الكتاب: فتاوى ابن الصلاح المؤلف: عثمان بن عبد الرحمن، أبو عمرو، تقي الدين المعروف بابن الصلاح (المتوفى: 643هـ) المحقق: د. موفق عبد الله عبد القادر الناشر: مكتبة العلوم والحكم , عالم الكتب - بيروت الطبعة: الأولى، 1407 عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] ---------- فتاوى ابن الصلاح ابن الصلاح الكتاب: فتاوى ابن الصلاح المؤلف: عثمان بن عبد الرحمن، أبو عمرو، تقي الدين المعروف بابن الصلاح (المتوفى: 643هـ) المحقق: د. موفق عبد الله عبد القادر الناشر: مكتبة العلوم والحكم , عالم الكتب - بيروت الطبعة: الأولى، 1407 عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] @ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم رَبنَا أتمم لنا نورنا وأغفر لنا إِنَّك على كل شَيْء قدير قَالَ العَبْد الْفَقِير عُثْمَان بن عبد الرَّحْمَن الْمَعْرُوف بِابْن الصّلاح غفر الله لَهُ وَلَهُم الْحَمد لله الَّذِي كرم هَذِه الْأمة بالشريعة السمحة الطاهرة وأيدها بالحجج الباهرة الْقَاهِرَة ووطدها بالقواعد المتظاهرة المتناثرة ونورها بالأوضاع المتناسبة المتازرة أَحْمَده على نعمه الْبَاطِنَة وَالظَّاهِرَة وأصلي على رَسُوله مُحَمَّد وَسَائِر النَّبِيين وَالصَّالِحِينَ وَأسلم صَلَاة وتسليما متواصلي الصلات فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة آمين هَذَا وَلما عظم شَأْن الْفَتْوَى فِي الدّين وتسنم الْمفْتُون مِنْهُ سَنَام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 5 @ السناء وَكَانُوا قرات الْأَعْين لَا تسلم بهم على كثرتهم أعين الإستواء فنعق بهم فِي أعصارنا ناعق الفناء وتفانت بتفانيهم أندية ذَاك الْعَلَاء على أَن الأَرْض لَا تَخْلُو من قَائِم بِالْحجَّةِ إِلَى أَوَان الإنتهاء رَأَيْت أَن أستخير الله تَعَالَى وَأَسْتَعِينهُ وأستهديه وأستوفقه وأتبرأ من الْحول وَالْقُوَّة إِلَّا بِهِ فِي تأليف كتاب فِي الْفَتْوَى لَائِق بِالْوَقْتِ أفْصح فِيهِ إِن شَاءَ الله تَعَالَى عَن شُرُوط الْمُفْتِي وأوصافه وَأَحْكَامه وَعَن صفة المستفتي وَأَحْكَامه وَعَن كَيْفيَّة الْفَتْوَى والاستفتاء وآدابها جَامعا فِيهِ شَمل نفائس ألتقطها من خبايا الروايا وخفايا الزوايا ومهمات تقر بهَا أعين أَعْيَان الْفُقَهَاء وَيرْفَع من قدرهَا من كثرت مطالعاته من الفهماء وتبادر إِلَى تَحْصِيلهَا كل من أرتفع عَن حضيض الضُّعَفَاء مقدما فِي أَوله بَيَان شرف مرتبَة الْفَتْوَى وخطرها والتنبيه على آفاتها وعظيم غررها ليعلم المقصر عَن شأوها المتجاسر عَلَيْهَا أَنه على النَّار يسجر وليعرف متعاطيها المضيع شَرطهَا أَنه لنَفسِهِ يضيع ويخسر وليتقاصر عَنْهَا القاصرون الَّذين إِذا انتزعوا على منصب تدريس واختلسوا ذَروا من تَقْدِيم وترييس جانبوا جَانب المحترس ووثبوا على الْفتيا وثبة المفترس اللَّهُمَّ فعافنا واعف عَنَّا وأحلنا مِنْهَا بِالْمحل المغبوط وَلَا تحلنا مِنْهَا بِالْمحل المغموط وَاجعَل نعانيه مِنْهَا على وفْق هداك وسببا واصلا بَيْننَا وَبَين رضاك إِنَّك الله لَا إِلَه إِلَّا أَنْت حَسبنَا وَنعم الْوَكِيل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 6 @ بَيَان شرف مرتبَة الْفَتْوَى وخطرها وغررها روينَا مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد السجسْتانِي وَأَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ وَأَبُو عبد الله ابْن مَاجَه الْقزْوِينِي فِي كتبهمْ الْمُعْتَمدَة فِي السّنَن من حَدِيث أبي الدَّرْدَاء عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَن الْعلمَاء وَرَثَة الْأَنْبِيَاء) فَأثْبت للْعُلَمَاء خصيصة فاقوا بهَا سَائِر الْأمة وَمَا هم بصدده من أَمر الْفَتْوَى يُوضح تحققهم بِذَاكَ للمستوضح وَلذَلِك قيل فِي الْفتيا إِنَّهَا توقيع عَن الله تبَارك وَتَعَالَى وَقد أخبرنَا الشَّيْخ الإِمَام أَبُو بكر مَنْصُور بن عبد الْمُنعم الفراوي قِرَاءَة عَلَيْهِ بنيسابور قَالَ أخبرنَا أَبُو الْمَعَالِي مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل الْفَارِسِي قَالَ أخبرنَا الإِمَام أَبُو بكر أَحْمد بن الْحُسَيْن الْبَيْهَقِيّ قَالَ أخبرنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظ وَأَبُو سعيد بن أبي عَمْرو قَالَا أخبرنَا أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد بن يَعْقُوب حَدثنَا أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن هِلَال بن الْفُرَات ببيروت حَدثنَا أَحْمد بن أبي الحراوي حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن عبد الله حَدثنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر قَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 7 @ ((إِن الْعَالم بَين الله وَبَين خلقه فَلْينْظر كَيفَ يدْخل بَينهم)) وَفِيمَا يرويهِ عَن سهل بن عبد الله التسترِي وَكَانَ رَضِي الله عَنهُ أحد الصَّالِحين المعروفين بالمعارف والكرامات أَنه قَالَ من أَرَادَ أَن ينظر إِلَى مجَالِس الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام فَلْينْظر الى مجَالِس الْعلمَاء يَجِيء الرجل فَيَقُول يَا فلَان إيش تَقول فِي رجل حلف على امْرَأَته بِكَذَا وَكَذَا فَيَقُول طلقت امْرَأَته وَهَذَا مقَام الْأَنْبِيَاء فاعرفوا لَهُم ذَلِك وَلما ذَكرْنَاهُ هاب الْفتيا من هابها من أكَابِر الْعلمَاء العاملين وأفاضل السالفين والخالفين وَكَانَ أحدهم لَا يمنعهُ شهرته بِالْإِمَامَةِ واضطلاعه بِمَعْرِِفَة المعضلات فِي اعْتِقَاد من يسْأَله من الْعَامَّة من أَن يدافع بِالْجَوَابِ أَو يَقُول لَا أَدْرِي أَو يُؤَخر الْجَواب إِلَى حِين يدْرِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 8 @ فروينا عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى أَنه قَالَ ادركت عشْرين وَمِائَة من الْأَنْصَار من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسْأَل أحدهم عَن الْمَسْأَلَة فيردها هَذَا إِلَى هَذَا وَهَذَا إِلَى هَذَا حَتَّى ترجع إِلَى الأول وَفِي رِوَايَة مَا مِنْهُم من أحد يحدث بِحَدِيث إِلَّا ود أَن أَخَاهُ كَفاهُ إِيَّاه وَلَا يستفتى عَن شَيْء إِلَّا ود أَن أَخَاهُ كَفاهُ الْفتيا وروينا عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ من أفتى النَّاس فِي كل مَا يستفتونه فَهُوَ مَجْنُون وَعَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا نَحوه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 9 @ وروينا عَن أبي حُصَيْن الْأَسدي أَنه قَالَ إِن أحدكُم ليفتي فِي الْمَسْأَلَة وَلَو وَردت على عمر بن الْخطاب لجمع لَهَا أهل بدر وَرُوِيَ عَن الْحسن وَالشعْبِيّ مثله وَأخْبرنَا الشَّيْخ الْأَصِيل أَبُو الْقَاسِم مَنْصُور بن أبي الْمَعَالِي بنيسابور قَالَ أخبرنَا أَبُو الْمَعَالِي مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل الْفَارِسِي قَالَ حَدثنَا أَبُو بكر أَحْمد بن الْحُسَيْن الْبَيْهَقِيّ قَالَ أخبرنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظ قَالَ سَمِعت أَبَا عبد الله مُحَمَّد بن عبد الله الصفار يَقُول سَمِعت عبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل يَقُول سَمِعت أبي يَقُول سَمِعت الشَّافِعِي يَقُول سَمِعت مَالك بن أنس يَقُول سَمِعت مُحَمَّد بن عجلَان يَقُول ((إِذا أغفل الْعَالم لَا أَدْرِي أُصِيب مقاتله)) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 10 @ هَذَا إِسْنَاد جليل عَزِيز جدا لِاجْتِمَاع أَئِمَّة الْمذَاهب الثَّلَاثَة فِيهِ بَعضهم عَن بعض وروى مَالك مثل ذَلِك عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا وَذكر الْحَافِظ أَبُو عمر بن عبد الْبر الأندلسي عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنْهُم أَنه جَاءَهُ رجل فَسَأَلَهُ عَن شَيْء فَقَالَ الْقَاسِم لَا أحْسنه فَجعل الرجل يَقُول إِنِّي وقفت إِلَيْك لَا أعرف غَيْرك فَقَالَ الْقَاسِم لَا تنظر إِلَى طول لحيتي وَكَثْرَة النَّاس حَولي وَالله مَا أحْسنه فَقَالَ شيخ من قُرَيْش جَالس إِلَى جنبه يَا ابْن أخي الزمها فوَاللَّه مَا رَأَيْتُك فِي مجْلِس أنبل مِنْك الْيَوْم فَقَالَ الْقَاسِم وَالله لِأَن يقطع لساني أحب الي من أَن أَتكَلّم بِمَا لَا علم لي بِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 @ وروى أَبُو عمر عَن سُفْيَان ابْن عُيَيْنَة وَسَحْنُون بن سعيد قَالَا أجسر النَّاس على الْفتيا أقلهم علما وروينا عَن عبد الرَّحْمَن بن مهْدي قَالَ جَاءَ رجل إِلَى مَالك بن أنس الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 @ يسْأَله عَن شَيْء أَيَّامًا مَا يجِيبه فَقَالَ يَا أَبَا عبد الله إِنِّي أُرِيد الْخُرُوج وَقد طَال التَّرَدُّد إِلَيْك قَالَ فَأَطْرَقَ طَويلا ثمَّ رفع رَأسه فَقَالَ مَا شَاءَ الله يَا هَذَا إِنِّي إِنَّمَا أَتكَلّم فِيمَا أحتسب فِيهِ الْخَيْر وَلست أحسن مسألتك هَذِه وَرُوِيَ عَن الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ أَنه سُئِلَ فِي مَسْأَلَة فَسكت فَقيل لَهُ أَلا تجيب رَحِمك الله فَقَالَ حَتَّى أَدْرِي الْفضل فِي سكوتي أَو فِي الْجَواب وروينا عَن أبي بكر الْأَثْرَم قَالَ سَمِعت أَحْمد بن حَنْبَل يستفتى فيكثر أَن يَقُول لَا أَدْرِي وَذَلِكَ من أعرف الْأَقَاوِيل فِيهِ وبلغنا عَن الْهَيْثَم بن جميل قَالَ شهِدت مَالك بن أنس سُئِلَ عَن ثَمَان وَأَرْبَعين مَسْأَلَة فَقَالَ فِي اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ مِنْهَا لَا أَدْرِي وَعَن مَالك أَيْضا أَنه رُبمَا كَانَ يسْأَل عَن خمسين مَسْأَلَة فَلَا يُجيب فِي وَاحِدَة مِنْهَا وَكَانَ يَقُول من أجَاب فِي مَسْأَلَة فَيَنْبَغِي من قبل أَن يُجيب فِيهَا أَن يعرض نَفسه على الْجنَّة وَالنَّار وَكَيف يكون خُلَاصَة فِي الْآخِرَة ثمَّ يُجيب فِيهَا وَعنهُ أَنه سُئِلَ فِي مَسْأَلَة فَقَالَ لَا أَدْرِي فَقيل لَهُ إِنَّهَا مَسْأَلَة خَفِيفَة سهلة فَغَضب وَقَالَ لَيْسَ فِي الْعلم شَيْء خَفِيف أما سَمِعت قَوْله جلّ ثَنَاؤُهُ {إِنَّا سنلقي عَلَيْك قولا ثقيلا} الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 @ فالعلم كُله ثقيل وبخاصة مَا يسْأَل عَنهُ يَوْم الْقِيَامَة وَقَالَ إِذا كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تصعب عَلَيْهِم الْمسَائِل وَلَا يُجيب أحد مِنْهُم فِي مَسْأَلَة حَتَّى يَأْخُذ رَأْي صَاحبه مَعَ مَا رزقوا من السداد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 @ والتوفيق مَعَ الطَّهَارَة فَكيف بِنَا الَّذين غطت الْخَطَايَا والذنُوب قُلُوبنَا وَعَن سعيد بن الْمسيب رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه كَانَ لَا يكَاد يُفْتِي فتية وَلَا يَقُول شَيْئا إِلَّا قَالَ اللَّهُمَّ سلمني وَسلم مني وَجَاء عَن أبي سعيد عبد السَّلَام بن سعيد التنوخي الملقب بسحنون إِمَام الْمَالِكِيَّة وَصَاحب الْمُدَوَّنَة الَّتِي هِيَ عِنْد المالكيين ككتاب الْأُم عِنْد الشافعيين أَنه قَالَ أَشْقَى النَّاس من بَاعَ آخرته بدنياه وأشقى مِنْهُ من بَاعَ آخرته بدنيا غَيره قَالَ ففكرت فِيمَن بَاعَ آخرته بدنيا غَيره فَوَجَدته الْمُفْتِي يَأْتِيهِ الرجل قد حنث فِي امْرَأَته ورقيقه فَيَقُول لَهُ لَا شَيْء عَلَيْك فَيذْهب الحانث فيتمتع بامرأته ورقيقه وَقد بَاعَ الْمُفْتِي دينه بدنيا هَذَا وَعَن سَحْنُون أَن رجلا أَتَاهُ فَسَأَلَهُ عَن مَسْأَلَة فَأَقَامَ يتَرَدَّد إِلَيْهِ ثَلَاثَة أَيَّام مَسْأَلَتي أصلحك الله الْيَوْم ثَلَاثَة أَيَّام فَقَالَ لَهُ وَمَا أصنع لَك يَا خليلي مسألتك معضلة وفيهَا أقاويل وَأَنا متحير فِي ذَلِك فَقَالَ لَهُ وَأَنت أصلحك الله لكل معضلة فَقَالَ لَهُ سَحْنُون هَيْهَات يَا ابْن أخي لَيْسَ بِقَوْلِك هَذَا أبذل لَك لحمي وَدمِي إِلَى النَّار مَا أَكثر مَا لَا أعرف إِن صبرت رَجَوْت أَن تنْقَلب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 @ بمسألتك وَإِن أردْت أَن تمْضِي إِلَى غَيْرِي فَامْضِ تجاب فِي سَاعَة فَقَالَ لَهُ إِنَّمَا جِئْت إِلَيْك وَلَا أستفتي غَيْرك فَقَالَ لَهُ فاصبر عافاك الله ثمَّ أَجَابَهُ بعد ذَلِك وَقد كَانَ فيهم رَضِي الله عَنْهُم من يتباطأ بِالْجَوَابِ عَمَّا هُوَ فِيهِ غير مستريب ويتوقف فِي الْأَمر السهل الَّذِي هُوَ عَنهُ مُجيب بلغنَا عَمَّن سمع سَحْنُون بن سعيد يروي على من يعجل الْفَتْوَى وَيذكر النَّهْي عَن ذَلِك عَن الْمُتَقَدِّمين من معلميه وَقَالَ إِنِّي لأسأل عَن الْمَسْأَلَة فأعرفها وَأعرف فِي أَي كتاب هِيَ وَفِي أَي ورقة وَفِي أَي صفحة وعَلى كم بنيت من السطور فَمَا يَمْنعنِي من الْجَواب فِيهَا إِلَّا كَرَاهَة الجرأة بعدِي على الْفَتْوَى وبلغنا عَن الْخَلِيل بن أَحْمد أَنه كَانَ يَقُول إِن الرجل ليسأل عَن الْمَسْأَلَة ويعجل فِي الْجَواب فَيُصِيب فأذمه وَيسْأل عَن مَسْأَلَة فيتثبت فِي الْجَواب فيخطئ فأحمده وَرُوِيَ عَن سَحْنُون بن سعيد أَنه قيل لَهُ إِنَّك لتسأل عَن الْمَسْأَلَة لَو سُئِلَ عَنْهَا أحد من أَصْحَابك لأجاب فِيهَا فتترجح فِيهَا وتتوقف فَقَالَ إِن فتْنَة الْجَواب بِالصَّوَابِ أَشد من فتْنَة المَال رَضِي الله عَنهُ وَلما ذكره تلفت إِلَى نَحْو مَا بلغنَا عَن القَاضِي أبي الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد ابْن حبيب الْمَاوَرْدِيّ أحد المصنفين الشافعيين قَالَ صنفت فِي الْبيُوع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 16 @ كتابا جمعت لَهُ مَا اسْتَطَعْت من كتب النَّاس وأجهدت فِيهِ نَفسِي وكددت فِيهِ خاطري حَتَّى إِذا تهذب واستكمل وكدت أعجب بِهِ وتصورت أنني أَشد النَّاس اطلاعا بِعِلْمِهِ حضرني وَأَنا فِي مجلسي أَعْرَابِيَّانِ فسألاني عَن بيع عقداه فِي الْبَادِيَة على شُرُوط تَضَمَّنت أَربع مسَائِل لم أعرف لشَيْء مِنْهَا جَوَابا فأطرقت مفكرا وبحالي وحالهما مُعْتَبرا فَقَالَا أما عنْدك فِيمَا سألناك جَوَاب وَأَنت زعيم هَذِه الْجَمَاعَة قلت لَا فَقَالَا إيها لَك وانصرفا ثمَّ أَتَيَا من قد يتقدمه فِي الْعلم كثير من أَصْحَابِي فَسَأَلَاهُ فأجابهما مسرعا بِمَا أقنعهما فآنصرفا عَنهُ راضيين بجوابه مادحين لعلمه فَبَقيت مرتبكا وَإِنِّي لعلى مَا كنت عَلَيْهِ فِي تِلْكَ الْمسَائِل إِلَى وقتي فَكَانَ ذَلِك لي زاجر نصيحة ونذير عظة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 @ وَقَالَ القَاضِي أَبُو الْقَاسِم الصَّيْمَرِيّ أحد الْأَئِمَّة الشافعيين ثمَّ أَبُو بكر الْخَطِيب الْحَافِظ الْفَقِيه الشَّافِعِي الإِمَام فِي علم الحَدِيث قل من حرص على الْفَتْوَى وسابق إِلَيْهَا وثابر عَلَيْهَا إِلَّا قل توفيقه وآضطرب فِي أمره وَإِذا كَانَ كَارِهًا لذَلِك غير مُخْتَار لَهُ مَا وجد مندوحة عَنهُ وَقدر أَن يحِيل بِالْأَمر فِيهِ على غَيره كَانَت المعونة لَهُ من الله أَكثر وَالصَّلَاح فِي جَوَابه وفتاويه أغلب قَالَ ذَلِك الصَّيْمَرِيّ أَولا ثمَّ تَلقاهُ عَنهُ الْخَطِيب فَقَالَ لَهُ فِي بعض تصانيفه وروى بِإِسْنَادِهِ عَن بشر بن الْحَارِث أَنه قَالَ من أحب أَن يسْأَل فَلَيْسَ بِأَهْل أَن يسْأَل وَذكر أَبُو عبد الله الْمَالِكِي فِيمَا جمعه من مَنَاقِب شَيْخه أبي الْحسن الْقَابِسِيّ الإِمَام الْمَالِكِي أَنه كَانَ لَيْسَ شَيْء أَشد عَلَيْهِ من الْفَتْوَى وَأَنه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18 @ قَالَ لَهُ عَشِيَّة من العشايا مَا آبتلي أحد بِمَا إبتليت بِهِ أَفْتيت الْيَوْم فِي عشر مسَائِل قلت قَول الله تبَارك وَتَعَالَى وَلَا تَقولُوا لما تصف أَلْسِنَتكُم الْكَذِب هَذَا حَلَال وَهَذَا حرَام لتفتروا على الله الْكَذِب إِن الَّذين يفترون على الله الْكَذِب لايفلحون مَتَاع قَلِيل وَلَهُم عَذَاب أَلِيم شَامِل بِمَعْنَاهُ لمن زاغ فِي فتواه فَقَالَ فِي الْحَرَام هَذَا حَلَال أَو فِي الْحَلَال هَذَا حرَام أَو نَحْو ذَلِك وَفِيمَا رَوَاهُ أَبُو عمر بن عبد الْبر الْحَافِظ بِإِسْنَادِهِ عَن مَالك قَالَ أَخْبرنِي رجل أَنه دخل على ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن فَوَجَدَهُ يبكي فَقَالَ لَهُ مَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 @ يبكيك وارتاع لبكائه فَقَالَ لَهُ أَمُصِيبَة دخلت عَلَيْك فَقَالَ لَا وَلَكِنِّي أستفتي من لَا علم لَهُ وَظهر فِي الْإِسْلَام أَمر عَظِيم قَالَ ربيعَة وَبَعض من يُفْتِي هَهُنَا أَحَق بالسجن من السراق رحم الله ربيعَة كَيفَ لَو أدْرك زَمَاننَا وَمَا شَاءَ الله وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم وحسبنا الله وَنعم الْوَكِيل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 @ القَوْل فِي شُرُوط الْمُفْتِي وَصِفَاته وَأَحْكَامه وآدابه أما شُرُوطه وَصِفَاته فَهُوَ أَن يكون مُكَلّفا مُسلما ثِقَة مَأْمُونا منزها من أَسبَاب الْفسق ومسقطات الْمُرُوءَة لِأَن من لم يكن كَذَلِك فَقَوله غير صَالح للإعتماد وَإِن كَانَ من أهل الإجتهاد وَيكون فَقِيه النَّفس سليم الذِّهْن رصين الْفِكر صَحِيح التَّصَرُّف والإستنباط متيقظا ثمَّ يَنْقَسِم وَرَاء هَذَا إِلَى قسمَيْنِ مُسْتَقل وَغير مُسْتَقل الْقسم الاول الْمُفْتِي المستقل وَشَرطه أَن يكون مَعَ مَا ذَكرْنَاهُ قيمًا بِمَعْرِِفَة أَدِلَّة الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة من الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع وَالْقِيَاس وَمَا الْتحق بهَا على التَّفْصِيل وَقد فصلت فِي كتب الْفِقْه وَغَيرهَا فتيسرت وَالْحَمْد لله عَالما بِمَا يشْتَرط الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 @ فِي الْأَدِلَّة ووجوه دلالاتها ويكفيه اقتباس الْأَحْكَام مِنْهَا وَذَلِكَ يُسْتَفَاد من علم أصُول الْفِقْه عَارِفًا من علم الْقُرْآن وَعلم الحَدِيث وَعلم النَّاسِخ والمنسوخ وَعلمِي النَّحْو واللغة وأختلاف الْعلمَاء وإنفاقهم بِالْقدرِ الَّذِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 @ يتَمَكَّن بِهِ من الْوَفَاء بِشُرُوط الْأَدِلَّة والاقتباس مِنْهَا ذَا دربة وآرتياض فِي اسْتِعْمَال ذَلِك عَالما بالفقه ضابطا لأمهات مسَائِله وتفاريعه المفروغ من تمهيدها فَمن جمع هَذِه الْفَضَائِل فَهُوَ الْمُفْتِي الْمُطلق المستقل الَّذِي يتَأَدَّى بِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 @ فرض الْكِفَايَة وَأَن يكون مُجْتَهدا مُسْتقِلّا والمجتهد المستقل هُوَ الَّذِي يسْتَقلّ بِإِدْرَاك الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة من الْأَدِلَّة الشَّرْعِيَّة من غير تَقْلِيد وتقيد بِمذهب أحد وَفصل الإِمَام أَبُو الْمَعَالِي الْجُوَيْنِيّ صِفَات الْمُفْتِي ثمَّ قَالَ القَوْل الْوَجِيز فِي ذَلِك إِن الْمُفْتِي هُوَ المتمكن من دَرك أَحْكَام الوقائع على سبر من غير معاناة تعلم وَهَذَا الَّذِي قَالَه مُعْتَبر فِي الْمُفْتِي وَلَا يصلح حدا للمفتي وَالله أعلم تَنْبِيهَات الأول مَا اشترطناه فِيهِ من كَونه حَافِظًا لمسائل الْفِقْه لم يعد من شُرُوطه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 @ فِي كثير من الْكتب الْمَشْهُورَة نظرا إِلَى أَنه لَيْسَ شرطا لمنصب الِاجْتِهَاد فَإِن الْفِقْه من ثمراته فَيكون مُتَأَخِّرًا عَنهُ وَشرط الشَّيْء لَا يتَأَخَّر عَنهُ واشترطه الْأُسْتَاذ أَبُو إِسْحَاق الإسفرائيني وَصَاحبه أَبُو مَنْصُور الْبَغْدَادِيّ وَغَيرهمَا وَاشْتِرَاط ذَلِك فِي صفة الْمُفْتِي الَّذِي يتَأَدَّى بِهِ فرض الْكِفَايَة هُوَ الصَّحِيح وَإِن لم يكن كَذَلِك فِي صفة الْمُجْتَهد المستقل على تجرده كَأَن حَال الْمُفْتِي يَقْتَضِي اشْتِرَاط كَونه على صفة يسهل عَلَيْهِ مَعهَا إِدْرَاك أَحْكَام الوقائع على الْقرب من غير تَعب كثير وَهَذَا لَا يحصل لأحد من الْخلق إِلَّا بِحِفْظ إِلَّا بِحِفْظ أَبْوَاب الْفِقْه ومسائله ثمَّ لَا يشْتَرط أَن تكون جَمِيع الْأَحْكَام على ذهنه بل يَكْفِي أَن يكون حَافِظًا للمعظم مُتَمَكنًا من إِدْرَاك الْبَاقِي على الْقرب الثَّانِي هَل يشْتَرط فِيهِ أَن يعرف من الْحساب مَا يصحح بِهِ الْمسَائِل الحسابية الْفِقْهِيَّة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 @ حكى أَبُو إِسْحَاق وَأَبُو مَنْصُور فِيهِ اخْتِلَافا للأصحاب وَالأَصَح أشتراطه لِأَن من الْمسَائِل الْوَاقِعَة نوعا لَا يعرف جَوَابه إِلَّا من جمع بَين الْفِقْه والحساب الثَّالِث إِنَّمَا يشْتَرط اجْتِمَاع الْعُلُوم الْمَذْكُورَة فِي الْمُفْتِي الْمُطلق فِي جَمِيع أَبْوَاب الشَّرْع أما الْمُفْتِي فِي بَاب خَاص من الْعلم نَحْو علم الْمَنَاسِك أَو علم الْفَرَائِض أَو غَيرهمَا فَلَا يشْتَرط فِيهِ جَمِيع ذَلِك وَمن الْجَائِز أَن ينَال الْإِنْسَان منصب الْفَتْوَى وَالِاجْتِهَاد فِي بعض الْأَبْوَاب دون بعض فَمن عرف الْقيَاس وطرقه وَلَيْسَ عَالما بِالْحَدِيثِ فَلهُ أَن يُفْتِي فِي مسَائِل قياسية يعلم أَنه لَا تعلق لَهَا بِالْحَدِيثِ وَمن عرف أصُول علم الْمَوَارِيث واحكامها جَازَ أَن يُفْتِي فِيهَا وَإِن لم يكن عَالما بِأَحَادِيث النِّكَاح وَلَا عَارِفًا بِمَا يجوز لَهُ الْفَتْوَى فِي غير ذَلِك من أَبْوَاب الْفِقْه قطع بِجَوَازِهِ الْغَزالِيّ وَابْن برهَان وَغَيرهمَا وَمِنْهُم من منع من ذَلِك