كُله تَصَادقا شَرْعِيًّا ويؤرخ تَنْبِيه: من علل الْمُضَاربَة: أَن يكْتب إِلَى أجل مَعْلُوم لما فِيهِ من الضَّرَر الْعَائِد على رب المَال وَالْعَامِل أما لَو كَانَت مضيقة بتأقيت الشِّرَاء جَازَ فَإِنَّهُ عقد جَائِز فَلهُ أَن يمنعهُ من ذَلِك مَتى شَاءَ وَيجوز لوَلِيّ الطِّفْل وَالْمَجْنُون أَن يقارض بمالهما سَوَاء فِيهِ الْأَب وَالْجد وَالْوَصِيّ وَالْحكم وأمينه انْتهى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 تَنْبِيه آخر: إِذا كَانَ الْقَرَاض بيد جمَاعَة فَلَا يَصح أَن يتكافلوا فِي الذِّمَّة وَلَا يجوز ضَمَان الدَّرك فِي مَال الْقَرَاض وَلَا ضَمَان الذِّمَّة بل يَصح ضَمَان الْوَجْه لِأَن يَد الْعَامِل يَد أَمَانَة فرع: إِذا قَالَ الْعَامِل: ربحت كَذَا ثمَّ قَالَ: خسرت بعده قبل قَوْله وَإِن قَالَ: غَلطت فِي الْحساب أَو كذبت من خوف الْفَسْخ لم يقبل خلافًا لمَالِك حَيْثُ يَقُول: لَو قَالَ: ربحت كَذَا ثمَّ قَالَ: كذبت من خوف الْفَسْخ ينظر فَإِن كَانَ هُنَاكَ موسم يتَوَقَّع رواج الْمَتَاع فِيهِ قبل قَوْله وَإِلَّا فَلَا فَائِدَة: لَو أذن الْمَالِك لِلْعَامِلِ فِي الشِّرَاء سلما جَازَ وَلَو أذن لَهُ فِي البيع سلما لم يجز وَالْفرق: وجود الْخط طَالبا فِي الشِّرَاء وَعَدَمه فِي البيع وَالله أعلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 كتاب الْمُسَاقَاة والمزارعة وَمَا يتَعَلَّق بهما من الْأَحْكَام الأَصْل فِي الْمُسَاقَاة: مَا رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه قَالَ: (افْتتح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَيْبَر على أَن لَهُ الأَرْض وكل صفراء وبيضاء يَعْنِي: الذَّهَب وَالْفِضَّة فَقَالُوا: نَحن أعلم بِالْأَرْضِ مِنْكُم فأعطونا على أَن لنا النّصْف وَلكم النّصْف فَأَعْطَاهُمْ فَلَمَّا كَانَ وَقت الثَّمَرَة بعث إِلَيْهِم عبد الله بن رَوَاحَة ليحزر الثَّمَرَة فحزرها عَلَيْهِم فَقَالُوا: يَا ابْن رَوَاحَة أكثرت علينا فَقَالَ: إِن شِئْتُم فلكم وضمنتم نصيب الْمُسلمين وَإِن شِئْتُم فلي وأضمن لكم نصيبكم فَقَالُوا: هَذَا هُوَ الْحق وَبِه قَامَت السَّمَاوَات) وَرُوِيَ (أَن عبد الله بن رَوَاحَة خرص عَلَيْهِم أَرْبَعِينَ ألف وسق فَكَانَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عشرُون ألفا وَلَهُم عشرُون ألفا) وروى ابْن عمر (أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ساقى أهل خَيْبَر على تِلْكَ الْأُصُول بالشطر) وَالْمُسَاقَاة: أَن يُعَامل إنْسَانا على أَشجَار ليتعهدها بالسقي والتربية على أَن ثمارها تكون بَينهمَا وَاللَّفْظ مَأْخُوذ من السَّقْي وَإِن كَانَ مَشْرُوطًا على الْعَامِل أعمالا كَثِيرَة لِأَن السَّقْي أشق الْأَعْمَال وأكثرها نفعا وَهِي خَاصَّة بالحجاز لِأَن أَهلهَا يسقون من الْآبَار فَكَانَ الْمَالِك وَالْعَامِل يتعاونان على السَّقْي وَقيل: الْمُسَاقَاة من نوب المَاء بَين الْقَوْم فَيكون لبَعْضهِم فِي وَقت ولآخرين فِي وَقت وَتجوز الْمُسَاقَاة من جَائِز التَّصَرُّف لنَفسِهِ وللصبي وَالْمَجْنُون بِالْولَايَةِ وموردها: الْكَرم والنخيل وَلَا ترد على مَا لَا يُثمر من الْأَشْجَار وَمَا ينْبت وَلَا سَاق لَهُ بِحَال وَلَا تصح المخابرة وَهِي الْمُعَامَلَة على الأَرْض بِبَعْض مَا يخرج مِنْهَا وَالْبذْر من الْعَامِل وَلَا الْمُزَارعَة وَهِي هَذِه الْمُعَامَلَة وَالْبذْر من الْمَالِك نعم لَو كَانَ بَين النخيل بَيَاض يجوز الْمُزَارعَة عَلَيْهِ تبعا للمساقاة على النخيل وعسر إِفْرَاد النخيل بالسقي وَالْبَيَاض بالمزارعة وَكَذَا يشْتَرط أَن يفصل بَينهمَا وَأَن لَا يقدم الْمُزَارعَة على الْمُسَاقَاة فِي أظهر الْوَجْهَيْنِ وَأَصَح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 الْوَجْهَيْنِ: أَنه لَا فرق بَين أَن يكثر الْبيَاض أَو يقل وَأَنه لَا يشْتَرط تَسَاوِي الْجُزْء الْمَشْرُوط من الثَّمر وَالزَّرْع وَلَا يجوز أَن يخابر تبعا للمساقاة وَإِذا أفردت الأَرْض بالزراعة كَانَ الرّيع للْمَالِك وَعَلِيهِ لِلْعَامِلِ أُجْرَة مثل عمله وثيرانه وآلاته وَالطَّرِيق فِي أَن يصير الرّيع بَينهمَا وَلَا تلْزم أجرته: أَن يسْتَأْجر الْعَامِل بِنصْف الْبذر ليزرع لَهُ نصف الأَرْض ويعيره النّصْف الآخر أَو يستأجره بِنصْف الْبذر وَنصف مَنْفَعَة الأَرْض ليزرع لَهُ النّصْف الآخر من الْبذر فِي النّصْف الآخر من الأَرْض وَسَيَأْتِي بَيَان ذَلِك فِي كتاب الْإِجَارَة إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَيشْتَرط تَخْصِيص الثِّمَار بالمتساقيين وتشريكهما فِيهَا وَالْعلم بالنصيبين بالجزئية كَمَا فِي الْقَرَاض وَأَصَح الْقَوْلَيْنِ عَن الشَّافِعِي: أَنه لَا تصح الْمُسَاقَاة بعد ظُهُور الثِّمَار وَلَكِن قبل بَدو الصّلاح وَلَو ساقاه على ودي ليغرسه وَيكون بَينهمَا لم يجز وَإِن كَانَ مغروسا وَشرط لَهُ جُزْءا من الثَّمَرَة فَإِن قدر العقد بِمدَّة يُثمر فِيهَا غَالِبا صَحَّ العقد وَإِن قدره بِمدَّة لَا يُثمر فِيهَا مثله لم يَصح وَلَا يشْتَرط على الْعَامِل مَا لَيْسَ من جنس أَعمال الْمُسَاقَاة وَيعرف الْعَمَل بِتَقْدِير الْمدَّة من سنة أَو أَكثر وَلَا يجوز التَّوْقِيت بِإِدْرَاك الثِّمَار وَصِيغَة العقد أَن يَقُول: ساقيتك على هَذَا النّخل بِكَذَا وَمَعْنَاهُ سلمتها إِلَيْك لتتعهدها وَيشْتَرط فِيهِ الْقبُول وَلَا يشْتَرط تَفْصِيل الْأَعْمَال وَيحمل الْمُطلق فِي كل نَاحيَة على الْعرف الْغَالِب وعَلى الْعَامِل كل عمل يحْتَاج إِلَيْهِ إصْلَاح الثِّمَار واستزادتها وتكررها فِي كل سنة كالسقي وَمَا يتبعهُ من تنقية النَّهر وَإِصْلَاح الأجاجين الَّتِي يثبت فِيهَا المَاء وكالتلقيح وتنحية الْحَشِيش والقضبان الْمضرَّة وتعريش الكروم حَيْثُ جرت الْعَادة بِهِ وَحفظ الثِّمَار وجدادها وتجفيفها وَمَا يقْصد بِهِ حفظ الْأُصُول وَلَا يتَكَرَّر كل سنة فَهُوَ من وَظِيفَة الْمَالِك كبناء الْحِيطَان وحفر الْأَنْهَار الجديدة وَالْمُسَاقَاة لَازِمَة فَلَو هرب الْعَامِل قبل تَمام الْعَمَل وأتمه الْمَالِك مُتَبَرعا بَقِي اسْتِحْقَاق الْعَامِل فِي الثَّمَرَة تَاما وَإِلَّا اسْتَأْجر الْحَاكِم عَلَيْهِ من يتم الْعَمَل فَإِن لم يقدر على مُرَاجعَة الْحَاكِم فليشهد على الْإِنْفَاق إِن أَرَادَ الرُّجُوع وَإِن مَاتَ الْعَامِل وَخلف تَرِكَة أتم الْوَارِث الْعَمَل مِنْهَا وَإِن قَالَ الْوَارِث: أَنا أتم الْعَمَل بنفسي أَو أستأجر من مَالِي فعلى الْمَالِك تَمْكِينه وَإِذا ثَبت خِيَانَة الْعَامِل اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ من مَاله من يعْمل وَإِن أمكن الْحِفْظ بمشرف اقْتصر عَلَيْهِ وَإِذا خرجت الثِّمَار مُسْتَحقَّة رَجَعَ الْعَامِل على الَّذِي ساقاه بِأُجْرَة الْمثل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب: اتّفق فُقَهَاء الْأَمْصَار من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وأئمة الْمذَاهب على جَوَاز الْمُسَاقَاة وَذهب أَبُو حنيفَة إِلَى بُطْلَانهَا وَلم يذهب إِلَى ذَلِك أحد غَيره وَتجوز الْمُسَاقَاة على سَائِر الْأَشْجَار المثمرة كالنخل وَالْعِنَب والتين والجوز وَغير ذَلِك عِنْد مَالك وَأحمد وَهُوَ الْقَدِيم من مَذْهَب الشَّافِعِي وَاخْتَارَهُ الْمُتَأَخّرُونَ من أَصْحَابه وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد والجديد الصَّحِيح من مَذْهَب الشَّافِعِي: أَنه لَا تجوز إِلَّا فِي النّخل وَالْعِنَب وَقَالَ دَاوُد: لَا تجوز إِلَّا فِي النّخل خَاصَّة فصل: وَإِذا كَانَ بَين النخيل بَيَاض وَإِن كثر صحت الْمُزَارعَة عَلَيْهِ مَعَ الْمُسَاقَاة على النّخل عِنْد الشَّافِعِي وَأحمد بِشَرْط اتِّحَاد الْعَامِل وعسر إِفْرَاد النّخل بالسقي وَالْبَيَاض بالعمارة وبشرط أَن لَا يفصل بَينهمَا وَأَن لَا تقدم الْمُزَارعَة بل تكون تبعا للمساقاة وَأَجَازَ مَالك: دُخُول الْبيَاض الْيَسِير بَين الشّجر فِي غير الْمُسَاقَاة من غير اشْتِرَاط وَجوزهُ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد على أَصلهمَا فِي جَوَاز المخابرة فِي كل أَرض وَقَالَ أَبُو حنيفَة: بِالْمَنْعِ هُنَا كَمَا قَالَ بِعَدَمِ الْجَوَاز فِي الأَرْض المنفردة فصل: وَلَا تجوز المخابرة وَهِي عمل الأَرْض بِبَعْض مَا يخرج مِنْهَا وَالْبذْر من الْعَامِل بالِاتِّفَاقِ وَلَا الْمُزَارعَة وَهِي أَن يكون الْبذر من مَالك الأَرْض عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك وَهُوَ الْجَدِيد الصَّحِيح من قولي الشَّافِعِي وَالْقَدِيم من قوليه وَاخْتَارَهُ أَعْلَام الْمَذْهَب وَهُوَ الْمُرَجح وَقَالَ النَّوَوِيّ: وَهُوَ الْمُخْتَار الرَّاجِح فِي الدَّلِيل صِحَّتهَا وَهُوَ مَذْهَب أَحْمد وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد وَقَالَ النَّوَوِيّ: وَطَرِيق جعل الْغلَّة لَهما وَلَا أُجْرَة: أَن يستأجره بِنصْف الْبذر ليزرع لَهُ النّصْف الآخر ويعيره نصف الأَرْض وَقد تقدم ذكر ذَلِك فِي الحكم فصل: وَإِذا ساقاه على ثَمَرَة مَوْجُودَة وَلم يبد صَلَاحهَا : جَازَ عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَأَجَازَهُ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَسَحْنُون على كل ثَمَرَة مَوْجُودَة من غير تَفْصِيل وَإِذا اخْتلفَا فِي الْجُزْء الْمَشْرُوط تحَالفا عِنْد الشَّافِعِي وينفسخ العقد وَيكون لِلْعَامِلِ أُجْرَة مثله فِيمَا عمل بِنَاء على أَصله فِي اخْتِلَاف الْمُتَبَايعين وَمذهب الْجَمَاعَة: أَن القَوْل قَول الْعَامِل مَعَ يَمِينه انْتهى المصطلح: وَمَا يشْتَمل عَلَيْهِ من الصُّور وَلها عمد وَهِي ذكر المساقي والمساقى وأسمائهما وأنسابهما وَذكر النّخل وَالْعِنَب وَلَا يُقَال: الْكَرم لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (نهى عَن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 تَسْمِيَة الْعِنَب كرما) وموضعهما وتحديدهما وَمُدَّة الْمُسَاقَاة وَعمل الْعَامِل فيهمَا على مَا يَصح وَيجوز ذكر الْأَجْزَاء من التَّمْر أَو الْعِنَب على مَا يتفقان عَلَيْهِ لكل وَاحِد مِنْهُمَا والتسلم وَالتَّسْلِيم والرؤية وَالْإِشْهَاد والتاريخ وَصُورَة مَا إِذا كتب الْمُسَاقَاة فِي ذيل الْإِجَارَة: وساقى الْمُؤَجّر الْمَذْكُور الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور على مَا فِي الْمَأْجُور الْمَذْكُور من الْأَشْجَار المثمرة مُدَّة الْإِجَارَة على أَن يعْمل لَهُ فِي ذَلِك حق الْعَمَل بِنَفسِهِ أَو بِمن يقوم مقَامه فِي ذَلِك وَمهما فتح الله تَعَالَى من ثَمَر كَانَ للمؤجر الْمَذْكُور بِحَق عمله فِي ذَلِك كَذَا وَكَذَا سَهْما وَكَانَ لرب الأَرْض من ذَلِك بِحَق ملكه كَذَا وَكَذَا سَهْما أَو يَقُول: كَانَ مقسوما على كَذَا وَكَذَا سَهْما مَا هُوَ للمؤجر بِحَق ملكه كَذَا وَكَذَا وَمَا هُوَ للْمُسْتَأْجر بِحَق عمله كَذَا وَكَذَا مُسَاقَاة صَحِيحَة شَرْعِيَّة لَازِمَة وَسلم إِلَيْهِ ذَلِك فتسلمه مِنْهُ بِعقد هَذِه الْمُسَاقَاة تسلما شَرْعِيًّا ويكمل بالتاريخ وَصُورَة مَا إِذا كتب الْمُسَاقَاة مُفْردَة عَن كتاب الْإِجَارَة: ساقى فلَان فلَانا أَو أقرّ فلَان أَنه ساقى فلَانا أَو أشهد عَلَيْهِ فلَان أَنه ساقى فلَانا على مَا بِيَدِهِ من الْكَرم والنحل أَو على الْأَشْجَار النّخل وَالرُّمَّان والتين وَالزَّيْتُون وَالْعِنَب وَغير ذَلِك النابتة فِي أَرَاضِي الْبُسْتَان الْفُلَانِيّ الْجَارِي فِي ملك المساقي الْمَذْكُور وَبِيَدِهِ وتصرفه يذكرهُ ويصفه ويحدده وَإِن أمكن ذكر مساحته ذكرهَا وَمَا يُحِيط بِهِ من السياج الدائر عَلَيْهِ ويغلق عَلَيْهِ بَاب خَاص وشربه من ساقية كَذَا مُسَاقَاة صَحِيحَة شَرْعِيَّة جَائِزَة نَافِذَة مُدَّة سنة كَامِلَة من تَارِيخه أَو أَكثر مَا يتفقان عَلَيْهِ على أَن الْعَامِل الْمَذْكُور يتَوَلَّى الْقيام بِسَائِر مَا تحْتَاج إِلَيْهِ الْأَشْجَار المساقى عَلَيْهَا الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ من سقِِي وتنظيف الأَرْض من الْحَشِيش والعيدان وَإِصْلَاح الأجاجين وتنحية مَا يضر بالأشجار وتأبير النّخل وجداده وزبر الْكَرم وَإِقَامَة عرائشه وَحفظه وَسَائِر مَا يحْتَاج إِلَيْهِ بِنَفسِهِ وبمن يَسْتَعِين بِهِ من أَجْزَائِهِ وعوامله وأبقاره وعدده وآلاته الْمعدة لمثل ذَلِك وَمهما أطلعه الله فِي ذَلِك ورزقه من ثَمَرَة كَانَ مقسوما على ثَلَاثَة أَقسَام: للْمَالِك بِحَق ملكه قِسْمَانِ وللعامل بِحَق عمله قسم وَاحِد أَو يَقُول: كَانَ مقسوما على ألف جُزْء لفُلَان المبدأ بِذكرِهِ بِحَق ملكه جُزْء وَاحِد وَلفُلَان الْمثنى بِذكرِهِ بِحَق عمله بَقِيَّة الْأَجْزَاء الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ وَذَلِكَ بعد إِخْرَاج الْمُؤَن والكلف وَالْأَجْر وَحقّ الله تَعَالَى إِن وَجب تعاقدا على ذَلِك معاقدة صَحِيحَة شَرْعِيَّة مُشْتَمِلَة على الْإِيجَاب وَالْقَبُول وَسلم الْمَالِك إِلَى الْعَامِل جَمِيع الْبُسْتَان الْمَذْكُور بِعقد هَذِه الْمُسَاقَاة الْجَائِزَة بَينهمَا على الحكم المشروح أَعْلَاهُ فتسلمه مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا بعد الرُّؤْيَة والمعرفة والإحاطة بذلك علما وخبرة نَافِيَة للْجَهَالَة رَضِيا بذلك واتفقا عَلَيْهِ ويكمل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 وَصُورَة الْمُسَاقَاة على سَائِر الْأَشْجَار الْمُخْتَلفَة الثِّمَار على مَذْهَب مَالك وَأحمد وَأحد قولي الشَّافِعِي خلافًا لأبي حنيفَة: ساقى فلَان فلَانا البستاني على جَمِيع الْأَشْجَار الْمُخْتَلفَة الثِّمَار الْقَائِمَة بأراضي الْبُسْتَان الْفُلَانِيّ الْمَعْرُوف ببستان كَذَا الرَّاكِب على نهر كَذَا وَله حق شرب من النَّهر الْمَذْكُور مَعْلُوم وَهُوَ يَوْم الثُّلَاثَاء وَلَيْلَة الْأَرْبَعَاء من كل أُسْبُوع مثلا أَو يكون سقيه بالسواقي والعوامل فيذكر ذَلِك ويصف الْبُسْتَان وَيذكر اشتمالاته وأنواع فواكهه وأشجاره وَصفا تَاما ويحدده ثمَّ يَقُول: مُسَاقَاة صَحِيحَة شَرْعِيَّة جَائِزَة لَازِمَة مُدَّة سنة كَامِلَة من تَارِيخه أَو أقل أَو أَكثر على أَن الْعَامِل الْمَذْكُور يتَوَلَّى سقِِي الْأَشْجَار الْمَذْكُورَة والحرث حول أُصُولهَا وتنظيف الأَرْض من الْحَشِيش والعيدان وتنحية مَا يَضرهَا وَوضع الشواميك تَحت غصونها عِنْد تعذر حمل ثمارها وَأَن يحفظ ثمارها بِنَفسِهِ وَيعْمل فِي ذَلِك بأجرائه وعوامله وعدده وآلاته وَمهما رزق الله تَعَالَى من ثَمَرَة فِي ذَلِك كَانَ مقسوما بَينهمَا على كَذَا وَكَذَا سَهْما للْمَالِك من ذَلِك بِحَق ملكه كَذَا وللعامل بِحَق عمله كَذَا وَذَلِكَ بعد إِخْرَاج الْمُؤَن والكلف وَالْأَجْر وَحقّ الله تَعَالَى إِن وَجب ويكمل بِذكر المعاقدة والتسلم وَالتَّسْلِيم والرؤية والاتفاق والتراضي على نَحْو مَا تقدم شَرحه تَنْبِيه: هَذِه الْمُسَاقَاة مَقْصُودَة فِي الْأَشْجَار الَّتِي لَيْسَ تحتهَا أَرض مكشوفة قَليلَة وَلَا كَثِيرَة وَإِنَّمَا الْأَشْجَار مغطية لجَمِيع الأَرْض فَأَما إِذا كَانَ بَين الْأَشْجَار أَرض بَيَاض مكشوفة قَليلَة أَو كَثِيرَة فَإِنَّهُ تجوز الْمُزَارعَة عَلَيْهَا مَعَ الْمُسَاقَاة فِي عقد وَاحِد وَيكون لِلْعَامِلِ جُزْء من الثَّمَرَة وجزء مِمَّا يخرج من الأَرْض وَذَلِكَ مَذْهَب أَحْمد وَحده وَمذهب أبي يُوسُف خلافًا للباقين وَأَن يكون الْبذر من صَاحب الأَرْض لَا يرجع ببذره وَقَالَ أَبُو يُوسُف: يخرج الْبذر أَولا من وسط الْغلَّة وَيقسم الْبَاقِي بَينهمَا بالجزئية الَّتِي اشترطاها سَوَاء كَانَ الْبذر لِلْعَامِلِ أَو لَهما وَصُورَة الْمُسَاقَاة والمزارعة على أَشجَار بَينهمَا أَرض بَيَاض وَالْبذْر من الْمَالِك يخرج أَولا وَيقسم الْبَاقِي بَينهمَا: ساقى فلَان فلَانا على جَمِيع الْأَشْجَار الْمُخْتَلفَة الثِّمَار الْقَائِمَة أُصُولهَا بأراضي الْبُسْتَان الْفُلَانِيّ الْمَعْرُوف بِكَذَا ويوصف ويحدد وزارعه على الْأَرَاضِي الْبيَاض الْكَشْف الَّتِي بَين الْأَشْجَار الْمَذْكُورَة مُسَاقَاة ومزارعة صحيحتين شرعيتين جائزتين شرعا على أَن فلَانا يعْمل فِي ذَلِك حق الْعَمَل الْمُعْتَاد فِي مثل ذَلِك ويتعاهد أشجاره بالسقي على عَادَته ويقطف ثماره وَيقوم بمصالحه وإزاحة أعذاره وَسَائِر مَا يحْتَاج إِلَيْهِ وَأَن يبذر الأَرْض الْبيَاض الَّتِي بِهِ بِمَا يحضرهُ لَهُ الْمَالِك من الْبذر ويغلقها بالزراعة بعد الْحَرْث والسواد وَغير ذَلِك مِمَّا يحْتَاج إِلَيْهِ الزراع فِي مثل ذَلِك بِنَفسِهِ وبمن يَسْتَعِين بِهِ من أجرائه وعوامله وثيرانه وعدده وآلاته فَإِذا بدا الصّلاح فِي الثَّمَرَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 وَجَاز بيعهَا ودرست الْغلَّة وَصَارَت حبا صافيا وَبَلغت الخضراوات المزروعة بِالْأَرْضِ الْمَذْكُورَة فطاب أكلهَا: كَانَ ذَلِك بَينهمَا على ثَلَاثَة أسْهم: سَهْمَان للْمَالِك بِحَق ملكه وَسَهْم لِلْعَامِلِ بِحَق عمله وَذَلِكَ بعد إِخْرَاج مَا يجب إِخْرَاجه من الْمُؤَن والكلف وَالْأَجْر وَالْبذْر وَحقّ الله تَعَالَى إِن وَجب ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه وَإِن اتفقَا على ترك الْبذر وَعدم إِخْرَاجه من الْوسط فقد وَافق مَذْهَب مُحَمَّد أَيْضا تَنْبِيه: قد منع الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى جَوَاز الْمُسَاقَاة إِلَّا على وَجه وَاحِد وَهُوَ أَن يكون النّخل كثيرا وَالْبَيَاض يَسِيرا وَجوز مَالك الْمُزَارعَة تبعا للمساقاة على الأَرْض الَّتِي بَين النخيل قَليلَة كَانَت أَو كَثِيرَة تبعا لِلْأُصُولِ وَفِي الْمُسَاقَاة على الليف وَالسَّعَف والكرنوف خلاف فَإِن كَانَت تعد من الثَّمَرَة جَازَ وَإِلَّا فَلَا وَصُورَة مَا إِذا أجره الأَرْض وساقاه على مَا فِيهَا من نخل أَو عِنَب أَو شجر: اسْتَأْجر فلَان من فلَان جَمِيع بَيَاض الأَرْض الْفُلَانِيَّة ويصفها ويحددها وَيَقُول: خلا مَوَاضِع النّخل وَالشَّجر ومغارسها من الأَرْض المحدودة الموصوفة أَعْلَاهُ أَو يَقُول: خلا منابت الْأَشْجَار النابتة فِي الأَرْض الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ وَمَا لذَلِك من طَرِيق شرب وَحقّ من هَذِه الأَرْض الْمَذْكُورَة فَإِن ذَلِك لم يدْخل وَلَا شَيْء مِنْهُ فِي عقد الْإِجَارَة إِجَارَة شَرْعِيَّة لمُدَّة كَذَا بِأُجْرَة مبلغها كَذَا وَيذكر قبضهَا أَو حلولها أَو تقسيطها ويكمل الْإِجَارَة بالمعاقدة والتسلم وَالتَّسْلِيم والرؤية وَبعد ذكر التَّفَرُّق يَقُول: ثمَّ يعد تَمام ذَلِك ولزومه شرعا ساقى فلَان الْمُؤَجّر فلَانا الْمُسْتَأْجر أَو سَأَلَ فلَان الْمُسْتَأْجر فلَانا الْمُؤَجّر أَن يساقيه على مَا فِي الأَرْض الْمُؤجرَة المحدودة الموصوفة بأعاليه من نخل وَشَجر مُدَّة الْإِجَارَة الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ على أَن يسقى ذَلِك كُله ويؤبر مَا يحْتَاج مِنْهُ إِلَى التَّأْثِير ويلقحه وَيقطع الْحَشِيش وَالسَّعَف والأطراف الْمضرَّة بِهِ ويعمره وَيقوم بِجَمِيعِ مَا يحْتَاج إِلَيْهِ لطول الْمدَّة الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ بِنَفسِهِ وبمن يَسْتَعِين بِهِ من أَجْزَائِهِ وعوامله وآلاته وعدده وَمهما رزق الله فِيهِ وَأَعْطَاهُ من ثَمَرَة كَانَ لفُلَان مِنْهَا بِحَق ملكه كَذَا وَلفُلَان بِحَق عمله ومساقاته كَذَا وَذَلِكَ بعد إِخْرَاج الْمُؤَن والكلف وَالْأَجْر وَحقّ الله تَعَالَى إِن وَجب فَأَجَابَهُ إِلَى مَا سَأَلَهُ وساقاه على ذَلِك وَرَضي بِمَا شَرطه لَهُ وَسلم إِلَيْهِ جَمِيع مَا فِي الأَرْض الْمَذْكُورَة من نخل وَشَجر فتسلمه مِنْهُ وَصَارَ بِيَدِهِ بِعقد الْمُسَاقَاة الْجَارِي بَينهمَا على ذَلِك بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُول وَضمن المساقي الْمَذْكُور الْقيام بِمَا ساقاه عَلَيْهِ على مَا يُوجِبهُ شَرط الْمُسَاقَاة الشَّرْعِيَّة الْجَائِزَة شرعا وَذَلِكَ بعد الرُّؤْيَة والمعرفة عِنْد عقد الْإِجَارَة وَقَبله ويؤرخ وَصُورَة إِجَارَة ومساقاة أُخْرَى: اسْتَأْجر فلَان من فلَان جَمِيع بَيَاض أَرض الْبُسْتَان الشّجر السَّقْي الْمَعْرُوف بِكَذَا ويوصف ويحدد بحقوقها كلهَا وحدودها وبئرها الكائنة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 بهَا والساقية الْخشب المركبة على فوهتها وَمَا يعرف بهَا وينسب إِلَيْهَا خلا مغارس الْأُصُول النابتة فِي الأَرْض الْمَذْكُورَة فَإِنَّهَا خَارِجَة عَن عقد هَذِه الْإِجَارَة إِجَارَة شَرْعِيَّة لينْتَفع الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور بذلك الِانْتِفَاع الشَّرْعِيّ بالزراعات الصيفية والشتوية غير الْمضرَّة بالأشجار النابتة فِي الْمَأْجُور مُدَّة كَذَا بِأُجْرَة مبلغها كَذَا وَسلم إِلَيْهِ مَا أجره إِيَّاه فتسلم ذَلِك مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا بعد النّظر والمعرفة وَالْمُعَاقَدَة الشَّرْعِيَّة وَسلم إِلَيْهِ الْأُصُول الْقَائِمَة فِي الأَرْض الْمُؤجرَة المحدودة الموصوفة بأعاليه فتسلمها مِنْهُ على سَبِيل الْمُسَاقَاة الشَّرْعِيَّة الْجَائِزَة شرعا المنعقدة بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُول على أَن هَذَا المساقي الَّذِي هُوَ الْمُسْتَأْجر يتَوَلَّى تكريم أُصُولهَا وتقليم نخلها وتأبيرها وتلقيحها وسقيها بِالْمَاءِ والتحويط عَلَيْهَا وتنقية مَا حولهَا من النباتات الْمضرَّة بهَا وَأَن يفعل مَا يَفْعَله المساقون فِيهَا على الْعَادة فِي مثلهَا لطول مُدَّة الْإِجَارَة الْمعينَة أَعْلَاهُ بِنَفسِهِ وبمن يَسْتَعِين بِهِ من أجرائه وعوامله وعدده وآلاته وَمهما فتح الله فِي ذَلِك عِنْد إِدْرَاك غلاتها فللمساقي الْمَالِك سهم وَاحِد من جملَة ألف سهم بِحَق ملكه وللمستأجر المساقي تِسْعمائَة وَتِسْعَة وَتسْعُونَ جُزْءا بِحَق عمله حَسْبَمَا اتفقَا وتراضيا على ذَلِك وَذَلِكَ بعد إِخْرَاج مَا يجب إِخْرَاجه شرعا واعترف كل مِنْهُمَا بِمَعْرِِفَة مَا تعاقد عَلَيْهِ ونظرهما لَهُ وخبرتهما بِهِ الْخِبْرَة النافية للْجَهَالَة ويؤرخ تَنْبِيه: من أَرَادَ الِاحْتِيَاط فِي الْمُسَاقَاة وَالْخُرُوج مِمَّا جرى فِيهِ الْخلاف بَين الْعلمَاء فليذكر فِي آخر العقد: أَن الْمُتَعَاقدين تَصَادقا على أَن العقد الْجَارِي بَينهمَا فِي ذَلِك حكم بِهِ حَاكم شَرْعِي يرى صِحَّته وَيَقُول: وأنهما رفعا ذَلِك إِلَى حَاكم شَرْعِي نظر فِيهِ فَرَآهُ صَحِيحا على مُقْتَضى قَاعِدَة مذْهبه الشريف وَأَنه حكم بِصِحَّتِهِ وأمضاه وَأَجَازَهُ وارتضاه وألزم الْعَمَل بِمُقْتَضَاهُ حكما شَرْعِيًّا وَيكون الِاحْتِرَاز بِذكر حكم الْحَاكِم لأجل اخْتِلَاف النَّاس فِي عقد الْمُسَاقَاة وَقد تقدم بَيَانه ضَابِط: الْعَمَل فِي الْمُسَاقَاة على ضَرْبَيْنِ: عمل يعود نَفعه على الثَّمَرَة فَهُوَ على الْعَامِل وَعمل يعود نَفعه على الأَرْض فَهُوَ رب المَال وَلَا بُد أَن تكون الْمُسَاقَاة مُؤَقَّتَة لمُدَّة مَعْلُومَة والأجود: أَن لَا تزيد على ثَلَاث سِنِين وصيغتها: ساقيتك أَو عقدت مَعَك عقد الْمُسَاقَاة وتنعقد بِكُل لفظ يُؤَدِّي إِلَى مَعْنَاهَا وَالْمُسَاقَاة عقد لَازم وَيملك الْعَامِل نصِيبه من الثَّمَرَة بعد الظُّهُور على الْمَذْهَب وَقد تقدم ذكر ذَلِك وَالله أعلم بَاب الْمُزَارعَة وَالْمُخَابَرَة : الصَّحِيح: أَنَّهُمَا عقدان مُخْتَلِفَانِ فالمزارعة: الْمُعَامَلَة على الأَرْض بِبَعْض مَا يخرج الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 من زَرعهَا وَالْبذْر من مَالك الأَرْض وَالْمُخَابَرَة: مثلهَا إِلَّا أَن الْبذر من الْعَامِل وَقيل: هما بِمَعْنى وَاحِد وَالصَّحِيح الأول وَبِه قَالَ الْجُمْهُور وَهُوَ ظَاهر نَص الشَّافِعِي وَأما قَول صَاحب الْبَيَان: إِن أَكثر الْأَصْحَاب قَالُوا: هما بِمَعْنى وَاحِد فمردود لَا يعْتَبر وَقد يُقَال: المخابرة اكتراء الأَرْض بِبَعْض مَا يخرج مِنْهَا والمزارعة: اكتراء الْعَامِل ليزرع الأَرْض بِبَعْض مَا يخرج مِنْهَا وَالْمعْنَى: لَا يخْتَلف وَهِي مُخْتَلف فِيهَا بَين الْعلمَاء قَالَ النَّوَوِيّ: الْمُخْتَار جَوَاز الْمُزَارعَة وَالْمُخَابَرَة وَالْمَعْرُوف من مَذْهَب الشَّافِعِي بُطْلَانهَا قَالَ صَاحب الْبَحْر الصَّغِير: وَأرى جَوَاز الْمُزَارعَة وَالْمُسَاقَاة فِي جَمِيع الْأَرَاضِي وَالْأَشْجَار المثمرة والمعاطاة فِي المحقرات لعُمُوم الْبلوى فِي الْبلدَانِ وصيانة الْخلق عَن الْعِصْيَان فَمن كتبهَا على مَذْهَب من يرى ذَلِك فليعرض بِذكر حكم الْحَاكِم بِصِحَّتِهَا وإجازتها ليخرج من الْخلاف كَمَا تقدم ذكره آنِفا وَصُورَة الْمُزَارعَة على أصل من يَقُول بِصِحَّتِهَا: أقرّ فلَان أَنه تسلم من فلَان جَمِيع الْقطعَة الأَرْض الْفُلَانِيَّة وَيذكر حُدُودهَا وحقوقها على أَن يعمرها بِنَفسِهِ وأعوانه ودوابه ويزرع فِيهَا كَذَا وَكَذَا فِي سنة كَذَا أَو ليزرع فِيهَا مَا يحب ويختار من المزروعات الصيفية والشتوية على الْعَادة فِي مثل ذَلِك وَيقوم بسقي مَا يزرع فِيهَا وَبِمَا يصلحه وينميه إِلَى حِين بُلُوغه واستكمال منفعَته وَمهما رزق الله تَعَالَى فِي ذَلِك وَأَعْطَاهُ بكرمه من غلَّة الزَّرْع الْمَذْكُور أخرج مِنْهُ مَا يجب عَلَيْهِ فِيهِ الصَّدَقَة وَكَانَ الْبَاقِي بَينهمَا لفُلَان بِحَق أرضه كَذَا وَلفُلَان بِحَق بذره وَعَمله كَذَا وَرَضي فلَان الْمَالِك للْأَرْض الْمَذْكُورَة بذلك بمخاطبته إِيَّاه واتفاقهما وتراضيهما على ذَلِك ويؤرخ وَصُورَة أُخْرَى فِي الْمُزَارعَة: أقرّ فلَان أَنه تسلم من فلَان جَمِيع الأَرْض السليخة الكائنة بمَكَان كَذَا الْمَعْرُوفَة بِكَذَا وتوصف وتحدد ليزرعها من عِنْده أَو يَقُول: من مَاله وصلب حَاله حِنْطَة أَو غَيرهَا من أَصْنَاف الْحُبُوب والمزروعات فِي سنة كَذَا تسلما شَرْعِيًّا وَمهما لحق ذَلِك من حرث وحصاد ورجاد ودرس ودراوة وَغير ذَلِك من بداءة الزَّرْع وَإِلَى نِهَايَة استغلاله يكون على فلَان الْعَامِل الْمَذْكُور فَإِذا صَار حبا صافيا كَانَ لفُلَان كَذَا وَلفُلَان كَذَا حَسْبَمَا اتفقَا وتراضيا على ذَلِك ويؤرخ فَائِدَة: رُبمَا اشْترط النَّاس فِي الْمُسَاقَاة أَو الْمُزَارعَة مَا يفْسد عقدهَا من عمل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 دولاب أَو حفر نهر أَو بِنَاء حَائِط فالموثق إِذا خَافَ الْفساد فِي كِتَابَته وَكَانَ لَا بُد من ذكر مَا اتفقَا عَلَيْهِ من ذَلِك فليكتب آخر الْكتاب بعد تَمام العقد ثمَّ أقرّ الْمزَارِع الْمَذْكُور أَو المساقي الْمَذْكُور إِقْرَارا شَرْعِيًّا صدر مِنْهُ على غير شَرط كَانَ فِي صلب عقد هَذِه الْمُزَارعَة أَو الْمُسَاقَاة وَلَا مقترن بِهِ أَن عَلَيْهِ لفُلَان بِحَق وَاجِب عرفه لَهُ على نَفسه: بِنَاء جَمِيع الْحَائِط الْفُلَانِيّ أَو حفر النَّهر الْفُلَانِيّ أَو عمل دولاب فِي الْجِهَة الْفُلَانِيَّة قبل ذَلِك مِنْهُ قبولا شَرْعِيًّا وَفِي هَذَا ضَرَر على الْمزَارِع وَمَا أَظن كَاتبه بَينهمَا يسلم من الْإِثْم فَيَنْبَغِي أَن يتَحَلَّل مِنْهُمَا: وَأَيْضًا فَلَا بُد فِي هَذِه الْعُقُود من مُرَاعَاة الشُّرُوط كرؤية الأَرْض والآلات وَتَقْدِير الْمدَّة وَغَيرهَا هَذَا إِذا أفردت الأَرْض بِالْعقدِ وَأما إِذا كَانَ بَين النّخل: فَتجوز الْمُزَارعَة عَلَيْهِ مَعَ الْمُسَاقَاة على النّخل وَقد تقدّمت صور ذَلِك وَيشْتَرط فِيهِ اتِّحَاد الْعَامِل فَلَا يجوز أَن يساقي وَاحِدَة ويزارع آخر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 كتاب الْإِجَارَة وَمَا يتَعَلَّق بهَا من الْأَحْكَام وَهِي مُشْتَقَّة من الْأجر وَهُوَ الثَّوَاب تَقول: آجرك الله أَي أثابك الله فَكَأَن الْأُجْرَة عوض عمله كَمَا أَن الثَّوَاب عوض عمله وَالْأَصْل فِيهَا: الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع وَالْقِيَاس أما الْكتاب: فَقَوله تَعَالَى: {فَإِن أرضعن لكم فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ} قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: لَو لم يكن فِي الْإِجَارَة إِلَّا هَذَا لكفى وَذَلِكَ أَن الله تَعَالَى ذكر أَن الْمُطلقَة إِذا أرضعت ولد زَوجهَا فَإِنَّهُ يُعْطِيهَا أجرتهَا وَالْأُجْرَة لَا تكون إِلَّا فِي الْإِجَارَة وَالرّضَاع غرر لِأَن اللَّبن قد يقل وَقد يكثر وَقد يشرب الصَّبِي من اللَّبن كثيرا وَقد يشرب قَلِيلا وَقد أجَازه الله تَعَالَى وَيدل على صِحَّتهَا: قَوْله تَعَالَى فِي قصَّة مُوسَى وَشُعَيْب عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام: {يَا أَبَت اسْتَأْجرهُ إِن خير من اسْتَأْجَرت الْقوي الْأمين قَالَ إِنِّي أُرِيد أَن أنكحك إِحْدَى ابْنَتي هَاتين على أَن تَأْجُرنِي ثَمَانِي حجج} فلولا أَن الْإِجَارَة كَانَت جَائِزَة فِي شرعهم لما قَالَت: {يَا أَبَت اسْتَأْجرهُ} وَأَيْضًا: فَإِنَّهُ قَالَ بعد قَوْلهَا {يَا أَبَت اسْتَأْجرهُ} وَلم يُنكر عَلَيْهَا {إِنِّي أُرِيد أَن أنكحك إِحْدَى ابْنَتي هَاتين على أَن تَأْجُرنِي ثَمَانِي حجج} فَجعل الْمَنْفَعَة مهْرا وَقَوله تَعَالَى فِي قصَّة مُوسَى وَالْخضر عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام: {قَالَ لَو شِئْت لاتخذت عَلَيْهِ أجرا} وَأما السّنة: فروى أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (أعْطوا الْأَجِير حَقه قبل أَن يجِف عرقه) وروى أَبُو هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (من اسْتَأْجر أَجِيرا فليبين لَهُ الْأُجْرَة) وَرُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (قَالَ ربكُم سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ثَلَاثَة أَنا خصمهم يَوْم الْقِيَامَة وَمن كنت خَصمه خصمته: رجل أعْطى بِي عهدا ثمَّ غدر وَرجل بَاعَ حرا فَأكل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 ثمنه وَرجل اسْتَأْجر أَجِيرا فاستوفى عمله وَلم يوفه أجره وروت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبا بكر استأجرا رجلا خريتا عَالما بالهداية والخريت الدَّلِيل وَرُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم احْتجم وَأعْطى الْحجام أجرته وَأما الْإِجْمَاع فَروِيَ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه أجر نَفسه من يَهُودِيّ يَسْتَقِي لَهُ المَاء اكل دلو بتمرة وَرُوِيَ أَن ابْن عمر وَابْن عَبَّاس قَالَا فِي قَوْله تَعَالَى {لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تَبْتَغُوا فضلا من ربكُم} (الْبَقَرَة 198) هُوَ أَن يحجّ الرجل ويؤاجر نَفسه وَرُوِيَ أَن عبد الرحمنبن عَوْف اسْتَأْجر أَرضًا فَبَقيت فِي يَده إِلَى أَن مَاتَ فَقَالَ أَهله نَا نرى أَنَّهَا لَهُ حَتَّى وصّى بهَا وَذكر أَن عَلَيْهِ شَيْئا من أجرتهَا وَمَا رُوِيَ خلاف ذَلِك عَن أحد من الصَّحَابَة وَأما الْقيَاس فَلِأَن الْمَنَافِع كالأعيان فَلَمَّا جَازَ عقد البيع على الْأَعْيَان جَازَ عقد الْإِجَارَة على الْمَنَافِع وَيعْتَبر فِي الْمُؤَجّر وَالْمُسْتَأْجر مَا يعْتَبر فِي البَائِع وَالْمُشْتَرِي وَصِيغَة العقد أَن يَقُول أجرتك هَذِه الدَّار أَو أكريتك أَو مَلكتك مَنَافِعهَا مُدَّة كَذَا بِكَذَا فَيَقُول الْمُسْتَأْجر اسْتَأْجَرت أَو اكتريت أَو تملكت أَو قبلت وَأظْهر الْوَجْهَيْنِ أَنَّهَا تَنْعَقِد بِمَا لَو قَالَ أجرتك مَنْفَعَتهَا وَأَنَّهَا لَا تَنْعَقِد إِذا قَالَ بِعْتُك مَنْفَعَتهَا وتنقسم الْإِجَارَة إِلَى وَارِدَة على الْعين كإجارات العقارات وكما إِذا اسْتَأْجر دَابَّة بِعَينهَا للْحَمْل أَو الرّكُوب أَو شخصا بِعَيْنِه للخياطة أَو غَيرهَا وَإِلَى وَارِدَة على الذِّمَّة كاستئجار دَابَّة مَوْصُوفَة وكما إِذا الْتزم للْغَيْر خياطَة أَو بِنَاء وَإِذا قَالَ استأجرك لتعمل كَذَا فَالْحَاصِل إِجَارَة عين أَو إِجَارَة فِي الذِّمَّة فِيهِ وَجْهَان أظهرهمَا الأول وَيشْتَرط فِي الْإِجَارَة فِي الذِّمَّة تَسْلِيم الْأُجْرَة فِي الْمجْلس كتسليم رَأس مَال السّلم فِي الْمجْلس وَفِي إِجَارَة الْعين لَا يشْتَرط وَيجوز فِي الْأُجْرَة التَّعْجِيل والتأجيل إِن كَانَت فِي الذِّمَّة وَإِذا أطلقت تعجلت وَإِن كَانَت مُعينَة ملكت فِي الْحَال كَالْبيع ولتكن الْأُجْرَة مَعْلُومَة تَنْبِيه قَوْلنَا مَعْلُومَة احْتِرَازًا من الْمَنْفَعَة المجهولة فَإِنَّهَا لَا تصح للغرر وَلَا بُد من الْعلم بِالْمَنْفَعَةِ قدرا ووصفا بِحَيْثُ تكون قَابِلَة للبذل وَالْإِبَاحَة وعَلى هَذَا اسْتِئْجَار آلَات اللَّهْو كالطنبور والمزمار والرباب وَنَحْوهَا حرَام يحرم بذل الْأُجْرَة فِي مقابلتها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 وَيحرم أَخذ الْأُجْرَة عَلَيْهَا لِأَنَّهَا من قبيل أكل أَمْوَال النَّاس بِالْبَاطِلِ وَكَذَلِكَ لَا يجوز اسْتِئْجَار المغاني وَلَا اسْتِئْجَار شخص لحمل خمر وَنَحْوه وَلَا اسْتِئْجَار شخص لجبي المكوس والرشا وَجَمِيع الْمُحرمَات وَلَا تصح إِجَارَة الدَّار بعمارتها وَلَا الدَّابَّة بعلفها وَلَا يجوز اسْتِئْجَار السلاخ بِالْجلدِ والطحان بِجُزْء من الدَّقِيق أَو بالنخالة وَلَو اسْتَأْجر الْمُرضعَة بِجُزْء من الرَّقِيق المرتضع فِي الْحَال الظَّاهِر: الْجَوَاز انْتهى وَيشْتَرط فِي الْمَنْفَعَة أَن تكون مُتَقَومَة فَلَا يجوز اسْتِئْجَار البَائِع على كلمة لَا يتعب بهَا وَإِن كَانَت السّلْعَة تروج بهَا وَأظْهر الْوَجْهَيْنِ: أَنه لَا يجوز اسْتِئْجَار الْكَلْب للصَّيْد والفحل للضراب وَيشْتَرط أَن يكون الْمُؤَجّر يقدر على تَسْلِيمه فَلَا يجوز اسْتِئْجَار الْآبِق وَالْمَغْصُوب وَلَا اسْتِئْجَار الْأَعْمَى لحفظ الْمَتَاع وَلَا يجوز اسْتِئْجَار الأَرْض لزرع مَا يسقى إِذا لم يكن لَهَا مَاء دَائِم وَكَذَا إِن كَانَ لَا تكفيها الأمطار الْمُعْتَادَة وَيجوز إِن كَانَ لَهَا مَاء دَائِم وَكَذَا إِن كَانَ يكفيها الأمطار الْمُعْتَادَة أَو مَاء الثلوج المجتمعة فِي الْجَبَل وَالْغَالِب الْحُصُول فِي الْوَجْهَيْنِ والمعجوز عَنهُ شرعا كالمعجوز عَنهُ حسا فَلَا يجوز الِاسْتِئْجَار لقلع سنّ صَحِيحَة وَلَا اسْتِئْجَار الْحَائِض لخدمة الْمَسْجِد وَأظْهر الْوَجْهَيْنِ: أَن اسْتِئْجَار الْمَنْكُوحَة للرضاع وَغَيره بِغَيْر إِذن الزَّوْج لَا يجوز وَيجوز تَأْجِيل الْمَنْفَعَة فِي الْإِجَارَة ف الذِّمَّة كَمَا إِذا ألزم ذمَّته الْحمل إِلَى مَوضِع كَذَا أَو إِلَى شهر كَذَا وَلَا يجوز إِيرَاد إِجَارَة الْعين على الْمَنْفَعَة الْمُسْتَقْبلَة كإجارة الدَّار للسّنة الْقَابِلَة وَلَو أجر السّنة الثَّانِيَة من الْمُسْتَأْجر قبل انْقِضَاء الأولى فالأشبه الْجَوَاز وَيجوز أَن يُؤجر دَابَّة من إِنْسَان ليرْكبَهَا بعض الطَّرِيق دون بعض أَو من اثْنَيْنِ ليركب هَذَا أَيَّامًا وَهَذَا أَيَّامًا وَيبين البعضين وَيشْتَرط أَيْضا فِي الْمَنْفَعَة: أَن تكون مَعْلُومَة وتقدر الْمَنَافِع تَارَة بِالزَّمَانِ كاستئجار الدَّار سنة وَتارَة بِمحل الْعَمَل كاستئجار الدَّابَّة إِلَى مَوضِع كَذَا للرُّكُوب والخياط ليخيط هَذَا الثَّوْب وَلَو جمع بَينهمَا فَقَالَ: استأجرتك لتخيط لي هَذَا الثَّوْب بَيَاض هَذَا النَّهَار فأصح الْوَجْهَيْنِ: أَنه لَا يجوز وَيقدر تَعْلِيم الْقُرْآن بالمدة أَو بِتَعْيِين السُّور وَيقدر فِي الِاسْتِئْجَار للْبِنَاء بتبيين الْموضع والطول وَالْعرض والسمك وَمَا يبنىء بِهِ إِن قدر بِالْعَمَلِ وَالْأَرْض الَّتِي تصلح للْبِنَاء والزراعة وَالْغِرَاس لَا بُد فِي إِجَارَتهَا من تعْيين الْمَنْفَعَة وَتَعْيِين الزِّرَاعَة يَعْنِي ذكر مَا يزرع فِي أصح الْوَجْهَيْنِ وَلَو قَالَ: أجرتكها لتنتفع بهَا مَا شِئْت صَحَّ وَلَو قَالَ: إِن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 شِئْت فازرعها وَإِن شِئْت فاغرسها جَازَ على الْأَصَح وَفِي إِجَارَة الدَّابَّة للرُّكُوب يَنْبَغِي أَن يعرف الْمُؤَجّر الرَّاكِب بمشاهدته وَيقوم مقَام الْمُشَاهدَة: الْوَصْف التَّام على الْأَشْبَه وَكَذَا الحكم فِيمَا يركب عَلَيْهِ من زاملة أَو حمل أَو غَيرهمَا وَلَا بُد فِي الْإِجَارَة على الْعين من تعْيين الدَّابَّة وَاشْتِرَاط رؤيتها وَفِي الْإِجَارَة فِي الذِّمَّة لَا بُد من ذكر الْجِنْس وَالنَّوْع والذكورة وَالْأُنُوثَة وتبيين قدر السّير فِي كل يَوْم فَإِن كَانَ فِي الطَّرِيق منَازِل مضبوطة جَازَ إهماله وَينزل العقد عَلَيْهَا وَفِي الِاسْتِئْجَار للْحَمْل يَنْبَغِي أَن يعرف الْمُؤَجّر الْمَحْمُول بِرُؤْيَتِهِ إِن كَانَ حَاضرا ويمتحنه بِالْيَدِ إِن كَانَ فِي ظرف وَإِن كَانَ غَائِبا فَيقدر بِالْكَيْلِ أَو الْوَزْن وَلَا بُد من ذكر الْجِنْس وَلَا يشْتَرط معرفَة جنس الدَّابَّة وصفتها إِن كَانَت الْإِجَارَة فِي الذِّمَّة إِلَّا إِذا كَانَ الْمَحْمُول زجاجا وَنَحْوه وَلَا يجوز الِاسْتِئْجَار للعبادات الَّتِي لَا تَنْعَقِد إِلَّا بِالنِّيَّةِ وَيسْتَثْنى الْحَج وتفرقة الزَّكَاة وَكَذَا الْجِهَاد وَيجوز لتجهيز الْمَيِّت وَدَفنه وَتَعْلِيم الْقُرْآن وَيجوز الِاسْتِئْجَار للحضانة والإرضاع مَعًا ولأحدهما دون الآخر وَالأَصَح: أَنه لَا يستتبع وَاحِد مِنْهُمَا الآخر والحضانة: حفظ الصَّبِي وتعهده بِغسْل الرَّأْس وَالْبدن وَالثيَاب وتدهينه وتكحيله وربطه فِي المهد وتحريكه لينام وَنَحْوهَا وَإِذا استؤجرت لَهما فَانْقَطع اللَّبن فَالْمَذْهَب: أَن العقد يَنْفَسِخ فِي الْإِرْضَاع وَفِي الْحَضَانَة وَالْمَشْهُور: أَنه لَا يجب الحبر على الْوراق وَلَا الْخَيط على الْخياط وَلَا الذرور على الكحال فِي استئجارهم وَيجب تَسْلِيم مِفْتَاح الدَّار إِلَى الْمُكْتَرِي وَلَيْسَ عَلَيْهِ عمَارَة الدَّار وَإِنَّمَا هِيَ من وَظِيفَة الْمكْرِي فَإِن بَادر وَعمر وَأصْلح المنكسر فَذَاك وَإِلَّا فللمكتري الْخِيَار وكسح الثلوج من السَّطْح كالعمارة وتطهير عَرصَة الدَّار عَن الكناسات على الْمُكْتَرِي وَكَذَا كسح الثَّلج فِي عَرصَة الدَّار وعَلى الْمكْرِي إِذا أجر الدَّابَّة للرُّكُوب: الإكاف والبرذعة والحزام والثفر والبرة والخطام وَالْأَشْبَه فِي السرج: اتِّبَاع الْعرف فِيهِ والمحمل والمظلة والغطاء وتوابعها على الْمُكْتَرِي والظرف الَّذِي ينْقل فِيهِ الْمَحْمُول على الْمكْرِي إِن وَردت الْإِجَارَة على الذِّمَّة وعَلى الْمُكْتَرِي إِن تعلّقت بِالْعينِ وعَلى الْمكْرِي فِي إِجَارَة الذِّمَّة: الْخُرُوج مَعَ الدَّابَّة ليتعهدها وإعانة الرَّاكِب فِي الرّكُوب وَالنُّزُول بِحَسب الْحَاجة وَرفع الْحمل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 وحطه وَشد الْمحمل وحله وَفِي إِجَارَة الْعين لَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا التَّخْلِيَة بَين الْمُكْتَرِي وَالدَّابَّة وتنفسخ إِجَارَة الْعين بِتَلف الدَّابَّة ويثتت الْخِيَار بعيبها وَفِي إِجَارَة الذِّمَّة لَا تَنْفَسِخ بالتلف وَلَا يثبت فِيهَا الْخِيَار بِالْعَيْبِ وَلَكِن على الْمكْرِي الْإِبْدَال وَالطَّعَام الْمَحْمُول ليؤكل بِبَدَل إِذا أكل على الْأَصَح وَالأَصَح: أَن مُدَّة الْإِجَارَة لَا تتقدر لَكِن يَنْبَغِي أَن لَا تزيد على مُدَّة بَقَاء ذَلِك الشَّيْء غَالِبا وَفِي قَول: لَا تزيد الْمدَّة على سنة وَفِي قَول آخر: ثَلَاثِينَ سنة والمستحق لِاسْتِيفَاء الْمَنْفَعَة لَهُ اسْتِيفَاء الْمَنْفَعَة بِغَيْرِهِ فَمن اسْتَأْجر ليركب: لَهُ أَن يركب مثل نَفسه أَو أخف مِنْهُ وَإِذا اسْتَأْجر ليسكن أسكن مثله وَلَا يسكن الْحداد والقصار وَلَا يجوز إِبْدَال مَا يَسْتَوْفِي الْمَنْفَعَة مِنْهُ كَالدَّارِ وَالدَّابَّة الْمعينَة والمستوفى بِهِ كَالثَّوْبِ الْمعِين للخياطة وَالصَّبِيّ الْمعِين للإرضاع وَفِي جَوَاز إِبْدَاله وَجْهَان أظهرهمَا: الْجَوَاز وَيَد الْمُسْتَأْجر على الدَّابَّة وَالثَّوْب يَد أَمَانَة فِي مُدَّة الْإِجَارَة وَبعد انْقِضَائِهَا كَذَلِك فِي أظهر الْوَجْهَيْنِ وَلَو ربط دَابَّة اكتراها لحمل أَو ركُوب وَلم ينْتَفع بهَا فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ إِلَّا إِذا انْهَدم الإصطبل عَلَيْهَا فِي وَقت لَو انْتفع بهَا لما أَصَابَهَا الانهدام وَإِذا تلف المَال فِي يَد الْأَجِير من غير تعد كَالثَّوْبِ إِذا اُسْتُؤْجِرَ لخياطة أَو صبغة فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ إِن لم ينْفَرد الْآجر بِالْيَدِ بل قعد الْمُسْتَأْجر عِنْده أَو أحضرهُ إِلَى منزله وَإِن انْفَرد بِالْيَدِ فَكَذَلِك فِي أصح الْأَقْوَال وَالثَّالِث: الْفرق بَين الْمُنْفَرد والمشترك وَلَا يضمن الْمُنْفَرد وَالْمُنْفَرد: هُوَ الَّذِي أجر نَفسه مُدَّة مُعينَة للْعَمَل والمشترك: هُوَ الَّذِي يقبل الْعَمَل فِي ذمَّته وَلَو دفع ثوبا إِلَى قصار ليقصره أَو خياط ليخيطه فَفعل وَلم يجر ذكر أُجْرَة فأصح الْوَجْهَيْنِ: أَن لَهُ الْأُجْرَة وَقد يستحسن القَوْل الثَّالِث وَهُوَ الْفرق بَين أَن يكون الْعَامِل مَعْرُوفا بذلك الْعَمَل فَيسْتَحق أَو لَا فَلَا يسْتَحق وَإِذا تعدى الْمُسْتَأْجر فِيمَا اسْتَأْجرهُ كَمَا لَو ضرب الدَّابَّة فَوق الْعَادة أَو أركب الدَّابَّة أثقل مِنْهُ أَو أسكن الدَّار الْحداد أَو الْقصار دخل الْمُسْتَأْجر فِي ضَمَانه وَكَذَلِكَ لَو اكترى لحمل مائَة من من الْحِنْطَة أَو الْعَكْس أَو اكترى لحمل عشر أَقْفِزَة من الشّعير فَحمل عشرَة من الْحِنْطَة دون الْعَكْس أَو أَن يحمل مائَة من من حِنْطَة فَحمل مائَة وَعشرَة فَعَلَيهِ أُجْرَة الْمثل للزِّيَادَة وَإِن تلفت الدَّابَّة بذلك فَعَلَيهِ الضَّمَان إِن لم يكن صَاحبهَا مَعهَا وَانْفَرَدَ بِالْيَدِ وَإِن كَانَ صَاحبهَا مَعهَا فَيضمن نصف الْقيمَة أَو قسطها من الزِّيَادَة فِيهِ قَولَانِ أقربهما: الثَّانِي وَإِن سلمه إِلَى الْمكْرِي فَحَمله وَهُوَ جَاهِل فَالظَّاهِر: وجوب الضَّمَان على الْمُكْتَرِي أَيْضا وَإِن وزن الْمكْرِي بِنَفسِهِ وَحمل فَلَا أُجْرَة لَهُ للزِّيَادَة وَلَا ضَمَان لَو تلفت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 الدَّابَّة وَلَو دفع ثوبا إِلَى خياط فخاطه قبَاء وَقَالَ: هَكَذَا أَمرتنِي وَقَالَ الْمَالِك: بل أَمرتك أَن تقطعه قَمِيصًا فأصح الْقَوْلَيْنِ: أَن القَوْل قَول الْمَالِك مَعَ يَمِينه وَإِذا حلف فَلَا أُجْرَة عَلَيْهِ وعَلى الْخياط أرش النُّقْصَان وَلَا تَنْفَسِخ الْإِجَارَة بالأعذار مثل أَن يسْتَأْجر حَماما فيتعذر عَلَيْهِ الْوقُود أَو دَابَّة ليسافر عَلَيْهَا فتمرض وَلَو اسْتَأْجر أَرضًا للزِّرَاعَة فزرعها فَهَل الزَّرْع بجائحة فَلَيْسَ لَهُ الْفَسْخ وَلَا حط شَيْء من الْأُجْرَة وَمَوْت الدَّابَّة والأجير المعينين يُوجب الِانْفِسَاخ فِي الْمُسْتَقْبل وَلَا يُؤثر فِي الْمَاضِي فِي أصح الْقَوْلَيْنِ ويستقر الْمُسَمّى بِالْقِسْطِ وَمَوْت الْمُتَعَاقدين لَا يُوجب الِانْفِسَاخ وَكَذَا مُتَوَلِّي الْموقف إِذا أجر الْبَطن الأول وَمَات قبل تَمامهَا فأصح الْوَجْهَيْنِ: أَن الْإِجَارَة تَنْفَسِخ وَلَو أجر ولي الصَّبِي مُدَّة لَا يبلغ فِيهَا بِالسِّنِّ فَبلغ بالاحتلام فأظهر الْوَجْهَيْنِ: أَن الْإِجَارَة تبقى وَالأَصَح: أَن انهدام الدَّار يُوجب الِانْفِسَاخ فَإِن انْقَطع مَاء الأَرْض الْمُسْتَأْجرَة للزِّرَاعَة فَذَلِك لَا يُوجب الِانْفِسَاخ وَلَكِن يثبت الْخِيَار وَلَو أكرى الْجمال جمالا وهرب وَتركهَا عِنْد الْمُكْتَرِي فيراجع الْمُكْتَرِي الْحَاكِم لينفق عَلَيْهَا من مَال الْجمال فَإِن لم يجد لَهُ مَالا اسْتقْرض عَلَيْهِ ثمَّ إِن وثق بالمكتري دَفعه إِلَيْهِ وَإِلَّا جعله عِنْد ثِقَة وَيجوز أَن يَبِيع مِنْهَا بِقدر مَا ينْفق من ثمنه عَلَيْهَا وَبَاقِي النَّفَقَة للمكتري وَيجوز أَن يَأْذَن للمكتري فِي الْإِنْفَاق عَلَيْهَا من مَاله ليرْجع فِي أظهر الْقَوْلَيْنِ وَإِذا تسلم الْمُكْتَرِي الدَّابَّة أَو الدَّار وأمسكها حَتَّى مَضَت مُدَّة الْإِجَارَة اسْتَقَرَّتْ الْأُجْرَة سَوَاء انْتفع بهَا أَولا وَلَو اسْتَأْجر للرُّكُوب إِلَى مَوضِع وتسلم المركوب وَمَضَت مُدَّة إِمْكَان السّير إِلَيْهِ فَكَذَلِك وَلَا فرق بَين إِجَارَة الْعين وَبَين أَن تكون فِي الذِّمَّة ويستقر فِي الْإِجَارَة الْفَاسِدَة أُجْرَة الْمثل بِمَا يسْتَقرّ بِهِ الْمُسَمّى فِي الصَّحِيحَة وَلَو أكرى عينا مُدَّة وَلم يُسَلِّمهَا حَتَّى مَضَت الْمدَّة انْفَسَخت الْإِجَارَة وَلم تقدر الْمدَّة وَلَو كَانَت الْإِجَارَة للرُّكُوب إِلَى مَوضِع وَلم يسلم الدَّابَّة حَتَّى مَضَت مُدَّة إِمْكَان السّير فَالْأَظْهر: أَنَّهَا لَا تَنْفَسِخ وَالصَّحِيح: أَنه إِذا أعتق عَبده الْمُسْتَأْجر لم تَنْفَسِخ الْإِجَارَة وَأَنه لَا خِيَار للْعَبد وَلَا رُجُوع على السَّيِّد بِالْأُجْرَةِ لما بعد الْعتْق وَيصِح بيع الْمُسْتَأْجر من الْمُسْتَأْجر وَلَا تَنْفَسِخ الْإِجَارَة فِي أصح الْوَجْهَيْنِ وَفِي بَيْعه من غير الْمُسْتَأْجر قَولَانِ أصَحهمَا: صِحَّته أَيْضا وَلَا تَنْفَسِخ الْإِجَارَة وَإِذا أجر النَّاظر فزادت الْأُجْرَة فِي الْمدَّة أَو ظهر طَالب بِالزِّيَادَةِ لم يَنْفَسِخ العقد فِي الْأَصَح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب : اتّفق الْعلمَاء على أَن الْإِجَارَة من الْعُقُود الْجَائِزَة بِالْعِوَضِ وَأَن من شَرط صِحَّتهَا: أَن تكون الْمَنْفَعَة والعوض معلومين وَاخْتلفُوا: هَل تملك الْأُجْرَة بِنَفس العقد فَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا تملك الْأُجْرَة بِالْعقدِ وَتجب أُجْرَة كل يَوْم بِقسْطِهِ من الْأُجْرَة وَقَالَ مَالك: لَا تملك الْمُطَالبَة إِلَّا يَوْمًا بِيَوْم وَأما الْأُجْرَة: فقد ملكت بِالْعقدِ وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد: تملك الْأُجْرَة بِنَفس العقد وتستحق بِالتَّسْلِيمِ وتستقر بِمُضِيِّ الْمدَّة وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا استأجروا دَارا كل شهر بِشَيْء مَعْلُوم فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنهُ: تصح الْإِجَارَة فِي الشَّهْر الأول وَتلْزم وَأما مَا عداهُ من الشُّهُور: فَيلْزم بِالدُّخُولِ فِيهِ وَقَالَ الشَّافِعِي الْمَشْهُور عَنهُ وَأحمد فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى: تبطل الْإِجَارَة فِي الْجَمِيع وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا اسْتَأْجر مِنْهُ شهر رَمَضَان فِي شهر رَجَب فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد: يَصح العقد وَقَالَ الشَّافِعِي: لَا يَصح وَاخْتلفُوا: هَل تصح الْإِجَارَة مُدَّة تزيد على سنة فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد: يجوز وَعَن الشَّافِعِي أَقْوَال أظهرها: لَا يَصح أَكثر من سنة وَعنهُ يجوز إِلَى ثَلَاثِينَ سنة وَعنهُ يجوز أَكثر من سنة بِغَيْر تَقْدِير وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا حول الْمَالِك الْمُسْتَأْجر فِي أثْنَاء الشَّهْر فَقَالُوا: لَهُ أُجْرَة مَا سكن إِلَّا أَحْمد فَإِنَّهُ قَالَ: لَا أُجْرَة لَهُ وَكَذَلِكَ قَالَ: إِن تحول السَّاكِن لم يكن لَهُ أَن يسْتَردّ أُجْرَة مَا بَقِي فَإِن أخرجته يَد غالبة كَانَ عَلَيْهِ أُجْرَة مَا سكن وَاخْتلفُوا فِي الْعين الْمُسْتَأْجرَة: هَل يجوز لمَالِكهَا بيعهَا فَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا تبَاع إِلَّا برضاء الْمُسْتَأْجر أَو يكون عَلَيْهِ دين يحْبسهُ الْحَاكِم عَلَيْهِ فيبيعها فِي دينه وَقَالَ مَالك وَأحمد: يجوز بيعهَا من الْمُسْتَأْجر وَغَيره يتسلمها المُشْتَرِي إِذا كَانَ غير الْمُسْتَأْجر بعد انْقِضَاء مُدَّة الْإِجَارَة وَعَن الشَّافِعِي قَولَانِ وَاخْتلفُوا فِي إِجَارَة الْمشَاع فَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا تصح إِجَارَة الْمشَاع إِلَّا من الشَّرِيك وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ: تجوز على الْإِطْلَاق وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ أظهرهمَا: أَنَّهَا لَا تصح على الْإِطْلَاق وَالْأُخْرَى: تصح اخْتَارَهَا أَبُو حَفْص العكبري وَاخْتلفُوا فِي جَوَاز الِاسْتِئْجَار لِاسْتِيفَاء الْقصاص فِي النَّفس وَفِيمَا دون النَّفس فَقَالَ أَبُو حنيفَة: يَصح الِاسْتِئْجَار على اسْتِيفَاء الْقصاص فِي النَّفس وَفِيمَا دون النَّفس وَقتل أهل الْحَرْب ثمَّ اخْتلفُوا هَل تجب الْأُجْرَة على الْمُقْتَص لَهُ أَو الْمُقْتَص مِنْهُ فَقَالَ أَبُو حنيفَة: هِيَ على الْمُقْتَص لَهُ فِي الْجَمِيع إِذا كَانَ فِي الطّرف أَو فِيمَا دون الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 النَّفس وَمَا فَوق ذَلِك فَلَا يجوز الِاسْتِئْجَار فِيهِ أصلا بِنَاء على مذْهبه وَقَالَ مَالك: هِيَ على الْمُقْتَص لَهُ فِي الْجَمِيع وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد: هِيَ على الْمُقْتَص مِنْهُ فِي الْجَمِيع وَاخْتلفُوا: هَل يجوز للْمُسْتَأْجر فسخ عقد الْإِجَارَة من عذر مُخْتَصّ كَمَرَض أَو غَيره فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: لَا يجوز وَهِي لَازِمَة من الطَّرفَيْنِ لَا يجوز لأحد مِنْهُمَا فَسخهَا إِلَّا أَن يمْتَنع اسْتِيفَاء الْمَنْفَعَة بِعَيْب فِي الْمَعْقُود عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو حنيفَة: للْمُسْتَأْجر الْفَسْخ لعذر يلْحقهُ مثل: أَن يمرض أَو يَحْتَرِق مَتَاعه أَو يسرق أَو يغصب أَو يفلس: فَيكون لَهُ فسخ الْإِجَارَة وَاخْتلفُوا هَل تَنْفَسِخ الْإِجَارَة بِمَوْت أحد الْمُتَعَاقدين فَقَالَ أَبُو حنيفَة: تبطل مَعَ الْإِمْكَان من اسْتِيفَاء الْمَنْفَعَة وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: لَا تَنْفَسِخ بِمَوْت أحد الْمُتَعَاقدين وَلَا بموتهما جَمِيعًا وَيقوم الْوَارِث مقَام مُوَرِثه فِي ذَلِك وَاخْتلفُوا فِي أَخذ الْأُجْرَة على الْقرب كتعليم الْقُرْآن وَالْحج وَالْأَذَان والإمامة فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد: لَا يجوز ذَلِك وَقَالَ مَالك: يجوز فِي تَعْلِيم الْقُرْآن وَالْحج وَالْأَذَان وَأما الْإِمَامَة: فَإِن أفردها وَحدهَا لم يجز لَهُ أَخذ الْأُجْرَة عَلَيْهَا وَإِن جمعهَا مَعَ الْأَذَان جَازَ وَكَانَت الْأُجْرَة على الْأَذَان لَا على الصَّلَاة وَقَالَ الشَّافِعِي: يجوز فِي تَعْلِيم الْقُرْآن وَالْحج وَأما الْإِمَامَة فِي الْفُرُوض: فَلَا تجوز فِيهَا وَيجوز فِي النَّوَافِل ولأصحابه فِي جَوَاز ذَلِك فِي التَّرَاوِيح وَجْهَان وَفِي الْأَذَان ثَلَاثَة أوجه وَاخْتلفُوا فِي أُجْرَة الْحجام فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ: يجوز وَيُبَاح للْحرّ وَقَالَ أَحْمد: لَا يجوز فَإِن أَخذهَا من غير شَرط وَلَا عقد عَلفهَا ناضحة وأطعمها رقيقَة وَهِي حرَام فِي حق الْحر وَاخْتلفُوا هَل يجوز للْمُسْتَأْجر أَن يُؤَخر الْعين الْمُسْتَأْجرَة بِأَكْثَرَ مِمَّا اسْتَأْجرهَا بِهِ فَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يجوز إِلَّا أَن يكون قد أحدث فِيهَا شَيْئا فَإِن لم يحدث فِيهَا شَيْئا لم يكن لَهُ أَن يكْرِي بِزِيَادَة فَإِن أكرى تصدق بِالْفَضْلِ وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ: يجوز سَوَاء أصلح فِي الْعين شَيْئا أَو بنى فِيهَا بِنَاء أَو لم يفعل وَعَن أَحْمد أَربع رِوَايَات إِحْدَاهُنَّ: كمذهب أبي حنيفَة وَالثَّانيَِة: كمذهب مَالك وَالشَّافِعِيّ وَالثَّالِثَة: لَا تجوز إِجَارَتهَا بِزِيَادَة بِحَال وَالرَّابِعَة: يجوز ذَلِك بِإِذن الْمُؤَجّر وَلَا يجوز بِغَيْر إِذْنه وَاخْتلفُوا فِي جَوَاز اسْتِئْجَار الْخَادِم والظئر بِالطَّعَامِ وَالْكِسْوَة فَقَالَ أَبُو حنيفَة: يجوز فِي الظِّئْر دون الْخَادِم وَقَالَ مَالك: يجوز فيهمَا جَمِيعًا وَقَالَ الشَّافِعِي: لَا يجوز الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 فيهمَا وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ أظهرهمَا: الْجَوَاز فيهمَا كَقَوْل مَالك وَالْأُخْرَى: الْمَنْع فيهمَا كَقَوْل الشَّافِعِي وَاخْتلفُوا فِي اسْتِئْجَار الْكتب للنَّظَر فِيهَا فَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يجوز وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: يجوز وَاخْتلفُوا فِي الْأَجِير الْمُشْتَرك هَل يجب عَلَيْهِ الضَّمَان فِيمَا جنت يَده فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد: يضمن مَا جنت يَده وَعَن الشَّافِعِي قَولَانِ أَحدهمَا: يضمن وَالثَّانِي: لَا يضمن وَاخْتلفُوا فِي الْأَجِير الْمُشْتَرك أَيْضا هَل يضمن مَا لم تجن يَده فَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا ضَمَان عَلَيْهِ وَقَالَ مَالك: عَلَيْهِ الضَّمَان وَعَن الشَّافِعِي قَولَانِ كالمذهبين وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا: لَا ضَمَان عَلَيْهِ كمذهب أبي حنيفَة وَالْأُخْرَى: يضمن كمذهب مَالك وَالثَّالِثَة: إِن كَانَ هَلَاكه مِمَّا لَا يُسْتَطَاع الِامْتِنَاع مِنْهُ كالحريق واللصوص وَمَوْت الْبَهِيمَة فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ وَإِن كَانَ بِأَمْر خَفِي ويستطاع الِاحْتِرَاز مِنْهُ ضمن وَأما الأجراء: فَلَا يضمنُون عِنْد مَالك وهم على الْأَمَانَة إِلَّا الصناع خَاصَّة فَإِنَّهُم ضامنون إِذا انفردوا بِالْعَمَلِ فِيمَا عملوه بِالْأُجْرَةِ أَو بغَيْرهَا إِلَّا أَن تقوم بَيِّنَة بفراغه وهلاكه فَيبرأ وَاخْتلف الْخياط وَصَاحب الثَّوْب فَعِنْدَ مَالك وَأحمد: إِن القَوْل قَول الْخياط وَهُوَ أحد قولي الشَّافِعِي وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ فِي أحد قوليه: القَوْل قَول صَاحب الثَّوْب وَاتَّفَقُوا على أَن الرَّاعِي مَا لم يَتَعَدَّ فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا ضرب الْبَهِيمَة الْمُسْتَأْجرَة الضَّرْب الْمُعْتَاد فَهَلَكت فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: لَا يضمن وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يضمن وَإِن كَانَ ضربا مُعْتَادا وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا عقد مَعَ حمال على حمل مائَة رَطْل ثمَّ أكل مِنْهَا فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد: كلما أكل مِنْهَا شَيْئا أبدل عوضه وَقَالَ الشَّافِعِي فِي أظهر قوليه: لَيْسَ لَهُ أَن يُبدل عوضه وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا اسْتَأْجر دَابَّة فَهَل لَهُ أَن يؤجرها لغيره فَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يجوز إِلَّا لمن يُسَاوِيه فِي معرفَة الرّكُوب وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد: لَا يجوز لَهُ أَن يؤجرها إِلَّا لمن يُسَاوِيه فِي الطول وَالسمن وَقَالَ مَالك: لَهُ أَن يكريها من مثله فِي رفْقَة يسيرَة وَاخْتلفُوا فِيمَن نصب نَفسه للمعاش من غير عقد إِجَارَة كالملاح والحلاق فَقَالَ مَالك وَأحمد: يسْتَحق كل مِنْهُم الْأُجْرَة وَقَالَ أَصْحَاب الشَّافِعِي: لَا يسْتَحق الْأُجْرَة من غير عقد وَلم يُوجد عَن أبي حنيفَة فِيهِ نَص بل قَالَ أَصْحَابه الْمُتَأَخّرُونَ: إِنَّهُم يسْتَحقُّونَ الْأُجْرَة وَاخْتلفُوا فِي إِجَارَة الْحلِيّ الذَّهَب بِالذَّهَب أَو الْفضة بِالْفِضَّةِ هَل يكره فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَمَالك: لَا يكره وَكَرِهَهُ أَحْمد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 وَاخْتلفُوا فِي إِكْرَاه الأَرْض بِالثُّلثِ وَالرّبع مِمَّا يخرج مِنْهَا فَقَالُوا: لَا يَصح وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ أظهرهمَا: جَوَازه وَاتَّفَقُوا على أَنه إِذا اسْتَأْجر أَرضًا ليزرعها حِنْطَة فَلهُ أَن يَزْرَعهَا حِنْطَة وَمَا ضَرَره ضَرَر الْحِنْطَة وَاخْتلفُوا فِي الرجل يسْتَأْجر زَوجته لإرضاع وَلَده مِنْهَا فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ: لَا يَصح وَزَاد مَالك فَقَالَ: تجبر على ذَلِك إِلَّا أَن تكون شريفة لَا ترْضع مثلهَا وَقَالَ أَحْمد: يَصح وَاخْتلفُوا فِيمَن اكترى بَهِيمَة إِلَى مَوضِع مَعْلُوم فجاوزه فعطبت الدَّابَّة فَقَالَ أَبُو حنيفَة: عَلَيْهِ الْأُجْرَة الْمُسَمَّاة إِلَى الْموضع الْمُسَمّى وَعَلِيهِ قيمتهَا وَلَا أُجْرَة عَلَيْهِ فِيمَا جاوزه وَقَالَ مَالك: صَاحبهَا بعد تلفهَا بِالْخِيَارِ بَين أَن يضمنهُ الْقيمَة بِلَا أُجْرَة أَو أُجْرَة الْمثل بِلَا قيمَة بعد أَن يُؤَدِّي الْأُجْرَة الأولى وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد: عَلَيْهِ الْمُسَمّى وَأُجْرَة مَا تعداه أَو قيمتهَا وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا اسْتَأْجر دَارا ليُصَلِّي فِيهَا فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: يجوز أَن يُؤجر الرجل دَاره مِمَّن يتخذها مصلى مُدَّة مَعْلُومَة ثمَّ تعود إِلَيْهِ ملكا وَله الْأُجْرَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يجوز ذَلِك وَلَا أُجْرَة لَهُ وَقَالَ ابْن هُبَيْرَة فِي الإفصاح: وَهَذَا من محَاسِن أبي حنيفَة لَا مِمَّا يعاب عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَبْنِيّ على الْقرب عِنْده فَلَا يُؤْخَذ عَلَيْهَا أُجْرَة وَاخْتلفُوا: هَل يجوز اشْتِرَاط الْخِيَار ثَلَاثًا فِي الْإِجَارَة فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد: يجوز سَوَاء كَانَت على مُدَّة أَو فِي الذِّمَّة وَقَالَ الشَّافِعِي: لَا يجوز فِي الْمدَّة قولا وَاحِدًا وَفِي الذِّمَّة قَولَانِ وَاتَّفَقُوا على أَن العقد فِي الْإِجَارَة: إِنَّمَا يتَعَلَّق بِالْمَنْفَعَةِ دون الرَّقَبَة خلافًا لأحد قولي الشَّافِعِي وَاخْتلفُوا فِي إِجَارَة الإقطاع وَالْمَشْهُور الْمَعْرُوف الْمُقَرّر من الشَّافِعِي: صِحَّتهَا وَالْجُمْهُور على ذَلِك قَالَ النَّوَوِيّ: لِأَن الجندي يسْتَحق الْمَنْفَعَة تَنْبِيه: قَالَ شَيخنَا الإِمَام تَقِيّ الدّين السُّبْكِيّ رَحمَه الله تَعَالَى: مَا زلنا نسْمع عُلَمَاء الْإِسْلَام قاطبة بالديار المصرية والبلاد الشامية يَقُولُونَ بِصِحَّة إِجَارَة الإقطاع حَتَّى بزغ الشَّيْخ تَاج الدّين الْفَزارِيّ وَولده فَقَالَا فِيهَا مَا قَالَا وَهُوَ الْمَعْرُوف من مَذْهَب أَحْمد وَلَكِن مَذْهَب أبي حنيفَة: بُطْلَانهَا فصل : وَإِذا اسْتَأْجر أَرضًا ليزرع فِيهَا نوعا من الْغِرَاس مِمَّا يتأبد ثمَّ انْقَضتْ السّنة فللمؤجر الْخِيَار عِنْد مَالك بَين أَن يُعْطي الْمُسْتَأْجر قيمَة الْغِرَاس وَكَذَلِكَ إِن بنى: أَن يُعْطِيهِ قيمَة بِنَاء ذَلِك على أَنه مقلوع أَو يَأْمُرهُ بقلعه وَقَالَ أَبُو حنيفَة كَقَوْل مَالك إِلَّا أَنه قَالَ: إِذا كَانَ الْقلع يضر بِالْأَرْضِ أعطَاهُ الْمُؤَجّر الْقيمَة وَلَيْسَ للغارس قلعه وَإِن لم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 يضر لم يكن لَهُ إِلَّا الْمُطَالبَة بِالْقَلْعِ وَقَالَ الشَّافِعِي: لَيْسَ ذَلِك للمؤجر وَلَا يلْزم الْمُسْتَأْجر قلع ذَلِك وَيبقى مُؤَبَّدًا وَيُعْطى الْمُؤَجّر قيمَة الْغِرَاس للْمُسْتَأْجر وَلَا يَأْمُرهُ بقلعه وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن أَحْمد أَو يقره فِي أرضه ويكونان مشتركين أَو يَأْمُرهُ بقلعه وَيُعْطِيه أرش مَا نقص بِالْقَلْعِ وَقَالَ أَحْمد فِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة: لَا يلْزم الْمُسْتَأْجر قلع ذَلِك وَيبقى مُؤَبَّدًا وَيُعْطى الْمُسْتَأْجر أُجْرَة الْمثل للْأَرْض فصل: وَمن اسْتَأْجر إِجَارَة فَاسِدَة وَقبض مَا اسْتَأْجرهُ وَلم ينْتَفع بِهِ كَمَا لَو كَانَت أَرضًا فَلم يَزْرَعهَا وَلَا انْتفع بهَا حَتَّى انْقَضتْ مُدَّة الْإِجَارَة فَعَلَيهِ أُجْرَة مثلهَا عِنْد مَالك وَكَذَلِكَ لَو اسْتَأْجر دَارا فَلم يسكنهَا أَو عبدا فَلم ينْتَفع بِهِ وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد: لَهُ أُجْرَة الْمثل وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا أُجْرَة عَلَيْهِ لكَونه لم ينْتَفع بهَا انْتهى المصطلح: ويشتمل على صور وَلها عمد وَهِي أصُول الشُّرُوط الَّتِي تذكر للِاحْتِيَاط وَهِي على أَصْنَاف: ذكر الْمُسْتَأْجر والمؤجر وأسمائهما وأنسابهما وَمَا يعرفان بِهِ والمأجور وموضعه وَوَصفه وتحديده والمدة مبتدأها ومنتهاها وَالْأُجْرَة وَذكر تأجيلها إِن كَانَت مُؤَجّلَة أَو تنجيمها إِن كَانَت منجمة أَو قبضهَا إِن كَانَت مُعجلَة وَأَن لَا تتأخر الْإِجَارَة عَن وَقت العقد مُدَّة طَوِيلَة وَلَا قَصِيرَة وَذكر المعاقدة والتسلم وَالتَّسْلِيم وَأَن يكون الْمَأْجُور مفرغا عِنْد الْإِجَارَة غير مَشْغُول وَإِقْرَار المتؤاجرين عِنْد الشُّهُود بِمَا نسب إِلَى كل وَاحِد مِنْهُمَا من ذَلِك وَمَعْرِفَة الشُّهُود بهما وَصِحَّة الْعقل وَالْبدن وَجَوَاز الْأَمر والتاريخ وَأما الصُّور فَمِنْهَا: صُورَة الْإِجَارَة الْوَارِدَة على الْعين: اسْتَأْجر فلَان الْوَصِيّ الشَّرْعِيّ على تَرِكَة فلَان وعَلى أَوْلَاده لصلبه وهم: فلَان وَفُلَان وَفُلَان الْأَيْتَام الصغار الَّذين هم فِي حجور الشَّرْع الشريف بِمُقْتَضى كتاب الْوَصِيَّة الْمحْضر من يَده ويشرحه وَيذكر تَارِيخه وثبوته وَإِن كَانَ بِالْإِذْنِ من الْحَاكِم بِغَيْر وَصِيَّة فقد تقدم من ذَلِك مَا فِيهِ كِفَايَة ثمَّ يَقُول: للأيتام الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ بمالهم الْحَاصِل لَهُم تَحت يَد الْوَصِيّ الْمَذْكُور بَينهم بِالسَّوِيَّةِ أَثلَاثًا لظُهُور الْحَظ والمصلحة وَالْغِبْطَة لَهُم فِي ذَلِك المسوغة للاستئجار لَهُم شرعا من فلَان وَهُوَ الْقَائِم فِي إِيجَار مَا يَأْتِي ذكره على الْوَجْه الْآتِي شَرحه عَن الْإِخْوَة الأشقاء وهم فلَان وَفُلَان وَفُلَان أَوْلَاد فلَان وَعَن والدتهم فُلَانَة بإذنهم لَهُ وتوكيلهم إِيَّاه فِي إِيجَار الْمَأْجُور الْآتِي ذكره من الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور بِالْأُجْرَةِ الْآتِي ذكرهَا على الْوَجْه الْآتِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 شَرحه وَفِي قبض الْأُجْرَة وَتَسْلِيم الْمَأْجُور وَفِي التسلم وَالتَّسْلِيم وَالْمُكَاتبَة وَالْإِشْهَاد على الرَّسْم الْمُعْتَاد التَّوْكِيل الصَّحِيح الشَّرْعِيّ الَّذِي قبله مِنْهُم وتقلده عَنْهُم الْقبُول الشَّرْعِيّ بِشَهَادَة شُهُوده أَو بِشَهَادَة من يعين ذَلِك فِي رسم شَهَادَته أَو بِمُقْتَضى كتاب الْوكَالَة الْمحْضر من يَده المتضمن لذَلِك المؤرخ بِكَذَا الثَّابِت مضمونه بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ للأيتام الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ وَبِمَا لَهُم دون مَاله بِالْإِذْنِ الْمشَار إِلَيْهِ أَو بِالْوَصِيَّةِ الشَّرْعِيَّة مَا هُوَ لموكلي الْأجر الْمَذْكُور أَعْلَاهُ وملكهم وبيدهم وَتَحْت تصرفهم إِلَى حَالَة هَذِه الْإِجَارَة ومنتقل إِلَيْهِم بِالْإِرْثِ الشَّرْعِيّ من وَالِد الْإِخْوَة الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ زوج والدتهم الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ بَينهم على حكم الْفَرِيضَة الشَّرْعِيَّة وَالْأُجْرَة الْآتِي ذكرهَا بَينهم كَذَلِك وَذَلِكَ جَمِيع كَذَا وَكَذَا إِجَارَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة لَازِمَة الِانْتِفَاع بالمأجور الْمعِين أَعْلَاهُ انْتِفَاع مثله بِمثل ذَلِك لمُدَّة كَذَا وَكَذَا من تَارِيخه بِأُجْرَة مبلغها عَن ذَلِك كَذَا وَكَذَا مَا هُوَ على حكم الْحُلُول كَذَا وَكَذَا عجل الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور ذَلِك من المَال الْحَاصِل تَحت يَده للأيتام الْمُسْتَأْجر لَهُم الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ وَدفعه إِلَى الْوَكِيل الْمُؤَجّر الْمَذْكُور فَقَبضهُ مِنْهُ لموكليه الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ قبضا شَرْعِيًّا وَالْبَاقِي من الْأُجْرَة الْمعينَة أَعْلَاهُ كَذَا وَكَذَا يقوم الْوَصِيّ الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور بِهِ من مَال الْأَيْتَام الْمَذْكُورين للْوَكِيل الْمُؤَجّر الْمَذْكُور أَو لمن يسْتَحق قبض ذَلِك مِنْهُ شرعا على قسطين متساويين أَو ثَلَاثَة أقساط كل سنة تمْضِي من تَارِيخه كَذَا وَكَذَا سلم الْوَكِيل الْمُؤَجّر الْمَذْكُور إِلَى الْمُسْتَأْجر الْوَصِيّ الْمَذْكُور جَمِيع الْمَأْجُور الْمعِين أَعْلَاهُ فتسلمه مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا وَإِن كَانَ الْمَأْجُور فِي بلد غير بلد العقد كتب مَوضِع التَّسْلِيم وخلاه التَّخْلِيَة الشَّرْعِيَّة فَإِذا انْتهى من ذَلِك يَقُول: ثمَّ ساقى الْمُؤَجّر الْمَذْكُور على مَا بأراضي الْقرْيَة الموصوفة المحدودة بأعاليه من الْأَشْجَار الْمُخْتَلفَة الثِّمَار على أَن يعْمل فِي ذَلِك الْعَمَل الْمُعْتَاد فِي مثله شرعا بأجراء الْأَيْتَام الْمَذْكُورين وعواملهم ودوابهم وآلاتهم ويكسح أشجاره وينقي ثماره وَمهما رزق الله تَعَالَى فِي ذَلِك فِي طول الْمدَّة الْمعينَة أَعْلَاهُ كَانَ بَين الْأَيْتَام الْمُسْتَأْجر لَهُم وَبَين موكلي الْمُؤَجّر الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ على ألف سهم من ذَلِك سهم وَاحِد للموكلين الْمَذْكُورين بِحَق ملكهم حَسْبَمَا وكلوه فِي ذَلِك التَّوْكِيل الشَّرْعِيّ وَالْبَاقِي للأيتام الْمُسْتَأْجر لَهُم مُسَاقَاة شَرْعِيَّة حَسْبَمَا اتفقَا وتراضيا على ذَلِك قبل كل مِنْهُمَا ذَلِك من الآخر قبولا شَرْعِيًّا وَذَلِكَ بعد أَن ثَبت عِنْد الْحَاكِم الْآذِن الْمشَار إِلَيْهِ مَا ذكر ثُبُوته أَعْلَاهُ حَالَة الِاسْتِئْجَار الْمعِين أَعْلَاهُ وَأَن فِي اسْتِئْجَار ذَلِك للأيتام الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ حظا وافرا وغبطة ظَاهِرَة مسوغتي الِاسْتِئْجَار لَهُم شرعا وَأَن الْأُجْرَة أُجْرَة الْمثل للمأجور حَالَة التآجر وَأَن الْمَأْجُور الْمَذْكُور بيد الموكلين الْمَذْكُورين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 وملكهم وَتَحْت تصرفهم إِلَى حِين صُدُور الْإِجَارَة الْمعينَة أَعْلَاهُ بعد اسْتِيفَاء الشَّرَائِط الشَّرْعِيَّة وَاعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره شرعا ويكمل بِالْإِشْهَادِ والتاريخ والحسبلة بِخَط الْحَاكِم وَصُورَة إِجَارَة دَار للسُّكْنَى وَهِي وَارِدَة أَيْضا على الْعين: اسْتَأْجر فلَان من فلَان الْوَصِيّ الشَّرْعِيّ أَو بِإِذن الْحَاكِم ويشرح على مَا تقدم من أَمر الْوَصِيَّة أَو الْإِذْن على الْإِخْوَة الأشقاء الْأَيْتَام الصغار وهم فلَان وَفُلَان وَفُلَان أَوْلَاد فلَان الَّذين هم فِي حجر الشَّرْع الشريف لوُجُود الْحَظ والمصلحة وَالْغِبْطَة للأيتام الْمَذْكُورين فِي إِيجَار الْمَأْجُور الْآتِي ذكره على الْوَجْه الْآتِي شَرحه المسوغ ذَلِك للإيجار عَلَيْهِم شرعا مَا هُوَ ملك للأيتام الْمُؤَجّر عَلَيْهِم الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ وبيدهم وَتَحْت تصرفهم إِلَى حَالَة هَذِه الْإِجَارَة الثَّابِتَة ملكيتهم لذَلِك عِنْد الْحَاكِم الْآذِن الْمشَار إِلَيْهِ وَذَلِكَ جَمِيع الدَّار الْكُبْرَى العامرة الكائنة بِموضع كَذَا ويصفها ويحددها إِجَارَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة لَازِمَة لمُدَّة كَذَا وَكَذَا من تَارِيخه بِأُجْرَة مبلغها عَن الْمدَّة الْمعينَة أَعْلَاهُ كَذَا وَكَذَا حسابا لكل شهر كَذَا وَكَذَا يقوم الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور للمؤجر الْوَصِيّ الْمَذْكُور بِأُجْرَة كل شهر فِي غرته أَو فِي سلخه ويكمل الْإِجَارَة بِالشُّرُوطِ الْمُعْتَبرَة كَمَا تقدم وَإِن كَانَ فِي الدَّار جنينة ذَات أَشجَار ذيل بالمساقاة على نَحْو مَا تقدم شَرحه وَصُورَة اسْتِئْجَار الأَرْض للزِّرَاعَة: اسْتَأْجر فلَان من فلَان مَا ذكر الْمُؤَجّر الْمَذْكُور: أَنه لَهُ وَبِيَدِهِ وَملكه وَتَحْت تصرفه إِلَى حِين صُدُور هَذِه الْإِجَارَة وَذَلِكَ جَمِيع قِطْعَة الأَرْض الْكَشْف الْبيَاض الَّتِي شربهَا من النَّهر الْفُلَانِيّ أَو من الْقَنَاة الْفُلَانِيَّة أَو من مَاء الْمَطَر أَو من مَاء الثلوج السَّائِل إِلَيْهَا من الْجَبَل الْفُلَانِيّ أَو من مَاء النّيل الْمُبَارك ويصفها ويحددها إِجَارَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة لَازِمَة لينْتَفع الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور بذلك الزَّرْع والزراعة بِالْحِنْطَةِ أَو غير ذَلِك من أَصْنَاف المزروعات والحبوب على الْوَجْه الشَّرْعِيّ لمُدَّة كَذَا وَكَذَا من تَارِيخه ويكمل بِذكر الْأُجْرَة وَقَبضهَا أَو حلولها أَو تقسيطها وَالْمُعَاقَدَة الشَّرْعِيَّة والتسلم وَالتَّسْلِيم والرؤية والمعرفة ويؤرخ وَصُورَة الْإِجَارَة الْوَارِدَة على الذِّمَّة بتأجيل الْمَنْفَعَة وتعجيل الْأُجْرَة: اسْتَأْجر فلَان من فلَان فَأَجره نَفسه على أَن يحمل الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور وَزَوجته فُلَانَة فِي زوج محاير عجمي ملبد مغطى بِثَوْب جوخ ويصف مَا يحملهُ لَهما من الْأَحْمَال والحوائج خاناه والمواهي والزوامل وَمَا فِيهَا من القماش والأثاث والزاد وَالْمَاء ويضبط كل شَيْء مِنْهَا بِالْوَزْنِ وَيذكر الْخَيْمَة وَآلَة الطَّبْخ والكراريز والدست والصاغرة والمنصب الْحَدِيد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 والتعاليق وَمَا فِيهَا من الأدهان وقماش الْبدن وَمَا يقيهما من الْحر وَالْبرد ويستوفي الْكَلَام فِي ذكر مَا يحْتَاج إِلَيْهِ الْحَاج ثمَّ يَقُول: من مَدِينَة كَذَا إِلَى مَدِينَة كَذَا ثمَّ إِلَى مَكَّة المشرفة ثمَّ إِلَى عَرَفَات ثمَّ إِلَى منى ثمَّ إِلَى مَكَّة المشرفة ثمَّ إِلَى الْمَدِينَة الشَّرِيفَة النَّبَوِيَّة على الْحَال بهَا أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام ثمَّ إِلَى الينبوع ثمَّ إِلَى الْعقبَة ثمَّ إِلَى الْقَاهِرَة المحروسة على جمال يقيمها من مَاله وصلب حَاله صُحْبَة الركب الشريف السلطاني الشَّامي أَو الْمصْرِيّ أَو الْحلَبِي أَو الْكُوفِي أَو الغزاوي ذَهَابًا وإيابا وعَلى أَن يحمل لَهُ فِي الرّجْعَة من التَّمْر والجوز والشاشات والأزر البيارم والأنطاع والجلود الطَّائِفِي وَغير ذَلِك من أَنْوَاع الْهَدِيَّة الْمُعْتَادَة كَذَا وَكَذَا ويضبط كل نوع مِنْهَا بِتَقْدِير وزن مَعْلُوم إِجَارَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة بِأُجْرَة مبلغها كَذَا على حكم الْحُلُول دَفعهَا الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور إِلَى الْمُؤَجّر الْمَذْكُور بِحَضْرَة شُهُوده فقبضها مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا وَهَذِه الْأُجْرَة يجوز تَعْجِيلهَا وتأجيلها وَلَا بُد فِيهَا من اعْتِرَاف الْمُؤَجّر بِمَعْرِِفَة مَا عَاقد عَلَيْهِ الْمعرفَة الشَّرْعِيَّة النافية للْجَهَالَة ثمَّ يَقُول: وَعَلِيهِ الشُّرُوع فِي السّفر من اسْتِقْبَال كَذَا صُحْبَة الركب الشريف الْمشَار إِلَيْهِ مصحوبا بالسلامة ويكمل على نَحْو مَا سبق وَصُورَة الْإِجَارَة الْوَارِدَة على الْعين بِأُجْرَة مُعجلَة أَو مُؤَجّلَة: اسْتَأْجر فلَان من فلَان الْجمال الْحَادِي جَمِيع الْجمال الْعشْرَة الْمَذْكُورَة المذللة السمان الْجِيَاد الْحَاضِرَة حَال العقد عِنْد الْمُتَعَاقدين المشخصة عِنْدهمَا الْوَارِد عقد هَذِه الْإِجَارَة عَلَيْهَا بعد تشخيصها ليحمل الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور وَزَوجته فُلَانَة الَّتِي وصفهَا كوصفه فِي الطول وَالسمن فِي زوج محاير عجمي ملبد مغطى وَيذكر مَا تقدم شَرحه مُبينًا على الْجمال الْمَذْكُورَة من مَدِينَة كَذَا إِلَى مَدِينَة كَذَا ويسوق الْكَلَام الْمُتَقَدّم من غير إخلال بمقصود فِي سفر الْحَاج ثمَّ يَقُول: إِجَارَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة لَازِمَة للْحَمْل وَالِانْتِفَاع بالجمال الْمَذْكُورَة انْتِفَاع مثلهَا على الْعَادة فِي مثل ذَلِك بِأُجْرَة مبلغها كَذَا دفع الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور إِلَى الْمُؤَجّر الْمَذْكُور كَذَا وَكَذَا من جملَة الْأُجْرَة الْمعينَة أَعْلَاهُ فَقبض ذَلِك مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا وَبَاقِي الْأُجْرَة الْمعينَة أَعْلَاهُ يقوم بِهِ الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور بدفعها على قسطين متساويين أَو على قسط وَاحِد أَحدهمَا: فِي الْعشْر الأول من ذِي الْقعدَة سنة تَارِيخه وَالثَّانِي: فِي الْعشْر الأول من ذِي الْحجَّة بِمَكَّة المشرفة وَأقر بالملاءة وَالْقُدْرَة على ذَلِك وَسلم الْمكْرِي الْمَذْكُور إِلَى الْمُكْتَرِي الْمَذْكُور الْجمال المكراة فتسلمها مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا بعد الرُّؤْيَة لَهَا ومعرفتها الْمعرفَة الشَّرْعِيَّة النافية للْجَهَالَة وعَلى الْجمال الْمَذْكُور إِبْدَال الْجمل المعيوب والهالك من الْجمال الْوَارِد عَلَيْهَا عقد هَذِه الْإِجَارَة بِغَيْرِهِ من الْجمال الْجِيَاد السليمة من الْعُيُوب وتعاقدا على ذَلِك معاقدة شَرْعِيَّة ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 وَصُورَة اسْتِئْجَار رجل لِلْحَجِّ عَن ميت بِمُبَاشَرَة وَصِيّه الشَّرْعِيّ: أجر فلَان نَفسه لفُلَان الْوَصِيّ الشَّرْعِيّ عَن فلَان أَو الْقَائِم فِيمَا سَيَأْتِي ذكره فِيهِ بِالْوَصِيَّةِ الشَّرْعِيَّة الصادرة لَهُ من فلَان الْمُتَوفَّى إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى من قبل تَارِيخه المؤرخ بَاطِنهَا بِكَذَا وَالثَّالِث مضمونها بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ المؤرخ ثُبُوته بِكَذَا على أَن يحجّ بِنَفسِهِ عَن فلَان الْمُوصي الْمُتَوفَّى الْمَذْكُور حجَّة الْإِسْلَام الْوَاجِبَة عَلَيْهِ شرعا على أَن يتَوَجَّه من الْبَلَد الْفُلَانِيّ فِي عَام تَارِيخه فِي مُدَّة يتَمَكَّن فِيهَا من أَدَاء فرض الْحَج فِي الْعَام الْمَذْكُور قَاصِدا أَدَاء حجَّة الْإِسْلَام وعمرته إِمَّا مَعَ الركب الشريف الْمصْرِيّ أَو الشَّامي أَو غَيرهمَا أَو فِي الْبَحْر الْملح أَو غير ذَلِك على مَا يتفقان عَلَيْهِ فَيحرم من الْمِيقَات الَّذِي يجب على مثله وَيَنْوِي حجَّة مُفْردَة كَامِلَة وَيدخل الْحرم الشريف ملبيا فَيُؤَدِّي عَنهُ الْحجَّة الْمَذْكُورَة بأركانها وواجباتها وشروطها وسننها ثمَّ يعْتَمر عَنهُ عمْرَة من ميقاتها الشَّرْعِيّ مكملة الشُّرُوط على الأوضاع الْمُعْتَبرَة الشَّرْعِيَّة وَهُوَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أفرد وَإِن شَاءَ تمتّع وَإِن شَاءَ قرن وَيَنْوِي فِي جَمِيع أَفعاله لذَلِك وتلبسه بِهِ: وُقُوعه عَن الْمُتَوفَّى الْمُوصي الْمَذْكُور وَأجر ثَوَابه لَهُ وَمَتى وَقع مِنْهُ إخلال يلْزم فِيهِ فديَة وَوَجَب عَلَيْهِ بِسَبَبِهِ دم كَانَ ذَلِك مُتَعَلقا بِهِ وبماله دون مَال الْمُتَوفَّى الْمَذْكُور عاقده الْوَصِيّ الْمَذْكُور على ذَلِك كُله معاقدة صَحِيحَة شَرْعِيَّة بِالْأُجْرَةِ الْمعينَة لذَلِك فِي كتاب الْوَصِيَّة الْمَذْكُور وَهِي كَذَا وَكَذَا أقبضها الْوَصِيّ الْمَذْكُور للمعاقد الْمَذْكُور من مَال الْمُسْتَأْجر لَهُ الْمُوصي الْمَذْكُور فقبضها مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا وَصَارَت بِيَدِهِ وحوزه وَعَلِيهِ أَن يَأْتِي بمسطور يُبرئهُ من ذَلِك وَذَلِكَ بعد أَن ثَبت بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ أَن الْمُؤَجّر نَفسه الْمَذْكُور حج عَن نَفسه الْفَرِيضَة الْوَاجِبَة عَلَيْهِ ثبوتا شَرْعِيًّا ويؤرخ وَصُورَة اسْتِئْجَار رجل لتعليم الْقُرْآن: اسْتَأْجر فلَان فلَانا المقرىء المجود الْحَافِظ المتقن الْمُحَرر ليقرىء وَلَده لصلبه فلَانا الصَّبِي الْمُمَيز أَو العشاري الَّذِي أَجَاد الْحِفْظ من سُورَة: {قل أعوذ بِرَبّ النَّاس} إِلَى آخر (سُورَة الْكَهْف) مثلا تَكْمِلَة كتاب الله الْعَزِيز الْقُرْآن الْكَرِيم كَلَام رب الْعَالمين وَهُوَ من أول الْفَاتِحَة لسورة الْبَقَرَة إِلَى آخر سُورَة سُبْحَانَ قِرَاءَة متقنة جَيِّدَة خَالِيَة من اللّحن والتغيير والتحريف والتبديل إِجَارَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة فِي مُدَّة سنة كَامِلَة من تَارِيخه بِأُجْرَة مبلغها عَن ذَلِك كَذَا وَكَذَا يقوم لَهُ بِالْأُجْرَةِ الْمعينَة أَعْلَاهُ مقسطة عَلَيْهِ من تَارِيخه فِي اثْنَي عشر قسطا مُتَسَاوِيَة سلخ كل شهر يمْضِي من اسْتِقْبَال الْمدَّة الْمَذْكُورَة قسط وَاحِد أقرّ بالملاءة وَالْقُدْرَة على ذَلِك وَسلم الْمُؤَجّر نَفسه لذَلِك وَشرع فِي تلقين الْوَلَد الْمَذْكُور وإقرائه وتحفيظه ويؤرخ وَصُورَة اسْتِئْجَار الْمَرْأَة للحضانة والإرضاع: اسْتَأْجر فلَان مطلقته فُلَانَة لحضانة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 وَلَده فلَان أَو ابْنَته فُلَانَة الصَّغِيرَة الرَّضِيع الْمُقدر عمرها بِكَذَا وَكَذَا شهرا الَّتِي رزقها على فرَاشه قبل تَارِيخه من مطلقته الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ وإرضاعها بَقِيَّة مُدَّة الرَّضَاع الشَّرْعِيّ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا شهرا من تَارِيخه على أَن الحاضنة الْمَذْكُورَة تحفظ الصَّغِيرَة الْمَذْكُورَة وتتعهدها بِغسْل وَجههَا ورأسها وبدنها وثيابها ودهنها وكحلها وربطها فِي مهدها وتحريكها لتنام وإرضاعها من ثديها وَالْقِيَام بِمَا تحْتَاج إِلَيْهِ وملازمتها بالحضانة والإرضاع فِي السكن الْفُلَانِيّ قَائِمَة بِمَا يلْزم الحاضنات من مُلَازمَة مَحل الْحَضَانَة على الْوَجْه الشَّرْعِيّ إِجَارَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة لَازِمَة بِأُجْرَة مبلغها عَن كل شهر يمْضِي من تَارِيخه كَذَا وَكَذَا يقوم الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور للمستأجرة الْمَذْكُورَة بِأُجْرَة كل شهر فِي غرته أقرّ فلَان بالملاءة وَالْقُدْرَة على ذَلِك وتعاقدا على ذَلِك معاقدة شَرْعِيَّة وسلمت الْمُؤجرَة الْمَذْكُورَة نَفسهَا لذَلِك وتسلمت الصَّغِيرَة الْمَذْكُورَة لتحضنها وترضعها على الحكم المشروح أَعْلَاهُ ويكمل وَصُورَة اسْتِئْجَار شَيْء جَار فِي إِيجَار الْغَيْر قبل فرَاغ مُدَّة الأول وَهِي صَحِيحَة على مَذْهَب الإِمَام أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ: اسْتَأْجر فلَان من فلَان مَا ذكر الْمُؤَجّر الْمَذْكُور أَنه لَهُ وبملكه وَله إيجاره وَقبض أجرته بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيّ وَذَلِكَ جَمِيع الشَّيْء الْفُلَانِيّ ويصفه ويحدده وَيَقُول: وَهُوَ جَار الْآن فِي إِيجَار فلَان الْفُلَانِيّ مُدَّة انقضاؤها سلخ سنة من تَارِيخه إِجَارَة شَرْعِيَّة لَازِمَة مُدَّة سنة كَامِلَة أَولهَا: مستهل الْمحرم الْحَرَام سنة كَذَا بِأُجْرَة مبلغها كَذَا حسابا لكل شهر كَذَا يقوم الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور بِأُجْرَة كل شهر فِي سلخه أقرّ بالملاءة وَالْقُدْرَة على ذَلِك وَذَلِكَ بعد الرُّؤْيَة والمعرفة وَالْمُعَاقَدَة الشَّرْعِيَّة وعَلى الْمُؤَجّر الْمَذْكُور تَسْلِيم الْمَأْجُور الْمعِين أَعْلَاهُ إِلَى الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور فِي أول الْمدَّة الْمعينَة أَعْلَاهُ ويكمل على نَحْو مَا سبق وَإِن رفعت هَذِه الْإِجَارَة إِلَى حَاكم حَنَفِيّ حكم بِصِحَّتِهَا أَو إِلَى شَافِعِيّ حكم ببطلانها مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ وَإِن كَانَت الْإِجَارَة مُدَّة مستأنفة تالية لمُدَّة الْمُسْتَأْجر كتب على نَحْو مَا تقدم فِي الصُّورَة الَّتِي تقدّمت وَفِي التَّسْلِيم يَقُول: والمأجور الْمعِين أَعْلَاهُ بيد الْمُسْتَأْجر بِحكم عقده السَّابِق على هَذَا العقد بتصادقهما على ذَلِك وَإِن كَانَ الْمُؤَجّر قد أجر مَا هُوَ جَار فِي عقد إيجاره فَيحْتَاج عِنْد الإِمَام أبي حنيفَة أَن لَا يكون الْمَأْجُور حِصَّة شائعة وَأَن لَا يُؤجر الْمُسْتَأْجر مَا اسْتَأْجرهُ إِلَّا بنظير مَا اسْتَأْجر بِهِ لَا بِزِيَادَة فَإِن ذَلِك مَمْنُوع عِنْده وَعند أَحْمد جَائِز عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ وَإِن أجره مَنْفَعَة دَار بِمَنْفَعَة دَار فَجَائِز وَكَذَلِكَ إِذا اسْتَأْجر دَارا من رجل لَهُ عَلَيْهِ دين فهما مخيران بَين أَن يستأجره مِنْهُ بِأُجْرَة مُعينَة ويقاصصه بنظيرها من دينه وَبَين أَن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 يسْتَأْجر مِنْهُ بِالدّينِ الَّذِي فِي ذمَّته وَيَقُول: بِأُجْرَة مبلغها كَذَا من دين الْمُسْتَأْجر المستقر فِي ذمَّة الْمُؤَجّر الْمَذْكُور وَيَقُول فِي آخر كتاب الْإِجَارَة: بَرِئت بذلك ذمَّة الْمُسْتَأْجر من الْأُجْرَة الْمعينَة أَعْلَاهُ وَذمَّة الْمُؤَجّر من نظيرها من الدّين الْبَرَاءَة الشَّرْعِيَّة ضَابِط: كل مَا جرى عَلَيْهِ عقد البيع فِي كتاب التبايع من الشُّرُوط يجْرِي عَلَيْهِ عقد الْإِجَارَة ويوصف فِي كتاب الْإِجَارَة بِلَفْظ (الْإِجَارَة) وَفِي كتاب التبايع بِلَفْظ (التبايع) وَلَا يخفى ذَلِك على الحذاق الممارسين لهَذِهِ الصِّنَاعَة ووقائعها انْتهى وَصُورَة إِجَارَة الأَرْض الْبناء وَالْغِرَاس: اسْتَأْجر فلَان من فلَان جَمِيع الْقطعَة الأَرْض الْكَشْف أَو الْبيَاض أَو الخالية من الْجدر والسقوف الكائنة بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ ويحددها وَيذكر ذرعها إِن أمكن الذرع إِجَارَة شَرْعِيَّة لَازِمَة للْبِنَاء والعمارة والتعلية وحفر الأساسات وَالشرب وَالْغِرَاس الْمُخْتَلف الْأَنْوَاع وَالثِّمَار وحفر الْآبَار والقنوات والمجاري والمصارف والمنازف وسوق المَاء إِلَيْهَا والزراعة بأرضها مَا شَاءَ من الزَّرْع مِمَّا لَهُ سَاق وَمَا لَيْسَ لَهُ سَاق من الصيفي والشتوي وَالِانْتِفَاع بالمأجور الْمعِين أَعْلَاهُ كَيفَ شَاءَ الْمُسْتَأْجر بِالْمَعْرُوفِ مُدَّة ثَلَاثِينَ سنة أَو أَكثر أَو أقل مُتَوَالِيَات الشُّهُور وَالْأَيَّام والأعوام من تَارِيخه بِأُجْرَة مبلغها عَن الْمدَّة الْمعينَة أَعْلَاهُ كَذَا وَكَذَا دفع الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور إِلَى الْمُؤَجّر الْمَذْكُور جَمِيع الْأُجْرَة الْمعينَة أَعْلَاهُ فقبضها مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا وَسلم إِلَيْهِ الْمَأْجُور الْمَحْدُود الْمَذْكُور بأعاليه فتسلمه مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا بعد النّظر والمعرفة وَالْمُعَاقَدَة الشَّرْعِيَّة ويكمل وَإِن كَانَ الْمَأْجُور وَقفا والمؤجر نَاظرا فِيهِ فَيَقُول: أجره مَا هُوَ وقف صَحِيح شَرْعِي جَار تَحت نظر الْمُؤَجّر الْمَذْكُور وَهُوَ وقف عَلَيْهِ وعَلى من يشركهُ فِيهِ بِمُقْتَضى كتاب الْوَقْف الْمحْضر من يَده لشهوده الَّذِي من مضمونه: أَن فلَانا الْوَاقِف لذَلِك جعل النّظر فِيهِ للأرشد فالأرشد من أهل الْوَقْف وَلم يشرط فِي إيجاره مُدَّة مُعينَة وَيجْرِي الْكَلَام فِي الْإِجَارَة إِلَى آخِره وَإِن حضر إخْوَة الْمُؤَجّر وَصَدقُوا على ذَلِك كتب تصديقهم على ذَلِك التَّصْدِيق الشَّرْعِيّ فِي ذيل الْإِجَارَة ويؤرخ وَإِن كَانَت الْإِجَارَة وَارِدَة على حفر بِئْر فيذكر طولهَا واتساعها ومدورة أَو مربعة وَإِن كَانَت دولابا فَكَذَلِك وَإِن كَانَت قناة تَحت الأَرْض فيذكر ذرعها من أول الْحفر إِلَى آخر الْمَكَان المحفور بالذراع الْمَقْصُود واتساع الْقَنَاة وارتفاعها وحفر آبار الْعُيُون النَّازِلَة عَلَيْهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 وَإِن كَانَت وَارِدَة على رجل للخياطة أَو للْبِنَاء فَهِيَ وَارِدَة على الذِّمَّة فَلَا يحْتَاج فِيهَا إِلَى تعْيين الْقَمِيص أَو الْعِمَارَة وَإِن كَانَت وَارِدَة على الْعين فيعين الْقَمِيص للخياطة والعمارة للْبِنَاء من الطول وَالْعرض والارتفاع وَمَا يبْنى بِهِ من الْآلَات وَكَذَلِكَ إِذا اسْتَأْجر رجلا ليرعى لَهُ الْغنم أَو غَيرهَا فَهُوَ إِمَّا أَن يسْتَأْجر عينه ليرعى لَهُ أغنامه فَلَا يذكر عدتهَا وَإِمَّا أَن يستأجره ليرعى لَهُ أغناما مَعْلُومَة فيذكر عدتهَا وَيذكر فِي كل وَاقعَة بحسبها مراعيا فِي ذَلِك الذِّمَّة وَالْعين وَإِن كَانَت إِجَارَة حَائِط لوضع الْجُذُوع فَيجْرِي القَوْل فِيهَا على نَحْو مَا تقدم فِي وضع الْجُذُوع فِي كتاب الْعَارِية لَكِن هَذِه بِلَفْظ الْإِجَارَة وَيذكر فِيهَا الْمدَّة وَالْأُجْرَة وَإِن كَانَت إِجَارَة عُقُود فَيَقُول: إِجَارَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة لَازِمَة للْبِنَاء والعمارة وَالِانْتِفَاع بالمأجور الْمعِين كَيفَ شَاءَ الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور الْمَعْرُوف مُدَّة ثَمَانِيَة وَأَرْبَعين سنة كاملات مُتَوَالِيَات أولَاهُنَّ: يَوْم تَارِيخه بِأُجْرَة مبلغها كَذَا دفع الْمُسْتَأْجر إِلَى الْمُؤَجّر الْمَذْكُور جَمِيع الْأُجْرَة الْمعينَة أَعْلَاهُ فقبضها مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا ويكمل ثمَّ يَقُول: وَوَجَب للْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور الِانْتِفَاع بالمأجور الْمعِين أَعْلَاهُ الْمدَّة الْمعينَة أَعْلَاهُ وجوبا شَرْعِيًّا وَجرى عقد هَذِه الْإِجَارَة على الْمَأْجُور الْمعِين أَعْلَاهُ فِي سِتَّة عشر عقدا مِنْهَا متتابعة المدد مُتَفَرِّقَة الْمجَالِس كل عقد مِنْهَا ثَلَاث سِنِين لكل عقد مِنْهَا أُجْرَة تخصه وَلَفظ يَشْمَلهُ فَأول مُدَّة العقد الأول: أول الْمدَّة الْمعينَة أَعْلَاهُ وَأول كل عقد من بَقِيَّة الْعُقُود: مَا أعقبه مُدَّة العقد الَّذِي قبله وَآخر مُدَّة العقد الآخر: آخر الْمدَّة الْمعينَة أَعْلَاهُ وَصُورَة الِاسْتِئْجَار لِاسْتِيفَاء الْقصاص فِي النَّفس خلافًا ل أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ وَحده: اسْتَأْجر فلَان وَفُلَان وَفُلَان الْإِخْوَة الأشقاء أَوْلَاد فلَان فلَانا لِاسْتِيفَاء الْقصاص من فلَان قَاتل وَالِد المستأجرين الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ الثَّابِت عَلَيْهِ قَتله عمدا وَأَنه ضربه ضَرْبَة بمثقل فَمَاتَ مِنْهَا كل ذَلِك بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّة أَو باعترافه بذلك بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ بعد الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَطلب اسْتِيفَائه بِالسَّيْفِ إِجَارَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة فَإِن كتب هَذِه الْإِجَارَة على مَذْهَب مَالك فَتكون الْأُجْرَة عِنْده على الْمُوكل أَو الْمُسْتَأْجر فَيَقُول: بِأُجْرَة مبلغها كَذَا دَفعهَا المستأجرون المذكورون أَعْلَاهُ إِلَى الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور فقبضها مِنْهُم قبضا شَرْعِيًّا ويكمل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 وَإِن كتب على مَذْهَب الشَّافِعِي وَأحمد فَتكون الْأُجْرَة عِنْدهمَا على الْمُقْتَص مِنْهُ وَكَذَلِكَ الْإِجَارَة فِي اسْتِيفَاء الْقصاص فِيمَا دون النَّفس فَإِنَّهَا جَائِزَة إِجْمَاعًا وَالْخلاف بَاقٍ فِي الْأُجْرَة على حَاله وَإِن كَانَت إِجَارَة حجام فَجَائِز عِنْدهم مُبَاحَة للْحرّ خلافًا لِأَحْمَد فَإِن الْأُجْرَة حرَام عِنْده فِي حق الْحر وَصورتهَا: اسْتَأْجر فلَان فلَانا ليحجمه بالمشرط أَو الملازم فِي نقرته وساقيه إِجَارَة شَرْعِيَّة بمبلغ كَذَا دفع ذَلِك إِلَيْهِ فَقَبضهُ مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا ويكمل وَصُورَة اسْتِئْجَار الْخَادِم بِالطَّعَامِ وَالْكِسْوَة: أجر فلَان نَفسه من فلَان على أَن يقوم بخدمته فِي شِرَاء مَا يحْتَاج إِلَيْهِ من المطعومات بالأسواق من اللحوم والألبان وَغير ذَلِك وَأَن يقوم بِخِدْمَة دَابَّته أَو بغلته مثلا وعلفها وسقيها وربط الدَّابَّة وحلها وَشد السرج والإكاف عَلَيْهَا وحله وإلباسها اللجام وَرَفعه وَالْمَشْي مَعَه حَيْثُ توجه وَتَقْدِيم الدَّابَّة لَهُ عِنْد الرّكُوب ومسكها عِنْد النُّزُول وحفظها من حِين النُّزُول إِلَى أَن يركب فِي كل يَوْم وَلَيْلَة على الدَّوَام والاستمرار سفرا وحضرا خلا أَوْقَات الصَّلَوَات إِجَارَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة جَائِزَة مُدَّة كَذَا من تَارِيخه بِأُجْرَة لَهُ عَن ذَلِك من الْكسْوَة قَمِيص ولباس وقبع وعمامة من الْقطن الخشن وجبة من الْقطن الْمَضْرُوب أَو بِشَتٍّ من الصُّوف المخطط أَو جوخة من الجوخ الملون المخيوط الْقيمَة لذَلِك كُله كَذَا وَكَذَا درهما وَمن الطَّعَام مَا يَكْفِي مثله فِي الْعَادة فالكسوة مُؤَجّلَة تحل عِنْد فرَاغ الْمدَّة وانقضائها وَالنَّفقَة كل يَوْم فِيهِ وَأقر الْمُسْتَأْجر بالملاءة وَالْقُدْرَة على ذَلِك وَأقر الْمُؤَجّر نَفسه بِالْقُدْرَةِ على الْعَمَل وَسلم نَفسه لذَلِك وَشرع فِيهِ من يَوْم تَارِيخه ويكمل وَصُورَة اسْتِئْجَار كتب الْعلم للمطالعة وَالنَّظَر والاستفادة والنسخ مِنْهَا إِلَى غير ذَلِك مِمَّا يقْصد بهَا: اسْتَأْجر فلَان من فلَان فَأَجره مَا ذكر أَنه لَهُ وَملكه وَبِيَدِهِ وَتَحْت تصرفه إِلَى حِين صُدُور هَذِه الْإِجَارَة وَذَلِكَ جَمِيع الْكتب المجلدات النفيسات الْحَسَنَة الْخط المتقنات الْجلد الْمُشْتَملَة على شرح كَذَا وعدته كَذَا وَكَذَا جُزْءا وَشرح كَذَا وعدته كَذَا وَكَذَا جُزْءا ويعدد الْكتب إِن كَانَت متونا أَو شروحا بأسمائها وَأَسْمَاء مؤلفيها وعدة أَجْزَائِهَا ثمَّ يَقُول: إِجَارَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة لَازِمَة جَائِزَة ليطالع الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور وَمن أَرَادَ من الْفُقَهَاء وطلبة الْعلم الشريف فِي الْكتب الْمَذْكُورَة كَيفَ شَاءَ لَيْلًا وَنَهَارًا وَينظر فِيهَا ويستنسخ مِنْهَا مَا أَرَادَ وَينْتَفع بهَا انْتِفَاع مثله بِمِثْلِهَا بِأُجْرَة مبلغها عَن ذَلِك كَذَا وَكَذَا يقوم لَهُ بذلك مقسطا عَلَيْهِ فِي كل يَوْم كَذَا أقرّ بالملاءة وَالْقُدْرَة على ذَلِك وَسلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 إِلَيْهِ الْكتب الْمَذْكُورَة فتسلمها مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا وَهَذِه الْإِجَارَة جرت الْعَادة فِي كتَابَتهَا من غير تعْيين مُدَّة بل يذكر الْأُجْرَة ويقسطها كل يَوْم بِقسْطِهِ وَعِنْدِي أَن ضَبطهَا بِمدَّة مَعْلُومَة أولى وأحوط وَتسقط الْأُجْرَة كل يَوْم بيومه وَصُورَة اسْتِئْجَار الْحلِيّ الذَّهَب بِالذَّهَب أَو الْفضة بِالْفِضَّةِ: اسْتَأْجر فلَان من فلَان فَأَجره مَا ذكر: أَنه لَهُ وَملكه وَبِيَدِهِ وَتَحْت تصرفه إِلَى حَالَة هَذِه الْإِجَارَة وَذَلِكَ جَمِيع الشبارة الذَّهَب الْمصْرِيّ الْهَزِيمَة المزركش على خرقَة بندقي الَّتِي زنتها بِمَا فِيهَا من الْخِرْقَة كَذَا وَكَذَا مِثْقَالا وَجَمِيع الْعِصَابَة الزركش الْمُشْتَملَة على قطع ذهب صياغ عدتهَا كَذَا وَكَذَا قِطْعَة وعَلى فصوص وَيذكر وصفهَا وعدتها وَوصف مَا فِيهَا من اللُّؤْلُؤ الْكِبَار وَالصغَار وزنة ذَلِك كُله وَجَمِيع القلادة الذَّهَب ويصفها وَيذكر وَزنهَا وَجَمِيع الأساور الذَّهَب العريض والمفتول ويصفه ووزنه بالمثاقيل وَكَذَلِكَ يفعل فِي كل مَا يَقع عَلَيْهِ عقد الْإِجَارَة من أَنْوَاع الْحلِيّ ويصفه وَصفا تَاما يُخرجهُ عَن الْجَهَالَة ويضبطه بِالْوَزْنِ ثمَّ يَقُول: إِجَارَة شَرْعِيَّة لَازِمَة مُدَّة كَذَا وَكَذَا من تَارِيخه لاستعمال ذَلِك اسْتِعْمَال مثله والتزين والتجمل بِهِ لزوجة الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور وَمن أَرَادَ لَيْلًا وَنَهَارًا بِأُجْرَة كَذَا وَكَذَا ويكمل وَصُورَة إِجَارَة الأَرْض بِثلث مَا يخرج مِنْهَا: اسْتَأْجر فلَان من فلَان فَأَجره جَمِيع الْقطعَة الأَرْض الْكَشْف الْبيَاض الْمعدة للزَّرْع الَّتِي بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ ويحددها إِجَارَة شَرْعِيَّة جَائِزَة بِأُجْرَة مبلغها الثُّلُث مِمَّا تخرج الأَرْض الْمَذْكُورَة من الْمغل فَإِذا صَارَت ذَلِك حبا صافيا اسْتحق الثُّلُث مِنْهُ أُجْرَة لَهُ عَن تِلْكَ الأَرْض الْمَذْكُورَة أقرّ بالملاءة وَالْقُدْرَة على ذَلِك وَأَنه تسلم الْمَأْجُور الْمعِين تسلما شَرْعِيًّا بعد الرُّؤْيَة وَالْمُعَاقَدَة الشَّرْعِيَّة ويكمل وَصُورَة إِجَارَة الرجل زَوجته لإرضاع وَلَده مِنْهَا: اسْتَأْجر فلَان زَوجته فُلَانَة المستقرة فِي عصمته وَعقد نِكَاحه يَوْمئِذٍ لترضع وَلَده لصلبه مِنْهَا الَّذِي عمره يَوْمئِذٍ ثَلَاثَة أشهر بَقِيَّة أمد الرَّضَاع الشَّرْعِيّ بِأُجْرَة مبلغها لكل شهر يمْضِي من تَارِيخه كَذَا وَكَذَا يقوم لَهَا بِأُجْرَة كل شهر فِي سلخه أقرّ بالملاءة وَالْقُدْرَة على ذَلِك ويكمل وَصُورَة إِيجَار الرجل دَاره مَسْجِدا: اسْتَأْجر فلَان من فلَان فَأَجره مَا هُوَ لَهُ وَملكه وَبِيَدِهِ وَتَحْت تصرفه إِلَى حِين صُدُور هَذِه الْإِجَارَة وَذَلِكَ جَمِيع الدَّار الْفُلَانِيَّة ويصفها ويحددها ثمَّ يَقُول: بِجَمِيعِ حُقُوق ذَلِك كُله إِلَى آخِره إِجَارَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة لَازِمَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 لاتخاذها مصلى لَهُ وللمسلمين تُقَام بهَا الصَّلَوَات الْخمس فِي أَوْقَاتهَا وَيُؤذن بهَا أَوْقَات التأذين للصلوات ولقراءة الْقُرْآن بهَا وَالِاعْتِكَاف والتهجد وَصَلَاة التَّرَاوِيح فِي شهر رَمَضَان وصلوات التَّطَوُّع وَالسّنَن الرَّاتِبَة مُدَّة ثَلَاثِينَ سنة كاملات مُتَوَالِيَات من تَارِيخه بِأُجْرَة مبلغها كَذَا حسابا لكل شهر كَذَا يقوم لَهُ بِأُجْرَة كل شهر فِي سلخه أقرّ بالملاءة وَالْقُدْرَة على ذَلِك وَسلم الْمُؤَجّر إِلَى الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور جَمِيع الْمَأْجُور الْمعِين أَعْلَاهُ فتسلمه مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا بعد الرُّؤْيَة وَالْمُعَاقَدَة الشَّرْعِيَّة ويكمل وَصُورَة اسْتِئْجَار أَرض ممر مَاء من مقسم إِلَى مقسم آخر أَو إِلَى دَار الْمُسْتَأْجر: اسْتَأْجر فلَان من فلَان جَمِيع الْقطعَة الأَرْض المستطيلة الَّتِي طولهَا خَمْسمِائَة ذِرَاع مثلا بالذراع التجاري وعرضها ذِرَاع وَاحِد بالذراع الْمَذْكُور وَجَمِيع السُّدس الشَّائِع من جَمِيع الْقطعَة الأَرْض الحاملة لأبنية الْمقسم الْمُشْتَملَة على جرن أسود مربع بِهِ سِتَّة فروض أَحدهَا: فرض سدس جَمِيع المَال الْوَاصِل إِلَى الْمَذْكُور الْآخِذ إِلَى دَار الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور وَجَمِيع السُّدس الشَّائِع من جَمِيع الْمقسم الْمَذْكُور ليسوق الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور بِالْأَرْضِ الْمَذْكُورَة المَاء فِي كيزان يدفنها فِي الأَرْض الْمَذْكُورَة متقنة الْبناء باللافونية والقطن وَالزَّيْت والكلس والطين الْأَحْمَر والآجر من الْمقسم الْمَذْكُور إِلَى دَاره الْفُلَانِيَّة ويحددها وَيجْرِي بالكيزان الْمَذْكُورَة حَقه من مَاء الْمقسم الْمَذْكُور وَهُوَ سدسه بِحَق ذَلِك من حُقُوق مَا ذكر أَعْلَاهُ إِلَى دَاره الْمَذْكُورَة إِجَارَة شَرْعِيَّة لَازِمَة مُدَّة ثَلَاثِينَ سنة مثلا كاملات مُتَوَالِيَات من تَارِيخه بِأُجْرَة مبلغها كَذَا ويكمل بِقَبض الْأُجْرَة والتسلم وَالتَّسْلِيم والرؤية وَالْمُعَاقَدَة والتاريخ وَصُورَة إِجَارَة حِصَّة من حَوْض مَاء مَوْقُوف: اسْتَأْجر فلَان من فلَان النَّاظر فِي أَمر الْوَقْف الْآتِي ذكره فِيهِ فَأَجره جَمِيع مَا سَيَأْتِي ذكره فِيهِ بِحكم ولَايَته عَلَيْهِ شرعا لوُجُود الْمصلحَة لجِهَة الْوَقْف الْجَارِي تَحت نظره وَلكَون الْأُجْرَة الْآتِي تَعْيِينهَا فِيهِ: أُجْرَة الْمثل للمأجور الْآتِي ذكره يَوْمئِذٍ وَذَلِكَ جَمِيع الْحصَّة الَّتِي قدرهَا كَذَا وَكَذَا سَهْما من أصل كَذَا وَكَذَا سَهْما وَهِي مبلغ سِهَام الْحَوْض الْوَقْف على الْجِهَة الْفُلَانِيَّة الْمَبْنِيّ بِالْحِجَارَةِ والكلس الْمُشْتَمل على جرن حجر أسود يجْرِي إِلَيْهِ المَاء من دَائِرَة مفتحة فِي كتب قناة كَذَا بِحَق وَاجِب مُسْتَمر دَائِم ينزل المَاء إِلَيْهِ فِي قساطل وطوالع ونوازل بِحَق وَاجِب إِلَى أَن يَنْتَهِي إِلَى الْمقسم الْمَذْكُور ثمَّ يَنْقَسِم بِهِ على كَذَا وَكَذَا إِصْبَع بِحَق ذَلِك كُله وحقوقه وَمَا يعرف بِهِ وينسب إِلَيْهِ شرعا وبحقه من مَاء الْحَوْض الْمَذْكُور وَهُوَ كَذَا وَكَذَا إِصْبَع إِجَارَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة لَازِمَة مُدَّة ثَلَاثِينَ سنة مثلا كاملات مُتَوَالِيَات من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 تَارِيخه بِأُجْرَة مبلغها كَذَا حَالَة أَو مَقْبُوضَة أَو مقسطة أَو مُؤَجّلَة ثمَّ يكمل بِالتَّسْلِيمِ والتسلم والرؤية وَالْمُعَاقَدَة الشَّرْعِيَّة والتاريخ وَصُورَة إِجَارَة أَرض من نَاظر وقف وَفِي الأَرْض غراس ونصوب ملك الْمُسْتَأْجر وَالْأُجْرَة حِصَّة من الْغِرَاس: اسْتَأْجر فلَان من فلَان وَهُوَ النَّاظر الشَّرْعِيّ فِي الْوَقْف الْآتِي ذكره فَأَجره لما رأى فِي ذَلِك من الْحَظ والمصلحة لجِهَة الْوَقْف الْجَارِي تَحت نظره وَلكَون الْأُجْرَة الْآتِي ذكرهَا فِيهِ أُجْرَة الْمثل للمأجور يَوْمئِذٍ وَذَلِكَ جَمِيع أَرَاضِي الْبُسْتَان الْفُلَانِيّ الْجَارِيَة أجوره ومنافعه على مصَالح الْمدرسَة الْفُلَانِيَّة الْمَنْسُوب إيقافها إِلَى فلَان الْفُلَانِيّ الْمُشْتَملَة أَرَاضِي الْبُسْتَان الْمَذْكُور على غراس ونصوب عدتهَا كَذَا وَكَذَا شَجَرَة مُخْتَصَّة بِملك الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور وَهِي غراسه وإنشاؤه من مَاله وصلب حَاله غرسها بِإِذن شَرْعِي سَائِغ مِمَّن لَهُ ولَايَة الْإِذْن شرعا فِي تَارِيخ مُتَقَدم على تَارِيخ الْغَرْس الْمَذْكُور ويحدد الْبُسْتَان ثمَّ يَقُول: إِجَارَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة لَازِمَة لإبقاء الْغِرَاس والنصوب المختصة بِملك الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور الْمعينَة أَعْلَاهُ وللبناء والعمارة وَزرع الغلات الصيفية والشتوية وَالِانْتِفَاع بالمأجور كَيفَ شَاءَ الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور بِالْمَعْرُوفِ مُدَّة ثَلَاثِينَ سنة مثلا كاملات مُتَوَالِيَات من تَارِيخه بِأُجْرَة هِيَ جَمِيع الْحصَّة الشائعة وقدرها الرّبع من جَمِيع الْغِرَاس والنصوب المختصة بِملك الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور الْمعينَة أَعْلَاهُ سلم الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور إِلَى الْمُؤَجّر الْمَذْكُور الْمشَار إِلَيْهِ جَمِيع الرّبع من الْأَشْجَار الْمَذْكُورَة فتسلمها لجِهَة الْوَقْف الْمعِين أَعْلَاهُ تسلما شَرْعِيًّا بعد النّظر والمعرفة وَالْمُعَاقَدَة الشَّرْعِيَّة واستقرت أَرَاضِي الْبُسْتَان الْمَذْكُور فِي إِيجَار الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور استقرارا شَرْعِيًّا وَوَجَب لَهُ الِانْتِفَاع بهَا الْمدَّة الْمعينَة أَعْلَاهُ وجوبا شَرْعِيًّا وَاسْتقر الرّبع الشَّائِع من الْأَشْجَار الْمَذْكُورَة بيد النَّاظر الْمُؤَجّر الْمَذْكُور استقرارا شَرْعِيًّا ثمَّ بعد تَمام ذَلِك ولزومه شرعا: وقف النَّاظر الْمُؤَجّر الْمَذْكُور وَحبس وسبل وَحرم وأبد وخلد جَمِيع الرّبع الشَّائِع من الْأَشْجَار الْمَذْكُورَة على مصَالح الْمدرسَة الْمشَار إِلَيْهَا أَعْلَاهُ وَقفا صَحِيحا شَرْعِيًّا مُتبعا فِي ذَلِك شُرُوط وَاقِف الْمدرسَة الْمَذْكُورَة الْمَنْصُوص عَلَيْهَا فِي كتاب وَقفهَا المستقر تَحت يَد النَّاظر الْمشَار إِلَيْهِ ثمَّ ساقى النَّاظر الْمُؤَجّر الْمَذْكُور الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور على الرّبع الشَّائِع من الْأَشْجَار الْمَذْكُورَة الصائرة إِلَى الْوَقْف الْمَذْكُور الْقَائِم ذَلِك بأراضي الْبُسْتَان الْمَذْكُور المستقر فِي إِيجَار الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور ويومئذ وَبِيَدِهِ على أَن يعْمل فِي ذَلِك حق الْعَمَل الْمُعْتَاد فِي مثله شرعا ويكسح أشجاره وينقي ثماره ويتعاهده بالسقي على الْعَادة وَمهما رزق الله تَعَالَى فِي ذَلِك من ثَمَرَة كَانَ مقسوما على أَرْبَعَة أسْهم للْمُسْتَأْجر الْعَامِل من ذَلِك سهم وَاحِد وَهُوَ الرّبع وَثَلَاثَة أسْهم وَهِي النّصْف وَالرّبع لجِهَة الْوَقْف الْمشَار إِلَيْهِ مُسَاقَاة صَحِيحَة شَرْعِيَّة جَائِزَة لَازِمَة مدَّتهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 نَظِير الْمدَّة الْمعينَة أَعْلَاهُ وأولها يَوْم تَارِيخه رَضِيا بهَا واتفقا عَلَيْهَا وقبلاها قبولا شَرْعِيًّا وَيسْتَشْهد بِأَن أَرَاضِي الْبُسْتَان الْمَذْكُور وقف محرم وَحبس مخلد جَارِيَة أجوره ومنافعه على الْمدرسَة الْمَذْكُورَة وَأَن الرّبع الشَّائِع من الْأَشْجَار الْمَذْكُورَة أُجْرَة الْمثل عَن الْمَأْجُور وزياة حَالَة الْإِجَارَة من سيعين ذَلِك فِي رسم شَهَادَته آخِره ثمَّ تصادق المؤاجران الْمَذْكُورَان أَعْلَاهُ على أَن أُجْرَة الْمثل عَن الرّبع من الأَرْض الْجَارِيَة فِي إِيجَار الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور للمدة الْمعينَة أَعْلَاهُ: مَا مبلغه كَذَا وَكَذَا وَأَبْرَأ النَّاظر الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور من ذَلِك الْبَرَاءَة الشَّرْعِيَّة ويكمل تَنْبِيه: الدَّار الْمُؤجرَة إِذا كَانَت مَشْغُولَة حَالَة الِاسْتِئْجَار فَسدتْ الْإِجَارَة وَترك ذكر الْملك فِيهَا أولى لما فِيهِ من بطلَان الدَّرك وَالرُّجُوع بِهِ عِنْد الِاسْتِحْقَاق وَذكر الْيَد جَائِز لخلوه عَن معنى الْإِقْرَار بِالْملكِ وَلَا يخفى الْبدَاءَة بِتَسْلِيم الْأُجْرَة على قبض الْمَأْجُور احْتِرَازًا من قَول مَالك وَقد سبق بَيَانه فِي الْبيُوع انْتهى وَصُورَة إِجَارَة طاحون: اسْتَأْجر فلَان من فلَان جَمِيع بَيت الأرحاء الراكبة على النَّهر الْفُلَانِيّ الْمُجَاورَة للْأَرْض الْفُلَانِيَّة المبينة بِأَرْض الْقرْيَة الْفُلَانِيَّة الْمُشْتَملَة على ثَلَاثَة أَحْجَار أَو أَرْبَعَة أَحْجَار أَو أقل أَو أَكثر الدائرة يَوْمئِذٍ أَو بَعْضهَا يَنُوب عَن بعض وَالدَّار والإصطبل وَإِن كَانَت طاحونة فَارسي فيصف عدتهَا وَهِي حجر نجدي وَقَاعِدَة عدسي وفأس وعمود وحلقة وسرير وقائم وجذع وجرن ومصطلح وتابوت وَالدَّار والإسطبل والعلو وَمَا فِيهِ من الطباق والحقوق ويصف ذَلِك وَصفا تَاما ويحدده ثمَّ يَقُول: بِجَمِيعِ حُدُودهَا وحقوقها وطرقها ورسومها وعلوها وسفلها وأحجارها وآلاتها وحدايدها وأخشابها وأبوابها وَمَا هُوَ من حُقُوقهَا الدَّاخِلَة فِيهَا والخارجة عَنْهَا الْمَعْرُوفَة بهَا والمنسوبة إِلَيْهَا الْمَعْلُوم ذَلِك عِنْد المتآجرين الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ الْعلم الشَّرْعِيّ النَّافِي للْجَهَالَة إِجَارَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة لَازِمَة لمُدَّة كَذَا بِأُجْرَة مبلغها كَذَا ويكمل بِقَبض الْأُجْرَة أَو تأجيلها وَالْمُعَاقَدَة والتسلم وَالتَّسْلِيم وَغير ذَلِك على الْعَادة ويؤرخ وَصُورَة اسْتِئْجَار حمام: اسْتَأْجر فلَان من فلَان جَمِيع الْحمام الدائرة يَوْمئِذٍ بِبَلَد كَذَا الْمَعْرُوفَة بِكَذَا الْمعدة لدُخُول الرِّجَال وَالنِّسَاء أَو لأَحَدهمَا وتوصف وتحدد ثمَّ يَقُول: بِجَمِيعِ حُقُوقهَا كلهَا وحدودها ومنافعها ومرافقها وَبَيت وقودها ومجاري مياهها ومسلخها وأجرائها ومقاصيرها ومقاطيعها ودواليبها وخزائنها وأبوابها وأعتابها وأخشابها وكل حق قَلِيل وَكثير هُوَ لَهَا ومعروف بهَا ومنسوب إِلَيْهَا شرعا إِجَارَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة لَازِمَة بِمدَّة كَذَا بِأُجْرَة مبلغها كَذَا ويكمل على نَحْو مَا سبق وَجَرت الْعَادة: أَن أُجْرَة شهر رَمَضَان فِي الحمامات مُطلقَة للْمُسْتَأْجر لَا تُؤْخَذ مِنْهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 فَمنهمْ من يكْتب على الْحَاشِيَة: وللحمامي أَن ينْتَفع بالحمام الْمَذْكُور بِغَيْر أُجْرَة لشهر رَمَضَان فِي كل سنة من سني هَذِه الْمدَّة وَالْأَحْسَن فِي هَذِه الْوَاقِعَة: أَن تحسب الْأُجْرَة الْمَذْكُورَة على شهور الْمدَّة مِثَاله: أَن تكون الْأُجْرَة سِتّمائَة دِرْهَم حسابا لكل شهر خمسين فَإِذا أسقطت خمسين عَن شهر رَمَضَان تصير الْأُجْرَة خَمْسمِائَة وَخمسين تقسط على شهور السّنة فَيصير لكل شهر خَمْسَة وَأَرْبَعين درهما وَنصف وَثلث دِرْهَم فَيمْتَنع بذلك الرُّجُوع وتستمر الْأُجْرَة مَقْبُوضَة فِي رَمَضَان وَغَيره خُصُوصا إِن كَانَت الْحمام وَقفا أَو المحدور عَلَيْهِ فَلَا يجوز الْإِسْقَاط وَيجْرِي الْحَال على هَذَا الْقيَاس فِي أُجْرَة كل سنة قَليلَة كَانَت أَو كَثِيرَة انْتهى وَصُورَة اسْتِئْجَار أَرض من وَكيل بَيت المَال أَو جِدَار أَو سطح للْبِنَاء أَو غَيره: اسْتَأْجر فلَان من القَاضِي وَكيل بَيت المَال الْمَعْمُور بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيّ جَمِيع الْقطعَة الأَرْض الْكَشْف الكائنة بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ الْجَارِيَة فِي أَمْلَاك بَيت المَال الْمَعْمُور ويصفها ويذرعها ويحددها وَإِن كَانَ الْمَأْجُور جدارا وَصفه وذرعه وحدده وكمل الْإِجَارَة بشروطها وألفاظها على نَحْو مَا تقدم فِي الْمُبَايعَة ثمَّ يَقُول بعد تَمام عقد الْإِجَارَة: السائغ شرعا وَالسَّبَب فِي هَذِه الْإِجَارَة: أَن الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور رفع قصَّة مضمونها كَذَا وَكَذَا ويشرحها كَمَا يشْرَح فِي الْمُبَايعَة وَبعد أَن صَار كل وَاحِد من فلَان وَفُلَان أَرْبَاب الْخِبْرَة والمهندسين العارفين بالعقارات وَقيمتهَا والأملاك وتثمينها المندوبين لذَلِك من مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ إِلَى حَيْثُ الْقطعَة الأَرْض الْمُؤجرَة المحدودة المذروعة الموصوفة بأعاليه وشملوها بِالنّظرِ وَأَحَاطُوا بهَا علما وخبرة نَافِيَة للْجَهَالَة وَقَالُوا: إِن الْأُجْرَة لمن يرغب فِي استئجارها لينْتَفع بهَا كَيفَ شَاءَ وَيَبْنِي عَلَيْهَا مَا أحب بِنَاؤُه وَيعْلي مَا أَرَادَ تعليته ويحفر فِيهَا الْآبَار ويسقي السرب والأساسات وَيخرج الرواشن ويشرع الجناحات وَغير ذَلِك: لمُدَّة كَذَا مَا مبلغه كَذَا وَأَن ذَلِك أُجْرَة الْمثل يَوْمئِذٍ عَن الْمَأْجُور الْمَحْدُود الْمَوْصُوف بأعاليه لَا حيف فِي ذَلِك وَلَا شطط وَلَا غبينة وَلَا فرط وَأَن فِي إِيجَار ذَلِك بِالْأُجْرَةِ الْمعينَة الْحَظ والمصلحة وَثَبت ذَلِك لَدَى سيدنَا الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ وَأَن الْقطعَة الأَرْض الْمَذْكُورَة جَارِيَة فِي ديوَان الْمَوَارِيث الحشرية بِمَدِينَة كَذَا وَأَن الْمُؤَجّر الْمشَار إِلَيْهِ لَهُ ولَايَة إِيجَار ذَلِك بِأَحْكَام الْوكَالَة المفوضة إِلَيْهِ من مَوْلَانَا الْمقَام الشريف السلطاني الملكي الْفُلَانِيّ الثَّابِتَة وكَالَته لَدَيْهِ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ وَإِن شَاءَ كتب بعد تَمام الْإِجَارَة وَذَلِكَ بعد أَن يتجر الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور مشروحا يتَضَمَّن الْإِشْهَاد على فلَان وَفُلَان المهندسين أَرْبَاب الْخِبْرَة بالعقارات وَقيمتهَا بِبَلَد كَذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 : أَنهم صَارُوا إِلَى الْمَأْجُور الْمَوْصُوف المذروع الْمَحْدُود بأعاليه وَذكروا من الذرع والتحديد مَا وَافق أَعْلَاهُ وَأَن الْأُجْرَة الْمعينَة أَعْلَاهُ أُجْرَة الْمثل وَقِيمَة الْعدْل وأحضر الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور من يَده وصُولا من بَيت المَال الْمَعْمُور شَاهدا بِصُورَة الْحَال نسخته كَذَا وَكَذَا ويشرحه فَلَمَّا تَكَامل ذَلِك وَقع الْإِشْهَاد على القَاضِي فلَان الدّين الْمُؤَجّر الْمشَار إِلَيْهِ وعَلى الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور بِمَا نسب إِلَى كل مِنْهُمَا أَعْلَاهُ ويؤرخ وَإِن كَانَ الْمَأْجُور سطحا أَو جدارا قَالَ: ليبني عَلَيْهِ مَا أحب وَأَرَادَ بالطوب والطين والجير وآلات الْعِمَارَة مَا زنته كَذَا وَكَذَا قِنْطَارًا بالقنطار الْفُلَانِيّ وَإِن كَانَت الأَرْض كشفا واستأجرها ليبني عَلَيْهَا فَلَا حَاجَة لذكر الْوَزْن وَصُورَة إِجَارَة الفرن: اسْتَأْجر فلَان من فلَان جَمِيع الفرن الْكَائِن بالموضع الْفُلَانِيّ بالحارة الْفُلَانِيَّة بالزقاق الْفُلَانِيّ النَّافِذ أَو الْغَيْر نَافِذ الْمُشْتَمل على بَيت نَار مبلط يعلوه قبَّة وتحاذيه زلاقة لملقى الْوقُود وَبَيت الْعَجِين ومطرح النَّار والرماد ويصفه ويحدده وَيَقُول: بِجَمِيعِ حُقُوقه كلهَا بِأُجْرَة مبلغها كَذَا وَكَذَا ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه وَصُورَة اسْتِئْجَار مَوضِع بعض النَّهَار بِأُجْرَة حَالَة مَقْبُوضَة أَو حَالَة أَبرَأَهُ الْمُؤَجّر مِنْهَا: اسْتَأْجر فلَان من فلَان جَمِيع الْحَانُوت الْفُلَانِيّ الْجَارِي فِي يَده وَملكه وتصرفه ويوصف ويحدد مُدَّة سنة كَامِلَة من تَارِيخه لينْتَفع بذلك فِي السكن والإسكان لطول الْمدَّة الْمعينَة أَعْلَاهُ من أول النَّهَار إِلَى وَقت الْعَصْر خلا بَقِيَّة النَّهَار اللَّيْل وَأَن مَنْفَعَة ذَلِك بَاقِيَة فِي يَد الْمُؤَجّر وتصرفه ينْتَفع بهَا كَيفَ شَاءَ بِأُجْرَة مبلغها كَذَا وَكَذَا حَالَة قبضهَا الْمُؤَجّر من الْمُسْتَأْجر أَو حَالَة أَبرَأَهُ الْمُؤَجّر مِنْهَا بَرَاءَة شَرْعِيَّة بَرَاءَة عَفْو وَإِسْقَاط قبل ذَلِك مِنْهُ قبولا شَرْعِيًّا وَسلم إِلَيْهِ الْمُؤَجّر الْمَذْكُور فتسلمه مِنْهُ بعد النّظر والمعرفة وَالْمُعَاقَدَة الشَّرْعِيَّة ويؤرخ تَنْبِيه: هَذِه الْإِجَارَة فِيهَا نظر لعدم التَّمَكُّن من الِانْتِفَاع الْمُتَّصِل قَالَ النَّوَوِيّ رَحمَه الله تَعَالَى: وإيجار الدَّار والحانوت شهرا على أَن ينْتَفع بهَا الْأَيَّام دون اللَّيَالِي بَاطِل بِخِلَاف مثله فِي الْبَهِيمَة وَالْعَبْد فَإِنَّهُ يجوز انْتهى كَلَامه وَصُورَة اسْتِئْجَار دَار بدار: اسْتَأْجر فلَان من فلَان جَمِيع الدَّار الْفُلَانِيَّة ويصفها ويحددها الْجَارِيَة فِي يَد الْمُؤَجّر الْمَذْكُور وَملكه مُدَّة كَذَا من تَارِيخه بِجَمِيعِ الدَّار الْفُلَانِيَّة الْجَارِيَة فِي يَد الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور وَملكه وتوصف وتحدد إِجَارَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة لينْتَفع بذلك الِانْتِفَاع الشَّرْعِيّ على الْوَجْه الشَّرْعِيّ وتعاقدا على ذَلِك معاقدة صَحِيحَة شَرْعِيَّة مُشْتَمِلَة على الْإِيجَاب وَالْقَبُول وتسلم كل مِنْهُمَا من الآخر مَا وَجب لَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 تسلمه شرعا وَصَارَ بِيَدِهِ بعد النّظر والمعرفة والإحاطة بذلك علما وخبرة نَافِيَة للْجَهَالَة ويؤرخ تَنْبِيه: قَالَ فِي الرَّوْضَة: وَيجوز أَن تكون الْأُجْرَة مَنْفَعَة سَوَاء اتّفق الْجِنْس كَمَا إِذا أجر دَارا بِمَنْفَعَة دَاره أَو اخْتلف بِأَن أجره دَارا بِمَنْفَعَة عبد وَلَا رَبًّا فِي الْمَنَافِع أصلا حَتَّى لَو أجر دَارا بِمَنْفَعَة دارين أَو أجر حلي ذهب بِذَهَب جَازَ وَصُورَة إِجَارَة مركب: اسْتَأْجر فلَان من فلَان جَمِيع الْمركب المورقي أَو الباطوسي أَو غير ذَلِك من أَوْصَاف المراكب الْمُتَقَدّمَة فِي الْبيُوع وَيذكر طولهَا ومحملها وَمَا يشْتَمل عَلَيْهِ من عدتهَا بِجَمِيعِ حقومها كلهَا لينْتَفع بهَا فِي حمل الغلات والركاب وَمَا يحمل على ظُهُور المراكب من الأحطاب والأغنام والأبقار وَغير ذَلِك فِي بَحر النّيل الْمُبَارك مقلعا ومنحدرا لمُدَّة كَذَا بِأُجْرَة مبلغها كَذَا مَقْبُوضَة أَو حَالَة مقسطة وتسلم الْمُسْتَأْجر مَا اسْتَأْجرهُ وَوَجَب لَهُ الِانْتِفَاع بِهِ أُسْوَة أَمْثَاله وسق السَّلامَة وَذَلِكَ بعد النّظر والمعرفة والرضى وَالْمُعَاقَدَة الشَّرْعِيَّة الْمُشْتَملَة على الْإِيجَاب وَالْقَبُول والتفرق عَن ترَاض وَإِن كَانَ الِاتِّفَاق على حمل شَيْء معِين من مَكَان معِين إِلَى مَكَان معِين دفْعَة وَاحِدَة صدر بقوله: عَاقد فلَان فلَانا على أَن يحمل لَهُ على ظهر مركبه الْفُلَانِيّ من الغلال كَذَا وَكَذَا من الْبَلَد الْفُلَانِيّ إِلَى الْبَلَد الْفُلَانِيّ بِمَا مبلغه كَذَا معاقدة شَرْعِيَّة ويكمل بقوله: وعَلى المعاقد الْمَذْكُور تسفير الْمركب الْمَذْكُور بِمَا سيصل إِلَيْهِ من الغلات المعاقد عَلَيْهَا من الْبَلَد الْمَذْكُور إِلَى الْبَلَد الْمَذْكُور بِنَفسِهِ وَرِجَاله مَعَ سَلامَة الله تَعَالَى وعونه وَله المؤونة على الْعَادة ويكمل وَقد تقدم معنى ذَلِك فِي الصُّور السَّابِقَة وَالله أعلم وَصُورَة اسْتِئْجَار صبي دون الْبلُوغ من أَبِيه أَو مِمَّن لَهُ عَلَيْهِ ولَايَة شَرْعِيَّة: اسْتَأْجر فلَان من فلَان وَلَده لصلبه فلَانا الَّذِي هُوَ غير بَالغ المستمر يَوْمئِذٍ تَحت حجر أَبِيه الْمَذْكُور وَولَايَة نظره لما رأى فِيهِ من الْمصلحَة ليعْمَل عِنْده فِي الصَّنْعَة الْفُلَانِيَّة أُسْوَة أَمْثَاله من الصناع فِي مثل ذَلِك مُدَّة كَذَا بِأُجْرَة مبلغها كَذَا مَقْبُوضَة أَو حَالَة مقسطة وتسلم الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور الصَّبِي الْمَذْكُور ليعْمَل مَعَه فِي ذَلِك من أول النَّهَار إِلَى آخِره دون اللَّيَالِي خلا الْأَيَّام الَّتِي جرت الْعَادة فِيهَا بالبطالة وَهِي الْجُمُعَة من كل أُسْبُوع والعيدان وخلا أَوْقَات الصَّلَوَات وَعَلِيهِ الْعَمَل فِي تَعْلِيم الْوَلَد الْمَذْكُور واستعماله فِي ذَلِك بتقوى الله وطاعته وخشيته ومراقبته فِي سره وعلانيته وَالِاجْتِهَاد فِي تَعْلِيمه وَذَلِكَ بعد اعترافهما بِمَعْرِِفَة مِقْدَار عمل الصَّبِي الْمَذْكُور الْمعرفَة الشَّرْعِيَّة ويكمل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 تَنْبِيه: الْإِجَارَة الْوَارِدَة على الذِّمَّة لَا يجوز فِيهَا تَأْجِيل الْأُجْرَة وَلَا الِاسْتِبْدَال عَنْهَا وَلَا الْحِوَالَة بهَا وَلَا الْحِوَالَة عَلَيْهَا وَلَا الْإِبْرَاء بل يجب التَّسْلِيم فِي الْمجْلس وَصُورَة إِجَارَة الرجل نَفسه: أجر فلَان نَفسه لفُلَان على أَن يعْمل مَعَه الفلاحة أَو الْبناء أَو النجارة أَو الْخياطَة أَو عملا بِعَيْنِه مُدَّة كَذَا من صَبِيحَة كل يَوْم من تَارِيخه وَإِلَى آخِره لطول الْمدَّة الْمَذْكُورَة خلا أَوْقَات الصَّلَوَات وَالْوُضُوء وَقَضَاء الْحَاجة وَمَا لَا غنى عَنهُ شرعا بِأُجْرَة مبلغها كَذَا مقسطة أَو حَالَة مَقْبُوضَة وَسلم نَفسه إِلَيْهِ وَشرع فِي الْعَمَل الْمَذْكُور لابتداء مُدَّة الْإِجَارَة وَإِلَى انتهائها مُلْتَزما فِي ذَلِك مَا يلْزم أَمْثَاله من أهل الْعَمَل فِي مثل ذَلِك من الِاجْتِهَاد وبذل النَّصِيحَة لمستأجره فِي الْعَمَل الْمَذْكُور تعاقدا على ذَلِك معاقدة شَرْعِيَّة مُشْتَمِلَة على الْإِيجَاب وَالْقَبُول ويكمل على نَحْو مَا سبق وَالْأولَى: أَن يُورد الْإِجَارَة على الذِّمَّة فِي الْبناء والخياطة وَتَعْلِيم الْخط وَالْقِرَاءَة وَالْحج وَيكْتب: ألزم فلَان ذمَّته أَن يخيط لفُلَان كَذَا أَو يَبْنِي لَهُ كَذَا أَو يُعلمهُ كَذَا أَو أَن يحجّ عَن فرض فلَان الْمُتَوفَّى إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى حجَّة الْإِسْلَام وعمرته الواجبتين عَلَيْهِ من بلد كَذَا وَإِن شَاءَ كتب فِي صُورَة الْحَج: عَاقد فلَان فلَانا على أَن يحجّ عَن فلَان الْمُتَوفَّى ويكمل على نَحْو مَا تقدم فِي الْإِجَارَة لَكِن هَذِه بِلَفْظ المعاقدة وَيَقُول فِيهَا: فَإِن تعذر وَلم يخرج فِي هَذِه السّنة لقَضَاء هَذِه الْحجَّة أَو حدث لَهُ حَادث مَنعه عَن قَضَائهَا على مَا سمي فِيهِ فَعَلَيهِ رد مَا قَبضه بِسَبَب ذَلِك وَالْخُرُوج مِنْهُ لمستحق استرجاعه بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيّ ويكمل وَصُورَة إِجَارَة السَّيِّد عَبده: اسْتَأْجر فلَان من فلَان جَمِيع الْغُلَام الحبشي أَو الزنْجِي أَو غير ذَلِك الْمُسلم الدّين الْبَالِغ أَو الْمُرَاهق أَو الرجل الْكَامِل ويصف مَا فِي وَجهه وبدنه من عَلامَة الْمَدْعُو فلَان على أَن يَخْدمه ويتصرف فِي أشغاله فِي الْقَضَاء والاقتضاء وَالْبيع وَالشِّرَاء وَالْأَخْذ وَالعطَاء وَغير ذَلِك مِمَّا يَنْضَبِط خدمَة مَعْلُومَة بَينهمَا أَو برسم خدمَة وَلَده فلَان وَحمل ألواحه وأدواته ومصحفه من دَار سكنه بالموضع الْفُلَانِيّ فِي كل يَوْم من أَيَّام هَذِه الْإِجَارَة والتوجه بِهِ بكرَة النَّهَار إِلَى مكتبه بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ وَعوده مَعَه من مكتبه إِلَى منزل مَسْكَنه الْمَذْكُور عَشِيَّة النَّهَار مُدَّة سنة كَامِلَة من تَارِيخه بِأُجْرَة مبلغها كَذَا مقسطة أَو حَالَة مَقْبُوضَة وَسلم فلَان إِلَى فلَان الْغُلَام الْمَذْكُور فتسلمه مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا ويكمل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 234 تَنْبِيه: هَذِه الصُّورَة لَا تكْتب مسانهة وَلَا مشاهرة احْتِرَازًا من قَول الشَّافِعِي فَإِنَّهُ يُفْسِدهَا وَأهل الْعرَاق يجيزون ذَلِك وَلَا يكْتب (العَبْد) بل يكْتب (الْغُلَام) احْتِرَازًا من أَن يكون حرا فَيبْطل رُجُوعه على الْمُؤَجّر بالدرك لِأَنَّهُ صدقه أَنه عَبده فَيكون قد أبطل حَقه بتصديقه السَّابِق إِن اشْتَرَاهُ مِنْهُ وَصُورَة مَا إِذا اسْتَأْجر رجل رجلا لعمل مَعْلُوم أَو خدمَة مَعْلُومَة إِلَى وَقت مَعْلُوم: أجر فلَان نَفسه لفُلَان فاستأجره ليقوم فِي خدمته فِي الْبَز للطي والنشر والشد والحل والحط وَالرَّفْع وَالْقَضَاء والاقتضاء وَالْبيع وَالشِّرَاء وَالْأَخْذ وَالعطَاء وَقبض الْأَثْمَان وَأَدَاء الرسائل وَالْقِيَام بالحوائج خدمَة مَعْرُوفَة مفهومة مَعْلُومَة بَينهمَا الْعلم الشَّرْعِيّ النَّافِي للْجَهَالَة مُدَّة سنة وَاحِدَة من تَارِيخه بِاثْنَيْ عشر دِينَارا ذَهَبا أُجْرَة كل شهر كَذَا وَذَلِكَ بعد معرفتهما بِالْخدمَةِ عِنْد عقد الْإِجَارَة الْمَذْكُورَة على الْعرف الْقَائِم فِي مثلهَا الْمعرفَة الشَّرْعِيَّة وَسلم نَفسه إِلَيْهِ وَشرع فِي الْعَمَل الْمَذْكُور وتعاقدا على ذَلِك معاقدة شَرْعِيَّة مُشْتَمِلَة على الْإِيجَاب وَالْقَبُول وتفرقا عَن ترَاض ويكمل وَصُورَة مَا إِذا اسْتَأْجر رجل رجلا لينقل لَهُ مَاء عذبا إِلَى منزله أَو غَيره: اسْتَأْجر فلَان فلَانا على أَن ينْقل إِلَيْهِ على ظُهُور جمال يقيمها من مَاله وصلب حَاله من المَاء العذب فِي بَحر النّيل الْمُبَارك إِلَى منزله بالموضع الْفُلَانِيّ أَو إِلَى صهريج التربة الْفُلَانِيَّة كَذَا وَكَذَا راوية زنة مَا فِي كل راوية من المَاء كَذَا وَكَذَا رطلا فِي مُدَّة كَذَا أَو فِي كل يَوْم كَذَا وَكَذَا راوية أَو جملَة وَاحِدَة فِي مُدَّة كَذَا تعاقدا على ذَلِك تعاقدا شَرْعِيًّا وَإِن شَاءَ صدر هَذِه الصُّورَة بقوله: عَاقد فلَان فلَانا على كَذَا وَكَذَا وَإِن شَاءَ كتب: أقرّ فلَان أَنه قبض وتسلم من فلَان كَذَا وَكَذَا درهما وَذَلِكَ ثمنا عَن مَاء سيحمله على ظُهُور جمال يقيمها من مَاله وصلب حَاله من المَاء العذب ويكمل فِي كل صُورَة بحسبها وَالْكل جَائِز تَنْبِيه: اعْلَم أَن هَذِه الْإِجَارَة مُخْتَلف فِيهَا عِنْد أَصْحَاب الشَّافِعِي قَالَ فِي الرَّوْضَة وَفِي بيع المَاء على شط النَّهر وَبيع التُّرَاب فِي الصَّحرَاء وَبيع الْحِجَارَة فِي الشعاب الْكَثِيرَة الْأَحْجَار وَجْهَان الْأَصَح الْجَوَاز انْتهى فعلى الصَّحِيح بِمُجَرَّد وضع يَده على المَاء ملكه لكَونه مُبَاحا فَيكون مَا يُعْطِيهِ فِي الْحَقِيقَة ثمن المَاء وعَلى الثَّانِي: مَا يُعْطِيهِ أُجْرَة الْجمال وَصُورَة مَا إِذا اسْتَأْجر رجل رجلا ليحمل لَهُ بضَاعَة من مَوضِع مَعْلُوم إِلَى مَوضِع مَعْلُوم: عَاقد فلَان فلَانا على حمله وَحمل تِجَارَته وقماشه ويصف كل شَيْء بِحَسبِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 وَيذكر الْوَزْن ثمَّ يَقُول: من مَدِينَة كَذَا إِلَى مَدِينَة كَذَا على جماله الَّتِي بِيَدِهِ وَتَحْت تصرفه بِمَا مبلغه كَذَا وَإِن شَاءَ اسْتَأْجرهُ لحملها وكمل بِدفع الْأُجْرَة وَالْمُعَاقَدَة الشَّرْعِيَّة قِيَاسا على مَا تقدم وَإِن شَاءَ صدر بِالْقَبْضِ وَقَالَ: وَذَلِكَ أُجْرَة مَا سيحمله لَهُ من مَوضِع كَذَا إِلَى مَوضِع كَذَا وبعين وَزنه وَإِن كَانَ مِمَّا يُكَال ذكر كَيْله ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه وَصُورَة مَا إِذا اسْتَأْجر رجلا ليرعى لَهُ أغناما مَعْلُومَة: أقرّ فلَان أَنه أجر نَفسه لفُلَان ليرعى لَهُ أغناما عدتهَا كَذَا وَكَذَا رَأْسا من الْغنم الضَّأْن الْبيَاض أَو الْمعز الشعري الْمَوَاشِي الرَّوَاتِب أَو اللواحق الْجَارِيَة فِي ملك فلَان الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور ويذكره ويتولى سقيها وَخدمتهَا وعلوفتها وحلبها وتسريحها وترويحها وحفظها وإيوائها أُسْوَة أَمْثَاله من الأجراء فِي مثل ذَلِك بالموضع الْفُلَانِيّ فِي مُدَّة أَولهَا كَذَا وَآخِرهَا كَذَا بِأُجْرَة مبلغها كَذَا حَالَة دَفعهَا الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور من مَاله للمؤجر نَفسه الْمَذْكُور فقبضها مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا وَسلم فلَان الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور لفُلَان الْآجر نَفسه الْمَذْكُور جَمِيع الأغنام الْمَذْكُورَة بعدتها الْمَذْكُورَة فتسلمها مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا وَصَارَت بِيَدِهِ بِحكم هَذِه الْإِجَارَة الْجَارِيَة بَينهمَا على ذَلِك الْمُشْتَملَة على الْإِيجَاب وَالْقَبُول ويؤرخ وَفِي إِجَارَة الْأَب وَالْجد على ولدهما الصَّغِير وَإِجَارَة أَمِين الحكم أَو مَنْصُوب الشَّرْع الشريف أَو الْوَصِيّ على محجوري الحكم الْعَزِيز وَفِي استئجارهم لَهُم: تقدم مَعْنَاهُ فِي الْبيُوع بِلَفْظ البيع وَفِي الْإِجَارَة: يكون بِلَفْظ الْإِيجَار والاستئجار وَلَا يخفى ذَلِك على الحذاق البارعين فِي هَذَا الْفَنّ فعنهم أَخذنَا وَمِنْهُم استفدنا فَائِدَة: يكْتب فِي حق الْقَائِم فِي الْإِجَارَة وَالْبيع على الْمَحْجُور: من فلَان الْقَائِم فِي بيع مَا سَيَأْتِي ذكره وَفِي إيجارة مَا سَيَأْتِي ذكره فِيهِ على مَحْجُوره فلَان وَلَا يَقُول عَن مَحْجُوره فلَان بِخِلَاف الْقَائِم فِي ذَلِك بِالْوكَالَةِ عَن مُوكل شَرْعِي فَإِنَّهُ يَقُول فِيهِ: من فلَان الْقَائِم فِي بيع أَو فِي إِجَارَة مَا سَيَأْتِي ذكره فِيهِ بطرِيق الْوكَالَة الشَّرْعِيَّة عَن فلَان فصل: فِي الْإِقَالَة وَلها عمد: وَهِي ذكر الْمُسْتَأْجر والمؤجر وأسمائهما وأنسابهما: وَذكر الْإِجَارَة وسؤال الْمُسْتَأْجر للمؤجر أَن يقيله عقد الْإِجَارَة والإجابة إِلَى ذَلِك وَإِقْرَاره بِقَبض نَظِير الْأُجْرَة وَذكر التَّارِيخ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 وَصُورَة التقايل وَيكْتب على ظهر الْإِجَارَة تقايل المتآجران الْمَذْكُورَان بَاطِنه: وهما فلَان وَفُلَان أَحْكَام الْإِجَارَة الصادرة بَينهمَا فِي الْمَأْجُور الْمعِين بَاطِنه على الحكم المشروح بَاطِنه تَقَايلا صَحِيحا شَرْعِيًّا مُشْتَمِلًا على الْإِيجَاب وَالْقَبُول وَدفع الْمُؤَجّر إِلَى الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور نَظِير الْأُجْرَة الْمَذْكُورَة بَاطِنه فَقبض ذَلِك مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا وَرفع الْمُسْتَأْجر الْمَذْكُور يَده عَن الدَّار الْمَذْكُورَة بَاطِنه وَسلمهَا إِلَى الْمُؤَجّر الْمَذْكُور بَاطِنه على صفتهَا الأول الَّتِي تسلمها مِنْهُ عَلَيْهَا قبل تَارِيخه فتسلمها مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا وتفرقا عَن ترَاض وَإِن شَاءَ صدر بإقرارهما أَنَّهُمَا تَقَايلا وَإِن شَاءَ قَالَ: وَرجع كل مِنْهُمَا إِلَى عين مَاله وتسلم كل وَاحِد مِنْهُمَا من الآخر مَا وَجب لَهُ تسلمه شرعا على صفته الأولى وتفرقا بعد تَمام الْإِقَالَة عَن ترَاض ويؤرخ وَصُورَة حجَّة بمداواة عين وَهِي قريبَة من معنى الْإِجَارَة حضر إِلَى شُهُوده فِي يَوْم تَارِيخه فلَان المتطبب أَو الكحال وَسَأَلَ فلَانا وَرغب إِلَيْهِ فِي مداواة عينه الْيُمْنَى أَو الْيُسْرَى أَو هما جَمِيعًا مِمَّا بهما من الْمَرَض الْفُلَانِيّ أَو المَاء النَّازِل بهما وقدحهما وَعمل مصلحتهما فِي وَاجِب الصَّنْعَة على مَا يُؤَدِّيه إِلَيْهِ اجْتِهَاده وتقتضيه صَنعته ومعرفته فِي مثل ذَلِك طَالبا من الله تَعَالَى المعونة وَالْهِدَايَة إِلَى طَرِيق الاسْتقَامَة على النهج القويم الْمُؤَدِّي إِلَى برْء الْمَذْكُور وشفائه من مَرضه فَإِن عوفي كَانَ بِفضل الله تَعَالَى ومنته وَإِن جَاءَ الْأَمر وَالْعِيَاذ بِاللَّه بِخِلَاف ذَلِك كَانَ بِقَضَاء الله وَقدره وَكَانَ فلَان الكحال الْمَذْكُور بَرِيئًا من ذَلِك وَمن تَبعته فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِك وَقبل مِنْهُ عقد هَذِه المداواة على الشُّرُوط الْمَذْكُورَة والبراءة من الضَّمَان والعلقة والتبعة مِمَّا يحدث بعد المعالجة من عدم الْبُرْء وَغَيره حَسْبَمَا اتفقَا وتراضيا على ذَلِك وَإِن كَانَت المعالجة على مبلغ شَرطه لَهُ عِنْد زَوَال الْمَرَض وَحُصُول الْبُرْء والشفاء فَيَقُول بعد قَوْله فَإِن عوفي كَانَ بِفضل الله ومنته وَكَانَ عَلَيْهِ الْقيام لَهُ بِمَا مبلغه كَذَا وَكَذَا قيَاما شَرْعِيًّا من مَاله وصلب حَاله فِي نَظِير عمله فِي ذَلِك حَسْبَمَا ألزم ذمَّته لَهُ بذلك الْإِلْزَام الشَّرْعِيّ قبل ذَلِك مِنْهُ قبولا شَرْعِيًّا ويكمل ويؤرخ وَالله أعلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 كتاب إحْيَاء الْموَات وتملك الْمُبَاحَات وَمَا يتَعَلَّق بهما من الْأَحْكَام يجوز إحْيَاء الْموَات وَيملك بذلك لما رُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (من أَحْيَا أَرضًا ميتَة فَهِيَ لَهُ وَلَيْسَ لعرق ظَالِم حق) وَرُوِيَ (لعرق ظَالِم) بِإِضَافَة الْعرق إِلَى الظَّالِم فَائِدَة: الْعرق: أَرْبَعَة: الْغِرَاس وَالْبناء وَالنّهر والبئر وروى سَمُرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (من أحَاط حَائِطا على أَرض فَهِيَ لَهُ) وَأَرَادَ بِهِ فِي الْموَات وَأجْمع الْمُسلمُونَ على جَوَاز إحْيَاء الْموَات والتملك بِهِ والإحياء لَا يفْتَقر إِلَى إِذن الإِمَام وَبِه قَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يجوز إحْيَاء الْموَات إِلَّا بِإِذن الإِمَام فَأَبُو حينفة حمل قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (من أَحْيَا أَرضًا ميتَة فَهِيَ لَهُ) على التَّصَرُّف بِالْإِمَامَةِ الْعُظْمَى لِأَنَّهُ لَا يجوز الْإِحْيَاء إِلَّا بِإِذن الإِمَام وَحمله الشَّافِعِي على التَّصَرُّف بالفتيا لِأَنَّهُ الْغَالِب عَلَيْهِ وَقَالَ: يَكْفِي فِي الْإِحْيَاء إِذن الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَوْضِع الدَّلِيل فِي قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (من أَحْيَا أَرضًا ميتَة فَهِيَ لَهُ) (وَمن أحَاط حَائِطا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 على أَرض فَهِيَ لَهُ) أَنه لم يفرق بَين أَن يكون بِإِذن الإِمَام أَو بِغَيْر إِذْنه وَلِأَنَّهَا عين مُبَاحَة فَلم يفْتَقر فِي تَملكهَا إِلَى إِذن الإِمَام كالصيد والحشيش والبلاد على ضَرْبَيْنِ: بِلَاد إِسْلَام وبلاد شرك فَأَما بِلَاد الْإِسْلَام: فعلى ضَرْبَيْنِ: عَامر وموات فَأَما العامر: فَهُوَ لمَالِكه وَلَا يجوز لأحد أَن يتَصَرَّف فِي شَيْء مِنْهُ إِلَّا بِإِذن مَالِكه لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (لَا يحل مَال امرىء مُسلم إِلَّا عَن طيب نفس مِنْهُ) وَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (من أَخذ شبْرًا من الأَرْض بِغَيْر حَقه طوقه الله إِيَّاه يَوْم الْقِيَامَة إِلَى سبع أَرضين) فَإِن كَانَ هَذَا العامر يجاوره مَمْلُوكا كالدور والأراضي المتلاصقة فَإِن ملك كل وَاحِد مِنْهُمَا لَا يتَجَاوَز إِلَى غَيره إِلَّا أَن يكون لَهُ فِي ملك غَيره رسم مسيل مَاء أَو طَرِيق فَلهُ ذَلِك وَلكُل وَاحِد مِنْهُمَا أَن يتَصَرَّف فِي ملكه بِمَا شَاءَ من وُجُوه التَّصَرُّفَات وَإِن كَانَ فِيهِ ضَرَر على جَاره وَإِن كَانَ العامر يجاور مواتا فَلصَاحِب الْعَامَّة من الْموَات الَّذِي يجاور ملكه مَالا يُمكنهُ الِانْتِفَاع بالعامر إِلَّا بِهِ مثل الطَّرِيق ومسيل المَاء الَّذِي يخرج من الدَّار وَمَا تحْتَاج إِلَيْهِ الأَرْض من مسايل المَاء وَإِن كَانَت بِئْرا فَلهُ من الْموَات بِقدر مَا يحْتَاج إِلَيْهِ فِي نزع المَاء مِنْهَا وَإِن كَانَت للسقيا مِنْهَا بالسواني: فَقدر مَا تحْتَاج إِلَيْهِ السانية فِي ذهابها ومجيئها وَإِن كَانَت دولابا: فَقدر مَا يَدُور فِيهِ الثور وَإِن كَانَت للماشية: فَقدر مَا تعطن فِيهِ الْمَاشِيَة وَإِن كَانَت مِمَّا يسْقِي بِالْيَدِ مِنْهَا: فَقدر مَا يقف فِيهِ المستقى وَلَا يقدر ذَلِك بِشَيْء وَأما الْموَات: فعلى ضَرْبَيْنِ: ضرب لم يجر عَلَيْهِ ملك لأحد قطّ فَهَذَا يجوز إحياؤه بِلَا خلاف كَمَا قُلْنَا فِي العامر وَأما بِلَاد الشّرك: فضربان: عَامر وموات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 فَأَما العامر وَمَا يحْتَاج إِلَيْهِ العامر من الْمرَافِق: فَإِنَّهُ ملك للْكفَّار لقَوْله تَعَالَى: {وأورثكم أَرضهم وديارهم} فإضافتها إِلَيْهِم تدل على أَنهم ملكوها وَلَا يجوز إحياؤها وَإِنَّمَا تملك بالقهر وَالْغَلَبَة وَأما الْموَات: فَإِن كَانَ قد جرى عَلَيْهَا ملك لمَالِك مَعْرُوف: لم يجز إحياؤها كالعامر وَإِن لم يجر عَلَيْهَا ملك لأحد: جَازَ إحياؤها وتملكها لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (من أَحْيَا أَرضًا ميتَة فَهِيَ لَهُ) وَلم يفرق فعلى هَذَا: إِن أَحْيَا مُسلم مواتا فِي أَرضهم ثمَّ ظهر الْمُسلمُونَ على أَرضهم فملكوها كَانَت غنيمَة إِلَّا مَا أَحْيَاهُ الْمُسلم وَإِن كَانَت مواتا قد جرى عَلَيْهَا أثر ملك لَهُم وَلَا يعرف مَالِكهَا: فعلى قَوْلَيْنِ أَحدهَا: يجوز إحياؤها وتملك بِالْإِحْيَاءِ لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (عادي الأَرْض لله وَلِرَسُولِهِ ثمَّ هِيَ لكم مني) وَأَرَادَ بِهِ الأَرْض الَّتِي كَانَت ملكا لقوم عَاد وَلِأَنَّهُ لَو وجد فِي بِلَاد الشّرك وَكَانَ من ضرب الْمُشْركين بِملكه بالوجود وَإِن كَانَ قد جرى عَلَيْهِ ملك مُشْرك فَكَذَلِك إِذا أَحْيَا مواتا جرى عَلَيْهِ ملك لمَالِك غير مَعْرُوف من الْمُشْركين وَالثَّانِي: لَا يملك بِالْإِحْيَاءِ قَالَ الشَّيْخ أَبُو حَامِد: وَهُوَ الْمَذْهَب لِأَن الشَّافِعِي قَالَ: والموات مَا لَيْسَ عَلَيْهِ أثر عمَارَة وَلِأَنَّهَا إِن كَانَ جرى عَلَيْهَا الْملك فَلَا تملك بِالْإِحْيَاءِ كَمَا لَو كَانَ لَهَا مَالك مَعْرُوف وَلِأَنَّهُ يجوز أَن يكون لكَافِر لم تبلغه الدعْوَة فَلَا يكون مَاله مُبَاحا وَمن قَالَ بِهَذَا قَالَ: معنى قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (عادي الأَرْض لله وَلِرَسُولِهِ) أَرَادَ بِهِ الْملك الْقَدِيم فَعبر عَن الْملك الْقَدِيم بالعادي لِأَنَّهُ يُقَال: شَيْء عادي أَي قديم فَإِن أَحْيَا الْمُسلم مواتا فِي بلد صولح الْكفَّار على الْإِقَامَة فِيهِ لم يملك بذلك الْموَات لِأَن الْموَات تَابع للبلد فَإِذا لم يجز تملك الْبَلَد عَلَيْهِم فَكَذَلِك مَا تبعه فَائِدَة: فِي (قطّ) خمس لُغَات إِحْدَاهَا: فتح الْقَاف مَعَ تَشْدِيد الطَّاء المضمومة ثَانِيهَا: ضمهَا مَعَ التَّشْدِيد أَيْضا ثَالِثهَا: فتحهَا مَعَ تَشْدِيد الطَّاء الْمَكْسُورَة رَابِعهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 : فتحهَا مَعَ التَّخْفِيف خَامِسهَا: فتحهَا مَعَ إسكان الطَّاء وَهِي لتأكيد نفي الْمَاضِي وَلَا يملك حَرِيم الْمَعْمُور بالأحياء والحريم: الْمَوَاضِع الَّتِي تَدْعُو الْحَاجة إِلَيْهَا لتَمام الِانْتِفَاع فحريم الْقرْيَة: مُجْتَمع النادي ومرتكض الْخَيل ومناخ الْإِبِل ومطرح الرماد وَنَحْوهَا وحريم الْبِئْر المحفورة فِي الْموَات: الْمَوَاضِع الَّذِي يقف فِيهِ النازح والموضع الَّذِي يوضع فِيهِ الدَّوَابّ وتتردد فِيهِ الْبَهِيمَة ومصب المَاء والحوض الَّذِي يجْتَمع فِيهِ المَاء إِلَى أَن يُرْسل وحريم الدَّار فِي الْموَات: مطرح الرماد والكناسات والثلج: والممر فِي صوب الْبَاب وحريم آبار الْقَنَاة: الْقدر الَّذِي لَو حفر فِيهِ لنَقص مَاؤُهَا أَو خيف مِنْهُ الانهيار وَالدَّار المحفوفة بالدور لَا حَرِيم لَهَا فَكل وَاحِد يتَصَرَّف فِي ملكه على الْعَادة فَإِن تعدى ضمن وَأظْهر الْوَجْهَيْنِ: لَا يمْنَع من أَن يتَّخذ دَاره المحفوفة بالدور والمساكن حَماما أَو إصطبلا أَو حانوتا للحدادين فِي صف البزازين وَلَكِن إِذا احتاط وَأحكم الجدران وَيجوز إحْيَاء موَات الْحرم وَيمْنَع مِنْهُ فِي أَرَاضِي عَرَفَات والإحياء يخْتَلف باخْتلَاف الْقَصْد فَإِن أَرَادَ السكن اعْتبر تحويط الْبقْعَة وتسقيف بَعْضهَا وَفِي تغليق الْبَاب خلاف وَإِن أَرَادَ زريبة للدواب اعْتبر التحويط دون التسقيف وَفِي تغليق الْبَاب خلاف وَإِن كَانَ يتَّخذ الْموَات مزرعة فَلَا بُد من جمع التُّرَاب حوله وَمن تَسْوِيَة الأَرْض وترتيب مَائِهَا وَإِن كَانَت لَا تكتفي بِمَاء السَّمَاء وَالْأَظْهَر: أَنه لَا يشْتَرط الزِّرَاعَة لحُصُول الْملك فِي المزرعة وَإِن كَانَ يَتَّخِذهُ بستانا فَلَا بُد من جمع التُّرَاب والتحويط حَيْثُ جرت الْعَادة بِهِ من تهيئة المَاء والعرس وَمن شرع فِي أَعمال الْإِحْيَاء وَلم يُتمهَا أَو أعلم على الْبقْعَة بِنصب أَحْجَار أَو غرس خشبات فَهَذَا تحجير وَهُوَ أَحَي بِهِ من غَيره وَلَكِن الْأَصَح: أَنه لَيْسَ لَهُ أَن يَبِيع هَذَا من غَيره وَأَنه لَو أَحْيَاهُ غَيره ملكه وَلَو طَالَتْ الْمدَّة على التحجير قَالَ لَهُ السُّلْطَان: أَحَي أَو اترك فَإِن استمهل أمهله مُدَّة قريبَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 وَمن أقطعه الإِمَام مواتا صَار أَحَق بإحيائه كالمتحجر وَلَا يقطع إِلَى من يقدر على الْإِحْيَاء: وَيُعْطى بِقدر مَا يقدر على إحيائه وعَلى هَذَا: يجْرِي مجْرى المتحجر بِحَيْثُ إِنَّه لَا يُمكن من التحجير على أَكثر مِمَّا يقدر على إحيائه وَأَصَح الْقَوْلَيْنِ: أَن للْإِمَام أَن يحمي بقْعَة من الْموَات لترعى فِيهَا إبل الصَّدَقَة وَنعم الْجِزْيَة وَالْخَيْل الْمُقَاتلَة ومواشي الَّذين يضعفون عَن الإبعاد والضوال وَيجوز نقض حماه عِنْد الْحَاجة وَلَا يحمي لخاصة نَفسه وَالْمَنْفَعَة الْأَصْلِيَّة للشوارع: الاستطراق فِيهَا وَيجوز الْجُلُوس بالشوارع للاستراحة والمعاملة وَنَحْوهمَا بِشَرْط أَن لَا يضيق على الْمَارَّة وَلَا حَاجَة فِيهِ إِلَى إِذن الإِمَام وَله تظليل مَوضِع الْجُلُوس ببارية وَغَيرهَا وَإِذا سبق اثْنَان إِلَى مَوضِع فالتقديم بِرَأْي الإِمَام فِي أحد الْوَجْهَيْنِ وبالقرعة فِي أظهرهمَا وَإِذا جلس للمعاملة فِي مَوضِع ثمَّ فَارقه تَارِكًا للحرفة أَو منتقلا إِلَى مَوضِع آخر بَطل حَقه وَإِن فَارقه على أَن يعود لم يبطل حَقه إِلَّا إِذا طَالَتْ مُدَّة الْفرْقَة بِحَيْثُ يَنْقَطِع عَنهُ معاملوه ويألفون غَيره والجالس فِي مَوضِع من الْمَسْجِد ليفتي النَّاس أَو ليقْرَأ عَلَيْهِم الْقُرْآن كالجالس فِي طرف من الشَّارِع للمعاملة وَإِن جلس للصَّلَاة لم يصر أَحَق بِهِ فِي سَائِر الصَّلَوَات وَكَانَ أَحَق بِهِ فِي تِلْكَ الصَّلَاة حَتَّى وَلَو غَابَ لحَاجَة على أَن يعود إِلَيْهِ لم يبطل اخْتِصَاصه بالمفارقة على الْأَظْهر وَإِن لم يتْرك إزَاره هُنَاكَ وَالسَّابِق إِلَى مَوضِع من الرِّبَاط المسبل لَا يزعج وَلَا يبطل حَقه بِالْخرُوجِ مِنْهُ لشراء الطَّعَام وَمَا أشبهه وَكَذَا حكم الْفَقِيه إِذا نزل فِي الْمدرسَة والصوفي فِي الخانقاه وَأما الْمَعَادِن الظَّاهِرَة وَهِي الَّتِي تخرج بِلَا معالجة كالنفط والكبريت والقار والمومياء وأحجار الرحا والبرمة وَنَحْو ذَلِك لَا يملك بِالْإِحْيَاءِ وَلَا يثبت الأختصاص فِيهَا بالتحجر وَلَا يجوز إقطاعها وَإِذا ضَاقَ مَوضِع الْأَخْذ مِنْهَا فَالسَّابِق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 أولى بِأخذ قدر الْحَاجة وَلَو طلب الزِّيَادَة فَالْأَصَحّ أَنه يزعج وَإِذا انْتهى إِلَيْهِ اثْنَان مَعًا حكمت الْقرعَة على الْأَظْهر والمعادن الْبَاطِنَة الَّتِي لَا يظْهر جوهرها إِلَّا بالمعالجة كالذهب وَالْفِضَّة وَالْحَدِيد والنحاس لَا يملك بِالْحفرِ وَالْعَمَل فِي أصح الْقَوْلَيْنِ وَلَو أَحْيَا مواتا فَظهر فِيهِ مَعْدن بَاطِن ملكه والمياه الْمُبَاحَة فِي الْأَدْوِيَة والعيون فِي الْجبَال يَسْتَوِي النَّاس فِي الْأَخْذ مِنْهَا وَإِن أَرَادَ قوم سقِِي أراضيهم مِنْهَا وَلم تف بِالْكُلِّ فيسقي الْأَعْلَى فالأعلى وَيحبس كل وَاحِد مِنْهُم المَاء قدر مَا يبلغ إِلَى الْكَعْبَيْنِ فَإِن كَانَ فِي الأَرْض انخفاض وارتفاع فَيرد كل وَاحِد من الطَّرفَيْنِ بالسقي والمأخوذ من هَذِه الْمِيَاه فِي الْإِنَاء مَمْلُوك على الْأَصَح ضَابِط: ذكر ابْن الْجَوْزِيّ فِي المدهش: أَن أقاليم الأَرْض سَبْعَة الأول مِنْهَا: إقليم الْهِنْد وَالثَّانِي: إقليم الْحجاز وَالثَّالِث: إقليم مصر وَالرَّابِع: إقلي بابل وَالْخَامِس: إقليم الرّوم وَالشَّام وَالسَّادِس: بِلَاد التّرْك وَالسَّابِع: الصين وأوسط الأقاليم بابل وَهُوَ أعمرها وَفِيه جَزِيرَة الْعَرَب وَفِيه الْعرَاق الَّذِي هُوَ سرة الدُّنْيَا وبغداد فِي وسط هَذَا الإقليم فلاعتداله اعتدلت ألوان أَهله فَسَلمُوا من شقرة الرّوم وَسَوَاد الْحَبَش وَغلظ التّرْك وجفاء أهل الْجبَال ودمامة أهل الصين وَكلما اعتدلوا فِي الْخلقَة لطفوا فِي الفطنة قَالَ أَيْضا فِي المدهش: قَالَ عُلَمَاء التواريخ: جَمِيع مَا علم فِي الأَرْض من الْجبَال مائَة وَثَمَانِية وَتسْعُونَ جبلا: وَمن أعجبها: جبل سرنديب وَطوله مِائَتَان ونيف وَسِتُّونَ ميلًا وَفِيه أثر قدم آدم عَلَيْهِ السَّلَام حِين أهبط وَعَلِيهِ شَيْء شَبيه الْبَرْق لَا يذهب شتاء وَلَا صيفا وَحَوله ياقوت وَفِي واديه الماس الَّذِي يقطع الصخور ويثقب اللُّؤْلُؤ وَفِيه الْعود والفلفل والقرنفل ودانة الْمسك ودابة الزباد وجبل الرّوم الَّذِي فِيهِ المسد وَطوله سَبْعمِائة فَرسَخ وَيَنْتَهِي إِلَى الْبَحْر المظلم وَقَالَ أَيْضا: قَالُوا: وَفِي الأَرْض سَبْعمِائة مَعْدن وَلَا ينْعَقد الْملح إِلَّا فِي السبخ وَلَا الجص إِلَّا فِي الرمل والحصا وَالْبَحْر الْأَعْظَم مُحِيط بالدنيا والبحار كلهَا تستمد مِنْهُ وَذكر ابْن الْجَوْزِيّ فِي كِتَابه (تنوير الغبش فِي فضل السودَان والحبش) قَالَ: روى الْأَصْمَعِي عَن النمر بن هِلَال: أَن الأَرْض أَرْبَعَة وَعِشْرُونَ ألف فَرسَخ اثْنَي عشر ألف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 للسودان وَثَمَانِية للروم وَثَلَاثَة للْفرس وَألف للْعَرَب انْتهى كَلَامه الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب : اتّفق الْعلمَاء رَضِي الله عَنْهُم على أَن الأَرْض الْميتَة يجوز إحياؤها وَيجوز إحْيَاء موَات الْإِسْلَام للْمُسلمِ بالِاتِّفَاقِ وَهل يجوز للذِّمِّيّ قَالَ الثَّلَاثَة: لَا يجوز وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه: يجوز وَاخْتلفُوا: هَل يشْتَرط فِي ذَلِك إِذن الإِمَام أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة: يحْتَاج إِلَى إِذْنه وَقَالَ مَالك: مَا كَانَ فِي الفلاة وَحَيْثُ لَا يتشاح النَّاس فِيهِ لَا يحْتَاج إِلَى إِذن وَمَا كَانَ قَرِيبا من الْعمرَان أَو حَيْثُ يتشاح النَّاس فِيهِ افْتقر إِلَى الْإِذْن وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد: لَا يحْتَاج إِلَى الْإِذْن وَاخْتلفُوا فِيمَا كَانَ من الأَرْض مَمْلُوكا ثمَّ باد أَهله وَخرب وَطَالَ عَهده: هَل يملك بِالْإِحْيَاءِ قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك: يملك بِهِ وَقَالَ الشَّافِعِي: لَا يملك وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ أظهرهمَا: أَنه لَا يملك فصل: وَبِأَيِّ شَيْء تملك الأَرْض وَيكون إحياؤها بِهِ قَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد: بتحجيرها وَأَن يتَّخذ لَهَا مَاء وَفِي الدَّار بتحويطها وَإِن لم يسقفها وَقَالَ مَالك بِمَا يعلم بِالْعَادَةِ أَنه إحْيَاء لمثلهَا من بِنَاء وغراس وحفر بِئْر وَغير ذَلِك وَقَالَ الشَّافِعِي: إِن كَانَت للزَّرْع فيزرعها واستخراج نباتها وَإِن كَانَت للسُّكْنَى فبتقطيعها بُيُوتًا وتسقيفها فصل: وَاخْتلفُوا فِي حَرِيم الْبِئْر العادية قَالَ أَبُو حنيفَة: إِن كَانَت لسقي الْإِبِل فحريمها أَرْبَعُونَ ذِرَاعا وَإِن كَانَت للناضح: فستون وَإِن كَانَت علينا فثلاثمائة ذِرَاع وَفِي رِوَايَة: خَمْسمِائَة فَمن أَرَادَ أَن يحْفر فِي حريمها منع مِنْهُ وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ: لَيْسَ لذَلِك حد مُقَدّر والمرجع فِيهِ إِلَى الْعرف وَقَالَ أَحْمد: إِن كَانَت فِي أَرض موَات فخمسة وَعِشْرُونَ ذِرَاعا وَإِن كَانَت فِي أَرض عَادِية فخمسون ذِرَاعا وَإِن كَانَت عينا فخمسمائة ذِرَاع والحشيش إِذا نبت فِي أَرض مَمْلُوكَة فَهَل يملكهُ صَاحبهَا بملكها قَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يملكهُ وكل من أَخذه صَار لَهُ وَقَالَ الشَّافِعِي: يملكهُ بِملك الأَرْض وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ أظهرهمَا: كمذهب أبي حنيفَة وَقَالَ مَالك: إِن كَانَت الأَرْض محوطة ملكه صَاحبهَا وَإِن كَانَت غير محوطة لم يملك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 وَاخْتلفُوا فِيمَا يفضل عَن حَاجَة الْإِنْسَان وبهائمه وزرعه من المَاء فِي نهر أَو بِئْر فَقَالَ مَالك: إِن كَانَت الْبِئْر أَو النَّهر فِي الْبَريَّة: فمالكها أَحَق بِمِقْدَار حَاجته مِنْهَا وَيجب عَلَيْهِ فضل مَا فضل عَن ذَلِك وَإِن كَانَت فِي حَائِطه فَلَا يلْزمه بذل الْفَاضِل إِلَّا أَن يكون جَاره زارع على بِئْر فانهدمت أَو عين فغارت فَإِنَّهُ يجب عَلَيْهِ بذل الْفَاضِل لَهُ إِلَى أَن يصلح جَاره بِئْر نَفسه أَو عينه فَإِن تهاون فِي إِصْلَاحه لم يلْزمه أَن يبْذل بعد الْبَذْل شَيْئا وَهل يسْتَحق عوضه فِيهِ رِوَايَتَانِ قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَاب الشَّافِعِي: يلْزمه بذله لشرب النَّاس وَالدَّوَاب من غير عوض وَلَا يلْزم للمزارع وَله أَخذ الْعِوَض وَالْمُسْتَحب تَركه وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ أظهرهمَا: أَنه يلْزمه بذله من غير عوض للماشية والسقية مَعًا وَلَا يحل لَهُ البيع انْتهى المصطلح: وَمَا يشْتَمل عَلَيْهِ من الصُّور صُورَة إقطاع السُّلْطَان لأمير من أُمَرَاء الْمُسلمين: أقطعه أَرضًا مواتا زِيَادَة لَهُ على خاصته من إقطاعه هَذَا كتاب إقطاع صَحِيح شَرْعِي وإحياء موَات من الأَرْض مُعْتَبر مرعي أَمر بكتابته وتسطيره وإنشائه وتحريره: مَوْلَانَا الْمقَام الْأَعْظَم الشريف العالي المولوي السلطاني الملكي الْفُلَانِيّ عز نَصره للْمقر الشريف العالي الْفُلَانِيّ نَائِب السلطنة الشَّرِيفَة بالمملكة الْفُلَانِيَّة ووكيله الشَّرْعِيّ فِي إقطاع الْأُمَرَاء والجند الإقطاعات وَفِي إقطاع الْأَرَاضِي الْموَات وَالْإِذْن لمن شَاءَ فِي إحْيَاء مَا شَاءَ مِنْهَا وَتَسْلِيم الْأَرَاضِي المحياه إِلَى المحيين إِلَى غير ذَلِك مِمَّا هُوَ مشروح فِي كتاب النِّيَابَة الشَّرِيفَة السُّلْطَانِيَّة وَالتَّوْكِيل الشَّرْعِيّ الْمُفَوض إِلَيْهِ من مَوْلَانَا الْمقَام الْأَعْظَم الشريف العالي السلطاني الْمشَار إِلَيْهِ عز نَصره الْمحْضر كتاب التَّفْوِيض الشريف الْمشَار إِلَيْهِ من يَده الْكَرِيمَة المؤرخ بَاطِنه بِكَذَا المتوج بالعلامة الشَّرِيفَة الِاسْم الشريف المكمل العلايم الثَّابِت بالدواوين الشَّرِيفَة الجيشية الثَّابِت مَضْمُون مَا نسب إِلَى مَوْلَانَا السُّلْطَان الْمشَار إِلَيْهِ فِيهِ عِنْد سيدنَا قَاضِي الْقُضَاة فلَان الدّين الثُّبُوت الشَّرْعِيّ الْمُتَّصِل ثُبُوته بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ الِاتِّصَال الشَّرْعِيّ المؤرخ بِكَذَا فبمقتضى ذَلِك أقطع الْمقر الشريف النَّائِب وَالْوَكِيل الْمشَار إِلَيْهِ بِمَا لَهُ من النِّيَابَة وَالتَّوْكِيل والتفويض الشريف المشروح أَعْلَاهُ إِلَى الْمقر الْكَرِيم العالي الْفُلَانِيّ أَو الجناب العالي الْفُلَانِيّ أَو الْمقر العالي الْفُلَانِيّ أَو الجناب الْكَرِيم العالي الْفُلَانِيّ أَو الجناب العالي الْفُلَانِيّ كل على قدر طبقته وَحسب رتبته جَمِيع الْقطعَة الأَرْض الْموَات الخراب الدائرة الخالية من الْعمرَان والسكان الَّتِي لم تكن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 بيد أحد عَن خلق الله تَعَالَى وَلَا يعرف لَهَا مَالك من قديم الزَّمَان وَإِلَى الْآن وَهِي الفاصلة بَين أَرَاضِي مَدِينَة كَذَا وجبال كَذَا وَهِي قِطْعَة مَادَّة قبْلَة وَشمَالًا طولا وشرقا وغربا عرضا وَلها حُدُود وقواطع وفواصل ويشتمل على عيوان سارحة ومروج وملق للْمَاء وَغَابَ من البردى والعليق وَغير ذَلِك ويحددها ثمَّ يَقُول: إقطاعا صَحِيحا شَرْعِيًّا صادرا بِإِذن الإِمَام الْأَعْظَم وتوكيله إِيَّاه فِي ذَلِك على أَن الجناب الْمشَار إِلَيْهِ يحيي الأَرْض الْمَذْكُورَة بكشفها من المَاء والعشب والنبات والغاب ويحرثها ويزرعها وخلى بَينه وَبَين الأَرْض الْمَذْكُورَة التَّخْلِيَة الشَّرْعِيَّة الْقَائِمَة مقَام التَّسْلِيم الْمُوجب لَهُ شرعا وَذَلِكَ بعد أَن الْتزم المقطع الْمشَار إِلَيْهِ بإحياء الأَرْض الْمَذْكُورَة واعترف أَنه قَادر على إحيائها ويكمل بِالْإِشْهَادِ ويؤرخ وَصُورَة الْإِذْن من نَائِب الإِمَام لإِنْسَان فِي إحْيَاء أَرض موَات على الصّفة الَّتِي يختارها المحيي: أذن مَوْلَانَا الْمقَام الشريف الْأَعْظَم السلطاني الملكي الْفُلَانِيّ أَو نَائِبه فلَان الْفُلَانِيّ لفُلَان أَن يحيي جَمِيع الْقطعَة الأَرْض الخراب الدائرة الْميتَة الَّتِي لَا يعرف لَهَا مَالك الخالية من الزَّرْع والسكان الَّتِي هِيَ بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ وتحدد على أَن المحيي الْمَذْكُور يحيي الأَرْض الْمَذْكُورَة بكشفها وَإِزَالَة مَا بهَا من العشب والنبات وَغير ذَلِك ويزرعها ويحوط عَلَيْهَا ويسقف بَعْضهَا على الصّفة الَّتِي يختارها إِن شَاءَ مزرعة أَو بستانا أَو زريبة للغنم أَو دَارا أَو حانوتا أَو غير ذَلِك أَو يَبْنِي بهَا مَا شَاءَ من الْعمرَان والجدران والمساكن ويشغل أراضيها بالنصوب وَالْأَشْجَار والمزروعات على مَا يَقْتَضِيهِ رَأْيه إِذْنا شَرْعِيًّا قبل ذَلِك المحيي الْمَذْكُور قبولا شَرْعِيًّا وتسلم الأَرْض الْمَذْكُورَة بِحكم مَا ذكر أَعْلَاهُ تسلما شَرْعِيًّا ويكمل وَصُورَة مَا إِذا أَحْيَا رجل أَرضًا وملكها بِالْإِحْيَاءِ وعمرها وَاحْتَاجَ إِلَى كِتَابَة محْضر بذلك: يكْتب شُهُوده الواضعون خطوطهم آخِره يعْرفُونَ فلَانا الْفُلَانِيّ وَجَمِيع الْقطعَة الأَرْض الْفُلَانِيَّة ويصفها ويحددها معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَن الْقطعَة الأَرْض المحدودة الموصوفة بأعاليه كَانَت من أَرَاضِي الْموَات الْقَدِيمَة الْبَوَار وَلم يجر عَلَيْهَا أثر ملك وَلم يسْبق إِلَيْهَا مَالك وَلم يعهدوا عمارتها وَلَا سمعُوا ذَلِك فِي الْجَاهِلِيَّة وَلَا فِي الْإِسْلَام وَلَا يعلمُونَ لأحد فِيهَا حَقًا وَلَا ملكا وَلَا شُبْهَة ملك وَلَا يدا بِوَجْه من وُجُوه التملكات وَلَا ضَرَرا على أحد فِي عمارتها حَتَّى سبق إِلَيْهَا فلَان الْمَذْكُور أَعْلَاهُ وأحياها وعمرها بِمَالِه وَرِجَاله وَبنى عَلَيْهَا قَرْيَة عامرة وحفر أنهارها وأجراها خلالها ويصفها وَمَا فِيهَا وَصفا تَاما ثمَّ يَقُول: وَجعلهَا تحتوي على صفاتها المشروحة فِيهِ ثمَّ أسكن فِيهَا سكانها المقيمين بهَا فَصَارَت هَذِه الْقرْيَة بِجَمِيعِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 حُدُودهَا وحقوقها وأراضيها وأشجارها الداخلية فِيهَا والخارجة عَنْهَا ملكا لفُلَان الْمَذْكُور بِحَق إحيائه وتملكه لذَلِك بِالْإِحْيَاءِ المشروح بأعاليه يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين بسؤال من جَازَ سُؤَاله شرعا وَكتب بتاريخ كَذَا بِالْإِذْنِ الْحكمِي من مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ وَيرْفَع ذَلِك إِلَى حَاكم شَرْعِي يُثبتهُ وَيحكم بِمُوجبِه وَإِن أعذر فِيهِ إِلَى وَكيل السُّلْطَان فَهُوَ أَجود وأحوط لَطِيفَة: أقطع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرْيَة حبرون بأسرها لتميم الدَّارِيّ رَضِي الله عَنهُ قبل أَن يفتح الله على الْمُسلمين الشَّام وَكتب لَهُ بذلك كتابا وَجَاء إِلَى أبي بكر رَضِي الله عَنهُ فَأجَاز لَهُ كتاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ جَاءَ إِلَى عمر رَضِي الله عَنهُ فَأجَاز لَهُ بعد الْفتُوح مَا أجَاز لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْأَصْل فِيهِ: مَا رُوِيَ عَن أبي هِنْد الدَّارِيّ قَالَ: قدمنَا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَنحن سِتَّة نفر: تَمِيم بن أَوْس وَأَخُوهُ نعيم بن أَوْس وَيزِيد بن قيس وَأَبُو عبد الله بن عبد الله وَهُوَ صَاحب الحَدِيث وَأَخُوهُ الطّيب بن عبد الله فَسَماهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عبد الرَّحْمَن وَفَاكِهَة بن النُّعْمَان فأسلمنا وَسَأَلنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يقطعنا أَرضًا من أَرض الشَّام فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (اسألوا حَيْثُ شِئْتُم) فَقَالَ أَبُو هِنْد: فنهضنا من عِنْده إِلَى مَوضِع نتشاور فِيهِ أَيْن نسْأَل فَقَالَ تَمِيم: أرى أَن نَسْأَلهُ بَيت الْمُقَدّس وكورتها فَقَالَ أَبُو هِنْد: أَرَأَيْت ملك الْعَجم الْيَوْم: أَلَيْسَ هُوَ بِبَيْت الْمُقَدّس قَالَ تَمِيم: نعم ثمَّ قَالَ أَبُو هِنْد: وَكَذَلِكَ يكون فِيهَا ملك الْعَرَب وأخاف أَن لَا يتم لنا هَذَا فَقَالَ تَمِيم: فنسأله بَيت جِبْرِيل وكورتها فَقَالَ أَبُو هِنْد: هَذَا أكبر وَأكْثر فَقَالَ تَمِيم: فَأَيْنَ ترى أَن نَسْأَلهُ نَسْأَلهُ الْقرى الَّتِي تصنع فِيهَا حصرنا مَعَ مَا فِيهَا من آثَار إِبْرَاهِيم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (أَتُحِبُّ أَن تُخبرنِي بِمَا كُنْتُم فِيهِ أَو أخْبرك) قَالَ تَمِيم: بل تخبرنا يَا رَسُول الله فنزداد إِيمَانًا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (أردْت يَا تَمِيم أمرا وَأَرَادَ هَذَا غَيره وَنعم الرَّأْي رَأْي) قَالَ: فَدَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِقِطْعَة من أَدَم فَكتب لنا كتابا نسخته: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم: هَذَا ذكر مَا وهب مُحَمَّد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للداريين إِذا أعطَاهُ الله الأَرْض وهبت لَهُم بَيت عين وحبرون والمرطوم وَبَيت إِبْرَاهِيم بِمن فيهم لَهُم أبدا شهد عَلَيْهِ يَاسر بن عبد الْمطلب وجهم بن قيس وشرحبيل بن حَسَنَة قَالَ: فَلَمَّا هَاجر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْمَدِينَة قدمنَا عَلَيْهِ فَسَأَلْنَاهُ أَن يجدد لنا كتابا آخر فَكتب لنا كتابا نسخته: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم: هَذَا مَا أنطى مُحَمَّد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تميما الدَّارِيّ وَأَصْحَابه إِنِّي أنطيتكم عين حبرون والمرطوم وَبَيت إِبْرَاهِيم بِذِمَّتِهِمْ وَجَمِيع مَا فيهم نطية بت ونفذت وسلمت ذَلِك لَهُم ولأعقابهم من بعدهمْ أَبَد الْأَبَد فَمن آذاهم فِيهِ آذاه الله شهد أَبُو بكر بن أبي قُحَافَة وَعمر بن الْخطاب وَعُثْمَان بن عَفَّان وَعلي بن أبي طَالب وَمُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان وَكتب فَلَمَّا قبض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَولى أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ وجند الْجند إِلَى الشَّام كتب إِلَيْنَا كتابا نسخته: (بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم من أبي بكر الصّديق إِلَى أبي عُبَيْدَة بن الْجراح سَلام عَلَيْك فَإِنِّي أَحْمد إِلَيْك الله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ أما بعد فامنع من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر من الْفساد فِي قرى الداريين وَإِن كَانَ أَهلهَا قد جلوا عَنْهَا وَأَرَادَ الداريون يزرعونها فليزرعوها فَإِذا رَجَعَ إِلَيْهَا أَهلهَا فَهِيَ لَهُم وأحق بهم وَالسَّلَام عَلَيْك) وَكَانَ وَفد تَمِيم: هُوَ وَأَخُوهُ نعيم وَمن مَعَهم وإسلامهم سنة تسع وأقطعهما رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بلادهما: حبرون وَبَيت عينون وَلَيْسَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قطيعة على غَيرهَا وَالله أعلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 كتاب الْوَقْف وَمَا يتَعَلَّق بِهِ من الْأَحْكَام الْوَقْف: عَطِيَّة مُبتَدأَة مُؤَبّدَة يُقَال: وقف وَلَا يُقَال: أوقف إِلَّا فِي شَاذ اللُّغَة وَيُقَال: حبس وأحبس وَالْوَقْف: يَصح وَيلْزم بالْقَوْل وَلَا يفْتَقر إِلَى الْقَبْض على خلاف يَأْتِي فِيهِ وَمَوْضِع الدَّلِيل: مَا روى نَافِع عَن ابْن عمر أَن (عمر ملك مائَة سهم بِخَيْبَر ابتاعها فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي ملكت مَالا لم أملك مثله قطّ وَأَرَدْت أَن أَتَقَرَّب بِهِ إِلَى الله تَعَالَى فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: حبس الأَصْل وسبل الثَّمَرَة قَالَ: فَتصدق بِهِ عمر فِي الْفُقَرَاء والقربى وَفِي الرّقاب وَفِي سَبِيل الله وَابْن السَّبِيل لَا تبَاع وَلَا توهب وَلَا تورث لَا جنَاح على وَليهَا أَن يَأْكُل مِنْهَا غير متأثل مَالا تنظر فِيهَا حَفْصَة مَا عاشت وَإِذا مَاتَت فذو الرَّأْي من أَهلهَا يَعْنِي من أهل الْوَقْف) وَوجه الدَّلِيل من الْخَبَر: أَن عمر رَضِي الله عَنهُ سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن جِهَة التَّقَرُّب فلقال (حبس الأَصْل) فَاقْتضى الظَّاهِر: أَن الْقرْبَة تحصل بِنَفس الْحَبْس وَلم يعْتَبر حكم الْحَاكِم بِهِ بعد الْوَقْف وَلَا الْوَصِيَّة بِهِ قَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ: وَمعنى قَوْله: (حبس الأَصْل) أَي عَمَّا عَلَيْهِ الْأَمْوَال الْمُطلقَة فَلَا تبَاع وَلَا توهب وَلَا تورث إِذْ لَا معنى لقَوْله: (حبس الأَصْل) إِلَّا هَذَا وَأَيْضًا: فَإِن عمر حبس وَقَالَ: (لَا تبَاع وَلَا توهب وَلَا تورث) وَهَذَا بَيَان لحكم الْوَقْف وَمَعْلُوم أَن عمر كَانَ جَاهِلا بِأَصْل الْوَقْف حَتَّى سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكيف يجهل أصل الْوَقْف وَيعلم حكمه فَعلم أَنه إِنَّمَا ذكر هَذَا الحكم بتوقيف من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِن لم يكن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 بتوقيف مِنْهُ فَلَا يجوز أَن يخفى هَذَا على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا لم يُنكره دلّ على أَن هَذَا حكم الْوَقْف وَرُوِيَ: أَن كل وَاحِد من أبي بكر وَعُثْمَان وَطَلْحَة وقف دَاره وَرُوِيَ أَن فَاطِمَة وقفت على بني هَاشم وَبني الْمطلب ووقف عَليّ عَلَيْهِم وَأدْخل مَعَهم غَيرهم وَرُوِيَ عَن جَابر أَنه قَالَ لم يبْق فِي أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من لَهُ مقدرَة إِلَّا وَقد وقف وَرُوِيَ أَن عَمْرو بن الْعَاصِ قدم من الْيَمين إِلَى الْمَدِينَة فَقَالَ: (لم يبْق فِي الْمَدِينَة لأَهْلهَا شَيْء إِلَّا وَهُوَ وقف) وَرُوِيَ أَن عليا رَضِي الله عَنهُ حفر بِئْرا بينبع فَخرج مَاؤُهَا مثل عين الْبَعِير فَتصدق بهَا عَليّ وَكتب: (هَذَا مَا تصدق بِهِ عَليّ بن أبي طَالب ابْتِغَاء وَجه الله تَعَالَى وليصرفه عَن النَّار وَيصرف النَّار عَنهُ ينظر فِيهِ الْحسن مَا عَاشَ وَالْحُسَيْن ثمَّ ذَوُو الرَّأْي من وَلَده) وَهَذَا إِجْمَاع من الصَّحَابَة على الْوَقْف) وَيشْتَرط فِي الْوَاقِف: أَن يكون صَحِيح الْعبارَة أَهلا للتبرع وَفِي الْمَوْقُوف أَن يَدُوم الِانْتِفَاع بِهِ فالمطعومات والرياحين المشمومة: لَا يجوز وَقفهَا وَيجوز وقف الْعقار وَالْمَنْقُول والشائع وَلَا يجوز وقف عبد وثوب فِي الذِّمَّة وَلَا وقف الْحر نَفسه وَلَا وقف المستولد وَالْكَلب الْمعلم وَلَا وقف أحد الْعَبْدَيْنِ فِي أصح الْوَجْهَيْنِ وَأَصَح الْوَجْهَيْنِ: أَنه لَو وقف بناءه وغراسه فِي الأَرْض الْمُسْتَأْجرَة لَهما جَازَ ثمَّ الْوَقْف إِن كَانَ على معِين من وَاحِد أَو جمَاعَة فَيشْتَرط أَن الْمَوْقُوف عَلَيْهِ يُمكن تَمْلِيكه فَلَا يَصح الْوَقْف على الْجَنِين وَلَا على العَبْد نَفسه وَلَو أطلق الْوَقْف على العَبْد فَهُوَ وقف على سَيّده وَلَيْسَ الْوَقْف على الْبَهِيمَة يُطلق وَقفا على مَالِكهَا فِي أصح الْوَجْهَيْنِ بل هُوَ لاغ وَيجوز الْوَقْف على الذِّمِّيّ وَأَصَح الْوَجْهَيْنِ: أَنه لَا يجوز الْوَقْف على الْمُرْتَد والحربى وَأَنه لَا يجوز وقف الْإِنْسَان على نَفسه وَإِن كَانَ الْوَقْف غير معِين بل هُوَ على جِهَة كالوقف على الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين فَينْظر إِن كَانَت الْجِهَة جِهَة مَعْصِيّة كعمارة البيع لم يَصح وَإِلَّا فَإِن ظَهرت فِيهِ جِهَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 الْقرْبَة كالوقف على الْعلمَاء وَفِي سَبِيل الله والمساجد والمدارس صَحَّ وَلَا يَصح الْوَقْف إِلَّا بِاللَّفْظِ وصريحه أَن يَقُول: وقفت كَذَا أَو أرضي مَوْقُوفَة على كَذَا والتسبيل والتحبيس صريحان وَيلْحق بالصرائح قَوْله: تَصَدَّقت بِكَذَا صَدَقَة مُحرمَة أَو مَوْقُوفَة أَو صَدَقَة لَا تبَاع وَلَا توهب على الْأَصَح وَقَوله: (تَصَدَّقت) بِمُجَرَّدِهِ لَيْسَ بِصَرِيح فِي الْوَقْف وَلَو نوى لم يحصل الْوَقْف أَيْضا إِلَّا إِذا أَضَافَهُ إِلَى جِهَة عَامَّة كالفقراء وَقَوله: (حرمت كَذَا وأبدته) لَيْسَ بِصَرِيح على الْأَظْهر وَلَو قَالَ: جعلت الْبقْعَة مَسْجِدا فَالْأَظْهر: أَنَّهَا تصير مَسْجِدا وَالْأَصْل فِي الْوَقْف على الْمعِين: اشْتِرَاط الْقبُول وَسَوَاء شَرط الْقبُول أم لم يشرط فَلَو زَاد بَطل حَقه وَلَو قَالَ: وقفت هَذَا سنة فسد الْوَقْف وَلَو قَالَ: وقفت على أَوْلَادِي أَو على زيد ثمَّ على عقبه وَلم يزدْ عَلَيْهِ فأصح الْقَوْلَيْنِ: أَنه يَصح الْوَقْف فَإِذا انقرض من ذكره فَالْأَصَحّ: أَنه يبْقى وَقفا وَأَن مصرفه أقرب النَّاس إِلَى الْوَاقِف يَوْم انْقِرَاض من ذكره وَلَو كَانَ الْوَقْف مُنْقَطع الأول مثل قَوْله: وقفته على من سيولد لي أَو على مَسْجِد بني فلَان بِموضع كَذَا فَالْأَظْهر الْبطلَان وَلَو كَانَ مُنْقَطع الْوسط كَمَا إِذا وقف على أَوْلَاده ثمَّ على رجل ثمَّ على الْفُقَرَاء فَالْأَظْهر: الصِّحَّة وَلَو اقْتصر على قَوْله: (وقفت) فَالْأَصَحّ الْبطلَان وَلَا يجوز تَعْلِيق الْوَقْف كَقَوْلِه: إِذا قدم فلَان أَو جَاءَ رَأس الشَّهْر فقد وقفت فَالْأَصَحّ الْبطلَان وَلَا يجوز الْوَقْف بِشَرْط الْخِيَار فِي أصح الْوَجْهَيْنِ وَالْأَظْهَر: أَنه إِذا وقف بِشَرْط أَن لَا يُؤجر اتبع شَرطه وَأَنه إِذا شَرط فِي وقف الْمَسْجِد اخْتِصَاصه بطَائفَة كأصحاب الحَدِيث اتبع شَرطه كَمَا فِي الْمدرسَة والرباط وَلَو وقف على شَخْصَيْنِ ثمَّ على الْمَسَاكِين فَمَاتَ أَحدهمَا فأظهر الْقَوْلَيْنِ: أَن نصِيبه يصرف إِلَى صَاحبه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 وَالْقِيَاس أَن يَجْعَل الْوَاقِف فِي وَقفه مُنْقَطع الْوسط وَقَوله: (وقفت على أَوْلَادِي وَأَوْلَاد أَوْلَادِي) يَقْتَضِي التَّسْوِيَة بَين الْكل وَكَذَا لَو زَاد: (مَا تَنَاسَلُوا أَو بَطنا بعد بطن) وَلَو قَالَ: على أَوْلَادِي ثمَّ على أَوْلَاد أَوْلَادِي ثمَّ على أَوْلَادهم مَا تَنَاسَلُوا فَهُوَ للتَّرْتِيب وَكَذَا لَو قَالَ: (على أَوْلَادِي وَأَوْلَاد أَوْلَادِي وَأَوْلَاد أَوْلَادِي الْأَعْلَى فالأعلى أَو الأول فَالْأول) وَلَا يدْخل أَوْلَاد الْأَوْلَاد فِي الْوَقْف على الْأَوْلَاد فِي أصح الْوَجْهَيْنِ وَيدخل أَوْلَاد الْبَنَات فِي الْوَقْف على الذُّرِّيَّة والنسل والعقب وَأَوْلَاد الْأَوْلَاد إِلَّا أَن يَقُول: (على من ينْسب إِلَيّ مِنْهُم) وَلَو وقف على موَالِيه وَله مُعتق ومعتقون فَهَل يبطل الْوَقْف أَو يقسم بَينهمَا فِيهِ وَجْهَان رجح كلا مِنْهُمَا مرجحون وَالصّفة الْمُتَقَدّمَة على الْجمل المعطوفة تعْتَبر فِي الْكل كَقَوْلِه: (وقفت على محاويج أَوْلَادِي وأحفادي وإخوتي) وَكَذَا الصّفة الْمُتَأَخِّرَة عَنْهَا وَالِاسْتِثْنَاء إِذا كَانَ الْعَطف بِالْوَاو كَقَوْلِه: (على أَوْلَادِي وأحفادي وإخوتي المحاويج مِنْهُم أَو إِلَّا أَن يفسق أحدهم) وَأَصَح الْأَقْوَال: أَن الْملك فِي رَقَبَة الْمَوْقُوف ينْتَقل إِلَى الله تَعَالَى أَي يَنْفَكّ عَن اختصاصات الْآدَمِيّين وَلَا يبْقى للْوَاقِف وَلَا يصير للْمَوْقُوف عَلَيْهِ وَيملك الْمَوْقُوف عَلَيْهِ مَنَافِع الْوَقْف وَله أَن يستوفيها بِنَفسِهِ وَأَن يُقيم عَنهُ مقَامه بإعارة أَو إِجَارَة وَيملك الْأُجْرَة وَيملك أَيْضا فَوَائده كثمرة الشَّجَرَة وصوف الْبَهِيمَة ولبنها وَكَذَا النِّتَاج فِي أظهر الْوَجْهَيْنِ وَالثَّانِي أَن النِّتَاج يكون وَقفا وَإِذا مَاتَت الْبَهِيمَة فَهُوَ أولى بجلدها وَلَو وطِئت الْجَارِيَة الْمَوْقُوفَة بِالشُّبْهَةِ فالمهر لَهُ وَكَذَا مهرهَا فِي النِّكَاح إِذا جَوَّزنَا تَزْوِيجهَا وَهُوَ الْأَصَح وَقِيمَة العَبْد الْمَوْقُوف إِذا قتل فِي أصح الْوَجْهَيْنِ: أَنه لَا يصرف إِلَى الْمَوْقُوف عَلَيْهِ ملكا وَلَكِن يَشْتَرِي بهَا عبد ليَكُون وَقفا مَكَانَهُ فَإِن لم يُوجد فشقص عبد وَإِذا جَفتْ الشَّجَرَة لم يَنْقَطِع الْوَقْف فِي أصح الْوَجْهَيْنِ وَلَكِن تبَاع فِي أحد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 252 الْوَجْهَيْنِ وَيكون الثّمن كقيمة الْعين الَّتِي أتلفت وَفِي الثَّانِي: ينْتَفع بهَا جذعا وَهُوَ الَّذِي اختير وَأظْهر الْوَجْهَيْنِ: أَنه يجوز بيع حصر الْمَسْجِد إِذا بليت وجذوعه إِذا انْكَسَرت وَلم تصلح إِلَّا للإحراق وَلَو انْهَدم الْمَسْجِد نَفسه وتعذرت إِعَادَته لم يبع بِحَال وَإِن شَرط الْوَاقِف التَّوْلِيَة لنَفسِهِ أَو لغيره اتبع شَرطه وَإِن سكت عَن شَرط التَّوْلِيَة فَالَّذِي يَنْبَغِي: أَن يُفْتِي بِهِ أخذا بِكَلَام مُعظم الْأَئِمَّة: أَنه إِذا كَا الْوَقْف على جِهَة عَامَّة فالتولية للْحَاكِم وَإِن كَانَ على غير معِين فَكَذَلِك إِن قُلْنَا: إِن الْملك فِي رَقَبَة الْمَوْقُوف ينْتَقل إِلَى الله تَعَالَى وَلَا بُد فِي الْمُتَوَلِي من الْعَدَالَة والكفاية والاهتداء إِلَى التَّصَرُّف ووظيفته إِن أطلق الْوَاقِف التَّوْلِيَة الْعِمَارَة وَالْإِجَارَة وَتَحْصِيل الرّيع وقسمته على الْمُسْتَحقّين فَإِن رسم لَهُ بِبَعْض هَذِه التَّصَرُّفَات لم يَتَعَدَّ عَنهُ وللواقف عزل من ولاه وَنصب غَيره إِلَّا أَن يَجْعَل تَوْلِيَة الشَّخْص شرطا فِي الْوَقْف وَإِذا أجر الْمُتَوَلِي الْوَقْف فزادت الْأُجْرَة فِي الْمدَّة أَو ظهر طَالب للزِّيَادَة انْفَسَخ العقد فِي أحد الْوَجْهَيْنِ وَاسْتمرّ فِي أَصَحهَا الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب : الْوَقْف: قَرْيَة جَائِز بالِاتِّفَاقِ وَهل يلْزم بِاللَّفْظِ أم لَا قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ: يلْزم اللَّفْظ وَإِن لم يحكم بِهِ حَاكم وَإِن لم يُخرجهُ مخرج الْوَصِيَّة بعد مَوته وَهُوَ قَول أبي يُوسُف فَيصح عِنْده وَيَزُول ملك الْوَاقِف عَنهُ وَإِن لم يُخرجهُ الْوَاقِف عَن يَده وَقَالَ مُحَمَّد: يَصح إِذا أخرجه عَن يَده وَبِأَن يَجْعَل للْوَقْف وليا ويسلمه إِلَيْهِ وَهِي رِوَايَة عَن مَالك وَقَالَ أَبُو حنيفَة: الْوَقْف عَطِيَّة صَحِيحَة وَلكنه غير لَازم وَلَا يَزُول ملك الْوَاقِف عَن الْوَقْف حَتَّى يحكم بِهِ حَاكم أَو يعلقه بِمَوْتِهِ فَيَقُول: إِذا مت فقد وقفت دَاري على كَذَا وَاتَّفَقُوا على أَن مَا لَا يَصح الِانْتِفَاع بِهِ إِلَّا بإتلافه كالذهب وَالْفِضَّة والمأكول لَا يَصح وَقفه ووقف الْحَيَوَان يَصح عِنْد الشَّافِعِي وَأحمد: وَهِي رِوَايَة عَن مَالك وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف: لَا يَصح وَهِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى عَن مَالك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 فصل: وَالرَّاجِح من مَذْهَب الشَّافِعِي: أَن الْملك فِي رَقَبَة الْمَوْقُوف ينْتَقل إِلَى الله تَعَالَى فَلَا يكون ملكا للْوَاقِف وَلَا للْمَوْقُوف عَلَيْهِ وَقَالَ مَالك: ينْتَقل إِلَى الْمَوْقُوف عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه مَعَ اخْتلَافهمْ: إِذا صَحَّ الْوَقْف خرج عَن ملك الْوَاقِف وَلم يدْخل فِي ملك الْمَوْقُوف عَلَيْهِ ووقف الْمشَاع جَائِز كهبته وإجارته بالِاتِّفَاقِ وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن: بِعَدَمِ الْجَوَاز بِنَاء على أصلهم فِي امْتنَاع إِجَارَة الْمشَاع فصل: وَلَو وقف شَيْئا على نَفسه : صَحَّ عِنْد أبي حنيفَة وَأحمد وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ: لَا يَصح وَإِذا لم يعين للْوَقْف مصرفا بِأَن قَالَ: هَذِه الدَّار وقف فَإِن ذَلِك يَصح عِنْد مَالك وَكَذَلِكَ إِذا كَانَ الْوَقْف مُنْقَطع الآخر كوقفت على أَوْلَادِي وَأَوْلَادهمْ وَلم يذكر بعدهمْ: الْفُقَرَاء فَإِنَّهُ يَصح عِنْده وَيرجع ذَلِك بعد انْقِرَاض من سمي إِلَى فُقَرَاء عصبته فَإِن لم يَكُونُوا فَإلَى فُقَرَاء الْمُسلمين وَبِه قَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالرَّاجِح من مَذْهَب الشَّافِعِي: أَنه لَا يَصح مَعَ عدم بَيَان الْمصرف وَالرَّاجِح: صِحَة مُنْقَطع الآخر فصل: وَاتَّفَقُوا على أَنه إِذا خرب الْوَقْف لم يعد إِلَى ملك الْوَاقِف ثمَّ اخْتلفُوا فِي جَوَاز بَيْعه وَصرف ثمنه فِي مثله وَإِن كَانَ مَسْجِدا فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ: يبْقى على حَاله فَلَا يُبَاع وَقَالَ أَحْمد: يجوز بَيْعه وَصرف ثمنه فِي مثله وَكَذَلِكَ فِي الْمَسْجِد إِذا كَانَ لَا يُرْجَى عوده وَلَيْسَ عِنْد أبي حنيفَة نَص فِيهَا وَاخْتلف صَاحِبَاه فَقَالَ أَبُو يُوسُف: لَا يُبَاع وَقَالَ مُحَمَّد: يعود إِلَى مَالِكه الأول وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا وقف على غَيره وَاسْتثنى أَن ينْفق ريعه على نَفسه مُدَّة حَيَاته فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ: لَا يَصح الشَّرْط وَقَالَ أَحْمد: يَصح وَلَيْسَ فِيهَا عَن أبي حنيفَة نَص وَاخْتلف صَاحِبَاه فَقَالَ أَبُو يُوسُف: كَقَوْل أَحْمد وَقَالَ مُحَمَّد: كَقَوْل مَالك وَالشَّافِعِيّ وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا وقف على عقبه أَو على نَسْله أَو على ولد وَلَده أَو على ذُريَّته هَل يدْخل أَوْلَاد الْبَنَات فَقَالَ مَالك فِي الْمَشْهُور عَنهُ وَأحمد: لَا يدْخلُونَ وَقَالَ الشَّافِعِي وَأَبُو يُوسُف: يدْخلُونَ وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِذا قَالَ: (وقفت على عَقبي) فَلَا يدْخل فِيهِ ولد الْبَنَات فَإِن قَالَ: (على ولد وَلَدي) فَالْمَشْهُور من مذْهبه: أَنهم لَا يدْخلُونَ وَقَالَ الْخصاف: مَذْهَب أبي حنيفَة: أَنهم يدْخلُونَ وَهُوَ مَذْهَب أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَأما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 النِّسَاء والذرية: فَفِيهِ رِوَايَتَانِ عَن أبي حنيفَة وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا أذن للنَّاس فِي الصَّلَاة فِي أرضه أَو فِي الدّفن فِيهَا فَقَالَ أَبُو حنيفَة: أما الأَرْض فَلَا تصير مَسْجِدا وَإِن نطق بوقفها حَتَّى يُصَلِّي فِيهَا وَأما الْمقْبرَة: فَلَا تصير وَقفا وَإِن أذن فِيهِ ونطق بِهِ وَدفن فِيهَا وَله الرُّجُوع فِيهِ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنهُ مَا لم يحكم بِهِ حَاكم أَو يُخرجهُ مخرج الْوَصَايَا وَقَالَ الشَّافِعِي: لَا يصير وَقفا بذلك حَتَّى ينطبق بِهِ وَقَالَ مَالك وَأحمد: يصير وَقفا بذلك وَإِن لم ينْطق بِهِ وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا وقف فِي مرض مَوته على بعض ورثته أَو قَالَ: وقفت بعد موتِي على ورثتي وَلم يخرج من الثُّلُث فَقَالَ أَصْحَاب أبي حنيفَة: إِن أجَازه سَائِر الْوَرَثَة وَإِن لم يجيزوه صَحَّ فِي مِقْدَار الثُّلُث بِالنِّسْبَةِ إِلَى من يؤول إِلَيْهِ بعد الْوَارِث حَتَّى لَا يجوز بَيْعه وَلَا ينفذ فِي حق الْوَارِث حَتَّى تقسم الْغلَّة بَينهم على فَرَائض الله تَعَالَى فَإِن مَاتَ الْمَوْقُوف عَلَيْهِ فَحِينَئِذٍ ينْتَقل إِلَى من يؤول إِلَيْهِ وَيعْتَبر فيهم شَرط الْوَاقِف فَيصير وَقفا لَازِما وَقَالَ مَالك: الْوَقْف فِي الْمَرَض على وَارثه خَاصَّة لَا يَصح فَإِن أَدخل مَعَه فِيهِ أَجْنَبِيّا صَحَّ فِي حق الْأَجْنَبِيّ وَمَا يكون للْوَارِث فَإِنَّهُ يُشَارك بَقِيَّة الْوَرَثَة فِيهِ مَا داموا أَحيَاء وَقَالَ أَحْمد: يُوقف مِنْهُ مِقْدَار الثُّلُث وَيصِح وَقفه وَينفذ وَلَا يعْتَبر إجَازَة الْوَرَثَة وَعنهُ رِوَايَة أُخْرَى: أَن صِحَة ذَلِك تقف على إجَازَة الْوَرَثَة وَقَالَ أَصْحَاب الشَّافِعِي: لَا يَصح على الْإِطْلَاق سَوَاء كَانَ يخرج من الثُّلُث أَو لَا يخرج إِلَّا أَن يُجِيزهُ الْوَرَثَة فَإِن أجازوه نفذ على الْإِطْلَاق وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا وقف على قوم وَلم يَجْعَل آخِره للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين فَقَالَ مَالك وَأحمد: يَصح الْوَقْف وَإِذا انقرض الْقَوْم الْمَوْقُوف عَلَيْهِم يرجع إِلَى الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين وَعَن الشَّافِعِي قَولَانِ أَحدهمَا: كَقَوْل مَالك وَأحمد وَالثَّانِي: الْوَقْف بَاطِل وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يتم الْوَقْف حَتَّى يكون آخِره على جِهَة لَا تَنْقَطِع وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا وقف موضعا وَقفا مُطلقًا وَلم يعين لَهُ وَجها فَقَالَ مَالك وَأحمد: يَصح وَيصرف فِي وُجُوه الْبر وَالْخَيْر وَقَالَ الشَّافِعِي: هُوَ بَاطِل فِي الْأَظْهر من قوليه فَائِدَة: مَا ذكر فِي حصر الْمَسْجِد ونظائره: هُوَ فِيمَا إِذا كَانَت مَوْقُوفَة على الْمَسْجِد أما مَا اشْتَرَاهُ النَّاظر أَو وهبه واهب وَقَبله النَّاظر: فَيجوز بَيْعه عِنْد الْحَاجة بِلَا خلاف وَإِذا خرب الْمَسْجِد وَخَربَتْ الْمحلة الَّتِي حوله وتفرق النَّاس عَنْهَا فللإمام صرف نقضه إِلَى مَسْجِد آخر وَصَرفه إِلَى الْأَدْنَى فالأدنى أولى وَلَيْسَ للْإِمَام صرف نقضه إِلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 بِنَاء حَوْض أَو مدرسة أَو رِبَاط وَقَالَ أَحْمد: كل وقف لَا يرد شَيْئا وَخرب يُبَاع ويشترى بِثمنِهِ مَا يرد على أهل الْوَقْف انْتهى المصطلح: وَهُوَ يشْتَمل على صور وَلها عمد وَهِي: ذكر الْوَاقِف وَنسبه وَصِحَّة عقله وبدنه وَذكر الْمَوْقُوف من دَار أَو غَيرهَا وَذكر حُدُودهَا وَذكر سبل الْوَقْف مُؤَبَّدًا وَلَا مُنْقَطِعًا وَأَن يكون ابتداؤه على مَوْجُود وَبعده على مَوْجُود وَغير مَوْجُود وَإِخْرَاج ذَلِك من يَد الْوَاقِف إِلَى من يجوز قَبضه وَقبُول الْمَوْقُوف عَلَيْهِ إِن كَانَ معينا وَقبُول الْقيم مَا جعل لِلْمَسْجِدِ لَا قبُول وَقفه فَإِنَّهُ كالجهة وَالظَّاهِر من مَذْهَب أَحْمد: لَا يفْتَقر إِلَى الْقبُول وَلَا يبطل برده لِأَنَّهُ إِزَالَة ملك على وَجه الْقرْبَة فَأشبه الْعتْق وَالْوَقْف على غير معِين وَقد تقدم ذكر الْخلاف فِي ذَلِك مُبينًا قَاعِدَة: اعْلَم أَن الْأَوْقَاف فِي الْغَالِب لَا تصدر إِلَّا من ملك أَو سُلْطَان أَو كافل مملكة شريفة أَو أَمِير من أَعْيَان الْأُمَرَاء المقدمين وَمن فِي درجتهم وغالب مَا يصدر من هَؤُلَاءِ من الْأَوْقَاف: لَا يكون إِلَّا على جِهَة بر وقربة من صَدَقَة على الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين وَستر عَوْرَاتهمْ وَعتق رقابهم وَعمارَة طرقات الْمُسلمين وسد حوائجهم وفكاك الأسرى مِنْهُم فِي أَيدي الْكفَّار وَمَا فِي معنى ذَلِك من بر ومثوبة كبناء الْجَوَامِع والمدارس والمساجد والخوانق ودور الْقُرْآن الْعَظِيم والْحَدِيث الشريف النَّبَوِيّ على قَائِله أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام والبيمارستانات وخانات السبل ومكاتب الْأَيْتَام وحفر الْآبَار والأنهار والعيون وأحواض المَاء الْمعدة لشرب الْبَهَائِم وَمِنْهُم من يقف على ذُريَّته ومعتقيه ثمَّ على الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين والأرامل والأيتام والمحتاجين كَمَا جرت بِهِ عَادَة الْمُلُوك والسلاطين الْمُتَقَدِّمين رَحِمهم الله تَعَالَى وَكَذَلِكَ من فِي يَده شَيْء وَيُرِيد إيقافه على جِهَة من الْجِهَات الْمَذْكُورَة أَو على أَوْلَاده أَو على جِهَة بر وَإِن صور الْكِتَابَة فِي ذَلِك تخْتَلف باخْتلَاف حالات الْأَوْقَاف وَحسب مقامات الواقفين فَمِنْهَا: مَا يحْتَاج أَن يصدر فِيهِ بِخطْبَة تلِيق بمقام الْوَاقِف وتفصح بترغيبه فِي حُصُول الْأجر والمثوبة والقربة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 وَمِنْهَا: مَا يصدر كتاب وَقفه بِغَيْر خطْبَة وَهَذَا أَيْضا يخْتَلف باخْتلَاف مقَام الْوَاقِف فَتَارَة يصدر بقوله: هَذَا كتاب وقف صَحِيح شَرْعِي وَحبس صَرِيح مرعي أَمر بكتابته وتسطيره وإنشائه وتحريره مَوْلَانَا الْمقَام الشريف الْفُلَانِيّ أَو الْمقر الْأَشْرَف الْفُلَانِيّ أَو الجناب الْكَرِيم الْفُلَانِيّ وَمِنْهَا: مَا يصدر بقوله: هَذَا كتاب وقف اكتتبه فلَان الْفُلَانِيّ وَأشْهد عَلَيْهِ بمضمونه فِي حَال صِحَّته وسلامته وطواعيته واختياره وَجَوَاز أمره وَهُوَ أَنه وقف وَمِنْهَا: مَا يصدر بقوله: هَذَا مَا أشهد بِهِ على نَفسه الْكَرِيمَة حرسها الله ورعاها وشكر فِي مصَالح الْمُسلمين مسعاها فلَان الْفُلَانِيّ: أَنه وقف وَحبس إِلَى آخِره وَمِنْهَا: مَا يصدر بقوله: هَذَا مَا وقف وَحبس وسبل إِلَى آخِره فلَان الْفُلَانِيّ وَمِنْهَا: مَا يصدر بقوله: وقف وَحبس إِلَى آخِره فلَان الْفُلَانِيّ وَيجْرِي الْكَلَام فِي الْوَقْف على مُقْتَضى غَرَض الْوَاقِف وعَلى مَا يَتَقَرَّر عَلَيْهِ الْحَال ويقتضيه رَأْيه وينص عَلَيْهِ مِمَّا يسوغ شرعا وَاعْلَم أَن كتب الْأَوْقَاف وَإِن اخْتلفت حالاتها فِي الْوَضع بِاعْتِبَار مَا تقدم ذكره فمدارها كلهَا على أَلْفَاظ صَرِيحَة لَا يَصح الْوَقْف إِلَّا بهَا وَأَحْكَام لَا بُد من الْإِتْيَان بهَا فِي تَرْتِيب كل وقف وشروط يجب اعْتِبَارهَا فِي أصل الْوَقْف وتذييل بتحرير وَتَقْدِير وترغيب وترهيب وتخويف بِسَبَب تَبْدِيل أَو تَحْرِيف أَو إبِْطَال يُرَاد بِالْوَقْفِ على مَا جرت بِهِ عَادَة الْكتاب فِي مثل ذَلِك وَقد أَحْبَبْت أَن أقدم بَين يَدي مَا اشْتَمَل عَلَيْهِ كتاب الْوَقْف من هَذَا الْكتاب ذكر هَذِه الْقَاعِدَة ليستعمل مِنْهَا الْكَاتِب فِي كل وَقت مَا يَلِيق بمقام واقفه وأتبعتها بصدر يسْتَعْمل فِي سَائِر الْأَوْقَاف وَيصير علما على الْوَقْف الَّذِي يَكْتُبهُ الْكَاتِب ليسهل تنَاوله ويستغني بِهِ عَن التّكْرَار فِي كل صُورَة من الصُّور بِقصد الِاخْتِصَار وَبِاللَّهِ أستعين فَهُوَ نعم الْمعِين وَصُورَة الصَّدْر وَمَا يتَعَلَّق بِهِ من الشُّرُوط الضرورية الَّتِي لَا بُد مِنْهَا: أَنه وقف وَحبس وسبل وَحرم وأبد وَتصدق وخلد وأكد مَا سَيَأْتِي ذكره فِيهِ الْجَارِي ذَلِك فِي يَده وَملكه وتصرفه وحيازته واختصاصه إِلَى حِين صُدُور هَذَا الْوَقْف بِذكرِهِ أَو بِشَهَادَة من يعين ذَلِك فِي رسم شَهَادَته آخِره أَو أظهر من يَده مَكْتُوبًا رقا أَو كاغدا يشْهد لَهُ بِصِحَّة ملكيته لذَلِك مؤرخا بِكَذَا ثَابتا بِالشَّرْعِ الشريف وسيخصم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 بقضية هَذَا الْوَقْف الَّذِي سيشرح فِيهِ خصما شَرْعِيًّا مُوَافقا لتاريخه ولشهوده وَذَلِكَ جَمِيع كَذَا وَكَذَا ويصفه ويحدده وَقفا صَحِيحا شَرْعِيًّا وحبسا صَرِيحًا مرعيا لَا يُبَاع وَلَا يُوهب وَلَا يُورث وَلَا يرْهن وَلَا يملك وَلَا يسْتَبْدل وَلَا يناقل بِهِ وَلَا بِبَعْضِه وَلَا يتْلف بِوَجْه تلف قَائِما على أُصُوله مُشْتَمِلًا على شُرُوطه الَّتِي ستشرح فِيهِ مبتغيا فِيهِ مرضاة الله تَعَالَى مُتبعا فِيهِ تَعْظِيم حرمات الله تَعَالَى لَا يُبطلهُ تقادم دهر وَلَا يوهنه اخْتِلَاف عصر بل كلما مر عَلَيْهِ زمَان أكده وَكلما أَتَى عَلَيْهِ عصر أَو أَوَان أظهره وثبته وشدده أنشأ الْوَاقِف امشار إِلَيْهِ أجْرى الله الْخيرَات على يَدَيْهِ وَقفه هَذَا على كَذَا وَكَذَا ويعدد جِهَات الْوَقْف ويرتبه على مُقْتَضى قَصده الَّذِي أجراه عَلَيْهِ معينا مُبينًا ثمَّ يَقُول: @ 295 على أَن النَّاظر فِي هَذَا الْوَقْف والمتولى عَلَيْهِ يبْدَأ من ريع الْمَوْقُوف ومستغله بعمارته وترميمه وإصلاحه بِمَا فِيهِ بَقَاء عينه وَتَحْصِيل غَرَض واقفه ونمو مستغله وَمَا فِيهِ الزِّيَادَة لأجوره ومنافعه وَمَا فضل بعد ذَلِك يصرفهُ فِي مصارفه الْمعينَة أَعْلَاهُ وَيذكر الْمصرف إِلَى آخِره ثمَّ يَقُول: يبْقى ذَلِك كَذَلِك أَبَد الآبدين ودهر الداهرين إِلَى أَن يَرث الله الأَرْض وَمن عَلَيْهَا وَهُوَ خير الْوَارِثين ومآل هَذَا الْوَقْف عِنْد انْقِطَاع سبله وَتعذر جهاته: إِلَى الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين من أمة سيد الْمُرْسلين مُحَمَّد وعَلى آله وَصَحبه أَجْمَعِينَ وَشرط الْوَاقِف الْمشَار إِلَيْهِ النّظر فِي وَقفه هَذَا وَالْولَايَة عَلَيْهِ لنَفسِهِ مُدَّة حَيَاته يسْتَقلّ بِهِ وَحده لَا يُشَارِكهُ فِيهِ مشارك وَلَا ينازعه فِيهِ مُنَازع وَلَا يتَأَوَّل عَلَيْهِ فِيهِ متأول وَله أَن يُوصي بِهِ ويسنده ويفوضه إِلَى من شَاءَ وَلمن يسند إِلَيْهِ أَو يُوصي لَهُ بِهِ مثل ذَلِك وَاحِدًا بعد وَاحِد على ممر الْأَيَّام والشهور والأعوام والدهور ثمَّ من بعد وَفَاته إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى لوَلَده فلَان أَو للأرشد فالأرشد من أَوْلَاده وَأَوْلَاد أَوْلَاده وَذريته ونسله وعقبه من أهل الْوَقْف الْمَذْكُور فَإِذا انقرضوا عَن آخِرهم وَلم يبْق مِنْهُم أحد وخلت الأَرْض مِنْهُم أَجْمَعِينَ: كَانَ النّظر فِي ذَلِك لفُلَان ويعينه أَو لحَاكم الْمُسلمين بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيّ على مَا يختاره الْوَاقِف وَشرط هَذَا الْوَاقِف الْمَذْكُور وفر الله لَهُ الأجور أَن لَا يُؤجر وَقفه هَذَا وَلَا شَيْء مِنْهُ إِلَّا سنة فَمَا دونهَا بِأُجْرَة الْمثل فَمَا فَوْقهَا وَأَن لَا يدْخل الْمُؤَجّر عقدا على عقد حَتَّى تَنْقَضِي مُدَّة العقد الأول وَيعود الْمَأْجُور إِلَى يَد النَّاظر فِي أمره وَإِن شَرط فِي الْإِجَارَة أَكثر من سنة فيعينها ثمَّ يَقُول: وَأخرج الْوَاقِف الْمشَار إِلَيْهِ أَفَاضَ الله نعمه عَلَيْهِ هَذَا الْوَقْف عَن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 ملكه وقطعه من مَالك وصير صَدَقَة بتة بتلة مُحرمَة مُؤَبّدَة جَارِيَة فِي الْوَقْف الْمَذْكُور على الحكم المشروح أَعْلَاهُ حَالا ومآلا وتعذرا وإمكانا وَرفع عِنْد يَد ملكه وَوضع عَلَيْهِ يَد نظره وولايته وَقد تمّ هَذَا الْوَقْف وَلزِمَ وَنفذ حكمه وأبرم واكتملت شُرُوطه واستقرت أَحْكَامه وَصَارَ وَقفا من أوقاف الْمُسلمين محرما بحرمات الله تَعَالَى الأكيدة مدفوعا عَنهُ بقوته الشَّدِيدَة لَا يحل لأحد يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر وَيعلم أَنه إِلَى ربه صائر: أَن ينْقض هَذَا الْوَقْف وَلَا يُغَيِّرهُ وَلَا يُفْسِدهُ وَلَا يعطله وَلَا يسْعَى فِي إِتْلَافه وَلَا فِي إِبْطَاله وَلَا إبِْطَال شَيْء مِنْهُ بِأَمْر وَلَا فَتْوَى وَلَا مشورة وَلَا تدقيق حِيلَة وَلَا وَجه من وُجُوه الْإِتْلَاف وَهُوَ يَسْتَعْدِي الله على من قصد وَقفه هَذَا بِفساد أَو عناد ويحاكمه لَدَيْهِ ويخاصمه بَين يَدَيْهِ يَوْم فقره وفاقته وذله ومسكنته ودهشته وحيرته يَوْم لَا ينفع الظَّالِمين معذرتهم وَلَهُم اللَّعْنَة وَلَهُم سوء الدَّار فَمن سعى فِي ذَلِك أَو تكلم فِيهِ أَو أَشَارَ إِلَيْهِ أَو ساعد عَلَيْهِ سود الله وَجهه وَجعله من الأخسرين أعمالا الَّذين ضل سَعْيهمْ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وهم يحسبون أَنهم يحسنون صنعا وَأعد لَهُم جَهَنَّم وَسَاءَتْ مصيرا وَعَلِيهِ لعنة الله ولعنة اللاعنين من الْمَلَائِكَة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ وَلَا يقبل الله مِنْهُ صرفا وَلَا عدلا وَلَا يُزكي لَهُ قولا وَلَا فعلا: {فَمن بدله بعد مَا سَمعه فَإِنَّمَا إثمه على الَّذين يبدلونه إِن الله سميع عليم} وَمن أعَان على إثْبَاته وَتَقْرِيره فِي جهاته واستقراره فِي أَيدي مستحقيه برد الله مضجعه ولقنه حجَّته وَجعله من الْآمنينَ المطمئنين الفرحين المستبشرين الَّذين لَا خوف عَلَيْهِم وَلَا هم يَحْزَنُونَ وَقبل الْوَاقِف الْمشَار إِلَيْهِ مَاله قبُوله من ذَلِك قبولا شَرْعِيًّا وَأشْهد على نَفسه الْكَرِيمَة بذلك وَهُوَ بِحَال الصِّحَّة والسلامة والطواعية وَالِاخْتِيَار وَجَوَاز أمره شرعا ويؤرخ الْكتاب وَصُورَة وقف جَامع أنشأه بعض الْمُلُوك وَوَقفه ووقف عَلَيْهِ: الْحَمد لله المحسن الْقَرِيب السَّمِيع الْمُجيب الَّذِي من عَامله لَا يخيب وعد الله الْمُتَصَدّق أجرا عَظِيما وَأعد للمحسن جنَّة ونعيما وَلم يزل سُبْحَانَهُ بعباده برا رؤوفا رحِيما منعما متفضلا حَلِيمًا كَرِيمًا وَقدم لمن كفر الْوَعيد ووعد من شكر بالمزيد وَأعْطى من صَبر مَا يُرِيد وَبلغ من قَصده مناه وَسلم من سلم لما قَضَاهُ وَأمن من لَجأ إِلَى حماه وَنعم من تطهر بالصدقات وَرَفعه إِلَى أَعلَى الدَّرَجَات فَلْيفْعَل العَبْد مَا هُوَ فَاعل من الْمَعْرُوف ليَكُون لَهُ عِنْد الله ذخْرا ويمنحه من أَجله ثَوابًا وَأَجرا ويجزيه على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 ذَلِك أفضل الْجَزَاء بِالْجمعِ بَين خيري الدُّنْيَا وَالْأُخْرَى ويصفه بَين عباده المتصدقين بقوله: {الَّذين آمنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ لَهُم الْبُشْرَى} نحمده على إحسانه الوافر الْبَسِيط المديد الطَّوِيل الْكَامِل ونشكره على جوده الْمُتَوَاتر السَّرِيع الْكَافِي الشافي الْكَامِل ونشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ خير كلمة نطق بهَا لِسَان وقربها إِنْسَان عين إِنْسَان ونشهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الْمَبْعُوث من تهَامَة المظلل بالغمامة الْقَائِل وَقَوله أصدق مَا زين بِهِ مُتَكَلم كَلَامه: (العَبْد تَحت ظلّ صدقته يَوْم الْقِيَامَة) وعَلى آله وَأَصْحَابه الطيبين الطاهرين صَلَاة دائمة بَاقِيَة إِلَى يَوْم الدّين وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا وَبعد فَإِن الصَّدقَات المبرورة حِجَابا لكل متصدق من النَّار وظلا يأوي إِلَيْهِ من ألهمه الْخَيْر ووفقه لعمارة بيوته الَّتِي: {فِي بيُوت أذن الله أَن ترفع وَيذكر فِيهَا اسْمه يسبح لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَال رجال لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَة وَلَا بيع عَن ذكر الله وإقام الصَّلَاة وإيتاء الزَّكَاة يخَافُونَ يَوْمًا تتقلب فِيهِ الْقُلُوب والأبصار لِيَجْزِيَهُم الله أحسن مَا عمِلُوا ويزيدهم من فَضله وَالله يرْزق من يَشَاء بِغَيْر حِسَاب} وَيدخل الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَّات تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار وَكَانَ المتقرب إِلَى الله تَعَالَى بِهَذَا الْمَعْرُوف الَّذِي يضاهى وَالْعَمَل الَّذِي أجوره ومثوباته لَا تَتَعَدَّد وَلَا تتناهى مَوْلَانَا الْمقَام الْأَعْظَم الشريف العالي الْمولى السلطاني الملكي الْفُلَانِيّ أحله الله تَعَالَى فِي أَعلَى دَرَجَات الْإِمَامَة وبلغه بمقاصده الْحَسَنَة منَازِل الْمُتَّقِينَ فِي دَار الْكَرَامَة وَجعله مِمَّن يَأْتِي آمنا يَوْم الْقِيَامَة هُوَ الَّذِي رغب فِي سلوك سبل الْخيرَات ففاز بسلوكها وَوَجَب شكر إنعامه على سوقة الْبَريَّة وملوكها لحظته الْعِنَايَة الربانية فِي عمَارَة مَسْجده الْجَامِع الَّذِي اشْتَمَل من أَنْوَاع الْعِبَادَة والهيئات الْحَسَنَة على مَا يعجز الواصف وَيُوجب بسط الْأَيْدِي بِالدُّعَاءِ الْجَارِي على مَعْنَاهُ الْقَاعِد للْوَاقِف فَلذَلِك أشهد على نَفسه الشَّرِيفَة الزكية صانها الله تَعَالَى عَن سَائِر الْحَوَادِث العرضية أَنه وقف إِلَى آخر مَا سَيَأْتِي ذكره فِيهِ معينا وَشَرحه مُبينًا الْجَارِي فِي يَده الشَّرِيفَة وَملكه الشريف إِلَى حِين صُدُور هَذَا الْوَقْف المبرور بِشَهَادَة من يعين ذَلِك فِي رسم شَهَادَته آخر هَذَا الْكتاب المسطور وَذَلِكَ جَمِيع الْمَكَان الْمُبَارك المستجد الْإِنْشَاء بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ الْكَامِل أَرضًا وَبِنَاء الْمَعْرُوف بإنشاء مَوْلَانَا السُّلْطَان الْمشَار إِلَيْهِ خلد الله ملكه وَجعل الأَرْض الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 بأسرها ملكه الْمُشْتَمل على كَذَا وَكَذَا ويصفه ويصف جَمِيع مَا يشْتَمل عَلَيْهِ وَصفا تَاما كَامِلا ويحدده ويصف جَمِيع الْمَوْقُوف عَلَيْهِ كل مَكَان على حِدة ثمَّ يَقُول: بِجَمِيعِ حُقُوق ذَلِك كُله وطرقه ومرافقه وقبابه ورخامه وبلاطه ومنبره وسدته وكراسي الْقُرْآن الْعَظِيم والْحَدِيث الشريف النَّبَوِيّ المصوبة بِهِ والمصاحف الشَّرِيفَة الثَّلَاثَة الْكِبَار الَّتِي قطع أوراقها غازاني بِكِتَابَة مُحَققَة مذهبَة مزمكة بفواتح وخواتم وأوائل السُّور الشَّرِيفَة وبترات فاصلة بَين الْآيَات وعلامات الْأَحْزَاب بالهوامش مجلدة بجلود حمر ضرب خيط مصري أَو عجمي متقنة التجليد والنقش بأكياس من الْحَرِير الأطلس وبنود من الْحَرِير الملون والربعتين الشريفتين الكبيرتين الْمُشْتَملَة كل وَاحِدَة مِنْهُمَا على كِتَابَة بقلم خَفِيف الثُّلُث أَو الْمُحَقق وتذهيب بِنَحْوِ مَا ذكر فِي الْمَصَاحِف وكل ربعَة ثَلَاثُونَ جُزْءا كل وَاحِدَة مِنْهُمَا ضمن صندوق مُجَلد منقوش وَكتب الْأَحَادِيث الشَّرِيفَة النَّبَوِيَّة وَهِي: صَحِيح الإِمَام حَافظ الْإِسْلَام مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ كَذَا وَكَذَا مجلدا وصف الْكتب جَمِيعهَا وَيذكر أَسمَاء مؤلفيها وعدة أَجْزَائِهَا فَإِذا انْتهى من ذكر ذَلِك يَقُول: وبحقوق جَمِيع مَا حدد وَوصف فِي هَذَا الْكتاب من الحوانيت وأغلاقها وجملوناتها وبحقوق الْقرى الْكَامِلَة والحصص الشائعة من الْقرى الْمَذْكُورَة بأعاليه وأراضي ذَلِك وأقاصيه وأدانيه إِلَى آخِره وبحق الْمَكَان الْمُبَارك الْمَحْدُود أَولا من المَاء الْوَاصِل إِلَيْهِ من الْقَنَاة الْفُلَانِيَّة أَو النَّهر الْفُلَانِيّ وبحق مَا للقرى الْكَامِلَة والحصص الشائعة من المَاء الْمعد لسقي أراضيها من الْعُيُون والأنهار الْمَعْرُوفَة بِكَذَا وَكَذَا وَهُوَ حق قديم وَاجِب مُسْتَمر دَائِم مَا جرى المَاء فِي القنوات والأنهار والعيون وَوصل إِلَى ذَلِك فِي مجاري مياهه فِي حُقُوقه ورسومه خلا مَا فِي الْقرى الْمَذْكُورَة من طَرِيق الْمُسلمين ومساجدهم ومقابرهم والأراضي الْمَوْقُوفَة على الْمَسَاجِد الْمَعْرُوفَة الْمَعْلُومَة بِالْوَصْفِ وَالْحُدُود وَالْإِقْرَار بَين الْوَاقِف الْمشَار إِلَيْهِ وَبَين مستحقي الْأَوْقَاف الْمشَار إِلَيْهَا الْمعرفَة الشَّرْعِيَّة النافية للْجَهَالَة وَقفا صَحِيحا شَرْعِيًّا إِلَى آخِره فَأَما الْمَكَان الْمُبَارك المبدأ بِذكرِهِ وَوَصفه وتحديده فِيهِ: فَإِن هَذَا الْوَاقِف الْمشَار إِلَيْهِ نجح الله آماله وَختم بالصالحات أَعماله وَقفه مَسْجِدا لله تَعَالَى وَجعله بَيْتا من بيُوت رب الْعَالمين وجامعا من جَوَامِع الْمُسلمين تتوالى فِيهِ الْخطب والصلوات ويأوي إِلَيْهِ أهل الخلوات وتتلى فِيهِ آيَات الْقُرْآن ويعلن فِي منائره بِالْأَذَانِ ويسبح فِيهِ بالْعَشي وَالْإِبْكَار ويعبد فِيهِ من لَا تُدْرِكهُ الْأَبْصَار وَهُوَ يدْرك الْأَبْصَار وَأذن للْمُسلمين فِي الدُّخُول إِلَيْهِ وَالصَّلَاة فِيهِ وَأَن يترددوا لِلْعِبَادَةِ وَالِاعْتِكَاف فِي جوانبه ونواحيه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 وَأما بَيت الخطابة الْمعِين بأعاليه والمنبر الَّذِي بِهَذَا الْجَامِع والسدة الْمُقَابلَة لَهُ: فَإِنَّهُ أثابه الله وأجره وقف ذَلِك لينْتَفع مثله بِمثل هَذَا الْمَكَان الْمُبَارك على الْوَجْه الشَّرْعِيّ وَأما بَاقِي مَا وَقفه فِي هَذَا الْكتاب المشروح بأعاليه: فَإِنَّهُ وقف الثُّلثَيْنِ الشائعين مثلا أَو النّصْف الشَّائِع مثلا أَو الْجَمِيع من كل مَكَان كَامِل حِصَّة شائعة على الْجَامِع الْمَذْكُور الْمَعْمُور وإصلاحه وفرشه ووقود مصابيحه وأرباب الْوَظَائِف بِهِ وَغير ذَلِك مِمَّا سَيَأْتِي ذكره فِيهِ على أَن النَّاظر فِي هَذَا الْوَقْف والمتولى عَلَيْهِ يستغل مَا يخْتَص بِالْوَقْفِ الْمَذْكُور من الْمَوْقُوف الْمعِين أَعْلَاهُ بِنَفسِهِ أَو بِمن يستنيبه عَنهُ فِي ذَلِك بِسَائِر وُجُوه الاستغلالات الشَّرْعِيَّة وَيبدأ من ذَلِك بعمارة جَمِيع مَا وقف عَلَيْهِ وترميمه وإصلاحه وَمَا فِيهِ بَقَاء عينه وَتَحْصِيل غَرَض واقفه وفرش الْجَامِع الْمَذْكُور وَشِرَاء آلَات برسم الْوقُود بِهِ والتنوير فِيهِ وَفِيمَا هُوَ من حُقُوقه وَشِرَاء آلَات برسم كنس الْجَامِع الْمَذْكُور وتنظيفه وَمَا يحْتَاج إِلَيْهِ وَيصرف فِي ثمن زَيْت يستصبح بِهِ فِيهِ كل شهر كَذَا بِحَيْثُ يُوقد من ذَلِك فِي كل لَيْلَة من الْعشَاء إِلَى الصَّباح كَذَا وَكَذَا مصباحا وَيصرف فِي ثمن زَيْت برسم الْوقُود فِي أَيَّام المواسم الْمُعْتَادَة كَذَا وَيصرف فِي كل شهر إِلَى القنواتي الْقَائِم بوظيفة إِجْرَاء المَاء إِلَى الْجَامِع الْمَذْكُور كَذَا وَيصرف فِي كل شهر إِلَى الْخَطِيب بالجامع الْمشَار إِلَيْهِ كَذَا وَإِلَى الإِمَام الرَّاتِب بِهِ على أَن يؤم بِالْمُسْلِمين فِي أَوْقَات الصَّلَوَات الْمَفْرُوضَة والنوافل الْمُعْتَادَة فِي كل شهر كَذَا فَإِن عين الخطابة والإمامة لشخصين بعينهما ذكرهمَا أَو لشخص بِعَيْنِه نَص عَلَيْهِ ثمَّ يَقُول: من بعد وَفَاة فلَان الْمَذْكُور أَو من بعد وفاتهما يُقرر النَّاظر فِيهِ فِي الوظيفتين المذكورتين من هُوَ من أهل الْخَيْر وَالدّين إِمَّا أَن يكون شافعيا أَو حنفيا وَيصرف فِي كل شهر لكذا وَكَذَا نَفرا من المؤذنين الْحسنى الْأَصْوَات الَّذين يرتبهم النَّاظر فِيهِ بالمأذنة الْمَذْكُورَة للتأذين فِي الْأَوْقَات الْخمس وَالتَّسْبِيح فِي الأسحار والتذكير قبل الْجُمُعَة والتبليغ خلف الإِمَام الرَّاتِب وللخطيب بِهِ كَذَا وَكَذَا وَيصرف لرؤساء الْمِيقَات وعدتهم كَذَا وَكَذَا نَفرا كَذَا وَكَذَا فِي نوبَة أَو نوبتين أَو ثَلَاثَة كل نوبَة كَذَا وَكَذَا نَفرا من المؤذنين وَاحِدًا من رُؤَسَاء الْمِيقَات يُبَاشر الْأَوْقَات وَيعلم بالأوقات ودخولها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 وَيصرف للمرقي كَذَا وَكَذَا وَيصرف لكذا وَكَذَا نَفرا من الْقُرَّاء الْحسنى الْأَصْوَات التالين لكتاب الله فِي كل شهر كَذَا بِحَيْثُ يجْتَمع مِنْهُم فِي صَبِيحَة كل يَوْم كَذَا وَكَذَا نَفرا جوقة وَاحِدَة يقرأون بشباك الْجَامِع الْمشَار إِلَيْهِ الغربي أَو الشَّرْقِي بعد صَلَاة الصُّبْح حزبا كَامِلا أَو جُزْءا كَامِلا قِرَاءَة مرتلة يفهمها من يسْمعهَا وَكَذَلِكَ يفعل الْبَاقُونَ من الْقُرَّاء بعد صَلَاة الْعَصْر وَيدعونَ للْوَاقِف عقب الْقِرَاءَة وَيَتَرَحَّمُونَ عَلَيْهِ وعَلى أموات الْمُسلمين وَالْمُسلمَات وَالْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات وَيصرف فِي كل شهر إِلَى قارىء يرتبه النّظر فِي أَمر هَذَا الْوَقْف لقِرَاءَة مَا تيَسّر لَهُ قِرَاءَته من الْأَحَادِيث الشَّرِيفَة الصِّحَاح النَّبَوِيَّة فِي كل يَوْم جُمُعَة أَو إثنين أَو خَمِيس من كل أُسْبُوع وَيَدْعُو عقب الْقِرَاءَة للسُّلْطَان السعيد الشَّهِيد فلَان ويترحم عَلَيْهِ وَيَدْعُو للْوَاقِف الْمشَار إِلَيْهِ وَذريته ووالديه بِمَا يسره الله تَعَالَى وأجراه على لِسَانه ويعين كل وَاحِد من أَرْبَاب الْوَظَائِف وَمَا يصرف إِلَيْهِ فِي كل شهر إِلَى آخِرهم مراعيا شَرط الْوَاقِف وترتيبه ثمَّ يَقُول: وَشرط الْوَاقِف على كل وَاحِد من أَرْبَاب الْوَظَائِف بالجامع الْمشَار إِلَيْهِ: مواظبة وظيفته وأداؤها على الْوَضع الشَّرْعِيّ وَمن سَافر مِنْهُم أَو مرض فَعَلَيهِ أَن يَسْتَنِيب عَنهُ من يقوم مقَامه فِي وظيفته إِلَى حِين إيابه من سَفَره أَو شفائه من مَرضه وَإِذا انْتهى من ذكر الْجَامِع وَذكر أَرْبَاب وظائفه وَمَا هُوَ مُقَرر لَهُ فِيهِ واستوعب ذَلِك استيعابا حسنا وأوضحه إيضاحا بَينا يَقُول: وَأما الثُّلُث الْبَاقِي من الْمَوْقُوف الْمعِين بأعاليه أَو النّصْف مثلا بعد الْجَامِع الْمشَار إِلَيْهِ فقد أنشأ الْوَاقِف الْمشَار إِلَيْهِ وقف ذَلِك على نَفسه مُدَّة حَيَاته ثمَّ من بعده على أَوْلَاده ثمَّ على أَوْلَاد أَوْلَاده ثمَّ على أَوْلَاد أَوْلَاد أَوْلَاده ثمَّ على نَسْله وعقبه بَينهم على حكم الْفَرِيضَة الشَّرْعِيَّة للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ على أَن من توفّي مِنْهُم أَجْمَعِينَ عَن ولد أَو ولد ولد أَو نسل أَو عقب عَاد نصِيبه من ذَلِك وَقفا على وَلَده ثمَّ على ولد وَلَده ثمَّ على نَسْله وعقبه وَمن مَاتَ مِنْهُم أَجْمَعِينَ عَن غير ولد وَلَا ولد ولد وَلَا نسل وَلَا عقب عَاد نصِيبه من ذَلِك وَقفا على من هُوَ مَعَه فِي دَرَجَته وَذَوي طبقته من أهل الْوَقْف وَمن مَاتَ مِنْهُم قبل أَن يصل إِلَيْهِ شَيْء من هَذَا الْوَقْف وَترك ولدا أَو ولد ولد أَو نَسْلًا أَو عقبا اسْتحق من الْوَقْف مَا كَانَ يسْتَحقّهُ وَالِده لَو بَقِي حَيا يجْرِي ذَلِك كَذَلِك أبدا مَا تَوَالَدُوا ودائما مَا تَنَاسَلُوا وتعاقبوا بَطنا بعد بطن وقرنا بعد قرن وطبقة بعد طبقَة لَا يشاركهم فِيهِ مشارك وَلَا ينازعهم فِيهِ مُنَازع وَلَا يتَأَوَّل عَلَيْهِم فِيهِ متأول فَإِذا انقرضوا بأجمعهم وخلت الأَرْض الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 مِنْهُم أَجْمَعِينَ وَلم يبْق أحد مِمَّن ينتسب إِلَى الْوَاقِف الْمشَار إِلَيْهِ بأب من الْآبَاء وَلَا بِأم من الْأُمَّهَات عَاد ذَلِك وَقفا على مصَالح الْجَامِع الْمشَار إِلَيْهِ تصرف أجوره ومنافعه فِي زِيَادَة معاليم أَرْبَاب الْوَظَائِف بِهِ وَزِيَادَة فرشه وتنويره وإصلاحه كل ذَلِك على مَا يرَاهُ النَّاظر فِيهِ ويؤديه إِلَيْهِ اجْتِهَاده فِي الزِّيَادَة والتفضيل والمساواة يبْقى ذَلِك كَذَلِك إِلَى آخِره ومآل هَذَا الْوَقْف عِنْد انْقِطَاع سبله وَتعذر جهاته: إِلَى الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين إِلَى آخِره وَشرط الْوَاقِف الْمشَار إِلَيْهِ النّظر فِي ذَلِك كُله وَالْولَايَة عَلَيْهِ لنَفسِهِ الشَّرِيفَة إِلَى آخِره وَشرط الْوَاقِف الْمشَار إِلَيْهِ أجزل الله ثَوَابه وَوصل بِأَسْبَاب الْخيرَات أَسبَابه أَن يقْرَأ كتاب الْوَقْف فِي كل سنة مرّة بِحَضْرَة أَرْبَاب الْوَظَائِف بالجامع الْمَذْكُور ليتذكروا الشَّرَائِط وَلَا ينسوا الضوابط وليعلم كل وَاحِد مِنْهُم مَا لَهُ وَمَا عَلَيْهِ من الْعَمَل وَيعْمل بذلك ويتعاهد الْكتاب بالإثبات ويضبط بالشهادات وَيكْتب بِهِ النّسخ عِنْد الْحَاجَات والضرورات بِحَيْثُ لَا يمحى اسْمه وَلَا يندرس رسمه وَشرط أَن لَا يُؤجر وَقفه هَذَا وَلَا شَيْء مِنْهُ إِلَى آخِره وَأخرج هَذَا الْوَقْف عوضه الله خيرا وأجزل لَهُ ثَوابًا وَأَجرا جَمِيع مَا وَقفه فِي هَذَا الْكتاب عَن ملكه إِلَى آخِره فقد تمّ هَذَا الْوَقْف وَلزِمَ وَنفذ حكمه وأبرم ويكمل ويؤرخ وَإِذا ثَبت على حَاكم حَنَفِيّ حكم بِصِحَّتِهِ مَعَ علمه بِالْخِلَافِ فِي صِحَة وقف الْإِنْسَان على نَفسه ووقف الْمشَاع ووقف مَا لم يره الْوَاقِف ووقف الْمَنْقُول من الْمِنْبَر وَغَيره وَاشْتِرَاط النّظر لنَفسِهِ وبجواز ذَلِك جَمِيعه عِنْده شرعا انْتهى وَصُورَة وقف جَامع على صفة أُخْرَى: الْحَمد لله المقسط الْجَامِع الْغَنِيّ الْمُغنِي الْمَانِع الضار النافع قَابل الصَّدقَات من المتصدقين ومانح فاعلي الْخيرَات أَسبَاب مضاعفة الأجور بدوام صلات المسترزقين نحمده على نعمه الَّتِي من بهَا على من تمسك من مزِيد فَضله وبره بِحسن الْيَقِين ونشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة تحلنا مَعَ أهل طَاعَته فِي أَعلَى دَرَجَات المرتقين ونشهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله سيد الْمُرْسلين وَإِمَّا الْمُتَّقِينَ وغمام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 المستقين الْقَائِل: (الْمُؤمن تَحت ظلّ صدقته يَوْم الْقِيَامَة) وناهيك بِهَذَا الْوَصْف الْحسن الَّذِي ينَال بِهِ الْمُتَصَدّق الْحَظ الأوفى بِوَاسِطَة صدقته الْجَارِيَة على الْمُسْتَحقّين وعَلى آله وَصَحبه أَجْمَعِينَ الَّذين كَانُوا على الْقيام بِمَا شرع لَهُم من الدّين الْقيم متفقين غير مفترقين صَلَاة دائمة بَاقِيَة إِلَى يَوْم الدّين وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا وَبعد فَلَمَّا كَانَ الْوَقْف من الْقرب الْمَنْدُوب إِلَيْهَا والطاعات الَّتِي وَردت السّنة الشَّرِيفَة بالحث عَلَيْهَا وَهُوَ من أجل القربات المبرورة وَأفضل الْأَعْمَال الَّتِي لم تزل الأجور لفاعلها فِي الدَّاريْنِ موفورة وَكَانَ لَا يلْحق العَبْد الصَّالح بعد مماته من الْأَعْمَال الصَّالِحَات إِلَّا إِحْدَى ثَلَاث: (صَدَقَة جَارِيَة أَو علم ينْتَفع بِهِ أَو ولد صَالح يَدْعُو لَهُ) بِأَفْضَل الدَّعْوَات وَمَا أسعد من أنْفق مَاله ليرضى بِهِ ربه وينتظم فِي سلك الَّذين يُنْفقُونَ أَمْوَالهم فِي سَبِيل الله {كَمثل حَبَّة أنبتت سبع سنابل فِي كل سنبلة مائَة حَبَّة} فَلذَلِك وَقع الإلهام الإلهي فِي نفس فلَان أنجح الله قَصده وأناله خير مَا عِنْده الْمُبَادرَة إِلَى هَذِه المثوبة الْكُبْرَى ليفوز بِكَمَال أجورها ويحوز مضاعفة ثَوَابهَا وبرها عملا بقول الله تَعَالَى وَهُوَ أصدق الْقَائِلين: {وَمَا أنفقتم من شَيْء فَهُوَ يخلفه وَهُوَ خير الرازقين} فاستخار الله الَّذِي مَا خَابَ من استخاره وَلَا نَدم من استجاره وَأشْهد على نَفسه النفيسة صانها الله وحماها وحرس من الْغَيْر حماها أَنه وقف وَحبس إِلَى آخِره جَمِيع الْمَكَان الْمُبَارك العالي الْبناء الْوَاسِع الفناء المستجد الْإِنْشَاء الْمَعْرُوف بعمارة الْوَاقِف الْمشَار إِلَيْهِ وإنشائه الْمُشْتَمل على مَسْجِد جَامع بقبليه وشرقيه وشماليه وغربيه ويصف مَا يشْتَمل عَلَيْهِ الْمَكَان من الاشتمالات كلهَا: من الأروقة والشبابيك والمحاريب والخزائن ويصف الميضأة وبركتها وبيوت راحتها وعدتها وَإِن كَانَت من الْمُتَّصِلَة بِهِ أَو الْمُنْفَصِلَة عَنهُ ويصف جَمِيع المنقولات من جَمِيع الْمَوْقُوف على الْجَامِع كالمنبر والكراسي والمصاحف والربعات وَكتب الحَدِيث ويحدد الْمَكَان ثمَّ يذكر جَمِيع الْمَوْقُوف عَلَيْهِ من الحوانيت والقرى الْكَامِلَة والحصص الشائعة وَغير ذَلِك ويحدد كل مَكَان على حِدة ثمَّ يَقُول: بِجَمِيعِ حُقُوق الْكَامِل من ذَلِك وبحق الْمشَاع من حُقُوق مَا هُوَ مِنْهُ إِلَى آخِره ثمَّ يَقُول: وَقفا صَحِيحا شَرْعِيًّا إِلَى آخِره ثمَّ يَقُول: فَأَما الْمَكَان الْمُبَارك الْمَوْصُوف الْمَحْدُود بأعاليه أَولا: فَإِن الْوَاقِف الْمشَار إِلَيْهِ وَقفه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 مَسْجِدا جَامعا ومعبدا لله تَعَالَى تتوالى فِيهِ الْخطب والأعياد وَالْجمع والصلوات وتتلى فِيهِ الْآيَات وَأذن للْمُسلمين بِالصَّلَاةِ وَالِاعْتِكَاف فِيهِ ومكنهم من التَّرَدُّد وَالْعِبَادَة فِي جوانبه ونواحيه وَأما الميضأة الْمَذْكُورَة فِيهِ: فَإِنَّهَا من جملَة مَنَافِعه ومصالحه مسبلة للاستنجاء والتطهر وَالْوُضُوء للْمُسلمين الْمُصَلِّين بالجامع الْمشَار إِلَيْهِ وَغَيرهم وَأما بَاقِي الْمَوْقُوف الْمَحْدُود الْمَوْصُوف بأعاليه: فَإِن الْوَاقِف وقف ذَلِك على مصَالح الْمَسْجِد الْجَامِع الْمشَار إِلَيْهِ وَجعله مصرفا فِيهِ وَعَلِيهِ من عمَارَة وفرش وتنوير وآلات وَمَعْلُوم للمرتبين بِهِ وَغير ذَلِك مِمَّا لَا بُد لَهُ مِنْهُ وَلَا غنى لَهُ عَنهُ حَسْبَمَا يَأْتِي ذكره فِيهِ مُبينًا وَشَرحه مفصلا معينا على أَن الْمُتَكَلّم فِي هَذَا الْوَقْف والناظر عَلَيْهِ والمسند أمره إِلَيْهِ وَمَا يتَعَلَّق بِهِ: يبْدَأ من ارتفاعه بعمارته وتثميره وإصلاحه وتكثيره وَمَا فِيهِ الزِّيَادَة لمنافعه وأجوره على جري الْعَادة فِي مثله ومستقر الْقَاعِدَة فِي نَظِيره وشكله بِحَيْثُ لَا يفرط وَلَا يفرط وَلَا يخرج فِي سلوكه عَن المسلك الْمُتَوَسّط وَلَا يهمل حَقًا معينا وَلَا يغْفل عَن أَمر يكون صَلَاحه بَينا وَلَا يحصل درهما إِلَى من حلّه وَلَا يُؤَخِّرهُ عَن وَقت وُجُوبه وَمحله ليَكُون هَذَا الْوَقْف مَقْبُولًا مبرورا وليبقى بالتقوى مغمورا وَيحسن التَّصَرُّف معمورا وَمهما فضل بعد ذَلِك يصرف مِنْهُ مَا تَدْعُو الْحَاجة إِلَيْهِ من ثمن حصر وَبسط وزيت ومصابيح وآلات وَمَا لَا بُد مِنْهُ وَيصرف فِي كل شهر من شهور الْأَهِلّة كَذَا وَكَذَا إِلَى رجل من أهل الْعلم الشريف وَالْقُرْآن الْعَظِيم شَافِعِيّ الْمَذْهَب أَو حَنَفِيّ يرتب خَطِيبًا بالجامع الْمشَار إِلَيْهِ على أَن يخْطب للنَّاس فِي كل جُمُعَة على منبره المستقر بِهِ ثمَّ يُصَلِّي بهم فِي كل سنة صَلَاتي الْعِيدَيْنِ الْفطر والأضحى ويخطب بعد الصَّلَاتَيْنِ المذكورتين على الْعَادة وَيَدْعُو عقب كل صَلَاة للْوَاقِف وَالْمُسْلِمين ملازما وظيفته على عَادَة أَمْثَاله وَيصرف مِنْهُ فِي كل شهر كَذَا إِلَى رجل حَافظ لكتاب الله الْعَزِيز جيد الْحِفْظ جيد للْقِرَاءَة صَحِيح الْأَدَاء حسن الصَّوْت ويرتب إِمَامًا راتبا ليقوم بوظيفة الْإِمَامَة فِي الصَّلَوَات الْخمس المفروضات بالمحراب الْمشَار إِلَيْهِ وبصلاة التَّرَاوِيح فِي شهر رَمَضَان من كل سنة وَصَلَاة خُسُوف الْقَمَر وكسوف الشَّمْس وَصَلَاة الاسْتِسْقَاء عِنْد وجود السَّبَب الْمُوجب لذَلِك وَيَدْعُو عقيب كل صَلَاة للْوَاقِف وَالْمُسْلِمين ملازما وظيفته على عَادَة أَمْثَاله وَيصرف مِنْهُ فِي كل شهر كَذَا إِلَى رجل من أهل الْخَيْر وَالدّين وَالصَّلَاح حَافظ لكتاب الله الْعَزِيز حسن الصَّوْت يرتب قَارِئًا بالجامع الْمشَار إِلَيْهِ على أَنه يحضر فِي كل يَوْم فِي الْوَقْت الْفُلَانِيّ أَو فِي كل يَوْم جُمُعَة قبل الصَّلَاة وَيقْرَأ على الْكُرْسِيّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 الْمَنْصُوب لذَلِك فِي الْمُصحف الشريف المستقر فِيهِ مَا تيَسّر من الْقُرْآن ترتيلا أَو شَيْئا يُعينهُ وَيَدْعُو عقب الْقِرَاءَة للْوَاقِف وَالْمُسْلِمين وَيصرف مِنْهُ كل شهر كَذَا إِلَى رجل من أهل الْخَيْر وَالدّين والصدق عَارِف بِعلم الْوَقْت يرتب مؤقتا بالجامع الْمشَار إِلَيْهِ على أَن يعلم المؤذنين بِدُخُول الْوَقْت للصلوات وَالتَّسْبِيح وَقت الأسحار والتذكير يَوْم الْجُمُعَة ملازما وظيفته على عَادَة أَمْثَاله وَيصرف مِنْهُ كل شهر كَذَا إِلَى كَذَا وَكَذَا نَفرا من المؤذنين الصيتين الْمَشْهُورين بِالْخَيرِ وَالصَّلَاح يرتبون لترتيل الْأَذَان بمأذنة الْجَامِع الْمشَار إِلَيْهِ على أَنهم يُؤذنُونَ بهَا فِي الْأَوْقَات الْخَمْسَة فِي كل يَوْم وَلَيْلَة ويقيمون الصَّلَاة ويدرجون الْإِقَامَة ويبلغون التَّكْبِير خلف الإِمَام ويسبحون فِي الثُّلُث الْأَخير من كل لَيْلَة ويذكرون بالمنارة قبل صَلَاة الْجُمُعَة من كل أُسْبُوع فِي نوبَة أَو نوبتين أَو ثَلَاثَة فِي كل نوبَة كَذَا وَكَذَا نَفرا إِذا خرجت نوبَة دخلت أُخْرَى وهلم جرا والمعلوم بَينهم بِالسَّوِيَّةِ أَو مفصلا لكل شخص كَذَا وَيصرف مِنْهُ كل شهر كَذَا إِلَى رجل من أهل الْخَيْر وَالصَّلَاح حسن الصَّوْت يرتب مرقيا بالجامع الْمشَار إِلَيْهِ وَيذكر المبخر وَمَاله من الْمَعْلُوم والقومة والفراشين وعدتهم وَمَا لَهُم من الْمَعْلُوم على أَنهم يباشرون خدمته فِي الكنس وَالْغسْل والتنظيف والفرش والتنوير وَغسل المصابيح وتعميرها وتعليقها وإيقادها وإطفائها وَعمل فتائلها وطي الْبسط وحفظها ثمَّ يذكر البواب وَمَاله من الْمَعْلُوم على أَنه يلازم الْمقَام بِالْبَابِ وَيمْنَع من يدْخل إِلَيْهِ من أهل الرِّيبَة والتهمة وَلَا يغْفل عَن ذَلِك وَيذكر بَقِيَّة أَرْبَاب الْوَظَائِف من قراء السَّبع الشريف وعدتهم وَمَا يشرط قِرَاءَته عَلَيْهِم وَالْوَقْت الَّذِي يقرأون فِيهِ وَالْمَكَان وَمَا لَهُم من الْمَعْلُوم وقراء الحَدِيث الشريف النَّبَوِيّ وَمَا لَهُم من الْمَعْلُوم وخازن الْكتب وَمَاله من الْمَعْلُوم على أَن يتَوَلَّى خدمَة الْكتب الْمَوْقُوفَة على الْجَامِع الْمشَار إِلَيْهِ وحفظها وتفقدها وتعاهدها فِي كل وَقت بِالنَّقْضِ وَإِزَالَة مَا يَقع عَلَيْهَا من الْغُبَار وإخراجها عِنْد الْحَاجة إِلَيْهَا لمن يُرِيد المطالعة أَو النّظر فِيهَا أَو نسخ شَيْء مِنْهَا بِحَيْثُ يكون ذَلِك بالجامع الْمشَار إِلَيْهِ حَسْبَمَا شَرط الْوَاقِف وَإِذا انْتَهَت المطالعة أَخذ الْكتاب وَأَعَادَهُ إِلَى مَكَانَهُ بخزانة الْكتب المقررة لذَلِك بالجامع الْمشَار إِلَيْهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 وَيذكر مَا يصرف مِنْهُ للنَّاظِر فِي كل شهر على أَن يكون متصفا بِالْخَيرِ والمعرفة والكفاية والديانة وعَلى أَن يتَوَلَّى أَمر الْوَقْف الْمَذْكُور وَسَائِر عِمَارَته وَإِجَارَة أوقافه وَتَحْصِيل ريعه وَصَرفه فِي جهاته الْمعينَة فِيهِ وَيذكر الشاد على الْوَقْف وَمَاله من الْمَعْلُوم على أَن يُبَاشر أمره وَيسْعَى فِي مَصَالِحه وَتَحْصِيل أجوره واستخلاصها مِمَّن هِيَ فِي جِهَته ويشد على أَيدي المباشرين بِهِ وَيذكر الْعَامِل وَمَاله من الْمَعْلُوم على أَن يكون رجلا من أهل الْمعرفَة وَالْكِتَابَة وَالْأَمَانَة يُبَاشر الْعِمَارَة بِهِ مُجْتَهدا فِي ضبط مَاله وتحريره مثابرا على تثميره وتكثيره قَائِما بِكِتَابَة حساباته وارتفاعه ومخازنه وَعمل حِسَاب جباته ومستأجريه وَيذكر الجابي وَمَاله من الْمَعْلُوم على أَن يسْتَخْرج ريع الْوَقْف الْمَذْكُور وأجوره مِمَّن هِيَ عَلَيْهِ وَعِنْده وَفِي جِهَته ويجتهد فِي ذَلِك وَمهما حصل من ذَلِك يَدْفَعهُ إِلَى النَّاظر فِي أمره شرعا وَيذكر المعمار وَمَاله من الْمَعْلُوم على أَن يتفقد أمره وَيقف على عِمَارَته ويتولى إِحْضَار مَا يحْتَاج إِلَيْهِ من آلَات الْعِمَارَة عَاملا فِي ذَلِك بتقوى الله وطاعته وَيذكر ثمن زَيْت الْوقُود برسم تَقْرِير الْجَامِع فِي كل شهر وَمَا هُوَ مُقَرر برسم الزِّيَادَة بالجامع وبالمنارة فِي شهر رَمَضَان وَثمن الشمع برسم صَلَاة التَّرَاوِيح ويستوعب ذكر كل شَيْء بِحَسبِهِ استيعابا وافيا ثمَّ يَقُول: يبْقى ذَلِك كَذَلِك إِلَى آخِره وَمن عرض لَهُ من أَرْبَاب الْوَظَائِف عذر شَرْعِي يمنعهُ مِمَّا شَرط عَلَيْهِ فَلهُ أَن يَسْتَنِيب عَنهُ من يقوم مقَامه بِصفتِهِ إِلَى حِين زَوَال عذره وَيعود إِلَى مُلَازمَة وظيفته وَمن تَكَرَّرت غيبته بِغَيْر عذر شَرْعِي استبدل النَّاظر غَيره ورتبه عوضه ومآل هَذَا الْوَقْف عِنْد انْقِطَاع سبله إِلَى آخِره وَشرط أَن لَا يُؤجر وَقفه هَذَا وَلَا شَيْء مِنْهُ إِلَى غَيره وَإِن شَاءَ كتب بعد قَوْله: وَيعود الْمَأْجُور إِلَى يَد النَّاظر فِي أمره شرعا وَأَن لَا يُؤجر من متعزز وَلَا متغلب وَلَا ذِي شَوْكَة وَلَا مِمَّن يخَاف تغلبه عَلَيْهِ فَمن فعل خلاف ذَلِك فَفعله مَرْدُود وَأخرج الْوَاقِف الْمشَار إِلَيْهِ هَذَا الْوَقْف عَن ملكه إِلَى آخِره فقد تمّ هَذَا الْوَقْف وَلزِمَ إِلَى آخِره ويسوق الْكَلَام فِي التحذير والتخويف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 وَالتَّرْغِيب والترهيب على نَحْو مَا تقدم شَرحه ويكمل ويؤرخ صُورَة وقف مَسْجِد لله تَعَالَى الْحَمد لله الَّذِي جازى هَذِه الْأمة بِأَحْسَن أَعمالهَا وَبَين لَهَا طرق الرشاد فَحسن سلوكها فِي حالتي حَالهَا ومآلها وَقَالَ عز من قَائِل: {من جَاءَ بِالْحَسَنَة فَلهُ عشر أَمْثَالهَا} نحمده على نعمه الَّتِي وهبنا مِنْهَا الْكثير وَسَأَلَ مِنْهَا الْيَسِير قرضا وعمنا بفضله السابغ الغزير فَلهُ الشُّكْر حَتَّى يرضى ونشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة نَجْعَلهَا عدَّة ليَوْم الْمعَاد ونستمد برد وُرُودهَا عِنْد عَطش الأكباد ونشهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الصَّادِق الْأمين الْقَائِل فِي حَقه من لم يتَّخذ صَاحِبَة وَلَا ولدا: {وَأَن الْمَسَاجِد لله فَلَا تدعوا مَعَ الله أحدا} وعَلى آله وَصَحبه صَلَاة مستمرة على الدَّوَام مُسْتَقِرَّة بتعاقب الشُّهُور والأعوام وَبعد فَإِن أجمل مَا تقرب بِهِ العَبْد إِلَى سَيّده وخالقه وأجزل مَا قدمه بَين يَدَيْهِ للقاء موجده ورازقه: صَدَقَة جَارِيَة وقربة مُتَوَالِيَة يتقلد بهَا العَبْد فِي الدَّاريْنِ أعظم منَّة مِنْهَا قَوْله: (من بنى مَسْجِدا لله وَلَو كمفحص قطاة بنى الله لَهُ بَيْتا فِي الْجنَّة) وَلما تحقق ذَلِك من أَهله الله تَعَالَى لارتقاء دَرَجَات هَذِه المثوبة واكتسابها وطمع فِي بُلُوغ رتبتها وإدراكها فَأتى الْبيُوت من أَبْوَابهَا وَهُوَ فلَان الْفُلَانِيّ تقبل الله عمله وبلغه من ثَوَاب هَذِه الْقرْبَة أمله قدم هَذِه الصَّدَقَة المبرورة بَين يَدَيْهِ رَجَاء تَكْفِير السَّيِّئَات وتكثير الْحَسَنَات وَأَن يجدهَا يَوْم تبدل الأَرْض غير الأَرْض وَالسَّمَوَات فَحِينَئِذٍ أشهد على نَفسه الْكَرِيمَة فلَان الْمشَار إِلَيْهِ: أَنه وقف وَحبس إِلَى آخِره وَذَلِكَ جَمِيع الْمَكَان الْفُلَانِيّ ويصفه ويحدده وَالشَّيْء الْفُلَانِيّ وَالشَّيْء الْفُلَانِيّ ويصف كل مَكَان ويحدده ثمَّ يَقُول: وَقفا صَحِيحا شَرْعِيًّا مُتَّصِل الِابْتِدَاء وَالْوسط والانتهاء إِلَى آخِره ثمَّ يَقُول: فَأَما الْمَكَان الْمُبَارك المقبول الْمَوْصُوف الْمَحْدُود أَولا: فَإِن الْوَاقِف الْمَذْكُور وفر الله لَهُ الأجور وَقفه مَسْجِدا لله الْعَظِيم وبيتا من بيُوت رب الْعَالمين وَأذن للْمُسلمين فِي الدُّخُول إِلَيْهِ وَالصَّلَاة فِيهِ وَقِرَاءَة الْقُرْآن وَالِاعْتِكَاف والتهجد وَالتَّسْبِيح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 والتهليل والتحميد وَقِرَاءَة الْأَحَادِيث الشَّرِيفَة النَّبَوِيَّة والْآثَار وَالْأَخْبَار الصَّحِيحَة المروية وَأما بَاقِي الْمَوْقُوف الْمَحْدُود الْمَوْصُوف بأعاليه: فَإِن هَذَا الْوَاقِف الْمَذْكُور ضاعف الله أجره وأجزل ثَوَابه وبره وقف النّصْف الشَّائِع مِنْهَا بحقوقه كلهَا على الْمَسْجِد الْمشَار إِلَيْهِ تصرف أجوره ومنافعه وريعه ومغلاته فِي مصَالح الْمَسْجِد الْمشَار إِلَيْهِ وعمارته وفرشه وتنويره وَفِي ثمن آلَات الْوقُود وجوامك أَرْبَاب الْوَظَائِف الَّذين قررهم الْوَاقِف فِي الْوَظَائِف الْآتِي ذكرهَا فِيهِ بولايات شَرْعِيَّة وهم: إِمَام راتب وقائم مُؤذن وفراش وقارىء فِي الْمُصحف الشريف على الْكُرْسِيّ وقارىء للْحَدِيث النَّبَوِيّ على الْكُرْسِيّ أَيْضا وبواب ملازم لبابه فَأَما الإِمَام الرَّاتِب: فَيصْرف لَهُ فِي كل شهر من شهور الْأَهِلّة كَذَا على أَن يتَوَلَّى الْقيام بالصلوات الْخمس فِي أَوْقَاتهَا وَصَلَاة التَّرَاوِيح فِي شهر رَمَضَان من كل سنة وَيصرف للقائم الْمُؤَذّن فِي كل شهر كَذَا على أَن يتَوَلَّى الْقيام بوظيفة التأذين للصلوات المفروضات فِي أَوْقَاتهَا وَإِقَامَة الصَّلَوَات والتبليغ خلف الإِمَام وَالتَّكْبِير والتأمين على دُعَاء الإِمَام عقيب الصَّلَوَات وَغسل قناديله وَعمل فتائلها وتعميرها بالزيت وتعليقها وإشعالها وطفئها وَيصرف للْفراش فِي كل شهر كَذَا على أَن يتَوَلَّى كنس الْمَسْجِد الْمشَار إِلَيْهِ وتنظيفه وفرشه وطي حصره وَبسطه ونفضها ونشرها وَوضع كراسي الْقُرْآن الْعَظِيم والْحَدِيث الشريف فِي أماكنها وَإِزَالَة مَا يَقع من ذرق الْحمام على فرشه بِالْمَاءِ الطَّاهِر ملازما وظيفته على عَادَة أَمْثَاله من فِرَاشِي الْمَسَاجِد المعمورة وَيصرف للبواب فِي كل شهر كَذَا على أَن يتَوَلَّى مُلَازمَة بَابه وَمنع المتعرض إِلَى إيذائه وَالدُّخُول إِلَيْهِ لغير الصَّلَاة وَالذكر مثل: النّوم وَالْأكل وَرفع الصَّوْت فِيهِ بِغَيْر الذّكر وَالْقِرَاءَة وَالصَّلَاة وَمن تعمد فِيهِ شَيْئا من ذَلِك مَنعه وأزعجه وَأخرجه وَيذكر مَا يكون فِيهِ من أَرْبَاب الْوَظَائِف والمرتبين على مُقْتَضى اخْتِيَار الْوَاقِف وَمَا لكل مِنْهُم من الْمَعْلُوم وَمَا يلْزمه فِي وظيفته ثمَّ يَقُول: يبْقى ذَلِك كَذَلِك إِلَى آخِره ومآل ذَلِك عِنْد انْقِطَاع سبله وَتعذر جهاته إِلَى الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين إِلَى آخِره ثمَّ يَقُول: وَأما النّصْف الآخر: فَإِن الْوَاقِف الْمشَار إِلَيْهِ وَقفه على نَفسه مُدَّة حَيَاته لَا يُشَارِكهُ فِيهِ مشارك وَلَا ينازعه فِيهِ مُنَازع وَلَا يتَأَوَّل عَلَيْهِ فِيهِ متأول فَإِذا توفاه الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 تَعَالَى عَاد ذَلِك وَقفا على أَوْلَاده ثمَّ على أَوْلَاد أَوْلَاده ثمَّ على أنساله وأعقابه وَذريته بَينهم على حكم الْفَرِيضَة الشَّرْعِيَّة للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ على أَن من توفى مِنْهُم أَجْمَعِينَ وَيذكر مَا تقدم إِلَى قَوْله: بأب من الْآبَاء وَلَا بِأم من الْأُمَّهَات عَاد مَا هُوَ مَوْقُوف عَلَيْهِم وَهُوَ النّصْف الشَّائِع من الْوَقْف الْمشَار إِلَيْهِ: وَقفا صَحِيحا على مصَالح مَسْجده الْمشَار إِلَيْهِ وعَلى أَرْبَاب وظائفه الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ يصرفهُ النَّاظر فِي أمره على مَا يرَاهُ وَيُؤَدِّي إِلَيْهِ اجْتِهَاده من زِيَادَة معاليم أهل الْوَقْف أَو غير ذَلِك وَإِن كَانَ على جِهَة مُعينَة غير الْمَسْجِد ذكرهَا وَإِن كَانَ شَرط شِرَاء مَكَان وإيقافه عين مَا يَشْتَرِطه وَإِن شَاءَ قَالَ: وَمهما فضل من ريع الْمَوْقُوف الْمعِين أَعْلَاهُ بعد مَصْرُوف الْمَسْجِد وَالْمَكَان الَّذِي عين شِرَاءَهُ على التَّمام والكمال: جمعه النَّاظر تَحت يَده وابتاع بِهِ ملكا وَوَقفه على الْجِهَة الْمَذْكُورَة أَو على الْجِهَتَيْنِ إِن كَانَت الْأُخْرَى مُعينَة مَوْجُودَة يصرف ريعه فيهمَا على مَا يرَاهُ النَّاظر فِي ذَلِك وَجعل الْوَاقِف النّظر فِي وَقفه هَذَا جَمِيعه وَالْكَلَام عَلَيْهِ لنَفسِهِ إِلَى آخِره وَشرط الْبدَاءَة من ريعه بعمارته وإصلاحه وترميمه وَمَا فِيهِ بَقَاء عينه وَمَا فضل بعد ذَلِك يصرفهُ فِي مصارفه الْمعينَة أَعْلَاهُ وَشرط أَن لَا يُؤجر وَقفه هَذَا وَلَا شَيْء مِنْهُ إِلَى آخِره وَإِن شَاءَ كتب بعد قَوْله وَيعود الْمَأْجُور إِلَى يَد النَّاظر فِي أمره: ووصي الْوَاقِف الْمشَار إِلَيْهِ كل نَاظر فِي هَذَا الْوَقْف ومتكلم عَلَيْهِ: أَن يكون محسنا إِلَى أَرْبَاب وظائفه ومستحقيه وَأَن يصرف عَلَيْهِم معاليمهم هينة ميسرَة أَوَان الْوُجُوب والاستحقاق كَامِلَة موفرة وَأَن لَا يحبس الرّيع عَنْهُم وَلَا يضيق عَلَيْهِم وَلَا يعاملهم بِمَا يمحق بركَة معاليمهم ويحوجهم إِلَى الِاسْتِدَانَة عَلَيْهَا بل ينفقها عَلَيْهِم ويعجل دَفعهَا إِلَيْهِم وَمن تعمد من النظار شَيْئا من ذَلِك كَانَ معزولا عَن النّظر وَكَانَ لحَاكم الْمُسلمين الِاسْتِبْدَال بِهِ غَيره وَشرط الْوَاقِف على النَّاظر فِي هَذَا الْوَقْف المبرور: تعاهد كِتَابه باتصال ثُبُوته إِلَى آخِره ثمَّ يَقُول: فَهَذِهِ شُرُوط الْوَاقِف الَّتِي اشترطها فِي وَقفه هَذَا وَهُوَ يَسْتَعْدِي الله إِلَى آخِره ويكمل ويؤرخ ويثبته عِنْد حَاكم حَنَفِيّ وَيذكر مَا تقدم فِي الصُّورَة الأولى من ثُبُوت ملكية الْمَوْقُوف للْوَاقِف وَالْحكم بِصِحَّة وقف الْإِنْسَان على نَفسه وبصحة وقف الْمشَاع ووقف الْمَنْقُول وَصِحَّة اشْتِرَاط النّظر لنَفسِهِ مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ ذَلِك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 صُورَة وقف مدرسة على مَذْهَب الإِمَام المطلبي مُحَمَّد بن إِدْرِيس الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ وأرضاه أَو على مَذْهَب الإِمَام الْأَعْظَم أبي حنيفَة النُّعْمَان بن ثَابت أَو غَيره من أَئِمَّة الْمُسلمين رَضِي الله عَنْهُم أما بعد حمد الله مثيب الْمُحْسِنِينَ أحسن ثَوَاب ومدخل المتصدقين جنَّات عدن مفتحة لَهُم الْأَبْوَاب وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على سيدنَا مُحَمَّد النَّاطِق بالحكمة وَفصل الْخطاب وعَلى آله وَأَصْحَابه خير آل وَأجل أَصْحَاب فَإِن أولى مَا دخره العَبْد ليَوْم معاده وَقدمه بَين يَدي خالقه عِنْد قيام أشهاده: الصَّدَقَة الَّتِي من فَضلهَا أَن الله تَعَالَى يُرَبِّيهَا تربية الفصيل والفلو ويضاعفها إِلَى سَبْعمِائة ضعف إِلَى أَضْعَاف كَثِيرَة بِالزِّيَادَةِ والنمو لَا سِيمَا صدقَات الْأَوْقَاف المبرورة فَإِنَّهَا الصَّدقَات الَّتِي ذخائر العقبى الْبَاقِيَة بهَا مشكورة وحظوظ الأجور والمثوبات فِيهَا فِي الدَّاريْنِ موفورة وَلما علم أدام الله نعْمَته وَتقبل بره وصدقته أَن المَال غاد ورائح وَأَن الدَّاخِل إِلَى ظلمات أطباق الضرائح مَا بَين خاسر ورابح مهد لنَفسِهِ قبل ارتحاله وتزود من مَاله قبل اضمحلاله وَوقى وَجهه لفح النَّار وحره وَعمل بقوله: (اتَّقوا النَّار وَلَو بشق تَمْرَة) وَأشْهد على نَفسه طَائِعا مُخْتَارًا فِي صِحَة مِنْهُ وسلامة وَجَوَاز أَمر: أَنه وقف وَحبس وسبل إِلَى آخِره جَمِيع الْمَكَان الْمُبَارك الَّذِي أنشأه مدرسة بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ الْمُشْتَمل على كَذَا وَكَذَا ويصفه وَصفا تَاما ويحدد وَجَمِيع الْقرْيَة الْفُلَانِيَّة ويحددها وَجَمِيع كَذَا وَجَمِيع كَذَا ويحدده كل مَكَان من الْمَوْقُوف عَلَيْهَا بعد وَصفه بِجَمِيعِ اشتمالاته ثمَّ يَقُول: وَقفا صَحِيحا شَرْعِيًّا إِلَى آخِره ثمَّ يَقُول: أنشأ الْوَاقِف الْمشَار إِلَيْهِ وَقفه هَذَا على الْوَجْه الَّذِي سيشرح فِيهِ فَأَما الْمَكَان الْمَحْدُود الْمَوْصُوف أَولا: فَإِن الْوَاقِف الْمشَار إِلَيْهِ تقبل الله عمله وبلغه من خيري الدَّاريْنِ أمله وقف مدرسة على مَذْهَب الإِمَام المطلبي مُحَمَّد بن إِدْرِيس الشَّافِعِي أَو على مَذْهَب الإِمَام الْأَعْظَم أبي حنيفَة النُّعْمَان بن ثَابت أَو غَيره من أَئِمَّة الْمُسلمين رضوَان الله عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ وَشرط أَن يكون لهَذِهِ الْمدرسَة مدرس وَعشرَة معيدون وَخَمْسُونَ فَقِيها: عشرُون الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 مُنْتَهُونَ وَعِشْرُونَ متوسطون وَعشرَة مبتدون وَإِمَام ومؤذن وقائم وبواب ونقيب للفقهاء وناظر وجابي ومعمار وَشرط أَن يصرف إِلَى الْمدرس بهَا فِي كل شهر من شهور الْأَهِلّة كَذَا وَإِلَى كل من المعيدين الْعشْرَة كَذَا وَإِلَى كل من الْفُقَهَاء الْعشْرين المنتهيين كَذَا وَإِلَى كل من الْفُقَهَاء الْعشْرين المتوسطين كَذَا وَإِلَى كل من الْفُقَهَاء الْعشْرَة المبتدئين كَذَا وَإِلَى الإِمَام الرَّاتِب كَذَا وَإِلَى الْمُؤَذّن الْقَائِم بوظيفة التأذين والتبليغ خلف الإِمَام كَذَا وَإِلَى الْقَائِم بمصالح الْمدرسَة وكنسها وتنويرها وتنظيفها كَذَا وَإِلَى البواب الملازم لباب الْمدرسَة الْمشَار إِلَيْهَا كَذَا وَإِلَى النَّقِيب الَّذِي يحضر أَيَّام الدُّرُوس وَيفرق الربعة الشَّرِيفَة على الْفُقَهَاء كَذَا وَإِلَى النَّاظر الْقَائِم بمصالح الْمدرسَة وعمارتها وَعمارَة أوقافها وَتَحْصِيل أجورها ومغلاتها ومنافعها وصرفها فِي مصارفها الشَّرْعِيَّة كَذَا وَإِلَى المعمار الْقَائِم بعمارة الْمدرسَة وَمَا هُوَ وقف عَلَيْهَا من المسقفات وَالْوُقُوف على مَا يعمله الصناع الفعلة وملازمتهم وَشِرَاء آلَات الْعِمَارَة من الأخشاب وَالْحِجَارَة والكلس وَالتُّرَاب وَغير ذَلِك كَذَا وعَلى أَن النَّاظر فِي ذَلِك والمتولى عَلَيْهِ يبْدَأ من ريع هَذَا الْوَقْف بعمارته وَعمارَة الْمدرسَة الْمشَار إِلَيْهَا وترميم ذَلِك وإصلاحه وَمَا فِيهِ بَقَاء أَصله وَيصرف النَّاظر مَا تحْتَاج إِلَيْهِ الْمدرسَة الْمَذْكُورَة فِي كل سنة ثمن فرش حصر وَبسط وَثمن زَيْت وقناديل وَغير ذَلِك مِمَّا لَا بُد مِنْهُ شرعا وَمَا فضل بعد ذَلِك يصرفهُ فِي مصرفه الشَّرْعِيّ المشروح فِيهِ وعَلى الْمدرس الْمَذْكُور الْجُلُوس للفقهاء بقبلية الْمدرسَة الْمشَار إِلَيْهَا فِي كل سنة مائَة يَوْم أَيَّام الدُّرُوس الْمُعْتَادَة من فصل الرّبيع والخريف ويلقي الدُّرُوس للفقهاء من الْفُرُوع وَغَيرهَا من الْعُلُوم حَسْبَمَا يَشْتَرِطه الْوَاقِف فَإِذا فرغ من إِلْقَاء الدُّرُوس تصدر كل وَاحِد من المعيدين الْعشْرَة بِخَمْسَة من الْفُقَهَاء وَأعَاد لجماعته الدُّرُوس وَبحث مَعَهم وفهمهم مَا صَعب عَلَيْهِم فهمه مِنْهُ وعَلى كل وَاحِد من الْفُقَهَاء الْعشْرين الأول: إِعَادَة محافيظه على الْمدرس فِي كل سنة مرّة وَكَذَلِكَ الْفُقَهَاء بالطبقة الثَّانِيَة وعَلى الْفُقَهَاء وَالْعشرَة المبتدئين عرض مَا استجدوه من كِتَابَة فِي كل شهر مرّة وعَلى الإِمَام الرَّاتِب: الصَّلَوَات الْخمس بالجماعات بِالْمَدْرَسَةِ الْمَذْكُورَة وَصَلَاة التَّرَاوِيح فِي شهر رَمَضَان من كل سنة وعَلى الْمُؤَذّن الْمَذْكُور: الْقيام بوظيفة التأذين أَوْقَات الصَّلَوَات الْخمس الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 المفروضات وَإِقَامَة الصَّلَاة والتبليغ خلف الإِمَام والتأمين على الدُّعَاء عقب كل صَلَاة وَالتَّكْبِير خلف الإِمَام فِي صَلَاة التَّرَاوِيح فِي شهر رَمَضَان من كل سنة وعَلى الْقَائِم: الْقيام بوظيفة الكنس والتنظيف والفرش والتنوير وَإِيقَاد المصابيح وإطفائها وَغسل الْبركَة وَبَيت الْخَلَاء وتنظيفهما وعَلى البواب: مُلَازمَة بَاب الْمدرسَة وَمنع من يدخلهَا غير الْفُقَهَاء والمرتبين بهَا والداخلين للصلوات وَأَن لَا يُمكن أحدا من الْعَوام والسوقة من النّوم بِالْمَدْرَسَةِ والاستقرار بهَا والاشتغال بِشَيْء من اللّعب والْحَدِيث وَاللَّهْو وَأَن لَا يُمكن أحدا من الْعَامَّة وَغَيرهم مِمَّن لم يكن من أهل الْوَقْف من الدُّخُول إِلَى الميضأة بِالْمَدْرَسَةِ الْمَذْكُورَة وعَلى النَّقِيب بهَا: تَفْرِقَة الربعة الشَّرِيفَة أَيَّام الدُّرُوس على الْفُقَهَاء وَجَمعهَا ورفعها إِلَى خزانتها وَالدُّعَاء بعد الْقِرَاءَة وعَلى النَّاظر: أَن يقوم بِالنّظرِ فِي الْمدرسَة الْمَذْكُورَة وأوقافها وبجميع مَا يتَحَصَّل من جهاتها من مغل وأجور وَغير ذَلِك ويجتهد فِي عمَارَة الْمدرسَة وَمَا هُوَ وقف عَلَيْهَا وَصرف مَا تحْتَاج إِلَيْهِ الْعِمَارَة وَصرف معاليم أَهلهَا وَإِثْبَات كتاب وَقفهَا وتعاهده بالثبوت والتنفيذ وعَلى المعمار: الْقيام بِمَا هُوَ بصدده من المعمارية من مُشْتَرِي آلَات وَمَا لَا بُد مِنْهُ وملازمة الْعَمَل أَيَّامه على عَادَة أَمْثَاله وعَلى النَّاظر أَيْضا: مُلَازمَة الْمدرسَة أَيَّام الدُّرُوس وإلزام كل من الْمدرس وَالْفُقَهَاء وأرباب الْوَظَائِف بِالْقيامِ بوظيفته على الشَّرْط وَالتَّرْتِيب الْمعِين أَعْلَاهُ وَمن مَاتَ من أَرْبَاب الْوَظَائِف قرر غَيره بِصفتِهِ وَكَذَلِكَ إِذا أعرض عَن وظيفته أَو ثَبت عَلَيْهِ مَا يُنَافِي مَا هُوَ بصدده أزعجه النَّاظر ورتب غَيره يبْقى ذَلِك كذل إِلَى آخِره ومآل هَذَا الْوَقْف عِنْد انْقِطَاع سبله إِلَى آخِره وَشرط الْوَاقِف النّظر فِي وَقفه هَذَا إِلَى آخِره وَشرط أَن لَا يُؤجر وَقفه هَذَا وَلَا شَيْء مِنْهُ إِلَى آخِره فَهَذِهِ شُرُوط الْوَاقِف الَّتِي اشترطها فِي وَقفه هَذَا وَهُوَ يَسْتَعْدِي الله إِلَى آخِره وَقد تمّ هَذَا الْوَقْف وَلزِمَ إِلَى آخِره الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 وَإِن كَانَ الْوَاقِف وقف على الْمدرسَة كتبا عينهَا بأسمائها وَأَسْمَاء مؤلفيها وعدة أَجْزَائِهَا وَإِن كَانَ الْوَاقِف جعل فِي الْمدرسَة مكتب أَيْتَام فَيَقُول: وَقرر الْوَاقِف الْمشَار إِلَيْهِ بِالْمَدْرَسَةِ الْمَذْكُورَة مكتب أَيْتَام إِمَّا أَن يكون أنشأه بِأَعْلَى البوابة فَيَقُول: وَهَذَا الْمَكَان الَّذِي أنشأه وعمره وأفرده لذَلِك بِأَعْلَى بوابة الْمدرسَة الْمشَار إِلَيْهَا أَو فِي مَكَان من الْأَمْكِنَة فيذكره وَيَقُول: وعَلى أَن النَّاظر فِي هَذَا الْوَقْف والمتولى عَلَيْهِ يرتب رجلا من أهل الْخَيْر وَالدّين وَالصَّلَاح والعفة حَافِظًا لكتاب الله حسن الْحَظ يجلس بالمكتب الْمشَار إِلَيْهِ وَيجْلس عِنْده من أَوْلَاد الْمُسلمين الْفُقَرَاء المحتاجين كَذَا وَكَذَا صَغِيرا لم يبلغُوا الْحلم على أَن الْمُؤَدب يعلمهُمْ الْقُرْآن الْكَرِيم بالتلقين والتحفيظ والمراجعة لَهُم فِي تَرْجِيع الْآيَات والتصحيح إِلَى أَن يعي الصَّبِي وَيُعِيد الْآيَة وَيقْرَأ الْمَكْتُوب كَمَا أقرأه الْمُؤَدب وَيُعلمهُم الْخط واستخراج الْكتب وَيُعلمهُم كَيْفيَّة الْوضُوء والصلوات وَالْإِقَامَة بهم فِي الْمكتب الْمشَار إِلَيْهِ الْأَوْقَات الْمُعْتَادَة من أَيَّام الْأُسْبُوع ويبطلهم يَوْم الْجُمُعَة ويصرفهم نصف النَّهَار الْأَخير من يومي الْخَمِيس وَالثُّلَاثَاء وعَلى أَن النَّاظر فِي هَذَا الْوَقْف يصرف مَا يحْتَاج إِلَيْهِ الْمكتب الْمشَار إِلَيْهِ من فرش وَعمارَة وتنظيف وَثمن حبر وَأَقْلَام وألواح ودوي وفلوس برسم الْأَيْتَام وَمَعْلُوم للمؤدب لَهُم وَمَا يصرف فِي كسوتهم للصيف والشتاء والتوسعة عَلَيْهِم أَيَّام الْعِيدَيْنِ وَنصف شعْبَان وَلَيْلَة الرغائب من شهر رَجَب من كل سنة وَيصرف من ريع ذَلِك فِي كل شهر كَذَا إِلَى الْمُؤَدب بالمكتب الْمشَار إِلَيْهِ الَّذِي يرتبه الْوَاقِف أَو النَّاظر الشَّرْعِيّ معلما مؤدبا للأيتام بالمكتب الْمَذْكُور وَيصرف إِلَى كل وَاحِد من الْأَيْتَام فِي كل يَوْم من الْخبز الصافي على الدَّوَام والاستمرار وَفِي يَوْم الْجُمُعَة أَيْضا رطلا وَلكُل وَاحِد من الْفُلُوس كَذَا فِي كل يَوْم ويكسوهم النَّاظر فِي كل سنة مرَّتَيْنِ كسْوَة الشتَاء قَمِيص ولباس وجبة من القماش الطرح مقطنة مضربة وفروة وقبع من الصُّوف الْأَزْرَق وزرموجة سَوْدَاء بلغاري وَكِسْوَة الصَّيف: قَمِيص ولباس وجبة بَيْضَاء مقطنة مضربة وقبع وزرموجة صفراء وَيصرف إِلَى كل وَاحِد مِنْهُم صَبِيحَة كل عيد كَذَا وَكَذَا وَلَيْلَة كل نصف من شعْبَان كَذَا وَلَيْلَة أول جُمُعَة من رَجَب كَذَا وَيذكر مَعْلُوم العريف المساعد للمؤدب على قراءتهم وتعليمهم الْكِتَابَة والخط والاستخراج وَأَن يحضر لَهُم الْخبز والفلوس وَيفرق عَلَيْهِم فِي كل يَوْم وَأَن يكون لكل من الْمُؤَدب والعريف نصيب من الْخبز والفلوس كواحد من الصّبيان زِيَادَة على معلومهما فِي كل شهر وَمن بلغ من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 الصّبيان صرفه النَّاظر ورتب صَبيا لم يبلغ الْحلم مَكَانَهُ وَمن ختم مِنْهُم الْقُرْآن قبل بُلُوغه فَلَا يصرف حَتَّى يبلغ فَإِن فضل من ريع الْمَوْقُوف شَيْء بعد صرف مصاريفه الْمعينَة فِيهِ حفظه النَّاظر تَحت يَده وابتاع بِهِ ملكا كَامِلا أَو حِصَّة شائعة وَوَقفه على الشَّرْط وَالتَّرْتِيب الْمعِين فِي وَقفه هَذَا وَإِن كَانَ الْوَاقِف جعل فِي الْمدرسَة دَارا لِلْقُرْآنِ الْعَظِيم فَيَقُول بعد انْتِهَاء ذكر الْمدرسَة ومكتب الْأَيْتَام وَأما الْمَكَان الْفُلَانِيّ الَّذِي هُوَ من حُقُوق هَذِه الْمدرسَة: فَإِن الْوَاقِف وَقفه دَارا لِلْقُرْآنِ الْعَظِيم وَشرط أَن يكون فِيهِ شَيخا من أهل الْخَيْر وَالدّين وَالصَّلَاح حَافِظًا لكتاب الله الْعَزِيز فَقِيها فِي علم الْقرَاءَات قد قَرَأَ كتاب الإِمَام الشاطبي متقنا لَهُ حفظا وفهما بحاثا مُبينًا مقررا محررا محسنا لأَدَاء الْقرَاءَات السَّبع مُؤديا لَهَا على الْوَضع الَّذِي أقرأه جِبْرِيل النَّبِي وَشرط أَن يكون بهَا عشرَة من الرِّجَال الحافظين لكتاب الله الْعَظِيم يَجْلِسُونَ فِي كل يَوْم من الْأَيَّام على الِاسْتِمْرَار والدوام بَين يَدي الشَّيْخ الْمشَار إِلَيْهِ يُقْرِئهُمْ نَحْو قِرَاءَته ويبحث لَهُم فِي عُلُوم الْقُرْآن لِيَنْتَهُوا إِلَى نهايته ويدروا نَحْو درايته وَمن انْتهى مِنْهُم فِي أَدَاء الْقُرْآن إِلَى الْقرَاءَات الشَّرِيفَة وَفِي الْبَحْث عَنْهَا والإتقان لَهَا: أجَازه الشَّيْخ الْمشَار إِلَيْهِ وَاسْتمرّ مقرئا بدار الْقُرْآن الْمشَار إِلَيْهَا بمعلومه وَقرر النَّاظر غَيره وَأمره أَن يحذو حذوه ويسير سيره فِي الِاشْتِغَال والبحث وَكَذَلِكَ يبْقى الْأَمر جَارِيا أبدا مَا أعقب اللَّيْل النَّهَار إِلَى أَن يضيق ريع الْوَقْف عَن شَيْء يصرف إِلَى حد يستجد عوض أحد من المنتهين فَيقْتَصر النَّاظر وَلَا يستجد أحدا حَتَّى يجد فِي ريع الْوَقْف سَعَة وَزِيَادَة عَن الْعِمَارَة ومعاليم من هُوَ مُقَرر بهَا: فيستجد بِالزَّائِدِ من يرَاهُ من أهل الْقُرْآن وَشرط الْوَاقِف أَن يجلس الشَّيْخ والقراء أَجْمَعُونَ فِي كل يَوْم بعد صَلَاة الْعَصْر بدار الْقُرْآن الْمشَار إِلَيْهَا ويقرؤون مَا تيَسّر لَهُم قِرَاءَته من الْقُرْآن الْعَظِيم ويهدون ثَوَاب الْقِرَاءَة الشَّرِيفَة للْوَاقِف وَيَتَرَحَّمُونَ عَلَيْهِ وعَلى وَالِديهِ وَذريته وعَلى جَمِيع أموات الْمُسلمين وَأَن يصرف إِلَى الشَّيْخ الْمشَار إِلَيْهِ فِي كل شهر من شهور الْأَهِلّة كَذَا وَإِلَى كل وَاحِد من الْقُرَّاء الْعشْرَة كَذَا وَأَن يتَعَاهَد النَّاظر فِي هَذَا الْوَقْف مَا يحْتَاج إِلَيْهِ الْمَكَان من الْفرش والتنوير وَأَن يرتب بِهِ قَائِما يقوم بكنسه وتنظيفه وفرشه وتنويره وَأَن يصرف إِلَيْهِ فِي كل شهر كَذَا يبْقى ذَلِك كَذَلِك إِلَى آخِره ومآل هَذَا الْوَقْف عِنْد انْقِطَاع سبله إِلَى آخِره الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 وَإِن كَانَ الْوَاقِف جعل فِي الْمَكَان دَارا للْحَدِيث الشريف النَّبَوِيّ فَيَقُول: وَأما الْمَكَان الْفُلَانِيّ الَّذِي هُوَ من حُقُوق الْمدرسَة الْمشَار إِلَيْهَا: فَإِن الْوَاقِف الْمَذْكُور وفر الله لَهُ الأجور وَقفه دَارا للْحَدِيث الشريف وَقرر فِيهِ عشْرين رجلا مثلا من رجال الحَدِيث الشريف النَّبَوِيّ على قَائِله أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام يقرؤون الحَدِيث الشريف النَّبَوِيّ قِرَاءَة صَحِيحَة متقنة خَالِيَة من اللّحن والتبديل يَجْلِسُونَ على الكراسي المنصوبة لذَلِك بِالْمَدْرَسَةِ أَو بِالدَّار الْمشَار إِلَيْهَا فِي كل أُسْبُوع سبع مَرَّات كل يَوْم مرّة يجلس كل مِنْهُم صَبِيحَة كل يَوْم على كرسيه يقْرَأ الحَدِيث بِحُضُور من يجْتَمع إِلَيْهِ من الْمُسلمين من الْكتب الشَّرِيفَة كالجامع الصَّحِيح لحافظ الْإِسْلَام مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ وَمُسلم بن الْحجَّاج الْقشيرِي وَكتاب المصابيح ل لبغوي وَكتاب الْأَذْكَار ل لنووي وَغير ذَلِك من الْكتب الْمَشْهُورَة المأثورة عَن الْعلمَاء الصَّالِحين والمواعظ الْحَسَنَة البليغة وَقبل صَلَاة الْجُمُعَة من حِين التَّذْكِير إِلَى وَقت التأذين وَأَن يصرف لكل وَاحِد مِنْهُم كَذَا فِي كل شهر من شهور الْأَهِلّة ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه ويؤرخ وَصُورَة وقف بيمارستان رتبه بعض الْمُلُوك لمرضى الْمُسلمين الْحَمد لله شرف بقاع الأَرْض بِعِبَادَتِهِ وَفضل بَعْضهَا على بعض بحلول أهل طَاعَته وَجعل مِنْهَا مَا هُوَ مأوى الْفُقَرَاء المنقطعين إِلَى الله وعبادته وَمِنْهَا مَا هُوَ مضجعا للضعفاء فِي أرجائه فَمنهمْ من حكم عَلَيْهِ بالوفاة وَمِنْهُم من حكم بِتَأْخِيرِهِ إِلَى أجل مُسَمّى على وفْق حكمته وإرادته نحمده على مَا من بِهِ من ابْتِدَاء عنايته ونشكره على مَا أولانا من نِهَايَة هدايته ونشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة مخلص فِي شَهَادَته مُتبع رشدا فِي ابْتِدَاء عمله وإعادته ونشهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الْمَخْصُوص بكرامته والمبعوث إِلَى كَافَّة الْأُمَم برسالته وعَلى آله وَأَصْحَابه وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا وَبعد فَإِن الصَّدَقَة من أعظم القربات المقربة إِلَى الله المؤذنة بالفوز بجزيل الْأجر وَالثَّوَاب من الله خُصُوصا صدقَات الْأَوْقَاف الْجَارِيَة يبْلى ابْن آدم وَيَنْقَطِع عمله من الدُّنْيَا وَهِي مستمرة بَاقِيَة ويجدها فِي الْآخِرَة جنَّة واقية كَمَا ورد فِي صَحِيح السّنة من قَول سيد الْمُرْسلين: (إِذا مَاتَ العَبْد انْقَطع عمله إِلَّا من ثَلَاث وعد مِنْهَا الصَّدَقَة الْجَارِيَة) لَا سِيمَا وقف يتَوَصَّل بِهِ إِلَى حَيَاة النُّفُوس وإسباغ أَنْوَاع الْبر وَالْإِحْسَان على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 الضُّعَفَاء فِي الْمقَام المأنوس وَفِيه لكل كبد حرى من المناهل العذبة مَا يرْوى بِهِ الظمآن ويرجى بِهِ لواقفه من الله الخلود فِي غرفات الْجنان وَلما اتَّصل علم ذَلِك لمولانا الْمقَام الشريف الْأَعْظَم السلطاني الملكي الْفُلَانِيّ أعز الله نَصره وضاعف ثَوَابه وأجره وَتحقّق مَا فِي ذَلِك من الْأجر الجزيل الَّذِي لم يزل للبان فَضله رضيعا رغب فِي ازدياد أجوره عِنْد الله الَّذِي لم يزل بَصيرًا