مُطلقًا وَأَجَازَهُ أَبُو نصر بن الصّباغ غير أَنه خصصه بِبَاب الْمَوَارِيث قَالَ لِأَن الْفَرَائِض لَا تبنى على غَيرهَا من الْأَحْكَام فَأَما مَا عَداهَا من الْأَحْكَام فبعضه مُرْتَبِط بِبَعْض وَالأَصَح أَن ذَلِك لَا يخْتَص بِبَاب الْمَوَارِيث وَالله أعلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 @ الْقسم الثَّانِي الْمُفْتِي الَّذِي لَيْسَ بمستقل مُنْذُ دهر طَوِيل طوي بِسَاط الْمُفْتِي المستقل الْمُطلق والمجتهد المستقل وأفضى أَمر الْفَتْوَى إِلَى الْفُقَهَاء المنتسبين إِلَى أَئِمَّة الْمذَاهب المتبوعة وللمفتي المنتسب أَحْوَال أَربع الأولى أَن لَا يكون مُقَلدًا لإمامه لَا فِي الْمَذْهَب وَلَا فِي دَلِيله لكَونه قد جمع الْأَوْصَاف والعلوم المشترطة فِي المستقل وَإِنَّمَا ينْسب إِلَيْهِ لكَونه سلك طَرِيقه فِي الِاجْتِهَاد ودعا إِلَى سَبيله وَقد بلغنَا عَن الْأُسْتَاذ أبي إِسْحَاق الإسفرائيني رَحمَه الله أَنه ادّعى هَذِه الصّفة لأئمة أَصْحَابنَا فَحكى عَن أَصْحَاب مَالك وَأحمد وَدَاوُد وَأكْثر أَصْحَاب أبي حنيفَة رَحِمهم الله أَنهم صَارُوا إِلَى مَذَاهِب أئمتهم تقليدا لَهُم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 @ ثمَّ قَالَ الصَّحِيح الَّذِي ذهب إِلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ مَا ذهب إِلَيْهِ أَصْحَابنَا وَهُوَ أَنهم صَارُوا إِلَى مَذْهَب الشَّافِعِي رَحمَه الله لَا على جِهَة التَّقْلِيد لَهُ وَلَكِن لما وجدوا طَرِيقه فِي الِاجْتِهَاد والفتاوى أَسد الطّرق وأولاها وَلم يكن لَهُم يَد من الِاجْتِهَاد سلكوا طَرِيقه فِي الِاجْتِهَاد وطلبوا معرفَة الْأَحْكَام بِالطَّرِيقِ الَّذِي طلبَهَا الشَّافِعِي بِهِ قلت وَهَذَا الرَّأْي حَكَاهُ عَن أَصْحَابنَا وَاقع على وفْق مَا رسمه لَهُم الشَّافِعِي ثمَّ الْمُزنِيّ فِي أول مُخْتَصره وَفِي غَيره وَذكر الشَّيْخ أَبُو عَليّ السنجي شَبِيها بذلك فَقَالَ اتَّبعنَا قَول الشَّافِعِي دون قَول غَيره من الْأَئِمَّة لما وجدنَا قَوْله أصح الْأَقْوَال وأعدلها لَا أَنا قلدناه فِي قَوْله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 @ قلت دَعْوَى انْتِفَاء التَّقْلِيد عَنْهُم مُطلقًا من كل وَجه لَا يَسْتَقِيم إِلَّا أَن يَكُونُوا قد أحاطوا بعلوم الإجتهاد الْمُطلق وفازوا برتبة الْمُجْتَهدين المستقلين وَذَلِكَ لَا يلائم الْمَعْلُوم من أَحْوَالهم أَو أَحْوَال أَكْثَرهم وَقد ذكر بعض الْأُصُولِيِّينَ منا أَنه لم يُوجد بعد عصر الشَّافِعِي مُجْتَهد مُسْتَقل وَحكى اخْتِلَافا بَين أَصْحَابنَا وَأَصْحَاب أبي حنيفَة فِي أبي يُوسُف وَأبي مُحَمَّد الْمُزنِيّ وَابْن سُرَيج خَاصَّة هَل كَانُوا من الْمُجْتَهدين المستقلين أَو من الْمُجْتَهدين فِي الْمذَاهب وَلَا يُنكر دَعْوَى ذَلِك فيهم فِي فن من الْفِقْه دون فن بِنَاء على مَا قدمْنَاهُ فِي جَوَاز تَجْرِيد منصب الْمُجْتَهد المستقل وَيبعد جَرَيَان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 @ ذَلِك الْخلاف فِي حق هَؤُلَاءِ المتبحرين الَّذين عَم نظرهم الْأَبْوَاب كلهَا فَإِنَّهُ لَا يخفى على أحدهم إِذا أكمل فِي بَاب مَالا يتَعَلَّق مِنْهُ بِغَيْرِهِ من الْأَبْوَاب الَّتِي لم يكمل فِيهَا لعُمُوم نظره وجولانه فِي الْأَبْوَاب كلهَا إِذا عرفت هَذَا ففتوى المستفتين فِي هَذِه الْحَالة فِي حكم فَتْوَى الْمُجْتَهد المستقل الْمُطلق يعْمل بهَا ويعتد بهَا فِي الْإِجْمَاع وَالْخلاف وَالله أعلم الْحَالة الثَّانِيَة أَن يكون فِي مَذْهَب إِمَامه مُجْتَهدا مُفِيدا فيستقل بتقرير مذاهبه بِالدَّلِيلِ غير أَنه لَا يتَجَاوَز فِي أدلته أصُول إِمَامه وقواعده وَمن شَأْنه أَن يكون عَالما بالفقه خَبِيرا بأصول الْفِقْه عَارِفًا بأدلة الْأَحْكَام تَفْصِيلًا بَصيرًا بمسالك الأقيسة والمعاني تَامّ الارتياض فِي التَّخْرِيج والإستنباط قيمًا بإلحاق مَا لَيْسَ بمنصوص عَلَيْهِ فِي مَذْهَب إِمَامه بأصول مذْهبه وقواعده وَلَا يعرى عَن شوب من التَّقْلِيد لَهُ لإخلاله بِبَعْض الْعُلُوم والأدوات الْمُعْتَبرَة فِي المستقل مثل أَن يخل بِعلم الحَدِيث أَو بِعلم اللُّغَة الْعَرَبيَّة وَكَثِيرًا مَا وَقع الْإِخْلَال بِهَذَيْنِ العلمين فِي أهل الِاجْتِهَاد الْمُقَيد ويتخذ أصُول نُصُوص إِمَامه أصولا يستنبط مِنْهَا نَحْو مَا يَفْعَله المستقل بنصوص الشَّارِع وَرُبمَا مريه الحكم وَقد ذكره إِمَامه بدليله فيكتفي بذلك وَلَا يبْحَث هَل لذَلِك الدَّلِيل من معَارض وَلَا يَسْتَوْفِي النّظر فِي شُرُوطه كَمَا يَفْعَله المستقل وَهَذِه صفة أَصْحَاب الْوُجُوه والطرق فِي الْمَذْهَب وعَلى هَذِه الصّفة كَانَ أَئِمَّة أَصْحَابنَا أَو أَكْثَرهم وَمن كَانَ هَذَا شَأْنه فالعامل بفتياه مقلد لإمامة لاله معوله على صِحَة إِضَافَة مَا يَقُوله إِلَى إِمَامه لعدم استقلاله بتصحيح نسبته إِلَى الشَّارِع وَالله أعلم تَنْبِيهَات الأول الَّذِي رَأَيْته من كَلَام الْأَئِمَّة يشْعر بِأَن من كَانَت هَذِه حَالَته فَفرض الْكِفَايَة لَا يتأد بِهِ وَوَجهه أَن مَا فِيهِ من التَّقْلِيد نقص وخلل فِي الْمَقْصُود وَأَقُول يظْهر أَنه يتَأَدَّى بِهِ فرض الْكِفَايَة فِي الْفَتْوَى وَإِن لم يتأد بِهِ فرض الْكِفَايَة فِي إحْيَاء الْعُلُوم الَّتِي مِنْهَا استمداد الْفَتْوَى لِأَنَّهُ قد قَامَ فِي فتواه مقَام إِمَام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 @ مُطلق فَهُوَ يُؤَدِّي عَنهُ مَا كَانَ يتَأَدَّى بِهِ الْفَرْض حِين كَانَ حَيا قَائِما بِالْفَرْضِ فِيهَا والتفريع على الصَّحِيح فِي أَن تَقْلِيد الْمَيِّت جَائِز الثَّانِي قد يُؤْخَذ من الْمُجْتَهد الْمُقَيد الِاسْتِقْلَال بِالِاجْتِهَادِ وَالْفَتْوَى فِي مَسْأَلَة خَاصَّة أَو فِي بَاب خَاص كَمَا تقدم فِي النَّوْع الَّذِي قبله وَالله أعلم الثَّالِث يجوز لَهُ أَن يُفْتِي فِيمَا لَا يجده من أَحْكَام الوقائع مَنْصُوصا عَلَيْهِ لإمامه بِمَا يُخرجهَا على مذْهبه هَذَا هُوَ الصَّحِيح الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَل وَإِلَيْهِ مفزع الْمُفْتِينَ من مدد مديدة فالمجتهد فِي مَذْهَب الشَّافِعِي مثلا الْمُحِيط بقواعد مذْهبه المتدرب فِي مقاييسه وسبل متفرقاته وتنزل كَمَا قدمنَا ذكره فِي الْإِلْحَاق بمنصوصاته وقواعد مذْهبه منزلَة الْمُجْتَهد المستقل فِي إِلْحَاقه مَا لم ينص عَلَيْهِ الشَّارِع بِمَا نَص عَلَيْهِ وَهَذَا أقدر على هَذَا من ذَاك على ذَاك فَإِن هَذَا يجد فِي مَذْهَب إِمَامه من الْقَوَاعِد الممهدة والضوابط المهذبة مَا لَا يجده المستقل فِي أصُول الشَّرْع ونصوصه ثمَّ إِن المستفتي فِيمَا يفتيه بِهِ من تَخْرِيجه هَذَا مقلد لإمامه لَا لَهُ قطع بِهَذَا الشَّيْخ أَبُو الْمَعَالِي ابْن الْجُوَيْنِيّ فِي كِتَابه الغياثي وَأَنا أَقُول يَنْبَغِي أَن يخرج هَذَا على خلاف حَكَاهُ الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ فِي أَن مَا يُخرجهُ أَصْحَابنَا رَحِمهم الله على مَذْهَب الشَّافِعِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 @ رَحمَه الله هَل يجوز أَن ينْسب إِلَيْهِ وَاخْتَارَ الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق أَنه لَا يجوز أَن ينْسب إِلَيْهِ وَالله أعلم الرَّابِع تَخْرِيجه تَارَة يكون من نَص معِين لإمامه فِي مَسْأَلَة مُعينَة وَتارَة لَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 @ يجد لإمامه نصا معينا يخرج مِنْهُ فَيخرج على وفْق أُصُوله بِأَن يجد دَلِيلا من جنس مَا يحجّ بِهِ إِمَامه وعَلى شَرطه فيفتي بِمُوجبِه ثمَّ إِن وَقع النَّوْع الأول من التَّخْرِيج فِي صُورَة فِيهَا نَص لإمامه مخرجا خلاف نَصه فِيهَا من نَص آخر فِي صُورَة أُخْرَى سمي قولا مخرجا وَإِذا وَقع النَّوْع الثَّانِي فِي صُورَة قد قَالَ فِيهَا بعض الْأَصْحَاب غير ذَلِك سمي ذَلِك وَجها وَيُقَال فِيهَا وَجْهَان وَشرط التَّخْرِيج الْمَذْكُور عِنْد اخْتِلَاف النصين أَن لَا يجد بَين الْمَسْأَلَتَيْنِ فارقا ولإمامه فِي مثل ذَلِك أَي عِلّة جَامِعَة وَهُوَ من قبيل إِلْحَاق الْأمة بِالْعَبدِ فِي قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أعتق شركا لَهُ فِي عبد قوم عَلَيْهِ وَمهما أمكنه الْفرق بَين الْمَسْأَلَتَيْنِ لم يجز لَهُ على الْأَصَح التَّخْرِيج فَلَزِمَهُ تَقْرِير النظير على ظاهرهما مُعْتَمدًا على الْفَارِق وَكثير مَا يَخْتَلِفُونَ فِي القَوْل بالتخريج فِي مثل ذَلِك لاختلافهم فِي إِمْكَان الْفرق وَالله أعلم الْحَالة الثَّالِثَة أَن لَا يبلغ رُتْبَة أَئِمَّة الْمذَاهب أَصْحَاب الْوُجُوه والطرق غير أَنه فَقِيه النَّفس حَافظ لمَذْهَب إِمَامه عَارِف بأدلته قَائِم بتقريرها وبنصرته يصور ويجرد ويمهد ويقرر ويوازن ويرجح لكنه قصر عَن دَرَجَة أُولَئِكَ إِمَّا لكَونه لم يبلغ فِي حفظ الْمَذْهَب مبلغهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 @ وَإِمَّا لكَونه لم يرتض فِي التَّخْرِيج والاستنباط كارتياضهم وَإِمَّا لكَونه غير متبحر فِي علم أصُول الْفِقْه على أَنه لَا يَخْلُو مثله فِي ضمن مَا يحفظ من الْفِقْه ويعرفه من أدلته عَن أَطْرَاف من قَوَاعِد أصُول الْفِقْه وَإِمَّا لكَونه مقصرا فِي غير ذَلِك من الْعُلُوم الَّتِي هِيَ أدوات الِاجْتِهَاد الْحَاصِل لأَصْحَاب الْوُجُوه والطرق وَهَذِه صفة كثير من الْمُتَأَخِّرين إِلَى أَوَاخِر الْمِائَة الرَّابِعَة من الْهِجْرَة المصنفين الَّذين رتبوا الْمَذْهَب وحرروه وصنفوا فِيهِ تصانيف بهَا مُعظم آشتغال النَّاس الْيَوْم وَلم يلْحقُوا بأرباب الْحَالة الثَّانِيَة فِي تَخْرِيج الْوُجُوه وتمهيد الطّرق فِي الْمَذْهَب وَأما فِي فتاواهم فقد كَانُوا يتبسطون فِيهَا كتبسط أُولَئِكَ أَو قَرِيبا مِنْهُ ويقيسون غير الْمَنْقُول والمسطور على الْمَنْقُول والمسطور فِي الْمَذْهَب غير مختصرين فِي ذَلِك على الْقيَاس الْجَلِيّ وَقِيَاس لَا فَارق الَّذِي هُوَ نَحْو قِيَاس الْأمة على العَبْد فِي إِعْتَاق الشَّرِيك وَقِيَاس الْمَرْأَة على الرجل فِي رُجُوع البَائِع إِلَى غير مَاله عِنْد تعذر الثّمن وَفِيهِمْ من جمعت فَتَاوَاهُ وأفردت بالتدوين وَلَا يبلغ فِي التحاقها بِالْمذهبِ مبلغ فَتَاوَى أَصْحَاب الْوُجُوه وَلَا يقوى كقوتها وَالله أعلم الْحَالة الرَّابِعَة أَن يقوم بِحِفْظ الْمَذْهَب وَنَقله وفهمه فِي واضحات الْمسَائِل ومشكلاتها غير أَن عِنْده ضعفا فِي تَقْرِير أدلته وتحرير أقيسته فَهَذَا يعْتَمد نَقله وفتواه بِهِ فِيمَا يحكيه من مسطورات مذْهبه من منصوصات إِمَامه وتفريعات أَصْحَابه الْمُجْتَهدين فِي مذْهبه وتخريجاتهم وَأما مَا لَا يجده مَنْقُولًا فِي مذْهبه فَإِن وجد فِي الْمَنْقُول مَا هَذَا فِي مَعْنَاهُ بِحَيْثُ يدْرك من غير فضل فكر وَتَأمل أَنه لَا فَارق بَينهمَا كَمَا فِي الْأمة بِالنِّسْبَةِ إِلَى العَبْد الْمَنْصُوص عَلَيْهِ فِي إِعْتَاق الشَّرِيك جَازَ لَهُ إِلْحَاقه بِهِ وَالْفَتْوَى بِهِ وَكَذَلِكَ مَا يعلم إندراجه تَحت ضَابِط مَنْقُول ممهد فِي الْمَذْهَب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 @ وَمَا لم يكن كَذَلِك فَعَلَيهِ الْإِمْسَاك عَن الْفتيا مِنْهُ وَمثل هَذَا يَقع نَادرا فِي مثل الْفَقِيه الْمَذْكُور إِذا يبعد كَمَا ذكر الإِمَام أَبُو الْمَعَالِي الْجُوَيْنِيّ أَن يَقع وَاقعَة لم ينص على حكمهَا فِي الْمَذْهَب وَلَا هِيَ فِي معنى شَيْء فِي الْمَنْصُوص عَلَيْهِ فِيهِ من غير فرق وَلَا هِيَ مندرجة تَحت شَيْء من ضوابط الْمَذْهَب المحررة فِيهِ ثمَّ إِن هَذَا الْفَقِيه لَا يكون إِلَّا فَقِيه النَّفس لِأَن تَصْوِير الْمسَائِل على وَجههَا ثمَّ نقل أَحْكَامهَا بعد أستتمام تصويرها جلياتها وخفياتها لَا يقوم بِهِ إِلَّا فَقِيه النَّفس ذُو حَظّ من الْفِقْه قلت وَيَنْبَغِي أَن يَكْتَفِي فِي حفظ الْمَذْهَب فِي هَذِه الْحَالة وَفِي الْحَالة الَّتِي قبلهَا بِأَن يكون الْمُعظم على ذهنه لدربنه مُتَمَكنًا من الْوُقُوف على الْبَاقِي بالمطالعة أَو مَا يلْتَحق بهَا على الْقرب كَمَا اكتفينا فِي اقسام الِاجْتِهَاد الثَّلَاثَة الأول بِأَن يكون الْمُعظم على ذهنه ويتمكن من إِدْرَاك الْبَاقِي بِالِاجْتِهَادِ على الْقرب وَهَذِه أَصْنَاف الْمُفْتِينَ وشروطهم وَهِي خَمْسَة وَمَا من صنف مِنْهَا إِلَّا وَيشْتَرط فِيهِ حفظ الْمَذْهَب وَفقه النَّفس وَذَلِكَ فِيمَا عدا الصِّنْف الْأَخير الَّذِي هُوَ أخسها بَعْدَمَا يشْتَرط فِي هَذَا الْقَبِيل فَمن انتصب فِي منصب الْفتيا وتصدى لَهَا وَلَيْسَ على صفة وَاحِد من هَذِه الْأَصْنَاف الْخَمْسَة فقد بَاء بِأَمْر عَظِيم أَلا يظنّ أُولَئِكَ أَنهم مبعوثون ليَوْم عَظِيم وَمن أَرَادَ التصدي للفتيا ظَانّا كَونه من أَهلهَا فليتهم نَفسه وليتق الله ربه تبَارك الله وَتَعَالَى وَلَا يجد عَن الْأَخْذ بالوثيقة لنَفسِهِ وَالنَّظَر لَهَا وَلَقَد قطع الإِمَام أَبُو الْمَعَالِي وَغَيره بِأَن الاصولي الماهر الْمُتَصَرف فِي الْفِقْه لَا يحل لَهُ الْفَتْوَى بِمُجَرَّد ذَلِك وَلَو وَقعت لَهُ فِي نَفسه وَاقعَة لزمَه أَن يستفتي غَيره فِيهَا ويلتحق بِهِ الْمُتَصَرف النظار البحاث فِي الْفِقْه من أَئِمَّة الْخلاف وفحول المناظرين وَهَذَا لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهلا لإدراك حكم الْوَاقِعَة اسْتِقْلَالا لمقصور آلَته وَلَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 @ من مَذْهَب إِمَام مُتَقَدم لعدم حفظه لَهُ وَعدم إطلاعه عَلَيْهِ على الْوَجْه الْمُعْتَبر وَالله أعلم تَنْبِيهَات الأول قطع بِهِ الإِمَام الْعَلامَة أَبُو عبد الله الْحَلِيمِيّ إِمَام الشافعيين بِمَا وَرَاء النَّهر وَالْقَاضِي أَبُو المحاسن الرَّوْيَانِيّ صَاحب بَحر الْمَذْهَب وَغَيرهمَا بِأَنَّهُ لَا يجوز للمقلد أَن يُفْتِي بِمَا هُوَ مقلد فِيهِ وَذكر الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد الْجُوَيْنِيّ فِي شَرحه لرسالة الشَّافِعِي عَن شَيْخه أبي بكر الْقفال الْمروزِي أَنه يجوز لمن حفظ مَذْهَب صَاحب مَذْهَب ونصوصه أَن يُفْتِي بِهِ وَإِن لم يكن عَارِفًا بغوامضه وحقائقه وَخَالفهُ الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد وَقَالَ لَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 @ يجوز أَن يُفْتِي بِمذهب غَيره إِذا لم يكن متبحرا فِيهِ عَالما بغوامضه وحقائقه كَمَا لَا يجوز للعامي الَّذِي جمع فتاوي الْمُفْتِينَ أَن يُفْتِي بهَا وَإِذا كَانَ متبحرا بهَا جَازَ أَن يُفْتِي بهَا قلت قَول من قَالَ لَا يجوز أَن يُفْتِي بذلك مَعْنَاهُ أَنه لَا يذكرهُ فِي صُورَة مَا يَقُوله من عِنْد نَفسه بل يضيفه إِلَى غَيره ويحكيه عَن إِمَامه الَّذِي قَلّدهُ فعلى هَذَا من عددناه فِي أَصْنَاف المفتيين من المقلدين لَيْسُوا على الْحَقِيقَة من المفتيين وَلَكنهُمْ قَامُوا مقَام الْمُفْتِينَ وأدوا عَنْهُم فعدوا مَعَهم وسبيلهم فِي ذَلِك أَن يَقُول مثلا مَذْهَب الشَّافِعِي كَذَا وَكَذَا أَو مُقْتَضى مذْهبه كَذَا وَكَذَا وَمَا أشبه ذَلِك وَمن ترك إِضَافَة ذَلِك إِلَى إِمَامه إِن كَانَ ذَلِك مِنْهُ اكْتِفَاء بالمعلوم عَن الْحَال عَن التَّصْرِيح بالمقال فَلَا بَأْس وَذكر الْمَاوَرْدِيّ فِي كِتَابه الْحَاوِي فِي القَاضِي إِذا عرف حكم حَادِثَة بني على دليلها ثَلَاثَة أوجه أَحدهَا أَنه يجوز أَن يُفْتِي بِهِ وَيجوز تَقْلِيده فِيهِ لِأَنَّهُ قد وصل إِلَى الْعلم بِهِ مثل وُصُول الْعَالم إِلَيْهِ وَالثَّانِي يجوز ذَلِك إِن كَانَ دليلها من الْكتاب وَالسّنة وَالثَّالِث هُوَ أَصَحهَا أَنه لَا يجوز ذَلِك مُطلقًا قلت وَلَيْسَ فِيمَا ذكره حِكَايَة خلاف فِي جَوَاز فتيا الْمُقَلّد وتقليده لِأَن فِيمَا ذكره من تَوْجِيه وَجه الْجَوَاز تَشْبِيها بِأَن الْعَاميّ لَا يبْقى مُقَلدًا فِي حكم تِلْكَ الْحَادِثَة وَالله أعلم الثَّانِي إِن قلت من تفقه وَقَرَأَ كتابا من كتب الْمَذْهَب أَو أَكثر هُوَ مَعَ ذَلِك قَاصِر لم يَتَّصِف بِصفة أحد من أَصْنَاف الْمُفْتِينَ الَّذين سبق ذكرهم فَإِذا لم يجد الْعَاميّ فِي بَلَده غَيره فرجوعه إِلَيْهِ أولى من أَن يبْقى فِي واقعته مرتكبا فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 @ حيرته قلت وَإِن كَانَ فِي غير بَلَده مفت يجد السَّبِيل إِلَى استفتائه فَعَلَيهِ التَّوَصُّل إِلَى إستفتائه بِحَسب إِمْكَانه على أَن بعض أَصْحَابنَا ذكر أَنه إِذا شغرت الْبَلَد عَن الْمُفْتِينَ فَلَا يحل الْمقَام فِيهَا وَإِن تعذر ذَلِك عَلَيْهِ ذكر مَسْأَلته للْقَاضِي الْمَذْكُور فَإِن وجد مَسْأَلته بِعَينهَا مسطورة فِي كتاب موثوق بِصِحَّتِهِ وَهُوَ مِمَّن يقبل خَبره نقل لَهُ حكمهَا بنصه وَكَانَ الْعَاميّ فِي ذَلِك مُقَلدًا لصَاحب الْمَذْهَب وَهَذَا وجدته فِي ضمن كَلَام بَعضهم وَالدَّلِيل يعضده ثمَّ لَا يعد هَذَا الْقَاصِر بأمثال ذَلِك من الْمُفْتِينَ وَلَا من الْأَصْنَاف الْمَذْكُورَة الْمُسْتَعَار لَهُم سمة الْمُفْتِينَ وَأَن لم يجد مَسْأَلته بِعَينهَا وَنَصهَا مسطورة فَلَا سَبِيل لَهُ إِلَى القَوْل فِيهَا قِيَاسا على مَا عِنْده من السطور وَإِن آعتقده من قبيل قِيَاس لَا فَارق الَّذِي هُوَ نَحْو قِيَاس الْأمة على العَبْد فِي سر آيَة الْعتْق لِأَن القَاضِي معرض لِأَن يعْتَقد مَا لَيْسَ من هَذَا الْقَبِيل دَاخِلا فِي هَذَا الْقَبِيل وَإِنَّمَا استتب إِلْحَاق الْأمة بِالْعَبدِ فِي سر آيَة الْعتْق فِي حق من عرف مصَادر الشَّرْع وموارده فِي أَحْكَام الْعتْق بِحَيْثُ استبان لَهُ أَنه لَا فرق فِي ذَلِك بَين الذّكر وَالْأُنْثَى وَالله أعلم الثَّالِث إِذا لم يجد صَاحب الْوَاقِعَة مفتيا وَلَا أحدا ينْقل لَهُ حكم واقعته لَا فِي بَلَده وَلَا فِي غَيره فَمَاذَا يصنع قلت هَذِه مَسْأَلَة فَتْرَة الشَّرِيعَة الْأُصُولِيَّة والسبيل فِي ذَلِك كالسبيل فِي مَا قبل وُرُود الشَّرَائِع وَالصَّحِيح فِي كل ذَلِك القَوْل بإنتفاء التَّكْلِيف عَن العَبْد وَإنَّهُ لَا يثبت فِي حَقه حكم لَا إِيجَاب وَلَا تَحْرِيم وَلَا غير ذَلِك فَلَا يُؤْخَذ إِذن صَاحب الْوَاقِعَة بِأَيّ شَيْء صنعه فِيهَا وَهَذَا مَعَ تقرره بِالدَّلِيلِ الْمَعْنَوِيّ الأصولي يشْهد لَهُ حَدِيث حُذَيْفَة بن الْيَمَان رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يدرس الْإِسْلَام كَمَا يدرس وشي الثَّوْب حتي لَا يدْرِي مَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 @ صِيَام وَلَا صَلَاة وَلَا نسك وَلَا صَدَقَة وليسرى على كتاب الله تَعَالَى فِي لَيْلَة لَا يبْقى فِي الأَرْض مِنْهُ اية وَتبقى طوائف من النَّاس الشَّيْخ الْكَبِير والعجوز الْكَبِيرَة يَقُولُونَ آدركنا آبَاءَنَا على هَذِه الْكَلِمَة لَا إِلَه إِلَّا الله فَنحْن نقولها فَقَالَ صلَة ابْن ذفر لِحُذَيْفَة فَمَا تغني عَنْهُم لَا رله إِلَّا الله وهم لَا يَدْرُونَ مَا صَلَاة وَلَا صِيَام وَلَا نسك وَلَا صَدَقَة فَأَعْرض عَنهُ حُذَيْفَة فَردهَا عَلَيْهِ ثَلَاثًا كل ذَلِك يعرض عَنهُ حُذَيْفَة ثمَّ أقبل عَلَيْهِ فِي الثَّالِثَة فَقَالَ يَا صلَة تنجيهم من النَّار تنجيهم من النَّار تنجيهم من النَّار رَوَاهُ أَبُو عبد الله بن مَاجَه فِي سنَنه وَالْحَاكِم أَبُو عبد الله الحافط فِي صَحِيحه وَقَالَ هَذَا حَدِيث صَحِيح على شَرط مُسلم وَلم يخرجَاهُ وَالله أعلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 @ القَوْل فِي أَحْكَام الْمُفْتِينَ وَفِيه مسَائِل الأولى لَا يشْتَرط فِي الْمُفْتِي الْحُرِّيَّة والذكورة كَمَا فِي الرَّاوِي وَيَنْبَغِي أَن يكون كالراوي أَيْضا فِي أَنه لَا يُؤثر فِيهِ الْقَرَابَة والعداوة وجلب النَّفْع وَدفع الضَّرَر لِأَن الْمُفْتِي فِي حكم من يخبر عَن الشَّرْع بِمَا لاخْتِصَاص لَهُ بشخص وَكَانَ فِي ذَلِك كالراوي لَا كالشاهد وفتواه لَا يرتبط بهَا إِلْزَام بِخِلَاف القَاضِي وَوجدت عَن القَاضِي الْمَاوَرْدِيّ فِيمَا جاوب بِهِ القَاضِي أَبَا الطّيب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 @ الطَّبَرِيّ عَن رده عَلَيْهِ فِي فتواه بِالْمَنْعِ من التلقيب بِملك الْمُلُوك مَا مَعْنَاهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 @ أَن الْمُفْتِي إِذا نابذ فِي فتواه شخصا معينا صَار خصما معاندا ترد فتواه على من عَادَاهُ كَمَا ترد شَهَادَته وَلَا بَأْس بِأَن يكون الْمُفْتِي أعمى أَو أخرس مَفْهُوم الْإِشَارَة أَو كَاتبا وَالله أعلم الثَّانِيَة لَا تصح فتيا الْفَاسِق وَإِن كَانَ مُجْتَهدا مُسْتقِلّا غير أَنه لَو وَقعت لَهُ فِي نَفسه وَاقعَة عمل فِيهِ بإجتهاد نَفسه وَلم يستفت غَيره وَأما المستور وَهُوَ من كَانَ ظَاهره الْعَدَالَة وَلم تعرف عَدَالَته الْبَاطِنَة فَفِي وَجه لَا يجوز فتياه كَالشَّهَادَةِ وَالْأَظْهَر أَنَّهَا تجوز لِأَن الْعَدَالَة الْبَاطِنَة يعسر مَعْرفَتهَا على غير الْحُكَّام فَفِي أشراطها فِي الْمُفْتِينَ جرح على المستفتين وَالله أعلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 @ الثَّالِثَة من كَانَ من أهل الْفتيا قَاضِيا فَهُوَ فِيهَا كَغَيْرِهِ وبلغنا عَن أبي بكر بن الْمُنْذر أَنه يكره للقضاة أَن تُفْتِي فِي مسَائِل الْأَحْكَام دون مَا لَا مجْرى لأحكام الْقَضَاء فِيهِ كمسائل الطَّهَارَة والعبادات وَقَالَ قَالَ شُرَيْح أَنا أَقْْضِي وَلَا أُفْتِي وَوجدت فِي بعض تعاليق الشَّيْخ أبي حَامِد الإسفرائيني أَن لَهُ أَن يُفْتِي فِي الْعِبَادَات وَمَا لَا يتَعَلَّق بِهِ الحكم وَأما فتياه من الْأَحْكَام فلأصحابنا فِيهِ جوابان أَحدهمَا أَنه لَيْسَ لَهُ أَن يُفْتِي فِيهَا لِأَن لكَلَام النَّاس عَلَيْهِ مجالا ولأحد الْخَصْمَيْنِ عَلَيْهِ مقَالا وَالثَّانِي لَهُ ذَلِك لِأَنَّهُ أهل لذَلِك وَالله أعلم الرَّابِعَة إِذا استفتي الْمُفْتِي وَلَيْسَ فِي النَّاحِيَة غَيره تعين عَلَيْهِ الْجَواب وَإِن كَانَ فِي النَّاحِيَة غَيره فَإِن حضر هُوَ وَغَيره واستفتيا مَعًا فَالْجَوَاب عَلَيْهِمَا على الْكِفَايَة وَإِن لم يحضر غَيره فَعِنْدَ الْحَلِيمِيّ يتَعَيَّن عَلَيْهِ بسؤاله جَوَابه وَلَيْسَ لَهُ أَن يحيله على غَيره وَالْأَظْهَر أَنه لَا يتَعَيَّن عَلَيْهِ بذلك وَقد سبقت روايتنا عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى أَنه قَالَ أدْركْت عشْرين وَمِائَة من الْأَنْصَار من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسْأَل أَحدهمَا عَن الْمَسْأَلَة فيردها هَذَا إِلَى هَذَا وَهَذَا إِلَى هَذَا حَتَّى ترجع إِلَى الأول وَإِذا سُئِلَ الْعَاميّ عَن مَسْأَلَة لم تقع لم تجب مجاوبته وَالله أعلم الْخَامِسَة إِذا أفتى بِشَيْء ثمَّ رَجَعَ عَنهُ نظرت فَإِن أعلم المستفتي بِرُجُوعِهِ وَلم يكن عمل بِالْأولِ بعد لم يجز لَهُ الْعَمَل بِهِ وَكَذَلِكَ لَو نكح بفتواه أَو اسْتمرّ على نِكَاح ثمَّ رَجَعَ لزمَه مفارقتها كَمَا لَو تغير إجتهاد من قَلّدهُ فِي الْقبْلَة فِي أثْنَاء صلَاته فَإِنَّهُ يتَحَوَّل وَإِن كَانَ المستفتي قد عمل بِهِ قبل رُجُوعه فَإِن كَانَ مُخَالفا الدَّلِيل قَاطع لزم المستفتي نقض عمله ذَلِك وَإِن كَانَ فِي مَحل الإجتهاد لم يلْزمه نَقصه قلت وَإِذا كَانَ الْمُفْتِي إِنَّمَا يُفْتِي على مَذْهَب إِمَام معِين فَإِذا رَجَعَ لكَونه بإن لَهُ قطعا أَنه خَالف فِي فتواه بعض نَص مَذْهَب إِمَامه فَإِنَّهُ يجب نقضه وَإِن كَانَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 @ ذَلِك فِي كل الإجتهاد لِأَن نَص مَذْهَب إِمَامه فِي حَقه كنص الشَّارِع فِي حق الْمُفْتِي الْمُجْتَهد المستقل على مَا سبق تأصيله وَأما إِذا لم يعلم المستفتي بِرُجُوعِهِ فحال المستفتي فِي عمله بِهِ على مَا كَانَ وَيلْزم الْمُفْتِي إِعْلَامه بِرُجُوعِهِ قبل الْعَمَل وَكَذَا بعد الْعَمَل حَيْثُ يجب النَّقْض وَلَقَد أحسن الْحسن بن أبي زِيَاد اللؤْلُؤِي صَاحب أبي حنيفَة فِيمَا بلغنَا عَنهُ أَنه استفتي فِي مَسْأَلَة فَأَخْطَأَ فِيهَا وَلم يعرف الَّذِي أفتاه فاكترى مناديا فَنَادَى أَن الْحسن بن أبي زِيَاد استفتي يَوْم كَذَا وَكَذَا فِي مَسْأَلَة فَأَخْطَأَ فَمن كَانَ أفتاه الْحسن بن أبي زِيَاد بِشَيْء فَليرْجع إِلَيْهِ فَلبث أَيَّامًا لَا يُفْتِي حَتَّى وجد صَاحب الْفَتْوَى فَأعلمهُ أَنه أَخطَأ وَإِن الصَّوَاب كَذَا وَكَذَا وَالله أعلم السَّادِسَة إِذا عمل المستفتي بفتوى الْمُفْتِي فِي إِتْلَاف ثمَّ بَان خطأه وَإنَّهُ خَالف فِيهَا الْقَاطِع فَعَن الْأُسْتَاذ أبي إِسْحَاق الإسفرائيني أَنه يضمن إِن كَانَ أَهلا للْفَتْوَى وَلَا يضمن إِن لم يكن أَهلا لِأَن المستفتي قصر وَالله أعلم السَّابِعَة لَا يجوز للمفتي أَن يتساهل فِي الْفَتْوَى وَمن عرف بذلك لم يجز أَن يستفتي وَذَلِكَ قد يكون بِأَن لَا يثبت ويسرع بالفتوى قبل إستيفاء حَقّهَا من النّظر والفكر وَرُبمَا يحملهُ على ذَلِك توهمه أَن الْإِسْرَاع براعة والإبطاء عجز ومنقصة وَذَلِكَ جهل وَلَإِنْ يبطىء وَلَا يخطىء أجمل بِهِ من أَن يعجل فيضل ويضل فَإِن تقدّمت مَعْرفَته بِمَا سُئِلَ عَنهُ على السُّؤَال فبادر عِنْد السُّؤَال بِالْجَوَابِ فَلَا بَأْس عَلَيْهِ وعَلى مثله يحمل مَا ورد عَن الْأَئِمَّة الماضيين من هَذَا الْقَبِيل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 @ وَقد يكون تساهله وانحلاله بِأَن تحمله الْأَغْرَاض الْفَاسِدَة على تتبع الْحِيَل المحظورة أَو الْمَكْرُوهَة والتمسك بالشبه للترخيص على من يروم نَفعه أَو التَّغْلِيظ على من يُرِيد ضره وَمن فعل ذَلِك هان عَلَيْهِ دينه ونسأل الله الْعَافِيَة وَالْعَفو وَأما إِذا صَحَّ قَصده فأحتسب فِي تطلب حِيلَة لَا شُبْهَة فِيهَا وَلَا يجر إِلَى مفْسدَة ليخلص بهَا المستفتي من ورطة يَمِين أَو نَحْوهَا فَذَلِك حسن جميل يشْهد لَهُ قَول الله تبَارك وَتَعَالَى لأيوب صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعَلى نَبينَا لما حلف ليضربن امْرَأَته مائَة {وَخذ بِيَدِك ضغثا فَاضْرب بِهِ وَلَا تَحنث} وَورد عَن سُفْيَان الثَّوْريّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ إِنَّمَا الْعلم عندنَا الرُّخْصَة من ثِقَة فَأَما التسديد فيحسنه كل أحد وَهَذَا خَارج على الشَّرْط الَّذِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 @ ذَكرْنَاهُ فَلَا يفرحن بِهِ من يُفْتِي بالحيل الجادة إِلَى الْمَفَاسِد أَو بِمَا فِيهِ شُبْهَة بِأَن يكون فِي النَّفس من القَوْل بِهِ شَيْء أَو نَحْو ذَلِك وَذَلِكَ لمن يُفْتِي بالحيلة الشَّرْعِيَّة فِي سد بَاب الطَّلَاق وَيعلمهَا وأمثال ذَلِك وَالله أعلم الثَّامِنَة لَيْسَ لَهُ أَن يُفْتِي فِي كل حَالَة تغير خلقه وتفسد قلبه وتمنعه من التثبت والتأمل كحالة الْغَضَب أَو الْجُوع أَو الْعَطش أَو الْحزن أَو الْفَرح الْغَالِب أَو النعاس أَو الملالة أَو الْمَرَض أَو الْحر المزعج أَو الْبرد المؤلم أَو مدافعة الأخبثين وَهُوَ أعلم بِنَفسِهِ فمهما أحسن آشتغال قلبه وَخُرُوجه عَن حد الِاعْتِدَال أمسك عَن الْفتيا فَإِن أفتى من شَيْء من هَذِه الْأَحْوَال وَهُوَ يرى أَن ذَلِك لم يمنعهُ من إِدْرَاك الصَّوَاب صحت فتياه وَإِن خاطر بهَا وَمن أعجب ذَلِك مَا وجدته بِخَط بعض أَصْحَاب القَاضِي الإِمَام حُسَيْن بن مُحَمَّد الْمروزِي عَنهُ أَنه سمع الإِمَام أَبَا عَاصِم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 @ الْعَبَّادِيّ يذكر أَنه كَانَ عِنْد الْأُسْتَاذ أبي ظَاهر وَهُوَ الإِمَام الزيَادي شيخ خُرَاسَان حِين آختصر فَسَأَلَ عَن الضَّمَان وَكَانَ فِي النزع فَقَالَ إِن قبض الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 @ الثّمن فَيصح وَإِن لم يقبض فَلَا يَصح قَالَ لِأَنَّهُ بعد قبض الثّمن يكون ضَمَان مَا وَجب وَالله أعلم التَّاسِعَة الأولى بالمتصدي للْفَتْوَى أَن يتَبَرَّع بذلك وَيجوز لَهُ أَن يرتزق على ذَلِك من بَيت المَال إِلَّا إِذا تعين عَلَيْهِ وَله كِفَايَة فَظَاهر الْمَذْهَب أَنه لَا يجوز وَإِذا كَانَ لَهُ رزق فَلَا يجوز لَهُ أَخذ أجره أصلا وَإِن لم يكن لَهُ رزق من بَيت المَال فَلَيْسَ لَهُ أَخذ أجره من أَعْيَان من يفتيه كالحاكم على الْأَصَح واحتال لَهُ الشَّيْخ أَبُو حَاتِم الْقزْوِينِي فِي حِيلَة فَقَالَ لَو قَالَ للمستفتي إِنَّمَا يلْزَمنِي أَن أفتيك قولا وَأما بذل الْخط فَلَا فَإِذا اسْتَأْجرهُ أَن يكْتب لَهُ ذَلِك كَانَ جَائِزا وَذكر أَبُو الْقَاسِم الصَّيْمَرِيّ أَنه لَو آجتمع أهل الْبَلَد على أَن جعلُوا لَهُ رزقا من أَمْوَالهم ليتفرغ لفتياهم جَازَ ذَلِك وَأما الْهَدِيَّة فقد أطلق السَّمْعَانِيّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 @ الْكَبِير أَبُو المظفر أَنه يجوز لَهُ قبُول الْهَدِيَّة بِخِلَاف الْحَاكِم فَإِنَّهُ يلْزم حكمه قلت يَنْبَغِي أَن يُقَال يحرم عَلَيْهِ قبُولهَا إِذا كَانَت رشوة على أَن يفتيه بِمَا يُريدهُ كَمَا فِي الْحَاكِم وَسَائِر مَا لَا يُقَابل بعوض وَالله أعلم الْعَاشِرَة لَا يجوز لَهُ أَن يُفْتِي فِي الْأَيْمَان والأقادير وَنَحْو ذَلِك مِمَّا يتَعَلَّق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 @ بالألفاظ إِلَّا صَحَّ إِذا كَانَ من أهل بلد اللافظ بهَا أَو متنزلا مَنْزِلَتهمْ فِي الْخِبْرَة بمراداتهم من ألفاظهم وتعارفهم فِيهَا لِأَنَّهُ إِذا لم يكن كَذَلِك كثر خطأه عَلَيْهِم فِي ذَلِك كَمَا شهِدت بِهِ التجربة وَالله أعلم الْحَادِيَة عشرَة لَا يجوز لمن كَانَت فتياه نقلا لمَذْهَب إِمَامه إِذا اعْتمد فِي نَقله على الْكتب أَن يعْتَمد إِلَّا على كتاب موثوق بِصِحَّتِهِ وَجَاز ذَلِك كَمَا جَازَ اعْتِمَاد الرَّاوِي على كِتَابه وإعتماد المستفتي على مَا يَكْتُبهُ الْمُفْتِي وَيحصل لَهُ الثِّقَة بِمَا يجده من نسخه غير موثوق بِصِحَّتِهَا بِأَن يجده فِي نسخ عدَّة من أَمْثَالهَا وَقد يحصل لَهُ الثِّقَة بِمَا يجده فِي الثِّقَة بِمَا يجده فِي النُّسْخَة غير الموثوق بهَا بِأَن يرَاهُ كلَاما منتظما وَهُوَ خَبِير فطن لَا يخفى عَلَيْهِ فِي الْغَالِب مواقع الْإِسْقَاط والتغيير وَإِذا لم يجده إِلَّا فِي مَوضِع لم يَثِق بِصِحَّتِهِ نظر فَإِن وجده مُوَافقا لأصول الْمَذْهَب وَهُوَ أهل التَّخْرِيج مثله على الْمَذْهَب لَو لم يجده مَنْقُولًا فَلهُ أَن يُفْتِي بِهِ فَإِن أَرَادَ أَن يحكيه عَن إِمَامه فَلَا يقل قَالَ الشَّافِعِي مثلا كَذَا وَكَذَا وَليقل وجدت عَن الشَّافِعِي كَذَا وَكَذَا أَو بَلغنِي عَنهُ كَذَا وَكَذَا أَو مَا أشبه هَذَا من الْعبارَات أَو إِذا لم يكن أَهلا لتخريج مثله فَلَا يجوز لَهُ ذَلِك فِيهِ وَلَيْسَ لَهُ أَن يذكرهُ بِلَفْظ جازم مُطلق فَإِن سَبِيل مثله النَّقْل الْمَحْض وَلم يحصل لَهُ فِيهِ مَا يجوز لَهُ مثل ذَلِك وَيجوز لَهُ أَن يذكرهُ فِي غير مقَام الْفَتْوَى مفصحا بِحَالهِ فِيهِ فَيَقُول وجدته فِي نُسْخَة من الْكتاب الْفُلَانِيّ أَو من كتاب فلَان مَا لَا أعرف صِحَّتهَا أَو وجدت عَن فلَان كَذَا وَكَذَا أَو بَلغنِي عَنهُ كَذَا وَكَذَا وَمَا ضاهى ذَلِك من الْعبارَات وَالله أعلم الثَّانِيَة عشرَة إِذا أفتى فِي حَادِثَة ثمَّ وَقعت مرّة أُخْرَى فَإِذا كَانَ ذَاكِرًا الْفتيا الأولى ومستندها أما بِالنِّسْبَةِ إِلَى أصل الشَّرْع إِن كَانَ مُسْتقِلّا أَو بِالنِّسْبَةِ إِلَى مذهبَة إِن كَانَ منتسبا إِلَى مَذْهَب ذِي مَذْهَب أفتى بذلك وَإِن تذكرها وَلم يتَذَكَّر مستندها وَلم يطْرَأ مَا يُوجب رُجُوعه عَنْهَا فقد قيل لَهُ أَن يُفْتِي بذلك وَالأَصَح أَنه لَا يُفْتِي حَتَّى يجدد النّظر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 @ وبلغنا عَن أبي الْحُسَيْن بن الْقطَّان أحد أَئِمَّة الْمَذْهَب أَنه كَانَ لَا يُفْتِي فِي شَيْء من الْمسَائِل حَتَّى يلحظ الدَّلِيل وَهَكَذَا يَنْبَغِي لمن هُوَ دونه وَمن لم يكن فتواه حِكَايَة عَن غَيره لم يكن لَهُ بُد من آستحضار الدَّلِيل فِيهَا وَالله أعلم الثَّالِثَة عشرَة روينَا عَن الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ إِذا وجدْتُم فِي كتابي خلاف سنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقولُوا بِسنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ودعوا مَا قلته وَهَذَا وَمَا هُوَ فِي مَعْنَاهُ مَشْهُور عَنهُ فَعمل بذلك كثير من أَئِمَّة أَصْحَابنَا فَكَانَ من ظفر مِنْهُم بِمَسْأَلَة فِيهَا حَدِيث وَمذهب الشَّافِعِي خِلَافه عمل بِالْحَدِيثِ وَأفْتى بِهِ قَائِلا مَذْهَب الشَّافِعِي مَا وَافق الحَدِيث وَلم يتَّفق ذَلِك إِلَّا نَادرا وَمِنْه مَا نقل عَن الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ فِيهِ قَول على وفْق الحَدِيث وَمِمَّنْ حكى عَنهُ مِنْهُم أَنه أفتى بِالْحَدِيثِ فِي مثل ذَلِك أَبُو يَعْقُوب الْبُوَيْطِيّ وَأَبُو الْقَاسِم الداركي وَهُوَ الَّذِي قطع بِهِ أَبُو الْحسن الكيا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 @ الطَّبَرِيّ فِي كِتَابه فِي أصُول الْفِقْه وَلَيْسَ هَذَا بالهين فَلَيْسَ كل فَقِيه يسوغ لَهُ أَن يسْتَقلّ بِالْعَمَلِ بِمَا يرَاهُ حجَّة من الحَدِيث وفيمن سلك هَذَا المسلك من الشافعيين من عمل بِحَدِيث تَركه الشَّافِعِي عمدا على علم مِنْهُ بِصِحَّتِهِ لمَانع آطلع عَلَيْهِ وخفي على غَيره كَأبي الْوَلِيد مُوسَى بن أبي الْجَارُود مِمَّن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 @ صحب الشَّافِعِي رُوِيَ عَنهُ أَنه روى عَن الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ إِذا صَحَّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَدِيث وَقلت قولا فَأَنا رَاجع عَن قولي بذلك قَالَ أَبُو الْوَلِيد وَقد صَحَّ حَدِيث ((أفطر الحاجم والمحجوم)) فَأَنا أَقُول قَالَ الشَّافِعِي أفطر الحاجم والمحجوم فَرد على أبي الْوَلِيد ذَلِك من حَيْثُ أَن الشَّافِعِي تَركه مَعَ صِحَّته لكَونه مَنْسُوخا عِنْده وَقد دلّ رَضِي الله عَنهُ على ذَلِك وَبَينه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 @ وروينا عَن ابْن خُزَيْمَة الإِمَام البارع فِي الحَدِيث وَالْفِقْه إِنَّه قيل لَهُ هَل تعرف سنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْحَلَال وَالْحرَام لم يودعها الشَّافِعِي كِتَابه قَالَ لَا وَعند هَذَا أَقُول من وجد من الشافعيين حَدِيثا يُخَالف مذْهبه نظر فَإِن كملت آلَات الإجتهاد فِيهِ إِمَّا مُطلقًا وَإِمَّا من ذَلِك الْبَاب أوفى تِلْكَ الْمَسْأَلَة على مَا سبق بَيَانه كَانَ لَهُ الإستقلال بِالْعَمَلِ بذلك الحَدِيث وَإِن لم تكمل إِلَيْهِ وَوجد فِي قلبه حزازة من مُخَالفَة الحَدِيث بعد أَن بحث فَلم يجد لمُخَالفَته عَنهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 @ جَوَابا شافيا فَلْينْظر هَل عمل بذلك الحَدِيث إِمَام مُسْتَقل فَإِن وجد فَلهُ أَن يتمذهب بمذهبه فِي الْعَمَل بذلك الحَدِيث عذرا فِي ترك مَذْهَب إِمَامه فِي ذَلِك وَالْعلم عِنْد الله تبَارك وَتَعَالَى الرَّابِعَة عشرَة هَل للمفتي المنتسب الى مَذْهَب الشَّافِعِي مثلا أَن يُفْتِي تَارَة بِمذهب آخر فِيهِ تَفْصِيل وَهُوَ أَنه إِذا كَانَ ذَا اجْتِهَاد فأداة اجْتِهَاده إِلَى مَذْهَب إِمَام آخر فَاتبع اجْتِهَاده وَإِن كَانَ اجْتِهَاده مُقَيّدا مشوبا بِشَيْء من التَّقْلِيد نقل ذَلِك الشوب من التَّقْلِيد إِلَى ذَلِك الإِمَام الَّذِي أَدَّاهُ اجْتِهَاده إِلَى مذْهبه ثمَّ إِذا أفتى بَين ذَلِك فِي فتياه وَكَانَ الإِمَام أَبُو بكر الْقفال الْمروزِي يَقُول لَو اجتهدت فَأدى اجتهادي إِلَى مَذْهَب أبي حنيفَة فَأَقُول مَذْهَب الشَّافِعِي كَذَا وَكَذَا وَلَكِنِّي أَقُول بِمذهب أبي حنيفَة لِأَنَّهُ جَاءَ لِيَسْتَفْتِيَ على مَذْهَب الشَّافِعِي فَلَا بُد من أَن أعرفهُ بِأَنِّي أُفْتِي بِغَيْرِهِ وحَدثني أحد الْمُفْتِينَ بخراسان أَيَّام مقَامي بهَا عَن بعض مشايخه أَن الإِمَام أَحْمد الخوافي قَالَ للغزالي فِي مَسْأَلَة أفتى فِيهَا أَخْطَأت فِي الْفَتْوَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 @ فَقَالَ لَهُ الْغَزالِيّ من أَيْن وَالْمَسْأَلَة لَيست مسطورة فَقَالَ لَهُ بلَى فِي الْمَذْهَب الْكَبِير فَقَالَ لَهُ الْغَزالِيّ لَيست فِيهِ وَلم تكن فِي الْموضع الَّذِي يَلِيق بهَا فأخرجها لَهُ الخوافي من مَوضِع قد أجراها فِيهِ المُصَنّف اسْتِشْهَادًا فَقَالَ لَهُ الْغَزالِيّ عِنْد ذَلِك لَا أقبل هَذَا واجتهادي مَا قلت فَقَالَ لَهُ الخوافي فِي هَذَا شَيْء آخر إِنَّمَا تسْأَل عَن مَذْهَب الشَّافِعِي أَو عَن اجتهادك فَلَا يجوز أَن تُفْتِي على اجتهادك أَو كَمَا قَالَ وَالْمذهب الْكَبِير هُوَ نِهَايَة الْمطلب تأليف الشَّيْخ أبي الْمَعَالِي ابْن الْجُوَيْنِيّ وَكَانَ الخوافي مَعَ الْغَزالِيّ من أكَابِر اصحابه وَإِمَّا إِذا لم يكن ذَلِك بِنَا على اجْتِهَاد فَإِن ترك مذْهبه إِلَى مَذْهَب هُوَ أسهل عَلَيْهِ وأوسع فَالصَّحِيح آمتناعه وَإِن تَركه لكَون الآخر أحوط المذهبين وَالظَّاهِر جَوَازه ثمَّ عَلَيْهِ بَيَان ذَلِك فِي فتواه على مَا تقدم وَالله أعلم الْخَامِسَة عشرَة لَيْسَ للمنتسب إِلَى مَذْهَب الشَّافِعِي فِي الْمَسْأَلَة ذَات الْقَوْلَيْنِ أَو الْوَجْهَيْنِ أَن يتَخَيَّر فَيعْمل أَو يُفْتِي بِأَيِّهِمَا شَاءَ بل عَلَيْهِ فِي الْقَوْلَيْنِ إِن علم الْمُتَأَخر مِنْهَا كَمَا فِي الْجَدِيد مَعَ الْقَدِيم أَن يتبع الْمُتَأَخر فَإِنَّهُ نَاسخ للمتقدم وَإِن ذكرهَا الشَّافِعِي جَمِيعًا وَلم يتَقَدَّم أَحدهمَا لَكِن مَنْهَج أَحدهمَا كَانَ الِاعْتِمَاد على الَّذِي رَجحه وَإِن جمع بَينهمَا فِي حَالَة وَاحِدَة من غير تَرْجِيح مِنْهُ لأَحَدهمَا وَقد قيل أَنه لم يُوجد مِنْهُ ذَلِك إِلَّا فِي سِتَّة عشر أَو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 @ سَبْعَة عشر موضعا أَو نقل عَنهُ قَولَانِ وَلم يعلم حَالهمَا فِيمَا ذَكرْنَاهُ فَعَلَيهِ الْبَحْث عَن الْأَرْجَح الْأَصَح مِنْهُمَا متعرفا ذَلِك من أصُول مذْهبه غير متجاوز فِي التَّرْجِيح قَوَاعِد مذْهبه إِلَى غَيرهَا هَذَا إِن كَانَ ذَا إجتهاد فِي مذْهبه أَهلا للتخريج عَلَيْهِ فَإِن لم يكن أَهلا لذَلِك فلينقله عَن بعض أهل التَّخْرِيج من أَئِمَّة الْمَذْهَب وَإِن لم يجد شَيْئا من ذَلِك فليتوقف قَالَ القَاضِي الإِمَام أَبُو الْحسن الْمَاوَرْدِيّ رَحمَه الله فِي مَسْأَلَة فعل المحلوق عَلَيْهِ على نِسْيَان ذَات الْقَوْلَيْنِ قَالَ شَيخنَا أَبُو الْقَاسِم الصَّيْمَرِيّ مَا أَفْتيت فِي يَمِين النَّاس بِشَيْء قطّ وَحكى عَن شَيْخه أبي الْفَيَّاض أَنه لم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 @ يفت فِيهَا بِشَيْء قطّ وَحكى ابو الْفَيَّاض عَن شَيْخه أبي حَامِد الْمروزِي أَنه لم يفت فِيهَا بِشَيْء قطّ قَالَ الْمروزِي فاقتديت بِهَذَا السّلف وَلم أفت فِيهَا بِشَيْء لِأَن اسْتِعْمَال التوقي أحوط من فرطات الْإِقْدَام وَأما الْوَجْهَانِ فَلَا بُد من تَرْجِيح أَحدهمَا وتعرف الصَّحِيح مِنْهُمَا عِنْد الْعَمَل وَالْفَتْوَى بِمثل الطَّرِيق الْمَذْكُور وَلَا غَيره فِيهَا بالتقدم والتأخر وَسَوَاء وَقعا مَعًا فِي حَالَة وَاحِدَة من إِمَام من أَئِمَّة الْمَذْهَب أَو من إمامين وَاحِد بعد وَاحِد لِأَنَّهُمَا إنتسبا إِلَى الْمَذْهَب إنتسابا وَاحِدًا وَتقدم أَحدهمَا لَا تَجْعَلهُ بِمَنْزِلَة تقدم أحد الْقَوْلَيْنِ من صَاحب الْمَذْهَب وَلَيْسَ ذَلِك أَيْضا من قبيل إختلاف الْمَعْنيين على المستفتي بل كل ذَلِك إختلاف رَاجع إِلَى شخص وَاحِد وَهُوَ صَاحب الْمَذْهَب ليلتحق باخْتلَاف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 @ الرِّوَايَتَيْنِ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أَنه يتَعَيَّن الْعَمَل بأصحهما عَنهُ وَإِذا كَانَ أحد الرأيين مَنْصُوصا عَنهُ وَالْآخر مخرجا فَالظَّاهِر الَّذِي نَص عَلَيْهِ مِنْهُمَا يقدم كَمَا يقدم مَا رَجحه من الْقَوْلَيْنِ المنصوصين على الآخر لِأَنَّهُ أقوى نِسْبَة إِلَيْهِ مِنْهُ إِلَّا إِذا كَانَ القَوْل الْمخْرج مخرجا من نَص آخر لتعذر الْفَارِق فَاعْلَم ذَلِك وَأعلم أَن من يَكْتَفِي بِأَن يكون فِي فتاه أَو علمه مُوَافقا لقَوْل أَو وَجه فِي الْمَسْأَلَة وَيعْمل بِمَا يَشَاء من الْأَقْوَال أَو الْوُجُوه معد غير نظر فِي التَّرْجِيح وَلَا يُقيد بِهِ فقد جهل وخرق الْإِجْمَاع وسبيله سَبِيل الَّذِي حكى عَنهُ أَبُو الْوَلِيد الْبَاجِيّ الْمَالِكِي من فُقَهَاء الْمَالِكِيَّة أَنه كَانَ يَقُول إِن الَّذِي لصديقي عَليّ إِذا وَقعت لَهُ حُكُومَة أَن أفتيه بالرواية الَّتِي توافقه وَحكي عَن من يَثِق بِهِ أَنه وَقعت لَهُ وَاقعَة وَأفْتى فِيهَا وَهُوَ غَائِب جمَاعَة من فقهائهم من أهل الصّلاح بِمَا يضرّهُ فَلَمَّا عَاد سَأَلَهُمْ فَقَالُوا مَا علمنَا أَنَّهَا لَك وأفتوه بالرواية الْأُخْرَى الَّتِي توافقه قَالَ وَهَذَا مِمَّا لَا خلاف بَين الْمُسلمين مِمَّن يعْتد بِهِ فِي الاجماع أَنه لَا يجوز قلت وَقد قَالَ إمَامهمْ مَالك رَضِي الله عَنهُ فِي اخْتِلَاف أَصْحَاب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 @ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرَضي عَنْهُم مخطىء ومصيب فَعَلَيْك بِالِاجْتِهَادِ وَقَالَ لَيْسَ كَمَا قَالَ نَاس فِيهِ توسعة قلت لَا توسعة فِيهِ بِمَعْنى أَنه يتَخَيَّر بَين أَقْوَالهم من غير توقف على ظُهُور الرَّاجِح وَفِيه توسعة بِمَعْنى ان إختلافهم يدل على أَن الإجتهاد مجالا فِيمَا بَين أَقْوَالهم وَإِن ذَلِك لَيْسَ مِمَّا يقطع فِيهِ بقول وَاحِد مُتَعَيّن لَا مجَال للِاجْتِهَاد فِي خلَافَة وَالله أعلم فرعان أَحدهمَا إِذا وجد من لَيْسَ أَهلا للترجيح وَالتَّرْجِيح بِالدَّلِيلِ اخْتِلَافا بَين أَئِمَّة الْمَذْهَب فِي الْأَصَح من الْقَوْلَيْنِ أَو الْوَجْهَيْنِ فَيَنْبَغِي أَن يفرع فِي التَّرْجِيح إِلَى صفاتهم الْمُوجبَة لزِيَادَة الثِّقَة بأدائهم فَيعْمل بقول الْأَكْثَر والأعلم والأورع وَإِذا اخْتصَّ وَاحِد مِنْهُم بِصفة مِنْهَا والاخر بِصفة أُخْرَى قدم الَّذِي هُوَ أَحْرَى مِنْهَا بالإصابة فالأعلم الْوَرع مقدم على الأورع الْعَالم واعتبرنا ذَلِك فِي هَذَا كَمَا اعْتبرنَا فِي التَّرْجِيح عِنْد تعَارض الْأَخْبَار صِفَات رواتها وَكَذَلِكَ إِذا وجد قَوْلَيْنِ أَو وَجْهَيْن لم يبلغهُ عَن أحد من أئمته بَيَان الْأَصَح مِنْهُمَا اعْتبر أَوْصَاف ناقليهما وقائليهما فَمَا رَوَاهُ الْمُزنِيّ أَو الرّبيع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 @ الْمرَادِي مقدم عِنْد أَصْحَابنَا على مَا حَكَاهُ الإِمَام أَبُو سُلَيْمَان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 @ الْخطابِيّ عَنْهُم على مَا رَوَاهُ حَرْمَلَة أَبُو الرّبيع الجيزي وأشباههما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 @ مِمَّن لم يكن قوي الْأَخْذ عَن الشَّافِعِي ويرجح مَا وَافق بهما أَكثر أَئِمَّة الْمذَاهب المتبوعة أَو أَكثر الْعلمَاء وَمِمَّا استفدته من الغرائب بخراسان عَن الشَّيْخ حُسَيْن بن مَسْعُود صَاحب التَّهْذِيب عَن شَيْخه القَاضِي حُسَيْن بن مُحَمَّد قَالَ إِذا اخْتلف قَول الشَّافِعِي فِي مَسْأَلَة وَأحد الْقَوْلَيْنِ يُوَافق مَذْهَب أبي حنيفَة فَأَيّهمَا أولى بالفتوى قَالَ الشَّيْخ أَبُو حَامِد مَا يُخَالف قَول أبي حنيفَة أولى لِأَنَّهُ لَوْلَا أَن الشَّافِعِي عرف فِيهِ معنى خفِيا بالكان لَا يُخَالف أَبَا حنيفَة وَقَالَ الشَّيْخ الْقفال مَا يُوَافق قَول أبي حنيفَة أولى قَالَ وَكَانَ القَاضِي يذهب إِلَى التَّرْجِيح بِالْمَعْنَى وَيَقُول كل قَول كَانَ مَعْنَاهُ رَاجِح فَذَاك أولى وَأفْتى بِهِ قلت وَقَول القَاضِي الْمروزِي الْمَذْكُور أظهر من قَول أبي حَامِد الاسفرائيني وَكِلَاهُمَا مَحْمُول على مَا إِذا لم يُعَارض ذَلِك من جِهَة القَوْل الآخر تَرْجِيح آخر مثله أَو أقوى مِنْهُ وَهَذِه الْأَنْوَاع من التَّرْجِيح مُعْتَبرَة أَيْضا بِالنِّسْبَةِ إِلَى أَئِمَّة الْمَذْهَب غير أَن مَا يرجحه الدَّلِيل عِنْدهم مقدم على ذَلِك وَالله أعلم الثَّانِي كل مَسْأَلَة فِيهَا قَولَانِ قديم وجديد فالجديد أصح وَعَلِيهِ الْفَتْوَى إِلَّا فِي نَحْو عشْرين مسئلة أَو أَكثر يُفْتِي فِيهَا على الْقَدِيم على خلاف فِي ذَلِك من أَئِمَّة الْأَصْحَاب فِي أَكْثَرهَا ذَلِك مفرق فِي مصنفاتهم وَقد قَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 @ الإِمَام أَبُو الْمَعَالِي ابْن الْجُوَيْنِيّ فِي نهايته قَالَ الائمة كل قَوْلَيْنِ أَحدهمَا جَدِيد فَهُوَ الْأَصَح من الْقَدِيم إِلَّا من ثَلَاث مسَائِل وَذكر مِنْهَا مسئلة التثويب فِي أَذَان الصُّبْح وَمَسْأَلَة التباعد عَن النَّجَاسَة فِي المَاء الْكثير وَلم ينص على الثَّالِثَة غير أَنه لما ذكر القَوْل بعد اسْتِحْبَاب قِرَاءَة السُّورَة بعد الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوليين وَهُوَ القَوْل الْقَدِيم ثمَّ ذكر ان عَلَيْهِ الْعَمَل وَفِي هَذِه الْمَسْأَلَة إِشْعَار بِأَن عَلَيْهِ الْفَتْوَى فاصاروا إِلَى ذَلِك فِي ذَلِك مَعَ أَن الْقَدِيم لم يبْق قولا للشَّافِعِيّ لرجوعه عَنهُ وَيكون إختيارهم إِذن الْقَدِيم فِيهَا من قبيل مَا ذَكرْنَاهُ من اخْتِيَار أحدهم مَذْهَب غير الشَّافِعِي إِذا أَدَّاهُ اجْتِهَاده اليه كَمَا سبق وبل أولى لكَون الْقَدِيم قد كَانَ قولا لَهُ مَنْصُوصا ويلتحق بذلك مَا إِذا اخْتَار أحدهم القَوْل الْمخْرج على القَوْل الْمَنْصُوص أَو اخْتَار من الْقَوْلَيْنِ اللَّذين رجح الشَّافِعِي أَحدهمَا غير مَا رَجحه وبل أولى من القَوْل الْقَدِيم ثمَّ حكم من لم يكن أَهلا للترجيح من المتبعين لمَذْهَب الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ أَن لَا يتبعوا شَيْئا من اختياراتهم هَذِه الْمَذْكُورَة لأَنهم مقلدون للشَّافِعِيّ دون من خَالفه وَالله أعلم الْمَسْأَلَة السَّادِسَة عشرَة إِذا اقْتصر فِي جَوَابه على حِكَايَة الْخلاف بِأَن قَالَ فِيهَا قَولَانِ أَو وَجْهَان أَو نَحْو ذَلِك من غير أَن يبين الْأَرْجَح فحاصل أمره أَنه لم يفت بِشَيْء وأذكر أَنِّي حضرت بالموصل الشَّيْخ الصَّدْر المُصَنّف أَبَا السعادات ابْن الْأَثِير الْجَزرِي رَحمَه الله فَذكر بعض الْحَاضِرين عِنْده الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 @ عَن بعض المدرسين أَنه أفتى فِي مَسْأَلَة فَقَالَ فِيهَا قَولَانِ وَأخذ يزري عَلَيْهِ فَقَالَ الشَّيْخ ابْن الْأَثِير كَانَ الشَّيْخ أَبُو الْقَاسِم ابْن البرزي وَهُوَ عَلامَة زَمَانه فِي الْمَذْهَب إِذا كَانَ فِي الْمَسْأَلَة خلاف واستفتي عَنْهَا يذكر الْخلاف فِي الْفتيا وَيُقَال لَهُ فِي ذَلِك فَيَقُول لَا أتقلده الْعهْدَة مُخْتَارًا لأحد الرائيين مُقْتَصرا عَلَيْهِ وَهَذَا جيد عَن عرض الْفَتْوَى وَإِذا لم يذكر شَيْئا أصلا فَلم يتقلده الْعهْدَة أَيْضا وَلكنه لم يَأْتِ بالمطلوب حَيْثُ لم يخلص السَّائِل من عمايته وَهَذَا فِي ذَلِك كَذَلِك وَلَا اقْتِدَاء بِأبي بكر مُحَمَّد بن دَاوُد الْأَصْبَهَانِيّ الظَّاهِرِيّ فِي فتياه الَّتِي أَخْبرنِي بهَا أَو أَحْمد عبد الْوَهَّاب ابْن عَليّ شيخ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 @ الشُّيُوخ بِبَغْدَاد قَالَ أَنبأَنَا الْحَافِظ أَبُو بكر بن أَحْمد على الْخَطِيب قَالَ حَدثنِي القَاضِي أَبُو الطّيب ظَاهر بن عبد الله الطَّبَرِيّ حَدثنِي أَبُو الْعَبَّاس الخضري وَأَخْبرنِي أَيْضا الشَّيْخ أَبُو الْعَبَّاس حمد بن الْحسن المقرىء بِبَغْدَاد قَالَ أَنبأَنَا ابو الْحسن عَليّ بن هبة الله بن عبد السَّلَام قَالَ أَنبأَنَا الشَّيْخ الإِمَام ابو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن عَليّ الفيروز آبادي قَالَ سَمِعت شَيخنَا القَاضِي أَبَا الطّيب الطَّبَرِيّ قَالَ سَمِعت أَبَا الْعَبَّاس الخضري قَالَ كنت جَالِسا عِنْد أبي بكر بن دَاوُد فَجَاءَتْهُ امْرَأَة فَقَالَت لَهُ مَا تَقول فِي رجل لَهُ زَوْجَة لَا هُوَ ممسكها وَلَا هُوَ مُطلقهَا فَقَالَ ابو بكر اخْتلف فِي ذَلِك أهل الْعلم فَقَالَ قَائِلُونَ تُؤمر بِالصبرِ والاحتساب وَيبْعَث على التطلب والاكتساب وَقَالَ قَائِلُونَ يُؤمر بِالْإِنْفَاقِ وَإِلَّا تحمل على الْإِطْلَاق فَلم تفهم الْمَرْأَة قَوْله فأعادت وَقَالَت رجل لَهُ زَوْجَة لَا هُوَ ممسكها وَلَا هُوَ مُطلقهَا فَقَالَ لَهَا يَا هَذِه أَجَبْتُك عَن مسألتك وأرشدتك إِلَى طلبتك وَلست بسُلْطَان فأمضي وَلَا قَاض فأقضي وَلَا زوج فأرضي آنصرفي قَالَ فأنصرفت الْمَرْأَة وَلم تفهم جَوَابه قلت التَّصْحِيف شين فآعلم أَن أَبَا الْعَبَّاس الخضري هَذَا هُوَ بخاء مُعْجمَة مَضْمُومَة وبضاد مُعْجمَة مَفْتُوحَة وَقَوله تُؤمر بِالصبرِ فِي أَوله التَّاء الَّتِي للمؤنث وَقَوله يبْعَث على التطلب فِي أَوله الْيَاء الَّتِي تبنى للمذكر وَقَوْلها لَا هُوَ ممسكها إِلَى لَيْسَ ينْفق عَلَيْهَا وَلَقَد وَقع آبن دَاوُد بَعيدا عَن مناهج الْمُفْتِينَ فِي تعقيده هَذَا وتسجيعه وتحييره من استرشده وَهَكَذَا إِذا قَالَ الْمُفْتِي فِي مَوضِع الْخلاف يرجع إِلَى رَأْي الْحَاكِم فقد عدل عَن نهج الْفَتْوَى وَلم يفت أَيْضا بِشَيْء وَهُوَ كَمَا إِذا استفتى فَلم يجب وَقَالَ آستفتوا غَيْرِي وَحَضَرت بالموصل شيخها الْمُفْتِي أَبَا حَامِد مُحَمَّد بن يُونُس وَقد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 @ آستفتي من مسئلة فَكتب فِي جوابها إِن فِيهَا خلافًا فَقَالَ بعض من حضر كَيفَ يعْمل المستفتي فَقَالَ يخْتَار لَهُ القَاضِي أحد المذهبين ثمَّ قَالَ هَذَا يبْنى على أَن الْعَاميّ إِذا آختلف عَلَيْهِ آجتهاد اثْنَيْنِ فَمَاذَا يعْمل وَفِيه خلاف مَشْهُور وَهَذَا غير مُسْتَقِيم أما قَوْله أَولا يخْتَار لَهُ الْحَاكِم فَهُوَ فَاسد لما ذَكرْنَاهُ وَلِأَن الْحَاكِم إِذا لم يكن أَهلا للْفَتْوَى وَذَلِكَ هُوَ الْغَالِب فِي زمَان من ذكرنَا عَنهُ مَا ذَكرْنَاهُ فقد رده إِلَى رَأْي من لَا رَأْي لَهُ وأحاله على عَاجز حَاجته فِي ذَلِك إِلَى فتياه كحاجة من استفتاه وَأما قَوْله ثَانِيًا يبْنى ذَلِك على الْخلاف فِيمَا إِذا اخْتلف عَلَيْهِ إجتهاد مفتيين فتواهما فَهَل يتَخَيَّر بَين فتواهما أَو يَأْخُذ بالأخف أَو بالأغلظ فَهَذَا فِيهِ إحواج للمستفتي إِلَى أَن يستفتى مرّة أُخْرَى وَيسْأل عَن هَذَا أَيْضا لِأَنَّهُ لَا يدْرِي أَن حكمه التخير أَو الْأَخْذ بالأخف أَو الأغلظ فَلم يَأْتِ إِذن بِمَا يكْشف عمايته بل زَاده عماية وحيرة على أَن الصَّحِيح فِي ذَلِك على مَا سَيَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى إِنَّه يجب عَلَيْهِ الْأَخْذ بقول الأوثق مِنْهُمَا وَإِذا قَالَ فِيهِ خلاف وَلم يعين الْقَائِلين لم يتهيأ لَهُ فِيهِ وَهَذِه حَالَته الْبَحْث عَن الأوثق من الْقَائِلين وَالله أعلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 @ القَوْل فِي كَيْفيَّة الْفَتْوَى وآدابها وَفِيه مسَائِل الأولى يجب على الْمُفْتِي حَيْثُ يجب عَلَيْهِ الْجَواب أَن يُبينهُ بَيَانا مزيحا للإشكال ثمَّ لَهُ أَن يُجيب شفاها بِاللِّسَانِ وَإِذا لم يعلم لِسَان المستفتي أَجْزَأت تَرْجَمَة الْوَاحِد لِأَن طَرِيقه الْخَيْر وَله أَن يُجيب بِالْكِتَابَةِ مَعًا فِي الْفَتْوَى فِي الرّقاع وفيهَا من الْخطر وَكَانَ القَاضِي أَبُو حَامِد المروزوري الإِمَام فِيمَا بلغنَا عَنهُ كثير الْهَرَب من الْفَتْوَى فِي الرّقاع قَالَ أَبُو الْقَاسِم الصَّيْمَرِيّ وَلَيْسَ من الْأَدَب للمفتي أَن يكون السُّؤَال بِخَطِّهِ فإمَّا بإملائه وتهذيبه فواسع وبلغنا عَن الشَّيْخ أبي إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ رَحمَه الله أَنه كَانَ قد يكْتب إِلَى المستفتي السُّؤَال على ورق من عِنْده ثمَّ يكْتب الْجَواب وَالله أعلم الثَّانِيَة إِذا كَانَت الْمَسْأَلَة فِيهَا تَفْصِيل لم يُطلق الْجَواب فَإِنَّهُ خطأ ثمَّ لَهُ أَن يستفصل السَّائِل إِن حضر ويقيد السُّؤَال فِي رقْعَة الاستفتاء ثمَّ يُجيب عَنهُ وَهَذَا أولى وَكَثِيرًا مَا نتحراه نَحن ونفعله وَله أَن يقْتَصر على جَوَاب أحد الْأَقْسَام إِذا علم أَنه الْوَاقِع للسَّائِل وَلَكِن تَقول هَذَا إِذا كَانَ كَذَا وَكَذَا وَله أَن يفصل الْأَقْسَام فِي جَوَابه وَيذكر حكم كل قسم وَهَذَا قد كرهه أَبُو الْحُسَيْن الْقَابِسِيّ من أَئِمَّة الْمَالِكِيَّة وَقَالَ هَذَا ذَرِيعَة إِلَى تَعْلِيم النَّاس الْفُجُور وَنحن نكرهه أَيْضا لما ذكره من أَنه يفتح للخصوم بَاب التمحل والاحتيال الْبَاطِل وَلِأَن ازدحام الْأَقْسَام بأحكامها على فهم الْعَاميّ يكَاد يضيعه وَإِذا لم يجد الْمُفْتِي من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 @ يستفسره فِي ذَلِك كَانَ مدفوعا إِلَى التَّفْصِيل فليتثبت وليجتهد فِي إستيفاء الْأَقْسَام وأحكامها وتحريرها وَالله أعلم الثَّالِثَة إِذا كَانَ المستفتي بعيد الْفَهم فَيَنْبَغِي للمفتي أَن يكون رَفِيقًا بِهِ صبورا عَلَيْهِ حسن التأني فِي التفهم مِنْهُ والتفهيم لَهُ حسن الإقبال عَلَيْهِ لَا سِيمَا إِذا كَانَ ضَعِيف الْحَال محتسبا أجر ذَلِك فَإِنَّهُ جزيل أخْبرت عَن أبي الْفتُوح عبد الْوَهَّاب بن شاه النَّيْسَابُورِي قَالَ أخبرنَا الْأُسْتَاذ أَبُو الْقَاسِم الْقشيرِي قَالَ سَمِعت أَبَا سعيد الشحام يَقُول رَأَيْت الشَّيْخ الإِمَام أَبَا الطّيب سهلا الصعلوكي فِي الْمَنَام فَقلت أَيهَا الشَّيْخ فَقَالَ دع التشييخ فَقلت وَتلك الْأَحْوَال الَّتِي شاهدتها فَقَالَ لم تغن عَنَّا فَقلت مَا فعل الله بك فَقَالَ غفر لي بمسائل كَانَ يسْأَل عَنْهَا الْعَجز الْعَجز بِضَم الْعين وَالْجِيم الْعَجَائِز وَالله أعلم الرَّابِعَة ليتأمل رقْعَة الأستفتاء تأملا شافيا كلمة بعد كلمة ولتكن عنايته بتأمل آخرهَا أَكثر فَإِنَّهُ فِي آخرهَا يكون السُّؤَال وَقد يتَقَيَّد الْجَمِيع بِكَلِمَة فِي آخر الرقعة ويغفل عَنْهَا القارىء لَهَا وَهَذَا من أهم أَن يراعيه فَإِذا مر فِيهَا بمشتبه سَأَلَ عَنْهَا المستفتي ونقطه وشكله مصلحَة لنَفسِهِ ونيابة عَمَّن يُفْتِي بعده وَكَذَا إِن رأى لحنا فَاحِشا أَو خطأ يحِيل معنى أصلحه قطع بذلك أَبُو الْقَاسِم الصَّيْمَرِيّ من أَئِمَّة أَصْحَابنَا فِي كِتَابه فِي أدب الْمُفْتِي والمستفتي وَقَالَ الْخَطِيب أَبُو بكر أَحْمد بن عَليّ الْحَافِظ رَأَيْت القَاضِي أَبَا الطّيب الطَّبَرِيّ يفعل هَذَا فِي الرّقاع الَّتِي ترفع إِلَيْهِ للإستفتاء قلت وَوَجهه إِلْحَاقه بقبيل الْمَأْذُون فِيهِ بِلِسَان الْحَال فَإِن الرقعة إِنَّمَا قدمهَا صَاحبهَا إِلَيْهِ ليكتب فِيهَا مَا يرى وَهَذَا مِنْهُ وَكَذَلِكَ إِذا رأى بَيَاضًا فِي أثْنَاء بعض السطور أَو فِي آخرهَا خطّ عَلَيْهِ وشغله على نَحْو مَا يَفْعَله الشَّاهِد فِي كتب الوثائق وَنَحْوهَا لِأَنَّهُ رُبمَا قصد الْمُفْتِي فَيكْتب من ذَلِك الْبيَاض بعد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 @ فتواه مَا يُفْسِدهَا كَمَا بلي القَاضِي أَبُو حَامِد الْمروزِي بِمثل ذَلِك إِذْ قصد مساءته بعض النَّاس فَكتب مَا تَقول فِي رجل مَاتَ وَخلف ابْنه وأختا لأم ثمَّ ترك بَيَاضًا فِي آخر السطر مَوضِع كلمة ثمَّ كتب فِي أول السطر الَّذِي يَلِيهِ وَترك ابْن عَم فَأفْتى للْبِنْت النّصْف وَالْبَاقِي لآبن الْعم فَلَمَّا أَخذ خطه بذلك ألحق فِي مَوضِع الْبيَاض وَأب وشنع عَلَيْهِ بذلك وَكَانَ ذَلِك سَبَب فتْنَة ثارت بَين طائفتين من رُؤَسَاء الْبَصْرَة وَالله أعلم الْخَامِسَة يسْتَحبّ لَهُ أَن يقْرَأ مَا فِي الرقعة على من بِحَضْرَتِهِ من هُوَ أهل لذَلِك ويشاورهم فِي الْجَواب ويباحثهم فِيهِ وَإِن كَانُوا دونه وتلامذته لما فِي ذَلِك من الْبركَة والإقتداء برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وبالسلف الصَّالح رَضِي الله عَنْهُم اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يكون فِي الرقعة مَا لَعَلَّ السَّائِل يُؤثر ستره أَو فِي إشاعته مفْسدَة لبَعض النَّاس فينفرد هُوَ بِقِرَاءَتِهَا وجوابها وَالله أعلم السَّادِسَة يَنْبَغِي أَن يكْتب الْجَواب بِخَط وَاضح وسط لَيْسَ بالدقيق الخافي وَلَا بالغليظ الجافي وَكَذَا يتوسط فِي سطوره بَين توسيعها وتضييقها وَتَكون عِبَارَته وَاضِحَة صَحِيحَة بِحَيْثُ يفهمها الْعَامَّة وَلَا تزدريها الْخَاصَّة وَاسْتحبَّ بَعضهم أَن لَا يتَفَاوَت أقلامه وَلَا يخْتَلف خطه خوفًا من التزوير عَلَيْهِ وَكيلا يشْتَبه خطه قَالَ الصَّيْمَرِيّ وَقل مَا وجد التزوير على الْمُفْتِي وَذَلِكَ أَن الله تَعَالَى حفظ الدّين وَإِذا كتب الْجَواب أعَاد نظره فِيهِ خوفًا من أَن يكون أخل بِشَيْء مِنْهُ السَّابِعَة إِذا كَانَ هُوَ المبتدىء بالإفتاء فِيهَا العاده جَارِيَة قَدِيما وحديثا بِأَن يكْتب فتواه فِي النَّاحِيَة الْيُسْرَى من الورقة لِأَن ذَلِك أمكن لَهُ وَلَو كتب فِي غَيرهَا فَلَا عتب عَلَيْهِ إِلَّا أَن يرْتَفع إِلَى أَعْلَاهَا ترفعا وَلَا سِيمَا فَوق الْبَسْمَلَة وَفِيمَا وَجَدْنَاهُ عَن أبي الْقَاسِم الصَّيْمَرِيّ أَن كثيرا من الْفُقَهَاء يبْدَأ فِي فتواه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 @ بِأَن يَقُول الْجَواب وَحذف ذَلِك آخَرُونَ قَالَ وَلَو عمل ذَلِك فِيمَا طَال من الْمسَائِل وَحذف فِيمَا سوى ذَلِك لَكَانَ وَجها وَلَكِن لَا يدع أَن يخْتم جَوَابه بِأَن يَقُول وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق أَو وَالله الْمُوفق أَو وَالله أعلم قَالَ وَكَانَ بعض السّلف إِذا أفتى يَقُول إِن كَانَ صَوَابا فَمن الله وَإِن كَانَ خطأ فمني قَالَ وَهَذَا معنى كره فِي هَذَا الزَّمَان لِأَن فِيهِ إضعاف نفس السَّائِل وَإِدْخَال قلبه الشَّك فِي الْجَواب قَالَ وَلَيْسَ يقبح مِنْهُ أَن يَقُول الْجَواب عندنَا أَو الَّذِي عندنَا أَو يَقُول أَو الَّذِي نرَاهُ كَذَا وَكَذَا لِأَنَّهُ من حَملَة أَصْحَابه وأرباب مقَالَته وَالله أعلم الثَّامِنَة رُوِيَ عَن مَكْحُول وَمَالك رَضِي الله عَنْهُمَا أَنَّهُمَا كَانَا لَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 @ يفتيان حَتَّى يَقُولَا لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه وَنحن نستحب للمفتي مَعَ غَيره فَلْيقل إِذا أَرَادَ الْإِفْتَاء أعوذ بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم {سُبْحَانَكَ لَا علم لنا إِلَّا مَا علمتنا إِنَّك أَنْت الْعَلِيم الْحَكِيم} {ففهمناها سُلَيْمَان} الْآيَة {رب اشرح لي صَدْرِي وَيسر لي أَمْرِي واحلل عقدَة من لساني يفقهوا قولي} لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وحنانيك اللَّهُمَّ لَا تنسني وَلَا تنسني الْحَمد لله أفضل الْحَمد اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وعَلى آله وَسَائِر النَّبِيين وَسلم اللَّهُمَّ وفقني واهدني وسددني واجمع لي بَين الصَّوَاب وَالثَّوَاب وأعذني من الْخَطَأ والحرمان آمين وَإِن لم يَأْتِ بذلك عِنْد كل فَتْوَى فليأت بِهِ عِنْد أول فتيا يفتيها فِي يَوْمه لما يفتيه فِي سَائِر يَوْمه مضيفا إِلَيْهِ قِرَاءَة الْفَاتِحَة وَآيَة الْكُرْسِيّ وَمَا تيَسّر فَإِن من ثابر على ذَلِك كَانَ حَقِيقا بِأَن يكون موفقا فِي فَتَاوِيهِ وَالله أعلم التَّاسِعَة بلغنَا عَن القَاضِي أبي الْحسن الْمَاوَرْدِيّ صَاحب كتاب الْحَاوِي قَالَ إِن الْمُفْتِي عَلَيْهِ أَن يختصر جَوَابه فيكتفي فِيهِ بِأَنَّهُ يجوز أَو لَا يجوز أَو حق أَو بَاطِل وَلَا يعدل إِلَى الإطالة والاحتجاج ليفرق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 @ بَين الْفَتْوَى والتصنيف قَالَ وَلَو سَاغَ التجاوز إِلَى قَلِيل لساغ إِلَى كثير ولصار الْمُفْتِي مدرسا وَلكُل مقَام مقَال وَذكر شَيخنَا أَبُو الْقَاسِم الصَّيْمَرِيّ عَن شَيْخه القَاضِي أبي حَامِد الْمروزِي أَنه كَانَ يختصر فِي فتواه عَامَّة مَا يُمكنهُ واستفتي فِي مَسْأَلَة قيل فِي آخرهَا أَيجوزُ ذَلِك أم لَا فَكَانَت لَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق قلت الِاقْتِصَار على لَا أَو نعم لَا يَلِيق بِغَيْر الْعَامَّة وَإِنَّمَا يحسن بالمفتي الإختصار الَّذِي لَا يخل بِالْبَيَانِ الْمُشْتَرط عَلَيْهِ دون مَا يخل بِهِ فَلَا يدع إطاله لَا يحصل الْبَيَان بِدُونِهَا فَإِذا كَانَت فتياه فِيمَا يُوجب الْقود أَو الرَّجْم مثلا فليذكر الشُّرُوط الَّتِي يتَوَقَّف عَلَيْهَا الْقود وَالرَّجم وَإِذا استفتي فِيمَن قَالَ قولا يكفر بِهِ بِأَن قَالَ الصَّلَاة لعب أَو الْحَج عَبث أَو نَحْو ذَلِك فَلَا يُبَادر بِأَن يَقُول هَذَا حَلَال الدَّم أَو يقتل بل يَقُول إِذا ثَبت عَلَيْهِ ذَلِك بِالْبَيِّنَةِ أَو الْإِقْرَار إستتابه السُّلْطَان فَإِن تَابَ قبلت تَوْبَته وَإِن أصر وَلم يتب قتل وَفعل بِهِ كَذَا وَكَذَا وَبَالغ فِي تَغْلِيظ أمره وَإِن كَانَ الْكَلَام الَّذِي قَالَه يحْتَمل أمورا لَا يكفر بِبَعْضِهَا فَلَا يُطلق جَوَابه وَله أَن يَقُول ليسأل عَمَّا إراد بقوله فَإِن أَرَادَ كَذَا فَالْجَوَاب كَذَا وَإِن أَرَادَ كَذَا فَالْحكم فِيهِ كَذَا وَقد سبق الْكَلَام فِيمَا شَأْنه التَّفْصِيل وَإِذا استفتي فِيمَا يُوجب التَّعْزِير فليذكر قدر مَا يعزره بِهِ السُّلْطَان فَيَقُول يضْرب مَا بَين كَذَا إِلَى كَذَا وَلَا يُزَاد على كَذَا خوفًا من أَن يضْرب بفتواه إِذا أطلق القَوْل مَا لَا يجوز ضربه ذكر ذَلِك الصَّيْمَرِيّ قلت وَإِذا قَالَ عَلَيْهِ التَّعْزِير بِشَرْطِهِ أَو الْقصاص بِشَرْطِهِ فَلَيْسَ باطلاق وتقييده بِشَرْطِهِ يبْعَث من لَا يعرف الشَّرْط من ولاه الْأَمر على السُّؤَال عَن شَرطه وَالْبَيَان أولى وَالله أعلم الْعَاشِرَة إِذا سُئِلَ عَن مَسْأَلَة مِيرَاث فالعادة غير جَارِيَة بِأَن يشْتَرط فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 @ جَوَابه فِي الْوَرَثَة عدم الرّقّ وَالْكفْر وَالْقَتْل وَغَيرهَا من الْمَوَانِع بل الْمُطلق مَحْمُول على ذَلِك بِخِلَاف مَا إِذا أطلق السَّائِل ذكر الْأُخوة والاخوان والأعمام وبنيهم فَلَا بُد أَن يشْتَرط فِي الْجَواب فَيَقُول من أَب وَأم أَو من أَب أَو من أم وَإِذا سُئِلَ عَن مَسْأَلَة فِيهَا عول كالمنبرية وَهِي زَوْجَة وأبوان وبنتان فَلَا يقل للزَّوْجَة الثّمن وَلَا للزَّوْجَة التسع لِأَن أحدا من السّلف لم يقلهُ بل إِمَّا أَن يَقُول ثمن عائل وَهُوَ ثَلَاثَة أسْهم من سَبْعَة وَعشْرين سَهْما من كَذَا وَكَذَا وَإِذا كَانَ فِي الْمَذْكُورين فِي السُّؤَال من لَا يَرث أفْصح بسقوطه فَقَالَ وَسقط فلَان وَإِن كَانَ سُقُوطه فِي صُورَة دون صُورَة قَالَ سقط فلَان فِي هَذِه الْمَسْأَلَة أَو نَحْو ذَلِك وَإِذا سُئِلَ عَن إخْوَة وأخوات أَو بَنِينَ وَبَنَات فَلَا يَنْبَغِي إِلَّا أَن يَقُول يقتسمون التَّرِكَة على كَذَا وَكَذَا سَهْما لكل ذكر كَذَا سَهْما وَلكُل أُنْثَى كَذَا سَهْما وَلَا يقل للذّكر مثل حَظّ الأثنيين فَإِن ذَلِك يشكل على الْعَاميّ وَهَذَا رَأْي الإِمَام أبي الْقَاسِم الصَّيْمَرِيّ وَنحن نجد فِي تعمد الْعُدُول عَنهُ حزازة فِي النَّفس لكَونه لفظ الْقُرْآن الْعَظِيم وَأَنه قل مَا يخفى مَعْنَاهُ على أحد وسبيله أَن يكون فِي جَوَاب مسَائِل المناسخات شَدِيد التَّحَرُّز والتحفظ وَليقل فِيهَا لفُلَان كَذَا وَكَذَا من ذَلِك كَذَا بميراثه من فلَان وَكَذَا بميراثه من فلَان وَحسن أَن يَقُول فِي قسْمَة الْمَوَارِيث تقسم التَّرِكَة بعد إِخْرَاج مَا يجب تَقْدِيمه من دين أَو وَصِيَّة إِن كَانَا وَالله أعلم الْحَادِيَة عشرَة لَيْسَ للمفتي أَن يَبْنِي مَا يَكْتُبهُ فِي جَوَابه على مَا يعلم من صُورَة الْوَاقِعَة المستفتى عَنْهَا إِذا لم يكن فِي الرقعة تعرض لَهُ وَكَذَا إِذا أَرَادَ السَّائِل شفاها مَا لَيْسَ فِي الرقعة تعرض لَهُ وَلَا لَهُ بِهِ تعلق فَلَيْسَ للمفتي أَن يكْتب جَوَابه من الرقعة وَلَا بَأْس بِأَن يضيفه إِلَى السُّؤَال بِخَطِّهِ وَإِن لم يكن من الْأَدَب كَون السُّؤَال جَمِيعه بِخَط الْمُفْتِي على مَا