سميعا ليجد بركَة هَذِه الصَّدَقَة فِي الدُّنْيَا بِدفع الْبلَاء وَفِي الْآخِرَة بارتقائه فِي الدَّرَجَات الْعلي محلا رفيعا والاتسام بسمة من قَالَ فِي حَقه جلّ وَعلا: {وَمن أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاس جَمِيعًا} فَحِينَئِذٍ أشهر على نَفسه الشَّرِيفَة ضاعف الله شرفها وأعلا فِي دَرَجَات الجنات غرفها وَهُوَ فِي حَال تمكن سُلْطَانه ونفوذ كَلمته وَثُبُوت جثمانه: أَنه وقف وَحبس وسبل إِلَى آخِره جَمِيع الْمَكَان الْفُلَانِيّ ويصفه ويحدده ويصف الْمَوْقُوف عَلَيْهِ وَصفا تَاما ويحدد كل مَكَان مِنْهُ على حِدته ثمَّ يَقُول: وَقفا صَحِيحا شَرْعِيًّا إِلَى آخِره ثمَّ يَقُول: فَأَما الْمَكَان الْمُبَارك الْمَحْدُود الْمَوْصُوف أَولا: فَإِن الْوَاقِف الْمشَار إِلَيْهِ زَاده الله تَوْفِيقًا وَفتح لَهُ إِلَى كل خير طَرِيقا وَقفه بيمارستانا برسم المرضى من الْمُسلمين الَّذين يأْتونَ إِلَيْهِ للتداوي قَاصِدين يرجون الْعَافِيَة وعَلى الله متوكلين من الرِّجَال وَالنِّسَاء والأحرار وَالْعَبِيد وَالْإِمَاء وَقرر بِهِ من الرِّجَال أَرْبَعَة أَنْفَار حكماء طبائعية وَأَرْبَعَة حكماء من الجرائحية وَأَرْبَعَة حكماء كحالين يتَرَدَّد كل مِنْهُم إِلَى البيماستان الْمشَار إِلَيْهِ بكرَة وعشيا ويتعاهد الْحُكَمَاء الطبائعية مَا هم بصدده من عِيَادَة المرضى بالبيمارستان الْمشَار إِلَيْهِ من الرِّجَال وَالنِّسَاء وَالْإِمَاء وَالْعَبِيد ومباشرتهم وَالنَّظَر فِي حَالهم والتلطف بهم ومساءلتهم عَن أوجاعهم وتشخيص مَا أمكن من أمراضهم ومعالجتهم بِمَا يصلح لَهُم من الْأَدْوِيَة والأشربة والأغذية والشربات والحقن وَغير ذَلِك فِي أول النَّهَار وَآخره ويتعاهد الْحُكَمَاء الجرائحية من تَحت نظرهم من أَصْحَاب العاهات والطلوعات والبثورات والثآليل والسلع والدماميل والقروح والبواسير والجروح وَغير ذَلِك وَالنَّظَر فِي أَحْوَالهم ومعالجتهم بِمَا يصلح لَهُم من المراهم والأدهان والمذرورات والشق والبط وَغير ذَلِك مِمَّا هُوَ مُوَافق لأمراضهم وَمَا يستعملونه من الطَّعَام وَالشرَاب وَالْحمام والنطولات كل وَاحِد بِحَسب حَاله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 ويتعاهد كل وَاحِد من الْحُكَمَاء الكحالين من هُوَ تَحت نظرهم من الرمدى أَو أَصْحَاب أوجاع الْعُيُون من المسيل والقروح وَالْبَيَاض والحمرة والشعرة والدمعة والرطوبة فِي الأجفان وَغير ذَلِك من أمراض الْعين على اخْتِلَاف حالاتها وَالنَّظَر فِي أَحْوَالهم ومعالجتهم بِمَا يَلِيق بهم من الأكحال والأشيافات وَغير ذَلِك مِمَّا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ من الْأَشْرِبَة المسهلة والمنضجة والأغذية والحقن وَشرط أَن يصرف إِلَى كل وَاحِد مِنْهُم فِي كل شهر من شهور الْأَهِلّة كَذَا وَقرر الْوَاقِف الْمشَار إِلَيْهِ وفر الله أجوره وَثَبت تصرفه وَتَقْرِيره بِهَذَا البيمارستان الْمشَار إِلَيْهِ أَرْبَعَة رجال قومة يكنسونه ويغسلونه وينظفون تَحت المرضى وحولهم ويفرشون لَهُم الْفرش ويضعون لَهُم المخاد ويغطونهم باللحف ويتعاهدونهم بِمَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ فِي اللَّيْل وَالنَّهَار ويحضرون لَهُم شرابهم وطعامهم فِي أول النَّهَار وَآخره ويتفقدون مصالحهم وَإِذا تغير تَحت الْمَرِيض فرَاش بِشَيْء يكرههُ أبدله فراشا غَيره وَشرط أَن يصرف لكل وَاحِد مِنْهُم كَذَا وَقرر الْوَاقِف أَربع نسْوَة قائمات يقمن بمصالح النِّسَاء المريضات ويفعلن مَعَهُنَّ مَا هُوَ مَشْرُوط على القومة من الرِّجَال الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ وَشرط أَن يصرف إِلَى كل وَاحِدَة مِنْهُنَّ فِي كل شهر كَذَا وَقرر الْوَاقِف الْمشَار إِلَيْهِ بالبيمارستان الْمَذْكُور: ثَلَاثَة رجال وَاحِد مِنْهُم يتسلم الخزائن بِهِ على أَن يحضر كل يَوْم بكرَة وعشيا إِلَى البيمارستان الْمَذْكُور وَيفتح الخزائن ويتولى صرف الْأَشْرِبَة واللعوقات والسفوفات والسعوطات والمعاجين والمفرحات وَغير ذَلِك مِمَّا هُوَ تَحت يَده بالخزائن وَيسلم ذَلِك إِلَى القومة على حكم الدستور الَّذِي يَكْتُبهُ الْحُكَمَاء ليفرقوا ذَلِك على المرضى من الرِّجَال وَالنِّسَاء وَأَصْحَاب العاهات من الْجِرَاحَات والرمدى وَيقف الرجل الآخر بخزائن الرمدى وَيخرج الأكحال والأشيافات مَا يحْتَاج إِلَيْهِ ويفرقه على أَصْحَاب أوجاع الْعين وَيقف الآخر بخزائن الْجَرْحى وَيخرج مِنْهَا مَا يحْتَاج إِلَيْهِ من المراهم والأدهان والذرورات والأشياء الَّتِي يعالج بهَا أهل الطلوعات وَغَيرهَا ويداوي كلا مِنْهُم بِمَا يصلح لَهُ من ذَلِك وَشرط أَن يصرف إِلَى كل وَاحِد مِنْهُم فِي كل شهر كَذَا وَقرر الْوَاقِف رجلَيْنِ متصديين لغسل قماش المرضى والجرحى والمجانين والرمدى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 وتنظيفها وتكميدها وتغيير ثِيَابهمْ وَغسل مَا أصَاب بدن الْمَرِيض أَو عضوا من أَعْضَائِهِ من النَّجَاسَات العينية مثل الدَّم والقيح وَالْغَائِط وَالْبَوْل بِالْمَاءِ الْحَار وَغسل أَيْديهم ووجوههم وأرجلهم بِالْمَاءِ الْحَار وتنشيفها بالمناديل النظاف المبخرة وتعاهدهم برش مَاء الْورْد على وُجُوههم وأيديهم والتلطف بهم والشفقة عَلَيْهِم وَالْإِحْسَان إِلَيْهِم ومساءلتهم فِي كل وَقت عَن حَالهم وَمَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ وَقرر الْوَاقِف امْرَأتَيْنِ برسم غسل قماش النِّسَاء بالبيمارستان الْمَذْكُور من المرضى وربات الطلوعات والجريحات والرمدات صاحبات أوجاع الْعين وتنظيفها وَأَن يفعلا مَعَهُنَّ مَا هُوَ مَشْرُوط على الرجلَيْن القائمين بمصالح الرِّجَال الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ وَشرط أَن يصرف إِلَى كل وَاحِد من الرجلَيْن والمرأتين الْمَذْكُورين فِي كل شهر كَذَا وَقرر الْوَاقِف رجلا طباخا يطْبخ للمرضى مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ من الفراريج والدجاج والطيور وَلحم الضَّأْن والأجدية الْمعز بالأمراق النظيفة الطّيبَة الرَّائِحَة وَقرر رجلا شرابيا خَبِيرا بطبخ الْأَشْرِبَة وتركيب المعاجين والأدوية وطبخ المنضوجات والمطبوخات على اختلافها خَبِيرا بحوائج ذَلِك جَمِيعًا وَمَعْرِفَة أَجْزَائِهَا ومقدارها وتركيبها وَمَعْرِفَة العقاقير وَالْعُرُوق وَمَا يجتنبه أهل الْمعرفَة من ذَلِك بِحَيْثُ يكون دأبه طبخ الْأَشْرِبَة وتركيب المعاجين والسفوفات والجوارشات وَغير ذَلِك مِمَّا لَا بُد مِنْهُ لأهل البيمارستان بِحَيْثُ يكون رجلا مُسلما دينا خَبِيرا مَأْمُونا ثِقَة قَوِيا وَشرط أَن يصرف لَهُ كَذَا وَقرر الْوَاقِف ثَلَاث رجال وَثَلَاث نسْوَة لسهر الرِّجَال الْمَذْكُورين على الرِّجَال وَالنِّسَاء على النِّسَاء من المرضى والجرحى والرمدى بالنوبة كل وَاحِد ثلث اللَّيْل يَدُور عَلَيْهِم كل وَاحِد فِي نوبَته ويتفقد مصالحهم ويغطي من انْكَشَفَ مِنْهُم أَو زَالَ رَأسه عَن وسادته أَو وَقع عَن فرَاشه أَو احْتَاجَ إِلَى شربة من المَاء أَو إِلَى أَن يقوم إِلَى بَيت الرَّاحَة فيساعده ذَلِك الساهر على حَاجته كَيفَ كَانَت ويتلهف بِهِ ويكلمه كلَاما طيبا ويجيب دَعوته إِذا دَعَاهُ إِلَيْهِ وَلَا يغلظ على أحد مِنْهُم القَوْل وَلَا يتكره بِهِ وَمَتى حصل من الساهرين شَيْء مِمَّا يُؤْذِي المرضى وحصلت الشكوى من المرضى مِنْهُ أزعجه النَّاظر ورتب غَيره وَكَذَلِكَ تفعل النسْوَة الثَّلَاثَة بالبيمارستان مَعَ النِّسَاء لَيْلًا كَمَا يَفْعَله الرِّجَال الثَّلَاثَة مَعَ الرِّجَال بالبيمارستان وَمن ظهر مِنْهَا مَا يُنَافِي ذَلِك أزعجها النَّاظر وَقرر غَيرهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 وَشرط أَن يصرف إِلَى كل وَاحِد من الرِّجَال الثَّلَاثَة والنسوة الثَّلَاث فِي كل شهر كَذَا وَقرر الْوَاقِف رجلا أنماطيا برسم عمل اللحف والطراريح والمخاد بالقطن الْجيد المندوف بِحَيْثُ يبْقى الْفراش واللحف والمخاد دَائِما نظيفة مجددة الْعَمَل رفخة الْقطن وَشرط أَن يصرف لَهُ فِي كل شهر كَذَا وَقرر الْوَاقِف رجلا وَامْرَأَة برسم وقود المصابيح الرِّجَال للرِّجَال وَالنِّسَاء للنِّسَاء وطفئها وغسلها وتعميرها وَعمل فتائلها وَسَائِر مَا تحْتَاج إِلَيْهِ وَشرط أَن يصرف إِلَى كل وَاحِد مِنْهُم كَذَا وَمن درج بالوفاة من البيمارستان الْمَذْكُور غسل وكفن فِي ثَوْبَيْنِ جديدين أبيضين نظيفين بالقطن والحنوط وَمَاء الْورْد وَدفن فِي قَبره الَّذِي يحْفر لَهُ وَقرر الْوَاقِف رجلا دينا أَمينا عَارِفًا بأَدَاء غسل الْمَيِّت على أوضاعه الْمُعْتَبرَة شرعا برسم غسل من يتوفى من أهل البيمارستان الْمَذْكُور من الرِّجَال وَامْرَأَة أَيْضا بِهَذِهِ الصّفة تتولى غسل النِّسَاء وَشرط أَن يصرف إِلَى كل وَاحِد مِنْهُمَا فِي كل شهر كَذَا وَأَن يصرف من ريع الْوَقْف الْمَذْكُور مَا يحْتَاج إِلَيْهِ من ثمن أكفان وحنوط وَأُجْرَة حمالين وحفارين برسم ذَلِك على الْعَادة الْحَسَنَة فِي مثله وَيذكر البواب وَمَا يصرف لَهُ من الْمَعْلُوم وَإِن كَانَ فيهم قراء ذكرهم بِعدَّتِهِمْ وَمَا يقرؤون فِي كل يَوْم من أحزاب الْقُرْآن وأجزائه وَالْوَقْت وَالْمَكَان الَّذِي يقرؤون فِيهِ وَمَا لكل وَاحِد مِنْهُم من الْمَعْلُوم وَإِن كَانَ شَرط خبْزًا يفرق فِيهِ على الْفُقَرَاء ذكر قدره ووزنه وَكَيْفِيَّة تفريقه وَفِي أَي وَقت ثمَّ يَقُول: وَشرط الْوَاقِف الْمشَار إِلَيْهِ أَفَاضَ الله نعمه عَلَيْهِ للنَّاظِر فِي وَقفه هَذَا من الْمَعْلُوم على مُبَاشرَة النّظر عَلَيْهِ وعَلى جَمِيع أوقافه وَعمل مصالحها وَتَحْصِيل ريعها وَقسم مغلاتها وَقبض أجور جَمِيع مَا هُوَ مَوْقُوف عَلَيْهَا فِي كل شهر كَذَا وَجعل لَهُ النّظر فِي وَقفه هَذَا بِنَفسِهِ وَأَن يَسْتَنِيب عَنهُ فِيهِ من شَاءَ من الثِّقَات الْأَكفاء الْعُدُول الْأُمَنَاء الناهضين مِمَّن لَهُ وجاهة وَقرر الْوَاقِف لهَذَا الْوَقْف رجلَيْنِ من أهل الْأَمَانَة والديانة مِمَّن جربت مُبَاشَرَته الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 وَعرفت أَمَانَته وألفت نهضته وكفايته معروفين بالضبط وتحرير الْحساب وقلم التصريف أَحدهمَا عَامل وَالْآخر: شَاهد يضبطان ارْتِفَاع هَذَا الْوَقْف ويحوزانه ويجلسان عِنْد النَّاظر فِيهِ وَيعْمل الْعَامِل الْحساب بِالْحِسَابِ بالحاصل والمصروف أَولا بِأول بأوراق مشمولة بِخَط النَّاظر وخطهما وَشرط أَن يصرف إِلَى كل وَاحِد مِنْهُمَا فِي كل شهر كَذَا وَشرط الْوَاقِف تقبل الله صدقته وأسبغ عَلَيْهِ نعْمَته وَأَسْكَنَهُ جنته أَن النَّاظر فِي هَذَا الْوَقْف ينظر فِي أَمر جَمِيع المقيمين بالبيمارستان الْمَذْكُور بِنَفسِهِ ويدور على من بِهِ المرضى والجرحى والرمدى وَغَيرهم ويتفقد أُمُورهم ويسألهم عَن أَحْوَالهم وإبداء ضروراتهم وَسَمَاع شكاياتهم فَمن وجد لَهُ ضَرُورَة أزالها كل ذَلِك فِي كل يَوْم جُمُعَة من كل أُسْبُوع وَإِن كَانَ قرر جابيا أَو صيرفيا أَو معمارا ذكره وَذكر مَاله من الْمَعْلُوم ثمَّ يَقُول: وَشرط الْوَاقِف أَن النَّاظر فِي هَذَا الْوَقْف يبْدَأ أَولا بعمارة هَذَا البيمارستان وَعمارَة مَا هُوَ وقف عَلَيْهِ وَإِصْلَاح ذَلِك جَمِيعه وترميمه وَمَا فِيهِ بَقَاء عينه وَالزِّيَادَة والنمو لأجوره وريعه وارتفاعه وَبعد ذَلِك يبْتَاع مَا يحْتَاج إِلَيْهِ من الزَّيْت برسم التَّنْوِير والقناديل والآلات النّحاس برسم الطَّبْخ والزبادي النّحاس والقيشاني والطاسات والمكانس والمجاريد الْحَدِيد للبلاط وَمَا يحْتَاج إِلَيْهِ من أدوية وأشربة ومعاجين وسعوطات وسفوفات وأقراص وسكر وفراريج وأدهان ومياه وقلوبات ونضوجات وشمع وزيت وحطب وبراني وعلب وأحقاق رصاص غَيرهَا وفرش ولحف ومخاد وَحصر وَبسط ومراهم وذرورات وأكحال وأشيافات مِمَّا يسْتَمر وجوده بالبيمارستان مُدَّة على مَا يرَاهُ النَّاظر فِي ذَلِك وَمَا فضل بعد ذَلِك يصرفهُ فِي مصارفه الْمعينَة أَعْلَاهُ يبْقى ذَلِك كُله إِلَى آخِره واستبقى الْوَاقِف النّظر فِي هَذَا الْوَقْف وَالْولَايَة عَلَيْهِ لنَفسِهِ إِلَى آخِره وَشرط أَن لَا يُؤجر مَا هُوَ مَوْقُوف على الْجِهَة الْمعينَة أَعْلَاهُ وَلَا شَيْء مِنْهُ إِلَى آخِره وَقد أخرج هَذَا الْوَاقِف هَذَا الْوَقْف وَمَا وَقفه عَلَيْهِ من ملكه إِلَى آخِره فَهَذِهِ شُرُوط الْوَاقِف الَّتِي اشترطها وَهُوَ يَسْتَعْدِي الله إِلَى آخِره ويكمل بِالْإِشْهَادِ والتاريخ صُورَة وقف خانقاه للصوفية الرِّجَال: الْحَمد لله الَّذِي سهل سَبِيل رشده لمن حكم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 فِي الدَّاريْنِ بسعده ووعد من شكر الْمَزِيد وَأعْطى من صَبر مَا يُرِيد وعضد من اتَّخذهُ ذخْرا وأجزل لمن تصدق من أَجله ثَوابًا وَأَجرا ومنحه خيري الدُّنْيَا وَالْأُخْرَى أَحْمَده على مَا وهب من إحسانه وأشكره على مَا يسر من سلوك مناهج امتنانه وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة عبد ألهمه الله رشده فأنفق مَاله ابْتِغَاء مَا عِنْده وَأشْهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الَّذِي اصطفاه لرسالته وَخَصه بكرامته وعَلى آله وصحابته وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا وَبعد فَإِن أفضل الصَّدقَات مَا كَانَ عَائِدًا نَفعه على المتصدقين وَمَا اتَّصل بره ورفده بالفقراء وَالْمَسَاكِين وَرغب فِي ثَوَابه والتقرب بِهِ إِلَى رب الْعَالمين وابتغى مَا عِنْده من الزلفى وَالنَّعِيم الْمُقِيم يَوْم يَجْزِي الله المتصدقين وَلَا يضيع أجر الْمُحْسِنِينَ وَكَانَ فلَان أنجح الله قَصده وأناله خير مَا عِنْده مِمَّن أنار نجم سعادته فِي فلك سَمَاء سيادته وقضت لَهُ الْعِنَايَة الربانية بالتقرب بِهَذَا الْمَعْرُوف إِلَى الله الْعَظِيم وَالْعَمَل بقول النَّبِي عَلَيْهِ أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام: (إِذا مَاتَ العَبْد انْقَطع عمله إِلَّا من ثَلَاث الصَّدَقَة الْجَارِيَة) حد هَذَا التَّقْسِيم فَحِينَئِذٍ أشهد على نَفسه النفيسة صانها الله من الْغَيْر وَحمى حماها من الأنكاد والكدر أَنه وقف وَحبس وسبل إِلَى آخِره جَمِيع الْمَكَان الْمُبَارك الْمُشْتَمل على كَذَا وَكَذَا وَيذكر مَا اشْتَمَل عَلَيْهِ من المساكن وعدتها والأواوين والمربعات الصيفية والشتوية وَالصِّفَات والخلوات ويستوعب وَصفه استيعابا حسنا ويحدده ثمَّ يَقُول: وَجَمِيع كَذَا ويصفه ويحدده وَجَمِيع كَذَا وَجَمِيع كَذَا ويصف كل مَكَان على حِدته ويحدده فَإِذا انْتهى ذكر ذَلِك جَمِيعه يَقُول: وَقفا صَحِيحا شَرْعِيًّا إِلَى آخِره ثمَّ يَقُول: فَأَما الْمَكَان الْمَوْصُوف الْمَحْدُود أَولا: فَإِن الْوَاقِف الْمَذْكُور وفر الله لَهُ الأجور وَقفه خانقاه للصوفية وَقرر فِيهِ إِمَامًا شافعيا أَو حنفيا وَشرط أَن يصرف لَهُ فِي كل شهر من شهور الْأَهِلّة كَذَا وَكَذَا وَقرر بهَا شَيخا وَمِائَة فَقِيه مثلا من أهل التصوف اللابسين خرقَة التصوف الناسكين السالكين الورعين العفيفين الْأَنْفس المتجنبين للفواحش الكثيرين الْعِبَادَة وَالصِّيَام وَالْقِيَام والتهجد وَالتَّسْبِيح والتهليل وَالتَّكْبِير وَالذكر والتنظيف والتطهير والتسويك وعَلى أَن يكون الشَّيْخ من الْعلمَاء الأخيار الأتقياء الْأَبْرَار سيرته الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 حميدة وأفعاله سديدة وآراؤه رَشِيدَة من الحافظين لكتاب الله الْعَزِيز عِنْده طرف من الحَدِيث النَّبَوِيّ وَالتَّفْسِير واللغة الْعَرَبيَّة مِمَّن يحسن تربية الصُّوفِيَّة لابسا خرقتهم تَابعا طريقتهم على أَن النَّاظر فِي هَذَا الْوَقْف والمتولى عَلَيْهِ يبْدَأ من ريع مَا هُوَ مَوْقُوف على الخانقاه الْمشَار إِلَيْهَا من الْأَمَاكِن والمسقفات والقرى والجهات المحدودة الموصوفة بأعاليه بعمارتها وَعمارَة الْمَوْقُوف عَلَيْهَا وترميم ذَلِك جَمِيعه وإصلاحه وَمَا فِيهِ بَقَاء عينه وَتَحْصِيل غَرَض واقفه وَمَا فضل بعد ذَلِك يصرف مِنْهُ للقائم بوظيفة الْإِمَامَة بالخانقاه الْمشَار إِلَيْهَا فِي كل شهر من شهور الْأَهِلّة كَذَا وَأَن يصرف لشيخ الصُّوفِيَّة بالخانقاه الْمَذْكُورَة فِي كل شهر كَذَا وَلكُل صوفي من الْعَرَب والعجم المتأهلين والعزباء فِي كل يَوْم من خبز الْبر الصافي كَذَا وَكَذَا وَفِي كل يَوْم من اللَّحْم الْمَطْبُوخ كَذَا وَمن الطَّعَام كَذَا وَمن الْحَلْوَى كَذَا فِي كل أُسْبُوع وَمن الدَّرَاهِم كَذَا فِي كل شهر وَمن الصابون كَذَا فِي كل أُسْبُوع وَمن الزَّيْت فِي كل أُسْبُوع كَذَا وَمن الْكسْوَة فِي كل سنة كَذَا وَإِن كَانَ قرر خَادِمًا ذكر مَاله من الْمَعْلُوم وَيَقُول: وَلكُل من شيخ الصُّوفِيَّة وَالْخَادِم نَظِير مَا لكل صوفي من الْخبز وَالطَّعَام وَاللَّحم والحلوى والصابون وَالزَّيْت فِي الْيَوْم والأسبوع والشهر وَإِن كَانَ قرر فِي الخانقاه دروسا فَيَقُول: وَقرر الْوَاقِف الْمشَار إِلَيْهِ بالخانقاه الْمشَار إِلَيْهَا أَرْبَعَة أَشْيَاخ عُلَمَاء أحدهم: شَافِعِيّ الْمَذْهَب وَالثَّانِي: حَنَفِيّ وَالثَّالِث: مالكي وَالرَّابِع: حنبلي وَقرر أَرْبَعِينَ فَقِيها من كل مَذْهَب عشرَة على أَن يكون على الْمدرس من كل مَذْهَب إشغال الْعشْرَة الَّذين هم من مذْهبه فِي الْعُلُوم النافعة وإلقاء الدُّرُوس لَهُم فِي أَوْقَاتهَا الْمُعْتَادَة وَشرط على الْفُقَهَاء والمدرسين الإشغال والاشتغال والمطالعة والبحث وتفهيم الطّلبَة والمشتغلين بِالْعلمِ الشريف مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ من الْأُصُول وَالْفُرُوع والنحو واللغة وَالتَّفْسِير والعربية وَالْعرُوض وَعلم الحَدِيث وَغير ذَلِك من الْعُلُوم الْجَائِز الِاشْتِغَال وَالْقِرَاءَة فِيهَا شرعا وَأَن الْمدرس إِذا ألْقى عَلَيْهِم الدَّرْس فَلَا يخرجُون من مَسْأَلَة حَتَّى يَنْتَهِي الْكَلَام عَلَيْهَا ويتقرر حكمهَا عِنْد كل مِنْهُم بِحَيْثُ لَا ينتقلون من تِلْكَ الْمَسْأَلَة إِلَى غَيرهَا وَلكُل مِنْهُم فِيهَا مَذْهَب غير مَذْهَب الآخر بل لَا ينتقلون من مَسْأَلَة إِلَى أُخْرَى حَتَّى تتقرر الأولى عِنْدهم تقريرا حسنا ويسلموا تَسْلِيمًا ثمَّ ينتقلون إِلَى غَيرهَا وَشرط الْوَاقِف أَن يصرف إِلَى كل وَاحِد من المدرسين الْأَرْبَعَة فِي كل شهر كَذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 284 وَإِلَى كل وَاحِد من الْفُقَهَاء الْأَرْبَعين فِي كل شهر كَذَا وَإِن كَانَ شَرط لَهُم أنصبة من الْخبز وَاللَّحم وَالطَّعَام وَغَيره ذكرهَا ثمَّ يذكر نقيب الْفُقَهَاء وَمَاله من الْمَعْلُوم وَمَا عَلَيْهِ من تَفْرِيق الربعة وجميعها إِلَى صندوقها بعد الدُّعَاء وَبسط سجادة الْمدرس وسجادات الطّلبَة ورفعها وَيذكر الْقَائِم وَمَاله من الْمَعْلُوم والفراش وَمَاله من الْمَعْلُوم والبواب وَمَا لَهُ من الْمَعْلُوم والطباخ الَّذِي يطْبخ للصوفية طعامهم فِي كل يَوْم ويغرفه لَهُم ويفرقه عَلَيْهِم وَإِذا فرغوا من أكلهم غسل الْأَوَانِي والدسوت ورفعها إِلَى مَحل اسْتِعْمَالهَا وَمَا لَهُ من الْمَعْلُوم ثمَّ يَقُول: على أَن من مَاتَ من الصُّوفِيَّة بالخانقاه الْمَذْكُورَة وَله ولد ذكر اسْتَقَرَّتْ وَظِيفَة الْوَالِد باسم الْوَلَد وَصرف لَهُ جَمِيع مَا كَانَ مصروفا لوالده لَو كَانَ حَيا فَإِن كَانَ صَغِيرا لم يبلغ استناب النَّاظر عَنهُ رجلا دينا من أهل الْخَيْر وَيصرف لَهُ من الْمَعْلُوم مَا يرَاهُ فَإِذا بلغ الصَّغِير وتأهل لِأَن يحضر مَعَ الصُّوفِيَّة جلس مَوضِع وَالِده وعَلى أَن الشَّيْخ والصوفية المنزلين بالخانقاه الْمَذْكُورَة يحْضرُون ويجتمعون بهَا كل وَاحِد مِنْهُم فِي مَنْزِلَته وعَلى قدر دَرَجَته بعد صَلَاة الْعَصْر فِي كل يَوْم بعد مُضِيّ كَذَا وَكَذَا دَرَجَة وتفرق الربعة الشَّرِيفَة عَلَيْهِم ويقرؤون فِي آخر الربعة مَا تيسرت قِرَاءَته على مُقْتَضى رَأْي الشَّيْخ فَإِذا فرغوا من الْقِرَاءَة فِي الربعة يقرؤون سُورَة الْإِخْلَاص ثَلَاث مَرَّات والمعوذتين والفاتحة وأوائل الْبَقَرَة (إِلَى المفلحون) وأواخر السُّورَة وَيرْفَع بَعضهم بالعشر صَوته على مُقْتَضى مَا يرَاهُ الشَّيْخ فِي رفع الْعشْر إِمَّا وَاحِدًا أَو أَكثر وَيدعونَ عقب ذَلِك وَيَدْعُو القارىء للعشر أَو الَّذِي يُعينهُ الشَّيْخ للدُّعَاء وَإِن كَانَ شَرط مادحا بعد قِرَاءَة الْعشْر فيذكره وَمَاله من الْمَعْلُوم ثمَّ يَقُول بعد قَوْله: وَيرْفَع بَعضهم بالعشر صَوته على مُقْتَضى مَا يرَاهُ الشَّيْخ ثمَّ يقوم المادح وينشد مَا تيَسّر لَهُ إنشاده من المدائح النَّبَوِيَّة وَكَلَام الْقَوْم من الصُّوفِيَّة وَغَيرهم فَإِذا جلس دَعَا الدَّاعِي الَّذِي يُعينهُ الشَّيْخ للدُّعَاء عقب ذَلِك للْوَاقِف وترحم عَلَيْهِ وعَلى أمواته وأموات الْمُسلمين ثمَّ يَنْصَرِفُونَ إِلَى أَحْوَالهم وَلَهُم البطالة فِي الْأَيَّام الْجَارِي بهَا الْعَادة كغيرهم من الخوانق وعَلى أَن كلا من الصُّوفِيَّة لَا يخرج مِنْهَا وَلَا يزعج عَن وظيفته إِلَّا بجنحة ظَاهِرَة وَإِذا سَافر إِلَى الْحَج الْوَاجِب صرف لَهُ مَا هُوَ مُقَرر لَهُ فِي حَال غيبته إِلَى حِين حُضُوره وَإِن سَافر لغير الْحَج الْوَاجِب فَلَا يُعْطي شَيْئا مِمَّا قرر لَهُ فِي طول غيبته فَإِذا حضر من سَفَره وَحضر الخانقاه على الحكم المشروح فِيهِ فيعطي مَا هُوَ مُقَرر لَهُ ويعطون الْمُقَرّر لَهُم فِي أَيَّام البطالة الْجَارِي بهَا الْعَادة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 وَإِن شَرط الْوَاقِف متطببا ذكره وَمَاله من الْمَعْلُوم أَو كحالا ذكره وَمَاله من الْمَعْلُوم وَيذكر ملْء الصهريج فِي كل سنة وَثمن اللَّحْم والحباش والحطب وَغير ذَلِك من احْتِيَاج الطَّبْخ ومصروف الْحَلْوَى وقماش الْكسْوَة وَغير ذَلِك من الاحتياجات الضرورية وجامكية السواق وَثمن ثَوْر الساقية وعلوفته ويستوفي ذكر جَمِيع مَا يشرطه الْوَاقِف ثمَّ يَقُول: يجْرِي ذَلِك كُله كَذَلِك فَإِن تعذر الصّرْف وَالْعِيَاذ بِاللَّه تعلى لذَلِك بِوَجْه من الْوُجُوه أَو بِسَبَب من الْأَسْبَاب كَانَ وَمَا يصرف لمن تعذر الصّرْف إِلَيْهِ مصروفا للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين من الْمُسلمين وَالْمُسلمَات فَإِن عَاد إِمْكَان الصّرْف لمن تعذر إِلَيْهِ الصّرْف عَاد الصّرْف إِلَيْهِ يجْرِي الْحَال فِي ذَلِك كَذَلِك وجودا وعدما إِلَى أَن يَرث الله الأَرْض وَمن عَلَيْهَا وَهُوَ خير الْوَارِثين وَشرط الْوَاقِف الْمَذْكُور النّظر فِي ذَلِك لنَفسِهِ إِلَى آخِره ويكمل بعد اسْتِيفَاء مَا تقدم ذكره وَصُورَة وقف زَاوِيَة للْفُقَرَاء: هَذَا مَا وَقفه فلَان إِلَى آخر الصَّدْر وَذَلِكَ جَمِيع الْمَكَان الْفُلَانِيّ الَّذِي عمره الْوَاقِف وأنشأه إنْشَاء حسنا ويصفه ويحدده وَجَمِيع كَذَا وَجَمِيع كَذَا ويصف كل مَكَان ويحدده ثمَّ يَقُول: وَقفا صَحِيحا شَرْعِيًّا إِلَى آخِره فَأَما الْمَكَان الْمُبَارك الْمَحْدُود الْمَوْصُوف بأعاليه أَولا: فَإِن الْوَاقِف وَقفه زَاوِيَة على الْفُقَرَاء المجاورين والمترددين إِلَيْهَا والعاكفين بهَا والواردين عَلَيْهَا يَسْتَوِي فِي ذَلِك الْمُقِيم والمتردد وَالْقَدِيم والمستجد والزائر والعائد والصادر والوارد والرائح والغادي والحاضر والبادي وَأما بَاقِي الْمَوْقُوف الْمَحْدُود الْمَوْصُوف أَعْلَاهُ: فَإِن الْوَاقِف وَقفه على مصَالح الزاوية الْمَذْكُورَة على مَا سَيَأْتِي شَرحه فِيهِ على أَن النَّاظر فِي ذَلِك: يبْدَأ من ريعه بعمارته إِلَى آخِره وَمَا فضل بعد ذَلِك: يصرف مِنْهُ فِي كل شهر للشَّيْخ الْمُرَتّب بالزاوية الْمَذْكُورَة كَذَا وَإِلَى الْخَادِم كَذَا وَإِلَى الطباخ الْمُرَتّب بهَا كَذَا وَيصرف مِنْهُ فِي كل يَوْم ثمن لحم وخبز وحوائج الطَّعَام وكلفة السماط بالزاوية كَذَا على أَن الطَّعَام يعْمل بكرَة وعشيا ويمد السماط أَيْضا بكرَة وعشيا الْعَادة فِي ذَلِك وَيصرف أَيْضا فِي كل يَوْم ثمن حلوى وَفَاكِهَة كَذَا وَيصرف مِنْهُ فِي ثمن مَا يحْتَاج إِلَيْهِ الشَّيْخ أَو أحد الْفُقَرَاء إِذا حصل لَهُ ضعف من سكر وشراب وحوائج عطرية وَغَيرهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 286 وَأُجْرَة طَبِيب على مَا يرَاهُ النَّاظر ويستصوبه وَتَدْعُو الْحَاجة إِلَيْهِ ثمَّ يذكر مَعْلُوم الإِمَام والمؤذن والقائم والفراش والبواب وَمَا على الشَّيْخ والفقراء من الصَّلَاة بالزاوية الْمَذْكُورَة وَالْقِرَاءَة وَالذكر والأوراد وأوقاتها ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه وَصُورَة الْوَقْف على زَاوِيَة الْفُقَرَاء: الْحَمد لله مثيب من وقف عِنْد نَهْيه وامتثل أمره ويجيب دُعَاء من حبس على نعمه العميمة وشكره ويوفي أجر من حرم مَا حرمه وأعلن ذكره وميسر أَسبَاب الْخيرَات على من تصدق وَلَو بشق تَمْرَة نحمده على مبراته الغادية والرائحة ونشكره على صدقاته السانحة والبارحة ونشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ الْمُنعم الْوَهَّاب المانح من لبس أَثوَاب القربات جزيل الثَّوَاب ونشهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الْوَاقِف على قدم لم تزل نَحْو الْعِبَادَة ساعية سائرة الْقَائِم بِأَمْر الله فِي خلاص هَذِه الْأمة من المهلكات فِي الْآخِرَة الْقَائِل: (إِذا مَاتَ العَبْد انْقَطع عمله إِلَّا من ثَلَاث وعد مِنْهَا الصَّدَقَة الْجَارِيَة) المنجية من دركات الساهرة وعَلى آله المطهرين من الرجس تَطْهِيرا وعَلى أَصْحَابه الغر المحجلين وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا وَبعد فَإِن أولى مَا ادخر العَبْد ليَوْم معاده وَقدمه بَين يَدي خالقه عِنْد قيام أشهاده: الصَّدَقَة الَّتِي تنيل فاعلها ثَوابًا وَأَجرا وتدفع عَنهُ بلَاء وَتكشف عَنهُ ضرا وَتَكون لَهُ على الصِّرَاط جَوَازًا وَفِي الطَّرِيق إِلَى دَار الْحَقِيقَة مجَازًا وتورده موارد الأتقياء الأخيار وتطفىء خطيئته كَمَا يطفىء المَاء النَّار وَهِي الذَّخِيرَة الْبَاقِيَة وَالْجنَّة الواقية لَا يخلق جَدِيد ملابسها الجديدان وَلَا يقصر جواد نَفعهَا وَإِن طَال الزَّمَان وَلما اتَّصل ذَلِك بفلان أعز الله أنصاره وضاعف بره وإيثاره وَأحسن مآبه وأجزل أجره وثوابه بَادر إِلَى تَحْصِيل هَذِه المنقبة الغراء وَرغب فِي ازدياد أجوره عِنْد الله فِي الْأُخْرَى وسارع لاجتلاء حسان الْجنان الأثيرة وأقرض الله قرضا حسنا ليضاعفه لَهُ أضعافا كَثِيرَة وَأشْهد على نَفسه النفيسة أَنه وقف وَحبس إِلَى آخِره وَذَلِكَ جَمِيع الشَّيْء الْفُلَانِيّ ويصفه ويحدده وَالشَّيْء الْفُلَانِيّ وَالشَّيْء الْفُلَانِيّ ويصف كل مَكَان على حِدته ويحدده ثمَّ يَقُول: وَقفا صَحِيحا شَرْعِيًّا إِلَى آخِره على الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين وَذَوي الْحَاجَات من سَائِر الْمُسلمين المقيمين بالزاوية المعمورة الْمُبَارَكَة المبرورة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 287 الْمَعْرُوفَة يخ فلَان الْآتِي ذكره فسح الله فِي مدَّته وَأعَاد علينا وعَلى الْمُسلمين من بركته الَّتِي هِيَ بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ ويحددها ثمَّ يَقُول: والمترددين إِلَيْهَا والواردين عَلَيْهَا: على أَن الْمُتَكَلّم فِي هَذَا الْوَقْف والناظر عَلَيْهِ والمسند أمره وَمَا يتَعَلَّق بِهِ إِلَيْهِ يبْدَأ من ريعه وارتفاع مغلاته ومتحصلاته بعمارته وإصلاحه وَمَا فِيهِ الزِّيَادَة لأجوره ومنافعه وتثميره وتكثيره وَمَا يحْتَاج إِلَيْهِ من بذر وتقوية فلاح وَإِقَامَة أبقار وآلات عمل وَإِصْلَاح على جاري الْعَادة فِي مثل ذَلِك وَمهما فضل بعد صرف مَا يحْتَاج إِلَيْهِ فِي كلفة مَا ذكر أَعْلَاهُ حصل بِهِ النَّاظر فِي أَمر هَذَا الْوَقْف المبرور خبْزًا وَطَعَامًا على اخْتِلَاف أجناسه وأنواعه وَصَرفه بالزاوية المعمورة الْمَذْكُورَة على الْمَوْقُوف عَلَيْهِم الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ حَسْبَمَا جرت بِهِ الْعَادة فِي إطْعَام الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين بالزوايا على مَا يرَاهُ من زِيَادَة ونقصان ومساواة وتفضيل وَله أَن يصرف من ذَلِك مَا يرَاهُ فِي فرش الزاوية الْمَذْكُورَة وتنويرها على جاري الْعَادة فِي مثله عَاملا فِي ذَلِك بتقوى الله تَعَالَى وطاعته وخشيته ومراقبته فِي سره وعلانيته وَإِن قرر شَيْئا غير ذَلِك ذكره وَنبهَ على مصرفه تَنْبِيها حسنا ثمَّ يَقُول: محافظا على بَقَاء هَذَا الْوَقْف نموه وزيادته واستقراره واستمراره مثابرا على تسهيل صرفه وتيسيره مبادرا إِلَى تثميره وتكثيره فَإِن تعذر وَالْعِيَاذ بِاللَّه صرف ذَلِك إِلَى الْجِهَة الْمَذْكُورَة حَسْبَمَا عين أَعْلَاهُ عَاد ذَلِك وَقفا على الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين من أمة سيد الْمُرْسلين مُحَمَّد وعَلى آله وَصَحبه أَجْمَعِينَ أَيْنَمَا كَانُوا وَحَيْثُ وجدوا يصرف النَّاظر فِي أَمر هَذَا الْوَقْف أجوره ومنافعه إِلَيْهِم على مَا يرَاهُ من زِيَادَة ونقصان فَإِن عَاد الصّرْف إِلَى الْجِهَة الْمَذْكُورَة رَجَعَ ذَلِك إِلَيْهَا على الْوَجْه المشروح بأعاليه يجْرِي ذَلِك كَذَلِك إِلَى آخِره وَجعل النّظر فِي وَقفه هَذَا وَالْولَايَة عَلَيْهِ لسيدنا الشَّيْخ الصَّالح الْوَرع الزَّاهِد العابد الْعَالم الْعَامِل الخاشع الناسك الْقدْوَة السالك ضِيَاء الْإِسْلَام حَسَنَة الْأَيَّام شرف الْأَنَام بَقِيَّة السّلف الْكِرَام سليل الصَّالِحين زين العابدين منهل الصادرين والواردين مربي المريدين مرشد السالكين قطب الْعباد علم الزهاد بركَة الْمُلُوك والسلاطين أبي عبد الله فلَان الْفُلَانِيّ شيخ الزاوية الْمَذْكُورَة متع الله بحياته ونفع بِصَالح دعواته فِي خلواته يَتَوَلَّاهُ بِنَفسِهِ الزكية مُدَّة حَيَاته لَا يُشَارِكهُ مشارك فِي ذَلِك وَلَا فِي شَيْء من جهاته فَإِذا توفاه الله إِلَيْهِ على الصِّرَاط الْمُسْتَقيم كَانَ النّظر فِي هَذَا الْوَقْف وَالْولَايَة عَلَيْهِ لمن يكون شَيخا بالزاوية الْمَذْكُورَة يتَوَلَّى ذَلِك شيخ بعد شيخ هَكَذَا أبدا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج الْوَاقِف الْمشَار إِلَيْهِ أجْرى الله الْخيرَات على يَدَيْهِ هَذِه الصَّدَقَة عَن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 288 ملكه إِلَى آخِره وَقد تمّ هَذَا الْوَقْف المقبول وَلزِمَ إِلَى آخِره وَقبل سيدنَا الشَّيْخ الْمشَار إِلَيْهِ ذَلِك قبولا شَرْعِيًّا ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه صُورَة وقف خانقاه برسم النِّسَاء: هَذَا مَا وقف وَحبس وسبل فلَان إِلَى آخِره جَمِيع الْمَكَان الْفُلَانِيّ الَّذِي أنشأه الْوَاقِف الْمَذْكُور بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ وَجعله دَارا حَسَنَة الْهَيْئَة متقنة البنية مستجدة الْعِمَارَة مُشْتَمِلَة على مسَاكِن ومجالس ومخادع وطباق ويصفها ويحددها وَيذكر عدَّة مساكنها ومخادعها وطباقها ثمَّ يَقُول: وَجَمِيع كَذَا وَجَمِيع كَذَا ويصف كل مَكَان على حِدته ويحدده ثمَّ يَقُول: وَقفا صَحِيحا شَرْعِيًّا إِلَى آخِره ثمَّ يَقُول: فَأَما الْمَكَان الْمُبَارك الْمَحْدُود الْمَوْصُوف أَولا فَإِن الْوَاقِف الْمشَار إِلَيْهِ أجْرى الله الْخيرَات على يَدَيْهِ وَقفه خانقاه برسم النِّسَاء ورتب بِهِ كَذَا وَكَذَا من النسْوَة الْعَجز الدينات الْخيرَات الكثيرات الذّكر وَالتَّسْبِيح وَالصَّلَاة والتهجد وَالصِّيَام معروفات بالصلاح ورتب لَهُنَّ شيخة صَالِحَة دينة من ربات الْبيُوت الصينات الْخيرَات ورتب لَهُنَّ امْرَأَة عَالِمَة دينة خيرة خبيرة بِأَبْوَاب الْوَعْظ حافظة لجَانب جيد من الْآيَات الْكَرِيمَة وَالْأَحَادِيث النَّبَوِيَّة والْآثَار المروية والحكايات المأثورات عَن الصَّالِحين والصالحات لتعظهن وتذكرهن ورتب بالخانقاه الْمَذْكُورَة قَائِمَة تقم مَا يحصل بِهِ من الفضلات الملقاة بأرضه وتكنسه وتنظفه وتتعاهد بَيت خلائه بِالْغسْلِ فِي كل يَوْم وَتقوم بفرش الْمَكَان الْمَذْكُور وتنويره وَإِزَالَة شعثه وتغلق الْأَبْوَاب عَشِيَّة وتفتحها بكرَة فِي كل يَوْم وَلَيْلَة وَتقدم الْأَمْتِعَة لَهُنَّ وتطوي الأزر وتنشرها لَهُنَّ وتملأ أواني الشّرْب لَهُنَّ وتضع الْمَائِدَة لديهن عِنْد الْأكل وترفعها عِنْد فراغهن من الْأكل وَالشرب ورتب لَهُنَّ امْرَأَة تصلح لَهُنَّ طَعَاما فِي كل يَوْم مرَّتَيْنِ بكره وعشيا وتغرف الطَّعَام وتضعه لَهُنَّ على الْمَائِدَة ورتب لَهُنَّ امْرَأَة شَابة فِي الْعُمر قَوِيَّة فِي الْبدن عارفة بِغسْل الثِّيَاب وتنظيفها ونشرها وتلبيسها ورندجتها بالدق متصدية لغسل ثيابهن من كسْوَة الرَّأْس وَالْبدن وتهيىء لَهُنَّ الثِّيَاب نظيفة للبس وَأما بَقِيَّة الْأَمَاكِن المحدودة الموصوفة بأعاليه فَإِن الْوَاقِف الْمَذْكُور وفر الله لَهُ الأجور وقف ذَلِك على الخانقاه الْمَذْكُورَة وعَلى من عين بهَا أَعْلَاهُ على أَن النَّاظر فِي وَقفه هَذَا والمتولى عَلَيْهِ يبْدَأ من ريع الْمَوْقُوف على ذَلِك بعمارة الخانقاه الْمشَار إِلَيْهَا وَالْمَوْقُوف عَلَيْهَا وإصلاحه وترميمه وَمَا فِيهِ الزِّيَادَة لأجوره ومنافعه وَبَقَاء عينه وَتَحْصِيل غَرَض واقفه وَمَا فضل بعد ذَلِك يصرف مِنْهُ النَّاظر إِلَى الشيخة بِهَذِهِ الخانقاه الْمُبَارَكَة فِي كل شهر من شهور الْأَهِلّة كَذَا وَإِلَى كل وَاحِدَة من المتصوفات كَذَا وَإِلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 العالمة كَذَا وَإِلَى الْقَائِمَة كَذَا وَإِلَى الطباخة كَذَا وَإِلَى الغسالة كَذَا وَأَن يرتب النَّاظر لَهُنَّ فِي كل يَوْم من الْأَيَّام على الدَّوَام والاستمرار من لحم الضَّأْن الْجيد اللَّطِيف السمين كَذَا وَكَذَا رطلا بالرطل الْفُلَانِيّ وَمن خبز الْحِنْطَة الصافي كَذَا وَكَذَا رطلا وَمن الْحَوَائِج المختصة بالأطعمة على اختلافها فِي كل يَوْم مَا يَكْفِي لونين من الطَّعَام وَإِن كَانَ هَذَا الرَّاتِب لَا يَكْفِي لمثلهن زَاده النَّاظر فِي ذَلِك وَجعله كَاف لَهُنَّ وَإِن كَانَ فِي هَذَا الرَّاتِب زِيَادَة على قدر كفايتهن فَلَا ينقصهُ بل يَأْمُرهُنَّ أَن يتصدقن بِالْفَضْلِ مِنْهُ على من يرين وَأَن يصرف إِلَى كل وَاحِدَة من الشيخة والفقيرات الْعشْر مثلا الْمَذْكُورَات فِي هِلَال كل شهر مبلغ كَذَا برسم دُخُولهَا الْحمام وَأَن يرتب لكل وَاحِدَة مِنْهُنَّ وَأَن يصرف إِلَيْهَا فِي كل لَيْلَة من صَلَاة الرغائب وَنصف شعْبَان من كل سنة من الْحَلْوَى السكرية كَذَا وَيصرف إِلَى كل وَاحِدَة مِنْهُنَّ صَبِيحَة عيد الْفطر من كل سنة مبلغ كَذَا وَأَن يرتب لَهُنَّ فِي كل عيد أضحى من كل سنة بقرة سَمِينَة يضحين بهَا ويأكلن من لَحمهَا وَمَا فضل مِنْهُ يتصدقن بِهِ وعَلى الشيخة الْمَذْكُورَة والفقيرات الْمَذْكُورَات مُلَازمَة الخانقاه الْمشَار إِلَيْهَا والبيتوتة فِي مَسْكَنهَا الْمُقَرّر لَهَا وَالْجُلُوس للذّكر عقيب الصَّلَوَات الْخمس وَالتَّسْبِيح والتهليل وَالدُّعَاء للْوَاقِف الْمشَار إِلَيْهِ والترحم عَلَيْهِ وعَلى جَمِيع أموات الْمُسلمين وعَلى العالمة بهَا الْجُلُوس لَهُنَّ فِي كل يَوْم جُمُعَة على الدَّوَام والاستمرار بالخانقاه الْمَذْكُورَة على الْكُرْسِيّ وتفتح الْمجْلس بِقِرَاءَة الْقُرْآن الْعَزِيز وَالصَّلَاة على النَّبِي وبالأحاديث الشَّرِيفَة النَّبَوِيَّة وحكايات الصَّالِحين والصالحات من عباد الله الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات وتختم الْمجْلس بِالْقِرَاءَةِ وَالصَّلَاة على النَّبِي وَتَدْعُو للْوَاقِف الْمشَار إِلَيْهِ وتترحم عَلَيْهِ وعَلى جَمِيع أموات الْمُسلمين وَمن توفيت من هَؤُلَاءِ النسْوَة الْمَذْكُورَات أَو أَعرَضت عَن وظيفتها أَو ظهر مِنْهَا مَا يُنَافِي الصِّفَات المشروحة أَعْلَاهُ رتب النَّاظر فِي ذَلِك غَيرهَا بِالْوَصْفِ الْمعِين أَعْلَاهُ يبْقى ذَلِك كَذَلِك إِلَى آخِره ومآل هَذَا الْوَقْف عِنْد انْقِطَاع سبله إِلَى آخِره وَجعل الْوَاقِف النّظر فِي وَقفه هَذَا إِلَى آخِره وَشرط أَن لَا يُؤجر وَقفه هَذَا وَلَا شَيْء مِنْهُ إِلَى آخِره فقد تمّ هَذَا الْوَقْف وَلزِمَ إِلَى آخِره ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه وَصُورَة وقف رِبَاط على الْفُقَرَاء أَو الْعَجَائِز: هَذَا مَا وَقفه فلَان إِلَى آخِره وَذَلِكَ جَمِيع الْمَكَان الْمُبَارك ويصفه ويحدده وَجَمِيع الشَّيْء الْفُلَانِيّ ويصفه ويحدده الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 بِجَمِيعِ حُقُوق ذَلِك إِلَى آخِره وَقفا صَحِيحا شَرْعِيًّا إِلَى آخِره ثمَّ يَقُول: فَأَما الْمَكَان الْمَحْدُود الْمَوْصُوف أَولا فَإِن الْوَاقِف الْمشَار إِلَيْهِ وَقفه رِبَاطًا على الْفُقَرَاء المجاورين بِهِ أَو على الفقيرات الأرامل المنقطعات الْعَجز اللَّاتِي لَيْسَ لَهُنَّ ملك طلق وَلَا وقف وَلَا مَالِيَّة وَشرط أَن يكون عدتهمْ كَذَا أَو عدتهن كَذَا وَأَن يكون وَاحِدًا مِنْهُم أَو وَاحِدَة مِنْهُنَّ شَيخا أَو شيخة بالرباط الْمَذْكُور مرابطون أَو مرابطات على الصَّلَاة وَالْعِبَادَة وَالذكر والتلاوة وَالتَّكْبِير والتحميد وَالتَّسْبِيح وَالدُّعَاء والتضرع وَإِظْهَار الْخُشُوع والفزع وَشرط الْوَاقِف: أَن يصرف ريع الْوَقْف عَلَيْهِم أَو عَلَيْهِنَّ بَينهُنَّ بِالسَّوِيَّةِ وَأَن يكون للشَّيْخ أَو للشيخة نصيبان وَلكُل وَاحِد من الْفُقَرَاء أَو الفقيرات نصيب وَاحِد وَأَن يكون للنَّاظِر فِي أَمرهم من ريع الْوَقْف نصيبان هَذَا إِذا كَانَ ريع الْوَقْف يصرف بالنصيب وَإِن كَانَ الْوَاقِف قد شَرط عمل سماط بِطَعَام فيذكره وَيذكر مَا لكل وَاحِد أَو وَاحِدَة من الْمَعْلُوم والتوسع فِي الأعياد والمواسم ويكمل على نَحْو مَا سبق وَصُورَة الْوَقْف على قراء سبع شرِيف: هَذَا مَا وَقفه فلَان إِلَى آخِره وَذَلِكَ جَمِيع الْمَكَان الْفُلَانِيّ ويصفه ويحدده وَقفا صَحِيحا شَرْعِيًّا إِلَى آخِره على خَمْسَة نفر مثلا من الرِّجَال الحافظين لكتاب الله الْعَزِيز وَيكون كل وَاحِد مِنْهُم صَحِيح الْقِرَاءَة فصيحا حسن الْأَدَاء والتلاوة صيتًا حسن الصَّوْت ظَاهر الْخَيْر والديانة بَينهم بِالسَّوِيَّةِ على أَنهم يَجْتَمعُونَ للْقِرَاءَة بِالْمَسْجِدِ الْجَامِع الْفُلَانِيّ أَو بِمَسْجِد بني فلَان الْكَائِن بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ بعد صَلَاة الصُّبْح أَو الْعَصْر أَو الْمغرب من كل يَوْم ويقرؤون مُجْتَمعين سبعا شريفا من الْقُرْآن الْعَظِيم كَامِلا أَو جُزْءا من ثَلَاثِينَ جُزْءا أَو جُزْءا من سِتِّينَ جُزْءا على مَا يشرطه الْوَاقِف من ذَلِك قِرَاءَة مبينَة متقنة مرتلة بِصَوْت عَال وتغن بِالْقُرْآنِ ويأتون بِالْمدِّ فِي موَاضعه ويتجنبون العجلة فِي قراءتهم والخلط المفرط وبلع الْحُرُوف وإبدال بَعْضهَا بِبَعْض يبتدئون بِسُورَة الْفَاتِحَة أول الْقُرْآن ويقرؤون متواليا سبعا بعد سبع أَو جُزْءا بعد جُزْء إِلَى حِين فراغهم وختمهم (قل) : أعوذ بِرَبّ النَّاس وفواتح سُورَة الْبَقَرَة وخواتمها ويهدون ثَوَاب الختمة الشَّرِيفَة للْوَاقِف وَيَتَرَحَّمُونَ عَلَيْهِ وعَلى سَائِر أموات الْمُسلمين وَالْمُسلمَات ثمَّ يعيدون الْقِرَاءَة وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ على الدَّوَام والاستمرار أبدا مَا دَامَت الأَرْض وَمن عَلَيْهَا وَمن تَأَخّر مِنْهُم عَن الْجَمَاعَة ثمَّ أدركهم وَقد فَاتَهُ شَيْء من الْمَشْرُوط عَلَيْهِ كَانَ مسامحا بِهِ وَإِن كَانَ الْفَوات كثيرا وَلم يدْرك أَصْحَابه إِلَّا بعد فراغهم أَو انْقَطع لغير عذر من مرض فَعَلَيهِ إِعَادَة مَا فَاتَهُ وَإِن انْقَطع لمَرض أَو حبس أَو سَافر لحج فرض سقط عَنهُ إِلَى حِين فَرَاغه مِمَّا وَقع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 291 فِيهِ من هَذِه الْأَقْسَام الثَّلَاثَة وَمن تكَرر انْقِطَاعه مِنْهُم عَن الْحُضُور وَالْقِرَاءَة لغير عذر أَو أعرض عَن وظيفته قطعه النَّاظر ورتب غَيره بِصفتِهِ وَكَذَلِكَ إِذا مَاتَ يبْقى ذَلِك كَذَلِك إِلَى آخِره ومآل هَذَا الْوَقْف عِنْد انْقِطَاع سبله إِلَى آخِره ثمَّ يذكر شَرط النّظر وَشرط الْإِيجَار وَتَمام الْوَقْف ولزومه إِلَى آخِره ويكمل على نَحْو مَا تقدم وَصُورَة الْوَقْف على قِرَاءَة المولد الشريف النَّبَوِيّ: وقف فلَان إِلَى آخِره جَمِيع كَذَا وَكَذَا ويصفه ويحدده وَقفا صَحِيحا شَرْعِيًّا إِلَى آخِره على أَن النَّاظر فِي هَذَا الْوَقْف والمتولى عَلَيْهِ يبْدَأ أَولا بعمارة الْمَوْقُوف الْمعِين أَعْلَاهُ وإصلاحه وصلاحه من متحصله وريعه وَمَا فضل بعد ذَلِك: يصرف النَّاظر مِنْهُ مَا مبلغه كَذَا إِلَى رجل من أهل الْعلم الشريف ليجلس بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ على الْكُرْسِيّ وَيقْرَأ على من حضر عِنْده من النَّاس مولد سيدنَا مُحَمَّد فِي شهر ربيع الأول من كل سنة لِاثْنَتَيْ عشرَة لَيْلَة تمضين مِنْهُ قِرَاءَة حَسَنَة متقنة مفسرة خَالِيَة من اللّحن بِصَوْت يسمعهُ من حضر عِنْده من المستمعين لَهُ وَيصرف مِنْهُ إِلَى رجل من أهل الدّيانَة والعفاف مبلغ كَذَا ليقوم بتعليق الْقَنَادِيل بعد تعميرها وَوضع الشموع وإشعالها وَبسط السماط وَوضع الطَّعَام عَلَيْهِ بَين يَدي الْحَاضِرين بالمولد الشريف وَيصرف مِنْهُ مبلغ كَذَا إِلَى رجل يطْبخ الطَّعَام ويغرفه وَيصرف مِنْهُ كَذَا إِلَى رجل من أهل الْخَيْر وَالصَّلَاح مادح لمحاسن رَسُول الله وَصِفَاته ومعجزاته وأخلاقه الشَّرِيفَة وَيصرف مِنْهُ كَذَا إِلَى ثَلَاث جوق كل جوقة ريس وَثَلَاثَة رسلًا يقرأوه فِي ذَلِك الْيَوْم وَاللَّيْلَة ختمة كَامِلَة ويختمون وَيدعونَ للْوَاقِف وَيَسْتَغْفِرُونَ لَهُ وَلِجَمِيعِ الْمُسلمين وَالْمُسلمَات ويسردون من الْأَدْعِيَة مَا تيَسّر لَهُم سرده ثمَّ يقف المادح ويمدح الرَّسُول وينشد فِي ذَلِك الْمحل مَا تيَسّر لَهُ إنشاده من القصائد الْحَسَنَة وَيخْتم بِالصَّلَاةِ على النَّبِي ثمَّ يَدْعُو للْوَاقِف وَلِجَمِيعِ الْمُسلمين وَالْبَاقِي من متحصل هَذَا الْوَقْف يصرفهُ النَّاظر فِي ثمن لحم ضَأْن وخبز صَاف وحوائج الطَّعَام وَمَا تحْتَاج إِلَيْهِ من عسل وسكر وأرز وتفاح وسفرجل وقلويات وَسمن وخضراوات وَبقول وَثمن زَيْت وَحصر وشمع وَمَاء ورد وبخور وحطب وَغير ذَلِك مِمَّا يحْتَاج إِلَيْهِ وَمَا لَا بُد مِنْهُ يبْقى ذَلِك كَذَلِك إِلَى آخِره ويكمل على نَحْو مَا تقدم وَصُورَة الْوَقْف على قارىء الحَدِيث النَّبَوِيّ على قَائِله أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام: وقف فلَان إِلَى آخِره جَمِيع كَذَا وَكَذَا ويصفه ويحدده وَقفا صَحِيحا شَرْعِيًّا إِلَى آخِره الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 على أَن النَّاظر فِي هَذَا الْوَقْف يبْدَأ أَولا من ريعه بعمارته إِلَى آخِره وَمَا فضل يصرف على المرتبين لقِرَاءَة الحَدِيث النَّبَوِيّ على قَائِله سيدنَا مُحَمَّد أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام بالكتب الشَّرِيفَة الْآتِي ذكرهَا الَّتِي وَقفهَا الْوَاقِف الْمشَار إِلَيْهِ لذَلِك وقررها بخزانة الْمَكَان الْفُلَانِيّ أَو على الكراسي الْمَوْضُوعَة لذَلِك على الْوَجْه الْآتِي شَرحه وَبَيَانه فِيهِ فَأَما الْمَكَان الْمَحْدُود الْمَوْصُوف أَولا: فَإِن الْوَاقِف وَقفه دَارا للْحَدِيث الشريف النَّبَوِيّ على الْوَجْه الْآتِي شَرحه وَأما بَاقِي الْمَوْقُوف: فَإِن الْوَاقِف وَقفه على الْوَجْه المشروح أَعْلَاهُ على أَن النَّاظر يصرف مِنْهُ فِي كل شهر كَذَا إِلَى رجل من أهل الْعلم الشريف عَارِف بِقِرَاءَة الحَدِيث الشريف وَطَرِيقه متقن لقرَاءَته يجلس على كرْسِي وَيقْرَأ فِي صَحِيح الإِمَام مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ على الْكُرْسِيّ الْكَبِير بقبلية الْمَكَان الْمَذْكُور من مستهل شهر رَجَب من كل سنة إِلَى الْيَوْم الموفى لتسْع وَعشْرين من رَمَضَان من تِلْكَ السّنة وَيقْرَأ مَا تيسرت قِرَاءَته من كتاب الصَّحِيح الْمَذْكُور بِحَضْرَة من يحضرهُ من الْمُسلمين المستمعين لقرَاءَته وَعند فَرَاغه من الْقِرَاءَة فِي كل يَوْم بعد صَلَاة الصُّبْح أَو الظّهْر أَو الْعَصْر يَدْعُو للْوَاقِف ويترحم عَلَيْهِ وعَلى جَمِيع أموات الْمُسلمين بِحَيْثُ يكون فَرَاغه من قِرَاءَة جَمِيع كتاب الصَّحِيح الْمشَار إِلَيْهِ فِي آخر يَوْم من أَيَّام الْمدَّة المضروبة للْقِرَاءَة الْمعينَة أَعْلَاهُ فَإِذا اجْتمع النَّاس للختم قَرَأَ شَيْئا من الْقُرْآن الْعَظِيم وَأهْدى ثَوَاب قِرَاءَة الْكتاب الْمَذْكُور وَقِرَاءَة الْقُرْآن الْعَزِيز للْوَاقِف وَلِجَمِيعِ الْمُسلمين وَيصرف مِنْهُ كَذَا إِلَى رجل من أهل الحَدِيث يجلس على كرْسِي بِالدَّار الْمَذْكُورَة فِي كل يَوْم جُمُعَة بعد صَلَاة الصُّبْح أَو بعد صَلَاة الْجُمُعَة وَيقْرَأ من كتاب الْأَذْكَار أَو المصابيح أَو ابْن مَاجَه أَو التِّرْمِذِيّ أَو غير ذَلِك من الْكتب السِّتَّة أَو التَّفْسِير أَو غَيره وآثار الصَّالِحين وحكاياتهم ورقائق الْوَعْظ مَا تيسرت قِرَاءَته على الدَّوَام والاستمرار ثمَّ يذكر خَازِن الْكتب وَمَاله من الْمَعْلُوم والقائم وَمَاله من الْمَعْلُوم وَمَا هُوَ مَشْرُوط عَلَيْهِمَا فِي وظيفتهما وَيذكر شَرط النّظر والإيجار وَغير ذَلِك مِمَّا تقدم ذكره فِي الصَّدْر ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه وَصُورَة الْوَقْف على الْأَشْرَاف كثرهم الله تَعَالَى: وقف فلَان إِلَى آخِره جَمِيع كَذَا وَكَذَا ويصف ذَلِك ويحدده ثمَّ يَقُول: وَقفا صَحِيحا شَرْعِيًّا إِلَى آخِره ثمَّ يَقُول الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 : فابتداؤه على الْفُقَرَاء الْأَشْرَاف المنتسبين إِلَى السيدين الْإِمَامَيْنِ السعيدين الشهيدين: أبي مُحَمَّد الْحسن وَأبي عبد الله الْحُسَيْن وَلَدي الإِمَام الطَّاهِر الأنزع أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ سبطي سيدنَا رَسُول الله يصرفهُ إِلَيْهِم النَّاظر فِي هَذَا الْوَقْف على مَا يرَاهُ ويستصوبه وَيُؤَدِّي إِلَيْهِ اجْتِهَاده من زِيَادَة ونقصان وَإِعْطَاء وحرمان وَكثير وَقَلِيل ومساواة وتفضيل وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يعلم شرف المصروف إِلَيْهِ علما يَقِينا وَلَا أَن يكون ذَلِك ثَابتا عِنْد الْحَاكِم يَكْفِيهِ أَن يكون ذَلِك ظَاهر النّسَب عِنْده بِالسَّمَاعِ الفاشي من النَّاس يبْقى ذَلِك كَذَلِك إِلَى آخِره ومآل هَذَا الْوَقْف عِنْد تعذر وجود وَاحِد من هَؤُلَاءِ وَالْعِيَاذ بِاللَّه تَعَالَى إِلَى الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين من أمة سيد الْمُرْسلين مُحَمَّد وعَلى آله وَصَحبه أَجْمَعِينَ فَإِن عَاد إِمْكَان الصّرْف إِلَى من تعذر الصّرْف إِلَيْهِ صرف النَّاظر ذَلِك فِي مصرفه الْمَذْكُور ثمَّ يذكر شَرط النّظر والإيجار وَغَيره إِلَى آخِره ويكمل على نَحْو مَا سبق وَصُورَة الْوَقْف على وُجُوه الْبر والقربات: وقف فلَان إِلَى آخِره جَمِيع كَذَا وَجَمِيع كَذَا وَجَمِيع كَذَا ويصف كل مَكَان على حِدته ويحدده وَقفا صَحِيحا شَرْعِيًّا إِلَى آخِره على جِهَات الْبر والقربات وَالْأَجْر والثوبات والمصالح الْعَامَّة وَالْمَنَافِع الْخَاصَّة والمتعدية والتامة على مَا يرَاهُ النَّاظر فِي هَذَا الْوَقْف ويختاره من صرف ذَلِك إِن شَاءَ قوتا أَو كسْوَة أَو دَرَاهِم أَو تَحْصِيل مَنْفَعَة أَو دفع مضرَّة أَو فكاك أسرى الْمُسلمين أَو عتق الرّقاب وإعانة المكاتبين أَو مداواة المرضى أَو تجهيز الْمَوْتَى أَو سد خلة المحتاجين والفقراء وَالْمَسَاكِين أَو قَضَاء دين المدينين أَو خلاص المسجونين أَو إِعَانَة أَبنَاء السَّبِيل المنقطعين أَو حجاج الْبَيْت الْحَرَام أَو زوار ضريح سيدنَا مُحَمَّد عَلَيْهِ أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام أَو تجهيز الْغُزَاة أَو الْمُجَاهدين وَصَرفه فِيمَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ من نَفَقَة وَطَعَام وَسلَاح ومركوب فِي حَال مقاتلة الْعَدو الْكَافِر خَاصَّة وَبِنَاء القناطر والسبل وَعمارَة الْمَسَاجِد والطرق والأنهار وحفر الْآبَار والعيون والقنوات وإطعام الطَّعَام وتسبيل المَاء العذب فِي الطّرق المنقطعة وليالي الْجمع أَو غير ذَلِك مِمَّا يرَاهُ النَّاظر فِي هَذَا الْوَقْف ويستصوبه وَيُؤَدِّي إِلَيْهِ اجْتِهَاده على الْوَجْه الَّذِي يختاره ويرضيه من صرف ذَلِك وَمَا شَاءَ مِنْهُ من أَبْوَاب الْخَيْر وسبل الْمَعْرُوف المقربة إِلَى الله تَعَالَى الداعية إِلَى رِضَاهُ والفوز بِمَا لَدَيْهِ من تفريج الكربات وَدفع المضرات والضرورات وَتَحْصِيل الْمصَالح الْعَائِد نَفعهَا مِمَّا أوجبه الشَّارِع أَو ندب إِلَيْهِ أَو دلّت الْقَوَاعِد الشَّرْعِيَّة عَلَيْهِ يقدم فِيهِ الأهم فالأهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 على أَن النَّاظر فِي هَذَا الْوَقْف والمتولى عَلَيْهِ يبْدَأ من ريعه بعمارته إِلَى آخِره ومآل هَذَا الْوَقْف عِنْد تعذر الصّرْف فِي ذَلِك إِلَى الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين إِلَى آخِره وَيذكر شَرط النّظر والإيجار وَتَمام الْوَقْف ولزومه إِلَى آخِره ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه وَصُورَة الْوَقْف على المجاورين بِالْحرم الشريف الْمَكِّيّ أَو الْمدنِي أَو بَيت الْمُقَدّس أَو الثَّلَاثَة: وقف فلَان إِلَى آخِره جَمِيع كَذَا وَكَذَا ويصفه ويحدده وَقفا صَحِيحا شَرْعِيًّا إِلَى آخِره على المجاورين بِالْحرم الشريف الْمَكِّيّ وَالْحرم الشريف الْمدنِي على الْحَال بِهِ أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام والمجاورين بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى والصخرة بِبَيْت الْمُقَدّس الشريف بَينهم بِالسَّوِيَّةِ أَثلَاثًا على أَن النَّاظر فِي أمره يبْدَأ أَولا من ريعه بعمارته إِلَى آخِره وَمَا فضل بعد ذَلِك: يقسمهُ النَّاظر أَثلَاثًا وَيجْعَل كل ثلث صررا كل صرة كَذَا ويجهز كل ثلث إِلَى جِهَته صُحْبَة ثِقَة مَأْمُون عدل مَعْرُوف بالديانة وَالْأَمَانَة والعفة والصيانة ليفرقه على المجاورين بِالْحرم الَّذِي جهز ذَلِك الشَّخْص إِلَيْهِ من الْأَمَاكِن الثَّلَاثَة الْمشَار إِلَيْهَا يفعل ذَلِك كَذَلِك فِي كل سنة مرّة هَذَا إِذا نَص الْوَاقِف على هَذِه الصُّورَة وَإِلَّا فَيكون كَيفَ اشْترط من أَن يصرف إِلَى المجاورين كسْوَة أَو حِنْطَة أَو غير ذَلِك ثمَّ يذكر شَرط النّظر ومآل الْوَقْف وَشرط الْإِيجَار وَتَمام الْوَقْف ولزومه إِلَى آخِره وَإِن كَانَ فِي مصَالح الْحرم فيذكره وَيكون الدّفع إِلَى ناظره وَإِن كَانَ برسم فرشه وتنويره فَكَذَلِك وَإِن كَانَ شَرط أَن نَاظر الْوَقْف يَشْتَرِي بالريع شَيْئا مثل بسط أَو غير ذَلِك ويحمله إِلَى الْحرم ويفرش فِيهِ أَو يفرقه على خُدَّامه ومجاوريه فيذكره على مُقْتَضى غَرَض واقفه ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه وَصُورَة وقف على سَبِيل من مَاء زَمْزَم فِي حرم مَكَّة المشرفة: وقف فلَان إِلَى آخِره جَمِيع كَذَا وَكَذَا ويصفه ويحدده وَقفا صَحِيحا شَرْعِيًّا إِلَى آخِره ثمَّ يَقُول: على أَن النَّاظر فِي هَذَا الْوَقْف يبْدَأ من ريعه أَولا بعمارته إِلَى آخِره وَمَا فضل بعد ذَلِك يصرف مِنْهُ فِي كل شهر لمن يَسْتَقِي المَاء الْمُبَارك من زَمْزَم كَذَا وَكَذَا دورقا وَيُوضَع ذَلِك بمَكَان بِالْحرم الشريف الْمَكِّيّ كَذَا وَكَذَا وَيصرف فِي شِرَاء أواني من دوارق وشربات وأباريق ومغارف بِسَبَب ذَلِك فِي كل شهر كَذَا وَفِي شِرَاء شَيْء تغطى بِهِ الدوارق وَقت الْحَاجة إِلَى ذَلِك بِسَبَب حر الشَّمْس وَغير ذَلِك مَا تحْتَاج إِلَيْهِ على أَن المتولى لملء الدوارق الْمَذْكُورَة وَخدمتهَا يسبل ذَلِك بعد تبريده على الْخَاص وَالْعَام للشُّرْب خَاصَّة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 فِي الْحرم الْمشَار إِلَيْهِ للرِّجَال وَالنِّسَاء وَالصبيان من الطائفين والعاكفين والواردين والمترددين والمصلين أول من النَّهَار إِلَى آخِره أَو فِي أَي وَقت يُعينهُ الْوَاقِف فَإِن تعذر المَاء من زَمْزَم الْمَذْكُورَة وَالْعِيَاذ بِاللَّه بِوَجْه من وُجُوه التعذرات أَو بِسَبَب من الْأَسْبَاب فَيُؤْخَذ المَاء من أَي مَكَان أحبه النَّاظر فِي هَذَا الْوَقْف وَيصرف لمن يُبَاشر ذَلِك ويتولى حط الدوارق ورفعها وملئها وغسلها وتغطيتها وتبخيرها فِي كل قَلِيل وتبريدها وتعاهدها من حِين وَضعهَا ملآى وَإِلَى حِين فراغها كَذَا وَكَذَا وَإِن كَانَ ذَلِك على سَبِيل من الأسبلة فِي غير الْحرم فليكتب: على أَن الْمُبَاشر لذَلِك يسْقِي المَاء ويتولى المناولة للأواني وَأَخذهَا من الشَّارِب وَيفْعل ذَلِك فِي كل يَوْم من أَيَّام السّنة بعد الظّهْر إِلَى أَذَان الْعَصْر على ممر الْأَيَّام والليالي ويحترز الْفَاعِل لذَلِك أَن يقطع فعله وَقت الْحر أَو فِي أَوْقَات الِاحْتِيَاج إِلَى ذَلِك فَإِن (فِي كل كبد حرى أجر) ويتلطف بِالَّذِي يتعاطى الشّرْب من ذَلِك وَيفْعل فِي ذَلِك كَمَا يفعل فِي غَيره من الأسبلة للْمَاء فَإِن تعذر وَالْعِيَاذ بِاللَّه الصّرْف لذَلِك كَانَ مَا يصرف لذَلِك مصروفا إِلَى الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين من الْمُسلمين وَالْمُسلمَات حَيْثُ كَانُوا وَأَيْنَ وجدوا فَإِن عَاد إِمْكَان الصّرْف لمن تعذر إِلَيْهِ الصّرْف عَاد الصّرْف إِلَيْهِ يجْرِي ذَلِك كَذَلِك إِلَى آخِره وَإِن كَانَ الْوَاقِف شَرط أَن يَشْتَرِي حانوتا وَيجْعَل سَبِيلا فِي مَكَان معِين يَقُول: على أَن النَّاظر فِي هَذَا الْوَقْف يبْدَأ أَولا من ريعه بعمارته إِلَى آخِره وَمَا فضل يَشْتَرِي مِنْهُ أزيارا فخارا وكيزانا وَغير ذَلِك مِمَّا هُوَ معد للشُّرْب على مَا يرَاهُ النَّاظر ويستأجر حانوتا فِي الْمَكَان الْفُلَانِيّ أَو فِي أَي مَكَان يرَاهُ النَّاظر فِي هَذَا الْوَقْف على مَا يَقْتَضِيهِ رَأْيه من الْأُجْرَة بِحَيْثُ إِنَّه لَا يتَعَدَّى أُجْرَة ذَلِك فِي الشَّهْر كَذَا وَكَذَا درهما وَيَضَع فِيهَا الْأَوَانِي الْمَذْكُورَة الْمعدة للشُّرْب ويستأجر لمن يحمل فِي كل يَوْم من النَّهر الْفُلَانِيّ أَو من مَاء النّيل الْمُبَارك أَو من الْمَكَان الْفُلَانِيّ كَيْت وَكَيْت على مَا يرَاهُ وَيُوضَع فِي الأزيار الْمَذْكُورَة بعد غسلهَا وتبخيرها وَإِزَالَة أوساخها وَجعلهَا مِمَّا يطيب بهَا الشَّارِب نفسا وَلَا يعافها وَلَا يستقذرها ويبرد المَاء وَينصب لتسبيل ذَلِك وَفعله شخص من الْمُسلمين الأخيار المتحرزين من النَّجَاسَات مِمَّن يكون لِبَاسه نظيف وبدنه نظيف وَيفْعل فِي ذَلِك مَا يفعل مثله فِي مثل ذَلِك من الشيل والحط والمناولة وملء الْأَوَانِي وَغير ذَلِك فِي الْوَقْت الْفُلَانِيّ ويغلق الْحَانُوت ويفتحه وَيمْسَح بلاطه ويزيل أوساخ الْحَانُوت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 296 وَيصرف لَهُ فِي كل شهر كَذَا فَإِذا انْكَسَرت الْأَوَانِي والشربات والكيزان والأباريق الْمعدة لذَلِك أَعَادَهَا النَّاظر وَكلما انْكَسَرت أَو شَيْء مِنْهَا أَعَادَهُ من مَال الْوَقْف يفعل ذَلِك على مر الدهور والأعوام والليالي وَالْأَيَّام وَيشْرب من ذَلِك الْغَنِيّ وَالْفَقِير وَالصَّغِير وَالْكَبِير وَالْخَاص وَالْعَام والأرامل والأيتام فَإِن تعذر الصّرْف إِلَى ذَلِك صرف ريعه فِي الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين من الْمُسلمين فَإِن عَاد إِمْكَان الصّرْف صرف إِلَيْهِ يجْرِي ذَلِك كَذَلِك إِلَى آخِره ويكمل وَصُورَة وقف حَوْض للسبيل: الْحَمد لله الْهَادِي إِلَى سَوَاء السَّبِيل الَّذِي وفْق من ارْتَضَاهُ لما يرضاه من الْجَمِيل وَأَحْيَا بِهِ دواثر مآثر الْفَضَائِل فثبتت لَهُ أَفضَلِيَّة التَّفْضِيل وَيسر لَهُ أَعمال الْبر والقربات فرفل فِي أَثوَاب مجدها الأثيل ونهض مستمسكا بِمَا ثَبت فِي صَحِيح السّنة الشَّرِيفَة عَن صَاحب الْحَوْض والكوثر الْمَخْصُوص بالشفاعة الْعُظْمَى يَوْم الْعَطش الْأَكْبَر حَيْثُ قَالَ وَقَوله أصدق مَا قيل: (من حفر بِئْر مَاء لم يشرب مِنْهُ كبد حرى من جن وَلَا آنس وَلَا طَائِر إِلَّا كَانَ لَهُ أجر ذَلِك إِلَى يَوْم الْقِيَامَة) وَهَذَا نَص صَرِيح فِي حُصُول الأجور وناهيك بِهِ من دَلِيل وَمَا رُوِيَ عَن مَحْمُود بن الرّبيع: أَن سراقَة بن مَالك بن جعْشم قَالَ يَا رَسُول الله: الضَّالة ترد على حَوْضِي فَهَل لي فِيهَا من أجر إِن سقيتها قَالَ: (اسقها فَإِن فِي كل كبد حرى أجر) ومتواتر السّنة يشْهد لسقي المَاء بِأَجْر كثير وَفضل جزيل نحمده حمد عبد عرف نعم الله عَلَيْهِ فأنفق مَاله ابْتِغَاء مرضاته ومنح مِنْهُ الْفَقِير والمسكين وَابْن السَّبِيل ونشهد أَن لَا آله إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَلَا شَبيه لَهُ وَلَا مثيل ونشهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الَّذِي رفع الله بِهِ قَوَاعِد الدّين على عمد التتميم والتكميل صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَصَحبه الَّذين صفت بهم مشارع الْحق وخضرت الْبِقَاع من ندى أكفهم المشكورة الْجُود فِي الْمقَام والرحيل صَلَاة توردنا حَوْضه وتدير علينا كؤوس كوثره السلسبيل وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا وَبعد فَلَمَّا كَانَ الْوَقْف من الْقرب الْمَنْدُوب إِلَيْهَا والطاعات الَّتِي وَردت السّنة الشَّرِيفَة بالحث عَلَيْهَا وَكَانَ لَا يلْحق العَبْد من الْأَعْمَال الصَّالِحَات بعد مماته إِلَّا إِحْدَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 ثَلَاث: (صَدَقَة جَارِيَة أَو علم ينْتَفع بِهِ أَو ولد صَالح يَدْعُو لَهُ) كَمَا جَاءَ فِي الْأَحَادِيث الواردات وَلما علم فلَان أَن هَذَا سَبِيل جعله الله نِهَايَة الطلاب وَأَن مورده العذب النمير سَبيله إِلَى تَحْصِيل الْأجر وَالثَّوَاب رغب فِيمَا عِنْد الله من الثَّوَاب الَّذِي لَا يَنْقَطِع اسْمه وَلَا يندرس رسمه وَلَا يضيع عِنْد الله ثَوَابه وبره وَلَا ينقص فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَة أجره وبادر إِلَى وُرُود مشارع هَذِه الْمِنَّة الْعَظِيمَة وَأشْهد على نَفسه الْكَرِيمَة: أَنه وقف وَحبس وسبل إِلَى آخِره جَمِيع الْحَوْض الرخام الْأَبْيَض الْكَبِير أَو الْأسود الْمُشْتَمل على كَذَا وَكَذَا ويصف جوانبه وصدره وَأَعلاهُ وأسفله وأبنيته وَمَا بِهِ من الأعمدة ويحدده ثمَّ يَقُول: هَذَا الْحَوْض الْمُبَارك الْمَذْكُور أنشأه الْوَاقِف الْمشَار إِلَيْهِ وعمره وسَاق إِلَيْهِ المَاء من قناة كَذَا بِحَق وَاجِب مُسْتَمر دَائِم أبدا مَا جرى المَاء فِي الْقَنَاة الْمَذْكُورَة وَوصل إِلَيْهِ فِي كيزانه وبرابخه المدهونة بِالْأَرْضِ وَجَمِيع كَذَا وَجَمِيع كَذَا ويصف كل مَكَان ويحدده وَقفا صَحِيحا شَرْعِيًّا إِلَى آخِره على أَن الْوَاقِف الْمشَار إِلَيْهِ جعل الْحَوْض الْمَذْكُور سَبِيلا للْمُسلمين يرتفقون بِهِ بالشرب وَالْوُضُوء والاغتسال وَسقي الْمَوَاشِي وَغسل الثِّيَاب والأواني وَنقل المَاء مِنْهُ إِلَى حَيْثُ شاؤوا فِي الْقرب والجرار على الدَّوَابّ وعَلى الظُّهُور وَأما بَاقِي الْمَوْقُوف الْمعِين أَعْلَاهُ: فَإِن الْوَاقِف وَقفه على مصَالح الْحَوْض الْمَذْكُور برسم عِمَارَته وَعمارَة طَرِيق المَاء الْوَاصِل إِلَيْهِ من الْقَنَاة الْمَذْكُورَة وَثمن كيزان وبرابخ وكلس وتراب أَحْمَر وزيت وقطن برسم اللاقونية وَأُجْرَة قنواتية وَغير ذَلِك مِمَّا لَا بُد مِنْهُ لعمارة الْقَنَاة وتنظيفها من الطين اللازب وَيصرف مِنْهُ إِلَى القنواتية كَذَا فِي كل شهر وَإِن كَانَ حفر بِئْرا أَو بناه على بِئْر قديمَة ذكرهَا ووصفها وَصفا تَاما وَوصف عدتهَا الْمعدة لإدارتها وَذكر تدويرها وتربيعها ثمَّ يَقُول: وَإِلَى رجل يتَوَلَّى غسل الْحَوْض الْمَذْكُور وتنظيفه فِي كل يَوْم ويتردد إِلَى الْقَنَاة لإِطْلَاق المَاء إِلَيْهِ كلما احْتَاجَ إِلَى ذَلِك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 وَإِن كَانَ سواقا ذكر خدمته وَتَعْلِيق الثور وإدارته عِنْد الِاحْتِيَاج إِلَى ذَلِك وحله وَتَوَلَّى سقيه وعلفه وَإِصْلَاح عدته الْمعدة لإدارته على مَا جرت بِهِ عَادَة السواقين فِي مثل ذَلِك وَيذكر مَاله من الْمَعْلُوم فِي كل شهر وَيصرف مِنْهُ فِي كلفة الساقية وعلف الثور وَشِرَاء مَا يحْتَاج إِلَيْهِ من عدَّة الإدارة فِي كل شهر كَذَا ثمَّ يَقُول: يبْقى ذَلِك كَذَلِك إِلَى آخِره ثمَّ يذكر بداءة النَّاظر بعمارة الْمَوْقُوف والحوض الْمَذْكُور وَصرف مَا قَرَّرَهُ بعد ذَلِك ثمَّ يذكر مآل الْوَقْف عِنْد انْقِطَاعه وَتعذر جهاته يذكر شَرط النّظر والإيجار وَتَمام الْوَقْف ولزومه ثمَّ يكمل ويؤرخ على نَحْو مَا سبق وَصُورَة وقف خَان للسبيل: وقف فلَان إِلَى آخِره جَمِيع الخان الْمُشْتَمل على كَذَا وَكَذَا ويصفه وَيُنْعِتُهُ والبلد الَّذِي هُوَ فِيهِ أَو فِي الطَّرِيق للمارة وَمَا اشْتَمَل عَلَيْهِ من البوائك والأقبية والمخازن والطباق وَغير ذَلِك ويحدده ثمَّ يَقُول: وَجَمِيع كَذَا وَجَمِيع كَذَا ويصف كل مَكَان ويحدده ثمَّ يَقُول: وَقفا صَحِيحا شَرْعِيًّا إِلَى آخِره ثمَّ يَقُول: فَأَما الخان الْمَذْكُور: فَإِنَّهُ وَقفه وَجعله سَبِيلا للمارة من الْمُسَافِرين والغادين والرائحين والصادرين والواردين يبيتُونَ بِهِ ويربطون دوابهم فِيهِ من غير إِضْرَار بِأحد مِمَّن يأوى إِلَيْهِ ويبيت فِيهِ يَسْتَوِي فِي الْمبيت فِيهِ الْغَنِيّ وَالْفَقِير والحقير وَالصَّغِير وَالْكَبِير وَالْقَوِي والضعيف والمشروف والشريف لَا يزعج أحد فِيهِ من مَكَانَهُ الَّذِي يسْبق إِلَيْهِ وَلَا يشوش أحد عَلَيْهِ وَأما بَاقِي الْمَوْقُوف الْمَحْدُود الْمَوْصُوف بأعاليه: فَإِن الْوَاقِف الْمشَار إِلَيْهِ برد الله مضجعه ومنحه الْفَوْز فِي الدَّار الْآخِرَة بِثَوَاب مَا صنعه وَقفه على مصَالح خَان السَّبِيل الْمَذْكُور على أَن النَّاظر فِي وقف هَذَا والمتولى عَلَيْهِ يبْدَأ أَولا من ريعه بعمارته وَعمارَة الْمَوْقُوف عَلَيْهِ إِلَى آخِره وَمَا فضل بعد ذَلِك: يصرف مِنْهُ فِي كل شهر كَذَا إِلَى رجل يرتبه النَّاظر فِيهِ بوابا بِبَاب الخان الْمَذْكُور يتَوَلَّى فتح بَابه وغلقه على عَادَة أَمْثَاله وَيصرف مِنْهُ فِي كل شهر كَذَا إِلَى رجل يكون متبتلا بكنس الخان الْمَذْكُور جَمِيعه من بوائكه وأرضه وتنظيفه من التُّرَاب والزبل والأوحال المتحصلة من الأمطار وتصريف مَا يمْكث فِي قاعه من الْمِيَاه والأوساخ بِحَيْثُ لَا يزَال نظيفا مكنوسا دَائِما أبدا وَكلما حصل الروث من الدَّوَابّ كنسه أَولا بِأول وَيَوْما بِيَوْم وَنقل مَا يتَحَصَّل فِيهِ من الزبل وَغَيره إِلَى ظَاهر الخان الْمَذْكُور وَإِن كَانَ قد جعل فِيهِ مَسْجِدا ذكر إِمَامه وقيمه ومؤذنه وَمَا لكل مِنْهُم من الْمَعْلُوم وَصرف مَا يحْتَاج إِلَيْهِ من الْفرش وَالزَّيْت وَيذكر مآل الْوَقْف عِنْد تعذر جهاته وَشرط النّظر وَغَيره على نَحْو مَا تقدم شَرحه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 وَصُورَة وقف تربة للْوَاقِف وَأَوْلَاده: وقف فلَان إِلَى آخِره جَمِيع الْمَكَان الْفُلَانِيّ وَيذكر بقعته ويصفه ويحدده وَجَمِيع كَذَا وَجَمِيع كَذَا ويصف كل مَكَان ويحدده وَقفا صَحِيحا شَرْعِيًّا إِلَى آخِره ثمَّ يَقُول: فَأَما الْمَكَان الْمَحْدُود الْمَوْصُوف أَولا: فَإِن الْوَاقِف وَقْفَة تربة برسم دَفنه وَدفن موتاه من أَوْلَاده ونسله وعقبه وأزواجه وأرقائه وعتقائه وعصباته وأقاربه من ذَوي الْأَرْحَام الذُّكُور وَالْإِنَاث وأنسالهم وَأما بَاقِي الْمَوْقُوف: فَإِن الْوَاقِف وَقفه على مصَالح التربة وَمَعْلُوم المرتبين بهَا على مَا يَأْتِي شَرحه فِيهِ على أَن النَّاظر فِي ذَلِك يبْدَأ أَولا بعمارة الْمَوْقُوف الْمعِين أَعْلَاهُ وَعمارَة التربة إِلَى آخِره وَمَا فضل بعد ذَلِك يصرف مِنْهُ كَذَا إِلَى رجل برتبة النَّاظر قَائِما بالتربة الْمَذْكُورَة يقوم بوظيفة الكنس والتنظيف والتسعيف وَغسل الرخام ومسحه وَغسل الْبركَة وَإِطْلَاق المَاء إِلَيْهَا والفرش والتنوير وَغسل المصابيح وتعميرها وَيصرف كَذَا إِلَى ثَمَانِيَة رجال قراء حافظين لكتاب الله الْعَزِيز على أَنهم يحْضرُون فِي كل يَوْم وَلَيْلَة ويقرؤون من الْقُرْآن مَا يَسعهُ كل وَقت من الْأَوْقَات الْآتِي تَعْيِينهَا على مَا يشْرَح فِيهِ فيحضر اثْنَان مِنْهُم وَقت الصُّبْح بعد الصَّلَاة ويقرآن إِلَى انْتِهَاء ثَلَاث سَاعَات رملية ويحضر اثْنَان مِنْهُم وَقت الظّهْر ويقرآن بعد الصَّلَاة إِلَى أدان الْعَصْر ويحضر اثْنَان مِنْهُم وَقت الْعَصْر ويقرآن بعد صَلَاة الْعَصْر إِلَى أَذَان الْمغرب ويحضر الِاثْنَان الباقيان من الثَّمَانِية وَقت الْعشَاء ويقرآن من بعد الصَّلَاة إِلَى انْتِهَاء ثَلَاث سَاعَات رملية يقرؤون هَكَذَا بالنوبة والدور على ميكام زجاج من الرمل مُحَرر كلما حضر اثْنَان وجلسا للْقِرَاءَة قلباه وَلَا يتمان الْقِرَاءَة حَتَّى يفرغ الرمل يبقون على ذَلِك كَذَلِك أبدا على الدَّوَام والاستمرار وَكلما قَرَأَ اثْنَان وفرغا من قراءتهما دَعَا أَحدهمَا للْوَاقِف ولوالديه وَلِجَمِيعِ الْمُسلمين وترحم عَلَيْهِم وَأمن الآخر على دُعَائِهِ ثمَّ يَقُول: وَيصرف إِلَى الإِمَام الرَّاتِب بالتربة فِي كل شهر كَذَا وَإِلَى الْمُؤَذّن كَذَا وَإِلَى الْقَائِم كَذَا وَإِلَى الْخَادِم كَذَا وَإِلَى البواب كَذَا وَإِلَى النَّاظر كَذَا وَإِلَى المعمار كَذَا وَإِلَى الجابي كَذَا وَإِلَى الْمُبَاشر كَذَا ثمَّ يذكر الشُّرُوط الْمُتَقَدّم ذكرهَا: ويكمل ويؤرخ على نَحْو مَا تقدم شَرحه وَصُورَة وقف إِنْسَان على نَفسه: وقف فلَان إِلَى آخِره جَمِيع كَذَا وَكَذَا ويصفه ويحدده وَقفا صَحِيحا شَرْعِيًّا إِلَى آخِره ثمَّ يَقُول: أنشأ الْوَاقِف الْمَذْكُور وَقفه هَذَا على نَفسه مُدَّة حَيَاته ينْتَفع بذلك فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 300 السكن والإسكان وَسَائِر وُجُوه الانتفاعات الشَّرْعِيَّة أبدا مَا عَاشَ ودائما مَا بَقِي لَا يُشَارِكهُ فِيهِ مشارك وَلَا ينازعه فِيهِ مُنَازع وَلَا يتأوله عَلَيْهِ فِيهِ متأول فَإِذا توفاه الله تَعَالَى عَاد ذَلِك وَقفا على أَوْلَاده ثمَّ على أَوْلَاد أَوْلَاده ثمَّ على أنساله وأعقابه بَينهم على حكم الْفَرِيضَة الشَّرْعِيَّة للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ ثمَّ بعد كل وَاحِد مِنْهُم يعود مَا هُوَ وقف عَلَيْهِ من ذَلِك وَقفا على أَوْلَاده ثمَّ على أَوْلَاد أَوْلَاده ثمَّ على أنساله وأعقابه بَينهم وَمَات مِنْهُم عَن غير ولد وَلَا ولد ولد وَلَا نسل وَلَا عقب: عَاد مَا هُوَ وقف عَلَيْهِ من ذَلِك وَقفا على من هُوَ فِي دَرَجَته وَذَوي طبقته من أهل الْوَقْف وَمن مَاتَ مِنْهُم قبل أَن يصل إِلَيْهِ شَيْء من هَذَا الْوَقْف وَترك ولدا أَو ولد ولد أَو نَسْلًا أَو عقبا اسْتحق وَلَده من الْوَقْف مَا كَانَ يسْتَحقّهُ وَالِده لَو بَقِي حَيا يبْقى ذَلِك كَذَلِك أبدا مَا تَوَالَدُوا ودائما مَا تَنَاسَلُوا وتعاقبوا بَطنا بعد بطن وقرنا بعد قرن وطبقة بعد طبقَة فَإِذا انقرضوا بأجمعهم وخلت الأَرْض مِنْهُم وَمن أنسالهم وَأَعْقَابهمْ وَلم يبْق أحد مِمَّن ينتسب إِلَى الْوَقْف بأب من الْآبَاء وَلَا بِأم من الْأُمَّهَات: عَاد ذَلِك وَقفا على كَذَا وَكَذَا على مَا شَرطه الْوَاقِف ثمَّ يَقُول: ومآل هَذَا الْوَقْف إِلَى آخِره ثمَّ يذكر شَرط النّظر والإيجار وَتَمام الْوَقْف ولزومه إِلَى آخِره ويكمل ويؤرخ على نَحْو مَا سبق وَإِن كَانَ ابْتِدَاء الْوَقْف على أَوْلَاده لصلبه الْمَوْجُودين يَوْم الْوَقْف ذكرهم بِأَسْمَائِهِمْ الذُّكُور وَالْإِنَاث ثمَّ يَقُول: وَمن عساه أَن يُولد من الذُّكُور وَالْإِنَاث بَينهم بِالسَّوِيَّةِ على حكم الْفَرِيضَة الشَّرْعِيَّة ثمَّ على أَوْلَادهم إِلَى آخِره غير أَنه فِي صُورَة الْوَقْف على أَوْلَاده الْمَوْجُودين يَقُول: وَقبُول الْمَوْقُوف عَلَيْهِم من الْوَاقِف ذَلِك قبولا شَرْعِيًّا وَإِن كَانُوا صغَارًا تحتة حجره قبل هولهم من نَفسه وَإِن كَانَ الْوَقْف فِي وَقفه الَّذِي وَقفه على نَفسه شَرط لنَفسِهِ فِيهِ زِيَادَة أَو نقصا فَيَقُول بعد ذكر شَرط النّظر: وَشرط الْوَاقِف الْمَذْكُور لنَفسِهِ زِيَادَة مَا يرى زِيَادَته أَو أَن لَهُ زِيَادَة مَا يرى زِيَادَته وتنقيص مَا يرى تنقيصه وعزل من يرى عَزله وَاشْتِرَاط مَا يرى اشْتِرَاطه واستبدال مَا يرى استبداله وَعمارَة مَا يرى عِمَارَته من غير ضَرَر بِالْوَقْفِ الْمَذْكُور وَيكون الَّذِي يعمره وَقفا كَشَرط الْوَاقِف وَفعل مَا يرى فعله فِي الْوَقْف الْمَذْكُور على الْوَجْه الشَّرْعِيّ وَإِن أَرَادَ الْوَاقِف أَن يكون الْوَقْف وَقفا مجمعا عَلَيْهِ ملكه لشخص تَمْلِيكًا صَحِيحا شَرْعِيًّا مُشْتَمِلًا على الْإِيجَاب وَالْقَبُول والتسلم وَالتَّسْلِيم بِالْإِذْنِ الشَّرْعِيّ ثمَّ يوقفه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 المتملك على المملك ثمَّ على أَوْلَاده ويكمل على نَحْو مَا سبق تَنْبِيه: الْوَاو فِي الْوَقْف تَأتي للتشريك و (ثمَّ) للتَّرْتِيب وَكَذَلِكَ الْأَعْلَى فالأعلى أَو الأول فَالْأول فصل: وَإِذا عدم كتاب الْوَقْف وَتمّ من يشْهد بِهِ أَو نسي التَّارِيخ والواقف حَاضر فالكتابة فِي ذَلِك على مَعْنيين الْمَعْنى الأول: أقرّ فلَان أَنه قبل تَارِيخه وقف جَمِيع كَذَا وَكَذَا ويصفه ويحدده وَيذكر الْجِهَات الَّتِي كَانَ أوقف عَلَيْهَا إِلَى آخرهَا وَقفا صَحِيحا شَرْعِيًّا وَأَن شُهُوده تحملوا عَلَيْهِ الشَّهَادَة بِهَذَا الْوَقْف حِين صدوره مِنْهُ وَكَتَبُوا عَلَيْهِ بِهِ كتابا وتسلمه الْوَاقِف وَادّعى عَدمه وتاريخه أنسى فاستند فِي ذَلِك إِلَى إِقْرَار الْوَاقِف الْمَذْكُور وَذَلِكَ أَنِّي رفعت قصَّة إِلَى الْحَاكِم الْفُلَانِيّ وَأذن فِي كِتَابَة كتاب هَذَا الْوَقْف وتحديده على هَذَا الْمِنْهَاج بِمُقْتَضى خطه الْكَرِيم على هَامِش قصَّة رَفعهَا الْوَاقِف الْمَذْكُور ويشرح الْحَال فِي ذَلِك وَمِثَال الْإِذْن ليجيب إِلَى سُؤَاله على الْوَجْه الشَّرْعِيّ وخلدت الْقِصَّة الْمَذْكُورَة بحانوت شُهُوده حجَّة بِمُقْتَضَاهُ الْمَعْنى الثَّانِي: أَن يسْأَل الْوَاقِف كِتَابَة محْضر شَرْعِي بذلك وَيكْتب الْحَاكِم أَسْفَل السُّؤَال ليكتب ثمَّ يكْتب شُهُوده الواضعون خطوطهم إِلَى آخِره يعْرفُونَ فلَانا ويذكرون مَكَانَهُ ويوصف ويحدد معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك: أَن فلَانا الْمَذْكُور قبل تَارِيخه وقف الْمَكَان الْمَوْصُوف الْمَحْدُود بأعاليه وَقفا صَحِيحا شَرْعِيًّا وَيذكر جِهَة مصرفه إِلَى آخرهَا وَأَنَّهُمْ كتبُوا بذلك كتابا وَادّعى الْوَاقِف عَدمه عدما لَا يقدر على وجوده وحددوا على إِقْرَاره هَذِه الشَّهَادَة بِالْوَقْفِ الْمَذْكُور على حكمه فِي يَوْم تَارِيخه يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل ويؤرخ حسب الْإِذْن الْكَرِيم الْفُلَانِيّ ثمَّ يشْهدُونَ فِيهِ عِنْد الْحَاكِم ويسجل عَلَيْهِ بِثُبُوت الْمحْضر المسطر بَاطِنه عِنْده على الحكم الْمَشْرُوط بَاطِنه وَصُورَة وقف موصى بِهِ عَن ضيق الْوَصِيَّة عَن الثُّلُث: وقف فلَان وَهُوَ الْوَصِيّ الشَّرْعِيّ عَن فلَان فِيمَا سَيَأْتِي ذكره فِيهِ بِمُقْتَضى كتاب الْوَصِيَّة الْمحْضر من يَده المتضمن إيصاؤه إِلَيْهِ: أَن يقف جَمِيع الدَّار الْآتِي ذكرهَا ووصفها وتحديدها وتحبيسها وتسبيلها وتحريمها وتأبيدها وتخليدها المخلفة عَن الْمُوصي الْمَذْكُور وَهِي بيد الْوَصِيّ الْمَذْكُور حَالَة الْوَقْف وَأَنه يشْتَرط النّظر فِي ذَلِك لنَفسِهِ ثمَّ من بعده لحَاكم الْمُسلمين إِلَى غير ذَلِك مِمَّا هُوَ مشروح فِي كتاب الْوَصِيَّة المؤرخ بِكَذَا الثَّابِت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 مضمونه بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ ثمَّ اعْتبرت تَرِكَة الْمُتَوفَّى الْمَذْكُور فَضَاقَ ثلثهَا من الْعقار وَغَيره عَن اسْتِيعَاب وَصَايَاهُ فَكَانَ مَا ينفذ الْوَقْف فِيهِ بِحكم الْوَصِيَّة من ثلث الدَّار الْمُوصي بوقفها الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ خَمْسَة أسْهم من أَرْبَعَة وَعشْرين سَهْما من جَمِيع الدَّار الْمَذْكُورَة لدُخُول النَّقْص على جِهَات الْوَصَايَا وَحكم المحاصصة فِيهَا مَعَ نظر الْحَاكِم الْفُلَانِيّ فِي ذَلِك وَحكمه بِمُوجبِه وإذنه للْقَاضِي الْمُسَمّى أَعْلَاهُ فِي إِنْفَاذ الْوَصِيَّة وَالْعَمَل بمقتضاها بعد ثُبُوت مَا يعْتَبر ثُبُوته فِي ذَلِك لَدَيْهِ شرعا وقف الْمُوصي الْمَذْكُور أَعْلَاهُ وَحبس إِلَى آخِره جَمِيع الْحصَّة الشائعة وقدرها خَمْسَة أسْهم من أصل أَرْبَعَة وَعشْرين سَهْما من جَمِيع الدَّار الموصوفة المحدودة بأعاليه وَقفا صَحِيحا شَرْعِيًّا إِلَى آخِره على الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين والضعفاء والمحتاجين من أمة مُحَمَّد أَو على جِهَة اخْتَارَهَا الْوَاقِف وعينها فِي كتاب وَصيته ثمَّ يذكر شَرط النّظر وَغَيره ويكمل على نَحْو مَا سبق تَنْبِيه: الْوَقْف من الْوَصِيّ لَا يَصح إِلَّا بِشُرُوط موصيه فَإِذا أخل بِشَرْط لم يَصح حَتَّى يَأْتِي بِشُرُوط موصيه جَمِيعهَا كَامِلَة فَإِن الْمُوصي هُوَ رب المَال فَيتبع شَرطه فِي جَمِيع مَا نَص عَلَيْهِ فِي وَصيته وَلَا بُد من ثُبُوت الْوَصِيَّة عِنْد الْحَاكِم الَّذِي يثبت عِنْده الْوَقْف أَو يتَّصل بِهِ ثُبُوتهَا على الْوَجْه الشَّرْعِيّ وَصُورَة مَا إِذا وقف فِي مرض مَوته عقارا لَا يملك غَيره وَمَات وَلم تجز الْوَرَثَة الزَّائِد على الثُّلُث وَأُرِيد ثُبُوت الْوَقْف واختصاص جِهَة الْوَقْف بِثلث الْمَكَان الْمَوْقُوف واختصاص الْوَرَثَة بالثلثين ملكا يكْتب بذيل كتاب الْوَقْف أَو على ظَهره أَو بهامشه: فصل يتَضَمَّن أَن الْوَاقِف لَا يملك غير هَذَا الْمَكَان وَصُورَة الْفَصْل الَّذِي يكْتب: يشْهد من يضع خطه فِيهِ بِمَعْرِِفَة فلَان الْوَاقِف الْمَذْكُور الْمُسَمّى بَاطِنه وَالْمَكَان الْوَقْف الْمَحْدُود الْمَوْصُوف فِيهِ معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك: أَن الْوَاقِف الْمَذْكُور كَانَ مَالِكًا حائزا للمكان الْمَوْصُوف الْمَذْكُور وَأَنه توفّي إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى من مَرضه الَّذِي بَاشر فِيهِ الْوَقْف الْمَذْكُور وَلم يملك غير الْعقار الْمَذْكُور يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويؤرخ ثمَّ يكْتب الْحَاكِم لتحلف الْوَرَثَة: فَيكْتب فصل حلف صورته: أَحْلف كل وَاحِد من فلَان وَفُلَان وَفُلَان وهم وَرَثَة فلَان الْوَاقِف الْمُسَمّى بَاطِنه بِاللَّه الْعَظِيم الْيَمين الشَّرْعِيَّة الجامعة لمعاني الْحلف شرعا: أَن مُورثهم الْمَذْكُور توفّي إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى من مَرضه الَّذِي وقف فِيهِ الْمَكَان الْمَذْكُور بَاطِنه وَأَنه لم يملك غَيره الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 وَتُوفِّي عَنهُ خَاصَّة وَأَنه مَا أجَاز مَا زَاد على الثُّلُث الَّذِي يَصح وقف مُورثهم فِيهِ وَأَن من شهد فِي الْفَصْل المسطر فِيهِ صَادِق فِي شَهَادَته فَحلف كَمَا أَحْلف بالتماسه لذَلِك ويؤرخ ثمَّ يكْتب فصل إعذار على الْوَرَثَة ثمَّ يسجل على الْحَاكِم بالثبوت وَالْحكم الْمُوجب وَصُورَة تسجيله: أَنه ثَبت عِنْده مَضْمُون الْفَصْل المسطر بأعاليه أَو بِظَاهِرِهِ أَو بهامشه وجريان الْحلف الْمَذْكُور فِيهِ وإعذار من أعذر إِلَيْهِ من الْوَرَثَة الْمَذْكُورين فِيهِ وَمَا نسب إِلَى الْوَاقِف من حُصُول الْوَقْف الْمَذْكُور فِيمَا زَاد عَن الثُّلُث من ذَلِك فِي مرض الْمَوْت وَعدم الْإِجَازَة من الْوَرَثَة الْمَذْكُورين فِيهِ وباطن الْوَقْف مؤرخ بِكَذَا وَمَعْرِفَة الْوَقْف الْمَذْكُور وتشخيص الْوَرَثَة الْمَذْكُورين لَدَيْهِ التشخيص الشَّرْعِيّ ثبوتا شَرْعِيًّا وَحكم بِمُوجب الْوَقْف الْخَاص من الْمَكَان الْمَوْقُوف بَاطِنه وَهُوَ الثُّلُث مِنْهُ لجهته الْمَذْكُورَة وبالثلثين للْوَرَثَة الْمَذْكُورين على سَبِيل الْملك بالفريضة الشَّرْعِيَّة خَال ذَلِك عَن الْوَقْف حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخِره وَإِن كَانَ الْوَرَثَة أطفالا: فاليمين متعذرة فِي حَقهم كتعذر الْيَمين فِي حق الْوَرَثَة وَإِذا خلف مكانين أَو أَكثر ووقف ذَلِك وَكَانَ لَا يملك غَيره وَمَات وَلم يجز الْوَرَثَة الزَّائِد على الثُّلُث من ذَلِك فَمَا يُزَاد على مَا تقدم سوى محْضر قيمَة حَتَّى يعرف مِقْدَار الثُّلُث وَإِن أجازت الْوَرَثَة فَيكْتب على ظهر كتاب الْوَقْف حضر إِلَى شُهُوده فلَان وَفُلَان وَفُلَان وهم وَرَثَة الْوَاقِف الْمَذْكُور بَاطِنه وَأشْهدُوا على أنفسهم وهم فِي حَال الصِّحَّة والسلامة أَن مُورثهم الْمَذْكُور قبل وَفَاته وقف الْوَقْف الْمَذْكُور وَهُوَ فِي صِحَة عقله وتوعك جسده وَحُضُور حسه وفهمه وَتُوفِّي من مَرضه هَذَا فَصَارَ التَّصَرُّف لَهُ فِي الثُّلُث من ذَلِك على الْوَجْه الشَّرْعِيّ وَالْحجر عَلَيْهِ فِي الْبَاقِي وَهُوَ الثُّلُثَانِ وَقد أَجَازُوا الْقدر الزَّائِد على الثُّلُث وَهُوَ الثُّلُثَانِ من الْمَكَان الْمَوْقُوف فِيهِ وأبقوا الْوَقْف على حكمه المشروح بَاطِنه وَلم يكن لَهُم فِي الْوَقْف الْمَذْكُور وَلَا فِي شَيْء مِنْهُ وَلَا فِيمَن شهد بِهِ وَلَا فِيمَن شهد فِيهِ وَلَا فِي شَيْء من ذَلِك دَافع وَلَا مطْعن وَلَا حجَّة وَلَا ملك وَلَا شُبْهَة ملك وَلَا إِرْث وَلَا موروث وَلَا شَيْء قل جلّ وَأَن ذَلِك صدر من أَهله فِي مَحَله على الأوضاع الشَّرْعِيَّة صدورا شَرْعِيًّا وَيَقَع الثُّبُوت بعد ذَلِك وَإِن أجَاز الْبَعْض وتخلف الْبَعْض فَيكْتب ذَلِك على الْقَوَاعِد الشَّرْعِيَّة وَيجمع الَّذِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 لجِهَة الْوَقْف من ذَلِك وَمَا بَقِي لمن بَقِي من الْوَرَثَة الَّذين لم يجيزوا ضَابِط: مَذْهَب الإِمَام الشَّافِعِي رَحمَه الله: أَن الْأَمَاكِن الْمَوْقُوفَة وَالْحَالة هَذِه لَا يتَمَيَّز فِيهَا مَكَان بِالْوَقْفِ وَلَكِن يبْقى كل مَكَان فِيهِ حِصَّة مَوْقُوفَة وَمذهب الإِمَام أَحْمد رَحمَه الله: تَقْوِيم الْأَمَاكِن الْمَوْقُوفَة وَالْحَالة هَذِه ويخص فِيهَا الْوَقْف بمَكَان حَتَّى يبْقى الْوَقْف خَالِصا من غير شركَة فيفعل فِي إجَازَة الْبَعْض وتخلف الْبَعْض كَمَا تقدم من محْضر الْقيمَة وَالْحلف والإعذار للْوَرَثَة ويتميز مِنْهَا مَكَان الْوَقْف وَبَقِيَّة الْأَمَاكِن يخْتَص بهَا من لم يجز الْوَرَثَة بَعضهم أَو كلهم وَيثبت ذَلِك عِنْد الْحَاكِم وَيحكم بِمُوجبِه أَو بِصِحَّتِهِ فَإِذا حكم بِصِحَّتِهِ فَلَا بُد من محْضر الْملك والحيازة وَيكْتب فِي الأسجال كَذَلِك: أَنه ثَبت عِنْده مَا نسب إِلَى الْوَاقِف الْمَذْكُور من الْوَقْف الْمَذْكُور بَاطِنه وَصِحَّته فِي الثُّلُث وبطلانه فِي الثُّلثَيْنِ وَعدم إجَازَة الْوَرَثَة فِي الثُّلثَيْنِ ومضمون محْضر الْقيمَة وَفصل الْحلف والإعذار وبإفراز الْمَكَان الْفُلَانِيّ لجِهَة الْوَقْف الْمَذْكُور والمكانين الباقيين من ذَلِك على ملك الْوَرَثَة الْمَذْكُورين فِي الْمحْضر الْمَذْكُور بالفريضة الشَّرْعِيَّة على مُقْتَضى مذْهبه واعتقاده وَحكم بذلك حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخِره مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ وَصُورَة استبدال وقف بِملك ليوقف عوضه بِإِذن الْحَاكِم الْحَنْبَلِيّ أَو الْحَنَفِيّ: استبدل فلَان من فلَان وَهُوَ المستبدل بِمَا يَأْتِي ذكره فِيهِ بِإِذن سيدنَا فلَان الدّين وَأمره الْكَرِيم لاستهدام الْوَقْف الْمُبدل الْآتِي ذكره ولوجود الْغِبْطَة والمصلحة لجِهَة الْوَقْف الْمشَار إِلَيْهِ فِي الِاسْتِبْدَال بِمَا يَأْتِي ذكره شرعا وَلكَون الْمُبدل الْآتِي تَعْيِينه أَكثر قيمَة من الْوَقْف الْمُبدل الْآتِي ذكره وأجزل أُجْرَة وأدر ريعا وأغزر فَائِدَة وَأحكم بِنَاء ليوقف عوضه على حكمه فِي الْحَال والمآل وَلكَون الْوَقْف الْمُبدل يَوْمئِذٍ خرابا معطلا مَعْدُوم الِانْتِفَاع بِهِ على شَرط واقفه وَأَنه الْآن لَا يرد شَيْئا أبدا فبمقتضى ذَلِك: استبدل فلَان الْمُسَمّى أَعْلَاهُ من الْمَأْذُون الْمُسَمّى أَعْلَاهُ مَا هُوَ وقف على مصَالح الْمدرسَة الْفُلَانِيَّة المنسوبة إِلَى إيقاف فلَان وتوصف وتحدد وَذَلِكَ جَمِيع الْحَانُوت الْفُلَانِيّ ويصفه ويحدده بحقوقه كلهَا إِلَى آخِره بِمَا هُوَ جَار فِي ملك المستبدل المبدأ بِذكرِهِ أَعْلَاهُ وَبِيَدِهِ إِلَى حِين هَذَا الِاسْتِبْدَال وَذَلِكَ جَمِيع الدَّار الْفُلَانِيَّة ويصفها ويحددها بحقوقها إِلَى آخِره استبدالا صَحِيحا شَرْعِيًّا جرى بَين المستبدلين الْمَذْكُورين فِيهِ على الْوَجْه الشَّرْعِيّ بعد الِاحْتِيَاط الْكَافِي لجِهَة الْوَقْف وَسلم المستبدل المبدأ بِذكرِهِ إِلَى الْمَأْذُون لَهُ جَمِيع الدَّار المحدودة الموصوفة بأعاليه فتسلمها لجِهَة الْوَقْف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 الْمَذْكُور مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا وَسلم الْمَأْذُون لَهُ الْمَذْكُور أَعْلَاهُ إِلَى المستبدل المبدأ بِذكرِهِ جَمِيع الْحَانُوت الْمَذْكُور أَعْلَاهُ فتسلمه مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا وَصَارَ لَهُ ملكا طلقا يقبل الِانْتِقَال من ملك إِلَى ملك بِحكم هَذَا الِاسْتِبْدَال بعد الرُّؤْيَة وَالْمُعَاقَدَة الشَّرْعِيَّة وَضَمان الدَّرك فِي ذَلِك لَازم حَيْثُ يُوجِبهُ الشَّرْع الشريف بعدله وَجرى عقد هَذَا الِاسْتِبْدَال وَالْإِذْن فِيهِ بعد أَن ثَبت عِنْد سيدنَا فلَان الدّين الْحَاكِم الْآذِن الْمشَار إِلَيْهِ: أَن الْمُبدل الْمعِين أَعْلَاهُ وقف على الْجِهَة الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ حَالَة الِاسْتِبْدَال وَأَن فِي هَذَا الِاسْتِبْدَال غِبْطَة ومصلحة لجِهَة الْوَقْف الْمَذْكُور وَأَن الْمُبدل بِهِ الْمعِين أَعْلَاهُ قِيمَته أَكثر من قيمَة الْمُبدل الْمعِين أَعْلَاهُ وأجزل أُجْرَة وأدر ريعا وأغزر فَائِدَة وَأحكم بِنَاء حَالَة الِاسْتِبْدَال وَأَن الْمُبدل بِهِ الْمعِين أَعْلَاهُ ملك المستبدل المبدأ بِذكرِهِ أَعْلَاهُ وَبِيَدِهِ إِلَى حِين الِاسْتِبْدَال ثبوتا صَحِيحا شَرْعِيًّا وَبعد تَمام ذَلِك ولزومه وَصِحَّته ونفوذه شرعا: وقف الْمَأْذُون لَهُ الْمُسَمّى أَعْلَاهُ بِإِذن سيدنَا الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَعْلَاهُ جَمِيع الدَّار المحدودة الموصوفة أَعْلَاهُ بحقوقها كلهَا وَقفا صَحِيحا شَرْعِيًّا على الْجِهَة الْمعينَة أَعْلَاهُ تجْرِي أجورها ومنافعها على جِهَة الْوَقْف الْمَذْكُور حَسْبَمَا هُوَ معِين فِي كتاب وقف ذَلِك الْمُتَقَدّم التَّارِيخ على تَارِيخه فِي الْحَال والمآل والتعذر والإمكان وَالنَّظَر ويكمل على نَحْو مَا سبق ويؤرخ فصل: إِذا كَانَ الْوَقْف نقضا لَا ينْتَفع بِهِ يَأْذَن الْحَاكِم فِي كشفه وَيكْتب محضرا بالمهندسين وَصورته: صَار من سيضع خطه آخِره من المهندسين أَرْبَاب الْخِبْرَة بالعقارات وعيوبها والأملاك وقيمها المندوبين لذَلِك من مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ وكشفوه كشفا شافيا وشاهدوه وعاينوه وَأَحَاطُوا بِهِ علما وخبرة نَافِيَة للْجَهَالَة ويصفون مَا شاهدوه فِيهِ وَيَقُولُونَ: وَأَن ذَلِك صَار فِي حكم النَّقْض لَا ينْتَفع بِهِ فِي السكن وَلَا فِي الْأُجْرَة وَهُوَ يضر بالجار والمار ويخشى سُقُوطه عَن قرب وَإِن لم يزل تداعى وَسقط وأضر بالجار والمار شاهدوا ذَلِك كَذَلِك وشهدوا بِهِ مسؤولين ثمَّ يكْتب بعد ذَلِك فصل قيمَة وَصورته: يشْهد من سيضع خطه آخِره من شُهَدَاء الْقيمَة أَرْبَاب الْخِبْرَة بِتَقْدِير العقارات وأجرها المندوبين لذَلِك من مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ أَن الْقيمَة لجَمِيع النَّقْض الْمَوْصُوف فِي محْضر الْكَشْف المسطر بَاطِنه يَوْمئِذٍ كَذَا وَكَذَا وَأَن الْحَظ والمصلحة لجِهَة الْوَقْف الْمَذْكُور فِي بيع النَّقْض الْمَذْكُور بِالْقدرِ الْمعِين أَعْلَاهُ يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين بسؤال من جَازَ سُؤَاله شرعا ويؤرخ ثمَّ يُقيم المهندسون شهاداتهم فِي محْضر الْكَشْف عِنْد الْحَاكِم وَكَذَلِكَ شُهُود الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 الْقيمَة ويرقم لَهُم على الْعَادة فِي مثل ذَلِك ثمَّ يَأْذَن الْحَاكِم فِي بيع ذَلِك وَيكْتب فصل إِذن وَصورته: أذن سيدنَا فلَان الدّين ويستوفي ذكر ألقاب الْحَاكِم الْآذِن لمستحقي ريع الْوَقْف الْمَذْكُور أَو لمن يُعينهُ الْحَاكِم فِي بيع النَّقْض الْمَذْكُور بالمبلغ الَّذِي قوم بِهِ الْمَذْكُور فِي فصل الْقيمَة المسطر بَاطِنه لمن يرغب فِي ابتياعه بذلك على الْوَجْه الشَّرْعِيّ وَفِي قبض الْمبلغ الْمَذْكُور ثمنا عَن ذَلِك وَيفْعل فِيهِ مَا يَقْتَضِيهِ الشَّرْع الشريف فِي مثل ذَلِك إِذْنا شَرْعِيًّا وَيشْهد على الْحَاكِم بذلك ويؤرخ فَإِذا بيع كتب: اشْترى فلَان من فلَان الْقَائِم فِي بيع مَا سَيَأْتِي ذكره فِيهِ بطرِيق الِاسْتِحْقَاق عَن نَفسه وبطريق الْوكَالَة عَن بَقِيَّة مستحقي الْوَقْف الْمَذْكُور وهم فلَان وَفُلَان أَو بطرِيق النّظر الشَّرْعِيّ على الْوَقْف الْمَذْكُور أَو بِإِذن سيدنَا فلَان الدّين الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَعْلَاهُ وَأمره الْكَرِيم لَهُ بذلك لوُجُود المسوغ الشَّرْعِيّ الْمُقْتَضِي لذَلِك الثَّابِت لَدَيْهِ أحسن الله إِلَيْهِ جَمِيع كَذَا وَكَذَا وَيذكر السَّبَب والمحضرين وَالْإِذْن من الْحَاكِم إِن كَانَ الْكتاب مقتضيا وَإِن كَانَ على ظهر محْضر الْكَشْف فيشير إِلَيْهِ ويحيل على بَاطِنه وَيذكر الثّمن وَقَبضه ليفعل البَائِع فِيهِ مَا يَقْتَضِيهِ الشَّرْع الشريف ويكمل الْمُبَايعَة بالمعاقدة والرؤية والتخلية والتفرق بالأبدان عَن ترَاض ويؤرخ وَيثبت ذَلِك جَمِيعه عِنْد الْحَاكِم وَيحكم بِمُوجبِه أَو بِصِحَّتِهِ مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ وَلَا يُبَاع نقض الْمَسْجِد بِحَال تذييل: إِذا وقف الْإِنْسَان على النَّفس وَلم يُثبتهُ على حَاكم وَلَا علقه على صفة وَأَرَادَ الْوَاقِف الرُّجُوع فِي الْوَقْف على مَذْهَب أبي حنيفَة الَّذِي يرى صِحَّته: فَيَأْذَن الْحَاكِم للْوَاقِف فِي الرُّجُوع وَيكْتب فِي هَامِش الْمَكْتُوب: فصل وَصورته: أذن سيدنَا فلَان الدّين لفُلَان الْوَاقِف الْمَذْكُور فِيهِ فِي الرُّجُوع فِي وَقفه على الْوَجْه الشَّرْعِيّ أَو يسْأَل الْوَاقِف حَاجته لذَلِك فِي قصَّة وَيكْتب الْحَاكِم عَلَيْهَا ليجيب على سُؤَاله فَإِذا صدر ذَلِك كتب: أشهد عَلَيْهِ فلَان الْوَاقِف الْمَذْكُور فِيهِ: أَنه رَجَعَ عَن الْوَقْف الَّذِي وَقفه بَاطِنه وَأَعَادَهُ إِلَى ملكه رُجُوعا صَحِيحا شَرْعِيًّا فَإِذا بَاعه كتب الْمُبَايعَة وَأثبت ذَلِك على الْحَاكِم الَّذِي أذن لَهُ فِي الرُّجُوع وَصُورَة إسجاله: أَنه ثَبت عِنْد جَرَيَان عقد التبايع المشروح بَاطِنه على مَا نَص وَشرح بَاطِنه وَثَبت أَيْضا عِنْده الرُّجُوع عَن الْوَقْف الْمَذْكُور بَاطِنه بالشرائط الشَّرْعِيَّة بعد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 الْإِذْن المشروح بَاطِنه وإعادته إِلَى ملكه قبل صُدُور التبايع المشروح بَاطِنه وَأَنه لم يتَّصل بحاكم وَلَا مُحكم وَلَا مَحل يرى صِحَّته وَلم يعلقه على صفة وَلَا أجراه مجْرى الْوَصِيَّة ثبوتا صَحِيحا شَرْعِيًّا وَحكم أيد الله أَحْكَامه بِصِحَّة ذَلِك أَو بِمُوجبِه مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ وَصُورَة إبِْطَال الْوَقْف على النَّفس عِنْد الشَّافِعِي: يكْتب على ظهر كتاب الْوَقْف: بعد أَن قَامَت الْبَيِّنَة الشَّرْعِيَّة بِالْوَقْفِ المشروح بَاطِنه عِنْد سيدنَا الْحَاكِم الْفُلَانِيّ وَقبلهَا الْقبُول الشَّرْعِيّ على الْوَجْه الشَّرْعِيّ أشهد على نَفسه الْكَرِيمَة سيدنَا الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَنه أبطل الْوَقْف الْمَذْكُور وَحكمه على مُقْتَضى مذْهبه واعتقاده وَأَعَادَهُ ملكا كَغَيْرِهِ من الْأَمْلَاك وَحكم بِمُوجب ذَلِك حكما شَرْعِيًّا مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ وَإِذا كَانَ الحكم بِالصِّحَّةِ فَيثبت عِنْد الْحَاكِم الْملك والحيازة للْوَاقِف الْمَذْكُور وَأَنه لم يتَّصل بحاكم وَلَا مُحكم وَلَا مَحل يرى صِحَّته إِلَى تَارِيخه فَائِدَة: سُئِلَ فَقِيه الْعَرَب هَل يجوز بيع الْوَقْف قَالَ: نعم (الْوَقْف) السوار من عاج فصل: فِي مُبَاشرَة الْوَقْف يكْتب فِي رَأس الورقة بعد كسرهَا: ارْتِفَاع الْوَقْف الْفُلَانِيّ الْجَارِي تَحت نظر الحكم الْعَزِيز الشَّافِعِي أَو الْحَنَفِيّ أَو غَيرهمَا وَإِن كَانَ جِهَة ذكرهَا مثل الْحَرَمَيْنِ الشريفين أَو الصَّدقَات الحكيمة أَو مدرسة أَو جَامع أَو غَيره ثمَّ يَقُول: لشهر كَذَا أَو لسنة كَذَا مِمَّا حرر ذَلِك مخصوما مساقا مُضَافا إِلَى ذَلِك مَا يجب إِضَافَته فِي تَارِيخ كَذَا وَكَذَا جباية فلَان الْفُلَانِيّ مبلغ كَذَا ثمَّ يكْتب فِي الْهَامِش الْأَيْمن الْخط الْفُلَانِيّ كَذَا ويفصل هَذَا الْخط بحوانيته وسكانه وَيكْتب أُجْرَة كل حَانُوت تَحْتَهُ شَهْري وسنوي فَإِذا انْتَهَت الحوانيت وسكانها ذكر الطباق بعْدهَا بسكانها وَأُجْرَة كل طبقَة شَهْري وسنوي إِلَى أَن يَنْتَهِي ذَلِك الْخط فَيكْتب الآخر وَيفْعل فِي تَفْصِيله كَمَا فعل فِي الأول إِلَى أَن يَنْتَهِي من ذَلِك كُله ويطابق جملَة زِمَام الأَصْل بالتفصيل ثمَّ يَقُول: مستخرج من ذَلِك مبلغ كَذَا وَكَذَا ثمَّ يَقُول: الْبَاقِي بعد ذَلِك كَذَا وَكَذَا ويفصل على أربابه ثمَّ يكْتب المصروف فِي الْهَامِش الْأَيْسَر مبلغ كَذَا ويفصله بجهاته وأربابه ثمَّ يكْتب البارز بعد ذَلِك كَذَا وَالْبَاقِي بعد ذَلِك كَذَا أَو الْمُتَأَخر بعد ذَلِك كَذَا مِمَّا هُوَ حَاصِل فلَان الجابي الْمَذْكُور أَو غَيره الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 ثمَّ يكْتب الشَّاهِد على ظهر الْقَائِمَة الأولى من الِارْتفَاع: علامته الْمَعْهُودَة وَالْأَمر على مَا نَص وَشرح فِيهِ وَكتبه فلَان الْفُلَانِيّ وَإِذا كتب ارتفاعا ثَانِيًا تاليا لهَذَا الِارْتفَاع الأول يصف من البارز من الِارْتفَاع الأول إِلَى البارز من الِارْتفَاع الثَّانِي وَإِن كَانَ استخرج شَيْئا من الْبَاقِي الأول أَضَافَهُ إِلَى ذَلِك أَيْضا وَصُورَة ذَلِك: إِذا كتب الِارْتفَاع الثَّانِي والمستخرج وَالْبَاقِي والمصروف والبارز يكْتب: وأضيف إِلَى ذَلِك مَا وَجب إِضَافَته وَهُوَ البارز من الْمُسْتَخْرج فِي الْمدَّة الأولى الَّتِي هَذِه الْمدَّة تَلِيهَا الَّتِي آخرهَا كَذَا وَكَذَا مبلغ كَذَا وَكَذَا فَذَلِك الأَصْل وَالْإِضَافَة كَذَا وَكَذَا وَيكْتب الشَّاهِد كَمَا كتب أَولا وَصُورَة محاسبة الجابي: محاسبة فلَان الْفُلَانِيّ الجابي فِي الْوَقْف الْفُلَانِيّ الْجَارِي تَحت نظر فلَان الْفُلَانِيّ على مَا استأداه من ريع الْوَقْف الْمَذْكُور فِي مُدَّة أَولهَا كَذَا وَآخِرهَا كَذَا وعَلى مَا صَار إِلَيْهِ من الْبَاقِي على أربابه مِمَّا يلْزم الجابي الْمَذْكُور تَحْقِيقه وَإِن كَانَ عزل وَولى غَيره فَيكْتب بعد قَوْله: (فِي مُدَّة أَولهَا كَذَا وَآخِرهَا كَذَا) وَهِي حِين انْفِصَاله من جباية الْوَقْف الْمَذْكُور واستقرار فلَان الْفُلَانِيّ فِي الجباية عوضه مِمَّا جرى ذَلِك فِي تَارِيخ كَذَا وَتحمل عَلَيْهِ جملَة مَا استأداه وَيكْتب مبلغه فِي الزَّمَان ويفصله فَإِذا انْتهى تَفْصِيله ومصروفه وَتَأَخر عَلَيْهِ بَاقِي يكْتب: الْبَاقِي بعد ذَلِك كَذَا وَكَذَا ويفصل هَذَا الْبَاقِي بجهته على أربابه مفصلا ويشمل الْحساب بِخَط الشَّاهِد إِن كَانَ الْحساب بِخَطِّهِ كَمَا تقدم ذكره وَيشْهد الجابي الْمُنْفَصِل فِي ظَاهر الْحساب وَصُورَة مَا يكْتب: أشهد عَلَيْهِ فلَان الجابي الْمَذْكُور بَاطِنه أَن المحاسبة المشروحة بَاطِنه: قُرِئت عَلَيْهِ أصلا وخصما ومصروفا وباقيا وَجُمْلَة وتفصيلا وَعلم صِحَّتهَا وَصدق عَلَيْهَا واعترف بصدورها عَنهُ على الحكم المشروح بَاطِنه وَعَلِيهِ تَحْقِيق الْبَاقِي الْمفصل بَاطِنه فِي جِهَة أربابه وَالْخُرُوج من تَبعته لجِهَة الْوَقْف الْمَذْكُور بَاطِنه على الْوَجْه الشَّرْعِيّ ويؤرخ وَيشْهد عَلَيْهِ بِشَاهِدين غير شَاهِدي الْوَقْف هَذَا إِذا كَانَ الجابي المحاسب فصل وتسلم جابي غَيره يكْتب تصقيع وَصورته: أَنه يكْتب فِي رَأس الورقة بعد كسرهَا: عمل مبارك يشْتَمل على تصقيع الْوَقْف الْفُلَانِيّ الْجَارِي تَحت نظر فلَان الْفُلَانِيّ لشهر كَذَا أَو لسنة كَذَا مِمَّا حرر ذَلِك عِنْد اسْتِقْرَار فلَان الْفُلَانِيّ فِي جباية الْوَقْف الْمَذْكُور وتسليمه إِيَّاه فِي تَارِيخ كَذَا وَكَذَا ثمَّ يكْتب تَحت هَذَا الصَّدْر فِي رَأس الْهَامِش الْأَيْسَر مبلغ كَذَا وَكَذَا ثمَّ يفصل الأخطاط الجزء: 1 ¦ الصفحة: 309 بحوانيتها وطباقها كل خطّ على حِدته بجملته وتفصيله كَمَا فعل أَولا وَإِن كَانَ فِي الْوَقْف بَاقِيا: فَيشْهد بِشُهُود التصقيع على من عِنْده ذَلِك مِثَاله: إِذا كتب فِي التصقيع: حَانُوت فلَان فِي الشَّهْر كَذَا يكْتب مُقَابِله فِي الْهَامِش: وَالْبَاقِي عَلَيْهِ كَذَا ثمَّ يكْتب آخر التصقيع: جملَة الْبَاقِي عِنْد أربابه كَذَا مِمَّا تجمد ذَلِك على السكان الْمَذْكُورين فِيهِ من أُجْرَة سكنهم بِالْوَقْفِ الْمَذْكُور إِلَى آخر كَذَا وَيشْهد على الجابي بِتَسْلِيم الْوَقْف بِالْبَاقِي وَأَن عَلَيْهِ استخراجه وَالْخُرُوج مِنْهُ على الْوَجْه الشَّرْعِيّ فصل: فِي اسْتِخْرَاج مَال الْوَقْف وَهُوَ الَّذِي يُقَال لَهُ: المياومة وَيُقَال: الموايمة يكْتب فِي رَأس الورقة التَّارِيخ مستهل شهر كَذَا وَيكْتب تَحت التَّارِيخ: الْمُسْتَخْرج من ريع الْوَقْف الْفُلَانِيّ جباية فلَان الْفُلَانِيّ الجابي فِي الْوَقْف الْمَذْكُور الْخط الْفُلَانِيّ كَذَا تَفْصِيله: فلَان كَذَا فلَان كَذَا إِلَى أَن يَنْتَهِي الْمُسْتَخْرج فَيكْتب نَهَاره كَذَا وَكَذَا ثمَّ يكْتب الْهَامِش الْأَيْسَر: المصروف من ذَلِك كَذَا تَفْصِيله: جباية كَذَا حمولة كَذَا عجز كَذَا البارز بعد ذَلِك كَذَا وكل من استخرج مِنْهُ شَيْئا كتب لَهُ وصُولا مِثَاله: من جِهَة فلَان من أُجْرَة سكنه بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ مِمَّا يُحَاسب بِهِ كَذَا ويشمله شَاهد الْوَقْف بِخَطِّهِ وَيُعْطِي للجابي يَدْفَعهُ لصَاحبه ثمَّ يعْمل مبَاشر الْوَقْف جَرِيدَة تشْتَمل على أَمَاكِن الْوَقْف جَمِيعه وَالطَّرِيق فِي عمل الجريدة: أَن يَجْعَل الْمُبَاشر لكل اسْم ورقة بَيْضَاء بِحَيْثُ يبْقى يخْدم عَلَيْهَا وَيكْتب فِي رَأس الورقة حَانُوت سكن فلَان كَذَا وَكلما استخرج مِنْهُ الموايمة شَيْء نَقله إِلَى الجريدة بتاريخه وَذَلِكَ مِمَّا يعين الْمُبَاشر فِي عمل الْحساب الَّذِي يرفعهُ فِي كل سنة أَو فِي كل شهر على قدر الْعَادة والحساب لَا يصلح إِلَى بالميزان وَمِثَال ذَلِك: أَن يَجْعَل النقدات الَّتِي فِي الْحساب فِي نَاحيَة من الورقة نقدة مُجَرّدَة عَن الِاسْم إِلَى آخر النقدات ويجمعها فَإِن ذَلِك يُعينهُ على الصِّحَّة فِي الْجُمْلَة وَتسَمى هَذِه الْمِيزَان وَعَن أَرْبَاب صناعَة الْحساب (مسير طيار) وَهُوَ فِي الْحَقِيقَة ميزَان الْحساب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 كتاب الْهِبَة وَالصَّدَََقَة والعمرى والرقبى والنحلة وَمَا يتَعَلَّق بذلك من الْأَحْكَام (الْهِبَة) تمْلِيك الْعين بِغَيْر عوض وَهُوَ مَنْدُوب إِلَيْهِ لقَوْله تَعَالَى: {وتعاونوا على الْبر وَالتَّقوى} وَقَوله تَعَالَى: {وَلَكِن الْبر من آمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر وَالْمَلَائِكَة وَالْكتاب والنبيين وَآتى المَال على حبه ذَوي الْقُرْبَى واليتامى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل} وَرُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (تهادوا تحابو) وَأجْمع الْمُسلمُونَ على استحبابها إِذا ثَبت هَذَا: فَإِن الْهِبَة للأقارب أفضل لقَوْله تَعَالَى: {وَآتى المَال على حبه ذَوي الْقُرْبَى} فَبَدَأَ بهم وَالْعرب تبدأ بالأهم فالأهم وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (الرَّحِم شجنة من الرَّحْمَن فَمن وَصلهَا وَصله الله وَمن قطعهَا قطعه الله) والشجنة: بِضَم الشين وَكسرهَا وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (قَالَ الله تَعَالَى: أَنا الله وَأَنا الرَّحْمَن وَأَنا خلقت الرَّحِم وشققت لَهَا اسْما من اسْمِي فَمن وَصلهَا وصلته وَمن قطعهَا قطعته) وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (أفضل الصَّدَقَة الصَّدَقَة على ذِي الرَّحِم الْكَاشِح) يَعْنِي المعادي لِأَن الصَّدَقَة تقطع المعاداة وترفعها وَقَالَ بَعضهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 : (هَدَايَا النَّاس بَعضهم لبَعض ... تولد فِي قُلُوبهم الوصالا) (وتزرع فِي الْقُلُوب هوى وودا ... وتكسوهم إِذا حَضَرُوا جمالا) وَقَالَ أَبُو الْفَتْح البستي: لَا شَيْء أدفَع للإحن والعداوات والضغائن وَتَلَبَّدَ الحقد وَطَرِيقه: كالهدايا وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (من سره أَن ينسأ لَهُ فِي أَجله ويوسع لَهُ فِي رزقه فَليصل رَحمَه) وَالْهِبَة والهدية وَصدقَة التَّطَوُّع: حكمهَا وَاحِد: وكل لَفْظَة من هَذِه الْأَلْفَاظ تقوم مقَام الْأُخْرَى فقد تقرر: أَن التَّمْلِيك بِلَا عوض هبة فَإِن انْضَمَّ إِلَيْهِ كَون التَّمْلِيك لمحتاج طلبا لثواب الْآخِرَة فَهُوَ صَدَقَة وَإِن انْضَمَّ إِلَيْهِ نقل الْمَوْهُوب إِلَى مَكَان الْمَوْهُوب لَهُ إِكْرَاما لَهُ فَهُوَ هَدِيَّة وَلَا بُد فِي الْهِبَة من الْإِيجَاب وَالْقَبُول بل يقوم مقامهما الْبَعْث من هَذَا وَالْقَبْض من هَذَا وَأما (الْعُمْرَى والرقبى) فقد كَانَت الْعَرَب فِي الْجَاهِلِيَّة تسْتَعْمل فِي مَقْصُود الْهِبَة لفظين أَحدهمَا قَوْلهم: (أعمرتك هَذِه الدَّار أَو الأَرْض أَو الْإِبِل) أَي جَعلتهَا لَك عمرك أَو حياتك أَو مَا عِشْت وَهَذَا اللَّفْظ مَأْخُوذ من الْعُمر وَالِاسْم (الْعُمْرَى) وَاللَّفْظ الثَّانِي قَوْلهم: أرقبتك هَذِه الدَّار أَو الأَرْض أَو الْإِبِل وجعلتها لَك رقبى ووهبتها مِنْك على أَنَّك إِن مت قبلي عَادَتْ إِلَيّ وَإِن مت قبلك اسْتَقَرَّتْ لَك وَهِي من المراقبة لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا يرقب موت صَاحبه وَالِاسْم (الرقبى) وَالْحكم فِيهَا كَالْحكمِ فِيمَا إِذا قَالَ: جَعلتهَا لَك عمرى فَإِذا مت عَادَتْ إِلَيّ وَإِذا قَالَ: أعمرتك هَذِه الدَّار فَإِذا مت فَهِيَ لورثتك فَهِيَ هبة وَلَو اقْتصر على قَوْله: أعمرتك فَكَذَلِك على الْجَدِيد وَلَو قَالَ: إِذا مت عَادَتْ إِلَيّ فَهَذِهِ صُورَة الرقبى وَمَا يجوز بَيْعه يجوز هِبته وَلَا يجوز بَيْعه من الْمَجْهُول والمعجوز عَن تَسْلِيمه كالمغصوب والضال لَا تجوز هِبته وَهبة الدّين مِمَّن هُوَ عَلَيْهِ إِبْرَاء لَهُ وَمن غَيره: لَا يَصح على الْأَصَح وَلَا يحصل الْملك فِي الهبات إِلَّا بِالْقَبْضِ وَالْقَبْض الْمُعْتَبر: هُوَ الْقَبْض بِإِذن الْوَاهِب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 وَلَو مَاتَ الْوَاهِب أَو الْمَوْهُوب مِنْهُ بَين العقد وَالْقَبْض: لم يَنْفَسِخ العقد على الْأَصَح بل يقوم وَارِث الْمَيِّت مقَامه وَيَنْبَغِي أَن يعدل الْوَارِث بَين الْأَوْلَاد فِي الْعَطِيَّة وَطَرِيق الْعدْل والتسوية بَين الذُّكُور وَالْإِنَاث أَو رِعَايَة قسْمَة الْمِيرَاث فِيهِ وَجْهَان أصَحهمَا: الأول وَللْأَب الرُّجُوع فِي الْهِبَة من الْأَوْلَاد وَالأَصَح من الْأَقْوَال: أَن سَائِر الْأُصُول كَالْأَبِ وَإِنَّمَا يثبت الرُّجُوع فِي الْهِبَة إِذا كَانَ الْمَوْهُوب بَاقِيا فِي ولَايَة الْمُتَّهب فَلَو تلف أَو بَاعه أَو وَقفه فَلَا رُجُوع وَلَا يمْتَنع الرُّجُوع بِالرَّهْنِ وَالْهِبَة قبل الْقَبْض وَلَا يتَعَلَّق الْعتْق وتزويج الْجَارِيَة وزراعة الأَرْض وَكَذَا بِالْإِجَارَة على الْأَظْهر وَلَو زَالَ الْملك ثمَّ عَاد لم يعد الرُّجُوع فِي أصح الْوَجْهَيْنِ وَلَا تمنع الزِّيَادَة الرُّجُوع مُتَّصِلَة كَانَت أَو مُنْفَصِلَة لَكِن الْمُنْفَصِلَة تسلم للْوَلَد وَيحصل الرُّجُوع بقوله: رجعت فِيمَا وهبت واسترجعت ورددت المَال إِلَى ملكي ونقضت الْهِبَة وَأَصَح الْوَجْهَيْنِ: أَنه لَا يحصل الرُّجُوع بِبيع الْمَوْهُوب وَوَقفه وهبته وإعتاق العَبْد وَوَطْء الْجَارِيَة فَائِدَة: قسم الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى العطايا فَقَالَ: تبرع الْإِنْسَان بِمَالِه على غَيره يَنْقَسِم إِلَى مُعَلّق بِالْمَوْتِ وَهُوَ الْوَصِيَّة وَإِلَى منجز فِي الْحَيَاة وَهُوَ ضَرْبَان أَحدهمَا: الْوَقْف وَالثَّانِي: التَّمْلِيك الْمَحْض وَهُوَ ثَلَاثَة أَنْوَاع: الْهِبَة والهدية وَصدقَة التَّطَوُّع الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب : اتّفق الْأَئِمَّة على أَن الْهِبَة تصح بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُول وَالْقَبْض فَلَا بُد من اجْتِمَاع الثَّلَاثَة عِنْد الثَّلَاثَة وَقَالَ مَالك: لَا تفْتَقر صِحَّتهَا ولزومها إِلَى قب بل تصح وَتلْزم بِمُجَرَّد الْإِيجَاب وَالْقَبُول وَلَكِن الْقَبْض شَرط فِي نفوذها وتمامها وَاحْترز مَالك بذلك عَمَّا إِذا أخر الْوَاهِب الْإِقْبَاض مَعَ مُطَالبَة الْمَوْهُوب لَهُ حَتَّى مَاتَ وَهُوَ مُسْتَمر على الْمُطَالبَة: لم تبطل وَله مُطَالبَة الْوَرَثَة فَإِن ترك الْمُطَالبَة أَو أمكنه قبض الْهِبَة فَلم يقبضهَا حَتَّى مَاتَ الْوَاهِب أَو مرض: بطلت الْهِبَة وَقَالَ ابْن أبي زيد الْمَالِكِي فِي الرسَالَة: وَلَا تتمّ هبة وَلَا صَدَقَة وَلَا حبس إِلَّا بالحيازة فَإِن مَاتَ قبل أَن يجاز عَنهُ فَهُوَ مِيرَاث الجزء: 1 ¦ الصفحة: 313 وَعَن أَحْمد رِوَايَة: أَن الْهِبَة تملك من غير قبض وَلَا بُد فِي الْقَبْض من أَن يكون بِإِذن الْوَاهِب خلافًا لأبي حنيفَة وَهبة الْمشَاع جَائِزَة عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ كَالْبيع وَيصِح قَبضه بِأَن يسلم الْوَاهِب الْجَمِيع إِلَى الْمَوْهُوب لَهُ فيستوفي مِنْهُ حَقه فَيكون نصيب شَرِيكه فِي يَده وَدِيعَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِن كَانَ مِمَّا لَا يَنْقَسِم كالعبيد والجواهر جَازَت هِبته وَإِن كَانَ مِمَّا يَنْقَسِم: لم تجز هبة شَيْء مِنْهُ مشَاعا فصل: وَمن أعمر إنْسَانا فَقَالَ: أعمرتك دَاري فَإِنَّهُ يكون قد وهب لَهُ الِانْتِفَاع بهَا مُدَّة حَيَاته وَإِذا مَاتَ رجعت رَقَبَة الدَّار إِلَى مَالِكهَا وَهُوَ المعمر هَذَا مَذْهَب مَالك وَكَذَلِكَ إِذا قَالَ: أعمرتك وَعَقِبك فَإِن عقبه يملكُونَ مَنْفَعَتهَا فَإِذا لم يبْق مِنْهُم أحد رجعت الرَّقَبَة إِلَى الْمَالِك لِأَنَّهُ وهب الْمَنْفَعَة وَلم يهب الرَّقَبَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ فِي أحد قوليه وَأحمد: تصير الدَّار ملكا للمعمر وورثته وَلَا تعود إِلَى ملك الْمُعْطى الَّذِي هُوَ المعمر فَإِن لم يكن للمعمر وَارِث كَانَت لبيت المَال وَللشَّافِعِيّ قَول آخر كمذهب مَالك والرقبى جَائِزَة وَحكمهَا حكم الْعُمْرَى عِنْد الشَّافِعِي وَأحمد وَأبي يُوسُف وَقَالَ مَالك وَأَبُو حنيفَة وَمُحَمّد: الرقبى الْمعينَة صَحِيحَة فصل: وَمن وهب لأولاده شَيْئا اسْتحبَّ أَن يُسَوِّي بَينهم عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك وَهُوَ الرَّاجِح من مَذْهَب الشَّافِعِي وَمذهب أَحْمد وَمُحَمّد بن الْحسن إِلَى أَنه يفضل الذُّكُور على الْإِنَاث كقسمة الْإِرْث وَهُوَ وَجه فِي مَذْهَب الشَّافِعِي وَتَخْصِيص بعض الْأَوْلَاد بِالْهبةِ: مَكْرُوه بالِاتِّفَاقِ وَكَذَا تَفْضِيل بَعضهم على بعض وَإِذا فضل فَهَل يلْزمه الرُّجُوع الثَّلَاثَة على أَنه لَا يلْزمه وَقَالَ أَحْمد: يلْزمه الرُّجُوع فَائِدَة: قَالَ الشَّيْخ عز الدّين بن عبد السَّلَام فِي الْقَوَاعِد: يسْتَحبّ التَّسْوِيَة بَين الْأَوْلَاد فِي الْوَقْف وَالصَّدَََقَة كَمَا يسْتَحبّ التَّسْوِيَة بَينهم فِي الْهِبَة فَإِن كَانَ بعض الْأَوْلَاد فَقِيرا وَبَعْضهمْ غَنِيا فَفِي تَقْدِيم الْغَنِيّ على الْفَقِير نظر وَاحْتِمَال فصل: وَإِذا وهب الْوَالِد لِابْنِهِ هبة قَالَ أَبُو حنيفَة: لَيْسَ لَهُ الرُّجُوع فِيهَا بِحَال وَقَالَ الشَّافِعِي: لَهُ الرُّجُوع بِكُل حَال وَقَالَ مَالك: لَهُ الرُّجُوع وَلَو بعد الْقَبْض فِيمَا وهب لِابْنِهِ على جِهَة الصِّلَة والمحبة وَلَا يرجع فِيمَا وهبه لَهُ على جِهَة الصَّدَقَة وَإِنَّمَا يسوغ الرُّجُوع مَا لم تَتَغَيَّر الْهِبَة فِي يَد الْوَلَد ويستحدث دينا بعد الْهِبَة أَو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 تتَزَوَّج الْبِنْت أَو يخْتَلط الْمَوْهُوب لَهُ بِمَال من جنسه بِحَيْثُ لَا يتَمَيَّز مِنْهُ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوع وَعَن أَحْمد: ثَلَاث رِوَايَات أظهرها: لَهُ الرُّجُوع بِكُل حَال كمذهب الشَّافِعِي وَالثَّانيَِة: لَيْسَ لَهُ الرُّجُوع بِحَال كمذهب أبي حنيفَة وَالثَّالِثَة: كمذهب مَالك فصل: وَهل يسوغ الرُّجُوع فِي غير هبة الابْن قَالَ الشَّافِعِي: لَهُ الرُّجُوع فِي هبة كل من يَقع عَلَيْهِ اسْم ولد حَقِيقَة أَو مجَازًا كولده لصلبه وَولد وَلَده من أَوْلَاد الْبَنِينَ وَالْبَنَات وَلَا رُجُوع فِي هبة الْأَجْنَبِيّ وَلم يعْتَبر طروء دين أَو تَزْوِيج كَمَا اعْتَبرهُ مَالك لَكِن شَرط بَقَاءَهُ فِي سلطة الْمُتَّهب فَيمْتَنع عِنْد الرُّجُوع وَإِن وهب لأَجْنَبِيّ وَلم يعوض عَن الْهِبَة كَانَ لَهُ الرُّجُوع إِلَّا أَن يزِيد زِيَادَة مُتَّصِلَة أَو يَمُوت أحد الْمُتَعَاقدين أَو يخرج عَن ملك الْمَوْهُوب لَهُ وَلَيْسَ لَهُ عِنْد أبي حنيفَة الرُّجُوع فِيمَا وهب لوَلَده وأخيه وَعَمه وَعَمَّته وَلَا كل من لَو كَانَ امْرَأَة لم يكن لَهُ أَن يتَزَوَّج بهَا لأجل النّسَب فَأَما إِذا وهب لبني عَمه أَو للأجانب فَإِن لَهُ أَن يرجع فِي هِبته فصل: وهب هبة ثمَّ طلب ثَوَابهَا وَقَالَ: إِنَّمَا أردْت الثَّوَاب: نظر فَإِن كَانَ مثله مِمَّن يطْلب الثَّوَاب من الْمَوْهُوب لَهُ جَازَ ذَلِك عِنْد مَالك كَهِبَة الْفَقِير للغني وَهبة الرجل لأميره وَمن هُوَ فَوْقه وَهُوَ أحد قولي الشَّافِعِي وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يكون لَهُ ثَوَاب إِلَّا باشتراطه وَهُوَ القَوْل الثَّانِي للشَّافِعِيّ وَهُوَ الرَّاجِح من مذْهبه فَائِدَة: رُوِيَ أَن الْحسن سمع إنْسَانا يَقُول: اللَّهُمَّ تصدق عَليّ فَقَالَ: إِن الله لَا يتَصَدَّق إِنَّمَا يتَصَدَّق من يَبْغِي الثَّوَاب وَلَكِن قل: اللَّهُمَّ أَعْطِنِي وَتصدق عَليّ وارحمني وَنَحْوه و (الثَّوَاب) هُوَ الْعِوَض وَأَصله: من ثاب إِذا رَجَعَ وَأَجْمعُوا على أَن الْوَفَاء بالوعد فِي الْخَيْر مَطْلُوب وَهُوَ هُوَ وَاجِب أَو مُسْتَحبّ فِيهِ خلاف ذهب أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَأكْثر الْعلمَاء إِلَى أَنه مُسْتَحبّ فَلَو تَركه فَاتَهُ الْفضل وارتكب الْمَكْرُوه كَرَاهَة شَدِيدَة وَلَكِن لَا يَأْثَم وَذهب جمَاعَة أَنه وَاجِب مِنْهُم: عمر بن عبد الْعَزِيز وَذهب الْمَالِكِيَّة مذهبا ثَالِثا: أَن الْوَعْد إِن اشْترط بِسَبَب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 كَقَوْلِه: تزوج وَلَك كَذَا وَنَحْو ذَلِك وَجب الْوَفَاء بِهِ وَإِن كَانَ الْوَعْد مُطلقًا لم يجب المصطلح : ويشتمل على صور وَلها عمد ذكر الْوَاهِب والموهوب لَهُ وَالشَّيْء الْمَوْهُوب وحدوده إِن كَانَ مِمَّا يحدد وإخراجه من يَد الْوَاهِب إِلَى الْمَوْهُوب لَهُ مفرغا وَقبُول الْهِبَة وَقَبضهَا بِإِذن الْوَاهِب وَذكر الصِّحَّة والسلامة والطواعية وَالِاخْتِيَار وَجَوَاز الْأَمر والتاريخ وَصُورَة هبة الْوَالِد لوَلَده: وهب فلَان لوَلَده لصلبه فلَان الرجل الْكَامِل الْبَالِغ الرشيد الَّذِي لَا حجر عَلَيْهِ باعترافه بذلك لشهوده أَو الصَّغِير السباعي أَو الخماسي أَو غير ذَلِك الَّذِي هُوَ تَحت حجره وَولَايَة نظره برا مِنْهُ وحنوا وشفقة عَلَيْهِ مَا ذكر أَنه لَهُ وَبِيَدِهِ وَملكه وَتَحْت تصرفه إِلَى حِين هَذِه الْهِبَة وَذَلِكَ جَمِيع الْمَكَان الْفُلَانِيّ ويوصف ويحدد هبة صَحِيحَة شَرْعِيَّة جَائِزَة مَاضِيَة بِغَيْر عوض وَلَا قيمَة قبل الْمَوْهُوب لَهُ الْمُسَمّى أَعْلَاهُ ذَلِك من وَالِده الْوَاهِب الْمَذْكُور أَعْلَاهُ لنَفسِهِ قبولا شَرْعِيًّا وَسلم إِلَيْهِ الْمَكَان الْمَوْهُوب الْمعِين أَعْلَاهُ فتسلمه مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا بِإِذْنِهِ لَهُ فِي ذَلِك الْإِذْن الشَّرْعِيّ وَذَلِكَ بعد النّظر والمعرفة وَالْمُعَاقَدَة الشَّرْعِيَّة هَذَا إِذا كَانَ الْوَلَد بَالغا يسوغ مِنْهُ الْقبُول لنَفسِهِ وَإِن كَانَ صَغِيرا يَقُول: قبل الْوَاهِب الْمَذْكُور ذَلِك من نَفسه لوَلَده الْمَذْكُور لكَونه تَحت حجره وَولَايَة نظره وتسلم ذَلِك من نَفسه لوَلَده الْمَذْكُور تسلما شَرْعِيًّا وَصَارَت الْهِبَة الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ ملكا من أَمْلَاك وَلَده الصَّغِير الْمَذْكُور وَحقا من حُقُوقه وَاسْتقر ذَلِك بيد وَالِده الْمَذْكُور وحيازته لوَلَده الْمَذْكُور ويكمل على نَحْو مَا سبق وَالتَّمْلِيك صورته صُورَة الْهِبَة إِلَّا أَن يكون بعوض فيذكره بِلَفْظ التَّمْلِيك ثمَّ يَقُول: تَمْلِيكًا صَحِيحا شَرْعِيًّا مُشْتَمِلًا على الْإِيجَاب وَالْقَبُول بِاللَّفْظِ الْمُعْتَبر الشَّرْعِيّ بعوض شَرْعِي وَهُوَ جَمِيع الْمَكَان الْفُلَانِيّ ويصفه ويحدده أَو مبلغ كَذَا وَكَذَا ويكمل بالتسلم وَالتَّسْلِيم كَمَا سبق وَإِن كَانَ التَّمْلِيك لصغير أَجْنَبِي كتب كَمَا تقدم وَفِي الْقبُول يَقُول: قبل ذَلِك لَهُ وليه الشَّرْعِيّ فلَان مثل أَبِيه أَو جده أَو وَصِيّه أَو الْحَاكِم وَإِن كَانَت الْهِبَة لأَجْنَبِيّ: كتب كَمَا تقدم فِي الْهِبَة للْوَلَد الْبَالِغ الرشيد وَصُورَة الْهِبَة فِي شَيْء غَائِب عَن بلد الْوَاهِب والموهوب مِنْهُ يكْتب كَمَا تقدم: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 وهب فلَان فلَانا أَو ملك فلَان فلَانا جَمِيع الْمَكَان الْفُلَانِيّ الَّذِي هُوَ بِمَدِينَة كَذَا ويصفه ويحدده ثمَّ يَقُول: الْمَعْلُوم ذَلِك عِنْدهمَا الْعلم الشَّرْعِيّ النَّافِي للْجَهَالَة هبة صَحِيحَة شَرْعِيَّة أَو تَمْلِيكًا صَحِيحا شَرْعِيًّا مُشْتَمِلًا على الْإِيجَاب وَالْقَبُول وخلى الْوَاهِب أَو المملك بَين الْهِبَة أَو بَين التَّمْلِيك وَبَين الْمَوْهُوب مِنْهُ أَو المتملك التَّخْلِيَة الشَّرْعِيَّة وَجب للمتملك بذلك الْقَبْض ويكمل وَيرْفَع إِلَى قَاضِي مالكي يُثبتهُ وَيحكم بِصِحَّة هَذِه الْهِبَة الْعَارِية عَن الْقَبْض على مُقْتَضى مذْهبه مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ وَكَذَلِكَ يكْتب فِيمَا إِذا وهب مائَة مكوك حِنْطَة من جملَة ألف مكوك أَو وهبه ألف دِرْهَم من جملَة هَذِه الدَّرَاهِم الَّتِي مبلغها عشرَة آلَاف دِرْهَم فَهَذِهِ أَيْضا: هبة لَازِمَة صَحِيحَة عِنْد مَالك وَلَا تفْتَقر إِلَى الْقَبْض فَإِن الْقَبْض لَيْسَ بِشَرْط عِنْده فِي صِحَّتهَا ولزومها وَفِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن أَحْمد وَكَذَلِكَ إِذا ملكه حِصَّة شائعة فِي عقار تكْتب الصُّورَة بِلَفْظ التَّمْلِيك وترفع إِلَى قَاض غير حَنَفِيّ يثبتها وَيحكم بِصِحَّة التَّمْلِيك مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ وَإِن ترافعا إِلَى قَاض حَنَفِيّ وَسُئِلَ الحكم بِالْبُطْلَانِ حكم بِهِ مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ وَكَذَلِكَ الحكم فِيمَا إِذا وهبه أَو ملكه مَا تصدق عَلَيْهِ السُّلْطَان بِهِ وَإِذا ملك الرجل ابْنَته لصلبه أَو ابْنه لصلبه شَيْئا بَينهمَا نِصْفَيْنِ بِالسَّوِيَّةِ وَكتب هَذِه الصُّورَة وَكَانَ الْقَصْد إمضاؤها فَترفع إِلَى قَاض من الثَّلَاثَة يثبتها وَيحكم بِصِحَّتِهَا إِلَّا أَحْمد فَإِنَّهَا غير صَحِيحَة عِنْده وَإِن كَانَ الْقَصْد الْبطلَان فَترفع إِلَى حَاكم حنبلي يحكم ببطلانها مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ وَإِذا ملك الرجل ولدا من أَوْلَاده جَمِيع مَاله فَهَذَا مَكْرُوه عِنْد الثَّلَاثَة كَرَاهِيَة تَنْزِيه مَعَ الْجَوَاز عِنْدهم ومكروه عِنْد أَحْمد كَرَاهِيَة تَحْرِيم وَكَذَلِكَ إِذا ملك بعض أَوْلَاده دون بعض مَاله: فَجَائِز عِنْدهم أَيْضا خلافًا لِأَحْمَد فَعنده أَن الْمُعْطى قد أَسَاءَ وَيلْزم باسترجاع مَا أعطَاهُ وَقد تقدم الْخلاف فِي رُجُوع الْأَب فِيمَا ملكه لوَلَده وَكَذَلِكَ الْأُم ترجع عِنْد الشَّافِعِي فِيمَا وهبت لولدها على الْإِطْلَاق وَلها الرُّجُوع عِنْد مَالك إِذا كَانَ فِي حَيَاة أَبِيه وَفِي هَذِه الصُّور كلهَا يَتَأَتَّى الْخلاف الْمَذْكُور وَالْحكم فِيهَا إِمَّا يُرَاد بِالصِّحَّةِ عِنْد من يرَاهُ وَإِمَّا بِالْبُطْلَانِ عِنْد من يرَاهُ وَاللَّفْظ فِي كل صُورَة مَفْهُوم مِمَّا تقدم شَرحه وَصُورَة الْعُمْرَى: أعمر فلَان فلَانا مَا ذكر أَنه لَهُ وَبِيَدِهِ وَملكه وَتَحْت تصرفه إِلَى حَالَة الإعمار وَذَلِكَ جَمِيع الدَّار الْفُلَانِيَّة ويصفها ويحددها إعمارا صَحِيحا شَرْعِيًّا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 بِأَن قَالَ: جعلت هَذِه الدَّار لَك عمرك أَو مَا عِشْت وَسلم المعمر إِلَى المعمر جَمِيع الدَّار الْمَذْكُورَة فتسلمها مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا وَصَارَت هَذِه الدَّار المعمرة للمعمر الْمَذْكُور ولورثته من بعده مصيرا شَرْعِيًّا ويكمل وَيرْفَع إِلَى حَاكم غير مالكي يحكم بِمُوجبِه مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ وَإِن أَرَادَ المعمر الإعمار على مَذْهَب مَالك وَكَانَ قَصده رُجُوع مَا أعْمرهُ إِلَيْهِ بعد موت المعمر لِأَن الإعمار عِنْد مَالك تمْلِيك الْمَنَافِع وَعند البَاقِينَ تمْلِيك الرَّقَبَة وَصُورَة ذَلِك: أعمر فلَان فلَانا جَمِيع الْمَكَان الْفُلَانِيّ ويصفه ويحدده إعمارا صَحِيحا شَرْعِيًّا بِأَن قَالَ لَهُ: أعمرتك هَذِه الدَّار عمرك أَو مَا عِشْت فَإِذا مت عَادَتْ إِلَيّ وَإِن ذكر الْعقب فَيكْتب: ولعقبك من بعْدك فَإِذا انقرضوا عَادَتْ إِلَيّ وَسلم المعمر إِلَى المعمر جَمِيع الْمَكَان الْمَذْكُور فتسلمه مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا كتسلم مثله شرعا وَصَارَت هَذِه الدَّار بيد المعمر الْمَذْكُور يتَصَرَّف فِيهَا بالسكن والإسكان وَالِانْتِفَاع بهَا مُدَّة حَيَاته ويكمل على نَحْو مَا سبق ثمَّ يرفع إِلَى حَاكم مالكي يحكم بِمُوجبِه مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ وَصُورَة الرقبى: أرقب فلَان فلَانا دَاره ويصفها ويحددها إرقابا صَحِيحا شَرْعِيًّا بِأَن قَالَ: أرقبتك هَذِه الدَّار وجعلتها لَك حياتك فَإِن مت قبلي عَادَتْ إِلَيّ وَإِن مت قبلك اسْتَقَرَّتْ لَك ولعقبك وَسلم المرقب إِلَى المرقب جَمِيع مَا أرقبه إِيَّاه فتسلمه مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا وَوَجَب لَهُ الِانْتِفَاع بذلك وجوبا شَرْعِيًّا وَهِي صَحِيحَة عِنْد الشَّافِعِي وَأحمد سَوَاء كَانَت مُطلقَة أَو مُقَيّدَة وَأَجَازَ أَبُو حنيفَة الرقبى الْمقيدَة وَهِي أَن يَقُول: هَذِه الدَّار رقبى وَهِي بَاطِلَة عِنْد مَالك على الْإِطْلَاق وَصُورَة الصَّدَقَة: تصدق فلَان على وَلَده لصلبه فلَان بِجَمِيعِ مَا ذكر أَنه لَهُ وَبِيَدِهِ وَملكه إِلَى حِين هَذِه الصَّدَقَة وَذَلِكَ جَمِيع كَذَا وَكَذَا ويصفه ويحدده إِن كَانَ مِمَّا يُوصف ويحدد صَدَقَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة برا مِنْهُ وحنوا عَلَيْهِ وتقربا إِلَى الله تَعَالَى وابتغاء لما عِنْده من الثَّوَاب الجسيم وَالْفضل العميم وأزال الْمُتَصَدّق الْمَذْكُور يَده عَن ذَلِك وَسلمهُ إِلَى وَلَده الْمَذْكُور فَقبله مِنْهُ وتسلمه لنَفسِهِ تسلما شَرْعِيًّا وَإِن كَانَ الْمُتَصَدّق عَلَيْهِ طفْلا: كتب فِي الْقبُول وَالتَّسْلِيم كَمَا تقدم وَإِن شَاءَ صدر بِإِقْرَار الْوَالِد: أَنه تصدق على وَلَده فلَان الْبَالِغ وَالْولد يقبل ويتسلم لنَفسِهِ أَو الطِّفْل وَالْولد يقبل ويتسلم لَهُ من نَفسه تَنْبِيه: الْقَبْض فِي الصَّدَقَة شَرط فِي لُزُومهَا عِنْد أهل الْعلم حَتَّى لَو مَاتَ الْمُتَصَدّق عَلَيْهِ قبل الْقَبْض بطلت الصَّدَقَة عِنْد مَالك وَهُوَ وَجه لبَعض أَصْحَاب الشَّافِعِي وَالْأَصْل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 318 فِي ذَلِك حَدِيث أبي بكر رَضِي الله عَنهُ فِيمَا نحله عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا وَلم يكن أقبضها فِيمَا نحلهَا إِيَّاه فَقَالَ لَهَا: وددت لَو أَنَّك حزيتيه وَإِنَّمَا هُوَ مَال الْوَارِث وَذَلِكَ فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ وَصُورَة مَا إِذا أنحل الْأَب وَلَده مصاغا أَو قماشا ملبوسا أَو غَيره: نحل فلَان لوَلَده فلَان الصَّغِير الَّذِي هُوَ تَحت حجره وَولَايَة نظره مَا ذكر أَنه لَهُ وَبِيَدِهِ وَملكه وَتصدقه إِلَى حِين هَذِه النحلة وَذَلِكَ جَمِيع كَذَا وَكَذَا ويصفه وَصفا تَاما وَإِن كَانَ فِيهِ مَا يُوزن ذكر وَزنه أَو مَا يذرع ذكر ذرعه أَو مِمَّا يحدد ذكر حُدُوده أَو رَقِيقا فيصفه وَيذكر نَوعه وجنسه وَإِقْرَاره إِن كَانَ بَالغا بسابق الرّقّ والعبودية لسَيِّده إِلَى حِين صُدُور هَذِه النحلة ثمَّ يَقُول: نحلة صَحِيحَة شَرْعِيَّة جَائِزَة نَافِذَة مَاضِيَة لَازِمَة مرضية قبلهَا من نَفسه لوَلَده الصَّغِير الْمَذْكُور قبولا شَرْعِيًّا فِي الْمجْلس الَّذِي وَقعت فِيهِ هَذِه النحلة وتسلم ذَلِك من نَفسه لوَلَده الْمَذْكُور وَصَارَ ذَلِك ملكا من أَمْلَاك وَلَده الْمَذْكُور دونه وَدون كل أحد بِسَبَبِهِ وَلم يبْق لَهُ فِي ذَلِك حق وَلَا ملك وَلَا شُبْهَة ملك وَلَا شَيْء قل وَلَا جلّ واكتتب هَذَا الْإِشْهَاد شَاهدا بذلك ليَكُون حجَّة لوَلَده الْمَذْكُور فِي الْيَوْم وَفِيمَا بعده واعترف بِمَعْرِِفَة مَا وَقعت بِهِ النحلة الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ الْمعرفَة الشَّرْعِيَّة النافية للْجَهَالَة فَإِن كَانَ الْوَلَد بَالغا عَاقِلا قبل لنَفسِهِ وتسلم النحلة لنَفسِهِ بِإِذن وَالِده الْمَذْكُور وَيكْتب اعترافهما بذلك وتصادقهما عَلَيْهِ ويكمل على نَحْو مَا سبق ويؤرخ وَصُورَة مَا إِذا أَرَادَ الْأَب أَو الْجد وَإِن علا وَالأُم وَالْجدّة وَإِن علت الرُّجُوع عَن الْهِبَة أَو الصَّدَقَة أَو التَّمْلِيك بِغَيْر عوض حضر إِلَى شُهُوده فلَان الْوَاهِب أَو الْمُتَصَدّق أَو المتملك بَاطِنه وَأشْهد عَلَيْهِ شُهُوده: أَنه رَجَعَ فِي الدَّار الْمَوْهُوبَة أَو الْمُتَصَدّق بهَا أَو المملكة الْمَذْكُورَة بَاطِنه الصَّادِر ذَلِك مِنْهُ لوَلَده الْمَذْكُور بَاطِنه الَّذِي هُوَ تَحت حجره وَولَايَة نظره رُجُوعا صَحِيحا شَرْعِيًّا وأعادها إِلَى ملكه وَيَده وتصرفه كَمَا كَانَ قبل الْهِبَة وأبطل حكم الْهِبَة أَو الصَّدَقَة أَو التَّمْلِيك المشروح بَاطِنه إبطالا شَرْعِيًّا وَنقض حكمهَا وَأخرج وَلَده مِنْهَا وتسلمها من نَفسه لنَفسِهِ تسلما شَرْعِيًّا تسلم مثله لمثلهَا وَأقر أَنه عَارِف بذلك الْمعرفَة الشَّرْعِيَّة ويؤرخ وَإِن شَاءَ صدر بِإِقْرَار الرَّاجِع أَنه رَجَعَ ويكمل على نَحْو مَا سبق فَائِدَة: الْعُمْرَى والرقبى ينعقدان هبة عِنْد الشَّافِعِي وَلَا يرجع بِحَال وَتَكون لوَرَثَة المعمر أَو المرقب أَو لبيت المَال عِنْد عدم ورثته كَمَا تقدم وَالْأَكْثَرُونَ: أَن ذَلِك هبة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319 وَالشّرط لاغ للْأَخْبَار الْوَارِدَة فِي ذَلِك وَإِذا كَانَت الْمَسْأَلَة مُخْتَلف فِيهَا عِنْد الْعلمَاء فَيَنْبَغِي ثُبُوتهَا وَالْحكم بهَا عِنْد من يرى صِحَّتهَا حَتَّى يَأْمَن من بُطْلَانهَا عِنْد من يرى بُطْلَانهَا تذييل: طَرِيق الِاحْتِرَاز من مَذْهَب من يرى الرُّجُوع فِي الْهِبَة بعد الْقَبْض من الْأَجْنَبِيّ أَن يَقُول: ثمَّ بعد تَمام هَذَا العقد ولزومه شرعا: بَاعَ فلَان الدَّار الْمَذْكُورَة وَقبض ثمنهَا وأخرجها عَن ملكه بِعقد بيع صَحِيح شَرْعِي جرى بَينه وَبَين مبتاع شَرْعِي بِثمن مَعْلُوم مَقْبُوض حَال التبايع ثمَّ عَادَتْ إِلَيْهِ بعد ذَلِك بِملك مُسْتَأْنف وَفِي ذَلِك احْتِيَاط لِأَن أَبَا حنيفَة يجوز الرُّجُوع فِيمَا وهبه الْأَجْنَبِيّ وَيكرهُ إِلَّا فِيمَا وهبه لذِي رحم محرم أَو زَوْجَة أَو زوج وَالله أعلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 320 كتاب اللّقطَة وَمَا يتَعَلَّق بهَا من الْأَحْكَام (اللّقطَة) بِسُكُون الْقَاف هِيَ: المَال الملقوط وَأما (اللّقطَة) بِفَتْح الْقَاف فَاخْتلف أهل اللُّغَة فِيهَا فَقَالَ الْأَصْمَعِي وَابْن الْأَعرَابِي وَالْفراء: هُوَ اسْم المَال الملقوط وَقَالَ الْخَلِيل: هُوَ اسْم الرجل الْمُلْتَقط لِأَن مَا جَاءَ على وزن فعله فَهُوَ اسْم الْفَاعِل كَقَوْلِهِم: غمزه وَلَمزه وضحكه فعلى هَذَا: إِذا وجد الْحر الرشيد لقطَة فَلَا يَخْلُو: إِمَّا أَن يجدهَا فِي مَوضِع مَمْلُوك فَهِيَ لمَالِك ذَلِك الْموضع لِأَن يَده ثَابِتَة على الْموضع وعَلى مَا فِيهِ إِلَّا أَن يَقُول مَالك الْموضع: لَيست بِملك لي وَإِن وجدهَا فِي مَوضِع مُبَاح فَلَا يَخْلُو: إِمَّا أَن يكون حَيَوَانا أَو غير حَيَوَان فَإِن كَانَ غير حَيَوَان نظرت فَإِن كَانَت يسيرَة بِحَيْثُ يعلم أَن صَاحبهَا لَو علم أَنَّهَا ضَاعَت مِنْهُ لم يطْلبهَا كزبيبة وَتَمْرَة وَمَا أشبههما لم يجب تَعْرِيفهَا وَله أَن ينْتَفع بهَا فِي الْحَال لما روى أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر بتمرة مطروحة فِي الطَّرِيق فَقَالَ: (لَوْلَا أَنِّي أخْشَى أَن تكون من تمر الصَّدَقَة لأكلتها) وروى جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: (رخص لنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي العصى وَالسَّوْط وَالْحَبل وأشباهه يلتقطه الرجل ينْتَفع بِهِ) وَرُوِيَ أَن عمر رَضِي الله عَنهُ رأى رجلا يعرف زبيبة فَقَالَ: (إِن من الْوَرع مَا يمقته الله) وَإِن كَانَت اللّقطَة شَيْئا كثيرا بِحَيْثُ يطْلبهَا من ضَاعَت مِنْهُ كالذهب وَالْفِضَّة وَالثيَاب والجواهر وَغَيرهَا فَإِن وجدهَا فِي غير الْحرم جَازَ التقاطها للمتملك لما روى زيد بن خَالِد الْجُهَنِيّ قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن اللّقطَة فَقَالَ: (اعرف عفاصها ووكاءها ثمَّ عرفهَا سنة فَإِن جَاءَ صَاحبهَا وَإِلَّا فشأنك بهَا) وَرُوِيَ (وَإِلَّا فاستنفع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 321 بهَا) وَسُئِلَ عَن ضَالَّة الْغنم فَقَالَ: (خُذْهَا فه لَك أَو لأخيك أَو للذئب) وَسُئِلَ عَن ضَالَّة الْإِبِل فَغَضب حَتَّى احْمَرَّتْ وجنتاه أَو وَجهه وَقَالَ: (مَالك وَلها مَعهَا حذاؤها وسقاؤها ترد المَاء وتأكل الشّجر حَتَّى يَجِيء صَاحبهَا فيأخذها) وَرُوِيَ أَبُو ثَعْلَبَة الْخُشَنِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قلت لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَفْتِنِي فِي اللّقطَة فَقَالَ: (مَا وجدته فِي طَرِيق مَيتا أَو قَرْيَة عامرة فعرفها سنة فَإِن وجدت صَاحبهَا وَإِلَّا فَهِيَ لَك وَمَا وجدته فِي طَرِيق غير مَيتا أَو قَرْيَة غير عامرة فَفِيهَا وَفِي الرِّكَاز الْخمس) قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: والميتا: الطَّرِيق العامر المسلوك وَمِنْه قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما توفّي ابْنه إِبْرَاهِيم فَبكى عَلَيْهِ وَقَالَ: (لَوْلَا أَنه وعد حق وَقَول صدق وَطَرِيق مَيتا لحزنا عَلَيْك يَا إِبْرَاهِيم أَشد من حزننا) قَالَ: وَبَعْضهمْ يَقُول: مأتي يَأْتِي عَليّ النَّاس وَكِلَاهُمَا جائزان وَإِن وجدهَا فِي الْحرم لم يجز التقاطها للتَّمَلُّك وَمن النَّاس من قَالَ: يجوز التقاطها للتَّمَلُّك وَبِه قَالَ بعض أَصْحَابنَا والالتقاط سنة لواثق بِنَفسِهِ فَمن أَخذهَا للْحِفْظ فَهِيَ أَمَانَة وَلَا يجب التَّعْرِيف وَلَا يضمن بترك التَّعْرِيف وَإِن قصد الْخِيَانَة صَارَت مَضْمُونَة وَإِن لم يقْصد الْخِيَانَة وَلَا الْأَمَانَة أَو أَخذهَا وَنسي الْقَصْد فَلَا ضَمَان: وَله التَّمَلُّك بِشَرْطِهِ وَإِذا أَخذهَا للتَّمَلُّك فالمؤنة عَلَيْهِ وَإِذا عرف يعرف سنة على الْعَادة وَله أَن يتملكها بعد التَّعْرِيف وَأَنه لَا يتَمَلَّك إِلَّا بِلَفْظ: كتملكته وَنَحْوه وَالصَّحِيح: أَنه لَا يجوز أَخذ لقطَة مَكَّة وحرمها للتَّمَلُّك بل للْحِفْظ أبدا وَلَو وجد خمرًا مُحرمَة أراقها صَاحبهَا لم يلْزمه تَعْرِيفهَا وَإِن صَارَت عِنْده خلا فَهِيَ لَهُ أم للمريق وَجْهَان وَلَو ضَاعَت من صَاحبهَا فَيُشبه أَن تعرف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 322 الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب : أجمع الْأَئِمَّة على أَن اللّقطَة تعرف حولا كَامِلا إِذا لم يكن شَيْئا تافها يَسِيرا أَو شَيْئا لإبقاء لَهُ وَأَن صَاحبهَا إِذا جَاءَ أَحَق بهَا من ملتقطها وَأَنه إِذا أكلهَا بعد الْحول وَأَرَادَ صَاحبهَا أَن يضمنهُ: كَانَ لَهُ ذَلِك وَأَنه إِن تصدق بهَا ملتقطها بعد الْحول فصاحبها مُخَيّر بَين التَّضْمِين وَبَين الرضى وبالأجر فصل: وَأَجْمعُوا على جَوَاز الِالْتِقَاط فِي الْجُمْلَة ثمَّ اخْتلفُوا هَل الْأَفْضَل ترك اللّقطَة أَو أَخذهَا فَعَن أبي حنيفَة رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا: الْأَخْذ أفضل وَالثَّانيَِة: تَركه أفضل وَعَن الشَّافِعِي قَولَانِ أَحدهمَا: أَخذهَا أفضل وَالثَّانِي: وجوب الْأَخْذ وَالأَصَح: اسْتِحْبَابه لواثق بأمانة نَفسه وَقَالَ أَحْمد: تَركهَا أفضل فَلَو أَخذهَا ثمَّ ردهَا إِلَى مَكَانهَا قَالَ حنيفَة: إِن كَانَ أَخذهَا ليردها إِلَى صَاحبهَا فَلَا ضَمَان وَإِلَّا ضمن وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد: يضمن على كل حَال وَقَالَ مَالك: إِن أَخذهَا بنية الْحِفْظ ثمَّ ردهَا ضمن وَإِن أَخذهَا مترددا بَين أَخذهَا وَتركهَا ثمَّ ردهَا فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ فصل: وَمن وجد شَاة فِي فلاة حَيْثُ لَا يُوجد من يضمها إِلَيْهِ وَلم يكن بقربها من يضمها إِلَيْهِ وَلم يكن بقربها شَيْء من الْعمرَان وَخَافَ عَلَيْهَا فَلهُ الْخِيَار عِنْد مَالك فِي تَركهَا أَو أكلهَا وَلَا ضَمَان عَلَيْهِ قَالَ: وَالْبَقَرَة إِذا خَافَ عَلَيْهَا السبَاع كالشاة قَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: مَتى أكلهَا لزمَه الضَّمَان إِذا حضر صَاحبهَا فصل: وَحكم اللّقطَة فِي الْحرم وَغَيره سَوَاء عِنْد مَالك فللملتقط أَن يَأْخُذهَا على حكم اللّقطَة ويتملكها بعد ذَلِك وَله أَن يَأْخُذهَا ليحفظها على صَاحبهَا فَقَط وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد: لَهُ أَن يَأْخُذهَا ليحفظها على صَاحبهَا فَقَط ويعرفها مَا دَامَ مُقيما فِي الْحرم وَإِذا خرج سلمهَا إِلَى الْحَاكِم وَلَيْسَ لَهُ أَن يَأْخُذهَا للتَّمَلُّك فصل: وَإِذا عرف اللّقطَة سنة وَلم يحضر مَالِكهَا فَعِنْدَ مَالك وَالشَّافِعِيّ: للملتقط أَن يحبسها أبدا وَله التَّصَدُّق بهَا وَله أَن يأكلها غَنِيا كَانَ أَو فَقِيرا وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِن كَانَ فَقِيرا: جَازَ لَهُ أَن يتملكها وَإِن كَانَ غَنِيا: لم يجز وَيجوز لَهُ عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك: أَن يتَصَدَّق بهَا قبل أَن يتملكها على شَرط إِن جَاءَ صَاحبهَا فَأجَاز ذَلِك: مضى وَإِن لم يجزه: ضمنه الْمُلْتَقط لَهُ وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد: لَا يجوز ذَلِك لِأَنَّهُمَا صَدَقَة مَوْقُوفَة وَإِذا وجد بَعِيرًا ببادية وَحده: لم يجز لَهُ عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ أَخذه فَلَو أَخذه ثمَّ أرْسلهُ فَلَا شَيْء عَلَيْهِ عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد: عَلَيْهِ الضَّمَان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 323 فصل: وَإِذا مضى على اللّقطَة حول وَتصرف فِيهَا الْمُلْتَقط بِبيع أَو نَفَقَة أَو صَدَقَة فلصاحبها إِذا جَاءَ أَن يَأْخُذ قيمتهَا يَوْم تَملكهَا عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَقَالَ دَاوُد: لَيْسَ لَهُ شَيْء وَإِذا جَاءَ صَاحب اللّقطَة وَأعْطى علامتها ووصفها: وَجب على الْمُلْتَقط عِنْد مَالك وَأحمد أَن يَدْفَعهَا إِلَيْهِ وَلَا يكلفه بَيِّنَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ: لَا يلْزمه ذَلِك إِلَّا بِبَيِّنَة المصطلح: ويشتمل على صور مِنْهَا: صُورَة مَا إِذا الْتقط رجل مَالا وَخَافَ الْمَوْت وَأشْهد بِهِ: أقرّ فلَان أَنه كَانَ فِي الْيَوْم الْفُلَانِيّ من شهر كَذَا وَكَذَا الْتقط فِي الْموضع الْفُلَانِيّ كيسا ضمنه كَذَا وَكَذَا وَأَنه عرفه لوقته وساعته ونادى عَلَيْهِ فِي مَوْضِعه وَفِي الْأَسْوَاق والشوارع والأزقة والمساجد والجوامع أَيَّامًا مُتَوَالِيَة وجمعا متتابعة وأشهرا مترادفة مَا يزِيد على سنة كَامِلَة فَلم يحضر لَهَا طَالب وَلما خشِي على نَفسه الْمَوْت أشهد عَلَيْهِ شُهُوده أَنه وجدهَا فالتقطها وَأَنَّهَا تَحت يَده وَفِي حيازته فَإِن حضر من يدعيها ووصفها وَثَبت ملكه لَهَا أَخذهَا وبرىء الْمُلْتَقط الْمَذْكُور من عهدتها وخلت يَده مِنْهَا بِتَسْلِيمِهِ إِيَّاهَا لمَالِكهَا بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيّ ويؤرخ وَصُورَة أُخْرَى فِي ذَلِك: أشهد عَلَيْهِ فلَان أَنه فِي الْوَقْت الْفُلَانِيّ اجتاز فِي الْمَكَان الْفُلَانِيّ فَوجدَ كَذَا وَكَذَا ويصف اللّقطَة بجنسها ونوعها وقدرها ووكائها وعفاصها حَتَّى يُخرجهَا عَن الْجَهَالَة وَأَنه عرف ذَلِك سنة كَامِلَة آخرهَا كَذَا وَكَذَا وَلم يحضر لَهَا صَاحب وَلَا طَالب وَجَمِيع مَال اللّقطَة بَاقٍ بِعَيْنِه ويشخصه للشُّهُود فيشهدوا بتشخيصه ومعاينته إِن أمكن ثمَّ يَقُول: وَأَنه خَافَ على نَفسه فرَاغ الْأَجَل المحتوم واشتغال الذِّمَّة والمطالبة فِي الْآخِرَة يَوْم لَا ينفع مَال وَلَا بنُون إِلَّا من أَتَى الله بقلب سليم فَأشْهد عَلَيْهِ بذلك ويؤرخ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 كتاب اللَّقِيط وَمَا يتَعَلَّق بِهِ من الْأَحْكَام (اللَّقِيط والملقوط والمنبوذ) اسْم للطفل الَّذِي يُوجد مطروحا وَهُوَ فعيل بِمَعْنى مفعول كَمَا يُقَال للمقتول: قَتِيل والتقاط المنبوذ فرض على الْكِفَايَة لقَوْله تَعَالَى: {وتعاونوا على الْبر وَالتَّقوى} فَأمر بالمعاونة على الْبر وَهَذَا من الْبر وَقَوله تَعَالَى {وافعلوا الْخَيْر لَعَلَّكُمْ تفلحون} فَأمر بِفعل الْخَيْر وَهَذَا من فعل الْخَيْر وَقَوله تَعَالَى: {والمؤمنون وَالْمُؤْمِنَات بَعضهم أَوْلِيَاء بعض} وَالْوَلِيّ يلْزمه حفظ الْمولى عَلَيْهِ وَقَوله تَعَالَى: {وَمن أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاس جَمِيعًا} فَقيل: إِن مَعْنَاهُ أَن لَهُ ثَوَاب من أَحْيَا النَّاس كلهم وَفِي أَخذ اللَّقِيط إحْيَاء لَهُ فَكَانَ وَاجِبا كبذل الطَّعَام للْمُضْطَر فتقرر أَن الْتِقَاط المنبوذ فرض كِفَايَة وَفرض الْكِفَايَة: إِذا قَامَ بِهِ بعض النَّاس سقط الْفَرْض عَن البَاقِينَ وَإِن تَرَكُوهُ أَثم جَمِيع من علم بِهِ وَإِذا وجد لَقِيط مَجْهُول الْحَال حكم بحريَّته لما روى أَبُو جميلَة رجل من بني سليم قَالَ: (وجدت مَنْبُوذًا على عهد عمر رَضِي الله عَنهُ فَأَخَذته فَذَكرته لعريفي فَذكر عريفي لعمر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: عَسى الغوير أبؤسا فَقَالَ عريفي: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنَّه رجل صَالح لَا يتهم فِي ذَلِك فَقَالَ عمر: هُوَ كَذَلِك فَقَالَ: نعم فَقَالَ: هُوَ حر وَوَلَاؤُهُ لَك وعلينا نَفَقَته) وَفِي بعض الرِّوَايَات (وَنَفَقَته من بَيت المَال) وَإِنَّمَا أَرَادَ عمر بِهَذَا لَعَلَّ الرجل الَّذِي وجده هُوَ صَاحب المنبوذ فَقَالَ: (عَسى الغوير أبؤسا) حَتَّى أثنى عَلَيْهِ عريفه خيرا وَهَذَا مثل لكل شَيْء يخَاف مِنْهُ أَن يَأْتِي بشر قَالَ الْأَصْمَعِي: (أبؤس) جمع بَأْس وأصل هَذَا: أَن غارا كَانَ فِيهِ نَاس فانهار عَلَيْهِم الْغَار فماتوا وَقيل: أَتَاهُم فِيهِ عَدو فَقَتلهُمْ فَصَارَ ذَلِك مثلا لكل أَمر يخَاف مِنْهُ ثمَّ صغر الْغَار فَقيل: غوير وَقيل: غير ذَلِك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 325 وَيجب الْإِشْهَاد عَلَيْهِ وعَلى مَا مَعَه وَإِذا لم يقر اللَّقِيط برق وَلَا ادَّعَاهُ أحد فَهُوَ حر على الْمَذْهَب وَمن ادّعى رق صَغِير لَا يتَيَقَّن حُرِّيَّته سَمِعت دَعْوَاهُ فَإِن لم يكن فِي يَده فَلَا يقبل إِلَّا بِبَيِّنَة الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب : وَإِذا وجد لَقِيط فِي دَار الْإِسْلَام فَهُوَ مُسلم عِنْد الثَّلَاثَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِن وجد فِي كَنِيسَة أَو بيعَة أَو قَرْيَة من قرى أهل الذِّمَّة فَهُوَ ذمِّي وَاخْتلف أَصْحَاب مَالك فِي إِسْلَام الصَّبِي الْمُمَيز غير الْبَالِغ على ثَلَاثَة أَقْوَال أَحدهَا: إِن إِسْلَامه يَصح وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَأحمد وَالثَّانِي: أَنه لَا يَصح وَالثَّالِث: أَنه مَوْقُوف وَعَن الشَّافِعِي الْأَقْوَال الثَّلَاثَة وَالرَّاجِح من مذْهبه: أَن إِسْلَام الصَّبِي اسْتِقْلَالا لَا يَصح فصل: وَإِذا وجد لَقِيط فِي دَار الْإِسْلَام فَهُوَ حر مُسلم فَإِن امْتنع بعد بُلُوغه من الْإِسْلَام لم يقر على ذَلِك فَإِن أَبى قتل عِنْد مَالك وَأحمد وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يحد وَلَا يقتل وَقَالَ الشَّافِعِي: يزْجر عَن الْكفْر فَإِن أَقَامَ عَلَيْهِ أق عَلَيْهِ وَاتَّفَقُوا على أَن يحكم بِإِسْلَام الطِّفْل بِإِسْلَام أَبِيه وَكَذَا بِإِسْلَام أمه إِلَّا مَالِكًا فَإِنَّهُ قَالَ: لَا يحكم بِإِسْلَامِهِ بِإِسْلَام أَبِيه وَعنهُ رِوَايَة كمذهب الْجَمَاعَة المصطلح : وَهُوَ يشْتَمل على صُورَة وَاحِدَة وَهِي: مَا إِذا وجد رجل لقيطا وَأشْهد عَلَيْهِ وعَلى مَا مَعَه أشهد عَلَيْهِ فلَان أَنه فِي الْوَقْت الْفُلَانِيّ اجتاز بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ بالزقاق الْفُلَانِيّ ويعين الْمَكَان يُوضحهُ جليا يُؤمن مَعَه الِاشْتِبَاه بِغَيْرِهِ من الْأَمْكِنَة فَوجدَ فِيهِ صَبيا ملقي على الأَرْض وَيذكر صفته الَّتِي وجده بهَا ويعينه للشُّهُود وَأَنه لَقِيط لم يكن لَهُ فِيهِ ملك وَلَا شُبْهَة ملك وَلَا حق من الْحُقُوق الموصلة لملكه وَلَا لملك بعضه وَأَنه مُسْتَمر فِي يَده بِحكم الْتِقَاطه إِيَّاه على الحكم المشروح أَعْلَاهُ عرف الْحق فِي ذَلِك فَأقر بِهِ والصدق فَاتبعهُ لوُجُوبه عَلَيْهِ شرعا وَأشْهد عَلَيْهِ بذلك فِي تَارِيخ كَذَا فَائِدَة: إِذا أنْفق الْمُلْتَقط على اللَّقِيط من مَال نَفسه فَلَا بُد من إِذن الْحَاكِم فَإِن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 326 أنْفق عَلَيْهِ بِغَيْر إِذن الْحَاكِم ضمن فَإِن عجز عَن إِذن الْحَاكِم فَيشْهد فَإِن لم يكن لَهُ مَال فَمن بَيت المَال فَإِن ظهر أَنه رَقِيق رَجَعَ على سَيّده بِالَّذِي أنفقهُ عَلَيْهِ الْمُلْتَقط من مَاله وَإِن ظهر أَنه حر وَله كسب أَو مَال فالرجوع فِي كَسبه أَو مَاله وَإِلَّا فيمضي الْحَاكِم ذَلِك من سهم الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين والغارمين وَأرش جِنَايَته فِي بَيت المَال كَمَا أَن إِرْثه لبيت المَال وَالله أعلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 كتاب الْجعَالَة وَمَا يتَعَلَّق بهَا من الْأَحْكَام يجوز عقد الْجعَالَة فِي رد الْآبِق وخياطة الثَّوْب وكل عمل تجوز الْإِجَارَة عَلَيْهِ فَيَقُول: من رد عَبدِي الْآبِق أَو خاط لي قَمِيصًا فَلهُ دِينَار لقَوْله تَعَالَى: {قَالُوا نفقد صواع الْملك وَلمن جَاءَ بِهِ حمل بعير وَأَنا بِهِ زعيم} فَذكر الله تَعَالَى الْجعَالَة فِي شرع من قبلنَا وَلم ينكرها فَدلَّ على جَوَازهَا وَلِأَن بِالنَّاسِ حَاجَة إِلَى الْجعَالَة وَيصِح أَن يكون الْعَالم فِي الْجعَالَة غير مَعْلُوم وَالْعَمَل غير مَعْلُوم الْآيَة وَالْفرق بَين الْجعَالَة وَالْإِجَارَة: أَن الْإِجَارَة عقد لَازم فَوَجَبَ تَقْدِير الْعَمَل فِيهَا وَالْعَامِل والجعالة عقد جَائِز فَجَاز أَن يكون الْعَمَل فِيهَا غير مَعْلُوم كالعارية وَلَا بُد فِي الْجعَالَة من صِيغَة دَالَّة على الْإِذْن فِي الْعَمَل بِالْعِوَضِ الْمُلْتَزم فَلَو عمل وَاحِد بِغَيْر إِذْنه لم يسْتَحق شَيْئا وَلَو أذن لوَاحِد فَفعل غَيره لم يسْتَحق وَلَو قَالَ غير الْمَالِك من رد عبد فلَان فَلهُ كَذَا اسْتَحَقَّه الرَّاد عَلَيْهِ لَا على فلَان وَلَو قَالَ: قَالَ فلَان وَلَا يشْتَرط فِي الْجعَالَة قبُول الْعَامِل وَإِن كَانَ الْعَامِل معينا وَقَالَ صَاحب الْمُحَرر: تجوز الْجعَالَة على الْأَعْمَال المجهولة كرد الضَّالة وَيجوز على الْمَعْلُومَة أَيْضا فِي أصح الْوَجْهَيْنِ وَيشْتَرط أَن يكون الْجعل مَعْلُوما فَلَو قَالَ: من رده فَلهُ ثوب فسد العقد وَلمن عمل أجره الْمثل وَلَو قَالَ: من رد من بلد كَذَا فَرد من بلد أقرب مِنْهُ: اسْتحق قسطه من الْجعل وَلَو اشْترك اثْنَان فِي الرَّد اشْتَركَا فِي الْجعل وَلَو الْتزم جعلا لمُعين فشاركه غَيره فِي الْعَمَل لم يكن للمعين تَمام الْجعل وَلَا شَيْء للمشارك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 وَلكُل وَاحِد من الْمَالِك وَالْعَامِل الْفَسْخ قبل تَمام الْعَمَل ثمَّ إِن وَقع الْفَسْخ قبل الشُّرُوع فِيهِ فَلَا شَيْء لِلْعَامِلِ وَكَذَا لَو وَقع بعد الشُّرُوع والفاسخ الْعَامِل وَإِن كَانَ الفاسخ الْمَالِك فَلهُ أَن يتَصَرَّف فِي الْجعل قبل تَمام الْعَمَل بِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَان وأثره قبل الشُّرُوع فِي الْعَمَل: الرُّجُوع إِلَى أُجْرَة الْمثل وَلَو مَاتَ الْآبِق فِي نصف الطَّرِيق أَو هرب فَلَا شَيْء لِلْعَامِلِ وَلَيْسَ لَهُ بعد الرَّد الْحَبْس إِلَى اسْتِيفَاء الْجعل وَيصدق الْمَالِك إِذا أنكر شَرط الْجعل وسعيه فِي الرَّد ويتحالفان إِذا اخْتلفَا فِي قدر الْجعل الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب : اتّفق الْأَئِمَّة على أَن من رد الْآبِق يسْتَحق الْجعل برده إِذا شَرطه وَاخْتلفُوا فِي اسْتِحْقَاقه لَهُ إِذا لم يشرطه فَقَالَ مَالك: إِذا كَانَ مَعْرُوفا برد الآبقين اسْتحق على حسب بعد الْموضع وقربه وَإِن لم يكن ذَلِك شَأْنه فَلَا جعل لَهُ وَيُعْطى مَا اتّفق عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد: يسْتَحق الْجعل على الْإِطْلَاق وَلم يعْتَبر وجود الشَّرْط وَلَا عَدمه إِلَّا أَن يكون مَعْرُوفا برد الآبقين أم لَا وَقَالَ الشَّافِعِي: لَا يسْتَحق الْجعل إِلَّا بِالشّرطِ وَاخْتلفُوا هَل هُوَ مُقَدّر فَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِن رده مسيرَة ثَلَاثَة أَيَّام اسْتحق أَرْبَعِينَ درهما وَإِن رده من دون ذَلِك يرْضخ لَهُ الْحَاكِم وَقَالَ مَالك: لَهُ أُجْرَة الْمثل وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا: دِينَار أَو اثْنَي عشر درهما وَلَا فرق بَين قصير الْمسَافَة وطويلها وَلَا بَين الْمصر وخارج الْمصر وَالثَّانيَِة: إِن جَاءَ بِهِ من الْمصر فعشرة دَرَاهِم أَو من خَارج الْمصر فأربعون درهما وَعند الشَّافِعِي لَا يسْتَحق شَيْئا إِلَّا بِالشّرطِ وَالتَّقْدِير وَاخْتلفُوا فِيمَا أنفقهُ على الْآبِق فِي طَرِيقه فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ: لَا تجب على سَيّده إِذا أنْفق مُتَبَرعا وَهُوَ الَّذِي ينْفق بِغَيْر إِذن الْحَاكِم فَإِن أنف بِإِذْنِهِ كَانَ مَا أنْفق دينا على سيد العَبْد وَله أَن يحبس العَبْد عِنْده حَتَّى يَأْخُذ مَا أنفقهُ وَقَالَ أَحْمد: هُوَ على سَيّده بِكُل حَال وَمذهب مَالك لَيْسَ لَهُ غير أُجْرَة الْمثل المصطلح : وَهُوَ يشْتَمل على صور مِنْهَا: صُورَة جعَالَة لرد الْآبِق: جعل فلَان لفُلَان كَذَا وَكَذَا على أَنه يُسَافر إِلَى بلد كَذَا أَو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329 على أَنه يرد إِلَيْهِ عَبده الَّذِي أبق مِنْهُ إِلَى بلد كَذَا أَو على أَنه يرد عَبده فلَانا الْآبِق ويحضره إِلَى مَالِكه الْجَاعِل الْمَذْكُور ويسلمه إِلَيْهِ جعَالَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة فَإِذا فعل ذَلِك اسْتحق عَلَيْهِ الْجعل الْمَذْكُور استحقاقا شَرْعِيًّا وَأذن الْجَاعِل الْمَذْكُور للمجعول لَهُ الْمَذْكُور: أَن ينْفق على عَبده الْمَذْكُور من حِين يجده ويمسكه إِلَى حِين إِحْضَاره إِلَيْهِ وتسليمه إِيَّاه نَفَقَة مثله وَيرجع بذلك على الْجَاعِل الْمَذْكُور أَعْلَاهُ إِذْنا شَرْعِيًّا قبل ذَلِك مِنْهُ قبولا شَرْعِيًّا وَرَضي بِهِ الرضى الشَّرْعِيّ ويؤرخ وَصُورَة الْجعَالَة لرد الضَّالة: جعل فلَان لفُلَان كَذَا وَكَذَا جعَالَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة على أَن يجوب الْبِلَاد وَيسْأل الْخلق والعباد ويسلك الْجبَال والوهاد والأراضي والضياع والقرى ويتفحص عَن الْجمال الَّتِي عدتهَا كَذَا وصفتها كَذَا الَّتِي ضلت من الْجَاعِل الْمَذْكُور ويحضرها إِلَيْهِ فَإِذا عمل لَهُ ذَلِك اسْتحق عَلَيْهِ الْجعل الْمَذْكُور استحقاقا شَرْعِيًّا ويكمل وَصُورَة الْجعَالَة لمن أحضر إِلَيْهِ توقيعا شريفا بِمَا صورته كَذَا: جعل فلَان لفُلَان إِذا كَانَ المجعول لَهُ معينا وَإِن كَانَ غير معِين فَيَقُول: جعل فلَان لمن أحضر لَهُ توقيعا شريفا بِمَا صورته كَذَا وَكَذَا ويشرح مَضْمُون الْقِصَّة الَّتِي يُرِيد إِخْرَاج التوقيع الشريف على نَحْوهَا مشمولا بالعلامة الشَّرِيفَة المولوية السُّلْطَانِيَّة الملكية الْفُلَانِيَّة مكمل العلائم بالدواوين المعمورة ثَابتا بهَا مَا مبلغه كَذَا فَإِذا عمل لَهُ ذَلِك وأحضر التوقيع الشريف بِهِ وَسلمهُ إِلَيْهِ اسْتحق عَلَيْهِ الْجعل الْمَذْكُور استحقاقا شَرْعِيًّا وَهَذِه الصُّورَة تطرد فِي التوقيع بالوظائف والمناشير وبالإقطاعات والمربعات الجيشية بالرزق والمرتبات وَغير ذَلِك وَمن هَذَا الْقَبِيل أَعنِي المصطلح قبالات الصناع وأرباب الْحَرْف كالدهانين والبنائين والنجارين والمبلطين والمرخمين الصُّور الْمُتَعَلّقَة بذلك: تَارَة تكْتب بِلَفْظ (الْجعَالَة) وَتارَة تكْتب بِلَفْظ (المعاقدة) وَتارَة تكْتب بِلَفْظ (القبالة) وكل ذَلِك جَائِز غير أَن الْعَادة جرت عِنْد ذَوي العمارات والمعمارية وأرباب هَذِه الصَّنَائِع أَن يكتبوا (قبالة) ويصفوا أنموذجات الْعَمَل الَّذِي يُرِيد صَاحب الْعَمَل عمله وَصورته: تقبل فلَان الدهان أَو الْبناء أَو النجار أَو المرخم أَو المبلط من فلَان أَن يدهن لَهُ قاعة بِمَدِينَة كَذَا بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ ويصفها ويحددها ثمَّ يَقُول: حَلقَة وأبواب وملابن وقمريات وشباك ومراتب وكرادي وشوامل معقب مسقي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 330 بالغراء موطأ بالأسراس والجبصين المحرق مسقي بالغراء مرّة ثَانِيَة مغطى بالجبصين والغراء أَربع وُجُوه دهانا فرنجيا مزمكا مزهرا مَنْقُوشًا بأنواع الدهان بالألوان الْمُخْتَلفَة النقية الْبيَاض الظَّاهِرَة الْحمرَة المشرقة الصُّفْرَة والخضرة وَغير ذَلِك من الألوان الْمُوَافق دُخُولهَا فِي الدهان الفرنجي بالصنعة المتقنة والألوان المبهجة المحكمة الطَّبْخ وَالْغسْل بالزيت الْحَار والصمغ والقصطير والصندروس المحلول الرَّقِيق والقلنفوية وَالصَّبْر والزنجار والزنجفر والشب الرُّومِي والأسفيداج والزرنيخ واللازورد والنيل واللك المحلول وَغير ذَلِك مِمَّا يدْخل فِي صناعتهم ويوافق عَمَلهم من العقاقير والتصافير والمصبغات والأملاح على الْعَادة فِي مثل ذَلِك قبالة شَرْعِيَّة بِأُجْرَة مبلغها كَذَا أَو بِمَا مبلغه كَذَا اعْترف المتقبل الْمَذْكُور بِقَبض كَذَا وَبَاقِي كَذَا عِنْد انْتِهَاء الْعَمَل وفراغه وَعَلِيهِ الشُّرُوع فِي ذَلِك من اسْتِقْبَال كَذَا واعترف كل وَاحِد مِنْهُمَا بِمَعْرِِفَة مَا تقبله وَقَبله الْمعرفَة الشَّرْعِيَّة النافية للْجَهَالَة ويكمل وَفِي كل صُورَة: يكْتب وصف الدهان فَإِنَّهُ على أَنْوَاع إِمَّا أَن يكون فرنجيا خبالات على منجور قاعته الْفُلَانِيَّة أَو على دهان قاعة إسلامي أَو دهان قاعة رومي أَو دهان صفة موشق أَو دهان السقوف أَو سقوف وَغَيرهَا أَو دهان قاعة أَحْمَر إسلامي وَصُورَة قبالة على منجور قاعات: تقبل فلَان من فلَان منجورا ونجارة تشْتَمل على نجارة وسط أَرْبَعَة أكمام وَأَرْبَعَة أشعاب وَثَلَاث مناطق وَثَمَانِية أرؤس وَأَرْبع باوندات نجارة ذَلِك نصف صليبة وكرنداز بحشو طافر منقوش أَو بحشو فاطس مدهون أَو ساذج صلاب وَأَرْبع قمريات مِنْهُنَّ اثْنَتَانِ مثمن ومخمس وَاثْنَانِ مسدس الدَّوَائِر نصف على نصف أَو مقصات مَقْطُوعَة لصاق أَو أَربع دربزينات بأَرْبعَة أطواق مديني والإيوان بالوسط مسقف بحشو منقوش طافر أَو مدهون غاطس أَو صلاب ساذج ويشتمل الإيوان على ثَلَاثَة أبراج فالصدراني مِنْهَا مسدس بِرَأْس وشبلة وسحارة وقائمين بحشو منقوش طافر أَو مدهون غاطس أَو صلاب ساذج والمجنبين بالإيوان كرنداز بحشو طافر منقوش أَو مدهون غاطس أَو صلاب ساذج والسقف بالإيوان منجور بخد وبغل بأَرْبعَة جفوت وَأَرْبع سراويلات أَو بِأَرْبَع أزر وأطرانية بِأَرْبَع سراويلات كراشك وأسابيط أَو سقف مشقوق بعريض أغطية وأربية أَو ببطاين مدهونة قبالة شَرْعِيَّة بِمَا مبلغه كَذَا وَكَذَا قبض كَذَا وَبَاقِي ذَلِك عِنْد انْتِهَاء الْعَمَل ويكمل على نَحْو مَا سبق وَهَذِه القبالة تشْتَمل على منجور ثَلَاثَة أَصْنَاف فَإِذا كتبت قبالة نجارة قاعة فَهِيَ لَا تخرج عَن أحد هَذِه الْأَصْنَاف الثَّلَاثَة إِمَّا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 331 بحشو طافر أَو بحشو طافر أَو بحشو غاطس أَو صلاب ساذج وَكَذَلِكَ نجارة السقوف على ثَلَاثَة أَصْنَاف وَصُورَة نجارة قاعة على صفة أُخْرَى: تقبل فلَان نجارة قاعة وَيذكر بقعتها وحدودها ثمَّ يَقُول: تشْتَمل على سِتَّة أكمام وَخَمْسَة أَبْوَاب نجارة الْحلقَة مسدس بِاثْنَيْ عشر رَأْسا وست قمريات وست باونديات وَأَرْبع زَوَايَا وَثَلَاث مناطق فالقمريات مِنْهُنَّ اثْنَتَانِ نجارة اثنعشرى ومثمن وَاثْنَانِ نجارة ستعشرى واثنعشرى وَاثْنَتَانِ نجارة مثمن ومخمس ونجارة الصفتين بطاين تحتهَا كرادي وشرامك وسدايب على الْعَمَل ونجارة الصِّنْفَيْنِ مقرنص أَو بأطواق مديني والأبواب نجارة مثمن ومخمس بحشو طافر أَو مدهون غاطس أَو صلاب ساذج من ذَلِك: ثِنْتَانِ معشرا واثنعشرى أَو ستعشرى أَو ثمنتعشرى والسقوف خد وبغل أَو كراشك وأسابيط أَو مقرنص أَو بطاين أَو مسقوف تَعْرِيض مدهون أَو تَعْرِيض ساذج ومنجور الإيوان ثَلَاثَة أبراج البرج الصدراني مثمن ومخمس مفرود ربع من ربع والمجنبات مسدس بحشو منقوش مطعم طافر أَو بحشو موشق طافر أَو بحشو موشق غاطس أَو بحشو طافر صلاب عناب وأبنوس وعاج أَو صلاب غاطس قبالة صَحِيحَة شَرْعِيَّة بِمَا مبلغه كَذَا وَكَذَا ويكمل على نَحْو مَا سبق وَهَذِه النجارة على أَصْنَاف من المنجور مِنْهَا الموشق الطافر وَمِنْهَا الغاطس وَمِنْهَا الساذج وَمِنْهَا العنابي والعاج والأبنوس وكل اسْم من هَذِه الْأَسْمَاء صنف على حِدته يعرف أَرْبَاب الصَّنْعَة بالنجارة وَلَا يكَاد يقوم بأعباء إتْمَام صنف مِنْهَا على صفته المشروحة فِيهَا إِلَّا الْأُسْتَاذ الماهر وَصُورَة منجور قاعة على صفة أُخْرَى: تقبل فلَان من فلَان نجارة قاعة تشْتَمل على حَلقَة قَاعِدَة على أَربع زَوَايَا وست باوندات وَأَرْبَعَة أشعاب وَثَلَاث مناطق واثني عشر رَأس وست شباك وأنبداريه مدهون فَوق الْحلقَة طولهَا ملْء بَيتهَا وعرضها ذِرَاع وَاحِد بالذراع النجاري مسحور عَلَيْهَا من فَوق كوشك وَمن أَسْفَل ربيدي والقمريات سِتَّة نصف على نصف أَو أَنْصَاف خيط منوعة وست شباك مشطوفة وَالصِّفَات بكرادي وسوابل وسدايب على الْحلقَة دَائِرَة أَو تنشطف الْحلقَة وربيدي عَلَيْهَا نجورها والصفاف بطاين وتحتها كرادي وَعبادَة ونجارة بالصدر إِمَّا نجارة أَو بَيت زنبور مَذْهَب أَو شعيرَة مدهونة والأخشاب توت مكبرة أَو جوز مكبرة أَو غير ذَلِك من أَنْوَاع الْخشب مكبرة أَو مسقف بحشوة موشق أَو مسفن بحشوة ساذج مدهون بزعفران وسندروس وأبواب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 332 مدهونة أَحْمَر أَو أَبْوَاب مدهونة نَص قبالة صَحِيحَة شَرْعِيَّة بِمَا مبلغه كَذَا وَكَذَا ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه وَهَذِه الصُّورَة تشْتَمل على صنف آخر من أَصْنَاف النجارة وَصُورَة قبالة بِنَاء قاعة: تقبل الْمعلم فلَان من فلَان بِنَاء قاعة على الأَرْض الْجَارِيَة فِي ملك الْمقبل الْمَذْكُور بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ ويحدد الأَرْض على الْوَضع الْآتِي شَرحه بِمَا يحضرهُ لَهُ صَاحب الْعَمَل من الْآلَات الْحِجَارَة العجالية والهرقلية والنحيت والموجه وَالْحجر المكسور والآجر والكلس وَالتُّرَاب والأحمر أَو الطين فَيبْدَأ أَولا بِحَفر الأساسات وتعزيل ترابها وَالنُّزُول بهَا فِي الأَرْض إِلَى وَجه الْجَبَل ودك الأساسات المحفورة بِالْحِجَارَةِ الدك والطين والكلس وَغير ذَلِك إِلَى أَن يَنْتَهِي بذلك إِلَى دون وَجه الأَرْض بِذِرَاع ثمَّ يَبْنِي فَوق هَذِه الدكة بِالْحِجَارَةِ النحيت أَو الْآجر أَو غير ذَلِك ويصعد بِالْبِنَاءِ ويفسره حَلقَة قاعة تشْتَمل على إيوَان قبلي عالي الْبناء يعلوه قنطرة من الْحِجَارَة الْكِبَار القنطرية وَيذكر جَمِيع مَا يتفقان عَلَيْهِ من اشتمالات القاعة مثل الأقبية والقناطر والخزائن والقبب والأبواب والمطبخ والمرتفق وَمَكَان السّلم والدهاليز المستطيلة والدركاوات المربعة والطباق العلوية وَطول الأواوين والصفف والمجنبات وعرضها ووسع الْأَبْوَاب وارتفاعها وتربيعها أَو قبابها وذرع القبب واتساعها وَطول الدهاليز وعرضها وَصفَة البوابة الْكُبْرَى وَإِن كَانَت مربعة أَو مقنطرة وَمَا تبنى بِهِ وذرع ارتفاعها واتساعها ويصف ذَلِك وَصفا تَاما بِحَيْثُ لَا يَقع فِيهِ اخْتِلَاف بَينهمَا بعد وضع الْبناء وَتَفْسِير الأوضاع ثمَّ يَقُول: قبالة شَرْعِيَّة بِمَا مبلغه كَذَا وَكَذَا ويكمل على نَحْو مَا سبق وَصُورَة قبالة حمام: تقبل فلَان من فلَان بِنَاء حمام كَامِلَة الجدران حَسَنَة الأوضاع عالية الْبُنيان وَيذكر اشتمالاتها ومسلخها ووسطانيها وَمَا فِيهَا من مقاصير وخلاوي وقباب وعقود مقبية وخزانة وَبَين المَاء الْبَارِد وَغير ذَلِك من صِفَات الحمامات الَّتِي لَا تتمّ إِلَّا بهَا بِمَا يحضرهُ لَهُ المتقبل من آلَات وَيذكر مَا تقدم ثمَّ يَقُول: إِلَى غير ذَلِك مِمَّا يحْتَاج إِلَيْهِ من التُّرَاب الْأَحْمَر وَالْأسود والقصرمل ويعين ذرع اتساع كل مَكَان من المسلخ وَمَا بِهِ من المقاصير الوسطاني والجواني طولا وعرضا وارتفاعا وَصفَة البوابة وعدة الخلاوي ويكمل ويؤرخ وَفِي صُورَة قبالة الطاحون: يذكر صفة بنائها وَمَا بهَا من بيُوت الأرحاء وَغير ذَلِك من بِنَاء السكر والقود الجزء: 1 ¦ الصفحة: 333 وَإِن كَانَت طاحونة فَارسي: فيذكر صفتهَا وَصفَة وَضعهَا وسعة مسطاحها وَمَوْضِع تابوتها وَمَكَان أحجارها وعدة مَا تشْتَمل عَلَيْهِ من حجر أَو حجرين أَو أَرْبَعَة وَلَا يخفي ذَلِك على الحاذق وَفِي صُورَة قبالة الحوانيت: يذكر صفة الْبناء وَصفَة كل حَانُوت طولا وعرضا وَكَذَلِكَ فِي كل مَكَان يذكر فِيهِ من الصِّفَات مَا يَلِيق بِمثلِهِ مُعْتَمدًا على وصف الْمعلم المتقبل بعد فهمه وتصوره فِي فكره وخياله تصورا يجْرِي مجْرى الْمُشَاهدَة المحسوسة وَصُورَة قبالات الرخام وَذكر قيمَة وكمية أجور الصناع على القانون الْمُحَرر الشَّاهِد بِهِ الْكَشْف من دفتر الْحِسْبَة الشَّرِيفَة بِالشَّام أَو بِمصْر المحروسة: تقبل فلَان من فلَان ترخيم قاعة وَيكون الرخام من الْعَامِل والصناع والمؤن عَلَيْهِ وَلَيْسَ على صَاحب الْعَمَل إِحْضَار شَيْء غير الكلس وَالتُّرَاب الْأَحْمَر وَيذكر ذرع وسط القاعة وعرضها مِثَاله: سِتَّة فِي سِتَّة وَصفَة الْعَمَل مثل بركَة فِي وَسطهَا قدرهَا خمْسا ذِرَاع القاعة مثمنة وَهِي ذراعان وخمسا ذِرَاع تشْتَمل الْبركَة على ثَمَان كعكات رُخَام أَخْضَر وثمان وسائط مِنْهَا أَربع وسائط رُخَام غرابي وَأَرْبع وسائط رُخَام أَحْمَر منقط نظيف وأكسيخونات عدتهَا سِتَّة عشرا أكسيخونة من الرخام الْأَبْيَض وَثَمَانِية خراطيم بيض وَثَمَانِية قناطر أسافين منوعة بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا ذكر من الْآلَة وزوايا رُخَام دق مثمنة والقناطر أسافين منوعة بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا ذكر من الْآلَة وزوايا رُخَام دق مثمنة والقناطر مسدسة بدق مسدس والأجناب ساغل وسوادج وساقية مموج خمس موجات من الرخام إِحْدَاهُنَّ حَمْرَاء وَاثْنَتَانِ بيضاويتان وَاثْنَتَانِ سوداويتان وأفاريز رُخَام مثلثات مفروكة وَيدخل عمل الْبركَة مائَة أُجْرَة الصَّانِع فِي الْيَوْم إِذا كَانَ الْعَمَل قبالة: أَرْبَعَة دَرَاهِم وَإِذا كَانَ غير قبالة: يكون فِي كل يَوْم للصانع سنة وَيكون قيمَة الْآلَة الرخام الدَّاخِل فِيهَا ثَلَاثمِائَة وحرف جايز لساقية الْبركَة فاصل بَين الساقية وَبَين الْفرش إِمَّا بارز وَإِمَّا بِنِسْبَة الساقية يشْتَمل على ثَمَان أكسيخونات رُخَام أَبيض غزاوي وثمان ركب حمر رُخَام معذرى قيمَة الغزاوي كل ذِرَاع خَمْسَة وَعِشْرُونَ درهما وَقِيمَة المعذري كل ذِرَاع ثَمَانِيَة عشر درهما وَقِيمَة عمل الْحَرْف خَمْسُونَ درهما وَأما الْفرش فَيعْمل براوز رُخَام أَبيض مشهر بأحمر وأسود وَقِيمَة ذَلِك خَمْسَة وَعِشْرُونَ درهما وَأُجْرَة عمل تربيعه وجلاه كل ذِرَاع خَمْسَة دَرَاهِم والبساط نَوعه: أَن يكون تَحت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 334 كل ذِرَاع بالذراع النجاري سِتَّة وَثَلَاثُونَ خَاتمًا مثمنة حَمْرَاء ومثمنة بَيْضَاء قيمَة كل ذِرَاع برخامه وتركيبه فِي بَيته أَرْبَعُونَ درهما وَتَكون آلَة الْأَبْيَض بَيَاض نقي الْأَحْمَر رومي وَدون ذَلِك يكون تَحت كل ذِرَاع خَمْسَة وَعِشْرُونَ خَاتمًا وأجرته وَثمن رخامه وَمَا يحْتَاج إِلَيْهِ وَأما الجبهات: إِذا كَانَت مناغل من نوع أجناب الْبركَة يكون كل ذِرَاع طول لَا مساحة سِتَّة وَعِشْرُونَ بِمَا فِيهِ من الرخام وَإِن كَانَ كراسي يكون الذِّرَاع الْأَبْيَض بِخَمْسَة وَعشْرين درهما والأحمر بِثمَانِيَة عشر وَالْأسود بِثمَانِيَة عشر وَأُجْرَة عماله كل ذِرَاع خَمْسَة دَرَاهِم وَإِن كَانَت القبالة بآلتها وعملها وَجَمِيع مَا تحْتَاج إِلَيْهِ يكون الذِّرَاع بِثَلَاثِينَ درهما وَأَن يرخم الْقَائِم بالقاعة الْمَذْكُورَة بإيوانها وصففها بِمَا يحضرهُ إِلَيْهِ صَاحب الْعَمَل من الرخام الألواح الْمُخْتَلفَة الألوان يكون أُجْرَة الذِّرَاع خَمْسَة دَرَاهِم على حكم المساحة وَأَن يعْمل على رُؤُوس الألواح مَا يَقع الِاتِّفَاق عَلَيْهِ من أَنْوَاع الدق الرفيع بالصدف من أَنْوَاع الأخياط أُجْرَة كل ذِرَاع مائَة وَعِشْرُونَ والآلة من صَاحب الْعَمَل وَمَا دون ذَلِك من الدقيات والنثريات أُجْرَة كل ذِرَاع خَمْسُونَ درهما والآلة من صَاحب الْعَمَل وَأما قيم الرخام وأسعاره: فَفِيهِ العرابي الذِّرَاع بثلاثمائة دِرْهَم والأحمر المنقط كَذَلِك والأخضر بسبعين درهما والأبيض الملكي بستين درهما والأبيض الباسليقي بِثَمَانِينَ درهما والأعمال فِي ذَلِك على مَا يختاره صَاحب الْعَمَل ويكمل فِي كل صُورَة من هَذِه الصُّور بحسبها وَيُقَاس على ذَلِك سَائِر قبالات الرخام وَصُورَة مَا إِذا وفى المجعول لَهُ الْعَمَل: أشهد عَلَيْهِ فلَان يَعْنِي الْجَاعِل أَن فلَانا الْفُلَانِيّ يعين المجعول لَهُ فِيمَا وفى لَهُ بِمَا أذن لَهُ فِيهِ وَأَنه اسْتحق عَلَيْهِ بِسَبَبِهِ الْجعل الْمَذْكُور وَهُوَ أَن فلَانا الْمَذْكُور رد العَبْد الْمَذْكُور وتسلمه فلَان الْمَذْكُور من المجعول لَهُ فِيهِ تسلما شَرْعِيًّا ووفى بِالشّرطِ جَمِيعه وتسلم فلَان الْمثنى بِذكرِهِ من فلَان صَاحب العَبْد الْمَذْكُور كَذَا وَكَذَا وَهُوَ الْقدر الَّذِي جعله لَهُ على رد العَبْد الْمَذْكُور تسلما شَرْعِيًّا وَلم يبْق لكل مِنْهُمَا قبل الآخر حق وَلَا دَعْوَى وَلَا طلب وَلَا جعَالَة وَلَا بَقِيَّة مِنْهَا وَلَا محاكمة وَلَا يَمِين وَلَا شَيْء قل وَلَا جلّ لما مضى من الزَّمَان وَإِلَى يَوْم تَارِيخه وتصادقا على ذَلِك كُله تَصَادقا شَرْعِيًّا ويؤرخ وَالله أعلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 335 كتاب الْفَرَائِض وَمَا يتَعَلَّق بهَا من الْأَحْكَام الأَصْل فِي الْحَث على تعلم الْفَرَائِض: مَا روى أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (تعلمُوا الْقُرْآن وعلموه النَّاس والفرائض وعلموها النَّاس فَإِنَّهَا نصف الْعلم وَهِي أول مَا ينسى وَأول مَا ينْزع من أمتِي) وروى ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (تعلمُوا الْقُرْآن وعلموه النَّاس وتعلموا الْفَرَائِض وعلموها النَّاس فَإِن امْرُؤ مَقْبُوض وسيقبض الْعلم وَتظهر الْفِتْنَة حَتَّى يخْتَصم الرّجلَانِ فِي الْفَرِيضَة فَلَا يجدان أحدا يفصل بَينهمَا) وَرُوِيَ عَن عمر رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: (إِذا لهوتم فالهوا بِالرَّمْي وَإِذا تحدثتم فتحدثوا بالفرائض) وَقَالَ عَلْقَمَة: (إِذا أردْت أَن تتعلم الْفَرَائِض فأمت جيرانك) وَقد كَانَ التَّوَارُث فِي الْجَاهِلِيَّة بِالْحلف والنصرة وَكَانَ الرجل يَقُول للرجل: انصرني وأنصرك وترثني وأرثك وتعقل عني وأعقل عَنْك وَرُبمَا تحالفوا على ذَلِك فَإِذا كَانَ لأَحَدهمَا ولد كَانَ الحليف كَأحد أَوْلَاد حليفه وَإِن لم يكن لَهُ ولد كَانَ حميع المَال للحليف فجَاء الْإِسْلَام وَالنَّاس على هَذَا فأقرهم الله عَلَيْهِ فِي صدر الْإِسْلَام لقَوْله تَعَالَى: {وَالَّذين عقدت أَيْمَانكُم فآتوهم نصِيبهم} وَرُوِيَ: (أَن أَبَا بكر حَالف رجلا فَمَاتَ فورثه أَبُو بكر) ثمَّ نسخ ذَلِك وَجعل التَّوَارُث بِالْإِسْلَامِ وَالْهجْرَة فَكَانَ الرجل إِذا أسلم وَهَاجَر وَرثهُ من أسلم وَهَاجَر مَعَه من مناسيبه دون من لم يُهَاجر مَعَه من مناسيبه مثل أَن يكون لَهُ أَخ وَابْن مسلمان فَهَاجَرَ مَعَه الْأَخ دون الابْن فيرثه أَخُوهُ دون ابْنه وَالدَّلِيل عَلَيْهِ: قَوْله تَعَالَى: {إِن الَّذين آمنُوا وَهَاجرُوا وَجَاهدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وأنفسهم فِي سَبِيل الله وَالَّذين آووا ونصروا أُولَئِكَ بَعضهم أَوْلِيَاء بعض وَالَّذين آمنُوا وَلم يهاجروا مَا لكم من ولايتهم من شَيْء حَتَّى يهاجروا} ثمَّ نسخ الله تَعَالَى ذَلِك بِالْمِيرَاثِ بالرحم لقَوْله تَعَالَى: {وأولو الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض فِي كتاب الله من الْمُؤمنِينَ والمهاجرين إِلَّا أَن تَفعلُوا إِلَى أوليائكم مَعْرُوفا} وَفسّر (الْمَعْرُوف) بِالْوَصِيَّةِ وَقَالَ الله تَعَالَى: {للرِّجَال نصيب مِمَّا ترك الْوَالِدَان وَالْأَقْرَبُونَ وللنساء نصيب مِمَّا ترك الْوَالِدَان وَالْأَقْرَبُونَ} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 336 فَذكر أَن لَهُم نَصِيبا فِي هَذِه الْآيَة وَلم يبين قدره ثمَّ بَين قدر مَا يسْتَحقّهُ كل وَارِث فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع من كتاب الله عز وَجل وَقَالَ أهل اللُّغَة: أصل (الْفَرَائِض) الْحُدُود وَهِي من فرضت الْخَشَبَة إِذا حززت فِيهَا وَقيل: (الْفَرَائِض) حُدُود وَأَحْكَام مبينَة وَهِي عبارَة عَن تَقْدِير الشَّيْء وَيبدأ من تَرِكَة الْمَيِّت بمؤنة تَجْهِيزه ثمَّ يقْضِي دُيُونه وتنفذ وَصَايَاهُ من ثلث الْبَاقِي ثمَّ يقسم الْبَاقِي بَين الْوَرَثَة وَأَسْبَاب الْمِيرَاث أَرْبَعَة مِنْهَا: ثَلَاثَة خَاصَّة وَهِي الْقَرَابَة وَالنِّكَاح وَالْوَلَاء فيرث الْقَرِيب من الْقَرِيب على مَا سَيَأْتِي بَيَانه والزوجان كل وَاحِد من الآخر وَالْمُعتق من الْمُعْتق وَلَا ينعكس وَالسَّبَب الرَّابِع عَام وَهُوَ الْإِسْلَام وَذَلِكَ حَيْثُ تصرف التَّرِكَة إِلَى بَيت المَال لفقد من يَرث بِهَذِهِ الْأَسْبَاب الثَّلَاثَة الْخَاصَّة وَالْمجْمَع على توريثهم من الرِّجَال عشرَة: الابْن وَابْن الابْن وَإِن سفل وَالْأَب وَالْجد وَإِن علا وَالْأَخ وَابْن الْأَخ إِلَّا من الْأُم وَالْعم إِلَّا من الْأُم وَابْن الْعم إِلَّا من الْأُم وَالزَّوْج وَالْمُعتق والوارثات من النِّسَاء سَبْعَة: الْبِنْت وَبنت الابْن وَإِن سفلت وَالأُم وَالْجدّة وَالْأُخْت وَالزَّوْجَة والمعتقة وَإِذا اجْتمع الوارثون من الرِّجَال لم يَرث مِنْهُم إِلَّا الْأَب وَالِابْن وَالزَّوْج وَإِذا اجْتمع الوارثات من النِّسَاء ورثت مِنْهُنَّ: الْبِنْت وَبنت الابْن وَالأُم وَالْأُخْت من الْأَبَوَيْنِ وَالزَّوْجَة وَإِذا اجْتمع الَّذين يُمكن اجْتِمَاعهم من الصِّنْفَيْنِ: ورث الأبوان وَالِابْن وَالْبِنْت وَالزَّوْج أَو الزَّوْجَة وَإِذا فقدوا جَمِيعًا فَأصل مَذْهَب الشَّافِعِي: أَنه لَا يَرث ذَوُو الْأَرْحَام وَلَا يرد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 337 الْفَاضِل على أَصْحَاب الْفُرُوض زِيَادَة على فروضهم بل يحول المَال لبيت المَال لقَوْل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (أَنا وَارِث من لَا وَارِث لَهُ) وَأما الْفُرُوض الْمقدرَة فِي كتاب الله تَعَالَى فَهِيَ سِتَّة الأول: النّصْف وَهُوَ فرض خَمْسَة: الزَّوْج إِذا لم يكن للميتة ولد وَلَا ولد ابْن وَبنت الصلب المنفردة وَبنت الابْن المنفردة وَالْأُخْت من الْأَبَوَيْنِ أَو من الْأَب وَالثَّانِي: الرّبع وَهُوَ فرض اثْنَيْنِ: الزَّوْج مَعَ الْوَلَد أَو ولد الابْن وَالزَّوْجَة مَعَ عدمهما وَالثَّالِث: الثّمن وَهُوَ فرض الزَّوْجَة مَعَ الْوَلَد أَو ولد الابْن وَالرَّابِع: الثُّلُثَانِ وَهُوَ فرض بِنْتي الصلب فَصَاعِدا أَو بِنْتي الابْن فَصَاعِدا الْأُخْتَيْنِ من الْأَب وَالأُم فَصَاعِدا أَو الْأُخْتَيْنِ من الْأَب فَصَاعِدا وَالْخَامِس: الثُّلُث وَهُوَ فرض الْأُم مَعَ عدم الْوَلَد أَو ولد الابْن أَو اثْنَيْنِ من الْأُخوة وَالْأَخَوَات وَفرض اثْنَيْنِ فَصَاعِدا من أَوْلَاد الْأُم ويفرض للْجدّ مَعَ الْإِخْوَة فَيجْعَل للْجدّ الأوفر من الْمُقَاسَمَة أَو ثلث مَا يبْقى بعد الْفُرُوض وَالسَّادِس: السُّدس وَهُوَ فرض سَبْعَة: الْأَب وَالْجد مَعَ الْوَلَد أَو ولد الابْن وَفرض الْأُم إِذا كَانَت للْمَيت ولد أَو ولد ابْن أَو اثْنَان من الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات وَالْجدّة وَبنت الابْن مَعَ بنت الصلب وَالْأُخْت من الْأَب مَعَ الْأُخْت من الْأَبَوَيْنِ وَالْوَاحد من أَوْلَاد الْأُم فصل: فِي بَيَان الْحجب: الْأَب وَالِابْن: لَا يحجبهما أحد وَابْن الابْن: لَا يَحْجُبهُ إِلَّا الابْن أَو ابْن ابْن أقرب مِنْهُ وَالْجد: لَا يَحْجُبهُ إِلَّا من بَينه وَبَين الْمَيِّت أَب وَالْأَخ من الْأَبَوَيْنِ يَحْجُبهُ الْأَب وَالِابْن وَابْن الابْن وَالْأَخ من الْأَب: يَحْجُبهُ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة وَالْأَخ من الْأُم: يَحْجُبهُ الْأَب وَالْجد وَالْولد وَولد الابْن وَابْن الْأَخ من الْأَبَوَيْنِ: يَحْجُبهُ سِتَّة: الْأَب وَالْجد وَالِابْن وَابْن الابْن وَالْأَخ من الْأَبَوَيْنِ وَالْأَخ من الْأَب وَابْن الْأَخ من الْأَب: يَحْجُبهُ هَؤُلَاءِ وَابْن الْأَخ من الْأَبَوَيْنِ وَالْعم من الْأَبَوَيْنِ: يَحْجُبهُ هَؤُلَاءِ وَابْن الْأَخ من الْأَب وَالْعم من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 الْأَب: يَحْجُبهُ هَؤُلَاءِ وَالزَّوْج: لَا يحجب وَالْمُعتق: يَحْجُبهُ عصبات النّسَب وَالْبِنْت وَالأُم: لَا يحجبان وَبنت الابْن: يحجبها الابْن وبنتا الصلب إِذا لم يكن مَعهَا من يعصبها وَالْجدّة من الْأُم: لَا يحجبها إِلَّا الْأُم وَمن الْأَب: لَا يحجبها إِلَّا الْأَب وَالْأَب وَالأُم والقربى من كل جِهَة: تحجب البعدى مِنْهَا والقربى من جِهَة الْأُم كَأُمّ الْأَب هَل تحجب البعدى من جِهَة الْأَب كَأُمّ أم الْأَب والقربى من جِهَة الْأَب كَأُمّ الْأَب هَل تحجب من جِهَة الْأُم كَأُمّ أم الْأُم فِيهِ قَولَانِ أظهرهمَا لَا وَالزَّوْجَة والمعتقة كالزوج وَالْمُعتق وكل عصب يَحْجُبهُ أَصْحَاب الْفُرُوض المستغرقة وَالِابْن الْوَاحِد يسْتَغْرق المَال والاثنان فَصَاعِدا كَذَلِك وللبنت الْوَاحِدَة: النّصْف وللبنتين فَصَاعِدا الثُّلُثَانِ وَلَو اجْتمع عدد من الْبَنِينَ وَالْبَنَات فَالْمَال بَينهم للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ وَأَوْلَاد الابْن إِذا انفردوا كأولاد الصلب وَإِن اجْتَمعُوا فَإِن كَانَ فيهم من أَوْلَاد الصلب ذكر فَلَا شَيْء لأَوْلَاد الابْن وَإِن اجْتمع أَوْلَاد الابْن مَعَ بنت وَاحِدَة من أَوْلَاد الصلب فلهَا النّصْف وَالْبَاقِي لأَوْلَاد الابْن من الذُّكُور والأناث وَإِن كَانَ هُنَاكَ بنت وَاحِدَة من بَنَات الصلب وَبنت أَو بَنَات من الابْن فلبنت الصلب النّصْف وللبنت من الابْن أَو الْبَنَات: السُّدس تَكْمِلَة الثُّلثَيْنِ وَإِن وجد بِنْتا صلب أَو أَكثر فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ وَالْبَاقِي لأَوْلَاد الابْن ذُكُورا أَو إِنَاثًا وَلَا شَيْء للإناث الخلص إِلَّا أَن يكون أَسْفَل مِنْهُنَّ ذكر فيعصبهن وَأَوْلَاد ابْن الابْن مَعَ أَوْلَاد الابْن كأولاد الابْن مَعَ بَنَات الصلب وَكَذَا فِي سَائِر الْمنَازل وَإِنَّمَا يعصب الذّكر الْأُنْثَى من فِي دَرَجَته وَمن فَوْقه بِشَرْط أَن تكون محرومة من الثُّلثَيْنِ وَللْأَب حالات: تَارَة يَرث بمحض الْعُصُوبَة وَهُوَ مَا إِذا لم يكن مَعَه ولد وَلَا ولد ابْن وَتارَة بمحض الْفَرْضِيَّة وَهُوَ أَن يكون مَعَه ابْن أَو ابْن ابْن وَتارَة بالجهتين وَهُوَ أَن يكون مَعَه بنت أَو بنت ابْن فَلهُ السُّدس بالفرضية وَالْبَاقِي بعد فَرضهَا بالعصوبة وَالأُم لَهَا الثُّلُث أَو السُّدس فِي الْحَالَتَيْنِ المذكورتين أَولا فِي الْفُرُوض وَلها فِي مَسْأَلَتي زوج وأبوين أَو زَوْجَة وأبوين: ثلث مَا يبْقى بعد فرض الزَّوْج أَو الزَّوْجَة وَالْجد كَالْأَبِ إِلَّا أَن الْأَب يسْقط الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات وَالْجد يقاسمهم إِذا كَانُوا من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 339 الْأَبَوَيْنِ أَو من الْأُم وَالْأَب يسْقط أم نَفسه وَالْجد لَا يُسْقِطهَا وَالْأَب يرد الْأُم فِي مَسْأَلَتي زوج وأبوين أَو زَوْجَة وأبوين: من الثُّلُث إِلَى ثلث الْبَاقِي وَلَو كَانَ بدله الْجد لم يردهَا وَالْجدّة تَرث السُّدس وَإِن اجْتمعت جدتان وارثتان فَصَاعِدا اشتركن فِيهِ وَيَرِث من الْجدَّات: أَن الْأُم وأمهاتها المدليات بالإناث الخلص وَأم الْأَب وأمهاتها كَذَلِك وَكَذَا أم أبي الْأَب وَمن فَوْقه من الأجداد وأمهاتهن والعبارة الضابطة: أَن كل جدة تدلي بمحض الْإِنَاث أَو بمحض الذُّكُور أَو بمحض الْإِنَاث إِلَى مَحْض الذُّكُور فَهِيَ وارثة وَإِذا أدلت جدة بِذكر بَين أنثيين كَأُمّ أبي الْأُم: لم تَرث وَأما الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات: إِذا كَانُوا من أبوين فيرثون إِذا انفردوا كأولاد الصلب وَكَذَلِكَ الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات للْأَب إِلَّا فِي المشركة وَهِي زوج وَأم وَأَخَوَانِ لأم وَأَخَوَانِ لأَب وَأم: فَللزَّوْج النّصْف وَللْأُمّ السُّدس وللأخوين من الْأُم الثُّلُث ويشاركهما فِيهِ الأخوان للْأَب وَالأُم وَلَو كَانَ بدل الْأَخَوَيْنِ من الْأَب وَالأُم أَخَوان لأَب سقطا وَإِن اجْتمع الصنفان فَهُوَ كَمَا لَو اجْتمع أَوْلَاد الصلب مَعَ أَوْلَاد الابْن إِلَّا أَن بَنَات الابْن يعصبهن من فِي درجتهن وَمن هُوَ أَسْفَل مِنْهُنَّ وَالْأُخْت للْأَب: لَا يعصبها إِلَّا من هُوَ فِي درجتها وَالإِخْوَة وَالْأَخَوَات للْأُم: للْوَاحِد مِنْهُم السُّدس وللاثنين فَصَاعِدا الثُّلُث يشْتَرك فِيهِ ذكورهم وإناثهم وَالْأَخَوَات من الْأَبَوَيْنِ وَمن الْأَب مَعَ الْبَنَات وَبَنَات الابْن عصبَة منزلات منزلَة الْإِخْوَة حَتَّى تسْقط الْأُخْت من الْأَبَوَيْنِ مَعَ الْبِنْت الْأُخْت للْأَب كَمَا يسْقط الْأَخ الْأَخ وَبَنُو الْإِخْوَة من الْأَبَوَيْنِ وَمن الْأَب ينزل كل وَاحِد من الصِّنْفَيْنِ منزلَة أَبِيه فِي حالتي الِانْفِرَاد والاجتماع إِلَّا أَنهم يفارقون الْإِخْوَة فِي أَنهم لَا يردون الْأُم من الثُّلُث إِلَى السُّدس وَفِي أَنهم لَا يقاسمون الْجد بل يسقطونه وَفِي أَنهم لَا يعصبون أخواتهم بِخِلَاف الْأَخَوَات وَفِي أَن بني الْإِخْوَة من الْأَبَوَيْنِ يسقطون فِي مَسْأَلَة المشركة لَو كَانُوا بدل آبَائِهِم وَالْعم من الْأَبَوَيْنِ وَمن الْأَب: كالأخ من الْجِهَتَيْنِ فِي حالتي الِاجْتِمَاع والانفراد وعَلى هَذَا قِيَاس بني الْعم وَسَائِر عصبات النّسَب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 340 والعصبة من لَيْسَ لَهُ سهم مُقَدّر من الْمجمع على توريثهم بل يَرِثُونَ جَمِيع المَال أَو الْبَاقِي عَن أَصْحَاب الْفُرُوض وَمن لَا عصبَة لَهُ من النّسَب وَله مُعتق فَمَاله أَو الْفَاضِل من الْفُرُوض لمعتقه رجلا كَانَ أَو امْرَأَة فَإِن لم يكن الْمُعْتق حَيا فلعصباته من النّسَب من الذُّكُور وَالْإِنَاث وَلم تَرث الْمَرْأَة بِالْوَلَاءِ إِلَّا من معتقها أَو مُعتق معتقها أَو مَا جر الْوَلَاء إِلَيْهَا مِمَّن أعتقت وَإِذا لم يُوجد أحد من عصبات الْمُعْتق فَالْمَال للْمُعْتق ثمَّ لعصباته على تَرْتِيب الْمِيرَاث فِي النّسَب فصل: وَإِذا اجْتمع مَعَ الْجد الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات من الْأَبَوَيْنِ أَو من الْأَب نظر إِن لم يكن مَعَهم ذُو فرض فللجد خير الْأَمريْنِ من الْمُقَاسَمَة مَعَهم أَو ثلث جَمِيع المَال وَقد يَسْتَوِي الْأَمْرَانِ وَذَلِكَ إِذا كَانُوا مثلي الْجد وَإِن كَانُوا دون المثلين فالقسمة خير وَإِن كَانُوا فَوق المثلين فَالثُّلُث خير وَإِذا قاسمهم كَانَ كأخ مِنْهُم وَإِذا أَخذ الثُّلُث اقتسموا الْبَاقِي للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ وَإِن كَانَ فيهم ذُو فرض كالبنت وَالأُم وَالزَّوْج فللجد خير الْأُمُور الثَّلَاثَة: من سدس المَال كُله أَو ثلث مَا يبْقى بعد الْفُرُوض أَو الْمُقَاسَمَة مَعَهم وَقد لَا يبْقى شَيْء كبنتين وَأم وَزوج فيفرض لَهُ السُّدس وَيُزَاد فِي الْعَوْل وَقد يكون الْبَاقِي دون السُّدس كبنتين وَزوج فيفرض لَهُ السُّدس وتعال الْمَسْأَلَة وَقد يكون الْبَاقِي قدر السُّدس كبنتين وَأم فيفوز بِهِ الْجد وَتسقط الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات فِي هَذِه الْأَحْوَال وَإِن اجْتمع مَعَه الصنفان الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات من الْأَبَوَيْنِ وَمن الْأَب: فَحكم الْجد كَمَا ذكرنَا وَأَوْلَاد الْأَبَوَيْنِ: يعدون مَعَ أَوْلَاد الْأَب على الْجد فِي الْقِسْمَة ثمَّ إِذا أَخذ الْجد حِصَّته فَإِن كَانَ فِي أَوْلَاد الْأَبَوَيْنِ ذكر أخذُوا الْبَاقِي وَسقط أَوْلَاد الْأَب وَإِلَّا فتأخذ الْوَاحِدَة إِلَى النّصْف والثنتان فَصَاعِدا إِلَى الثُّلثَيْنِ وَلَا يفضل عَن الثُّلثَيْنِ شَيْء وَقد يفضل عَن الْوَاحِدَة شَيْء فَيجْعَل لأَوْلَاد الْأَب مِثَاله: أُخْت من الْأَبَوَيْنِ وأختان وَأَخ من الْأَب وجد فَالْمَال على خَمْسَة: سَهْمَان للْجدّ وسهمان وَنصف للْأُخْت من الْأَبَوَيْنِ وَالْبَاقِي لولد الْأَب وَالْجد مَعَ الْأَخَوَات الخلص بِمَثَابَة أَخ مَعَهم وَلَا يفْرض لَهُنَّ إِلَّا فِي الأكدرية الجزء: 1 ¦ الصفحة: 341 وَهِي زوج وَأم وجد وَأُخْت من الْأَبَوَيْنِ أَو من الْأَب فَللزَّوْج النّصْف وَللْأُمّ الثُّلُث وللجد السُّدس ويفرض للْأُخْت النّصْف وتعول الْمَسْأَلَة ثمَّ يضم نصيب الْجد وَيقسم بَينهمَا أَثلَاثًا: للْجدّ الثُّلُثَانِ وَللْأُخْت الثُّلُث فصل: فِي قسْمَة الْمِيرَاث : إِذا كَانَ الْوَرَثَة كلهم عصبات قسم المَال بَينهم بِالسَّوِيَّةِ إِن تمحضوا ذُكُورا وَإِن اجْتمع الذُّكُور وَالْإِنَاث قدر كل ذكر أنثيين وَعدد رُؤُوس الْمَقْسُوم عَلَيْهِم أصل الْمَسْأَلَة وَإِن كَانَ فيهم ذُو فرض من الْفُرُوض الَّتِي تقدم ذكرهَا آنِفا نظر إِن كَانَ فِي الْمَسْأَلَة فرض وَاحِد أَو فرضان متماثلان فَأصل الْمَسْأَلَة مخرج الْكسر فالنصف من اثْنَيْنِ وَالثلث من ثَلَاثَة وَالرّبع من أَرْبَعَة وَالسُّدُس من سِتَّة وَالثمن من ثَمَانِيَة وَإِن كَانَ فِيهَا فرضان مُخْتَلفا الْمخْرج نظر مَا فِي المخرجين فَإِن تداخلا فأكثرهما أصل الْمَسْأَلَة وَذَلِكَ كالسدس وَالثلث فَالْأَصْل من سِتَّة وَإِن توافقا ضرب وفْق أَحدهمَا فِي الآخر فَالْحَاصِل أصل الْمَسْأَلَة وَذَلِكَ كالسدس وَالثمن الأَصْل أَرْبَعَة وَعِشْرُونَ وَإِذا تباينا ضرب أَحدهمَا فِي الآخر فَالْحَاصِل الأَصْل وَذَلِكَ كالثلث وَالرّبع الأَصْل من اثْنَي عشر وجملتها سَبْعَة أصُول اثْنَان وَثَلَاثَة وَأَرْبَعَة وَسِتَّة وَثَمَانِية وَاثنا عشر وَأَرْبَعَة وَعِشْرُونَ ويعول من هَذِه الْأُصُول ثَلَاثَة فالستة تعول إِلَى سَبْعَة كَزَوج وأختين وَإِلَى ثَمَانِيَة كَزَوج وأختين وَأم وَإِلَى تِسْعَة كَزَوج وأختين لأَب وَأم وأختين لأم وَإِلَى عشرَة كَزَوج وأختين لأَب وَأم وأختين لأم وَأم وتعول الاثْنَي عشر إِلَى ثَلَاثَة عشر كَزَوج وَأم وأختين لأَب وَإِلَى خَمْسَة عشر كَزَوْجَة وأختين لأَب وأختين لأم وَإِلَى سَبْعَة عشر كَزَوْجَة وأختين لأَب وأختين لأم وَأم وتعول الْأَرْبَعَة وَالْعشْرُونَ إِلَى سَبْعَة وَعشْرين كَزَوْجَة وبنتين وأبوين الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب : أجمع الْمُسلمُونَ على أَن الْأَسْبَاب المتوارث بهَا ثَلَاثَة: رحم وَنِكَاح وولاد وَأَن الْأَسْبَاب الْمَانِعَة من الْمِيرَاث ثَلَاثَة: رق وَقتل وَاخْتِلَاف دين وعَلى الْأَنْبِيَاء صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِم لَا يورثون وَأَن مَا يتركونه يكون صَدَقَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 342 يصرف فِي مصَالح الْمُسلمين وَلم يُخَالف فِي ذَلِك إِلَّا الشِّيعَة وَأَجْمعُوا على أَن الْوَارِثين من الرِّجَال عشرَة وَقد تقدم ذكرهم وَمن النِّسَاء سَبْعَة وَقد تقدم ذكرهن أَيْضا وعَلى أَن الْفُرُوض الْمقدرَة فِي كتاب الله تَعَالَى سِتَّة وَقد تقدم ذكرهَا وَاخْتلفُوا فِي تَوْرِيث ذَوي الْأَرْحَام وهم الَّذين لَا سهم لَهُم فِي كتاب الله وهم عشرَة أَصْنَاف: أَبُو الْأُم وكل جد وَجدّة ساقطين وَأَوْلَاد الْبَنَات وَبَنَات الْإِخْوَة وَأَوْلَاد الْأَخَوَات وَبَنُو الْإِخْوَة للْأُم وَالْعم للْأُم وَبَنَات الْأَعْمَام والعمات والأخوال والخالات والمدلون بهم فَذهب مَالك وَالشَّافِعِيّ إِلَى عدم توريثهم قَالَا: يكون المَال لبيت المَال وَهُوَ قَول أبي بكر وَعمر وَعُثْمَان وَزيد وَالزهْرِيّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَدَاوُد وَذهب أَبُو حنيفَة وَأحمد إِلَى توريثهم وَحكي ذَلِك عَن عَليّ وَابْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس وَذَلِكَ عِنْد فقد أَصْحَاب الْفُرُوض والعصبات بِالْإِجْمَاع وَعَن سعيد بن الْمسيب أَن الْخَال يَرث مَعَ الْبِنْت فعلى مَا قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ: إِذا مَاتَ عَن أم كَانَ لَهَا الثُّلُث وَالْبَاقِي لبيت المَال أَو عَن بنت فلهَا النّصْف وَالْبَاقِي لبيت المَال وعَلى مَا قَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد: المَال كُله للْأُم الثُّلُث بِالْفَرْضِ وَالْبَاقِي بِالرَّدِّ وَكَذَلِكَ للْبِنْت النّصْف بِالْفَرْضِ وَالْبَاقِي بِالرَّدِّ وَنقل القَاضِي عبد الْوَهَّاب الْمَالِكِي عَن الشَّيْخ أبي الْحسن: أَن الصَّحِيح عَن عُثْمَان وَعلي وَابْن عَبَّاس وَابْن مَسْعُود: أَنهم كَانُوا لَا يورثون ذَوي الْأَرْحَام وَلَا يردون على أحد وَهَذَا الَّذِي يَحْكِي عَنْهُم فِي الرَّد وتوريث ذَوي الْأَرْحَام: حِكَايَة فعل لَا قَول وَابْن خُزَيْمَة وَغَيره من الْحفاظ يدعونَ الْإِجْمَاع على هَذَا فصل: وَالْمُسلم لَا يَرث من الْكَافِر وَلَا عَكسه بِاتِّفَاق الْأَئِمَّة وَحكي عَن معَاذ وَابْن الْمسيب وَالنَّخَعِيّ: أَن يَرث الْمُسلم الْكَافِر وَلَا عكس كَمَا يتَزَوَّج الْمُسلم الْكَافِرَة وَلَا يتَزَوَّج الْكَافِر الْمسلمَة وَاخْتلفُوا فِي مَال الْمُرْتَد إِذا قتل أَو مَاتَ على الرِّدَّة على ثَلَاثَة أَقْوَال: الأول: أَن جَمِيع مَاله الَّذِي كَسبه فِي إِسْلَامه يكون فَيْئا لبيت المَال هَذَا قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 343 وَالثَّانِي: يكون لوَرثَته من الْمُسلمين سَوَاء كَسبه فِي إِسْلَامه أَو ردته وَهَذَا قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد بن الْحسن وَالثَّالِث: أَن مَا اكْتَسبهُ فِي حَال إِسْلَامه لوَرثَته الْمُسلمين وَمَا اكْتَسبهُ فِي حَال ردته فِي الْبَيْت المَال وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَاتَّفَقُوا على أَن الْقَاتِل عمدا ظلما لَا يَرث من الْمَقْتُول وَاخْتلفُوا فِيمَن قتل خطأ فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: لَا يَرث وَقَالَ مَالك: يَرث من المَال دون الدِّيَة وَاخْتلفُوا فِي تَوْرِيث أهل الْملَل من الْكفَّار فمذهب مَالك وَأحمد: لَا يَرث بَعضهم بَعْضًا وَإِذا كَانُوا أهل ملتين كاليهودي وَالنَّصْرَانِيّ وَكَذَا من عداهما من الْكفَّار إِن اخْتلفت ملتهم وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ: إِنَّهُم أهل مِلَّة وَاحِدَة كلهم كفار يَرث بَعضهم بَعْضًا فصل: والغرقى والقتلى والهدمى والموتى بحريق أَو طاعون إِذا لم يعلم أَيهمْ مَاتَ قبل صَاحبه : لم يَرث بَعضهم بَعْضًا وتركة كل وَاحِد مِنْهُم لباقي ورثته بالِاتِّفَاقِ إِلَّا فِي رِوَايَة عَن أَحْمد وَذهب عَليّ وَشُرَيْح وَالشعْبِيّ وَالنَّخَعِيّ إِلَى أَنه يَرث كل وَاحِد مِنْهُمَا من تلاد مَاله دون طارفه وَهِي رِوَايَة عَن أَحْمد فصل: وَمن بعضه حر وَبَعضه رَقِيق : لَا يَرث وَلَا يُورث عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ أَحْمد وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد والمزنى: يُورث وَيَرِث بِقدر مَا فِيهِ م الْحُرِّيَّة فصل: وَالْكَافِر وَالْمُرْتَدّ وَالْقَاتِل عمدا وَمن فِيهِ رق وَمن خَفِي مَوته لَا يحجبون كَمَا لَا يَرِثُونَ بالِاتِّفَاقِ وَعَن ابْن مَسْعُود وَحده: أَن الْكَافِر وَالْعَبْد وَقَاتل الْعمد: يحجبون وَلَا يَرِثُونَ وَالإِخْوَة إِذا حجبوا إِلَى السُّدس لم يأخذوه بالِاتِّفَاقِ وَعَن ابْن عَبَّاس أَن الْإِخْوَة يَرِثُونَ مَعَ الْأَب إِذا حجبوا الْأُم فَيَأْخُذُونَ مَا حجبوها عَنهُ وَالْمَشْهُور عَنهُ مُوَافقَة الكافة وَاخْتلفُوا فِي الْجد: هَل يسْقط ولد الْأَبَوَيْنِ كَمَا يسقطهم الابْن وَابْن الابْن وَالْأَب فَقَالَ أَبُو حنيفَة: يسْقط الْجد الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات من الْأَبَوَيْنِ وَمن الْأَب كَمَا يسقطهم الْأَب وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: إِن الْجد لَا يسقطهم وَلَكِن يقاسمهم مَا لم تنقصه الْمُقَاسَمَة عَن ثلث الأَصْل فَإِذا نقصته الْمُقَاسَمَة عَن ثلث الأَصْل فرض لَهُ ثلث الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 الأَصْل وَأعْطى الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات مَا بَقِي هَذَا إِذا لم يكن مَعَ الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات من لَهُ فرض فَإِن كَانَ مَعَه من لَهُ فرض أعْطى فَرْضه وقاسمه الْجد مَا لم تنقص الْمُقَاسَمَة عَن سدس الأَصْل أَو ثلث مَا بَقِي فَإِنَّهُمَا أحظ لَهُ أَو أعْطِيه وَاخْتلفُوا فِي المَال الصائر إِلَى بَيت المَال: هَل هُوَ صائر إِرْثا أَو على وَجه الْمصلحَة فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد: على وَجه الْمصلحَة وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ: على جِهَة الْإِرْث وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا كَانَ الْقَاتِل صَغِيرا أَو مَجْنُونا فَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد: يحرمان الْإِرْث وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يرثان وَاخْتلفُوا فِيمَن حفر بِئْرا أَو وضع حجرا فِي الطَّرِيق فَهَلَك مُوَرِثه بهما أَو بِأَحَدِهِمَا فَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد: لَا يَرِثهُ على الْإِطْلَاق أما لَو حفر بِئْرا فِي ملكه أَو وضع حجرا فَمَاتَ بِهِ مُوَرِثه من غير تَفْرِيط من الْمَالِك أَو وَقع عَلَيْهِ حَائِطه فَلَا خلاف فِي أَنه يَرِثهُ وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يَرث وَقَالَ مَالك: يَرث من المَال لَا من الدِّيَة وَاخْتلفُوا فِي ابْن الْمُلَاعنَة من يَرِثهُ قَالَ أَبُو حنيفَة: تسْتَحقّ الْأُم جَمِيع المَال بِالْفَرْضِ وَالرَّدّ وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ: تَأْخُذ الْأُم الثُّلُث بِالْفَرْضِ وَالْبَاقِي لبيت المَال وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا: عصبته لأمه فَإِذا خلف أما وخالا كَانَ المَال لَهما جَمِيعه تعصيبا وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا أسلم رجل على يَد رجل فوالاه وعاقده ثمَّ مَاتَ وَلَا وَارِث لَهُ فَذهب مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد إِلَى أَنه لَا يسْتَحق مِيرَاثه وَيكون مِيرَاثه لبيت مَال الْمُسلمين وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يسْتَحق مِيرَاثه وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا أسلم الْوَرَثَة الْكفَّار قبل قسْمَة مِيرَاث نسيبهم الْمُسلم فَقَالَ أَحْمد فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ: يسْتَحقُّونَ الْمِيرَاث وَقَالَ الْبَاقُونَ: لَا يسْتَحقُّونَ مِيرَاثا وَعَن أَحْمد فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى مثل قَوْلهم وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا مَاتَ وَترك حملا ثمَّ انْفَصل وَلم يستهل صَارِخًا فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد: لَا يَرث وَلَا يُورث وَإِن تحرّك وتنفس إِلَّا أَن يطول بِهِ ذَلِك أَو يرضع وَإِن عطس فَعَن مَالك رِوَايَتَانِ وَقَالَ الشَّافِعِي: إِن تحرّك وتنفس وعطس ورث وَورث عَنهُ فصل: وَالْخُنْثَى الْمُشكل وَهُوَ من لَهُ فرج وَذكر قَالَ أَبُو حنيفَة فِي الْمَشْهُور عَنهُ: إِن بَال من الذّكر فَهُوَ غُلَام أَو من الْفرج فَهُوَ أُنْثَى أَو مِنْهُمَا اعْتبر أسبقهما فَإِن اسْتَويَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 345 بَقِي على إشكاله إِلَى أَن يخرج لَهُ لحية أَو يَأْتِي النِّسَاء فَهُوَ رجل أَو يدر لَهُ لبن أَو يُوطأ فِي فرجه أَو يحيض فَهُوَ امْرَأَة فَإِن لم يظْهر شَيْء من ذَلِك فَهُوَ مُشكل وميراثه مِيرَاث أُنْثَى وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِي وَلكنه يُخَالِفهُ فِي مِيرَاثه فَقَالَ: يعْطى الابْن النّصْف وَالْخُنْثَى الثُّلُث وَيُوقف السُّدس حَتَّى يتَبَيَّن أمره أَو يصطلحا وَقَالَ مَالك وَأحمد: يُورث من حَيْثُ يَبُول فَإِن كَانَ يَبُول مِنْهُمَا اعْتبر أسبقهما فَإِن كَانَا فِي السَّبق سَوَاء اعْتبر أكثرهما فورث مِنْهُ فَإِن بَقِي على إشكاله وَخلف رجل ابْنا وَخُنْثَى مُشكل قسم للخنثى نصف مِيرَاث أُنْثَى فَيكون للِابْن ثلث المَال وربعه وللخنثى ربع المَال وسدسه فصل: فِي المناسخات: إِذا لم تقسم تَرِكَة الْمَيِّت الأول حَتَّى مَاتَ بعض ورثته فصحح مَسْأَلَة الأول ثمَّ صحّح مَسْأَلَة الثَّانِي وَأقسم سِهَام الثَّانِي من الْمَسْأَلَة الأولى على مَسْأَلته فَإِن انقسمت صحت المسألتان مِمَّا صحت مِنْهُ الأولى وَإِن لم يتوافقا ضربت مَسْأَلته كلهَا فِي الْمَسْأَلَة الأولى فَمَا بلغ فَمِنْهُ تصح المسألتان فَإِذا أردْت الْقِسْمَة فَكل من لَهُ شَيْء من الأولى مَضْرُوب فِي الثَّانِيَة أَو وفقها وكل من لَهُ شَيْء من الثَّانِيَة مَضْرُوب فِي السِّهَام الَّتِي مَاتَ عَنْهَا أَو فِي وفقها فَإِن مَاتَ ثَالِث صححت مَسْأَلته وَقسمت عَلَيْهَا سهامه من الْمَسْأَلَتَيْنِ فَإِن انقسمت صحت وَإِلَّا ضربت مَسْأَلته أَو وفقها فِيمَا صحت مِنْهُ المسألتان وَيعْمل على ذَلِك فصل: فِي اسْتِخْرَاج القيراط وميزانه وَقِسْمَة التركات عَلَيْهِ : اعْلَم أَن الطَّرِيق فِي معرفَة قسْمَة التَّرِكَة على القراريط: هُوَ أَن تستخرج قِيرَاط الْعدَد الَّذِي صحت مِنْهُ الْمَسْأَلَة ثمَّ انسب إِلَيْهِ نصيب كل وَاحِد من الْوَرَثَة فَإِن كَانَ بعضه فَلذَلِك الْوَاحِد من الْوَرَثَة بعض قِيرَاط من التَّرِكَة بِتِلْكَ النِّسْبَة وَإِن كَانَ مثله فَلهُ قِيرَاط كَامِل وَإِن كَانَ مثلَيْهِ أَو أَكثر فقيراطان أَو أَكثر وعَلى هَذَا الْقيَاس مِثَاله: ثَلَاث زَوْجَات وَأَرْبع إخْوَة لأم وَخمْس أَخَوَات لأَب والتركة اثْنَان وَسَبْعُونَ دِينَارا الْمَسْأَلَة من اثْنَي عشر وتعول إِلَى خَمْسَة عشر قيراطها نصف وَثمن وَنصِيب الزَّوْجَات مِنْهَا ثَلَاثَة فنسبة الثَّلَاثَة إِلَى النّصْف وَالثمن: أَرْبَعَة أَمْثَال وَأَرْبَعَة أَخْمَاس مثل فَيكون لَهُنَّ من التَّرِكَة أَرْبَعَة قراريط وأبعة أَخْمَاس قِيرَاط وَهُوَ أَرْبَعَة عشر دِينَارا وخمسا دِينَار وَنصِيب الْإِخْوَة من الْأُم أَرْبَعَة نسبتها إِلَيْهِ سِتَّة أَمْثَال وخمسا مثل فَيكون لَهُم من التَّرِكَة سِتَّة قراريط وخمسا قِيرَاط وَهُوَ تِسْعَة عشر دِينَارا وَخمْس دِينَار وَنصِيب الْأَخَوَات من الْأَب ثَمَانِيَة نسبتها إِلَيْهِ اثْنَي عشر مثلا وَأَرْبَعَة أَخْمَاس مثل فَيكون لَهُم من التَّرِكَة اثْنَي عشر قيراطا وَأَرْبَعَة أَخْمَاس قِيرَاط وَهُوَ ثَمَانِيَة وَثَلَاثُونَ دِينَارا وخمسا دِينَار الجزء: 1 ¦ الصفحة: 346 وميزان الصِّحَّة فِي ذَلِك: أَن تجمع مَا حصل للْوَرَثَة من القراريط وتقابل بهَا التَّرِكَة فَإِن تَسَاويا فَالْعَمَل صَحِيح وَإِلَّا ففاسد وَطَرِيق معرفَة اسْتِخْرَاج القيراط: أَن تجْعَل كل عقد من الْعدَد الَّذِي تُرِيدُ معرفَة قيراطه وَاحِدًا وتنسب مَا اجْتمع مَعَك من الْآحَاد إِلَى أَرْبَعَة وَعشْرين فَمَا خرج فنسبته من عقد وَاحِد من ذَلِك الْعدَد مِثَاله: إِذا أردْت أَن تعرف قِيرَاط الْخَمْسَة عشر فاجعلها وَاحِدًا وَنصفا وانسب ذَلِك إِلَى الْأَرْبَعَة وَعشْرين يكون نصف ثمن وَالْعقد الْوَاحِد من خَمْسَة عشر: عشرَة نصف ثمنهَا نصف ثمن وَهُوَ القيراط وعَلى هَذَا يكون الْعَمَل تذييل: جرد للْإِمَام الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ وأرضاه عشروا مَسْأَلَة وبعثوا بهَا إِلَيْهِ مَعَ مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن يزِيد الأولى: رجل أبق لَهُ عبد فَقَالَ: هُوَ حر إِن طعمت طَعَاما حَتَّى أَجِدهُ فَأجَاب: أَن يَهبهُ لبَعض وَلَده الثَّانِيَة: رجلَانِ كَانَا فَوق سطح فَمَال أَحدهمَا فَسقط فَمَاتَ فَحرمت على الآخر امْرَأَته فَأجَاب: إِن امْرَأَة الْحَيّ كَانَت أمة الرجل السَّاقِط وَكَانَ الزَّوْج من بعض ورثته فَصَارَت الْأمة مِيرَاثا لَهُ فَحرمت عَلَيْهِ الثَّالِثَة: رجلَانِ خطبا امْرَأَة فَحلت لأَحَدهمَا وَلم تحل للْآخر من غير مَكْرُوه فَأجَاب: إِن أَحدهمَا كَانَت لَهُ أَربع نسْوَة فَحرمت عَلَيْهِ الْخَامِسَة وَالْآخر: لم يكن لَهُ امْرَأَة فَحلت لَهُ الْخطْبَة وَالنِّكَاح الرَّابِعَة: رجل ذبح شَاة فِي منزله ثمَّ خرج لحَاجَة فَرجع وَقد حرمت عَلَيْهِ الشَّاة فَقَالَ لأَهله: كلوا فقد حرم الله عَليّ الْأكل مِنْهَا فَقَالَ لَهُ أَهله: وَنحن أَيْضا قد حرم الله علينا الْأكل مِنْهَا فَأجَاب: إِن هَذَا الرجل كَانَ مُشْركًا وثنيا ذبح شَاة وَخرج فَأسلم وَرجع وَقد قيل لأَهله: إِن أَبَاكُم قد أسلم فأسلموا فَقَالَ لَهُم: قد حرم الله على الْأكل مِنْهَا لِأَنِّي أسلمت فَقَالُوا: وَنحن قد حرم الله علينا الْأكل لأَنا قد أسلمنَا الْخَامِسَة: امْرَأَة تزوجت فِي شهر وَاحِد بِثَلَاثَة أَزوَاج كل ذَلِك حَلَال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 347 فَأجَاب: إِن هَذِه الْمَرْأَة طَلقهَا زَوجهَا وَهِي حَامِل فَولدت بعد عشرَة أَيَّام وَانْقَضَت عدتهَا بِالْوَضْعِ ثمَّ تزوجت بِرَجُل آخر فَاخْتلعت مِنْهُ قبل الدُّخُول بهَا ثمَّ خطبهَا رجل آخر وَتَزَوجهَا وَدخل بهَا فَذَلِك ثَلَاثَة أَزوَاج فِي شهر السَّادِسَة: رجل حرمت عَلَيْهِ امْرَأَته سنة ثمَّ حلت لَهُ من غير حنث وَلَا طَلَاق وَلَا عدَّة فَأجَاب: إِن هَذَا الرجل كَانَ هُوَ وَامْرَأَته فِي الْحَج وهما محرمان فاتهما الْحَج فَلم تزل امْرَأَته حَرَامًا عَلَيْهِ إتيانها فَلَمَّا كَانَ فِي الْعَام الْمقبل حلت لَهُ فَوَطِئَهَا السَّابِعَة: امْرَأَتَانِ لقيتا غلامين فَقَالَتَا: مرْحَبًا بابنينا وَابْني زوجينا وهما زوجانا فَأجَاب: إِن الْمَرْأَتَيْنِ كَانَ لَهما ابْنَانِ فَتزوّجت كل وَاحِدَة مِنْهُمَا بِابْن صاحبتها فَكَانَا ابنيهما وزوجيهما وَابْني زوجيهما القديمين الثَّامِنَة: رجلَانِ شربا الْخمر فَوَجَبَ على أَحدهمَا الْحَد وَلم يجب على الآخر شَيْء وهما مسلمان فَأجَاب: إِن أَحدهمَا كَانَ حرا فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْحَد وَالْآخر مَجْنُون أَو صبي لَا حد عَلَيْهِمَا التَّاسِعَة: قوم سجدوا لغير الله وهم فِي فعلهم مطيعون لله فَأجَاب: إِنَّهُم الْمَلَائِكَة سجدوا لآدَم الْعَاشِرَة: رجل قَالَ لوَلَده: إِن مت فلك من إرثي أَلفَانِ وَلَو كنت عمي لَكَانَ يحصل لَك عشرَة آلَاف دِرْهَم فَأجَاب: إِن مَال الرجل مبلغه ثَلَاثُونَ ألفا وَله ابْن وَثَمَانِية وَعِشْرُونَ بِنْتا فللابن ألفا دِرْهَم وَلكُل بنت ألف وَلَو كَانَ ابْن عَم لَكَانَ للبنات الثُّلُثَانِ وَهُوَ عشرُون ألفا وَلابْن الْعم عشرَة آلَاف الْحَادِيَة عشرَة: رجل أَخذ قدحا فِيهِ مَاء فَشرب بعضه حَلَالا وَحرم عَلَيْهِ الْبَاقِي فَأجَاب: إِنَّه شرب بعضه ثمَّ رعف فِي الْبَاقِي حَتَّى غلب الدَّم على المَاء فَحرم عَلَيْهِ الثَّانِيَة عشرَة: امْرَأَة ادَّعَت أَن زَوجهَا مَا يقربهَا وَأَنَّهَا بكر كَمَا خلقت فَأجَاب: إِن القائلة تُؤمر أَن تحملهَا بَيْضَة فَإِن غَابَتْ الْبَيْضَة كذبت وَإِلَّا صدقت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 348 الثَّالِثَة عشرَة: رجل دفع إِلَى زَوجته كيسا مَخْتُومًا وَقَالَ: أَنْت طَالِق إِن أَنْت فتحتيه أَو فتقتيه أَو خرقتيه وَأَنت طَالِق إِن لم تفرغيه فَأجَاب: إِن الْكيس كَانَ فِيهِ ملح فَوَضَعته فِي مَاء حَار فذاب الْملح وخلا الْكيس من غير فتح وَلَا فتق وَلَا حرق الرَّابِعَة عشرَة: امْرَأَة لقِيت غُلَاما فقبلته وَقَالَت: فديت ابْن زَوجي وَأَنا امْرَأَة أَبِيه فَأجَاب: إِنَّهَا أمه الْخَامِسَة عشرَة: رجل مر على جَارِيَة فقبلها وَقَالَ: فديت من أبي جدها وَأخي عَمها وأنكح أمهَا فَأجَاب: إِنَّهَا ابْنَته السَّادِسَة عشرَة: خَمْسَة نفر زنوا بِامْرَأَة فَوَجَبَ على أحدهم الْقَتْل وَالثَّانِي: الرَّجْم وَالثَّالِث: الْجلد وَالرَّابِع: نصف الْجلد وَالْخَامِس: لَا شَيْء عَلَيْهِ فَأجَاب: الأول: مُشْرك زني بِمسلمَة وَالثَّانِي: مُحصن يجب عَلَيْهِ الرَّجْم وَالثَّالِث: غير الْمُحصن إِنَّمَا يجب عَلَيْهِ الْجلد وَالرَّابِع: مَمْلُوك يجب عَلَيْهِ نصف الْجلد وَالْخَامِس: صبي أَو مَجْنُون لَا شَيْء عَلَيْهِمَا السَّابِعَة عشرَة: امْرَأَة أكرهت ملوكا على وَطئهَا فَوَطِئَهَا وَهُوَ كَارِه فَأجَاب: إِن خشِي الْمَمْلُوك أَن يقتل إِن لم يفعل وَفعل فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَإِلَّا فَعَلَيهِ نصف الْحَد وَإِن كَانَت مُحصنَة فعلَيْهَا الرَّجْم وَإِلَّا فعلَيْهَا الْجلد إِن كَانَت حرَّة الثَّامِنَة عشرَة: رجل صلى بِقوم وَسلم عَن يَمِينه فَطلقت امْرَأَته وَسلم عَن شِمَاله ففسدت صلَاته وَنظر إِلَى السَّمَاء فَوَجَبَ عَلَيْهِ ألفا دِرْهَم فَأجَاب: إِن الرجل لما سلم عَن يَمِينه نظر إِلَى رجل كَانَ زوج امْرَأَته وَغَابَ عَنْهَا فَتزَوج بهَا فَلَمَّا قدم من سَفَره فَارق زَوجته ثمَّ سلم عَن يسَاره فَرَأى فِي ثَوْبه دَمًا كثيرا فَوَجَبَ عَلَيْهِ إِعَادَة الصَّلَاة وَنظر إِلَى السَّمَاء وَكَانَ عَلَيْهِ دين منجم فَرَأى الْهلَال فَوَجَبَ عَلَيْهِ ألفا دِرْهَم التَّاسِعَة عشرَة: رجل ضرب آخر بعصى فَادّعى الْمَضْرُوب أَنه أذهب بَصَره بضربته وَأَنه جيف خياشيمه وأخرس لِسَانه فَأجَاب: بِأَن يُقَام الْمَضْرُوب فِي مُسْتَقْبل الشَّمْس فَإِن لم يطرف فَهُوَ صَادِق ويشم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 349 الحراق فَإِن لم يتأذ بِهِ فَهُوَ صَادِق ويغرز لِسَان بإبرة فَإِن خرج دم أسود فَهُوَ صَادِق الْعشْرُونَ: إِمَام كَانَ يُصَلِّي وَرَاءه أَرْبَعَة أَنْفَار فَدخل الْمَسْجِد رجل آخر فصلى مَعَهم فَلَمَّا سلم الإِمَام عَن يَمِينه وَنظر إِلَى الرجل الْخَامِس وَجب على الإِمَام ضرب الْعُنُق وَأخذ امْرَأَته مِنْهُ وتدفع إِلَى الْخَامِس وَوَجَب هدم الْمَسْجِد وَوَجَب على الْأَرْبَعَة الَّذين صلوا خَلفه الْجلد فَأجَاب: إِن الرجل الَّذِي دخل بعد الْأَرْبَعَة مُسَافر وَخلف أَخا لَهُ وَخلف امْرَأَته عِنْده فَقتل ذَلِك الإِمَام أَخا الرجل وَأخذ امْرَأَته وَادّعى أَنَّهَا زَوجته فَشهد الْأَرْبَعَة لَهُ بِالزَّوْجِيَّةِ وَأخذ دَار الرجل وبناها مَسْجِدا فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْقَتْل ورد الْمَرْأَة إِلَى زَوجهَا وَيرد الْمَسْجِد دَارا كَمَا كَانَت وَوَجَب على الشُّهُود الْجلد بِشَهَادَة الزُّور المصطلح : وَفِيه صُورَة قسْمَة الْمِيرَاث بَين الْوَرَثَة تقدّمت فِي الْإِقْرَار لتعلقها بِهِ وَصُورَة الْوَفَاة وَحصر الْوَرَثَة يَأْتِي فِي بَاب المحاضر إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَالله أعلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 350 كتاب الْوَصَايَا وَمَا يتَعَلَّق بهَا من الْأَحْكَام (الْوَصِيَّة) مَأْخُوذَة من قَوْلهم: وصيت الشَّيْء أوصيته: إِذا وصلته لِأَن الْمُوصي يصل مَا كَانَ مِنْهُ فِي حَيَاته بِمَا بعد مماته وَالْأَصْل فِي ثُبُوت الْوَصِيَّة: الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع أما الْكتاب: فَقَوله تَعَالَى {من بعد وَصِيَّة يُوصي بهَا أَو دين} وَأما السّنة: فَمَا رُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (مَا حق امرىء مُسلم عِنْده شَيْء يوصى فِيهِ يبيت لَيْلَتَيْنِ إِلَّا ووصيته مَكْتُوبَة عِنْد رَأسه) وَرُوِيَ (أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما قدم الْمَدِينَة سَأَلَ عَن الْبَراء بن معْرور فَقيل لَهُ: إِنَّه هلك ووصى لَك بِثلث مَاله فَقبله النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ رده على ورثته) وَأما الْإِجْمَاع: فَروِيَ أَن أَبَا بكر وصّى بالخلافة إِلَى عمر ووصى عمر بالخلافة إِلَى أهل الشورى وهم سِتَّة: عُثْمَان وَعلي وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَسعد بن أبي وَقاص وَظهر ذَلِك فِي الصَّحَابَة وَلم يخالفهما أحد بل عمِلُوا بِهِ وَمَا يُوصي بِهِ الْإِنْسَان ضَرْبَان وَصِيَّة بِالنّظرِ فِيمَا كَانَ لَهُ النّظر فِيهِ وَوَصِيَّة بِثلث مَاله فَأَما الْوَصِيَّة بِالنّظرِ: فَإِن من ثبتَتْ لَهُ الْخلَافَة على الْأمة فَلهُ أَن يُوصي بهَا إِلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 351 رجل تُوجد فِيهِ شُرُوط الْخلَافَة لما ذَكرْنَاهُ من حَدِيث أبي بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا وَأما الْوَصِيَّة بِالثُّلثِ: فَكل من ملك التَّصَرُّف فِي مَاله بِالْبيعِ وَالْهِبَة ملك الْوَصِيَّة بِثلث مَاله فِيمَا فِيهِ قربَة لقَوْله تَعَالَى: {من بعد وَصِيَّة يُوصي بهَا أَو دين} وَلما رُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (إِن الله أَعْطَاكُم ثلث أَمْوَالكُم فِي آخر آجالكم زِيَادَة فِي حسناتكم) وَرُوِيَ عَن سعد بن أبي وَقاص رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَرضت بِمَكَّة عَام الْفَتْح مَرضا أشرفت مِنْهُ على الْمَوْت فَدخل عَليّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت: يَا رَسُول الله إِن لي مَالا كثيرا وَإِنَّمَا يَرِثنِي ابْنة لي أفأتصدق بِمَالي كُله قَالَ: (لَا) قلت: أفأتصدق بِثُلثي مَالِي قَالَ: (لَا) قلت: فبالشطر قَالَ: (فبالثلث فَقَالَ: (الثُّلُث وَالثلث كثير) وَرُوِيَ (كَبِير إِنَّك أَن تذر وَرثتك أَغْنِيَاء خير من أَن تتركهم عَالَة يَتَكَفَّفُونَ النَّاس) فَلم يَنْهَهُ عَن الثُّلُث وَإِنَّمَا قَالَ: (هُوَ كثير) فَدلَّ على جَوَاز التَّصَدُّق بِهِ و (العالة) الْفُقَرَاء قَالَ الله تَعَالَى: {ووجدك عائلا فأغنى} وَقَوله: (يَتَكَفَّفُونَ النَّاس) مَعْنَاهُ يسْأَلُون النَّاس بأكفهم فَإِن كَانَ ورثته فُقَرَاء: فالمستحب لَهُ أَن لَا يُوصي بِجَمِيعِ الثُّلُث لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (إِنَّك أَن تذر وَرثتك أَغْنِيَاء خير من أَن تتركهم عَالَة يَتَكَفَّفُونَ النَّاس) وَإِن كَانُوا اسْتحبَّ لَهُ أَن يُوصي بِجَمِيعِ الثُّلُث لِأَنَّهُ لما كره اسْتِيفَاء الثُّلُث إِذا كَانُوا فُقَرَاء دلّ على أَنه يسْتَحبّ لَهُ أَن يَسْتَوْفِي الثُّلُث إِذا كَانُوا أَغْنِيَاء وَيشْتَرط فِي الْمُوصي التَّمْيِيز فَلَا تصح وَصِيَّة الْمَجْنُون والمغمي عَلَيْهِ وَالصَّبِيّ الَّذِي لَا تَمْيِيز لَهُ وَفِي الْمُمَيز قَولَانِ أظهرهمَا: الْمَنْع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 352 وَيشْتَرط التَّكْلِيف فِي الْمُوصي وَالصَّحِيح: صِحَّتهَا من السَّفِيه والمحجور عَلَيْهِ وتلغى وَصِيَّة الرَّقِيق وَفِيمَا إِذا أعتق ثمَّ مَاتَ: وَجه وَتَصِح وَصِيَّة الْكَافِر ثمَّ إِن كَانَت الْوَصِيَّة لجِهَة عَامَّة: فَالشَّرْط أَن لَا تكون لجِهَة مَعْصِيّة فَلَا تصح لعمارة البيع وَبِنَاء بَيت لبَعض الْمعاصِي وَإِن كَانَت لشخص معِين فَيَنْبَغِي أَن يتَصَوَّر لَهُ الْملك فَتجوز الْوَصِيَّة للْحَمْل وَينفذ إِذا انْفَصل حَيا وَأَن يكون مَعْلُوم الْوُجُود عِنْد الْوَصِيَّة بِأَن ينْفَصل لأَقل من سِتَّة أشهر فَإِذا انْفَصل لسِتَّة أشهر فَصَاعِدا وَالْمَرْأَة فرَاش زوج أَو سيد فَلَا حق لَهُ وَإِذا أوصى لعبد إِنْسَان فَإِن اسْتمرّ رقّه: فَالْوَصِيَّة لسَيِّده وَإِن أعتق قبل موت الْمُوصي: فالاستحقاق لَهُ وَلَا تصح الْوَصِيَّة للدابة على قصد تَملكهَا وَكَذَا لَو أطلق الْوَصِيَّة وَلَو قَالَ: ليصرف فِي عَلفهَا فَالظَّاهِر الصِّحَّة وَلَو أوصى لعمارة مَسْجِد صَحَّ وتنزل على عِمَارَته ومصالحه وَتجوز الْوَصِيَّة للذِّمِّيّ وَكَذَلِكَ الْحَرْبِيّ وَتجوز الْوَصِيَّة للْقَاتِل فِي أظهر الْقَوْلَيْنِ وَالْوَصِيَّة للْوَارِث لاغية نَافِذَة بِإِجَازَة الْوَرَثَة وَلَو أوصى لِأَخِيهِ وَلَا ولد للْمُوصي ثمَّ ولد لَهُ ولد قبل مَوته: صحت الْوَصِيَّة وَلم يخرج على الْخلاف فَإِن الِاعْتِبَار بِكَوْن الْمُوصى لَهُ وَارِثا يَوْم الْمَوْت لَا يَوْم الْوَصِيَّة وَتَصِح الْوَصِيَّة بِالْحملِ وَالشّرط أَن ينْفَصل لوقت يعلم وجوده عِنْد الْوَصِيَّة وَأَن ينْفَصل حَيا وَتَصِح أَيْضا بالمنافع وَكَذَا بالثمار الَّتِي ستحدث وَالْحمل الَّذِي سيوجد وَتَصِح الْوَصِيَّة بِأحد الْعَبْدَيْنِ وَيصِح بِمَا يحل بِهِ الانتفاعات من النَّجَاسَات كَالْكَلْبِ الْمعلم والزبل وَالْخمر المحترمة وَلَو أوصى بكلب من كلابه وَله كلاب يحل الِانْتِفَاع بهَا أعْطى وَاحِدًا مِنْهَا وَإِن لم يكن لَهُ كلاب لغت الْوَصِيَّة وَمن لَهُ مَال وكلاب فأوصى بهَا أَو بِبَعْضِهَا فَالْأَظْهر نُفُوذ الْوَصِيَّة وَإِن كثرت وَقل المَال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 353 وَلَو أوصى بطبل وَكَانَ الطبل يصلح للحرب والحجيج حملت الْوَصِيَّة على مَا يجوز الِانْتِفَاع بِهِ وَلَو أوصى بطبل لَهو لم تصح الْوَصِيَّة وَلَا يَنْبَغِي أَن يُوصي بِأَكْثَرَ من ثلث المَال ول فعل ورد الْوَارِث ارْتَدَّت الْوَصِيَّة فِي الزِّيَادَة فَإِن أجَاز نفذت فِي أظهر الْوَجْهَيْنِ وَإِذا تبرع تبرعات منجزة فِي مرض الْمَوْت كالوقف وَالْهِبَة وَالْعِتْق وَالْإِبْرَاء وَلم يَفِ الثُّلُث بهَا فَأخذ الْقَوْلَيْنِ: أَنه يقدم الْعتْق وَالأَصَح: التَّسْوِيَة بَين الْعتْق وَغَيره ويقسط الثُّلُث عَلَيْهَا بِاعْتِبَار الْقيمَة فَإِن تمحض الْعتْق فيقرع وَإِن تمحض غَيره فيقسط وَإِن اجْتمع تبرعات فَصَاعِدا منجزات فَإِن ترتبت قدم الأول فَالْأول إِلَى أَن يتم الثُّلُث إِن وجدت دفْعَة وَاحِدَة فَإِن اتَّحد الْجِنْس كَمَا لَو أعتق عبيدا وَأَبْرَأ جمَاعَة فَلَا يقدم بَعْضهَا على بعض بل يقرع فِي الْعتْق ويقسط الثُّلُث فِي غَيره وَإِن اخْتلف الْجِنْس وصدرت التَّصَرُّفَات من وكلاء فَإِن لم يكن فِيهَا عتق فيقسط الثُّلُث وَإِن كَانَ فِيهَا فَيقدم الْعتْق أَو يقسط فِيهِ الْقَوْلَانِ وَلَو كَانَ لَهُ عَبْدَانِ سَالم وغانم فَقَالَ: إِن أعتقت غانما فسالم حر ثمَّ أعتق غانما فِي مرض مَوته فَلَا يقرع وَيتَعَيَّن لِلْعِتْقِ غَانِم وَإِذا أوصى بِعَين حَاضِرَة هِيَ ثلث مَاله وَبَاقِي مَاله غَائِب لم يدْفع إِلَى الْمُوصى لَهُ فِي الْحَال وَإِذا ظننا أَن الْمَرَض مخوف لم ينفذ التَّصَرُّف فِيمَا زَاد على الثُّلُث فَإِن برأَ تبين خلاف مَا ظنناه وَنفذ التَّبَرُّع وَإِن ظننا غير مخوف وَمَات فَإِن كَانَ يحمل على الْفجأَة نفذ التَّبَرُّع وَإِلَّا تبين أَنه مخوف وَإِن شككنا فِي الْمَرَض أهوَ مخوف أم لَا فالرجوع فِيهِ إِلَى الْأَطِبَّاء وَإِنَّمَا يعْتَمد قَول من يجمع الْإِسْلَام والتكليف وَالْعَدَالَة وَالْحريَّة وَيشْتَرط الْعدَد أَيْضا فِي الْأَمْرَاض المخوفة وَهُوَ القولنج وَذَات الْجنب والرعاف الدَّائِم والإسهال الْمُتَوَاتر وَخُرُوج الطَّعَام غير مُسْتَحِيل أَو كَانَ يخرج بِشدَّة أَو وجع وَمَعَهُ دم وَمِنْهَا: الدق وَابْتِدَاء الفالج والحمى المطبقة وَكَذَا غير المطبقة كالورد وَالْغِب إِلَّا الرّبع وَالْأَظْهَر: أَنه يلْتَحق بالأمراض المخوفة: الْوُقُوع فِي أسر كفار اعتادوا قتل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 354 الأسرى والتحام الْقِتَال بَين الْفَرِيقَيْنِ والتقديم للْقصَاص أَو الرَّجْم واضطراب الرِّيَاح وهيجان الأمواج فِي حق ركاب السَّفِينَة وَمَا إِذا ضرب الْحَامِل الطلق وَبعد الْوَضع مَا لم تنفصل المشيمة وَصُورَة الْوَصِيَّة أَن يَقُول: أوصيت لَهُ بِكَذَا أَو ادفعوا إِلَيْهِ أَو أَعْطوهُ بعد موتِي أَو جعلته لَهُ أَو هُوَ لَهُ بعد موتِي وَلَو اقْتصر على قَوْله: (هُوَ لَهُ) فَهُوَ إِقْرَار لَا يَجْعَل كِنَايَة عَن الْوَصِيَّة إِلَّا أَن يَقُول: (هُوَ لَهُ من مَالِي) وَإِذا كَانَت الْوَصِيَّة لغير معِين كالفقراء لم يشْتَرط فِيهَا الْقبُول ولزمت بِالْمَوْتِ وَإِن كَانَت لمُعين فَلَا بُد من الْقبُول وَلَا يَصح الْقبُول فِي حَيَاة الْمُوصي وَلَا الرَّد وَلَا يشْتَرط الْقبُول على الْفَوْر بعد موت الْمُوصي وَإِذا مَاتَ الْمُوصى لَهُ قبل موت الْمُوصي بطلت الْوَصِيَّة وَإِن مَاتَ بعد مَوته قَامَ وَارثه مقَامه فِي الْقبُول وَبِمَ يملك الْمُوصى لَهُ الْمُوصى بِهِ فِيهِ أَقْوَال أَحدهَا: بقبوله وَالثَّانِي: بِمَوْت الْمُوصي وأصحها أَنَّهَا تتَوَقَّف فَإِن قبل تَبينا أَنه ملك من وَقت الْمَوْت وَإِلَّا تَبينا أَنه كَانَ ملكا للْوَارِث وعَلى هَذَا الْخلاف يَنْبَنِي كسب العَبْد وَثَمَرَة الشَّجَرَة الحاصلان بَين الْمَوْت وَالْقَبُول وفطرة العَبْد إِذا وَقع وَقت الْوُجُوب بَينهمَا وَنَفَقَته وَيُطَالب الْمُوصي لَهُ بِنَفَقَة العَبْد أَو الدَّابَّة الْمُوصي بهَا لَهُ إِذا توقف فِي الْقبُول وَالرَّدّ الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب : (الْوَصِيَّة) تمْلِيك مُضَاف إِلَى مَا بعد الْمَوْت وَهِي جَائِزَة مُسْتَحبَّة غير وَاجِبَة بِالْإِجْمَاع لمن لَيست عِنْد أَمَانَة يجب عَلَيْهِ الْخُرُوج مِنْهَا وَلَا عَلَيْهِ دين لَا يعلم بِهِ من هُوَ لَهُ أَو لَيست عِنْده وَدِيعَة بِغَيْر إِشْهَاد فَإِن كَانَت ذمَّته مُتَعَلقَة بِشَيْء من ذَلِك كَانَت الْوَصِيَّة وَاجِبَة عَلَيْهِ فرضا وَهِي مُسْتَحبَّة لغير وَارِث بِالْإِجْمَاع وَقَالَ الزُّهْرِيّ وَأهل الظَّاهِر: إِن الْوَصِيَّة وَاجِبَة للأقارب الَّذين لَا يَرِثُونَ الْمَيِّت سَوَاء كَانُوا عصبَة أَو ذَا رحم إِذا كَانَ هُنَاكَ وَارِث غَيرهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 355 فصل: وَالْوَصِيَّة لغير وَارِث بِالثُّلثِ جَائِزَة بِالْإِجْمَاع وَلَا تفْتَقر إِلَى إجَازَة وللوارث جَائِزَة مَوْقُوفَة على إجَازَة الْوَرَثَة وَإِذا أوصى بِأَكْثَرَ من ثلثه وَأَجَازَ الْوَرَثَة ذَلِك فمذهب مَالك: أَنهم إِذا أَجَازُوا فِي مَرضه لم يكن لَهُم أَن يرجِعوا بعد مَوته وَفِي صِحَّته فَلهم الرُّجُوع بعد مَوته وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ: لَهُم الرُّجُوع سَوَاء كَانَ فِي صِحَّته أَو فِي مَرضه فصل: وَمن أوصى بجمل أَو بعير جَازَ عِنْد الثَّلَاثَة أَن يُعْطي أُنْثَى وَكَذَلِكَ إِن أوصى ببدنة أَو بقرة جَازَ أَن يُعْطي ذكرا فالذكر وَالْأُنْثَى عِنْدهم سَوَاء وَقَالَ الشَّافِعِي: لَا يجوز فِي الْبَعِير إِلَّا الذّكر وَلَا فِي الْبَدنَة وَالْبَقَرَة إِلَّا الْأُنْثَى وَإِذا أوصى بِإِخْرَاج ثلث مَاله فِي الرّقاب ابتدىء عِنْد مَالك بِعِتْق مماليكه قَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ: يصرف إِلَى المكاتبين فصل: إجَازَة الْوَرَثَة: هَل هِيَ تَنْفِيذ لما كَانَ أَمر بِهِ الْمُوصي أم عَطِيَّة مُبتَدأَة فَعِنْدَ الثَّلَاثَة تَنْفِيذ وَعند الشَّافِعِي قَولَانِ أصَحهمَا: كالجماعة وَهل يملك الْمُوصى لَهُ بِمَوْت الْمُوصي أم بقبوله وَإِذا أوصى بِشَيْء لرجل ثمَّ أوصى بِهِ الآخر وَلم يُصَرح بِرُجُوع عَن الأول فَهُوَ بَينهمَا نِصْفَانِ بالِاتِّفَاقِ وَقَالَ الْحسن وَعَطَاء وَطَاوُس: هُوَ رُجُوع وَيكون للثَّانِي وَقَالَ دَاوُد: هُوَ للْأولِ فصل: وَالْعِتْق وَالْهِبَة وَالْوَقْف وَسَائِر العطايا المنجزة فِي مرض الْمَوْت مُعْتَبرَة من الثُّلُث بالِاتِّفَاقِ وَقَالَ مُجَاهِد وَدَاوُد: هِيَ منجزة من رَأس المَال وَاخْتلف فِيمَا قدم ليقتص مِنْهُ أَو كَانَ فِي الصَّفّ بِإِزَاءِ الْعَدو أَو جَاءَ الْحَامِل الطلق أَو هاج الموج بالبحر وَهُوَ رَاكب سفينة قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد فِي الْمَشْهُور عَنهُ: إِن عطايا هَؤُلَاءِ من الثُّلُث وَللشَّافِعِيّ قَولَانِ أصَحهمَا: من الثُّلُث وَالثَّانِي: من جَمِيع المَال وَرُوِيَ عَن مَالك: أَن الْحَامِل إِذا بلغت سِتَّة أشهر وَلم تتصرف فِي أَكثر من ثلث مَالهَا وَاخْتلفُوا فِي الْوَصِيَّة إِلَى العَبْد فَقَالَ مَالك وَأحمد: تصح مُطلقًا وَقَالَ أَبُو حنيفَة: تصح إِلَى عبد نَفسه بِشَرْط أَن يكون فِي الْوَرَثَة كَبِير وَلَا تصح إِلَى عبد غَيره وَمن لَهُ أَب أَو جد لَا يجوز لَهُ عِنْد الشَّافِعِي وَأحمد أَن يُوصي إِلَى أَجْنَبِي بِالنّظرِ فِي أَمر أَوْلَاده مَعَ وجود أَبِيه وجده إِذا كَانَ من أهل الْعَدَالَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 356 تصح الْوَصِيَّة فِي أَمر الْأَوْلَاد وَقَضَاء الدُّيُون وتنفيذ الثُّلُث مَعَ وجود الْأَب وَالْجد وَإِذا أوصى إِلَى عدل ثمَّ فسق نزعت الْوَصِيَّة مِنْهُ كَمَا إِذا أسْند الْوَصِيَّة إِلَيْهِ فَإِنَّهَا لَا تصح فَإِنَّهُ لَا يُؤمن عَلَيْهَا وَهَذَا قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِذا فسق يضم إِلَيْهِ آخر عدل فَإِذا أوصى إِلَى فَاسق يُخرجهُ القَاضِي من الْوَصِيَّة فَإِن لم يُخرجهُ بعد تصرفه صحت وَصيته وَاخْتلفُوا فِي الْوَصِيَّة للْكفَّار فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: تصح سَوَاء كَانُوا أهل حَرْب أَو ذمَّة وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا تصح لأهل الْحَرْب وَتَصِح لأهل الذِّمَّة خَاصَّة فصل: وللوصي أَن يُوصي مَا وصّى بِهِ إِلَيْهِ غَيره وَإِن لم يكن الْوَصِيّ جعل ذَلِك إِلَيْهِ هَذَا مَذْهَب أبي حنيفَة وَأَصْحَابه وَمَالك وَمنع من ذَلِك الشَّافِعِي وَأحمد فِي أظهر الرِّوَايَتَيْنِ وَإِذا كَانَ الْوَصِيّ عدلا لم يحْتَج إِلَى حكم الْحَاكِم وتنفيذ الْوَصِيَّة إِلَيْهِ وَيصِح جَمِيع تصرفه عِنْد الثَّلَاثَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِن لم يحكم لَهُ حَاكم فَجَمِيع مَا يَشْتَرِيهِ ويبيعه للصَّبِيّ مَرْدُود وَمَا ينْفق عَلَيْهِ فَقَوله فِيهِ مَقْبُول فصل: وَيشْتَرط بَيَان مَا يُوصي فِيهِ وتعيينه فَإِن أطلق الْوَصِيَّة فَقَالَ: أوصيت إِلَيْك لم يَصح عِنْد أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَكَانَ ذَلِك لَغوا وَقَالَ مَالك: يَصح وَتَكون وَصِيَّة فِي كل شَيْء وَقَالَ مَالك فِي رِوَايَة أُخْرَى: إِنَّه لَا يكون وَصِيّا إِلَّا فِيمَا عينه وَإِذا أوصى لأقاربه أَو عقبه لم يدْخل أَوْلَاد الْبَنَات فيهم عِنْد مَالك فَإِن أَوْلَاد الْبَنَات عِنْده لَيْسُوا بعقب وَيُعْطى الْأَقْرَب فَالْأَقْرَب وَقَالَ أَبُو حنيفَة: أَقَاربه ذَوُو رَحمَه وَلَا يُعْطي ابْن الْعم وَلَا ابْن الْخَال وَقَالَ الشَّافِعِي: إِذا قَالَ لأقاربي: دخل كل قرَابَة وَإِن بعد لَا أصلا وفرعا وَإِذا قَالَ لذريتي وعقبى: دخل أَوْلَاد الْبَنَات وَقَالَ أَحْمد فِي إِحْدَى روايتيه: من كَانَ يصله فِي حَيَاته فَيصْرف إِلَيْهِ وَإِلَّا فَالْوَصِيَّة لأقاربه من جِهَة أَبِيه وَلَو أوصى لجيرانه فَقَالَ أَبُو حنيفَة: هم الملاصقون وَقَالَ الشَّافِعِي: حد الْجوَار أَرْبَعُونَ دَارا من كل جَانب وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ أَرْبَعُونَ وَثَلَاثُونَ وَلَا حد لذَلِك عِنْد مَالك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 357 فصل: وَالْوَصِيَّة للْمَيت عِنْد أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: بَاطِلَة وَقَالَ مَالك بِصِحَّتِهَا فَإِن كَانَ عَلَيْهِ دين أَو كَفَّارَة صرفت وَإِلَّا كَانَت لوَرثَته وَلَو أوصى لرجل بِأَلف وَلم يكن حَاضرا إِلَّا ألف وَبَاقِي مَاله غَائِب أَو بَاقِي مَاله عقار أَو دين وشح الْوَرَثَة وَقَالُوا: لَا ندفع إِلَى الْمُوصى لَهُ إِلَّا ثلث الْألف فَعِنْدَ مَالك: لَيْسَ لَهُم ذَلِك وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: لَهُ ثلث الْألف وَيكون بباقي حَقه شَرِيكا فِي جَمِيع مَا خَلفه الْمُوصي يَسْتَوْفِي مِنْهُ حَقه فصل: وَإِذا وصّى لغلام لم يبلغ الْحلم وَكَانَ يعقل مَا يوصى لَهُ بِهِ فوصيته جَائِزَة عِنْد مَالك وَقَالَ أَبُو حنيفَة: بِعَدَمِ الْجَوَاز وَاخْتلف قَول الشَّافِعِي فَالْأَصَحّ من مذْهبه: أَنَّهَا لَا تصح وَهُوَ مَذْهَب أَحْمد وَلَو اعتقل لِسَان الْمَرِيض فَهَل تصح وَصيته بِالْإِشَارَةِ أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد: لَا تصح وَقَالَ الشَّافِعِي: تصح وَالظَّاهِر من مَذْهَب مَالك: جَوَاز ذَلِك وَإِذا قبل الْمُوصى إِلَيْهِ الْوَصِيَّة فِي حَيَاة الْمُوصي لم يكن لَهُ عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك أَن يرجع بعد مَوته وَقَالَ أَبُو حنيفَة: وَلَا فِي حَيَاة الْمُوصي إِلَّا أَن يكون الْمُوصي حَاضرا وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد: لَهُ الرُّجُوع على كل حَال وعزل نَفسه مَتى شَاءَ قَالَ النَّوَوِيّ: إِلَّا أَن يتَعَيَّن عَلَيْهِ أَو يغلب على ظَنّه تلف المَال باستيلاء ظَالِم عَلَيْهِ وَإِذا أوصى لحر بِأَبِيهِ الرَّقِيق فَقبل الْوَصِيَّة وَهُوَ مَرِيض فَيعتق عَلَيْهِ أَبوهُ ثمَّ مَاتَ الابْن فَعِنْدَ مَالك وَالْجُمْهُور: أَنه يَرِثهُ وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد: لَا يَرِثهُ وَإِذا قَالَ: أَعْطوهُ رَأْسا من رقيقي أَو جملا من إبلي وَكَانَ رَقِيقه أَو إبِله عشرَة قَالَ مَالك: يعْطى عشرهم بِالْقيمَةِ وَقَالَ الشَّافِعِي: يُعْطِيهِ الْوَرَثَة مَا يَقع عَلَيْهِ اسْم رَأس صَغِيرا كَانَ أَو كَبِيرا فصل: وَإِذا كتب وَصِيَّة بِخَطِّهِ وَيعلم أَنَّهَا بِخَطِّهِ وَلم يشْهد فِيهَا فَهَل يحكم بهَا كَمَا يحكم بهَا لَو أشهد على نَفسه بهَا الثَّلَاثَة على أَنه لَا يحكم بهَا وَقَالَ أَحْمد: يحكم بهَا مَا لم يعلم رُجُوعه عَنْهَا وَلَو أوصى إِلَى رجلَيْنِ وَأطلق فَهَل لأَحَدهمَا التَّصَرُّف دون الآخر قَالَ الثَّلَاثَة: لَا تجوز مُطلقًا وَقَالَ أَبُو حنيفَة: تجوز فِي ثَمَانِيَة أَشْيَاء مَخْصُوصَة: شِرَاء الْكَفَن وتجهيز الْمَيِّت وإطعام الصغار وكسوتهم ورد وَدِيعَة بِعَينهَا وَقَضَاء دين وإنقاذ وَصِيَّة بِعَينهَا وَعتق عبد بِعَيْنِه وَالْخُصُومَة فِي حُقُوق الْمَيِّت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 358 وَاخْتلفُوا هَل يَصح التَّزْوِيج فِي مرض الْمَوْت قَالَ الثَّلَاثَة: يَصح وَقَالَ مَالك: لَا يَصح للْمَرِيض الْمخوف عَلَيْهِ: فَإِن تزوج وَقع فَاسِدا سَوَاء دخل بهَا أَو لم يدْخل وَيكون الْفَسْخ بِالطَّلَاق فَإِن برىء من المرص فَهَل يَصح ذَلِك النِّكَاح أم يبطل عَنهُ فِي ذَلِك رِوَايَتَانِ وَلَو كَانَ لَهُ ثَلَاثَة أَوْلَاد فأوصى لآخر بِمثل نصيب أحدهم قَالَ الثَّلَاثَة: لَهُ الرّبع وَقَالَ مَالك: لَهُ الثُّلُث وَلَو أوصى بِجَمِيعِ مَاله وَلَا وَارِث لَهُ قَالَ أَبُو حنيفَة: الْوَصِيَّة صَحِيحَة وَهِي رِوَايَة عَن أَحْمد وَقَالَ الشَّافِعِي وَمَالك فِي رِوَايَة عَنهُ وَأحمد فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى: لَا تصح إِلَّا فِي الثُّلُث وَلَو وهب أَو أعتق فِي مَرضه وَعجز الثُّلُث وَقَالَ الثَّلَاثَة: يتحاصان وَقَالَ الشَّافِعِي: يبْدَأ بِالْأولِ وَهِي رِوَايَة عَن أَحْمد فصل: وَهل يجوز للْوَصِيّ أَن يَشْتَرِي شَيْئا لنَفسِهِ من مَال الْيَتِيم قَالَ أَبُو حنيفَة: يجوز بِزِيَادَة على الْقيمَة اسْتِحْسَانًا فَإِن اشْتَرَاهُ بِمثل قِيمَته لم يجز وَقَالَ مَالك: لَهُ أَن يَشْتَرِيهِ بِالْقيمَةِ وَقَالَ الشَّافِعِي: لَا يجوز على الْإِطْلَاق وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ أشهرهما: عدم الْجَوَاز وَالْأُخْرَى: إِذا وكل غَيره جَازَ وَإِذا ادّعى الْوَصِيّ دفع المَال إِلَى الْيَتِيم بعد بُلُوغه قَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد: القَوْل قَول الْوَصِيّ مَعَ يَمِينه فَيقبل قَوْله كَمَا يقبل فِي تلف المَال وَمَا يَدعِيهِ من الْإِتْلَاف يكون أَمينا وَكَذَا الحكم فِي الْأَب وَالْحَاكِم وَالشَّرِيك وَالْمُضَارب وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ: لَا يقبل قَول الْوَصِيّ إِلَّا بِبَيِّنَة فصل: وَالْوَصِيَّة لِلْعَامِلِ صَحِيحَة عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك وَأحمد وَللشَّافِعِيّ قَولَانِ أصَحهمَا: الصِّحَّة وَلَو أوصى لمَسْجِد قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: تصح الْوَصِيَّة وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا تصح إِلَّا أَن يَقُول: ينْفق عَلَيْهِ وَلَو أوصى لبني فلَان لم يدْخل إِلَّا الذُّكُور بالِاتِّفَاقِ وَيكون بَينهم بِالسَّوِيَّةِ فصل: وَالْوَصِيّ الْغَنِيّ هَل يجوز لَهُ 360 - أَن يَأْكُل من مَال الْيَتِيم عِنْد الْحَاجة أم لَا فمذهب أبي حنيفَة: لَا يَأْكُل بِحَال لَا قرضا وَلَا غَيره وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد: يجوز لَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 359 أَن يَأْكُل بِأَقَلّ الْأَمريْنِ من أُجْرَة عمله وكفايته وَقَالَ مَالك: إِن كَانَ غَنِيا فليستعفف وَإِن كَانَ فَقِيرا فَليَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ بِقدر نظره وَأُجْرَة عمله فَائِدَة قَالَ السُّبْكِيّ فِي الطَّبَقَات: ذكر القَاضِي شُرَيْح فِيمَا إِذا قَالَ الْمُوصي (مَا يَدعِي فلَان فصدقوه) قَالَ الثَّقَفِيّ: يحْتَمل أَن يصدق فِي الْجَمِيع وَقَالَ الزجاجي: هُوَ إِقْرَار لمجهول يُعينهُ الْوَارِث وَقَالَ الْعَبَّادِيّ: هَذَا أشبه بِالْحَقِّ وَلابْن الملقن فِي شَرحه فروع الأول: أوصى لأعقل النَّاس فِي بَلَده صرف إِلَى أزهدهم فِي الدُّنْيَا نَص عَلَيْهِ فَإِن قلت: الْأَخْذ من الْوَصِيَّة يُنَافِي الزّهْد فَالْجَوَاب: منع ذَلِك فَإِن الزّهْد ترك فضول الدُّنْيَا قَالَ فِي الْإِحْيَاء: والزهد يَنْقَسِم إِلَى فرض وَهُوَ الزّهْد فِي الْحَرَام وَإِلَى نفل وَهُوَ الزّهْد فِي الْحَلَال وَحكي بَعضهم: أَن الزّهْد لَا يكون إِلَّا فِي الْحَلَال وَأَنه لم يبْق فِي أَمْوَال الدُّنْيَا حَلَال فَلَا يتَصَوَّر الزّهْد فِيهَا الْيَوْم وَقَالَ القَاضِي: وَكَذَا لَو أوصى لأكيس النَّاس الثَّانِي: لَو أوصى لأحمقهم فقد حكى الْمَاوَرْدِيّ عَن إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ: أَنه يصرف إِلَى أهل التَّثْلِيث من النَّصَارَى قَالَ الْمَاوَرْدِيّ: وَعِنْدِي أَنه يصرف إِلَى أس النَّاس لِأَن الْحمق يرجع إِلَى الْعقل دون الِاعْتِقَاد الثَّالِث: لَو أوصى لأبخل النَّاس قَالَ القَاضِي حُسَيْن: يحْتَمل أَن يصرفهُ لمن لَا يعْطى الزَّكَاة وَيحْتَمل أَن يصرف لمن لَا يقري الضَّيْف وَأورد فِيهِ حَدِيثا وَهُوَ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (برىء من الشُّح من أقرى الضَّيْف وَأعْطى الزَّكَاة وَأدّى الْأَمَانَة) الرَّابِع: لَو أوصى لسَيِّد النَّاس كَانَ للخليفة أَو لأعْلم النَّاس: كَانَ مصروفا للفقهاء لأطلاعهم على عُلُوم الشَّرِيعَة الَّتِي هِيَ بِأَكْثَرَ الْعُلُوم مُتَعَلقَة قَالَه كُله الْمَاوَرْدِيّ مَسْأَلَة: لَو أوصى لقوم فلَان أَو لقوم صالحين فَفِي دُخُول النِّسَاء وَجْهَان أَحدهمَا: الدُّخُول لقَوْله تَعَالَى: {وَكذب بِهِ قَوْمك وَهُوَ الْحق} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 360 وعَلى هَذَا: يدْخل الخناثي فِي الْوَصِيَّة وَالثَّانِي: لَا يدْخل النِّسَاء لقَوْل الشَّاعِر: وَمَا أدرى وَلست إخال أَدْرِي أقوم آل حصن أم نسَاء وعَلى هَذَا فَلَا يدْخل الخناثي فِي الصوية للْقَوْم فَائِدَة: لَفْظَة (الْمُتَكَلّم) تطلق على من يعرف علم الْكَلَام وَهُوَ أصُول الدّين وَإِنَّمَا قيل لَهُ: (علم الْكَلَام) لِأَن أول خلاف وَقع فِي الدّين: كَانَ فِي كَلَام تَعَالَى أمخلوق هُوَ أم غير مَخْلُوق فَتكلم النَّاس فِيهِ فَسُمي هَذَا النَّوْع من الْعلم كلَاما اخْتصَّ بِهِ وَإِن كَانَت الْعُلُوم جَمِيعهَا تنشر بالْكلَام قَالَه السَّمْعَانِيّ مَسْأَلَة: قَالَ الشَّيْخ عز الدّين فِي الْقَوَاعِد: اخْتلفُوا فِي اشْتِرَاط الْعَدَالَة فِي الْإِمَامَة الْعُظْمَى لغَلَبَة الفسوق على الْوُلَاة فَلَو شرطناها لتعطلت الْأُمُور وَلما كَانَ تصرف الْقُضَاة أَعم من تصرف الأوصياء وأخص من تصرف الْأَئِمَّة اخْتلف فِي إلحاقهم بالأئمة فَمنهمْ من ألحقهم بالأئمة فَلم يشْتَرط عدالتهم وَمِنْهُم من ألحقهم بالأوصياء فاشترطها المصطلح : ويشتمل على صور مِنْهَا: صُورَة وَصِيَّة ذكر أَن الإِمَام الْأَعْظَم أَبَا حنيفَة النُّعْمَان بن ثَابت أملاها على البديهة وَهِي مِمَّا يَنْبَغِي أَن يعتني بهَا لكَونهَا من إنْشَاء ذَلِك الإِمَام الْأَعْظَم رَحمَه الله تَعَالَى هَكَذَا نَقله فِي الفتاوي الظَّهِيرِيَّة وَصورتهَا بعد الْبَسْمَلَة الشَّرِيفَة: هَذَا مَا أوصى بِهِ فلَان بن فلَان الْفُلَانِيّ وشهوده بِهِ عارفون فِي صِحَة عقله وَثُبُوت فهمه وَمرض جِسْمه وَهُوَ يشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لم يلد وَلم يُولد وَلم يتَّخذ صَاحِبَة وَلَا ولدا وَلم يكن لَهُ شريك فِي الْملك وَلم يكن لَهُ ولي من الذل وَهُوَ الْكَبِير المتعال وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله وأمينه على وحيه صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَأَصْحَابه وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا وَأَن الْجنَّة حق وَأَن النَّار حق وَأَن السَّاعَة آتِيَة لَا ريب فِيهَا وَأَن الله يبْعَث من فِي الْقُبُور مبتهلا إِلَى الله تَعَالَى أَن يتم عَلَيْهِ ذَلِك وَلَا يسلبه مَا وهب لَهُ فِيهِ وَمَا أمتن بِهِ عَلَيْهِ حَتَّى يتوفاه إِلَيْهِ فَإِن لَهُ الْملك وَبِيَدِهِ الْخَيْر وَهُوَ على كل شَيْء قدير أوصى هَذَا الْمُوصي فلَان وَلَده وَأَهله وقرابته وَإِخْوَته وَمن أطَاع أمره بِمَا أوصى بِهِ إِبْرَاهِيم بنيه وَيَعْقُوب {يَا بني إِن الله اصْطفى لكم الدّين فَلَا تموتن إِلَّا وَأَنْتُم مُسلمُونَ} وأوصاهم جَمِيعًا أَن يتقوا الله حق تُقَاته وَأَن يطيعوا الله فِي سرهم وعلانيتهم فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 361 من قَوْلهم وفعلهم وَأَن يلتزموا طَاعَته وَأَن ينْتَهوا عَن مَعْصِيَته وَأَن يقيموا الدّين وَلَا يتفرقوا فِيهِ وَجَمِيع مَا أوصاهم بِهِ فَلَا غنى لَهُم عَنهُ وَلَا غنى لأحد عَن طَاعَة الله وَعَن التَّمَسُّك بأَمْره أوصى هَذَا الْمُوصي الْمُسَمّى عافاه الله تَعَالَى ولطف بِهِ إِلَى فلَان بن فلَان الْفُلَانِيّ: أَنه إِذا نزل بِهِ حَادث الْمَوْت الَّذِي كتبه على خلقه وساوى فِيهِ بَين بريته وَصَارَ إِلَى ربه الْكَرِيم وَهُوَ يسْأَل خير ذَلِك الْمصير: أَن يحْتَاط على تركته المخلفة عَنهُ فَيبْدَأ مِنْهَا بمؤنة تَجْهِيزه وتكفينه ومواراته فِي حفرته أُسْوَة أَمْثَاله ثمَّ يُوفي مَا عَلَيْهِ من الدُّيُون الشَّرْعِيَّة المستقرة فِي ذمَّته وَهِي الَّتِي أقرّ بهَا هَذَا الْوَصِيّ الْمُسَمّى بِحَضْرَة شُهُوده وأشهدهم عَلَيْهَا بهَا فَمِنْهَا: مَا أقربه أَن عَلَيْهِ وَفِي ذمَّته بِحَق شَرْعِي لفُلَان ابْن فلَان الْفُلَانِيّ كَذَا وَلفُلَان ابْن فلَان ابْن فلَان الْفُلَانِيّ كَذَا وَمن ادّعى غير من ذكرهم وَسَمَّاهُمْ عَلَيْهِ دينا وأثبته فيدفعه إِلَيْهِ وَأَن يخرج عَنهُ من ثلث مَاله المخلف لفُلَان كَذَا وَلفُلَان كَذَا وَإِن كَانَ يُوصي بختمة أَو بِحجَّة فيذكرها أَيْضا ثمَّ مَا بَقِي بعد وَفَاء دينه وتنفيذ وَصَايَاهُ يقسم بَين ورثته وهم فلَان وَفُلَان عى الْفَرِيضَة الشَّرْعِيَّة وَأَن ينظر فِي أَمر وَلَده الصَّغِير فلَان ويحفظ لَهُ مَا يَخُصُّهُ من تركته إِلَى بُلُوغه وإيناس رشده أوصى بذلك جَمِيعه إِلَيْهِ وعول فِيمَا ذكره عَلَيْهِ لعلمه بديانته وأمانته وعدالته ونهضته وكفايته وَجعل لَهُ أَن يسْندهُ إِلَى من شَاءَ ويوصي بِهِ إِلَى من أحب وللمسند إِلَيْهِ من جِهَته مثل ذَلِك وللموصى إِلَيْهِ من جِهَته مثل مَا إِلَيْهِ وَصِيّا بعد وَصِيّ وَمُسْندًا بعد مُسْند وَقبل الْوَصِيّ مِنْهُ ذَلِك فِي مجْلِس الْإِيصَاء فِي وَجه الْمُوصي قبولا شَرْعِيًّا وأشهدا عَلَيْهِمَا بذلك ويؤرخ صُورَة وَصِيَّة إِلَى رجل وناظر عَنهُ هَذَا مَا أوصى فلَان إِلَى فلَان أَو أسْند فلَان وَصيته الشَّرْعِيَّة حذرا من هجوم الْمنية واتباعا للسّنة النَّبَوِيَّة حَيْثُ ندب إِلَى الْوَصِيَّة إِلَى فلَان فِي حَال توعك جسده وَصِحَّة عقله وَحُضُور حسه وفهمه وَهُوَ يشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله وَأَن الْمَوْت حق وَأَن الْجنَّة حق وَأَن النَّار حق وَأَن السَّاعَة آتِيَة لَا ريب فِيهَا وَأَن الله يبْعَث من فِي الْقُبُور: أَن إِذا نزل بِهِ حَادث الْمَوْت الَّذِي كتبه الله على العبيد وساوى فِيهِ بَين الصَّغِير وَالْكَبِير والغني وَالْفَقِير والشقي والسعيد وَأَن يحْتَاط على تركته المخلفة بعده أَو المخلفة عَنهُ وَيبدأ مِنْهَا بمؤنة تَجْهِيزه وتكفينه ومواراته فِي حفرته كأحسن مَا يفعل بأمثاله على الأوضاع الشَّرْعِيَّة وَالسّنة الشَّرِيفَة النَّبَوِيَّة ثمَّ يقْضِي دُيُونه الشَّرْعِيَّة لتقر عينه فَإِن نفس الْمُؤمن بِدِينِهِ مَرْهُونَة وتنفيذ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 362 وَصَايَاهُ من ثلث مَاله لتَكون مَقْبُولَة إِن شَاءَ الله تَعَالَى مَعَ الصَّالح من أَعماله ثمَّ يقسم تركته على مستحقي إِرْثه شرعا ويراعي مَا يعْتَبر فِيهِ طَرِيق الشَّرْع ويرعى ويحفظ مَا يخْتَص بأولاده الصغار لَدَيْهِ وهم فلَان وَفُلَان ويجتهد فِي حفظه والاحتراز عَلَيْهِ ويتصرف لَهُم فِيهِ بِمَا فِيهِ الْحَظ والمصلحة وَالْغِبْطَة والنمو وَالزِّيَادَة عَاملا فِي ذَلِك بتقوى الله الَّذِي لَهُ الحكم والإرادة ويعامل لَهُ فِيهِ بِسَائِر الْمُعَامَلَات الْجَائِزَة الْمُعْتَبرَة الشَّرْعِيَّة على القوانين المرعية وَالْوُجُوه السائغة المرضية وَينْفق عَلَيْهِم ويكسوهم من مَالهم من غير إِسْرَاف وَلَا تقتير مراقبا فِي ذَلِك كُله السَّمِيع الْبَصِير فَإِذا بلغ كل مِنْهُم رشيدا مصلحا لدينِهِ وَمَاله سلم إِلَيْهِ مَا فضل من مَاله وأوصاه بِحسن التَّصَرُّف فِي ابْتِدَاء أمره ومآله وَأشْهد عَلَيْهِ بِقَبْضِهِ وَصِيَّة صَحِيحَة شَرْعِيَّة أسندها إِلَيْهِ وعول فِيهَا عَلَيْهِ لعلمه بديانته وأمانته ونهضته وكفايته وَأذن لَهُ أَن يسند وَصيته هَذِه إِلَى من شَاءَ من أهل الْخَيْر والديانة والصدق والعفاف وَالْأَمَانَة إِذْنا شَرْعِيًّا وَقبل الْمُوصى إِلَيْهِ ذَلِك مِنْهُ قبولا شَرْعِيًّا وَجعل الْمُوصي النّظر فِي هَذِه الْوَصِيَّة لفُلَان بِحَيْثُ لَا يتَصَرَّف الْمُوصي الْمَذْكُور فِي ذَلِك وَلَا فِي شَيْء مِنْهُ إِلَّا بِإِذن النَّاظر الْمشَار إِلَيْهِ ومراجعته فِيهِ ومشاورته ومشاركته وإطلاعه إِلَّا أَن يُسَافر النَّاظر إِلَى فَوق مَسَافَة الْقصر فَإِن سَافر أَو مرض واشتغل بمرضه كَانَ للْوَصِيّ التَّصَرُّف من غير مُشَاركَة إِلَى أَن يعود من سَفَره قب الْوَصِيّ والناظر مِنْهُ ذَلِك قبولا شَرْعِيًّا وَرجع الْمُوصي الْمَذْكُور عَن كل وَصِيَّة كَانَ أوصى بهَا قبل هَذِه الْوَصِيَّة وَأخرج من كَانَ أوصى إِلَيْهِ وعزله عَمَّا كَانَ أوصى بِهِ إِلَيْهِ فَلَا وَصِيَّة لأحد سوى هَذَا الْمُوصي الْمُسَمّى أَعْلَاهُ بِنَظَر النَّاظر الْمشَار إِلَيْهِ أَعْلَاهُ ويكمل وَصُورَة الْوَصِيَّة بتنفيذ الْوَصَايَا من الثُّلُث وَمَا فضل من الثُّلُث بعد تَنْفِيذ الْوَصَايَا يَشْتَرِي من عرضه ملكا ويقفه وَقفا صَحِيحا شَرْعِيًّا على قارئين وَغير ذَلِك من جِهَات الْبر: يكْتب الصُّور كَمَا تقدم إِلَى قَوْله: (وتنفيذ وَصَايَاهُ من ثلث مَاله) وَمَا فضل من الثُّلُث بعد تَنْفِيذ الْوَصَايَا يَشْتَرِي من عرضه بمبلغ كَذَا مَكَانا ملكا ويقفه وَقفا صَحِيحا شَرْعِيًّا على قارئين حافظين لكتاب الله تَعَالَى مجيدين للْقِرَاءَة يجلسان صَبِيحَة كل يَوْم بعد صَلَاة الصُّبْح بالجامع الْفُلَانِيّ بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ مِنْهُ ويقرآن مُجْتَمعين جُزْءا من الْقُرْآن فَإِذا ختما قِرَاءَة الْجُزْء الشريف يهديان ثَوَاب الْقِرَاءَة الشَّرِيفَة للْمُوصي الْمَذْكُور وَلِجَمِيعِ الْمُسلمين وَأَن يشرط الْبدَاءَة من ريعه بعمارته وإصلاحه وترميمه وَمَا فضل بعد ذَلِك يصرف إِلَى القارئين الْمَذْكُورين بَينهمَا بِالسَّوِيَّةِ وَأَن يكون مآله عِنْد انْقِطَاع سبله وَتعذر جهاته: إِلَى الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين من أمة مُحَمَّد وَأَن يكون النّظر فِي ذَلِك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 363 للْوَصِيّ الْمَذْكُور ثمَّ للأرشد فالأرشد من أَوْلَاده ثمَّ لأولادهم ثمَّ لأَوْلَاد أَوْلَادهم ثمَّ لنسلهم وعقبهم ثمَّ لحَاكم الْمُسلمين وَمَا فضل من الثُّلُث بعد ذَلِك: ابْتَاعَ بِهِ الْوَصِيّ قمصا جددا بيضًا وَتصدق بهَا على الْفُقَرَاء من أَرْبَاب الْبيُوت المستورين الَّذِي لَا يعْرفُونَ بالسؤال ثمَّ يقسم الْوَصِيّ الْمَذْكُور بِإِذن النَّاظر الثُّلثَيْنِ الباقيين من التَّرِكَة بعد صرف الثُّلُث الْمُوصي بصرفه بَين ورثته الْمُسْتَحقّين لميراثه المستوعبين لجميعه وهم زَوجته فُلَانَة وَأَوْلَاده مِنْهَا وَمن غَيرهَا فلَان وَفُلَان وَفُلَان فَمن كَانَ مِنْهُم بَالغا رشيدا حفظ مَاله تَحت يَده وَتصرف لَهُ فِيهِ بتقوى الله تَعَالَى ويكمل على نَحْو مَا سبق وَإِن كَانَ لم يَجْعَل عَلَيْهِ فِي ذَلِك نَاظر كتب بعد قَوْله: (وَصِيَّة صَحِيحَة شَرْعِيَّة أسندها إِلَيْهِ وعول فِيهَا عَلَيْهِ) وَلم يَجْعَل عَلَيْهِ فِي ذَلِك نَاظرا وَلَا مشاركا وَلَا أَمينا لعلمه بديانته ووثوقه بأمانته ومعرفته بنهوضه وكفايته وَإِن كَانَ الْقبُول من الْوَصِيّ قبل الْمَوْت ذكره وَأثبت كتاب الْوَصِيَّة عِنْد حَنَفِيّ أَو مالكي أَو حنبلي وَإِن كَانَ الْقبُول بعد الْمَوْت فقد ارْتَفع الْخلاف فيثبته عِنْد أحد الْقُضَاة لَا بِعَيْنِه وَإِن كَانَ قد أوصى أَن يقف عَنهُ مَكَانا معينا من أملاكه المخلفة عَنهُ كتب: أوصى فلَان إِلَى فلَان أَن يقف عَنهُ بعد وَفَاته إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى جَمِيع الْمَكَان الْفُلَانِيّ الَّذِي أنشأه الْمَعْرُوف بِهِ ويصفه ويحدده بحقوقه كلهَا وَقفا صَحِيحا شَرْعِيًّا بعد اعْتِبَار قيمَة الْمَوْقُوف الْمعِين وَمَعْرِفَة قِيمَته وَأَنَّهَا لَا تبلغ مِقْدَار الثُّلُث من تركته على أَنه يبْدَأ أَولا من ريعه بعمارته وإصلاحه وترميمه وَمَا فضل بعد ذَلِك يصرف إِلَى الْجِهَة الْفُلَانِيَّة أَو إِلَى الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين وَجعل لَهُ أَن يشْتَرط فِي هَذَا الْوَقْف كَذَا وَكَذَا وَحصل لَهُ النّظر فِي ذَلِك وَأَن يفوضه إِلَى من يرَاهُ ويسنده إِلَى من شَاءَ والمسند إِلَيْهِ كَذَلِك وَصِيّا بعد وَصِيّ ويكمل على نَحْو مَا سبق وَصُورَة وَصِيَّة الْمَقْتُول فِي حَال جراحته: أوصى فلَان الْمَقْتُول الْمَجْرُوح جراحات جَائِفَة لَا يُمكن الْبُرْء مِنْهَا إِلَى فلَان طَائِعا مُخْتَارًا فِي صِحَة عقله وفهمه وَوُجُود الْجِرَاحَات بِرَأْسِهِ وَجَسَده متلفظا بِالشَّهَادَتَيْنِ موقنا بِالْمَوْتِ والبعث والنشور عَالما أَنه لَا مفر من قَضَاء الله الْمَقْدُور: أَنه إِذا نزل بِهِ حَادث الْمَوْت المحتوم الَّذِي حكم بِهِ على سَائِر الْبَريَّة الْحَيّ القيوم: أَن يحْتَاط على موجوده ثمَّ يذكر جَمِيع مَا وصّى بِهِ ويكمل على نَحْو مَا تقدم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 364 وَهَذِه الْوَصِيَّة صَحِيحَة عِنْد مَالك وَفِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن أَحْمد وَفِي أحد الْأَقْوَال الثَّلَاثَة عَن الشَّافِعِي على الْإِطْلَاق بَاطِلَة عِنْد أبي حنيفَة وَصُورَة الْوَصِيَّة من الْحر للْعَبد سَوَاء كَانَ عبد الْوَصِيّ أَو عبد غَيره على مَذْهَب مَالك وَأحمد: أوصى فلَان إِلَى عَبده فلَان الرجل الْكَامِل الْمُعْتَرف لسَيِّده الْمَذْكُور بِالرّقِّ والعبودية أَو إِلَى فلَان بن عبد الله الرجل الْكَامِل رَقِيق فلَان باعترافه بذلك لشهوده ويسوق أَلْفَاظ الْوَصِيَّة على نَحْو مَا تقدم وهذ الْوَصِيَّة عِنْد أبي حنيفَة صَحِيحَة إِلَى عبد نَفسه بِشَرْط أَن لَا يكون أَوْلَاده كبارًا وباطلة عِنْد الشَّافِعِي فِي الْحَالَتَيْنِ وَإِن كَانَ قد أوصى إِلَى فَاسق مثل صَاحب مكس فَعِنْدَ أبي حنيفَة: إِذا كَانَ أوصى فَاسِقًا وَلم يُخرجهُ الْحَاكِم من الْوَصِيَّة نفذ تصرفه وَفِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة عَن أَحْمد: أَنَّهَا تصح وَيضم الْحَاكِم إِلَيْهِ أَمينا وَهِي اخْتِيَار الْخرقِيّ فيرفع وَصيته إِلَى حَاكم حنبلي يرى الْعَمَل بالرواية الْأُخْرَى وَيحكم بموجبها مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ وَصُورَة الْوَصِيَّة إِلَى الصَّبِي الْمُمَيز: أوصى فلَان إِلَى فلَان الصَّبِي الْمُمَيز وَيجْرِي الْوَصِيَّة إِلَى آخرهَا بشروطها وَهَذِه الْوَصِيَّة صيحيحة عِنْد مَالك وَأحمد وَفِي أحد الْقَوْلَيْنِ للشَّافِعِيّ وباطلة عِنْد أبي حنيفَة وَفِي القَوْل الآخر عَن الشَّافِعِي فيرفع إِلَى حَاكم يرى صِحَّتهَا ليثبتها وَيحكم بِالْمُوجبِ مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ وَصُورَة وَصِيَّة الصَّبِي إِلَى آخر فِيمَا هُوَ وصّى فِيهِ إِن كَانَ الْمُوصي الأول جعل لَهُ ذَلِك: أوصى فلَان إِلَى فلَان الْوَصِيّ على أَيْتَام فلَان الَّذِي أوصى إِلَيْهِ من قبل تَارِيخه الْوَصِيَّة الشَّرْعِيَّة وَجعل لَهُ أَن يُوصي بهَا ويسندها إِلَى من أَرَادَ بِمُقْتَضى كتاب الْوَصِيَّة الْمحْضر من يَده المتضمن لذَلِك وَغَيره المؤرخ بِكَذَا الثَّابِت مضمونه لَدَى الْحَاكِم الْفُلَانِيّ المؤرخ ثُبُوته بِكَذَا وَإِن كَانَ قد أوصى إِلَيْهِ رجل وَلم يَجْعَل لَهُ أَن يُوصي فأوصى هُوَ بِتِلْكَ الْوَصِيَّة فَيكْتب الْوَصِيَّة إِلَى آخر وَلَا يتَعَرَّض إِلَى ذكر أَنه جعل لَهُ أَن يُوصي وَيثبت عِنْد القَاضِي الْحَنَفِيّ وَيحكم بِمُوجبِه مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 365 وَصورتهَا: أوصى فلَان إِلَى فلَان فِيمَا هُوَ وصّى فِيهِ أَو بِمَا وصّى فِيهِ عَن فلَان أَو أسْند فلَان إِلَى فلَان وَصِيَّة فلَان المسندة إِلَيْهِ على أَوْلَاده لصلبه بِمُقْتَضى كتاب الْوَصِيَّة الَّذِي من مضمونه: أَنه أوصى إِلَيْهِ فِي كَذَا وَكَذَا المؤرخ بِكَذَا الثَّابِت مَعَ قبُوله إِيَّاهَا بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ أَن يحْتَاط على مَا هُوَ تَحت يَده من تَرِكَة فلَان الْمَذْكُور أَعْلَاهُ لأولاده الصغار فلَان وَفُلَان من عين وَدين وقماش وأثاث ورقيق وحيوان وصامت وناطق وَغير ذَلِك مِمَّا هُوَ مفروز معِين مَعْزُول عَن ملك نَفسه مضبوط مُحَرر بأوراق مشمولة بخطوط الْعُدُول المندوبين لذَلِك من مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ وَأَن يتسلم ذَلِك جَمِيعه وينقله إِلَى تَحت يَده وَينظر للأيتام الْمَذْكُورين فِيهِ ويتصرف لَهُم بِسَائِر التَّصَرُّفَات الشَّرْعِيَّة على القوانين الْمُعْتَبرَة المرضية بِمَا فِيهِ الْحَظ والمصلحة وَالْغِبْطَة لَهُم من البيع وَالشِّرَاء وَالْأَخْذ وَالعطَاء وَيذكر الْكسْوَة وَالنَّفقَة عَلَيْهِم حَسْبَمَا أوصى إِلَيْهِ والدهم ويكمل وَقد تقدم أَن هَذِه الْوَصِيَّة صَحِيحَة عِنْد أبي حنيفَة وَأحمد فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنهُ سَوَاء كَانَ قد أذن لَهُ أَن يُوصي إِلَى معِين أَو إِلَى غير معِين وَهِي صَحِيحَة أَيْضا عِنْد مَالك إِذا أطلق وَلم يَنْهَهُ عَن الْوَصِيَّة أَو كَانَ قد أذن لَهُ أَن يُوصي خلافًا لأحد قولي الشَّافِعِي وَأظْهر الرِّوَايَتَيْنِ عَن أَحْمد وَصُورَة الْوَصِيَّة لمَسْجِد بني فلَان: أوصى فلَان لمَسْجِد بني فلَان ويصفه ويحدده بِكَذَا وَكَذَا وَصِيَّة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَهَذِه الْوَصِيَّة صَحِيحَة عِنْد الثَّلَاثَة خلافًا لأبي حنيفَة وَإِن قَالَ الْوَصِيّ: أوصيت إِلَى مَسْجِد بني فلَان بِكَذَا يصرف ذَلِك فِي مَصَالِحه وَقد ارْتَفع الْخلاف وَزَالَ الْإِشْكَال وَتَكون الْوَصِيَّة أَيْضا صَحِيحَة عِنْد أبي حنيفَة وَصُورَة الْوَصِيَّة لبني فلَان وَهِي تتَنَاوَل الذُّكُور دون الْإِنَاث بالِاتِّفَاقِ: أوصى فلَان لبني فلَان بِجَمِيعِ الثُّلُث من مَاله المخلف تَرِكَة عِنْد بعد وَفَاء دُيُونه وَصرف مُؤنَة تَجْهِيزه وتكفينه ومواراته فِي حفرته يصرف على الْمُوصي لَهُم الذُّكُور دون الْإِنَاث بَينهم على مُقْتَضى الشَّرِيعَة المطهرة الْمُقْتَضِيَة التَّسْوِيَة وَصِيَّة صَحِيحَة شَرْعِيَّة ويكمل على نَحْو مَا سبق وَكَذَلِكَ إِذا أوصى لولد فلَان فَإِنَّهُ يتَنَاوَل الذُّكُور وَالْإِنَاث بَينهم بِالسَّوِيَّةِ وَصُورَة إِسْنَاد نظر من نَاظر شَرْعِي: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 366 أشهد عَلَيْهِ فلَان وَهُوَ النَّاظر الشَّرْعِيّ فِي الْأَمَاكِن الْآتِي ذكرهَا وَفِي أَمر الْأَمَاكِن الْمَوْقُوفَة عَلَيْهَا وَله ولَايَة الْإِسْنَاد فِي ذَلِك شرعا شُهُوده إشهادا شَرْعِيًّا: أَنه أسْند النّظر فِي أَمر كَذَا وَكَذَا وتوصف الْأَمَاكِن وتحدد وَفِي أَمر مَا هُوَ مَوْقُوف على ذَلِك بالبلاد الْفُلَانِيَّة وأعمالها وَفِي جَمِيع مَاله فِيهِ النّظر شرعا إِلَى فلَان الْفُلَانِيّ إِسْنَادًا صَحِيحا شَرْعِيًّا وفوض إِلَيْهِ النّظر فِي ذَلِك كُله تفويضا صَحِيحا شَرْعِيًّا اسْتَفَادَ بِهِ التَّصَرُّف فِي ذَلِك وَفِي أوقافه الْمشَار إِلَيْهَا وَفِي جَمِيع مَا للمسند الْمشَار إِلَيْهِ النّظر فِيهِ شرعا بِسَائِر التَّصَرُّفَات الشَّرْعِيَّة على مَا مُقْتَضى شَرط الْوَاقِف رَحمَه الله تَعَالَى بِحكم النّظر الصَّحِيح الشَّرْعِيّ الْمسند إِلَيْهِ من الْمسند وَصَارَت الْأَمَاكِن الْمَذْكُورَة كلهَا بِحكم هَذَا الْإِسْنَاد: جَارِيَة تَحت نظر الْمسند إِلَيْهِ يتَصَرَّف فِي ذَلِك تصرف النظار التَّصَرُّفَات الشَّرْعِيَّة بالوجوه الْجَائِزَة شرعا الْمُوَافقَة لشرط الْوَاقِف الْمَذْكُور وَاسْتقر لَهُ من الْمَعْلُوم على ذَلِك جَمِيعه مَا كَانَ مُسْتَقرًّا للمسند الْمشَار إِلَيْهِ أُسْوَة من تقدمه من النظار على ذَلِك وَجعل الْمسند الْمشَار إِلَيْهِ للمسند إِلَيْهِ الْمَذْكُور: أَن يسند ذَلِك إِلَى من شَاءَ ويفوضه إِلَى من يرى ويستنيب فِيهِ من أَرَادَ على الْوَجْه الشَّرْعِيّ السائغ فِي مثله حَسْبَمَا هُوَ مجعول لَهُ وَلمن يؤل النّظر إِلَيْهِ من الْوَاقِف الْمشَار إِلَيْهِ نَاظرا بعد نَاظر قبل ذَلِك مِنْهُ قبولا شَرْعِيًّا ويؤرخ وَصُورَة وَصِيَّة وصدرها يصلح أَن يكْتب عَن صَالح زاهد متدين: أوصى العَبْد الْفَقِير إِلَى ربه الْمُعْتَرف بِذَنبِهِ المبتهل فِي الْعَفو إِلَيْهِ الواثق بصفحه عَنهُ عِنْد الْقدوم عَلَيْهِ وَالْعرض بَين يَدَيْهِ الْحسن الظَّن بأفعاله الْمعول على جوده الْمُعْتَمد على كرمه وسعة رَحمته وجزيل إفضاله الآمل فيض عطائه ورضوانه الراجي تجاوزه عَن سيئاته بغفرانه فِي حَال كَذَا اقْتِدَاء بِأَفْعَال أولي الْعَزْم ومبالغة فِي الِاحْتِيَاط والحزم واعتمادا على مَا ورد فِي الْخَبَر عَن سيد الْبشر من النّدب إِلَى الْوَصِيَّة والحث عَلَيْهَا إِذْ كَانَت من مؤكدات الشَّرِيعَة وَالْأَحْكَام النافذة الرفيعة أوصى الْمُوصي الْمَذْكُور وَهُوَ يشْهد بِمَا شهد الله بِهِ لنَفسِهِ وَالْمَلَائِكَة وأولو الْعلم من خلقه: أَنه الله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم القَاضِي على خلقه بالفناء المحتوم شَهَادَة بريئة من أَسبَاب النِّفَاق مَوْقُوفَة على الْإِخْلَاص والاتفاق وَأَن الدّين عِنْد الله الْإِسْلَام وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الَّذِي أَمر بِالْوَصِيَّةِ وحث عَلَيْهَا وشرعها لأمته وَندب إِلَيْهَا صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه نُجُوم الظلام وَهُدَاة المهتدين إِلَى تَقْرِير أَحْكَام شرائع الْإِسْلَام صَلَاة دائمة على ممر الدهور والأعوام أوصى هَذَا الْمُوصي الْمشَار إِلَيْهِ أطلع الله من بروج مَعْرفَته كواكب الْعِنَايَة وَنشر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 367 لَهُ فِي رياض حَضرته أَعْلَام الْولَايَة وأظهره على خفايا الْأَسْرَار وكشف لَهُ عَن حقائق الْآخِرَة وَهُوَ فِي هَذِه الدَّار أَنه مَتى وافاه حمامه وَانْقَضَت أعوامه وشهوره وأيامه ودنا إِلَى الْآخِرَة رحيله وَانْقطع من الْحَيَاة رجاؤه وتأميله وَلحق من سلف من الْقُرُون وَمضى وَنفذ أَجله وانقضى وسلك سَبِيلا يتساوى فِيهِ الشريف والمشروف وَصَارَ أَمن كل وَاحِد عَلَيْهِ مَوْقُوف وَأسْندَ الْوَصِيَّة إِلَى فلَان ويكمل ويؤرخ وَصُورَة وَصِيَّة نَصْرَانِيّ لمُسلم وفيهَا يقدم اسْم الْمُسلم على النَّصْرَانِي: هَذِه وَصِيَّة لفُلَان الْمُسلم من فلَان النَّصْرَانِي عِنْد مَا سَأَلَهُ فِي ذَلِك أوصى إِلَيْهِ وَهُوَ فِي صِحَة عقله وَمرض جِسْمه وَجَوَاز أمره وَهُوَ دَاخل تَحت مِلَّته وَدينه مقرّ بمذهبه ومعتقده ومعبوده على قدر يقينه جَائِز التَّصَرُّف فِي أَمْوَاله على عَادَة أَمْثَاله وَتَحْت ظلال هَذِه الدولة الشَّرِيفَة راتع فِي ظلال عدلها الوريفة أَنه مَتى هلك وَعجل الله بِرُوحِهِ إِلَى حَيْثُ أَرَادَ فليبدأ فلَان الْمُوصي لاحتياط على جَمِيع موروثه المخلف عِنْد يَوْم ذَاك ويكمل على نَحْو مَا سبق فصل: فِي الشَّهَادَة بعدالة الْوَصِيّ : إِذا مَاتَ الْمُوصي واحتيج إِلَى ثُبُوت الْوَصِيَّة يكْتب فِي هامشها: يشْهد من يضع خطه فِيهِ بِمَعْرِِفَة فلَان الْمُوصي إِلَيْهِ الْمعرفَة الشَّرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنه عدل أَمِين كَاف للتَّصَرُّف أهل لما أسْند إِلَيْهِ من الْإِيصَاء الْمَشْرُوع فِيهِ وَأَن ضمنه الْوَفَاء وَالْقَبُول كتب وبقبول لذَلِك بعد وَفَاة الْمُوصي الْمَذْكُور الْقبُول الشَّرْعِيّ ويؤرخ وَصُورَة مَا إِذا عزل الْوَصِيّ وَصِيَّة وَأقَام غَيره: حضر إِلَى شُهُوده فِي يَوْم تَارِيخه فلَان وَأشْهد عَلَيْهِ: أَنه عزل فلَانا عَن وَصيته الَّتِي كَانَ أسندها وفوضها إِلَيْهِ من قبل تَارِيخه عزلا شَرْعِيًّا وَرجع عَن ذَلِك فِي حَقه رُجُوعا شَرْعِيًّا وأبطل مَا كَانَ جعله لَهُ من ذَلِك وَأخرجه مِنْهُ وَأَنه أسْند وَصيته الْمَذْكُورَة لفُلَان وَجعله وَصِيّا عَنهُ فِي ذَلِك كُله وأقامه مقَام نَفسه وَأشْهد عَلَيْهِ بذلك وَإِن كَانَ مَكْتُوب الْوَصِيَّة حَاضرا كتب هَذَا الْفَصْل فِي هامشه فَائِدَة: أوصى للْعُلَمَاء أَو لأهل الْعلم: صرف للْعُلَمَاء بِالشَّرْعِ دون غَيرهم وهم أهل التَّفْسِير والْحَدِيث وَالْفِقْه وَلَا يدْخل فِيهِ الَّذين يسمعُونَ الحَدِيث وَلَا علم لَهُم بِطرقِهِ وَأَسْمَاء الرِّجَال والمتون فَإِن السماع الْمُجَرّد لَيْسَ بِعلم وَلَا يدْخل أَيْضا المقرئون ومعبرو الرُّؤْيَا والأدباء والأطباء والمنجمون والحساب والمهندسون والمتكلمون الجزء: 1 ¦ الصفحة: 368 وَإِن أوصى للفقهاء أَو المتفقهة أَو للصوفية: صرف إِلَى من حصل من الْفِقْه شَيْئا وَإِن قل والمتفقهة هم المشتغلون بتحصيل الْفِقْه المبتدىء والمنتهي على خلاف فِيهِ والصوفية المشتغلون بِالْعبَادَة فِي غَالب الْأَوْقَات المعرضون عَن الدُّنْيَا وَلَو أوصى لأجهل النَّاس صرف إِلَى عَبده الْأَوْثَان فَإِن قَالَ: (من الْمُسلمين) صرف إِلَى من يسب الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ ضَابِط: إِذا توفّي الْوَصِيّ وَقبل الْمُوصي الْوَصِيَّة وَثَبت على حَاكم الشَّرِيعَة المطهرة مَا يعْتَبر ثُبُوته فِيهَا بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيّ واحتيج إِلَى الحوطة على تَرِكَة الْمُتَوفَّى بِحُضُور شَاهِدي الْوَصِيَّة أَو غَيرهمَا كتب فِي أول قَائِمَة أوراق عرض الْمَوْجُود المخلف عَن فلَان الْمُتَوفَّى إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى قبل تَارِيخه المنحصر إِرْثه الشَّرْعِيّ فِي زَوجته فُلَانَة وَأَوْلَاده مِنْهَا أَو من غَيرهَا أَو مِنْهَا وَمن غَيرهَا فلَان وَفُلَان وَفُلَان ويميز الْبَالِغ بِالْبُلُوغِ ويميز الْقَاصِر عَن دَرَجَة الْبلُوغ الدَّاخِل تَحت وَصِيَّة فلَان الْمسند إِلَيْهِ من أَبِيه الْمَذْكُور مِمَّا عرض ذَلِك بِحُضُور فلَان الْوَصِيّ على التَّرِكَة والأيتام الْمَذْكُورين وَحُضُور من سيضع خطه بِظَاهِرِهِ من الْعُدُول المندوبين لذَلِك من مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ فِي تَارِيخ كَذَا وَيكْتب فِي الْهَامِش الْأَيْمن: النَّقْد كَذَا والقماش كَذَا ويفصل النَّقْد: هرجه وأفلوريه وأشرفية وَفِضة مَا يُوزن بوزنه وَمَا يعد بعدته ويفصل القماش قِطْعَة قِطْعَة وَيذكر نوعها وصفتها ثمَّ يكْتب الْكتب ويصفها بأسمائها وعدة أَجْزَائِهَا ثمَّ السِّلَاح ثمَّ الْعقار ثمَّ مساطير الدُّيُون وَيضمن هَذِه الأوراق ذكر جَمِيع الْمَوْجُود والمخلف وينبه على مَا يدْخل تَحت الْخَتْم مِنْهُ وَمَا لم يدْخل فَإِذا انْتهى ذَلِك جَمِيعه سد القوائم وَذكر عدتهَا فِي رسم شَهَادَته كَيْلا تسْقط قَائِمَة أَو تسرق ويشبك القوائم وَيكْتب شُهُود الْعرض بِظَاهِر أول قَائِمَة حضرت ذَلِك وَالْأَمر على مَا نَص وَشرح فِيهِ وعدة هَذِه القوائم كَذَا وَكَذَا قَائِمَة كتبه ثمَّ تُوضَع هَذِه القوائم فِي خزانَة أَو حَاصِل وَيقف عَلَيْهَا بقفل وَيخْتم وَيُعْطى الْخَتْم للْوَصِيّ أَو يَجْعَل عِنْد الشُّهُود فَإِذا أَرَادوا الْمَبِيع حضر الْوَصِيّ وَالشُّهُود وَغير الْمَحْجُور عَلَيْهِ من الْوَرَثَة أَو وَكيله وَيفتح الْحَاصِل وَيخرج مَا فِيهِ وَيُبَاع كل شَيْء فِي سوقه بِحَضْرَة الشُّهُود كِتَابَة أوراق الْمَبِيع: أَن يكْتب الشَّاهِد فِي رَأس الْقَائِمَة: الْمَبِيع من تَرِكَة فلَان الْمُتَوفَّى إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى قبل تَارِيخه ويستوفي ذكر جَمِيع مَا فِي أوراق الْعرض إِلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 369 أَن يَنْتَهِي من ذكر الْوَرَثَة ثمَّ يَقُول: مِمَّا تولى بيع ذَلِك فلَان الْوَصِيّ الشَّرْعِيّ على التَّرِكَة الْمَذْكُورَة فلَان الْوَارِث أَو وَكيله الشَّرْعِيّ بِحَضْرَة شُهُوده دلَالَة فلَان وَصرف فلَان بِالسوقِ الْفُلَانِيّ فِي تَارِيخ كَذَا ثمَّ يكْتب القماش أَولا قِطْعَة قِطْعَة أَو غَيره بِحَسب ذَلِك السُّوق فَإِن كَانَ فِيهِ سلَاح بَدَأَ بِالسِّلَاحِ وَكلما بِيعَتْ قِطْعَة كتب ثمنهَا مقابلها فِي الْهَامِش الْأَيْسَر وَاسم مشتريها فِي الْوسط بَين الهامشين والدلال تَحت اسْم المُشْتَرِي وشطب عَلَيْهَا فِي أوراق الْعرض إِلَى أَن يَنْتَهِي ذَلِك السُّوق يجمل ثمن الْمَبِيع وَيصرف من ذَلِك مَا يَنْبَغِي صرفه مثل دلَالَة كَذَا أَو أُجْرَة حَانُوت كَذَا من عمالة الشُّهُود كَذَا إِلَى أَن يَنْتَهِي المصروف ويبرز الْبَاقِي فَإِن تسلمه الْوَصِيّ كتب: مِمَّا تسلم ذَلِك الْوَصِيّ الْمَذْكُور وَإِن اسْتمرّ فِي جِهَة أربابه كتب: مِمَّا هُوَ مُسْتَقر فِي جِهَة أربابه وعَلى الصَّيْرَفِي الْمَذْكُور استخراجه وَإِن كَانَ تَحت يَد الصَّيْرَفِي كتب: مِمَّا اسْتَقر حَاصِل الصَّيْرَفِي الْمَذْكُور وَهَكَذَا إِلَى أَن يَنْتَهِي الْمَبِيع بأسواقه وَيكْتب الشَّاهِد بمبيع كل سوق مخزومة وَإِن كَانَ الْمَبِيع فِي سوق وَاحِد فلمبيع كل يَوْم مخزومة ويشملها هُوَ ورفيقه بخطهما وتسلم للْوَصِيّ حَتَّى يطمئن قلبه وَصُورَة مَا يكْتب فِي المخزومة: مخزومة مباركة بِمَا بيع من تَرِكَة فلَان بِمُبَاشَرَة وَصِيَّة فلَان وَزَوجته فُلَانَة أَو وكيلها الشَّرْعِيّ فلَان بِالسوقِ الْفُلَانِيّ صرف فلَان مِمَّا تسلم ذَلِك الْوَصِيّ الْمَذْكُور أَو مِمَّا اسْتَقر حَاصِل الصَّيْرَفِي الْمَذْكُور فِي تَارِيخ كَذَا وَكَذَا مبلغ كَذَا وَكَذَا المصروف من ذَلِك كَذَا البارز كَذَا فَإِذا تكملت الْأَسْوَاق بِالْبيعِ وَلم يبْق شَيْء من الْمَوْجُود كتب جَامِعَة بِجَمِيعِ الْأَسْوَاق وَصورتهَا: جَامِعَة مباركة تشْتَمل على جَمِيع مَا تحصل من ثمن الْمَوْجُود المخلف عَن فلَان الْمُتَوفَّى إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى قبل تَارِيخه المنحصر إِرْثه الشَّرْعِيّ فِي زَوجته فُلَانَة وَأَوْلَاده مِنْهَا أَو من غَيرهَا فلَان وَفُلَان وَفُلَان كَمَا تقدم مِمَّا تولى بيع ذَلِك وَقبض ثمنه وَصِيَّة الشَّرْعِيّ فلَان وَزَوجته الْمَذْكُورَة أَو وكيلها فلَان مِمَّا حرر ذَلِك مخصوما مساقا مُضَافا إِلَى ذَلِك مَا يجب إِضَافَته من اسْتِقْبَال يَوْم كَذَا وَإِلَى كَذَا بِحُضُور من سيضع خطه بِظَاهِرِهِ من الْعُدُول صرف فلَان الْفُلَانِيّ بتاريخ كَذَا وَكَذَا ويفصل الْأَسْوَاق كل سوق بِبيعِهِ وَجُمْلَته ومصروفه وبارزه مستدلا على ذَلِك من المخازيم وَإِن شَاءَ كتب ثمن الْمَبِيع جملَة وَاحِدَة وَكتب المصروف جملَة وَاحِدَة وَيكْتب البارز بعد ذَلِك للْقِسْمَة كَذَا وَكَذَا ثمَّ يقسم بَين الْوَرَثَة على قدر حصصهم بالفريضة الشَّرْعِيَّة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 370 ويتسلم الْوَصِيّ حصص محاجيره ثمَّ يكْتب بعد ذَلِك فرض الْحَاكِم الْمَحْجُور فِي مَاله مُطلقًا وَسَيَأْتِي فِي صُورَة الْفَرْض فِي كتاب النَّفَقَات إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَإِذا أَرَادَ المشترون أوراقا بِالَّذِي اشتروه من التَّرِكَة ليقبضوا ثمنه: كتب لكل وَاحِد ورقة صورتهَا: من جِهَة فلَان الْفُلَانِيّ ثمن مَا ابتاعه من تَرِكَة فلَان بِمُبَاشَرَة وَصِيّه فلَان بِالسوقِ الْفُلَانِيّ كَذَا وَكَذَا ويفصل ثمَّ كَذَا كَذَا وَكَذَا وَثمن كَذَا كَذَا وَكَذَا إِلَى أَن يَأْتِي بالتفصيل على الْجُمْلَة بالمطابقة وَالصِّحَّة ثمَّ يَقُول: صرف فلَان أَو جباية فلَان ويؤرخ وَيكْتب الْوَصِيّ علامته فِي أَعلَى الطرة أَو اسْمه وَالشُّهُود إِلَى جَانِبه فَإِذا قبض الصَّيْرَفِي: أشهد عَلَيْهِ فِي ظَاهر الْوُصُول بِالْقَبْضِ وَيُعْطِيه للْمُشْتَرِي وَالله أعلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 371 كتاب الْوَدِيعَة وَمَا يتَعَلَّق بهَا من الْأَحْكَام (الْوَدِيعَة) مُشْتَقَّة من السّكُون فَكَأَنَّهَا عِنْد الْمُودع سَاكِنة مُسْتَقِرَّة وَقيل: إِنَّهَا مُشْتَقَّة من الدعة فَكَأَنَّهَا فِي دعة عِنْد الْمُودع وَالْأَصْل فِي الْوَدِيعَة: الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع أما الْكتاب: فَقَوله تَعَالَى: {إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهلهَا} وَقَوله تَعَالَى: {فليؤد الَّذِي اؤتمن أَمَانَته} وَقَوله تَعَالَى: {وَمن أهل الْكتاب من إِن تأمنه بقنطار يؤده إِلَيْك وَمِنْهُم من إِن تأمنه بِدِينَار لَا يؤده إِلَيْك} فَدلَّ على أَن للأمانة أصل فِي الشَّرْع وَأما السّنة: فَمَا رُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (أد الْأَمَانَة إِلَى من ائتمنك وَلَا تخن من خانك) أَي لَا تقابله بخيانة وَرُوِيَ (أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَت عِنْده ودائع بِمَكَّة فَلَمَّا أَرَادَ أَن يُهَاجر تَركهَا عِنْد أم أَيمن وَخلف عليا ليردها على أَهلهَا) وَأما الْإِجْمَاع: فَإِن الْأمة أَجمعت على جَوَاز الْإِيدَاع وَالنَّاس فِي قبُول الْوَدِيعَة على ثَلَاث أضْرب ضرب: يعلم من نَفسه الْقُدْرَة على حفظهَا ويأمن من نَفسه الْخِيَانَة فِيهَا وَلَا يخَاف التّلف عَلَيْهَا إِن لم يقبلهَا فَهَذَا يسْتَحبّ لَهُ قبُولهَا لقَوْله تَعَالَى: {وتعاونوا على الْبر وَالتَّقوى وَلَا تعاونوا على الْإِثْم والعدوان وَاتَّقوا الله إِن الله شَدِيد الْعقَاب} وَلَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 372 يجب عَلَيْهَا قبُولهَا لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَة بِهِ إِلَى ذَلِك وَضرب: يجب عَلَيْهِ قبُولهَا وَهُوَ أَن يَأْتِي رجل بِمَال ليودعه فِي مَكَان عِنْد رجل وَلَيْسَ هُنَاكَ من يصلح لحفظها إِلَّا هُوَ وَيعلم أَنه إِن لم يقبل ذَلِك مِنْهُ هلك المَال فَيجب عَلَيْهِ الْقبُول لقَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: (حُرْمَة مَال الْمُؤمن كَحُرْمَةِ دَمه) وَلَو خَافَ على دَمه وَقدر على الدّفع عَنهُ ولوجب عَلَيْهِ ذَلِك وَكَذَلِكَ مَاله فَإِن لم يقبلهَا أَثم لما ذَكرْنَاهُ وَلَا يضمن المَال إِذا تلف لِأَنَّهُ لم يُوجد مِنْهُ تعد فَهُوَ كَمَا لَو قدر على الدّفع عَن نفس غَيره وَلم يدْفع عَنهُ حَتَّى قتل وَضرب: يكره لَهُ قبُولهَا وَهُوَ من يعلم من حَال نَفسه الْعَجز عَن حفظ الْوَدِيعَة أَو لَا يَأْمَن من نَفسه الْخِيَانَة فَلَا يغرر بِمَال غَيره ويعرض نَفسه للضَّمَان فَإِن قبلهَا لم يجب عَلَيْهِ الضَّمَان إِلَّا بِالتَّعَدِّي وَيعْتَبر فِي الْمُودع وَالْمُودع مَا يعْتَبر فِي الْمُوكل وَالْوَكِيل وَلَا بُد من صِيغَة من الْمُودع بِأَن يَقُول: استودعتك هَذَا المَال أَو استحفظتك إِيَّاه أَو استنبتك فِي حفظه وَالْأَظْهَر: أَنه لَا يعْتَبر الْقبُول بِاللَّفْظِ وَيَكْفِي الْقَبْض وَلَو أودعهُ صبي أَو مَجْنُون مَالا لم يقبله فَإِن قبل ضمن وَلَو أودع مَالا عِنْد صبي فَتلف عِنْده لم يضمنهُ وَلَو أتْلفه فَالْأَظْهر: أَنه يضمن وَالسَّفِيه كَالصَّبِيِّ فِي إيداعه وترتفع الْوَدِيعَة بِمَوْت الْمُودع وَالْمُودع وبالجنون وَالْإِغْمَاء وللمودع أَن يستردها مَتى شَاءَ وللمودع كَذَلِك وَالْأَصْل فِي الْوَدِيعَة: الْأَمَانَة وَقد تصير مَضْمُونَة بعوارض مِنْهَا: أَن يودع غَيره بِغَيْر إِذن الْمَالِك من غير عذر فَيضمن وَمِنْهَا: إِذا أودع القَاضِي على وَجه أَنه لَا يضمن وَإِذا لم تزل يَده عَن الْوَدِيعَة فَلَا بَأْس بالاستعانة بِغَيْرِهِ بِأَن يَدْفَعهَا إِلَيْهِ ليحملها إِلَى الْحِرْز أَو ليضعها فِي الخزانة الْمُشْتَركَة بَينهمَا وَإِذا أَرَادَ سفرا فليردها إِلَى الْمُودع أَو وَكيله فَإِن لم يظفر بهما دَفعهَا إِلَى القَاضِي فَإِن لم يجده فَإلَى أَمِين فَإِن دَفنهَا فِي مَوضِع وسافر ضمن إِلَّا أَن يعلم بهَا أَمِين يسكن ذَلِك الْموضع فَلَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 373 يضمن فِي أظهر الْوَجْهَيْنِ وَلَو سَافر بهَا ضمن إِلَّا إِذا وَقع حريق أَو غَارة وَعجز عَمَّن يَدْفَعهَا إِلَيْهِ عَن مَا ذكرنَا وَوُقُوع الْحَرِيق والإغارة فِي الْبقْعَة وإشراف الْحِرْز على الخراب: أعذار وَإِذا وَقع الْمُودع فِي مرض الْمَوْت: فَيَنْبَغِي أَن يرد الْوَدِيعَة إِلَى الْمَالِك أَو وَكيله وَإِلَّا فيودعها عِنْد الْحَاكِم أَو أَمِين أَو يُوصي بهَا فَإِن لم يفعل ضمن إِلَّا إِذا لم يجد الفرصة بِأَن مَاتَ فَجْأَة أَو قتل غيلَة وَمِنْهَا: إِذا نقل الْوَدِيعَة من محلّة إِلَى محلّة أَو من دَار إِلَى دَار وَالْمَنْقُول مِنْهُ أحرز: ضمن وَإِن تَسَاويا أَو كَانَ الْمَنْقُول إِلَيْهِ أحرز: فَلَا ضَمَان وَمِنْهَا: أَنه لَا يدْفع فِي مهلكات الْوَدِيعَة فَلَو أودعهُ دَابَّة فَترك عَلفهَا ضمن إِلَّا أَن ينهاه عَنهُ فَلَا يضمن على الْأَصَح ثمَّ لَا يلْزمه الْعلف من مَاله بل يعلف بِمَا دفع إِلَيْهِ الْمَالِك فَإِن لم يدْفع إِلَيْهِ شَيْئا رَاجعه أَو وَكيله فَإِن لم يجدهما رفع الْأَمر إِلَى الْحَاكِم وَلَو بعثها مَعَ من يسقيها لم يضمن على الْأَظْهر وعَلى الْمُودع تَعْرِيض ثِيَاب الصُّوف للريح كَيْلا يُفْسِدهَا الدُّود وَكَذَا لبسهَا عِنْد الْحَاجة وَمِنْهَا: لَو عدل عَن الْحِفْظ على الْوَجْه الْمَأْمُور بِهِ إِلَى غَيره وَتَلفت الْوَدِيعَة بِسَبَب الْوَجْه المعدول إِلَيْهِ ضمن فَلَو قَالَ: لَا ترقد على الصندوق فرقد وانكسر رَأس الصندوق بثقله وَتلف مَا فِيهِ ضمن وَإِن تلف بِسَبَب آخر لم يضمن على ظَاهر الْمَذْهَب: وَكَذَا لَو قَالَ: لَا تقفل عَلَيْهِ فأقفل وَلَو قَالَ: اربط هَذِه الدَّرَاهِم فِي كمك فَأَمْسكهَا فِي يَده فَتلفت فَالْأَصَحّ: أَنه يضمن إِن ضَاعَت بنوم أَو نِسْيَان وَلَا يضمن إِن أَخذهَا غَاصِب وَلَو جعلهَا فِي جيبه بَدَلا عَن الرَّبْط فِي الْكمّ لم يضمن وَبِالْعَكْسِ يضمن وَلَو سلم إِلَيْهِ الدَّرَاهِم فِي السُّوق وَلم يبين كَيْفيَّة الْحِفْظ فربطها فِي الْكمّ وأمسكها فِي الْيَد فقد بَالغ فِي الْحِفْظ وَكَذَا لَو جعلهَا فِي جيبه وَلَو أمْسكهَا بِيَدِهِ وَلم يربطها فِي الْكمّ لم يضمن إِن أَخذهَا غَاصِب وَيضمن إِن تلفت بغفلة أَو نوم وَلَو أَنه لما سلمهَا إِلَيْهِ فِي السُّوق قَالَ: احفظها فِي الْبَيْت فَيَنْبَغِي أَن يمْضِي إِلَيْهِ ويحرزها فِيهِ وَلَو أخر من غير عذر ضمن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 374 وَمِنْهَا: إِذا ضيع الْوَدِيعَة بِأَن جعلهَا فِي مضيعة أَو فِي غير حرز مثلهَا أَو سعى بهَا إِلَى من يضارر الْمَالِك أَو دلّ عَلَيْهَا السَّارِق: ضمن وَلَو أكرهه الظَّالِم حَتَّى سلمهَا إِلَيْهِ فَالظَّاهِر: أَن للْمَالِك مُطَالبَته بِالضَّمَانِ ثمَّ يرجع هُوَ على الظَّالِم وَمِنْهَا: الِانْتِفَاع بالوديعة كلبس الثَّوْب وركوب الدَّابَّة خِيَانَة مضمنة وَكَذَا أَخذ الثَّوْب للبس وَالدَّرَاهِم للإنفاق وَلَو نوى الْأَخْذ وَلم يَأْخُذ لم يضمن على الْأَظْهر وَمِنْهَا: إِذا خلط الْوَدِيعَة بِمَال نَفسه وارتفع التَّمْيِيز: ضمن وَكَذَا لَو خلط دَرَاهِم كيس بِدَرَاهِم كيس آخر من مَال الْمُودع ضمن فِي أظهر الْوَجْهَيْنِ وَمِنْهَا: إِذا صَارَت الْوَدِيعَة مَضْمُونَة على الْمُودع بانتفاع وَغَيره ثمَّ إِنَّه ترك الْخِيَانَة: لم يبرأ وَلم يعد أَمينا إِلَّا إِذا أحدث لَهُ الْمَالِك استئمانا فأظهر الْوَجْهَيْنِ أَنه يبرأ وَإِذا طلب الْمَالِك الْوَدِيعَة: فعلى الْمُودع الرَّد بِأَن يخلي بَين الْمَالِك وَمَاله فَإِن أخر من غير عذر ضمن وَإِن ادّعى التّلف وَذكر سَببا خفِيا كالسرقة أَو لم يذكر سَببا صدق بِيَمِينِهِ وَإِن ذكر سَببا ظَاهرا كالحريق فَإِن عرف مَا يَدعِيهِ صدق بِالْيَمِينِ وَإِن لم يعرف عُمُومه وَإِن عرف فَلَا حَاجَة إِلَى الْيَمين وَإِن لم يعرف مَا يَدعِيهِ طُولِبَ بِالْبَيِّنَةِ ثمَّ إِنَّه يحلف على حُصُول الْهَلَاك بِهِ وَإِن ادّعى الرَّد على الْمَالِك الَّذِي ائتمنه صدق بِيَمِينِهِ وَإِن ادّعى الرَّد على غير من ائتمنه صدق بِالْبَيِّنَةِ وَذَلِكَ كَمَا إِذا ادّعى الرَّد على وَرَثَة الْمَالِك وَادّعى وَارِث الْمُودع الرَّد على الْمَالِك أَو أودع عِنْد السّفر أَمينا فَادّعى الْأمين الرَّد على الْمَالِك فَإِنَّهُم يطالبون بِالْبَيِّنَةِ وجحود الْوَدِيعَة بعد طلب الْمَالِك من أَسبَاب الضَّمَان هَذَا كَلَام صَاحب الْمُحَرر وَقَالَ صَاحب الْمقنع: إِذا ادّعى أَنه أودع عِنْد رجل وَدِيعَة وَأنكر الرجل ذَلِك وَقَالَ: مَا أودعتني شَيْئا فَالْقَوْل قَول الْمُودع يحلف أَنه مَا أودعهُ وَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ إِذا اتفقَا على الْإِيدَاع وَاخْتلفَا فِي رده فَالْقَوْل قَول الْمُودع أَيْضا فَأَما إِن قَالَ الْمُودع: أَمرتنِي أَن أدفَع الْوَدِيعَة إِلَى زيد وَقد دفعت إِلَيْهِ وَقَالَ صَاحب الْوَدِيعَة: مَا دفعت فَالْقَوْل قَول صَاحب الْوَدِيعَة حَتَّى يُقيم الْمُودع الْبَيِّنَة أَنه دفع إِلَيْهِ وَكَذَا إِذا قَالَ صَاحب الْوَدِيعَة: مَا أَمرتك بِالدفع إِلَى زيد وَقَالَ: أَمرتنِي فَالْقَوْل قَول صَاحب الْوَدِيعَة أَيْضا حَتَّى يُقيم الْمُودع الْبَيِّنَة: أَنه أمره بِالدفع إِلَى زيد وَينظر فِي حَال زيد فَإِن أنكر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 375 أَنه أَخذ مِنْهُ شَيْئا فَالْقَوْل قَوْله مَعَ يَمِينه وَإِن أقرّ نظر فِي الْوَدِيعَة فَإِن كَانَت بَاقِيَة ردَّتْ على صَاحبهَا وَيسْقط الضَّمَان عَنْهُمَا وَإِن كَانَت تالفة فلصاحبها أَن يُطَالب من شَاءَ من الْمُودع وَمن زيد وَأيهمَا ضمن لم يكن لَهُ أَن يرجع على الآخر الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب : اتّفق الْأَئِمَّة على أَن الْوَدِيعَة من الْقرب الْمَنْدُوب إِلَيْهَا وَأَن فِي حفظهَا ثَوابًا وَأَنَّهَا أَمَانَة مَحْضَة وَأَن الضَّمَان لَا يجب على الْمُودع إِلَّا بِالتَّعَدِّي وَأَن القَوْل قَوْله فِي التّلف وَالرَّدّ على الْإِطْلَاق مَعَ يَمِينه وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا كَانَ قبضهَا بِبَيِّنَة فالثلاثة على أَنه يقبل قَوْله فِي الرَّد بِلَا بَيِّنَة وَقَالَ مَالك: لَا يقبل إِلَّا بِبَيِّنَة وَإِذا استودع دَنَانِير أَو دَرَاهِم أنفقها أَو أتلفهَا ثمَّ رد مثلهَا إِلَى مَكَانَهُ من الْوَدِيعَة ثمَّ تلف الْمَرْدُود بِغَيْر فعله فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ عِنْد مَالك فَإِن عِنْده لَو خلط دَرَاهِم الْوَدِيعَة أَو الدَّنَانِير أَو الْحِنْطَة بِمِثْلِهَا حَتَّى لَا تتَمَيَّز لم يكن ضَامِنا للتلف وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِن رده بِعَيْنِه لم يضمن تلفه وَإِن رد مثله لم يسْقط عَنهُ الضَّمَان وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد: هُوَ ضَامِن على كل حَال بِنَفس إِخْرَاجه لتعديه وَلَا يسْقط عَنهُ الضَّمَان سَوَاء رده بِعَيْنِه إِلَى حرزه أَو رد مثله وَإِذا استودع ثوبا أَو دَابَّة فتعدى بِالِاسْتِعْمَالِ ثمَّ رده إِلَى مَوضِع آخر قَالَ القَاضِي عبد الْوَهَّاب قَالَ مَالك: فِي الدَّابَّة إِذا ركبهَا ثمَّ ردهَا فصاحبها الْمُودع بِالْخِيَارِ بَين أَن يضمنهُ قيمتهَا وَبَين أَن يَأْخُذ مِنْهُ أجرتهَا وَلم يبين حكمهَا إِن تلفت بعد ردهَا مَوضِع الْوَدِيعَة وَلَكِن يَجِيء على قَوْله: (أَنه يَأْخُذ الْكِرَاء) أَن يكون من ضَمَان الْمُودع وَإِن أَخذ الْقيمَة أَن يكون من ضَمَان الْمُودع وَلم يقل فِي الثَّوْب: كَيفَ الْعَمَل إِذا لبسه وَلم يبله ثمَّ رده إِلَى حرزه ثمَّ تلف قَالَ: وَالَّذِي يقوى فِي نَفسِي: أَن الشَّيْء إِذا كَانَ مِمَّا لَا يُوزن وَلَا يُكَال كالدواب وَالثيَاب فَاسْتَعْملهُ فَتلف: كَانَ اللَّازِم قِيمَته لَا مثله فَإِنَّهُ يكون مُتَعَدِّيا بِاسْتِعْمَالِهِ خَارِجا عَن الْأَمَانَة فَرده إِلَى مَوْضِعه وَلَا يسْقط عَنهُ الضَّمَان بِوَجْه وَبِه قَالَ الشَّافِعِي وَأحمد وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِذا تعدى ورده بِعَيْنِه ثمَّ تلف لم يلْزمه ضَمَان وَاتَّفَقُوا على أَن مَتى طلبَهَا صَاحبهَا وَجب على الْمُودع ردهَا مَعَ الْإِمْكَان وَإِلَّا ضمن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 376 وعَلى أَنه إِذا طَالبه فَقَالَ: مَا أودعتني ثمَّ قَالَ بعد ذَلِك: ضَاعَت أَنه يضمن بِخُرُوجِهِ عَن حد الْأَمَانَة فَلَو قَالَ: مَا تسْتَحقّ عِنْدِي شَيْئا ثمَّ قَالَ تسْتَحقّ: كَانَ القَوْل قَوْله وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا سلم الْوَدِيعَة إِلَى عِيَاله فِي دَاره فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد: إِذا أودعها عِنْد من تلْزمهُ نَفَقَته من غير عذر لم يضمن وَقَالَ الشَّافِعِي: إِذا أودعها عِنْد غَيره من غير عذر ضمن المصطلح: وتشتمل صوره على أَنْوَاع مِنْهَا: صُورَة فِي الْوَدِيعَة وحفظها: أشهد عَلَيْهِ فلَان أَو أقرّ فلَان أَنه قبض وتسلم من فلَان أَو أَن فِي يَده وتسليمه لفُلَان على سَبِيل الْإِيدَاع الشَّرْعِيّ مَا مبلغه كَذَا وَكَذَا مُلْتَزما حفظ هَذِه الْوَدِيعَة وصونها فِي حرز مثلهَا فِي الْمَكَان الَّذِي أمره الْمُودع أَن يَضَعهَا فِيهِ وَحضر الْمُودع الْمَذْكُور وَصدق على ذَلِك التَّصْدِيق الشَّرْعِيّ ويكمل صُورَة رد الْوَدِيعَة: أقرّ فلَان أَنه قبض وتسلم من فلَان مَا مبلغه كَذَا وَكَذَا قبضا شَرْعِيًّا وَصَارَ ذَلِك إِلَيْهِ وَبِيَدِهِ وحوزه وَذَلِكَ هُوَ الْقدر الَّذِي كَانَ الْقَابِض الْمَذْكُور أودعهُ عَن المقبض الْمَذْكُور من قبل تَارِيخه وَلم يتَأَخَّر لَهُ من ذَلِك شَيْء قل وَلَا جلّ وَصدقه الدَّافِع الْمَذْكُور على ذَلِك تَصْدِيقًا شَرْعِيًّا صُورَة رد الْوَدِيعَة مَعَ كَون الْمُودع خَالف وتعدى فَهَلَك بعض الْوَدِيعَة: أشهد عَلَيْهِ فلَان أَنه كَانَ قد استودع من فلَان قبل تَارِيخه مَا مبلغه كَذَا وَكَذَا وَأَن الْمُودع أمره أَن يَضَعهَا فِي جيبه فوضعها فِي كمه فَسقط مِنْهَا كَذَا وَكَذَا وَصدقه الْمُودع على ذَلِك واتفقا على أَن يبرىء ذمَّته من مبلغ كَذَا ويغرمه الْبَاقِي من الْهَالِك وَهُوَ كَذَا فَدفع إِلَيْهِ الْمُودع بَاقِي الْوَدِيعَة وَمَا اتفقَا على تغريمه إِيَّاه وَجُمْلَته كَذَا فقضبه مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا وَأَبْرَأ ذمَّته من الْقدر الْمُتَّفق على الْإِبْرَاء مِنْهُ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا بَرَاءَة شَرْعِيَّة قبلهَا مِنْهُ قبولا شَرْعِيًّا وتصادقا على ذَلِك كُله تَصَادقا شَرْعِيًّا انْتهى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 377 كتاب قسم الْفَيْء وَالْغنيمَة وَمَا يتَعَلَّق بِهِ من الْأَحْكَام الْفَيْء المَال الْحَاصِل من الْكفَّار من غير قتال وَلَا إيجَاف خيل وَلَا ركاب كالجزية وَعشر تجاراتهم الْمَشْرُوطَة عَلَيْهِم إِذا دخلُوا دَار الْإِسْلَام وَمَا جلوا عَنهُ خوفًا وَمَال من مَاتَ أَو قتل على الرِّدَّة وَمَال من مَاتَ من أهل الذِّمَّة وَلَا وَارِث لَهُ وَذَلِكَ يقسم خَمْسَة أسْهم مُتَسَاوِيَة ثمَّ يُؤْخَذ أَحدهَا فَيقسم خَمْسَة أسْهم مُتَسَاوِيَة أَحدهَا الْمُضَاف إِلَى الله تَعَالَى وَرَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيصرف فِي مصَالح الْمُسلمين كسد الثغور وأرزاق الْقُضَاة وَالْعُلَمَاء يقدم الأهم فالأهم وَالثَّانِي يصرف إِلَى أقَارِب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم المنتسبين إِلَى هَاشم وَالْمطلب يشْتَرك فِيهِ الْغَنِيّ وَالْفَقِير وَالذكر وَالْأُنْثَى ويفضل الذّكر على الْأُنْثَى كَمَا فِي الْمِيرَاث وَالثَّالِث يصرف إِلَى الْيَتَامَى واليتيم الصَّغِير الَّذِي لَا أَب لَهُ وَيشْتَرط فِي اسْتِحْقَاقه الْفقر على الْأَظْهر وَالرَّابِع يصرف إِلَى الْمَسَاكِين وَالْخَامِس إِلَى أَبنَاء السَّبِيل وَسَيَأْتِي بَيَان الصِّنْفَيْنِ الباقيين فِي كتاب قسم الصَّدقَات وَهل يعم ذَوي الْقُرْبَى واليتامى وَالْمَسَاكِين وَأَبْنَاء السَّبِيل أَو يخصص الْحَاصِل فِي كل نَاحيَة بِمن فِيهَا من هَؤُلَاءِ فِيهِ وَجْهَان أظهرهمَا الأول وَأما الْأَخْمَاس الْأَرْبَعَة فَإِنَّهَا كَانَت لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَيَاته مَضْمُومَة إِلَى خمس الْخمس وَبعده الْأَصَح أَنَّهَا للمرتزقة المرصدين للْجِهَاد وَيَنْبَغِي أَن يضع الإِمَام ديوانا وَينصب لكل جمَاعَة أَو قَبيلَة عريفا ويبحث عَن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 378 حَال كل وَاحِد وَعِيَاله وَمَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ فيعطيه مَا يَكْفِيهِ مُؤْنَته ومؤنتهم وَيقدم فِي إِثْبَات الِاسْم والإعطاء قُريْشًا وهم ولد النَّضر بن كنَانَة وَمِنْهُم بَنو هَاشم وَبَنُو الْمطلب ثمَّ بَنو عبد شمس ثمَّ بَنو نَوْفَل ثمَّ بَنو عبد الْعُزَّى ثمَّ سَائِر الْبُطُون الْأَقْرَب فَالْأَقْرَب إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ الْأَنْصَار ثمَّ سَائِر الْعَرَب ثمَّ الْعَجم وَلَا يثبت فِي الدِّيوَان اسْم العميان والزمنى وَمن لَا يصلح للغزو وَإِذا طَرَأَ على بعض الْمُقَاتلَة مرض أَو جُنُون يُرْجَى زَوَاله أعطي وَلم يسْقط اسْمه وَإِن لم يرج فَفِيهِ قَولَانِ أظهرهمَا أَنهم يُعْطون وتعطى زَوْجَة الْمَيِّت إِلَى أَن تنْكح وَالْأَوْلَاد إِلَى أَن يستقلوا وَإِذا فضلت الْأَخْمَاس عَن حاجات المرتزقة وزع عَلَيْهِم قدر مؤنتهم وَالْأَظْهَر أَنه يجوز أَن يصرف بعضه إِلَى إصْلَاح الثغور والكراع وَالسِّلَاح وَجَمِيع مَا ذَكرْنَاهُ فِي منقولات أَمْوَال الْفَيْء فَأَما الدّور والأراضي فَالظَّاهِر أَنَّهَا تجْعَل وَقفا مُؤَبَّدًا وتستغل وتقسم غَلَّتهَا كَذَلِك وَأما الْغَنِيمَة فَهِيَ المَال الْحَاصِل من الْكفَّار بِالْقِتَالِ وإيجاف الْخَيل والركاب وَيبدأ مِنْهُ بالسلب فَيدْفَع إِلَى الْقَاتِل وسلب الْكَافِر ثِيَابه الملبوسة مَعَ الْخُف وآلات الْحَرْب كالدرع وَالسِّلَاح والمركوب وَمَا عَلَيْهِ كالسرج واللجام وَالأَصَح عدا السوار والمنطقة والخاتم وَمَا مَعَه من دَرَاهِم النَّفَقَة والجنيب المقود من السَّلب وَاسْتِحْقَاق السَّلب بركوب الْغرَر فِي كِفَايَة شَرّ الْكفَّار فِي حَال قيام الْحَرْب فَلَو رمى من حصن أَو من وَرَاء الصَّفّ أَو قتل الْكَافِر وَهُوَ نَائِم أَو قتل أَسِيرًا لم يسْتَحق السَّلب وَكَذَلِكَ لَو قتل كَافِرًا بعد انهزام جيوشهم وكفاية شرهم بِأَن يقْتله أَو يزِيل امْتِنَاعه بفقء عينه أَو قطع يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ وَمَا فِي معنى أسره وَقطع يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ فَلَا سلب لَهُ بذلك فِي أشبه الْقَوْلَيْنِ بل يكون السَّلب فِي الْغَنِيمَة وَأما السَّلب فَلَا يُخَمّس على الْأَصَح بل يعْطى كل قَاتل سلب مقتوله ثمَّ يخرج مُؤَن الْحِفْظ وَالنَّفْل وَغَيرهمَا ثمَّ يُخَمّس المَال وَيقسم أحد الْأَخْمَاس خَمْسَة أسْهم كَمَا ذكرنَا فِي الْفَيْء وَالْأَظْهَر أَن مُؤنَة النَّقْل تقع فِي خمس الْخمس الْمعد للْمصَالح إِذا نفل الإِمَام مَال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 379 الْغَنِيمَة فِي هَذَا الْقِتَال وَيجوز أَن ينفل من مَال الْمصَالح الْحَاصِل عِنْده وَالنَّفْل زِيَادَة مَال يَشْتَرِطه الإِمَام أَو الْأمين لمن يقوم بِمَا فِيهِ زِيَادَة نكاية فِي الْكفَّار وَقدره يتَعَلَّق بِالِاجْتِهَادِ وَأما الْأَخْمَاس الْأَرْبَعَة فَيقسمهَا بَين الْغَانِمين سَوَاء الْعقار وَالْمَنْقُول والغانمون هم الَّذين شهدُوا الْوَقْعَة على نِيَّة الْقِتَال وَلَا يشْتَرط فِي الِاسْتِحْقَاق الْقِتَال وَلَا حق لمن حضر بعد انْقِضَاء الْقِتَال وحيازة المَال وَمن شهد الْوَقْعَة وَمَات بعد انْقِضَاء الْقِتَال وحيازة المَال انْتقل حَقه إِلَى ورثته وَكَذَا لَو مَاتَ بعد انقضائه وَقبل الْحِيَازَة على الْأَظْهر وَمن مَاتَ فِي معركة الْقِتَال فَالظَّاهِر سُقُوط حَقه وَأظْهر الْقَوْلَيْنِ أَن الأجراء لسياسة الدَّوَابّ ولحفظ الْأَمْتِعَة وتجار الْعَسْكَر والمحترفين يسْتَحقُّونَ السهْم إِذا قَاتلُوا وَيُعْطى الراجل سَهْما والفارس ثَلَاثَة أسْهم وَإِنَّمَا يعْطى رَاكب الْفرس دون رَاكب الْبَعِير وَغير الْبَعِير وَلَا يعْطى إِلَّا لفرس وَاحِد وَلَا فرق بَين الْعَرَبِيّ وَغَيره وَلَا يعْطى الأعجف وَلَا الَّذِي لَا غنى فِيهِ على الْأَظْهر وَالْعَبِيد وَالصبيان وَالنِّسَاء وَأهل الذِّمَّة إِذا حَضَرُوا لَا يكمل لَهُم سهم الْغَنِيمَة لَكِن ينقص وَيُسمى الرضخ ويجتهد فِي تَقْدِيره الإِمَام وَمحل الرضخ الْأَخْمَاس الْأَرْبَعَة على الْأَصَح الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب اتّفق الْأَئِمَّة على أَن مَا حصل فِي أَيدي الْمُسلمين من مَال الْكفَّار بِإِيجَاف الْخَيل والركاب فَهُوَ غنيمَة عينه وعروضه فَإِن كَانَ فِيهِ سلب اسْتَحَقَّه الْقَاتِل من أهل الْغَنِيمَة سَوَاء شَرط ذَلِك الإِمَام أَو لم يشرطه عِنْد الشَّافِعِي وَأحمد وَإِنَّمَا يسْتَحقّهُ الْقَاتِل إِذا غرر بِنَفسِهِ فِي قتل مُشْرك وأزال امْتِنَاعه وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك لَا يسْتَحقّهُ إِلَّا أَن يشرط لَهُ الإِمَام ثمَّ بعد السَّلب يفرد الْخمس من الْغَنِيمَة وَاخْتلفُوا فِي قسْمَة الْخمس فَقَالَ أَبُو حنيفَة يقسم على ثَلَاثَة أسْهم سهم لِلْيَتَامَى وَسَهْم للْمَسَاكِين وَسَهْم لِابْنِ السَّبِيل يدْخل فُقَرَاء ذَوي الْقُرْبَى فيهم دون أغنيائهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 380 فَأَما سهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَهُوَ خمس الله وَخمْس رَسُوله وَهُوَ وَاحِد وَقد سقط بِمَوْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَسَهْم ذَوي الْقُرْبَى كَانُوا يستحقونه فِي زمن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالنصر وَبعده لَا سهم لَهُم وَإِنَّمَا يستحقونه بالفقر خَاصَّة وَيَسْتَوِي فِيهِ ذكورهم وإناثهم وَقَالَ مَالك هَذَا الْخمس لَا يسْتَحق بِالتَّعْيِينِ لشخص دون شخص وَلَكِن النّظر فِيهِ إِلَى الإِمَام يصرفهُ فِيمَا يرى وعَلى من يرى من الْمُسلمين وَيُعْطى الإِمَام الْقَرَابَة من الْخمس والفيء وَالْخَرَاج والجزية وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد يقسم الْخمس على خَمْسَة أسهل سهم للرسول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ بَاقٍ لم يسْقط حكمه بِمَوْتِهِ وَسَهْم لبني هَاشم وَبَين الْمطلب دون بني عبد شمس وَبني نَوْفَل وَإِنَّمَا هُوَ مُخْتَصّ ببني هَاشم وَبني الْمطلب لأَنهم هم ذَوُو الْقُرْبَى وَقد منعُوا من أَخذ الصَّدقَات فَجعل هَذَا لَهُم غنيهم وفقيرهم فِيهِ سَوَاء إِلَّا أَن للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ وَلَا يسْتَحقّهُ أَوْلَاد الْبَنَات مِنْهُم وَسَهْم لِلْيَتَامَى وَسَهْم لأبناء السَّبِيل وَهَؤُلَاء الثَّلَاثَة يسْتَحقُّونَ بالفقر وَالْحَاجة بِالِاسْمِ ثمَّ اخْتلفُوا فِي سهم الرَّسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى من يصرف فَقَالَ الشَّافِعِي يصرف فِي الْمصَالح من إعداد السِّلَاح والكراع وَعقد القناطر وَبِنَاء الْمَسَاجِد وَنَحْو ذَلِك فَيكون حكمه حكم الْفَيْء وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا كَهَذا الْمَذْهَب واختارها الْخرقِيّ وَالْأُخْرَى يصرف فِي أهل الدِّيوَان وهم الَّذين نصبوا أنفسهم لِلْقِتَالِ وانفردوا بالثغور لسدها يقسم فيهم على قدر كفايتهم وَاتَّفَقُوا على أَن أَرْبَعَة أَخْمَاس الْغَنِيمَة الْبَاقِيَة يقسم على من شهد الْوَقْعَة بنية الْقِتَال وَهُوَ من أهل الْقِتَال فَإِن للراجل سَهْما وَاحِدًا وَاخْتلفُوا فِي الْفَارِس فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد إِن لَهُ ثَلَاثَة أسْهم سهم لَهُ وسهمان للْفرس وَقَالَ أَبُو حنيفَة للفارس سَهْمَان سهم لَهُ وَسَهْم للْفرس قَالَ القَاضِي عبد الْوَهَّاب القَوْل بِأَن للْفرس سَهْمَان قَالَ بِهِ عمر بن الْخطاب وَعلي بن أبي طَالب وَلَا مُخَالف لَهما فِي الصَّحَابَة وَمن التَّابِعين عمر بن عبد الْعَزِيز وَالْحسن وَابْن سِيرِين وَمن الْفُقَهَاء أهل الْمَدِينَة وَالْأَوْزَاعِيّ وَأهل الشَّام وَاللَّيْث بن سعد وَأهل مصر وسُفْيَان الثَّوْريّ وَالشَّافِعِيّ وَمن أهل الْعرَاق أَحْمد بن حَنْبَل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 381 وَأَبُو ثَوْر وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد بن الْحسن وَقيل إِنَّه لم يُخَالف فِي هَذِه الْمَسْأَلَة غير أبي حنيفَة وَحده وَلم يقل بقوله أحد حُكيَ عَنهُ أَنه قَالَ أكره أَن أفضل بَهِيمَة على مُسلم وَلَو كَانَ مَعَ الْفَارِس فرسَان فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ لَا يُسهم إِلَّا لفرس وَاحِد وَقَالَ أَحْمد يُسهم لفرسين وَلَا يُزَاد على ذَلِك وَوَافَقَهُ أَبُو يُوسُف وَهِي رِوَايَة عَن مَالك وَالْفرس سَوَاء كَانَ عَرَبيا أَو غَيره يُسهم لَهُ وَقَالَ أَحْمد للفحل سَهْمَان وللبرذون سهم وَاحِد وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَمَكْحُول لَا يُسهم إِلَّا للعربي فَقَط وَهل يُسهم للبعير قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ لَا يُسهم لَهُ وَقَالَ أَحْمد يُسهم لَهُ سهم وَاحِد وَلَو دخل دَار الْحَرْب بفرس ثمَّ مَاتَ الْفرس قبل الْقِتَال قَالَ مَالك لَا يُسهم لفرسه بِخِلَاف مَا إِذا مَاتَ فِي الْقِتَال أَو بعده فَإِنَّهُ يُسهم لَهُ وَبِه قَالَ الشَّافِعِي وَأحمد وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا دخل دَار الْحَرْب فَارِسًا ثمَّ مَاتَ فرسه قبل الْقِتَال أسْهم للْفرس فصل اخْتلف الْأَئِمَّة رَحِمهم الله هَل يملك الْكفَّار مَا يسلبونه من أَمْوَال الْمُسلمين فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد فِي أصح الرِّوَايَتَيْنِ لَا يملكونه وَقَالَ ابْن هُبَيْرَة وَالْأَحَادِيث الصَّحِيحَة تدل على ذَلِك لِأَن ابْن عمر ذهب لَهُ فرس فَأَخذهَا الْعَدو فَظهر عَلَيْهَا الْمُسلمُونَ فَرد عَلَيْهِ فِي زمن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأبق لَهُ عبد فلحق بالروم فَظهر عَلَيْهِ الْمُسلمُونَ فَرد عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو حنيفَة يملكونه وَهِي رِوَايَة عَن أَحْمد وَاتَّفَقُوا على أَنهم إِذا قسموا الْغَنِيمَة وحازوها ثمَّ اتَّصل بهم مدد لم يكن للمدد فِي ذَلِك حِصَّة فَإِذا اتَّصل المدد بعد انْقِضَاء الْحَرْب وَقبل حِيَازَة الْغَنِيمَة فِي دَار الْإِسْلَام أَو بعد أَن أخذوها وَقبل قسمهَا قَالَ أَبُو حنيفَة يُسهم لَهُم مَا لم يحز إِلَى دَار الْإِسْلَام أَو يقسموها وَقَالَ مَالك وَأحمد لَا سهم لَهُم على كل حَال وَعند الشَّافِعِي قَولَانِ أَحدهمَا يُسهم لَهُم وَالثَّانِي لَا يُسهم لَهُم وَاتَّفَقُوا على أَن من حضر الْغَنِيمَة من مَمْلُوك أَو امْرَأَة أَو صبي أَو ذمِّي فَلهم الرضخ وَهُوَ سهم يجْتَهد الإِمَام فِي قدره وَلَا يكمل لَهُم سَهْما وَقَالَ مَالك إِن راهق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 382 الصَّبِي أَو أطَاق الْقِتَال أَو أجَازه الإِمَام كمل لَهُم السهْم وَإِن لم يبلغ فصل وَقسم الْغَنَائِم فِي دَار الْحَرْب هَل يجوز أم لَا قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد يجوز وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يجوز وَقَالَ أَصْحَابه إِن لم يجد الإِمَام حمولة قسمهَا خوفًا عَلَيْهَا لَكِن لَو قسمهَا الإِمَام فِي دَار الْحَرْب نفذت الْقِسْمَة بالِاتِّفَاقِ وَالطَّعَام والعلف وَالْحَيَوَان يكون فِي دَار الْحَرْب هَل يجوز اسْتِعْمَاله من غير إِذن الإِمَام قَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد فِي إِحْدَى روايتيه لَا بَأْس بذلك وَلَو بِغَيْر إِذن الإِمَام فَإِن فضل عَنهُ فَأخْرج مِنْهُ شَيْئا إِلَى دَار الْإِسْلَام كَانَ غنيمَة قل أَو كثر وَعَن أَحْمد رِوَايَة أُخْرَى برد مَا فضل إِذا كَانَ كثيرا فَإِن كَانَ يَسِيرا فَلَا وَقَالَ الشَّافِعِي إِن كَانَ كثيرا لَهُ قيمَة رد وَإِن كَانَ نزرا يَسِيرا فَقَوْلَانِ أصَحهمَا لَا يرد وَحكي عَن مَالك أَن مَا أخرج إِلَى دَار الْإِسْلَام فَهُوَ غنيمَة فصل وَلَو قَالَ من أَخذ شَيْئا فَهُوَ لَهُ قَالَ أَبُو حنيفَة يجوز للْإِمَام أَن يَشْتَرِطه إِلَّا أَن الأولى أَن لَا يفعل وَقَالَ مَالك يكون لَهُ ذَلِك كَيْلا يشوب فضل الْمُجَاهدين فِي جهادهم إِرَادَة الدُّنْيَا وَيكون من الْخمس لامن أصل الْغَنِيمَة وَكَذَلِكَ الْفضل كُله من الْخمس وَقَالَ الشَّافِعِي لَيْسَ بِشَرْط لَازم فِي أظهر الْقَوْلَيْنِ عِنْده وَقَالَ أَحْمد هُوَ شَرط صَحِيح وَللْإِمَام أَن يفضل بعض الْغَانِمين على بعض قبل الْأَخْذ والحيازة بالِاتِّفَاقِ وَاتَّفَقُوا على أَن الإِمَام مُخَيّر فِي الأسرى بَين الْقَتْل والاسترقاق وَاخْتلفُوا هَل هُوَ مُخَيّر فيهم بَين الْمَنّ وَالْفِدَاء وَعقد الذِّمَّة قَالَ الشَّافِعِي ومالكوأحمد هُوَ مُخَيّر بَين الْفِدَاء بِالْمَالِ أَو بالأسرى وَبَين الْمَنّ عَلَيْهِم وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يمن وَلَا يفادى وَأما عقد الذِّمَّة فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك هُوَ مُخَيّر فِي ذَلِك ويكونوا أحرارا وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد لَيْسَ لَهُ ذَلِك لأَنهم قد ملكوا فصل وَلَو أسر الْمُشْركُونَ أَسِيرًا مُسلما فأحلفوه على أَن لَا يخرج من دَارهم وَلَا يهرب على أَن يخلوه يذهب وَيَجِيء قَالَ مَالك يلْزمه فِي أَن يَفِي لَهُم وَلَا يهرب مِنْهُم وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يَسعهُ أَن يَفِي وَعَلِيهِ أَن يخرج وَيَمِينه يَمِين مكره فصل المغنوم عنْوَة بالعراق ومصر هَل يقسم بَين غانميها أم لَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 383 قَالَ أَبُو حنيفَة الإِمَام بِالْخِيَارِ بَين أَن يقْرَأ أَهلهَا عَلَيْهَا وَيضْرب عَلَيْهِم خراجا وَبَين أَن يصرفهم عَنْهَا وَيَأْتِي بِقوم آخَرين وَيضْرب عَلَيْهِم الْخراج وَلَيْسَ للْإِمَام أَن يقفها على الْمُسلمين أَجْمَعِينَ وَلَا على غانميها وَعَن مَالك رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا لَيْسَ للْإِمَام أَن يقفها بل تصير بِنَفس الظُّهُور عَلَيْهَا وَقفا على الْمُسلمين وَالثَّانيَِة أَن الإِمَام مُخَيّر بَين قسمهَا ووقفها لمصَالح الْمُسلمين وَقَالَ الشَّافِعِي يجب على الإِمَام قسمهَا بَين جمَاعَة الْغَانِمين كَسَائِر الْأَمْوَال إِلَّا أَن تطيب أنفسهم بوقفها على الْمُسلمين ويسقطوا حُقُوقهم فِيهَا فيقفها وَعَن أَحْمد ثَلَاث رِوَايَات أظهرها أَن الإِمَام يفعل مَا يرَاهُ الْأَصْلَح من قسمهَا ووقفها وَالثَّانيَِة كمذهب الشَّافِعِي وَالثَّالِثَة تصير وَقفا بِنَفس الظُّهُور فصل وَاخْتلف الْأَئِمَّة فِي الْخراج الْمَضْرُوب على مَا يفتح عنْوَة فَقَالَ أَبُو حنيفَة فِي جريب الْحِنْطَة قفيز ودرهمان وَفِي جريب الشّعير قفيز وَدِرْهَم وَقَالَ الشَّافِعِي فِي جريب الْحِنْطَة أَرْبَعَة دَرَاهِم وَفِي جريب الشّعير دِرْهَمَانِ وَقَالَ أَحْمد فِي أظهر الرِّوَايَات الْحِنْطَة وَالشعِير سَوَاء وَفِي جريب كل وَاحِد مِنْهُمَا قفيز وَدِرْهَم والقفيز الْمَذْكُور ثَمَانِيَة أَرْطَال بالحجازي وَهُوَ سِتَّة عشر بالعراقي وَأما جريب النّخل فَقَالَ أَبُو حنيفَة فِيهِ عشرَة وَاخْتلف أَصْحَاب الشَّافِعِي فَمنهمْ من قَالَ عشرَة وَمِنْهُم من قَالَ ثَمَانِيَة وَقَالَ أَحْمد ثَمَانِيَة وَأما جريب الْعِنَب فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد عشرَة وَقَول أَصْحَاب الشَّافِعِي فِي الْعِنَب كَقَوْلِهِم فِي النّخل وَأما جريب الزَّيْتُون فَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد فِيهِ اثْنَا عشر درهما وَأَبُو حنيفَة لم يُوجد لَهُ نَص فِي ذَلِك وَقَالَ مَالك لَيْسَ فِي ذَلِك جَمِيعه تَقْدِير بل الْمرجع فِيهِ إِلَى مَا تحمله الأَرْض من ذَلِك لاختلافها فيجتهد الإِمَام فِي تَقْدِير ذَلِك مستعينا عَلَيْهِ بِأَهْل الْخِبْرَة فصل قَالَ ابْن هُبَيْرَة فِي الإفصاح وَاخْتِلَافهمْ إِنَّمَا هُوَ رَاجع إِلَى اخْتِلَاف الرِّوَايَات عَن أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فِي ذَلِك على الصَّحِيح وَإِنَّمَا اخْتلف لاخْتِلَاف النواحي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 384 وَاخْتلف الْأَئِمَّة هَل يجوز للْإِمَام أَن يزِيد فِي الْخراج على وَضعه أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أَو ينقص مِنْهُ وَكَذَلِكَ فِي الْجِزْيَة فَأَما أَبُو حنيفَة فَلَيْسَ عَنهُ نَص فِي ذَلِك لَكِن حُكيَ الْقَدُورِيّ عَنهُ بعد ذكر الْأَشْيَاء الْمعِين عَلَيْهَا الْخراج لَا بِوَضْع عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ وَمَا سوى ذَلِك من أَصْنَاف الْأَشْيَاء يوضع عَلَيْهَا بِحَسب الطَّاقَة فَإِن لم تطق الأَرْض مَا يوضع عَلَيْهَا نَقصهَا الإِمَام وَاخْتلف صَاحِبَاه فَقَالَ أَبُو يُوسُف لَا يجوز للْإِمَام النُّقْصَان وَلَا الزِّيَادَة مَعَ الِاحْتِمَال وَقَالَ مُحَمَّد يجوز ذَلِك مَعَ الِاحْتِمَال وَعَن الشَّافِعِي يجوز للْإِمَام الزِّيَادَة وَلَا يجوز لَهُ النُّقْصَان وَعَن أَحْمد ثَلَاث رِوَايَات إِحْدَاهَا يجوز لَهُ الزِّيَادَة إِذا احتملت وَالنُّقْصَان إِذا لم يحْتَمل وَالثَّانيَِة يجوز الزِّيَادَة مَعَ الِاحْتِمَال لَا النُّقْصَان وَالثَّالِثَة لَا يجوز الزِّيَادَة وَلَا النُّقْصَان وَأما مَالك فَهُوَ على أَصله فِي اجْتِهَاد الْأَئِمَّة على مَا تحمله الأَرْض مستعينا فِيهِ بِأَهْل الْخِبْرَة فصل قَالَ ابْن هُبَيْرَة لَا يجوز أَن يضْرب على الأَرْض مَا يكون فِيهِ هضم لحقوق بَيت المَال رِعَايَة لآحاد النَّاس وَلَا مَا يكون فِيهِ إِضْرَار بأرباب الأَرْض تحميلا لَهَا من ذَلِك مَا لَا تطِيق فمدار الْبَاب على أَن تحمل الأَرْض من ذَلِك مَا تطِيق وَأرى أَن مَا قَالَه أَبُو يُوسُف كَمَا فِي كتاب الْخراج الَّذِي صنفه للرشيد وَهُوَ الْجيد قَالَ أرى أَن يكون لبيت المَال من الْحبّ الخمسان وَمن الثِّمَار الثُّلُث فصل هَل فتحت مَكَّة صلحا أَو عنْوَة قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد فِي أظهر روايتيه عنْوَة وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى صلحا فصل لَو صَالح قوم على أَن أراضيهم لَهُم وَجعل عَلَيْهَا شَيْئا فَهُوَ كالجزية إِن أَسْلمُوا سقط عَنْهُم وَكَذَا إِن اشْتَرَاهُ مِنْهُم مُسلم وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِي وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يسْقط عَنْهُم خراج أَرضهم بِإِسْلَامِهِمْ وَلَا بشرَاء مُسلم وَاخْتلفُوا فِي الِاسْتِعَانَة بالمشركين على قتال أهل الْحَرْب وَهل يعانون على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 385 الْإِطْلَاق قَالَ مَالك إِن كَانُوا خدما للْمُسلمين فَيجوز وَقَالَ أَبُو حنيفَة يستعان بهم ويعانون على الْإِطْلَاق مَتى كَانَ حكم الْإِسْلَام هُوَ الْغَالِب الْجَارِي عَلَيْهِم فَإِن كَانَ حكم الْمُشرك هُوَ الْغَالِب كره وَقَالَ الشَّافِعِي يجوز ذَلِك بِشَرْطَيْنِ أَحدهمَا أَن يكون بِالْمُسْلِمين قلَّة وَيكون بالمشركين كَثْرَة وَالثَّانِي أَن يعلم من الْمُشْركين حسن رَأْي فِي الْإِسْلَام وميل إِلَيْهِ وَمَتى اسْتَعَانَ بهم رضخ لَهُم وَلم يُسهم فصل وَهل تُقَام الْحُدُود فِي دَار الْحَرْب على من تجب عَلَيْهِ فِي دَار الْإِسْلَام قَالَ مَالك نعم تُقَام فَكل فعل يرتكبه الْمُسلم فِي دَار الْإِسْلَام إِذا فعله فِي دَار الْحَرْب لزم الْحَد سَوَاء كَانَ من حُقُوق الله تَعَالَى أَو من حُقُوق الْآدَمِيّين فَإِذا زنا أَو سرق أَو شرب الْخمر أَو قذف حد وَبِه قَالَ الشَّافِعِي وَأحمد وَقَالَ أَبُو حنيفَة من زنا أَو سرق أَو قذف لَا يُقَام عَلَيْهِ حد إِلَّا أَن يكون بدار الْحَرْب إِمَام فيقيمه عَلَيْهِ بِنَفسِهِ وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لَكِن لَا يَسْتَوْفِي فِي دَار الْحَرْب حَتَّى يرجع إِلَى دَار الْإِسْلَام وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِن كَانَ فِي دَار الْحَرْب إِمَام مَعَ جَيش الْمُسلمين أَقَامَ عَلَيْهِم الْحَد فِي المعسكر قبل القفول وَإِن كَانَ أَمِير سَرِيَّة لم يقم الْحُدُود فِي دَار الْحَرْب وَإِن دخل دَار الْإِسْلَام من فعل مَا يُوجب الْحَد سَقَطت الْحُدُود عَنهُ كلهَا إِلَّا الْقَتْل فَإِنَّهُ يضمن الدِّيَة فِي مَاله عمدا كَانَ أَو خطأ فصل هَل يُسهم لتجار الْعَسْكَر وأجرائهم إِذا شهدُوا الْوَقْعَة وَإِن لم يقاتلوا قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك لَا يُسهم لَهُم حَتَّى يقاتلوا وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد يُسهم لَهُم وَإِن لم يقاتلوا وَللشَّافِعِيّ قَول آخر أَنه لَا يُسهم لَهُم وَإِن قَاتلُوا فصل هَل تصح الِاسْتِنَابَة فِي الْجِهَاد أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد لَا سَوَاء كَانَ بِجعْل أَو بِأُجْرَة أَو تبرع وَسَوَاء تعين على المستنيب أم لم يتَعَيَّن وَقَالَ مَالك يَصح إِذا كَانَ بِجعْل وَلم يكن الْجِهَاد مُتَعَيّنا على النَّائِب كَالْعَبْدِ وَالْأمة فصل قَالَ مَالك وَلَا بَأْس بالجعائل فِي الثغور مضى النَّاس على ذَلِك وَقد أدّى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 386 الْقَاعِد إِلَى الْخَارِج مائَة دِينَار فِي بعث أَيَّام عمر رَضِي الله عَنهُ وَاتَّفَقُوا على أَنه لَا يجوز لأحد من الْغَانِمين أَن يطَأ جَارِيَة من السَّبي قبل الْقِسْمَة وَاخْتلفُوا فِيمَا يجب عَلَيْهِ إِذا وَطئهَا فَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا حد عَلَيْهِ بل عُقُوبَة وَلَا يثبت نسب الْوَلَد مِنْهُ وَهل هُوَ مَمْلُوك يرد فِي الْغَنِيمَة وَعَلِيهِ الْعقُوبَة عَن الْإِصَابَة وَقَالَ مَالك هُوَ زَان يحد وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد لَا حد عَلَيْهِ وَيثبت نسب الْوَلَد وحريته وَعَلِيهِ قيمتهَا وَالْمهْر يرد فِي الْغَنِيمَة وَهل تصير أم ولد قَالَ أَحْمد نعم وَللشَّافِعِيّ قَولَانِ أصَحهمَا لَا تصير فصل لَو كَانَ جمَاعَة فِي سفينة فَوَقع فِيهَا نَار فَهَل يجوز لَهُم إِلْقَاء أنفسهم فِي المَاء أم يلْقوا الثِّيَاب قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ إِذا لم يَرْجُو النجَاة لَا فِي الْإِلْقَاء وَلَا فِي الْإِقَامَة فِي السَّفِينَة ثبتوا وَإِن اسْتَوَى الْأَمْرَانِ فعلوا مَا شَاءُوا وَإِن أيقنوا بِالْهَلَاكِ فِيهَا أَو غلب على ظنهم بِهِ فروايتان أظهرهمَا منع الْإِلْقَاء لأَنهم لم يَرْجُو نجاة وَهَذَا قَول مُحَمَّد بن الْحسن الْحَنَفِيّ وَهِي رِوَايَة عَن مَالك وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا ند بعير من دَار الْحَرْب إِلَى دَار الْإِسْلَام أَو دخل حَرْبِيّ بِغَيْر أَمَان فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ يكون ذَلِك فَيْئا للْمُسلمين إِلَّا أَن الشَّافِعِي قَالَ إِلَّا أَن يسلم الْحَرْبِيّ قبل أَن يُؤْخَذ فَلَا سَبِيل عَلَيْهِ وَقَالَ أَحْمد هُوَ لمن أَخذه خَاصَّة فصل هَدَايَا أُمَرَاء الجيوش هَل يختصون بهَا أَو تكون كَهَيئَةِ مَال الْفَيْء قَالَ مَالك تكون غنيمَة فِيهَا الْخمس وَهَكَذَا إِن أهْدى إِلَى أَمِير من أُمَرَاء الْمُسلمين لِأَن ذَلِك على وَجه الْخَوْف فَإِن أهْدى الْعَدو إِلَى رجل من الْمُسلمين لَيْسَ بأمير فَلَا بَأْس بأخذها وَيكون لَهُ دون أهل الْعَسْكَر رَوَاهُ مُحَمَّد بن الْحسن عَن أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف مَا أهْدى ملك الرّوم إِلَى أَمِير الْجَيْش فِي دَار الْحَرْب فَهُوَ لَهُ خَاصَّة وَكَذَلِكَ مَا يعْطى الرَّسُول وَلم يذكر عَن أبي حنيفَة خلافًا وَقَالَ الشَّافِعِي إِذا أهْدى إِلَى الْوَالِي هَدِيَّة فَإِن كَانَت بِشَيْء نَالَ مِنْهُ حَقًا أَو بَاطِلا فَهِيَ فَيْء على الْوَالِي أَخذهَا لِأَنَّهُ يحرم عَلَيْهِ أَن يَأْخُذ على خلاص الْحق جعلا وَقد ألزم الله تَعَالَى ذَلِك فَحَرَام عَلَيْهِ أَن يَأْخُذ ذَلِك بَاطِلا والجعل على الْبَاطِل حرَام فَإِن أهْدى إِلَيْهِ من غير هذَيْن الْمَعْنيين أحد من ولَايَته تفضلا وشكرا فَلَا يقبلهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 387 وَإِن قبلهَا كَانَت منَّة فِي الصَّدقَات لَا يَسعهُ عِنْدِي غَيره إِلَّا أَن يُكَافِئهُ عَلَيْهِ بِقدر مَا يَسعهُ وَإِن كَانَت من رجل لَا سُلْطَان لَهُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ بِالْبَلَدِ الَّذِي بِهِ سُلْطَانه على إِحْسَان كَانَ بِهِ فَأحب أَن يقبلهَا ويجعلها لأهل الْولَايَة أَو يَدعهَا وَلَا يَأْخُذ على الْخَيْر مُكَافَأَة فَإِن أَخذهَا وتمولها لم يحرم عَلَيْهِ وعَلى أَحْمد رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا لَا يخْتَص بهَا من أهديت إِلَيْهِ بل هِيَ غنيمَة قبل حيازها إِذا كَانَ لَهُ فِيهَا حق أَنه لَا يقطع وَاخْتلفُوا فِيمَن لَهُ فِيهَا حق هَل يحرق رَحْله وَيحرم سَهْمه أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ لَا يحرق رَحْله وَلَا يحرم سَهْمه وَقَالَ أَحْمد يحرق رَحْله الَّذِي مَعَه إِلَّا الْمُصحف وَمَا فِيهِ روح من الْحَيَوَان وَمَا هُوَ جنَّة لِلْقِتَالِ كالسلاح رِوَايَة وَاحِدَة وَهل يحرم سَهْمه عَنهُ رِوَايَتَانِ فصل مَال الْفَيْء وَهُوَ مَا أَخذ من مُشْرك لأجل كفره بِغَيْر مَال كالجزية الْمَأْخُوذَة على الرؤوس وَأُجْرَة الأَرْض الْمَأْخُوذَة باسم الْخراج أَو مَا تَرَكُوهُ فَزعًا وهربا وَمَال الْمُرْتَد إِذا قتل فِي ردته وَمَال كل كَافِر مَاتَ بِلَا وَارِث وَمَا يُؤْخَذ مِنْهُم من الْعشْر إِذا اخْتلفُوا إِلَى بِلَاد الْمُسلمين أَو صولحوا عَلَيْهِ هَل يُخَمّس أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد فِي الْمَنْصُوص عَنهُ هُوَ للْمُسلمين كَافَّة فَلَا يُخَمّس بل جَمِيعه لمصَالح الْمُسلمين وَقَالَ مَالك كل ذَلِك هُوَ فَيْء متميز مقسوم يصرفهُ الإِمَام فِي مصَالح الْمُسلمين بعد أَخذ حَاجته مِنْهُ وَقَالَ الشَّافِعِي يُخَمّس وَقد كَانَ ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأما الَّذِي يصنع بِهِ من بعد فَقَوْلَانِ أَحدهمَا لمصَالح الْمُسلمين وَالثَّانِي للمقاتلة وَأما الَّذِي يُخَمّس مِنْهُ فَقَوْلَانِ الْجَدِيد أَنه يُخَمّس جَمِيعه وَهِي رِوَايَة عَن أَحْمد وَالْقَدِيم لَا يُخَمّس إِلَّا مَا تَرَكُوهُ فزوعا المصطلح ويشتمل على صور مِنْهَا صُورَة مَا إِذا نصب الإِمَام الْأَعْظَم رجلا لتَحْصِيل أَمْوَال الْفَيْء وقسمتها على متسحقيها شرعا هَذَا كتاب إِسْنَاد صَحِيح شَرْعِي وتفويض مُعْتَبر مرعي وَنصب قَاسم للْمُسلمين مُعْتَمدًا فِيهِ على رب الْعَالمين أَمر بإنشائه وتحريره وكتابته وتسطيره مَوْلَانَا الْمقَام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 388 الشريف الْأَعْظَم العالي المولوي السلطاني الملكي الْفُلَانِيّ أعز الله نَصره وأنفذ فِي الْخَافِقين نَهْيه وَأمره أشهد على نَفسه الشَّرِيفَة صان الله حماها وحرسها من الْغَيْر وحماها أَنه نصب سيدنَا ومولانا العَبْد الْفَقِير إِلَى الله تَعَالَى الشَّيْخ الإِمَام الْعَالم الْعَلامَة فلَان الدّين حجَّة الْإِسْلَام وَالْمُسْلِمين سيد الْعلمَاء فِي الْعَالمين لِسَان الْمُتَكَلِّمين سيف المناظرين أوحد الْمُجْتَهدين بركَة الْمُلُوك والسلاطين خَالِصَة أَمِير الْمُؤمنِينَ أَبَا فلَان فلَان هَذَا إِذا كَانَ الْمَنْصُوب من مَشَايِخ الْعلمَاء وَإِن كَانَ من أكَابِر أُمَرَاء الدولة الشَّرِيفَة فَيَقُول الْمقر الشريف العالي المولوي العالمي العادلي ويسوق ألقابه اللائقة بِهِ الصَّالِحَة الْمثلَة إِلَى آخرهَا وَإِن كَانَ الْمَنْصُوب كافل مملكة أَو نَائِب ثغر من الثغور فيذكر كل وَاحِد بِحَسبِهِ وَنعمته ثمَّ يَقُول فِي النّظر فِي أَمْوَال الْفَيْء وتحصيله من جهاته وَأَخذه أَوَان مَحَله وأوقاته الْحَاصِل من الْكفَّار من غير قتال وَلَا إيجَاف خيل وَلَا ركاب كالجزية والواجبة على الْيَهُود وَالنَّصَارَى خلا نِسَائِهِم وَمن لَهُ شُبْهَة كتاب كالمجوس وَمن كل كَافِر عَرَبِيّ كَانَ أَو عجمي وَإِن لم يكن لَهُ كتاب وَذَلِكَ مَعَ علم الإِمَام خلد الله ملكه بِالْخِلَافِ فِي ذَلِك سوى قُرَيْش خَاصَّة فَإِنَّهُ لَا يُؤْخَذ مِنْهُم جِزْيَة وَجعل لَهُ أَن يَسْتَوْفِي الْجِزْيَة من كل وَاحِد من الْأَغْنِيَاء ثَمَانِيَة وَأَرْبَعين درهما وَمن كل متوسط أَرْبَعَة وَعشْرين درهما وَمن كل فَقير اثْنَي عشر درهما فَإِن شَاءَ استوفاها كَيفَ اقْتضى رَأْيه وَأدّى إِلَيْهِ اجْتِهَاده فَإِن رأى أَن يَأْخُذ من كل مِنْهُم دِينَارا غَنِيا كَانَ أَو فَقِيرا وَأَن ينظر فِي حَال الْفُقَرَاء الَّذين هم غير معلمين وَلَا كسب لَهُم وَلَا يتمكنون من الْأَدَاء وَتَكون إقامتهم بالبلاد مجَّانا وَيكون مُخَيّرا بَين إخراجهم من الْبِلَاد أَو تقريرهم بهَا وَإِيجَاب الْجِزْيَة عَلَيْهِم وحقن دِمَائِهِمْ بضمانهم ومطالبتهم بهَا عِنْد الْيَسَار وَبَين إمهالهم إِلَى آخر الْحول فَإِن بذلوها أقرهم وَإِن لم يبذلوها ألحقهم بدار الْحَرْب وَأَن يَأْخُذ مَال من يَمُوت من الْكفَّار وَلَا وَارِث لَهُ وَمن مَاتَ مِنْهُم وَعَلِيهِ جِزْيَة فَلهُ أَن يَأْخُذهَا أَو يَتْرُكهَا لوَرثَته مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ فِي ذَلِك الْمَعْلُوم عِنْد الإِمَام الْأَعْظَم الْمشَار إِلَيْهِ وَعند منصوبه وَجعل لَهُ أَن يَأْخُذ الْجِزْيَة إِن شَاءَ أول الْحول وَإِن شَاءَ آخِره على الْخلاف الْمَذْكُور فِي ذَلِك وَأَن يَأْخُذ عشور تِجَارَات الْكفَّار الْمَشْرُوطَة عَلَيْهِم إِذا دخلُوا دَار الْإِسْلَام وَأَن يستولي على بِلَادهمْ وَأَمْوَالهمْ الَّتِي جلوا عَنْهَا خوفًا من الْمُسلمين وَمَال من مَاتَ أَو قتل مِنْهُم على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 389 الرِّدَّة وَأَن يقسم المَال كَيفَ اقْتَضَاهُ رَأْيه وَمَال قلبه إِلَى مَذْهَب من مَذَاهِب الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة رَحْمَة الله عَلَيْهِم فَإِن رأى الْقسم على مَذْهَب الْإِمَامَيْنِ الشَّافِعِي وَأحمد رحمهمَا الله تَعَالَى فَيَجْعَلهُ خَمْسَة أسْهم مُتَسَاوِيَة ثمَّ يقسم الْخمس خَمْسَة أَخْمَاس مُتَسَاوِيَة فَيقسم خمس الْخمس فِي مصَالح الْمُسلمين كسد الثغور وأرزاق الْقُضَاة وَالْعُلَمَاء وَيقدم فِي ذَلِك الأهم فالأهم وَيصرف خمس الْخمس إِلَى أقَارِب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم المنتسبين إِلَى هَاشم وَالْمطلب ويشرك فِي بَين الْغَنِيّ وَالْفَقِير وَالذكر وَالْأُنْثَى مِنْهُم بَينهم على حكم الْفَرِيضَة الشَّرْعِيَّة للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ وَيصرف خمس الْخمس على الْفُقَرَاء واليتامى الَّذِي لَا أَب لَهُم وَيصرف خمس الْخمس إِلَى الْمَسَاكِين وَيصرف خمس الْخمس إِلَى أَبنَاء الْمَسَاكِين وَأَن يعم كل صنف إِن أمكن وَإِن شَاءَ خصص الْحَاصِل فِي كل نَاحيَة بِمن فِيهَا وَأَن يهيىء الْأَخْمَاس الْأَرْبَعَة الْبَاقِيَة وَينصب ديوانا وعرفاء للقبائل وَالْجَمَاعَات المرتزقين المرصدين للْجِهَاد وَيَأْمُر العرفاء بِجَمْعِهِمْ وَينظر فِي أُمُورهم ويبحث عَن حَال كل وَاحِد وَعِيَاله وَمَا يحْتَاج إِلَيْهِ وَيُعْطِيه مَا يَكْفِي مُؤْنَته ومؤنتهم وَيقدم فِي الْإِعْطَاء قُريْشًا وهم ولد النَّضر بن كنَانَة وَبَنُو هَاشم وَبَنُو الْمطلب ثمَّ بَنو عبد شمس ثمَّ بَنو نَوْفَل ثمَّ بَنو عبد الْعُزَّى ثمَّ سَائِر الْبُطُون الْأَقْرَب فَالْأَقْرَب إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ الْأَنْصَار ثمَّ سَائِر الْعَرَب ثمَّ الْعَجم من اسْمه مَكْتُوب ثَابت فِي الدِّيوَان لَا يثبت فِي الدِّيوَان أَسمَاء للعميان وَلَا الزمنى وَلَا من لَا يصلح للغزو وَمن مَاتَ مِنْهُم أعْطى لأولاده إِلَى أَن يستقلوا وَزَوجته إِلَى أَن تنْكح وَمهما فضل من هَذِه الْأَخْمَاس الْأَرْبَعَة وزعه عَلَيْهِم إِن شَاءَ وَإِن شَاءَ صرف بعضه إِلَى إصْلَاح الثغور وَفِي الكراع وَالسِّلَاح وَأَن يَجْعَل مَا تحصل من أَمر الْفَيْء من الدّور والأراضي وَقفا مُؤَبَّدًا يستغل ريعه وَيقسم عَلَيْهِم كَذَلِك نصبا صَحِيحا شَرْعِيًّا وتفويضا تَاما مُعْتَبرا مرضيا ويكمل بِالْإِشْهَادِ والتاريخ وَصُورَة نصب الإِمَام الْأَعْظَم رجلا مقدما على العساكر المنصورة المجهزة إِلَى الْغَزْو وَتَحْصِيل أَمْوَال الْغَنِيمَة وَقسمهَا على مستحقيها شرعا يكْتب الصُّور كَمَا تقدم فِي اسْم السُّلْطَان وَاسم الْمَنْصُوب إِلَى آخِره ثمَّ يَقُول مقدما على العساكر المنصورة والجيوش والكتائب المخبورة المتوجهين مَعَه وَبَين يَدَيْهِ لجهاد أَعدَاء الله الْمُشْركين والفرنج المخذولين لفتح قبرص ونديك المخروبتين وَأسر من بهما من النِّسَاء وَالصبيان وَقتل الرِّجَال من الطَّائِفَتَيْنِ المخذولتين وَيجمع الْأَمْوَال الْحَاصِلَة من الْكفَّار بِالْقِتَالِ وإيجاف الْخَيل والركاب من الذَّهَب وَالْفِضَّة والأثاث وَالرَّقِيق من الصّبيان وَالْبَنَات وَالنِّسَاء والكراع والمواشي والأسلاب فَيبْدَأ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 390 بالأسلاب فيدفعها إِلَى المقاتلين وَهِي ثِيَاب الْكفَّار الملبوسة مَعَ الْخُف وآلات الْحَرْب كالدرع وَالسِّلَاح والمركوب وَمَا عَلَيْهِ كالسرج واللجام والسوار والمنطقة والخاتم ودراهم النَّفَقَة والجنيب المقود ويحترز فِي معرفَة مستحقي سلب الْكفَّار المقتولين من المقاتلين الْمُسلمين وَهُوَ الرّكُوب للغزو وَدفع شَرّ الْكَافِر فِي حَال قيام الْحَرْب وَمن قتل كَافِرًا من وَرَاء حصن أَو من وَرَاء الصَّفّ وَمن قتل كَافِرًا نَائِما أَو قتل أَسِيرًا أَو قتل كَافِرًا بعد انهزام جيشهم فَلَا يُعْطي شَيْئا من السَّلب بل يكون سلب هَؤُلَاءِ مُضَافا إِلَى الْغَنِيمَة ثمَّ يخرج مُؤَن الْحِفْظ وَالنَّفْل وَغَيرهمَا ثمَّ بِخمْس المَال وَيقسم أحد الْأَخْمَاس على خَمْسَة أسْهم فَيجْعَل خمس الْخمس فِي سد الثغور وأرزاق الْقُضَاة وَالْعُلَمَاء وَيصرف الْخمس الثَّانِي من الْخمس إِلَى أقَارِب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم المنتسبين إِلَى هَاشم وَالْمطلب ويشرك فِيهِ الْغَنِيّ وَالْفَقِير وَالذكر وَالْأُنْثَى للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ وَيصرف الْخمس الثَّالِث من الْخمس إِلَى الْيَتَامَى الصغار الْفُقَرَاء الَّذين لَا آبَاء لَهُم وَيصرف خمس الْخمس الرَّابِع إِلَى الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين وَيصرف الْخمس الْخَامِس إِلَى أَبنَاء السَّبِيل ثمَّ يقسم أَرْبَعَة أَخْمَاس الْغَنِيمَة بَين الْغَانِمين الَّذين شهدُوا الْوَقْعَة على نِيَّة الْقِتَال وَإِن لم يكن مِنْهُم من قَاتل وَيُعْطِي وَرَثَة من شهد الْقِتَال والوقعة وَمَات بعد انْقِضَاء الْقِتَال وَقبل حيازته سَهْمه وَيُعْطِي للفارس ثَلَاثَة أسْهم وللراجل سَهْمَان والفارس هُوَ رَاكب الْفرس الْعَتِيق وَيُعْطى رَاكب الْبَعِير سَهْما مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ فِي ذَلِك وَجعل لَهُ أَن ينفل من مَا شَاءَ من الْغَنِيمَة بعد الْحِيَازَة مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ أَيْضا وَله أَن يُسهم لفرسين وَلَا يزِيد عَلَيْهِمَا مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ فِي ذَلِك وسواس الْخَيل وحفظة الْأَمْتِعَة وتجار الْعَسْكَر والمحترفون يُسهم لَهُم إِذا قَاتلُوا ويرضخ للصبيان وَالْعَبِيد وَالنِّسَاء وَأهل الذِّمَّة إِذا حَضَرُوا وَلَا يعقر من الْمَوَاشِي إِلَّا مَا يحْتَاج إِلَى أكله وَلَا يقتل أحدا من النِّسَاء إِذا لم يقاتلن وَلم يكن صاحبات رَأْي وَلَا يقتل الْأَعْمَى والمقعد وَالشَّيْخ الفاني وَأهل الصوامع إِذا لم يكن فيهم ذُو رَأْي وَإِذا وصل الْمُقدم الْمشَار إِلَيْهِ بالعساكر المنصورة إِلَى تِلْكَ الديار وبرزت أحزاب الشَّيْطَان إِلَى جنود الله والتقى الْجَمْعَانِ والتحم الْقِتَال وتكرر الْكر والفر والنزال واحمرت الْبيض والسمر وسكرت الرِّجَال بِغَيْر خمر وغضبت الكماة والأبطال وَدنت الْمنون وتقاربت الْآجَال وارتفع الْغُبَار والعجاج وتسعر لهيب نَار الْحَرْب الْوَهَّاج وَجَرت أَنهَار الدِّمَاء وَنزلت مَلَائِكَة السَّمَاء وأيد الله جُنُوده وَأهل دينه وَفتح لَهُ بَاب النَّصْر بِيَمِينِهِ وهبت الرِّيَاح وتمزق الْغُبَار وأعلن مُؤذن النَّصْر يجي على الْفَلاح ولاح للْمُسلمين علم الظفر وأسفر لَهُم صبح النجاح الوضاح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 391 فَحِينَئِذٍ يتَقَدَّم مقدم العساكر المنصورة الْمشَار إِلَيْهِ بِجمع قَتْلَى الْمُسلمين من المعركة ودفنهم بدمائهم وثيابهم وَجمع الملبوس وَالسِّلَاح والكراع وَمَا بقبرس من الصّبيان وَالنِّسَاء والأبكار وَالْأَمْوَال على اخْتِلَاف الْأَجْنَاس والأنواع وَجَمِيع الْمَوَاشِي وَنقل الْجَمِيع إِلَى سيف الْبَحْر الْأَعْظَم ووسق الْفلك بهَا ويتركوا تِلْكَ الديار خاوية على عروشها خامدة والحس والهمس حصيدا كَأَن لم تغن بالْأَمْس وَركب هُوَ والجيوش المنصورة فِي أفلاكها وَرَجَعُوا متوجهين بالسلامة والنصر وَإِذا دخلُوا بِالْغَنِيمَةِ إِلَى دَار الْإِسْلَام جلس الْمُقدم لقسم مَال الْغَنَائِم وَهُوَ بِعَمَل الْحق وَقِسْمَة الْعدْل قَائِم وخمسها ثمَّ خمس الْخمس وَجعله حَيْثُ أمره بِهِ الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ قسم أَرْبَعَة أَخْمَاس الْخمس على مستحقيه ثمَّ قسم أَرْبَعَة أَخْمَاس الْغَنِيمَة بَين الجيوش المنصورة على حكم الشَّرْع الشريف المطهر وَمُقْتَضَاهُ عَاملا فِي ذَلِك بتقوى الله وَمَا يُحِبهُ رَسُوله الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ويرضاه وعهد إِلَيْهِ أَن يَأْخُذ الْأَمر بزمامه وَأَن يعْمل لله ولإمامه وَأَن يعرف للمجاهدين حَقهم وَيقدم أهل النَّفْع مِنْهُم على غَيرهم تَقْدِيمًا وَلمن وفى شكر إقدامهم ومداومة تأنسهم فطالما اقتحموا على الْمُلُوك مثل الوحوش وَمَا هابوا يقظة حراسهم وليرفع بَعضهم على بعض دَرَجَات فَمَا هم سَوَاء فَهُوَ أولى من عمل بِهَذِهِ الْوَصَايَا الَّتِي هُوَ مِنْهَا على يَقِين وأحق من فرج على الْإِسْلَام كل ضيق بتصريف رِجَاله وَأَصْحَابه الميامين وَالله تَعَالَى يُعينهُ ويوفقه ويرشده ويطيل باعة لما قصرت عَنهُ سواعد الرماح ووصلت إِلَيْهِ يَده آمين ويكمل بِالْإِشْهَادِ والتاريخ وَالله أعلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 392 كتاب قسم الصَّدقَات وَمَا يتَعَلَّق بهَا من الْأَحْكَام أجمع الْعلمَاء رَضِي الله عَنْهُم على أَن الزَّكَاة أحد أَرْكَان الْإِسْلَام وَفرض من فروضه وأصل الزَّكَاة فِي اللُّغَة النَّمَاء وَالزِّيَادَة وَسميت بذلك لِأَنَّهَا تثمر المَال وتنميه يُقَال زكا الزَّرْع إِذا كثر ريعه وزكت النَّفَقَة إِذا بورك فِيهَا وَأجْمع الْفُقَهَاء على وجوب الزَّكَاة فِي أَرْبَعَة أَصْنَاف الْمَوَاشِي وجنس الْأَثْمَان وعروض التِّجَارَة والمكيل المدخر من الثِّمَار وَالزَّرْع فَأَما الْمَوَاشِي فَأَجْمعُوا على وجوب الزَّكَاة فِي الْإِبِل وَالْبَقر وَالْغنم وَهِي بَهِيمَة الْأَنْعَام بِشَرْط أَن تكون سَائِمَة وَأَجْمعُوا على أَن الزَّكَاة فِي كل جنس من هَذِه الْأَجْنَاس تجب بِكَمَال النّصاب واستقرار الْملك وَكَمَال الْحول وَكَون الْمَالِك حرا مُسلما وَاخْتلفُوا هَل يشْتَرط الْبلُوغ وَالْعقل فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد لَا يشْتَرط الْبلُوغ وَلَا الْعقل بل الزَّكَاة وَاجِبَة فِي مَال الصَّبِي وَالْمَجْنُون وَقَالَ أَبُو حنيفَة يشْتَرط ذَلِك وَلَا يجب عِنْده زَكَاة فِي مَال الصَّبِي وَلَا الْمَجْنُون وَالَّذِي يتَعَيَّن على الإِمَام نصب كُفْء يقوم باستخراج أَمْوَال الصَّدقَات على اخْتِلَاف أجناسها وصرفها على مستحقيها بِالطَّرِيقِ السائغ الشَّرْعِيّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 393 الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب اتَّفقُوا على جَوَاز دفع الصَّدقَات إِلَى جنس وَاحِد من الْأَصْنَاف الثَّمَانِية الْمَذْكُورين فِي الْآيَة الْكَرِيمَة إِلَّا الشَّافِعِي فَإِنَّهُ قَالَ لَا بُد من اسْتِيعَاب الْأَصْنَاف الثَّمَانِية إِن قسم الإِمَام وَهُنَاكَ عَامل وَإِلَّا فالقسمة على سَبْعَة فَإِن فقد بعض الْأَصْنَاف قسمت الصَّدقَات على الْمَوْجُودين وَكَذَا يستوعب الْمَالِك الْأَصْنَاف إِن انحصر المستحقون فِي الْبَلَد ووفى بهم المَال وَإِلَّا فَيجب إِعْطَاء ثَلَاثَة فَلَو عدم الْأَصْنَاف من الْبَلَد وَجب النَّقْل أَو بَعضهم رد على البَاقِينَ والأصناف الثَّمَانِية هم الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين والعاملون عَلَيْهَا والمؤلفة قُلُوبهم والرقاب والغارمون وَفِي سَبِيل الله وَابْن السَّبِيل وَالْفَقِير عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك هُوَ الَّذِي لَهُ بعض كِفَايَته ويعوزه بَاقِيه والمسكين عِنْدهمَا هُوَ الَّذِي لَا شَيْء لَهُ وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد بل الْفَقِير هُوَ الَّذِي لَا شَيْء لَهُ والمسكين هُوَ الَّذِي لَهُ بعض مَا يَكْفِيهِ وَاخْتلفُوا فِي الْمُؤَلّفَة قُلُوبهم فمذهب أبي حنيفَة أَن حكمهم مَنْسُوخ وَهِي رِوَايَة عَن أَحْمد وَالْمَشْهُور من مَذْهَب مَالك أَنه لم يبْق للمؤلفة سهم لغناء الْمُسلمين وَعنهُ رِوَايَة أُخْرَى أَنهم إِن احْتِيجَ إِلَيْهِم فِي بلد أَو ثغر اسْتَأْنف الإِمَام عطاءهم لوُجُود الْعلَّة وَللشَّافِعِيّ قَولَانِ أَنهم هَل يُعْطون بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أم لَا وَالأَصَح أَنهم يُعْطون من الزَّكَاة وَأَن حكمهم غير مَنْسُوخ وَهِي رِوَايَة عَن أَحْمد وَهل مَا يَأْخُذهُ الْعَامِل على الصَّدقَات من الزَّكَاة أَو من عمله قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ هُوَ من الزَّكَاة وَعَن أَحْمد يجوز أَن يكون عَامل الصَّدقَات عبدا أَو من ذَوي الْقُرْبَى وَعنهُ فِي الْكَافِر رِوَايَتَانِ وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ لَا يجوز والرقاب هم المكاتبون ليؤدوا ذَلِك فِي الْكِتَابَة وَقَالَ مَالك لَا يجوز لِأَن الرّقاب عِنْده العبيد الأرقاء فَعِنْدَ مَالك يشترى من الزَّكَاة رَقَبَة كَامِلَة فتعتق وَهِي رِوَايَة عَن أَحْمد والغارمون المدينون بالِاتِّفَاقِ وَفِي سَبِيل الله الْغُزَاة وَقَالَ أَحْمد فِي أظهر الرِّوَايَتَيْنِ الْحَج من سَبِيل الله وَابْن السَّبِيل الْمُسَافِر بالِاتِّفَاقِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 394 وَهل يدْفع إِلَى الْغَارِم مَعَ الْغَنِيّ قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد لَا وَالْأَظْهَر عِنْد الشَّافِعِي نعم وَاخْتلفُوا فِي صفة ابْن السَّبِيل بعد الِاتِّفَاق على سَهْمه فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك هُوَ المجتاز دون منشىء السّفر وَقَالَ الشَّافِعِي هُوَ المجتاز والمنشىء وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ أظهرهمَا المجتاز فصل وَهل يجوز للرجل أَن يُعْطي زَكَاته كلهَا مِسْكينا وَاحِدًا قَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد يجوز إِذا لم يُخرجهُ إِلَى الْغَنِيّ وَقَالَ مَالك يجوز إِخْرَاجه إِلَى الْغَنِيّ إِذا أَمن إعفافه بذلك وَقَالَ الشَّافِعِي أقل مَا يعْطى من كل صنف ثَلَاثَة وَاخْتلفُوا فِي نقل الزَّكَاة من بلد إِلَى آخر فَقَالَ أَبُو حنيفَة يكره إِلَّا أَن ينقلها إِلَى قرَابَة مُحْتَاج أَو قوم هم أمس حَاجَة من أهل بَلَده فَلَا يكره وَقَالَ مَالك لَا يجوز إِلَّا أَن يَقع بِأَهْل بلد حَاجَة فينقلها الإِمَام إِلَيْهِم على سَبِيل النّظر وَالِاجْتِهَاد وَللشَّافِعِيّ قَولَانِ أصَحهمَا عدم الْجَوَاز فِي النَّقْل وَالْمَشْهُور عَن أَحْمد أَنه لَا يجوز نقلهَا إِلَى بلد آخر تقصر فِيهِ الصَّلَاة مَعَ عدم وجود الْمُسْتَحقّين فِي الْبَلَد الْمَنْقُول مِنْهُ وَاتَّفَقُوا على أَنه لَا يجوز دفع الزَّكَاة إِلَى كَافِر وَأَجَازَهُ الزُّهْرِيّ وَابْن شبْرمَة إِلَى أهل الذِّمَّة وَالظَّاهِر من مَذْهَب أبي حنيفَة جَوَاز دفع زَكَاة الْفطر وَالْكَفَّارَات إِلَى الذِّمِّيّ وَاخْتلفُوا فِي صفة الْغَنِيّ الَّذِي لَا يجوز دفع الزَّكَاة إِلَيْهِ فَقَالَ أَبُو حنيفَة هُوَ الَّذِي يملك نِصَابا من أَي مَال كَانَ وَالْمَشْهُور من مَذْهَب مَالك جَوَاز الدّفع إِلَى من يملك أَرْبَعِينَ درهما وَقَالَ القَاضِي عبد الْوَهَّاب لم يحد مَالك لذَلِك حدا فَإِنَّهُ يُعْطي من لَهُ الْمسكن وَالْخَادِم وَالدَّابَّة الَّتِي لَا غنى لَهُ عَنهُ وَقَالَ يُعْطي من لَهُ أَرْبَعُونَ درهما وَقَالَ وللعالم أَن يَأْخُذ من الصَّدقَات وَإِن كَانَ غَنِيا وَمذهب الشَّافِعِي أَن الِاعْتِبَار بالكفاية فَلهُ أَن يَأْخُذ مَعَ عدمهَا وَإِن كَانَ لَهُ أَرْبَعُونَ وَأكْثر وَلَيْسَ لَهُ أَن يَأْخُذ مَعَ وجودهَا وَإِن قل مَا مَعَه وَإِن كَانَ مشتغلا بِشَيْء من الْعلم الشَّرْعِيّ وَلَو أقبل على الْكسْب لَا نقطع عَن التَّحْصِيل يحل لَهُ أَخذ الزَّكَاة وَمن أَصْحَابه من قَالَ إِن كَانَ ذَلِك المشتغل يُرْجَى نفع النَّاس بِهِ جَازَ لَهُ الْأَخْذ وَإِلَّا فَلَا وَأما من أقبل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 395 على نوافل الْعِبَادَات وَكَانَ الْكسْب يمنعهُ عَنْهَا فَلَا تحل لَهُ الزَّكَاة فَإِن المجاهدة فِي الْكسْب مَعَ قطع الطمع عَن النَّاس أولى من الإقبال على نوافل الْعِبَادَات مَعَ الطمع بِخِلَاف تَحْصِيل الْعلم فَإِنَّهُ فرض كِفَايَة والخلق محتاجون إِلَى ذَلِك وَاخْتلف الرِّوَايَة عَن أَحْمد فروى عَنهُ أَكثر أَصْحَابه أَنه مَتى ملك خمسين درهما أَو قيمتهَا ذَهَبا لم تحل لَهُ الزَّكَاة وَرُوِيَ عَنهُ أَن الْغَنِيّ الْمَانِع أَن يكون للشَّخْص كِفَايَة على الدَّوَام من تِجَارَة أَو أُجْرَة عقار أَو صناعَة أَو غير ذَلِك وَاخْتلفُوا فِيمَن يقدر على الْكسْب بِصِحَّتِهِ وقوته هَل يجوز لَهُ الْأَخْذ فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك يجوز وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد لَا يجوز وَمن دفع زَكَاته إِلَى رجل ثمَّ علم أَنه غَنِي أَجزَأَهُ عِنْد أبي حنيفَة وَقَالَ مَالك لَا يُجزئهُ وَعَن الشَّافِعِي قَولَانِ أصَحهمَا أَنه لَا يُجزئهُ وَعَن أَحْمد رِوَايَتَيْنِ كالمذهبين وَاتَّفَقُوا على أَنه لَا يجوز دفع الزَّكَاة إِلَى الْوَالِدين وَإِن علوا وَلَا إِلَى المولودين وَإِن سفلوا إِلَّا مَالك رَحمَه الله فَإِنَّهُ أجَاز إِلَى الْجد وَالْجدّة وَبني الْبَنِينَ لسُقُوط نَفَقَتهم عِنْده وَهل يجوز دَفعهَا إِلَى من يَرِثهُ من أَقَاربه بالأخوة والعمومة قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك الشَّافِعِي يجوز وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ أظهرهمَا أَنه لَا يجوز وَاتَّفَقُوا عى أَنه لَا يجوز دَفعهَا إِلَى عَبده وَأَجَازَ أَبُو حنيفَة دَفعهَا إِلَى عبد غَيره إِذا كَانَ سَيّده فَقِيرا وَهل يجوز دَفعهَا إِلَى الزَّوْج قَالَ أَبُو حنيفَة لَا يجوز وَقَالَ الشَّافِعِي يجوز وَقَالَ مَالك إِن كَانَ يَسْتَعِين بِهِ فِي غير نَفَقَتهَا كأولاده الْفُقَرَاء من غَيرهَا أَو نَحْو ذَلِك جَازَ وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ أظهرهمَا الْمَنْع وَاتَّفَقُوا على منع الْإِخْرَاج لبِنَاء مَسْجِد أَو تكفين ميت وَأَجْمعُوا على تَحْرِيم الصَّدَقَة الْمَفْرُوضَة عَليّ بني هَاشم وهم خمس بطُون آل عَليّ وَآل عَبَّاس وَآل جَعْفَر وَآل عقيل وَآل الْحَارِث بن عبد الْمطلب وَاخْتلفُوا فِي بَين الْمطلب فَحَرمهَا مَالك وَأحمد فِي أظهر رِوَايَته وجوزها أَبُو حنيفَة وحرمها أَبُو حنيفَة وَأحمد على موَالِي بني هَاشم وَهُوَ الْأَصَح من مَذْهَب مَالك وَالشَّافِعِيّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 396 فَائِدَة قَالَ ابْن الصّلاح بلغنَا عَن أَحْمد بن حَنْبَل رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ أَرْبَعَة أَحَادِيث تَدور عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْأَسْوَاق لَيْسَ لَهَا أصل من بشرني بِخُرُوج آذار بَشرته بِالْجنَّةِ وَمن آذَى ذِمِّيا فَأَنا خَصمه يَوْم الْقِيَامَة وَيَوْم نحركم يَوْم صومكم وللسائل حق وَإِن جَاءَ على فرس وَاتَّفَقُوا على أَنه إِذا كمل النّصاب من الزروع وَالثِّمَار وَجب فِيهِ الْعشْر إِلَّا أَبَا حنيفَة فَإِنَّهُ لم يعْتَبر كَمَال النّصاب بل أوجب الْعشْر فِي الْقَلِيل وَالْكثير واختلوا فِي الْجِنْس الَّذِي يجب فِيهِ الْحق مَا هُوَ وَمَا قدر الْوَاجِب فِيهِ فَقَالَ أَبُو حنيفَة يجب فِي كل مَا أخرجت الأَرْض فِي قَلِيله وَكَثِيره الْعشْر سَوَاء سقِِي سيحا أَو سقته السَّمَاء إِلَّا الْحَطب والحشيش والقصب وَقَالَ مَالك الشَّافِعِي الْجِنْس الَّذِي يجب فِيهِ الْحق هُوَ مَا ادخر واقتنى كالحنطة وَالشعِير والأرز وَغَيره وَقَالَ أَحْمد يجب الْعشْر فِي كل مَا يُكَال ويدخر من الزروع وَالثِّمَار ففائدة الْخلاف بَين مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد أَن أَحْمد يجب عِنْده الْعشْر فِي السمسم وبذر الْكَتَّان والكمون والكراويا والخردل واللوز والفستق وَعِنْدَهُمَا لَا يجب فِيهِ وَفَائِدَة الْخلاف مَعَ أبي حنيفَة أَن عِنْده تجب فِي الخضروات الزَّكَاة وَعند الشَّافِعِي وَمَالك أَحْمد لَا زَكَاة فِيهَا وَمِقْدَار الزَّكَاة فِيمَا تجب فِيهِ الزَّكَاة من ذَلِك عِنْد أبي حنيفَة الْعشْر وَأما الْبَاقُونَ فهم على اخْتلَافهمْ فِيهِ كَمَا ذكرنَا مَعَ كَونه يسْقِي سيحا بِغَيْر مُؤنَة أَو كَانَ سقيه من السَّمَاء وَإِن كَانَ بالنواضح والكلف فَنصف الْعشْر وَاخْتلفُوا فِي الزَّيْتُون فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَالشَّافِعِيّ فِي أحد الْقَوْلَيْنِ فِيهِ الزَّكَاة وَقَالَ الشَّافِعِي فِي القَوْل الآخر وَأحمد فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنهُ لَا زَكَاة فِيهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 397 وَاخْتلفُوا هَل يجْتَمع الْعشْر وَالْخَرَاج فَقَالَ أَبُو حنيفَة لَيْسَ فِي الخراجي من أَرض الْخراج عشر وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد أَرض الْخراج فِيهَا الْعشْر مَعَ الْخراج لِأَن الْخراج فِي رقبَتهَا وَالْعشر فِي غَلَّتهَا وَاخْتلفُوا فِي زَكَاة الْحلِيّ الْمُبَاح إِذا كَانَ مِمَّا يلبس ويعار فَقَالَ مَالك وَأحمد لَا تجب فِيهِ الزَّكَاة وَقَالَ أَبُو حنيفَة تجب فِيهِ الزَّكَاة وَعَن الشَّافِعِي قَولَانِ كالمذهبين وَاخْتلفُوا فِي الْعَسَل فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد فِيهِ الْعشْر وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ فِي الْجَدِيد لَا يجب فِيهِ شَيْء ثمَّ اخْتلف مُوجب الْعشْر فِيهِ وهما أَبُو حنيفَة وَأحمد فَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا كَانَ الْعَسَل فِي أَرض عشرِيَّة فَفِيهِ الْعشْر وَإِن كَانَ فِي أَرض خَرَاجِيَّة فَلَا عشر فِيهِ وَقَالَ أَحْمد فِيهِ الْعشْر على الْإِطْلَاق ثمَّ اخْتلفُوا فِيهِ ايضا هَل يعْتَبر فِيهِ نِصَاب فَقَالَ أَبُو حنيفَة يجب فِي قَلِيله وَكَثِيره الْعشْر وَقَالَ أَحْمد يعْتَبر فِيهِ النّصاب ونصاب الْعَسَل عِنْده عشرَة أفراق وَالْفرق سِتَّة وَثَلَاثُونَ رطلا فَيكون نصابه ثَلَاثمِائَة وَسِتُّونَ رطلا وَاخْتلفُوا فِيمَن اسْتَأْجر أَرضًا فزرعها فَقَالَ أَبُو حنيفَة الْعشْر على صَاحب الأَرْض وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد الْعشْر على الْمُسْتَأْجر المصطلح وَفِيه صُورَة نصب الإِمَام الْأَعْظَم رجلا لذَلِك نصب مَوْلَانَا الإِمَام الْأَعْظَم الى آخر ألقابه فلَانا الى آخر ألقابه لاستخراج أَمْوَال الصَّدقَات والزكوات من الْمَوَاشِي وعروض التِّجَارَة والمكيل المدخر من الزروع وَالثِّمَار وَأَن يسْتَعْمل على ذَلِك عَاملا ساعيا حرا مُسلما فَقِيها عدلا عَارِفًا خَبِيرا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 398 بِالنّصب ومقاديرها وَمَا تجب فِيهِ الزَّكَاة من سَائِر الْأَجْنَاس عَالما بِالْخِلَافِ الْجَارِي بَين الْعلمَاء رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ من الْوُجُوب فِي شَيْء وَعَدَمه وَوُجُوب الصّرْف وَمن يجوز الصّرْف إِلَيْهِ وَمن لَا يجوز الصّرْف إِلَيْهِ متحريا اسْتِيفَاء الْحق من وجوهه على نهج الصَّوَاب والصدق بِحَيْثُ لَا يَأْخُذ من أَرْبَاب الْأَمْوَال مَا يزِيد على الْوَاجِب عَلَيْهِم شَيْئا وَإِن قل وَأَن يعلم الشَّهْر الَّذِي يَأْخُذ فِيهِ الزَّكَاة وَأَن يعْتَبر مُضِيّ الْحول واستقرار الْملك على المَال حولا كَامِلا وَكَذَلِكَ فِي الصّرْف وَأَن يتَّخذ كَاتبا عَارِفًا بِأَبْوَاب الْكِتَابَة والتصريف حسن الرَّأْي صَحِيح الْحساب وَقَاسما فطنا ناهضا حاشرا يقظا عَارِفًا بأرباب الْأَمْوَال وخطابهم وسائقا يَسُوق مواشي الصَّدَقَة وَأَن يسم الْإِبِل وَالْبَقر فِي أفخاذها وَالْغنم فِي آذانها وَأَن يكون الميسم مكتب الله أَو صَدَقَة أَو زَكَاة وَأَن يكون الْأَخْذ فِي أول نِصَاب الْإِبِل وَهُوَ خمس شَاة جَذَعَة من الضَّأْن أَو ثنية من الْمعز وَفِي عشر شَاتَان وَفِي خمس عشرَة ثَلَاث شِيَاه وَفِي عشْرين أَربع شِيَاه أَو بنت مَخَاض وَفِي خمس وَعشْرين بنت مَخَاض وَهِي الَّتِي لَهَا سنة وَدخلت فِي الثَّانِيَة وَفِي سِتّ وَثَلَاثِينَ بنت لبون وَفِي سِتّ وَأَرْبَعين حقة وَهِي الَّتِي لَهَا ثَلَاث سِنِين وَدخلت فِي الرَّابِعَة وَفِي إِحْدَى وَسِتِّينَ جَذَعَة وَهِي الَّتِي لَهَا أَربع سِنِين وَدخلت فِي الْخَامِسَة وَفِي سِتّ وَسبعين بِنْتا لبون فِي إِحْدَى وَتِسْعين حقتان وَفِي مائَة وَإِحْدَى وَعشْرين ثَلَاث بَنَات لبون فَإِذا ازْدَادَ مَال وَاحِد من أَرْبَاب الْأَمْوَال عَن مائَة وَإِحْدَى وَعشْرين فَيَأْخُذ مِنْهُ عَن كل أَرْبَعِينَ بنت لبون وَعَن كل خمسين حقة وَمَا كَانَ بَين النصب من وقص عَفا عَنهُ وَمن وَجب عَلَيْهِ سنّ وَلم يكن عِنْده أَخذ مِنْهُ السَّاعِي سنا أَعلَى مِنْهُ ورد عَلَيْهِ شَاتَان أَو عشْرين درهما أَو أَخذ مِنْهُ سنا أَسْفَل مِنْهُ وَعشْرين درهما وَإِن اتّفق فرضان فِي نِصَاب كالمائتين أَخذ مِنْهُ السَّاعِي أَربع حقاق أَو خمس بَنَات لبون يتَخَيَّر السَّاعِي الأنفع للْمُسلمين وَأَن يَأْخُذ السَّاعِي فِي أول نِصَاب الْبَقر وَهُوَ ثَلَاثُونَ تبيعا وعَلى هَذَا أبدا فِي كل ثَلَاثِينَ تبيع وَفِي كل أَرْبَعِينَ مُسِنَّة وَأَن يَأْخُذ السَّاعِي فِي أول نِصَاب الْغنم وَهُوَ أَرْبَعُونَ شَاة وَفِي مائَة وَإِحْدَى وَعشْرين شَاتَان وَفِي مِائَتَيْنِ وَوَاحِدَة ثَلَاث شِيَاه وعَلى هَذَا أبدا فِي كل مائَة شَاة يَأْخُذ شَاة والساعي مُخَيّر بَين أَن يَأْخُذ ذُكُورا أَو إِنَاثًا مَعَ علم الإِمَام الْأَعْظَم بِالْخِلَافِ فِي ذَلِك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 399 وَإِن كَانَت الْمَاشِيَة صحاحا أَخذ مِنْهَا صحاحا وَإِن كَانَت مراضا أَخذ مراضا وَإِن رَضِي رب المَال بِدفع الصِّحَاح أَخذهَا مِنْهُ وَكَذَلِكَ إِذا كَانَت صحاحا ومراضا وَإِن كَانَت الْغنم صغَارًا أَخذ مِنْهَا صغَارًا وَإِن كَانَت الصغار من الْإِبِل وَالْبَقر أَخذ مِنْهَا كبارًا أقل قيمَة من كَبِيرَة تُؤْخَذ من الْكِبَار وَأَن يَأْخُذ زَكَاة الجواميس كالبقر سَوَاء وَأَن يَأْخُذ زَكَاة بقر الْوَحْش إِذا اجْتمع مِنْهَا عِنْد إِنْسَان نِصَاب أَو أَكثر فَيَأْخُذ مِنْهُ بِحِسَابِهِ مُوَافقَة للْإِمَام أَحْمد رَحْمَة الله تَعَالَى وَأَن يَأْخُذ زَكَاة خيل التِّجَارَة وَقيمتهَا عَن كل مِائَتي دِرْهَم خَمْسَة دَرَاهِم وَأَن يَأْخُذ زَكَاة البغال وَالْحمير إِذا كَانَت للتِّجَارَة مثل زَكَاة الْخَيل وَأَن يَأْخُذ زَكَاة الْغنم المتولدة بَين الظباء وَالْغنم وَأَن يَأْخُذ زَكَاة الْبَقر المتولدة بَين الإنسية والوحشية على الْخلاف فِي ذَلِك وَأَن يَأْخُذ زَكَاة الزَّرْع المقتات الَّذِي ينبته الآدميون كالحنطة وَالشعِير والدخن والذرة والأرز والعلس والعدس والحمص والماش والباقلاء واللوبيا والقرطمان وَأَن يَأْخُذ زَكَاة الثِّمَار وَهِي الرطب وَالْعِنَب وَالزَّيْتُون والورس والقرطم مِمَّن انْعَقَد فِي ملكه نِصَاب من الْحُبُوب أَو بدا الصّلاح فِي ماملكه فِي النّصاب من الثِّمَار فالنصاب أَن يبلغ الْجِنْس الْوَاحِد بعد التصفية فِي الْحُبُوب والجفاف فِي الثِّمَار خَمْسَة أوسق وَهُوَ ألف وسِتمِائَة رَطْل بالبغدادي إِلَّا الْأرز والعلس فَإِن نصابه عشرَة أوسق مَعَ قشره وَالْوَاجِب فِي ذَلِك كُله الْعشْر وكل مَا سقته السَّمَاء أَو رُوِيَ بِلَا آلَة أَخذ مِنْهُ الْعشْر وَمَا سقِِي بالنواضح والدوالي أَخذ مِنْهُ نصف الْعشْر وَمَا شرب نصفه شهرا وَنصفه شهرا أَخذ مِنْهُ ثَلَاثَة أَربَاع الْعشْر وَإِن جهل الْمِقْدَار جعله نِصْفَيْنِ وَيَأْخُذ فِيمَا زَاد على النّصْف بِحِسَابِهِ وَأَن يعْتَبر أَحْوَال أَرْبَاب الْأَمْوَال الْبَاطِنَة فَمن كَانَ مِنْهُم مَعْرُوفا بِإِخْرَاج الزَّكَاة وصرفها على الْفُقَرَاء وكل أَمر نَفسه اليه وَإِن كَانَ غير مَعْرُوف بِإِخْرَاج الزَّكَاة أَخذ مِنْهُ زَكَاة مَاله على نِصَاب الذَّهَب وَقدره عشرُون مِثْقَالا نصف مِثْقَال وعَلى نِصَاب الْوَرق وَقدره مِائَتَا دِرْهَم خَمْسَة دَرَاهِم وَفِيمَا زَاد من النصابين بِحِسَابِهِ وَأَن يقوم عرُوض التِّجَارَة الَّتِي حَال عَلَيْهَا الْحول وَيَأْخُذ الزَّكَاة من قيمتهَا من كل مِائَتي دِرْهَم خَمْسَة دَرَاهِم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 400 وَأَن يستوعب اسْتِخْرَاج الزكوات جَمِيعهَا على اخْتِلَاف أجناسها وَمن الْمَعَادِن والركاز وَأَن يصرف الثّمن من ذَلِك كَامِلا الى الْعمَّال على ذَلِك وهم أحد الْأَصْنَاف الثَّمَانِية ثمَّ يصرف الْبَاقِي فِي مصارفه من الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين والمؤلفة قُلُوبهم وهم ضَرْبَان فِي الرّقاب وهم المكاتبون وعَلى الغارمين والغزاة فِي سَبِيل الله وَابْن السَّبِيل وَإِن تعذر صنف من هَذِه الْأَصْنَاف فرق نصِيبهم على البَاقِينَ وَأَن يعْتَبر أَحْوَال الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين وَبَقِيَّة الْأَصْنَاف المصروف اليهم فَإِن أمكن أَن يعمهم فَلْيفْعَل وَأَن يصرف اليهم على قدر حَاجتهم وَأَن يُسَوِّي بَينهم وَإِذا عَم فُقَرَاء بلد وكفاهم وَفضل بعد ذَلِك شَيْء نَقله الى فُقَرَاء أقرب الْبِلَاد الى ذَلِك الْبَلَد وَأَن يعْتَبر أَحْوَال الْمُسْتَحقّين السَّائِلين لِلزَّكَاةِ فَمن عرف أَنه بِصفة الِاسْتِحْقَاق عمل فِيهِ بِعَمَلِهِ وَإِذا ادّعى الْفقر والمسكنة لَا يُطَالب بِالْبَيِّنَةِ وَيُعْطِي الْغَازِي وَابْن السَّبِيل بقولهمَا وَيُطَالب الْغَارِم وَالْمكَاتب بِالْبَيِّنَةِ وَإِن كَانَ قد استفاض حَالهمَا فيستغني بالاستفاضة عَن الْبَيِّنَة وَيُعْطى الْفَقِير والمسكين بِقدر كفايتهما سنة كَامِلَة وَالْمكَاتب والغارم قدر دينهما وَابْن السَّبِيل مَا يبلغهُ مقصدة والغازي مايحتاج إِلَيْهِ للنَّفَقَة وَالْكِسْوَة مُدَّة الذّهاب وَالْمقَام فِي مَوضِع الْغَزْوَة وَيَشْتَرِي لَهُ الْفرس وَالسِّلَاح وَيصير ذَلِك ملكا لَهُ وَيَشْتَرِي لِابْنِ السَّبِيل المركوب إِذا كَانَ السّفر طَويلا أوكان ضَعِيفا على الْمَشْي نَصبه مَوْلَانَا الْمقَام الْأَعْظَم الْمشَار إِلَيْهِ خلد الله سُلْطَان وَنصر جيوشه وَجُنُوده وأعوانه فِي ذَلِك صَار كُله نصبا صَحِيحا شَرْعِيًّا وفوضه إِلَيْهِ تفويضا مُعْتَبرا مرضيا وَأذن أعز الله نَصره وأنفذ فِي الْخَافِقين نَهْيه وَأمره للْمقر والشريف الْمشَار إِلَيْهِ أَن يحمل الْأَمر فِي اسْتِخْرَاج هَذِه الزكوات الْمشَار إِلَهًا على مَا يختاره من اتِّبَاع مَذْهَب من الْمذَاهب الْأَرْبَعَة وَمَا اخْتلف فِيهِ الْأَئِمَّة رضوَان الله عَلَيْهِم وَمَا اتَّفقُوا عَلَيْهِ وَجعل لَهُ أَن يَسْتَنِيب فِي ذَلِك وَفِيمَا شَاءَ مِنْهُ من شَاءَ من الْعُدُول الثِّقَات الْأَكفاء الْأَحْرَار الْأُمَنَاء إِذْنا شَرْعِيًّا قبله الْمَنْصُوب الْمشَار إِلَيْهِ قبولا شَرْعِيًّا ويكمل بِالْإِشْهَادِ والتاريخ وَالله أعلم 2 الجزء: 1 ¦ الصفحة: 401 كتاب النِّكَاح وَمَا يتَعَلَّق بِهِ من الْأَحْكَام النِّكَاح جَائِز وَالْأَصْل فِي جَوَازه الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع أما الْكتاب فَقَوله تَعَالَى {فانكحوا مَا طَابَ لكم من النِّسَاء مثنى وَثَلَاث وَربَاع} وَقَوله تَعَالَى {وَأنْكحُوا الْأَيَامَى مِنْكُم وَالصَّالِحِينَ من عبادكُمْ وَإِمَائِكُمْ} وَأما السّنة فَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تناكحوا تَنَاسَلُوا فَإِنِّي أباهي بكم الْأُمَم يَوْم الْقِيَامَة حَتَّى بِالسقطِ وَفِي السقط ثَلَاث لُغَات بِفَتْح السِّين وَضمّهَا وَكسرهَا وَهَذَا يدل على الْجَوَاز وأجمعت الْأمة على جَوَاز النِّكَاح وَرُوِيَ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا قَالَت كَانَت مناكح الْجَاهِلِيَّة على أَرْبَعَة أَقسَام أَحدهَا تناكح الرَّايَات وَهُوَ أَن الْمَرْأَة كَانَت تنصب على بَابهَا راية فَيعرف أَنَّهَا عاهر فيأتيها النَّاس وَالثَّانِي أَن الرَّهْط من الْقَبِيلَة والناحية كَانُوا يَجْتَمعُونَ على وَطْء امْرَأَة لَا يخالطهم غَيرهم فَإِذا جَاءَت بِولد ألحق بأشبههم وَالثَّالِث نِكَاح الِاسْتِحْبَاب وَهُوَ أَن الْمَرْأَة كَانَت إِذا أَرَادَت أَن يكون وَلَدهَا كَرِيمًا بذلت نَفسهَا لعدة من فحول الْقَبَائِل ليَكُون وَلَدهَا كأحدهم وَالرَّابِع النِّكَاح الصَّحِيح وَهُوَ الَّذِي قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ولدت من نِكَاح لَا من سفاحوتزوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَدِيجَة بنت خويلد قبل النُّبُوَّة من ابْن عَمها ورقة بن نَوْفَل وَكَانَ الَّذِي خطبهَا لَهُ عَمه أَبُو طَالب فَخَطب وَقَالَ الحمدلله الَّذِي جعل بَلَدا حَرَامًا وبيتا محجوجا وَجَعَلنَا سدنته وَهَذَا مُحَمَّد قد علمْتُم مَكَانَهُ من الْعقل والنبل وَإِن كَانَ المَال قل إِلَّا أَن المَال ظلّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 3 زائل وعارية مستردة وَمَا أردتم من المَال فعلي وَله فِي خَدِيجَة بنت خويلد رَغْبَة وَلها فِيهِ مثل ذَلِك فَزَوجهَا مِنْهُ ابْن عَمها وَرُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تزوج بنساء كثير وَمَات عَن تسع وَسَأَلَ رجل عمر عَن النِّكَاح فَقَالَ كَانَ خيرنا أكثرنا نِكَاحا يَعْنِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالنِّكَاح فِي اللُّغَة الضَّم وَالْجمع يُقَال تناكحت الْأَشْجَار إِذا انْضَمَّ بَعْضهَا إِلَى بعض وَيُطلق على الْوَطْء لاشْتِمَاله على الضَّم وَفِي الشَّرْع عبارَة عَن اسْتِبَاحَة الْوَطْء بِإِيجَاب وَقبُول وشاهدي عدل وَيسْتَحب النِّكَاح لمن يحْتَاج إِلَيْهِ إِذا وجد أهبته وَإِن لم يجدهَا فَالْأولى أَن لَا ينْكح وَيكسر شَهْوَته بِالصَّوْمِ وَيكرهُ النِّكَاح لمن لَا يحْتَاج إِلَيْهِ إِن لم يجد أهبته وَإِن وجدهَا فَلَا يكره لَهُ لَكِن الِاشْتِغَال بِالْعبَادَة أفضل والأحب نِكَاح الْبكر النسيبة وَالَّتِي لَيست لَهَا قرَابَة قريبَة وَتَكون من ذَوَات الدّين وَإِذا رغب الرجل فِي نِكَاح امْرَأَة اسْتحبَّ لَهُ النّظر إِلَيْهَا قبل الْخطْبَة أَذِنت أَو لم تَأذن وَله تَكْرِير النّظر إِلَيْهَا وَلَا ينظر إِلَّا إِلَى الْوَجْه وَالْكَفَّيْنِ ظهرا وبطنا وَيحرم نظر الْفَحْل الْبَالِغ إِلَى الْوَجْه وَالْكَفَّيْنِ من الْحرَّة الْكَبِيرَة الْأَجْنَبِيَّة عِنْد خوف الْفِتْنَة وَكَذَا عِنْد الْأَمْن فِي أولى الْوَجْهَيْنِ وَلَا خلاف فِي تَحْرِيم النّظر إِلَى مَا هُوَ عَورَة مِنْهَا وللرجل أَن ينظر من الْمحرم إِلَى مَا يَبْدُو عِنْد المهنة وَلَا ينظر إِلَى مَا بَين السُّرَّة وَالركبَة وَفِيمَا بَينهمَا وَجْهَان أظهرهمَا الْحل وَالْأَظْهَر حل النّظر إِلَى الْأمة إِلَّا مَا بَين السُّرَّة وَالركبَة وَإِلَى الصَّغِيرَة إِلَّا الْفرج وَإِن نظر العَبْد إِلَى سيدته فَلهُ ذَلِك وَنظر الْمَمْسُوح كالنظر إِلَى الْمَحَارِم وَنظر الْمُرَاهق كنظر الْبَالِغ لَا كنظر الطِّفْل الَّذِي لَا يظْهر على العورات وَأما نظر الرجل إِلَى الرجل فَهُوَ جَائِز فِي جَمِيع الْبدن إِلَّا مَا بَين السُّرَّة وَالركبَة وَيحرم النّظر إِلَى الْأَمْرَد بالشهوة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 4 وَنظر الْمَرْأَة إِلَى الْمَرْأَة كنظر الرجل إِلَى الرجل إِلَّا أَن فِي نظر الذِّمِّيَّة إِلَى الْمسلمَة وَجْهَان أحوطهما الْمَنْع وَالأَصَح أَن للْمَرْأَة النّظر إِلَى بدن الرجل الْأَجْنَبِيّ سوى مَا بَين السُّرَّة وَالركبَة إِلَّا عِنْد خوف الْفِتْنَة ونظرها إِلَى الرِّجَال الْمَحَارِم كنظر الرِّجَال إِلَى نسَاء الْمَحَارِم وحيثما يحرم النّظر يحرم الْمس ويباحان للفصد والحجامة والمعالجة وَللزَّوْج أَن ينظر إِلَى مَا شَاءَ من بدن زَوجته ويخطب الخلية عَن النِّكَاح وَالْعدة وَيحرم التَّصْرِيح بِخطْبَة الْمُعْتَدَّة وَكَذَا التَّعْرِيض إِن كَانَت رَجْعِيَّة وَلَا يحرم فِي الْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوجهَا وَفِي البائنة قَولَانِ أصَحهمَا الْجَوَاز وَتحرم الْخطْبَة للْغَيْر بعد صَرِيح الْإِجَابَة إِلَّا أَن يَأْذَن المجاب للْغَيْر وَالظَّاهِر أَنه لَا تحرم الْخطْبَة إِذا لم تُوجد إِجَابَة وَلَا رد وَمن استشير فِي حَال الْخَاطِب فَلهُ أَن يصدق فِي ذكر مساويه وَيسْتَحب تَقْدِيم الْخطْبَة على الْخطْبَة وعَلى العقد وَالأَصَح أَنه إِذا قَالَ الْوَلِيّ الْحَمد لله وَالصَّلَاة على رَسُول الله زوجت مِنْك فَقَالَ الزَّوْج الْحَمد لله وَالصَّلَاة على رَسُول الله قبلت يَصح النِّكَاح بل يسْتَحبّ ذَلِك وَالْخلاف فِيمَا إِذا لم يطلّ الذّكر بَين الْإِيجَاب وَالْقَبُول وَإِن طَال لم يَصح وَلَا يَصح النِّكَاح إِلَّا بِإِيجَاب أَو بقول الْوَلِيّ زَوجتك أَو أنكحتك وَالْقَبُول بِأَن يَقُول الزَّوْج تزوجت أَو نكحت أَو قبلت نِكَاحهَا أَو تَزْوِيجهَا وَيجوز أَن يتَقَدَّم لفظ الزَّوْج على لفظ الْوَلِيّ وَغير الْإِنْكَاح وَالتَّزْوِيج من الْأَلْفَاظ كَالْبيع وَالْهِبَة وَالتَّمْلِيك لَا يقوم مقامهما وَلَا يَصح انْعِقَاد النِّكَاح بِمَعْنى اللَّفْظَيْنِ بِسَائِر اللُّغَات وَلَا ينْعَقد النِّكَاح بالكنايات وَفِي مَعْنَاهَا إِذا قَالَ زوجتكها فَقَالَ قبلت وَاقْتصر عَلَيْهِ على الْأَصَح وَإِذا قَالَ زَوجنِي فَقَالَ زَوجتك صَحَّ النِّكَاح وَكَذَا لَو قَالَ الْوَلِيّ تَزَوَّجتهَا فَقَالَ تزوجت وَلَا يَصح النِّكَاح إِلَّا بِحُضُور شَاهِدين وَيعْتَبر فيهمَا الْإِسْلَام والتكليف وَالْحريَّة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 5 وَالْعَدَالَة والذكورة والسمع فَلَا ينْعَقد بِحُضُور الْأَصَم وَكَذَا الْأَعْمَى فِي أصح الْوَجْهَيْنِ وَفِي الِانْعِقَاد بِحُضُور ابْني الزَّوْجَيْنِ وعدويهما خلاف رجح مِنْهُمَا الِانْعِقَاد وَينْعَقد بِحُضُور مستوري الْعَدَالَة دون مستوري الْإِسْلَام وَالْحريَّة وَلَو بَان كَون الشَّاهِد فَاسِقًا عِنْد العقد فَالْأَصَحّ أَنه يتَبَيَّن بطلَان النِّكَاح وَطَرِيق التبين قيام الْبَيِّنَة أَو إِقْرَار الزَّوْجَيْنِ وَالِاعْتِبَار بقول الشَّاهِدين كُنَّا فاسقين يَوْمئِذٍ وَلَو اعْترف بِهِ الزَّوْج وَأنْكرت الْمَرْأَة فرق بَينهمَا وَلَا يقبل قَوْله عَلَيْهَا فِي الْمهْر بل يجب نصفه إِن لم يدْخل بهَا وَتَمَامه إِن كَانَ بعد الدُّخُول وَيسْتَحب الْإِشْهَاد على رضى الْمَرْأَة حَيْثُ يعْتَبر رِضَاهَا وَلَا يشْتَرط وَالْمَرْأَة لَا تزوج نَفسهَا بِإِذن الْوَلِيّ ودونه وَلَا غَيرهَا بوكالة وَلَا ولَايَة وَلَا تقبل النِّكَاح لأحد وَالْوَطْء فِي النِّكَاح بِلَا ولي يُوجب مهر الْمثل وَلَا يُوجب الْحَد وَيقبل إِقْرَار الْوَلِيّ بِالنِّكَاحِ إِن كَانَ مُسْتقِلّا بالإنشاء وَإِن لم يكن لم يقبل إِقْرَاره عَلَيْهَا وَيقبل إِقْرَار الْبَالِغَة الْعَاقِلَة بِالنِّكَاحِ على الْجَدِيد وَللْأَب تَزْوِيج ابْنَته الْبكر صَغِيرَة كَانَت أَو كَبِيرَة وَلَا يعْتَبر إِذْنهَا ومراجعتها وَيسْتَحب أَن يُرَاجِعهَا وَلَيْسَ لَهُ تَزْوِيج الثّيّب إِلَّا بِإِذْنِهَا وَإِن كَانَت صَغِيرَة لم تزوج حَتَّى تبلغ وَالْجد كَالْأَبِ عِنْد عَدمه وَلَا فرق بَين أَن تَزُول الْبكارَة بِالْوَطْءِ الْحَلَال أَو غَيره وَلَا أثر لزوالها بعد الْوَطْء وَمن على حَاشِيَة النّسَب كالأخ وَالْعم لَا يزوجون الصَّغِيرَة بِحَال ويزوجون الثّيّب الْبَالِغَة بِصَرِيح الْإِذْن وَالْحكم فِي الْبكر كَذَلِك أَو بِالسُّكُوتِ بعد الْمُرَاجَعَة وَيقدم من الْأَوْلِيَاء الْأَب ثمَّ الْجد ثمَّ أَبوهُ ثمَّ الْأَخ من الْأَبَوَيْنِ أَو من الْأَب ثمَّ ابْنه وَإِن سفل ثمَّ الْعم ثمَّ سَائِر الْعَصَبَات على ترتيبهم فِي الْمِيرَاث وَالْأَخ من الْأَبَوَيْنِ يقدم على الْأَخ من الْأَب فِي أصح الْقَوْلَيْنِ وَلَا ولَايَة للِابْن بالبنوة فَإِذا كَانَ ابْن ابْن عَم أَو معتقا أَو قَاضِيا لم تَمنعهُ الْبُنُوَّة من التَّزْوِيج وَإِذا لم يُوجد أحد من الْأَقَارِب فالولاية للْمُعْتق ثمَّ لعصباته على تَرْتِيب الْمِيرَاث ويزوج عتيقة الْمَرْأَة من يُزَوّج الْمُعتقَة مَا دَامَت حَيَّة وَإِذا مَاتَت فالتزويج لمن لَهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 6 الْوَلَاء وَأَصَح الْوَجْهَيْنِ أَنه لَا حَاجَة إِلَى رضَا الْمُعتقَة إِن كَانَ التَّزْوِيج فِي حَيَاتهَا وَإِذا لم يُوجد للْمُعْتق عصبات فالولاية للسُّلْطَان وَكَذَلِكَ يُزَوّج السُّلْطَان إِذا عضل الْقَرِيب أَو الْمُعْتق وَإِنَّمَا يحصل لعضل إِذا طلبت الْعَاقِلَة الْبَالِغَة تَزْوِيجهَا من كُفْء فَامْتنعَ وَلَو عينت كفئا وَأَرَادَ الْأَب تَزْوِيجهَا من غَيره فَلهُ ذَلِك فِي أظهر الْوَجْهَيْنِ وَلَا يتَعَيَّن من عينته وَلَا ولَايَة للرقيق وَلَا الصَّبِي وَلَا الْمَجْنُون ومختل النّظر بالهرم أَو الخبل وَكَذَا السَّفِيه الْمَحْجُور عَلَيْهِ على الْأَظْهر وَمهما كَانَ الْأَقْرَب بِبَعْض هَذِه الصِّفَات فالولاية للأبعد وَالْإِغْمَاء إِن كَانَ مِمَّا لَا يَدُوم غَالِبا كالنوم تنْتَظر إِفَاقَته وَإِن كَانَ مِمَّا يَدُوم أَيَّامًا فأقرب الْوَجْهَيْنِ أَن الحكم كَذَلِك وَالثَّانِي أَنه تنْتَقل الْولَايَة إِلَى الْأَبْعَد وَلَا يقْدَح الْعَمى فِي أصح الْوَجْهَيْنِ وَالظَّاهِر من أصل الْمَذْهَب أَنه لَا ولَايَة لِلْفَاسِقِ وَالْكَافِر يَلِي نِكَاح ابْنَته الْكَافِرَة وإحرام الْمَرْأَة يمْنَع صِحَة النِّكَاح لَكِن لَا تنسلب بِهِ الْولَايَة فِي أظهر الْوَجْهَيْنِ ويزوج السُّلْطَان عِنْد إِحْرَام الْوَلِيّ لَا الْأَبْعَد وَإِذا غَابَ الْأَقْرَب إِلَى مَسَافَة الْقصر زَوجهَا السُّلْطَان وَإِن كَانَت الْغَيْبَة إِلَى دونهَا فأظهر الْوَجْهَيْنِ أَنَّهَا لَا تزوج حَتَّى يرجع الْوَلِيّ فيحضر أَو يُوكل وللولي الْمُجبر التَّوْكِيل بِالتَّزْوِيجِ من غير إِذن الْمَرْأَة وَأَصَح الْقَوْلَيْنِ أَنه لَا يشْتَرط تعْيين الزَّوْج وَالْوَكِيل يحْتَاط فَلَا يُزَوّج من غير كُفْء وَأما غير الْمُجبر فَإِن نهته عَن التَّوْكِيل لم يُوكل وَإِن أَذِنت لَهُ وكل وَإِن قَالَت لَهُ زَوجنِي فَهَل لَهُ التَّوْكِيل فِيهِ وَجْهَان أصَحهمَا نعم وَلَا يجوز لَهُ التَّوْكِيل من غير استئذانها فِي النِّكَاح فِي أصح الْوَجْهَيْنِ وَيَقُول وَكيل الْوَلِيّ زوجت بنت فلَان مِنْك وَيَقُول الْوَلِيّ لوكيل الْخَاطِب زوجت بِنْتي من فلَان فَيَقُول وَكيله قبلت نِكَاحهَا لَهُ وَيجب على الْمُجبر تَزْوِيج الْمَجْنُونَة الْبَالِغَة وتزويج الْمَجْنُون عِنْد ظُهُور الْحَاجة وَلَا يجب عَلَيْهِ تَزْوِيج الْبِنْت الصَّغِيرَة وَلَا التَّزْوِيج للصَّغِير وَعَلِيهِ وعَلى غير الْمُجبر إِن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 7 كَانَ مُتَعَيّنا الْإِجَابَة إِذا التمست الْمَرْأَة التَّزْوِيج وَإِن لم يكن مُتَعَيّنا كإخوة وأعمام والتمست التَّزْوِيج من بَعضهم فَكَذَلِك تجب الْإِجَابَة فِي أظهر الْقَوْلَيْنِ وَالْأولَى إِذا اجْتمع الْأَوْلِيَاء فِي دَرَجَة وَاحِدَة أَن يُزَوّجهَا أفقههم وأقرؤهم وأسنهم بِرِضا الآخرين وَإِن تزاحموا أَقرع بَينهم وَمَعَ ذَلِك فَلَو زوج غير من خرجت لَهُ الْقرعَة وَقد أَذِنت لكل وَاحِد مِنْهُم فأصح الْوَجْهَيْنِ صِحَّته وَإِذا زَوجهَا وَاحِد من زيد وَآخر من عَمْرو وَلم يعرف السَّابِق فهما باطلان وَلَو عرف سبق وَاحِد على التَّعْيِين ثمَّ الْتبس وَجب التَّوَقُّف إِلَى أَن يتَبَيَّن الْحَال فَإِن ادّعى كل وَاحِد من الزَّوْجَيْنِ على الْمَرْأَة أَنَّهَا تعلم سبق نِكَاحه سَمِعت دَعْوَاهَا بِنَاء على الصَّحِيح وَهُوَ قبُول إِقْرَارهَا بِالنِّكَاحِ وَحِينَئِذٍ فَإِن أنْكرت حَلَفت وَإِن أقرَّت لأَحَدهمَا ثَبت لَهُ النِّكَاح وَهل تسمع دَعْوَى الثَّانِي عَلَيْهَا وَهل لَهُ تحليفها يَنْبَنِي على الْقَوْلَيْنِ فِيمَا إِذا قَالَ هَذِه الدَّار لزيد لَا بل لعَمْرو وللجد أَن يتَوَلَّى طرفِي العقد فِي تَزْوِيج بنت ابْنه من ابْن ابْن آخر وَابْن الْعم لَا يُزَوّج من نَفسه وَلَكِن يُزَوّجهَا ابْن عَم فِي دَرَجَته فَإِن لم يكن فِي دَرَجَته زَوجهَا القَاضِي وَإِن كَانَ الرَّاغِب القَاضِي زَوجهَا من فَوْقه من الْوُلَاة أَو خَلِيفَته وكما لَا يجوز للْوَاحِد تولى الطَّرفَيْنِ لَا يجوز أَن يُوكل وَكيلا بِأحد الطَّرفَيْنِ أَو وكيلين بالطرفين فِي أصح الْوَجْهَيْنِ وَإِذا زوج الْوَلِيّ موليته من غير كُفْء بِرِضَاهَا أَو بعض الْأَوْلِيَاء المستوين بِرِضَاهَا ورضا البَاقِينَ صَحَّ النِّكَاح وَلَو زَوجهَا الْأَقْرَب مِنْهُ بِرِضَاهَا لم يكن للأبعد اعْتِرَاض وَلَو زَوجهَا أحد الْأَوْلِيَاء بِرِضَاهَا دون رضى الآخرين فَهَل يبطل النِّكَاح أَو يَصح وَلَهُم الِاعْتِرَاض بِالْفَسْخِ فِيهِ قَولَانِ أصَحهمَا الأول وَيجْرِي الْقَوْلَانِ فِي تَزْوِيج الْبكر الصَّغِيرَة والبالغة من غير كُفْء بِغَيْر رِضَاهَا فَيبْطل فِي أصَحهمَا وَيصِح فِي الآخر وللبالغة الْخِيَار وللصغيرة إِذا بلغت فِي القَوْل الثَّانِي وَالَّتِي يَلِي أمرهَا السُّلْطَان إِذا التمست تَزْوِيجهَا من غير كُفْء فأظهر الْوَجْهَيْنِ أَنه لَا يجيبها إِلَيْهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 8 وخصال الْكَفَاءَة هِيَ السَّلامَة من الْعُيُوب الَّتِي يثبت بهَا الْخِيَار فَمن بِهِ بَعْضهَا لَا يكون كفئا للسليمة مِنْهَا وَالْحريَّة فالرقيق لَيْسَ بكفء لحرة أَصْلِيَّة كَانَت أَو عتيقة والعتيق لَيْسَ كفئا للْحرَّة الْأَصْلِيَّة وَالنّسب فالعجمي لَيْسَ كفئا للعربية وَغير الْقرشِي لَيْسَ كفئا للقرشية وَغير الْهَاشِمِي لَيْسَ كفئا للهاشمية والمطلبي للهاشمية والمطلبية وَالظَّاهِر اعْتِبَار النّسَب فِي الْعَجم كَمَا يعْتَبر فِي الْعَرَب والعفة فالفاسق لَيْسَ كفئا للعفيفة والحرفة فأصحاب الحرفة الدنيئة لَيْسُوا بأكفاء للأشراف وَسَائِر المحترفة والكناس والحجام وقيم الْحمام والحارس لَا يكافئون ابْنة الْخياط والخياط لَا يكافىء ابْنة التَّاجِر وَالْبَزَّاز وهما لَا يكافئان ابْنة الْعَالم وَالْقَاضِي وَأظْهر الْوَجْهَيْنِ أَن الْيَسَار لَا يعْتَبر فِي خِصَال الْكَفَاءَة فَإِن بعض الْخِصَال لَا يُقَابل بِبَعْض وَلَا يجوز للْأَب أَن يقبل لِابْنِهِ الصَّغِير نِكَاح الْأمة وَالْأَظْهَر أَنه لَا يقبل نِكَاح المعيبة أَيْضا وَأَنه لَا يجوز أَن يقبل نِكَاح من لَا تكافئه من سَائِر الْوُجُوه وَالْمَجْنُون الصَّغِير لَا يُزَوّج أَلْبَتَّة وَكَذَا الْكَبِير إِلَّا أَن تَدْعُو الْحَاجة إِلَى التَّزْوِيج مِنْهُ وَإِذا جَازَ التَّزْوِيج مِنْهُ فَلَا يُزَاد على وَاحِدَة وَيجوز أَن يُزَوّج من الصَّغِير الْعَاقِل أَكثر من وَاحِدَة والمجنونة يُزَوّجهَا الْأَب وَالْجد صَغِيرَة كَانَت أَو كَبِيرَة بكرا أَو ثَيِّبًا وَيَكْفِي فِي تَزْوِيجهَا ظُهُور الْمصلحَة وَلَا تشْتَرط الْحَاجة وَالَّتِي لَا أَب لَهَا وَلَا جد لَا تزوج إِن كَانَت صَغِيرَة وَإِن كَانَت بَالِغَة فَالْأَظْهر أَنه لَا يُزَوّجهَا إِلَّا السُّلْطَان وَإِنَّمَا يُزَوّجهَا للْحَاجة دون الْمصلحَة فِي أظهر الْوَجْهَيْنِ والمحجور عَلَيْهِ بالسفه لَا يسْتَقلّ بِالنِّكَاحِ بل يتَزَوَّج بِإِذن الْوَلِيّ أَو يقبل لَهُ الْوَلِيّ النِّكَاح فَإِذا أذن لَهُ وَعين امْرَأَة لم ينْكح غَيرهَا وينكحها بِمهْر الْمثل أَو بِمَا دونه فَإِن زَاد صَحَّ النِّكَاح على الْأَصَح ورد إِلَى مهر الْمثل وَلَو قَالَ انكح بِأَلف وَلم يعين امْرَأَة بِالذَّاتِ وَلَا بالنوع نكح امْرَأَة بِأَقَلّ الْأَمريْنِ من مهر الْمثل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 9 وَلَو أطلق الْإِذْن فَالْأَصَحّ صِحَّته وينكح بِمهْر الْمثل من تلِيق بِهِ وَلَو قبل الْوَلِيّ النِّكَاح لَهُ فَيحْتَاج إِلَى اسْتِئْذَانه فِي أصح الْقَوْلَيْنِ وَيقبل بِمهْر الْمثل أَو بِمَا دونه فَإِن زَاد بَطل فِي أحد الْقَوْلَيْنِ وَصَحَّ بِمهْر الْمثل فِي أصَحهمَا وَإِن نكح السَّفِيه بِغَيْر إِذن الْوَلِيّ فَالنِّكَاح بَاطِل وَإِذا دخل بهَا فَيجب مهر الْمثل أَو أقل مَا يتمول أَو لَا يجب شَيْء فِيهِ وُجُوه رجح مِنْهَا الثَّالِث والمحجور عَلَيْهِ بالفلس لَهُ أَن ينْكح لَكِن لَا يصرف مَا فِي يَده إِلَى مُؤَن النِّكَاح بل يتَعَلَّق بِكَسْبِهِ وَنِكَاح العَبْد بِغَيْر إِذن السَّيِّد بَاطِل وبإذنه صَحِيح وَيجوز أَن يُطلق الْإِذْن وَأَن يُقيد بِامْرَأَة بِعَينهَا أَو بِوَاحِدَة من الْقَبِيلَة أَو الْبَلدة وَلَا يعدل العَبْد عَمَّا أذن لَهُ فِيهِ وَلَيْسَ للسَّيِّد إِجْبَار العَبْد على النِّكَاح فِي أصح الْقَوْلَيْنِ وَلَا تلْزمهُ الْإِجَابَة إِذا طلب العَبْد النِّكَاح فِي أصح الْوَجْهَيْنِ وَله إِجْبَار أمته على النِّكَاح صَغِيرَة كَانَت أَو كَبِيرَة بكرا كَانَت أَو ثَيِّبًا وَلَا يلْزمه التَّزْوِيج إِذا طلبته إِن كَانَت مِمَّن تحل لَهُ وَكَذَا إِن لم تكن فِي أصح الْوَجْهَيْنِ وَإِذا زوج السَّيِّد أمته فيزوجها بِالْملكِ أَو بِالْولَايَةِ فِيهِ وَجْهَان أظهرهمَا الأول حَتَّى يُزَوّج الْفَاسِق أمته وَلَو سلبناه الْولَايَة بِالْفِسْقِ ويزوج الْمُسلم أمته الْكِتَابِيَّة ويزوج الْمكَاتب أمته فَائِدَة يُقَال زوج للرجل وَالْمَرْأَة وَأما زَوْجَة فقليل وَنقل الْفراء أَنَّهَا لُغَة تَمِيم وَأنْشد قَول الفرزدق وَإِن الَّذِي يسْعَى ليفسد زَوْجَتي كساع إِلَى أَسد الشرى يستميلها وَفِي الحَدِيث عَن عمار بن يَاسر فِي حق عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا وَالله إِنِّي لأعْلم أَنَّهَا زَوجته فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة ذكره البُخَارِيّ وَاخْتَارَهُ الْكسَائي فرع يجوز للْمُسلمِ أَن يُزَوّج الْكَافِر كَافِرَة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع إِذا لم يكن لَهَا ولي من النّسَب يُزَوّجهَا الْحَاكِم وَإِذا كَانَ لمُسلم أمة كارة يُزَوّجهَا وَليهَا الْمُسلم من كَافِر لغز امْرَأَة يُزَوّجهَا الْحَاكِم مَعَ حُضُور الْأَخ الرشيد وَهُوَ غير عاضل وَلَا محرم وَهِي الْمَجْنُونَة الْبَالِغَة مَسْأَلَة رجل زوج أمه وَهِي بكر بِولَايَة صَحِيحَة مَا صورته الجزء: 2 ¦ الصفحة: 10 الْجَواب هَذَا صَغِير لَهُ أُخْت بَالِغَة نزل لَهَا لبن فرضع مِنْهُ أَخُوهَا فَلَمَّا كبر الابْن زوج أُخْته الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب الْإِجْمَاع مُنْعَقد على أَن النِّكَاح من الْعُقُود الشَّرْعِيَّة المنسوبة بِأَصْل الشَّرْع وَاتفقَ الْأَئِمَّة على أَن من تاقت نَفسه إِلَيْهِ وَخَافَ الْعَنَت وَهُوَ الزِّنَا فَإِنَّهُ يتَأَكَّد فِي حَقه وَيكون أفضل لَهُ من الْجِهَاد وَالْحج وَصَلَاة التَّطَوُّع وَصَوْم التَّطَوُّع وَالنِّكَاح مُسْتَحبّ لمحتاج إِلَيْهِ يجد أهبته عِنْد الشَّافِعِي وَمَالك وَقَالَ أَحْمد مَتى تاقت نَفسه إِلَيْهِ وخشي الْعَنَت وَجب وَقَالَ أَبُو حنيفَة باستحبابه مُطلقًا بِكُل حَال وَهُوَ عِنْده أفضل من الِانْقِطَاع لِلْعِبَادَةِ وَقَالَ دَاوُد بِوُجُوب النِّكَاح على الرجل وَالْمَرْأَة مرّة فِي الْعُمر مُطلقًا وَإِذا قصد نِكَاح امْرَأَة سنّ نظره إِلَى وَجههَا وكفيها بالِاتِّفَاقِ وَقَالَ دَاوُد بِجَوَازِهِ إِلَى سَائِر جَسدهَا سوى السوأتين وَالأَصَح من مَذْهَب الشَّافِعِي جَوَاز النّظر إِلَى فرج الزَّوْجَة وَالْأمة وَعَكسه وَبِذَلِك قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد ومملوك الْمَرْأَة نَص الشَّافِعِي على أَنه محرم عَلَيْهَا فَيجوز نظره إِلَيْهَا وَهَذَا هُوَ الْأَصَح عِنْد جُمْهُور أَصْحَابه وَقَالَ الشَّيْخ أَبُو حَامِد الصَّحِيح عِنْد أَصْحَابنَا أَن العَبْد لَا يكون محرما لسيدته وَقَالَ النَّوَوِيّ هَذَا هُوَ الصَّوَاب بل يَنْبَغِي أَن لَا يجْرِي فِيهِ خلاف بل يقطع بِتَحْرِيمِهِ وَالْقَوْل بِأَنَّهُ محرم لَهَا لَيْسَ لَهُ دَلِيل ظَاهر فَإِن الصَّوَاب فِي الْآيَة أَنَّهَا فِي الْإِمَاء وَلَا يَصح النِّكَاح إِلَّا من جَائِز التَّصَرُّف عِنْد عَامَّة الْفُقَهَاء وَقَالَ أَبُو حنيفَة يَصح نِكَاح الصَّبِي وَالسَّفِيه مَوْقُوفا على إجَازَة الْوَلِيّ وَيجوز للْوَلِيّ غير الْأَب أَن يُزَوّج الْيَتِيم قبل بُلُوغه إِذا كَانَ مُضْطَرّا لَهُ كَالْأَبِ عِنْد الثَّلَاثَة وَمنع الشَّافِعِي من هَذَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 11 وَلَا يَصح نِكَاح العَبْد بِغَيْر إِذن مَوْلَاهُ عِنْد الشَّافِعِي وَأحمد وَقَالَ مَالك يَصح وللولي فَسخه عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو حنيفَة يَصح مَوْقُوفا على إجَازَة الْوَلِيّ وَقَالَ أَبُو حنيفَة يَصح مَوْقُوفا على إجَازَة الْوَلِيّ فصل وَلَا يَصح النِّكَاح عِنْد الشَّافِعِي وَأحمد إِلَّا بولِي ذكر فَإِن عقدت الْمَرْأَة النِّكَاح لَا يَصح وَقَالَ أَبُو حنيفَة للْمَرْأَة أَن تتَزَوَّج بِنَفسِهَا وَأَن تُؤْكَل فِي نِكَاحهَا إِذا كَانَت من أهل التَّصَرُّف فِي مَالهَا وَلَا اعْتِرَاض عَلَيْهَا إِلَّا أَن تضع نَفسهَا فِي غير كُفْء فيعترض الْوَلِيّ عَلَيْهَا وَقَالَ مَالك إِن كَانَت ذَات شرف وجمال يرغب فِي مثلهَا لم يَصح نِكَاحهَا إِلَّا بولِي وَإِن كَانَت بِخِلَاف ذَلِك جَازَ أَن يتَوَلَّى نِكَاحهَا أَجْنَبِي بِرِضَاهَا وَقَالَ دَاوُد إِن كَانَت بكرا لم يَصح نِكَاحهَا بِغَيْر ولي وَإِن كَانَت ثَيِّبًا صَحَّ وَقَالَ أَبُو ثَوْر وَأَبُو يُوسُف يَصح إِن تزوجت بِإِذن وَليهَا وَإِن تزوجت بِنَفسِهَا أَو ترافعا إِلَى حَاكم حَنَفِيّ حكم بِصِحَّتِهِ نفذ وَلَيْسَ للشَّافِعِيّ نقضه إِلَّا عِنْد أبي سعيد الأصطخري فَإِن وَطئهَا قبل الحكم فَلَا حد عَلَيْهِ إِلَّا عِنْد أبي بكر الصَّيْرَفِي إِن اعْتقد تَحْرِيمه وَإِن طَلقهَا قبل الحكم لم يَقع إِلَّا عِنْد أبي إِسْحَاق الْمروزِي احْتِيَاطًا فَإِن كَانَت الْمَرْأَة فِي مَوضِع لَيْسَ فِيهِ حَاكم وَلَا ولي فَوَجْهَانِ أَحدهمَا تزوج نَفسهَا وَالثَّانِي ترد أمرهَا إِلَى رجل من الْمُسلمين يُزَوّجهَا وَقَالَ المستظهري وَهَذَا لَا يَجِيء على أصلنَا وَكَانَ الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق يخْتَار فِي مثل هَذَا أَن يحكم فَقِيها من أهل الِاجْتِهَاد فِي ذَلِك بِنَاء على التَّحْكِيم فِي النِّكَاح فصل وَتَصِح الْوَصِيَّة بِالنِّكَاحِ عِنْد مَالك وَيكون الْوَصِيّ أولى من الْوَلِيّ بذلك وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِن القَاضِي يُزَوّج وَقَالَ الشَّافِعِي لَا ولَايَة لوصي مَعَ ولي لِأَن عارها لَا يلْحقهُ وَقَالَ القَاضِي عبد الْوَهَّاب الْمَالِكِي وَهَذَا الْإِطْلَاق فِي الْقَلِيل فَاسد فالحاكم إِذا زوج الْمَرْأَة لَا يلْحقهُ مَا قَالَه فصل وَتجوز الْوكَالَة فِي النِّكَاح وَقَالَ أَبُو ثَوْر لَا تدخل الْوكَالَة فِيهِ وَالْجد أولى من الْأَخ وَقَالَ مَالك الْأَخ أولى من الْأَب وَالأُم أولى من الْأَخ للْأَب عِنْد أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ فِي أصح قوليه وَقَالَ مَالك هما سَوَاء وَلَا ولَايَة للِابْن على أمه بالبنوة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 12 عِنْد الشَّافِعِي وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد تثبت لَهُ الْولَايَة وَقدمه مَالك وَأَبُو يُوسُف على الْأَب وَقَالَ أَحْمد الْأَب أولى وَفِي الْجد عَنهُ رِوَايَتَانِ وَهُوَ قَول أبي حنيفَة فصل وَلَا ولَايَة لِلْفَاسِقِ عِنْد الشَّافِعِي وَأحمد وَمن أَصْحَابه من قَالَ إِن كَانَ الْوَلِيّ أَبَا أَو جدا فَلَا ولَايَة لَهُ مَعَ الْفسق وَإِن كَانَ غَيرهمَا من الْعَصَبَات تثبت لَهُ الْولَايَة مَعَ الْفسق وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد إِن كَانَت الْعصبَة مُنْقَطِعَة انْتَقَلت الْولَايَة إِلَى الْأَبْعَد وَإِن كَانَت غير مُنْقَطِعَة لم تنْتَقل والمنقطع عِنْد أبي حنيفَة وَأحمد هُوَ الْغَيْبَة فِي مَكَان لَا تصل إِلَيْهِ الْقَافِلَة فِي السّنة إِلَّا مرّة وَاحِدَة وَإِذا غَابَ الْوَلِيّ عَن الْبكر وخفي خَبره وَلم يعلم لَهُ مَكَان قَالَ مَالك يُزَوّجهَا أَخُوهَا بِإِذْنِهَا وَبِه قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه خلافًا للشَّافِعِيّ فصل وَللْأَب وَالْجد تَزْوِيج الْبكر بِغَيْر رِضَاهَا صَغِيرَة كَانَت أَو كَبِيرَة وَبِه قَالَ مَالك فِي الْأَب وَهُوَ أشهر الرِّوَايَتَيْنِ عَن أَحْمد وَالْجد وَقَالَ أَبُو حنيفَة تَزْوِيج الْبكر الْبَالِغَة الْعَاقِلَة بِغَيْر رِضَاهَا لَا يجوز لأحد بِحَال وَقَالَ مَالك وَأحمد فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ لَا يثبت للْجدّ ولَايَة الْإِجْبَار وَلَا يجوز لغير الْأَب تَزْوِيج الصَّغِيرَة حَتَّى تبلغ وتأذن وَقَالَ أَبُو حنيفَة يجوز لسَائِر الْعَصَبَات تَزْوِيجهَا غير أَنه لَا يلْزم العقد فِي حَقّهَا فَيثبت لَهَا الْخِيَار إِذا بلغت وَقَالَ أَبُو يُوسُف يلْزمهَا عقدهم فصل وَالْبكْر إِذا ذهبت بَكَارَتهَا بِوَطْء وَلَو حَرَامًا لم يجز تَزْوِيجهَا إِلَّا بِإِذْنِهَا إِن كَانَت بَالِغَة وَإِن كَانَت صَغِيرَة فَمَتَى تبلغ وتأذن فعلى هَذَا إِذا زَالَت الْبكارَة قبل بُلُوغهَا لم تتَزَوَّج عِنْد الشَّافِعِي حَتَّى تبلغ سَوَاء كَانَ المزوج أَبَا أَو غَيره وَقَالَ أَحْمد إِذا بلغت تسع سِنِين صَحَّ إِذْنهَا فِي النِّكَاح وَغَيره وَالرجل إِذا كَانَ هُوَ الْوَلِيّ للْمَرْأَة إِمَّا بِنسَب أَو وَلَاء أَو حكم كَانَ لَهُ أَن يُزَوّج نَفسه مِنْهَا عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك على الْإِطْلَاق وَقَالَ أَحْمد يُوكل غَيره كَيْلا يكون مُوجبا قَابلا وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يجوز لَهُ الْقبُول بِنَفسِهِ وَلَا يُوكل غَيره بل يُزَوجهُ حَاكم غَيره وَلَو خَلِيفَته وَعَن بعض أَصْحَابه الْجَوَاز وَبِه عمل أَبُو يحيى الْبَلْخِي قَاضِي دمشق فَإِنَّهُ تزوج امْرَأَة ولي أمرهَا من نَفسه وَكَذَلِكَ من أعتق أمته ثمَّ أَذِنت لَهُ فِي نِكَاحهَا من نَفسه جَازَ لَهُ عِنْد أبي حنيفَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 13 وَمَالك أَن يَلِي نِكَاحهَا من نَفسه وَكَذَلِكَ من لَهُ بنت صَغِيرَة يجوز لَهُ أَن يُوكل من خطبهَا مِنْهُ فِي تَزْوِيجهَا من نَفسه عِنْد مَالك وَأبي حنيفَة وصاحبيه فصل وَإِذا اتّفق الْأَوْلِيَاء وَالْمَرْأَة على نِكَاح غير الْكُفْء صَحَّ العقد عِنْد الثَّلَاثَة وَقَالَ أَحْمد لَا يَصح وَإِذا زَوجهَا أحد الْأَوْلِيَاء بِرِضَاهَا من غير كُفْء لم يَصح عِنْد الشَّافِعِي وَقَالَ مَالك اتِّفَاق الْأَوْلِيَاء وَاخْتِلَافهمْ سَوَاء وَإِذا أَذِنت فِي تَزْوِيجهَا الْمُسلم فَلَيْسَ لوَاحِد من الْأَوْلِيَاء الِاعْتِرَاض على ذَلِك وَقَالَ أَبُو حنيفَة يلْزم النِّكَاح فصل والكفاءة عِنْد الشَّافِعِي فِي خَمْسَة الدّين وَالنّسب والصنعة وَالْحريَّة والخلو من الْعَيْب وَشرط بعض أَصْحَابه الْيَسَار وَقَول أَبُو حنيفَة كَقَوْل الشَّافِعِي لكنه لم يعْتَبر الْخُلُو من الْعَيْب وَلم يعْتَبر مُحَمَّد بن الْحسن الدّيانَة فِي الْكَفَاءَة إِلَّا أَن يكون يسكر وَيخرج فيسخر مِنْهُ الصّبيان وَعند مَالك أَنه قَالَ الْكَفَاءَة فِي الدّين لَا غير قَالَ ابْن أبي ليلى الْكَفَاءَة فِي الدّين وَالنّسب وَالْمَال وَهِي رِوَايَة عَن أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف والمكسب وَهِي رِوَايَة عَن أبي حنيفَة وَعَن أَحْمد رِوَايَة كمذهب الشَّافِعِي وَأُخْرَى أَنه يعْتَبر الدّين والصنعة ولأصحاب الشَّافِعِي رَحمَه الله فِي السن وَجْهَان كالشيخ مَعَ الشَّابَّة وأصحهما أَنه لَا يعْتَبر وَهل فقد الْكَفَاءَة يُؤثر فِي بطلَان النِّكَاح أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة يُوجب للأولياء حق الِاعْتِرَاض وَقَالَ مَالك يبطل النِّكَاح وَللشَّافِعِيّ قَولَانِ أصَحهمَا الْبطلَان إِلَّا إِذا حصل مَعَه رضى الزَّوْجَة والأولياء وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ أظهرهمَا الْبطلَان وَإِذا طلبت الْمَرْأَة التَّزْوِيج من كُفْء بِدُونِ مهر مثلهَا لزم الْوَلِيّ إجابتها عِنْد الشَّافِعِي وَمَالك وَأحمد وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يلْزمه ذَلِك وَنِكَاح من لَيْسَ بكفء فِي النّسَب غير محرم بالِاتِّفَاقِ وَإِذا زوج الْأَب وَالْجد الصَّغِيرَة بِدُونِ مهر مثلهَا بلغ بِهِ مهر الْمثل عِنْد الشَّافِعِي وَقَالَ قع أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد يلْزم مَا سَمَّاهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 14 وَإِذا كَانَ الْأَقْرَب من أهل الْولَايَة مَوْجُودا فَزَوجهَا الْأَبْعَد لم يَصح عِنْد الثَّلَاثَة وَقَالَ مَالك يَصح إِلَّا فِي الْأَب فِي حق الْبكر وَالْوَصِيّ فَإِنَّهُ يجوز عِنْد الْأَرْبَعَة التَّزْوِيج وَإِذا زوج الْمَرْأَة وليان بِإِذْنِهَا من رجلَيْنِ وَعلم السَّابِق فَالثَّانِي بَاطِل عِنْد الشَّافِعِي وَأبي حنيفَة وَأحمد وَقَالَ مَالك إِن دخل بهَا الثَّانِي مَعَ الْجَهْل بِحَال الأول بَطل الأول وَصَحَّ الثَّانِي وَإِن لم يعلم السَّابِق بطلا وَإِذا قَالَ رجل فُلَانَة زَوْجَتي وصدقته ثَبت النِّكَاح باتفاقهما عِنْد الثَّلَاثَة وَقَالَ مَالك لَا يثبت النِّكَاح حَتَّى يرى دَاخِلا وخارجا من عِنْدهَا إِلَّا أَن يكون فِي سفر فصل وَلَا يَصح النِّكَاح إِلَّا بِشَهَادَة عِنْد الثَّلَاثَة وَقَالَ مَالك يَصح من غير شَهَادَة إِلَّا أَنه اعْتبر الإشاعة وَترك التواصي على الكتمان حَتَّى لَو عقد فِي السِّرّ وَاشْترط كتمان النِّكَاح فسخ عِنْد مَالك وَعند أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد لَا يضر كتمانهم مَعَ حُضُور الشَّاهِدين وَلَا يثبت النِّكَاح عِنْد الشَّافِعِي وَأحمد إِلَّا بِشَاهِدين عَدْلَيْنِ ذكرين وَقَالَ أَبُو حنيفَة ينْعَقد بِرَجُل وَامْرَأَتَيْنِ وبشهادة فاسقين وَإِذا تزوج مُسلم ذِمِّيَّة لم ينْعَقد النِّكَاح إِلَّا بِشَهَادَة مُسلمين عِنْد الثَّلَاثَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة ينْعَقد بذميين وَالْخطْبَة فِي النِّكَاح لَيست بِشَرْط عِنْد جَمِيع الْفُقَهَاء إِلَّا دَاوُد فَإِنَّهُ قَالَ بِاشْتِرَاط الْخطْبَة عِنْد العقد مستدلا بِفعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فصل وَلَا يَصح النِّكَاح عِنْد الشَّافِعِي وَأحمد إِلَّا بِلَفْظ التَّزْوِيج والإنكاح وَقَالَ أَبُو حنيفَة ينْعَقد بِكُل لفظ يَقْتَضِي التَّمْلِيك على التأييد فِي حَال الْحَيَاة وَقد رُوِيَ عَنهُ فِي لفظ الْإِجَارَة رِوَايَتَانِ وَقَالَ مَالك ينْعَقد بذلك مَعَ ذكر الْمهْر وَإِذا قَالَ زوجت بِنْتي من فلَان فَبَلغهُ فَقَالَ قبلت النِّكَاح لم يَصح عِنْد عَامَّة الْفُقَهَاء وَقَالَ أَبُو يُوسُف يَصح وَيكون قَوْله زوجت فلَانا جَمِيع العقد وَلَو قَالَ زَوجتك بِنْتي فَقَالَ قبلت فللشافعي قَولَانِ أصَحهمَا أَنه لَا يَصح حَتَّى يَقُول قبلت نِكَاحهَا وَالثَّانِي يَصح وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَأحمد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 15 وَلَا يجوز للْمُسلمِ أَن يتَزَوَّج كِتَابِيَّة بِولَايَة كتابي عِنْد أَحْمد وَأَجَازَهُ الثَّلَاثَة فصل وَللسَّيِّد إِجْبَار عَبده الْكَبِير على النِّكَاح عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك وعَلى الْقَدِيم من قولي الشَّافِعِي وَلَا يملك ذَلِك عِنْد أَحْمد وعَلى الْجَدِيد من قولي الشَّافِعِي وَيجْبر السَّيِّد على بيع العَبْد أَو إنكاحه إِذا طلب مِنْهُ الْإِنْكَاح فَامْتنعَ عِنْد أَحْمد وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك لَا يجْبر وَللشَّافِعِيّ قَولَانِ كالمذهبين أصَحهمَا لَا يجْبر وَلَا يلْزم الابْن إعفاف أَبِيه وَهُوَ إنكاحه إِذا طلب النِّكَاح عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك وَأظْهر الرِّوَايَتَيْنِ عَن أَحْمد أَنه يلْزمه وَهُوَ نَص الشَّافِعِي قَالَ محققو أَصْحَابه بِشَرْط حريَّة الْأَب وَكَذَلِكَ عِنْده يلْزم إعفاف الْأَحْرَار من جِهَة الْأَب وَكَذَا من جِهَة الْأُم فصل وَيجوز للْوَلِيّ أَن يُزَوّج أم وَلَده بِغَيْر رِضَاهَا عِنْد أبي حنيفَة وَأحمد وَللشَّافِعِيّ فِي ذَلِك أَقْوَال أَصَحهَا كمذهب أبي حنيفَة وَلأَحْمَد رِوَايَتَانِ وَلَو قَالَ أعتقت أمتِي وَجعلت عتقهَا صَدَاقهَا بِحَضْرَة شَاهِدين فَعِنْدَ أبي حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ النِّكَاح غير مُنْعَقد وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا كمذهب الْجَمَاعَة وَالثَّانيَِة الِانْعِقَاد وَثُبُوت الْعتْق صَحِيح بِالْإِجْمَاع وَلَو قَالَت الْأمة لسَيِّدهَا أعتقني على أَن أتزوجك وَيكون عتقي صَدَاقي فَأعْتقهَا قَالَ الْأَرْبَعَة يَصح الْعتْق وَأما النِّكَاح فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ هِيَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَت تزوجته وَإِن شَاءَت لم تتزوجه وَيكون لَهَا إِن اخْتَارَتْ صدَاق مُسْتَأْنف فَإِن كرهته فَلَا شَيْء عَلَيْهَا عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك وَقَالَ الشَّافِعِي لَهُ قيمَة نَفسهَا وَقَالَ أَحْمد تصير حرَّة ويلزمها قيمَة نَفسهَا وَإِن تَرَاضيا بِالْعقدِ كَانَ الْعتْق مهْرا وَلَا شَيْء لَهَا سَوَاء انْتهى بَاب مَا يحرم من النِّكَاح يحرم نِكَاح الْأُمَّهَات وكل أُنْثَى وَلدتك أَو ولدت من وَلدتك فَهِيَ أمك وَيحرم نِكَاح الْبَنَات وكل أُنْثَى ولدتها أَو ولدت من وَلَدهَا فَهِيَ بنتك إِلَّا الْبِنْت المخلوقة من مَاء الزِّنَا وَإِذا ولدت من الزِّنَا لم يحل لَهَا نِكَاح وَلَدهَا وَنِكَاح الْأَخَوَات وَبَنَات الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات وَنِكَاح العمات وكل أُنْثَى هِيَ أُخْت ذكر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 16 ولدك فَهِيَ عَمَّتك وَنِكَاح الخالات وكل أُنْثَى هِيَ أُخْت أُنْثَى وَلدتك فَهِيَ خالتك وَهَؤُلَاء السَّبع يحرمن من الرَّضَاع كَمَا يحرمن من النّسَب وكل امْرَأَة أَرْضَعتك أَو أرضعت من أَرْضَعتك أَو من ولدك أَو ولدت مرضعتك أَو من لَبنهَا مِنْهُ فَهِيَ أم من الرَّضَاع وعَلى هَذَا قِيَاس سَائِر الْأَصْنَاف وَإِذا أرضعت أَجْنَبِيَّة أَخَاك لم تحرم عَلَيْك وَإِن حرمت أم الْأَخ فِي النّسَب وَكَذَلِكَ إِذا أرضعت أَجْنَبِيَّة ولدك لم تحرم أمهَا وَلَا بنتهَا عَلَيْك وَإِن كَانَت تحرم جدة الْوَلَد وَأُخْته فِي النّسَب وَلَا تحرم أُخْت الْأَخ فِي النّسَب وَلَا فِي الرَّضَاع وَصورتهَا أَن ترضعك امْرَأَة وترضع صَغِيرَة أَجْنَبِيَّة مِنْك يجوز لأخيك نِكَاحهَا وَيحرم من جِهَة الْمُصَاهَرَة بِالنِّكَاحِ الصَّحِيح أُمَّهَات الزَّوْجَة من الرَّضَاع وَالنّسب وَالْوَطْء فِي ملك الْيَمين يحرم الْمَوْطُوءَة على ابْن الواطىء وَأَبِيهِ وَأمّهَا وبنتها على الواطىء وَكَذَلِكَ الحكم فِي الْوَطْء بِالشُّبْهَةِ إِذا شملت الشُّبْهَة الرجل وَالْمَرْأَة وَإِن اخْتصّت بِأَحَدِهِمَا فَكَذَلِك فِي أحد الْوَجْهَيْنِ وَالِاعْتِبَار بِالرجلِ فِي أصَحهمَا حَتَّى يثبت التَّحْرِيم إِذا اشْتبهَ الْحَال عَلَيْهِ وَالزِّنَا لَا يثبت حُرْمَة الْمُصَاهَرَة وَلَا يلْحق سَائِر المباشرات بِالْوَطْءِ على الْأَصَح وَإِذا اخْتلطت محرم بأجنبيات معدودات لم ينْكح وَاحِدَة مِنْهُنَّ وَإِذا اخْتلطت بنساء بَلْدَة أَو قَرْيَة كَبِيرَة لم يحرم عَلَيْهِ النِّكَاح مِنْهُنَّ وَمَا يثبت التَّحْرِيم المؤبد إِذا طَرَأَ على النِّكَاح قطعه وَذَلِكَ كَمَا إِذا وطىء مَنْكُوحَة الرجل ابْنه أَو أَبوهُ بِالشُّبْهَةِ وَالْجمع بَين الْأُخْتَيْنِ من النّسَب وَالرّضَاع حرَام فَإِذا نكح أُخْتَيْنِ مَعًا فالنكاحان باطلان وَإِن نكحهما على التَّرْتِيب فَالثَّانِي بَاطِل وَكَذَلِكَ يحرم الْجمع بَين الْمَرْأَة وعمتها وَبَينهَا وَبَين خَالَتهَا من النّسَب وَالرّضَاع وكل امْرَأتَيْنِ يحرم الْجمع بَينهمَا فِي النِّكَاح يحرم الْجمع بَينهمَا فِي الْوَطْء بِملك الْيَمين وَلَا يحرم الْجمع فِي الْملك وَإِذا ملك أُخْتَيْنِ فوطىء إِحْدَاهمَا حرمت الْأُخْرَى إِلَّا أَن يحرم الأولى إِمَّا بِإِزَالَة الْملك بِالْبيعِ أَو غَيره أَو إِزَالَة الْحل بِالتَّزْوِيجِ وَالْكِتَابَة وَلَو عرض الْحيض أَو الْإِحْرَام لم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 17 يكف وَكَذَا الرَّهْن فِي أصح الْوَجْهَيْنِ وَإِذا ملك إِحْدَى الْأُخْتَيْنِ ثمَّ نكح الْأُخْرَى صَحَّ النِّكَاح وحلت الْمَنْكُوحَة وَحرمت الأولى وَلَو كَانَ فِي نِكَاحه إِحْدَاهمَا ثمَّ ملك الْأُخْرَى فَهِيَ حرَام عَلَيْهِ والمنكوحة حَلَال كَمَا كَانَت وَلَا يجمع الْحر فِي النِّكَاح بَين أَكثر من أَربع نسْوَة وَلَا العَبْد بَين أَكثر من اثْنَتَيْنِ فَلَو نكح الْحر خمْسا مَعًا بَطل نِكَاح الْحر أَو نكحهن على التَّرْتِيب بَطل نِكَاح الْخَامِسَة إِذا طلقهن أَو بَعضهنَّ طَلَاقا بَائِنا وَلَا يجوز إِذا كَانَ رَجْعِيًا حَتَّى تبين وَكَذَا نِكَاح الْأُخْت فِي عدَّة الْأُخْت 4 - فرع لما خص الله تَعَالَى رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بوحيه وَأَبَان بَينه وَبَين خلقه بِمَا فرض عَلَيْهِم من طَاعَته افْترض عَلَيْهِ أَشْيَاء خففها على خلقه ليزيده بهَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى قربَة وأباح لَهُ أَشْيَاء حظرها على غَيره زِيَادَة فِي كرامته وتبيينا لفضله وَقد صَحَّ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خص بِأَحْكَام فِي النِّكَاح وَغَيره لم يُشَارِكهُ غَيره فِيهَا مِنْهَا أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُبِيح لَهُ أَن ينْكح من النِّسَاء أَي عدد شَاءَ وَحكى الطَّبَرِيّ فِي الْعدة وَجها آخر أَنه لم يبح لَهُ أَن يجمع بَين أَكثر من تسع وَالْأول هُوَ الْمَشْهُور وَرُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نكح ثَمَان عشرَة امْرَأَة وَقيل بل خمس عشرَة وَجمع بَين أَربع عشرَة وَقيل بَين إِحْدَى عشرَة وَمَات عَن تسع عَن عَائِشَة بنت أبي بكر وَحَفْصَة بنت عمر وَأم سَلمَة بنت أبي أُميَّة وَأم حَبِيبَة بنت أبي سُفْيَان ومَيْمُونَة بنت الْحَارِث وَجُوَيْرِية بنت الْحَارِث وَصفِيَّة بنت حييّ بن أَخطب وَزَيْنَب بنت جحش الْكَلْبِيَّة فَهَؤُلَاءِ ثَمَان نسْوَة وَكَانَ يقسم لَهُنَّ إِلَى أَن مَاتَ والتاسعة سَوْدَة بنت زَمعَة كَانَت وهبت لَيْلَتهَا لعَائِشَة وَكَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا رغب فِي نِكَاح امْرَأَة مُزَوّجَة وَعلم زَوجهَا بذلك وَجب عَلَيْهِ أَن يطلقهَا كامرأة زيد بن حَارِثَة انْتهى وَإِذا طلق الْحر زَوجته ثَلَاثًا قبل الدُّخُول أَو بعده لم يحل لَهُ نِكَاحهَا حَتَّى تنْكح زوجا غَيره وَيدخل بهَا وتنقضي عدتهَا مِنْهُ بعد أَن يفارقها والطلقتان من العَبْد كالثلاث من الْحر وَيشْتَرط للْحلّ أَن يُصِيب مِنْهَا الثَّانِي فِي نِكَاح صَحِيح فِي أصح الْقَوْلَيْنِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 18 وَفِي الثَّانِي يحصل الْحل بالإصابة فِي الْفَاسِد أَيْضا وَالْمُعْتَبر تغييب الْحَشَفَة أَو مقدارها من مَقْطُوع الْحَشَفَة وَأَصَح الْوَجْهَيْنِ أَنه يشْتَرط انتشار الْآلَة فَلَا يَكْفِي إِصَابَة الطِّفْل فَلَو نَكَحَهَا الزَّوْج الثَّانِي بِشَرْط أَن لَا نِكَاح بَينهمَا وَإِذا أَصَابَهَا بَانَتْ مِنْهُ فَالنِّكَاح بَاطِل وَكَذَا إِذا نَكَحَهَا على شَرط أَن يطلقهَا حِينَئِذٍ فِي أصح الْوَجْهَيْنِ وَلَا ينْكح الرجل الَّتِي يملكهَا كلهَا أَو بَعْضهَا وَلَو ملك زَوجته أَو بَعْضهَا انْفَسَخ النِّكَاح وَكَذَلِكَ لَا تنْكح الْمَرْأَة من تملك كُله أَو بعضه وَلَا ينْكح مَمْلُوكَة الْغَيْر إِلَّا بِشُرُوط أَحدهَا أَن لَا يكون تَحْتَهُ حرَّة والأحوط الْمَنْع وَإِن كَانَت لَا تصلح للاستمتاع وَالثَّانِي أَن لَا يقدر على نِكَاح حرَّة إِمَّا لِأَنَّهُ لَا يجد صَدَاقهَا أَو لِأَنَّهُ لَا يجد امْرَأَة ينْكِحهَا وَلَو قدر على نِكَاح حرَّة غَائِبَة فَلهُ نِكَاح الْأمة إِن كَانَت تلْحقهُ مشقة ظَاهِرَة بِالْخرُوجِ إِلَيْهَا أَو كَانَ لَا يَأْمَن من الْوُقُوع فِي الزِّنَا فِي مُدَّة قطع الْمسَافَة وَإِلَّا لم ينْكِحهَا وَلَو قدر على نِكَاح حرَّة رتقاء أَو صَغِيرَة فعلى الْخلاف الْمَذْكُور فِيمَا إِذا كَانَت تَحْتَهُ حرَّة لَا تصلح للاستمتاع وَالأَصَح أَنه لَا يملك نِكَاح الْأمة إِن وجد حرَّة ترْضى بِمهْر مُؤَجل وَالثَّالِث أَن يخَاف الْوُقُوع فِي الزِّنَا فَإِن قدر على شِرَاء جَارِيَة يتسراها لم ينْكح الْأمة فِي أصح الْوَجْهَيْنِ وَالرَّابِع أَن تكون الْأمة الَّتِي ينْكِحهَا مسلمة وَلَا يحل لَهُ نِكَاح الْأمة الْكِتَابِيَّة وَالأَصَح أَنه يجوز أَن ينْكح الْحر وَالْعَبْد الكتابيان الْأمة الْكِتَابِيَّة وَأَن العَبْد الْمُسلم لَا ينْكِحهَا وَالَّتِي تبعض فِيهَا الرّقّ وَالْحريَّة فَهِيَ كالرقيقة حَتَّى لَا ينْكِحهَا الْحر إِلَّا بالشرائط الْمَذْكُورَة وَلَو نكح الْحر الْأمة ثمَّ أيسر أَو نكح حرَّة لم يَنْفَسِخ نِكَاح الْأمة وَلَو جمع من لَا يحل لَهُ نِكَاح الْأمة بَين حرَّة وَأمة فِي عقد وَاحِد بَطل نِكَاح الْأمة وَأَصَح الْقَوْلَيْنِ صِحَة نِكَاح الْحرَّة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 19 وَقَالَ صَاحب التَّتِمَّة إِذا طلق زَوجته الْأمة ثَلَاثًا ثمَّ اشْتَرَاهَا هَل تحل لَهُ بِملك الْيَمين أم لَا فِيهِ وَجْهَان أصَحهمَا أَنه لَا يحل لَهُ وَطْؤُهَا لِأَن الله تَعَالَى قَالَ {فَإِن طَلقهَا فَلَا تحل لَهُ من بعد حَتَّى تنْكح زوجا غَيره فَإِن طَلقهَا فَلَا جنَاح عَلَيْهِمَا أَن يتراجعا إِن ظنا أَن يُقِيمَا حُدُود الله وَتلك حُدُود الله يبينها لقوم يعلمُونَ} وَذَلِكَ اقْتضى التَّحْرِيم على الْإِطْلَاق وَرُوِيَ عَن زيد بن ثَابت رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ فِي الرجل يُطلق الْأمة ثَلَاثًا ثمَّ يَشْتَرِيهَا إِنَّهَا لَا تحل لَهُ حَتَّى تنْكح زوجا غَيره وَالثَّانِي يحل لِأَن حكم ملك الْيَمين أوسع من حكم النِّكَاح وَلِهَذَا لم ينْحَصر الْعدَد فِي ملك الْيَمين وَلِهَذَا قُلْنَا إِن الْأمة الْكِتَابِيَّة لَا تحل بِالنِّكَاحِ وَتحل بِملك الْيَمين وَالْأمة مَحْمُولَة على الاستباحة بِحكم النِّكَاح فَائِدَة من تَحْرِير التَّنْبِيه قَالَ الواحدي أَكثر اسْتِعْمَال الْعَرَب فِي الآدميات الْأُمَّهَات وَفِي غَيْرهنَّ من الْحَيَوَانَات الأمات بِحَذْف الْهَاء وَجَاء فِي الآدميات الأمات بحذفها وَفِي غَيْرهنَّ إِثْبَاتهَا وَيُقَال فِي الْأُم أمة وَالْهَاء فِي أمة وَأُمَّهَات زَائِدَة عِنْد الْجُمْهُور وَقيل أَصْلِيَّة قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي الأَصْل أم ثمَّ يُقَال فِي الندا يَا أُمَّاهُ فَيدْخلُونَ هَاء السكت عَلَيْهَا وَبَعض الْعَرَب يسْقط الْألف ويشبهون هَاء السكت بتاء التَّأْنِيث فَيَقُولُونَ يَا أمة كَمَا قَالُوا يَا أَبَت وَمِنْه أَيْضا السّريَّة بِضَم السِّين قَالَ الْأَزْهَرِي وَغَيره هِيَ فعلية من السِّرّ وَهُوَ الْجِمَاع سمي سرا لِأَنَّهُ يفعل سرا وَقَالُوا سَرِيَّة بِالضَّمِّ وَلم يقولوها بِالْكَسْرِ ليفرقوا بَين الزَّوْجَة وَالْأمة كَمَا قَالُوا للشَّيْخ الَّذِي أَتَت عَلَيْهِ دهور دهري بِالضَّمِّ وللملحد دهري بِالْفَتْح وَكِلَاهُمَا نِسْبَة إِلَى الدَّهْر وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم هِيَ مُشْتَقَّة من السِّرّ وَهُوَ السرُور لِأَن صَاحبهَا يسر بهَا قَالَ الْأَزْهَرِي هَذَا القَوْل أحسن قَالَ وَالْأول أَكثر وَقَالَ الْجَوْهَرِي هِيَ مُشْتَقَّة من السِّرّ وَهُوَ الْجِمَاع وَمن السِّرّ وَهُوَ الْإخْفَاء لِأَنَّهُ يخفيها عَن زَوجته ويسترها أَيْضا من ابتذال غَيرهَا من الْإِمَاء قَالَ وَيُقَال تسررت جَارِيَة وتسريت كَمَا قَالُوا تظننت وتظنيت من الظَّن الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب أم الْمَرْأَة تحرم على التَّأْبِيد بِمُجَرَّد العقد على الْبِنْت بالِاتِّفَاقِ وَحكي عَن عَليّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 20 وَزيد بن ثَابت رَضِي الله عَنْهُمَا إِن طَلقهَا قبل الدُّخُول كَانَ لَهُ أَن يتَزَوَّج بأمها وَإِن مَاتَت قبل الدُّخُول لم يجز لَهُ تزوج أمهَا فَجعل الْمَوْت كالدخول وَتحرم الربيبة بِالدُّخُولِ بِالْأُمِّ بالِاتِّفَاقِ وَإِن لم تكن فِي حجر زوج أمهَا وَقَالَ دَاوُد يشْتَرط أَن تكون الربيبة فِي كفَالَته وَتَحْرِيم الْمُصَاهَرَة يتَعَلَّق بِالْوَطْءِ فِي ملك فَأَما الْمُبَاشرَة فِيمَا دون الْفرج بِشَهْوَة فَهَل يتَعَلَّق بهَا التَّحْرِيم قَالَ أَبُو حنيفَة يتَعَلَّق بِالتَّحْرِيمِ بذلك حَتَّى قَالَ إِن النّظر إِلَى الْفرج كالمباشرة فِي تَحْرِيم الْمُصَاهَرَة فصل والزانية يحل نِكَاحهَا عِنْد الثَّلَاثَة وَقَالَ أَحْمد يحرم نِكَاحهَا حَتَّى تتوب وَمن زنى بِامْرَأَة لم يحرم عَلَيْهِ نِكَاحهَا وَلَا نِكَاح أمهَا وبنتها عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ أَبُو حنيفَة يتَعَلَّق تَحْرِيم الْمُصَاهَرَة بِالزِّنَا وَزَاد عَلَيْهِ أَحْمد فَقَالَ إِذا تلوط بِغُلَام حرمت عَلَيْهِ أمه وبنته وَلَو زنت امْرَأَة لم يَنْفَسِخ نِكَاحهَا بالِاتِّفَاقِ وَرُوِيَ عَن عَليّ وَالْحسن الْبَصْرِيّ أَنه يَنْفَسِخ وَلَو زنت امْرَأَة ثمَّ تزوجت حل للزَّوْج وَطْؤُهَا عِنْد الشَّافِعِي وَأبي حنيفَة من غير عدَّة لَكِن يكره وَطْء الْحَامِل حَتَّى تضع وَقَالَ مَالك وَأحمد يجب عَلَيْهَا الْعدة وَيحرم على الزَّوْج وَطْؤُهَا حَتَّى تَنْقَضِي عدتهَا وَقَالَ أَبُو يُوسُف إِذا كَانَت حَامِلا حرم نِكَاحهَا حَتَّى تضع وَإِن كَانَت حَائِلا لم تحرم وَلم تَعْتَد وَهل يحل نِكَاح المتولدة من زنا قَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد لَا تحل وَقَالَ الشَّافِعِي تحل مَعَ الْكَرَاهَة وَعَن مَالك رِوَايَتَيْنِ كالمذهبين فصل وَالْجمع بَين الْأُخْتَيْنِ فِي النِّكَاح حرَام وَكَذَا بَين الْمَرْأَة وعمتها أَو خَالَتهَا وَكَذَا يحرم الْوَطْء بِملك الْيَمين وَقَالَ دَاوُد لَا يحرم الْجمع بَين الأمتين فِي الْوَطْء بِملك الْيَمين وَهُوَ رِوَايَة عَن أَحْمد وَقَالَ أَبُو حنيفَة يَصح نِكَاح الْأُخْت غير أَنه لَا يحل لَهُ وَطْء الْمَنْكُوحَة حَتَّى يحرم الْمَوْطُوءَة على نَفسه فصل إِنَّمَا يجوز للْحرّ نِكَاح الْأمة بِشَرْطَيْنِ خوف الْعَنَت وَعدم الطول لنكاح حرَّة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 21 وَقَالَ أَبُو حنيفَة يجوز ذَلِك مَعَ عدم الشَّرْطَيْنِ وَإِنَّمَا الْمَانِع من ذَلِك عِنْده أَن يكون تَحْتَهُ زَوْجَة حرَّة أَو مُعْتَدَّة مِنْهُ وَلَا يحل للْمُسلمِ نِكَاح الْكِتَابِيَّة عِنْد الشَّافِعِي وَمَالك وَأحمد وَقَالَ أَبُو حنيفَة يحل وَلَا يجوز لمن لَا يحل لَهُ نِكَاح الْكفَّار وَطْء إمَائِهِمْ بِملك الْيَمين بالِاتِّفَاقِ وَقَالَ أَبُو ثَوْر إِنَّه يحل وَطْء جَمِيع الْإِمَاء بِملك الْيَمين على أَي دين كن وَلَا يجوز للْحرّ أَن يزِيد فِي نِكَاح الْإِمَاء على أمة وَاحِدَة عِنْد الشَّافِعِي وَأحمد وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك يجوز لَهُ أَن يتَزَوَّج من الْإِمَاء أَرْبعا كَمَا يتَزَوَّج من الْحَرَائِر أَرْبعا وَالْعَبْد يجوز لَهُ أَن يجمع بَين زَوْجَتَيْنِ فَقَط عِنْد أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَقَالَ مَالك هُوَ كَالْحرِّ فِي جَوَاز جمع الْأَرْبَع وَيجوز للرجل عِنْد الشَّافِعِي أَن يتَزَوَّج بِامْرَأَة زنى بهَا وَيجوز لَهُ وَطْؤُهَا من غير اسْتِبْرَاء وَكَذَا عِنْد أبي حنيفَة وَلَكِن لَا يجوز وَطْؤُهَا لَهُ حَتَّى يَسْتَبْرِئهَا بِحَيْضَة أَو بِوَضْع الْحمل إِن كَانَت حَامِلا وَكره مَالك التَّزَوُّج بالزانية مُطلقًا وَقَالَ أَحْمد لَا يجوز أَن يَتَزَوَّجهَا إِلَّا بِشَرْطَيْنِ وجوب التَّوْبَة مِنْهَا واستبراؤها بِوَضْع الْحمل أَو بِالْأَقْرَاءِ أَو بالشهور وَأَجْمعُوا على أَن نِكَاح الْمُتْعَة بَاطِل لَا خلاف بَينهم فِي ذَلِك وَصفته أَن يتَزَوَّج امْرَأَة إِلَى مُدَّة فَيَقُول تَزَوَّجتك إِلَى شهر أَو سنة وَنَحْو ذَلِك وَهُوَ بَاطِل مَنْسُوخ بِإِجْمَاع الْعلمَاء بأسرهم قَدِيما وحديثا وَورد جَوَاز ذَلِك عَن ابْن عَبَّاس وَالصَّحِيح عَنهُ القَوْل بِبُطْلَانِهِ وَلَكِن حكى زفر عَن الْحَنَفِيَّة أَن الشَّرْط يسْقط وَيصِح النِّكَاح على التَّأْبِيد إِذا كَانَ بِلَفْظ التَّزْوِيج وَإِن كَانَ بِلَفْظ الْمُتْعَة فَهُوَ مُوَافق للْجَمَاعَة وَنِكَاح الشّغَار بَاطِل عِنْد الشَّافِعِي وَمَالك وَأحمد وَقَالَ أَبُو حنيفَة العقد صَحِيح وَالْمهْر فَاسد وَصفته أَن يَقُول أحد الْمُتَعَاقدين للْآخر زَوجتك أُخْتِي على أَن تزَوجنِي ابْنَتك بِغَيْر صدَاق أَو زَوجتك مولاتي على أَن تزَوجنِي مولاتي بِغَيْر صدَاق وَهُوَ بَاطِل عِنْد الشَّافِعِي إِلَّا أَنه لَا يكون شغارا عِنْده حَتَّى يَقُول وبضع كل وَاحِدَة مهر الْأُخْرَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 22 وَإِذا تزوج امْرَأَة على أَن يحلهَا لمطلقها ثَلَاثًا وَشرط أَنه إِذا وَطئهَا فَهِيَ طَالِق أَو فَلَا نِكَاح بَينهمَا فَعِنْدَ أبي حنيفَة يَصح النِّكَاح دون الشَّرْط وَفِي حلهَا للْأولِ عِنْده رِوَايَتَانِ وَعند مَالك لَا تحل للْأولِ إِلَّا بعد حُصُول نِكَاح صَحِيح يصدر عَن رَغْبَة من غير قصد التَّحْلِيل ويطؤها حَلَالا وَهِي طَاهِرَة غير حَائِض فَإِن شَرط التَّحْلِيل أَو نَوَاه فسد العقد وَلَا تحل للثَّانِي وَللشَّافِعِيّ فِي الْمَسْأَلَة قَولَانِ أصَحهمَا أَنه لَا يَصح وَقَالَ أَحْمد لَا يَصح مُطلقًا فَإِن تزَوجهَا وَلم يشرط ذَلِك إِلَّا أَنه كَانَ فِي عزمه صَحَّ النِّكَاح عِنْد أبي حنيفَة وَعند الشَّافِعِي مَعَ الْكَرَاهَة وَقَالَ مَالك وَأحمد لَا يَصح وَلَو تزوج امْرَأَة وَشرط على نَفسه أَن لَا يتَزَوَّج عَلَيْهَا أَو لَا يتسرى عَلَيْهَا أَو لَا ينقلها من بَلَدهَا أَو دارها أَو لَا يُسَافر بهَا فَعِنْدَ أبي حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ أَن العقد صَحِيح وَلَا يلْزم هَذَا الشَّرْط وَلها مهر الْمثل لِأَن هَذَا شَرط يحرم الْحَلَال وَكَانَ كَمَا لَو شَرط أَن لَا تسلمه نَفسهَا وَعند أَحْمد هُوَ صَحِيح يلْزم الْوَفَاء بِهِ وَمَتى خَالف شَيْئا من ذَلِك فلهَا الْخِيَار فِي الْفَسْخ انْتهى بَاب نِكَاح الْمُشرك مناكحة الْكفَّار لَا تحل وهم الَّذين لَا كتاب لَهُم وَلَا شُبْهَة كتاب كعبدة الْأَوْثَان وَالشَّمْس والزنادقة وَكَذَا مناكحة الْمَجُوس وَيحل مناكحة أهل الْكتاب سَوَاء كَانَت الْكِتَابِيَّة حربية أَو ذِمِّيَّة لَكِن يكره نِكَاح الحربية وَكَذَا نِكَاح الذِّمِّيَّة على الْأَظْهر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 23 ونعني بِأَهْل الْكتاب الْيَهُود وَالنَّصَارَى دون الَّذين يتمسكون بالزبور وَغَيره ثمَّ الْكِتَابِيَّة إِن كَانَت إسرائيلية فَذَاك وَإِلَّا فأصح الْقَوْلَيْنِ جَوَاز نِكَاحهَا أَيْضا إِن كَانَت من قوم يعلم دُخُولهمْ بعد التحريف والنسخ فَلَا ينْكح وَكَذَا إِن دخلُوا فِيهِ بعد التحريف وَقبل النّسخ على الْأَظْهر وَإِن لم يعلم مَتى دخلُوا فِيهِ فَكَذَلِك لَا تنْكح والكتابية إِذا نكحت فَهِيَ كالمسلمة فِي النَّفَقَة وَالْقسم وَالطَّلَاق وَللزَّوْج إجبارها على الْغسْل من الْجَنَابَة ومنعها من أكل لحم الْخِنْزِير وَلَا خلاف فِي أَنه إِذا تنجس عُضْو من أعضائها أجبرها على غسله وَكَذَلِكَ فِي الْمسلمَة وَالأَصَح أَنه لَا يحل لَهُ مناكحة من أحد أَبَوَيْهِ كتابي وَالْآخر وَثني والسامرة من الْيَهُود والصائبون من النَّصَارَى إِن كَانُوا يخالفونهم فِي أصُول الدّين لم يناكحوا وَإِن كَانُوا يخالفونهم فِي الْفُرُوع فَلَا بَأْس بمناكحتهم وَإِذا تنصر يَهُودِيّ أَو تهود نَصْرَانِيّ فأصح الْقَوْلَيْنِ أَنه لَا يقر عَلَيْهِ بالجزية وَلَو كَانَ هَذَا الِانْتِقَال من امْرَأَة لم ينْكِحهَا الْمُسلم وَلَو كَانَت المنتقلة مَنْكُوحَة مُسلم كَانَ كَمَا لَو ارْتَدَّت الْمسلمَة وَأَن لَا يقبل مِنْهُ إِلَّا الْإِسْلَام فِيمَا رجح من الْقَوْلَيْنِ وَفِي الثَّانِي أَنه لَو عَاد لما كَانَ عَلَيْهِ قبل مِنْهُ وَلَو توثن يَهُودِيّ أَو نَصْرَانِيّ لم يقر وفيهَا يقبل مِنْهُ الْقَوْلَانِ وَلَو ارْتَدَّ مُسلم فَلَا يخفى أَنه لَا يقبل مِنْهُ إِلَّا الْإِسْلَام وَلَا يجوز نِكَاح الْمُرْتَدَّة للْمُسلمين وَلَا للْكفَّار وَلَو ارْتَدَّ فِي دوَام نِكَاح أحد الزَّوْجَيْنِ أَو كِلَاهُمَا مَعًا فَإِن كَانَ قبل الدُّخُول تنجزت الْفرْقَة وَإِن كَانَ بعده توقف النِّكَاح فَإِن جَمعهمَا الْإِسْلَام قبل انْقِضَاء مُدَّة الْعدة اسْتمرّ النِّكَاح وَإِلَّا تبين الْفِرَاق من وَقت الرِّدَّة وَلَا يجوز الوط فِي مُدَّة التَّوَقُّف وَلَا يجب الْحَد لَو جرى الْوَطْء وَلَو أسلم كَافِر كتابي أَو غير كتابي وَتَحْته كِتَابِيَّة اسْتمرّ النِّكَاح وَإِن كَانَ تَحْتَهُ وثنية أَو مَجُوسِيَّة وَتَخَلَّفت عَن الْإِسْلَام فَإِن كَانَ ذَلِك قبل الدُّخُول تنجزت الْفرْقَة وَإِن كَانَ بعده فَإِن أسلمت قبل انْقِضَاء مُدَّة الْعدة اسْتمرّ النِّكَاح وَإِلَّا بَانَتْ الْفرْقَة من وَقت إِسْلَام الزَّوْج وَلَو أسلمت الْمَرْأَة وأصر الزَّوْج على الْكفْر أَي كفر كَانَ فَهُوَ كَمَا لَو أسلم الزَّوْج الجزء: 2 ¦ الصفحة: 24 وأصرت هِيَ على التوثن وَلَو أسلم الزَّوْجَانِ مَعًا اسْتمرّ النِّكَاح بَينهمَا وَالِاعْتِبَار فِي التَّرْتِيب والمعية بآخر كلمة الْإِسْلَام لَا بأولها وَحَيْثُ يحكم باستمرار النِّكَاح لم يضر اقتران مَا يفْسد النِّكَاح بِالْعقدِ الْجَارِي فِي الْكفْر إِذا كَانَ ذَلِك الْمسند زائلا عِنْد الْإِسْلَام وَكَانَت بِحَيْثُ يجوز لَهُ أَن ينْكِحهَا حِينَئِذٍ وَإِن كَانَ الْمسند بَاقِيا وَقت الْإِسْلَام انْدفع النِّكَاح فَيقر على النِّكَاح الْجَارِي فِي الْكفْر بِلَا ولي وَلَا شُهُود وَفِي عدَّة الْغَيْر إِن كَانَت منقضية عِنْد الْإِسْلَام وَإِن كَانَت بَاقِيَة فَلَا يقرونَ على نِكَاح الْمَحَارِم ويقرون على النِّكَاح الْمُؤَقت إِن اعتقدوه مُؤَبَّدًا وَإِن اعتقدوه مؤقتا لم يقرُّوا عَلَيْهِ وَلَو كَانَت وَقت الْإِسْلَام مُعْتَدَّة عَن الشُّبْهَة فَالظَّاهِر اسْتِمْرَار النِّكَاح وَكَذَلِكَ لَو أسلم الرجل وَأحرم ثمَّ أسلمت الْمَرْأَة وَهُوَ محرم فَلهُ إِِمْسَاكهَا وَلَو نكح فِي الْكفْر حرَّة وَأمة ثمَّ أسلم وأسلمتا مَعَه فَظَاهر الْمَذْهَب أَن الْحرَّة تتَعَيَّن للنِّكَاح ويندفع نِكَاح الْأمة وَأما الْأَنْكِحَة الْجَارِيَة فِي الْكفْر هَل هِيَ صَحِيحَة أَو فَاسِدَة أَولا نحكم فِيهَا بِصِحَّة وَلَا فَسَاد فِيمَا يَتَقَرَّر تبين صِحَّته وَمَا لَا يتَبَيَّن فَسَاده فِيهِ ثَلَاثَة أوجه أَو ثَلَاثَة أَقْوَال أَصَحهَا الأول حَتَّى إِذا طلق الْكَافِر زَوجته ثَلَاثًا ثمَّ أسلما لم تحل لَهُ إِلَّا بِمُحَلل وَالَّتِي يُقرر نِكَاحهَا بعد الْإِسْلَام فتستحق الْمهْر الْمُسَمّى إِن كَانَ صَحِيحا وَإِن كَانَ فَاسِدا كخمر أَو خِنْزِير فَإِن أسلما بعد قَبضه فَلَا شَيْء لَهَا وَإِن أسلما قبله فلهَا مهر الْمثل وَإِن كَانَت قد قبضت بعضه دون بعض اسْتحقَّت من مهر الْمثل بقسط مَا لم تقبض وَالَّتِي ينْدَفع نِكَاحهَا بِالْإِسْلَامِ إِن كَانَت مَدْخُولا بهَا وصححنا أنكحتهم فَإِن كَانَ الاندفاع بِإِسْلَام الزَّوْج وَجب نصف الْمُسَمّى إِن كَانَ صَحِيحا وَنصف مهر الْمثل إِن كَانَ فَاسِدا وَإِن كَانَ الاندفاع بإسلامها لم يكن لَهَا شَيْء وَإِذا ترافع إِلَيْنَا أهل الذِّمَّة فنقرهم على مَا نقرهم عَلَيْهِ لَو أَسْلمُوا أَو نبطل مَا نبطله لَو أَسْلمُوا وَيجب الحكم إِذا ترافع إِلَيْنَا ذميان على أظهر الْقَوْلَيْنِ وَإِن كَانَ أحد الْخَصْمَيْنِ مُسلما فَلَا خلاف فِي وجوب الحكم وَإِذا أسلم وَتَحْت أَكثر من أَربع نسْوَة وأسلمن مَعَه أَو تخلفن وَهن كتابيات اخْتَار الجزء: 2 ¦ الصفحة: 25 أَرْبعا مِنْهُنَّ واندفع نِكَاح الْبَاقِيَات وَكَذَا الحكم لَو تخلفن وَهن مجوسيات مَدْخُول بِهن ثمَّ أسلمن قبل انْقِضَاء عدتهن من وَقت إِسْلَامه وَلَو أسلمت أَربع مَعَه أَو كَانَ قد دخل بِهن وَاجْتمعَ إِسْلَام أَربع مِنْهُنَّ لَا غير مَعَ إِسْلَام الزَّوْج فِي العقد بِعَين النِّكَاح وَلَو أسلم وَتَحْته أم وبنتها وأسلمتا مَعَه أَو لم تسلما وهما كتابيات فَإِن كَانَ قد دخل بهما فهما محرمتان على التَّأْبِيد وَإِن لم يدْخل بِوَاحِدَة مِنْهُمَا فأوجه الْقَوْلَيْنِ أَن الْبِنْت تتَعَيَّن ويندفع نِكَاح الْأُم وَالثَّانِي أَنه مُخَيّر بَينهمَا فَيمسك من شَاءَ مِنْهُمَا فَإِن كَانَ قد دخل بالبنت دون الْأُم فَيقر نِكَاح الْبِنْت وَتحرم الْأُم على التَّأْبِيد وَكَذَا الْأُم على الْأَظْهر وَلَو أسلم وَتَحْته أمة وَأسْلمت مَعَه فَلهُ إِِمْسَاكهَا إِن كَانَ مِمَّن يحل لَهُ نِكَاح الْإِمَاء وَإِلَّا فَلَا يمْسِكهَا وَكَذَا لَو تخلفت وَهِي مَدْخُول بهَا ثمَّ أسلمت فِي الْعدة وَإِن لم يكن مَدْخُولا بهَا تنجزت الْفرْقَة وَلَو أسلم وَتَحْته إِمَاء وأسلمن مَعَه أَو كَانَ قد دخل بِهن وجمعت الْعدة إِسْلَامه وإسلامهن فَلهُ أَن يخْتَار وَاحِدَة مِنْهُنَّ إِن كَانَ مِمَّن يحل لَهُ نِكَاح الْإِمَاء وَلَو أسلمت الْحرَّة مَعَه أَو كَانَت مَدْخُولا بهَا فَأسْلمت فِي الْعدة تعيّنت واندفعت الْإِمَاء وَلَو لم تسلم الْحرَّة إِلَى انْقِضَاء عدتهَا فيختار وَاحِدَة مِنْهُنَّ وَيجْعَل كَأَن الْحرَّة لم تكن وَلَو أسلمت الْحرَّة وعتقت الْإِمَاء ثمَّ أسلمن فِي الْعدة كَانَ كَمَا لَو أسلم على حرائر فيختار أَرْبعا مِنْهُنَّ وَالِاخْتِيَار فِي النِّكَاح بِأَن يَقُول اخْتَرْتُك أَو قررت نكاحك أَو أمسكتك أَو ثبتك وَمن طَلقهَا فقد عينهَا للنِّكَاح وَأما الظِّهَار وَالْإِيلَاء فَلَيْسَ تعيينا فِي أصح الْوَجْهَيْنِ وَلَو علق الِاخْتِيَار للنِّكَاح أَو الْفِرَاق بِدُخُول الدَّار وَنَحْوه لم يَصح وَلَو حصر المختارات فِي خمس أَو سِتّ زَالَ بعض الْإِبْهَام فيندفع نِكَاح غَيْرهنَّ وَيُؤمر بِالتَّعْيِينِ مِنْهُنَّ وَيجب عَلَيْهِ نفقتهن جَمِيعًا إِلَى أَن يخْتَار وَإِذا امْتنع من الِاخْتِيَار عزّر بِالْحَبْسِ وَلَو مَاتَ قبل التَّعْيِين اعْتدت الْحَامِل بِوَضْع الْحمل وَغير الْمَدْخُول بهَا بأَرْبعَة أشهر وَعشر وَكَذَا الْمَدْخُول بهَا من ذَوَات الْأَشْهر والأقراء بأقصى الْأَجَليْنِ من أَرْبَعَة أشهر وَعشر أَو ثَلَاثَة أَقراء وَيُوقف لَهُنَّ نصيب الزَّوْجَات إِلَى أَن يصطلحن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 26 وَإِذا أسلم الزَّوْجَانِ مَعًا استمرت النَّفَقَة باستمرار النِّكَاح وَإِن أسلم الزَّوْج أَولا وَهِي غير كِتَابِيَّة فَإِن أصرت إِلَى انْقِضَاء الْعدة فَلَا نَفَقَة لَهَا وَإِن أسلمت فِي الْعدة فلهَا النَّفَقَة من وَقت الْإِسْلَام والجديد أَنَّهَا لَا نَفَقَة لَهَا للزمان المتخلف وَإِن أسلمت الزَّوْجَة أَولا نظر إِن أسلم الزَّوْج قبل انْقِضَاء مُدَّة الْعدة فلهَا النَّفَقَة مُدَّة تخلفه وَمَا بعْدهَا وَفِي مُدَّة التَّخَلُّف وَجه إِن أصر حَتَّى انْقَضتْ عدتهَا اسْتحقَّت نَفَقَة مُدَّة الْعدة على الْوَجْه الرَّاجِح وَإِن ارْتَدَّت الْمَرْأَة فَلَا نَفَقَة لَهَا فِي مُدَّة الرِّدَّة وَإِن عَادَتْ إِلَى الْإِسْلَام فِي مُدَّة الْعدة وَإِن ارْتَدَّ الزَّوْج لَزِمته النَّفَقَة لمُدَّة الْعدة فَائِدَة من سيره مغلطاي لما أسلم أَبُو الْعَاصِ بن الرّبيع زوج زَيْنَب بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَت زَيْنَب هَاجَرت قبله وَتركته على شركه وردهَا عَلَيْهِ السَّلَام لَهُ بِالنِّكَاحِ الأول بعد سنتَيْن وَقيل بعد سِتّ سِنِين وَقيل قبل انْقِضَاء الْعدة فِيمَا ذكره ابْن عقبَة وَفِي حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده ردهَا بِنِكَاح جَدِيد سنة سبع وَذكر عَن مغلطاي أَنَّهَا لما هَاجَرت لم يَنْقَطِع النِّكَاح وَلم يكن مَوْقُوفا على انْقِضَاء الْعدة لِأَن ذَلِك الحكم لم يكن شرع حَتَّى نزلت آيَة تَحْرِيم المسلمات على الْمُشْركين بعد صلح الْحُدَيْبِيَة فَلَمَّا نزلت الْآيَة توقف نِكَاحهَا على انْقِضَاء عدتهَا وَلم تلبث إِلَّا يَسِيرا حَتَّى جَاءَ أَبُو الْعَاصِ وَأظْهر إِسْلَامه فَلم يكن بَين توقف نِكَاحهَا على انْقِضَاء الْعدة إِلَّا الْيَسِير وَكَانَ بَين ذَلِك وهجرتها سِتّ سِنِين وَهُوَ الصَّوَاب الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب اخْتلفُوا فِيمَن أسلم وَتَحْته أَكثر من أَربع نسْوَة فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد يخْتَار مِنْهُنَّ أَرْبعا وَمن الْأُخْتَيْنِ وَاحِدَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِن كَانَ العقد وَقع عَلَيْهِنَّ فِي حَالَة وَاحِدَة فَهُوَ بَاطِل وَإِن كَانَ فِي عُقُود صَحَّ النِّكَاح فِي الْأَرْبَعَة الْأَوَائِل وَكَذَلِكَ الْأُخْتَيْنِ وَلَو ارْتَدَّ أحد الزَّوْجَيْنِ قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك يتعجل الْفرْقَة مُطلقًا سَوَاء كَانَ الارتداد قبل الدُّخُول أَو بعده وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد إِن كَانَ الارتداد قبل الدُّخُول تعجلت الْفرْقَة وَإِن كَانَ بعده وقفت على انْقِضَاء الْعدة وَلَو ارْتَدَّ الزَّوْجَانِ المسلمان مَعًا فَهُوَ بِمَنْزِلَة ارتداد أَحدهمَا وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا تصح فرقة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 27 وأنكحة الْكفَّار صَحِيحَة تتَعَلَّق بهَا الْأَحْكَام الْمُتَعَلّقَة بأنكحة الْمُسلمين عِنْد أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَقَالَ مَالك هِيَ فَاسِدَة انْتهى بَاب الْخِيَار والإعفاف وَنِكَاح العَبْد إِذا وجد أحد الزَّوْجَيْنِ بِالْآخرِ جنونا أَو جذاما أَو برصا فَلهُ الْخِيَار فِي فسخ النِّكَاح وَكَذَا لَو وجدت الْمَرْأَة الزَّوْج مجبوبا أَو عنينا أَو وجد الزَّوْج الزَّوْجَة رتقاء أَو قرناء وَالأَصَح أَنه لَا خِيَار إِذا وجد أَحدهمَا الآخر خُنْثَى وَأَنه لَا فرق بَين أَن يكون الْفَسْخ مثل يفْسخ بِهِ أَو لَا يكون وَلَو وجدت بعض هَذِه الْعُيُوب بِالزَّوْجِ قبل الدُّخُول ثَبت لَهَا الْخِيَار وَكَذَا بعده إِلَّا أَن تحدث الْعنَّة وَإِن وجدت بِالزَّوْجَةِ فالجديد أَن لَهُ الْخِيَار وَلَا خِيَار للأولياء بالعيوب الْحَادِثَة بِالزَّوْجِ وَلَا فِي الْمُقَارنَة بالجب والعنة وَتثبت بالجنون وَكَذَا بالجذام والبرص فِي أشبه الْوَجْهَيْنِ وَهَذَا الْخِيَار على الْفَوْر وَإِذا اتّفق الْفَسْخ قبل الدُّخُول فَلَا شَيْء لَهَا من الْمهْر وَإِن اتّفق بعده فَالْأَصَحّ أَنه كَانَ الْفَسْخ بِعَيْب مُقَارن فَالْوَاجِب مهر الْمثل دون الْمُسَمّى وَإِن كَانَ بِعَيْب حَادث بعد العقد وَإِن حدث قبل الدُّخُول ثمَّ دخل بهَا وَهُوَ غير عَالم بِالْحَال وَإِن وجدت بعد الدُّخُول فَالْوَاجِب الْمُسَمّى وَلَا يرجع الزَّوْج بِالْمهْرِ والمغرور عِنْد الْفَسْخ على من غره ودلس عَلَيْهِ فِي الْجَدِيد وَلَا بُد فِي الْعنَّة من الرّفْع إِلَى الْحَاكِم وَكَذَلِكَ فِي سَائِر الْعُيُوب فِي أقرب الْوَجْهَيْنِ وَلَا ينْفَرد الزَّوْجَانِ بِالْفَسْخِ وَزَوْجَة الْعنين ترفعه إِلَى القَاضِي وتدعي عنته فَإِن أقرّ بهَا أَو أَقَامَت الْبَيِّنَة على إِقْرَاره بهَا ثبتَتْ وَإِن أنكر حلف وَإِن نكل فأصح الْوَجْهَيْنِ ترد الْيَمين عَلَيْهَا ثمَّ القَاضِي بعد ثُبُوت الْعنَّة يضْرب للزَّوْج مُدَّة سنة يمهله فِيهَا وَإِنَّمَا يضْرب بِطَلَب الزَّوْجَة فَإِذا تمت الْمدَّة رفعت ثَانِيًا إِلَى القَاضِي فَإِن ادّعى الْإِصَابَة حلف وَإِن نكل ردَّتْ الْيَمين عَلَيْهَا فَإِن حلف أَو أقرّ الزَّوْج بِأَنَّهُ لم يصبهَا فِي السّنة فقد جَاءَ وَقت الْفَسْخ وَهل يسْتَقلّ حِينَئِذٍ بِالْفَسْخِ أَو يحْتَاج إِلَى إِذن القَاضِي فِي مُبَاشرَة الْفَسْخ فِيهِ وَجْهَان أظهرهمَا الأول وَإِذا رضيت بالْمقَام تَحْتَهُ سقط حَقّهَا من الْفَسْخ وَكَذَا لَو قَالَت بعد مُضِيّ الْمدَّة أجلته شهرا أَو سنة أُخْرَى على الصَّحِيح الجزء: 2 ¦ الصفحة: 28 وَإِذا شَرط فِي النِّكَاح إِسْلَام الْمَنْكُوحَة فَبَانَت ذِمِّيَّة أَو شَرط فِي أحد الزَّوْجَيْنِ نسب أَو حريَّة أَو صفة أُخْرَى فَبَان خلاف الشُّرُوط فَفِي صِحَة النِّكَاح قَولَانِ أصَحهمَا الصِّحَّة ثمَّ نظر فَإِن بَان خيرا مِمَّا شَرط فِيهِ فَلَا خِيَار وَإِن بَان دونه فَإِن كَانَ الشَّرْط فِيهِ فلهَا الْخِيَار وَإِن كَانَ فِيهَا فَلهُ الْخِيَار فِي أظهر الْوَجْهَيْنِ وَلَو نكح امْرَأَة على ظن أَنَّهَا مسلمة فَخرجت كِتَابِيَّة أَو حرَّة فَخرجت رقيقَة وَهُوَ مِمَّن يحل لَهُ نِكَاح الْإِمَاء فأظهر الْقَوْلَيْنِ أَن لَا خِيَار وَلَو أَذِنت فِي تَزْوِيجهَا مِمَّن تظنه كُفؤًا لَهَا فَبَان فسقه أَو دناءة نسبه أَو حرفته فَلَا خِيَار لَهَا وَحكم الْمهْر إِذا فسخ النِّكَاح بالخلف فِي الشَّرْط وَالرُّجُوع بِالْمهْرِ الْمَغْرُور على الْغَار كَمَا ذكرنَا فِي الْفَسْخ بِالْعَيْبِ وَإِنَّمَا يُؤثر التَّغْرِير إِذا كَانَ مغرورا بِالْعقدِ فَأَما التَّغْرِير السَّابِق فَلَا عِبْرَة بِهِ وَإِذا غر بحريّة امْرَأَة فَبَانَت أمة وصححنا النِّكَاح فَالْوَلَد الْحَاصِل قبل الْعلم بِالْحَال حر وعَلى الْمَغْرُور قِيمَته لسَيِّد الْأمة وَيرجع بهَا على من غره وَلَا يتَصَوَّر التَّغْرِير بِالْحُرِّيَّةِ من السَّيِّد وَإِنَّمَا يكون ذَلِك من وَكيله أَو من الْأمة نَفسهَا وَإِذا كَانَ مِنْهَا فَيتَعَلَّق الْمُقَرّر بذمتها وَإِن انْفَصل الْوَلَد مَيتا بِلَا جِنَايَة فَلَا يجب فِيهِ شَيْء وَإِذا عتقت الْأمة تَحت رَقِيق فلهَا الْخِيَار فِي فسخ النِّكَاح وَلَو عتق بَعْضهَا أَو دبرت أَو كوتبت أَو عتق العَبْد وَتَحْته أمة فَلَا خِيَار وَأظْهر الْقَوْلَيْنِ أَن خِيَار الْعتْق على الْفَوْر وَإِن ادَّعَت الْجَهْل بِالْعِتْقِ وَلم يكذبها ظَاهر الْحَال بِأَن كَانَ السَّيِّد غَائِبا صدقت بِيَمِينِهَا وَإِن كذبهَا فالمصدق الزَّوْج وَإِن ادَّعَت الْجَهْل بِأَن الْعتْق يثبت الْخِيَار فَتصدق فِي أصح الْقَوْلَيْنِ وَإِذا فسخت بِالْعِتْقِ قبل الدُّخُول سقط الْمهْر وَإِن كَانَ بعده وَالْعِتْق مُتَأَخّر عَن الدُّخُول وَجب الْمُسَمّى وَإِن كَانَ الْعتْق مُتَقَدما وَكَانَت هِيَ جاهلة فَالْأَظْهر وجوب مهر الْمثل فصل وَيجب على الْوَلَد إعفاف الْأَب فِي ظَاهر الْمَذْهَب وَالْجد كَالْأَبِ وَالْمرَاد من الإعفاف أَن يهيىء لَهُ مستمتعا بِأَن يُعْطِيهِ مهر حرَّة حَتَّى ينْكِحهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 29 أَو يَقُول لَهُ انكح وَأَنا أعطي الْمهْر أَو يُبَاشر النِّكَاح عَن إِذن الْأَب فيعطي الْمهْر أَو بِأَن يملكهُ أمة وَيُعْطِيه ثمنهَا ثمَّ عَلَيْهِ الْقيام بِنَفَقَة منكوحته أَو أمته ومؤنتهما وَلَيْسَ للْأَب أَن يعين النِّكَاح وَلَا يرضى بالتسري وَلَا إِذا اتفقَا على النِّكَاح أَن يعين امْرَأَة رفيعة الْمهْر وَإِذا اتفقَا على قدر الْمهْر فتعيين الْمَرْأَة إِلَى الْأَب وعَلى الابْن التَّجْدِيد إِذا مَاتَت زَوْجَة الْأَب أَو أمته أَو انْفَسَخ النِّكَاح بردة أَو فسخ بِعَيْب وَكَذَا لَو طَلقهَا بِعُذْر فِي أظهر الْوَجْهَيْنِ وَلَا يجب إِذا طَلقهَا بِغَيْر عذر وَإِنَّمَا يجب الإعفاف إِذا كَانَ الْأَب فاقدا للمهر وَإِذا احْتَاجَ إِلَى النِّكَاح وَيصدق إِذا ظَهرت الْحَاجة بِلَا يَمِين وَيحرم على الْأَب وَطْء جَارِيَة الابْن لَكِن الْأَصَح أَنه لَا حد عَلَيْهِ وَأَنه يجب الْمهْر وَلَو أحبلها فَالْوَلَد حر نسيب وَأَصَح الْقَوْلَيْنِ أَن الْجَارِيَة تصير مُسْتَوْلدَة وَأَنه يجب عَلَيْهِ قيمَة الْجَارِيَة مَعَ الْمهْر وَلَا يجب قيمَة الْوَلَد على الْأَظْهر فَإِن كَانَت الْجَارِيَة مُسْتَوْلدَة الابْن لم تصر مُسْتَوْلدَة الْأَب بِلَا خلاف وَلَيْسَ للسَّيِّد أَن ينْكح جَارِيَة مكَاتبه وَلَو ملك الْمكَاتب زَوْجَة سَيّده فالأشبه انْفِسَاخ النِّكَاح فصل وَالسَّيِّد إِذا أذن فِي نِكَاح العَبْد لَا يضمن الْمهْر وَالنَّفقَة على الْجَدِيد لكنهما يتعلقان باكتسابه إِن كَانَ مكتسبا مَأْذُونا لَهُ فِي التِّجَارَة فيتعلقان بِرِبْح مَا فِي يَده وَكَذَا بِرَأْس المَال فِي أظهر الْوَجْهَيْنِ وَإِن لم يكن مكتسبا وَلَا مَأْذُونا لَهُ فِي التِّجَارَة فيتعلقان بِذِمَّتِهِ وَلَا يلزمان السَّيِّد فِي أصح الْقَوْلَيْنِ وَللسَّيِّد أَن يُسَافر بِعَبْدِهِ وَإِن فَاتَهُ الِاسْتِمْتَاع لَكِن إِذا لم يُسَافر بِهِ فَعَلَيهِ تخليته لَيْلًا للاستمتاع وَكَذَا استخدامه نَهَارا إِن تكفل بِالْمهْرِ وَالنَّفقَة وَإِلَّا فيخليه ليكتسب وَإِذا استخدمه وَلم يلْتَزم شَيْئا فَعَلَيهِ الْغرم بِمَا استخدم وَالْغُرْم فِي أصح الْوَجْهَيْنِ أقل الْأَمريْنِ من أُجْرَة الْمثل وَكَمَال الْمهْر وَالنَّفقَة وَالثَّانِي كَمَال الْمهْر وَالنَّفقَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 30 وَلَو نكح العَبْد نِكَاحا فَاسِدا وَدخل بالمنكوحة فمهر الْمثل يتَعَلَّق بِذِمَّتِهِ لَا بِرَقَبَتِهِ فِي أصح الْقَوْلَيْنِ وَإِذا زوج السَّيِّد أمته فَلهُ استخدامها نَهَارا ويسلمها إِلَى الزَّوْج لَيْلًا لَكِن لَا نَفَقَة على الزَّوْج حِينَئِذٍ على الْأَظْهر وَأظْهر الْوَجْهَيْنِ أَنه لَيْسَ لَهُ أَن يهيىء للزَّوْج بَيْتا فِي دَاره ويكلفه دُخُولهَا وَلَو سَافر السَّيِّد بهَا لم يمْنَع فَإِن أَرَادَ الزَّوْج سَافر مَعهَا وَالظَّاهِر أَن السَّيِّد إِذا قتل أمته الْمُزَوجَة قبل الدُّخُول يسْقط الْمهْر وَلَا خلاف أَنه لَا أثر لهلاك الْمَنْكُوحَة بعد الدُّخُول وَلَو بَاعَ الْأمة الْمُزَوجَة فالمهر للْبَائِع وَلَو طَلقهَا الزَّوْج بعد البيع وَقبل الدُّخُول فَنصف الْمهْر وَإِذا زوج أمته من عَبده لم يجب الْمهْر فَائِدَة من تَحْرِير التَّنْبِيه الجذام مَعْرُوف بِأَكْل اللَّحْم وبتناثره قَالَ الْجَوْهَرِي وَقد جذم الرجل بِضَم الْجِيم فَهُوَ مجذوم وَلَا يُقَال أَجْذم والبرص بِالْفَتْح بَيَاض مَعْرُوف وعلامته أَن يعصر فَلَا يحمر وَقد برص بِفَتْح الْبَاء وَكسر الرَّاء فَهُوَ أبرص فرع قَالَ ابْن عَبَّاس كَانَ زوج بَرِيرَة عبدا أسود يُقَال لَهُ مغيث كَأَنِّي أنظر إِلَيْهِ يطوف وَرَاءَهَا فِي سِكَك الْمَدِينَة وَإنَّهُ كلم الْعَبَّاس ليكلم فِيهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ السُّبْكِيّ وَأَنا أعجب من قَول ابْن عَبَّاس هَذَا مَعَ مَا جَاءَ فِي قصَّة الْإِفْك من قَول عَليّ بن أبي طَالب سل الْجَارِيَة تصدقك وَقَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي بَرِيرَة كَذَا فِي البُخَارِيّ وَغَيره فِي جَمِيع طرق حَدِيث الْإِفْك وَاحْتِمَال كَون بَرِيرَة هَذِه أُخْرَى بعيد وقصة الْإِفْك قبل الْفَتْح فِي تَوْبَة الْأُسَارَى فَلَعَلَّ بَرِيرَة كَانَت تخْدم عَائِشَة قبل شِرَائهَا إِيَّاهَا وَأَنَّهَا اشترتها وَتَأَخر عتقهَا أَو دَامَ حزن زَوجهَا عَلَيْهَا هَذِه الْمدَّة الطَّوِيلَة حَكَاهُ الدَّمِيرِيّ فِي شَرحه على الْمِنْهَاج الجزء: 2 ¦ الصفحة: 31 الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب الْعُيُوب المثبتة للخيار تِسْعَة ثَلَاثَة يشْتَرك فِيهَا الرِّجَال وَالنِّسَاء وَهِي الْجُنُون والجذام والبرص وإثنان يختصان بِالرجلِ وهما الْجب والعنة وَأَرْبَعَة تخْتَص بِالنسَاء وَهِي الْقرن والرتق والفتق والعفل والجب قطع الذّكر والعنة الْعَجز عَن الْجِمَاع بعد الانتشار والقرن عظم يكون فِي الْفرج فَيمْنَع الْوَطْء والرتق انسداد الْفرج والفتق انخراق مَا بَين مَحل الْوَطْء ومخرج الْبَوْل والعفل لحم يكون فِي الْفرج وَقيل رُطُوبَة تمنع لَذَّة الْجِمَاع قَالَ أَبُو حنيفَة لَا يثبت للرجل الْفَسْخ فِي شَيْء من ذَلِك وَيثبت الْخِيَار للْمَرْأَة فِي الْجب والعنة فَقَط وَمَالك وَالشَّافِعِيّ يثبتانه فِي ذَلِك كُله إِلَّا فِي الفتق وَأحمد يُثبتهُ فِي الْكل فَإِن حدث ذَلِك فِي الزَّوْج بعد العقد وَقبل الدُّخُول خيرت الْمَرْأَة عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَكَذَا بعد الدُّخُول إِلَّا الْعنَّة عِنْد الشَّافِعِي وَإِن حدث بِالزَّوْجَةِ فَلهُ الْفَسْخ على الرَّاجِح من مَذْهَب الشَّافِعِي وَهُوَ مَذْهَب أَحْمد وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ فِي أحد قوليه لَا خِيَار لَهَا فصل وَإِذا عتقت الْمَرْأَة وَزوجهَا رَقِيق ثَبت لَهَا الْخِيَار عِنْد أبي حنيفَة مَا دَامَت فِي الْمجْلس الَّذِي علمت بِالْعِتْقِ فِيهِ وَمَتى علمت ومكنته من الْوَطْء فَهُوَ رضى وَللشَّافِعِيّ أَقْوَال أَصَحهَا أَن لَهَا الْخِيَار على الْفَوْر وَالثَّانِي إِلَى ثَلَاثَة أَيَّام وَالثَّالِث مَا لم تمكنه من الْوَطْء وَلَو عتقت وَزوجهَا حر فَلَا خِيَار لَهَا عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَقَالَ أَبُو حنيفَة يثبت لَهَا الْخِيَار مَعَ حُرِّيَّته انْتهى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 32 كتاب الصَدَاق وَمَا يتَعَلَّق بِهِ من الْأَحْكَام الصَدَاق هُوَ مَا تستحقه الْمَرْأَة بَدَلا فِي النِّكَاح وَله سَبْعَة أَسمَاء الصَدَاق والنحلة وَالْأَجْر وَالْفَرِيضَة وَالْمهْر والعلقة والعقر لِأَن الله تَعَالَى سَمَّاهُ الصَدَاق والنحلة وَالْأَجْر وَالْفَرِيضَة وَسَماهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمهْر والعلقة وَسَماهُ عمر رَضِي الله عَنهُ الْعقر يُقَال أصدقت الْمَرْأَة ومهرتها وَلَا يُقَال أمهرتها وَالْأَصْل فِي قَوْله تَعَالَى {وَآتوا النِّسَاء صدقاتهن نحلة فَإِن طبن لكم عَن شَيْء مِنْهُ نفسا فكلوه هَنِيئًا مريئا} وَقَوله تَعَالَى {فَمَا استمتعتم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ فَرِيضَة} وَقَوله تَعَالَى {وَإِن طلقتموهن من قبل أَن تمَسُّوهُنَّ وَقد فرضتم لَهُنَّ فَرِيضَة فَنصف مَا فرضتم} وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِن مَسهَا الْمهْر بِمَا اسْتحلَّ من فرجهَا وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَدّوا العلائق قيل وَمَا العلائق قَالَ مَا تراضى عَلَيْهِ الأهلون وَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ لَهَا عقر نسائها فَإِن قيل لم سَمَّاهُ نحلة والنحلة الْعَطِيَّة بِغَيْر عوض وَالْمهْر لَيْسَ بعطية وَإِنَّمَا هُوَ عوض عَن الِاسْتِمْتَاع فَفِيهِ ثَلَاث تأويلات أَحدهَا أَنه لم يرد بالنحلة الْعَطِيَّة وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ النحلة من الانتحال وَهُوَ التدين لِأَنَّهُ يُقَال انتخل فلَان مذهبك أَي تدين بِهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ {وَآتوا النِّسَاء صدقاتهن نحلة} أَي تدينا وَالثَّانِي أَن الْمهْر يشبه الْعَطِيَّة لِأَنَّهُ يحصل للْمَرْأَة من اللَّذَّة فِي الِاسْتِمْتَاع مَا يحصل للزَّوْج وَأكْثر لِأَنَّهَا أغلب شَهْوَة وَالزَّوْج ينْفَرد ببذل الْمهْر فَكَأَنَّهَا تَأْخُذهُ بِغَيْر عوض الجزء: 2 ¦ الصفحة: 33 وَالثَّالِث أَنه عَطِيَّة من الله للنِّسَاء فِي شرعنا وَكَانَ فِي شرع من قبلنَا الْمهْر للأولياء وَلِهَذَا قَالَ الله تَعَالَى قي قصَّة شُعَيْب ومُوسَى عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام قَالَ {إِنِّي أُرِيد أَن أنكحك إِحْدَى ابْنَتي هَاتين على أَن تَأْجُرنِي ثَمَانِي حجج} وَمَا يجوز أَن يكون عوضا فِي البيع يجوز أَن يكون صَدَاقا وَلَيْسَ الصَدَاق ركنا فِي النِّكَاح بل يجوز إخلاؤه من الْمهْر لَكِن الْمُسْتَحبّ تَسْمِيَته لما رُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يتَزَوَّج أحدا من نِسَائِهِ وَلَا زوج أحدا من بَنَاته إِلَّا بِصَدَاق سَمَّاهُ فِي العقد وَرُوِيَ أَن امْرَأَة أَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت يَا رَسُول الله قد وهبت نَفسِي مِنْك فَصَعدَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَصَره إِلَيْهَا ثمَّ صَوبه ثمَّ قَالَ مَالِي الْيَوْم فِي النِّسَاء من حَاجَة فَقَامَ رجل من الْقَوْم فَقَالَ زوجنيها يَا رَسُول الله فَقَالَ لَهُ مَا تصدقها قَالَ إزَارِي قَالَ إِن أَصدقتهَا إزارك جَلَست وَلَا إِزَار لَك فَقَالَ ألتمس شَيْئا فالتمس شَيْئا فَلم يجد فَقَالَ التمس وَلَو خَاتمًا من حَدِيد فالتمس وَلم يجد شَيْئا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمَعَك شَيْء من الْقُرْآن قَالَ نعم سُورَة كَذَا وَسورَة كَذَا فَقَالَ زوجتكها بِمَا مَعَك من القرآنولأنه إِذا زوجه بِالْمهْرِ كَانَ أقطع للخصومة وروى عقبَة بن عَامر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زوج رجلا بِامْرَأَة وَلم يفْرض لَهَا صَدَاقا فَلَمَّا حَضرته الْوَفَاة قَالَ إِنِّي تَزَوَّجتهَا بِغَيْر مهر وَإِنِّي قد أعطيتهَا عَن صَدَاقهَا سهمي بِخَيْبَر فباعته بِمِائَة ألف وَلِأَن الْمَقْصُود فِي النِّكَاح اعْتِبَار الزَّوْجَيْنِ دون الْمهْر وَلِهَذَا يجب ذكر الزَّوْجَيْنِ فِي العقد وَإِنَّمَا الْعِوَض فِيهِ تبع بِخِلَاف البيع فَإِن الْمَقْصُود فِيهِ الْعِوَض وَلِهَذَا لَا يجب ذكر البَائِع وَالْمُشْتَرِي فِي العقد إِذا وَقع بَين وكيليهما فَائِدَة قَالَ الرَّافِعِيّ روى الْقفال الشَّاشِي عَن أَحْمد بن عبد الله السجسْتانِي أَنه سَأَلَ الْمُتَوَلِي هَل يجوز النِّكَاح على تَعْلِيم الشّعْر فَقَالَ يجوز إِذا كَانَ مثل قَول الشَّاعِر يُرِيد الْمَرْء أَن يعْطى مناه ويأبى الله إِلَّا مَا أَرَادَ يَقُول العَبْد فائدتي وَمَالِي وتقوى الله أفضل مَا اسْتَفَادَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 34 قَالَ الْإِسْنَوِيّ والبيتان ل أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ كَذَا ذكر أَبُو الطّيب فِي تَعْلِيقه مسأله قَالَ الرَّافِعِيّ لَو ادَّعَت الْمَرْأَة التَّسْمِيَة وَأنكر الزَّوْج تحَالفا فِي الْأَصَح وَلَو ادَّعَاهَا الزَّوْج وَأنْكرت فَالْقِيَاس التخالف أَيْضا وَلَو ادّعى أَحدهمَا التَّفْوِيض وَقَالَ الآخر لم يذكر الْمهْر فالأشبه قبُول قَول النَّافِي وَجزم الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقه بتحالفهما وَقَالَ القَاضِي حُسَيْن وَلَو ادَّعَت عَلَيْهِ مائَة صَدَاقا فَإِن قَالَ قبلت نِكَاحهَا بِخَمْسِينَ تحَالفا وَالْقَوْل قَوْله فِي مهر الْمُتْلف لِأَنَّهُ الْمُتْلف فَلَو قَالَت قبل نِكَاحي على مائَة فَقَالَ لَا يلْزَمنِي إِلَّا خَمْسُونَ فَيحْتَمل أَنه مَا قبل إِلَّا على خمسين وَيحْتَمل أَنه قبله على الْمِائَة وَدفع إِلَيْهَا خمسين فَيحلف أَنه لَا يلْزمه مائَة وَتَأْخُذ مِنْهُ الْخمسين وَلَو قَالَت فِي الدَّعْوَى لي عَلَيْهِ مائَة صَدَاقا فَقَالَ لَا يلْزَمنِي إِلَّا خَمْسُونَ فَالْقَوْل قَوْله مَعَ يَمِينه وَذكر فِي النِّكَاح أَنه لَو ادّعى نِكَاح امْرَأَة فَإِن أقرَّت لَهُ ثَبت النِّكَاح قَالَ الْعَبَّادِيّ وَلَا مهر لِأَن هَذَا اسْتِدَامَة وَذكر هُنَا أَنَّهَا لَو ادَّعَت على رجل ألفا من جِهَة الصَدَاق فَأنْكر صدق بِيَمِينِهِ وَلَا يلْزمه أَن يَنْفِي الْجِهَة الَّتِي تدعيها ويكفيه الْحلف على رضى وجوب التَّسْلِيم فَلَو قَالَت للْقَاضِي سَله هَل أَنا زَوجته أم لَا فَلهُ سُؤَاله وَلَيْسَ للْقَاضِي سُؤَاله قبل ذَلِك الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب لَا يفْسد النِّكَاح بِفساد الصَدَاق عِنْد أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَعَن مَالك وَأحمد رِوَايَتَانِ وَأَقل الصَدَاق مُقَدّر عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك وَهُوَ مَا تقطع بِهِ يَد السَّارِق مَعَ اخْتِلَافهمَا فِي قدر ذَلِك فَعِنْدَ أبي حنيفَة عشرَة دَرَاهِم أَو دِينَار وَعند مَالك ربع دِينَار أَو ثَلَاثَة دَرَاهِم وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد لَا حد لأَقل الْمهْر وكل مَا جَازَ أَن يكون ثمنا فِي البيع جَازَ أَن يكون صَدَاقا فِي النِّكَاح الجزء: 2 ¦ الصفحة: 35 وَتَعْلِيم الْقُرْآن يجوز أَن يكون مهْرا عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد فِي أظهر روايتيه لَا يكون مهْرا وتملك الْمَرْأَة الصَدَاق بِالْعقدِ عِنْد أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَقَالَ مَالك لَا تملكه إِلَّا بِالدُّخُولِ أَو بِمَوْت الزَّوْج بل هِيَ مرَاعِي لَا تستحقه كُله بِمُجَرَّد العقد وَإِنَّمَا تسْتَحقّ نصفه وَإِذا أوفاها مهرهَا سَافر بهَا حَيْثُ شَاءَ عِنْد أبي حنيفَة وَقيل لَا يُخرجهَا من بَيتهَا إِلَى بلد غير بَلَدهَا لِأَن الغربة تؤذي هَذَا لفظ الْهِدَايَة وَقَالَ فِي الِاخْتِيَار للحنفية إِذا وفاها مهرهَا نقلهَا إِلَى حَيْثُ شَاءَ وَقيل لَا يُسَافر بهَا وَعَلِيهِ الْفَتْوَى لفساد أهل الزَّمَان وَقيل يُسَافر بهَا إِلَى قرى الْمصر الْقَرِيبَة لِأَنَّهَا لَيست بغربة وَمذهب مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد أَن للزَّوْج أَن يُسَافر بِزَوْجَتِهِ حَيْثُ شَاءَ فصل والمفوضة إِذا طلقت قبل الْمَسِيس وَالْفَرْض فَلَيْسَ لَهَا إِلَّا الْمُتْعَة عِنْد أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد فِي أصح روايتيه قَالَ فِي الْكَافِي إِنَّه الْمَذْهَب وَقَالَ أَحْمد فِي رِوَايَة أُخْرَى لَهَا نصف مهر الْمثل وَقَالَ مَالك لَا يجب لَهَا الْمُتْعَة بِحَال بل تسْتَحب وَلَا مُتْعَة لغير المفوضة فِي ظَاهر مَذْهَب أَحْمد وَعنهُ رِوَايَة أَنَّهَا تجب لكل مُطلقَة وَهُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة وَقَالَ الشَّافِعِي إِنَّهَا وَاجِبَة على كل حَيّ للمطلقة قبل الْوَطْء لم يجب لَهَا شطر مهر وَكَذَا الْمَوْطُوءَة بِكُل فرقة لَيست بِسَبَبِهَا وَاخْتلف موجبو الْمُتْعَة فِي تقديرها فَقَالَ أَبُو حنيفَة الْمُتْعَة ثَلَاث أَثوَاب درع وخمار وَمِلْحَفَة بِشَرْط أَن لَا تزيد قيمَة ذَلِك عَن نصف مهر الْمثل وَقَالَ الشَّافِعِي فِي أصح قَوْلَيْنِ وَأحمد فِي إِحْدَى روايتيه إِنَّه مفوض إِلَى اجْتِهَاد الْحَاكِم يقدرها بنظره وَعند الشَّافِعِي وَهُوَ قَول أَحْمد إِنَّهَا مقدرَة بِمَا يَقع عَلَيْهِ الِاسْم كالصداق فَيصح بِمَا قل وَجل وَالْمُسْتَحب عِنْده أَن لَا تنقص عَن ثَلَاثِينَ درهما وَعَن أَحْمد رِوَايَة أُخْرَى أَنَّهَا مقدرَة بكسوة تجزىء فِيهَا الصَّلَاة وَذَلِكَ ثَوْبَان درع وخمار لَا تنقص عَن ذَلِك وَاخْتلفُوا فِي اعْتِبَار مهر الْمثل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 36 فَقَالَ أَبُو حنيفَة هُوَ مُعْتَبر بقراباتها من الْعَصَبَات خَاصَّة فَلَا مدْخل فِي ذَلِك لأمها وَلَا لخالتها إِلَّا أَن يَكُونَا من غير عشيرتها وَقَالَ مَالك هُوَ مُعْتَبر بأحوال الْمَرْأَة فِي جمَالهَا وشرفها وَمَالهَا دون أنسابها إِلَّا أَن تكون من قَبيلَة لَا يزدن فِي صدقاتهن وَلَا ينقصن وَقَالَ الشَّافِعِي يعْتَبر بعصباتها فيراعي أقرب من تنتسب إِلَيْهَا فأقربهن أُخْت لِأَبَوَيْنِ ثمَّ لأَب ثمَّ بَنَات أَخ ثمَّ عمات كَذَلِك فَإِن فقد نسَاء الْعَصَبَات أَو جهل مهرهن فأرحام كجدات وخالات وَيعْتَبر سنّ وعقل ويسار وبكارة وَمَا اخْتلف فِيهِ غَرَض فَإِن اخْتصّت بِفضل أَو نقص زيد أَو نقص لَائِق بِالْحَال وَقَالَ أَحْمد هُوَ مُعْتَبر بقراباتها النِّسَاء من الْعَصَبَات وَمن ذَوي الْأَرْحَام فصل إِذا اخْتلف الزَّوْجَانِ فِي قبض الصَدَاق فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد القَوْل قَول الزَّوْجَة مُطلقًا وَقَالَ مَالك إِن كَانَ بِبَلَد الْعرف فِيهِ جَار بِدفع الْمُعَجل قبل الدُّخُول فَمَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ فَالْقَوْل بعد الدُّخُول قَول الزَّوْج وَقبل الدُّخُول قَوْلهَا وَاخْتلفُوا فِي الَّذِي بِيَدِهِ عقدَة النِّكَاح من هُوَ فَقَالَ أَبُو حنيفَة هُوَ الزَّوْج وَهُوَ الْجَدِيد الرَّاجِح من مَذْهَب الشَّافِعِي وَقَالَ مَالك هُوَ كولي وَهُوَ الْقَدِيم من قولي الشَّافِعِي وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ فصل وَالزِّيَادَة على الصَدَاق بعد العقد تلْحق بِهِ قَالَ أَبُو حنيفَة هِيَ ثَابِتَة إِن دخل بهَا أَو مَاتَ عَنْهَا فَإِن طَلقهَا قبل الدُّخُول فلهَا نصف الزِّيَادَة مَعَ نصف الْمُسَمّى وَإِن مَاتَ قبل الدُّخُول وَقبل الْقَبْض بطلت وَكَانَ لَهَا الْمُسَمّى بِالْعقدِ على الْمَشْهُور عِنْده وَقَالَ الشَّافِعِي هِيَ هبة مستأنفة إِن قبضتها مَضَت وَإِن لم تقبضها بطلت وَقَالَ أَحْمد حكم الزِّيَادَة حكم الأَصْل فصل وَالْعَبْد إِذا تزوج بِغَيْر إِذن سَيّده وَدخل بِالزَّوْجَةِ وَقد سمى لَهَا مهْرا قَالَ أَبُو حنيفَة لَا يلْزمه شَيْء فِي الْحَال فَإِن عتق لزمَه مهر مثلهَا وَقَالَ مَالك لَهَا الْمُسَمّى كَامِلا وَقَالَ الشَّافِعِي لَهَا مهر الْمثل والجديد الرَّاجِح من مذْهبه أَنه يتَعَلَّق بِذِمَّة العَبْد وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا كمذهب الشَّافِعِي وَالْأُخْرَى يلْزمه خمْسا الْمُسَمّى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 37 مَا لم يزدْ على قِيمَته فَإِن زَاد لم يلْزم سَيّده إِلَّا قِيمَته أَو تَسْلِيمه لِأَن مذْهبه أَن الْمُسَمّى يتَعَلَّق بِرَقَبَة العَبْد فصل وَإِذا سلمت الْمَرْأَة نَفسهَا قبل قبض صَدَاقهَا فَدخل بهَا الزَّوْج وخلا بهَا ثمَّ امْتنعت بعد ذَلِك وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد لَهَا ذَلِك حَتَّى تقبض صَدَاقهَا وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لَيْسَ لَهَا ذَلِك بعد الدُّخُول وَلها الِامْتِنَاع بعد الْخلْوَة وَاخْتلفُوا فِي الْمهْر هَل يسْتَقرّ بالخلوة الَّتِي لَا مَانع فِيهَا أَو لَا يسْتَقرّ بِالدُّخُولِ فَقَالَ الشَّافِعِي فِي أظهر قوليه لَا يسْتَقرّ إِلَّا بِالْوَطْءِ وَقَالَ مَالك إِذا خلا بهَا وطالت مُدَّة الْخلْوَة اسْتَقر الْمهْر وَإِن لم يطَأ وحد ابْن الْقَاسِم طول الْخلْوَة بِالْعَام وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد يسْتَقرّ الْمهْر بالخلوة الَّتِي لَا مَانع فِيهَا وَإِن لم يحصل وَطْء بِمَوْت أحد الزَّوْجَيْنِ يسْتَقرّ الْمهْر بالِاتِّفَاقِ فصل وَلِيمَة الْعرس سنة على الرَّاجِح من مَذْهَب الشَّافِعِي ومستحبة عِنْد الثَّلَاثَة والإجابة إِلَيْهَا مُسْتَحبَّة على الْأَصَح عِنْد أبي حنيفَة وواجبة على الْمَشْهُور عِنْد مَالك وَهُوَ الْأَظْهر من قولي الشَّافِعِي وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن أَحْمد والنثار فِي الْعرس والتقاطه قَالَ أَبُو حنيفَة لَا بَأْس بِهِ وَلَا يكره أَخذه وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ بكراهته وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ كالمذهبين وَأما وَلِيمَة غير الْعرس كالختان وَنَحْوه فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ تسْتَحب وَقَالَ أَحْمد لَا تسْتَحب فَائِدَة قَالَ النَّوَوِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ أَصْحَابنَا وَغَيرهم الضيافات ثَمَانِيَة أَنْوَاع الْوَلِيمَة للعرس والخرس بِضَم الْخَاء وبالسين وبالصاد للولادة والإعذار بِالْعينِ الْمُهْملَة والذال الْمُعْجَمَة للختان والوكيرة بالراء للْبِنَاء والنقيعة لقدوم الْمُسَافِر مَأْخُوذ من النَّقْع وَهُوَ الْغُبَار ثمَّ قيل إِن الْمُسَافِر يصنع الطَّعَام قيل يصنعه غَيره لَهُ والعقيقة يَوْم سَابِع الْولادَة والوضيمة بِفَتْح الْوَاو وَكسر الضَّاد الْمُعْجَمَة الطَّعَام الَّذِي يصنع عِنْد الْمُصِيبَة والمأدبة بِضَم الدَّال وَفتحهَا الطَّعَام الْمُتَّخذ ضِيَافَة بِلَا سَبَب انْتهى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 38 بَاب الْقسم والنشوز إِذا تزوج الرجل امْرَأَة كَبِيرَة أَو صَغِيرَة يُجَامع مثلهَا بِأَن تكون ابْنة ثَمَان سِنِين أَو تسع سِنِين وَسلم مهرهَا وَطلب تَسْلِيمهَا وَجب تَسْلِيمهَا إِلَيْهِ لما رُوِيَ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا قَالَت تزَوجنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا ابْنة سِتّ سِنِين وَبنى بِي وَأَنا ابْنة تسع فَإِن طلبت الْمَرْأَة أَو ولى الصَّغِيرَة الْإِمْهَال لإِصْلَاح حَال الْمَرْأَة فَقَالَ الشَّافِعِي تُؤخر يَوْمًا وَنَحْوه وَلَا يُجَاوز بهَا الثَّلَاث وَحكى القَاضِي أَبُو حَامِد أَن الشَّافِعِي قَالَ فِي الْإِمْلَاء إِذا دفع مهرهَا وَمثلهَا يُجَامع فَلهُ أَن يدْخل بهَا سَاعَة دفع إِلَيْهَا الْمهْر أَحبُّوا أَو كَرهُوا وَإِذا كَانَ لَهُ زوجتان أَو أَكثر لم يجب عَلَيْهِ الْقسم ابْتِدَاء بل يجوز لَهُ أَن ينْفَرد عَنْهُن فِي بَيت لِأَن الْمَقْصُود بالقسم الِاسْتِمْتَاع وَهُوَ حق لَهُ فَجَاز لَهُ تَركه وَإِن أَرَادَ أَن يقسم بَينهُنَّ جَازَ لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقسم بَين نِسَائِهِ وَلَا يجوز أَن يبْدَأ بِوَاحِدَة مِنْهُنَّ بِغَيْر رضى الْبَاقِيَات إِلَّا بِالْقُرْعَةِ لقَوْله تَعَالَى {فَلَا تميلوا كل الْميل} وروى أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من كَانَت لَهُ امْرَأَتَانِ يمِيل إِلَى إِحْدَاهمَا عَن الْأُخْرَى جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة وَشقه ساقطوفي ابْتِدَائه بإحداهن من غير قرعَة ميل فَإِن كَانَ لَهُ زوجتان أَقرع بَينهمَا مرّة وَاحِدَة وَإِن كن ثَلَاثًا أَقرع مرَّتَيْنِ وَإِن كن أَرْبعا أَقرع ثَلَاث مَرَّات لِأَنَّهُنَّ إِذا كن ثَلَاثًا فَخرجت الْقرعَة لوَاحِدَة قسم لَهَا ثمَّ أَقرع بَين الْبَاقِيَتَيْنِ وَكَذَلِكَ فِي الْأَرْبَع وَإِن أَقَامَ عِنْد وَاحِدَة مِنْهُنَّ من غير قرعَة لزمَه الْقَضَاء للباقيات لِأَنَّهُ إِن لم يقْض صَار مائلا وَيقسم للمريضة والرتقاء والقرناء وَالْحَائِض وَالنُّفَسَاء والمحرمة وَالَّتِي آلى مِنْهَا أَو ظَاهر لِأَن الْمَقْصُود الإيواء والسكن وَذَلِكَ مَوْجُود فِي حقهن وَأما الْمَجْنُونَة فَإِن كَانَت يخَاف مِنْهَا سقط حَقّهَا من الْقسم كالعاقلة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 39 وَيقسم الْمَرِيض وَالْمَجْنُون والعنين وَالْمحرم لِأَن الْأنس يحصل بِهِ وَإِن كَانَ مَجْنُونا يخَاف مِنْهُ لم يقسم لَهُ الْوَلِيّ لِأَنَّهُ لَا يحصل بِهِ الْأنس وَإِن كَانَ لَا يخَاف مِنْهُ نظر فَإِن كَانَ قد قسم لوَاحِدَة فِي حَال عقله ثمَّ جن قبل أَن يقْضِي لزم الْوَلِيّ أَن يقْضِي للباقيات قسمهن كَمَا لَو كَانَ عَلَيْهِ دين وَإِن جن قبل أَن يقسم لوَاحِدَة مِنْهُنَّ فَإِن لم ير الْوَلِيّ مصلحَة لَهُ فِي الْقسم لم يقسم لَهُنَّ وَإِن رأى الْمصلحَة لَهُ فِي الْقسم قسم لَهُنَّ لِأَنَّهُ قَائِم مقَامه وَكَانَ بِالْخِيَارِ بَين أَن يطوف بِهِ على نِسَائِهِ وَبَين أَن ينزله فِي منزل ويستدعيهن وَاحِدَة بعد وَاحِدَة إِلَيْهِ وَإِن طَاف بِهِ على الْبَعْض واستدعى الْبَعْض جَازَ فَإِن قسم الْوَلِيّ لبعضهن وَلم يقسم للباقيات أثر الْوَلِيّ وَإِن سَافَرت الْمَرْأَة مَعَ زَوجهَا فلهَا النَّفَقَة وَالْقسم لِأَنَّهُمَا فِي مُقَابلَة الِاسْتِمْتَاع وَذَلِكَ مَوْجُود وَكَذَلِكَ إِذا أشخصها من بلد إِلَى بلد للنقلة أَو لحَاجَة فلهَا النَّفَقَة وَالْقسم وَإِن لم يكن مَعهَا وَإِن سَافَرت من بلد إِلَى بلد وَحدهَا لحَاجَة لَهَا بِغَيْر إِذْنه فَلَا نَفَقَة لَهَا وَلَا قسم لِأَنَّهَا ناشز عَنهُ وَإِن سَافَرت لحَاجَة لَهَا وَحدهَا بِإِذْنِهِ فَلَا نَفَقَة لَهَا وَلَا قسم على الْأَصَح من الْقَوْلَيْنِ وَإِن كَانَ عِنْده مسلمة وذمية سوى بَينهمَا فِي الْقسم وَإِن كَانَ طلب معاش الرجل بِالنَّهَارِ فعماد قسمه اللَّيْل وَبِالْعَكْسِ وَالْمُسْتَحب أَن يقسم مياومة وَهُوَ أَن يُقيم عِنْد كل وَاحِدَة يَوْمًا ثمَّ عِنْد الْأُخْرَى يَوْمًا لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقسم هَكَذَا وَلِأَنَّهُ أقرب إِلَى إِيفَاء الْحق وَيدخل فِي النَّهَار فِي الْقسم لما رُوِيَ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقسم لنسائه لكل وَاحِدَة يَوْمهَا وليلتها غير أَن سَوْدَة وهبت لَيْلَتهَا لعَائِشَة وَإِذا ظَهرت من الْمَرْأَة أَمَارَات النُّشُوز بقول أَو فعل وعظها الزَّوْج فَإِن تكَرر نشوزها هجرها فَإِن تكَرر نشوزها ضربهَا ضربا غير مبرح وَلَا مدم ويتقى الْوَجْه والمواضع المخوفة قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى وَلَا يبلغ بِهِ الْحَد وَإِن ادّعى كل وَاحِد من الزَّوْجَيْنِ على الآخر النُّشُوز بِمَنْع مَا يجب عَلَيْهِ لصَاحبه أسكنهما الْحَاكِم إِلَى جنب ثِقَة عدل كي يشرف عَلَيْهِمَا فَإِذا عرف الظَّالِم مِنْهُمَا مَنعه من الظُّلم وَإِن بلغ بَينهمَا إِلَى الشتم أَو الضَّرْب وتمزيق الثِّيَاب بعث الْحَاكِم حكمين ليجمعا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 40 بَينهمَا أَو يفرقا لقَوْله تَعَالَى {فَابْعَثُوا حكما من أَهله وَحكما من أَهلهَا إِن يريدا إصلاحا يوفق الله بَينهمَا إِن الله كَانَ عليما خَبِيرا} فَائِدَة قَالَ القَاضِي عِيَاض قَالَ الطَّبَرِيّ وَغَيره من الْعلمَاء الْغيرَة يتَسَامَح للنِّسَاء فِيهَا فَإِنَّهَا لَا عُقُوبَة عَلَيْهِنَّ بِسَبَبِهَا لما جبلن عَلَيْهِ من ذَلِك وَلِهَذَا لم يزْجر النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام عَائِشَة حِين قَالَت فِي خَدِيجَة عَجُوز من عَجَائِز قُرَيْش حَمْرَاء الشدقين قَالَ القَاضِي وَعِنْدِي أَن ذَلِك تجرؤ من عَائِشَة لصِغَر سنّهَا وَأول شبيبتها ولعلها لم تكن قد بلغت الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب الْقسم إِنَّمَا يجب لِلزَّوْجَاتِ بالِاتِّفَاقِ وَلَا قسم لغير زَوْجَة وَلَا لإماء فَمن بَات عِنْد وَاحِدَة لزمَه الْمبيت عِنْد من بَقِي وَلَا تجب التَّسْوِيَة فِي الْجِمَاع بِالْإِجْمَاع وَيسْتَحب ذَلِك وَلَو أعرض عَنْهُن أَو عَن وَاحِدَة لم يَأْثَم وَيسْتَحب أَن لَا يعضلهن ونشوز الْمَرْأَة حرَام بِالْإِجْمَاع يسْقط النَّفَقَة وَيجب على كل وَاحِد من الزَّوْجَيْنِ معاشرة صَاحبه بِالْمَعْرُوفِ وبذل مَا يجب عَلَيْهِ من غير مطل وَلَا إِظْهَار كَرَامَة فَيجب على الزَّوْجَة طَاعَة زَوجهَا وملازمة الْمسكن وَله منعهَا من الْخُرُوج بِالْإِجْمَاع وَيجب على الزَّوْج الْمهْر وَالنَّفقَة فصل والعزل عَن الْحرَّة وَلَو بِغَيْر إِذْنهَا جَائِز على الْمُرَجح من مَذْهَب الشَّافِعِي لَكِن نهى عَنهُ فَالْأولى تَركه وَعند الثَّلَاثَة لَا يجوز إِلَّا بِإِذْنِهَا وَالزَّوْجَة الْأمة تَحت الْحر قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد لَا يجوز الْعَزْل عَنْهَا إِلَّا بِإِذن سَيِّدهَا وَجوزهُ الشَّافِعِي بِغَيْر إِذْنه فصل وَإِن كَانَت الجديدة بكرا أَقَامَ عِنْدهَا سَبْعَة أَيَّام ثمَّ دَار بِالْقِسْمَةِ على نِسَائِهِ وَإِن كَانَت ثَيِّبًا أَقَامَ ثَلَاثًا عِنْد الثَّلَاثَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يفضل الجديدة فِي الْقسم بل يسوى بَينهَا وَبَين اللَّاتِي عِنْده وَهل للرجل أَن يُسَافر من غير قرعَة وَإِن لم يرضين قَالَ أَبُو حنيفَة لَهُ ذَلِك وَعَن مَالك رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا كَقَوْل أبي حنيفَة وَالْأُخْرَى عدم الْجَوَاز إِلَّا برضاهن أَو بِقرْعَة وَهَذَا مَذْهَب الشَّافِعِي وَأحمد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 41 وَإِن سَافر من غير قرعَة وَلَا ترَاض وَجب عَلَيْهِ الْقَضَاء لَهُنَّ عِنْد الشَّافِعِي وَأحمد وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك لَا يجب المصطلح ويشتمل على صور مِنْهَا مَا هُوَ مصدر بِخطْبَة وَمِنْهَا مَا هُوَ مصدر بِغَيْر خطْبَة وَاعْلَم أَن للنِّكَاح قَوَاعِد يبْدَأ بذكرها قبل ذكر المصطلح كَونهَا يسْتَعْمل فِي كل صُورَة من الصُّور الْآتِي ذكرهَا وَهِي الْبدَاءَة بِذكر الزَّوْج وَأَبِيهِ وجده وَمَا يعرف بِهِ ثمَّ بِالزَّوْجَةِ كَذَلِك ثمَّ بِالصَّدَاقِ وَذكر تَأْجِيله أَو حُلُوله وَإِن كَانَ عبدا أَو جَارِيَة أَو خَاتمًا أَو سَيْفا أَو عقارا أَو قماشا أَو غير ذَلِك فيصفه وَصفا تَاما يُخرجهُ بِهِ عَن الْجَهَالَة أَو كَانَت بِغَيْر صدَاق كالمفوضة وَالصَّدَاق تقبضه الزَّوْجَة إِن كَانَت بَالِغَة عَاقِلَة رَشِيدَة أَو من يحْجر عَلَيْهَا كَالْأَبِ أَو الْجد أَو الْوَصِيّ أَو أَمِين الحكم ليَشْتَرِي بِهِ أعيانا برسم جهازها وَقد جرت الْعَادة فِي أَمِين الْحَاكِم أَن يكْتب قصَّة على لسانها وترفع إِلَى حَاكم شَرْعِي يكْتب عَلَيْهَا لتجب إِلَى سؤالها يؤرخ بِيَوْم الْإِجَابَة ثمَّ ذكر الْوَلِيّ المزوج إِن كَانَ أَبَا أَو جدا أَو غَيرهمَا من الْأَوْلِيَاء وَذكر بُلُوغ الزَّوْجَة وَأَنَّهَا معصر غير ثيب فَهَذِهِ يجبرها الْأَب وَالْجد على مَذْهَب الشَّافِعِي ويزوجها كل مِنْهُمَا بِغَيْر إِذْنهَا وَإِن كَانَ الْوَلِيّ وَالْحَالة هَذِه غير الْأَب وَالْجد من الْعَصَبَات أَو مِمَّن يُزَوّج بِالْوَلَاءِ أَو الْحَاكِم فَلَا يجوز أَن يُزَوّج إِلَّا الْبكر الْبَالِغ أَو الثّيّب الْبَالِغ بِإِذْنِهَا ورضاها إِلَّا السَّيِّد فَإِنَّهُ يُزَوّج مملوكته بِالْملكِ جبرا بِغَيْر إِذْنهَا وَغير الشَّافِعِي من الْأَئِمَّة يُزَوّج الْبكر المعصر وَكَذَلِكَ الثّيّب المعصر ومملوكة الْخُنْثَى يُزَوّجهَا بِإِذْنِهِ وَكَذَلِكَ مَمْلُوكَة الْمَرْأَة يُزَوّجهَا بِإِذن المالكة صَرِيحًا بالنطق وَلَا يَكْفِي السُّكُوت إِذا كَانَت السيدة بكرا بِخِلَاف الْأَمر فِي تَزْوِيجهَا نَفسهَا فَيَكْفِي السُّكُوت إِلَّا إِذا ظهر مِنْهَا مَا يَقْتَضِي عدم الرِّضَا فَإِذا كَانَ الْوَلِيّ أَبَا كتب وَولى تَزْوِيجهَا مِنْهُ بذلك أَو عقده بَينهمَا أَو زَوجهَا مِنْهُ بذلك والدها الْمَذْكُور بِحَق أبوته لَهَا وولايته عَلَيْهَا شرعا بعد أَن أوضح خلوها من كل مَانع شَرْعِي وَأَنَّهَا بكر بَالغ أَو بكر معصر حرَّة مسلمة صَحِيحَة الْعقل وَالْبدن لم يتَقَدَّم عَلَيْهَا عقد نِكَاح وَأَن والدها الْمَذْكُور مُسْتَحقّ الْولَايَة عَلَيْهَا شرعا وَأَن الزَّوْج كُفْء لَهَا وَأَن الصَدَاق الْمعِين فِيهِ مهر مثلهَا على مثله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 42 وَإِن كَانَ الْوَلِيّ مِمَّن يرى تَزْوِيج المعصر غير الْأَب وَالْجد وَالْبِنْت المعصر كتب وَذَلِكَ على قَاعِدَة مُقْتَضى مذْهبه واعتقاده وَيذكر مذْهبه وَقبُول الزَّوْج النِّكَاح لنَفسِهِ أَو وَكيله الشَّرْعِيّ فِي ذَلِك وَهُوَ فلَان الْفُلَانِيّ وَأقر أَن الزَّوْج وَاجِد للصداق إِذا كَانَ غير مَقْبُوض أَو قبض مِنْهُ الْبَعْض وَتَأَخر الْبَعْض وَأَنه مَلِيء وقادر على ذَلِك وَمَعْرِفَة الشُّهُود بهم والتاريخ وَمن الصُّور صُورَة صدَاق بنت خَليفَة على شرِيف الْحَمد لله الَّذِي شرف الأقدار بتأهيلها للاصطفا واختارها لارتقاء دَرَجَات الوفا واختصها بِمَا تَنْقَطِع دونه الآمال حمدا تنفذ فِي شكر موليه الْأَقْوَال وتستصغر عِنْده الأقدار وَإِن سمت وتتضاءل دون عَظمته وَإِن اعترب إِلَى الشّرف وانتمت وَله الْحَمد فِي شرب الخؤلة والعمومة ووهب خُصُوص التشريف وعمومه ونشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة مخلص فِي اعْتِقَاده متحر رشدا فِيمَا صرف نَفسه فِيهِ واستقام على اعْتِمَاده ونشهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الْمَبْعُوث من أشرف الْعَرَب نسبا وأتمهم حسبا اصطفاه من قُرَيْش المصطفين من كنَانَة المصطفاة من ولد إِسْمَاعِيل فَهُوَ صفوة الصفوة المنزه صميما عَن شين الْقَسْوَة والجفوة صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه الَّذين ناصروه وصاهروه فَأحْسنُوا المناصرة والمصاهرة وظاهروه على عدوه من حِين الظُّهُور فأجملوا المظاهرة وَرَضي الله عَن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب عَمه وصنو أَبِيه والباقية كلمة الْخلَافَة فِي عقب بنيه المخصوصين بإمرة الْمُؤمنِينَ كَمَا عهد بِهِ سيد الْمُرْسلين قِيَاسا ونصا فِيمَا ورد عَنهُ وَفِيمَا بِهِ وصّى قَامُوا بأعباء الْخلَافَة ووقفوا عِنْد أوَامِر النُّبُوَّة المحمدية وَاجْتَنبُوا خِلَافه فَمَا مضى مِنْهُم سيد إِلَّا وأقامت السلالة العباسية بِالِاسْتِحْقَاقِ سيدا وَلَا ذهب سَنَد إِلَّا واستقبلت الْأمة مِنْهُم سندا فسندا وأدام الله أَيَّام مَوْلَانَا أَمِير الْمُؤمنِينَ الإِمَام الْحَاكِم بِأَمْر الله النَّاصِر لدين الله الْوَاجِب الطَّاعَة على كل مُسلم الْمُتَعَيّن الْإِمَامَة على كل مُنَازع وَمُسلم المنوط بخلافته حل وَعقد الْوَاقِف عِنْد إِمَامَته كل حر وَعبد فَلَا تتمّ قَضِيَّة إِلَّا بنافذ قَضَائِهِ وشريف إمضائه إِذْ كَانَ الإِمَام الَّذِي بِهِ يقْتَدى وبهديه يهتدى والخليفة الْمَنْصُوص عَلَيْهِ وأمير الْمُؤمنِينَ أَبُو فلَان فلَان الْمشَار بنان النُّبُوَّة إِلَيْهِ رَضِي الله عَنهُ وَعَن آبَائِهِ الْخُلَفَاء الرَّاشِدين وَالْأَئِمَّة المهديين الَّذين ورثوه الْإِمَامَة فَوجدت شُرُوطهَا الْمَجْمُوعَة فِيهِ مجتمعة ونفثوا فِي روعه كلهَا ورقوه درجتها المرتفعة اللَّهُمَّ فأيد إِمَامَته واعضد خِلَافَته مَوْلَانَا الْمقَام الْأَعْظَم وَالْملك الْمُعظم السُّلْطَان الْملك الْفُلَانِيّ الَّذِي عهد بِالْملكِ إِلَيْهِ وَنَصّ فِي كتاب تفويضه الشريف عَلَيْهِ وفوض إِلَيْهِ مَا وَرَاء سَرِيره وَألقى إِلَيْهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 43 مقاليد الْأُمُور فَسقط على الْخَبِير بهَا وَلَا ينبئك بِالْأَمر مثل خَبِير وَبعد فَإِن النِّكَاح من سنَن الْمُرْسلين وشعائر الْمُتَّقِينَ ودثار الْأَئِمَّة المهتدين لم تزل الْأَنْبِيَاء بسننه متسننة وبكلمته الْعلية معلنة وَلم تَبْرَح لأحاديثه الْحَسَنَة الأولية معنعنة وَتزَوج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَزوج وَشرف الأقدار بتأهيله فَأصْبح كل بصهارته متوج وَاتَّبَعت أَصْحَابه آثاره بذلك وسلكوا فِي اتِّبَاعه وَالْعَمَل بسنته أوضح المسالك وَلم يزَالُوا على ذَلِك صاحبا بعد صَاحب وذاهبا بعد ذَاهِب وَخَلِيفَة بعد خَليفَة وأميرا بعد أَمِير سنة مألوفة اقتفى أَمِير الْمُؤمنِينَ أدام الله أَيَّامه سننها الْجَلِيّ ورقي مَكَانهَا الْعلي وَتزَوج وَزوج الْبَنَات والبنين واقتدى فِي ذَلِك بِابْن عَمه سيد الْمُرْسلين ووقف عِنْد مَا ورد عَنهُ من سديد الْأَحْكَام وانْتهى بنهيه فِي قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام لَا رَهْبَانِيَّة فِي الْإِسْلَام وَضم إِلَى نسبه الشريف نسبا ثَابتا شرفه وَقد سمت بِاخْتِيَار أشرف الْجَوَاهِر صدفه وَكَانَ من ثَمَرَة الشَّجَرَة النَّبَوِيَّة الدانية القطاف الهينة الاقتطاف اليانعة الثِّمَار السريعة الإثمار وَهُوَ الْمولى السَّيِّد الشريف الحسيب النسيب الطَّاهِر الذكي الْأَصِيل العريق التقي النقي فرع الشَّجَرَة النَّبَوِيَّة والمستخرج من العناصر الزكية المصطفوية أَبُو فلَان فلَان ابْن السَّيِّد الشريف الحسيب النسيب الطَّاهِر الزكي الْأَصِيل فلَان ابْن فلَان وَيذكر أباءه وأجداده وَاحِدًا بعد وَاحِد إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ الْحسن أَو الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنْهُم الَّذِي طلع فِي سَمَاء الِاخْتِيَار بَدْرًا منيرا وتجلى لعيان الاختبار فَلم يكن بسحب الشكوك مَسْتُورا وَقد كملت بالشرف أَوْصَافه وَحمد بِالْقيامِ بِحُقُوق كتاب الله الْعَزِيز اختتامه واستئنافه مَعَ مَاله من فَضِيلَة علم الْأَنْسَاب الَّتِي تفرد فِيهَا بِالنِّسْبَةِ وَالْإِضَافَة والانضمام هَذِه السّنة الشَّرِيفَة إِلَى بَيت الْخلَافَة وَأما الدّين فبهاؤه فِي وَجهه الْوَجِيه وَأما بره فلائحة على أَحْوَاله فَلَا غرو أَن يوليه الله مَا يرتجيه تشهد لَهُ الْأَشْجَار بِحسن الْأَذْكَار والأمثال بأشرف الْخِصَال وَحين ظهر لمولانا أَمِير الْمُؤمنِينَ سره المصون وَبَان لَهُ نَفِيس جوهره الْمكنون قدم خيرة الله فِي تأهيله وَعمد إِلَى مَا يستصعب من ارتقاء رُتْبَة الْخلَافَة المعظمة فَأخذ فِي تيسيره بالتواضع لله وَرَسُوله وَأَجَازَ خطبَته وباشر بِنَفسِهِ الشَّرِيفَة إِيجَاب عقده وخطبته وقلده عقد عقد لَا يَنْتَهِي المبالغ فِيهِ إِلَى قيمَة وزينه من سلالته الطاهرة بِالدرةِ إِلَّا أَنَّهَا الْيَتِيمَة وزوجه بالجهة المعظمة المفخمة المبجلة المحجبة المكرمة السيدة المصونة العصيمة فُلَانَة ابْنة مَوْلَانَا السُّلْطَان السعيد الشَّهِيد الْمُقَدّس الطَّاهِر الْوَلِيّ المعتصم بِاللَّه أبي فلَان فلَان ابْن مَوْلَانَا وَسَيِّدنَا وإمامنا وَخَلِيفَة عصرنا الإِمَام الْحَاكِم بِأَمْر الله أَمِير الْمُؤمنِينَ فلَان ابْن مَوْلَانَا فلَان ابْن مَوْلَانَا فلَان وَيذكر أجدادها الْخُلَفَاء وَاحِدًا بعد وَاحِد إِلَى حبر الْأمة عبد الله ابْن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 44 الْعَبَّاس عَم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تزويجا صَحِيحا شَرْعِيًّا مُعْتَبرا مَاضِيا مرضيا بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُول على الْوَجْه الشَّرْعِيّ بِشَهَادَة واضعي خطوطهم فِي هَذَا الْكتاب المرقوم وَمن شهد مشهده المشتط السّوم على من يسوم على صدَاق اقْتدى فِي بذله بِالسنةِ وَالْكتاب وراعى فِي قبُوله مَا للتَّخْفِيف من ثَوَاب وَإِلَّا فالقدر أعظم من أَن يُقَابل بِمِقْدَار وَإِن جلّ والرتبة أَسْنَى لمولانا الْمَقْصُود العقد لما كَانَ يُقَال حل مبلغه من الذَّهَب الْمعِين الْمصْرِيّ كَذَا وَكَذَا دِينَارا فِينَا حَالَة وَولى تَزْوِيجهَا إِيَّاه بذلك مَوْلَانَا أَمِير الْمُؤمنِينَ حرسه الله وتولاه ملك بِهِ الزَّوْج الْمشَار إِلَيْهِ عصمتها واستدام صحبتهَا وَجَمعهَا الله تَعَالَى بِهِ على التَّوْفِيق والسداد وخار لَهما فِيمَا أَرَادَهُ من تزويجهما والخيرة فِيمَا أَرَادَ ويكمل خطْبَة نِكَاح عَالم اسْمه عَليّ على ابْنة عَالم خطيب اسْمه مُحَمَّد وَاسم الزَّوْجَة أم هانىء الْحَمد لله الَّذِي منح عليا سَعَادَة الِاتِّصَال بِأَعَز مصونات بَنَات مُحَمَّد وَعقد ألوية عقده بالعز الدَّائِم والسؤدد المؤبد وأرشده فِي طَرِيق السّنة الشَّهْبَاء إِلَى بَيت علم أوتاده بِالْعَمَلِ قَوِيَّة وأشكال النُّصْرَة باجتماع الأفراح فِيهِ تتولد والسعادة على سَاكِني أفقه المحمدي عَائِدَة الصِّلَة بجميل العوائد وَالْعود أَحْمد نحمده أَن جعل جَوَاهِر عُقُود هَذَا العقد السعيد ثمينة وحصون عقيلته حَصِينَة وجوهرته النفيسة فِي حجر الْعلم مصونة وزين هَذَا الْكتاب مِنْهَا بِخَير قرينَة ونشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ الَّذِي جعل لكل شَيْء قدرا وَهُوَ الَّذِي خلق من المَاء بشرا فَجعله نسبا وصهرا ونشهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الَّذِي جلى بِشَرِيعَتِهِ المطهرة حنادس ألغى وأزاح وَكتب بقلمها الْمُحَقق بِذَات الرّقاع مَا نسخ الْبَاطِل الفضاح وَجعل النِّكَاح سنة تؤلف بَين المتباعدين تأليفا يقْضِي بلطف تمازج الْأَرْوَاح وعصمة تستملك بهَا عصم الْمُحْصنَات وتستباح صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه الَّذين تمسكوا من هَدْيه بِالْكتاب وَالسّنة وقلدوا جيد الزَّمَان من تَقْرِير أَحْكَام شَرعه الشريف أعظم منَّة صَلَاة تفتح لقائلها أَحْمد أَبْوَاب التهاني وتجيره من ريب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 45 الزَّمَان حَتَّى يُنَادِيه مِنْهَا لِسَان الِاشْتِقَاق قد أجرنا من أجرت يَا أم هاني وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا وَبعد فَإِن النِّكَاح سَبَب التحصين والعفة وجامع أشتات الْمَوَدَّة والألفة على سلوك نهجه القويم درج المُرْسَلُونَ وَعلا على درج فَضله الأفضلون وَهُوَ مِمَّا جَاءَ الْكتاب وَالسّنة بِفِعْلِهِ وأباحه الله على أَلْسِنَة أنبيائه وَرُسُله فَقَالَ عز من قَائِل {وَأنْكحُوا الْأَيَامَى مِنْكُم وَالصَّالِحِينَ من عبادكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِم الله من فَضله} وَقَالَ وَهُوَ أصدق الْقَائِلين تبيانا لفضائله الجمة وإظهارا لشعار هَذِه الْأمة {وَمن آيَاته أَن خلق لكم من أَنفسكُم أَزْوَاجًا لتسكنوا إِلَيْهَا وَجعل بَيْنكُم مَوَدَّة وَرَحْمَة} وَفِيه من الحكم السّنيَّة مَا شهِدت بِهِ الْأَخْبَار المروية والْآثَار الشَّرِيفَة النَّبَوِيَّة مِنْهَا قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُشِيرا إِلَى مَا اقْتَضَاهُ النِّكَاح من لطيف الْمعَانِي من تزوج فقد ستر شطر دينه فليتق الله فِي الشّطْر الثَّانِي وَقَالَ سيد تهَامَة المظلل بالغمامة تناكحوا تَنَاسَلُوا تكاثروا فَإِنِّي أباهي بكم الْأُمَم يَوْم الْقِيَامَة وَكَانَ فلَان ابْن فلَان الْفُلَانِيّ هُوَ الَّذِي سمت أَوْصَافه الزكية بعفافه وَيحل من عُقُود هَذِه السّنة الْحَسَنَة بجميل أَوْصَافه وَظَهَرت عَلَيْهِ آثَار السِّيَادَة من سنّ التَّمْيِيز فانتصب على الْحَال وَحل من الْمحل الأسني فِي أرفع الْمحَال وافتخر بعرافة بَيته الَّذِي خيم السعد بفنائه وَعقد الْعِزّ بلوائه وشأنه أَن يفتخر بذلك على من افتخر وَأَن يباهي بكرم أَصله الزاكي الْعَرُوس ونمو فَرعه الَّذِي أَوْرَق بِكَمَال الإفضال وأثمر وانتمى مِنْهُ إِلَى مَكَارِم جمة لم تعرف إِلَّا لجَعْفَر وَأبي جَعْفَر فَهُوَ بِهَذِهِ الْجُمْلَة الاسمية على الرتب جعفري الْحسب أحمدي النّسَب عديم النظير بِكُل وَجه وَسبب وَكَانَت الرَّغْبَة مِنْهُ وَمثله من يرغب فِي إجَابَته إِلَى مَا طلب وَهُوَ أَحَق من وَجب الإصغاء إِلَيْهِ إِذا علا على مِنْبَر العلياء وخطب مخطوبته الْجِهَة المصونة والدرة المكنونة فُلَانَة ابْنة فلَان وَبِحسن الِاخْتِيَار أحرزها وحازها مغتبطا بالانتماء إِلَى كنف والدها الَّذِي لم يدع خطة فضل إِلَّا وجاوزها وَلَا بدع لِأَنَّهُ شمس الْإِسْلَام المضيئة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 46 وَإِمَام علم التَّوْحِيد وبحره الوافر الطَّوِيل المديد وَهُوَ الْعَالم الْعَامِل الْعَلامَة الَّذِي مَا درس إِلَّا أَحْيَا مَا درس من الْعُلُوم بدرسه وَلَا خيمت على الْعلمَاء ظلمَة إِشْكَال إِلَّا أزالها بشعاع شمسه وَلَا حج إِلَى بَيته الْمَعْمُور متمتع إِلَّا أمتعه بفرائده وفوائده ولطيف أنسه مَعَ منزله واعترافه تواضعا بحقارة نَفسه وَهُوَ الْقَائِم فِي الْحَقِيقَة بِالْحجَّةِ الْبَالِغَة والفصيح الَّذِي يذعن لفصاحته كل نَابِغَة وَفِي تسليك أهل الطَّرِيق الْعلم الْفَرد الَّذِي يَأْثَم بِهِ الهداة وتحف السَّعَادَة الأخروية برقائق وعظه وهداه مَا نطق إِلَّا وَكَانَ لعذوبة لَفظه فِي طَرِيق الفصاحة سلوك وَلَا جلس بَين يَدَيْهِ ذُو ملكة فِي نَفسه من السلاطين والملوك إِلَّا وخاطبه بِأَقَلّ العبيد والمملوك سل عَنهُ وانطق بِهِ وَانْظُر إِلَيْهِ تَجِد ملْء المسامع والأفواه والمقل وعَلى الْجُمْلَة فَهُوَ ذُو الباع الأطول وَالْبَحْر الَّذِي اندرج النَّهر فِي ضمنه اندراج الْجَدْوَل فنفع الله هَذَا الشَّاب ببركة هَذَا الشَّيْخ الْوَلِيّ وَزَاد فِي علو شرف بَيته الْجَعْفَرِي الَّذِي هُوَ فِي الشّرف عَليّ ثمَّ لما صحّح كل من الْخَاطِب والمخطوب إِلَيْهِ النِّيَّة وعزم وكمل بدر الِاتِّفَاق وَتمّ فتناسق جَوْهَر عقد هَذَا العقد السعيد وانتظم صدر التَّفْوِيض الشَّرْعِيّ وَالْإِذْن من والدها الْمشَار إِلَيْهِ على وَضعه الْمُحَرر المرعي لسيدنا ومولانا قَاضِي الْقُضَاة فلَان الدّين أنفذ الله حكمه وأمضاه أَن يُزَوّجهَا من خاطبها الْمشَار إِلَيْهِ أَسْبغ الله عَلَيْهِ ظله وَقرن بالتوفيق عقده وحله فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِك متبركا بِقبُول إِذْنه الْكَرِيم وَشرف خطيب هَذِه الحضرة الْعلية الأسماع تاليا بعد انتظام عقده النظيم وإتمام انسجامه ببديع التَّكْمِيل والتتميم بِفضل بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَهَذَا مَا أصدق فلَان الْمشَار إِلَيْهِ أَفَاضَ الله نعمه عَلَيْهِ مخطوبته فُلَانَة ابْنة فلَان الْمُسَمّى أَعْلَاهُ أدام الله رفعته وعلاه على كتاب الله وَسنة رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَشرف وكرم وبجل وَعظم صَدَاقا يحلى جيد الزَّمَان بدرر عقوده وشملت الْبركَة المحمدية جَمِيع حاضريه وعاقده وشهوده جملَته من الذَّهَب كَذَا وَكَذَا زَوجهَا مِنْهُ بذلك بِإِذْنِهَا ورضاها وَأذن والدها الْمشَار إِلَيْهِ الْآذِن الْمُرَتّب الشَّرْعِيّ سيدنَا ومولانا قَاضِي الْقُضَاة الْمشَار إِلَيْهِ أدام الله أَيَّامه الزاهرة وأسبغ عَلَيْهِ نعمه باطنة وظاهرة وَجمع لَهُ بَين خيري الدُّنْيَا وَالْآخِرَة تزويجا شَرْعِيًّا مُعْتَبرا مرضيا بعد وضوحه شرعا وخلوها من كل مَانع شَرْعِي هُنَالك هبت نسمات التَّوْفِيق قبولا وتعاطفت جملتاه إِيجَابا وقبولا ونظمت أسلاك الْفَرح بحباتها وأخرجت حوارِي السُّعُود مخبآتها وابتهجت بلبد ماح هَذِه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 47 الْمُطَابقَة اللَّازِمَة النُّفُوس وحارت الْعُقُول وطفق لِسَان الْإِحْسَان يَقُول اللَّهُمَّ ألف بَينهمَا كَمَا ألفت بَين الْعين وسناها وَالنَّفس ومناها وأمطر عَلَيْهِمَا من سحائب رحمتك الصيبة وهب لَهما من لَدُنْك ذُرِّيَّة طيبَة إِنَّك سميع الدُّعَاء ويؤرخ خطْبَة نِكَاح وَاسم الزَّوْج شهَاب الدّين أَحْمد الْحَمد لله الَّذِي جعل عَاقِبَة الْحبّ بِاتِّبَاع سنة النِّكَاح أَحْمد العواقب ومنحه من عز السّنة الشَّرِيفَة النَّبَوِيَّة مَا يقْضِي الْكَرِيم ذَاته بالاتصاف بأزكى المناقب وأحله مَعَ أهل الْحل وَالْعقد محلا بِهِ يسمو شهابه المضيء على الشهب الثواقب نحمده حمد من أحكم فِي الْوَلَاء عقد ولائه وهداه نور العفاف إِلَى سلوك سنَن أَنْبيَاء الله وأولايائه وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة عبد لم يزل يجتني ثَمَرَات الإقبال من يَانِع غرسها ويجتلي فِي حضرات الْجلَال عروس أُنْسُهَا ويطرد سَاعَة كل هم بِيَوْم عرسها وَأشْهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الَّذِي ميز حَلَال الدّين وَحَرَامه وَخص من الشّرف الصميم بخصائص مِنْهَا أَن الله وفى من مَشْرُوعِيَّة النِّكَاح أقسامه وَلذَلِك قَالَ تناكحوا تَنَاسَلُوا تكاثروا فَإِنِّي أباهي بكم الْأُمَم يَوْم الْقِيَامَة صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه الَّذين حازوا من شرف بَيت النُّبُوَّة مَا رفع لَهُم فِي الْعَالمين ذكرا وطاب نشرهم بريحانيته وزها وجد قربهم الْقَمَر بالزهرا وَعلا عَليّ عَلَيْهِم بعد العمرين وَذي النورين فافتخر حِين دعِي بِأبي تُرَاب على من على الغبرا وَإِذا ذكرت الْأَنْسَاب المحمدية فَمَا مِنْهُم إِلَّا من بَينه وَبَينه نسبا وصهرا صَلَاة تنطق لِسَان كل بليغ بالمبالغة فِيهَا وتشرق أنوار الصدْق من مغارب غايتها ومطالع مباديها مَا أنضى الْقَلَم فِي مهارق الطروس ركابا وَمَا أطلعت السَّمَاء فِي أفق العلياء شهابا وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا وَبعد فَإِن النِّكَاح من أهم مَا قدمه بَين يَدي نَجوَاهُ من احتاط لدينِهِ وَأحكم عقد يقينه وشمر ذيله لتَحْصِيل تحصينه جعله الله وَسِيلَة إِلَى حُصُول الْعِصْمَة والعفاف وذريعة إِلَى وجود تمازج الْأَرْوَاح بَين الْأزْوَاج بِسُرْعَة الائتلاف فبه تحفظ الْأَنْسَاب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 48 وتصان الأحساب وَبِه يجمع الله الشتات وَيخرج من كامن سر غيبه مَا يقدر خلقه من الْبَنِينَ وَالْبَنَات وتساق بِهِ الطَّيِّبَات للطيبين والطيبون للطيبات وَهُوَ لَا يَخْلُو من فَوَائِد فِيهَا للْمُؤْمِنين فَوَائِد جمة مِنْهَا أَنه من أعظم شعار هَذِه الْأمة نَصبه الله دَلِيلا على وحدانيته مَا تضمنته الْحِكْمَة فَقَالَ عز من قَائِل {وَمن آيَاته أَن خلق لكم من أَنفسكُم أَزْوَاجًا لتسكنوا إِلَيْهَا وَجعل بَيْنكُم مَوَدَّة وَرَحْمَة} وَقد جَاءَ فِي مشروعيته وَحكمه وتوكيد سنته والتحريض على فعله قَوْله تَعَالَى {وَأنْكحُوا الْأَيَامَى مِنْكُم وَالصَّالِحِينَ من عبادكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِم الله من فَضله} وَهُوَ أجل من أَن يُنَبه على إِيضَاح سره وَبَيَان مَعَانِيه وَالْمَفْهُوم من تَعْظِيم هَذِه الْإِشَارَة فِيهِ لمن اسْتنَّ بِهَذِهِ السّنة الْحَسَنَة مَا يَكْفِيهِ وَكَانَ فلَان مِمَّن أشرق فِي مطالع أفق الْفَضَائِل شهَاب مجده وأزهرت فِي سَمَاء البلاغة نُجُوم سعده وأتى فِي فن الْأَدَب بِمَا يحير اللبيب ويدهش سواطع أنواره الأحمدية الفطن الأريب طوالع إقباله مراتبها سعيدة ومبادي أُمُوره لم تزل عواقبها حميدة وَمَا هُوَ إِلَّا أَن استخار وَاسْتَشَارَ فَحصل لَهُ من حسن الِاخْتِيَار حُصُوله على جِهَة مباركة هِيَ لَهُ فِي الصِّفَات الْحسنى مُشَاركَة ظفر بهَا بديعة الْجمال عزيزة الْمِثَال محجوبة عَن عين شمس الْأُفق تروى أَحَادِيث أصالتها وسيادتها من عدَّة طرق فأحرزها إحرازا أصبح توقيع الْقُدْرَة الإلهية بِهِ منشورا وسطرت الألفة الرحمانية كتابها تسطيرا وَحقّ لَهُ أَن يكون لله على مَا أولاه من إحرازها شكُورًا وَأَن يعاملها بِمَا هُوَ مَأْمُور بِهِ شرعا إِذا أودع مشكاة نبيه مِنْهَا نورا فطالما أسبلت الْعُيُون عَلَيْهَا ستورا وَأحسن التَّأْدِيب تأديبها لحائزها فَقيل لحاسده كفى تعبا من يحْسد الشَّمْس نورها وَهِي مَعَ ذَلِك تَفْخَر بوالدها الَّذِي أصبح ذُو فضل يرْوى وَحَازَ سيادتي فتوة وفتوى وَله بِنَقْل الْعلم خبْرَة عَالم هدى صَحِيح النَّقْل للمتعلم كم حل للطلاب من درس على رَأْي ابْن إِدْرِيس الإِمَام الْأَعْظَم لَا جرم أَنه إِمَام فضل تشرفت بنعوته الْأَقْوَال وَحسنت بمحاسن وقته الْأَفْعَال وَهُوَ ذُو ديانَة يعد فِيهَا سريا وَصَاحب مَعْرُوف وَبشر أصبح بهَا وليا وبانتساب إِلَى بَيت طيب الأعراق زاكي المغارس والأخلاق وَكَانَ مِمَّا قدره الله وأراده وأجرى بِهِ من الْقدَم قلم التَّوْفِيق والسعادة أَن هَذَا الْخَاطِب قد زَاد محاسنه من بَيت هَذَا الْخَطِيب البارع بِمَا يرفع لَهُ فِي الْعَالمين ذكرا وَنَحْوه إِذا ذكرت أنسابه الْعلية نسبا وصهرا وَحَيْثُ صحّح كل مِنْهُمَا النِّيَّة وأيقن أَن قد ظفر ببلوغ الأمنية أجَاب هَذَا الْوَلِيّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 49 الحميد داعيه ولبى وَأَقْبل بِوَجْه بشره إِلَيْهِ وَمَا تأبى وَحين هبت نسمات الْقبُول بِالْإِيجَابِ قَالَ الَّذِي عِنْده علم من الْكتاب تعين أَن يرقم طرس هَذَا العقد الَّذِي توفر من المسرات قسطا وَأَن يسطر فِي هَذَا الرقيم حفظا لَهُ وضبطا هُنَالك استخدم راقما للقلم وأعمل وَكتب بعد أَن بسمل هَذَا مَا أصدق فلَان أدام الله توفيقه وَسَهل إِلَى كل خير طَرِيقه مخطوبته الْجِهَة المصونة والدرة المكنونة المحجبة المخدرة الأصيلة العريقة الجليلة فُلَانَة بنت فلَان الْفُلَانِيّ على بركَة الله تَعَالَى وعونه وَحسن توفيقه ويمنه وَسنة نبيه مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَشرف وكرم وبجل وَعظم صَدَاقا جملَته من الذَّهَب كَذَا وَكَذَا على حكم الْحُلُول أَو مَقْبُوضا أَو مقسطا زَوجهَا مِنْهُ بذلك بِإِذْنِهَا ورضاها والدها الْمشَار إِلَيْهِ أَفَاضَ الله نعمه عَلَيْهِ تزويجا شَرْعِيًّا بعد وضوحه شرعا وخلوها من كل مَانع شَرْعِي وَقبل الزَّوْج الْمَذْكُور النِّكَاح لنَفسِهِ على الْمُسَمّى فِيهِ قبولا شَرْعِيًّا أَو وَكيله الشَّرْعِيّ فِي ذَلِك فلَان الْفُلَانِيّ بِشَهَادَة شُهُوده ويكمل ويؤرخ خطْبَة نِكَاح وَاسم الزَّوْج مُحَمَّد وَالزَّوْجَة عَائِشَة الْحَمد لله الَّذِي أكد بِالنِّكَاحِ حُقُوق الْقَرَابَة وميز بِهِ بَين الْحَلَال وَالْحرَام وَحفظ بِهِ الْأَنْسَاب على أَن تختلط أَو تتشابه وَأثبت لدواعي همم متعاطيه الدُّخُول وَحكم لرأيه بالإصابة وَقرن بالتوفيق عقده وحله وقبوله وإيجابه نحمده على نعمه الَّتِي جمعت لنا الْخيرَات جمع كَثْرَة ونشكره على مَا وفره لنا من أَقسَام المسرة ونشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة شمس الدّين بهَا فِي أفق سَمَاء الْإِيمَان طالعة وبروق الْيَقِين فِي الأكوان المحمدية لامعة ونشهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الَّذِي سنّ النِّكَاح وشرعه وجرد سيف شَرِيعَته المطهرة لعنق السفاح فَقَطعه ولأنف الْغيرَة فجدعه وَمَا أَعلَى قدر من سلك منهاجه القويم وَاتبعهُ وَاتبع النُّور الَّذِي أنزل مَعَه صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه الَّذين انْتَهوا بنواهيه وامتثلوا أوامره وَكَانُوا بسلوك هَدْيه فِي الْهِدَايَة مثل النُّجُوم الزاهرة وحازوا بِرُؤْيَتِهِ وَالرِّوَايَة عَنهُ خيري الدُّنْيَا وَالْآخِرَة صَلَاة تنتظم فِي عقودها جَوَاهِر الْحِكْمَة وَيجْعَل الله بهَا بَين هذَيْن الزَّوْجَيْنِ إِن شَاءَ الله مَوَدَّة وَرَحْمَة مَا قبلت شفَاه الأقلام وجنات الطروس واجتليت على منصات الدفاتر محَاسِن عروس واجتنيت من رياض الأفكار أزهار غروس وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا وَبعد فَإِن النِّكَاح من أخص خَصَائِص السّنَن المحمودة المآثر والخصال المعدودة من نفائس الْأَعْمَال الَّتِي تزدان بازدواجها عُقُود المفاخر وتتزين بانتساجها لحْمَة النّسَب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 50 بِالْحَدِيثِ الصَّحِيح الْمُتَوَاتر الْوَارِد عَن صَاحب الْحَوْض المورود وَالْمقَام الْمَحْمُود واللواء الْمَعْقُود أَنه قَالَ إِنِّي مُكَاثِر بكم الْأُمَم فتزوجوا الْوَلُود الودودأخرجه بِمَعْنَاهُ عَن معقل بن يسَار النَّسَائِيّ وَأَبُو دَاوُد وَكَانَ فلَان مِمَّن رغب فِي هَذِه السّنة الشَّرِيفَة وَجعلهَا شعاره وترقى إِلَى أفقها المحمدي واستجلى شموسه وأقماره وَأحب أَن يسْعَى فِي تَكْمِيل ذَاته ويزين مَا حصله من كريم أدواته فَعمد إِلَى إِحْصَان فرجه وَتَمام هَدْيه الَّذِي شرع فِي سلوك نهجه وخطب إِلَى فلَان أدام الله معاليه فَمَا احْتَاجَ مَعَ الْمِنْهَاج إِلَى تَنْبِيه وَلَا افْتقر فِي مؤاخاة الرشد إِلَى كَاف تَشْبِيه عقيلته الَّتِي هِيَ الشَّمْس والحلال لَهَا دارة والبدر وخدمها النُّجُوم السيارة والمحجبة الَّتِي لَا تقرب الأوهام لَهَا ستارة والمصونة الَّتِي لَا تمر بحماها النسمات الخطارة فَأجَاب قَصده وَمَا رده وسمح لَهُ بِهَذِهِ الْجَوْهَرَة الَّتِي زيد بهَا عقده وَأكْرم نزل قَصده وآواه وحباه بِخَير زَوْجَة وحماة وَخَصه بِذَات دين تربت يدا من كَانَت لَهُ وَدِيعَة وزينة تقوى طاعتها لِلْخَيْرَاتِ طَلِيعَة وَرَأى أَن لَا تمسي سِهَام قَصده عَن الْغَرَض الْمَقْصُود طائشة وآثر أَن يكون فِي كنف مُحَمَّد فمحمد أولى النَّاس بعائشة فَمَا كل ذِي مجد يَلِيق بِهِ الْعلَا وَلَا كل برق للنوال يشام وَلَا كل ذِي فضل لَهُ يشْهد الورى وَلَا كل بدر فِي الْأَنَام تَمام وَكَانَ مِمَّا قدره الله الَّذِي لَا موفق للخير إِلَّا من وفْق وَلَا انتظام لأمر من أُمُور الدُّنْيَا وَالْآخِرَة إِلَّا إِذا جرى بِهِ قلم قدرته الْمُحَقق وحرك بِهِ فِي الإقبال لِسَان المسرة وأنطق فيا لله مَا أصدق قَوْله هَذَا مَا أصدق وَيجْرِي الْكَلَام إِلَى آخِره ويؤرخ صُورَة صدَاق دوادار أعتق جَارِيَته وَتزَوج بهَا الْحَمد لله الَّذِي خلق الْخَلَائق من نفس وَاحِدَة وَجعل مِنْهَا زَوجهَا ليسكن إِلَيْهَا ولتكون على عِبَادَته متعاضدة وَألف بَين قُلُوب قدر فِي الْأَزَل أَن تكون على منهل الصَّفَا متواردة وَخص من شَاءَ من خلقه بِمَا أوتيه من محاماة فِي الدّين ومجاهدة وفضله على كثير من عباده بِمَا حازه فِي حالتي سلمه وحربه من مجادلة ومجالدة وَجعله سَيْفا مسلولا على الْأَعْدَاء وسببا مبذولا للأولياء وأطاب مصادره وموارده نحمده أَن جعلنَا خير أمة أخرجت للنَّاس وعضد مِنْهَا من قَامَ على أَفضَلِيَّة الْبُرْهَان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 51 وعضده الْقيَاس وَشرف مِنْهَا من يستصغر عِنْده علم أحنف وذكاء إِيَاس ونشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة متمسك بِالْكتاب وَالسّنة مقتف آثَار نبيه فِي عتق الرّقاب فَأكْرم بهَا من سنة مقتديا بهديه الَّذِي من اهْتَدَى بأنواره فقد سلك سَبِيلا يبلغهُ الْجنَّة ونشهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الَّذِي جعل النِّكَاح من شرعته وحث عَلَيْهِ ليباهي الْأُمَم يَوْم الْقِيَامَة بأمته وَندب إِلَيْهِ فَلَيْسَ مِنْهُ من رغب عَن سنته صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه الَّذين اقتدوا بجميل آثاره واهتدوا بسنا أنواره واعتدوا من حماة دينه وأنصاره صَلَاة لَا تزَال الْأَلْسِنَة تقيمها وَالْإِخْلَاص يديمها وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا وَبعد فَإِنَّهُ يتَعَيَّن على كل مُؤمن أَن يثابر على مَا يتَقرَّب بِهِ إِلَى مَوْلَاهُ ويبادر إِلَى اتِّبَاع أوامره فِي سره ونجواه ويقتفي فِي سيره آثَار نبيه الْمُصْطَفى ويسلك من سبله مَا يكسبه فِي الدَّاريْنِ شرفا لَا سِيمَا فِي أَمر كَانَ مِمَّا حبب إِلَيْهِ وَندب إِلَى فعله وحث عَلَيْهِ وَجعله الله سُبْحَانَهُ سَببا للنمو فِي هَذَا الْعَالم وَحكمه فِي وجود بني آدم وَقد خصت هَذِه الْأمة بِأَن لَا رَهْبَانِيَّة فِي الإسلاموليس فِيهَا من رغب عَن سنة سيد الْأَنَام وَقد ذكره الله فِي مُحكم كِتَابه الَّذِي أشرق مِنْهُ السنا فَقَالَ عز من قَائِل {فانكحوا مَا طَابَ لكم من النِّسَاء مثنى وَثَلَاث وَربَاع} إِلَى غير ذَلِك من الْآيَات الصَّرِيحَة وَالنَّص فِي هَذَا الْمَعْنى فَمن ابْتغى ذَلِك فقد اتبع الْكتاب وَالسّنة وَاتخذ باتباعهما وقاية من المكاره وجنة وَمن أضَاف إِلَيْهِ مَا ندب إِلَى فعله فِي مُحكم التَّنْزِيل وَاسْتغْنى بالتصريح فِيهِ عَن التَّأْوِيل من فك الرّقاب وإنقاذها من ربقة الرّقّ فقد أَتَى بالمحاب فَإِن الله عز وَجل قد نزله منزلَة اقتحام الْعقَاب فَقَالَ جلّ اسْمه {فَلَا اقتحم الْعقبَة وَمَا أَدْرَاك مَا الْعقبَة فك رَقَبَة} وَمن فعل ذَلِك ابْتِغَاء رضوَان الله فقد استمسك بِالسَّبَبِ الْأَقْوَى وَمن أعتق رَقَبَة مُؤمنَة أعتق الله مِنْهُ بِكُل عُضْو مِنْهَا عضوا مِنْهُ وَكَانَ الْجمع بَين هَاتين المرتبتين والخلتين الجليلتين من الْأُمُور الَّتِي لَا يَفْعَلهَا إِلَّا من شرح الله صَدره للْإيمَان فَهُوَ على نور من ربه وَمن أطلع الله نور الْهدى فِي قلبه فَهُوَ من الشُّبُهَات فِي أَمَان إِذْ هُوَ من المنن الَّتِي لَا تعد وَالنعَم الَّتِي لَا تحد والمنح الَّتِي لَا يقدر قدرهَا والأجور الَّتِي يجب شكر موليها وشكرها وَلما كَانَ الْمقر الشريف أعزه الله بنصره وَجعل مناقبه الغراء حلية دهره وزينة عصره جَامع أشتات الْفَضَائِل وقرة عين أَرْبَاب الْوَسَائِل عين الدولة ومعينها ولسان المملكة ويمينها سيد الْأُمَرَاء كَهْف الْمَسَاكِين والفقراء الْمشَار إِلَيْهِ بِأَن مَا بَينه وَبَين مَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 52 ماثله إِلَّا كَمَا بَين الثريا وَالثَّرَى فكم عائل أغْنى وَكم مارد أفنى وَكم أقاليم مهدها بقلمه وممالك طهرهَا بآرائه وبدامغ حكمه وَكم مظْلمَة ردهَا بسفارته وظلمة أَعَادَهَا نورا بِحسن إِشَارَته وَكم مكروب أَزَال كربه ومرعوب أَزَال رعبه مَعَ رَغْبَة فِيمَا عِنْد الله وَمَا كَانَ لله فَهُوَ بَاقٍ وسيرة سَرِيَّة سَارَتْ بهَا الرفاق وإرشاد إِلَى الْخَيْر وكف كفا كف الْمُعْتَدِينَ وتفقه فِي دين الله وَمن يرد الله بِهِ خيرا يفقهه فِي الدينوسوابق فضل بهَا بلغ مَا أمله المؤملون وَلَهو أَحَق خير تَلا عَلَيْهَا إخلاصه {لمثل هَذَا فليعمل الْعَامِلُونَ} وَلما علم مَا فِي التَّخَلُّص من ربقة الرّقّ من المزية الْعُظْمَى عِنْد خَالق الْخلق عمد إِلَى عتق مَا ملكه الْيَمين واستمسك بِحَبل الله المتين وسرحه من حصر الاسترقاق إِلَى بحبوحة التَّحْرِير وَمن ضيق الملكية إِلَى سَعَة الْعتْق الصَّرِيح المستغنى بِهِ عَن التَّدْبِير واستخار الله تَعَالَى فخار لَهُ فِي هذَيْن الْأَمريْنِ وأنهضه إِلَى إِتْمَامهمَا فحاز بهما الأجرين هُنَالك أَشَارَ بتنظيم عقد هَذَا العقد الميمون وَتَقْرِير هَذَا الْأَمر الَّذِي حقق فِي حسن صحبته وكريم وقايته الظنون وَعند ذَلِك بلغ الْكتاب أَجله وَأدْركَ المؤمل مَا أمله وأشرقت كواكب سعده إشراق الزَّمن بمفاخره وتهللت وُجُوه السرُور كَمَا تهللت الْأَيَّام بمآثره وود مسطره لَو اتخذ أَدِيم السما طرسا وحلاه بكواكب الجوزاء واستعار اللَّيْل نقشا لَا بل لرقم مسطوره على سطور صفحات النَّهَار وَلَوْلَا إشراق نوره لاستعاذ من سنا الْبَدْر وسنا الشَّمْس بأنوار وَإِنَّمَا علم أَن قدره الْكَرِيم لَا يُقَابل من الإجلال والتكريم إِلَّا بأشرف أَسمَاء الله الْعلي الْعَظِيم فرقم فِي مفتتح عقده النظيم بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم هَذَا مَا أصدق مَوْلَانَا الْمقر الشريف العالي الْفُلَانِيّ عتيقته الْجِهَة الْكَرِيمَة الْعَالِيَة المصونة المحجبة زِينَة الستات شرف مجَالِس الخواتين والخوندات فُلَانَة صان الله حجابها وَوصل بِأَسْبَاب السعادات أَسبَابهَا الْمَرْأَة الْمسلمَة الْبَالِغ الْعَاقِل الأيم الخلية عَن الْمَوَانِع الشَّرْعِيَّة أصدقهَا على بركَة الله تَعَالَى الْعَظِيم وَسنة نبيه الْكَرِيم سيدنَا مُحَمَّد عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه أفضل الصَّلَاة وَالتَّسْلِيم صَدَاقا مبلغه كَذَا على حكم الْحُلُول زَوجهَا مِنْهُ بذلك بِإِذْنِهَا الْكَرِيم ورضى نَفسهَا النفيسة لعدم الْأَوْلِيَاء وَالصَّدقَات الجزء: 2 ¦ الصفحة: 53 سيدنَا ومولانا فلَان الدّين تزويجا شَرْعِيًّا وَقبل لمولانا الْمقر الشريف الْمشَار إِلَيْهِ من مَوْلَانَا قَاضِي الْقُضَاة الْمشَار إِلَيْهِ عقد هَذَا التَّزْوِيج وَكيله الشَّرْعِيّ فِي ذَلِك فلَان الْفُلَانِيّ أَو يكون هُوَ الْقَابِل لنَفسِهِ بِحُضُور من تمّ العقد بِحُضُورِهِ وَذَلِكَ بعد أَن ثَبت عِنْد سيدنَا فلَان المزوج الْمشَار إِلَيْهِ عتق الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة وخلوها عَن جَمِيع الْمَوَانِع الشَّرْعِيَّة وَعدم عصيانها وإذنها فِي التَّزْوِيج على الصَدَاق الْمعِين أَعْلَاهُ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ وَبعد اسْتِيفَاء الشَّرَائِط الشَّرْعِيَّة وَاعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره شرعا ويكمل التَّارِيخ خطْبَة نِكَاح حَاجِب الْملك الْحَمد لله مؤيد الدّين بِسَيْفِهِ المهند ومؤبد التَّمْكِين لَدَى من ألهمه الرَّأْي المسدد ومسهل الْأَسْبَاب إِلَى سلوك طرق النجَاة والنجاح وحافظ الْأَنْسَاب بِمَا شَرعه من التَّمَسُّك بِسنة النِّكَاح نحمده حمدا يوافي نعمه ويدافع نقمه ويكافىء مزيده ونشكره شكرا لَا أحد يُحْصى وافره ومديده ونشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ الْخَالِق البارىء المصور الرَّزَّاق الْهَادِي الْمُقدر ونشهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله المنعوت بِأَفْضَل الشيم الْمَبْعُوث إِلَى كَافَّة الْعَرَب والعجم المتوج بتاج الْكَرَامَة الْمُنْفَرد يَوْم الْعرض بالسيادة والخطابة والإمامة الْقَائِل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وضاعف على آله وَصَحبه صلَاته وَسَلَامه تناكحوا تَنَاسَلُوا أباهي بكم الْأُمَم يَوْم الْقِيَامَة صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله نُجُوم الْهدى وَصَحبه الَّذين لَو أنْفق غَيرهم ملْء الأَرْض ذَهَبا مَا بلغ معشار مَا نَالَ أحدهم طول المدى صَلَاة تجمع لقائلها بَين جَوَامِع الْكَلم وبدائع الْحِكْمَة وتسلك بِهِ طرق الْهِدَايَة والعصمة وَشرف وبجل وكرم وَعظم ونجاها الله بمحبته ومحبة آل بَيته الطيبين الطاهرين فِي الدَّاريْنِ وَسلم وَبعد فَإِن أحسن قرَان مَا اقْترن بِهِ الْكَوَاكِب بالسعود وأمنن امتنان مَا اتَّصل بِهِ حَبل السِّيَادَة فنظمت بِهِ جَوَاهِر الْعُقُود مَا كَانَ ممتزجا بِمَا يُنَاسِبه منتظما بِمَا يُقَارِبه وَلما كَانَ الْمُصدق الْآتِي ذكره رفع الله قدره وَأطَال فِي طي الطروس نشره مُجملا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 54 للمحافل مكملا للجحافل مدْركا وَهُوَ الآخر مَا لم تُدْرِكهُ الْأَوَائِل حَاجِب الْملك وواسطة عقد نظام التّرْك قمر فلك السَّعَادَة قطب رحى الْإِمَارَة والسيادة من نظر فِي العواقب وأنار كَوْكَب رَأْيه السعيد إنارة يقصر عَنْهَا نور الْكَوَاكِب فَاخْتَارَ لقمره أسعد الْمنَازل وَأصَاب جود مطره للروض الآهل وانتقى من الدُّرَر كِبَارهَا واستمطر من السحائب الصيبة غزارها واجتبى واجتنى من الْأُصُول الطّيبَة ثمارها وخطب الْجِهَة المعظمة والجوهرة الَّتِي هِيَ فِي أحسن تَاج منظمة فَهِيَ الدرة الْيَتِيمَة الفاخرة ونافجة الْمسك العاطرة وبديعة الْجمال الَّتِي لَا يكَاد يرى مثل جمَالهَا إِلَّا فِي الطيف وَلَا يدْرك شَبابَة مثالها إِلَّا بِالسَّيْفِ فَأُجِيب وَهُوَ الْحقيق بالإجابة أحسن جَوَاب لأحسن سُؤال وَآل أَمرهمَا إِلَى أكْرم مآب وَأفضل مآل ونالت الأفراح وَالسُّرُور باقترانهما خير منال وَتمّ الهناء بِهَذَا الإملاك الْمُبَارك وكمل نظامه على التَّمام والكمال فَهُوَ بِهَذَا العقد السعيد قد بلغ غَايَة قَصده وَتفرد بالسؤدد الَّذِي لَا يَنْبَغِي لأحد من بعده وأنار ضِيَاء قمره وافتخرت الطروس بوشي قلمه وعقود درره وقر عين الزَّمَان لما حصل على ثنية عمره وَحين جرى قلم السَّعَادَة فِي رقم مَا يُتْلَى فِي هَذَا الرقيم واستمد من مداد التَّوْفِيق وَكتب بِفضل بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم هَذَا مَا أصدق ويكمل على نَحْو مَا سبق خطْبَة نِكَاح لقَاضِي لقبه جمال الدّين الْحَمد لله الَّذِي جعل رتب الْجمال أرفع مَا يرتقى ومجد أهل الْفضل مِمَّا يعوذ من عين الحسود بالرقى وَخص من شَاءَ بمزية الْعلم فَلم يخل ذكرهم من الْبَقَاء وجبلهم على الطَّاعَة لأَمره فحفق لواءهم باللواء وسكنت أغراضهم الْحمى وَنزلت صحائفهم بالنقا نحمده على نعمه الَّتِي جمع بهَا شَمل هَذِه الْأمة على التقى ونشكره على مَا منح من التَّوْفِيق لاتباع هَذِه السّنة فَلَا موفق للخير إِلَّا من وفْق وَلَا موقى من الشّبَه إِلَّا من وقى ونشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة تحل قَائِلهَا من مَرَاتِب الْإِخْلَاص موَاضعهَا ونشهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الَّذِي قرر أَحْكَام الْملَّة الحنيفية وشرعها وحول من وَجه وَجهه إِلَى ابتغائها أمرأ الرياض وأمرعها صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه أنجى هَذِه الْأمة وأنجعها المخصوصين مِنْهُ بالصحبة والتأهيل فحين آووه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 55 ونصروه آواهم إِلَى أحصن الْحجب وأمنعها صَلَاة لَا تزَال الألسن بهَا ناطقة وأصول الْمَحْصُول من الْكَلَام تشهد بِأَنَّهَا صَادِقَة ومناسبة التَّسْلِيم والتكريم لَهَا مُوَافقَة وَبعد فَإِن التخير للنطف مِمَّا جَاءَت بِهِ الْأَوَامِر النَّبَوِيَّة وَنَصّ عَلَيْهِ أَئِمَّة الْهدى فِي تَقْرِير الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة وَكَيف لَا وَقد جعله الله تَعَالَى لكل من الزَّوْجَيْنِ أشرف لِبَاس وَأحْصن كَهْف تحصن بِهِ النَّاس وَقد خص الله ذَوي الدّيانَة بالارتداء بجلبابه والتحلي بشريف مذْهبه وَالْعلم بفواصله وأسبابه إِذْ هُوَ ستر شطر الدّين وصيانة الْمُتَّقِينَ عَن يَقِين قد جعل الله هَذِه الشَّرِيعَة المطهرة رياضا والمحافظة على صِيَانة الْأَنْسَاب أزهارها النافحة وسمى النِّكَاح بروقها اللامحة والحياة طيفا تشبه اللَّيْلَة فِيهِ البارحة وَالدُّنْيَا مَتَاعا وَخير متاعها الْمَرْأَة الصَّالِحَة وَكَانَ فلَان مِمَّن تمسك بعصم هَذِه السّنة وتنسك بِمَا يعظم عَلَيْهِ فِي الدَّاريْنِ الْمِنَّة وَأخذ بِمَا ندب الشَّارِع إِلَيْهِ وحض من النِّكَاح عَلَيْهِ لَا جرم أَنه مِمَّن لَا يقرع فِي دَرَجَة علم وَعمل وَخص ببديع الْجمال من الله عز وَجل وَظَهَرت أَمَارَات النجابة عَلَيْهِ وأشارت أنامل الفراسة من الْمُؤمنِينَ بالفلاح إِلَيْهِ قد أحرز مَادَّة من الْعلم وافرة وَحصل من الأدوات الجميلة جملَة أحرز بهَا الْجَوَاهِر الفاخرة فَمَا احْتَاجَ مَعَ الْمِنْهَاج إِلَى تَنْبِيه وَلَا افْتقر فِي مؤاخاة الرشد إِلَى كَاف تَشْبِيه وَلما وضح لهَذِهِ الْحَرَكَة الْمُبَارَكَة السَّبِيل ورد من مَائِهَا العذب السلسبيل وَتقدم أَمر الله لهَذَا الْخَاطِب حَيْثُ قدم الاستخارة بالتقديم ثمَّ استفتح راقع هَذَا الرقيم وَقَالَ بِفضل بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم هَذَا مَا أصدق فلَان الْفُلَانِيّ ويكمل على نَحْو مَا سبق خطْبَة نِكَاح عَالم من عُلَمَاء الْمُسلمين الْحَمد لله الَّذِي أَعلَى منَازِل الْعلمَاء بِالْعلمِ وَالْفَتْوَى وجعلهم وَرَثَة الْأَنْبِيَاء وميزهم بِالدّينِ وَالتَّقوى وجملهم بِمن إِذا هز قلم فَتَاوِيهِ عنت لَهُ وُجُوه الْأَحْكَام فِي السِّرّ والنجوى وَسمعت مِنْهُ أَحَادِيث الْعُلُوم الصَّحِيحَة كَمَا عَنهُ أَخْبَار الْفَضَائِل تروى وَإِذا جرى بحث سبق بِالْجَوَابِ وَبلغ من قَول الصَّوَاب الْغَايَة القصوى نحمده على نعمه الَّتِي نظمت جَوْهَر العقد السعيد فِي أجل الْعُقُود وجمعت بَين النيرين فِي أفق السُّعُود ونشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة يبْدَأ فِيهَا بالمهم الْمُقدم ونقدمها فِي الْأَعْمَال الصَّالِحَة بَين يَدي من علم وَعلم ونشهد أَن سيدنَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 56 مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله خير من اقْتضى وَقضى وأشرف الْخلق بخلقه الرضي وَحكمه المرتضي صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه الَّذين مَا مِنْهُم إِلَّا من اتبع شَرعه وأمضى أَحْكَامه وَخَافَ مقَام ربه فَشكر الله مقَامه صَلَاة تمنح قَائِلهَا السرُور النَّقْد عِنْد أَخذ الْكتاب وترجح ميزَان حَسَنَاته يَوْم تطيش الْأَلْبَاب وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا وَبعد فَإِن النِّكَاح مَنْدُوب إِلَيْهِ بِالْأَمر المطاع الْوَاجِب الِاتِّبَاع لقَوْله تَعَالَى {فانكحوا مَا طَابَ لكم من النِّسَاء مثنى وَثَلَاث وَربَاع} وَهُوَ سنة مُؤَكدَة حَسَنَة الأوضاع ضامنة لمن وَفقه الله للمحافظة عَلَيْهَا حسن الاستيداع لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النِّكَاح سنتي فَمن رغب عَن سنتي فَلَيْسَ منيوهذا حَدِيث صَحِيح لَيْسَ فِيهِ نزاع ونفوس الْعَالم مائلة إِلَى الْعَمَل بِهِ على مَا يسر الْقُلُوب ويشنف الأسماع وَهُوَ شِفَاء من دَاء الْعِصْيَان وَسبب لحفظ أَنْسَاب الْإِنْسَان كم أعرب عَن فَضله لحن خطيب وانتظم بسلكه شَمل بَيت نسيب يشْتَمل على المصافاة الَّتِي صقلت الألفة الرحمانية رونق صفائها والموافاة الَّتِي تشرفت باقترابها إِلَى السّنة الشَّرِيفَة النَّبَوِيَّة وانتمائها وَكَانَ فلَان مِمَّن رغب فِي هَذِه السّنة السّنيَّة والطريقة الْحَسَنَة المرضية ودلت محاسنه العلمية وَصِفَاته العملية على التَّمَسُّك من كل فضل بأطرافه والتنسك بِهَذِهِ الْعِبَادَة الَّتِي تكمل بهَا جميل أَوْصَافه مَعَ مَا فِيهِ من شَوَاهِد الْعُلُوم الَّتِي بلغ بهَا من الْعُلُوّ الوطر وَدَلَائِل الْفَضَائِل الَّتِي تكفلت لَهُ بِحسن الأدوات فِي كل ورد وَصدر وَلَقَد وَالله جمل الْبيُوت الَّتِي ينْسب إِلَيْهَا وَإِن كَانَت طباقها عالية ومنازلها من أَنْوَاع المآثر غير خَالِيَة كم شهد الْعقل والسمع بِعُمُوم فَضله الْمُطلق واعترف أهل الْقيَاس خُصُوصا وَالنَّاس عُمُوما بِالْمَفْهُومِ من منطوقه الْمُحكم الْمُحَقق وَكم سلم الْمُقْتَدِي بِعُلُومِهِ من فَسَاد الْوَضع وَالِاعْتِبَار وَرجح الْمُجْتَهد فِي بَيَان حَقِيقَة أَهْلِيَّته للاستنباط أَنه فِي سَائِر الْفُنُون حسن الِاخْتِيَار وَأَنه الْمُوفق الرشيد وَمن توفيقه ورشده خُصُوص هَذِه الْحَرَكَة الْكَامِلَة وَعُمُوم الْبركَة الشاملة وَحُصُول هَذَا العقد الْمُبَارك السعيد وسريان سره فِي الْكَوْن معطرا بنفحات أمره السديد وَحين دنا من صَاحبه سفوره وأشرق على صفحات الدَّهْر نوره ضربت بشائر التهاني والإقبال وَقَامَ اليراع خَطِيبًا على مِنْبَر الطروس وَقَالَ هَذَا مَا أصدق فلَان الْفُلَانِيّ ويكمل على نَحْو مَا سبق خطْبَة نِكَاح وَالزَّوْج لقبه شُجَاع الدّين الْحَمد لله الَّذِي أيد عِصَابَة الدّين المحمدي بشجاعه ووفقه لاقتفاء سنَن الشَّرْع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 57 الشريف واتباعه وَقرن بالحلال بَين النُّفُوس والقلوب وَسَهل بالشريعة المطهرة كل مَطْلُوب