سبق وَلَا بَأْس أَيْضا لَو كتب بعد جَوَابه عَمَّا فِي الرقعة زَاد السَّائِل لَفظه من كَذَا وَكَذَا أَو الْجَواب عَنهُ كَذَا وَكَذَا وَإِذا كَانَ الْمَكْتُوب فِي الرقعة على خلاف الصُّورَة الْوَاقِعَة وَعلم الْمُفْتِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 @ بذلك فليفت على مَا وجده فِي الرقعة وَليقل هَذَا إِن كَانَ الْأَمر على مَا ذكر وَإِن كَانَ كَيْت وَكَيْت وَيذكر مَا علمه من الصُّورَة فَالْحكم كَذَا وَكَذَا قلت وَإِذا زَاد الْمُفْتِي على جَوَاب الْمَذْكُور فِي السُّؤَال مَا لَهُ بِهِ تعلق وَيحْتَاج إِلَى التَّنْبِيه عَلَيْهِ فَذَلِك حسن وَالله أعلم الثَّانِيَة عشرَة لَا يَنْبَغِي إِذا ضَاقَ مَوضِع الْفَتْوَى عَنْهَا أَن يكْتب الْجَواب فِي رقْعَة أُخْرَى خوفًا من الْحِيلَة عَلَيْهِ وَلِهَذَا يَنْبَغِي أَن يكون جَوَابه مَوْصُولا بآخر سطر من الرقعة وَلَا يدع بَينهمَا فُرْجَة خوفًا من أَن يثبت السَّائِل فِيهَا غَرضا لَهُ ضارا وَكَذَا إِذا كَانَ فِي مَوضِع الْجَواب ورقة ملزقة كتب على مَوضِع الإلزاق وشغله بِشَيْء وَإِذا أجَاب على ظهر الرقعة فَيَنْبَغِي أَن يكون الْجَواب فِي أَعْلَاهَا لَا فِي ذيلها اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يبتدىء الْجَواب فِي أَسْفَلهَا مُتَّصِلا بالإستفتاء فيضيق عَلَيْهِ الْموضع فيمتد وَرَاءَهَا مِمَّا يَلِي أَسْفَلهَا ليتصل جَوَابه وَاخْتَارَ بَعضهم أَن لَا يكْتب على ظهرهَا وَلَا يكْتب على حاشيتها بِطُولِهَا وَالْمُخْتَار أَن حاشيتها أولى بذلك من ظهرهَا وَالْأَمر من ذَلِك قريب وَالله أعلم الثَّالِثَة عشرَة إِذا رأى الْمُفْتِي رقْعَة الإستفتاء قد سبق بِالْجَوَابِ فِيهَا من لَيْسَ أَهلا للْفَتْوَى فَعَن الإِمَام أبي الْقَاسِم الصَّيْمَرِيّ رَضِي الله عَنهُ أَنه لَا يُفْتِي مَعَه لِأَن فِيهِ تَقْرِير مِنْهُ لمنكر بل يضْرب على ذَلِك بِإِذن صَاحب الرقعة وَلَو لم يستاذنه فِي هَذَا الْقدر جَازَ لَكِن لَيْسَ لَهُ إحتباس الرقعة إِلَّا بِإِذن صَاحبهَا وَله انتهار السَّائِل وزجره وتعريف قبح مَا أَتَاهُ وَإنَّهُ قد كَانَ وَاجِبا عَلَيْهِ الْبَحْث عَن أهل الْفَتْوَى وَطلب من يسْتَحق ذَلِك وَإِن رأى فِيهَا اسْم من لَا يعرفهُ سَأَلَ عَنهُ فَإِن لم يعرفهُ فبوسعه أَن يمْتَنع من الْفَتْوَى مَعَه خوفًا مِمَّا قُلْنَاهُ قَالَ وَكَانَ بَعضهم فِي مثل هَذَا يكْتب على ظهرهَا وَالْأولَى فِي هَذِه الْمَوَاضِع أَن يشار على صَاحبهَا بإبدالها فَإِن أَبى ذَلِك أَجَابَهُ شفاها قلت وَإِذا خَافَ فتْنَة من الضَّرْب على فتيا العادم للأهلية وَلم يكن خطأ عدل إِلَى الِامْتِنَاع من الْفتيا مَعَه وَإِن غلبت فَتَاوِيهِ لتغلبه على منصبها بجاه أَو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 @ تلبيس أَو غير ذَلِك بِحَيْثُ صَار امْتنَاع الْأَهْل من الْفتيا مَعَه ضارا بالمستفتيين فليفت مَعَه فَإِن ذَلِك أَهْون الضررين وليتلطف مَعَ ذَلِك فِي إِظْهَار قصوره لمن يجهله وَالله أعلم الرَّابِعَة عشرَة إِذا ظهر لَهُ أَن الْجَواب على خلاف غَرَض المستفتي وَأَنه لَا يرضى بكتبه فِي ورقته فليقتصر على مشافهته بِالْجَوَابِ حَدثنِي الشَّيْخ أَبُو المظفر عبد الرَّحِيم بن الْحَافِظ أبي سعيد عبد الْكَرِيم السَّمْعَانِيّ بِمَدِينَة مرو عَن وَالِده قَالَ سَمِعت أَبَا السعادات الْمُبَارك بن الْحُسَيْن الشَّاهِد بواسط يَقُول دخلت على قَاضِي الْقُضَاة أبي عبد الله الدَّامغَانِي وَكَانَ معي رقْعَة فِيهَا مَسْأَلَة فَسَأَلته الْجَواب عَنْهَا فَأخذ الرقعة وَشرع يكْتب الْجَواب وَكنت أَدْعُو لَهُ فَقَالَ الْمُفْتِي إِذا وَافق جَوَابه غَرَض المستفتى يَدْعُو لَهُ وَإِذا لم يُوَافق سكت ثمَّ قَالَ غرم شَيخنَا أَبُو الْحسن بن الْقَدُورِيّ لرجل ورقة أفتى يَوْمًا فِي مَسْأَلَة استفتي عَنْهَا فأتفق الْجَواب على خلاف غَرَض المستفتي فَقَالَ لَهُ يَا شيخ اتلفت ورقتي قَالَ فَأخْرج شَيخنَا ورقة من عِنْده وَقَالَ هاك عوضهَا وَالله أعلم الْخَامِسَة عشرَة إِذا وجد فِي رقْعَة الاستفتاء فتيا غَيره وَهِي خطأ قطعا وَإِمَّا خطأ مُطلقًا لمخالفتها الدَّلِيل الْقَاطِع وَإِمَّا خطأ على مَذْهَب من يُفْتِي ذَلِك الْغَيْر على مذْهبه قطعا فَلَا يجوز لَهُ الإمتناع من الْإِفْتَاء فَهُوَ كالتنبيه على خطاياها إِذا لم يكفه ذَلِك غَيره بل عَلَيْهِ الضَّرْب عَلَيْهَا عِنْد تيسره أَو الْإِبْدَال وتقطيع الرقعة بِإِذن صَاحبهَا أَو نَحْو ذَلِك وَإِذا تعذر ذَلِك وَمَا يقوم مقَامه كتب صَوَاب جَوَابه عِنْد ذَلِك الْخَطَأ ثمَّ إِذا كَانَ المخطىء أَهلا للْفَتْوَى فَحسن أَن يُعَاد إِلَيْهِ بِإِذن صَاحبهَا وَأما إِذا وجد فِيهَا فتيا مِمَّن هُوَ أهل للْفَتْوَى وَهُوَ على خلاف مَا يرَاهُ هُوَ غير أَنه لَا يقطع بخطاياها فليقتصر على أَن يكْتب جَوَاب نَفسه وَلَا يتَعَرَّض لفتيا غَيره بتخطئة وَلَا إعتراض عَلَيْهِ وبلغنا أَن الْملك الملقب بِجلَال الدولة من مُلُوك الديلم المتسلطين على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 @ الْخُلَفَاء لما زيد فِي ألقابه شاهان شاه الْأَعْظَم ملك الْمُلُوك وخطب لَهُ بذلك بِبَغْدَاد على الْمِنْبَر جرى فِي ذَلِك إستفتاء فُقَهَاء بَغْدَاد فِي جَوَاز ذَلِك وَذَلِكَ فِي سنة تسع وَعشْرين وَأَرْبع مائَة فَأفْتى غير وَاحِد من أَئِمَّة الْعَصْر بِجَوَاز ذَلِك مِنْهُم القَاضِي الإِمَام أَبُو الطّيب الطَّبَرِيّ وَأَبُو الْقَاسِم الْكَرْخِي وَابْن الْبَيْضَاوِيّ وَالْقَاضِي أَبُو عبد الله الصَّيْمَرِيّ الْحَنَفِيّ وَأَبُو مُحَمَّد التَّمِيمِي الْحَنْبَلِيّ وَلم يفت مَعَهم القَاضِي أَبُو الْحسن الْمَاوَرْدِيّ فَكتب إِلَيْهِ كَاتب الْخَلِيفَة يَخُصُّهُ بالإستفتاء فِي ذَلِك فَأفْتى بِأَن ذَلِك لَا يجوز وَلَقَد أصَاب فِي تَحْرِيمه ذَلِك وأخطاوا فِي تجويزه فَلَمَّا وقفُوا على جَوَابه تصدوا لنقضه وَأطَال القاضيان أَبُو الطّيب الطَّبَرِيّ وَأَبُو عبد الله الصَّيْمَرِيّ فِي التشنيع عَلَيْهِ فَأجَاب الْمَاوَرْدِيّ عَن كِلَاهُمَا بِجَوَاب طَوِيل يذكر فِيهِ أَنَّهُمَا أخطا من وُجُوه مِنْهَا أَنه لَا يسوغ لمفت إِذا أفتى أَن يتَعَرَّض لجواب غَيره برد وَلَا بِخطْبَة ويجيب بِمَا عِنْده من مُوَافقَة أَو مُخَالفَة فقد يُفْتِي بعض أَصْحَاب الشَّافِعِي بِمَا يخالفهم فِيهِ أَصْحَاب أبي حنيفَة فَلَا يتَعَرَّض أحد مِنْهُم لرد على صَاحبه وَالله أعلم السَّادِسَة عشرَة إِذا لم يفهم الْمُفْتِي السُّؤَال أصلا وَلم يحضر صَاحب الْوَاقِعَة فَعَن القَاضِي أبي الْقَاسِم الصَّيْمَرِيّ الشَّافِعِي رَحمَه الله أَن لَهُ أَن يكْتب يُزَاد فِي الشَّرْح لنجيب عَنهُ أَو لم أفهم مَا فِيهَا فَأُجِيب عَنهُ وَقَالَ بَعضهم لَا يكْتب شَيْئا أصلا قَالَ وَرَأَيْت بَعضهم كتب فِي مثل هَذَا يحضر السَّائِل لنخاطبه شفاها وَإِذا اشْتَمَلت الرقعة على مسَائِل فهم بَعْضهَا دون بعض أَو فهمها كلهَا وَلم يزدْ الْجَواب عَن بَعْضهَا أَو احْتَاجَ فِي بَعْضهَا إِلَى مطالعة رَأْيه أَو كتبه سكت عَن ذَلِك الْبَعْض وَأجَاب عَن الْبَعْض الآخر وَعَن الصَّيْمَرِيّ أَنه يَقُول فِي جَوَابه فَأَما بَاقِي الْمسَائِل قُلْنَا فِيهِ نظر أَو يَقُول مطالعة أَو يَقُول زِيَادَة تَأمل قلت وَإِذا فهم من السُّؤَال صُورَة وَهُوَ يحْتَمل غَيرهَا فلينهر عَلَيْهَا فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 @ أول جَوَابه فَيَقُول إِن كَانَ قد قَالَ كَذَا وَكَذَا أَو فعل كَذَا وَكَذَا أَو مَا أشبه هَذَا ثمَّ يذكر حكم ذَلِك وَالله أعلم السَّابِعَة عشرَة لَيْسَ بمنكر أَن يذكر الْمُفْتِي فِي فتواه الْحجَّة إِذا كَانَت نصا وَاضحا مُخْتَصرا مثل أَن يسئل عَن عدَّة الْآيَة وَحسن أَن يكْتب فِي فتواه قَالَ الله تبَارك وَتَعَالَى {واللائي يئسن من الْمَحِيض من نِسَائِكُم إِن ارتبتم فعدتهن ثَلَاثَة أشهر} أَو يسْأَل هَل يطهر جلد الْميتَة بالدباغ فَيكْتب نعم يطهر قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَيّمَا إهَاب دبغ فقد طهر) وَأما الأقيسة وَشبههَا فَلَا يَنْبَغِي لَهُ ذكر شَيْء مِنْهَا وَفِيمَا وَجَدْنَاهُ عَن الصَّيْمَرِيّ قَالَ لم تجر الْعَادة على أَن يذكر فِي فتواه طَرِيق الإجتهاد وَلَا وَجه الْقيَاس والإستدلال اللَّهُمَّ إِلَّا أَن تكون الْفَتْوَى تتَعَلَّق بِنَظَر قَاض فيومىء فِيهَا طَرِيق الإجتهاد ويلوح بالنكثة الَّتِي عَلَيْهَا بني الْجَواب أَو يكون غَيره قد أفتى فِيهَا بفتوى غلظ فِيهَا عِنْده فيلوح بالنكثة الَّتِي أوجب خِلَافه ليقمْ عذره فِي مُخَالفَته قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ فِيمَا يُفْتِي بِهِ غموض فَحسن أَن يلوح بحجته وَهَذَا التَّفْصِيل أولى مِمَّا سبق قَرِيبا ذكره عَن القَاضِي الْمَاوَرْدِيّ من إِطْلَاقه القَوْل بِالْمَنْعِ من تعرضه للإحتجاج وَقد يحْتَاج الْمُفْتِي فِي بعض الوقائع إِلَى أَن يشدد ويبالغ فَيَقُول هَذَا اجماع الْمُسلمين أَو لَا أعلم فِي هَذَا خلافًا أَو فَمن خَالف هَذَا فقد خَالف الْوَاجِب وَعدل عَن الصَّوَاب أَو فقد أَثم وَفسق أَو على ولي الْأَمر أَن يَأْخُذ بِهَذَا وَلَا يهمل الْأَمر وَمَا اشبه هَذِه الْأَلْفَاظ على حسب مَا تَقْتَضِيه الْمصلحَة وتوجبه الْحَال وَالله أعلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 @ الثَّامِنَة عشرَة يجب على الْمُفْتِي عِنْد اجْتِمَاع الرّقاع بِحَضْرَتِهِ أَن يقدم الأسبق فالاسبق كَمَا يَفْعَله القَاضِي عِنْد اجْتِمَاع الْخُصُوم وَذَلِكَ فِيمَا يجب عَلَيْهِ الْإِفْتَاء وَعند التَّسَاوِي أَو الْجَهْل بالسابق يقدم بِالْقُرْعَةِ وَالصَّحِيح أَنه يجوز لَهُ تَقْدِيم الْمَرْأَة وَالْمُسَافر الَّذِي شدّ رَحْله وَفِي تَأْخِيره تخلفه عَن رفقته على من سبقهما إِلَّا إِذا أَكثر المسافرون وَالنِّسَاء بِحَيْثُ يلْحق غَيرهم من تقديمهم ضَرَر كثير فَيَعُود إِلَى التَّقْدِيم بِالسَّبقِ أَو القرعه ثمَّ لَا يقدم من يقدمهُ إِلَّا فتيا وَاحِدَة وَالله أعلم التَّاسِعَة عشرَة ليحذر أَن يمِيل فِي فتواه مَعَ المستفتي أَو مَعَ خَصمه ووجوه الْميل كَثِيرَة لَا تخفى وَمِنْهَا أَن يكْتب فِي جَوَابه مَا هُوَ لَهُ ويسكت عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ أَن يبتدىء فِي مسَائِل الدَّعَاوَى والبينات يذكر وُجُوه المخالص مِنْهَا وَإِذا سَأَلَهُ أحدهم وَقَالَ بِأَيّ شَيْء تنْدَفع دَعْوَى كَذَا أَو كَذَا وَبَيِّنَة كَذَا أَو كَذَا لم يجبهُ كي لَا يتَوَصَّل بذلك إِلَى إبِْطَال حق وَله أَن يسْأَل عَن حَاله فِيمَا ادعِي عَلَيْهِ فَإِذا شَرحه لَهُ عرفه بِمَا فِيهِ من دَافع وَغير دَافع وَالله أعلم الْعشْرُونَ لَيْسَ لَهُ إِذا استفتي فِي شَيْء من الْمسَائِل الكلامية أَن يُفْتِي بالتفصيل بل يمْنَع مستفتيه وَسَائِر الْعَامَّة من الْخَوْض فِي ذَلِك أصلا وَيَأْمُرهُمْ بِأَن يقتصروا فِيهَا على الْإِيمَان جملَة من غير تَفْصِيل ويقولوا فِيهَا وَفِيمَا ورد من الْآيَات والاخبار المتشابهات أَن الثَّابِت فِيهَا فِي نفس الْأَمر كل مَا هُوَ لَائِق فِيهَا بِجلَال الله وكماله وتقديسه المطلقين وَذَلِكَ هُوَ معتقدنا فِيهَا وَلَيْسَ علينا تَفْصِيله وتعيينه وَلَيْسَ الْبَحْث عَنهُ من شَأْننَا بل نكل علم تَفْصِيله إِلَى الله تبَارك وَتَعَالَى ونصرف عَن الْخَوْض فِيهِ قُلُوبنَا وألسنتنا فَهَذَا وَنَحْوه عَن أَئِمَّة الْفَتْوَى هُوَ الصَّوَاب فِي ذَلِك وَهُوَ سَبِيل سلف الْأمة وأئمة الْمذَاهب الْمُعْتَبرَة وأكابر الْفُقَهَاء وَالصَّالِحِينَ وَهُوَ أصوب وَأسلم للعامة وأشباههم مِمَّن يدغل قلبه بالخوض فِي ذَلِك وَمن كَانَ مِنْهُم إعتقد إعتقادا بَاطِلا تَفْصِيلًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 @ فَفِي إِلْزَامه بِهَذَا صرف لَهُ عَن ذَلِك الِاعْتِقَاد الْبَاطِل بِمَا هُوَ أَهْون وأيسر وَأسلم وَإِذا عزّر ولي الْأَمر من حاد مِنْهُم عَن هَذِه الطَّرِيقَة فقد تأسى بعمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فِي تعزيره ضبيع بن عسل الَّذِي كَانَ يسْأَل عَن المتشابهات على ذَلِك والمتكلمون من أَصْحَابنَا معترفون بِصِحَّة هَذِه الطَّرِيقَة وبأنها أسلم لمن سلمت لَهُ وَكَانَ الْغَزالِيّ مِنْهُم فِي آخر أمره شَدِيد الْمُبَالغَة فِي الدُّعَاء إِلَيْهَا والبرهنة عَلَيْهَا وَذكر شَيْخه الشَّيْخ أَبُو الْمَعَالِي فِي كِتَابه الغياثي أَن الإِمَام يحرص مَا أمكنه على جمع الْعَامَّة من الْخلق على سلوك سَبِيل السّلف فِي ذَلِك واستفتى الْغَزالِيّ فِي كَلَام الله تبَارك وَتَعَالَى وَكَانَ من جَوَابه وَأما الْخَوْض فِي أَن كَلَامه تَعَالَى حرف وَصَوت أَو لَيْسَ كَذَلِك فَهُوَ بِدعَة وكل من يَدْعُو الْعَوام إِلَى الْخَوْض فِي هَذَا فَلَيْسَ من أَئِمَّة الدّين وَإِنَّمَا هُوَ من المضلين ومثاله من يَدْعُو الصّبيان الَّذين لَا يعْرفُونَ السباحة إِلَى خوض الْبَحْر وَمن يَدْعُو الزَّمن المقعد إِلَى السّفر فِي البراري من غير مركوب وَقَالَ فِي رِسَالَة لَهُ الصَّوَاب لِلْخلقِ كلهم إِلَّا الشاذ النَّادِر الَّذِي لَا تسمح الإعصار إِلَّا بِوَاحِد مِنْهُم أَو اثْنَيْنِ سلوك مَسْلَك السّلف فِي الْإِيمَان الْمُرْسل والتصديق الْمُجْمل بِكُل مَا أنزلهُ الله تَعَالَى وَأخْبر بِهِ رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من غير بحث وتفتيش والإشتغال بالفتوى فَفِيهِ شغل شاغل وَفِي كتاب أدب الْمُفْتِي والمستفتي للصيمري أبي الْقَاسِم أَن مِمَّا أجمع عَلَيْهِ أهل الْفَتْوَى أَن من كَانَ مَنْسُوبا بالفتوى فِي الْفِقْه لم يَنْبغ أَن يضع حَظه بفتوى فِي مسئلة من الْكَلَام كالقضاء وَالْقدر والرؤية وَخلق الْقُرْآن وَكَانَ بَعضهم لَا يستتم قِرَاءَة مثل هَذِه الرقعة وَحكى أَبُو عمر بن عبد الْبر الْفَقِيه الْحَافِظ الأندلسي الِامْتِنَاع من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 @ الْكَلَام فِي كل ذَلِك عَن الْفُقَهَاء وَالْعُلَمَاء قَدِيما وحديثا من أهل الحَدِيث وَالْفَتْوَى وَقَالَ إِنَّمَا خَالف ذَلِك أهل الْبدع قلت فَإِن كَانَت الْمَسْأَلَة مِمَّا يُؤمن فِي تَفْصِيل جوابها من ضَرَر الْخَوْض الْمَذْكُور جَازَ الْجَواب تَفْصِيلًا وَذَلِكَ بِأَن يكون جوابها مُخْتَصرا مفهوما فِيمَا لَيْسَ لَهُ أَطْرَاف يتجاذبها المتنازعون وَالسُّؤَال عَنهُ صادر من مسترشد خَاص منقاد أَو من عَامَّة قَليلَة التَّنَازُع والمماراة والمفتي مِمَّن ينقادون لفتواه وَنَحْو هَذَا وعَلى هَذَا أَو نَحوه يخرج مَا جَاءَ عَن بعض السّلف من بعض الْفَتْوَى فِي بعض الْمسَائِل الكلامية وَذَلِكَ مِنْهُم قَلِيل نَادِر وَالله أعلم القَوْل فِي صفة المستفتي وَأَحْكَامه وآدابه أما صفته فَكل من لم يبلغ دَرَجَة الْمُفْتِي فَهُوَ فِيمَا يسْأَل عَنهُ من الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة مستفت ومقلد لمن يفتيه وحد التَّقْلِيد فِي اختيارنا وتحريرنا قبُول قَول من يجوز عَلَيْهِ الْإِصْرَار على الْخَطَأ بِغَيْر حجَّة على عين مَا قبل قَوْله فِيهِ وَيجب عَلَيْهِ الاستفتاء إِذا نزلت بِهِ حَادِثَة يجب عَلَيْهِ تعلم حكمهَا وَفِي أَحْكَامه وآدابه مسَائِل الأولى إختلفوا فِي أَنه هَل يجب عَلَيْهِ الْبَحْث وَالِاجْتِهَاد عَن أَعْيَان الْمُفْتِينَ وَلَيْسَ هَذَا الْخلاف على الْإِطْلَاق فَإِنَّهُ يجب عَلَيْهِ قطعا الْبَحْث الَّذِي يعرف بِهِ صَلَاحِية من يستفتيه للإفتاء إِذا لم يكن قد تقدّمت مَعْرفَته بذلك وَلَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 @ يجوز لَهُ استفتاء كل من اعتزى إِلَى الْعلم أَو انتصب فِي منصب التدريس أَو غَيره من مناصب أهل الْعلم بِمُجَرَّد ذَلِك وَيجوز لَهُ استفتاء من تَوَاتر بَين النَّاس واستفاض فيهم كَونه أَهلا للْفَتْوَى وَعند بعض أَصْحَابنَا الْمُتَأَخِّرين إِنَّمَا يعْتَمد قَوْله أَنا أهل للْفَتْوَى لَا يشْهد لَهُ بذلك والتواتر لِأَن التَّوَاتُر لَا يُفِيد الْعلم إِذا لم يسْتَند إِلَى مَعْلُوم محسوس والشهرة بَين الْعَامَّة لَا يوثق بهَا وَقد يكون أَصْلهَا التلبيس وَيجوز لَهُ أَيْضا استفتاء من أخبر الْمَشْهُور الْمَذْكُور عَن أَهْلِيَّته وَلَا يَنْبَغِي أَن يَكْتَفِي فِي هَذِه الازمان بِمُجَرَّد تصديه للْفَتْوَى واشتهاره بمباشرتها لَا بأهليته لَهَا وَقد أطلق الشَّيْخ أَبُو إِسْحَق الشِّيرَازِيّ وَغَيره أَن يقبل فِيهِ خبر الْعدْل الْوَاحِد وَيَنْبَغِي أَن يشْتَرط فِيهِ أَن يكون عِنْده من الْعلم وَالْبَصَر مَا يُمَيّز بِهِ الملبس من غَيره وَلَا يعْتَمد فِي ذَلِك على خبر احاد الْعَامَّة لِكَثْرَة مَا يتَطَرَّق إِلَيْهِم من التلبيس فِي ذَلِك إِذا عرفت هَذَا فَإِذا اجْتمع إثنان أَو أَكثر مِمَّن يجوز استفتاؤهم فَهَل يجب عَلَيْهِ الِاجْتِهَاد فِي أعيانهم والبحث عَن الأعلم الأودع الأوثق ليقلده دون غَيره فَهَذَا فِيهِ وَجْهَان أَحدهمَا وَهُوَ فِي طَريقَة الْعرَاق مَنْسُوب إِلَى أَكثر أَصْحَابنَا وَهُوَ الصَّحِيح فِيهَا أَنه لَا يجب ذَلِك وَله استفتاء من شَاءَ مِنْهُم لِأَن الْجَمِيع أهل وَقد أسقطنا الِاجْتِهَاد عَن الْعَاميّ وَالثَّانِي يجب عَلَيْهِ ذَلِك وَهُوَ قَول ابْن سُرَيج وإختيار الْقفال الْمروزِي وَالصَّحِيح عِنْد صَاحبه القَاضِي حُسَيْن لِأَنَّهُ يُمكنهُ هَذَا الْقدر من الِاجْتِهَاد بالبحث وَالسُّؤَال وشواهد الْأَحْوَال فَلم يسْقط عَنهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 @ وَالْأول أصح وَهُوَ الظَّاهِر من حَال الْأَوَّلين وَلَكِن مَتى اطلع على الأوثق مِنْهُمَا فَالْأَظْهر أَنه يلْزمه تَقْلِيده دون الآخر كَمَا وَجب تَقْدِيم أرجح الدَّلِيلَيْنِ وأوثق الروايين فعلى هَذَا يلْزمه تَقْلِيد الاورع من الْعَالمين والأعلم من الورعين فَإِن كَانَ أَحدهمَا أعلم وَالْآخر أورع قلد الأعلم على الْأَصَح وَالله أعلم الثَّانِيَة فِي جَوَاز تَقْلِيد الْمَيِّت وَجْهَان أَحدهمَا لَا يجوز لِأَن أَهْلِيَّته زَالَت لمَوْته فَهُوَ كَمَا لَو فسق وَالصَّحِيح الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَل الْجَوَاز لِأَن الْمذَاهب لَا تَمُوت بِمَوْت أَصْحَابهَا وَلِهَذَا يعْتد بهَا بعدهمْ فِي الْإِجْمَاع وَالْخلاف وَمَوْت الشَّاهِد قبل الحكم لَا يمْنَع من الحكم بِشَهَادَتِهِ بِخِلَاف الْفسق وَالْقَوْل بِالْأولِ يجر ضبطا فِي الْأَعْصَار الْمُتَأَخِّرَة الثَّالِثَة هَل يجوز للعامي أَن يتَخَيَّر ويقلد أَي مَذْهَب شَاءَ لينْظر إِن كَانَ منتسبا إِلَى مَذْهَب معِين بنينَا ذَلِك على وَجْهَيْن حَكَاهُمَا القَاضِي حُسَيْن فِي أَن للعامي هَل لَهُ مَذْهَب أَولا أَحدهمَا أَنه لَا مَذْهَب لَهُ لِأَن الْمَذْهَب إِنَّمَا يكون لمن يعرف الْأَدِلَّة فعلى هَذَا لَهُ أَن يستفتي من شَاءَ شَافِعِيّ أَو حَنَفِيّ أَو غَيرهمَا وَالثَّانِي وَهُوَ الْأَصَح عِنْد الْقفال الْمروزِي أَن لَهُ مذهبا لِأَنَّهُ اعْتقد أَن الْمَذْهَب الَّذِي انتسب إِلَيْهِ هُوَ الْحق وَرجحه على غَيره فَعَلَيهِ الْوَفَاء بِمُوجب إعتقاده ذَلِك فَإِن كَانَ شافعيا لم يكن لَهُ أَن يستفتي حنفيا وَلَا يُخَالف إِمَامه فقد ذكرنَا فِي الْمُفْتِي المنتسب مَا يجوز لَهُ أَن يُخَالف إِمَامه فِيهِ وَإِن لم يكن قد انتسب إِلَى مَذْهَب معِين فنبني ذَلِك فِيهِ على وَجْهَيْن حَكَاهُمَا ابْن برهَان فِي أَن الْعَاميّ هَل يلْزمه أَن يتمذهب بِمذهب معِين يَأْخُذ بِرُخصِهِ وعزائمه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 @ أَحدهمَا أَلا يلْزمه ذَلِك كَمَا لم يلْزم فِي عصر أَوَائِل الْأمة أَن يخص الْعَاميّ عَالما معينا بتقليده قلت فعلى هَذَا هَل لَهُ أَن يستفتي على أَي مَذْهَب شَاءَ أَو يلْزمه أَن يبْحَث حَتَّى يعلم علم مثله أَسد الْمذَاهب وأصحها أصلا فيستفتي أَهله فِيهِ وَجْهَان مذكوران كالوجهين اللَّذين سبقا فِي إِلْزَامه بالبحث عَن الأعلم والأوثق من الْمُفْتِينَ وَالثَّانِي يلْزمه ذَلِك وَبِه قطع الكيا أَبُو الْحسن وَهُوَ جَار فِي كل من لم يبلغ رُتْبَة الِاجْتِهَاد من الْفُقَهَاء وأرباب سَائِر الْعُلُوم وَوَجهه أَنه لَو جَازَ لَهُ اتِّبَاع اي مَذْهَب شَاءَ لأفضى إِلَى أَن يتَلَفَّظ رخص الْمذَاهب مُتبعا هَوَاهُ ومتخيرا بَين التَّحْرِيم والتجويز فِي ذَلِك الْخلاف رُتْبَة التَّكْلِيف بِخِلَاف الْعَصْر الأول فَإِنَّهُ لم تكن الْمذَاهب الوافية بِأَحْكَام الْحَوَادِث حِينَئِذٍ قد مهدت وَعرفت فعلى هَذَا يلْزمه أَن يجْتَهد فِي اخْتِيَار مَذْهَب يقلده على التَّعْيِين وَهَذَا أولى بِإِيجَاب الِاجْتِهَاد فِيهِ على الْعَاميّ مِمَّا سبق ذكره فِي الاستفتاء وَنحن نمهد لَهُ طَرِيقا يسلكه فِي اجْتِهَاده سهلا فَنَقُول أَولا لَيْسَ لَهُ أَن يتبع فِي ذَلِك مُجَرّد التشهي والميل إِلَى مَا وجد عَلَيْهِ أَبَاهُ وَلَيْسَ لَهُ التمذهب بِمذهب أحد من أَئِمَّة الصَّحَابَة وَغَيرهم من الْأَوَّلين وَإِن كَانُوا أعلم وَأَعْلَى دَرَجَة من بعدهمْ لأَنهم لم يتفرغوا لتدوين الْعلم وَضبط أُصُوله وفروعه وَلَيْسَ لأحد مِنْهُم مَذْهَب مهذب مُحَرر مُقَرر وَإِنَّمَا قَامَ بذلك من جَاءَ بعدهمْ من الْأَئِمَّة الناخلين لمذاهب الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ القائمين بتمهيد أَحْكَام الوقائع قبل وُقُوعهَا الناهضين بإيضاح أُصُولهَا وفروعها كمالك وَأبي