نحمده على مَا عَم من فَضله وغمر ونشكره وَالشُّكْر يُضَاعف الْمَزِيد لمن شكر ونشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة انبلج بإخلاصها نور الْهدى وَظهر وتألق سنا برقها فِي الْآفَاق فبهر ونشهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الَّذِي أعز الله بِهِ الدّين وَنصر وأذل بِهِ من جحد وَكفر صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَأَصْحَابه السَّادة الْغرَر مَا جرى بالأمور قدر وهمع ذيل الْغَمَام على الأكمام ودر صَلَاة تسفر عَن وُجُوه المسرة والهنا وتتكفل لقائلها فِي الدَّاريْنِ ببلوغ المنى وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا وَبعد فَإِن أَفْخَر الْعُقُود قدرا وَقِيمَة وأنقى النُّقُود مَا بذل فاستخرج بِهِ من حجب السعد كَرِيمَة وأبرك المحافل مَا هيئت لَهُ الْأَسْبَاب وهنئت بِهِ الْأَنْسَاب وَحصل الِاجْتِمَاع بِهِ على سنة وَكتاب وَهُوَ مِمَّا أَمر الْمَرْء أَن يتَخَيَّر فِيهِ لنطفه وَمَا يسْتَخْرج بِهِ الدّرّ الْمكنون من صدفه وَكَانَ فلَان رفع الله قدره فِي الْأَمْلَاك وأدار بسعادته الأفلاك مِمَّن تزينت بِهِ الْجَوَاهِر فِي الأسلاك وعقدت ذوائب الجوزاء بمعاقد مناسبه وتقابلت فِي بَيت السعد سعوده وافتخرت بمناقبه ونظمت فِي جيد الْمعَانِي عُقُود درره وأطلعت فِي سَمَاء الْأَمَانِي نُجُوم بره فَاخْتَارَ لقمره أشرف الْمنَازل وآوى فِي النَّاس إِلَى بَيت فِيهِ طالع السعد نَازل وخطب العقيلة الَّتِي تقف الْجَوَارِي الكنس دون حجابها فَكَانَت أولى بِهِ وَكَانَ هُوَ أولى بهَا وَكَانَ من شرف هَذَا الْمحل الَّذِي حلا جَوْهَر جمعه وكرم هَذَا الْجمع الَّذِي أغنت وُجُوه ساداته عَن أضواء شمعه وفخر هَذَا الْمقَام الَّذِي لم يكن فِيهِ وليجة وأرجاء بَنَاته طيبَة أريجة وَعَن هَذَا العقد الَّذِي شَمله بركَة أول عقد كَانَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على خَدِيجَة وَهِي الَّتِي مثلهَا فِي نسَاء الْعَالمين لم يصب وَهِي المبشرة بعد بَيتهَا هَذَا إِن شَاءَ الله بِبَيْت فِي الْجنَّة من قصب لَا صخب فِيهِ وَلَا نصب وَهَذِه سَعَادَة مُؤَبّدَة مرقومة فِي أذيال برودها ونسيمة فاح ثناؤها العاطر فسرت نفحات وُرُودهَا فأمتع الله بوجودها وأمتع بحياة والدها الَّذِي حَاز من كل وصف أحْسنه ونطقت بشكره الأقلام والألسنة فأنعم بِهِ وَمَا برح مُعْلنا وَأحسن وَمَا زَالَ ثوب السِّيَادَة بِهِ معلما وَأجَاب لعلمه بموافقة التَّوْفِيق إِن شَاءَ الله بِهَذَا المرام وَأَن السعد والإقبال توافيا فِيهِ على أكمل نظام ولبى داعيه لما لَهُ من الْحُقُوق الجمة وَأسْندَ العقد فِيهِ إِلَى خير الْأمة وَملك الْأَئِمَّة سيدنَا ومولانا قَاضِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 58 الْقُضَاة شيخ الْإِسْلَام حَسَنَة اللَّيَالِي وَالْأَيَّام عَلامَة الْعلمَاء الْأَعْلَام أبي فلَان فلَان أدام الله رفع لِوَاء الشَّرْع الشريف بدوامه وَثَبت بِوُجُودِهِ قَوَاعِد نظامه وَجمع الْكَلِمَة المحمدية على إِمْضَاء نقضه وإبرامه فَعِنْدَ ذَلِك أشرقت شمس السَّعَادَة فِي أفق هَذَا العقد النظيم وَبَرقَتْ وُجُوه المحاسن من كل جَانب واتسمت بِكُل معنى وسيم وافتتح الْقَلَم لصون هَذَا الرقيم بقوله بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم هَذَا مَا أصدق فلَان الْفُلَانِيّ ويكمل على نَحْو مَا سبق خطْبَة نِكَاح شرِيف اسْمه عَليّ وَأَبُو الزَّوْجَة من أكَابِر الرؤساء واسْمه أَحْمد الْحَمد لله الَّذِي جعل قدر من اتبع السّنة عليا وَقدر لمن سلك منهاجها أَن رأى الْخَيْر منهاجا سويا وَأحسن نشأة من كَانَ برا بِوَالِديهِ وَلم يكن جبارا عصيا وَأهل أهل الطَّاعَة لمراضيه حَتَّى ادخر لَهُم الْجنَّة لَا يسمعُونَ فِيهَا لَغوا إِلَى سَلاما وَلَهُم رزقهم فِيهَا بكرَة وعشيا نحمده أَن جعل بَيت الشّرف عليا وخلد فِيهِ السِّيَادَة أَحْمد تخليد ونشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة يَتَجَدَّد بهَا عَن الْعِصَابَة المحمدية آكِد تَجْدِيد ونشهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الَّذِي عقد العقد لأمته وأخد عَلَيْهِم العهدين أَحدهمَا الْعَمَل بِكِتَاب الله وسنته وَثَانِيهمَا مُوالَاة أهل بَيته وعترته فسر النُّفُوس المؤمنة هداه وَأقر الْعُيُون من أهل بَيته وأسرته بِكُل ولي سرى تبرق أنوار النُّبُوَّة من أسرته صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله حَبل النجَاة للمتمسك وسبل الْهِدَايَة للمتنسك وعَلى جَمِيع أَصْحَابه نُجُوم الْهدى ورجوم العدى وأئمة الْخيرَات لمن اقْتدى صَلَاة تشنف أذن سامعها وتنير بِالْإِيمَان وَجه رافعها مَا تطرزت حلل الغمائم بالبروق اللوامع وَشرع أهل السَّعَادَة فِي إتْمَام أُمُورهم على أَيمن طَائِر وأسعد طالع وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا وَبعد فَإِن النِّكَاح سنة أَمر الشَّارِع عَلَيْهِ السَّلَام باتباعها وَأفهم الْعُقَلَاء عدم الانتفاء من انتفاعها وَلذَلِك قَالَ الدُّنْيَا مَتَاع وَالْمَرْأَة الصَّالِحَة خير متاعها وَالنِّكَاح يحفظ مَا انساب من الْأَنْسَاب وَهُوَ سَبَب فِي عود مَا انجاب عَن الْإِيجَاب كم برع فِيهِ بدر تمّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 59 وكمل وَكم طلع نجم سعد ببلوغ قَصده وأمل وَكم بشر حمله بِأَن الشَّمْس بِهِ فِي شرف الْحمل وَكَانَ من فضلت سلوك هَذِه السطور بدرر مفاخره واستفتح بِأم الْكتاب فِي استهلال كِتَابه المتضمن ذكر جميل مآثره اللاحقة من السّلف بالخلف وَكم علا بهَا علوي ذَوي شرف وَهُوَ السَّيِّد الشريف الحسيب النسيب الطَّاهِر الْأَصِيل الْعَفِيف المعتزي من أبوة النُّبُوَّة إِلَى من أعلت نسبتها قدره وأجلسته من علو شَأْن الْحسب وَالنّسب صَدره وشرفت الزهراء زهرَة أبوة النِّسْبَة المحمدية وَلَا شُبْهَة فِي شرف الزهرة ضاعف الله نعْمَته وَقرن بالتوفيق عزمته مِمَّن نبت غصنه فِي روض السِّيَادَة وربى فِي حجر الشّرف والسعادة وَقد حسن سمة وسمتا وسلك من طَهَارَة الشيم طَرِيقا لَا عوج فِيهَا وَلَا أمتا وراق منْظرًا وشاق خَبرا وخبرا وَأسرى بغرض شرِيف الانتماء الْمَعْرُوف بالبشر فَحَمدَ عِنْد صباحه عَاقِبَة السرى وَهُوَ مِمَّن قدم فِي السِّيَادَة بَيته وارتفع بخفض الْعَيْش لِقَرَابَتِهِ بديانته وصيانته صيته وتنزه كل شين وانتمى بِنِسْبَة الشريف إِلَى مَوْلَانَا الإِمَام سيد الشُّهَدَاء الْحُسَيْن وتضلع مَعَ ذَلِك من الْفَضَائِل الأدبية واتصف من نِهَايَة الشّرف بِمَا فَاتَ بِهِ وفَاق على كثير من أَرْبَاب الرتب الْعلية وَرغب وَمَا أسعدها رَغْبَة زادته رُتْبَة إِلَى رتبته وَاقْتضى بهَا من شوارد المودات نِهَايَة مُعينَة وحسبك بهَا من رَغْبَة سَارَتْ بهَا أَحَادِيث أصالته بِبَيْت مرغوبته كالمثل وتناقلت الروَاة عَن سلفها وَخَلفهَا عوارف الْعلم ومعارف الْعَمَل وحوى سترهَا الرفيع وحجابها المنيع مَا عدا شأوه من المسامع والأفواه والمقل وَمَا أَشَارَ إِلَّا وتلقيت إِشَارَته بالتكريم وَحين استفهم والدها أَسْبغ الله ظله مَسْأَلته قدمهَا على كل مُهِمّ لعلمه أَن الِاسْتِفْهَام دينه الْقَدِيم وَكَانَ مِمَّا قدره الْعَزِيز الْعَلِيم مَا سَيذكرُ فِي هَذَا الرقيم وَهُوَ بِفضل بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صُورَة عقد نِكَاح وَالزَّوْج اسْمه طَاهِر ووالد الزَّوْجَة لقبه كَمَال الدّين الْحَمد لله الَّذِي نسب إِلَى الْكَمَال كل طَاهِر المناقب وَجعل النِّكَاح من السّنَن المحمودة العواقب ووهب بِهِ من اتِّفَاق الْأَهْل واجتماع الشمل أحسن الْمَوَاهِب وَبِه ذهبت بِنَا شَرِيعَة الْإِسْلَام إِلَى أحسن المسالك وأشرف الْمذَاهب وَأرْسل إِلَيْنَا مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فحض على المكارم وَنهى عَن المعايب وأوضح لنا سنته الَّتِي من اتبعها فَهُوَ غير خائب نحمده على مواهب إحسانه وَهُوَ خير واهب ونشكره شكر معترف بنعمته غير جَاحد وَلَا ذَاهِب ونشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة يقوم بهَا قَائِلهَا من الْإِيمَان بِكُل وَاجِب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 60 ونشهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الَّذِي زلزل الْكفَّار بِمَا لَهُ من مواكب وكتائب وصدع بِنور نبوته دجى الشّرك فبدت لوامعه منيرة فِي الْمَشَارِق والمغارب صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه الَّذين طلعوا فِي أفق سَمَاء الْإِسْلَام كالكواكب وتبادروا لنصرته مَا بَين ماش وراكب صَلَاة يرقى بهَا قَائِلهَا من مَرَاتِب العلياء إِلَى أَعلَى الْمَرَاتِب ويبلغ بهَا فِي الدَّاريْنِ أقْصَى المآرب وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا وَبعد فَإِن النِّكَاح سنة ذَوي الاهتداء وَأحد مسالك الشَّرِيعَة الْمُسْتَحقَّة الِاتِّبَاع والاقتداء لَا يَأْخُذ بِهِ إِلَّا كل من ركن إِلَى التَّقْوَى وَعمل بِالسنةِ الَّتِي تتشرف بهَا النُّفُوس وتقوى وَلما كَانَ فلَان مِمَّن كَسَاه الْعلم أثوابه وَفتح التَّوْفِيق لَهُ أبوابه فَلبس من التَّقْوَى أحسن شعار وَسَار من اتِّبَاع السّنة على أوضح آثَار وَرغب فِي سنة النِّكَاح الَّتِي هِيَ كَمَال الدّين وَطَرِيقَة من ارتضع ثدي الْيَقِين وَعلم أَن هَذِه السّنة لَا تحصل إِلَّا عِنْد حُصُول الْأَكفاء وَحُصُول الْقَصْد من التخير والاصطفاء وبلوغ الأمنية من كَيْفيَّة الِاكْتِفَاء فَخَطب من هُوَ فِي علو الْقدر نظيرها ومصيره من الأَصْل الطّيب إِلَى حَيْثُ اسْتَقر مصيرها فقد نشأت فِي حجر الْحَلَال وأودعها الصون فِي خلال ستائر الْكَمَال وَلما كَانَ الْخَاطِب كفوءا لسلوك هَذِه الطَّرِيقَة وطاهر الصِّفَات على الْحَقِيقَة خطب فأجيبت خطبَته بنعم وتلقى بِحسن الْقبُول تلقى النعم وانعقد هَذَا العقد الْمُبَارك على أتم حَال وأنعم بَال وَوَافَقَهُ أَنْوَاع المسرة بالتمام والكمال وَتَبَسم قلم السَّعَادَة وَقَالَ فيا لله مَا أصدق مَا قَالَ هَذَا مَا أصدق فلَان الْفُلَانِيّ ويكمل على نَحْو مَا سبق خطْبَة نِكَاح وَالزَّوْج لقبه شهَاب الدّين الْحَمد لله الَّذِي زين سَمَاء الْمعَانِي بشهابها الْمُنِير وَأَعْلَى دوحة السَّعَادَة بنمو فرعها النَّضِير وَشد بَيت الرياسة بِمن رفع قَوَاعِد الْفضل الغزير ونحمده على نعمه الَّتِي شملت الْغَنِيّ وَالْفَقِير وعمت الصَّغِير وَالْكَبِير ونشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَلَا مثيل وَلَا نَظِير وَلَا صَاحِبَة وَلَا ولد وَلَا وَزِير وَلَا مشير ونشهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الشَّاهِد البشير النذير الدَّاعِي إِلَيْهِ بِإِذْنِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 61 السراج الْمُنِير الْآمِر بالتناكح والتناسل لفائدة التكثير صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله الَّذين أذهب الله عَنْهُم الرجس وَأكْرمهمْ بالتطهير وعَلى أَصْحَابه الَّذين سَار على طَرِيقَته المثلى الْمَأْمُور مِنْهُم والأمير صَلَاة دائمة بَاقِيَة لَا يخالطها ملل وَلَا يشوب استمرارها تَقْصِير وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا وَبعد فَالنِّكَاح سنة ساطعة السنا يانعة الجنى جَامِعَة لأنواع السرُور والهنا بهَا يرغم أنف الشَّيْطَان ويتوصل إِلَى رضى الرَّحْمَن وَهُوَ سَبَب يتَمَسَّك بِهِ أهل التَّقْوَى والديانة ومنهل عذب يردهُ أهل الْعِفَّة والصيانة وَكَانَ فلَان مِمَّن نَشأ فِي حجر السِّيَادَة وارتضع ثدي الزهادة وَتعبد بالإخلاص فظهرت على وَجهه الْمُنِير آثَار الْعِبَادَة وجلت صِفَات محاسنه اللائقة وحلت فِي الأفواه موارد سجاياه الرائقة وَهَا قد أَضَاء هَذَا الْكتاب بِنور شهابه وتعطر بِذكر اسْمه الرفيع وجنابه وَحين سلك مَنْهَج الْحق الْمُسْتَقيم وَاتبع سنَن الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم أفضل الصَّلَاة وَالتَّسْلِيم فاح فِي مجْلِس عقده عرف الْفَلاح ولاح علم التَّوْفِيق والنجاح وَأَقْبَلت طلائع السعد والإقبال وَقَامَ الْقَلَم على مِنْبَر الطرس خَطِيبًا وَقَالَ فيالله مَا أصدق قَوْله هَذَا مَا أصدق إِلَخ خطْبَة نِكَاح شرِيف على شريفة الْحَمد لله الَّذِي رفع ذَوَات الشّرف الْعلي من منَازِل الْعلَا أَعْلَاهَا وَخص الْخيرَات من إمائه الصَّالِحَات هَذِه الْمنزلَة الرفيعة وَفِي أحصن الْحجب آواها نحمده حمدا يستوعب من مُوجبَات الشُّكْر أقصاها ونشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة يحلنا الله بهَا من مَرَاتِب الْإِخْلَاص أسماها ونشهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الَّذِي أدّى أفْصح الْأَوَامِر الدِّينِيَّة وجلاها وخلصها من معضلات ظلمات الشّرك وحماها صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه ذَوي الْمجد الَّذِي لَا يتناهى وَالْفضل الَّذِي لَا يضاهى صَلَاة لَا يدْرك مداها وَلَا يلْحق مُنْتَهَاهَا وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا وَبعد فَإِن النِّكَاح سنة مَا برح نورها بصلات أَنْسَاب هَذِه الْأمة يتبلج وعقودها تنتظم فِي أسلاكها كل يتيمة نشرها بِحسن هَذِه الْوَاسِطَة من روض الْأنس يتأرج وناهيك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 62 أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَا معشر الشَّبَاب من اسْتَطَاعَ مِنْكُم الْبَاءَة فليتزوجوأهل بَيته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَحَق من تمسك بسنته الْوَاضِحَة وَظهر بالمآثر الصَّالِحَة فَمن دوحة حَسبه ظهر ذَلِك الْفَرْع وَمن ذرْوَة نسبه تفجر ذَلِك النبع وَمن مزن كرمه لمع ذَلِك الْبَرْق وَمن تَقْرِير أَحْكَام شَرِيعَته وضح ذَلِك الْفرق وَلَا عجب لمن كَانَ من هَذَا الْبَيْت الشريف وَعلا بِهِ شرف ذَلِك الْحسب المنيف أَن يقوم من اتِّبَاع هَذِه السّنة النَّبَوِيَّة بالأوجب وَيضم إِلَيْهِ من حصل لكل مِنْهُ وَمِنْهَا لصَاحبه الفخار والتشريف فهما أصل كل فخار سما وَفرع نجاء نما وغيث فضل همى ورثا السِّيَادَة كَابِرًا عَن كَابر كالرمح أنبوبا على أنبوب وَكَانَ فلَان مِمَّن اقتفى آثَار بَيته الطَّاهِر فِي الْعَمَل بِالْكتاب وَالسّنة فأعظم الله عَلَيْهِ الْمِنَّة وَقد كمل هَذَا العقد السعيد الْمُبَارك فِي الْحَال والمآل فَحِينَئِذٍ قَامَ اليراع خَطِيبًا على مِنْبَر الطرس وَقَالَ حِين أطرق هَذَا مَا أصدق الْمجْلس العالي السيدي الشريفي الحسيبي النسيبي الطاهري الْأصيلِيّ العريقي الأثيلي فَخر العترة الزاكية العلوية شرف السلالة الطاهرة النَّبَوِيَّة فلَان الْفُلَانِيّ بخطوبته الْجِهَة الْكَرِيمَة السيدة الشَّرِيفَة الحسيبة النسيبة الناشئة فِي أعلا دَرَجَات الشّرف وَدِيعَة الصون فِي حجر السَّعَادَة والترف فُلَانَة الْفُلَانِيَّة الَّذِي هُوَ فِي الْقدر نظيرها ومصيره من الأَصْل الطّيب مصيرها فَهُوَ وَهِي من شَجَرَة طيبَة أَصْلهَا ثَابت وفرعها فِي السَّمَاء وهما من سلالة قوم شرفوا بالانتماء إِلَى العظماء فنسبهما مُتَّصِل بِنسَب أهل الصدْق وَالْوَفَاء وجوهرهما إِذا اعتزى فَهُوَ من جَوْهَر مِنْهُ النَّبِي الْمُصْطَفى أصدقهَا الْمُصدق الْمشَار إِلَيْهِ على كتاب الله وَسنة صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَدَاقا مبلغه كَذَا ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه خطْبَة نِكَاح أُخْرَى الْحَمد لله الَّذِي فصل بَين الْحَلَال وَالْحرَام وَفرق وَجمع بِالنِّكَاحِ مَا تشَتت من شَمل عباده وتمزق وجعلهم شعوبا وقبائل ليحصل التعارف ويتحقق وَقَالَ تَعَالَى {إِن أكْرمكُم عِنْد الله أَتْقَاكُم} ليعلم أَن أكرمنا من يتحلى بتقوى الله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 63 ويتخلق وَجعل لكم من أَنفسكُم أَزْوَاجًا لتسكنوا إِلَيْهَا إِذْ هُوَ أسكن للنفوس وأرفق وخيركم حَيْثُ قَالَ {فانكحوا مَا طَابَ لكم من النِّسَاء مثنى وَثَلَاث وَربَاع} ليَكُون الْعَمَل بِمَا هُوَ أليق وأوفق وَسن النِّكَاح لنَبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فلسنته الْوَاضِحَة ينْهض ويسبق نحمده على نعمه الَّتِي ظهر نور عمومها على الْعَامَّة والخاصة وأشرق ونشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة عبد لمع برق إيمَانه فِي كَون الْإِخْلَاص وأبرق ونشهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الصَّادِق الْمُصدق والناطق المسدد وَالْعَامِل الْمُوفق صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه ذَوي الْفضل الْمُطلق وَالْمجد الْمُحَقق صَلَاة لَا يدْرك شأوها وَلَا يلْحق وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا وَبعد فَإِن الله تَعَالَى جعل النِّكَاح سنة نبيه الَّذِي مَا خلق بشر مثله وَلَا يخلق وكف بِهِ الْأَبْصَار والفروج عَن مآثم السفاح ووثق وانتدب إِلَى ذَلِك من هُوَ أنهض النَّاس فأسبق فابتدر إِلَى التَّزْوِيج ابْتِدَاء من تحلى بِالسنةِ الشَّرِيفَة وتخلق وَأخذ بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تخَيرُوا لنطفكموالآخذ بسنته يرشد ويسعد ويوفق وخطب العقيلة الَّتِي تضوع عرف ثنائها بَين النَّاس وعبق وَمَا هما إِلَّا قرينان جَمعهمَا أشأم فِي الْفضل وأعرق فَأُجِيب إِلَى ذَلِك إِذْ هُوَ الْكُفْء الَّذِي تبين فَضله وَتحقّق وانتظم بَينهمَا عقد نِكَاح تنظم على السّنة الشَّرِيفَة وتنسق وانعقد بَينهمَا مَا نَصه بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم هَذَا مَا أصدق فلَان الْفُلَانِيّ ويكمل على نَحْو مَا سبق خطْبَة أُخْرَى الْحَمد لله الَّذِي لَيْسَ لسهام الأوهام فِي عجائب صَنعته مجْرى وَلَا تزَال لطائف مننه على الْعَالمين تترى فَهِيَ تتوالى عَلَيْهِم سرا وجهرا وتصوب فِي أرجاء ساحاتهم برا وبحرا {وَهُوَ الَّذِي خلق من المَاء بشرا فَجعله نسبا وصهرا} سلط على الْخلق شَهْوَة اضطرهم بهَا إِلَى الحراثة فانجروا إِلَيْهَا جرا واستبقى بهَا نسلهم اقتهارا وقسرا نحمده على مَا من بِهِ من تَعْظِيم الْأَنْسَاب الَّتِي أطاب لَهَا ذكرا وَعظم لَهَا قدرا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 64 ونشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك شَهَادَة تكون لقائلها حِجَابا من النَّار وسترا ونشهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الْمَبْعُوث بالإنذار والبشرى والمخصوص بِعُمُوم الرسَالَة والذكرى صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه الَّذين جردوا لنصرة دينه القويم واعتقلوا لقِتَال أعدائه بيضًا وسمرا صَلَاة لَا يُطيق أحد لَهَا حصرا وَلَا تنفد وَلَا تبيد شهرا وَلَا دهرا وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا وَبعد فَإِن الله جلّ اسْمه أحل النِّكَاح وَندب إِلَيْهِ وحث عَلَيْهِ اسْتِحْبَابا وأمرا وَحرم بمشروعيته السفاح وَبَالغ فِي تقبيحه ردعا وزجرا وَجعل اقتحامه جريمة كبرى وفاحشة وإمرا وَبت بأدرار النطف فِي الْأَرْحَام النسم وَأَنْشَأَ مِنْهَا خلقا وبأرزاقهم وآجالهم فِي بطُون أمهاتهم أَقْلَام قدرته أجْرى وَكَانَ من نضدت جَوَاهِر هَذَا الطرس باسمه ورسمت برسمه مِمَّن سلك من اتِّبَاع هَذِه السّنة النَّبَوِيَّة سَبِيل الرشاد فَمَا كَانَ سلوكه سدى واهتدى بنجومها الزاهرة وبأئمتها الْأَعْلَام اقْتدى وَاخْتَارَ من تغار الأقمار من محاسنها المجلوة وتكتب فِي صحف الْأُصُول الزكية آيَات فَضلهَا المتلوة فَأُجِيب وَكَانَ حَقِيقا بالإجابة ووافقت سِهَام عرضه مرامي التسديد والإصابة وَكَانَ من خُصُوص هَذِه الْحَرَكَة الْمُبَارَكَة الَّتِي هِيَ بِالْيمن محكمَة الْعُقُود ممنوحة من وعود السُّعُود بأهنأ النُّقُود ودوام النّفُوذ وَكَانَ مِمَّا قدره الله وأراده ووعد عَلَيْهِ الْحسنى وَزِيَادَة مَا سَيذكرُ فِي هَذَا الرقيم بِفضل بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم هَذَا مَا أصدق فلَان الْفُلَانِيّ مخطوبته فُلَانَة على نَحْو مَا تقدم شَرحه خطْبَة أُخْرَى الْحَمد لله الَّذِي أحسن كل شَيْء خلقه وَبَدَأَ خلق الْإِنْسَان من طين ثمَّ جعل نَسْله من سلالة من مَاء مهين ثمَّ سواهُ وَنفخ فِيهِ من روحه فَتَبَارَكَ الله أحسن الْخَالِقِينَ نحمده حمد عبد تمسك بِالْكتاب وَالسّنة ونشكره شكر من أرشد إِلَى طَرِيق الْجنَّة ونشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة تبلج نور الْهدى بإخلاصها وتألق سنا برق بركاتها فِي الْآفَاق فَعم هَذِه الْأمة تشريف اختصاصها ونشهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الَّذِي أعز الله بشرعه الشريف دينه الحنيف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 65 وَجعله خير نَبِي أرْسلهُ وعَلى جَمِيع الْأَنْبِيَاء وَالْمُرْسلِينَ فَضله وَجعل من سنته أَن أحل النِّكَاح لأمته وشرعه عِنْد الْحَاجة لواجد أهبته صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَأَصْحَابه أَئِمَّة الْإِسْلَام وجنده القائمين بسنته والموفين بعهده وَسلم وَعظم وَشرف وكرم وَبعد فَإِن النِّكَاح من سنَن الْأَنْبِيَاء وشعار الْأَوْلِيَاء ودثار الأتقياء وزينة الأصفياء اقْتَرَبت بِهِ الأباعد واتصلت بِهِ الْأَنْسَاب اتِّصَال الْعَضُد بالساعد وَهُوَ لَا تخفى مشروعيته وَلَا يُنكر بَين أهل الْإِسْلَام فضيلته وَكَانَ فلَان مِمَّن تحلى من الْفَضَائِل بِمَا تحلى وتجلى لَهُ من مسالك السّنة الشَّرِيفَة مَا تجلى وخطب من ذَوَات الْفضل من هِيَ كَالشَّمْسِ بَين الْكَوَاكِب وَرغب فِيمَن هِيَ غَايَة الأمل للراغب ومنتهى الْقَصْد للخاطب فَهِيَ ذَات أصل ثَابت وَفرع نابت وصيانة شَامِلَة ونعمة كَامِلَة وَذكر جميل وَحسب ظلّ ظَلِيل وَمَا هِيَ إِلَّا دوحة أَصْلهَا الْمُلُوك الْكِرَام ورئيسة خَفَقت على رُؤُوس آبائها الْعلمَاء الْأَعْلَام فَأَجَابُوا خطبَته ولبوا دَعوته وبادر ولي هَذَا الْأَمر إِلَيْهِ مجيبا وَقَالَ الْقَلَم على مِنْبَر الطرس خَطِيبًا فأسفر لَهُ وَجه الْقبُول وأشرق فيا لله مَا أصدق قَوْله هَذَا مَا أصدق فلَان الْفُلَانِيّ مخطوبته فُلَانَة ويكمل على نَحْو مَا سبق وَأما صور الأصدقة فَمِنْهَا مَا هُوَ جَائِز عِنْد أبي حنيفَة بَاطِل عِنْد البَاقِينَ مِنْهَا أصدق فلَان فُلَانَة صَدَاقا مبلغه كَذَا إِلَى آخِره وَقد وكلت الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة فِي تَزْوِيج نَفسهَا من الزَّوْج الْمَذْكُور على الصَدَاق الْمعِين أَعْلَاهُ وَقبل الزَّوْج الْمَذْكُور مِنْهَا عقد هَذَا التَّزْوِيج وخاطبها عَلَيْهِ شفاها بِمحضر من تمّ العقد بحضورهم شرعا ويندرج الْخلاف تَحت قَوْله بِمحضر من تمّ العقد بحضورهم شرعا فَإِن مَذْهَب أبي حنيفَة انْعِقَاد العقد بِحُضُور فاسقين وكافرين كتابيين إِذا كَانَ الزَّوْج وَالزَّوْجَة كتابيين وَصُورَة أُخْرَى أصدق فلَان فُلَانَة صَدَاقا مبلغه كَذَا وَولى تَزْوِيجهَا مِنْهُ بِإِذْنِهَا ورضاها فلَان الْأَجْنَبِيّ مَعَ وجود الْأَوْلِيَاء أَو الْحَاكِم فَهَذَا العقد صَحِيح عِنْده وَحده وَصُورَة أُخْرَى أصدق فلَان فُلَانَة صَدَاقا جملَته كَذَا زَوجته مِنْهَا بِإِذْنِهَا ورضاها فُلَانَة ابْنة فلَان تزويجا شَرْعِيًّا وَقبل الزَّوْج الْمَذْكُور من الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة عقد هَذَا التَّزْوِيج الجزء: 2 ¦ الصفحة: 66 وَهَذِه الصُّور الثَّلَاثَة إِذا اتّفق شَيْء مِنْهَا وَكَانَ الْقَصْد تَصْحِيحه فطريقه أَن يرفع إِلَى حَاكم حَنَفِيّ يُثبتهُ وَيحكم بِمُوجبِه مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ صُورَة نِكَاح مُتَّفق على صِحَّته أصدق فلَان فُلَانَة الْبكر الْبَالِغ الْعَاقِل الْحرَّة الْمسلمَة صَدَاقا مبلغه كَذَا من الدَّرَاهِم أَو الدَّنَانِير أَو غَيرهمَا من كل طَاهِر جَائِز بَيْعه عِنْد الشَّافِعِي احْتِرَازًا من أَن يصدقها شَيْئا من النَّجَاسَات أَو المعازف الْجَائِز بيعهَا عِنْد أبي حنيفَة فَإِن الْقَاعِدَة الشَّرْعِيَّة أَن مَا جَازَ أَن يكون ثمنا جَازَ أَن يكون صَدَاقا وَهَذَا مَمْنُوع عِنْد الشَّافِعِي جَائِز عِنْد أبي حنيفَة زَوجهَا مِنْهُ بذلك بِإِذْنِهَا ورضاها والدها الْمَذْكُور وَقبل الزَّوْج الْمَذْكُور مِنْهُ عقد هَذَا التَّزْوِيج وخاطبه عَلَيْهِ شفاها بِمحضر من ذَوي عدل ويكمل إِلَى آخِره صُورَة نِكَاح مُخْتَلف فِيهِ أصدق فلَان فُلَانَة الْبكر الْبَالِغ صَدَاقا مبلغه كَذَا وَولي تَزْوِيجهَا مِنْهُ إجبارا والدها الْمَذْكُور أَو جدها لأَبِيهَا وَقبل الزَّوْج الْمَذْكُور من المزوج عقد هَذَا التَّزْوِيج وخاطبه عَلَيْهِ شفاها بِمحضر من ذَوي عدل فَهَذِهِ الصُّورَة صَحِيحَة عِنْد الشَّافِعِي وَإِن كَانَت ثَيِّبًا وَلها ابْن وَأَوْلَاد ابْن زَوجهَا أَبوهَا مَعَ وجود ابْنهَا وَابْن ابْنهَا خلافًا لمَالِك فَإِن عِنْده يقدمان على الْأَب وَالْجد وَهُوَ صَحِيح عِنْد أَحْمد فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنهُ وَالرِّوَايَة الْأُخْرَى مَتى بلغت تسع سِنِين فَلَا تزوج بِغَيْر إِذْنهَا وَهُوَ صَحِيح عِنْد أبي حنيفَة وَغير صَحِيح عِنْد الشَّافِعِي فَإِنَّهَا إِذا كَانَت بَالِغَة لَا تزوج إجبارا وَلَا بُد من إِذْنهَا صُورَة مُخْتَلف فِيهَا أصدق فلَان فُلَانَة الْمَرْأَة النّصْف العانس الْبكر الَّتِي بلغت من الْعُمر أَرْبَعِينَ سنة أَو الْبِنْت الْبكر الْبَالِغ الْعَاقِل الْحرَّة الْمسلمَة الَّتِي زوجت وخلا الزَّوْج بهَا وَعرفت مضارها ومنافعها وَطلقت بعد الْخلْوَة وَقبل الْإِصَابَة صَدَاقا مبلغه كَذَا وَولي تَزْوِيجهَا مِنْهُ والدها الْمَذْكُور أَعْلَاهُ إجبارا وَقبل الزَّوْج الْمَذْكُور مِنْهُ عقد هَذَا التَّزْوِيج وخاطبه عَلَيْهِ شفاها بِمحضر من ذَوي عدل بعد الِاعْتِبَار الشَّرْعِيّ فَهَذِهِ الصُّورَة بَاطِلَة عِنْد مَالك وَأبي حنيفَة وَفِي أظهر روايتي أَحْمد صُورَة مُخْتَلف فِيهَا أَيْضا أصدق فلَان فُلَانَة الْبِنْت الْبكر الَّتِي وافت تسع سِنِين صَدَاقا مبلغه كَذَا وَولي تَزْوِيجهَا مِنْهُ بِإِذْنِهَا ورضاها والدها أَو غَيره من الْعَصَبَات على التَّرْتِيب السَّابِق تَعْيِينه فِي الْعَصَبَات فِي مَذْهَب أَحْمد وَقبل الزَّوْج الْمَذْكُور مِنْهُ عقد هَذَا التَّزْوِيج وخاطبه عَلَيْهِ شفاها بِمحضر من ذَوي عدل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 67 فَهَذَا العقد صَحِيح عِنْد الشَّافِعِي إجبارا إِذا كَانَ الْوَلِيّ أَبَا أَو جدا وإذنها وَقع لَغوا وَكَذَلِكَ وَقع عِنْد أبي حنيفَة وَلَا يحْتَاج عِنْده إِلَى إِذْنهَا أَيْضا وَكَذَلِكَ عِنْد مَالك وَإِنَّمَا اعْتبرنَا إِذْنهَا لرِوَايَة عَن أَحْمد فَإِنَّهُ قَالَ إِذا بلغت تسع سِنِين لم تزوج إِلَّا بِإِذْنِهَا فِي حق كل ولي أَبَا كَانَ أَو غَيره صُورَة مُخْتَلف فِيهَا أصدق فلَان فُلَانَة بنت عبد الله الْجَارِيَة فِي رق فُلَانَة الْمَرْأَة الْمسلمَة الْبَالِغ الأيم المعترفة لفلانة الْمَذْكُورَة بِالرّقِّ والعبودية وَإِن كَانَت الزَّوْجَة مُعتقة فَيَقُول الْمَرْأَة الْمسلمَة الْبَالِغ الْعَاقِل الأيم عتيقة فُلَانَة ابْنة فلَان صَدَاقا مبلغه كَذَا وَوليت تَزْوِيجهَا مِنْهُ بذلك بِإِذْنِهَا ورضاها سيدتها الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ وَقبل الزَّوْج مِنْهَا عقد هَذَا التَّزْوِيج وخاطبته عَلَيْهِ شفاها بِمحضر من ذَوي عدل وَإِن كَانَت مُعتقة فَيَقُول بِإِذْنِهَا ورضاها معتقتها الْمَذْكُورَة ويكمل على الْعَادة فِي كتب الأصدقة فَهَذِهِ الصُّورَة صَحِيحَة عِنْد أبي حنيفَة فِي الرقيقة مَعَ عدم وجود الشَّرْطَيْنِ خوف الْعَنَت وَأَن لَا يجد صدَاق حرَّة وَفِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة من مَذْهَب أَحْمد بَاطِلَة عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ وَفِي أظهر الرِّوَايَات عَن أَحْمد وَهِي الَّتِي اخْتَارَهَا الْخرقِيّ وَأَبُو بكر وَصُورَة تَزْوِيج الْبِنْت الصَّغِيرَة أصدق فلَان فُلَانَة الْبِنْت الصَّغِيرَة الثّيّب الَّتِي لم تبلغ الِاحْتِلَام صَدَاقا مبلغه كَذَا وَولي تَزْوِيجهَا مِنْهُ والدها الْمَذْكُور وَقبل الزَّوْج الْمَذْكُور عقد هَذَا التَّزْوِيج من المزوج الْمَذْكُور وخاطبه عَلَيْهِ شفاها بِمحضر من ذَوي عدل ويكمل على نَحْو مَا سبق فَهَذِهِ الصُّورَة جَائِزَة عِنْد أبي حنيفَة وَفِي أحد الْوَجْهَيْنِ لأَصْحَاب أَحْمد رَحمَه الله تَعَالَى صُورَة تَزْوِيج الصَّغِيرَة الْبكر أصدق فلَان فُلَانَة الصَّغِيرَة الْبكر الَّتِي هِيَ فِي حجر والدها الْمَذْكُور بِحكم الْأُبُوَّة شرعا صَدَاقا مبلغه كَذَا زَوجهَا مِنْهُ بذلك والدها الْمَذْكُور أَو جدها لأَبِيهَا فلَان الْفُلَانِيّ تزويجا شَرْعِيًّا وَقبل الزَّوْج الْمَذْكُور النِّكَاح لنَفسِهِ على الْمُسَمّى فِيهِ قبولا شَرْعِيًّا وخاطبه عَلَيْهِ شفاها بِمحضر من ذَوي عدل فَإِن زوج الْأَب كَانَ صَحِيحا إِجْمَاعًا وَإِن زوج الْجد كَانَ صَحِيحا عِنْد الشَّافِعِي وَأبي حنيفَة غير صَحِيح عِنْد مَالك وَأحمد صُورَة أُخْرَى فِي تَزْوِيج الصَّغِيرَة أصدق فلَان فُلَانَة الْبِنْت الصَّغِيرَة الَّتِي لم تبلغ الْحلم أَو المعصر صَدَاقا مبلغه كَذَا وَولي تَزْوِيجهَا مِنْهُ أَخُوهَا لأَبِيهَا فلَان لعدم ولي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 68 أقرب مِنْهُ أَو أحد الْأَوْلِيَاء على ترتيبهم عِنْد أبي حنيفَة مِنْهُم الْأُم وَقبل الزَّوْج الْمَذْكُور مِنْهُ عقد هَذَا التَّزْوِيج وخاطبه عَلَيْهِ شفاها بِمحضر من ذَوي عدل ويكمل على نَحْو مَا سبق فَهَذَا العقد صَحِيح عِنْد أبي حنيفَة خلافًا للباقين مَعَ أَنه مَوْقُوف عِنْده على إمضائها إِذا بلغت صُورَة تَزْوِيج الْوَصِيّ بِمَا اسْتَفَادَ من الْولَايَة الشَّرْعِيَّة بِالْوَصِيَّةِ تَزْوِيج إِجْبَار أصدق فلَان فُلَانَة الْبكر الْبَالِغ الْعَاقِل ابْنة فلَان صَدَاقا مبلغه كَذَا وَولي تَزْوِيجهَا مِنْهُ إجبارا وصيها الشَّرْعِيّ فلَان بِمَا آل إِلَيْهِ فِي ذَلِك من الْوَصِيَّة الشَّرْعِيَّة المفوضة إِلَيْهِ من وَالِد الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة المؤرخة بِكَذَا الثَّابِت مضمونها بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ المؤرخ بِكَذَا وَقبل الزَّوْج مِنْهُ عقد هَذَا التَّزْوِيج إِلَى آخِره ويكمل على نَحْو مَا سبق وَهَذَا العقد صَحِيح عِنْد مَالك وَحده إجبارا مَعَ تعْيين الزَّوْج وَظَاهر مَذْهَب أَحْمد صِحَّته على الْإِطْلَاق وَإِن لم يكن ثمَّ شُهُود وَعقد الْوَصِيّ العقد إجبارا بِغَيْر شُهُود فَهُوَ أَيْضا صَحِيح عِنْد مَالك فَإِن الشَّاهِدين ليسَا عِنْده شرطا فِي صِحَة العقد فَهَذَا عقد عقده الْوَصِيّ إجبارا على بنت بكر بَالغ بِغَيْر شُهُود خلافًا للباقين من الْأَئِمَّة ثمَّ إِذا كَانَ الْقَصْد إمضاؤه وتصحيحه فيرفع إِلَى حَاكم مالكي يُثبتهُ وَيحكم بِمُوجبِه مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ وَإِن كَانَ الْقَصْد إِبْطَاله فيرفع إِلَى حَنَفِيّ أَو شَافِعِيّ فيثبته وَيحكم بِبُطْلَانِهِ مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ وَعند أَحْمد هُوَ صَحِيح وَلَا بُد من شَاهِدين عَدْلَيْنِ يحضرانه وَلَا بُد عِنْده من تقدم إِذْنهَا أَيْضا للْوَصِيّ صُورَة تَزْوِيج الْوَصِيّ الْبِنْت الْبكر الصَّغِيرَة التساعية الْعُمر بِإِذْنِهَا على مَذْهَب الإِمَام أَحْمد رَضِي الله عَنهُ وَحده أصدق فلَان فُلَانَة الْبِنْت الْبكر الصَّغِيرَة الَّتِي لَهَا من الْعُمر تسع سِنِين ابْنة فلَان صَدَاقا مبلغه كَذَا وَولي تَزْوِيجهَا مِنْهُ بِإِذْنِهَا ورضاها الْمُعْتَبر الشَّرْعِيّ فلَان بِمُقْتَضى الْوَصِيَّة الشَّرْعِيَّة المفوضة إِلَيْهِ من والدها الْمَذْكُور المؤرخة بِكَذَا الثَّابِت مضمونها بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ المؤرخ بِكَذَا وَقبل الزَّوْج الْمَذْكُور عقد هَذَا التَّزْوِيج لنَفسِهِ وخاطبه عَلَيْهِ شفاها بِمحضر من ذَوي عدل ويكمل على نَحْو مَا سبق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 69 صُورَة تَزْوِيج مَوْقُوف على الْإِجَازَة أصدق فلَان فُلَانَة الْبكر الْبَالِغ الْعَاقِل ابْنة فلَان صَدَاقا مبلغه كَذَا وَولي تَزْوِيجهَا مِنْهُ بِإِذْنِهَا ورضاها فلَان الْفُلَانِيّ ليشاور والدها الْمَذْكُور على ذَلِك وَيطْلب مِنْهُ الْإِجَازَة للْعقد الْمَذْكُور وَقبل الزَّوْج مِنْهُ عقد هَذَا التَّزْوِيج إِلَى آخِره بعد الِاعْتِبَار الشَّرْعِيّ ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه وَصُورَة أُخْرَى فِي ذَلِك أصدق فلَان فُلَانَة الْمَرْأَة الْكَامِل ابْنة فلَان عَن فلَان صَدَاقا مبلغه كَذَا وَولي تَزْوِيجهَا من الْمُصدق عَنهُ فلَان بِإِذْنِهَا ورضاها والدها أَو جدها أَو أحد الْعَصَبَات بِشَرْط إجَازَة الْمُصدق عَنهُ فلَان الْمَذْكُور وَرضَاهُ بذلك وَقبل الْمُصدق الْمَذْكُور للمصدق عَنهُ الْمَذْكُور عقد هَذَا التَّزْوِيج وخاطبه عَلَيْهِ شفاها بِمحضر من تمّ العقد بحضورهم شرعا بعد الِاعْتِبَار الشَّرْعِيّ فَهَذِهِ الصُّور الثَّلَاثَة صَحِيحَة عِنْد أبي حنيفَة على الْإِطْلَاق مَوْقُوفَة على الْإِجَازَة من الْوَلِيّ وَفِي الصُّورَة الأولى وَمن الزَّوْجَة فِي الصُّورَة الثَّانِيَة وَهِي مَا إِذا أصدق رجل امْرَأَة غَائِبَة وَزوجهَا الْوَلِيّ من الْمُصدق بِغَيْر إِذْنهَا وَلَا حُضُورهَا وَسَيَأْتِي مثل هَذِه الصُّورَة فِي تَزْوِيج الْفُضُولِيّ وَمن الزَّوْج فِي الصُّورَة الثَّالِثَة وَكَذَلِكَ عِنْد مَالك رَحمَه الله بِشَرْط أَن تكون الْإِجَازَة عقب العقد قريبَة مِنْهُ فِي غير تراخ كثير وَفِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة عَن أَحْمد أَن ذَلِك صَحِيح مَعَ الْإِجَازَة كمذهب أبي حنيفَة وَذَلِكَ بَاطِل عِنْد الشَّافِعِي على الْإِطْلَاق وَفِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن مَالك وَفِي الرِّوَايَة المختارة لِأَحْمَد وَقد يتَصَوَّر صُورَة رَابِعَة جَارِيَة مجْرى الصُّور الثَّلَاث الْمَذْكُورَات وَهِي أَن يقوم فضوليان أجنبيان بِحُضُور عَدْلَيْنِ ويزوج أَحدهمَا امْرَأَة غَائِبَة من رجل غَائِب على صدَاق مَعْلُوم وَيقبل الآخر للرجل الْغَائِب العقد قَالَ أَبُو حنيفَة إِن ذَلِك يَقع صَحِيحا وَإِذا أجَاز الزَّوْجَانِ ذَلِك ثَبت ويبنى على ذَلِك صور أُخْرَى وَهِي مَا إِذا كَانَ فضوليا من جِهَة ووكيلا من جِهَة أَو فضوليا من جِهَة ووليا من الْجِهَة الْأُخْرَى وصوره جَائِزَة عِنْد أبي حنيفَة وَحده وَهِي أَن يُزَوّج الرجل ابْنة أَخِيه من ابْن أَخِيه وهما صغيران وَيقبل وَيُوجب وَكَذَا إِن قَالَ رجل لرجل زوجت فُلَانَة مِنْك فَقَالَ تزوجت أَو قبل مِنْهُ العقد ثمَّ بلغَهَا الْخَبَر فأجازت جَازَ بالِاتِّفَاقِ بَين أبي حنيفَة وَأَصْحَابه وَقَالَ أَبُو يُوسُف إِذا زوجت الْمَرْأَة نَفسهَا من غَائِب فَبَلغهُ الْخَبَر فَأجَاز يجوز عِنْده خلافًا لأبي حنيفَة وَمُحَمّد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 70 وعَلى هَذَا الْخلاف إِذا قَالَ الْفُضُولِيّ اشْهَدُوا عَليّ أَنِّي قد زوجت فُلَانَة من فلَان فبلغهما الْخَبَر فأجازا صَحَّ عِنْد أبي يُوسُف خلافًا لَهما فَالْحَاصِل أَن الْوَاحِد يصلح أَن يكون وَكيلا وَأَصِيلا من الْجَانِبَيْنِ حَتَّى ينْعَقد العقد وَعند أبي يُوسُف يجوز أَن يكون الْوَاحِد فضوليا من الْجَانِبَيْنِ أصيلا من جَانب فضوليا من جَانب ووكيلا من جَانب فضوليا من جَانب ويتوقف الْأَمر فِي هَذِه الصُّور كلهَا على الْإِجَازَة خلافًا لأَصْحَابه صُورَة تَزْوِيج الْوَلِيّ الْفَاسِق موليته أصدق فلَان فُلَانَة ابْنة فلَان ضَامِن الْأَسْوَاق أَو جابي المكوس مثلا والدها الْمَرْأَة الْبَالِغ الْعَاقِل الثّيّب صَدَاقا مبلغه كَذَا وَولى تَزْوِيجهَا مِنْهُ بِإِذْنِهَا ورضاها والدها الْمَذْكُور وَقبل الزَّوْج مِنْهُ عقد هَذَا التَّزْوِيج وخاطبه عَلَيْهِ شفاها بِمحضر من ذَوي عدل بعد الِاعْتِبَار الشَّرْعِيّ ويكمل فَهَذِهِ الصُّورَة جَائِزَة عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك وَينْعَقد النِّكَاح عِنْدهمَا وَفِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن أَحْمد وَهُوَ بَاطِل عِنْد الشَّافِعِي غير مُنْعَقد وممنوع فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن أَحْمد صُورَة تَزْوِيج الْوَلِيّ موليته بِإِذْنِهَا ورضاها بِغَيْر شُهُود إِمَّا لعدم مُسلمين حاضرين فِي ذَلِك الْوَقْت أَو إهمالا لحضور شُهُود أصدق فلَان فُلَانَة الْبِنْت الْبكر الْبَالِغ الْعَاقِل الْحرَّة الْمسلمَة ابْنة فلَان مَا مبلغه كَذَا زَوجهَا مِنْهُ بذلك بِإِذْنِهَا ورضاها والدها الْمَذْكُور أَو ولي شَرْعِي على تَرْتِيب الْأَوْلِيَاء عِنْد مَالك وَقبل الزَّوْج الْمَذْكُور مِنْهُ عقد هَذَا التَّزْوِيج وخاطبه عَلَيْهِ شفاها بِغَيْر حُضُور شُهُود ويكمل فَهَذَا العقد جَائِز عِنْد مَالك صَحِيح مُنْعَقد لِأَن الشُّهُود لَيْسُوا بِشَرْط عِنْده وَفِي رِوَايَة عَن أَحْمد وَهُوَ بَاطِل عِنْد أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَعند أَحْمد فِي أظهر الرِّوَايَتَيْنِ عَنهُ وَصُورَة التَّزْوِيج مَعَ الْوَصِيَّة بكتمان النِّكَاح وَهُوَ كثيرا مَا يَقع فِيهِ النَّاس وَهُوَ أَن يتَزَوَّج الرجل على زَوجته بِامْرَأَة أُخْرَى فيخفي التَّزْوِيج ويوصي بكتمانه مَعَ كَونه يشْتَمل على ولي مرشد وشاهدي عدل وَإِذن الزَّوْجَة ورضاها وَهُوَ بَاطِل عِنْد مَالك وَحده وَصُورَة مَا إِذا زوج الْوَلِيّ وَعقد العقد بِحَضْرَة فاسقين فقد قَالَ أَبُو حنيفَة بانعقاده وَهُوَ مُنْعَقد عِنْد مَالك أَيْضا لِأَن الأَصْل عِنْده أَن الشَّهَادَة لَيست ركنا فِي العقد وَهُوَ غير مُنْعَقد عِنْد الشَّافِعِي وَأحمد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 71 وَصُورَة مَا إِذا عقد الْوَلِيّ العقد بِحُضُور رجل وَامْرَأَتَيْنِ فَهُوَ صَحِيح عِنْد مَالك على أَصله فِي عدم اشْتِرَاط الشُّهُود وَعند أبي حنيفَة يثبت وَيصِح بالتداعي إِلَى حَاكم حَنَفِيّ فيدعي وَيُؤَدِّي الرجل والمرأتان الشَّهَادَة فَيحكم بِمُوجبِه مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ وَكَذَلِكَ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن أَحْمد وَهُوَ بَاطِل عِنْد الشَّافِعِي وَفِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن أَحْمد وَصُورَة مَا إِذا عقد الْوَلِيّ النِّكَاح بِحَضْرَة أعميين انْعَقَد النِّكَاح عِنْد أبي حنيفَة وَأحمد فَقَط وَصُورَة مَا إِذا عقد الْوَلِيّ الْكِتَابِيّ النِّكَاح وَالزَّوْج مُسلم بِحُضُور كتابيين انْعَقَد عِنْد أبي حنيفَة وَحده وَصُورَة مَا إِذا عقد الْوَلِيّ الْكِتَابِيّ نِكَاح موليته على مُسلم بِحُضُور شَاهِدين مُسلمين فَهُوَ صَحِيح عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ خلافًا لِأَحْمَد وَصُورَة مَا إِذا زوج الْمُسلم أمته الْكَافِرَة فَهُوَ جَائِز عِنْدهم إِلَّا فِي أحد قولي الشَّافِعِي هَكَذَا ذكره صَاحب الإفصاح وَقَالَ الإِمَام الرَّافِعِيّ ويزوج الْمُسلم أمته الْكِتَابِيَّة وَلم يذكر فِيهِ الْقَوْلَيْنِ للشَّافِعِيّ وَصُورَة مَا إِذا زوج السَّيِّد عَبده الْبَالِغ إجبارا انْعَقَد عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك وَفِي القَوْل الْقَدِيم للشَّافِعِيّ وَعند الشَّافِعِي على الْجَدِيد وَأحمد أَنه لَا يملك الْإِجْبَار وَصُورَة مَا إِذا تزوج العَبْد إجبارا لسَيِّده مَعَ طلب العَبْد وَامْتِنَاع السَّيِّد من التَّزْوِيج فَيصح العقد عِنْد أَحْمد وَفِي أحد قولي الشَّافِعِي وَهُوَ بَاطِل عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ فِي القَوْل الآخر وَقد تقدم بَيَان الْخلاف فِي ذَلِك فِي مسَائِل الْبَاب بِمَا فِيهِ الْكِفَايَة صُورَة إعفاف الْوَالِد بِالتَّزْوِيجِ وإجبار وَلَده على إعفافه عِنْد أَحْمد فِي أظهر الرِّوَايَتَيْنِ عَنهُ وَفِي قَول عَن الشَّافِعِي أصدق فلَان ابْن فلَان لوالده فلَان الْمَذْكُور فُلَانَة صَدَاقا مبلغه كَذَا فِي ذمَّته عَن وَالِده الْمَذْكُور وَولى تَزْوِيجهَا من وَالِده الْمَذْكُور وَليهَا فلَان بِإِذْنِهَا ورضاها وَقبل هُوَ لوالده عقد هَذَا التَّزْوِيج وخاطبه عَلَيْهِ شفاها مجبرا على ذَلِك أَو بِاخْتِيَارِهِ وَرضَاهُ برا بوالده الْمَذْكُور وَعَلِيهِ الْقيام بِمَا تحْتَاج إِلَيْهِ الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة من نَفَقَة مثلهَا وَكِسْوَة مثلهَا عَن وَالِده الْمَذْكُور بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيّ وَذَلِكَ بِحُضُور من تمّ العقد بحضورهم شرعا وَصُورَة مَا إِذا زوج السَّيِّد أم وَلَده إجبارا بِغَيْر رِضَاهَا أصدق فلَان فُلَانَة أم وَلَده الجزء: 2 ¦ الصفحة: 72 فلَان صَدَاقا مبلغه كَذَا زَوجهَا مِنْهُ بذلك سَيِّدهَا الْمشَار إِلَيْهِ إجبارا وَقبل الزَّوْج الْمَذْكُور عقد هَذَا التَّزْوِيج بِمحضر من تمّ العقد بحضورهم شرعا ويكمل فَهَذَا العقد صَحِيح عِنْد أبي حنيفَة وَأحمد وَفِي رِوَايَة عَن مَالك وَفِي أحد الْقَوْلَيْنِ عَن الشَّافِعِي صُورَة مَا إِذا أعتق الرجل جَارِيَته وَجعل عتقهَا صَدَاقهَا أعتق فلَان جَارِيَته فُلَانَة وَيذكر جِنْسهَا ونوعها وَجعل عتقهَا صَدَاقهَا وانعقد بَينهمَا بذلك النِّكَاح انعقادا شَرْعِيًّا وَصَارَت زوجا لَهُ وَصَارَ عتقهَا صَدَاقهَا وَذَلِكَ بِحُضُور شَاهِدي عدل من غير اعْتِبَار رِضَاهَا فِي ذَلِك وَوَقع الْإِشْهَاد على الْمُعْتق الْمَذْكُور بذلك فِي تَارِيخ كَذَا وَكَذَا فَهَذِهِ الصُّورَة تصح عِنْد أَحْمد وَحده فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنهُ بَاطِلَة عِنْد البَاقِينَ وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى عَن أَحْمد وَصُورَة أُخْرَى فِي ذَلِك أصدق فلَان عتيقته فُلَانَة صَدَاقا هُوَ عتقهَا بِمُقْتَضى أَنَّهَا قَالَت لَهُ أعتقني على أَن أتزوجك وَيكون عتقي صَدَاقي عَلَيْك فَأعْتقهَا على ذَلِك فَقبلت ورضيت وأذنت فِي إِيجَاب العقد مِنْهُ على صدَاق هُوَ الْعتْق فَزَوجهَا ولي شَرْعِي من الْمُعْتق وَقَبله مِنْهُ قبولا شَرْعِيًّا بِحُضُور من تمّ العقد بحضورهم شرعا فَهَذِهِ الصُّورَة جَائِزَة عِنْد أَحْمد وَحده صُورَة صدَاق مَحْجُور عَلَيْهِ فِي الشَّرْع الشريف أصدق فلَان الْمَحْجُور عَلَيْهِ بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ أَو المستمر يَوْمئِذٍ تَحت حجر الشَّرْع الشريف بِمَدِينَة كَذَا عِنْد مَا رغب هَذَا الزَّوْج فِي التَّزْوِيج ودعت حَاجته إِلَى النِّكَاح وتاقت نَفسه إِلَيْهِ بِإِذن صدر لَهُ فِي ذَلِك من سيدنَا فلَان الدّين النَّاظر فِي الحكم الْعَزِيز الْإِذْن الصَّحِيح الشَّرْعِيّ بخطوبته فُلَانَة الْبكر الْبَالِغ أَو الْمَرْأَة الْكَامِل الْمُطلقَة من فلَان الْفُلَانِيّ طَلَاقا بَائِنا أَو المفسوخ نِكَاحهَا من فلَان الْفُلَانِيّ أَو مختلعة فلَان الْفُلَانِيّ أصدقهَا الْمُصدق الْمَذْكُور بِالْإِذْنِ الْمَذْكُور من مَاله الَّذِي تَحت حوطة الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَو المستقر بمودع الحكم الْعَزِيز الْمشَار إِلَيْهِ صَدَاقا مبلغه كَذَا قبضت مِنْهُ الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة أَو والدها أَو جدها أَو وَليهَا الشَّرْعِيّ على يَد القَاضِي فلَان الدّين الْآذِن الْمشَار إِلَيْهِ من مَال الزَّوْج الْمَذْكُور كَذَا قبضا شَرْعِيًّا تَاما وافيا وَبَاقِي ذَلِك وَهُوَ كَذَا مقسطا عَلَيْهِ من اسْتِقْبَال كل سنة كَذَا ويكمل إِلَى آخِره ثمَّ يَقُول وَشهِدت الْبَيِّنَة الشَّرْعِيَّة أَن الصَدَاق الْمعِين أَعْلَاهُ صدَاق مثله على مثلهَا ويؤرخ تَنْبِيه الصَدَاق على مَحْجُور عَلَيْهَا أَو من مَحْجُور عَلَيْهِ يكْتب كَمَا تقدم غير أَن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 73 ذكر الْقَبْض لَا يكون إِلَّا من الْوَصِيّ أَو الْحَاكِم أَو أَمِينه فَيَقُول عجل لَهَا من ذَلِك كَذَا فَقبض لَهَا سيدنَا فلَان الدّين ليصرفه فِي مصالحها وَيذكر الْوَصِيَّة وثبوتها وأهلية الْمُوصى إِلَيْهِ وَحكم الْحَاكِم بذلك وَيَقُول فِي آخر الْكتاب وَذَلِكَ بعد أَن شهِدت الْبَيِّنَة الشَّرْعِيَّة أَن الْمهْر الْمُسَمّى أَعْلَاهُ مهر مثلهَا على مثله ويؤرخ فَإِن لم يكن فِي الْبَلَد حَاكم أَو امْتنع الْوَلِيّ من تَزْوِيج الْمَحْجُور عَلَيْهِ فَهَل يسْتَقلّ بِالتَّزْوِيجِ كَمَا لَو امْتنع من الْإِنْفَاق عَلَيْهِ أَو من اسْتِيفَاء دينه قد تقدم أَن الرَّافِعِيّ وَمن وَافقه من أَصْحَاب الشَّافِعِي لَا يجوزون ذَلِك وَذهب صَاحب الْبَحْر الصَّغِير وَصَاحب التَّهْذِيب إِلَى الْجَوَاز انْتهى صُورَة تَزْوِيج مَحْجُور عَلَيْهِ بِامْرَأَة مَحْجُور عَلَيْهَا أصدق فلَان الْمَحْجُور عَلَيْهِ بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ عِنْدَمَا دعت حَاجته إِلَى النِّكَاح وأبى الْوَلِيّ من تَزْوِيجه وتاقت نَفسه إِلَيْهِ مخطوبته فُلَانَة ابْنة فلَان الْمَحْجُور عَلَيْهَا فِي الحكم الْعَزِيز بِمَدِينَة كَذَا أَو المستمرة تَحت حجر والدها الْمَذْكُور صَدَاقا مبلغه كَذَا قبض ذَلِك والدها الْمَذْكُور أَو أَمِين الحكم الْعَزِيز من مَال الْمُصدق الَّذِي تَحت يَده ليصرفه فِي مصَالح الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة وَيصْلح بِهِ شَأْنهَا وَضمن الدَّرك فِي ذَلِك من قبلهَا فِي حَال بُلُوغهَا وَقَبله وَبعده فِي مَاله وذمته ضمانا شَرْعِيًّا وَولى تَزْوِيجهَا إِيَّاه بذلك والدها الْمَذْكُور بِحَق ولَايَته عَلَيْهَا شرعا ويكمل على نَحْو مَا سبق وَيَقُول وَذَلِكَ بعد أَن شهِدت الْبَيِّنَة الشَّرْعِيَّة أَن الْمهْر الْمَذْكُور مهر الْمثل لكل مِنْهُمَا على الآخر وَيقبل النِّكَاح بِإِذن الْوَصِيّ أَو الْحَاكِم ويؤرخ صُورَة مَا إِذا أصدق رجل امْرَأَة عَن مُوكله بعد أَن سمى لَهُ الزَّوْجَة على صدَاق عينه لَهُ وَعرفهَا الْوَكِيل أصدق فلَان عَن مُوكله فلَان ويشرح الْوكَالَة وثبوتها فُلَانَة بنت فلَان الْبكر الْبَالِغ صَدَاقا مبلغه كَذَا عجل لَهَا من مَال مُوكله الْمَذْكُور كَذَا وَكَذَا فقبضته وَصَارَ بِيَدِهَا وحوزها قبضا شَرْعِيًّا وَبَاقِي الصَدَاق على مَا يتفقان عَلَيْهِ فِي التقسيط يقوم بِهِ الْمُوكل فِي سلخ كل شهر كَذَا وَقبل الْوَكِيل الْمُسَمّى أَعْلَاهُ عقد هَذَا النِّكَاح لمُوكلِه فلَان الْمَذْكُور على الصَدَاق الْمعِين فِيهِ قبولا شَرْعِيًّا ويكمل صُورَة صدَاق حر لمملوكة لعدم الطول أصدق فلَان مخطوبته فُلَانَة مَمْلُوكَة فلَان المعترفة لَهُ بِالرّقِّ والعبودية عِنْد مَا خشِي على نَفسه الْعَنَت والوقوع فِي الْمَحْظُور لعدم الطول وَلم يكن فِي عصمته زَوْجَة وَلَا يقدر على صدَاق حرَّة بعد أَن وضح ذَلِك لَدَى سيدنَا فلَان الدّين بِشَهَادَة فلَان وَفُلَان وَأَن الزَّوْج الْمَذْكُور فَقير من فُقَرَاء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 74 الْمُسلمين عادم الطول لَيْسَ فِي عصمته زَوْجَة وَلَا يقدر على نِكَاح حرَّة بخبرة الْبَيِّنَة الشَّرْعِيَّة الشاهدة لَهُ بذلك بباطن حَاله وَثَبت ذَلِك عِنْد الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ وَحكم بِهِ حكما شَرْعِيًّا صَدَاقا مبلغه كَذَا وَولى تَزْوِيجهَا إِيَّاه بذلك سَيِّدهَا الْمَذْكُور بِحَق ولَايَته عَلَيْهَا شرعا أَو مَوْلَاهَا مَالك رقبَتهَا فلَان الْمَذْكُور وَلَا يحْتَاج إِلَى إِذْنهَا وَقبل الزَّوْج الْمَذْكُور النِّكَاح الْمَذْكُور على الصَدَاق الْمعِين أَعْلَاهُ قبولا شَرْعِيًّا واعترف بِمَعْرِِفَة معنى هَذَا التَّزْوِيج وَمَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ شرعا ويؤرخ وَقد تقدم القَوْل فِي اخْتِلَاف الْعلمَاء وَأَن مَذْهَب أبي حنيفَة يجوز تزوج الْأمة مَعَ الْقُدْرَة على الْحرَّة صُورَة صدَاق مَمْلُوك تزوج حرَّة بِرِضَاهَا ورضى سَائِر أوليائها أصدق فلَان الْمُسلم الدّين وَيذكر جنسه وحليته مَمْلُوك فلَان الْحَاضِر مَعَه عِنْد شُهُوده الْمُعْتَرف لسَيِّده الْمَذْكُور بِالرّقِّ والعبودية بسؤال مِنْهُ لسَيِّده الْمَذْكُور وَأذن سَيّده لَهُ فِي ذَلِك الْإِذْن الشَّرْعِيّ فُلَانَة الْحرَّة أصدقهَا بِإِذن مَوْلَاهُ الْمَذْكُور صَدَاقا مبلغه كَذَا دَفعه من مَال مَوْلَاهُ الْمَذْكُور لهَذِهِ الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة أَو يقوم بِهِ الزَّوْج الْمَذْكُور من كَسبه دون سَيّده فِي كل سنة كَذَا وَأذن لَهُ سَيّده فِي السَّعْي فِي ذَلِك والتكسب وَالْبيع وَالشِّرَاء وَالْأَخْذ وَالعطَاء إِذْنا شَرْعِيًّا وَولى تَزْوِيجهَا إِيَّاه بذلك وَليهَا الشَّرْعِيّ فلَان أَو وَكيله فلَان بِإِذْنِهَا فِي ذَلِك بعد أَن علمت هِيَ ووليها فلَان الْمَذْكُور أَن الزَّوْج الْمَذْكُور مَمْلُوك لفُلَان ورضيا بذلك وأسقطا حَقّهمَا من الدَّعْوَى بِمَا يُنَافِي ذَلِك إِسْقَاطًا شَرْعِيًّا وَقبل الزَّوْج الْمَذْكُور التَّزَوُّج على الصَدَاق الْمعِين أَعْلَاهُ بِإِذن مَوْلَاهُ الْمَذْكُور قبولا شَرْعِيًّا صُورَة صدَاق مَمْلُوك تزوج بمملوكة أصدق فلَان الْمُسلم الدّين وَيذكر جنسه وحليته مَمْلُوك فلَان بِإِذن من مَوْلَاهُ فِي ذَلِك مخطوبته فُلَانَة الْبكر الْبَالِغ أَو الثّيّب الْبَالِغ مَمْلُوكَة فلَان بِإِذْنِهِ لَهَا فِي ذَلِك أصدقهَا كَذَا وَكَذَا دفع ذَلِك من مَال مَوْلَاهُ بِإِذْنِهِ لوَلِيّ الزَّوْجَة أَو لمولاتها فُلَانَة فقبضته لتصلح بِهِ شَأْنهَا وَولي تَزْوِيجهَا إِيَّاه بذلك مَوْلَاهَا فلَان الْمَذْكُور بِحَق ملكه وولايته عَلَيْهَا ويكمل على نَحْو مَا سبق وَإِن كَانَ المملوكان لشخص وَاحِد فَيكْتب بِغَيْر صدَاق لِأَن الصَدَاق رَاجع إِلَى السَّيِّد وَجَمِيع مَا يملكهُ العَبْد وَالْأمة للسَّيِّد فَلَا يعْتَبر الصَدَاق جملَة كَافِيَة كَمَا ذهب إِلَيْهِ الْعلمَاء رَحِمهم الله تَعَالَى وَمِنْهُم من يذكر الصَدَاق تبركا وَصُورَة ذَلِك أنكح فلَان أَو زوج فلَان مَمْلُوكه فلَان الْمُسلم الدّين الْبَالِغ وَيذكر جنسه وحليته من مملوكته فُلَانَة الْمسلمَة الدينة الْبَالِغَة وَيذكر جِنْسهَا وحليتها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 75 على صدَاق قدره كَذَا دَفعه من مَاله عَن مَمْلُوكه فلَان لمملوكته فُلَانَة فقبضت ذَلِك مِنْهُ وَأذن لَهَا أَن تصرفه فِي مصالحها وَعقد نِكَاحهَا عَلَيْهِ عقدا صَحِيحا شَرْعِيًّا وَقبل فلَان هَذَا النِّكَاح من سَيّده الْمَذْكُور على الصَدَاق الْمعِين أَعْلَاهُ بِإِذْنِهِ لَهُ فِي ذَلِك قبولا شَرْعِيًّا وَأقر كل وَاحِد من الزَّوْجَيْنِ الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ أَنه مَمْلُوك لفُلَان الْمُسَمّى أَعْلَاهُ ملكا صَحِيحا شَرْعِيًّا وبمضمونه أشهد السَّيِّد والزوجان عَلَيْهِم فِي صِحَة مِنْهُم وسلامة ويؤرخ صُورَة صدَاق أخرس لَهُ إِشَارَة مفهمة أصدق فلَان وَهُوَ يَوْمئِذٍ أخرس لَا يتَكَلَّم أَصمّ لَا يسمع بَصِير عَاقل عَارِف بتدبير نَفسه وبالمضرة وَالْمَنْفَعَة وَالْبيع وَالشِّرَاء وَالْأَخْذ وَالعطَاء ويعارض النَّاس ويخالطهم ويفاوضهم وَيعرف من لَهُ نسب مِنْهُم وَوَلَاء مِمَّن لَيْسَ لَهُ نسب مِنْهُم وَلَا وَلَاء كل ذَلِك بِإِشَارَة مفهمة مفهومة قَائِمَة مِنْهُ مقَام النُّطْق وَصَارَت كاللغة لَا يجهلها من عرفهَا وَلَا ينكرها من علمهَا وساغ للشُّهُود الشَّهَادَة عَلَيْهِ لمعرفتهم مَقْصُوده مخطوبته فُلَانَة أصدقهَا بِالْإِشَارَةِ الْمَذْكُورَة صَدَاقا مبلغه كَذَا دَفعه من مَاله لهَذِهِ الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة وأقبضها إِيَّاه فقبضته مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا وَقبل الزَّوْج الْمَذْكُور النِّكَاح لنَفسِهِ بِالْإِشَارَةِ الْمَذْكُورَة قبولا شَرْعِيًّا ويكمل وَإِن كَانَت الزَّوْجَة أَيْضا خرساء كتب مخطوبته فُلَانَة وكل مِنْهُمَا أخرس أبكم لَا ينْطق بِلِسَانِهِ أَصمّ لَا يسمع بآذانه صَحِيح الْعقل وَالْبَصَر عَالم بِمَا يجب عَلَيْهِ شرعا كل ذَلِك بِالْإِشَارَةِ المفهمة الَّتِي يعلمهَا مِنْهُ شُهُوده وَلَا ينكرها من يعلمهَا عَنهُ صَدَاقا مبلغه كَذَا ويكمل وَيكْتب الْإِشَارَة بِالْإِذْنِ وَالْقَبُول ويؤرخ على نَحْو مَا سبق صُورَة صدَاق مجبوب أصدق فلَان المحبوب الَّذِي لَا ذكر لَهُ مخطوبته فُلَانَة الْبكر الْبَالِغ أَو الثّيّب صَدَاقا مبلغه كَذَا ويكمل ثمَّ يَقُول فِي آخِره وَذَلِكَ بعد أَن علمت الزَّوْجَة أَن الزَّوْج مجبوب لَا قدرَة لَهُ على النِّكَاح ورضيت بذلك الرِّضَا الْمُعْتَبر الشَّرْعِيّ ويؤرخ كَمَا تقدم وَصُورَة صدَاق نَصْرَانِيَّة على نَصْرَانِيّ أَو يَهُودِيَّة على يَهُودِيّ أصدق فلَان النَّصْرَانِي أَو الْيَهُودِيّ مخطوبته فُلَانَة النَّصْرَانِيَّة أَو الْيَهُودِيَّة وهما ذميان مقران بمذهبهما داخلان بقلبهما وذمتهما تَحت ظلال الدولة الطاهرة الزكية والخلافة العباسية راتعان فِي عدلها مغموران بإحسانها ملتزمان الْوَفَاء بعهدها أصدقهَا عِنْد تزَوجه بهَا كَذَا وَكَذَا دِينَارا إِن كَانَ حَالا كتب أَو منجما كتب وَولي تَزْوِيجهَا مِنْهُ أَبوهَا أَو أَخُوهَا ويكمل على مَا جرت بِهِ الْعَادة فِي أنكحة الْمُسلمين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 76 صُورَة دَائِرَة بَين الْأَوْلِيَاء فِي تَقْدِيم الابْن وَابْنه على الْأَب وَالْجد عِنْد مَالك وَيقدم الْأَب وَالْجد على الابْن وَابْن الابْن وَغَيرهمَا من الْأَوْلِيَاء بل لَا يكون للِابْن وَابْن الابْن ولَايَة عِنْد الشَّافِعِي إِلَّا إِذا كَانَ ابْن مُعتق لأم عِنْد الشَّافِعِي وَتَقْدِيم الابْن على الْجد عِنْد أبي حنيفَة وَتَقْدِيم الْجد على الْأَخ عِنْده وَتَقْدِيم الْجد على بَقِيَّة الْأَوْلِيَاء غير الْأَب عِنْد أَحْمد وَتَقْدِيم الْأَخ لِلْأَبَوَيْنِ على الْأَخ للْأَب عِنْدهم خلافًا لِأَحْمَد فَإِنَّهُمَا عِنْده سَوَاء فَهَذِهِ الصُّور الخلافية جَمِيعهَا قد تقدم ذكرهَا فِي الْخلاف فِي مسَائِل الْبَاب فَإِذا اتّفق وُقُوع شَيْء مِنْهَا فَليرْفَعْ إِلَى حَاكم تكون تِلْكَ الصُّورَة عِنْده صَحِيحَة فيثبتها وَيحكم بموجبها مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ وَكَذَا لَو كَانَ الْقَصْد الْبطلَان فيرفع إِلَى حَاكم يرى ذَلِك فَيحكم بِالْبُطْلَانِ مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ وَكَذَلِكَ يفعل فِيمَا عدا ذَلِك من الصُّور الْمُخْتَلف فِيهَا مثل أَن يُزَوّج الْوَلِيّ الْأَبْعَد مَعَ وجود الْأَقْرَب وَقدرته على أَن يعْقد وَهُوَ من غير تشاح وَلَا عضل فَإِن هَذَا العقد بَاطِل عِنْد الشَّافِعِي وَأحمد وَيكون مَوْقُوفا عِنْد أبي حنيفَة على الْإِجَازَة من الْوَلِيّ الْأَقْرَب أَو إِن كَانَت الزَّوْجَة صَغِيرَة فَإلَى أَن تبلغ وتجيز وَعند مَالك إِذا زوج الْأَبْعَد من غير تشاح حصل من الْوَلِيّ الْأَقْرَب صَحَّ العقد وَأما الْكَفَاءَة فقد تقدم ذكر الْخلاف فِيهَا بَين الْعلمَاء رَحِمهم الله تَعَالَى وَيَتَرَتَّب عَلَيْهَا صور كَثِيرَة الحاذق يعرفهَا وَيدْرك مَا يكون فِيهَا من الصِّحَّة والبطلان وَيرْفَع كل صُورَة إِلَى حَاكم يرى مَا يَقْصِدهُ صَاحب الْوَاقِعَة فِيهَا من الصِّحَّة والبطلان وَكَذَلِكَ فِيمَا إِذا زَوجهَا بعض الْأَوْلِيَاء بِغَيْر كُفْء بِإِذْنِهَا ورضاها فَعِنْدَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد لَا يبطل النِّكَاح ولبقية الْأَوْلِيَاء الِاعْتِرَاض وَعند أبي حنيفَة يسْقط حَقهم فَإِن كَانَ الْقَصْد تَصْحِيحه فيرفع إِلَى حَاكم حَنَفِيّ يُثبتهُ وَيحكم بِصِحَّتِهِ مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ وَكَذَلِكَ إِذا زوجت الْمَرْأَة بِدُونِ مهر مثلهَا فَلَا اعْتِرَاض للأولياء عَلَيْهَا إِلَّا عِنْد أبي حنيفَة فَإِن لَهُم الِاعْتِرَاض وَلنَا ثَلَاث صور الأولى أصدق فلَان فُلَانَة بنت عَمه أخي أَبِيه لِأَبَوَيْهِ فلَان ابْن فلَان صَدَاقا مبلغه كَذَا تولى الْمُصدق الْمَذْكُور الْإِيجَاب من نَفسه لنَفسِهِ بِإِذْنِهَا ورضاها وَقبل من نَفسه لنَفسِهِ عقد هَذَا التَّزْوِيج قبولا شَرْعِيًّا لعدم ولي أقرب مِنْهُ أَو مُنَاسِب بِحُضُور من تمّ العقد بحضورهم شرعا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 77 الثَّانِيَة أصدق فلَان فُلَانَة بنت عبد الله عتيقته يَوْم تَارِيخه صَدَاقا مبلغه كَذَا تولى الْمُصدق الْمَذْكُور الْإِيجَاب من نَفسه بِإِذْنِهَا ورضاها وَقبل من نَفسه لنَفسِهِ عقد هَذَا التَّزْوِيج قبولا شَرْعِيًّا لعدم عصبات معتقته الْمَذْكُورَة بِحُضُور من تمّ العقد بحضورهم شرعا الثَّالِثَة أصدق فلَان ابْن فلَان الْحَاكِم بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيّ فُلَانَة بنت عبد الله الْمَرْأَة الْبَالِغ الْعَاقِل الأيم صَدَاقا مبلغه كَذَا تولى الْمُصدق الْمشَار إِلَيْهِ تَزْوِيج الْمَرْأَة الْمَذْكُورَة من نَفسه بِإِذْنِهَا لَهُ فِي ذَلِك ورضاها وَقبل من نَفسه لنَفسِهِ العقد الْمَذْكُور على الصَدَاق الْمعِين أَعْلَاهُ قبولا شَرْعِيًّا بِحُضُور من تمّ العقد بحضورهم شرعا فَهَذِهِ الْعُقُود جَائِزَة عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك على الْإِطْلَاق خلافًا للشَّافِعِيّ وَأحمد فرع لَا يَصح العقد عِنْد الشَّافِعِي إِلَّا باجتماع أَربع زوج وَولي وشاهدين وَلنَا صُورَة يَصح فِيهَا العقد باجتماع أقل من الْعدَد الْمَذْكُور وَهِي مَا إِذا زوج الْجد للْأَب ابْنة ابْنه بِابْن ابْنه الآخر وهما صغيران فالجد فِي هَذِه الصُّورَة يتَوَلَّى الطَّرفَيْنِ وَيقبل من نَفسه لِابْنِ ابْنه فَهَذِهِ الصُّورَة صَحِيحَة عِنْد الشَّافِعِي مَعَ اجْتِمَاع أقل من الْعدَد الْمَشْرُوط فِي الصِّحَّة عِنْده صُورَة جمع الْمَمْلُوك بَين زَوْجَتَيْنِ فَأكْثر أصدق فلَان ابْن عبد الله الْجَارِي فِي رق فلَان بن عبد الله الْفُلَانِيّ الَّذِي تَحْتَهُ يَوْمئِذٍ زوجتان أَو ثَلَاثَة فُلَانَة بنت عبد الله صَدَاقا مبلغه كَذَا زَوجهَا مِنْهُ بذلك بِإِذْنِهَا ورضاها سَيِّدهَا فلَان الْمَذْكُور لعدم عصباتها وَقبل الزَّوْج الْمَذْكُور عقد هَذَا التَّزْوِيج قبولا شَرْعِيًّا بِإِذن سَيّده الْمَذْكُور بِحُضُور من تمّ العقد بحضورهم شرعا وَصَارَ تَحْتَهُ يَوْمئِذٍ ثَلَاث زَوْجَات أَو أَربع زَوْجَات فَهَذِهِ الصُّورَة صَحِيحَة عِنْد مَالك وَحده فَإِن العَبْد كَالْحرِّ عِنْده فِي الْجمع بَين الزَّوْجَات صُورَة تَزْوِيج باغية من غير تَوْبَة وَلَا اسْتِبْرَاء أصدق فلَان فُلَانَة الباغية صَدَاقا مبلغه كَذَا وَولي تَزْوِيجهَا مِنْهُ بذلك وَليهَا فلَان الْفُلَانِيّ من غير تَوْبَة صدرت مِنْهَا وَلَا اسْتِبْرَاء قبل الزَّوْج الْمَذْكُور ذَلِك لنَفسِهِ قبولا شَرْعِيًّا ويؤرخ فَهَذَا العقد صَحِيح عِنْد أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَكَذَلِكَ الْوَطْء جَائِز عِنْد الشَّافِعِي وَحده من غير اسْتِبْرَاء وَعند أبي حنيفَة لَا يطَأ إِلَّا بعد الِاسْتِبْرَاء بِحَيْضَة أَو بِوَضْع الْحمل إِن كَانَت حَامِلا وَأما مَالك وَأحمد فقد تقدم ذكر مَذْهَبهمَا فِي هَذِه الْمَسْأَلَة صُورَة مَا إِذا تزوج الْحر أَربع إِمَاء من سيد وَاحِد فِي عقد وَاحِد أَو عُقُود أَو كل وَاحِدَة من سيد أصدق فلَان ابْن فلَان فُلَانَة وفلانة وفلانة وفلانة النِّسَاء البالغات الجزء: 2 ¦ الصفحة: 78 العاقلات الرقيقات إِمَاء فلَان الْجَارِيَات فِي رقّه وولايته شرعا لكل وَاحِدَة مِنْهُنَّ صَدَاقا مبلغه كَذَا زوجهن مِنْهُ فِي عُقُود مُتعَدِّدَة سيدهن فلَان الْمشَار إِلَيْهِ أَو زوج كل وَاحِدَة مِنْهُنَّ بِعقد وَاحِد مُسْتَقل سَيِّدهَا فلَان وَقبل الزَّوْج الْمَذْكُور مِنْهُ عقد هَذَا التَّزْوِيج وخاطبه على ذَلِك شفاها بِحُضُور من تمّ العقد بحضورهم شرعا وَذَلِكَ مَعَ عدم الشَّرْطَيْنِ وَلَيْسَ تَحْتَهُ حرَّة وَلَا هِيَ فِي عدَّة مِنْهُ صُورَة تزوج الرجل جَارِيَة ابْنه على مَذْهَب الإِمَام أبي حنيفَة خلافًا للباقين أصدق فلَان فُلَانَة رقيقَة وَلَده لصلبه صَدَاقا مبلغه كَذَا وَزوجهَا مِنْهُ وَلَده الْمَذْكُور وَقبل مِنْهُ عقد هَذَا التَّزْوِيج وخاطبه عَلَيْهِ شفاها بِحُضُور من تمّ العقد بحضورهم شرعا لكَون أَن الْمُصدق الْمَذْكُور لَيْسَ تَحْتَهُ حرَّة وَلَا فِي عدته حرَّة ويكمل صُورَة صدَاق والمزوج الْحَاكِم بِإِذن الْوَلِيّ أصدق فلَان فُلَانَة الْبكر الْبَالِغ الْعَاقِل الخالية عَن الْأزْوَاج والموانع الشَّرْعِيَّة صَدَاقا مبلغه كَذَا زَوجهَا مِنْهُ بذلك بِإِذْنِهَا ورضاها أَو إِذن أَخِيهَا لأبويها فلَان الْآذِن الْمُرَتّب الشَّرْعِيّ سيدنَا الْحَاكِم الْفُلَانِيّ تزويجا شَرْعِيًّا وَقبل الزَّوْج الْمَذْكُور عقد هَذَا التَّزْوِيج وخاطبه عَلَيْهِ شفاها بِمحضر من ذَوي عدل بعد الِاعْتِبَار الشَّرْعِيّ وَبعد أَن ثَبت عِنْد الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ خلو الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة عَن الْأزْوَاج والموانع الشَّرْعِيَّة وَأَنَّهَا بكر بَالغ وَأَنَّهَا أَذِنت فِي التَّزْوِيج من الزَّوْج الْمَذْكُور على الصَدَاق الْمعِين أَعْلَاهُ وَأَن الْآذِن الْمَذْكُور أَخُوهَا لأبويها وَعدم ولي أقرب مِنْهُ وَإِذن الْآذِن الْمُرَتّب على إِذن الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة وَبعد اسْتِيفَاء الشَّرَائِط الشَّرْعِيَّة وَاعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره شرعا فَإِذا كَانَ الْوَلِيّ أَبَا أَو جدا فَلهُ أَن يُوكل فِي التَّزْوِيج وَإِن كَانَ غير أَب أَو جد فَلَا يجوز لَهُ أَن يُوكل وَكيلا بل يَأْذَن للْحَاكِم أَو نَائِبه فِي التَّزْوِيج وَإِن كَانَ الزَّوْج غير كُفْء فِي النّسَب أَو غَيره من أَصْنَاف الْكَفَاءَة فَيَقُول وَقد علمت الزَّوْجَة ووليها أَو وَجَمِيع أوليائها وهم فلَان وَفُلَان أَن الزَّوْج الْمَذْكُور غير كُفْء فِي النّسَب أَو غَيره مِمَّا يظهره الْحَال ورضيا أَو وَرَضوا بِهِ وأسقطوا حَقهم من الْكَفَاءَة بِسَبَبِهِ وَإِن كَانَت الزَّوْجَة قد علمت ورضيت هِيَ وَولي وَاحِد وَالْبَاقُونَ غير راضين فيرفع إِلَى حَاكم حَنَفِيّ يُثبتهُ وَيحكم بِمُوجبِه مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ وَإِن دعت الْمَرْأَة إِلَى كُفْء وعضل الْوَلِيّ ودعته إِلَى حَاكم فَأمره بِالتَّزْوِيجِ فَإِن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 79 أصر على العضل زَوجهَا الْحَاكِم أَو نَائِبه وَكتب آخر كتاب الصَدَاق وَذَلِكَ بعد أَن طلب الْحَاكِم المزوج أَو الْحَاكِم الْآذِن الْمشَار إِلَيْهِ وَالِد الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة أَو وَليهَا فلَان وَأمره بِالتَّزْوِيجِ وأعلمه أَنه ثَبت عِنْده أَن الزَّوْج الْمَذْكُور كُفْء للزَّوْجَة الْمَذْكُورَة كفاءة مثله لمثلهَا فعضل وَامْتنع من التَّزْوِيج فوعظه وَأخْبرهُ بِمَالِه من الْأجر فِي إجابتها وَمَا عَلَيْهِ من الْإِثْم إِن امْتنع من تَزْوِيجهَا فَلم يصغ إِلَى وعظه وأصر على الِامْتِنَاع وعضلها العضل الشَّرْعِيّ وَقَالَ بِحَضْرَة شُهُوده وَالْحَاكِم عضلتها وَلَا أزوجها وَثَبت عضله لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ وَبعد اسْتِيفَاء الشَّرَائِط الشَّرْعِيَّة وَاعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره شرعا وَقد تقدم ذكر الْخلاف فِي غيبَة الْوَلِيّ وَأَن الْولَايَة تنْتَقل إِلَى السُّلْطَان كالعضل وَهُوَ مَذْهَب الإِمَام الشَّافِعِي فَإِذا حصل التَّزْوِيج وَكَانَ الْوَلِيّ الْأَقْرَب غَائِبا فَإِن كَانَ الْعَاقِد شافعيا فَلَا يلْتَفت إِلَى الْوَلِيّ الْأَبْعَد بل يُزَوّج هُوَ بِإِذْنِهَا وَإِن كَانَ الْعَاقِد حنفيا فيزوج بِإِذن الْوَلِيّ الْأَبْعَد وَيَقُول إِذا كَانَ شافعيا وَولي تَزْوِيجهَا مِنْهُ بِإِذْنِهَا ورضاها لغيبة وَليهَا الْأَقْرَب وَلعدم مُنَاسِب لَهُ حَاضر فلَان الشَّافِعِي وَإِن كَانَ حنيفيا فَيَقُول وَولي تَزْوِيجهَا مِنْهُ بِإِذْنِهَا ورضاها وَإِذن ابْن أَخِيهَا لأبويها فلَان لغيبة وَالِد أَخِيهَا لأبويها الْغَيْبَة الشَّرْعِيَّة وَلعدم ولي أقرب من الْغَائِب أَو مُنَاسِب لَهُ فلَان الْحَنَفِيّ فصل الزَّوْجَة إِمَّا أَن تكون بكرا فَيكْتب فِي صَدَاقهَا الْبكر الْبَالِغ أَو تكون زَالَت بَكَارَتهَا بِعَارِض فَهِيَ فِي حكم الْبكر وَيكْتب فِي صَدَاقهَا الَّتِي زَالَت بَكَارَتهَا أَو تكون طَلقهَا زَوجهَا ثَلَاثًا أَو وَاحِدَة بَائِنا أَو ثِنْتَيْنِ بَائِنا أَو رَجْعِيًا وَبَانَتْ بِانْقِضَاء الْعدة أَو توفّي عَنْهَا زَوجهَا أَو فسخ نِكَاحهَا من زَوجهَا أَو زَوجهَا مَمْسُوح أَو صَغِير لَا يتَصَوَّر مِنْهُ إِنْزَال وَلَا جماع أَو غير ذَلِك فَيكْتب فِي كل وَاحِدَة بحسبها وَيسْتَشْهد فِي الْمُطلقَة بِمحضر الطَّلَاق وَفِي المفسوخ نِكَاحهَا بِمحضر الْفَسْخ وَيذكر السَّبَب ويحكي خَصمه وَإِن كَانَت رَجْعِيَّة وصيرها بهَا بَائِنا كتب على مَذْهَب من يرى ذَلِك وَإِن كَانَت الزَّوْجَة مُشركَة وَأسْلمت وَلم يسلم زَوجهَا فِي الْعدة وَحصل التَّفْرِيق بَينهمَا فَيكْتب وَذَلِكَ بِحكم أَن الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة كَانَت مُشركَة وَهِي فِي عصمَة زَوجهَا فلَان الْمُشرك وَأسْلمت وَهِي فِي عصمته وَهِي مَدْخُول بهَا قبل الْإِسْلَام وَحصل التَّفَرُّق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 80 الشَّرْعِيّ وَلم يسلم زَوجهَا الْمَذْكُور فبحكم ذَلِك بَانَتْ من عصمَة زَوجهَا الْمَذْكُور وحلت للأزواج فَإِن كَانَت غير مَدْخُول بهَا وَالْحَالة هَذِه وتعجلت الْفرْقَة فَيكْتب وَذَلِكَ بِحكم أَن الزَّوْجَة مُشركَة وَهِي فِي عصمَة زَوجهَا فلَان الْمُشرك وَلم يدْخل بهَا وَلم يصبهَا وَأسْلمت وتعجلت الْفرْقَة لَهَا مِنْهُ بذلك صُورَة نِكَاح الْمَوْقُوفَة تزوج فلَان بفلانة مَوْقُوفَة فلَان الَّتِي وَقفهَا على فلَان بِمُقْتَضى كتاب الْوَقْف الْمحْضر لشهوده المؤرخ بِكَذَا بِصَدَاق مبلغه كَذَا يسْتَحقّهُ الْمَوْقُوف عَلَيْهِ على الزَّوْج الْمَذْكُور فِي كَذَا وَكَذَا سنة عقده بَينهمَا الْحَاكِم الْفُلَانِيّ بِإِذن الْمَوْقُوف عَلَيْهِ بعد الوضوح الشَّرْعِيّ وَقَبله الزَّوْج الْمَذْكُور لنَفسِهِ قبولا شَرْعِيًّا وَعلم الزَّوْج الْمَذْكُور فِيهِ أَن أَوْلَاده الحادثون من الزَّوْجَة بِحكم هَذَا النِّكَاح يستحقهم الْمَوْقُوف عَلَيْهِ فِيهِ وَرَضي بذلك الرضى الشَّرْعِيّ ويؤرخ تَنْبِيه الْمَوْقُوف عَلَيْهِ يسْتَحق نتاجا وصوفا وَأَجرا ومهرا وثمرا وَولد جَارِيَة لَا وطئا وَقد تقدم ذكر ذَلِك فِي كتاب الْوَقْف انْتهى صُورَة تَزْوِيج المبعضة أصدق فلَان فُلَانَة المبعضة الَّتِي نصفهَا حر وَنِصْفهَا الآخر رَقِيق جَار فِي ملك فلَان الْفُلَانِيّ صَدَاقا مبلغه كَذَا وَكَذَا يسْتَحق مَوْلَاهَا النّصْف من ذَلِك بنظير مَا يملكهُ مِنْهَا استحقاقا شَرْعِيًّا زَوجهَا مِنْهُ بذلك مَوْلَاهَا الْمَذْكُور إجبارا فِيمَا يملكهُ مِنْهَا ومعتقها الَّذِي أعتق الْجُزْء الْحر مِنْهَا فلَان أَو وَلَده أَو الْحَاكِم بِإِذْنِهَا لَهُ فِي ذَلِك الْإِذْن الشَّرْعِيّ وَقبل الزَّوْج الْمَذْكُور النِّكَاح لنَفسِهِ على الْمُسَمّى فِيهِ قبولا شَرْعِيًّا وَعلم حكم الْوَلَد الْحَادِث وَأَن مَالك النّصْف يسْتَحق نصفه وَرَضي بذلك الرضى الشَّرْعِيّ صُورَة نِكَاح الْمبعض أصدق فلَان الْمبعض الَّذِي نصفه حر وَنصفه رَقِيق جَار فِي ملك فلَان الْفُلَانِيّ بِإِذن مَوْلَاهُ فلَان الْمَذْكُور فُلَانُهُ صَدَاقا مبلغه كَذَا ويكمل وَيكْتب فِي الْقبُول وَقَبله الزَّوْج لنَفسِهِ على ذَلِك بِإِذن مَالك نصفه الْمَذْكُور الْإِذْن الشَّرْعِيّ ورضيه صُورَة نِكَاح الْمَجْنُون أصدق فلَان عَن وَلَده فلَان الْمَجْنُون المطبق الَّذِي هُوَ تَحت حجره وَولَايَة نظره لما رأى لَهُ فِي ذَلِك من الْحَظ والمصلحة وَالْغِبْطَة من مَال وَلَده الْمَذْكُور أَو من مَال الْوَالِد أَو من المَال الَّذِي يخلفه لَهُ وَالِده الْمَذْكُور فُلَانَة ابْنة فلَان صَدَاقا مبلغه كَذَا وَقَبله لمحجوره الْمَذْكُور على ذَلِك قبولا شَرْعِيًّا ورضيه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 81 وَعلمت الزَّوْجَة ووليها الشَّرْعِيّ بذلك ورضيا بِهِ واعترف الْمُصدق أَن الصَدَاق مهر مثله لمثلهَا إِذا كَانَ من مَال الْوَلَد وَإِن من مَال الْوَالِد كتب برا بِهِ وحنوا عَلَيْهِ صُورَة تَزْوِيج الْمَجْنُونَة المطبقة تزوج فلَان فُلَانَة الْمَرْأَة أَو الْبكر أَو المعصر الْمَجْنُونَة الزائلة الْعقل الَّتِي رأى لَهَا والدها فِي تَزْوِيجهَا الْحَظ والمصلحة بِصَدَاق مبلغه كَذَا ويكمل وَيكْتب بعد التكملة وَالْقَبُول وَعلم الْمُصدق الْمُسَمّى أَعْلَاهُ أَن الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ مَجْنُونَة مطبقة زائلة الْعقل وَرَضي بذلك وَإِن كَانَ السُّلْطَان ولي الْمَجْنُونَة كتب الصَّدْر ثمَّ يَقُول عقده بَينهمَا فلَان الْحَاكِم لوُجُود الْحَاجة وبسبب توقع الشِّفَاء لَهَا أَو غَلَبَة الشَّهْوَة وَيكْتب فِي آخِره وشاور الْأَقَارِب لَهَا وهم فلَان وَفُلَان وَرَضوا بذلك صُورَة نِكَاح الَّتِي تجن وتفيق تزوج فلَان بفلانة الْبَالِغَة الَّتِي زَالَ عقلهَا أَو الَّتِي تجن وتفيق وَهِي الْآن مفيقة بِصَدَاق مبلغه كَذَا عقده بَينهمَا بِإِذْنِهَا ورضاها الصَّادِر مِنْهَا فِي حَال الْإِفَاقَة وَهِي مستمرة على ذَلِك إِلَى الْآن فلَان ويكمل إِلَى آخِره وَيكْتب علم الزَّوْج بِمَا يعرض لَهَا وَبِكُل شَيْء يُوجب الْفَسْخ بِسَبَبِهِ وَرَضي بذلك حَتَّى يَنْقَطِع التَّنَازُع صُورَة نِكَاح الْمكَاتب تزوج فلَان مكَاتب فلَان بِمُقْتَضى الْكِتَابَة الصادرة مِنْهُ فِي حَقه قبل تَارِيخه باعترافهما بذلك لشهوده أَو بِمُقْتَضى ورقة أحضرها لشهوده متضمنة لذَلِك مؤرخ بَاطِنهَا بِكَذَا وَأذن لمكاتبه فِي تعَاطِي ذَلِك وقبوله على الحكم الَّذِي سيعين فِيهِ بفلانة بِصَدَاق مبلغه كَذَا وَقَبله الزَّوْج لنَفسِهِ على ذَلِك ورضيه وَذَلِكَ بِإِذن مَوْلَاهُ الْمَذْكُور فَإِن كَانَت الزَّوْجَة حرَّة كتب وَعلمت أَنه مكَاتب ورضيت بِهِ الرِّضَا الشَّرْعِيّ وَكَذَلِكَ وَليهَا فَإِن كَانَ وَليهَا الْحَاكِم فالشافعي لَا يرى تَزْوِيجهَا إِلَّا من كُفْء وَغَيره يرى تَزْوِيجهَا بِرِضَاهَا وَإِن كَانَ لَهَا ولي وَالْحَالة هَذِه فالشافعي يُزَوّجهَا بِرِضَاهَا ووليها وَإِن كَانَت معصرا وَزوجهَا من يرى تَزْوِيجهَا غير الْأَب وَالْجد فَيصح وَلها الْخِيَار إِذا بلغت صُورَة نِكَاح الْمُكَاتبَة تزوج فلَان بفلانة مُكَاتبَة فلَان الْكِتَابَة الشَّرْعِيَّة ويحكى مَا تقدم وَإِقْرَار الْوَلِيّ وَالزَّوْجَة بذلك بِصَدَاق مبلغه كَذَا زَوجهَا مِنْهُ بذلك بِإِذْنِهَا ورضاها مكاتبها الْمَذْكُور وَيكْتب الْقبُول وَعلم الزَّوْج الْمَذْكُور أَن الزَّوْجَة إِن عجزت نَفسهَا وعادت إِلَى الرّقّ فَالْوَلَد يتبعهَا وَإِن صَارَت حرَّة فَالْوَلَد يتبعهَا وَرَضي بذلك ويؤرخ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 82 صُورَة نِكَاح المفوضة زوج فلَان بفلانة الرشيدة الَّتِي قَالَت لوَلِيّهَا الشَّرْعِيّ زَوجنِي بِلَا مهر فامتثل مقالتها وَزوجهَا من الْمُصدق الْمَذْكُور بِلَا مهر بِالْإِذْنِ الشَّرْعِيّ تزويجا صَحِيحا شَرْعِيًّا قبله الزَّوْج الْمَذْكُور لنَفسِهِ قبولا شَرْعِيًّا وَعلم الزَّوْج الْمَذْكُور أَن بِالْوَطْءِ لَهَا تسْتَحقّ عَلَيْهِ مهر مثلهَا أَكثر مهر من يَوْم العقد إِلَى يَوْم الْوَطْء وَرَضي بذلك تَنْبِيه إِذا جرى تَفْوِيض فَالْأَظْهر أَنه لَا يجب شَيْء بِنَفس العقد فَإِذا وطىء فمهر مثل وَيعْتَبر أَكثر مهر من يَوْم العقد إِلَى يَوْم الْوَطْء وللمفوضة قبل الْوَطْء مُطَالبَة الزَّوْج بِأَن يفْرض مهْرا وَحبس نَفسهَا ليفرض وَكَذَا ليسلم الْمَفْرُوض فِي الْأَصَح وَيشْتَرط رِضَاهَا بِمَا يفرضه الزَّوْج لَا علمهَا بِقدر مهر الْمثل فِي الْأَظْهر وَيجوز بمؤجل وَفَوق مهر الْمثل وَلَو امْتنع من الْفَرْض أَو تنَازعا فِيهِ فرض القَاضِي نقد الْبَلَد حَالا وَلَو رضيت بمؤجل لم يُؤَجل وَقيل لَهَا التَّأْخِير وَلَا يزِيد على مهر الْمثل وَلَا ينقص انْتهى صُورَة نِكَاح الْوَلَد وَجعل الْوَالِد أمه صَدَاقا لَهُ أصدق فلَان عَن وَلَده لصلبه فلَان الَّذِي هُوَ تَحت حجره وَولَايَة نظره وَرَأى لَهُ فِي ذَلِك الْحَظ والمصلحة وَالْغِبْطَة فُلَانَة صَدَاقا هُوَ وَالِدَة الزَّوْج الْمَذْكُور فُلَانَة الَّتِي هِيَ فِي ملك وَالِده الْمَذْكُور وَهِي معترفة لَهُ بسابق الرّقّ والعبودية إِلَى الْآن وَقَبله لوَلَده الْمَذْكُور على ذَلِك قبولا شَرْعِيًّا فبحكم ذَلِك عتقت الوالدة الْمَذْكُورَة بِدُخُولِهَا فِي ملك الابْن لِأَنَّهَا لَا تصير صَدَاقا حَتَّى يقدر دُخُولهَا فِي ملك الابْن فَإِذا دخلت فِي ملك الابْن عتقت عَلَيْهِ وَإِذا عتقت عَلَيْهِ وَجب للزَّوْجَة وَالْحَالة هَذِه مهر الْمثل على الزَّوْج الْمُسَمّى أَعْلَاهُ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا وَاعْتَرَفت الزَّوْجَة ووالد الزَّوْج أَن مهر الْمثل الْقدر الْمعِين أَعْلَاهُ وَذَلِكَ على مَذْهَب من يرى ذَلِك من السَّادة الْعلمَاء رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ وَإِن لم يعلم مِقْدَار مهر الْمثل فيفرض مَا تقدم إِمَّا بِأَن يتوافق الزَّوْجَة ووالد الزَّوْج على فَرْضه أَو يفرضه الْحَاكِم صُورَة نِكَاح جَارِيَة من مَال الْقَرَاض تزوج فلَان الَّذِي فِيهِ شُرُوط نِكَاح الْإِمَاء من خوف الْعَنَت وَعدم طول حرَّة وَلم يكن تَحْتَهُ حرَّة بفلانة الَّتِي هِيَ من جملَة مَال الْقَرَاض الَّذِي هُوَ من جِهَة فلَان وَالْعَامِل فِي ذَلِك فلَان بِصَدَاق مبلغه كَذَا يسْتَحقّهُ عَلَيْهِ رب المَال الْمَذْكُور دون الْعَامِل عقده بَينهمَا رب المَال الْمَذْكُور وَقَبله الزَّوْج لنَفسِهِ قبولا شَرْعِيًّا وَذَلِكَ بعد اعْتِرَاف رب المَال وَالْعَامِل الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ أَن ذَلِك قبل الْقِسْمَة وَأَن مَال الْقَرَاض بَاقٍ بِغَيْر قسْمَة الرِّبْح الجزء: 2 ¦ الصفحة: 83 وَإِن كَانَ الزَّوْج حرا فَيكْتب وَعلم الزَّوْج الْمُسَمّى أَعْلَاهُ أَن الْوَلَد الْحَادِث لَهُ من الْجَارِيَة الْمَذْكُورَة بِحكم هَذَا الترويج يفوز بِهِ رب المَال وَيكون رَقِيقا وَرَضي بذلك وَإِن كَانَ الزَّوْج عبدا فَيعلم مَوْلَاهُ وَالْعَبْد بذلك وَقد تقدم فِي كتاب الْقَرَاض أَن الْعَامِل لَا يملك على الصَّحِيح إِلَّا بعد الْقِسْمَة لَا بِظُهُور الرِّبْح وثمار الْأَشْجَار والنتاج وَكسب الرَّقِيق وَمهر الْجَارِيَة الْوَاقِعَة من مَال الْقَرَاض وَالْولد وبذل الْمَنَافِع يفوز بهَا الْمَالِك وَصُورَة نِكَاح رب المَال وَجعله مهْرا جَارِيَة الْقَرَاض صَدَاقا للْمَرْأَة الَّتِي يتَزَوَّج بهَا تزوج فلَان بفلانة على صدَاق مبلغه كَذَا وَالْبَاقِي منجم لَهَا عَلَيْهِ فِي سلخ كل سنة تمْضِي من تَارِيخه كَذَا عقده بَينهمَا فلَان وَليهَا الشَّرْعِيّ وَقَبله الزَّوْج لنَفسِهِ قبولا شَرْعِيًّا ثمَّ بعد ذَلِك أحَال الزَّوْج الْمَذْكُور أَعْلَاهُ زَوجته فُلَانَة الْمَذْكُورَة مَعَه أَعْلَاهُ على ذمَّة زوج جَارِيَة الْقَرَاض الَّذِي المزوج رب المَال وَفِيه وعامله فلَان بمبلغ الصَدَاق الَّذِي هُوَ فِي ذمَّة الزَّوْج الْمَذْكُور ويستحقه رب المَال الْمَذْكُور عَلَيْهِ دون الْعَامِل الشَّاهِد بِهِ كتاب الزَّوْجِيَّة بَينهمَا الْمحْضر لشهوده وَيكْتب عَلَيْهِ مَا يَنْبَغِي كِتَابَته شرعا وَهُوَ نَظِير مَا للزَّوْجَة الْمَذْكُورَة فِي ذمَّة زَوجهَا فلَان وَهُوَ رب المَال الْمَذْكُور الْمُوَافق لَهُ فِي الْقدر وَالْجِنْس وَالصّفة والحلول والتأجيل حِوَالَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة قبلتها مِنْهُ قبولا شَرْعِيًّا وَذَلِكَ بِحُضُور زوج جَارِيَة الْقَرَاض وَرضَاهُ بذلك حَتَّى يخرج من الْخلاف وَإِذا لم يشْهد عَلَيْهِ زوج جَارِيَة الْقَرَاض بالرضى أَو لم يَتَيَسَّر ذَلِك فيثبته عِنْد حَاكم يرى صِحَة ذَلِك حَتَّى لَا ينْقض وَإِن كَانَت الزَّوْجَة محجورة قبل لَهَا الْحِوَالَة وَليهَا الشَّرْعِيّ ويرضاه لَهَا إِذا كَانَت الْمصلحَة لَهَا فِي ذَلِك صُورَة مَا يكْتب على كتاب جَارِيَة الْقَرَاض صَار جَمِيع مبلغ الصَدَاق الْمعِين بَاطِنه وَجُمْلَته كَذَا وَكَذَا لفلانة الَّتِي تزَوجهَا فلَان رب المَال الْمَذْكُور بَاطِنه بِالسَّبَبِ الَّذِي سيعين فِيهِ وَهُوَ أَن فلَان رب المَال الْمَذْكُور تزوج بفلانة الْمَذْكُورَة تزويجا شَرْعِيًّا على صدَاق جملَته كَذَا وَهُوَ نَظِير مبلغ الصَدَاق الْمعِين بَاطِنه حَاله ومؤجله وحصلت الْحِوَالَة مِنْهُ للزَّوْجَة الْمَذْكُورَة على ذمَّة زوج الْجَارِيَة الْمَذْكُورَة بَاطِنه بِحكم توَافق ذَلِك جِنْسا وَقدرا وَصفَة وحلولا وتأجيلا وَحصل الْقبُول الشَّرْعِيّ من فُلَانَة أَو من وَليهَا الشَّرْعِيّ فلَان بذلك وَرَضي الزَّوْج الْمحَال عَلَيْهِ بذلك إِن كَانَ حصل الْإِشْهَاد بِرِضَاهُ وَكتب ذَلِك بِظَاهِر صدَاق المحتالة الْمَذْكُورَة على رب المَال الْمُحِيل الْمَذْكُور الشَّاهِد بَينهمَا بِأَحْكَام الزَّوْجِيَّة فبحكم ذَلِك صَار الصَدَاق الْمعِين بَاطِنه ملكا لفلانة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 84 زوج رب المَال الْمَذْكُور دونه وَدون كل أحد بِسَبَبِهِ وبرئت ذمَّة رب المَال من مبلغ الصَدَاق الْمَذْكُور بِحكم انْتِقَال ذَلِك من ذمَّته بالحوالة إِلَى ذمَّة الْمحَال عَلَيْهِ الْمَذْكُور تَنْبِيه الْأَحْسَن أَن يفعل ذَلِك بعد أَن يدْخل رب المَال بِزَوْجَتِهِ ويصيبها وَبعد أَن يدْخل زوج جَارِيَة الْقَرَاض بهَا ويصيبها حَتَّى يَتَقَرَّر الْمهْر فَإِذا طلق كل مِنْهُمَا قبل الدُّخُول تقرر النّصْف من ذَلِك لكل من زَوْجَة رب المَال وَتصير الْحِوَالَة بَاقِيَة على حكمهَا فِي النّصْف وَإِن طلق رب المَال فيتقرر النّصْف من الصَدَاق الَّذِي كَانَ فِي ذمَّته وَصَارَ فِي ذمَّة الْمحَال عَلَيْهِ وَيبقى النّصْف الثَّانِي من الصَدَاق الَّذِي هُوَ فِي ذمَّة زوج جَارِيَة الْقَرَاض فيتقرر النّصْف الَّذِي فِي ذمَّته لزوجة رب المَال بِحكم الْحِوَالَة الْمَذْكُورَة وَيسْقط النّصْف الثَّانِي وَيُطَالب زَوْجَة رب المَال زَوجهَا الْمَذْكُور بِالنِّصْفِ الثَّانِي لفساد الْحِوَالَة فِيهِ بِحكم الدُّخُول وَتَقْرِير الصَدَاق جَمِيعه انْتهى فصل إِذا اعْترف رجل وَامْرَأَة أَنَّهُمَا زوجان متناكحان وَأَن صدَاق الزَّوْجَة عدم وَأَرَادُوا تَجْدِيد صدَاق يشْهد بَينهمَا بِأَحْكَام الزَّوْجِيَّة فالطرفين فِي ذَلِك على أَرْبَعَة أَنْوَاع الأول أقرّ فلَان أَن فِي ذمَّته بِحَق صَحِيح شَرْعِي لزوجته الَّتِي اعْترف أَنَّهَا الْآن فِي عصمته وَعقد نِكَاحه وَدخل بهَا وأصابها واستولدها أَوْلَادًا ويسميهم وَهِي فُلَانَة من الذَّهَب كَذَا حَالا أَو مُؤَجّلا أَو بعضه حَال وَبَعضه منجم وَأَن ذَلِك مبلغ صَدَاقهَا عَلَيْهِ الشَّاهِد بِهِ كتاب الزَّوْجِيَّة بَينهمَا الَّذِي ادَّعَت الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة عَدمه عدما لَا يقدر على وجوده وَحلفت على ذَلِك الْيَمين الشَّرْعِيّ وَأقر بالملاءة وَالْقُدْرَة على ذَلِك ويكمل إِلَى آخِره وَقد سبق ذكر هَذِه فِي كتاب الْإِقْرَار لتعلقها بِهِ الثَّانِي أشهد عَلَيْهِ فلَان وفلانة أَنَّهُمَا زوجان متناكحان بِنِكَاح صَحِيح شَرْعِي بولِي مرشد وشاهدي عدل من قبل تَارِيخه على الْوَضع الشَّرْعِيّ دخل الزَّوْج مِنْهُمَا بِالزَّوْجَةِ وأصابها واستولدها على فرَاشه أَوْلَادًا ويسميهم إِن كَانُوا وَأقر الزَّوْج مِنْهُمَا أَن مبلغ صدَاق زَوجته الْمَذْكُورَة عَلَيْهِ وَقدره كَذَا وَكَذَا حَالا أَو منجما أَو بعضه حَال وَبَعضه منجم لَهَا عَلَيْهِ فِي سلخ كل سنة تمْضِي من تَارِيخ جَرَيَان عقد النِّكَاح الشَّرْعِيّ بَينهمَا كَذَا وَكَذَا بَاقٍ لَهَا فِي ذمَّته وَلَا يسْقط ذَلِك وَلَا شَيْء مِنْهُ عَن ذمَّته بِوَجْه من الْوُجُوه وَلَا بِسَبَب من الْأَسْبَاب إِلَى يَوْم تَارِيخه وَأَن الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة لم تبن من عصمته بِطَلَاق رَجْعِيّ وَلَا بَائِن وَلَا فسخ وَلَا غَيره مُنْذُ تزَوجهَا إِلَى الْآن وَأَن أَحْكَام الزَّوْجِيَّة بَاقِيَة بَينهمَا إِلَى يَوْم تَارِيخه وتصادقا على ذَلِك كُله تَصَادقا شَرْعِيًّا ويؤرخ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 85 الثَّالِث أقرَّت فُلَانَة أَنَّهَا مُوَاصلَة من زَوجهَا بذكرهما فلَان بكسوتها ونفقتها الواجبتين لَهَا عَلَيْهِ شرعا من حِين بنى بهَا وَإِلَى يَوْم تَارِيخه مُوَاصلَة شَرْعِيَّة وَأَنَّهَا عارفة بِقدر الْكسْوَة ونوعها وجنسها وَبِمَا وصل إِلَيْهَا من ذَلِك الْمعرفَة الشَّرْعِيَّة النافية للْجَهَالَة وَذَلِكَ بِحُضُور زَوجهَا الْمَذْكُور وتصديقه لَهَا على ذَلِك واعترافه أَن مبلغ صدَاق زَوجته الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ الشَّاهِد بَينهمَا بِأَحْكَام الزَّوْجِيَّة الَّذِي ادَّعَت الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة عَدمه عدما لَا يقدر على وجوده وَقدره كَذَا وَكَذَا بَاقٍ فِي ذمَّته لَهَا إِلَى يَوْم تَارِيخه وَأَنه ملك عَلَيْهَا الطلقات الثَّلَاث وَأَن أَحْكَام الزَّوْجِيَّة قَائِمَة بَينهمَا إِلَى تَارِيخه وَذَلِكَ بعد اعترافهما بِالدُّخُولِ والإصابة وَالِاسْتِيلَاد وتصادقا على ذَلِك كُله تَصَادقا شَرْعِيًّا ويؤرخ الرَّابِع وَهُوَ أقوى الطّرق بِاعْتِبَار مَا يثبت عِنْد الْحَاكِم وَصُورَة ذَلِك لَا يَخْلُو إِمَّا أَن تكون قبل الْمَوْت أَو بعد موت الزَّوْج فَإِن كَانَت قبل موت الزَّوْج فَيكْتب على لِسَان الزَّوْجَة سُؤال صورته الْمَمْلُوكَة فُلَانَة تقبل الأَرْض وتنهي أَن شخصا يُسمى فلَان تزوج بهَا تزويجا صَحِيحا شَرْعِيًّا بِصَدَاق جملَته كَذَا حَالا أَو منجما وَأَن صَدَاقهَا الشَّاهِد بَينهمَا بِالزَّوْجِيَّةِ عدم أَو لم يكْتب لَهَا مَا يشْهد بِهِ وَلها بَيِّنَة شَرْعِيَّة تشهد بذلك وسؤالها من الصَّدقَات العميمة إِذن كريم بِكِتَابَة محْضر شَرْعِي بذلك صَدَقَة عَلَيْهَا وإحسانا إِلَيْهَا أنهت ذَلِك ثمَّ ترفع السُّؤَال إِلَى الْحَاكِم فَيكْتب عَلَيْهِ بِالْإِذْنِ على الْعَادة فِي ذَلِك ثمَّ يكْتب الشُّهُود تَحت السُّؤَال المشروح أَعْلَاهُ بعد الْبَسْمَلَة الشَّرِيفَة شُهُوده الواضعون خطوطهم إِلَى آخِره يعوقون فلَانا وفلانة الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة جَامِعَة لاسمهما وعينهما ونسبهما وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنَّهُمَا زوجان متناكحان بِنِكَاح صَحِيح شَرْعِي صدر العقد بَينهمَا بولِي مرشد وشاهدي عدل ورضاها بِشَرْطِهِ الْمُعْتَبر الشَّرْعِيّ وَأَن مبلغ صَدَاقهَا عَلَيْهِ الَّذِي صدر عَلَيْهِ العقد بَينهمَا جملَته كَذَا وَكَذَا إِمَّا على حكم الْحُلُول أَو التنجيم وَيشْهدُونَ على إِقْرَار الزَّوْج الْمَذْكُور أَنه دخل بِزَوْجَتِهِ الْمَذْكُورَة وأصابها واستولدها على فرَاشه أَوْلَادًا ويسميهم وَأَنَّهَا لم تبن مِنْهُ بِطَلَاق رَجْعِيّ وَلَا بَائِن وَلَا فسخ وَلَا غَيره وَأَن أَحْكَام الزَّوْجِيَّة قَائِمَة بَينهمَا إِلَى الْآن يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين بسؤال من جَازَ سُؤَاله شرعا وَكتب فِي تَارِيخ كَذَا بِالْإِذْنِ الْكَرِيم العالي الحاكمي الْفُلَانِيّ وَيكْتب الشُّهُود رسم شَهَادَتهم فِيهِ شهد بمضمونه فلَان ورفيقه كَذَلِك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 86 وَإِن كَانَ الْمحْضر بعد الْمَوْت فَإِن كَانَ الشُّهُود يشْهدُونَ بِمهْر الْمثل فَيكْتب بعد الصَّدْر الْمُتَقَدّم وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنَّهُمَا زوجان متناكحان بِنِكَاح صَحِيح شَرْعِي بولِي مرشد وشاهدي عدل دخل الزَّوْج مِنْهُمَا بِالزَّوْجَةِ وأصابها وَإِن كَانَ ثمَّ أَوْلَاد فيذكرهم وَأَن الزَّوْج مِنْهُمَا توفى إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى قبل تَارِيخه وَأَن مهر مثلهَا على مثله كَذَا وَكَذَا وَأَن ورثته الْمُسْتَحقّين لميراثه المستوعبين لجميعه فلَان وَفُلَان وَفُلَان من غير شريك لَهُم فِي ذَلِك وَلَا حَاجِب وَإِن كَانَت الْبَيِّنَة تشهد على إِقْرَار الزَّوْج أَن مبلغ الصَدَاق كَذَا وَكَذَا فيكتبه وَإِن كَانَت تشهد بمبلغ الصَدَاق فَيكْتب وَأَن مبلغ صَدَاقهَا عَلَيْهِ كَذَا وَكَذَا ويكمل على نَحْو مَا سبق وَيثبت عِنْد الْحَاكِم وَيصير هَذَا الْمحْضر مُسْتَند الزَّوْجَة فِي الزَّوْجِيَّة وَفِي مبلغ الصَدَاق وَصُورَة فسخ الزَّوْجِيَّة بالجنون أَو الْمَرَض أَو الجذام أَو الرتق أَو الْقرن حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ فُلَانَة وَادعت على زَوجهَا فلَان لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَنه تزوج بهَا تزويجا صَحِيحا شَرْعِيًّا بولِي مرشد وشاهدي عدل وصداق شَرْعِي وَلم تعلم بِهِ عَيْبا يثبت لَهَا خِيَار فسخ وَأَنَّهَا وجدت بِهِ برصا أَو غير ذَلِك وَهُوَ بِهِ الْآن وَأَنَّهَا حِين علمهَا بذلك اخْتَارَتْ فِرَاقه وَالْفَسْخ لنكاحه وَسَأَلت سُؤَاله عَن ذَلِك فَسَأَلَهُ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ عَن ذَلِك فَأجَاب بِصِحَّة دَعْوَاهَا ثمَّ سَأَلت الْحَاكِم أَن يفرق بَينهمَا وَيحكم بتحريمها عَلَيْهِ وَانْقِطَاع عصمَة الزَّوْجِيَّة بَينهمَا بِحكم الْفَسْخ الْمَذْكُور الْوَاقِع بِشَرْطِهِ الشَّرْعِيّ وَذَلِكَ بعد ثُبُوت الزَّوْجِيَّة بَينهمَا عِنْد الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَن يحكم لَهَا بذلك فأجابها إِلَى سؤالها وَحكم لَهَا بذلك حكما صَحِيحا شَرْعِيًّا تَاما مُعْتَبرا مرضيا بِالْمُوجبِ الشَّرْعِيّ أَو حكم بِمُوجب ذَلِك ويكمل وَإِن كَانَ الْعَيْب بِالزَّوْجَةِ فَتَقَع الدَّعْوَى من الزَّوْج وَيكْتب مَا يُوَافق ذَلِك من هَذَا الأنموذج وَإِن كَانَ الْفَسْخ بوكيل الزَّوْج أَو وَكيل الزَّوْجَة أَو بوكيليهما فَيكْتب ذَلِك بعد ثُبُوت عقد النِّكَاح أَو يكون التَّوْكِيل جرى بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز فَيكْتب فِي إسجال الْحَاكِم وَثَبت صُدُور التَّوْكِيل الْمَذْكُور أَعْلَاهُ بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الْمشَار إِلَيْهِ بِحكم صدوره فِيهِ واعتراف الْمُوكل بِهِ لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ وَلَا يكون الْفَسْخ إِلَّا عِنْد الْحَاكِم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 87 فرع قَالَت وطِئت عَالما بِالْعَيْبِ فَأنْكر الْعَمَل أَو قَالَت مكنت وَأَنت عَالم بعيبي صدق الْمُنكر فِي الْأَصَح وَالْفَسْخ قبل الدُّخُول يسْقط الْمهْر والمتعة وَبعده يجب مهر الْمثل إِن فسخ بمقارن أَو بحادث بعد العقد وَالْوَطْء جَهله الواطىء والمسمى إِن حدث بعد وَطْء وَإِذا طلق قبل الدُّخُول ثمَّ علم بعيبها لم يسْقط حَقّهَا من النّصْف وَمن فسخ نِكَاحهَا بعد دُخُول فَلَا نَفَقَة وَلَا سُكْنى لَهَا فِي الْعدة وَإِن كَانَت حَامِلا مَعَ الْخلاف فِي ذَلِك وَإِن أَرَادَ أَن يسكنهَا حفظا لمائه فَلهُ ذَلِك وَعَلَيْهَا الْمُوَافقَة وَلَو فسخ بِعَيْب ثمَّ بَان أَن لَا عيب بَطل الْفَسْخ على الصَّحِيح من الْوَجْهَيْنِ وَلَو رَضِي أَحدهمَا بِعَيْب الآخر ثمَّ حدث عيب آخر ثَبت الْفَسْخ فِيهِ لَا إِن زَاد الأول على الصَّحِيح مَسْأَلَة شَرط بَكَارَتهَا فَوجدت ثَيِّبًا فَقَالَت زَالَت عنْدك فَأنْكر فَالْقَوْل قَوْلهَا مَعَ يَمِينهَا لرفع الْفَسْخ وَقَوله بِيَمِينِهِ لرفع كَمَال الْمهْر فرع ظَنّهَا مسلمة أَو حرَّة فَبَانَت كِتَابِيَّة أَو أمة وَهِي تحل لَهُ فَلَا خِيَار فِي الْأَظْهر وَصُورَة الْقسم بَين الزَّوْجَات أشهد عَلَيْهِ فلَان أَن فِي عصمته وَعقد نِكَاحه من الزَّوْجَات فُلَانَة وفلانة وفلانة الْحَرَائِر وَقسم لَهُنَّ بِالْقُرْعَةِ على الْوَجْه الشَّرْعِيّ فَصَارَت نوبَة فُلَانَة كَذَا ونوبة فُلَانَة كَذَا ونوبة فُلَانَة كَذَا وَعَلِيهِ الْعَمَل فِي ذَلِك بتقوى الله وطاعته وخشيته ومراقبته ووفاء حقهن بِمَا قسم لَهُنَّ من غير ضَرَر وَلَا ضرار بِهن وَلَا حيف وَلَا شطط وَلَا مشقة عَلَيْهِنَّ وَلَا إيلام قلب والطلب من الله تَعَالَى الْإِعَانَة لَهُ والتوفيق للْقِيَام بِالْعَدْلِ بَينهُنَّ والإنصاف على الحكم المشروح أَعْلَاهُ وَذَلِكَ بحضورهن وإشهادهن على أَنْفسهنَّ بِالرِّضَا بذلك على حكم الطواعية وَالِاخْتِيَار من غير إِكْرَاه وَلَا إِجْبَار وَكَانَ الْحَظ والمصلحة لَهُنَّ فِي ذَلِك على مَا نَص وَشرح فِيهِ وتصادقوا على ذَلِك تَصَادقا شَرْعِيًّا ويؤرخ وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 88 كتاب الْخلْع وَمَا يتَعَلَّق بِهِ من الْأَحْكَام سمي الْخلْع خلعا لِأَن الْمَرْأَة تخلع نَفسهَا مِنْهُ وَهِي لِبَاس لَهُ لقَوْله تَعَالَى {هن لِبَاس لكم وَأَنْتُم لِبَاس لَهُنَّ} وَسمي الافتداء لِأَنَّهَا تَفْتَدِي نَفسهَا مِنْهُ بِمَا تبذله لَهُ من الْعِوَض وَالْخلْع يَنْقَسِم على ثَلَاثَة أَقسَام قِسْمَانِ مباحان وَقسم مَحْظُور فأحد المباحين إِذا كرهت الْمَرْأَة خلق الزَّوْج أَو خلقه أَو دينه وخافت أَن لَا تُؤدِّي حَقه فبذلت لَهُ عوضا ليُطَلِّقهَا جَازَ ذَلِك وَحل لَهُ أَخذه بِلَا خلاف لقَوْله تَعَالَى {فَإِن خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُود الله فَلَا جنَاح عَلَيْهِمَا فِيمَا افتدت بِهِ} وروى الشَّافِعِي عَن مَالك عَن يحيى بن سعيد عَن عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن عَن حَبِيبَة بنت سهل أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج إِلَى صَلَاة الصُّبْح وَهِي على بَابه فَقَالَ من هَذِه فَقَالَت أَنا حَبِيبَة بنت سهل فَقَالَ مَا شَأْنك فَقَالَت يَا رَسُول الله لَا أَنا وَلَا ثَابت تَعْنِي زَوجهَا ثَابت بن قيس فَلَمَّا جَاءَ ثَابت قَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه حَبِيبَة تذكر مَا شَاءَ الله أَن تذكر فَقَالَت يَا رَسُول الله كل مَا أَعْطَانِي عِنْدِي فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِثَابِت خُذ مِنْهَا فَأخذ مِنْهَا وَجَلَست فِي أَهلهَا وَفِي رِوَايَة عَن الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ أَنَّهَا اخْتلعت من زَوجهَا وَقَالَ الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق جميلَة بنت سهل وَرُوِيَ أَن الرّبيع بنت بن معوذ بن عفراء اخْتلعت على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْقسم الثَّانِي من الْمُبَاح أَن تكون الْحَالة مُسْتَقِيمَة بَين الزَّوْجَيْنِ وَلَا يكره أَحدهمَا الآخر فيتراضيا على الْخلْع فَيصح وَيحل للزَّوْج مَا بذلت لَهُ لقَوْله تَعَالَى {فَإِن طبن لكم عَن شَيْء مِنْهُ نفسا فكلوه هَنِيئًا مريئا} الْقسم الثَّالِث وَهُوَ أَن يضْربهَا أَو يخوفها بِالْقَتْلِ أَو يمْنَعهَا نَفَقَتهَا أَو كسوتها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 89 ليخالعها فَهَذَا الْمَحْظُور لقَوْله تَعَالَى {وَلَا تعضلوهن لتذهبوا بِبَعْض مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة مبينَة} والعضل الْمَنْع فَإِن خالعته فِي هَذِه الْحَالة وَقع الطَّلَاق وَلَا يملك الزَّوْج مَا بذلته لَهُ على ذَلِك فَإِن كَانَ بعد الدُّخُول كَانَ رَجْعِيًا لِأَن الرّجْعَة إِنَّمَا سَقَطت لأجل ملكه المَال فَإِذا لم يملك المَال كَانَ لَهُ الرّجْعَة فَإِن ضربهَا للتأديب فِي النُّشُوز فخالعته عقب الضَّرْب صَحَّ الْخلْع لِأَن ثَابت بن قيس كَانَ قد ضرب زَوجته فخالعته مَعَ علم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْحَال وَلم يُنكر عَلَيْهِمَا وَلِأَن كل عقد صَحَّ مَعَ الضَّرْب صَحَّ بعده كَمَا لَو حد الإِمَام رجلا ثمَّ اشْترى مِنْهُ شَيْئا عقبه قَالَ الطَّبَرِيّ وَهَكَذَا لَو ضربهَا لتفتدي مِنْهُ فافتدت نَفسهَا مِنْهُ عقبه طَائِعَة صَحَّ لما ذَكرْنَاهُ وَإِن زنت فَمنعهَا حَقّهَا لتخالعه فخالعته فَفِيهِ قَولَانِ أَحدهمَا أَنه من الْخلْع الْمُبَاح لقَوْله تَعَالَى {وَلَا تعضلوهن لتذهبوا بِبَعْض مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة مبينَة} فَدلَّ على أَنَّهَا إِذا أَتَت بِفَاحِشَة مبينَة جَازَ عضلها وَالثَّانِي أَنه من الْخلْع الْمَحْظُور لِأَنَّهُ خلع أكرهت عَلَيْهِ بِمَنْع حَقّهَا فَهُوَ كَمَا لَو أكرهها على ذَلِك من غير زنا وَأما الْآيَة فَقيل إِنَّهَا مَنْسُوخَة بالإمساك فِي الْبيُوت وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {واللاتي يَأْتِين الْفَاحِشَة من نِسَائِكُم فاستشهدوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَة مِنْكُم فَإِن شهدُوا فأمسكوهن فِي الْبيُوت حَتَّى يتوفاهن الْمَوْت أَو يَجْعَل الله لَهُنَّ سَبِيلا} ثمَّ نسخ ذَلِك بِالْجلدِ وَالرَّجم وَهُوَ فرقة بعوض بِلَفْظ طَلَاق أَو خلع وعَلى التَّقْدِيرَيْنِ فَيشْتَرط لصحتهما من الزَّوْج أَن يكون مِمَّن ينفذ طَلَاقه فَلَا يَصح خلع الصَّبِي وَالْمَجْنُون وَيصِح خلع الْمَحْجُور عَلَيْهِ بالفلس والسفه وَإِذا خَالع السَّفِيه على مَال فَلَا يسلم المَال إِلَيْهِ بل إِلَى وليه وَيصِح خلع العَبْد وَيسلم المَال إِلَى السَّيِّد وَيشْتَرط فِيمَن يقبل الْخلْع أَن يكون مُطلق التَّصَرُّف فِي المَال فَإِن كَانَت الزَّوْجَة المختلعة أمة واختلعت بِغَيْر إِذن السَّيِّد حصلت الْبَيْنُونَة سَوَاء اخْتلعت بِعَين مَال السَّيِّد أَو بدين وَهل يسْتَحق الزَّوْج فِي ذمَّتهَا مهر الْمثل أَو قيمَة الْعين إِذا اخْتلعت بِعَين وَمهر الْمثل أَو الْمُسَمّى فِي صُورَة الدّين فيهمَا قَولَانِ الْأَظْهر الأول وَإِن اخْتلعت بِإِذن السَّيِّد فَإِن عين مَالا من أَمْوَاله يختلع عَلَيْهِ وامتثلت أمره الجزء: 2 ¦ الصفحة: 90 صَحَّ الْخلْع وَكَذَا إِن قدر دينا فامتثلت وَيتَعَلَّق المَال بكسبها فَإِن أطلق الْإِذْن اقْتضى الاختلاع بِمهْر الْمثل وَلَو خَالع السَّفِيه زَوجته أَو قَالَ طَلقتك على كَذَا فَقبلت وَقع الطَّلَاق رَجْعِيًا وَإِن لم تقبل لم يَقع الطَّلَاق واختلاع الْمَرِيضَة فِي مرض الْمَوْت بِمهْر الْمثل أَو بِمَا دونه نَافِذ وَلَا يعْتَبر من الثُّلُث فَإِن زَادَت اعْتبرت الزِّيَادَة من الثُّلُث وَلَا يَصح خلع البائنة وَأَصَح الْقَوْلَيْنِ صِحَة خلع الرَّجْعِيَّة وَيجوز أَن يكون عوض الْخلْع قَلِيلا وَكَثِيرًا أَو عينا أَو دينا وسبيله سَبِيل الصَدَاق وَلَو جرى الْخلْع على مَجْهُول نفذت الْبَيْنُونَة وَكَانَ الرُّجُوع إِلَى مهر الْمثل وَإِن جرى على خمر أَو خِنْزِير فالرجوع إِلَى مهر الْمثل فِي أصح الْقَوْلَيْنِ وَيجوز التَّوْكِيل بِالْخلْعِ من الْجَانِبَيْنِ وَإِذا قَالَ الزَّوْج لوَكِيله خَالعهَا بِمِائَة فَلَا ينقص عَن الْمِائَة وَإِن أطلق فَلَا ينقص عَن مهل الْمثل فَإِن نقص عَن الْقدر أَو عَن مهر الْمثل فِي صُورَة الْإِطْلَاق فأصح الْقَوْلَيْنِ أَنه لَا يَقع الطَّلَاق وَالثَّانِي يَقع وَيجب مهر الْمثل وَإِن قَالَت الزَّوْجَة لوكيلها اخلعني بِمِائَة فاختلع بهَا أَو بِمَا دونهَا بِالْوكَالَةِ نفذ وَإِن اختلع بِأَكْثَرَ وَقَالَ اخْتلعت بِكَذَا فِي مَالهَا بوكالتها حصلت الْبَيْنُونَة وَأَصَح الْقَوْلَيْنِ أَن الْوَاجِب على الْمَرْأَة مهر الْمثل وَالثَّانِي أَكثر الْأَمريْنِ من مهر الْمثل وَمَا سمته هِيَ وَهل الْفرْقَة بِلَفْظ الْخلْع طَلَاق أَو فسخ لَا ينقص بِهِ عدد الطَّلَاق فِيهِ قَولَانِ أصَحهمَا أَنه لَا طَلَاق وَإِن قُلْنَا بِهِ فَلفظ الْفَسْخ كِنَايَة فِيهِ الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب الْخلْع مُسْتَمر الحكم بِالْإِجْمَاع ويحكى عَن بكر بن عبد الله الْمُزنِيّ أَنه قَالَ الْخلْع مَنْسُوخ وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْء وَاتفقَ الْأَئِمَّة على أَن الْمَرْأَة إِذا كرهت زَوجهَا لقبح منظر أَو سوء عشرَة جَازَ لَهَا أَن تخالعه على عوض وَإِن لم يكن شَيْء من ذَلِك وتراضيا على الْخلْع من غير سَبَب جَازَ وَلم يكره وَحكي عَن الزُّهْرِيّ وَعَطَاء وَدَاوُد أَن الْخلْع لَا يَصح فِي هَذِه الْحَالة وَالْخلْع طَلَاق بَائِن عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك وَفِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن أَحْمد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 91 وَالصَّحِيح الْجَدِيد من أَقْوَال الشَّافِعِي الثَّلَاثَة وَقَالَ أَحْمد فِي أظهر الرِّوَايَتَيْنِ هُوَ فسخ لَا ينقص عددا وَلَيْسَ بِطَلَاق وَهُوَ الْقَدِيم من قولي الشَّافِعِي وَاخْتَارَهُ جمَاعَة من متأخري أَصْحَابه بِشَرْط أَن يكون ذَلِك مَعَ الزَّوْجَة وبلفظ الْخلْع وَلَا يَنْوِي بِهِ الطَّلَاق وَللشَّافِعِيّ قَول ثَالِث أَنه لَيْسَ بِشَيْء فصل وَهل يكره الْخلْع بِأَكْثَرَ من الْمُسَمّى قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لَا يكره ذَلِك وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا كَانَ النُّشُوز من قبلهَا كره أَخذ أَكثر من الْمُسَمّى وَإِن كَانَ من قبله كره أَخذ شَيْء مُطلقًا وَصَحَّ مَعَ الْكَرَاهَة وَقَالَ أَحْمد يكره الْخلْع على أَكثر من الْمُسَمّى مُطلقًا فصل وَإِذا طلق المختلعة مِنْهُ قَالَ أَبُو حنيفَة يلْحقهَا طَلَاقه فِي مُدَّة الْعدة وَقَالَ مَالك إِن طَلقهَا عقب خلعه طَلْقَة مُتَّصِلَة بِالْخلْعِ طلقت وَإِن انْفَصل الطَّلَاق عَن الْخلْع لم تطلق وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد لَا يلْحقهَا الطَّلَاق بِحَال وَلَو خَالع زَوجته على إِرْضَاع وَلَدهَا سنتَيْن جَازَ فَإِن مَاتَ الْوَلَد قبل الْحَوْلَيْنِ قَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد يرجع عَلَيْهَا بِقِيمَة الرَّضَاع للمدة الْمَشْرُوطَة وَعَن مَالك رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا يسْقط الرَّضَاع وَلَا يقوم غير الْوَلَد مقَامه وَالثَّانيَِة لَا يسْقط الرَّضَاع بل يَأْتِيهَا بِولد مثله ترْضِعه وَإِذا قُلْنَا بالْقَوْل الأول فإلام ترجع قَولَانِ الْجَدِيد إِلَى مهر الْمثل وَالْقَدِيم إِلَى أُجْرَة الرَّضَاع فصل لَيْسَ للْأَب أَن يخلع ابْنَته الصَّغِيرَة بِشَيْء من مَالهَا عِنْد أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَقَالَ مَالك يسْتَحق عَلَيْهَا الْألف سَوَاء طَلقهَا ثَلَاثًا أَو وَاحِدَة لِأَنَّهَا تملك نَفسهَا بالواحدة كَمَا تملك بِالثلَاثِ وَقَالَ الشَّافِعِي يسْتَحق ثلث الْألف فِي الْحَالَتَيْنِ وَقَالَ أَحْمد لَا يسْتَحق شَيْئا فِي الْحَالَتَيْنِ وَلَو قَالَت طَلقنِي وَاحِدَة بِأَلف فَطلقهَا ثَلَاثًا فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد تطلق ثَلَاثًا وَيسْتَحق الْألف وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يسْتَحق شَيْئا وَتطلق ثَلَاثًا فصل وَيصِح الْخلْع من غير زَوجته بالِاتِّفَاقِ وَهُوَ أَن يَقُول أَجْنَبِي للزَّوْج طلق امْرَأَتك بِأَلف وَقَالَ أَبُو ثَوْر لَا يَصح انْتهى فَائِدَة من فَتَاوَى الْبَغَوِيّ لَو قَالَت لوكيلها اخلعني على مَا استصوبت كَانَ لَهُ اختلاعها على مَاله فِي ذمَّتهَا وعَلى مَالهَا من الصَدَاق فِي ذمَّة الزَّوْج وَلَا تخالع على عين من أَعْيَان أموالها لِأَن مَا يُفَوض إِلَى الرَّأْي ينْصَرف إِلَى الذِّمَّة عَادَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 92 قَالَ القَاضِي تَاج الدّين فِي الطَّبَقَات وَهُوَ فرع غَرِيب مَسْأَلَة رجل لَهُ امْرَأَتَانِ إِذا خَالع إِحْدَاهمَا انْفَسَخ نِكَاح الْأُخْرَى صورتهَا هَذَا الرجل كَانَ قد تزوج بِأمة المختلعة ثمَّ أيسر فَتزَوج بسيدتها ثمَّ خَالع السَّيِّد بِهَذِهِ الْأمة انْفَسَخ نِكَاح الْأمة لِأَن ملك الْيَمين وَالنِّكَاح لَا يَجْتَمِعَانِ المصطلح وَهُوَ يشْتَمل على صور وللخلع عمد ذكر الزَّوْجَة وَالزَّوْج وأسمائهما وَطلب المختلعة مِنْهُ أَن يخلعها على بدل مَعْلُوم الْقدر وَالصّفة إِن كَانَ مِمَّا يُوصف وَذكر إِجَابَة الخالع إِلَى مَا سَأَلت عَلَيْهِ وخوفهما أَن لَا يُقِيمَا حُدُود الله وَذكر دفع الْبَدَل إِلَى الزَّوْج وَذكر قَبضه مِنْهَا وَذكر خلعه إِيَّاهَا على مَا اتفقَا عَلَيْهِ من عدد الْخلْع وَذكر الدُّخُول بهَا إِن كَانَت مَدْخُولا بهَا وَصِحَّة الْعقل وَالْبدن وَجَوَاز الْأَمر وإقرارهما بذلك وَمَعْرِفَة الشُّهُود بهما والتاريخ بِالْيَوْمِ والشهر وَالسّنة وَالْخلْع تَارَة يكون مَعَ الزَّوْجَيْنِ وَتارَة يكون من وكيليهما وَتارَة يكون من وَكيل أَحدهمَا مَعَ الآخر وَتارَة يكون مَعَ الْأَجْنَبِيّ وَتارَة يكون مَعَ الزَّوْجَة وَالزَّوْج سَفِيه وَتارَة يكون مَعَ وَالِد الزَّوْجَة أَو جدها إِذا كَانَت تَحت حجرهما وَتارَة يكون بعد الدُّخُول وَتارَة يكون قبل الدُّخُول وَصُورَة خلع الزَّوْجَيْنِ على الْمُسَمّى وَحده وَهُوَ غير مَكْرُوه خَالع فلَان زَوجته فُلَانَة على جَمِيع صَدَاقهَا الْمعِين بَاطِنه إِن كتب ذَلِك فِي فصل بِظَاهِر كتاب الصَدَاق وَقدره كَذَا وَكَذَا خلعا صَحِيحا شَرْعِيًّا بسؤالها إِيَّاه فِي ذَلِك وَقد بَانَتْ مِنْهُ بذلك وملكت نَفسهَا عَلَيْهِ فَلَا تحل لَهُ إِلَّا بِعقد جَدِيد بِشُرُوطِهِ الشَّرْعِيَّة وتصادقا على الدُّخُول بهَا والإصابة فبمقتضى ذَلِك بَرِئت ذمَّة المخالع الْمَذْكُور من جَمِيع مبلغ الصَدَاق الْمعِين فِيهِ الْبَرَاءَة الشَّرْعِيَّة وتصادقا على ذَلِك كُله تَصَادقا شَرْعِيًّا ويؤرخ وَصُورَة أُخْرَى فِي ذَلِك سَأَلت فُلَانَة الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة بَاطِنه زَوجهَا فلَان الْمَذْكُور مَعهَا بَاطِنه أَن يخلعها من عصمته وَعقد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 93 نِكَاحه على نَظِير مبلغ صَدَاقهَا عَلَيْهِ الْمعِين بَاطِنه وَجُمْلَته كَذَا وَكَذَا فأجابها إِلَى سؤالها وخلعها على الْبَدَل الْمَذْكُور خلعا صَحِيحا شَرْعِيًّا ملكت بِهِ نَفسهَا عَلَيْهِ فَلَا تحل لَهُ إِلَّا بِعقد جَدِيد بِشُرُوطِهِ الشَّرْعِيَّة وتصادقا على الدُّخُول بهَا والإصابة ويؤرخ وَصُورَة أُخْرَى فِي ذَلِك سَأَلت فُلَانَة زَوجهَا فلَان أَن يخلعها من عصمته وَعقد نِكَاحه على نَظِير مبلغ صَدَاقهَا عَلَيْهِ الْمعِين بَاطِنه وعَلى مبلغ ألف دِرْهَم فِي ذمَّتهَا لَهُ على حكم الْحُلُول فأجابها إِلَى سؤالها وخلعها الْخلْع الْمَذْكُور على الْعِوَض الْمَذْكُور خلعا صَحِيحا شَرْعِيًّا بَانَتْ مِنْهُ بذلك وملكت نَفسهَا عَلَيْهِ فَلَا تحل لَهُ إِلَّا بِعقد جَدِيد بِشُرُوطِهِ الشَّرْعِيَّة وتصادقا على الدُّخُول بهَا والإصابة وبرئت ذمَّة المخالع الْمَذْكُور من جَمِيع مبلغ الصَدَاق الْمعِين فِيهِ وَاسْتحق هُوَ عَلَيْهَا الْألف الْمَذْكُورَة استحقاقا شَرْعِيًّا وطالبها بهَا فدفعتها إِلَيْهِ فقبضها مِنْهَا قبضا شَرْعِيًّا بَرِئت بِهِ ذمَّتهَا من الْمبلغ الْمَذْكُور وَمن كل جُزْء مِنْهُ بَرَاءَة شَرْعِيَّة ويذيل بِالْإِقْرَارِ بِعَدَمِ الِاسْتِحْقَاق ويؤرخ وَصُورَة الْخلْع على الرَّضَاع سَأَلت فُلَانَة زَوجهَا فلَان أَن يخلعها عَن عصمته وَعقد نِكَاحه الْخلْع الشَّرْعِيّ على أَن ترْضع لَهُ وَلَده لصلبه مِنْهَا فلَان الْمُقدر عمره يَوْمئِذٍ بِكَذَا بَقِيَّة أمد الرَّضَاع الشَّرْعِيّ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا من تَارِيخه فأجابها إِلَى سؤالها وخلعها على ذَلِك خلعا صَحِيحا شَرْعِيًّا ملكت بِهِ نَفسهَا عَلَيْهِ وَلَا تحل لَهُ إِلَّا بِعقد جَدِيد بِشُرُوطِهِ الشَّرْعِيَّة وَاسْتحق هُوَ عَلَيْهَا إِرْضَاع وَلَده الْمَذْكُور الْمدَّة الْمَذْكُورَة استحقاقا شَرْعِيًّا وَسلم إِلَيْهَا الْوَلَد الْمَذْكُور لترضعه بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ فتسلمته مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا وشرعت فِي إرضاعه بِحكم السُّؤَال المشروح أَعْلَاهُ وَالْقِيَام بمصالحه بِحَق مَالهَا من الْحَضَانَة إِن كَانَت الْحَضَانَة لَهَا وَذَلِكَ بعد اعترافهما بِالدُّخُولِ والإصابة وَالِاسْتِيلَاد وَهُوَ الْوَلَد الْمَذْكُور وَإِن كَانَ اسْتَوْلدهَا غَيره ذكره ويؤرخ وَصُورَة الْخلْع بسؤال أبي الزَّوْجَة على مَذْهَب مَالك رَحمَه الله خلافًا للباقين سَأَلَ فلَان فلَانا أَن يخلع ابْنَته الصَّغِيرَة فُلَانَة الَّتِي هِيَ تَحت حجره وَولَايَة نظره بالأبوة الشَّرْعِيَّة من عصمته وَعقد نِكَاحه على جَمِيع صَدَاقهَا الَّذِي تزَوجهَا عَلَيْهِ المسؤول الْمَذْكُور وَجُمْلَته كَذَا وَكَذَا فَأَجَابَهُ إِلَى سُؤَاله وخلع ابْنَته الْمَذْكُورَة على الْبَدَل الْمَذْكُور خلعا صَحِيحا شَرْعِيًّا بَانَتْ مِنْهُ بذلك فَلَا تحل لَهُ إِلَّا بِعقد جَدِيد بِشُرُوطِهِ الشَّرْعِيَّة وبرئت بذلك ذمَّة المسؤول الْمَذْكُور من جَمِيع الصَدَاق الْمعِين فِيهِ الْبَرَاءَة الشَّرْعِيَّة ويؤرخ صُورَة الْخلْع على مَذْهَب الإِمَام أَحْمد رَحمَه الله تَعَالَى سَأَلَ فلَان أَو سَأَلت فُلَانَة الزَّوْجَة الْمُسَمَّاة بَاطِنه زَوجهَا الْمَذْكُور بَاطِنه أَن يخلعها من عصمته وَعقد نِكَاحه خلعا عَارِيا عَن لفظ الطَّلَاق وَنِيَّته على مَذْهَب الإِمَام الرباني أَحْمد بن مُحَمَّد بن حَنْبَل الشَّيْبَانِيّ رَضِي الله عَنهُ وأرضاه على دِرْهَم وَاحِد فِي ذمَّتهَا أَو على نَظِير مبلغ صَدَاقهَا عَلَيْهِ وَقدره كَذَا وَكَذَا أَو على مَا يتفقان عَلَيْهِ فأجابها إِلَى سؤالها وخلعها الْخلْع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 94 الْمَذْكُور على الْعِوَض الْمَذْكُور وَبَانَتْ مِنْهُ بذلك وملكت نَفسهَا عَلَيْهِ فَلَا تحل لَهُ إِلَّا بِعقد جَدِيد بِشُرُوطِهِ الشَّرْعِيَّة وتصادقا على الدُّخُول بهَا والإصابة وَالِاسْتِيلَاد إِن كَانَ بَينهمَا أَوْلَاد ويؤرخ وَهَذَا الْخلْع لَا ينقص عدد الطَّلَاق الثَّلَاث فَإِذا أَرَادَ المختلع أَن يجدد نِكَاح مختلعته فَالْأَحْسَن أَن يستحكم بِالْخلْعِ حَاكم حنبلي لَا سِيمَا إِن كَانَ من ثَالِثَة كَيْلا يحكم بِبُطْلَان ذَلِك على مَذْهَب من يرى أَن الْفَسْخ طَلَاق وَإِذا كَانَ لَهَا ولي يَأْذَن الْوَلِيّ لحَاكم حنبلي أَو لعاقد حنبلي وَالْأَحْسَن أَن يكون حَاكما حَتَّى يحكم بِصِحَّتِهِ وَأَنه فسخ لَا ينقص عدد الطَّلَاق الثَّلَاث وَإِن عقده عَاقد حنبلي فَيحكم بِهِ حَاكم آخر حنبلي حَتَّى يخرج من الْخلاف ويأمن من تعرضه للبطلان صُورَة الْخلْع مَعَ السَّفِيه بِمُبَاشَرَة الزَّوْجَة سَأَلت فُلَانَة زَوجهَا فلَان أَن يخلعها من عصمته وَعقد نِكَاحه على مبلغ كَذَا وَكَذَا فِي ذمَّتهَا على حكم الْحُلُول فأجابها إِلَى سؤالها وخلعها خلعا صَحِيحا شَرْعِيًّا على الْعِوَض الْمَذْكُور وَبَانَتْ مِنْهُ بذلك وملكت نَفسهَا عَلَيْهِ فَلَا تحل لَهُ إِلَّا بِعقد جَدِيد بِشُرُوطِهِ الشَّرْعِيَّة ثمَّ بعد ذَلِك تسلم فلَان وَصِيّ المخالع الْمَذْكُور أَعْلَاهُ ويشرح الْوَصِيَّة جَمِيع مَا اسْتَحَقَّه لمحجوره المخالع الْمَذْكُور أَعْلَاهُ بِحكم هَذَا السُّؤَال وَالْخلْع الْمعِين أَعْلَاهُ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا تسلما شَرْعِيًّا ليَكُون تَحت يَده لمحجوره الْمَذْكُور وَعَلِيهِ الْخُرُوج من ذَلِك على الْوَجْه الشَّرْعِيّ وَلَا يخفى على الحاذق مَا يكْتب إِذا كَانَ السُّؤَال من وَكيل الزَّوْجَيْنِ وَلَا مَا يكْتب إِذا كَانَ التَّوْكِيل من جِهَة الزَّوْجَة أَو من جِهَة الزَّوْج صُورَة سُؤال الْأَجْنَبِيّ سَأَلَ فلَان فلَانا أَن يخلع زَوجته فُلَانَة من عصمته وَعقد نِكَاحه على كَذَا وَكَذَا فِي ذمَّته على حكم الْحُلُول فَأَجَابَهُ إِلَى سُؤَاله وخلعها خلعا صَحِيحا شَرْعِيًّا على الْعِوَض الْمَذْكُور ثمَّ يحيلها المخالع على ذمَّة الْأَجْنَبِيّ بِمَا وَقع السُّؤَال عَلَيْهِ فَيَقُول ثمَّ بعد حُصُول ذَلِك ولزومه شرعا أحَال المخالع الْمَذْكُور مختلعته الْمَذْكُورَة على ذمَّة فلَان السَّائِل الْمَذْكُور بِمَا ترَتّب لَهُ فِي ذمَّته بالحكم المشروح أَعْلَاهُ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا فِي نَظِير مبلغ صَدَاقهَا عَلَيْهِ الْمُوَافق لذَلِك فِي الْقدر وَالْجِنْس وَالصّفة والحلول حِوَالَة شَرْعِيَّة مُشْتَمِلَة على الْإِيجَاب وَالْقَبُول فَإِن قبلت الْحِوَالَة على الْأَجْنَبِيّ صرح بقبولها ورضاها بذلك وَإِن كَانَت محجورة فَيقبل لَهَا وَليهَا الشَّرْعِيّ وَإِن لم يقبل فالمخالع يُطَالب الْأَجْنَبِيّ والمختلعة تطالب المخالع وَفِي التخالع مَعَ وَالِد الزَّوْجَة يكْتب سُؤَاله وَالْحوالَة على والدها ويقبلها لَهَا إِن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 95 كَانَت تَحت حجره وَولَايَة نظره وَإِن لم تكن تَحت حجره فَلَا يكْتب حِوَالَة وَيبقى الصَدَاق فِي ذمَّة المخالع وَيبقى الْقدر المسؤول عَلَيْهِ فِي ذمَّة وَالِد المختلعة للمخالع وَكَذَلِكَ يفعل فِي سُؤال الْجد للْأَب وَإِن وَقع بِلَفْظ الطَّلَاق كتب مَا سَيَأْتِي ذكره فِي الصُّورَة الْآتِيَة فِي كتاب الطَّلَاق فصل فِي الْفَسْخ وَهُوَ تَارَة يكون بغيبة الزَّوْج فَذَلِك على مَذْهَب مَالك وَأحمد وَتارَة يكون فسخ نِكَاح الصَّبِي الَّذِي لَا يتَصَوَّر مِنْهُ إِنْزَال وَلَا جماع وَتارَة يكون الْفَسْخ فِي الْغَيْبَة أَو الْحُضُور بالإعسار بِالنَّفَقَةِ أَو الْكسْوَة بعد الدُّخُول أَو بِالْمهْرِ قبل الدُّخُول على مَذْهَب الشَّافِعِي وَقد سبق ذكر الْفَسْخ بِوُجُود الْعَيْب فِي أحد الزَّوْجَيْنِ وَأما فسخ الْغَيْبَة على مَذْهَب مَالك فتسأل الزَّوْجَة القَاضِي فِي كِتَابَة محْضر فَإِذا أذن فِي ذَلِك كتب بِحُضُور شُهُود يعْرفُونَ فُلَانَة وَفُلَانًا معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنَّهُمَا زوجان متناكحان بِنِكَاح صَحِيح شَرْعِي بولِي مرشد وشاهدي عدل بشرائطه الشَّرْعِيَّة دخل الزَّوْج مِنْهُمَا بِالزَّوْجَةِ وأصابها ثمَّ غَابَ عَنْهَا مُدَّة تزيد على كَذَا وَكَذَا من الْحُكَّام من لَا يفْسخ إِلَّا بعد مُضِيّ سنة وَلَكِن مَاله مُدَّة مُعينَة إِلَّا على سَبِيل الِاحْتِيَاط من الْحَاكِم وَأَقل الْمدَّة عِنْد أَحْمد سِتَّة أشهر وَتركهَا بِلَا نَفَقَة وَلَا كسْوَة وَلَا ترك عِنْدهَا مَا تنفقه على نَفسهَا فِي حَال غيبته وَلَا مُتَبَرعا بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا فِي حَال غيبته وَلَا أرسل لَهَا شَيْئا فوصل إِلَيْهَا وَلَا مَال لَهَا تنفقه على نَفسهَا وَترجع بِهِ عَلَيْهِ وَهِي مُقِيمَة على طَاعَته بِالْمَكَانِ الَّذِي تَركهَا فِيهِ وَهِي متضررة بِفَسْخ نِكَاحهَا مِنْهُ يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين إِلَى آخِره وتقام الشَّهَادَة عِنْد الْحَاكِم ثمَّ يُمْهِلهَا على مُقْتَضى رَأْيه واجتهاده ثمَّ يكْتب الْمحْضر لتحلف ثمَّ يكْتب فصل الْحلف وَصورته أحلفت فُلَانَة الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة فِيهِ بِاللَّه الْعَظِيم الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ عَالم الْغَيْب وَالشَّهَادَة الرَّحْمَن الرَّحِيم يَمِينا شَرْعِيَّة جَامِعَة لمعاني الْحلف شرعا أَن زَوجهَا الْمَذْكُور غَابَ عَنْهَا من مُدَّة تزيد على كَذَا وَتركهَا بِلَا نَفَقَة وَلَا كسْوَة وتعدد الشُّرُوط الْمَذْكُورَة فِي الْمحْضر كلهَا إِلَى آخرهَا ثمَّ تَقول وَأَن من شهد لَهَا بذلك صَادِق فِي شَهَادَته وَأَنَّهَا مُقِيمَة على طَاعَته متضررة بِفَسْخ نِكَاحهَا مِنْهُ فَحَلَفت كَمَا أحلفت بالتماسها لذَلِك ويؤرخ وتقام الشَّهَادَة فِيهِ عِنْد الْحَاكِم ثمَّ إِن الزَّوْجَة تسْأَل الْحَاكِم الْفَسْخ فيعظها الْحَاكِم وَيَقُول لَهَا إِن صبرت فلك الْأجر فتأبى إِلَّا الْفَسْخ فيمكنها من الْفَسْخ فَتَقول بِصَرِيح لَفظهَا فسخت نِكَاحي من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 96 زَوجي فلَان الْفُلَانِيّ الْمَذْكُور بِطَلْقَة وَاحِدَة رَجْعِيَّة وَإِن كَانَ عِنْد الْحَنْبَلِيّ فَلفظ الْفَسْخ كَاف وَقد تقدم القَوْل أَنه إِذا حضر فِي الْعدة كَانَ أَحَق برجعتها لَكِنَّهَا تبين عِنْد الْحَنْبَلِيّ بِالْفَسْخِ فَلَا يُرَاجِعهَا إِلَّا بِإِذْنِهَا ثمَّ تسْأَل الْحَاكِم الحكم لَهَا بذلك على مُقْتَضى مذْهبه واعتقاده فَيكْتب على الْمحْضر ليسجل بِثُبُوتِهِ وَالْحكم بِمُوجبِه ثمَّ يكْتب على ظَهره لما قَامَت الْبَيِّنَة عِنْد سيدنَا فلَان الدّين الْحَاكِم الْفُلَانِيّ بمضمون الْمحْضر المسطر بَاطِنه وجريان الْحلف المشروح بَاطِنه وبمعرفة الزَّوْجَيْنِ الْمَذْكُورين فِيهِ وَثَبت ذَلِك عِنْده الثُّبُوت الشَّرْعِيّ بالشرائط الشَّرْعِيَّة الْمُعْتَبرَة فِي ذَلِك شرعا سَأَلت الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة فِيهِ سيدنَا الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ فِيهِ أَو الْمُسَمّى فِيهِ أَن يُمكنهَا من فسخ نِكَاحهَا من عصمَة زَوجهَا الْمَذْكُور مَعهَا فِي الْمحْضر المسطر بَاطِنه فوعظها فَأَبت إِلَّا ذَلِك وَحصل الْإِمْهَال الشَّرْعِيّ فكرر عَلَيْهَا الْوَعْظ وَقَالَ لَهَا إِن صبرت فلك الْأجر فَأَبت إِلَّا ذَلِك فاستخار الله تَعَالَى وأجابها إِلَى سؤالها ومكنها من فسخ نِكَاحهَا من عصمَة زَوجهَا الْمَذْكُور بِطَلْقَة وَاحِدَة رَجْعِيَّة فَقَالَت بعد ذَلِك بِصَرِيح لَفظهَا فسخت نِكَاحي من عصمَة زَوجي فلَان الْمَذْكُور بكيب أَو كَيْت أَو تَقول أوقعت على نَفسِي طَلْقَة وَاحِدَة أولى رَجْعِيَّة فسخت بهَا نِكَاحي من عصمَة زَوجي فلَان الْمَذْكُور أَو فسخت نِكَاحي من عصمَة زَوجي الْمَذْكُور فسخا شَرْعِيًّا ثمَّ بعد ذَلِك سَأَلت الْحَاكِم أَن يحكم لَهَا بذلك فأجابها إِلَى سؤالها وَأشْهد على نَفسه الْكَرِيمَة بِثُبُوت ذَلِك عِنْده وَالْحكم بِمُوجبِه حكما صَحِيحا شَرْعِيًّا إِلَى آخِره على مُقْتَضى مذْهبه واعتقاده وَرَأى إِمَامه الْأَمَام مَالك بن أنس رَضِي الله عَنهُ وأرضاه أَو الإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل رَضِي الله عَنهُ مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ ويؤرخ وَإِن كَانَ الْفَسْخ من الْحَاكِم فَيكْتب ثمَّ سَأَلت الْحَاكِم فسخ نِكَاحهَا الْمَذْكُور وأصرت على ذَلِك وزالت الْأَعْذَار من قبلهَا فَحِينَئِذٍ استخار الله تَعَالَى وأجابها إِلَى ذَلِك وَفسخ نِكَاحهَا من زَوجهَا الْمَذْكُور الْفَسْخ الشَّرْعِيّ وَفرق بَينهمَا فِي مجْلِس حكمه وقضائه ويكمل على نَحْو مَا سبق وَصُورَة الْفَسْخ على مَذْهَب الإِمَام الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ لَا يفْسخ إِلَّا بالإعسار بِالنَّفَقَةِ وَالْكِسْوَة أَو الْمهْر قبل الدُّخُول بَين يَدي سيدنَا فلَان الدّين الْحَاكِم الْفُلَانِيّ ادَّعَت فُلَانَة على زَوجهَا فلَان أَنه تزوج بهَا تزويجا صَحِيحا شَرْعِيًّا وَدخل بهَا وأصابها واستحقت عَلَيْهِ كسوتها ونفقتها لمُدَّة كَذَا وَكَذَا وَلم يدْخل بهَا وَلم يصبهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 97 وَأَنَّهَا تسْتَحقّ عَلَيْهِ مهرهَا وَهُوَ كَذَا وَكَذَا وطالبته بذلك وَسَأَلت سُؤَاله عَن ذَلِك فَسئلَ فَأجَاب إِنَّه فَقير مُعسر عَاجز عَن نَفَقَتهَا وكسوتها أَو عَن مهرهَا الْمَذْكُور وبصحة دَعْوَاهَا فِي التَّزْوِيج وَالدُّخُول بهَا والإصابة أَو عدم الدُّخُول فَعِنْدَ ذَلِك سَأَلت الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَن يفْسخ نِكَاحهَا من عصمته بِمُقْتَضى مَا ادَّعَاهُ من الْإِعْسَار الثَّابِت اعترافه بِهِ لَدَيْهِ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ لجوازه عِنْده شرعا أَو يُمكنهَا من ذَلِك فأمهلها الْحَاكِم الْمُسَمّى أَعْلَاهُ ثَلَاثَة أَيَّام أَولهَا يَوْم تَارِيخه ثمَّ فِي الْيَوْم الرَّابِع من الدَّعْوَى الْمَذْكُورَة حضرا بَين يَدَيْهِ وأعادت الزَّوْجَة السُّؤَال الْمُتَقَدّم ذكره للْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ فوعظها ووعدها بِالْأَجْرِ إِن صبرت فَأَبت إِلَّا ذَلِك فَحِينَئِذٍ استخار الله تَعَالَى الحاكمة الْمشَار إِلَيْهِ ومكنها من فسخ نِكَاحهَا من عصمَة زَوجهَا الْمَذْكُور فَقَالَت بِصَرِيح لَفظهَا فسخت نِكَاحي من عصمَة زَوجي الْمَذْكُور ثمَّ سَأَلت الْحَاكِم أَن يحكم لَهَا بذلك فَأجَاب سؤالها وَأشْهد على نَفسه الْكَرِيمَة بِثُبُوت ذَلِك عِنْده وَالْحكم بِمُوجبِه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 98 ويكمل على نَحْو مَا سبق ثمَّ يَقُول وَذَلِكَ بعد أَن قَامَت الْبَيِّنَة الشَّرْعِيَّة عِنْده بجريان عقد النِّكَاح بَين المتداعيين الْمَذْكُورين ومعرفتهما الْمعرفَة الشَّرْعِيَّة أَو تشخيصهما عِنْده التشخيص الشَّرْعِيّ فَإِن صدق الزَّوْج على ذَلِك فَلَا حلف وَإِن قَامَت بَيِّنَة على ذَلِك وَطلب حَلفهَا فتحلف كَمَا سبق ذكره فِي محْضر الْغَيْبَة على وفْق الدَّعْوَى وَإِن كَانَ الْفَسْخ فِي غيبته بالإعسار فتحلف بعد إِقَامَة الْبَيِّنَة بِالزَّوْجِيَّةِ بَينهمَا والإعسار وَفِي حَال الْغَيْبَة إِن نصب الْحَاكِم مسخرا فيعذر إِلَيْهِ وَصُورَة أُخْرَى وَهِي أَن يكْتب محضرا أَنَّهُمَا زوجان متناكحان دخل الزَّوْج مِنْهُمَا بِالزَّوْجَةِ وأصابها وَأَن الزَّوْج الْمَذْكُور مُعسر بنفقتها كَنَفَقَة المعسرين أَو كسْوَة المعسرين أَو بِالْمهْرِ قبل الدُّخُول فَيكْتب وَأَنه تزَوجهَا على كَذَا وَكَذَا وَأَنه عَاجز عَن ذَلِك بِحكم أَنه اعْترف أَنه لم يدْخل بهَا وَلم يصبهَا وصدقته على ذَلِك ويكمل على نَحْو مَا سبق وَإِن كَانَ قبيل الدُّخُول وَكَانَ قد دفع الْمهْر إِلَيْهَا وأرادت الْفَسْخ بِالنَّفَقَةِ أَو الْكسْوَة فطريقه أَن تعرض نَفسهَا عَلَيْهِ ليدْخل بهَا ويأبى وَصُورَة ذَلِك أَن يكْتب الدَّعْوَى أَو الْمحْضر إِلَى عِنْد النَّفَقَة أَو الْكسْوَة فَيَقُول وَأَن الزَّوْجَة عرضت نَفسهَا أَو الْوَلِيّ عرضهَا على الزَّوْج الْمَذْكُور ليدْخل بهَا فَأبى ويكمل على نَحْو مَا سبق فِي الْفَسْخ بِالنَّفَقَةِ وَالْكِسْوَة وَذَلِكَ يجب على الزَّوْج بِالدُّخُولِ والإصابة أَو الْإِعْرَاض وَصُورَة فسخ نِكَاح الصَّبِي الَّذِي لَا يتَصَوَّر مِنْهُ إِنْزَال وَلَا جماع يفْسخ بالإعسار كَمَا تقدم وَتَقَع الدَّعْوَى على ولي الصَّبِي وَكَذَلِكَ مَا يَتَرَتَّب على الدَّعْوَى من الْجَواب والأعذار للْوَلِيّ إِذا كَانَ ذَلِك بِالْبَيِّنَةِ فَإِن ثَبت بِالدَّعْوَى على الْوَلِيّ وتصديقه فِي ذَلِك فَلَا يعْذر إِلَيْهِ وتحلف الزَّوْجَة احْتِيَاطًا إِن كَانَت من أهل الْحلف وعَلى هَذَا الأنموذج تفسخ محَاضِر الفسوخ على اخْتِلَاف حالاتها فِي كل مَذْهَب من مَذَاهِب أَئِمَّة الْمُسلمين رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ مَعَ مُرَاعَاة الوقائع وإجرائها على مُقْتَضى ذَلِك الْمَذْهَب وَلَا يخفى ذَلِك على ممارسي هَذِه الصِّنَاعَة من المشتغلين بِالْعلمِ الشريف وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 99 كتاب الطَّلَاق وَمَا يتَعَلَّق بِهِ من الْأَحْكَام الطَّلَاق ملك للأزواج وَالْأَصْل فِيهِ الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع وَأما الْكتاب فَقَوله تَعَالَى {يَا أَيهَا النَّبِي إِذا طلّقْتُم النِّسَاء فطلقوهن لعدتهن} وَقَوله تَعَالَى {الطَّلَاق مَرَّتَانِ فإمساك بِمَعْرُوف أَو تَسْرِيح بِإِحْسَان وَلَا يحل لكم أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئا إِلَّا أَن يخافا أَلا يُقِيمَا حُدُود الله فَإِن خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُود الله فَلَا جنَاح عَلَيْهِمَا فِيمَا افتدت بِهِ تِلْكَ حُدُود الله فَلَا تعتدوها وَمن يَتَعَدَّ حُدُود الله فَأُولَئِك هم الظَّالِمُونَ} وَأما السّنة فَروِيَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طلق حَفْصَة بنت عمر ثمَّ رَاجعهَا وَرُوِيَ عَن ابْن عمر أَنه قَالَ كَانَ تحتي امْرَأَة أحبها وَكَانَ أبي يكرهها فَأمرنِي أَن أطلقها فَأتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بذلك فَأمرنِي أَن أطلقها وأجمعت الْأمة على جَوَاز الطَّلَاق وَهُوَ على خَمْسَة أضْرب وَاجِب وَهُوَ طَلَاق لمولي بعد التَّرَبُّص يُؤمر أَن يفِيء أَو يُطلق وَطَلَاق الْحكمَيْنِ فِي الشقاق إِذا رأياه ومكروه وَهُوَ الطَّلَاق من غير حَاجَة لما رُوِيَ ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أبْغض الْحَلَال إِلَى الله الطَّلَاق ومباح وَهُوَ عِنْد الْحَاجة إِلَيْهِ لضَرُورَة وَاقعَة بالْمقَام على النِّكَاح فَيُبَاح لَهُ دفع الضَّرَر عَن نَفسه ومستحب وَهُوَ عِنْد تضرر الْمَرْأَة بِالنِّكَاحِ إِمَّا لبغضه أَو غَيره فَيُسْتَحَب إِزَالَة الضَّرَر عَنْهَا وَعنهُ وَكَونهَا مفرطة فِي حُقُوق الله تَعَالَى الْوَاجِبَة كَالصَّلَاةِ وَنَحْوهَا وَعجز الجزء: 2 ¦ الصفحة: 100 عَن إجبارها عَلَيْهِ وَكَونهَا غير عفيفة لِأَن فِي إِِمْسَاكهَا نقصا ودناءة وَرُبمَا أفسدت فرَاشه وألحقت بِهِ ولدا من غَيره ومحظور وَهُوَ طَلَاق الْمَدْخُول بهَا فِي الْحيض أَو فِي طهر أَصَابَهَا فِيهِ وَيُسمى طَلَاق الْبِدْعَة وروى ابْن عمر أَنه طلق امْرَأَته وَهِي حَائِض فَسَأَلَ عمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ مرّة فَلْيُرَاجِعهَا ثمَّ ليتركها حَتَّى تطهر ثمَّ تحيض فَتطهر ثمَّ إِن شَاءَ أمسك بعده وَإِن شَاءَ طلق قبل أَن يمْسِكهَا فَتلك الْعدة الَّتِي أَمر الله أَن يُطلق لَهَا النِّسَاء مُتَّفق عَلَيْهِ وَيصِح طَلَاق الْمُكَلف وَإِن هزل وَإِن ظَنّهَا غير زَوجته وصريحه الطَّلَاق والسراح والفراق وخالعت وفاديت وَأَنت طَالِق ومطلقة ومسرحة ومفارقة وَيَا طَالِق وحلال الله على حرَام وَنعم لمن قَالَ أطلقت زَوجتك لطلب الْإِنْشَاء وترجمتها بِأَيّ لِسَان وكناياته بنية الطَّلَاق كَأَنْت خلية وبرية وبائن وبتة وبتلة وحرة ومعتقة واعتدي وَلَو قبل الطَّلَاق واستبرئي رَحِمك والحقي بأهلك وحبلك على غاربك وأمرك بِيَدِك واغربي واذهبي واخرجي وتجرعي وذوقي وتزودي وكلي واشربي وَلَا تقع الْكِنَايَة إِلَّا إِذا قرنت بِالنِّيَّةِ فِي أَولهَا وَإِن غربت قبل التَّمام فَلَو قَالَ لزوجته أَو أمته أَنْت حرَام فَإِن أطلق وَقصد تَحْرِيم الْعين وَجَبت كَفَّارَة يَمِين وَإِن عين الطَّلَاق أَو الظِّهَار فِي الزَّوْجَة أَو الْعتْق فِي الْأمة صَحَّ مَا نَوَاه وَإِشَارَة الْأَخْرَس فِي كل عقد وَحل كإشارة النَّاطِق فِي كل عقد وَحل وصريحها مَا يفهمهُ الْكل وكنايتها مَا يفهمهُ الفطن ويعتد بِإِشَارَة أخرس فِي الطَّلَاق وَفِي جَمِيع الْعُقُود والحلول والأقارير والدعاوى وَفِي شَهَادَته خلاف فَلَو أَشَارَ فِي صلَاته بِطَلَاق أَو غَيره نفذ وَالصَّحِيح أَن صلَاته لَا تبطل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 101 وَإِن قَالَ لزوجته أَنْت حرَام أَو مُحرمَة أَو حرمتك فَإِن نوى الطَّلَاق وَقع رَجْعِيًا وَإِن نوى عددا وَقع مَا نوى وَإِن كتب نَاطِق طَلَاقا فَإِن تلفظ بِمَا كتب وقرأه حَالَة الْكِتَابَة أَو بعْدهَا طلقت وَإِلَّا فَإِن لم ينْو الطَّلَاق لم تطلق على الصَّحِيح وَإِن نَوَاه وَقع فِي الْأَظْهر وَللزَّوْج تَفْوِيض الطَّلَاق لزوجته وَهُوَ تمْلِيك ويتضمن الْقبُول وَيشْتَرط لوُقُوعه تطليقها على الْفَوْر إِلَّا أَن يَقُول طَلِّقِي نَفسك مَتى شِئْت وَله الرُّجُوع قبل تطليقها على الصَّحِيح وَالثَّانِي لَا والتصرفات القولية من الْمُكْره عَلَيْهَا بَاطِلَة كالردة وَالنِّكَاح وَالطَّلَاق وتعليقه وَغَيرهَا وَحقّ كاستسلام الْمُرْتَد وَالْحَرْبِيّ لَا الذِّمِّيّ فِي الْأَصَح وَينفذ طَلَاق مول أكرهه الْحَاكِم عَلَيْهِ بِولَايَة لَيْسَ بإكراه حَقِيقَة وَشرط الْإِكْرَاه الْمقدرَة من الكره على تَحْقِيق مَا هدد بِهِ بِولَايَة أَو تغلب وفرط هجوم وَعجز الْمُكْره عَن الدّفع بفرار أَو غَيره وظنه أَنه إِن امْتنع حَقَّقَهُ وَمن زَالَ عقله بِسَبَب يعْذر فِيهِ كجنون أَو إِغْمَاء أَو أوجر خمرًا أَو أكره عَلَيْهَا أَو لم يعلم أَن المشروب من جنس مَا يسكر أَو شرب دَوَاء يزِيل الْعقل بِقصد التَّدَاوِي وَنَحْو ذَلِك لم يَقع طَلَاقه وَلَو تعدى بِشرب مُسكر أَو دَوَاء مجنن بِغَيْر غَرَض صَحِيح فَزَالَ عقله وَقع طَلَاقه على الْمَذْهَب وَقَالَ الإِمَام الشَّافِعِي رَحمَه الله فِي حد السَّكْرَان إِنَّه هُوَ الَّذِي اخْتَلَّ مِنْهُ المنظوم وانكشف سره المكتوم وَالْأَقْرَب الرُّجُوع فِيهِ إِلَى الْعَادة وَطَلَاق الْمَرِيض كَالصَّحِيحِ ويتوارثان فِي عدَّة رَجْعِيّ لَا بَائِن وَفِي الْقَدِيم تَرثه فَإِن برىء من ذَلِك الْمَرَض لم تَرث قطعا الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب اتّفق الْأَئِمَّة على أَن الطَّلَاق فِي استقامة حَال الزَّوْجَيْنِ مَكْرُوه بل قَالَ أَبُو حنيفَة بِتَحْرِيمِهِ وَهل يَصح تَعْلِيق الطَّلَاق وَالْعِتْق بِالْملكِ أم لَا وَصورته أَن يَقُول لأجنبية إِن تَزَوَّجتك فَأَنت طَالِق أَو كل امْرَأَة أَتَزَوَّجهَا فَهِيَ طَالِق أَو يَقُول لعبد إِن مَلكتك فَأَنت حر أَو كل عبد اشْتَرَيْته فَهُوَ حر قَالَ أَبُو حنيفَة يَصح التَّعْلِيق وَيلْزم الطَّلَاق وَالْعِتْق سَوَاء أطلق أَو عمم أَو خصص الجزء: 2 ¦ الصفحة: 102 وَقَالَ مَالك يلْزم إِذا خصص أَو عين من قَبيلَة أَو بَلْدَة أَو امْرَأَة بِعَينهَا لَا إِن أطلق أَو عمم وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد لَا يلْزم مُطلقًا فصل وَالطَّلَاق هَل يعْتَبر بِالرِّجَالِ أم بِالنسَاء قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد يعْتَبر ذَلِك بِالرِّجَالِ وَقَالَ أَبُو حنيفَة يعْتَبر بِالنسَاء وَصورته عِنْد الْجَمَاعَة أَن الْحر يملك ثَلَاث تَطْلِيقَات وَالْعَبْد تَطْلِيقَتَيْنِ وَعند أبي حنيفَة الْحرَّة تطلق ثَلَاثًا وَالْأمة اثْنَتَيْنِ حرا كَانَ زَوجهَا أَو عبدا فصل وَإِذا علق طَلاقهَا بِصفة كَقَوْلِه إِن دخلت الدَّار فَأَنت طَالِق ثمَّ أَبَانهَا وَلم تفعل الْمَحْلُوف عَلَيْهِ فِي حَال الْبَيْنُونَة ثمَّ تزَوجهَا ثمَّ دخلت فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك إِن كَانَ الطَّلَاق الَّذِي أَبَانهَا بِهِ دون الثَّلَاث فاليمين بَاقِيَة فِي النِّكَاح الثَّانِي لم تنْحَل فَيحنث بِوُجُود الصّفة مرّة أُخْرَى وَإِن كَانَ ثَلَاثًا انْحَلَّت الْيَمين وَللشَّافِعِيّ ثَلَاثَة أَقْوَال أَحدهَا كمذهب أبي حنيفَة وَالثَّانِي لَا تنْحَل الْيَمين وَإِن بَانَتْ بِالثلَاثِ وَالثَّالِث وَهُوَ الْأَصَح أَنه إِن طَلقهَا طَلَاقا بَائِنا ثمَّ تزَوجهَا وَإِن لم يحصل فعل الْمَحْلُوف عَلَيْهِ انْحَلَّت الْيَمين على كل حَال وَقَالَ أَحْمد تعود الْيَمين بِعُود النِّكَاح وَاتَّفَقُوا على أَن الطَّلَاق فِي الْحيض لمدخول بهَا أَو فِي طهر جَامع فِيهِ محرم إِلَّا أَنه يَقع وَكَذَلِكَ جَمِيع الطَّلَاق الثَّلَاث محرم وَيَقَع وَاخْتلفُوا بعد وُقُوعه هَل هُوَ طَلَاق سنة أَو طَلَاق بِدعَة فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك هُوَ طَلَاق بِدعَة وَقَالَ الشَّافِعِي هُوَ طَلَاق سنة وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ كالمذهبين وَاخْتِيَار الْخرقِيّ أَنه طَلَاق سنة وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا قَالَ أَنْت طَالِق عدد الرمل وَالتُّرَاب فَقَالَ أَبُو حنيفَة يَقع طَلْقَة تبين الْمَرْأَة بهَا وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد يَقع بِهِ الطَّلَاق الثَّلَاث وَاتفقَ أَصْحَاب أبي حنيفَة وَمَالك وَأحمد على أَن من قَالَ لزوجته إِن طَلقتك فَأَنت طَالِق قبله ثَلَاثًا ثمَّ طَلقهَا بعد ذَلِك وَقع طَلْقَة منجزة وَيَقَع بِالشّرطِ تَمام الثَّلَاث فِي الْحَال وَاخْتلف أَصْحَاب الشَّافِعِي فِي ذَلِك فَالْأَصَحّ فِي الرَّافِعِيّ وَالرَّوْضَة وُقُوع الْمُنجز فَقَط دفعا للدور وَعَلِيهِ الْفَتْوَى وَقَالَ الْمُزنِيّ وَابْن سُرَيج وَابْن الْحداد والقفال وَالشَّيْخ أَبُو حَامِد وَصَاحب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 103 الْمُهَذّب وَغَيرهم لَا يَقع طَلَاق أصلا وَحكي ذَلِك عَن نَص الشَّافِعِي وَمن أَصْحَابه من يَقُول بِوُقُوع الطَّلَاق الثَّلَاث كمذهب الْجَمَاعَة وَاخْتلفُوا فِي الْكِنَايَات الظَّاهِرَة وَهِي خلية بَريَّة وبائن وبتة وبتلة وحبلك على غاربك وَأَنت حرَّة وأمرك بِيَدِك واعتدي والحقي بأهلك هَل تفْتَقر إِلَى نِيَّة فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد يفْتَقر إِلَى نِيَّة أَو دلَالَة حَال وَقَالَ مَالك يَقع الطَّلَاق بِمُجَرَّد اللَّفْظ وَلَو انْضَمَّ إِلَى هَذِه الْكِنَايَات دلَالَة حَال من الْغَضَب أَو ذكر الطَّلَاق فَهَل تفْتَقر إِلَى النِّيَّة أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة إِن كَانَا فِي ذكر الطَّلَاق وَقَالَ لم أرده لم يصدق فِي ثَلَاثَة أَلْفَاظ اعتقدي واختاري وأمرك بِيَدِك وَيصدق فِي غَيرهَا وَقَالَ مَالك جَمِيع الْكِنَايَات الظَّاهِرَة مَتى قَالَهَا مبتدئا أَو مجيبا لَهَا على سؤالها الطَّلَاق كَانَت طَلَاقا وَلَا يقبل قَوْله لم أرده وَقَالَ الشَّافِعِي جَمِيع ذَلِك يفْتَقر إِلَى النِّيَّة مُطلقًا وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا كمذهب الشَّافِعِي وَالْأُخْرَى لَا يفْتَقر وَيَكْفِي دلَالَة الْحَال وَاتَّفَقُوا على أَن الطَّلَاق والفراق والسراح صَرِيح لَا يفْتَقر إِلَى نِيَّة إِلَّا أَبَا حنيفَة فَإِن الصَّرِيح عِنْده لفظ وَاحِد وَهُوَ الطَّلَاق وَأما لفظا السراح والفراق فَلَا يَقع بهما طَلَاق عِنْده وَاخْتلفُوا فِي الْكِنَايَات الظَّاهِرَة إِذا نوى بهَا الطَّلَاق وَلم ينْو عددا أَو كَانَت جَوَابا عَن سؤالها الثَّلَاث كم يَقع بهَا من الْعدَد فَقَالَ أَبُو حنيفَة يَقع وَاحِدَة مَعَ نِيَّته وَقَالَ مَالك إِن كَانَت الزَّوْجَة مَدْخُولا بهَا لم يقبل مِنْهُ إِلَّا أَن يكون فِي خلع فَإِن كَانَت غير مَدْخُول بهَا قبل مَا يَدعِيهِ مَعَ يَمِينه وَيَقَع مَا يَنْوِي بِهِ أَي إِلَّا فِي أَلْبَتَّة فَإِن قَوْله اخْتلف فِيهَا فَروِيَ عَنهُ أَنه لَا يصدق فِي أقل من الثَّلَاث وَرُوِيَ عَنهُ أَنه يقبل قَوْله مَعَ يَمِينه وَقَالَ الشَّافِعِي يقبل مِنْهُ كل مَا يَدعِيهِ فِي ذَلِك من أصل الطَّلَاق وأعداده وَقَالَ أَحْمد مَتى كَانَ مَعهَا دلَالَة حَال أَو نوى الطَّلَاق وَقع الثَّلَاث نوى ذَلِك أَو دونه مَدْخُولا بهَا كَانَت أَو غير مَدْخُول بهَا وَاخْتلفُوا فِي الْكِنَايَات الْخفية كاخرجي واذهبي وَأَنت مخلاة وَنَحْو ذَلِك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 104 فَقَالَ أَبُو حنيفَة هِيَ كالكنايات الظَّاهِرَة إِن لم ينْو عددا وَقعت وَاحِدَة وَإِن نوى الثَّلَاث وَقعت وَإِن نوى اثْنَتَيْنِ لم يَقع إِلَّا وَاحِدَة وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد إِن نوى بهَا طَلْقَتَيْنِ كَانَت طَلْقَتَيْنِ وَاخْتلفُوا فِي لفظ اعْتدي واستبرئي رَحِمك إِذا نوى بهَا ثَلَاثًا فَقَالَ أَبُو حنيفَة يَقع وَاحِدَة رَجْعِيَّة وَقَالَ مَالك لَا يَقع هَذَا الطَّلَاق إِلَّا إِذا وَقعت ابْتِدَاء وَكَانَت فِي ذكر طَلَاق أَو فِي غضب فَيَقَع مَا نَوَاه وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يَقع الطَّلَاق بهَا إِلَّا أَن يَنْوِي بهَا الطَّلَاق وَيَقَع مَا نَوَاه من الْعدَد فِي الْمَدْخُول بهَا وَإِلَّا فطلقة وَعند أَحْمد رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا يَقع الثَّلَاث وَالْأُخْرَى أَنه يَقع مَا نَوَاه وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا قَالَ لزوجته أَنا مِنْك طَالِق أَو رد الْأَمر إِلَيْهَا فَقَالَت أَنْت مني طَالِق فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد لَا يَقع وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ يَقع وَاحِدَة وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد فِي رِوَايَة يَقع الثَّلَاث وَلَو قَالَ لزوجته أَمرك بِيَدِك وَنوى الطَّلَاق وَطلقت نَفسهَا ثَلَاثًا قَالَ أَبُو حنيفَة إِن نوى الزَّوْج ثَلَاثًا وَقعت أَو وَاحِدَة لم يَقع شَيْء وَقَالَ مَالك يَقع مَا أوقعت من عدد الطَّلَاق إِذا أقرها عَلَيْهِ فَإِن ناكرها أَحْلف وَحسب من عدد الطَّلَاق مَا قَالَه وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يَقع الثَّلَاث إِلَّا أَن ينويها الزَّوْج فَإِن نوى دون ثَلَاث وَقع مَا نَوَاه وَقَالَ أَحْمد يَقع الثَّلَاث سَوَاء نوى الزَّوْج ثَلَاثًا أَو وَاحِدَة وَلَو قَالَ لزوجته طَلِّقِي نَفسك فَطلقت نَفسهَا ثَلَاثًا فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك لَا يَقع شَيْء وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد يَقع وَاحِدَة وَاتَّفَقُوا على أَن الزَّوْج إِذا قَالَ لغير الْمَدْخُول بهَا أَنْت طَالِق أَنْت طَالِق أَنْت طَالِق بِأَلْفَاظ متتابعة فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد لَا يَقع إِلَّا وَاحِدَة وَقَالَ مَالك يَقع الثَّلَاث فَإِن قَالَ ذَلِك للمدخول بهَا وَقَالَ أردْت إفهامها بِالثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَة فَقَالَ أَبُو حنيفَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 105 وَمَالك يَقع الثَّلَاث وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد لَا يَقع إِلَّا وَاحِدَة وَلَو قَالَ لغير الْمَدْخُول بهَا أَنْت طَالِق وَطَالِق وَطَالِق فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ يَقع وَاحِدَة وَقَالَ مَالك يَقع الثَّلَاث وَاخْتلفُوا فِي طَلَاق الصَّبِي الَّذِي يعقل الطَّلَاق فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ لَا يَقع وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ أظهرهمَا أَنه يَقع وَاخْتلفُوا فِي طَلَاق السَّكْرَان فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك يَقع وَعَن الشَّافِعِي قَولَانِ أصَحهمَا يَقع وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ أظهرهمَا يَقع وَقَالَ الطَّحَاوِيّ والكرخي من الْحَنَفِيَّة والمزني وَأَبُو ثَوْر من الشَّافِعِيَّة إِنَّه لَا يَقع وَاخْتلفُوا فِي طَلَاق الْمُكْره وإعتاقه فَقَالَ أَبُو حنيفَة يَقع الطَّلَاق وَيحصل الْإِعْتَاق وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد لَا يَقع إِذا نطق بِهِ مدافعا عَن نَفسه وَاخْتلفُوا فِي الْوَعيد الَّذِي يغلب على الظَّن حُصُول مَا توعد بِهِ هَل يكون إِكْرَاها فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ نعم وَعَن أَحْمد ثَلَاث رِوَايَات إِحْدَاهُنَّ كمذهب الْجَمَاعَة وَالثَّانيَِة لَا اخْتَارَهَا الْخرقِيّ وَالثَّالِثَة إِذا كَانَ بِالْقَتْلِ أَو بِقطع طرف فإكراه وَإِلَّا فَلَا وَاخْتلفُوا فِي الْإِكْرَاه هَل يخْتَص بالسلطان أم لَا فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لَا فرق بَين السُّلْطَان وَغَيره كلص أَو متغلب وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا لَا يكون إِلَّا الْإِكْرَاه إِلَّا من السُّلْطَان وَالثَّانيَِة كمذهب مَالك وَالشَّافِعِيّ وَعَن أبي حنيفَة رِوَايَتَانِ كالمذهبين فصل وَاخْتلفُوا فِيمَن قَالَ لزوجته أَنْت طَالِق إِن شَاءَ الله فَقَالَ مَالك وَأحمد يَقع الطَّلَاق وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ لَا يَقع وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا شكّ فِي الطَّلَاق فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد يَبْنِي على الْيَقِين وَقَالَ مَالك فِي الْمَشْهُور عَنهُ يغلب الْإِيقَاع وَاخْتلفُوا فِي الْمَرِيض إِذا طلق امْرَأَته طَلَاقا بَائِنا ثمَّ مَاتَ من مَرضه الَّذِي طلق فِيهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 106 فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد تَرث إِلَّا أَن أَبَا حنيفَة يشْتَرط فِي إرثها أَن لَا يكون الطَّلَاق عَن طلب مِنْهَا وَللشَّافِعِيّ قَولَانِ أظهرهمَا الْإِرْث وَإِلَى مَتى تَرث على قَول من يُورثهَا قَالَ أَبُو حنيفَة تَرث مَا دَامَت فِي الْعدة فَإِن مَاتَت بعد انْقِضَاء عدتهَا لم تَرث وَقَالَ أَحْمد تَرث مَا لم تتَزَوَّج وَقَالَ مَالك تَرث وَإِن تزوجت وَاخْتلفُوا فِيمَن قَالَ لزوجته أَنْت طَالِق إِلَى سنة فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك تطلق فِي الْحَال وَقَالَ الشَّافِعِي لَا تطلق حَتَّى تنسلخ السّنة وَاخْتلفُوا فِيمَن طلق وَاحِدَة من زَوْجَاته لَا بِعَينهَا أَو بِعَينهَا ثمَّ أنسيها طَلَاقا رَجْعِيًا فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَابْن أبي هُرَيْرَة من الشَّافِعِيَّة لَا يُحَال بَينه وَبَين وَطئهَا وَله وَطْء أيتهن شَاءَ فَإِذا وطىء وَاحِدَة انْصَرف الطَّلَاق إِلَى غير الْمَوْطُوءَة وَمذهب الشَّافِعِي أَنه إِذا أبهم طَلْقَة بَائِنَة تطلق وَاحِدَة مِنْهُنَّ مُبْهما وَيلْزمهُ التَّعْيِين وَيمْنَع من قربانهن إِلَى أَن يعين وَيلْزمهُ ذَلِك على الْفَوْر فَلَو أبهم طَلْقَة رَجْعِيَّة فَالْأَصَحّ أَنه لَا يلْزمه التَّعْيِين فِي الْحَال لِأَن الرَّجْعِيَّة زَوجته وتستحب عدَّة من عينهَا من حِين اللَّفْظ لَا من وَقت التَّعْيِين وَقَالَ مَالك يُطَلِّقهُنَّ كُلهنَّ وَقَالَ أَحْمد يُحَال بَينه وبينهن وَلَا يجوز لَهُ وطئهن حَتَّى يقرع بَينهُنَّ فأيتهن خرجت عَلَيْهَا الْقرعَة كَانَت هِيَ الْمُطلقَة وَاتَّفَقُوا على أَنه إِذا قَالَ لزوجته أَنْت طَالِق نصف طَلْقَة لزمَه طَلْقَة وَقَالَ القَاضِي عبد الْوَهَّاب وَحكي عَن دَاوُد إِن الرجل إِذا قَالَ لزوجته نصفك طَالِق أَو أَنْت طَالِق نصف طَلْقَة إِنَّه لَا يَقع عَلَيْهَا الطَّلَاق وَالْفُقَهَاء على خِلَافه وَاخْتلفُوا فِيمَن لَهُ أَربع زَوْجَات فَقَالَ زَوْجَتي طَالِق وَلم يعين فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ تطلق وَاحِدَة مِنْهُنَّ وَله صرف الطَّلَاق إِلَى من شَاءَ مِنْهُنَّ وَقَالَ مَالك وَأحمد يطلقن كُلهنَّ وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا شكّ فِي عدد الطَّلَاق فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد يَبْنِي على الْأَقَل وَقَالَ مَالك فِي الْمَشْهُور من مذْهبه يغلب الْإِيقَاع وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا أَشَارَ بِالطَّلَاق إِلَى مَا ينْفَصل من الْمَرْأَة فِي السَّلامَة كَالْيَدِ فَقَالَ أَبُو حنيفَة إِن أَضَافَهُ إِلَى أحد خَمْسَة أَعْضَاء الْوَجْه وَالرَّأْس والرقبة وَالظّهْر والفرج وَقع وَفِي معنى ذَلِك عِنْده الْجُزْء الشَّائِع كالنصف وَالرّبع قَالَ وَإِن أَضَافَهُ إِلَى مَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 107 ينْفَصل فِي حَال السَّلامَة كالسن وَالظفر وَالشعر لم يَقع وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد يَقع الطَّلَاق بِجَمِيعِ الْأَعْضَاء الْمُتَّصِلَة كالإصبع وَأما الْمُنْفَصِلَة كالشعر فَيَقَع بهَا عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ وَلَا يَقع عِنْد أَحْمد انْتهى وَيَنْبَنِي على هَذَا الْخلاف مسَائِل الأولى رجل قَالَ لامْرَأَته نسَاء الْعَالمين طَوَالِق وَأَنت يَا زَوْجَتي لَا يَقع عَلَيْهِ الطَّلَاق لِأَنَّهُ عطف طَلاقهَا على طَلَاق نسْوَة لَا يَقع طلاقهن قطعا الثَّانِيَة إِذا قَالَ لامْرَأَته أَنْت طَالِق عِنْد موتِي لم تطلق وَلَو قَالَ لعَبْدِهِ أَنْت حر عِنْد موتِي عتق وَالْفرق أَن للزوجية حدا يَنْتَهِي إِلَيْهِ وَهُوَ الْمَوْت فَلَا تطلق كَمَا لَو قَالَ أَنْت طَالِق بعد موتِي وَلَيْسَت الْحُرِّيَّة كَذَلِك فَإِنَّهُ لَو قَالَ لعَبْدِهِ أَنْت حر بعد موتِي عتق الثَّالِثَة طَلْقَة حرمت حَلَالا وَأحلت حَرَامًا وأبطلت مُطَالبَة وأسقطت نَفَقَة وأوجبت نَفَقَة وأفادت مَالا وأفادت نِكَاحا فَذَلِك الرجل يُطلق زَوجته قبل الدُّخُول وَهِي ذِمِّيَّة فقيرة وَأُخْتهَا مَمْلُوكَة وَكَانَ الزَّوْج آلى مِنْهَا وَانْقَضَت مُدَّة الْإِيلَاء فبطلاقه إِيَّاهَا بطلت الْمُطَالبَة بالفيئة وَسَقَطت نَفَقَتهَا عَنهُ وَوَجَبَت نَفَقَتهَا على الْمُوسر من وَلَدهَا وَحرمت على زَوجهَا وَحل وَطْء أُخْتهَا وأبيح لَهُ تزوج أُخْتهَا الْحرَّة وأفادت الزَّوْجَة نصف صَدَاقهَا الرَّابِعَة شخص تكلم بِكَلَام مرّة لم يُؤثر فِي الْحَال وَإِذا كَرَّرَه أثر فِي الْحَال وَهُوَ مَا إِذا قَالَ لزوجته إِن حَلَفت بطلاقك فَأَنت طَالِق لم يَقع بِهِ شَيْء فَإِذا قَالَه مرَّتَيْنِ وَقع عَلَيْهِ طَلْقَة وَاحِدَة وَإِن قَالَه ثَلَاثًا وَقع طَلْقَتَانِ وَإِن قَالَه أَرْبعا وَقع ثَلَاث الْخَامِسَة لَو قَالَ أَنْت طَالِق بعد شهور وَنوى عددا فَذَاك وَإِلَّا فَبعد ثَلَاثَة أشهر وَلَو قَالَ بعد الشُّهُور وَنوى فعلى مَا نوى من الْعدَد وَإِن لم ينْو فَقيل تطلق بعد اثْنَي عشر شهرا لقَوْله تعلى {إِن عدَّة الشُّهُور عِنْد الله اثْنَا عشر شهرا} وَلَو قَالَ أَنْت طَالِق بعد أَيَّام فعلى مَا نوى من الْعدَد وَإِن لم ينْو طلقت بعد ثَلَاثَة أَيَّام وَقيل تطلق بعد سَبْعَة لقَوْله تَعَالَى {وَتلك الْأَيَّام نداولها بَين النَّاس} وَلَو قَالَ أَنْت طَالِق بعد سَاعَات وَنوى فعلى مَا نوى وَإِن لم ينْو فَبعد ثَلَاث الجزء: 2 ¦ الصفحة: 108 سَاعَات وَلَو قَالَ بعد السَّاعَات وَنوى عددا فعلى مَا نوى وَإِن لم ينْو قيل تطلق بعد أَربع وَعشْرين لِأَن ذَلِك كَمَال سَاعَات الْيَوْم وَاللَّيْلَة السَّادِسَة قَالَ رجل لامْرَأَته إِن كَانَ فِي كمي دَرَاهِم أَكثر من ثَلَاثَة فَأَنت طَالِق وَكَانَ فِي كمه أَرْبَعَة قَالَ أَبُو عبد الله البوشنجي حَدثنِي الرّبيع بن سُلَيْمَان أَن الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ لَا يَقع لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي كمه دَرَاهِم هِيَ أَكثر من ثَلَاثَة إِنَّمَا الزَّائِد على الثَّلَاثَة فِي كمه دِرْهَم لَا دَرَاهِم السَّابِعَة وَقع حجر من سطح فَقَالَ إِن لم تخبريني من رَمَاه السَّاعَة فَأَنت طَالِق قَالَ القَاضِي حُسَيْن فَتَقول رَمَاه مَخْلُوق وَلَا تطلق قَالَ وَإِن قَالَت رَمَاه آدَمِيّ طلقت لاحْتِمَال كَونه كَلْبا أَو ريحًا كَذَا نَقله الرَّافِعِيّ وَأَقُول قد لَا يكون رَمَاه مَخْلُوق بل وَقع بِنَفسِهِ بِإِرَادَة الله تَعَالَى فقد يُقَال الْخَلَاص أَن تَقول رَمَاه الله تَعَالَى وَلَا يمْتَنع إِطْلَاق هَذَا اللَّفْظ لقَوْله تَعَالَى {وَمَا رميت إِذْ رميت وَلَكِن الله رمى} الثَّامِنَة رجل حلف بِالطَّلَاق لَا أكلم امْرَأَتي قبل أَن تكلمني فَقَالَت إِن كلمتك فَعَبْدي حر كَيفَ تصنع قيل إِن أَبَا حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى سُئِلَ عَن هَذِه الْمَسْأَلَة فَقَالَ للْحَالِف اذْهَبْ فكلمها وَلَا حنث عَلَيْكُمَا فَإِنَّهَا لما قَالَت لَك إِن كلمتك فَعَبْدي حر شافهتك بالْكلَام فانحلت يَمِينك وَذهب أَصْحَابنَا إِلَى هَذَا مَعَ الْمُوَافقَة عَلَيْهِ وَخَرجُوا عَلَيْهِ مَا لَو قَالَ لرجل إِن بدأتك بِالسَّلَامِ فَعَبْدي حر فَقَالَ الآخر إِن بدأتك بِالسَّلَامِ فَعَبْدي حر فَسلم كل مِنْهُمَا على الآخر دفْعَة وَاحِدَة لم يعْتق عبد وَاحِد مِنْهُمَا لعدم ابْتِدَاء كل وَاحِد وتنحل اليمينان فَإِذا سلم أَحدهمَا على الآخر وَلم يعْتق وَاحِد من عبديهما نَقله الرَّافِعِيّ عَن الإِمَام التَّاسِعَة مُسلم قَالَ لزوجته إِن لم أكن من أهل الْجنَّة فَأَنت طَالِق هَذِه الْمَسْأَلَة وَقعت لهارون الرشيد فاحتجبت عَنهُ زَوجته فاستفتى عُلَمَاء عصره فَقَالُوا لَا يَقع عَلَيْك طَلَاق فَقَالَت لَا أسمع إِلَّا فتيا اللَّيْث بن سعد فَسئلَ اللَّيْث فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ هَل هَمَمْت بِمَعْصِيَة فَذكرت الله فخفته فتركتها فَقَالَ نعم فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لَيْسَ جنَّة وَاحِدَة بل جنتان قَالَ الله تَعَالَى {وَلمن خَافَ مقَام ربه جنتان} الجزء: 2 ¦ الصفحة: 109 وَفِي الرَّافِعِيّ أَنَّهَا لَو قَالَت لزَوجهَا أَنْت من أهل النَّار فَقَالَ إِن كنت من أهل النَّار فَأَنت طَالِق لم تطلق إِن كَانَ الزَّوْج مُسلما لِأَنَّهُ من أهل الْجنَّة ظَاهرا الْعَاشِرَة رجل قَالَ إِن لم يكن الشَّافِعِي أفضل من أبي حنيفَة فامرأتي طَالِق فَقَالَ آخر إِن لم يكن أَبُو حنيفَة أفضل من الشَّافِعِي فامرأتي طَالِق لم تطلق امْرَأَة وَاحِد مِنْهُمَا لِأَن الْأَمر فِي ذَلِك ظَنِّي وَالْأَصْل بَقَاء النِّكَاح وَلَو قَالَ معتزلي إِن كَانَ الْخَيْر وَالشَّر من الله فامرأتي طَالِق وَقَالَ الْأَشْعَرِيّ إِن لم يَكُونَا من الله فامرأتي طَالِق طلقت امْرَأَة المعتزلي لِأَن خطأه قَطْعِيّ بِخِلَاف الْمَسْأَلَة الَّتِي قبلهَا الْحَادِيَة عشرَة رجل قَالَ إِن مَضَت امْرَأَتي مَعَ أمتِي إِلَى السُّوق فَهِيَ طَالِق طَلَاقا وَإِن مَضَت أمتِي مَعَ امْرَأَتي إِلَى السُّوق فَهِيَ حرَّة فمضتا جَمِيعًا فِي حَالَة وَاحِدَة قَالَ الجيلي إِذا مَضَت الْمَرْأَة وَالْأمة فِي خدمتها أَو مرافقتها فِي الطَّرِيق حصلت الصفتان فَتطلق وتعتق وَإِن اتّفق خروجهما مَعًا من غير توَافق واستخدام بل على سَبِيل الِاتِّفَاق لم يَقع الطَّلَاق الثَّانِيَة عشرَة قَالَ لامْرَأَته إِن دخلت الدَّار وَالْحمام فَأَنت طَالِق فَدخلت الأولى وَقعت طَلْقَة وانحلت الْيَمين فَلَا يَقع بِالثَّانِيَةِ شَيْء وَلَو قَالَ أَنْت إِن دخلت الدَّار طَالقا وَاقْتصر عَلَيْهِ قَالَ فِي التَّهْذِيب إِن قَالَ نصبت على الْحَال وَلم أتم الْكَلَام قبل مِنْهُ وَلم يَقع شَيْء وَإِن أَرَادَ مَا يُرَاد عَن الرّفْع ولحن وَقع الطَّلَاق إِن دخلت الدَّار وَلَو قَالَ أَنْت طَالِق مَرِيضَة بِالنّصب لم تطلق إِلَّا فِي حَال الْمَرَض فَلَو رفع فَقيل تطلق فِي الْحَال حملا على أَن مَرِيضَة صفة وَاخْتَارَ ابْن الصّباغ الْحمل على الْحَال النَّحْوِيّ وَإِن كَانَ لحنا فِي الْإِعْرَاب قَالَ الْإِسْنَوِيّ وتعليل الأول بِكَوْنِهِ صفة ضَعِيف بل الْأَقْرَب جعله خَبرا آخر الثَّالِثَة عشرَة امْرَأَة قَالَت لزَوجهَا سَمِعت أَو قَالَ لي شخص إِنَّك فعلت كَذَا فَقَالَ إِن لم تقولي لي من قَالَ لَك فَأَنت طَالِق وَلم يكن قَالَ لَهَا أحد وَلَا سَمِعت من أحد لَا يَقع الطَّلَاق لِأَنَّهُ يعْتَقد أَن أحدا قَالَ لَهَا فعلق على محَال الرَّابِعَة عشرَة رجل قَالَ لامْرَأَته وَهِي فِي نهر جَار إِن خرجت من هَذَا المَاء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 110 فَأَنت طَالِق لم تطلق سَوَاء خرجت أَو لم تخرج لِأَنَّهُ جرى وانفصل الْخَامِسَة عشرَة ملك كَانَ يلْعَب بالكرة فَوَقَعت فِي جوزته فَحلف لَا يُخرجهَا هُوَ وَلَا غَيره وَلَا بُد أَن تخرج كَيفَ يصنع الْجَواب يصب المَاء فِي تِلْكَ الجوزة فيفيض المَاء فَتخرج الكرة بِنَفسِهَا وَلَا حنث عَلَيْهِ السَّادِسَة عشرَة لَو قَالَ لزوجته إِن لم أقل لَك مثل قَوْلك فَأَنت طَالِق ثَلَاثًا فَقَالَت الْمَرْأَة لزوحها أَنْت طَالِق ثَلَاثًا فَالْحِيلَةُ فِيهِ كَيْلا يَقع الطَّلَاق أَن يَقُول لَهَا أَنْت قلت لي أَنْت طَالِق ثَلَاثًا وَبِذَلِك لَا يَقع عَلَيْهِ الطَّلَاق لِأَنَّهُ ذكره على وَجه الْحِكَايَة وَإِن كَانَت الْمَرْأَة تخرج من دارها وَحلف الزَّوْج بِطَلَاقِهَا أَن لَا تخرج إِلَّا بِإِذْنِهِ وخشي أَن تخرج بِغَيْر إِذْنه عِنْد الْغَضَب فَلَو احتال وَأذن لَهَا من حَيْثُ لَا تعلم فَخرجت بعد ذَلِك لم يَحْنَث فَإِن كَانَ الْحلف عِنْد شُهُود فَيَأْذَن عِنْد الشُّهُود ويشهدهم على إِذْنه فَإِن كَانَ قَالَ كلما خرجت إِلَّا بإذني يَقُول قد أَذِنت لَهَا أَن تخرج كلما أَرَادَت نُكْتَة حكى أَن رجلا حلف بِالطَّلَاق الثَّلَاث أَنه لَا بُد أَن يزن فيلا كَانَ قد قدم إِلَى الْبَصْرَة فعجز عَن وَزنه فَسَأَلَ عليا عَن ذَلِك فَقَالَ أنزلوا الْفِيل إِلَى سفينة كَبِيرَة وَعَلمُوا أَيْن يصل المَاء من جانبيها ثمَّ أخرجُوا الْفِيل واطرحوا فِي السَّفِينَة حِجَارَة حَتَّى يلْحق المَاء الْعَلامَة فَمَا كَانَ وزن الْحِجَارَة فَهُوَ وزن الْفِيل فَائِدَة رُوِيَ عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه أَنه جِيءَ بِرَجُل إِلَى عَليّ رَضِي الله عَنهُ حلف فَقَالَ امْرَأَته طَالِق إِن لم يَطَأهَا فِي شهر رَمَضَان نَهَارا فَقَالَ يُسَافر بهَا ثمَّ يَطَؤُهَا نَهَارا اسْتِدْرَاك اعْلَم أَن الْحُرُوف الَّتِي تسْتَعْمل فِي تَعْلِيق الطَّلَاق بِالصِّفَاتِ سَبْعَة إِن وَإِذا وَمَتى وَمَتى مَا وَأي وَقت وَأي حِين وَأي زمَان دَخلهَا الْعِوَض أَو لم يدْخل وَإِن وَإِذا على طَرِيقين وَإِن دَخلهَا الْعِوَض أَعنِي هَذِه الأحرف ف إِن فورية وَمَتى متراخية وَإِذا على وَجْهَيْن ويجمعهما بيتان قَالُوا التَّعَالِيق فِي الْأَسْبَاب وَاسِعَة إِلَّا بخلع وَإِلَّا بالمسيئات أَو مازجت حرف نفي فَهِيَ فورية إِلَّا بإن فَهِيَ فِي نفي كإثبات المصطلح وَهُوَ يشْتَمل على صور وللطلاق عمد ذكر الْمُطلق والمطلقة وأنسابهما وَإِقْرَار الْمُطلق أَنه طَلقهَا مواجها لَهَا إِذا كَانَت حَاضِرَة وَتَعْيِين الطَّلَاق وَاحِدَة أَو اثْنَتَيْنِ أَو ثَلَاثًا وَصِحَّة الْعقل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 111 وَالْبدن وَذكر الدُّخُول بهَا والإصابة إِن كَانَ كَذَلِك وَذكر عدم الدُّخُول والإصابة إِن كَانَت غير مَدْخُول بهَا وَمَعْرِفَة الشُّهُود بهما والتاريخ وَأما الصُّور فَمِنْهَا صُورَة إِيقَاع طَلَاق على غير عوض أشهد عَلَيْهِ فلَان أَنه أوقع على زَوجته فُلَانَة الطَّلَاق الثَّلَاث فِي يَوْم تَارِيخه بعد الدُّخُول بهَا والإصابة حرمت عَلَيْهِ بذلك فَلَا تحل لَهُ من بعد حَتَّى تنْكح زوجا غَيره وصدقته على ذَلِك التَّصْدِيق الشَّرْعِيّ ويؤرخ وَصُورَة الطَّلَاق الرَّجْعِيّ أقرّ فلَان أَنه فِي يَوْم تَارِيخه أوقع على زَوجته فُلَانَة طَلْقَة أولى أَو ثَانِيَة رَجْعِيَّة من غير عوض أَو رَجْعِيَّة تكون فِيهَا فِي عدَّة مِنْهُ إِلَى انْقِضَائِهَا وَهُوَ مَالك رَجعتهَا مَا لم تنقض عدتهَا فَإِذا انْقَضتْ ملكت نَفسهَا عَلَيْهِ وَصَارَت بعد ذَلِك لَا سَبِيل لَهُ عَلَيْهَا وَلَا يملك رَجعتهَا إِلَّا بأمرها وإذنها ورضاها وصدقته على ذَلِك وأقرت أَنَّهَا فِي طهر ويؤرخ وَصُورَة الطَّلَاق الْمسند أشهد عَلَيْهِ فلَان أَنه من مُدَّة شهر أَو شَهْرَيْن أَو ثَلَاثَة أَو أقل من ذَلِك أَو أَكثر تقدم على تَارِيخه أوقع على زَوجته فُلَانَة طَلْقَة وَاحِدَة أولى أَو ثَانِيَة مسبوقة بِأولى رَجْعِيَّة من غير عوض بعد الدُّخُول بهَا والإصابة وَأَنَّهَا بِمُقْتَضى مُضِيّ الْمدَّة الْمَذْكُورَة الْوَاقِع طَلَاقه عَلَيْهَا فِي ابتدائها بَانَتْ مِنْهُ بذلك وملكت نَفسهَا عَلَيْهِ فَلَا تحل لَهُ إِلَّا بِعقد جَدِيد بِشُرُوطِهِ الشَّرْعِيَّة واعترف أَنه لم يُرَاجِعهَا من ذَلِك الْوَقْت إِلَى الْآن وصدقها عل انْقِضَاء عدتهَا التَّصْدِيق الشَّرْعِيّ أَو وَهِي مَدِينَة بِانْقِضَاء عدتهَا بِالْأَقْرَاءِ الثَّلَاث يحلفها على ذَلِك إِذْ لَا يعرف ذَلِك إِلَّا من قبلهَا على مَا يَقْتَضِيهِ الشَّرْع الشريف ويوجبه ويؤرخ وَصُورَة الطَّلَاق على الْعِوَض وَيكْتب على ظهر الصَدَاق سَأَلت فُلَانَة الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة فلَان الْمَذْكُور مَعهَا بَاطِنه أَن يطلقهَا طَلْقَة وَاحِدَة أولى أَو ثَانِيَة مسبوقة بِأولى أَو ثَالِثَة على نَظِير مبلغ صَدَاقهَا وَقدره كَذَا وَكَذَا على مبلغ كَذَا من جملَة صَدَاقهَا عَلَيْهِ فأجابها إِلَى سؤالها وَطَلقهَا الطَّلقَة المسؤولة على الْعِوَض الْمَذْكُور بَانَتْ مِنْهُ بذلك فَلَا تحل لَهُ إِلَّا بِعقد جَدِيد بِشُرُوطِهِ الشَّرْعِيَّة وَإِن كَانَت ثَالِثَة فَيَقُول حرمت عَلَيْهِ بذلك فَلَا تحل لَهُ من بعد حَتَّى تنْكح زوجا غَيره وتصادقا على الدُّخُول بهَا والإصابة ويذيل بِإِقْرَار بِعَدَمِ اسْتِحْقَاق ويؤرخ وَإِن كَانَ الطَّلَاق قبل الدُّخُول بهَا والإصابة وَالْخلْوَة كتب وَأَن شطر صَدَاقهَا عَلَيْهِ الشَّاهِد بِهِ كتاب الزَّوْجِيَّة بَينهمَا الْمعِين بَاطِنه الَّذِي سلم لَهَا عَلَيْهِ بِحكم الطَّلَاق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 112 المشروح فِيهِ وَعدم الدُّخُول بهَا والإصابة وَالْخلْوَة وَجُمْلَته كَذَا وَكَذَا بَاقٍ لَهَا فِي ذمَّته إِلَى يَوْم تَارِيخه لم تَبرأ ذمَّته من ذَلِك وَلَا من شَيْء مِنْهُ وتصادقا على ذَلِك كُله تَصَادقا شَرْعِيًّا وَإِن كَانَت الزَّوْجَة قبضت الصَدَاق جَمِيعه قبل الطَّلَاق فتعيد إِلَيْهِ النّصْف مِنْهُ وَيكْتب بعد صُدُور الطَّلَاق ثمَّ بعد ذَلِك ولزومه شرعا أعادت فُلَانَة الْمُطلقَة الْمَذْكُورَة فِيهِ لمطلقها فلَان الْمَذْكُور مَعهَا فِيهِ مَا سلم لَهُ من مبلغ الصَدَاق الْمعِين بَاطِنه قبل الدُّخُول بهَا والإصابة وَبعد الطَّلَاق وَهُوَ كَذَا وَكَذَا فاستعاده مِنْهَا استعادة شَرْعِيَّة وَصَارَ ذَلِك إِلَيْهِ وَبِيَدِهِ وحوزه وَأقر كل مِنْهُمَا أَنه لَا يسْتَحق على الآخر بعد ذَلِك حَقًا وَلَا دَعْوَى وَلَا طلبا إِلَى آخِره وَصُورَة الطَّلَاق قبل الدُّخُول سَأَلت فُلَانَة زَوجهَا فلَان أَن يطلقهَا طَلْقَة وَاحِدَة أولى قبل الدُّخُول بهَا والإصابة وَالْخلْوَة أَو ثَانِيَة مسبوقة بِأولى على شطر صَدَاقهَا السَّالِم لَهَا عَلَيْهِ قبل الدُّخُول فأجابها إِلَى سؤالها وَطَلقهَا الطَّلقَة المسؤولة على الْعِوَض الْمَذْكُور بَانَتْ مِنْهُ بذلك أَو حرمت عَلَيْهِ بذلك وحلت للأزواج فَلَا تحل لَهُ إِلَّا بِعقد جَدِيد بِشُرُوطِهِ الشَّرْعِيَّة ويكمل على نَحْو مَا سبق والطلقة إِذا وَقعت قبل الدُّخُول وَقعت بَائِنا لَا يملك رَجعتهَا إِلَّا بِإِذْنِهَا وَإِذن وَليهَا الشَّرْعِيّ وَصُورَة الطَّلقَة الرَّجْعِيَّة إِذا صيرها بهَا بَائِنا على مَذْهَب أبي حنيفَة أشهد عَلَيْهِ فلَان أَنه طلق زَوجته فُلَانَة الَّتِي اعْترف أَنَّهَا الْآن فِي عصمته وَعقد نِكَاحه الطَّلقَة الرَّجْعِيَّة الْفُلَانِيَّة بعد الدُّخُول بهَا والإصابة وَالْخلْوَة ثمَّ بعد ذَلِك أشهد عَلَيْهِ أَنه صيرها بَائِنا على مَذْهَب من يرى ذَلِك من السَّادة الْعلمَاء فَإِذا أَرَادَ أَن يُرَاجِعهَا من ذَلِك بِغَيْر إِذْنهَا على مَذْهَب الشَّافِعِي فَلَا بُد من استئذانها لحَاكم شَافِعِيّ يعقده بِإِذْنِهَا وَإِذن وَليهَا الشَّرْعِيّ ويتلفظ الزَّوْج بالرجعة وَيحصل الْإِقْرَار بهَا وَيحكم الْحَاكِم الشَّافِعِي بِصِحَّة ذَلِك على مُقْتَضى مذْهبه خوفًا من بُطْلَانه عِنْد من يرى بُطْلَانه وَصُورَة مَا يكْتب فِي ذَلِك لما قَامَت الْبَيِّنَة الشَّرْعِيَّة بجريان عقد النِّكَاح المشروح بَاطِنه وَالرَّجْعَة من الطَّلقَة المشروحة بَاطِنه وصدورها من الْمُطلق الْمَذْكُور فِي زمن الْعدة عِنْد سيدنَا الْحَاكِم الْفُلَانِيّ وَقبلهَا الْقبُول الشَّرْعِيّ وَحلف الزَّوْج المراجع الْمَذْكُور أَن ذَلِك صدر على الحكم المشروح فِيهِ وَأَن الرّجْعَة صدرت قبل انْقِضَاء الْعدة على الْوَجْه الشَّرْعِيّ وَثَبت ذَلِك جَمِيعه عِنْد سيدنَا الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ فِيهِ سَأَلَهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 113 من جَازَ سُؤَاله شرعا الْإِشْهَاد على نَفسه الْكَرِيمَة بِثُبُوت ذَلِك عِنْده وَالْحكم بِمُوجبِه وبصحة الرّجْعَة من الْمُطلقَة الْمَذْكُورَة بِغَيْر إِذن الزَّوْجَة فَأجَاب سُؤَاله وَحكم أيد الله أَحْكَامه بِمُوجب ذَلِك وبصحة الرّجْعَة من الْمُطلقَة الْمَذْكُورَة بِغَيْر إِذن الزَّوْجَة حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخِره ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه وَإِن حكم بذلك حَاكم حَنَفِيّ فَلَا تبقى رَجْعَة وَلَا يعْمل فِي ذَلِك إِلَّا على مُقْتَضى مَذْهَب أبي حنيفَة وَصُورَة الحكم بذلك على مُقْتَضى مذْهبه لما قَامَت الْبَيِّنَة الشَّرْعِيَّة بجريان عقد النِّكَاح بَين الزَّوْجَيْنِ الْمَذْكُورين بَاطِنه وبالطلاق المشروح فِيهِ على الحكم المشروح فِيهِ عِنْد سيدنَا الْحَاكِم الْفُلَانِيّ وَقبلهَا الْقبُول الشَّرْعِيّ سَأَلَهُ من جَازَ سُؤَاله شرعا الْإِشْهَاد على نَفسه الْكَرِيمَة بِثُبُوت الطَّلقَة الْمَذْكُورَة وصيرورتها بَائِنا بِحَيْثُ لَا تحل لَهُ إِلَّا بِإِذْنِهَا بالشرائط الشَّرْعِيَّة وأجراها من الطَّلَاق الْبَائِن غير الطَّلَاق الثَّلَاث فَأجَاب السَّائِل إِلَى ذَلِك وَأشْهد على نَفسه الْكَرِيمَة بِثُبُوت ذَلِك عِنْده ثبوتا صَحِيحا شَرْعِيًّا وَحكم أيد الله أَحْكَامه بِمُوجب ذَلِك وَمن مُوجبه صيرورتها بَائِنا على مُقْتَضى مذْهبه حكما شَرْعِيًّا مُسْتَوْفيا شَرَائِطه الشَّرْعِيَّة مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ وَإِذا عقده عَاقد حَنَفِيّ من غير حكم فيحتاط ويعقد بِالْإِذْنِ بالشرائط وَيُرَاجع بَينهمَا كَمَا سبق ويحتاط الْعَاقِد الشَّافِعِي فيراجع بَينهمَا ثمَّ يجدد النِّكَاح بِالْإِذْنِ من الزَّوْجَة بالشرائط الشَّرْعِيَّة وَأَن يكون ذَلِك فِي زمن الْعدة أما إِذا انْقَضتْ الْعدة من غير رَجْعَة فقد صَارَت بَائِنا على كل حَال وارتفع الْخلاف وَصُورَة الطَّلَاق بسؤال من غير الزَّوْجَة من أَب أَو غَيره سَأَلَ فلَان فلَانا أَن يُطلق ابْنَته فُلَانَة على نَظِير مبلغ صَدَاقهَا عَلَيْهِ وَقدره كَذَا وَكَذَا فَأجَاب إِلَى سُؤَاله وَطَلقهَا الطَّلقَة المسؤولة على الْعِوَض الْمَذْكُور بَانَتْ مِنْهُ بذلك وملكت نَفسهَا عَلَيْهِ فَلَا تحل لَهُ إِلَّا بِعقد جَدِيد بِشُرُوطِهِ الشَّرْعِيَّة واعترف بِالدُّخُولِ بهَا والإصابة فَإِن اتَّفقُوا على الْحِوَالَة كتب كَمَا تقدم فِي الْخلْع وَإِن كَانَت بَالِغَة رَشِيدَة قبلت الْحِوَالَة لنَفسهَا وَإِن كَانَت محجورة أَبِيهَا فَيقبل لَهَا الْحِوَالَة وَاسْتِيفَاء ألفاظها الْمُعْتَبرَة فِي صِحَّتهَا بَرِئت بذلك ذمَّة الْمُحِيل الْمَذْكُور من جَمِيع مبلغ الصَدَاق الْمعِين فِيهِ وَذمَّة الْمحَال عَلَيْهِ من الْقدر المسؤول عَلَيْهِ وَاسْتقر فِي ذمَّة السَّائِل لابنته الْمَذْكُورَة استقرارا شَرْعِيًّا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 114 هَذَا إِذا كَانَت الْمُطلقَة بَالِغَة عَاقِلَة حَاضِرَة فَإِن كَانَت غَائِبَة فَيَقُول قبلهَا لَهَا من جَازَ قبُوله شرعا أَو قبلهَا لَهَا وكيلها الشَّرْعِيّ فلَان قبولا شَرْعِيًّا ويؤرخ وَصُورَة مَا إِذا كَانَت الزَّوْجَة فِي سُؤال الزَّوْج فِي الطَّلَاق على الصَدَاق ووكل الزَّوْج فِي إِجَابَة سُؤال السَّائِل وإيقاع الطَّلَاق وَقبل الْعِوَض سَأَلَ فلَان وَكيل فُلَانَة فِيمَا ينْسب إِلَيْهِ فعله فِيهِ بِمُقْتَضى كتاب التَّوْكِيل المتضمن لذَلِك وَلغيره الْمحْضر بشهوده المؤرخ بَاطِنه بِكَذَا الثَّابِت مضمونه عِنْد سيدنَا الْحَاكِم الْفُلَانِيّ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ المؤرخ بِكَذَا فلَانا وَكيل زوج الموكلة الْمَذْكُورَة هُوَ فلَان فِيمَا ينْسب إِلَيْهِ فعله فِيهِ بِمُقْتَضى الْوكَالَة الشَّرْعِيَّة كَمَا تقدم ثمَّ يَقُول أَن يُطلق الموكلة الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ طَلْقَة وَاحِدَة أولى أَو ثَانِيَة أَو ثَالِثَة على جَمِيع مبلغ صَدَاقهَا عَلَيْهِ وَقدره كَذَا وَكَذَا بعد الدُّخُول بهَا والإصابة أَو على نصف صَدَاقهَا السَّالِم لَهَا عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا قبل الدُّخُول بهَا والإصابة فَأَجَابَهُ إِلَى سُؤَاله وطلق الموكلة الْمَذْكُورَة عَن مُوكله الْمَذْكُور على الْعِوَض الْمَذْكُور وَقبل الْقدر المسؤول عَلَيْهِ لمُوكلِه الْمَذْكُور قبولا شَرْعِيًّا بَانَتْ مِنْهُ بذلك وملكت نَفسهَا عَلَيْهِ فَلَا تحل لَهُ إِلَّا بِعقد جَدِيد بِشُرُوطِهِ الشَّرْعِيَّة ويؤرخ فصل فِي التَّعْلِيق وَهُوَ جَائِز وَلَا يجوز الرُّجُوع فِيهِ وَلَا يَقع قبل الشَّرْط وَلَا يحرم الْوَطْء قبله وَلَو قَالَ عجلت تِلْكَ الصّفة الْمُعَلقَة لم يعجل كَمَا لَو نذر صَوْم يَوْمَيْنِ مُعينين وَإِذا علقه بِصفة مستحيلة عرفا كَإِن صعدت السَّمَاء أَو عقلا كَإِن أَحييت مَيتا لم يَقع فِي الْأَصَح وَقد سبق ذكر أدوات التَّعْلِيق وَمِنْهَا مهما وَكلما وَلَا تَكْرِير إِلَّا فِي كلما وَصُورَة تَعْلِيق الطَّلَاق بِصفة قَالَ فلَان مَتى غبت عَن زَوْجَتي فُلَانَة مُدَّة كَذَا وَكَذَا وتركتها بِلَا نَفَقَة وَلَا كسْوَة وَحَضَرت إِلَى شَاهِدين من شُهَدَاء الْمُسلمين أَو تعينهما أَو غَيرهمَا من الْعُدُول وأحضرت مَعهَا مُسلمين وأخبرت أَنِّي غبت عَنْهَا الْمدَّة الْمُعَلق طَلاقهَا عَلَيْهَا وَهِي كَذَا وَكَذَا وتركتها بِلَا نَفَقَة وَلَا كسْوَة وصدقها المسلمان على ذَلِك وأبرأت ذِمَّتِي من كَذَا وَكَذَا من جملَة صَدَاقهَا عَليّ كَانَت إِذْ ذَاك طَالقا طَلْقَة وَاحِدَة أَو ثَانِيَة تملك بهَا نَفسهَا واعترف بِالدُّخُولِ بهَا والإصابة وصدقته على ذَلِك تَصْدِيقًا شَرْعِيًّا قَالَ ذَلِك بِصَرِيح لَفظه ويؤرخ أَو يَقُول علق فلَان طَلَاق زَوجته فُلَانَة بِأَن قَالَ بِصَرِيح لَفظه مَتى حضرت زَوْجَتي فُلَانَة إِلَى شَاهِدين عَدْلَيْنِ وأبرأتني من صَدَاقهَا عَليّ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا كَانَت إِذْ ذَاك طَالقا طَلْقَة وَاحِدَة أَو ثَانِيَة أَو ثَالِثَة واعترف بِالدُّخُولِ بهَا والإصابة ويكمل على نَحْو مَا سبق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 115 أَو يَقُول قَالَ فلَان بِصَرِيح لَفظه مَتى سَافَرت عَن زَوْجَتي فُلَانَة إِلَى فَوق مَسَافَة الْقصر وَعلمت بسفري وَحَضَرت إِلَى شَاهِدين عَدْلَيْنِ وأخبرتهما بذلك وأحضرت مَعهَا مُسلمين وصدقاها على ذَلِك وأبرأتني من مبلغ صَدَاقهَا عَليّ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا أَو من دِرْهَم وَاحِد من مبلغ صَدَاقهَا عَليّ كَانَت إِذْ ذَاك طَالقا طَلْقَة وَاحِدَة أولى أَو ثَانِيَة أَو مَتى سَافَرت عَن زَوْجَتي فُلَانَة من بلد كَذَا واستمرت غيبتي عَنْهَا مُدَّة كَذَا وَكَذَا من ابْتِدَاء سَفَرِي عَنْهَا وتركتها بِلَا نَفَقَة وَلَا منفق شَرْعِي وَحَضَرت إِلَى شَاهِدين عَدْلَيْنِ وأحضرت مَعهَا من يصدقها على ذَلِك وأبرأتني من كَذَا وَكَذَا كَانَت إِذْ ذَاك طَالقا طَلْقَة وَاحِدَة أولى أَو ثَانِيَة أَو مَتى تزوجت على زَوْجَتي فُلَانَة أَو تسريت عَلَيْهَا أَو غير ذَلِك من الْأَنْوَاع الَّتِي يَقع اتِّفَاق الزَّوْجَيْنِ عَلَيْهَا وَصُورَة مَا إِذا وَقعت الصّفة الْمُعَلق عَلَيْهَا وَجَاءَت الْمَرْأَة تطلب الْإِشْهَاد عَلَيْهَا بِالْإِبْرَاءِ وتختار وُقُوع الطَّلَاق بعد أَن علق الزَّوْج الْمَذْكُور بَاطِنه طَلَاق زَوجته فُلَانَة الْمَذْكُورَة مَعَه بَاطِنه على الصّفة المشروحة فِي فصل التَّعْلِيق المسطر فِيهِ حضرت الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة فِيهِ إِلَى شاهديه الواضعين خطهما آخِره وأحضرت مَعَهُمَا كل وَاحِد من فلَان وَفُلَان وصدقاها على وجود الصّفة الْمُعَلق عَلَيْهَا من السّفر أَو الْغَيْبَة أَو غير ذَلِك وأبرأته من جَمِيع صَدَاقهَا عَلَيْهِ الْمعِين فِيهِ أَو من كَذَا وَكَذَا من جملَة مبلغ صَدَاقهَا عَلَيْهِ الْمعِين فِيهِ بَرَاءَة شَرْعِيَّة بَرَاءَة عَفْو وَإِسْقَاط طلقت مِنْهُ بذلك وملكت نَفسهَا عَلَيْهِ فَلَا تحل لَهُ إِلَّا بِعقد جَدِيد بِشُرُوطِهِ الشَّرْعِيَّة وَالْأَمر فِي ذَلِك مَحْمُول على مَا يُوجِبهُ الشَّرْع الشريف وَفِي صُورَة تَعْلِيق الطَّلَاق على الْغَيْبَة لَا بُد من ثُبُوت الزَّوْجِيَّة والغيبة خَاصَّة عِنْد حَاكم وَصُورَة الثُّبُوت فِي ذَلِك لما قَامَت الْبَيِّنَة بجريان عقد النِّكَاح بَين الزَّوْجَيْنِ الْمَذْكُورين بَاطِنه وهما فلَان وفلانة على الحكم المشروح بَاطِنه وغيبة الزَّوْج الْمَذْكُور الْمدَّة الْمُعَلق عَلَيْهَا الْمَذْكُورَة بَاطِنه وتصديق الْمُسلمين وبلفظ الزَّوْجَة بِالْبَرَاءَةِ الْمُعَلق عَلَيْهَا الطَّلَاق المشروح فِيهِ عِنْد سيدنَا الْحَاكِم الْفُلَانِيّ وَقبلهَا الْقبُول الشَّرْعِيّ سَأَلَهُ من جَازَ سُؤَاله شرعا الْإِشْهَاد على نَفسه بِثُبُوت ذَلِك عِنْده وَالْحكم بِمُوجبِه فَأجَاب إِلَى ذَلِك وَأشْهد على نَفسه الْكَرِيمَة بِثُبُوت ذَلِك عِنْده وَالْحكم بِمُوجبِه حكما صَحِيحا شَرْعِيًّا إِلَى آخِره أَو تثبت الزَّوْجِيَّة والغيبة خَاصَّة ويكمل التَّعْلِيق من غير ثُبُوت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 116 حَاكم لِأَنَّهُ لَا يحْتَاج إِلَّا إِلَى ثُبُوت الزَّوْجِيَّة والغيبة خَاصَّة وَمَا تثبت الْغَيْبَة حَتَّى يثبت جَرَيَان عقد النِّكَاح لينبني على صِحَة لفظ الزَّوْج وتعليقه لِأَن التَّعْلِيق فرع الزَّوْجِيَّة تَنْبِيه إِذا طلق الرجل زَوجته دون الطلقات الثَّلَاث وَتَزَوَّجت بِغَيْرِهِ ثمَّ طَلقهَا وعادت للْأولِ فعلى مَذْهَب الشَّافِعِي تعود إِلَيْهِ بِمَا بَقِي من عدد الطَّلَاق فَإِن كَانَ قد طَلقهَا وَاحِدَة فتعود إِلَيْهِ بطلقتين وَمذهب الْغَيْر تعود وَيملك عَلَيْهَا الطَّلَاق الثَّلَاث كَالنِّكَاحِ الأول لِأَن النِّكَاح عِنْده بِغَيْر الْمُطلق يهدم وَمَا رَأَيْت فِي زَمَاننَا هَذَا من يعْمل فِي هَذِه الْمَسْأَلَة إِلَّا على مَذْهَب الإِمَام الشَّافِعِي مَسْأَلَة إِذا عتقت تَحت عبد لَهَا الْفَسْخ إِلَّا فِي مَسْأَلَة وَاحِدَة وَهِي أَن سَيِّدهَا يملكهَا وَقيمتهَا مائَة وصداقها على زَوجهَا مائَة وسيدها يملك مائَة ووصى سَيِّدهَا بِعتْقِهَا وَالزَّوْج لم يدْخل بهَا وَمَات سَيِّدهَا فَإِن اخْتَارَتْ الْفَسْخ سقط الْمهْر لِأَن الْفَسْخ من جِهَتهَا وَإِذا سقط الْمهْر صَار بَعْضهَا رَقِيقا فَلَا يجوز لَهَا الْفَسْخ وَهَذِه من مسَائِل الدّور فَإِذا آل الْأَمر إِلَى ثُبُوت بَقَائِهَا تَحت الزَّوْج وَالْحَالة هَذِه كتب لما قَامَت الْبَيِّنَة بجريان عقد النِّكَاح بَين الزَّوْجَيْنِ الْمَذْكُورين فِيهِ وهما فلَان وفلانة وَوَصِيَّة فلَان سيد الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة بِعتْقِهَا ووفاة الْمُوصي الْمَذْكُور إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى وَقِيمَة الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة وَهِي مائَة دِرْهَم وَأَن المخلف عَن الْمُوصي الْمَذْكُور جَمِيعه مائَة دِرْهَم عِنْد سيدنَا الْحَاكِم الْفُلَانِيّ وَثَبت ذَلِك عِنْده الثُّبُوت الشَّرْعِيّ بشرائطه الشَّرْعِيَّة وأعذر فِي ذَلِك لمن لَهُ الْإِعْذَار وَثَبت الْإِعْذَار لَدَيْهِ على الْوَجْه الشَّرْعِيّ وتصادق الزَّوْجَانِ الْمَذْكُورَان فِيهِ على عدم الدُّخُول والإصابة بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيّ ثبوتا صَحِيحا شَرْعِيًّا سَأَلَهُ من جَازَ سُؤَاله شرعا الْإِشْهَاد بِثُبُوت ذَلِك وَالْحكم بِمُوجبِه وإبقاء الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة فِي عصمَة زَوجهَا الْمَذْكُور من غير جَوَاز فسخ بِحكم صُدُور مَا شرح فِيهِ فَأجَاب السَّائِل لذَلِك وَأشْهد على نَفسه الْكَرِيمَة بذلك ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه وَإِذا عتقت الْجَارِيَة فِي غير هَذِه الصُّورَة وَهِي متزوجة بِعَبْد وأرادت فسخ نِكَاحهَا من عصمته بِحكم الْعتْق حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ فلَان مُعتق الزَّوْجَة فُلَانَة وَالزَّوْجَة الْمُعتقَة الْمَذْكُورَة وَزوجهَا فلَان وَادعت الزَّوْجَة على زَوجهَا الْمَذْكُور أَنه تزوج بهَا تزويجا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 117 شَرْعِيًّا وَهِي رقيقَة وَأَنَّهَا عتقت وَصَارَت حرَّة من حرائر المسلمات وَأَن زَوجهَا رَقِيق إِلَى الْآن وَلم ترض بالْمقَام مَعَه واختارت فسخ نِكَاحهَا من عصمته وَعقد نِكَاحه وتسأل سُؤَاله فَسَأَلَهُ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ عَن ذَلِك فَأجَاب بِصِحَّة دَعْوَاهَا وَسَأَلَ الْمُعْتق الْمَذْكُور عَن الْعتْق فاعترف بِصِحَّتِهِ ثمَّ خَيرهَا الْحَاكِم بَين الْإِقَامَة مَعَه من غير فسخ ووعظها ووعدها الْأجر إِن صبرت فَأَبت إِلَّا ذَلِك فَحِينَئِذٍ مكنها الْحَاكِم من فسخ نِكَاحهَا من عصمَة زَوجهَا الْمَذْكُور فَقَالَت بِصَرِيح لَفظهَا فسخت نِكَاحي من عصمَة زَوجي فلَان الْمَذْكُور فسخا شَرْعِيًّا ثمَّ بعد ذَلِك سَأَلت الْحَاكِم أَن يحكم لَهَا بذلك فَأجَاب سؤالها وَحكم بِمُوجب ذَلِك حكما صَحِيحا شَرْعِيًّا ويكمل وَإِن كَانَ ذَلِك فِي غيبَة الْمُعْتق فتقوم الْبَيِّنَة بجريان عقد النِّكَاح وبالعتق والإعذار لمن لَهُ الْإِعْذَار وَحلف الزَّوْجَة أَنَّهَا لم ترض بِالْإِقَامَةِ فِي صُحْبَة زَوجهَا الْمَذْكُور بعد الْعتْق وَأَنَّهَا اخْتَارَتْ فسخ نِكَاحهَا من عصمَة زَوجهَا الْمَذْكُور بِهَذَا الْمُقْتَضى وَيثبت ذَلِك جَمِيعه عِنْد الْحَاكِم وَيحكم بِمُوجبِه وَإِن كَانَ الْفَسْخ بِعَيْب حدث بعده وَإِلَّا فمهر الْمثل فصل إِذا جعل طَلَاق زَوجته بِيَدِهَا فَهُوَ تمْلِيك وَشَرطه الْفَوْرِيَّة وَصورته قَالَ فلَان لزوجته الْمَذْكُورَة بَاطِنه جعلت طَلَاقك بِيَدِك فطلقي نَفسك بِمَا اخْتَرْت من عدد الطَّلَاق الثَّلَاث أَو يعين لَهَا طَلْقَة بِعَينهَا فأجابت سُؤَاله على الْفَوْر وَقَالَت بِصَرِيح لَفظهَا طلقت نَفسِي طَلْقَة وَاحِدَة أولى أَو أَكثر بِحكم أَنَّك جعلت إِلَى ذَلِك أَو ملكتني إِيَّاه وَقد حصل لي بذلك الْفِرَاق من عصمتك وَعقد نكاحك وصرت بِمُقْتَضى ذَلِك أَجْنَبِيَّة مِنْك لَا نِكَاح بَيْننَا وَلَا زوجية وَذَلِكَ بعد اعترافهما بِالدُّخُولِ والإصابة وَإِن كَانَ ثمَّ أَوْلَاد فيذكرهم أَو كَانَ الْأَمر قبل الدُّخُول فَيكْتب كَذَلِك ثمَّ يَقُول وَالْأَمر بَينهمَا فِي ذَلِك مَحْمُول على مَا يُوجِبهُ الشَّرْع الشريف وَإِذا قَالَ طَلِّقِي نَفسك مَتى شِئْت فَذَلِك لَا يَقْتَضِي الْفَوْرِيَّة وَله الرُّجُوع قبل التَّطْلِيق مِنْهَا فصل وَالِاسْتِثْنَاء يضر فِيهِ تخَلّل يسير على الصَّحِيح لَا سكتة تنفس وعي وَيشْتَرط نِيَّة الِاسْتِثْنَاء بِأول الْكَلَام فِي الْأَصَح لِأَن هَذَا هُوَ الْعرف فِي الِاسْتِثْنَاء فَإِن انْفَصل لضيق نفس كَانَ كالمتصل لِأَنَّهُ انْفِصَال بِعُذْر وَمَتى تعْتَبر النِّيَّة فِيهِ وَجْهَان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 118 أَحدهمَا تعْتَبر من أول الْكَلَام إِلَى آخِره لِأَن الطَّلَاق يَقع بِجَمِيعِ اللَّفْظ وَالثَّانِي إِذا نوى قبل الْفَرَاغ من الْكَلَام صَحَّ لِأَن النِّيَّة قد وجدت مِنْهُ قبل الِاسْتِثْنَاء مُتَّصِلا بِهِ وَسَوَاء فِيمَا ذكر فِي الِاسْتِثْنَاء إِلَّا وَأَخَوَاتهَا وَالتَّعْلِيق بِمَشِيئَة الله تَعَالَى وَسَائِر التعليقات وَيشْتَرط عدم استغراقه فَإِذا قَالَ أَنْت طَالِق ثَلَاثًا إِلَّا ثِنْتَيْنِ طلقت وَاحِدَة أَو قَالَ ثَلَاثًا إِلَّا ثَلَاثًا طلقت ثَلَاثًا تذييل سُئِلَ الإِمَام الْعَلامَة شيخ الْإِسْلَام عَالم الْحجاز جمال الدّين بن ظهيرة الْقرشِي الْمَكِّيّ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى عَن قَول الرجل لامْرَأَته مَتى وَقع عَلَيْك طَلَاقي أَو إِذا وَقع عَلَيْك طَلَاقي فَأَنت طَالِق قبله ثَلَاثًا ثمَّ قَالَ لَهَا أَنْت طَالِق وَهَذِه مَسْأَلَة الدّور الْمَشْهُورَة بالسريجية وَهل لَهُ مخلص مِنْهَا إِذا قُلْنَا بِصِحَّة الدّور فَأجَاب بِأَن مآخذ الْخلاف فِي هَذِه الْمَسْأَلَة ثَابِتَة الْبُنيان وَاضِحَة الْبُرْهَان مشيدة الْأَركان وَلكُل مَسْلَك محجة ولعمري لقد دارت فِيهَا الرؤوس وانفحمت فِيهَا أكباد الفحول فِي الدُّرُوس وسئمت من دورانها النُّفُوس فَإِذا قَالَ لامْرَأَته إِذا طَلقتك أَو مهما طَلقتك فَأَنت طَالِق قبله ثَلَاثًا ثمَّ طَلقهَا فَالْمَذْهَب فِي ذَلِك ثَلَاثَة أوجه أَحدهَا لَا يَقع عَلَيْهَا شَيْء وَهُوَ الْمَشْهُور عَن ابْن سُرَيج وَإِلَيْهِ ذهب ابْن الْحداد والقفال الشَّاشِي والقفال الْمروزِي وَالشَّيْخ أَبُو حَامِد وَالْقَاضِي أَبُو الطّيب وَالشَّيْخ أَبُو عَليّ وَالشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ وَالرُّويَانِيّ وَبِه أجَاب الْمُزنِيّ والمتتور وَحَكَاهُ صَاحب لإفصاح عَن نَص الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ الإِمَام وَعَلِيهِ مُعظم الْأَصْحَاب وَنقل فِي الْبَحْر عَن القَاضِي أبي الطّيب أَن للشَّافِعِيّ مصنفا اقْتصر فِيهِ على عدم الْوُقُوع وَاقْتصر عَلَيْهِ أَيْضا أَبُو حَامِد الْقزْوِينِي فِي كتاب الْحِيَل وَصَححهُ الشَّاشِي فِي الْمُعْتَمد وَكَانَ ابْن الْخَلِيل شَارِح التَّنْبِيه يُفْتِي بِهِ بِبَغْدَاد كَمَا نقل عَنهُ ابْن خلكان فِي تَارِيخه وَعمِلُوا بِصِحَّة الدّور لِأَنَّهُ لَو وَقع الْمُنجز لوقع قبله ثَلَاثًا وَإِذا وَقع الثَّلَاث قبله لَا يَقع الْمُنجز للبينونة الْوَجْه الثَّانِي يَقع الْمُنجز فَقَط وَلَا يَقع الْمُعَلق وَلَا شَيْء مِنْهُ وَهُوَ اخْتِيَار صَاحب التَّلْخِيص وَالشَّيْخ أبي مزِيد وَابْن الصّباغ وَصَاحب التَّتِمَّة والشريف نَاصِر الدّين الْعمريّ وَاخْتَارَهُ الْغَزالِيّ وصنف فِيهِ مصنفا سَمَّاهُ علية الْغَوْر فِي دراية الدّور ثمَّ رَجَعَ عَنهُ وصنف تصنيفا فِي إِبْطَاله سَمَّاهُ الْغَوْر فِي الدّور وَاخْتَارَ فِيهِ وُقُوع الْمُنجز قَالَ الرَّافِعِيّ فِي الشَّرْح الْكَبِير وَيُشبه أَن يكون بِهِ أولى وَصَححهُ فِي الشَّرْح الصَّغِير الجزء: 2 ¦ الصفحة: 119 وَكَلَام الْفَقِيه نجم الدّين بن الرّفْعَة فِي الْكِفَايَة وَالْمطلب يمِيل إِلَيْهِ وَبِه أفتى الْمُتَأَخّرُونَ وَالْعَمَل عَلَيْهِ فِي هَذَا الزَّمَان وَصَححهُ النَّوَوِيّ فِي التَّصْحِيح وَفِي الْمِنْهَاج تبعا للمحرر وَنقل عَن ابْن سُرَيج تَصْحِيحه فِي نَظِير الْمَسْأَلَة وعللوه بِأَنَّهُ لَو وَقع الْمُعَلق لمنع وُقُوع الْمُنجز فَإِذا لم يَقع الْمُنجز فَيَقَع وَقد يتَخَلَّف الْجَزَاء عَن الشَّرْط بِأَسْبَاب وَشبه بِمَا إِذا أقرّ الْأَخ بِابْن للْمَيت ثَبت النّسَب دون الْإِرْث قَالَ فِي التَّتِمَّة وَإِنَّمَا لم يَقع الْمُعَلق لاستحالته لفظا وَمعنى أما اللَّفْظ فَلِأَن قَوْله مَتى وَقع عَلَيْك طَلَاقي شَرط وَقَوله فَأَنت طَالِق قبله جَزَاء وَالْجَزَاء يجب أَن يكون مُرَتبا على الشَّرْط وَبَيَانه أَنه لَو قَالَ لَو جئتني أكرمتك قبل أَن تَجِيء لم يكن كلَاما وَمن جِهَة الْمَعْنى أَن الْمَشْرُوط لَا يثبت قبل شَرطه وَإِذا أوقعنا الَّذِي قبله أوقعنا الْمَشْرُوط قبل شَرطه وَأَيْضًا فَإِن مَا قبل الزَّمَان الَّذِي يتَلَفَّظ فِيهِ بِالطَّلَاق زمَان مَاض وَالزَّوْج لَا يملك إِيقَاع الطَّلَاق فِيمَا مضى حَتَّى لَو قَالَ لزوجته أَنْت طَالِق أمس فَإِنَّهُ يَقع الطَّلَاق فِي الْحَال وَالْجمع بَين الْجَزَاء وَالشّرط شَرط وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا لِأَنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ هُنَا كالمتضادين تبطل التَّعْلِيق ضَرُورَة وَإِذا بَطل التَّعْلِيق وَقع الْمُنجز وَهَذَا قَالَ أَبُو الْفَتْح البَجلِيّ لَو صَحَّ هَذَا التَّعْلِيق وَقع مِنْهُ محَال وتمليك أَربع طلقات لِأَنَّهُ علق ثَلَاث طلقات على وجود طَلْقَة وَالثَّلَاث غير تِلْكَ الْوَاحِدَة وَلَا بُد أَن يكون الشَّرْط وَالْجَزَاء كِلَاهُمَا مملوكان لَهُ وَهنا لَا يملكهما فَأشبه مَا لَو علق طَلَاق زَوجته على نِكَاحهَا وَوَجهه ابْن الصّباغ بِأَن وُقُوع الْمُنجز شَرط فِي وُقُوع الثَّلَاث وَلَا يجوز تَقْدِيم الْمَشْرُوط على الشَّرْط وَلَو كَانَ كَذَلِك لبطل كَونه شرطا وَقد ذكر أَصْحَابنَا مَا يدل عَلَيْهِ فَقَالُوا لَو قَالَ لَهَا أَنْت طَالِق الْيَوْم إِذا جَاءَ غَد فَإِنَّهَا لَا تطلق إِذْ لَا يَصح وُقُوعه قبل الشَّرْط فَلَزِمَ من ذَلِك بطلَان التَّعْلِيق وَوُقُوع الْمُنجز الْوَجْه الثَّالِث وَهُوَ اخْتِيَار أبي بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ أَنه يَقع عَلَيْهِ ثَلَاث طلقات وَفِيه تنزيلان أظهرهمَا تقع الطَّلقَة المنجزة وطلقتان من الثَّلَاث الْمُعَلقَة وَالثَّانِي يَقع الثَّلَاث المعلقات وَلَا تقع المنجزة فَكَأَنَّهُ قَالَ مَتى تلفظت بأنك طَالِق فَأَنت طَالِق قبلهَا ثَلَاثًا وَإِذا تقرر ذَلِك فَاعْلَم أَن بَاب الطَّلَاق لَا ينسد على القَوْل الثَّانِي وَلَا على القَوْل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 120 الثَّالِث وَإِنَّمَا ينسد على القَوْل الأول فَإِذا أَرَادَ الزَّوْج التَّخَلُّص من التَّعْلِيق وَأَرَادَ أَن يَقع الطَّلَاق وَقُلْنَا بِصِحَّة الدّور أَنه لَا يَقع عَلَيْهِ طَلَاق منجز وَلَا مُعَلّق نظر فَإِن كَانَ صِيغَة التَّعْلِيق إِن طَلقتك أَو مهما طَلقتك فَأَنت طَالِق قبله ثَلَاثًا فطريقه أَن يُوكل شخصا فِي طَلاقهَا فَإِذا طَلقهَا وَكيله وَقع لِأَن طَلَاق الْوَكِيل وُقُوع لَا تَعْلِيق وَكَذَا لَو كَانَ قَالَ لَهَا قبل ذَلِك إِن فعلت كَذَا فَأَنت طَالِق فَإِذا أَرَادَ الْوُقُوع يتحيل فِي وُقُوع الصّفة فَإِذا وجدت الصّفة وَقع الطَّلَاق لِأَن وجودهَا وُقُوع لَا تطليق وَلَا يَنْفَعهُ فِي التَّخَلُّص أَن يُوقع طَلاقهَا على صفة بعد أَن قَالَ لَهَا إِذا طَلقتك فَأَنت طَالِق قبله ثَلَاثًا لِأَن وجود الصّفة وَالْحَالة هَذِه تطليق وإيقاع وَوُقُوع وَإِن لم يكن التَّعْلِيق بِلَفْظ الْوُقُوع كَمَا مثل بِهِ الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ فِي التَّنْبِيه كَقَوْلِه مَتى وَقع عَلَيْك طَلَاقي فَأَنت طَالِق قبله ثَلَاثًا فَإِنَّهُ إِذا وكل فِي طَلاقهَا لم يَقع الطَّلَاق أَو علق طَلاقهَا على صفة ثمَّ قَالَ لَهَا ذَلِك لَا يخلصه وَلَا يحصل لَهُ مَقْصُوده انْتهى وَالله أعلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 121 كتاب الرّجْعَة وَمَا يتَعَلَّق بهَا من الْأَحْكَام إِذا طلق الرجل امْرَأَته الْمَدْخُول بهَا وَلم يسْتَوْف مَا يملكهُ عَلَيْهَا من عدد الطَّلَاق وَكَانَ الطَّلَاق بِغَيْر عوض فَلهُ أَن يُرَاجِعهَا قبل انْقِضَاء عدتهَا وَالْأَصْل فِيهِ قَوْله تَعَالَى {وبعولتهن أَحَق بردهن فِي ذَلِك إِن أَرَادوا إصلاحا} فَقَوله بردهن يَعْنِي رجعتهن وَقَوله إِن أَرَادوا إصلاحا أَي إصْلَاح مَا تشعث من النِّكَاح بالرجعة وَقَوله تَعَالَى {الطَّلَاق مَرَّتَانِ فإمساك بِمَعْرُوف أَو تَسْرِيح بِإِحْسَان} فَأخْبر أَن من طلق طَلْقَتَيْنِ فَلهُ الْإِمْسَاك وَهُوَ الرّجْعَة وَله التسريح وَهِي الثَّالِثَة وَقَوله تَعَالَى {فَإِذا بلغن أَجلهنَّ فأمسكوهن بِمَعْرُوف أَو فارقوهن بِمَعْرُوف} وَوَلِهَ تَعَالَى {لَا تَدْرِي لَعَلَّ الله يحدث بعد ذَلِك أمرا} فالإمساك هُوَ الرّجْعَة وَقَوله لَعَلَّ الله يحدث بعد ذَلِك أمرا يَعْنِي الرّجْعَة وَرُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طلق حَفْصَة وراجعها وطلق ابْن عمر امْرَأَته وَهِي حَائِض فَأمره النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يُرَاجِعهَا وَرُوِيَ أَن ركَانَة ابْن عبد يزِيد قَالَ يَا رَسُول الله طلقت امْرَأَتي سهيمة أَلْبَتَّة وَمَا أردْت إِلَّا وَاحِدَة فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالله مَا أردْت إِلَّا وَاحِدَة فَقَالَ ركَانَة وَالله مَا أردْت إِلَّا وَاحِدَة فَردهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالرَّدّ هُوَ الرّجْعَة وأجمعت الْأمة على جَوَاز الرّجْعَة فِي الْعدة لَا فِي الرِّدَّة وَتحصل بقوله رجعت وراجعت وارتجعت إِلَى نِكَاحي وَأَمْسَكت وَمَا فِي مَعْنَاهَا وبكناية ك تزوجت وأعدت الْحل وَرفعت التَّحْرِيم وَلَا تحصل بإنكار الطَّلَاق وَلَا بِالْوَطْءِ وَيحرم وَطْء رَجْعِيَّة وَلَا حد وَيُوجب مهر الْمثل بِخِلَاف مرتدة عَادَتْ إِلَى الْإِسْلَام وَلَا يشْتَرط فِيهَا الْإِشْهَاد وَللزَّوْج أَن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 122 يُطلق الرَّجْعِيَّة فِي عدتهَا وبولي مِنْهَا ويظاهر والمختلعة لَا يلْحقهَا طَلَاقه لَا فِي الْعدة وَلَا بعْدهَا لانْقِطَاع أَحْكَام الزَّوْجِيَّة بَينهمَا وَلِأَن الْخلْع للتَّحْرِيم وَهِي مُحرمَة عَلَيْهِ بِالْخلْعِ الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب اتّفق الْأَئِمَّة رَحِمهم الله تَعَالَى على جَوَاز الطَّلقَة الرَّجْعِيَّة وَاخْتلفُوا فِي الرَّجْعِيَّة هَل تحرم أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد فِي أظهر روايتيه لَا تحرم وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى تحرم وَاخْتلفُوا هَل يصير بِالْوَطْءِ مراجعا أم لَا فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد فِي أظهر روايتيه نعم وَلَا يحْتَاج مَعَه إِلَى لفظ نوى الرّجْعَة أَو لم ينوها وَقَالَ مَالك فِي الْمَشْهُور عَنهُ إِن نوى حصلت الرّجْعَة وَقَالَ الشَّافِعِي لَا تحصل الرّجْعَة إِلَّا بِلَفْظ وَهل من شَرط الرّجْعَة الْإِشْهَاد أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد فِي رِوَايَة عَنهُ لَيْسَ من شَرطهَا الْإِشْهَاد بل هُوَ مُسْتَحبّ وَللشَّافِعِيّ قَولَانِ أصَحهمَا الِاسْتِحْبَاب وَالثَّانِي أَنه شَرط وَهُوَ رِوَايَة عَن أَحْمد وَمَا حَكَاهُ الرَّافِعِيّ من أَن الْإِشْهَاد شَرط عِنْد مَالك لم أره فِي مشاهير كتب الْمَالِكِيَّة بل صرح القَاضِي عبد الْوَهَّاب والقرطبي فِي تَفْسِيره بِأَن مَذْهَب مَالك الِاسْتِحْبَاب وَلم يحكيا فِيهِ خلافًا عَنهُ وَكَذَلِكَ ابْن هُبَيْرَة من الشَّافِعِيَّة فِي الإفصاح وَاتَّفَقُوا على أَن من طلق امْرَأَته ثَلَاثًا لم تحل لَهُ حَتَّى تنْكح زوجا غَيره ويطؤها فِي نِكَاح صَحِيح وَأَن المُرَاد بِالنِّكَاحِ هُنَا الْوَطْء وَأَنه شَرط فِي جَوَاز حلهَا للْأولِ وَأَن الْوَطْء فِي النِّكَاح الْفَاسِد لَا يحل إِلَّا فِي قَول للشَّافِعِيّ وَاخْتلفُوا هَل يحصل حلهَا بِالْوَطْءِ فِي حَال الْحيض وَالْإِحْرَام أم لَا فَقَالَ مَالك لَا وَقَالَ الثَّلَاثَة نعم وَاخْتلفُوا فِي الصَّبِي الَّذِي يُمكن جمَاعه هَل يحصل بِوَطْئِهِ فِي نِكَاح صَحِيح الْحل أم لَا فَقَالَ مَالك لَا وَقَالَ الثَّلَاثَة نعم انْتهى المصطلح وَهُوَ يشْتَمل على صور مِنْهَا صُورَة مَا إِذا طَلقهَا طَلَاقا رَجْعِيًا ثمَّ أَرَادَ رَجعتهَا بعد أَن طلق فلَان زَوجته فُلَانَة طَلْقَة وَاحِدَة أولى أَو ثَانِيَة مسبوقة بِأولى من غير عوض من مُدَّة كَذَا وَكَذَا يَوْمًا أَو فِي أمس تَارِيخه رَاجعهَا إِلَى عصمته وَعقد نِكَاحه من الطَّلقَة الْمَذْكُورَة مُرَاجعَة شَرْعِيَّة وَأقر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 123 أَن مبلغ صَدَاقهَا عَلَيْهِ الشَّاهِد بَينهمَا بِأَحْكَام الزَّوْجِيَّة وَقدره كَذَا وَكَذَا بَاقٍ ذَلِك فِي ذمَّته لَهَا لم تَبرأ ذمَّته من ذَلِك وَلَا من شَيْء مِنْهُ إِلَى تَارِيخه وصدقته على ذَلِك التَّصْدِيق الشَّرْعِيّ ويؤرخ وَإِلَّا فَيكْتب رَاجع فلَان زَوجته فُلَانَة إِلَى عصمته وَعقد نِكَاحه من الطَّلقَة الرَّجْعِيَّة الصادرة مِنْهُ فِي أمس تَارِيخه مُرَاجعَة شَرْعِيَّة وَقَالَ بِصَرِيح لَفظه راجعتها وارتجعتها وأمسكتها وأبقيتها على مَا كَانَت عَلَيْهِ من أَحْكَام الزَّوْجِيَّة ويكمل على نَحْو مَا سبق وَكَذَلِكَ يفعل إِذا حلف وَحنث فِي طَلْقَة أَو طَلْقَتَيْنِ وَيذكر فِي كل صُورَة من هَذِه الصُّور تصادقهما على الدُّخُول والإصابة وصدور الْمُرَاجَعَة فِي الْعدة وَصُورَة الْمُرَاجَعَة من الطَّلقَة الرَّجْعِيَّة إِذا صيرها بهَا بَائِنا سبق ذكرهَا فِي كتاب الطَّلَاق وَإِذا طلق الزَّوْج زَوجته ثَلَاثًا وَتَزَوَّجت بعده بِرَجُل أحلهَا لَهُ وَانْقَضَت عدتهَا من الزَّوْج الثَّانِي وأرادت العودة إِلَى الأول فَالْأَحْسَن أَن يكْتب عَادَتْ فُلَانَة إِلَى عصمَة مُطلقهَا الأول فلَان ويكمل ثمَّ يذكر بعد تَمام العقد بشرائطه الشَّرْعِيَّة وَهَذِه الزَّوْجَة كَانَت زوجا للمصدق الْمَذْكُور أَعْلَاهُ وَبَانَتْ مِنْهُ بِالطَّلَاق الثَّلَاث أَو بِطَلْقَة وَاحِدَة مكملة لعدد الطَّلَاق الثَّلَاث وَانْقَضَت عدتهَا مِنْهُ الِانْقِضَاء الشَّرْعِيّ بِالْأَقْرَاءِ الثَّلَاث يحلفها على ذَلِك وَتَزَوَّجت بعده بفلان تزويجا شَرْعِيًّا وَدخل بهَا وأصابها ثمَّ أَبَانهَا من عصمته وَعقد نِكَاحه بِالطَّلَاق الثَّلَاث بِشَهَادَة شُهُوده أَو بِمُقْتَضى الْفَصْل المسطر بِظَاهِر صَدَاقهَا الْخِرْقَة أَو الكاغد المتضمن لذَلِك مؤرخ الْفَصْل الْمَذْكُور بِكَذَا وَكَذَا وَانْقَضَت عدتهَا من الثَّانِي الْمَذْكُور الِانْقِضَاء الشَّرْعِيّ بِالْأَقْرَاءِ الثَّلَاث وَحلفت على ذَلِك الْيَمين الشَّرْعِيَّة ويكمل على نَحْو مَا سبق فِي الْأَنْكِحَة فَائِدَة إِذا طلق الرجل زَوجته ثمَّ علق طَلاقهَا على عودهَا وَهُوَ أَن يَقُول لمطلقته بعد أَن تبين من عصمته مَتى أعدتك كنت طَالقا ثَلَاثًا أَو مَتى أعدت مطلقتي فُلَانَة الْمَذْكُورَة إِلَى عصمتي كَانَت طَالقا ثَلَاثًا أَو كلما أعدتها بنفسي أَو بوكيلي كَانَت طَالقا ثَلَاثًا فالطريق فِي ذَلِك أَن تستأذن لوَلِيّهَا الشَّرْعِيّ إِن كَانَ لَهَا من الْأَوْلِيَاء من يُزَوّجهَا وَيَأْذَن الْوَلِيّ لحَاكم شَافِعِيّ يُعِيدهَا إِلَى مُطلقهَا وَيَقَع الحكم من الْحَاكِم الشَّافِعِي قبل الدُّخُول وَبعد تَمام العقد وَصُورَة ذَلِك أَن يصدر بِالْعودِ على الْعَادة فِي ذَلِك فَإِذا انْتهى ذكر ذَلِك يَقُول الجزء: 2 ¦ الصفحة: 124 عقده بَينهمَا بِإِذْنِهَا ورضاها وَإِذن وَليهَا الشَّرْعِيّ فلَان الْآذِن الْمُرَتّب الشَّرْعِيّ أَو بِإِذْنِهَا ورضاها وَإِن لم يكن لَهَا ولي سيدنَا الْحَاكِم الْفُلَانِيّ الشَّافِعِي بعد وضوحه وَقبُول الزَّوْج النِّكَاح لنَفسِهِ الْقبُول الشَّرْعِيّ ثمَّ يَقُول وَلما تَكَامل ذَلِك حكم سيدنَا فلَان الدّين الشَّافِعِي الْحَاكِم الْمُسَمّى أَعْلَاهُ بِصِحَّة العقد الْمَذْكُور أَعْلَاهُ وباستمرار الْعِصْمَة بَين الزَّوْجَيْنِ الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ وبعدم تَأْثِير التَّعْلِيق الصَّادِر من الزَّوْج الْمَذْكُور أَعْلَاهُ على زَوجته الْمَذْكُورَة فِي حَال بينونتها مِنْهُ فِي اسْتِمْرَار الْعِصْمَة الْمَذْكُورَة حكما صَحِيحا شَرْعِيًّا مُسْتَوْفيا شَرَائِطه الشَّرْعِيَّة مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ ويؤرخ وَصُورَة الْعَمَل فِي ذَلِك على مَذْهَب الإِمَام أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى بعد أَن أَذِنت فُلَانَة لوَلِيّهَا فلَان أَن يُعِيدهَا لمطلقها فلَان على صدَاق مبلغه كَذَا وأذنت لَهُ أَن يَأْذَن فِي عودهَا لمطلقها الْمَذْكُور على الصَدَاق الْمَذْكُور لكل قَاض من قُضَاة السَّادة الْحَنَفِيَّة وَلكُل عَاقد من عقادهم وَلكُل رَسُول متصرف فِي الشَّرْع الشريف وَلكُل مُسلم وَأذن فلَان الْمَأْذُون لَهُ الْمَذْكُور لكل مِمَّن ذكر فِي عود أُخْته أَو ابْنة أَخِيه أَو ابْنة عَمه الْمَذْكُورَة لمطلقها فلَان الْمَذْكُور بِالصَّدَاقِ الْمعِين أَعْلَاهُ على حكمه الْإِذْن الشَّرْعِيّ وَثَبت ذَلِك لَدَى سيدنَا فلَان الْحَاكِم الْفُلَانِيّ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ بِشَهَادَة شُهُوده فَعِنْدَ ذَلِك زوج فلَان الْمُتَصَرف فِي مجْلِس الشَّرْع الشريف الْمشَار إِلَيْهِ فلَانا الْمَذْكُور مطلقته الْمَذْكُور بِالصَّدَاقِ الْمَذْكُور على حكم حَاله ومنجمه بِحَضْرَة شُهُوده بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الْمشَار إِلَيْهِ بَين يَدي سيدنَا الْحَاكِم الْمُسَمّى أَعْلَاهُ أدام الله علاهُ وَقَبله لفُلَان الْمَذْكُور فُضُولِيّ هُوَ فلَان الْفُلَانِيّ على الصَدَاق الْمعِين أَعْلَاهُ من غير حُضُوره وَلَا إِذْنه وَلَا تَوْكِيله إِيَّاه فِي ذَلِك وعقداه على ذَلِك العقد الشَّرْعِيّ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُول الشرعيين ثمَّ بعد تَمام العقد الْمَذْكُور على الحكم المشروح أَعْلَاهُ حضر فلَان الْمَذْكُور بَين يَدي سيدنَا الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أيد الله أَحْكَامه بِصِحَّة التَّزْوِيج على الحكم المشروح أَعْلَاهُ ولزومه وَلَا أثر لما علقه فلَان الْمَذْكُور حِين طَلَاقه لَهَا قبل تَارِيخه من أَن قَالَ كلما أعدت فُلَانَة الْمَذْكُورَة إِلَى عصمتي تكون طَالقا ثَلَاثًا بِمُقْتَضى أَنه لم يعْقد وَلم يُوكل حكما صَحِيحا شَرْعِيًّا مسؤولا فِيهِ مُسْتَوْفيا شَرَائِطه الشَّرْعِيَّة مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ ويكمل على نَحْو مَا سبق وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 125 كتاب الْإِيلَاء وَمَا يتَعَلَّق بِهِ من الْأَحْكَام الْإِيلَاء فِي اللُّغَة هُوَ الْحلف لَا يتَعَلَّق بِمدَّة مَخْصُوصَة بقول الرجل آلَيْت لَأَفْعَلَنَّ كَذَا أَو لَا فعلت كَذَا أولي إِيلَاء وألية والألية الْيَمين قَالَ الشَّاعِر وَلَا خير فِي مَال عَلَيْهِ ألية وَلَا فِي يَمِين عقدت بالمآثم وَأما الْإِيلَاء فِي الشَّرْع فَهُوَ أَن يحلف أَن لَا يطَأ امْرَأَته مُطلقًا أَو مُدَّة مَعْلُومَة وَقد كَانَ ذَلِك فرقة مُؤَبّدَة فِي الْجَاهِلِيَّة وَقيل إِنَّه عمل بِهِ فِي أول الْإِسْلَام وَالأَصَح أَنه لم يعْمل بِهِ فِي الْإِسْلَام وَالْأَصْل فِيهِ قَوْله تَعَالَى {للَّذين يؤلون من نِسَائِهِم تربص أَرْبَعَة أشهر فَإِن فاؤوا فَإِن الله غَفُور رَحِيم} وَالْإِيلَاء يَصح من كل زوج بَالغ عَاقل قَادر على الْوَطْء فَلَو قَالَ لأجنبية وَالله لَا وَطئتك فيمين مَحْضَة فَلَو نَكَحَهَا فَلَا إِيلَاء على الصَّحِيح وَيصِح إِيلَاء مَرِيض وَخصي وَمن بَقِي لَهُ قدر الْحَشَفَة وإيلاء عَرَبِيّ بالعجمية وَعَكسه إِن عرف الْمَعْنى وَإِن وطىء بعد الْمُطَالبَة لزمَه كَفَّارَة يَمِين وصريحه الْإِيلَاج وتغييب الْحَشَفَة فِي الْفرج والنيك وَالْوَطْء وَالْجِمَاع والإصابة وافتضاض الْبكر وَلَو قَالَ لم أرد بهَا الْوَطْء يدين فِي غير الثَّلَاثَة الأول وكنايته المباضعة والمباشرة وَالْمُلَامَسَة والقربان والغشيان والإتيان وَأَن تجمع رأسهما وسَادَة وَأبْعد عَنْك وَحَتَّى ينزل عِيسَى ابْن مَرْيَم أَو يخرج الدَّجَّال فَلَو قَالَ إِن وَطئتك فَعَبْدي حر فَمَاتَ العَبْد أَو عتق لم ينْحل الْإِيلَاء أَو زَالَ ملكه بِبيع أَو هبة وَنَحْوهمَا فَكَذَلِك فَإِن عَاد الْملك أَو دبره أَو كَاتبه فَلَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 126 وَالْإِيلَاء الْمُعَلق كَإِن دخلت الدَّار فوَاللَّه لَا وَطئتك وَيصير موليا بِالدُّخُولِ وَلَو علق بمستحيل كطيرانها فِي السَّمَاء فمول أَو بمستبعد فِي أَرْبَعَة أشهر كنزول عِيسَى ابْن مَرْيَم فَكَذَلِك على الصَّحِيح ويمهل أَرْبَعَة أشهر من الْإِيلَاء بِلَا قَاض وَفِي رجعته من الرَّجْعِيَّة والمدخول بهَا وَلها الْمُطَالبَة بِأَن يَفِي أَو يُطلق وَمَا لم يُطَالب لَا يُؤمر بِشَيْء وَلَيْسَ لوَلِيّ مراهقة ومجنونة مُطَالبَته وَلَا لسَيِّد أمة أَيْضا فَإِن أَبَا الْفَيْئَة وَالطَّلَاق فَالْقَاضِي يُطلق عَلَيْهِ وَلَا يشْتَرط حُضُوره وَلَو استمهل كَإِن كَانَ صَائِما بفطر وَنَحْو ذَلِك فيمهل يَوْمًا فَمَا دونه وَالْأَظْهَر لَا يُمْهل وَإِنَّمَا يُطَالب إِذا لم يكن مَانع فَلَو آلى وَغَابَ أَو وَهُوَ غَائِب حسبت الْمدَّة فَإِذا انْقَضتْ طالبته بالفيئة أَو الطَّلَاق فَإِن لم يفعل حَتَّى مَضَت مُدَّة الْإِمْكَان ثمَّ قَالَ أرجع لم يُمكن وَيُطلق عَلَيْهِ القَاضِي وَهُوَ الْأَصَح وَعَلِيهِ التَّفْرِيع الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب اتّفق الْأَئِمَّة رَحِمهم الله تَعَالَى على أَن من حلف بِاللَّه عز وَجل أَنه لَا يُجَامع زَوجته مُدَّة أَكثر من أَرْبَعَة أشهر كَانَ موليا أَو أقل لم يكن موليا وَاخْتلفُوا فِي الْأَرْبَعَة الْأَشْهر هَل يحصل بِالْحلف عَن الِامْتِنَاع الْوَطْء فِيهَا إِيلَاء أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة نعم ويروى مثل ذَلِك عَن أَحْمد وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ فِي الْمَشْهُور وَعنهُ لَا فَإِذا مَضَت الْأَرْبَعَة أشهر هَل يَقع الطَّلَاق بمضيها أم يُوقف قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد لَا يَقع بِمُضِيِّ الْمدَّة طَلَاق بل يُوقف الْأَمر ليفيء أَو يُطلق وَقَالَ أَبُو حنيفَة مَتى مَضَت الْمدَّة وَقع الطَّلَاق وَاخْتلف من قَالَ بالإيقاف إِذا امْتنع الْوَلِيّ من الطَّلَاق هَل يُطلق عَلَيْهِ الْحَاكِم أم لَا فَقَالَ مَالك وَأحمد يُطلق الْحَاكِم عَلَيْهِ وَعَن أَحْمد رِوَايَة أُخْرَى أَنه يضيق عَلَيْهِ حَتَّى يُطلق وَعَن الشَّافِعِي قَولَانِ أظهرهمَا أَن الْحَاكِم يُطلق عَلَيْهِ وَالثَّانِي أَنه يضيق عَلَيْهِ وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا آلى بِغَيْر يَمِين بِاللَّه عز وَجل كَالطَّلَاقِ وَالْعتاق وَصدقَة المَال وَإِيجَاب الْعِبَادَات هَل يكون موليا أم لَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 127 فَقَالَ أَبُو حنيفَة يكون موليا سَوَاء قصد الْإِضْرَار بهَا أَو دَفعه عَنْهَا كالمرضعة والمريضة أَو عَن نَفسه وَقَالَ مَالك لَا يكون موليا إِلَّا أَن يحلف حَال الْغَضَب أَو إِذا قصد الْإِضْرَار بهَا فَإِن كَانَ للإصلاح أَو لنفعها فَلَا وَقَالَ أَحْمد لَا يكون موليا إِلَّا إِذا قصد الْإِضْرَار بهَا وَعَن الشَّافِعِي قَولَانِ أصَحهمَا كَقَوْل أبي حنيفَة وَإِذا فَاء الْمولى لَزِمته كَفَّارَة يَمِين بِاللَّه عز وَجل بالِاتِّفَاقِ إِلَّا فِي قَول قديم للشَّافِعِيّ وَاخْتلفُوا فِيمَن ترك وَطْء زَوجته للإضرار بهَا من غير يَمِين أَكثر من أَرْبَعَة أشهر هَل يكون موليا أم لَا فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ لَا وَقَالَ مَالك فِي إِحْدَى روايتيه نعم وَاخْتلفُوا فِي مُدَّة إِيلَاء العَبْد فَقَالَ مَالك شَهْرَان حرَّة كَانَت زَوجته أَو أمة وَقَالَ الشَّافِعِي مدَّته أَرْبَعَة أشهر مُطلقًا وَقَالَ أَبُو حنيفَة الِاعْتِبَار فِي الْمدَّة بِالنسَاء فَمن تَحْتَهُ أمة فشهران حرا كَانَ أَو عبدا وَمن تَحْتَهُ حرَّة فَأَرْبَعَة أشهر حرا كَانَ أَو عبدا وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا كمذهب مَالك وَالثَّانيَِة كمذهب الشَّافِعِي وَاخْتلفُوا فِي إِيلَاء الْكَافِر هَل يَصح أم لَا فَقَالَ مَالك لَا يَصح وَقَالَ الثَّلَاثَة يَصح وَفَائِدَته مُطَالبَته بعد إِسْلَامه انْتهى فَائِدَة لَا تطالب الْمَرْأَة زَوجهَا بِالْجِمَاعِ إِلَّا فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع الأول إِذا آلى مِنْهَا وَمَضَت الثَّانِي إِذا أقرّ بالعنة الثَّالِث إِذا جَامع زَوجته فِي لَيْلَة غَيرهَا فَعَلَيهِ أَن يُجَامِعهَا فِي لَيْلَة أُخْرَى المصطلح وَهُوَ يشْتَمل على صور مِنْهَا إِذا حلف الرجل بِاللَّه الْعَظِيم أَنه لَا يطَأ زَوجته مُدَّة أَرْبَعَة أشهر وَانْقَضَت الْمدَّة وَلم يفِيء وأحضرته إِلَى الْحَاكِم والتمست مِنْهُ الْفَيْئَة أَو الطَّلَاق وَهُوَ لَا يَخْلُو إِمَّا أَن يصدقها على الْحلف وَالْإِيلَاء مِنْهَا أم لَا فَإِن صدقهَا على الْحلف وانقضاء الْمدَّة وطلق كتب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 128 حضرت إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ فُلَانَة وَادعت بَين يَدي الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ على زَوجهَا فلَان أَنه كَانَ حلف بِاللَّه الْعَظِيم الَّذِي لَا آله إِلَّا هُوَ الْيَمين الشَّرْعِيَّة أَنه لَا يَطَؤُهَا إِلَى انْقِضَاء أَرْبَعَة أشهر كوامل أَولهَا الْيَوْم الْفُلَانِيّ وَأَنه تَمَادى على الْإِيلَاء حَتَّى انْقَضتْ الْمدَّة الْمَذْكُورَة ولف وَاسْتمرّ على ذَلِك إِلَى يَوْم تَارِيخه وَأَنَّهَا التمست مِنْهُ الْفَيْئَة أَو الطَّلَاق وَسَأَلت سُؤَاله عَن ذَلِك فَسئلَ فَأجَاب بِصِحَّة دَعْوَاهَا وَذكر أَنه لم يفِيء وَلم يعْتَذر بِعُذْر يمنعهُ من الْوَطْء فَعِنْدَ ذَلِك خَيره فِي الْفَيْئَة أَو الطَّلَاق فَامْتنعَ من الْفَيْئَة وطلق زَوجته الْمَذْكُورَة طَلْقَة وَاحِدَة رَجْعِيَّة تكون بهَا جَارِيَة فِي عصمته إِلَى انْقِضَاء عدتهَا فَإِذا انْقَضتْ فَلَا سَبِيل لَهُ عَلَيْهَا إِلَّا بِإِذْنِهَا ورضاها وَعقد جَدِيد بِشُرُوطِهِ الشَّرْعِيَّة وَإِن طَلقهَا طَلَاقا بَائِنا أَو اخْتلعت من عصمته بِشَيْء كتب على نَحْو مَا تقدم فِي صُورَة الْخلْع وَإِن امْتنع من الْفَيْئَة وَمن الطَّلَاق وعظه الْحَاكِم فَإِن امْتنع من ذَلِك وأصر على الِامْتِنَاع عرض الْحَاكِم على الزَّوْجَة الصَّبْر فَإِذا أَبَت سَأَلت الْحَاكِم انفصالها بِمُوجب الشَّرْع الشريف وَمُقْتَضَاهُ ثمَّ يَقُول فأجابها الْحَاكِم إِلَى ذَلِك وَطَلقهَا على زَوجهَا الْمَذْكُور طَلْقَة وَاحِدَة أولى رَجْعِيَّة تكون بهَا جَارِيَة فِي عصمته إِلَى انْقِضَاء عدتهَا وَهُوَ أملك لرجعتها مَا لم تنقض عدتهَا وَحكم لَهَا بذلك حكما صَحِيحا شَرْعِيًّا وَأشْهد على نَفسه الْكَرِيمَة بذلك ويؤرخ وَإِذا حلف الرجل على عدم وَطْء زَوجته مُدَّة تزيد على أَرْبَعَة أشهر فَإِن وطىء قبل انْقِضَائِهَا بَطل حكم الْإِيلَاء وَعَلِيهِ الْكَفَّارَة وَإِن انْقَضتْ وَلم يَفِ ورفعته إِلَى القَاضِي وَادعت عَلَيْهِ بذلك فَأقر بِالزَّوْجِيَّةِ وَلم يصدقها على الْإِيلَاء وَلَا على تقضي مدَّته وَلم يفِيء وَحلف بِاللَّه الْعَظِيم أَنه لَا يَطَؤُهَا مُدَّة يكون موليا مِنْهَا فَيَقُول بعد تَمام الدَّعْوَى وحلفه فَعِنْدَ ذَلِك التمست الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة من زَوجهَا الْمَذْكُور أَن يضْرب لَهَا أَََجَلًا مُدَّة أَرْبَعَة أشهر أَولهَا كَذَا وَآخِرهَا كَذَا فَيضْرب لَهَا الْمدَّة الْمَذْكُورَة وَأشْهد عَلَيْهِ بذلك من حَضَره من الْعُدُول وَالْأَمر مَحْمُول بَينهمَا فِي ذَلِك على مَا يُوجِبهُ الشَّرْع الشريف ويؤرخ فَإِذا انْقَضتْ الْمدَّة وَلم يفِيء كتب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 129 حضرت إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ فُلَانَة وَادعت على فلَان بَين يَدي سيدنَا الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَنه تزوج بهَا تزويجا صَحِيحا شَرْعِيًّا بولِي مرشد وشاهدي عدل وبإذنها ورضاها وَدخل بهَا وأصابها وَأَنه حلف بِاللَّه الْعَظِيم أَو بِعِتْق أَو غير ذَلِك مِمَّا ينْعَقد بِهِ الْإِيلَاء أَنه لَا يَطَؤُهَا مُدَّة يكون موليا فِيهَا إِلَّا بعد انْقِضَاء أَرْبَعَة أشهر وَانْقَضَت الْمدَّة وَلم يفِيء وَأَنَّهَا دَعَتْهُ إِلَى الْحَاكِم الْفُلَانِيّ وتنازعا فِي ذَلِك وَأنكر الْإِيلَاء وَحلف أَنه لَا يَطَؤُهَا مُدَّة يكون موليا فِيهَا وَضرب لَهَا مُدَّة أَرْبَعَة أشهر وَقد انْقَضتْ وَلم يفِيء وَسَأَلت سُؤَاله عَن ذَلِك فَسئلَ فَأجَاب بِصِحَّة دَعْوَاهَا واعترف لَدَيْهِ بذلك وَأَن مُدَّة الْأَجَل الَّذِي ضربه لَهَا انْقَضتْ وَلم يفِيء لزوجته هَذِه وَلم يعْتَذر بِعُذْر يمنعهُ عَن الْوَطْء فَحِينَئِذٍ أعلمهُ الْحَاكِم أَن الْخِيَار لَهُ فِي الْفَيْئَة أَو الطَّلَاق فَإِن اخْتَار الطَّلَاق كَمَا تقدم وَإِن امْتنع وأصر على الِامْتِنَاع وعظها وطلق عَلَيْهِ الْحَاكِم كَمَا تقدم شَرحه وَهَذَا الطَّلَاق وَاجِب وَصُورَة مَا إِذا تنَازع الزَّوْجَانِ وَخيف شقَاق بَينهمَا حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ فلَان وفلانة وتصادقا أَنَّهُمَا زوجان متناكحان بِنِكَاح صَحِيح شَرْعِي وَثَبت عِنْده صِحَة الزَّوْجِيَّة على الأوضاع الشَّرْعِيَّة وَتكلم كل مِنْهُمَا فِي حق الآخر وَزعم أَنه لَا يُقيم مَعَه حُدُود الله وأشكل عَلَيْهِ أَمرهمَا وَاخْتِلَاف حَالهمَا وَهُوَ أَنَّهُمَا وَعدا بوفاء كل مِنْهُمَا فِي حق الآخر بِمَا يجب عَلَيْهِ من الْحُقُوق الشَّرْعِيَّة وَالْأَحْوَال المرضية وَخيف شقَاق بَينهمَا فَأَمرهمَا الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ بتقوى الله وطاعته وسلوك الْمنْهَج القويم والصراط الْمُسْتَقيم على مَا جَاءَ بِهِ نَص الْقُرْآن الْعَظِيم وَسنة النَّبِي الْكَرِيم وَكرر ذَلِك عَلَيْهِمَا وَزَاد فِي وعظهما فَلم يرجع كل مِنْهَا عَمَّا قَالَه فِي حق الآخر وَتَمَادَى الْأَمر بَينهمَا وَاسْتمرّ حَالهمَا على ذَلِك فأنفذ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ رجلَيْنِ حُرَّيْنِ مُسلمين عَدْلَيْنِ عَالمين بحالهما عارفين بِوَجْه الحكم للنَّظَر بَينهمَا والإصلاح مَا استطاعا والتسديد مَا قدرا وهما فلَان وَفُلَان أَحدهمَا وَهُوَ فلَان من أهل الزَّوْج وَالْآخر وَهُوَ فلَان من أهل الزَّوْجَة وَأَمرهمَا بالكشف عَن حَالهمَا بعد أَن أخبرهما الْحَاكِم بِمَا جرى لَدَيْهِ مِنْهُمَا وَبِمَا وعظهما بِهِ وخوفهما وَمَا أَمرهمَا بِهِ من تقوى الله وامتثال أوامره وَاجْتنَاب نواهيه فامتثلا أَمر الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ بذلك وَإِلَّا فيفرقا بَينهمَا إِذا رَأيا ذَلِك أَو يجمعا وَأَن يأخذا مِمَّا لكل وَاحِد مِنْهُمَا لصَاحبه مَا يره وصارا والزوجان بصحبتهما إِلَى مكانهما وكشفا عَن حَالهمَا وبحثا عَن أَمرهمَا وخوفاهما وحذراهما وأمراهما بتقوى الله وطاعته وأعلماهما بِمَا يجب على كل وَاحِد مِنْهَا للْآخر على الْوَجْه الشَّرْعِيّ وَالسّنَن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 130 المرضي مِمَّا جَاءَ بِهِ الْكتاب وَالسّنة وَطَالَ الْخطب بَينهمَا فِي ذَلِك فَلم يذعنا للصلح وَلَا رغبا فِيهِ وَلم يرجع كل مِنْهُمَا عَمَّا قَالَه فِي حق الآخر وأشكل أَمرهمَا عَلَيْهِمَا فَإِن كَانَا حكمين اعتمدا فِي حق الزَّوْجَيْنِ مَا يجب اعْتِمَاده إِمَّا بإقرارهما على الزَّوْجِيَّة أَو انفصالهما بِالطَّلَاق ثمَّ يَقُول وأنهما ألزما أَنفسهمَا بِمَا قضى بِهِ الحكمان لَهما وَعَلَيْهِمَا وقبلا ذَلِك مِنْهُمَا ورضيا مَا جعلاه إِلَى كل وَاحِد مِنْهُمَا مَا اخْتَارَهُ القَاضِي بمخاطبتهما على ذَلِك وَإِن كَانَا وكيلين عَنْهُمَا اختلعا عَن الزَّوْجَة وطلقا على الزَّوْج بإذنهما وَيكْتب ذَلِك كَمَا تقدم ذكره فِي صُورَة وَكيل الزَّوْج ووكيل الزَّوْجَة وَإِن رغب الزَّوْج فِي طَلَاق زَوجته على عوض تقوم بِهِ الزَّوْجَة فيفعل فِي ذَلِك كَمَا تقدم فِي صُورَة الْخلْع وَيحصل التَّفْرِيق بَينهمَا تذييل إِذا تنَازع الزَّوْجَانِ وَظهر من تنازعهما بطلَان النِّكَاح أَو وَطْء شُبْهَة أَو نِكَاح فَاسد وطالت الْخُصُومَة بَينهمَا وصارا إِلَى قَبِيح وفحش من القَوْل وَالْفِعْل وَآل أَمرهمَا إِلَى تَفْرِيق الْحَاكِم بَينهمَا كتب حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ فلَان وفلانة وَادّعى فلَان الْمَذْكُور على فُلَانَة الْمَذْكُورَة وَيذكر الصِّيغَة الْوَاقِعَة بَينهمَا المؤدية إِلَى فَسَاد النِّكَاح ويشرحها على حكم مَا وَقعت بَينهمَا على أَي وَجه مُفسد كَانَ من مفسدات النِّكَاح ثمَّ يَقُول وَأَنه تَمَادى بِهِ وَبهَا الْأَمر بِسَبَب ذَلِك إِلَى كَثْرَة التَّنَازُع وطالت الْخُصُومَة بَينهمَا وَصَارَ الْأَمر بَينه وَبَينهَا إِلَى قَبِيح وفحش من القَوْل وَالْفِعْل وَسَأَلَ سؤالها عَن ذَلِك فَسَأَلَهَا الْحَاكِم فأجابت بِعَدَمِ صِحَة دَعْوَاهُ فَتبين الْحَاكِم أثر الرِّيبَة المفهمة بِفساد أصل العقد الْجَارِي بَينهمَا وَعدم حَقِيقَته وفقدان وجوده وَوجد تنَاقض دعواهما وَتَكْذيب أَحدهمَا الآخر فِي دَعْوَاهُ وَاخْتِلَاف قَوْلهمَا بِظُهُور الرِّيبَة الْوَاقِعَة مِنْهُ القادحة فِي تَزْوِيجهَا إِيَّاه ومعاشرته لَهَا بِغَيْر مسوغ شَرْعِي فَعِنْدَ ذَلِك أَمر بإيداعهما السجْن لينْظر فِي أَمرهمَا تحريا فِي الثُّبُوت قبل بت الحكم بِالِاحْتِيَاطِ الَّذِي لَا يضر مثله فِي الْأُمُور الشَّرْعِيَّة ثمَّ أحضرهما بعد ذَلِك وسألهما عَن حَقِيقَة الْحَال الْجَارِي بَينهمَا فاعترفا بترتب دعواهما الزَّوْجِيَّة على أصل كَاذِب وتصادقا على أَن لَا نِكَاح بَينهمَا وَلَا زوجية فَحِينَئِذٍ سَأَلَ سَائل شَرْعِي ثُبُوت ذَلِك عِنْده والتفريق بَينهمَا لوُجُود المسوغ الشَّرْعِيّ الْمُقْتَضِي لذَلِك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 131 فَتَأمل الْحَاكِم ذَلِك وتدبره وروى فِيهِ فكره وأمعن فِيهِ نظره واستخار الله كثيرا واتخذه هاديا ونصيرا وَأجَاب السَّائِل إِلَى سُؤَاله وَفرق بَين الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ تفريقا شَرْعِيًّا تكون بِهِ فِي عدَّة مِنْهُ إِلَى حِين انْقِضَائِهَا شرعا وَأمره بترك التَّعَرُّض لَهَا بِمُوجب النِّكَاح الْمَذْكُور إِلَّا بمستند شَرْعِي بطريقه الشَّرْعِيّ وألزمه لَهَا بِمهْر مثلهَا بِمُقْتَضى ثُبُوت إقرارهما بِالْوَطْءِ الْمُوجب لدرء الْحَد عَنْهُمَا بِمُقْتَضى قيام الشُّبْهَة فِي نفس الْوَطْء وقوتها وَأَمرهمَا بتقوى الله تَعَالَى وطاعته وخشيته ومراقبته وحذرهما من الْوُقُوع فِي الْمَحْذُور وتوعدهما على تعَاطِي مَا يُخَالف ذَلِك فِي مَشْرُوعِيَّة النِّكَاح وَفِي سَائِر الْأُمُور وَأشْهد على نَفسه الْكَرِيمَة بذلك ويكمل ويؤرخ وَالله أعلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 132 كتاب الظِّهَار وَمَا يتَعَلَّق بِهِ من الْأَحْكَام الظِّهَار مُشْتَقّ من الظّهْر وَإِنَّمَا خصوا الظّهْر من بَين أَعْضَاء الْأُم لِأَن كل مركوب يُسمى ظهرا لحُصُول الرّكُوب على الظّهْر فشبهت بِهِ الزَّوْجَة وَقد كَانَ الظِّهَار فِي الْجَاهِلِيَّة طَلَاقا ثمَّ نقل فِي الشَّرْع إِلَى التَّحْرِيم وَالْكَفَّارَة وَقيل إِنَّه كَانَ طَلَاقا فِي أول الْإِسْلَام وَالْأول أصح وَالْأَصْل فِيهِ قَوْله تَعَالَى {الَّذين يظاهرون مِنْكُم من نِسَائِهِم مَا هن أمهاتهم إِن أمهاتهم إِلَّا اللائي ولدنهم وَإِنَّهُم ليقولون مُنْكرا من القَوْل وزورا وَإِن الله لعفو غَفُور} وَقَوله تَعَالَى {وَالَّذين يظاهرون من نِسَائِهِم ثمَّ يعودون لما قَالُوا فَتَحْرِير رَقَبَة من قبل أَن يتماسا ذَلِكُم توعظون بِهِ وَالله بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِير} وَرُوِيَ أَن خَوْلَة بنت مَالك بن ثَعْلَبَة وَقيل اسْمهَا خُوَيْلَة قَالَت ظَاهر مني زَوجي أَوْس بن الصَّامِت فَجئْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَشْكُو إِلَيْهِ وَذكرت أمورا وَقلت قدمت مَعَه صحبتي وَنَثَرت لَهُ كِنَانَتِي ولي مِنْهُ صبية إِن ضمهم إِلَيْهِ ضَاعُوا وَإِن ضمتهم إِلَيّ جَاعُوا أَشْكُو إِلَى الله عجري وبجري وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يجادلني فِيهِ يَقُول اتَّقِ الله فَإِنَّهُ ابْن عمك فَمَا بَرحت حَتَّى نزل الْقُرْآن {قد سمع الله قَول الَّتِي تُجَادِلك فِي زَوجهَا} الْآيَات فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعْتق رَقَبَة قلت لَا يجد قَالَ فيصوم شَهْرَيْن مُتَتَابعين قلت يَا رَسُول الله شيخ كَبِير مَا بِهِ صِيَام قَالَ فليطعم سِتِّينَ مِسْكينا قلت مَا عِنْده شَيْء يتَصَدَّق بِهِ قَالَ فَأتى بعرق من تمر قلت يَا رَسُول الله وَأَنا أعينه بعرق آخر قَالَ قد أَحْسَنت اذهبي فأطعمي عَنهُ سِتِّينَ مِسْكينا وارجعي إِلَى ابْن عمك قَالَ الْأَصْمَعِي الْعرق بِفَتْح الْعين وَالرَّاء مَا نسج من خوص كالزنبيل الْكَبِير الجزء: 2 ¦ الصفحة: 133 وروى سُلَيْمَان بن يسَار عَن سَلمَة بن صَخْر قَالَ كنت رجلا أُصِيب من النِّسَاء مَا لَا يُصِيبهُ غَيْرِي فَلَمَّا دخل شهر رَمَضَان خشيت أَن أُصِيب من امْرَأَتي شَيْئا فظاهرت مِنْهَا حَتَّى يَنْسَلِخ شهر رَمَضَان فَبينا هِيَ تُحَدِّثنِي ذَات لَيْلَة انْكَشَفَ لي شَيْء مِنْهَا فَلم ألبث أَن نزوت عَلَيْهَا فَلَمَّا أَصبَحت خرجت إِلَى قومِي فَأَخْبَرتهمْ الْخَبَر وَقلت امشوا معي إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالُوا لَا وَالله فَانْطَلَقت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته الْخَبَر فَقَالَ حرر رَقَبَة فَقلت وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ مَا أملك رَقَبَة غَيرهَا وَضربت صفحة رقبتي قَالَ فَصم شَهْرَيْن مُتَتَابعين قلت وَهل أصبت الَّذِي أصبت إِلَّا من الصّيام قَالَ فأطعم وسْقا من تمر سِتِّينَ مِسْكينا قلت وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ نَبيا لقد بتنا مَا لنا طَعَام قَالَ فَانْطَلق إِلَى صَاحب صَدَقَة بني زُرَيْق فليدفعها إِلَيْك فأطعم سِتِّينَ مِسْكينا وسْقا من تمر وكل أَنْت وَعِيَالك بقيتها فَرَجَعت إِلَى قومِي فَقلت وجدت عنْدكُمْ الضّيق وَسُوء الرَّأْي وَوجدت عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم السعَة وَحسن الرَّأْي وَقد أَمر لي بصدقتكم وَالظِّهَار محرم لقَوْله تَعَالَى {وَإِنَّهُم ليقولون مُنْكرا من القَوْل وزورا} وَمعنى ذَلِك أَن الزَّوْجَة لَا تكون مُحرمَة كالأم وَيصِح الظِّهَار من كل زوج يَصح طَلَاقه حرا كَانَ أَو عبدا مُسلما كَانَ أَو كَافِرًا وَخصي ومجبوب وظهار السَّكْرَان كطلاقه وصريحه أَنْت عَليّ أَو مني أَو معي أَو عِنْدِي أَو لي كَظهر أُمِّي وَكَذَلِكَ أَنْت كَظهر أُمِّي على الصَّحِيح وَقَوله جملتك أَو نَفسك أَو ذاتك أَو جسمك أَو بدنك كبدن أُمِّي أَو جسمها أَو ذَاتهَا صَرِيح وَمَتى أَتَى بِصَرِيح وَقَالَ أردْت غَيره لم يقبل على الصَّحِيح وَيصِح تَعْلِيقه وَيصير بِوُجُود الصّفة مُظَاهرا فصل وعَلى الْمظَاهر كَفَّارَة بِالْعودِ وَهُوَ أَن يمْسِكهَا بعد ظِهَاره زمَان إِمْكَان فرقة على الْمَشْهُور وَيحرم قبل التَّكْفِير وَطْء لَا لمس وَنَحْوه بِشَهْوَة فِي الْأَظْهر وأقصى التَّلَذُّذ فِي الْإِنْزَال وَفِيمَا بَين السُّرَّة وَالركبَة الِاحْتِمَالَات الجزء: 2 ¦ الصفحة: 134 وَإِذا عَاد وَوَجَبَت الْكَفَّارَة لم تسْقط بفرقة وَإِن جدد النِّكَاح فالتحريم مُسْتَمر حَتَّى يكفر وَالْكَفَّارَة عتق رَقَبَة مُؤمنَة سليمَة أَو صَوْم شَهْرَيْن مُتَتَابعين أَو تمْلِيك سِتِّينَ مِسْكينا كل مِسْكين مد بِمد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من جنس الْفطْرَة وَالْأَظْهَر اعْتِبَار الْيَسَار بِوَقْت الْأَدَاء فَإِن كَانَ مُوسِرًا ففرضه الْإِعْتَاق أَو مُعسرا فالصوم فَإِن تكلّف الْإِعْتَاق باستقراض أَو غَيره أَجزَأَهُ على الصَّحِيح أوصام ثمَّ أيسر فِي أَثْنَائِهِ لم يلْزمه على الصَّحِيح وَبعد فَرَاغه لم يلْزمه قطعا فَإِن أعتق كَانَ وَوَقع الصَّوْم تَطَوّعا وَكَذَا لَو أطْعم الْبَعْض ثمَّ قدر على الصَّوْم لم يلْزمه وَالْعَبْد يكفر فِي الظِّهَار بِالصَّوْمِ وَلَيْسَ للسَّيِّد مَنعه إِلَّا فِي الْعتْق وَالْإِطْعَام فَإِن عتق وأيسر قبل الْكَفَّارَة لزمَه الْإِعْتَاق فِي الْأَرْجَح وَتجب النِّيَّة فِي الصَّوْم لكل يَوْم وَكَذَا نِيَّة التَّتَابُع فِي الْأَصَح الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب اتّفق الْأَئِمَّة رَحِمهم الله تَعَالَى على أَن الْمُسلم إِذا قَالَ لزوجته أَنْت عَليّ كَظهر أُمِّي أَنه مظَاهر مِنْهَا لَا يحل لَهُ وَطْؤُهَا حَتَّى يقدم الْكَفَّارَة وَهِي عتق رَقَبَة إِن وجدهَا فَإِن لم يجد فَصِيَام شَهْرَيْن مُتَتَابعين فَإِن لم يسْتَطع فإطعام سِتِّينَ مِسْكينا وَاخْتلفُوا فِي ظِهَار الذِّمِّيّ فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك لَا يَصح وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد يَصح وَلَا يَصح ظِهَار السَّيِّد من أمته إِلَّا عِنْد مَالك وَاتَّفَقُوا على ظِهَار العَبْد وَأَنه يكفر بِالصَّوْمِ وبالإطعام عِنْد مَالك إِن ملكه السَّيِّد وَاخْتلفُوا فِيمَن قَالَ لزوجته أمة كَانَت أَو حرَّة أَنْت عَليّ حرَام فَقَالَ أَبُو حنيفَة إِن نوى الطَّلَاق كَانَ طَلَاقا فَإِن نوى ثَلَاثًا فَهُوَ ثَلَاث وَإِن نوى وَاحِدَة أَو اثْنَتَيْنِ فَوَاحِدَة بَائِنَة وَإِن نوى التَّحْرِيم وَلم ينْو الطَّلَاق أَو لم يكن لَهُ نِيَّة فَهُوَ يَمِين وَهُوَ مول إِن تَركهَا أَرْبَعَة أشهر وَقعت طَلْقَة بَائِنَة وَإِن نوى الظِّهَار كَانَ مُظَاهرا وَإِن نوى الْيَمين كَانَت يَمِينا وَيرجع إِلَى نِيَّته كم أَرَادَ بهَا وَاحِدَة أَو أَكثر سَوَاء الْمَدْخُول بهَا أَو غَيرهَا وَقَالَ مَالك هُوَ طَلَاق ثَلَاث فِي الْمَدْخُول بهَا وَوَاحِدَة فِي غير الْمَدْخُول بهَا وَقَالَ الشَّافِعِي إِن نوى الطَّلَاق أَو الظِّهَار كَانَ مَا نَوَاه وَإِن نوى الْيَمين لم يكن يَمِينا وَلَكِن عَلَيْهِ كَفَّارَة يَمِين وَإِن لم ينْو شَيْئا فَقَوْلَانِ أَحدهمَا وَهُوَ الرَّاجِح لَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 135 شَيْء عَلَيْهِ وَالثَّانِي عَلَيْهِ كَفَّارَة يَمِين وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ أظهرهمَا أَنه صَرِيح فِي الظِّهَار نَوَاه أَو لم يُنَوّه وَفِيه كَفَّارَة الظِّهَار وَالثَّانيَِة أَنه يَمِين وَعَلِيهِ كَفَّارَة وَالثَّالِث أَنه طَلَاق وَاخْتلفُوا فِي الرجل يحرم طَعَامه وَشَرَابه أَو أمته فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد هُوَ حَالف وَعَلِيهِ كَفَّارَة يَمِين بِالْحِنْثِ وَيحصل الْحِنْث عِنْدهمَا بِفعل جُزْء مِنْهُ وَلَا يحْتَاج إِلَى أكل جَمِيعه وَقَالَ الشَّافِعِي إِن حرم الطَّعَام أَو الشَّرَاب أَو اللبَاس فَلَيْسَ بِشَيْء وَلَا كَفَّارَة وَإِن حرم الْأمة فَقَوْلَانِ أَحدهمَا لَا شَيْء عَلَيْهِ وَالثَّانِي لَا تحرم وَلَكِن عَلَيْهِ كَفَّارَة يَمِين وَهُوَ الرَّاجِح وَقَالَ مَالك لَا يحرم عَلَيْهِ شَيْء من ذَلِك على الْإِطْلَاق وَلَا كَفَّارَة عَلَيْهِ وَاخْتلفُوا هَل يحرم على الْمظَاهر الْقبْلَة واللمس بِشَهْوَة أم لَا فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك يحرم وَللشَّافِعِيّ قَولَانِ الْجَدِيد الْإِبَاحَة وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ أظهرهمَا التَّحْرِيم وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا وطىء الْمظَاهر مِنْهَا فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك فِي أظهر روايتيه يسْتَأْنف الصّيام إِن وطىء فِي خلال الشَّهْرَيْنِ لَيْلًا كَانَ أَو نَهَارا عَامِدًا كَانَ أَو نَاسِيا وَقَالَ الشَّافِعِي إِن وطىء بِاللَّيْلِ مُطلقًا لم يلْزمه الِاسْتِئْنَاف وَإِن وطىء بِالنَّهَارِ عَامِدًا فسد صَوْمه وَانْقطع التَّتَابُع وَلَزِمَه الِاسْتِئْنَاف لنَصّ الْقُرْآن وَاخْتلفُوا فِي اشْتِرَاط الْأَثْمَان فِي الرَّقَبَة الَّتِي يكفر بهَا الْمظَاهر فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد فِي إِحْدَى روايتيه لَا وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى يشْتَرط وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا شرع فِي الصّيام ثمَّ وجد الرَّقَبَة فَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد إِن شَاءَ مضى على صَوْمه وَإِن شَاءَ أعتق وَقَالَ مَالك إِن صَامَ يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ أَو ثَلَاثَة عَاد إِلَى الْعتْق وَإِن كَانَ قد مضى فِي صَوْمه أتمه وَقَالَ أَبُو حنيفَة يلْزم الْعتْق مُطلقًا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 136 وَاتَّفَقُوا على أَن لَا يجوز لَهُ الْوَطْء حَتَّى يكفر وَأَنه لَا يجوز دفع شَيْء من الْكَفَّارَات إِلَى الْكَافِر وَالْحَرْبِيّ وَاخْتلفُوا فِي الدّفع إِلَى الذِّمِّيّ فَقَالَ أَبُو حنيفَة يجوز وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد لَا يجوز وَلَو قَالَت الْمَرْأَة لزَوجهَا أَنْت عَليّ كَظهر أُمِّي فَلَا كَفَّارَة عَلَيْهَا بالِاتِّفَاقِ إِلَّا فِي رِوَايَة عَن أَحْمد اخْتَارَهَا الْخرقِيّ انْتهى المصطلح وَهُوَ يشْتَمل على صور مِنْهَا إِذا قَالَ الرجل لزوجته أَنْت عَليّ كَظهر أُمِّي أَنْت طَالِق وواصل كَلَامه كَانَ مُطلقًا مُظَاهرا وَسَقَطت الْكَفَّارَة عَنهُ وَكَانَ الطَّلَاق رَجْعِيًا إِن كَانَ قد دخل بهَا صُورَة مَا يكْتب فِي ذَلِك أشهد عَلَيْهِ فلَان أَو أقرّ فلَان أَنه كَانَ فِي التَّارِيخ الْفُلَانِيّ قَالَ لزوجته فُلَانَة الَّتِي دخل بهَا وأصابها أَنْت عَليّ كَظهر أُمِّي أَنْت طَالِق بِكَلَام مُتَّصِل غير مُنْفَصِل وصدقته على ذَلِك وترافعا إِلَى حَاكم من حكام الْمُسلمين وتحاكما عِنْده بِسَبَب ذَلِك وَحكم عَلَيْهِ بالطلقة الْمَذْكُورَة تكون بهَا جَارِيَة فِي عصمته إِلَى انْقِضَاء عدتهَا فَإِذا انْقَضتْ فَلَا سَبِيل لَهُ عَلَيْهَا إِلَّا بِإِذْنِهَا ورضاها وَعقد جَدِيد بِشُرُوطِهِ الشَّرْعِيَّة ويؤرخ وَصُورَة إِشْهَاد الْمظَاهر عَلَيْهِ بالظهار وَلُزُوم الْكَفَّارَة لَهُ أشهد عَلَيْهِ فلَان أَنه قَالَ لزوجته فُلَانَة فِي تَارِيخ كَذَا أَنْت عَليّ كَظهر أُمِّي أَو لفظا من صرائح الظِّهَار الْمُتَقَدّم ذكرهَا وَأَنه أمْسكهَا عقب قَوْله ذَلِك إِلَى الْآن وَأَنه قَادر على الْكَفَّارَة الَّتِي تلْزمهُ شرعا وَهُوَ مُمْتَنع عَن الْوَطْء حَتَّى يكفر وملتزم أَحْكَام ذَلِك الشَّرْعِيَّة وَعَلِيهِ الْخُرُوج من الْكَفَّارَة على مُقْتَضى مَا يجب عَلَيْهِ شرعا وصدقته زَوجته الْمَذْكُورَة على ذَلِك كُله تَصْدِيقًا شَرْعِيًّا وَصُورَة مَا إِذا ترافعا إِلَى حَاكم شَرْعِي بِسَبَب ذَلِك حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ فلَان وَزَوجته فُلَانَة وَادعت فُلَانَة الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة على زَوجهَا فلَان الْمَذْكُور أَنه تزوج بهَا تزويجا صَحِيحا شَرْعِيًّا بِنِكَاح صَحِيح شَرْعِي بولِي مرشد وشاهدي عدل بشرائطه الشَّرْعِيَّة وَدخل بهَا وأصابها أَو لم يدْخل بهَا وَلم يصبهَا وَأَنه قَالَ لَهَا بِصَرِيح لَفظه أَنْت عَليّ كَظهر أُمِّي أَو لفظ من صرائح الظِّهَار الْمُقدم ذكرهَا وأمسكها عقيب ذَلِك وَأَن الْكَفَّارَة وَاجِبَة عَلَيْهِ وَأَنه دَعَاهَا للْوَطْء فامتنعت حَتَّى يكفر وَسَأَلت سُؤَاله عَن ذَلِك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 137 فَسئلَ فَأجَاب بِصِحَّة دَعْوَاهَا وَأَنه قَالَ ذَلِك بِلَفْظِهِ فِي الْمجْلس الْمشَار إِلَيْهِ فَأمره الْحَاكِم بِعَدَمِ الْوَطْء حَتَّى يكفر واعترف لَدَيْهِ أحسن الله إِلَيْهِ أَن الْوَاجِب عَلَيْهِ من الْكَفَّارَة كَذَا وَكَذَا وَإِن لم يصدقها على الظِّهَار وصدقها على الزَّوْجِيَّة فيأمرها الْحَاكِم بِإِقَامَة الْبَيِّنَة ثمَّ يَقُول فَحِينَئِذٍ قَامَت بينتها الشَّرْعِيَّة على الظِّهَار وهما فلَان وَفُلَان وَلَا ينقص عَن اثْنَيْنِ من الشُّهَدَاء وَأقَام كل من الشَّاهِدين الْمَذْكُورين شَهَادَته عِنْد الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ بذلك وقبلهما لما رأى مَعَه قبولهما وَأمره الْحَاكِم بِعَدَمِ الْوَطْء حَتَّى يكفر فَإِن فعل الْكَفَّارَة كتب أشهد عَلَيْهِ فلَان أَنه فعل مَا وَجب عَلَيْهِ من الْكَفَّارَة الشَّرْعِيَّة بِسَبَب الظِّهَار الْمَذْكُور ويعين ذَلِك إِمَّا بِعِتْق أَو صَوْم أَو إطْعَام وصدقته زَوجته الْمَذْكُورَة على ذَلِك تَصْدِيقًا شَرْعِيًّا وَإِن لم تصدقه على الْكَفَّارَة فترفعه إِلَى الْحَاكِم وَتَقَع الدَّعْوَى كَمَا تقدم وَتقدم الْبَيِّنَة بذلك ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 138 كتاب اللّعان وَمَا يتَعَلَّق بِهِ من الْأَحْكَام اللّعان مُشْتَقّ من اللَّعْن واللعن هُوَ الطَّرْد والإبعاد وَسمي المتلاعنان بذلك لِأَن فِي الْخَامِسَة اللَّعْنَة وَلما يتعقب اللّعان من المأثم والطرد لِأَنَّهُ لَا بُد أَن يكون أَحدهمَا كَاذِبًا فَيكون ملعونا وَالْأَصْل فِيهِ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذين يرْمونَ أَزوَاجهم وَلم يكن لَهُم شُهَدَاء إِلَّا أنفسهم فشهادة أحدهم أَربع شَهَادَات بِاللَّه إِنَّه لمن الصَّادِقين} الْآيَة ولاعن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين عُوَيْمِر الْعجْلَاني وَبَين امْرَأَته كَمَا روى سهل بن سعد السَّاعِدِيّ قَالَ أَتَى عُوَيْمِر الْعجْلَاني النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله أَرَأَيْت رجلا وجد مَعَ امْرَأَته رجلا أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ أم كَيفَ يفعل فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد أنزل الله فِيك وَفِي صَاحبَتك مَا فِي هِلَال بن أُميَّة وَامْرَأَته يَعْنِي قَوْله {وَالَّذين يرْمونَ أَزوَاجهم وَلم يكن لَهُم شُهَدَاء إِلَّا أنفسهم فشهادة أحدهم أَربع شَهَادَات بِاللَّه إِنَّه لمن الصَّادِقين} لِأَنَّهَا عَامَّة ولاعن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هِلَال بن أُميَّة كَمَا روى ابْن عَبَّاس أَن هِلَال ابْن أُميَّة قذف زَوجته بِشريك بن سَحْمَاء فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْبَيِّنَة أَو حد فِي ظهرك فَقَالَ وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ إِنِّي لصَادِق ولينزلن الله فِي أَمْرِي مَا يبرىء ظَهْري من الْحَد فَأنْزل الله تَعَالَى {وَالَّذين يرْمونَ أَزوَاجهم} الْآيَة فَدَعَاهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ أبشر يَا هِلَال وَقد جعل الله لَك فرجا ومخرجا قَالَ قد كنت أَرْجُو ذَلِك من رَبِّي فَإِذا رأى الرجل امْرَأَته تَزني أَو أقرَّت عِنْده بِالزِّنَا أَو أخبرهُ بذلك ثِقَة أَو استفاض فِي النَّاس أَن رجلا يَزْنِي بهَا ثمَّ وجده عِنْدهَا وَلم يكن هُنَاكَ نسب يلْحقهُ من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 139 هَذَا الزِّنَا فَلهُ أَن يقذفها بِالزِّنَا لِأَنَّهُ إِذا رَآهَا فقد تحقق زنَاهَا وَإِذا أقرَّت عِنْده أَو أخبرهُ ثِقَة أَو استفاض فِي النَّاس وَوجد الرجل عِنْدهَا غلب على ظَنّه زنَاهَا فَجَاز لَهُ قَذفهَا وَلَا يجب عَلَيْهِ قَذفهَا لما رُوِيَ أَن رجلا قَالَ يَا رَسُول الله إِن امْرَأَتي لَا ترد يَد لامس تعريضا مِنْهُ بزناها فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طَلقهَا فَقَالَ إِنِّي أحبها قَالَ أمْسكهَا وروى عبد الله بن مَسْعُود أَن رجلا أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله إِن وجد رجل مَعَ امْرَأَته رجلا فَتكلم جلدتموه أَو قتل قَتَلْتُمُوهُ أَو سكت سكت على غيظ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّهُمَّ افْتَحْ فَنزلت آيَة اللّعان فَظهر أَنه يتَكَلَّم أَو يسكت وَلم يُنكر عَلَيْهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأما إِذا لم يظْهر على الْمَرْأَة بَيِّنَة بِالزِّنَا وَلَا سَبَب حرم عَلَيْهِ قَذفهَا لقَوْله تَعَالَى {إِن الَّذين جاؤوا بالإفك عصبَة مِنْكُم لَا تحسبوه شرا لكم بل هُوَ خير لكم لكل امْرِئ مِنْهُم مَا اكْتسب من الْإِثْم وَالَّذِي تولى كبره مِنْهُم لَهُ عَذَاب عَظِيم} وَلما رُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من قذف مُحصنَة أحبط الله عمله ثَمَانِينَ عَاما وَإِن أخبرهُ بزناها من لَا يَثِق بقوله حرم عَلَيْهِ قَذفهَا لِأَنَّهُ لَا يغلب على الظَّن إِلَّا قَول الثِّقَة وَإِن وجد عِنْدهَا رجلا وَلم يستفض فِي النَّاس أَنه يَزْنِي بهَا حرم عَلَيْهِ قَذفهَا لجَوَاز أَن يكون دخل إِلَيْهَا هَارِبا أَو لطلب الزِّنَا وَلم تجبه فَلَا يجوز قَذفهَا بِأَمْر مُحْتَمل وَاللّعان يَمِين مُؤَكدَة بِلَفْظ شَهَادَة وَقيل فِيهَا ثُبُوت شَهَادَة وَيشْتَرط فِي الْملَاعن أَهْلِيَّة الْيَمين والزوجية فَلَا يَصح لعان صبي وَمَجْنُون وَيصِح من ذمِّي ورقيق ومحدود فِي الْقَذْف فَإِذا نفى الرجل حمل زَوجته وَلم يقر بِهِ ترافعا إِلَى الْحَاكِم ولاعن لإِسْقَاط الْحَد عَن نَفسه وَنفي ذَلِك النّسَب عَنهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 140 الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب أجمع الْأَئِمَّة رَحِمهم الله تَعَالَى على أَن من قذف امْرَأَته أَو رَمَاهَا بِالزِّنَا أَو نفى حملهَا وأكذبته وَلَا بَيِّنَة لَهُ أَنه يجب عَلَيْهِ الْحَد وَله أَن يُلَاعن وَهُوَ أَن يُكَرر الْيَمين أَربع مَرَّات بِاللَّه إِنَّه لمن الصَّادِقين ثمَّ يَقُول فِي الْخَامِسَة إِن لعنة الله عَلَيْهِ إِن كَانَ من الْكَاذِبين فَإِذا لَاعن لَزِمَهَا حِينَئِذٍ الْحَد وَلها درؤه بِاللّعانِ وَهُوَ أَن تشهد أَربع شَهَادَات بِاللَّه إِنَّه لمن الْكَاذِبين ثمَّ تَقول فِي الْخَامِسَة إِن غضب الله عَلَيْهَا إِن كَانَ من الصَّادِقين فَإِن نكل الزَّوْج عَن اللّعان لزمَه الْحَد عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ إِلَّا أَن الشَّافِعِي يَقُول إِذا نكل فسق وَمَالك يَقُول لَا يفسق حَتَّى يحد وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا حد عَلَيْهِ بل يحبس حَتَّى يُلَاعن أَو يقر وَإِن نكلت الزَّوْجَة حبست حَتَّى تلاعن أَو تقر عِنْد أبي حنيفَة وَفِي أظهر الرِّوَايَتَيْنِ عَن أَحْمد وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ يجب عَلَيْهَا الْحَد وَاخْتلفُوا هَل اللّعان بَين كل زَوْجَيْنِ حُرَّيْنِ كَانَا أَو عدين أَو أَحدهمَا عَدْلَيْنِ كَانَا أَو فاسقين أَو أَحدهمَا فَعِنْدَ مَالك إِن كل مُسلم صَحَّ طَلَاقه صَحَّ لِعَانه حرا كَانَ أَو عبدا عدلا كَانَ أَو فَاسِقًا وَبِه قَالَ الشَّافِعِي وَأحمد غير أَن الْكَافِر يجوز طَلَاقه ولعانه عِنْد الشَّافِعِي وَأحمد وَالْكَافِر عِنْد مَالك لَا يَقع طَلَاقه لِأَن أنكحة الْكفَّار عِنْده فَاسِدَة فَلَا يَصح لِعَانه وَقَالَ أَبُو حنيفَة اللّعان شَهَادَة فَمَتَى قذف وَلَيْسَ هُوَ من أهل الشَّهَادَة حد وَهل يَصح اللّعان لنفي الْحمل قبل وَضعه قَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد إِذا نفى حمل امْرَأَته فَلَا لعان بَينهمَا وَلَا يَنْتَفِي عَنهُ فَإِن قَذفهَا بِصَرِيح الزِّنَا لَا عَن الْقَذْف وَلم ينف نسبه سَوَاء وَلدته لسِتَّة أشهر أَو لأَقل وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ يُلَاعن لنفي الْحمل إِلَّا أَن مَالِكًا اشْترط أَن يكون استبراؤها بِثَلَاث حيضات أَو بِحَيْضَة على خلاف بَين أَصْحَابه فصل وَفرْقَة التلاعن بَين الزَّوْجَيْنِ بالِاتِّفَاقِ وَاخْتلفُوا بِمَاذَا تقع فَقَالَ مَالك تقع بلعانها خَاصَّة من غير تَفْرِقَة الْحَاكِم وَهِي رِوَايَة عَن أَحْمد وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد أظهر روايتيه لَا تقع إِلَّا بلعانهما وَحكم الْحَاكِم فَيَقُول فرقت بَينهمَا وَقَالَ الشَّافِعِي تقع بِلعان الزَّوْج خَاصَّة كَمَا يَنْتَفِي النّسَب بلعانه وَإِنَّمَا لعانهما يسْقط الْحَد عَنْهُمَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 141 وَاخْتلفُوا هَل ترْتَفع الْفرْقَة بتكذيب الزَّوْج نَفسه أم لَا فَقَالَ أَبُو حنيفَة ترْتَفع فَإِذا كذب نَفسه جلد الْحَد وَكَانَ لَهُ أَن يَتَزَوَّجهَا وَهِي رِوَايَة عَن أَحْمد وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد فِي أظهر روايتيه هِيَ فرقة مُؤَبّدَة لَا ترفع بِحَال وَاخْتلفُوا هَل فرقة اللّعان فسخ أَو طَلَاق فَقَالَ أَبُو حنيفَة طَلَاق بَائِن وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد فسخ وَفَائِدَته أَنه إِذا كَانَ طَلَاقا لم يتأبد التَّحْرِيم وَإِن أكذب نَفسه جَازَ لَهُ أَن يَتَزَوَّجهَا وَعند مَالك وَالشَّافِعِيّ هُوَ تَحْرِيم مؤبد كالرضاع فَلَا تحل لَهُ أبدا وَبِه قَالَ عمر وَعلي وَابْن مَسْعُود وَابْن عمر وَعَطَاء وَالزهْرِيّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَالثَّوْري وَقَالَ سعيد بن جُبَير إِنَّمَا يَقع بِاللّعانِ تَحْرِيم الِاسْتِمْتَاع فَإِذا أكذب نَفسه ارْتَفع التَّحْرِيم وعادت زَوجته إِن كَانَت فِي الْعدة فصل وَلَو قذف زَوجته بِرَجُل بِعَيْنِه فَقَالَ زنى بك فلَان فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك تلاعن الزَّوْجَة وَيحد للرجل الَّذِي قذفه إِن طلب الْحَد وَلَا يسْقط بِاللّعانِ وَللشَّافِعِيّ قَولَانِ أَحدهمَا يحد حدا وَاحِدًا لَهما وَهُوَ الرَّاجِح وَالثَّانِي يحد لكل وَاحِد مِنْهُمَا حدا فَإِن ذكر الْمَقْذُوف فِي لِعَانه سقط الْحَد وَقَالَ أَحْمد عَلَيْهِ حد وَاحِد لَهما وَيسْقط بلعانهما وَلَو قَالَ لزوجته يَا زَانِيَة وَجب عَلَيْهِ الْحَد إِن لم يُثبتهُ وَلَيْسَ عِنْد مَالك فِي الْمَشْهُور عَنهُ أَن يُلَاعن حَتَّى يَدعِي رُؤْيَته بِعَيْنِه وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ لَهُ أَن يُلَاعن وَإِن لم يذكر رُؤْيَة فصل لَو شهد على الْمَرْأَة أَرْبَعَة مِنْهُم الزَّوْج فَعِنْدَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد لَا يَصح وَكلهمْ قذفة يحدون إِلَّا الزَّوْج فَيسْقط حَده بِاللّعانِ وَعند أبي حنيفَة تقبل شَهَادَتهم وتحد الزَّوْجَة وَلَو لاعنت الْمَرْأَة قبل الزَّوْج اعْتد بِهِ عِنْد أبي حنيفَة وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد لَا يعْتد بِهِ فصل والأخرس إِذا كَانَ يعقل الْإِشَارَة وَيفهم الْكِتَابَة وَيعلم مَا يَقُوله فَإِنَّهُ يَصح لِعَانه وقذفه عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَكَذَلِكَ الخرساء وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 142 وَإِذا بَانَتْ زَوجته مِنْهُ ثمَّ رَآهَا تَزني فِي الْعدة فَلهُ عِنْد مَالك أَن يُلَاعن وَكَذَا إِن تبين بهَا حمل بعد طَلَاقه وَلَو قَالَ كنت استبرأتها بِحَيْضَة وَقَالَ الشَّافِعِي إِن كَانَ هُنَاكَ حمل أَو ولد فَلهُ أَن يُلَاعن وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد لَيْسَ لَهُ أَن يُلَاعن أصلا وَلَو تزوج امْرَأَة وَطَلقهَا عقب العقد من غير إِمْكَان وَطْء وَأَتَتْ بِولد لسِتَّة أشهر من العقد لم يلْحق بِهِ عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد كَمَا لَو أَتَت بِهِ لأَقل من سِتَّة أشهر وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا عقد عَلَيْهَا بِحَضْرَة الْحَاكِم ثمَّ طَلقهَا عقب العقد فَأَتَت بِولد لسِتَّة أشهر لحق بِهِ وَإِن لم يكن هُنَاكَ إِمْكَان وَطْء وَإِنَّمَا يعْتَبر أَن تَأتي بِهِ لسِتَّة أشهر فَقَط لَا أَكثر مِنْهَا وَلَا أقل لِأَنَّهَا إِن أَتَت بِهِ لأكْثر من سِتَّة أشهر يكون الْوَلَد حَادِثا بعد الطَّلَاق الثَّلَاث فَلَا يلْحقهُ وَإِن أَتَت بِهِ لأَقل من سِتَّة أشهر كَانَ الْوَلَد حَادِثا قبل العقد فَلَا يلْحق بِهِ وَقَالَ أَيْضا لَو تزوج امْرَأَة وَغَابَ عَنْهَا السنين الطوَال فَأَتَاهَا خبر وَفَاته فاعتدت ثمَّ تزوجت وَأَتَتْ بأولاد من الثَّانِي ثمَّ قدم الأول فَإِن الْأَوْلَاد يلحقون بِالْأولِ وينتفون من الثَّانِي وَعند مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد يكونُونَ للثَّانِي وَقَالَ أَيْضا لَو تزوج وَهُوَ بالمشرق امْرَأَة وَهِي بالمغرب وَأَتَتْ بِولد لسِتَّة أشهر من العقد كَانَ الْوَلَد مُلْحقًا بِهِ وَإِن كَانَ بَينهمَا مَسَافَة لَا يُمكن أَن يلتقيا أصلا لوُجُود العقد انْتهى فَائِدَة قَالَ ابْن عبد السَّلَام فِي الْقَوَاعِد إِذا قَالَ الرجل أَنْت أزنى النَّاس أَو أَنْت أزنى من زيد فَظَاهر هَذَا اللَّفْظ أَن زِنَاهُ أَكثر من زنا سَائِر النَّاس أَو من زنا زيد وَقَالَ الشَّافِعِي لَا حد عَلَيْهِ حَتَّى يَقُول أَنْت أزنى زناة النَّاس أَو فلَان زَان وَأَنت أزنى مِنْهُ وَفِي هَذَا بعد من جِهَة أَن الْمجَاز قد غلب على هَذَا اللَّفْظ فَيُقَال فلَان أَشْجَع النَّاس وأسخى النَّاس وَأعلم النَّاس وَالنَّاس كلهم يفهمون من هَذَا اللَّفْظ أَنه أَشْجَع شجعان النَّاس وأسخى أسخياء النَّاس وَالتَّعْبِير الَّذِي وَجب الْحَد لأَجله حَاصِل من هَذَا اللَّفْظ حُصُوله بقوله أَنْت زَان فرع كل حد أَو تَعْزِير ثَبت بِطَلَب شخص سقط بعفوه بِشَرْط أَهْلِيَّته المصطلح وَمَا يشْتَمل عَلَيْهِ من الصُّور صُورَة مَا إِذا نفى الرجل حمل زَوجته وَكَانَ حملا ظَاهرا وترافعا إِلَى الْحَاكِم فَإِن كَانَ بَينهمَا كتاب يشْهد بِالزَّوْجِيَّةِ كتب محضرا صورته حضر شُهُود يعْرفُونَ فلَانا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 143 وفلانة معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنَّهُمَا زوجان متناكحان بِنِكَاح صَحِيح شَرْعِي دخل الزَّوْج مِنْهُمَا بِالزَّوْجَةِ وأصابها يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين بسؤال من جَازَ سُؤَاله شرعا ويؤرخ وَكتب حسب الْإِذْن الْكَرِيم العالي الحاكمي الْفُلَانِيّ ثمَّ يثبت هَذَا الْمحْضر عِنْد الْحَاكِم بِشَهَادَة من شهد فِيهِ ثمَّ يكْتب على ظهر كتاب الزَّوْجَة أَو على ظهر هَذَا الْمحْضر حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ هَذَا الْحَاكِم أَو غَيره فلَان وفلانة واعترفا أَنَّهُمَا زوجان متناكحان بِنِكَاح صَحِيح شَرْعِي إِن كَانَ ذَلِك على ظهر كتاب الزَّوْجَة ثمَّ يَقُول على الحكم المشروح بَاطِنه وَإِن كَانَ على ظهر الْمحْضر فَيَقُول لما قَامَت الْبَيِّنَة الشَّرْعِيَّة فِي الْمحْضر المسطر بَاطِنه عِنْد سيدنَا الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ بَاطِنه وَثَبت ذَلِك عِنْده الثُّبُوت الشَّرْعِيّ على الحكم المشروح بَاطِنه وَإِن كَانَ الثُّبُوت عِنْد غير الْحَاكِم الَّذِي أثبت الْمحْضر فَتَقَع الدَّعْوَى عِنْده وَلَا بُد من إِيصَال ثُبُوت النِّكَاح بِهِ ادّعى الزَّوْج الْمَذْكُور أَعْلَاهُ أَن زَوجته فُلَانَة الْمَذْكُورَة مَعَه فِيهِ حَامِل وَلَيْسَ هَذَا الْحمل مِنْهُ وَإِنَّمَا زنت بِهِ وَنفى الْحمل الْمَذْكُور وَادعت الزَّوْجَة أَن الْحمل مِنْهُ وَلم يصدقها عَلَيْهِ فخوفهما الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ بِاللَّه تَعَالَى ووعظهما وَزَاد فِي تخويفهما وتحذيرهما فأصر كل مِنْهُمَا على مَا قَالَه وَلم يرجع واستمرا على ذَلِك فَاقْتضى الْحَال الحكم بَينهمَا بِمَا تَقْتَضِيه الشَّرِيعَة المطهرة وبرز أَمر الإِمَام الْأَعْظَم بذلك فَقضى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ بِاللّعانِ بَين هذَيْن الزَّوْجَيْنِ الْمَذْكُورين وَأمر بتحليفهما بِالْمَسْجِدِ الْجَامِع بِحُضُور جمَاعَة من الْفُقَهَاء الْعُدُول المتميزين والصلحاء والأخيار وَمن حضر من الْمُسلمين على نَص كتاب الله الْعَظِيم فَتقدم الزَّوْج الْمَذْكُور وَقَامَ قَائِما على قَدَمَيْهِ بالجامع فِي دبر صَلَاة الْعَصْر من يَوْم الْجُمُعَة من شهر كَذَا سنة كَذَا عِنْد الْمِنْبَر واستقبل الْقبْلَة بِحَضْرَة زَوجته وَمن حضر بِالْمَجْلِسِ الْمَذْكُور من الْمُسلمين وَحلف أَرْبَعَة أَيْمَان بِاللَّه كَمَا أوجب الله أَن يحلف بِهِ فِي الْوَقْت الْمَذْكُور وَهُوَ يُشِير إِلَى زَوجته الْمَذْكُورَة أَنه فِيمَا قَالَه لمن الصَّادِقين وَقَالَ فِي الْخَامِسَة وَأَن لعنة الله عَلَيْهِ إِن كَانَ من الْكَاذِبين وَحلفت الزَّوْجَة فِي الْموضع الْمَذْكُور عَقِيبه وَهِي مُسْتَقْبلَة الْقبْلَة أَرْبَعَة أَيْمَان بِاللَّه إِنَّه لمن الْكَاذِبين وَقَالَت فِي الْخَامِسَة وَأَن غضب الله عَلَيْهَا إِن كَانَ من الصَّادِقين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 144 وَتثبت أَيْمَان كل مِنْهُمَا على مَا نَص فِي كتاب الله الْعَزِيز عِنْد سيدنَا الْمشَار إِلَيْهِ وتشخيصهما عِنْده الثُّبُوت الشَّرْعِيّ فبحكم ذَلِك وَقَضيته وَقعت الْفرْقَة بَين هذَيْن المتلاعنين بِمُقْتَضى اللّعان الْوَاقِع بَينهمَا على الحكم المشروح أَعْلَاهُ وَحرم عَلَيْهِمَا أَن يتناكحا أبدا وَأسْقط هَذَا اللّعان نسب حمل الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة من فلَان الْمَذْكُور وَحكم الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أحسن الله إِلَيْهِ بِمُوجب هَذَا اللّعان وَقَضيته وَقضى بذلك وأمضاه وألزم الْعَمَل بِمُقْتَضَاهُ حكما شَرْعِيًّا تَاما مُعْتَبرا مرضيا مسؤولا فِيهِ مُسْتَوْفيا شَرَائِطه الشَّرْعِيَّة وإبقاء كل ذِي حجَّة مُعْتَبرَة على حجَّته إِن كَانَت وَأسْقط الْقَذْف عَن فلَان فِيمَا رمى بِهِ فُلَانَة من لِعَانه وَأسْقط الْحَد عَنْهَا فِيمَا رَمَاهَا بِهِ مَوضِع لعانها واعترف الْمَحْكُوم عَلَيْهِمَا أَن لَا دَافع لَهما فِيمَا حكم بِهِ عَلَيْهِمَا وَثَبت ذَلِك عِنْد الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ وَأشْهد على نَفسه الْكَرِيمَة من حضر مجْلِس حكمه وقضائه وَهُوَ نَافِذ الْقَضَاء وَالْحكم ماضيهما وَذَلِكَ فِي الْيَوْم الْمُبَارك وَيكْتب القَاضِي التَّارِيخ والحسبلة بِخَطِّهِ صُورَة الْإِقْرَار بِنَفْي ولد جَارِيَته مملوكته بعد الْوَطْء والاستبراء وَعدم الْوَطْء بعد أشهد عَلَيْهِ فلَان أَو أقرّ فلَان أَنه كَانَ قبل تَارِيخه وطىء مملوكته فُلَانَة وَيذكر جِنْسهَا الْمسلمَة المقرة لَهُ بِالرّقِّ والعبودية ثمَّ استبرأها بعد الْوَطْء اسْتِبْرَاء صَحِيحا شَرْعِيًّا وَأَنه لم يَطَأهَا بعد الِاسْتِبْرَاء وَأَنَّهَا بعد ذَلِك أَتَت بِولد وسمته فلَانا وَأَنه الْآن فِي قيد الْحَيَاة وَأَن هَذَا الْوَلَد الْمَذْكُور لَيْسَ هُوَ من صلبه وَلَا نسب بَينه وَبَينه وَأشْهد على نَفسه بذلك بِحُضُور جَارِيَته الْمَذْكُورَة ويؤرخ وَصُورَة مَا إِذا أقرّ بِولد رزقه من جَارِيَته سبق فِي كتاب الْإِقْرَار وَالله أعلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 145 كتاب الْعدَد وَمَا يتَعَلَّق بهَا من الْأَحْكَام الأَصْل فِي وجوب الْعدة قَوْله تَعَالَى {والمطلقات يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَة قُرُوء} وَجُمْلَة ذَلِك أَن الزَّوْجَة يجب عَلَيْهَا الْعدة بِطَلَاق الزَّوْج أَو بوفاته فَأَما عدَّة الطَّلَاق فَينْظر فِيهَا فَإِن طَلقهَا قبل الدُّخُول بهَا وَالْخلْوَة لم تجب الْعدة لقَوْله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا نكحتم الْمُؤْمِنَات ثمَّ طلقتموهن من قبل أَن تمَسُّوهُنَّ فَمَا لكم عَلَيْهِنَّ من عدَّة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا} الْأَحْزَاب 94 وَإِن طَلقهَا بعد أَن دخل بهَا وَجَبت عَلَيْهَا الْعدة لِأَن الله تَعَالَى لما لم يُوجب عَلَيْهَا الْعدة إِذا طلقت قبل الدُّخُول دلّ على أَنَّهَا تجب عَلَيْهَا الْعدة بعد الدُّخُول لِأَن رَحمهَا قد صَار مَشْغُولًا بِمَاء الزَّوْج فَوَجَبت عَلَيْهَا الْعدة لبراءته مِنْهُ وَإِن طَلقهَا بعد الْخلْوَة وَقبل الدُّخُول فقد نَص الشَّافِعِي فِي الْجَدِيد على أَن الْخلْوَة لَا تَأْثِير لَهَا فِي اسْتِقْرَار الْمهْر وَلَا فِي إِيجَاب الْعدة وَلَا فِي قُوَّة قَول من يَدعِي الْإِصَابَة وَسَيَأْتِي الْخلاف بَين الْعلمَاء رَضِي الله عَنْهُم فِي ذَلِك وعدة النِّسَاء قِسْمَانِ أَحدهمَا يتَعَلَّق بفرقة تحصل بعد الدُّخُول كَمَا تقدم فَإِذا وَجَبت الْعدة على الْمُطلقَة فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَن تكون حَامِلا أَو حَائِلا فَإِن كَانَت حَامِلا لم تنقض عدتهَا إِلَّا بِوَضْع الْحمل حرَّة كَانَت أَو أمة لقَوْله تَعَالَى {وَأولَات الْأَحْمَال أَجلهنَّ أَن يَضعن حَملهنَّ} الطَّلَاق 4 وَلِأَن الْعدة ترَاد لبراءة الرَّحِم وَبَرَاءَة الرَّحِم تحصل بِوَضْع الْحمل لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي السبايا لَا تُوطأ حَامِل حَتَّى تضع وَلَا حَائِل حَتَّى تحيض الجزء: 2 ¦ الصفحة: 146 والحرة الَّتِي تطهر وتحيض تَعْتَد بعد الطَّلَاق بِثَلَاثَة قُرُوء والقرء الطُّهْر فَإِذا طلقت وَهِي طَاهِرَة فَحَاضَت ثمَّ طهرت ثمَّ حَاضَت ثمَّ طهرت ثمَّ حَاضَت فقد مَضَت الْعدة وَالأَصَح أَنه لَا حَاجَة إِلَى مُضِيّ يَوْم وَلَيْلَة من الْحَيْضَة الثَّالِثَة أَو الرَّابِعَة وَهل يحْسب طهر الَّتِي لم تَحض أصلا قرءا فِيهِ قَولَانِ بِنَاء على أَن الْمُعْتَبر فِي الْقُرْء الِانْتِقَال من الطُّهْر إِلَى الْحيض أَو الطُّهْر المحتوش بَين دمين وَالْأَظْهَر الثَّانِي والمستحاضة تَعْتَد بأقرائها الْمَرْدُودَة إِلَيْهَا من الْعَادة أَو الْأَقَل أَو الْغَالِب والناسية الْمَأْمُورَة بِالِاحْتِيَاطِ تَنْقَضِي عدتهَا بِثَلَاثَة أشهر على أصح الْوَجْهَيْنِ وَالثَّالِث أَنَّهَا تَتَرَبَّص إِلَى سنّ الْيَأْس ثمَّ تَعْتَد بِثَلَاثَة أشهر وَأما الْأمة فَإِنَّهَا تَعْتَد بقرأين وَالْمُكَاتبَة والمستولدة وَمن بَعْضهَا رَقِيق كالقنة وَإِن عتقت الْأمة فِي الْعدة فَإِن كَانَت رَجْعِيَّة فالجديد وَأحد قولي الْقَدِيم أَنَّهَا تكمل عدَّة الْحَرَائِر وَإِن كَانَت بَائِنَة فالقديم وَأحد قولي الْجَدِيد إِنَّهَا تَعْتَد بقرأين والحرة الَّتِي لَا ترى الدَّم لصِغَر أَو يأس إِذا طلقت تَعْتَد بِثَلَاثَة أشهر هلالية فَإِن طلقت فِي أثْنَاء الشَّهْر وانكسر ذَلِك الشَّهْر فَيعْتَبر بعده شَهْرَان بالهلال ويكمل المنكسر ثَلَاثِينَ وَلَو كَانَت تَعْتَد بِالْأَشْهرِ فَحَاضَت قبل تَمامهَا انْتَقَلت إِلَى الْأَقْرَاء وَالْأمة الَّتِي لَا ترى الدَّم هَل تَعْتَد بِثَلَاثَة أشهر أَيْضا أَو بشهرين أَو بِشَهْر وَنصف فِيهِ ثَلَاثَة أَقْوَال أولاها الثَّالِث وللواتي انْقَطع دمهن لعِلَّة مَعْرُوفَة كرضاع وَمرض يَتَرَبَّصْنَ إِلَى أَن يحضن فيعتددن بِالْأَقْرَاءِ أَو يئسن فيعتددن بِالْأَشْهرِ واللواتي انْقَطع دمهن لَا لعِلَّة تعرف كَذَلِك حكمهن على الْجَدِيد وَفِي الْقَدِيم لَا يكلفن التَّرَبُّص إِلَى سنّ الْيَأْس بل يَتَرَبَّصْنَ تِسْعَة أشهر فِي أظهر الْقَوْلَيْنِ وَأَرْبع سِنِين فِي الثَّانِي ثمَّ يعتددن بِالْأَشْهرِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 147 وعَلى الْجَدِيد لَو رَأَتْ إِحْدَاهُنَّ الدَّم بعد سنّ الْيَأْس قبل تَمام الْأَشْهر انْتَقَلت إِلَى الْأَقْرَاء وَإِن رَأَتْ بعد تَمام الْأَشْهر فَأشبه الْأَقْوَال بالترجيح أَنَّهَا إِن لم تنْكح بعد فتنتقل إِلَى الْأَقْرَاء وَإِن نكحت لم تُؤثر رُؤْيَة الدَّم وَهل النّظر فِي سنّ الْيَأْس إِلَى جَمِيع النِّسَاء أَو إِلَى نسَاء الْعَشِيرَة قَولَانِ الثَّانِي أقرب إِلَى التَّرْجِيح وَهَذَا جَمِيعه فِي الْحَائِل وَأما الْحَوَامِل فأجلهن أَن يَضعن حَملهنَّ وَيشْتَرط فِي انْقِضَاء الْعدة بِوَضْع الْحمل شَرْطَانِ أَحدهمَا أَن يكون الْحمل مَنْسُوبا إِلَى من يعْتد مِنْهُ ظَاهرا أَو احْتِمَالا كَمَا فِي النَّفْي بِاللّعانِ أما إِذا لم يتَصَوَّر أَن يكون الْوَلَد مِنْهُ فَلَا تَنْقَضِي الْعدة مِنْهُ بِالْوَضْعِ وَالثَّانِي أَن ينْفَصل الْحمل بِتَمَامِهِ فَلَو كَانَت حَامِلا بتوأمين لم تنقض الْعدة حَتَّى ينْفَصل الثَّانِي بِكَمَالِهِ وَمهما كَانَ الزَّمن المتخلل بَين الْوَلَدَيْنِ دون سِتَّة أشهر فهما توأمان وَلَا فرق فِي انْقِضَاء الْعدة بَين أَن يكون الْوَلَد ولد حَيا أَو مَيتا وَلَا تَنْقَضِي بِإِسْقَاط الْعلقَة وتنقضي بِإِسْقَاط المضغة إِن ظَهرت فِيهَا صُورَة الْآدَمِيّين إِمَّا بَيِّنَة كيد أَو إِصْبَع يَرَاهَا كل من ينظر إِلَيْهَا أَو خُفْيَة يخْتَص بمعرفتها القوابل وَإِن لم يظْهر فِيهَا صُورَة بَيِّنَة وَلَا خُفْيَة وَقَالَت القوابل إِنَّهَا أصل الْآدَمِيّ فَكَذَلِك وَلَو كَانَت تَعْتَد بِالْأَقْرَاءِ أَو الْأَشْهر فَظهر بهَا حمل من الزَّوْج فعدتها بِالْوَضْعِ وَإِن ارتابت فَلَيْسَ لَهَا أَن تنْكح حَتَّى تَزُول الرِّيبَة وَإِن عرضت الرِّيبَة بعد تَمام الْأَقْرَاء أَو الْأَشْهر أَو بَعْدَمَا نكحت زوجا آخر فَلَا يحكم يبطلان النِّكَاح إِلَّا إِذا تحققنا كَونهَا حَامِلا يَوْم النِّكَاح بِأَن ولدت لأَقل من سِتَّة أشهر من يَوْمئِذٍ وَإِن كَانَت قبل نِكَاح زوج آخر فَالْأولى الصَّبْر إِلَى زَوَال الرِّيبَة فَإِن لم تصبر ونكحت فَالْأَصَحّ أَنه لَا يحكم بِبُطْلَانِهِ فِي الْحَال فَإِن تحقق الْحَاكِم مَا يَقْتَضِيهِ حكم حِينَئِذٍ بِالْبُطْلَانِ وَمن أبان زَوجته بِالْخلْعِ أَو غَيره ثمَّ أَتَت بِولد لأَرْبَع سِنِين فَمَا دونهَا لحقه وَإِن كَانَ لأكْثر من هَذِه الْمدَّة لم يلْحقهُ وَلَو طَلقهَا طَلَاقا رَجْعِيًا فالمدة تحسب من وَقت انصرام الْعدة أَو من وَقت الطَّلَاق فِيهِ قَولَانِ رجح مِنْهُمَا الثَّانِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 148 وَلَو نكحت بعد انْقِضَاء الْعدة وَأَتَتْ بِولد لما دون سِتَّة أشهر فَكَأَنَّهَا لم تنْكح وَإِن كَانَ لسِتَّة أشهر فَأكْثر فَالْوَلَد للثَّانِي وَإِن نكحت الْمُطلقَة نِكَاحا فَاسِدا بِأَن نكحت فِي الْعدة وَأَتَتْ بِولد فَإِن أَتَت بِهِ لزمان الْإِمْكَان من الأول دون الثَّانِي فَيلْحق بِالْأولِ وتنقضي الْعدة بِوَضْعِهِ ثمَّ تَعْتَد عَن الثَّانِي وَإِن كَانَ الْإِمْكَان من الثَّانِي دون الأول فَيلْحق بِالثَّانِي وَإِن وجد الْإِمْكَان مِنْهُمَا جَمِيعًا فَيعرض على الْقَائِف فَإِن ألحقهُ بِأَحَدِهِمَا فَالْحكم كَمَا لَو كَانَ الْإِمْكَان مِنْهُ خَاصَّة وَإِذا اجْتمع على الْمَرْأَة عدتان من شخص وَاحِد من جنس وَاحِد بِأَن طَلقهَا ثمَّ وَطئهَا وَهِي فِي عدتهَا بِالْأَقْرَاءِ أَو الْأَشْهر جَاهِلا إِن كَانَ الطَّلَاق بَائِنا وعالما أَو جَاهِلا إِن كَانَ الطَّلَاق رَجْعِيًا فتتداخل العدتان وَمعنى التَّدَاخُل أَنَّهَا تَعْتَد بِثَلَاثَة أَقراء أَو بِثَلَاثَة أشهر من وَقت الْوَطْء فيندرج فِيهِ مِنْهَا مَا بَقِي من عدَّة الطَّلَاق وَإِن كَانَ فِي إِحْدَى العدتين بِالْحملِ وَالْأُخْرَى بِالْأَقْرَاءِ بِأَن طَلقهَا وَهِي حَائِل ثمَّ وَطئهَا فِي الْأَقْرَاء وأحبلها أَو طَلقهَا وَهِي حَائِل ثمَّ وَطئهَا قبل الْوَضع فَفِي دُخُول الْأَقْرَاء فِي الْحمل وَجْهَان أشبههما الدُّخُول وانقضاء العدتين جَمِيعًا بِالْوَضْعِ وَله الرّجْعَة إِلَى أَن تضع إِن طَرَأَ الْوَطْء وَهِي تَعْتَد بِالْحملِ وَكَذَا إِن وجد الْحمل وَهِي تَعْتَد بِالْأَقْرَاءِ عَن الطَّلَاق فِي أظهر الْوَجْهَيْنِ وَإِن كَانَت العدتان من شَخْصَيْنِ كَمَا إِذا كَانَت فِي عدَّة عَن زوج أَو وَطْء شُبْهَة فَوَطِئَهَا آخر بِالشُّبْهَةِ أَو فِي نِكَاح فَاسد أَو كَانَت الْمَنْكُوحَة فِي عدَّة وَطْء شُبْهَة فَطلقهَا زَوجهَا فَلَا تدَاخل وَتعْتَد عَن كل وَاحِد مِنْهُمَا عدَّة كَامِلَة ثمَّ تنظر فَإِن لم يكن حمل وَسبق الطَّلَاق وَطْء الشُّبْهَة أتمت عدَّة الطَّلَاق فَإِذا فرغت استأنفت الْعدة الْأُخْرَى وَللزَّوْج الرّجْعَة فِي عدته إِن كَانَ الطَّلَاق رَجْعِيًا فَإِذا رَاجع تَنْقَطِع عدته وتشرع فِي عدَّة الْوَطْء بِالشُّبْهَةِ وَلَا يسْتَمْتع الزَّوْج بهَا إِلَى أَن تَنْقَضِي الْعدة وَإِن سبق الْوَطْء بِالشُّبْهَةِ الطَّلَاق فَتقدم عدَّة الْوَطْء أَو عدَّة الطَّلَاق فِيهِ وَجْهَان أظهرهمَا الثَّانِي وَإِن كَانَ هُنَاكَ حمل فَتقدم عدَّة الْحمل مِنْهُ سَابِقًا كَانَ الْحمل أَو لاحقا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 149 وَإِذا هجر الزَّوْج الْمُطلقَة أَو غَابَ عَنْهَا انْقَضتْ عدتهَا بِالْأَقْرَاءِ أَو الْأَشْهر وَلَو كَانَ يخالطها أَو يعاشرها معاشرة الْأزْوَاج فَالَّذِي رَجحه المعتبرون أَنه إِن كَانَ الطَّلَاق رَجْعِيًا لم تنقض الْعدة وَإِن كَانَ بَائِنا انْقَضتْ قَالُوا وَلَيْسَ لَهُ الرّجْعَة إِلَّا فِي الْأَقْرَاء أَو الْأَشْهر وَإِن لم يحكم بِانْقِضَاء الْعدة فِي الرَّجْعِيَّة وَلَو نكح مُعْتَدَّة على ظن الصِّحَّة وَوَطئهَا لم تحسب زمَان استفراشه إِيَّاهَا من مُدَّة الطَّلَاق وَمن أَي وَقت يحكم بِانْقِطَاع الْعدة فِيهِ قَولَانِ أَو وَجْهَان أَحدهمَا من وَقت العقد وأصحهما من وَقت الْوَطْء وَلَو رَاجع الْمُطلقَة ثمَّ طَلقهَا نظر إِن أَصَابَهَا بعد الرّجْعَة فَلَا بُد من اسْتِئْنَاف الْعدة وَإِن لم يصبهَا فَكَذَلِك على الْجَدِيد هَذَا إِذا كَانَت حَائِلا فَإِن كَانَت حَامِلا فَطلقهَا بَائِنا قبل الْوَضع انْقَضتْ الْعدة بِالْوَضْعِ أَصَابَهَا أَو لم يصبهَا وَإِن وضعت ثمَّ طَلقهَا وَجب اسْتِئْنَاف الْعدة إِن أَصَابَهَا وَكَذَا إِن لم يصبهَا على الْأَصَح وَلَو جَامع الْمَدْخُول بهَا ثمَّ جدد نِكَاحهَا وأصابها ثمَّ طَلقهَا أَو خَالعهَا ثَانِيًا فعلَيْهَا اسْتِئْنَاف الْعدة وَتدْخل فِيهَا بَقِيَّة الْعدة السَّابِقَة عدَّة الْوَفَاة وَأما الْقسم الثَّانِي فَهُوَ عدَّة الْفِرَاق بوفاة الزَّوْج ومدتها فِي حق الْحرَّة أَرْبَعَة أشهر وَعشرَة أَيَّام بلياليها وَفِي حق الْأمة شَهْرَان وَخَمْسَة أَيَّام لَا فرق فِي وُجُوبهَا بَين ذَوَات الْأَقْرَاء وغيرهن والمدخول بِهن وَغير الْمَدْخُول بِهن وَتعْتَبر الْمدَّة بالهلال مَا أمكن فَإِن انطبق الْمَوْت على أول الْهلَال حسبت أَرْبَعَة أشهر بِالْأَهِلَّةِ وضمت إِلَيْهَا عشرَة أَيَّام من الشَّهْر الْخَامِس وَإِن مَاتَ الزَّوْج فِي خلال شهر هِلَال وَكَانَ الْبَاقِي دون الْعشْرَة فتعد وتحسب أَرْبَعَة أشهر بعده بِالْأَهِلَّةِ ثمَّ تكمل الْعشْرَة وَلَو مَاتَ الزَّوْج وَالْمَرْأَة فِي عدَّة الطَّلَاق فَإِن كَانَت رَجْعِيَّة انْتَقَلت إِلَى عدَّة الْوَفَاة وَإِن كَانَت بَائِنا أكملت عدَّة الطَّلَاق وَلم تنْتَقل إِلَى عدَّة الْوَفَاة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 150 هَذَا إِذا لم تكن الْمُتَوفَّى عَنْهَا حَامِلا فَإِن كَانَت حَامِلا فعدتها بِوَضْع الْحمل بِتَمَامِهِ وَيشْتَرط أَن يكون الْحمل مِنْهُ ظَاهرا أَو احْتِمَالا كَمَا ذَكرْنَاهُ آنِفا فِي عدَّة الطَّلَاق أما الصَّبِي الَّذِي لَا ينزل إِذا مَاتَ وَامْرَأَته حَامِل فعدتها بِالْأَشْهرِ لَا بِالْوَضْعِ وَكَذَا الحكم فِي الْمَمْسُوح الَّذِي لم يبْق ذكره وَلَا أنثياه فَلَا يلْحقهُ الْوَلَد على ظَاهر الْمَذْهَب والمجبوب الذّكر الْبَاقِي الْأُنْثَيَيْنِ يلْحقهُ الْوَلَد فَتعْتَد امْرَأَته عَن الْوَفَاة بِوَضْع الْحمل وَكَذَا المسلول الخصيتين الْبَاقِي الذّكر على الْأَظْهر وَلَو طلق إِحْدَى امرأتيه وَمَاتَتْ قبل الْبَيَان أَو التَّعْيِين فَإِن لم يكن قد دخل بِوَاحِدَة مِنْهُمَا اعتدتا عدَّة الْوَفَاة وَإِن كَانَ قد دخل بهما وهما من ذَوَات الْأَقْرَاء وَكَانَ الطَّلَاق رَجْعِيًا اعتدتا عدَّة الْوَفَاة وَإِن كَانَ الطَّلَاق بَائِنا فَتعْتَد كل وَاحِدَة مِنْهُمَا بأقصى الْأَجَليْنِ من عدَّة الْوَفَاة وَمن ثَلَاثَة أَقراء من أقرائها وتحسب الْأَقْرَاء من وَقت الطَّلَاق وعدة الْوَفَاة من وَقت الْوَفَاة وَأما الْغَائِب الْمُنْقَطع الْخَبَر فَلَا يجوز لزوجته أَن تنْكح زوجا آخر حَتَّى تتيقن مَوته أَو طَلَاقه وَفِي الْقَدِيم أَنَّهَا تَتَرَبَّص أَربع سِنِين ثمَّ تَعْتَد عدَّة الْوَفَاة ثمَّ تنْكح وَلَو حكم بِمُقْتَضى الْقَدِيم حَاكم فَهَل ينْقض حكمه تَفْرِيعا على الْجَدِيد فِيهِ وَجْهَان أظهرهمَا نعم ينْقض وَلَو نكحت بعد التَّرَبُّص وَالْعدة وَبَان أَن الْمَفْقُود كَانَ مَيتا حِينَئِذٍ فَفِي صِحَة النِّكَاح على الْجَدِيد وَجْهَان بِنَاء على الْخلاف فِيمَا إِذا بَاعَ مَال أَبِيه على ظن حَيَاته فَبَان أَنه كَانَ مَيتا الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب اتّفق الْأَئِمَّة رَحِمهم الله تَعَالَى على أَن عدَّة الْحَامِل مُطلقًا بِالْوَضْعِ الْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوجهَا والمطلقة وعَلى أَن عدَّة من لم تَحض أَو يئست ثَلَاثَة أشهر وعَلى أَن عدَّة من لم تَحض ثَلَاثَة أَقراء إِذا كَانَت حرَّة فَإِن كَانَت أمة فقرآن بالِاتِّفَاقِ وَقَالَ دَاوُد ثَلَاثَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 151 والأقراء الْأَطْهَار عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ وَعند أبي حنيفَة الْأَقْرَاء الْحيض وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ وَاخْتلفُوا فِي الْمَرْأَة الَّتِي مَاتَ زَوجهَا فِي طَرِيق الْحَج فَقَالَ أَبُو حنيفَة يلْزمهَا الْإِقَامَة على كل حَال إِن كَانَت فِي بلد أَو مَا يُقَارِبه وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد إِن خَافت فَوَات الْحَج بِالْإِقَامَةِ لقَضَاء الْعدة جَازَ لَهَا السّفر وَاخْتلفُوا فِي زَوْجَة الْمَفْقُود فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ فِي الْجَدِيد الرَّاجِح وَأحمد فِي إِحْدَى روايتيه لَا تحل للأزواج حَتَّى تمْضِي عَلَيْهَا مُدَّة لَا يعِيش فِي مثلهَا غَالِبا وَحدهَا أَبُو حنيفَة بِمِائَة وَعشْرين سنة وَحدهَا الشَّافِعِي وَأحمد بتسعين سنة فعلى الْجَدِيد للزَّوْجَة طلب النَّفَقَة من مَال الزَّوْج أبدا فَإِن تَعَذَّرَتْ كَانَ لَهَا الْفَسْخ لتعذر النَّفَقَة على أظهر قولي الشَّافِعِي وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ فِي الْقَدِيم وَاخْتَارَهُ جمَاعَة من متأخري أَصْحَابه وَهُوَ قوي فعله وَلم تنكره الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ وَأحمد فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى تَتَرَبَّص أَربع سِنِين وَهِي أَكثر مُدَّة الْحمل وَأَرْبَعَة أشهر وَعشرا مُدَّة الْوَفَاة ثمَّ تحل للأزواج وَاخْتلفُوا فِي صفة الْمَفْقُود فَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْجَدِيد هُوَ الَّذِي اندرس أَثَره وَانْقطع خَبره وَغلب على الظَّن مَوته وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ فِي الْقَدِيم لَا فرق بَين أَن يَنْقَطِع خَبره بِسَبَب ظَاهره الْهَلَاك أم لَا وَقَالَ أَحْمد هُوَ الَّذِي يَنْقَطِع خَبره بِسَبَب ظَاهره الْهَلَاك كالمفقود بَين الصفين أَو يكون فِي مركب فتغرق الْمركب فَيسلم قوم ويغرق قوم أما إِذا سَافر بِتِجَارَة وَانْقطع خَبره وَلم يعلم أَحَي هُوَ أَو ميت فَلَا تتَزَوَّج زَوجته حَتَّى تتيقن مَوته أَو يَأْتِي عَلَيْهِ زمَان لَا يعِيش مثله فِيهِ وَقَالَ أَبُو حنيفَة الْمَفْقُود هُوَ من غَابَ وَلم يعلم خَبره وَاخْتلفُوا فِيمَا لَو قدم زَوجهَا الأول وَقد تزوجت بعد التَّرَبُّص فَقَالَ أَبُو حنيفَة يبطل العقد وَهِي للْأولِ فَإِن كَانَ الثَّانِي وَطئهَا فَعَلَيهِ مهر الْمثل وَتعْتَد من الثَّانِي وَترد إِلَى الأول وَقَالَ مَالك إِن دخل بهَا الثَّانِي صَارَت زَوجته وَوَجَب عَلَيْهِ دفع الصَدَاق الَّذِي أصدقهَا الأول وَإِن لم يدْخل بهَا فَهِيَ للْأولِ وَعند مَالك رِوَايَة أُخْرَى أَنَّهَا للْأولِ بِكُل حَال وَعَن الشَّافِعِي قَولَانِ أصَحهمَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 152 بطلَان نِكَاح الثَّانِي وَالْآخر بطلَان نِكَاح الأول بِكُل حَال وَقَالَ أَحْمد إِن لم يدْخل بهَا الثَّانِي فَهِيَ للْأولِ وَإِن دخل بهَا فَالْأول بِالْخِيَارِ بَين إِِمْسَاكهَا وَدفع الصَدَاق إِلَيْهِ وَبَين تَركهَا على نِكَاح الثَّانِي وَأخذ الصَدَاق الَّذِي أصدقهَا مِنْهُ وَاخْتلفُوا فِي عدَّة أم الْوَلَد إِذا مَاتَ سَيِّدهَا أَو أعْتقهَا فَقَالَ أَبُو حنيفَة عدتهَا ثَلَاث حيضات سَوَاء أعْتقهَا أَو مَاتَ عَنْهَا وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ عدتهَا حَيْضَة وَاحِدَة فِي الْحَالين وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا حَيْضَة واختارها الْخرقِيّ وَالثَّانيَِة من الْعتْق حَيْضَة وَمن الْوَفَاة عدَّة الْوَفَاة وَاتَّفَقُوا على أَن أقل مُدَّة الْحمل سِتَّة أشهر وَاخْتلفُوا فِي أَكْثَرهَا فَقَالَ أَبُو حنيفَة سنتَانِ وَعَن مَالك رِوَايَتَانِ أَرْبَعَة سِنِين وَخمْس سِنِين وَسبع سِنِين وَقَالَ الشَّافِعِي أَربع سِنِين وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ الْمَشْهُورَة كمذهب الشَّافِعِي وَالْأُخْرَى كمذهب أبي حنيفَة وَاخْتلفُوا فِي الْمُعْتَدَّة إِذا وضعت علقَة أَو مُضْغَة فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد فِي أظهر روايتيه لَا تَنْقَضِي عدتهَا بذلك وَلَا تصير أم ولد وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ فِي أحد قوليه تَنْقَضِي عدتهَا بذلك وَتصير أم ولد وَبِذَلِك قَالَ أَحْمد فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى فصل والإحداد وَاجِب فِي عدَّة الْوَفَاة بالِاتِّفَاقِ وَهُوَ ترك الزِّينَة وَمَا يَدْعُو إِلَى النِّكَاح وَحكي عَن الْحسن وَالشعْبِيّ أَنه لَا يجب وَفِي الْمُعْتَدَّة المبتوتة للشَّافِعِيّ قَولَانِ قَالَ فِي الْقَدِيم يجب عَلَيْهَا الْإِحْدَاد وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن أَحْمد وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْجَدِيد الْإِحْدَاد عَلَيْهَا وَبِه قَالَ مَالك وَهِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى عَن أَحْمد وَهل للبائن أَن تخرج من بَيتهَا نَهَارا لحاجتها قَالَ أَبُو حنيفَة لَا تخرج إِلَّا لضَرُورَة قَالَ مَالك وَأحمد لَهَا الْخُرُوج مُطلقًا وَللشَّافِعِيّ قَولَانِ كالمذهبين أصَحهمَا كمذهب أبي حنيفَة والكبيرة وَالصَّغِيرَة فِي الْإِحْدَاد سَوَاء عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَقَالَ أَبُو حنيفَة الْإِحْدَاد على الصَّغِيرَة والذمية إِذا كَانَت تَحت مُسلم وَجَبت عَلَيْهَا الْعدة والإحداد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 153 وَإِذا كَانَ زوج الذِّمِّيَّة ذِمِّيا وَجب عَلَيْهَا الْعدة والإحداد عِنْد الثَّلَاثَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يجب عَلَيْهَا الْإِحْدَاد وَلَا الْعدة فصل وَاخْتلفُوا فِي المبتوتة فَقَالَ أَبُو حنيفَة لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفقَة وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لَهَا السُّكْنَى دون النَّفَقَة وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ رِوَايَة كقولهما وَالثَّانيَِة لَا سُكْنى لَهَا وَلَا نَفَقَة إِلَّا أَن تكون حَامِلا وَهِي أظهر الرِّوَايَتَيْنِ انْتهى وَيتَفَرَّع على الْخلاف الْمَذْكُور مسَائِل الأولى مُطلقَة قبل الدُّخُول يجب عَلَيْهَا الْعدة وَهِي الْمَرْأَة الَّتِي طَلقهَا زَوجهَا بعد الدُّخُول طَلْقَة أَو طَلْقَتَيْنِ بعوض فشرعت فِي الْعدة ثمَّ رَاجعهَا قبل انْقِضَائِهَا ثمَّ طَلقهَا قبل الدُّخُول أَتَت بِمَا بَقِي عَلَيْهَا من الْعدة الثَّانِيَة امْرَأَة طَلقهَا زَوجهَا فَوَجَبَ عَلَيْهَا ثَلَاث عدد صورتهَا أمة صَغِيرَة تَحت حر طَلقهَا فعلَيْهَا الِاعْتِدَاد بِشَهْر وَنصف فَلَمَّا دنت مُدَّة انْقِضَاء الْعدة بلغت بِالْحيضِ فانتقلت إِلَى الْحيض فَلَمَّا قرب فراغها مَاتَ عَنْهَا فانتقلت إِلَى عدَّة الْوَفَاة الثَّالِثَة رجل تزوج امْرَأَة وَولدت فِي الْحَال لحقه صورتهَا وَطئهَا بِشُبْهَة ثمَّ تزَوجهَا وَكَذَا لَو خَالعهَا وَهِي حَامِل ثمَّ تزَوجهَا فِي الْعدة الرَّابِعَة مُعْتَدَّة من زوج لَا سُكْنى لَهَا عَلَيْهِ صورتهَا امْرَأَة ادَّعَت على زَوجهَا أَنه وَطئهَا وَأنكر الزَّوْج فَالْقَوْل قَوْله مَعَ يَمِينه وَيجب عَلَيْهَا الْعدة مُؤَاخذَة لَهَا بقولِهَا وَلَا سُكْنى لَهَا على الزَّوْج المصطلح ويشتمل على صُورَة على حالات وَهِي مَا إِذا كَانَت الْمَرْأَة ثَيِّبًا فَيعْتَبر الْحَاكِم أَو الْعَاقِد حَالهَا وعدتها وَهل هِيَ عدَّة الْوَفَاة أَو الطَّلَاق أَو اللّعان أَو الْفَسْخ أَو الْمُرْتَد زَوجهَا وَهل هِيَ منقضية بِوَضْع الْحمل أَو بِالْأَقْرَاءِ أَو بالشهور أَو بِالسِّنِينَ أَو بأقصى الْأَجَليْنِ من وضع الْحَامِل أَو أقرائها وَفِي هَذَا النّظر خلاف كَبِير بَين الْأَئِمَّة رَحِمهم الله فَإِن كَانَت قد انْقَضتْ عدتهَا بِوَضْع الْحمل وفراغها من النّفاس فَيَقُول وَذَلِكَ بعد تقضي عدتهَا من مُطلقهَا فلَان الْفُلَانِيّ التقضي الشَّرْعِيّ بِوَضْع الْحمل الَّذِي كَانَت مُشْتَمِلَة عَلَيْهِ مِنْهُ وَإِن لم تكن حَامِلا وَتوفى عَنْهَا زَوجهَا فَيَقُول الجزء: 2 ¦ الصفحة: 154 الْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوجهَا فلَان الْفُلَانِيّ من مُدَّة تزيد على عدَّة الْوَفَاة وَهِي أَرْبَعَة أشهر وَعشر وَإِن كَانَت مُطلقَة فَيَقُول الْمَرْأَة الْكَامِلَة الْمُطلقَة من فلَان طَلَاقا بَائِنا أَو الْبَائِن من عصمَة مُطلقهَا فلَان بِطَلْقَة وَاحِدَة أولى أَو ثَانِيَة مسبوقة بِأولى أَو وَاحِدَة مكملة لعدد الطَّلَاق الثَّلَاث أَو بِالطَّلَاق الثَّلَاث بِمُقْتَضى فصل الطَّلَاق المكتتب بِظَاهِر صَدَاقهَا على الْمُطلق الْمَذْكُور الشَّاهِد بذلك المؤرخ الْفَصْل الْمَذْكُور بِكَذَا وَانْقَضَت عدتهَا التقضي الشَّرْعِيّ بِالْأَقْرَاءِ الثَّلَاث بحلفها على ذَلِك الْيَمين الشَّرْعِيَّة وَإِن كَانَت مُطلقَة قبل الدُّخُول فَلَا عدَّة لَهَا وفيهَا يَقُول مُطلقَة فلَان الْفُلَانِيّ قبل الدُّخُول بهَا والإصابة وَيسْتَشْهد بفصل الطَّلَاق وَيَقُول وحلفها على انْقِضَاء عدتهَا من الزَّوْج الَّذِي كَانَ قبله وَهَذَا الْحلف لَا يكون إِلَّا على سَبِيل الِاحْتِيَاط وَإِن كَانَ بِفَسْخ فَيَقُول المحضرة من يَدهَا كتاب فسخ شَرْعِي مكتتب من مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ يشْهد لَهَا بِفَسْخ نِكَاحهَا من زَوجهَا فلَان الْفُلَانِيّ الْغَائِب عَن مَدِينَة كَذَا الْغَيْبَة الشَّرْعِيَّة وَهُوَ مؤرخ بِكَذَا وَهِي مُدَّة مُحْتَملَة لانقضاء الْعدة شرعا وَإِن كَانَت تَعْتَد بِالْأَشْهرِ فَيَقُول وأقرت أَن عدتهَا الشَّرْعِيَّة انْقَضتْ من الطَّلَاق المشروح أَعْلَاهُ بِالْأَشْهرِ الثَّلَاثَة بِحكم أَنَّهَا لم تَحض أبدا أَو بِحكم أَنَّهَا آيسة وَأَنَّهَا الْآن تحل للأزواج بالشرائط الشَّرْعِيَّة وصدقها الْمُطلق الْمَذْكُور على ذَلِك وَالْأمة يشْهد عَلَيْهَا بِإِذن مَوْلَاهَا وَالصَّغِيرَة يشْهد على وَليهَا وَإِن كَانَت فِي الْعدة وَآل الْأَمر إِلَى كِتَابَة فرض بِسَبَب الْعدة فَإِن كَانَ بِسَبَب الْحمل كتب فرض قَرَّرَهُ على نَفسه فلَان لمطلقته فُلَانَة لما تحْتَاج إِلَيْهِ فِي زمن عدتهَا بِسَبَب حملهَا الْمُشْتَملَة مِنْهُ عَلَيْهِ إِلَى حِين الْوَضع فِي ثمن طَعَام وإدام وَمَاء وزيت وصابون وأجرتي حمام ومسكن وَكِسْوَة وَأرش غطاء ووطاء ولوازم شَرْعِيَّة فِي غرَّة كل يَوْم يمْضِي من تَارِيخه كَذَا وَكَذَا تقريرا شَرْعِيًّا حَسْبَمَا اتفقَا وتراضيا على ذَلِك وَأقر بالملاءة وَالْقُدْرَة على ذَلِك وَأذن لَهَا فِي الِاقْتِرَاض والإنفاق عِنْد تعذر الْأَخْذ مِنْهُ وَالرُّجُوع بنظير ذَلِك عَلَيْهِ إِذْنا شَرْعِيًّا وَإِن كَانَ الْفَرْض بِسَبَب الْعدة بِالْأَقْرَاءِ أَو بِالْأَشْهرِ كتب على حكم ذَلِك فَيكْتب كَمَا تقدم ثمَّ يَقُول فِي آخِره على مَذْهَب من يرى ذَلِك من السَّادة الْعلمَاء رَضِي الله عَنْهُم وَفِي الْمَحْجُور عَلَيْهَا يكْتب حَسْبَمَا اتّفق هُوَ ووليها فلَان على ذَلِك وتراضيا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 155 عَلَيْهِ وَأذن لوَلِيّهَا الْمَذْكُور فِي الِاقْتِرَاض والإنفاق إِلَى آخِره وَإِذا خَالعهَا على مبلغ الصَدَاق وعَلى مَا سيجب لَهَا عَلَيْهِ بعد الطَّلَاق من نَفَقَة وَكِسْوَة وَأرش غطاء ووطاء ومتعة وَنَفَقَة عدَّة إِلَى حِين انْقِضَائِهَا شرعا بِالْأَقْرَاءِ أَو بِالْأَشْهرِ أَو بِوَضْع الْحمل وَأُجْرَة منزل ولوازم شَرْعِيَّة كتب ذَلِك إِلَى آخِره فِي السُّؤَال وَيكْتب فِي آخِره على مَذْهَب من يرى ذَلِك من السَّادة الْعلمَاء رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ ليمتنع بذلك إِلْزَامه بتقرير فرض عدَّة عِنْد من يرى إِلْزَامه وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 156 كتاب الِاسْتِبْرَاء وَمَا يتَعَلَّق بِهِ من الْأَحْكَام وَهُوَ وَاجِب بسببين أَحدهمَا حُصُول الْملك فَمن ملك جَارِيَة بشرَاء اَوْ إِرْث أَو اتهاب أَو سبي لزمَه الِاسْتِبْرَاء وَكَذَا لَو زَالَ الْملك ثمَّ عَاد بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ أَو بالتخالف أَو الْإِقَالَة وَلَا فرق بَين الْبكر وَالثَّيِّب وَلَا بَين أَن يَسْتَبْرِئهَا البَائِع قبل البيع أَو لَا يَسْتَبْرِئهَا وَلَا بَين أَن يكون الِانْتِقَال من صبي أَو امْرَأَة أَو مِمَّن يتَصَوَّر اشْتِغَال الرَّحِم بمائه وَلَو كَاتب جَارِيَة ثمَّ عجزت وَجب الِاسْتِبْرَاء وَإِن حرمت بِصَوْم أَو اعْتِكَاف أَو إِحْرَام ثمَّ حلت لم يجب الِاسْتِبْرَاء وَفِي الْإِحْرَام وَجه أَنه يجب وَلَو ارْتَدَّت ثمَّ أسلمت فَوَجْهَانِ أصَحهمَا وجوب الِاسْتِبْرَاء وَلَو اشْترى زَوجته فَالْأَظْهر أَنه لَا يجب الِاسْتِبْرَاء وَلَو اشْترى زَوجته فَالْأَظْهر أَنه لَا يجب الِاسْتِبْرَاء ويدوم فِي الْحَال وَإِن كَانَت الْجَارِيَة الْمُشْتَرَاة مُزَوّجَة أَو مُعْتَدَّة وَهُوَ عَالم بِحَالِهَا أَو جَاهِل وَاخْتَارَ إِمْضَاء البيع فَلَا اسْتِبْرَاء فِي الْحَال فَإِذا زَالَ الْمحرم فأظهر الْقَوْلَيْنِ وجوب الإستبراء وَالثَّانِي زَوَال الْفراش عَن الْأمة الْمَوْطُوءَة والمستولدة بِالْإِعْتَاقِ أَو بِمَوْت السَّيِّد يُوجب الإستبراء وَلَو مَضَت مدى الِاسْتِبْرَاء على الْمُسْتَوْلدَة ثمَّ أعْتقهَا أَو مَاتَ عَنْهَا وَجب الِاسْتِبْرَاء تَزْوِيجهَا وَالأَصَح أَنه إِذا عتق مُسْتَوْلدَة جَازَ لَهُ أَن ينْكِحهَا قبل تَمام الِاسْتِبْرَاء وَلَو أعتق مستولدته أَو مَاتَ عَنْهَا وَهِي مُزَوّجَة فَلَا اسْتِبْرَاء عَلَيْهَا والاستبراء فِي ذَوَات الْأَقْرَاء بقرء وَاحِد والجديد ان الِاعْتِبَار فِيهِ بِالْحيضِ لَا كالعدة وَلَا يَكْفِي بَقِيَّة الْحيض بل يعْتَبر حَيْضَة وَاحِدَة كَامِلَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 157 وَذَات الْأَشْهر تستبرأ بِشَهْر وَاحِد أَو بِثَلَاثَة أشهر فِيهِ قَولَانِ أصَحهمَا الأول فَإِذا زَالَ الْفراش عَن أمته أَو مستولدته وَهِي حَامِل فاستبراؤها بِالْوَضْعِ وَإِن ملك أمة بِالسَّبْيِ وَهِي حَامِل فَكَذَلِك وَإِن ملكهَا بِالشِّرَاءِ فقد تقدم أَنه لَا اسْتِبْرَاء فِي الْحَال بل إِذا كَانَت مُزَوّجَة أَو مُعْتَدَّة وَهُوَ عَالم بِحَالِهَا أَو جَاهِل وَاخْتَارَ إِمْضَاء البيع فَلَا اسْتِبْرَاء فِي الْحَال فَإِذا زَالَ الْمحرم فأظهر الْقَوْلَيْنِ وجوب الِاسْتِبْرَاء وَإِن اشْترى أمة مَجُوسِيَّة فَحَاضَت ثمَّ أسلمت لم يعْتد بِتِلْكَ الْحَيْضَة بل استبراؤها من حِين إسْلَامهَا وكما يحرم وَطْء الْأمة الَّتِي ملكهَا قبل الِاسْتِبْرَاء كَذَلِك يحرم سَائِر الاستمناعات إِلَّا فِي المسبية فأظهر الْوَجْهَيْنِ أَنه لَا يحرم وَإِذا قَالَت الْأمة المتملكة حِضْت اعْتد بقولِهَا وَلَو اعتزلت عَن السَّيِّد فَقَالَ أَخْبَرتنِي بِتمَام الِاسْتِبْرَاء فَهُوَ الْمُصدق الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب اتّفق الْأَئِمَّة رَحِمهم الله تَعَالَى على أَن من ملك أمة بِبيع أَو هبة أَو سبي أَو إِرْث لزمَه استبراؤها إِن كَانَت حَائِلا تحيض فبقرء وَإِن كَانَت مِمَّن لَا تحيض لصِغَر أَو كبر فبشهر وَلَو بَاعَ أمة من امْرَأَة أَو خصي ثمَّ تَقَايلا لم يكن لَهُ وَطْؤُهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئهَا عِنْد الثَّلَاثَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا تَقَايلا قبل الْقَبْض فَلَا اسْتِبْرَاء أَو بعده لزمَه الِاسْتِبْرَاء وَلَا فرق فِي الِاسْتِبْرَاء بَين الصَّغِيرَة والكبيرة وَالْبكْر وَالثَّيِّب عِنْد أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَقَالَ مَالك إِن كَانَت مِمَّن يُوطأ مثلهَا لم يجز وَطْؤُهَا قبل الِاسْتِبْرَاء وَإِن كَانَت مِمَّن لَا يُوطأ مثلهَا جَازَ وَطْؤُهَا من غير اسْتِبْرَاء وَقَالَ دَاوُد لَا يجب اسْتِبْرَاء الْبكر وَمن ملك أمة جَازَ لَهُ بيعهَا قبل الِاسْتِبْرَاء وَإِن كَانَ قد وَطئهَا عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَقَالَ النَّخعِيّ وَالثَّوْري وَالْحسن وَابْن سِيرِين يجب الِاسْتِبْرَاء على البَائِع كَمَا يجب على المُشْتَرِي وَقَالَ عُثْمَان البتي الِاسْتِبْرَاء يجب على البَائِع دون المُشْتَرِي فصل وَلَو كَانَ لرجل أمة فَأَرَادَ أَن يُزَوّجهَا وَقد وَطئهَا لم يجز حَتَّى يَسْتَبْرِئهَا وَكَذَلِكَ إِذا اشْترى أمة قد وَطئهَا البَائِع لم يجز لَهُ أَن يُزَوّجهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 158 وَكَذَا إِذا أعْتقهَا قبل أَن يَسْتَبْرِئهَا لم يجز لَهُ تَزْوِيجهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئهَا عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَقَالَ أَبُو حنيفَة يجوز أَن يَتَزَوَّجهَا قبل أَن يَسْتَبْرِئهَا وَيجوز عِنْده أَن يتَزَوَّج أمته الَّتِي اشْتَرَاهَا وأعتقها قبل أَن يَسْتَبْرِئهَا قَالَ الشَّافِعِي فِي الْحِلْية وَهَذِه مَسْأَلَة القَاضِي أبي يُوسُف مَعَ الرشيد فَإِن اشْترى أمة وتاقت نَفسه إِلَى جِمَاعهَا قبل أَن يَسْتَبْرِئهَا فجوز لَهُ أَبُو يُوسُف أَن يعتقها ويتزوجها ويطأها وَإِذا عتق أم وَلَده أَو عتقت بِمَوْتِهِ وَجب عَلَيْهَا الِاسْتِبْرَاء عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد بقرء وَهُوَ حَيْضَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة تَعْتَد بِثَلَاثَة أَقراء وَقَالَ عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ إِذا مَاتَ عَنْهَا الْوَلِيّ اعْتدت بأَرْبعَة أشهر وَعشرَة أَيَّام ويروى ذَلِك عَن أَحْمد ودواد فَائِدَة إِذا وطىء أمته ثمَّ استبرأها بقرء ثمَّ أَتَت بِولد لتسعة أشهر من حِين الْوَطْء فَإِنَّهُ لَا يلْحقهُ عِنْد الشَّافِعِي وَهَذَا مُشكل من جِهَة أَن الْأمة فرَاش حَقِيقِيّ وَهَذِه مُدَّة غالبة فَكيف لَا يلْحق الْوَلَد بفراش حَقِيقِيّ مَعَ غَلَبَة الْمدَّة وَيلْحق بِإِمْكَان الْوَطْء من الزَّوْجَة مَعَ قلَّة الْمدَّة وندرة الْولادَة فِي مثلهَا وَقد قَالَه بعض الْأَصْحَاب وَهُوَ مُتَّجه كَذَا ذكره ابْن عبد السَّلَام فِي قَوَاعِده وَيتَفَرَّع على الْخلاف الْمَذْكُور مسَائِل الأولى ظهر بالمستبرأة حمل فَقَالَ البَائِع هُوَ مني فَإِن صدقه المُشْتَرِي فَالْبيع بَاطِل وَهِي أم ولد للْبَائِع وَإِن كذبه وَلم يقر البَائِع بِوَطْئِهَا عِنْد البيع وَلَا قبله لم يقبل مِنْهُ كَمَا لَو قَالَ بعد البيع كنت أَعتَقته لَكِن لَهُ تَحْلِيف المُشْتَرِي لِأَنَّهُ لَا يعلم كَونه مِنْهُ وَفِي ثُبُوت نسبه من البَائِع خلاف الثَّانِيَة لَو أعتق مُسْتَوْلدَة أَو مَاتَ وَهِي فِي نِكَاح أَو عدَّة زوج فَلَا اسْتِبْرَاء على الْمَذْهَب وَمَتى انْقَضتْ عدَّة الزَّوْج عَادَتْ فراشا للسَّيِّد إِن كَانَ حَيا وَلَو أعْتقهَا أَو مَاتَ عقيب انْقِضَائِهَا فَالصَّحِيح وجوب الِاسْتِبْرَاء فَلَو مَاتَ بعد ذَلِك لَزِمَهَا الِاسْتِبْرَاء الثَّالِثَة مَاتَ سيد الْمُسْتَوْلدَة ثمَّ مَاتَ زَوجهَا فَلَا اسْتِبْرَاء على الْمَذْهَب لَكِن تَعْتَد عدَّة حرَّة بعد موت الزَّوْج وَكَذَا لَو طَلقهَا وَإِن مَاتَ الزَّوْج أَولا اعْتدت عدَّة أمة ثمَّ إِن مَاتَ السَّيِّد فِيهَا كملت عدَّة أمة فِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 159 الْأَظْهر وَلَا اسْتِبْرَاء على الْمَذْهَب أَو بعْدهَا لَزِمَهَا الِاسْتِبْرَاء فِي الْأَصَح وَإِن مَاتَا فِي الِاسْتِبْرَاء فَهَل تَعْتَد كحرة أَو أمة وَجْهَان الرَّابِعَة لَو قَالَت الْمَرْأَة حِضْت صدقت بِلَا يَمِين وَهل لِلْجَارِيَةِ أَن تمْتَنع من سَيِّدهَا إِذا كَانَ أبرص أَو مجذوما فِيهِ خلاف وَلَو ادَّعَت وطئا واستيلادا فَأنْكر أصل الْوَطْء لم يحلف على الصَّحِيح وقطعا إِن لم يكن ولد وَلَو قَالَ كنت أَطَأ وأعزل لحقه فِي الْأَصَح أَو فِي الدّين فَلَا على الصَّحِيح أَو فِيمَا دون الْفرج فَكَذَا فِي الْأَصَح المصطلح وَهُوَ يشْتَمل على صور أَحدهَا أشهد عَلَيْهِ فلَان أَنه اتِّبَاع جَمِيع الْجَارِيَة المدعوة فُلَانَة وَيذكر نوعها وجنسها ابتياعا صَحِيحا شَرْعِيًّا مُشْتَمِلًا على الْإِيجَاب وَالْقَبُول أَو يذكر الْملك وَأَنه استبرأها بعد ذَلِك بِحَيْضَة كَامِلَة يحصل بهَا الِاسْتِبْرَاء الشَّرْعِيّ على الْوَجْه الشَّرْعِيّ وَإِن كَانَ ذَلِك بِوَضْع الْحمل فيذكره أَو بِشَهْر فيذكره ثمَّ يَقُول وَذَلِكَ بحضورها وتصديقها على ذَلِك التَّصْدِيق الشَّرْعِيّ ويؤرخ الصُّورَة الثَّانِيَة أشهدت عَلَيْهَا فُلَانَة بِإِذن مَوْلَاهَا فلَان أَنَّهَا لما حصلت فِي ملك مَوْلَاهَا فلَان الْمَذْكُور وَيذكر جِهَة الْملك استبرأت بعد ذَلِك بِحَيْضَة كَامِلَة اَوْ بِشَهْر كَامِل أَو بِوَضْع الْحمل اسْتِبْرَاء شَرْعِيًّا على الْوَجْه الشَّرْعِيّ وَأَنَّهَا صَارَت فِي حق مَوْلَاهَا فلَان الْمَذْكُور خَالِيَة من كل الْمَوَانِع الشَّرْعِيَّة وصدقها مَوْلَاهَا على ذَلِك تَصْدِيقًا شَرْعِيًّا ويؤرخ الصُّورَة الثَّالِثَة صَارَت فُلَانَة بِإِقْرَار مَوْلَاهَا فلَان وإقرارها بِإِذْنِهِ بريئة الرَّحِم بالاستبراء الشَّرْعِيّ بِحكم حُصُولهَا بعد دُخُولهَا فِي ملك مَوْلَاهَا فلَان الْمَذْكُور وَهِي حَيْضَة وَاحِدَة كَامِلَة أَو بِشَهْر كَامِل هلالي أَو بِوَضْع الْحمل وَهُوَ كَذَا وَصَارَت بمقتضي ذَلِك خَالِيَة من الْمَوَانِع الشَّرْعِيَّة فِي حق مَوْلَاهَا الْمَذْكُور وَحل لَهُ وَطْؤُهَا والاستمتاع بهَا وتصادقا على ذَلِك كُله تَصَادقا شَرْعِيًّا وَالله تَعَالَى أعلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 160 كتاب الرَّضَاع وَمَا يتَعَلَّق بِهِ من الْأَحْكَام للرضاع تَأْثِير فِي تَحْرِيم النِّكَاح وَفِي ثُبُوت الْحُرْمَة وَفِي جَوَاز النّظر وَالْخلْوَة وَالْأَصْل فِيهِ قَوْله تَعَالَى {حرمت عَلَيْكُم أُمَّهَاتكُم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وَبَنَات الْأَخ وَبَنَات الْأُخْت وأمهاتكم اللَّاتِي أرضعنكم وأخواتكم من الرضَاعَة} فَذكر الله تَعَالَى فِي جملَة النِّسَاء الْمُحرمَات الْأُمَّهَات من الرضَاعَة وَالْأَخَوَات من الرضَاعَة فَدلَّ على أَن لَهُ تَأْثِيرا فِي التَّحْرِيم وروت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يحرم من الرَّضَاع مَا يحرم من الْولادَة وروى سعيد بن الْمسيب عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ قلت يَا رَسُول الله هَل لَك فِي ابْنة عمك حَمْزَة فَإِنَّهَا أجمل فتاة فِي قُرَيْش فَقَالَ أما علمت أَن حَمْزَة أخي من الرضَاعَة وَأَن الله حرم من الرضَاعَة مَا حرم من النّسَب وَيدل على ثُبُوت الْحُرْمَة مَا رُوِيَ أَن وَفد هوَازن قدمُوا على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فكلموه فِي سبي أَوْطَاس فَقَالَ رجل من بني سعد يَا مُحَمَّد إِنَّا لَو كُنَّا ملحنا لِلْحَارِثِ بن أبي شمر أَو للنعمان بن الْمُنْذر ثمَّ نزل مَنْزِلك هَذَا منا لحفظ ذَلِك لنا وَأَنت خير المكفولين فاحفظ ذَلِك وَإِنَّمَا قَالُوا لَهُ ذَلِك لِأَن حليمة الَّتِي أرضعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَت من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 161 بني سعد بن بكر بن وَائِل وَلم يُنكر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَوْلهم وَمعنى قَوْله ملحنا أَي أرضعنا وَالْملح هُوَ الرَّضَاع وروى السَّاجِي فِي كِتَابه عَن أبي الطُّفَيْل أَنه قَالَ رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالجعرانة وَهُوَ يقسم لَحْمًا فَجَاءَتْهُ امْرَأَة فدنت مِنْهُ ففرش لَهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إزَاره فَجَلَست عَلَيْهِ فَقلت من هَذِه فَقَالُوا هَذِه أمه الَّتِي أَرْضَعَتْه وَإِنَّمَا أكرمها لأجل الْحُرْمَة الَّتِي حصلت بَينهمَا بِالرّضَاعِ فَدلَّ على أَن الْحُرْمَة تثبت بِهِ وأركان الرَّضَاع ثَلَاثَة مرضع وَشَرطه امْرَأَة حَيَّة بلغت تسع سِنِين وَلَو بكرا على الصَّحِيح وَلبن الْخُنْثَى لَا يَقْتَضِي أنوثته على الْمَذْهَب وَيُوقف فَإِن بَان أُنْثَى حرم فِيمَن أَرْضَعَتْه وَإِلَّا فَلَا وَلبن الْميتَة لَا يثبت الْحُرْمَة كَمَا لَا يثبت الْمُصَاهَرَة بِوَطْئِهَا وكما يسْقط حُرْمَة الْأَعْضَاء بِالْمَوْتِ حَتَّى لَا يضمن قاطعها وَلَا حلب من حَيَّة وأوجر بعد مَوتهَا الثَّانِي اللَّبن وَلَا يشْتَرط بَقَاؤُهُ على صفته فَلَو تغير بحموضة أَو انْعِقَاد أَو غليان وَصَارَ جبنا أَو أقطا أَو زبدا أَو مخيضا أَو ثرد فِيهِ طَعَام حرم أَو عجن بِهِ دَقِيق وخبز فَكَذَلِك على الصَّحِيح وَلَو خلط بمائع حرم إِن غلب وَإِن غلب وَشرب الْكل حرم على الْأَظْهر وَيشْتَرط أَن يكون قدر أَن يشرب مِنْهُ خمس مَرَّات لَو انْفَرد فِي أحد الْوَجْهَيْنِ وَصَححهُ السَّرخسِيّ وَالصَّحِيح أَن المُرَاد بالغلبة الصِّفَات من لون أَو طعم أَو ريح فَإِن ظهر مِنْهَا شَيْء فِي الْمَخْلُوط فاللبن غَالب وَإِلَّا فمغلوب وَالثَّالِث الْمحل وَهِي معدة حَيّ أَو مَا فِي مَعْنَاهُ سَوَاء ارتضع أَو حلب وأوجر وَلَو حقن اللَّبن أَو قطر فِي إحليله فوصل شَيْء مِنْهُ أَو صب على جِرَاحَة فِي بَطْنه فوصل جَوْفه لم يحرم فِي الْأَظْهر وَإِن وصل الْمعدة بخرق فِي الأمعاء أَو صب فِي مأمومة فوصل دماغه حرم قطعا أَو فِي أَنفه فوصل دماغه حرم أَو فِي عينه فَلَا أَو فِي أُذُنه فخلاف وَلَو ارتضع وتقيأ فِي الْحَال حرم على الصَّحِيح وَشرط الصَّبِي أَن لَا يبلغ حَوْلَيْنِ بِالْأَهِلَّةِ فَإِن انْكَسَرَ الشَّهْر الأول حسب الْبَاقِي بِالْأَهِلَّةِ وكمل المنكسر ثَلَاثِينَ من الشَّهْر الْخَامِس وَالْعِشْرين وَلَو ارتضع قبل انْفِصَال جَمِيعه فَوَجْهَانِ وَلَا أثر للرضاع بعد الْحَوْلَيْنِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 162 وَشَرطه خمس رَضعَات على الصَّحِيح وَلَو حكم حَاكم بِتَحْرِيم رضعة لم ينْقض على الصَّحِيح الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب اتّفق الْأَئِمَّة رَحِمهم الله تَعَالَى على أَنه يحرم من الرَّضَاع مَا يحرم من النّسَب وَاخْتلفُوا فِي الْعدَد الْمحرم فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك رضعة وَاحِدَة وَقَالَ الشَّافِعِي خمس رَضعَات وَعَن أَحْمد ثَلَاث رِوَايَات خمس وَثَلَاث ورضعة وَاتَّفَقُوا على أَن التَّحْرِيم بِالرّضَاعِ يثبت إِذا حصل وللطفل سنتَانِ وَاخْتلفُوا فِيمَا زَاد على الْحَوْلَيْنِ فَقَالَ أَبُو حنيفَة يثبت إِلَى حَوْلَيْنِ وَنصف وَقَالَ زفر إِلَى ثَلَاث سِنِين وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد الأمد الحولان فَقَط وَاسْتحْسن مَالك أَن يحرم مَا بعدهمَا إِلَى الشَّهْر وَقَالَ دَاوُد رضَاع الْكَبِير يحرم وَهُوَ مُخَالف لكافة الْفُقَهَاء ومحكي عَن عَائِشَة وَاتَّفَقُوا على أَن الرَّضَاع الْمحرم إِذا كَانَ من لبن أُنْثَى سَوَاء كَانَت بكرا أَو ثَيِّبًا مَوْطُوءَة أَو غير مَوْطُوءَة إِلَّا أَحْمد فَإِنَّهُ يَقُول إِنَّمَا يحصل التَّحْرِيم بِلَبن امْرَأَة ثار لَهَا لبن من الْحمل وَاتَّفَقُوا على أَن الرجل إِذا در لَهُ لبن فأرضع مِنْهُ طفْلا لم يثبت بِهِ تَحْرِيم وَاتَّفَقُوا على أَن السعوط والوجور يحرم إِلَّا فِي رِوَايَة عَن أَحْمد فَإِنَّهُ شَرط الارتضاع من الثدي وَاتَّفَقُوا على أَن الحقنة بِاللَّبنِ لَا تحرم إِلَّا فِي قَول قديم للشَّافِعِيّ وَهُوَ رِوَايَة عَن مَالك وَاخْتلفُوا فِي اللَّبن إِذا خلط بِالْمَاءِ واستهلك بِطَعَام فَقَالَ أَبُو حنيفَة إِن كَانَ اللَّبن غَالِبا حرم أَو مَغْلُوبًا فَلَا وَأما الْمَخْلُوط بِالطَّعَامِ فَلَا يحرم عِنْده بِحَال سَوَاء كَانَ غَالِبا أَو مَغْلُوبًا وَقَالَ مَالك يحرم اللَّبن الْمَخْلُوط بِالْمَاءِ لم يستهلك فَإِن خلط اللَّبن بِمَاء اسْتهْلك اللَّبن فِيهِ من طبيخ أَو دَوَاء أَو غَيره مَا لم يحرم عِنْد جُمْهُور أَصْحَابه وَلم يُوجد لمَالِك فِيهِ نَص وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد يتَعَلَّق التَّحْرِيم بِاللَّبنِ المشوب بِالطَّعَامِ وَالشرَاب إِذا سقيه الْمَوْلُود خمس مَرَّات سَوَاء كَانَ اللَّبن مُسْتَهْلكا أَو غَالِبا انْتهى وَيتَفَرَّع على الْخلاف الْمَذْكُور مسَائِل الأولى إِذا ظهر للخنثى الْمُشكل لبن وارتضع مِنْهُ طِفْل وَقُلْنَا بِالصَّحِيحِ إِن اللَّبن لَا يدل على الْأُنُوثَة لم يثبت شَيْء من الْآثَار المترتبة على الرَّضَاع نعم لَو كَانَ الرَّضِيع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 163 ذكرا فَبلغ جَازَ لَهُ الْخلْوَة بالخنثى لِأَنَّهُ إِن كَانَ رجلا فَوَاضِح وَإِن كَانَ أُنْثَى فَهُوَ أمه بِخِلَاف مَا لَو كَانَ الرَّضِيع أُنْثَى فَإِنَّهُ لَا يجوز وَلَو أَرَادَ الْمَذْكُور وَهُوَ الذّكر بعد الْبلُوغ الْخلْوَة بِأم الْخُنْثَى وَأُخْتهَا لم يجز لاحْتِمَال أَن يكون رجلا الثَّانِيَة شخص مَأْمُور بِفعل إِذا أَتَى بِهِ يتَضَرَّر بِفِعْلِهِ وَهُوَ أَن الْحَاكِم إِذا حكم على مُوَرِثه بِالْقَتْلِ وَقَتله سقط حَقه من الْإِرْث وَكَذَلِكَ الْمُرضعَة إِذا كَانَت لَهَا ضرَّة صَغِيرَة وَلم تُوجد مُرْضِعَة سواهَا يجب عَلَيْهَا للزَّوْج نصف مهر الصَّغِيرَة وَفِي قَول كُله وَيسْقط مهر الْكَبِيرَة إِن كَانَ الْإِرْضَاع قبل الدُّخُول فَائِدَة قَالَ ابْن الملقن فِي عَامَّة السُّؤَال قَالَ أَصْحَابنَا الأمومة ثَلَاثَة وأحكامها مُخْتَلفَة أمومة الْولادَة يثبت فِيهَا جَمِيع أَحْكَام الأمومة وأمومة أَزوَاجه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَلَا يثبت فِيهَا إِلَّا تَحْرِيم النِّكَاح وأمومة الرَّضَاع وَهِي متوسطة بَينهمَا فصل الرَّضَاع يثبت بِشَهَادَة رجلَيْنِ أَو رجل وَامْرَأَتَيْنِ أَو أَربع نسْوَة لَا دونهَا وَلَا يثبت الْإِقْرَار بِهِ إِلَّا برجلَيْن وَلَا تقبل شَهَادَة الْمُطلقَة إِن كَانَ بَينهمَا رضَاع أَو حُرْمَة رضَاع أَو أخوة أَو بنوة عِنْد الْأَكْثَرين بل يشْتَرط التَّفْصِيل وَذكر الشُّرُوط وَيحسن بقول فَقِيه موثوق بمعرفته دون غَيره وَلَا يَكْفِي أَن يشْهد على فعل الرَّضَاع أَو الْإِرْضَاع كَذَا فِي الْإِقْرَار بل يجب ذكر وَقت وَعدد وَكَذَا وُصُول اللَّبن جَوْفه وللقاضي أَن يستفصله وَيعرف وُصُول اللَّبن الْجوف بمشاهدة حلب وإيجار وازدرار وقرائن كالتقام ثدي ومصه وحركة حلقه بتجرع وازدراد بعد علمه أَنَّهَا لبون لَا إِن جهل فِي الْأَصَح وَلَا يَكْفِي رُؤْيَة الطِّفْل تَحت ثِيَابهَا وَتَحْرِيم الرَّضَاع يتَعَلَّق بالمرضعة والفحل الَّذِي لَهُ اللَّبن والرضيع وتسري الْحُرْمَة إِلَى غَيرهم فَائِدَة مَا معنى قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما مَاتَ وَلَده إِبْرَاهِيم إِن لَهُ مُرْضعًا فِي الْجنَّة تتمّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 164 رضاعه هَل ذَلِك لَهُ خَاصَّة أَو لكل من مَاتَ من أَطْفَال الْمُسلمين قبل تَمام الرَّضَاع الْجَواب هُوَ لَهُ خَاصَّة وَهَذَا القَوْل مَنْسُوب إِلَى الشَّيْخ محيي الدّين النَّوَوِيّ رَحمَه الله تَعَالَى من غير فَتَاوِيهِ الْمَشْهُورَة المصطلح وَهُوَ يشْتَمل على صور مِنْهَا صُورَة اسْتِئْجَار الْمُطلقَة لإرضاع وَلَده مِنْهَا أَو غير الْمُطلقَة لإرضاع الطِّفْل أَو الْجد للْأَب لإرضاع ولد ابْنه أَو الْوَصِيّ أَو أَمِين الحكم وَمَا فِي معنى ذَلِك سبق ذكرهَا فِي كتاب الْإِجَارَة وَصُورَة مَا إِذا تبرعت مُرْضِعَة بالإرضاع أشهدت عَلَيْهَا فُلَانَة أَنَّهَا تبرعت بإرضاع فلَان وَغسل خروقه إِلَى آخِره بَقِيَّة مُدَّة الرَّضَاع الشَّرْعِيّ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا من تَارِيخه من غير أُجْرَة تَبَرعا صَحِيحا شَرْعِيًّا لما علمت لنَفسهَا فِي ذَلِك من الْحَظ والمصلحة وَذَلِكَ مَعَ وَلَدهَا فلَان وبحضور زَوجهَا فلَان وَالِد الطِّفْل الْمَذْكُور وَرضَاهُ بذلك قبل ذَلِك مِنْهَا فلَان وَالِد الرَّضِيع الْمُتَبَرّع بإرضاعه الْمَذْكُور قبولا شَرْعِيًّا ويؤرخ وَصُورَة الْإِقْرَار بِالرّضَاعِ وتحريمه أشهدت عَلَيْهَا فُلَانَة أَنَّهَا أرضعت فلَانا الْإِرْضَاع الشَّرْعِيّ وَهُوَ خمس رَضعَات كاملات من غير مَانع شَرْعِي يمْنَع الطِّفْل الْمَذْكُور من استكمالها بالشرائط الشَّرْعِيَّة وسنه دون الْحَوْلَيْنِ وَأَن الرضعات الْمَذْكُورَات وصلت إِلَى جَوْفه من فَمه الْوُصُول الشَّرْعِيّ وَذَلِكَ مَعَ وَلَدهَا فلَان ارتضاعا صَحِيحا شَرْعِيًّا يحصل بِهِ التَّحْرِيم من الرَّضَاع كَمَا يحرم لمثله ويؤرخ وَصُورَة مَا إِذا احْتَاجَ الْأَمر إِلَى كِتَابَة محْضر بذلك شُهُوده يعْرفُونَ فُلَانَة زوج فلَان وَفُلَانًا ابْن فلَان معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَن فلَانا الْمَذْكُور ارتضع من فُلَانَة الارتضاع الشَّرْعِيّ وَهُوَ خمس رَضعَات متفرقات وسنه يَوْم ذَلِك دون الْحَوْلَيْنِ فِي وَقت كَذَا وَوصل اللَّبن مِنْهَا إِلَى جَوْفه من فَمه بمصه وتجرعه وازدراده بحركة مِنْهُ على الْعَادة فِي مثل ذَلِك وَأَن الْمُرضعَة الْمَذْكُورَة حِين ذَاك كَانَت لبونا وَأَن ذَلِك صدر على الأوضاع الشَّرْعِيَّة الْمُعْتَبرَة فِي ذَلِك على الْوَجْه الشَّرْعِيّ وَأَن الْمُرضعَة الْمَذْكُورَة أمه من الرَّضَاع يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين بسؤال من جَازَ سُؤَاله شرعا ويؤرخ ثمَّ يَقُول وَكتب حسب الْإِذْن الْكَرِيم العالي الحاكمي الْفُلَانِيّ فَإِن كَانَت الْمُرضعَة تزوجت بِمن أَرْضَعَتْه وَلم يعلم كل مِنْهُمَا ذَلِك وَتبين بعد ذَلِك فإمَّا أَن يكون دخل بهَا أَولا فَإِن توافقا على أَنه دخل بهَا وتصادقا عَلَيْهِ فَلَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 165 كَلَام وَفرق بَينهمَا وَإِن كَانَ ثمَّ أَوْلَاد فنسب الْأَوْلَاد لَاحق بنسبهما وَالْحَالة هَذِه وَإِن لم يكن دخل بهَا فَلَا مهر لَهَا وَإِن كَانَت قد دخل بهَا فَالْوَاجِب لَهَا عَلَيْهِ مهر الْمثل لِأَنَّهُ وَطْء بِشُبْهَة وَإِن أقرّ بِالرّضَاعِ وكذبته وَجب لَهَا عَلَيْهِ نصف الْمهْر قبل الدُّخُول وَتَمَامه بِالدُّخُولِ وَإِن أقرَّت هِيَ وكذبها فَلَا فسخ وَإِن ترافعا إِلَى الْحَاكِم فِي ذَلِك كتب الْمحْضر الْمُقدم ذكره وتقام بَيِّنَة جَرَيَان عقد النِّكَاح بَينهمَا عِنْد الْحَاكِم الْآذِن فِي كِتَابَة هَذَا الْمحْضر وتقام عِنْده الْبَيِّنَة فِي الْمحْضر ثمَّ يعْذر إِلَى الْمُنكر من الزَّوْجَيْنِ وَيشْهد عَلَيْهِ بِعَدَمِ الدَّافِع والمطعن لذَلِك ولشيء مِنْهُ وتقام بَيِّنَة الْإِعْذَار عِنْد الْحَاكِم ثمَّ يحلف الْمُعْتَرف بذلك وَيَقُول فِي حلفه إِن الارتضاع صدر كَمَا نَص وَشرح فِي الْمحْضر الْمَذْكُور على الحكم المشروح فِيهِ وَأَن من شهد بذلك صَادِق فِي شَهَادَته وتقام الْبَيِّنَة فِيهِ عِنْد الْحَاكِم وَصُورَة مَا يكْتب من مجْلِس الحكم الْعَزِيز فِي ذَلِك على ظهر الْمحْضر لما قَامَت الْبَيِّنَة الشَّرْعِيَّة عِنْد سيدنَا فلَان الْحَاكِم الْمُسَمّى بَاطِنه بِجَمِيعِ مَا شرح فِي الْمحْضر المسطر بَاطِنه من جَرَيَان عقد النِّكَاح بَين الزَّوْجَيْنِ المسميين بَاطِنه وصدور الارتضاع المشروح بَاطِنه على الحكم المشروح بَاطِنه وجريان الْحلف والإعذار المشروح بَاطِنه على حكمه الْمَنْصُوص عَلَيْهِ بَاطِنه وباطنه مؤرخ بِكَذَا وَثَبت صُدُور ذَلِك جَمِيعه لَدَيْهِ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ وتكامل عِنْده بطريقه الْمُعْتَبر المرعي بِالْبَيِّنَةِ العادلة المرضية الَّتِي تثبت بِمِثْلِهَا الْحُقُوق الشَّرْعِيَّة سَأَلَ سيدنَا الْمُسَمّى فِيهِ من جَازَ سُؤَاله شرعا الْإِشْهَاد على نَفسه الْكَرِيم بِثُبُوت الارتضاع الْمَذْكُور وَفسخ النِّكَاح المشروح فِيهِ والتفريق بَين الزَّوْجَيْنِ الْمَذْكُورين بذلك التَّفْرِيق الشَّرْعِيّ فاستخار الله كثيرا واتخذه هاديا ونصيرا وَأجَاب السَّائِل إِلَى سُؤَاله وَأشْهد على نَفسه الْكَرِيمَة بذلك وبالحكم بِمُوجبِه وَأمر بِالتَّفْرِيقِ بَين فلَان وفلانة الْمَذْكُورين فِيهِ التَّفْرِيق الشَّرْعِيّ لوُجُود المسوغ الشَّرْعِيّ الْمُقْتَضِي لذَلِك وَأَن فُلَانَة الْمَذْكُورَة صَارَت أم فلَان الْمَذْكُور من الرَّضَاع حكما صَحِيحا شَرْعِيًّا وَأذن لفلانة الْمَذْكُورَة أَن تمْضِي لوفاء عدتهَا الشَّرْعِيَّة إِن كَانَت مَدْخُولا بهَا وَإِن كَانَ ثمَّ أَوْلَاد فَيكْتب وَثَبت أَيْضا عِنْده ثَبت الله مجده اعْتِرَاف فلَان وفلانة الْمَذْكُورين فِيهِ أَن بَينهمَا أَوْلَادًا وَيذكرهُمْ وَأَن نسبهم لَاحق بنسبهما الجزء: 2 ¦ الصفحة: 166 وَإِن تعرض للمهر فَإِن اتفقَا عَلَيْهِ فَلَا كَلَام وَإِن لم يتَّفقَا عَلَيْهِ فتقوم الْبَيِّنَة عِنْد الْحَاكِم بِمهْر الْمثل وَيحكم بِهِ حَالا بِنَقْد الْبَلَد كَمَا تقدم وَإِن لم يدْخل بهَا وَلم يصبهَا فَيكْتب وَأَن فُلَانَة الْمَذْكُورَة لم يجب عَلَيْهَا عدَّة لعدم الدُّخُول بهَا والإصابة وَالْخلْوَة وَكَذَلِكَ يفعل فِي كل وَاقعَة تتَعَلَّق بِمثل ذَلِك فِي كل مَا يحرم الرَّضَاع تَنْبِيه يثبت الرَّضَاع بِشَهَادَة الْمُرضعَة مَعَ ثَلَاث نسْوَة أَو مَعَ امْرَأَة وَرجل أضافت الْإِرْضَاع إِلَى نَفسهَا وَإِنَّمَا لم تقبل إِذا لم تطلب أُجْرَة قَالَ الفوراني وصيغتها أَن تَقول ارتضع مني وَلَا تَقول أَرْضَعَتْه وَصُورَة مَا إِذا وَقعت الدَّعْوَى بِالرّضَاعِ الْمحرم عِنْد الْحَاكِم من أحد الزَّوْجَيْنِ أَو من مدعي حسبَة حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ فلَان وَزَوجته فُلَانَة أَو فلَان وَادّعى بطرِيق الْحِسْبَة بِقصد الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر بَين يَدي سيدنَا الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَن فلَانا الْحَاضِر بِحُضُورِهِ تزوج فُلَانَة الْحَاضِرَة بحضورهما وعقدها أَنه يحل لَهَا وَتحل لَهُ بِعقد النِّكَاح ثمَّ علمت أَنه أَخُوهَا من الرَّضَاع ارتضع من لَبنهَا وَهُوَ صَغِير لَهُ دون الْحَوْلَيْنِ كَذَا وَكَذَا رضعة متفرقات ويعين قدر الرضعات على قدر اخْتِلَاف النَّاس فِي ذَلِك وَرَأى القَاضِي الْمُدَّعِي عِنْده فِي ذَلِك ثمَّ يَقُول وَأَنه مُقيم على حَاله فِي نِكَاحهَا غير مُمْتَنع مِنْهَا وَلَا مُلْتَزم لما يَقْتَضِيهِ حكم التَّحْرِيم بِالرّضَاعِ بَينهمَا وَسَأَلت سُؤَاله أَو سَأَلَ سُؤَاله يَعْنِي مدعي الْحِسْبَة عَن ذَلِك فَسَأَلَهُ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ عَن ذَلِك فَأجَاب إِن فُلَانَة الْحَاضِرَة مَعَه زَوجته وَلَا علم لَهُ بسوى ذَلِك مِمَّا ادَّعَتْهُ من الرَّضَاع أَو مِمَّا ادعِي عَلَيْهِ بِهِ من الرَّضَاع فَذكرت أَو فَذكر الْمُدَّعِي الْمَذْكُور أَن لَهُ بَيِّنَة على مَا ادَّعَاهُ من ذَلِك وَسَأَلَ الْإِذْن لَهُ فِي إِحْضَار الْبَيِّنَة فَأذن لَهُ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ فِي ذَلِك فأحضرت أَو فأحضر من النسْوَة الثِّقَات العدلات الأمينات المقبولات فُلَانَة وفلانة حَتَّى يَأْتِي على عددهن وأقمن شَهَادَتهنَّ عِنْد الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَن فلَان ابْن فلَان الَّذِي عرفنه بِعَيْنِه واسْمه وَنسبه معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة ارتضع من فُلَانَة بنت فلَان وَالِدَة فُلَانَة الَّتِي أحضرتهن لهَذِهِ الشَّهَادَة أَو الْحَاضِرَة وَهُوَ صَغِير طِفْل لم يبلغ الْحَوْلَيْنِ خمس رَضعَات متفرقات بحضورهن وصل اللَّبن بِهِ إِلَى جَوْفه من فَمه بمصه وتجرعه وازدراده بحركة مِنْهُ على الْعَادة فِي مثل ذَلِك وَأَن الْمُرضعَة الْمَذْكُورَة حِين ذَاك كَانَت لبونا وَثَبت ذَلِك عِنْد الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 167 فَعِنْدَ ذَلِك سَأَلته فُلَانَة الْمَذْكُورَة أَو سَأَلَهُ سَائل شَرْعِي إِنْفَاذ الْقَضَاء بِمَا ثَبت عِنْده من ارتضاع فلَان وفلانة فِي صغره الرضعات الْخمس الَّتِي ثَبت بِهن حكم الرَّضَاع وتحريمه حَسْبَمَا قَامَت بِهِ الْبَيِّنَة الشَّرْعِيَّة عِنْده وَالْحكم بِفَسْخ النِّكَاح بَينه وَبَين فُلَانَة الْمَذْكُورَة فَأجَاب السَّائِل إِلَى سُؤَاله وَحكم أيد الله أَحْكَامه بِمُوجب ذَلِك وَمن مُوجبه فسخ النِّكَاح بَين فلَان وفلانة الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ حكما صَحِيحا شَرْعِيًّا إِلَى آخِره فَإِن كَانَ قد دخل بهَا أوجب لَهَا مهر الْمثل وَأوجب عَلَيْهَا الْعدة كَمَا تقدم وَإِن كَانَ لم يدْخل بهَا فعل كَمَا تقدم شَرحه وَإِن تَضَمَّنت الدَّعْوَى أَنَّهُمَا يرومان النِّكَاح ويريدان إِيقَاعه وَإِن لم يكن بَين الزَّوْجَيْنِ نِكَاح فسخ على منوال هَذِه الصُّورَة وأتى بِمَا يَلِيق بِهَذَا الْمحل من الْأَلْفَاظ الْمُقْتَضِيَة لتعليق الْفرْقَة إِذا وَقع النِّكَاح وَهُوَ بعد عقد النِّكَاح أولى وَأقوى وَالله أعلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 168 كتاب النَّفَقَات وَمَا يتَعَلَّق بهَا من الْأَحْكَام الأَصْل فِي وجوب نَفَقَة الزَّوْجَات الْكتاب وَالسّنة أما الْكتاب فَقَوله تَعَالَى {والوالدات يرضعن أَوْلَادهنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلين لمن أَرَادَ أَن يتم الرضَاعَة وعَلى الْمَوْلُود لَهُ رزقهن وكسوتهن بِالْمَعْرُوفِ} والمولود لَهُ هُوَ الزَّوْج وَإِنَّمَا نَص على وجوب نَفَقَة الزَّوْجَة حَال الْولادَة ليدل على أَن النَّفَقَة تجب لَهَا حَال اشتغالها عَن الِاسْتِمْتَاع بالنفاس لِئَلَّا يتَوَهَّم متوهم أَنَّهَا لَا تجب لَهَا وَقَوله تَعَالَى {فَإِن خِفْتُمْ أَلا تعدلوا فَوَاحِدَة أَو مَا ملكت أَيْمَانكُم ذَلِك أدنى أَلا تعولُوا} قَالَ الشَّافِعِي مَعْنَاهُ أَن لَا تكْثر عيالكم وَمن تمونونه وَقَالَ إِن أَكثر السّلف قَالَ إِن معنى أَن لَا تعولُوا أَن لَا تَجُورُوا يُقَال عَال يعول إِذا جَار وأعال يعيل إِذا كثرت عِيَاله إِلَّا زيد بن أسلم فَإِنَّهُ قَالَ مَعْنَاهُ أَن لَا تكْثر عيالكم وَقَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يشْهد لذَلِك حَيْثُ قَالَ ابدأ بِنَفْسِك ثمَّ بِمن تعول وَيدل على وجوب نَفَقَة الزَّوْجَات قَوْله تَعَالَى {الرِّجَال قوامون على النِّسَاء بِمَا فضل الله بَعضهم على بعض وَبِمَا أَنْفقُوا من أَمْوَالهم} وَقَوله تَعَالَى {لينفق ذُو سَعَة من سعته وَمن قدر عَلَيْهِ رزقه فلينفق مِمَّا آتَاهُ الله لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا مَا آتاها سَيجْعَلُ الله بعد عسر يسرا} وَقَوله وَمن قدر عَلَيْهِ رزقه أَي ضيق عَلَيْهِ وَمن السّنة مَا روى حَكِيم بن مُعَاوِيَة الْقشيرِي عَن أَبِيه قَالَ قلت يَا رَسُول الله مَا حق الزَّوْجَة فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن تطعمها إِذا طعمت وَأَن تكسوها إِذا اكتسيت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 169 وروى جَابر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطب النَّاس وَقَالَ اتَّقوا الله فِي النِّسَاء فَإِنَّكُم أَخَذْتُمُوهُنَّ بأمانة الله واستحللتم فروجهن بِكَلِمَة الله ولهن عَلَيْكُم رزقهن وكسوتهن بِالْمَعْرُوفِ وروى أَبُو هُرَيْرَة أَن رجلا أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله عِنْدِي دِينَار فَقَالَ أنفقهُ على نَفسك فَقَالَ عِنْدِي آخر فَقَالَ أنفقهُ على ولدك فَقَالَ عِنْدِي آخر فَقَالَ أنفقهُ على أهلك فَقَالَ عِنْدِي آخر فَقَالَ أنفقهُ على خادمك فَقَالَ عِنْدِي آخر فَقَالَ أَنْت أعلم بِهِ وَالْمرَاد بالأهل هَهُنَا الزَّوْجَة بِدَلِيل مَا روى أَبُو سعيد المَقْبُري أَن أَبَا هُرَيْرَة كَانَ إِذا روى هَذَا الحَدِيث ولدك يَقُول أنْفق عَليّ إِلَى من تَكِلنِي وزوجك تَقول أنْفق عَليّ أَو طَلقنِي وخادمك يَقُول أنْفق عَليّ أَو بِعني وروت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن هِنْد امْرَأَة أبي سُفْيَان جَاءَت إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت يَا رَسُول الله إِن أَبَا سُفْيَان رجل شحيح وَإنَّهُ لَا يعطيني وَوَلَدي إِلَّا مَا أَخَذته مِنْهُ سرا وَلَا يعلم فَهَل عَليّ فِي ذَلِك شَيْء فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خذي مَا يَكْفِيك وولدك بِالْمَعْرُوفِ قَالَ أَصْحَابنَا فِي هَذَا الْخَبَر فَوَائِد أَحدهَا وجوب نَفَقَة الزَّوْجَة الثَّانِيَة وجوب نَفَقَة الْوَلَد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 170 الثَّالِثَة أَن نَفَقَة الزَّوْجَة مُقَدّمَة على نَفَقَة الْوَلَد لِأَنَّهُ قدم فِي الحكم نَفَقَتهَا على نَفَقَة الْوَلَد الرَّابِعَة أَن نَفَقَة الْوَلَد على الْكِفَايَة الْخَامِسَة أَن للْمَرْأَة أَن تخرج من بَيتهَا لحَاجَة لَا بُد مِنْهَا لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يُنكر عَلَيْهَا الْخُرُوج السَّادِسَة أَن للْمَرْأَة أَن تستفتي الْعلمَاء السَّابِعَة أَن صَوت الْمَرْأَة لَيْسَ بِعَوْرَة الثَّامِنَة إِن تَأْكِيد الْكَلَام جَائِز لِأَنَّهَا قَالَت إِن أَبَا سُفْيَان رجل والشحيح من منع حَقًا عَلَيْهِ التَّاسِعَة أَنه يجوز أَن يذكر الْإِنْسَان بِمَا فِيهِ لِأَنَّهَا قَالَت إِن أَبَا سُفْيَان رجل شحيح الْعَاشِرَة أَن الحكم على الْغَائِب جَائِز لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حكم على أبي سُفْيَان وَهُوَ غَائِب وَهَذَا قَول أَكثر الْأَصْحَاب قَالَ ابْن الصّباغ وَالْأَشْبَه أَن هَذَا فتيا وَلَيْسَ بِحكم لِأَنَّهُ لم ينْقل أَن أَبَا سُفْيَان كَانَ غَائِبا الْحَادِيَة عشرَة أَنه يجوز للْحَاكِم أَن يحكم بِعِلْمِهِ لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يسْأَلهَا الْبَيِّنَة وَإِنَّمَا حكم لَهَا بِعِلْمِهِ الثَّانِيَة عشرَة أَن من لَهُ حق على غَيره فَمَنعه جَازَ لَهُ أَخذه من مَاله الثَّالِثَة عشرَة أَن لَهُ أَخذه من مَاله وَإِن كَانَ من غير جنس حَقه لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يفصل الرَّابِعَة عشرَة أَنه إِذا أَخذه وَكَانَ من غير جنس حَقه فَلهُ بَيْعه بِنَفسِهِ الْخَامِسَة عشرَة أَنه يسْتَحق الْخَادِم على الزَّوْج إِن كَانَت مِمَّن تخْدم لِأَنَّهُ روى أَنَّهَا قَالَت إِلَّا مَا يدْخل عَليّ السَّادِسَة عشرَة أَن للْمَرْأَة أَن تقبض نَفَقَة وَلَدهَا وتتولى الْإِنْفَاق على وَلَدهَا وَلِأَن الزَّوْجَة محبوسة على الزَّوْج وَله منعهَا من التَّصَرُّف فَكَانَت نَفَقَتهَا وَاجِبَة عَلَيْهِ كَنَفَقَة العَبْد على سَيّده وَنَفَقَة الزَّوْجَة تخْتَلف باخْتلَاف حَال الزَّوْج فِي الْيَسَار والإعسار فعلى الْمُوسر فِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 171 كل يَوْم مدان من الطَّعَام وعَلى الْمُعسر مد وعَلى الْمُتَوَسّط مد وَنصف وَقدر الْمَدّ مائَة دِرْهَم وَثَلَاثَة وَسَبْعُونَ درهما وَثلث دِرْهَم وَالنَّظَر فِي الْجِنْس إِلَى غَالب قوت الْبَلَد فَهُوَ الْوَاجِب وَيجب فِيهَا مَعَ الطَّعَام الإدام وجنسه غَالب إدام الْبَلَد على اخْتِلَاف الْفُصُول وَتَقْدِير النَّفَقَة إِلَى القَاضِي بِالِاجْتِهَادِ وَيجب اللَّحْم أَيْضا على عَادَة الْبَلَد كَمَا سبق بيسار الزَّوْج وإعساره وَتجب النَّفَقَة على الزَّوْج الصَّغِير وَلَا تجب للزَّوْجَة الصَّغِيرَة وَتجب نَفَقَة الْبَائِن الْحَامِل إِلَى أَن تضع وَيجب عَلَيْهِ كسوتها على قد كفايتها حَتَّى تحتلف بِطُولِهَا وقصرها وهزالها وسمنها وكسوتها فِي الصَّيف الْقَمِيص والسراويل والخمار وتزيد فِي الشتَاء الْجُبَّة وجنسها الْمُتَّخذ من الْقطن فَإِن جرت عَادَة الْبَلَد بالكتان وَالْحَرِير لمثله فأظهر الْوَجْهَيْنِ لُزُومه وَيلْزمهُ لَهَا مَا تفرشه للقعود وفراش النّوم ولحاف ومخدة وَمَا تتنظف بِهِ من الأوساخ كالمشط والدهن وَمَا تغسل بِهِ رَأسهَا وَيجب عَلَيْهِ إخدام الَّتِي لَا يَلِيق بهَا أَن تخْدم نَفسهَا بحرة أَو أمة وَالنَّفقَة تجب بالتمكين دون العقد حَتَّى لَو اخْتلفَا فِي أَنَّهَا هَل مكنت فَالْقَوْل قَول الزَّوْج وَعَلَيْهَا الْبَيِّنَة وَيجب تَسْلِيم النَّفَقَة إِلَى الزَّوْجَة وَلَو سلمهَا نَفَقَة مُدَّة فَمَاتَتْ قبل انْقِضَائِهَا رَجَعَ فِيمَا بَقِي وَيجب تَسْلِيم الْكسْوَة إِلَى الْمَرْأَة فِي أول الْفَصْل فَإِن سلمهَا كسْوَة فصل ثمَّ مَاتَت قبل انقضائه لم يرجع وَقيل يرجع وَالْأول أصح فصل والنشوز يسْقط النَّفَقَة وَالْخُرُوج من بَيت الزَّوْج بِغَيْر إِذْنه نشوز وبإذنه فِي حَاجَتهَا وَهُوَ مَعهَا لَا تجب لَهَا النَّفَقَة وَلَو نشزت فَغَاب الزَّوْج فَعَادَت إِلَى الطَّاعَة فأظهر الْوَجْهَيْنِ أَنه لَا يعود الِاسْتِحْقَاق حَتَّى ترفع الْأَمر إِلَى القَاضِي وَإِذا أَحرمت بِغَيْر إِذْنه فَهِيَ نَاشِزَة والمعتدة الرَّجْعِيَّة تسْتَحقّ النَّفَقَة وَسَائِر المؤنات إِلَّا مُؤنَة التَّنْظِيف فصل وَإِذا أعْسر الزَّوْج بِالنَّفَقَةِ فأصح الْقَوْلَيْنِ أَن الْمَرْأَة بِالْخِيَارِ بَين أَن تصبر وترضى وَتَكون النَّفَقَة دينا فِي ذمَّته وَبَين أَن تطلب الْفَسْخ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 172 وقدرة الزَّوْج على الْكسْب كقدرته على المَال والإعسار بالكسوة كالإعسار بِالنَّفَقَةِ فَيثبت الْخِيَار لَهُ وَتجب النَّفَقَة للْوَلَد على الْوَالِد وللوالد على الْوَلَد والوالدة والأجداد والجدات كَالْوَلَدِ والأحفاد كالأولاد وَيَسْتَوِي فِي الِاسْتِحْقَاق الذّكر وَالْأُنْثَى وَالْوَارِث وَغَيره والقريب من الأحفاد والأجداد كالبعيد وَتجب على الْقَرِيب الْمُوسر وَيُبَاع فِي نَفَقَة الْقَرِيب مَا يُبَاع فِي الدّين وَتسقط نَفَقَة الْقَرِيب بِمُضِيِّ الزَّمَان وَفِيه قَول إِنَّه يجب نَفَقَة الأَصْل على الْفَرْع دون الْعَكْس وَلَا تصير دينا فِي الذِّمَّة إِلَّا أَن يفْرض القَاضِي أَو يَأْذَن فِي الاستقراض لغيبة أَو امْتنَاع وَصفَة من تجب نَفَقَتهم من الْوَالِدين أَن يَكُونُوا فُقَرَاء زمنى أَو فُقَرَاء مجانين فَإِن كَانُوا أصحاء فَفِيهِ قَولَانِ أصَحهمَا أَنَّهَا لَا تجب نَفَقَتهم وَمن الْأَوْلَاد أَن يَكُونُوا فُقَرَاء زمنى أَو فُقَرَاء مجانين أَو فُقَرَاء أطفالا فَإِن كَانُوا أصحاء بالغين لم تجب نَفَقَتهم وَمن وَجَبت نَفَقَته وَجَبت نَفَقَة زَوجته وَيجب على الْمكَاتب نَفَقَة وَلَده وَلَا تجب نَفَقَة الْأَقَارِب وَلَا يلْزم عبد نَفَقَة وَلَده وَإِن كَانَت أمه حرَّة فَهُوَ حر وَنَفَقَته عَلَيْهَا أَو رقيقَة وَالْولد رَقِيق فعلى مَالِكه أَو حر فَفِي بَيت المَال وَالظَّاهِر أَن من نصفه حر يلْزمه نَفَقَة الْقَرِيب تَامَّة أَو نصفهَا وَجْهَان أصَحهمَا الأول وَلَو كَانَ مُحْتَاجا هَل تلْزمهُ نَفَقَة قَرِيبه الْحر نَفَقَة الْحُرِّيَّة وَجْهَان أرجحهما نعم الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب اتّفق الْأَئِمَّة رَحِمهم الله تَعَالَى على وجوب النَّفَقَة لمن تلْزم نَفَقَته كَالزَّوْجَةِ وَالْأَب وَالْولد الصَّغِير وَاخْتلفُوا فِي نَفَقَة الزَّوْجَات هَل هِيَ مقدرَة بِالشَّرْعِ أَو مُعْتَبرَة بِحَال الزَّوْجَيْنِ فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد تعْتَبر بِحَال الزَّوْجَيْنِ فَيجب على الْمُوسر نَفَقَة الموسرين وعَلى الْمُعسر للفقيرة أقل الكفايات وعَلى الْمُوسر للفقيرة نَفَقَة متوسطة بَين النفقتين وعَلى الْفَقِير للموسرة أقل الْكِفَايَة وَالْبَاقِي فِي ذمَّته وَقَالَ الشَّافِعِي هِيَ مقدرَة بِالشَّرْعِ لَا اجْتِهَاد فِيهَا مُعْتَبرَة بِحَال الزَّوْج وَحده فعلى الْمُوسر مدان وعَلى الْمُتَوَسّط مد وَنصف وعَلى الْمُعسر مد وَاخْتلفُوا فِي الزَّوْجَة إِذا احْتَاجَت إِلَى خَادِم فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد لَا يلْزمه إِلَّا خَادِم وَاحِد وَإِن احْتَاجَت إِلَى أَكثر وَقَالَ مَالك فِي الْمَشْهُور عَنهُ إِن احْتَاجَت إِلَى خادمين وَثَلَاثَة لزمَه ذَلِك وَاخْتلفُوا فِي نَفَقَة الصَّغِيرَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 173 الَّتِي لَا يُجَامع مثلهَا إِذا تزَوجهَا كَبِير فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد لَا نَفَقَة لَهَا وَللشَّافِعِيّ قَولَانِ أصَحهمَا أَن لَا نَفَقَة لَهَا فَلَو كَانَت الزَّوْجَة كَبِيرَة وَالزَّوْج صَغِير لَا يُجَامع مثله وَجَبت عَلَيْهِ النَّفَقَة عِنْد أبي حنيفَة وَأحمد وَقَالَ مَالك لَا نَفَقَة عَلَيْهِ وَللشَّافِعِيّ قَولَانِ أصَحهمَا الْوُجُوب فصل الْإِعْسَار بِالنَّفَقَةِ وَالْكِسْوَة هَل يثبت للزَّوْجَة الْفَسْخ مَعهَا أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة لَا يثبت لَهَا الْفَسْخ وَلَكِن ترفع يَده عَنْهَا لتكتسب وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد نعم يثبت لَهَا الْفَسْخ بالإعسار عَن النَّفَقَة وَالْكِسْوَة والمسكن فَإِذا مضى زمَان وَلم ينْفق على زَوجته فَهَل تَسْتَقِر النَّفَقَة عَلَيْهِ أم تسْقط بِمُضِيِّ الزَّمَان قَالَ أَبُو حنيفَة تسْقط مَا لم يحكم بهَا حَاكم أَو يتفقان على قدر مَعْلُوم فَيصير ذَلِك دينا باصطلاحهما وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد فِي أظهر روايتيه لَا تسْقط نَفَقَة الزَّوْجَة بِمُضِيِّ الزَّمَان بل تصير دينا عَلَيْهِ لِأَنَّهَا فِي مُقَابلَة التَّمْكِين والاستمتاع وَاتَّفَقُوا على أَن الناشز لَا نَفَقَة لَهَا وَاخْتلفُوا فِي الْمَرْأَة إِذا سَافَرت بِإِذن زَوجهَا فِي غير وَاجِب عَلَيْهَا فَقَالَ أَبُو حنيفَة تسْقط نَفَقَتهَا وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لَا تسْقط فصل والمبتوتة إِذا طلبت أُجْرَة مثلهَا فِي الرَّضَاع لولدها فَهَل هِيَ أَحَق من غَيرهَا قَالَ أَبُو حنيفَة إِن كَانَ ثمَّ مُتَطَوّع أَو من يرضع بِدُونِ أُجْرَة الْمثل كَانَ للْأَب أَن يسترضع غَيرهَا بِشَرْط أَن يكون الْإِرْضَاع عِنْد الْأُم لِأَن الْحَضَانَة لَهَا وَعَن مَالك رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا أَن الْأُم أولى وَالثَّانيَِة كمذهب أبي حنيفَة وَللشَّافِعِيّ قَولَانِ أَحدهمَا وَهُوَ قَول أَحْمد أَن الْأُم أَحَق بِكُل حَال وَإِن وجد من يتَبَرَّع بِالرّضَاعِ فَإِنَّهُ يجْبر على إِعْطَاء الْوَلَد لأمه بِأُجْرَة مثلهَا وَالثَّانِي كَقَوْل أبي حنيفَة رَحمَه الله وَاتَّفَقُوا على أَنه يجب على الْمَرْأَة أَن ترْضع وَلَدهَا اللبأ وَهل تجبر الْأُم على إِرْضَاع وَلَدهَا بعد شرب اللبأ قَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد لَا تجبر إِذا وجد غَيرهَا وَقَالَ مَالك تجبر مَا دَامَت فِي زوجية أَبِيه إِلَّا أَن يكون مثلهَا لَا يرضع لشرف أَو عز وإيسار أَو لسقم بهَا أَو لفساد فِي اللَّبن فَلَا تجبر وَاخْتلفُوا فِي الْوَارِث هَل يجْبر على نَفَقَة من يَرِثهُ بِفَرْض أَو تعصيب قَالَ أَبُو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 174 حنيفَة يجْبر على نَفَقَة كل ذِي رحم محرم فَيدْخل فِيهِ الْخَالَة عِنْده والعمة وَيخرج مِنْهُ ابْن الْعم وَمن ينْسب إِلَيْهِ بِالرّضَاعِ وَقَالَ مَالك لَا تجب النَّفَقَة إِلَّا للْوَالِدين الْآدَمِيّين وَأَوْلَاد الصلب وَقَالَ الشَّافِعِي تجب النَّفَقَة على الْأَب وَإِن علا وعَلى الابْن وَإِن سفل وَلَا يتَعَدَّى عمودي النّسَب وَقَالَ أَحْمد كل شَخْصَيْنِ جرى بَينهمَا الْمِيرَاث بِفَرْض أَو تعصيب من الطَّرفَيْنِ لزمَه نَفَقَة الآخر كالأبوين وَأَوْلَاد الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات والعمومة وبنيهم رِوَايَة وَاحِدَة فَإِن كَانَ الْإِرْث جَارِيا بَينهم من أحد الطَّرفَيْنِ وهم ذَوُو الْأَرْحَام كَابْن الْأَخ مَعَ عمته وَابْن الْعم مَعَ بنت عَمه فَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ وَاخْتلفُوا هَل يلْزم السَّيِّد نَفَقَة عتيقه فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ لَا يلْزمه وَعَن مَالك رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا كمذهب أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَالْأُخْرَى إِن أعْتقهُ صَغِيرا لَا يَسْتَطِيع السَّعْي لزمَه نَفَقَته إِلَى أَن يسْعَى وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا بلغ الْوَلَد مُعسرا وَلَا حِرْفَة لَهُ فَقَالَ أَبُو حنيفَة تسْقط نَفَقَة الْغُلَام إِذا بلغ صَحِيحا وَلَا تسْقط نَفَقَة الْجَارِيَة إِلَّا إِذا تزوجت وَقَالَ مَالك كَذَلِك إِلَّا أَنه أوجب نَفَقَة الْجَارِيَة حَتَّى يدْخل بهَا الزَّوْج وَقَالَ الشَّافِعِي تسْقط نفقتهما جَمِيعًا وَقَالَ أَحْمد لَا تسْقط نَفَقَة الْوَلَد عَن أَبِيه وَإِن بلغ إِذا لم يكن لَهُ مَال وَلَا كسب وَإِذا بلغ الابْن مَرِيضا تستمر نَفَقَته على أَبِيه بالِاتِّفَاقِ فَلَو برأَ من مَرضه ثمَّ عاوده الْمَرَض عَادَتْ نَفَقَته عِنْد الثَّلَاثَة إِلَّا مَالِكًا فَإِن عِنْده لَا تعود وَلَو تزوجت الْجَارِيَة وَدخل بهَا الزَّوْج ثمَّ طَلقهَا قَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد تعود نَفَقَتهَا على الْأَب وَقَالَ مَالك لَا تعود فصل وَلَو اجْتمع وَرَثَة مثل أَن يكون للصَّغِير أم وجد وَكَذَلِكَ إِن كَانَت بنت وَابْن أَو بنت وَابْن ابْن أَو كَانَ لَهُ أم وَبنت فعلى من تكون النَّفَقَة قَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد النَّفَقَة للصَّغِير على الْأُم وَالْجد بَينهمَا أَثلَاثًا وَكَذَلِكَ الْبِنْت وَالِابْن فَأَما ابْن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 175 الابْن وَالْبِنْت فَقَالَ أَبُو حنيفَة النَّفَقَة على الْبِنْت دونه وَقَالَ أَحْمد النَّفَقَة بَينهمَا نِصْفَانِ وَأما الْأُم وَالْبِنْت فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد النَّفَقَة على الْأُم وَالْبِنْت بَينهمَا الرّبع على الْأُم وَالْبَاقِي على الْبِنْت وَقَالَ الشَّافِعِي النَّفَقَة على الذُّكُور خَاصَّة الْجد وَالِابْن وَابْن الابْن دون الْبِنْت وعَلى الْبِنْت دون الْأُم وَقَالَ مَالك النَّفَقَة على ابْن الصلب الذّكر وَالْأُنْثَى بَينهم سَوَاء إِذا اسْتَويَا فِي الْجدّة فَإِن كَانَ أَحدهمَا واجدا وَالْآخر فَقِيرا فالنفقة على الْوَاجِد فصل من لَهُ حَيَوَان لَا يقوم بِنَفَقَتِهِ هَل للْحَاكِم إِجْبَاره عَلَيْهَا أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة يَأْمُرهُ الْحَاكِم على طَرِيق الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر من غير إِجْبَار وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد للْحَاكِم أَن يجْبر مَالِكهَا على نَفَقَتهَا أَو بيعهَا وَزَاد مَالك وَأحمد فَقَالَا ويمنعه من تحميلها مَا لَا تطِيق انْتهى وَيتَفَرَّع على الْخلاف الْمَذْكُور مسَائِل الأولى إِذا اخْتلف الزَّوْجَانِ فِي النَّفَقَة مَعَ اجْتِمَاعهمَا وملازمتهما ومشاهدة مَا يَنْقُلهُ الزَّوْج إِلَى مسكنهما من الْأَطْعِمَة والأشربة فالشافعي يَجْعَل القَوْل قَول الْمَرْأَة لِأَن الأَصْل عدم قبضهَا كَسَائِر الدُّيُون لِأَنَّهُ الْغَالِب فِي الْعَادة وَقَوله ظَاهر وَالْفرق بَين النَّفَقَة وَسَائِر الدُّيُون أَن الْعَادة الْغَالِبَة مثيرة للظن بِصدق الزَّوْج بِخِلَاف الِاسْتِصْحَاب فِي الدُّيُون فَإِنَّهُ لَا معَارض لَهُ وَلَو جعل لَهُ معَارض كالشاهد وَالْيَمِين لأسقطناه مَعَ أَن الظَّن الْمُسْتَفَاد من الشَّاهِد وَالْيَمِين أَضْعَف من الظَّن الْمُسْتَفَاد من الْعَادة المطردة فِي إِنْفَاق الْأزْوَاج على نِسَائِهِم مَعَ المخالطة الدائمة نعم لَو اخْتلفَا فِي نَفَقَة يَوْم أَو يَوْمَيْنِ لم يبعد كَمَا قَالَه الشَّافِعِي الثَّانِيَة نَفَقَة زَوْجَات النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَاجِبَة عَلَيْهِ بعد مَوته لِأَن زوجيتهن لم تَنْقَطِع وَلم يجز لَهُنَّ نِكَاح غَيره لبَقَاء زوجيتهن فَلم تسْقط نفقتهن بِمَوْتِهِ وَلَيْسَ كَون مَا خَلفه صَدَقَة مُخْتَصًّا بِهِ بل هُوَ عَام لجَمِيع الْأَنْبِيَاء فَلَا حَاجَة إِلَى أَن يقفوا ذَلِك لِأَن مغله ومنافعه جَارِيَة عَلَيْهِم مَا دَامَ بَاقِيا وَهَذَا مِمَّا ميز بِهِ الْأَنْبِيَاء صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِم كَذَا ذكره ابْن عبد السَّلَام فِي قَوَاعِده وَقَالَ أَيْضا فِي الْقَوَاعِد فَائِدَة إِذا ملك حَيَوَانا يُؤْكَل وحيوانا لَا يُؤْكَل وَلم يُوجد إِلَّا نَفَقَة أَحدهمَا وَتعذر بيعهمَا احْتمل أَن يقدم نَفَقَة مَا لَا يُؤْكَل ويذبح الْمَأْكُول وَاحْتمل أَن يسوى بَينهمَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 176 فَإِن كَانَ الْمَأْكُول يُسَاوِي ألفا وَغَيره يُسَاوِي درهما فَفِي هَذَا نظر وَاحْتِمَال فرع قَالَت الزَّوْجَة أَنا أخدم نَفسِي وآخذ الْأُجْرَة أَو نَفَقَة الْخَادِم لم يلْزمه على الْمَذْهَب أَو قَالَ أَنا أخدمها لتسقط عني مُؤنَة الْخَادِم فَلَيْسَ لَهُ ذَلِك فِي الْأَصَح وَقيل لَهُ ذَلِك فِيمَا لَا يستحيي مِنْهُ كَغسْل ثوب واستقاء مَاء وكنس الْبَيْت والطبخ دون مَا يخْتَص بهَا كصب المَاء على يَدهَا وَحمله إِلَى المستحم وَنَحْو ذَلِك وتستحق النَّفَقَة يَوْمًا فيوما وَلها الْمُطَالبَة بِطُلُوع الْفجْر وَقيل بِطُلُوع الشَّمْس وَلَو قبضت نَفَقَة يَوْم ثمَّ نشزت فِي أثْنَاء النَّهَار استردها بِخِلَاف الْمَوْت والبينونة على الصَّحِيح وَلَو لم تقبضها فَهِيَ دين عَلَيْهِ وَلَو أبان زَوجته بِطَلَاق ثمَّ ظهر بهَا حمل فلاعن لنَفسِهِ سَقَطت النَّفَقَة وَهَذِه أولى بِالسُّكْنَى وَالْمذهب أَن النَّفَقَة للحامل مقدرَة كصلب النِّكَاح وَلَا تجب نَفَقَتهَا قبل ظُهُور حمل فَإِذا ظهر وَجَبت يَوْمًا فيوما وَقيل حَتَّى تضع فَلَو ادَّعَت وَأنكر فعلَيْهَا الْبَيِّنَة وَتقبل فِيهِ النِّسَاء وَلَو اتّفق على ظن حمل فَبَان خِلَافه رَجَعَ عَلَيْهَا وَلَا تسْقط بِمُضِيِّ الزَّمَان وَلَو مَاتَ الزَّوْج قبل الْوَضع سَقَطت فِي أحد الْوُجُوه وَصَححهُ الإِمَام وعَلى الْأَظْهر لَو أبرأت الزَّوْج من النَّفَقَة صحت أَو أعتق أم وَلَده وَهِي حَامِل مِنْهُ لم تلْزمهُ نَفَقَتهَا وَلَو مَاتَ وَترك أَبَاهُ وَامْرَأَته حُبْلَى لم يكن لَهَا مُطَالبَة الْجد بِالنَّفَقَةِ وَلَو أنْفق على زَوجته فَبَان فَسَاد النِّكَاح لم يسْتَردّ مَا أنْفق سَوَاء كَانَت حَامِلا أَو حَائِلا وَلَو نشزت الْحَامِل الْبَائِن سَقَطت نَفَقَتهَا المصطلح وَهُوَ يشْتَمل على صور مِنْهَا صُورَة فرض حمل فرض قَرَّرَهُ على نَفسه بِرِضَاهُ فلَان أَو فرض فلَان على نَفسه لمطلقته الطَّلقَة الْوَاحِدَة الأولى أَو الثَّانِيَة الْبَائِن أَو الثَّلَاث فُلَانَة الْمُشْتَملَة مِنْهُ على حمل ظَاهر بتصادقهما على ذَلِك لما تحْتَاج إِلَيْهِ الْمُطلقَة الْمَذْكُورَة فِي ثمن طَعَام وإدام وَمَاء وزيت وصابون وأجرتي حمام ومنزل ولوازم شَرْعِيَّة وَمَا لَا بُد لَهَا مِنْهُ فِي غرَّة كل يَوْم يمْضِي من تَارِيخه كَذَا وَكَذَا إِلَى حِين وَضعهَا حَسْبَمَا اتفقَا وتراضيا على ذَلِك وَأقر بالملاءة وَالْقُدْرَة على ذَلِك وَأذن لَهَا فِي الِاقْتِرَاض والاتفاق عِنْد تعذر الْأَخْذ مِنْهُ وَالرُّجُوع بنظير ذَلِك عَلَيْهِ إِذْنا شَرْعِيًّا ويؤرخ صُورَة فرض عصمَة فرض قَرَّرَهُ على نَفسه بِرِضَاهُ فلَان الْفُلَانِيّ لزوجته فُلَانَة الَّتِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 177 اعْترف أَنَّهَا فِي عصمته وَعقد نِكَاحه وَأَن أَحْكَام الزَّوْجِيَّة بَاقِيَة بَينهمَا إِلَى تَارِيخه وصدقته على ذَلِك تَصْدِيقًا شَرْعِيًّا لما تحْتَاج إِلَيْهِ الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ فِي ثمن طَعَام وإدام وَمَاء وزيت وصابون وأجرتي حمام ومنزل وَكِسْوَة إِن كَانَا اتفقَا عَلَيْهَا ولوازم شَرْعِيَّة فِي غرَّة كل يَوْم يمْضِي من تَارِيخ كَذَا وَكَذَا مَا دَامَت فِي عصمته وَعقد نِكَاحه تقريرا شَرْعِيًّا حَسْبَمَا اتفقَا وتراضيا على ذَلِك وَأقر بالملاءة وَالْقُدْرَة على ذَلِك وَأذن لَهَا فِي الِاقْتِرَاض والإنفاق عِنْد تعذر الْأَخْذ مِنْهُ وَالرُّجُوع بنظير ذَلِك عَلَيْهِ إِذْنا شَرْعِيًّا ويؤرخ وَإِن كَانَت الْكسْوَة خَارِجَة عَن فرض الْعِصْمَة واتفقا عَلَيْهَا فَيكْتب بهَا فرض مُسْتَقل وَصُورَة فرض بِنَفَقَة الْوَلَد فرض قَرَّرَهُ على نَفسه بِرِضَاهُ فلَان لوَلَده لصلبه فلَان الصَّغِير أَو لولد وَلَده الصَّغِير أَو لولد وَلَده لصلبه فلَان الدارج وَالِده بالوفاة إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى أَو لوَلَده لصلبه فلَان الْبَالِغ الْفَقِير الْعَاجِز عَن الْكسْب الزَّمن فَإِن كَانَ صَغِيرا أَو لَهُ أم مُطلقَة من أَبِيه وَهُوَ فِي حضانتها فَيَقُول الَّذِي فِي حضَانَة والدته فُلَانَة الْمُطلقَة من وَالِده الْمُقَرّر الْمَذْكُور لما يحْتَاج إِلَيْهِ الصَّغِير الْمَذْكُور فِي ثمن طَعَام وإدام وَمَاء وزيت وصابون وأجرتي حمام ومنزل وَكِسْوَة وَأُجْرَة حضَانَة ولوازم شَرْعِيَّة فِي غرَّة كل يَوْم من تَارِيخه كَذَا وَكَذَا مَا دَامَ الْوَلَد الْمَذْكُور فِي حضَانَة والدته الْمَذْكُورَة متصفة بِصِفَات الحاضنات أَو لمُدَّة كَذَا وَكَذَا سنة من تَارِيخه أَو مَا دَامَ الْوَلَد الْمَذْكُور صَغِيرا إِلَى أَن يبلغ أشده أَو إِلَى أَن يَتَّصِف الْمَفْرُوض لَهُ الْمَذْكُور بِصفة الْغَنِيّ وَالْقُدْرَة على الْكسْب وَيبرأ مِمَّا بِهِ من الزمانة وَإِن قدر ذَلِك بِمدَّة فَهُوَ أَجود فِي حق الصَّغِير ثمَّ يَقُول حَسْبَمَا اتّفق الْمقر الْمَذْكُور ووالدة وَلَده أَو وَالِدَة ولد وَلَده الْمَذْكُور أَعْلَاهُ على ذَلِك وتراضيا عَلَيْهِ تقريرا شَرْعِيًّا وَأوجب ذَلِك لوَلَده الْمَفْرُوض لَهُ الْمَذْكُور أَو لولد وَلَده الْمَذْكُور على نَفسه فِي مَاله إِيجَابا شَرْعِيًّا وَأذن للحاضنة الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ فِي الِاقْتِرَاض والإنفاق عِنْد تعذر الْأَخْذ مِنْهُ وَالرُّجُوع بنظير ذَلِك عَلَيْهِ إِذْنا شَرْعِيًّا قبلت ذَلِك مِنْهُ قبولا شَرْعِيًّا وَأقر بالملاءة وَالْقُدْرَة على ذَلِك وَإِن كَانَ الْفَرْض للبالغ الْعَاجِز الزَّمن فَيكون الْإِذْن فِي الِاسْتِدَانَة للمفروض لَهُ صُورَة فرض الرجل لِأَبِيهِ أَو لأمه أَو لجده أَو لمن هُوَ أَعلَى من الْأَبَوَيْنِ من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 178 أصولهما فرض فلَان ابْن فلَان لوالده الْمَذْكُور أَو لجده الْمَذْكُور أَو أَبِيه الْفَقِير الزَّمن الْمَجْنُون أَو الْعَاجِز عَن الْكسْب أَو لوالدته فُلَانَة بنت فلَان أَو لوَاحِد من أُصُوله أَو فروعه بِحكم عَجزه وَفَقره وفاقته وزمانته أَو لكَونه أشل أَو مَجْنُونا لما يحْتَاج إِلَيْهِ الْوَالِد الْمَذْكُور أَو الْجد أَو الوالدة الْمَذْكُورَة فِي ثمن طَعَام وإدام وَمَاء وزيت وصابون وسكر وشراب وأدوية وأجرتي حمام ومنزل وَكِسْوَة ولوازم شَرْعِيَّة وَمَا لَا بُد لَهُ مِنْهُ شرعا فِي غرَّة كل يَوْم يمْضِي من تَارِيخه كَذَا وَكَذَا فرضا شَرْعِيًّا وَأوجب لَهُ ذَلِك فِي مَال نَفسه إِيجَابا شَرْعِيًّا وَأذن لَهُ فِي الِاقْتِرَاض والإنفاق عِنْد تعذر الْأَخْذ مِنْهُ وَالرُّجُوع بنظير ذَلِك عَلَيْهِ إِذْنا شَرْعِيًّا وَأقر بالملاءة وَالْقُدْرَة على ذَلِك ويؤرخ وَإِن كَانَت النَّفَقَة للزَّوْجَة الَّتِي هِيَ فِي الْعِصْمَة ولأولاده مِنْهَا كتب كَمَا تقدم وأضاف الْأَوْلَاد إِلَى الزَّوْجَة فِي التَّقْرِير وَيَأْذَن لَهَا فِي الِاقْتِرَاض والإنفاق على نَفسهَا وعَلى أَوْلَادهَا الْمَذْكُورين ويكمل على نَحْو مَا سبق وَصُورَة إِشْهَاد الزَّوْجَة بِالْإِنْفَاقِ لترجع على الزَّوْج حضر إِلَى شُهُوده فُلَانَة وأشهدت عَلَيْهَا أَن فلَانا تزوج بهَا تزويجا صَحِيحا شَرْعِيًّا وَدخل بهَا وأصابها واستولدها على فرَاشه ولدا يَدعِي فلَان أَو أَوْلَادًا ويسميهم ثمَّ إِنَّه سَافر عَنْهَا وَغَابَ الْغَيْبَة الشَّرْعِيَّة وَلم يتْرك عِنْدهَا نَفَقَة وَلَا أرسل إِلَيْهَا شَيْئا فوصل إِلَيْهَا وَأَنَّهَا من حِين غَابَ عَنْهَا تنْفق على نَفسهَا وعَلى وَلَدهَا مِنْهُ الْمَذْكُورين مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ فِي ثمن طَعَام وإدام إِلَى آخِره وَأَنَّهَا مستمرة فِي الْإِنْفَاق على نَفسهَا أَو على نَفسهَا وَوَلدهَا لَا الْمَذْكُور أَو على أَوْلَادهَا الْمَذْكُورين وَأَن جَمِيع مَا أنفقته وَمَا تنفقه على نَفسهَا وعَلى وَلَدهَا الْمَذْكُور بنية الرُّجُوع على زَوجهَا الْمَذْكُور أَعْلَاهُ عِنْد إيابه من سَفَره ورجوعه إِلَيْهَا غير متبرعة بذلك وَلَا بِشَيْء مِنْهُ وأشهدت على نَفسهَا بذلك فَوَقع الْإِشْهَاد عَلَيْهَا بِهِ على الْوَجْه المشروح أَعْلَاهُ ويؤرخ وَهَذِه الصُّورَة صَحِيحَة عِنْد مَالك وَأحمد صُورَة فرض حَاكم شَرْعِي لأيتام لَهُم مَال من والدهم وإقطاع بِأَيْدِيهِم وَفِي حضَانَة والدتهم فرض سيدنَا فلَان الدّين لأَوْلَاد المرحوم فلَان وهم فلَان وَفُلَان وَفُلَان الصغار الَّذين هم فِي حجر الشَّرْع الشريف فِي حضَانَة والدتهم فُلَانَة فِي مَالهم المخلف لَهُم عَن والدهم الْمَذْكُور أَو فِي مَالهم مُطلقًا برسم طعامهم وشرابهم وإدامهم وحمامهم وزيتهم وصابونهم وَمَا لَا بُد لَهُم مِنْهُ شرعا من اللوازم الشَّرْعِيَّة وَلمن يخدمهم عِنْد والدتهم الحاضنة الْمَذْكُورَة لكل وَاحِد مِنْهُم جَارِيَة وخادم ملك لَهُ مبتاع من مَاله فِي كل شهر يمْضِي من تَارِيخه كَذَا وَكَذَا بِالسَّوِيَّةِ أَثلَاثًا إِن كَانُوا ثَلَاثَة أَو أَربَاعًا إِن كَانُوا أَرْبَعَة أَو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 179 نِصْفَيْنِ إِن كَانُوا اثْنَيْنِ وَفرض لَهُم ولخدامهم فِي مَالهم برسم كسوتهم لفصلي الشتَاء والصيف فِي كل سنة كَذَا وَكَذَا لكل صبي وخادميه كَذَا وَكَذَا مَا هُوَ لنَفسِهِ خَاصَّة كَذَا ولخادميه كَذَا وَفرض أَسْبغ الله ظله وَرفع مَحَله فِي متحصل إقطاعهم الشَّاهِد بِهِ مناشيرهم الشَّرِيفَة لكل وَاحِد مِنْهُم برسم كلفة خيله من جوامك الغلمان وجراياتهم وعليق الْخَيل لكل وَاحِد مِنْهُم فَحل وحجرة وإكديش أَو إكديشان خصيان وبغل وعليق جماله وَهِي قطار كَامِل سِتَّة أجمال وجامكية تبعه فِي الإمرة للَّذي يخرج فِي البياكير والمهمات السُّلْطَانِيَّة عوضه وسد مسده مثله من الْأُمَرَاء العشراوات والعشرينات فِي كل شهر من شهور الْأَهِلّة كَذَا وَكَذَا فَمن ذَلِك مَا هُوَ جامكية الركبدار كَذَا فِي كل شهر وجامكية السايس فِي كل شهر كَذَا وجامكية الْجمال والمهمرد فِي كل شهر كَذَا وجامكية التبع الْمَذْكُور فِي كل شهر كَذَا وَالْبَاقِي وَهُوَ كَذَا فِي كل شهر برسم شعير وتبن برسم عليق الْخَيل وَالْجمال الْمَذْكُورَة يصرف ذَلِك من خَاص الإمرة خَارِجا عَمَّا هُوَ معِين من الإقطاع لعشر مماليك ملازمين الْخدمَة وَالْخُرُوج فِي البياكير والمهمات السُّلْطَانِيَّة حَسْبَمَا يشْهد بِهِ ديوَان الجيوش المنصورة فرضا صَحِيحا شَرْعِيًّا وَأوجب لَهُم ذَلِك فِي مَالهم إِيجَابا شَرْعِيًّا وَأذن لوصيهم الشَّرْعِيّ فلَان الثَّابِت إيصاؤه وأهليته للْوَصِيَّة عَلَيْهِم عِنْده شرعا الْمُتَكَلّم فِي مَالهم وإقطاعهم بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيّ أَن يصرف إِلَى حاضنتهم الْمَذْكُورَة مَا هُوَ مَفْرُوض لَهُم مِمَّا دخل تَحت يَده من مَالهم الْمُنْتَقل إِلَيْهِم بِالْإِرْثِ الشَّرْعِيّ عَن مُورثهم الْمشَار إِلَيْهِ أَعْلَاهُ كل شهر فِي أَوله لتصرفه فِي مصرفه الشَّرْعِيّ على التَّفْصِيل المشروح أَعْلَاهُ وَأذن لَهُ أَن يصرف من متحصل إقطاعهم مَا هُوَ مَفْرُوض فِيهِ برسم مَا ذكر أَعْلَاهُ فِي كل شهر من شهور الْأَهِلّة على حكم التَّفْصِيل الْمعِين أَعْلَاهُ وَإِذا حصلت الْكِفَايَة للكراع الْمَذْكُور بِأَقَلّ مِمَّا عين أَعْلَاهُ صرف الْأَقَل وأضرب عَن الزَّائِد وَأَن يصرف خَارِجا عَن ذَلِك مَا يحْتَاج إِلَيْهِ من قيام ناموس الإمرة من عدَّة وبرك ولبوس وسروج ولجم ومقاود وعبى وَغير ذَلِك مِمَّا لَا بُد مِنْهُ وَلَا يقوم دست الإمرة إِلَّا بِهِ إِذْنا صَحِيحا شَرْعِيًّا وَذَلِكَ بعد أَن ثَبت عِنْد سيدنَا الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَن ضَرُورَة الْمَفْرُوض لَهُم دَاعِيَة إِلَى مثل ذَلِك وَأَن هَذَا الْقدر الْمَفْرُوض لقِيَام دست الإمرة وناموسها هُوَ أقل مَا يفْرض لمثل الْمَفْرُوض لَهُم فِيهِ وَأَن حَالهم لَا يقوم بِأَقَلّ من ذَلِك مَعَ الِاحْتِيَاط الْكَافِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 180 وَالِاجْتِهَاد الوافي ومراعاة جَانب الْأَيْتَام وَحُصُول الْحَظ والمصلحة لَهُم فِي ذَلِك وَأَن الْمَفْرُوض من الجوامك لمن فرضت أُجْرَة الْمثل لمثلهم وَبعد اسْتِيفَاء الشَّرَائِط الشَّرْعِيَّة وَاعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره شرعا وَحضر الْوَصِيّ الْمشَار إِلَيْهِ إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْمشَار إِلَيْهِ واعترف عِنْد الْحَاكِم الْمُسَمّى أَعْلَاهُ أدام الله علاهُ بِالِاحْتِيَاطِ على أَمْوَال الْأَيْتَام الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ وَأَنه تسلمها وأحرزها تَحت يَده وجملتها حَسْبَمَا تشهد بِهِ أوراق الحوطة وَالْمَبِيع المشمولة بخطوط السَّادة الْعُدُول المندوبين لذَلِك من مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْمشَار إِلَيْهِ المخلدة بديوان نظر الْأَيْتَام وَعند الْوَصِيّ الْمشَار إِلَيْهِ نُسْخَة بذلك كَذَا وَكَذَا وَذَلِكَ خَارج عَن الْأَمْلَاك وريعها وَعَن ريع الإقطاعات مِمَّا ذَلِك مُتَوَقف على محاسبة الْوَصِيّ الْمشَار إِلَيْهِ فِي انْقِضَاء كل سنة بعد ذَلِك وَأشْهد سيدنَا الْمشَار إِلَيْهِ على نَفسه الْكَرِيمَة بِمَا نسب إِلَيْهِ أَعْلَاهُ من الْفَرْض وَالْإِذْن وَثُبُوت مَا ثَبت لَدَيْهِ على الحكم المشروح أَعْلَاهُ وَالْوَصِيّ الْمشَار إِلَيْهِ أَعْلَاهُ فِي تَارِيخ كَذَا وَيثبت الْحَاكِم التَّارِيخ والحسبلة بخطة ويتوج أعلا الْفَرْض بِالْإِذْنِ والحمدلة بِخَطِّهِ ويكمل بِالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ بِشُهُود الْمجْلس فَإِن رأى الْحَاكِم أَن يكْتب بِهَذَا الْفَرْض نُسْخَة ويخلدها فِي مجْلِس الحكم كَانَ ذَلِك ضابطا حسنا صُورَة فرض ليتيم وَاحِد فرض سيدنَا فلَان الدّين لفُلَان الْيَتِيم الصَّغِير الَّذِي هُوَ فِي حجر الشَّرْع الشريف أَو فِي حجر الحكم الْعَزِيز أَو فِي حضَانَة والدته فُلَانَة أَو جدته أم أَبِيه أَو أم أمه فُلَانَة أَو خَالَته فُلَانَة أَو غَيْرهنَّ من الحاضنات الشرعيات على تَرْتِيب اسْتِحْقَاق الْحَضَانَة برسم طَعَامه وَشَرَابه إِلَى آخِره فِي كل شهر كَذَا وَفرض لَهُ أَيْضا برسم كسوته فِي كل شهر من تَارِيخه كَذَا وَكَذَا لفصلي الشتَاء والصيف وَثمن أقباع ونعال وَأُجْرَة الْمُؤَدب مَا مبلغه كَذَا فرضا صَحِيحا شَرْعِيًّا وَأوجب لَهُ ذَلِك فِي مَاله إِيجَابا شَرْعِيًّا وَأذن لمن فِي يَده شَيْء من مَاله فِي صرف ذَلِك إِلَى حاضنته الْمَذْكُورَة فِي أول كل شهر لتصرفه عَلَيْهِ بطريقه الشَّرْعِيّ إِذْنا شَرْعِيًّا ويكمل وَيكْتب التَّارِيخ والحسبلة بِخَط الْحَاكِم وَيشْهد عَلَيْهِ بذلك صُورَة فرض ليتيم لَيْسَ لَهُ حاضنة من أَقَاربه وَلَا من أقَارِب أَبِيه وَلَا وَصِيّ فرض سيدنَا فلَان الدّين لفُلَان الْيَتِيم الصَّغِير الَّذِي هُوَ فِي حجر الشَّرْع الشريف الَّذِي أَقَامَ لَهُ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ امْرَأَة مخدرة صينة تحضنه وتربيه وتطعمه إِذا جَاع وتسقيه المَاء إِذا عَطش وَتغَير ثِيَابه إِذا اتسخت بِثِيَاب نظيفة وتغسل الوسخة وتدهن رَأسه وبدنه فِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 181 الْبَيْت وَفِي الْحمام وتفرش تَحْتَهُ وتغطيه إِذا نَام وَهِي فُلَانَة بنت فلَان لعدم وجود حاضنة شَرْعِيَّة من أقَارِب أمه وَلَا من أقَارِب أَبِيه وَلَا وَصِيّ شَرْعِي برسم طعامهما وشرابهما وصابونهما وزيتهما وحمامهما وَأُجْرَة مسكنهما وَأُجْرَة الحاضنة الْمَذْكُورَة وتمريض الصَّغِير الْمَذْكُور وَمَا لَا بُد لَهُ مِنْهُ من لَوَازِم شَرْعِيَّة فِي كل شهر من اسْتِقْبَال يَوْم تَارِيخه كَذَا وَكَذَا فرضا صَحِيحا شَرْعِيًّا وَأوجب لَهُ ذَلِك فِي مَاله إِيجَابا شَرْعِيًّا وَأذن للْقَاضِي فلَان الدّين أَمِين الحكم الْعَزِيز أَو النَّاظر فِي أَمر الْأَيْتَام بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيّ أَن يدْفع إِلَى الحاضنة الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ الْقدر الْمَفْرُوض أَعْلَاهُ من مَال الْيَتِيم الْمَذْكُور المستقر تَحت يَده بديوان الْأَيْتَام فِي كل شهر بشهره إِذْنا شَرْعِيًّا بعد أَن ثَبت عِنْده ثَبت الله مجده أَن الْقدر الْمَفْرُوض أَعْلَاهُ هُوَ فرض الْمثل للْيَتِيم الْمَذْكُور أَعْلَاهُ وحاضنته الْمُسَمَّاة مَعَه أَعْلَاهُ وَأَن ذَلِك مَا يفْرض لمثل الْيَتِيم الْمَذْكُور وحاضنته الثُّبُوت الشَّرْعِيّ وَبعد اسْتِيفَاء الشَّرَائِط الشَّرْعِيَّة وَاعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره شرعا وَأشْهد على نَفسه الْكَرِيمَة بذلك فِي تَارِيخ كَذَا وَيكْتب الْحَاكِم التَّارِيخ والحسبلة بِخَطِّهِ ويكمل صُورَة فرض لأَوْلَاد رجل سَأَلَ الْفَرْض لَهُم فِي مَالهم أَو فِي ريع ملكهم الْمُنْتَقل إِلَيْهِم من أمّهم أَو فِي ريع وقفهم الآيل إِلَيْهِم من أمّهم أَو فِيمَا يكسبه لَهُم وينميه من أَمْوَالهم فرض سيدنَا فلَان الدّين لفُلَان وَفُلَان وفلانة وَيذكر عمر كل وَاحِد مِنْهُم أَوْلَاد فلَان فِي مَالهم الْحَاصِل لَهُم تَحت يَد والدهم الْمَذْكُور الَّذِي جَرّه الْإِرْث الشَّرْعِيّ إِلَيْهِم من والدتهم فُلَانَة أَو فِيمَا فِي ذمَّته لَهُم من صدَاق والدتهم فُلَانَة أَو من دين والدتهم الَّذِي هُوَ فِي ذمَّته أَو من أجور ملكهم المخلف لَهُم عَن والدتهم فُلَانَة أَو من ريع مَا هُوَ وقف عَلَيْهِم برسم طعامهم وشرابهم إِلَى آخِره فِي كل شهر كَذَا فرضا صَحِيحا شَرْعِيًّا بالتماس والدهم الْمَذْكُور مِنْهُ ذَلِك وسؤاله إِيَّاه فِيهِ وَقرر ذَلِك لَهُم فِي مَالهم تقريرا شَرْعِيًّا وأوجبه فِيهِ إِيجَابا شَرْعِيًّا لَازِما مُعْتَبرا مرضيا وَأذن لوالدهم الْمَذْكُور فِي صرف ذَلِك عَلَيْهِم نَفَقَة وَكِسْوَة من مَالهم الْمعِين أَعْلَاهُ حَسْبَمَا عين أَعْلَاهُ إِذْنا شَرْعِيًّا وَذَلِكَ بعد اعْتِرَاف والدهم الْمَذْكُور أَن تَحت يَده من مَالهم وَمن جِهَات استحقاقهم مَا يصرف مِنْهُ ذَلِك الِاعْتِرَاف الشَّرْعِيّ وَوَقع الْإِشْهَاد بذلك ويكمل على نَحْو مَا سبق صُورَة فرض لأيتام تَحت حجر وَصِيّ شَرْعِي فرض سيدنَا فلَان الدّين لفُلَان وَفُلَان وَفُلَان أَيْتَام فلَان وَيذكر أعمارهم الجارين تَحت نظر فلَان ووصيته بِمُقْتَضى الْوَصِيَّة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 182 الشَّرْعِيَّة المسندة إِلَيْهِ من والدهم الْمَذْكُور الْمُتَقَدّم تاريخها على تَارِيخه الثَّابِت مضمونها شرعا بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ وهم الْآن فِي حضَانَة والدتهم فُلَانَة برسم طَعَام وشرابهم إِلَى آخِره فِي كل شهر كَذَا فرضا صَحِيحا شَرْعِيًّا وَأذن لوصيهم الْمَذْكُور فِي دفع ذَلِك من مَالهم الْحَاصِل تَحت يَده إِلَى والدتهم الحاضنة الْمُسَمَّاة أَعْلَاهُ لتصرفه عَلَيْهِم وعَلى خادمهم نَفَقَة وَكِسْوَة حَسْبَمَا عين أَعْلَاهُ إِذْنا شَرْعِيًّا وَإِن كَانَ الْوَصِيّ هُوَ الَّذِي يصرف عَلَيْهِم بِنَفسِهِ فَيَقُول وَأذن لوصيهم الْمَذْكُور فِي صرف ذَلِك عَلَيْهِم بِنَفسِهِ وبمن هُوَ أهل لذَلِك وَإِن كَانَ الْقَبْض وَالصرْف للحاضنة فَيَقُول وَأذن للحاضنة الْمَذْكُورَة فِي الِاقْتِرَاض والإنفاق على الصغار الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ عِنْد تعذر الْأَخْذ من الْوَصِيّ الْمَذْكُور وَالرُّجُوع بِهِ فِي مَال الْأَيْتَام الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ إِذْنا شَرْعِيًّا واعترف الْوَصِيّ الْمَذْكُور أَعْلَاهُ أَن تَحت يَده من مَال الْأَيْتَام الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ مَا يصرف مِنْهُ ذَلِك ويكمل على نَحْو مَا تقدم صُورَة فرض غيبَة لزوجة وَأَوْلَاد فرض سيدنَا فلَان الدّين لفلانة زَوْجَة فلَان الْغَائِب يَوْمئِذٍ عَن مَدِينَة كَذَا الْغَيْبَة الشَّرْعِيَّة الثَّابِتَة عِنْد الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ وَأَوْلَادهَا مِنْهُ فلَان وَفُلَان فِي مَال زَوجهَا الْغَائِب الْمَذْكُور أَعْلَاهُ برسم طعامهم وشرابهم إِلَى آخِره فِي كل يَوْم من تَارِيخه كَذَا وَكَذَا وَقرر لَهُم ذَلِك فِي مَاله تقريرا شَرْعِيًّا تَاما لَازِما مُعْتَبرا مرضيا وَأذن للزَّوْجَة الْمَذْكُورَة فِي قبض ذَلِك من مَاله مِمَّن هُوَ فِي يَده وَفِي الِاقْتِرَاض والإنفاق عِنْد تعذر وصولها إِلَى ذَلِك وإنفاقه على نَفسهَا وعَلى أَوْلَادهَا الْمَذْكُورين وَالرُّجُوع بنظير ذَلِك فِي مَال زَوجهَا الْغَائِب الْمَذْكُور إِذْنا شَرْعِيًّا وَذَلِكَ بعد ثُبُوت مَا ذكر ثُبُوته أَعْلَاهُ وَثُبُوت الزَّوْجِيَّة بَينهمَا عِنْده الثُّبُوت الشَّرْعِيّ وَبعد إحلاف الزَّوْجَة أَن الزَّوْج الْمَذْكُور لم يتْرك عِنْدهَا نَفَقَة وَلَا واصلها بِنَفَقَة وَبعد اسْتِيفَاء الشَّرَائِط الشَّرْعِيَّة وَاعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره شرعا ويكمل على نَحْو مَا سبق وَإِن كَانَت الزَّوْجَة لَيْسَ لَهَا أَوْلَاد أفردها القَاضِي بِالْفَرْضِ وَكتب لَهَا بذلك وَإِن كَانُوا أَوْلَادًا مَحْضا كتب لَهُم بذلك وَذكر حاضنتهم على حسب الْحَال وَمَا اتّفق عَلَيْهِ الْأَمر صُورَة فرض لبالغ تَحت نظر مُتَكَلم فِي مَاله فرض سيدنَا فلَان الدّين لفُلَان الْبَالِغ المستمر على حجر الصَّبِي الَّذِي هُوَ تَحت نظر فلَان الْمُتَكَلّم فِي أمره وَمَاله بِالْإِذْنِ الْكَرِيم العالي الْفُلَانِيّ لما يحْتَاج إِلَيْهِ فِي ثمن طَعَام وإدام إِلَى آخِره فِي كل شهر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 183 كَذَا فرضا صَحِيحا شَرْعِيًّا وَقرر ذَلِك فِي مَاله تقريرا شَرْعِيًّا لَازِما مُعْتَبرا مرضيا وَأذن للمتكلم فِي مَاله الْمَذْكُور أَعْلَاهُ فِي صرف الْقدر الْمَفْرُوض الْمعِين أَعْلَاهُ من مَاله عَلَيْهِ وعَلى خادمه نَفَقَة وَكِسْوَة على الحكم المشروح أَعْلَاهُ إِذْنا شَرْعِيًّا ويكمل على نَحْو مَا سبق صُورَة فرض حكمي إجباري على مَذْهَب أبي حنيفَة لمن يجوز الْفَرْض لَهُ عِنْده وَهُوَ على كل ذِي رحم بالرحم فَتدخل فِيهِ الْخَالَة والعمة خلافًا للباقين فرض سيدنَا فلَان الدّين الْحَنَفِيّ على فلَان لِعَمَّتِهِ أَو خَالَته مثلا فُلَانَة الفقيرة الْكَبِيرَة السن العاجزة عَن تَحْصِيل مَا تسد بِهِ الرمق وَيقوم بأودها أَو لقيمات يقمن صلبها الثَّابِت وصفهَا بِالصّفةِ الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ عِنْد سيدنَا الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ لما تحْتَاج إِلَيْهِ من ثمن طَعَام وإدام إِلَى آخِره فِي كل يَوْم أَو فِي كل شهر كَذَا فرضا صَحِيحا شَرْعِيًّا وَأوجب لَهَا ذَلِك فِي مَاله إِيجَابا شَرْعِيًّا وَأذن لَهَا فِي الِاقْتِرَاض والإنفاق عِنْد تعذر الْأَخْذ مِنْهُ وَالرُّجُوع بنظير ذَلِك عَلَيْهِ إِذْنا شَرْعِيًّا وَحكم أيد الله أَحْكَامه وسدد نقضه وإبرامه لَهَا بذلك حكما شَرْعِيًّا تَاما مرضيا مسؤولا فِيهِ مُسْتَوْفيا شَرَائِطه الشَّرْعِيَّة مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ وَذَلِكَ بعد أَن ترافع الْمَفْرُوض عَلَيْهِ والمفروض لَهَا الْمَذْكُور أَعْلَاهُ إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْمشَار إِلَيْهِ وتصادقا على اتِّصَال الْقَرَابَة بَينهمَا وَأَنَّهَا من ذَوي رَحمَه وطلبها من الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الْفَرْض لَهَا عَلَيْهِ وَاعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره شرعا وَأشْهد على نَفسه الْكَرِيمَة بذلك ويكمل على نَحْو مَا سبق صُورَة فرض على مَذْهَب الإِمَام أَحْمد لمن يجوز لَهُ الْفَرْض عِنْده وَهُوَ كل شَخْصَيْنِ جرى بَينهمَا الْمِيرَاث بِفَرْض أَو تعصيب من الطَّرفَيْنِ كالأبوين وَالْأَوْلَاد وَالإِخْوَة وَالْأَخَوَات كَمَا تقدم ذكره فِي مسَائِل الْخلاف فرض سيدنَا فلَان الدّين الْحَنْبَلِيّ على فلَان التَّاجِر لِابْنِ عمته أُخْت أَبِيه لِأَبَوَيْهِ فلَان الْفَقِير الْمُعسر الَّذِي لَا مَال لَهُ الْعَاجِز عَن الِاكْتِسَاب لكبر سنه فِي مَاله برسم ابْن عمته الْمَذْكُور لما يحْتَاج إِلَيْهِ فِي ثمن طَعَام وإدام إِلَى آخِره فِي كل يَوْم كَذَا إِلَى آخِره فرضا صَحِيحا شَرْعِيًّا وَأوجب لَهُ ذَلِك فِي مَاله إِيجَابا شَرْعِيًّا وَأذن لَهُ فِي الِاقْتِرَاض والإنفاق على نَفسه عِنْد تعذر الْأَخْذ مِنْهُ وَالرُّجُوع على الْمَفْرُوض عَلَيْهِ بنظير ذَلِك إِذْنا شَرْعِيًّا وَذَلِكَ بعد أَن ترافعا إِلَيْهِ ومثلا بَين يَدَيْهِ واعترفا باتصال الْقَرَابَة بَينهمَا وتصادقا عَلَيْهَا تَصَادقا شَرْعِيًّا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 184 وَإِن كَانَ الْمَفْرُوض عَلَيْهِ أنكر الْقَرَابَة وَأقَام الْمَفْرُوض لَهُ بَيِّنَة فَيَقُول وَذَلِكَ بعد أَن ترافعا إِلَيْهِ وَادّعى الْمَفْرُوض لَهُ على المفرض عَلَيْهِ أَنه ابْن عمته أُخْت أَبِيه لِأَبَوَيْهِ وَأَنه فَقير مُعسر لَا مَال لَهُ وَأَنه عَاجز عَن الِاكْتِسَاب وَأنكر الْمَفْرُوض عَلَيْهِ ذَلِك وَأقَام الْمَفْرُوض لَهُ بَيِّنَة شهِدت بذلك وبتشخيصهما عِنْده التشخيص الشَّرْعِيّ وَسمع الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الْبَيِّنَة وَقبلهَا لما رأى مَعَه قبُولهَا وَبعد أَن ثَبت عِنْده فقر الْمَفْرُوض لَهُ وعجزه عَن الِاكْتِسَاب الثُّبُوت الشَّرْعِيّ وَلما تَكَامل ذَلِك عِنْده وَثَبت لَدَيْهِ أحسن الله إِلَيْهِ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ وَفرض الْفَرْض الْمَذْكُور سَأَلَهُ الْمَفْرُوض لَهُ الحكم بذلك وَالْإِجَازَة لَهُ وَالْإِشْهَاد على نَفسه الْكَرِيمَة بِثُبُوت ذَلِك عِنْده وَالْحكم بِهِ فاستخار الله وأجابه إِلَى سُؤَاله لجوازه عِنْده شرعا وَحكم بذلك حكما صَحِيحا شَرْعِيًّا تَاما مُعْتَبرا مرضيا مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ وَبعد اسْتِيفَاء الشَّرَائِط الشَّرْعِيَّة وَاعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره شرعا ويكمل على نَحْو مَا سبق صُورَة فرض لمعتوق على عتيقه على مَذْهَب الإِمَام أَحْمد رَضِي الله عَنهُ سَوَاء كَانَ الْعَتِيق بَالغا ساعيا أَو صَغِيرا لَا يَسْتَطِيع السَّعْي فرض سيدنَا فلَان الدّين الْحَنْبَلِيّ لفُلَان ابْن عبد الله الْبَالِغ أَو الصَّغِير عَتيق فلَان على مُعْتقه الْمَذْكُور برسم طَعَامه وَشَرَابه إِلَى آخِره فِي كل يَوْم أَو فِي كل شهر كَذَا فرضا صَحِيحا شَرْعِيًّا وَأوجب لَهُ ذَلِك فِي مَال مُعْتقه الْمَذْكُور إِيجَابا شَرْعِيًّا وَأذن لَهُ أَن يستدين وَينْفق على نَفسه وَيرجع على مُعْتقه بنظير ذَلِك إِذْنا شَرْعِيًّا وَهَذَا إِذا كَانَ الْمَفْرُوض لَهُ بَالغا أما فِي الصَّغِير فَيَقُول وَجعل الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الْمَفْرُوض لَهُ عِنْد مُعْتقه الْمَذْكُور فَإِن كَانَ مُعْتقه غَائِبا أَو أبي أَن يَجعله عِنْده فَيَقُول الَّذِي وَضعه الْحَاكِم عِنْد ثِقَة أَمِين وَهُوَ فلَان وَأذن لَهُ أَن ينْفق الْقدر الْمَفْرُوض عَلَيْهِ إِلَى أَن يسْعَى إِذْنا شَرْعِيًّا بعد أَن ثَبت عِنْد سيدنَا الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَن الْمَفْرُوض لَهُ الْمَذْكُور عَتيق الْمَفْرُوض عَلَيْهِ أَو بعد أَن اعْترف الْمَفْرُوض عَلَيْهِ الْمَذْكُور أَن الْمَفْرُوض لَهُ عتيقه اعترافا شَرْعِيًّا وَحكم أيد الله أَحْكَامه بِصِحَّة الْفَرْض الْمَذْكُور حكما شَرْعِيًّا مسؤولا فِيهِ مُسْتَوْفيا شَرَائِطه الشَّرْعِيَّة مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ وَأشْهد على نَفسه الْكَرِيمَة بذلك ويكمل على نَحْو مَا سبق صُورَة فرض على مَذْهَب الإِمَام أَحْمد للْوَلَد الْبَالِغ على أَبِيه فَإِنَّهُ قَالَ لَا تسْقط نَفَقَة الْوَلَد عَن أَبِيه وَإِن بلغ ذكرا كَانَ أَو أُنْثَى إِذا لم يكن لَهُ كسب وَلَا مَال خلافًا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 185 لأبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ فِي الذّكر وَالْأُنْثَى وَخِلَافًا لمَالِك فِي الذّكر فَإِنَّهُ قَالَ لَا تسْقط نَفَقَة الْجَارِيَة عَن أَبِيهَا وَإِن تزوجت حَتَّى يدْخل بهَا الزَّوْج وَيتَفَرَّع على ذَلِك صور وَهِي فرض الصَّغِير إِذا كَانَت لَهُ قرَابَة مثل أم وجد فالنفقة تفرض لَهُ على الْأُم وَالْجد أَثلَاثًا وَإِن كَانَ شَيخا كَبِيرا وَله ابْن وَبنت فالفرض لَهُ عَلَيْهِمَا أَثلَاثًا وَأما إِذا كَانَ لَهُ بنت وَابْن ابْن فَقَالَ أَبُو حنيفَة الْفَرْض على الْبِنْت وَحدهَا وَقَالَ أَحْمد هُوَ عَلَيْهِمَا بِالسَّوِيَّةِ وَإِن كَانَ لَهُ أم وَبنت فَقَالَا النَّفَقَة عَلَيْهِمَا أَربَاعًا الرّبع على الْأُم وَالْبَاقِي على الْبِنْت خلافًا للشَّافِعِيّ فَإِن النَّفَقَة عِنْده على الذُّكُور خَاصَّة من الْأُصُول وَالْفُرُوع وَعند مَالك أَن النَّفَقَة على أَوْلَاد الصلب الذّكر وَالْأُنْثَى مِنْهُم سَوَاء إِذا اسْتَويَا فِي الْيَسَار فَإِن كَانَ أَحدهمَا واجدا وَالْآخر فَقِيرا فالنفقة على الْوَاجِد وَقد تقدم هَذَا التَّفْرِيق فِي مسَائِل الْخلاف من هَذَا الْبَاب مَبْسُوطا فَإِذا أَرَادَ الْعَمَل فِي صُورَة من هَذِه الصُّور المتفرعة نسخ على المنوال السَّابِق وأتى فِي كل صُورَة بصيغها الَّتِي تعْتَبر فِيهَا وتليق بهَا صُورَة فرض على مُبَاشرَة نظر أَو تدريس أَو غير ذَلِك فرض سيدنَا فلَان الدّين أَو هَذَا فرض فَرْضه سيدنَا فلَان الدّين أَو هَذَا مَا أشهد بِهِ على نَفسه الْكَرِيمَة سيدنَا فلَان الدّين أَنه فرض لفُلَان الدّين على مُبَاشرَة وَظِيفَة النّظر فِي الْمدرسَة الْفُلَانِيَّة الْمَنْسُوب إيقافها إِلَى فلَان على مَذْهَب الإِمَام فلَان وقيامه بالوظيفة الْمَذْكُورَة أُسْوَة أَمْثَاله من النظار من عمل مصالحها وعمارتها وَعمارَة أوقافها وتنمية ريعها وَصَرفه فِي مصارفه الشَّرْعِيَّة على مستحقيه من مدرس ومعيدين وفقهاء وأرباب الْوَظَائِف بهَا أَوَان الْوُجُوب والاستحقاق وَاعْتِبَار أَحْوَال المرتبين بهَا والتزام كل وَاحِد مِنْهُم بِالْقيامِ بوظيفته وملازمتها وأدائها على الْوَجْه الْمُعْتَبر فِي مثلهَا بِنَفسِهِ أَو بنوابه الْعُدُول الثِّقَات الثّمن كَامِلا من ريع أوقافها أَو السُّدس أَو الرّبع أَو أقل أَو أَكثر فِي كل سنة من السنين بعد صرف مَا تحْتَاج إِلَيْهِ الْمدرسَة الْمَذْكُورَة فِي عمارتها وَعمارَة أوقافها فرضا صَحِيحا شَرْعِيًّا وَأذن لَهُ فِي تنَاول ذَلِك من ريع وقف الْمدرسَة الْمَذْكُورَة لنَفسِهِ على قِيَامه بالوظيفة الْمشَار إِلَيْهَا إِذْنا شَرْعِيًّا مسؤولا فِيهِ مُسْتَوْفيا شَرَائِطه الشَّرْعِيَّة وواجباته الْمُعْتَبرَة المرضية الجزء: 2 ¦ الصفحة: 186 وَإِن كَانَ الْفَرْض للمدرس فَيَقُول على مُبَاشرَة وَظِيفَة التدريس بِالْمَدْرَسَةِ الْفُلَانِيَّة وإلقاء الدَّرْس بهَا على الْفُقَهَاء والمتفقهة كَذَا وَكَذَا فِي كل سنة من متحصل أوقاف الْمدرسَة الْمَذْكُورَة من أجور مسقفات وَثمن مغلات وَغير ذَلِك وَأشْهد على نَفسه الْكَرِيمَة بذلك فِي تَارِيخ كَذَا وَيكْتب التَّارِيخ والحسبلة بِخَطِّهِ وَيكْتب فِي أعلا الطرة على يسَار الْبَسْمَلَة فرضت ذَلِك وأذنت فِيهِ على الْوَجْه الشَّرْعِيّ ويكمل بِالْإِشْهَادِ على نَحْو مَا سبق وَالله أعلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 187 كتاب الْحَضَانَة وَمَا يتَعَلَّق بهَا من الْأَحْكَام الْحَضَانَة حفظ من لَا يسْتَقلّ بِنَفسِهِ وتربيته بِمَا يصلحه ووقايته عَمَّا يُؤْذِيه وَهِي ولَايَة لَكِنَّهَا بالإناث أليق وأولاهن الْأُم وَشَرطهَا الْعَدَالَة وَالْحريَّة وَالْإِسْلَام للْمُسلمِ فَلَو كَانَ مُسلما وَالأُم كَافِرَة فحضانته لأقاربه الْمُسلمين فَإِن لم يكن فعلى الْمُسلمين والمؤنة فِي مَاله فَإِن لم يكن فعلى أمه إِن كَانَت موسرة وَإِلَّا فَهُوَ من محارم الْمُسلمين وَولد الذميين أمه أَحَق بحضانته فَإِن وصف بِالْإِسْلَامِ نزع مِنْهُم والمحضون من لَا يسْتَقلّ بمراعاة نَفسه وَلَا يَهْتَدِي لمصالحه لصِغَر أَو جُنُون أَو خبل وَقلة تَمْيِيز فَإِذا بَانَتْ الزَّوْجَة وَبَينهمَا ولد نظرت فَإِن كَانَ بَالغا رشيدا لم يجْبر على الْكَوْن مَعَ أَحدهمَا بل يجوز لَهُ أَن ينْفَرد عَنْهُمَا إِلَّا أَن الْمُسْتَحبّ لَهُ أَن ينْفَرد عَنْهُمَا كَيْلا يَنْقَطِع بره وخدمته عَنْهُمَا وَهل يكره لَهُ الِانْفِرَاد عَنْهُمَا ينظر فِيهِ فَإِن كَانَ رجلا لم يكره لَهُ الِانْفِرَاد عَنْهُمَا وَإِن كَانَت امْرَأَة فَإِن كَانَت بكرا كره لَهَا الِانْفِرَاد عَنْهُمَا لِأَنَّهَا لم تجرب الرِّجَال وَلَا يُؤمن أَن تخدع وَإِن كَانَت ثَيِّبًا فَارقهَا زَوجهَا لم يكره لَهَا الِانْفِرَاد عَنْهُمَا لِأَنَّهَا قد جربت الرِّجَال وَلَا يخْشَى عَلَيْهَا أَن تخدع وَقَالَ مَالك يجب على الِابْنَة أَن لَا تفارق أمهَا حَتَّى تتَزَوَّج وَيدخل بهَا الزَّوْج وَمَوْضِع الدَّلِيل أَنَّهَا إِذا بلغت رَشِيدَة ارْتَفع الْحجر عَنْهَا فَكَانَ لَهَا أَن تنفرد بِنَفسِهَا وَلَا اعْتِرَاض عَلَيْهَا كَمَا لَو تزوجت من بَانَتْ مِنْهُ وَإِن كَانَ الْوَلَد صَغِيرا لَا يُمَيّز وَهُوَ الَّذِي لَهُ دون سبع أَو أَكثر إِلَّا أَنه مَجْنُون أَو مختلط الْعقل وَجَبت حضانته لِأَنَّهُ إِذا ترك مُنْفَردا ضَاعَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 188 والحضانة هِيَ كَفَالَة الطِّفْل وَالْأَصْل فِيهَا قَوْله تَعَالَى {وكفلها زَكَرِيَّا} وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كفله أَبُو طَالب وحضنته حليمة مُدَّة رضاعه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ونتيجة الْحَضَانَة حفظ من لَا يسْتَقلّ بأموره كَمَا تقدم وَالأُم أولى بهَا ثمَّ أمهاتها المدليات بالإناث وَيقدم مِنْهُم الْقُرْبَى فالقربى والجديد أَنه يقدم بعدهن أم الْأَب ثمَّ أمهاتها المدليات بالإناث ثمَّ أم أَب الْأَب كَذَلِك ثمَّ أم أَب الْجد كَذَلِك وَتقدم الْأَخَوَات على الخالات والخالات على بَنَات الْأَخَوَات وَتقدم بَنَات الْإِخْوَة وَبَنَات الْأَخَوَات على العمات وَتقدم الْأُخْت من الْأَبَوَيْنِ على الْأُخْت من الْأَب وَالْأُخْت من الْأُم وَتقدم الْأُخْت من الْأَب على الْأُخْت من الْأُم وَتقدم الْخَالَة والعمة من الْأَب على الْخَالَة والعمة من الْأُم وَأما الذُّكُور فالمحرم الْوَارِث كَالْأَبِ وَالْجد وَالْأَخ وَابْن الْأَخ وَالْعم لَهُم الْحَضَانَة كترتيب الْعَصَبَات وَالْوَارِث الَّذِي لَيْسَ بِمحرم كَابْن الْعم لَهُ الْحَضَانَة لَكِن إِن كَانَت صَغِيرَة فِي حد تشْتَهى لم تسلم إِلَيْهِ بل إِلَى بنته أَو امْرَأَة ثِقَة بِعَينهَا وَالْأَظْهَر أَن الْمحرم الَّذِي لَيْسَ بوارث كالخال وَأبي الْأُم والقريب الَّذِي لَيْسَ بوارث وَلَا محرم كَابْن الْخَال وَابْن الْعمة لَا حضَانَة لَهما وَإِذا اجْتمع الذُّكُور وَالْإِنَاث من أهل للحضانة فَإِن كَانَت فيهم الْأُم فَهِيَ أولى من غَيرهَا وَأم الْأُم عِنْد فقدها فِي مَعْنَاهَا وَالْأَب أولى من الْجدَّات من قبله وَكَذَا من الْخَالَة وَالْأُخْت المدلية بِالْأُمِّ وَتقدم الْأُصُول على الْأَقَارِب الواقعين على حَوَاشِي النّسَب فَإِذا فقدت الْأُصُول فَالْأَظْهر تقدم الْأَقْرَب فَالْأَقْرَب فَإِن اسْتَوَى اثْنَان فِي الْقرب فالتقديم للأنوثة فَإِن اسْتَويَا من كل وَجه فَيقطع النزاع بِالْقُرْعَةِ وَيشْتَرط فِي ثُبُوت حق الْحَضَانَة الْإِسْلَام وَالْعقل وَالْحريَّة وَالْعَدَالَة كَمَا تقدم فَلَا حضَانَة للمجنونة والرقيقة والكافرة وَلَا الفاسقة وَلَو نكحت أم الطِّفْل بعد فِرَاق أَبِيه أَجْنَبِيّا بطلت حضانتها وَلَا أثر لرضى الزَّوْج وَلَو نكحت عَم الطِّفْل أَو ابْن أَخِيه أَو ابْن عمته فالأشبه أَنه لَا يبطل حَقّهَا من الْحَضَانَة وَهل يشْتَرط لاستحقاقها الْحَضَانَة أَن ترْضع الْوَلَد إِذا كَانَ رضيعا فَأجَاب الْأَكْثَرُونَ بالاشتراط الجزء: 2 ¦ الصفحة: 189 وَإِذا أسلمت الْكَافِرَة أَو أفاقت الْمَجْنُونَة أَو عتقت الْأمة أَو حسن حَال الفاسقة ثَبت لَهَا حق الْحَضَانَة وَإِذا طلقت الْمَرْأَة بعد مَا سقط حَقّهَا من الْحَضَانَة بِالنِّكَاحِ عَاد اسْتِحْقَاقهَا للحضانة وَلَو غَابَتْ الْأُم أَو امْتنعت من الْحَضَانَة انْتقل حق الْحَضَانَة إِلَى الْجدّة الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب اتّفق الْأَئِمَّة رَحِمهم الله تَعَالَى على أَن الْحَضَانَة تثبت للْأُم مَا لم تتَزَوَّج وَإِذا تزوجت وَدخل بهَا الزَّوْج سَقَطت حضانتها وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا طلقت بعد طَلَاقا بَائِنا هَل تعود حضانتها فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ تعود وَقَالَ مَالك فِي الْمَشْهُور عَنهُ لَا تعود بِالطَّلَاق وَإِذا افترق الزَّوْجَانِ وَبَينهمَا ولد قَالَ أَبُو حنيفَة فِي إِحْدَى روايتيه الْأُم أَحَق بالغلام حَتَّى يسْتَقلّ بِنَفسِهِ فِي مطعمه ومشربه وملبسه ووضوئه واستنجائه ثمَّ الْأَب أَحَق وَالأُم أَحَق بِالْأُنْثَى إِلَى أَن تبلغ وَلَا يجْبر وَاحِد مِنْهُمَا وَقَالَ مَالك الْأُم أَحَق بِالْأُنْثَى إِلَى أَن تتَزَوَّج وَيدخل بهَا الزَّوْج وبالغلام أَيْضا فِي الْمَشْهُور عَنهُ إِلَى الْبلُوغ وَقَالَ الشَّافِعِي الْأُم أَحَق بهما إِلَى سبع سِنِين ثمَّ يخيران فَمن اختاراه كَانَا عِنْده وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا الْأُم أَحَق بالغلام إِلَى سبع ثمَّ يُخَيّر وَالْجَارِيَة بعد السَّبع تجْعَل مَعَ الْأُم بِلَا تَخْيِير وَالرِّوَايَة الْأُخْرَى كمذهب أبي حنيفَة وَالْأُخْت من الْأَب هَل هِيَ أولى بالحضانة أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة الْأُخْت من الْأُم أولى من الْأُخْت للْأَب وَمن الْخَالَة للْأُم وَالْخَالَة أولى من الْأُخْت وَقَالَ مَالك الْخَالَة أولى مِنْهُمَا وَالْأُخْت من الْأُم أولى من الْأُخْت للْأَب وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد الْأُخْت للْأَب أولى من الْأُخْت للْأُم وَمن الْخَالَة فصل وَإِذا أخذت الْأُم الطِّفْل بالحضانة فَأَرَادَ الْأَب السّفر بولده بنية الاستيطان فِي بلد آخر فَهَل لَهُ أَخذ الْوَلَد مِنْهَا أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة لَيْسَ لَهُ ذَلِك وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد فِي الْمَشْهُور عَنهُ لَهُ ذَلِك فَإِذا كَانَت الزَّوْجَة هِيَ المنتقلة بِوَلَدِهَا قَالَ أَبُو حنيفَة لَهَا أَن تنْتَقل بِشَرْطَيْنِ أَحدهمَا أَن تنْتَقل إِلَى بَلَدهَا وَالثَّانِي أَن يكون العقد ببلدها الَّذِي تنْتَقل إِلَيْهِ فَإِذا فَاتَ أحد الشَّرْطَيْنِ منعت إِلَّا بِوَضْع يُمكن لِأَبِيهِ الْمُضِيّ إِلَيْهِ وَيعود قبل اللَّيْل فَإِن كَانَ انتقالها إِلَى دَار حَرْب أَو من مصر إِلَى سَواد وَإِن قرب منعت أَيْضا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 190 وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد فِي إِحْدَى روايتيه الْأَب أَحَق بولده سَوَاء كَانَ الْمُنْتَقل هِيَ أَو هُوَ وَعَن أَحْمد رِوَايَة أُخْرَى أَن الْأُم أَحَق بِهِ مَا لم تتَزَوَّج اه المصطلح وَمَا يشْتَمل عَلَيْهِ من الصُّور صُورَة حضَانَة أَهْلِيَّة صادرة بِالتَّرَاضِي بَين وَالِد الطِّفْل وَبَين الحاضنة الشَّرْعِيَّة حضر إِلَى شُهُوده فِي يَوْم تَارِيخه فلَان ومطلقته الطَّلقَة الْوَاحِدَة الأولى الْبَائِن أَو الثَّانِيَة المسبوقة بِأولى الْبَائِن أَو الطَّلقَة الثَّالِثَة المكملة لعدد الطَّلَاق الثَّلَاث فلَان وَأشْهد عَلَيْهِ أَنه كَانَ قد تزوج بفلانة الْمَذْكُورَة من قبل تَارِيخه تزويجا شَرْعِيًّا وَدخل بهَا وأصابها وأولدها على فرَاشه ولدا ذكرا يُسمى فلَان أَو أُنْثَى تسمى فُلَانَة الْمُقدر عمره أَو عمرها يَوْمئِذٍ كَذَا وَكَذَا سنة أَو الْمُرْضع أَو الفطيم وَبَانَتْ مِنْهُ بِالطَّلَاق الْمعِين أَعْلَاهُ وَأَن والدته الْمَذْكُورَة أهل للحضانة وَأَنه سلم إِلَيْهَا وَلَده الْمَذْكُور لتحضنه مَا دَامَت متصفة بِصِفَات الحاضنات وَتقوم بمصالحه وَغسل ثِيَابه وَرَأسه ودهنه وكحله وتنظيفه وتغيير ثِيَابه والفرش لَهُ وتغطيته إِذا نَام وَالْقِيَام بمصالحه وتربيته مُقِيمَة بِهِ فِي الْمسكن الْفُلَانِيّ لما يعلم من خَيرهَا ودينها وعفتها وسدادها وشفقتها فتسلمته بِمُقْتَضى مَالهَا من حضانته على الْوَجْه الشَّرْعِيّ بِحكم اتصافها بهَا الاتصاف الشَّرْعِيّ تسلما شَرْعِيًّا وتصادقا على ذَلِك كُله تَصَادقا شَرْعِيًّا وَإِن كَانَ فرض للْوَلَد فرضا فَيَقُول وَفرض وَالِد الطِّفْل الْمَذْكُور لوَلَده الْمَذْكُور على نَفسه بِرِضَاهُ لما يحْتَاج إِلَيْهِ فِي ثمن طَعَام وإدام إِلَى آخِره وبرسم حضَانَة حاضنته الْمَذْكُورَة وخادمه الْقَائِم بِقَضَاء حَوَائِجه وَشِرَاء مَا يحْتَاج إِلَى شِرَائِهِ من الطَّعَام وَالشرَاب وَغير ذَلِك من اللوازم الشَّرْعِيَّة وَمَا لَا بُد لَهُ ولخادمه مِنْهُ شرعا فِي كل يَوْم كَذَا لمُدَّة كَذَا فرضا شَرْعِيًّا حَسْبَمَا اتّفق وَالِد الطِّفْل الْمَذْكُور ووالدته الْمَذْكُورَة على ذَلِك وتراضيا عَلَيْهِ وَأقر بالملاءة وَالْقُدْرَة على ذَلِك وَأذن لَهَا فِي الِاقْتِرَاض والإنفاق إِلَى آخِره ويكمل ويؤرخ على نَحْو مَا سبق وَكَذَلِكَ يكْتب فِي جَمِيع الحضانات على التَّرْتِيب الْمعِين فِي اسْتِحْقَاق الْحَضَانَة من الْأُمَّهَات والجدات وَالْأَخَوَات والخالات هَذَا إِذا اتفقَا على أَهْلِيَّة الْحَضَانَة وَأما إِذا اخْتلفَا فِيهَا فَلَا بُد من ترافعهما إِلَى حَاكم شَرْعِي وتدعي عِنْده على وَالِد الطِّفْل وتقيم الْبَيِّنَة عِنْده أَنَّهَا سالكة الطَّرِيق الحميدة والمناهج السديدة وَأَنَّهَا مواظبة على الصَّلَوَات الْخمس فِي أَوْقَاتهَا أهل لحضانة وَلَدهَا فلَان الَّذِي رزقته من مُطلقهَا فلَان الْمُدَّعِي عَلَيْهِ الْمَذْكُور متصفة بِصفة الْأَهْلِيَّة الْمُعْتَبرَة شرعا من الْخدمَة والشفقة وَالرِّعَايَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 191 والسداد وَالْقِيَام بمصلحة الْوَلَد الْمَذْكُور لَيْلًا وَنَهَارًا وَتقول فِي دَعْوَاهَا وَأَنه أَرَادَ انتزاع الْوَلَد مِنْهَا وَقد آلت الْحَضَانَة إِلَيْهَا وتسأل إبْقَاء وَلَدهَا عِنْدهَا وَفِي حضانتها فَإِن أجَاب بِصِحَّة دَعْوَاهَا وَإِلَّا فتقيم الْبَيِّنَة عِنْده وَتثبت لَدَيْهِ وَيبقى الْوَلَد عِنْد الْأُم ويأمره الْحَاكِم بِعَدَمِ التَّعَرُّض لَهَا فِي أَخذ وَلَده مِنْهَا وتسأل الْحَاكِم أَن يحكم لَهَا بذلك بعد الْإِعْذَار إِلَيْهِ وَإِن حصلت الدَّعْوَى وَلم تحضر وَالِدَة الطِّفْل شُهُودًا يشْهدُونَ بأهليتها وأحضر الْوَالِد شُهُودًا يشْهدُونَ بِعَدَمِ أهليتها فَتكون الدَّعْوَى من الْوَالِد على الوالدة وَيذكر فِي دَعْوَاهُ قصد انْتِزَاعه مِنْهَا بِحكم أَنَّهَا لم تكن أَهلا لحضانة الْوَلَد الْمَذْكُور فَإِن صدقته انتزعه مِنْهَا وَإِن كَذبته أَقَامَ الْبَيِّنَة أَنَّهَا مفرطة فِيمَا يجب عَلَيْهَا من حُقُوق الْكفَالَة لولدها فلَان الْمَذْكُور من الصيانة وَالنَّظَر فِي أَحْوَاله فِي اللَّيْل وَالنَّهَار والخدمة وَأَنَّهَا تتركه فِي الْبَيْت وَالْبَاب مغلق عَلَيْهِ وَحده وَهُوَ صارخ وتغيب عَنهُ فِي قَضَاء حوائجها عِنْد الْجِيرَان فِي أَكثر الْأَوْقَات وَهِي غير مواظبة على الصَّلَوَات الْخمس فِي أَوْقَاتهَا مرتكبة مَا يُخرجهَا عَن أَهْلِيَّة الْحَضَانَة لولدها الْمَذْكُور وتقام الشَّهَادَة بذلك بحضورها ويعذر إِلَيْهَا الْحَاكِم وَيسْأل القَاضِي الحكم لَهُ بذلك وبسقوط حضانتها للْوَلَد وانتزاعه مِنْهَا وتسليمه لَهُ بِمُقْتَضى مَا ثَبت عَلَيْهَا من عدم أهليتها لذَلِك فَيحكم لَهُ الْحَاكِم بِمُوجب ذَلِك وَيسلم الْوَلَد لَهُ بعد انْتِزَاعه من والدته فَإِذا حسن حَالهَا وَصَارَت أَهلا للحضانة فَلَا بُد من كِتَابَة محْضر صورته شُهُوده يعْرفُونَ فُلَانَة معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنَّهَا قد حسنت سيرتها وَصَارَت مواظبة على الصَّلَوَات الْخمس مسددة فِي أفعالها وأقوالها وَأَحْوَالهَا مُقِيمَة فِي بَيتهَا لَا تخرج مِنْهُ إِلَّا لضَرُورَة شَرْعِيَّة وتعود سَرِيعا أَهلا للحضانة لولدها فلَان وللنظر فِي أَحْوَاله وتربيته كَغَيْرِهَا من الحاضنات الجيدات مَعَ سلوك الطَّرِيق الحميدة والمناهج السديدة وَالْعَمَل بتقوى الله وطاعته وَأَنَّهَا صَارَت متصفة بِصِفَات حميدة توصلها إِلَى أهليتها لحضانة وَلَدهَا الْمَذْكُور اتصافها بهَا الاتصاف الشَّرْعِيّ وَثَبت هَذَا الْمحْضر عِنْد الْحَاكِم وَيَدعِي على الْوَلَد وَينْزع الْوَلَد مِنْهُ وَيسلم إِلَيْهَا وَيحكم لَهَا بذلك ويكمل على نَحْو مَا سبق صُورَة حضَانَة أَهْلِيَّة وَتَقْرِير فرض لمطلقة عازبة أَو مُزَوّجَة مسافرة أَو مُقِيمَة على مَذْهَب الإِمَام مَالك رَحمَه الله تَعَالَى قرر فلَان لوَلَده فلَان الَّذِي رزقه على فرَاشه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 192 قبل تَارِيخه من مطلقته فُلَانَة الْمُقدر عمره يَوْمئِذٍ كَذَا أَو الرَّضِيع أَو الفطيم الَّذِي هُوَ فِي حضَانَة والدته الْمُطلقَة الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ لما يحْتَاج إِلَيْهِ الْوَلَد الْمَذْكُور فِي ثمن طَعَام وإدام وَمَاء وزيت وصابون وأجرتي حمام ومنزل وَكِسْوَة ولوازم شَرْعِيَّة لمُدَّة كَذَا وَكَذَا سنة من تَارِيخه فِي غرَّة كل يَوْم يمْضِي من تَارِيخه من الْفُلُوس الجدد عشرَة دَرَاهِم مثلا تقريرا شَرْعِيًّا حَسْبَمَا اتّفق هُوَ ومطلقته الْمَذْكُورَة على ذَلِك وتراضيا عَلَيْهِ وَأقر بالملاءة وَالْقُدْرَة على ذَلِك وَأذن الْمُقَرّر الْمَذْكُور أَعْلَاهُ لمطلقته الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ فِي الِاقْتِرَاض والإنفاق عِنْد تعذر الْأَخْذ مِنْهُ وَالرُّجُوع بنظير ذَلِك عَلَيْهِ إِذْنا شَرْعِيًّا ثمَّ بعد ذَلِك ولزومه شرعا التزمت الْمُطلقَة الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ بِالْقيامِ لولدها الْمَذْكُور أَعْلَاهُ عَن وَالِده الْمُقَرّر الْمَذْكُور أَعْلَاهُ فِي غرَّة كل يَوْم يمْضِي من تَارِيخه بِمَا مبلغه خَمْسَة دَرَاهِم مثلا أَو أقل من جملَة التَّقْرِير الْمعِين أَعْلَاهُ وَذَلِكَ فِي نَظِير إبْقَاء الْوَلَد الْمَذْكُور أَعْلَاهُ بِيَدِهَا وَفِي حضانتها تحضنه وتكفله لطول الْمدَّة الْمعينَة أَعْلَاهُ عزبا كَانَت أَو متزوجة مسافرة كَانَت أَو مُقِيمَة مُسَافِرًا كَانَ هُوَ أَو مُقيما التزاما شَرْعِيًّا على مَذْهَب من يرى ذَلِك من السَّادة الْعلمَاء رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ وَرَضي الْمُقَرّر الْمَذْكُور أَعْلَاهُ بذلك وَأقر الْوَلَد الْمَذْكُور بيد والدته الْمُطلقَة الْمَذْكُورَة تكفله وتحضنه على الحكم المشروح أَعْلَاهُ لطول الْمدَّة الْمعينَة أَعْلَاهُ لما علم لنَفسِهِ ولولده الْمَذْكُور فِي ذَلِك من الْحَظ والمصلحة وَأسْقط حَقه من طلب الْوَلَد الْمَذْكُور وَمن السّفر بِهِ من بلد كَذَا إِلَى بلد كَذَا وَإِلَى غَيره من الْجِهَات عِنْد قَصده السّفر بِنَفسِهِ وبوكيله لطول الْمدَّة الْمعينَة أَعْلَاهُ إِسْقَاطًا شَرْعِيًّا قبلت ذَلِك مِنْهُ قبولا شَرْعِيًّا وأقرت بالملاءة وَالْقُدْرَة على ذَلِك وبمعرفة معنى الِالْتِزَام المشروح أَعْلَاهُ وَمَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ شرعا واعترف الْمُطلق الْمَذْكُور أَن مطلقته الْمَذْكُورَة أهل للحضانة متصفة بِصِفَات الحاضنات وَلما تَكَامل ذَلِك ادّعى بِهِ بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ الْمَالِكِي وَثَبت اعْتِرَاف كل مِنْهُمَا بذلك لَدَيْهِ أحسن الله إِلَيْهِ بِشَهَادَة شُهُوده الواضعين خطوطهم آخِره بِالشَّهَادَةِ عَلَيْهِ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ وتشخيصها عِنْده التشخيص الشَّرْعِيّ واعتراف كل مِنْهُمَا بِعَدَمِ الدَّافِع والمطعن لذَلِك وبشيء مِنْهُ الِاعْتِرَاف الشَّرْعِيّ وَحكم أيد الله أَحْكَامه بِمُوجب ذَلِك حكما شَرْعِيًّا تَاما مُعْتَبرا مرضيا مسؤولا فِيهِ مُسْتَوْفيا شَرَائِطه الشَّرْعِيَّة وَاعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره شرعا مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ فِيمَا فِيهِ الْخلاف من ذَلِك وَبِه تمّ الْإِشْهَاد فِي تَارِيخ كَذَا صُورَة حضَانَة للجدة أم الْأُم إِذا كَانَت متزوجة بالجد أبي الْأُم على مَذْهَب الإِمَام الجزء: 2 ¦ الصفحة: 193 أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى حضرت إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز بَين يَدي سيدنَا فلَان الدّين الْحَنَفِيّ فُلَانَة وأحضرت مَعهَا ابْنَتهَا لبطنها فُلَانَة بنت فلَان زوج المدعية الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ يَوْمئِذٍ وَادعت عَلَيْهَا لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَنَّهَا تزوجت التَّزْوِيج الشَّرْعِيّ بأجنبي وَأَنَّهَا سَقَطت حضانتها لولدها الصَّغِير الفطيم فلَان ابْن فلَان وَأَنَّهَا الْآن هِيَ الْمُسْتَحقَّة لحضانة الصَّغِير الْمَذْكُور وَسَأَلت سُؤال ابْنَتهَا الْمَذْكُورَة عَن ذَلِك فَسَأَلَهَا الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ عَن ذَلِك فَأجَاب بالاعتراف فَسَأَلت المدعية الْمَذْكُورَة سيدنَا الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الحكم لَهَا بحضانة الصَّغِير الْمَذْكُور مَعَ كَونهَا مُزَوّجَة بالجد أبي الْأُم لموافقة ذَلِك مذْهبه ومعتقده فأجابها إِلَى سؤالها وَحكم لَهَا بحضانته حكما شَرْعِيًّا تَاما مُعْتَبرا مرضيا مسؤولا فِيهِ مُسْتَوْفيا شَرَائِطه الشَّرْعِيَّة وَاعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره شرعا مَعَ الْعلم الْخلاف فِيمَا فِيهِ الْخلاف من ذَلِك من اسْتِحْقَاق الْجدّة الْحَضَانَة مَعَ كَونهَا متزوجة بِأبي الْأُم وأمرها بِتَسْلِيم الصَّغِير الْمَذْكُور أَعْلَاهُ لجدته الْمَذْكُورَة فسلمته لَهَا فتسلمته مِنْهَا تسلما شَرْعِيًّا ويكمل على نَحْو مَا سبق صُورَة حضَانَة الْمَرْأَة وَلَدهَا بعد سُقُوط حَقّهَا من الْحَضَانَة بِالنِّكَاحِ وطلاقها من الزَّوْج وعود الِاسْتِحْقَاق إِلَيْهَا بِالطَّلَاق خلافًا لمَالِك حضرت إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ بَين يَدي سيدنَا فلَان الدّين الشَّافِعِي أَو الْحَنَفِيّ أَو الْحَنْبَلِيّ فُلَانَة وأحضرت مَعهَا مُطلقهَا فلَان وَادعت عَلَيْهِ أَنه تزوج بهَا تزويجا صَحِيحا شَرْعِيًّا وَدخل بهَا وأصابها وأولدها على فرَاشه ولدا يَدعِي فلَان الثلاثي الْعُمر أَو الرباعي وَبَانَتْ مِنْهُ بِالطَّلَاق الْفُلَانِيّ من قبل تَارِيخه وَأَنَّهَا تسلمت وَلَدهَا الْمَذْكُور مِنْهُ بعد الطَّلَاق بمالها من حق الْحَضَانَة الشَّرْعِيَّة ثمَّ إِنَّهَا بعد ذَلِك نكحت رجلا آخر يَدعِي فلَان وَسقط حَقّهَا من الْحَضَانَة لولدها الْمَذْكُور بِمُقْتَضى ذَلِك وَأَن وَالِده الْمَذْكُور انتزعه من يَدهَا بعد مَا نكحت فلَانا الْمَذْكُور ثمَّ إِنَّهَا طلقت من الناكح الْمَذْكُور طَلَاقا بَائِنا وَأَنَّهَا حَال الدَّعْوَى خَالِيَة عَن الزَّوْج وَأَنَّهَا تسْتَحقّ حضَانَة وَلَدهَا الْمَذْكُور وانتزاعه من يَد وَالِده الْمَذْكُور وتسليمه إِلَيْهَا وَأَنه مُمْتَنع من تَسْلِيمهَا الْوَلَد الْمَذْكُور وَسَأَلت سُؤَاله عَن ذَلِك فَسئلَ فَأجَاب بِصِحَّة الدَّعْوَى وصدقها على جَمِيع مَا ذكرته غير أَنه لَا يعلم طَلاقهَا من زَوجهَا الثَّانِي الْمَذْكُور فَذكرت المدعية الْمَذْكُورَة أَن لَهَا بَيِّنَة شَرْعِيَّة تشهد لَهَا بِالطَّلَاق الْبَائِن من الْمُطلق الثَّانِي الْمَذْكُور وَسَأَلت الْإِذْن فِي إحضارها فَأذن لَهَا فأحضرت شَاهِدين عَدْلَيْنِ هما فلَان وَفُلَان واستشهدتهما فشهدا لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ بِالطَّلَاق الْبَائِن الثَّانِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 194 الْمَذْكُور عرفهما سيدنَا الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ وَسمع شَهَادَتهمَا وَقبلهَا بِمَا رأى مَعَه قبُولهَا وَثَبت الطَّلَاق عِنْده وَتبين لَهُ اسْتِحْقَاقهَا لحضانة وَلَدهَا الْمَذْكُور فَحِينَئِذٍ سَأَلت المدعية الْمَذْكُورَة سيدنَا الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الحكم لَهَا بحضانة وَلَدهَا الْمَذْكُور وتسليمه إِلَيْهَا وَالْعَمَل بِمُقْتَضى مَذْهَب إِمَام الْأَئِمَّة مُحَمَّد بن إِدْرِيس الشَّافِعِي أَو الإِمَام الْأَعْظَم أبي حنيفَة النُّعْمَان بن ثَابت أَو الإِمَام الرباني أَحْمد بن مُحَمَّد بن حَنْبَل الشَّيْبَانِيّ رَضِي الله عَنْهُم وأرضاهم فاستخار الله وأجابها إِلَى سؤالها وَحكم لَهَا بحضانة وَلَدهَا الْمَذْكُور وإبقائه فِي يَدهَا وَفِي حضانتها مَا دَامَت متصفة بِصِفَات الحاضنات حكما شَرْعِيًّا تَاما مُعْتَبرا مرضيا مسؤولا فِيهِ مُسْتَوْفيا شَرَائِطه الشَّرْعِيَّة وَاعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره شرعا مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ فِيمَا فِيهِ الْخلاف من ذَلِك وَأمره سيدنَا الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ بِتَسْلِيم الْوَلَد الْمَذْكُور إِلَيْهَا فسلمه إِلَيْهَا فتسلمته مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا والتزمت الْقيام بحضانته وتربيته وَإِصْلَاح شَأْنه وملازمة الْإِقَامَة مَعَه فِي مسكن شَرْعِي يَلِيق بِهِ وَتَوَلَّى إطعامه الطَّعَام والإدام وَغسل ثِيَابه وتنظيفها وتغييرها وغسله فِي الْحمام وَعمل مَصَالِحه كلهَا بِمَا هُوَ مَفْرُوض لَهُ وَلها وَلمن يخدمها وَهُوَ فِي غرَّة كل يَوْم كَذَا خَارِجا عَن الْكسْوَة بتصادقهما على ذَلِك وانفصلا عَن مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْمشَار إِلَيْهِ على ذَلِك ويكمل على نَحْو مَا سبق وَإِن سبقها الْمُطلق إِلَى الْمَالِكِي وَادّعى عَلَيْهَا عِنْده بِسُقُوط حضانتها بِالتَّزْوِيجِ وَعدم عود اسْتِحْقَاقهَا عِنْده فيقلب هَذِه الصِّيغَة وَتَكون الدَّعْوَى مِنْهُ وَيحكم الْحَاكِم الْمَالِكِي للمطلق صُورَة إبْقَاء الْحَضَانَة للْمَرْأَة بعد التداعي على مَذْهَب الإِمَام أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ بَين يَدي سيدنَا فلَان الدّين الْحَنَفِيّ فلَان وأحضر مَعَه مطلقته فُلَانَة وَادّعى عَلَيْهَا لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَنه تزوج بهَا تزويجا صَحِيحا شَرْعِيًّا وَدخل بهَا وأصابها وأولدها على فرَاشه وَلدين توأمين ابْنا وبنتا أَحدهمَا يَدعِي فلَان وَالْأُخْرَى فُلَانَة وَأَنه أَبَانهَا بِالطَّلَاق وَاسْتمرّ الْولدَان بِيَدِهَا وحضانتها إِلَى الْآن وأنهما بلغا من الْعُمر سبع سِنِين وَأَنه قصد انتزاعهما بالتخيير وأنهما مختاران لَهُ وأنهما يستقلان بالمطعم وَالْمشْرَب والملبس وَالْوُضُوء والاستنجاء وَلبس السَّرَاوِيل وَسَأَلَ سؤالها عَن ذَلِك فَسُئِلت فأجابت أَنه تزَوجهَا وأولدها الْوَلَدَيْنِ الْمَذْكُورين وأنهما بلغا سبع سِنِين وأنهما يختاران الرُّجُوع إِلَيْهِ وَالْإِقَامَة عِنْده لكنهما لَا يستقلان بِجَمِيعِ مَا ذكر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 195 أَعْلَاهُ وَطلبت الْمُطلقَة الْمَذْكُورَة من الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ امتحان الصغيرين الْمَذْكُورين وأحضرهما بَين يَدَيْهِ فَسَأَلَهُمَا عَن ذَلِك وامتحنهما فِيهِ فَلم يأتيا بِجَمِيعِهِ وَتبين عِنْده عدم استقلالهما بِهَذِهِ الْأُمُور فَحِينَئِذٍ سَأَلت الْمُطلقَة الْمَذْكُورَة الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الْعَمَل بِمَا يَعْتَقِدهُ من مَذْهَب الإِمَام أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ فاستخار الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وأجابها إِلَى سؤالها وَحكم لَهَا بحضانة الصغيرين الْمَذْكُورين إِلَى حِين بَيَان استقلالهما بِمَا عين أَعْلَاهُ من الابْن وبلوغ الْبِنْت لجَوَاز ذَلِك عِنْده وموافقته لمَذْهَب مقلده الإِمَام أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ وأرضاه حكما صَحِيحا شَرْعِيًّا إِلَى آخِره مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ ويكمل على نَحْو مَا سبق وتقلب هَذِه الصُّورَة بِعَينهَا عِنْد الشَّافِعِي بِدَعْوَى الْأَب وَينْزع ولديه لِكَوْنِهِمَا بلغا سبع سِنِين واختاراه بَين يَدي الْحَاكِم الشَّافِعِي صُورَة إبْقَاء الْوَلَد فِي حضَانَة أمه إِلَى حِين التَّزْوِيج وَدخُول الزَّوْج بالبنت على مَذْهَب الإِمَام مَالك رَضِي الله عَنهُ حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْمَالِكِي بَين يَدي سيدنَا فلَان الدّين فلَان وأحضر مَعَه مطلقته فُلَانَة وَادّعى عَلَيْهَا لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَنه تزَوجهَا تزويجا صَحِيحا شَرْعِيًّا وَدخل بهَا وأصابها وأولدها على فرَاشه بِنْتا تدعى فُلَانَة وَأَنَّهَا جَاوَزت سبع سِنِين وميزت واستقلت بِالطَّعَامِ وَالشرَاب وَالْوُضُوء والاستنجاء وَطلب انتزاعها من يَدهَا وتسليمها إِلَيْهِ وَسَأَلَ سؤالها عَن ذَلِك فَسَأَلَهَا الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ فأجابت بالاعتراف بِمَا ادَّعَاهُ وَطلبت مِنْهُ الْعَمَل بمذهبه وَبِمَا يَعْتَقِدهُ من صِحَة الْحَضَانَة لَهَا إِلَى حِين تَزْوِيج الْبِنْت وَدخُول الزَّوْج بهَا وَالْحكم لَهَا بذلك وَالْقَضَاء بِهِ والإلزام بِمُقْتَضَاهُ فأجابها إِلَى سؤالها وَحكم لَهَا بذلك لجوازه عِنْده شرعا حكما شَرْعِيًّا تَاما مُعْتَبرا مرضيا مسؤولا فِيهِ مُسْتَوْفيا شَرَائِطه الشَّرْعِيَّة وواجباته الْمُعْتَبرَة المرضية مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ فِيمَا فِيهِ الْخلاف من ذَلِك ويكمل على نَحْو مَا سبق وَإِن كَانَ الْأَب قد وضع يَده على الْبِنْت وَأَخذهَا بِيَدِهِ من يَد أمهَا فتدعي الْأُم عَلَيْهِ عِنْد الْحَاكِم وَيحكم لَهَا بهَا وَيلْزمهُ بتسليمها لَهَا وَيَقَع التَّسْلِيم ويكمل صُورَة انتزاع الْبِنْت من أمهَا عِنْد إِدْرَاك سبع سِنِين على مَذْهَب الإِمَام أَحْمد رَضِي الله عَنهُ حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ بَين يَدي سيدنَا فلَان الدّين الْحَنْبَلِيّ فلَان وأحضر مَعَه مطلقته فُلَانَة وَادّعى عَلَيْهَا لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَنه تزوج بهَا تزويجا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 196 صَحِيحا شَرْعِيًّا وَدخل بهَا وأصابها وأولدها على فرَاشه بِنْتا تدعى فُلَانَة وَأَنَّهَا بلغت من الْعُمر سبع سِنِين وَدخلت فِي الثَّامِنَة وَطلب من الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الْعَمَل بمذهبه على مُعْتَقد مقلده الإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل الشَّيْبَانِيّ رَضِي الله عَنهُ وأرضاه وَالْحكم بابنته الْمَذْكُورَة وتسليمها إِلَيْهِ فَأَجَابَهُ إِلَى سُؤَاله وَحكم لَهُ بذلك حكما شَرْعِيًّا تَاما مُعْتَبرا مرضيا مسؤولا فِيهِ مُسْتَوْفيا شَرَائِطه الشَّرْعِيَّة مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ وَبعد أَن ثَبت عِنْده أَن الْبِنْت الْمَذْكُورَة بلغت سبع سِنِين باعتراف والدتها الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ وبالبينة الشَّرْعِيَّة الثُّبُوت الشَّرْعِيّ ويكمل على نَحْو مَا سبق صُورَة حضَانَة الْأُخْت للْأُم إِذا وصل اسْتِحْقَاق الْحَضَانَة إِلَيْهَا على الْخلاف فِي ذَلِك أَو إِلَى الْأُخْت للْأَب أَو إِلَى الْخَالَة على مَذْهَب الإِمَام أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ بَين يَدي سيدنَا فلَان الدّين الْحَنَفِيّ فُلَانَة وفلانة وفلانة وَادعت الْحَاضِرَة المبدي بذكرها على الحاضرتين المثني بذكرهما بِحُضُور فلَان وَالِد الطِّفْل الْآتِي ذكره أَن فلَانا الْحَاضِر الْمَذْكُور تزوج أُخْتهَا لأمها فُلَانَة أُخْت الْحَاضِرَة المثني بذكرها لأَبِيهَا وَهِي بنت أُخْت الْحَاضِرَة الثَّالِثَة لأبويها تزويجا صَحِيحا شَرْعِيًّا وَدخل بهَا وأصابها وأولدها على فرَاشه ولدا ذكرا يدعى فلَان الفطيم وَأَنَّهَا درجت بالوفاة إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى وَأَن لَيْسَ أحد من أقرباء المتوفاة الْمَذْكُورَة مَوْجُودا مُسْتَحقّا للحضانة سواهَا وَسَأَلت سُؤال وَالِد الصَّغِير الْمَذْكُور وَأُخْت أمه لأَبِيهَا وخالتها لأبويها الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ عَن ذَلِك فَسَأَلَ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ وَالِد الطِّفْل الْمَذْكُور فَأجَاب بالتصديق وَلكنه لَا يعلم من الْمُسْتَحقَّة للحضانة من هَؤُلَاءِ النسْوَة الثَّلَاث الْمَذْكُورَات أَعْلَاهُ فَسَأَلَ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ النسْوَة الثَّلَاث الْمَذْكُورَات أَعْلَاهُ عَن ذَلِك فَقَالَت الْأُخْت من الْأَب أَنا أولى بالحضانة على مَذْهَب الإِمَام الشَّافِعِي وَأحمد وَقَالَت الْخَالَة أَنا أولى بالحضانة على مَذْهَب الإِمَام مَالك وَقَالَت الْأُخْت للْأُم أَنا أَحَق بالحضانة على مَذْهَب الإِمَام أبي حنيفَة وَسَأَلت الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الْعَمَل مَعهَا بِمَا يَعْتَقِدهُ من مذْهبه وَالْحكم لَهَا بالحضانة على مُقْتَضى مذْهبه ومعتقده فاستخار الله وأجابها إِلَى سؤالها وَحكم لَهَا بحضانة الطِّفْل الْمَذْكُور لجَوَاز ذَلِك عِنْده شرعا حكما شَرْعِيًّا تَاما مُعْتَبرا مرضيا مسؤولا فِيهِ مُسْتَوْفيا شَرَائِطه الشَّرْعِيَّة مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ وتسلمت الْأُخْت من الْأُم الْمَذْكُورَة الْوَلَد الْمَذْكُور من وَالِده الْمَذْكُور الجزء: 2 ¦ الصفحة: 197 بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الْمشَار إِلَيْهِ تسلما شَرْعِيًّا ملتزمة بخدمته وتربيته وَالْقِيَام بمصالحه على مُقْتَضى الشَّرْع الشريف المطهر ويكمل على نَحْو مَا سبق وَإِن كَانَت النسْوَة الْمَذْكُورَات إِحْدَاهُنَّ أُخْت الطِّفْل لأمه وَالْأُخْرَى أُخْته لِأَبِيهِ وَالْأُخْرَى خَالَته أُخْت أمه لأبويها فالصورة عِنْد الْحَنَفِيّ الْحَضَانَة لأخته لأمه وَعند الشَّافِعِي وَأحمد لأخته لِأَبِيهِ وَعند مَالك لخالته فَإِذا تنازعت النسْوَة الثَّلَاث فِي ذَلِك وترافعن إِلَى حَاكم الشَّرْع الشريف فَإِن ترافعن إِلَى شَافِعِيّ أَو حنبلي حكم بالحضانة للْأُخْت من الْأَب وَإِن ترافعن إِلَى مالكي حكم بهَا للخالة أَو إِلَى حَنَفِيّ حكم بهَا للْأُخْت من الْأُم وَالصُّورَة فِي ذَلِك كالصورة فِي الَّتِي قبل هَذِه وَالدَّعْوَى على وَالِد الطِّفْل وَجَوَابه التَّصْدِيق على مَا ادَّعَتْهُ المدعية من التَّزْوِيج وَالِاسْتِيلَاد وَأَن من كَانَت الْمُسْتَحقَّة لحضانة وَلَده شرعا سلمه إِلَيْهَا وتذكر أُخْت الصَّغِير الْمَذْكُور لِأَبِيهِ أَنَّهَا هِيَ الْمُسْتَحقَّة للحضانة وَتقول خَالَته إِنَّهَا هِيَ الْمُسْتَحقَّة للحضانة فيعلمها الْحَاكِم أَن الْحَضَانَة عِنْده للْأُخْت للْأُم وتسأل المدعية الحكم لَهَا بذلك فَيحكم لَهَا بِهِ مَعَ الْخلاف وَالْكَاتِب يتَصَرَّف فِي هَذِه الصُّورَة على الْوَجْه السائغ عِنْد كل من أَصْحَاب الْمذَاهب الْأَرْبَعَة على مَا يَقْتَضِيهِ مذْهبه صُورَة انتزاع الْوَلَد من أمه وَالسّفر بِهِ بنية الاستيطان فِي بلد آخر على مَذْهَب الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة خلافًا لأبي حنيفَة حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الشَّافِعِي أَو الْمَالِكِي أَو الْحَنْبَلِيّ بَين يَدي سيدنَا فلَان الدّين فلَان وأحضر مَعَه مطلقته فُلَانَة وَادّعى عَلَيْهَا لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَنه تزَوجهَا تزويجا صَحِيحا شَرْعِيًّا وَدخل بهَا وأصابها واستولدها على فرَاشه ولدا ذكرا يدعى فلَان الرباعي الْعُمر أَو الخماسي ثمَّ إِنَّه أَبَانهَا بِالطَّلَاق الْفُلَانِيّ وَأَنه الْآن قد عزم على السّفر بولده إِلَى مَدِينَة كَذَا بنية الْإِقَامَة والاستيطان وطالبها بِتَسْلِيم الْوَلَد إِلَيْهِ وَسَأَلَ سؤالها عَن ذَلِك فَسَأَلَهَا الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ عَن ذَلِك فأجابت بالتصديق على صِحَة دَعْوَاهُ غير أَنَّهَا لَا تقدر على فِرَاق وَلَدهَا ورضيت أَن تحضنه متبرعة بِكُل مَا يحْتَاج إِلَيْهِ فَأبى إِلَّا أَن يتسلمه ويسافر بِهِ وَسَأَلَ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الحكم لَهُ بمذهبه وَتَسْلِيم وَلَده إِلَيْهِ فاستخار الله وأجابه إِلَى سُؤَاله وَحكم لَهُ بِتَسْلِيم وَلَده الْمَذْكُور إِلَيْهِ وَالسّفر بِهِ إِلَى الْبَلَد الْمَذْكُور والاستيطان حكما صَحِيحا شَرْعِيًّا تَاما مُعْتَبرا مرضيا مسؤولا فِيهِ مُسْتَوْفيا شَرَائِطه الشَّرْعِيَّة مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ وأمرها بِتَسْلِيم الْوَلَد الْمَذْكُور إِلَيْهِ عِنْد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 198 قَصده السّفر على الحكم المشروح أَعْلَاهُ ويكمل على نَحْو مَا سبق وَصُورَة الحكم بِمَنْع الْوَالِد من السّفر بولده على مَذْهَب الإِمَام أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وعَلى الرِّوَايَة الثَّانِيَة عَن أَحْمد رَضِي الله عَنهُ حضرت إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ بَين يَدي سيدنَا فلَان الدّين الْحَنَفِيّ فُلَانَة أَو فلَان وَهُوَ مُتَكَلم شَرْعِي جَائِز كَلَامه مسموعة دَعْوَاهُ عَن فُلَانَة وأحضرت مَعهَا أَو أحضر مَعَه فلَانا وَادعت عَلَيْهِ أَو ادّعى عَلَيْهِ لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَنه تزوج بهَا أَو أَنه تزوج بموكلته الْمَذْكُورَة تزويجا صَحِيحا شَرْعِيًّا وَدخل بهَا وأصابها وأولدها على فرَاشه ولدا ذكرا يدعى فلَان الرباعي أَو الخماسي ثمَّ إِنَّه أَبَانهَا بِالطَّلَاق وَسَأَلت الْحَاكِم أَو سَأَلَ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الحكم باستمرار الْوَلَد الْمَذْكُور بيد والدته وبمنع وَالِده الْمَذْكُور من السّفر بِهِ عِنْد قَصده السّفر من مَدِينَة كَذَا وَإِلَى غَيرهَا من الْجِهَات على مُقْتَضى مذْهبه ومعتقده فاستخار الله تَعَالَى وأجابها أَو وَأجَاب السَّائِل إِلَى سُؤَاله وَحكم لَهَا بذلك حكما صَحِيحا شَرْعِيًّا تَاما مُعْتَبرا مرضيا مسؤولا فِيهِ مُسْتَوْفيا شَرَائِطه الشَّرْعِيَّة مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ فِيمَا فِيهِ الْخلاف من ذَلِك ويكمل على نَحْو مَا سبق وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 199 كتاب الْجراح وَمَا يتَعَلَّق بهَا من أَحْكَام الْجِنَايَات وَتَحْرِيم الْقَتْل وَمن يجب عَلَيْهِ الْقصاص وَمن لَا يجب عَلَيْهِ الْقَتْل بِغَيْر حق حرَام وَالْأَصْل فِيهَا الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع أما الْكتاب فَقَوله تَعَالَى {وَلَا تقتلُوا النَّفس الَّتِي حرم الله إِلَّا بِالْحَقِّ} وَقَوله تَعَالَى {وَمَا كَانَ لمُؤْمِن أَن يقتل مُؤمنا إِلَّا خطأ} فَأخْبر أَنه لَيْسَ لِلْمُؤمنِ أَن يقتل مُؤمنا وَقَوله إِلَّا خطأ لم يرد أَن قَتله خطأ يجوز وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنه إِذا قَتله خطأ فَعَلَيهِ الْكَفَّارَة وَالدية وقوه تَعَالَى {وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم خَالِدا فِيهَا وَغَضب الله عَلَيْهِ ولعنه وَأعد لَهُ عذَابا عَظِيما} وَأما السّنة فَمَا روى عُثْمَان أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا يحل دم امرىء مُسلم إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاث كفر بعد إِيمَان وزنى بعد إِحْصَان وَقتل نفس بِغَيْر نفس وَرُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من أعَان على قتل مُسلم وَلَو بِشَطْر كلمة جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة مَكْتُوب بَين عَيْنَيْهِ آيس من رَحْمَة الله تَعَالَى وَرُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لزوَال الدُّنْيَا أَهْون على الله من قتل مُؤمن بِغَيْر حق وروى أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَو أَن أهل السَّمَاء وَالْأَرْض الجزء: 2 ¦ الصفحة: 200 اشْتَركُوا فِي قتل مُؤمن لكبهم الله فِي النَّار وروى ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَو أَن أهل السَّمَاء وَالْأَرْض اشْتَركُوا فِي قتل مُؤمن لعذبهم الله إِلَّا أَن يَشَاء ذَلِك وروى عبد الله بن مَسْعُود الوَاسِطِيّ عَن ابْن وَائِل الوَاسِطِيّ رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أول مَا يقْضى بَين الْعباد فِي الدِّمَاء وَأما الْإِجْمَاع فَإِنَّهُ لَا خلاف بَين الْأَئِمَّة فِي تَحْرِيم الْقَتْل بِغَيْر حق وجماع ذَلِك أَن من قتل مُؤمنا مُتَعَمدا بِغَيْر حق فسق واستوجب النَّار إِلَّا أَن يَتُوب وَالنَّص أَن قتل النَّفس بِغَيْر حق من أكبر الْكَبَائِر وَقيل إِنَّه أكبر الْكَبَائِر بعد الْكفْر وَتقبل التَّوْبَة مِنْهُ وَإِن مَاتَ قبلهَا لم يتَّجه دُخُوله النَّار بل هُوَ تَحت الْمَشِيئَة وَإِن دخل لم يخلد وَيتَعَلَّق بِهِ الْقصاص أَو الدِّيَة وَالْكَفَّارَة وَالتَّعْزِير فِي صور وَيجْرِي فِي طرف وَغَيره وَالْقَتْل هُوَ كل فعل عمد مَحْض مزهق للروح عُدْوانًا من حَيْثُ كَونه مزهقا والعمد هُوَ قصد الْفِعْل والشخص بِمَا يقتل غَالِبا بجارح أَو مثقل فَإِن فقد قصد أَحدهمَا بِأَن رمى شَجَرَة فَأَصَابَهُ فخطأ وَإِن قصدهما بِمَا لَا يقتل غَالِبا فَشبه عمد وَمِنْه الضَّرْب بِالسَّوْطِ والعصى غرز الإبرة فِي المقتل كالدماغ وَالْحلق يَقْتَضِي الْقصاص وَكَذَا فِي غير المقتل إِن تورم الْموضع وَبَقِي متألما إِلَى أَن مَاتَ وَإِن لم يظْهر مِنْهُ أثر وَمَات فِي الْحَال فأقوى الْوَجْهَيْنِ أَنه لَا يتَعَلَّق بِهِ الْقصاص وعَلى هَذَا فالأشبه أَنه شبه عمد والغرز فِي جلدَة الْعقب وَمَا لَا يؤلم لَا أثر لَهُ بِحَال وَلَو حَبسه فِي بَيت وَمنعه من الطَّعَام وَالشرَاب وَمنعه من الطّلب حَتَّى مَاتَ فَإِن مَضَت مُدَّة يَمُوت مثله فِيهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 201 غَالِبا من الْجُوع والعطش تعلق بِهِ الْقصاص وَإِلَّا فَإِن لم يكن جوع وَلَا عَطش سَابق فَهُوَ شبه عمد فَإِن كَانَ بِهِ بعض الْجُوع والعطش وَعلم الحابس الْحَال فَعَلَيهِ الْقصاص وَإِلَّا فَالْأَصَحّ الْمَنْع وَإِذا أكره إِنْسَان إنْسَانا على قتل آخر بِغَيْر حق فَقتله وَجب على الْمُكْره الْقصاص وَلَو شهد اثْنَان على إِنْسَان بوجب الْقصاص فَحكم القَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا وَقتل ثمَّ رجعا وَقَالا تعمدنا الْكَذِب لزمهما الْقصاص إِلَّا إِذا اعْترف الْوَلِيّ أَنه كَانَ عَارِفًا بكذبهما فَلَا قصاص عَلَيْهِمَا وَلَو أَضَافَهُ على طَعَام مَسْمُوم فَأَكله وَمَات لزمَه الْقصاص وَإِذا أمسك إنْسَانا حَتَّى قَتله آخر أَو حفر بِئْرا فردى فِيهَا غَيره قالقصاص على الْقَاتِل والمردي دون الممسك والحافر وَلَو رمى إنْسَانا من شَاهِق فَتَلقاهُ متلق فَقده نِصْفَيْنِ فالقصاص على المتلقي دون الملقي وَلَو أَلْقَاهُ فِي مَاء فغرق أَو فالتقمه الْحُوت وَجب الْقصاص على الملقي وَلَو لم يكن المَاء مغرقا فالتقمه حوت فَلَا قصاص وَإِذا قتل جمَاعَة وَاحِدًا قتلوا بِهِ وللولي أَن يقتل بَعضهم وَيَأْخُذ حِصَّة البَاقِينَ من الدِّيَة وتوزع الدِّيَة على قدر رؤوسهم وَإِن كَانَ أحد القاتلين مخطئا سقط الْقصاص عَن البَاقِينَ وَيجب الْقصاص على شريك الْأَب وعَلى العَبْد إِذا شَارك الْحر فِي قتل العَبْد وعَلى الذِّمِّيّ إِذا شَارك الْمُسلم فِي قتل الذِّمِّيّ وعَلى شريك الْحَرْبِيّ فِي قتل الْمُسلم الذِّمِّيّ وعَلى شريك الْجَارِح قصاصا وعَلى شريك دَافع الصَّائِل وَإِذا جرح حَرْبِيّا أَو مُرْتَدا بِقطع عُضْو أَو غَيره فَأسلم ثمَّ مَاتَ من تِلْكَ الْجراحَة فَلَا قصاص وَلَا دِيَة وَلَا ضَمَان على من جرح عبد نَفسه ثمَّ أعْتقهُ فَمَاتَ بِالسّرَايَةِ وَلَو رمى حَرْبِيّا أَو مُرْتَدا فَأسلم قبل وُصُول الرَّمية إِلَيْهِ ثمَّ أَصَابَهُ وَمَات فَلَا قصاص وَلَكِن تجب دِيَة مُسلم وَلَو جرح عبدا لغيره فَعتق ثمَّ مَاتَ بِالسّرَايَةِ وَجب فِيهِ دِيَة حر مُسلم فَإِذا كَانَت قيمَة العَبْد نَظِير دِيَة مُسلم أَو أقل فَهِيَ للسَّيِّد جَمِيعهَا وَإِن كَانَت الدِّيَة أَكثر فللسيد قيمَة العَبْد وَالْبَاقِي لوَرَثَة العَبْد فصل وَيجب الْقصاص من الشجاج وَهِي جراحات الْوَجْه وَالرَّأْس فالموضحة الَّتِي توضح الْعظم لَا قصاص فِيمَا بعْدهَا من الهاشمة الَّتِي تهشم الْعظم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 202 أَي تكسره والمنقلة الَّتِي تنقل الْعظم والمأمومة وَهِي الَّتِي تبلغ أم الرَّأْس وَهِي خريطة الدِّمَاغ المحيطة بِهِ والدامغة وَهِي الَّتِي تخرق الخريطة وَتصل إِلَى الدِّمَاغ وَلَا قصاص على الْأَظْهر فِي الحارصة وَهِي الَّتِي تشق الْجلد قَلِيلا أَي تقطعه والمتلاحمة وَهِي الَّتِي تغوص فِي اللَّحْم وَلَا تبلغ الْجلْدَة الرقيقة الَّتِي بَين اللَّحْم والعظم والسمحاق وَهِي الَّتِي تبلغ الْجلْدَة الفاصلة بَين الْعظم وَاللَّحم وَفِي وجوب الْقصاص بِقطع بعض المارن وَالْأُذن من غير إبانة وَجْهَان أظهرهمَا الْوُجُوب وَيجب فِي الْقطع من المفاصل الْقصاص وَيجب فِي فقء الْعين وَقطع الْأذن والجفن والشفة وَاللِّسَان وَالذكر والأنثيين والشفرين والأليتين الْقصاص وَلَا قصاص فِي كسر الْعِظَام لَكِن للْمَجْنِيّ عَلَيْهِ أَن يقطع أقرب مفصل إِلَى مَوضِع الْكسر وَيَأْخُذ الْحُكُومَة للْبَاقِي وَلَو أوضح رَأسه من الهشم فَلهُ أَن يقْتَصّ فِي الْمُوَضّحَة وَيَأْخُذ مَا بَين أرش الْمُوَضّحَة والهاشمة وَهُوَ خمس من الْإِبِل وَإِذا أوضح رَأسه فَذهب ضوء عَيْنَيْهِ وَجب الْقصاص فِي الضَّوْء والموضحة جَمِيعًا وَكَذَلِكَ لَو زَالَ بطشه أَو ذوقه أَو شمه وَلَا يقطع الْيُمْنَى باليسرى وَلَا الشّفة الْعليا بالسفلى وَلَا السبابَة بالوسطى وَلَا بِالْعَكْسِ وَلَا أُنْمُلَة إِصْبَع بأنملة أُخْرَى من تِلْكَ الْأَصَابِع وَلَا إِصْبَع زَائِدَة بزائدة أُخْرَى وَإِذا اشْترك جمَاعَة فِي مُوضحَة فيوزع عَلَيْهِم ويوضح من كل وَاحِد بِالْقِسْطِ فِي وَجه وَالثَّانِي يُوضح من كل وَاحِد مِنْهُم مثل تِلْكَ الْمُوَضّحَة وَلَا تقطع الْيَد الصَّحِيحَة بالشلاء وَلَو خَالف الْمَجْنِي عَلَيْهِ وَقطع الصَّحِيحَة لم يَقع فرضا وَعَلِيهِ دِيَتهَا وَلَو سرى فَعَلَيهِ قصاص النَّفس وَحكم الذّكر الأشل وَالصَّحِيح حكم الْيَد الصَّحِيحَة والشلاء وَيقطع الْأنف الصَّحِيح بالأنف الأخشم وَأذن السَّمِيع بأذن الْأَصَم وَلَا تُؤْخَذ الْعين الصَّحِيحَة بالحدقة العمياء وَلَا لِسَان النَّاطِق بِلِسَان الْأَخْرَس الجزء: 2 ¦ الصفحة: 203 وَفِي السن الْقصاص لَكِن عِنْد الْقلع دون الْكسر وَإِن قلع سنّ صَغِير لم يثغر فَلَا قصاص فِي الْحَال وَلَا دِيَة فَإِن جَاءَ وَقت نباتها وَنبت جَمِيع الْأَسْنَان وعادت وَلم تعد هِيَ وَقَالَ أهل الْخِبْرَة قد فسد المنبت وَجب الْقصاص لَكِن لَا يسْتَوْفى فِي صغره وَالصَّحِيح أَن الْقصاص يسْتَحقّهُ جَمِيع الْوَرَثَة على فَرَائض الله تَعَالَى فَإِن كَانَ بَعضهم غَائِبا انْتظر حُضُوره أَو مُرَاجعَته وَإِن كَانَ بَعضهم صَبيا أَو مَجْنُونا انْتظر بُلُوغ الصَّبِي وإفاقة الْمَجْنُون وَإِن انْفَرد صبي أَو مَجْنُون بِالِاسْتِحْقَاقِ انْتظر كَمَاله وَلَا يَسْتَوْفِيه الْقيم بأَمْره وَيحبس الْقَاتِل فِي هَذِه الصُّورَة وَلَا يخلى بالكفيل وليتفق مستحقو الْقصاص على وَاحِد أَو ليوكلوا أَجْنَبِيّا فَإِن تزاحموا أَقرع بَينهم وَالْأَظْهَر أَنه يدْخل فِي الْقرعَة من عجز عَن الِاسْتِيفَاء كالشيخ وَالْمَرْأَة فَإِذا خرجت لَهُ استناب وَإِذا بَادر أحد الْوَرَثَة فَقتل الْجَانِي فأصح الْقَوْلَيْنِ أَنه لَا يلْزمه الْقصاص وللآخرين نصِيبهم وَهل يأخذونه من شريكهم المبادر أَو من تَركه الْجَانِي الْأَصَح الثَّانِي ثمَّ إِن كَانَت الْمُبَادرَة بعد عَفْو سَائِر الشُّرَكَاء أَو بَعضهم فَالْأَظْهر وجوب الْقصاص وَلَيْسَ لمن يسْتَحق الْقصاص أَن يسْتَقلّ بِهِ بل يسْتَوْفى بِإِذن الإِمَام فَإِن اسْتَقل عذر وَإِذا رَاجع الإِمَام فَرَآهُ أَهلا فوض إِلَيْهِ قصاص النَّفس وَلَا يُفَوض إِلَيْهِ قصاص الطّرف وَإِذا أذن لَهُ فِي ضرب الرَّقَبَة فَأصَاب غَيرهَا عَامِدًا عذره وَلم يعزله وَإِن قَالَ أَخْطَأت وَهُوَ مُحْتَمل فَلَا يعْذر وَلَكِن يعْزل وَأُجْرَة الجلاد على الْمُقْتَص مِنْهُ وللمستحق الاقتصاص على الْفَوْر وَلَو التجأ الْجَانِي إِلَى الْحرم فَلهُ الِاسْتِيفَاء فِيهِ وَلَا يُؤَخر لشدَّة الْحر وَالْبرد وَالْمَرَض وَالْمَرْأَة الْحَامِل لَا يقْتَصّ مِنْهَا فِي النَّفس وَلَا فِي الطّرف حَتَّى تضع الْوَلَد وترضعه اللبأ فَإِن لم يُوجد من ترْضِعه فيؤخر الِاسْتِيفَاء إِلَى أَن تُوجد مُرْضِعَة أَو إِلَى أَن ترْضِعه هِيَ حَوْلَيْنِ وتفطمه وتحبس الْحَامِل فِي الِاسْتِيفَاء إِلَى أَن يُمكن الِاسْتِيفَاء وَإِذا قتل بمحدد أَو غَيره من تخنيق أَو تحريق أَو تجويع اقْتصّ مِنْهُ بِمثلِهِ وَلَو قَتله بِالسحرِ أَو بإسقائه الْخمر أَو باللواط اقْتصّ بِالسَّيْفِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 204 الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب اتّفق الْأَئِمَّة رَحِمهم الله تَعَالَى على أَن الْقَاتِل لَا يخلد فِي النَّار وَتَصِح تَوْبَته من الْقَتْل وَحكي عَن ابْن عَبَّاس وَزيد بن ثَابت وَالضَّحَّاك أَنه لَا تقبل لَهُ تَوْبَة وَاتَّفَقُوا على أَن من قتل نفسا مسلمة مكافئة لَهُ فِي الْحُرِّيَّة وَلم يكن الْمَقْتُول ابْنا للْقَاتِل وَكَانَ فِي قَتله لَهُ مُتَعَمدا وَجب عَلَيْهِ الْقود وَأَن السَّيِّد إِذا قتل عَبده فَإِنَّهُ لَا يقتل بِهِ وَإِن تعمد وَاتَّفَقُوا على أَن الْكَافِر إِذا قتل مُسلما قتل بِهِ وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا قتل مُسلم ذِمِّيا أَو معاهدا فَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد لَا يقتل بِهِ وَقَالَ مَالك كَذَلِك إِلَّا أَنه اسْتثْنى فَقَالَ إِن قتل ذِمِّيا أَو معاهدا أَو مستأمنا غيلَة قتل حتما وَلَا يجوز للْوَلِيّ الْعَفو لِأَنَّهُ تعلق قَتله بالافتيات على الإِمَام وَقَالَ أَبُو حنيفَة يقتل الْمُسلم بالذمي لَا بالمستأمن وَاتَّفَقُوا على أَن العَبْد يقتل بِالْحرِّ وَأَن العَبْد يقتل بِالْعَبدِ وَاخْتلفُوا فِي الْحر إِذا قتل عبد غَيره هَل يقتل بِهِ أم لَا فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد لَا يقتل بِهِ وَقَالَ أَبُو حنيفَة يقتل بِهِ وَاتَّفَقُوا على أَن الابْن إِذا قتل أحد أَبَوَيْهِ قتل بِهِ وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا قتل الْأَب ابْنه فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد لَا يقتل بِهِ وَقَالَ مَالك يقتل بِهِ بِمُجَرَّد الْقَصْد كإضجاعه وذبحه فَإِن حذفه بِالسَّيْفِ غير قَاصد لقَتله فَلَا يقتل بِهِ وَالْجد عِنْده فِي ذَلِك كَالْأَبِ وَاتَّفَقُوا على أَن الْمَرْأَة تقتل بِالرجلِ وَالرجل يقتل بِالْمَرْأَةِ وَاخْتلفُوا هَل يجْرِي الْقصاص بَين الرجل وَالْمَرْأَة فِيمَا دون النَّفس وَبَين العبيد بَعضهم على بعض فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد يجْرِي وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يجْرِي فصل وَالْجَمَاعَة إِذا اشْتَركُوا فِي قتل الْوَاحِد هَل يقتلُوا بِهِ فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ يقتل الْجَمَاعَة كلهم بِالْوَاحِدِ إِلَّا أَن مَالِكًا اسْتثْنى من ذَلِك الْقسَامَة فَقَالَ لَا يقتل بالقسامة إِلَّا وَاحِد وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا كمذهب الْجَمَاعَة واختارها الْخرقِيّ وَالْأُخْرَى لَا تقتل الْجَمَاعَة بِالْوَاحِدِ وَتجب الدِّيَة دون الْقود وَهل تقطع الْأَيْدِي بِالْيَدِ قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد تقطع وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا تقطع وَتُؤْخَذ دِيَة الْيَد من الْقَاطِع بالسواء وَاتَّفَقُوا على أَنه إِذا جرح رجلا عمدا فلازم الْفراش حَتَّى مَاتَ فَإِنَّهُ يقْتَصّ مِنْهُ وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا كَانَ الْقَتْل بمثقل كالخشبة الْكَبِيرَة وَالْحجر الْكَبِير الْغَالِب فِي مثله أَن يقتل فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد يجب الْقصاص بذلك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 205 وَلَا فرق بَين أَن يخدشه بِحجر أَو عَصا أَو يغرقه أَو يحرقه بالنَّار أَو يخنقه أَو يطين عَلَيْهِ بَيْتا ويمنعه الطَّعَام وَالشرَاب حَتَّى يَمُوت جوعا أَو يضغطه أَو يهدم عَلَيْهِ بَيْتا أَو يضْربهُ بِحجر عَظِيم أَو خَشَبَة عَظِيمَة محددة أَو غير محددة وَبِذَلِك قَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِنَّمَا الْقصاص عِنْد الْقَتْل بالنَّار أَو بالمحدد من الْحَدِيد أَو الْخَشَبَة المحددة أَو الْحجر المحدد فَأَما إِن غرقه بِالْمَاءِ أَو قَتله بِحجر أَو خَشَبَة غير محددة فَإِنَّهُ لاقود وَقَالَ الشَّافِعِي وَالنَّخَعِيّ وَالْحسن الْبَصْرِيّ لاقود إِلَّا فِي حَدِيد وَلَو ضربه فاسود الْموضع أَو كسر عِظَامه فِي دَاخل الْجلد فَعَن أبي حنيفَة فِي ذَلِك رِوَايَتَانِ وَاخْتلفُوا فِي عمد الْخَطَأ وَهُوَ أَن يتَعَمَّد الْفِعْل ويخطىء فِي الْقَصْد أَو يضْرب بِسَوْط لَا يقتل مثله غَالِبا أَو يلكزه أَو يلطمه لطما بليغا فَفِي ذَلِك الدِّيَة دون الْقود عِنْد أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد إِلَّا أَن الشَّافِعِي وَأحمد قَالَا إِن كرر الضَّرْب حَتَّى مَاتَ فَعَلَيهِ الْقود وَقَالَ مَالك بِوُجُوب الْقود فِي ذَلِك وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا أكره رجل رجلا على قتل آخر فَقَالَ أَبُو حنيفَة يقتل الْمُكْره دون الْمُبَاشر وَقَالَ مَالك وَأحمد يقتل الْمُبَاشر وَقَالَ الشَّافِعِي يقتل الْمُكْره بِكَسْر الرَّاء قولا وَاحِدًا وَفِي قتل الْمُكْره بِفَتْح الرَّاء قَولَانِ الرَّاجِح من مذْهبه أَن عَلَيْهِمَا الْقصاص جَمِيعًا فَإِن كافأه أَحدهمَا فَقَط فالقصاص عَلَيْهِ وَاخْتلفُوا فِي صفة الْمُكْره فَقَالَ مَالك إِذا كَانَ سُلْطَانا أَو متغلبا أَو سيدا مَعَ عَبده أقيد بهما جَمِيعًا إِلَّا أَن يكون العَبْد أعجميا جَاهِلا بِتَحْرِيم ذَلِك فَلَا يجب عَلَيْهِ الْقود وَقَالَ الْبَاقُونَ يَصح الْإِكْرَاه من كل ذِي يَد عَادِية وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا أمسك رجل رجلا فَقتله آخر فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ الْقود على الْقَاتِل دون الممسك وَلم يُوجب على الممسك شَيْئا إِلَّا التَّعْزِير وَقَالَ مَالك الممسك وَالْقَاتِل شريكان فِي الْقَتْل فَيجب عَلَيْهِمَا الْقود إِذا كَانَ الْقَاتِل لَا يُمكنهُ قَتله إِلَّا بالإمساك وَكَانَ الْمَقْتُول لَا يقدر على الْهَرَب بعد الْإِمْسَاك وَقَالَ أَحْمد فِي إِحْدَى روايتيه يقتل الْقَاتِل وَيحبس الممسك حَتَّى يَمُوت وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى يقتلان جَمِيعًا على الْإِطْلَاق فصل لَو شهدُوا بِالْقَتْلِ ثمَّ رجعُوا عَن الشَّهَادَة بعد اسْتِيفَاء الْقصاص وَقَالُوا تعمدنا أَو جَاءَ الْمَشْهُود بقتْله حَيا قَالَ أَبُو حنيفَة لاقود بل يجب دِيَة مُغَلّظَة وَقَالَ الشَّافِعِي يجب الْقصاص وَكَذَلِكَ قَالَ مَالك فِي الْمَشْهُور عَنهُ وَاتَّفَقُوا على أَنهم لَو رجعُوا أَو قَالُوا أَخْطَأنَا لم يجب عَلَيْهِم قصاص وَإِنَّمَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 206 تجب دِيَة وَاخْتلفُوا فِي الْوَاجِب بقتل الْعمد هَل هُوَ معِين أم لَا فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك فِي إِحْدَى روايتيه الْوَاجِب معِين وَهُوَ الْقود وَالرِّوَايَة الْأُخْرَى التَّخْيِير بَين الدِّيَة والقود وَعَن الشَّافِعِي قَولَانِ أَحدهمَا الْوَاجِب لَا بِعَيْنِه وَالثَّانِي وَهُوَ الصَّحِيح أَن الْوَاجِب الْقصاص عينا وَلَكِن لَهُ الْعُدُول إِلَى الدِّيَة وَإِن لم يرض الْجَانِي وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ كالمذهبين وَفَائِدَة الْخلاف فِي هَذِه الْمَسْأَلَة أَنه إِذا عَفا مُطلقًا سَقَطت الدِّيَة وَلَو عَفا الْوَلِيّ عَن الْقصاص عَاد إِلَى الدِّيَة بِغَيْر رضى الْجَانِي وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَيْسَ لَهُ الْعُدُول إِلَى المَال إِلَّا برضى الْجَانِي وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد لَهُ ذَلِك مُطلقًا وَعَن مَالك رِوَايَتَانِ كالمذهبين وَاتَّفَقُوا على أَنه إِذا عَفا رجل من أَوْلِيَاء الدَّم سقط الْقصاص وانتقل الْأَمر إِلَى الدِّيَة وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا عفت الْمَرْأَة فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد يسْقط الْقود وَاخْتلفت الرِّوَايَة عَن مَالك فِي ذَلِك فَنقل عَنهُ أَنه لَا مدْخل للنِّسَاء فِي الدَّم وَنقل عَنهُ أَن لَهُنَّ مدْخل فِي الدِّمَاء كالرجال إِذا لم يكن فِي درجتهن عصبَة فعلى هَذَا فَفِي أَي شَيْء لَهُنَّ مدْخل عَنهُ رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا فِي الْقود دون الْعَفو وَالثَّانيَِة فِي الْعَفو دون الْقود وَاتَّفَقُوا على أَن الْأَوْلِيَاء الْبَالِغين الْمُسْتَحقّين إِذا حَضَرُوا وطلبوا الْقصاص لم يُؤَخر إِلَّا أَن يكون الْجَانِي امْرَأَة حَامِلا فتؤخر حَتَّى تضع وعَلى أَنه إِذا كَانَ المستحقون صغَارًا أَو غائبين فَإِن الْقصاص يُؤَخر إِلَّا أَبَا حنيفَة فَإِنَّهُ قَالَ فِي الصغار إِذا كَانَ لَهُم أَب استوفى الْقصاص وَلم يُؤَخر وَلَو كَانَ من الْمُسْتَحقّين صغَار أَو غَائِب أَو مَجْنُون فقد اتّفق الْأَئِمَّة على أَن الْقصاص يُؤَخر فِي مَسْأَلَة الْغَائِب ثمَّ اخْتلفُوا فِي الصَّغِير وَالْمَجْنُون فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك لَا يُؤَخر الْقصاص لأجلهما وَقَالَ الشَّافِعِي يُؤَخر الْقصاص حَتَّى يفِيق الْمَجْنُون ويبلغ الصَّغِير وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ أظهرهمَا أَنه يُؤَخر وَالثَّانيَِة لَا يُؤَخر فصل وَلَيْسَ للْأَب أَن يَسْتَوْفِي الْقصاص لوَلَده الْكَبِير بالِاتِّفَاقِ وَهل لَهُ أَن يَسْتَوْفِيه لوَلَده الصَّغِير قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك لَيْسَ لَهُ ذَلِك سَوَاء كَانَ شَرِيكا لَهُ أم لَا وَسَوَاء كَانَ فِي النَّفس أَو الطّرف وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد فِي أظهر روايتيه لَيْسَ لَهُ أَن يَسْتَوْفِيه وَاخْتلفُوا فِي الْوَاحِد يقتل الْجَمَاعَة فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك لَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا الْقود لجماعتهم وَلَا يجب عَلَيْهِ شَيْء آخر وَقَالَ الشَّافِعِي إِن قتل وَاحِدًا بعد وَاحِد قتل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 207 بِالْأولِ وللباقين الدِّيات وَإِن قَتلهمْ فِي حَالَة وَاحِدَة أَقرع بَين أَوْلِيَاء المقتولين فَمن خرجت قرعته قتل لَهُ وللباقين الدِّيات وَقَالَ أَحْمد إِذا قتل وَاحِد جمَاعَة فَحَضَرَ الْأَوْلِيَاء وطلبوا الْقصاص قتل لجماعتهم وَلَا دِيَة عَلَيْهِ وَإِن طلب بَعضهم الْقصاص وَبَعْضهمْ الدِّيَة قتل لمن طلب الْقصاص وَوَجَبَت الدِّيَة لمن طلبَهَا وَإِن طلبُوا الدِّيَة كَانَ لكل وَاحِد دِيَة كَامِلَة فصل وَلَو جنى رجل على رجل فَقطع يَده الْيُمْنَى ثمَّ على آخر فَقطع يَده الْيُمْنَى ثمَّ طلبا مِنْهُ الْقصاص فَقَالَ أَبُو حنيفَة تقطع يَمِينه بهما وَتُؤْخَذ مِنْهُ دِيَة أُخْرَى لَهما وَقَالَ مَالك يقطع يَمِينه بهما وَلَا دِيَة عَلَيْهِ وَقَالَ الشَّافِعِي تقطع يَمِينه للْأولِ وَيغرم الدِّيَة للثَّانِي فَإِن كَانَ قطع يديهما مَعًا أَقرع بَينهمَا كَمَا قَالَ فِي النَّفس وَكَذَا إِن اشْتبهَ الْأَمر وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِن طلبا الْقصاص قطع لَهما وَلَا دِيَة وَإِن طلب أَحدهمَا الْقصاص وَأَحَدهمَا الدِّيَة قطع لمن طلب الْقصاص وَأخذت الدِّيَة للْآخر وَلَو قتل مُتَعَمدا ثمَّ مَاتَ قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك يسْقط حق ولي الدَّم من الْقصاص وَالدية جَمِيعًا وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد تبقى الدِّيَة فِي تركته لأولياء الْمَقْتُول وَاتَّفَقُوا على أَن الإِمَام إِذا قطع السَّارِق فسرى ذَلِك إِلَى نَفسه أَنه لَا ضَمَان عَلَيْهِ وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا قطعه مقتص فسرى إِلَى نَفسه فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد السَّرَايَة غير مَضْمُونَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة هِيَ مَضْمُونَة تتحملها عَاقِلَة الْمُقْتَص وَلَو قطع ولي الْمَقْتُول يَد الْقَاتِل فَقَالَ أَبُو حنيفَة إِن عَفا عَنهُ الْوَلِيّ غرم دِيَة يَده وَإِن لم يعف لم يلْزمه شَيْء وَقَالَ مَالك تقطع يَده بِكُل حَال عَفا عَنهُ الْوَلِيّ أَو لم يعف وَقَالَ أَحْمد يلْزمه دِيَة الْيَد فِي مَاله بِكُل حَال وَاتَّفَقُوا على أَنه لَا تقطع الْيَد الصَّحِيحَة بالشلاء وَلَا يَمِين بيسار وَلَا يسَار بِيَمِين وَاخْتلفُوا هَل يسْتَوْفى الْقصاص فِيمَا دون النَّفس قبل الِانْدِمَال أَو بعده فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد لَا يسْتَوْفى إِلَّا بعد الِانْدِمَال وَقَالَ الشَّافِعِي يسْتَوْفى فِي الْحَال وَاخْتلفُوا فِيمَا يسْتَوْفى بِهِ الْقصاص من الْآلَة فَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يسْتَوْفى إِلَّا بِالسَّيْفِ سَوَاء قتل بِهِ أَو بِغَيْرِهِ وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ يقتل بِمثل مَا قتل بِهِ وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ كالمذهبين وَاتَّفَقُوا على أَن من قتل فِي الْحرم جَازَ قَتله وَاخْتلفُوا فِيمَن قتل خَارج الْحرم ثمَّ لَجأ إِلَى الْحرم أَو وَجب عَلَيْهِ الْقَتْل لكفر أَو زنى أَو وردة ثمَّ لَجأ إِلَى الْحرم فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد لَا يقتل فِيهِ وَلَكِن يضيق عَلَيْهِ فَلَا يُبَايع وَلَا يشارى حَتَّى يخرج مِنْهُ فَيقْتل وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ يقتل فِي الْحرم انْتهى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 208 بَاب كَيْفيَّة الْقصاص ومستوفيه وَالْخلاف فِيهِ الْقصاص فِيمَا دون النَّفس شَيْئَانِ جرح يشق وطرف يقطع وَالْقصاص يجب فِيمَا دون النَّفس من الجروح والأعضاء لقَوْله تَعَالَى {وكتبنا عَلَيْهِم فِيهَا أَن النَّفس بِالنَّفسِ وَالْعين بِالْعينِ وَالْأنف بالأنف وَالْأُذن بالأذن وَالسّن بِالسِّنِّ والجروح قصاص} وَلما رُوِيَ أَن الرّبيع بنت معوذ وَقيل بنت أنس كسرت ثنية جَارِيَة من الْأَنْصَار فعرضوا عَلَيْهِم الْأَرْش فَلم يقبلُوا وطلبوا الْعَفو فَأَبَوا فَأتوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأمر بِالْقصاصِ فَقَالَ أنس بن النَّضر وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ نَبيا لَا تكسر ثنيتها فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتاب الله الْقصاص فَعَفَا الْقَوْم فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن من عباد الله من لَو أقسم على الله لَأَبَره وَلِأَن الْقصاص فِي النَّفس إِنَّمَا جعل لحفظ النُّفُوس وَهَذَا مَوْجُود فِيمَا دون النَّفس فعلى هَذَا كل شَخْصَيْنِ جرى الْقصاص بَينهمَا فِي النَّفس جرى الْقصاص بَينهمَا فِيمَا دون النَّفس فتقطع يَد الْحر الْمُسلم بيد الْحر الْمُسلم وَيَد الْكَافِر بيد الْكَافِر وَيَد الْمَرْأَة بيد الْمَرْأَة وَهَذَا إِجْمَاع وتقطع يَد الْمَرْأَة بيد الرجل وَيَد الرجل بيد الْمَرْأَة وَيَد العَبْد بيد الْحر وَالْعَبْد على خلاف فِيهِ والأطراف الْمقدرَة إِذا صدر الصُّلْح على الدِّيَة فِيهَا هِيَ الأول مِنْهَا الأذنان ففيهما على الْمَذْهَب وَلَو من أَصمّ دِيَة وَاحِدَة نصف دِيَة وَفِي بعضه بِقسْطِهِ بِقدر مساحته وَلَو أيبسهما فديَة وَفِي قَول حُكُومَة الثَّانِي العينان ففيهما دِيَة وَفِي إِحْدَاهمَا نصفهَا وَلَو عين أَحول وأعمش وأعشى وأخفش وَكَذَا من بِعَيْنِه بَيَاض لَا ينقص الضَّوْء وَكَذَا فِي الْقصاص فَإِن نقصت فبقسطه فَإِن لم يَنْضَبِط فَحُكُومَة الثَّالِث الأجفان الْأَرْبَعَة وفيهَا دِيَة وَفِي كل جفن ربعهَا وَلَو من أعمى وأعمش وَفِي بعضه بِقسْطِهِ وَفِي يَابِس حُكُومَة الرَّابِع الْأنف فَفِي الْأنف وَهُوَ مالان من الْأنف دِيَة فِي كل من طَرفَيْهِ فِي المارن ثلث الدِّيَة وَفِي الحاجز حُكُومَة وَفِيهِمَا دِيَة الْخَامِس الشفتان وَفِيهِمَا دِيَة وَفِي إِحْدَاهمَا نصفهَا وَفِي بَعْضهَا بِقسْطِهِ وَهِي فِي عرض الْوَجْه إِلَى الشدقين وَفِي طوله من جَوف الْفَم إِلَى مَا يستر اللِّحْيَة فِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 209 الْأَصَح وَلَو شقّ شفته وَلم يبْق مِنْهَا شَيْء فَحُكُومَة أَو قطع مشقوقة فديَة أَو نَاقِصَة فَحُكُومَة السَّادِس اللِّسَان وَفِيه دِيَة وَلَو ألكن ومبرسم وأرت وألثغ وطفل وَلَو بلغ الطِّفْل فِي وَقت النُّطْق أَو التحريك وَلم يُوجد فَحُكُومَة السَّابِع الْأَسْنَان وَفِي كل سنّ لذكر حر مُسلم خَمْسَة أَبْعِرَة بِشَرْط كَونهَا أَصْلِيَّة تَامَّة مثغورة غير مقلقلة وَفِي سنّ زَائِدَة حُكُومَة وَلَو قلع سنّ صَغِير لم يثغر وَمَضَت مُدَّة يتَوَقَّع فِيهَا الْعود وَلم تعد وَفَسَد المنبت وَجب قصاص أَو دِيَة فَإِن مَاتَ قبل النَّبَات فَحُكُومَة وَلَو قلع سنّ صَغِير فطلع بَعْضهَا وَمَات قبل أَن يتم نباتها فَحُكُومَة الثَّامِن اللحيان وَفِيهِمَا دِيَة وَفِي إِحْدَاهمَا نصفهَا وَالصَّحِيح أَنه تكمل الدِّيَة فِي بسيط الْأَصَابِع وَفِي كل إِصْبَع عشرَة أَبْعِرَة وَفِي أُنْمُلَة ثلثهَا وَفِي أُنْمُلَة إِبْهَام نصفهَا التَّاسِع الرّجلَانِ وَفِيهِمَا دِيَة وَفِي إِحْدَاهمَا نصفهَا والأعرج وَكَذَا إِن تعطل مشيها بِكَسْر الفقار فِي الْأَصَح الْعَاشِر حلمتا الْمَرْأَة وَفِيهِمَا دِيَتهَا وَفِي إِحْدَاهمَا نصفهَا والحلمة الْمُجْتَمع الناتىء على الثدي يُخَالف لَونه لون الثدي غَالِبا وبجوانبها دارة على لَوْنهَا وَهِي من الثدي لَا من الحلمة فَلَو قطع الثدي مَعَ الحلمة لم يجز إِلَّا دِيَة وَلَو قطع مَعَ الثدي جلدَة الصَّدْر وَجَبت حُكُومَة فِي الْجلد أَيْضا وَفِي حلمة الرجل حُكُومَة وَفِي قَول دِيَة وَفِي حلمتي الْخُنْثَى حُكُومَة على الْأَظْهر الْحَادِي عشر الذّكر وَفِيه دِيَة وَلَو لشيخ وصغير وعنين وَخصي وَغَيرهم وَفِي أشل حُكُومَة وَلَو ضربه فشل فديَة وحشفة كَذَلِك وَبَعضهَا بِقسْطِهِ مِنْهَا وَقيل من الذّكر الثَّانِي عشر الْأُنْثَيَيْنِ وَفِيهِمَا دِيَة وَفِي إِحْدَاهمَا نصفهَا الثَّالِث عشر الأليتان وَفِيهِمَا دِيَة وَفِي إِحْدَاهمَا نصفهَا وَفِي بَعْضهَا بِقسْطِهِ إِن عرف قدره وَضَبطه وَإِلَّا فَحُكُومَة والألية الشَّيْء الناتىء على اسْتِوَاء الظّهْر والفخذ وَلَا نظر إِلَى اخْتِلَاف قدره وَلَا يشْتَرط وُصُول إِلَى الْعظم وَلَو نَبتَت الألية والتحم الْموضع لم تسْقط الدِّيَة على الْمَذْهَب الرَّابِع عشر الشفران وهما اللحمان الملتقيان على المنفذ وَفِيهِمَا دِيَة وَفِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 210 أَحدهمَا نصفهَا وَلَو ضربهما فشلا فديَة وَلَو قطع مَعَهُمَا عانتها فَحُكُومَة أَيْضا الْخَامِس عشر سلخ الْجلد إِن بَقِي حَيَاة مُسْتَقِرَّة وحز غير السالخ رقبته فَفِيهِ دِيَة فَلَو قطع يَدَاهُ وسلخ رجل الْجلد وزعت مساحة الْجلد على جَمِيع الْبدن فَمَا خص الْيَدَيْنِ حط من دِيَتهمَا وعَلى هَذَا لَو قطع يَدَاهُ ثمَّ سلخ آخر جلده لزم السالخ دِيَة الْجلد إِلَّا قسط الْيَدَيْنِ وَفِي الترقوتين حُكُومَة على الْمَذْهَب كالضلع وَسَائِر الْعِظَام فصل فِي إِزَالَة الْمَنَافِع الأول الْعقل فِيهِ دِيَة لَا قصاص فَلَو قطع يَدَاهُ وَرجلَاهُ فَزَالَ عقله وَجب ثَلَاث ديات وَإِن انتظم قَوْله وَفعله صدق الْجَانِي بِيَمِينِهِ وَإِن لم يَنْتَظِم قَوْله وَفعله فَلهُ دِيَة بِلَا يَمِين الثَّانِي السّمع وَفِيه دِيَة وَمن أذن نصفهَا وَلَو أَزَال أُذُنَيْهِ وسمعيه فديتان الثَّالِث الْبَصَر وَفِي إذهابه من الْعَينَيْنِ دِيَة وَفِي إِحْدَاهمَا نصفهَا وَلَو من أَحول وأعمش وَنَحْوهمَا وَلَو فَقَأَ عَيْنَيْهِ لم يجب إِلَّا دِيَة وَلَا يقبل فِي إذهاب الْبَصَر عمدا إِلَّا رجلَانِ أَو خطأ فَرجل وَامْرَأَتَانِ وَإِن نقص ضوء الْعَينَيْنِ وَعرف قدره فبقسط الذَّاهِب من الدِّيَة وَإِلَّا فَحُكُومَة عِنْد الْأَكْثَر بِاجْتِهَاد القَاضِي الرَّابِع الشم وَفِيه دِيَة على الصَّحِيح وَمن منخر نصفهَا وَلَو قطع أَنفه فَذهب شمه وَجَبت ديتان فَإِن عَاد استردت الدِّيَة فَإِن ادّعى ذَهَابه وَأنكر الْجَانِي يزعج فِي خلواته فَإِن لم يظْهر مِنْهُ شَيْء حلف كأخرس وَأديت دِيَة وَفِي بعض الْحُرُوف قسط من الدِّيَة والموزع عَلَيْهِ ثَمَانِيَة وَعِشْرُونَ حرفا فِي لُغَة الْعَرَب فصل والحكومة جُزْء نسبته إِلَى دِيَة النَّفس وَقيل إِلَى عُضْو الْجِنَايَة نِسْبَة نَقصهَا من قِيمَته لَو كَانَ رَقِيقا بصفاته وجنسها إبل فَإِن كَانَت مقدرَة شَرط أَن لَا تبلع مقدرَة فَإِن بلغته نقص القَاضِي شَيْئا بِاجْتِهَادِهِ وَيجوز أَن تبلغ حُكُومَة الْكَفّ دِيَة إِصْبَع فِي الْأَصَح فصل فِي نفس الرَّقِيق قِيمَته وَلَو مُدبرا ومكاتبا وَأم ولد وَفِي غَيرهَا مَا نقص وَإِن لم تتقدر من الْحر وَإِلَّا فبنسبته من قِيمَته فِي الْأَظْهر فَفِي يَده نصف قِيمَته وَفِي يَدَيْهِ كلهَا وَفِي ذكره وأنثييه قيمتان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 211 وَهَكَذَا فَلَو لم تنقص الْقيمَة بِقطع الذّكر والأنثيين أَو ازدادت لم يجب شَيْء فِي الْأَصَح بَاب مُوجبَات الدِّيَة والعاقلة وَالْكَفَّارَة الْعقل اسْم للدية وَسميت الدِّيَة الْعقل لِأَنَّهَا تعقل بِبَاب ولي الْمَقْتُول والعصبة الَّذين يتحملون الدِّيَة يسمون الْعَاقِلَة وَإِنَّمَا سموا بذلك لأَنهم يأْتونَ بِالدِّيَةِ فيعقلونها عِنْد بَاب ولي الْمَقْتُول وَقيل لأَنهم يمْنَعُونَ من الْقَاتِل وَالْعقل الْمَنْع وَلذَلِك سمي الْعقل عقلا لِأَنَّهُ يمْنَع صَاحبه من فعل الْقَبِيح وَالْأَصْل فِي وجوب الْكَفَّارَة فِي الْقَتْل قَوْله تَعَالَى {وَمَا كَانَ لمُؤْمِن أَن يقتل مُؤمنا إِلَّا خطأ وَمن قتل مُؤمنا خطأ فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤمنَة ودية مسلمة إِلَى أَهله إِلَّا أَن يصدقُوا فَإِن كَانَ من قوم عَدو لكم وَهُوَ مُؤمن فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤمنَة وَإِن كَانَ من قوم بَيْنكُم وَبينهمْ مِيثَاق فديَة مسلمة إِلَى أَهله وتحرير رَقَبَة مُؤمنَة فَمن لم يجد فَصِيَام شَهْرَيْن مُتَتَابعين تَوْبَة من الله وَكَانَ الله عليما حكيما} فَذكر الله تَعَالَى فِي الْآيَة ثَلَاث كَفَّارَات إِحْدَاهُنَّ إِذا قتل مُسلما فِي دَار الْإِسْلَام لقَوْله تَعَالَى {وَمن قتل مُؤمنا خطأ فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤمنَة} الثَّانِيَة إِذا قتل مُؤمنا فِي دَار الْحَرْب بِأَن كَانَ أَسِيرًا فِي صفهم أَو مُقيما بِاخْتِيَارِهِ لقَوْله تَعَالَى {فَإِن كَانَ من قوم عَدو لكم وَهُوَ مُؤمن فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤمنَة} وَمَعْنَاهُ فِي قوم عَدو لكم وَقد تقدم بَيَانه الثَّالِثَة إِذا قتل ذِمِّيا لقَوْله تَعَالَى {وَإِن كَانَ من قوم بَيْنكُم وَبينهمْ مِيثَاق فديَة مسلمة إِلَى أَهله وتحرير رَقَبَة مُؤمنَة} وَظَاهر الْآيَة أَنه لَيْسَ لَهُ أَن يقْتله عمدا وَله أَن يقْتله خطأ لِأَن الِاسْتِثْنَاء من النَّفْي إِثْبَات قَالَ الشَّيْخ أَبُو حَامِد وَلَا خلاف بَين أهل الْعلم أَن قتل الْخَطَأ محرم كَقَتل الْعمد إِلَّا أَن قتل الْعمد يتَعَلَّق بِهِ الْإِثْم وَقتل الْخَطَأ لَا إِثْم عَلَيْهِ الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب اخْتلف الْعلمَاء رَحِمهم الله تَعَالَى فِيمَا إِذا صَاح بصبي أَو معتوه وهما على سطح أَو حَائِط فَوَقع فَمَاتَ أَو ذهب عقل الصَّبِي أَو عقل الْبَالِغ فصاح بِهِ فَسقط وَإِذا بعث الإِمَام إِلَى امْرَأَة يستدعيها إِلَى مجْلِس الحكم فأجهضت جَنِينا فَزعًا أَو زَالَ عقلهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 212 فَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا ضَمَان فِي شَيْء من ذَلِك على أحد وَقَالَ الشَّافِعِي الدِّيَة فِي ذَلِك كُله على الْعَاقِلَة إِلَّا فِي حق الْبَالِغ فَإِنَّهُ لَا ضَمَان على الْعَاقِلَة فِيهِ وَمن أَصْحَابه من أوجب أَيْضا الضَّمَان فِيهِ وَهُوَ ابْن أبي هُرَيْرَة وَقَالَ أَحْمد الدِّيَة فِي ذَلِك كُله على الْعَاقِلَة وعَلى الإِمَام فِي حق المستدعاة وَقَالَ مَالك الدِّيَة فِي ذَلِك كُله على الْعَاقِلَة مَا عدا الْمَرْأَة فَإِنَّهُ لَا دِيَة فِيهَا على أحد وَاخْتلفُوا فِي الْمَرْأَة إِذا ضرب أحد بَطنهَا فَأَلْقَت جَنِينا مَيتا ثمَّ مَاتَت فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك لَا ضَمَان لأجل الْجَنِين وعَلى من ضربهَا الدِّيَة وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد فِي ذَلِك الدِّيَة كَامِلَة وغرة الْجَنِين وَاخْتلفُوا فِي قيمَة جَنِين الْأمة إِذا كَانَ مَمْلُوكا فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد فِيهِ عشر قيمَة أمه سَوَاء كَانَ ذكرا أَو أُنْثَى وَتعْتَبر قيمَة الْأُم يَوْم جني عَلَيْهَا وَأما جَنِين أم الْوَلَد من مَوْلَاهَا فَفِيهِ غرَّة تكون قيمتهَا نصف عشر دِيَة الْأَب وَكَذَلِكَ فِي جَنِين الذِّمِّيَّة إِذا كَانَ أَبوهُ مُسلما ولجنين الْكِتَابِيَّة إِذا كَانَ أَبوهُ مجوسيا قيمتهَا نصف عشر قِيمَته وَفِي الْأُنْثَى الْعشْر وَيعرف عشر دِيَة الْأُم اعْتِبَارا بأوفى الديتين وَقَالَ أَبُو حنيفَة فِي الذّكر نصف عشر قِيمَته وَفِي الْأُنْثَى الْعشْر وَلم يفرق وَاخْتلفُوا فِيمَن حفر بِئْرا فِي فنَاء دَاره فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد يضمن مَا هلك فِيهَا وَقَالَ مَالك لَا ضَمَان عَلَيْهِ وَاخْتلفُوا فِيمَن بسط بَارِية فِي الْمَسْجِد أَو حفر فِيهِ بِئْرا لمصلحته أَو علق قِنْدِيلًا فَعَطب بذلك أَو بِشَيْء مِنْهُ إِنْسَان فَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا لم يَأْذَن لَهُ الْجِيرَان فِي ذَلِك ضمن وَعَن الشَّافِعِي فِي الضَّمَان وَإِسْقَاط قَولَانِ أظهرهمَا أَنه لَا ضَمَان وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا لَا ضَمَان عَلَيْهِ وَهِي أظهرهمَا وَالْأُخْرَى يضمن وَلَا خلاف أَنه لَو بسط فِيهِ الْحَصِير فزلق بِهِ إِنْسَان أَنه لَا ضمار عَلَيْهِ وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا ترك فِي دَاره كَلْبا عقورا فَدخل فِي دَاره إِنْسَان وَقد علم أَن ثمَّ كَلْبا عقورا فعقره فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ لَا ضَمَان عَلَيْهِ على الْإِطْلَاق وَقَالَ مَالك عَلَيْهِ الضَّمَان بِشَرْط أَن لَا يكون صَاحب الدَّار يعلم أَنه عقور وَقَالَ أَحْمد فِي إِحْدَى روايتيه وَهِي أظهرهمَا لَا ضَمَان عَلَيْهِ وَالرِّوَايَة الْأُخْرَى يضمن سَوَاء علم أَنه عقور أم لَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 213 فصل وَاتَّفَقُوا على أَن الدِّيَة فِي قتل الْخَطَأ على عَاقِلَة الْجَانِي وَأَنَّهَا تجب عَلَيْهِم مُؤَجّلَة فِي ثَلَاث سِنِين وَاخْتلفُوا هَل يدْخل الْجَانِي مَعَ الْعَاقِلَة فَيُؤَدِّي مَعَهم فَقَالَ أَبُو حنيفَة هُوَ كَأحد الْعَاقِلَة يلْزمه مَا يلْزم أحدهم وَاخْتلف أَصْحَاب مَالك فَقَالَ ابْن الْقَاسِم كَقَوْل أبي حنيفَة وَقَالَ غَيره لَا يدْخل الْجَانِي مَعَ الْعَاقِلَة وَقَالَ الشَّافِعِي إِن اتسعت الْعَاقِلَة أَو لم تتسع وعَلى هَذَا إِذا لم تتسع الْعَاقِلَة لتحمل جَمِيع الدِّيَة انْتقل ذَلِك إِلَى بَيت المَال وَإِن كَانَ الْجَانِي من أهل الدِّيوَان فَهَل يلْحق أهل ديوانه بالعصبة فِي الدَّم أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة ديوانه عَاقِلَته ويقدمون على الْعصبَة فِي التَّحَمُّل فَإِن عدموا فَحِينَئِذٍ تتحمل الْعصبَة وَكَذَا عَاقِلَة السوقي أهل سوقه ثمَّ قرَابَته فَإِن عجزوا فَأهل محلته فَإِن لم تتسع فَأهل بلدته وَإِن كَانَ الْجَانِي من أهل الْقرى وَلم يَتَّسِع فالمصر الَّذِي يَلِي تِلْكَ الْقرْيَة من سوَاده وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد لَا مدْخل لَهُم فِي الدِّيَة إِذا لم يَكُونُوا أقَارِب الْجَانِي وَاخْتلفُوا فِيمَا تحمله الْعَاقِلَة من الدِّيَة هَل هُوَ مُقَدّر أم هُوَ على قدر الطَّاقَة وَالِاجْتِهَاد فَقَالَ أَبُو حنيفَة يسوى بَين جَمِيعهم فَيُؤْخَذ من ثَلَاثَة دَرَاهِم إِلَى أَرْبَعَة وَقَالَ مَالك وَأحمد لَيْسَ فِيهِ مُؤَقّت وَإِنَّمَا هُوَ بِحَسب التسهيل وَلَا يضر بِهِ وَقَالَ الشَّافِعِي يتَقَدَّر فَيُوضَع على الْغَنِيّ نصف دِينَار وعَلى متوسط الْحَال ربع دِينَار وَلَا ينقص من ذَلِك وَهل يَسْتَوِي الْفَقِير والغني من الْعَاقِلَة فِي تحمل الدِّيَة أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة يستويان وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد يتَحَمَّل الْغَنِيّ زِيَادَة على الْمُتَوَسّط وَالْغَائِب من الْعَاقِلَة هَل يحمل شَيْئا من الدِّيات كالحاضر أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد هما سَوَاء وَقَالَ مَالك لَا يتَحَمَّل الْغَائِب مَعَ الْحَاضِر شَيْئا إِذا كَانَ الْغَائِب من الْعَاقِلَة فِي إقليم آخر سوى الإقليم الَّذِي فِيهِ بَقِيَّة الْعَاقِلَة وَيضم إِلَيْهِم أقرب الْقَبَائِل مِمَّن هُوَ محَارب مَعَهم وَعَن الشَّافِعِي كالمذهبين وَاخْتلفُوا فِي تَرْتِيب التَّحَمُّل فَقَالَ أَبُو حنيفَة الْقَرِيب والبعيد فِيهِ سَوَاء وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد تَرْتِيب التَّحَمُّل على تَرْتِيب الْأَقْرَب من الْعَصَبَات فَإِن استغرقوه لم يقسم على غَيرهم فَإِن لم يَتَّسِع الْأَقْرَب لتحمله دخل الْأَبْعَد وَهَكَذَا حَتَّى يدْخل فيهم أبعدهم دَرَجَة على حسب الْمِيرَاث وَابْتِدَاء حول الْعقل هَل يعْتَبر بِالْمَوْتِ أَو بِحكم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 214 الْحَاكِم قَالَ أَبُو حنيفَة اعْتِبَاره من حِين حكم الْحَاكِم وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد من حِين الْمَوْت وَمن مَاتَ من الْعَاقِلَة بعد الْحول هَل يسْقط مَا كَانَ يلْزمه أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة يسْقط وَلَا يُؤْخَذ من تركته وَأما مَذْهَب مَالك فَقَالَ ابْن الْقَاسِم يجب فِي مَاله وَيُؤْخَذ من تركته وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد فِي إِحْدَى روايتيه ينْتَقل مَا عَلَيْهِ إِلَى تركته فصل إِذا مَال حَائِط إِنْسَان إِلَى طَرِيق أَو إِلَى ملك غَيره ثمَّ وَقع على شخص فَقتله فَقَالَ أَبُو حنيفَة إِن طُولِبَ بِالنَّقْضِ فَلم يفعل مَعَ التَّمَكُّن ضمن مَا تلف بِسَبَبِهِ وَإِلَّا فَلَا يضمن وَقَالَ مَالك وَأحمد فِي إِحْدَى روايتيهما إِن تقدم إِلَيْهِ بنقضه فَلم ينْقضه فَعَلَيهِ الضَّمَان زَاد مَالك وَأشْهد عَلَيْهِ وَعَن مَالك رِوَايَة أُخْرَى أَنه إِذا بلغ من شدَّة الْخَوْف إِلَى مَا لَا يُؤمن مَعَه الْإِتْلَاف ضمن مَا تلف بِهِ سَوَاء تقدم أم لَا وَسَوَاء أشهد أم لَا وَعَن أَحْمد رِوَايَة أُخْرَى وَهِي الْمَشْهُورَة أَنه لَا يضمن مُطلقًا ولأصحاب الشَّافِعِي فِي الضَّمَان وَجْهَان أصَحهمَا أَنه لَا يضمن فصل وَاتَّفَقُوا على وجوب الْكَفَّارَة فِي قتل الْخَطَأ إِذا لم يكن الْمَقْتُول ذِمِّيا وَلَا عبدا وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا كَانَ ذِمِّيا أَو عبدا فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد تجب الْكَفَّارَة فِي قتل الذِّمِّيّ على الْإِطْلَاق وَفِي قتل العَبْد الْمُسلم على الْمَشْهُور وَقَالَ مَالك لَا تجب الْكَفَّارَة فِي قتل الذِّمِّيّ وَهل تجب فِي قتل الْعمد قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك لَا تجب وَقَالَ الشَّافِعِي تجب وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ كالمذهبين وَلَو قتل الْكَافِر مُسلما خطأ فَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد تجب عَلَيْهِ الْكَفَّارَة لَهُ وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك لَا كَفَّارَة عَلَيْهِ وَهل تجب الْكَفَّارَة على الصَّبِي وَالْمَجْنُون إِذا قتلا قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد تجب وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا تجب وَاتَّفَقُوا على أَن كَفَّارَة الْخَطَأ عتق رَقَبَة مُؤمنَة فَإِن لم يجد فَصِيَام شَهْرَيْن مُتَتَابعين وَاخْتلفُوا فِي الْإِطْعَام فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد فِي إِحْدَى روايتيه لَا يجزىء الْإِطْعَام فِي ذَلِك وَالرِّوَايَة الْأُخْرَى عَن أَحْمد أَنه يجزىء وَللشَّافِعِيّ قَولَانِ أصَحهمَا أَنه لَا إطْعَام وَهل تجب الْكَفَّارَة على الْقَاتِل بِسَبَب تعديه كحفر الْبِئْر وَنصب السكين وَوضع الْحجر فِي الطَّرِيق قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد تجب وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا تجب مُطلقًا وَإِن كَانُوا قد أَجمعُوا على وجوب الدِّيَة فِي ذَلِك انْتهى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 215 كتاب الدِّيات وَمَا يتَعَلَّق بهَا من الْأَحْكَام تجب الدِّيَة بقتل الْمُسلم وَالذِّمِّيّ وَالْأَصْل فِيهِ من الْكتاب قَوْله تَعَالَى {وَمَا كَانَ لمُؤْمِن أَن يقتل مُؤمنا إِلَّا خطأ وَمن قتل مُؤمنا خطأ فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤمنَة ودية مسلمة إِلَى أَهله إِلَّا أَن يصدقُوا فَإِن كَانَ من قوم عَدو لكم وَهُوَ مُؤمن فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤمنَة وَإِن كَانَ من قوم بَيْنكُم وَبينهمْ مِيثَاق فديَة مسلمة إِلَى أَهله وتحرير رَقَبَة مُؤمنَة فَمن لم يجد فَصِيَام شَهْرَيْن مُتَتَابعين تَوْبَة من الله وَكَانَ الله عليما حكيما} وَقد تقدم بَيَانهَا وَمن السّنة مَا روى أَبُو بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتب إِلَى أهل الْيَمين وَفِي النَّفس مائَة من الْإِبِل وَهُوَ إِجْمَاع لَا خلاف فِيهِ فَإِن كَانَت الدِّيَة فِي الْعمد الْمَحْض أَو فِي شبه الْعمد وَجَبت مائَة مُغَلّظَة وَهِي ثَلَاثُونَ حقة وَثَلَاثُونَ جَذَعَة وَأَرْبَعُونَ خلفة والخلفة الْحَامِل بِدَلِيل مَا روى عبَادَة ابْن الصَّامِت رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَلا إِن فِي الدِّيَة الْعُظْمَى مائَة من الْإِبِل مِنْهَا أَرْبَعُونَ خلفة فِي بطونها أَوْلَادهَا وَرُوِيَ عَن عمر رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ دِيَة شبه الْعمد ثَلَاثُونَ حقة وَثَلَاثُونَ جَذَعَة وَأَرْبَعُونَ خلفة فَإِن قيل فَمَا معنى قَوْله مِنْهَا أَرْبَعُونَ خلفة فِي بطونها أَوْلَادهَا وَقد علم أَن الخلفة لَا تكون إِلَّا حَامِلا قُلْنَا لَهُ تَأْوِيلَانِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 216 أَحدهمَا أَنه أَرَادَ التَّأْكِيد فِي الْكَلَام وَذَلِكَ جَائِز كَقَوْلِه تَعَالَى {فَصِيَام ثَلَاثَة أَيَّام فِي الْحَج وَسَبْعَة إِذا رجعتم تِلْكَ عشرَة كَامِلَة} وَالثَّانِي أَن الخلفة اسْم للحامل الَّتِي لم تضع وَاسم للَّتِي وضعت ويتبعها وَلَدهَا فَأَرَادَ أَن يُمَيّز بَينهمَا وَإِن كَانَت الْجِنَايَة خطأ وَلم يكن الْقَتْل فِي الْحرم وَلَا فِي الْأَشْهر الْحرم وَلَا كَانَ الْمَقْتُول ذَا رحم محرم للْقَاتِل فَإِن الدِّيَة تكون مُخَفّفَة أَخْمَاسًا وَهِي مائَة من الْإِبِل عشرُون بنت مَخَاض وَعِشْرُونَ بنت لبون وَعِشْرُونَ ابْن لبون وَعِشْرُونَ حقة وَعِشْرُونَ جَذَعَة بِدَلِيل مَا روى مُجَاهِد عَن ابْن مَسْعُود أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قضى بدية الْخَطَأ مائَة من الْإِبِل عشرُون بنت مَخَاض وَعِشْرُونَ بنت لبون وَعِشْرُونَ ابْن لبون وَعِشْرُونَ حقة وَعِشْرُونَ جَذَعَة وَإِن كَانَ قتل الْخَطَأ فِي الْحرم أَو فِي الْأَشْهر الْحرم وَهِي رَجَب وَذُو الْقعدَة وَذُو الْحجَّة وَالْمحرم أَو كَانَ الْمَقْتُول ذَا رحم محرم للْقَاتِل كَانَت دِيَة الْخَطَأ مُغَلّظَة كدية الْعمد بِدَلِيل أَن الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم غلظوا فِي دِيَة الْخَطَأ فِي هَذِه الْمَوَاضِع الثَّلَاثَة وَعَن عمر رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ من قتل فِي الْحرم أَو فِي الْأَشْهر الْحرم أَو ذَا رحم محرم فَعَلَيهِ دِيَة وَثلث وَرُوِيَ عَن عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ أَن امْرَأَة وطِئت فِي الطّواف فَمَاتَتْ فَقضى أَن دِيَتهَا سِتَّة آلَاف دِرْهَم وألفا دِرْهَم للحرم وروى ابْن جُبَير أَن رجلا قتل رجلا فِي الْبَلَد الْحَرَام فِي الشَّهْر الْحَرَام فَقَالَ ابْن عَبَّاس دِيَته اثْنَا عشر ألف دِرْهَم وَأَرْبَعَة آلَاف تَغْلِيظًا للشهر الْحَرَام وَأَرْبَعَة آلَاف للبلد الْحَرَام فكملها عشْرين ألفا وَلَا مُخَالف لَهُم من الصَّحَابَة وَإِن قتل خطأ فِي حرم الْمَدِينَة فَهَل تتغلظ الدِّيَة فِيهِ وَجْهَان أَحدهمَا تغلظ كَمَا تغلظ فِي الْبَلَد الْحَرَام فَإِنَّهُ كالحرم فِي تَحْرِيم الصَّيْد فَكَانَ كالحرم فِي تَغْلِيظ دِيَة الْخَطَأ وَالثَّانِي لَا تغلظ وَهُوَ الْأَصَح لِأَنَّهُ دون الْحرم بِدَلِيل أَنه يجوز قَصده بِغَيْر إِحْرَام فَلم يلْحق بِهِ فِي الْحُرْمَة وَلَا فِي تَغْلِيظ الدِّيَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 217 الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب اتّفق الْأَئِمَّة رَحِمهم الله تَعَالَى على أَن دِيَة الْمُسلم الْحر الذّكر مائَة من الْإِبِل فِي مَال الْقَاتِل الْعَامِد إِذا عدل إِلَى الدِّيَة ثمَّ اخْتلفُوا هَل هِيَ مُؤَجّلَة فِي ثَلَاث سِنِين وَاخْتلفُوا فِي دِيَة الْعَمَل فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد فِي إِحْدَى روايتيه هِيَ أَربَاع لكل سنّ من أَسْنَان الْإِبِل مِنْهَا خمس وَعِشْرُونَ بنت مَخَاض وَمثلهَا بنت لبون وَمثلهَا حقاق وَمثلهَا جذاع وَقَالَ الشَّافِعِي تُؤْخَذ مُثَلّثَة ثَلَاثُونَ حقة وَثَلَاثُونَ جَذَعَة وَأَرْبَعُونَ خلفة أَي حوامل وَبِه قَالَ أَحْمد فِي رِوَايَته الْأُخْرَى وَأما دِيَة شبه الْعمد فَهِيَ مثل دِيَة الْعمد الْمَحْض عِنْد أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَاخْتلفت الرِّوَايَة عَن مَالك فِي ذَلِك وَأما دِيَة الْخَطَأ فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد هِيَ مخمسة عشرُون جَذَعَة وَعِشْرُونَ بنت لبون وَعِشْرُونَ ابْن مَخَاض وَعِشْرُونَ بنت مَخَاض وَبِذَلِك قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ إِلَّا أَنَّهُمَا جعلا مَكَان ابْن مَخَاض ابْن لبون فصل وَاخْتلفُوا فِي الدَّنَانِير وَالدَّرَاهِم هَل يجوز أَن تُؤْخَذ فِي الدِّيات أم لَا فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد يجوز أَخذهَا فِي الدِّيات مَعَ وجود الْإِبِل وعنهما رِوَايَتَانِ وَهل هِيَ أصل بِنَفسِهَا أم الأَصْل الْإِبِل وَالذَّهَب وَالدَّرَاهِم وَالْفِضَّة بدل عَنْهَا قَالَ مَالك هِيَ أصل بِنَفسِهَا مقدرَة بِالشَّرْعِ وَلم يَعْتَبِرهَا بِالْإِبِلِ وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يعدل عَن الْإِبِل إِذا وجدت إِلَّا بِالتَّرَاضِي فَإِن أعوزت فَعَنْهُ قَولَانِ الْجَدِيد الرَّاجِح أَنه يعدل إِلَى قيمتهَا حِين الْقَبْض زَائِدَة أَو نَاقِصَة وَالْقَدِيم الْمَعْمُول بِهِ ضَرُورَة يعدل إِلَى ألف دِينَار أَو اثْنَي عشر ألف دِرْهَم وَاخْتلفُوا فِي مبلغ الدِّيَة من الدَّرَاهِم فَقَالَ أَبُو حنيفَة عشرَة آلَاف دِرْهَم وَاخْتلفُوا فِي الْبَقر وَالْغنم هَل لَهَا أصل فِي الدِّيَة أم تُؤْخَذ على وَجه الْقيمَة قَالَ أَحْمد الْبَقر وَالْغنم أصل مُقَدّر فِيهَا فَمن الْبَقر مِائَتَا بقرة وَمن الْغنم ألفا شَاة وَاخْتلفت الرِّوَايَة عَنهُ أَنَّهَا لَيست بِبَدَل وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا قتل فِي الْحرم أَو قتل وَهُوَ محرم أَو فِي شهر حرَام أَو قتل ذَا رحم محرم هَل تغلظ الدِّيَة فِي ذَلِك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 218 فَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا تغلظ الدِّيَة فِي شَيْء من ذَلِك وَقَالَ مَالك تغلظ فِي قتل الرجل وَلَده فَقَط والتغليظ أَن تُؤْخَذ الْإِبِل أَثلَاثًا ثَلَاثُونَ حقة وَثَلَاثُونَ جَذَعَة وَأَرْبَعُونَ خلفة وَعَن مَالك فِي الذَّهَب وَالْفِضَّة رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا لَا تغلظ الدِّيَة فيهمَا وَالْأُخْرَى تغلظ وَفِي صفة تغليظها عَنهُ رِوَايَتَانِ أشهرهما أَنه يلْزم من الذَّهَب وَالْوَرق قيمَة الْإِبِل الْمُغَلَّظَة بَالِغَة مَا بلغت وَقَالَ الشَّافِعِي تغلظ فِي الْحرم وَالْمحرم وَالْأَشْهر الْحرم وَقيل تغلظ فِي الْإِحْرَام ولأصحابه وَجْهَان أظهرهمَا لَا تغلظ وَلَا تغلظ عِنْده إِلَّا فِي الْإِبِل وَأما الذَّهَب وَالْوَرق فَلَا يدْخل التَّغْلِيظ فِيهِ وَصفَة التَّغْلِيظ عِنْده أَن تكون بأسنان الْإِبِل فَقَط وَقَالَ أَحْمد تغلظ الدِّيَة وَصفَة التَّغْلِيظ إِن كَانَ الضَّمَان بِالذَّهَب وَالْفِضَّة فبزيادة الْقدر وَهُوَ ثلث الدِّيَة نصا عَنهُ وَإِن كَانَ بِالْإِبِلِ فَقِيَاس مذْهبه أَنه كالأثمان وَأَنَّهَا مُغَلّظَة بِزِيَادَة الْقدر لَا بِالسِّنِّ وَاخْتلف الشَّافِعِي وَأحمد هَل يتداخل تَغْلِيظ الدِّيَة أم لَا مِثَاله قتل فِي شهر حرَام فِي الْحرم ذَا رحم محرم فَقَالَ الشَّافِعِي يتداخل وَيكون التَّغْلِيظ فيهمَا وَاحِدًا وَقَالَ أَحْمد لَا يتداخل بل لكل وَاحِد من ذَلِك ثلث الدِّيَة وَاتَّفَقُوا على أَن الجروح قصاص فِي كل مَا يَتَأَتَّى فِيهِ الْقصاص وَأما مَا لَا يَتَأَتَّى فِيهِ الْقصاص وَهُوَ عشرَة الحارصة وَهِي الَّتِي تشق الْجلد والدامية وَهِي الَّتِي تخرج الدَّم والباضعة وَهِي الَّتِي تشق اللَّحْم والمتلاحمة وَهِي الَّتِي تغوص فِي اللَّحْم والسمحاق وَهِي الَّتِي يبْقى بَينهَا وَبَين الْعظم قشرة رقيقَة فَهَذِهِ الجروح الْخَمْسَة لَيْسَ فِيهَا مُقَدّر شَرْعِي بِاتِّفَاق الْأَرْبَعَة إِلَّا مَا روى أَحْمد أَن زيدا رَضِي الله عَنهُ حكم فِي الدامية بِبَعِير وَفِي الباضعة ببعيرين وَفِي المتلاحمة بِثَلَاثَة أَبْعِرَة وَفِي السمحاق بأَرْبعَة أَبْعِرَة قَالَ أَحْمد وَأَنا أذهب إِلَى ذَلِك فَهَذِهِ رِوَايَة عَنهُ وَالظَّاهِر من مذْهبه كالجماعة وَأَجْمعُوا على أَن فِي كل وَاحِدَة من هَذِه الْخَمْسَة حُكُومَة بعد الِانْدِمَال والحكومة أَن يقوم الْمَجْنِي عَلَيْهِ قبل الْجِنَايَة كَأَنَّهُ كَانَ عبدا فَيُقَال كم قِيمَته قبل الْجِنَايَة وَكم قِيمَته بعْدهَا فَيكون لَهُ بِقدر التَّفَاوُت من دِيَته الجزء: 2 ¦ الصفحة: 219 فصل وَأما الْخَمْسَة الَّتِي فِيهَا مُقَدّر شَرْعِي فَهِيَ الْمُوَضّحَة وَهِي الَّتِي توضح عَن الْعظم فَإِذا كَانَت فِي الْوَجْه فَفِيهَا خمس من الْإِبِل عِنْد أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد فِي إِحْدَى روايتيه وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى فِيهَا عشر وَقَالَ مَالك فِي مُوضحَة الْأنف واللحى الْأَسْفَل حُكُومَة خَاصَّة وَبَاقِي الْمَوَاضِع من الْوَجْه فِيهَا خمس من الْإِبِل وَإِن كَانَت فِي الرَّأْس فَهَل هِيَ بِمَنْزِلَة الْمُوَضّحَة فِي الْوَجْه أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ هِيَ بمنزلتها وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا كالجماعة وَالثَّانيَِة إِن كَانَت فِي الْوَجْه فَفِيهَا عشر وَإِن كَانَت فِي الرَّأْس فَفِيهَا خمس وَأَجْمعُوا على أَن فِي الْمُوَضّحَة الْقصاص إِن كَانَ عمدا الثَّانِيَة الهاشمة وَهِي الَّتِي تهشم الْعظم وتكسره وفيهَا عِنْد أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد عشر من الْإِبِل وَاخْتلفت الرِّوَايَة عَن مَالك فِي ذَلِك فَقيل خمس وحكومة وَقيل خَمْسَة عشر وَقَالَ أَشهب فِيهَا عشر كمذهب الْجَمَاعَة الثَّالِثَة المنقلة وَهِي الَّتِي توضح وتهشم وتنقل الْعِظَام وفيهَا خَمْسَة عشر من الْإِبِل بِالْإِجْمَاع الرَّابِعَة المأمومة وَهِي الَّتِي تبلغ أم الرَّأْس وَهِي خريطة الدِّمَاغ المحيطة بِهِ وفيهَا ثلث الدِّيَة ثَلَاثَة وَثَلَاثُونَ وَثلث من الْإِبِل الْخَامِسَة الْجَائِفَة وَهِي الَّتِي تصل إِلَى الْجوف كبطن وَصدر وثغرة نحر وجنب وخاصرة وفيهَا ثلث الدِّيَة بِالْإِجْمَاع وَاتَّفَقُوا على أَن الْعين بِالْعينِ وَالْأنف بالأنف وَالْأُذن بالأذن وَالسّن بِالسِّنِّ وعَلى أَن فِي الْعَينَيْنِ دِيَة كَامِلَة وَفِي الْأنف إِذا جدع الدِّيَة وَفِي اللِّسَان الدِّيَة وَفِي الشفتين الدِّيَة وَفِي مَجْمُوع الْأَسْنَان وَهِي اثْنَان وَثَلَاثُونَ سنا الدِّيَة وَفِي كل سنّ خَمْسَة أَبْعِرَة وَفِي اللحييين الدِّيَة وَفِي لحي إِن نَبتَت الْأُخْرَى نصفهَا وَاسْتشْكل وجوب الدِّيَة فِي اللحيين صَاحب التَّتِمَّة من الشَّافِعِيَّة لِأَنَّهُ لم يرد فِيهِ خبر وَالْقِيَاس لَا يَقْتَضِيهِ بل هُوَ كالترقوة والضلع بل هُوَ من الْعِظَام الدَّاخِلَة وَفِي الْأُذُنَيْنِ الدِّيَة عِنْد أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَعند مَالك رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا كالجماعة وَالثَّانيَِة حُكُومَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 220 وَاتَّفَقُوا على أَن فِي الأجفان الْأَرْبَعَة الدِّيَة فِي كل وَاحِد ربع إِلَّا مَالِكًا فَإِنَّهُ قَالَ فِيهَا حُكُومَة وَاخْتلفُوا فِي الْعين الْقَائِمَة الَّتِي لَا يبصر بهَا وَالْيَد الشلاء وَالذكر الأشل وَذكر الْخصي ولسان الْأَخْرَس والإصبع الزَّائِدَة وَالسّن السَّوْدَاء فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ فِي أظهر قوليه فِيهَا حُكُومَة وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ أظهرهمَا فِيهَا الدِّيَة وَالْأُخْرَى كالجماعة وَاخْتلفُوا فِي الترقوة والضلع والذراع والساعد والزند والفخذ فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ فِي ذَلِك حُكُومَة وَقَالَ أَحْمد فِي الضلع بعير وَفِي الترقوة بعير وَفِي كل وَاحِد من الذِّرَاع والساعد والزند والفخذ بعيران فَفِي الزندين أَرْبَعَة أَبْعِرَة وَاخْتلفُوا فِيمَا لَو ضرّ بِهِ فأوضحه فَذهب عقله فَهَل تنْتَقل الْمُوَضّحَة فِي دِيَة الْعقل أم لَا فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ فِي أحد قوليه عَلَيْهِ الدِّيَة لِلْعَقْلِ وَيدخل فِي ذَلِك أرش الْمُوَضّحَة وَالْقَوْل الآخر للشَّافِعِيّ وَهُوَ الْأَصَح عِنْد أَصْحَابه أَن عَلَيْهِ لذهاب الْعقل دِيَة كَامِلَة وَعَلِيهِ أرش الْمُوَضّحَة وَهَذَا مَذْهَب مَالك وَأحمد وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا قلع سنّ من قد ثغر فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد لَا يجب عَلَيْهِ الضَّمَان وَقَالَ مَالك بِوُجُوبِهِ وبعدم سُقُوطه بعودها وَللشَّافِعِيّ قَولَانِ أصَحهمَا الْوُجُوب وَعدم السُّقُوط وَلَو ضرب سنّ رجل فاسودت قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد فِي إِحْدَى روايتيه يجب أرش سنّ خمس من الْإِبِل وَالرِّوَايَة الْأُخْرَى ثلث دِيَة السن وَزَاد مَالك على ذَلِك فَقَالَ إِن وَقعت السن السَّوْدَاء بعد ذَلِك لزمَه دِيَة أُخْرَى وَقَالَ فِي ذَلِك حُكُومَة فَقَط وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا قطع لِسَان صبي لم يبلغ حد النُّطْق فَقَالَ أَبُو حنيفَة فِيهِ حُكُومَة وَقَالَ مَالك وَأحمد فِيهِ دِيَة كَامِلَة وَلَو قلع عين أَعور فَقَالَ مَالك وَأحمد يلْزمه دِيَة كَامِلَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ يجب الْقصاص فَإِن عَفا فَنصف دِيَة وَقَالَ مَالك لَيْسَ لَهُ الْقصاص وَهل لَهُ دِيَة كَامِلَة أَو نصفهَا عَنهُ فِي ذَلِك رِوَايَتَانِ وَقَالَ أَحْمد لَا قصاص بل دِيَة كَامِلَة وَفِي الْيَدَيْنِ الدِّيَة فِي كل وَاحِدَة نصفهَا بِالْإِجْمَاع وَكَذَا الْأَمر فِي الرجلَيْن وَأَجْمعُوا على أَن فِي اللِّسَان الدِّيَة وَأَن فِي الذّكر الدِّيَة وَأَن فِي ذهَاب الْعقل دِيَة وَفِي ذهَاب السّمع دِيَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 221 وَإِذا ضرب رجل رجلا فَذهب شعر لحيته فَلم ينْبت أَو ذهب شعر رَأسه أَو شعر حَاجِبه أَو أهداب عَيْنَيْهِ فَلم تعد قَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد فِي ذَلِك الدِّيَة وَقَالَ الشَّافِعِي وَمَالك فِيهِ حُكُومَة وَأَجْمعُوا على أَن دِيَة الْمَرْأَة الْحرَّة الْمسلمَة فِي نَفسهَا على النّصْف من دِيَة الرجل الْحر الْمُسلم ثمَّ اخْتلفُوا هَل تساويه فِي الْجراح أم لَا فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ فِي الْجَدِيد لَا تساويه فِي شَيْء من الْجراح بل جراحها على النّصْف من جراحه فِي الْقَلِيل وَالْكثير وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ فِي الْقَدِيم وَأحمد فِي إِحْدَى روايتيه تساويه فِي الْجراح فِيمَا دون ثلث الدِّيَة فَإِذا بلغت الثُّلُث كَانَت دِيَة جراحها على النّصْف من دِيَة الرجل وَقَالَ أَحْمد فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى وَهِي أظهر روايتيه واختارها الْخرقِيّ تساويه إِلَى ثلث الدِّيَة فَإِذا زَادَت على الثُّلُث فَهِيَ على النّصْف وَلَو وطىء زَوجته وَلَيْسَ مثلهَا يُوطأ فأفضاها فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد لَا ضَمَان عَلَيْهِ وَقَالَ الشَّافِعِي عَلَيْهِ الدِّيَة وَعَن مَالك رِوَايَتَانِ أشهرهما فِيهِ حُكُومَة وَالْأُخْرَى دِيَة وَاخْتلفُوا فِي دِيَة الْكِتَابِيّ الْيَهُودِيّ وَالنَّصْرَانِيّ فَقَالَ أَبُو حنيفَة دِيَته كدية الْمُسلم فِي الْعمد وَالْخَطَأ من غير فرق وَقَالَ أَحْمد إِن كَانَ لِلنَّصْرَانِيِّ أَو الْيَهُودِيّ عهد وَقَتله مُسلم عمدا فديته كدية الْمُسلم وَإِن قَتله خطأ فروايتان إِحْدَاهمَا نصف دِيَة الْمُسلم واختارها الْخرقِيّ وَالثَّانِي دِيَة مُسلم فصل والمجوسي دِيَته عِنْد أبي حنيفَة كدية الْمُسلم فِي الْعمد وَالْخَطَأ من غير فرق وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ دِيَة الْمَجُوسِيّ فِي الْخَطَأ ثَمَانمِائَة دِرْهَم وَفِي الْعمد ألف وسِتمِائَة وَاخْتلفُوا فِي ديات الكتابيات والمجوسيات فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ دياتهن على النّصْف من ديات رِجَالهنَّ لَا فرق بَين الْخَطَأ والعمد وَقَالَ أَحْمد على النّصْف فِي الْخَطَأ وَفِي الْعمد كَالرّجلِ مِنْهُم سَوَاء فصل وَإِذا جنى العَبْد جِنَايَة فَتَارَة تكون خطأ وَتارَة تكون عمدا فَإِن كَانَت خطأ فقد اخْتلف الْأَئِمَّة رَحِمهم الله تَعَالَى فِي ذَلِك فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد فِي أظهر روايتيه الْمولى بِالْخِيَارِ بَين الْفِدَاء وَبَين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 222 دفع العَبْد إِلَى ولي الْمَجْنِي عَلَيْهِ فَيملكهُ بذلك سَوَاء زَادَت قِيمَته على أرش الْجِنَايَة أَو نقصت فَإِن امْتنع ولي الْمَجْنِي عَلَيْهِ من قبُوله وطالب الْمولى بِبيعِهِ وَدفع الْقيمَة فِي الْأَرْش لم يجْبر الْمولى على ذَلِك وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى الْمولى بِالْخِيَارِ بَين الْفِدَاء وَبَين الدّفع إِلَى الْوَلِيّ للْبيع فَإِن فضل من ثمنه شَيْء فَهُوَ لسَيِّده فَإِن امْتنع الْوَلِيّ من قبُوله وطالب الْمولى بِبيعِهِ وَدفع الثّمن إِلَيْهِ كَانَ لَهُ ذَلِك وَإِن كَانَت الْجِنَايَة عمدا قَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ فِي أظهر روايتيه ولي الْمَجْنِي عَلَيْهِ بِالْخِيَارِ بَين الْقصاص وَبَين الْعَفو على مَال وَلَيْسَ لَهُ الْعَفو على رَقَبَة العَبْد أَو استرقاقه وَلَا يملكهُ بِالْجِنَايَةِ وَقَالَ مَالك وَأحمد فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى يملكهُ الْمَجْنِي عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ فَإِن شَاءَ قَتله وَإِن شَاءَ استرقه وَإِن شَاءَ أعْتقهُ وَيكون فِي جَمِيع ذَلِك متصرفا فِي ملكه إِلَّا أَن مَالِكًا اشْترط أَن تكون الْجِنَايَة قد ثبتَتْ بِالْبَيِّنَةِ لَا بالاعتراف وَهل يضمن العَبْد بِقِيمَتِه بَالِغَة مَا بلغت وَإِن زَادَت على دِيَة الْحر أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة لَا يبلغ بِهِ دِيَة الْحر بل ينقص عشرَة آلَاف دِرْهَم وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد فِي أظهر روايتيه يضمن بِقِيمَتِه بَالِغَة مَا بلغت وَالْحر إِذا قتل عبدا خطأ قَالَ أَبُو حنيفَة قِيمَته على عاقله الْجَانِي وَقَالَ مَالك وَأحمد قِيمَته على الْجَانِي دون عَاقِلَته وَعَن الشَّافِعِي قَولَانِ أَحدهمَا كمذهب مَالك وَأحمد وَالثَّانِي على عَاقِلَة الْجَانِي وَاخْتلفُوا فِي الْجِنَايَة على أَطْرَاف العَبْد فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد كل ذَلِك فِي مَال الْجَانِي لَا على عَاقِلَته وَللشَّافِعِيّ قَولَانِ والجنايات الَّتِي لَهَا أروش مقدرَة فِي حق الْحر كَيفَ الحكم فِي مثلهَا فِي العَبْد قَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد فِي إِحْدَى روايتيه كل جِنَايَة لَهَا أرش مُقَدّر فِي الْحر من الدِّيَة فَإِنَّهَا مقدرَة من العَبْد بذلك الْأَرْش من قِيمَته وَقَالَ مَالك وَأحمد فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى يضمن مَا نقص من قِيمَته وَزَاد مَالك فَقَالَ إِلَّا فِي المأمومة والجائفة والمنقلة والموضحة فَإِن مذْهبه فِيهَا كمذهب الْجَمَاعَة فصل وَإِذا اصطدم الفارسان الحران فماتا قَالَ مَالك وَأحمد على عَاقِلَة كل وَاحِد مِنْهُمَا دِيَة الآخر كَامِلَة وَاخْتلفت الرِّوَايَة عَن أبي حنيفَة فَقَالَ الدَّامغَانِي فِيهَا رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا كمذهب مَالك وَأحمد وَالْأُخْرَى على عَاقِلَة كل وَاحِد مِنْهُمَا نصف دِيَة الآخر وَهَذَا مَذْهَب الشَّافِعِي قَالَ وَفِي تَرِكَة كل وَاحِد نصف قيمَة دَابَّة الآخر وَله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 223 قَول آخر أَن هلاكهما وهلاك الدابتين يكون هدرا لِأَنَّهُ لَا صنع لَهما فِيهِ كالآفة السماوية وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم بَاب دَعْوَى الدَّم والقسامة رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ الْبَيِّنَة على الْمُدَّعِي وَالْيَمِين على الْمُدعى عَلَيْهِ إِلَّا فِي الْقسَامَة ومدعي الدَّم يَنْبَغِي أَن يعين من يَدعِي عَلَيْهِ من وَاحِد أَو جمَاعَة وَالْقَتْل فِي مَحل اللوث يَقْتَضِي الْقسَامَة واللوث قرينَة حَال توقع فِي الْقلب صدق الْمُدَّعِي مثل أَن يُوجد قَتِيل فِي قَبيلَة أَو قَرْيَة صَغِيرَة بَين الْمَقْتُول وَبَين أَهلهَا عَدَاوَة ظَاهِرَة فَهُوَ لوث فِي حَقهم وَكَذَا لَو تفرق جمَاعَة عَن قَتِيل فِي دَار أَو مَسْجِد أَو بُسْتَان أَو ازْدحم قوم على بِئْر ثمَّ تفَرقُوا عَن قَتِيل وَمعنى الْقسَامَة أَن يحلف الْمُدَّعِي على الْقَتْل الَّذِي يَدعِيهِ خمسين يَمِينا وَكَيْفِيَّة الْيَمين كَمَا فِي سَائِر الدَّعَاوَى وَإِذا مَاتَ قَامَ وَارثه مقَامه ويستأنف الْوَارِث وَإِن كَانُوا جمَاعَة وزعت الْخمسين عَلَيْهِم على قدر مواريثهم وَيجْبر الْكسر فِي الْيَمين وَإِذا أقسم الْمُدَّعِي على قتل الْخَطَأ أَو شبه الْعمد أَخذ الدِّيَة من الْعَاقِلَة وَإِن حلف على الْعمد فيقتص من الْمقسم عَلَيْهِ وَإِذا حلف على ثَلَاثَة أَخذ من كل مِنْهُم ثلث الدِّيَة وَإِن كَانَ وَاحِد مِنْهُم حَاضرا والآخران غائبين حلف على الْحَاضِر خمسين يَمِينا وَأخذ مِنْهُ ثلث الدِّيَة فَإِذا حضر الْآخرَانِ حلف عَلَيْهِمَا خمسين يَمِينا وَأخذ مِنْهُمَا الثُّلثَيْنِ على خلاف فِيهِ وَقَالَ شمس الْأَئِمَّة أَبُو بكر بن مُحَمَّد بن سهل السَّرخسِيّ رَحمَه الله من أَصْحَاب أبي حنيفَة فِي الْمَبْسُوط إِذا وجد الرجل قَتِيلا فِي محلّة قوم فَعَلَيْهِم أَن يقسم مِنْهُم خَمْسُونَ رجلا بِاللَّه مَا قَتَلْنَاهُ وَلَا علمنَا لَهُ قَاتلا ثمَّ يغرمون الدِّيَة قَالَ بلغنَا هَذَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِيه أَحَادِيث مَشْهُورَة مِنْهَا حَدِيث سهل ابْن أبي حثْمَة بن عبد الله وَعبد الرَّحْمَن بن سهل وحويصة ومحيصة وَهُوَ أَنهم خَرجُوا فِي التِّجَارَة إِلَى خَيْبَر وَتَفَرَّقُوا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 224 لحوائجهم فوجدوا عبد الله بن سهل قَتِيلا فِي قليب من قلب خَيْبَر فجاؤوا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليخبروه فَقَامَ عبد الرَّحْمَن وَهُوَ أَخُو الْقَتِيل فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْكبر الْكبر فَتكلم أحد عميه حويصة أَو محيصة وَهُوَ الْأَكْبَر مِنْهُمَا وَأخْبر بذلك فَقَالَ وَمن قَتله فَقَالُوا من يقْتله سوى الْيَهُود قَالَ يبرئكم الْيَهُود بأيمان خمسين مِنْهُم قَالُوا لَا نرضى بأيمان قوم كفار لَا يبالون مَا حلفوا عَلَيْهِ فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أتحلفون وتستحقون دم صَاحبكُم فَقَالُوا كَيفَ نحلف على أَمر لم يعاين وَلم يُشَاهد قَالَ فألزم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْيَهُود الدِّيَة والقسامة وَذكر الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتب إِلَى أهل خَيْبَر إِن هَذَا قَتِيل قد وجد بَين أظْهركُم فَمَا الَّذِي يُخرجهُ عَلَيْكُم فَكَتَبُوا إِلَيْهِ إِن مثل هَذِه الْحَادِثَة وَقعت فِي بني إِسْرَائِيل فَأنْزل الله على مُوسَى أمرا فَإِن كنت نَبيا فاسأل الله مثل ذَلِك فَكتب إِلَيْهِم إِن الله تَعَالَى أَرَانِي أَن أخْتَار مِنْكُم خمسين رجلا فَيحلفُونَ بِاللَّه مَا قَتَلْنَاهُ وَلَا علمنَا لَهُ قَاتلا ثمَّ يغرمون الدِّيَة فَقَالُوا قد قضيت فِينَا بالناموس يَعْنِي بِالْوَحْي الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب اتّفق الْأَئِمَّة رَحِمهم الله تَعَالَى على أَن الْقسَامَة مَشْرُوعَة فِي الْقَتْل إِذا وجد قَتِيل وَلم يعلم قَائِله وَاخْتلفُوا فِي السَّبَب الْمُوجب للقسامة فَقَالَ أَبُو حنيفَة الْمُوجب للقسامة وجود الْقَتِيل فِي مَوضِع هُوَ حفظ قوم أَو حمايتهم كالمحلة وَالدَّار وَمَسْجِد الْمحلة والقرية فَإِنَّهُ يُوجب الْقسَامَة على أَهلهَا لَكِن الْقَتِيل الَّذِي يشرع فِيهِ الْقسَامَة اسْم لمَيت بِهِ أثر من جِرَاحَة أَو ضرب أَو خنق وَلَو كَانَ الدَّم يخرج من أَنفه وَدبره فَلَيْسَ بقتيل وَلَو خرج من أُذُنه وعينه فَهُوَ قَتِيل فِيهِ الْقسَامَة وَقَالَ مَالك السَّبَب الْمُعْتَبر فِي الْقسَامَة أَن يَقُول الْمَقْتُول دمي عِنْد فلَان عمدا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 225 وَيكون الْمَقْتُول بَالغا مُسلما حرا سَوَاء كَانَ فَاسِقًا أَو عدلا ذكرا أَو أُنْثَى أَو يقوم لأولياء الْمَقْتُول شَاهد وَاحِد وَاخْتلف أَصْحَابه فِي اشْتِرَاط عَدَالَة الشَّاهِد وذكوريته فشرطها ابْن الْقَاسِم وَاكْتفى أَشهب بالفاسق وَالْمَرْأَة وَمن الْأَسْبَاب الْمُوجبَة للقسامة عِنْد مَالك من غير خلاف عَنهُ أَن يُوجد الْمَقْتُول فِي مَكَان خَال من النَّاس وعَلى رَأسه رجل مَعَه سلَاح مخضب بِالدَّمِ وَقَالَ السَّبَب الْمُوجب للقسامة اللوث وَهُوَ عِنْده قرينَة لصدق الْمُدَّعِي بِأَن يرى قَتِيل فِي مَحَله أَو قَرْيَة صَغِيرَة وَبَينه وَبينهمْ عَدَاوَة ظَاهِرَة أَو تفرق جمع عَن قَتِيل وَإِن لم يكن بَينهم وَبَينه عَدَاوَة وَشَهَادَة الْعدْل عِنْده لوث وَكَذَا عبيد وَنسَاء وصبيان وَكَذَا فسقة وكفار على الرَّاجِح من مذْهبه لَا امْرَأَة وَاحِدَة وَمن أَقسَام اللوث عِنْده لهج أَلْسِنَة الْعَام وَالْخَاص بِأَن فلَانا قتل فلَانا وَمن اللوث وجود الرجل مُلَطَّخًا بالدماء بِيَدِهِ سلَاح عِنْد الْقَتِيل وَمِنْه يزدحم النَّاس بِموضع أَو فِي بَاب فيوجد بَينهم قَتِيل قَالَ أَحْمد لَا يحكم بالقسامة إِلَّا أَن يكون بَين الْمَقْتُول وَبَين الْمُدعى عَلَيْهِ لوث وَاخْتلفت الرِّوَايَة عَنهُ فِي اللوث فَروِيَ عَنهُ أَنه الْعَدَاوَة الظَّاهِرَة والعصبية خَاصَّة كَمَا بَين الْقَبَائِل من الْمُطَالبَة بالدماء وكما بَين أهل الْبَغي وَأهل الْعدْل وَهَذَا قَول عَامَّة أَصْحَابه وَأما دَعْوَى الْمَقْتُول أَن فلَانا قتلني فَلَا يكون لوثا إِلَّا عِنْد مَالك فصل وَإِذا وجد الْمُقْتَضِي للقسامة عِنْد كل وَاحِد من الْأَئِمَّة حلف المدعون على قَاتله خمسين يَمِينا واستحقوا دَمه إِذا كَانَ الْقَتْل عمدا عِنْد مَالك وَأحمد وعَلى الْقَدِيم من قولي الشَّافِعِي وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْجَدِيد يسْتَحق دِيَة مُغَلّظَة وَاخْتلفُوا هَل يبْدَأ بأيمان المدعين فِي الْقسَامَة أم بأيمان الْمُدعى عَلَيْهِم قَالَ الشَّافِعِي وَأحمد بأيمان المدعين فَإِن نكل المدعون وَلَا بَيِّنَة حلف الْمُدعى عَلَيْهِ خمسين يَمِينا وبرىء وَقَالَ مَالك يبْدَأ بأيمان المدعين وَاخْتلفت الرِّوَايَة فِي الحكم إِن نكلوا فَفِي رِوَايَة يبطل الدَّم وَلَا قسَامَة وَفِي رِوَايَة يحلف الْمُدعى عَلَيْهِ إِن كَانَ رجلا بِعَيْنِه حلف وبرىء وَإِن نكل لَزِمته الدِّيَة فِي مَاله وَلَا يلْزم الْعَاقِلَة مِنْهَا شَيْء لِأَن النّكُول عِنْده كالاعتراف والعاقلة لَا تحمل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 226 الِاعْتِرَاف وَفِي رِوَايَة تحمل الْعَاقِلَة قلت أَو كثرت فَمن حلف مِنْهُم برىء وَمن تخلف فَعَلَيهِ بِقسْطِهِ من الدِّيَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا تشرع الْيَمين فِي الْقسَامَة إِلَّا على الْمُدعى عَلَيْهِم المعينون فَإِذا لم يعين المدعون شخصا بِعَيْنِه يدعونَ عَلَيْهِ فَيحلف من الْمُدعى عَلَيْهِم خَمْسُونَ رجلا خمسين يَمِينا مِمَّن يختارهم المدعون فَيحلفُونَ بِاللَّه مَا قَتَلْنَاهُ وَلَا علمنَا لَهُ قَاتلا فَإِن لم يَكُونُوا خمسين كررت الْيَمين فَإِن تَكَلَّمت الْأَيْمَان وَجَبت الدِّيَة على عَاقِلَة أهل الْمحلة وَإِن عين المدعون قَاتلا فَلَا قسَامَة وَيكون تعيينهم الْقَاتِل تبرئة لباقي أهل الْمحلة وَيلْزم الْمُدعى عَلَيْهِ الْيَمين بِاللَّه عز وَجل أَنه مَا قتل وَيتْرك وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا كَانَ الْأَوْلِيَاء جمَاعَة فَقَالَ مَالك وَأحمد تقسم الْأَيْمَان بَينهم بِالْحِسَابِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُور من مَذْهَب الشَّافِعِي وَقَالَ أَبُو حنيفَة تكَرر الْأَيْمَان عَلَيْهِم بالإدارة بعد أَن يبْدَأ أحدهم بِالْقُرْعَةِ وَاخْتلفُوا هَل تثبت الْقسَامَة فِي العبيد فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد تثبت وَللشَّافِعِيّ قَولَانِ أصَحهمَا تثبت وَهل تسمع أَيْمَان النِّسَاء فِي الْقسَامَة قَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد لَا تسمع مُطلقًا لَا فِي عمد وَلَا فِي خطأ وَقَالَ الشَّافِعِي تسمع مُطلقًا فِي الْعمد وَالْخَطَأ وَهن فِي الْقسَامَة كَالرّجلِ وَقَالَ مَالك تسمع أيمانهن فِي الْخَطَأ دون الْعمد انْتهى فَالْحَاصِل من تَقْرِير أَحْكَام هَذِه الْجِنَايَات فَوَائِد مِنْهَا مَا حكى عَن صدر الدّين الخابوري قَالَ سَمِعت القَاضِي شرف الدّين الْبَارِزِيّ بحماه يَقُول لَو وَقع شخص على شخص فَإِن اسْتمرّ عَلَيْهِ مَاتَ وَإِن انْتقل إِلَى غَيره أَي انْقَلب عَلَيْهِ مَاتَ فَمَاذَا يفعل الْجَواب الِاسْتِمْرَار على من وَقع عَلَيْهِ لِأَن انقلابه إِحْدَاث فعل من جِهَته وَلَا يجوز لَهُ إِحْدَاث فعل وَمِنْهَا لَو وَقع رجل على طِفْل بَين أَطْفَال إِن أَقَامَ على أحدهم قَتله وَإِن انْتقل إِلَى آخر قَتله وَكَانَ أحدهم كَافِرًا قَالَ ابْن عبد السَّلَام فِي قَوَاعِده الْأَظْهر عِنْدِي أَنه يلْزمه الِانْتِقَال إِلَيْهِ لِأَن قَتله أخف مفْسدَة من قتل الطِّفْل الْمَحْكُوم بِإِسْلَامِهِ ولأنا نجوز قتل أَوْلَاد الْكفَّار عِنْد التترس بهم بِحَيْثُ لَا يجوز ذَلِك فِي أَطْفَال الْمُسلمين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 227 وَمِنْهَا لَو وَقع فِي نَار لَا ينجو مِنْهَا وَأمكنهُ أَن يلقِي نَفسه فِي مَاء يغرق فَإِنَّهُ لَا يلْزمه الصَّبْر على ألم النَّار على الْأَصَح بِشَرْط أَن تستوي مُدَّة الْحَيَاة فِي الإغراق والإحراق ذكره أَيْضا فِي الْقَوَاعِد وَمِنْهَا الْكَافِر لَا يقْتَصّ مِنْهُ إِذا أسلم لمن قَتله من الْمُسلمين وَلَا يغرمون مَا أتلفوه على الْمُسلمين من الْأَمْوَال لأَنا لَو ألزمناهم لتقاعدوا عَن الْإِسْلَام وَمِنْهَا أَن كل عُضْو زوج من أَعْضَاء بني آدم فَهُوَ مؤنث إِلَّا الحاجبين والثديين وكل عُضْو فَرد من أعضائهم يذكر إِلَّا الكبد وَالطحَال وَمِنْهَا الخصيان بِغَيْر تَاء هَذَا هُوَ الْمَشْهُور وَنقل الْجَوْهَرِي وَغَيره عَن أبي عَمْرو قَالَ الخصيان البيضتان والخصيان بِحَذْف التَّاء الجلدتان اللَّتَان فيهمَا البيضتان قَالَ الْجَوْهَرِي وَيُقَال خصية بِضَم الْخَاء وَكسرهَا وَالْمَشْهُور الضَّم وَمِنْهَا الحدقة هِيَ السوَاد الْأَعْظَم الَّذِي فِي الْعين وَأما الْأَصْغَر فَهُوَ النَّاظر وَفِيه إِنْسَان الْعين والمقلة شحمة الْعين الَّتِي تجمع السوَاد وَالْبَيَاض ذكره ابْن قُتَيْبَة فِي أدب الْكَاتِب وَجمع الحدقة أحداق وَقيل حداق وَيُقَال حدق وَمِنْهَا أَن جمع رَجَب رجبات وأرجاب ورجاب ورجوب وَفِي اشتقاقه أَقْوَال أَحدهَا لتعظيمهم إِيَّاه يُقَال رجبته بِالتَّشْدِيدِ ورجبته بِكَسْر الْجِيم وَالتَّخْفِيف وَإِذا عظمه قَالَ النّحاس وَقَالَ الْمبرد سمي رجبا لِأَنَّهُ فِي وسط السّنة مُشْتَقّ من الرواجب وَقيل لترك الْقِتَال فِيهِ من الرجب وَهُوَ الْقطع وَقَالَ الْجَوْهَرِي إِنَّمَا قيل رَجَب مُضر لأَنهم كَانُوا أَشد تَعْظِيمًا لَهُ قَالَ وَإِذا ضمُّوا إِلَيْهِ شعْبَان قَالُوا الرجبان وَيُقَال لرجب الْأَصَم لأَنهم يتركون الْقِتَال فِيهِ فَلَا يسمع فِيهِ صَوت سلَاح وَلَا استغاثة وَهُوَ اسْتِعَارَة وَتَقْدِيره يصم النَّاس فِيهِ كَمَا قَالُوا ليل نَائِم أَي نيام فِيهِ ذكره صَاحب تَحْرِير التَّنْبِيه وَمِنْهَا مَا إِذا وجد قَتِيل فِي محلّة فَقَالَ رجل أَنا تَعَمّدت قتل هَذَا الْقَتِيل وَلم يشركني فِيهِ أحد وَقَالَ آخر مثله فَسئلَ ولي الْمَقْتُول عَن ذَلِك فَإِن صدقهما سقط حَقه من الْقود وَالدية لِأَن فِي تَصْدِيق كل وَاحِد مِنْهُمَا تَكْذِيبًا للْآخر وَإِن صدق أَحدهمَا ثَبت حَقه إِن شَاءَ قَتله وَإِن شَاءَ عَفا عَنهُ وَأخذ الدِّيَة وَمِنْهَا الِاصْطِلَاح فِي لُغَة الْعَرَب جبهة الْأَمِير جماعته والعرقوب الطَّرِيق فِي الْجَبَل والثنية الطَّرِيق بَين جبلين وَالرجل الْقطعَة من الْجَرَاد وَالْعين عين الْبِئْر وفلا راس الرجل إِذا ضربه بِالسَّيْفِ والدهن الضَّرْب بالعصا والبلبل الرجل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 228 الْخَفِيف اللَّحْم وقطاة الْمَرْأَة مَا بَين الْوَرِكَيْنِ والخسيس الْجَنِين الْملقى مَيتا المصطلح وَمَا يشْتَمل عَلَيْهِ من الصُّور صُورَة قتل الْعمد وَبَيَانه وَمَا يجب فِيهِ من دِيَة الْعمد حضر إِلَى شُهُوده فِي يَوْم تَارِيخه فلَان وَفُلَان وَأقر الْحَاضِر الأول أَنه عمد إِلَى وَالِد الْحَاضِر الثَّانِي فلَان الْمَذْكُور أَو إِلَى وَلَده لصلبه فلَان أَو إِلَى أَخِيه لِأَبَوَيْهِ فلَان المنحصر إِرْثه الشَّرْعِيّ فِيهِ وَإِن كَانَ للْمَيت وَرَثَة جمَاعَة عينهم وَحصر كل وَاحِد بِحِصَّتِهِ على حكم الْمِيرَاث وضربه بِسيف أَو سكين أَو شفرة أَو حَدِيدَة أَو بمثقل خَشَبَة أَو فسطاط أَو حجر كَبِير قَاصِدا مُتَعَمدا قَتله فَمَاتَ من ذَلِك واتفقا على أَن يَأْخُذ ولي الدَّم مِنْهُ الدِّيَة وَيَعْفُو عَن الْقصاص فَدفع إِلَيْهِ دِيَة الْعمد الْوَاجِبَة عَلَيْهِ شرعا فَإِن اتفقَا على أَخذهَا على مَذْهَب أبي حنيفَة وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن أَحْمد فَهِيَ أَربَاع خمس وَعِشْرُونَ بنت مَخَاض وَخمْس وَعِشْرُونَ بنت لبون وَخمْس وَعِشْرُونَ حقة وَخمْس وَعِشْرُونَ جَذَعَة وَإِن اتفقَا على أَخذهَا على مَذْهَب الإِمَام الشَّافِعِي وَالرِّوَايَة الْأُخْرَى عَن أَحْمد فَهِيَ من ثَلَاثَة أَسْنَان ثَلَاثُونَ حقة وَثَلَاثُونَ جَذَعَة وَأَرْبَعُونَ خلفة فِي بطونها أَوْلَادهَا وَسلم هَذِه الدِّيَة من مَاله إِلَى ولي الْمَقْتُول أَو إِلَى أَوْلِيَاء الْمَقْتُول الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ فتسلموها مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا صَحِيحا غير مراض وَلَا معيبات وَإِن كَانَ الْأَخْذ على مَذْهَب أبي حنيفَة فيكتبها مقسطة فِي ثَلَاث سِنِين من أَرْبَعَة أَسْنَان وَأقر الْوَلِيّ الْمَذْكُور أَو الْأَوْلِيَاء المذكورون أَنه عَفا أَو أَنهم عفوا عَن الْقصاص وَرَجَعُوا إِلَى الدِّيَة الشَّرْعِيَّة وَرَضوا بهَا عفوا شَرْعِيًّا ورضا مُعْتَبرا مرضيا وَإِن كَانَ الْمَكْتُوب على مَذْهَب الشَّافِعِي فَيَقُول ورضى الْقَاتِل بالعدول من الْقصاص إِلَى الدِّيَة وَقد سبق فِي كتاب الْإِقْرَار صُورَة قبض الدِّيَة وَالْإِقْرَار بِعَدَمِ الِاسْتِحْقَاق وَالْإِبْرَاء بِسَبَب ذَلِك وَإِن عَفا الْوَلِيّ عَن الْقصاص مجَّانا كتب صُورَة الْعَفو مُجَرّدَة وَلَا يتَعَرَّض لذكر شَيْء مِمَّا تقدم من أَسْنَان الْإِبِل ثمَّ يعقب الْإِشْهَاد بِالْعَفو بِالْإِقْرَارِ بِعَدَمِ الِاسْتِحْقَاق وإبراء شَامِل ويكمل على نَحْو مَا سبق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 229 وَصُورَة مَا إِذا أَبى الْوَلِيّ وَلم يرض إِلَّا بِالْقصاصِ حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ بَين يَدي سيدنَا فلَان الدّين الشَّافِعِي أَو الْمَالِكِي فلَان وأحضر مَعَه فلَان وَادّعى عَلَيْهِ لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَنه قتل وَلَده لصلبه فلَانا عمدا مَحْضا ظلما وعدوانا وَأَنه ضربه بِسيف أَو بمحدد أَو بمثقل وَيذكر صفة المحدد أَو المثقل ضَرْبَة أَو ضربتين أَو أَكثر فَمَاتَ مِنْهُ أَو فأزهق روحه وَسَأَلَ سُؤَاله عَن ذَلِك فَسَأَلَهُ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ فَأجَاب بالاعتراف أَو بالإنكار أَو قَالَ لم أفعل ذَلِك أَو يثبت مَا يَدعِيهِ أَو يثبت مَا ادّعى بِهِ فَذكر الْمُدَّعِي الْمَذْكُور أَن لَهُ بَيِّنَة تشهد لَهُ بذلك وَسَأَلَ الْإِذْن فِي إحضارها فَأذن الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ فِي ذَلِك فأحضر كل وَاحِد من فلَان وَفُلَان وَفُلَان وشهدوا لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ فِي وَجه الْمُدعى عَلَيْهِ إِمَّا على إِقْرَاره بذلك أَو بِالْمُشَاهَدَةِ للْفِعْل وَأَنه عمد إِلَى فلَان ولد الْمُدَّعِي الْمَذْكُور لصلبه وضربه بالشَّيْء الْفُلَانِيّ إِمَّا المحدد أَو المثقل الَّذِي يقتل مثله غَالِبا ضَرْبَة أَو ضربتين أَو أَكثر فَمَاتَ عرفهم الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ وَقبل شَهَادَتهم بِمَا رأى مَعَه قبُولهَا أَو بعد التَّزْكِيَة الشَّرْعِيَّة وَثَبت ذَلِك عِنْده ثبوتا صَحِيحا شَرْعِيًّا وَلما تَكَامل ذَلِك عِنْده سَأَلَ الْمُدَّعِي الْمَذْكُور الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الحكم لَهُ على الْقَاتِل بِالْقصاصِ عملا بمذهبه ومعتقده فأعذر إِلَى الْقَاتِل فَلم يَأْتِ بدافع شَرْعِي واعترف بِعَدَمِ الدَّافِع والمطعن لذَلِك ولشيء مِنْهُ الِاعْتِرَاف الشَّرْعِيّ وَثَبت اعترافه بذلك لَدَيْهِ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ فَحِينَئِذٍ نظر الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ فِي ذَلِك وتدبره وروى فِيهِ فكره وَنَظره واستخار الله كثيرا واتخذه هاديا ونصيرا وَأجَاب السَّائِل إِلَى سُؤَاله وَحكم على الْقَاتِل الْمَذْكُور بِالْقصاصِ إِذْ لَا يجوز للْوَلِيّ الْعَفو عَن الْقصاص عِنْده حكما صَحِيحا شَرْعِيًّا لموافقة ذَلِك مذْهبه ومعتقده مسؤولا فِي ذَلِك مُسْتَوْفيا شَرَائِطه الشَّرْعِيَّة مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ فِيمَا فِيهِ الْخلاف من ذَلِك على نَحْو مَا تقدم شَرحه وللولي اسْتِيفَاء الْقصاص بِنَفسِهِ بِأَمْر السُّلْطَان أَو نَائِبه بِأَمْر السُّلْطَان وَإِلَّا فَمَتَى وثب بِنَفسِهِ كَانَ ذَلِك افتئاتا على السُّلْطَان وَالصُّورَة فِي قتل الْعمد عِنْد أبي حنيفَة بالمحدد وَحده وَعند البَاقِينَ بالمحدد والمثقل صُورَة شبه الْعمد وديته حضر إِلَى شُهُوده فِي يَوْم تَارِيخه فلَان وَفُلَان وَأقر الْحَاضِر الأول أَنه ضرب ولد الْحَاضِر الثَّانِي لصلبه فلَان بِسَوْط أَو عصى حَتَّى مَاتَ من ذَلِك الضَّرْب أَو غرز الجزء: 2 ¦ الصفحة: 230 فِي مَقْتَله إبرة أَو غرز فِي دماغه أَو حلقه إبرة فتورم وَمَات مِنْهُ أَو مَاتَ فِي الْحَال وَصدق على أَن هَذَا الْفِعْل قتل شبه الْعمد وَأَنه يَقْتَضِي الْقصاص وَسَأَلَ الْوَلِيّ أَن يعْفُو عَن الْقصاص ويعدل إِلَى الدِّيَة على مَذْهَب من يرى ذَلِك من السَّادة الْعلمَاء رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ فَأَجَابَهُ الْوَلِيّ إِلَى ذَلِك إِذْ الْعُدُول عَن الْقصاص إِلَى الدِّيَة من رضى الْجَانِي وَهِي عِنْد أبي حنيفَة وَأحمد مثل دِيَة الْعمد الْمَحْض من أَرْبَعَة أَسْنَان خمس وَعِشْرُونَ بنت لبون وَخمْس وَعِشْرُونَ حقة وَخمْس وَعِشْرُونَ جَذَعَة وَهِي على مَذْهَب مَالك وَالشَّافِعِيّ من ثَلَاثَة أَسْنَان ثَلَاثُونَ حقة وَثَلَاثُونَ جَذَعَة وَأَرْبَعُونَ خلفة فِي بطونها أَوْلَادهَا فَرضِي مِنْهُ بذلك وأجابه إِلَيْهِ وتسلم مِنْهُ الدِّيَة الْمَذْكُورَة من أَرْبَعَة أَسْنَان أَو من ثَلَاثَة أَسْنَان على مَا يتفقان عَلَيْهِ تسلما شَرْعِيًّا تَاما كَامِلا وافيا وَيكْتب بَينهمَا بَرَاءَة على نَحْو مَا تقدم شَرحه وَإِن تَرَاضيا على الْإِبِل بِالدَّرَاهِمِ فَعِنْدَ الشَّافِعِي يُعْطي قيمَة الْإِبِل بَالِغَة مَا بلغت وَلَا يعدل عَن الْإِبِل إِذا وجدت إِلَّا بِالتَّرَاضِي وَإِن أعوزت الْإِبِل فَقَوْلَانِ للشَّافِعِيّ الْقَدِيم أَنه يعدل إِلَى ألف دِينَار أَو اثْنَي عشر ألف دِرْهَم والجديد تجب الْقيمَة حِين الْقَبْض وَعند أبي حنيفَة وَأحمد الدِّيَة مقدرَة بِالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِم وَيجوز أَخذهَا مَعَ وجود الْإِبِل وَعند مَالك أَن الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير أصل بِنَفسِهَا مقدرَة فِي الذِّمَّة وَلم يعْتَبر الدِّيَة بِالْإِبِلِ ومبلغها من الدَّرَاهِم عِنْد أبي حنيفَة عشرَة آلَاف دِرْهَم وَعند البَاقِينَ اثْنَا عشر ألف دِرْهَم وَقد تقدم ذكر الْخلاف فِي ذَلِك مُبينًا وَفِي الْبَقر وَالْغنم وَالْحلَل وَهل هِيَ أصل فِي الدِّيَة أم تُؤْخَذ على وَجه الْقيمَة فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ لَيْسَ لشَيْء من ذَلِك أصل فِي الدِّيَة وَلَا هُوَ مُقَدّر وَإِنَّمَا يرجع إِلَيْهِ بِالتَّرَاضِي على وَجه الْقيمَة وَقَالَ أَحْمد الْبَقر وَالْغنم أصلان مقدران فِي الدِّيَة فَمن الْبَقر مِائَتَا بقرة وَمن الْغنم ألفا شَاة وَاخْتلفت الرِّوَايَة فِي الْحلَل فَروِيَ عَنهُ أَنَّهَا مقدرَة بِمِائَتي حلَّة كل حلَّة إِزَار ورداء وَرُوِيَ عَنهُ أَنَّهَا لَيست بِبَدَل فَإِذا اتّفق الخصمان على شَيْء من هَذِه الْأَشْيَاء نزل الْكَاتِب الصُّورَة على أوضاعها الشَّرْعِيَّة الْمُتَّفق عَلَيْهَا الْمُوَافقَة لأحد هَذِه الْمذَاهب الْأَرْبَعَة مَعَ مُرَاعَاة الْإِيضَاح وَصُورَة وجوب الْقصاص على من حبس آخر حَتَّى مَاتَ جوعا حضر إِلَى شُهُوده فلَان وَفُلَان وتصادقا على أَن الْحَاضِر الأول حبس ولد الْحَاضِر الثَّانِي فلَان الرجل الْكَامِل وَمنعه من الْخُرُوج وَمن الطَّعَام وَالشرَاب وَمن طلبهما مُدَّة يَمُوت مثله فِيهَا غَالِبا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 231 من الْجُوع والعطش وَأَنه مَاتَ فِي حَبسه من الْجُوع والعطش وَأَنه علم أَن الْوَاجِب عَلَيْهِ بذلك الْقصاص وَسَأَلَ الْحَاضِر الثَّانِي ولي الْمَقْتُول الْمَذْكُور الْعَفو عَن الْقصاص إِلَى الدِّيَة فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِك وَرَضي مِنْهُ بِالدِّيَةِ وَعَفا عَن الْقصاص فَسَأَلَهُ ثَانِيًا أَن يقبض الدِّيَة دَرَاهِم أَو دَنَانِير فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِك وَرَضي بِقَبض الدِّيَة دَرَاهِم أَو دَنَانِير على مَذْهَب من يرى ذَلِك من السَّادة الْعلمَاء رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ وَأَن الْحَاضِر الأول دفع إِلَى الْحَاضِر الثَّانِي مَا مبلغه اثْنَا عشر ألف دِرْهَم أَو مَا مبلغه ألف دِينَار وَارثه فَقبض ذَلِك مِنْهُ بِحَضْرَة شُهُوده وَإِن قبضهَا على مَذْهَب أبي حنيفَة فَتكون عشرَة آلَاف دِرْهَم قبضا شَرْعِيًّا تَاما وافيا وَهُوَ مبلغ الدِّيَة الَّتِي عَفا عَلَيْهَا الْقَابِض الْمَذْكُور أَعْلَاهُ وَلم يتَأَخَّر لَهُ بِسَبَب ذَلِك مُطَالبَة وَلَا شَيْء قل وَلَا جلّ وَيكْتب بَرَاءَة شَامِلَة بَينهمَا ويكمل على نَحْو مَا سبق وَإِن لم يرض الْوَلِيّ إِلَّا بِالْإِبِلِ فَالْوَاجِب دِيَة الْعمد وَإِن اتفقَا على الْبَقر فمائتا بقرة أَو على الْغنم فألفا شَاة وَحَيْثُ وَجب الْقصاص وتراضيا على الدِّيَة وَجب دِيَة الْعمد وَصُورَة وجوب الْقصاص على الْمُكْره والعدول مِنْهُ إِلَى الدِّيَة حضر إِلَى شُهُوده فلَان وَفُلَان وَأقر الْحَاضِر الأول أَنه أكره فلَانا بِالْيَدِ العادية وَالْقُوَّة الْغَالِبَة حَتَّى قتل فلَانا ولد الْحَاضِر الثَّانِي وأزهق روحه بِسيف أَو بمثقل فَمَاتَ مِنْهُ وَسَأَلَ ولي الْمَقْتُول الْعَفو عَن الْقصاص والعدول إِلَى الدِّيَة وَهِي اثْنَا عشر ألف دِرْهَم فَأجَاب إِلَى ذَلِك وَرَضي مِنْهُ بِالدِّيَةِ الْمَذْكُورَة فَدفع الْمبلغ الْمَذْكُور إِلَيْهِ فَقَبضهُ مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا وَإِن اتفقَا على عشرَة آلَاف دِرْهَم كتب ذَلِك لموافقة مَذْهَب أبي حنيفَة ثمَّ يكمل بِالْإِبْرَاءِ على نَحْو مَا تقدم شَرحه وَهَذِه الصُّورَة جَائِزَة عِنْد الثَّلَاثَة إِلَّا مَالِكًا فَإِن الْإِكْرَاه لَا يَتَأَتَّى عِنْده إِلَّا من سُلْطَان أَو متغلب أَو سيد مَعَ عَبده فَإِذا أكره السَّيِّد عَبده على قتل آخر فَقتله فَهَذِهِ الصُّورَة تصح عِنْد مَالك فالجناية على السَّيِّد وعَلى عَبده فَإِنَّهَا عِنْده على الْمُكْره وَالْمكْره جَمِيعًا هَذَا