حنيفَة وَغَيرهمَا وَلما كَانَ الشَّافِعِي قد تَأَخّر عَن هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّة وَنظر فِي مذاهبهم نَحْو نظرهم فِي مَذَاهِب من قبلهم فسبرها وحبرها وانتقدها وَاخْتَارَ أرجحها وَوجد من قبله قد كَفاهُ مُؤنَة التأصيل فتفرغ للاختيار وَالتَّرْجِيح والتنقيح والتكميل مَعَ كَمَال آليته وبراعته فِي الْعُلُوم وترجحه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 @ فِي ذَلِك على من سبقه ثمَّ لم يُوجد بعده من بلغ مَحَله فِي ذَلِك كَانَ مذْهبه أولى الْمذَاهب بالاتباع والتقليد وَهَذَا مَعَ مَا فِيهِ الْإِنْصَاف والسلامة من الْقدح فِي أحد الْأَئِمَّة جلي وَاضح إِذا تَأمله الْعَاميّ قَادَهُ إِلَى اخْتِيَار مَذْهَب الشَّافِعِي والتمذهب وَالله أعلم الرَّابِعَة إِذا اخْتلف عَلَيْهِ فَتْوَى مفتيين فللأصحاب فِيهِ أوجه أَحدهَا أَنه يَأْخُذ بأغلظها فَيَأْخُذ بالحظر دون الْإِبَاحَة لِأَن أحوط وَلِأَن الْحق ثقيل الثَّانِي يَأْخُذ بأخفها لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث بالحنيفية السمحة السهلة وَالثَّالِث يجْتَهد فِي الأوثق فَيَأْخُذ بفتوى الأعلم الأورع كَمَا سبق شَرحه وَاخْتَارَهُ السَّمْعَانِيّ الْكَبِير وَنَصّ الشَّافِعِي على مثله فِي الْقبْلَة وَالرَّابِع يسْأَل مفتيا آخر فَيعْمل بفتوى من يُوَافقهُ وَالْخَامِس يتَخَيَّر فَيَأْخُذ بقول أَيهمَا شَاءَ وَهُوَ الصَّحِيح عِنْد الشَّيْخ أبي إِسْحَق الشِّيرَازِيّ وَاخْتَارَهُ صَاحب الشَّامِل فِيمَا إِذا تساوى المفتيان فِي نَفسه وَالْمُخْتَار أَن عَلَيْهِ أَن يجْتَهد ويبحث عَن الْأَرْجَح فَيعْمل بِهِ فَإِنَّهُ حكم التَّعَارُض وَقد وَقع وَلَيْسَ كَمَا سبق ذكره من التَّرْجِيح الْمُخْتَلف فِيهِ عِنْد الاستفتاء وَعند هَذَا الْبَحْث عَن الأوثق من المفتيين فَيعْمل بفتياه فَإِن لم يتَرَجَّح أَحدهمَا عِنْده استفتى آخر وَعمل بفتوى من وَافقه الآخر فَإِن تعذر ذَلِك وَكَانَ اخْتِلَافهمَا فِي الْحَظْر وَالْإِبَاحَة وَقبل الْعَمَل اخْتَار جَانب الْحَظْر وَترك غَيره فَإِنَّهُ أحوط وَإِن تَسَاويا من كل وَجه خيرناه بَينهمَا وَإِن ابْنا التَّخْيِير فِي غَيره لِأَنَّهُ ضَرُورَة فِي صُورَة نادرة ثمَّ إِنَّا نخاطب بِمَا ذَكرْنَاهُ المفتيين وَأما الْعَاميّ الَّذِي وَقع لَهُ ذَلِك فَحكمه أَن يسْأَل عَن ذَلِك المفتيين أَو مفتيا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 @ آخر وَقد أرشدنا الْمُفْتِي إِلَى مَا يجِيبه بِهِ فِي ذَلِك فَهَذَا جَامع لمحاسن الْوُجُوه الْمَذْكُورَة ومنصب فِي قالب التَّحْقِيق وَالله أعلم الْخَامِسَة قَالَ أَبُو المظفر السَّمْعَانِيّ إِذا سمع المستفتي جَوَاب الْمُفْتِي لم يلْزمه الْعَمَل بِهِ إِلَّا بالتزامه وَيجوز أَن يُقَال أَنه يلْزمه إِذا أَخذ فِي الْعَمَل بِهِ وَقيل يلْزمه إِذا وَقع فِي نَفسه صِحَّته وَحَقِيقَته قَالَ وَهَذَا أولى الْأَوْجه قلت لم أجد هَذَا لغيره وَقد حكى هُوَ بعد ذَلِك عَن بعض الْأُصُولِيِّينَ أَنه إِذا أفتاه هُوَ مُخْتَلف فِيهِ خَيره بَين أَن يقبل مِنْهُ أَو من غَيره ثمَّ اخْتَار هُوَ أَنه يلْزمه الِاجْتِهَاد فِي أَعْيَان المفتيين وَيلْزمهُ الْأَخْذ بِفُتْيَا من اخْتَارَهُ بِاجْتِهَادِهِ وَلَا يجب تخييره وَالَّذِي تَقْتَضِيه الْقَوَاعِد أَن يفصل فَيَقُول إِذا أفتاه الْمُفْتِي نظر فَإِن لم يُوجد مفت آخر لزمَه الْأَخْذ بفتياه وَلَا يتَوَقَّف ذَلِك على الْتِزَامه لَا بِالْأَخْذِ فِي الْعَمَل وَلَا بِغَيْرِهِ وَلَا يتَوَقَّف أَيْضا على سُكُون نَفسه إِلَى صِحَّته فِي نفس الامر فَإِن فرْصَة التَّقْلِيد كَمَا عرف وَإِن وجد مفتيا آخر فَإِن استبان أَن الَّذِي أفتاه هُوَ الأعلم الأوثق لزمَه مَا أفتاه بِهِ بِنَاء على الْأَصَح تَعْيِينه كَمَا سبق وَإِن لم يستبن ذَلِك لم يلْزمه مَا أفتاه لمُجَرّد إفتائه إِذْ يجوز لَهُ استفتاء غَيره وتقليده وَلَا يعلم أتفاقهما فِي الْفَتْوَى فَإِن وجد الِاتِّفَاق وَحكم بِهِ عَلَيْهِ حَاكم لزمَه حنئذ وَالله أعلم السَّادِسَة إِذا استفتي فَأفْتى ثمَّ حدثت لَهُ تِلْكَ الْحَادِثَة مرّة أُخْرَى فَهَل يلْزمه تَجْدِيد السُّؤَال فِيهِ وَجْهَان أَحدهمَا يلْزمه لجَوَاز تَغْيِير رَأْي الْمُفْتِي وَالثَّانِي لَا يلْزمه وَهُوَ الْأَصَح لِأَنَّهُ قد عرف الحكم وَالْأَصْل اسْتِمْرَار الْمُفْتِي عَلَيْهِ وخصص صَاحب الشَّامِل الْخلاف فِيمَا إِذا قلد حَيا وَقع فِيمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 @ إِذا كَانَ ذَلِك خَبرا عَن ميت بِأَنَّهُ لَا يلْزمه وَلَا يخْتَص ذَلِك كَمَا قَالَه فَإِن الْمُفْتِي على مَذْهَب الْمَيِّت قد تغير جَوَابه على مذْهبه وَالله أعلم السَّابِعَة لَهُ أَن يستفتي بِنَفسِهِ وَله أَن يُقَلّد ثِقَة يقبل خَبره لِيَسْتَفْتِيَ لَهُ وَيجوز لَهُ الِاعْتِمَاد على خطّ الْمُفْتِي إِذا أخبرهُ من يَثِق بقوله أَنه خطه أَو كَانَ يعرف خطه وَلم يتشكك فِي كَون ذَلِك الْجَواب بِخَطِّهِ وَالله أعلم الثَّامِنَة يَنْبَغِي للمستفتي أَن يحفظ الْأَدَب مَعَ الْمُفْتِي ويبجله فِي خطابه وسؤاله وَنَحْو ذَلِك وَلَا يوميء بِيَدِهِ فِي وَجهه وَلَا يَقُول لَهُ مَا تحفظ فِي كَذَا وَكَذَا أَو مَا مَذْهَب إمامك الشَّافِعِي فِي كَذَا وَكَذَا وَلَا يَقُول إِذا أَجَابَهُ هَكَذَا قلت أَنا وَكَذَا وَقع لي وَلَا يقل لَهُ أفتاني فلَان أَو أفتاني غَيْرك كَذَا وَكَذَا وَلَا يَقُول إِذا استفتي فِي رقْعَة إِن كَانَ جوابك مُوَافقا لما أجَاب فِيهِ فاكتبه وَإِلَّا فَلَا تكْتب وَلَا يسْأَله وَهُوَ قَائِم أَو مستوفزا أَو على حَالَة ضجر أَو هم أَو غير ذَلِك مِمَّا يشغل الْقلب وَيبدأ بالأسن الأعلم من المفتيين وبالأولى فَالْأولى على مَا سبق بَيَانه وَقَالَ الصَّيْمَرِيّ إِذا أَرَادَ جمع الجوابات فِي رقْعَة قدم الأسن والأعلم وَإِن أَرَادَ إِفْرَاد الجوابات فِي رقاع فَلَا يُبَالِي بِأَيِّهِمْ بَدَأَ وَالله أعلم التَّاسِعَة يَنْبَغِي أَن تكون رقْعَة الإستفتاء وَاسِعَة ليتَمَكَّن المستفتي من اسْتِيفَاء الْجَواب فَإِنَّهُ إِذا ضَاقَ الْبيَاض آختصر فأضر بذلك بالسائل وَلَا يدع الدُّعَاء لمن يُفْتِي إِمَّا خَاصّا إِن خص وَاحِدًا باستفتائه وَإِمَّا عَاما إِن استفتى الْفُقَهَاء مُطلقًا وَكَانَ بَعضهم يخْتَار أَن يدْفع الرقعة إِلَى الْمُفْتِي منشورة وَلَا يحوجه إِلَى نشرها ويأخذها من يَده إِذا أفتى وَلَا يحوجه إِلَى طيها وَيَنْبَغِي أَن يكون كَاتب الاستفتاء مِمَّن يحسن السُّؤَال ويضعه على الْغَرَض مَعَ إبانة الْخط وَاللَّفْظ وصيانتهما عَمَّا يتَعَرَّض للتصحيف كنحو مَا حُكيَ أَن مستفتيا استفتى بِبَغْدَاد فِي رقْعَة عَمَّن قَالَ أَنْت طَالِق إِن ثمَّ أمسك عَن ذكر الشَّرْط لأمر لحقه فَقَالَ مَا تَقول السَّادة الْفُقَهَاء فِي رجل قَالَ لإمرأته أَنْت طَالِق إِن ثمَّ وقف عِنْد إِن يَعْنِي ثمَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 @ أمسك ووقف عِنْد إِن فتصحف ذَلِك على الْفُقَهَاء لكَون السُّؤَال عريا عَن الضَّبْط واعتقدوه تَعْلِيقا للطَّلَاق على تَمام وقف رجل اسْمه عَبْدَانِ فَقَالُوا إِن ثمَّ وقف عَبْدَانِ طلقت وَإِن لم يتم الْوَقْف فَلَا طَلَاق حَتَّى حملت إِلَى أبي الْحسن الْكَرْخِي الْحَنَفِيّ وَقيل إِلَى أبي مجَالد الضَّرِير فَتنبه لحقيقة الْأَمر فِيهَا فَأجَاب على ذَلِك فَاسْتحْسن مِنْهُ قَالَ الصَّيْمَرِيّ ويحرص أَن يكون كاتبها من أهل الْعلم وَقد كَانَ بعض الْفُقَهَاء مِمَّن لَهُ رياسة لَا يُفْتِي إِلَّا فِي رقْعَة كتبهَا رجل بِعَيْنِه من أهل الْعلم بِبَلَدِهِ وَالله أعلم الْعَاشِرَة لَا يَنْبَغِي للعامي أَن يُطَالب الْمُفْتِي بِالْحجَّةِ فِيمَا أفتاه بِهِ وَلَا يَقُول لَهُ لم وَكَيف فَإِن أحب أَن تسكن نَفسه لسَمَاع الْحجَّة فِي ذَلِك سَأَلَ عَنْهَا فِي مجْلِس آخر أَو فِي ذَلِك الْمجْلس بعد قبُول الْفَتْوَى مُجَرّدَة عَن الْحجَّة وَذكر السَّمْعَانِيّ أَنه لَا يمْنَع من أَن يُطَالب الْمُفْتِي بِالدَّلِيلِ لإجل احتياطه لنَفسِهِ وَأَنه يلْزمه أَن يذكر لَهُ الدَّلِيل إِن كَانَ مَقْطُوعًا بِهِ وَلَا يلْزمه ذَلِك إِن لم يكن مَقْطُوعًا بِهِ لافتقاره إِلَى اجْتِهَاد يقصر عَنهُ الْعَاميّ وَالله أعلم انْتهى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 @ نجز كتاب الْفَتْوَى تصنيف الشَّيْخ الإِمَام الْعَالم الْعَلامَة تَقِيّ الدّين الْمَعْرُوف بِابْن الصّلاح تغمده الله برحمته وَأَسْكَنَهُ فردوس جنته وَافق الْفَرَاغ من نسخه بعون الله تَعَالَى فِي يَوْم الثُّلَاثَاء وَقت آذان الْعَصْر فِي عشْرين شهر رَجَب أحد الْأَشْهر الْحرم عَام إِحْدَى وَسبعين وَسَبْعمائة على يَد العَبْد الْفَقِير الراجي عَفْو ربه الْقَدِير الْمُعْتَرف بالذنب وَالتَّقْصِير مُحَمَّد بن الْقفال متخير لي الْقسم الشَّافِعِي مذهبا عاملهما الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِلُطْفِهِ الْخَفي وَغفر لَهما ولطف بهما وَأحسن عافيتهما فِي الدُّنْيَا والأخرة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 @ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَقل رب زِدْنِي علما بَيَان صِحَة الفتاوي الَّتِي صدرت من الشَّيْخ ابْن الصّلاح الْحَمد لله رب الْعَالمين وَالْعَاقبَة لِلْمُتقين وَلَا عدوان إِلَّا على الظَّالِمين وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على سيد الْمُرْسلين وَسَائِر النَّبِيين وَالْكل وَسَائِر الصَّالِحين اللَّهُمَّ الهمنا رشدنا وأعذنا من شرور أَنْفُسنَا وَمن شَرّ الأشرار وَكيد الْفجار وارزقنا طَهَارَة الْأَسْرَار وموافقة الْأَبْرَار وأعذنا من أَن نقُول بِغَيْر علم أَو نسعى فِي جهل أَو مأثم هَذَا بَيَان صِحَة الفتاوي الَّتِي صدرت من الشَّيْخ الإِمَام الْحَافِظ نَاصِر الشَّرِيعَة بَقِيَّة السّلف تَقِيّ الدّين أبي عَمْرو عُثْمَان بن عبد الرَّحْمَن بن عُثْمَان الْمَعْرُوف بِابْن الصّلاح رَضِي الله عَنهُ وانتصب للشناعة عَلَيْهِ فِيهَا الشَّخْص الْمَعْرُوف بأذية الْمُؤمنِينَ المتصدي لِلطَّعْنِ فِي الْأَعْيَان والقضاة والمفتين اعتنى بهما من تلامذته وَأَصْحَابه من طلب الْفَائِدَة وَرَجا الْأجر والمثوبة لما رأى المشنع عَلَيْهِ قد أفرط فِي ظلمه وطغى وأسرف فِي الشناعة عَلَيْهِ وبغى ووسم صَوَابه بسمة الْخَطَأ وَجعل يَقُول هَذَا يضل النَّاس وَأَنا مُتَعَيّن لبَيَان ضلاله وكشف حَاله فَكَانَ لكل وصمة بِالْعلمِ وَالدّين وَأَهْلهَا شذت فِي هَذَا الْبَلَد الْجَلِيل حَيْثُ تمكن فِيهِ مثل هَذَا الرجل من أَن يتسلط وينتصب فِي منصب الْأَخْذ والاعتراض على الْمُفْتِينَ ويسكت عَنهُ حَتَّى تَمَادى فِي عدوانه الْفَاحِش ويصول بِالْبَاطِلِ على حق دلائله ظَاهِرَة وَكتب الْأَئِمَّة والمساطير مُوضحَة لَهُ وحاصرة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 @ الشَّخْص الَّذِي افتظ من الْبَغي عَلَيْهِ حَاضر ناهض بِالْحجَّةِ كاشف للشُّبْهَة تتيسر مُرَاجعَته واستيضاح الْأَمر من جِهَته واستتابته ثمَّ شَوَاهِد حَاله قبل ذَلِك كَافِيَة فِي أَن لَا يحْتَمل من التشنيع عَلَيْهِ مَا فعله من حَقه بِمُجَرَّد الدَّعْوَى من غير مُرَاجعَة الْمُدعى عَلَيْهِ ومساءلته عَمَّا عِنْده فَهَذَا قَول وجيز كَاف إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي إِيضَاح بطلَان مَا زعم المشنع قَاطع الْعذر من آغتر بِهِ موجه عَلَيْهِ تعزيزات كَثِيرَة على قدر شناعته وإفحاشه فِي الزَّمَان المتطاول وَلَا سَبِيل لَهُ وَمَا شَاءَ الله تَعَالَى كَانَ إِلَى الْجَواب وَإِسْقَاط التَّعْزِير عَنهُ فِي شَيْء من ذَلِك فَإِنَّهُ بعد أَن نبين إِن شَاءَ الله تَعَالَى بِالْبَيَانِ الْوَاضِح أَن مَا زعم أَنه خطأ لَيْسَ بخطأ لَا فِي نفس الْأَمر وَلَا فِي الْمَذْهَب الَّذِي يُفْتِي عَلَيْهِ من نسبه إِلَى الْخَطَأ فغايته أَن يذكر فِي بعض ذَلِك مَا يكون نصْرَة وتوجيها للْحكم الآخر بِحَيْثُ لَا يخرج عَن أَن يكون الطرفان من قبيل الْوَجْهَيْنِ والمذهبين اللَّذين يسوغ فيهمَا الِاخْتِلَاف ويتجاذب فيهمَا المختلفون من غير أَن يجوز فِيهِ التشنيع من بعض على بعض والتخطئة والإيذاء وَذَلِكَ وَاضح للنَّاظِر فِي ذَلِك وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم وحسبنا الله وَنعم الْوَكِيل مِمَّا عظم فِيهِ تشنيعه وجاهر بالقبيح والإزراء استفتاء مضمونه أَن شَخْصَيْنِ تنَازعا فِي قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لخلوف فَم الصَّائِم أطيب عِنْد الله من ريح الْمسك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 @ فَقَالَ أَحدهمَا إِنَّمَا أَرَادَ بِهِ فِي الدُّنْيَا وَقَالَ الآخر إِنَّمَا أَرَادَ بِهِ فِي الْآخِرَة فَمن الْمُصِيب مِنْهُمَا وَمن المخطىء فَكتب هُوَ أَخطَأ من زعم أَن ذَلِك فِي الدُّنْيَا وَكتب شَيخنَا لم يصب وَاحِد مِنْهُمَا بل ذَلِك فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة مَعًا فَإِنَّهُ عبارَة عَن الرِّضَا بِهِ وَالْقَبُول وَذَلِكَ ثَابت فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَالله أعلم فَعَاد هُوَ وَكتب فِي الورقة وَلم يكن قد بَقِي فِي وَجههَا بَيَاض فَكتب على ظهرهَا من أطلق مَا قَيده رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَهُوَ مخطىء جَاهِل بِالسنةِ إِذا صَحَّ عَن رَسُول الله صلى اله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لخلوف فَم الصَّائِم أطيب عِنْد الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 @ من ريح الْمسك يَوْم الْقِيَامَة بل كذبُوا بِمَا لم يحيطوا بِعِلْمِهِ وَإِذا اتخذ النَّاس رؤوسا جُهَّالًا فأفتوا بِغَيْر علم ضلوا وأضلوا وَالله أعلم وصال بِلِسَانِهِ عَلَيْهِ فأفحش ونادى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ قد ارْتكب فَاحِشَة من فواحش الْجَهْل وَالْخَطَأ وَلم يدر الْمِسْكِين أَنه قد تنَاول بِمَا قَالَه من الْفُحْش أَئِمَّة الْعلمَاء الشَّارِحين للْحَدِيث وَأَن ذَلِك مِنْهُ زيغ عَن حَدِيث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنه عدم فهم الَّذِي احْتج من قَوْله يَوْم الْقِيَامَة الْوَارِد فِي بعض رِوَايَات الحَدِيث إِمَّا أَن ذَلِك مِنْهُ زيغ عَن حَدِيث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَهَذَا الْمسند الصَّحِيح الْمُؤلف على التقاسيم والأنواع للْإِمَام أبي حَاتِم بن حبَان البستي أحد أَئِمَّة الحَدِيث فِيهِ بَاب فِي كَون ذَلِك يَوْم الْقِيَامَة وَبَاب فِي كَونه أَيْضا فِي الدُّنْيَا وَرُوِيَ من هَذَا الْبَاب بِإِسْنَادِهِ الثَّابِت من بعض طرق هَذَا الحَدِيث أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لخلوف فَم الصَّائِم حِين يخلف أطيب عِنْد الله من ريح الْمسك وروى أَيْضا الإِمَام الْحسن بن سُفْيَان النسوي صَاحب الْمسند وَغَيره فِي إِسْنَاده وَتكلم فِي تَوْثِيق رِجَاله عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَعْطَيْت أمتِي فِي شهر رَمَضَان خمْسا وَقَالَ وَأما الثَّانِيَة فَإِنَّهُم يمسون وخلوف أَفْوَاههم أطيب عِنْد الله من ريح الْمسك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 @ وروى هَذَا الحَدِيث الْفَقِيه الْحَافِظ أَبُو بكر السَّمْعَانِيّ رَحمَه الله فِي أَمَالِيهِ وأملى فِيهِ مَجْلِسا كَبِيرا وَقَالَ هَذَا حَدِيث حسن فَكل وَاحِد من الْحَدِيثين مُصَرح بِأَنَّهُ وَقت وجود الخلوف فِي دَار الدُّنْيَا بتحقيق الْوَصْف بِكَوْنِهِ أطيب عِنْد الله من ريح الْمسك وَأما بَيَان أَنه تنَاول بِمَا كتبه وَقَالَهُ من الرَّد والتشنيع على من تقدم من الْعلمَاء الشَّارِحين للْحَدِيث لِأَن الَّذِي رده من قَول شَيخنَا هُوَ الَّذِي قَالَ الْعلمَاء شرقا وغربا على اخْتِلَاف مذاهبهم هَذَا كتاب الْإِعْلَام من شرح صَحِيح البُخَارِيّ تأليف الإِمَام أبي سُلَيْمَان الْخطابِيّ الشَّافِعِي قد قَالَ فِيهِ طيبه عِنْد الله وَرضَاهُ بِهِ وثناؤه عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو عمر بن عبد الْبر إِمَام الْمغرب فِي التَّمْهِيد فِي شرح الْمُوَطَّأ وَهُوَ من أكبر الْكتب الْمُؤَلّفَة فِي شرح الحَدِيث أَرَادَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بذلك أَنه أزكى عِنْد الله تَعَالَى وَأقرب إِلَيْهِ وَأَرْفَع عِنْده من ريح الْمسك وَفِي شرح السّنة للْإِمَام الْحُسَيْن الْبَغَوِيّ صَاحب التَّهْذِيب أَن مَعْنَاهُ الثَّنَاء على الصَّائِم والرضى بِفِعْلِهِ وَهَكَذَا قَالَ الإِمَام الْقَدُورِيّ إِمَام أَصْحَاب أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ فَإِنَّهُ قَالَ فِي كِتَابه فِي الْخلاف مَعْنَاهُ أَنه عِنْد الله أفضل من الرَّائِحَة الطّيبَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 @ وَمثل ذَلِك ذكر الْبونِي من مُتَقَدِّمي أَئِمَّة الْمَالِكِيَّة فِي شَرحه للموطأ وَكَذَا ذكر الإِمَام أَبُو عُثْمَان الصَّابُونِي وَالْإِمَام أَبُو بكر السَّمْعَانِيّ وَالْإِمَام أَبُو حَفْص بن الصفار الشافعيون فِي أماليهم وَهَكَذَا شَرحه القَاضِي أَبُو بكر بن الْعَرَبِيّ الْمَالِكِي فِي كِتَابه عارضة الأحوذي فِي شرح التِّرْمِذِيّ وَغير هَؤُلَاءِ مِمَّن يمل تعدادهم فَهَؤُلَاءِ أَئِمَّة الْمُسلمين شرقا وغربا لم يذكر أحد مِنْهُم سوى مَا ذكره شَيخنَا وَلَا أورد أحد مِنْهُم وَجها مثل مَا قَالَه هَذَا المشنع فضلا عَن أَن يَقُولُوا مَا سواهُ خطأ كَمَا زَعمه مَعَ أَن كتبهمْ مبسوطة جَامِعَة للوجوه الْمَشْهُورَة والغريبة وَمَعَ أَن الرِّوَايَة الَّتِي فِيهَا زِيَادَة قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْقِيَامَة مَعْرُوفَة مَوْجُودَة فِي الصَّحِيح الَّذِي بعض تصانيفهم الْمَذْكُورَة شرح لَهُ فَلم يحملوه على أَن ذَلِك مَخْصُوص بِالآخِرَة يُوجد فِيهَا محسوسا نَحْو مَا ورد فِي دم الشُّهَدَاء كَمَا زعم هَذَا المتعسف بل قطعُوا القَوْل بِأَن ذَلِك عبارَة عَن الرضى وَالْقَبُول وَنَحْوهمَا مِمَّا هُوَ ثَابت فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة غير مَخْصُوص الْوُجُود بِوَاحِدَة مِنْهُمَا وَقد أخبر من يوثق بِخَبَرِهِ أَنه لما أخبر بقول الْعلمَاء فِي ذَلِك قَالَ أخطأوا كلهم وَأما بَيَان أَنه لم يفهم معنى قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْقِيَامَة فَنَقُول لَو لم نحط بِمَا ذكره من الحَدِيث وأقاويل الْعلمَاء لم يكن لنا أَن نصير إِلَى مَا صَار إِلَيْهِ من القَوْل بِانْتِفَاء ذَلِك فِي الدُّنْيَا أخذا مِمَّا ذكره فَإِنَّهُ من بَاب التَّمَسُّك بِالْمَفْهُومِ وَالِاسْتِدْلَال بالتخصيص والقيد على النَّفْي عَمَّا عداهُ وَشرط ذَلِك عِنْد كل من يَقُول بِهِ أَن لَا يظْهر لتخصيص الْوَصْف الْمَذْكُور فَائِدَة وَسبب غير انْتِفَاء ذَلِك عَمَّا عداهُ وَلِهَذَا لم يجْعَلُوا قَوْله تبَارك وَتَعَالَى {ربائبكم اللَّاتِي فِي حجوركم من نِسَائِكُم} دَلِيلا على انْتِفَاء التَّحْرِيم فِي الربيبة الَّتِي لَا تكون فِي الْحجر لما ظهر للتخصيص سَبَب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 @ آخر وَهُوَ كَونه الْغَالِب الْأَكْثَر وأمثال ذَلِك فِي الْكتاب وَالسّنة لَا يُحْصى وَهَذَا الَّذِي نَحن فِيهِ من هَذَا الْجِنْس فَإِن لتخصيص ذَلِك بِيَوْم الْقِيَامَة سَببا ظَاهرا غير انتفائه عَن غير يَوْم الْقِيَامَة وَهُوَ كَون الْقِيَامَة يَوْم الْجَزَاء وَالْيَوْم الَّذِي يُوفى فِيهِ جَزَاء الخلوف الْجَزَاء الأوفى وَتظهر فِيهِ فضيلته فِي الْمِيزَان على فَضِيلَة الْمسك الَّذِي يَسْتَعْمِلهُ العَبْد دفعا للرائحة الكريهة طلبا بذلك رضى الرب تبَارك وَتَعَالَى حَيْثُ يكون دَافع الرَّائِحَة الكريهة وجلب الرَّائِحَة الطّيبَة مَأْمُورا بِهِ كَمَا فِي الْمَسَاجِد والصلوات والعبادات فَأعْلم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن ثقل الخلوف فِي الْمِيزَان يَوْم الْقِيَامَة أَكثر من ثقل الْمسك إِذا اسْتَعْملهُ العَبْد طلبا لمرضاة الرب تَعَالَى فَخص يَوْم الْقِيَامَة بِالذكر فِي بعض الرِّوَايَات من أجل ذَلِك وَأطلق وَلم يخص فِي أَكثر الرِّوَايَات نظرا إِلَى أصل فضيلته على الْمسك عِنْد الله وقبوله وَرضَاهُ بِهِ الَّذِي هُوَ مُطلق ثَابت فِي الدَّاريْنِ وَنَظِير قَوْله تبَارك وَتَعَالَى {أَفلا يعلم إِذا بعثر مَا فِي الْقُبُور وَحصل مَا فِي الصُّدُور إِن رَبهم بهم يَوْمئِذٍ لخبير} فقيد بِيَوْم الْقِيَامَة كَونه خَبِيرا بهم مَعَ أَنه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى خَبِير بهم مُطلقًا لَكِن خص يَوْم الْقِيَامَة بِالذكر لِأَنَّهُ يَوْم المجازاة على أَعْمَالهم الَّتِي هُوَ بهَا سُبْحَانَهُ خَبِير عليم وَهَذَا وَاضح لَا غُبَار عَلَيْهِ ثمَّ إِنِّي أَقُول لَو كَانَ مِمَّن يعرف مَرَاتِب الْأَدِلَّة لم يعْمل هَذَا كُله بِسَبَب دَلِيل الْمَفْهُوم الَّذِي هُوَ سلم شرطة لَهُ لَكَانَ مِمَّا لَا يقوى على مَا يعْتَرف بِهِ وآثار ذَلِك تظهر فِي علم أصُول الْفِقْه وَقد أبطل دلَالَته الإِمَام أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ وَأَصْحَابه وَبَعض أَصْحَابنَا وَغَيرهم وَعند هَذَا نقُول كَمَا أَنه لم يسلم من شتيمته الْفَاحِشَة الْعلمَاء الشارحون للْحَدِيث