إِذا كَانَ العَبْد يعرف لِسَان سَيّده فَإِن كَانَ السَّيِّد عَرَبيا وَالْعَبْد أعجميا فَلَا يجب عِنْده على العَبْد شَيْء وَبِالْعَكْسِ أَيْضا وَإِن كتب ذَلِك على مَذْهَب مَالك وَأحمد فَيجب الْقصاص على السَّيِّد وعَلى عَبده إِذا كَانَ العَبْد مستعربا غير أعجمي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 232 وَصُورَة الدَّعْوَى بِالْقَتْلِ خطأ وَوُجُوب دِيَة الْخَطَأ على الْعَاقِلَة حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز بَين يَدي سيدنَا فلَان الدّين فلَان وأحضر مَعَه فلَانا وَادّعى عَلَيْهِ لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَنه عمد إِلَى وَلَده لصلبة فلَان العشاري الْعُمر مثلا وضربه بِحجر أَو عَصا ضَرْبَة فَمَاتَ من ذَلِك وَسَأَلَ سُؤَاله عَن ذَلِك فَسئلَ فَأجَاب إِنَّنِي لم أتعمده بِالضَّرْبِ وَإِنَّمَا كنت قَاصِدا الرَّمْي إِلَى شَجَرَة أَو غَيرهَا فَوَقَعت الضَّرْبَة فِيهِ فَمَاتَ مِنْهَا وَكَانَ ذَلِك خطأ مني فَطلب الْمُدَّعِي الْمَذْكُور يَمِين الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور أَنه لم يَقْصِدهُ بِالضَّرْبِ مُتَعَمدا قَتله فبذل الْيَمين وَحلف بِاللَّه الْعَظِيم الْيَمين الشَّرْعِيَّة الجامعة لمعاني الْحلف شرعا أَنه لم يتَعَمَّد ضربه وَإِنَّمَا رمى بِالْحجرِ إِلَى غَيره فَوَقَعت الضَّرْبَة فِيهِ فَمَاتَ مِنْهُ كل ذَلِك من غير قصد مِنْهُ وَلَا تعمد لقَتله فَقَالَ الْحَاكِم للْمُدَّعِي أَلَك بَيِّنَة تشهد أَنه قَتله عمدا فَأجَاب بِأَنَّهُ لَا بَيِّنَة لَهُ فَقَالَ لَهُ الْحَاكِم الْوَاجِب لَك على عَاقِلَته دِيَة مُخَفّفَة وَهِي مائَة من الْإِبِل مخمسة من خَمْسَة أَسْنَان عشرُون جَذَعَة وَعِشْرُونَ حقة وَعِشْرُونَ بنت لبون وَعِشْرُونَ ابْن لبون وَعِشْرُونَ بنت مَخَاض أَو اثْنَي عشر ألف دِرْهَم بِالتَّرَاضِي فَحِينَئِذٍ سَأَلَ ولي الْمَقْتُول الْمَذْكُور من الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الحكم بِالدِّيَةِ على عَاقِلَته على مُقْتَضى مذْهبه ومعتقد مقلده فَأَجَابَهُ إِلَى سُؤَاله لجوازه عِنْده شرعا وَحكم لَهُ بِالدِّيَةِ الْمَذْكُورَة إبِلا أَخْمَاسًا أَو قيمتهَا بَالِغَة مَا بلغت حَال الْقَبْض عِنْد إعواز الْإِبِل مقسطة على عَاقِلَة الْقَاتِل الْمَذْكُور حكما صَحِيحا شَرْعِيًّا مسؤولا فِيهِ مُسْتَوْفيا شَرَائِطه الشَّرْعِيَّة وَلما تَكَامل ذَلِك عِنْده سَأَلَ الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور ولي الْمَقْتُول أَن يَأْخُذ الدِّيَة مبلغ اثْنَا عشر ألف دِرْهَم فَرضِي بذلك وقسطها على الْعَاقِلَة تقسيطا شَرْعِيًّا وانفصلوا من مجْلِس الحكم الْمشَار إِلَيْهِ على ذَلِك وَصُورَة دَعْوَى تَتَضَمَّن أَن مُسلما قتل ذِمِّيا وَوُجُوب دِيَة الذِّمِّيّ عَلَيْهِ وَالْحكم لوَارث الْمَقْتُول بهَا على الْقَاتِل فَإِن كَانَت الدَّعْوَى عِنْد حَنَفِيّ كَانَت الدِّيَة مثل دِيَة الْمُسلم فِي الْعمد وَالْخَطَأ وَعدل الْوَلِيّ عَن الْقصاص عِنْده إِلَى الدِّيَة وَإِن كَانَت الدَّعْوَى عِنْد مالكي كَانَت الدِّيَة مثل نصف دِيَة الْمُسلم فِي الْعمد وَالْخَطَأ وَإِن كَانَت الدَّعْوَى عِنْد الشَّافِعِي كَانَت مثل دِيَة الْمُسلم فِي الْعمد وَالْخَطَأ وَإِن كَانَت الدَّعْوَى عِنْد حنبلي كَانَت الدِّيَة فِي قتل الذِّمِّيّ الَّذِي لَهُ عهد مثل دِيَة الْمُسلم فِي الْعمد وَحده وَأما فِي الْخَطَأ فَعَنْهُ رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 233 ثلث دِيَة الْمُسلم وَالْأُخْرَى مثل نصف دِيَة الْمُسلم وَهِي اخْتِيَار الْخرقِيّ وَصُورَة ذَلِك حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ فلَان الْيَهُودِيّ أَو النَّصْرَانِي وأحضر مَعَه فلَان الشريف الْحُسَيْنِي أَو الْمُسلم الْأَصْلِيّ وَادّعى عَلَيْهِ لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَنه عمد إِلَى وَلَده فلَان وضربه بِسيف أَو سكين أَو غير ذَلِك ضَرْبَة أَو أَكثر فأزهق روحه فَهَذَا قتل الْعمد وَهُوَ فِي مَال الْقَاتِل أَو ضرب بِسَهْم إِلَى غَايَة أَو طير أَو شَجَرَة فَأَصَابَهُ السهْم فَمَاتَ مِنْهُ فَهَذَا قتل الْخَطَأ وَفِيه الدِّيَة على عَاقِلَة الْقَاتِل أَو ضربه بِسَوْط أَو عَصا أَو غرز فِي دماغه إبرة وَمَا أشبه ذَلِك حَتَّى مَاتَ وَهَذَا شبه عمد وَقد بَينا دِيَة الْعمد ودية الْخَطَأ ودية شبه الْعمد وَذكرنَا الْخلاف فِي ذَلِك بَين الْعلمَاء فِي الصُّورَة الَّتِي تقدّمت وَسَأَلَ سُؤَاله عَن ذَلِك فَسَأَلَهُ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ فَأجَاب بالاعتراف فَحِينَئِذٍ سَأَلَ ولي الْمَقْتُول الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الحكم لَهُ بدية وَلَده على مُقْتَضى مذْهبه ومعتقده فَأَجَابَهُ إِلَى سُؤَاله وَحكم على الْقَاتِل الْمَذْكُور بِالدِّيَةِ على مَا هِيَ مقدرَة عِنْده حكما صَحِيحا شَرْعِيًّا تَاما مُعْتَبرا مرضيا مسؤولا فِيهِ مُسْتَوْفيا شَرَائِطه الشَّرْعِيَّة مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ ويكمل على نَحْو مَا سبق صُورَة دَعْوَى على رجل قتل عبد غَيره عمدا وَوُجُوب الْقصاص على الْقَاتِل عِنْد أبي حنيفَة خلافًا للباقين فَإِنَّهُ لَا يقتل عِنْدهم قَاتل العَبْد بِحَال وَعند أبي حنيفَة إِذا عدل عَن الْقصاص إِلَى الْقيمَة فَالْوَاجِب قيمَة العَبْد بِحَيْثُ لَا تبلغ الْقيمَة مِقْدَار الدِّيَة بل تنقص عشرَة دَرَاهِم وَالْوَاجِب عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد فِي إِحْدَى روايتيه وَهِي الَّتِي اخْتَارَهَا الْخرقِيّ قيمَة العَبْد بَالِغَة مَا بلغت وَالرِّوَايَة الْأُخْرَى عِنْد أَحْمد أَنه لَا يبلغ بهَا دِيَة الْحر وَلم يقدر بِالنُّقْصَانِ حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز بَين يَدي سيدنَا فلَان الدّين الْحَنَفِيّ فلَان وأحضر مَعَه فلَانا وَادّعى عَلَيْهِ أَنه عمد إِلَى عَبده فلَان بن عبد الله وضربه بِسيف فَمَاتَ من تِلْكَ الضَّرْبَة أَو فَمَاتَ مِنْهُ وَسَأَلَ سُؤَاله عَن ذَلِك فَسَأَلَهُ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ فَأجَاب بالاعتراف أَو بالإنكار فأحضر الْمُدَّعِي الْمَذْكُور بَيِّنَة شهِدت لَهُ بذلك لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ فِي وَجه الْخصم الْمَذْكُور وهم فلَان وَفُلَان وَفُلَان عرفهم الْحَاكِم وَسمع شَهَادَتهم وَقبلهَا بِمَا رأى مَعَه قبُولهَا وَثَبت ذَلِك عِنْده ثبوتا صَحِيحا شَرْعِيًّا فَحِينَئِذٍ خير الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ سيد العَبْد بَين الْقصاص وَالْقيمَة فَاخْتَارَ الْقيمَة وَسَأَلَ الْحَاكِم الحكم لَهُ بهَا على الْقَاتِل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 234 فَأَجَابَهُ إِلَى سُؤَاله وَحكم لَهُ بِقِيمَة العَبْد الْمَذْكُور مَا لم تبلغ دِيَة الْمُسلم وبالتنقيص عَن مبلغ الدِّيَة عشرَة دَرَاهِم على مُقْتَضى مذْهبه ومعتقده حكما صَحِيحا شَرْعِيًّا مسؤولا فِيهِ مُسْتَوْفيا شَرَائِطه الشَّرْعِيَّة مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ ويكمل على نَحْو مَا سبق وَصُورَة دَعْوَى على جمَاعَة قتلوا وَاحِدًا عمدا وَوُجُوب الْقصاص عَلَيْهِم كلهم عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ خلافًا لِأَحْمَد فَإِن عِنْده إِذا قتل جمَاعَة وَاحِدًا فَعَلَيْهِم الدِّيَة وَلَا قصاص فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنهُ وَإِذا عدل الْوَارِث عَن الْقصاص إِلَى الدِّيَة جَازَ وَإِن اخْتَار الْوَلِيّ أَن يَأْخُذ الْقصاص من وَاحِد وَيَأْخُذ من البَاقِينَ قسطهم من الدِّيَة جَازَ حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ فلَان وأحضر مَعَه فلَانا وَفُلَانًا وَفُلَانًا وَادّعى عَلَيْهِم أَنهم عَمدُوا إِلَى وَلَده لصلبه فلَان وضربوه بِالسُّيُوفِ حَتَّى برد وَمَات من ذَلِك وَسَأَلَ سُؤَالهمْ عَن ذَلِك فَسَأَلَهُمْ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ فَأَجَابُوهُ بالاعتراف أَو بالإنكار فَذكر الْمُدَّعِي الْمَذْكُور أَنه لَهُ بَيِّنَة تشهد لَهُ بذلك وَسَأَلَ الْإِذْن فِي إحضارها فَأذن لَهُ فأحضر جمَاعَة من الْمُسلمين وهم فلَان وَفُلَان وَفُلَان فَشَهِدُوا عِنْد الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ شَهَادَة متفقة اللَّفْظ وَالْمعْنَى مسموعة شرعا أَن الْمُدعى عَلَيْهِم الْمَذْكُورين عَمدُوا إِلَى فلَان ولد الْمُدَّعِي الْمَذْكُور وضربوه بسيوفهم حَتَّى مَاتَ مُشَاهدَة مِنْهُم لذَلِك عرف الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الشُّهُود الْمَذْكُورين وَسمع شَهَادَتهم وَقبلهَا بِمَا رأى مَعَه قبُولهَا شرعا وَثَبت ذَلِك عِنْده ثبوتا صَحِيحا شَرْعِيًّا ثمَّ سَأَلَ الْمُدَّعِي الْمَذْكُور الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الحكم لَهُ بِالْقصاصِ من القاتلين الْمَذْكُورين لجوازه عِنْده شرعا فَأَجَابَهُ إِلَى سُؤَاله وَحكم عَلَيْهِم بِالْقصاصِ حكما شَرْعِيًّا تَاما مُعْتَبرا مرضيا مسؤولا فِيهِ مُسْتَوْفيا شَرَائِطه الشَّرْعِيَّة بعد الْإِعْذَار الشَّرْعِيّ وَاعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره شرعا من تشخيص القاتلين الْمَذْكُورين وَمَعْرِفَة الْمَقْتُول الْمَذْكُور الْمعرفَة الشَّرْعِيَّة وَإِن كَانَ قد طلب الْقصاص من أحدهم وَأخذ من البَاقِينَ قسطهما من الدِّيَة فَيَقُول فَحِينَئِذٍ طلب ولي الْمَقْتُول أَن يَسْتَوْفِي الْقصاص من فلَان المبدأ بِذكرِهِ أَعْلَاهُ وَأَن يَأْخُذ من الآخرين مَا وَجب عَلَيْهِمَا من دِيَة الْعمد وَهُوَ الثُّلُثَانِ مِنْهَا على كل وَاحِد مِنْهُمَا الثُّلُث الجزء: 2 ¦ الصفحة: 235 وَسَأَلَ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الحكم لَهُ بذلك فَأَجَابَهُ إِلَى سُؤَاله وَحكم على فلَان المبدأ بِذكرِهِ بِالْقصاصِ وعَلى كل وَاحِد من الآخرين بِثلث دِيَة الْعمد حكما صَحِيحا شَرْعِيًّا إِلَى آخِره وَرَضي ولي الْمَقْتُول الْمَذْكُور أَن يَأْخُذ بَدَلا عَن الْإِبِل ثَمَانِيَة آلَاف دِرْهَم فدفعاها إِلَيْهِ فقبضها مِنْهُمَا قبضا شَرْعِيًّا ويكمل وَإِن كَانَ الْعمد على مَذْهَب أبي حنيفَة فتقسط الدِّيَة فِي ثَلَاث سِنِين وَإِن حصل الْعَفو عَن الْجَمِيع كتب صُورَة الْعَفو كَمَا تقدم وَإِن كَانَت الدَّعْوَى عِنْد حنبلي وَاخْتَارَ الْعَمَل بالرواية الثَّانِيَة فَيُوجب عَلَيْهِم الدِّيَة لَا الْقصاص صُورَة دَعْوَى على مُسلم قتل مجوسيا عمدا وَوُجُوب دِيَته وَهِي ثلثا عشر دِيَة الْمُسلم أَو قتل عَابِد الوثن أَو الشَّمْس أَو الْقَمَر وَهَؤُلَاء لَيْسَ لَهُم عقد ذمَّة فَلَا دِيَة لَهُم لَكِن لَو دخل أحدهم إِلَى دَار الْإِسْلَام رَسُولا لم يتَعَرَّض إِلَيْهِ بِالْقَتْلِ فَإِن قَتله قَاتل فَفِيهِ أخس الدِّيات دِيَة الْمَجُوس وَهِي ثلثا عشر دِيَة الْمُسلم حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز بَين يَدي سيدنَا فلَان الدّين الشَّافِعِي فلَان الْمَجُوسِيّ وأحضر مَعَه فلَانا الْمُسلم وَادّعى عَلَيْهِ لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَنه عمد إِلَى وَلَده لصلبه فلَان وضربه بِالسَّيْفِ أَو بمثقل فَمَاتَ مِنْهُ وَسَأَلَ سُؤَاله عَن ذَلِك فَسَأَلَهُ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ فَأجَاب بالاعتراف أَو بالإنكار فأحضر الْمُدَّعِي الْمَذْكُور بَيِّنَة شهِدت لَهُ بذلك فِي وَجه الْخصم وهم فلَان وَفُلَان وَفُلَان وَقبل الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ شَهَادَتهم بِمَا رأى مَعَه قبُولهَا شرعا فَحِينَئِذٍ سَأَلَ الْمُدَّعِي الْمَذْكُور الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الحكم بِمَا يجب لَهُ عَلَيْهِ شرعا فَأَجَابَهُ إِلَى سُؤال وَحكم على الْقَاتِل الْمَذْكُور بدية وَلَده الْقَتِيل الْمَذْكُور وَهِي ثلثا عشر دِيَة الْمُسلم وقدرها سِتّ وَثُلُثَانِ من ثَلَاثَة أَسْنَان عِنْد الشَّافِعِي وَمَالك وَأحمد وَمن أَرْبَعَة أَسْنَان عِنْد أبي حنيفَة حكما شَرْعِيًّا تَاما مُعْتَبرا مرضيا مسؤولا فِيهِ مُسْتَوْفيا شَرَائِطه الشَّرْعِيَّة وَاعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره شرعا من إعذار وتشخيص الْقَاتِل وَمَعْرِفَة الْمَقْتُول الْمعرفَة الشَّرْعِيَّة مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ وَإِن حصل التَّرَاضِي على الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير جَازَ وَقد بَينا فِي هَذِه الصُّور مقادير الدِّيات فِي الْقَتْل على اخْتِلَاف الْأَئِمَّة رَحِمهم الله تَعَالَى زِيَادَة على مَا ذكرنَا فِي الْخلاف السَّابِق فِي مسَائِل الْبَاب فصل وَأما صور الْمجَالِس الْحكمِيَّة المتضمنة الدَّعَاوَى بالشجاج فِي الْوَجْه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 236 وَالرَّأْس وَمَا يجب فِيهِ الْقصاص وَمَا لَا يجب وَمَا يجب فِي جراحات الْوَجْه وَالرَّأْس وَالْبدن من الدِّيات والحكومات وَمَا يجب فِيهِ الدِّيَة من الْأَطْرَاف والحواس وَمَا يجب الضَّمَان بِفِعْلِهِ وَمَا لَا يجب فِيهَا صُورَة دَعْوَى بالموضحة حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ فلَان وأحضر مَعَه فلَانا وَادّعى عَلَيْهِ لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَنه ضربه بِسيف أَو حجر أَو غَيره فِي وَجهه أَو رَأسه فأوضح الْعظم وَسَأَلَ سُؤَاله عَن ذَلِك فَسَأَلَهُ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ فَأجَاب بالاعتراف أَو بالإنكار وَتقوم الْبَيِّنَة فِي وَجه الْخصم أَنه ضربه بِكَذَا فجرحه هَذَا الْجرْح وشخصوه لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ وَأَشَارَ إِلَيْهِ وأشاروا إِلَيْهِ فِي مَوْضِعه فَذكر الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور أَن هَذِه الْجراحَة لَيست بموضحة وَإِنَّمَا هِيَ دونهَا فأحضر الْمُدَّعِي الْمَذْكُور جمَاعَة من أهل الْمعرفَة والخبرة بالجراحات وهم فلَان وَفُلَان وَفُلَان فَشَهِدُوا لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَنَّهَا مُوضحَة وَثَبت ذَلِك عِنْده ثبوتا صَحِيحا شَرْعِيًّا فَعرف الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الْمُدعى عَلَيْهِ أَن الْوَاجِب عَلَيْهِ فِي ذَلِك الْقصاص أَو أرش مُوضحَة إِذا رَضِي الْمَجْنِي عَلَيْهِ بالعدول عَن الْقصاص إِلَى الدِّيَة وَهِي خمس من الْإِبِل أَو قيمتهَا من الذَّهَب أَو الدَّرَاهِم برضى الْمَجْنِي عَلَيْهِ فَسَأَلَ الْجَانِي الْعَفو عَن الْقصاص والعدول إِلَى الْأَرْش فَعرض الْحَاكِم ذَلِك على الْمَجْنِي عَلَيْهِ فَأجَاب إِلَيْهِ وَسَأَلَ الحكم لَهُ على الْجَانِي بِأَرْش الْمُوَضّحَة فَأَجَابَهُ إِلَى سُؤَاله وَحكم لَهُ بذلك حكما صَحِيحا شَرْعِيًّا إِلَى آخِره ويكمل وَإِن كَانَت المشجوجة امْرَأَة فَالْوَاجِب النّصْف من أرش مُوضحَة الرجل وَإِن كَانَ المشجوج يَهُودِيّا أَو نَصْرَانِيّا فَعِنْدَ أبي حنيفَة كأرش مُوضحَة الْمُسلم وَعند مَالك كالنصف مِنْهَا وَعند الشَّافِعِي كالثلث مِنْهَا وَعند أَحْمد كموضحة الْمُسلم إِذا كَانَ للكتابي عهد وَيعْتَبر الْحَال فِي موضحات النِّسَاء على النّصْف من ذَلِك وَيعْتَبر ذَلِك فِي مُوضحَة الْمَجُوسِيّ نصف عشر أخس الدِّيات وَهَذَا التَّفْصِيل فِي جَمِيع ديات الشجاج الْحَاصِلَة فِي الْوَجْه وَالرَّأْس وجراحات الْبدن والجائفات والحكومات المتقومة وَمَا يلْزم بِالضَّمَانِ وَصُورَة دَعْوَى بالهاشمة وفيهَا عشر من الْإِبِل إِذا أوضح وهشم الْعظم فَإِن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 237 هشمت الْعظم من غير إيضاحه فَفِيهَا خمس من الْإِبِل حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز بَين يَدي سيدنَا فلَان الدّين فلَان الْفُلَانِيّ وأحضر مَعَه فلَانا وَادّعى عَلَيْهِ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَنه ضربه بِكَذَا فجرحه بِوَجْهِهِ أَو بِرَأْسِهِ وأوضح الْعظم وكسره وَسَأَلَ سُؤَاله عَن ذَلِك فَسَأَلَهُ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ فَأجَاب بالاعتراف مثلا أَنه ضربه فجرحه وَأَنه لم يُوضح الْعظم وَلَا هشمه فأحضر الْمُدَّعِي الْمَذْكُور جمَاعَة من أهل الْمعرفَة والخبرة بذلك وهم فلَان وَفُلَان وَفُلَان ووقفوا على الْجراح الْمَذْكُور وعاينوه وعرفوه وحققوه وشهدوا لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ فِي وَجه الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور أَن هَذَا الْجرْح أوضح فِيهِ الْعظم وهشمه عرفهم الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ وَسمع شَهَادَتهم وَقبلهَا لما رأى مَعَه قبُولهَا شرعا وَثَبت ذَلِك عِنْده ثبوتا صَحِيحا شَرْعِيًّا فَحِينَئِذٍ سَأَلَ الْمُدَّعِي الْمَذْكُور الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الْحَاكِم لَهُ بدية الهاشمة الْمَذْكُورَة على مُقْتَضى قَاعِدَة مذْهبه ومعتقده فَأَجَابَهُ إِلَى سُؤَاله وَحكم لَهُ بِعشر من الْإِبِل حكما صَحِيحا شَرْعِيًّا تَاما مُعْتَبرا مرضيا مسؤولا فِيهِ مُسْتَوْفيا شَرَائِطه الشَّرْعِيَّة وَاعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره شرعا بعد ثُبُوت الْإِعْذَار إِلَى الْجَانِي الْمَذْكُور وتشخيصه واعترافه بِعَدَمِ الدَّافِع والمطعن لذَلِك ولشيء مِنْهُ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ ويكمل صُورَة دَعْوَى بالمنقلة وفيهَا خمس عشرَة من الْإِبِل حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز بَين يَدي سيدنَا فلَان الدّين فلَان وأحضر مَعَه فلَانا وَادّعى عَلَيْهِ لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَنه ضربه بِكَذَا فِي وَجهه أَو رَأسه فجرحه جرحا أوضح الْعظم وهشمه وَنَقله من مَكَانَهُ وَسَأَلَ سُؤَاله عَن ذَلِك فَسئلَ فَأجَاب أَنه جرحه هَذَا الْجرْح وَأَنه لَا يعلم صِحَة الدَّعْوَى فِيمَا عداهُ فَذكر الْمُدَّعِي الْمَذْكُور أَن لَهُ بَيِّنَة تشهد لَهُ بِمَا ادَّعَاهُ وَسَأَلَ الْإِذْن فِي إحضارها فَأذن لَهُ فأحضر جمَاعَة من أهل النّظر والمعرفة والخبرة بذلك وهم فلَان وَفُلَان وَفُلَان فَشَهِدُوا لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ فِي وَجه الْخصم الْمَذْكُور بعد تشخيص الْجرْح ومعاينته أَن هَذِه الْجراحَة أوضحت الْعظم وهشمته ونقلته عرفهم الْحَاكِم وَسمع شَهَادَتهم وَقبلهَا لما رأى مَعَه قبُولهَا شرعا وَثَبت ذَلِك عِنْده ثبوتا صَحِيحا شَرْعِيًّا فَحِينَئِذٍ سَأَلَ الْمُدَّعِي الْمَذْكُور الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الحكم لَهُ على الْجَانِي الْمَذْكُور بِالدِّيَةِ الشَّرْعِيَّة الْوَاجِبَة فِي هَذِه الْجراحَة على مُقْتَضى مذْهبه ومعتقده فَأَجَابَهُ إِلَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 238 سُؤَاله وَحكم لَهُ بِخمْس عشرَة من إبل الدِّيَة حكما شَرْعِيًّا مُعْتَبرا مرضيا ويكمل على نَحْو مَا سبق صُورَة دَعْوَى بالمأمومة وَهِي الَّتِي تبلغ أم الرَّأْس وَهِي خريطة الدِّمَاغ المحيطة بِهِ وفيهَا ثلث الدِّيَة ثَلَاثًا وَثَلَاثُونَ وَثلث من الْإِبِل حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز بَين يَدي سيدنَا فلَان الدّين فلَان وأحضر مَعَه فلَانا وَادّعى عَلَيْهِ لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَنه ضربه فِي رَأسه فَشَجَّهُ ووصلت الشَّجَّة إِلَى أم رَأسه وَهِي خريطة الدِّمَاغ المحيطة بِهِ وَأَن الْوَاجِب لَهُ عَلَيْهِ بذلك ثلث الدِّيَة ثَلَاثَة وَثَلَاثُونَ وَثلث من الْإِبِل وطالبه بذلك وَسَأَلَ سُؤَاله عَن ذَلِك فَسَأَلَهُ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ فَأجَاب أَنه ضربه وَهُوَ لَا يعلم أَنَّهَا مأمومة فأحضر الْمُدَّعِي الْمَذْكُور جمَاعَة من أهل النّظر والمعرفة والخبرة بذلك وهم فلَان وَفُلَان وَفُلَان فَشَهِدُوا لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ فِي وَجه الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور بعد تشخيص الْجرْح ومعاينته أَن هَذِه الشَّجَّة وصلت إِلَى أم الرَّأْس خريطة الدِّمَاغ عرفهم الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ وَسمع شَهَادَتهم وَقبلهَا لما رأى مَعَه قبُولهَا شرعا وَثَبت ذَلِك عِنْد الثُّبُوت الشَّرْعِيّ فَحِينَئِذٍ سَأَلَ الْمُدَّعِي الْمَذْكُور الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الحكم لَهُ بدية هَذِه الْجراحَة فَأَجَابَهُ إِلَى سُؤَاله وَحكم لَهُ بدية المأمومة وَهِي الثُّلُث من دِيَة النَّفس ثَلَاثَة وَثَلَاثُونَ وَثلث من الْإِبِل حكما شَرْعِيًّا ويكمل صُورَة دَعْوَى بِمَا تجب فِيهِ الْحُكُومَة من الشجاج بِالرَّأْسِ وَالْوَجْه وجراحات الْبدن حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ فلَان وَفُلَان وَادّعى الْحَاضِر الأول على الْحَاضِر الثَّانِي لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَنه شجه فِي وَجهه أَو رَأسه وَسَأَلَ سُؤَاله عَن ذَلِك فَسَأَلَهُ الْحَاكِم فَأجَاب بالاعتراف فَقَالَ المشجوج هَذِه مُوضحَة وَقَالَ الْمُدعى عَلَيْهِ إِنَّمَا هِيَ الدامية فَطلب الْحَاكِم أَرْبَاب الْخِبْرَة فِي ذَلِك فكشفوا الشَّجَّة ونظروها وعاينوها فوجدوها الباضعة قد بضعت اللَّحْم وَلم تصل إِلَى الْجلْدَة الرقيقة الَّتِي بَين اللَّحْم والعظم فَشَهِدُوا عِنْد الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ بذلك فَسمع شَهَادَتهم وَقبلهَا بِمَا رأى مَعَه قبُولهَا شرعا ثمَّ طلب أَرْبَاب الْخِبْرَة بتقويم الْأَبدَان وَأمرهمْ أَن ينْظرُوا إِلَى هَذَا الْجرْح الْمُدعى بِهِ الْمَذْكُور ويقوموا الْمَجْرُوح صَحِيحا وجريحا وَأَن ينْظرُوا إِلَى مَا بَين الْقِيمَتَيْنِ من التَّفَاوُت فَمَا بلغ فَهُوَ أرش الْجِنَايَة الْمَذْكُورَة من الدِّيَة فوقفوا على ذَلِك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 239 وقوموه صَحِيحا وجريحا فَإِذا التَّفَاوُت مَا بَين الْقِيمَتَيْنِ كَذَا وَكَذَا وَهُوَ أرش هَذِه الْجِنَايَة من الدِّيَة وَأَقَامُوا شهاداتهم لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ بذلك فِي وَجه الْخصم فَحكم الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ بذلك الْقدر الْمَشْهُود بِهِ من الدِّيَة حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخِره ويكمل على نَحْو مَا سبق وَكَيْفِيَّة التَّقْوِيم أَن يقوم الْمَجْنِي عَلَيْهِ ثملا بِمِائَة دِرْهَم صَحِيحا وبثمانية وَتِسْعين درهما جريحا فالتفاوت خمس عشر الْقيمَة فَيكون الْوَاجِب خمس عشر الدِّيَة وَهَذِه صُورَة مَا يكْتب فِي جَمِيع مَا تجب فِيهِ الْحُكُومَة من الرَّأْس وَالْوَجْه وَالْبدن وَلَا يكْتب فِيمَا يتَعَلَّق بِالْبدنِ حكم بِشَيْء مُقَدّر من الدِّيَة إِلَّا الْجَائِفَة فَإِن فِيهَا ثلث الدِّيَة وَصُورَة الدَّعْوَى بالجائفة حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ فلَان وَهُوَ مُتَكَلم شَرْعِي جَائِز كَلَامه مسموعة دَعْوَاهُ عَن فلَان وأحضر مَعَه فلَانا وَادّعى عَلَيْهِ لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَنه ضرب الْمُتَكَلّم عَنهُ وَهُوَ فلَان الْمَذْكُور ضَرْبَة بسنان أَو بِرُمْح أَو بِسيف فوصل السنان إِلَى دَاخل جَوْفه وَسَأَلَ سُؤَاله عَن ذَلِك فَسَأَلَهُ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ فَأجَاب بالاعتراف أَنه ضربه بِالرُّمْحِ وَلَكِن لم يصل السنان إِلَى جَوْفه فَذكر الْمَنْصُوب الْمَذْكُور أَن لَهُ بَيِّنَة من أَرْبَاب الْخِبْرَة بالجراحات والجائفات تشهد بِمَا ادَّعَاهُ وَسَأَلَ الْإِذْن فِي إحضارها فَأذن لَهُ فأحضر جمَاعَة من أهل الْخِبْرَة بذلك وهم فلَان وَفُلَان وَفُلَان وكشفوا الْجرْح الْمَذْكُور كشفا شافيا وعاينوه وأدخلوا فِيهِ الْميل وقاسوا أعماقه فوجدوه قد أجافه وَأَقَامُوا شَهَادَتهم بذلك لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ فِي وَجه الْخصم الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور أَن هَذَا الْجرْح دخل السنان فِيهِ إِلَى الْجوف وَأَنه الْجَائِفَة وَثَبت ذَلِك عِنْده الثُّبُوت الشَّرْعِيّ فَحِينَئِذٍ سَأَلَ الْمُدَّعِي الْمَذْكُور الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الحكم للْمَجْنِيّ عَلَيْهِ على الْجَانِي الْمَذْكُور بدية هَذِه الْجِنَايَة وَهِي ثلث دِيَة النَّفس ثَلَاث وَثَلَاثُونَ وَثلث من الْإِبِل فَأَجَابَهُ إِلَى سُؤَاله وَحكم على الْجَانِي الْمَذْكُور بذلك حكما شَرْعِيًّا ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه وَأما صور الدَّعَاوَى المتضمنة الْقصاص فِي الْعين وَالْأنف وَالْأُذن وَالسّن أَو الدِّيَة عِنْد ذَلِك فَمِنْهَا صُورَة دَعْوَى على شخص بِأَنَّهُ قلع عينه أَو قطع أَنفه أَو أُذُنَيْهِ أَو بِشَيْء مِمَّا تجب فِيهِ الدِّيَة كَامِلَة على مَا تقدم بَيَانه وَالْخلاف فِيهِ على اخْتِلَاف مقادير الجزء: 2 ¦ الصفحة: 240 الدِّيات من الْحر الْمُسلم والكتابي الذِّمِّيّ وَغير الْكِتَابِيّ وَالذكر وَالْأُنْثَى وَهِي كالديات الْوَاجِبَة فِي فَوَات النَّفس فِي قتل الْعمد حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ فلَان وَفُلَان وَادّعى الْحَاضِر الأول على الْحَاضِر الثَّانِي لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَنه قلع عينه الْيُمْنَى أَو الْيُسْرَى أَو ضربه فأزال ضوء عينه الْيُمْنَى أَو الْيُسْرَى أَو قطع أجفان عَيْنَيْهِ أَو قطع أَنفه أَو أُذُنَيْهِ أَو أُذُنه الْيُمْنَى أَو الْيُسْرَى أَو ضربه فَقلع سنه الْفُلَانِيّ إِمَّا ثنيته أَو رباعيته أَو ضرسه الْأَسْفَل أَو الْأَعْلَى أَو قلع جَمِيع أَسْنَانه وَسَأَلَ سُؤَاله عَن ذَلِك فَسَأَلَهُ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ فَأجَاب بالاعتراف فَسَأَلَ الْمُدَّعِي الْمَذْكُور الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الحكم عَلَيْهِ بِالْقصاصِ فَسَأَلَ الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور الْمُدَّعِي الْعَفو عَن الْقصاص والعدول إِلَى دِيَة الْعين أَو الْأنف أَو الْأذن أَو الْأَسْنَان الْمقدرَة فِي ذَلِك على الْوَجْه الشَّرْعِيّ فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِك وَرَضي بِهِ ثمَّ سَأَلَ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الحكم على الْجَانِي بدية عينه فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِك وَحكم لَهُ بِخَمْسِينَ من الْإِبِل مفصلة من الْأَسْنَان مُعينَة فِي دِيَة النَّفس وَهِي دِيَة عين الْمُدَّعِي الْمَجْنِي عَلَيْهِ الْمَذْكُور حكما شرعا إِلَى آخِره ويكمل على نَحْو مَا سبق وَكَذَلِكَ تكْتب صور الدَّعَاوَى فِي جَمِيع مَا يجب من الدِّيات وَيتَصَوَّر فِي الْعَينَيْنِ ديتان كاملتان كَمَا لَو فَقَأَ الحدقتين وَقطع الأجفان الْأَرْبَعَة أَو أَزَال ضوء عَيْنَيْهِ وَقطع الأجفان الْأَرْبَعَة وَطَرِيق التَّوَصُّل إِلَى معرفَة مِقْدَار مَا نقص من ضوء عَيْني الْمَجْنِي عَلَيْهِ ليحكم الْحَاكِم لَهُ بِحقِّهِ من الدِّيَة هُوَ أَن يجلس الْمَجْنِي عَلَيْهِ فِي مَكَان وَيجْلس إِلَى جَانِبه رجل آخر صَحِيح النّظر ثمَّ يقف بَين يديهما رجل آخر وَوَجهه إِلَيْهِمَا ثمَّ يمشي إِلَى وَرَائه وهما ينْظرَانِ إِلَى وَجهه إِلَى أَن لَا يحققا النّظر إِلَى مقلتيه وَهل هُوَ مغمض عَيْنَيْهِ أم لَا فَإِن تَسَاويا فِي ذَلِك لم يكن نقص من ضور عَيْني الْمَجْنِي عَلَيْهِ شَيْء وَإِن خَفِي على الْمَجْنِي عَلَيْهِ معرفَة كَون الْمَاشِي مَفْتُوحَة عَيناهُ أَو مغموضتان وَقَالَ لَا أَدْرِي هَل هما مفتوحتان أَو مغموضتان فَيجْعَل عِنْد رجل الْمَاشِي عَلامَة ثمَّ يمشي إِلَى وَرَائه وَالرجل الْجَالِس إِلَى جَانب الْمَجْنِي عَلَيْهِ ينظر فِي حدقتي الْمَاشِي فحين يخفي عَلَيْهِ هَل هما مفتوحتان أَو مغموضتان فيقف الْمَاشِي هُنَاكَ وَيعلم عِنْد قَدَمَيْهِ عَلامَة ثمَّ يذرع الأَرْض مَا بَين الْمَجْنِي عَلَيْهِ والماشي ويضبط ذَلِك الذرع ثمَّ يذرع مَا بَين انْتِهَاء نظر الْمَجْنِي عَلَيْهِ وانتهاء نظر الْجَالِس إِلَى جَانِبه فمهما خرج حسب من الذرع الأول وَحكم للْمَجْنِيّ عَلَيْهِ بِقسْطِهِ من الدِّيَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 241 مِثَاله إِذا كَانَ الذرع الأول مائَة ذِرَاع وَهُوَ انْتِهَاء نظر الْجَالِس إِلَى جَانب الْمَجْنِي عَلَيْهِ وَكَانَ انْتِهَاء نظر الْمَجْنِي عَلَيْهِ سبعين ذِرَاعا فَتبين أَن النَّقْص ثَلَاثِينَ أَو يكون تسعين فَيكون النَّقْص عشرَة فجملة مَا نقص عشر الضَّوْء فَيجب عشر الدِّيَة وعَلى هَذَا الْحساب يكون الْعَمَل فِي امتحان نقص ضوء الْعين وَإِذا ادّعى رجل على رجل آخر أَنه ضربه ضَرْبَة أَزَال سَمعه وَثَبت عِنْد الْحَاكِم أَنه ضربه تِلْكَ الضَّرْبَة فطريق اعْتِبَار ذَلِك أَن الْحَاكِم يَأْمر رجلا يقف خلف الْمَجْنِي عَلَيْهِ على حِين غَفلَة مِنْهُ وَيَرْمِي خَلفه قَرِيبا مِنْهُ حجرا كَبِيرا أَو جرسا كَبِيرا أَو شَيْئا من أواني النّحاس من شَاهِق فَإِن الْتفت أَو ظهر مِنْهُ إِشْعَار بِتِلْكَ الرَّمية فَلَا يحكم لَهُ وَإِن لم يلْتَفت وَلم يظْهر مِنْهُ إِشْعَار وَلَا علم فَيحكم لَهُ بِالدِّيَةِ كَامِلَة وَفِي لِسَان الْأَخْرَس الْحُكُومَة وَهِي أَن يقوم الْمَجْنِي عَلَيْهِ حَال كَونه ناطقا وَحَال كَونه أخرس وَينظر فِي التَّفَاوُت بَينهمَا فَمَا كَانَ فَهُوَ قدر الْحُكُومَة من الدِّيَة وَفِي إِزَالَة الْعقل بِالضَّرْبِ على الرَّأْس وَغَيره الدِّيَة وَفِي إبِْطَال المضغ الدِّيَة وَفِي كسر الصلب الدِّيَة وَفِي إِزَالَة الْبَطْش الدِّيَة وَفِي الْمَنْع من الْمَشْي الدِّيَة وَفِي إبِْطَال الصَّوْت الدِّيَة وَفِي إبِْطَال الذَّوْق الدِّيَة وَيتَصَوَّر فِي الْأُذُنَيْنِ ديتان كَمَا لَو قطع أُذُنَيْهِ وأزال سَمعه وَيتَصَوَّر فِي الْفَم خمس ديات كَمَا لَو قطع شَفَتَيْه ثمَّ قطع لِسَانه أَو أَزَال حَرَكَة لِسَانه وأزال صَوته أَو قلع جَمِيع أَسْنَانه وأزال ذوقه بِحَيْثُ إِنَّه لَا يعرف الحلو من المر وَلَا يفرق بَينهمَا فَتجب هَذِه الدِّيات على الْجَانِب كلهَا إِذا كَانَت الْحَيَاة بَاقِيَة فِيهِ وَيتَصَوَّر فِي الْفَم نصف دِيَة أُخْرَى كَمَا لَو أَزَال إِحْدَى لحييْهِ وَأمكن وقُوف الآخر ثَابتا فِي مَكَانَهُ مَعَ الْحَيَاة وَيتَصَوَّر فِي الْأنف ديتان بِقطع الْأنف وَزَوَال الشم وَيتَفَرَّع على ذَلِك صور كَثِيرَة لَا يُمكن الْإِتْيَان بهَا لطولها وَبسط الْكَلَام فِيهَا وَمَا تقدم ذكره من الصُّور فِي ذَلِك كَاف وَفِيه مِثَال لغيره مِمَّا يحْتَاج إِلَى كِتَابَته والحاذق الفهيم يُوقع الوقائع ويعتني بتنزيلها على الْقَوَاعِد المستقرة بلطيف تصرفه وَحسن وَضعه ويراعى فِي كل صُورَة مَا هُوَ مَطْلُوب فِيهَا ومقصود بهَا الْخلاف بَين أَئِمَّة الْمذَاهب الْأَرْبَعَة رَحِمهم الله تَعَالَى رَحْمَة وَاسِعَة بمنه وَكَرمه وَأما صور دَعْوَى الدَّم والقسامة فَمِنْهَا صُورَة دَعْوَى بالقسامة وَاسْتِيفَاء الْأَيْمَان من الْمُدعى عَلَيْهِم وَالْحكم بِالدِّيَةِ مقسطة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 242 فِي ثَلَاث سِنِين على مَذْهَب أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ الْحَنَفِيّ فلَان وأحضر مَعَه جمَاعَة وهم فلَان وَفُلَان وَفُلَان وَادّعى عَلَيْهِم لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَن وَلَده فلَانا وجد قَتِيلا فِي الْموضع الْفُلَانِيّ الَّذِي هُوَ فِي حماية هَؤُلَاءِ وحفظهم أَو فِي محلتهم أَو فِي دَارهم أَو فِي مَسْجِد محلتهم فِي قريتهم وَالدَّم يخرج من أُذُنَيْهِ وَعَيْنَيْهِ أَو مَضْرُوب أَو بِهِ جراحات بِالسَّيْفِ أَو هُوَ مخنوق وَسَأَلَ سُؤَالهمْ عَن ذَلِك فَسَأَلَهُمْ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ فَأَجَابُوا أَنهم مَا قَتَلُوهُ وَلَا علمُوا لَهُ قَاتلا وَلَكِن اعْتَرَفُوا أَنه وجد قَتِيلا فِي محلتهم فَطلب الْمُدَّعِي الْمَذْكُور من الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الْعَمَل فِي ذَلِك بِمُقْتَضى مذْهبه وَالْحكم فِيهِ بِمَا يرَاهُ من معتقده فَأعلمهُ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَن يخْتَار خمسين رجلا من أهل الْمحلة أَو الْقرْيَة إِن شِئْت من مشايخهم وصلحائهم وَإِن شِئْت من شبابهم وَنِسَائِهِمْ يحلفُونَ خمسين يَمِينا مَا قَتَلْنَاهُ وَلَا علمنَا لَهُ قَاتلا وتستحق الدِّيَة على الْعَاقِلَة وهم أهل الْمحلة الْقَرِيب والبعيد من الْمُدعى عَلَيْهِم فِي ذَلِك سَوَاء تقسط عَلَيْهِم فِي ثَلَاث سِنِين فَأجَاب الْمُدَّعِي إِلَى ذَلِك وَعين خمسين رجلا من مَشَايِخ تِلْكَ الْمحلة وصلحائهم وهم فلَان وَفُلَان وَيذكر أسمائهم كلهم وَقَالَ هَؤُلَاءِ يحلفُونَ فَعرض الْحَاكِم الْأَيْمَان عَلَيْهِم فبذلوها وحلفوا بِاللَّه الْعَظِيم الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ عَالم الْغَيْب وَالشَّهَادَة الرَّحْمَن الرَّحِيم الَّذِي أنزل الْقُرْآن على نبيه وَرَسُوله مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خمسين يَمِينا جَامِعَة لمعاني الْحلف شرعا أَنا مَا قتلنَا هَذَا الْقَتِيل وَلَا علمنَا لَهُ قَاتلا وَلما استوفيت الْأَيْمَان الشَّرْعِيَّة مِنْهُم سَأَلَ الْخصم الْمُدَّعِي الْمَذْكُور الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الحكم بِالدِّيَةِ على مَا يرَاهُ من مذْهبه ومعتقده فَأَجَابَهُ إِلَى سُؤَاله وَحكم لَهُ بدية قتيله وَهِي مائَة من الْإِبِل من أَرْبَعَة أَسْنَان خمس وَعِشْرُونَ بنت مَخَاض وَخمْس وَعِشْرُونَ بنت لبون وَخمْس وَعِشْرُونَ حقة وَخمْس وَعِشْرُونَ جَذَعَة مقسطة على ثَلَاث سِنِين يَسْتَوِي فِي أَدَائِهَا أقرباء الْمُدعى عَلَيْهِم الْأَقَارِب والأباعد حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخِره مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ فِيمَا فِيهِ الْخلاف من ذَلِك وَفِي السَّبَب الَّذِي يملك بِهِ أَوْلِيَاء الْمَقْتُول الْقسَامَة مَا هُوَ وبمن يبْدَأ بأيمانهم من المدعين وَالْمُدَّعى عَلَيْهِم وَفِي الدِّيَة ووجوبها حَالَة أَو مقسطة وَبعد اسْتِيفَاء الشَّرَائِط الشَّرْعِيَّة وَاعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره شرعا ويكمل على نَحْو مَا سبق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 243 صُورَة الْقسَامَة على مَذْهَب الإِمَام مَالك رَحمَه الله تَعَالَى والبداءة عِنْده بأيمان المدعين وَتَعْيِين المدعين وَاحِدًا أَو جمَاعَة أَنه قتل قتيلهم عمدا ظلما وعدوانا وَوُجُوب الْقود والعدول إِلَى الدِّيَة برضى المدعين وَالْمُدَّعى عَلَيْهِم حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ الْمَالِكِي فلَان وَفُلَان وَادّعى الْحَاضِر الأول على الْحَاضِر الثَّانِي لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَنه قتل مُوَرِثه فلَانا عمدا ظلما وعدوانا أَو يَقُول إِن مُوَرِثه فلَانا أشهد عَلَيْهِ قبل مَوته فِي حَال جَوَاز الْإِشْهَاد عَلَيْهِ شرعا وَهُوَ حر بَالغ مُسلم أَنه قَالَ اشْهَدُوا عَليّ أَن دمي عِنْد فلَان وَهُوَ الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور أَو يكون الْمَقْتُول قد مَاتَ وَيَدعِي وَارثه أَن هَذَا قتل مورثي أَو أَنه وجد فِي مَكَان خَال من النَّاس وَالْمُدَّعى عَلَيْهِ وَاقِف على رَأسه رَافع السِّلَاح مخضب بالدماء أَو يَقُول فَادّعى عَلَيْهِ الْوَارِث وَذكر أَن لَهُ بَيِّنَة شَرْعِيَّة تشهد أَنه جرحه وَأَنه عَاشَ بعد ذَلِك وَأكل وَشرب ثمَّ مَاتَ أَو يَقُول وَادّعى أَنه لما التقى الفئتان وانفصلتا فَوجدَ مورثي قَتِيلا بَينهمَا وَقد عينت هَذِه الدَّعْوَى عَلَيْهِ بِالْقَتْلِ وَسَأَلَ سُؤَاله عَن ذَلِك فَسَأَلَهُ الْحَاكِم فَأجَاب بالإنكار فَذكر الْمُدَّعِي أَن لَهُ بَيِّنَة تشهد لَهُ أَن مُوَرِثه أشهد عَلَيْهِ قبل مَوته بالتدمية وَأَنه قَالَ دمي عِنْد فلَان أَو تشهد أَنهم رَأَوْا الْمَقْتُول فِي مَكَان خَال من النَّاس وَأَن هَذَا الْمُدعى عَلَيْهِ وَاقِف على رَأسه رَافع السِّلَاح مخضب بالدماء أَو غير ذَلِك مِمَّا تقدم ذكره من الْأَسْبَاب وَسَأَلَ الْإِذْن فِي إحضارها فَأذن لَهُ الْحَاكِم فأحضرهم وهم فلَان وَفُلَان وَفُلَان فَشَهِدُوا لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ بذلك وَسمع الْحَاكِم شَهَادَتهم وَقبلهَا وَأوجب على الْمُدَّعِي خمسين يَمِينا أَن الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور عمد إِلَى مُوَرِثه وَقَتله عمدا ظلما وعدوانا فبذل الْيَمين وَحلف خمسين يَمِينا بِاللَّه الْعَظِيم الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ عَالم الْغَيْب وَالشَّهَادَة الرَّحْمَن الرَّحِيم أيمانا شَرْعِيَّة مستوفاة جَامِعَة لمعاني الْحلف شرعا أَن هَذَا الْحَاضِر عمد إِلَى مُوَرِثه وَقَتله ظلما وعدوانا بِغَيْر حق وَسَأَلَ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور عَن دَافع شَرْعِي فَلم يَأْتِ بدافع فَحِينَئِذٍ سَأَلَ الْمُدَّعِي الْمَذْكُور الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الحكم عَلَيْهِ بِالْقصاصِ فَسَأَلَ الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور الْعُدُول إِلَى الدِّيَة فَأَجَابَهُ الْمُدَّعِي إِلَى ذَلِك فوداه بِمِائَة من الْإِبِل من ثَلَاثَة أَسْنَان ثَلَاثُونَ حقة وَثَلَاثُونَ جَذَعَة وَأَرْبَعُونَ خلفة فِي بطونها أَوْلَادهَا وأحضر ذَلِك إِلَيْهِ وَسلمهُ إِيَّاه فتسلمه كتسلم مثله لمثل ذَلِك ويكمل على نَحْو مَا سبق مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ وَإِن رد الْمُدَّعِي الْأَيْمَان على الْمُدعى عَلَيْهِ فَإِن حلف خمسين يَمِينا أَنه مَا قَتله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 244 وَلَا علم لَهُ قَاتلا برىء وَإِن نكل عَن الْيَمين لَزِمته الدِّيَة فِي مَاله وَلَا يلْزم الْعَاقِلَة شَيْء لِأَن النّكُول عِنْده كالاعتراف والعاقلة لَا تحمل الِاعْتِرَاف وَذَلِكَ إِذا كَانَ الْقَتْل خطأ كَمَا تقدم صُورَة الْقسَامَة على مَذْهَب الإِمَام الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ الشَّافِعِي فلَان وَفُلَان وَادّعى الْحَاضِر الأول على الثَّانِي لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَن مُوَرِثه وجد قَتِيلا فِي قَرْيَة الْمُدعى عَلَيْهِ أَو فِي محلته وَأَنه كَانَ بَينهمَا عَدَاوَة ظَاهِرَة لَا يُشَارِكهُ غَيره فِيهَا وَأَن ذَلِك بِمُقْتَضى وجود الشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورين لوث وَسَأَلَ سُؤَاله عَن ذَلِك فَسَأَلَهُ الْحَاكِم عَن ذَلِك فَأجَاب بالإنكار فَذكر الْمُدَّعِي الْمَذْكُور أَن لَهُ بَيِّنَة تشهد لَهُ بذلك وَسَأَلَ الْإِذْن فِي إحضارها فَأذن لَهُ الْحَاكِم فأحضر الْمُدَّعِي الْمَذْكُور جمَاعَة من الْمُسلمين وهم فلَان وَفُلَان وَفُلَان فَشَهِدُوا عِنْد الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَن الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور كَانَ بَينه وَبَين مورث الْمُدَّعِي الْمَذْكُور عَدَاوَة ظَاهِرَة لَا يُشَارِكهُ غَيره فِيهَا ثمَّ أحضر بَيِّنَة أُخْرَى وهم فلَان وَفُلَان وَفُلَان فَشَهِدُوا لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَن الْمُدَّعِي الْمَذْكُور وَهُوَ فلَان وجد قَتِيلا فِي محلّة الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور أَو قريته وَسمع الْحَاكِم شَهَادَتهم وَقبلهَا لما رأى مَعَه قبُولهَا شرعا وَتبين أَن ذَلِك لوث عِنْده اسْتحق الْمُدَّعِي بذلك الْقسَامَة الشَّرْعِيَّة وَاسْتِحْقَاق الدِّيَة وَأَن مذْهبه اقْتضى أَن الْمُدَّعِي يبْدَأ فَيحلف خمسين يَمِينا بِاللَّه الْعَظِيم الْأَيْمَان الشَّرْعِيَّة الجامعة لمعاني الْحلف شرعا أَن الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور قتل مُوَرِثه الْمَذْكُور وَأَنه ضربه بِسيف أَو بِكَذَا فَمَاتَ مِنْهُ وَأَنه كَانَ بَينهمَا عَدَاوَة ظَاهِرَة لَا يُشَارِكهُ غَيره مَعَه فِيهَا فَحلف على ذَلِك كَذَلِك وَلما استوفيت الْأَيْمَان الشَّرْعِيَّة مِنْهُ على الْوَجْه المشروح أَعْلَاهُ وَثَبت ذَلِك جَمِيعه عِنْد الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ أعلم الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور أَن الْمُدَّعِي الْمَذْكُور اسْتوْجبَ الدِّيَة فَعِنْدَ ذَلِك سَأَلَ الْمُدَّعِي الْمَذْكُور الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الحكم لَهُ بدية قتيله على مُقْتَضى مذْهبه ومعتقد مقلده وَهِي مائَة من الْإِبِل من ثَلَاثَة أَسْنَان ثَلَاثُونَ حقة وَثَلَاثُونَ جَذَعَة وَأَرْبَعُونَ خلفة فِي بطونها أَوْلَادهَا فَذكر الْمُدَّعِي الْمَذْكُور أَن الْإِبِل غير مَوْجُودَة الْآن هَهُنَا وَأَنَّهَا أعوزت وَسَأَلَ الْعُدُول عَنْهَا إِلَى الدَّرَاهِم فَأجَاب الْمُدَّعِي الْمَذْكُور إِلَى ذَلِك وَسَأَلَ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الحكم لَهُ بدية قتيله بِاثْنَيْ عشر ألف دِرْهَم عِنْد إعواز الْإِبِل وَعدم وجودهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 245 فَإِن كَانَ أقسم على قتل الْعمد حكم للْمُدَّعِي بِالدِّيَةِ فِي مَال الْمُدعى عَلَيْهِ وَإِن كَانَ أقسم على شبه الْعمد أَو الْخَطَأ حكم بِالدِّيَةِ على الْعَاقِلَة وَيَقُول فَأَجَابَهُ إِلَى سُؤَاله وَحكم لَهُ بذلك لجوازه عِنْده شرعا حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخِره مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ وَإِن كَانَ أقسم على قتل الْعمد فَيَقُول وَحكم لَهُ بذلك فِي مَال الْمُدعى عَلَيْهِ وَإِن كَانَ أقسم على شبه الْعمد أَو الْخَطَأ فَيَقُول وَحكم لَهُ بذلك على عَاقِلَة الْمُدعى عَلَيْهِ وهم أَقَاربه على تَرْتِيب الْمِيرَاث فَإِن لم يقدر على تحملهَا الْأَقَارِب حمل مَعَهم الأباعد بقسطهم فِي ثَلَاث سِنِين على كل مِنْهُم ربع دِينَار ويكمل على نَحْو مَا سبق وَصُورَة الدَّعْوَى فِي ذَلِك على مَذْهَب الإِمَام أَحْمد رَحمَه الله تَعَالَى حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ الْحَنْبَلِيّ فلَان وَفُلَان وَادّعى الْحَاضِر الثَّانِي لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَو أحضر مَعَه جمَاعَة وَيذكر أَسْمَاءَهُم وَإِن كَانَ المدعون جمَاعَة فيذكر أَسْمَاءَهُم وَادّعى عَلَيْهِ أَو وَادعوا عَلَيْهِم لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ وَيذكر نوعا من الْأَنْوَاع الْمُوجبَة للقسامة عِنْد أَحْمد مثل أَن يكون اللوث الْعَدَاوَة الظَّاهِرَة والعصبية كَمَا بَين الْقَبَائِل إِذا طَالب بَعضهم بَعْضًا بِالدَّمِ أَو يكون اللوث مَا بَين أهل الْبَغي وَأهل الْعدْل وَهُوَ اخْتِيَار عَامَّة أَصْحَابه أَو يُوجد قَتِيل فِي صحراء بادية وَعِنْده رجل بِسيف مُجَرّد ملطخ بِالدَّمِ وَمثله يقتل أَو يَجِيء شُهُود من فساق وَنسَاء وصبيان أَن فلَانا قتل فلَانا أَو يشْهد بِهِ رجل وَاحِد عدل أَو يدْخل قوم دَارا فَيَتَفَرَّقُونَ عَن قَتِيل ثمَّ يَقُول وَسَأَلَ سُؤَاله عَن ذَلِك فَسَأَلَهُ الْحَاكِم فَأجَاب بالإنكار فَإِن كَانَ قد ادّعى أَنه كَانَ بَينه وَبَين الْمَقْتُول عَدَاوَة ظَاهِرَة أَقَامَ الْبَيِّنَة كَمَا تقدم وَكَذَلِكَ إِذا كَانَ الْمُدعى عَلَيْهِ من أهل الْبَغي والقتيل من أهل الْعدْل ثمَّ يُقيم الْبَيِّنَة أَنه وجد قَتِيلا فِي الصَّحرَاء وَعِنْده هَذَا الرجل مُجَرّد سَيْفه وَهُوَ ملطخ بالدماء أَو غير ذَلِك مِمَّا تقدم ذكره من أَسبَاب اللوث عِنْد أَحْمد رَحمَه الله تَعَالَى ثمَّ يَقُول عرف الْحَاكِم الشُّهُود وَسمع شَهَادَتهم وَقبلهَا بِمَا رأى مَعَه قبُولهَا وَثَبت عِنْد السَّبَب الْمُوجب للقسامة الثُّبُوت الشَّرْعِيَّة وَاسْتحق الْمُدَّعِي الْقسَامَة على الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور وَهُوَ أَن يحلف الْمُدَّعِي خمسين يَمِينا شَرْعِيَّة جَامِعَة لمعاني الْحلف شرعا فَعرض الْأَيْمَان على الْمُدَّعِي أَو على المدعين فَأَجَابُوا إِلَيْهَا وبذلوا الْأَيْمَان بعد أَن أوجبهَا عَلَيْهِم بِالْحِسَابِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 246 فَإِن كَانُوا خَمْسَة حلف كل وَاحِد مِنْهُم عشرَة أَيْمَان وَإِن كَانُوا ثَلَاثَة حلف كل وَاحِد سبع عشرَة يَمِينا وجبر الْكسر ثمَّ يَقُول وَلما استوفيت الْأَيْمَان الشَّرْعِيَّة الْمُعْتَبرَة شرعا سَأَلَ الْمُدَّعِي الْحَالِف الْمَذْكُور أَو المدعون الحالفون الحكم لَهُم على الْمُدعى عَلَيْهِ أَو على الْمُدعى عَلَيْهِم بدية الْعمد فِي مَالهم هَذَا إِذا كَانَ عمدا وَإِن كَانَ خطأ فعلى عَاقِلَة الْمُدعى عَلَيْهِ أَو الْمُدعى عَلَيْهِم فاستخار الله وَحكم لَهُ أَوَّلهمْ بذلك مقسطة على الْعَاقِلَة فِي ثَلَاث سِنِين وَإِن كَانَ عمدا فَفِي مَالهم حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخِره ويكمل على نَحْو مَا سبق تَنْبِيه الْبَعِير فِي أول سنه يُسمى حوار وَفِي الثَّانِيَة ابْن مَخَاض لِأَن أمه فِي الثَّانِيَة فِيهَا من الْمَخَاض وَهن الْحَوَامِل فنسب إِلَيْهَا وَوَاحِد الْمَخَاض خلفة من غير لَفظهَا ثمَّ ابْن لبون فِي الثَّالِثَة لِأَن أمه فِيهَا تكون ذَات لبن ثمَّ حق فِي الرَّابِعَة يُقَال سمي بذلك لاستحقاقه أَن يحمل عَلَيْهِ ثمَّ جذع فِي السّنة الْخَامِسَة ثمَّ يلقِي ثنيته فِي السَّادِسَة فَهُوَ ثنى ثمَّ يلقِي رباعيته فِي السَّابِعَة فَهُوَ رباع ثمَّ يلقِي السن الَّتِي بعد الرّبَاعِيّة فَهُوَ سداس وسديس وَذَلِكَ فِي الثَّامِنَة ثمَّ يفْطر نابه فِي التَّاسِعَة فَهُوَ باذل فَإِذا أَتَى عَلَيْهِ عَام بعد ذَلِك فَهُوَ مخلف وَلَيْسَ لَهُ اسْم بعد الإخلاف وَلَكِن يُقَال مخلف عَام ومخلف عَاميْنِ وَمَا زَاد فعلى ذَلِك ثمَّ لَا يزَال على ذَلِك حَتَّى يكون عودا إِذا هرم فَإِذا انْتهى هرمه فَهُوَ بنت وَالْأُنْثَى أَب وَقَالَ أَبُو زيد الْمُؤَنَّث فِي هَذِه الْأَسْنَان بهاء تلْحق آخِره إِلَّا السديس والسداس والبازل فَإِن هَؤُلَاءِ بِغَيْر هَاء وَقَالَ الْكسَائي النَّاقة مخلف أَيْضا بِغَيْر هَاء وَأما أَسْنَان الْإِنْسَان فعدتها اثْنَان وَثَلَاثُونَ سنا أَربع ثنايا وَأَرْبع رباعيات والواحدة ربَاعِية مُخَفّفَة وَأَرْبع أَنْيَاب وَأَرْبَعَة ضواحك واثنتا عشرَة رحى ثَلَاث فِي كل شقّ وَأَرْبع نواجذ وَهِي أقصاها قَالَ أَبُو زيد لكل ذِي ظلف وخف ثنيتان من أَسْفَل فَقَط وَلِذِي الْحَافِر وَالسِّبَاع كلهَا أَربع ثنايا وَلِذِي الْحَافِر بعد الثنايا أَربع رباعيات وَأَرْبع قوارح وَأَرْبَعَة أَنْيَاب وَثَمَانِية أضراس وَصُورَة مَا إِذا قبض الْمُسْتَحق الدِّيَة قسط كل سنة من الْعَاقِلَة أشهد عَلَيْهِ فلَان أَنه قبض وتسلم من عَاقِلَة فلَان كَذَا وَكَذَا بِالسَّبَبِ الَّذِي سيعين فِيهِ وَهُوَ أَن فلَانا الْفُلَانِيّ ثَبت عَلَيْهِ قتل فلَان مورث الْقَابِض الْمَذْكُور خطأ أَو شبه عمد بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ وتحملت الْعَاقِلَة الْمَذْكُورَة الدِّيَة وَالْقدر الْمَذْكُور هُوَ الْوَاجِب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 247 على الْعَاقِلَة الْمَقْبُوض مِنْهُم الْمَذْكُورين فِيهِ للسّنة الأولى وَآخِرهَا كَذَا وَكَذَا فَمن ذَلِك مَا قَبضه من فلَان كَذَا وَمَا قَبضه من فلَان كَذَا وَمَا قَبضه من فلَان كَذَا قبضا شَرْعِيًّا وتصادقوا على ذَلِك كُله تَصَادقا شَرْعِيًّا وَكَذَلِكَ يفعل فِي كل سنة فَإِذا تغلق ذَلِك كتب آخر الْقَبْض فِي السّنة الثَّالِثَة إِقْرَارا بِعَدَمِ اسْتِحْقَاق وَبَرَاءَة شَامِلَة وَيَقُول فِي الْإِقْرَار وَلَا قصاص ولَايَة وَلَا خطأ وَلَا عمد وَلَا شبه عمد كَمَا تقدم ذكره فِي كتاب الْإِقْرَار وَصُورَة مَا إِذا عَفا الْوَارِث على الدِّيَة من غير قصاص واعترف الْقَاتِل أَن الدِّيَة بَاقِيَة فِي ذمَّته أشهد عَلَيْهِ فلَان وَارِث فلَان أَنه أَبْرَأ فلَانا الَّذِي بَاشر قتل مُوَرِثه فلَان قتلا عمدا أزهق بِهِ روحه من قبل تَارِيخه من غير حق وَلَا مُوجب إِبْرَاء شَرْعِيًّا مقسطا للْقصَاص وَرَضي بِأخذ الدِّيَة الشَّرْعِيَّة وَهِي مائَة من الْإِبِل مُغَلّظَة فِي مَال الْجَانِي من ثَلَاثَة أَسْنَان ثَلَاثُونَ حقة وَثَلَاثُونَ جَذَعَة وَأَرْبَعُونَ خلفة فِي بطونها أَوْلَادهَا حَالَة وَذَلِكَ بِحُضُور فلَان الْقَاتِل الْمَذْكُور وتصديقه على ذَلِك واعترافه أَن الدِّيَة الْمَذْكُورَة بَاقِيَة فِي ذمَّته لفُلَان الْمَذْكُور بِالسَّبَبِ الْمعِين أَعْلَاهُ إِلَى تَارِيخه لم تَبرأ ذمَّته من ذَلِك وَلَا من شَيْء مِنْهُ إِلَى الْآن وَأَن الْكَفَّارَة فِي ذمَّته وَعَلِيهِ الْخُرُوج من ذَلِك على الْوَجْه الشَّرْعِيّ وَإِن كَانَ الْقَتْل خطأ فيفعل فِيهِ كَذَلِك وَلَكِن الدِّيَة مخمسة كَمَا تقدم إِلَّا أَن يكون الْقَتْل فِي الْحرم أَو فِي شهر حرَام أَو محرما ذَا رحم فَتكون مُثَلّثَة وَكَذَلِكَ فِي شبه الْعمد وَقد تقدم فِي هَذَا الْمَعْنى مَا فِيهِ كِفَايَة وَصُورَة مَا إِذا وَجَبت غرَّة فِي جَنِين ظَهرت فِيهِ صُورَة آدَمِيّ أَو قَالَت القوابل إِن فِيهِ صُورَة آدَمِيّ أَو قُلْنَ لَو بَقِي لتصور وَإِذا شككن لم تجب قطعا وَإِنَّمَا تكمل الْغرَّة فِي جَنِين حكم بحريَّته وإسلامه تبعا لأحد أَبَوَيْهِ وَفِي جَنِين يَهُودِيّ أَو نَصْرَانِيّ ثلث غرَّة مُسلم وَفِي مَجُوسِيّ ثلثا عشرهَا والغرة عبد أَو أمة سليمَة من الْعَيْب وَيجْبر الْمُسْتَحق على قبُوله من كل نوع لَا من خصي وَخُنْثَى وَكَافِر وَإِن رَضِي بِالْعَيْبِ جَازَ وَهِي لوَرَثَة الْجَنِين إِذا اتفقَا عَلَيْهَا وتسلمها الْمُسْتَحق كتب أشهد عَلَيْهِ فلَان أَنه قبض وتسلم من فلَان كَذَا وَكَذَا بِالسَّبَبِ الَّذِي سيعين فِيهِ وَهُوَ أَن فلَانا المقبض الْمَذْكُور جنى على حمل فُلَانَة فأجهضت جَنِينا فِيهِ صُورَة آدَمِيّ أَو قَالَ القوابل التقيات الأمينات أَن فِيهِ صُورَة آدَمِيّ أَو قُلْنَ لَو بَقِي لتصور وَأَنه وَجب عَلَيْهِ بذلك الْغرَّة وَهُوَ الْقدر الْمَقْبُوض فِيهِ يسْتَحقّهُ الْقَابِض الْمَذْكُور أَعْلَاهُ استحقاقا شَرْعِيًّا بتصادقهما على ذَلِك التصادق الشَّرْعِيّ ويذيل بِإِقْرَار بِعَدَمِ اسْتِحْقَاق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 248 وَبَرَاءَة شَامِلَة كَمَا تقدم وَإِن حصل ذَلِك وتنازعا فِيهِ وترافعا إِلَى حَاكم شَرْعِي وَادّعى بِهِ عِنْده وَوَقع الْإِنْكَار من الْجَانِي فتقام الْبَيِّنَة بِاسْتِحْقَاق الْوَارِث وَصفَة الْجَنِين ويعذر للْمُدَّعى عَلَيْهِ وَيحلف الْمُدَّعِي على وفْق مَا شهِدت بِهِ الْبَيِّنَة وَيَقَع التشخيص وَحكم الْحَاكِم ويكمل على نَحْو مَا سبق وَصُورَة الدَّعْوَى فِي الْقَتْل بِالسحرِ حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ فلَان وَفُلَان وَادّعى الْحَاضِر الأول على الْحَاضِر الثَّانِي أَنه قتل فلَانا بسحره وَأَن سحره مِمَّا يقتل غَالِبا وَسَأَلَ سُؤَاله عَن ذَلِك فَسَأَلَهُ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ فَإِن أجَاب بالاعتراف فَلَا كَلَام وَيفْعل مَعَه فِي ذَلِك مُقْتَضَاهُ شرعا وَإِن أجَاب بالإنكار فيقيم الْبَيِّنَة على إِقْرَاره وَصفَة مَا يشْهد بِهِ الشُّهُود أَنه أقرّ أَنه قتل فلَانا الْمَذْكُور مورث الْمُدَّعِي الْمَذْكُور بسحره وسحره مِمَّا يقتل غَالِبا وَأَن فلَانا الْمَذْكُور توفّي وَلم يخلف وَارِثا سوى الْمُدَّعِي الْمَذْكُور فَقبل الْحَاكِم شَهَادَتهم لما رأى مَعَه قبُولهَا شرعا ثمَّ اسْتحْلف الْمُدَّعِي الْمَذْكُور فَحلف بِاللَّه الْعَظِيم عَالم الْغَيْب وَالشَّهَادَة الرَّحْمَن الرَّحِيم يَمِينا شَرْعِيَّة جَامِعَة لمعاني الْحلف شرعا أَن دَعْوَاهُ الْمَذْكُورَة صَحِيحَة وَأَن الْمُدعى عَلَيْهِ أقرّ أَنه قتل مُوَرِثه الْمَذْكُور بسحره وَأَن سحره مِمَّا يقتل غَالِبا وَأَنه مَا أَبرَأَهُ من ذَلِك وَلَا من شَيْء مِنْهُ وَأَنه يسْتَحق عَلَيْهِ الْقصاص بذلك وَأَن من شهد لَهُ بذلك صَادِق فِي شَهَادَته وَلما تَكَامل ذَلِك سَأَلَ الْمُدَّعِي الْمَذْكُور الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الْإِشْهَاد على نَفسه الْكَرِيمَة بِثُبُوت مَا قَامَت بِهِ الْبَيِّنَة الشَّرْعِيَّة عِنْده فِيهِ وَاسْتِيفَاء الْقصاص الشَّرْعِيّ من الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور الِاسْتِيفَاء الشَّرْعِيّ فأعذر للْمُدَّعى الْمَذْكُور فاعترف بِعَدَمِ الدَّافِع والمطعن لذَلِك ولشيء مِنْهُ الِاعْتِرَاف الشَّرْعِيّ وَثَبت اعترافه لَدَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّة وَأجَاب السَّائِل إِلَى سُؤَاله وَأشْهد على نَفسه الْكَرِيمَة بِثُبُوت ذَلِك عِنْده ثبوتا صَحِيحا شَرْعِيًّا وَحكم أيد الله أَحْكَامه بِمُوجب ذَلِك حكما شَرْعِيًّا تَاما مُعْتَبرا مرضيا مسؤولا فِيهِ مُسْتَوْفيا شَرَائِطه الشَّرْعِيَّة وَاعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره شرعا من تشخيص الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعى عَلَيْهِ وَمَعْرِفَة الْمَقْتُول الْمعرفَة الشَّرْعِيَّة مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ وَأذن للْمُدَّعِي الْمَذْكُور فِي اسْتِيفَاء الْقصاص من الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور إِذْنا شَرْعِيًّا ويكمل وَهَذَا الْقَاتِل يقتل بِالسَّيْفِ فصل السَّاحر من أهل الْكتاب هَل يقتل أم لَا قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد لَا يقتل وَقَالَ أَبُو حنيفَة يقتل كَمَا يقتل السَّاحر الْمُسلم وَهل حكم الساحرة الْمسلمَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 249 حكم الرجل السَّاحر الْمُسلم قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد حكمهَا حكم الرجل وَقَالَ أَبُو حنيفَة تحبس وَلَا تقتل 4 - فصل من الْحُدُود الْمرتبَة على الْجِنَايَات الرِّدَّة وَهِي قطع الْإِسْلَام بنية أَو قَول كفر أَو فعل سَوَاء قَالَه استهزاء أَو عنادا أَو اعتقادا وَاتفقَ الْأَئِمَّة رَحِمهم الله تَعَالَى على أَن من ارْتَدَّ عَن الْإِسْلَام وَجب عَلَيْهِ الْقَتْل وَاخْتلفُوا هَل يتحتم قَتله فِي الْحَال أم يُوقف على استتابته وَهل استتابته وَاجِبَة أم مُسْتَحبَّة وَإِذا استتيب فَلم يتب هَل يُمْهل أم لَا فَقَالَ أَبُو حينفة لَا تجب استتابته وَيقتل فِي الْحَال إِلَّا أَن يطْلب الْإِمْهَال فيمهل ثَلَاثًا وَمن أَصْحَابه من قَالَ وَإِن لم يطْلب الْإِمْهَال اسْتِحْبَابا وَقَالَ مَالك تجب استتابته فَإِن تَابَ فِي الْحَال قبلت تَوْبَته وَإِن لم يتب أمْهل ثَلَاثًا لَعَلَّه يَتُوب فَإِن تَابَ وَإِلَّا قتل وَللشَّافِعِيّ فِي وجوب الاستتابة قَولَانِ أظهرهمَا الْوُجُوب وَعنهُ رَضِي الله عَنهُ فِي الْإِمْهَال قَولَانِ أظهرهمَا أَنه لَا يُمْهل وَإِن طلب بل يقتل فِي الْحَال إِذا أصر على ردته وعَلى أَحْمد رِوَايَتَانِ أظهرهمَا كمذهب مَالك وَالثَّانيَِة لَا تجب الاستتابة وَأما الْإِمْهَال فَإِنَّهُ يخْتَلف مذْهبه فِي وُجُوبه ثَلَاثًا وَهل الْمُرْتَد كالمرتدة أم لَا قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد الرجل وَالْمَرْأَة فِي حكم الرِّدَّة سَوَاء وَقَالَ أَبُو حنيفَة تحبس الْمَرْأَة وَلَا تقتل وَهل تصح ردة الصَّبِي أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة تصح وَقَالَ الشَّافِعِي لَا تصح ردة الصَّبِي وَرُوِيَ مثل ذَلِك عَن أَحْمد وَاتَّفَقُوا على أَن الزنديق وَهُوَ الَّذِي يسر الْكفْر وَيظْهر الْإِسْلَام يقتل ثمَّ اخْتلفُوا فِي قبُول تَوْبَته إِذا تَابَ فَقَالَ أَبُو حنيفَة فِي أظهر روايتيه وَهُوَ الْأَصَح من خَمْسَة أوجه لأَصْحَاب الشَّافِعِي تقبل تَوْبَته وَقَالَ مَالك وَأحمد يقتل وَلَا يُسْتَتَاب وَرُوِيَ عَن أبي حنيفَة مثل ذَلِك المصطلح وَفِيه صُورَة مَا إِذا وَقع شخص فِي كفر وَاحْتَاجَ إِلَى الحكم بِإِسْلَامِهِ وحقن دَمه عِنْد الشَّافِعِي وَعند من يرى قبُول تَوْبَته الجزء: 2 ¦ الصفحة: 250 بَين يَدي سيدنَا فلَان الدّين الشَّافِعِي أَو الْحَنَفِيّ ادّعى فلَان بطرِيق الْحِسْبَة لما فِيهِ من حق الله تَعَالَى وَحقّ رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقصد الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر على فلَان أَنه فِي يَوْم تَارِيخه أَو فِي أمس تَارِيخه أَو فِي الْوَقْت الْفُلَانِيّ قَالَ بِصَرِيح لَفظه كَذَا وَكَذَا وَيذكر لفظ الْمُكَفّر الَّذِي وَقع فِيهِ بِحُرُوفِهِ على سَبِيل الْحِكَايَة عَنهُ فِي الدَّعْوَى عَلَيْهِ من غير إخلال بِشَيْء مِمَّا تلفظ بِهِ ثمَّ يَقُول وَسَأَلَ سُؤَاله عَن ذَلِك فبادر الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور على الْفَوْر وَقَالَ بِصَرِيح لَفظه أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله وَأَنا مُسلم وَأَنا بَرِيء من كل دين يُخَالف دين الْإِسْلَام وَأَنا بَرِيء مِمَّا نسب إِلَيّ وَمِمَّا ادعِي بِهِ عَليّ وَمن كل جُزْء مِنْهُ مُوجب للتكفير أَو الرِّدَّة ثمَّ يَقُول وَلما تلفظ الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور بذلك بَين يَدي سيدنَا الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ وَثَبت تلفظه بِهِ لَدَيْهِ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّة سَأَلَ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ سَائل شَرْعِي الحكم لَهُ بِإِسْلَامِهِ وحقن دَمه وَإِسْقَاط التعزيرات عَنهُ وَقبُول تَوْبَته على مُقْتَضى مذْهبه الشريف واعتقاد مقلده فاستخار الله كثيرا واتخذه هاديا ونصيرا وَأجَاب السَّائِل إِلَى سُؤَاله وَحكم أيد الله أَحْكَامه وسدد نقضه وإبرامه بِصِحَّة إِسْلَام الْمُدَّعِي الْمَذْكُور وحقن دَمه وَقبُول تَوْبَته وَإِسْقَاط التعزيرات عَنهُ وَمنع من يتَعَرَّض لَهُ أَو ينْسب إِلَيْهِ مَا يَقْتَضِي الْكفْر حكما صَحِيحا شَرْعِيًّا تَاما مُعْتَبرا مرضيا مسؤولا فِيهِ مُسْتَوْفيا شَرَائِطه الشَّرْعِيَّة مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ مُسْتَندا فِي حكمه الْمَذْكُور لنَصّ مذْهبه الشريف واعتقاد مقلده إِمَام الْأَئِمَّة الْحجَّة مُحَمَّد بن إِدْرِيس الشَّافِعِي المطلبي رَضِي الله عَنهُ وأرضاه وَجعل الْجنَّة متقلبه ومثواه المسطر فِي الْأُم قَالَ الإِمَام الشَّافِعِي ادّعى على رجل أَنه ارْتَدَّ وَهُوَ مُسلم لم أكشف عَن الْحَال وَقلت قل أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنَّك بَرِيء من كل دين يُخَالف دين الْإِسْلَام انْتهى وَمَا أفتى بِهِ الشَّيْخ الإِمَام الْعَلامَة شيخ الْإِسْلَام تَقِيّ الدّين السُّبْكِيّ وَذكره فِي فَتَاوِيهِ وَهُوَ قَوْله مَسْأَلَة هَل يجوز للْحَاكِم الشَّافِعِي أَن يحكم بِإِسْلَام شخص وعصمة دَمه وَإِسْقَاط التَّعْزِير عَنهُ وَمنع من يتَعَرَّض لَهُ إِذا نسب إِلَيْهِ مَا يَقْتَضِي الْكفْر وَلم تأت عَلَيْهِ بَيِّنَة وَهل يحْتَاج إِلَى اعترافه بصدور القَوْل مِنْهُ أجَاب رَحمَه الله تَعَالَى أَنه يجوز للْحَاكِم الشَّافِعِي الَّذِي يرى قبُول التَّوْبَة إِذا تلفظ الرجل بَين يَدَيْهِ بِكَلِمَة الْإِسْلَام وَطلب مِنْهُ الحكم لَهُ وَقد ادّعى عَلَيْهِ بِخِلَافِهِ أَن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 251 يحكم للمذكور بِإِسْلَامِهِ وعصمة دَمه وَإِسْقَاط التَّعْزِير عَنهُ وَلَا يتَوَقَّف ذَلِك على اعترافه فَإِنَّهُ قد يكون بَرِيئًا فِي نفس الْأَمر وإلجاؤه إِلَى الِاعْتِرَاف على نَفسه بِخِلَاف مَا وَقع إِنَّمَا يحكم القَاضِي بِإِسْلَامِهِ مُسْتَندا إِلَى مَا سَمعه مِنْهُ من كلمة الْإِسْلَام العاصمة للدم المبقية للمهجة الماحية لما قبلهَا وَيمْنَع بِحكمِهِ ذَلِك من ادّعى عَلَيْهِ بِخِلَاف مَا يُنَافِي ذَلِك وَمن التَّعَرُّض لَهُ بِمَا يَقْتَضِي الْكفْر وَأشْهد على نَفسه الْكَرِيمَة بذلك فِي تَارِيخ كَذَا وَيكْتب الْحَاكِم التَّارِيخ والحسبلة بِخَطِّهِ على الْعَادة انْتهى وَالله أعلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 252 كتاب الْأَيْمَان وَمَا يتَعَلَّق بهَا من الْأَحْكَام الأَصْل فِي انْعِقَاد الْيَمين الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع أما الْكتاب فَقَوله تَعَالَى {لَا يُؤَاخِذكُم الله بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُم وَلَكِن يُؤَاخِذكُم بِمَا عقدتم الْأَيْمَان فكفارته إطْعَام عشرَة مَسَاكِين من أَوسط مَا تطْعمُونَ أهليكم أَو كسوتهم أَو تَحْرِير رَقَبَة فَمن لم يجد فَصِيَام ثَلَاثَة أَيَّام ذَلِك كَفَّارَة أَيْمَانكُم إِذا حلفتم واحفظوا أَيْمَانكُم كَذَلِك يبين الله لكم آيَاته لَعَلَّكُمْ تشكرون} وَقَوله تَعَالَى {إِن الَّذين يشْتَرونَ بِعَهْد الله وَأَيْمَانهمْ ثمنا قَلِيلا أُولَئِكَ لَا خلاق لَهُم فِي الْآخِرَة وَلَا يكلمهم الله وَلَا ينظر إِلَيْهِم يَوْم الْقِيَامَة وَلَا يزكيهم وَلَهُم عَذَاب أَلِيم} وَأما السّنة فَروِيَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وَالله لأغزون قُريْشًا وَالله لأغزون قُريْشًا وَالله لأغزون قُريْشًا إِن شَاءَ الله وروى ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ كثيرا مَا يحلف لَا ومقلب الْقُلُوب بلَى ومقلب الْقُلُوب وأجمعت الْأمة على انْعِقَاد الْيَمين وَالْيَمِين تَنْعَقِد من كل بَالغ عَاقل مُخْتَار قَاصد إِلَى الْيَمين فَأَما الصَّبِي وَالْمَجْنُون والنائم فَلَا تَنْعَقِد أَيْمَانهم لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رفع الْقَلَم عَن ثَلَاث عَن الصَّبِي حَتَّى يبلغ وَعَن النَّائِم حَتَّى يَسْتَيْقِظ وَعَن الْمَجْنُون حَتَّى يفِيق وَلَا تَنْعَقِد يَمِين الْمُكْره لما روى أَبُو أُمَامَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَيْسَ على مقهور يَمِين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 253 وَأما لَغْو الْيَمين فَلَا تَنْعَقِد وَهُوَ الَّذِي سبق لِسَانه إِلَى الْحلف بِاللَّه من غير أَن يقْصد الْيَمين أَو قصد أَن يحلف بِاللَّه لَا أفعل كَذَا فَسبق لِسَانه وَحلف بِاللَّه ليفعلن كَذَا والأيمان على ضَرْبَيْنِ أَحدهمَا يَمِين تقع فِي خُصُومَة وَالثَّانِي يَمِين تقع فِي غير خُصُومَة فَأَما الَّتِي تقع فِي خُصُومَة فعلى ضَرْبَيْنِ أَحدهمَا يَمِين يَقع جَوَابا وَهِي يَمِين الْمُنكر وَالثَّانيَِة يَمِين اسْتِحْقَاق وَهِي فِي خمس مسَائِل أَولهَا اللّعان ثَانِيهَا الْقسَامَة ثَالِثهَا الْيَمين مَعَ الشَّاهِد فِي الْأَمْوَال والنكول خَاصَّة رَابِعهَا رد الْيَمين فِي سَائِر الدَّعَاوَى وَهل طَرِيقه الْإِقْرَار أم لَا على قَوْلَيْنِ خَامِسهَا الْيَمين مَعَ الشَّاهِد وَذَلِكَ فِي سبع مسَائِل الأولى الرَّد بِالْعَيْبِ الثَّانِيَة فِي دَعْوَى الْإِعْسَار الثَّالِثَة فِي دَعْوَى الْعنَّة الرَّابِعَة فِي الدَّعْوَى على جراح بَاطِن الْخَامِسَة فِي الدَّعْوَى على ميت السَّادِسَة فِي الدَّعْوَى على غَائِب السَّابِعَة أَن يَقُول رجل لامْرَأَته أَنْت طَالِق أمس وَيَقُول إِنَّهَا كَانَت مُطلقَة من غَيْرِي وَيُقِيم فِي هَذِه الْمسَائِل الشَّاهِدين وَيحلف مَعَهُمَا وَأما الْيَمين الَّتِي تقع فِي خُصُومَة فَثَلَاثَة أَنْوَاع أَحدهَا لَغْو الْيَمين كَقَوْلِه لَا وَالله وبلى وَالله وَنَحْو ذَلِك فَإِنَّهَا لَا تَنْعَقِد بِحَال لِأَن اللَّغْو هُوَ الْكَلَام الَّذِي لَا يقْصد إِلَيْهِ الْمُتَكَلّم الثَّانِي يَمِين الْمُكْره فَإِنَّهُ لَا ينْعَقد بِحَال للْحَدِيث الْمُتَقَدّم ذكره وَالثَّالِث الْيَمين المعقودة وَهِي على وَجْهَيْن أَحدهمَا الْيَمين على فعل مَاض وَالثَّانِي على فعل مُسْتَقْبل فَإِن حلف على فعل مَاض أَنه لم يكن وَقد كَانَ فَذَلِك الْيَمين الْغمُوس وَهُوَ الَّذِي يَأْثَم بِهِ لما روى الشّعبِيّ عَن ابْن عمر أَن أَعْرَابِيًا أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله مَا الْكَبَائِر قَالَ الْإِشْرَاك بِاللَّه قَالَ ثمَّ مَاذَا قَالَ عقوق الْوَالِدين قَالَ ثمَّ مَاذَا قَالَ الْيَمين الْغمُوس قيل لِلشَّعْبِيِّ وَمَا الْيَمين الْغمُوس قَالَ الَّذِي يقتطع بهَا مَال امرىء مُسلم وَهُوَ فِيهَا كَاذِب وروى ابْن مَسْعُود أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من حلف على يَمِين وَهُوَ فِيهَا فَاجر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 254 ليقتطع بهَا مَال امرىء مُسلم لَقِي الله وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَان وَسميت الْغمُوس لِأَنَّهَا تغمس من حلف بهَا فِي النَّار وَأما الْيَمين على الْمُسْتَقْبل فَتَصِح أَيْضا لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالله لأغزون قُريْشًا وَالْيَمِين على الْمُسْتَقْبل تَنْقَسِم على خَمْسَة أَقسَام الْقسم الأول يَمِين عقدهَا طَاعَة وَالْمقَام عَلَيْهَا طَاعَة وحلها مَعْصِيّة مثل أَن يحلف ليصلين الصَّلَوَات الْخمس الْوَاجِبَات أَو أَنه لَا يشرب الْخمر أَو أَنه لَا يَزْنِي وَإِنَّمَا كَانَ عقدهَا طَاعَة وَالْإِقَامَة عَلَيْهَا طَاعَة لِأَنَّهَا قد تَدعُوهُ إِلَى الْمُوَاظبَة على فعل الْوَاجِب وَيخَاف من الْحِنْث فِيهَا الْكَفَّارَة وحلها مَعْصِيّة لِأَن حلهَا إِنَّمَا يكون بالامتناع من فعل الْوَاجِب أَو بِفعل مَا حرم عَلَيْهِ الْقسم الثَّانِي يَمِين عقدهَا مَعْصِيّة وَالْإِقَامَة عَلَيْهَا مَعْصِيّة وحلها طَاعَة مثل أَن يحلف أَن لَا يفعل مَا يجب عَلَيْهِ أَو ليفعلن مَا حرم عَلَيْهِ الْقسم الثَّالِث يَمِين عقدهَا طَاعَة وَالْإِقَامَة عَلَيْهَا طَاعَة وحلها مَكْرُوه مثل أَن يحلف ليصلين النَّوَافِل أَو ليصومن التَّطَوُّع أَو ليتصدقن بِصَدقَة التَّطَوُّع الْقسم الرَّابِع يَمِين عقدهَا مَكْرُوه وَالْإِقَامَة عَلَيْهَا مَكْرُوه وحلها طَاعَة مثل أَن يحلف أَن لَا يُصَلِّي صَلَاة النَّافِلَة أَو لَا يَصُوم صَوْم التَّطَوُّع أَو لَا يتَصَدَّق صَدَقَة التَّطَوُّع وَإِنَّمَا قُلْنَا عقدهَا وَالْمقَام عَلَيْهَا مَكْرُوه لِأَنَّهُ قد يمْنَع من فعل الْبر خوف الْحِنْث وَإِنَّمَا كَانَ حلهَا طَاعَة لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من حلف على يَمِين فَرَأى غَيرهَا خيرا مِنْهَا فليكفر عَن يَمِينه وليأت الَّذِي هُوَ خير الجزء: 2 ¦ الصفحة: 255 فَإِن قيل كَيفَ يكون عقدهَا مَكْرُوه وَالْمقَام عَلَيْهَا مَكْرُوه وَقد سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْأَعرَابِي الَّذِي سَأَلَهُ عَن الصَّلَاة يَقُول هَل عَليّ غَيرهَا فَقَالَ لَا إِلَّا أَن تطوع فَقَالَ وَالله لَا أَزِيد على ذَلِك وَلَا أنقص مِنْهُ وَلم يُنكر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْهِ قُلْنَا يحْتَمل أَنه لما حلف أَن لَا يزِيد وَلَا ينقص تَضَمَّنت يَمِينه مَا هُوَ طَاعَة وَهُوَ ترك النُّقْصَان عَنْهَا فَلذَلِك لم يُنكر عَلَيْهِ وَيحْتَمل أَن يكون لِسَانه سبق إِلَى الْيَمين وَعلمه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يُنكره عَلَيْهِ لِأَنَّهَا لَغْو وَيحْتَمل أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يُنكر عَلَيْهِ ليدل على أَن ترك التَّطَوُّع جَائِز وَإِن كَانَت الْيَمين مَكْرُوهَة وَقد كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يفعل الْمَكْرُوه كالالتفات فِي الصَّلَاة ليدل على الْجَوَاز الْقسم الْخَامِس يَمِين عقدهَا مُبَاح وَالْمقَام عَلَيْهَا مُبَاح وَاخْتلف أَصْحَابنَا فِي حلهَا وَذَلِكَ مثل أَن يحلف لادخلت هَذِه الدَّار ولاسلكت هَذَا الطَّرِيق وَإِنَّمَا كَانَ عقدهَا وَالْمقَام عَلَيْهَا مُبَاحا لِأَنَّهُ يُبَاح لَهُ ترك دُخُول الدَّار وَترك سلوك الطَّرِيق وَهل حلهَا أفضل أم الْمقَام عَلَيْهَا فِيهِ وَجْهَان أَحدهمَا الْمقَام عَلَيْهَا أفضل لقَوْله تَعَالَى {وَلَا تنقضوا الْأَيْمَان بعد توكيدها} الثَّانِي حلهَا أفضل لِأَنَّهُ إِذا أَقَامَ على الْيَمين منع نَفسه من فعل مَا أُبِيح لَهُ وَالْيَمِين لَا تغير الْمَحْلُوف عَلَيْهِ عَن حكمه فرع قَالَ الشَّافِعِي وَمن حلف بِغَيْر الله فَهُوَ يَمِين مَكْرُوه مثل أَن يحلف بِأَبِيهِ أَو بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو بِالْكَعْبَةِ أَو بِأحد من الصَّحَابَة وَذَلِكَ لَا يَخْلُو من ثَلَاثَة أَقسَام أَحدهَا أَن يقْصد بذلك قصد الْيَمين وَلَا يعْتَقد فِي الْمَحْلُوف بِهِ من التَّعْظِيم مَا يعْتَقد فِي الله تَعَالَى فَهَذَا يكره لَهُ ذَلِك وَلَا يكفر لما روى أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا تحلفُوا بِآبَائِكُمْ وَلَا بِأُمَّهَاتِكُمْ وَلَا بِالْأَنْدَادِ وَلَا تحلفُوا إِلَّا بِاللَّه وَلَا تحلفُوا بِاللَّه إِلَّا وَأَنْتُم صَادِقُونَ وَرُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أدْرك عمر رَضِي الله عَنهُ فِي ركب وَهُوَ يحلف بِأَبِيهِ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله يَنْهَاكُم أَن تحلفُوا بِآبَائِكُمْ فَمن كَانَ حَالفا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 256 فليحلف بِاللَّه أَو لِيَسْكُت قَالَ عمر فَمَا حَلَفت بهَا بعد ذَلِك ذَاكِرًا وَلَا آثرا وَمعنى قَوْله ذَاكِرًا أَي أذكرهُ عَن غَيْرِي وَمعنى قَوْله آثرا أَي حاكيا عَن غَيْرِي الثَّانِي أَن يحلف بذلك ويقصد الْيَمين ويعتقد فِي الْمَحْلُوف بِهِ من التَّعْظِيم مَا يَعْتَقِدهُ فِي الله فَهَذَا يحكم بِكُفْرِهِ لما روى ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من حلف بِغَيْر الله فقد كفر وَرُوِيَ فقد أشرك الثَّالِث أَن يجْرِي ذَلِك على لِسَانه من غير قصد إِلَى الْحلف بِهِ فَلَا يكره بل يكون بِمَعْنى لَغْو الْيَمين فَإِن قيل ورد فِي الْقُرْآن أَقسَام كَثِيرَة بِغَيْر الله فَالْجَوَاب أَن الله تَعَالَى أقسم بمصنوعاته الدَّالَّة على قدرته تَعْظِيمًا لَهُ تَعَالَى لَا لَهَا وتنعقد الْيَمين بِخمْس إِذا حلف بِاللَّه أَو باسم من أَسْمَائِهِ أَو بِصفة من صِفَاته أَو بِالطَّلَاق أَو بالعتاق أَو نذر إِخْرَاج الْأَمْوَال أَو الْإِتْيَان بالعبادات وحروف الْقسم الْبَاء وَالْوَاو وَالتَّاء وَالْألف فَتَقول آللَّهُ وَبِاللَّهِ وَوَاللَّه وتالله وألفاظ الْيَمين ثَلَاثَة أقسم بِاللَّه وأعزم بِاللَّه وَأشْهد بِاللَّه فَإِن لم يذكر لفظ الله فِي هَذَا فَلَيْسَ بِيَمِين وَيقطع حكم الْيَمين خَمْسَة معَان الْبر والحنث وَالِاسْتِثْنَاء الْمُتَّصِل وانحلال الْيَمين واستحالة الْبر وَإِذا وَقع الْحِنْث كفر عَن يَمِينه وَإِن قدم الْكَفَّارَة جَازَ إِلَّا الصّيام فَإِنَّهُ لَا يقدم وَإِذا حلف على زَوجته بِطَلَاقِهَا أَن لَا يتَزَوَّج عَلَيْهَا فَتزَوج عَلَيْهَا فِي عدَّة مِنْهُ رَجْعِيَّة حنث فَإِن حلف أَن يتَزَوَّج عَلَيْهَا فَتزَوج عَلَيْهَا فِي عدَّة مِنْهُ رَجْعِيَّة لم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 257 يَحْنَث وَلَو حلف لَا يسكن وَلَا يساكن وَلَا يلبس وَلَا يركب فَإِن خرج أَو نزع أَو ترك وَإِلَّا حنث وَلَو حلف لَا يَأْكُل هَذِه التمرة وَلَا يُخرجهَا وَلَا يمْسِكهَا وَلَا يَرْمِي بهَا فَأكل بَعْضهَا لم يَحْنَث وَلَو حلف لَا يَأْكُل هَذِه التمرة فَسَقَطت فِي تمر فَأكل الْكل إِلَّا تَمْرَة وَاحِدَة لم يَحْنَث حَتَّى يتَيَقَّن أَنه قد أكلهَا والورع أَن يَحْنَث نَفسه وَلَو حلف لَا يَأْكُل الْحِنْطَة فَأكل دَقِيقًا أَو سويقا لم يَحْنَث وَلَو حلف أَن لَا يكلم فلَانا فَسلم على قوم والمحلوف عَلَيْهِ فيهم وَلم يُنَوّه بِقَلْبِه أَو كتب إِلَيْهِ كتابا أَو أرسل إِلَيْهِ رَسُولا لم يَحْنَث وَكَذَا لَو حلف لَا يَأْكُل شَيْئا فشربه أَو لَا يشرب شَيْئا فذاقه الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب اتّفق الْأَئِمَّة رَحِمهم الله تَعَالَى على أَن من حلف على يَمِين فِي طَاعَة لزمَه الْوَفَاء بهَا وَهل لَهُ أَن يعدل عَن الْوَفَاء إِلَى الْكَفَّارَة مَعَ الْقُدْرَة عَلَيْهَا قَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد لَا وَقَالَ الشَّافِعِي الأولى أَن لَا يعدل فَإِن عدل جَازَ وَلَزِمتهُ الْكَفَّارَة وَعَن مَالك رِوَايَتَانِ كالمذهبين وَاتَّفَقُوا على أَنه لَا يجوز أَن يَجْعَل اسْم الله عرضة للأيمان يمْنَع من بر وصلَة وَأَن الأولى أَن يَحْنَث وَيكفر إِذا حلف على ترك بر وَيرجع فِي الْإِيمَان إِلَى النِّيَّة وَاتَّفَقُوا على أَن الْيَمين بِاللَّه تَعَالَى منعقدة وبجميع أَسْمَائِهِ الْحسنى كالرحمن الرَّحِيم والحي وبجميع صِفَات ذَاته كعزة الله وجلاله إِلَّا أَن أَبَا حنيفَة اسْتثْنى علم الله فَلم يره يَمِينا وَاخْتلفُوا فِي الْيَمين الْغمُوس وَهِي الْحلف بِاللَّه على أَمر مَاض مُتَعَمدا للكذب بِهِ هَل لَهَا كَفَّارَة أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد فِي إِحْدَى روايتيه لَا كَفَّارَة لَهَا لِأَنَّهَا أعظم من أَن تكفر وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى تكفر وَأما إِذا حلف على أَمر فِي الْمُسْتَقْبل أَن يَفْعَله أَو لَا يَفْعَله فَإِذا حنث وَجَبت عَلَيْهِ الْكَفَّارَة بِالْإِجْمَاع فصل وَلَو قَالَ أقسم بِاللَّه أَو أشهد بِاللَّه فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد هِيَ يَمِين وَإِن لم يكن لَهُ نِيَّة وَقَالَ مَالك مَتى قَالَ أقسم بِاللَّه أَو أَقْسَمت فَإِن قَالَ بِاللَّه لفظا وَنِيَّة كَانَ يَمِينا وَإِن لم يتَلَفَّظ بِهِ وَلَا نَوَاه فَلَيْسَتْ بِيَمِين وَقَالَ الشَّافِعِي فِيمَن قَالَ أقسم بِاللَّه إِن نوى بِهِ الْيَمين كَانَ يَمِينا وَإِن نوى الْإِخْبَار فَلَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 258 وَإِن أطلق اخْتلف أَصْحَابه فَمنهمْ من رجح كَونه لَيست بِيَمِين وَقَالَ فِيمَن قَالَ أشهد بِاللَّه وَنوى الْيَمين كَانَ يَمِينا وَإِن أطلق فَالْأَصَحّ من مذْهبه أَنه لَيْسَ بِيَمِين وَلَو قَالَ أشهد لَا فعلت وَلم ينْو فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد فِي أظهر روايتيه يكون يَمِينا وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى لَا تكون يَمِينا فصل وَلَو قَالَ وَحقّ الله فيمين عِنْد الثَّلَاثَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يكون يَمِينا وَلَو قَالَ لعمر الله أَو وأيم الله قَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ هِيَ يَمِين نوى بِهِ الْيَمين أم لَا وَقَالَ بعض أَصْحَاب الشَّافِعِي إِن لم ينْو فَلَيْسَ بِيَمِين وَهِي رِوَايَة عَن أَحْمد فصل وَلَو حلف بالمصحف قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد تَنْعَقِد يَمِينه وَإِن حنث لَزِمته الْكَفَّارَة وَقَالَ ابْن هُبَيْرَة وَنقل فِي الْمَسْأَلَة خلاف عَمَّن لَا يعْتد بقوله وَحكى ابْن عبد الْبر فِي التَّمْهِيد فِي الْمَسْأَلَة أقوالا للصحابة وَالتَّابِعِينَ واتفاقهم على إِيجَاب الْكَفَّارَة فِيهَا قَالَ وَلم يُخَالف فِيهَا إِلَّا من لَا يعْتد بقوله وَاخْتلفُوا فِي قدر الْكَفَّارَة فِيهَا فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ يلْزم كَفَّارَة وَاحِدَة وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا كَفَّارَة وَاحِدَة وَالْأُخْرَى يلْزم بِكُل آيَة كَفَّارَة وَإِن حلف بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أَحْمد فِي أظهر روايتيه تَنْعَقِد يَمِينه فَإِن حنث لَزِمته الْكَفَّارَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ لَا تَنْعَقِد يَمِينه وَلَا كَفَّارَة عَلَيْهِ فصل وَيَمِين الْكَافِر هَل تَنْعَقِد أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة لَا تَنْعَقِد وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد تَنْعَقِد يَمِينه وَتلْزَمهُ الْكَفَّارَة بِالْحِنْثِ وَاتَّفَقُوا على أَن الْكَفَّارَة تجب بِالْحِنْثِ فِي الْيَمين سَوَاء كَانَت فِي طَاعَة أَو فِي مَعْصِيّة أَو فِي مُبَاح وَاخْتلفُوا فِي الْكَفَّارَة هَل تتقدم الْحِنْث أَو تكون بعده فَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا تجزىء إِلَّا بعد الْحِنْث مُطلقًا وَقَالَ الشَّافِعِي يجوز تَقْدِيمهَا على الْحِنْث الْمُبَاح وَعَن مَالك رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا يجوز تَقْدِيمهَا وَهُوَ مَذْهَب أَحْمد وَالْأُخْرَى لَا يجوز وَإِذا كفر قبل الْحِنْث فَهَل بَين الصّيام وَالْعِتْق وَالْإِطْعَام فرق قَالَ مَالك لَا فرق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 259 وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يجوز تَقْدِيم التَّكْفِير بالصيام وَيجوز بِغَيْرِهِ وَاخْتلفُوا فِي لَغْو الْيَمين فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد فِي رِوَايَة هُوَ أَن يحلف بِاللَّه على أَمر يَظُنّهُ على مَا حلف عَلَيْهِ ثمَّ يتَبَيَّن أَنه بِخِلَافِهِ سَوَاء قَصده أَو لم يَقْصِدهُ فَسبق على لِسَانه إِلَّا أَن أَبَا حنيفَة ومالكا قَالَا لَا يجوز أَن يكون فِي الْمَاضِي وَفِي الْحَال وَقَالَ أَحْمد هُوَ فِي الْمَاضِي فَقَط وَاتفقَ الثَّلَاثَة على أَنه لَا إِثْم فِيهَا وَلَا كَفَّارَة وَعَن مَالك أَن لَغْو الْيَمين أَن يَقُول لَا وَالله وبلى وَالله على وَجه المحاورة من غير قصد إِلَى عقدهَا وَقَالَ الشَّافِعِي لَغْو الْيَمين مَا لم يعقده وَإِنَّمَا يتَصَوَّر ذَلِك فِي قَوْله لَا وَالله وبلى وَالله عِنْد المحاورة وَالْغَضَب واللجاج من غير قصد سَوَاء كَانَ على مَاض أَو مُسْتَقْبل وَهِي رِوَايَة عَن أَحْمد وَلَو قَالَ وَالله لَأَفْعَلَنَّ كَذَا فيمين مَعَ الْإِطْلَاق نوى أَو لم ينْو خلافًا لبَعض أَصْحَاب الشَّافِعِي فصل وَلَو قَالَ وَالله لَا شربت لزيد المَاء يقْصد بِهِ قطع الْمِنَّة فَقَالَ مَالك وَأحمد مَتى انْتفع بِشَيْء من مَاله بِأَكْل أَو شرب أَو عَارِية أَو ركُوب أَو غير ذَلِك حنث وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ لَا يَحْنَث إِلَّا بِمَا تنَاوله نطقه من شرب المَاء فَقَط فصل وَلَو حلف لَا يسكن هَذِه الدَّار وَهُوَ ساكنها فَخرج مِنْهَا بِنَفسِهِ دون أَهله ورحله قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد لَا يبر حَتَّى يخرج بِنَفسِهِ وَأَهله ورحله وَقَالَ الشَّافِعِي يبر بِخُرُوجِهِ بِنَفسِهِ وَلَو حلف لَا يدْخل دَارا فَقَامَ على سطحها أَو حائطها أَو دخل بَيْتا مِنْهَا فِيهِ شَارِع إِلَى طَرِيق حنث عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك وَأحمد وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يَحْنَث ولأصحابه فِي السَّطْح وَالْحجر وَجْهَان وَلَو حلف لَا يدْخل دَار زيد هَذِه فَبَاعَهَا زيد ثمَّ دَخلهَا الْحَالِف قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد يَحْنَث وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يَحْنَث فصل وَلَو حلف لَا يكلم ذَا الصَّبِي فَصَارَ شَيخا أَو لَا يَأْكُل ذَا الخروف فَصَارَ كَبْشًا أَو ذَا الْبُسْر فَصَارَ رطبا أَو ذَا الرطب فَصَارَ تَمرا أَو ذَا التَّمْر فَصَارَ حلوى أَو لَا يدْخل ذِي الدَّار فَصَارَت ساحة قَالَ أَبُو حنيفَة لَا يَحْنَث فِي الْبُسْر وَالرّطب وَالتَّمْر وَيحنث فِي الْبَاقِي وللشافعية وَجْهَان وَمَالك وَأحمد يَحْنَث فِي الْجَمِيع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 260 فصل وَلَو حلف لَا يدْخل بَيْتا فَدخل الْمَسْجِد أَو الْحمام قَالَ الثَّلَاثَة لَا يَحْنَث وَقَالَ أَحْمد يَحْنَث وَلَو حلف لَا يسكن بَيْتا فسكن بَيْتا من شعر أَو جلد أَو خيمة وَكَانَ من أهل الْأَمْصَار قَالَ أَبُو حنيفَة لَا يَحْنَث فَإِن كَانَ من أهل الْبَادِيَة حنث وَلَا نَص عِنْد مَالك فِي ذَلِك إِلَّا أَن أُصُوله تَقْتَضِي الْحِنْث وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد يَحْنَث إِذا لم تكن لَهُ نِيَّة قرويا كَانَ أَو بدويا وَمن أَصْحَابه من فرق بَينهمَا وَلَو حلف أَن لَا يفعل شَيْئا فَأمر غَيره فَفعله فَقَالَ أَبُو حنيفَة يَحْنَث فِي النِّكَاح وَالطَّلَاق لَا فِي البيع وَالْإِجَارَة إِلَّا أَن يكون مِمَّن جرت عَادَته أَن يتَوَلَّى ذَلِك بِنَفسِهِ فَيحنث مُطلقًا وَقَالَ مَالك إِن لم يتول ذَلِك بِنَفسِهِ فَإِنَّهُ يَحْنَث وَقَالَ الشَّافِعِي إِن كَانَ سُلْطَانا أَو مِمَّن لَا يتَوَلَّى ذَلِك بِنَفسِهِ أَو كَانَت لَهُ نِيَّة فِي ذَلِك حنث وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ أَحْمد يَحْنَث مُطلقًا وَلَو حلف ليقضينه دينه فِي غَد فقضاه قبله قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد لَا يَحْنَث وَقَالَ الشَّافِعِي يَحْنَث وَلَو مَاتَ صَاحب الْحق قبل الْغَد حنث عِنْد أبي يُوسُف وَأحمد وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يَحْنَث وَقَالَ مَالك إِن قَضَاهُ الْوَرَثَة أَو القَاضِي فِي الْغَد لم يَحْنَث وَإِن أَخّرهُ حنث وَإِن حلف ليشربن مَاء هَذَا الْكوز فِي غَد فأهريق قبل الْغَد قَالَ أَبُو حنيفَة لَا يَحْنَث وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ إِن تلف قبل الْغَد بِغَيْر اخْتِيَاره لم يَحْنَث وَلَو حلف ليشربن مَاء هَذَا الْكوز فَلم يكن مَاء لم يَحْنَث بالِاتِّفَاقِ وَقَالَ أَبُو يُوسُف يَحْنَث فصل لَو فعل الْمَحْلُوف عَلَيْهِ نَاسِيا قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك يَحْنَث مُطلقًا سَوَاء كَانَ الْحلف بِاللَّه أَو بِالطَّلَاق أَو بالعتاق أَو بالظهار وَللشَّافِعِيّ قَولَانِ أظهرهمَا لَا يَحْنَث مُطلقًا وَعند أَحْمد ثَلَاث رِوَايَات إِحْدَاهَا إِن كَانَت الْيَمين بِاللَّه تَعَالَى أَو بالظهار لم يَحْنَث وَإِن كَانَت بِالطَّلَاق أَو بالعتاق حنث الثَّانِيَة يَحْنَث فِي الْجَمِيع وَالثَّالِثَة لَا يَحْنَث فِي الْجَمِيع وَاخْتلفُوا فِي يَمِين الْمُكْره فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لَا تَنْعَقِد وَقَالَ أَبُو حنيفَة تَنْعَقِد وَاتَّفَقُوا على أَنه إِذا قَالَ وَالله لَا كلمت فلَانا حينا وَنوى بِهِ شَيْئا معينا أَنه على مَا نَوَاه وَإِن لم يُنَوّه قَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد لَا يكلمهُ سِتَّة أشهر وَقَالَ مَالك سنة وَقَالَ الشَّافِعِي سَاعَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 261 وَلَو حلف لَا يكلم فلَانا فكاتبه أَو راسله أَو أَشَارَ بِيَدِهِ أَو عينه أَو رَأسه قَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ فِي الْجَدِيد لَا يَحْنَث وَقَالَ مَالك يَحْنَث بالمكاتبة وَفِي المراسلة وَالْإِشَارَة عَنهُ رِوَايَتَانِ وَقَالَ أَحْمد يَحْنَث وَهُوَ الْقَدِيم عِنْد الشَّافِعِي فصل لَو قَالَ لزوجته إِن خرجت بِغَيْر إذني فَأَنت طَالِق وَنوى شَيْئا معينا فَإِنَّهُ على مَا نَوَاه وَإِن لم ينْو شَيْئا أَو قَالَ أَنْت طَالِق إِن خرجت إِلَّا أَن آذن لَك أَو حَتَّى آذن لَك قَالَ أَبُو حنيفَة إِن قَالَ إِن خرجت بِغَيْر إذني فَلَا بُد من الْإِذْن فِي كل مرّة وَإِن قَالَ إِلَّا أَن آذن لَك أَو حَتَّى آذن لَك أَو إِلَى أَن آذن لَك كفى مرّة وَاحِدَة وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ الْخُرُوج الأول يحْتَاج إِلَى الْإِذْن فِي الْجَمِيع وَلَو أذن لَهَا من حَيْثُ لَا تسمع لم يكن ذَلِك إِذْنا عِنْد الثَّلَاثَة وَقَالَ الشَّافِعِي هُوَ إِذن صَحِيح فصل وَلَو حلف لَا يَأْكُل الرؤوس وَلَا نِيَّة لَهُ بل أطلق وَلَا يُوجد سَبَب يسْتَدلّ بِهِ على النِّيَّة قَالَ مَالك وَأحمد يحمل على جَمِيع مَا سمى رَأْسا حَقِيقَة فِي وضع اللُّغَة وَعرفهَا من الْأَنْعَام والطيور وَالْحِيتَان وَقَالَ أَبُو حنيفَة يحمل على رُؤُوس الْبَقر وَالْغنم خَاصَّة وَقَالَ الشَّافِعِي يحمل على الْإِبِل وَالْبَقر وَالْغنم فصل لَو حلف ليضربن زيدا مائَة سَوط فَضَربهُ بضغث فِيهِ مائَة شِمْرَاخ فَهَل يبر بذلك قَالَ مَالك وَأحمد لَا يبر وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ يبر وَلَو حلف لَا يهب فلَانا هبة فَتصدق عَلَيْهِ قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد يَحْنَث وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يَحْنَث وَلَو حلف ليقْتلن فلَانا وَكَانَ مَيتا وَهُوَ لَا يعلم بِمَوْتِهِ لم يَحْنَث وَإِن كَانَ يعلم حنث عِنْد الثَّلَاثَة وَقَالَ مَالك لَا يَحْنَث مُطلقًا علم أَو لم يعلم وَلَو حلف أَنه لَا مَال لَهُ وَله دُيُون قَالَ أَبُو حنيفَة لَا يَحْنَث وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد يَحْنَث وَلَو حلف لَا يَأْكُل فَاكِهَة فَأكل رطبا أَو رمانا قَالَ أَبُو حنيفَة وَحده لَا يَحْنَث وَقَالَ الثَّلَاثَة يَحْنَث وَلَو حلف لَا يَأْكُل أدما فَأكل اللَّحْم أَو الْخبز أَو الْبيض قَالَ أَبُو حنيفَة لَا يَحْنَث إِلَّا بِأَكْل مَا يطْبخ وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد يَحْنَث فِي أكل الْكل وَلَو حلف لَا يَأْكُل لَحْمًا فَأكل سمكًا قَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ لَا يَحْنَث وَلَو حلف لَا يَأْكُل لَحْمًا فَأكل شحما لم يَحْنَث عِنْد الثَّلَاثَة وَقَالَ مَالك يَحْنَث وَلَو حلف لَا يَأْكُل شحما فَأكل من شَحم الظّهْر حنث عِنْد الثَّلَاثَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 262 يَحْنَث وَلَو حلف لَا يشم البنفسج فشم دهنه قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد يَحْنَث وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يَحْنَث وَلَو حلف لَا يستخدم هَذَا العَبْد فخدمه من غير أَن يستخدمه وَهُوَ سَاكِت لَا ينهاه عَن خدمته قَالَ أَبُو حنيفَة إِن لم يسْبق مِنْهُ خدمَة قبل الْيَمين فخدمه بِغَيْر إِذْنه لم يَحْنَث وَإِن كَانَ قد استخدمه قبل الْيَمين وَبَقِي على الْخدمَة لَهُ حنث وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يَحْنَث فِي عبد غَيره وَفِي عبد نَفسه لأَصْحَابه وَجْهَان وَقَالَ مَالك وَأحمد يَحْنَث مُطلقًا وَلَو حلف لَا يتَكَلَّم فَقَرَأَ الْقُرْآن قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد لَا يَحْنَث مُطلقًا وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِن قَرَأَ فِي الصَّلَاة لم يَحْنَث أَو فِي غَيرهَا حنث وَلَو حلف لَا يدْخل على فلَان بَيْتا فَأدْخل فلَان عَلَيْهِ فاستدام الْمقَام مَعَه قَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ فِي أحد قوليه لَا يَحْنَث وَقَالَ مَالك وَأحمد يَحْنَث وَهُوَ القَوْل الثَّانِي للشَّافِعِيّ وَلَو حلف لَا يسكن مَعَ فلَان دَارا بِعَينهَا فاقتسماها وَجعلا بَينهمَا حَائِطا وَلكُل وَاحِد بَابا وغلقا وَسكن كل وَاحِد مِنْهُمَا من جنب قَالَ مَالك يَحْنَث وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد لَا يَحْنَث وَعَن أبي حنيفَة رِوَايَتَانِ وَلَو قَالَ مماليكي أَو عَبِيدِي أَحْرَار قَالَ أَبُو حنيفَة يدْخل فِيهِ الْمُدبر وَأم الْوَلَد وَأما الْمكَاتب فَلَا يدْخل إِلَّا بنية والشقص لَا يدْخل أصلا وَقَالَ الطَّحَاوِيّ يدْخل الْكل وَهُوَ مَذْهَب مَالك وَقَالَ الشَّافِعِي يدْخل الْمُدبر وَالْعَبْد وَأم الْوَلَد وَعنهُ فِي الْمكَاتب قَولَانِ أصَحهمَا أَنه لَا يدْخل وَقَالَ أَحْمد يدْخل الْكل وَعنهُ رِوَايَة فِي الشّقص أَنه لَا يدْخل إِلَّا بنية فصل وَاتَّفَقُوا على أَن الْكَفَّارَة إطْعَام عشرَة مَسَاكِين أَو كسوتهم أَو تَحْرِير رَقَبَة والحالف مُخَيّر فِي أَي ذَلِك شَاءَ فَإِن لم يجد انْتقل إِلَى صِيَام ثَلَاثَة أَيَّام وَهل يجب التَّتَابُع فِي صَومهَا قَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد يجب وَقَالَ مَالك لَا يجب وَعَن الشَّافِعِي قَولَانِ الْجَدِيد الرَّاجِح أَنه لَا يجب وَأَجْمعُوا على أَنه لَا يجزىء فِي الْإِعْتَاق إِلَّا رَقَبَة مُؤمنَة سليمَة من الْعُيُوب خَالِيَة من شركَة إِلَّا أَبَا حنيفَة فَإِنَّهُ لم يعْتَبر فِيهَا الْإِيمَان وَهُوَ مُشكل لِأَن الْعتْق ثَمَرَته تَخْلِيص رَقَبَة لعبادة الله عز وَجل فَإِذا أعتق رَقَبَة كَافَّة فَإِنَّمَا فرغها لعبادة إِبْلِيس وَالْعِتْق قربَة أَيْضا وَلَا يحسن التَّقَرُّب بِكَافِر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 263 وَأَجْمعُوا على أَنه لَو أطْعم مِسْكينا وَاحِدًا عشرَة أَيَّام لم تحسب إِلَّا عَن إطْعَام وَاحِد إِلَّا أَبَا حنيفَة فَإِنَّهُ قَالَ يُجزئهُ عَن عشرَة مَسَاكِين وَاخْتلفُوا فِي مِقْدَار مَا يطعم كل مِسْكين فَقَالَ مَالك مد وَهُوَ رطلان بالبغدادي وَشَيْء من الْأدم فَإِن اقْتصر على مد أَجزَأَهُ وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِن أخرج برا فَنصف صَاع أَو تَمرا أَو شَعِيرًا فصاعا وَقَالَ أَحْمد رَحمَه الله مد من حِنْطَة أَو دَقِيق أَو مدان من شعير أَو تمر أَو رطلان من خبز وَقَالَ الشَّافِعِي لكل مِسْكين مدا وَالْكِسْوَة مقدرَة بِأَقَلّ مَا تجزىء بِهِ الصَّلَاة عِنْد مَالك وَأحمد فَفِي حق الرجل ثوب كقميص وَإِزَار وَفِي حق الْمَرْأَة قَمِيص وخمار وَعند أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ يجزىء أقل مَا يَقع عَلَيْهِ الِاسْم وَقَالَ أَبُو حنيفَة أَقَله قبَاء أَو قَمِيص أَو كسَاء أَو رِدَاء وَلَهُم فِي الْعِمَامَة والمنديل والسراويل والمئزر رِوَايَتَانِ وَقَالَ الشَّافِعِي يجزىء جَمِيع ذَلِك وَفِي القلنسوة لأَصْحَابه وَجْهَان وَأَجْمعُوا على أَنه يجوز دَفعهَا إِلَى الْفُقَرَاء الْمُسلمين الْأَحْرَار وَإِلَى صَغِير يقبضهَا وليه وَهل يجزىء لصغير لم يطعم الطَّعَام قَالَ الثَّلَاثَة نعم وَقَالَ أَحْمد لَا وَلَو أطْعم خَمْسَة وكسا خَمْسَة قَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد تجزىء وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لَا تجزىء فصل لَو كرر الْيَمين على شَيْء وَاحِد أَو على أَشْيَاء وَحنث قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَلَيْهِ لكل يَمِين كَفَّارَة إِلَّا أَن مَالِكًا اعْتبر إِرَادَة التَّأْكِيد فَقَالَ إِن أَرَادَ التَّأْكِيد فكفارة وَاحِدَة أَو الِاسْتِئْنَاف فَلِكُل يَمِين كَفَّارَة وَعَن أَحْمد رِوَايَة أُخْرَى عَلَيْهِ كَفَّارَة وَاحِدَة فِي الْجَمِيع وَقَالَ الشَّافِعِي إِن كَانَت على شَيْء وَاحِد وَنوى بِمَا زَاد على الأولة التَّأْكِيد فَهُوَ على مَا نوى وَيلْزمهُ كَفَّارَة وَاحِدَة وَإِن أَرَادَ بالتكرار الِاسْتِئْنَاف فهما يمينان وَفِي الْكَفَّارَة قَولَانِ أَحدهمَا كَفَّارَة وَالثَّانِي كفارتان وَإِن كَانَت على أَشْيَاء مُخْتَلفَة فَلِكُل شَيْء مِنْهَا كَفَّارَة فصل لَو أَرَادَ العَبْد التَّكْفِير بالصيام فَهَل يملك سَيّده مَنعه قَالَ الشَّافِعِي إِن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 264 أذن لَهُ فِي الْيَمين والحنث لم يمنعهُ وَإِلَّا فَلهُ مَنعه وَقَالَ أَحْمد لَيْسَ لَهُ مَنعه على الْإِطْلَاق وَقَالَ أَصْحَاب أبي حنيفَة لَهُ مَنعه مُطلقًا إِلَّا فِي كَفَّارَة الظِّهَار وَقَالَ مَالك إِن أضربه الصَّوْم فَلهُ مَنعه وَإِلَّا فَلَا وَله الصَّوْم من غير إِذْنه إِلَّا فِي كَفَّارَة الظِّهَار فَلَيْسَ لَهُ مَنعه مُطلقًا فصل وَلَو قَالَ إِن فعل كَذَا فَهُوَ يَهُودِيّ أَو نَصْرَانِيّ أَو كَافِر أَو برىء من الْإِسْلَام أَو الرَّسُول ثمَّ فعله حنث وَوَجَبَت الْكَفَّارَة عِنْد أبي حنيفَة وَأحمد وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لَا كَفَّارَة وَلَو قَالَ وعهد الله وميثاقه فَهُوَ يَمِين إِلَّا عِنْد أبي حنيفَة إِلَّا أَن يَقُول عَليّ عهد الله وميثاقه فيمين بالِاتِّفَاقِ وَلَو قَالَ وَأَمَانَة الله فيمين إِلَّا عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ فصل وَلَو حلف لَا يلبس حليا فَلبس خَاتمًا حنث عِنْد الثَّلَاثَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يَحْنَث وَلَو حَلَفت الْمَرْأَة لَا تلبس حليا فَلبِست اللُّؤْلُؤ والجوهر حنثت وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا تَحنث إِلَّا أَن يكون مَعَه ذهب أَو فضَّة وَلَو قَالَ الله لَا أكلت هَذَا الرَّغِيف فَأكل بعضه أَو لَا شربت مَاء هَذَا الْكوز فَشرب بعضه أَو لَا لبست من غزل فُلَانَة فَلبس ثوبا فِيهِ من غزلها أَو لَا دخلت هَذِه الدَّار فَأدْخل رجله أَو يَده لم يَحْنَث عِنْد أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ مَالك وَأحمد يَحْنَث وَلَو حلف لَا يَأْكُل طَعَاما اشْتَرَاهُ فلَان فَأكل مِمَّا اشْتَرَاهُ هُوَ وَغَيره حنث عِنْد مَالك وَأحمد وَكَذَلِكَ لَو حلف لَا يلبس ثوبا اشْتَرَاهُ فلَان أَو لَا يسكن دَارا اشْتَرَاهَا وَمَا فِي معنى ذَلِك فَقَالَ أَبُو حنيفَة يَحْنَث بِأَكْل الطَّعَام وَحده وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يَحْنَث فِي الْجَمِيع فصل وَلَو حلف لَا يَأْكُل هَذَا الدَّقِيق فاستف مِنْهُ أَو خبزه وَأكله حنث عِنْد مَالك وَأحمد وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِن استف لم يَحْنَث وَإِن خبزه وَأكل حنث وَقَالَ الشَّافِعِي إِن استف حنث وَإِن خبز وَأكل لم يَحْنَث وَلَو حلف لَا يدْخل دَار فلَان حنث بِمَا يسكنهُ بالكراء عِنْد الثَّلَاثَة وَكَذَا لَو حلف لَا يركب دَابَّة فلَان فَركب دَابَّة عَبده حنث عِنْدهم وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يَحْنَث إِن لم يكن لَهُ نِيَّة وَلَو حلف لَا يشرب من الدجلة أَو الْفُرَات أَو النّيل فغرف من مَائِهَا بِيَدِهِ أَو بِإِنَاء وَشرب حنث عِنْد الثَّلَاثَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يَحْنَث حَتَّى يكرع بِفِيهِ مِنْهَا كرعا وَلَو حلف لَا يشرب مَاء هَذَا الْبِئْر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 265 فَشرب مِنْهُ قَلِيلا حنث عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك وَأحمد إِلَّا أَن يَنْوِي أَن لَا يشرب جَمِيعه وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يَحْنَث فصل وَلَو حلف لَا يضْرب زَوجته فخنقها أَو عضها أَو نتف شعرهَا حنث عِنْد الثَّلَاثَة وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يَحْنَث وَلَو حلف لَا يستبرىء وجامعها حنث وَإِن عصبها يطْلب وَلَدهَا عِنْد مَالك وَأحمد وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِن أحصنها وجامعها حنث وَزَاد الشَّافِعِي وَطلب وَلَدهَا وَلَو حلف لَا يهب فلَانا شَيْئا ثمَّ وهبه فَلم يقبله حنث عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك وَأحمد وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يَحْنَث حَتَّى يقبله ويقبضه وَلَو حلف لَا يَبِيع فَبَاعَ بِشَرْط الْخِيَار لنَفسِهِ حنث عِنْد الثَّلَاثَة وَقَالَ مَالك لَا يَحْنَث فصل وَإِذا كَانَ لَهُ مَال غَائِب أَو دين وَلم يجد مَا يعْتق أَو يكسو أَو يطعم لم يجزه الصّيام وَعَلِيهِ أَن يصبر حَتَّى يصل إِلَى مَاله ثمَّ يكفر بِالْمَالِ عِنْد الثَّلَاثَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة يُجزئهُ الصّيام عِنْد غيبَة المَال انْتهى المصطلح وَهُوَ يشْتَمل على صور كَثِيرَة مُتعَدِّدَة بِتَعَدُّد الوقائع فِي الدَّعَاوَى الشَّرْعِيَّة وتختلف باخْتلَاف حالاتها وَلكنهَا لَا تخرج عَن الْأَقْسَام الَّتِي تقدم ذكرهَا وَهِي تَارَة تقع جَوَابا عَن الدَّعْوَى وَتلك يَمِين الْمُنكر وَتَقَع مُخَالفَة لدعوى الْمُدَّعِي غير ملزمة لما ادَّعَاهُ حَيْثُ لَا بَيِّنَة وَتارَة تكون يَمِين الْحجَّة وَهِي المكملة لبينة الْمُدَّعِي وَهِي لَا تقع إِلَّا مَعَ الشَّاهِد الْوَاحِد فِي الْأَمْوَال عِنْد من يرى الْعَمَل بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِين وَلَا يجْرِي إِلَّا على وفْق مَا يشْهد بِهِ الشَّاهِد الْوَاحِد لفظا لَا معنى ليكمل بهَا الْحجَّة فِي الْمُدعى بِهِ وَتارَة تكون يَمِين اسْتِحْقَاق مَعَ الشَّاهِد وَهِي الَّتِي يَأْتِي فِيهَا الْحَالِف بِصفة اسْتِحْقَاقه لما يحلف عَلَيْهِ وعَلى عدم الْمسْقط لذَلِك ولشيء مِنْهُ إِلَى حِين الْحلف وَقد تقدم تَقْرِير هَذِه الْيَمين فِي سبع مسَائِل وَأما صور الْأَيْمَان الَّتِي تجْرِي بَين وُلَاة العهود من الْمُلُوك والسلاطين وكفال الممالك وأمراء الدولة والأمناء من أَرْبَاب وظائفها ونواب القلاع وَغَيرهم على الْعَادة الْجَارِيَة بَينهمَا فِي مثل ذَلِك وأيمان أهل الْكتاب فَمِنْهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 266 صُورَة يَمِين السلاطين والأمراء أَقُول وَأَنا فلَان وَالله وَالله وَالله الْعَظِيم الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ عَالم الْغَيْب وَالشَّهَادَة الطَّالِب الْغَالِب الْمدْرك المهلك المنتقم الْجَبَّار الَّذِي يعلم خَائِنَة الْأَعْين وَمَا تخفي الصُّدُور الْقَائِم على كل نفس بِمَا كسبت والمجازي لَهَا بِمَا عملت وَحقّ جلال الله وقدرة الله وكبرياء الله وعظمة الله وَسَائِر أَسْمَائِهِ الْحسنى وَصِفَاته الْعليا إِنَّنِي من وقتي هَذَا وَمَا أمد الله فِي عمري قد أخلصت نيتي وأصفيت طويتي وَلَا أَزَال مُجْتَهدا فِي إخلاص النِّيَّة وإصفاء الطوية لمولانا السُّلْطَان فلَان أَو لأوالين مَوْلَانَا السُّلْطَان فلَان بِصدق من نيتي وإخلاص من طويتي واستواء من باطني وظاهري وسري وجهري وَقَوْلِي وفعلي ولأعادين أعداءه وَلَا أصحبهم فِي سَائِر مَا أتصرف فِيهِ من علمه ولأقطعن مَا بيني وَبَين أعدائه أَو بَين فلَان من سَبَب وعصمة وذمام وعلقة وتبعة ولأحاربن من حاربه ولأسالمن من سالمه ولأعادين من عداهُ ولأوالين من وَالَاهُ من سَائِر النَّاس أَجْمَعِينَ وإنني وَالله الْعَظِيم لَا أضمر لمولانا السُّلْطَان سوءا وَلَا غدرا وَلَا مكرا وَلَا خديعة وَلَا خِيَانَة فِي نفس وَلَا مَال وَلَا سلطنة وَلَا قلاع وَلَا حصون وَلَا بِلَاد وَلَا غير ذَلِك وَلَا أسعى فِي تَفْرِيق كلمة أَحْمد من أمرائه وَلَا مماليكه وَلَا عساكره وَلَا جُنُوده وَلَا أستميل طَائِفَة مِنْهُم وَلَا من غَيرهم على اخْتِلَاف الْأَجْنَاس لغيره وَلَا أوافق على ذَلِك بقول وَلَا فعل وَلَا نِيَّة وَلَا مُكَاتبَة وَلَا مراسلة وَلَا إِشَارَة وَلَا صَرِيح وَلَا كِنَايَة وَإِن ورد عَليّ كتاب من أحد من خلق الله بِمَا فِيهِ مضرَّة على مَوْلَانَا السُّلْطَان أَو على دولته لَا أعمل بِهِ وَلَا أصغي إِلَيْهِ وأنفذ الْكتاب أَو أحملهُ إِلَى بَين يَدَيْهِ الشَّرِيفَة وَمن أحضرهُ إِن قدرت على إِمْسَاكه ولأكونن كَأحد أوليائه فِي مناصبة أعدائه ومباينتهم والتصدي لطلبهم وَالدّلَالَة على عَوْرَاتهمْ والإنهاء لما يتَّصل بِي من أخبارهم وَلَا قبلت أحدا يأوي إِلَيّ من أَصْحَابهم إِلَّا أَن يكون مستأمنا دَاخِلا فِي الطَّاعَة فأقبله وأنفذه إِلَى حَضرته وأصدق عَن أمره وَلَا حملت إِلَى معسكر فلَان وَلَا أحد من أَصْحَابه ميرة وَلَا أعنتهم بمعونة وَلَا وَافَقت أحدا من أَصْحَابِي على أَن يميرهم وَلَا تأولت فِي ذَلِك وَلَا وريت عَنهُ وَلَا تواطأت عَلَيْهِ وَمَتى بَلغنِي أَن أحدا من النَّاس فعل ذَلِك ذكرت خَبره لمولانا السُّلْطَان وَاجْتَهَدت فِي الْخدمَة والنصيحة الْمَحْضَة وَالطَّاعَة الْخَالِصَة من امْتِثَال مراسيم مَوْلَانَا السُّلْطَان وَالْعَمَل بأوامره الشَّرِيفَة وَفِي كل مَا يقربنِي إِلَيْهِ وَلَا تَأَخَّرت مَتى رسم لي بالحضور وَإِن خَالَفت ذَلِك أَو شَيْئا مِنْهُ أَو تأولت فِيهِ أَو فِي شَيْء مِنْهُ أَو نقضته أَو شَيْئا مِنْهُ فأيمان الْبيعَة لَازِمَة لي بحلالها وحرامها وطلاقها وعتاقها وَكَانَ كل مَا أملكهُ من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 267 صَامت وناطق صَدَقَة على الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين وَكَانَت كل زَوْجَة فِي عقد نِكَاحه أَو يَتَزَوَّجهَا فِي الْمُسْتَقْبل طَالقا ثَلَاثًا بتاتا طَلَاق الْحَرج وَالسّنة على سَائِر الْمذَاهب وَكَانَ كل مَمْلُوك أَو أمة أَو يملكهم فِي الْمُسْتَقْبل أحرارا لوجه الله تَعَالَى وَكَانَ عَلَيْهِ الْحَج إِلَى بَيت الله الْحَرَام بِمَكَّة المشرفة وَالْوُقُوف بِعَرَفَة ثَلَاثَة حجَّة مُتَوَالِيَات مُتَتَابِعَات كوامل حافيا حاسرا وَكَانَ عَلَيْهِ صَوْم الدَّهْر كُله إِلَّا الْأَيَّام الْمنْهِي عَنْهَا وَكَانَ عَلَيْهِ أَن يفك ألف رَقَبَة مُؤمنَة من أسر الْكفَّار وبرئت إِذْ ذَاك من الله وَرَسُوله وَمن الْقُرْآن وَمن أنزلهُ وَأنزل عَلَيْهِ وأكون قد خلعت عصمَة الْإِسْلَام وخلعت رقبته من عنقِي وَلَقِيت الله خَارِجا عَنْهَا وَعَن كل ذمَّة من ذممه وَعَن كل عهد من عهوده وَهَذِه الْيَمين يَمِيني حَلَفت بهَا طَائِعا رَاغِبًا مُخْتَارًا مذعنا لطاعة الله وَطَاعَة رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَولي الْأَمر وَالنِّيَّة فِيهَا بأسرها نِيَّة مَوْلَانَا السُّلْطَان وَنِيَّة مستحلفي لَهُ بهَا لَا نِيَّة لي فِي باطني وظاهري سواهَا أشهد الله عَليّ بذلك وَكفى بِاللَّه شَهِيدا وَالله على مَا أَقُول وَكيل وَيكْتب الْحَالِف اسْمه فِي نُسْخَة هَذَا الْحلف فِي أَولهَا وَآخِرهَا وَيكْتب عَنهُ بأَمْره وإذنه إِن كَانَ مِمَّن لَا يكْتب وَإِن أشهد عَلَيْهِ فِي ذَلِك من حضر من أهل الشَّهَادَة فَهُوَ حسن وَهَذِه الْيَمين تصلح لِلْبيعَةِ الْعَامَّة تلخص ويفرد مِنْهَا مَا هُوَ الْمَقْصُود من ذَلِك الْحَالِف وَيحلف عَلَيْهِ وَأما الوزراء وأرباب التَّصَرُّفَات فِي الْأَمْوَال فَيَزْدَاد فِي تحليفهم وإنني أحفظ أَمْوَال مَوْلَانَا السُّلْطَان خلد الله ملكه من التبذير والإسراف والضياع والخونة وتفريط أهل الْعَجز وَلَا أستخدم فِي ذَلِك وَلَا فِي شَيْء مِنْهُ إِلَّا أهل الْكِفَايَة وَالْأَمَانَة وَلَا أضمن جِهَة من الْجِهَات الديوانية إِلَّا من الأملياء القادرين أَو مِمَّن زَاد زِيَادَة ظَاهِرَة وَأقَام عَلَيْهِ الضَّمَان الثِّقَات وَلَا أؤخر مُطَالبَة أحد بِمَا يتَعَيَّن عَلَيْهِ بِوَجْه حق من حُقُوق الدِّيوَان الْمَعْمُور وَالْمُوجِبَات السُّلْطَانِيَّة على اختلافها وإنني وَالله الْعَظِيم لَا أرخص فِي تسجيل وَلَا قِيَاس وَلَا أسامح أحدا بِمُوجب يجب عَلَيْهِ إِلَّا لضَرُورَة يتَعَيَّن مَعهَا الْمُسَامحَة وَلَا أخرج عَن أَمر مَوْلَانَا السُّلْطَان فِيمَا يَأْمُرنِي بِهِ وَلَا أعدل عَن مصلحَة تتَعَيَّن لَهُ ولدولته الشَّرِيفَة وَلَا أعلق أَمر مباشري ديوَان دولته الشَّرِيفَة إِلَّا بِمن يصلح أَحْوَاله بِاجْتِهَاد فِي تثمير أَمْوَاله وكف أَيدي الخونة عَنهُ وغل أَيْديهم أَن تصل إِلَى شَيْء مِنْهُ بِغَيْر حق وَلَا أدع حَاضرا وَلَا غَائِبا من أُمُور هَذِه الْمُبَاشرَة حَتَّى أجتهد فِيهِ الِاجْتِهَاد الْكُلِّي وأجرى أُمُوره على السداد وَحسن الِاعْتِمَاد ومحض النَّصِيحَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 268 وإنني لَا استجديت شَيْئا على المستقر إِطْلَاقه لأحد من خلق الله مَا لم يرسم لي بِهِ إِلَّا مَا فِيهِ مصلحَة ظَاهِرَة وغبطة وافرة ونفع بَين لهَذِهِ الدولة الْقَاهِرَة وإنني وَالله الْعَظِيم أؤدي الْأَمَانَة فِي كل كلما علق بِي ووليته من الْقَبْض وَالصرْف وَالْولَايَة والعزل والتقديم وَالتَّأْخِير وجهات الاستحقاقات الْقَلِيل مِنْهَا وَالْكثير والجليل والحقير ويكمل على نَحْو مَا سبق وَأما الدوادارية وَكتاب السِّرّ فيزاد فِي تحليفهم وإنني مهما اطَّلَعت عَلَيْهِ من مصَالح مَوْلَانَا السُّلْطَان فلَان ونصائحه وَأمر أَتَى ملكه ونازحه أوصله وأعرضه عَلَيْهِ وَلَا أخفيه شَيْئا مِنْهُ وَلَو كَانَ عَليّ وَلَا أكتمه وَلَو خفت وُصُول ضَرَره إِلَيّ ويفرد الدوادار وإنني لَا أؤدي عَن مَوْلَانَا السُّلْطَان رِسَالَة فِي إِطْلَاق مَال وَلَا اسْتِخْدَام مستخدم وَلَا اقتطاع إقطاع وَلَا تَرْتِيب مُرَتّب وَلَا تَجْدِيد مستجد وَلَا سداد شاغر وَلَا فصل مُنَازعَة وَلَا كِتَابَة توقيع وَلَا مرسوم وَلَا كتاب صَغِيرا كَانَ أَو كَبِيرا جَلِيلًا كَانَ أَو حَقِيرًا إِلَّا بعد عرضه على مسامع مَوْلَانَا السُّلْطَان فلَان ومشاورته ومعاودة أمره الشريف ومراجعته فِيهِ ويفرد كتاب السِّرّ وإنني وَالله الْعَظِيم مهما تَأَخَّرت قِرَاءَته من الْكتب الْوَارِدَة على مَوْلَانَا السُّلْطَان فلَان من الْبعيد والقريب أعاوده فِيهِ فِي وَقت آخر فَإِن لم أعاود فِيهِ لمجموع لَفظه لطوله عاودته فِيهِ بِمَعْنَاهُ مُلَخصا وإنني لَا أجاوب فِي شَيْء لم ينص المرسوم الشريف فِيهِ بِنَصّ خَاص مِمَّا لم تجر الْعَادة بِالنَّصِّ فِيهِ لَا أجاوب فِيهِ إِلَّا بأكمل مَا أرى أَن فِيهِ مصلحَة مَوْلَانَا السُّلْطَان فلَان ومصلحة دولته الشَّرِيفَة بأسد جَوَاب أقدر عَلَيْهِ ويصل اجتهادي إِلَيْهِ وَمهما أمكن الْمُرَاجَعَة فِيهِ لمولانا السُّلْطَان فلَان راجعته فِيهِ وَقت الْإِمْكَان وعملت بِنَصّ مَا يرسم لي بِهِ فِيهِ وَأما نواب القلاع فيزاد فِي تحليفهم وإنني أجمع رجال هَذِه القلعة ويسمي القلعة الَّتِي هُوَ فِيهَا على طَاعَة مَوْلَانَا السُّلْطَان فلَان وخدمته فِي حفظ هَذِه القلعة وحمايتها وتحصينها والذب عَنْهَا وَالْجهَاد دونهَا والمدافعة بِكُل طَرِيق وإنني أحفظ حواصلها وذخائرها وَسلَاح خاناتها على اخْتِلَاف أَنْوَاع مَا فِيهَا من الأقوات والأسلحة حفظا تَاما وَلَا أخرج شَيْئا مِنْهَا إِلَّا فِي أَوْقَات الْحَاجة والضرورة الداعية الْمُتَعَيّن فِيهَا تَفْرِيق الأقوات وَالسِّلَاح على قدر الْحَاجة وإنني أكون فِي ذَلِك كواحد مِمَّن يتبع اتِّبَاع رجال هَذِه القلعة وَلَا أتخصص وَلَا أمكن من التَّخْصِيص فِيمَا لَا يُمكن فِيهِ التَّخْصِيص الجزء: 2 ¦ الصفحة: 269 قلت بدين التَّوْحِيد وتعبدت غير الأرباب وَقلت إِن الْمعَاد غير روحاني وَأَن نَبِي المعمودية لَا يسبح فِي فسيح السَّمَاء وأبيت من وجود الْحور الْعين فِي الْمعَاد وَأَن فِي الدَّار الْآخِرَة التلذذات الجسمانية وَخرجت خُرُوج الشعرة من الْعَجِين من دين النَّصْرَانِيَّة وبرأت من اعتقادي فِي الْمَسِيح وَأمه وأكون محروما من ديني وَقلت إِن جرجس لم يقتل مَظْلُوما فَإِن كَانَ الْحَالِف يعقوبيا بدل قَوْله اللاهوت بالناسوت بقوله ممارسة اللاهوت الناسوت وَيبْطل قَوْله ووافقت البردعان بإنطاكية وجحدت مَذْهَب الملكانية ويبدله بقوله وكذبت يَعْقُوب وَقلت إِنَّه غير نَصْرَانِيّ وجحدت اليعقوبية وَقلت إِن الْحق مَعَ الملكية وكذبت مَا تضمنه الْإِنْجِيل الْمُقَدّس ومزقت شَدَائِد مَرْيَم وعصبت بهَا رَأْسِي وذبحت القسوس وَتركت على المذبح حَيْضَة يَهُودِيَّة وطفأت قناديل نَار جرجس وَإِلَّا تزوجت يَهُودِيَّة طمثاء حَتَّى لَا أطهر أبدا وَإِلَّا غسلت أثوابي صَبِيحَة الْجمع ورميت القاذورات فِي الْكَنَائِس وَالْبيع وعصيت اللاهوت وجحدت الناسوت صُورَة يَمِين السامرة وَهِي على نَحْو يَمِين الْيَهُود لأَنهم مِنْهُم وَقد قَالَ الْعلمَاء رَضِي الله عَنْهُم إِن وَافَقت أصولهم أصُول الْيَهُود أقرُّوا وَإِلَّا فَلَا وَصُورَة يمينهم تفرد بِموضع خلافهم لفرق الْيَهُود فَإِنَّهُم يوافقونهم فِي شَيْء ويخالفونهم فِي أَشْيَاء وَهِي وَالله وَالله وَالله الْعَظِيم الْبَارِي الْقَادِر القاهر الْقَدِيم الأزلي رب مُوسَى وَهَارُون منزل التَّوْرَاة والألواح الْجَوْهَر بِمَا فِيهَا من الْآيَات الْعَظِيمَة منقذ بني إِسْرَائِيل وناصب الطّور قبْلَة للمتعبدين وَإِلَّا كفرت بِمَا فِي التَّوْرَاة وبرئت من نبوة مُوسَى وَقلت بِأَن الْإِمَامَة فِي غير بني هَارُون ودكيت الطّور وقلعت بيَدي أثر الْبَيْت الْمَعْمُور واستبحت حرمات السبت وَقلت بالتأويل فِي الدّين وأقررت بِصِحَّة توراة الْيَهُود وَأنْكرت القَوْل بِأَنَّهُ لَا مساس وَلم أتجنب شَيْئا من الذَّبَائِح وأكلت الجدي بِلَبن أمه وسعيت فِي الْخُرُوج إِلَى الأَرْض الْمَحْظُور على سكنها وأتيت النِّسَاء الْحيض زمَان الطمث مستبيحا لَهُنَّ وَبت مَعَهُنَّ فِي الْمضَاجِع وَكنت أول كَافِر بخلافة هَارُون وأنفت مِنْهَا أَن تكون وَصُورَة يَمِين الْمَجُوس إِنَّنِي وَالله وَالله الرب الْعَظِيم الْقَدِيم النُّور الأزلي رب الأرباب وإله الْآلهَة ماحي آيَة الظُّلم والموجد من الْعَدَم مُدبر الأفلاك ومسيرها ومنور الشهب ومصورها خَالق الشَّمْس وَالْقَمَر ومنبت النَّجْم وَالشَّجر وَالنَّار والنور الجزء: 2 ¦ الصفحة: 270 والظل والحرور وَحقّ حيومرت وَمَا أولد من كرائم النَّسْل وزرادشت وَمَا جَاءَ بِهِ من القَوْل الْفَصْل والزبد وَمَا تضمن والخط المستدير وَمَا بَين وَإِلَّا أنْكرت أَن زرادشت لم يَأْتِ بالدائرة الصَّحِيحَة بِغَيْر آلَة وَأَن مملكة أفريدون كَانَت ضَلَالَة وأكون قد أشركت بهراسف فِيمَا سفك طعما لحيته وَقلت إِن دانيال لم يُسَلط عَلَيْهِ وَحرقت بيد الدرفش وَأنْكرت مَا عَلَيْهِ من الْوَضع الَّذِي أشرقت عَلَيْهِ أجرام الْكَوَاكِب وتمازجت فِيهِ القوى الأرضية بالقوى السماوية وكذبت هاني وصدقت مدرك واستبحت فُصُول الْفروج وَالْأَمْوَال وَقلت بإنكار التَّرْتِيب فِي طَبَقَات الْعَالم وَأَنه لَا مرجع فِي الْأُبُوَّة إِلَّا إِلَى آدم وفضلت الْعَرَب على الْعَجم وَجعلت الْفرس كَسَائِر الْأُمَم ومسحت بيَدي خطوط الفهلوية وجحدت السياسة الساسانية وَكنت مِمَّن غزا الْفرس مَعَ الرّوم وَمِمَّنْ خطأ سَابُور فِي خلع أكتاف الْعَرَب وجلبت الْبلَاء إِلَى بابل وَدنت بِغَيْر دين الْأَوَائِل وَإِلَّا أطفأت النَّار وأنكزت فعل الْفلك الدوار ومالأت فَاعل اللَّيْل على فَاعل النَّهَار وأبطلت حكم النيروز والمهرجان وَأَطْفَأت لَيْلَة الصدْق مصابيح النيرَان وَإِلَّا أكون مِمَّن حرم فروج الْأُمَّهَات وَقَالَ بِأَنَّهُ لَا يجوز الْجمع بَين الْأَخَوَات وأكون مِمَّن أنكر صَوَاب أزدشير وَكتب لفيومي بئس الْمولى وَبئسَ العشير وَأما صُورَة أَيْمَان أهل الْبدع من الرافضة وأنواع الشِّيعَة فهم طوائف كَثِيرَة يجمعهُمْ حب عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ وتختلف فرقهم فِي سواهُ فَأَما مَعَ إِجْمَاعهم على حبه فهم مُخْتَلفُونَ فِي اعْتِقَادهم فِيهِ فَمنهمْ أهل غلو مفرط وعتو زَائِد وَمِنْهُم من أدّى بِهِ الغلو إِلَى أَن اتخذ عليا إِلَهًا وَمِنْهُم النصيرية وَمِنْهُم من قَالَ إِنَّه النَّبِي الْمُرْسل وَلَكِن غلط جِبْرِيل وَمِنْهُم من قَالَ إِنَّه شريك فِي النُّبُوَّة والرسالة وَمِنْهُم من قَالَ إِنَّه وصّى النُّبُوَّة بِالنَّصِّ الْجَلِيّ ثمَّ اخْتلفُوا فِي الْإِمَامَة بعده وَأَجْمعُوا بعده على الْحسن ثمَّ الْحُسَيْن قَالَت فرقة وبعدهما مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة وجماهير الْقَوْم الْمَوْجُودين الْآن فرق ظَاهِرَة فِي هَذِه الممالك مِنْهُم النصيرية والإسماعيلية والإمامية والزيدية فَأَما النصرية فهم الْقَائِلُونَ بألوهية عَليّ وَإِذا مر بهم السَّحَاب قَالُوا السَّلَام عَلَيْك أَبَا الْحسن يَزْعمُونَ أَن السَّحَاب مَسْكَنه وَيَقُولُونَ إِن الرَّعْد صَوته وَإِن الْبَرْق ضحكه وَإِن سلمَان الْفَارِسِي رَسُوله وَيُحِبُّونَ ابْن ملجم وَيَقُولُونَ إِنَّه خلص اللاهوت من الناسوت وَلَهُم خطاب بَينهم من خاطبوه بِهِ لَا يعود يرجع عَنْهُم وَلَا يذيع مَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 271 وإنني وَالله وَالله وَالله لَا أفتح أَبْوَاب هَذِه القلعة إِلَّا فِي الْأَوْقَات الْجَارِي بهَا عَادَة أَبْوَاب الْحُصُون وأغلقها فِي الْوَقْت الْجَارِي بِهِ الْعَادة وَلَا أفتحها إِلَّا بشمس وَلَا أغلقها إِلَّا بشمس وإنني أطالب الحراس والدراجة وأرباب النوب فِي هَذِه القلعة بِمَا جرت بِهِ العوائد اللَّازِمَة لكل مِنْهُم مِمَّا فِي ذَلِك جَمِيعه مصلحَة مَوْلَانَا السُّلْطَان فلَان وَلَا أسلم هَذِه القلعة إِلَّا لمولانا السُّلْطَان فلَان أَو بمرسومه الشريف وأمارته الصَّحِيحَة وأوامره الصَّرِيحَة وإنني لَا أستخدم فِي هَذِه القلعة إِلَّا من فِيهِ نفع لَهَا وأهلية للْخدمَة وَلَا أعمل فِي ذَلِك بغرض نفس وَلَا أرخص فِيهِ لمن يعْمل بغرض نفس لَهُ وَلَا أواطىء وَلَا أداجي وَلَا أوالس وَلَا أدس دسيسة وَلَا أعمل حِيلَة فِي إِطْلَاق أحد مِمَّن يبرز مرسوم مَوْلَانَا السُّلْطَان بسجنه والاعتقال عَلَيْهِ بالقلعة الْمشَار إِلَيْهَا وأعتمد فِيهِ جَمِيع مَا يَأْمُرنِي بِهِ من غير تَفْرِيط وَلَا إهمال وَلَا فَتْرَة وَلَا تماد وإنني أبذل فِي نصيحته الْجهد وأشمر فِيهَا عَن ساعد الْجد وأؤدي أَمَانَته وأجتنب خيانته فِي سري وجهري وباطني وظاهري وَأشْهد الله عَليّ بذلك وَكفى بِاللَّه شَهِيدا وَأما صور أَيْمَان أهل الْكتاب فَمِنْهَا صُورَة يَمِين الْيَهُود وَالله وَالله وَالله الْعَظِيم الْقَدِيم الأزلي الْفَرد الصَّمد الْوَاحِد الْأَحَد الْمدْرك المهلك الطَّالِب الْغَالِب باعث مُوسَى بِالْحَقِّ وشاد عضده وأزره بأَخيه هَارُون ومنجيه من الْغَرق وَحقّ التَّوْرَاة المكرمة وَمَا فِيهَا من الْكَلِمَات المعظمة وَحقّ الْعشْر كَلِمَات الَّتِي أنزلت على مُوسَى فِي الصُّحُف الْجَوْهَر وَإِلَّا تعبدت فِرْعَوْن وهامان وبرئت من إِسْرَائِيل وَدنت دين النَّصْرَانِيَّة وصدقت مَرْيَم فِي دَعْوَاهَا وبرأت يُوسُف النجار وَأنْكرت الْخطاب وتعمدت الطّور بالقاذورات ورميت الصَّخْرَة المقدسة بالنجاسات وشاركت بخنتصر فِي هدم بَيت الْمُقَدّس وَقتل بني إِسْرَائِيل وألقيت الْعذرَة على مَكَان الْأَسْفَار وَكنت مِمَّن شرب من النَّهر وَمَال إِلَى جالوت وَفَارَقت شيعَة طالوت وَأنْكرت نبوة الْأَنْبِيَاء من بني إِسْرَائِيل ودللت على دانيال وأعلمت جَبَّار مصر مَكَان أرمياء وَكنت مَعَ الْبُغَاة والفواجر يَوْم يحيى وَقلت إِن النَّار المضيئة من شَجَرَة العوسج نَار إفْك وَأخذت الطّرق على مَدين وَقلت بالعظائم فِي بَنَات شُعَيْب وأجلبت مَعَ السَّحَرَة على مُوسَى ثمَّ بَرِئت مِمَّن آمن مِنْهُم وَكنت مَعَ من قَالَ اللحاق ليدرك من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 272 فر وأشرت بتخليف تَابُوت يُوسُف فِي مصر وسلمت إِلَى السامري فِي قَوْله وَنزلت أريحاء مَدِينَة الجبارين ورضيت بِفعل سكنة سدوم وخالفت أَحْكَام التَّوْرَاة واستبحت السبت وعدوت فِيهِ وَقلت إِن المضلة ضلال وَقلت بالبداءة على الله فِي الْأَحْكَام واخترت نسخ الشَّرَائِع واعتقدت أَن عِيسَى ابْن مَرْيَم الْمَسِيح الْمَوْعُود بِهِ على لِسَان مُوسَى بن عمرَان وانتقلت من الْيَهُودِيَّة إِلَى سواهَا من الْأَدْيَان واستبحت لحم الْجمل والشحم والحوايا وَمَا اخْتَلَط بِعظم وَقلت مقَالَة أهل بابل فِي إِبْرَاهِيم وَإِلَّا أكون محروما من دين الْيَهُودِيَّة حُرْمَة تجمع عَلَيْهَا الْأَحْبَار ونقلت عَلَيْهَا حصر الْكَنَائِس ورددت إِلَى التيه وَحرمت الْمَنّ والسلوى وبرئت من جَمِيع الأسباط وَقَعَدت عَن حَرْب الجبارين مَعَ الْقُدْرَة والنشاط وَالله وَالله وَالله إِنَّه لصَادِق فِيمَا حلف صُورَة يَمِين النَّصَارَى إِنَّنِي وَالله وَالله وَالله الْعَظِيم وَحقّ الْمَسِيح عِيسَى ابْن مَرْيَم وَأمه السيدة مَرْيَم وَإِلَّا بَرِئت من دين النَّصْرَانِيَّة وَالْملَّة المسيحية وَإِلَّا أَبْرَأ من المعمودية وَأَقُول إِن ماءها نجس وَأَن القرابين رِجْس وبرئت من يحيى المعمدان والأناجيل الْأَرْبَع والصلبان وَقلت إِن مَتى كذوب وَأَن مَرْيَم المجدلانية بَاطِلَة الدَّعْوَى فِي أَخْبَارهَا عَن السَّيِّد يشوع الْمَسِيح وَقلت فِي السيدة مَرْيَم قَول الْيَهُود وَدنت دينهم فِي الْجُحُود وَأنْكرت اتِّحَاد اللاهوت والناسوت وبرئت من الآب وَالأُم وَالروح الْقُدس وكذبت القسوس وَقطعت زناري وَكسرت صليبي ولعنت الشمامسة والديرانيين وهدمت الْكَنَائِس وَكنت مِمَّن بَال على قسطنطين بن هيلانة وتعمدته بالعظائم وخالفت المجامع الَّتِي أجمع عَلَيْهَا الأساقفة برومية والقسطنطينية ووافقت البردعان بأنطاكية وجحدت مَذْهَب الملكانية وسفهت رَأْي الرهبان وَأنْكرت وُقُوع الصَّلِيب على السَّيِّد يشوع وَكنت مَعَ الْيَهُود حِين صلبوه وجذبت رِدَاء الْكِبْرِيَاء عَن البطريك وَقَعَدت عَن أهل الشعانين وأبيت عبيد الصَّلِيب والغطاس وَلم أحفل بعيد السيدة وأكلت لحم الْجمل وَدنت بدين الْيَهُود وأبحت حُرْمَة الطَّلَاق وخنت الْمَسِيح فِي وديعته وَتَزَوَّجت فِي قرن بامرأتين وهدمت بيَدي كَنِيسَة قمامة وَكسرت صَلِيب الصلبوت وَقلت فِي النُّبُوَّة مقَالَة نسطورس ووجهت إِلَى الصَّخْرَة وَجْهي وصديت عَن الشرق الْمُنِير حَيْثُ كَانَ الْمظهر الْكَرِيم وَإِلَّا برأت من النورانيين والشعشونيين وَدنت غير دين النَّصَارَى وأبغضت عهدي وَأنْكرت أَن السَّيِّد يشوع أَحْيَا الْمَوْتَى وَأَبْرَأ الأكمه والأبرص وَقلت إِنَّه مربوب وَأَنه مَا رُؤِيَ وَهُوَ مصلوب وَأنْكرت أَن القربان الْمُقَدّس على المذبح مَا صَار لحم الْمَسِيح وَدَمه حَقِيقَة وَخرجت فِي النَّصْرَانِيَّة عَن الطَّرِيقَة وَإِلَّا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 273 خاطبوه بِهِ وَلَو ضربت عُنُقه وَهِي طَائِفَة ملعونة مَجُوسِيَّة المعتقد لَا يحرمُونَ الْبَنَات وَلَا الْأَخَوَات وَلَا الْأُمَّهَات وَلَهُم اعْتِقَاد فِي عدم تَحْرِيم الْخمر ويرون أَنَّهَا من النُّور وَلَهُم قَول فِي تَعْظِيم النُّور مثل قَول الْمَجُوس أَو مَا يُقَارِبه وَصُورَة أَيْمَانهم إِنَّنِي وَالله وَحقّ الْعلي الْأَعْلَى وَمَا أعتقده فِي الْمظهر الأسني وَحقّ النُّور وَمَا نَشأ مِنْهُ السَّحَاب وساكنه وَإِلَّا بَرِئت من مولَايَ عَليّ الْعلي الْأَعْظَم وولائي لَهُ وَمن مظَاهر الْحق وكشفت حجاب سلمَان بِغَيْر إِذن وبرئت من دَعْوَة الْحجَّة نصير وخضت مَعَ الخائضين فِي لعنة ابْن ملجم وكفرت بِالْخِطَابِ وأذعت السِّرّ المصون وَأنْكرت دَعْوَى أهل التَّحْقِيق وَإِلَّا قلعت أصل شَجَرَة الْعِنَب من الأَرْض بيَدي حَتَّى اجتنيت أُصُولهَا وَأَمْنَع سَبِيلهَا وَكنت مَعَ قابيل على هابيل وَمَعَ النمروذ على إِبْرَاهِيم وَهَكَذَا مَعَ كل فِرْعَوْن قَامَ على صَاحبه إِلَى أَن ألْقى الْعلي الْعَظِيم وَهُوَ عَليّ ساخط وَأَبْرَأ من قَول قنبر وَأَقُول إِنَّه بالنَّار مَا تطهر وَأما الإسماعيلية وهم الْقَائِلُونَ بانتقال الْإِمَامَة بعد جَعْفَر الصَّادِق إِلَى ابْنه الْأَكْبَر إِسْمَاعِيل وَهُوَ جد الْخُلَفَاء الفاطميين بِمصْر وَهَذِه الطَّائِفَة هم شيعَة تِلْكَ الدولة والقائلين بِتِلْكَ الدعْوَة وَتلك الْكَلِمَة وهم وَإِن أظهرُوا الْإِسْلَام وَقَالُوا بقول الإمامية ثمَّ خالفوهم فِي مُوسَى الكاظم وَقَالُوا بِأَنَّهَا لم تصر إِلَى أَخِيه إِسْمَاعِيل فَإِنَّهُم طَائِفَة كَافِرَة تعتقد التناسخ والحلول ثمَّ هم مُخْتَلفُونَ فِيمَا بعد فَمنهمْ نزارية وَمِنْهُم الْقَائِلُونَ بإمامة نزار والبقية على صرافهم وَهَؤُلَاء يجمعهُمْ يَمِين وَاحِدَة وَمَوْضِع الْخلاف بَينهم يَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَصُورَة الْيَمين الجامعة لَهُم إِنَّنِي وَالله وَالله الْوَاحِد الْأَحَد الْفَرد الصَّمد الْقَادِر القاهر الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ وَحقّ الله الْحق وَهُدَاة الْخلق عَليّ وبنيه أَئِمَّة الظُّهُور والخفاء وَإِلَّا بَرِئت من صَحِيح الْوَلَاء وصدقت أهل الْبَاطِل وَقمت مَعَ فرقة الضلال وانتصبت مَعَ النواصب فِي تَقْرِير الْمحَال وَلم أقل بانتقال الْإِمَامَة إِلَى السَّيِّد الْحُسَيْن ثمَّ إِلَى بنيه بِالنَّصِّ الْجَلِيّ وموصولة إِلَى جَعْفَر الصَّادِق ثمَّ إِلَى ابْنه إِسْمَاعِيل صَاحب الدعْوَة الهادية والأثرة الْبَاقِيَة وَإِلَّا قدحت فِي القداح وأثمت الدَّاعِي الأول وسعيت فِي اخْتِلَاف النَّاس ومالأت على السَّيِّد الْمهْدي وخذلت النَّاس عَن الْقَائِم ونقضت الدولة على الْمعز وَأنْكرت أَن خم يَوْم غَدِير لَا يعد فِي الأعياد وَقلت أَن لَا علم للأئمة بِمَا يكون وخالفت من ادّعى لَهُم الْعلم بالحدثان ورميت آل بَيت مُحَمَّد بالعظائم وَقلت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 274 فيهم الْكَبَائِر وواليت أعداءهم وعاديت أولياءهم وَمن هُنَا تزاد الزنارية وَإِلَّا فَجحدت أَن صَار الْأَمر إِلَى نزار وَأَنه أَتَى حملا فِي بطن جَارِيَة بخوف خوض بِلَاد الْأَعْدَاء وَأَن الِاسْم لم يُغير لتغيير الصُّورَة وَإِلَّا طغيت على الْحسن بن صباح وبرئت من الْمولى عَلَاء الدّين صَاحب الأسلوب وَمن نَاصِر الدّين سِنَان الملقب براشد الدّين وَكنت أول الْمُعْتَدِينَ وَقلت إِن مَا أروه من الأباطيل وَدخلت فِي أهل الْقرْيَة والأضاليل وَأما من سواهُم من الإسماعيلية المنكرين لإمامة نزار فَيُقَال فِي تحليفهم وَإِلَّا قلت بِأَن الْأَمر صَار إِلَى نزار وصدقت الْقَائِلين بِأَنَّهُ خرج حملا فِي بطن جَارِيَة وَأنْكرت ميتَته الظَّاهِرَة بالإسكندرية وادعيت أَنه لم يُنَازع الْحق أَهله ويجاذب الْخلَافَة رَبهَا ووافقت شيعته وتبعت الْحسن بن صباح وَكنت فِي النزارية آخر الأدوار ثمَّ تجمع هَذِه الطوائف الإسماعيلية على اخْتلَافهمْ فِي آخر الْيَمين بقَوْلهمْ وَإِلَّا قلت مقَالَة ابْن السلار فِي النِّفَاق وسددت رَأْي ابْن أَيُّوب وألقيت بيَدي الرَّايَة الصُّغْرَى وَرفعت السَّوْدَاء وَفعلت فِي أهل الْقصر تِلْكَ الفعال وتمحلت مثل تِلْكَ الْمحَال وَأما الإمامية فهم الْقَائِلُونَ إِن الْأَئِمَّة اثْنَا عشر إِمَامًا أَوَّلهمْ عَليّ وَآخرهمْ المنتظر فِي آخر الزَّمَان وهم الَّذين خالفتهم الإسماعيلية فَقَالُوا بإمامة إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر وَقَالَ هَؤُلَاءِ بإمامة مُوسَى الكاظم بن جَعْفَر وهم مُسلمُونَ إِلَّا أَنهم أهل بدع كَبِيرَة وهم سبابون وَصُورَة يَمِين هَؤُلَاءِ إِنَّنِي وَالله وَالله الْعَظِيم الرب الْوَاحِد الْأَحَد الْفَرد الصَّمد وَمَا أعتقده من صدق مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَنَصه على إِمَامَة ابْن عَمه ووارث علمه عَليّ بن أبي طَالب كرم الله وَجهه يَوْم غَدِير خم فِي قَوْله من كنت مَوْلَاهُ فعلي مَوْلَاهُ اللَّهُمَّ وَال من وَالَاهُ وَعَاد من عَادَاهُ وأدر الْحق على لِسَانه كَيْفَمَا دَار وَإِلَّا كنت مَعَ أول قَائِم يَوْم السَّقِيفَة وَآخر مُتَأَخّر يَوْم الدَّار وَلم أقل بِجَوَاز التقية خوفًا على النَّفس وأعنت ابْن الْخطاب واضطهدت فَاطِمَة الزهراء ومنعتها حَقّهَا من الْإِرْث وساعدت فِي تَقْدِيم تيم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 275 وعدي وَأُميَّة ورضيت بِحكم الشورى وكذبت حسان بن ثَابت يَوْم عَائِشَة وَقمت مَعهَا يَوْم الْجمل وشهرت السَّيْف مَعَ مُعَاوِيَة فِي صفّين وصدقت دَعْوَى زِيَاد وَنزلت على حكم ابْن مرْجَانَة وَكنت مَعَ عمر بن سعد فِي قتال الْحُسَيْن وَقلت إِن الْأَمر لم يصر بعد الْحسن إِلَى الْحُسَيْن وساعدت شمر بن جوشن على أهل تِلْكَ البلية وسبيت أهل الْبَيْت وسقتهم بالعصى إِلَى دمشق ورضيت بإمارة يزِيد وأطعت الْمُغيرَة بن شُعْبَة وَكنت ظهيرا لعَمْرو بن الْعَاصِ ثمَّ لبسر بن أَرْطَاة وَفعلت فعل عقبَة بن عبد الله الْمُزنِيّ وصدقت رَأْي الْخَوَارِج وَقلت إِن الْأَمر لم ينْتَقل بعد الْحُسَيْن بن عَليّ فِي أبنائه إِلَى تَمام الْأَئِمَّة إِلَى الإِمَام الْمهْدي المنتظر ودللت على مقَاتل أهل الْبَيْت بني أُميَّة وَبني الْعَبَّاس وأبطلت حكم التَّمَتُّع وزدت فِي حد الْخمر مَا لم يكن وَحرمت بيع أُمَّهَات الْأَوْلَاد وَقلت برأيي فِي الدّين وبرئت من شيعَة الْمُؤمنِينَ وَكنت تبعا لهوى أهل الشَّام وَمَعَ غوغاء الْقَائِد بالنهروان وَاتَّبَعت خطأ أبي مُوسَى وأدخلت فِي الْقُرْآن مَا لم يُثبتهُ ابْن مَسْعُود وشاركت ابْن ملجم فِي صدَاق قطام وبرئت من محبَّة هَمدَان وَلم أقل بِاشْتِرَاط الْعِصْمَة فِي الإِمَام وَدخلت مَعَ أهل النصب فِي الظلام وَأما الزيدية فهم أقرب الْقَوْم إِلَى الْقَصْد الْأُمَم وَقَوْلهمْ إِن أَبَا بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَئِمَّة عدل وَأَن ولايتهما كَانَت لما اقتضته الْمصلحَة مَعَ أَن عليا رَضِي الله عَنهُ أفضل مِنْهُمَا ويرون جَوَاز ولَايَة الْمَفْضُول على الْفَاضِل فِي بعض الأحيان لما تَقْتَضِيه الْمصلحَة أَو لخوف الْفِتْنَة ولهذه الطَّائِفَة إِمَام بِالْيمن وَصَنْعَاء دَاره ومقامه وَهَؤُلَاء الطَّائِفَة لَا يدينون إِلَّا بِطَاعَة ذَلِك الإِمَام وأمراؤهم لَا يرَوْنَ إِلَّا أَنهم نوابه وَكَانَت لهَؤُلَاء دولة قديمَة بطبرستان فَزَالَتْ وَلم يبْق مِنْهَا الْآن إِلَّا شرذمة قَليلَة وَصُورَة يَمِين هَؤُلَاءِ يَمِين أهل السّنة وَيُزَاد فِيهِ وَإِلَّا بَرِئت من مُعْتَقد زيد بن عَليّ وَرَأَيْت أَن أَقُول فِي الْأَذَان إِن حَيّ على خير الْعَمَل بِدعَة وخلعت طَاعَة الإِمَام الْمَعْصُوم الْوَاجِب الطَّاعَة وادعيت أَن الْمهْدي المنتظر لَيْسَ من ولد الْحسن بن عَليّ وَقلت بتفضيل الشَّيْخَيْنِ على أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ وعَلى بنيه وطعنت فِي رَأْي ابْنه الْحسن على مَا اقتضته الْمصلحَة وطعنت عَلَيْهِ فِيهِ وَغير هَؤُلَاءِ مِمَّن يحْتَاج إِلَى تَحْلِيفه طَائِفَة الدرزية وَهِي تسمى الطَّائِفَة الآمنة الخائفة وشأنهم شَأْن النصيرية فِي اسْتِبَاحَة فروج الْمَحَارِم وَسَائِر الْفروج الْمُحرمَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 276 وهم أَشد كفرا ونفاقا مِنْهُم وأجدر أَن لَا يعلمُوا حُدُود مَا أنزل الله على رَسُوله وهم أبعد من كل خير وَأقرب من كل شَرّ وانتماؤهم إِلَى أبي مُحَمَّد الدرزي وَكَانَ من أهل مُوالَاة الْحَاكِم أبي عَليّ الْمَنْصُور بن الْعَزِيز خَليفَة مصر وَكَانُوا أَولا من الإسماعيلية ثمَّ خَرجُوا عَن كل مَا تمحلوه وهدموا كل مَا أثلوه وهم يَقُولُونَ برجعة الْحَاكِم وَأَن الألوهية انْتَهَت إِلَيْهِ وتديرت ناسوته وَهُوَ يغيب وَيظْهر بهيئته وَيقتل أعداءه قتل إبادة لَا معاد بعده وهم يُنكرُونَ الْمعَاد من حَيْثُ هُوَ وَيَقُولُونَ نَحْو قَول الطبائعية إِن الطبائع هِيَ المولدة وَالْمَوْت بِفنَاء الْحَرَارَة الغريزية كانطفاء السراج بِفنَاء الزَّيْت إِلَّا من اعتبط وَيَقُولُونَ دهر دَائِم وعالم قَائِم أَرْحَام تدفع وَأَرْض تبلع وَهَذِه الطَّائِفَة هم الَّذين زادوا فِي الْبَسْمَلَة أَيَّام الْحَاكِم وَكَتَبُوا بِسم الْحَاكِم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم فَلَمَّا أنكر عَلَيْهِم كتبُوا بِسم الله الْحَاكِم الرَّحْمَن الرَّحِيم فَجعلُوا فِي الأول الله صفة الْحَاكِم وَجعلُوا فِي الثَّانِي الْعَكْس وَمن هَؤُلَاءِ أهل كسروان وَكَانَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين بن تَيْمِية رَحمَه الله تَعَالَى يرى أَن قِتَالهمْ وقتال النصيرية أولى من قتال الأرمن لأَنهم أَعدَاء فِي دَار الْإِسْلَام وَشر بقائهم أضرّ وَصُورَة يَمِين هَؤُلَاءِ إِنَّنِي وَالله وَحقّ الْحق الْحَاكِم وَمَا أعتقده من موالاته وَمَا أعتقده أَبُو عبد الله الدرزي الْحجَّة الْوَاضِحَة وَرَآهُ الدرزي مثل الشَّمْس اللائحة وَإِلَّا قلت إِن مولَايَ الْحَاكِم مَاتَ وبلى وَتَفَرَّقَتْ أوصاله وفنى واعتقدت تَبْدِيل الأَرْض وَالسَّمَاء وعود الرمم بعد الفناء وتبعت كل جَاهِل وحظرت على نَفسِي مَا أُبِيح لي وعملت بيَدي مَا فِيهِ فَسَاد بدني وكفرت بالبيعة الْمَأْخُوذَة وجعلتها وَرَاء ظَهْري منبوذة وَأما الْخَوَارِج فهم الْفرْقَة المباينة للسّنة والشيعة وهم الَّذين أَنْكَرُوا التَّحْكِيم وَقَالُوا لَا حكم إِلَّا لله كفرُوا بالذنب وَكَفرُوا عليا وَمُعَاوِيَة وَسَائِر من خالفهم مِمَّن لَا يرى رَأْيهمْ وهم طوائف كَثِيرَة وَمِنْهُم الوهية بِبِلَاد الغرب وَصُورَة يَمِين هَؤُلَاءِ صُورَة يَمِين أهل السّنة وَيُزَاد فِيهَا وَإِلَّا أجزت التَّحْكِيم وصوبت قَول الْفَرِيقَيْنِ فِي صفّين وأطعت بالرضى حكم أهل الْجور وَقلت فِي كتاب الله بالتأويل وأدخلت فِي الدّين مَا لَيْسَ فِيهِ وَقلت إِن إِمَارَة بني أُميَّة عدل وَأَن قضاءهم حق وَأَن عَمْرو بن الْعَاصِ أصَاب وَأَن أَبَا مُوسَى مَا أَخطَأ واستبحت الْأَمْوَال والفروج بِغَيْر حق واجترحت الْكَبَائِر والصغائر وَلَقِيت الله مُثقلًا بالأوزار وَقلت إِن مَا فعله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 277 عبد الرَّحْمَن بن ملجم كفر وَإِن قَاتل خَارجه آثم وبرئت من فعلة قطام وخلعت طَاعَة الرؤوس وَأنْكرت أَن تكون الْخلَافَة إِلَّا فِي قُرَيْش وَإِلَّا فَلَا أرويت سَيفي ورمحي من دِمَاء المخطئين وَصُورَة يَمِين الْحُكَمَاء إِنَّنِي وَالله وَالله وَالله الْعَظِيم الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْوَاحِد الْأَحَد الْفَرد الصَّمد الأبدي السرمدي الأزلي الَّذِي لم يزل علمه عِلّة الْعِلَل رب الأرباب ومدبر الْكل الْقَدِير الْقَدِيم الأول بِلَا بداية وَالْآخر بِلَا نِهَايَة المنزه عَن أَن يكون حَادِثا أَو عرضا للحوادث الْحَيّ المتصف بِصِفَات الْبَقَاء والسرمدية والكمال والمتردي برداء الْكِبْرِيَاء والجلال مُدبر الأفلاك ومسير الشهب ومفيض القوى على الْكَوَاكِب باث الْأَرْوَاح فِي الصُّور مكون الكائنات ومنمي الْحَيَوَان والمعدن والنبات وَإِلَّا فَلَا رقت روحي إِلَى مَكَانهَا وَلَا اتَّصَلت نَفسِي بعالمها وَبقيت فِي ظلم الْجَهَالَة وحجب الضَّلَالَة وَفَارَقت نَفسِي غير مرتسمة بالمعارف وَلَا تَكَلَّمت بِالْعلمِ وَلَا نطقت بالحكمة وَبقيت فِي غرر النَّقْص وتنحيت فِي زمرة الْبَغي وَأخذت بِنَصِيب من الشّرك وَأنْكرت المعالم وَقلت بِفنَاء الْأَرْوَاح ورضيت فِي هَذَا بمقالة أهل الطبيعة ودمت فِي قيد المركبات وشواغل الْحِين وَلم أدْرك الْحَقَائِق على مَا هِيَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَقلت إِن الهيولي غير قَابِلَة لتركيب الْأَجْسَام وَأنْكرت الْمَادَّة وَالصُّورَة وخرقت النواميس وَقلت إِن التحسين والتقبيح إِلَى غير الْعقل وخلدت مَعَ النُّفُوس الشريرة وَلم أجد سَبِيلا إِلَى النجَاة وَقلت إِن الْإِلَه لَيْسَ فَاعِلا بِالذَّاتِ وَلَا عَالما بالكليات وَدنت بِأَن النبوات متناهية وَأَنَّهَا غير كسبية وحدت عَن طَرِيق الْحُكَمَاء ونقضت تَقْرِير القدماء وخالفت الفلاسفة الإلهية ووافقت على إِفْسَاد الصُّور للعبث وحيزت الرب فِي جِهَة وَأثبت أَنه جسم وَجَعَلته مِمَّا يدْخل تَحت الْحَد والماهية ورضيت بالتقليد فِي الألوهية وَصُورَة يَمِين الْقَدَرِيَّة وَالله وَالله وَالله الْعَظِيم ذِي الْأَمر الْأنف خَالق الْأَفْعَال والمشيئة وَإِلَّا قلت بِأَن العَبْد مكتسب وَأَن الْجَعْد بن دِرْهَم محتقب وَقلت إِن هِشَام بن عبد الْملك أصَاب دَاخِلا لأمية وَأَن مَرْوَان بن مُحَمَّد كَانَ ضَالًّا فِي أَتْبَاعه وَآمَنت بِالْقدرِ خَيره وشره وَقلت إِن مَا أصابني لم يكن ليخطئني وَمَا أخطأني لم يكن ليصيبني وَلم أقل إِنَّه إِذا كَانَ أَمر قد فرغ مِنْهُ فَفِيمَ أسدد وأقارب وَلم أطعن فِي رُوَاة الحَدِيث اعْمَلُوا فَكل ميسر لما خلق لَهُ وَلم أتأول معنى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 278 قَوْله تَعَالَى {وَإنَّهُ فِي أم الْكتاب لدينا لعَلي حَكِيم} وبرئت مِمَّا أعتقد وَلَقِيت الله وَأَنا أَقُول الْأَمر غير أنف اسْتِدْرَاك اعْلَم أَن صور الْأَيْمَان الْمَذْكُورَة الْمُتَعَلّقَة بِهَذِهِ الطوائف البدعية والشيعية والقدرية والخوارج وَمَا هُوَ فِي حكمهم وَإِن كَانَت غير مَقْصُودَة فِي الْبَاب وَلَا تعلق للشُّهُود وَلَا لحكام الشَّرِيعَة المطهرة فِيهَا وَرُبمَا يَقُول الْوَاقِف عَلَيْهَا ذَلِك أَو إِن وَضعهَا فِي هَذَا الْكتاب عَبث فَأَقُول الْبَاعِث على وَضعهَا فِي هَذَا الْكتاب هُوَ أَن الْغَالِب على أُمَرَاء الشرق وَمَا والاها من أَطْرَاف الممالك الإسلامية الَّذين يراسلون سُلْطَان الديار المصرية ويوالونه على هَذَا الِاعْتِقَاد وَفِي أُمَرَاء الْحجاز الشريف من ينْسب إِلَى انتحال مَذْهَب زيد بن عَليّ وَفِي أَشْرَاف الْمَدِينَة الشَّرِيفَة النَّبَوِيَّة على الْحَال بهَا أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام من فِي اعْتِقَاده مَا هُوَ أَسْوَأ حَالا من اعْتِقَاد الزيدية وَرُبمَا جرد السُّلْطَان تجريدة وَأخرج عسكرا إِلَى جِهَة من هَذِه الْجِهَات لخُرُوج فرقة من هَذِه الْفرق أَو طَائِفَة من طوائف الْخَوَارِج وَالْعِيَاذ بِاللَّه على جمَاعَة الْمُسلمين أَو هرب عَدو من أَعدَاء السلطنة الشَّرِيفَة وانتمى إِلَى أحد من أُمَرَاء تِلْكَ الْأَطْرَاف الْقَائِلين بِهَذِهِ الْمذَاهب واحتيج إِلَى تَحْلِيفه أَن عَدو السلطنة الشَّرِيفَة لَيْسَ هُوَ عِنْده وَلَا دخل إِلَى بِلَاده وَأَنه لَا يدْخل إِلَى بِلَاد الممالك الإسلامية وَلَا يفْسد فِيهَا وَأَنه يحفظ طرفه الَّذِي هُوَ مُقيم فِيهِ وَلَا يتعداه إِلَى غَيره من بِلَاد الممالك الإسلامية فَحِينَئِذٍ يحْتَاج إِلَى قَاضِي الْعَسْكَر لحضور هَذِه الْيَمين وَرُبمَا تعذر حُضُور كَاتب السِّرّ الشريف أَو نَائِبه لغَرَض أَو لمَرض فَيقوم قَاضِي الْعَسْكَر مقَامه فِي ذَلِك وَيكون على بَصِيرَة من هَذِه الاعتقادات المقررة فِي هَذِه الصُّور فَمن نسب إِلَى اعْتِقَاد شَيْء مِنْهَا حلفه على مُقْتَضى اعْتِقَاده إِذا كَانَ مِمَّن يعلم مِنْهُ ذَلِك الِاعْتِقَاد أَو يُؤثر عَنهُ وَيكون تَحْلِيفه على مُقْتَضى معتقده أوقع فِي النُّفُوس وَأقوى فِي إِقَامَة حُرْمَة الناموس الشريف وَلَقَد وَقع لي ذَلِك فِي بِلَاد ابْن قرمان مَعَ مخدومي الَّذِي كنت فِي خدمته وَهُوَ إِذْ ذَاك نَائِب حلب انْتهى وَالله أعلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 279 كتاب الْقَضَاء وَمَا يتَعَلَّق بِهِ من الْأَحْكَام الأَصْل فِي ثُبُوته فِي الشَّرْع الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع وَالْقِيَاس أما الْكتاب فَقَوله تَعَالَى {يَا دَاوُد إِنَّا جعلناك خَليفَة فِي الأَرْض فاحكم بَين النَّاس بِالْحَقِّ} وَقَوله تَعَالَى {فَلَا وَرَبك لَا يُؤمنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوك فِيمَا شجر بَينهم ثمَّ لَا يَجدوا فِي أنفسهم حرجا مِمَّا قضيت ويسلموا تَسْلِيمًا} وَقَوله تَعَالَى {إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهلهَا وَإِذا حكمتم بَين النَّاس أَن تحكموا بِالْعَدْلِ إِن} وَقَوله تَعَالَى {وَأَن احكم بَينهم بِمَا أنزل الله وَلَا تتبع أهواءهم واحذرهم أَن يفتنوك عَن بعض مَا أنزل الله إِلَيْك فَإِن توَلّوا فَاعْلَم أَنما يُرِيد الله أَن يصيبهم بِبَعْض ذنوبهم وَإِن كثيرا من النَّاس لفاسقون} وَأما السّنة فَإِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حكم بَين النَّاس وَبعث عليا إِلَى الْيمن للْقَضَاء بَين النَّاس وَرُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من أَطَاعَنِي فقد أطَاع الله وَمن عَصَانِي فقد عصى الله وَمن أطَاع أَمِيري فقد أَطَاعَنِي وَمن عصى أَمِيري فقد عَصَانِي وَجُمْلَة ذَلِك أَن من عصى إِمَامًا أَو قَاضِيا أَو حَاكما من الْحُكَّام فِيمَا أَمر بِهِ من الْحق أَو حكم فِيهِ بِوَجْه الْحق وَالْعدْل فقد عصى الله وَرَسُوله وتعدى حُدُوده وَأما إِن قضى بِغَيْر الْعدْل أَو أَمر بِغَيْر الْحق فطاعته غير لَازِمَة لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا طَاعَة لمخلوق فِي مَعْصِيّة الْخَالِق إِلَّا أَن يخْشَى أَن تُؤدِّي مُخَالفَته إِلَى الْهَرج وَالْفساد وَسَفك الدِّمَاء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 280 واستباحة الْأَمْوَال وهتك الحرمات فَتجب طَاعَته حِينَئِذٍ على كل حَال وَأما الْإِجْمَاع فَإِن الْخُلَفَاء الرَّاشِدين حكمُوا بَين النَّاس وَبعث أَبُو بكر أنس بن مَالك إِلَى الْبَحْرين ليقضي بَين النَّاس وَبعث عمر أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ إِلَى الْبَصْرَة قَاضِيا وَبعث عبد الله بن مَسْعُود إِلَى الْكُوفَة قَاضِيا وَأما الْقيَاس فَلِأَن الظُّلم من شيم النُّفُوس وطبع الْعَالم وَلِهَذَا قَالَ الشَّاعِر وَالظُّلم من شيم النُّفُوس فَإِن تَجِد ذَا عفة فلعلة لَا يظلم وَقد وَردت أَخْبَار تدل على ذمّ الْقَضَاء وأخبار تدل على مدحه فَأَما الَّتِي تدل على ذمه فَمَا رُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من استقضي فَكَأَنَّمَا ذبح بِغَيْر سكين قيل ل بن عَبَّاس وَمَا الذّبْح قَالَ نَار جَهَنَّم وروت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يُؤْتى يَوْم الْقِيَامَة بِالْقَاضِي الْعَادِل فَيلقى من شدَّة الْحساب مَا يود أَنه لم يكن قضى بَين اثْنَيْنِ فِي تَمْرَة وَاحِدَة وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأبي ذَر إِنِّي أحب لَك مَا أحب لنَفْسي فَلَا تأمرن على اثْنَيْنِ وَلَا تتول مَال يَتِيم وَلِأَن الْقَضَاء محنة وبلية فَمن دخل فِيهِ فقد عرض نَفسه للهلاك لعسر التَّخَلُّص مِنْهُ لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من جعل قَاضِيا فقد ذبح بِغَيْر سكين وَقَالَ إِنَّكُم ستختصمون على الْإِمَارَة وستكون حسرة وندامة وَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ وددت أَن أنجو من هَذَا الْأَمر كفافا لَا عَليّ وَلَا لي وَأما الْأَخْبَار الَّتِي تدل على مدحه فَمَا رُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا اجْتهد الْحَاكِم فَأصَاب فَلهُ أَجْرَانِ وَإِن أَخطَأ فَلهُ أجر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 281 وروى ابْن مَسْعُود أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا حسد إِلَّا فِي اثْنَيْنِ رجل آتَاهُ الله مَالا فَسَلَّطَهُ على هَلَكته بِالْحَقِّ وَرجل آتَاهُ الله حِكْمَة فَهُوَ يقْضِي بهَا وَيعلمهَا وَتَأْويل ذَلِك أَن الْأَخْبَار الَّتِي تدل على ذمه مَحْمُولَة على من علم من نَفسه أَنه لَا يَسْتَطِيع أَن يقوم بِالْقضَاءِ إِمَّا لجهله أَو لقلَّة أَمَانَته وَالْأَخْبَار الَّتِي تدل على مدحه مَحْمُولَة على من علم من نَفسه الْقُدْرَة على الْقيام بِالْقضَاءِ لعلمه وأمانته وَالدَّلِيل على صِحَة هَذَا التَّأْوِيل مَا رُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْقُضَاة ثَلَاثَة وَاحِد فِي الْجنَّة وَاثْنَانِ فِي النَّار فَأَما الَّذِي فِي الْجنَّة فَرجل علم الْحق وَقضى بِهِ فَهُوَ فِي الْجنَّة وَرجل عرف الْحق فجار فِي حكمه فَهُوَ فِي النَّار وَرجل قضى للنَّاس على جهل فَهُوَ فِي النَّار وروى أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من طلب الْقَضَاء حَتَّى يَنَالهُ فَإِن غلب عدله جوره فَهُوَ فِي الْجنَّة وَإِن غلب جوره عدله فَهُوَ فِي النَّار وروى أَبُو هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا جلس القَاضِي بعث الله إِلَيْهِ ملكَيْنِ يسددانه فَإِن عدل أَقَامَا وَإِن جَار عرجا وتركاه وَعَن عبد الله ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا من حَاكم يحكم بَين النَّاس إِلَّا يبْعَث يَوْم الْقِيَامَة وَملك آخذ بقفاه حَتَّى يستوقفه على شَفير جَهَنَّم حَتَّى يلْتَفت إِلَيْهِ مغضبا فَإِن قَالَ ألقه أَلْقَاهُ فِي الْهَوِي أَرْبَعِينَ خَرِيفًا وَفِي رِوَايَة سبعين خَرِيفًا وَفِي حَدِيث أم سَلمَة قَالَ إِنَّمَا أَنا بشر وأنكم تختصمون إِلَيّ فَلَعَلَّ بَعْضكُم أَن يكون أَلحن بحجته من أَخِيه فأقضي لَهُ على نَحْو مَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 282 أسمع من كَلَامه فَمن قضيت لَهُ بِشَيْء من حق أَخِيه فَلَا يَأْخُذهُ فَإِنَّمَا أقطع لَهُ قِطْعَة من النَّار وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِمعَاذ بن جبل حِين بَعثه إِلَى الْيمن كَيفَ تقضي إِذا عرض لَك قَضَاء قَالَ أَقْْضِي بِكِتَاب الله قَالَ فَإِن لم يكن فِي كتاب الله قَالَ فبسنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فَإِن لم يكن فِي سنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أجتهد رَأْيِي وَلَا آلو قَالَ فَضرب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي صَدره وَقَالَ الْحَمد لله الَّذِي وفْق رَسُول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما يرضى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقَضَاء فرض كِفَايَة فَإِن قَامَ بِهِ من يصلح سقط الْفَرْض عَن البَاقِينَ وَإِن امْتنع الْجَمِيع أثموا وَالصَّحِيح أَن الإِمَام يجْبر أحدهم وَشرط القَاضِي إِسْلَام وتكليف وحرية وذكورة وعدالة وَسمع وبصر على الصَّحِيح ونطق وكفاية واجتهاد وَهُوَ أَن يعرف من الْقُرْآن وَالسّنة مَا يتَعَلَّق بِالْأَحْكَامِ وَالْخَاص وَالْعَام وَالْمُطلق والمقيد والمجمل والناسخ والمنسوخ ومتواتر السّنة والآحاد والمرسل والمتصل وَحَال الروَاة جرحا وتعديلا ولسان الْعَرَب لُغَة ونحوا وأقوال الْعلمَاء من الصَّحَابَة فَمن بعدهمْ إِجْمَاعًا واختلافا وَالْقِيَاس وأنواعه وَأَن يكون عَارِفًا بأصول الِاعْتِقَاد وَلَا يشْتَرط الْكِتَابَة فِي الْأَصَح وَلَا التبحر فِي هَذِه الْعُلُوم وَلَا حفظ الْقُرْآن وَفِيه نزاع فَإِن تَعَذَّرَتْ هَذِه الشُّرُوط فولى سُلْطَان لَهُ شَوْكَة فَاسِقًا نفذ قَضَاؤُهُ للضَّرُورَة وَينْدب للْإِمَام أَن يَأْذَن للْقَاضِي فِي الِاسْتِخْلَاف فَإِن نَهَاهُ لم يسْتَخْلف فَإِن كَانَ مَا فوضه إِلَيْهِ لَا يُمكنهُ الْقيام بِهِ فَقيل هَذَا النَّهْي كَالْعدمِ وَشرط الْمُسْتَخْلف كَالْقَاضِي إِلَّا أَن يستخلفه فِي أَمر خَاص فَيَكْفِي علمه بِمَا يتَعَلَّق بِهِ وَيجوز للْإِمَام أَن يولي قَاضِيا فِي الْبَلَد الَّذِي هُوَ فِيهِ لما رُوِيَ أَن رجلَيْنِ اخْتَصمَا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعَمْرو بن الْعَاصِ اقْضِ بَينهمَا فَقَالَ أَقْْضِي بَينهمَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 283 وَأَنت حَاضر فَقَالَ اقْضِ بَينهمَا فَإِن أصبت فلك أَجْرَانِ وَإِن أَخْطَأت فلك أجر وَفِي رِوَايَة إِن أصبت فلك عشر حَسَنَات وَإِن أَخْطَأت فلك حَسَنَة وَاحِدَة فَإِن كَانَ الإِمَام بِبَلَد وَاحْتَاجَ أهل بلد آخر إِلَى قَاض وَجب على الإِمَام أَن يبْعَث إِلَيْهِم قَاضِيا لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث عليا وَمعَاذًا إِلَى الْيمن قُضَاة وَلِأَنَّهُ يشق عَلَيْهِم قصد بلد الإِمَام لخصوماتهم فَإِن كَانَ الإِمَام يعرف أهل الِاجْتِهَاد وَالْعَدَالَة بعث قَاضِيا مِنْهُم وَإِن كَانَ لَا يعرفهُمْ جمع أهل الْمذَاهب فِي مَجْلِسه وسألهم أَن يتناظروا بَين يَدَيْهِ فَإِذا علم الْمُجْتَهد مِنْهُم بحث عَن عَدَالَته فَإِذا ثبتَتْ عَدَالَته ولاه الْقَضَاء وَبَعثه إِلَيْهِم فَإِن ولاه مَعَ جَهله بِهِ لم تَنْعَقِد ولَايَته وَإِن عرف أَهْلِيَّته بعد وَإِذا جن قَاض أَو أُغمي عَلَيْهِ أَو عمي أَو خرس أَو ذهبت أَهْلِيَّة اجْتِهَاده وَضَبطه لغفلة أَو نِسْيَان لم ينفذ حكمه وَإِن فسق فَكَذَا فِي الْأَصَح فَإِن زَالَت هَذِه الْأَسْبَاب لم تعد ولَايَته بَاب أدب القَاضِي وَمن أدبه خَمْسَة عشر أدبا الأول إِذا قصد عمله أرسل رَسُولا أَو كتابا يعلمهُمْ بذلك ليصيروا على أهبة لَهُ الثَّانِي إِذا وصل إِلَى عمله أَن ينزل فِي وسط الْبَلَد ليهون على أَهله الْمَجِيء إِلَيْهِ وَفِيه تَسْوِيَة بَينهم وَيدخل يَوْم الْإِثْنَيْنِ فَإِن تعذر فالخميس وَإِلَّا فالسبت وَيسْأل عَن عُلَمَاء بَلَده وعدولهم الثَّالِث أَن لَا يتَّخذ بوابا الرَّابِع أَن لَا يتَّخذ حاجبا الْخَامِس الْخَامِس أَن يرتب مزكين السَّادِس أَن يتَّخذ عَاقِلا أَمينا عَارِفًا بالصناعة جيد الْخط حسن الضَّبْط بَعيدا عَن الطمع والفقيه أَشد اسْتِحْبَابا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 284 السَّابِع يكره الْجُلُوس فِي الْمَسْجِد لفصل الْقَضَاء لِكَثْرَة من يَغْشَاهُ من الْخُصُوم وَلما يجْرِي بَينهم من الْأَلْفَاظ الَّتِي يصان الْمَسْجِد عَنْهَا الثَّامِن أَن يحضر الْعلمَاء مَجْلِسه التَّاسِع أَن يخرج وَعَلِيهِ السكينَة وَالْوَقار وَيَدْعُو بِدُعَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك أَن أذلّ أَو أذلّ أَو أضلّ أَو أضلّ أَو أظلم أَو أظلم أَو أَجْهَل أَو يجهل عَليّ وَأَن يجلس مُسْتَقْبل الْقبْلَة من غير استكبار ويتثبت فِي أُمُوره كلهَا وَلَا يطمح ببصره إِلَى أحد الْخَصْمَيْنِ وَيَقُول لَهما مَعًا تكلما أَو يسكت حَتَّى يبتدىء أَحدهمَا الْعَاشِر أَن يتفقد أَحْوَال نَفسه من جوع وعطش وَغَضب بل يجلس وَهُوَ سَاكن الْحَواس من الْأُمُور الَّتِي تفْسد بَاطِنه وَظَاهره الْحَادِي عشر أَن يرتب عدُول بَلَده على طبقاتهم وَلَا يقبل الْجرْح وَالتَّعْدِيل والترجمة إِلَّا من شَاهِدين عَدْلَيْنِ وَإِن ارتاب فِي الشُّهُود سَأَلَهُمْ مُتَفَرّقين وَلَا يقبل فِي التَّعْدِيل إِلَّا قَول الْمعدل هُوَ عدل لي وَعلي الثَّانِي عشر يكره لَهُ البيع وَالشِّرَاء بِنَفسِهِ أَو بوكيل خصوصي وَلَا يمْتَنع من شُهُود الْجَنَائِز وعيادة المرضى وَالسَّلَام على الْغَائِب عِنْد مقدمه ويحضر الولائم كلهَا أَو يمْتَنع مِنْهَا كلهَا الثَّالِث عشر يحرم عَلَيْهِ قبُول هَدِيَّة من الْخَصْمَيْنِ أَو من أَحدهمَا قَالَت الْحَنَفِيَّة وَلَا يحل للْقَاضِي قبُول الْهَدِيَّة إِلَّا من ذِي رحم محرم مِنْهُ أَو مِمَّن جرت عَادَته قبل الْقَضَاء بمهاداته بِشَرْطَيْنِ أَحدهمَا أَن لَا يكون بَينه وَبَين أحد خُصُومَة وَقت الْهَدِيَّة وَالثَّانِي أَن لَا يزِيد الْمهْدي فِي هديته على مَا هُوَ الْمُعْتَاد قبل الْقَضَاء فَإِن زَاد رد الزِّيَادَة قَالُوا وَلَا يحل للْقَاضِي أَن يستعير شَيْئا أَو يستقرض مِمَّن لم يكن قبل الْقَضَاء يستعير مِنْهُ أَو يستقرضه وَمن تقلد الْقَضَاء برشوة أَعْطَاهَا لَا يصير قَاضِيا وَيرْحَم عَلَيْهِ إِعْطَاء الرِّشْوَة وَيحرم على السُّلْطَان أَخذهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 285 الرَّابِع عشر أول مَا ينظر فِي أَمر المحبسين والأيتام والأوصياء والأمناء واللقطاء والقوام والأوقاف وَمَا يتَعَلَّق بذلك الْخَامِس عشر أَن لَا يتعقب حكم من قبله بِنَقْض بل يطْلب مَا كَانَ بيد القَاضِي الْمَعْزُول فَإِن بَان لَهُ خطأ فَلَا يشهره بل يوقفه عَلَيْهِ ويسأله عَنهُ وَلَا يُبينهُ لغيره فرع وَالشَّهَادَة على مَرَاتِب الأولى مِنْهَا مَا يثبت بِشَهَادَة أَرْبَعَة من الرِّجَال الْعُدُول وَهُوَ الزِّنَا واللواط الثَّانِيَة مَا لَا يثبت إِلَّا بِشَهَادَة عَدْلَيْنِ ذكرين وَهِي الْعقُوبَة كَحَد الشّرْب وَالسَّرِقَة وَقطع الطَّرِيق وَالْقَتْل بِالرّدَّةِ وَالْقصاص فِي النَّفس أَو الطّرف وحد الْقَذْف وَالتَّعْزِير وَالْإِقْرَار بِهَذِهِ الْأَشْيَاء كلهَا أَو مَا لَا يطلع عَلَيْهِ غَالِبا إِلَّا الرِّجَال كَالنِّكَاحِ وفسخه وَالطَّلَاق وَالرَّجْعَة وَالْعِتْق وَالْإِسْلَام وَالرِّدَّة وَالْبُلُوغ وَالْإِيلَاء وَالظِّهَار وَاللّعان والإعسار وَالْمَوْت وَالْوَلَاء وانقضاء الْعدة وَالْجرْح وَالتَّعْدِيل وَالْعَفو عَن الْقصاص واستيفائه وَاسْتِيفَاء الْحُدُود والإحصان وَالْكَفَالَة بِالْبدنِ وَالشَّهَادَة بِهِلَال غير رَمَضَان وَالشَّهَادَة على الشَّهَادَة وَالْقَضَاء وَالْولَايَة وَالتَّدْبِير وَالِاسْتِيلَاد وَالْكِتَابَة وَالنّسب والوديعة والقراض وَالشَّرِكَة وَالْوكَالَة والوصاية وَإِن كَانَت فِي المَال وَالْخلْع من جَانب الْمَرْأَة وَالْعَيْب فِي وَجه الْحرَّة وكفيها وَالْإِقْرَار بِهَذِهِ الْأَشْيَاء كلهَا وَالثَّالِثَة مَا يثبت برجلَيْن وبرجل وَامْرَأَتَيْنِ وبأربع نسْوَة وَهُوَ مَا يطلع عَلَيْهِ الرِّجَال وَيخْتَص بمعرفته النِّسَاء غَالِبا وَهُوَ الْولادَة والبكارة والثيوبة والرتق والقرن وَالْحيض وَالرّضَاع واستهلال الْوَلَد وعيب الْمَرْأَة من البرص وَغَيره مِمَّا تَحت الْإِزَار والجراحة على فرجهَا وَالْعَيْب فِي فرج الْأمة وَمَا يَبْدُو مِنْهَا عِنْد المهنة الرَّابِعَة مَا لَا يثبت إِلَّا برجلَيْن أَو بِرَجُل وَامْرَأَتَيْنِ أَو بِرَجُل وَيَمِين وَلَا يثبت بِالنسَاء منفردات وَهُوَ البيع وَالْإِقَالَة وَالرَّدّ بِالْعَيْبِ وَالسّلم وَالرَّهْن وَالْحوالَة وَالضَّمان وَالصُّلْح وَالْإِبْرَاء وَالْقَرْض وَالْعَارِية وَالْإِجَارَة وَالشُّفْعَة وَالْهِبَة والمسابقة وَحُصُول السَّبق وَالْغَصْب والإتلاف وَالْوَصِيَّة بِالْمَالِ وَالْمهْر فِي النِّكَاح وَوَطْء الشُّبْهَة والسراية الْمُوجبَة لِلْمَالِ وَضَمان الْمُتْلفَات وَقتل الْحر للْعَبد وَالْوَالِد الْوَلَد وَالسَّرِقَة الَّتِي لَا قطع فِيهَا وَكَذَا حُقُوق الْأَمْوَال والعقود كالخيار وَشرط الرَّهْن وَالْأَجَل وَقبض الْأَمْوَال وَإِن كَانَ النَّجْم الْأَخير وَطَاعَة الزَّوْجَة لاسْتِحْقَاق النَّفَقَة وَقتل الْكَافِر لاسْتِحْقَاق السَّلب وأزمان الصَّيْد للتَّمَلُّك وَعجز الْمكَاتب عَن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 286 النُّجُوم وَالْإِقْرَار بِهَذِهِ الْأَشْيَاء كلهَا ذكره الأردبيلي فِي كتاب الْأَنْوَار فصل وَأما كتاب القَاضِي إِلَى القَاضِي قَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ وَلَا يقبل كتاب قَاض إِلَى قَاض إِلَّا بِشَهَادَة عَدْلَيْنِ وَمعنى ذَلِك لإِثْبَات الْحق لِأَن الْكتاب إِذا كَانَ مُطلقًا لم يحكم بِهِ لِأَنَّهُ إِن حكم بِهِ فقد حكم بِغَيْر حق وَذَلِكَ أَنه يدْخلهُ الشَّك وَلَا يعلم هَل هُوَ مِنْهُ أَو من غَيره أَو مزور عَلَيْهِ وَذكر الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ فِي كتاب الْإِقْرَار من الْأُم فَإِذا أشهد القَاضِي شَاهِدين على كِتَابه إِلَى قَاض آخر فيقرؤه عَلَيْهِمَا وَيَقُول لَهما اشهدا عَليّ أَنِّي قد كتبت هَذَا الْكتاب إِلَى فلَان ابْن فلَان ويذكره باسمه وَأَبِيهِ وجده وَإِن مد فِي نسبه كَانَ حسنا وَيذكر عدد الْحُرُوف وَعدد السطور كَيْلا يدْخل فِيهِ زِيَادَة وَلَا نُقْصَان فَإِذا جَاءَ الشَّاهِدَانِ إِلَى القَاضِي الْمَكْتُوب إِلَيْهِ فَإِنَّهُمَا يَقُولَانِ هَذَا كتاب فلَان ابْن فلَان القَاضِي إِلَيْك بِكَذَا وَكَذَا ويذكران المُرَاد الْمَكْتُوب إِلَيْهِ فِيهِ وَالْمَطْلُوب من جِهَته ويذكران اسْمه وَاسم أَبِيه وَنسبه ويذكران حليته وَصفته لِئَلَّا يُشَارِكهُ فِيهِ غَيره فيدعي أَنِّي لست الْمُخَاطب فِيهِ وَلَا الْكتاب من جهتي ويذكران كنيته وَيَقُول الشَّاهِدَانِ قَرَأَ فلَان القَاضِي هَذَا الْكتاب علينا وَإِن علما أَنه كتبه بحضرتهما ذكرَاهُ وأشهدنا على نَفسه بِأَن هَذَا الْكتاب مِنْهُ إِلَيْك فَإِن كَانَ مَعَهُمَا الْكتاب سلماه إِلَيْهِ وَإِن كَانَ مَعَ الْغَيْر فَلَا يَشْهَدَانِ بِهِ إِلَّا مَا ذكرت بَاب الْقَضَاء على الْغَائِب وَهُوَ جَائِز فَإِذا ادّعى رجل على غَائِب عَن مجْلِس الحكم بِحَق فَإِن لم يكن مَعَ الْمُدَّعِي بَيِّنَة بِمَا ادَّعَاهُ لم يسمع الْحَاكِم دَعْوَاهُ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَة فِي سماعهَا وَإِن كَانَ مَعَه بَيِّنَة بِمَا ادَّعَاهُ نظر فِي الْمُدعى عَلَيْهِ فَإِن كَانَ غَائِبا عَن الْبَلَد وَجب على الْحَاكِم أَن يسمع الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَالْبَيِّنَة وَكَذَلِكَ لَو كَانَ الْمُدعى عَلَيْهِ حَاضرا فِي الْبَلَد مستترا أَو متعززا أَو متواريا لَا يصل الْمُدَّعِي إِلَيْهِ فَإِنَّهُ يجب على الْحَاكِم أَن يسمع الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَة عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ لَو حضر الْمُدعى عَلَيْهِ مجْلِس الحكم فَلَمَّا ادّعى عَلَيْهِ أنكر فَلَمَّا أَرَادَ الْمُدَّعِي إِقَامَة الْبَيِّنَة عَلَيْهِ قَامَ الْمُدعى عَلَيْهِ وهرب فَإِن الْحَاكِم يسمع الْبَيِّنَة عَلَيْهِ وَإِذا كَانَ الْمُدَّعِي حَاضرا فِي الْبَلَد غَائِبا عَن مجْلِس الحكم غير مُمْتَنع من الْحُضُور فَلَا يجوز سَماع الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَالْبَيِّنَة من غير حُضُوره وَهُوَ الْمَذْهَب وحد الْغَيْبَة أقلهَا مَسَافَة الْقصر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 287 وكل مَوضِع يجوز فِيهِ الْقَضَاء على الْغَائِب فَإِن الْحَاكِم إِذا سمع الدَّعْوَى فِيهِ وَشهِدت الْبَيِّنَة عِنْده بِالْحَقِّ الْمُدعى بِهِ وَعرف عدالتها وَسَأَلَهُ الْمُدَّعِي أَن يحكم لَهُ بذلك فَلَا يجوز لَهُ أَن يحكم لَهُ بذلك حَتَّى يحلف الْمُدَّعِي على اسْتِحْقَاق ذَلِك فِي ذمَّة الْغَائِب وَأَنه ثَابت عَلَيْهِ إِلَى الْآن مَا قَبضه وَلَا شَيْئا مِنْهُ وَلَا أَبرَأَهُ من ذَلِك وَلَا من شَيْء مِنْهُ وَلَا أحَال بِهِ وَلَا احتال بِهِ وَلَا بِشَيْء مِنْهُ وَلَا قبض بأَمْره وَلَا شَيْء مِنْهُ وَلَا تعوض عَن ذَلِك وَلَا شَيْء مِنْهُ بِنَفسِهِ وَلَا بوكيله فِي الْحَالَات كلهَا وَلَا سقط ذَلِك عَن ذمَّته بِوَجْه من الْوُجُوه وَلَا بِسَبَب من الْأَسْبَاب وَلَا شَيْء مِنْهُ إِلَى الْآن وَأَنه يسْتَحق قبض ذَلِك مِنْهُ حَال حلفه وَأَن من شهد لَهُ بذلك صَادِق فِي شَهَادَته وَهَذِه الْيَمين وَاجِبَة لِأَن الْحَاكِم مَأْمُور بِالِاحْتِيَاطِ فِي حق الْغَائِب وَمن الِاحْتِيَاط أَن يحلف لَهُ الْمُدَّعِي وَإِن ادّعى رجل على ميت حَقًا وَأقَام عَلَيْهِ الْبَيِّنَة سَمِعت فَإِن كَانَ لَهُ وَارِث معِين عَلَيْهِ وَجب على الْحَاكِم إحلاف الْمُدعى عَلَيْهِ إِن ادّعى قَضَاء أَو إِبْرَاء وَإِن لم يكن لَهُ وَارِث معِين وَجب على الْحَاكِم أَن يحلف الْمُدَّعِي مَعَ بَينته لِأَن الْوَارِث غير معِين فَقَامَ الْحَاكِم مقَامه وَإِن كَانَت الدَّعْوَى على صبي أَو مَجْنُون وَكَانَ للْمُدَّعِي بَيِّنَة وَجب على الْحَاكِم سماعهَا وَالْحكم بهَا بعد يَمِين الْمُدَّعِي فَإِن الْجَواب مُتَعَذر من جهتهما فَجَاز الْقَضَاء عَلَيْهِمَا بِالْبَيِّنَةِ مَعَ الْيَمين كالغائب وَيبقى القَاضِي الْحجَّة فِي الحكم على الْغَائِب وَالصَّبِيّ وَالْمَجْنُون فَإِذا حضر الْغَائِب وَبلغ الصَّبِي وأفاق الْمَجْنُون وَأقَام الْبَيِّنَة على جرح الشُّهُود عِنْد الشَّهَادَة أَو الْإِبْرَاء أَو الْقَضَاء نقض الحكم الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب لَا يجوز أَن يُولى الْقَضَاء من لَيْسَ من أهل الِاجْتِهَاد كالجاهل بطرق الْأَحْكَام عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَقَالَ أَبُو حنيفَة يجوز ولَايَة من لَيْسَ بمجتهد وَاخْتلف أَصْحَابه فَمنهمْ من شَرط الِاجْتِهَاد وَمِنْهُم من أجَاز ولَايَة الْعَاميّ وَقَالُوا يُقَلّد وَيحكم وَقَالَ ابْن هُبَيْرَة فِي الإفصاح وَالصَّحِيح من هَذِه الْمَسْأَلَة أَن من شَرط الِاجْتِهَاد إِنَّمَا عَنى بِهِ مَا كَانَ الْحَال عَلَيْهِ قبل اسْتِقْرَار هَذِه الْمذَاهب الْأَرْبَعَة الَّتِي أَجمعت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 288 الْأمة على أَن كل وَاحِد مِنْهَا يجوز الْعَمَل بِهِ لِأَنَّهُ مُسْتَند إِلَى سنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَالْقَاضِي الْآن وَإِن لم يكن من أهل الِاجْتِهَاد وَلَا سعى فِي طلب الْأَحَادِيث وانتقاد طرقها لَكِن عرف من لُغَة النَّاطِق بالشريعة صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا لَا يعوزه مَعَه مَا يحْتَاج إِلَيْهِ فِيهِ وَغير ذَلِك من شُرُوط الِاجْتِهَاد فَإِن ذَلِك مِمَّا قد فرغ لَهُ مِنْهُ ودأب لَهُ فِيهِ سواهُ وانْتهى الْأَمر من هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّة الْمُجْتَهدين إِلَى تَقْرِير مَا أراحوا بِهِ من بعدهمْ وانحصر الْحق فِي أقاويلهم وتدونت الْعُلُوم وانتهت إِلَى مَا اتَّضَح فِيهِ الْحق الْجَلِيّ وَإِنَّمَا على القَاضِي فِي أقضيته الْعَمَل بِمَا يَأْخُذهُ عَنْهُم أَو عَن الْوَاحِد مِنْهُم فَإِنَّهُ فِي معنى من كَانَ اجْتِهَاده إِلَى قَول قَالَه وعَلى ذَلِك فَإِنَّهُ إِذا خرج من خلافهم متوخيا مَوَاطِن الِاتِّفَاق مَا أمكنه كَانَ آخِذا بالحزم عَاملا بِالْأولَى وَكَذَلِكَ إِذا قصد فِي مَوَاطِن الْخلاف أَن يتوخى مَا عَلَيْهِ الْأَكْثَر مِنْهُم وَالْعَمَل بِمَا قَالَه الْجُمْهُور دون الْوَاحِد فَإِنَّهُ أَخذ بالحزم مَعَ جَوَاز عمله بقول الْوَاحِد إِلَّا أَنه يكره لَهُ أَن يكون من حَيْثُ إِنَّه قَرَأَ مَذْهَب وَاحِد مِنْهُم أَو نَشأ فِي بَلْدَة لم يعرف فِيهَا إِلَّا مَذْهَب إِمَام وَاحِد مِنْهُم أَو كَانَ أَبوهُ أَو شَيْخه على مَذْهَب وَاحِد مِنْهُم فقصر نَفسه على اتِّبَاع ذَلِك الْمَذْهَب حَتَّى إِنَّه إِذا حضر عِنْده خصمان وَكَانَ مَا تشاجرا فِيهِ مِمَّا يُفْتِي الْفُقَهَاء الثَّلَاثَة بِجَوَازِهِ نَحْو التَّوْكِيل بِغَيْر رضى الْخصم وَكَانَ الْحَاكِم حنفيا وَعلم أَن مَالِكًا وَالشَّافِعِيّ وَأحمد اتَّفقُوا على جَوَاز هَذَا التَّوْكِيل وَأَن أَبَا حنيفَة مَنعه فَعدل عَمَّا اجْتمع عَلَيْهِ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة إِلَى مَا ذهب أَبُو حنيفَة إِلَيْهِ بمفرده من غير أَن يثبت عِنْده بِالدَّلِيلِ مَا قَالَه وَلَا أَدَّاهُ إِلَيْهِ الِاجْتِهَاد فَإِنِّي أَخَاف على هَذَا من الله عز وَجل بِأَنَّهُ اتبع فِي ذَلِك هَوَاهُ وَأَنه لَيْسَ من الَّذين يَسْتَمِعُون القَوْل فيتبعون أحْسنه وَكَذَلِكَ إِذا كَانَ القَاضِي مالكيا فاختصم إِلَيْهِ اثْنَان فِي سُؤْر الْكَلْب فَقضى بِطَهَارَتِهِ مَعَ علمه بِأَن الْفُقَهَاء كلهم قضوا بِنَجَاسَتِهِ وَكَذَلِكَ إِن كَانَ القَاضِي شافعيا فاختصم إِلَيْهِ اثْنَان فِي مَتْرُوك التَّسْمِيَة عمدا فَقَالَ أَحدهمَا هَذَا مَنَعَنِي من بيع شَاة مذكاة وَقَالَ الآخر إِنَّمَا منعته من بيع الْميتَة فَقضى عَلَيْهِ بمذهبه وَهُوَ يعلم أَن الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة على خِلَافه وَكَذَلِكَ إِذا كَانَ القَاضِي حنبليا فاختصم إِلَيْهِ اثْنَان فَقَالَ أَحدهمَا لي عَلَيْهِ مَال وَقَالَ الآخر كَانَ لَهُ عَليّ مَال وَقَضيته فَقضى عَلَيْهِ بِالْبَرَاءَةِ وَقد علم أَن الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة على خِلَافه فَهَذَا وَأَمْثَاله مِمَّا يرجع إِلَى الْأَكْثَرين فِيهِ عِنْدِي أقرب إِلَى الْإِخْلَاص وأرجح فِي الْعَمَل وَمُقْتَضى هَذَا أَن ولايات الْحُكَّام فِي وقتنا هَذَا صَحِيحَة وَأَنَّهُمْ قد سدوا ثغرا من ثغور الْإِسْلَام سَده فرض كِفَايَة وَلَو أهملت هَذَا القَوْل وَلم أذكرهُ ومشيت على الطَّرِيق الَّتِي يمشي عَلَيْهَا الْفُقَهَاء فِي كتاب صنفوه أَو كَلَام قَالُوهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 289 أَنه لَا يصلح أَن يكون قَاضِيا إِلَّا من يكون من أهل الِاجْتِهَاد ثمَّ يذكرُونَ من شُرُوط الِاجْتِهَاد أَشْيَاء لَيست مَوْجُودَة فِي الْحُكَّام فَهَذَا كالإحالة والتناقض لَا سِيمَا إِن قُلْنَا قَالَ ابْن دَاوُد شَرط الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ فِي القَاضِي والمفتي شَرَائِط لَا تُوجد إِلَّا فِي الْأَنْبِيَاء صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِم أَو قُلْنَا إِن من أَصْحَابه من قَالَ شَرط الشَّافِعِي فِي الْحَاكِم والمفتي شُرُوطًا تمنع أَن يكون أحدا بعده حَاكما أَو مفتيا فَفِي ذَلِك تَعْطِيل للْأَحْكَام وسد لباب الحكم وَهَذَا غير مُسلم بل الصَّحِيح فِي الْمَسْأَلَة أَن ولَايَة الْحُكَّام وَإِن اخْتلفت أَقْوَال الْعلمَاء فِي شروطهم جَائِزَة وَأَن حكوماتهم صَحِيحَة نَافِذَة وَالله أعلم فصل الْمَرْأَة هَل يَصح أَن تلِي الْقَضَاء قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد لَا يَصح وَقَالَ أَبُو حنيفَة يَصح أَن تكون قاضية فِي كل شَيْء تقبل فِيهِ شَهَادَة النِّسَاء وَعِنْده أَن شَهَادَة النِّسَاء تقبل فِي كل شَيْء إِلَّا فِي الْحُدُود والجراح فَهِيَ عِنْده تقضي فِي كل شَيْء إِلَّا فِي الْحُدُود والجراح وَقَالَ ابْن جرير الطَّبَرِيّ يَصح أَن تكون قاضية فِي كل شَيْء وَقَالَ عَليّ لَا يجوز أَن يكون القَاضِي عبدا فصل وَهل الْقَضَاء من فروض الكفايات قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ نعم وَيجب على من تعين عَلَيْهِ الدُّخُول فِيهِ وَإِن لم يُوجد غَيره وَقَالَ أَحْمد فِي أظهر روايتيه لَيْسَ هُوَ من فروض الكفايات وَلَا يتَعَيَّن الدُّخُول فِيهِ وَإِن لم يُوجد غَيره وَلَو أَخذ الْقَضَاء بالرشوة لَا يصير قَاضِيا بالِاتِّفَاقِ وَهل يكره الْقَضَاء فِي الْمَسْجِد أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة لَا يكره وَقَالَ مَالك بل هُوَ السّنة وَقَالَ الشَّافِعِي يكره إِلَّا أَن يدْخل الْمَسْجِد للصَّلَاة فَتحدث حُكُومَة يحكم فِيهَا فصل وَلَا يقْضِي القَاضِي بِغَيْر علمه بِالْإِجْمَاع وَهل يجوز لَهُ أَن يقْضِي بِعِلْمِهِ أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة مَا شَاهده الْحَاكِم من الْأَفْعَال الْمُوجبَة للحدود قبل الْقَضَاء وَبعده لَا يحكم فِيهَا بِعِلْمِهِ وَمَا علمه من حُقُوق النَّاس حكم فِيهَا بِمَا علمه قبل الْقَضَاء وَبعده وَقَالَ مَالك وَأحمد لَا يقْضِي بِعِلْمِهِ أصلا وَسَوَاء فِي ذَلِك حُقُوق الله عز وَجل وَحُقُوق الْآدَمِيّين وَالصَّحِيح من مَذْهَب الشَّافِعِي يقْضِي بِعِلْمِهِ إِلَّا فِي حُدُود الله وَهل يكره للْقَاضِي البيع وَالشِّرَاء بِنَفسِهِ أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة لَا يكره ذَلِك وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد يكره وَطَرِيقه أَن يُوكل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 290 وَإِذا كَانَ القَاضِي لَا يعرف لِسَان الْخصم لاخْتِلَاف لغتهما فَلَا بُد للْقَاضِي مِمَّن يترجم عَن الْخصم وَاخْتلفُوا فِي عدد من يقبل فِي ذَلِك وَكَذَلِكَ فِي التَّعْرِيف بِمن لَا يعرف وتأدية رسَالَته وَالْجرْح وَالتَّعْدِيل فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد فِي إِحْدَى روايتيه تقبل شَهَادَة الرجل الْوَاحِد فِي ذَلِك كُله بل قَالَ أَبُو حنيفَة يجوز أَن يكون امْرَأَة وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى لَا يقبل أقل من رجلَيْنِ وَقَالَ مَالك لَا بُد من اثْنَيْنِ فَإِن كَانَ التخاصم فِي إِقْرَار بِمَال قبل فِيهِ عِنْده رجل وَامْرَأَتَانِ وَإِن كَانَ يتَعَلَّق بِأَحْكَام الْأَبدَان لم يقبل إِلَّا رجلَانِ فصل وَإِذا عزل القَاضِي نَفسه فَهَل يَنْعَزِل أم لَا نقل الْمُحَقِّقُونَ من أَصْحَاب الشَّافِعِي أَن القَاضِي كَيفَ عزل نَفسه انْعَزل إِن لم يتَعَيَّن عَلَيْهِ وَإِن تعين عَلَيْهِ لم يَنْعَزِل فِي أظهر الْوَجْهَيْنِ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيّ إِن عزل نَفسه لعذر جَازَ أَو لغيره لم يجز وَلَكِن لَا يجوز أَن يعْزل نَفسه إِلَّا بعد إِعْلَام الإِمَام واستعفائه لِأَنَّهُ موكول بِعَمَل يحرم عَلَيْهِ إضاعته وعَلى الإِمَام أَن يعفيه إِذا وجد غَيره فَيتم عَزله باستعفائه وإعفائه وَلَا يتم بِأَحَدِهِمَا وَلَا يكون قَوْله عزلت نَفسِي عزلا لِأَن الْعَزْل يكون من الْمولي وَهُوَ لَا يولي نَفسه فَلَا يعزلها وَقَالَ الْأَصْحَاب لَو فسق القَاضِي ثمَّ تَابَ وَحسن حَاله فَهَل يعود قَاضِيا من غير تَجْدِيد ولَايَة وَجْهَان أصَحهمَا لَا يعود بِخِلَاف الْجُنُون وَالْإِغْمَاء إِذْ لَا يَصح فيهمَا الْعود وَقَالَ الْهَرَوِيّ فِي الإشراف لَو فسق القَاضِي وانعزل ثمَّ تَابَ صَار واليا نَص عَلَيْهِ يَعْنِي الشَّافِعِي لِأَن ذَلِك يسد بَاب الْأَحْكَام فَإِن الْإِنْسَان لَا يَنْفَكّ غَالِبا من أُمُور يَعْصِي بهَا فيفتقر إِلَى مطالعة الإِمَام فجوز للْحَاجة وَقَالَ القَاضِي إِن حدث الْفسق فِي القَاضِي وَأخر التَّوْبَة انْعَزل وَإِن عجل الإقلاع بتوبة وَنَدم لم يَنْعَزِل لانْتِفَاء الْعِصْمَة عَنهُ وَلِأَن هفوات ذَوي الهيئات مقَالَة قل من يسلم إِلَّا من عظم وَاخْتلفُوا فِي سَماع من لَا تعرف عَدَالَته الْبَاطِنَة قَالَ أَبُو حنيفَة يسْأَل الْحَاكِم عَن بَاطِن الْعَدَالَة فِي الْحُدُود وَالْقصاص قولا وَاحِدًا وَفِيمَا عدا ذَلِك لَا يسْأَل إِلَّا أَن يطعن الْخصم فِي الشَّاهِد فَمَتَى طعن سَأَلَ وَمَتى لم يطعن لم يسْأَل وَتسمع الشَّهَادَة ويكتفي بِعَدَالَتِهِمْ فِي ظَاهر أَحْوَالهم وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد فِي إِحْدَى روايتيه لَا يَكْتَفِي الْحَاكِم بِظَاهِر الْعَدَالَة حَتَّى يعرف الْعَدَالَة الْبَاطِنَة سَوَاء طعن الْخصم أَو لم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 291 يطعن وَسَوَاء كَانَت الشَّهَادَة فِي حد أَو فِي غَيره وَعَن أَحْمد رِوَايَة أقوى اخْتَارَهَا بعض أَصْحَابه أَن الْحَاكِم يَكْتَفِي بِظَاهِر الْإِسْلَام وَلَا يسْأَل على الْإِطْلَاق وَهل يقبل الدَّعْوَى بِالْجرْحِ الْمُطلق فِي الْعَدَالَة أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة يقبل وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد فِي أشهر روايتيه لَا يقبل حَتَّى يعين سَببه وَقَالَ مَالك إِن كَانَ الْجَارِح عَالما بِمَا يُوجب الْجرْح مبرزا قبل جرحه مُطلقًا وَإِن كَانَ غير متصف بِهَذِهِ الصّفة لم يقبل إِلَّا بتبيين السَّبَب وَهل يقبل جرح النِّسَاء وتعديلهن قَالَ أَبُو حنيفَة يقبل وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد فِي أشهر روايتيه لَا مدْخل لَهُنَّ فِي ذَلِك وَإِذا قَالَ فلَان عدل رَضِي قَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد يَكْفِي ذَلِك وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يَكْفِي حَتَّى يَقُول هُوَ عدل رَضِي لي وَعلي وَقَالَ مَالك إِن كَانَ الْمُزَكي عَالما بِأَسْبَاب الْعَدَالَة قبل قَوْله فِي تزكيته عدل رَضِي وَلم يفْتَقر إِلَى قَوْله لي وَعلي فصل وَاتَّفَقُوا على أَن كتاب القَاضِي إِلَى القَاضِي فِي الْحُدُود وَالْقصاص وَالنِّكَاح وَالطَّلَاق وَالْخلْع غير مَقْبُول إِلَّا مَالِكًا فَإِنَّهُ يقبل عِنْده كتاب القَاضِي فِي ذَلِك كُله وَاتَّفَقُوا على أَن الْكتاب فِي الْحُقُوق الْمَالِيَّة جَائِز مَقْبُول وَاخْتلفُوا فِي صفة تأديته الَّتِي يقبل مَعهَا فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد لَا يقبل حَتَّى يشْهد اثْنَان أَنه كتاب القَاضِي فلَان إِلَى القَاضِي فلَان قَرَأَهُ علينا أَو قرىء عَلَيْهِ بحضرتنا وَعَن مَالك فِي ذَلِك رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا كَقَوْل الْجَمَاعَة وَالْأُخْرَى يَكْفِي قَوْلهمَا هَذَا كتاب القَاضِي فلَان الْمَشْهُور عِنْده وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَلَو تكاتب القاضيان فِي بلد وَاحِد فقد اخْتلف أَصْحَاب أبي حنيفَة فَقَالَ الطَّحَاوِيّ يقبل ذَلِك وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ مَا حَكَاهُ الطَّحَاوِيّ مَذْهَب أبي يُوسُف وَمذهب أبي حنيفَة أَنه لَا يقبل وَيحْتَاج إِلَى إِعَادَة الْبَيِّنَة عِنْد الآخر بِالْحَقِّ وَإِنَّمَا يقبل ذَلِك فِي الْبلدَانِ النائية فصل وَإِذا حكم رجلَانِ رجلا من أهل الِاجْتِهَاد فِي شَيْء وَقَالَ رَضِينَا بحكمك فاحكم بَيْننَا فَهَل يلْزمهُمَا حكمه وَلَا يعْتَبر رضاهما بذلك وَلَا يجوز لحَاكم الْبَلَد نقضه وَإِن خَالف رَأْيه رَأْي غَيره قَالَ أَبُو حنيفَة يلْزمهُمَا حكمه إِن وَافق حكمه رَأْي قَاضِي الْبَلَد نفذ ويمضيه قَاضِي الْبَلَد إِذا رفع إِلَيْهِ وَإِن لم يُوَافق رَأْي حَاكم الْبَلَد فَلهُ أَن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 292 يُبطلهُ وَإِن كَانَ فِيهِ خلاف بَين الْأَئِمَّة وَللشَّافِعِيّ قَولَانِ أَحدهمَا يلْزمه حكمه وَالثَّانِي لَا يلْزم إِلَّا بتراضيهما بل يكون ذَلِك كالفتوى مِنْهُ وَهَذَا الْخلاف فِي مَسْأَلَة التَّحْكِيم إِنَّمَا يعود إِلَى الحكم فِي الْأَمْوَال فَأَما النِّكَاح وَاللّعان وَالْقَذْف وَالْقصاص وَالْحُدُود فَلَا يجوز التَّحْكِيم فِيهَا إِجْمَاعًا فصل وَلَا يقْضِي على غَائِب إِلَّا أَن يحضر من يقوم مقَامه كوكيل أَو وَصِيّ عِنْد أبي حنيفَة وَعند الثَّلَاثَة يقْضِي عَلَيْهِ مُطلقًا وَإِذا قضى لإِنْسَان بِحَق على غَائِب أَو صبي أَو مَجْنُون فَهَل يحْتَاج إِلَى تَحْلِيفه للشَّافِعِيّ وَجْهَان أصَحهمَا نعم وَقَالَ أَحْمد لَا يحْتَاج إِلَى إحلافه وَلَو نسي الْحَاكِم مَا حكم بِهِ فَشهد عِنْده شَاهِدَانِ أَنه حكم بذلك قَالَ مَالك وَأحمد تقبل شَهَادَتهمَا وَيحكم بهَا وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ لَا تقبل شَهَادَتهمَا وَلَا يرجع إِلَى قَوْلهمَا حَتَّى يذكر أَنه حكم بِهِ فصل لَو قَالَ القَاضِي فِي حَال ولَايَته قضيت على هَذَا الرجل بِحَق أَو بِحَدّ قَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد يقبل مِنْهُ ويستوفى الْحق وَالْجد وَقَالَ مَالك لَا يقبل قَوْله حَتَّى يشْهد مَعَه عَدْلَانِ أَو عدل وَعَن الشَّافِعِي قَولَانِ أَحدهمَا كمذهب أبي حنيفَة وَهُوَ الْأَصَح وَالثَّانِي كمذهب مَالك وَلَو قَالَ بعد عَزله قضيت بِكَذَا فِي حَال ولايتي قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ لَا يقبل مِنْهُ وَقَالَ أَحْمد يقبل مِنْهُ فصل حكم الْحَاكِم لَا يخرج الْأَمر عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ فِي الْبَاطِن وَإِنَّمَا ينفذ حكمه فِي الظَّاهِر فَإِذا ادّعى مُدع على رجل حَقًا وَأقَام شَاهِدَانِ بذلك فَحكم الْحَاكِم بِشَهَادَتِهِمَا فَإِن كَانَا قد شَهدا بِحَق وَصدق فقد حل ذَلِك الشَّيْء الْمَشْهُود بِهِ للْمَشْهُود لَهُ ظَاهرا وَبَاطنا وَإِن كَانَا قد شَهدا بزور فقد ثَبت ذَلِك الشَّيْء للْمَشْهُود لَهُ ظَاهرا بالحكم وَأما فِي الْبَاطِن فِيمَا بَينه وَبَين الله عز وَجل فَهَل هُوَ على ملك الْمَشْهُود عَلَيْهِ كَمَا كَانَ سَوَاء كَانَ ذَلِك فِي الْفروج أَو فِي الْأَمْوَال هَذَا قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَقَالَ أَبُو حنيفَة حكم الْحَاكِم إِذا كَانَ عقدا أَو فسخا يحِيل الْأَمر على مَا هُوَ عَلَيْهِ وَينفذ الحكم بِهِ ظَاهرا وَبَاطنا وَاتَّفَقُوا على أَن الْحَاكِم إِذا حكم بِاجْتِهَادِهِ ثمَّ بَان لَهُ اجْتِهَاد يُخَالِفهُ فَإِنَّهُ لَا ينْقض الجزء: 2 ¦ الصفحة: 293 الأول وَكَذَا إِذا وَقع حكم غَيره فَلم يره فَإِنَّهُ لَا ينْقضه فروع أوصى إِلَيْهِ وَلم يعلم بِالْوَصِيَّةِ فَهُوَ وَصِيّ بِخِلَاف الْوَكِيل بالِاتِّفَاقِ وَتثبت الْوكَالَة بِخَير وَاحِد عِنْد أبي حنيفَة وَلَا يثبت عزل الْوَكِيل إِلَّا بِعدْل أَو مستورين وَعند الثَّلَاثَة يشْتَرط فيهمَا العدلان قَالَ وَلَو قَالَ قَاض عزل لرجل حكمت عَلَيْك لفُلَان بِأَلف ثمَّ أَخذهَا ظلما فَالْقَوْل قَول القَاضِي بالِاتِّفَاقِ وَكَذَا لَو قَالَ قطعت يدك بِحَق فَقَالَ بل ظلما انْتهى المصطلح وَهُوَ نَوْعَانِ النَّوْع الأول فِي معرفَة مَا يحْتَاج إِلَيْهِ القَاضِي وَمَا يسْتَحبّ لَهُ فعله وَمَا يتَعَيَّن عَلَيْهِ إتقان وَضعه وَمَعْرِفَة كيفيته مِمَّا هُوَ مُتَعَلق بوظيفة الْقَضَاء من رسم الْكِتَابَة الَّتِي يَكْتُبهَا القَاضِي من الْعَلامَة وموضعها إِلَى الرقم وموضعه وَكَيْفِيَّة مَا يكْتب لكل وَاحِد على اخْتِلَاف الْمَرَاتِب وَكَيْفِيَّة وضع التوقيع على الْهَامِش وَبَيَان التَّارِيخ وَكَيْفِيَّة وضع الحسبلة وموضعها وَمَا يكْتب على المحاضر وَصُورَة الْمجَالِس وأوراق الاعتقالات وقصص الاستدعاء والتقارير والفروض وَغير ذَلِك مِمَّا يَنْبَغِي الاعتناء بِهِ وَكَثْرَة التَّأَمُّل لَهُ وإتقانه إتقانا جيدا لَا يحْتَاج مَعَه إِلَى تردد فِي حَالَة من الْحَالَات النَّوْع الثَّانِي فِيمَا يتَعَلَّق بوظيفة الْقَضَاء من التواقيع والتسجيلات وتفويض الأنظار والتداريس وَالنَّظَر على الْأَوْقَاف الْجَارِيَة تَحت نظر الحكم الْعَزِيز وَنصب الْأُمَنَاء والقوام على الْأَيْتَام الداخلين تَحت حجر الشَّرْع الشريف وَغير ذَلِك من التعلقات الَّتِي هِيَ منوطة بحكام الشَّرِيعَة المطهرة ويشتمل هَذَا النَّوْع على صور سَيَأْتِي بَيَانهَا أما النَّوْع الأول فَأول مَا يذكر فِيهِ مَوضِع الْعَلامَة وَهُوَ نَوْعَانِ أَحدهمَا مَا هُوَ مصطلح المصريين وَالثَّانِي مَا هُوَ مصطلح الشاميين فَأَما مصطلح المصريين فَهُوَ أَن القَاضِي إِذا حكم بِحكم أَو ثَبت عِنْده شَيْء فِي مَضْمُون كتاب من الْكتب فَذَلِك الْكتاب لَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون الْحَاكِم الَّذِي يكْتب علامته فِيهِ هُوَ الْحَاكِم فِي أَصله بعد سَماع الدَّعْوَى فِيهِ وَسَمَاع الْبَيِّنَة وَاسْتِيفَاء الشَّرَائِط الشَّرْعِيَّة أَولا فَإِن كَانَ هُوَ فَالْقَاضِي يكْتب علامته فِي بَاطِن هَذَا الْمَكْتُوب عَن يسَار الْبَسْمَلَة وَإِن كَانَ الحكم فِي ظَاهر الْمَكْتُوب كتب الْعَلامَة فِي ظَاهره عَن يسَار الْبَسْمَلَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 294 وَيكْتب فِي الْموضع الَّذِي يخليه الْكَاتِب فِي وسط السطور بعد التَّرْجَمَة التَّارِيخ بِخَطِّهِ وَيكْتب فِي آخِره الحسبلة بِخَطِّهِ وَيشْهد عَلَيْهِ فِي آخر هَذَا الإسجال وَأما فِي اصْطِلَاح الشاميين وهم الَّذين يَكْتُبُونَ إشهادا على القَاضِي بالثبوت وَالْحكم والتنفيذ فَإِن القَاضِي يكْتب علامته فِي بَاطِن الْمَكْتُوب عَن يسَار الْبَسْمَلَة ثمَّ يكْتب فِي هامشه بِخَطِّهِ مَا يشْهد عَلَيْهِ من الثُّبُوت وَالْحَاكِم والتنفيذ ثمَّ يرقم للشُّهُود وَيكْتب الْكَاتِب الْإِشْهَاد عَلَيْهِ فِي ظَاهر الْمَكْتُوب مُجَردا عَن عَلامَة وَغَيرهَا وَلَا بُد للْقَاضِي من عَلامَة يعرف بهَا من بَين الْحُكَّام وَإِذا اخْتَار عَلامَة لَا يغيرها فَهُوَ الأولى إِلَّا أَن يكون نَائِبا فيرتقي أصلا أَو ينْتَقل من بلد إِلَى بلد فَيكون للتغيير مُوجب وَلَا يلتبس على النَّاس فَأَما إِذا كَانَ نَائِبا فمدة نيابته لَا يُغير علامته وَكَذَا إِذا كَانَ أصلا وَلم ينْتَقل فَلَا يُغير علامته وَصُورَة الْعَلامَة الْحَمد لله على نعمه الْحَمد لله رب الْعَالمين الْحَمد لله على كل حَال الْحَمد لله اللَّطِيف فِي قَضَائِهِ الْحَمد لله الْهَادِي للحق الْحَمد لله الحكم الْعدْل الْحَمد لله نَاصِر الْحق أَو أَحْمد الله كثيرا أَو أَحْمد الله بِجَمِيعِ محامده أَو الْحَمد الله الْغَنِيّ الْقوي وَهَذِه كَانَت عَلامَة شَيخنَا شيخ الْإِسْلَام قَاضِي الْقُضَاة شهَاب الدّين أَحْمد بن حجر رَحمَه الله تَعَالَى وَتَكون الْعَلامَة فِي الْمحل الْمَذْكُور من الرَّحِيم إِلَى آخر الْمَكْتُوب بالقلم الغليظ وَاعْلَم أَن الْعَلامَة لَا تكْتب إِلَّا بعد تأدية شَهَادَة الشُّهُود عِنْد القَاضِي فِي الْمَكْتُوب فَإِذا تكمل أداؤهم أَو أَدَاء من يَسْتَغْنِي بِهِ الْحَاكِم مِنْهُم من اثْنَيْنِ فَصَاعِدا رقم لَهُم وَلَا يعلم قبل الْأَدَاء وَهُوَ بِالْخِيَارِ بعد الْأَدَاء إِن شَاءَ علم ثمَّ رقم للشُّهُود وَإِن شَاءَ رقم لَهُم ثمَّ علم فَإِذا فرغ من الْعَلامَة انْتقل إِلَى التوقيع على الْمَكْتُوب وموضعه تَحت بَاء الْبَسْمَلَة على جنب الْمَكْتُوب على رَأس أول سطر مِنْهُ فَإِن كَانَ التوقيع على طَريقَة المصريين كتب ليسجل خَاصَّة وَكَاتب الحكم يتَصَرَّف فِي أَلْفَاظ التسجيل وَيَأْتِي بالثبوت وَالْحكم أَو بالتنفيذ على مُقْتَضى الْقَاعِدَة الْمَطْلُوبَة فِي تِلْكَ الْوَاقِعَة ويخلي موضعا للتاريخ ويخلي للحسبلة كَمَا تقدم وَإِن كَانَ فِي الْقَضِيَّة خلاف نبه عَلَيْهِ فِي إسجاله وَإِن شَاءَ القَاضِي كتب ليسجل بِثُبُوتِهِ أَو ليسجل بِثُبُوتِهِ وَالْحكم بِمُوجبِه أَو ليسجل بِثُبُوتِهِ وتنفيذه أَو ليسجل بِثُبُوتِهِ وَالْحكم بِهِ أَو ليسجل بِثُبُوت مَا قَامَت بِهِ الْبَيِّنَة فِيهِ وَالْحكم بِهِ وَإِذا كَانَ التوقيع على طَريقَة الشاميين كتب القَاضِي على الْهَامِش الجزء: 2 ¦ الصفحة: 295 من ابْتِدَاء أول سطر من سطور الْمَكْتُوب مَا صورته ليشهد بِثُبُوتِهِ وَالْحكم بِمُوجبِه وَيذكر فِي خطه جَمِيع مَا يشْهد بِهِ عَلَيْهِ أصلا وفصلا وَإِن كَانَ فِي الْمَسْأَلَة خلاف فَيَقُول مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ وَبِاللَّهِ الْمُسْتَعَان والإسجال أقوى من الْإِشْهَاد وَسَيَأْتِي بَيَان معرفَة الإسجال وَالْإِشْهَاد فِي مَوْضِعه وَاعْلَم أَن التوقيع على المكاتيب الشَّرْعِيَّة مُرَتّب على مقتضيات مَا شرح فِيهَا وعَلى مَا شهد بِهِ فيهمَا مِمَّا يسوغه الشَّرْع الشريف المطهر وكل مَكْتُوب يُوقع فِيهِ على هامشه بِحَسب مَا شهد فِيهِ وَذَلِكَ كُله دائر بَين ثُبُوت وَحكم بِالْمُوجبِ أَو ثُبُوت وَحكم بِالصِّحَّةِ أَو ثُبُوت وتنفيذ أَو ثُبُوت مُجَرّد وَأما مَا يتَعَلَّق بِمَعْرِِفَة الرقم فِي المكاتيب الشَّرْعِيَّة ومساطير الدُّيُون وَغَيرهَا فَذَلِك متفاوت بِاعْتِبَار شَهَادَة الشُّهُود فَإِن كَانُوا من المعدلين الجالسين فِي المراكز على رَأْي الشاميين أَو فِي الحوانيت على رَأْي المصريين فيرقم لكل وَاحِد مِمَّن شهد عِنْده شهد عِنْدِي بذلك وَإِن كَانُوا من غير الجالسين فَإِن كَانَ القَاضِي يعرف عدالتهم فيرقم لَهُم على نَحْو مَا تقدم ذكره أَيْضا وَإِن كَانَ لَا يعرف عدالتهم فيطلب التَّزْكِيَة من صَاحب الْحق فَإِذا زكوا بَين يَدَيْهِ رقم تَحت كل وَاحِد شهد بذلك وزكى والأحوط أَن يكْتب الْمُزَكي تزكيته تَحت خطّ الشَّاهِد فِي الْمَكْتُوب الَّذِي أدّى عِنْد القَاضِي فِيهِ وَصُورَة مَا يكْتب الْمُزَكي أشهد أَن فلَان ابْن فلَان الْوَاضِع خطه أَعْلَاهُ عدل رَضِي لي وَعلي وَهَذَا هُوَ الْمُتَعَارف فِي التَّزْكِيَة فِي زَمَاننَا وَأما على مَذْهَب الإِمَام أبي حنيفَة لَو قَالَ عدل فَقَط كَانَ كَافِيا أَو قَالَ لَا أعلم إِلَّا خيرا من غير أَن يَقُول أشهد كَانَ كَافِيا أَيْضا وَاعْلَم أَن الْمُزَكي لَا بُد أَن تكون عَدَالَته مَعْرُوفَة عِنْد الْحَاكِم بِحَيْثُ يَثِق بقوله فِي التَّزْكِيَة وَإِن كَانَ القَاضِي يعرف عَدَالَة الْبَعْض دون الْبَعْض كتب لمن عرف عَدَالَته وزكى بَين يَدَيْهِ شهد عِنْدِي بذلك وَيكْتب للَّذي لم يعرف عَدَالَته وزكى بَين يَدَيْهِ شهد بذلك عِنْدِي وزكى وَأما الَّذِي يكون بَين هَذَا وَذَاكَ فَيكْتب لَهُ شهد بذلك عِنْدِي وَالَّذِي شهد وَمَا زكى يكْتب لَهُ شهد فَقَط وَمن هُوَ أَعلَى مِنْهُ بِقَلِيل كالمستور يكْتب لَهُ شهد بذلك فلَان الْفُلَانِيّ وَقد يشْهد فِي بعض المكاتيب من يكون كَبِيرا يصلح للْقَضَاء أَو وزيرا مُعظما أَو وَكيل بَيت المَال أَو كَاتب السِّرّ أَو نَاظر الْجَيْش أَو مِمَّن يكون فِي هَذِه الرُّتْبَة فَإِذا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 296 شهد عِنْد القَاضِي أحد من هَؤُلَاءِ فيرقم لَهُ أعلمني بذلك أَو أَخْبرنِي بذلك بِلَفْظ الشَّهَادَة أَسْبغ الله ظلاله أَو أعَاد الله علينا من بركته أَو فسخ الله فِي مدَّته أَو نفع الله بِهِ وبعلومه أَو مَا يُنَاسب هَذِه الْأَدْعِيَة فَإِن كَانَ نَائِب السُّلْطَان كتب لَهُ أعلمني بذلك بِلَفْظ الشَّهَادَة أعز الله أنصاره وَقد يشْهد عِنْده من يكون من أهل الْفَتْوَى والتدريس أَو رَئِيسا كَبِيرا أَو موقعا فِي الدست فيرقم لَهُ شهد عِنْدِي بذلك أيده الله تَعَالَى أَو أعزه الله تَعَالَى أَو زَاده الله تَعَالَى من فَضله أَو أدام الله سعادته أَو أعز الله نَصره والرقم تَحت شَهَادَة من ذكرنَا يكون بالقلم الثخين قلم الْعَلامَة وَالْأولَى أَن يرقم لكل شَهَادَة برقم على حِدة تحتهَا وَإِن جمع ورقم فَهُوَ كَاف مثل أَن يكْتب شهد الثَّلَاثَة عِنْدِي بذلك أَو شَهدا عِنْدِي بذلك أَو شهد الْأَرْبَعَة أَو الْخَمْسَة عِنْدِي بذلك بِشَرْط أَن يَكُونُوا فِي الْعَدَالَة سَوَاء هَذَا مَا يتَعَلَّق بِالرَّقْمِ فَأَما مَا يتَعَلَّق بِالْكِتَابَةِ على الأوصال فَيكْتب بقلم الْعَلامَة على كل وصل حسبي الله أَو ثقتي بِاللَّه أَو الْوَصْل صَحِيح كتبه فلَان أَو يقيني بِاللَّه يقيني أَو الْحَمد لله أَو الْحَمد وَالشُّكْر لله تَعَالَى فَإِن حصل التوقيع على بعض الأوصال اكْتفى بذلك وَأول شَرط يحْتَاج إِلَيْهِ القَاضِي فِيمَا يُثبتهُ أَو يحكم بِمُوجبِه أَو بِصِحَّتِهِ مِمَّا يدْخل تَحت قلم الْعَلامَة والتوقيع والرقم كَمَا تقدم تَصْحِيح الدَّعْوَى فِي ذَلِك كُله وسماعها إِمَّا على الْمقر نَفسه أَو البَائِع أَو الرَّاهِن أَو الْوَاقِف أَو غَيره أَو على وَكيله الَّذِي تثبت وكَالَته عِنْده بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيّ وَإِن كَانَت الدَّعْوَى على وَكيل بَيت المَال فِي وَجهه أَو على شخص من جِهَته أَو على نَاظر الْأَيْتَام فقد جرت الْعَادة فِي ذَلِك على أَن القَاضِي يكْتب فِي قرنة الْمَكْتُوب الْيُمْنَى على يَمِين قارىء الْمَكْتُوب عِنْد قِرَاءَته ادّعى بِهِ بالقلم الغليظ الَّذِي يكْتب بِهِ الْعَلامَة وَالْأولَى أَن يكْتب ادّعى بِهِ فِي وَجه القَاضِي فلَان الدّين وَكيل بَيت المَال الْمَعْمُور أيده الله تَعَالَى وَإِن كَانَت الدَّعْوَى على شخص من جِهَته بِإِذْنِهِ وتوكيله إِيَّاه فِي سماعهَا كتب ادّعى بِهِ فِي وَجه فلَان الدّين الْوَكِيل الشَّرْعِيّ فِي سَماع الدَّعْوَى عَن القَاضِي فلَان الدّين وَكيل بَيت المَال الْمَعْمُور أيده الله تَعَالَى وَكَذَلِكَ فِي حق نَاظر الْأَيْتَام لَكِن فِي هَذَا التَّوْكِيل من جِهَته وَكيل بَيت المَال أَو نَاظر الْأَيْتَام يحْتَاج إِلَى كِتَابَة فصل بِالتَّوْكِيلِ وَصورته أشهدني سيدنَا العَبْد الْفَقِير إِلَى الله تَعَالَى القَاضِي فلَان أَو الشَّيْخ فلَان الدّين وَكيل بَيت المَال الْمَعْمُور بِالْمَدِينَةِ الْفُلَانِيَّة أَو نَاظر الْأَيْتَام بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ أَسْبغ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 297 الله ظلاله على نَفسه الْكَرِيمَة أَنه وكل فلَان ابْن فلَان فِي سَماع الدَّعْوَى بِسَبَب كَذَا وَكَذَا المتضمن ذَلِك الْمَكْتُوب المسطر بأعاليه توكيلا صَحِيحا شَرْعِيًّا قبل ذَلِك مِنْهُ قبولا شَرْعِيًّا وَشهِدت عَلَيْهِمَا بذلك فِي تَارِيخ كَذَا فَإِذا أدّى الشُّهُود شَهَادَتهم فِي هَذَا الْفَصْل عِنْد القَاضِي سمع الدَّعْوَى وَعمل بِمُقْتَضى مَا ذَكرْنَاهُ وَكتب مَا قدمْنَاهُ من عَلامَة الدَّعْوَى فِي الْموضع الَّذِي بَيناهُ وَاعْلَم أَن ثمَّ مسَائِل لَا يحْتَاج إِلَى دَعْوَى فِيهَا يَأْتِي بَيَانهَا فِي كتاب الدَّعْوَى والبينات وَصُورَة مَا يَكْتُبهُ القَاضِي على البعدية فِي مَوضِع الْعَلامَة جرى ذَلِك أَو جرى الْأَمر كَذَلِك أَو جرى ذَلِك كَذَلِك وَيكْتب فِي أَسْفَل الْمَكْتُوب بعد انْتِهَاء الْكَلَام التَّارِيخ بِخَطِّهِ فَقَط وَالسّنة بِخَط كَاتب الحكم ثمَّ يكْتب القَاضِي الحسبلة بِخَطِّهِ وَمِنْهُم من يَقُول لَا يحْتَاج إِلَى كِتَابَة القَاضِي التَّارِيخ والحسبلة فِي البعدية بل كِتَابَته جرى ذَلِك فِيهِ كِفَايَة وَكَذَلِكَ يكْتب القَاضِي على صور الدَّعَاوَى الَّتِي يَدعِي بهَا عِنْده وَتقوم فِيهَا الْبَيِّنَة ويسبك الحكم فِي آخرهَا بِمَا يَقع بِهِ الحكم وعَلى هَذَا جرت عَادَة الْحُكَّام فِي صور الدَّعَاوَى الَّتِي يَقع الحكم فِيهَا وَفِي الْمُجَرَّدَة عَن الحكم إِذْ هِيَ صُورَة حَال وَإِن وَقع الْإِشْهَاد على شخص بِشَيْء من الْأَشْيَاء الَّتِي تقع عِنْد الشُّهُود وَآل الْأَمر إِلَى صُدُور الْإِشْهَاد بذلك الشَّيْء فِي مجْلِس الحكم الْعَزِيز فَهَذَا الْإِشْهَاد لَا يَخْلُو إِمَّا أَن يصدر الْكَاتِب إشهاده بِذكر مجْلِس الحكم الْعَزِيز أَو يُؤَخر ذكره عَن الْإِشْهَاد وَيخْتم بِهِ وَمِثَال الأول حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ فلَان أَو بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز بَين يَدي متوليه سيدنَا فلَان أشهد عَلَيْهِ فلَانا أَو بَين يَدي سيدنَا فلَان الدّين أشهد عَلَيْهِ فلَانا وَمِثَال الثَّانِي حضر إِلَى شُهُوده فلَان وَأشْهد عَلَيْهِ بِكَذَا وَكَذَا أَو أشهد عَلَيْهِ فلَان شُهُوده إشهادا شَرْعِيًّا أَو أقرّ فلَان الْفُلَانِيّ إِقْرَارا شَرْعِيًّا أَو تصادق فلَان وَفُلَان على كَذَا وَكَذَا فَإِذا انْتهى الْكَلَام فِي ذَلِك إِلَى آخِره كتب قبل التَّارِيخ وَذَلِكَ بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ أَو وَقع الْإِشْهَاد عَلَيْهِ بذلك بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ أَو وَذَلِكَ بعد تقدم دَعْوَى شَرْعِيَّة صدرت بَينهمَا فِي ذَلِك بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ واعتراف الْمَشْهُود عَلَيْهِ أَو الْمَشْهُود عَلَيْهِمَا بذلك لَدَيْهِ أحسن الله إِلَيْهِ ويؤرخ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 298 وَصُورَة مَا يكْتب القَاضِي على هَذَا الْإِشْهَاد إِن احْتِيجَ إِلَى خطه فِيهِ اعْترف عِنْدِي بذلك أَو اعترفا بذلك عِنْدِي أَو سَمِعت اعْتِرَاف الْمَشْهُود عَلَيْهِ أَو عَلَيْهِمَا بذلك فِي تَارِيخه وَصُورَة مَا يكْتب القَاضِي على الْفُرُوض مَوضِع الْعَلامَة فرضت ذَلِك وأذنت فِيهِ وَيكْتب التَّارِيخ بِخَطِّهِ والحسبلة كَمَا تقدم وَصُورَة مَا يكْتب للْقَاضِي فِي كتاب الْقِسْمَة الصادرة بَين الشَّرِيكَيْنِ بِإِذْنِهِ مَوضِع الْعَلامَة وَيكْتب تحتهَا أَذِنت فِي ذَلِك على الْوَجْه الشَّرْعِيّ وَيكْتب التَّارِيخ والحسبلة بِخَطِّهِ أَيْضا وَصُورَة مَا يكْتب القَاضِي على تَفْوِيض أَمر صَغِير إِلَى شخص أَقَامَهُ متكلما عَلَيْهِ مَوضِع الْعَلامَة فوضت ذَلِك إِلَيْهِ وأذنت لَهُ فِيهِ على الْوَجْه الشَّرْعِيّ وَكَذَلِكَ يكْتب لمن فوض إِلَيْهِ التحدث على وقف من الْأَوْقَاف الْجَارِيَة تَحت نظره وَصُورَة مَا يكْتب القَاضِي على مَكْتُوب قد اتَّصل بِهِ بِالنَّقْلِ إِمَّا نُسْخَة أَو سجل على هَامِش الْمَكْتُوب محاذاة رَأس الْبَسْمَلَة الشَّرِيفَة لينقل بِهِ نُسْخَة أَو لينقل بِهِ سجل وَإِن كَانَ المُرَاد أَكثر من ذَلِك كتب لينقل بِهِ نسختان أَو سجلان وَسَيَأْتِي بَيَان الْفرق بَين النُّسْخَة والسجل فِيمَا يتَعَلَّق بكاتب الحكم وَصُورَة مَا يكْتب القَاضِي على تَنْفِيذ حكم آخر تضمن إِذْنا من ذَلِك القَاضِي ليسجل بِثُبُوتِهِ وتنفيذه وإمضاء الْآذِن الْمَذْكُور فِيهِ وَإِن كَانَ التَّنْفِيذ يَشْمَل الْكل فعلى هَذَا لقَائِل أَن يَقُول التَّنْفِيذ يتَعَلَّق بِصِيغَة الحكم لَهُ بِالْإِذْنِ فَكَأَن الثَّانِي نفذ الحكم وَمَا أمضى الْآذِن فَإِذا خرج بإمضاء الْآذِن زَاده قُوَّة وَرفع قَول من يَقُول بِهَذَا التَّوَهُّم وَصُورَة مَا يكْتب القَاضِي على المحاصر من الْإِذْن فِي كتَابَتهَا على سَائِر أَنْوَاعهَا فَأول مَا يرفع إِلَيْهِ السُّؤَال فِي كِتَابَة محْضر يتَضَمَّن كَيْت وَكَيْت فَإِذا رفع إِلَيْهِ نظر فِي نَفسه وفكر ودقق النّظر فَإِذا رَآهُ مِمَّا يسوغه الشَّرْع الشريف كتب تَحت السُّؤَال من جِهَة الْيَسَار ليكتب فَإِذا سطره كَاتب الحكم وأرخه وذيله يذكر إِذن الْحَاكِم الْآذِن فِي كِتَابَته بِمُقْتَضى خطه الْكَرِيم أَعْلَاهُ ويكمل بالشهود الْعُدُول ادّعى بِهِ عِنْد القَاضِي الْآذِن وَيكْتب القَاضِي عَلامَة الدَّعْوَى كَمَا تقدم فَإِذا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 299 قَامَت الْبَيِّنَة رقم لَهَا كَمَا تقدم وَكتب على هامشه ليسجل بِثُبُوتِهِ وَالْحكم بِهِ أَو بِمُوجبِه على مَا تقدم أَو ليشهد بِثُبُوتِهِ أَو الحكم بِهِ أَو بِمُوجبِه وَبِاللَّهِ الْمُسْتَعَان كَمَا تقدم ويكمله كَاتب الحكم بالإسجال أَو الْإِشْهَاد بِمَا قَامَت بِهِ الْبَيِّنَة فِيهِ على اخْتِلَاف الْأَنْوَاع وَصُورَة مَا يكْتب القَاضِي على صلح ليتيم ادّعى لَهُ على شخص بِإِذْنِهِ أَذِنت فِي ذَلِك والمنسوب إِلَيّ فِيهِ صَحِيح وَيكْتب فِي آخر الصُّلْح حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل من غير عَلامَة وَلَا توقيع على هَامِش وَكَذَلِكَ يكْتب على صُورَة الْمجْلس المتضمنة الحكم بشفعة الْخلطَة أَو الْجوَار أَذِنت فِي ذَلِك سطرا بِغَيْر عَلامَة وَتَحْت أَذِنت فِي ذَلِك سطرا آخر الْمَنْسُوب إِلَيّ فِيهِ صَحِيح وَيكْتب التَّارِيخ بِخَطِّهِ ويحسبل وَصُورَة مَا يكْتب القَاضِي على قصَص السؤالات بالاستقرار فِي الْوَظَائِف الدِّينِيَّة الْجَارِيَة تَحت نظر الحكم الْعَزِيز مثل إِمَامَة مَسْجِد أَو قِرَاءَة أَو نظر أَو خدمَة أَو غير ذَلِك بِحكم وَفَاة أَو شغور ليجب إِلَى سُؤَاله على الْوَجْه الشَّرْعِيّ أَو ليجب إِلَى سُؤَاله وليستقر فِي ذَلِك على الْوَجْه الشَّرْعِيّ وَصُورَة مَا يكْتب القَاضِي على أوراق الإشهادات بالنزول لشخص من النَّاس عَن وَظِيفَة من الْوَظَائِف الدِّينِيَّة ليمض فِي ذَلِك بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيّ أَو ليمض النُّزُول الْمَذْكُور وليستقر الْمنزل لَهُ فِي ذَلِك على الْوَجْه الشَّرْعِيّ أَو أمضيت ذَلِك وقررت النُّزُول لَهُ فِي الْوَظِيفَة الْمَذْكُورَة بِمَا لَهَا من الْمَعْلُوم وأذنت لَهُ فِي الْمُبَاشرَة وَقبض الْمَعْلُوم المستقر صرفه إِلَى آخر وَقت على الْوَجْه الشَّرْعِيّ ويؤرخ وَصُورَة مَا يكْتب القَاضِي على ورقة الْإِحْضَار الَّتِي ترفع إِلَيْهِ بِطَلَب غَرِيم للطَّالِب عَلَيْهِ دَعْوَى شَرْعِيَّة ليحضر إِلَى مجْلِس الشَّرْع الشريف المطهر بالقلم الغليظ قلم الْعَلامَة وَمن الْحُكَّام من يكْتب ليحضر فَقَط وَمِنْهُم من يكْتب ليحضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز وَمِنْهُم من يكْتب أجب خصمك إِلَى مجْلِس الحكم كَمَا نَص عَلَيْهِ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَان وَمِنْهُم من يكْتب أجب خصمك إِلَى مجْلِس الْقَضَاء كَمَا نَص عَلَيْهِ فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّة وَفِي الْحَقِيقَة الْمَعْنى وَاحِد وَإِن تغاير اللَّفْظ وَصُورَة مَا يكْتب القَاضِي على ورقة الاعتقال ليعتقل بقلم الْعَلامَة فِي وسط الطرة فَإِن كَانَ صَاحب الْحق يخْتَار الترسيم واتفقا عَلَيْهِ أَو رأى القَاضِي الترسيم دون الْحَبْس فَيكْتب ليرسم عَلَيْهِ بقلم الْعَلامَة من غير ليعتقل وَإِن اتفقَا قبل أَن يعلم القَاضِي عَلَيْهَا على مبلغ أقل مِمَّا فِي ورقة الاعتقال كتب ليعتقل على مبلغ كَذَا فَقَط الجزء: 2 ¦ الصفحة: 300 وَصُورَة مَا يَكْتُبهُ القَاضِي على توقيع نَائِبه فِي الحكم إِذا كتبه كَاتب حكمه عَنهُ بِإِذْنِهِ يكْتب تَحت الْبَسْمَلَة وسطر من الْخطْبَة علامته الَّتِي يَكْتُبهَا على الإسجالات والمكاتيب الْحكمِيَّة بقلم ثخين وَيكْتب الحسبلة فِي آخِره بعد أَن يكْتب كَاتب الحكم التَّارِيخ بِخَطِّهِ وَصُورَة مَا يكْتب القَاضِي فِي عقد عقده أَو عقد بِحُضُورِهِ وَهَذِه الْكِتَابَة محلهَا من الصَدَاق مَوضِع الْعَلامَة فَإِن كَانَ الْعَاقِد لَهُ قَاضِي قُضَاة الشَّافِعِيَّة كتب فِي الْموضع الْمَذْكُور بالقلم الغليظ عقده بَينهمَا على الْوَجْه الشَّرْعِيّ فِي التَّارِيخ الْمعِين فِيهِ فلَان ابْن فلَان الشَّافِعِي وَإِن كَانَ حنفيا وَلم يحضرهُ شَافِعِيّ كتب كَذَلِك فِي الْموضع الْمَذْكُور وَإِن احْتِيجَ إِلَى كِتَابَة أحد من بَقِيَّة الْقُضَاة غير الشَّافِعِي مِمَّن حضر فَيكْتب مِمَّا يَلِي هَذَا الْموضع إِلَى جِهَة الْبَسْمَلَة أَو على رَأس الْهَامِش مِمَّا يَلِي بَاء الْبَسْمَلَة عقده بَينهمَا أيده الله تَعَالَى بحضوري فِي تَارِيخه وَكتبه فلَان الْفُلَانِيّ وَمن دون هَؤُلَاءِ يكْتب فِي هَامِش الصَدَاق عقده بَينهمَا على الْوَجْه الشَّرْعِيّ فلَان الْفُلَانِيّ أَو حضر هَذَا العقد الْمُبَارك الميمون فلَان الْفُلَانِيّ وَصُورَة مَا يَكْتُبهُ القَاضِي على إِشْهَاد قَاض آخر كَانَ قد شهد عَلَيْهِ فِي تَارِيخ مُتَقَدم ثمَّ مَاتَ شُهُود ذَلِك الأَصْل وَلم يبْق مِمَّن شهد على ذَلِك القَاضِي الْمُتَقَدّم غير هَذَا القَاضِي الْحَيّ يُوقع على هَامِش الْمَكْتُوب الَّذِي يُرِيد صَاحبه ثُبُوته أَو على نسخته المنقولة من أَصله ليسجل بِثُبُوتِهِ بطرِيق مَشْرُوع وَإِن كَانَ فِيهِ حكم فَيكْتب ليسجل بِثُبُوتِهِ وتنفيذه بطرِيق مَشْرُوع وَهَذَا معنى الْقَضَاء بِالْعلمِ وَذَلِكَ الْحَاكِم لَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون شافعيا أَو حنفيا أَو غَيرهمَا مِمَّن لَا يقْضِي بِالْعلمِ فَإِن كَانَ غير شَافِعِيّ فَلَا يُصَرح الْكَاتِب فِي الإسجال على الْحَاكِم بِأَكْثَرَ مِمَّا وَقع لَهُ بِهِ بل يزِيد بطرِيق مَشْرُوع يثبت بِمثلِهِ الْحُقُوق الشَّرْعِيَّة فِي الشَّرْع الشريف وَشرط هَذَا القَاضِي الَّذِي يفعل هَذَا بطرِيق الشَّهَادَة على القَاضِي الأول أَن يكون مُقَلدًا للْقَضَاء فِي مَحل ولَايَته فِي الْمصر الَّذِي هُوَ قَاض فِيهِ كَمَا هُوَ مَشْرُوط فِي جَوَاز الْقَضَاء بِالْعلمِ وَالله أعلم فَائِدَة الثُّبُوت الْمُجَرّد لَيْسَ بِحكم وَقَالَت الْحَنَفِيَّة هُوَ حكم وَقَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين السُّبْكِيّ الشَّافِعِي اخْتلف أَصْحَابنَا هَل الثُّبُوت حكم أم لَا وَالْمُخْتَار عِنْدِي التَّفْصِيل بَين أَن يثبت الْحق وَبَين أَن يثبت السَّبَب فَإِذا ثَبت السَّبَب كَقَوْلِه ثَبت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 301 عِنْدِي أَن فلَانا وقف هَذَا فَلَيْسَ بِحكم لِأَنَّهُ بعد ذَلِك يتَوَقَّف على نظر آخر هَل ذَلِك الْوَقْف صَحِيح أم بَاطِل لِأَنَّهُ قد يكون على نَفسه أَو مُنْقَطع الأول وَنَحْو ذَلِك وَإِن أثبت الْحق كَقَوْلِه ثَبت عِنْدِي أَن هَذَا وقف على الْفُقَرَاء أَو على فلَان فَهُوَ فِي معنى الحكم لِأَنَّهُ تعلق بِهِ حق الْمَوْقُوف عَلَيْهِ وَلَا يحْتَاج إِلَى نظر آخر وَإِن كَانَ صُورَة الحكم وَهُوَ الْإِلْزَام لم تُوجد فِيهِ فَتبين من هَذَا أَن فِي الْقسم الأول لَو طلب الْمُدَّعِي من الْحَاكِم أَن يحكم لَهُ لم يلْزمه حَتَّى يتم نظره وَفِي الثَّانِي يلْزمه لِأَن فِي الثُّبُوت مَا يجب الحكم بِهِ قطعا وَرُجُوع الشَّاهِد بعد الثُّبُوت وَقبل الحكم لم أره مَنْقُولًا وَالَّذِي أختاره أَن فِي الْقسم الثَّانِي كالرجوع بعد الحكم وَلَا يمْنَع الحكم وَفِي الْقسم الأول يمْنَع انْتهى كَلَامه فرع قَالَ وَنقل الثُّبُوت فِي الْبَلَد فِيهِ خلاف وَالْمُخْتَار عِنْدِي فِي الْقسم الثَّانِي الْقطع بِجَوَاز النَّقْل وَتَخْصِيص مَحل الْخلاف بِالْأولِ وَالْأولَى فِيهِ الْجَوَاز وفَاقا لإِمَام الْحَرَمَيْنِ تَفْرِيعا على أَنه حكم بِقبُول الْبَيِّنَة فَائِدَة الحكم بِالْمُوجبِ صَحِيح وَمَعْنَاهُ الصِّحَّة مصونا عَن النَّقْض كَالْحكمِ بِالصِّحَّةِ وَإِن كَانَ أحط رُتْبَة مِنْهُ فَإِن الحكم بِالصِّحَّةِ يَسْتَدْعِي ثَلَاثَة أَشْيَاء أَهْلِيَّة التَّصَرُّف وَصِحَّة صيغته وَكَون التَّصَرُّف فِي مَحَله وَالْحكم بِالْمُوجبِ يَسْتَدْعِي الْأَوَّلين فَقَط وهما صِحَة التَّصَرُّف وَصِحَّة الصِّيغَة وَالأَصَح أَن الثُّبُوت لَيْسَ بِحكم وَقَالَت الْحَنَفِيَّة الثُّبُوت حكم انْتهى النَّوْع الثَّانِي فِيمَا هُوَ مُتَعَلق بوظيفة الْقَضَاء من التواقيع وَغير ذَلِك مِمَّا تقدم ذكره من الْأُمُور المنوطة بحكام الشَّرِيعَة المطهرة ويشتمل هَذَا النَّوْع على صور مِنْهَا توقيع بنيابة الحكم والمستنيب قَاضِي الْقُضَاة شهَاب الدّين أَحْمد والنائب شمس الدّين مُحَمَّد الْحَمد لله الَّذِي نور مطالع أفق المناصب الدِّينِيَّة بشمس الدّين وأوضح بِهِ منهاج الْحق فَأصْبح النَّاس من سلوك سَبيله على يَقِين وَرفع لَهُ مَعَ الَّذين أُوتُوا الْعلم دَرَجَات ورقاه فِيهَا بطرِيق الِاسْتِحْقَاق إِلَى أَعلَى رتب المرتقين وزينه بالتقوى والورع وتولاه فِيمَا ولاه وَالله ولي الْمُتَّقِينَ أَحْمَده حمد عبد ألهمه الله الْحِكْمَة فَوضع الشَّيْء فِي مَحَله وَأقَام شعار الْعلمَاء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 302 حِين وسد الْأَمر إِلَى أَهله وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة مقرونة بالإخلاص فِي حب مُحَمَّد ضامنة لقائلها حسن الْعَاقِبَة فَمَا ذهب لَهُ وَقت إِلَّا وَعَاد وَالْعود أَحْمد وَأشْهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الَّذِي سل سيف الشَّرِيعَة المطهرة فأنفذ الله حكمه وأمضاه وَأقَام بَيِّنَة شرفه على الْمُرْسلين والأنبياء فَمَا مِنْهُم إِلَّا من أجَاز ذَلِك وارتضاه وألزم نَفسه وَأمته الْعَمَل بِمُقْتَضَاهُ صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه الَّذين نفذوا مَا ثَبت عِنْده وأوصلوه بأئمة الْإِسْلَام من أمته صَلَاة ترشد من أعرب بأدائها عَن السُّؤَال أَن يلحن بحجته وتدوم مَا فرج الْعلمَاء مضايق الْجِدَال فِي الدُّرُوس وَقبلت ثغور الأقلام وجنات الطروس وسجدت خلف الإِمَام أَحْمد فِي محراب تَقْلِيد على الرؤوس وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا وَبعد فَإِن منصب الحكم الْعَزِيز محجة الْحق الَّتِي لَا ترى فِيهَا عوجا وَلَا أمتا وَحجَّة الصدْق الَّتِي بهَا يتفرق أهواء الَّذين تحسبهم جَمِيعًا وَقُلُوبهمْ شَتَّى وبهديه يَهْتَدِي المهتدون إِلَى سلوك أرشد الطَّرِيقَيْنِ ويعتصم بِسَبَبِهِ الْقوي من مَال إِلَى مُوَافقَة أسعد الْفَرِيقَيْنِ وَهُوَ إِذا فوض إِلَى ذِي أَمَانَة وديانة وَأسْندَ إِلَى ذِي عفة وصيانة أجْرى قضاياه على نهج السداد والاستقامة وسلك فِيهَا مسلكا مَا ظَهرت فِيهِ لغيره عَلامَة عَلامَة فأعز بِهِ الله أَحْكَامه وَكَانَ فلَان ضاعف الله نعْمَته وأدام رفعته وبلغه من خيرى الدَّاريْنِ أمْنِيته هُوَ الَّذِي نفح عطر مَعْرفَته وفاح ووضحت دَلَائِل كِفَايَته غَايَة الْإِيضَاح وَقَامَت الْبَينَات لدعاوى أولويته بِهَذَا المنصب الْعَزِيز وأعربت فِي هَذَا النَّحْو عَن وصف فَضله الْمُفْرد جمل الْكَلَام فَلَا غرو إِن انتصب فِي الْحَال على التَّمْيِيز لِأَنَّهُ الْعَالم الَّذِي أصبح فِي عَالم الْوُجُود ندرة وأرشد فِي طَرِيق السّنة الشَّهْبَاء إِلَى توليد النُّصْرَة وَهُوَ الألمعي الَّذِي كَأَن أفكاره مُشْتَمِلَة على مسامع وأبصار واللوذعي الَّذِي تتطفل على شمس ذكاه مَشَارِق الْأَنْوَار وَهُوَ الْعَلامَة الَّذِي إِذا تَفَرَّقت أهواء الْمُتَكَلِّمين جمع أشتات الْفَضَائِل بعبارته المعربة عَن التحبير والتحرير على الْقَوَاعِد والبارع الَّذِي لَهُ فِي كل علم مُقَدّمَة تنْتج إِذا سكت الواصفون فَوَائِد وَهُوَ الْخَطِيب الَّذِي إِذا تُسنم ذرْوَة مِنْبَر جَاءَ بِمَا يذكر فصل الْخطاب فِي الْخطب وأتى من الْعجب العجاب بِمَا يسحر الْأَلْبَاب إِذا قَالَ أَو كتب والمنشىء الَّذِي لَيْسَ لحمائم درج الْأَدَب فِي رياض الطروس تغريد إِلَّا بسجعه وَلَا لقلم التوقيعات غُبَار فِي عوارض ريحَان الرّقاع إِلَّا ونسخها الْمُحَقق من كَمَال وَضعه كم هبت نسمات سماته الطاهرة فترنم النَّاس بِحسن إيقاعها فِي الصَّعِيد والحجاز وَكم ريح برِيح الجزء: 2 ¦ الصفحة: 303 أريحيته أعطاف الدوح الشَّامي فسرى مِنْهُ نسيم قبُول لَهُ إِلَى الْقُلُوب على الْحَقِيقَة مجَاز وَكم لَهُ من أَحَادِيث فضل تسلسل مَعَ الروَاة سَنَد لَفظهَا الدُّرِّي وَثَبت إيرادها الْحسن الصَّحِيح فِي مُسْند أَحْمد بطرِيق الرِّوَايَة عَن الزُّهْرِيّ فَلذَلِك استخار الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى سيدنَا ومولانا قَاضِي الْقُضَاة شيخ الْإِسْلَام شهَاب الدّين أَحْمد الْفُلَانِيّ الشَّافِعِي وفوض إِلَى الجناب الْكَرِيم الْفُلَانِيّ الْمشَار إِلَيْهِ وَظِيفَة نِيَابَة الحكم الْعَزِيز وَالْقَضَاء بالمملكة الْفُلَانِيَّة أَو بِالْمَدِينَةِ الْفُلَانِيَّة وأعمالها وَكَذَا وَكَذَا إِلَى آخِره على أجمل العوائد وأكمل الْقَوَاعِد تفويضا صَحِيحا شَرْعِيًّا تَاما مُعْتَبرا مرضيا وولاه ذَلِك ولَايَة تَامَّة عَامَّة فليتلق مَا فوض إِلَيْهِ بِالْقبُولِ عَن شيخ الْإِسْلَام ولينشر علم علمه بَين الْعلمَاء الْأَعْلَام ولينظر فِيمَا يرفع إِلَيْهِ من القضايا وَالْأَحْكَام نظرا تَبرأ بِهِ الذِّمَّة وَيحصل بِهِ الْفَوْز الْعَظِيم يَوْم الْوُقُوف بَين يَدي الْملك العلام وليطلق أَلْسِنَة أقلامه فِي ذَلِك الْمِضْمَار وليجتهد كل الِاجْتِهَاد أَن يكون ذَلِك الرجل الَّذِي قَالَ فِي حَقه الصَّادِق المصدوق قَاض فِي الْجنَّة لَا من القاضيين اللَّذين هما فِي النَّار وليباشر ذَلِك مُبَاشرَة تفتح أَبْوَاب الْعلم الَّتِي عهِدت من بَيت جده الْمدرس وليقم فِيهَا على قدم يحمده النَّاس عَلَيْهِ فِي كل مجْلِس والوصايا كَثِيرَة وَهُوَ باستضاءة نور شمس دينه المتين فِي غنية عَنْهَا وَلَكِن لَا بُد فِي كل الْأُمُور مِنْهَا وملاكها تقوى الله وَهُوَ بِحَمْد الله مِمَّن يهتدى بتقواه وفضله وَينْتَفع بِهِ فِي مصَالح مدارس الْعلم وَأَهله وَالله تَعَالَى يزِيد أَيَّامه الشمسية نورا يتألق كوكبه الزُّهْرِيّ فِي جبين الدَّهْر وعرنينه وَرَايَة هَذِه الدَّعْوَى يتلقاها كل سامع بِيَمِينِهِ وتديم ثناءا ودعاءا يتلقاهما الْقلب بتصديقه وَاللِّسَان بتأمينه والخط الْكَرِيم أَعلَى الله تَعَالَى علاهُ حجَّة بمضمونه وَمُقْتَضَاهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى ويؤرخ وَيخْتم بالحمدلة وَالصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ويخلى للْقَاضِي بَيَاضًا يكْتب فِيهِ الحسبلة توقيع بنيابة الحكم الْعَزِيز والمستنيب قَاضِي الْقُضَاة تَاج الدّين مُحَمَّد والنائب شمس الدّين مُحَمَّد الْحَمد لله الَّذِي سير فِي بروج سَمَاء الشَّرِيعَة المطهرة شمس الدّين المحمدي وَنور بِعُلُومِهِ عوالم الْوُجُود وَأعَاد عُيُون المناصب الدِّينِيَّة بعوده إِلَى منصب الحكم الْعَزِيز الجزء: 2 ¦ الصفحة: 304 قريرة وطالما تشوف إِلَى أَنه إِلَيْهِ يعود وَكَيف لَا يكون كَذَلِك وَقد سلك فِي إِيضَاح منهاج الْحق مسلكا حل بِهِ مَحل الْجَوْهَرَة من التَّاج وَكَانَ فِي أَيَّام الشهَاب مَحْمُود أَحْمَده حمد من أحكم فِي ولَايَته لما يَتَوَلَّاهُ عقد ولائه وَخص بَين أهل الْعلم الشريف بالأفضال الَّتِي عد بهَا من فضلائه وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة مَوْصُولَة فِي الدَّاريْنِ بالسعادة مَقْبُولَة لَدَيْهِ مقرونة بالإخلاص عِنْد عَالم الْغَيْب وَالشَّهَادَة وَأشْهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الَّذِي شرع الشَّرْع الشريف وأعز أَحْكَامه وَمَا بَرحت بَيِّنَة شرفه معلنة لَهُ بِالْأَدَاءِ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه الَّذين تمسكوا من هَدْيه بسننه وسنته وأوضحوا منهاج شَرعه لمن سلكه من أَئِمَّة أمته صَلَاة تكسو مفرق منصب الحكم الْعَزِيز تاجا وتفيد الْمَرَاتِب الْعلية بِمُبَاشَرَة من خطب إِلَيْهَا سُرُورًا وابتهاجا وتصون القضايا عَن أَن يتَطَرَّق إِلَيْهَا مَعَ وجوده خلل أَو يخْشَى أحد مَعَه عَن طَرِيق الْحق اعوجاجا وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا وَبعد فَإِن أولى من رقمت حلل الشَّرْع الشريف بمفاخره وأوصافه وَأَلْقَتْ الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة مقاليدها إِلَى يَد عدله وإنصافه من جددت عوائد رتبته السّنيَّة ووطدت قَوَاعِد سيرته الْحَسَنَة المرضية وَأخذ من الْعلم الشريف بأوفر نصِيبه وتشوفت إِلَيْهِ رتبته بعد فِرَاق تشوف الْمُحب إِلَى حَبِيبه ونطقت أَدِلَّة التقاليد الْحكمِيَّة بِفضل فصل قَضَائِهِ وَقضى قلمه فِي الحكم وَالْقَضَاء بِمَا يَرْبُو على السهْم فِي نُفُوذه وَالسيف فِي مضائه وَكَانَ فلَان مِمَّن نوه لِسَان الْإِحْسَان بِذكرِهِ وَنبهَ التقي على رفْعَة قدره ولهجت الْأَلْسِنَة بشكره وأضاءت فضائله حَتَّى اشْترك فِي إِدْرَاكهَا السّمع وَالْبَصَر ووضحت فَوَائده حَتَّى كَاد يَتَنَاوَلهَا من فِي بَاعَ فهمه قصر لله دره من شَافِعِيّ مَلأ صُدُور الْمَلأ بِعِلْمِهِ وقاض لَا تَأْخُذهُ فِي الله لومة لائم وَلَا تعرف لَهُ مداهنة فِي حكمه هممه الْعلية لَا يدْرك مداها وشيمه الطاهرة قد جعل الله إِلَى مراضيه هداها فَلذَلِك استخار الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى سيدنَا ومولانا قَاضِي الْقُضَاة فلَان الدّين وفوض إِلَى الجناب الْكَرِيم العالي الْمشَار إِلَيْهِ وَظِيفَة نِيَابَة الحكم الْعَزِيز وَالْقَضَاء بالمملكة الْفُلَانِيَّة أَو بِمَدِينَة كَذَا وأعمالها على جاري عَادَته ومستقر قَاعِدَته تفويضا صَحِيحا شَرْعِيًّا تَاما مُعْتَبرا مرضيا فليتلق مَا فوض إِلَيْهِ بِالْقبُولِ وليعلم أَنه فِي كل مَا يرفع فِيهِ من الْأُمُور غَدا بَين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 305 يَدي الله مسؤول وليباشر ذَلِك على مَا عهد إِلَيْهِ من جميل أَوْصَافه وليمض فِيهِ على مَا ألف من ديانته وصيانته وعفافه وَفِيمَا نعت من محاسنه الجميلة مَا يُغني عَن الْوَصَايَا الْمُؤَكّدَة والإشارات المرددة وَهُوَ بِحَمْد الله غَنِي عَمَّا تُشِير إِلَيْهِ مِنْهَا أنامل الأقلام وَتحقّق بِهِ من قعقعة الطروس الْأَعْلَام وملاكها تقوى الله والذكرى بهَا تَنْفَع الْمُؤمنِينَ وَيجمع بَين مصَالح الدُّنْيَا وَالدّين فليجعلها خلقه مَا اسْتَطَاعَ فَإِن حكمهَا هُوَ المتبع وأمرها هُوَ المطاع وَالله تَعَالَى يجريه من جميل العوائد على أجمل عَادَة وَيجْرِي جِيَاد أقلامه فِي ميادين الطروس بالسعادة بمنه وَكَرمه والخط العالي أَعلَى الله تَعَالَى علاهُ حجَّة بمضمونه وَمُقْتَضَاهُ ويكمل على نَحْو مَا سبق توقيع بنيابة الحكم الْعَزِيز والمستنيب قَاضِي الْقُضَاة جلال الدّين مُحَمَّد والنائب نَاصِر الدّين مُحَمَّد الْحَمد لله نَاصِر الدّين القويم وحافظ نظامه ومعيد بركَة التَّقْوَى على متزودها فِي بداية كل أَمر وختامه ومؤيد كلمة الشَّرْع الشريف بإحكام قَوَاعِد أَحْكَام حكامه وجامع طرفِي السَّعَادَة والسيادة لمن قَلّدهُ مِنْهُم أَمَانَة هَدْيه وشكر فِي إِقَامَة منار الْحق حسن مقَامه نحمده حمد من نَشد ضالته فَوَجَدَهَا ووعدت وظيفته برده إِلَيْهَا فسرت حِين أنْجز الله لَهَا مَا وعدها ونشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة ندخرها ليَوْم فصل الْقَضَاء وَنَرْجُو أَن يمنحنا بهَا فِي جنَّات عدن الرضى ونشهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الَّذِي أعَاد بِهِ الْحق إِلَى نصابه ووسد بِشَرِيعَتِهِ الْأَمر إِلَى أربابه ومهد بسنته سنَن الْعدْل فَدخلت إِلَيْهِ الْأمة من أبوابه صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه قُضَاة الدّين وهداته وكفاة الْحق وحماته صَلَاة دائمة بَاقِيَة مَا تتَابع الدَّهْر بشهوره وأيامه وساعاته وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا وَبعد فَلَمَّا كَانَ منصب الحكم الْعَزِيز محجة الْهَدْي لمن اهْتَدَى وَحجَّة الصدْق الَّذِي لَا يمحى اسْمه وَلَا يندرس رسمه أبدا وَهُوَ الشَّرْع الَّذِي تحوم على ورده الهمم ويكشف بِهِ خطب الْبَاطِل إِذا ألم وادلهم تعين أَن لَا يؤهل لارتقاء ذروته الْعلية وإعلاء دَرَجَته الرفيعة السّنيَّة إِلَّا من ترقى بالديانة وَالْعلم أحسن رقى وسحب ذيل الصيانة وَالْحكم سحب طَاهِر نقي وَشهد شرف سلفه بصلف خَلفه واستند إِلَى بَيت علم مَشْهُور وحلم عِنْد أَرْبَاب الدولة مشكور وَكَانَ فلَان أدام الله تأييده وتسديده ووفر من الْخيرَات مزيده مِمَّن علمت أَمَانَته الجزء: 2 ¦ الصفحة: 306 واشتهرت ديانته وَحسنت سيرته وحمدت سَرِيرَته وَعرف بالورع والعفاف واتصف بجميل الْأَوْصَاف وراض نَفسه حَتَّى ملكهَا وَعرف طرق الصَّوَاب فسلكها وافتخرت بِهِ المناصب الدِّينِيَّة افتخار السَّمَاء بشمسها والدوحة بغرسها والإفهام بِإِدْرَاك حسها والدولة بأمينها والشريعة المطهرة بِمُحَمد حامي حوزتها وناصر دينهَا فَلذَلِك استخار الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى سيدنَا ومولانا قَاضِي الْقُضَاة فلَان الدّين أدام الله أَيَّامه الزاهرة وأسبغ نعمه عَلَيْهِ باطنة وظاهرة وَجمع لَهُ بَين خيري الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وفوض إِلَى الجناب العالي الْفُلَانِيّ الْمشَار إِلَيْهِ أَفَاضَ الله نعمه عَلَيْهِ نِيَابَة الحكم الْعَزِيز بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ عوضا عَمَّن هُوَ بِهِ بمفرده من غير شريك لَهُ فِي ذَلِك على جاري عَادَته ومستقر قَاعِدَته تفويضا صَحِيحا شَرْعِيًّا تَاما مُعْتَبرا مرضيا لما تحَققه من نزاهته وخيره واستحقاقه لذَلِك دون غَيره ووثوقه بأمانته وديانته واعتمادا على كفاءته وكفايته راجيا بَرَاءَة الذِّمَّة بولايته فليباشر مَا فوض إِلَيْهِ من هَذِه النِّيَابَة راقيا ذروتها الْعلية بقدم التَّمْكِين متلقيا رايتها المحمدية بِالْيَمِينِ وَالْيَمِين عَالما أَن مقلده شدّ الله بِهِ عضده وكبت أعداءه وحسده قد قَلّدهُ عقد ولائه الْيَمين وَاعْتمد على كِفَايَته فِي بَرَاءَة ذمَّته وَمَا اعْتمد إِلَّا على الْقوي الْأمين فليرع بسداد أَحْكَامه الرعايا وليفصل بقوله الْفَصْل الْأَحْكَام والقضايا وليحفظ أَمْوَال الغياب والأيتام وليمعن النّظر فِيمَا يرفع إِلَيْهِ من دعاوى الأخصام ولينظر فِي الْأَوْقَاف المبرورة وليجريها على مُقْتَضى شَرط واقفيها وليسترفع حسباناتها لمستحقيها من جباتها ومباشريها والمتحدثين فِيهَا ولينتصب لتنفيذ الْأَحْكَام وكشف الْمَظَالِم ولينصف الْمَظْلُوم من الظَّالِم ولينظر فِي أَمر الشُّهُود بذلك الْقطر نظر المحاسب فِيمَا جلّ ودق وَلَا يرخص لأحد مِنْهُم فِي الْعُدُول عَن الْحق وليراجع مستنيبه فِيمَا يشكل عَلَيْهِ ليَكُون اعْتِمَاده فِيمَا يُشِير بِهِ إِلَيْهِ والوصايا كَثِيرَة وَهُوَ بِحَمْد الله إِمَام هدى يَهْتَدِي بِهِ من ائتم وفاضل كمل بِهِ شرف بَيته الْكَرِيم وَتمّ وَمثله لَا يحْتَاج إِلَى تَأْكِيد وَصِيَّة لما لَدَيْهِ من مواد الْأَدَب ومزايا الألمعية وملاك ذَلِك كُله التَّقْوَى والتمسك بِسَبَبِهَا الْأَقْوَى فِي السِّرّ والنجوى وَهُوَ من سلوك نهجها القويم على يَقِين وَالله ولي الْمُتَّقِينَ وَالله تَعَالَى ينفعنا وإياه بِهَذِهِ الذكرى الَّتِي ألزمته تأهيل الْغَرِيب وأنزلته فِي جوَار سيد وحبِيب والخط العالي أَعْلَاهُ الله تَعَالَى أَعْلَاهُ حجَّة بِمُقْتَضَاهُ ويؤرخ ويكمل على نَحْو مَا سبق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 307 توقيع بالاستمرار فِي نِيَابَة الحكم الْعَزِيز والنائب شهَاب الدّين أَحْمد أما بعد حمد الله الَّذِي جعل شهَاب الدّين لم يزل ينْتَقل فِي دَرَجَات سعده وَالصَّلَاة وَالسَّلَام الأتمين الأكملين الأفضلين على سيدنَا مُحَمَّد الَّذِي أيده الله بنصر من عِنْده وعَلى آله وَصَحبه الَّذين عرفُوا قدر مَا أنعم الله عَلَيْهِم بِهِ فَزَادَهُم من فيض بره ورفده صَلَاة وَسلَامًا دائمين دواما لَا غَايَة لحده وَلَا نِهَايَة لعده وَبعد فَإِن أولى من رفعت مراتبه وأنارت بِنور الإقبال كواكبه ونشرت بَين فضلاء الزَّمَان عصائبه من فَضله الله بالمعرفة الْكَامِلَة والخبرة التَّامَّة وَخَصه بمزيد تَمْيِيز شهِدت بِهِ الْخَاصَّة والعامة وتكررت على الأسماع محَاسِن أَفعاله واشتهرت نباهته وبراعته بمداومته على اشْتِغَاله وحمدت فِي الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة طَرِيقَته وَعرفت بَين ذَوي الْمعرفَة سيرته وديانته وعفته وانحصرت فِيهِ الْحَالَات الْمَطْلُوبَة وشكرت همته فِي ولَايَته حَتَّى صَار بَين أقرانه أعجوبة إِن حمدت أَوْصَاف غَيره أَو طلعت شهب الْفَضَائِل فِي الْآفَاق ونورها يتوقد فشهابه فِي أفق الْفضل زَاهِر وَالْإِجْمَاع مُنْعَقد على أَنه أَحْمد وَكَانَ الْمجْلس الْفُلَانِيّ أدام الله نعْمَته وَمن الْخَيْر قسمته مِمَّن اسْتحق أَن تجدّد لَهُ ملابس الإنعام وَأَن يجْرِي من الْفضل العميم على عوائد الْبر وَالْإِكْرَام ليعود بمزيد الْبشر والإقبال إِلَى مَحل ولَايَته مجبورا وينقلب إِلَى أَهله مَسْرُورا فَلذَلِك رسم بِالْأَمر العالي القاضوي الحاكمي الْفُلَانِيّ أَسْبغ الله ظلاله وَختم بالصالحات أَعماله أَن يسْتَمر الْمجْلس العالي الْفُلَانِيّ الْمشَار إِلَيْهِ فِيمَا بِيَدِهِ من وظيفته نِيَابَة الحكم الْعَزِيز بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ بمفرده على جاري عَادَته وقاعدته فليتلق ذَلِك بِالْقبُولِ الزَّائِد وَالشُّكْر المتزايد وليعلم أَنه فِي حلبة السَّابِقين إِلَى هَذَا المنصب الْجَلِيل بذلك الْقطر نعم الصِّلَة وَنعم الْعَائِد وليباشر ذَلِك على مَا عهد من كَمَال أدواته وَجَمِيل صِفَاته والوصايا كَثِيرَة وَهُوَ بِحَمْد الله أول دَاع إِلَيْهَا ومجيب وَله فِي سلوك مناهج التَّقْوَى أَحْمد العواقب الْمُغنيَة عَن التشبيب بذكرى منزل وحبِيب وَالله تَعَالَى يجريه من دوَام السَّعَادَة على أجمل عَادَة ويمنحه من مواهبه الْحَسَنَة الْحسنى وَزِيَادَة بمنه وَكَرمه والخط العالي أَعْلَاهُ الله تَعَالَى أَعْلَاهُ حجَّة بِمُقْتَضَاهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى ويؤرخ ويكمل على نَحْو مَا سبق توقيع قَاض اسْمه مُحَمَّد ولقبه شمس الدّين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 308 الْحَمد لله الَّذِي جعل شمس الشَّرِيعَة المطهرة فِي سَمَاء السمو مشرقة الْأَنْوَار وَأقر الْعُيُون بِمَا اخْتصّت بِهِ من دوَام الرّفْعَة وَحسن الِاسْتِقْرَار وَاخْتَارَ لتنفيذ الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة من دلّت محَاسِن أَوْصَافه على أَنه من المصطفين الأخيار وَمن يسْتَوْجب بوفور الألمعية الرتب الْعلية على الدَّوَام والاستمرار وَأَن يبلغ بمآثره الجليلة من الإقبال غَايَة الإيثار وَمن تدل سيماه فِي وَجهه من أثر السُّجُود على أَنه من المستغفرين بالأسحار نحمده حمدا خصصنا بِهِ فِي مَوَاطِن كَثِيرَة بالانتصار والاستظهار ونشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة نقوم فِيهَا بِمَا يجب من الِاعْتِرَاف وَالْإِقْرَار وَنَرْجُو بالإخلاص فِي أَدَائِهَا الخلود فِي دَار الْقَرار ونشهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الْمَبْعُوث إِلَى أهل الْآفَاق والأقطار والمشرفة بنصره طوائف الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه الَّذين بلغُوا عَنهُ مَا جَاءَ بِهِ من ربه بِصَحِيح الْأَخْبَار والْآثَار صَلَاة دائمة بَاقِيَة مَا تعاقب اللَّيْل وَالنَّهَار وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا وَبعد فَإِن أولى من تأكدت أَسبَاب تَقْدِيمه وأحكمت مُوجبَات تحكيمه ونفذت فَتَاوِيهِ وأقضيته فِي الرعايا وعول على عرفانه فِي فصل القضايا من اشتهرت مآثره فِي الْبِلَاد وجربت أَحْكَامه فَلم يخرج عَن مناهج السداد واختبرت تَصَرُّفَاته فدلت على دينه المتين وفضله الْمُبين وَكَانَ فلَان هُوَ الجدير بِهَذِهِ الْمعَانِي والحقيق بنشر المحامد وَبث الثَّنَاء المتوالى أَحْوَاله فِي مُبَاشرَة الحكم الْعَزِيز جَارِيَة على مَا يُرْضِي الله وَرَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وصدره الرحب محتو على خَزَائِن الْعُلُوم فَلهَذَا تلقى إِلَيْهِ مقاليدها وتسلم وَهُوَ فِي الله شَدِيد الْبَأْس قوي العزائم فَإِذا ظهر لَهُ الْحق عمل بِهِ وَلَا تَأْخُذهُ فِي الله لومة لائم وَلم يلف فِي أَفعاله مَا ينْتَقد بل ينتقى وَلَا يسند إِلَيْهِ من الْأَفْعَال إِلَّا مَا يُوجب الخلود فِي دَار الْبَقَاء فَلذَلِك استخار الله سيدنَا ومولانا قَاضِي الْقُضَاة فلَان الدّين أَسْبغ الله ظلاله وَختم بالصالحات أَعماله وفوض إِلَى الجناب الْمشَار إِلَيْهِ نِيَابَة الحكم الْعَزِيز بالمملكة الْفُلَانِيَّة وأعمالها على أجمل العوائد وأكمل الْقَوَاعِد تفويضا صَحِيحا شَرْعِيًّا تَاما مُعْتَبرا مرضيا فليتلق هَذَا التَّفْوِيض الْمُبَارك بأتم اجْتِهَاد وَأسد اعْتِمَاد وليباشر ذَلِك مُجَردا فِي تأييد الشَّرْع الشريف عزمه متحليا بخشية الله فخشية الله رَأس كل حِكْمَة محترزا أَن يداخل شَيْئا من أَحْكَامه مَا يُوجب نقض مظْهرا خفايا الْحُقُوق إِذا جَاءَهُ خصمان بغي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 309 بَعْضهَا على بعض معملا فِيهَا فكرة عَن الْحق غير زائغة وَلَا زائلة مراجعا عَزِيز علمه فالعلم ثَلَاثَة آيَة محكمَة وَسنة قَائِمَة وفريضة عادلة مستوضحا للقضايا المشكلة لتنجلي لَهُ كالعيان متوخيا مواقع الْإِصَابَة فَإِن الْحَاكِم إِذا اجْتهد فَأصَاب فَلهُ أَجْرَانِ مستوصلا من غَايَة المراقبة إِلَى أقصاها متذكرا فِي إبدائه وإعادته من لَا يُغَادر صَغِيرَة وَلَا كَبِيرَة إِلَّا أحصاها محافظا على عدم الاحتجاب عَن ذَوي الْحَاجَات مسويا بَين الْخُصُوم فِي الْمجْلس والإقبال والإنصات متأملا من أَحْوَال الشُّهُود مَا تحقق فِيهِ التأميل مُعْتَبرا شهاداتهم الدَّالَّة على مقتضيات الْجرْح وَالتَّعْدِيل وملاك الْوَصَايَا تقوى الله فلتكن حلية لأوقاته وحلة صَافِيَة على تَصَرُّفَاته فَإِنَّهَا النِّعْمَة الوافرة والخلة المحصلة لسعادتي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَقد علم مَا يتَعَيَّن من حسن الْخلق الَّذِي أثنى الله بِهِ على نبيه الْكَرِيم ومدحه بقوله تَعَالَى {وَإنَّك لعلى خلق عَظِيم} وليعتمد الرِّفْق فَإِنَّهُ أزين وليعمل بقوله تَعَالَى {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أحسن} وليتصد آنَاء اللَّيْل وأطراف النَّهَار لنصر الشَّرِيعَة وَالله تَعَالَى يَجْعَل تَصَرُّفَاته لاتصال الْحُقُوق إِلَى مستحقيها ذَرِيعَة بمنه وَكَرمه والخط العالي أَعْلَاهُ الله تَعَالَى أَعْلَاهُ والعلامة الْعَالِيَة أَعْلَاهُ حجَّة بِمُقْتَضَاهُ ويؤرخ ويكمل على نَحْو مَا سبق توقيع آخر الْحَمد لله الَّذِي تفرد فِي أزليته بعز كبريائه وتوحد فِي صمديته بدوام بَقَائِهِ وَنور بِنور مَعْرفَته قُلُوب أوليائه وَطيب أسرار الطالبين بِطيب ثنائه وَسكن خوف الْخَائِفِينَ بِحسن رجائه وأسبغ على الكافة جزيل عطائه أَحْمَده حمد رَاض بِقَضَائِهِ شَاكر لنعمائه معترف بِالْعَجزِ عَن إحصاء آلائه وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة تكون عدَّة لنائلها يَوْم لِقَائِه وَأشْهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله خَاتم أنبيائه وَسيد أصفيائه الْمَخْصُوص بالْمقَام الْمَحْمُود فِي الْيَوْم الْمَشْهُود فَجَمِيع الْأَنْبِيَاء تَحت لوائه صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَأَصْحَابه وخلفائه صَلَاة دائمة بدوام أرضه وسمائه وَبعد فَلَمَّا كَانَ الْقَضَاء من أهم الْأُمُور وَبِه سداد الْأمة وَصَلَاح الْجُمْهُور وَجب تَقْدِيم النّظر إِلَيْهِ على سَائِر الْمُهِمَّات وتعجيل الإقبال عَلَيْهِ بِوَجْه الاعتناء والالتفات وَصرف الْعِنَايَة نَحوه فِي حالتي النَّفْي وَالْإِثْبَات وَلما كَانَ فلَان مِمَّن تحلى بِالْعلمِ وتزين بالتقى والحلم وَصفا قلبا وجاد سريرة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 310 وَسَار فِي الْأَنَام أحسن سيرة استخار سيدنَا ومولانا قَاضِي الْقُضَاة فلَان الدّين إِلَى آخِره ويكمل على نَحْو مَا تقدم توقيع آخر الْحَمد لله اللَّطِيف بِعَبْدِهِ الوفي بوعده الَّذِي منع ومنح فعزل وَولى وضر ونفع فَمر وحلى نحمده حمدا لَا يُحْصى أمده ونشكره شكرا لَا يَنْتَهِي عدده ونشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة ليَوْم لِقَائِه أعدهَا وَمن نعمه الشاملة أعدهَا ونشهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الَّذِي قضى بِالْحَقِّ فَعدل فِي قَضَائِهِ وَمَا جَار وحماه من الْبَأْس وَعَصَمَهُ من النَّاس وأجار المنعوت بالتبجيل والتعظيم الْمَوْصُوف بالتشريف والتكريم الْمَأْمُور بِالصَّلَاةِ وَالتَّسْلِيم الَّذِي سد الذرائع وَشرع لأمته من الدّين أحسن الشَّرَائِع صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله النُّجُوم الطوالع وَأَصْحَابه الممدوحين بالركع السُّجُود فَأكْرم بِكُل ساجد مِنْهُم وَرَاكِع صَلَاة دائمة مَا ابتسمت الرياض لبكاء الغيوث الهواطل والمزن الهوامع وَمَا تمايلت الأغصان لغناء المطوقات السواجع وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا وَبعد فَإِن منصب الحكم وَالْقَضَاء لَا ميزَان أعدل من مِيزَانه وَلَا ميدان أخطر من الرّكُوب فِي ميدانه وَلَا بَحر أصعب من الولوج فِي مركبه وَلَا نصب أبلغ مِمَّا شويت الْقُلُوب على منصبه بِهِ تستخلص الْحُقُوق الشَّرْعِيَّة وبالقيام بِهِ تقوم الْمصَالح المرعية وَالْأولَى أَن يخْتَار لَهُ من سَارَتْ بسيرته الجميلة الْأَمْثَال وَنسخت أقلامه بِحسن وشيها حلَّة الْجمال على أحسن منوال فبدور معاليه طالعة فِي أوج فلك شمسه وسطور مَعَانِيه ساطعة بسواد مداده فِي بَيَاض طرسه وَلما كَانَ فلَان هُوَ الْمَعْنى بِهَذِهِ الْعبارَة والمشار إِلَيْهِ بِهَذِهِ الْإِشَارَة فَلذَلِك استخار الله الَّذِي مَا خَابَ من استخاره وَلَا نَدم من استجاره سيدنَا ومولانا قَاضِي الْقُضَاة فلَان الدّين وفوض إِلَى الجناب الْمشَار إِلَيْهِ الحكم وَالْقَضَاء بِمَدِينَة كَذَا وأعمالها تفويضا صَحِيحا شَرْعِيًّا وولاه ولَايَة تَامَّة ركونا إِلَى ديانته المشكورة ووثوقا بأمانته الْمَشْهُورَة واعتمادا على أَوْصَافه الحميدة الَّتِي هِيَ غير محصورة فليباشر ذَلِك مُجْتَهدا فِي مصَالح الرعايا مُعْتَمدًا على مَا يعلم من حكم الله فِي الْعدْل الَّذِي هُوَ رابطة الْأَحْكَام وزبدة القضايا ولينظم أَمر وظائف الشَّرِيعَة المطهرة فِي أحسن السلوك وَيفرق فِي الْحق بَين الْغَنِيّ وَالْفَقِير وَالْمَالِك والمملوك ليحتط كل الِاحْتِيَاط فِي أَمر الْيَتَامَى وَلَا يُولى عَلَيْهِم إِلَّا من يراقب الله فِي أَمْوَالهم ويخشى الله فِي معاملاتهم فَكفى مَا بهم من سوء حَالهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 311 وَلَا يركن فِي حَال الْأَيْتَام إِلَّا إِلَى من اختبره الْمرة بعد الْمرة وَعلم أَن عفته لَا تسامحه فِي التمَاس الذّرة والأوقاف فليجر أمورها على النظام المتتابع وَلَا يتَعَدَّى بهَا شُرُوط واقفيها فَإِن نَص الْوَاقِف مثل نَص الشَّارِع وليعقد أنكحة الْأَبْكَار والأيامى وليزوجهن من أكفائهن شرعا وَيمْنَع من تلبسهن من الْفضل درعا وَمَال الْمَحْجُور عَلَيْهِ يودعه حرْزا يحفظ فِيهِ وَمَال الْغَائِب كَذَلِك وَالْمَجْنُون وَالسَّفِيه ووقائع بَيت المَال فلتكن مضبوطة النظام مَحْفُوظَة الزِّمَام ومقطوعة الجدل وَالْخِصَام وليحذر أَن يُولى فِي ذَلِك أَو فِي شَيْء مِنْهُ من يرَاهُ فِي الصُّورَة الظَّاهِرَة فَقِيها فَيكون هُوَ الَّذِي إِذا تولى سعى فِي الأَرْض ليفسد فِيهَا فَهُوَ الْمَطْلُوب عِنْد الله بجنايتهم والمحاسب على مَا اجترحوه فِي ولايتهم بل يتحَرَّى فِي أُمُورهم ويراعي أَحْوَالهم فِي غيبتهم وحضورهم لَا سِيمَا الْعُدُول فَلَا يهمل لَهُم أَمر وَينظر فِي شَهَادَتهم بذكاء إِيَاس وفطنة عَمْرو وقاضي الشَّرِيعَة أدرى بِمَا الْأَمر إِلَيْهِ فِي هَذَا الْمَعْنى وَمثله يؤول وهم المخاطبون بقوله كلكُمْ رَاع وكل رَاع عَن رَعيته مسؤول والوصايا كَثِيرَة وَهُوَ بِحَمْد الله غَنِي عَنْهَا عَارِف بِجَمِيعِ آدَاب قُضَاة السّلف وَهُوَ خير خلف مِنْهَا وَالله تَعَالَى يعصمه من الْخَطَأ والخطل والزيغ والزلل فِي القَوْل وَالْعَمَل بمنه وَكَرمه ويؤرخ ويكمل على نَحْو مَا سبق وَإِن شَاءَ كتب هَذِه الْوَصِيَّة بعد تَمام التَّفْوِيض وَبعد قَوْله فليباشر ذَلِك عَاملا فِيهِ بتقوى الله عز وَجل فِي قَوْله وَفعله وعقده وحله وَأَن يفصل الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة بَين المترافعين إِلَيْهِ بِحكم الشَّرِيعَة المطهرة مَاشِيا فِي ذَلِك على الطَّرِيق المألوفة والقوانين الْمُعْتَبرَة وليساو فِي الْحق بَين الْخُصُوم وينتصف من الظَّالِم للمظلوم وَأَن يتَوَلَّى عُقُود الْأَنْكِحَة من الْأَبْكَار والأيامى وَينظر فِي أَمْوَال الغياب واليتامى وَيجْعَل أَمْوَال الْأَيْتَام فِي يَد عدل يوثق بعدالته ويعتمد على نهضته وأمانته وكفايته وَأَن يعْتَبر أَحْوَال الشُّهُود ويجريهم على العوائد المستقرة وَالسّنَن الْمَعْهُود وَلَا يقبل مِنْهُم إِلَّا من يرتضيه مِمَّن جمعت شُرُوط الْمُرُوءَة وَالْعَدَالَة فِيهِ وَيعْتَبر أَحْوَال الْوَصَايَا وَيَأْمُرهُمْ بِاتِّبَاع الْحق فِي تَحْرِير حسابهم وَينظر فِي أَمر الْأَوْقَاف الَّتِي نظرها للْحَاكِم وَيعْمل فِيهَا بِشُرُوط واقفيها ويسلك فِيهَا مناهج الصَّوَاب ويقتفيها وَيقدر الْفُرُوض الْحكمِيَّة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 312 والنفقات ويتيقظ فِي سَماع الدَّعَاوَى والبينات وَيفْسخ الفسوخ السائغ فَسخهَا شرعا مراعيا فِي ذَلِك مَا يجب أَن يُرَاعى وَالله تَعَالَى يبلغهُ من السَّعَادَة غَايَة مَطْلُوبه وَأَن يتداركه بمغفرة ذنُوبه وَستر عيوبه بمنه وَكَرمه ويكمل على نَحْو مَا سبق ضَابِط اعْلَم أَن المرسوم باستقراره فِي وَظِيفَة الحكم وَالْقَضَاء لَا يَخْلُو إِمَّا أَن تكون الْولَايَة لَهُ فِي الْمَدِينَة الَّتِي فِيهَا المستنيب أَو فِي عمل من أَعمالهَا وَذَلِكَ النَّائِب لَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون حَاضرا فِي بَاب مستنيبه أَو غَائِبا عَنهُ فَإِن كَانَت الْولَايَة فِي الْمَدِينَة فقد جرت عَادَة المصريين فِي ذَلِك بِكِتَابَة قصَّة يسْأَل فِيهَا استقراره فِي نِيَابَة الحكم وَالْقَضَاء أَو بِسَمَاع الدَّعْوَى فِي مَكَان معِين يجلس فِيهِ وترفع إِلَى قَاضِي الْقُضَاة فَيكْتب فِي هامشها ليجب إِلَى سُؤَاله أَو ليستقر فِي ذَلِك على الْوَجْه الشَّرْعِيّ وَيكْتب التَّارِيخ بِخَطِّهِ وَإِن أَرَادَ النَّائِب كِتَابَة توقيع بذلك فَهُوَ أَمِين وَإِن كَانَت الْولَايَة فِي عمل من الْأَعْمَال وَالْغَائِب حَاضر فِي بَاب مستنيبه فَهَذَا يكْتب لَهُ توقيع على مَا تقدم شَرحه وَإِن كَانَ غَائِبا عَن بَاب مستنيبه وجهزت الْولَايَة إِلَيْهِ على يَد قاصده أَو على يَد قَاصد من الْبَاب العالي فقد جرت الْعَادة أَن يكْتب إِلَيْهِ فِي هَذَا الْمَعْنى مُكَاتبَة إِذا لم يُجهز إِلَيْهِ توقيع ورسم الْمُكَاتبَة إِلَيْهِ فِي ذَلِك على أَرْبَعَة أَنْوَاع النَّوْع الأول ضاعف الله تَعَالَى نعْمَة الجناب الْكَرِيم العالي إِلَى آخر ألقابه الَّتِي تلِيق بِهِ إِلَى أَن يَنْتَهِي مِنْهَا ثمَّ يَقُول وأدام رفعته أصدرناها إِلَيْهِ تهدي إِلَيْهِ سَلاما وتحية وإكراما وتوضح لعلمه الْكَرِيم أَنا قد استخرنا الله تَعَالَى وفوضنا للجناب الْكَرِيم كَذَا وَكَذَا إِلَى آخِره ويكمل على نَحْو مَا سبق النَّوْع الثَّانِي أدام الله نعْمَة الجناب العالي إِلَى آخر ألقابه ثمَّ يَقُول وجدد سعادته وبلغه من خيري الدَّاريْنِ إِرَادَته صدرت هَذِه الْمُكَاتبَة إِلَيْهِ تبدي لعلمه أَنا قد استخرنا الله تَعَالَى وفوضنا للجناب العالي كَذَا وَكَذَا إِلَى آخِره ويكمل على نَحْو مَا سبق النَّوْع الثَّالِث هَذِه الْمُكَاتبَة إِلَى الْمجْلس العالي إِلَى آخر ألقابه ثمَّ يَقُول أدام الله توفيقه وَسَهل إِلَى كل خير طَرِيقه نعلمهُ أَنا قد استخرنا الله تَعَالَى وفوضنا للمجلس العالي كَذَا وَكَذَا إِلَى آخِره ويكمل على نَحْو مَا سبق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 313 النَّوْع الرَّابِع المرسوم بِالْأَمر الْكَرِيم العالي المولوي ويسوق ألقاب قَاضِي الْقُضَاة ونعوته كلهَا إِلَى آخرهَا مستوفاة وَيَدْعُو لَهُ بِالدُّعَاءِ اللَّائِق بِهِ ثمَّ يَقُول أَن يسْتَقرّ الْمجْلس العالي الْفُلَانِيّ وَيذكر ألقابه ثمَّ يَقُول أعزه الله تَعَالَى فِي كَذَا إِلَى آخِره ثمَّ يَقُول فليباشر ذَلِك بصدر منشرح وأمل منفسح عَاملا فِي ذَلِك بتقوى الله وطاعته وخشيته ومراقبته فِي سره وعلانيته فليعتمد هَذَا المرسوم الْكَرِيم كل وَاقِف عَلَيْهِ وناظر إِلَيْهِ وليعمل بِحَسبِهِ وَمُقْتَضَاهُ من غير عدُول عَن حكمه وَلَا خُرُوج عَن مَعْنَاهُ والعلامة الْكَرِيمَة حجَّة لفحواه ويكمل على نَحْو مَا سبق وَاعْلَم أَن الْعَلامَة فِي الْأَنْوَاع الْأَرْبَعَة الْمَذْكُورَة الْعَلامَة الْمُعْتَادَة بالقلم الغليظ بعد الْبَسْمَلَة الشَّرِيفَة وسطر وَاحِد من التسطير والأنواع الثَّلَاثَة الأول تعنون وتختم فعنوان الأولى الجناب الْكَرِيم العالي إِلَى آخر الألقاب ثَلَاثَة أسطر وَفِي السطر الرَّابِع على يَمِين الْكَاتِب ضاعف الله نعْمَته وَفِي آخِره بعد خلو بَيَاض التَّعْرِيف وَهُوَ خَليفَة الحكم الْعَزِيز الشَّافِعِي مثلا بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ أَو الْحَاكِم بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ وعنوان الثَّانِي الجناب العالي إِلَى آخِره ثَلَاثَة أسطر وَفِي أول السطر الرَّابِع أدام الله تَعَالَى نعْمَته وَفِي آخِره بعد خلو بَيَاض خَليفَة الحكم الْعَزِيز أَو الْحَاكِم بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ وعنوان الثَّالِث الْمجْلس العالي إِلَى آخِره ثَلَاثَة أسطر وَفِي أول السطر الرَّابِع أدام الله توفيقه وَفِي آخِره الْحَاكِم بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ بعد خلو بَيَاض بَين الدُّعَاء والتعريف وَأما النَّوْع الرَّابِع وَهُوَ المرسوم فَلَا يخْتم وعنوانه فِي رَأس طرة الْوَصْل الأول من دَاخل ثَلَاثَة أسطر أَولهَا مرسوم كريم من مجْلِس الحكم الْعَزِيز الشَّافِعِي بالمملكة الْفُلَانِيَّة أدام الله أَيَّامه الزاهرة وأسبغ عَلَيْهِ نعمه باطنة وظاهرة أَن يسْتَقرّ الْمجْلس العالي الْفُلَانِيّ إِلَى آخِره فِي كَذَا وَكَذَا مُلَخصا ثمَّ يكْتب فِي آخر السطر الرَّابِع على مَا شرح وَفِي الْأَرْبَعَة أَنْوَاع الطرة تكون بَين وصلين بَيَاض والبسملة فِي أول الْوَصْل الثَّالِث توقيع بوظيفة خطابة أما بعد حمد الله المقسط الْجَامِع الْمَانِع الضار النافع وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على سيدنَا مُحَمَّد الْمَبْعُوث إِلَى عرب الْخلق وعجمهم بأسجع خطيب فَوق أَعْوَاد منبره وَضم يَده الْبَيْضَاء إِلَى جنَاح علمه فَإِن منصب الخطابة أولى مَا خطبت لَهُ الْأَكفاء من أهل الْعلم وَالْعَمَل واستدعى لمنابره من تَفْخَر الدَّرَجَات برقية وتبلغ بِهِ من الشّرف غَايَة السول والأمل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 314 وَلما كَانَ فلَان الشَّافِعِي أَو غَيره أدام الله شرفه ورحم سلفه مِمَّن هُوَ بالفصاحة والبلاغة مَلِيء ووعظه بتحقيق الْأَوَامِر والنواهي فاستخار الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى سيدنَا ومولانا قَاضِي الْقُضَاة فلَان الدّين وَقَررهُ فِي وَظِيفَة الخطابة بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ عوضا عَن فلَان بِحكم كَذَا وَكَذَا بالمعلوم الشَّاهِد بِهِ ديوَان الْوَقْف المبرور تقريرا صَحِيحا شَرْعِيًّا وولاه ذَلِك ولَايَة تَامَّة اعْتِمَادًا على فَصَاحَته الَّتِي تملأ الأسماع وبلاغته الَّتِي تبهر الْأَلْبَاب واستنادا إِلَى رقائق مواعظه الَّتِي ينْطق فِيهَا بالحكمة وَفصل الْخطاب فليباشر ذَلِك مُبَاشرَة تبرىء الذِّمَّة وتقر عِنْده النِّعْمَة وليتناول الْمَعْلُوم المستقر صرفه إِلَى آخر وَقت ميسرًا هَنِيئًا وَالله تَعَالَى يَجْعَل قدره ساميا وشأنه عَالِيا بمنه وَكَرمه والعلامة الْعَالِيَة أَعْلَاهُ الله حجَّة بِمُقْتَضَاهُ ويكمل على نَحْو مَا سبق وتوقيع بتولية عُقُود الْأَنْكِحَة الشَّرْعِيَّة والعاقد شرف الدّين بن كَمَال الدّين الْحَمد لله الَّذِي كمل شرف الدّين بشرف كَمَاله وأجزل لِلْمُتقين وافر كرمه وإفضاله وجمل بعقود الْأَنْكِحَة الشَّرْعِيَّة أَعْنَاق من أوضح لَهُ منهاج شَرعه ونبهه على معرفَة حرَامه وَحَلَاله وأسبل على من تمسك بأسبابه وتنسك بموجبات كِتَابه وارف ظلاله أَحْمَده حمدا يَلِيق بِجلَال جماله وجمال جَلَاله وأشكره شكرا أستوجب بِهِ مزِيد نواله وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة مخلص فِي اعْتِقَاده وانتحاله وَأشْهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الَّذِي أنقذ الله بِهِ هَذِه الْأمة من ظلمات الغي وضلاله وهداهم إِلَى الصِّرَاط الْمُسْتَقيم بِمَا أدبهم بِهِ من حسن أخلاقه وَجَمِيل خصاله نَبِي شهر سيف الشَّرْع الشريف الَّذِي بهر النواظر صفاء صقاله وجدع بِهِ أنف الشَّيْطَان وَأَتْبَاعه المتبعين لَهُ الْقَائِلين بأقواله وأفعاله صلى الله عَلَيْهِ وعَلى المختارين من أَصْحَابه وَجَمِيع آله صَلَاة دائمة بَاقِيَة مُتَّصِلَة مَا اتّصف الزَّمَان باتصاله وتعاقب الدَّهْر ببكره وآصاله وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا وَبعد فَإِن عُقُود الْأَنْكِحَة الشَّرْعِيَّة من المناصب الْعلية والمراتب السّنيَّة والأمور الَّتِي يَتَرَتَّب عَلَيْهَا إِيجَاد النَّسْل والذرية لَا يَنْبَغِي أَن يَليهَا إِلَّا كل نحرير من الْعلمَاء العاملين وَلَا يتولاها إِلَّا كل ذِي عفة ويقين وَصَلَاح وَدين ليتحرى الْحق فِي ذَلِك وَيعْمل فِيهِ بتقوى الله الْعَظِيم ويسلك فِيهِ منهاج الشَّرْع الشريف والصراط الْمُسْتَقيم وَلما كَانَ فلَان هُوَ الْمَوْصُوف بِهَذِهِ الصِّفَات أجمعها والواضع لهَذِهِ الشُّرُوط الجزء: 2 ¦ الصفحة: 315 الشَّرْعِيَّة فِي موضعهَا استخار الله سيدنَا ومولانا قَاضِي الْقُضَاة فلَان الدّين وفوض إِلَيْهِ عُقُود الْأَنْكِحَة الشَّرْعِيَّة من الْأَيَامَى والأبكار على الأوضاع الْمُعْتَبرَة المرضية والقوانين المحررة المرعية وَأَن يسمع الْبَيِّنَة العادلة ويتوصل إِلَى معرفَة انْقِضَاء الْعدَد من ذَوَات الْأَقْرَاء والآيسات وَذَوَات الْحمل والرجعيات والبائنات وَيعلم الَّتِي حصل لَهَا التَّدَاخُل بَين الْعدَد وَمن يكون انْقِضَاء عدتهَا لَا بِالْأَهِلَّةِ بل بِالْعدَدِ تفويضا صَحِيحا شَرْعِيًّا وولاه ذَلِك ولَايَة تَامَّة ووصاه بتقوى الله الْعَظِيم وسلوك منهاجها القويم الَّذِي من سلكه فَازَ بالنجاة من نَار الْجَحِيم فليباشر هَذِه الْوَظِيفَة الْعَالِيَة الْمِقْدَار الرفيعة الْمنَار وَالله تَعَالَى يوفقه ويسدده ويهديه ويرشده بمنه وَكَرمه والعلامة الْعَالِيَة حجَّة بمضمونه وَمُقْتَضَاهُ ويكمل على نَحْو مَا سبق توقيع آخر بتولية عُقُود الْأَنْكِحَة الشَّرْعِيَّة والعاقد شمس الدّين الْحَمد الله الَّذِي أطلع شمس الدّين المحمدي فِي سَمَاء السِّيَادَة وكسى حلله الفاخرة من تحلى بِالْعلمِ الشريف وبذل فِي طلبه اجْتِهَاده وقلد بعقوده النفيسة الْجَوَاهِر من دوَام على الِاشْتِغَال ورقاه أَعلَى دَرَجَات السَّعَادَة وَأهل للعقود والأنكحة الشَّرْعِيَّة من شمر عَن ساعد الْجد وَصدق فِي دَعْوَى الزّهْد وَالْعِبَادَة وَجعله فِي مبدأ أمره من الَّذين أَحْسنُوا الْحسنى وَزِيَادَة وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على سيدنَا مُحَمَّد الَّذِي وطد مهاد الشَّرْع وَرفع عماده صَلَاة وَسلَامًا يبلغان قائلهما فِي الدَّاريْنِ مرامه وَمرَاده وَبعد فَإِن عُقُود الْأَنْكِحَة الشَّرْعِيَّة من أَعلَى مناصب ذَوي الدّيانَة وَأجل مَرَاتِب أهل الْعلم وَالْأَمَانَة بهَا تحفظ الْأَنْسَاب وتصان الأحساب وَتثبت الْعُقُود وتتأكد العهود وَعَلَيْهَا اعْتِمَاد الْحُكَّام وإليها يسْتَند فِي النَّقْض والإبرام وَلَا تفوض إِلَّا لمن اتّصف بصفاتها واتسم بسماتها وَعرف منهجها القويم واقتفى سَبِيل صراطها الْمُسْتَقيم وَكَانَ فلَان مِمَّن قَامَ من حُقُوقهَا بِالْوَاجِبِ ورقى بهمته الْعلية إِلَى رتبتها الَّتِي هِيَ أَعلَى الْمَرَاتِب وَحسن سيرة وسيرا واشتغل بِالْعلمِ الشريف فأثنت عَلَيْهِ الْحُكَّام خيرا وعندما حَاز هَذِه الصِّفَات الْحَسَنَة ونطقت بِحسن الثَّنَاء عَلَيْهِ الْأَلْسِنَة اسْتحق أَن يُنَوّه بِذكرِهِ وَأَن ينظم فِي سلك فُقَهَاء عصره وَأَن يُوفي لَهُ بالعهود وَأَن تفوض إِلَيْهِ الْعُقُود فَلذَلِك استخار الله سيدنَا ومولانا قَاضِي الْقُضَاة فلَان الدّين وفوض إِلَى فلَان الْمشَار إِلَيْهِ أَو الْمُسَمّى أَعْلَاهُ عُقُود الْأَنْكِحَة الشَّرْعِيَّة على مَذْهَب الإِمَام الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 316 وأرضاه وَجعل لَهُ تَزْوِيج البالغات العاقلات الخليات عَن الْمَوَانِع الشَّرْعِيَّة من الْأَكفاء على الأوضاع الْمُعْتَبرَة المرضية بِمَدِينَة كَذَا وأعمالها تفويضا صَحِيحا شرعا وَأذن لَهُ فِي ذَلِك إِذْنا شَرْعِيًّا بعد اعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره شَرْعِيًّا فليحمد الله على هَذِه النِّعْمَة وليبذل جهده فِي قَول الْحق وَبَرَاءَة الذِّمَّة وليعلم أَن من سلك طَرِيق الْحق نجا وَمن يتق الله يَجْعَل لَهُ مخرجا وَالله تَعَالَى يَحْرُسهُ بِعَيْنِه ويمده بعونه بمنه وَكَرمه والعلامة الْكَرِيمَة أَعْلَاهُ حجَّة بِمُقْتَضَاهُ ويكمل على نَحْو مَا سبق إسجال عَدَالَة الْحَمد لله الَّذِي أطلع بدر السَّعَادَة فِي فلك سَمَاء العلياء والسيادة وأنال من اخْتَارَهُ من ذَوي الْبيُوت العريقة رُتْبَة الشَّهَادَة وأحله منَازِل أهل التقى والإفادة نحمده على منحه المستجادة ومننه الَّتِي كم بهَا تطوقت الطروس وابتسمت الأقلام عَن قلادة وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَإِنَّهَا لأصدق شَهَادَة وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله أشرف نَاطِق رَوَت الْعُدُول من طرق العوالي إِسْنَاده صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَأَصْحَابه الَّذين سبقت لَهُم السَّعَادَة صَلَاة دائمة يُوَجه إِلَيْهَا كل مُسلم تَهَجُّده وجهاده وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا وَبعد فَإِن الْعَدَالَة من أَعلَى المناصب الدِّينِيَّة وأجمل الْمَرَاتِب السّنيَّة وَأولى صفة اتّصف بهَا الْإِنْسَان وَأجل منزلَة رقاها الْأَعْيَان وَأَبْنَاء الْأَعْيَان إِذْ هِيَ منصب رَفعه الله وَرَسُوله وَسبب يَتَّضِح بِهِ نهج الْحق وسبيله ومورد حق من ورد بِصدق سَاغَ لَهُ سلسبيله والعدول تحفظ بهم الْحُقُوق لأربابها وتضبط قوانين الدَّعَاوَى بِحكم أَسبَابهَا وَكفى بهَا شرفا ومجدا مشيدا قَوْله تَعَالَى {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أمة وسطا لِتَكُونُوا شُهَدَاء على النَّاس وَيكون الرَّسُول عَلَيْكُم شَهِيدا وَمَا} وَلما كَانَ من نضد هَذَا العقد لتقليده ورصع هَذَا السمط لتحلية جيده مِمَّن وصف بأوصافها الْحسنى واعتصم بحبلها المتين فرقاه إِلَى محلهَا الْأَسْنَى وتخلق بخلائقها واقتفى آثَار بَيته المشكور فِي سلوك طرائقها فَكَانَ حَقِيقا بِاسْتِحْقَاق حُقُوقهَا والمتجنب لعقوقها والمحافظ على ترقي رتبتها حَتَّى اسْتوْجبَ الاعتناء بأَمْره والتنويه بِذكرِهِ وَهُوَ فلَان أدام الله علاهُ ورحم جده وأباه فَلذَلِك نظمت لَهُ هَذِه الْعُقُود ورقمت لمفاخره هَذِه البرود واستخار سيدنَا ومولانا قَاضِي الْقُضَاة فلَان الدّين وَأشْهد على نَفسه الْكَرِيمَة من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 317 حضر مجْلِس حكمه وقضائه وَهُوَ نَافِذ الْقَضَاء وَالْحكم ماضيهما وَذَلِكَ فِي الْيَوْم الْمُبَارك وَيكْتب القَاضِي التَّارِيخ بِخَطِّهِ ثمَّ يَقُول الْكَاتِب سنة كَذَا وَكَذَا أَنه ثَبت عِنْده وَصَحَّ لَدَيْهِ أحسن الله تَعَالَى إِلَيْهِ على الْوَضع الْمُعْتَبر الشَّرْعِيّ والقانون الْمُحَرر المرعي بِالْبَيِّنَةِ العادلة المرضية الَّتِي تثبت بِمِثْلِهَا الْحُقُوق الشَّرْعِيَّة عَدَالَة فلَان الْمُسَمّى أَعْلَاهُ وَأَنه عدل رَضِي أَمِين ثِقَة أهل لتحمل الشَّهَادَات وأدائها عِنْد الْحُكَّام ثبوتا صَحِيحا شَرْعِيًّا وَحكم بِمَا ثَبت عِنْده من ذَلِك حكما شَرْعِيًّا أجَازه وأمضاه وألزم الْعَمَل بِمُقْتَضَاهُ مُسْتَوْفيا شَرَائِطه الشَّرْعِيَّة وواجباته الْمُعْتَبرَة المرضية وَأذن لَهُ فِي تحمل الشَّهَادَة وأدائها عِنْد الْحُكَّام ونصبه عدلا أَمينا بَين الْأَنَام تقبل بَينهم شَهَادَته وَتعْتَبر فيهم مقَالَته أجراه مجْرى الْعُدُول المقبولين وَالشُّهَدَاء المعتبرين ووصاه بِمَا يجب على مثله من تجنب هوى النَّفس وَتقدم إِلَيْهِ بالاحتراز فِيهَا وَالْعَمَل بقول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على مثل هَذَا فاشهد وَأَشَارَ إِلَى الشَّمْس ونبهه على مَا يزْدَاد بِهِ عِنْد الله قربه ووعظه بقوله تَعَالَى {وَلَا تكتموا الشَّهَادَة وَمن يكتمها فَإِنَّهُ آثم قلبه} والوصايا كَثِيرَة وَهُوَ بِحَمْد الله فِي غنية عَنْهَا وَلَكِن لَا بُد فِي كل الْأُمُور مِنْهَا وَقد قَالَ رب الْعَالمين {وَذكر فَإِن الذكرى تَنْفَع الْمُؤمنِينَ} وَكتب ذَلِك حسب الْإِذْن الْكَرِيم العالي المولوي وَيذكر ألقاب قَاضِي الْقُضَاة بكمالها وَيَدْعُو لَهُ ثمَّ يَقُول لنائبه الْحَاكِم الْمُسَمّى أَعْلَاهُ أدام الله علاهُ بِمُقْتَضى قصَّة رَفعهَا فلَان الْمَذْكُور من مضمونها كَذَا وَكَذَا ويشرح الْقِصَّة ثمَّ يَقُول وتوج هامشها بالخط الْكَرِيم العالي الْمشَار إِلَيْهِ بِمَا مِثَاله كَذَا وَكَذَا ويكمل على نَحْو مَا سبق وَهَذِه الْقِصَّة تكون عِنْد كَاتب الحكم الَّذِي سطر الإسجال إسجال عَدَالَة أَيْضا الْحَمد لله الَّذِي رفع رُتْبَة الْعَدَالَة وَأَعْلَى منارها وَحفظ بهَا نظام الْحُكَّام فأقاموا للملة الحنيفية شعارها وأوضح الله بهَا مناهج القضايا الدِّينِيَّة وَبَين آثارها أَحْمَده وأشكره على جزيل مواهبه شكرا يُوجب الْمَزِيد لمن عرف مقدارها وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة تلبس قُلُوبنَا من التقى شعارها وتبصر بصائرنا من ظلمات الشكوك أنوارها وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الَّذِي اجتبى رسَالَته الجزء: 2 ¦ الصفحة: 318 لإِقَامَة دينه واختارها وأطلع من أنوار أفلاك الْهِدَايَة شموسها وأقمارها صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَأَصْحَابه حماة الشَّرِيعَة وأنصارها صَلَاة تتصل بدوام الْأَبَد أعمارها ونجد بركتها يَوْم تحدث الأَرْض أَخْبَارهَا وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا وَبعد فَإِن ملبس الْعَدَالَة من أصلف الملابس ودرجتها مِمَّا ينافس فِيهِ المتنافس وَهِي حلية ذَوي النهى وزينة من ملك نَفسه فَوقف عِنْد أمره إِن أَمر وَنَهْيه إِن نهى وأتعبها فِي مرضاة الله إِلَى أَن هَب لَهُ ريح الْقبُول فتلذذ بِهِ واستروح وطهر وعاءه من دنس الشُّبُهَات حَتَّى اتّصف بالشرف وكل إِنَاء بِالَّذِي فِيهِ ينضح وَلما كَانَ فلَان مِمَّن نَشأ فِي حجر العفاف وتحلى بجميل الْأَوْصَاف واشتمل على الْخلال الرضية وَالْخَلَائِق المرضية والديانة الظَّاهِرَة والمروءة الوافرة وَعرف بالتيقظ فِي أُمُوره وأحواله والصدق فِي أَقْوَاله والتسديد فِي أَفعاله سالكا شُرُوط الْعَدَالَة مَاشِيا على نهجها الَّذِي وضحت بِهِ الدّلَالَة وَحين عرف ذَلِك من أمره وَدلّ وَصفه على علو قدره استخار الله سيدنَا ومولانا قَاضِي الْقُضَاة فلَان الدّين وَأشْهد على نَفسه الْكَرِيمَة من حضر مجْلِس حكمه وقضائه وَهُوَ نَافِذ الْقَضَاء وَالْحكم ماضيهما وَذَلِكَ فِي الْيَوْم الْمُبَارك وَيكْتب القَاضِي التَّارِيخ بِخَطِّهِ ثمَّ يَقُول الْكَاتِب سنة كَذَا وَكَذَا أَنه ثَبت عِنْده وَصَحَّ لَدَيْهِ أحسن الله إِلَيْهِ على الْوَضع الْمُعْتَبر الشَّرْعِيّ والقانون الْمُحَرر المرعي بِالْبَيِّنَةِ العادلة المرضية الَّتِي قَامَت عِنْده وَقبلهَا الْقبُول الشَّرْعِيّ عَدَالَة فلَان الْمُسَمّى أَعْلَاهُ ثبوتا صَحِيحا شَرْعِيًّا وَحكم أيد الله أَحْكَامه وأدام أَيَّامه بعدالته وَقبُول قَوْله فِي شَهَادَته حكما شَرْعِيًّا أجَازه وأمضاه وَاخْتَارَهُ وارتضاه وألزم الْعَمَل بِمُقْتَضَاهُ مُسْتَوْفيا شَرَائِطه الشَّرْعِيَّة وَأذن أيده الله تَعَالَى لفُلَان الْمُسَمّى أَعْلَاهُ فِي تحمل الشَّهَادَة وأدائها وَبسط قلمه فِيهَا وأجراه مجْرى أَمْثَاله من الْعُدُول المعتبرين وَالشُّهُود المبرزين ونصبه شَاهدا عدلا بَين الْمُسلمين يُوصل بِشَهَادَتِهِ وَيقطع وَيُعْطِي وَيمْنَع ووصاه بتقوى الله وطاعته وخشيته ومراقبته فِي سره وعلانيته فليحمد الله على هَذِه الْمرتبَة الْعلية والمنزلة السّنيَّة وليأخذ كتاب هَذِه الْعَدَالَة بِقُوَّة وليشكر الله الَّذِي بلغه مرجوه وَالله تَعَالَى يُعينهُ على مَا فوض إِلَيْهِ من ذَلِك ويسلك بِهِ من التَّوْفِيق والسداد أحسن المسالك وَكتب ذَلِك بِالْإِذْنِ الْكَرِيم العالي إِلَى آخِره ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه صُورَة تَفْوِيض نظر فِي وقف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 319 هَذَا مَا أشهد بِهِ على نَفسه الْكَرِيمَة سيدنَا فلَان الدّين أَنه فوض إِلَى فلَان الْفُلَانِيّ النّظر فِي أَمر الْمدرسَة الْفُلَانِيَّة ويحددها وَيذكر بقعتها وَفِي أوقافها المنسوبة إِلَى إيقاف واقفها فلَان فَإِن كَانَ ثمَّ كتاب وقف مَوْجُود أَشَارَ إِلَيْهِ وَذكر تَارِيخه وثبوته واتصاله بالحاكم الْمُفَوض الْمشَار إِلَيْهِ وَإِن كَانَ بِغَيْر كتاب وقف يَقُول الثَّابِت عِنْد الْوَقْف الْمَذْكُور بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّة تفويضا صَحِيحا شَرْعِيًّا وَأذن لَهُ أَسْبغ الله ظلاله فِي قبض متحصلات الْوَقْف الْمَذْكُور ومغلاته وريعه وَاسْتِيفَاء مَنَافِعه وَتَحْصِيل أجوره وَفِي عِمَارَته وإصلاحه وترميمه وتقوية فلاحيه وَصرف كلفه وَمَا يحْتَاج إِلَيْهِ شرعا وَأَن يصرف الْبَاقِي بعد ذَلِك إِلَى مستحقيه شرعا من أَرْبَاب الْوَظَائِف أَوَان الْوُجُوب والاستحقاق على مُقْتَضى شَرط واقفه على الْوَجْه الشَّرْعِيّ وأوصاه فِي ذَلِك كُله بتقوى الله عز وَجل وَاتِّبَاع الْأَمَانَة وتجنب الْخِيَانَة وَفعل كل رَأْي سديد وَاتِّبَاع كل مَنْهَج حميد واعتماد مَا فِيهِ النَّمَاء والمزيد وخلاص كل حق يتَعَيَّن وَيتَوَجَّهُ لَهُ قَبضه شرعا بِكُل طَرِيق مُعْتَبر شَرْعِي وَأَن يتَوَلَّى ذَلِك بِنَفسِهِ ووكيله وأمينه ويسنده إِلَى من رأى لَيْسَ لأحد عَلَيْهِ فِي ذَلِك نظر وَلَا إشراف وَلَا اعْتِرَاض إِذْنا مُعْتَبرا مرضيا وَبسط يَده فِي ذَلِك بسطا تَاما وأقرها عَلَيْهِ تقريرا كَامِلا بعد اعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره شرعا وَأشْهد على نَفسه الْكَرِيمَة بذلك ويكمل وَيكْتب القَاضِي التَّارِيخ والحسبلة بِخَطِّهِ صُورَة تَفْوِيض نظر من الْحَاكِم فِي وقف لعدم الرشيد من أَهله أشهد على نَفسه الْكَرِيمَة سيدنَا ومولانا قَاضِي الْقُضَاة فلَان الدّين أَنه فوض إِلَى فلَان النّظر فِي أَمر الْوَقْف الْمَنْسُوب إِلَى إيقاف فلَان على كَذَا وَكَذَا حَسْبَمَا تضمنه كتاب وقف ذَلِك الْوَاقِف الْمُتَقَدّم التَّارِيخ الثَّابِت مضمونه شرعا تفويضا صَحِيحا شَرْعِيًّا وَأذن لَهُ أَن يُبَاشر ذَلِك ويتولى إيجاره واستغلاله وَقبض أجوره ومغلاته وَيقوم بمصالحه وعمارته ويتصرف فِيهِ على مُقْتَضى شَرط واقفه وَيصرف مِنْهُ مَا يجب صرفه شرعا فِي عمَارَة وَإِصْلَاح وترميم وفرش وتنوير وَغير ذَلِك وَصرف الْبَاقِي بعد ذَلِك إِلَى مستحقي الْوَقْف الْمَذْكُور على مُقْتَضى شَرط واقفه وولاه ذَلِك تَوْلِيَة شَرْعِيَّة تَامَّة كَامِلَة مُعْتَبرَة لعدم الرشيد عِنْده من أهل الْوَقْف الْمَذْكُور حَالَة هَذَا التَّفْوِيض وَأذن أَسْبغ الله ظلاله لَهُ أَن يُوكل فِي ذَلِك من شَاءَ من الْأُمَنَاء ويعزله إِذا شَاءَ وَأَن يتَنَاوَل لنَفسِهِ مَا فرض لَهُ فِي ريع الْوَقْف الْمَذْكُور على مُبَاشرَة مصالحها كلهَا وَهُوَ فِي كل شهر كَذَا وَفِي كل سنة كَذَا على الْوَجْه الشَّرْعِيّ إِذْنا شَرْعِيًّا بعد أَن اتَّصل بِهِ كتاب الْوَقْف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 320 الْمَذْكُور اتِّصَالًا شَرْعِيًّا وَبعد أَن ثَبت عِنْده أَهْلِيَّة الْمُفَوض إِلَيْهِ وكفايته لمباشرة النّظر فِي أَمر الْوَقْف الْمَذْكُور الثُّبُوت الشَّرْعِيّ وَاعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره شرعا وَأشْهد على نَفسه الْكَرِيمَة بذلك وَيكْتب التَّارِيخ والحسبلة بِخَطِّهِ ويكمل بِالْإِشْهَادِ على نَحْو مَا سبق صُورَة تَفْوِيض مُبَاشرَة على أَيْتَام وَأَمْوَالهمْ بِمَعْلُوم مِنْهَا فوض سيدنَا ومولانا قَاضِي الْقَضَاء فلَان الدّين أَو هَذَا مَا أشهد بِهِ على نَفسه الْكَرِيمَة سيدنَا ومولانا قَاضِي الْقُضَاة فلَان الدّين أَنه فوض إِلَى فلَان مُبَاشرَة الْأَيْتَام محاجير الشَّرْع الشريف بِمَدِينَة كَذَا أَو مُبَاشرَة أَمر أَيْتَام فلَان وهم فلَان وَفُلَان وَفُلَان الصغار القاصرين عَن دَرَجَة الْبلُوغ الداخلين تَحت حجر الحكم الْعَزِيز بِمَدِينَة كَذَا وَالْعَمَل فِي أَمْوَالهم وَالتَّصَرُّف لَهُم فِيهَا على الأوضاع الشَّرْعِيَّة والقوانين الْمُعْتَبرَة المرضية من البيع وَالشِّرَاء وَالْأَخْذ وَالعطَاء وَالْإِجَارَة والعمارة والمعاملة والمداينة وَفِي أَخذ الضمناء والكفلاء وَقبُول الحوالات على الأملياء وَفِي اشْتِرَاط الرَّهْن وَالْكَفِيل فِي عقد البيع وَفِي الْمُعَامَلَة وَفعل مَا تَقْتَضِيه الْمصلحَة لَهُم من سَائِر الْأَفْعَال الشَّرْعِيَّة والتصرفات الْمُعْتَبرَة على وَجه الْغِبْطَة الوافرة لَهُم فِي ذَلِك وَفِي الْإِنْفَاق عَلَيْهِم من مَالهم مَا هُوَ مَفْرُوض لَهُم من مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْمشَار إِلَيْهِ تفويضا صَحِيحا شَرْعِيًّا وإذنا تَاما مُعْتَبرا مرضيا وَقرر لَهُ على هَذَا الْعَمَل فِي كل شهر من اسْتِقْبَال يَوْم تَارِيخه كَذَا مِمَّا يربحه ويكسبه فِي مَالهم تقريرا شَرْعِيًّا وَأذن لَهُ فِي تنَاوله إِذْنا شَرْعِيًّا وَجعل النّظر عَلَيْهِ فِي ذَلِك لفُلَان بِحَيْثُ لَا يتَصَرَّف فِي شَيْء مِمَّا فوض إِلَيْهِ من ذَلِك إِلَّا بِنَظَر النَّاظر الْمشَار إِلَيْهِ ومراجعته ومشاورته فِيهِ وإجازته وإمضائه لَهُ وَأشْهد عَلَيْهِ سيدنَا قَاضِي الْقُضَاة الْمشَار إِلَيْهِ بِمَا نسب إِلَيْهِ أَعْلَاهُ وَيكْتب القَاضِي التَّارِيخ والحسبلة بِخَطِّهِ ويكمل على نَحْو مَا سبق وَصُورَة كتاب حكمي بِمَا يثبت عِنْد الْحَاكِم من الْأُمُور الشَّرْعِيَّة من إِقْرَار أَو بيع أَو غير ذَلِك هَذِه الْمُكَاتبَة الْحكمِيَّة إِلَى كل من تصل إِلَيْهِ من قُضَاة الْمُسلمين وحكامهم أدام الله تأييدهم وتسديدهم وأجزل من إحسانه مزيدهم بِمَا ثَبت فِي مجْلِس الحكم الْعَزِيز عِنْد القَاضِي فلَان الدّين الْحَاكِم بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ أعز الله أَحْكَامه وأسبغ عَلَيْهِ إنعامه وَصَحَّ لَدَيْهِ فِي مجْلِس حكمه وقضائه بِمحضر من مُتَكَلم شَرْعِي جَائِز كَلَامه مسموعة دَعْوَاهُ فِي ذَلِك على الْوَجْه الشَّرْعِيّ بِشَهَادَة عَدْلَيْنِ هما فلَان وَفُلَان الَّذِي مضمونه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 321 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم أقرّ فلَان وينقل جَمِيع مَا فِيهِ من أَوله إِلَى آخِره بالحرف والتاريخ وبآخره رسم شَهَادَة العدلين الْمشَار إِلَيْهِمَا فِيهِ وَقد أَقَامَ كل مِنْهُمَا شَهَادَته عِنْده بذلك وَقَالَ إِنَّه بالمقر الْمَذْكُور عَارِف وَقبل ذَلِك من كل مِنْهُمَا الْقبُول السائغ فِيهِ وَأعلم لَهما تلو رسم شَهَادَتهمَا مَا جرت الْعَادة بِهِ من عَلامَة الْأَدَاء وَالْقَبُول على الرَّسْم الْمَعْهُود فِي مثله وَذَلِكَ بعد أَن ثَبت عِنْده ثَبت الله مجده على الْوَضع الْمُعْتَبر الشَّرْعِيّ بِشَهَادَة عَدْلَيْنِ هما فلَان وَفُلَان الواضعين رسم شَهَادَتهمَا فِي مسطور الدّين الْمَذْكُور غيبَة الْمقر الْمَذْكُور عَن الْمَكَان الْفُلَانِيّ الْمَذْكُور الْغَيْبَة الشَّرْعِيَّة وَبعد أَن أَحْلف الْمقر لَهُ بِاللَّه الْعَظِيم الْيَمين الشَّرْعِيَّة المتوجهة عَلَيْهِ المشروحة فِي مسطور الدّين أَو فِي فصل الْحلف المسطور بِهَامِش مسطور الدّين أَو بذيل مسطور الدّين الْمَذْكُور وَثَبت ذَلِك عِنْده ثبوتا صَحِيحا شَرْعِيًّا وَأَنه حكم بذلك وأمضاه وألزم بِمُقْتَضَاهُ على الْوَجْه الشَّرْعِيّ مَعَ إبقائه كل ذِي حجَّة مُعْتَبرَة فِيهِ على حجَّته وَهُوَ فِي ذَلِك كُله نَافِذ الْقَضَاء وَالْحكم ماضيهما بعد تقدم الدَّعْوَى المسموعة وَمَا يَتَرَتَّب عَلَيْهَا شرعا وَلما تَكَامل ذَلِك عِنْده سَأَلَهُ من جَازَ سُؤَاله شرعا الْمُكَاتبَة عَنهُ بذلك فَأَجَابَهُ إِلَى سُؤَاله وَتقدم بِكِتَابَة هَذَا الْكتاب الْحكمِي فَكتب عَن إِذْنه الْكَرِيم متضمنا لذَلِك فَمن وقف عَلَيْهِ من قُضَاة الْمُسلمين وحكامهم أدام الله نعمتهم وَرفع درجتهم وَاعْتمد تنفيذه وأمضاه حَاز من الْأجر أجزله وَمن الثَّنَاء أجمله وَكتب ذَلِك من مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْمشَار إِلَيْهِ بالمملكة الْفُلَانِيَّة فِي الْيَوْم الْفُلَانِيّ ويؤرخ وَيكْتب القَاضِي بعد الْبَسْمَلَة والسطر الأول علامته الْمُعْتَادَة بالقلم الغليظ ثمَّ يكْتب عدد الأوصال وَعدد السطور وَيخْتم الْكتاب وَصُورَة مَا يكْتب فِي عنوانه من فلَان ابْن فلَان الْحَاكِم بالديار المصرية أَو بالمملكة الْفُلَانِيَّة وَيشْهد رجلَيْنِ بِثُبُوت ذَلِك عِنْده وَيَأْخُذ خطهما بذلك وَصُورَة مَا يكْتب على ظهر الْكتاب الْحكمِي إِذا ورد على حَاكم من حَاكم آخر وَفك خَتمه ورد على القَاضِي فلَان الدّين الْكتاب الْحكمِي الصَّادِر عَن مصدره القَاضِي فلَان الدّين وَشهد بوروده عَن مصدره فلَان وَفُلَان عِنْد سيدنَا القَاضِي فلَان الدّين وَقَالَ كل مِنْهُمَا إِن مصدره الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أشهدهما على نَفسه بِمَا صدر بِهِ كِتَابه الْحكمِي فَشَهِدُوا عَلَيْهِ بِهِ وَأَن الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ قبل شَهَادَتهمَا بذلك وَأعلم لكل مِنْهُمَا تلو رسم شَهَادَته عَلامَة الْأَدَاء وَالْقَبُول على الرَّسْم الْمَعْهُود والتشخيص الشَّرْعِيّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 322 وَالْأَمر فِي ذَلِك مَحْمُول على مَا يُوجِبهُ الشَّرْع الشريف ويقتضيه ويكمل والكتب الْحكمِيَّة الْآن قَليلَة الِاسْتِعْمَال وَبَطل الْعَمَل بهَا وَصَارَ كل من لَهُ حق وأثبته عِنْد حَاكم من حكام الْمُسلمين واستحكم فِيهِ وكل من مَعَه مَكْتُوب شَرْعِي ثَابت مَحْكُوم فِيهِ فِي مملكة من الممالك منفذ عِنْد حكام تِلْكَ المملكة إِذا أَرَادَ نقل ذَلِك الحكم أَو ذَلِك التَّنْفِيذ أحضر شُهُودًا إِلَى عِنْد الْحَاكِم فِي ذَلِك الْمَكْتُوب أَو ذَلِك المنفذ الَّذِي نفذ الحكم وأشهدهم عَلَيْهِ وَأخذ الشُّهُود مَعَه إِلَى الْبَلَد الَّتِي يُرِيد إِيصَال الحكم فِيهَا فَيَشْهَدُونَ على الْحَاكِم الأول بِمَا فِيهِ فَيعلم لَهُم تَحت رسم شَهَادَتهم فِيهِ ويوصله وَهَؤُلَاء يسمون شُهُود الطَّرِيق وَاسْتقر حَال النَّاس على ذَلِك وَصُورَة مَا إِذا تحاكم رجلَانِ إِلَى رجل من أهل الْعلم والمعرفة بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّة وَشَرطه أَن تكون فِيهِ أَهْلِيَّة الْقَضَاء وسألاه الحكم بَينهمَا حضر إِلَى شُهُوده فِي يَوْم تَارِيخه فلَان وَفُلَان وأشهدا عَلَيْهِمَا طَوْعًا فِي صحتهما وسلامتهما أَنه جرت بَينهمَا منازعات وخصومات ودعاوى فِي كَذَا وَكَذَا وأنهما ترافعا إِلَى فلَان الْفُلَانِيّ ورضيا بِهِ وحكماه على أَنفسهمَا وجعلاه نَاظرا بَينهمَا وفاصلا لخصومتهما وقاطعا لدعاويهما وحاسما لمنازعتهما بعد أَن سألاه أَن يحكم بَينهمَا وَأَن يلْزم كل وَاحِد مِنْهُمَا الْوَاجِب لَهُ وَعَلِيهِ وَبعد أَن عرفا من علمه وثقته ومعرفته بِالْقضَاءِ ووجوه الْأَحْكَام مَا جَازَ لَهما مَعَه تحكيمهما إِيَّاه فَقبل فلَان مِنْهُمَا ذَلِك وَحكم بَينهمَا بِمَا أوجبه الشَّرْع الشريف وَبت الْقَضَاء بِمَا قطع بِهِ الْخُصُومَة بَينهمَا وألزم كلا مِنْهُمَا بِمُقْتَضى ذَلِك فرضيا بِمَا حكم بِهِ بعد أَن حكم وأشهدا عَلَيْهِمَا بذلك ويؤرخ وَصُورَة كتاب صَرِيح سجل أما بعد حمد الله حمد الشَّاكِرِينَ وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على سيدنَا مُحَمَّد خَاتم النَّبِيين وعَلى آله وَصَحبه أَجْمَعِينَ صَلَاة دائمة بَاقِيَة إِلَى يَوْم الدّين فَهَذَا مَا شهد بِهِ على نَفسه الْكَرِيمَة سيدنَا ومولانا قَاضِي الْقُضَاة فلَان الدّين من حضر مجْلِس حكمه وقضائه وَهُوَ نَافِذ الْقَضَاء وَالْحكم ماضيهما وَذَلِكَ فِي الْيَوْم الْمُبَارك وَيكْتب القَاضِي التَّارِيخ بِخَطِّهِ ثمَّ يَقُول الْكَاتِب من سنة كَذَا وَكَذَا بِجَمِيعِ مَا نسب إِلَيْهِ فِي هَذَا السّجل الْمُبَارك الَّذِي التمس إنشاؤه مِنْهُ وَصدر بِإِذْنِهِ الْكَرِيم عَنهُ جَامعا لمضامين الْكتب الْآتِي ذكرهَا المختصة بسيدنا فلَان ابْن فلَان مِمَّا جَمِيعه بِمَدِينَة كَذَا وظاهرها وعملها شَامِلًا لَهَا فروعا وأصولا وناطقا بثبوتها عَلَيْهِ ابْتِدَاء واتصالا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 323 حَسْبَمَا يشْرَح فِيهِ جملَة وتفصيلا معينا تواريخ الْكتب وتواريخ ثُبُوتهَا مستوعبا مقاصدها بِمَا يُوضح نعوتها مَقْصُودا بذلك حصرها فِي هَذَا السّجل بمفرده ليَكُون حجَّة وَاحِدَة بِمَا تضمنته فِي الْيَوْم وَفِي غده وَذَلِكَ بعد أَن استعرض سيدنَا قَاضِي الْقُضَاة فلَان الدّين الْمشَار إِلَيْهِ جَمِيع الْكتب والثبوتات والاتصالات الْمَنْقُول مضامينها أدناه واستحضر مَا نسب إِلَيْهِ فِيهِ وعاود خاطره الْكَرِيم فِيمَا تقدم بِهِ الْإِشْهَاد عَلَيْهِ فَتذكر ذَلِك جَمِيعه بِحَمْد الله تذكر تَحْقِيق وَسَأَلَهُ جلّ ذكره المعونة ودوام التَّوْفِيق ثمَّ استخار الله تَعَالَى وَتقدم أمره الْكَرِيم بتسطير هَذَا السّجل بسؤال من هُوَ جَائِز الْمَسْأَلَة شرعا مُعْتَبرا شُرُوطه الْمُعْتَبرَة على مَا يجب أَن يعْتَبر فِي مثله ويرعى وَأَن يحرز مَا نقل فِيهِ من الْمَقَاصِد ويقابل ذَلِك بأصوله تَأْكِيدًا لصِحَّته على أحسن العوائد فامتثل أمره الْكَرِيم وحرر هَذَا السّجل على الرَّسْم الْمُعْتَاد وَالسّنَن المتكفل بِحُصُول المُرَاد وعدة الْكتب الْمشَار إِلَيْهَا كَذَا وَكَذَا كتابا وَالْكتاب الأول مِنْهَا نسخته بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَيكْتب كتابا بعد كتاب وَكلما انْتهى من كتاب يَقُول الْكتاب الثَّانِي الْكتاب الثَّالِث وينسخ كل كتاب بِحُرُوفِهِ من غير زِيَادَة وَلَا نقص وَيكْتب ثُبُوته واتصاله بالحاكم الْآذِن الْمشَار إِلَيْهِ إِلَى أَن تَنْتَهِي الْكتب جَمِيعهَا ثمَّ يَقُول وَلما تَكَامل ذَلِك جَمِيعه عِنْد سيدنَا قَاضِي الْقُضَاة فلَان الدّين الْمشَار إِلَيْهِ وَصَحَّ لَدَيْهِ على الْوَجْه المشروح أَعْلَاهُ سَأَلَهُ من جَازَ سُؤَاله شرعا الْإِشْهَاد على نَفسه الْكَرِيمَة حرسها الله تَعَالَى بِمَا نسب إِلَيْهِ فِي هَذَا السّجل الْمُبَارك من الثُّبُوت وَالْحكم والتنفيذ وَالْقَضَاء وَالْإِجَازَة والإمضاء وَغير ذَلِك مِمَّا نسب إِلَيْهِ فِيهِ فَتَأمل ذَلِك وتدبره وروى فِيهِ فكره وأمعن فِيهِ نظره واستخار الله كثيرا واتخذه هاديا ونصيرا وَأجَاب السَّائِل إِلَى سُؤَاله لجوازه شرعا وَأشْهد على نَفسه الْكَرِيمَة بذلك بعد أَن ثَبت عِنْده صِحَة مُقَابلَة مَا نسخ فِي هَذَا السّجل بأصوله الْمَنْقُول مِنْهَا الْمُوَافق لذَلِك الثُّبُوت الشَّرْعِيّ فِي التَّارِيخ الْمُقدم ذكره الْمَكْتُوب بِخَطِّهِ الْكَرِيم أَعْلَاهُ شرفه الله تَعَالَى وَأَعلاهُ وأدام علاهُ وَيكْتب القَاضِي الحسبلة بِخَطِّهِ ويكمل صُورَة صَرِيح آخر أما بعد حمد الله الَّذِي بعث رَسُوله مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالحنيفية السمحة السهلة وَخَصه بِعُمُوم الرسَالَة الَّتِي أبان بهَا على الرُّسُل فَضله وسلك بِنَا على سنته من الْحق منهاجا قويما هدَانَا باتباعه إِلَيْهِ صراطا مُسْتَقِيمًا صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 324 فَهَذَا مَا أشهد بِهِ على نَفسه الْكَرِيمَة حرسها الله تَعَالَى وحماها سيدنَا ومولانا قَاضِي الْقُضَاة فلَان الدّين من حضر مجْلِس حكمه وقضائه وَهُوَ نَافِذ الْقَضَاء وَالْحكم ماضيهما وَذَلِكَ فِي الْيَوْم الْمُبَارك وَيكْتب القَاضِي التَّارِيخ بِخَطِّهِ ثمَّ الْكَاتِب من سنة كَذَا وَكَذَا بِجَمِيعِ مَا نسب وأضيف إِلَيْهِ فِي هَذَا السّجل الْمُبَارك الَّذِي التمس إنشاؤه مِنْهُ وَصدر بِإِذْنِهِ الْكَرِيم عَنهُ جَامعا لمضامين الْكتب الْآتِي ذكرهَا المختصة بمولانا الْمقر الْأَشْرَف العالي الْفُلَانِيّ مِمَّا جَمِيعه بِمَدِينَة كَذَا وعملها وَهِي كتب الابتياعات والأوقاف والإجارات وَغير ذَلِك شَامِلًا لَهَا فروعا وأصولا ناطقا بثبوتها عَلَيْهِ ابْتِدَاء واتصالا حَسْبَمَا شرح فِيهِ جملَة وتفصيلا معينا فِيهِ تواريخ الْكتب وتواريخ ثُبُوتهَا مستوعبا مقاصدها بأوضح نعوتها مَقْصُودا بذلك حصرها فِي هَذَا السّجل بمفرده ليَكُون حجَّة وَاحِدَة بِمَا تضمنه فِي الْيَوْم وَفِي غده يتوالى اتِّصَال ثُبُوته بالحكام وَيشْهد بِمَا اشْتَمَلت عَلَيْهِ مدا الْأَيَّام وَذَلِكَ بعد أَن استعرض سيدنَا الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَعْلَاهُ جَمِيع الْكتب والثبوتات والاتصالات الْمَنْقُول مضامينها أدناه وتأملها كتابا كتابا واستحضر مَا نسب إِلَيْهِ فِيهِ وعاود خاطره الْكَرِيم فِيمَا تقدم بِهِ الْإِشْهَاد عَلَيْهِ فَتذكر ذَلِك جَمِيعه بِحَمْد الله تَعَالَى تذكر تَحْقِيق وَسَأَلَ الله جلّ ذكره المعونة ودوام التَّوْفِيق ثمَّ استخار الله وَتقدم أمره الْكَرِيم بتسطير هَذَا السّجل إِجَابَة لسؤال جَائِز الْمَسْأَلَة شرعا مُعْتَبرا فِيهِ الشَّرَائِط المعبرة على مَا يجب أَن يعْتَبر فِي مثله ويرعى وَأَن يحرر مَا نقل فِيهِ من الْمَقَاصِد وَأَن يُقَابل ذَلِك بأصوله تَأْكِيدًا لصِحَّته على أحسن العوائد فامتثل أمره الْكَرِيم وحرر هَذَا السّجل على الرَّسْم الْمُعْتَاد وَالسّنَن الشَّرْعِيّ المتكفل بِحُصُول المُرَاد وعدة الْكتب الْمشَار إِلَيْهَا كَذَا وَكَذَا كتابا الْكتاب الأول نسخته بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَيكْتب كتابا بعد كتاب إِلَى آخِره وَيذكر التَّارِيخ ثمَّ يَقُول بعد ذَلِك كُله فَهَذِهِ جملَة الْكتب الْمَنْقُول مضامينها فِي هَذَا السّجل من أُصُولهَا الْمشَار إِلَيْهَا أَعْلَاهُ حَسْبَمَا أذن فِيهِ سيدنَا ومولانا قَاضِي الْقُضَاة الْمشَار إِلَيْهِ ومقابلة مَا نسخ فِي هَذَا السّجل بأصوله الْمَنْقُول مِنْهَا المضامين الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ فَصحت الْمُقَابلَة والموافقة بِشَهَادَة من يضع خطه آخِره بذلك وَأَدَاء الشَّهَادَة عِنْده وقبولها بِمَا رأى مَعَه قبُولهَا وَبعد اعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره شرعا فَلَمَّا تَكَامل ذَلِك جَمِيعه عِنْد سيدنَا ومولانا قَاضِي الْقُضَاة فلَان الدّين الْمشَار إِلَيْهِ وَصَحَّ لَدَيْهِ سَأَلَهُ من جَازَ سُؤَاله شرعا تَقْرِير مَوْلَانَا الْمقر الْأَشْرَف العالي الْفُلَانِيّ الْمشَار إِلَيْهِ على مَا فِيهَا من جَمِيع مَا عين وَبَين فِي هَذَا الْكتاب السّجل وتثبيتها وبسطها وتصريفها وتمكينها وَالْحكم بِالصِّحَّةِ فِي جَمِيع مَا قَامَت فِيهِ الْبَيِّنَة بِالْملكِ والحيازة من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 325 كتب الابتياعات المشروحة فِي هَذَا الْكتاب السّجل وَالْقَضَاء بذلك والالتزام بِمُقْتَضَاهُ وَالْإِجَازَة والإمضاء وَالْإِشْهَاد على نَفسه الْكَرِيمَة بِجَمِيعِ مَا نسب إِلَيْهِ فِي هَذَا الْكتاب السّجل فَتَأمل ذَلِك وتدبره وروى فِيهِ فكره وَنَظره واستخار الله كثيرا واتخذه هاديا ونصيرا وَأجَاب السَّائِل إِلَى سُؤَاله لجوازه شرعا وَأقر يَد مَوْلَانَا ملك الْأُمَرَاء الْمشَار إِلَيْهِ أدام الله نعْمَته عَلَيْهِ على مَا فِيهَا من جَمِيع مَا عين وَبَين فِي هَذَا الْكتاب السّجل تقريرا صَحِيحا شَرْعِيًّا وثبتها تثبيتا كَامِلا مُعْتَبرا مرضيا وبسطها بسطا شَامِلًا شَرْعِيًّا وصرفها تصريفا تَاما نَافِذا ومكنها تمكينا شَرْعِيًّا وَحكم بِالصِّحَّةِ فِي جَمِيع مَا قَامَت فِيهِ الْبَيِّنَة الشَّرْعِيَّة بِالْملكِ والحيازة من كتب الابتياعات المشروحة فِي هَذَا الْكتاب السّجل حكما صَحِيحا شَرْعِيًّا نَافِذا لَازِما مُعْتَبرا مرضيا موثوقا بِهِ مسكونا إِلَيْهِ قضى بذلك وأمضاه وَأَجَازَهُ وارتضاه ورتب عَلَيْهِ مُوجبه وَمُقْتَضَاهُ بعد اسْتِيفَاء الشَّرَائِط الشَّرْعِيَّة وَاعْتِبَار واجباته المرعية وَثُبُوت مَا يتَوَقَّف الحكم على ثُبُوته وَأشْهد على نَفسه الْكَرِيمَة بذلك فِي التَّارِيخ الْمُقدم ذكره الْمَكْتُوب بِخَطِّهِ الْكَرِيم أَعْلَاهُ شرفه الله تَعَالَى وَأَعلاهُ وأدام علاهُ وَيكْتب القَاضِي الحسبلة بِخَطِّهِ ويكمل الْفرق بَين النُّسْخَة والسجل اعْلَم أَن كِتَابَة النّسخ والسجلات يحْتَاج فِيهَا أَولا إِلَى أَن يتَّصل أَصْلهَا بِالْقَاضِي فَإِذا اتَّصل أَصْلهَا بِالْقَاضِي كتب على هامشها بِالْقربِ من مَوضِع التوقيع لينقل بِهِ نُسْخَة كَمَا تقدم فَإِذا كتب ذَلِك شرع كَاتب الحكم فِي النَّقْل ونقلها حرفا حرفا فَإِذا فرغ من نقل الأَصْل كتب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 326 ونقلت هَذِه النُّسْخَة بِالْأَمر الْكَرِيم العالي المولوي القاضوي الْفُلَانِيّ بِمُقْتَضى خطه الْكَرِيم أَعْلَاهُ فِي تَارِيخ كَذَا وَكَذَا وَمن الموقعين من إِذا أَرَادَ أَن ينْقل نُسْخَة يكْتب قبل أَن يشرع فِي النَّقْل نُسْخَة نقلت من أصل كصورته بِإِذن حكمي فَإِذا انْتهى النَّقْل كتب ونقلت هَذِه النُّسْخَة بِالْأَمر الْكَرِيم العالي الْفُلَانِيّ فِي تَارِيخ كَذَا وَكَذَا وَمن الموقعين من يحْتَاط أَيْضا وَيكْتب على لِسَان صَاحب الْمَكْتُوب قصَّة يسْأَل فِيهَا نقل نُسْخَة وترفع تِلْكَ الْقِصَّة والمكتوب إِلَى قَاضِي الْقُضَاة فَيكْتب على هامشه لينقل مِنْهُ نُسْخَة وَيكْتب فِي هَامِش الْقِصَّة مثل ذَلِك ويؤرخ فَإِذا انْتهى النَّقْل كتب ونقلت هَذِه النُّسْخَة بِالْأَمر الْكَرِيم العالي المولولي الْفُلَانِيّ وَاضع خطه الْكَرِيم أَعْلَاهُ بِالنَّقْلِ بِمُقْتَضى قصَّة مشمولة بالخط الْكَرِيم بِمثل ذَلِك فِي تَارِيخه مُسْتَقِرَّة تَحت يَد ناقله حجَّة فِيهِ وَهَذَا فِيهِ غَايَة الِاحْتِيَاط ثمَّ يكْتب مِثَال شَهَادَات الشُّهُود فَمن كَانَ مِنْهُم قد مَاتَ كتب مِثَال خطه وَمن كَانَ فِي قيد الْحَيَاة بعثها إِلَيْهِ لينقل خطه من النُّسْخَة الْأَصْلِيَّة إِلَى النُّسْخَة المنقولة وَصُورَة مَا يَكْتُبهُ الشَّاهِد الْحَيّ صُورَة رسم شَهَادَته الأولى وَيزِيد فِيهَا ونقلت خطي إِلَى هَذِه النُّسْخَة بِإِذن حكمي فِي تَارِيخ كَذَا وَكَذَا وَمن كَانَ بَاقِيا من الْحُكَّام يَأْخُذهَا وَيتَوَجَّهُ إِلَيْهِ لينقل علامته وتاريخه فِي إسجاله الَّذِي يكْتب فِي النُّسْخَة المنقولة كَمَا فِي الأَصْل وَلَا يحْتَاج أَن يكْتب القَاضِي نقلت خطي كَمَا يكْتب الشَّاهِد فَإِذا تَكَامل نقل شَهَادَات الشُّهُود فِيهَا الْأَحْيَاء والأموات شهد هُوَ وَعدل آخر بالمقابلة عِنْد القَاضِي الْآذِن فِي النَّقْل وَصُورَة مَا يكْتب فِي الْمُقَابلَة وقفت على نُسْخَة الأَصْل وقابلتها بِهَذِهِ النُّسْخَة مُقَابلَة تَامَّة فَصحت وَأشْهد بذلك فِي التَّارِيخ الْمَذْكُور وَكتبه فلَان الْفُلَانِيّ وَيكْتب رَفِيقه كَذَلِك ويشهدا عِنْد القَاضِي الْآذِن وَيثبت عِنْده أَن مَضْمُون النُّسْخَة المنقولة مَنْقُول من الأَصْل الْمَذْكُور بعد الْمُقَابلَة الصَّحِيحَة الشَّرْعِيَّة ثبوتا صَحِيحا شَرْعِيًّا وَالْفرق أَيْضا بَين النُّسْخَة والسجل أَن النُّسْخَة يبتدىء الْكَاتِب أَولا فِي كتَابَتهَا وَبعد ذَلِك يَحْكِي الإسجالات وينقل خطوط الشُّهُود فِيهَا الْأَحْيَاء والأموات والقضاة كَمَا تقدم شَرحه والسجل بعد أَن يتَّصل الأَصْل بِالْقَاضِي وَيكْتب لينقل بِهِ سجل فَإِذا كتب شرع فِي نَقله وَصُورَة مَا يبتدىء فِيهِ هَذَا مَا أشهد بِهِ على نَفسه الْكَرِيمَة سيدنَا ومولانا قَاضِي الْقُضَاة فلَان الدّين إِلَى آخر مَا تقدم ثمَّ يَحْكِي بعد ذَلِك مَضْمُون إسجال القَاضِي وَبعد كِتَابَته التَّارِيخ فِي وسط الإسجالات المتضمنة لَهُ وَاحِدًا بعد وَاحِد آخر الإسجالات فَإِذا وصل إِلَى الإسجال الَّذِي على القَاضِي الثَّابِت عِنْده ذَلِك الأَصْل وَحكى أَنه حكم بِمَا حكم فِيهِ مثل أَن يكون كتاب وقف أَو غَيره فَإِذا انْتهى ذكر ذَلِك جَمِيعه يَقُول ونسخة كتاب الْوَقْف مثلا الْمَوْعُود بذكرها فِي هَذَا الْكتاب بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَيذكر مَا فِيهِ بِحُرُوفِهِ إِلَى آخِره وتاريخه فَإِذا فرغ مِنْهُ كتب الْإِشْهَاد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 327 على القَاضِي الْآذِن بِمَا نسب إِلَيْهِ فِي هَذَا السّجل ثمَّ يَقُول فَشَهِدت عَلَيْهِ بذلك فِي تَارِيخ كَذَا وَيكْتب القَاضِي التَّارِيخ بِخَطِّهِ فِي وسط الصَّدْر الأول وَيكْتب الحسبلة فِي آخِره وَهَذَا هُوَ الْفرق بَين السّجل وَالنُّسْخَة أقوى وأمتن فَافْهَم ذَلِك وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 328 كتاب الْقِسْمَة وَمَا يتَعَلَّق بهَا من الْأَحْكَام يجوز قسْمَة الْأَمْلَاك من الْأَرَاضِي والحبوب والأدهان وَغَيرهَا وَيجوز للشركاء أَن يتقاسموا بِأَنْفسِهِم وَيجوز أَن ينصبوا من يقسم بَينهم وَيجوز أَن يترافعوا إِلَى الْحَاكِم لينصب من يقسم بَينهم فَإِن ترافعوا إِلَيْهِ فِي قسْمَة ملك من غير بَيِّنَة فَفِيهِ قَولَانِ أَحدهمَا لَا يقسم بَينهم وَالثَّانِي يقسم إِلَّا أَنه يكْتب أَنه قسم بَينهم بدعواهم وَإِن كَانَ فِي الْقِسْمَة رد اعْتبر التَّرَاضِي فِي ابْتِدَاء الْقِسْمَة وَبعد الْفَرَاغ مِنْهَا وَقيل لَا يعْتَبر التَّرَاضِي بعد خُرُوج الْقرعَة وَإِن لم يكن فِيهَا رد فَإِن تقاسموا بِأَنْفسِهِم لَزِمت الْقِسْمَة بِإِخْرَاج الْقرعَة وَإِن نصبوا من يقسم بَينهم اعْتبر التَّرَاضِي بعد خُرُوج الْقرعَة وَفِيه قَول مخرج فِي التَّحْكِيم أَنه لَا يعْتَبر التَّرَاضِي وَإِن ترافعوا إِلَى الْحَاكِم نصب من يقسم بَينهم ولزمهم ذَلِك بِإِخْرَاج الْقرعَة وَلَا يجوز للْحَاكِم أَن ينصب للْقِسْمَة إِلَّا حرا بَالغا عَاقِلا عدلا عَالما بِالْقِسْمَةِ فَإِن لم يكن فِي الْمَسْأَلَة تَقْوِيم جَازَ قَاسم وَاحِد وَإِن كَانَ فِيهَا تَقْوِيم لم يجز إِلَّا قاسمان وَأُجْرَة الْقَاسِم فِي بَيت المَال فَإِن لم يكن فعلى الشُّرَكَاء تقسم الْأُجْرَة عَلَيْهِم على قدر أملاكهم فَإِن طلب الْقِسْمَة أحد الشَّرِيكَيْنِ وَامْتنع الآخر نظرت فَإِن لم يكن على كل وَاحِد مِنْهُمَا ضَرَر كالحبوب والأدهان وَالثيَاب الغليظة والأراضي والدور أجبر الْمُمْتَنع وَإِن كَانَ على أَحدهمَا ضَرَر فَإِن كَانَ على الطَّالِب لم يجْبر الْمُمْتَنع وَإِن كَانَ على الْمُمْتَنع فقد قيل يجْبر وَقيل لَا يجْبر وَهُوَ الْأَصَح وَإِن كَانَ بَينهمَا دور ودكاكين أَو أَرض فِي بَعْضهَا شجر وَبَعضهَا بَيَاض وَطلب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 329 أَحدهمَا أَن يقسم أعيانا بِالْقيمَةِ وَطلب أَحدهمَا قسْمَة كل عين قسم كل عين وَإِن كَانَ بَينهمَا عضائد صغَار متلاصقة وَطلب أَحدهمَا قسمتهَا وَامْتنع الآخر فقد قيل يجْبر وَقيل لَا يجْبر وَإِن كَانَ بَينهمَا عبيد أَو مَاشِيَة أَو ثِيَاب وأخشاب فَطلب أَحدهمَا قسمتهَا أعيانا وَامْتنع الآخر أجبر الْمُمْتَنع وَقيل لَا يجْبر وَإِن كَانَ بَينهمَا دَار فَطلب أَحدهمَا قسمتهَا فَيجْعَل الْعُلُوّ لأَحَدهمَا والسفل للْآخر وَامْتنع شَرِيكه لم يجْبر الْمُمْتَنع وَإِن كَانَ بَين ملكيهما عَرصَة حَائِط وَأَرَادَ أَحدهمَا أَن يقسمها طولا فَيجْعَل لكل وَاحِد مِنْهُمَا نصف الطول فِي كَمَال الْعرض فَامْتنعَ الآخر أجبر عَلَيْهِ فَإِن أَرَادَ أَن يقسم عرضا فَيجْعَل لكل وَاحِد مِنْهُمَا نصف الْعرض فِي كَمَال الطول فقد قيل يجْبر وَقيل لَا يجْبر وَهُوَ الْأَصَح وَإِن كَانَ بَين رجلَيْنِ مَنَافِع فأرادا قسمتهَا بَينهمَا بالمهايأة جَازَ وَإِن أَرَادَ أَحدهمَا وَامْتنع الآخر لم يجْبر الْمُمْتَنع وَمَتى أَرَادَ الْقَاسِم أَن يقسم عدل السِّهَام إِمَّا بِالْقيمَةِ إِن كَانَت مُخْتَلفَة أَو بِالْأَجْرِ إِن كَانَت غير مُخْتَلفَة أَو بِالرَّدِّ إِن كَانَت الْقِسْمَة تَقْتَضِي الرَّد فَإِن كَانَت الْأَنْصِبَاء مُتَسَاوِيَة كالأرض بَين ثَلَاثَة أنفس أَثلَاثًا أَقرع بَينهم فَإِن شَاءَ كتب أَسمَاء الْملاك فِي رقاع مُتَسَاوِيَة وَجعلهَا فِي بَنَادِق مُتَسَاوِيَة وَجعلهَا فِي حجر رجل لم يحضر ذَلِك ليخرج على السِّهَام وَإِن شَاءَ كتب السِّهَام ليخرجها على الْأَسْمَاء وَإِن كَانَت الْأَنْصِبَاء مُخْتَلفَة مثل أَن يكون لوَاحِد السُّدس وَالثَّانِي الثُّلُث وَالثَّالِث النّصْف قسمهَا على أقل الْأَجْزَاء وَهِي سِتَّة أسْهم وَكتب أَسمَاء الشُّرَكَاء فِي سِتّ رقاع لصَاحب السُّدس رقْعَة وَلِصَاحِب الثُّلُث رقعتان وَلِصَاحِب النّصْف ثَلَاثَة رقاع وَيخرج على السِّهَام فَإِن خرج اسْم صَاحب السُّدس أعْطى السهْم الأول ثمَّ يقرع بَين الآخرين فَإِن خرج اسْم صَاحب الثُّلُث أعْطى السهْم الثَّانِي وَالثَّالِث وَالْبَاقِي لصَاحب النّصْف وَإِن خرج أَولا لصَاحب النّصْف أعْطى ثَلَاثَة أسْهم ثمَّ يقرع بَين الآخرين على نَحْو مَا تقدم وَلَا يخرج السِّهَام على الْأَسْمَاء فِي هَذَا الْقسم وَهل يقْتَصر على ثَلَاث رقاع لكل وَاحِدَة رقْعَة وَإِذا تقاسموا وَادّعى بَعضهم على بعض غَلطا فَإِن كَانَ فِيمَا تقاسموا بِأَنْفسِهِم لم تقبل دَعْوَاهُ وَإِن كَانَت قسْمَة قَاسم من جِهَة الْحَاكِم قالقول قَول الْمُدعى عَلَيْهِ مَعَ يَمِينه وعَلى الْمُدَّعِي الْبَيِّنَة وَإِن نصبا من يقسم بَينهمَا فَإِن قُلْنَا يعْتَبر التَّرَاضِي بعد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 330 خُرُوج الْقرعَة لم يقبل قَوْله وَإِن قُلْنَا لَا يعْتَبر فَهُوَ كقسمة الْحَاكِم وَإِن تقاسموا ثمَّ اسْتحق من حِصَّة أحدهم شَيْء معِين لم يسْتَحق مثله من حِصَّة الآخر بطلت الْقِسْمَة وَإِن اسْتحق مثله من حِصَّة الآخر لم تبطل وَإِن اسْتحق من الْجَمِيع جُزْء مشَاع بطلت الْقِسْمَة وَقيل لَا تبطل فِي الْمُسْتَحق وَفِي الْبَاقِي قَولَانِ وَإِن تقاسم الْوَرَثَة التَّرِكَة ثمَّ ظهر دين مُحِيط بِالتَّرِكَةِ فَإِن قُلْنَا الْقِسْمَة تَمْيِيز الْحَقَّيْنِ لم تبطل الْقِسْمَة فَإِن لم يقْض الدّين بطلت الْقِسْمَة وَإِن قُلْنَا إِنَّهَا بيع فَفِي بيع التَّرِكَة قبل قَضَاء الدّين قَولَانِ وَفِي قسمتهَا قَولَانِ وَإِن كَانَ بَينهمَا نهر أَو قناة أَو عين يَنْبع مِنْهَا المَاء فالماء بَينهم على قدر مَا شرطُوا من التَّسَاوِي أَو التَّفَاضُل وَإِن قيل إِن المَاء لَا يملك وَالْمذهب الأول فَإِن أَرَادوا سقِِي أراضيهم من ذَلِك المَاء بالمهايأة جَازَ وَإِن أَرَادوا الْقِسْمَة جَازَ فينصب قبل أَن يصل المَاء إِلَى أراضيهم خَشَبَة مستوية وَيفتح فِيهَا كوي على قدر حُقُوقهم وَيجْرِي فِيهَا المَاء إِلَى أراضيهم فَإِن أَرَادَ أحدهم أَن يَأْخُذ قدر حَقه قبل أَن يبلغ إِلَى الْمقسم ويجريه على ساقية لَهُ إِلَى أرضه أَو يُدِير بِهِ رحى لم يكن لَهُ ذَلِك وَإِن أَرَادَ أَن يَأْخُذ المَاء ويسقي بِهِ أَرضًا لَيْسَ لَهَا رسم شرب من هَذَا النَّهر لم يكن لَهُ ذَلِك وَإِن كَانَ مَاء مُبَاحا فِي نهر غير مَمْلُوك سقى الأول أرضه حَتَّى يبلغ الكعب ثمَّ يُرْسِلهُ إِلَى الثَّانِي فَإِن احْتَاجَ الأول إِلَى سقِِي أرضه دفْعَة أُخْرَى قبل أَن يسْقِي الثَّالِث سقى ثمَّ يُرْسل إِلَى الثَّالِث وَإِن كَانَ لرجل أَرض عالية وتحتها أَرض مستفلة وَلَا يبلغ المَاء فِي الْعَالِيَة إِلَى الكعب حَتَّى يبلغ فِي المستفلة إِلَى الْوسط سقى المستفلة حَتَّى يبلغ المَاء إِلَى الكعب ثمَّ يسدها ويسقي الْعَالِيَة فَإِن أَرَادَ بَعضهم أَن يحيي أَرضًا ويسقيها من هَذَا النَّهر فَإِن كَانَ لَا يضر أهل الْأَرَاضِي لم يمْنَع وَإِن كَانَ يضرهم منع وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب الْقِسْمَة جَائِزَة بالِاتِّفَاقِ فِيمَا يقبل الْقِسْمَة إِذْ الشُّرَكَاء قد يتضررون بالمشاركة وَاخْتلف الْأَئِمَّة رَحِمهم الله تَعَالَى هَل هِيَ بيع أم إِفْرَاز قَالَ أَصْحَاب أبي حنيفَة الْقِسْمَة تكون بِمَعْنى البيع وَهُوَ فِيمَا يتَفَاوَت كالعقار وَالثيَاب وَلَا يجوز بَيْعه مُرَابحَة وَالَّتِي هِيَ فِيهِ بِمَعْنى الْإِفْرَاز هُوَ فِيمَا لَا يتَفَاوَت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 331 كالمكيلات والموزونات والمعدودات الَّتِي لَا تَتَفَاوَت كالجوز وَالْبيض فَهِيَ فِي هَذِه إِفْرَاز وتمييز حق حَتَّى إِن لكل وَاحِد أَن يَبِيع نصِيبه مُرَابحَة وَقَالَ مَالك إِن تَسَاوَت الْأَعْيَان وَالصِّفَات كَانَت إفرازا وَإِن اخْتلفت كَانَت بيعا وَللشَّافِعِيّ قَولَانِ أَحدهمَا هِيَ بيع وَالثَّانِي إِفْرَاز وَالَّذِي تقرر من مذْهبه آخرا أَن الْقِسْمَة ثَلَاثَة أَنْوَاع الأول بالأجزاء كمثلي وَدَار متفقة الْأَبْنِيَة وَأَرْض متشابهة الْأَجْزَاء فتعدل السِّهَام ثمَّ يقرع الثَّانِي بالتعديل كأرض تخْتَلف قيمَة أَجْزَائِهَا بِحَسب قُوَّة إنبات وَقرب مَاء الثَّالِث بِالرَّدِّ بِأَن يكون فِي أحد الْجَانِبَيْنِ بِئْر أَو شجر لَا يُمكن قسمته فَيرد من يَأْخُذ قسط قِيمَته فقسمة الرَّد وَالتَّعْدِيل بيع وَقِسْمَة الْأَجْزَاء إِفْرَاز وَقَالَ أَحْمد هِيَ إِفْرَاز فعلى قَول من يَرَاهَا إفرازا يجوز عِنْد قسْمَة الثِّمَار الَّتِي يجْرِي فِيهَا الرِّبَا بالخرص وَمن يَقُول إِنَّهَا بيع يمْنَع ذَلِك وَلَو طَالب أحد الشَّرِيكَيْنِ بِالْقِسْمَةِ وَكَانَ فِيهَا ضَرَر على الآخر قَالَ أَبُو حنيفَة إِن كَانَ الطَّالِب للْقِسْمَة مِنْهُمَا هُوَ المتضرر بِالْقِسْمَةِ لَا يقسم وَإِن كَانَ الطَّالِب لَهَا ينْتَفع أجبر الْمُمْتَنع مِنْهُمَا عَلَيْهَا وَقَالَ مَالك يجْبر الْمُمْتَنع على الْقِسْمَة بِكُل حَال ولأصحاب الشَّافِعِي إِذا كَانَ الطَّالِب هُوَ المتضرر وَجْهَان أصَحهمَا يجْبر وَقَالَ أَحْمد لَا يقسم ذَلِك بل يُبَاع وَيقسم ثمنه فصل وَهل أُجْرَة الْقَاسِم على قدر رُؤُوس المقتسمين أَو على قدر الْأَنْصِبَاء قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك فِي إِحْدَى روايتيه هِيَ على قدر الرؤوس وَقَالَ مَالك فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى وَالشَّافِعِيّ وَأحمد على قدر الْأَنْصِبَاء وَهل هِيَ على الطَّالِب خَاصَّة أم عَلَيْهِ وعَلى الْمَطْلُوب مِنْهُ قَالَ أَبُو حنيفَة هِيَ على الطَّالِب خَاصَّة وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأَصْحَاب أَحْمد هِيَ على الْجَمِيع وَاخْتلفُوا فِي قسْمَة الرَّقِيق بَين جمَاعَة إِذا طلبَهَا أحدهم هَل تصح أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة لَا تصح وَقَالَ الْبَاقُونَ تصح الْقِسْمَة بِالْقيمَةِ كَمَا يقسم سَائِر الْحَيَوَان بالتعديل والقرعة وَإِن تَسَاوَت الْأَعْيَان وَالصِّفَات انْتهى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 332 المصطلح وَهُوَ يشْتَمل على صور مِنْهَا صُورَة قسْمَة إِفْرَاز على مَذْهَب مَالك وَأحمد قَاسم فِيهَا وَكيل شَرْعِي بتداعي المتقاسمين إِلَيْهَا ورضاهما بهَا هَذَا مَا اقتسم عَلَيْهِ فلَان الْقَائِم فِي الْمُقَاسَمَة الْآتِي ذكرهَا فِيهِ عَن مَوْلَانَا الْمقر الْأَشْرَف العالي الْفُلَانِيّ بِإِذْنِهِ العالي فِي ذَلِك على الْوَجْه الَّذِي سيشرح فِيهِ وتوكيله إِيَّاه فِي ذَلِك التَّوْكِيل الصَّحِيح الشَّرْعِيّ الْمُتَقَدّم على تَارِيخه بِشَهَادَة شُهُوده أَو بِشَهَادَة من يضع خطه بذلك آخِره وَفِي التسلم وَالتَّسْلِيم وَالْمُكَاتبَة وَالْإِشْهَاد على الرَّسْم الْمُعْتَاد وَفُلَان ابْن فلَان وَهُوَ المقاسم عَن نَفسه وَعَن أَخِيه لِأَبَوَيْهِ فلَان بطرِيق مُعْتَبر شَرْعِي وبإذن الْحَاكِم فلَان بِحُضُور المقاسم عَنهُ الْمَذْكُور حِين جَرَيَان هَذِه الْمُقَاسَمَة ووقوعها على الْوَجْه الْآتِي بَيَانه فِي هَذَا الْكتاب فِي صِحَة من هذَيْن المتقاسمين وسلامة وَجَوَاز أَمر وطواعية اقْتَسمَا جَمِيع الْقرْيَة الْفُلَانِيَّة ويصف ذَلِك ويحدده بِجَمِيعِ حُقُوق ذَلِك كُله إِلَى آخِره خلا مَا فِي ذَلِك من مَسْجِد لله تَعَالَى وَطَرِيق الْمُسلمين ومقبرة برسم دفن موتاهم فَإِن ذَلِك خَارج عَن هَذِه الْقِسْمَة وَغير دَاخل فِيهَا قسْمَة ترَاض صَحِيحَة ممضاة جَامِعَة لشرائط الصِّحَّة عرية عَن الشَّرَائِط الْمفْسدَة تداعى المتقاسمان إِلَيْهَا ورغبا فِيهَا بِإِذن من لَهُ الْإِذْن فِي ذَلِك شرعا وَعلم كل وَاحِد مِنْهُمَا مَا فِيهَا من الْحَظ وَالْغِبْطَة والمصلحة للجهتين المذكورتين أَعْلَاهُ بعد أَن ثَبت عِنْد فلَان الْحَاكِم الْآذِن الْمشَار إِلَيْهِ أَن الْقرْيَة الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ وقف وَملك وَأَنَّهَا قَابِلَة للْقِسْمَة نِصْفَيْنِ مُحْتَملَة لَهَا وَأَن الْمصلحَة فِي ذَلِك لجِهَة الْوَقْف وجهة الْملك جَمِيعًا وَأَن لكل وَاحِد من المتقاسمين الْمشَار إِلَيْهِمَا ولَايَة الْمُقَاسَمَة الثُّبُوت الشَّرْعِيّ جرت الْمُقَاسَمَة على سداد واحتياط من غير غبن وَلَا حيف وَلَا شطط بتولي قَاسم من قسام الْمُسلمين مِمَّن لَهُ علم وخبرة بقسم ذَلِك وَهُوَ الشَّيْخ الإِمَام الْعَالم الْفَاضِل فلَان الدّين جمال الْحساب شرف الْكتاب فلَان الْفُلَانِيّ الْعدْل الْخَبِير والماهر النحرير الَّذِي انتدبه المتقاسمان الْمشَار إِلَيْهِمَا لهَذِهِ الْمُقَاسَمَة وإفراز الْقرْيَة المحدودة نِصْفَيْنِ بعد التَّعْدِيل الشَّرْعِيّ فِي ثُبُوت دمنة الْقرْيَة وَبعد التَّمَاثُل فِي أَرَاضِي الْقرْيَة الْمَذْكُورَة وَاعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره ورضى من يعْتَبر رِضَاهُ بِهَذِهِ الْقِسْمَة بعد وُقُوعهَا على الْوَجْه الْآتِي تَعْيِينه فِي هَذَا الْكتاب وَإِخْرَاج الْقرعَة الشَّرْعِيَّة الَّتِي تمت بهَا الْقِسْمَة وَثُبُوت ذَلِك جَمِيعه عِنْد قَاضِي الْقُضَاة الْمشَار إِلَيْهِ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ فَكَانَ مَا أصَاب جِهَة الْوَقْف الْمشَار إِلَيْهِ أَعْلَاهُ بِحَق النّصْف الْجَانِب القبلي من الْقرْيَة المحدودة أَعْلَاهُ الْمُخْتَص ذَلِك بالموكل الْمشَار إِلَيْهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 333 أَعْلَاهُ وَمَا أصَاب المقاسم الثَّانِي وأخاه لجِهَة الْملك بِحَق النّصْف الْجَانِب الشمالي من الْقرْيَة المحدودة أَعْلَاهُ وَكَانَ مَا أصَاب كل جِهَة من الْجِهَتَيْنِ المذكورتين بِهَذِهِ الْقِسْمَة وَفَاء بِحَق كل جِهَة وإكمالا لنصيبهما وتسلم كل وَاحِد من المتقاسمين الْمَذْكُورين مَا أفرزه بِهَذِهِ الْقِسْمَة وَصَارَ النّصْف القبلي من هَذِه الْقرْيَة وَقفا صَحِيحا شَرْعِيًّا على الْمُوكل الْمشَار إِلَيْهِ أَعْلَاهُ وعَلى من ذكر مَعَه فِي كتاب وقف ذَلِك الثَّابِت لَدَى الْحُكَّام رَحِمهم الله تَعَالَى الْمُتَّصِل ثُبُوته وَعلمه بالحاكم الْمشَار إِلَيْهِ أَعْلَاهُ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ وَصَارَ النّصْف الشمالي من هَذِه الْقرْيَة ملكا طلقا للقاسم الثَّانِي وأخيه الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ يتصرفان فِيهِ تصرف الْملاك فِي أملاكهم وَذَوي الْحُقُوق فِي حُقُوقهم مصيرا تَاما وَقد وقف المتقاسمان الْمَذْكُورَان أَعْلَاهُ على ذَلِك كُله أَو جَمِيعه وعَلى حُدُوده وحقوقه وعايناه وشاهداه وتفرقا عَن الرِّضَا بِهَذِهِ الْقِسْمَة وإمضائها ولزومها وقبلاها قبولا شَرْعِيًّا فَإِن كَانَت الْقِسْمَة فِي قَرْيَة جَمِيعهَا وقف وَقد قَاسم فِيهَا الناظران وَقد أذن فِي ذَلِك حَاكم فَيَقُول هَذَا مَا اقتسم عَلَيْهِ فلَان وَهُوَ النَّاظر الشَّرْعِيّ فِي الْمدرسَة الْفُلَانِيَّة الكائنة بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ ويحددها وَفِي أوقافها المحدودة الموصوفة فِي كتاب وَقفهَا وَفُلَان وَهُوَ النَّاظر الشَّرْعِيّ فِي الْجَامِع الْفُلَانِيّ ويصفه ويحدده وَيذكر بقعته وَفِي أوقافه الموصوفة المحدودة فِي كتاب وَقفه وهما مقاسمان بِإِذن سيدنَا ومولانا قَاضِي الْقُضَاة فلَان الدّين الْمَالِكِي أَو الْحَنْبَلِيّ الْحَاكِم بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ وَأمره الْكَرِيم لما فِي هَذِه الْمُقَاسَمَة من الْمصلحَة الظَّاهِرَة للجهتين الْمشَار إِلَيْهِمَا بعد أَن ثَبت عِنْده ثَبت الله مجده أَن الْقرْيَة المحدودة الموصوفة أدناه قَابِلَة للْقِسْمَة نِصْفَيْنِ مُحْتَملَة لَهَا وَأَن الْمصلحَة فِي ذَلِك لجهتي الوقفين الْمَذْكُورين وَأَن الْقرْيَة المحدودة أدناه وقف صَحِيح شَرْعِي على الْجِهَتَيْنِ المذكورتين نِصْفَيْنِ وَأَن المتقاسمين الْمَذْكُورين هما الناظران فِي الوقفين الْمَذْكُورين بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيّ وَبعد اسْتِيفَاء شَرَائِطه الشَّرْعِيَّة وَاعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره شرعا تقاسم المتقاسمان الْمَذْكُورَان أَعْلَاهُ بِالْإِذْنِ الشَّرْعِيّ الْمشَار إِلَيْهَا مَا هُوَ وقف على الْجِهَتَيْنِ المذكورتين أَعْلَاهُ بَينهمَا نِصْفَيْنِ وَذَلِكَ جَمِيع الْقرْيَة وأراضيها المنسوبة إِلَى إيقاف فلَان رَحمَه الله تَعَالَى على الْجِهَتَيْنِ المذكورتين الَّتِي هِيَ من بلد كَذَا وَعمل كَذَا وتشتمل على كَذَا وَكَذَا ويحيط بهَا وبأراضيها حُدُود أَرْبَعَة ويكمل الْحُدُود إِلَى آخرهَا ثمَّ يَقُول بِحُقُوق ذَلِك إِلَى آخِره مقاسمة صَحِيحَة شَرْعِيَّة جرت بَين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 334 المتقاسمين الْمَذْكُورين على سداد واحتياط من غير غبن وَلَا حيف وَلَا شطط بتولي قَاسم من قسام الْمُسلمين مِمَّن لَهُ علم وخبرة بقسم ذَلِك وَهُوَ الشَّيْخ الإِمَام الْعَالم الْفَاضِل فلَان الدّين جمال الْحساب وَشرف الْكتاب الْعدْل الْخَبِير والماهر النحرير فلَان الْفُلَانِيّ الَّذِي انتدبه المتقاسمان الْمشَار إِلَيْهِمَا لهَذِهِ الْمُقَاسَمَة وإفراز الْقرْيَة المحدودة أَعْلَاهُ نِصْفَيْنِ بعد التَّعْدِيل الشَّرْعِيّ فِي ثُبُوت دمنة الْقرْيَة وَبعد التَّمَاثُل فِي أراضيها وَاعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره ورضا من يعْتَبر رِضَاهُ بِهَذِهِ الْقِسْمَة بعد وُقُوعهَا على الْوَجْه الْآتِي تَعْيِينه فِي هَذَا الْكتاب وَإِخْرَاج الْقرعَة الشَّرْعِيَّة الَّتِي ثبتَتْ بهَا الْقِسْمَة وَثُبُوت ذَلِك جَمِيعه عِنْد سيدنَا قَاضِي الْقُضَاة فلَان الدّين الْمشَار إِلَيْهِ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ فَكَانَ مَا خص جِهَة وقف الْمدرسَة الْمشَار إِلَيْهَا بِحَق النّصْف الْجَانِب الشَّرْقِي من الْقرْيَة الْمَذْكُورَة وَمَا خص جِهَة وقف الْجَامِع الْمشَار إِلَيْهِ بِحَق النّصْف الْجَانِب الغربي من الْقرْيَة الْمَذْكُورَة بِمُقْتَضى إِخْرَاج الْقرعَة الشَّرْعِيَّة والفصل بَين كل جَانب وجانب بفاصل مَعْلُوم لَا يكَاد يخفى عرفه المتقاسمان الْمشَار إِلَيْهِمَا معرفَة تَامَّة نَافِيَة للْجَهَالَة وَكَانَ مَا أصَاب كل جِهَة وقف من هَاتين الْجِهَتَيْنِ وَفَاء لحقها وإكمالا لنصيبها وتسلم كل وَاحِد من الناظرين المتقاسمين مَا أصَاب جِهَته حَسْبَمَا أفرز لَهَا فِي هَذِه الْقِسْمَة وَصَارَ مَا أصَاب كل جِهَة وقف على جِهَته ومختصا بهَا دون الْجِهَة الْأُخْرَى وَقد وقف المتقاسمان الْمَذْكُورَان أَعْلَاهُ على جَمِيع الْقرْيَة المحدودة أَعْلَاهُ وعَلى حُدُودهَا وحقوقها وعاينا ذَلِك ونظراه وشاهداه وخبراه الْخِبْرَة النافية للْجَهَالَة وتفرقا عَن الرِّضَا التَّام بِهَذِهِ الْقِسْمَة واعترفا بِصِحَّتِهَا وإمضائها ولزومها فَمَا كَانَ فِي ذَلِك من دَرك أَو تبعة فضمانه حَيْثُ يُوجِبهُ الشَّرْع الشريف بعدله وقبلاه قبولا شَرْعِيًّا وَإِن كَانَت الْمُقَاسَمَة وَقعت على قطع أَرضين فيذكر الصَّدْر من أَوله إِلَى هَهُنَا ثمَّ يَقُول أفرز المقاسم الْمشَار إِلَيْهِ هَذِه الْقرْيَة قطعا وَعدل كل قِطْعَة أَرض قسمَيْنِ نِصْفَيْنِ متساويين فَمن ذَلِك مَا اقتسم عَلَيْهِ المتقاسمان الْمَذْكُورَان قسْمَة أولى أَرض كَذَا ذرعها قبْلَة وَشمَالًا كَذَا وشرقا وغربا كَذَا ويحددها ويعين ذرعها من كل جَانب من جوانبها الْأَرْبَع وَإِن كَانَت مربعة فيذكر أَنَّهَا مربعة وَإِن كَانَت مبنقة فيذكر التبنيق وَهل هُوَ مثلث لَا يظْهر فِيهِ الْحَد الرَّابِع أَو يكون الذرع فِي جِهَة أقل ذرعا من الذرع فِي الْجِهَة الْأُخْرَى فيحرره ثمَّ يَقُول الجزء: 2 ¦ الصفحة: 335 فَأصَاب جِهَة المقاسم الأول بِحِصَّتِهِ من هَذِه الْقطعَة وَهِي النّصْف الْجَانِب الْفُلَانِيّ مِنْهَا وذرعه فِي قبليه شرقا بغرب كَذَا وَكَذَا ذِرَاعا وَفِي شماليه شرقا بغرب كَذَا وَكَذَا ذِرَاعا ثمَّ يكمل الذرع من الْجَانِبَيْنِ الآخرين وَهُوَ الشَّرْقِي والغربي فَيَقُول وذرعه فِي شرقيه قبْلَة بشمال كَذَا وَفِي غربيه قبْلَة بشمال كَذَا وَكَذَا وَأصَاب جِهَة المقاسم الثَّانِي بِحِصَّتِهِ وَهِي النّصْف الآخر الْجَانِب الْفُلَانِيّ ويصف ذرعه من الجوانب الْأَرْبَع على نَحْو مَا وصف فِي الْجَانِب الَّذِي قبله ثمَّ يَقُول وَمِنْه مَا اقتسماه ثَانِيَة أَرض كَذَا وَكَذَا وَيفْعل فِيهَا مَا فعله فِي الْقطعَة الأولى ثمَّ يَقُول وَمِنْه مَا اقتسماه قسْمَة ثَالِثَة وَيفْعل ذَلِك قِطْعَة بعد قِطْعَة إِلَى أَن يَنْتَهِي إِلَى آخر الْقطع ويفصل بَين كل جَانب من قِطْعَة أَرض وَبَين جَانبهَا الآخر بفاصل مَعْلُوم ثمَّ يَقُول عرفه المقاسمان الْمَذْكُورَان معرفَة تَامَّة نَافِيَة للْجَهَالَة وَكَانَ مَا أصَاب كلا من المتقاسمين الْمَذْكُورين بِهَذِهِ الْقِسْمَة وَفَاء لحقه وإكمالا لنصيبه وتسلم كل وَاحِد من المتقاسمين الْمَذْكُورين مَا أفرزه بِهَذِهِ الْقِسْمَة وَصَارَ ذَلِك بِيَدِهِ يتَصَرَّف فِيهِ بطريقه الشَّرْعِيّ وَقد وقف المتقاسمان الْمَذْكُورَان أَعْلَاهُ على ذَلِك كُله وعَلى حُدُوده وحقوقه وفواصله ورأياه وشاهداه وخبراه الْخِبْرَة التَّامَّة الْكَامِلَة النافية للْجَهَالَة وتفرقا عَن رضَا بِهَذِهِ الْقِسْمَة والإمضاء واللزوم فَمَا كَانَ فِي ذَلِك من دَرك أَو تبعة فضمانه لَازم حَيْثُ يُوجِبهُ الشَّرْع الشريف بعدله وقبلاه قبولا شَرْعِيًّا ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه صُورَة مقاسمة أُخْرَى تقاسم فلَان وَفُلَان وشهوده بهَا عارفون فالمقاسم الأول مقاسم عَن نَفسه وبالإذن الْكَرِيم العالي المولوي الْفُلَانِيّ قَاضِي الْقُضَاة بِبَلَد كَذَا أَو يَقُول وبإذن سيدنَا ومولانا قَاضِي الْقُضَاة فلَان الدّين وَأمره الْكَرِيم على الْأَيْتَام الصغار الَّذين هم تَحت حجر الشَّرْع الشريف وهم فلَان وَفُلَان وَفُلَان أَوْلَاد فلَان لما رأى لَهُم فِي ذَلِك من الْحَظ والمصلحة وَالْغِبْطَة الوافرة الظَّاهِرَة المسوغة للْقِسْمَة عَلَيْهِم شرعا والمقاسم الثَّانِي فلَان مقاسم عَن نَفسه أَيْضا فِي جَمِيع الْأَمْلَاك الْجَارِيَة فِي ملك الْأَيْتَام الثَّلَاثَة الْمَذْكُورين وَفِي ملك المتقاسمين الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ وَهُوَ بَينهمَا وَبَين الْأَيْتَام الْمَذْكُورين على ثَلَاثَة أسْهم سهم للأيتام الثَّلَاثَة الْمَذْكُورين بَينهم بِالسَّوِيَّةِ أَثلَاثًا وَلكُل وَاحِد من المتقاسمين سهم وَاحِد وَهُوَ الثُّلُث وَذَلِكَ جَمِيع كَذَا وَكَذَا وَجَمِيع كَذَا وَكَذَا ويحدد كل مَكَان ويصفه على حِدة وَصفا تَاما ثمَّ يَقُول بحدود ذَلِك كُله وحقوقه إِلَى آخِره مقاسمة صَحِيحَة شَرْعِيَّة قسْمَة ترَاض تداعى المتقاسمان إِلَيْهَا ورغبا فِيهَا فَأصَاب فلَان المقاسم الأول عَن نَفسه جَمِيع الْمَكَان الْفُلَانِيّ الْمَحْدُود أَولا وَأصَاب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 336 الْأَيْتَام الْمَذْكُورين عَن نصِيبهم جَمِيع الْمَكَان الْفُلَانِيّ الْمَحْدُود ثَانِيًا وَأصَاب فلَان المقاسم الثَّانِي عَن نَفسه جَمِيع الْمَكَان الْفُلَانِيّ الْمَحْدُود آخرا وَكَانَ مَا أصَاب كل فريق من المتقاسمين والمقاسم عَنْهُم الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ إكمالا لحقه ووفاء لنصيبه اخْتصَّ بِهِ دون البَاقِينَ وَدون كل وَاحِد وَصَارَ ذَلِك لَهُ وَملكه وَبِيَدِهِ وَتَحْت تصرفه بِحكم هَذِه الْمُقَاسَمَة الشَّرْعِيَّة وَذَلِكَ بعد الرُّؤْيَة التَّامَّة النافية للْجَهَالَة والتفرق عَن ترَاض وَذَلِكَ بعد أَن ثَبت عِنْد سيدنَا قَاضِي الْقُضَاة الْمشَار إِلَيْهِ أَسْبغ الله ظلاله بِشَهَادَة من يعين ذَلِك فِي رسم شَهَادَته آخِره أَن الْعقار الْمَحْدُود أَعْلَاهُ ملك للمتقاسمين الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ وَملك للأيتام المقاسم عَلَيْهِم الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ منتقل إِلَيْهِم بِالْإِرْثِ الشَّرْعِيّ من والدهم بَينهم بِالسَّوِيَّةِ أَثلَاثًا وَهُوَ بِأَيْدِيهِم وَتَحْت تصرفهم وَأَن مَا خص الْأَيْتَام الْمَذْكُورين بيد والدهم إِلَى حِين وَفَاته وَأَن فِي الْقِسْمَة المشروحة أَعْلَاهُ على الْوَجْه الْمعِين أَعْلَاهُ حَظّ بَين وغبطة وافرة ومصلحة ظَاهِرَة للأيتام الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ حَال الْقِسْمَة وَبعد ثُبُوت سَائِر الْمُقدمَات الشَّرْعِيَّة المسوغة لجَوَاز الْقِسْمَة عَلَيْهِم شرعا وَبعد اسْتِيفَاء الشَّرَائِط الشَّرْعِيَّة الثُّبُوت الشَّرْعِيّ وَوَقع الْإِشْهَاد بذلك على الْوَجْه المشروح أَعْلَاهُ فِي الْيَوْم الْمُبَارك وَيكْتب القَاضِي التَّارِيخ والحسبلة بِخَطِّهِ وَيكْتب فِي أَعْلَاهُ مَوضِع الْعَلامَة على مَا تقدم ذكره فِي بَاب الْقَضَاء ويكمل على نَحْو مَا سبق صُورَة مقاسمة فِي ملك ووقف على مَذْهَب الإِمَام أَحْمد رَحمَه الله هَذَا مَا اقتسم عَلَيْهِ فلَان وَفُلَان فالمقاسم الأول مقاسم عَن نَفسه والمقاسم الثَّانِي مقاسم بِإِذن سيدنَا ومولانا قَاضِي الْقُضَاة فلَان الدّين الْحَنْبَلِيّ وَأمره الْكَرِيم على جِهَة الْوَقْف الْآتِي ذكره طَوْعًا فِي صِحَة من هذَيْن المتقاسمين الْمَذْكُورين وسلامة وَجَوَاز أَمر اقْتَسمَا جَمِيع الْأَمَاكِن الْآتِي ذكرهَا الَّتِي النّصْف مِنْهَا وقف على الْجِهَة الْفُلَانِيَّة وَالْملك الثَّانِي ملك المقاسم الأول الْمُسَمّى أَعْلَاهُ وَهَذِه الْأَمَاكِن الْمشَار إِلَيْهَا هِيَ عدَّة قطع أَرضين متلاصقة بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ ويحيط بهَا حُدُود أَرْبَعَة ويذكرها ثمَّ يَقُول بِجَمِيعِ حُقُوق ذَلِك كُله إِلَى آخِره قسْمَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة ممضاة جَامِعَة لشرائط الصِّحَّة عَارِية عَن المفسدات خَالِيَة عَن الرَّد تداعى المتقاسمان الْمَذْكُورَان إِلَيْهَا وعلما مَا فِيهَا من الْحَظ والمصلحة أذن فِيهَا سيدنَا ومولانا قَاضِي الْقُضَاة فلَان الدّين الْمشَار إِلَيْهِ إِذْنا صَحِيحا شَرْعِيًّا مسؤولا فِيهِ جَامعا شَرَائِطه لوُجُود الْحَظ والمصلحة فِي هَذِه الْمُقَاسَمَة لجِهَة الْوَقْف الْمشَار إِلَيْهِ ولكونه أَسْبغ الله ظله يرى أَن الْقِسْمَة إِفْرَاز وَلَيْسَت بِبيع وَيرى الحكم بِصِحَّتِهِ لموافقة ذَلِك مذْهبه ومعتقده مَعَ علمه باخْتلَاف الْعلمَاء فِي ذَلِك بعد أَن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 337 ثَبت عِنْده أَن الْأَمَاكِن الْمشَار إِلَيْهَا المتقاسم فِي هَذَا الْكتاب عَلَيْهَا ملك ووقف حَسْبَمَا عين أَعْلَاهُ وَأَنَّهَا قَابِلَة للْقِسْمَة نِصْفَيْنِ مُحْتَملَة لَهَا وَأَن الْمصلحَة فِي ذَلِك لجِهَة الْوَقْف الْمشَار إِلَيْهِ فِيهِ بعد التَّمَاثُل والتسوية فِي الْأَرَاضِي الْمَذْكُورَة وَاعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره ورضا من يعْتَبر رِضَاهُ بِهَذِهِ الْقِسْمَة بعد وُقُوعهَا على الْوَجْه الْآتِي شَرحه وَبعد إِخْرَاج الْقرعَة الشَّرْعِيَّة الَّتِي تمت بهَا الْقِسْمَة واستجماع سَائِر الشَّرَائِط الْمُعْتَبرَة فِي جَوَاز هَذِه الْقِسْمَة وصحتها شرعا وَثُبُوت ذَلِك جَمِيعه عِنْد سيدنَا قَاضِي الْقُضَاة فلَان الدّين الْمشَار إِلَيْهِ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ فجرت هَذِه الْقِسْمَة على سداد واحتياط من غير غبن وَلَا حيف وَلَا شطط بتولي قَاسم من قسام الْمُسلمين مِمَّن لَهُ علم وخبرة بقسمة ذَلِك وَهُوَ فلَان ابْن فلَان الحاسب الَّذِي انتدبه القاسمان الْمَذْكُورَان لهَذِهِ الْقِسْمَة وإفراز كل نصيب مِنْهَا حَسْبَمَا تعين فِيهِ فَيقسم ذَلِك عدَّة قسم الْقِسْمَة الأولى قِطْعَة أَرض صفتهَا ويحددها ويذرعها أصَاب الْقَاسِم الأول من ذَلِك بِحِصَّتِهِ وَهِي النّصْف الْجَانِب القبلي مِنْهَا الَّذِي ذرعه من الْجَانِب القبلي كَذَا وَمن جَانِبه الشمالي كَذَا وَمن جَانِبه الشَّرْقِي كَذَا وَمن جَانِبه الغربي كَذَا وَأصَاب جِهَة الْوَقْف الْمشَار إِلَيْهِ بِحِصَّتِهِ وَهِي النّصْف الْجَانِب الشمالي مِنْهَا وَيذكر ذرعه من الجوانب الْأَرْبَعَة ويسوق الْكَلَام كَذَلِك وَجَمِيع الْقطع الْأَرْضين إِلَى آخرهَا ثمَّ يَقُول هَذَا آخر مَا وَقعت عَلَيْهِ الْمُقَاسَمَة فِي هَذَا الْكتاب وَقد جعل بَين كل قِطْعَة وَقطعَة فاصل مَعْرُوف مَعْلُوم ظَاهر مَفْهُوم لَا يكَاد يخفى يُمَيّز كل جَانب من الآخر وَكَانَ مَا أصَاب الْقَاسِم بِحِصَّتِهِ وَهُوَ النّصْف وَفَاء لحقه وإكمالا لنصيبه وَمَا أصَاب جِهَة الْوَقْف الْمشَار إِلَيْهِ أَعْلَاهُ وَفَاء لحقها وإكمالا لنصيبها وتسلم المقاسم الأول مَا أَصَابَهُ من ذَلِك وأفرز لَهُ بِهَذِهِ الْمُقَاسَمَة حَسْبَمَا عين أَعْلَاهُ تسلما صَحِيحا شَرْعِيًّا وَصَارَ ذَلِك ملكا مُطلقًا مفروزا للقاسم الأول يتَصَرَّف فِيهِ تصرف الْملاك فِي أملاكهم وَذَوي الْحُقُوق فِي حُقُوقهم من غير مَانع وَلَا مُنَازع وَلَا مشارك لَهُ فِي ذَلِك وَلَا فِي شَيْء مِنْهُ وتسلم المقاسم الثَّانِي بِالْإِذْنِ الْحكمِي الْمشَار إِلَيْهِ أَعْلَاهُ مَا أصَاب جِهَة الْوَقْف الْمشَار إِلَيْهِ بِهَذِهِ الْقِسْمَة حَسْبَمَا عين أَعْلَاهُ تسلما شَرْعِيًّا وَصَارَ ذَلِك وَقفا مفروزا لجهته الْمعينَة أَعْلَاهُ بِغَيْر شريك وَلَا معَارض وَلَا مُنَازع وَلَا متأول بل هُوَ مُخْتَصّ بِجِهَة الْوَقْف الْمشَار إِلَيْهَا تصرف أجوره ورائعه ومغلاته فِي مصَالح الْجِهَة الْمَذْكُورَة على مستحقيها شرعا وَقد وقف المقاسمان الْمَذْكُورَان أَعْلَاهُ على ذَلِك جَمِيعه وعايناه وشاهداه وخبراه الْخِبْرَة التَّامَّة النافية للْجَهَالَة فَمَا كَانَ فِي ذَلِك من دَرك أَو تبعة فضمانه حَيْثُ يُوجِبهُ الشَّرْع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 338 الشريف ويقتضيه قبلا ذَلِك قبولا شَرْعِيًّا وَوَقع الْإِشْهَاد على الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ وعَلى المتقاسمين الْمَذْكُورين فِيهِ بِمَا نسب إِلَيْهِم فِيهِ بتاريخ وَيكْتب الْحَاكِم التَّارِيخ والحسبلة بِخَطِّهِ وَيشْهد شُهُود الْمجْلس عَلَيْهِ بِالْإِذْنِ فَإِن أُرِيد الحكم بِصِحَّة الْمُقَاسَمَة كتب الشُّهُود بمقدمات الْقِسْمَة فَيَقُول كل وَاحِد مِنْهُم أشهد أَن الْأَمَاكِن الْمشَار إِلَيْهَا المقاسم عَلَيْهَا فِي هَذَا الْكتاب ملك ووقف حَسْبَمَا عين أَعْلَاهُ وَأَنَّهَا قَابِلَة للْقِسْمَة نِصْفَيْنِ مُحْتَملَة لَهَا وَأَن الْحَظ والمصلحة لجِهَة الْوَقْف فِي ذَلِك وَأشْهد بالتماثل والتسوية فِي الْأَرَاضِي الْمشَار إِلَيْهَا فِيهِ فلَان ابْن فلَان ثمَّ يشْهد شُهُود الْقِسْمَة فَيكْتب كل وَاحِد مِنْهُم شهِدت على المتقاسمين الْمشَار إِلَيْهِمَا فِيهِ بِمَا نسب إِلَيْهِمَا فِي هَذَا الْكتاب على الْوَجْه المشروح فِيهِ من تَارِيخه الْمعِين أَعْلَاهُ كتبه فلَان ابْن فلَان الْفُلَانِيّ وَإِن شَاءَ كتب مُقَدمَات الْقِسْمَة الْمُقدم ذكرهَا فِي فصل مُسْتَقل يصدره بقوله يشْهد من يضع خطه آخِره أَو يوضع عَنهُ بِإِذْنِهِ فِيهِ أَن الْأَمَاكِن الْمشَار إِلَيْهَا إِلَى آخِره وبرسم شُهُود الْمُقدمَات خطوطهم فِي الْفَصْل الْمَذْكُور وَبعد ذَلِك يدعى بِهِ عِنْد الْحَاكِم الْآذِن وَيُؤَدِّي شُهُود الْمُقَاسَمَة الشَّهَادَة ويرقم لَهُم ثمَّ يُوقع فِيهِ بالإسجال أَو بِالْإِشْهَادِ بعد أَن يعلم ويسجله كَاتب الحكم وَيذكر فِي إسجاله أَو فِي إشهاده ثُبُوت الْقِسْمَة وَفصل الْمُقدمَات وَالْحكم بِصِحَّة الْمُقَاسَمَة فِيهِ على مُقْتَضى مذْهبه ومعتقده لكَونه يرى أَن الْقِسْمَة إِفْرَاز وَلَيْسَت بِبيع مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ ويكمل على نَحْو مَا سبق صُورَة قسْمَة إِفْرَاز فِي قِطْعَة أَرض إجبارا من الْحَاكِم هَذَا كتاب قسْمَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة جَائِزَة مَاضِيَة مُعْتَبرَة مرضية جرت بَين فلَان وشريكه فلَان على مَا هُوَ جَار فِي ملكهمَا وحيازتهما ويدهما ثَابِتَة عَلَيْهِ بَينهمَا بِالسَّوِيَّةِ نِصْفَيْنِ على حكم الإشاعة وَذَلِكَ جَمِيع الْقطعَة الأَرْض الْفُلَانِيَّة ويصفها ويحددها تولى قسمتهَا بَينهمَا عدل خَبِير مَنْدُوب لذَلِك من مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ الْحَنْبَلِيّ فَوقف عَلَيْهَا الْعدْل الْمَذْكُور وَعلم تَسَاوِي أَجْزَائِهَا وذرعت بِحُضُورِهِ فَكَانَ ذرعها قبْلَة وَشمَالًا كَذَا وَكَذَا وشرقا وغربا كَذَا بالذراع الْفُلَانِيّ فجزأها جزءين قبليا وشماليا وَكتب رقعتين ذكر فِي كل وَاحِدَة مِنْهُمَا جُزْءا من الجزءين الْمَذْكُورين وجعلهما فِي بَنَادِق من طين مُتَسَاوِيَة وسلمهما إِلَى رجل لم يحضر ذَلِك فَدفع رقْعَة إِلَى فلَان المبدى بِذكرِهِ ورقعة إِلَى فلَان الْمثنى بِذكرِهِ فَأصَاب المقاسم الأول الْجُزْء القبلي وذرعه قبْلَة وَشمَالًا كَذَا وشرقا وغربا كَذَا بالذراع الْمَذْكُور وَأصَاب شَرِيكه الْمَذْكُور الْجُزْء الشمالي وذرعه قبْلَة وَشمَالًا كَذَا وشرقا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 339 وغربا كَذَا بالذراع الْمَذْكُور وتسلم المقاسم الأول مَا أَصَابَهُ من ذَلِك وأحرزه لَهُ وَكَانَ مَا أصَاب كلا مِنْهُمَا وَفَاء لحقه وإكمالا لنصيبه جرت هَذِه الْقِسْمَة بَين المتقاسمين الْمَذْكُورين فِيهِ على سداد واحتياط من غير حيف وَلَا شطط بعد الرُّؤْيَة والمعرفة التَّامَّة النافية للْجَهَالَة وَبعد أَن أحضر المقاسم الأول فلَان شَرِيكه فلَان إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْمشَار إِلَيْهِ وَادّعى عَلَيْهِ لَدَى الْحَاكِم الْمُسَمّى أَعْلَاهُ أَن جَمِيع الْقطعَة الأَرْض الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ ملك من أملاكهما بَينهمَا بِالسَّوِيَّةِ نِصْفَيْنِ مشَاعا وَأقَام عِنْد الْحَاكِم بَيِّنَة بذلك وأنهما مُتَسَاوِيَة الْأَجْزَاء قَابِلَة للْقِسْمَة والإفراز الَّتِي لَا حيف فِيهَا وَلَا شطط وَلَا رد بل قسْمَة إِفْرَاز وتعديل وَطلب مِنْهُ أَن يقاسمه عَلَيْهَا وَسَأَلَ سُؤَاله عَن ذَلِك فَأجَاب بالتصديق على مَا ادَّعَاهُ خَصمه من أَن ذَلِك ملك بَينهمَا نِصْفَيْنِ وَامْتنع من الْقِسْمَة فأحضر الْمُدَّعِي الْمَذْكُور بَيِّنَة شَرْعِيَّة شهِدت عِنْد الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ بِمَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي الْمَذْكُور من الْملك وتساوي الْأَجْزَاء وَقبُول قسْمَة الْإِفْرَاز حَسْبَمَا ذكر أَعْلَاهُ وَقبلهَا الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ وَثَبت عِنْده مَا قَامَت بِهِ الْبَيِّنَة الْمَذْكُورَة الثُّبُوت الشَّرْعِيّ وَتقدم أمره الْكَرِيم إِلَى الْقَاسِم الْمَذْكُور أَعْلَاهُ بِالْقِسْمَةِ على الْوَجْه الشَّرْعِيّ فَأذن فِيهِ إِذْنا شَرْعِيًّا مَاضِيا وَحكم بجوازها وإمضائها ولزومها حكما شَرْعِيًّا تَاما مُعْتَبرا مرضيا مُسْتَوْفيا شَرَائِطه الشَّرْعِيَّة وَاعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره شرعا وَوَقع الْإِشْهَاد بمضمونه على مَا شرح فِيهِ بتاريخ وَيكْتب الْحَاكِم التَّارِيخ والحسبلة بِخَطِّهِ وَيكْتب شُهُود مُقَدمَات الْقِسْمَة وشهود الْمُقَاسَمَة على نَحْو مَا تقدم شَرحه صُورَة قسْمَة التَّعْدِيل هَذَا مَا اقتسم عَلَيْهِ فلَان المقاسم عَن نَفسه وَهُوَ فريق أول وأختاه لِأَبَوَيْهِ فُلَانَة وفلانة المقاسمتان عَن أَنفسهمَا وهما فريق ثَان وَفُلَان أَمِين الحكم الْعَزِيز وَهُوَ فريق ثَالِث مقاسم بِإِذن سيدنَا ومولانا قَاضِي الْقُضَاة فلَان الدّين وَأمره الْكَرِيم على إخْوَة المتقاسمين المبدى بذكرهم فِيهِ لأبويهم فلَان وَفُلَان وفلانة الْأَيْتَام الصغار الَّذين هم تَحت حجر الحكم الْعَزِيز لظُهُور الْحَظ والمصلحة وَالْغِبْطَة لَهُم فِي هَذِه الْمُقَاسَمَة الْآتِي ذكرهَا فِيهِ على الْوَجْه الَّذِي سيشرح فِيهِ مَا ذكرُوا أَنه ملك مخلف للمتقاسمين والمقاسم عَنْهُم الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ عَن والدهم الْمَذْكُور أَعْلَاهُ الْمُتَوفَّى إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى قبل تَارِيخه وَهُوَ بيدهم وَتَحْت تصرفهم حَالَة هَذِه الْمُقَاسَمَة من غير الجزء: 2 ¦ الصفحة: 340 مُنَازع لَهُم فِيهِ وَلَا فِي شَيْء مِنْهُ وَلَا مشارك وَلَا معَارض وَهُوَ بَينهم على تِسْعَة أسْهم لكل ذكر سَهْمَان وَلكُل أُنْثَى سهم وَذَلِكَ جَمِيع الْقرْيَة الْفُلَانِيَّة الْمُشْتَملَة على أَرض معتمل ومعطل وَسقي وعذي وعيون مَاء جَارِيَة وغروس وكروم وتين ولوز وَغير ذَلِك وجباب وصهاريج ومغارات ومسارح ومراع ومصايف ومشاتي ودمنة عامرة برسم سُكْنى فلاحيها وتحيط بِهَذِهِ الْقرْيَة وأراضيها حُدُود أَرْبَعَة ويذكرها ثمَّ يَقُول بِجَمِيعِ حُقُوق ذَلِك إِلَى آخِره قسْمَة تَعْدِيل صَحِيحَة شَرْعِيَّة لَازِمَة ممضاة مرعية جَائِزَة تَامَّة مرضية رضى المتقاسمون المذكورون بهَا وأجازوها وأمضوا حكمهَا وَمَشوا على رسمها وَوَقعت بَينهم على الْوَضع الشَّرْعِيّ مَعَ الِاحْتِيَاط الشافي وَالِاجْتِهَاد الْكَافِي والتحري من أَمِين الحكم الْعَزِيز الْمشَار إِلَيْهِ فِي عمل مصلحَة الْأَيْتَام المقاسم عَلَيْهِم الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ على الْوَضع الشَّرْعِيّ بِمحضر من الشُّهُود الواضعين خطوطهم آخِره بتولي قَاسم عدل خَبِير عَارِف بمسح الْأَرَاضِي وتعديلها وتبيين الْحُدُود والفواصل وتفصيلها فَاعْتبر مساحة الْقرْيَة الْمَذْكُورَة فِي الطول وَالْعرض والمبنق والمثلث من ذَلِك والمستوى وذرع كل قِطْعَة قِطْعَة على حِدة بالذراع الْفُلَانِيّ الْمُتَعَارف وَضبط الذرع فَكَانَت جملَته كَذَا وَكَذَا ذِرَاعا بالذراع الْمَذْكُور وجزأ الْأَرَاضِي جَمِيعهَا تِسْعَة أَجزَاء مُتَسَاوِيَة لكل جُزْء ذرع مَعْلُوم قدره كَذَا وَكَذَا ذِرَاعا حد الْجُزْء الأول من الْقبْلَة كَذَا ويكمل حُدُوده ثمَّ يحدد كل جُزْء على حِدته وَكتب تسع رقاع وَعين بالرقاع أَسمَاء الْأَجْزَاء وضعت فِي حجر رجل لم يحضر ذَلِك وَأمر بِإِخْرَاج رقعتين على اسْم الْقَاسِم الأول فأخرجا فَإِذا بهما الْجُزْء الْمَحْدُود ثَالِثا والجزء الْمَحْدُود آخرا ثمَّ أَمر بِإِخْرَاج رقعتين على اسْم الْأُخْتَيْنِ المقاسمتين عَن أَنفسهمَا أَعْلَاهُ فَأخْرج رقعتين ثمَّ أَمر أَن تدفع إِلَى كل وَاحِدَة رقْعَة قبل فتحهَا فَدفع إِلَى كل وَاحِدَة مِنْهُمَا رقْعَة ثمَّ فتحتا فَإِذا الَّتِي بيد فُلَانَة الْمُقَاسَمَة أَعْلَاهُ الْجُزْء الْمَحْدُود ثَانِيًا وَالَّتِي بيد أُخْتهَا فُلَانَة الْجُزْء الْمَحْدُود أَولا ثمَّ أَمر بِإِخْرَاج رقعتين على اسْم فلَان الْيَتِيم المثني باسمه فِي جملَة الْأَيْتَام الْمَذْكُورين فَأخْرج رقعتين فَإِذا بهما الْجُزْء الْمَحْدُود رَابِعا والجزء الْمَحْدُود خَامِسًا وَبَقِي فِي حجره رقْعَة وَاحِدَة فتعينت لليتيمة فُلَانَة الْمَذْكُورَة آخرا وَهُوَ الْجُزْء الْمَحْدُود سادسا فَكَانَ مَا أصَاب كل فريق من المتقاسمين الْمَذْكُورين والمقاسم عَلَيْهِم المسمين أَعْلَاهُ وَفَاء لحقه وإكمالا لنصيبه وتسلم كل من المقاسم الأول وأختيه التَّالِي ذكرهمَا لاسمه بأعاليه مَا أَصَابَهُ من ذَلِك وتسلم الْأمين الْمشَار إِلَيْهِ بِإِذن الْحَاكِم الْمُسَمّى أَعْلَاهُ أنصباء الْأَيْتَام الْمَذْكُورين تسلما شَرْعِيًّا وأحرز كل مِنْهُم مَا تسلمه وحازه حِيَازَة تَامَّة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 341 وأحرزه وَجعل بَين كل جُزْء وجزء من الْأَجْزَاء المحدودة أَعْلَاهُ علائم فاصلة بَين كل جُزْء وجزء بتوابيع حِجَارَة كبار مَعْلُومَة بَينهم مفهومة لَهُم جرت هَذِه الْمُقَاسَمَة بَين المتقاسمين الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ على سداد واحتياط من غير حيف وَلَا غبن وَلَا شطط وَلَا جور مَعَ مَا فِي ذَلِك من الْمصلحَة الظَّاهِرَة وَالْغِبْطَة الوافرة للأيتام الْمَذْكُورين وَلم يبْق كل فريق يسْتَحق قبل البَاقِينَ فِيمَا صَار إِلَيْهِم بِهَذِهِ الْقِسْمَة حَقًا قَلِيلا وَلَا كثيرا وَذَلِكَ بعد أَن وقف المتقاسمون المذكورون أَعْلَاهُ على ذَلِك كُله وعاينوه وعرفوه الْمعرفَة التَّامَّة النافية للْجَهَالَة وَتَفَرَّقُوا عَن الرضى بذلك جَمِيعه والإنفاذ لَهُ وَالْإِجَازَة لجميعه وَمَا كَانَ فِي ذَلِك من دَرك أَو تبعة فضمانه حَيْثُ يُوجِبهُ الشَّرْع الشريف بعدله ويقتضيه وَجَرت هَذِه الْقِسْمَة وَالْإِذْن فِيهَا بعد أَن ثَبت عِنْد سيدنَا ومولانا قَاضِي الْقُضَاة الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَن الْقرْيَة المحدودة الموصوفة بأعاليه بحقوقها كلهَا ملك مخلف عَن الْمُورث الْمُسَمّى أَعْلَاهُ للْوَرَثَة الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ وبيدهم حَالَة الْقِسْمَة بَينهم على حكم الْفَرِيضَة الشَّرْعِيَّة وَأَن الْقرْيَة المحدودة أَعْلَاهُ صَالِحَة للْقِسْمَة مُحْتَملَة لَهَا وَأَن فِي هَذِه الْقِسْمَة على الْوَجْه المشروح أَعْلَاهُ حظا وغبطة ومصلحة للأيتام الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ وَبعد اسْتِيفَاء الشَّرَائِط الشَّرْعِيَّة وَاعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره شرعا كَذَا وَوَقع الْإِشْهَاد بمضمونه على مَا شرح فِيهِ بتاريخ وَيكْتب الْحَاكِم التَّارِيخ والحسبلة بِخَطِّهِ ويكمل على نَحْو مَا سبق صُورَة قسْمَة الرَّد هَذَا مَا اقتسم عَلَيْهِ فلَان وَفُلَان المتقاسمان عَن أَنفسهمَا اقْتَسمَا على بركَة الله تَعَالَى وَحسن توفيقه مَا هُوَ لَهما وبيدهما وملكهما وَتَحْت تصرفهما إِلَى حِين هَذِه الْمُقَاسَمَة وَبَينهمَا بِالسَّوِيَّةِ نِصْفَيْنِ مشَاعا وَذَلِكَ جَمِيع الدَّار الْفُلَانِيَّة وَالدَّار الْفُلَانِيَّة ويصف كل مَكَان مِنْهُمَا ويحدده على حِدة ثمَّ يَقُول بِجَمِيعِ حُقُوق ذَلِك كُله إِلَى آخِره قسْمَة صَحِيحَة لَازِمَة شَرْعِيَّة تداعيا إِلَيْهَا ورغابا فِيهَا ورضيا بهَا وَعلم كل وَاحِد مِنْهُمَا مَا لَهُ فِيهَا من الْمصلحَة بعد أَن وقف على الدَّاريْنِ المحدودتين أَعْلَاهُ عَدْلَانِ خبيران بالعقار وتقويمه وَالْملك وتثمينه وأحاطا بالدارين المذكورتين علما وخبرة فَكَانَ ثمن الْمثل وَقِيمَة الْعدْل للدَّار المحدودة أَولا خَمْسَة آلَاف دِرْهَم مثلا وَقِيمَة الدَّار المحدودة ثَانِيًا سِتَّة آلَاف دِرْهَم فَصَارَت قيمَة الدَّار المحدودة أَولا مَعَ مَا يرد عَلَيْهَا من قيمَة القاعة المحدودة ثَانِيًا وَهُوَ خَمْسمِائَة دِرْهَم نَصِيبا كَامِلا وَصَارَت الدَّار المحدودة ثَانِيًا مَعَ مَا يردهُ من إِصَابَته من مَاله مبلغ خَمْسمِائَة دِرْهَم نَصِيبا كَامِلا ثمَّ أَقرع بَينهمَا قرعَة فَخرجت الدَّار المحدودة أَولا للمقاسم الأول وَهُوَ فلَان مَعَ خَمْسمِائَة دِرْهَم يردهَا عَلَيْهِ المقاسم الثَّانِي وَالدَّار المحدودة ثَانِيًا للمقاسم الثَّانِي فلَان وَيرد إِلَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 342 المقاسم الأول خَمْسمِائَة دِرْهَم الْمَذْكُورَة من مَاله فَردهَا إِلَيْهِ فقبضها مِنْهُ قبضا تَاما وافيا وتسلم الدَّار المحدودة أَولا تسلما شَرْعِيًّا وتسلم المقاسم الثَّانِي الدَّار المحدودة ثَانِيًا تسلما شَرْعِيًّا وأحرز كل مِنْهُمَا مَا تسلمه وَملكه ملكا تَاما وَكَانَ مَا أصَاب كل وَاحِد مِنْهُمَا وَفَاء لحقه وإكمالا لنصيبه وَجَرت هَذِه الْمُقَاسَمَة بَينهمَا على سداد واحتياط من غير غبن وَلَا شطط وَلَا حيف وَلم يبْق كل مِنْهُمَا يسْتَحق على الآخر فِيمَا صَار إِلَيْهِ من ذَلِك حَقًا قَلِيلا وَلَا كثيرا وَذَلِكَ بعد الرُّؤْيَة التَّامَّة والمعرفة الْكَامِلَة النافية للْجَهَالَة والتفرق عَن ترَاض ويكمل على نَحْو مَا سبق صُورَة قسْمَة وقف وَملك أَيْضا بِإِذن الْحَاكِم الْحَنْبَلِيّ هَذَا مَا اقتسم عَلَيْهِ فلَان وَهُوَ مقاسم عَن نَفسه وَفُلَان وَهُوَ مقاسم بِإِذن سيدنَا ومولانا قَاضِي الْقُضَاة فلَان الدّين الْحَنْبَلِيّ وَأمره الْكَرِيم على جِهَة الْوَقْف الْآتِي ذكره واقتسما على بركَة الله تَعَالَى وعونه وَحسن توفيقه ويمنه جَمِيع المزرعة الْفُلَانِيَّة الَّتِي مبلغها أَرْبَعَة وَعِشْرُونَ سَهْما مِنْهَا ثَمَانِيَة أسْهم مُخْتَصَّة بِملك المقاسم الأول الْمُسَمّى أَعْلَاهُ وحيازته وَيَده ثَابِتَة عَلَيْهِ إِلَى حِين هَذِه الْقِسْمَة وَالْبَاقِي مِنْهَا وَهُوَ سِتَّة عشر سَهْما وقف مؤبد وَحبس محرم مخلد مَنْسُوب إِلَى إيقاف فلَان على مصَالح الْمدرسَة الْفُلَانِيَّة وعَلى الْفُقَهَاء والمتفقهة بهَا ثمَّ على جِهَة مُتَّصِلَة حَسْبَمَا يشْهد بِهِ كتاب وقف ذَلِك الْمحْضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْمشَار إِلَيْهِ المؤرخ بِكَذَا الثَّابِت لَدَى الْحُكَّام الثُّبُوت الشَّرْعِيّ فِي تواريخ مُتَقَدّمَة على تَارِيخه الْمُتَّصِل الثُّبُوت بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الْمشَار إِلَيْهِ الِاتِّصَال الشَّرْعِيّ بتاريخ كَذَا حد هَذِه المزرعة بكمالها كَذَا وَكَذَا وَيذكر حُدُودهَا الْأَرْبَعَة ثمَّ يَقُول بِحُقُوق ذَلِك كُله إِلَى آخِره قسْمَة صَحِيحَة لَازِمَة شَرْعِيَّة أذن فِيهَا الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَعْلَاهُ إجبارا وَحكم بجوازها ونفوذها وإمضائها بعد أَن ثَبت عِنْده بِشَهَادَة من يضع خطه آخِره أَن المقاسم عَن نَفسه مَالك حائز لحصته الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ إِلَى حِين هَذِه الْقِسْمَة وَأَن الْحصَّة الْبَاقِيَة الْمعينَة أَعْلَاهُ وقف على الْجِهَة الْمعينَة أَعْلَاهُ إِلَى حِين هَذِه الْقِسْمَة حَسْبَمَا ثَبت عِنْده فِي كتاب الْوَقْف الْمَذْكُور أَعْلَاهُ وَأَن المزرعة الْمَذْكُورَة مُحْتَملَة لقسمة التَّعْدِيل قَابِلَة لإفراز كل حِصَّة من الحصتين المذكورتين أَعْلَاهُ وَأَن الْمصلحَة لجِهَة الْوَقْف فِي هَذِه الْقِسْمَة الثُّبُوت الشَّرْعِيّ وَبعد أَن طلب المقاسم عَن نَفسه الْمُقَاسَمَة على المزرعة الْمَذْكُورَة وإفراز نصِيبه مِنْهَا وَأَن ينصب أَمينا مقاسما عَن حِصَّة الْوَقْف الْمَذْكُور مَعَ كَونه يرى جَوَاز قسْمَة الْوَقْف الْمحبس من الْملك الْمُطلق إفرازا لكل وَاحِد من النَّصِيبَيْنِ وَيرى أَن الْقِسْمَة إِفْرَاز وَلَيْسَت بِبيع ويختار ذَلِك من مذْهبه وَيرى الْعَمَل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 343 بِهِ فجرت هَذِه الْقِسْمَة على سداد واحتياط بِمحضر من الْعُدُول وَأهل الْخِبْرَة بقسمة أَمْثَال ذَلِك من غير حيف وَلَا شطط بتولي قَاسم من قسام الْمُسلمين مَنْدُوب من جِهَة الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ وقف على المزرعة الْمَذْكُورَة وعَلى حُدُودهَا وفواصلها وأراضيها وبقاعها وسلائحها وَعلم تَسَاوِي أَجْزَائِهَا وذرعها وجزأها جزءين أَحدهمَا قبلي وَالْآخر شمَالي فَأصَاب المقاسم الأول بِحِصَّتِهِ وَهِي الثُّلُث من ذَلِك جَمِيع الْجَانِب القبلي من المزرعة وَقدره الثُّلُث من أَرَاضِي المزرعة وذرعه قبْلَة وَشمَالًا كَذَا وشرقا وغربا كَذَا بِمَا اشْتَمَلت عَلَيْهِ من أَشجَار مثمرة وَغير مثمرة وَبِمَا اخْتصَّ بِهِ من المَاء الَّذِي هُوَ من جملَة حُقُوق المزرعة الْمَذْكُورَة عدات بِحَق الاستطراق إِلَى هَذَا الْقسم من الطَّرِيق الْفُلَانِيّ الَّذِي هُوَ من أَرَاضِي الثُّلثَيْنِ من المزرعة الْمَذْكُورَة وَأصَاب جِهَة الْوَقْف بِحِصَّتِهِ من ذَلِك جَمِيع الْجَانِب الشمالي من هَذِه المزرعة وذرعه قبْلَة وَشمَالًا كَذَا وشرقا وغربا كَذَا بِمَا اشْتَمَلت عَلَيْهِ من أَشجَار مثمرة وَغير مثمرة وَمَا اخْتصَّ بِهِ من المَاء الَّذِي هُوَ من حُقُوق المزرعة الْمَذْكُورَة وقدرها ثلثا عدات وَقد جعل بَين الْجَانِبَيْنِ الْمَذْكُورين فاصل مَعْلُوم عرفه المتقاسمان معرفَة تَامَّة وَأَن على كل جَانب من الْخراج مَا يذكر فِيمَا هُوَ مُقَرر على الثُّلُث مبلغ كَذَا وَمَا هُوَ مُقَرر على الثُّلثَيْنِ مبلغ كَذَا اطلع المتقاسمان على ذَلِك وتصادقا عَلَيْهِ وَكَانَ مَا أصَاب كل فريق مِنْهُمَا وَفَاء لحقه وإكمالا لنصيبه وَقد وَقفا على ذَلِك وعايناه وتسلم المقاسم الأول مَا أَصَابَهُ بِهَذِهِ الْقِسْمَة تسلما صَحِيحا شَرْعِيًّا وَبَان بِهِ وأحرزه وتسلم المقاسم الثَّانِي مَا أصَاب جِهَة الْوَقْف الْمشَار إِلَيْهِ تسلما شَرْعِيًّا وَصَارَ فِي يَده لمستحقيه شرعا بعد اعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره فِيهِ وَوَقع الْإِشْهَاد بمضمونه على الْوَجْه المشروح فِيهِ بتاريخ وَيكْتب القَاضِي التَّارِيخ والحسبلة بِخَطِّهِ ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه صُورَة قسْمَة الْوَقْف من الْوَقْف بِإِذن الْحَاكِم الْحَنْبَلِيّ هَذَا مَا اقتسم عَلَيْهِ فلَان وَفُلَان ولدا فلَان اقْتَسمَا على بركَة الله تَعَالَى ويمنه وَحسن توفيقه وَمِنْه بِإِذن سيدنَا ومولانا قَاضِي الْقُضَاة فلَان الدّين الْحَنْبَلِيّ وَأمره الْكَرِيم مَا هُوَ وقف محرم وَحبس مخلد جَارِيَة أجوره ومنافعه عَلَيْهِمَا بَينهمَا بِالسَّوِيَّةِ نِصْفَيْنِ مَنْسُوب إيقافه إِلَى والدهما الْمشَار إِلَيْهِ أَعْلَاهُ أوجدهما على أَوْلَاده ثمَّ على أَوْلَاد أَوْلَاده ثمَّ على نَسْله وعقبه ثمَّ على جِهَة مُتَّصِلَة بالفقراء وَالْمَسَاكِين حَسْبَمَا تضمنه كتاب وقف ذَلِك الْمحْضر من أَيْدِيهِمَا الَّذِي تَأمله الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ ووقف عَلَيْهِ وأمعن النّظر فِيهِ وعرفه المؤرخ بِكَذَا الثَّابِت على القَاضِي فلَان الدّين الثُّبُوت الشَّرْعِيّ الْمُتَّصِل الثُّبُوت بالحاكم الْآذِن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 344 الْمشَار إِلَيْهِ الِاتِّصَال الشَّرْعِيّ فِي تَارِيخ كَذَا وَذَلِكَ جَمِيع الْبُسْتَان الْفُلَانِيّ بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ الْمُشْتَمل على أَشجَار غراس مُخْتَلفَة الْأَنْوَاع وَالثِّمَار وعَلى أَرَاضِي وحظائر مُحِيطَة بِهِ وَله حق شرب مَاء من نهر كَذَا أَو قناة كَذَا بِحَق قديم وَاجِب ويحدده ثمَّ يَقُول بِجَمِيعِ حُقُوق ذَلِك كُله إِلَى آخِره قسْمَة إِفْرَاز صَحِيحَة شَرْعِيَّة ممضاة مُعْتَبرَة مرضية أذن فِيهَا سيدنَا قَاضِي الْقُضَاة الْمشَار إِلَيْهِ وَحكم بجوازها ونفوذها وإمضائها حكما صَحِيحا شَرْعِيًّا بعد علمه باخْتلَاف الْعلمَاء فِي ذَلِك وَبعد أَن ثَبت عِنْده مَضْمُون كتاب الْوَقْف الْمَذْكُور حَسْبَمَا عين أَعْلَاهُ واتصل بِهِ وَأَن الْبُسْتَان الْمَذْكُور مُحْتَمل لقسمة التَّعْدِيل الثُّبُوت الشَّرْعِيّ ثمَّ طلب المتقاسمان الْمَذْكُورَان من الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ تقدم أمره الْكَرِيم بالمقاسمة على الْبُسْتَان الْمَذْكُور أَعْلَاهُ وإفرازه بَينهمَا فأجابهما إِلَى سؤالهما وَنصب أَمينا وَهُوَ فلَان لقسمة ذَلِك بَينهمَا فَوقف الْأمين الْمَذْكُور على الْبُسْتَان الْمَحْدُود أَعْلَاهُ وَجعله جانبين قبليا وشماليا وقسمه قسْمَة شَرْعِيَّة بِإِذن الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ فِي هَذِه الْقِسْمَة الْإِذْن الشَّرْعِيّ إجبارا لمن امْتنع مِنْهُمَا وَرَأى جَوَاز قسْمَة الْوَقْف بَين أربابه ولزومها فِي حق الْأَخَوَيْنِ الْمَذْكُورين وَحقّ من تَلقاهُ بعدهمَا من الْبُطُون فِي الْمَآل وَحكم بذلك وَأَجَازَهُ وأمضاه مَعَ علمه بِالْخِلَافِ فِي ذَلِك وَكَونه يرى أَن الْقِسْمَة إِفْرَاز وَلَيْسَت بِبيع ويختار ذَلِك من مذْهبه وَيرى الْعَمَل بِهِ فجرت هَذِه الْقِسْمَة على سداد واحتياط من غير غبن وَلَا حيف بتولي الْمَنْدُوب الْمشَار إِلَيْهِ لذَلِك بِمحضر من الْعُدُول أَرْبَاب الْخِبْرَة الواضعين خطوطهم آخِره بعد التَّعْدِيل الشَّرْعِيّ بَين الْجَانِبَيْنِ الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ بِالْقيمَةِ العادلة وَإِخْرَاج الْقرعَة الشَّرْعِيَّة الَّتِي تمت بهَا الْقِسْمَة فَأصَاب فلَان المقاسم الأول بِحِصَّتِهِ وَهِي كَذَا الْجَانِب القبلي وذرعه قبْلَة وَشمَالًا كَذَا وشرقا وغربا كَذَا وَأصَاب فلَان المقاسم الثَّانِي الْمُسَمّى أَعْلَاهُ بِحِصَّتِهِ وَهِي كَذَا الْجَانِب الشمالي وذرعه قبْلَة وَشمَالًا كَذَا وشرقا وغربا كَذَا ويفصل بَين الْجَانِبَيْنِ الْمَذْكُورين فاصل مَعْلُوم مَعْرُوف بَينهمَا الْمعرفَة الثَّابِتَة الشَّرْعِيَّة وَكَانَ مَا أصَاب كل وَاحِد مِنْهُمَا وَفَاء لحقه وإكمالا لنصيبه بعد الرُّؤْيَة النافية للْجَهَالَة وَالتَّسْلِيم الشَّرْعِيّ وَاعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره شرعا ويكمل على نَحْو مَا سبق صُورَة قسْمَة التَّرَاضِي هَذَا مَا اقتسم عَلَيْهِ فلَان وَفُلَان وكل وَاحِد مِنْهُمَا مقاسم عَن نَفسه اقْتَسمَا على بركَة الله تَعَالَى وعونه مَا ذكرا أَنه لَهما وبيدهما وملكهما وَتَحْت تصرفهما حَالَة الْقِسْمَة بَينهمَا بِالسَّوِيَّةِ نِصْفَيْنِ على حكم الإشاعة وَذَلِكَ جَمِيع الْقطعَة الأَرْض الْفُلَانِيَّة وتحدد بِجَمِيعِ حُقُوق ذَلِك كُله إِلَى آخِره قسْمَة صَحِيحَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 345 شَرْعِيَّة لَازِمَة صدرت بَينهمَا عَن ترَاض مِنْهُمَا وَاخْتِيَار من غير إِكْرَاه وَلَا إِجْبَار على أَنَّهُمَا جعلا الْقطعَة الأَرْض الْمَذْكُورَة جانبين جانبا شرقيا وجانبا غربيا ذرع الْجَانِب الشَّرْقِي الْمَذْكُور قبْلَة وَشمَالًا كَذَا وشرقا وغربا كَذَا وذرع الْجَانِب الغربي قبْلَة وَشمَالًا كَذَا وشرقا وغربا كَذَا وَصَارَ للمقاسم الأول جَمِيع الْجَانِب الشَّرْقِي الْمَذْكُور أَعْلَاهُ وَصَارَ للمقاسم الثَّانِي جَمِيع الْجَانِب الغربي الْمَذْكُور أَعْلَاهُ مصيرا تَاما بِحُقُوق ذَلِك كُله تعاقدا على هَذِه الْقِسْمَة بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُول الشَّرْعِيّ وتسلم كل وَاحِد مِنْهُمَا مَا صَار إِلَيْهِ تسلما شَرْعِيًّا وَبَان بِهِ وأحرزه وَلم يبْق يسْتَحق كل وَاحِد مِنْهُمَا على الآخر حَقًا وَلَا شِقْصا وَلَا شركَة وَلَا نَصِيبا وَلَا دَعْوَى وَلَا طلبا وَلَا محاكمة وَلَا مخاصمة وَلَا مُنَازعَة وَلَا علقَة وَلَا تبعة وَلَا شَيْئا قل وَلَا جلّ وَذَلِكَ بعد الْوُقُوف والرؤية النافية للْجَهَالَة وَاعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره شرعا وَأقر المتقاسمان الْمَذْكُورَان أَن هَذِه الْقِسْمَة جرت على نهج الْعدْل والسداد وَمُقْتَضى الشَّرْع الشريف باتفاقهما عَلَيْهَا وتراضيهما بهَا وَأَن لَا غلط فِيهَا وَلَا حيف وَلَا شطط وَلَا غبن وأشهدا عَلَيْهِمَا بذلك فِي تَارِيخ كَذَا وَكَذَلِكَ يَقُول فِي قسم الرَّقِيق إِمَّا بالتعديل والقرعة أَو بِالْقيمَةِ وَالرَّدّ عِنْد الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة خلافًا لأبي حنيفَة وَكَذَلِكَ قسْمَة الْحُبُوب والأدهان وَغَيرهَا مِمَّا تتساوى فِيهِ الْأَعْيَان وَالصِّفَات فَإِنَّهُ يقسم بالتعديل وَتَكون الْقِسْمَة فِيهِ قسْمَة إِفْرَاز بالِاتِّفَاقِ خلافًا لأحد قولي الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى وَالله أعلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 346 كتاب الشَّهَادَات وَمَا يتَعَلَّق بهَا من الْأَحْكَام الأَصْل فِي تعلق الحكم بِالشَّهَادَةِ الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع أما الْكتاب فَقَوله تَعَالَى {واستشهدوا شهيدين من رجالكم} إِلَى قَوْله {وَأشْهدُوا إِذا تبايعتم} إِلَى قَوْله {علمه الله فليكتب} فَمنع من كتمان الشَّهَادَة فَدلَّ على أَنه إِذا أدّى الشَّهَادَة تعلق الحكم بهَا وَقَوله تَعَالَى {وَالَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات ثمَّ لم يَأْتُوا بأَرْبعَة} وَقَوله {وَأشْهدُوا ذَوي عدل مِنْكُم} وغيرذلك من الْآيَات وَأما السّنة فَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للحضرمي أَلَك بَيِّنَة وروى ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن الشَّهَادَة فَقَالَ هَل ترى الشَّمْس فَقَالَ نعم قَالَ على مثلهَا فاشهد أَو دع وَغير ذَلِك من الْأَخْبَار وَأما الْإِجْمَاع فَإِنَّهُ لَا خلاف بَين الْأَئِمَّة فِي تعلق الحكم بِالشَّهَادَةِ وَتحمل الشَّهَادَة فرض وَحَاصِله أَنه إِذا دعِي رجل ليتحمل الشَّهَادَة على نِكَاح أَو دين وَجب عَلَيْهِ الْإِجَابَة لقَوْله تَعَالَى {وَلَا يأب الشُّهَدَاء إِذا مَا دعوا} وَقَوله تَعَالَى {وَلَا يضار كَاتب وَلَا شَهِيد} وَقد قرىء بِرَفْع يضار وبنصبه فَمن قَرَأَ بِالرَّفْع فَمَعْنَاه لَا يضر الْكَاتِب والشهيد بِمن يَدعُوهُ فَيمْتَنع من إجَابَته من غير عذر وَقيل لَا يكْتب الْكَاتِب مَا لم يسْتَكْتب وَلَا يشْهد الشَّاهِد مَا لم يشْهد عَلَيْهِ وَمن قَرَأَهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 347 بِالنّصب فَمَعْنَاه لَا يضر بالكاتب والشهيد بِأَن يدعوهما للكتابة وَالشَّهَادَة من غير حَاجَة إِلَى ذَلِك فيقطعهما عَن حوائجهما وَهِي فرض على الْكِفَايَة إِذا دعى إِلَى الشَّهَادَة جمَاعَة فَأجَاب شَاهِدَانِ سقط الْفَرْض عَن البَاقِينَ لِأَن الْقَصْد من الشَّهَادَة التَّوَثُّق وَذَلِكَ يحصل بِشَاهِدين فَإِن امْتنع جَمِيعهم من الْإِجَابَة أثموا فَإِن لم يكن فِي مَوضِع إِلَّا شَاهِدَانِ فدعيا إِلَى تحمل الشَّهَادَة تعيّنت عَلَيْهِمَا الْإِجَابَة فَإِن امتنعا أثما لِأَن الْمَقْصُود لَا يحصل إِلَّا بهما وَكَذَلِكَ أَدَاء الشَّهَادَة فرض وَهُوَ إِذا كَانَ مَعَ رجل شَهَادَة لآخر فَدَعَاهُ الْمَشْهُود إِلَى أَدَائِهَا عِنْد الْحَاكِم وَجب عَلَيْهِ أَدَاؤُهَا عِنْد الْحَاكِم لقَوْله تَعَالَى {وَلَا تكتموا الشَّهَادَة وَمن يكتمها فَإِنَّهُ آثم قلبه} فَنهى عَن كتمان الشَّهَادَة وتوعد على كتمها فَدلَّ على أَنه يجب إظهارها وَقَوله تَعَالَى {وَلَا يأب الشُّهَدَاء إِذا مَا دعوا} وَهَذَا يعم حَال التَّحَمُّل وَحَال الْأَدَاء فَإِن امْتنع جَمِيع الشُّهُود من الْأَدَاء أثموا وَقد يتَعَيَّن الْأَدَاء على شَاهِدين فَإِن لم يشْهد على الْحق إِلَّا اثْنَان أَو شهد جمَاعَة لكِنهمْ غَابُوا أَو مَاتُوا أَو كَانُوا فساقا إِلَّا اثْنَيْنِ فَإِنَّهُ يتَعَيَّن عَلَيْهِمَا الْأَدَاء إِذا دعيا إِلَيْهِ لِأَن الْمَقْصُود لَا يحصل إِلَّا بهما وَمن تعين عَلَيْهِ فرض تحمل الشَّهَادَة أَو أَدَائِهَا لم يجز لَهُ أَن يَأْخُذ على ذَلِك أُجْرَة لِأَنَّهُ فرض توجه عَلَيْهِ فَلَا يجوز لَهُ أَن يَأْخُذ عَلَيْهِ أُجْرَة كَالصَّلَاةِ وَإِن لم يتَعَيَّن عَلَيْهِ فَهَل يجوز لَهُ أَن يَأْخُذ عَلَيْهِ أُجْرَة فِيهِ وَجْهَان أَحدهمَا يجوز لِأَنَّهَا وَثِيقَة بِالْحَقِّ لم تتَعَيَّن عَلَيْهِ فَجَاز لَهُ أَخذ الْأُجْرَة عَلَيْهِ ككتب الْوَثِيقَة وَالثَّانِي لَا يجوز لَهُ ذَلِك لِأَن التُّهْمَة تلْحقهُ بِأخذ الْعِوَض وَلَا تقبل الشَّهَادَة إِلَّا من عدل لقَوْله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن جَاءَكُم فَاسق بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} فَدلَّ على أَنه إِذا جَاءَ من لَيْسَ بفاسق لَا يتَبَيَّن وَلقَوْله تَعَالَى {وَأشْهدُوا ذَوي عدل مِنْكُم} فَدلَّ على أَن شَهَادَة من لَيْسَ بِعدْل لَا تقبل وَالْعدْل فِي اللُّغَة هُوَ الَّذِي اسْتَوَت أَحْوَاله واعتدلت يُقَال فلَان عديل فلَان إِذا كَانَ مُسَاوِيا لَهُ وَسمي الْعدْل عدلا لِأَنَّهُ يُسَاوِي مثله على الْبَهِيمَة وَأما الْعدْل فِي الشَّرْع فَهُوَ الْعدْل فِي أَحْكَامه وَدينه ومروءته فالعدل فِي الْأَحْكَام أَن يكون بَالغا عَاقِلا حرا وَالْعدْل فِي الدّين أَن يكون مُسلما الجزء: 2 ¦ الصفحة: 348 مجتنبا للكبائر غير مصر على الصَّغَائِر وَالْعدْل فِي الْمُرُوءَة أَن يجْتَنب الْأُمُور الدنية الَّتِي تسْقط الْمُرُوءَة وَحَاصِله أَنه لَا تقبل شَهَادَة صَاحب كَبِيرَة وَلَا مصر على صَغِيرَة لِأَن المتصف بذلك فَاسق وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّه فَاسق لِأَن الْفسق لُغَة الْخُرُوج لهَذَا يُقَال فسقت الرّطبَة إِذا خرجت من قشرها وَالْفِسْق فِي الشَّرْع الْميل عَن الطَّرِيقَة وحد الْكَبِيرَة ارْتِكَاب مَا يُوجب الْحَد ذكره الْبَغَوِيّ وَقيل مَا يلْحق صَاحبهَا وَعِيد شَدِيد بِنَصّ كتاب أَو سنة قَالَه الرَّافِعِيّ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيّ الْكَبِيرَة مَا أوجبت الْحَد أَو توجه بِسَبَبِهَا إِلَى الْفَاعِل وَعِيد وَالصَّغِيرَة مَا قل فِيهَا الْإِثْم وَمن شُرُوط الْعَدَالَة أَن يكون الْعدْل سليم السريرة مَأْمُونا عِنْد الْغَضَب محافظا على مُرُوءَة مثله فَلَا تقبل شَهَادَة القمام وَهُوَ الَّذِي يجمع القمامة أَي الكناسة ويحملها وَكَذَا الْقيم فِي الحمامات وَمن يلْعَب بالحمام أَي يطيرها لينْظر تقلبها فِي الجو وَكَذَا الْمُغنِي سَوَاء أَتَاهُم أَو أَتَوْهُ وَكَذَا الرقاص كالصوفية الَّذين يسعون إِلَى ولائم الظلمَة والمكاسين ويظهرون التواجد عِنْد رقصهم وتحريك رؤوسهم وتلويح لحاهم الخسيسة كصنع المجانين وَإِذا قرىء الْقُرْآن لَا ينصتون وَإِذا تغنى مزمار الشَّيْطَان صَاح بَعضهم بِبَعْض أَو شاش وأزبد وأرغى وتواجد قَاتلهم الله تَعَالَى مَا أفسقهم وأزهدهم فِي كتاب الله وَمَا أرغبهم فِي مَزَامِير الشَّيْطَان وَمَا أسبقهم إِلَى التفاخر فِي الْبدع وَمَا أشبههم بالشياطين وَكَذَا لَا تقبل شَهَادَة من يَأْكُل فِي الْأَسْوَاق وَمثله لَا يعتاده بِخِلَاف من يَأْكُل قَلِيلا على بَاب دكانه مِمَّن عَادَتهم الْغَدَاء فِي الْأَسْوَاق كالصباغين والسماسرة وَغَيرهم مِمَّن هُوَ فِي مَعْنَاهُ وَكَذَا لَا تقبل شَهَادَة من يمد رجله عِنْد النَّاس بِغَيْر مرض وَلَا من يلْعَب بالشطرنج على قَارِعَة الطَّرِيق وَلَا من يكْشف من بدنه مَا لَا يعْتَاد وَإِن لم يكن عَورَة وَلَا من يكثر من الحكايات المضحكة أَو يذكر أَهله أَو زَوجته بالسخف ومدار ذَلِك كُله على حفظ الْمُرُوءَة لِأَن حفظهَا من الْحيَاء ووفور الْعقل وحد الْمُرُوءَة أَن يصون نَفسه عَن الأدناس وَمَا يشينها بَين النَّاس وَقيل أَن يسير سير أشكاله فِي زَمَانه ومكانه وَالتَّوْبَة فِيمَا بَين العَبْد وَبَين الله تَعَالَى وَهِي تسْقط الْإِثْم وَيشْتَرط فِيهَا إقلاع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 349 وَنَدم وعزم أَن لَا يعود وتبرئة ذمَّته من حق مَالِي إِن تعلّقت بِهِ كمنع زَكَاته أَو غصب يردهُ أَو بدله إِن تلف وَأما التَّوْبَة فِي الظَّاهِر الَّتِي تعود بهَا الشَّهَادَة وَالْولَايَة فالمعاصي إِن كَانَت قولية شَرط فِيهَا القَوْل فَيَقُول فِي الْقَذْف قذفي بَاطِل وَلَا أَعُود إِلَيْهِ أَو مَا كنت محقا فِي قذفي الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب اتّفق الْأَئِمَّة رَحِمهم الله تَعَالَى على أَن الشَّهَادَة شَرط فِي النِّكَاح وَأما سَائِر الْعُقُود كَالْبيع فَلَا يشْتَرط الشَّهَادَة فِيهَا وَاتَّفَقُوا على أَن القَاضِي لَيْسَ لَهُ أَن يلقن الشُّهُود بل يسمع مَا يَقُولُونَ وَاخْتلفُوا هَل يثبت النِّكَاح بِشَهَادَة رجل وَامْرَأَتَيْنِ قَالَ أَبُو حنيفَة يثبت عِنْد التداعي وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لَا يثبت وَعند أَحْمد رِوَايَتَانِ أظهرهمَا أَنه لَا يثبت وَاخْتلفُوا هَل يثبت بِشَهَادَة عَبْدَيْنِ فَعِنْدَ أبي حنيفَة وَأحمد يثبت وَينْعَقد النِّكَاح بِشَهَادَة أعميين وَاخْتلف أَصْحَاب الشَّافِعِي فِي ذَلِك وَالْمُخْتَار أَن الْإِشْهَاد فِي البيع مُسْتَحبّ وَلَيْسَ بِوَاجِب وَحكي عَن دَاوُد أَن الشَّهَادَة تعْتَبر فِي البيع فصل وَالنِّسَاء لَا يقبلن فِي الْحُدُود وَالْقصاص ويقبلن مُفْرَدَات فِيمَا لَا يطلع عَلَيْهِ الرِّجَال كالولادة وَالرّضَاع وَمَا يخفى على الرِّجَال غَالِبا وَاخْتلفُوا هَل تقبل شَهَادَتهنَّ فِيمَا الْغَالِب فِي مثله أَن يطلع عَلَيْهِ الرِّجَال كَالطَّلَاقِ وَالْعِتْق وَنَحْو ذَلِك فَقَالَ أَبُو حنيفَة تقبل شَهَادَتهنَّ فِي ذَلِك كُله سَوَاء انفردن فِي ذَلِك أَو كن مَعَ الرِّجَال وَقَالَ مَالك لَا يقبلن فِي غير المَال وَمَا يتَعَلَّق بِهِ من الْعُيُوب الَّتِي بِالنسَاء والمواضع الَّتِي لَا يطلع عَلَيْهَا غَيْرهنَّ وَهَذَا مَذْهَب الشَّافِعِي وَأحمد وَاخْتلفُوا فِي الْعدَد الْمُعْتَبر مِنْهُنَّ فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد فِي أشهر روايتيه تقبل شَهَادَة امْرَأَة وَاحِدَة وَقَالَ مَالك وَأحمد فِي رِوَايَة أُخْرَى لَا يقبل فِيهَا أقل من امْرَأتَيْنِ وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يقبل إِلَّا شَهَادَة أَربع نسْوَة وَاخْتلفُوا فِيمَا يثبت استهلال الطِّفْل فَقَالَ أَبُو حنيفَة بِشَهَادَة رجلَيْنِ أَو رجل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 350 وَامْرَأَتَيْنِ لِأَنَّهُ ثُبُوت أرش فَأَما فِي حق الصَّلَاة عَلَيْهِ وَالْغسْل فَيقبل فِيهِ شَهَادَة امْرَأَة وَاحِدَة وَقَالَ مَالك يقبل فِيهِ امْرَأَتَانِ وَقَالَ الشَّافِعِي يقبل فِيهِ شَهَادَة النِّسَاء منفردات إِلَّا أَنه على أَصله فِي اشْتِرَاط الْأَرْبَع وَقَالَ أَحْمد يقبل فِي الاستهلال شَهَادَة امْرَأَة وَاحِدَة وَاخْتلفُوا فِي الرَّضَاع فَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يقبل فِيهِ إِلَّا شَهَادَة رجلَيْنِ أَو رجل وَامْرَأَتَيْنِ وَلَا يقبلن فِيهِ عِنْده منفردات وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ يقبلن فِيهِ منفردات إِلَّا أَن مَالِكًا فِي الْمَشْهُور عَنهُ يشْتَرط شَهَادَة امْرَأتَيْنِ وَالشَّافِعِيّ يشْتَرط شَهَادَة أَربع وَعَن مَالك رِوَايَة تقبل وَاحِدَة إِذا فَشَا ذَلِك فِي الْجِيرَان وَقَالَ أَحْمد يقبلن فِيهِ منفردات وتجزىء مِنْهُنَّ امْرَأَة وَاحِدَة فِي الْمَشْهُور عَنهُ فصل وَلَا تقبل شَهَادَة الصّبيان عِنْد أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَقَالَ مَالك تقبل فِي الْجراح إِذا كَانُوا قد اجْتَمعُوا لأمر مُبَاح قبل أَن يتفرقوا وَهِي رِوَايَة عَن أَحْمد وَعَن أَحْمد رِوَايَة ثَالِثَة أَن شَهَادَة الصَّبِي تقبل فِي كل شَيْء فصل الْمَحْدُود فِي الْقَذْف هَل تقبل شَهَادَته أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة لَا تقبل شَهَادَته وَإِن تَابَ إِذا كَانَت تَوْبَته بعد الْحَد وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد تقبل شَهَادَته إِذا تَابَ سَوَاء كَانَت تَوْبَته قبل الْحَد أَو بعده إِلَّا أَن مَالِكًا اشْترط مَعَ التَّوْبَة أَن لَا تقبل شَهَادَته فِي مثل الْحَد الَّذِي أقيم عَلَيْهِ وَهل من شَرط تَوْبَته إصْلَاح الْعَمَل والكف عَن الْمعْصِيَة سنة أم لَا قَالَ مَالك يشْتَرط ظُهُور أَفعَال عمله والتقرب بالطاعات من غير حد سنة وَلَا غَيرهَا وَقَالَ أَحْمد مُجَرّد التَّوْبَة كَاف وَاخْتلفُوا فِي صفة تَوْبَته فَقَالَ الشَّافِعِي هِيَ أَن يَقُول الْقَذْف بَاطِل محرم وَلَا أَعُود إِلَى مَا قلت وَقَالَ مَالك وَأحمد هِيَ أَن يكذب نَفسه وَتقبل شَهَادَة ولد الزِّنَا بِالزِّنَا وَغَيره عِنْد الثَّلَاثَة وَقَالَ مَالك لَا تقبل شَهَادَة ولد الزِّنَا فِي الزِّنَا فصل واللعب بالشطرنج مَكْرُوه بالِاتِّفَاقِ وَهل يحرم أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة هُوَ محرم فَإِن أَكثر مِنْهُ ردَّتْ شَهَادَته وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يحرم إِذا لم يكن على عوض وَلم يشغل عَن فرض الصَّلَاة وَلم يتَكَلَّم عَلَيْهِ بسخف والنبيذ الْمُخْتَلف فِيهِ فشربه لَا ترد بِهِ الشَّهَادَة مَا لم يسكر عِنْد الشَّافِعِي وَإِن كَانَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 351 يحد وَقَالَ أَبُو حنيفَة النَّبِيذ مُبَاح لَا ترد بِهِ الشَّهَادَة وَقَالَ مَالك هُوَ محرم يفسق بشربه وَترد بِهِ الشَّهَادَة وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ كمذهب أبي حنيفَة وَمَالك فصل شَهَادَة الْأَعْمَى هَل تقبل أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة لَا تقبل شَهَادَته أصلا وَقَالَ مَالك وَأحمد تقبل فِيمَا طَرِيقه السماع كالنسب وَالْمَوْت وَالْملك الْمُطلق وَالْوَقْف وَالْعِتْق وَسَائِر الْعُقُود كَالنِّكَاحِ وَالْبيع وَالصُّلْح وَالْإِجَارَة وَالْإِقْرَار وَنَحْو ذَلِك سَوَاء تحملهَا أعمى أَو بَصيرًا ثمَّ أعمى وَقَالَ الشَّافِعِي تقبل فِي ثَلَاثَة أَشْيَاء مَا طَرِيقه الاستفاضة والترجمة وَالْمَوْت وَلَا تقبل شَهَادَته فِي الضَّبْط حَتَّى يتَعَلَّق بِإِنْسَان فَيسمع إِقْرَاره ثمَّ لَا يتْركهُ من يَده حَتَّى يُؤَدِّي الشَّهَادَة عَلَيْهِ وَلَا تقبل فِيمَا عدا ذَلِك فصل وَشَهَادَة الْأَخْرَس لَا تقبل عِنْد أبي حنيفَة وَأحمد وَإِن فهمت إِشَارَته وَقَالَ مَالك تقبل إِذا كَانَت لَهُ إِشَارَة تفهم وَاخْتلف أَصْحَاب الشَّافِعِي فَمنهمْ من قَالَ لَا تقبل وَهُوَ الصَّحِيح وَمِنْهُم من قَالَ تقبل إِذا كَانَت لَهُ إِشَارَة تفهم فصل وَشَهَادَة العبيد غير مَقْبُولَة على الْإِطْلَاق عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَالْمَشْهُور من مَذْهَب أَحْمد أَنَّهَا تقبل فِيمَا عدا الْحُدُود وَالْقصاص وَلَو تحمل العَبْد شَهَادَة حَال رقّه ثمَّ أَدَّاهَا بعد عتقه فَهَل تقبل أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ تقبل وَقَالَ مَالك إِن شهد بِهِ فِي حَال رقّه فَردَّتْ شَهَادَته لم تقبل شَهَادَته بِهِ بعد عتقه وَكَذَلِكَ اخْتلَافهمْ فِيمَا تحمله الْكَافِر قبل إِسْلَامه وَالصَّبِيّ قبل بُلُوغه فَإِن الحكم فِيهِ عِنْد كل مِنْهُم على مَا ذَكرْنَاهُ فِي مَسْأَلَة العَبْد فصل وَتجوز الشَّهَادَة بالاستفاضة عِنْد أبي حنيفَة فِي خَمْسَة أَشْيَاء فِي النِّكَاح وَالدُّخُول وَالنّسب وَالْمَوْت وَولَايَة الْقَضَاء وَالصَّحِيح من مَذْهَب الشَّافِعِي جَوَاز ذَلِك فِي ثَمَانِيَة أَشْيَاء فِي النِّكَاح وَالنّسب وَالْمَوْت وَولَايَة الْقَضَاء وَالْعِتْق وَالْملك وَالْوَقْف وَالْوَلَاء وَقَالَ أَحْمد بِالْجَوَازِ فِي تِسْعَة وَهِي الثَّمَانِية الْمَذْكُورَة عِنْد الشَّافِعِيَّة والتاسعة الدُّخُول وَهل تجوز الشَّهَادَة بالأملاك من جِهَة الْبُنيان يرَاهُ فِي يَده يتَصَرَّف فِيهِ مُدَّة طَوِيلَة فمذهب الشَّافِعِي أَنه يجوز أَن يشْهد لَهُ بِالْيَدِ وَهل يجوز أَن يشْهد لَهُ بِالْملكِ وَجْهَان أَحدهمَا عَن أبي سعيد الأصطخري أَنه يجوز الشَّهَادَة فِيهِ بالاستفاضة ويروى ذَلِك عَن أَحْمد وَالثَّانِي عَن أبي إِسْحَاق الْمروزِي أَنه لَا يجوز وَقَالَ أَبُو حنيفَة تجوز الشَّهَادَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 352 فِي الْملك بالاستفاضة وَتجوز من جِهَة ثُبُوت الْيَد ويروى ذَلِك عَن أَحْمد وَقَالَ مَالك تجوز الشَّهَادَة بِالْيَدِ خَاصَّة فِي الْمدَّة الْيَسِيرَة دون الْملك فَإِن كَانَت الْمدَّة طَوِيلَة كعشر سِنِين فَمَا فَوْقهَا قطع لَهُ بِالْملكِ إِذا كَانَ الْمُدَّعِي حَاضرا حَال تصرفه فِيهَا وحوزه إِلَّا أَن يكون قرَابَته أَو يخَاف من سُلْطَان إِن عَارضه فصل هَل تقبل شَهَادَة أهل الذِّمَّة بَعضهم على بعض أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة تقبل وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ لَا تقبل وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ كالمذهبين وَهل تقبل شَهَادَتهم على الْمُسلمين فِي الْوَصِيَّة وَفِي السّفر خَاصَّة إِذا لم يُوجد غَيرهم أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ لَا تقبل وَقَالَ أَحْمد تقبل ويحلفان بِاللَّه مَعَ شَهَادَتهمَا أَنَّهُمَا مَا حافا وَلَا بَدَلا وَلَا كتما وَلَا غيرا وَأَنَّهَا لوَصِيَّة الرجل وَاتَّفَقُوا على أَنه لَا يَصح الحكم بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِين فِيمَا عدا الْأَمْوَال وحقوقها ثمَّ اخْتلفُوا فِي الْأَمْوَال وحقوقها هَل يَصح الحكم فِيهَا بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِين أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ لَا يحكم بِهِ وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا كَقَوْل الْجَمَاعَة وَالْأُخْرَى يحلف الْمُعْتق مَعَ شَاهده وَيحكم لَهُ بذلك وَهل يحكم فِي الْأَمْوَال وحقوقها بِشَهَادَة امْرَأتَيْنِ مَعَ الْيَمين أم لَا قَالَ مَالك يحكم بذلك وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد لَا يحكم وَإِذا حكم الْحَاكِم بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِين ثمَّ رَجَعَ الشَّاهِد قَالَ الشَّافِعِي يغرم الشَّاهِد نصف المَال وَقَالَ مَالك وَأحمد يغرم الشَّاهِد المَال كُله فصل وَهل تقبل شَهَادَة الْعَدو على عدوه أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة تقبل إِذا لم تكن الْعَدَاوَة بَينهمَا تخرج إِلَى الْفسق وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد لَا تقبل على الْإِطْلَاق وَهل تقبل شَهَادَة الْوَالِد لوَلَده وَالْولد لوالده أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد لَا تقبل شَهَادَة الْوَالِدين من الطَّرفَيْنِ للولدين وَلَا شَهَادَة الْوَلَدَيْنِ للْوَالِدين الذُّكُور وَالْإِنَاث بعدوا أَو قربوا وَعَن أَحْمد ثَلَاث رِوَايَات إِحْدَاهَا كمذهب الْجَمَاعَة وَالثَّانيَِة تقبل شَهَادَة الابْن لِأَبِيهِ وَلَا تقبل شَهَادَة الْأَب لِابْنِهِ وَالثَّالِثَة تقبل شَهَادَة كل وَاحِد مِنْهُمَا لصَاحبه مَا لم تجر إِلَيْهِ نفعا فِي الْغَالِب وَأما شَهَادَة كل وَاحِد مِنْهُمَا على صَاحبه فمقبولة عِنْد الْجَمِيع إِلَّا مَا يرْوى عَن الشَّافِعِي أَنه قَالَ لَا تقبل شَهَادَة الْوَلَد على وَالِده فِي الْقصاص وَالْحُدُود لاتهامه فِي الْمِيرَاث فصل وَهل تقبل شَهَادَة الْأَخ لِأَخِيهِ وَالصديق لصديقه قَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 353 وَأحمد تقبل وَقَالَ مَالك لَا تقبل وَهل تقبل شَهَادَة أحد الزَّوْجَيْنِ للْآخر قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد لَا تقبل وَقَالَ الشَّافِعِي تقبل فصل أهل الْأَهْوَاء والبدع هَل تقبل شَهَادَتهم أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ تقبل شَهَادَتهم إِذا كَانُوا متجنبين الْكَذِب إِلَّا الخطابية من الرافضة فَإِنَّهُم يصدقون من حلف عِنْدهم أَن لَهُ على فلَان كَذَا فَيَشْهَدُونَ لَهُ بذلك وَقَالَ مَالك وَأحمد لَا تقبل شَهَادَتهم على الْإِطْلَاق وَهل تقبل شَهَادَة بدوي على قروي إِذا كَانَ البدوي عدلا أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ تقبل فِي كل شَيْء وَقَالَ أَحْمد لَا تقبل مُطلقًا وَقَالَ مَالك تقبل فِي الْجراح وَالْقَتْل خَاصَّة وَلَا تقبل فِيمَا عدا ذَلِك من الْحُقُوق الَّتِي يُمكن إِشْهَاد الْحَاضِر فِيهَا إِلَّا أَن يكون تحملهَا فِي الْبَادِيَة وَمن تعيّنت عَلَيْهِ شَهَادَة لم يجز لَهُ أَخذ الْأُجْرَة عَلَيْهَا وَمن لم تتَعَيَّن عَلَيْهِ جَازَ لَهُ أَخذ الْأُجْرَة إِلَّا على وَجه من مَذْهَب الشَّافِعِي فصل فِي الشَّهَادَة على الشَّهَادَة قَالَ مَالك فِي الْمَشْهُور عَنهُ هِيَ جَائِزَة فِي كل شَيْء من حُقُوق الله تَعَالَى وَحُقُوق الْآدَمِيّين سَوَاء كَانَت فِي مَال أَو حد أَو قصاص وَقَالَ أَبُو حنيفَة تقبل فِي حُقُوق الْآدَمِيّين سوى الْقصاص وَلَا تقبل فِي حق الله عز وَجل كالحدود وَقَالَ الشَّافِعِي تقبل فِي حُقُوق الْآدَمِيّين قولا وَاحِدًا وَهل تقبل فِي حُقُوق الله تَعَالَى كَحَد الزِّنَا وَالسَّرِقَة وَالشرب فِيهِ قَولَانِ أظهرهمَا الْقبُول وَاتَّفَقُوا على أَنه لَا تجوز شَهَادَة الْفَرْع مَعَ وجود شَاهد الأَصْل إِلَّا لعذر من مرض أَو غيبَة تقصر فِي مثل مسافتها الصَّلَاة إِلَّا مَا يحْكى فِي رِوَايَة عَن أَحْمد أَنه لَا تقبل شَهَادَة الْفَرْع إِلَّا بعد شُهُود الأَصْل وَهل يجوز أَن يكون فِي شُهُود الْفَرْع نسَاء أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة يجوز وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد لَا يجوز وَاخْتلفُوا فِي عدد شُهُود الْفَرْع فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد تجزىء شَهَادَة اثْنَيْنِ على كل وَاحِد مِنْهُمَا على شَاهد من شَاهِدي الأَصْل وَللشَّافِعِيّ قَولَانِ أَحدهمَا كَقَوْل الْجَمَاعَة وَهُوَ الْأَصَح وَالثَّانِي يحْتَاج أَن يكون أَرْبَعَة فَيكون على كل شَاهد من شُهُود الأَصْل شَاهِدَانِ وشهود الْفَرْع إِذا زكيا شُهُود الأَصْل أَو عدلاهما وأثنيا عَلَيْهِمَا وَلم يذكرَا اسميهما الجزء: 2 ¦ الصفحة: 354 ونسبهما للْقَاضِي فَهَل تقبل شَهَادَتهمَا على شَهَادَتهمَا قَالَ الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة وكافة الْفُقَهَاء لَا تقبل شَهَادَتهمَا وَحكى عَن ابْن جرير الطَّبَرِيّ أَنه أجَاز ذَلِك مثل أَن يَقُول نشْهد أَن رجلا عدلا أشهدنا على شَهَادَته أَن فلَان ابْن فلَان أقرّ لفُلَان ابْن فلَان بِأَلف دِرْهَم فصل إِذا شهد شَاهِدَانِ بِمَال ثمَّ رجعا بعد الحكم بِهِ قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ فِي الْقَدِيم وَأحمد عَلَيْهِمَا الْغرم وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الْجَدِيد لَا شَيْء عَلَيْهِمَا وَاتَّفَقُوا على أَنه لَا ينْقض الحكم الَّذِي حكم بِشَهَادَتِهِمَا فِيهِ وأنهما إِذا رجعا قبل الحكم لم يحكم بِشَهَادَتِهِمَا وَإِذا حكم حَاكم بِشَهَادَة فاسقين ثمَّ علم بعد الحكم حَالهمَا قَالَ أَبُو حنيفَة لَا ينْقض حكمه وَقَالَ مَالك وَأحمد ينْقض حكمه وَللشَّافِعِيّ قَولَانِ أَحدهمَا ينْقضه وَالثَّانِي لَا ينْقضه وَاخْتلفُوا فِي عُقُوبَة شَاهد الزُّور فَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا تَعْزِير عَلَيْهِ بل يُوقف فِي قومه وَيُقَال لَهُم إِنَّه شَاهد زور وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد يُعَزّر وَيُوقف فِي قومه ويعرفون أَنه شَاهد زور وَزَاد مَالك فَقَالَ ويشهر فِي الْجَوَامِع والأسواق ومجامع النَّاس انْتهى المصطلح وَهُوَ نَوْعَانِ أَحدهمَا بَيَان معرفَة حفظ الرَّسْم وَمَا يحْتَاج إِلَيْهِ الْعدْل من معرفَة رسم شَهَادَته فِي الوقائع على اخْتِلَاف أَنْوَاعهَا من الأقارير والمبايعات والتمليكات والإجارات والأصدقة والأوقاف والوصايا وَغير ذَلِك مِمَّا هُوَ وَاقع بَين النَّاس وَبَيَان معرفَة مَا يحْتَاج إِلَيْهِ موقع الحكم من معرفَة اصْطِلَاح الْإِشْهَاد والإسجال والسجل والمحاضر والمناقلات وفروض النَّفَقَات والبعديات وصور الدَّعَاوَى والمجالس والتنافيذ وتنافيذ التنافيذ وَغير ذَلِك مِمَّا يضع بِهِ موقع الحكم خطه الثَّانِي فِي بَيَان مَا تقوم بِهِ الْبَيِّنَة عِنْد القَاضِي وَمَا يجْرِي تَحت تحمل شَهَادَة 362 الشَّاهِد على اخْتِلَاف الْحَالَات والوقائع وَذَلِكَ مَحْصُور فِي قسمَيْنِ الْقسم الأول مَا تقوم بِهِ الْبَيِّنَة قبل الدَّعْوَى بِإِذن الْحَاكِم وَذَلِكَ لَا يكون إِلَّا فِي صفة المحاضر وَهَذَا الْقسم هُوَ الْمَقْصُود المحصور فِي هَذَا الْبَاب وَالْقسم الثَّانِي مَا تقوم بِهِ الْبَيِّنَة عِنْد الْحَاكِم بعد الدَّعْوَى وَمَا يَتَرَتَّب عَلَيْهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 355 وَتسَمى صور الْمجَالِس وصور الدَّعَاوَى وَهَذَا الْقسم يَأْتِي ذكره فِي كتاب الدَّعْوَى والبينات إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَهَذَانِ النوعان من أهم الْأُمُور الَّتِي تتَعَلَّق بِهَذَا التَّأْلِيف وَعَلَيْهَا مدَار أَحْكَامه وإليهما يرجع فِي حل كل أَمر وعقده وعَلى مَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِمَا يكون الْعَمَل فِي حالتي النَّقْض والإبرام النَّوْع الأول فِي بَيَان معرفَة حفظ الرَّسْم وَمَا يحْتَاج إِلَيْهِ الْعدْل عِنْد رسم شَهَادَته فِي الوقائع على اخْتِلَاف أَنْوَاعهَا كَمَا تقدم اعْلَم أَن كَيْفيَّة رسم الشَّهَادَة بعد التَّارِيخ فِيمَا يكْتب عِنْد شُهُود المراكز على رَأْي الشاميين وَعند شُهُود الحوانيت على رَأْي المصريين فِي الْإِقْرَار بِالدّينِ إِذا كَانَ الْمقر وَالْمقر لَهُ حاضرين أشهد على الْمقر وَالْمقر لَهُ الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ بِمَا نسب إِلَيْهِمَا أَعْلَاهُ فِي تَارِيخه كتبه فلَان وَإِن كَانَ الْمقر رجلا كَبِير الْقدر مثل أَن يكون قَاضِيا أَو قَرِيبا مِنْهُ فَلَا يكْتب فِي رسم الشَّهَادَة أشهد على الْمقر بل يكْتب أشهدني سيدنَا فلَان الدّين الْمشَار إِلَيْهِ على نَفسه الْكَرِيمَة بِمَا نسب إِلَيْهِ أَعْلَاهُ فَشَهِدت عَلَيْهِ بذلك وَشهِدت على الْمقر الْمَذْكُور أَعْلَاهُ بذلك فِي تَارِيخه وَكتبه فلَان وَإِن خشِي الشَّاهِد من إِدْخَال تَغْيِير فِي التَّارِيخ أَو خَافَ فِيهِ من إِلْحَاق زِيَادَة أَو نقص كتب فِي رسم شَهَادَته بعد قَوْله فَشَهِدت عَلَيْهِ بذلك فِي تَارِيخ كَذَا وَكَذَا وَلَا يكْتب فِي تَارِيخه فَيسلم بذلك من تَغْيِيره فِي الأَصْل لِأَن بَاب الشَّهَادَة مَوْضُوعه الِاحْتِرَاز وَالِاحْتِيَاط وَهَذَا مِنْهُ وَإِن كَانَ الْمقر لَهُ أَيْضا بِهَذِهِ الصّفة من علو الْمِقْدَار نظر إِلَى أَيهمَا أكبر قدرا من صَاحبه وأعلا مرتبَة فَيقدم اسْمه فِي الْكِتَابَة بِصِيغَة أشهدني ويجمعهما فِي الذّكر فَيَقُول أشهدني كل وَاحِد من سيدنَا القَاضِي فلَان الدّين وَيقدم ذكر الْأَكْبَر مِنْهُمَا أيده الله تَعَالَى على أَنفسهمَا الْكَرِيمَة بِجَمِيعِ مَا نسب إِلَيْهِمَا أَعْلَاهُ فَشَهِدت عَلَيْهِمَا بذلك فِي تَارِيخ كَذَا أَو فِي تَارِيخه كتبه فلَان وَاعْلَم أَن الْمنزلَة الْعَالِيَة فِي مَوَاضِع الشَّهَادَة من جِهَة الْيَسَار وَبعدهَا جِهَة الْيَمين وَمَا بَينهمَا رُتْبَة وَاحِدَة وَالْأَدب أَن يكْتب المورق رسم شَهَادَته فِي الْوسط تواضعا وَإِن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 356 كَانَ أكبر من بَقِيَّة الْعُدُول الَّذين يشْهدُونَ مَعَه فِي ذَلِك الْمَكْتُوب فَإِن التَّوَاضُع يرفع صَاحبه والحمق يَضَعهُ وَالْأولَى أَن جَمِيع شُهُود الْمَكْتُوب أَي مَكْتُوب كَانَ أَن يضع رسم شَهَادَته مثل الَّذِي ورق الْمَكْتُوب بِحُرُوفِهِ فَإِنَّهُم تبعا لَهُ وَيشْتَرط أَن تكون أسطر رسم الشَّهَادَة ملاصقة لأسطر الْمَكْتُوب من غير خلو بَيَاض بَينهمَا يسع كِتَابَة شَيْء وَاعْلَم أَن كِتَابَة الشَّاهِد فِي رسم شَهَادَته مَا قدمنَا ذكره من ذكر الْمقر وَالْمقر لَهُ إِلَى آخِره أقوى وَأبين وَأبْعد للشُّبْهَة بِخِلَاف مَا يَكْتُبهُ بعض الشُّهُود بِقصد الِاخْتِيَار وَهُوَ شهد عَلَيْهِمَا بذلك أَو شهد بذلك وَمِنْهُم من يكْتب شطبه ثمَّ يكْتب اسْمه تحتهَا فَيخرج عَن مَاهِيَّة الشَّهَادَة ورسمها حسا وَمعنى وَذَلِكَ مِمَّا لَا يجوز اعْتِمَاده بل يَنْبَغِي للعدل الْجَالِس بَين الْعُدُول أَن يضع رسم شَهَادَته واسْمه وضعا بَينا وَاضحا يعرف بِهِ من بَين بَقِيَّة رسوم الشَّهَادَات ويتميز بذلك الْوَضع بِحَيْثُ إِنَّه إِذا زورت شَهَادَته فِي مَكْتُوب تكون تِلْكَ الْعَلامَة الَّتِي فِي الرَّسْم مُعينَة على معرفَة التزوير وَلَا يكْتب فِي وَقت باصطلاح وَفِي وَقت بِغَيْرِهِ فَيدْخل عَلَيْهِ الدخيل وَصُورَة مَا يكْتب فِي حجَّة بدين وفيهَا كَفِيل مثل رسم الشَّهَادَة الَّتِي قبلهَا وعَلى الْحَاضِر الْكَفِيل أَو الْحَاضِرين إِن كَانُوا جمَاعَة كفلاء بِمَا نسب إِلَيْهِم فِي تَارِيخ كَذَا أَو فِي تَارِيخه وَصُورَة مَا يكْتب فِي حجَّة بدين وَبِه رهن أشهد على الْمقر الرَّاهِن الْمَذْكُور أَعْلَاهُ وَالْمقر لَهُ الْمُرْتَهن الْمُسَمّى أَعْلَاهُ بِمَا نسب إِلَيْهِمَا أَعْلَاهُ فِي تَارِيخ كَذَا أَو فِي تَارِيخه وَصُورَة مَا يكْتب فِي إِقْرَار بِقَبض دين أَو غَيره أشهد على إِقْرَار الْمقر الْقَابِض وعَلى الدَّافِع الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ بِمَا نسب إِلَيْهِمَا أَعْلَاهُ فِي تَارِيخه وَاعْلَم أَن بعض الْفُضَلَاء من أهل هَذِه الصِّنَاعَة يُنكرُونَ التَّصْرِيح بالتعلية على الْإِقْرَار مثل قَوْله أشهد على إِقْرَار الْمقر بل يَقُول الصَّوَاب أَن يَقُول أشهد بِإِقْرَار الْمقر الْقَابِض وَلَا يَقُول على إِقْرَار وَكِلَاهُمَا حسن وَإِن كَانَ الْقَبْض بِحَضْرَة الشُّهُود كتب فِي أصل الْمَكْتُوب بعد قَوْله قبضا شَرْعِيًّا بِحَضْرَة شُهُوده ومعاينتهم لذَلِك وَيُزَاد فِي رسم الشَّهَادَة وعاينت الْقَبْض الْمَذْكُور فِيهِ وعَلى هَذَا النمط تجْرِي الرسوم فِي جَمِيع الْعُقُود الشَّرْعِيَّة على اخْتِلَاف أَنْوَاعهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 357 فَإِن الْقَصْد مِنْهَا التَّصْرِيح الَّذِي يُؤمن مَعَه الِاخْتِلَاط والالتباس وَيكون الشَّاهِد مِنْهُ على بَصِيرَة وَلَو أَخذنَا فِي استقصاء أَبْوَاب الْعُقُود لضاق الْوَقْت عَن ذكر الْوَاقِع واتسع الْخرق على الراقع وَأما بَيَان معرفَة مَا يحْتَاج إِلَيْهِ موقع الحكم وَهُوَ الَّذِي يسجل على الْحَاكِم إثباتاته وَأَحْكَامه حَتَّى عرف بهَا وَصَارَ مَقْصُودا بِسَبَبِهَا من بَين الْعُدُول لمعرفته باصطلاحها وشروطها فقد سبق فِي مُقَدّمَة هَذَا التَّأْلِيف مَا يتَعَلَّق بِذَات موقع الحكم وَمَا يشْتَرط فِيهِ من حسن السِّيرَة والنزاهة والعفة والديانة والصيانة والمروءة وبروز الْعَدَالَة وَمَا يَنْبَغِي لَهُ فعله من الْأُمُور اللائقة بِهِ وبأمثاله وَالْكَلَام الْآن فِي هَذَا الْمحل على تَصْحِيح أَهْلِيَّته قبل الْكَلَام على بَيَان مَا يَكْتُبهُ فَإِنَّهُ من كالشرط من الْمَشْرُوط أَو كالركن من الْمَاهِيّة الَّذِي لَا قيام لَهَا بِدُونِهِ ويتوقف وجودهَا على وجوده فَأَقُول يشْتَرط فِي كَاتب الحكم أَن يكون حرا بَالغا عَاقِلا غير أَصمّ وَلَا أعمى وَلَا بِهِ آفَة من الْآفَات عدلا عفيفا ضابطا لما يَقع فِي الْمجْلس شرِيف النَّفس طَاهِر الْعرض والذيل كثير الْحيَاء قَلِيل الطمع غاض الطّرف خَبِيرا بِمَا يطْلب مِنْهُ من تحمل شَهَادَة وَمَا يُوَافق من ذَلِك ظَاهر الشَّرْع عَلَيْهِ الْوَقار والسكينة ثقيل الرَّأْس قَلِيل الْكَلَام سريع الْإِدْرَاك عَالما بِالشُّرُوطِ واصطلاح الْحُكَّام عِنْده طرف من النَّحْو بِحَيْثُ تكون كِتَابَته مصانة عَن التحريف والتصحيف واللحن الْفَاحِش وَاقِفًا عِنْد مَا يشهده القَاضِي عَلَيْهِ من غير أَن يزِيد من عِنْده عبارَة يكون فِيهَا إِجْمَال أَو يظْهر مَا فِيهِ إِجْمَال مِمَّا وَقع بِهِ القَاضِي بل يقْتَصر على ذَلِك التوقيع الَّذِي وَقع بِهِ بعبارته إِن كَانَ على طَريقَة الشاميين وَإِن كتب على طَريقَة المصريين إِذا كَانَ توقيع الْحَاكِم لَهُ ليسجل خَاصَّة فَينزل الْإِثْبَات وَالْحكم على مَوْضِعه السائغ فِي مَذْهَب ذَلِك الْحَاكِم وَإِن كَانَ فِيهِ شَيْء لَا يسوغ فِي مذْهبه وَلَا ينْدَرج تَحت الحكم صرح فِي إسجاله بِثُبُوت مَا قَامَت بِهِ الْبَيِّنَة عِنْده فِيهِ من كَذَا وَكَذَا ويسكت عَن ذكر مَا لَا ينْدَرج تَحت الحكم فَإِن الْموقع فِي الحكم عَلَيْهِ فِي طَريقَة المصريين بدار القَاضِي فِي بَيَان صفة حكمه وَأَن يكون موقع الحكم صَاحب يقظة بِحَيْثُ إِن القَاضِي إِذا سَهَا عَن شَيْء ينبهه عَلَيْهِ بَينه وَبَينه من غير إِظْهَار ذَلِك السَّهْو لأحد مِمَّن يكون حَاضر الْمجْلس وَإِن نبهه عَلَيْهِ بعد قِيَامه من الْمجْلس سرا كَانَ أولى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 358 وَيكون مَعَ ذَلِك كُله لَهُ معرفَة بالفقه وَالْفُرُوع الْوَاقِعَة بَين النَّاس عَارِفًا بمراتب الشُّهُود الجالسين فِي الحوانيت والمراكز وعدالتهم وَالْكَلَام فيهم بِحَيْثُ إِنَّه لَا يدْخل على القَاضِي دخيل من جهتهم وَيسْتَحب أَن يكون عَارِفًا بِأَهْل الْبَلَد الَّذِي القَاضِي حَاكم بِهِ وبأنسابهم وسيرتهم وأحوالهم وَأَن يكون ملازما لمجلس القَاضِي خُصُوصا إِذا خرج للْحكم فَإِنَّهُ فِي الْحَقِيقَة رَفِيقه وَهُوَ القطب الَّذِي يَدُور عَلَيْهِ أَمر القَاضِي فَإِن لم يُوجد من بِهِ هَذِه الصِّفَات طلب الأمثل فالأمثل وَأما بَيَان معرفَة مَا يتَعَلَّق بكتابته فَمِنْهَا صُورَة إسجال هَذَا مَا أشهد بِهِ على نَفسه الْكَرِيمَة سيدنَا ومولانا العَبْد الْفَقِير إِلَى الله تَعَالَى الشَّيْخ الإِمَام الْعَالم الْعَلامَة إِن كَانَ الْحَاكِم قَاضِي الْقُضَاة إِلَى آخر ألقابه ونعوته اللائقة بِهِ مستوفاة وَيَدْعُو لَهُ ثمَّ يَقُول النَّاظر فِي الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة بالديار المصرية والممالك الإسلامية مثلا وَإِن كَانَ فِي الشَّام فَيَقُول النَّاظر فِي الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة بالمملكة الشامية المحروسة مثلا ومعاملاتها ونواحيها وضواحيها ومضافاتها وَمَا أضيف إِلَى ذَلِك وَكَذَلِكَ يَقُول فِي كل مملكة من الممالك الَّتِي تصدر الْولَايَة فِيهَا من السُّلْطَان وَإِن كَانَ الْحَاكِم نَائِبا فِي الحكم الْعَزِيز كتب هَذَا مَا أشهد بِهِ على نَفسه الْكَرِيمَة أَو أشهد على نَفسه الْكَرِيمَة أَو أشهد على نَفسه سيدنَا العَبْد الْفَقِير إِلَى الله تَعَالَى الشَّيْخ الإِمَام الْعَالم أقضى الْقُضَاة فلَان الدّين إِلَى آخِره ثمَّ يَقُول خَليفَة الحكم الْعَزِيز بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ وَيَدْعُو لَهُ ثمَّ يَقُول من حضر مجْلِس حكمه وقضائه وَهُوَ نَافِذ الْقَضَاء وَالْحكم ماضيهما وَذَلِكَ فِي الْيَوْم الْمُبَارك ويخلي بَيَاضًا يكْتب القَاضِي فِيهِ التَّارِيخ بِخَطِّهِ ثمَّ يَقُول من سنة كَذَا وَكَذَا أَنه ثَبت عِنْده وَصَحَّ لَدَيْهِ أحسن الله تَعَالَى إِلَيْهِ على الْوَضع الْمُعْتَبر الشَّرْعِيّ والقانون الْمُحَرر المرعي بِشَهَادَة من أعلم لَهُ تلو رسم شَهَادَته بَاطِنه عَلامَة الْأَدَاء وَالْقَبُول على الرَّسْم الْمَعْهُود فِي مثله إِشْهَاد فلَان وَفُلَان أَو إِشْهَاد فلَان البَائِع أَو الْوَاقِف أَو غير ذَلِك مَا تضمنه ذَلِك الْمَكْتُوب إِلَى آخِره بِلَفْظ مُخْتَصر وجيز يحِيل فِيهِ على الْبَاطِن ثمَّ يَقُول على الحكم المشروح بَاطِنه وباطنه مؤرخ بِكَذَا وَكَذَا وَإِن كَانَ فِيهِ شَيْء من الْفُصُول كتب بعد ذكر تَارِيخ الْبَاطِن ومضمون الْفُصُول الثَّلَاثَة أَو الْأَرْبَعَة المتضمن أحدهم كَذَا وَكَذَا ومضمون الثَّانِي كَذَا ومضمون الثَّالِث كَذَا ومضمون الرَّابِع كَذَا فَإِذا استوفى ذكرهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 359 كتب على مَا نَص وَشرح فِي كل من الْفُصُول المسطرة بَاطِنه على الْوَجْه الشَّرْعِيّ ثبوتا صَحِيحا شَرْعِيًّا وَحكم أيد الله تَعَالَى أَحْكَامه وسدد نقضه وإبرامه بِمُوجب ذَلِك أَو بِمُوجب مَا قَامَت بِهِ الْبَيِّنَة الشَّرْعِيَّة عِنْده فِيهِ أَو بِصِحَّة البيع أَو بِصِحَّة الْوَقْف على النَّفس أَو بِصِحَّة المداينة أَو غير ذَلِك مِمَّا يُرَاد فِيهِ الحكم بِالصِّحَّةِ إِلَى آخِره ثمَّ يَقُول حكما شَرْعِيًّا تَاما مُعْتَبرا مرضيا مسؤولا فِيهِ مُسْتَوْفيا شَرَائِطه الشَّرْعِيَّة وَاعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره شرعا وَإِن كَانَ الْمَحْكُوم بِهِ مِمَّا يشْتَرط فِيهِ التشخيص صرح بِهِ فِي الحكم ثمَّ يَقُول مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ فِيمَا فِيهِ الْخلاف من ذَلِك وَأشْهد على نَفسه الْكَرِيمَة بذلك فِي التَّارِيخ الْمُقدم ذكره الْمَكْتُوب بِخَطِّهِ الْكَرِيم أَعْلَاهُ شرفه الله تَعَالَى وَأَعلاهُ وأدام علاهُ ويخلي بَيَاضًا يكْتب القَاضِي فِيهِ الحسبلة وَإِن كتب الصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِخَطِّهِ قبل الحسبلة فَهُوَ أَجود وأبرك وأيمن وَصُورَة مَا يكْتب فِي إسجال التَّنْفِيذ الصَّدْر الْمُقدم ذكره إِلَى قَوْله إِنَّه ثَبت عِنْده إِلَى آخِره إِشْهَاد سيدنَا ومولانا فلَان الدّين وَيذكر ألقابه المشروحة فِي إسجاله الصَّادِر عَنهُ الَّذِي يُرَاد تنفيذه أَو إِشْهَاد سيدنَا فلَان الدّين إِن كَانَ نَائِبا الْمَنْسُوب إِلَيْهِ فِي إسجاله المسطر بَاطِنه أَو بهامشه أَو بِظَاهِرِهِ أَو عَن يَمِينه أَو عَن يسرته المتضمن كَذَا وَكَذَا ثمَّ يَقُول المؤرخ بِخَطِّهِ الْكَرِيم بِكَذَا وَكَذَا ثبوتا صَحِيحا شَرْعِيًّا وَنفذ سيدنَا ومولانا فلَان الدّين الْحَاكِم الشَّافِعِي مثلا الْمشَار إِلَيْهِ أَعْلَاهُ أدام الله علاهُ حكم سيدنَا فلَان الدّين الْحَاكِم الْحَنَفِيّ مثلا الْمَنْسُوب إِلَيْهِ فِي إسجاله المسطر أَعْلَاهُ أَو تنفيذه الْمَنْسُوب إِلَيْهِ فِي إسجاله المسطر أَعْلَاهُ على مَا نَص وَشرح تنفيذا صَحِيحا شَرْعِيًّا تَاما مُعْتَبرا مرضيا مسؤولا فِيهِ مُسْتَوْفيا شَرَائِطه الشَّرْعِيَّة ويكمل على نَحْو مَا سبق من الْعَلامَة عَن يسرة الْبَسْمَلَة والتاريخ فِي الْوسط والحسبلة فِي آخِره كل ذَلِك بِخَط الْحَاكِم على مَا تقدم بَيَانه وَصُورَة مَا يكْتب موقع الحكم وَهُوَ المسجل بِالشَّهَادَةِ على الْحَاكِم أشهدني سيدنَا ومولانا وَيذكر ألقاب الْحَاكِم الْمُقدم ذكرهَا فِي الإسجال الْمَشْهُود فِيهِ من غير تَطْوِيل وَلَا اخْتِصَار على نَفسه الْكَرِيمَة بِمَا نسب إِلَيْهِ فِي إسجاله المسطر أَعْلَاهُ على مَا نَص وَشرح فِيهِ فَشَهِدت عَلَيْهِ بذلك فِي التَّارِيخ الْمُقدم ذكره الْمَكْتُوب بِخَطِّهِ الْكَرِيم أَعْلَاهُ شرفه الله تَعَالَى وَأَعلاهُ بِحَيْثُ يَنْتَهِي ذَلِك فِي سطرين وَفِي السطر الثَّالِث الصَّغِير وَكتبه فلَان ابْن فلَان الْفُلَانِيّ وَيكْتب كل وَاحِد من رفقته تَحت هَذَا الأول على الجزء: 2 ¦ الصفحة: 360 سمت أسطر الإسجال سطرا وَاحِدًا يَقُول فِيهِ وَكَذَلِكَ أشهدني أيد الله أَحْكَامه وأدام أَيَّامه على نَفسه الْكَرِيمَة بِمَا نسب إِلَيْهِ أَعْلَاهُ فَشَهِدت عَلَيْهِ بِهِ فِي تَارِيخه وسطر صَغِير جدا تَحْتَهُ وَكتبه فلَان ابْن فلَان الْفُلَانِيّ وَكَذَلِكَ يكْتب الثَّانِي وَالثَّالِث وَالرَّابِع فَصَاعِدا وَصُورَة مَا يكْتب فِي البعدية وَغَيرهَا مِمَّا فِيهِ حكم أَو ثُبُوت مُجَرّد أشهدني سيدنَا الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أيده الله تَعَالَى وَفِي سطر ثَان تَحْتَهُ على نَفسه الْكَرِيمَة بِمَا نسب إِلَيْهِ أَعْلَاهُ فَشَهِدت عَلَيْهِ بِهِ وَفِي سطر ثَالِث تَحْتَهُ وعَلى كل وَاحِد من المتؤاجرين أَو الْمُتَبَايعين أَو الْمُتَعَاقدين بِمَا نسب إِلَيْهِ أَعْلَاهُ فِي تَارِيخه وَفِي سطر رَابِع تَحت هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة وَكتب فلَان ابْن فلَان الْفُلَانِيّ وَإِن شَاءَ كتب هَذِه الْأَلْفَاظ كلهَا فِي سطرين أَو ثَلَاثَة وَيكْتب رَفِيقه إِلَى جَانِبه كَذَلِك وَهَذَا لَا يكون إِلَّا فِيمَا عَلامَة الْحَاكِم عَلَيْهِ جرى ذَلِك أَو فرضت ذَلِك وأذنت فِيهِ أَو أَذِنت فِي ذَلِك خَاصَّة أَو فوضت ذَلِك أَو أمضيت ذَلِك وَنَحْوه وَصُورَة الْإِشْهَاد على الْحَاكِم الْقَائِم مقَام الإسجال على طَريقَة الشاميين فِيمَا يُوقع القَاضِي فِيهِ بالعلامة فِي بَاطِن الْمَكْتُوب ويوقع فِي هامشه بِمَا يشْهد بِهِ عَلَيْهِ من الثُّبُوت وَالْحكم والتنفيذ وَغَيره على الصِّيغَة الْمُقدم ذكرهَا أشهدني سيدنَا ومولانا إِن كَانَ قَاضِي الْقُضَاة ذكر ألقابه اللائقة بِهِ ودعا لَهُ بقوله أدام الله أَيَّامه وأعز أَحْكَامه وأسبغ ظلاله وَختم بالصالحات أَعماله وَإِن كَانَ نَائِبا ذكر ألقابه ودعا لَهُ بأيده الله تَعَالَى مَعَ اسْتِيفَاء ذكر الْحَاكِم وَالتَّصْرِيح باسمه وَاسم أَبِيه وَاسم جده ليخرج بذلك من الْخلاف ثمَّ يَقُول الشَّافِعِي أَو الْحَنَفِيّ مثلا بالمملكة الْفُلَانِيَّة ثمَّ يَقُول على نَفسه الْكَرِيمَة حرسها الله تَعَالَى فِي مجْلِس حكمه الْعَزِيز بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ أَنه ثَبت عِنْده إِشْهَاد الْمُتَبَايعين الْمَذْكُورين بَاطِنه على أَنفسهمَا بِجَمِيعِ مَا نسب إِلَيْهِمَا بَاطِنه وجريان عقد التبايع بَينهمَا فِي البيع الْمعِين بَاطِنه على الْوَجْه المشروح بَاطِنه ثبوتا صَحِيحا شَرْعِيًّا فَشَهِدت عَلَيْهِ بذلك فِي تَارِيخ كَذَا وَكَذَا وَإِن كَانَت الْبَيِّنَة قَامَت عِنْد الْحَاكِم بِأَكْثَرَ مِمَّا ذكرنَا فيزاد وأصل ذَلِك اعْتِبَار مَا وَقع بِهِ الْحَاكِم بِلَفْظِهِ وَمَعْنَاهُ من غير زِيَادَة وَلَا نُقْصَان وَكَذَلِكَ يفعل فِي الإشهادات بالتنافيذ وتنافيذ التنافيذ انْتهى النَّوْع الثَّانِي فِي بَيَان مَا تقوم بِهِ الْبَيِّنَة عِنْد الْحَاكِم وَمَا يجْرِي تَحت تحمل شاهدة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 361 الشَّاهِد على اخْتِلَاف الْحَالَات والوقائع وَذَلِكَ مَحْصُور فِي قسمَيْنِ الْقسم الأول مَا تقوم بِهِ الْبَيِّنَة قبل الدَّعْوَى بِإِذن الْحَاكِم وَذَلِكَ لَا يكون إِلَّا فِي صِيغَة المحاضر وَهَذَا الْقسم هُوَ الْمَقْصُود المحصور فِي هَذَا الْبَاب لغَلَبَة تعلقه بِهِ وَهِي متنوعة وَقد جرت الْعَادة أَن الْمحْضر إِذا كتب بِبَلَد فِيهِ قَاضِي الْقُضَاة فَلَا يَأْمر بِكِتَابَة الْمحْضر إِلَّا هُوَ وَإِن التمس مِنْهُ ثُبُوته على نَفسه فعل وَإِن طلب مِنْهُ ثُبُوته على نَائِبه عينه عَلَيْهِ وَعِنْده تُقَام الدَّعْوَى بعد ثُبُوت التَّوْكِيل إِن كَانَت الدَّعْوَى من وَكيل أَو على وَكيل ثمَّ تُقَام بَيِّنَة الأَصْل ثمَّ بَيِّنَة الْفُصُول إِن كَانَ مِمَّا يحْتَاج إِلَى مُقَدمَات أَو فُصُول ثمَّ يرقم القَاضِي للشُّهُود ويسجل أَو يشْهد فِيهِ بالثبوت وَالْحكم كَمَا تقدم وَاعْلَم أَن الْقَاعِدَة فِي كل محْضر يكْتب بِإِذن الْحَاكِم أَن يكْتب فِي طرة الورقة سؤالا بالغرض الْمَطْلُوب فَإِن كتبه على طَريقَة المصريين فَيَقُول الْمَمْلُوك فلَان يقبل الأَرْض وَينْهى كَيْت وَكَيْت فَإِذا انْتهى من الإنهاء فَيَقُول وللمملوك بَيِّنَة تشهد بذلك وسؤاله من الصَّدقَات العميمة إِذن كريم بِكِتَابَة محْضر شَرْعِي بذلك ويكمل وَإِن كتب على طَريقَة الشاميين فَيَقُول الْمَمْلُوك فلَان يقبل الأَرْض وَيسْأل الصَّدقَات العميمة والعواطف الرحيمة سيدنَا ومولانا قَاضِي الْقُضَاة فلَان الدّين إِذن كريم بِكِتَابَة محْضر شَرْعِي بَكَيْت وَكَيْت فَإِذا انْتهى من ذكر قَصده يَقُول صَدَقَة عَلَيْهِ وإحسانا لَدَيْهِ وَفِي الطَّرِيقَة الأولى يكْتب تَحت الإنهاء بعد خلو بَيَاض يسير نَحْو أصبعين الْبَيِّنَة فِي الْوسط وَيكْتب تحتهَا من محاذاة رَأس السطور الإنهاء الْعدْل فلَان الْفُلَانِيّ وَإِن لم يُصَرح بعدالته فَيَقُول فلَان ابْن فلَان الْفُلَانِيّ وَيكْتب الآخر إِلَى جَانِبه وَاحِدًا بعد وَاحِد على صفة الرَّسْم فِي الشَّهَادَة ثمَّ يكْتب الْحَاكِم الْآذِن فِي أَسْفَل طرف السُّؤَال على يسَار القارىء ليكتب ثمَّ يكْتب الْموقع فِي أَسْفَل رسوم الْبَيِّنَة وَأَسْمَاء من ذكر مِنْهَا بعد خلو بَيَاض نَحْو ثَلَاثَة أَصَابِع الْبَسْمَلَة الشَّرِيفَة وَبعدهَا شُهُوده الواضعين خطوطهم آخِره من أهل الْخِبْرَة الْبَاطِنَة وَالْعلم التَّام يعْرفُونَ فلَانا الْفُلَانِيّ معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة جَامِعَة لعَينه واسْمه وَنسبه وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك شَهَادَة لَا يَشكونَ فِيهَا وَلَا يرتابون هم بهَا عالمون وَلها محققون وعنها غَدا بَين يَدي أحكم الْحَاكِمين مسؤولون أَن الْأَمر كَيْت وَكَيْت وَالْقَاعِدَة فِي الْفُصُول الَّتِي تكْتب بمقدمات الْعُقُود فِي ديوَان المكاتيب أَو فِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 362 هوامشها يشْهد من سيضع خطه آخِره وَمن سيوضع عَنهُ بِإِذْنِهِ فِيهِ أَن الْأَمر كَيْت وَكَيْت يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين بسؤال من جَازَ سُؤَاله شرعا ويؤرخ وَإِذا أرخ الْمحْضر المقتضب الناشىء عَن إنهاء وسؤال يَقُول وَكتب حسب الْإِذْن الْكَرِيم العالي المولوي ويستوفي ألقاب قَاضِي الْقُضَاة الْآذِن فِي كِتَابَته إِلَى آخرهَا بإلحاق يَاء الْإِضَافَة وَيَدْعُو لَهُ ثمَّ يَقُول بِمُقْتَضى خطه الْكَرِيم أَعْلَاهُ شرفه الله تَعَالَى وَأَعلاهُ وأدام رفعته وعلاه صُورَة المحاضر المختصة بِبَيْت المَال لما كَانَ بتاريخ كَذَا وَكَذَا ورد من الْأَبْوَاب الشَّرِيفَة السُّلْطَانِيَّة الملكية الْفُلَانِيَّة خلد الله ملك مَالِكهَا وَنَصره وكبت عدوه وقهره مرسوم شرِيف مربع متوج بِالِاسْمِ الشريف فلَان مكمل العلائم مضمونه كَذَا وَكَذَا مؤرخ بِكَذَا فَحِينَئِذٍ برز مرسوم الْمقر الْأَشْرَف العالي الْفُلَانِيّ كافل المملكة الْفُلَانِيَّة إِلَى وَكيل بَيت المَال الْمَعْمُور بالمملكة الْمشَار إِلَيْهَا وَهُوَ فلَان الْفُلَانِيّ بامتثال مَا برزت بِهِ المراسيم الشَّرِيفَة فقابل وَكيل بَيت المَال الْمَعْمُور الْمشَار إِلَيْهِ المرسوم الْكَرِيم بالامتثال والسمع وَالطَّاعَة وَتقدم هُوَ وشهود الْقيمَة وأرباب الْخِبْرَة وَمن جرت عَادَته بِالْوُقُوفِ على مِثَال ذَلِك ووقفوا جَمِيعًا على الْقرْيَة الْمَذْكُورَة فِي المرسوم الشريف الَّتِي هِيَ من عمل مَدِينَة كَذَا ومضافاتها وعَلى أراضيها وحدودها وفواصلها وحرروا ذَلِك وأمعنوا النّظر فِيهِ فوجدوها تشْتَمل على أَرَاضِي معتمل ومعطل وَسقي وعدي وبيادر وأنادر وَسَهل ووعر وجباب وصهاريج ودمن ومساكن وَحُقُوق وعَلى قَائِم أَشجَار مُخْتَلف الثِّمَار وغراس مستجد مثمر وَغير مثمر ويحدد الْقرْيَة وأراضيها ثمَّ جعلُوا أَرَاضِي هَذِه الْقرْيَة الدَّاخِلَة فِي حُدُودهَا كَذَا وَكَذَا قِطْعَة وذرعوا كل قِطْعَة وأحصوا ذرعها من نَوَاحِيهَا الْأَرْبَع فَكَانَت الْقطعَة الأولى مربعة مُتَسَاوِيَة الْأَطْرَاف لَيْسَ فِيهَا تبنيق فَكَانَت قبْلَة وَشمَالًا كَذَا وَكَذَا ذِرَاعا وشرقا وغربا كَذَا وَكَذَا ذِرَاعا فَضربُوا الذرع الأول وَهُوَ كَذَا فِي الذرع الثَّانِي وَهُوَ كَذَا فَبلغ على حكم الضَّرْب والمساحة قَاعِدَة فِي ريح كَذَا وَكَذَا ألف ذِرَاع ثمَّ ذرعوا الْقطعَة الثَّانِيَة وَهِي مبنقة مُخْتَلفَة الْأَطْرَاف فَكَانَ ذرعها من رَأسهَا القبلي شرقا وغربا كَذَا وَمن رَأسهَا الشمالي شرقا وغربا كَذَا ثمَّ ضربوا الذرعين فِي بعضهما بَعْضًا فَبلغ كَذَا وَكَذَا ذِرَاعا ثمَّ يذكر ذرع كل قِطْعَة وَقطعَة كَذَلِك وَيذكر حُدُود كل قِطْعَة على حِدة ثمَّ يَقُول فَصَارَت مساحة أَرَاضِي هَذِه الْقرْيَة كَذَا وَكَذَا ذِرَاعا بالذراع الْهَاشِمِي أَو النجاري أَو ذِرَاع الْعَمَل وَلما وقف شُهُود الْقيمَة على هَذِه الْأَرَاضِي جَمِيعهَا وعرفوها الْمعرفَة الشَّرْعِيَّة وَأَحَاطُوا بهَا علما وخبرة نَافِيَة للْجَهَالَة شهدُوا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 363 شَهَادَة هم بهَا عالمون وَلها محققون وفيهَا محقون لَا يَشكونَ فِيهَا وَلَا فِي شَيْء مِنْهَا وَلَا يرتابون أَن هَذِه الْقرْيَة بحقوقها كلهَا ملك من أَمْلَاك بَيت المَال الْمَعْمُور وبيد من لَهُ الْولَايَة عَلَيْهِ شرعا يَوْم تَارِيخه وَأَن قيمَة هَذِه الْقرْيَة وأراضيها مبلغ كَذَا وَكَذَا الْقيمَة العادلة لَهَا يَوْم تَارِيخه على شُهُوده ذَلِك وشهدوا بِهِ مسؤولين بسؤال من جَازَ سُؤَاله شرعا ويؤرخ محْضر على صُورَة أُخْرَى يكْتب صدر الْمحْضر كَمَا تقدم أَولا وَهُوَ شُهُوده الواضعون خطوطهم إِلَى آخِره يعْرفُونَ جَمِيع الْقرْيَة الْفُلَانِيَّة وأراضيها الْمُشْتَملَة على كَذَا وَكَذَا ويصفها ويحددها ثمَّ يَقُول بِحُقُوق ذَلِك كُله وأراضيه معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنَّهَا ملك جَار فِي أَمْلَاك بَيت المَال الْمَعْمُور وبيد من لَهُ الْولَايَة عَلَيْهِ شرعا وَأَن قيمَة الْقرْيَة المحدودة الموصوفة بأعاليه يَوْم تَارِيخه كَذَا وَكَذَا وَأَن ذَلِك قيمَة عادلة لَهَا لَا حيف فِيهَا وَلَا شطط وَلَا غبينة وَلَا فرط يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين بسؤال من جَازَ سُؤَاله شرعا فِي تَارِيخ كَذَا وَكَذَا وَذَلِكَ بعد أَن ورد مرسوم شرِيف مربع وَيذكر مضمونه وتاريخه ويكمل على نَحْو مَا تقدم فِي الصُّورَة الَّتِي قبل هَذِه محْضر يتَضَمَّن الْوُقُوف على أَرَاضِي قَرْيَة بِمُقْتَضى مرسوم شرِيف وَبطلَان البيع فِيهَا وارتجاعها إِلَى بَيت المَال لما كَانَ بتاريخ كَذَا وَكَذَا ورد مرسوم شرِيف مربع من الْأَبْوَاب الشَّرِيفَة مكمل بالعلائم متوج بِالِاسْمِ الشريف فلَان مؤرخ بِكَذَا وقرينه مِثَال شرِيف لمولانا الْمقر الْأَشْرَف العالي الْفُلَانِيّ كافل المملكة الْفُلَانِيَّة على يَد الْمجْلس العالي الْفُلَانِيّ أحد البريدية بالأبواب الشَّرِيفَة مَضْمُون المرسوم الشريف المربع بعد الْبَسْمَلَة الشَّرِيفَة والصدر الشريف أَن يتَقَدَّم وَكيل بَيت المَال الْمَعْمُور بالمملكة الْفُلَانِيَّة بالتوجه هُوَ وشهود الْقيمَة وأرباب الْخِبْرَة بِالْوُقُوفِ على قَرْيَة كَذَا وعَلى أراضيها وتحرير أمرهَا وَقطع حُدُودهَا وَالْقيمَة عَنْهَا حِين برزت المراسيم الشَّرِيفَة بتقويمها فِي سنة كَذَا وبيعت بِمُقْتَضى تِلْكَ الْقيمَة من فلَان ووقفها وَعمل محَاضِر شَرْعِيَّة بِقِيمَتِهَا من ذَلِك التَّارِيخ الْمُتَقَدّم وثبوتها لَدَى الْحُكَّام قُضَاة الْإِسْلَام وَبِنَاء الْأَمر فِي ذَلِك كُله على مُقْتَضى الشَّرْع المطهر فِي بطلَان البيع الصَّادِر فِيهَا من وَكيل بَيت المَال فِي التَّارِيخ الْمُتَقَدّم وَبطلَان الْوَقْف الَّذِي وَقفه المُشْتَرِي ورجوعها إِلَى أَمْلَاك بَيت المَال إِذا ظهر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 364 أَنَّهَا بِيعَتْ بِدُونِ الْقيمَة العادلة وَالْحكم بِبُطْلَان البيع وَبطلَان الْوَقْف الْمُتَرَتب على ذَلِك وَالْعَمَل فِي ذَلِك بِمُوجب الشَّرْع الشريف ومضمون الْمِثَال الشريف الْوَارِد قرينه على كافل المملكة الْفُلَانِيَّة الْمشَار إِلَيْهِ بعد الْبَسْمَلَة الشَّرِيفَة والصدر الشريف أَنه اتَّصل بالمسامع الشَّرِيفَة أَنه لما قومت قَرْيَة كَذَا فِي تَارِيخ كَذَا وبيعت من بَيت المَال الْمَعْمُور من فلَان الْفُلَانِيّ ووقفها حصل التَّفْرِيط والإهمال فِي تَحْرِير قيمتهَا وَأَنَّهَا قومت بِدُونِ قيمتهَا العادلة بِنَقص فَاحش وَأَنه حصل التَّدْلِيس على شُهُود الْقيمَة فِي أَمر أراضيها بِمِقْدَار كثير وَقد أفتى الْعلمَاء بِبُطْلَان البيع وَالْوَقْف الْمُتَرَتب عَلَيْهِ إِذا كَانَ الْأَمر كَذَلِك ومرسومنا للجناب الْكَرِيم أَن يتَقَدَّم أمره لوكيل بَيت المَال الْمَعْمُور وللمجلس العالي الْفُلَانِيّ أحد البريدية بالأبوب الشَّرِيفَة ولأحد الْحجاب بالمملكة الْفُلَانِيَّة الْمشَار إِلَيْهَا وصحبتهم شُهُود الْقيمَة وأرباب الْخِبْرَة بالأراضي وَقيمتهَا وَمن جرت عَادَتهم بِالْوُقُوفِ على ذَلِك بالتوجه إِلَى الْقرْيَة الْمَذْكُورَة وَالْوُقُوف عَلَيْهَا بِحُضُور مشايخها وفلاحيها وجيرة الْقرْيَة الْمَذْكُورَة من الْقرى الَّتِي حولهَا المجاورين لَهَا المتاخمين لأرضها وتحرير الْأَمر فِيهَا وكشفها كشفا شافيا وتحريرا وافيا وَعمل محَاضِر شَرْعِيَّة بِقِيمَتِهَا حِين قومت فِي التَّارِيخ الْمُتَقَدّم وَإِذا ظهر الْأَمر فِي الْقيمَة حَسْبَمَا ذكر فليحمل الْأَمر فِيهِ على مَا يُوجِبهُ الشَّرْع الشريف ويقتضيه وَيعْمل فِي بطلَان البيع وَالْوَقْف بِمُقْتَضَاهُ فقابل مَوْلَانَا ملك الْأُمَرَاء أعز الله أنصاره المراسيم الشَّرِيفَة بالامتثال والسمع وَالطَّاعَة وبرز أمره الْكَرِيم بتجهيز من ذكر إِلَى الْقرْيَة الْمَذْكُورَة فتوجهوا جَمِيعًا إِلَيْهَا ووقفوا على أراضيها وحدودها وفواصلها فوجدوها تشْتَمل على كَذَا وَكَذَا وَيذكر اشتمالاتها وحدودها من جهاتها الْأَرْبَع وكشفوا عَن متحصل مغلاتها حَال تقويمها فِي التَّارِيخ الْمُتَقَدّم فوجدوه كَذَا وَكَذَا ووقفوا على محْضر الْقيمَة الْقَدِيم فوجدوا أَنَّهَا قومت يَوْم ذَاك بمبلغ كَذَا يكون متحصل مغلاتها كَذَا وَكَذَا فِي كل سنة وَأَن الْقرْيَة إِذا كَانَ متحصل مغلاتها فِي السّنة ألف دِرْهَم مثلا تكون قيمتهَا مَا يتَحَصَّل من مغلها فِي عشْرين سنة فَحصل التَّقْوِيم فِي التَّارِيخ الْمُتَقَدّم على هَذَا الحكم ووجدوا متحصل الْقرْيَة الْمَذْكُورَة فِي التَّارِيخ الَّذِي قومت فِيهِ وَمَا قبله لسني كَثِيرَة وَمَا بعده وَإِلَى الْآن فِي كل سنة مَا يزِيد على مائَة ألف وَخمسين ألف فَشهد شُهُود الْقيمَة الَّذين شاهدوا ذَلِك وعرفوه وحرروه التَّحْرِير الشافي أَن قيمَة الْقرْيَة حَال تقويمها بالمبلغ الْمعِين أَعْلَاهُ مَا مبلغه ثَلَاثَة آلَاف دِرْهَم الْقيمَة العادلة لَهَا يَوْم التَّقْوِيم الْمُتَقَدّم وَهُوَ نَظِير مَا يتَحَصَّل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 365 مِنْهَا فِي عشْرين سنة وَلما جرى الْأَمر كَذَلِك وَوضع شُهُود الْقيمَة خطوطهم ورسم شَهَادَتهم آخِره بذلك وطالعوا بِهِ مسامع مَوْلَانَا ملك الْأُمَرَاء برز مرسومه الْكَرِيم يحمل الْأَمر فِي ذَلِك إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ وَالْعَمَل فِيهِ بِمَا تَقْتَضِيه الشَّرِيعَة المطهرة فتوجهوا إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْمشَار إِلَيْهِ وَتقدم فلَان وَكيل بَيت المَال الْمَعْمُور بِرَفْع الْمحْضر الْمَذْكُور إِلَى بَين يَدي الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ والمحضر الْقَدِيم وَكتاب التبايع وَكتاب الْوَقْف الْمشَار إلَيْهِنَّ أَعْلَاهُ فَوقف الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ على ذَلِك جَمِيعه وتأمله وتدبره وأمعن فِيهِ فكره وَنَظره فَحِينَئِذٍ سَأَلَهُ وَكيل بَيت المَال الْمَعْمُور الْمشَار إِلَيْهِ سَماع دَعْوَاهُ الشَّرْعِيَّة بذلك فَأجَاب فَادّعى وَكيل بَيت المَال الْمَعْمُور الْمشَار إِلَيْهِ على فلَان الْمُبْتَاع الْوَاقِف الْمَذْكُور أَو على فلَان الْوَكِيل الشَّرْعِيّ عَن فلَان الْمُبْتَاع الْوَاقِف الْمَذْكُور أَعْلَاهُ الثَّابِت تَوْكِيله عَنهُ فِي ذَلِك شرعا لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ أَو على فلَان الْفُلَانِيّ مَنْصُوب الحكم الْعَزِيز بعد ثُبُوت غيبَة المُشْتَرِي الْوَاقِف الْمَذْكُور أَعْلَاهُ عَن مَدِينَة كَذَا وعملها يَوْمئِذٍ الْغَيْبَة الشَّرْعِيَّة المسوغة لسَمَاع الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَة وَالْحكم على الْغَائِب بِمَا يسوغ شرعا الثُّبُوت الشَّرْعِيّ أَن الْأَمر جرى فِي محْضر الْقيمَة الأول وَالثَّانِي على الْوَجْه المشروح فيهمَا وَأَنه بِمُقْتَضى مَا شرح فيهمَا وَقع عقد البيع بَاطِلا وَأَن الْوَقْف مترتب بُطْلَانه على بطلَان البيع وَسَأَلَ سُؤال الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور أَو وَسَأَلَ سُؤال الْوَكِيل الْمَذْكُور أَو وَسَأَلَ سُؤال الْمَنْصُوب الْمَذْكُور عَن ذَلِك فَسَأَلَهُ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ فَأجَاب بقوله يثبت مَا يَدعِيهِ فأحضر وَكيل بَيت المَال الْمَعْمُور الْمشَار إِلَيْهِ شُهُود الْقيمَة فَشَهِدُوا لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ شَهَادَة متفقة اللَّفْظ وَالْمعْنَى صَحِيحَة الْعبارَة والفحوى فِي وَجه الْمُشْتَرى الْوَاقِف الْمَذْكُور أَو فِي وَجه الْوَكِيل الْمَذْكُور أَو فِي وَجه الْمَنْصُوب الْمَذْكُور أَن قيمَة الْقرْيَة الْمَذْكُورَة فِي التَّارِيخ الَّذِي قومت فِيهِ بمبلغ ألف ألف وَثَمَانمِائَة ألف مثلا مَا مبلغه ثَلَاثَة آلَاف ألف عرف سيدنَا الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ شُهُود الْقيمَة الْمشَار إِلَيْهِم وَسمع شَهَادَتهم وَقبلهَا بِمَا رأى مَعَه قبُولهَا وَأعلم لكل مِنْهُم تلو رسم شَهَادَته عَلامَة الْأَدَاء وَالْقَبُول على الرَّسْم الْمَعْهُود فِي مثله وَثَبت عِنْده جَرَيَان عقد التبايع الأول الْجَارِي بَين الْمُتَبَايعين الْمَذْكُورين فِي مَكْتُوب التبايع الْمحْضر لَدَيْهِ بِالْقيمَةِ الأولى وإشهاد المُشْتَرِي الْوَاقِف الْمَذْكُور على نَفسه بوقفية ذَلِك على الحكم المشروح الجزء: 2 ¦ الصفحة: 366 فِي كتاب وقف ذَلِك الْمَنْسُوب إِلَيْهِ على مَا نَص وَشرح فِيهِ ثبوتا صَحِيحا شَرْعِيًّا وَتبين عِنْده بطلَان الْقيمَة فِي الْمحْضر الْقَدِيم وَبطلَان عقد البيع الْمُتَرَتب على الْقيمَة الْمَذْكُورَة أَولا وَبطلَان الْوَقْف الْمُتَرَتب على هَذَا البيع الْفَاسِد فَعِنْدَ ذَلِك سَأَلَ وَكيل بَيت المَال الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الحكم بِبُطْلَان الْمحْضر الْقَدِيم وَبطلَان عقد البيع وَبطلَان الْوَقْف تبعا لَهُ الْمُتَّصِل ذَلِك بِهِ الِاتِّصَال الشَّرْعِيّ الثَّابِت لَدَيْهِ شرعا فاستخار الله كثيرا واتخذه هاديا ونصيرا وَأجَاب السَّائِل إِلَى سُؤَاله لجوازه عِنْده شرعا وَحكم بِبُطْلَان الْقيمَة فِي الْمحْضر الْقَدِيم وَبطلَان عقد البيع الْمُتَرَتب على الْقيمَة الْمَذْكُورَة أَولا وَبطلَان الْوَقْف الْمُتَرَتب على ذَلِك لوُجُود المسوغ الشَّرْعِيّ الْمُقْتَضِي لذَلِك الثَّابِت لَدَيْهِ بطريقه الشَّرْعِيّ حكما شَرْعِيًّا تَاما مُعْتَبرا مرضيا مسؤولا فِيهِ مُسْتَوْفيا شَرَائِطه الشَّرْعِيَّة وَاعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره شرعا مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ فِيمَا فِيهِ الْخلاف من ذَلِك وَإِن كَانَ الحكم فِي غيبَة المُشْتَرِي الْوَاقِف فَيبقى كل ذِي حجَّة مُعْتَبرَة على حجَّته إِن كَانَت ويكمل وَيكْتب الْحَاكِم التَّارِيخ والحسبلة بِخَطِّهِ وَيشْهد عَلَيْهِ شُهُود مجْلِس حكمه وَغَيرهم وَيَضَع شُهُود الْقيمَة خطوطهم فِيهِ محْضر آخر على صفة أُخْرَى إِذا وَقع الِاخْتِصَار من أَرَاضِي الْقرْيَة يكْتب الصَّدْر الْمَذْكُور إِلَى قَوْله ووقفوا جَمِيعًا على الْقرْيَة الْمَذْكُورَة وعَلى أراضيها وحدودها وبينوا فواصلها من نَوَاحِيهَا الْأَرْبَع فوجدوا أَن الْأَرَاضِي الَّتِي وَقعت عَلَيْهَا الْقيمَة أَولا نَحوا من الثُّلثَيْنِ من أَرَاضِي الْقرْيَة الْمَذْكُورَة وَأَن الْأَرَاضِي الَّتِي أهملت بِغَيْر قيمَة نَحوا من الثُّلُث وَذكر شُهُود الْقيمَة أَنهم لما وقفُوا أَولا على أَرَاضِي الْقرْيَة لم يبلغُوا هَذِه الْحُدُود الْمعينَة يَوْمئِذٍ وَإِنَّمَا وقفهم المُشْتَرِي الْمَذْكُور وَمن مَعَه من فلاحي الْقرْيَة الْمَذْكُورَة دونهَا وَعين شُهُود الْقيمَة الْحُدُود الَّتِي وقفُوا عَلَيْهَا أَولا فَإِذا هِيَ دَاخل حُدُود الْقرْيَة الْمَذْكُورَة بِنَحْوِ من الثُّلُث ونظروا فِيمَا قومُوا بِهِ أَولا فَإِذا هُوَ مائَة ألف مثلا فَظهر لَهُم أَن النَّقْص فِي الْقيمَة عَن أراضيها جَمِيعهَا خمسين ألف دِرْهَم فَحِينَئِذٍ شهدُوا شَهَادَة هم بهَا عالمون وَلها محققون أَن قيمَة الْقرْيَة الْمَذْكُورَة بِجَمِيعِ أراضيها وحقوقها وأشجارها وغراسها ونصوبها وجدرانها خلا مَا بهَا من مَسْجِد ومقبرة وَطَرِيق للْمُسلمين مبلغ مائَة ألف وَخمسين ألف دِرْهَم ثمَّ يطالع ملك الْأُمَرَاء بذلك ويرفعهم إِلَى حَاكم الشَّرْع الشريف وَيَدعِي وَكيل بَيت المَال على المُشْتَرِي أَو على وَكيله الشَّرْعِيّ أَو مَنْصُوب الشَّرْع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 367 وتقام الْبَيِّنَة عِنْد الْحَاكِم بالقيمتين الأولى وَالثَّانيَِة ويتصل بالحاكم البيع وَمَا ترَتّب عَلَيْهِ من وقف أَو غَيره ثمَّ يسْأَل وَكيل بَيت المَال الحكم بِبُطْلَان عقد البيع وَمَا ترَتّب عَلَيْهِ وانتزاع الْقرْيَة من الْمُدعى عَلَيْهِ وَرفع يَده عَنْهَا وارتجاعها إِلَى أَمْلَاك بَيت المَال فيعذر إِلَى الْمُدعى عَلَيْهِ ويسأله عَن دَافع شَرْعِي فيعترف عَنهُ أَنه ابتاعها بِالثّمن الْمعِين أَولا وَهُوَ كَذَا وَكَذَا وَأَنه دفع الثّمن إِلَى وَكيل بَيت المَال الْمَعْمُور وَحمل الثّمن إِلَى بَيت المَال وَتقوم الْبَيِّنَة عِنْده بذلك فِي الْمحْضر المكتتب أَولا فيعلمه الْحَاكِم أَنه ثَبت عِنْده أَن الْقيمَة عَن الْقرْيَة الْمَذْكُورَة حَالَة الشِّرَاء مائَة ألف وَخمسين ألفا وَأَنه تبين عِنْده بطلَان البيع بِمُقْتَضى ذَلِك فاعترف بِعَدَمِ الدَّافِع والمطعن لذَلِك ولشيء مِنْهُ الِاعْتِرَاف الشَّرْعِيّ ثمَّ يحكم بِبُطْلَان البيع وانتزاع الْقرْيَة من يَد المُشْتَرِي وارتجاعها إِلَى أَمْلَاك بَيت المَال الْمَعْمُور حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخِره ثمَّ يَقُول وَوَجَب للْمُشْتَرِي الْمَذْكُور الرُّجُوع بِالثّمن الَّذِي دَفعه فِي بَيت المَال وجوبا شَرْعِيًّا ويكمل على نَحْو مَا سبق محْضر بملكية قَرْيَة وصلت إِلَى بَيت المَال بِغَيْر حق وبيعت من بَيت المَال بِقصد الانتزاع مِمَّن هِيَ فِي يَده الْآن شُهُوده يعْرفُونَ جَمِيع الْقرْيَة الْفُلَانِيَّة وأراضيها الْمَعْرُوفَة بِكَذَا ثمَّ يصفها ويحددها بِجَمِيعِ حُقُوق ذَلِك كُله إِلَى آخِره معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنَّهَا لم تزل ملكا وَاجِبا مُسْتَحقّا للْجَمَاعَة الْآتِي ذكرهم فِيهِ المعروفين لشهوده وَأَنَّهَا حق من حُقُوقهم وواجب من واجباتهم وَبينهمْ على أَرْبَعَة وَعشْرين سَهْما من ذَلِك عشرَة أسْهم لفُلَان وَثَمَانِية أسْهم لفُلَان وَسِتَّة أسْهم لفُلَان ملكوها ملكا صَحِيحا شَرْعِيًّا من وَجه شَرْعِي لَازم مُتَقَدم على تَارِيخه بطرِيق أوجبه الشَّرْع الشريف واقتضاه وسوغه الحكم الْعَزِيز وأمضاه وَأَنَّهَا انْتَقَلت إِلَيْهِم بَينهم حَسْبَمَا فصل أَعْلَاهُ انتقالا صَحِيحا شَرْعِيًّا بطرِيق مُعْتَبر شَرْعِي لَازم جَائِز من مَالك جَائِز مُسْتَحقّ مستوجب جَائِز التَّصَرُّف من غير مَانع وَلَا معَارض وَلَا مُنَازع وَهُوَ فلَان وَأَن كلا مِنْهُم لم يزل مَالِكًا حائزا مُسْتَحقّا مستوجبا لحصته الْمعينَة لَهُ أَعْلَاهُ من الْقرْيَة المحدودة الموصوفة أَعْلَاهُ متصرفا فِيهَا التَّصَرُّف التَّام بيد ثَابِتَة مستمرة إِلَى أَن وضع مباشروا بَيت المَال الْمَعْمُور أَيْديهم عَلَيْهَا بِغَيْر حق وباعوها بِغَيْر طَرِيق شَرْعِي وَأَنَّهَا الْآن فِي يَد فلَان بِغَيْر حق وَأَنَّهَا لم تخرج وَلم تنْتَقل عَن ملك الْمَذْكُورين بِنَوْع من أَنْوَاع الِانْتِقَالَات الشَّرْعِيَّة بِوَجْه من الْوُجُوه وَلَا بِسَبَب من الْأَسْبَاب إِلَى الْآن وَأَنَّهُمْ مستحقون لَهَا مستوجبون لانتزاعها مِمَّن هِيَ فِي يَده الْآن أَو من يَد فلَان الْمَذْكُور استحقاقا صَحِيحا شَرْعِيًّا يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين بسؤال من جَازَ سُؤَاله شرعا ويؤرخ ثمَّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 368 يَقُول وَكتب حسب الْإِذْن الْكَرِيم العالي الحاكمي الْفُلَانِيّ حسب المرسوم الشريف السلطاني الْوَارِد على الْمقر الْأَشْرَف العالي الْفُلَانِيّ كافل المملكة الْفُلَانِيَّة المتضمن تَمْكِين الْمَشْهُود لَهُم من عمل محْضر شَرْعِي فِي ذَلِك بِمَا يسوغه الشَّرْع الشريف ويقتضيه المؤرخ بِكَذَا صُورَة محْضر بملكية دَار مُسْتَقِرَّة بيد مَالِكهَا شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنه لم يزل مَالِكًا حائزا مُسْتَحقّا مستوجبا لجَمِيع الدَّار الْفُلَانِيَّة وتوصف ويحدد بحقوقها كلهَا ملكا صَحِيحا شَرْعِيًّا وحيازة تَامَّة واستحقاقا كَامِلا وَأَنَّهَا لم تزل فِي يَده وَملكه وحيازته يتَصَرَّف فِيهَا تصرف الْملاك فِي أملاكهم وَذَوي الْحُقُوق فِي حُقُوقهم بالسكن والإسكان وَسَائِر وُجُوه الانتفاعات الشَّرْعِيَّة فِي مثل ذَلِك من مُدَّة طَوِيلَة تتقدم على تَارِيخه بيد ثَابِتَة مُسْتَقِرَّة مستمرة شَرْعِيَّة من غير معَارض وَلَا مُنَازع لَهُ فِي ذَلِك وَلَا فِي شَيْء مِنْهُ وَلَا يعلمُونَ أَنَّهَا خرجت عَنهُ وَلَا انْتَقَلت عَن ملكه بِنَوْع من أَنْوَاع الِانْتِقَالَات الشَّرْعِيَّة على سَائِر الْوُجُوه إِلَى الْآن يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين بسؤال من جَازَ سُؤَاله شرعا ويؤرخ وَيكْتب الْآذِن على نَحْو مَا تقدم محْضر بإنشاء ملك شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنه ابْتَاعَ من فلَان أَو من بَيت المَال الْمَعْمُور بِمُبَاشَرَة وَكيله فلَان الدّين جَمِيع الْقطعَة الأَرْض الساحة الْكَشْف الخالية من الْعِمَارَة والسقف والأساسات والآلات الكائنة بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ ويحدد شِرَاء صَحِيحا شَرْعِيًّا بِثمن مبلغه كَذَا وَأَنه دفع إِلَى البَائِع الثّمن الْمَذْكُور فَقَبضهُ مِنْهُ بِحَضْرَة شُهُوده قبضا شَرْعِيًّا وَسلم الأَرْض الْمَذْكُورَة إِلَيْهِ فتسلمها مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا وتعاقدا على ذَلِك تعاقدا شَرْعِيًّا مُشْتَمِلًا على الْإِيجَاب وَالْقَبُول وَالنَّظَر والمعرفة وَأَنه بعد ذَلِك أنشأ على الأَرْض الْمَذْكُورَة من مَاله وصلب حَاله دَارا مَبْنِيَّة بِالْحِجَارَةِ العجالية والهرقلية والأعتاب والسهام والسيور الطوَال وَالسَّلب والسجف والكسور والقرميد وَالتُّرَاب الْأَحْمَر والأصفر والكلس والرماد وفرشه بالرخام الملون وأسبل جدره بالبياض والمنجور الدقي والجبلي وَجعلهَا ذَات بوابة مربعة أَو مقنطرة يدْخل مِنْهَا إِلَى كَذَا وَكَذَا وتوصف وَصفا تَاما على هيئاتها الَّتِي هِيَ قَائِمَة عَلَيْهِ ثمَّ يَقُول وَعند مَا تَكَامل بنيانها وَارْتَفَعت حيطانها وعقدت قبابها وغمست قباؤها وأسترت ظُهُورهَا وسدلت جدرانها بالبياض والجبصين وكمل تركيب منجورها وأبوابها وشبابيكها وَسَائِر مَا تحْتَاج إِلَيْهِ إِلَى حِين انتهائها على الصّفة الَّتِي هِيَ عَلَيْهَا الْآن لم تزل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 369 بِيَدِهِ وحيازته وَتَحْت تصرفه بِحَق إنشائه لذَلِك جَمِيعه يتَصَرَّف فِي ذَلِك كُله تصرف الْملاك فِي أملاكهم وَذَوي الْحُقُوق فِي حُقُوقهم وَأَنه سَاكن بِالْمَكَانِ الْمَذْكُور بِنَفسِهِ وَأَوْلَاده وَأَهله وَذَوِيهِ يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين بسؤال من جَازَ سُؤَاله شرعا بتاريخ كَذَا وَكتب حسب الْإِذْن الْكَرِيم الْفُلَانِيّ ويكمل على نَحْو مَا سبق ثمَّ يكْتب الشُّهُود خطوطهم آخِره بِالشَّهَادَةِ بمضمونه وَيرْفَع إِلَى الْحَاكِم الْآذِن يُثبتهُ وَيحكم بِمُوجبِه كَمَا تقدم محْضر بفكاك أَسِير شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَن الْأَعْدَاء المخذولين أسروه من الْبَلَد الْفُلَانِيّ ونقلوه إِلَى الْجِهَة الْفُلَانِيَّة من بِلَادهمْ وَهُوَ عِنْدهم فِي ذل الْأسر والهوان مترقبا من الله تَعَالَى الْفرج والفكاك من أَيْديهم إِلَى الْيُسْر والأمان وَأَنَّهُمْ قطعُوا عَلَيْهِ فِي فديته وفكاكه مبلغ كَذَا وَكَذَا وَأَنه فَقير لَا مَال لَهُ وَأَن فلَانا السَّاعِي فِي فكاكه وفديته ثِقَة أَمِين على مَا يَقْتَضِيهِ لَهُ فِي فكاكه وافتدائه من الْأَوْقَاف الْجَارِيَة على فكاك الأسرى الْمُسلمين من أَيدي الْكَافرين يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل على نَحْو مَا سبق محْضر بدين مُتَعَيّن حَال أَو غير حَال على مُنكر شُهُوده يعْرفُونَ كلا من فلَان وَفُلَان معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك على إِقْرَار فلَان المبدي بِذكرِهِ فِي صِحَّته وسلامته وَجَوَاز أمره أَن فِي ذمَّته بِحَق صَحِيح شَرْعِي لفُلَان المثني بِذكرِهِ مَا مبلغه كَذَا وَكَذَا على حكم الْحُلُول أَو مُؤَجّلا إِلَى مُضِيّ كَذَا وَكَذَا شهرا من تَارِيخ الْإِقْرَار الصَّادِر مِنْهُ بذلك وَهُوَ كَذَا وَكَذَا وَأَن ذَلِك بدل قرض شَرْعِي اقترضه وتسلمه مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا أَو أَن ذَلِك ثمن مَبِيع كَيْت وَكَيْت أَو أَن ذَلِك ثمن مَا ابتاعه وتسلمه مِنْهُ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا بعد النّظر والمعرفة وَالْمُعَاقَدَة الشَّرْعِيَّة بتصادقهما على ذَلِك فِي تَارِيخ الْإِقْرَار الْمعِين أَعْلَاهُ لَا يعلمُونَ أَن ذمَّته بَرِئت من الدّين الْمَذْكُور وَلَا من شَيْء مِنْهُ بِوَجْه من الْوُجُوه وَلَا بِسَبَب من الْأَسْبَاب يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين وَإِن كَانَ الْمقر غَائِبا كتب وَأَن فلَانا الْمقر الْمَذْكُور غَائِب الْآن عَن مَدِينَة كَذَا وَكَذَا الْغَيْبَة الشَّرْعِيَّة المسوغة لسَمَاع الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَة وَالْحكم على الْغَائِب بِمَا يسوغ شرعا وَإِن كَانَ الْمقر توفّي وَخلف تَرِكَة وورثة وكلفوه الْإِثْبَات فَيَقُول وَأَن فلَانا يَعْنِي الْمقر توفّي إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى من قبل تَارِيخه وانحصر إِرْثه الشَّرْعِيّ فِي ورثته الجزء: 2 ¦ الصفحة: 370 الْمُسْتَحقّين لميراثه المستوعبين لجميعه وهم فلَان وَفُلَان وفلانة وَخلف مَوْجُودا فِيهِ وَفَاء للدّين الْمعِين أَعْلَاهُ وَأَن موجوده المخلف عَنهُ دخل تَحت يَد ورثته الْمَذْكُورين وَوَضَعُوا أَيْديهم عَلَيْهِ وتصرفوا فِيهِ تَصرفا شَرْعِيًّا وَإِن كَانَ شُهُود الأَصْل غير شُهُود الْمُقدمَات مثل الْغَيْبَة أَو الْوَفَاة وَوضع الْيَد وَحصر الْوَرَثَة كتب الْمحْضر بِأَصْل الدّين وَكتب الْمُقدمَات فِي فُصُول فَإِذا انْتَهَت الْفُصُول كتب فصل الْحلف على الِاسْتِحْقَاق وعَلى عدم الْمسْقط ثمَّ فصل الْإِعْذَار لمن لَهُ الْإِعْذَار وَيرْفَع إِلَى الْحَاكِم الْآذِن أَو نَائِبه يُثبتهُ وَيحكم بِمُوجبِه وَيَأْذَن لمن فِي يَده شَيْء من مَوْجُود الْغَائِب أَو الْمُتَوفَّى فِي إِيصَال الْحَالِف مَا حلف عَلَيْهِ وَتبقى الْحجَّة للْغَائِب كَمَا تقدم محْضر بِإِثْبَات سكن دَار على شخص مُنكر شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا وَفُلَانًا معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَن فلَانا المثني بِذكرِهِ سكن فِي دَار فلَان المبدي بِذكرِهِ الكائنة بالموضع الْفُلَانِيّ الْجَارِيَة فِي يَده وَملكه وتصرفه بِنَفسِهِ وعائلته مُدَّة كَذَا وَكَذَا شهرا أَو سنة أَولهَا كَذَا وَآخِرهَا كَذَا وَأَنه أشهدهم على نَفسه بالسكن فِي الدَّار الْمَذْكُورَة الْمدَّة الْمعينَة أَعْلَاهُ فَإِن كَانَ تقرر بَينهمَا أُجْرَة ذكرهَا وإلإ كمل الْمحْضر كَمَا تقدم شَرحه محْضر بِإِثْبَات الْإِجْبَار وَالْإِكْرَاه فِي بيع دَار شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا وَفُلَانًا معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة ويشهدن مَعَ ذَلِك أَن فلَانا المبدي بِذكرِهِ أجبر فلَان المثني بِذكرِهِ وَأَخذه بالإرجاف والتخويف والتهديد ورسم عَلَيْهِ وأحرق فِيهِ وضربه واعتقل عَلَيْهِ وَطلب مِنْهُ بيع الدَّار الْفُلَانِيَّة الْجَارِيَة فِي يَده وَملكه وتوصف وتحدد بِغَيْر ثمن وَأَن يشْهد عَلَيْهِ بِالْبيعِ وَقبض الثّمن وَأَنه امْتنع من ذَلِك فَأَعَادَ عَلَيْهِ الضَّرْب والإحراق وهدده وتوعده بِالْقَتْلِ وسجنه وَلم يزل على ذَلِك إِلَى أَن أكرهه وجبره حَتَّى بَاعه الدَّار الْمَذْكُورَة بِكَذَا وَكَذَا واعترف بِقَبض الثّمن وَلم يقبض مِنْهُ شَيْئا قل وَلَا جلّ وَأَنه وضع يَده على الدَّار الْمَذْكُورَة وَسكن فِيهَا وأسكنها وَقبض أجرتهَا وَأَنَّهَا بِيَدِهِ من مُدَّة كَذَا وَكَذَا سنة تتقدم على تَارِيخه وَإِلَى تَارِيخه أَولهَا كَذَا وَآخِرهَا كَذَا وَأَنَّهُمْ بِالدَّار الْمَذْكُورَة عارفون يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل محْضر يتَضَمَّن أَمر دَار كَانَت فِي ملك رجل ثمَّ سَافر فتغلب عَلَيْهَا غَيره وسكنها بِالْيَدِ القوية وَادّعى أَنه مَالِكهَا شُهُوده يعْرفُونَ كل وَاحِد من فلَان وَفُلَان معرفَة صَحِيحَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 371 شَرْعِيَّة ويشهدن أَن فلَانا المبدي بِذكرِهِ مَالك لجَمِيع الدَّار الْفُلَانِيَّة وتوصف وتحدد ملكا صَحِيحا شَرْعِيًّا من وَجه حق لَا شُبْهَة فِيهِ وَأَنَّهَا كَانَت فِي يَده وحوزه وَهُوَ متصرف فِيهَا بالسكن والإسكان وَالْإِجَارَة والعمارة سِنِين عديدة تزيد على كَذَا وَكَذَا سنة وَلم يزل على ذَلِك إِلَى أَن سَافر عَن مَدِينَة كَذَا فِي الْوَقْت الْفُلَانِيّ فَوضع فلَان المثني باسمه يَده على الدَّار الْمَذْكُورَة فِي تَارِيخ كَذَا وَكَذَا على سَبِيل الْعدوان وَطَرِيق التَّعَدِّي وَادّعى ملكيتها وَسكن فِي بَعْضهَا وأسكن بَاقِيهَا وَقبض أجرتهَا وَلم يزل على ذَلِك إِلَى يَوْم تَارِيخه وهم بِالدَّار الْمَذْكُورَة فِي مَكَانهَا عارفون يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل محْضر يتَضَمَّن دَعْوَى رجل أَن رجلا أَبرَأَهُ من دينه الَّذِي لَهُ فِي ذمَّته شُهُوده يعْرفُونَ كل وَاحِد من فلَان وَفُلَان معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَن فلَانا المبدي بِذكرِهِ أشهدهم على نَفسه فِي حَال صِحَّته وسلامته وَجَوَاز أمره أَنه أَبْرَأ فلَانا المثني بِذكرِهِ مِمَّا كَانَ لَهُ فِي ذمَّته من الدّين الشَّرْعِيّ بِمُقْتَضى مسطور شَرْعِي مبلغه كَذَا وَكَذَا بَرَاءَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة بَرَاءَة عَفْو وَإِسْقَاط قبلهَا مِنْهُ قبولا شَرْعِيًّا وَلم يبْق لَهُ قبله مُطَالبَة بِسَبَب الدّين الْمَذْكُور وَلَا بِسَبَب شَيْء مِنْهُ فَشَهِدُوا عَلَيْهِ بذلك فِي تَارِيخ كَذَا وَكَذَا يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل على نَحْو مَا سبق محْضر بِمَا يملكهُ الْإِنْسَان من المَال الَّذِي يجب عَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاة شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة ويخبرون حَاله خبْرَة باطنة ويعلمون مَاله ومتجره وغالب مَا يملكهُ ويقفون على أُمُوره فِي تَصَرُّفَاته فِي أَكثر أَحْوَاله وغالب أوقاته وَيشْهدُونَ أَن الَّذِي يملك من المَال الَّذِي تجب فِيهِ الزَّكَاة مَا هُوَ بِيَدِهِ يتجر فِيهِ الْآن من قماش الْبَز قِيمَته ثَمَانُون دِينَارا وَيشْهدُونَ أَنه لَا يملك مَالا تجب فِيهِ الزَّكَاة من عين وَلَا دين وَلَا عرُوض التِّجَارَة وَلَا زرع وَلَا مواش سوى الْقدر الْمعِين أَعْلَاهُ بِغَيْر زَائِد عَلَيْهِ وَأَن الَّذِي كَانَ يُؤَدِّيه للمستخدمين بديوان الزَّكَاة فِي كل عَام زَائِد على ذَلِك وَلَا يجب عَلَيْهِ الْآن يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه محْضر بِعَدَمِ المَال الَّذِي كَانَ يتجر فِيهِ شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ أَنه ذهب مَا كَانَ بِيَدِهِ من المَال الَّذِي يتجر فِيهِ ويزكى عَنهُ وَلم يبْق بِيَدِهِ شَيْء تجب عَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاة لكساد المتاجر وتزايد الكلف وَكَثْرَة العائلة وَعجز الْمَذْكُور عَن الْحَرَكَة وحوادث اللَّيَالِي وَالْأَيَّام يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 372 محْضر بجدار ملك لرجل وَأَن جَاره حمل عَلَيْهِ أخشابه شُهُوده يعْرفُونَ كل وَاحِد من فلَان وَفُلَان معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ أَن فلَانا المبدي بِذكرِهِ مَالك لجَمِيع الدَّار الْفُلَانِيَّة وتوصف وتحدد ملكا صَحِيحا شَرْعِيًّا من وَجه صَحِيح شَرْعِي وَأَن من حُقُوقهَا جَمِيع الْجِدَار الَّذِي فِي الْحَد القبلي وَيذكر ذرعه وَطوله وارتفاعه وثخانته وَأَنه دَاخل فِي ملكه مَنْسُوب لداره وَأَن فلَانا المثني بِذكرِهِ حمل عَلَيْهِ روشن كَذَا وَكَذَا خَشَبَة حوراء أَو نخلا أَو غير ذَلِك من نوع الْخشب سلطها على الْجِدَار الْمَذْكُور مُتَّصِلَة من دَاره الْمُجَاورَة للدَّار الْمَذْكُورَة بِغَيْر حق وَلَا ملك وَأَنه أحدث ذَلِك وتعدى بِهِ يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل على نَحْو مَا سبق محْضر بِقِيمَة دَار تبَاع على مَحْجُور عَلَيْهِ شُهُوده الواضعون خطوطهم آخِره وهم من أهل الْخِبْرَة والعقارات وتقويمها والأملاك وتثمينها يعْرفُونَ جَمِيع الدَّار الْفُلَانِيَّة وتوصف وتحدد المنسوبة لفُلَان الْفُلَانِيّ الْمَحْجُور عَلَيْهِ فِي الحكم الْعَزِيز بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَن الْقيمَة لَهَا كَذَا وَكَذَا وَأَن ذَلِك ثمن الْمثل وَقِيمَة الْعدْل يَوْمئِذٍ لَا حيف فِيهِ وَلَا شطط وَلَا غبينة وَلَا فرط وَأَن الْحَظ والمصلحة فِي بيع الدَّار الْمَذْكُورَة على الْمَحْجُور عَلَيْهِ الْمَذْكُور لما يحْتَاج إِلَيْهِ من نَفَقَة وَكِسْوَة ولوازم شَرْعِيَّة بِمَا قومت بِهِ أَعْلَاهُ وَذَلِكَ بعد أَن صَارُوا إِلَى الدَّار الْمَذْكُورَة بِإِذن شَرْعِي وشملوها بِالنّظرِ وَأَحَاطُوا بهَا علما وخبرة وقوموها بِالْقدرِ الْمعِين أَعْلَاهُ يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل على نَحْو مَا سبق محْضر بوديعة ادّعى الْمُودع أَنَّهَا سرقت وكلف إِثْبَات ذَلِك شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنه سَاكن فِي الْموضع الْفُلَانِيّ ويوصف ويحدد وَأَنه لما كَانَ فِي الْيَوْم الْفُلَانِيّ سرق اللُّصُوص جَمِيع مَا كَانَ فِي الْموضع الْمَذْكُور وَأَنه اسْتَغَاثَ عَلَيْهِم وَلم يجد من ينجده وينصره عَلَيْهِم لِكَثْرَة عَددهمْ وعددهم وَأَنَّهُمْ جرحوه فِي مَوضِع من جسده إِن كَانَ قد جرح يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل على نَحْو مَا سبق محْضر بِمَال قِرَاض جلس بِهِ الْعَامِل فِي حَانُوت فَسرق شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنهم عاينوه وَقد غلق حانوته الْمَعْرُوف بسكنه الْكَائِن بالموضع الْفُلَانِيّ فِي الْيَوْم الْفُلَانِيّ على جَمِيع مَا فِيهِ من بز وقماش على اخْتِلَاف أصنافه إغلاقا مُمكنا وأحرز عَلَيْهِ حرز مثله وَانْصَرف عَنهُ وَلم يعلمُوا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 373 أَنه عَاد إِلَيْهِ بِوَجْه وَلَا سَبَب إِلَى أَن عاينوا الْحَانُوت الْمَذْكُور فِي الْيَوْم الْفُلَانِيّ وَهُوَ مكسر الأقفال مَفْتُوح الْأَبْوَاب وَلَيْسَ فِيهِ من البضائع شَيْء وَحضر الْمَشْهُود لَهُ الْمَذْكُور واستغاث وتظلم وَأَنَّهُمْ لم يعلمُوا أَن ذَلِك حدث عَن إِذْنه وَلَا بتفريط مِنْهُ وهم بالحانوت الْمَذْكُور عارفون يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل على نَحْو مَا سبق محْضر بِغَصب دَار وسكناها شُهُوده يعْرفُونَ كل وَاحِد من فلَان وَفُلَان معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَن فلَانا المبدي بِذكرِهِ تعدى على فلَان المثني بِذكرِهِ فِي دَاره الكائنة بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ وتوصف وتحدد الْجَارِيَة فِي يَده وَملكه وتصرفه وغصبها مِنْهُ وَكسر أقفالها وَفتح أَبْوَابهَا وَسكن فِيهَا بِنَفسِهِ وعائلته على حكم الْغَصْب وَاسْتولى عَلَيْهَا بطرِيق التَّعَدِّي مُدَّة أَو لَهَا كَذَا وَآخِرهَا كَذَا وَأَنه منع مَالِكهَا الْمَذْكُور من الدُّخُول إِلَيْهَا والسكن فِيهَا وَالِانْتِفَاع بهَا وهم بِالدَّار الْمَذْكُورَة فِي مَكَانهَا عارفون يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل على نَحْو مَا سبق محْضر بغرق مركب إِنْسَان كَانَ بِيَدِهِ مَال قِرَاض اشْترى بِهِ بضَاعَة فغرقت شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنهم شاهدوه عِنْد عوده من الْمَدِينَة الْفُلَانِيَّة وَهُوَ فِي بَحر كَذَا وَقد غرق الْمركب الَّذِي كَانَ فِيهِ الْموضع الْفُلَانِيّ بِجَمِيعِ مَا كَانَ فِيهِ من البضائع والمتاجر وَهِي كَذَا وَكَذَا بِقَضَاء الله تَعَالَى وَقدره وَلم يطلع من الْبَحْر شَيْء من البضائع الْمَذْكُورَة وَبقيت الْمركب غريقة راسية فِي الْبَحْر وَأَنَّهُمْ شاهدوا ذَلِك وعاينوه فِي الْيَوْم الْمَذْكُور وَلم يعلمُوا مَا يُخَالف ذَلِك وَلَا مَا يُنَافِيهِ يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل على نَحْو مَا سبق محْضر برشد مَحْجُور عَلَيْهِ شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنه رشيد فِي أَفعاله سديد فِي أَقْوَاله مصلح لدينِهِ وَمَاله حسن التَّصَرُّف فِي أَحْوَاله خَبِير بمصالح نَفسه مُسْتَحقّ لفك الْحجر عَنهُ وَإِطْلَاق تَصَرُّفَاته الشَّرْعِيَّة يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل على نَحْو مَا سبق محْضر بِسَفَه شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنه سَفِيه مبذر لمَاله مُفسد لَهُ وَأَنه يصرف أَمْوَاله فِيمَا لَا يكْتَسب بِهِ خيرا دنيويا وَلَا أخرويا وَأَنه مُسْتَحقّ الْمَنْع من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 374 التَّصَرُّفَات الشَّرْعِيَّة مستوجب لضرب الْحجر عَلَيْهِ أَو يُقَال إِنَّه بلغ سَفِيها مبذرا سيىء التَّصَرُّف واستمرار الْحجر عَلَيْهِ لِخُرُوجِهِ عَن أَهْلِيَّة التَّصَرُّفَات الشَّرْعِيَّة وسلوكها وَبعده عَن الطرائق المرضية يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل على نَحْو مَا سبق محْضر بعقوق ولد لوالده وبالتبرؤ من أَفعاله شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا وَولده فلَانا معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَن الْوَلَد الْمَذْكُور لما ارْتكب الطرائق الذميمة ومعاملة النَّاس بالأباطيل وخالط الأوباش وسلك مسالك الأنذال والأطراف والأنجاس وَنَهَاهُ وَالِده الْمَذْكُور عَن ذَلِك غير مرّة فخالفه وعقه فَحلف وَالِده بِاللَّه الْعَظِيم أَنه لَا يقر بِهِ وَلَا يدينه وَلَا يساعده وَلَا يُعينهُ وَلَا ينْفق عَليّ وَأَن من عَامله كَانَ بَرِيئًا مِنْهُ وَأَنه تَبرأ من جَمِيع أَفعاله لما اشْتَمَلت عَلَيْهِ من مُخَالفَته وعقوقه وارتكابه الْأُمُور الَّتِي هُوَ غير رَاض بهَا وَأَن الْأَمر مُسْتَمر فِيهِ إِلَى الْآن يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل على نَحْو مَا سبق محْضر بسيرة رجل وَأَنه من أهل الشَّرّ والغيبة والنميمة شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنه من أهل الشَّرّ والغيبة والنميمة معرفَة بِصُحْبَة الأراذل والأنذال والأنجاس وَأهل الريب يستغيب النَّاس ويبحث عَن مساوئهم وينتقص الأماثل مِنْهُم ويعين الظلمَة على ظلمهم وَيسْعَى فِي فَسَاد نظام الْحُكَّام وَهُوَ متصف بالأفعال الذميمة والأمور القبيحة مصر على ارْتِكَاب الجرائم والوقوع فِي العظائم ويتسبب فِي إِيذَاء الْمُسلمين وإضرارهم وبهتك عَوْرَاتهمْ وانتهاك حرماتهم وَأَن الْمصلحَة فِي ردعه وزجره والتنكيل بِهِ لتعود الْمصلحَة بذلك على نَفسه وعَلى النَّاس يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل على نَحْو مَا سبق محْضر بذهاب عقل إِنْسَان شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنه مَجْنُون عديم الْعقل مفسود الذِّهْن دَائِم الخبل دَائِم السَّلب مُسْتَمر على ذَلِك لَيْسَ لَهُ إفاقة من الْجُنُون فِي وَقت من الْأَوْقَات يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل على نَحْو مَا سبق محْضر بعدالة شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنه من أهل الْعَدَالَة والديانة والعفة وَالْأَمَانَة وَالتَّقوى والصيانة مشتغل بِالْعلمِ الشريف مجَالِس للْعُلَمَاء مصاحب للأتقياء ملازم للمساجد ظَاهر الْمُرُوءَة وافر النزاهة مَقْبُول القَوْل فِي الشَّهَادَة عدل رَضِي لَهُم وَعَلَيْهِم لَا يعلمُونَ فِيهِ مَا يقْدَح فِي الْمُرُوءَة وَلَا مَا يُخرجهُ عَن الاتصاف بِصفة الْعَدَالَة متيقظ فِي أُمُوره أهل لتحمل الشَّهَادَة صَالح الجزء: 2 ¦ الصفحة: 375 لِأَن يكون من الْعُدُول المبرزين وَالشُّهُود المعتبرين مُسْتَحقّ أَن يضع خطه فِي مساطير الْمُسلمين يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل على نَحْو مَا سبق محْضر تَزْكِيَة لشخص من الصلحاء أَو من التُّجَّار شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنه من أهل الْخَيْر وَالصَّلَاح والصدق وَالْوَفَاء والعفة والصفاء صَادِق فِي أَقْوَاله محق فِي أَفعاله حسن السِّيرَة طَاهِر السريرة وافر الْمُرُوءَة مَعْرُوف بالديانة والصيانة والعفة وَالْأَمَانَة محافظ على الصَّلَوَات مَأْمُون على استيداع الودائع والأمانات عدل ثِقَة أَمِين ملازم مجَالِس الذّكر أهل لِأَن يجلس بَين أظهر الْمُسلمين فِي صناعَة كَذَا لَا يعلمُونَ فِيهِ نقيصة وَلَا رذيلة وَلَا شَيْئا يشوبه فِي دينه وَلَا فِي عرضه يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل محْضر بِنسَب شرِيف شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك بالشائع الذائع وَالنَّقْل الصَّحِيح الْمُتَوَاتر أَنه صَحِيح النّسَب صَرِيح الْحسب شرِيف من ذُرِّيَّة الإِمَام الشَّهِيد الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ وَأَن نسبه مُتَّصِل بِهِ من أَوْلَاد الصلب أَبَا عَن أَب إِلَى السَّيِّد الْحُسَيْن أَو إِلَى السَّيِّد الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنْهُم يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل ذَلِك محْضر بِجرح عَدَالَة إِنْسَان وَهُوَ لَا يقبل إِلَّا مُفَسرًا شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنه سيىء السِّيرَة مَذْمُوم الطَّرِيقَة مرتكب كَذَا وَكَذَا مصر عَلَيْهِ ملازم لَهُ وَيذكر مَا هُوَ عَلَيْهِ من الْأُمُور الَّتِي توجب الْجرْح صَرِيحًا من الْأَقْوَال وَالْأَفْعَال الَّتِي ترد بهَا الشَّهَادَة وَقد تقدم ذكرهَا يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل على نَحْو مَا سبق محْضر بعداوة شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنه عَدو لفُلَان الْفُلَانِيّ عَدَاوَة دنيوية وَأَنه يسوءه مَا يسره ويسره مَا يسوءه ظَاهر الْعَدَاوَة لَهُ وَأَنه يبغضه بغضا يتَمَنَّى مَعَه زَوَال نعْمَته ويحزن لسروره ويفرح بمصيبته وَأَن بَينهمَا عَدَاوَة تمنع قبُول شَهَادَته عَلَيْهِ يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل على نَحْو مَا سبق محْضر بأهلية شخص لمباشرة الْوَظَائِف الدِّينِيَّة شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنه من أهل الْعلم الشريف وَالْخَيْر وَالصَّلَاح الجزء: 2 ¦ الصفحة: 376 والديانة والعفة والورع والصيانة وَالْعَدَالَة والنزاهة وَالْأَمَانَة عَالم بالمعقول وَالْمَنْقُول عَارِف بالفروع وَالْأُصُول خَبِير بالآثار المروية عَن الرَّسُول وَأَنه هَاجر فِي طلب الْعلم الشريف إِلَى الْبِلَاد وَأدْركَ شأو الْعلمَاء الْأَبْرَار وساد وَحصل مِنْهُم واستفاد وَأفَاد وَجمع من الْعُلُوم مَا أوجب أَهْلِيَّته للتدريس والإفادة والتصدير والإعادة وَأَنه أهل لما يَتَوَلَّاهُ من المناصب الدِّينِيَّة والوظائف الشَّرْعِيَّة لما اشْتَمَل عَلَيْهِ من الْفَضِيلَة وانطوى عَلَيْهِ من حسن الطوية مَعَ مَا تميز بِهِ من الْأَوْصَاف الجميلة وَتفرد بِهِ من المناقب الجليلة وَأَنه كَاف فِيمَا يباشره من سَائِر الولايات موثوق بأقواله وأفعاله فِي جَمِيع الْحَالَات يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه محْضر بأهلية نَاظر وقف وانفراده بِهِ شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنه من أهل الْعَدَالَة وَالْأَمَانَة والعفة والصيانة والديانة عدل رَضِي أَمِين أهل للنَّظَر فِي الْوَقْف الْفُلَانِيّ كَاف فِي ذَلِك وَأَنه مُنْفَرد بِاسْتِحْقَاق النّظر الْمَذْكُور بِحكم أَنه لم يبْق أحد من نسل الْوَاقِف سواهُ وَإِن كَانَ بِحكم أَنه أرشد الْمَوْجُودين فَيَقُول بعد قَوْله كَاف فِي ذَلِك وَأَنه أرشد الْمَوْجُودين يَوْمئِذٍ من مستحقي الْوَقْف الْفُلَانِيّ الْمَنْسُوب إيقافه إِلَى فلَان فَإِن كَانَت كِتَابَة ذَلِك فِي فصل على ظَاهر كتاب الْوَقْف فيحيل فِي الوقفية على بَاطِن الْكتاب ثمَّ يَقُول وَأَنه أولاهم بِالنّظرِ فِي أَمر الْوَقْف الْمَذْكُور وَأَنه مُسْتَحقّ النّظر فِي ذَلِك بِمُقْتَضى أَنه أرشد الْمَوْجُودين من مستحقي الْوَقْف الْمَذْكُور الِاسْتِحْقَاق الشَّرْعِيّ يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه محْضر بأهلية متطبب شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَو يشْهد من يضع خطه آخِره من الشُّهَدَاء الْأُمَنَاء الثِّقَات الْعُدُول الْفُضَلَاء الحاذقين الْعُقَلَاء النبلاء الَّذين أتقنوا علم الطِّبّ إتقانا كَافِيا وحرروه تحريرا شافيا وَظَهَرت فضيلتهم بَين الْأَنَام واشتهروا بِمَعْرِِفَة الطِّبّ وَأَحْكَامه شهرة انْتَفَى مَعهَا الشَّك والإبهام أَنهم يعْرفُونَ الْحَكِيم الْأَجَل الْفَاضِل المتقن المحصل فلَانا معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنه اشْتغل بصناعة الطِّبّ علما وَعَملا وَحصل مِنْهَا تفاصيلا وجملا وَحفظ مَا يتَعَيَّن حفظه من هَذَا الْعلم وَبحث فِيمَا لَا بُد لَهُ من الْبَحْث عَنهُ على أوضح الطّرق وَأبين المسالك وتدرب مَعَ مَشَايِخ الْأَطِبَّاء الألباء وباشر معالجة الْأَبدَان مُبَاشرَة دلّت على حذقه ومعرفته وَأَنه حَكِيم طَبِيب معالج طبائعي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 377 خَبِير فَاضل أهل للمعالجة ومداواة المرضى مَأْمُون فِي ذَلِك كُله عَارِف بتركيب مَا يحْتَاج إِلَيْهِ لبرء الأدواء من الدَّوَاء على أوضاعها الْمُعْتَبرَة وقوانينها المحررة من غير إخلال بجزئية وَلَا كُلية يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل على نَحْو مَا سبق محْضر بأهلية جرائحي شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنه من أهل الثِّقَة وَالْأَمَانَة والعفة والصيانة سالك الطَّرِيق الحميدة والمناهج السديدة سيرته مشكورة ومعرفته ظَاهِرَة مأثورة مَأْمُون الغائلة فِي اطِّلَاعه على الْجِرَاحَات والطلوعات والدماميل والقروحات وَمَا يعرض فِيهَا بِالْقربِ من مَحل عورات النِّسَاء المخدرات خَبِير بتركيب المراهم والذرورات وَأَنه ذُو فطنة وَمَعْرِفَة وخبرة بالجراحات من المأمومات والمتلاحمات والموضحات والمنقلات ذُو خفَّة فِي الشَّرْط والبط والفصد مدرك لما مكنه أهل هَذَا الْعلم من اللقط والخط إدراكا يُؤمن مَعَه الِاشْتِبَاه والتصحيف عليم بمداواة الشجاج بِالرَّأْسِ ومداواة أمراض الْفَم والأضراس ظَاهر الْمعرفَة والخبرة صَحِيح التَّدْبِير والفكرة كَاف فِيمَا هُوَ بصدده حسن الْمُبَاشرَة بِلِسَانِهِ وَيَده مُسْتَحقّ لإِطْلَاق تَصَرُّفَاته فِي صَنعته أُسْوَة حذاق جماعته أهل للدخول إِلَى بيُوت النَّاس بِسَبَب مَا يدعى إِلَيْهِ من المعالجة والأشغال الْعَارِضَة يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل على نَحْو مَا سبق محْضر بأهلية كَحال شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنه سالك الطرائق الحميدة والمناهج السديدة مُتبع الْأَمَانَة متجنب الْفُحْش والتدليس والخيانة عَالم بصناعة الْكحل عَارِف بأمراض الْعين وأوجاعها ومتولداتها خَبِير بِمَا يكون فِي الْعين من الشرانق والسبل والرمد والأوجاع عى اختلافها عَالم بتركيب الأكحال والإشيافات وأجزائها والذرورات والسعوطات ناهض فِيمَا هُوَ بصدده يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل على نَحْو مَا سبق محْضر إعسار شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنه فَقير مُعسر لَا مَال لَهُ عَاجز عَن وَفَاء مَا عَلَيْهِ من الدُّيُون الشَّرْعِيَّة وَعَن بَعْضهَا وَعَن عشرَة دَرَاهِم فضَّة يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل على نَحْو مَا سبق محْضر بإعسار الزَّوْج بِالنَّفَقَةِ وَالْكِسْوَة وغيبته شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا وفلانة معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنَّهُمَا زوجان متناكحان بِنِكَاح صَحِيح شَرْعِي دخل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 378 الزَّوْج مِنْهُمَا بِالزَّوْجَةِ وأصابها واستولدها على فرَاشه أَوْلَادًا ويسميهم إِن كَانَ بَينهمَا أَوْلَاد وَإِن كَانَ لم يدْخل بهَا فَيَقُول وَأَن الزَّوْج لم يدْخل بهَا وَأَنَّهَا عرضت نَفسهَا عَلَيْهِ فَامْتنعَ من الدُّخُول بهَا ثمَّ إِنَّه سَافر عَنْهَا من مُدَّة كَذَا وَكَذَا أَو غَابَ عَنْهَا الْغَيْبَة الشَّرْعِيَّة من مُدَّة تزيد على كَذَا أَو على سنة أَو أَكثر تتقدم على تَارِيخه وَأَنَّهَا مُقِيمَة على طَاعَته مُلَازمَة للسكن الَّذِي تَركهَا فِيهِ وَلم يتْرك لَهَا نَفَقَة وَلَا واصلها بِنَفَقَة وَأَنَّهَا عاجزة عَن التَّوَصُّل إِلَى نَظِير مَا يجب لَهَا عَلَيْهِ من النَّفَقَة وَالْكِسْوَة واللوازم الشَّرْعِيَّة وَأَنه فَقير مُعسر عَاجز لَا مَال لَهُ مُتَعَيّن وَلَا مَوْجُود حَاضر وَقد تضررت زَوجته الْمَذْكُورَة بِسَبَب غيبته وتعذرت مصلحتها ووصولها إِلَى مَا يجب لَهَا عَلَيْهِ شرعا من جِهَته وجهة أحد بِسَبَبِهِ وَأَنه مُسْتَمر الْغَيْبَة إِلَى الْآن فَإِن كَانَ الْإِعْسَار بِالصَّدَاقِ قبل الدُّخُول كتب وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنه فَقير مُعسر عَاجز عَن وَفَاء صدَاق زَوجته فُلَانَة الْمَذْكُورَة الَّذِي تزَوجهَا عَلَيْهِ وَقدره كَذَا وَكَذَا وَأَنه لَا يقدر عَلَيْهِ وَلَا على بعضه وَلَا يعلم لَهُ مَال يقوم بِهِ ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه محْضر بحريّة من ادّعى رقّه شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنه حر الأَصْل لم يمسهُ رق وَلَا أحدا من أَبَوَيْهِ وَلَا عبودية لأحد عَلَيْهِمَا وَلَا عَلَيْهِ وَأَنه مُسلم بَين مُسلمين أصليين وَلم يكن الْإِسْلَام طارئا عَلَيْهِم يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل محْضر بِعَيْب فِي جَارِيَة شُهُوده الواضعون خطوطهم آخِره وهم من أهل الْخِبْرَة بالرقيق وعيوبه نظرُوا الْجَارِيَة المدعوة فُلَانَة الحبشية الْجِنْس الْمسلمَة الَّتِي بيد فلَان نظر مثلهم لمثلهَا بِمحضر من الْخَصْمَيْنِ فوجدوا بهَا من الْعُيُوب البرص فِي سَائِر جَسدهَا والحمى المزمنة فِي أعضائها وَأَن ذَلِك من زمن مُتَقَدم على تَارِيخ الْعهْدَة الَّتِي أظهرها من يَده المُشْتَرِي الْمَذْكُور وَأَن ذَلِك عيب شَرْعِي مُوجب للرَّدّ منقص للثّمن يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ ويكمل على نَحْو مَا تقدم محْضر بوقف قَرْيَة على جمَاعَة شُهُوده يعْرفُونَ جَمِيع الْقرْيَة الْفُلَانِيَّة وأراضيها ويصفها ويحددها بحقوقها كلهَا وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنَّهَا وقف مؤبد وَحبس محرم مخلد صَحِيح لَازم شَرْعِي مَنْسُوب إِلَى إيقاف فلَان على أَوْلَاده ثمَّ على أَوْلَاد أَوْلَاده ثمَّ على نَسْله وعقبه بَينهم على حكم الْفَرِيضَة الشَّرْعِيَّة ثمَّ على جِهَة مُتَّصِلَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 379 بالفقراء وَالْمَسَاكِين الْمُسلمين وَمن شَرطه أَن لَا يُؤجر فِي عقد وَاحِد أَكثر من سنة وَاحِدَة أَو سنتَيْن فَمَا دونهمَا وَأَن النّظر فِيهِ للأرشد فالأرشد من أهل الْوَقْف ومستحقيه ويكمل على نَحْو مَا سبق محْضر بِاسْتِحْقَاق جمَاعَة لوقف شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا وَفُلَانًا وَفُلَانًا معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنهم هم المستحقون يَوْمئِذٍ لمنافع الْمَكَان الْفُلَانِيّ الْمَنْسُوب إيقافه إِلَى فلَان ويوصف الْمَكَان ويحدد بحقوقه كلهَا على أَوْلَاده ثمَّ على أَوْلَاد أَوْلَاده ثمَّ على ذُريَّته ونسله وعقبه استحقاقا صَحِيحا شَرْعِيًّا بَينهم على مَا يفصل فِيهِ فَالَّذِي يسْتَحقّهُ فلَان المبدي بِذكرِهِ كَذَا وَالَّذِي يسْتَحقّهُ فلَان المثني بِذكرِهِ كَذَا وَالَّذِي يسْتَحقّهُ فلَان الثَّالِث كَذَا وهم من ذُرِّيَّة الْوَاقِف الْمُسَمّى أَعْلَاهُ مُتَّصِلَة أنسابهم بِهِ وَأَنه آل إِلَيْهِم مَآلًا صَحِيحا شَرْعِيًّا على حكم شَرط الْوَاقِف الْمَذْكُور فِي كتاب وَقفه وَأَنه لم يبْق يَوْم تَارِيخه من يسْتَحق مَنَافِع الْمَوْقُوف الْمعِين أَعْلَاهُ سوى المسمين أَعْلَاهُ بَينهم حَسْبَمَا عين أَعْلَاهُ وَأَنَّهُمْ انفردوا بِهِ وباستحقاقه جَمِيعه بَينهم على الحكم المشروح أَعْلَاهُ ويكمل محْضر بِاسْتِحْقَاق وقف يكْتب بذيل كتاب الْوَقْف شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا الْمَوْقُوف عَلَيْهِ أَولا فِي كتاب الْوَقْف المسطر بأعاليه معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنه توفّي فِي شهر كَذَا من سنة كَذَا بعد أَن انْتَهَت إِلَيْهِ مَنَافِع الْوَقْف الْمعِين فِي كِتَابه المسطر بأعاليه أَو يَقُول بعد أَن آل إِلَيْهِ الْوَقْف الْمَذْكُور مَآلًا صَحِيحا شَرْعِيًّا وانتهت إِلَيْهِ مَنَافِعه بِتَمَامِهَا وكمالها انْتِهَاء لَازِما وَانْفَرَدَ باستحقاقها بِمُقْتَضى شَرط الْوَاقِف الْمشَار فِيهِ وتناوله إِلَى حِين وَفَاته من غير دَافع وَلَا مَانع وَلَا انْتقل من يَده إِلَى يَد أحد من خلق الله تَعَالَى إِلَى حِين وَفَاته وَأَنه خلف وَترك ابْنَته لصلبه فُلَانَة لم يخلف ولدا غَيرهَا وَلَا نَسْلًا وَلَا عقبا سواهَا وَأَن ذَلِك آل إِلَيْهَا مَآلًا صَحِيحا شَرْعِيًّا وانفردت باستحقاقه بِمُقْتَضى شَرط الْوَاقِف الْمشَار إِلَيْهِ يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه محْضر بانتقال وقف شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنه توفّي إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى عَن غير ولد وَلَا ولد ولد وَلَا نسل وَلَا عقب وَخلف فِي دَرَجَته أَخَوَيْهِ شقيقيه هما فلَان وَفُلَان لم يخلف فِي دَرَجَته من نسل أَبَوَيْهِ سواهُمَا وانتقل مَا كَانَ مُخْتَصًّا بِهِ من الْوَقْف الْفُلَانِيّ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا سَهْما إِلَى أَخَوَيْهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 380 الْمَذْكُورين بَينهمَا بِالسَّوِيَّةِ بِمُقْتَضى شَرط الْوَاقِف انتقالا صَحِيحا شَرْعِيًّا وانفردا بِنَصِيبِهِ كُله واختصا بِهِ اختصاصا كَامِلا يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل على نَحْو مَا سبق محْضر باستمرار النَّاظر فِي وقف شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنه هُوَ النَّاظر والمستحق النّظر فِي أَمر الْوَقْف الْفُلَانِيّ الْمَنْسُوب إِلَى إيقاف فلَان وَأَنه مبَاشر لوظيفة النّظر فِي ذَلِك مُسْتَقر ومستمر فِيهَا من مُدَّة مُتَقَدّمَة على تَارِيخه بطرِيق شَرْعِي لَازم مُعْتَبر مرعي بِمُقْتَضى شَرط الْوَاقِف الْمَذْكُور يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل محْضر بوقف على جِهَة شُهُوده يعْرفُونَ جَمِيع الْمَكَان الْفُلَانِيّ ويوصف ويحدد بحقوقه كلهَا وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَن جَمِيع الْمَكَان الْمَحْدُود الْمَوْصُوف بأعاليه وقف مؤبد وَحبس صَرِيح محرم مخلد مَنْسُوب إِلَى إيقاف فلَان على من يُوجد من نسل الْوَاقِف الْمَذْكُور وعقبه وَأَن الْمَوْجُودين من نسل الْوَاقِف الْمَذْكُور يَوْمئِذٍ فِي قيد الْحَيَاة فلَان وَفُلَان وَأَن شُهُوده يعرفونهم معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة جَامِعَة وَأَنَّهُمْ ينتسبون إِلَى الْوَاقِف الْمَذْكُور بِالْآبَاءِ والأمهات وَأَن مَنَافِع الْوَقْف الْمَذْكُور انْتَهَت إِلَيْهِم واستحقوها بَينهم على سِهَام مَعْلُومَة عِنْدهم وأيديهم ثَابِتَة عَلَيْهَا لَيْسَ لَهُم شريك فِيهَا وَلَا مُنَازع يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل محْضر بانحصار الْوَقْف فِي شخص بمفرده شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنه يسْتَحق يَوْمئِذٍ بِحكم الْوَقْف الصَّحِيح الشَّرْعِيّ والتحبيس الصَّرِيح المرعي الْمُنْتَقل إِلَيْهِ المنحصر فِيهِ شرعا جَمِيع الْحصَّة الْفُلَانِيَّة من الْمَكَان الْفُلَانِيّ ويصفه ويحدده وحقوقه استحقاقا صَحِيحا شَرْعِيًّا بِمُقْتَضى شَرط الْوَاقِف لذَلِك وَأَن الْحصَّة الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ فِي تصرفه وَيَده ثَابِتَة عَلَيْهَا وَأَن تصرفه تَامّ فِيهَا بِحكم الْوَقْف الْمَذْكُور من غير مَانع وَلَا معَارض وَلَا مُنَازع وَلَا رَافع يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل محْضر بوفاة شخص وانتقال مَا بِيَدِهِ من الْوَقْف إِلَى أَوْلَاده شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنه توفّي إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى وَخلف أَوْلَاده لصلبه وهم فلَان وَفُلَان وَفُلَان لم يخلف سواهُم وَأَن الَّذِي كَانَ يسْتَحقّهُ من الْوَقْف الْمَنْسُوب إِلَى إيقاف جده فلَان وَهُوَ جَمِيع الْمَكَان الْفُلَانِيّ ويوصف ويحدد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 381 بحقوقه كلهَا أَو الْحصَّة الْفُلَانِيَّة كَانَ بِيَدِهِ إِلَى حِين وَفَاته وانتقل إِلَى أَوْلَاده الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ بَينهم بِالسَّوِيَّةِ انتقالا صَحِيحا شَرْعِيًّا وَأَنه آل إِلَيْهِم مَآلًا تَاما وانفردوا بِاسْتِحْقَاق ذَلِك أَو بِنَصِيب والدهم الْمَذْكُور بِمُقْتَضى شَرط واقفه الْمَذْكُور فِي كتاب وَقفه يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل محْضر بملكية فرس هِيَ بيد الْغَيْر شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنه لم يزل مَالِكًا حائزا مُسْتَحقّا مستوجبا لجَمِيع الْحُجْرَة الخضراء الْعَرَبيَّة الْعَالِيَة الْقدر أَو المدورة الَّتِي صفتهَا كَذَا وَكَذَا وَيذكر مَا بهَا من غرَّة أَو تحجيل أَو وسم نَار أَو غير ذَلِك من الصِّفَات الَّتِي لَا تَتَغَيَّر بطول الزَّمَان ملكا صَحِيحا شَرْعِيًّا واستحقاقا تَاما مرضيا وَأَنَّهَا عدمت مُدَّة تزيد على كَذَا وَكَذَا شهرا أَو سنة من تَارِيخه وَأَنَّهَا الْآن بيد فلَان بِغَيْر حق وَلَا طَرِيق شَرْعِي وَأَنَّهَا بَاقِيَة على ملك فلَان الْمُسَمّى أَعْلَاهُ إِلَى الْآن لَا يعلمُونَ أَنَّهَا انْتَقَلت عَن ملكه بِبيع وَلَا هبة وَلَا نوع من أَنْوَاع الِانْتِقَالَات الشَّرْعِيَّة وَأَنه يسْتَحق انتزاعها مِمَّن هِيَ فِي يَده الْآن وتسليمها إِلَيْهِ استحقاقا شَرْعِيًّا يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل وَكَذَلِكَ يفعل فِي جَمِيع الْحَيَوَانَات الَّتِي تسرق أَو تضيع وَتظهر بيد الْغَيْر مثل الْجمل وَالْحمار والبغل وَمَا شابه ذَلِك مَعَ التشخيص الشَّرْعِيّ محْضر بِالْملكِ والحيازة شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنه لم يزل مَالِكًا حائزا لجَمِيع الدَّار الْفُلَانِيَّة ويصفها ويحددها بحقوقها كلهَا متصرفا فِيهَا بالسكن والإسكان وَالْإِجَارَة والعمارة وَالْإِبَاحَة وَقبض الْأُجْرَة وَأَنَّهَا بَاقِيَة فِي يَده وَملكه وتصرفه إِلَى الْآن لم تخرج عَنهُ بِبيع وَلَا هبة وَلَا نوع من أَنْوَاع الِانْتِقَالَات الشَّرْعِيَّة إِلَى تَارِيخه أَو لَا يعلمُونَ لملكه نَاقِلا وَلَا مغيرا يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل محْضر بِمَرَض اتَّصل بِالْمَوْتِ شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنه مرض مَرضا شَدِيدا مخوفا كَانَ مَعَه صَاحب فرَاش وَأَنه لم يزل بذلك الْمَرَض إِلَى أَن اتَّصل بِمَوْتِهِ وَتُوفِّي فِي تَارِيخ كَذَا يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل محْضر بوفاة رجل عَن زَوْجَة وَحمل ولد بعد أَبِيه شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا وَزَوجته فُلَانَة معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيًّا وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنه توفّي وَخلف زَوجته فُلَانَة الْمَذْكُورَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 382 حَامِلا وَأَنَّهَا ولدت بعد وَفَاته ولدا ذكرا يدعى فلَان فورثه مَعَ أمه وَأُخْته فُلَانَة من أَبَوَيْهِ وَأَن إِرْثه انحصر فيهم من غير شريك وَلَا حَاجِب وَلَا وَارِث لَهُ سواهُم وَلَا مُسْتَحقّا لتركته غَيرهم يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل على نَحْو مَا سبق محْضر بوفاة عبد وانتقال إِرْثه إِلَى سَيّده شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا ابْن عبد الله الرُّومِي أَو الأرمني الْجِنْس وسيده فلَانا معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنه توفّي وانحصر إِرْثه الشَّرْعِيّ فِي سَيّده فلَان الْمَذْكُور وَأَن العَبْد الْمَذْكُور لم يزل فِي يَد سَيّده الْمَذْكُور وَفِي رقّه أَو فِي ملكه ورق عبوديته إِلَى حِين وَفَاته وَأَنه مُسْتَحقّ لجَمِيع مَا خَلفه تَرِكَة عَنهُ من غير شريك لَهُ فِي ذَلِك وَلَا حَاجِب يَحْجُبهُ عَن استكماله يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل وَإِن كَانَ قد أعْتقهُ وَمَات العَبْد فَيَقُول وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنه عَتيق لفُلَان وَأَنه يسْتَحق إِرْث مُعْتقه بِحكم أَنه مَاتَ عَن غير عصبَة وَلَا زَوْجَة وَأَن إِرْثه انحصر فِي عتيقه الْمَذْكُور بمفرده يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل محْضر بوفاة من لَهُ أَب وَأم وَأَخَوَانِ حجبا الْأُم من الثُّلُث إِلَى السُّدس وَهُوَ حجب تنقيص وحجبهما الْأَب عَن الْإِرْث حجب حرمَان شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنه توفّي إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى وَخلف من الْوَرَثَة الْمُسْتَحقّين لميراثه الحائزين لتركته أَبَاهُ فلَانا وَأمه فُلَانَة وَلم يخلف وَارِثا سواهُمَا وَلَا مُسْتَحقّا لتركته غَيرهمَا وَأَن الَّذِي خص أمه من ذَلِك السُّدس بِحكم أَن الْمَوْرُوث لَهُ أَخَوان حجباها من الثُّلُث إِلَى السُّدس وحجبهما الْأَب واختص بباقي التَّرِكَة وَهُوَ النّصْف وَالثلث يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل على نَحْو مَا سبق محْضر بوفاة شخص بالاستفاضة شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك بالاستفاضة الشَّرْعِيَّة وَالْخَبَر الشَّائِع الذائع وَالنَّقْل الصَّحِيح الْمُتَوَاتر أَنه درج بالوفاة إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى من مُدَّة تزيد على كَذَا بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيّ وَأَن إِرْثه انحصر فِي فلَان وَفُلَان وَفُلَان لم يخلف وَارِثا سواهُم وَلَا مُسْتَحقّا لتركته غَيرهم وَمَعَ ذَلِك فَلَا بُد أَن يشْهدُوا بِمَوْتِهِ على ألبت وَلَا يجْعَلُونَ مُسْتَنده الشَّهَادَة بالاستفاضة وَإِن كَانَت الشَّهَادَة بالوفاة وَحضر الْوَرَثَة عِنْد قَاض مالكي الْمَذْهَب فَيَقُول وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنه درج بالوفاة إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى وانحصر إِرْثه الشَّرْعِيّ فِي فلَان وَفُلَان وَفُلَان ويكمل على نَحْو مَا سبق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 383 محْضر بوفاة قوم بعد قوم وانحصار الْإِرْث فيهم شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنه توفّي إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى وانحصر إِرْثه الشَّرْعِيّ فِي زَوجته فُلَانَة وَأَوْلَاده مِنْهَا فلَان وَفُلَان وَفُلَان بَينهم على حكم الْفَرِيضَة الشَّرْعِيَّة لم يخلف وَارِثا سواهُم ثمَّ توفّي فلَان من الْوَرَثَة الْمَذْكُورين وانحصر إِرْثه الشَّرْعِيّ فِي والدته وَإِخْوَته الْمَذْكُورين أَو فِي وَلَده لصلبه فلَان وَزَوجته فُلَانَة ثمَّ توفّي فلَان وانحصر إِرْثه الشَّرْعِيّ فِي أَخِيه وَأمه بَقِيَّة الْوَرَثَة الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ ثمَّ توفيت الْأُم وانحصر إرثها الشَّرْعِيّ فِي وَلَدهَا فلَان وَهُوَ بَاقٍ من الْمَسْأَلَة الأولى ثمَّ توفّي فلَان الْمَذْكُور وانحصر إِرْثه الشَّرْعِيّ فِي ابْن أَخِيه لِأَبَوَيْهِ فلَان الْمَذْكُور أَعْلَاهُ ثمَّ توفّي فلَان وَهُوَ ابْن الْأَخ الْمَذْكُور وانحصر إِرْثه فِي أمه فُلَانَة وَبَيت المَال الْمَعْمُور ثمَّ توفيت فُلَانَة وانحصر إرثها فِي عصباتها فَإِن لم يكن فَفِي بَيت المَال الْمَعْمُور يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل محْضر بِاسْتِحْقَاق مَاء من ساقية تجْرِي إِلَى عدَّة بساتين شُهُوده يعْرفُونَ الساقية الْفُلَانِيَّة الْمَعْرُوفَة بِكَذَا المفتتحة فِي كتف النَّهر الْفُلَانِيّ الْمَعْرُوف بِكَذَا معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة غير مَجْهُولَة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَن ماءها يَنْقَسِم بَين بُسْتَان كَذَا وبستان كَذَا ويعدد الْبَسَاتِين إِلَى آخرهَا ويحدد كل وَاحِد مِنْهَا على كَذَا وَكَذَا إِصْبَع وَأَن الَّذِي يخْتَص بالبستان الأول الْمَحْدُود الْمَوْصُوف أَعْلَاهُ من ذَلِك إصبعان من أَصَابِع الذِّرَاع النجاري يجْرِي هَذَا المَاء إِلَيْهِ أبدا دَائِما مستمرا بِحَق قديم وَاجِب مَا جرى المَاء فِي النَّهر الْمَذْكُور وَجرى فِي الساقية الْمَذْكُورَة على الْوَجْه الْآتِي شَرحه وَالتَّفْصِيل الَّذِي يذكر فِيهِ وَهُوَ أَنه إِذا انْتهى إِلَى الْمقسم الَّذِي بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ فينقسم على نوب أَهله وَيجْرِي دوائر مَعْلُومَة مَفْرُوضَة فِي قرم من الْخشب محررة وَإِن كَانَ مَاء الساقية قَلِيلا لَا يعم جَمِيع هَذِه الْبَسَاتِين فِي جَرَيَانه إِلَى كل مِنْهَا دَائِما وَإِنَّمَا يجْرِي إِلَى كل بُسْتَان بجملته فِي نوبَته فَيَقُول يجْرِي مَاء هَذِه الساقية إِلَى الْبَسَاتِين الْمَذْكُورَة حَسْبَمَا يَأْتِي تَفْصِيله فَيوم السبت وَلَيْلَته من حُقُوق الْبُسْتَان الْمَحْدُود أَولا وَيَوْم كَذَا وَلَيْلَته من حُقُوق الْبُسْتَان الْمَعْرُوف بِكَذَا إِلَى آخر الْبَسَاتِين يجْرِي المَاء إِلَى هَذِه الْأَمَاكِن الْمَذْكُورَة على مَا فصل وَعين بِحَق وَاجِب مُسْتَمر دَائِم من غير منع وَلَا نقض أَو من غير مَانع وَلَا معَارض وَلَا نقض وَلَا وضع حجر فِي رَأس هَذِه الساقية وَلَا فِي شَيْء مِنْهَا وَأَن ذَلِك مُسْتَمر من السنين الْقَدِيمَة والأعوام الْمَاضِيَة وأيدي مستحقي هَذِه الْأَمَاكِن من ملاكها متصرفة فِي ذَلِك التَّصَرُّف التَّام ثَابِتَة عَلَيْهِ مُخْتَصَّة بِهِ من غير مشارك وَلَا مُنَازع لَهُم فِي ذَلِك وَلَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 384 فِي شَيْء مِنْهُ يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل وَإِن كَانَ هَذَا الْمحْضر عمل بِسَبَب أَن أحدا اعْتدى على المَاء وَأَخذه بِغَيْر حق أَو قطعه وَمنع جَرَيَانه إِلَى الْبُسْتَان فيذكر ذَلِك جَمِيعه وَيذكر صفة استحقاقهم وَإِن كَانَ حق المَاء مَذْكُورا فِي كتاب الْوَقْف أَو كتاب التبايع نبه عَلَيْهِ وَأَشَارَ إِلَيْهِ ثمَّ يَقُول وَأَن أهل الْقرْيَة الْفُلَانِيَّة تعدوا على المَاء وسدوا هَذِه الساقية فِي ليَالِي الْأُسْبُوع الْمُسْتَحقَّة للمكان الْمَذْكُور بِالْيَدِ العادية وَمنعُوا مستحقي هَذَا المَاء الْجَارِي فِيهَا من إجرائه إِلَى أماكنهم الْمَذْكُورَة بِغَيْر حق وَلَا طَرِيق شَرْعِي يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل محْضر بِاسْتِحْقَاق دَار مَاء من الْقَنَاة شُهُوده يعْرفُونَ جَمِيع الدَّار الْفُلَانِيَّة الْجَارِيَة فِي ملك فلَان ويصفها ويحددها معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَن لهَذِهِ الدَّار حَقًا قَدِيما من المَاء الْجَارِي فِي الْقَنَاة الْفُلَانِيَّة أَو النَّهر الْفُلَانِيّ الْوَاصِل إِلَى مَدِينَة كَذَا يجْرِي المَاء الْمَذْكُور من الْقَنَاة الْمَذْكُورَة فِي طوالع ونوازل وقساطل مدفونة إِلَى أَن يصل إِلَيْهَا مدرارا لَيْلًا وَنَهَارًا وَأَن ذَلِك بِحَق وَاجِب صَحِيح شَرْعِي لَازم مُسْتَمر أبدا مَا جرى المَاء فِي الْقَنَاة الْمَذْكُورَة وَوصل إِلَى هَذِه الدَّار وَأَن مَالك الدَّار الْمَذْكُور أَعْلَاهُ يسْتَحق إِجْرَاء المَاء الْمَذْكُور إِلَى دَاره الْمَذْكُورَة حَسْبَمَا عين أَعْلَاهُ استحقاقا صَحِيحا شَرْعِيًّا من غير منع وَلَا سد وَلَا دَافع وَلَا معترض وَأَن يَده ثَابِتَة على ذَلِك بِحَق وَاجِب لَازم وَتصرف تَامّ فِيهِ يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل على نَحْو مَا سبق محْضر قيمَة فِيهَا استظهار شُهُوده يعْرفُونَ جَمِيع الْمَكَان الْفُلَانِيّ ويوصف ويحدد بحقوقه كلهَا معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَأَنَّهُمْ صَارُوا إِلَيْهِ ووقفوا عَلَيْهِ وكشفوه وعاينوه وشاهدوه وعرفوه ونظروه وتأملوه وَأَحَاطُوا بِهِ علما وخبرة نَافِيَة للْجَهَالَة وَقَالُوا إِن ثمن الْمثل وَقِيمَة الْعدْل لَهُ يَوْمئِذٍ كَذَا وَكَذَا وَأَن هَذِه الْقيمَة قيمَة عادلة لَا حيف فِيهَا وَلَا شطط وَلَا غبن وَلَا فرط وَأَن فِي بيع الْمَكَان الْمَذْكُور بِالثّمن الْمعِين أَعْلَاهُ أَو بِالْقيمَةِ الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ حظا وافرا وغبطة ظَاهِرَة ومصلحة تَامَّة بَيِّنَة وَقد تقدم نَظِير هَذَا الْمحْضر فِي البيع على الْمَحْجُور عَلَيْهِ أَو يَقُول وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَن قيمَة الْعدْل عَنهُ وَثمن الْمثل لَهُ يَوْمئِذٍ بِمَا فِيهِ الْغِبْطَة الزَّائِدَة المسوغة للْبيع على بَيت المَال الْمَعْمُور كَذَا وَكَذَا من ذَلِك كَذَا قيمَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 385 الْعدْل وَثمن الْمثل وَالْبَاقِي وَهُوَ كَذَا غِبْطَة ظَاهِرَة وَزِيَادَة وافرة مستظهرة يسوغ مَعَ موجودها البيع على جِهَة بَيت المَال الْمَعْمُور وَمن النَّاس من يفرز سدس الْمَجْمُوع يَجعله غِبْطَة مستظهرة لجِهَة بَيت المَال أَو الْأَيْتَام أَو للْوَقْف أَو غير ذَلِك مِمَّا يحْتَاج فِيهِ إِلَى محْضر الْقيمَة وَمَا عدا السُّدس يكون ثمنا وَتقوم الْبَيِّنَة أَنه ثمن الْمثل مِثَاله كَانَ الْمَجْمُوع سِتَّة آلَاف دِرْهَم فَيَقَع عقد البيع على الْمَجْمُوع فَيَقُول بِثمن مبلغه سِتَّة آلَاف مثلا من ذَلِك مَا هُوَ ثمن الْمثل وَقِيمَة الْعدْل خَمْسَة آلَاف دِرْهَم وَبَاقِي ذَلِك وَهُوَ ألف دِرْهَم غِبْطَة وافرة ومصلحة ظَاهِرَة مستظهرة لجِهَة بَيت المَال الْمَعْمُور فَإِذا انْتهى عقد البيع على ذَلِك كتب مَا ذَكرْنَاهُ فِي فصل الْقيمَة ويكمل على نَحْو مَا سبق محْضر بِعَيْب فِي دَار فسخ البيع فِيهَا بِالْعَيْبِ شُهُوده يعْرفُونَ جَمِيع الدَّار الْفُلَانِيَّة ويصفها ويحددها الَّتِي ابتاعها فلَان من فلَان فِي تَارِيخ كَذَا معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَن جدارها الْفُلَانِيّ الْخَاص بهَا معيب بِسَبَب كَذَا ويصف الْعَيْب وَصفا تَاما ثمَّ يَقُول وَهُوَ عيب قديم مُتَقَدم على تَارِيخ الشِّرَاء الْمَذْكُور يخفى على المُشْتَرِي وعَلى أَمْثَاله وَهُوَ ينقص الْقيمَة وَيُوجب الرَّد وَأَن المُشْتَرِي حِين اطِّلَاعه على الْعَيْب الْمَذْكُور بَادر على الْفَوْر وَفسخ عقد البيع الصَّادِر بَينه وَبَين البَائِع الْمُسَمّى أَعْلَاهُ فسخا شَرْعِيًّا مُوجبا لرد الْمَبِيع على بَائِعه واسترجاع الثّمن الْمَقْبُوض مِنْهُ بِسَبَب ذَلِك وَأَنه رفع عَن ذَلِك يَده من حِين الْفَسْخ الْمَذْكُور وأشهدهم عَلَيْهِ بذلك رفعا تَاما ويكمل وَقد تقدم ذكر محْضر الرَّقِيق وعَلى نَحوه يكْتب فِي الْحَيَوَانَات كلهَا النَّاطِق مِنْهَا إِن كَانَ الْعَيْب الَّذِي ظهر فِيهَا بهقا أَو برصا أَو جنونا أَو جذاما أَو طلوعا أَو آثَار طُلُوع أَو قروحا أَو دماميل أَو كيات نَار ذكرهَا وَذكر موَاضعهَا على قدر مَا يسْتَحقّهُ الشَّاهِد فِيهَا وَفِي الْحَيَوَانَات الصامتة مثل العرج والزمن والعفل والنمل والجرد والنقرس والسرطان والحمر والعنز والتكميد والاصطكاك والرفص والتشريخ والمدغ للمقود واللجام وَغير ذَلِك فيذكر فِي كل دَابَّة مَا يكون فِيهَا ويكمل على نَحْو مَا سبق محْضر بِنسَب بِالشَّهَادَةِ على الْبَتّ شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 386 وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنه ولد فلَان لصلبه وَأَن نسبه مُتَّصِل بنسبه وَأَن فلَانا من نسل الْوَاقِف الْمَذْكُور بَاطِنه أَو من نسل فلَان الْفُلَانِيّ الْوَاقِف الْمَذْكُور مُتَّصِل النّسَب إِلَيْهِ بِالْآبَاءِ والأمهات إِلَى أَن يرجع بنسبه إِلَيْهِ وَإِن انْضَمَّ إِلَى الشَّهَادَة بِالنّسَبِ وَفَاة وَحصر وَرَثَة فَيَقُول وَأَن فلَانا الْمَذْكُور توفّي بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ وانحصر إِرْثه الشَّرْعِيّ فِي أَوْلَاده لصلبه أَو غير ذَلِك من الْوَرَثَة وهم فلَان وَفُلَان من غير شريك لَهُم فِي ذَلِك وَلَا حَاجِب يحجبهم عَن اسْتِيفَائه واستكماله ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه محْضر بِإِسْلَام ذمِّي شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا الْيَهُودِيّ أَو النَّصْرَانِي وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنه تلفظ بِالشَّهَادَتَيْنِ المعظمتين وهما شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله أرْسلهُ بِالْهَدْي وَدين الْحق لِيظْهرهُ على الدّين كُله وَلَو كره الْمُشْركُونَ وَأَن مُوسَى عبد الله وكليمه إِذا كَانَ الْمَشْهُود لَهُ يَهُودِيّا وَإِن كَانَ نَصْرَانِيّا فَيَقُول وَأَن عِيسَى عبد الله وَرَسُوله وكلمته أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم وروح مِنْهُ وَقَالَ أَنا بَرِيء من كل دين يُخَالف دين الْإِسْلَام وَدخل فِي ذَلِك طَائِعا رَاغِبًا فِيمَا عِنْد الله من الثَّوَاب الَّذِي أعده الله لِعِبَادِهِ الْمُؤمنِينَ طَائِعا مُخْتَارًا من غير إِكْرَاه وَلَا إِجْبَار وَالْتزم بِالْقيامِ بِمَا يجب عَلَيْهِ مَعَ ذَلِك من أَحْكَام الْإِسْلَام على الِاسْتِمْرَار والدوام يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل على نَحْو مَا سبق محْضر بكفاءة فِي التَّزْوِيج شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنه من أهل الْخَيْر وَالصَّلَاح وَالدّين والعفاف كُفؤًا لِأَن يتَزَوَّج فُلَانَة بنت فلَان فِي النّسَب وَالدّين والصنعة وَالْحريَّة وَالْمَال والكفاءة الشَّرْعِيَّة يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل محْضر بِمهْر الْمثل شُهُوده يعْرفُونَ فُلَانَة معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَن مهر مثلهَا مَا مبلغه من الذَّهَب كَذَا أَو من الدَّرَاهِم كَذَا على حكم شرع الْإِسْلَام وَشَرطه يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه محْضر بكر وَقعت فَزَالَتْ بَكَارَتهَا شُهُوده يعْرفُونَ فُلَانَة معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك وهم من الرِّجَال وَالنِّسَاء الْأَحْرَار الْمُسلمين الأتقياء الْأُمَنَاء الأخيار أَنَّهَا فِي الْيَوْم الْفُلَانِيّ وَقعت من الدَّار الْفُلَانِيَّة وَخرج مِنْهَا دم لوث ثِيَابهَا وَشهِدت النسْوَة أَيْضا أَنَّهُنَّ نظرنها عقب الْوَقْعَة نظرة مِثْلهنَّ لمثلهَا فوجدن بَكَارَتهَا قد ذهبت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 387 وزالت بِسَبَب الْوَقْعَة الْمَذْكُورَة يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل محْضر بنشوز الزَّوْجَة وخروجها من منزل زَوجهَا وَلم يعلم مَكَانهَا شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا وَزَوجته فُلَانَة معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنَّهُمَا زوجان متناكحان بِنِكَاح صَحِيح شَرْعِي دخل الزَّوْج مِنْهُمَا بِالزَّوْجَةِ وأصابها واستولدها على فرَاشه أَوْلَادًا ويسميهم ثمَّ يَقُول وَأَن الزَّوْجَة لم تبن مِنْهُ بِطَلَاق بَائِن وَلَا رَجْعِيّ إِلَى الْآن وَأَن أَحْكَام الزَّوْجِيَّة قَائِمَة بَينهمَا إِلَى يَوْم تَارِيخه وَأَن الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة نشزت وَخرجت من منزل زَوجهَا الْمَذْكُور الْكَائِن بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ من غير إِضْرَار كَانَ مِنْهُ لَهَا وَلَا إساءة بَدَت مِنْهُ فِي حَقّهَا وَلَا يعلمُونَ مستقرها وَلَا أَنَّهَا عَادَتْ إِلَى منزله الْمَذْكُور يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل محْضر بِعَدَمِ أَهْلِيَّة امْرَأَة للحضانة شُهُوده يعْرفُونَ فُلَانَة معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنَّهَا مفرطة فِي كفالتها لولدها فلَان الَّذِي رزقته قبل تَارِيخه من مُطلقهَا فلَان وَأَنَّهَا تتركه وَحده بِلَا حَافظ يحفظه لَيْسَ لَهَا شَفَقَة عَلَيْهِ تتركه يبكي من الْجُوع والعطش مُهْملَة لتعاهد أَحْوَاله ومصالحه مُعَاملَة لَهُ بِمَا يُؤَدِّي إِلَى ضعفه وَأَنَّهَا مستمرة على ذَلِك وَأَن الْوَلَد الْمَذْكُور إِن دَامَ فِي كفالتها وَهِي على ذَلِك هلك وَفَسَد حَاله وَخيف عَلَيْهِ يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل محْضر بِإِسْلَام نَصْرَانِيَّة ذَات زوج نَصْرَانِيّ شُهُوده يعْرفُونَ فلَان النَّصْرَانِي وَزَوجته فُلَانَة الْمسلمَة معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنَّهُمَا كَانَا زَوْجَيْنِ متناكحين بِنِكَاح صَحِيح بولِي مُسْتَحقّ لذَلِك وَأَنه دخل بهَا وأصابها وَكَانَت هَذِه الْمسلمَة نَصْرَانِيَّة وَكَانَ نِكَاحهَا على مَا يَقْتَضِيهِ مَذْهَبهمَا مَعًا وأولدها على فرَاشه ولدا يُسمى فلَان وعمره الْآن سنة أَو أقل أَو أَكثر وَإِن كَانَت حَامِلا كتب وَهِي مُشْتَمِلَة على حمل مِنْهُ وصدقها على ذَلِك وَأَن هَذِه الْمَرْأَة رغبت فِي الدُّخُول فِي دين الْإِسْلَام لما علمت أَنه دين الْحق الَّذِي اخْتَارَهُ الله لِعِبَادِهِ وَجعله مخلصا لَهُم فِي الْآخِرَة من عَذَاب النَّار وارتضاه لَهُم دينا قيمًا وَأَن الْحَاكِم الْفُلَانِيّ أعلمهما عِنْد ترافعهما إِلَيْهِ فِي ذَلِك أَنه الدّين الْحق لَا ريب فِيهِ وَأَنَّهَا إِذا دخلت فِيهِ فَلَا سَبِيل لَهَا إِلَى الْخُرُوج عَنهُ وَأَنَّهَا إِن كَانَت فعلت ذَلِك خوفًا من سَبَب من الْأَسْبَاب الدُّنْيَوِيَّة فَإِنَّهُ يتسبب فِي إِزَالَة ذَلِك عَنْهَا فَذكرت أَنَّهَا لم ترغب فِي دين الْإِسْلَام إِلَّا هِدَايَة من الله سُبْحَانَهُ لَهَا إِلَيْهِ وبدأت من نَفسهَا بِالْإِقْرَارِ بِالشَّهَادَتَيْنِ المعظمتين فَعِنْدَ ذَلِك لقنها الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ مَا يجب تلقينه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 388 لمن يرغب فِي الْإِسْلَام بِمحضر من جمَاعَة الْمُسلمين وَهِي شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله وَأَن عِيسَى عبد الله وكلمته أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم وروح مِنْهُ وَأَنَّهَا بريئة من كل دين يُخَالف دين الْإِسْلَام وأمرها أَن تتطهر بِالْمَاءِ من دنس مَا كَانَت عَلَيْهِ وَأَن تتعلم شَيْئا من الْقُرْآن الْعَظِيم مَا تصحح بِهِ صلَاتهَا وَلُزُوم الصَّلَوَات الْخمس فِي أَوْقَاتهَا فَقبلت مِنْهُ وَعرض على زَوجهَا الْحَاضِر مَعهَا أَن يسلم ويأخذها كَمَا كَانَت لَا تبين عَن نِكَاحه وَأَنه لَا سَبِيل لَهُ إِلَيْهَا إِلَّا أَن يسلم وَيدخل فِي دين الْإِسْلَام مَا دَامَت فِي عدته وَأَنَّهَا إِن خرجت من عدته كَانَ لَهَا أَن تتَزَوَّج من تحب وتختار وَلَا يردهَا إِلَيْهِ إِلَّا إِسْلَامه حَسْبَمَا تَقْتَضِيه الشَّرْعِيَّة المطهرة فَأبى وَامْتنع من الْإِسْلَام وتفرقا بالأبدان بعد أَن عرض عَلَيْهِ كَونهَا فِي مُودع الحكم وإنفاقه عَلَيْهَا إِلَى حِين انْقِضَاء عدتهَا فائتمنها على نَفسهَا حَيْثُ أَقَامَت وتسلمت وَلَدهَا مِنْهُ الْمَذْكُور وَصَارَ تَحت يَدهَا وَفِي كفالتها ويكمل على نَحْو مَا سبق فِي المحاضر وَإِن وَقع ذَلِك فِي مجْلِس الحكم الْعَزِيز عِنْد حَاكم شَرْعِي صدر بحضورهما إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ وَأقر إِقْرَارا شَرْعِيًّا فِي صحتهما وسلامتهما وَيذكر مَا تقدم إِلَى آخِره محْضر فِي مُشْرِكين قَالَ الزَّوْج مِنْهُمَا أسلمنَا مَعًا وهما قبل الدُّخُول وَقَالَت الزَّوْجَة أسلم أَحَدنَا قبل الآخر حَتَّى تتعجل الْفرْقَة شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا وفلانة الْمُشْركين معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ على إقرارهما أَنَّهُمَا زوجان متناكحان وَلم يصدر بَينهمَا دُخُول وَلَا إِصَابَة وأسلما مَعًا بحضورهم وَسَمَاع ذَلِك مِنْهُمَا وتلفظا بِالشَّهَادَتَيْنِ المعظمتين مَعًا فِي الْوَقْت الْفُلَانِيّ يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل محْضر بتعجيل الْفرْقَة بِإِسْلَام أَحدهمَا قبل الآخر شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا وفلانة الْمُشْركين معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ على اعترافهما أَنَّهُمَا زوجان متناكحان وَلم يدْخل الزَّوْج مِنْهُمَا بِالزَّوْجَةِ وَأَن الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة أسلمت فِي التَّارِيخ الْفُلَانِيّ وَأَن زَوجهَا الْمَذْكُور أسلم بعْدهَا فِي التَّارِيخ الْفُلَانِيّ وتلفظ كل مِنْهُمَا بِالشَّهَادَتَيْنِ المعظمتين وَإِن أسلم الزَّوْج قبل الزَّوْجَة فيعكس ويكمل على نَحْو مَا سبق محْضر بتزكية وزان فِي القبان شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنه سالك الطرائق الحميدة والمناهج السديدة وَقد تدرب فِي وزن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 389 القبان واشتغل فِيهِ على مشايخه العارفين بِهِ الْمَأْذُون لَهُ فِي التَّعْلِيم وَالْوَزْن من جِهَة أَرْبَاب الْأُمُور بِإِذن شَرْعِي لَهُ فِي التَّعْلِيم لذَلِك من جِهَة فلَان الْفُلَانِيّ وَأَن فلَانا الْمَذْكُور اشْتغل بذلك اشتغالا حسنا وأتقنه إتقانا جيدا وَصَارَ كَغَيْرِهِ من القبانيين الأجياد الصَّادِقين الْأُمَنَاء الأخيار يزن بِهِ وَيخرج الأوزان من الْقَلِيل إِلَى الْكثير وَأَنه ثِقَة أَمِين عدل لَا يعرف الْكَذِب وَلَا يعاشر أهل اللَّهْو واللعب وَهُوَ أهل لِأَن يكون قَائِما فِي الْوَزْن بِالْقِسْطِ لما عرف من طَرِيقَته الحميدة يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ ويكمل محْضر بأهلية ريس مِيقَات شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنه سالك الطرائق الحميدة والمناهج السديدة وَأَنه من أهل الْخَيْر وَالدّين وَالصَّلَاح عدل أَمِين عَارِف بأوقات الصَّلَوَات الْخمس ودخولها فِي الصحو والغيم وَفِي السّفر والحضر لَيْلًا وَنَهَارًا بالآلات الْمَوْضُوعَة لذَلِك وَيعرف تقاسيمها ورموزها ودوائر سموتها وَمَا يتَعَلَّق بذلك من الرسوم والشهور والبروج والميل وَالتَّعْدِيل وَالْعرُوض والمطالع وانتقالات الْكَوَاكِب فِيهَا والنجوم السيارة الْمُتَعَلّقَة بذلك وَيَأْخُذ ارتفاعها بآلاتها الْمَوْضُوعَة لَهَا عَارِف بِصِحَّتِهَا وسقمها وحسابها ودرجها ودقائقها وساعاتها وَفضل الدائر وَنصف قَوس النَّهَار وقوس الظل والساعات الزمانية وأتقن ذَلِك إتقانا جيدا وَهُوَ صَالح أَن يكون رَئِيسا بالجوامع أَو بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ لما حواه من الْعُلُوم المنسوبة لذَلِك وَلما اشْتَمَل عَلَيْهِ من الْأَمَانَة والصدق وَالِاحْتِيَاط الْكَافِي وَهُوَ أهل لِأَن يَعْلُو على المؤذنين لما هُوَ متلبس بِهِ من الْخَيْر وَالدّين وغض الْبَصَر عَن الْمُحرمَات والاحتراز فِي فعله عَن الْكَبَائِر الموبقات وَهُوَ مِمَّن عرف خَيره وَوُقِيَ شَره يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل محْضر بِالسَّرقَةِ شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك على إِقْرَاره أَنه تعاطى السّرقَة بنصاب شَرْعِي وَهُوَ ربع دِينَار خَالص مَضْرُوب أَو مَا قِيمَته ربع دِينَار من حرز شَرْعِي من الْمَكَان الْفُلَانِيّ يُوجب عَلَيْهِ الْقطع وَدفع المَال إِلَى صَاحبه وَإِن كَانَت السّرقَة بِشَيْء كثير من نقد أَو عرض ذكره وَوَصفه ويعتمد على إِقْرَاره بسرقته بِشَرْط وجود صِحَة الْإِقْرَار ويكمل وَإِن كَانَت الشَّهَادَة بِالْمُشَاهَدَةِ فَيَقُول وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنهم شاهدوه سرق كَذَا وَكَذَا من الْمَكَان الْفُلَانِيّ فِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 390 الْوَقْت الْفُلَانِيّ لَيْلًا كَانَ أَو نَهَارا وَإِن وَقع اعترافه بِالسَّرقَةِ فِي مجْلِس الْحَاكِم صدر بِحُضُورِهِ إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ واعترافه أَنه فِي الْوَقْت الْفُلَانِيّ سرق كَذَا وَكَذَا وَيذكر مَا تقدم إِلَى آخِره ثمَّ يَقُول وَالْأَمر فِي ذَلِك مَحْمُول على مَا يُوجِبهُ الشَّرْع الشريف محْضر بِشرب مُسكر شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا الْحر الْمُكَلف معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنه تعاطى بحضورهم شرب مُسكر طَوْعًا يُوجب عَلَيْهِ بِهِ الْحَد الشَّرْعِيّ يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ وَإِن كَانَت الشَّهَادَة على الْإِقْرَار فَيَقُول وَأَنه أقرّ عِنْدهم بِكَذَا وَكَذَا محْضر بِالرّدَّةِ وَالْعِيَاذ بِاللَّه تَعَالَى شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا الْمُسلم الْمُكَلف وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنه تلفظ بِكَذَا وَكَذَا ويحكي مقَالَته بحروفها على نَحْو مَا صدرت مِنْهُ ويكمل محْضر بالزنى شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا الْحر الْمُكَلف وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك على إِقْرَاره أَنه بَاشر وَطْء فُلَانَة وطئا يُوجب عَلَيْهِ الْحَد وَهُوَ مائَة جلدَة وتغريب عَام وَلَاء ويكمل على نَحْو مَا سبق محْضر بِالنذرِ شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا الْمُسلم الْمُكَلف معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنه ألزم نَفسه وَقَالَ بِصَرِيح لَفظه لله عَليّ نذر كَذَا وَكَذَا ويشرح مقَالَته أَو لله عَليّ كَذَا وَكَذَا نذرا يلْزَمنِي الْوَفَاء بِهِ أَو على سَبِيل النّذر الشَّرْعِيّ وَأَن ذمَّته مَشْغُولَة بذلك إِلَى حِين وَفَاته بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيّ يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين محْضر بجب الزَّوْج حِين دَعْوَى الزَّوْجَة ذَلِك وتكليفها ثُبُوته شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا وفلانة معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنَّهُمَا زوجان متناكحان بِنِكَاح صَحِيح شَرْعِي بولِي مرشد وشاهدي عدل وَأَن الزَّوْج الْمَذْكُور مجبوب لم يقدر بِهَذَا الْعَيْب على وَطْء الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة وَهُوَ عيب مُوجب لفسخ النِّكَاح مَعَ عدم رضى الزَّوْجَة بِهِ يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل على نَحْو مَا سبق محْضر فِيمَن كَاتب عَبده وَأنكر الْكِتَابَة وكلف الْمكَاتب الثُّبُوت شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا وَفُلَان ابْن عبد الله وَيذكر نَوعه وجنسه معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَن فلَانا المبدي بِذكرِهِ فِي الْوَقْت الْفُلَانِيّ كَاتب مَمْلُوكه فلَانا الْمَذْكُور الْجَارِي فِي يَده وَملكه وتصرفه الْمقر لَهُ بسابق الرّقّ والعبودية كِتَابَة شَرْعِيَّة بِكَذَا وَكَذَا وعَلى أَنه إِن أدّى ذَلِك فِي كَيْت وَكَيْت أَن يسْقط عَنهُ فِي آخر النُّجُوم كَذَا وَكَذَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 391 لقَوْله تَعَالَى {وَآتُوهُمْ من مَال الله الَّذِي آتَاكُم} ثمَّ يكون حرا من أَحْرَار الْمُسلمين وَإِن بَقِي عَلَيْهِ وَلَو دِرْهَم وَاحِد فَهُوَ قن لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمكَاتب قن مَا بَقِي عَلَيْهِ دِرْهَم وَصدر ذَلِك بَينهمَا على الأوضاع الشَّرْعِيَّة يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل على نَحْو مَا سبق محْضر بتدبير عبد دبره سَيّده وَمَات السَّيِّد وَأنكر الْوَرَثَة ذَلِك شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَنه كَانَ مَالِكًا حائزا لمملوكه فلَان ابْن عبد الله وَيذكر نَوعه وجنسه وَأَن مَوْلَاهُ الْمَذْكُور قَالَ لَهُ فِي الْوَقْت الْفُلَانِيّ قبل وَفَاته إِذا مت فَأَنت حر وَأَن مَوْلَاهُ الْمَذْكُور توفّي إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى قبل تَارِيخه وَأَحْكَام التَّدْبِير بَاقِيَة وَأَن مدبره الْمَذْكُور لم يخرج عَن ملكه إِلَى حِين وَفَاته بِوَجْه من الْوُجُوه وَلَا بِسَبَب من الْأَسْبَاب وَأَنه صَار حرا من أَحْرَار الْمُسلمين بِحكم التَّدْبِير وَمَوْت مَوْلَاهُ وَعدم خُرُوجه عَن ملكه إِلَى حِين وَفَاته يعْرفُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل على نَحْو مَا سبق محْضر فِيمَن مَاتَ عَن مستولدته وَأنكر الْوَرَثَة استيلاده إِيَّاهَا شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك على إِقْرَاره فِي التَّارِيخ الْفُلَانِيّ أَنه افترش مملوكته فُلَانَة بنت عبد الله وَحدث لَهُ مِنْهَا على فرَاشه ولد يدعى فلَان وَأَن مَوْلَاهَا الْمَذْكُور توفّي إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى وَصَارَت فُلَانَة الْمَذْكُورَة بِحكم الافتراش الْمَذْكُور مُسْتَوْلدَة تعْتق بِمَوْتِهِ أَو بتنجيز عتقهَا جَار عَلَيْهَا حكم أُمَّهَات الْأَوْلَاد وهم بهَا وبمستولدها عارفون يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل على نَحْو مَا سبق محْضر بتنجيز عتق مُسْتَوْلدَة حَال الْحَيَاة ثمَّ توفّي وَأنكر الْوَرَثَة عتقهَا شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا وفلانة بنت عبد الله معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَن فلَانا الْمَذْكُور أقرّ فِي الْوَقْت الْفُلَانِيّ أَنه وطىء مملوكته فُلَانَة الْمَذْكُورَة واستولدها على فرَاشه ولدا وَصَارَت بِهِ مُسْتَوْلدَة شَرْعِيَّة وَأَنه نجز عتقهَا بعد ذَلِك وَأَن فلَانا الْمَذْكُور توفّي بعد أَن صَارَت فُلَانَة الْمَذْكُورَة بِحكم تَنْجِيز عتقهَا فِي حَال حَيَاة مَوْلَاهَا الْمَذْكُور حرَّة من حرائر المسلمات لَيْسَ لأحد عَلَيْهَا وَلَاء إِلَّا الْوَلَاء الشَّرْعِيّ فَإِنَّهُ لمعتقها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 392 الْمَذْكُور وَلمن يسْتَحقّهُ من بعده شرعا يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل محْضر فِي رجل تزوج أمة وَحدث لَهُ أَوْلَاد مِنْهَا وَادّعى الزَّوْج حريَّة الْأُم ليصير أَوْلَاده أحرارا وَادّعى مَالك الْأمة الرّقّ وَآل الْحَال إِلَى كِتَابَة محْضر شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا مَالك الْأمة الْفُلَانِيَّة وَفُلَانًا زوج الْأمة الْمَذْكُورَة وَأَوْلَادهَا من زَوجهَا الْمَذْكُور وهم فلَان وَفُلَان وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك أَن فلَانا الْمَذْكُور تزوج فُلَانَة الْمَذْكُورَة تزوجا شَرْعِيًّا بِولَايَة مَوْلَاهَا الْمَذْكُور وشاهدي عدل وعَلى أَنَّهَا أمة وَأَن فُلَانَة الْمَذْكُورَة رقيقَة فِي ملك مَوْلَاهَا الْمَذْكُور إِلَى الْآن وَيشْهدُونَ على إِقْرَار زَوجهَا الْمَذْكُور أَن أَوْلَادهَا الْمَذْكُورين فِيهِ حدثوا لَهُ من زَوجته الْمَذْكُورَة بِالنِّكَاحِ الْمَذْكُور وَأَن الْأمة وَالْأَوْلَاد الْمَذْكُورين فِيهِ بِهَذَا الْمُقْتَضى فِي ملك فلَان مَالك الْأمة الْمَذْكُورَة يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه محْضر فِيمَن زَوجهَا الْحَاكِم وَالزَّوْجَة فِي غير مَحل ولَايَته شُهُوده يعْرفُونَ فلَانا وفلانة معرفَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَيشْهدُونَ مَعَ ذَلِك على إقرارهما أَنَّهُمَا حِين عقد الْحَاكِم الْفُلَانِيّ عقدهما على بعضهما بَعْضًا وَكَانَ الْحَاكِم الْوَلِيّ الشَّرْعِيّ كَانَ إِذن الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة للْحَاكِم فِي تَزْوِيجهَا من فلَان الْمَذْكُور وَهِي مُقِيمَة فِي غير مَحل ولَايَة الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ يعلمُونَ ذَلِك وَيشْهدُونَ بِهِ مسؤولين ويكمل تذييل اعْلَم أَن الْفرق بَين الْمحْضر والسجل أَن الْمحْضر ذكر مَا كَانَ لينبني عَلَيْهِ مَا يُوجب الحكم والسجل هُوَ تَمام ذكر الحكم وإنفاذ الْقَضَاء بِمَا تضمنه الْمحْضر والمحاضر فِي التَّقْدِير أصُول السجلات أَي الَّتِي تنشأ السجلات عَلَيْهَا وَيَنْبَغِي للْحَاكِم أَنه إِذا أَرَادَ أَن يشْهد على حكمه أَن يحضر الْخَصْمَيْنِ إِلَى مَجْلِسه وَيشْهد الشُّهُود على عينهما ويخبرهم أَن هَذَا هُوَ الْمَحْكُوم لَهُ وَهَذَا هُوَ الْمَحْكُوم عَلَيْهِ وَإِذا استعدى الْحَاكِم على خصم ظَاهر فِي الْبَلَد يُمكن إِحْضَاره وَجب وَقيل يحضر ذَوي الهيئات فِي دَاره ويحضر الْيَهُودِيّ يَوْم السبت وَيكسر عَلَيْهِ سبته وَمؤنَة الْمحْضر على الْمَطْلُوب وَقيل على الْمُدَّعِي وَإِذا اختفى الْخصم بعث من يُنَادي على بَاب دَاره بِأَنَّهُ إِن لم يحضر إِلَى ثَلَاث سمر بَابه أَو ختم فَإِن لم يحضر بعد الثَّلَاث وَسَأَلَ الْمُدَّعِي التسمير أَو الْخَتْم أَجَابَهُ بعد أَن تقرر عِنْده أَنَّهَا دَاره وَإِذا عرف لَهُ مَوضِع بعث القَاضِي جمَاعَة من نسْوَة وصبيان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 393 يهجمون عَلَيْهِ على هَذَا التَّرْتِيب ويفتشون عَلَيْهِ فَإِن كَانَ بِهِ عذر شَرْعِي كَمَرَض أَو غير ذَلِك يمنعهُ من الْحُضُور بعث إِلَيْهِ من يحكم بَينهمَا أَو ينصب وَكيلا يُخَاصم عَنهُ فَإِن وَجب تَحْلِيفه بعث إِلَيْهِ من يحلفهُ وَالأَصَح أَن المخدرة لَا تحضر وَهِي الَّتِي لَا تخرج إِلَّا لضَرُورَة وَكَذَا من لَا تخرج إِلَّا نَادرا لعزاء أَو زِيَارَة أَو حمام وسبيلها كَالْمَرِيضِ فَإِذا حضر نَائِب القَاضِي إِلَى دارها تَكَلَّمت من وَرَاء السّتْر إِن شهد اثْنَان من محارمها أَنَّهَا هِيَ واعترف بهَا الْخصم وَإِلَّا تلفعت بملحفة وَخرجت من السّتْر وَمن هُوَ فِي غير ولَايَة الْحَاكِم لَيْسَ لَهُ إِحْضَاره أَو فِيهَا وَله هُنَاكَ نَائِب فَكَذَا على الصَّحِيح بل يسمع بَينته وَيكْتب إِلَيْهِ فَإِن تعذر فَالْأَصَحّ يحضر من مَسَافَة الْعَدْوى فَقَط بعد الْبَحْث عَن جِهَة دَعْوَاهُ فِي قَول الْجُمْهُور وَلَو استعدى على امْرَأَة خَارِجَة عَن الْبَلَد فَفِي إحضارها اشْتِرَاط أَمن الطَّرِيق ونسوة ثِقَات وَجْهَان وَالأَصَح أَنه يبْعَث إِلَيْهَا محرما أَو نسْوَة ثِقَات وَإِذا ثَبت على غَائِب دين وَله مَال حَاضر فعلى القَاضِي توفيته مِنْهُ إِذا طلب الْمُدَّعِي وَالأَصَح أَنه لَا يُطَالب الْمُدَّعِي بكفيل وَالْمَشْهُور جَوَاز الْقَضَاء على الْغَائِب فِي قصاص وحد قذف وَمنعه فِي حُدُود الله تَعَالَى انْتهى وَالله أعلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 394 كتاب الدَّعْوَى والبينات وَمَا يتَعَلَّق بهَا من الْأَحْكَام الْمُدَّعِي فِي اللُّغَة هُوَ من ادّعى شَيْئا لنَفسِهِ سَوَاء كَانَ فِي يَده أَو فِي يَد غَيره وَفِي الشَّرْع هُوَ من ادّعى شَيْئا فِي يَد غَيره أَو دينا فِي ذمَّته وَالْمُدَّعى عَلَيْهِ فِي اللُّغَة وَالشَّرْع هُوَ من ادّعى عَلَيْهِ بِشَيْء فِي يَده أَو فِي ذمَّته وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله فِي مَوضِع الْمُدَّعِي من يَدعِي أمرا بَاطِنا وَالْمُدَّعى عَلَيْهِ من يَدعِي أمرا ظَاهرا وَقَالَ فِي مَوضِع آخر الْمُدَّعِي من إِذا سكت ترك وسكوته وَالْمُدَّعى عَلَيْهِ من لَا يتْرك وسكوته والدعاوى على ضَرْبَيْنِ أَحدهمَا فَاسد وَالْآخر صَحِيح فَأَما الْفَاسِد فَثَلَاثَة أَنْوَاع أَحدهَا أَن يَدعِي محالا مثل أَن يَدعِي مثل جبل أحد ذَهَبا أَو فضَّة أَو نَحْو ذَلِك وَالثَّانِي أَن يَدعِي دَعْوَى أبطلها الشَّرْع مثل من يَدعِي ثمن كلب أَو خِنْزِير أَو ثمن مَا يتناسل مِنْهُمَا أَو ثمن ميتَة أَو نَجَاسَة مائعة كَانَت أَو جامدة أَو ثمن شَيْء حرَام حرمه الشَّرْع مجمع عَلَيْهِ أَو مُخْتَلف فِيهِ وَالثَّالِث أَن يَدعِي من لَا قَول لَهُ كَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُون والمحجور عَلَيْهِ بِسَفَه فَأَما الدَّعْوَى الصَّحِيحَة فَإِنَّهَا مسموعة فَإِن أقرّ بهَا الْمُدعى عَلَيْهِ وَإِلَّا حلف إِن لم يكن للْمُدَّعِي بَيِّنَة إِلَّا فِي خمس مسَائِل إِحْدَاهَا أَن يَدعِي على صبي أَنه بَالغ فَأنْكر الصَّبِي وَالثَّانيَِة أَن يَدعِي على رجل مَالا ثمَّ يقر بِهِ لوَلَده الطِّفْل وَالثَّالِثَة أَن يَدعِي عقدين فِي عقد وَاحِد فَيقر الْمُدعى عَلَيْهِ بِأَحَدِهِمَا وينكر الآخر مثل بيع وَإِجَارَة أَو نِكَاح وخلع وَالرَّابِعَة أَن يَدعِي على حَاكم أَنه جَائِر فِي حكمه وَالْخَامِسَة أَن يَدعِي على شَاهد أَنه شهد بالزور فأتلف مَا أوجبت شَهَادَته فَعَلَيهِ الغرامة إِذا أَقَامَ الْبَيِّنَة وَإِن لم يقم الْبَيِّنَة فعلى الْمُدعى عَلَيْهِ الْيَمين على أحد الْوَجْهَيْنِ وَالْوَجْه الآخر أَن يحلف الْمُدَّعِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 395 وَلَا يَمِين فِي شَيْء من الْحُدُود إِلَّا فِي ثَلَاث مسَائِل اللّعان والقسامة وحد الْقَذْف وَالْيَمِين على ضَرْبَيْنِ أَحدهمَا على الْبَتّ وَالثَّانِي على نفي الْعلم فَأَما الْيَمين على الْبَتّ فَهُوَ أَن يحلف على أَمر يرجع فِيهِ إِلَى ذَاته وَنَحْو ذَلِك وَأما الْيَمين على نفي الْعلم فَفِي ثَلَاث مسَائِل إِحْدَاهَا أَن يَدعِي أمرا يُعلمهُ مثل نِكَاح الوليين وَنَحْو ذَلِك وَالثَّانيَِة أَن يَبِيع حَيَوَانا بِشَرْط الْبَرَاءَة من الْعُيُوب ثمَّ يجد بِهِ المُشْتَرِي عَيْبا حلف البَائِع على علمه وَالثَّالِثَة من كَانَ لَهُ حق على إِنْسَان فَمَنعه مِنْهُ فَلم يتَوَصَّل إِلَى أَخذه وَقدر بعد ذَلِك على مَال من أَمْوَاله كَانَ لَهُ أَخذه عَن حَقه سَوَاء كَانَ ذَلِك من جنسه أَو من غير جنسه وَفِي إِلَى الْحَاكِم قَولَانِ أَحدهمَا يرفع وَيُقِيم الْبَيِّنَة وَالثَّانِي لَا يرفع وَيَأْخُذ حَقه فصل فِي النّكُول وَلَا يحكم بِالنّكُولِ فِي شَيْء من الْأَحْكَام وَهنا مسَائِل تشبه الحكم بِالنّكُولِ وَلَيْسَ ذَلِك حكم بِالنّكُولِ أَحدهَا أَن يَقُول رب المَال للساعي أدّيت زَكَاة مَالِي فِي بلد آخر فَإِن اتهمَ حلف وَإِن نكل حكمنَا عَلَيْهِ بِالزَّكَاةِ بِالْوُجُوب السَّابِق عَلَيْهِ وَالثَّانيَِة أَن يكون بدل الزَّكَاة جِزْيَة وَالثَّالِثَة أَن يكون بدل الْجِزْيَة خراجا وَالرَّابِعَة أَن يَدعِي رب الْحَائِط خطأ الخارص فَإِذا اتهمَ أَحْلف وَإِن نكل حكمنَا عَلَيْهِ بخرصه وَالْخَامِسَة لَو طلب سهم الْمُعَامَلَة من الْغَنِيمَة فَإِن اتهمَ أَحْلف وَإِن نكل لم يُعْط شَيْئا وَزَاد الشَّيْخ أَبُو حَامِد مَسْأَلَة سادسة فَقَالَ لَو وجد الإِمَام فِي دَار الْحَرْب من قد أنبت وَأمر بقتْله فَقَالَ مسحت عَلَيْهِ دَوَاء حَتَّى نبت فَإِن اتهمَ أَحْلف وَإِن نكل قَتَلْنَاهُ وَالدَّعْوَى بِالْمَجْهُولِ فِي غير الْوَصِيَّة وَالْإِقْرَار لَا تصح لِأَن الْمُدعى عَلَيْهِ رُبمَا صدقه فِيمَا ادَّعَاهُ فَلَا يعلم الْحَاكِم بِمَاذَا يحكم عَلَيْهِ فَإِن ادّعى عَلَيْهِ شَيْئا من الْأَثْمَان فَلَا بُد أَن يذكر الْقدر وَالْجِنْس وَالصّفة فَيَقُول ألف دِينَار مثلا وَيبين الضرائب لِأَنَّهَا تخْتَلف وَإِن اخْتلف الْوَزْن فِي ذَلِك فَلَا بُد من ذكر الْوَزْن وَإِن ادّعى شَيْئا غير الْأَثْمَان فَإِن كَانَ مِمَّا يضْبط بِالصّفةِ وَصفه بِمَا يُوصف بِهِ فِي السّلم وَلَا يفْتَقر إِلَى ذكر قِيمَته مَعَ ذَلِك لِأَنَّهُ يصير مَعْلُوما من غير ذكر قِيمَته وَإِن ذكر قِيمَته كَانَ آكِد وَإِن كَانَ مِمَّا لَا يضْبط بِالصّفةِ كالجواهر فَلَا بُد من ذكر قيمَة وَإِن كَانَ الْمُدَّعِي تَالِفا فَإِن كَانَ لَهُ مثل ذكر مثله وَإِن ذكر قِيمَته مَعَ ذَلِك كَانَ آكِد وَإِن لم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 396 يكن لَهُ مثل لم يدع إِلَّا بِقِيمَتِه من نقد الْبَلَد لِأَنَّهُ لَا يجب لَهُ إِلَّا ذَلِك وَإِن كَانَ الْمُدعى أَرضًا أَو دَارا فَلَا بُد من أَن يذكر اسْمه وَاسم الْوَادي والبلد الَّذِي هُوَ فِيهِ وحدوده الَّتِي تليه وَإِن ادّعى عَلَيْهِ سَيْفا محلى بِذَهَب تَالِفا قومه بِدَرَاهِم من الْفضة وَإِن كَانَ محلى بِالْفِضَّةِ قومه بِدَنَانِير من الذَّهَب وَإِن كَانَ محلى بِالذَّهَب وَالْفِضَّة قومه بِالذَّهَب أَو الْفضة لِأَنَّهُ مَوضِع ضَرُورَة وَإِن ادّعى عَلَيْهِ مَالا مَجْهُولا من وَصِيَّة أَو إِقْرَار صحت الدَّعْوَى لِأَن الْوَصِيَّة والأقرار يصحان فِي الْمَجْهُول فَصحت الدَّعْوَى فِي الْمَجْهُول مِنْهُمَا وَإِن ادّعى عَلَيْهِ دينا فِي ذمَّته أَو عينا فِي يَده فَلَا يفْتَقر إِلَى ذكر السَّبَب الَّذِي ملك ذَلِك بِهِ قَالَ الشَّيْخ أَبُو حَامِد وَهُوَ إِجْمَاع وَلِأَن المَال يملك بجهات مُخْتَلفَة من الابتياع وَالْهِبَة وَالْإِرْث وَالْوَصِيَّة وَغير ذَلِك وَقد يملك ذَلِك من جِهَات ويشق عَلَيْهِ ذكر سَبَب كل ذَلِك فَإِن ادّعى قتلا أَو جراحا فَلَا بُد من ذكر سَببه فَيَقُول عمدا أَو خطأ أَو شبه عمد ويصف الْعمد وَالْخَطَأ وَشبه الْعمد وَلَا بُد أَن يذكر أَنه انْفَرد بِالْجِنَايَةِ أَو شَاركهُ غَيره فِيهَا لِأَن الْقصاص يجب بذلك فَإِذا لم يذكر سَببه لم يُؤمن أَن يَسْتَوْفِي الْقصاص فِيمَا لَا قصاص فِيهِ فَإِن ادّعى عَلَيْهِ جِرَاحَة فِيهَا أرش مُقَدّر كالموضحة من الْحر لم يفْتَقر إِلَى ذكر الْأَرْش فِي الدَّعْوَى وَإِن لم يكن لَهَا أرش مُقَدّر بالجراحة الَّتِي لَيْسَ لَهَا أرش مُقَدّر من الْحر والجراحات كلهَا فِي العَبْد فَلَا بُد من ذكر الْأَرْش فِي الدَّعْوَى لِأَن الْأَرْش غير مُقَدّر فِي الشَّرْع فَلم يكن بُد من تَقْدِيره فِي الدَّعْوَى الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب اتّفق الْأَئِمَّة على أَنه إِذا حضر رجل وَادّعى على رجل وَطلب إِحْضَاره من بلد آخر فِيهِ حَاكم إِلَى الْبَلَد الَّذِي فِيهِ الْمُدَّعِي فَإِنَّهُ لَا يُجَاب سُؤَاله وَاخْتلفُوا فِيمَا إِذا كَانَ فِي بلد لَا حَاكم فِيهِ فَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يلْزمه الْحُضُور إِلَّا أَن يكون بَينهمَا مَسَافَة يرجع مِنْهَا فِي يَوْمه إِلَى بَلَده وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد يحضرهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 397 الْحَاكِم سَوَاء قربت الْمسَافَة أَو بَعدت وَاتَّفَقُوا على أَن الْحَاكِم يسمع دَعْوَى الْحَاضِر وبينته على الْغَائِب ثمَّ اخْتلفُوا هَل يحكم بهَا على الْغَائِب أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة لَا يحكم عَلَيْهِ وَلَا على من هرب قبل الحكم وَبعد إِقَامَة الْبَيِّنَة وَلَكِن يَأْتِي من عِنْد القَاضِي ثَلَاثَة إِلَى بَابه يَدعُونَهُ إِلَى الحكم فَإِن جَاءَ وَإِلَّا فتح عَلَيْهِ بَابه وَحكي عَن أبي يُوسُف أَنه يحكم عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يحكم على غَائِب بِحَال إِلَّا أَن يتَعَلَّق الحكم بالحاضر مثل أَن يكون الْغَائِب وَكيلا أَو وَصِيّا أَو يكون جمَاعَة شُرَكَاء فِي شَيْء فيدعي على أحدهم وَهُوَ حَاضر فَيحكم عَلَيْهِ وعَلى الْغَائِب وَقَالَ مَالك يحكم على الْغَائِب للحاضر إِذا أَقَامَ الْحَاضِر الْبَيِّنَة وَسَأَلَهُ الْحَاكِم لَهُ وَقَالَ الشَّافِعِي يحكم على الْغَائِب للحاضر إِذا أَقَامَ الْبَيِّنَة للْمُدَّعِي على الْإِطْلَاق وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا جَوَاز ذَلِك على الْإِطْلَاق كمذهب الشَّافِعِي وَكَذَلِكَ اخْتلَافهمْ فِيمَا إِذا كَانَ الَّذِي قَامَت عَلَيْهِ الْبَيِّنَة حَاضرا وَامْتنع من أَن يحضر مجْلِس الحكم وَاخْتلف الْقَائِلُونَ بالحكم على الْغَائِب فِيمَا إِذا قَامَت الْبَيِّنَة على غَائِب أَو صبي أَو مَجْنُون فَهَل يحلف الْمُدَّعِي مَعَ بَينته أَو يحكم بِالْبَيِّنَةِ من غير استحلافه قَالَ مَالك وَهُوَ الْأَصَح من مَذْهَب الشَّافِعِي يحلف وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا يحلف وَالثَّانيَِة لَا يحلف وَاتَّفَقُوا على أَنه إِذا ثَبت الْحق على حَاضر بعدلين حكم بِهِ وَلَا يحلف الْمُدَّعِي مَعَ شاهديه فصل وَلَو مَاتَ رجل وَخلف ابْنا مُسلما وابنا نَصْرَانِيّا فَادّعى كل وَاحِد مِنْهُمَا أَنه مَاتَ على دينه وَأَنه يَرِثهُ وَأقَام على ذَلِك بَيِّنَة وَعرف أَنه كَانَ نَصْرَانِيّا أَو شهِدت إِحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ أَنه مَاتَ وَآخر كَلَامه الْإِسْلَام وَشهِدت الْأُخْرَى أَنه مَاتَ وَآخر كَلَامه الْكفْر فهما متعارضتان ويسقطان فِي إِحْدَى قولي الشَّافِعِي وَيصير كَأَن لَا بَيِّنَة فَيحلف النَّصْرَانِي وَيقْضى لَهُ وعَلى قَوْله الآخر يستعملان فيقرع بَينهمَا وَإِن لم يعرف أصل دينه فَقَوْلَانِ فَإِن قُلْنَا يسقطان رَجَعَ إِلَى من فِي يَده المَال وَإِن قُلْنَا يستعملان وَقُلْنَا يقرع بَينهمَا أَقرع وَإِن قُلْنَا يُوقف وقف إِلَى أَن ينْكَشف وَإِن قُلْنَا يقسم قسم على الْمَنْصُوص وَفِي الْمسَائِل كلهَا يغسل وَيصلى عَلَيْهِ ويدفن فِي مَقَابِر الْمُسلمين وَبِه قَالَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 398 أَحْمد وَقَالَ أَبُو حنيفَة فِي جَمِيع الْمسَائِل تقدم بَيِّنَة الْإِسْلَام فصل لَو تنَازع اثْنَان حَائِطا بَين ملكيهما غير مُتَّصِل بِبِنَاء أَحدهمَا اتِّصَال الْبُنيان جعل بَينهمَا وَإِن كَانَ لأَحَدهمَا جُذُوع عِنْد الثَّلَاثَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا كَانَ لأَحَدهمَا عَلَيْهِ جُذُوع قدم على الآخر وَلَو كَانَ فِي يَد إِنْسَان غُلَام بَالغ وَادّعى أَنه عَبده وَكذبه فَالْقَوْل قَول المكذب مَعَ يَمِينه أَنه حر وَإِن كَانَ الْغُلَام طفْلا صَغِيرا لَا تَمْيِيز لَهُ فَالْقَوْل قَول صَاحب الْيَد فَإِن ادّعى رجل نسبه لم يقبل إِلَّا بِبَيِّنَة هَذَا كُله مُتَّفق عَلَيْهِ بَين الْأَئِمَّة وَلَو كَانَ الْغُلَام مراهقا فلأصحاب الشَّافِعِي وَجْهَان أَحدهمَا كَالْبَالِغِ وَالثَّانِي كالصغير وَاتَّفَقُوا على أَن الْبَيِّنَة على الْمُدَّعِي وَالْيَمِين على من أنكر وَلَو قَالَ لَا بَيِّنَة لي أَو كل بَيِّنَة لي زور ثمَّ أَقَامَ بَيِّنَة قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ يقبل وَقَالَ أَحْمد لَا يقبل وَاخْتلفُوا فِي بَين الْخَارِج هَل هِيَ أولى من بَيِّنَة صَاحب الْيَد أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد فِي إِحْدَى روايتيه صَاحب الْيَد أولى وَهل بَيِّنَة الْخَارِج مُقَدّمَة على بَيِّنَة صَاحب الْيَد على الْإِطْلَاق أم فِي أَمر مَخْصُوص قَالَ أَبُو حنيفَة بَيِّنَة الْخَارِج مُقَدّمَة على بَيِّنَة صَاحب الْيَد فِي الْملك الْمُطلق وَأما إِذا كَانَ مُضَافا إِلَى سَبَب لَا يُنكره كالنسج فِي الثِّيَاب الَّتِي لَا تنسج إِلَّا مرّة وَاحِدَة والنتاج الَّذِي لَا يتَكَرَّر فَبَيِّنَة صَاحب الْيَد تقدم حِينَئِذٍ وَإِذا أرخا وَصَاحب الْيَد أسبق تَارِيخا فَإِنَّهُ مقدم وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ بَيِّنَة صَاحب الْيَد مُقَدّمَة على الْإِطْلَاق وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا بَيِّنَة الْخَارِج مُطلقًا وَالْأُخْرَى كمذهب أبي حنيفَة فصل إِذا تَعَارَضَت بينتان إِلَّا أَن إِحْدَاهمَا أشهر عَدَالَة فَهَل ترجح أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد لَا ترجح وَقَالَ مَالك ترجح بذلك وَلَو ادّعى رجل دَارا فِي يَد إِنْسَان وتعارضت الْبَيِّنَتَانِ قَالَ أَبُو حنيفَة لَا تسقطان وَيقسم بَينهمَا وَقَالَ مَالك يَتَحَالَفَانِ ويقتسماها فَإِن حلف أَحدهمَا وَنكل الآخر قضى للْحَالِف دون الناكل وَإِن نكلا جَمِيعًا فَعَنْهُ رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا تقسم بَينهمَا وَلَا توقف حَتَّى يَتَّضِح الجزء: 2 ¦ الصفحة: 399 الْحَال وَللشَّافِعِيّ قَولَانِ أَحدهمَا يسقطان مَعًا كَمَا لَو لم تكن بَيِّنَة وَالثَّانِي يسقطان ثمَّ فِيمَا يفعل ثَلَاثَة أَقْوَال أَحدهَا الْقِسْمَة وَالثَّانِي الْقرعَة وَالثَّالِث الْوَقْف وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا يسقطان مَعًا وَالثَّانيَِة لَا يسقطان وَيقسم بَينهمَا وَإِذا ادّعى اثْنَان شَيْئا فِي يَد ثَالِث وَلَا بَيِّنَة لوَاحِد مِنْهُمَا فَأقر بِهِ لوَاحِد مِنْهُمَا لَا بِعَيْنِه قَالَ أَبُو حنيفَة إِن اصطلحا على أَخذه فَهُوَ لَهما وَإِن لم يصطلحا وَلم يعين أَحدهمَا يحلف كل وَاحِد مِنْهُمَا على الْيَقِين أَنه لَيْسَ لهَذَا فَإِذا حلف لَهَا فَلَا شَيْء لَهما وَإِن نكل لَهما أَخذ ذَلِك أَو قِيمَته مِنْهُ وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ يُوقف الْأَمر حَتَّى ينْكَشف الْمُسْتَحق أَو يصطلحا وَقَالَ أَحْمد يقرع بَينهمَا فَمن خرجت قرعته حلف واستحقه وَلَو ادّعى رجل أَنه تزوج امْرَأَة تزويجا صَحِيحا قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك تسمع دَعْوَاهُ من غير ذكر شُرُوط الصِّحَّة وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يسمع الْحَاكِم دَعْوَاهُ حَتَّى يذكر الشَّرْط الَّذِي يَقْتَضِي صِحَة النِّكَاح وَهُوَ أَن يَقُول تَزَوَّجتهَا بولِي مرشد وشاهدي عدل ورضاها إِن كَانَت بكرا فصل إِذا نكل الْمُدعى عَلَيْهِ عَن الْيَمين فَهَل ترد على الْمُدَّعِي أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة لَا ترد وَيَقْضِي بِالنّكُولِ وَقَالَ مَالك ترد وَيَقْضِي على الْمُدعى عَلَيْهِ بِنُكُولِهِ فِيمَا يثبت بِشَاهِد وَيَمِين وَشَاهد وَامْرَأَتَيْنِ وَقَالَ الشَّافِعِي ترد الْيَمين على الْمُدَّعِي وَيَقْضِي على الْمُدعى عَلَيْهِ بِنُكُولِهِ فِي جَمِيع الْأَشْيَاء فصل الْيَمين هَل تغلظ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَان أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة لَا تغلظ وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ تغلظ وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ كالمذهبين وَلَو ادّعى اثْنَان عبدا فَأقر أَنه لأَحَدهمَا قَالَ أَبُو حنيفَة لَا يقبل إِقْرَاره إِذا كَانَ مدعياه اثْنَيْنِ فَإِن كَانَ مدعيه وَاحِد قبل إِقْرَاره وَقَالَ الشَّافِعِي يقبل إِقْرَاره فِي الْحَالين وَمذهب مَالك وَأحمد أَنه لَا يقبل إِقْرَاره لوَاحِد مِنْهُمَا إِذا كَانَا اثْنَيْنِ فَإِن كَانَ الْمُدَّعِي وَاحِدًا فروايتان وَلَو شهد عَدْلَانِ على رجل أَنه أعتق عَبده فَأنْكر العَبْد قَالَ أَبُو حنيفَة لَا تصح الشَّهَادَة مَعَ إِنْكَار العَبْد وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد لَا يحكم بِعِتْقِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 400 فصل لَو اخْتلف الزَّوْجَانِ فِي مَتَاع الْبَيْت الَّذِي يسكنانه ويدهما عَلَيْهِ ثَابِتَة وَلَا بَيِّنَة قَالَ أَبُو حنيفَة مَا كَانَ فِي يدهما مشَاهد فَهُوَ لَهما وَمَا كَانَ فِي يدهما من طَرِيق الحكم فَمَا يصلح للرِّجَال فَهُوَ للرجل وَالْقَوْل قَوْله فِيهِ وَمَا يصلح للنِّسَاء فَهُوَ للْمَرْأَة وَالْقَوْل قَوْلهَا فِيهِ وَمَا يصلح لَهما فَهُوَ للرِّجَال فِي الْحَيَاة وَبعد الْمَوْت فَهُوَ للْبَاقِي مِنْهُمَا وَقَالَ مَالك كل مَا يصلح لوَاحِد مِنْهُمَا فَهُوَ للرجل وَقَالَ الشَّافِعِي هُوَ بَينهمَا بعد التَّحَالُف وَقَالَ أَحْمد إِذا كَانَ الْمُتَنَازع عَلَيْهِ مِمَّا يصلح للرِّجَال كالطيالسة والعمائم فَالْقَوْل قَول الرجل فِيهِ وَإِن كَانَ مِمَّا يصلح للنِّسَاء كالمقانع والوقايات فَالْقَوْل قَول الْمَرْأَة فِيهِ وَإِن كَانَ مِمَّا يصلح لَهما كَانَ بَينهمَا بعد الْوَفَاة ثمَّ لَا فرق بَين أَن تكون يدهما عَلَيْهِ من طَرِيق الْمُشَاهدَة أَو من طَرِيق الحكم وَكَذَا الحكم فِي اخْتِلَاف ورثتهما وورثة أَحدهمَا وورثة الآخر فَالْقَوْل قَول الثَّانِي مِنْهُمَا وَقَالَ أَبُو يُوسُف القَوْل قَول الْمَرْأَة فِيمَا جرت الْعَادة أَنه قدر جهاز مثلهَا فصل وَمن لَهُ دين على إِنْسَان يجحده إِيَّاه وَقدر لَهُ على مَال فَهَل لَهُ أَن يَأْخُذ مِنْهُ مِقْدَار دينه بِغَيْر إِذْنه أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة لَهُ أَن يَأْخُذ ذَلِك من حنس ملكه وَعَن مَالك رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا أَنه إِن لم يكن على غَرِيمه غير دينه فَلهُ أَن يَسْتَوْفِي حَقه بِغَيْر إِذْنه وَإِن كَانَ عَلَيْهِ غير دينه استوفى بِقدر حِصَّته من المقاصصة ورد مَا فضل وَالثَّانيَِة وَهِي من مَذْهَب أَحْمد أَنه لَا يَأْخُذ بِغَيْر إِذْنه سَوَاء كَانَ من جنس حَقه أَو من غير جنسه وَقَالَ الشَّافِعِي لَهُ أَن يَأْخُذ ذَلِك مُطلقًا بِغَيْر إِذْنه وَكَذَا لَو كَانَ عَلَيْهِ بَيِّنَة وَأمكنهُ أَخذ الْحق بالحاكم فَالْأَصَحّ من مذْهبه جَوَاز الْأَخْذ وَلَو كَانَ مقرا بِهِ وَلكنه يمْنَع الْحق سُلْطَانه فَلهُ الْأَخْذ انْتهى فرع قَالَ أَبُو حَاتِم الْقزْوِينِي لَو ادّعى رجل على رجل حَقًا مَعْلُوما وَكَانَ الْمُدَّعِي قد أَبْرَأ الْمُدعى عَلَيْهِ فَلَو قَالَ قد أبرأتني من هَذَا لزمَه الْحق وَجعل مُدعيًا للإبراء وَلَو احتال فَقَالَ قد أبرأتني من هَذِه الدَّعْوَى لم يصر مقرا فَائِدَة لَو ادّعى العَبْد الْعتْق وَأنكر السَّيِّد وَكَانَت قِيمَته نِصَابا غلظت الْيَمين وَإِن نقصت عَن نِصَاب لم تغلظ وَإِن نكل السَّيِّد ردَّتْ الْيَمين على العَبْد وغلظت بِكُل حَال قلت قِيمَته أَو كثرت وَالْفرق بَينهمَا هُوَ أَن السَّيِّد يحلف على اسْتِدَامَة الْملك وَهِي مَال فتغلظ يَمِينه فِي حَالَة دون حَالَة وَالْعَبْد يحلف على إِثْبَات الْعتْق وَلَيْسَ بِمَال وَلَا يقْصد بِهِ مَال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 401 فتغلظت عَلَيْهِ الْيَمين بِكُل حَال المصطلح وَهُوَ يشْتَمل على صور مِنْهَا صُورَة دَعْوَى فِي عقار وَقع فِيهِ تبَايع بَين شَخْصَيْنِ وَأنكر البَائِع البيع حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز بَين يَدي سيدنَا فلَان الدّين فلَان وَفُلَان وَادّعى المبدي بِذكرِهِ وَهُوَ فلَان على فلَان المثني بِذكرِهِ أَنه بَاعه جَمِيع الْمَكَان الْفُلَانِيّ ويوصف ويحدد بيعا صَحِيحا شَرْعِيًّا مُشْتَمِلًا على الْإِيجَاب وَالْقَبُول بِثمن مبلغه كَذَا على حكم الْحُلُول وَقبض مِنْهُ جَمِيع الثّمن الْوَاقِع عَلَيْهِ عقد البيع بَينهمَا وَلم يُسلمهُ الْمَكَان الْمَذْكُور وَهُوَ مُمْتَنع من تَسْلِيمه إِيَّاه وطالبه بِتَسْلِيم الْمَكَان الْمَذْكُور وَسَأَلَ سُؤَاله عَن ذَلِك فَسَأَلَهُ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ عَن ذَلِك فَأجَاب بِصِحَّة الدَّعْوَى وصدور البيع مِنْهُ للْمُدَّعِي الْمَذْكُور فِي الْمَكَان الْمَذْكُور على الْوَجْه المشروح أَعْلَاهُ فَأمره سيدنَا الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ بِتَسْلِيم ذَلِك للْمُدَّعِي الْمَذْكُور فسلمه إِلَيْهِ فتسلمه مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا بِالتَّخْلِيَةِ الشَّرْعِيَّة الْمُوجبَة للتسليم شرعا وَإِن أجَاب الْمُدعى عَلَيْهِ بالإنكار وَطلب من الْمُدَّعِي بَيَان مَا ادَّعَاهُ كتب فَخرج الْمُدَّعِي ثمَّ عَاد وَمَعَهُ بَيِّنَة شَرْعِيَّة وهم فلَان وَفُلَان وَشهد بجريان عقد التبايع بَين المتداعيين الْمَذْكُورين فِي الْمَكَان الْمَذْكُور بِالثّمن الْمعِين أَعْلَاهُ وَهُوَ كَذَا فِي تَارِيخ كَذَا وَأَن البَائِع الْمَذْكُور تسلم الثّمن الْمَذْكُور بِتَمَامِهِ وكماله بِإِقْرَارِهِ عِنْدهم بذلك أَو بمعاينتهم للقبض وحضورهم وصدور التبايع بَينهمَا فِي ذَلِك بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُول وشخصا الْمُتَبَايعين الْمَذْكُورين الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ عرفهما وَسمع شَهَادَتهمَا وَقبلهَا بِمَا رأى مَعَه قبُولهَا شرعا وَأمر البَائِع الْمَذْكُور بِالتَّسْلِيمِ فَسلم إِلَيْهِ الْمَكَان الْمَذْكُور بِالتَّخْلِيَةِ الشَّرْعِيَّة الْمُوجبَة للتسليم شرعا فَإِن طلب المُشْتَرِي من الْحَاكِم ثُبُوت ذَلِك وَالْحكم بِمُوجبِه كتب بعد ذكر التَّسْلِيم فَعِنْدَ ذَلِك سَأَلَ الْمُدَّعِي الْمَذْكُور من الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ ثُبُوت مَا قَامَت بِهِ الْبَيِّنَة الشَّرْعِيَّة عِنْده فِيهِ وَالْحكم بِهِ فأعذر للْمُدَّعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور فاعترف بِعَدَمِ الدَّافِع والمطعن لذَلِك ولشيء مِنْهُ الِاعْتِرَاف الشَّرْعِيّ وَثَبت اعترافه بذلك لَدَيْهِ ثبوتا شَرْعِيًّا وَإِن طلب الحكم بِالصِّحَّةِ فَلَا بُد من ثُبُوت الْملك والحيازة للْبَائِع إِلَى حِين صُدُور الجزء: 2 ¦ الصفحة: 402 البيع فَإِذا قَامَت الْبَيِّنَة عِنْده بذلك فَيَقُول فاستخار الله تَعَالَى وَأجَاب السَّائِل إِلَى سُؤَاله وَأشْهد على نَفسه الْكَرِيمَة بِثُبُوت ذَلِك عِنْده وَالْحكم بِهِ أَو بِمُوجبِه أَو بِصِحَّة البيع حكما شَرْعِيًّا تَاما مُعْتَبرا مرضيا ويكمل وَيكْتب الْحَاكِم التَّارِيخ والحسبلة بِخَطِّهِ صُورَة دَعْوَى بحيوان وانتزاعه مِمَّن هُوَ فِي يَده الصُّورَة بِعَينهَا غير أَنه يحْتَاج فِي الدَّعْوَى إِلَى تشخيص الْحَيَوَان فِي مجْلِس الحكم وَيَدعِي على عَيبه وَإِن كَانَ تَالِفا فَالْقيمَة كَمَا تقدم ذكره وَكَذَلِكَ فِي القماش وَغَيره وَإِن كَانَ الْمُدعى بِهِ من ذَلِك عدم من يَد الْمُدَّعِي أَو سرق من يَده قَالَ فِي دَعْوَاهُ إِنَّه سرق من يَده من مُدَّة كَذَا وَهُوَ بَاقٍ على ملكه وَأَنه بيد الْمُدعى عَلَيْهِ بِغَيْر حق وَلَا طَرِيق شَرْعِي وَكَذَلِكَ يشْهد الشُّهُود ثمَّ يحلف الْمُدَّعِي أَنه يسْتَحق الْمُدعى بِهِ وَأَنه سرق من مُدَّة كَذَا وَأَنه لم يخرج عَن ملكه لأحد من خلق الله تَعَالَى بِبيع وَلَا هبة وَلَا ناقل شَرْعِي بِوَجْه من الْوُجُوه وَلَا سَبَب من الْأَسْبَاب وَأَنه بَاقٍ على ملكه إِلَى تَارِيخ حلفه وَأَن من شهد لَهُ بذلك صَادِق فِي شَهَادَته وَبعد ذَلِك يسْأَل الْحَاكِم وَيحكم لَهُ وَيَأْمُر الْمُدعى عَلَيْهِ بِالتَّسْلِيمِ صُورَة دَعْوَى فِي قَرْيَة وقف وانتزاعها حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز بَين يَدي سيدنَا فلَان الدّين فلَان وَفُلَان وَادّعى المبدي بِذكرِهِ على المثني بِذكرِهِ أَن جَمِيع الْقرْيَة الْفُلَانِيَّة أَو جَمِيع الْحصَّة الشائعة وقدرها كَذَا من أصل كَذَا من جَمِيع الْقرْيَة الْفُلَانِيَّة وتوصف وتحدد وقف مؤبد وَحبس محرم مخلد على الْجِهَة الْفُلَانِيَّة وَأَنَّهَا فِي يَد الْمُدعى عَلَيْهِ بِغَيْر حق وَلَا طَرِيق شَرْعِي وَأَنه مُسْتَحقّ للْوَقْف الْمَذْكُور وطالب بِرَفْع يَده عَن الْقرْيَة الْمَذْكُورَة أَو عَن الْحصَّة الْمُدعى بهَا من الْقرْيَة الْمَذْكُورَة وتسليمها لجِهَة الْوَقْف الْمَذْكُور وَسَأَلَ سُؤَاله عَن ذَلِك فَسئلَ فَأجَاب أَن الَّذِي فِي يَده من الْقرْيَة الْمَذْكُورَة ملكه وَبِيَدِهِ وحيازته واختصاصه وَأَن أهل الْوَقْف لَا يسْتَحقُّونَ مَعَه شَيْئا فِي ذَلِك فأحضر الْمُدَّعِي الْمَذْكُور أَو وَكيله الشَّرْعِيّ فلَان كتاب الْوَقْف الثَّابِت مضمونه شرعا الْمُتَّصِل ثُبُوته بالحاكم الْمُدَّعِي عِنْده الِاتِّصَال الشَّرْعِيّ وأحضر الْمُدعى عَلَيْهِ من يَده كتابا يشْهد أَنه ابْتَاعَ الْحصَّة الْمَذْكُورَة من فلَان فَتَأمل الْحَاكِم الْكِتَابَيْنِ الْمَذْكُورين فَوجدَ تَارِيخ الْوَقْف مُتَقَدم على تَارِيخ البيع وَقد ثَبت فِيهِ الْملك والحيازة للْوَاقِف الْمشَار إِلَيْهِ فِيهِ إِلَى حَالَة الْوَقْف فَحِينَئِذٍ سَأَلَ الْمُدَّعِي من الْحَاكِم الحكم بِصِحَّة الْوَقْف وَبطلَان البيع وَرفع يَد الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور عَن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 403 الْحصَّة أَو عَن الْعين الْمُدعى بهَا وتسليمها إِلَيْهِ فأعذر إِلَى الْخصم الْمُدعى عَلَيْهِ فاعترف لَدَيْهِ بِعَدَمِ الدَّافِع والمطعن لذَلِك ولشيء مِنْهُ وَثَبت اعترافه بذلك عِنْده بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّة الثُّبُوت الشَّرْعِيّ فاستخار الله تَعَالَى وَأجَاب السَّائِل إِلَى سُؤَاله وَحكم لَهُ بِمَا سَأَلَهُ الحكم لَهُ بِهِ فِيهِ حكما شَرْعِيًّا ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه وَإِن كَانَت الْحصَّة الْمُدعى بهَا وَقفا من قَرْيَة كلهَا وقف أَو الْحصَّة وقف من قَرْيَة فِيهَا ملك والجميع بيد الْمُدعى عَلَيْهِ الصُّورَة بِحَالِهَا فِي الدَّعْوَى وَجَوَاب الْمُدعى عَلَيْهِ أَن الْقرْيَة جَمِيعهَا ملكه وَفِي يَده وَأَن المدعين أَو الْمُدَّعِي من جهتهم لَا يسْتَحقُّونَ عِنْده ذَلِك وَلَا شَيْئا مِنْهُ فأحضر الْمُدَّعِي كتابا يتَضَمَّن أَن الْحصَّة الْمَذْكُورَة وقف صَحِيح شَرْعِي على الْجِهَة الْمَذْكُورَة ثمَّ على جِهَات مُتَّصِلَة بالفقراء وَالْمَسَاكِين حَسْبَمَا هُوَ مَنْصُوص عَلَيْهِ فِي كتاب الْوَقْف الْمَذْكُور ثَابت مضمونه وَملك الْوَاقِف الْمَوْقُوف الْمعِين فِيهِ والحيازة لَهُ إِلَى حَالَة الْوَقْف بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ مُتَّصِل بالحاكم الْمشَار إِلَيْهِ الِاتِّصَال الشَّرْعِيّ وأحضر الْمُدعى عَلَيْهِ كتاب ملكه أَو كتاب وَقفه فَوجدَ كتاب الْوَقْف الْمُتَقَدّم ذكره مُتَقَدم التَّارِيخ على كِتَابه فَأعلمهُ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ بذلك ثمَّ سَأَلَ الْخصم الْمُدَّعِي الْمَذْكُور الحكم من الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ وشيوع الْحصَّة الْمَذْكُورَة فِي جَمِيع أَرَاضِي الْقرْيَة الْمَذْكُورَة وَالْقَضَاء بذلك والإلزام بِمُقْتَضَاهُ فَتَأمل الْحَاكِم ذَلِك وتدبره وروى فِيهِ فكره وأمعن فِيهِ نظره وَسَأَلَ الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور عَن حجَّة دافعة فَلم يَأْتِ بِحجَّة غير أَنه ذكر أَن هَذِه الْقرْيَة مقسومة فَأعلمهُ أَن الأَصْل الإشاعة وطالبه بِإِثْبَات قسمتهَا فَلم يقم على ذَلِك بَيِّنَة وَلم يَأْتِ بدافع شَرْعِي فَعِنْدَ ذَلِك حكم بِصِحَّة الْوَقْف وشيوع الْحصَّة الْمَذْكُورَة فِي أَرَاضِي جَمِيع الْقرْيَة المحدودة الموصوفة أَعْلَاهُ حكما شَرْعِيًّا ويكمل إِلَى آخِره صُورَة دَعْوَى بوقف ظهر أَن نصفه ملك وَالْحكم بتفريق الصَّفْقَة حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الشَّافِعِي فلَان وَهُوَ النَّاظر فِي أَمر الْوَقْف الْفُلَانِيّ أَو الْمُتَكَلّم الشَّرْعِيّ عَن مستحقي ريع الْوَقْف الْفُلَانِيّ وأحضر مَعَه فلَانا وَادّعى عَلَيْهِ أَن فلَانا الْفُلَانِيّ وقف وَحبس جَمِيع الْحصَّة الشائعة وقدرها عشرَة أسْهم مثلا من أصل أَرْبَعَة وَعشْرين سَهْما هِيَ جَمِيع الْقرْيَة الْفُلَانِيَّة وأراضيها الْمَعْرُوفَة بِكَذَا وَقفا صَحِيحا شَرْعِيًّا على مصَالح الْمَسْجِد الْفُلَانِيّ أَو الْمدرسَة الْفُلَانِيَّة وَأَن الْحصَّة الْمَذْكُورَة فِي يَد الْمُدعى عَلَيْهِ بِغَيْر حق وَلَا طَرِيق شَرْعِي وطالبه بِرَفْع يَده عَنْهَا وتسليمها إِلَيْهِ بِحكم الْوَقْف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 404 الْمَذْكُور الَّذِي هُوَ نَاظر فِيهِ وَسَأَلَ سُؤَاله عَن ذَلِك فَسئلَ فَأجَاب أَن جده فلَانا لم يزل مَالِكًا حائزا لجَمِيع الْحصَّة الْمَذْكُورَة وَأَنه توفّي وَتركهَا مخلفة لِوَلَدَيْهِ وهما فلَان وَالِد الْمُدعى عَلَيْهِ وَفُلَان عَمه وَأَن وَالِد الْمُدعى عَلَيْهِ توفّي عَن نصف الْحصَّة وانتقلت إِلَيْهِ بِالْإِرْثِ الشَّرْعِيّ وَهِي فِي يَده ملكا لَهُ لَا يسْتَحق الْمُدَّعِي الْمَذْكُور رفع يَده عَنْهَا وَلَا عَن شَيْء مِنْهَا فأحضر الْمُدَّعِي الْمَذْكُور كتابا يتَضَمَّن أَن فلَانا الْمَذْكُور أَعْلَاهُ وقف جَمِيع الْحصَّة الشائعة وقدرها عشرَة أسْهم من الأَصْل الْمَذْكُور أَعْلَاهُ وَهِي جَمِيع الْقرْيَة المحدودة أَعْلَاهُ وَقفا صَحِيحا شَرْعِيًّا على مصَالح الْمَسْجِد أَو الْمدرسَة الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ ثمَّ على جِهَة مُتَّصِلَة حَسْبَمَا هُوَ مشروح ومنصوص عَلَيْهِ فِي كتاب الْوَقْف الْمَذْكُور المؤرخ بِكَذَا الثَّابِت مضمونه بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ الْمُتَّصِل ثُبُوته بالحاكم الْمشَار إِلَيْهِ أَعْلَاهُ فَأعْلم الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور بذلك وَسَأَلَهُ عَن حجَّة دافعة لما ثَبت عِنْده من ذَلِك فأحضر الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور كتابا يتَضَمَّن أَن جده فلَانا الْمَذْكُور لم يزل مَالِكًا حائزا لجَمِيع الْحصَّة الشائعة وقدرها عشرَة أسْهم من الأَصْل الْمَذْكُور من جَمِيع الْقرْيَة المحدودة أَعْلَاهُ ملكا صَحِيحا شَرْعِيًّا وحيازة تَامَّة إِلَى أَن توفّي وَترك ذَلِك مخلفا عَنهُ لِوَلَدَيْهِ الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ وهما فلَان وَالِد الْمُدعى عَلَيْهِ وَفُلَان عَمه مؤرخ بِكَذَا ثَابت مضمونه بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ واتصل ثُبُوته بالحاكم الْمشَار إِلَيْهِ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ ثمَّ أحضر الْمُدَّعِي الْمَذْكُور كتابا يتَضَمَّن أَن فلَانا الْوَاقِف الْمشَار إِلَيْهِ اشْترى من فلَان عَم الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور أخي وَالِده جَمِيع الْحصَّة الَّتِي وَقفهَا الْمعينَة أَعْلَاهُ بِثمن مبلغه كَذَا وأقبضه الثّمن الْمَذْكُور فَقَبضهُ مِنْهُ وتسلم مِنْهُ الْمَبِيع الْمَذْكُور مؤرخ الْكتاب الْمَذْكُور بِكَذَا الثَّابِت مضمونه شرعا واتصل ثُبُوته بالحاكم الْمشَار إِلَيْهِ الِاتِّصَال الشَّرْعِيّ وَثَبت عِنْده أَن الْمُخْتَص بِملك الْمُدعى عَلَيْهِ من الْحصَّة المخلفة عَن جده فلَان الْمَذْكُور نصفهَا وَهُوَ خَمْسَة أسْهم من عشرَة أسْهم من أصل أَرْبَعَة وَعشْرين سَهْما من جَمِيع الْقرْيَة المحدودة أَعْلَاهُ انْتَقَلت إِلَيْهِ بِالْإِرْثِ الشَّرْعِيّ من وَالِده الْمَذْكُور وَأَن الْمُخْتَص بِملك عَمه فلَان الْمَذْكُور النّصْف من الْحصَّة الْمَذْكُورَة وَهُوَ خَمْسَة أسْهم إِلَى حِين وُرُود عقد البيع الْمَذْكُور ثبوتا شَرْعِيًّا فَعِنْدَ ذَلِك طلب الْمُدَّعِي الْمَذْكُور من الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الحكم بِصِحَّة البيع وبصحة الْوَقْف الْمُتَرَتب عَلَيْهِ فِي نصف الْحصَّة المخلفة عَن جده الْمُدعى عَلَيْهِ وَهِي الَّتِي صَحَّ البيع فِيهَا وَالْقَضَاء بذلك والإلزام بِمُقْتَضَاهُ وَالْإِجَازَة لَهُ والإمضاء وَالْإِشْهَاد على نَفسه الْكَرِيمَة بذلك فَنظر الْحَاكِم فِي هَذِه الْوَاقِعَة وَتَأمل ثُبُوت مَا ذكر ثُبُوته عِنْده مِمَّا شرح فِي هَذَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 405 الْكتاب وَعلم صِحَة ذَلِك وموافقته لمذهبه فَرَأى الحكم بتفريق الصَّفْقَة فِي البيع الْمَذْكُور وإمضاءه فِي نصيب البَائِع الْمَذْكُور الْمُخْتَص بِهِ من الْحصَّة الْمَذْكُورَة وَجَوَاز الْوَقْف الْمُتَرَتب على الشِّرَاء فِيمَا ترجح عِنْده وَاخْتَارَ من مذْهبه تَفْرِيق الصَّفْقَة فِي البيع وتقسيط الثّمن على مَا أمضى فِيهِ البيع وعَلى مَا أبْطلهُ وَسَأَلَ الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور عَن حجَّة دافعة لما ثَبت عِنْده من ذَلِك فَلم يَأْتِ بدافع فاستخار الله كثيرا واتخذه هاديا ونصيرا وَأجَاب السَّائِل إِلَى سُؤَاله وَحكم بتفريق الصَّفْقَة فِي البيع الْمَذْكُور وإمضاء البيع فِي نصيب البَائِع الْمُخْتَص بِهِ من الْمَبِيع الْمَذْكُور إِلَى حِين البيع وَهُوَ النّصْف من الْحصَّة الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ بِقسْطِهِ من الثّمن الْمُقدم ذكره حكما شَرْعِيًّا مُعْتَبرا مرضيا وأبطل البيع فِيمَا عدا ذَلِك وَحكم بِصِحَّة الْوَقْف فِي الْحصَّة الَّتِي أمضى البيع فِيهَا وأبطله فِيمَا عَداهَا من الْوَقْف الْمَذْكُور لعدم اسْتِقْرَار ملك الْوَاقِف عَلَيْهِ إبطالا شَرْعِيًّا قضى بذلك كُله وأمضاه وَالْتزم بِمُقْتَضَاهُ بعد أَن ثَبت عِنْده ثَبت الله مجده أَن الأسهم الْعشْرَة الَّتِي اشْتَرَاهَا الْوَاقِف الْمَذْكُور وَهِي الَّتِي وَقفهَا وَلم يظْهر لَهُ فِي الْقرْيَة الْمَذْكُورَة ملك سوى الْحصَّة الْمَذْكُورَة وَأَن البَائِع لم يظْهر لَهُ ملك فِي الْقرْيَة الْمَذْكُورَة أَيْضا سوى مَا بَاعه من المُشْتَرِي الْمَذْكُور بعد اعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره شرعا وَأذن للْمُدَّعِي الْمَذْكُور فِي تسلم الْحصَّة الَّتِي حكم بِصِحَّة الْوَقْف فِيهَا لجِهَة الْوَقْف الْمَذْكُور إِذْنا شَرْعِيًّا وَذَلِكَ فِي مجَالِس آخرهَا يَوْم كَذَا وَيكْتب الْحَاكِم التَّارِيخ والحسبلة بِخَطِّهِ ويكمل على نَحْو مَا سبق وَصُورَة دَعْوَى لوقف على غَائِب وانتزاعه حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الشَّافِعِي فلَان وَادّعى على مَنْصُوب شَرْعِي عَن فلَان المستولي على الْوَقْف الْآتِي ذكره الْغَائِب يَوْمئِذٍ عَن مَدِينَة كَذَا الْغَيْبَة الشَّرْعِيَّة الثَّابِتَة عِنْد الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ المسوغة لسَمَاع الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَة وَالْحكم على الْغَائِب مِمَّا يسوغ شرعا أَنه اتَّصل إِلَيْهِ بِمُقْتَضى الْوَقْف الشَّرْعِيّ عَن حَده فلَان جَمِيع الْمَكَان الْفُلَانِيّ ويصفه ويحدده وَأَن فلَانا الْغَائِب الْمَذْكُور استولى على ذَلِك بِالْيَدِ العادية وَأَنه بِيَدِهِ بِغَيْر حق وَلَا طَرِيق شَرْعِي وَطلب انْتِزَاعه وتسليمه إِلَيْهِ وَسَأَلَ سُؤال الْمَنْصُوب الْمَذْكُور عَن ذَلِك فَسئلَ فَأجَاب بِعَدَمِ الْعلم بِصِحَّة مَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي الْمَذْكُور فأحضر الْمُدَّعِي محضرا شَرْعِيًّا يتَضَمَّن أَن فلَانا جده وقف الْمَكَان الْمَذْكُور على أَوْلَاده ثمَّ على أَوْلَاد أَوْلَاده ثمَّ على نَسْله وعقبه وَهُوَ مؤرخ بِكَذَا ثَابت مضمونه عِنْد الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ فَعرف الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الْمَنْصُوب الْمَذْكُور بِثُبُوت ذَلِك عِنْده الجزء: 2 ¦ الصفحة: 406 فَأجَاب إِن الْمحْضر الْمَذْكُور يتَضَمَّن أَن فلَانا الْمَذْكُور وقف ذَلِك على أَوْلَاده ثمَّ على أَوْلَاد أَوْلَاده ثمَّ على ذُريَّته ونسله وعقبه حَسْبَمَا شرح فِيهِ وَسُئِلَ هَل يثبت اسْتِحْقَاق الْمَذْكُور لذَلِك وطالبه بِثُبُوت أَنه من ذُرِّيَّة الْوَاقِف الْمَذْكُور وَأَن مَنَافِعه واستحقاقه آلت إِلَيْهِ فأحضر فلَانا وَفُلَانًا وَفُلَانًا فَشَهِدُوا لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَن الْمُدَّعِي الْمَذْكُور ولد فلَان ابْن فلَان الْوَاقِف الْمَذْكُور لصلبه وَأَن الْمُدَّعِي الْمَذْكُور يسْتَحق الْوَقْف الْمَذْكُور بِحكم مآله إِلَيْهِ بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيّ على مَا شَرطه الْوَاقِف الْمشَار إِلَيْهِ وَأَنه يسْتَحق انْتِزَاعه من يَد الْغَائِب المستولى عَلَيْهِ وتسليمه إِلَيْهِ بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيّ أَو يَقُول فأحضر محضرا شَرْعِيًّا يتَضَمَّن وَفَاة جده الْمَذْكُور وانحصار إِرْثه فِي وَلَده الْمَذْكُور مؤرخ بِكَذَا ثَابت عِنْد الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الحكم الْمَذْكُور فَعِنْدَ ذَلِك سَأَلَ الْمُدَّعِي الْمَذْكُور من الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الحكم بِرَفْع يَد الْغَائِب الْمَذْكُور عَن الْمَكَان الْمَذْكُور أَعْلَاهُ وتسليمه إِلَيْهِ بِمُقْتَضى مَا ثَبت لَدَيْهِ فاستخار الله تَعَالَى وَحكم بِرَفْع يَد الْغَائِب الْمَذْكُور أَعْلَاهُ عَن الْمَكَان أَعْلَاهُ وتسليمه إِلَى الْمُدَّعِي الْمَذْكُور حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخِره وَإِن كَانَت الدَّعْوَى فِي ذَلِك على حَاضر فالصورة بِحَالِهَا غير أَن الدَّعْوَى تكون على الْحَاضِر وَالْجَوَاب مِنْهُ وَالْحكم عَلَيْهِ وَفِي الصُّورَة الأولى يبْقى الْحَاكِم الْحجَّة للْغَائِب وَفِي الصُّورَة الثَّانِيَة يعْذر إِلَيْهِ فَإِذا ثَبت إعذاره عِنْده حكم عَلَيْهِ وَأمره بِتَسْلِيم الْمُدعى بِهِ للْمُدَّعِي ويكمل على نَحْو مَا سبق صُورَة دَعْوَى بِتَمْلِيك غراس فِي أَرض مَوْقُوفَة مستأجرة لجِهَة الْوَقْف حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْمَالِكِي فلَان مبَاشر الْوَقْف الْفُلَانِيّ أَو النَّاظر الشَّرْعِيّ فِي الْوَقْف الْفُلَانِيّ وأحضر مَعَه فلَانا وَادّعى عَلَيْهِ لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَنه اسْتَأْجر جَمِيع الْقطعَة الأَرْض الْفُلَانِيَّة الْوَقْف الْجَارِي على مصَالح الْمدرسَة الْفُلَانِيَّة حَسْبَمَا يشْهد بذلك كتاب الْوَقْف الْمُتَقَدّم على تَارِيخه الثَّابِت مضمونه شرعا ويحددها إِجَارَة شَرْعِيَّة لَازِمَة للزِّرَاعَة وَالْغِرَاس وَالِانْتِفَاع بالمأجور بِالْمَعْرُوفِ مُدَّة كَذَا بِأُجْرَة مَعْلُومَة حَسْبَمَا يشْهد بذلك كتاب الْإِجَارَة المؤرخ بِكَذَا وَأَنه غرس فِي الْقطعَة الْمَذْكُورَة من الْأَشْجَار كَذَا وَيذكر عدتهَا ونوعها وَأَن مُدَّة هَذِه الْإِجَارَة انْقَضتْ وَطلب تملك الْغِرَاس الْمَذْكُور لجِهَة الْوَقْف الْمَذْكُور من ريعه بِقِيمَتِه مقلوعا بعد إِسْقَاط قيمَة قلعه وتسوية الأَرْض من قيمَة ذَلِك لظُهُور الْمصلحَة فِي ذَلِك لجِهَة الْوَقْف الْمَذْكُور وَسَأَلَ سُؤَاله عَن ذَلِك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 407 فَسئلَ فَأجَاب بِصِحَّة الِاسْتِئْجَار وانقضاء الْمدَّة وبالغراس الْمَذْكُور وَعين قيمَة الْغِرَاس الْمَذْكُور فَلم يصدقهُ الْمُدَّعِي على ذَلِك فَحَضَرت بَيِّنَة شَرْعِيَّة عادلة مِمَّن لَهُ علم وخبرة بتقويم الْغِرَاس والأعشاب شهِدت عِنْد الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَن قيمَة الْغِرَاس الْمَذْكُور مقلوعا بعد إِسْقَاط قيمَة الْقلع وتسوية الأَرْض كَذَا وَكَذَا درهما وَأَن إبْقَاء الْغِرَاس الْمَذْكُور بِالْقيمَةِ الْمَذْكُورَة مصلحَة للْوَقْف وَثَبت ذَلِك عِنْده الثُّبُوت الشَّرْعِيّ فَعِنْدَ ذَلِك سَأَلَ الْمُدَّعِي الْمَذْكُور من الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ إِلْزَام الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور بِرَفْع يَده عَن الأَرْض الْمَذْكُورَة وَعَن الْغِرَاس الْمعِين أَعْلَاهُ وَالْحكم بِبَقَاء الْغِرَاس لجِهَة الْوَقْف الْمشَار إِلَيْهِ فاستخار الله كثيرا واتخذه هاديا ونصيرا وألزم الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور بِرَفْع يَده عَن الأَرْض الْمَذْكُورَة وَعَن الْغِرَاس الْقَائِم بهَا وَحكم بِبَقَاء الْغِرَاس الْمَذْكُور لجِهَة الْوَقْف الْمشَار إِلَيْهِ حكما شَرْعِيًّا لموافقة ذَلِك مذْهبه ومعتقده مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ وَذَلِكَ بعد أَن بذل الْمُدَّعِي الْمَذْكُور الْقيمَة الْمَشْهُود بهَا الْمعينَة أَعْلَاهُ من ريع الْوَقْف الْمَذْكُور إِلَى الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور وأحضرها إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْمشَار إِلَيْهِ وأقبضه إِيَّاهَا فقبضها مِنْهُ وَكيل شَرْعِي عَن الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور أَو فقبضها الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا وَلم يتَأَخَّر لَهُ من ذَلِك شَيْء قل وَلَا جلّ وَبعد اسْتِيفَاء الشَّرَائِط الشَّرْعِيَّة وَاعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره شرعا ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه صُورَة دَعْوَى على مُشْتَر من صبي وَالْحكم بِبُطْلَان البيع حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الشَّافِعِي فلَان وَهُوَ مُتَكَلم شَرْعِي جَائِز كَلَامه مسموعة دَعْوَاهُ شرعا عَن فلَان الصَّبِي الْمُمَيز أَو الْمُرَاهق الْقَاصِر عَن دَرَجَة الْبلُوغ وأحضر مَعَه فلَانا وَادّعى عَلَيْهِ لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَنه ابْتَاعَ من فلَان الصَّبِي الْمَذْكُور الَّذِي هُوَ تَحت يَده وَفِي حجره وَولَايَة نظره أَو تَحت حجر فلَان بِالْوَصِيَّةِ الشَّرْعِيَّة المسندة إِلَيْهِ من وَالِده الْمَذْكُور من قبل تَارِيخه الثَّابِت مضمونها شرعا بِحُضُور وَصيته الْمَذْكُورَة وإذنه لَهُ فِي البيع جَمِيع الْمَكَان الْفُلَانِيّ ويحدده بِثمن مبلغه كَذَا وَأَنه أقبضهُ الثّمن وتسلم مِنْهُ الْمَبِيع الْمَذْكُور وَسَأَلَ سُؤَاله عَن ذَلِك فَسئلَ فَأجَاب بالاعتراف فَعِنْدَ ذَلِك سَأَلَ الْمُدَّعِي الْمَذْكُور من الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الحكم بِبُطْلَان البيع فِي الْمَبِيع الْمَذْكُور ورده إِلَى ملك الصَّبِي البَائِع الْمَذْكُور وَالثمن إِلَى المُشْتَرِي الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور فأعذر الْحَاكِم إِلَى الْمُدعى عَلَيْهِ فَذكر أَنه ابْتَاعَ من الصَّبِي الْمَذْكُور بِإِذن الْوَصِيّ وحضوره وَلم يَأْتِ بدافع غير ذَلِك ثمَّ اعْترف بِعَدَمِ الدَّافِع والمطعن لذَلِك ولشيء مِنْهُ فَحِينَئِذٍ أجَاب الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ السَّائِل إِلَى سُؤَاله وَحكم بِبُطْلَان البيع وإبقاء الْمَبِيع على ملك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 408 الصَّبِي البَائِع وَرُجُوع الثّمن إِلَى المُشْتَرِي الْمَذْكُور حكما شَرْعِيًّا تَاما مُعْتَبرا مرضيا مسؤولا فِيهِ مُسْتَوْفيا شَرَائِطه الشَّرْعِيَّة مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ وَإِن كَانَ الصَّبِي قد قبض الثّمن من المُشْتَرِي وأتلفه فَيَقُول فِي الحكم وَحكم بِبُطْلَان البيع وَرُجُوع الْمَبِيع إِلَى ملك الصَّبِي وإبقائه فِي ملكه وَعدم الرُّجُوع بِالثّمن فِي مَاله لكَون أَن الصَّبِي لَا يضمن مَا يتلفه أَو يَقُول وبإسقاط الثّمن عَن الصَّبِي وَعدم الرُّجُوع بِهِ فِي مَاله حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخِره ويكمل على نَحْو مَا سبق صُورَة دَعْوَى بالحكم بِبُطْلَان البيع الْوَاقِع بِغَيْر إِيجَاب وَلَا قبُول الصُّورَة بِحَالِهَا عِنْد الشَّافِعِي فَيَقُول وَأَن البيع وَقع بَينهمَا بِغَيْر إِيجَاب وَلَا قبُول وَلَكِن على سَبِيل المعاطاة بِغَيْر عقد صَحِيح لَازم وَيَقَع السُّؤَال من الْحَاكِم فَإِن أجَاب الْمُدعى عَلَيْهِ بالاعتراف سَأَلَ الْمُدَّعِي من الْحَاكِم الحكم بِبُطْلَان البيع الْمَذْكُور لكَونه وَقع على الْوَجْه المشروح أَعْلَاهُ وَإِن أجَاب بالإنكار فتقوم الْبَيِّنَة فِي وَجه الْمُدعى عَلَيْهِ على عين الْمَبِيع إِن كَانَ مِمَّا ينْقل ويشخص لَدَى الْحَاكِم وَيثبت ذَلِك عِنْده الثُّبُوت الشَّرْعِيّ فَعِنْدَ ذَلِك يَقع السُّؤَال من الْمُدَّعِي بالحكم بِبُطْلَان البيع فَيحكم بعد الْإِعْذَار إِلَى الْمُدَّعِي الْمَذْكُور ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه وَكَذَلِكَ يكون الحكم من الشَّافِعِي بِبُطْلَان البيع من الصَّبِي أَو الرجل الْكَامِل فِي سلْعَة بِغَيْر معاقدة شَرْعِيَّة سَوَاء كَانَت خطيرة أَو حقيرة وَكَذَلِكَ الحكم من الشَّافِعِي فِي الْأَشْيَاء النَّجِسَة مثل الْكَلْب وَالزَّيْت النَّجس والأدهان النَّجِسَة والسرجين ويسوق الْكَلَام فِي كل مجْلِس بِحَسبِهِ على نَحْو مَا تقدم صُورَة دَعْوَى وَحكم بِبُطْلَان البيع الْوَاقِع بَين الْمُتَبَايعين فِي الْمَسْجِد على مَذْهَب الإِمَام أَحْمد يكْتب الصَّدْر كَمَا تقدم إِلَى آخر وصف الْمَبِيع ثمَّ يَقُول وَأَنه ابتاعه مِنْهُ بِالْمَسْجِدِ الْجَامِع أَو بِمَسْجِد بني فلَان بِحُضُور جمَاعَة من الْمُسلمين وَيَقَع السُّؤَال وَالْجَوَاب بالاعتراف أَو الْإِنْكَار وَتقوم الْبَيِّنَة على أَن عقد البيع وَقع فِي الْمَسْجِد الْجَامِع فَإِذا ثَبت ذَلِك بالاعتراف أَو بِالْبَيِّنَةِ يسْأَل الْمُدَّعِي من الْحَاكِم الْعَمَل مَعَه بِمُقْتَضى مَذْهَب الإِمَام أَحْمد وَمَا يرَاهُ من عدم صِحَة البيع وجوازه بِالْمَسْجِدِ وَالْحكم بِبُطْلَان البيع بِمُقْتَضى ذَلِك وثبوته لَدَيْهِ فَيحكم الْحَاكِم بِبُطْلَان عقد البيع الصَّادِر على الجزء: 2 ¦ الصفحة: 409 الْمَبِيع الْمَذْكُور بِالْمَسْجِدِ وَرُجُوع الْمَبِيع إِلَى ملك البَائِع وَالثمن إِلَى المُشْتَرِي حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخِره مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ ويكمل على نَحْو مَا سبق وَكَذَلِكَ يكون الحكم بِبُطْلَان البيع فِي الْأَعْيَان الثَّابِتَة الموصوفة أَو الَّتِي لم تُوصَف وَلم تكن مرئية للمتعاقدين عِنْد الشَّافِعِي أَو الْمَالِكِي وَكَذَلِكَ يكون الحكم من الشَّافِعِي فِي أحد قوليه بِبُطْلَان البيع بَين أعميين أَو أعمى وبصير وَكَذَلِكَ يكون الحكم بِصِحَّة البيع بَين أعميين أَو أعمى وبصير عِنْد الثَّلَاثَة خلافًا للشَّافِعِيّ وَقد تقدم ذكر ذَلِك فِي كتاب الْبيُوع وَأما الملاهي فَإِن ترافع الخصمان فِي شَيْء مِنْهَا إِلَى حَنَفِيّ كتب صُورَة الدَّعْوَى كَمَا تقدم وَيحكم الْحَاكِم بتضمين الْمُتْلف وإلزام الْمُدعى عَلَيْهِ بِقِيمَة مَا أتْلفه مِنْهَا أَو أَلْوَاح غير مؤلفة تأليفا يلهى وَكَذَلِكَ يكْتب صُورَة الدَّعْوَى عِنْده فِي تَصْحِيح البيع وإلزام المُشْتَرِي بِالثّمن وَالْحكم بذلك وَإِن ترافعا إِلَى شَافِعِيّ كتب صُورَة الدَّعْوَى وَوصف الْمَبِيع وَيَقَع الحكم بِبُطْلَان البيع وَعدم تغريم الْمُتْلف إِلَّا أَن يكون الْمَبِيع طبل الحجيج فَإِن الْإِجْمَاع على جَوَاز بَيْعه وتغريم الْمُتْلف صُورَة دَعْوَى بِالصُّلْحِ على الْإِنْكَار عِنْد من يرَاهُ حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْحَنَفِيّ أَو الْمَالِكِي فلَان وَهُوَ الْمُتَكَلّم الشَّرْعِيّ عَن مستحقي أوقاف الزاوية الْفُلَانِيَّة أَو الْمدرسَة أَو غير ذَلِك وأحضر مَعَه فلَانا وَادّعى عَلَيْهِ لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَن جَمِيع الدَّار الكائنة بِالْمَكَانِ الْفُلَانِيّ ويحددها وقف محرم وَحبس مخلد جَارِيَة أجوره ومنافعه على الزاوية الْفُلَانِيَّة على الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين المقيمين بهَا ثمَّ على جِهَة مُتَّصِلَة وَأَن فلَانا الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور وضع يَده على الدَّار الْمَذْكُورَة وأخربها وأزال عينهَا وَتصرف فِي جَمِيع آلاتها تَصرفا معينا عُدْوانًا بِغَيْر حق على سَبِيل الْغَصْب والتعدي وَطلب عود هَذِه الدَّار إِلَى حالتها الَّتِي كَانَت عَلَيْهِ قبل الْهدم إِلَى غير ذَلِك مِمَّا تحررت مَعَه الدَّعْوَى شرعا وَسَأَلَ سُؤال الْمُدعى عَلَيْهِ عَن ذَلِك فَسَأَلَهُ الْحَاكِم فَأجَاب بِعَدَمِ الِاسْتِحْقَاق فَطلب الْحَاكِم من الْمُدَّعِي بَيِّنَة تشهد لَهُ بِمَا ادَّعَاهُ فَذكر أَنه لَيْسَ لَهُ بَيِّنَة وَطلب يَمِين الْمُدعى عَلَيْهِ على ذَلِك فتوقف وَقَالَ أَنا أصالحه بِمَال رفعا للأيمان ودفعا لهَذِهِ الْخُصُومَة وَسَأَلَ الْحَاكِم الْعَمَل بِمَا يَقْتَضِيهِ الشَّرْع الشريف فَأجَاب إِلَى ذَلِك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 410 وَرَضي الْخصم الْمُدَّعِي بذلك فَعِنْدَ ذَلِك أحضر الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور من الدَّرَاهِم كَذَا وَكَذَا وَدفع الْجُمْلَة الْمعينَة أَعْلَاهُ صلحا على الْمُدعى بِهِ ودفعا للخصومة فَقبل الْمُدَّعِي مِنْهُ ذَلِك لجِهَة الْوَقْف الْمَذْكُور لما رأى لَهَا فِي ذَلِك من الْحَظ والمصلحة وَقبض ذَلِك مِنْهُ على هَذِه الصّفة وَصَارَت هَذِه الْجُمْلَة فِي يَده ليصرفها فِي ثمن عقار يبتاعه لجِهَة الْوَقْف الْمَذْكُور وَوَقع هَذَا الصُّلْح مَعَ إِصْرَار الْمُدعى عَلَيْهِ على الْإِنْكَار إِلَى حِين الصُّلْح وَبعده وَجرى هَذَا الصُّلْح بَين المتداعيين الْمَذْكُورين على ذَلِك بَين يَدي الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ بطريقه الشَّرْعِيّ وَحكم أيد الله تَعَالَى أَحْكَامه بِصِحَّة هَذَا الصُّلْح ولزومه ونفوذه وبسقوط الدَّعْوَى بالمدعى بِهِ الْمَذْكُور وباستحقاق الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور للمكان الْمُدعى بِهِ وَمَا هُوَ من حُقُوقه وَمن حُقُوق الرّكُوب والتعلي وَغير ذَلِك من سَائِر حُقُوقه مَعَ إِصْرَار الْمُدعى عَلَيْهِ على الْإِنْكَار إِلَى حِين الصُّلْح وَبعده بالمدعى بِهِ الْمَذْكُور حكما شرعا إِلَى آخِره مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ فِي ذَلِك وَحضر فلَان النَّاظر على الزاوية الْمَذْكُورَة وَرَضي بِهَذَا الصُّلْح وَأقر بِصِحَّتِهِ ولزومه ويكمل على نَحْو مَا سبق وَإِن كَانَت الدَّعْوَى بِمَال وَصَالح الْمُدعى عَلَيْهِ على مَال فَيَقُول فالتمس يَمِينه على ذَلِك فَرَأى الْمُدعى عَلَيْهِ أَن يُصَالح عَن هَذِه الدَّعْوَى بِمَال افتداء ليمينه ودفعا للخصومة مَعَ اعْتِقَاده بطلَان هَذِه الدَّعْوَى فَدفع إِلَيْهِ من مَاله كَذَا فَقَبضهُ مِنْهُ صلحا عَن هَذِه الدَّعْوَى وَرَأى سيدنَا الْحَاكِم صِحَة هَذَا الصُّلْح وجوازه ونفوذه فِي حق الْخَصْمَيْنِ المتداعيين وَحكم بذلك حكما شرعا إِلَى آخِره مَعَ علمه باخْتلَاف الْعلمَاء رَضِي الله عَنْهُم فِي صِحَة الصُّلْح على الْإِنْكَار ويكمل صُورَة دَعْوَى شُفْعَة الْجوَار وَالْحكم بهَا حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْحَنَفِيّ فلَان وأحضر مَعَه فلَانا وَادّعى عَلَيْهِ أَنه اشْترى فِي سقبه فِي تَارِيخ كَذَا جَمِيع الْمَكَان الْفُلَانِيّ ويحدده بحقوقه كلهَا بِثمن مبلغه كَذَا وَأَنه مَالك لجَمِيع الْمَكَان الْفُلَانِيّ الملاصق للمكان الْمَشْفُوع من جِهَة الشرق مثلا ويحدده ملكا صَحِيحا شَرْعِيًّا مُتَقَدما على تَارِيخ الشِّرَاء مستمرا إِلَى حِين هَذِه الدَّعْوَى وَأَن الْمَكَان الْمَحْدُود فِي يَد المُشْتَرِي الْمَذْكُور وطالبه بِتَسْلِيمِهِ إِلَيْهِ بِحكم الشُّفْعَة بِحَق الْجوَار والتلاصق لذَلِك فِي الْحُدُود من جِهَة كَذَا وبذل لَهُ نَظِير الثّمن الْمَذْكُور وَسَأَلَ سُؤَاله عَن ذَلِك فَسَأَلَهُ الْحَاكِم فَأجَاب أَنه اشْترى الْمَكَان الْمَحْدُود فِي التَّارِيخ الْمَذْكُور لنَفسِهِ أَو لأيتام فلَان بِإِذن الْحَاكِم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 411 فلَان الدّين لَهُ فِي ذَلِك وَأمره الْكَرِيم فِي ثَلَاث عُقُود الثُّلُث مِنْهُ لفُلَان الْيَتِيم وَالثلث لفُلَان وَالثلث لفُلَان بِالثّمن الْمعِين أَعْلَاهُ بعد أَن ثَبت عِنْد الْحَاكِم الْمُسَمّى أَعْلَاهُ أَن قيمَة الْمثل لَهُ كَذَا وأحضر الْمُدعى عَلَيْهِ الْكتب الثَّلَاثَة وَثَبت مَضْمُون كل مِنْهُنَّ على الحكم المشروح أَعْلَاهُ لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ وَحكم بِمَا ثَبت عِنْده من ذَلِك ثمَّ طلب الْمُدَّعِي من الْحَاكِم الحكم لَهُ بِالشُّفْعَة الْمَذْكُورَة فَعرض عَلَيْهِ الْيَمين الشَّرْعِيَّة المتوجهة عَلَيْهِ شرعا فَأجَاب إِلَيْهَا وبذلها فحلفه الْحَاكِم فِي مجْلِس حكمه الْيَمين الشَّرْعِيَّة المستوفاة أَنه حِين علم بشرَاء الْمَكَان الْمَذْكُور سارع لطلب الشُّفْعَة الْوَاجِبَة لَهُ بِحكم الْجوَار والتلاصق لملكه الْمَذْكُور وَأشْهد عَلَيْهِ بِالطَّلَبِ عِنْد ذَلِك وَلم يُؤَخر الطّلب وَلَا صدر مِنْهُ مَا يبطل حَقه من الشُّفْعَة بقول وَلَا فعل وَأَنه يسْتَحق أَخذ الْمَكَان الْمَذْكُور بِالشُّفْعَة فَحلف كَمَا أَحْلف بالتماسه لذَلِك فَعِنْدَ ذَلِك أَجَابَهُ إِلَى مَا سَأَلَ وَحكم لَهُ بِالشُّفْعَة الْمَذْكُورَة وَالْتزم المُشْتَرِي فلَان بِتَسْلِيم الْمَكَان الْمَذْكُور إِلَيْهِ وَأذن لَهُ فِي قبض نَظِير الثّمن الْمَذْكُور من الشَّفِيع الْمُبْتَاع لَهُم حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخِره مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ ثمَّ بعد ذَلِك ولزومه شرعا سلم المُشْتَرِي الْمَذْكُور إِلَى الشَّفِيع الْمَذْكُور جَمِيع الْمَكَان الْمَذْكُور فتسلمه مِنْهُ وَلم يبْق للْمُبْتَاع لَهُم فِي ذَلِك حق وَلَا بَقِيَّة من حق وَلَا ملك وَلَا شُبْهَة ملك وَلَا حِصَّة وَلَا نصيب وَقبض الْمُتَكَلّم للأيتام نَظِير الثّمن الْمَذْكُور بِقدر حصصهم المختصة بهم من ذَلِك قبضا شَرْعِيًّا وَأَبْرَأ الشَّفِيع من ذَلِك بَرَاءَة شَرْعِيَّة ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه صُورَة دَعْوَى بمَكَان بيد شخص وادعاه شخص آخر وَالْحكم بِتَقْدِيم بَيِّنَة صَاحب الْيَد حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الشَّافِعِي فلَان وَفُلَان وَادّعى المبدي بِذكرِهِ على فلَان المثني بِذكرِهِ أَنه يملك جَمِيع الْمَكَان الْفُلَانِيّ ويوصف ويحدد ملكا شَرْعِيًّا وَأَن يَده عَلَيْهِ يَد عدوان وَأَن لَهُ بَيِّنَة شَرْعِيَّة تشهد بذلك وطالبه بِرَفْع يَده عَن الْمَكَان الْمَذْكُور وتسليمه إِلَيْهِ وَسَأَلَ سُؤَاله عَن ذَلِك فَسَأَلَهُ الْحَاكِم فَأجَاب الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور أَن ذَلِك ملكه وَأَن يَده عَلَيْهِ يَد حق غير عدوان فَأَقَامَ كل مِنْهُمَا بَيِّنَة أَن الْمَكَان لَهُ وَقبلهَا الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ لما رأى مَعَه قبُولهَا شرعا ثمَّ بعد ذَلِك سَأَلَ صَاحب الْيَد الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَن يحكم لَهُ بِالْمَكَانِ الْمَذْكُور لحُصُول الْبَيِّنَة الشَّرْعِيَّة مَعَ الْيَد واستقرار ملكه على الْمَكَان الْمَذْكُور دون الْمُدَّعِي بِحكم إِقَامَة الْبَيِّنَة وَحُصُول الجزء: 2 ¦ الصفحة: 412 على ثُبُوت الْيَد على ذَلِك فأعذر لغريمه الْمَذْكُور بعد أَن حلف الْمُدَّعِي الْمَذْكُور أَنه مُسْتَحقّ لذَلِك وَأَن من شهد لَهُ بِهِ صَادِق فِي شَهَادَته فاعترف المعذر إِلَيْهِ بِعَدَمِ الدَّافِع والمطعن لذَلِك وبشيء مِنْهُ الِاعْتِرَاف الشَّرْعِيّ وَثَبت اعترافه بذلك وجريان حلف الْحَالِف الْمَذْكُور على ذَلِك لَدَيْهِ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ فَعِنْدَ ذَلِك أجَاب السَّائِل إِلَى سُؤَاله وَأشْهد على نَفسه الْكَرِيمَة بِثُبُوت ذَلِك عِنْده وَالْحكم بِمُوجبِه وَمن مُوجبه تَقْدِيم بَيِّنَة صَاحب الْيَد وَإِن عارضتها بَيِّنَة ملك أَو وقف واستقرار ملك فلَان على الْمَكَان الْمَذْكُور لانضمام يَده إِلَى بَينته حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخِره مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ ويكمل على نَحْو مَا سبق صُورَة دَعْوَى على مُمْتَنع عَن الْحُضُور إِلَى مجْلِس متعزز متمرد حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ بَين يَدي سيدنَا فلَان الدّين فلَان وَادّعى على فلَان الْمَنْصُوب الشَّرْعِيّ عَن فلَان الْمُمْتَنع عَن الْحُضُور إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز المتعزز المتمرد أَو المتواري وَسَمَاع الدَّعْوَى عَلَيْهِ ورد الْجَواب عَنهُ الثَّابِت امْتِنَاعه وتعززه وتمرده واختفاؤه وتواريه لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّة بعد أَن أنفذ إِلَيْهِ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَولا وَأمره بالحضور فَلم يحضر ثمَّ تقدم إِلَيْهِ ثَانِيًا مَعَ جمَاعَة من ذَوي الشَّوْكَة فاختفى وَلم يظفروا بِهِ فنصب عَنهُ الْمَنْصُوب الْمَذْكُور لعلمه بقدرته على الْقيام بأَدَاء مَا فوض إِلَيْهِ من سَماع الدَّعْوَى على فلَان المتمرد الْمَذْكُور ورد الْجَواب عَنهُ على الْوَجْه الشَّرْعِيّ ادّعى الْمُدَّعِي الْمَذْكُور على الْمَنْصُوب الْمَذْكُور أَنه يسْتَحق فِي ذمَّة فلَان المتمرد الْمَذْكُور كَذَا وَكَذَا وَسَأَلَ سُؤال الْمَنْصُوب عَن ذَلِك فَسئلَ فَأجَاب بقوله يثبت مَا يَدعِيهِ فأحضر الْمُدَّعِي الْمَذْكُور كل وَاحِد من فلَان وَفُلَان وَفُلَان فأقاموا شَهَادَتهم لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ بذلك فِي وَجه الْمَنْصُوب الْمَذْكُور وقبلهم الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الْقبُول الشَّرْعِيّ ثمَّ طلب الْمُدَّعِي الْمَذْكُور من الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الحكم لَهُ بذلك وَالْتمس الْمَنْصُوب يَمِين الْمُدَّعِي الْمَذْكُور على اسْتِحْقَاق ذَلِك فِي ذمَّة المتمرد الْمَذْكُور وعَلى عدم الْمسْقط لذَلِك ولشيء مِنْهُ فَحلف كَمَا أَحْلف بالتماسه لذَلِك وَثَبت جَرَيَان حلفه على ذَلِك لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ ثمَّ أرسل الْحَاكِم ونادى بِصُورَة الْحَال وَمَا جرى فِي هَذِه الْقَضِيَّة فِي محلّة الْمُدعى عَلَيْهِ وبإحضاره حَتَّى يعْذر إِلَيْهِ فِي ذَلِك وَأعلم أصدقاءه بِمَا جرى عِنْده بِسَبَب الدَّعْوَى الْمَذْكُورَة وَأَنه أوقف الْأَمر إِلَى ثَلَاثَة أَيَّام من تَارِيخه فَإِن بَان خلاف مَا صدر من الدَّعْوَى وَشَهَادَة الشُّهُود وَإِلَّا حكمت عَلَيْهِ فَإِذا مَضَت الْأَيَّام الثَّلَاثَة وَاسْتمرّ المتمرد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 413 على عدم الْحُضُور لمجلس الحكم وَلم يصل جَوَاب عَن ذَلِك وَنفذ إِلَيْهِ مرَارًا بعد ذَلِك وَثَبت بذلك تمرده واختفاؤه وتعززه عَن الْحُضُور لمجلس الحكم الْعَزِيز بِسَبَب الدَّعْوَى الْمَذْكُورَة وَسَأَلَ الْمُدَّعِي الْمَذْكُور الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الحكم لَهُ بذلك أعذر إِلَى الْمَنْصُوب الْمَذْكُور فَإِذا اعْترف بِعَدَمِ الدَّافِع والمطعن ولشيء مِنْهُ أجَاب السَّائِل إِلَى سُؤَاله وَحكم بِمُوجبِه حكما شَرْعِيًّا تَاما مُعْتَبرا مرضيا مسؤولا فِيهِ مُسْتَوْفيا شَرَائِطه الشَّرْعِيَّة وَاعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره شرعا من تشخيص الْمُدَّعِي الْمَذْكُور التشخيص الشَّرْعِيّ وَمَعْرِفَة المتعزز الْمَذْكُور الْمعرفَة الشَّرْعِيَّة ويكمل على نَحْو مَا سبق وَإِن شَاءَ كتب أَولا لما قَامَت الْبَيِّنَة الشَّرْعِيَّة عِنْد سيدنَا فلَان الدّين الْحَاكِم الْفُلَانِيّ بتعزز فلَان عَن الْحُضُور لمجلس الحكم الْعَزِيز وتمرده بعد طلبه مرَارًا والنداء فِي مَجْلِسه بذلك وَثَبت ذَلِك لَدَيْهِ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ ادّعى فلَان على فلَان الْمَنْصُوب الشَّرْعِيّ عَن فلَان الثَّابِت تعززه وتمرده وامتناعه من الْحُضُور الثُّبُوت الشَّرْعِيّ أَنه يسْتَحق فِي ذمَّة فلَان المتمرد الْمَذْكُور كَذَا وَكَذَا ويكمل على نَحْو مَا سبق من الْجَواب وَإِقَامَة الْبَيِّنَة وجريان الْحلف والإعذار للمنصوب بعد الْإِمْهَال كَمَا تقدم وَالْحكم بِالْمُوجبِ إِلَى آخِره صُورَة دَعْوَى الزَّوْجَة بجب الزَّوْج حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز فلَان وفلانة وَادعت فُلَانَة الْمَذْكُورَة على زَوجهَا فلَان الْمَذْكُور أَنه تزوج بهَا تزويجا شَرْعِيًّا بولِي مرشد وشاهدي عدل وصداق مَعْلُوم وَلم تعلم الْمَذْكُورَة بِهِ عَيْبا يثبت بِهِ لَهَا الْخِيَار وَالْفَسْخ وَالْعقد على ظَاهر السَّلامَة وَأَنه سليم من الْعُيُوب خلي من الْجب والعنة وَأَنَّهَا اطَّلَعت الْآن على أَنه مجبوب وَلم يقدر بِهَذَا الْعَيْب على وَطئهَا وَلَا يُمكنهَا الْمقَام مَعَه لما فِي ذَلِك من الضَّرَر وَأَنَّهَا حِين علمت بذلك اخْتَارَتْ الْفَسْخ والمفارقة على الْفَوْر دون التَّرَاخِي وَسَأَلت سُؤَاله عَن ذَلِك فَسئلَ فَأجَاب بِصِحَّة دَعْوَاهَا فَعِنْدَ ذَلِك خَيرهَا الْحَاكِم بَين الْمقَام مَعَه أَو الْفَسْخ فَإِن اخْتَارَتْ الْمقَام مَعَه فَلَا كَلَام وَإِن اخْتَارَتْ الْفَسْخ سَأَلت الْحَاكِم أَن يُمكنهَا من فسخ نِكَاحهَا من عصمَة زَوجهَا الْمَذْكُور فَقَالَ لَهَا مكنتك من ذَلِك فَتَقول بعد ذَلِك فسخت نِكَاحي من عصمَة زَوجي فلَان بِالسَّبَبِ الْمَذْكُور فسخا شَرْعِيًّا ثمَّ تسْأَل الْحَاكِم أَن يحكم لَهَا بذلك فيجيبها إِلَى ذَلِك بعد أَن يعْذر الزَّوْج ثمَّ يَقُول حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخِره وَفرق بَينهمَا التَّفْرِيق الشَّرْعِيّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 414 وَكَذَلِكَ يفعل فِي الْجُنُون والجذام والبرص فَإِن اعْترف بِصِحَّة دَعْوَاهَا وَإِلَّا فتقام الْبَيِّنَة فَإِذا ثبتَتْ دَعْوَاهَا يَقع اخْتِيَار الْفَسْخ وَالْحكم بِمُوجبِه كَمَا تقدم شَرحه وَيفرق القَاضِي بَينهمَا صُورَة دَعْوَى بِالْفَسْخِ بالعنة حضرت إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز فُلَانَة وَزوجهَا فلَان وَادعت فُلَانَة الْمَذْكُورَة على زَوجهَا الْمَذْكُور أَنه تزوج بهَا تزويجا شَرْعِيًّا إِلَى آخر مَا تقدم وَأَنه عنين لَا قدرَة لَهُ على وَطئهَا وَلَا يُمكنهَا الْمقَام مَعَه لما عَلَيْهَا فِي ذَلِك من الضَّرَر وَأَنَّهَا حِين علمت بذلك اخْتَارَتْ الْفَسْخ والمفارقة لَهُ وَسَأَلت سُؤَاله عَن ذَلِك فَسئلَ فَإِن أجَاب بالاعتراف وَإِلَّا فتقام الْبَيِّنَة بِالزَّوْجِيَّةِ وعَلى إِقْرَاره بِالْعَجزِ عَن إصابتها وجماعه لَهَا لكَونه عنينا لَا قدرَة لَهُ عَلَيْهَا بِدَعْوَى محررة وَقبُول الْحَاكِم الْبَيِّنَة ثمَّ بعد ذَلِك يُؤَجل القَاضِي هَذَا الزَّوْج سنة شمسية اثْنَا عشر شهرا كل شهر ثَلَاثُونَ يَوْمًا من وَقت الْمَسْأَلَة لذَلِك ويأمرها بتمكينه من الْجِمَاع فَإِذا مَضَت السّنة الْمَذْكُورَة المتضمنة للفصول الْأَرْبَعَة فيتبين بانقضائها عدم الْجِمَاع مَعَ تمكينها إِيَّاه من نَفسهَا مَعَ سَلامَة شَأْنهَا واعتدال أحوالها فَإِذا مَضَت الْمدَّة سَأَلت الزَّوْجَة الْحَاكِم بِحُضُور زَوجهَا الْمَذْكُور الْفِرَاق مِنْهُ وَفسخ نِكَاحهَا من عصمته بِحَق عَجزه عَن الْجِمَاع وصدقها على عَجزه وَعدم الْجِمَاع مِنْهُ لَهَا وَبَقَاء بَكَارَتهَا فَعِنْدَ ذَلِك يخيرها الْحَاكِم بَين الْمقَام مَعَه على مَا هُوَ عَلَيْهِ لحق الزَّوْجِيَّة الْقَائِمَة بَينهمَا وَبَين الْفرْقَة بَينه وَبَينهَا فَإِن اخْتَارَتْ التَّفْرِيق فسخ الْحَاكِم عقد الزواج وَرَفعه وأبانها مِنْهُ وَقطع عصمَة الزَّوْجِيَّة بَينهمَا قطعا حرمت بِهِ عَلَيْهِ فَلَا تحل لَهُ إِلَّا بِرُجُوع حكم الزَّوْجِيَّة الشَّرْعِيَّة إِلَى آخِره وَإِن ادّعى الْإِصَابَة فِي مُدَّة التَّأْجِيل وَأنْكرت فَيَقُول ثمَّ بعد مُضِيّ الْمدَّة الْمَذْكُورَة سَأَلت الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة الْحَاكِم بِحُضُور زَوجهَا الْمَذْكُور الْفِرَاق مِنْهُ وَفسخ نِكَاحهَا من عصمته بِحَق عَجزه عَن الْجِمَاع فَادّعى الزَّوْج إِصَابَة زَوجته الْمَذْكُورَة وَأنْكرت فَأمر الْحَاكِم نسْوَة عفيفات صالحات مسلمات حرائر أجنبيات من أولات الْخِبْرَة بالبكارة فنظرن أكمل نظر ثمَّ شهدن أَن بَكَارَتهَا الْأَصْلِيَّة غير مصابة وَيثبت ذَلِك ويكمل الْفَسْخ كَمَا تقدم وَإِن حَلَفت الْمَرْأَة مَعَ شَهَادَة النسْوَة كَانَ أحسن وأحوط لِلْخُرُوجِ من الْخلاف على قَول من قَالَ إِن الْبكارَة تعود فَيَقُول وحلفها الْحَاكِم احْتِيَاطًا على نفي الْإِصَابَة وَعدم الْجِمَاع وَحِينَئِذٍ حصل الْفَسْخ وَإِن طلب الزَّوْج الجزء: 2 ¦ الصفحة: 415 تحليفها من غير بَيِّنَة فَيَقُول بعد تَمام الدَّعْوَى وَالْجَوَاب ومضي مُدَّة التَّأْجِيل وطلبها للفراق فالتمس الزَّوْج يَمِينهَا على عدم الْإِصَابَة فَحَلَفت بِاللَّه الْعَظِيم يَمِينا شَرْعِيًّا جَامِعَة لمعاني الْحلف شرعا أَنَّهَا على الْبكارَة وَأَن هَذَا الزَّوْج مَا أَصَابَهَا وَلَا وَطئهَا وَهُوَ على الْعنَّة إِلَى الْآن وَيثبت عِنْد الْحَاكِم بذلك عَجزه عَن الْإِصَابَة ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه وَإِن كَانَت ثَيِّبًا فَيكْتب صدر الدَّعْوَى كَمَا تقدم إِلَى قَوْله الْفُصُول الْأَرْبَعَة فادعت الزَّوْجَة بَقَاءَهُ على الْعَجز عَن الْإِصَابَة فاعترف الزَّوْج بذلك وَإِن ادّعى الْإِصَابَة وَأنْكرت حَلفهَا كَمَا تقدم وَيذكر الْفَسْخ على نَحْو مَا سبق صُورَة دَعْوَى الزَّوْج أَن بِالزَّوْجَةِ جنونا أَو جذاما أَو رتقا أَو قرنا حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ فلَان وفلانة واعترفا أَنَّهُمَا زوجان متناكحان بولِي مرشد وشاهدي عدل وصداق مَعْلُوم وَأَن الزَّوْج تزوج بِزَوْجَتِهِ الْمَذْكُورَة على أَنَّهَا سليمَة من الْعُيُوب خلية من الْقرن أَو الرتق أَو الْجُنُون أَو الجذام أَو البرص وَأَنه علم قبل وَطئهَا أَن بهَا كَذَا وَكَذَا وَلَا يُمكنهُ الْمقَام مَعهَا وَلَا تتأتى الْمَقَاصِد الْأَصْلِيَّة من النِّكَاح وَالْعشرَة بذلك وَأَنه لما علم بِهَذَا الْعَيْب أمسك نَفسه عَنْهَا وَطلب الْفَسْخ والفراق على الْفَوْر دون التَّرَاخِي ويختار ذَلِك وَسَأَلَ سؤالها عَن ذَلِك فَسُئِلت فأجابت بالإنكار فَأَقَامَ الزَّوْج جمَاعَة من الشُّهُود الْعُدُول وهم فلَان وَفُلَان وَفُلَان فَشَهِدُوا فِي وَجه الْمَرْأَة أَنه تزوج بهَا على وَجه الْخُلُو من الْعُيُوب الْمَذْكُورَة وَأَنَّهَا مَجْنُونَة أَو مجذومة أَو برصاء أَو غير ذَلِك وَإِن كَانَ الْعَيْب مِمَّا تَحت الْإِزَار مِمَّا لَا يطلع عَلَيْهِ الرِّجَال غَالِبا كالرتق والقرن فيكشفها النِّسَاء اللَّاتِي يثبت بِهن ذَلِك فَإِن شهدن بذلك وقبلهن الْحَاكِم وَحكم بِصِحَّة مَا ادَّعَاهُ فَيَقُول ثمَّ إِن الزَّوْج اخْتَار الْفَسْخ وَطلب الْفرْقَة وَصرح بذلك وَكَانَ قبل الدُّخُول بِزَوْجَتِهِ الْمَذْكُورَة وإصابتها ثمَّ سَأَلَ الْحَاكِم الْإِشْهَاد على نَفسه بِثُبُوت ذَلِك وَالْحكم بِمُوجبِه فَأَجَابَهُ إِلَى سُؤَاله وَحكم بذلك وبرفع النِّكَاح الَّذِي كَانَ بَينهمَا وبقطع الْعِصْمَة بَينهمَا حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخِره ويكمل على نَحْو مَا سبق صُورَة دَعْوَى فِي متزوجة عتقت زَوجهَا عبد حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ فلَان ابْن عبد الله مَمْلُوك فلَان وفلانة بنت عبد الله عتيقة فلَان وَادعت الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة على زَوجهَا الْمَذْكُور أَنه تزوج بهَا وَهِي رقيقَة وَهُوَ رَقِيق بِنِكَاح صَحِيح شَرْعِي بولِي مرشد وشاهدي عدل على الْوَجْه الشَّرْعِيّ بِإِذن سَيّده الْمَذْكُور بِصَدَاق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 416 مَعْلُوم عِنْدهمَا وَأَنَّهَا عتقت وَهُوَ رَقِيق الْآن وتختار فسخ نِكَاحهَا من عصمته وَعدم الْمقَام مَعَه وتسأل سُؤَاله عَن ذَلِك فكلفها الثُّبُوت لذَلِك فأثبتت التَّزْوِيج وَالْإِعْتَاق وَبَقَاء الزَّوْج على الرّقّ لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّة فِي وَجه الزَّوْج الْمَذْكُور بعد تشخيصهما عِنْده التشخيص الشَّرْعِيّ وَحِينَئِذٍ سَأَلت الزَّوْجَة من الْحَاكِم فسخ نِكَاحهَا من زَوجهَا الْمَذْكُور بِهَذَا الْمُقْتَضى فَخَيرهَا بَين الْبَقَاء وَالْفَسْخ فَاخْتَارَتْ الْفَسْخ والفرقة وصرحت بذلك فأنفذ الْحَاكِم مِنْهَا ذَلِك وأمضاه وأوقع الْفرْقَة بَينهمَا وَصَارَت الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة مُفَارقَة عَنهُ بَائِنَة عَن نِكَاحه لَا تحل لَهُ إِلَّا بِعقد جَدِيد بِشُرُوطِهِ الشَّرْعِيَّة وَحكم أيد الله أَحْكَامه بِمُوجب ذَلِك حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخِره ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه صُورَة دَعْوَى فِي زَوْجَيْنِ ثَبت بَينهمَا رضَاع وَفرق بَينهمَا يكْتب على ظهر الصَدَاق وَإِن كَانَ قد كتب محْضر فَيكْتب على ظَهره لما قَامَت الْبَيِّنَة الشَّرْعِيَّة عِنْد سيدنَا فلَان الدّين الْحَاكِم الْفُلَانِيّ بجريان عقد النِّكَاح بَين فلَان وفلانة الْمَذْكُورين بَاطِنه بِشَهَادَة فلَان وَفُلَان وقبلهما الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الْقبُول الشَّرْعِيّ وبشهادة فلَان وَفُلَان الواضعين خطوطهم آخر الْمحْضر المسطر بَاطِنه أَنَّهُمَا أَخَوان من الرَّضَاع أَو أَن بَينهمَا رضَاعًا شَرْعِيًّا محرما قبل الْحَوْلَيْنِ من امْرَأَة حَيَّة بلغت تسع سِنِين أَو أَكثر بِخمْس رَضعَات متفرقات كاملات من غير قطع وَلَا تبعيض وَوُجُود السَّبَب الْمُقْتَضى للرضاع الْمحرم للنِّكَاح الشَّرْعِيّ وتشخيص الزَّوْجَيْنِ الْمَذْكُورين عِنْده التشخيص الشَّرْعِيّ واستنطاقهما بِالْمَجْلِسِ الْمشَار إِلَيْهِ فاعترفا بذلك وَأَن ذَلِك ظهر لَهما الْآن وَثَبت ذَلِك جَمِيعه لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ على الْوَجْه الشَّرْعِيّ فسخ نِكَاحهمَا وَفرق بَينهمَا التَّفْرِيق الشَّرْعِيّ وَحرم الْجمع بَينهمَا بِالرّضَاعِ الْمَذْكُور كَمَا يحرم بِالنّسَبِ وَتارَة لَا يعْتَرف الزَّوْجَانِ بذلك فَيثبت بِشَهَادَة رجلَيْنِ أَو رجل وَامْرَأَتَيْنِ أَو بِأَرْبَع نسْوَة وَلَا يثبت الْإِقْرَار بِهِ إِلَّا برجلَيْن وَقد تقدم ذكر ذَلِك فِي بَاب الْقَضَاء وَلَا تقبل الشَّهَادَة بِهِ مُطلقًا أَن بَينهمَا رضَاع أَو حُرْمَة عِنْد الْأَكْثَر بل يشْتَرط التَّفْصِيل وَذكر الشُّرُوط وَلَا يَكْفِي فِي الْأَدَاء حِكَايَة الْقَرَائِن بِلَا تعرض لوصول اللَّبن إِلَى الْجوف وَلَا الرَّضَاع الْمحرم وَإِن حصل الْوَطْء مَعَ الْجَهْل وَالْحَالة هَذِه وَجب لَهَا مهر الْمثل صُورَة دَعْوَى فِي إبِْطَال بيع الْوَصِيّ بِغَيْر غِبْطَة وَلَا مصلحَة وبتفريطه حضر إِلَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 417 مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ فلَان الْمَنْصُوب الشَّرْعِيّ عَن فلَان الْمَحْجُور عَلَيْهِ بِحجر الشَّرْع الشريف أَو فلَان الثَّابِت رشده وَفك الْحجر عَنهُ وَإِطْلَاق تَصَرُّفَاته الشَّرْعِيَّة من مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ وَفُلَان وَادّعى المبدي بِذكرِهِ على المثني بِذكرِهِ أَن من الْجَارِي فِي ملكه وتصرفه واختصاصه جَمِيع الْمَكَان الْفُلَانِيّ ويوصف ويحدد انْتقل ذَلِك إِلَيْهِ بِالْإِرْثِ الشَّرْعِيّ من وَالِده فلَان الْمَذْكُور وَأَن الْمُدعى عَلَيْهِ وَاضع الْيَد على الْمَكَان الْمَذْكُور بِغَيْر طَرِيق شَرْعِي وطالبه بِرَفْع يَده عَنهُ وتسليمه إِلَيْهِ وَسَأَلَ سُؤَاله عَن ذَلِك فَسئلَ فَأجَاب بِصِحَّة الدَّعْوَى فِي وضع الْيَد بِمُقْتَضى أَنه ابْتَاعَ ذَلِك من فلَان الْفُلَانِيّ الْوَصِيّ على فلَان الْمَذْكُور من جِهَة وَالِده الْمَذْكُور بِمُقْتَضى وَصِيَّة شَرْعِيَّة ثَابِتَة بِالشَّرْعِ الشريف من قبل تَارِيخه بِثمن مبلغه كَذَا وتسلم الْمُبْتَاع من بَائِعه الْمَذْكُور بِمُقْتَضى ذَلِك وَهُوَ فِي يَده وَملكه فَأجَاب الْمُدَّعِي الْمَذْكُور أَن الْوَصِيّ الْمَذْكُور بَاعَ الْمَكَان الْمَذْكُور من غير احْتِيَاط وَلَا غِبْطَة وَكَانَ مقصرا مفرطا فِيهِ وَبَاعه بِدُونِ ثمن مثله وَأَن البيع بَينهمَا فِي ذَلِك كَانَ فَاسِدا لما حصل فِيهِ من الشُّرُوط الْفَاسِدَة الْمُخَالفَة للْبيع على الْمَحْجُور عَلَيْهِ فَإِن كَانَت الدَّعْوَى عِنْد حنبلي فَيَقُول مَعَ ذَلِك وَأَنه غبن فِي ثمنه غبنا فَاحِشا وَقِيمَته يَوْم تَارِيخه أَكثر مِمَّا بَاعه بِهِ وَأَن لَهُ بَيِّنَة شَرْعِيَّة تشهد بذلك ثمَّ أحضر كل وَاحِد من فلَان وَفُلَان وَفُلَان وَأَقَامُوا شَهَادَتهم بذلك لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ وقبلهم الْقبُول الشَّرْعِيّ فَإِن كَانَ البيع من وَكيل قد خَالف أَمر مُوكله فَيَقُول فِي الْجَواب من الْمُدَّعِي إِنَّه كَانَ وكل فلَانا فِي بيع الْمَكَان الْمَذْكُور بِثمن مثله على وَجه النّظر وَالِاحْتِيَاط مِمَّن يرغب فِي ابتياعه مِنْهُ لفُلَان بِعَيْنِه أَو مُطلقًا بِكَذَا وَكَذَا وَأَن الْوَكِيل الْمَذْكُور خَالف أمره وَبَاعه بِدُونِ ثمن مثله وَهُوَ غبن فَاحش أَو كَانَت قِيمَته يَوْم العقد كَذَا وَكَذَا وَقد بَاعه بِكَذَا وَسلم الْمَكَان الْمَذْكُور إِلَى المُشْتَرِي وَلَيْسَ لَهُ ذَلِك شرعا لكَونه مُخَالفا لأَمره مقصرا فِيمَا تولى عقده وَأَن الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور لم يملك الْمَكَان الْمَذْكُور وَهُوَ بَاقٍ على ملك الْمُوكل وَيلْزمهُ رد إِلَيْهِ وَرفع يَده عَنهُ لما حصل من الْمُخَالفَة المشروحة أَعْلَاهُ وَأَن بَيْعه بَاطِل بِمُقْتَضى ذَلِك وأحضر بَيِّنَة شَرْعِيَّة شهِدت لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ بذلك وبالتوكيل على الصّفة المشروحة أَعْلَاهُ قبلهَا الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ لما رأى مَعَه قبُولهَا شرعا وَعند ذَلِك سَأَلَ الْمُدَّعِي الْمَذْكُور من الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ إِلْزَام المُشْتَرِي الْمَذْكُور بِرَفْع يَده عَن الْمَكَان الْمَذْكُور وتسليمه لَهُ فأعذر إِلَيْهِ بذلك فاعترف بِعَدَمِ الدَّافِع والمطعن لذَلِك ولشيء مِنْهُ الِاعْتِرَاف الشَّرْعِيّ وَثَبت ذَلِك لَدَى الْحَاكِم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 418 الْمشَار إِلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّة الثُّبُوت الشَّرْعِيّ وَحِينَئِذٍ أمره الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ بِرَفْع يَده عَن الْمَكَان الْمَذْكُور وتسليمه لمستحقه شرعا فسلمه إِيَّاه فتسلمه مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا بِالتَّخْلِيَةِ الشَّرْعِيَّة ويكمل وَإِن أذن الْمُوكل للْوَكِيل فِي الدَّعْوَى فيدعي لِأَنَّهُ هُوَ الْمُبَاشر للْبيع وَذَلِكَ أحسن وَكَذَلِكَ يفعل فِي بيع أَمِين الحكم على الْيَتِيم بِدُونِ ثمن الْمثل وَقد تقدم شَرحه صُورَة دَعْوَى بحوالة على شخص بدين وَأنكر الْحِوَالَة وطالب الْمُحِيل بِالدّينِ الْأَصْلِيّ حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ فلَان وَفُلَان فَادّعى الأول مِنْهُمَا على الثَّانِي أَن لَهُ فِي ذمَّته بِحَق شَرْعِي كَذَا وَكَذَا وطالبه بذلك وَسَأَلَ سُؤَاله عَن ذَلِك فَسئلَ فَأجَاب بِصِحَّة دَعْوَاهُ وَأَنه أَحَالهُ بذلك على شخص يُسمى فلَانا حِوَالَة شَرْعِيَّة بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُول والرضى الْمُعْتَبر من كل مِنْهُمَا بِحكم أَن للمبدي بِذكرِهِ فِي ذمَّة فلَان الْمَذْكُور دينا شَرْعِيًّا مُوَافقا لذَلِك فِي الْقدر وَالْجِنْس وَالصّفة والحلول أَو التَّأْجِيل فَسَأَلَ الْحَاكِم الْمُحْتَال الْمَذْكُور وَهُوَ الْمُدَّعِي الْمَذْكُور فَأنْكر الْحِوَالَة فَخرج الْمُدعى عَلَيْهِ الْمُحِيل الْمَذْكُور ثمَّ عَاد وبصحبته شَاهِدَانِ عَدْلَانِ هما فلَان وَفُلَان فشهدا بصدور الْحِوَالَة الْمَذْكُورَة على الْمحَال عَلَيْهِ وبالرضى بالحوالة الْمَذْكُورَة وقبلهما الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الْقبُول الشَّرْعِيّ وَثَبت ذَلِك عِنْده ثبوتا شَرْعِيًّا ثمَّ سَأَلَ الْمُدعى عَلَيْهِ وَهُوَ الْمُحِيل الْمَذْكُور الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الْإِشْهَاد على نَفسه بِثُبُوت ذَلِك عِنْده وَالْحكم بِمُوجبِه فَأجَاب إِلَى ذَلِك وَحكم بِمُوجبِه وَمن مُوجبه رفع الطّلب عَن الْمُدعى عَلَيْهِ وإلزام الْمحَال عَلَيْهِ الْمَذْكُور بِحكم صُدُور الْحِوَالَة الْمَذْكُورَة على الْوَجْه الشَّرْعِيّ حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخِره ويكمل على نَحْو مَا سبق صُورَة دَعْوَى على شخص ضمن شخصا فِي دين فِي ذمَّته لشخص وَأنكر الضَّمَان حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ فلَان وَفُلَان وَادّعى الأول مِنْهُمَا على الثَّانِي أَنه ضمن لَهُ فلَان الْفُلَانِيّ بِمَا كَانَ لَهُ فِي ذمَّته من الدّين الشَّرْعِيّ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا ضمانا شَرْعِيًّا فِي الذِّمَّة بِإِذْنِهِ لَهُ فِي ذَلِك وَأقر أَنه مَلِيء بِمَا ضمنه قَادر عَلَيْهِ عَارِف بِمَعْنى الضَّمَان ولزومه شرعا وبالمضمون لَهُ وطالبه بالمبلغ الْمَضْمُون الْمَذْكُور وَسَأَلَ سُؤَاله عَن ذَلِك فَسئلَ فَأجَاب بالإنكار فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْمَذْكُور بَيِّنَة شَرْعِيَّة بِالدّينِ وَالضَّمان وَالْإِذْن وَإِقْرَار الضَّامِن بالمعرفة بالمضمون لَهُ فِيهِ وَبِمَعْنى الضَّمَان وَثَبت ذَلِك عِنْد الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ وَعند ذَلِك سَأَلَ الْمُدَّعِي الْمَذْكُور إِلْزَام الْمُدعى عَلَيْهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 419 الْمَذْكُور لَهُ بِالْقدرِ الْمَضْمُون فِيهِ فَأَجَابَهُ إِلَى سُؤَاله وألزم الضَّامِن الْمَذْكُور بذلك إلزاما شَرْعِيًّا ويكمل على نَحْو مَا سبق فِي صور الْحِوَالَة صُورَة دَعْوَى فِي قَضَاء الْحَاكِم بِعِلْمِهِ حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ فلَان وَفُلَان وَادّعى الأول مِنْهُمَا على الثَّانِي بِكَذَا وَكَذَا وَسَأَلَ سُؤَاله عَن ذَلِك فَسئلَ فَأجَاب بالإنكار ثمَّ زعم الْمُدَّعِي أَن الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ يشْهد لَهُ بذلك وَكَانَ الْحَاكِم ذَاكِرًا لهَذِهِ الْوَاقِعَة ولصحة مَا ادَّعَاهُ فَسَأَلَ الْحَاكِم أَن يحكم لَهُ على الْمُدعى عَلَيْهِ بِعِلْمِهِ فِي ذَلِك فَقَالَ الْحَاكِم للْمُدَّعى عَلَيْهِ لي علم وَمَعْرِفَة بِمَا يَدعِيهِ عَلَيْك من الدّين وَهُوَ كَذَا أقضيته أَو أبرأك أَو سقط ذَلِك عَن ذِمَّتك بطرِيق شَرْعِي فَإِن أَقمت على ذَلِك بَيِّنَة وَإِلَّا قضيت عَلَيْك بعلمي فَمَا أَقَامَ على ذَلِك بَيِّنَة وَلَا اعْترف الْمُدَّعِي بِقَبض ذَلِك وَلَا بسقوطه عَن ذمَّة الْمُدعى عَلَيْهِ بِوَجْه شَرْعِي إِلَى حِين الدَّعْوَى فَحِينَئِذٍ سَأَلَ الْمُدَّعِي الْمَذْكُور الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَن يحكم لَهُ على الْمُدعى عَلَيْهِ بِعِلْمِهِ فِي ذَلِك فَأجَاب سُؤَاله وَرَأى فِي مذْهبه وَمَا أدّى إِلَيْهِ اجْتِهَاده جَوَاز الحكم وتنفيذ الْقَضَاء بِعِلْمِهِ وَكَانَ فَقِيها عَالما بأدلة الشَّرْع وَعلل الْمسَائِل فَحكم على الْمُدعى عَلَيْهِ للْمُدَّعِي الْمَذْكُور بِعِلْمِهِ وَقضى عَلَيْهِ بالمبلغ الْمُدَّعِي بِهِ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا وَكَونه ثَابتا فِي ذمَّته وألزمه الْخُرُوج من عهدته وَأشْهد على نَفسه الْكَرِيمَة بذلك من حضر مجْلِس حكمه وقضائه وَهُوَ نَافِذ الْقَضَاء وَالْحكم ماضيهما وَيكْتب التَّارِيخ والحسبلة بِخَطِّهِ انْتهى وَالله أعلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 420 كتاب الْعتْق وَمَا يتَعَلَّق بِهِ من الْأَحْكَام الأَصْل فِي الْعتْق قَوْله تَعَالَى {وَإِذ تَقول للَّذي أنعم الله عَلَيْهِ وأنعمت عَلَيْهِ} قَالَ أهل التَّفْسِير {أنعم الله عَلَيْهِ} بِالْإِسْلَامِ {وأنعمت عَلَيْهِ} بِالْعِتْقِ وَقَوله تَعَالَى {فَتَحْرِير رَقَبَة} فِي مَوَاضِع من الْقرَان وروى وَاثِلَة بن بن الْأَسْقَع قَالَ أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي صَاحب لنا أوجب النَّار بِالْقَتْلِ فَقَالَ أعتقوا عَنهُ رَقَبَة يعْتق الله بِكُل عُضْو مِنْهَا عضوا مِنْهُ من النَّار وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْوَلَاء لمن أعتق وأجمعت الْأمة على صِحَة الْعتْق وَحُصُول الْقرْبَة إِلَى الله تَعَالَى بِهِ وَلَا يَصح الْإِعْتَاق إِلَّا من الْمُكَلف الْمُطلق سَوَاء كَانَ كَافِرًا أَو مُسلما وَلَا يَصح من الصَّبِي وَالْمَجْنُون والمحجور عَلَيْهِ بالسفه وَيصِح تَعْلِيقه بِالصِّفَاتِ وإضافته إِلَى جُزْء شَائِع ومعين وصريح لَفظه بالتحرير وَالْإِعْتَاق فَإِذا قَالَ أَعتَقتك أَو أَنْت عَتيق أَو مُعتق أَو حررتك أَو أَنْت حر أَو مُحَرر عتق وَإِن لم ينْو وَفِي فك الرَّقَبَة وَجْهَان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 421 أظهرهمَا أَنه صَرِيح أَيْضا والكنايات كَقَوْلِه لَا ملك لي عَلَيْك أَو لَا يَد أَو لَا سُلْطَان أَو لَا سَبِيل أَو لَا خدمَة إِن نوى الْإِعْتَاق بهَا عتق وَكَذَا لَو قَالَ لأمته أَنْت سائبة أَو قَالَ لعَبْدِهِ أَنْت مولَايَ وَلَو قَالَ لعَبْدِهِ أَنْت حر ولأمته أَنْت حرَّة حصل الْعتْق بِلَا نِيَّة وَلَو أَخطَأ فِي التَّذْكِير والتأنيث وَلَو قَالَ لعَبْدِهِ جعلت عتقك إِلَيْهِ أَو خيرتك وَنوى تَفْوِيض الْعتْق إِلَيْهِ فَأعتق نَفسه فِي الْمجْلس عتق وَلَو قَالَ أَعتَقتك على ألف أَو أَنْت حر على ألف فَقبل أَو قَالَ لَهُ عَبده أعتقني على ألف فَأَجَابَهُ عتق فِي الْحَال وَلَزِمَه الْألف وَلَو قَالَ لعَبْدِهِ بِعْتُك نَفسك مِنْك بِكَذَا فَقَالَ اشْتريت صَحَّ البيع وَعتق فِي الْحَال وَعَلِيهِ مَا الْتزم وَيكون للسَّيِّد الْوَلَاء عَلَيْهِ وَلَو أعتق جَارِيَة حَامِلا عتق الْحمل أَيْضا وَلَو اسْتثْنى فَقَالَ أَعتَقتك دون الْحمل لم يَصح الِاسْتِثْنَاء وَلَو أعتق الْحمل عتق دون الْأُم وَلَو كَانَت الْجَارِيَة لوَاحِد وَالْحمل لآخر فَأعتق أَحدهمَا ملكه لم يعْتق ملك الآخر وَإِن كَانَ بَين شَرِيكَيْنِ عبد فَأعْتقهُ أَحدهمَا أَو أعتق نصِيبه عتق نصِيبه إِن كَانَ مُعسرا وَبَقِي نصيب الشَّرِيك رَقِيقا وَإِن كَانَ مُوسِرًا سرى الْعتْق وَعَلِيهِ قيمَة ذَلِك النَّصِيب واستيلاد أحد الشَّرِيكَيْنِ الْجَارِيَة وَهُوَ مُوسر فَعَلَيهِ قيمَة نصيب الشَّرِيك وللشريك أَيْضا حِصَّته من مهر الْمثل وتدبير أحد الشَّرِيكَيْنِ لَا يسري إِلَى نصيب الآخر وَمن ملك وَهُوَ من أهل التَّبَرُّع أحد أُصُوله وَإِن علا أَو أحد فروعه وَإِن سفل عتق عَلَيْهِ سَوَاء ملكه بشرَاء أَو اتهاب أَو إِرْث أَو غير ذَلِك وَلَا يَشْتَرِي للطفل قَرِيبه وَلَو وهب مِنْهُ أَو أوصى لَهُ بِهِ فَإِن كَانَ كسوبا فللولي أَن يقبله وَيعتق وَينْفق على نَفسه من كَسبه وَإِن كَانَ الصَّبِي مُعسرا فللولي الْقبُول أَيْضا وَيعتق وَتَكون نَفَقَته فِي بَيت المَال وَإِن كَانَ الصَّبِي مُوسِرًا لم يقبل الْوَلِيّ الْهِبَة وَلَا الْوَصِيَّة ثمَّ يعْتق على الصَّبِي وَإِن دخل فِي ملك شخص فِي مرض مَوته من يعْتق عَلَيْهِ فَإِن كَانَ قد ملكه بِإِرْث أَو هبة أَو وَصِيَّة لَهُ بِهِ عتق عَلَيْهِ وَيعْتَبر عتقه من الثُّلُث وَإِن كَانَ على الشَّخْص دُيُون فَاشْترى قَرِيبه صَحَّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 422 الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب اتّفق الْأَئِمَّة على أَن الْعتْق من أعظم القربات الْمَنْدُوب إِلَيْهَا فَلَو عتق شِقْصا لَهُ فِي مَمْلُوك مُشْتَرك وَكَانَ مُوسِرًا قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد يعْتق عَلَيْهِ جَمِيعه وَيضمن حِصَّة شَرِيكه وَإِن كَانَ مُعسرا عتق نصِيبه فَقَط وَقَالَ أَبُو حنيفَة تعْتق حِصَّته فَقَط ولشريكه الْخِيَار بَين أَن يعْتق نصِيبه أَو يستسعي العَبْد أَو يضمن لشَرِيكه الْمُعْتق إِن كَانَ مُوسِرًا فَإِن كَانَ مُعسرا فَلهُ الْخِيَار بَين الْعتْق والسعاية وَلَيْسَ لَهُ التَّضْمِين وَلَو كَانَ عبد بَين ثَلَاثَة لوَاحِد نصفه وَللْآخر ثلثه وَللْآخر سدسه فَأعتق صَاحب النّصْف وَالسُّدُس ملكهمَا مَعًا فِي زمَان وَاحِد أَو وكلا وَكيلا فَأعتق ملكهمَا قَالَ مَالك فِي الْمَشْهُور عَنهُ يعْتق كُله وَعَلَيْهِمَا قيمَة الشّقص الْبَاقِي بَينهمَا على قدر حصتهما من العَبْد وَيكون لكل وَاحِد مِنْهُمَا من ولائه مثل ذَلِك وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد عَلَيْهِمَا قيمَة حِصَّة شريكهما بَينهمَا بِالسَّوِيَّةِ على كل وَاحِد نصف قيمَة حِصَّة شَرِيكه وَعَن مَالك رِوَايَة مثل ذَلِك فصل لَو أعتق عَبده فِي مَرضه وَلَا مَال لَهُ وَلم تجز جَمِيع الْوَرَثَة الْعتْق قَالَ أَبُو حنيفَة يعْتق من كل وَاحِد ثلثه ويستسعي فِي الْبَاقِي وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد يعْتق الثُّلُث بِالْقُرْعَةِ وَلَو أعتق عبدا من عبيده لَا بِعَيْنِه قَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ يخرج أَيهمَا شَاءَ وَقَالَ مَالك وَأحمد يخرج أحدهم بِالْقُرْعَةِ وَلَو أعتق عبدا فِي مرض مَوته وَلَا مَال لَهُ غَيره وَعَلِيهِ دين يستغرقه قَالَ أَبُو حنيفَة يستسعي العَبْد فِي قِيمَته فَإِذا أَدَّاهَا صَار حرا وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد لَا ينفذ الْعتْق وَلَو قَالَ لعَبْدِهِ الَّذِي هُوَ أكبر مِنْهُ سنا هَذَا ابْني قَالَ أَبُو حنيفَة يعْتق وَلَا يثبت نسبه وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد لَا يعْتق بذلك وَلَو قَالَ ذَلِك لمن هُوَ أَصْغَر سنا لَا يعْتق أَيْضا إِلَّا فِي قَول للشَّافِعِيّ صَححهُ بعض أَصْحَابه وَالْمُخْتَار إِن قصد إكرامه لم يعْتق وَلَو قَالَ إِنَّه لله وَنوى بِهِ الْعتْق قَالَ أَبُو حنيفَة لَا يعْتق وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد يعْتق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 423 فصل وَمن ملك أَبَوَيْهِ أَو أَوْلَاده أَو أجداده أَو جداته قربوا أَو بعدوا فبنفس الْملك يعتقون عَلَيْهِ عِنْد مَالك وَكَذَلِكَ عِنْده إِذا ملك إخْوَته أَو أخواته من قبل الْأُم أَو الْأَب وَقَالَ أَبُو حنيفَة يعْتق هَؤُلَاءِ عَلَيْهِ وكل ذِي رحم محرم عَلَيْهِ من جِهَة النّسَب وَلَو كَانَت امْرَأَة لم يجز لَهُ تزَوجهَا وَقَالَ الشَّافِعِي من ملك أَصله من جِهَة الْأَب أَو الْأُم أَو فَرعه وَإِن سفل ذكرا كَانَ أَو أُنْثَى عتق عَلَيْهِ سَوَاء اتّفق الْوَلَد وَالْوَالِد أَو اخْتلفَا وَسَوَاء ملكه قهرا بِالْإِرْثِ أَو اخْتِيَارا كالشراء وَالْهِبَة وَقَالَ دَاوُد لَا عتق بِقرَابَة وَلَا يلْزمه إِعْتَاق من ذكر انْتهى فرع شخص عتق عَلَيْهِ رَقِيق وَلَا وَلَاء لَهُ وَصورته مَا إِذا شهد بحريّة عبد ثمَّ اشْتَرَاهُ فَإِنَّهُ يعْتق عَلَيْهِ وَلَا وَلَاء لَهُ وَلَا للْبَائِع المصطلح وَهُوَ يشْتَمل على صور حكمِيَّة وأهلية وَلها عمد ذكر الْمُعْتق وَنسبه وَذكر العَبْد وَصفته وحليته وَأَنه أعْتقهُ لله من غير عوض وَأَنه لَا سَبِيل لَهُ عَلَيْهِ بعد عتقه إِلَّا سَبِيل الْوَلَاء الشَّرْعِيّ وَذكر إِقْرَار العَبْد لَهُ بسابق الرّقّ والعبودية إِلَى حِين الْعتْق وَوُقُوع ذَلِك فِي حَال صِحَة العقد وَالْبدن وَجَوَاز الْأَمر وَمَعْرِفَة الشُّهُود بهما والتاريخ لَطِيفَة نذكرها على سَبِيل الْبركَة قَالَ الْأَصْمَعِي سَمِعت شبيبا يَقُول كُنَّا فِي طَرِيق مَكَّة فجَاء أَعْرَابِي فِي يَوْم صَائِف شَدِيد الْحر وَمَعَهُ جَارِيَة سَوْدَاء وصيفة فَقَالَ أفيكم كَاتب فَقُلْنَا نعم وَحضر غداؤنا فَقُلْنَا لَهُ أصب من طعامنا فَقَالَ إِنِّي صَائِم فَقُلْنَا أَفِي هَذَا الْحر الشَّديد وجفاء الْبَادِيَة تَصُوم فَقَالَ إِن الدُّنْيَا كَانَت وَلم أكن فِيهَا وَتَكون وَلَا أكون فِيهَا وَإِنَّمَا لي مِنْهَا أَيَّام قَلَائِل وَمَا أحب أَن أعين أيامي ثمَّ نبذ إِلَيْنَا الصَّحِيفَة وَقَالَ اكْتُبْ وَلَا تزد على مَا أَقُول لَك حرفا هَذَا مَا أعتق عبد الله بن عقيل الْكلابِي جَارِيَة سَوْدَاء يُقَال لَهَا لؤلؤة لابتغاء وَجه الله تَعَالَى وَجَوَاز الْعقبَة الْعُظْمَى وَأَنه لَا سَبِيل لي عَلَيْهَا إِلَّا الْوَلَاء والْمنَّة لله الْوَاحِد القهار قَالَ الْأَصْمَعِي فَحدثت بِهَذَا الرشيد فَأمر أَن يَشْتَرِي لَهُ ألف نسمَة ويعتقون وَيكْتب لَهُم هَذَا الْكتاب وَأما الصُّور فَمِنْهَا صُورَة أَهْلِيَّة أعتق فلَان أَو أشهد على نَفسه فلَان أَنه أعتق مَمْلُوكه فلَانا وَيذكر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 424 جنسه وَصفته وحليته الْمُسلم الدّين الْبَالِغ الْمُعْتَرف لسَيِّده الْمَذْكُور بِالرّقِّ والعبودية إِلَى حِين هَذَا الْعتْق وَهُوَ مَعْرُوف لشهوده عتقا صَحِيحا شَرْعِيًّا محررا مُنجزا مرضيا ابْتِغَاء وَجه الله الْكَرِيم وطلبا لثوابه الجسيم أَو وطلبا لما عِنْده من الزلفى وَالنَّعِيم الْمُقِيم صَار بِهِ فلَان الْعَتِيق الْمَذْكُور حرا من أَحْرَار الْمُسلمين لَهُ مَا لَهُم وَعَلِيهِ مَا عَلَيْهِم لَا سَبِيل لأحد عَلَيْهِ بِوَجْه رق وَلَا عبودية إِلَّا سَبِيل الْوَلَاء الشَّرْعِيّ فَإِنَّهُ لمعتقه الْمَذْكُور وَلمن يسْتَحقّهُ من بعده شرعا وَإِن شَاءَ كتب بعد قَوْله وَالنَّعِيم الْمُقِيم وَعمل بقول النَّبِي عَلَيْهِ أفضل الصَّلَاة وَالتَّسْلِيم من أعتق نسمَة مُؤمنَة أعتق الله تَعَالَى بِكُل عُضْو مِنْهَا عضوا مِنْهُ من النَّار حَتَّى الْفرج بالفرج صَار بذلك فلَان الْعَتِيق الْمَذْكُور حرا من أَحْرَار الْمُسلمين وَخرج بِهَذَا الْعتْق من ضيق الْعُبُودِيَّة إِلَى سَعَة الْحُرِّيَّة أَو يَقُول خرج الْمُعْتق الْمَذْكُور بِهَذَا الْعتْق من ربقة الرّقّ إِلَى سَعَة الْعتْق وكل ذَلِك حسن مهما أَرَادَ مِنْهُ كتبه ثمَّ يَقُول وَأشْهد كل مِنْهُمَا عَلَيْهِ بذلك فِي حَال الصِّحَّة والسلامة والطواعية وَالِاخْتِيَار وَجَوَاز الْأَمر شرعا فِي تَارِيخ كَذَا وَكَذَلِكَ يكْتب فِي عتق الْجَارِيَة فَيَقُول أعتق فلَان جَارِيَته فُلَانَة وَيذكر جِنْسهَا ونوعها وصفتها وحليتها المدعوة فُلَانَة الْمسلمَة الدّين الْبَالِغ الْبكر أَو الثّيّب المعترفة لمعتقها الْمَذْكُور بِالرّقِّ والعبودية إِلَى حِين صُدُور هَذَا الْعتْق عتقا صَحِيحا شَرْعِيًّا إِلَى آخِره ويكمل على نَحْو مَا سبق صُورَة عتق بِلَفْظ التَّحْرِير حرر فلَان رَقَبَة عَبده فلَان الْمُسلم الدّين الْبَالِغ الْمُعْتَرف لمحرره الْمَذْكُور بِالرّقِّ والعبودية إِلَى حِين صُدُور هَذَا التَّحْرِير تحريرا صَحِيحا شَرْعِيًّا إِلَى آخِره ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه صُورَة أُخْرَى بِلَفْظ الفك فك فلَان رَقَبَة عَبده فلَان ابْن عبد الله الْمُعْتَرف للفاك بِالرّقِّ والعبودية إِلَى حِين صُدُور هَذَا الفك الْمَعْرُوف لشهوده فكا صَحِيحا شَرْعِيًّا نوى بِهِ الْعتْق الصَّحِيح الصَّرِيح ويكمل على نَحْو مَا سبق صُورَة الْعتْق بالكنايات أقرّ فلَان أَنه شافه عَبده فلَانا الْفُلَانِيّ بِأَن قَالَ لَهُ لَا خدمَة لي عَلَيْك أَو لَا ملك لي عَلَيْك أَو لَا يدلى عَلَيْك أَو لَا سُلْطَان لي عَلَيْك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 425 وَنوى بقوله ذَلِك الْعتْق لعَبْدِهِ الْمَذْكُور فبمقتضى ذَلِك عتق عَلَيْهِ وَصَارَ حرا من أَحْرَار الْمُسلمين ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه صُورَة الْعتْق بِلَفْظ التَّفْوِيض إِلَى العَبْد فوض فلَان عتق عَبده فلَان الْفُلَانِيّ الْمُعْتَرف للمفوض الْمَذْكُور بِالرّقِّ والعبودية إِلَى حِين هَذَا التَّفْوِيض بِأَن قَالَ لَهُ فوضت عتقك لَك أَو جعلت عتقك إِلَيْك فَقَالَ العَبْد أعتقت نَفسِي فِي الْمجْلس الَّذِي فوض إِلَيْهِ فِيهِ عتق نَفسه فَعتق بذلك عتقا صَحِيحا شَرْعِيًّا متلفظا بذلك بِحَضْرَة شُهُوده فبمقتضى ذَلِك صَار فلَان الْمُفَوض إِلَيْهِ حرا من أَحْرَار الْمُسلمين ويكمل على نَحْو مَا سبق صُورَة عتق العَبْد الْكَافِر أعتق فلَان عَبده فلَان الأرمني الْجِنْس النَّصْرَانِي الدّين الْبَالِغ الْكَامِل الْمُعْتَرف لَهُ بِالرّقِّ والعبودية إِلَى حِين هَذَا الْعتْق عتقا محررا مُنجزا صَار بذلك حرا من أَحْرَار الْمُسلمين لَهُ مَا لَهُم وَعَلِيهِ مَا عَلَيْهِم لَا سَبِيل لأحد عَلَيْهِ بِوَجْه رق وَلَا عبودية وَلَا وَلَاء وَلَا إِرْث لمعتقه إِلَّا إِذا أسلم وَمَات مُسلما فَإِن ولاءه وإرثه يكون لمعتقه ولمستحقه بعده شرعا على مَا يَقْتَضِيهِ حكم الشَّرِيعَة المطهرة ويؤرخ صُورَة الْعتْق على مبلغ بِقبُول العَبْد أعتق فلَان عَبده أَو مَمْلُوكه فلَان الْمُعْتَرف لَهُ بِالرّقِّ والعبودية إِلَى حِين صُدُور هَذَا الْعتْق الْمَعْرُوف لشهوده على الصّفة الْآتِي تَعْيِينهَا بِأَن قَالَ لَهُ أَعتَقتك على ألف دِرْهَم أَو أَنْت حر على ألف فَقبل الْمُعْتق مِنْهُ ذَلِك فَإِن كَانَ العَبْد قد سَأَلَ الْإِعْتَاق فيذكر سُؤَاله كَمَا وَقع فَيَقُول بِأَن قَالَ العَبْد الْمَذْكُور لسَيِّده الْمشَار إِلَيْهِ أعتقني على ألف فَقَالَ أَعتَقتك أَو أَنْت حر على ألف فَعتق العَبْد الْمَذْكُور بذلك عتقا صَحِيحا شَرْعِيًّا إِلَى آخِره وَوَجَب لسَيِّده الْمشَار إِلَيْهِ عَلَيْهِ الْألف الْمَذْكُورَة وجوبا شَرْعِيًّا فَإِن دَفعهَا إِلَيْهِ فِي الْحَال يَقُول وَدفعهَا إِلَيْهِ فقبضها مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا تَاما وافيا وَإِن لم يكن دَفعهَا إِلَيْهِ فِي الْحَال فَيَقُول وصبر عَلَيْهِ بِالْألف إِلَى مُدَّة كَذَا ويؤرخ صُورَة الْعتْق بِلَفْظ البيع عتق فلَان ابْن عبد الله على سَيّده فلَان عتقا صَحِيحا شَرْعِيًّا بِوُجُود الصّفة الْآتِي تَعْيِينهَا فِيهِ بِأَن قَالَ لَهُ سَيّده بِعْت نَفسك مِنْك بِأَلف دِرْهَم فَقَالَ اشْتريت فبمقتضى ذَلِك عتق العَبْد الْمَذْكُور وَلَزِمَه الْألف الْمعينَة فَدَفعهَا إِلَى سَيّده الْمَذْكُور فقبضها مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا وَصَارَ العَبْد الْمَذْكُور بذلك حرا من أَحْرَار الْمُسلمين إِلَى آخِره ويكمل على نَحْو مَا سبق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 426 صُورَة عتق الْجَارِيَة الْحَامِل وَعتق حملهَا مَعهَا تبعا لَهَا أعتق فلَان جَارِيَته فُلَانَة المعترفة لَهُ بِالرّقِّ والعبودية الْمُشْتَملَة على حمل ظَاهر فعتقت هِيَ وَحملهَا عتقا صَحِيحا شَرْعِيًّا محررا مُنجزا إِلَى آخِره وَصَارَت فُلَانَة الْمَذْكُورَة هِيَ وَحملهَا حُرَّيْنِ من أَحْرَار الْمُسلمين ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه صُورَة عتق الْحمل دون الْأُم أعتق فلَان حمل جَارِيَته فُلَانَة الْفُلَانِيَّة الْمَعْرُوفَة لشهوده الْبَاقِيَة فِي رقّه وعبوديته عتقا محررا مُنجزا وَصَارَ حملهَا بذلك حرا إِلَى آخِره ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه وَكَذَلِكَ يفعل إِذا أعتق الْجَارِيَة مَالِكهَا وَحملهَا الآخر فَيَقُول وَبَقِي حملهَا فِي ملك مَالِكه فلَان صُورَة إِعْتَاق الْوَلَد أَبَاهُ أَو بِالْعَكْسِ أقرّ فلَان ابْن فلَان الْوَافِد إِلَى دَار الْإِسْلَام من دَار الْحَرْب أَنه لما دخلت عَسَاكِر الْمُسلمين إِلَى دَار الْحَرْب فأسروا أَبَاهُ الْمَذْكُور وَأمه فُلَانَة بنت فلَان وَابْنه لصلبه فلَان وأحضروهم فِي جملَة الأسرى إِلَى دَار الْإِسْلَام وَأَنه ابتاعهم مِمَّن خَرجُوا فِي نصِيبهم من الْغَنِيمَة وَأَنَّهُمْ بعد أَن دخلُوا فِي ملكه عتقوا عَلَيْهِ عتقا صَحِيحا شَرْعِيًّا ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه وَمن الصُّور الْحكمِيَّة صُورَة حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ الشَّافِعِي فلَان ابْن عبد الله الْفُلَانِيّ الْجِنْس الْمُسلم الدّين الرجل الْكَامِل وأحضر مَعَه سَيّده فلَان وَادّعى عَلَيْهِ لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَنه أعْتقهُ الْعتْق الصَّحِيح الصَّرِيح الشَّرْعِيّ متلفظا بِعِتْقِهِ أَو أَنه عتق بذلك وَخرج بِهِ من الرّقّ وَصَارَ حرا من أَحْرَار الْمُسلمين وَسَأَلَ سُؤَاله عَن ذَلِك فَسئلَ فَأجَاب بالإنكار فَسَأَلَ الْمُدَّعِي الْمَذْكُور إحلافه بِاللَّه الْعَظِيم الْيَمين الشَّرْعِيَّة أَنه لم يكن أعْتقهُ وَلَا تلفظ بذلك وَأَنه جَار الْآن فِي رقّه وَلَا يعلم خلاف ذَلِك وَلَا مَا يُنَافِيهِ فَعرض الْحَاكِم عَلَيْهِ الْيَمين فَحلف بالتماسه لذَلِك حَسْبَمَا عين أَعْلَاهُ وَلم يَأْتِ الْمُدَّعِي الْمَذْكُور بِبَيِّنَة وانفصلا على ذَلِك وَاسْتمرّ الْمُدَّعِي الْمَذْكُور فِي رق الْمُدعى عَلَيْهِ وَالْأَمر مَحْمُول بَينهمَا على مَا يُوجِبهُ الشَّرْع الشريف ويؤرخ وَإِن كَانَ لَهُ بَيِّنَة فَيَقُول فَأجَاب بالإنكار فَذكر الْمُدَّعِي الْمَذْكُور أَن لَهُ بَيِّنَة تشهد بذلك وَسَأَلَ الْإِذْن فِي إحضارها فَأذن لَهُ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ فأحضر كل وَاحِد من فلَان وَفُلَان وَفُلَان فَشَهِدُوا لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ فِي وَجه الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور على إِقْرَاره بِمَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي الْمَذْكُور عرفهم الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ وَسمع شَهَادَتهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 427 وَقبلهَا بِمَا رأى مَعَه قبُولهَا بالتزكية الشَّرْعِيَّة فَحِينَئِذٍ سَأَلَ الْمُدَّعِي الْمَذْكُور من الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الحكم بحريَّته وَرفع يَد الْمُدعى عَلَيْهِ عَنهُ وَإِطْلَاق سَبيله فأعذر الْحَاكِم إِلَى الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور فاعترف بِعَدَمِ الدَّافِع والمطعن لذَلِك ولشيء مِنْهُ الِاعْتِرَاف الشَّرْعِيّ وَثَبت اعترافه بذلك عِنْده بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّة وتشخيص المتداعين لَدَيْهِ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ فَحِينَئِذٍ استخار الله تَعَالَى وَأجَاب السَّائِل إِلَى سُؤَاله وَحكم بحريَّته وَرفع يَد الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور عَنهُ وَأطلق سَبيله حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخِره ويكمل على نَحْو مَا سبق وَإِن كَانَت الدَّعْوَى على وَرَثَة السَّيِّد بعد أَن أَنْكَرُوا الْعتْق من والدهم فَإِن طلب الْمُدَّعِي إحلافهم أَنهم لَا يعلمُونَ أَن مُورثهم أعتق الْمُدَّعِي الْمَذْكُور فَإِن كَانَ لَهُ بَيِّنَة أَقَامَهَا فِي وجههم وَعتق وَإِن لم يكن لَهُ بَيِّنَة اسْتمرّ فِي الرّقّ صُورَة أُخْرَى حكمِيَّة حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ الشَّافِعِي فلَان ابْن فلَان وأحضر مَعَه فلَان ابْن فلَان وَادّعى عَلَيْهِ أَن جَمِيع الْمَمْلُوك الْفُلَانِيّ الْمُسلم الدّين الْمَدْعُو فلَان ابْن عبد الله ملك من أملاكهم بَينهمَا بِالسَّوِيَّةِ نِصْفَيْنِ وَأَن الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور أعتق نصِيبه فِيهِ وَهُوَ مُوسر وَأَنه يسْتَحق عَلَيْهِ قيمَة نصِيبه وَهُوَ كَذَا وَكَذَا ويطالبه بذلك وَسَأَلَ سُؤَاله عَن ذَلِك فَسئلَ فَأجَاب أَنه أعتق نصِيبه وَأَنه مُعسر لَا مَال لَهُ وَله بَيِّنَة شَرْعِيَّة تشهد لَهُ بذلك وَسَأَلَ الْإِذْن فِي إحضارها فَأذن لَهُ فأحضر جمَاعَة من الْمُسلمين وهم فلَان وَفُلَان وَفُلَان فَشَهِدُوا لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَن الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور فَقير مُعسر لَا مَال لَهُ وشخصوه عِنْده التشخيص الشَّرْعِيّ عرفهم الْحَاكِم وَسمع شَهَادَتهم وَقبلهَا بِمَا رأى مَعَه قبُولهَا شرعا فَاقْتضى الشَّرْع عتق نصيب الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور وإبقاء نصيب الْمُدَّعِي الْمَذْكُور فِي رقّه بِحكم إعسار الْمُعْتق وَوُجُود المسوغ الشَّرْعِيّ الْمُقْتَضِي لذَلِك وانفصلا على ذَلِك وَإِن كَانَ مُوسِرًا يَقُول فَسَأَلَهُ الْحَاكِم عَن ذَلِك فَأجَاب بالتصديق فَسَأَلَ الْمُدعى الْمَذْكُور من الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الحكم لَهُ على الْمُعْتق الْمَذْكُور بِالسّرَايَةِ وَدفع قيمَة نصيب شَرِيكه إِلَيْهِ لكَونه مُوسِرًا فَأَجَابَهُ إِلَى سُؤَاله لجوازه عِنْده شرعا وَحكم عَلَيْهِ بذلك حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخِره ويكمل على نَحْو مَا سبق وَصُورَة مَا إِذا قوم الشريكان الْحصَّة وَقبض الشَّرِيك الثَّانِي الْقيمَة من شَرِيكه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 428 الْمُعْتق وَهِي تكْتب على ظهر كتاب الْعتْق الصَّادِر أَولا من الشَّرِيك الْمُوسر أقرّ كل وَاحِد من فلَان ابْن فلَان الْمُعْتق الْمعِين بَاطِنه وَفُلَان شَرِيكه الْمَذْكُور مَعَه بَاطِنه أَن فلَانا المبدي بِذكرِهِ أَعْلَاهُ كَانَ فِي التَّارِيخ الْمَذْكُور بَاطِنه أعتق وَهُوَ مُوسر مَا يملكهُ من عَبده فلَان الْمَذْكُور بَاطِنه وَهُوَ النّصْف مِنْهُ عتقا صَحِيحا شَرْعِيًّا على الحكم المشروح بَاطِنه وَأَنه بِحكم ذَلِك وَجب عَلَيْهِ الْقيام لشَرِيكه المثني بِذكرِهِ أَعْلَاهُ بِقِيمَة مَا يملكهُ مِنْهُ وأنهما أحضرا رجلَيْنِ مُسلمين مقبولين خبيرين بتقويم الْإِمَاء وَالْعَبِيد وهما فلَان وَفُلَان وقوما الشّقص الَّذِي يملكهُ فلَان المثني بِذكرِهِ أَعْلَاهُ من العَبْد الْمَذْكُور وَهُوَ النّصْف يَوْم أعْتقهُ فلَان المبدي بِذكرِهِ فَكَانَ كَذَا وَكَذَا وأنهما رَضِيا بتقويمهما وإمضاء قَوْلهمَا لَهما وَعَلَيْهِمَا وعلما أَن الْقيمَة عَن الشّقص الْمَذْكُور قيمَة عادلة لَا حيف فِيهَا وَلَا شطط وَأَن فلَانا الْمُعْتق الْمَذْكُور دفع الْقيمَة الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ لشَرِيكه الْمَذْكُور مَعَه أَعْلَاهُ فقبضها مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا وبحكم ذَلِك عتق الشّقص الثَّانِي من العَبْد الْمَذْكُور على فلَان الْمَذْكُور عتقا صَحِيحا شَرْعِيًّا وَصَارَ جَمِيعه حرا من أَحْرَار الْمُسلمين ويكمل على الْوَجْه الشَّرْعِيّ وَإِن كَانَ الْإِشْهَاد مقتضبا كتب هَذِه الصُّورَة بمعناها مراعيا من الْأَلْفَاظ مَا يَلِيق بذلك وَيكْتب بيد الْمُعْتق نُسْخَة تَنْفَعهُ فِي نفي الْملك عَنهُ ونسخة بيد الشَّرِيك الْمُعْتق تَنْفَعهُ فِي دفع الْمُطَالبَة بِقِيمَة نصيب شَرِيكه وَتشهد لَهُ بِالْقَبْضِ عَلَيْهِ صُورَة أُخْرَى حكمِيَّة حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ الشَّافِعِي فلَان وأحضر مَعَه فلَانا وَادّعى عَلَيْهِ لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَن جَمِيع الْجَارِيَة الْفُلَانِيَّة الْجِنْس الْمسلمَة الدّين المدعوة فُلَانَة بنت عبد الله ملك من أملاكهما بَينهمَا بِالسَّوِيَّةِ نِصْفَيْنِ وَأَن الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور وَطئهَا وأحبلها واستولدها ولدا يدعى فلَان وَأَنه يسْتَحق عَلَيْهِ قيمَة نصِيبه وَنَظِير حِصَّته من مهر الْمثل لِلْجَارِيَةِ الْمَذْكُورَة وَأَنه مُوسر قَادر على ذَلِك ويطالبه بذلك وَسَأَلَ سُؤَاله عَن ذَلِك فَسئلَ فَأجَاب بالتصديق على مَا ادَّعَاهُ أَو بالإنكار فَذكر الْمُدَّعِي الْمَذْكُور أَن لَهُ بَيِّنَة شَرْعِيَّة تشهد بذلك وَسَأَلَ الْإِذْن فِي إحضارها فَأذن لَهُ فأحضر كل وَاحِد من فلَان وَفُلَان وَفُلَان فَشَهِدُوا عِنْد الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ شَهَادَة متفقة اللَّفْظ وَالْمعْنَى صَحِيحَة الْعبارَة والفحوى مسموعة شرعا فِي وَجه الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور على إِقْرَاره أَن الْجَارِيَة الْمَذْكُورَة ملكه وَملك شَرِيكه الْمَذْكُور بَينهمَا نِصْفَيْنِ بِالسَّوِيَّةِ وَأَنه غشيها وأحبلها واستولدها الْوَلَد الْمَذْكُور وَأَنه قَادر ومليء مُوسر غير مُعسر وَلَا معدم عرفهم الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ وَسمع شَهَادَتهم وَقبلهَا بِمَا رأى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 429 مَعَه قبُولهَا فَحِينَئِذٍ سَأَلَ الْخصم الْمُدَّعِي الْمَذْكُور الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الحكم لَهُ على الْمُدعى عَلَيْهِ بِقِيمَة نصِيبه من الْجَارِيَة وَهُوَ النّصْف وبالنصف من مهر مثلهَا فاستخار الله وأجابه إِلَى سُؤَاله لجوازه عِنْده شرعا وَحكم لَهُ بذلك حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخِره ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه صُورَة أُخْرَى حكمِيَّة حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ الشَّافِعِي فلَان وَفُلَان وَفُلَان وأحضروا مَعَهم فلَان ابْن فلَان وَادعوا عَلَيْهِ لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ بديون شَرْعِيَّة لَهُم فِي ذمَّته مستغرقة لجَمِيع مَاله وَسَأَلَ المدعون المذكورون والغرماء ضرب الْحجر عَلَيْهِ وتحرير مَاله وتفرقته عَلَيْهِم محاصصة فأجابهم الْحَاكِم إِلَى ذَلِك حسب سُؤَالهمْ وَضرب الْحجر عَلَيْهِ وَضبط مَاله وَمنعه من التَّصَرُّف فِيهِ وَفرض لَهُ ولزوجته نَفَقَتهم مُدَّة الْحجر عَلَيْهِ فَذكر الْغُرَمَاء أَن الْمَحْجُور عَلَيْهِ الْمَذْكُور ابْتَاعَ أَبَاهُ بمبلغ كَذَا وَكَذَا وَأَن الثّمن الَّذِي ابْتَاعَ بِهِ أَبَاهُ وَمَا ضبط وتحرر لَهُ من المَال جَمِيعه مُسْتَغْرق فِي الدُّيُون وَأَنه إِذا كَانَت الدُّيُون مُحِيطَة بِجَمِيعِ المَال أَن الْقَرِيب الْمُبْتَاع من المَال لَا يعْتق وَيُبَاع فِي الدّين وسألوا الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الْعَمَل فِي ذَلِك وَحمل الْأَمر فِيهِ على مُقْتَضى مذْهبه واعتقاد مقلده الإِمَام مُحَمَّد بن إِدْرِيس الشَّافِعِي المطلبي رَضِي الله عَنهُ وأرضاه وَالْحكم بِبيع أَبِيه الْمَذْكُور وَإِضَافَة الثّمن إِلَى المَال وقسمه عَلَيْهِم محاصصة فَأجَاب الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ سُؤَالهمْ لجوازه عِنْده شرعا وَحكم بذلك حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخِره وَذَلِكَ بعد أَن ثبتَتْ الدُّيُون الْمُدعى بهَا عِنْده بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّة وَثَبت اسْتِحْقَاق أَرْبَاب الدُّيُون لَهَا فِي ذمَّة الْمَحْجُور عَلَيْهِ الْمَذْكُور الِاسْتِحْقَاق الشَّرْعِيّ وإحلافهم على عدم الْمسْقط لذَلِك ولشيء مِنْهُ إِلَى حِين الْحلف ثبوتا صَحِيحا شَرْعِيًّا وَعند ذَلِك تقدم أمره الْكَرِيم إِلَى أَمِين الحكم الْعَزِيز أَن يقسم المَال بَينهم على قدر أَمْوَالهم فَقَسمهُ بَينهم فجَاء لكل مائَة سَبْعُونَ درهما وَصدق أَرْبَاب الدُّيُون أَن الْمُفلس الْمَذْكُور لم يبْق لَهُ مَال وخلوا سَبيله إِلَى أَن يَتَجَدَّد لَهُ مَال وانفصلوا على ذَلِك وَأشْهد الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ على نَفسه الْكَرِيمَة بذلك فِي الْيَوْم الْفُلَانِيّ وَيكْتب الْحَاكِم التَّارِيخ والحسبلة بِخَطِّهِ ويكمل وَإِن تبرع أَرْبَاب الدُّيُون بعد الدَّعْوَى بقضية أَبِيه فَيَقُول عِنْد قوم فَذكر الْغُرَمَاء أَن الْمَحْجُور عَلَيْهِ الْمَذْكُور ابْتَاعَ أَبَاهُ بمبلغ كَذَا فَقَالَ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ إِن الْقَرِيب لَا يعْتق إِذا كَانَ المُشْتَرِي مُعسرا وَأَنه يُبَاع فِي الدّين وَعرض ذَلِك على الْغُرَمَاء وَقَالَ لَو تبرعتم بذلك لَكَانَ لكم الْأجر عِنْد الله تَعَالَى فتبرع الْغُرَمَاء بِثمنِهِ للمحجور عَلَيْهِ وَرَضوا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 430 بذلك وأجازوه وأمضوا حكمه إِمْضَاء شَرْعِيًّا لَازِما نَافِذا فَعتق عَلَيْهِ أَبوهُ الْمَذْكُور عتقا شَرْعِيًّا وَصَارَ حرا من أَحْرَار الْمُسلمين ويكمل على نَحْو مَا سبق صُورَة أُخْرَى حكمِيَّة حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ الشَّافِعِي فلَان ابْن فلَان وأحضر مَعَه فلَانا وَادّعى عَلَيْهِ أَنه يسْتَحق على وَالِده الْمَذْكُور مبلغ كَذَا وَكَذَا وَأَنه درج بالوفاة إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى وَترك موروثا عَنهُ يُوفي الدّين الْمُدعى بِهِ وَأَنه بيد الْمُدعى عَلَيْهِ وطالبه بذلك وَسَأَلَ سُؤَاله عَن ذَلِك فَسئلَ فَأجَاب بالتصديق على وَفَاة وَالِده الْمَذْكُور وَلكنه لم يتْرك وَفَاء وَأَنه أعتق عبدا فِي مرض مَوته وَلَا مَال لَهُ غَيره فَطلب الْمُدَّعِي الْمَذْكُور من الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ إِحْضَار العَبْد الْمَذْكُور إِلَى مجْلِس الشَّرْع الشريف فأحضر وَسَأَلَهُ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ هَل تعلم لمعتقك مَالا مخلفا عَنهُ أَو لَك بَيِّنَة تشهد أَنه ترك مَالا فَذكر أَنه لَا يعلم لَهُ مَال وَأَن لَا بَيِّنَة لَهُ بذلك فَحِينَئِذٍ سَأَلَ الْمُدَّعِي الْمَذْكُور الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الحكم بِصِحَّة الْعتْق فِي ثلث العَبْد الْمَذْكُور وإبقاء الثُّلثَيْنِ فِي الرّقّ وَبيع الثُّلثَيْنِ فِي دينه أَو تعويضه بالثلثين عَن دينه الْمَذْكُور فاستخار الله تَعَالَى وأجابه إِلَى سُؤَاله وَحكم لَهُ بذلك حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخِره وَلما تَكَامل ذَلِك عِنْده سَأَلَ الْخصم الْمُدَّعِي الْمَذْكُور الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الْإِذْن فِي تعويضه عَن دينه الْمعِين الثَّابِت لَدَيْهِ شرعا بالثلثين الباقيين من العَبْد الْمَذْكُور فَتقدم أمره الْكَرِيم إِلَى ولد الْمَدِين الْمَذْكُور بتقويم الثُّلثَيْنِ من العَبْد الْمَذْكُور وَعرضه والنداء عَلَيْهِ وتعويضه للْمُدَّعِي الْمَذْكُور عَن دينه فَيقوم بذلك وَعوض الْمُدَّعِي الْمَذْكُور فلَان عَن دينه الْمعِين فِيهِ وَهُوَ كَذَا بِجَمِيعِ الثُّلثَيْنِ من العَبْد الْمَذْكُور تعويضا شَرْعِيًّا مُشْتَمِلًا على الْإِيجَاب وَالْقَبُول والتسلم وَالتَّسْلِيم بِالْإِرْثِ الشَّرْعِيّ بعد ثُبُوت مَا تتَوَقَّف صِحَة التعويض على ثُبُوته وَكَون الدّين الْمَذْكُور أَكثر من قيمَة الْعِوَض الْمَذْكُور الثُّبُوت الشَّرْعِيّ وَبعد اسْتِيفَاء الشَّرَائِط الشَّرْعِيَّة وَاعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره شرعا ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه وَإِن كَانَ قد أعتق عَبده وَعَلِيهِ دين مُسْتَغْرق لقيمة العَبْد فَيَقُول فِي صُورَة الدَّعْوَى وَأَنه أعتق عَبده فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ وَأَن دينه يسْتَغْرق قيمَة العَبْد وَسَأَلَ الحكم بإبقائه فِي الرّقّ وَبيعه فِي الدّين الْمَذْكُور فَأَجَابَهُ إِلَى سُؤَاله لجوازه عِنْده شرعا وَحكم بذلك حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخِره بعد أَن ثَبت عِنْده مُقَدمَات جَوَاز الحكم شرعا ثبوتا شَرْعِيًّا ثمَّ سَأَلَهُ الْمُدَّعِي الْمَذْكُور تقدم أمره الْكَرِيم بِعرْض العَبْد والنداء عَلَيْهِ وَبيعه فِي الدّين الْمعِين أَعْلَاهُ أَو تَفْوِيض الْمُدَّعِي الْمَذْكُور إِيَّاه عَن الدّين فَأمر بذلك ودنوي على العَبْد الْمَذْكُور فِي مَوَاطِن الرغبات مُدَّة ثمَّ عوض الْمُدَّعِي الْمَذْكُور فلَان بِهِ عَن دينه من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 431 معوض شَرْعِي تعويضا شَرْعِيًّا مُشْتَمِلًا على الْإِيجَاب وَالْقَبُول والتسلم وَالتَّسْلِيم بِالْإِذْنِ الشَّرْعِيّ بعد النّظر والمعرفة ويكمل على نَحْو مَا سبق صُورَة أُخْرَى حكمِيَّة حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ الشَّافِعِي فلَان وَفُلَان وَفُلَان وأحضروا مَعَهم فلَان ابْن عبد الله وَفُلَان ابْن عبد الله وَفُلَان ابْن عبد الله وَيذكر جنس كل وَاحِد مِنْهُم وَادعوا عَلَيْهِم الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَن والدهم الْمَذْكُور أعتق فِي مرض مَوته مماليكه الثَّلَاثَة الْمُدعى عَلَيْهِم الْحَاضِرين بحضورهم جَمِيعهم جملَة وَاحِدَة فِي مجْلِس وَاحِد وَأَنه لَا مَال لَهُ غَيرهم وسألوا سُؤَالهمْ عَن ذَلِك فسئلوا فَأَجَابُوا بالتصديق على مَا ادَّعَاهُ الْوَرَثَة المذكورون أَعْلَاهُ فَحِينَئِذٍ طلب المدعون المذكورون من الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الْعَمَل فِي ذَلِك بِمُقْتَضى الشَّرِيعَة المطهرة فَتقدم أمره الْكَرِيم إِلَى أحد الْأُمَنَاء بِمَجْلِس الحكم الْعَزِيز الْمشَار إِلَيْهِ بتقويم العبيد الْمَذْكُورين وَاعْتِبَار قيمتهم فَإِن كَانَت قيمتهم مُتَسَاوِيَة فيقرع بَينهم وَيعتق من خرجت عَلَيْهِ رقْعَة الْعتْق فَتقدم الْأمين الْمشَار إِلَيْهِ بتقويمهم وَكتب ثَلَاث رقاع بِوَاحِدَة عتق وباثنتين رق وَجعلهَا فِي بَنَادِق من طين مُتَسَاوِيَة وَجعلهَا فِي حجر رجل لم يحضر ذَلِك وَأمره أَن يخرج رقْعَة على اسْم فلَان المبدي بِذكر فَأخْرج رقْعَة فَإِذا بهَا رق فرق الأول ثمَّ أُعِيدَت الْقرعَة بَين الِاثْنَيْنِ الباقيين وَأمر ذَلِك الرجل بِإِخْرَاج رقْعَة على اسْم الثَّانِي فَأخْرج رقْعَة فَإِذا بهَا عتق فَعتق الثَّانِي ورق الثَّالِث فَسَأَلَ الْوَرَثَة المذكورون الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ تَسْلِيم الْعَبْدَيْنِ الْمَذْكُورين اللَّذين خرجت الْقرعَة عَلَيْهِمَا بِالرّقِّ وَالْحكم لَهُم بِالتَّصَرُّفِ فيهمَا بِالْبيعِ وَغَيره فأجابهم إِلَى ذَلِك وَحكم لَهُم بِهِ حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخِره وخلى للْعَبد الَّذِي خرج لَهُ الْعتْق سَبيله بِمُقْتَضى أَنه عتق عتقا صَحِيحا شَرْعِيًّا وَصَارَ حرا من أَحْرَار الْمُسلمين ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه وَكَذَلِكَ يفعل فِيمَا إِذا قَالَ لثَلَاثَة أعبد ثلث كل وَاحِد مِنْكُم حر فيقرع بَينهم وَيعتق وَاحِد مِنْهُم صُورَة أُخْرَى بعد أَن أعتق فلَان مماليكه الثَّلَاثَة فِي مرض مَوته وَلَا مَال لَهُ غَيرهم وأقرع بَينهم وَخرجت الْقرعَة لأَحَدهم فَعتق ورق اثْنَان حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ الشَّافِعِي فلَان ابْن عبد الله وَفُلَان ابْن عبد الله وهما اللَّذَان خرج الرّقّ عَلَيْهِمَا بِالْقُرْعَةِ وأحضرا مَعَهُمَا وَرَثَة الْمُعْتق الْمَذْكُور أَعْلَاهُ وادعيا عَلَيْهِم أَنه بعد أَن جرى الْأَمر حَسْبَمَا عين أَعْلَاهُ ظهر للْمُعْتق الْمَذْكُور أَعْلَاهُ مَال الجزء: 2 ¦ الصفحة: 432 خرج المعتقون الثَّلَاثَة المذكورون أَعْلَاهُ من الثُّلُث وسألا سُؤال الْوَرَثَة الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ عَن ذَلِك فَسَأَلَهُمْ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ فَأَجَابُوا بالتصديق فَسَأَلَ المدعيان الْمَذْكُورَان أَعْلَاهُ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الحكم بعتقهما وَأَن يخلوا سبيلهما فاستخار الله تَعَالَى وأجابهما إِلَى سؤالهما وَحكم بِعِتْق المدعيين الْمَذْكُورين أَعْلَاهُ وخلى سبيلهما حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخِره ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه صُورَة مَا إِذا علق رجل عتق عَبده على مَوته ليخرج من رَأس مَاله أشهد عَلَيْهِ فلَان شُهُوده إشهادا شَرْعِيًّا فِي صِحَّته وسلامته أَنه علق عتق عَبده فلَان الْفُلَانِيّ الْجِنْس الْمُسلم الدّين الْبَالِغ الْمُعْتَرف لسَيِّده الْمَذْكُور بسابق الرّقّ والعبودية على مَوته إِلَى آخر يَوْم من أَيَّام صِحَّته وَقَالَ لَهُ بِصَرِيح لَفظه إِذا مت فَأَنت حر قبل موتِي فِي آخر يَوْم من أَيَّام صحتي الْمُتَقَدّمَة على وفاتي الْقَابِلَة لاستكمال عتقك من رَأس مَالِي وَأشْهد عَلَيْهِ بذلك فِي تَارِيخ كَذَا وَصُورَة تَعْلِيق الْعتْق على خدمَة العَبْد حضر إِلَى شُهُوده فِي يَوْم تَارِيخه فلَان وَقَالَ بِصَرِيح لَفظه لعَبْدِهِ فلَان الْمُعْتَرف لَهُ بسابق الرّقّ والعبودية الَّذِي أحضرهُ عِنْد شُهُوده وشخصه لَهُم مَتى خدمتني مُدَّة عشر سِنِين مثلا كاملات مُتَوَالِيَات من يَوْم تَارِيخه بِقدر طاقتك واستطاعتك فَأَنت حر يَوْم ذَلِك من أَحْرَار الْمُسلمين لَا سَبِيل لأحد عَلَيْك إِلَّا سَبِيل الْوَلَاء الشَّرْعِيّ ويؤرخ فَإِذا وفى العَبْد الْخدمَة كتب على ظهر كتاب التَّعْلِيق أقرّ فلَان الْمُعَلق الْمَذْكُور بَاطِنه أَنه كَانَ علق عتق عَبده فلَان الْمَذْكُور بَاطِنه على خدمته لَهُ الْمدَّة الْمعينَة بَاطِنه على الحكم المشروح بَاطِنه فِي التَّارِيخ الْمعِين بَاطِنه وَأَنه خدمه الْمدَّة الْمَذْكُورَة واجتهد فِي خدمته وَفعل مَا يَفْعَله المماليك الأخيار مَعَ مواليهم وَلم يزل على ذَلِك إِلَى أَن انْقَضتْ الْمدَّة الْمَذْكُورَة فِيهِ وَأَنه بِحكم ذَلِك عتق فلَان الْمَذْكُور عتقا شَرْعِيًّا وَصَارَ حرا من أَحْرَار الْمُسلمين لَهُ مَا لَهُم وَعَلِيهِ مَا عَلَيْهِم لَيْسَ لأحد عَلَيْهِ سَبِيل إِلَّا سَبِيل الْوَلَاء الشَّرْعِيّ فَإِنَّهُ لمعتقه الْمَذْكُور وَلمن يسْتَحقّهُ من بعده شرعا ويؤرخ وَصُورَة مَا إِذا أعتق رجل عَبده على مَال تبرع لَهُ بِهِ رجل أَجْنَبِي حضر إِلَى شُهُوده فِي يَوْم تَارِيخه فلَان وَسَأَلَ فلَانا أَن يعْتق عَبده الَّذِي فِي يَده وَملكه الْمَدْعُو فلَان الْمُعْتَرف لَهُ بسابق الرّقّ والعبودية على مَال تبرع لَهُ بِهِ جملَته كَذَا وَكَذَا فَأَجَابَهُ إِلَى سُؤَاله وَقبض مِنْهُ الْمبلغ الْمعِين أَعْلَاهُ قبضا شَرْعِيًّا وَأعْتق عَبده فلَانا الْمَذْكُور عتقا صَحِيحا شَرْعِيًّا صَار بِهِ حرا من أَحْرَار الْمُسلمين ويكمل على نَحْو مَا سبق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 433 وَصُورَة مَا إِذا بَاعَ عَبده لآخر بِشَرْط الْعتْق وَأَرَادَ المُشْتَرِي عتقه حضر إِلَى شُهُوده فِي يَوْم تَارِيخه فلَان وَأشْهد عَلَيْهِ طَوْعًا فِي صِحَّته وسلامته أَنه لما ابْتَاعَ عَبده فلَانا الْفُلَانِيّ الْجِنْس الْمُسلم الدّين الْمَذْكُور بَاطِنه إِن كَانَت الْكِتَابَة على ظهر الْمُبَايعَة من فلَان البَائِع الْمَذْكُور بَاطِنه بِالثّمن الْمعِين بَاطِنه ابتاعه مِنْهُ بِشَرْط الْعتْق عَنهُ أَو مُطلقًا فَبَاعَهُ إِيَّاه بِالثّمن الْمعِين بَاطِنه على الحكم المشروح بَاطِنه وتعاقدا على ذَلِك معاقدة شَرْعِيَّة مُشْتَمِلَة على الْإِيجَاب وَالْقَبُول والتسلم وَالتَّسْلِيم الشرعيين وَأَن المُشْتَرِي الْمَذْكُور فِي يَوْم تَارِيخه تلفظ بِعِتْق عَبده الْمَذْكُور وَقَالَ بِصَرِيح لَفظه مملوكي فلَان الْفُلَانِيّ حر من أَحْرَار الْمُسلمين لَهُ مَا لَهُم وَعَلِيهِ مَا عَلَيْهِم لَيْسَ لأحد عَلَيْهِ وَلَا إِلَّا الْوَلَاء الشَّرْعِيّ فَإِنَّهُ لي وَلمن يسْتَحقّهُ من بعدِي شرعا ويكمل فَائِدَة الْأَصَح أَن هَذَا الْعتْق حق لله تَعَالَى فَلَا يسْقط بِإِسْقَاط البَائِع وَله الْمُطَالبَة بِهِ على الْأَصَح فَإِن امْتنع المُشْتَرِي من الْمُعْتق هَل يعتقهُ الْحَاكِم عَلَيْهِ أَو يحْبسهُ حَتَّى يعتقهُ فِيهِ الْخلاف وَقد سبق فِي مسَائِل الْخلاف صُورَة مَا إِذا امْتنع المُشْتَرِي من عتقه وَرفع إِلَى الْحَاكِم حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ الشَّافِعِي فلَان وَفُلَان وَادّعى الأول مِنْهُمَا على الثَّانِي أَنه بَاعه جَمِيع العَبْد الْفُلَانِيّ بِكَذَا بِشَرْط الْعتْق فَاشْتَرَاهُ مِنْهُ على هَذَا الشَّرْط وتسلم العَبْد الْمَذْكُور وَقبض مِنْهُ الثّمن وَامْتنع من عتقه وطالبه بِعِتْق العَبْد الْمَذْكُور وَسَأَلَ سُؤَاله عَن ذَلِك فَسئلَ فَأجَاب بالتصديق على مَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي الْمَذْكُور فَأمره الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ بِعِتْقِهِ فَإِن أعْتقهُ كتب فَعِنْدَ ذَلِك تلفظ المُشْتَرِي الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور بِعِتْقِهِ وَقَالَ بِصَرِيح لَفظه مملوكي حر من أَحْرَار الْمُسلمين ويكمل على نَحْو مَا سبق وَإِن امْتنع وَقُلْنَا إِن الْحَاكِم يُبَاشر الْعتْق كتب وَسَأَلَ سُؤَاله عَن ذَلِك فَسئلَ فَأجَاب بِصِحَّة الابتياع بِالشّرطِ الْمَذْكُور وَامْتنع من الْعتْق فَعِنْدَ ذَلِك أعتق الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ العَبْد الْمَذْكُور عتقا صَحِيحا شَرْعِيًّا وخلى سَبيله وَحكم بذلك حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخِره وَذَلِكَ بعد أَن ثَبت عِنْده دَعْوَى المتداعيين الْمَذْكُورين فِيهِ وصدور الابتياع على الْوَجْه المشروح أَعْلَاهُ وَامْتِنَاع المُشْتَرِي الْمَذْكُور من الْعتْق وَبعد أَن كرر عَلَيْهِ ذَلِك فأصر على الِامْتِنَاع الثُّبُوت الشَّرْعِيّ بطريقه الْمُعْتَبر شرعا وَإِن قُلْنَا يحبس المُشْتَرِي فَتحصل الدَّعْوَى ويعرض عَلَيْهِ الْحَاكِم الْعتْق فَإِن امْتنع كرر عَلَيْهِ فَإِن أصر على الِامْتِنَاع أَمر الْحَاكِم بسجنه فيسجن فَإِذا أعتق العَبْد كتب مَا شرح أَعْلَاهُ وَالله أعلم بِالصَّوَابِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 434 كتاب التَّدْبِير وَمَا يتَعَلَّق بِهِ من الْأَحْكَام التَّدْبِير مأخود من الدبر وَهُوَ أَن يعلق عتق عَبده بِمَوْتِهِ وَهُوَ مَا يتَقرَّب بِهِ إِلَى الله تَعَالَى لِأَن الْمَقْصُود بِهِ الْعتْق فَهُوَ كَالْعِتْقِ الْمُنجز وَقَول الْقَائِل لعَبْدِهِ أَنْت حر بعد موتِي أَو عَتيق بعد موتِي أَو إِذا مت فَأَنت حر أَو أَعتَقتك بعد موتِي صَرِيح فِيهِ وَكَذَا قَوْله دبرتك أَو أَنْت مُدبر وَيصِح التَّدْبِير بكنايات الْعتْق مَعَ النِّيَّة مثل أَن يَقُول خليت سَبِيلك بعد موتِي وَيجوز التَّدْبِير مُطلقًا على مَا صورنا ومقيدا مثل أَن يَقُول إِن مت فِي هَذَا الشَّهْر أَو من مرضِي هَذَا فَأَنت حر فَإِن مَاتَ على تِلْكَ الصّفة عتق العَبْد وَإِلَّا فَلَا وَيجوز تَعْلِيق التَّدْبِير مثل أَن يَقُول إِذا دخلت الدَّار أَو مَتى دخلت الدَّار فَأَنت حر بعد موتِي فَإِذا دخل الدَّار صَار مُدبرا فَيشْتَرط أَن يدْخل قبل موت السَّيِّد إِلَّا إِذا قَالَ إِذا مت ثمَّ دخلت الدَّار فَأَنت حر فَيشْتَرط الدُّخُول بعد الْمَوْت وَيكون على التَّرَاخِي وَلَيْسَ للْوَارِث بَيْعه قبل الدُّخُول وَلَو قَالَ إِذا مت وَمضى شهر فَأَنت حر فللوارث استخدامه فِي الشَّهْر وَلَيْسَ لَهُ بَيْعه وَلَو قَالَ إِن شِئْت فَأَنت مُدبر أَو أَنْت حر بعد موتِي إِن شِئْت فتشترط الْمَشِيئَة على الِاتِّصَال على الْفَوْر فَإِذا وصل بقول سَيّده شِئْت عتق وَلَو قَالَ مَتى شِئْت فَهُوَ على التَّرَاخِي وَلَو كَانَ بَين شَرِيكَيْنِ عبد فَقَالَا مَتى متْنا فَأَنت حر لم يعْتق العَبْد مَا لم يموتا جَمِيعًا وَإِذا مَاتَ أَحدهمَا فَلَيْسَ لوَارِثه بيع نصِيبه وَيصِح الرُّجُوع عَن التَّدْبِير بِأَن يَقُول أبطلت التَّدْبِير أَو نقضته أَو فسخته أَو رجعت فِيهِ وَيصِح بيع الْمُدبر وَيعتق الْمُدبر من الثُّلُث الجزء: 2 ¦ الصفحة: 435 وَإِذا كَانَ على الْمُدبر دين يسْتَغْرق التَّرِكَة لم يعْتق مِنْهُ شَيْء وَإِن كَانَ يسْتَغْرق نصف قيمَة الْمُدبر بيع نصفه وَعتق نصفه وتدبير أحد الشَّرِيكَيْنِ لَا يسري إِلَى نصيب الآخر الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب اتّفق الْأَئِمَّة على أَن السَّيِّد إِذا قَالَ لعَبْدِهِ أَنْت حر بعد موتِي صَار العَبْد مُدبرا يعْتق بعد موت سَيّده وَاخْتلفُوا هَل يجوز بيع الْمُدبر أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة لَا يجوز بَيْعه إِذا كَانَ التَّدْبِير مُطلقًا وَإِن كَانَ مُقَيّدا بِشَرْط الرُّجُوع من سفر بِعَيْنِه أَو مرض بِعَيْنِه فبيعه جَائِز وَقَالَ مَالك لَا يجوز بَيْعه فِي حَال الْحَيَاة وَيجوز بَيْعه بعد الْمَوْت إِن كَانَ على السَّيِّد دين وَإِن لم يكن عَلَيْهِ دين وَكَانَ يخرج من الثُّلُث عتق جَمِيعه وَإِن لم يحْتَملهُ الثُّلُث عتق مَا يحْتَملهُ وَلَا فرق عِنْده بَين الْمُطلق والمقيد وَقَالَ الشَّافِعِي يجوز بَيْعه على الْإِطْلَاق وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا كمذهب الشَّافِعِي وَالْأُخْرَى يجوز بَيْعه بِشَرْط أَن يكون على السَّيِّد دين وَولد الْمُدبرَة عِنْد أبي حنيفَة حكمه حكم أمه إِلَّا أَنه يفرق بَين الْمُقَيد وَالْمُطلق كَمَا تقدم وَقَالَ مَالك وَأحمد كَذَلِك إِلَّا أَنَّهُمَا لَا فرق عِنْدهمَا بَين مُطلق التَّدْبِير ومقيده وَللشَّافِعِيّ قَولَانِ أَحدهمَا كمذهب مَالك وَأحمد وَالثَّانِي لَا يَبِيع أمه وَلَا يكون مُدبرا انْتهى فرع مُدبر لَا يجوز بَيْعه وَهُوَ إِذا كَاتبه سَيّده وتدبير لَا يعْتَبر من الثُّلُث وَهُوَ إِذا قَالَ إِن مَرضت مَرضا أَمُوت فِيهِ فَأَنت حر قبله بساعة فَإِذا مَاتَ عتق وَيكون الْعتْق سَابِقًا على الْمَرَض وَالْمَوْت المصطلح وَهُوَ يشْتَمل على صور مِنْهَا صُورَة تَدْبِير بِلَفْظ مَتى دبر فلَان مَمْلُوكه فلَانا الْفُلَانِيّ الْجِنْس الْمُسلم الدّين الْبَالِغ الْمُعْتَرف لَهُ بِالرّقِّ والعبودية تدبيرا صَحِيحا شَرْعِيًّا بِأَن قَالَ لَهُ مَتى مت لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الثُّبُوت الشَّرْعِيّ وَحكم بِمُوجب ذَلِك سيدنَا فلَان الدّين فَأَنت حر بعد موتِي قَالَ ذَلِك بِصَرِيح لَفظه بِحَضْرَة شُهُوده وَأشْهد عَلَيْهِ بذلك فِي تَارِيخ كَذَا وَإِن كَانَ التَّدْبِير بِلَفْظ إِن مت من مرضِي هَذَا فَأَنت حر فَيَقُول بِأَن قَالَ لعَبْدِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 436 الْمَذْكُور بِصَرِيح لَفظه إِن مت من مرضِي هَذَا فَأَنت حر بعد موتِي فَإِذا مَاتَ عتق بِمَوْتِهِ إِلَّا إِذا قَالَ السَّيِّد ذَلِك أَو قَالَ لَهُ إِن شِئْت فَأَنت حر بعد موتِي وَقَالَ العَبْد شِئْت وَشَرطه أَن يكون قَوْله شِئْت مُتَّصِلا بقول السَّيِّد فَيَقُول ذَلِك فِي كتاب التَّدْبِير وينبه على اتِّصَال قَوْله بقول السَّيِّد إِن شِئْت وَإِلَّا لم يعْتق وَكَذَلِكَ يَقُول فِي جَمِيع صور التَّدْبِير فِيمَا يحصل بِهِ التَّدْبِير من الصرائح المبينة والكنايات وَصُورَة مَا إِذا أقرّ الْوَرَثَة بِخُرُوج العَبْد الْمُدبر من ثلث مَال الْمُورث أقرّ فلَان وَفُلَان وَفُلَان أَوْلَاد فلَان الْمُدبر الْمَذْكُور بَاطِنه إِذا كَانَت الْكِتَابَة على ظهر كتاب التَّدْبِير أَن العَبْد الْمُسَمّى بَاطِنه الْمَدْعُو فلَان كَانَ والدهم الْمَذْكُور دبره تدبيرا صَحِيحا شَرْعِيًّا وَأَنه توفّي إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى وَأَحْكَام التَّدْبِير بَاقِيَة إِلَى حِين وَفَاته وَأَنَّهُمْ قومُوا العَبْد الْمَذْكُور بَاطِنه بِأَهْل الْخِبْرَة والمعرفة بقيم الرَّقِيق فَكَانَت قِيمَته كَذَا وَكَذَا دِينَارا وَأَنَّهَا قيمَة عادلة يحْتَمل خُرُوجهَا من ثلث مَال مُورثهم الْمَذْكُور وَأَن العَبْد الْمُدبر الْمَذْكُور بَاطِنه صَار حرا من أَحْرَار الْمُسلمين إِلَى آخِره وَإِن ثَبت التَّدْبِير على حَاكم فَيَقُول بعد ثُبُوت ذَلِك كُله وتشخيصهم وَمن مُوجبه صيرورة العَبْد الْمَذْكُور حرا من أَحْرَار الْمُسلمين بِمُقْتَضى ثُبُوت اتساع المَال لإِخْرَاج العَبْد الْمَذْكُور من ثلثه حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخِره وَإِن كَانَ التَّدْبِير فِي الصِّحَّة والسلامة فَلَا حَاجَة إِلَى ذكر ثلث المَال وَيعتق العَبْد من رَأس المَال انْتهى وَالله أعلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 437 كتاب الْكِتَابَة وَمَا يتَعَلَّق بهَا من الْأَحْكَام الْكِتَابَة هِيَ الْعتْق على مَال يُؤَدِّيه الْمكَاتب فِي نجمين أَو نُجُوم قَالَ ابْن الصّباغ وَأَصلهَا مُشْتَقّ من الْكتب والكتب هُوَ الضَّم وَالْجمع يُقَال كتبت الْقرْبَة إِذا ضممت رَأسهَا وَسميت الكتيبة بذلك لضم بعض الجيوش إِلَى بعض وَسمي الْخط كِتَابَة لضم بعض الْحُرُوف إِلَى بعض وَسمي هَذَا العقد كِتَابَة لضم بعض النُّجُوم إِلَى بعض والنجوم هِيَ الْأَوْقَات الَّتِي يحل بهَا مَال الْكِتَابَة وَإِنَّمَا سميت نجوما لِأَن الْعَرَب كَانَت لَا تعرف الْحساب وَإِنَّمَا تعرف الْأَوْقَات بِطُلُوع النَّجْم فسميت الْأَوْقَات نجوما وَالْأَصْل فِي جَوَاز الْكِتَابَة الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع أما الْكتاب فَقَوله تَعَالَى {وَالَّذين يَبْتَغُونَ الْكتاب مِمَّا ملكت أَيْمَانكُم فكاتبوهم إِن علمْتُم فيهم خيرا} وَأما السّنة فَمَا روى سهل بن حنيف أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من أعَان عادما أَو غارما أَو مكَاتبا فِي كِتَابَته أظلهُ الله يَوْم لَا ظلّ إِلَّا ظله وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمكَاتب قن وَفِي رِوَايَة عبد مَا بَقِي عَلَيْهِ دِرْهَم من الْكِتَابَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 438 وَأما الْإِجْمَاع فقد أَجمعت الْأمة على جَوَاز الْكِتَابَة وَالْكِتَابَة مُسْتَحبَّة إِذا طلبَهَا العَبْد وَكَانَ أَمينا قَوِيا على الْكسْب وَلَا تكره بِحَال فَإِن لم يكن أَمينا لم تسْتَحب كِتَابَته وَإِن لم يكن قَوِيا على الْكسْب فَكَذَلِك وَلَا تكره بِحَال وصيغتها أَن يَقُول كاتبتك على كَذَا منجما إِذا أديته فَأَنت حر وَيبين عدد النُّجُوم وَمَا يُؤَدِّي فِي كل نجم وَلَو لم يُصَرح بِالتَّعْلِيقِ وَأَدَّاهُ كفى وَيَقُول العَبْد قبلت وَتَصِح كِتَابَة الْكَافِر وَلَا تصح الْكِتَابَة فِي العَبْد الْمَرْهُون وَلَا الْمُسْتَأْجر وَشرط الْكِتَابَة أَن تكون دينا فَلَا تصح على الْعين وَتَصِح الْكِتَابَة على الْمَنَافِع وَلَا تصح على الْحَال بل أَن يكون منجما نجمين فَصَاعِدا وَلَو كَاتبه على خدمَة شهر ودينار عِنْد انْقِضَاء الشَّهْر صحت الْكِتَابَة وَتَصِح كِتَابَة بعض العَبْد إِذا كَانَ بَاقِيه حرا وَإِن كَانَ جَمِيعه رَقِيقا وَكَاتب بعضه بطلت الْكِتَابَة الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب اتَّفقُوا على أَن كِتَابَة العَبْد الَّذِي لَهُ كسب مُسْتَحبَّة مَنْدُوب إِلَيْهَا بل قَالَ أَحْمد فِي رِوَايَة عَنهُ بِوُجُوبِهَا إِذا دَعَا العَبْد سَيّده إِلَيْهَا على قدر قِيمَته أَو كثر وصيغتها أَن يُكَاتب السَّيِّد عَبده على مَال معِين يسْعَى فِيهِ العَبْد ويؤديه إِلَى سَيّده وَأما العَبْد الَّذِي لَا كسب لَهُ فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ لَا تكره كِتَابَته وَعَن أَحْمد رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا تكره وَالثَّانيَِة لَا تكره وَكِتَابَة الْأمة الَّتِي هِيَ غير مكتسبة مَكْرُوهَة إِجْمَاعًا فصل وأصل الْكِتَابَة أَن تكون مُؤَجّلَة فَلَو كَانَت حَالَة فَهَل تصح أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك تصح حَالَة ومؤجلة وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد لَا تصح حَالَة وَلَا تجوز إِلَّا منجمة وَأقله نجمان فَلَو امْتنع الْمكَاتب من الْوَفَاء وَبِيَدِهِ مَال يَفِي بِمَا عَلَيْهِ فَقَالَ أَبُو حنيفَة إِن كَانَ لَهُ مَال أجبر على الْأَدَاء وَإِن لم يكن لَهُ مَال لم يجْبر على الِاكْتِسَاب وَقَالَ مَالك لَيْسَ لَهُ تعجيز نَفسه مَعَ الْقُدْرَة على الِاكْتِسَاب فَيجْبر على الجزء: 2 ¦ الصفحة: 439 الِاكْتِسَاب حِينَئِذٍ وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد لَا يجْبر بل يكون للسَّيِّد الْفَسْخ فصل وَإِذا كَاتب السَّيِّد عَبده على مَال أعطَاهُ مِنْهُ شَيْئا قَالَ الله تَعَالَى {وَآتُوهُمْ من مَال الله الَّذِي آتَاكُم} وَهل ذَلِك مُسْتَحبّ أم وَاجِب قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك هُوَ مُسْتَحبّ وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد هُوَ وَاجِب لِلْآيَةِ الْكَرِيمَة وَاخْتلف من أوجبه هَل لَهُ قدر معِين أم لَا قَالَ الشَّافِعِي لَا تَقْدِير فِيهِ وَقَالَ بعض أَصْحَابه مَا اخْتَارَهُ السَّيِّد وَقَالَ بَعضهم يقدرها الْحَاكِم بِاجْتِهَادِهِ كالمتعة وَقَالَ أَحْمد هُوَ مُقَدّر وَهُوَ أَن يحط السَّيِّد عَن الْمكَاتب ربع الْكِتَابَة أَو يُعْطِيهِ مِمَّا قَبضه ربعه فصل وَلَا يجوز بيع رَقَبَة الْمكَاتب عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك إِلَّا أَن مَالِكًا أجَاز بيع مَال الْمُكَاتبَة وَهُوَ الدّين الْمُؤَجل بِثمن حَال إِن كَانَ عينا فبعرض أَو عرضا فبعين وَعَن الشَّافِعِي قَولَانِ الْجَدِيد مِنْهُمَا أَنه لَا يجوز وَقَالَ أَحْمد إِنَّه يجوز بيع رَقَبَة الْمكَاتب وَلَا يكون البيع فسخا لكتابته فَيقوم المُشْتَرِي فِيهِ مقَام السَّيِّد الأول وَلَو قَالَ كاتبتك على ألف دِرْهَم فَإِنَّهُ مَتى أَدَّاهَا عتق عِنْد أبي حنيفَة وَمَالك وَأحمد وَلم يفْتَقر إِلَى أَن يَقُول فَإِذا أدّيت إِلَيّ فَأَنت حر أَو يَنْوِي الْعتْق وَقَالَ الشَّافِعِي لَا بُد من ذَلِك وَلَو كَاتب أمته وَشرط وَطأهَا فِي عقد الْكِتَابَة قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ لَا يجوز ذَلِك وَقَالَ أَحْمد يجوز انْتهى فرع لَيْسَ لنا عقد فَاسد يَقع فِيهِ التَّمْلِيك كَمَا يَقع بِالْعقدِ الصَّحِيح إِلَّا الْكِتَابَة الْفَاسِدَة فَإِن الْمكَاتب يعْتق بِالْأَدَاءِ وَيملك مَا اكْتَسبهُ فِي حَال كِتَابَته فرع سيد يقتل بِعَبْدِهِ وَعبد لَا يقتل بسيده وَكِلَاهُمَا عَاقل مُسلم بَالغ غير مَنْسُوب إِلَى بغي وَلَا إِلَى محاربة وَصورته فِي الْمكَاتب إِذا اشْترى أَبَاهُ أَو ابْنه بِإِذن سَيّده فَإِنَّهُ يَصح فِي الْأَظْهر وَلَيْسَ لَهُ بيعهمَا فَإِن عتق عتقا وَإِن عجز رقا فَإِن قتل الْمكَاتب أَبَاهُ الَّذِي هُوَ عَبده قتل بِهِ وَإِن قَتله أَبوهُ الَّذِي هُوَ عَبده لَا يقتل بِهِ وَهَكَذَا الحكم فِي الْأَطْرَاف إِذا قطعت مَسْأَلَة رجل قتل رجلا ظلما وَلم يجب عَلَيْهِ قصاص وَلَا دِيَة وَاسْتحق جَمِيع مَا فِي يَده وَصورتهَا فِي السَّيِّد يقتل مكَاتبه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 440 المصطلح وَهُوَ يشْتَمل على صور أَهْلِيَّة وحكمية فَمن الْأَهْلِيَّة صُورَة كَاتب فلَان عَبده أَو مَمْلُوكه فلَانا الْفُلَانِيّ الْجِنْس الْمُسلم الدّين الرجل الْبَالِغ الْمُعْتَرف للْمكَاتب الْمَذْكُور بِالرّقِّ والعبودية لما علم فِيهِ من الْخَيْر والديانة والعفة وَالْأَمَانَة وَالْقُوَّة والصيانة عملا بقول الله جلّ جَلَاله فِي كِتَابه الْعَزِيز {فكاتبوهم إِن علمْتُم فيهم خيرا} على مبلغ كَذَا وَكَذَا يقوم بِهِ الْمكَاتب الْمَذْكُور منجما فِي نجمين متساويين من تَارِيخه سلخ كل سنة تمْضِي نجم وَاحِد أَو فِي ثَلَاثَة نُجُوم أَو أَكثر وعَلى السَّيِّد أَن يحط من مكَاتبه الْمَذْكُور من مَال الْكِتَابَة عِنْد أَدَاء المَال مبلغ كَذَا وَكَذَا كِتَابَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة قبلهَا مِنْهُ قبولا شَرْعِيًّا وَأذن لَهُ سَيّده الْمَذْكُور فِي الِاكْتِسَاب وَالْبيع وَالشِّرَاء وَالْأَخْذ وَالعطَاء فَمَتَى أدّى النُّجُوم الْمعينَة أَعْلَاهُ كَانَ حرا من أَحْرَار الْمُسلمين لَهُ مَا لَهُم وَعَلِيهِ مَا عَلَيْهِم وَمَتى عجز عَن شَيْء من مَال الْكِتَابَة وَلَو دِرْهَم كَانَ رَقِيقا بَاقِيا على حكم الْعُبُودِيَّة لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمكَاتب قن مَا بَقِي عَلَيْهِ دِرْهَم وأشهدا عَلَيْهِمَا بذلك وهما بِحَال الصِّحَّة والسلامة والطواعية وَالِاخْتِيَار ويؤرخ صُورَة أُخْرَى أَهْلِيَّة هَذِه مُكَاتبَة شَرْعِيَّة جرت بالألفاظ الْمُعْتَبرَة المحررة المرعية بَين فلَان وَعَبده فلَان الْبَالِغ الْعَاقِل الْمُسلم الْمُعْتَرف لمكاتبه الْمَذْكُور بِالرّقِّ والعبودية بِأَن قَالَ السَّيِّد الْمَذْكُور لعَبْدِهِ الْمَذْكُور كاتبتك على ألف دِرْهَم تؤديها إِلَيّ فِي كَذَا وَكَذَا نجما سلخ كل شهر نجم وَاحِد وَهُوَ كَذَا وَكَذَا فَإِذا أدّيت إِلَيّ ذَلِك فَأَنت حر من أَحْرَار الْمُسلمين مُكَاتبَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وَمَتى عجز عَن أَدَاء مَال الْكِتَابَة كَانَ قِنَا وَيملك السَّيِّد مَا دَفعه إِلَيْهِ عَبده الْمَذْكُور وَمَتى أدّى إِلَيْهِ النُّجُوم الْمَذْكُورَة آتَاهُ من المَال الْمعِين مَا شَاءَ السَّيِّد قبل الْمكَاتب ذَلِك من سَيّده الْمَذْكُور قبولا شَرْعِيًّا ويؤرخ على نَحْو مَا سبق صُورَة مُكَاتبَة الْكَافِر عَبده الْمُسلم على مَذْهَب الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة خلافًا للشَّافِعِيّ كَاتب فلَان الْيَهُودِيّ أَو النَّصْرَانِي مَمْلُوكه الَّذِي تشرف بدين الْإِسْلَام فلَان ابْن عبد الله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 441 الْبَالِغ الأرمني الْجِنْس بِأَن قَالَ كاتبتك على ألف دِرْهَم تؤديها إِلَيّ فِي نجمين أَو ثَلَاثَة أَو أَكثر على مَا يحصل عَلَيْهِ الِاتِّفَاق بَينهمَا من تَارِيخه سلخ كل شهر يمْضِي كَذَا فَإِذا أدّيت إِلَيّ فَأَنت حر وَحط عَنهُ من مَال الْكِتَابَة النَّجْم الآخر حطا شَرْعِيًّا قبل ذَلِك مِنْهُ قبولا شَرْعِيًّا وأشهدا عَلَيْهِمَا بذلك ويؤرخ صُورَة مُكَاتبَة أَهْلِيَّة على مبلغ حَال على مَذْهَب أبي حنيفَة وَمَالك خلافًا للشَّافِعِيّ وَأحمد كَاتب فلَان عَبده فلَانا الْفُلَانِيّ الْجِنْس الْمُسلم الدّين الْمُعْتَرف لَهُ بِالرّقِّ والعبودية بِأَن قَالَ لَهُ كاتبتك على كَذَا وَكَذَا درهما حَالَة أَو على حكم الْحُلُول مُكَاتبَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة أحضر العَبْد الْمكَاتب الْمَذْكُور الْمبلغ الْمعِين أَعْلَاهُ وَدفعه إِلَى سَيّده الْمَذْكُور فَقَبضهُ مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا ثمَّ رد إِلَيْهِ مِنْهُ مبلغ كَذَا أَو الرّبع من مَال الْكِتَابَة امتثالا لأمر الله عز وَجل فِي قَوْله تَعَالَى {وَآتُوهُمْ من مَال الله الَّذِي آتَاكُم} اسْتِحْبَابا لَا وجوبا وَلَا مُقَدرا قبل ذَلِك مِنْهُ قبولا شَرْعِيًّا وأشهدا عَلَيْهِمَا بذلك ويؤرخ ثمَّ يرفع إِلَى الْحَاكِم الَّذِي يرى صِحَة ذَلِك فيثبته وَيحكم بِهِ مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ وَصُورَة الْكِتَابَة على مَنْفَعَة ودينار كَاتب فلَان عَبده فلَانا على أَن يَخْدمه خدمَة مثله مُدَّة سنة كَامِلَة من تَارِيخه وعَلى دِينَار يُؤَدِّيه إِلَيْهِ عِنْد انْقِضَاء السّنة مُكَاتبَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة وعَلى الْمكَاتب أَن يحط عَن مكَاتبه شَيْئا من الدِّينَار أَو الرّبع من الدِّينَار امتثالا لأمر الله المطاع وَقبل الْمكَاتب الْمَذْكُور ذَلِك مِنْهُ قبولا شَرْعِيًّا ويكمل على نَحْو مَا سبق صُورَة مُكَاتبَة الْأمة بِشَرْط وَطئهَا إِلَى حِين تُؤدِّي مَال الْكِتَابَة على مَذْهَب الإِمَام أَحْمد وَحده كَاتب فلَان جَارِيَته فُلَانَة الْمسلمَة الْمَرْأَة الْكَامِل أَو الْبَالِغ الْعَاقِل المكتسبة الأمينة المعترفة بِالرّقِّ والعبودية لما يعلم فِيهَا من الْخَيْر والديانة وَلما تعلمه من الصَّنْعَة وَعمل الْخياطَة والمزركش وَغير ذَلِك على مبلغ كَذَا وَكَذَا على أَنَّهَا تقوم لَهُ بذلك فِي كَذَا وَكَذَا نجما مُتَسَاوِيَة سلخ كل شهر يمْضِي نجم وَاحِد وَشرط فِي عقد الْكِتَابَة وَطئهَا إِلَى حِين تُؤدِّي نُجُوم الْكِتَابَة فَإِذا أدتها إِلَيْهِ صَارَت حرَّة من حرائر المسلمات وَعَلِيهِ أَن يُؤَدِّي إِلَيْهَا من مَال الْكِتَابَة الرّبع مُكَاتبَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة قبلتها مِنْهُ قبولا شَرْعِيًّا وأشهدا عَلَيْهِمَا بذلك ويؤرخ ثمَّ يرفع إِلَى حَاكم حنبلي يُثبتهُ وَيحكم بِهِ مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 442 وَأما صور الدَّعَاوَى فِي الْكِتَابَة الْمَحْكُوم بِصِحَّتِهَا أَو بُطْلَانهَا فَمِنْهَا صُورَة بطلَان كِتَابَة العَبْد الْمَرْهُون أَو الْمُسْتَأْجر حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الشَّافِعِي بَين يَدي سيدنَا فلَان الدّين فلَان وأحضر مَعَه فلَان ابْن عبد الله وسيده فلَان وَادّعى عَلَيْهِمَا لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَن فلَانا الْمَذْكُور كَاتب عَبده فلَانا الْمَذْكُور على كَذَا وَكَذَا منجما فِي كَذَا وَكَذَا نجما وَأدّى إِلَيْهِ النُّجُوم إِلَّا نجمين وَملك السَّيِّد مَا قَبضه من مَال الْكِتَابَة وَأَنه حَال الْكِتَابَة كَانَ مَرْهُونا عِنْده على دين شَرْعِي وأحضر من يَده كتاب إِقْرَار يتَضَمَّن إِقْرَار الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور بِالدّينِ وَالْعَبْد الْمكَاتب الْمَذْكُور مَرْهُون بِهِ وَسَأَلَ سؤالهما عَن ذَلِك فسئلا عَن ذَلِك فأجابا بالتصديق على مَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي الْمَذْكُور فَطلب الْمُدَّعِي الْمَذْكُور من الْحَاكِم بِصِحَّة الرَّهْن الْمعَاد وَبطلَان الْكِتَابَة الْمَذْكُورَة وإبقاء الرَّهْن الْمَذْكُور عِنْده إِلَى حِين وَفَاء دينه فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِك لجوازه عِنْده شرعا وَحكم بِصِحَّة الرَّهْن الْمعَاد وَبطلَان الْكِتَابَة فِي العَبْد الْمَذْكُور كَونه مَرْهُونا حَال الْكِتَابَة مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ ويكمل على نَحْو مَا سبق وَكَذَلِكَ تكْتب الصُّورَة بِعَينهَا إِذا كَانَ العَبْد الْمكَاتب مؤجرا وتقلب هَذِه الصُّورَة عِنْد من يرى أَن الرَّهْن الْمعَاد بَاطِل وَيكْتب وَأَن العَبْد وَالْمكَاتب سَأَلَا الْحَاكِم الحكم بِبُطْلَان الرَّهْن الْمعَاد وبصحة الْكِتَابَة فَيحكم بذلك مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ وَيكْتب صُورَة بطلَان الْكِتَابَة عِنْد القَاضِي الْحَنَفِيّ وَصُورَة صِحَّتهَا عِنْد القَاضِي وَالشَّافِعِيّ صُورَة بطلَان الْكِتَابَة الْحَالة حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الشَّافِعِي أَو الْحَنْبَلِيّ بَين يَدي سيدنَا فلَان الدّين فلَان وأحضر مَعَه عَبده فلَانا وَادّعى عَلَيْهِ أَنه كَاتبه على مبلغ كَذَا على حكم الْحُلُول وَأَنه عَن لَهُ بعد ذَلِك إبقاءه على ملكه وَسَأَلَ سُؤَاله عَن ذَلِك فَسَأَلَهُ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ فَأجَاب بالتصديق على مَا ادَّعَاهُ سَيّده الْمَذْكُور فَحِينَئِذٍ سَأَلَ الْمُدَّعِي الْمَذْكُور الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الحكم بِبُطْلَان الْكِتَابَة الْمَذْكُورَة لموافقة ذَلِك مذْهبه ومعتقده فَأَجَابَهُ إِلَى سُؤَاله وَحكم بِبُطْلَان الْكِتَابَة الْحَالة وإبقائه فِي الرّقّ حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخِره مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ ويكمل على نَحْو مَا سبق صُورَة كِتَابَة الرجل حِصَّته من العَبْد الَّذِي بَاقِيه حر كَاتب فلَان عَبده فلَان ابْن عبد الله على مَا يملكهُ مِنْهُ وَهُوَ النّصْف أَو أَكثر أَو أقل الَّذِي بَاقِيه حر على مبلغ كَذَا يقوم لَهُ بذلك فِي كَذَا وَكَذَا نجما مُتَسَاوِيَة سلخ كل شهر يمْضِي نجم وَاحِد وَعَلِيهِ أَن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 443 يحط عَنهُ من مَال الْكِتَابَة كَذَا عِنْد الْأَدَاء وَذَلِكَ بعد أَن أعتق فلَان ابْن فلَان حِصَّته مِنْهُ وَهِي كَذَا بتاريخ مُتَقَدم على تَارِيخه وَلم يكن لَهُ غير تِلْكَ الْحصَّة وَادّعى الْمكَاتب الْمَذْكُور عَلَيْهِ بِالسّرَايَةِ وَقِيمَة نصِيبه الَّذِي كَاتب عَلَيْهِ مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ وَثَبت إعسار الْمُعْتق الْمَذْكُور واستقرت حِصَّة الْمكَاتب الْمَذْكُور فِي ملكه بِحكم إعسار الْمُعْتق الْمَذْكُور بتصادقهم على ذَلِك كُله ويكمل على نَحْو مَا سبق صُورَة مُكَاتبَة رجل عَن عبد لآخر فَإِذا أدّى عَنهُ عتق على مَذْهَب أبي حنيفَة كَاتب فلَان فلَانا على عَبده فلَان بِأَن قَالَ لمولى العَبْد الْمَذْكُور كَاتب عَبدك فلَانا على ألف على أَنِّي إِن أدّيت إِلَيْك ألفا فَهُوَ حر فكاتبه على ذَلِك مُكَاتبَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة يقوم لَهُ بِمَال الْكِتَابَة حَالا وَقبل العَبْد الْمَذْكُور ذَلِك قبولا شَرْعِيًّا وَصَارَ بذلك مكَاتبا تجرى عَلَيْهِ أَحْكَام الْكِتَابَة فَإِن كَانَ مَال الْكِتَابَة منجما فيذكره وَأَن يدْفع إِلَيْهِ من مَال الْكِتَابَة شَيْئا اسْتِحْبَابا ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه وَإِن كَانَ العَبْد غَائِبا يَقُول كَاتب فلَان فلَانا على عَبده فلَان الْغَائِب بِأَن قَالَ الْمَذْكُور لمولى العَبْد كَاتب عَبدك فلَانا على ألف دِرْهَم على أَنِّي إِن أدّيت إِلَيْك ألفا فِي كَذَا وَكَذَا نجما أَو على حكم الْحُلُول فَهُوَ حر فكاتبه على ذَلِك مُكَاتبَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة فَإِذا حضر العَبْد وَقبل وَأَجَازَ ذَلِك صَحَّ وَلزِمَ فَإِن أدّى ذَلِك الرجل الْمكَاتب الْألف لم يرجع على العَبْد الْمكَاتب بِشَيْء لِأَنَّهُ مُتَبَرّع بِالْأَدَاءِ صُورَة مُكَاتبَة العَبْد سَيّده عَن نَفسه وَعَن عبد آخر لمَوْلَاهُ غَائِب كَاتب فلَان ابْن عبد الله سَيّده فلَانا عَن نَفسه وَعَن فلَان بِأَن قَالَ لسَيِّده كاتبني على ألف دِرْهَم على نَفسِي وعَلى عَبدك فلَان الْغَائِب على أَن يقوم أَحَدنَا لَك بِالْألف فِي كَذَا وَكَذَا نجما مُتَسَاوِيَة من تَارِيخه سلخ كل شهر يمْضِي نجم فَقَالَ السَّيِّد كاتبتك وأيكما أدّى إِلَيّ مَال الْكِتَابَة أَو كلاكما فأنتما حران مُكَاتبَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة جَائِزَة اسْتِحْبَابا ويكمل وَللسَّيِّد أَن يَأْخُذ كل مَال الْكِتَابَة من العَبْد الْحَاضِر الَّذِي كَاتبه وَلَيْسَ لَهُ أَن يَأْخُذ من مَال الْغَائِب شَيْئا فَإِن أدّى العَبْد الْمكَاتب كل المَال عتقا جَمِيعًا وَلَيْسَ لَهُ أَن يرجع على الْغَائِب بِشَيْء صُورَة مُكَاتبَة جَارِيَة لَهَا أَوْلَاد أرقاء للسَّيِّد وَإِذا أفرد الْمكَاتب الْجَارِيَة فِي الْكِتَابَة دخل الْأَوْلَاد فِي الْكِتَابَة وَإِن لم يذكرهم الْمكَاتب ويعتقون بأَدَاء أمّهم مَال الْكِتَابَة كَاتب فلَان جَارِيَته فُلَانَة الْمَرْأَة الْكَامِل الْمسلمَة المعترفة للْمكَاتب الْمَذْكُور بِالرّقِّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 444 والعبودية على مبلغ كَذَا تقوم لَهُ بذلك فِي كَذَا وَكَذَا نجما دخل أَوْلَادهَا فلَان وَفُلَان فِي الْكِتَابَة وَإِذا أدَّت مَال الْكِتَابَة عتقوا بِعتْقِهَا وَلَيْسَ عَلَيْهِم من مَال الْكِتَابَة شَيْء وَإِن حصلت الْكِتَابَة بعد أَدَاء مَال الْكِتَابَة عتقوا بِعتْقِهَا وَلَيْسَ عَلَيْهِم من مَال الْكِتَابَة شَيْء وَإِن حصلت الْكِتَابَة بعد أَدَاء مَال الْكِتَابَة ثمَّ بعد أَدَاء مَال الْكِتَابَة قصد السَّيِّد إبْقَاء أَوْلَادهَا فِي الرّقّ فَترفع إِلَى القَاضِي الْحَنَفِيّ فَيحكم بِدُخُول الْأَوْلَاد فِي الْكِتَابَة وَيحكم بعتقهم مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ صُورَة بيع مَال الْكِتَابَة بِعرْض من القماش على مَذْهَب مَالك وَإِن كَانَ مَال الْكِتَابَة قماشا فبذهب أَو فضَّة أَو غَيرهمَا من الْأَشْيَاء الثمينة بَاعَ فلَان من فلَان مَال الْكِتَابَة الَّتِي كَاتب بهَا عَبده فلَان من قبل تَارِيخه وقدرها كَذَا وَكَذَا مقسطة عَلَيْهِ من تَارِيخ الْكِتَابَة كل شهر يمْضِي كَذَا وابتاع ذَلِك مِنْهُ ابتياعا شَرْعِيًّا بِثمن هُوَ جَمِيع القماش الَّذِي صفته كَذَا وَكَذَا أَو العَبْد الْفُلَانِيّ أَو كَذَا وَكَذَا مكوكا حِنْطَة أَو شَعِيرًا أَو غَيرهمَا وَوَجَب للْمُشْتَرِي الْمَذْكُور اسْتِيفَاء مَال الْكِتَابَة من العَبْد الْمكَاتب الْمَذْكُور وجوبا شَرْعِيًّا وَقَامَ المُشْتَرِي الْمَذْكُور مقَام السَّيِّد الأول وأجرى الْمكَاتب على حكمه من غير أَن يكون هَذَا البيع فاسخا للكتابة ويكمل على نَحْو مَا سبق وَيرْفَع إِلَى حَاكم مالكي يُثبتهُ وَيحكم بِمُوجبِه مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ صُورَة بيع أم ولد الْمكَاتب عِنْد ثُبُوت عَجزه عَن أَدَاء مَال الْكِتَابَة واستثناء الْوَلَد على مَذْهَب الإِمَام مَالك اشْترى فلَان من فلَان مكَاتب فلَان جَمِيع أم وَلَده لصلبه فُلَانَة الْفُلَانِيَّة الْجِنْس الْمسلمَة الدّين المدعوة يَوْمئِذٍ فَاطِمَة أَو عَائِشَة الَّتِي اسْتَوْلدهَا حَال الرّقّ وَقبل الْكِتَابَة شراءا شَرْعِيًّا بِثمن مبلغه كَذَا دفع المُشْتَرِي إِلَى البَائِع الثّمن الْمَذْكُور فَقَبضهُ مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا وَسلم إِلَيْهِ الْجَارِيَة الْمَذْكُورَة فتسلمها مِنْهُ تسلما شَرْعِيًّا بعد الرُّؤْيَة وَالْمُعَاقَدَة الشَّرْعِيَّة وَذَلِكَ بعد أَن ثَبت لمجلس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ الْمَالِكِي أَن البَائِع الْمَذْكُور غير مستظهر على الْكسْب وَأَنه فَقير عَاجز عَن أَدَاء نُجُوم الْكِتَابَة الثُّبُوت الشَّرْعِيّ ثمَّ يرفع إِلَى حَاكم مالكي يُثبتهُ وَيحكم بِمُوجبِه مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ وكل صُورَة خلافية إِن قصد تصحيحها وإمضاؤها رفعت إِلَى حَاكم يرى صِحَّتهَا فيثبتها وَيحكم بِالصِّحَّةِ وَإِن كَانَ الْقَصْد بُطْلَانهَا فَترفع إِلَى حَاكم يرى الْبطلَان فيتصل بِهِ وَيحكم بِالْبُطْلَانِ مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ كل ذَلِك مَعَ مُرَاعَاة الْأَلْفَاظ الْمُحْتَاج إِلَيْهَا فِي كلا الْحكمَيْنِ بِحَيْثُ لَا يتَطَرَّق إِلَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 445 الحكم خلل وَلَا إِلَى الْحَاكِم فَإِن مدَار ذَلِك على الْكَاتِب صُورَة مَا إِذا وفى العَبْد مَال الْكِتَابَة وَهِي تكْتب على ظهر الْمَكْتُوب أقرّ فلَان الْمكَاتب الْمَذْكُور بَاطِنه أَنه قبض وتسلم من مكَاتبه فلَان ابْن عبد الله الْمَذْكُور مَعَه بَاطِنه جَمِيع الْمبلغ الَّذِي كَاتبه عَلَيْهِ الْمعِين بَاطِنه وَقدره كَذَا وَكَذَا على حكم التنحيم الْمعِين بَاطِنه قبضا شَرْعِيًّا وَذَلِكَ بعد مَا أسقط عَنهُ من أصل مبلغ الْكِتَابَة قسط الشَّهْر الآخر وَهُوَ كَذَا وَكَذَا إِسْقَاطًا شَرْعِيًّا فبحكم ذَلِك صَار فلَان الْمكَاتب الْمَذْكُور حرا من أَحْرَار الْمُسلمين لَهُ مَا لَهُم وَعَلِيهِ مَا عَلَيْهِم لَيْسَ لأحد عَلَيْهِ وَلَا إِلَّا الْوَلَاء الشَّرْعِيّ فَإِنَّهُ لسَيِّده الْمَذْكُور وَلمن يسْتَحقّهُ من بعده شرعا وتصادقا على ذَلِك كُله تَصَادقا شَرْعِيًّا ويؤرخ صُورَة مَا إِذا عجز الْمكَاتب عَن أَدَاء مَا كُوتِبَ عَلَيْهِ وَهِي تكْتب على ظهر الْمَكْتُوب حضر إِلَى شُهُوده فِي يَوْم تَارِيخه فلَان الْمكَاتب الْمَذْكُور بَاطِنه وَأشْهد على نَفسه أَنه لما كَاتب عَبده فلَانا الْمَذْكُور بَاطِنه الْمُكَاتبَة المشروحة بَاطِنه إِلَى الْمدَّة الْمعينَة بَاطِنه انْقَضتْ الْمدَّة وزادت مُدَّة ثَانِيَة وَاسْتحق عَلَيْهِ كَذَا كَذَا درهما عَن قسط كَذَا وَكَذَا شهرا وَلم يقم لَهُ بهَا واعترف العَبْد الْمَذْكُور أَنه عَاجز عَن الْقيام بِمَا فضل عَلَيْهِ وَأَنه سَأَلَهُ بعد الِاسْتِحْقَاق الصَّبْر عَلَيْهِ إِلَى يَوْم تَارِيخه ليسعى فِي تَحْصِيل مَا بَقِي عَلَيْهِ فَصَبر وأمهله إِلَى الْآن فَلم يقدر على تَحْصِيل مَا بَقِي عَلَيْهِ وَعجز عَن ذَلِك فبحكم مَا بَقِي عَلَيْهِ فسخ السَّيِّد الْكِتَابَة فسخا شَرْعِيًّا لقَوْل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمكَاتب قن مَا بَقِي عَلَيْهِ دِرْهَم وَصدقه الْمكَاتب الْمَذْكُور على ذَلِك كُله تَصْدِيقًا شَرْعِيًّا ويؤرخ وَإِن ترافعا إِلَى حَاكم شَرْعِي بِسَبَب ذَلِك كتب حضورهما إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز وَدَعوى السَّيِّد على مَمْلُوكه أَنه كَاتبه على كَذَا كَذَا أسقط عَنهُ كَذَا وَكَذَا وَبَقِي عَلَيْهِ كَذَا فَمَتَى وفاه كَانَ حرا وَمَتى عجز عَن وفائه وَلَو عَن دِرْهَم وَاحِد كَانَ قِنَا بَاقِيا على الْعُبُودِيَّة وَأَن الْمدَّة انْقَضتْ وَاسْتحق عَلَيْهِ الْمبلغ الْمَذْكُور وَلم يقم لَهُ بِهِ وَأَنه صَبر عَلَيْهِ مُدَّة ثَانِيَة آخرهَا يَوْم تَارِيخه وَلم يقم لَهُ بِشَيْء من ذَلِك وَسَأَلَ الْحَاكِم العَبْد عَن ذَلِك فَأجَاب بِصِحَّة دَعْوَى سَيّده واعترف أَنه عَاجز عَن الْوَفَاء وَأَنه لم يقدر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 446 على تَحْصِيل مَا يحمل عَلَيْهِ فَحِينَئِذٍ سَأَلَ الْمُدَّعِي الْحَاكِم الْمَذْكُور الحكم بِمَا أوجبه الشَّرْع الشريف وَالْإِذْن لَهُ فِي فسخ الْكِتَابَة الْمَذْكُورَة فَأذن لَهُ فِي ذَلِك فَعِنْدَ ذَلِك أشهد عَلَيْهِ أَنه فسخ الْكِتَابَة الْمَذْكُورَة فسخا شَرْعِيًّا وأبطل حكمهَا لقَوْل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمكَاتب قن مَا بَقِي عَلَيْهِ دِرْهَم وَثَبت إشهاده بذلك لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ ثبوتا شَرْعِيًّا وَحكم بِهِ حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخِره ويكمل وَإِن كَانَ ذَلِك عِنْد الشُّهُود كتب حضورهما وإقرارهما بذلك وتصادقهما على أَنَّهُمَا ترافعا إِلَى الْحَاكِم الْفُلَانِيّ وتداعيا بَين يَدَيْهِ ويحكي مَا تقدم ذكره مُسْتَندا إِلَى إقرارهما وتصادقهما ويؤرخ انْتهى وَالله أعلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 447 كتاب أُمَّهَات الْأَوْلَاد وَمَا يتَعَلَّق بِهن من الْأَحْكَام إِذا علقت الْأمة من سَيِّدهَا بَحر فِي ملكه ثَبت لَهَا حكم الِاسْتِيلَاد بِدَلِيل مَا روى عبد الله بن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَيّمَا أمة ولدت من سَيِّدهَا فَهِيَ حرَّة عَن دبر مِنْهُ وروى عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي أم الْوَلَد لَا تبَاع وَلَا توهب وَلَا تورث ليستمتع بهَا مُدَّة حَيَاته فَإِذا مَاتَ عتقت وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ فِي مَارِيَة حِين ولدت أعْتقهَا وَلَدهَا وَحَاصِله أَنه إِذا استولد جَارِيَته فَأَتَت مِنْهُ بِولد حَيّ أَو ميت عتقت بِمَوْتِهِ وَإِن ألقته مُضْغَة فَحَيْثُ يحكم بِوُجُوب الْغرَّة يثبت فِي مثله الِاسْتِيلَاد وَحَيْثُ لَا يثبت لَا يحكم وَإِذا استولد جَارِيَة بِالنِّكَاحِ يكون الْوَلَد رَقِيقا وَلَا تصير أم ولد وَلَو ملكهَا وَلَو ملك زَوجته الْأمة وَهِي حَامِل مِنْهُ يعْتق الْوَلَد عَلَيْهِ بِالْملكِ وَلَا تصير هِيَ مُسْتَوْلدَة لَهُ وَلَو استولد جَارِيَة على ظن أَنَّهَا زَوجته الْحرَّة أَو جَارِيَته فَالْوَلَد حر وَفِي مصيرها مُسْتَوْلدَة إِذا ملكهَا قَولَانِ أقربهما الْمَنْع وَلَا يجوز بيع الْمُسْتَوْلدَة وَلَا هبتها وَلَا رَهنهَا وَيجوز للسَّيِّد وَطْؤُهَا واستخدامها وإجارتها وَكَذَا تَزْوِيجهَا بِغَيْر إِذْنهَا على الْأَصَح وَله قيمتهَا إِذا قتلت وَأرش الْجِنَايَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 448 عَلَيْهَا وَإِذا ولدت من زوج أَو زنا فَالْوَلَد للسَّيِّد وَحكمه حكم الْمُسْتَوْلدَة يعْتق بِمَوْت السَّيِّد وَلَو كَاتب الْمُسْتَوْلدَة قبل موت السَّيِّد لم يعْتق الْوَلَد حَتَّى يَمُوت السَّيِّد وَالَّذين ولدتهم من زوج أَو زنا قبل الِاسْتِيلَاد للسَّيِّد بيعهم وَلَا يعتقون بِمَوْتِهِ وَإِذا عتقت بِمَوْت السَّيِّد فَمن رَأس المَال تعْتق الْخلاف الْمَذْكُور فِي مسَائِل الْبَاب اتّفق الْأَئِمَّة على أَن أُمَّهَات الْأَوْلَاد لَا تبَاع وَهَذَا مَذْهَب السّلف وَالْخلف من فُقَهَاء الْأَمْصَار إِلَّا مَا يحْكى عَن بعض الصَّحَابَة وَقَالَ دَاوُد يجوز بيع أُمَّهَات الْأَوْلَاد فَلَو تزوج أمة غَيره وأولدها ثمَّ ملكهَا قَالَ أَبُو حنيفَة تصير أم ولد وَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد لَا تصير أم ولد وَيجوز لَهُ بيعهَا وَلَا تعْتق بِمَوْتِهِ وَلَو ابْتَاعَ أمة وَهِي حَامِل مِنْهُ قَالَ أَبُو حنيفَة تصير أم ولد لَهُ وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد لَا تصير أم ولد وَقَالَ مَالك فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ تصير أم ولد وَقَالَ فِي الْأُخْرَى لَا تصير أم ولد وَلَو استولد جَارِيَة ابْنه قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد تصير أم ولد وَللشَّافِعِيّ قَولَانِ أَحدهمَا لَا تصير وَالثَّانِي تصير ثمَّ مَا الَّذِي يلْزم الْوَالِد فِي ذَلِك لِابْنِهِ قَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك يضمن قيمتهَا خَاصَّة وَقَالَ الشَّافِعِي يضمن قيمتهَا ومهرها وَفِي ضَمَانه قيمَة الْوَلَد قَولَانِ أصَحهمَا أَنه لَا يلْزمه قيمَة الْوَلَد وَقَالَ أَحْمد لَا يلْزم قيمتهَا وَلَا قيمَة وَلَدهَا وَلَا مهرهَا وَعَن زفر يلْزمه مهرهَا وَصحح النَّوَوِيّ أَنه لَا يلْزمه قيمَة الْوَلَد وَحكى فِي الْمِنْهَاج وَجْهَان أصَحهمَا أَنه لَا يلْزمه وَهل للسَّيِّد إِجَارَة أم وَلَده أم لَا قَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد لَهُ ذَلِك وَقَالَ مَالك لَا يجوز لَهُ ذَلِك انْتهى فَائِدَة نقلت من خطّ صدر الدّين ابْن الخابوري ذكر أَنه بحث بحلب أَن أم الْوَلَد لَا يَصح بيعهَا إِلَّا من نَفسهَا قَالَ نعم نَقله فِي الرَّوْضَة فِي بيع أُمَّهَات الْأَوْلَاد عَن فَتَاوَى الْقفال فأوردت عَلَيْهِ إيرادا وَهُوَ أَنكُمْ سمحتم بِبَيْعِهَا من نَفسهَا لتعجيل الْعتْق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 449 فَهَلا قُلْتُمْ أَيْضا بِصِحَّة بيعهَا مِمَّن تعْتق عَلَيْهِ كالوالد وَالْولد فَقَالَ فِي رد ذَلِك أورد شخص هَذَا الْإِيرَاد بحماة فأجبته أَن شراءها من نَفسهَا هُوَ من بَاب الْفِدَاء لَا يتَصَوَّر فِيهِ ملك أصلا وَلَا تملك نَفسهَا فِي وَقت مَا بِخِلَاف مَا إِذا اشْتَرَاهَا من تعْتق عَلَيْهِ فَإِنَّهَا تدخل فِي ملكه ثمَّ تعْتق عَلَيْهِ وَأم الْوَلَد لَا تدخل فِي الْملك وَهَذَا الْفرق فنقضت عَلَيْهِ بِمَا إِذا اعْترف بحريّة عبد ثمَّ اشْتَرَاهُ فَهَل يكون هَذَا شِرَاء أَو افتداء فِيهِ ثَلَاثَة أوجه فِي الرَّافِعِيّ وَالرَّوْضَة فعلى قَوْلنَا فدَاء فَلَو اعْترف بحريّة أم الْوَلَد ثمَّ اشْتَرَاهَا يَنْبَغِي أَن يَصح الشِّرَاء على قَوْلنَا إِنَّه افتداء فَسكت عَن الْجَواب مَسْأَلَة أمة حملت بمملوك وَصَارَت أم ولد تعْتق بِمَوْت السَّيِّد وَهُوَ الْمكَاتب إِذا وطىء أمته فَولدت مِنْهُ فَالْوَلَد رَقِيق فَإِن أدّى المَال عتق وَعتق الْوَلَد وَصَارَت الْأمة أم ولد المصطلح وَهُوَ يشْتَمل على صور حكمِيَّة مِنْهَا صُورَة بِدَعْوَى الْمُسْتَوْلدَة على سَيِّدهَا بالاستيلاد حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ الشَّافِعِي فُلَانَة مُسْتَوْلدَة فلَان وأحضرت مَعهَا سَيِّدهَا الْمَذْكُور وَادعت عَلَيْهِ لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَنه ابتاعها الابتياع الصَّحِيح الشَّرْعِيّ واستفرشها وأحبلها وَأَتَتْ مِنْهُ بِولد كَامِل الْخلق مَيتا وَأَنَّهَا صَارَت أم ولد لَهُ وَحرم عَلَيْهِ بيعهَا وَسَأَلت سُؤَاله عَن ذَلِك فَسَأَلَهُ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ فَأجَاب بالإنكار لاستيلادها معترفا بباقي دَعْوَاهَا فَذكرت المدعية الْمَذْكُورَة أَن لَهَا بَيِّنَة أَرْبعا من القوابل يشهدن لَهَا بِمَا ادَّعَتْهُ وَسَأَلت الْإِذْن فِي إحضارهن فَأذن لَهَا فأحضرت أَربع نسْوَة من القوابل الثِّقَات الأمينات وَهن فُلَانَة وفلانة وفلانة وفلانة فشهدن شَهَادَة متفقة اللَّفْظ وَالْمعْنَى مسموعة شرعا لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ فِي وَجه الْمُدعى عَلَيْهِ أَن المدعية الْمَذْكُورَة أَتَت بِولد كَامِل الْخلق على فرَاش الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور وَأَنه لما سقط إِلَى الأَرْض سقط مَيتا عرف الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ القوابل الْمَذْكُورَات وَسمع شَهَادَتهنَّ وَقبلهَا بِمَا رأى مَعَه قبُولهَا شرعا وَلما ثَبت ذَلِك عِنْده بطريقه الشَّرْعِيّ سَأَلته المدعية الْمَذْكُورَة الحكم لَهَا بِأَنَّهَا صَارَت أم ولد الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور وبتحريم بيعهَا وَالْقِيَام بنفقتها وكسوتها وإسكانها فِي مسكن شَرْعِي يَلِيق بهَا فأجابها إِلَى سؤالها وَحكم لَهَا بذلك حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخِره ويكمل على نَحْو مَا سبق وَيكْتب القَاضِي التَّارِيخ والحسبلة بِخَطِّهِ صُورَة استرقاق ولد رجل تزوج جَارِيَة لآخر وأولدها بِالنِّكَاحِ ثمَّ ابتاعها حضر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 450 إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الشَّافِعِي الْفُلَانِيّ فلَان وأحضر مَعَه فلَانا وَادّعى عَلَيْهِ لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَنه تزوج رقيقته فُلَانَة التَّزْوِيج الصَّحِيح الشَّرْعِيّ وَدخل بهَا وأصابها وأولدها على فرَاشه ولدا ذكرا يَدعِي فلَان العشاري الْعُمر مثلا وَأَن الْوَلَد الْمَذْكُور مَمْلُوك لَهُ يسْتَحق بَيْعه واستخدامه وإجارته وَسَأَلَ سُؤَاله عَن ذَلِك فَسَأَلَهُ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ فَأجَاب بالتصديق على مَا ادَّعَاهُ وَسَأَلَ الْمُدَّعِي الْمَذْكُور إِعْتَاق وَلَده الْمَذْكُور فَسَأَلَهُ الْحَاكِم ذَلِك فَأبى إِلَّا أَن يبتاعه أَبوهُ الْمَذْكُور مَعَ أمه فأذعن الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور إِلَى الابتياع فَبَاعَهُ وَلَده وَزَوجته الْمَذْكُورين فابتاعهما مِنْهُ بمبلغ جملَته كَذَا وَدفع إِلَى الثّمن عَنْهُمَا فِي الْمجْلس فَقَبضهُ مِنْهُ قبضا شَرْعِيًّا وتسلم الْوَلَد وَالزَّوْجَة الْمَذْكُورين تسلما شَرْعِيًّا وَعتق الْوَلَد عَلَيْهِ واستمرت الزَّوْجَة فِي رقّه وانفسخ نِكَاحهَا يَطَؤُهَا بأقوى السببين وَهُوَ ملك الْيَمين لَا بِالنِّكَاحِ وَله بيعهَا مَتى شَاءَ وَلم تصر بذلك أم ولد لَهُ أَلْبَتَّة وَوَقع الْإِشْهَاد بذلك فِي تَارِيخ كَذَا ويكمل على نَحْو مَا سبق صُورَة مَا إِذا أسلمت أم ولد الذِّمِّيّ واستسعت فِي الثّمن لَهُ على مَذْهَب الإِمَام أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ الْحَنَفِيّ فلَان الْيَهُودِيّ أَو النَّصْرَانِي وأحضر مَعَه جَارِيَته فُلَانَة بنت عبد الله وَادّعى عَلَيْهَا لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَنَّهَا أم وَلَده أولدها على فرَاشه وَأَنَّهَا تشرفت بدين الْإِسْلَام وَسَأَلَ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ سؤالها عَن ذَلِك فَسَأَلَهَا فأجابت بالاعتراف فَطلب الْمُدَّعِي الْمَذْكُور من الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الْعَمَل بمذهبه ومعتقده وَالْحكم عَلَيْهَا بالسعاية فِي قيمتهَا وَالْأَدَاء إِلَى الْمُدَّعِي الْمَذْكُور وعتقها عِنْد الْأَدَاء فَأَجَابَهُ إِلَى سُؤَاله لجوازه عِنْده شرعا وَحكم عَلَيْهَا بالسعاية فِي قيمتهَا فَإِذا أدَّت عتقت حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخِره مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ ويكمل على نَحْو مَا سبق صُورَة عتق أم الْوَلَد على الذِّمِّيّ إِذا أسلمت على الرِّوَايَة الأولى من مَذْهَب الإِمَام مَالك رَحمَه الله تَعَالَى حضرت إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ الْمَالِكِي فُلَانَة وأحضرت مَعهَا فلَانا الْيَهُودِيّ أَو النَّصْرَانِي وَادعت عَلَيْهِ لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَنه ابتاعها وَجعلهَا فراشا واستولدها ولدا ذكرا يَدعِي فلَان السباعي أَو الخماسي الْعُمر مثلا وَأَنَّهَا تشرفت بدين الْإِسْلَام وعتقت على الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور بِمُقْتَضى إسْلَامهَا وَسَأَلت سُؤَاله عَن ذَلِك فَسَأَلَهُ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ فَأجَاب بالتصديق على مَا ادَّعَتْهُ وَذكر أَنه يسْتَحق بيعهَا وَقبض ثمنهَا وَسَأَلَ الْحَاكِم الحكم لَهُ بذلك وَسَأَلته هِيَ الحكم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 451 لَهَا بِالْعِتْقِ فَنظر الْحَاكِم فِي مذْهبه ومعتقده فَرَأى أَن لمقلده الإِمَام مَالك بن أنس الأصبحي رَضِي الله عَنهُ وأرضاه فِي هَذِه الْمَسْأَلَة رِوَايَتَيْنِ إِحْدَاهمَا الْعتْق وَالْأُخْرَى البيع فَنظر فِي الرِّوَايَتَيْنِ وتدبرهما وأمعن النّظر فيهمَا فَرَأى الْعَمَل بالرواية الأولى فاستخار الله كثيرا واتخذه هاديا ونصيرا وَأجَاب المدعية الْمَذْكُورَة أَعْلَاهُ إِلَى سؤالها وَحكم بِعتْقِهَا وإطلاقها من الرّقّ حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخِره وَمنعه من التَّعَرُّض إِلَيْهَا بِمُوجب رق أَو عبودية منعا شَرْعِيًّا ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه صُورَة إِسْلَام أم ولد الذِّمِّيّ ويحال بَينه وَبَينهَا من غير بيع وَلَا عتق وَلَا سِعَايَة وتجرى لَهَا النَّفَقَة وَالْكِسْوَة وَلَا تعْتق إِلَّا بِمَوْتِهِ حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الشَّافِعِي فُلَانَة الَّتِي كَانَت نَصْرَانِيَّة أَو يَهُودِيَّة وتشرفت بدين الْإِسْلَام وأحضرت مَعهَا فلَانا الْيَهُودِيّ أَو النَّصْرَانِي وَادعت عَلَيْهِ لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَنه ابتاعها وَجعلهَا فراشا لَهُ وأحبلها وأولدها على فرَاشه ولدا ذكرا يَدعِي فلَان الثلاثي الْعُمر مثلا وَأَنَّهَا تشرفت بدين الْإِسْلَام وَهُوَ بَاقٍ على الْكفْر إِلَى الْآن وَسَأَلت سُؤَاله عَن ذَلِك فَسَأَلَهُ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ عَن ذَلِك فَأجَاب بالاعتراف فَسَأَلت المدعية الْمَذْكُورَة من الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الحكم على الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور بمذهبه وَأَن يُحَال بَينه وَبَينهَا إِلَى حِين مَوته فتعتق حِينَئِذٍ وإلزامه بنفقتها وكسوتها بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيّ فأجابها إِلَى سؤالها لجوازه عِنْده شرعا وَحكم بذلك حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخِره مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ فِيمَا فِيهِ الْخلاف من ذَلِك صُورَة تَزْوِيج الرجل أمة غَيره واستيلادها بِالنِّكَاحِ ثمَّ ملكهَا فَصَارَت أم ولد لَهُ تعْتق بِمَوْتِهِ وَلَا يجوز لَهُ بيعهَا عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ الْحَنَفِيّ فُلَانَة وأحضرت مَعهَا فلَانا وَادعت عَلَيْهِ لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَنه تزوج بهَا تزويجا صَحِيحا شَرْعِيًّا حَال كَونهَا رقيقَة لفُلَان وَدخل بهَا وأصابها وأولدها ولدا يَدعِي فلَان ثمَّ إِنَّه ابتاعها من سَيِّدهَا الْمَذْكُور وَأَنَّهَا بِمُقْتَضى ذَلِك صَارَت أم ولد لَهُ وَأَنه قصد بيعهَا وَسَأَلت سُؤَاله عَن ذَلِك فَسئلَ فَأجَاب أَنه تزَوجهَا وأولدها بِعقد النِّكَاح ثمَّ ابتاعها بعد ذَلِك من سَيِّدهَا وَأَنَّهَا لم تصر أم ولد لَهُ بذلك وَأَنه يجوز لَهُ بيعهَا حَسْبَمَا أفتاه عُلَمَاء الْمُسلمين بذلك فَعرفهُ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَن مَذْهَب الإِمَام أبي حنيفَة أَنَّهَا صَارَت أم ولد لَهُ فَحِينَئِذٍ سَأَلت المدعية الْمَذْكُورَة من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 452 الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الْعَمَل مَعهَا بِمُقْتَضى مذْهبه ومعتقده وَالْحكم لَهَا بِأَنَّهَا صَارَت أم ولد لَهُ وَمنعه من بيعهَا وإلزامه لَهَا بِمَا يلْزم مثله لأمهات الْأَوْلَاد فاستخار الله تَعَالَى وأجابها إِلَى سؤالها لجوازه عِنْده شرعا وَحكم لَهَا بذلك حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخِره مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ ويكمل على نَحْو مَا سبق صُورَة تَزْوِيج رجل أمة غَيره واستيلادها بِالنِّكَاحِ ثمَّ ملكهَا فَلَا تصير أم ولد لَهُ وَلَا تعْتق بِمَوْتِهِ وَله بيعهَا مَتى شَاءَ عِنْد الثَّلَاثَة خلافًا لأبي حنيفَة حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الشَّافِعِي أَو الْمَالِكِي أَو الْحَنْبَلِيّ فُلَانَة بنت عبد الله وأحضرت مَعهَا سَيِّدهَا فلَان وَادعت عَلَيْهِ لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَنه تزوج بهَا تزويجا صَحِيحا شَرْعِيًّا حَالَة كَونهَا فِي رق فلَان وَأَنه أولدها على فرَاشه بِعقد النِّكَاح ولدا يدعى فلَان الثلاثي الْعُمر يَوْمئِذٍ وَأَنه ابتاعها بعد ذَلِك من فلَان الْمَذْكُور وَأَنَّهَا بِمُقْتَضى ذَلِك صَارَت أم ولد لَهُ وَحرم عَلَيْهِ بيعهَا وَسَأَلت سُؤَاله عَن ذَلِك فَسَأَلَهُ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ فَأجَاب بالتصديق على مَا ادَّعَتْهُ وَلكنهَا لم تصر أم ولد لَهُ وَأَنَّهَا الْآن جَارِيَة فِي رقّه يملك بيعهَا وهبتها وَسَائِر التَّصَرُّفَات الشَّرْعِيَّة فِيهَا وَسَأَلَ الْعَمَل مَعَه بِمُقْتَضى مذْهبه وَالْحكم بإبقائها فِي رقّه وَجَوَاز التَّصَرُّف فِيهَا بِالْبيعِ وَغَيره فَأَجَابَهُ إِلَى سُؤَاله لجوازه عِنْده شرعا وَحكم بذلك كُله حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخِره مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه صُورَة استيلاد رجل جَارِيَة ابْنه فَصَارَت أم ولد لَهُ وَيضمن قيمتهَا خَاصَّة لوَلَده على مَذْهَب أبي حنيفَة وَمَالك حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْفُلَانِيّ الْحَنَفِيّ أَو الْمَالِكِي فلَان ابْن فلَان وأحضر مَعَه وَالِده فلَان الْمَذْكُور وَادّعى عَلَيْهِ لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَنه استولد جَارِيَته فُلَانَة وَأَنَّهَا صَارَت أم ولد لَهُ وَسَأَلَ سُؤَاله عَن ذَلِك فَسَأَلَهُ فَأجَاب بالاعتراف وَصِحَّة الدَّعْوَى فَسَأَلَ الْمُدَّعِي الْمَذْكُور الحكم لَهُ على وَالِده الْمَذْكُور بِقِيمَة الْجَارِيَة الْمَذْكُورَة لَهُ بذلك وَأَنَّهَا صَارَت أم ولد لَهُ فاستخار الله وَأجَاب السَّائِل إِلَى سُؤَاله لجوازه عِنْده شرعا وَحكم لَهُ بذلك وَأَنَّهَا صَارَت أم ولد لَهُ وإلزامه بأَدَاء الْقيمَة عَن الْجَارِيَة الْمَذْكُورَة حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخِره مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ وَذَلِكَ بعد أَن حضر أَرْبَاب الْخِبْرَة بالرقيق وتقويمه وَقومُوا الْجَارِيَة الْمَذْكُورَة فَكَانَت قيمتهَا كَذَا وَكَذَا وشهدوا عِنْد الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ بذلك وَثَبت ذَلِك عِنْده ثبوتا صَحِيحا شَرْعِيًّا ويكمل على نَحْو مَا سبق صُورَة استيلاد رجل جَارِيَة ابْنه وَيضمن قيمتهَا ومهرها عِنْد الشَّافِعِي وَيضمن قيمَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 453 الْوَلَد فِي أحد قوليه وَتصير أم ولد فِي القَوْل الثَّانِي حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الشَّافِعِي الْفُلَانِيّ فلَان ابْن فلَان وأحضر مَعَه وَالِده الْمَذْكُور وَادّعى عَلَيْهِ لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَنه استولد جَارِيَته فُلَانَة ولدا يدعى فلَان الخماسي الْعُمر مثلا وَأَنَّهَا صَارَت أم ولد لَهُ وَأَنه يلْزمه لَهُ قيمَة الْجَارِيَة الْمَذْكُورَة وَمهر مثلهَا وَقِيمَة الْوَلَد الْمَذْكُور وطالبه بذلك وَسَأَلَ سُؤَاله عَن ذَلِك فَسَأَلَهُ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ فَأجَاب بالتصديق على مَا ادَّعَاهُ من الِاسْتِيلَاد وَسَأَلَ الحكم لَهُ بِمَا يلْزمه شرعا على مُقْتَضى مذْهبه ومعتقده فَأَجَابَهُ إِلَى سُؤَاله وَحكم لَهُ بذلك حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخِره مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ بعد ثُبُوت الْقيمَة الشَّرْعِيَّة عِنْده الثُّبُوت الشَّرْعِيّ ويكمل صُورَة استيلاد رجل جَارِيَة ابْنه فَصَارَت أم ولد لَهُ وَلَا يلْزمه قيمتهَا وَلَا مهرهَا وَلَا قيمَة وَلَدهَا على مَذْهَب الإِمَام أَحْمد رَحمَه الله تَعَالَى حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْحَنْبَلِيّ فلَان ابْن فلَان وأحضر مَعَه وَالِده فلَانا الْمَذْكُور وَادّعى عَلَيْهِ لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ أَنه استولد جَارِيَته فُلَانَة ولدا يدعى فلَان وَأَنَّهَا صَارَت أم ولد لَهُ وَأَنه يلْزمه لَهُ قيمتهَا ومهرها وَقِيمَة وَلَدهَا وطالبه بذلك وَسَأَلَ سُؤَاله عَن ذَلِك فَسئلَ فَأجَاب بالتصديق على مَا ادَّعَاهُ من الِاسْتِيلَاد وَأَنَّهَا صَارَت أم ولد لَهُ وَلَكِن لَا يلْزمه لوَلَده شَيْء على مُقْتَضى مَذْهَب الإِمَام أَحْمد رَحمَه الله تَعَالَى وَسَأَلَ الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الحكم بِمُقْتَضى مذْهبه ومعتقده فَأَجَابَهُ إِلَى سُؤَاله لجوازه عِنْده شرعا وَحكم بِإِسْقَاط قيمَة الْجَارِيَة ومهرها وَقِيمَة الْوَلَد عَن الْمُدعى عَلَيْهِ الْمَذْكُور وبعدم إِلْزَامه بِشَيْء من ذَلِك حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخر مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ ويكمل على نَحْو مَا تقدم شَرحه وَقد سبق الْإِقْرَار بِقَبض الْقيمَة وَالْمهْر وَقِيمَة الْوَلَد فِي هَذِه الصُّور الثَّلَاثَة من غير حكم فِي كتاب الْإِقْرَار صُورَة قتل أم الْوَلَد إِذا قتلت سَيِّدهَا عمدا على مَذْهَب الإِمَام أبي حنيفَة حضر إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز الْحَنَفِيّ فلَان ابْن فلَان وأحضر مَعَه فُلَانَة ابْنة فلَان وَادّعى عَلَيْهَا أَن وَالِده ابتاعها الابتياع الشَّرْعِيّ واستفرشها وأولدها على فرَاشه ولدا وَمَات الْوَلَد وَصَارَت أم ولد لَهُ وَأَنَّهَا قتلت وَالِده سَيِّدهَا الْمَذْكُور عمدا وَسَأَلَ سؤالها عَن ذَلِك فَسَأَلَهَا الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ فأجابت بالاعتراف بذلك كُله أَو بالإنكار فَذكر الْمُدَّعِي أَن لَهُ بَيِّنَة شَرْعِيَّة تشهد على إِقْرَارهَا بذلك وَسَأَلَ الْإِذْن فِي إحضارها فَأذن لَهُ فأحضر كل وَاحِد من فلَان وَفُلَان وَفُلَان فَشَهِدُوا لَدَى الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ شَهَادَة متفقة اللَّفْظ وَالْمعْنَى مسموعة شرعا فِي وَجه الْمُدعى عَلَيْهَا الْمَذْكُورَة بعد تشخيصها التشخيص الجزء: 2 ¦ الصفحة: 454 الشَّرْعِيّ على إِقْرَارهَا بِجَمِيعِ مَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي الْمَذْكُور عرف الْحَاكِم الْمشَار إِلَيْهِ الشُّهُود وَسمع شَهَادَتهم وَقبلهَا بِمَا رأى مَعَه قبُولهَا شرعا وَثَبت عِنْده ذَلِك ثبوتا صَحِيحا شَرْعِيًّا فَحِينَئِذٍ سَأَلَ الْمُدَّعِي الْمَذْكُور الحكم على الْمُدعى عَلَيْهَا بِالْقصاصِ فَأَجَابَهُ إِلَى سُؤَاله لجوازه عِنْده شرعا وَحكم عَلَيْهَا بِالْقصاصِ أَو بِالْقَتْلِ حكما شَرْعِيًّا إِلَى آخِره مَعَ الْعلم بِالْخِلَافِ ويكمل هَذَا إِذا كَانَ الْقَتْل عمدا وَإِن كَانَ الْقَتْل خطأ فَلَا يجب عَلَيْهَا عِنْد الْحَنَفِيَّة قصاص وَلَا دِيَة وَإِن كَانَت الدَّعْوَى عِنْد الْمَالِكِي فَإِن كَانَ الْقَتْل عمدا تخير الْوَارِث بَين قَتلهَا واستحيائها فِي الرّقّ وجلدها مائَة وحبسها عَاما فَإِن اخْتَار الْوَارِث قَتلهَا سَأَلَ الْحَاكِم الحكم بِالْقَتْلِ فَيحكم لَهُ بذلك وَإِن اخْتَار بالقسم الثَّانِي حكم بِهِ بعد ذكر تخييره بَين الْقَتْل والاستحياء فِي الرّقّ وَإِن كَانَت الدَّعْوَى عِنْد الشَّافِعِي فَيُوجب عَلَيْهَا الدِّيَة لَا غير وَإِن كَانَت الدَّعْوَى عِنْد الْحَنْبَلِيّ فصورة الحكم عِنْده أَن يحكم بِأَقَلّ الْأَمريْنِ من قيمتهَا أَو الدِّيَة فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَالْأُخْرَى قيمَة نَفسهَا على مَا اخْتَارَهُ الْخرقِيّ انْتهى وَالله أعلم تذييل اعْلَم أَن الْمُقَرّر عِنْد أهل الْحق والإنصاف أَن الْبدع المحدثة فِي هَذَا الزَّمَان فِي بَاب الْقَضَاء كَثِيرَة وأكثرها مَخْصُوص ببلادنا فَيَقَع فِيهَا مَا لَا يَقع فِي غَيرهَا من الممالك الإسلامية وَلم يسمع بِمثل مَا رَأَيْنَاهُ وسمعناه فِي الْأُمُور الَّتِي عَمت بهَا الْبلوى وَهِي من أعظم الْأَدِلَّة على اقتراب السَّاعَة فَمِنْهَا تَوْلِيَة الْقَضَاء للجهال ببذل المَال وَمِنْهَا تَوْلِيَة الْجُهَّال وَالْعُلَمَاء غير الأتقياء مَعَ وجود الْعلمَاء الأتقياء الأخيار وَمِنْهَا حكم القَاضِي بِخِلَاف مذْهبه لَا سِيمَا إِن كَانَ حنفيا والاستناد إِلَى الْأَقْوَال الضعيفة المرجوحة إِن كَانَ شافعيا لينال غَرضا فَاسِدا وَمِنْهَا انْقِطَاع الْقُضَاة عَن الْحُضُور إِلَى مجْلِس الحكم الْعَزِيز فِي أَكثر الْأَوْقَات من غير عذر ويكتفون بالنائب وَمِنْهَا رضاهم بالنائب الَّذِي لَا يصلح أَن يكون رَسُولا فضلا عَن أَن يكون نَائِبا وَمن لَا يرتضيه السُّلْطَان الَّذِي ولاه الْقَضَاء وَلَا عُلَمَاء الشَّرِيعَة مَعَ قدرتهم على استنابة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 455 نَائِب أصلح مِنْهُ واكتفوا فِي الْغَالِب من النَّائِب بالهيئة وَلبس العمائم المدرجة والجندات المفرجة وَمِنْهَا استبدال الْوَقْف من غير أَن يكون الْوَاقِف قد شَرط فِيهِ الِاسْتِبْدَال وَهُوَ مُخَالف لمَذْهَب الْإِمَامَيْنِ ويفعلون ذَلِك بِنَاء على رِوَايَة أبي يُوسُف تقربا إِلَى خواطر أَرْبَاب الشَّوْكَة من الْأُمَرَاء وَغَيرهم وَمِنْهَا إِجَارَة القَاضِي الْوَقْف مُدَّة طَوِيلَة نَحْو خمسين سنة وَأَقل وَأكْثر وَذَلِكَ يُفْضِي إِلَى تملك الْأَوْقَاف الْمُؤجرَة وضياعها وَإِزَالَة عينهَا وفوات غَرَض واقفيها وإضاعة حُقُوق مستحقيها وَلَقَد شاهدت فِي الديار المصرية وَفِي مَكَّة المشرفة من الْأَوْقَاف مَا انمحى رسمه واسْمه بِوَاسِطَة الْإِجَارَات إِلَى المدد الطَّوِيلَة وَرُبمَا رَأَيْت من الْقُضَاة من تعدى بالمدة إِلَى مائَة سنة وَمِنْهَا تَفْرِقَة أَمْوَال الْوَصَايَا الَّتِي لَا وَصِيّ فِيهَا خَاص على غير الْمُسْتَحقّين وَفِي غير مصرفها الشَّرْعِيّ من غير مُرَاعَاة مَقْصُود الْمُوصي وَمِنْهَا أَنهم لَا يمكنون الْوَصِيّ الْأمين الَّذِي عينه الْمُوصي ورضيه وَأطلق تصرفه فِي مَاله وأقامه مقَامه فِي صرف مَال الْوَصِيَّة على مَا يَقْتَضِيهِ رَأْيه من الْفُقَرَاء بل يَكْتُبُونَ بهَا رِقَاعًا لمن يريدن من متعلقيهم وَغَيرهم ويحيلون على الْوَصِيّ بذلك من يَأْخُذ مِنْهُ قهرا سَوَاء رَآهُ مصلحَة أَو لَا وَسَوَاء كَانَ الْمَكْتُوب لَهُ مُسْتَحقّا أَو لَا وَمِنْهَا أَنهم يقترضون أَمْوَال الْأَيْتَام ويقرضونها لمن يُرِيدُونَ من غير رهن وَلَا كَفِيل فِي الْغَالِب ثِقَة بالمقترض فيضيع أَكثر ذَلِك وَرُبمَا أخروه عِنْد الْمُقْتَرض أَو المستدين مُدَّة طَوِيلَة فَيُؤَدِّي ذَلِك إِلَى طمع المستدين فِيهِ لَا سِيمَا إِن كَانَ ذَا جاه وشوكة وَرُبمَا مَاتَ المستدين مُفلسًا فيضيع المَال على الْأَيْتَام وَمِنْهَا أَن بعض الْقُضَاة الشَّافِعِي فِي الْغَالِب يخرج الزَّكَاة من مَال الْأَيْتَام فِي حَالَة كَونهَا غير وَاجِبَة فِي مَالهم وَلَا يحملوهم على مَا فِيهِ مصلحتهم بل يَأْخُذُونَ ذَلِك أَولا تَحت أَيْديهم وَرُبمَا ادعوا صرفه إِلَى الْفُقَرَاء هَذَا مَعَ كَون الْأَيْتَام غير مقلدين للشَّافِعِيّ وَنِهَايَة التَّفْرِيط فِي أَمرهم قرضة لديوان الْأَيْتَام وكل ذَلِك فِي أَعْنَاق مسلطيهم وإثمه عَلَيْهِم وهم المسؤولون عَنهُ والمؤاخذون بِهِ بَين يَدي أحكم الْحَاكِمين وَمِنْهَا إِجَارَة السجون للسجانين بِمَال عَظِيم يكَاد أَن يكون فَوق أُجْرَة مثله بِعشْرَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 456 أَمْثَال فَيلْزم من ذَلِك تسليط السجانين على أَخذ جعل حرَام من صَاحب الْحق وَيلْزم مِنْهُ حُصُول الضَّرَر الْبَالِغ للْغَرِيم المسجون فِي نَفسه وَمَال وأهم هَذِه الْأُمُور كلهَا عِنْدِي قَضِيَّة الْأَيْتَام والأوقاف فَإِنَّهَا عَظِيمَة الْخطر كَثِيرَة الضَّرَر نسْأَل الله تَعَالَى السَّلامَة والعافية والتوفيق لما يحب رَبنَا ويرضى وإياه نسْأَل اللطف فِي الْقَضَاء إِنَّه ولي ذَلِك والقادر عَلَيْهِ وَهُوَ حَسبنَا وَنعم الْوَكِيل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 457 خَاتِمَة أَرْجُو أَن تكون لنا وللمسلمين بِالْخَيرِ إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَهِي تشْتَمل على ثَلَاثَة فُصُول الْفَصْل الأول فِي الحلى الْفَصْل الثَّانِي فِي الكنى الْفَصْل الثَّالِث فِي الألقاب اعْلَم أَن مِمَّا يحْتَاج إِلَيْهِ فِي هَذِه الصِّنَاعَة الحلى إِذْ هِيَ الْبَاب الْموصل إِلَى يَقِين الشَّهَادَة وَهِي أهم من الْفَصْلَيْنِ الآتيين وَعَلَيْهَا تنبني أَحْكَام العرفة وَهِي أحد أَرْكَانهَا الثَّلَاثَة فَأول مَا يذكر فِي الْإِنْسَان سنه ثمَّ قده ثمَّ لَونه ثمَّ جَبينه ثمَّ حاجباه ثمَّ عَيناهُ ثمَّ خداه ثمَّ شفتاه وَجَمِيع مَا فِي وَجهه من حَسَنَة أَو شامة أَو جرح أَو ثؤلول وَلَا يُقَال فِي حلية الذِّمِّيّ حَسَنَة بل يُقَال شامة وَإِن كَانَت الْآثَار فِي عُضْو من أَعْضَائِهِ بِحَيْثُ تكون الرُّؤْيَة مُمكنَة بِحَيْثُ لَا يحصل بذلك مشقة مَعَ مُوَافقَة الشَّرْع الشريف فَلَا بَأْس بالاطلاع عَلَيْهَا وَذكرهَا وَالْمرَاد من الْحِلْية أَن يذكر أشهر مَا فِي الْإِنْسَان مِمَّا لَا يَزُول بطول الزَّمَان فِي الْغَالِب وَمَا كَانَ فِي الرَّقِيق مِمَّا يسوغ ذكره فِي الْحِلْية من عيب شَرْعِي وَغَيره فيذكر وَيُصَرح الْكَاتِب باطلاع الْمُتَبَايعين عَلَيْهِ وَيذكر فِي الأقطع فَيَقُول مَقْطُوع الْيَد الْفُلَانِيَّة أَو الرجل الْفُلَانِيَّة وَكَذَلِكَ الأخلع والأكتع والأعرج فَإِذا كَانَ فِي الْيَد والساعد أَو غير ذَلِك شَيْئا مَنْقُوشًا فَيكْتب وشما أَخْضَر صفته كَذَا وَكَذَا وَإِذا كَانَ فِي وَجه الرَّقِيق شُرُوط أَو لعوط على عَادَة الحبوش كتب بِوَجْهِهِ لعوط بصدغيه وَبَين حاجبيه زِينَة الْبِلَاد وَإِن كَانَ بِوَجْه الْجَارِيَة أَو بجسدها أَو بَطنهَا شُرُوط كتب وبجسدها فِي الْمَكَان الْفُلَانِيّ شُرُوط عدتهَا كَذَا زِينَة الْبِلَاد أَو كيات نَار عدتهَا كَذَا على صِحَة ويجتهد ويحتاط فِي حَاجَة من لَا يعرف غَايَة الِاحْتِيَاط فَإِن الشَّهَادَة أمرهَا خطر والخلاص مِنْهَا عسر خُصُوصا مَعَ الْغَرِيم الْمُنكر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 458 وَإِذا دعِي الشَّاهِد لأَدَاء الشَّهَادَة عِنْد الْحَاكِم وَكَانَ اعْتِمَاده على الْحِلْية فَلَا يُسَارع إِلَى أَدَاء الشَّهَادَة عِنْد الْحَاكِم حَتَّى يتَيَقَّن الشَّهَادَة ويذكرها وَيصِح عِنْده المطابة فِي الْحِلْية بالمقابلة فَإِن ذَلِك أخْلص للذمة والحلية على أَنْوَاع الأول فِي السن فَيُقَال للمولود رَضِيع سَوَاء كَانَ ذكرا أَو أُنْثَى فَإِذا فطم فَيُقَال فطيم فَإِذا تعدى قيل للذّكر ذَلِك طِفْل وللأنثى طفلة فَإِذا زَاد على ذَلِك قيل للذّكر غُلَام وللأنثى صَغِيرَة فَإِذا قَارب الْبلُوغ قيل للذّكر مراهق فَإِذا بلغ يُقَال بَالغ فَإِذا ظهر شَاربه قيل قد طر شَاربه وسال عارضاه فَإِذا اسْتَدَارَ شعر وَجهه خَفِيفا قيل قد بقل وَجهه فَإِذا اتَّصل الشّعْر بِوَجْهِهِ وذقنه وَلم يطلّ قيل مُجْتَمع شعر الْوَجْه فَإِذا طَال شعر عارضيه وَلم يتَّصل الشّعْر بذقنه قيل مُنْقَطع شعر اللِّحْيَة والعارضين فَإِذا استدارت لحيته وَلم يظْهر فِيهَا شيب قيل شَاب مستدير اللِّحْيَة فَإِذا بدا بهَا شيب خَفِيف قيل فِيهِ نبذة يسيرَة من الشيب فَإِذا تزايد الشيب قيل قد وخطه الشيب فَإِن غلب الشيب قيل كهل فَإِن زَاد الشيب إِلَى أَن يَسْتَوِي الْبيَاض والسواد قيل أشمط فَإِن نقا شعر لحيته بالبياض قيل شيخ وَالْأُنْثَى إِذا قاربت الْبلُوغ قيل معصر فَإِذا نفر صدرها قيل كاعب فَإِذا ظهر ثديها وَهُوَ قَائِم قيل ناهد وَقيل بَالغ فَإِذا ظهر برأسها شيب وَقد بلغت سنّ الكهل قيل كهلاء فَإِذا زَاد بهَا الشيب قيل شَمْطَاء وَقيل عانس فَإِن نقا شعرهَا قيل عَجُوز وللأنثى أَوْصَاف لَا يسْتَغْنى عَن اسْتِعْمَالهَا مَعَ مَا ذَكرْنَاهُ وَهِي إِمَّا أَن تكون شَابة بَالغ وَهِي بكر فَيَقُول الْبكر الْبَالِغ أَو امْرَأَة وسط فِي سنّ الكهولة فَيَقُول الْمَرْأَة الْكَامِل أَو امْرَأَة فِي سنّ العانس أَو مُتَقَدّمَة فِي السن فَيَقُول الْمَرْأَة الْعَاقِل الثَّانِي فِي ذكر الألوان إِذا كَانَ الرجل شَدِيد السوَاد قيل حالك فَإِن خالط سوَاده حمرَة قيل دغمان فَإِن صفا لَونه قيل أسحم فَإِن خالط السوَاد صفرَة قيل أصحم فَإِن كدر لَونه قيل أَرْبَد فَإِن صفا عَن ذَلِك قيل أَبيض فَإِن رقت الصُّفْرَة وَمَال إِلَى السوَاد قيل آدَمِيّ اللَّوْن فَإِن كَانَ دون الأربد وَفَوق الأدمة قيل شَدِيد الأدمة فَإِن رق من الأدمة قيل شَدِيد السمرَة فَإِن صفا عَن ذَلِك قيل أسمر اللَّوْن فَإِن صفا عَن ذَلِك قيل رَقِيق السمرَة فَإِن صفا وَمَال إِلَى الْبيَاض والحمرة قيل صافي السمرَة تعلوه حمرَة وَيُقَال رَقِيق السمرَة بحمرة فَإِن صفا لَونه جدا قيل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 459 صافي السمرَة وَلَا يُقَال أَبيض لِأَن الْبيَاض هُوَ البرص فَإِن خلص بياضه قيل أنصح وَإِن كَانَ فِي بياضه شقرة قيل أشقر فَإِن زَاد على ذَلِك قيل أشكل فَإِن كَانَ مَعَ ذَلِك حمرَة زَائِدَة قيل أشقر فَإِن كَانَ مَعَ ذَلِك نمش قيل أنمش فَإِن صفا لَونه وَمَال إِلَى الصُّفْرَة من غير عِلّة قيل أسحب اللَّوْن الثَّالِث فِي ذكر القدود إِذا كَانَ الرجل طَويلا إِلَى حد لَا يزِيد عَلَيْهِ طول قيل عميق الْقَامَة فَإِن كَانَ دون ذَلِك قيل عبطيط فَإِن كَانَ دون ذَلِك يَسِيرا قيل شاط الْقَامَة فَإِن نقص عَن ذَلِك يَسِيرا قيل معتدل الْقَامَة إِلَى التَّمام فَإِن نقص عَن ذَلِك قيل معتدل الْقَامَة فَإِن نقص عَن ذَلِك قيل دون الِاعْتِدَال فَإِن نقص عَن ذَلِك قيل قصير الْقَامَة فَإِن نقص عَن ذَلِك قيل ربع الْقَامَة فَإِن تفاحش قصره قيل حسر الْقَامَة فَإِن تزايد قصره إِلَى أَن يكون كقد الصَّبِي قيل دحداح وَيُقَال فِي الشَّيْخ إِذا انحنى أَسْقُف الْقَامَة وَمن الحذاق من اعْتبر القدود بِذِرَاع القماش واستأنس بتفصيل الرجل ملبوسه وَجعل لغاية الطول على الْعرف المألوف فِي زَمَاننَا هَذَا ثَلَاثَة أَذْرع وَنصف وقسط أَقسَام القدود على هَذَا الذرع فمهما نقص أنزلهُ على الْمَرَاتِب إِلَى نِهَايَة الْقصر والاعتماد فِي ذرع التَّفْصِيل مَبْنِيّ على سُؤال الرجل وَرُبمَا عرف ذَلِك من رُؤْيَته تَقْديرا الرَّابِع فِي ذكر الْجَبْهَة إِذا عرضت الْجَبْهَة وتربعت قيل رحب الْجَبْهَة وَإِن اعتدل عظمها واتسع جدا قيل أغر وَامْرَأَة غراء فَإِن نتأ عظمها وَظهر قيل أفرق فَإِن اسْتَوَى عظمها وسلمت من الانكماش قيل وَاضح الْجَبْهَة فَإِن كَانَ بهَا انكماش قيل وَبهَا أسارير فَإِن صغرت الْجَبْهَة وَضَاقَتْ قيل ضيق الْجَبْهَة وَإِن لم يكن لَهَا أسارير قيل صلب الْجَبْهَة أَو بهَا غُضُون وَإِن نزل شعر الرَّأْس عَن وسط الْجَبْهَة وخلى من الْجَانِبَيْنِ مِمَّا يَلِي الصدغين قيل أنزع فَإِن كَانَ شعرهَا عَلَيْهَا من جَمِيع جانبيها وَضَاقَتْ الْجَبْهَة قيل أغم الْجَبْهَة الْخَامِس فِي ذكر الحواجب إِذا اتَّصل مقدم الْحَاجِب بِمقدم الآخر قيل مقرون الحاجبين فَإِن اتصلا اتِّصَالًا من غير فصل مخطوط قيل أَبْلَج فَإِن طَال شعر الحاجبين ودقا قيل أَزجّ وَالْمَرْأَة زجاء فَإِن زَاد طولهما قيل مهلل شعر الحاجبين فَإِن غزر شعرهما قيل أَوْطَفُ شعر الحاجبين وَالْمَرْأَة وطفاء فَإِن خف شعرهما قيل أمعط وَالْمَرْأَة معطاء فَإِن سقط شعر الحاجبين قيل أمرط وَالْمَرْأَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 460 مرطاء وَيُقَال أزعر الحاجبين وَالْمَرْأَة زعراء فَإِن غزر شعر الحاجبين وَطَالَ قيل أزب الحاجبين وَالْمَرْأَة زباء السَّادِس فِي ذكر الْعُيُون إِذا اتسعت الْعين قيل رجل أعين وَامْرَأَة عيناء وَإِذا انتفخ جفن الْعين الْأَعْلَى قيل للرجل ألخص وَالْمَرْأَة لخصاء وَإِذا قل لحم الجفون وَغَارَتْ الحدقتان قيل غائر الْعَينَيْنِ فَإِن غارتا وصغرتا قيل أخوص فَإِذا قل لحم الجفون وبرزت الحدقتان قيل جاحظ الْعَينَيْنِ وَامْرَأَة جاحظة فَإِن كَانَ فِي الْعَينَيْنِ رُطُوبَة قيل ضَعِيف النّظر برطوبة فَإِذا اشْتَدَّ سَواد الْعين قيل أدعج وَالْمَرْأَة دعجاء فَإِذا اسودت أَطْرَاف الجفون قيل أكحل وَالْمَرْأَة كحلاء فَإِذا اسْتَوَى السوَاد وَصفا الْبيَاض واتسع مَا بَين الأجفان قيل أحور وَالْمَرْأَة حوراء فَإِن خالط السوَاد خضرَة يسيرَة قيل أشهل وَالْمَرْأَة شهلاء فَإِن خالط الْبيَاض حمرَة قيل أَسحر الْعَينَيْنِ وَالْمَرْأَة سحراء فَإِن خلصت الخضرة إِلَى الزرقة قيل أَزْرَق الْعَينَيْنِ فَإِن اشتدت الزرقة قيل أشقر فَإِن زَاد حَتَّى يغلب الْبيَاض عَلَيْهَا قيل أفلج فَإِن كَانَت إِحْدَى الْعَينَيْنِ زرقاء وَالْأُخْرَى سَوْدَاء قيل أحيف الْعين الْيُمْنَى أَو الْيُسْرَى وَامْرَأَة حيفاء فَإِذا كَانَ النَّاظر معتدلا إِلَى الْأنف وكل وَاحِدَة من الْعَينَيْنِ تنظر إِلَى الْأُخْرَى فَهُوَ أقبل وَإِذا ارْتَفع النَّاظر إِلَى أعلا الْعَينَيْنِ وَلَا يُمكنهُ النّظر بهما إِلَى مَا دونه فَهُوَ أدوش وَالْمَرْأَة دوشاء فَإِذا مَالَتْ الْعين إِلَى مؤخرها أَو إِلَى مقدمها دون الْأُخْرَى قيل أَحول الْيُمْنَى أَو الْيُسْرَى فَإِذا انكمش قيل أخفش فَإِذا لم يكن يرى من قرب فَهُوَ أكمس فَإِن لم يسْتَطع النُّور فَهُوَ أَجْهَر فَإِذا انْقَلب جفن الْعين فانشق قيل أشتر فَإِن طَال شعر الأجفان قيل أَوْطَفُ فَإِن تساقط شعر الأجفان قيل أعمش فَإِن ذهبت إِحْدَى الْعَينَيْنِ قيل مُمْتَنع وَقيل أَعور الْعين الْفُلَانِيَّة فَإِن كَانَت عَيناهُ مفتوحتان وَلَا ينظر بهما شَيْئا قيل قَائِم الْعَينَيْنِ السَّابِع فِي ذكر الْأنف إِذا ارْتَفَعت قَصَبَة الْأنف ودقت الأرنبة واحدودب وَسطهَا قيل أقنى الْأنف وَإِن كَانَ دون ذَلِك قيل أدقق الْأنف وَإِذا ارْتَفَعت الأرنبة ودقت القصبة وتطامنت يَسِيرا قيل أَشمّ الْأنف وَالْمَرْأَة شماء وَإِذا قصرت القصبة وصغرت الأرنبة وَارْتَفَعت عَن الشّفة قيل أخنس وَالْمَرْأَة خنساء فَإِن عرضت الأرنبة واطمأنت القصبة وانكسر المنخران وانفطس رَأس الْأنف قيل أفطس فَإِن اطْمَأَن وَسطه وَارْتَفَعت الأرنبة قيل أفغى الْأنف فَإِن قصر ارتفاعه وَغلظ قيل أقشم فَإِن اعتدلت القصبة قيل أفغا وَالْمَرْأَة فغواء فَإِن غلظت الأرنبة قيل غليظ الأرنبة وَإِذا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 461 اتَّسع المنخران اتساعا فَاحِشا قيل وَاسع المنخرين وَإِن ضاقا قيل ضيق المنخرين الثَّامِن فِي ذكر الوجنتين والخدين الخد هُوَ مجْرى الدمع والوجنة الْعظم الناتىء تَحت الْعَينَيْنِ وَإِذا ظهر لحم الوجنتين قيل موجن وَالْمَرْأَة موجنة وَإِن اسْتَوَى عظم الوجنتين واعتدل لحم الْخَدين قيل سهل الْخَدين فَإِن ضَاقَ الْوَجْه وَصغر جدا قيل ضيق الْوَجْه فَإِن طَال الْوَجْه قيل مستطيل الْوَجْه وَإِن كَانَ فِي الْخَدين غُضُون قيل وبخديه غُضُون وَإِذا انْضَمَّ الخدان وانحصرا قيل مضموم الْخَدين التَّاسِع فِي ذكر اللحى إِذا دَار شعر اللِّحْيَة قيل مستدير اللِّحْيَة فَإِذا طَال مقدمها قيل طَوِيل الْمُقدم وَيُقَال مُسبل شعرهَا فَإِذا غزر شعرهَا قيل أكث وَيُقَال كثيف شعر اللِّحْيَة فَإِن خف شعرهَا قيل خَفِيف شعرهَا فَإِن كَانَ بذقنه شعر كثير وبعارضيه شعر يسير قيل سناط وَإِن لم يكن فِي عارضيه شَيْء من الشّعْر وَكَانَ بذقنه خَاصَّة قيل كوسج وَيُقَال كوسا وَإِن كَانَ كَبِير السن وَلم يكن بِوَجْهِهِ شَيْء كالأمرد قيل أثط بالثاء وأفط بِالْفَاءِ وَإِن لم يكن فِي عنفقته شعر وَهِي النقرة الَّتِي تَحت الشّفة السُّفْلى قيل أكشف العنفقة فَإِن توفر شعرهَا قيل وفر العنفقة وَإِن كَانَت العنفقة وَمَا حولهَا ملأى بالشعر قيل أَسد العنفقة وَإِن كَانَ فِي العنفقة شعر وَمَا حولهَا قيل نفى مَا حول العنفقة فَإِن كَانَ فِي شعر اللِّحْيَة شقرة ظَاهِرَة قيل أشقر شعر اللِّحْيَة فَإِن كَانَت شقرة خَفِيفَة قيل أصهب شعر اللِّحْيَة وَيُقَال بهَا صهوبة يسيرَة فَإِن شابت اللِّحْيَة وَهُوَ يخضبها قيل مَسْتُور شعر اللِّحْيَة بالخضاب وَإِن كَانَت مستورة بِالْحِنَّاءِ قيل بِالْحِنَّاءِ الْعَاشِر فِي ذكر الشفتين إِذا رقتا ودقتا قيل رَقِيق الشفتين فَإِن تقلصتا وغلظتا وَلم يسْتَطع طبقهما على أَسْنَانه قيل أفوه وَالْمَرْأَة فوهاء فَإِن غلظت الشفتان يَسِيرا قيل غليظ الشفتين فَإِن كَانَ أَكثر من الْيَسِير قيل أثلم وَالْمَرْأَة ثلماء فَإِن انقلبت الشّفة الْعليا وَاسْتَرْخَتْ كشفة الْبَعِير قيل أهدل وَالْمَرْأَة هدلاء فَإِن اسود مَا ظهر من لحم الشفتين قيل ألعس وَالْمَرْأَة لعساء فَإِن انشقت الشّفة الْعليا كشفة الْبَعِير قيل أعلم وَإِن انشقت السُّفْلى قيل أَفْلح فَإِن كَانَتَا مشقوقتين قيل أشرم وَالْمَرْأَة شرماء واللطع بَيَاض فِي بَاطِن شفتي الْأسود الْحَادِي عشر فِي ذكر الْفَم إِذا كَانَ الْفَم متسعا جدا قيل أهرت وَالْمَرْأَة هرتاء فَإِن كَانَ صَغِيرا قيل صَغِير الْفَم فَإِن كَانَ يتَلَفَّظ بِالْفَاءِ قيل فأفاء وَالْمَرْأَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 462 كَذَلِك وَإِن تردد فِي كَلَامه قيل تمْتَام فَإِن غلظ كَلَامه وَثقل لِسَانه قيل ألغط وَإِن كَانَ يتَرَدَّد فِي الْكَلَام إِلَى حد الخيشوم قيل أخن فَإِن أحَال لِسَانه فِي فَمه فِي حَالَة الْكَلَام قيل لجلاج فَإِن كَانَ إِذا تكلم يُبدل الْحُرُوف بغَيْرهَا قيل أرت وَيُقَال ألثغ فَإِن لم يتَكَلَّم قيل أبكم وَقيل أخرس وَالْمَرْأَة خرساء الثَّانِي عشر فِي الْأَسْنَان إِذا اتَّسع مَا بَين الثنايا الْعليا يُقَال مفلج مَا بَين الثنايا الْعليا أَو السُّفْلى وَإِن كَانَ فلجا وَاضحا قيل فلج بَين أَو يَسِيرا قيل يسير وَقيل يجوز أَن يُقَال خفِيا وَإِن انفرج مَا بَين الْأَسْنَان قيل أفرج مَا بَين الثنايا الْعليا وَكَذَلِكَ السُّفْلى وَفِي جَمِيع الْأَسْنَان إِذا كَانَت على هَذَا الحكم وَإِن التصقت الْأَسْنَان وانتظمت يُقَال مصمت الْأَسْنَان فَإِن تفلجت جَمِيع الْأَسْنَان يُقَال مفلج جَمِيع الْأَسْنَان الْعليا والسفلى فَإِن كَانَ بَعْضهَا مفلجا أَو مفرجا ذكره وَإِن كَانَ بالأسنان سَواد أَو صفرَة أَو خضرَة أَو محتوتة أَو بَعْضهَا ذكر كل ذَلِك بِحَسبِهِ وَإِن تَغَيَّرت يُقَال متغير لون السن الْفُلَانِيَّة وَإِن انثلم طرف الْأَسْنَان أَو بَعْضهَا قيل منثلم طرف السن الْفُلَانِيّ وَإِن انقصمت من نصفهَا قيل مقصوم السن الْفُلَانِيّ وَلَا فرق بَين أَن يكون ذَلِك فِي السُّفْلى أَو الْعليا وَيُقَال فِي السن الْأَعْلَى أَو السُّفْلى مقلوع السن الْفُلَانِيَّة وَإِن كَانَت الْأَسْنَان بارزة قيل بَادِي الْأَسْنَان فَإِن تراكبت قيل متراكب الْأَسْنَان فَإِن زَاد مَا بَين الْأَسْنَان قيل وَبَين أَسْنَانه سنّ زَائِدَة أَو شاعبة وَقد تقدم ذكر عدد مَا للْإنْسَان من الْأَسْنَان فِي كتاب الدِّيات الثَّالِث عشر فِي الْعُنُق السالفان هما مَا بَين مَكَان القرط ونقرة الْقَفَا والأخدعان هما مَكَان المحجمتين فِي صفحتي الْعُنُق والنغناغ هُوَ مَا تَحت اللحيين وَإِذا طَال الْعُنُق واعتدل قيل أجيد وَالْمَرْأَة جيداء فَإِن طَال فِي رقة قيل أعتق وَالْمَرْأَة عُتَقَاء وَإِن مَال الْعُنُق إِلَى نَاحيَة قيل أميل الْعُنُق إِلَى النَّاحِيَة الْفُلَانِيَّة وَإِن امتدت الْعُنُق فَأَقْبَلت على مقدمها قيل أَقُود فَإِن قصرت حَتَّى تكَاد الرَّأْس تلتصق بِرَأْس الْعُنُق قيل أوقص وَامْرَأَة وقصاء فَإِن لانت الْعُنُق واعتدلت قيل أغيد وَامْرَأَة غيداء الرَّابِع عشر فِي نَوَادِر الْخلقَة إِذا انحسر الشّعْر من جَانِبي الْجَبْهَة وَزَاد على ذَلِك فَهُوَ أجلح فَإِن زَاد على ذَلِك قيل أجلى فَإِن زَاد على ذَلِك حَتَّى بلغ الشّعْر اليافوخ فَهُوَ أصلع فَإِن اجْتمع الشّعْر فِي وسط الرَّأْس وخلا كل من جَانِبي الرَّأْس من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 463 الشّعْر قيل أَقرع فَإِن كَانَ الشّعْر مفلفلا قيل مفلفل الشّعْر وَإِذا سَالَ على الْقَفَا قيل أغم الْقَفَا كَمَا يُقَال أغم الْوَجْه وَإِذا انْشَقَّ حجاب الْأنف قيل أخزم وَإِذا انْقَطع الْأنف قيل أجدع وَالْمَرْأَة جَدْعَاء وَإِن كَانَ بِوَجْهِهِ جدرى مندرس أَو ظَاهر كتب والكوع فِي طرفِي الزندين مِمَّا يَلِي الْإِبْهَام إِلَى السبابَة والكرسوع طرف الزند مِمَّا يَلِي الْخِنْصر وَإِذا كَانَ الرجل مقْعدا يُقَال لَهُ مفلوج الرجلَيْن وَالْمَرْأَة كَذَلِك والخوص صغر الْعَينَيْنِ وَهُوَ ضيق مؤخرها والفقم هُوَ أَن تتقدم الثنايا السُّفْلى إِذا ضم الرجل فَاه وَلَا يَقع عَلَيْهَا الثنايا الْعليا والفلج فِي الْيَدَيْنِ هُوَ اعوجاج فيهمَا والقعس هُوَ دُخُول الظّهْر وَخُرُوج الصَّدْر والاصطكاك هُوَ أَن تصطك كل ركبة بِالْأُخْرَى والأكف هُوَ قصر الْأنف وَصغر الأرنبة وَإِذا كَانَ الرجل مَقْطُوع الْأُذُنَيْنِ قيل أصلم أَو مَقْطُوع إِحْدَاهمَا قيل أصلم الْأذن الْفُلَانِيَّة والصمغ صغر الْأُذُنَيْنِ وَإِن كَانَ شَيْء من الْأَظْفَار متغير قيل متغير الْأَظْفَار وَيُقَال فَاسد الْأَظْفَار أَو فَاسد الظفر الْفُلَانِيّ وَإِن كَانَ يعْمل بِالْيَدِ الْيُسْرَى كَمَا يعْمل باليمنى وَلَا مزية لإحداهما على الْأُخْرَى قيل أضبط وَإِن عمل باليسرى دون الْيُمْنَى قيل أشول فصل فِي الشيات والألوان فِي الْحَيَوَان الْأَشْقَر هُوَ ضرب لَونه إِلَى لون الْحِنَّاء والكميت مَعْرفَته وجبينه أسودان فَإِن غلب إِلَى الصُّفْرَة يُقَال بصفرة أَو حمرَة والأخضر هُوَ الَّذِي تضرب شقرته إِلَى السوَاد بِأَدْنَى خضرَة والأدهم الحالك فِي السوَاد وَغير الحالك والصافي أدغم عنبري والأصهب الناصح الْبيَاض والزرزوري بياضه وسواده سَواد الأبرش يخالط شيته سَواد وَحُمرَة والأشقر هُوَ الَّذِي يخالط شقرته شعر أَبيض والأشهب السمند الْأَصْفَر وَيُسمى الحبشي وعرفه وذنبه أسودان والصيني أصفر وذنبه وعرفه أبيضان والأشكل هُوَ الْكُمَيْت والأزرق الَّذِي لَونه لون الرماد والأبقع الَّذِي بجسده شَيْء يُخَالف لَونه والسامري الَّذِي شهبته بسواد يشبه الْأَزْرَق وَيكون فِي سَائِر جسده حَتَّى يصير كالأبلق وَأما الَّذِي فِي الْوُجُوه إِذا كَانَ بِوَجْه شَعرَات بيض بِقدر الدِّرْهَم قيل أفرج فَإِن كَانَ أقل من ذَلِك قيل شَعرَات والحفى أفرج حفى فَإِن سَالَتْ وَلم تجَاوز الْعَينَيْنِ قيل أغر عُصْفُور فَإِن انتشرت قيل أغر سادج وَإِن استطالت ودق طرفها قيل أغر يعسوب واليعسوب الْغرَّة الَّتِي فِي وَجه الْفرس تكون مستطيلة قَالَه ابْن قُتَيْبَة فَإِن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 464 اتسعت وَلم تبلغ الجحفلة فَهُوَ أغر شِمْرَاخ وَهُوَ مَا سَالَ على الْأنف وَإِن سَالَتْ الجحفلة قيل أغر سَائل الْعين الْفُلَانِيَّة وَإِن انتشرت على الْعين قيل أعشى وَإِذا كَانَت الْعين الْوَاحِدَة زرقاء قيل أحيف والحيف الِاخْتِلَاف وَإِن كَانَت زرقاء قيل أَزْرَق وَإِن كَانَ الْبيَاض على خديه قيل لطيم الْخَدين أَو أَحدهمَا وَإِن كَانَ فِي الْغرَّة شامات يذكرهَا وَإِن كَانَ أَعْلَاهَا كالهلال قيل أغر هِلَال وَإِن كَانَ فِي الجحفلة بَيَاض قيل أرتم وَإِن كَانَ بسواد قيل بسواد ومشقوق الْأُذُنَيْنِ مفرط وَالْبَيَاض فِي أَعلَى الرَّأْس أصقع وَالْبَيَاض فِي الْقَفَا أقيف وشائب الناصية أَسْقُف ونقاؤها بالبياض أصبغ وَبَيَاض الرَّأْس والعنق كُله أدرع والحدقتان والأهداب مُعرب وَأما شيات البغال إِذا كَانَ الْبَغْل أصفر تعلوه غبرة يسيرَة وببدنه خطوط من مَعْرفَته إِلَى أصل ذَنبه قيل خلنجي فَإِذا كَانَ فِي جحفلته ومحجر عَيْنَيْهِ بَيَاض يضْرب إِلَى صفرَة قيل أقمر وَمن جملَة عُيُوب الدَّوَابّ الانتشار وانتفاخ العصب والدحس وَهُوَ ورم فِي حَافره والسرطان وَهُوَ دَاء فِي الرسغ والارتهاش وَهُوَ أَن يصك بِعرْض حَافره عرض يَده الْأُخْرَى وَرُبمَا أدماها وَيُسمى اصطكاك والمشش والنمل وَهُوَ سَواد فِي الْحَافِر من ظَاهره والوفرة دَاء يكون فِي بَاطِن الْحَافِر والرهصة دَاء يطلع فِي بَاطِن الْحَافِر وَقد تقدم من ذكر عُيُوب الدَّوَابّ فِي كتاب الْبيُوع مَا فِيهِ كِفَايَة وَالله أعلم الْفَصْل الثَّانِي فِي ذكر الكنى اعْلَم أَن أهل الْعلم أَجمعُوا على جَوَاز التكني بِأَيّ كنية كَانَت سوى التكني بِأبي الْقَاسِم وَسَوَاء تكنى الْإِنْسَان باسم ابْنه أَو ابْنَته أَو لم يكن لَهُ ولد وَكَانَ صَغِيرا أَو كنى بِغَيْر اسْم وَلَده وَيجوز أَن تكنى الْمَرْأَة بِأم فلَان وَأم فُلَانَة وَإِنَّمَا اخْتلفُوا فِي جَوَاز التكني بِأبي الْقَاسِم على مَذَاهِب كَثِيرَة أَحدهَا مَذْهَب الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ وَأهل الظَّاهِر أَنه لَا يحل التكني بِأبي الْقَاسِم لأحد أصلا سَوَاء كَانَ اسْمه مُحَمَّدًا أَو أحمدا لظَاهِر قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام تسموا باسمي وَلَا تكنوا بكنيتي رَوَاهُ مُسلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 465 الثَّانِي أَن هَذَا النَّهْي مَنْسُوخ وَأَن هَذَا كَانَ فِي أول الْإِسْلَام فَيُبَاح التكني الْيَوْم بِأبي الْقَاسِم لكل أحد سَوَاء فِي ذَلِك من اسْمه مُحَمَّد أَو أَحْمد أَو غَيره وَهَذَا مَذْهَب مَالك وَبِه قَالَ جُمْهُور السّلف وَالْعُلَمَاء وفقهاء الْأَمْصَار الثَّالِث مَذْهَب ابْن جرير أَنه لَيْسَ مَنْسُوخا وَإِنَّمَا كَانَ النَّهْي للتنزيه وَالْأَدب لَا للتَّحْرِيم الرَّابِع أَن النَّهْي عَن التكني بِأبي الْقَاسِم مُخْتَصّ بِمن اسْمه مُحَمَّد أَو أَحْمد وَلَا بَأْس بالكنية وَحدهَا لمن لَا يُسمى بِوَاحِد من الاسمين وَهَذَا قَول جمَاعَة من السّلف وَجَاء فِيهِ حَدِيث مَرْفُوع عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ الْخَامِس أَنه نهى عَن التكني بِأبي الْقَاسِم مُطلقًا وَنهى عَن التَّسْمِيَة بالقاسم لِئَلَّا يكنى أَبوهُ بِأبي الْقَاسِم وَقد غير مَرْوَان بن الحكم اسْم ابْنه عبد الْملك حِين بلغه هَذَا الحَدِيث وَسَماهُ عبد الْملك وَكَانَ اسْمه أَولا الْقَاسِم وَفعله بعض الْأَنْصَار أَيْضا وَالسَّادِس أَن التَّسْمِيَة بِمُحَمد مَمْنُوعَة مُطلقًا سَوَاء كَانَت لَهُ كنية أم لَا وَجَاء فِيهِ حَدِيث عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تسموا أَوْلَادكُم مُحَمَّدًا ثمَّ تلعنونهم وَكتب عمر إِلَى الْكُوفَة لَا تسموا أحدا باسم نَبِي وَأمر جمَاعَة بِالْمَدِينَةِ بتغيير أَسمَاء أبنائهم مِمَّن اسْمه مُحَمَّد حَتَّى ذكر لَهُ جمَاعَة مِنْهُم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أذن لَهُم فِي ذَلِك وَسَمَّاهُمْ بِهِ فتركهم وَقَالَ القَاضِي عِيَاض الكنية إِنَّمَا تكون بِسَبَب وصف صَحِيح من المكنى أَو سَبَب اسْم ابْنه وَقد كره بعض الْعلمَاء التسمي باسم الْمَلَائِكَة وَكره مَالك التسمي بِجِبْرِيل وبياسين ذكر ذَلِك كُله النَّوَوِيّ رَحمَه الله فِي كتاب الْأَدَب فِي شرح مُسلم وَذكر فِي منية الْمُفْتِي فِي مَذْهَب الْحَنَفِيَّة أَنه يجوز التكني بِأبي الْقَاسِم وَقد تقدم الْخلاف فِيهِ وَالرَّاجِح عِنْد بَعضهم عدم الْجَوَاز فليجتنب الْفَصْل الثَّالِث فِي الألقاب الَّتِي اصْطلحَ النَّاس عَلَيْهَا وأجروها مجْرى الْأَمر اللَّازِم وَمَا يتَّصل بهَا ويضاف إِلَيْهَا من التراجم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 466 اعْلَم أَن الألقاب المقرونة بِالدّينِ لَيست محصورة بِوَضْع تجرى عَلَيْهِ وَلَا حد وَإِنَّمَا اللقب مَطِيَّة مبلغة إِلَى مَقَاصِد النّظر مُمَيزَة بَين مزايا الاصطلاحات فَمن جَاءَ ركب وَلَا يعْتَرض فِي شَيْء مِنْهَا وَلَا يُقَال لم كَانَ لقب هَذَا هَكَذَا وَلَيْسَ فِيهِ من معنى مَا لقب بِهِ شَيْء أوجب لَهُ هَذَا اللقب وَلَا يُقَال أَيْضا لَا يجوز أَن يكون لقب هَذَا إِلَّا كَذَا بل للملقب أَن يلقب من أَرَادَ بِمَا أَرَادَ غير أَن ثمَّ ألقابا اصْطلحَ عَلَيْهَا النَّاس وَوضعت على أَسمَاء فجرت بالتداول مجْرى الْغَالِب حَتَّى صَارَت لتِلْك الْأَسْمَاء كالأعلام وَمَشى النَّاس فِي اسْتِعْمَالهَا على الْعَادة بِحَيْثُ إِنَّهَا إِذا نقلت عَن أسمائها واستعملت لأسماء غَيرهَا استنكرت وَهَذَا كُله إِنَّمَا هُوَ من طَرِيق الْعَادة لَا من طَرِيق قِيَاس يفْسد الْمَعْنى فَمن ذَلِك أَنهم وضعُوا لمن اسْمه مُحَمَّد شمس الدّين وَبدر الدّين وجمال الدّين وَكَمَال الدّين وَشرف الدّين وَأمين الدّين وناصر الدّين وقطب الدّين وعماد الدّين وَعز الدّين وَأسد الدّين وكل ذَلِك إِذا كَانَ من المتعممين سَوَاء كَانَ فَقِيها أَو تَاجِرًا مَا خلا نَاصِر الدّين فَإِنَّهَا تسْتَعْمل للجند هَذَا هُوَ الْمُتَعَارف وَقد يَقع فِي الْجند من يلقب بشرف الدّين وشمس الدّين وَمَا ذَكرْنَاهُ هُوَ الْأَغْلَب وَأَبُو بكر تَقِيّ الدّين وَشرف الدّين وزين الدّين وزكي الدّين إِذا كَانَ من المتعممين وَكَذَلِكَ رَضِي الدّين وَإِن كَانَ من الْجند فسيف الدّين وَعمر سراج الدّين وزكي الدّين وزين الدّين وشجاع الدّين وناصر الدّين وضياء الدّين وَعز الدّين وَهُوَ أحسن مَا يلقب بِهِ من اسْمه عمر للْحَدِيث الْمُصَرّح فِيهِ بإعزاز الدّين بِأحد العمرين وَفتح الدّين وَنجم الدّين وَيسْتَعْمل للجند مِنْهَا شُجَاع الدّين وناصر الدّين وَعُثْمَان فَخر الدّين وَنور الدّين وَهُوَ أحسن مَا يلقب بِهِ من اسْمه عُثْمَان لِأَنَّهُ ذُو النورين وَيخْتَص الْجند مِنْهَا بفخر الدّين وَعلي من المتعممين نور الدّين وَمن الْجند عَلَاء الدّين وَسيف الدّين وَهُوَ أحسن مَا لقب بِهِ من اسْمه عَليّ لِأَن عليا كَانَ سيف الله فِي أرضه وَأحمد من المتعممين شهَاب الدّين ومحيي الدّين وَمن الْجند شهَاب الدّين وصفي الدّين ومحب الدّين وَعبد الله شمس الدّين وجمال الدّين وعفيف الدّين وَإِبْرَاهِيم برهَان الدّين وصارم الدّين وَرَضي الدّين وَسعد الدّين وَدَاوُد علم الدّين وموفق الدّين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 467 وَسليمَان علم الدّين ويوسف جمال الدّين وَأمين الدّين وَصَلَاح الدّين وَأحسن مَا يكنى بِهِ أَبُو المحاسن ومُوسَى وَعِيسَى شرف الدّين وَحسن بدر الدّين وحسام الدّين وحسين كَذَلِك وجعفر كريم الدّين وَشرف الدّين وَأحسن مَا يكنى بِهِ أَبُو الصدْق وَكَذَلِكَ أَبُو بكر وَسعد سعد الدّين وَكَذَلِكَ سعيد ومسعود الرّبيع زكي الدّين وَأنس روح الدّين وَإِسْمَاعِيل عماد الدّين وخليل غرس الدّين وَحَمْزَة عز الدّين ونصير الدّين وزَكَرِيا بنية الدّين وَيحيى محيي الدّين ومخلص الدّين وقاسم شرف الدّين وزين الدّين وَإِسْحَاق مجد الدّين وَيَعْقُوب تَاج الدّين ومحمود نور الدّين وَهَارُون حَافظ الدّين وحاتم كريم الدّين وَلَيْسَ باللازم اسْتِيعَاب جَمِيع الْأَسْمَاء وتنزيل الألقاب عَلَيْهَا إِذْ ذَلِك يطول والألقاب لَيْسَ لَهَا قَاعِدَة تضبطها بل هِيَ على اخْتِيَار الملقب كَمَا أَن الْأَسْمَاء على اخْتِيَار الْمُسَمّى وَأما ألقاب الخدام فَالَّذِي جرت عَلَيْهِ الْعَادة أَن يلقب ياقوت افتخار الدّين جَوْهَر صفي الدّين رشيد شهَاب الدّين عنبر شُجَاع الدّين مِفْتَاح فتح الدّين خَالص مخلص الدّين كافور شبْل الدولة ومجير الدّين نجيب موفق الدّين سرُور ومسرور سري الدّين وشمس الْخَواص تَمِيم مرتضى الدّين فايز مصطفى الدّين مُخْتَار ظهير الدّين ريحَان روح الدّين وعزيز الدولة نصر نصير الدّين فاخر فَخر الدّين وصيف نَاصح الدّين بِلَال بهاء الدّين محسن اخْتِيَار الدّين عفيف جمال الدّين صَوَاب شمس الدّين صندل زكي الدّين منصف محيي الدّين فاتن وَصِيّ الدّين رضوَان رَضِي الدّين لُؤْلُؤ نظام الدّين وَمَا كَانَ من أَسمَاء الخدام مُوَافقا لأسماء التّرْك أجْرى عَلَيْهَا ألقابها وَيُؤْخَذ من ذَلِك مَا أمكن وَيجْعَل مِثَالا لما يذكر فالأشياء تحمل على نظائرها وَالْفُرُوع تحمل على الْأُصُول وَلَو تركنَا ذكر مَا قدمنَا من ذَلِك لَكَانَ يُمكن أَن يعرف من الِاسْتِعْمَال الْجَارِي بَين النَّاس وَلَكِن جَعَلْنَاهُ كالحاشية ينفع مَعَ وجودهَا وَلَا يضر عدمهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 468 وَأما التراجم فَمِنْهَا مَا هُوَ فِي الدرجَة الْعليا وَمَا هُوَ فِي الدرجَة الْوُسْطَى ووضعها يرجع إِلَى الْكَاتِب فِيهِ ويعتمد فِيهِ على حذقه وإدراكه لِأَنَّهُ فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة الطَّبِيب الحاذق الَّذِي يُعْطي كل إِنْسَان من الدَّوَاء مَا يحْتَملهُ مزاجه وسنه وَمَا يُوَافق طبع بَلَده والفصل الَّذِي هُوَ فِيهِ وَاعْلَم أَن الْأَلْفَاظ قوالب الْمعَانِي والأقوال رُبمَا أطلقت وَهِي مُقَيّدَة بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْفَهم والإدراك إِذْ لَا يعرف الشَّيْء إِلَّا بِمَعْرِِفَة مَعْنَاهُ وَلَا يفهم إِلَّا بإيضاح فحواه وَالْإِجْمَاع مُنْعَقد على تَرْجِيح أَرْبَاب الْخطاب على بَعضهم بَعْضًا وَأَن الْخلَافَة هِيَ أعلا الْمَرَاتِب فِي الدُّنْيَا بعد النُّبُوَّة وَلِهَذَا السَّبَب وَجب تَقْدِيم أَرْبَابهَا على من سواهُم وتخصيصهم بمزية الْفضل حكما ورسما وهم أَحَق بذلك وأجدر لكَوْنهم أَعلَى الْبَريَّة قدرا وأكبر وَمَا يكْتب لَهُم على ضَرْبَيْنِ الأول المواقف الشَّرِيفَة النَّبَوِيَّة الإمامية العباسية الأعظمية المولوية السيدية السندية الملاذية الملجئية الظَّاهِرِيَّة الرؤوفية الرحيمية المؤيدية المنصورية المقتدرية المستعصمية الرشيدية المكينية الغياثية الآمرية الخليفية الْفُلَانِيَّة خَليفَة الزَّمَان وَإِمَام أهل الْإِيمَان مولى النعم وَمولى الْأُمَم وَرَافِع نور الْهدى على علم غياث الْأَنَام عصمَة الْأَيَّام رَحْمَة الْعَالم نعْمَة الله على بني آدم إِمَام الْمُسلمين وَابْن عَم سيد الْمُرْسلين الْقَائِم بِأَمْر الله أَو المكتفي بِاللَّه أَبُو فلَان أَمِير الْمُؤمنِينَ ضاعف الله أنواره وَرفع فِي أعلا دَرَجَات الْإِمَامَة مناره وَأظْهر على الدّين وَالدُّنْيَا شعار هَدْيه ودثاره الثَّانِي الدِّيوَان الْعَزِيز النَّبَوِيّ الإمامي الأعظمي ويسوق الْأَلْفَاظ الْمُتَقَدّمَة تاليا لَهَا على نَحْوهَا الْمَوْضُوع لَهَا وَقد قيل إِن الْأَلْفَاظ المستعملة فِي نعت الْمَكْتُوب إِلَيْهِ وترجمته بهَا إِنَّمَا يُرَاد بهَا تَعْرِيف ذَلِك الْمُسَمّى والتنويه باسمه وَقَالُوا إِن كثرتها فِي حق ذَوي الْمَرَاتِب الْعلية نقص وعيب وَذَلِكَ أَنه إِذا كَانَ الْغَرَض بهَا التَّعْرِيف فَلَيْسَ مثل الْخَلِيفَة أَمِير الْمُؤمنِينَ مُحْتَاج إِلَى تَعْرِيف وَلَا شهرة لِأَن الْخُلَفَاء يعْرفُونَ بالسيادة والشرف الباذخ الْمَوْرُوث عَن النُّبُوَّة وهم موصوفون بأشهر مِمَّا بِهِ يوصفون وَذَلِكَ أَن الْقَائِل إِذا قَالَ الدِّيوَان الْعَزِيز النَّبَوِيّ الإمامي الْفُلَانِيّ أَمِير الْمُؤمنِينَ اسْتغنى بذلك عَن إِيرَاد جملَة من الصِّفَات وَلِهَذَا قَالَ المعري فِي مرثيته للشريف الرضي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 469 أَنْتُم ذَوُو النّسَب الْقصير مُرَاده إِن الْإِنْسَان إِذا قَالَ فلَان ابْن عَم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أغناه ذَلِك عَن كَثْرَة الصِّفَات ويليهم الْمُلُوك والسلاطين وأولياء خدمهم من أَرْبَاب السيوف والأقلام على اخْتِلَاف مَرَاتِبهمْ فَيكْتب للسُّلْطَان إِن كَانَ حَيا الْمقَام الشريف الإِمَام الْأَعْظَم وَالْملك الْمُعظم سيد مُلُوك الْعَرَب والعجم جَامع منقبتي السَّيْف والقلم فاتح القلاع والحصون الْمظهر بجهاده فِي أَعدَاء الله وَرَسُوله سره المصون ملك البرين والبحرين صَاحب الْقبْلَتَيْنِ خَادِم الْحَرَمَيْنِ الشريفين سُلْطَان الْإِسْلَام وَالْمُسْلِمين ظلّ الله فِي الْأَرْضين مرغم أنوف الْمُلْحِدِينَ مبيد الطغاة والمتمردين قاصم الْكَفَرَة وَالْمُشْرِكين نَاصِر المظلومين على الظَّالِمين حامي حوزة الدّين مَوْلَانَا السُّلْطَان الْمَالِك الْملك الْفُلَانِيّ قسيم أَمِير الْمُؤمنِينَ خلد الله ملكه وَجعل الأَرْض بأسرها ملكه أَو جدد الله لَهُ فِي كل يَوْم نصرا وَملكه بِسَاط البسيطة برا وبحرا وَإِن كَانَ مَيتا فَيكْتب لَهُ الْمقَام الشريف السَّيِّد الشَّهِيد الْملك الْفُلَانِيّ سقى الله عَهده وتعاهد بعهاد الرَّحْمَة والرضوان لحده وَيكْتب لأتابك العساكر المنصورة الْمقر الْأَشْرَف العالي العالمي العادلي المؤيدي الغوثي الغياثي الزعيمي المتاغري الظهيري المرابطي الممهدي المشيدي الخاشعي الناسكي العابدي الأتابكي السيفي معز الْإِسْلَام وَالْمُسْلِمين سيد أُمَرَاء الْعَالمين نَاصِر الْغُزَاة والمجاهدين ملْجأ الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين زعيم جيوش الْمُوَحِّدين أتابك العساكر المنصورة ممهد الدول مشيد الممالك عون الْأمة غياث الْملَّة ظهير الْمُلُوك والسلاطين عضد أَمِير الْمُؤمنِينَ أعز الله نَصره وَرفع فِي الدَّاريْنِ قدره وَكَذَلِكَ يكْتب لنائب الشَّام وَلَكِن يزِيد فِيهَا بعد الأتابكي الكفيلي وتعريف الأول أتابكي العساكر المنصورة بالممالك الإسلامية وتعريف نَائِب الشَّام كافل المملكة الشَّرِيفَة الشامية المحروسة وَالدُّعَاء بعد التَّعْرِيف وَيكْتب لكل من الْأُمَرَاء مقدمي الْأُمَرَاء بالديار المصرية سَوَاء كَانَ صَاحب وَظِيفَة أَو بِيَدِهِ تقدمة خَاصَّة الْمقر الْأَشْرَف العالي الأميري الكبيري العالمي العادلي الغوثي الغياثي الممهدي المشيدي المتاغري المرابطي الزعيمي الظهيري الْمقدمِي السيفي الْفُلَانِيّ عز الْإِسْلَام وَالْمُسْلِمين سيد الْأُمَرَاء فِي الْعَالمين نصْرَة الْغُزَاة والمجاهدين زعيم جيوش الْمُوَحِّدين عون الْأمة عماد الْملَّة ظهير الْمُلُوك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 470 والسلاطين سيف أَمِير الْمُؤمنِينَ فلَان الْفُلَانِيّ وَيعرف كلا مِنْهُم بوظيفته إِن كَانَت لَهُ وَظِيفَة وَإِلَّا فَيَقُول أحد مقدمي الألوف بالأبواب الشَّرِيفَة وَيَدْعُو لَهُ وَكَذَلِكَ يكْتب إِلَى نَائِب حلب لكنه يزِيد فِيهِ بعد الْمقدمِي الكافلي ويعد زعيم جيوش الْمُوَحِّدين مقدم العساكر ممهد الدول مشيد الممالك وَدون هَذِه الرُّتْبَة الْمقر العالي الأميري الكبيري إِلَى آخِره وَهِي تكْتب إِلَى أُمَرَاء الطبلخانات بالديار المصرية ونائب طرابلس وَهُوَ أَيْضا يكْتب لَهُ الْمقدمِي الكافلي وَيكْتب للدوادار الثَّانِي ولرأس نوبَة ثَانِي وحاجب ثَانِي وأميراخور ثَانِي ولنائب حماة ونائب صفد ونائب إسكندرية لَكِن هَؤُلَاءِ لَا يكْتب لَهُم الكافلي ويفتقر فِيهَا لنائب حماة خَاصَّة وَدون هَذِه الرُّتْبَة الجناب الْكَرِيم العالي إِلَى آخر الألقاب وَهِي تكْتب لِلْأُمَرَاءِ العشراوات بالديار المصرية وأكابر الخاصكية والحجاب الصغار وَمن هُوَ فِي درجتهم من رُؤُوس النوب ونقيب الْجَيْش ومتولى مجْلِس الْحَرْب السعيد ونائب غَزَّة ونائب الكرك وَأما أَمِير كَبِير بِالشَّام وحاجب الْحجاب بهَا والمقدمين فيتصدر نعتهم بالمقر العالي إِذا كتب للنائب الْمقر الْأَشْرَف العالي وَمِمَّنْ يكْتب لَهُم أَيْضا الجناب الْكَرِيم العالي مَعَ اخْتِصَار الألقاب الْمُتَقَدّمَة دوادار السُّلْطَان بِالشَّام إِذا كَانَ غير مقدم وأستادار السُّلْطَان بهَا وحاجب ثَانِي وَمن فِي درجتهم وَدون هَذِه الرُّتْبَة الجناب العالي الأميري الكبيري العضدي الذخري النصيري الْفُلَانِيّ مجد الْإِسْلَام وَالْمُسْلِمين شرف الْأُمَرَاء فِي الْعَالمين عضد الْمُلُوك والسلاطين فلَان وَهَذِه تكْتب لأعيان المستخبرين من رجال الْحلقَة المنصورة بالديار المصرية والمملكة الشامية والحلبية ودوادارية الْأُمَرَاء المقدمين والكفال واستداريتهم ورؤوس النواب الْكِبَار بخدمتهم وأمير آخوريتهم الْكِبَار والخازندارية الْكِبَار وأعيان الْجند وَغَيرهم مِمَّن لَهُ وجاهة وَهَذِه الرُّتْبَة أَكثر اسْتِعْمَالا الْآن وَالَّتِي قبلهَا والمرجع فِي ذَلِك كُله إِلَى الْكَاتِب وَإِلَى حذقه ومعرفته بالمكتوب لَهُ وبمقامه من الدولة ووظيفته الجزء: 2 ¦ الصفحة: 471 وَدون هَذِه الرُّتْبَة الْمجْلس العالي الأميري الْأَجَل الكبيري إِلَى آخر مَا تقدم وَهَذِه تكْتب لعامة أجناد الْحلقَة المنصورة وَبَقِيَّة أَرْبَاب وظائف الْأُمَرَاء والكفال التالين لمن تقدم ذكرهم ولعامة جند الْخدمَة وَدون هَذِه الرُّتْبَة الْمجْلس السَّامِي وَهَذِه تكْتب لمساتير النَّاس ولأرباب الخدم عِنْد الأتراك وللمشدين ورؤوس نوب النُّقَبَاء ومقدمي الْبِلَاد والبرددارية عِنْد الْأُمَرَاء وأكابر أتباعهم وَدون هَذِه الرُّتْبَة مجْلِس الْأَمِير الْأَجَل الْكَبِير الْمُحْتَرَم الْأَعَز الْأَخَص الْمُجْتَبى الْمُخْتَار فلَان وَهِي تكْتب لمن تخلق بأخلاق أَتبَاع التّرْك وَشد وَسطه وعوج عمَامَته ووقف فِي خدمَة أَرْبَاب الْوَظَائِف من التّرْك كالنقباء والأوجاقية وَالْعرب والكنانية وَمن فِي معناهم وَهَذِه الرُّتْبَة واللاتي قبلهَا تتَعَلَّق بأرباب السيوف وَأما أَرْبَاب الأقلام فعلى ضَرْبَيْنِ الضَّرْب الأول يتَعَلَّق بِخِدْمَة الدولة وَعَمله مُسْتَفَاد من أوَامِر السلطنة الشَّرِيفَة ونواهيها وَهَؤُلَاء يُطلق عَلَيْهِم المتعممين وأشرف هَؤُلَاءِ وأرفعهم قدرا كتاب السِّرّ الشريف فَإِن وظيفتهم شريفة ورتبتهم منيفة لَا يرتقي إِلَيْهَا إِلَّا الأماثل الأفاضل الْعلمَاء الْعُقَلَاء المقرونون بِالْعقلِ الوافر الَّذِي يَنْبَنِي على وفوره مصَالح الممالك كلهَا شرقا وغربا لكَون أَن صَاحب هَذِه الْوَظِيفَة لِسَان المملكة وسفير الدولة ثمَّ الوزراء ونظار الْجَيْش ونظار الْخَاص ونظار الخزانة الشَّرِيفَة ونظار الإصطبلات الشَّرِيفَة ونظار الدولة ونظار ديوَان الْمُفْرد ومستوفيين الْخَاص ونظار الْكسْوَة ونظار البيوتات ونظار الْأَسْوَاق ونظائرهم من مباشري دواوين الْأُمَرَاء على اخْتِلَاف طبقاتهم ويلتحق بهؤلاء رُؤَسَاء الْأَطِبَّاء بالطباق الشَّرِيفَة ورؤساء الجرائحية وَمن فِي معناهم فَالَّذِي يكْتب لكاتب السِّرّ الشريف بالأبواب الشَّرِيفَة الْمقر الْأَشْرَف العالي المولوي القاضوي العالمي البليغي اليميني السفيري المشيري السيدي المخدومي الْفُلَانِيّ صَاحب ديوَان الْإِنْشَاء الشريف بالأبواب الشَّرِيفَة وَسَائِر الممالك الإسلامية عظم الله شَأْنه وَدون هَذِه الرُّتْبَة الْمقر الشريف العالي إِلَى آخر الألقاب وَيكْتب لكاتب سر الشَّام وَدون هَذِه الرُّتْبَة الْمقر العالي إِلَى آخِره وَيكْتب لكاتب سر حلب وَدون هَذِه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 472 الرُّتْبَة الجناب الْكَرِيم العالي إِلَى آخر وَيكْتب لكاتب سر طرابلس وحماة النَّائِب كَاتب السِّرّ بالأبواب الشَّرِيفَة وَلَا يكْتب لَهُ اليميني وَلَا السفيري وَلَا المشيري وَيكْتب أَيْضا لأعيان موقعي الدست الشريف بالأبواب الشَّرِيفَة وَالشَّام وَدون هَذِه الرُّتْبَة الجناب العالي القضائي الأوحدي الأفضلي الأمجدي الأكملي الْفُلَانِيّ وَيكْتب لبَقيَّة موقعي الدست الشريف بالأبواب الشَّرِيفَة ولكاتب سر غَزَّة وَكَاتب سر صفد وموقعي الدست الشريف بحلب المحروسة وَدون هَذِه الرُّتْبَة الْمجْلس العالي وَيكْتب لِذَوي الهيئات من المتعممين ويضاف إِلَيْهَا من الألقاب مَا يَلِيق بالمكتوب لَهُ وَدون هَذِه الرُّتْبَة الْمجْلس السَّامِي وَيكْتب لأصاغر مباشري دواوين الْأُمَرَاء وَدون هَذِه الرُّتْبَة مجْلِس القَاضِي الْأَجَل الْكَبِير الْمُحْتَرَم الْأَفْضَل الْأَكْمَل الْمُعْتَبر فلَان فَهَذِهِ ثَمَانِيَة مَرَاتِب الأولى وَهِي الْمقر الْأَشْرَف العالي يُشَارك كَاتب السِّرّ فِيهَا الْآن الْوَزير وَلَكِن يكْتب لَهُ عوض اليميني السفيري المدبري لصاحبي الوزيري المشيري وَكَذَلِكَ نَاظر الْخَاص وَكَذَلِكَ نَاظر الْجَيْش وَكَذَلِكَ استادار الْعَالِيَة إِذا كَانَ متعمما وَالثَّانيَِة وَهِي الْمقر الشريف تكْتب لناظر الخزانة الشَّرِيفَة وناظر الإصطبل وَمن فِي مَعْنَاهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى قربه من الْملك وَالثَّالِثَة وَهِي الْمقر العالي تكْتب لناظر الدولة وناظر ديوَان الْمُفْرد وَالرَّابِعَة تكْتب لناظر الْكسْوَة ووكيل السُّلْطَان وَالْخَامِسَة تكْتب لناظر البيوتات والأسواق ونظائره من أكَابِر مباشري دواوين الْأُمَرَاء كناظر الدِّيوَان وَالسَّادِسَة تكْتب لعامة المباشرين بدواوين الْأُمَرَاء كالعامل والمستوفى ونائب النَّاظر ورؤساء الْأَطِبَّاء والجرائحية ومهاترة البيوتات وَالسَّابِعَة تكْتب الْمَعْنى لمباشرين ونواب المستوفيين والعمال والرختوانية ورؤوس نوب الفرشخانات وفراشين الزردخانات وأكابر الصيارف وَالثَّامِنَة لمساتير النَّاس من كل طَائِفَة هَذَا وَإِذا أردْت تَعْظِيمه قلت مجْلِس فلَان وَإِن أردْت أَن يكون على حد سَوَاء كتبت الصَّدْر الْأَجَل الْكَبِير الْمُحْتَرَم أَو الْحَاج الْجَلِيل الْمُحْتَرَم فلَان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 473 الضَّرْب الثَّانِي حكام الشَّرِيفَة المطهرة قُضَاة الْقُضَاة ذَوُو الْمذَاهب الْأَرْبَعَة وَمن فِي درجتهم من الْعلمَاء المفتيين والمدرسين ونقيب الْأَشْرَاف وَشَيخ الشُّيُوخ بالخوانق وناظر الْحِسْبَة الشَّرِيفَة وناظر الْأَوْقَاف وناظر الْأَيْتَام ووكيل بَيت المَال وناظر حرم مَكَّة المشرفة وناظر الْحَرَمَيْنِ الشريفين الْقُدس والخليل عَلَيْهِ وناظر الجوالي ومشايخ الطَّرِيقَة ويلتحق بهؤلاء أَعْيَان الخواجكية والتجار السَّلَام ومشايخ الْأَسْوَاق والعرفاء والسماسرة وَمن فِي معناهم فَالَّذِي يكْتب لقَاضِي الْقُضَاة الشَّافِعِي بالديار المصرية ورفقته الثَّلَاثَة سيدنَا ومولانا العَبْد الْفَقِير إِلَى الله تَعَالَى الشَّيْخ الإِمَام الْعَالم الْعَلامَة الْحجَّة الرحلة الحبر الْبَحْر الفهامة قَاضِي الْقُضَاة فلَان الدّين شيخ الْإِسْلَام ملك الْعلمَاء الْأَعْلَام وَذخر الْأَنَام حَسَنَة اللَّيَالِي وَالْأَيَّام حَاكم الْحُكَّام عُمْدَة الْأَحْكَام نَاصِر الْحق مؤيد الشَّرِيعَة أَو نَاصِر السّنة رحْلَة الْمُحدثين بَقِيَّة الْمُجْتَهدين لِسَان الْمُتَكَلِّمين حجَّة المناظرين قامع المبتدعين خَالِصَة أَمِير الْمُؤمنِينَ أَبُو فلَان فلَان النَّاظر فِي الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة بالديار المصرية والممالك الشَّرِيفَة الإسلامية أدام الله تَعَالَى أَيَّامه الزاهرة وأسبغ عَلَيْهِ نعمه باطنة وظاهرة وَجمع لَهُ بَين خيري الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَيكْتب لنوابهم فِي الحكم وَالْقَضَاء سيدنَا العَبْد الْفَقِير إِلَى الله تَعَالَى الشَّيْخ الإِمَام الْعَالم الْعَلامَة أقضى الْقُضَاة فلَان الدّين شرف الْعلمَاء أوحد الْفُضَلَاء مفتي الْمُسلمين صدر المدرسين مُفِيد الطالبين ولي أَمِير الْمُؤمنِينَ فلَان أعز الله أَحْكَامه وأفاض عَلَيْهِ إنعامه أَو أيده الله تَعَالَى وَيكْتب لقضاة الْقُضَاة الْأَرْبَع بِالشَّام مَا يكْتب للأربعة بِمصْر غير أَنه لَا يكْتب شيخ الْإِسْلَام بِالشَّام إِلَّا للشَّافِعِيّ دون رفقته أَو لمن هُوَ من الْعلمَاء الأجلاء الراسخين فِي الْعلم حنفيا كَانَ أَو غير حَنَفِيّ وَيكْتب لنوابهم مَا يكْتب لنواب المصريين غير أَنه لَا يُقَال فِي ألقاب النَّائِب الشَّيْخ الإِمَام الْعَلامَة اللَّهُمَّ إِلَّا إِن كَانَ النَّائِب فِيهِ مزية الْعلم فينزله الْكَاتِب مَنْزِلَته الَّتِي هُوَ مَوْصُوف بهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى علمه وَعَمله وَيكْتب لمشايخ الْعلم وَالْفَتْوَى والتدريس المعروفين فِي ذَلِك بقدم الْهِجْرَة ورسوخ الْقدَم سيدنَا ومولانا العَبْد الْفَقِير إِلَى الله تَعَالَى الشَّيْخ الإِمَام الْعَالم الْعَامِل الْعَلامَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 474 الْحجَّة الرحلة الفهامة الْمُحَقق المدقق الْمُجْتَهد الْحَافِظ فلَان الدّين شيخ الْإِسْلَام وَالْمُسْلِمين أَو حجَّة الْإِسْلَام فِي الْعَالمين لِسَان الْمُتَكَلِّمين حجَّة المناظرين أَو سيف النّظر والتمكين خُلَاصَة الْعلمَاء العاملين صفوة الْمُلُوك والسلاطين فلَان وَإِن كَانَ فريد عصره زيد فِي ألقابه بعد الفهامة الوحيد الفريد الْمُفِيد الْمُحَقق المدقق عَالم الْمُسلمين هَذَا إِذا كَانَ مَا تولى الْقَضَاء وَإِن كَانَ شيخ خانقاه صوفية زيد فِي ألقابه شيخ شُيُوخ العارفين وَيكْتب لنقيب الْأَشْرَاف سيدنَا العَبْد الْفَقِير إِلَى الله تَعَالَى الشَّيْخ الإِمَام الْعَالم الْفَاضِل البارع السَّيِّد الشريف الحسيب النسيب الطَّاهِر الْأَصِيل العريق التقي النقي الذكي فلَان الدّين جمال العترة الطاهرة كَوْكَب الأسرة الزاهرة فرع الشَّجَرَة الزكية زين الذُّرِّيَّة العلوية طراز الْعِصَابَة الهاشمية خُلَاصَة الْأَنْسَاب النَّبَوِيَّة فَخر السَّادة الْأَشْرَاف فِي الْعَالمين نسيب أَمِير الْمُؤمنِينَ فلَان نقيب السَّادة الْأَشْرَاف بالمملكة الْفُلَانِيَّة أدام الله شرفه ورحم سلفه وَأبقى خلقه وَإِن أردْت الزِّيَادَة فِي تَعْظِيمه ألحقت فِي الألقاب الْمُتَقَدّمَة من بعد الْفَقِير إِلَى الله تَعَالَى فَتَقول الشيخي الإمامي إِلَى عِنْد الزكوي وتلخص من هَذِه الألقاب لكل عين من أَعْيَان السَّادة الْأَشْرَاف ومشايخهم مَا يَلِيق بِهِ وَيكْتب للخطباء بعد العَبْد الْفَقِير إِلَى الله تَعَالَى الشيخي الإمامي العالمي العاملي الخطيبي البليغي الأثيلي الأثيري المبصري المنبهي المذكري الأوحدي المرشدي الفصيحي البارعي الْفُلَانِيّ فلَان الدّين خطيب الْمُسلمين فلَان وَإِن كَانَ إِمَامًا كتب لَهُ العَبْد الْفَقِير إِلَى الله تَعَالَى الْفَقِيه الْفَاضِل الْكَامِل المتقن الْمجِيد الْمُوفق السديد الإِمَام فلَان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 475 وَيكْتب لناظر الْحِسْبَة الشَّرِيفَة إِن كَانَ تركيا الجناب العالي الأميري الكبيري العالمي الفاضلي الكاملي الأوحدي الْفُلَانِيّ وَإِن كَانَ فَقِيها كتب إِلَيْهِ العَبْد الْفَقِير إِلَى الله تَعَالَى الشَّيْخ الإِمَام الْعَالم الْفَاضِل الأوحد الرئيس الْأمين المكين فلَان الدّين فَإِن كَانَ عَالما زيد فِي ألقابه شرف الْعلمَاء زين الْفُضَلَاء عُمْدَة الْحُكَّام المعتبرين بركَة الْمُسلمين فلَان وَيكْتب لناظر الْأَوْقَاف إِن كَانَ تركيا الجناب العالي كَمَا تقدم فِي الْمُحْتَسب التركي وَإِن كَانَ فَقِيها فَكَذَلِك وَيكْتب لناظر الْأَيْتَام ووكيل بَيت المَال مَا يكْتب لنواب الْقُضَاة فَإِن نَاظر الْأَيْتَام نَائِب القَاضِي ووكيل بَيت المَال نَائِب السُّلْطَان وَيكْتب لناظر حرم مَكَّة المشرفة إِن كَانَ تركيا الجناب العالي ويخاطب بألقاب التّرْك غير أَنه يُزَاد فِيهِ العالمي العادلي المجتبوي المختاري الْفُلَانِيّ وَيكْتب لناظر الْحَرَمَيْنِ الشريفين إِن كَانَ تركيا الجناب العالي بِالْأَلْقَابِ الْمُتَقَدّمَة فِي الجناب وَإِن كَانَ فَقِيها ميزه بأوصافه اللائقة بِهِ بِحَسب مَنْزِلَته من الْعلم وَيكْتب لناظر الجوالي إِن كَانَ فَقِيها ألقاب الْفُقَهَاء المتصدرين كالعالمي الفاضلي الكاملي الْأصيلِيّ العريقي الأوحدي الأمجدي الرئيسي النفيسي وَمَا أشبه ذَلِك على مَا تَقْتَضِيه مَنْزِلَته وَيكْتب لمشايخ الطَّرِيقَة المعتقدين فِي النَّاس إِذا كَانُوا عُلَمَاء الشَّيْخ الصَّالح الْعَالم الْعَامِل الْوَرع الزَّاهِد الخاشع العابد الناسك المسلك الْقدْوَة الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى فلَان الدّين مربي المريدين مرشد السالكين علم الْعباد قطب الزهاد شيخ الطَّرِيقَة ومعدن الْحَقِيقَة حجَّة الله على الْعباد نُكْتَة الْوُجُود نقطة دَائِرَة الْفَيْض الرباني والجود وقدوة الْمُسلمين ملاذ العابدين شمس الشَّرِيعَة وَالدّين فلَان وَإِن كَانَ شيخ طَريقَة غير مَنْسُوب إِلَى علم فَيكْتب لَهُ الشَّيْخ الْوَرع الزَّاهِد الْقدْوَة فلَان أعَاد الله من بركاته ونفع بِصَالح دعواته وَأما التُّجَّار فعلى ثَلَاثَة أَقسَام مِنْهُم المختلفون إِلَى الديار المصرية والممالك الشامية بالجواهر الفاخرة والقماش النفيس وأنواع المكارم فَهَؤُلَاءِ يكْتب لَهُم الجناب الْكَرِيم العالي الكبيري الرئيسي الأوحدي الأمجدي الثقتي الأميني المكيني المعتمدي الخواجكي الْفُلَانِيّ عين الخواجكية بالمملكة الْفُلَانِيَّة آتَاهُ الله فِي متاجره أعظم فَوَائده وأجراه من إدارك أمله على أجمل عوائده وَإِن كَانَ مِمَّن انْتَهَت إِلَيْهِ رئاسة الخواجكية ونال من الْمُلُوك والسلاطين أعظم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 476 المزية كَابْن المزلق وَغَيره فيصدر نَعته ب الْمقر العالي وَيجْرِي الألقاب إِلَى الخواجكي الْفُلَانِيّ فلَان الدّين مجد الْإِسْلَام بهاء الْأَنَام فَخر الخواجكية شاه بنادر الممالك الإسلامية ملك التُّجَّار مَعْدن الصَّدَقَة والإيثار كنز الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين اخْتِيَار الْمُلُوك والسلاطين فلَان أدام الله رفعته وَأَعْلَى دَرَجَته وَقسم يعانون الْأَسْفَار بأنواع البضائع وأصناف المتاجر وأنواع القماش البعلبكي وَالصُّوف والشاش والسكندري الْمصْرِيّ وَغير ذَلِك مَا عدا المكارم فَهَؤُلَاءِ يكْتب لَهُم الجناب العالي الأوحدي الأكملي الأخصي المعتبري الأجلي المحترمي الْفُلَانِيّ التَّاجِر السفار وَيكْتب لمن دونه الخواجا الْأَجَل الْكَبِير الْمُحْتَرَم الْأَعَز الْأَخَص الأكرم فلَان بِغَيْر يَاء إِضَافَة فَإِن كَانَ من تجار الشرق كالعجم وَالروم فيزيد فِي ألقابه المفخم الْمُعظم المكرم فَإِن كَانَ هنديا زيد فِي ألقابه الناخدي أَو الناخودا فَإِن كَانَ أعجميا وَعِنْده طلب علم يكْتب فِي ألقابه زِيَادَة على مَا ذكر الْعَالم الْفَاضِل ملا فلَان وَقسم يعانون الْجُلُوس فِي الْأَسْوَاق فِي الحوانيت للْبيع وَالشِّرَاء فِي القماش الْبَز وَغَيره فَهَؤُلَاءِ يكْتب لَهُم الْمجْلس السَّامِي الْكَبِير الْجَلِيل الصَّدْر الرئيس فلَان وَيكْتب لمن دون هَؤُلَاءِ من مَشَايِخ الْأَسْوَاق وأكابر السماسرة والعرفاء الصَّدْر الْأَجَل الْكَبِير الْمُحْتَرَم الْأَعَز الْأَخَص فلَان وَيكْتب لمن دون هَؤُلَاءِ الْحَاج الْجَلِيل فلَان وَيكْتب لمن دون هَؤُلَاءِ الْمعلم الْأَجَل الْمُحْتَرَم فلَان ضَابِط اعْلَم أَن مَرَاتِب ألقاب ذَوي الرتب الْعلية فَمن دونهم لَا تَنْحَصِر والمدار فِيهَا على حذق الْكَاتِب كَمَا تقدم وَهُوَ مَأْمُور بتنزيل النَّاس مَنَازِلهمْ فَمن عرف فِيهِ مزية تَقْتَضِي الزِّيَادَة فِي تَرْجَمته زَاد فِي تَرْجَمته مَا يَلِيق بمقامه وَذَلِكَ لَا يخفى على اللبيب البارع وَلَا يخفى أَن أهل هَذَا الزَّمَان قنعوا بالتراجم وامتحنوا بحب الرياسة ويرضون من النَّاس بالإفراط فِي تراجمهم من غير إِنْكَار فنسأل الله تَعَالَى حسن الخاتمة وَأما تراجم النِّسَاء فَهِيَ أَيْضا تتَمَيَّز بِحَسب تميز أَزوَاجهنَّ من ذَوي الرتب الْعلية وَلِلنَّاسِ فِي تراجمهن اصْطِلَاح أحببنا إِيرَاده ليَكُون الْكَاتِب مِنْهُ على بَصِيرَة وَهن فِي الْقيَاس على حكم مَا تقدم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 477 فجهات الْخُلَفَاء أَعلَى مَرَاتِب الْجِهَات ويليهن جِهَات الْمُلُوك والسلاطين وَمن دونهن على قدر مَرَاتِب أَزوَاجهنَّ فأعلى مَا يكْتب لجهات الْخُلَفَاء والملوك والسلاطين الآدر الشَّرِيفَة ذَات السّتْر الرفيع العالي المصوني الممنعي المحجبي الخوندي الخليفتي الخاتوني عصمَة الدّين فَخر النِّسَاء فِي الْعَالمين سيدة الخوندات زين الخواتين كافلة الْأَيْتَام وَالْمَسَاكِين خوند فُلَانَة جِهَة مَوْلَانَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَإِن كَانَت جِهَة السُّلْطَان فَلَا يكْتب لَهَا الخليفتي بل يكْتب السُّلْطَان الخاتوني وَلَا يكْتب لَفْظَة خوند إِلَّا لجِهَة خَليفَة أَو لابنَة خَليفَة أَو أُخْته أَو والدته وَكَذَلِكَ لَا يكْتب لَفْظَة خوند إِلَّا لجِهَة سُلْطَان أَو لابنته أَو أُخْته أَو والدته وَلَا يُخَاطب فِي كليهمَا إِلَّا لجِهَة مَوْلَانَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَو جِهَة مَوْلَانَا السُّلْطَان لَا بِلَفْظ زوج فلَان فَإِن الْجِهَة أرفع فِي الْمرتبَة ويلتحق بِهَذَا الْقَيْد كل امْرَأَة أردْت تَعْظِيم شَأْنهَا من جِهَة ابْن السُّلْطَان وجهة أتابك العساكر وكافل المملكة الشامية المحروسة وَمن فِي درجتهم من أَرْبَاب وظائف الدولة الشَّرِيفَة وَلَا يكْتب الآدر الشَّرِيفَة إِلَّا لجِهَة السُّلْطَان الْخَلِيفَة وَدون رُتْبَة الآدر الشَّرِيفَة الآدر الْكَرِيمَة الْعَالِيَة المعظمة المبجلة المكرمة المحجبة الأصيلة العريقة ذَات السّتْر الرفيع والحجاب المنيع فُلَانَة وَدون هَذِه الرُّتْبَة الستار الْكَرِيمَة الْعَالِيَة الْكَبِيرَة الجليلة المكرمة المفخمة المخدرة المحجبة فُلَانَة وَهِي تكْتب لِنسَاء مقدمي الألوف وأكابر الدولة من أَرْبَاب الأقلام وَالسُّيُوف وَدون هَذِه الرُّتْبَة الْجِهَة المصونة المحجبة المخدرة فُلَانَة وَهِي تكْتب لِنسَاء أُمَرَاء الطبلخانات وَمن فِي درجتهم من أَرْبَاب الْوَظَائِف ووجوه النَّاس وَدون هَذِه الرُّتْبَة الْجِهَة الْمُبَارَكَة السيدة المصونة الْكُبْرَى فُلَانَة وَهِي تكْتب لمن دون من تقدم فِي الرُّتْبَة الَّتِي قبل هَذِه وَدون هَذِه الرُّتْبَة المصونة فُلَانَة وَلَيْسَ بعد هَذِه الرتب مِمَّا يتَعَلَّق بتراجم النِّسَاء غير الِاسْم خَاصَّة وَأما التَّارِيخ فَلَا يخفى مَا فِيهِ من الْفَوَائِد الجمة وَلَا مَا فِي الْخَتْم بِهِ من الْحِكْمَة وتاريخ الْإِسْلَام بِالْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّة وضع لأَرْبَع سِنِين خلت من خلَافَة عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ وَسَببه أَن أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله عَنهُ كتب إِلَى عمر رَضِي الله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 478 عَنهُ إِنَّه يأتينا مِنْك كتب لَيْسَ لَهَا تَارِيخ فأرخ لتستقيم الْأَحْوَال فأرخ وَقيل رفع إِلَى عمر صك مَحَله شعْبَان فَقَالَ أَي شعْبَان هَذَا الَّذِي نَحن فِيهِ أم الْمَاضِي أم الَّذِي يَأْتِي وَقيل أول من أرخ يعلى بن أُميَّة كتب إِلَى عمر رَضِي الله عَنهُ من الْيمن كتابا مؤرخا فَاسْتَحْسَنَهُ وَشرع فِي التَّارِيخ وَقَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا لما عزم عمر رَضِي الله عَنهُ على التَّارِيخ جمع الصَّحَابَة واستشارهم فَقَالَ سعد بن أبي وَقاص أرخ لوفاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ طَلْحَة أرخ لمبعثه وَقَالَ عَليّ بن أبي طَالب لهجرته فَإِنَّهَا فرقت بَين الْحق وَالْبَاطِل وَقَالَ آخَرُونَ لمولده وَقَالَ قوم لنبوته وَكَانَ ذَلِك فِي سنة سبع عشرَة من الْهِجْرَة وَقيل سنة سِتّ عشرَة فاتفقوا على أَن يؤرخوا بِالْهِجْرَةِ ثمَّ اخْتلفُوا فِيمَا يبدأون بِهِ من الشُّهُور فَقَالَ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف ابدأ برجب فَإِنَّهُ أول الْأَشْهر الْحرم وَقَالَ طَلْحَة ابدأ برمضان فَإِنَّهُ شهر الْأمة وَفِيه أنزل الْقُرْآن وَقَالَ عَليّ ابدأ بالمحرم لِأَنَّهُ أول السّنة وَمن الْأَشْهر الْحرم وَقيل إِنَّمَا أَشَارَ بالمحرم عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنْهُم فاستقر الْحَال على ذَلِك وَقَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قد ذكر الله التَّارِيخ فِي كِتَابه فَقَالَ تَعَالَى {يَسْأَلُونَك عَن الْأَهِلّة قل هِيَ مَوَاقِيت للنَّاس وَالْحج} وَقَالَ قَتَادَة فِي تَفْسِير الْآيَة جعلهَا الله تَعَالَى مَوَاقِيت لصوم الْمُسلمين وإفطارهم وحجهم ومناسكهم وَعدد نِسَائِهِم وَغير ذَلِك وَالله أعلم بِمَا يصلح خلقه انْتهى هَذَا آخر مَا انتقيناه من جَوَاهِر الْعُقُود وَنِهَايَة مَا أردناه من تَقْرِير مصطلح الموقعين وَالشُّهُود الْجَارِي على الرَّسْم الْمَعْهُود وَإنَّهُ لكتاب اشْتَمَل على مَادَّة من الْعَالم وافرة وَخص من الْفَوَائِد بجملة إِذا تصرف الْمُتَصَرف فِيهَا أحرز الْجَوَاهِر الفاخرة مطالعه لَا يحْتَاج مَعَ سلوك منهاجه القويم إِلَى تَنْبِيه وَلَا يفْتَقر فِي مؤاخاة الاسترشاد بِهِ إِلَى كَاف تَشْبِيه وَأَنا أناشد الله تَعَالَى من وقف عَلَيْهِ من حبر بليغ الْقَلَم منيره أَو بَحر اللِّسَان غواصه وَالْكَلَام جوهره أَن يعاملني عِنْد الْوُقُوف عَلَيْهِ بإغضائه وصفحه وَأَن يسدد مَا يَقع عَلَيْهِ طرف تَأمله وانتقاده من الْخلَل كاشفا ظلام عَيْني بإسفار صبحه وتمحيص نصحه حَامِلا كل قَول يستغربه أَو يستهجنه على أحْسنه رادا كل لَفْظَة فظة إِلَى أوضح معنى وأبينه فَأَي جواد لَا يكبو وَأي سيف لَا ينبو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 479 وَمن ذَا الَّذِي ترضي سجاياه كلهَا كفى الْمَرْء فضلا أَن تعد معايبه والخلق يتفاضلون فِي الْعلم والإدراك والعاقل يحْتَاج إِلَى مُنَبّه يحذرهُ مدارك التعقب والاستدراك وقصارى مُؤَلفه الْفَقِير الحقير الِاعْتِرَاف بِمَا لَدَيْهِ من الْعَجز وَالتَّقْصِير وَأَن خطوه فِي سلوك هَذَا المرتقى الوعر قصير وَهُوَ يسْتَغْفر الله مِمَّا طَغى بِهِ الْقَلَم وحاول إِدْرَاك شأو الْمُتَقَدِّمين فِيهِ فَلم وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين أَولا وآخرا وَبَاطنا وظاهرا وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وعَلى آله وَأَصْحَابه أَجْمَعِينَ صَلَاة دائمة بَاقِيَة إِلَى يَوْم الدّين وحسبنا الله وَنعم الْوَكِيل وَلَا حول وَقُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 480