على مَا تقدم بَيَانه فَكَذَلِك لم يسلم مِنْهَا من وَجه آخر الإِمَام أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ وَأَصْحَابه فَإِنَّهُ قد قَالَ من أطلق مَا قَيده رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَهُوَ مخطىء جَاهِل بِالسنةِ إِلَى آخر قَوْله وَأَبُو حنيفَة لما كَانَ نافيا دلَالَة الْمَفْهُوم أطلق مَا قَيده رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مَوَاضِع كَثِيرَة مِنْهَا قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من بَاعَ نخلا بعد أَن تؤبر فثمرتها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 @ للْبَائِع وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ هِيَ للْبَائِع بعد أَن تؤبر وَقبل أَن تؤبر فقد أطلق مَا قَيده رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ أَنه لَا يرى أَن ذَلِك مُتَوَقف على وجود مَنْطُوق نَص آخر يُوجب الْإِطْلَاق على ظُهُور سَبَب آخر للتَّقْيِيد غير اخْتِصَاص الحكم وَمَا نَحن فِيهِ قد بَينا فِيهِ وجود نَص آخر يُوجب الْإِطْلَاق وَظُهُور سَبَب آخر للتَّقْيِيد وَالْإِجْمَاع مُنْعَقد وَالْحَالة هَذِه على وجوب إِطْلَاق مَا قيد فَإِذا مَا أُتِي بِهِ فَهُوَ إِلَى أُولَئِكَ الْأَئِمَّة أسبق وأسرع فنسأل الله الْعَافِيَة وَالْعَفو مَسْأَلَة أُخْرَى كتب فِيهَا أَيْضا تَحت جَوَاب شَيخنَا قَوْله تَعَالَى {بل كذبُوا بِمَا لم يحيطوا بِعِلْمِهِ} وَصُورَة سؤالها إِذا كَانَ لجَماعَة ملك مشَاع وَفِي يَد كل وَاحِد مِنْهُم قدر حِصَّته من غير قسْمَة جرت بَينهم فغصب من وَاحِد مِنْهُم بعض مَا فِي يَده فَهَل يكون الْغَصْب عَلَيْهِ بِانْفِرَادِهِ أَو يكون على الْجَمِيع بِقدر حصصهم فَكتب هُوَ إِذا خص وَاحِدًا بِالْغَصْبِ فَلَا يكون ذَلِك غصبا من غَيره وَالله أعلم وَكتب شَيخنَا إِذا غصب من أحدهم قِطْعَة مُعينَة مِمَّا فِي يَده فالغصب وَاقع على الْجَمِيع ضَرُورَة الاشاعة فِي تِلْكَ الْقطعَة الْمَغْصُوبَة فَتكون وَالْحَالة هَذِه ذَاهِبَة من الْجَمِيع وَالله أعلم فَوَقَعت الرقعة مرّة ثَانِيَة فِي يَده فَكتب تَحت جَوَاب شَيخنَا بل كذبُوا بِمَا لم يحيطوا بِعِلْمِهِ ثمَّ شنع وَبَعض أَصْحَابنَا يسمع وَكَانَ من حَقه لما وقف على جَوَاب شَيخنَا أَن يتَنَبَّه وَيصْلح جَوَاب نَفسه وَلَكِن أَبى إِلَّا التَّمَادِي فِي الْبَاطِل فَنَقُول لم يتْرك شَيخنَا مُوَافَقَته فِي جَوَابه لعدم الْإِحَاطَة بِأَنَّهُ إِذا خص وَاحِدًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 @ بِالْغَصْبِ اخْتصَّ بِهِ فَإِن هَذَا ظَاهر لَا يخفى وَإِنَّمَا عدل عَنهُ لِأَنَّهُ جَوَاب فَاسد من حَيْثُ أَنه لَيْسَ جَوَابا للواقعة المسؤول عَنْهَا وَقد صرح بِهَذَا المستفتي السَّائِل وَلم يُصَرح بِهِ فَلفظ الاستفتاء كَاف فِي إِدْرَاك ذَلِك فَإِن الْمَفْهُوم مِنْهُ أَن قِطْعَة مُعينَة أخذت من يَد أحدهم غصبا فَتكون لَا محَالة مَغْصُوبَة من الْجَمِيع وَلِهَذَا لما عرض ذَلِك فِي رقْعَة أُخْرَى على الْمَشَايِخ كتبُوا الْغَصْب وَاقع على الْجَمِيع وَلم يحتاجوا إِلَى أَن يعلقوا كَلَامهم بِصِيغَة الشَّرْط وَإِنَّمَا احْتَاجَ شَيخنَا إِلَى التَّعْلِيق بِصِيغَة الشَّرْط فَقَالَ إِذا غصب من أحدهم قِطْعَة مُعينَة فالغصب وَاقع على الْجَمِيع لِأَن جَوَاب ذَلِك كَانَ فِي الرقعة الَّتِي كتب فِيهَا شَيخنَا فأوضح بذلك صُورَة الْوَاقِعَة المسؤول عَنْهَا وَلَو أَن هَذَا الرجل فصل وَأورد فِي ضمن التَّفْصِيل مَا ذكره من صُورَة التَّخْصِيص لَكَانَ جَوَابه صَحِيحا أما الِاقْتِصَار على صُورَة نادرة لَيست بالسابقة إِلَى الْفَهم من لفظ الاستفتاء كَمَا فعل فخطأ وَالْجَوَاب بِخِلَاف الِاقْتِصَار على صُورَة هِيَ السَّابِقَة إِلَى الْفَهم فَإِن ذَلِك سَائِغ مُعْتَاد بَين أهل الْفَتْوَى وَالله أعلم مَسْأَلَة أُخْرَى استفتي شَيخنَا فِي الَّذين يصلونَ صَلَاة الْجُمُعَة خَارج بَاب الْجَامِع الشَّرْقِي تَحت السَّاعَات قُدَّام الْبَاب الَّذِي يَلِي مشْهد أبي بكر رَضِي الله عَنهُ فأفتاهم بِمذهب الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ مَعْرُوف عِنْد أَهله بِأَن صلَاتهم بَاطِلَة فَوقف ذَلِك الرجل هُنَاكَ وَخطأ شَيخنَا وشنع وأعلن وتقلدهم من ذمَّته صِحَة صلَاتهم وَقَالَ يبسط لي فِي هَذَا الْمَكَان حَتَّى أُصَلِّي الْجُمُعَة فِيهِ وأظن أَنه فعل ذَلِك واعتقد أَنه قد وَقع دون غَيره على مَا هُوَ الْمَذْهَب من ذَلِك بإدراكه الْفَائِق وَأخذ يحْتَج بِمَسْأَلَة خُرُوج الْمُعْتَكف إِلَى المنارة الْمُتَّصِلَة بِالْمَسْجِدِ الَّتِي بَابهَا فِيهِ للأذان فِيهَا وَقَالَ قُولُوا لَهُ يطالع هَذَا من كتاب الِاعْتِكَاف من مَجْمُوع الْمحَامِلِي رَحمَه الله فَنَقُول هَذِه الْمَسْأَلَة لَهَا ولنظائرها وأصولها وفروعها بَاب مَعْرُوف خلاه وَذهب يتعرف حكمهَا من بَاب آخر بعيد مباين وَالْمَسْأَلَة فِي بَابهَا منصوصة مسطورة مَشْهُورَة فِي كتب الْأَئِمَّة الْعِرَاقِيّين والخراسانيين مِنْهَا الشَّامِل وَالْحَاوِي وَكتاب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 @ الْعدة للطبري فِي شرح الْإِبَانَة وَمن غَيرهَا وَهِي من الْوَسِيط مسطورة فِي بعض صورها بل هِيَ منصوصة للشَّافِعِيّ صَاحب الْمَذْهَب رَضِي الله عَنهُ مَفْرُوضَة فِي بعض صورها والفقيه يُدْرِكهَا من ذَلِك فِي جَمِيع صورها لما يُعلمهُ من شُمُول عَلَيْهَا فنكتفي بِنَقْل نَص الْمَسْأَلَة من كتاب الشَّامِل كَيْلا تطول قَالَ فِيهِ إِذا كَانَ بَاب الْمَسْجِد مَفْتُوحًا فَوقف مَأْمُوم بحذاء الْبَاب فَصلَاته صَحِيحَة وَكَذَلِكَ إِن صلى قوم عَن يَمِينه أَو شِمَاله أَو وَرَائه فَإِن وقف بَين يَدي هَذَا الصَّفّ صف آخر لَا يشاهدون من فِي الْمَسْجِد لَهُم تصح صلَاتهم على الْمَذْهَب الْمَشْهُور هَذَا كَلَامه وَلم يذكر دَلِيله لوضوحه وَالدَّلِيل مَعْرُوف وَهُوَ أَن من وقف خَارِجا قُدَّام الْبَاب فَلَا اتِّصَال بَينه وَبَين من فِي الْمَسْجِد لِأَنَّهُ بَينه وَبينهمْ حَائِلا مَوْضُوعا للفصل وَهُوَ جِدَار الْمَسْجِد الْمَانِع من الاستطراق والمشاهدة على مَا تقرر من أصل مَذْهَب الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ من أَن جِدَار الْمَسْجِد حَائِل قَاطع للاتصال وَأَصله مَا سلمه من خَالفه وَهُوَ مَا إِذا وليه شَارِع بعد هَذَا فَلَو صحت صَلَاة هَؤُلَاءِ لَكَانَ ذَلِك بطرِيق التّبعِيَّة لمن حصل لَهُ الِاتِّصَال وَهُوَ من وقف بحذاء الْبَاب وتبعيتهم لَهُم قد انْتَفَت لتقدمهم عَلَيْهِم كَمَا انْقَطَعت تَبَعِيَّة الْمَأْمُوم بتقدمه على الإِمَام بِخِلَاف الصَّفّ الْوَاقِف خَارج الْبَاب والصف الممتد على الْبَاب الْمُتَّصِل بِمن هُوَ فِي الْمَسْجِد وَقَول صَاحب الشَّامِل على الْمَذْهَب الْمَشْهُور لَيْسَ إِشَارَة إِلَى وَجه غَرِيب مُوَافق لما قَالَه هَذَا الْمُعْتَرض وَإِنَّمَا هُوَ إِشَارَة إِلَى الْوَجْه المحكي عَن أبي إِسْحَاق الْمروزِي من أَن جِدَار الْمَسْجِد لَيْسَ بِحَائِل مَانع من الصُّحْبَة من غير فرق بَين الْجِهَة الَّتِي فِيهَا الْبَاب والجهة الَّتِي لَا بَاب فِيهَا وَهُوَ بعيد فِي الْمَذْهَب قَالَ صَاحب الشَّامِل وَلَا يَصح عَن أبي إِسْحَاق أما الَّذِي ذهب إِلَيْهِ الْمُعْتَرض من إِلْحَاق هَذَا بالمعتكف فِي خُرُوجه من الْمَسْجِد للأذان إِلَى المنارة الْمُتَّصِلَة بِهِ الَّتِي بَابهَا إِلَى الْمَسْجِد فَلَيْسَ وَجها فِي الْمَذْهَب أصلا وَمن كَانَ فَقِيها قد أَخذ عَن الْمَشَايِخ لَا يخفى عَلَيْهِ تبَاعد الْبَابَيْنِ لِأَن ذَلِك من الْأَشْيَاء الَّتِي جَازَ للمعتكتف فِيهَا الْخُرُوج من الْمَسْجِد إِلَى مَا لَيْسَ لَهُ حكم لحاجات وَأَسْبَاب مُتعَدِّدَة أحصاها بعض المصنفين سَبْعَة عشر وَجعل هَذَا أَحدهمَا وَالسَّبَب فِيهِ نَشأ من كَونه خرج من الْمَسْجِد للأذان الَّذِي هُوَ شعار الْمَسْجِد إِلَى المنارة المبنية لإِقَامَة شعار الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 @ الْمَسْجِد فَجعل هَذَا من جملَة مَا استفتي من أَنْوَاع الْخُرُوج وَلَيْسَ ذَلِك إِثْبَاتًا لحكم الْمَسْجِد للمنارة فَإِنَّهُ لَا يجوز الِاعْتِكَاف فِيهَا وَفِي حَرِيم الْمَسْجِد قطعا بِهِ وَلَا يثبت لذَلِك أَيْضا حكم الْمَسْجِد من تَحْرِيم الْمكْث على الْجنب وَالْحَائِض وَهَذَا مُبين فِي نِهَايَة الْمطلب وَغَيرهَا كَلَام الْمحَامِلِي عِنْد من أَخذ هَذِه الْمَسْأَلَة من مظانها وفهمها تنزل على وفَاق مَا ذكره غَيره فَكَلَام الْأَئِمَّة يُفَسر بعضه بَعْضًا وَإِذا تَأمل الْفَقِيه كَلَام الْمحَامِلِي أدْرك مِنْهُ ذَلِك فقد أَتَى فِيمَا إِذا كَانَت المنارة مُنْقَطِعَة عَن الْمَسْجِد بِمَا يفهم الْفَقِيه من أَنه لم يزدْ على أَن جعل الْخَارِج إِلَى المنارة فِي حكم من لم يخرج من الْمَسْجِد فِي بَقَاء اعْتِكَافه كَمَا قَالَ غَيره وَالله أعلم ثمَّ إِن هَذَا الْمُعْتَرض لم يعرف أَيْضا مَسْأَلَة الِاعْتِكَاف على وَجههَا فَإِنَّهُ لَو عرفهَا على وَجههَا لمنعته أَحْكَامهَا من تَخْرِيجه الْبَاطِل فِي الصَّلَاة إِذْ من أَحْكَامهَا المقررة المسطورة أَن الْمُعْتَكف لَو خرج إِلَى المنارة لغير الْأَذَان بَطل اعْتِكَافه مُطلقًا وَأَن الْمُؤَذّن الْمُعْتَكف لَو خرج إِلَى حجرَة مهيأة للسُّكْنَى مُتَّصِلَة بِالْمَسْجِدِ بَابهَا فِيهِ بَطل اعْتِكَافه بِخِلَاف المئذنة وَأَنه لَا يبطل اعْتِكَافه أَيْضا بِالْخرُوجِ للأذان إِلَى المنارة الْخَارِجَة من الْمَسْجِد المنقطعة عَنهُ على ظَاهر النَّص وَمَا عَلَيْهِ عَامَّة الْأَصْحَاب وَلَا حَاجَة بِنَا فِي التَّعْرِيف لخطأه وتعديه وقصوره إِلَى هَذَا الْبَيَان وَالتَّحْقِيق فقد علم طلبة الْعلم وَغَيرهم أَن حكم الْمَسْأَلَة إِذا كَانَ مسطورا فِي كتب الْمَذْهَب فخالفه إِنْسَان لَا اجْتِهَاد لَهُ من أجل ذَلِك الْمَذْهَب كَانَ معدودا من المخطئين وَإِن أَخذ بِوَجْه مَا قَالَه ويخرجه لم يلْتَفت إِلَيْهِ وَقيل لَهُ لست من الْمُجْتَهدين وَلَا من الْأَئِمَّة الَّذين لَهُم أَن يخرجُوا من نُصُوص الْمَذْهَب وأصوله أقوالا مخرجة تُضَاف إِلَى الْمَنْقُول وَهَذَا صَوَاب مِنْهُم لَهُ دَلِيل مُقَرر فَإِن أضَاف صَاحب هَذَا الْخَطَأ إِلَى خطئه تخطيئه من أصَاب وَوَافَقَ الْمَنْصُوص الْمُقَرّر كَمَا فعل هَذَا الْمُعْتَرض فَكَذَلِك عِنْدهم يسْتَحق أَن يعرف قدره بِالْفِعْلِ وَلَا يرضى لَهُ بِمُجَرَّد القَوْل وأسأل الله التَّوْفِيق والعصمة أعجوبة أُخْرَى كُنَّا فِي درس شَيخنَا يَوْمًا فَدخل الْفَارِسِي الَّذِي يَسْتَعِين بِهِ فِي الشناعة وتصدر بصولة وَأخرج فتيا قد بعث بهَا مَعَه مُعْتَقدًا أَنه يظْهر بهَا خطأ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 @ أستاذنا على درس الأشهاد وَهُوَ سُؤال عَن قَاض من قُضَاة أَعمال الرستاق يقْضِي بِعِلْمِهِ فِيمَا جرى الْخلاف فِي جَوَاز قَضَاء القَاضِي فِيهِ بِعِلْمِهِ وَقد أفتى شَيخنَا بِأَنَّهُ لَا يقْضِي بِعِلْمِهِ اخْتِيَارا مِنْهُ فِي أَمْثَال ذَلِك القَاضِي لِلْقَوْلِ الَّذِي هُوَ مَذْهَب مَالك وَأحمد وَغَيرهمَا وَقَالَ فِي فتواه فَإِن قضى فِي ذَلِك بِعِلْمِهِ لم ينفذ حكمه فَأخذ الْمَذْكُور عَلَيْهِ هَذَا وَزعم أَنه غلط فَإِنَّهُ إِذا قضى بِعِلْمِهِ فقد قضى بمختلف فِيهِ فَلَا ينْقض حكمه فَقضى شَيخنَا الْعجب مِنْهُ وَبَين لرَسُوله وَلمن حضر أَنه سوء فهم مِنْهُ فَإِنَّهُ اعْتقد أَنه لما قَالَ ينقذ حكمه قد قَالَ بِنَقْض حكمه وَبَين الْأَمريْنِ فرق بَين فَفِي هَذَا مسَائِل ثَلَاث إِحْدَاهَا إِذا حكم الْحَاكِم بِمَا يرَاهُ فِي مَوضِع الْخلاف السائغ فَلَيْسَ لحَاكم يُخَالف فِي رَأْيه أَن ينْقض حكمه أَي لَا يتَعَرَّض عَلَيْهِ فِيمَا حكم بِهِ فَيردهُ ويبطله الثَّانِيَة هَل ينفذ حكمه الْمَذْكُور أَي مَا صَار ذَلِك الْمُخْتَلف باتصال الحكم بِهِ نَافِذا ثَابتا فِي نفس الْأَمر فَهَذَا فِيهِ الْخلاف الْمَعْرُوف من طَريقَة خُرَاسَان فِي أَن حكم الْحَاكِم فِي مجَال الِاجْتِهَاد هَل يحِيل الْبَاطِن والأليق بِأَصْل الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ أم لَا الثَّالِثَة هَل ينفذ حكمه أَي على الْحَاكِم الْمُخَالف تَنْفِيذ حكمه وإمضاؤه وَالْعَمَل بِهِ فِيهِ خلاف قيل قَولَانِ وَهَذَا الْخلاف يَتَرَتَّب على الْخلاف فِي الَّتِي قبلهَا فَإِذا لَا ينْقض حكمه قطعا من غير خلاف وَفِي نفاذه وتنفيذه خلاف ووراء هَذَا كَلَام يتَعَلَّق بذلك فِي الْفرق بَين أَن يكون أصل الْخلاف فِي الْمَحْكُوم بِهِ كَالنِّكَاحِ بِلَا ولي وَغَيره إِذا حكم فِيهِ حَاكم وَلَا حَاجَة إِلَى التَّطْوِيل بذلك وَإِذا وقف على هَذَا من عِنْده فهم وَدين دنى لشَيْخِنَا حَيْثُ صَار عرضة لاستدراك مثل هَذَا الرجل عَلَيْهِ ونسأل الله السَّلامَة آمين مَسْأَلَة أُخْرَى صُورَة سؤالها رجل وصّى اعْتِرَاف أَنه أَخذ من مَال الْمُوصي شَيْئا ذكر قدره وَقَالَ خبأته لأجل الْوَرَثَة ثمَّ ذكر أَنه ضمه إِلَى المَال وقسمه بَينهم فَقَالَ لَهُ الْوَرَثَة إِلَّا أَنَّك لما قسمت المَال علينا لم تقسم الْقدر الَّذِي اعْترفت انك خبأته فَقَالَ بلَى قسمته فِي جملَة مَا قسمت وَوَقع النزاع بَينهم فَهَل يصدق الْوَصِيّ فِي ذَلِك بِغَيْر بَيِّنَة أم لَا فَأفْتى شَيخنَا بِأَنَّهُ لَا يصدق فِي ذَلِك بِغَيْر بَيِّنَة فاستدركه عَلَيْهِ الْمَذْكُور وَعمل فِي ذَلِك حَدِيثا وتشنيعا فجدد بعض الصُّوفِيَّة الإستفتاء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 @ وأتى بِهِ شَيخنَا وَسَأَلَهُ أَن يذكر فِيهِ جَوَابه بدليله على وَجه يبطل خيال من اعْترض فَكتب لَهُ جَوَابه كَذَلِك وَضَمنَهُ مَا يبطل عُمْدَة المشنع وَأَنا أحكيه على جِهَته فَفِيهِ كِفَايَة قَالَ الْجَواب وَالله الْمُوفق للصَّوَاب أَنه لَا يصدق فِي ذَلِك بِغَيْر بَيِّنَة فَإِن قَوْله قسمته بَيْنكُم ادِّعَاء مِنْهُ لدفعه إِلَيْهِم وَلَا يقبل قَوْله فِي ذَلِك إِلَّا بَيِّنَة وَهَذَا مُسْتَمر على ظَاهر مَذْهَب الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ ومنصوصه فِي أَن الْوَصِيّ لَا يقبل قَوْله فِي دفع المَال إِلَيّ الْوَارِث إِلَّا بِبَيِّنَة ومندرج تَحت الْقَاعِدَة المحفوظة المقررة فِي أَن من ادّعى الرَّد على غير من ائتمنه فَلَا يصدق من غير بَيِّنَة ثمَّ إِنَّه يَكْفِي الْوَصِيّ فِيمَا يقيمه من الْبَيِّنَة أَن يُقيم بَيِّنَة على قسمته مَالا هُوَ بِقدر ذَلِك المَال المخبوء على صفته وَلَا يقبل عَلَيْهِ عِنْد ذَلِك قَول الْوَرَثَة إِن ذَلِك مَال لنا آخر مَا لم يقيموا حجَّة توجب مَا ادعوهُ فَإِن قَالَ الْمُعْتَرض دَعوَاهُم على خلاف ظَاهر الْحَال فَإِن الْقِسْمَة الَّتِي جرت كَانَت لإيصالهم إِلَى كَمَال حَقهم فَعدم نزاعهم حَالَة الْقِسْمَة ورضاهم بهَا دَلِيل على اندراج الْقدر المخبوء فِي جملَة الْمَقْسُوم بَينهم فَلَا يقبل دَعوَاهُم على خلاف ذَلِك وَأَصله مَا إِذا كَانَ لإِنْسَان على إِنْسَان عشرَة أَقْفِزَة من صبرَة فَحَضَرَ ليقْبض مِنْهُ حَقه ثمَّ ادّعى بعد الْقَبْض والتفرق أَنه لم يقبض كَمَال حَقه فَإِنَّهُ لَا يقبل قَوْله قلت هَذَا إِنَّمَا يتَّجه لَو كَانَت الْقِسْمَة الْمَذْكُورَة هِيَ الْقِسْمَة المنشأة لتوزيع مَالهم عَلَيْهِم وَلَيْسَ فِي السُّؤَال مَا يظْهر مِنْهُ ذَلِك عِنْد من يُمَيّز مواقع الْأَلْفَاظ وَلَو قَدرنَا أَن الْأَمر كَذَلِك لَكَانَ أَيْضا القَوْل قَول الْوَرَثَة مَعَ إِيمَانهم وَأما الْمَسْأَلَة الْمُسْتَدلّ بهَا فممنوعة فَالْقَوْل فِيهَا أَيْضا قَول الْقَابِض على قَول لِأَن الأَصْل عدم الْقَبْض وَهَذَا القَوْل هُوَ الصَّحِيح عِنْد بعض أَئِمَّتنَا وَإِن قُلْنَا بالْقَوْل الآخر هُنَاكَ فَلَا يَجِيء ذَلِك القَوْل فِيمَا نَحن فِيهِ فَإِن دَعْوَى الْقَابِض هُنَاكَ وَقعت على خلاف الظَّاهِر من حَيْثُ أَنه يعرف مِقْدَار حَقه وَحضر ليقْبض كَمَال حَقه فَالظَّاهِر أَنه لَا يُغَادر مِنْهُ شَيْئا وَهَذَا غير مَوْجُود فِي الْوَرَثَة الْمَذْكُورين الَّذين لَا يَدْرُونَ كم بَقِي من أَمْوَالهم بَعْدَمَا سبق من الْمُتَوَلِي عَلَيْهِم من الانفاقات والتصرفات وَإِن أمكن ذَلِك فَلَيْسَ بِالظَّاهِرِ من حَالهم فَإِن قَالَ أَلَيْسَ إِذا ادّعى أحد الشَّرِيكَيْنِ بعد الْقِسْمَة بقاشى من حَقه بِسَبَب الْغَلَط فَإِنَّهُ لَا يقبل مِنْهُ فَلَا يُجَاب قَائِل هَذَا بِأَكْثَرَ من أَن تشرح لَهُ تِلْكَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 @ الْمَسْأَلَة بتفاصيلها وعللها حَتَّى يعرف ان ذَلِك فِي وَاد وَهَذَا فِي وَاد وَالله أعلم وَمن ذَلِك مَسْأَلَة الْجُمُعَة وَهِي أول مَسْأَلَة جسر فِيهَا على التشنيع وَذَلِكَ من أَيَّام الْمَشَايِخ الَّذين مضوا رَحِمهم الله وَصورتهَا شخص تكَرر مِنْهُ ترك الْجُمُعَة من غير عذر يجوز تَركهَا فَهَل يجب قَتله فَأجَاب شَيخنَا رَضِي الله عَنهُ على أَصله بِأَنَّهُ يجب قَتله ويستتاب فشنع ذَلِك عَلَيْهِ وأشاع عَنهُ أَنه أَخطَأ فِيهَا وَزعم أَن الصَّوَاب فِيهَا التَّفْصِيل وَالْفرق بَين أَن يُصَلِّي بدلهَا الظّهْر أَو لَا يُصليهَا فَإِن صلى الظّهْر لم يقبل وأقدم على من غير أَن يكون عِنْده فِيهَا نقل ومستند سوى مُجَرّد خيالاته الَّتِي قد عدهَا من كَلِمَاته وَاسْتغْنى بهَا عَن نَفسه عَن الِاطِّلَاع على مساطير الْمَذْهَب الَّذِي يُفْتِي عَلَيْهِ واذا سُئِلَ فَعَنْهُ يسْأَل لَا عَن اجْتِهَاد نَفسه وَأما شَيخنَا فَإِنَّهُ لم يخرج فِي ذَلِك عَن عاداته فِي فَتَاوِيهِ من الْجمع بَين النَّقْل وَالدَّلِيل أما النَّقْل فَعَن الإِمَام أبي بكر الشَّاشِي وَذَلِكَ هَا هُنَا مَوْجُود فِي فَتَاوِيهِ وَلَيْسَ الِاقْتِصَار على الشَّاشِي لكَونه لم يقل ذَلِك غَيره بل لِأَن الْمَسْأَلَة غَرِيبَة مَا تعرضوا لَهَا فِي كتبهمْ وَحكى لنا الشَّيْخ أَن هَذِه الْمَسْأَلَة لم تجدها فِي تصانيف الْمَذْهَب وَأَنه كَانَ وجدهَا فِي مُدَّة مديدة بِمَدِينَة الْموصل فِي فتاوي الشَّاشِي فعلقها لغرابتها فِي جملَة مَا انتخبه من فَتَاوِيهِ وَأما الدَّلِيل فَإِن الشَّاشِي لم يذكر دليلها فَلَمَّا ابتلى شَيخنَا بتشنيع هَذَا الشَّخْص صنف الْمَسْأَلَة وأوضح دليلها وَقَررهُ بالاعتراض وَالْجَوَاب وَنقل فِيهَا أَولا قطع الشَّاشِي بذلك من غير تشبيب بِخِلَاف وفتواه بِأَنَّهُ يقتل وَإِن صلاهَا ظهرا ثمَّ دلّ على صِحَة ذَلِك من حَيْثُ الْمَعْنى وَالْخَبَر لَا الْخَبَر الَّذِي جَاءَ من مُطلق الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة بل خبر ورد رَوَاهُ الشَّافِعِي فِي ترك الْجُمُعَة على الْخُصُوص وَضمن كَلَامه مَعَ اخْتِصَار بليغ غرائب وفوائد يفرح بهَا من خدم الْعلم وَأَهله وَذَلِكَ حَاضر عندنَا ميسر لمن أَرَادَ الْوُقُوف عَلَيْهِ فَلَا أطول هَذِه الرسَالَة بإيراده غير أَنِّي أُشير إِلَى مسرع الدَّلِيل الفقهي على وَجه يَكْتَفِي بِهِ من لَهُ فهم وَهُوَ أَن بِفِعْلِهِ الظّهْر لَيْسَ تَائِبًا من ترك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 @ الْجُمُعَة وَلَا مواديا لَهَا وَلَا قَاضِيا فَلَا يسْقط بذلك مَا يُوجِبهُ التّرْك من قَتله كَمَا فِي بَاقِي الصَّلَوَات الْمَكْتُوبَة إِذا فعل مثل ذَلِك فِيهَا وَهَذَا وَاضح على قَوْلنَا كل وَاحِد من الْجُمُعَة وَالظّهْر أصل بِنَفسِهِ لَيْسَ أَحدهمَا بَدَلا عَن الآخر فَيكون كمن ترك الظّهْر وَصلى بدلهَا الْعَصْر وَهَذَا القَوْل هُوَ الصَّحِيح وَالظّهْر وَإِن كَانَت تصلى عِنْد فَوَات الْجُمُعَة بِأَمْر آخر على مَا قرر فِي مَوْضِعه وَقد قرر شَيخنَا رَحمَه الله ذَلِك فِيمَا صنفه على كل قَول وعَلى كل تَقْدِير وَبَعض هَذَا يَكْفِي فِي إبِْطَال دَعْوَى ذَلِك عَلَيْهِ الْخَطَأ والشذوذ وَإنَّهُ قَالَ مَالا يَصح نقلا ودليلا وَالله الْمُسْتَعَان وَعَلِيهِ التكلان مَسْأَلَة أُخْرَى استفتا من السوَاد فِيهِ السُّؤَال عَن الْحَرْف وَالصَّوْت والاستواء وَعَن سنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَا كَانَ الْخُلَفَاء الراشدون وَالْأَئِمَّة المهديون والتابعون وينسلى فِيهِ مِمَّا وَقع بَينهم من الشَّرّ بخوضهم وتنازعهم فِي ذَلِك حَتَّى تناظرت الْأَعْرَاب والحمقى وَذُو الْأَلْبَاب وَكفر بَعضهم بَعْضًا وَترك من أجل ذَلِك الْقَارئ وَصلي خلف الْأُمِّي وَيسْأل فِيهِ أَئِمَّة الْمُسلمين أَن يجتهدوا فِي كشف هَذِه الظلمَة وتعطيل هَذِه الْفِتَن وَإِظْهَار السّنَن فَأجَاب أستاذنا بأليق جَوَاب بِحَال من صدر مِنْهُ السُّؤَال وأفظع شيئ للفتن جرى فِيهِ على طَريقَة أهل الْوَرع وَالصَّالِحِينَ وسلك مسلكا يشْتَرك فِي قبُوله أهل الْمذَاهب الْأَرْبَعَة ويقبله أهل الْقُلُوب الَّذين زين الله فِي قُلُوبهم الْإِيمَان وَكره إِلَيْهِم الْكفْر والفسوق والعصيان فَقَالَ لقد حرمُوا هَؤُلَاءِ التَّوْفِيق وأخطأوا الطَّرِيق إِنَّمَا يجب عَلَيْهِم أَولا أَن يعتقدوا أَن الله تبَارك وَتَعَالَى كل صفة كَمَال وَأَنه مقدس عَن كل صفة نقص منزه عَن كل تَشْبِيه وتمثيل وليقولوا عَن اعْتِقَاد جازم آمنا بِاللَّه وَبِمَا قَالَ الله على الْمَعْنى الَّذِي أَرَادَهُ وآمنا بِمَا جَاءَ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْوَجْه الَّذِي أَرَادَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَهَذَا جَامع جمل الْإِيمَان إِذا أَتَوا بِهِ فقد وفوا بِمَا كلفوا بِهِ من ذَلِك وَلَيْسَ من الدّين الْكَلَام فِي الْحَرْف وَالصَّوْت والاستواء وَمَا شابه ذَلِك من كل تعرض لشَيْء من كيفيته صِفَات الله تبَارك وَتَعَالَى بل ذَلِك من مصائب الدّين وآفات الْيَقِين وَهُوَ زيغ عَظِيم عَن سنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَسنة الْخُلَفَاء الرَّاشِدين وَسَائِر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 @ أَئِمَّة الْمُتَّقِينَ من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ لَهُم باحسان من السالفين والخالفين رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ وسبيل من أَرَادَ سلوك سبيلهم فِي هَذِه الْأُمُور وَفِي سَائِر الْآيَات المشتبهات وَالْأَخْبَار المشتبهة أَن يَقُول هَذِه لَهَا معنى يَلِيق بِجلَال الله وكماله وتقديسه الْمُطلق الله الْعَالم بِهِ وَلَيْسَ الْبَحْث عَنهُ من شأني ثمَّ يلازم السُّكُوت فِي ذَلِك وَلَا يسْأَل عَن معنى ذَلِك وَلَا يَخُوض فِيهِ وَيعلم أَن سُؤَاله عَنهُ بِدعَة وَإنَّهُ إِذا شرع فِيهِ فقد خاطر بِدِينِهِ وَلَعَلَّه يكفر فِيهِ أَو يشارف الْكفْر فِيهِ وَهُوَ لَا يدْرِي ويحفظ أَيْضا قلبه عَن الْكفْر فِيهِ والبحث عَنهُ وَيدْفَع خواطر ذَلِك بِمَا يدْفع بِهِ الوسواس من الِاسْتِعَاذَة وَغَيرهَا ثمَّ لَا يتَصَرَّف فِي أَلْفَاظ تِلْكَ الْآيَات وَالْأَخْبَار وَلَا يزِيد فِيهَا وَلَا ينْقض وَلَا يفرق مِنْهَا مجتمعا وَلَا يجمع مِنْهَا مُتَفَرقًا بل ينْطق بهَا كَمَا جَاءَت واكلا علمهَا إِلَى من أحَاط بهَا وَبِكُل شَيْء علما هَذَا سَبِيل السَّلامَة ومنهج الإستقامة وعَلى ولي الْأَمر وَفقه الله تَعَالَى أَن يمْنَع هَؤُلَاءِ الْقَوْم وأشباههم عَن الحيد عَن هَذَا السَّبِيل وَيُعَزر كل مُتَكَلم مِنْهُم فِي شَيْء من هَذَا الْقَبِيل من أَي فريق كَانَ وعَلى أَي مَذْهَب كَانَ تعزيزا رادعا وتأديبا بَالغا متأسيا بعمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فِيمَا عَامل بِهِ صبيغ بن عسل الَّذِي كَانَ يسْأَل عَن المتشابهات ضربه على ذَلِك ونفاه ونفعه الله بذلك ونسأل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْعِصْمَة والتوفيق وَهُوَ حَسبنَا وَنعم الْوَكِيل فَهَذَا جَوَاب فِي نَفسه برهانه وَلما وقف عَلَيْهِ ذَلِك الرجل ثار فبدع وشنع وافترى وأفحش وَزعم أَنه لَا بُد من الْخَوْض وَالتَّفْصِيل وَنسب شَيخنَا إِلَى الحشو وَسُبْحَان الله كَيفَ يكون حَشْوًا وَهُوَ سَبِيل سلف الْأمة وسادتها وَمذهب الْأَئِمَّة أَرْبَاب الْمذَاهب فُقَهَاء الْملَّة لَا سِيمَا الشَّافِعِي وشيخي أَصْحَابه الْمُزنِيّ وَابْن شُرَيْح فأخبارهم وكتبهم ناطقة بمبالغتهم فِي ذَلِك وتسديد الإِمَام الشَّافِعِي على من حاد عَن هَذَا مَعْرُوف مَشْهُور وَمَا للبيهقي فِيهِ من تَأْوِيل وَتَخْصِيص فَهُوَ غلفة مِنْهُ وَذُهُول وَفِي كَلَام الشَّافِعِي فِي مَوَاضِع عدَّة مَا يُوضح بطلَان تَأْوِيله وَلم يزل على ذَلِك اخْتِيَار كبار فُقَهَاء الْمُسلمين وَجَمِيع صالحيهم والمتكلمون من أَصْحَابنَا لَا يقدحون فِي هَذِه الطَّرِيقَة وَإِن كَانَ الْخَوْض شغلهمْ وَفِيهِمْ فهم يرَوْنَ جَوَاز الْخَوْض من غير قدح فِي هَذَا بل يرونه أولى لمن سلم لَهُ وَأسلم للعامة ولأكثر النَّاس وَهَذَا الإِمَام الْغَزالِيّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 @ رَحمَه الله قد صنف فِي تَقْرِير مثل هَذَا الْجَواب الَّذِي أجَاب شَيخنَا كتابا هُوَ آخر تصانيفه سَمَّاهُ إلجام الْعَوام عَن علم الْكَلَام بَين فِيهِ بالأدلة الساطعة كل مَا فِي جَوَاب شَيخنَا وَذكر أَنه لَا خلاف بَين السّلف فِي أَن ذَلِك هُوَ الْجَواب على كل الْعَوام وَلَوْلَا أَن هَذَا الْكتاب مَوْجُود مَشْهُور لنقلت مِنْهُ بسط مَا أَشَارَ إِلَيْهِ شَيخنَا فِي جَوَابه من الدَّلِيل على صِحَّته لَكنا عرضنَا من بَيَان بطلَان مَا قَالَه هَذَا الْمُعْتَرض لَا يتَوَقَّف على التَّطْوِيل بل ينْقل ذَلِك إِلَى هَا هُنَا إرشاد من أَرَادَهُ إِلَى مَوْضِعه وَأَشَارَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ على نظام الْملك فِيمَا صنفه لَهُ بإلزام الْعَامَّة بسلوك السَّبِيل واستفتى الإِمَام الْغَزالِيّ مثل هَذَا الاستفتاء فَأجَاب بِجَوَاب مَوْجُود مَنْقُول قرر فِيهِ مثل مَا أجَاب شَيخنَا بِكَلَام من جملَته وَأما الْكَلَام فِي أَن كَلَامه حرف وَصَوت أَو لَيْسَ كَذَلِك فَهُوَ بِدعَة لِأَن السّلف لم يخوضوا فِي هَذَا وَلم يزِيدُوا عَليّ قَوْلهم الْقُرْآن كَلَام الله غير مَخْلُوق فالسكوت عَمَّا يسكت عَنهُ السّلف تَقْصِير والخوض فِيمَا لم يخوضوا فِيهِ فضول قَالَ وكل من يدعوا الْعَوام إِلَى الْخَوْض فِي هَذَا فَلَيْسَ من أَئِمَّة الدّين وَإِنَّمَا هُوَ من المضلين ومثاله من يدعوا الصّبيان الَّذين لَا يعرفوا السباحة إِلَى خوض الْبَحْر وَمن يدعوا الزَّمن المقعد إِلَى السّفر فِي البراري من غير مركوب وَقَالَ فِي رسَالَته إِلَى الزَّاهِد الْفَقِيه أَحْمد بن سَلَامه الدممي رحمهمَا الله فِي كَلَام أجراه فِي هَذَا الْمَعْنى الصَّوَاب لِلْخلقِ كلهم الْآن الشاذ النَّادِر الَّذِي لَا تسمح الْأَعْصَار إِلَّا بِوَاحِد مِنْهُم أَو اثْنَيْنِ سلوك مَسْلَك السّلف فِي الْإِيمَان الْمُرْسل والتصديق الْمُجْمل بِكُل مَا أنزلهُ الله تَعَالَى وَأخْبر بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من غير بحث وتفتيش والاشتغال بالتقوى فَفِيهِ شغل شاغل هَذَا كَلَامه بِعَيْنِه ثمَّ إِن فِي سُؤال أَصْحَاب الاستفتاء الْمَذْكُور مزِيد اقْتِضَاء لذَلِك إِذا فِيهِ سُؤَالهمْ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ الْخُلَفَاء الراشدون والتابعون وَمَا أَجَابَهُ بِهِ شَيخنَا هُوَ الَّذِي يُطَابق هَذَا لِأَن الْخَوْض وَالتَّفْصِيل الكلامي وَفِي الاستفتاء أَيْضا الشَّك بِهِ مِمَّا وَقع بَينهم من الشَّرّ والتكفير بِسَبَب تنازعهم فِي ذَلِك وسألوا أَن يجْتَهد لَهُم فِي تَعْطِيل هَذِه الْفِتَن فَهَل يَلِيق بِهَذَا المُرَاد وَيقرب من حُصُول هَذَا المرتاد مَا أجابهم بِهِ شَيخنَا أَو التَّفْصِيل الَّذِي إِذا ورد على هَؤُلَاءِ من قبل فقهائهم ورد ضِدّه على أُولَئِكَ الآخرين من قبل فقهائهم فتمسك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 @ كل فريق مِنْهُم بقول فقهائهم وَلَا يتعدونه على مَا تقدّمت تجربته فِي حق أَصْحَاب هَذِه الْفتيا خُصُوصا وَفِي حق غَيرهم من الْعَامَّة عُمُوما فيتنازعون ويتجادلون مَعَ عامتهم وجهالهم فَيَزْدَاد الضال مِنْهُم ضلالا ويشارف الْمُهْتَدي مِنْهُم بخوضه بِلَا ألة زيغا وغواية ويتفاقم مَا سيل إطغاؤه من ثائرة الْفِتَن الَّتِي أثار مَا بَينهم التَّنَازُع وَلَا يبرح من ساحتهم مَا شكوه من التباغض والتقاطع وَأما شنع بِهِ هَذَا الرجل على شَيخنَا من أَنه فِي جَوَابه فِي طعن على من خَاضَ من الْعلمَاء فِي ذَلِك وَمن صنف فِيهِ فَهَذَا التشنيع يلْحق للْإِمَام الْغَزالِيّ لَا لَهُ فَإِنَّهُ سوى فِي كِتَابه إلجام الْعَوام وَفِي غَيره بَين طوائف الْعَوام وَطَوَائِف الْعلمَاء فِي الْمَنْع من الْخَوْض وَلم يكون ذَلِك إِلَّا لكبار الصَّالِحين والأولياء العارفين بِاللَّه تَعَالَى وَأما جَوَاب شَيخنَا فَهُوَ مَخْصُوص بالعوام وَأَصْحَاب الْوَاقِعَة وهم أَقوام فلاحون وَقد بَين هَذَا الْخُصُوص بقوله أَولا لقد حرم هَؤُلَاءِ ثمَّ بقوله ثَانِيًا يمْنَع هَؤُلَاءِ الْقَوْم وأشباههم عَن الحيد عَن هَذَا السَّبِيل وحسبنا الله وَنعم الْوَكِيل وَهُوَ أعلم فصل وَمن عجائب هَذَا الرجل أَنه بعث إِلَى شَيخنَا فتوتين لَهُ زعم أَنه أَخطَأ فيهمَا وَقد حكى فِي الورقة صُورَة الإستفتاء وَالْفَتْوَى ثمَّ أمْلى تَحت ذَلِك الْأَخْذ عَلَيْهِ فَوَجَدَهُ شَيخنَا من الفضائح وَمِمَّا لَا يَنْبَغِي أَن يُجَاب عَنهُ بِغَيْر السُّكُوت والإعراض لَكِن تجَاوز وأملى جَوَابا بليغا موجزا آرسله إِلَيْهِ وَإِن أوردهُ هَا هُنَا بِمَعْنَاهُ ومقاصده بِعِبَارَة وَاضِحَة لَا يتمشى لَهُ مَعهَا مَا تعاطاه فِي ذَلِك مِمَّا سأحكيه بعد الْجَواب إِن شَاءَ الله تَعَالَى الْكَرِيم وَهَذِه حِكَايَة صُورَة ذَلِك فِي رقْعَة استفتاء مَا يَقُول السَّادة الْفُقَهَاء فِي رجل تزوج بإمرأة بكر عَاقِلَة بَالِغَة وَله مَعَه دون السّنة وَلم يَطَأهَا وَإِن أَهلهَا طلبُوا أَن يطلقوها مِنْهُ لذَلِك وَالرجل لم يشته أَن يطلقهَا فَهَل يَصح لأَهْلهَا أَن يطلقوها مِنْهُ بِغَيْر اخْتِيَاره بِنَاء على كرنه عنينا أم لَا الْجَواب إِنَّه لَيْسَ ذَلِك لأَهْلهَا اسْتِقْلَالا وَإِنَّمَا ذَلِك إِلَيْهَا إِذا ثَبت كَونه عنينا بِإِقْرَارِهِ أَو يَمِينهَا بعد نُكُوله وألفين أَن يكون فِي عضوه مرض دَائِم قد أسقط قوته وانتشاره ثمَّ لَا يثبت لَهَا الْفَسْخ بعد ثُبُوت التعنين حَتَّى يضْرب لَهُ الْحَاكِم أجل سنة فَإِذا مَضَت السّنة وَلم يَطَأهَا فلهَا الْفَسْخ بِحكم الْحَاكِم وَالله أعلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 @ الْأَخْذ من شَرط دوَام الْمَرَض من الْعلمَاء وَمن شَرط سُقُوط الْقُوَّة والإنتشار مَعَ أَنه قد يعن عَن امْرَأَة دون أُخْرَى وَهل لَا فصل إِذا مَضَت السّنة وَلم يطَأ بَين أَن يكون امْتِنَاعه من الوطئ العائق غير الْعَجز من سفر أَو مرض لَا يَتَأَتَّى مَعَه الوقاع أَو حبس أَو غير ذَلِك من الْأَعْذَار وَبَين أَن يكون لعَجزه عَن الوطئ هَذَا مَا أملاه فِي رقعته على جِهَته فَنَقُول أما قَوْله من شَرط دوَام الْمَرَض من الْعلمَاء فانظروا إِلَى مَا ابْتُلِيَ بِهِ شَيخنَا مِنْهُ أنكر أَن يكون أحد من الْعلمَاء شَرط ذَلِك وكل عُلَمَائِنَا مَعَ غَيرهم شرطُوا ذَلِك فِي ذَلِك وَجَمِيع المختصرات فِي الْمَذْهَب فضلا عَن المبسوطات ناطقة بذلك فَإِن كلهم قد اشْترط فِي مرض التعنين حُصُول الْيَأْس من زَوَاله وَلم يضْربُوا أجل سنة بعد إِقْرَاره بِالْعَجزِ والتعنين إِلَّا لتبين الْيَأْس والاستثبات فِيهِ وَهَذِه تصانيف النَّاس الْوَسِيط فَمَا فَوْقه وَمَا دونه يُنَادي كلهَا بذلك وَإِذا كَانَ ميئوسا من زَوَاله فَهَذَا هُوَ الْمَعْنى بِكَوْنِهِ مَرضا دَائِما فِي كَلَام النَّاس وعرفهم لهَذَا وصف فِي الْوَسِيط وَغَيره مرض الإستحاضة وَغَيره من الْأَمْرَاض الَّتِي يوئس من زَوَالهَا بِكَوْنِهَا أمراضا دائمة وَهَكَذَا إِلَّا فِيمَا أنكرهُ من اشتراطهم سُقُوط قُوَّة الْعُضْو وانتشاره بل إِنْكَاره لهَذَا أَنْكَرُوا طم أزلا عنين عِنْد النَّاس أَجْمَعِينَ إِلَّا من سَقَطت قُوَّة عضوه وانتشاره بِالنِّسْبَةِ إِلَى من أعن عَنْهَا وَهَذَا أَمر محسوس فِي الْعنين وَمن لم يُوجد ذَلِك فِيهِ فَلَيْسَ عنينا بِلَا خلاف بَينهم وَلَا إِشْكَال وَفِي الْوَسِيط معِين الْعنَّة سُقُوط الْقُوَّة الناشرة للألة وَالْأَمر أوضح من أَن يحْتَاج إِلَى الِاحْتِجَاج بالوسيط فَإِنَّهُ من الشَّائِع الذائع بَين المتعلمين فضلا عَن الْعلمَاء فَمن قَالَ التعنين مثبتا كعلمائنا وَمن وافقهم لم يثبت ذَلِك إِلَّا إِذا كَانَ بِهَذِهِ المثابة وَمن خَالف وَقَالَ الْعنَّة لَا تثبت الْخِيَار فَلَا يَعْنِي بالعنة أَيْضا إِلَّا ذَلِك وَإِلَّا لم يتوارد النزاع على مَحل وَاحِد فَصَارَ ذَلِك إِذا قَول الْجَمِيع وَأما شبهته واحتجاجه بِأَنَّهُ قد يعن عَن امْرَأَة دون أُخْرَى فَنَقُول إِنَّمَا شرحنا وَشرح الْعلمَاء الْعنَّة حَيْثُ وجدت وَفِي حق من تعلّقت بِهِ لَا حَيْثُ لم يُوجد تعلقهَا فَإِن كَانَ مَا شرحناها بِهِ متحققا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَرْأَة الَّتِي أعن عَنْهَا كَمَا شهد بِهِ الْحسن واقتضاه الْبَيَان الْوَاضِح الَّذِي قدمْنَاهُ فَتَقول أَصْحَابنَا قد لَا يعن عَن امْرَأَة أُخْرَى لَا يدعوا من لَهُ أقل فهم إِلَى إِنْكَار هَذَا المحسوس الْمَقْطُوع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 @ بِوُجُودِهِ بِالْإِضَافَة إِلَى من أعن عَنْهَا بل ينْتَظر فَإِن استقام لَهُ كَون الْعنَّة أمرا إضافيا يُوجد بِالنِّسْبَةِ إِلَى امْرَأَة وينتفي بِالنِّسْبَةِ إِلَى أُخْرَى كَمَا علم مثله فِي الْأُمُور الإضافية اعْترف بذلك وَقَالَهُ وَإِن لم يستقم لَهُ ذَلِك فينكر احْتِمَال انْتِفَاء ذَلِك بِالنِّسْبَةِ إِلَى امْرَأَة أُخْرَى ونقول إِذا عَن عَن امْرَأَة أعن فقد أعن عَن غَيرهَا لَا أَن تكابر المحسوس وينكر وجود الْمَرَض الميؤس مِنْهُ الْمسْقط لقُوَّة الانتشار فِي حق الْمَرْأَة الَّتِي علم تعنينه عَنْهَا وَلِهَذَا كَانَ الْمَعْهُود فِي مبَاحث الْفُقَهَاء والمتفقهة إِذا انْتَهوا إِلَى هَذَا الْبَاب أَن يُورد أحدهم مَا شرحنا بِهِ الْعنَّة من سُقُوط الْقُوَّة والانتشار وَحُصُول الْيَأْس من زَوَاله على قَول المُصَنّف أَو الْمدرس قد لَا يعن عَن امْرَأَة أُخْرَى ويجعله إشْكَالًا عَلَيْهِ وَلَا يَجْسُر أحد مِنْهُم يغْفل مِنْهُم على أَن يعكس هَذَا كَمَا فعله هَذَا الرجل فَيجْعَل كَونه لَا يعن عَن امْرَأَة أُخْرَى أصلا وتورده على مَا لَا ريب فِيهِ فِي معنى الْعنَّة من سُقُوط الْقُوَّة وَحُصُول الْيَأْس من عودهَا وَبعدهَا فبيان أَنه لَا تنَافِي بَين الْأَمريْنِ سهل على الْفَقِيه وَذَلِكَ أَن الْعنَّة عجز نسبي إضافي إِذْ يُقَوي ميله إِلَى امْرَأَة بِعَينهَا بِحَيْثُ يثور من فرط اشتهائه لَهَا مَا يكون ناشرا لعضوه جالبا لحرارة تقطع مُعَارضَة غالبه لما حل فِيهِ من الْمعَارض الْمسْقط لقُوَّة انتشاره الَّذِي لَيْسَ ينْقل عَنهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى غير تِلْكَ الْمَرْأَة فَمن لَا تميل إِلَيْهَا ذَلِك الْميل وَلَا يعظمه تَأْثِير شَهْوَته لَهَا وَهَذَا بَين غير خَافَ وَأما مَا أَخذه على قَول شَيخنَا إِذا مَضَت السّنة وَلم يطَأ فلهَا الْفَسْخ حَيْثُ أطلق وَلم يفصل بَين أَن يكون امْتنَاع وَطئه لعجز التعنين أَو لعائق آخر من سفر أَو غَيره فالشيخ الإِمَام من أَخذه هَذَا أَخذ على أَئِمَّة النَّاس قَدِيما وحديثا فِي الْفَتْوَى وَغير الْفَتْوَى إِذا هَكَذَا أفتى إِمَام الْهدى الَّذِي جعل الْعلمَاء فتياه أصلا فِي هَذَا الْبَاب وَهُوَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فَإِنَّهُ قَالَ فِيمَا روى الشَّافِعِي بِإِسْنَادِهِ عَنهُ يُؤَجل الْعنين سنة فَإِن جَامع وَلَا فرق بَينهمَا وَهَكَذَا قَالَ صَاحب الْمَذْهَب الإِمَام الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ وتكرر ذَلِك فِي مَوَاضِع من كَلَامه من جملها قَوْله فَإِن أَصَابَهَا مرّة فَهِيَ امْرَأَته وَإِن لم يصبهَا خَيرهَا السُّلْطَان وَهَكَذَا قَالَ من لَا نحصيه من عُلَمَاء النَّاس مِنْهُم إِمَام الْحَرَمَيْنِ قَالَه فِي غير مَوضِع وَكَذَا قَالَ وَالِده الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد الْجُوَيْنِيّ وَهَكَذَا الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ لم يزدْ فِي مهذبه مَعَ بَيَانه على أَن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 @ قَالَ وَإِن لم يُجَامِعهَا حَتَّى انْقِضَاء الْأَجَل وطالبت بالفرقة فَفرق الْحَاكِم بَينهمَا فَهَذَا الَّذِي أوردته كَاف من حَيْثُ الْإِجْمَال ثمَّ أتبرع بتفصيل السَّبَب الَّذِي لأَجله ترك شَيخنَا وَمن قبله من الْعلمَاء التَّفْصِيل الَّذِي ألزم بِهِ هَذَا الرجل وكما ذكر ذَلِك مِنْهُ على ذَهَابه عَن كَلَام الْعلمَاء فَكَذَلِك دلّ على ذَهَابه عَن إِدْرَاك مَوَاضِع الْأَلْفَاظ وَذَلِكَ أَنه لَيْسَ فِي الْكَلَام الْمَذْكُور إِطْلَاق حتي يُقَال هلا فصلت وقيدت بل فِيهِ مَا يُقَيِّدهُ بِمَا وَقع فِيهِ الْكَلَام من مَانع التعنين فَإِنَّهُ جرى فِيهِ ذكر امْتنَاع الوطئ عقيب ذكر مَانع التعنين فَيَسْبق إِلَى فهم الخاصي والعامي أَن امْتِنَاعه كَانَ من أَجله لَا لمَانع آخر لم يجز ذكره فَيكون تَرْتِيب الْفَسْخ على ذَلِك صَحِيحا إِلَّا أَنه إِذا قَالَ الْقَائِل عثر فلَان عَن زَوجته ولت يَطَأهَا حتي فَارقهَا وَهِي بكر بعد فَإِن الْخَاص وَالْعَام يفهمون مِنْهُ حواله عدم وَطئه مَا ذكر من التعنين دون غَيره من الْمَوَانِع وَالْحَمْد الله وَحده الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة نقلا لما كَانَ فِي رقعته على وَجهه استفتاء مَا تَقول الْفُقَهَاء فِي رجل عِنْده قماش يكريه لجنائز الْأَمْوَات وَغَيره مثل ثِيَاب بيض وخضر وأقبية وشرابيش أطلس حمر وخضر وَثيَاب مذهبَة فَهَل يجوز لَهُ إكراؤها بطرِيق الْحَلَال أم لَا الْجَواب لَا يجوز لَهُ ذَلِك فِي الأطلس وَالْحَرِير وكل مَا الْمَقْصُود مِنْهُ الزِّينَة وَلَا بَأْس بِهِ فِيمَا الْمَقْصُود بِهِ ستْرَة الْمَيِّت وصيانته وَالله أعلم الْأَخْذ هَذَا الْإِطْلَاق لَا يَصح لِأَن النِّسَاء يجوز أَن يُكفن فِي الْحَرِير وَإِن كَانَ الأولى أَن لَا يفعل وَإِذا كَانَ تكفينهن فِيهِ غير محرم فَلم لَا يجوز إِجَارَته وَإِذا كَانَ تكفينهن فِي الْحَرِير لَا يحرم مَعَ أَن الْكَفَن يصير إِلَيّ الثوي والعفن فَلم لَا يجوز سترهن بِمَا لَا يكون عاقبته إِلَى ذَلِك وَأما قَوْله وكل مَا الْمَقْصُود مِنْهُ الزِّينَة فَمن ذهب من الْعلمَاء إِلَى تَحْرِيم التَّكْفِين فِيهِ كالرفيع من الْكَتَّان والقطن وَالصُّوف والمرتفعات الموشية بِغَيْر الْحَرِير هَذَا أَخذه الَّذِي أملاه على جِهَته وشنع مَعَ ذَلِك وأشاع عَن شَيخنَا أَنه ارْتكب بذلك إِحْدَى عظيمات الْخَطَأ وَهَذَا من الْمُنْكَرَات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 @ الشائعة الَّتِي سعى أستاذنا فِي إِبْطَالهَا وتقليلها فَأبى الشَّيْخ الْمَذْكُور إِلَّا السَّعْي فِي إبقائها أَو تكثيرها فَإِن هَذَا الَّذِي اعتاده أهل هَذِه الْبَلدة من تَزْيِين الْجَنَائِز وَإِجَارَة ثِيَاب الزِّينَة لذَلِك من الْبدع السخيفة والمنكرات الْفَاحِشَة الَّتِي يُبَادر إِلَى إنكارها قُلُوب الْمُؤمنِينَ وَذَلِكَ أَن لمورد الْمَوْت الهادم للذات الفاضح للدنيا حَتَّى لم يدع لَهَا قدرا من القَوْل مَا يكبر عَن الْوَصْف والمجهز مُتَرَدّد بَين أَمريْن عظيمين يسَار بِهِ لَا يدْرِي إِلَى رَوْضَة من رياض الْجنَّة أَو حُفْرَة من حفر النَّار فَهَل يَلِيق بِهَذِهِ الْحَالة سوى الخضوع والانكسار وَهل تكون الزِّينَة فِيهَا والتزي فِيهَا بِذِي أهل السرُور والفرح إِلَّا من أعظم الْحمق وأبلغ السَّرف والسخف فَنَقُول مَا أفتى بِهِ شَيخنَا فِي ذَلِك هُوَ الصَّوَاب وَالْحق الَّذِي تشهد بِهِ أصُول الشَّرِيعَة ثمَّ أصل مذْهبه الَّذِي يُفْتِي عَلَيْهِ أما قَول هَذَا الرجل إِن هَذَا الْإِطْلَاق لَا يَصح لِأَن ذَلِك جَائِز فِي النِّسَاء بِدَلِيل جَوَاز تكفينهن فِي الْحَرِير فَيجوز إِجَارَته لذَلِك فقد أَخطَأ فِيهِ وَاحْتج بِغَيْر مُسلم لَهُ لِأَن تكفينهن فِي الْحَرِير حرَام أَيْضا على وَجه لنا صَحِيح مَذْكُور فِي زَوَائِد الْمُهَذّب تأليف صَاحب الْبَيَان قَالَ لِأَنَّهُ لَا زِينَة بعد الْمَوْت وَمن قَالَ تكفينهن فِي الْحَرِير غير حرَام فتخريج هَذَا الرجل مَا نَحن فِيهِ من تَزْيِين جنائزهن من ذَلِك تَخْرِيج بَاطِل لِأَن تكفينهن فِيهِ من قبيل لبسهن لَهُ وتزيين جنائزهن بِهِ من قبيل تنجيد بُيُوتهنَّ وتزيينها بتعليق الديباج وَقد حكى الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد الْجُوَيْنِيّ فِي التَّبْصِرَة من غير خلاف أَن ذَلِك غير مُبَاح وَأَنه يَسْتَوِي فِيهِ الرِّجَال وَالنِّسَاء قَالَ لِأَن ذَلِك يقْصد بِهِ المراياة والمكاثرة أَو نقُول هُوَ من قبيل افتراشهن للحرير هُوَ حرَام على مَا قطع بِهِ الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد الْجُوَيْنِيّ وَصَاحب التَّهْذِيب وَغَيرهمَا وَهُوَ الْوَجْه الصَّحِيح فِيهِ لِأَنَّهُنَّ استثنين فِي لبس الْحَرِير على الرِّجَال لما فِيهِ من تحسينهن لِأَزْوَاجِهِنَّ وتزينهن فِي أَعينهم مِمَّا لَا يحصل لَهُنَّ فِيهِ ذَلِك من ذَلِك فهن وَالرِّجَال فِيهِ سَوَاء وَمُوجب تَحْرِيمه يجمع الْفَرِيقَيْنِ وَهَذَا كَمَا أَنَّهُنَّ استثنين فِي جَوَاز التحلي بِالذَّهَب وَالْفِضَّة سوى بَينهُنَّ وَبَين الرِّجَال فِي تَحْرِيمه وَهَذَا وَاضح ثمَّ نقُول من جَوَاز افتراشهن للحرير فِي حَال الْحَيَاة فَلَا يلْزم من تجويزه ذَلِك تَجْوِيز تَزْيِين جنائزهن بِهِ ليَكُون هَذَا وَاقعا فِي حَالَة الْمَوْت الهادم للذات المنافية للتصنع والتزيين وَذَلِكَ وَاقع فِي حَال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 @ الْحَيَاة وَفِي مَظَنَّة الزِّينَة وَالنَّظَر إِلَى المظنة مَعْهُود فَإِن قلت فَكيف جوز تكفينهن فِي الْحَرِير بعض أَصْحَابنَا وَهُوَ فِي حَالَة الْمَوْت قُلْنَا لَا جرم كَانَ ضَعِيفا بِمَا قدمنَا ذكره وَمَعَ ذَلِك فَلَا يتَخَرَّج مِنْهُ وَجه فِي جَوَاز تَزْيِين جنائزهن بالحرير فضلا عَن أَن يقطع من أَجله بخطأ من أفتى بِالْمَنْعِ من تَزْيِين جنائزهن بِهِ وشنع عَلَيْهِ كَمَا فعله هَذَا المؤذي وَهَذَا لِأَن قَول الْقَائِل يجوز تكفينهن فِيهِ لَا يعْطى أَكثر من أَنه يجوز اسْتِعْمَاله لما يقْصد بالتكفين من سره الْمَيِّت وإكرامه بذلك لَيْسَ فِيهِ أَنه يجوز ذَلِك مَقْصُودا بِهِ الزِّينَة والتجمل وكلامنا فِيمَا نَحن فِيهِ إِنَّمَا هُوَ فِي التزيين بذلك وَهَكَذَا مَا نَقله من فَتْوَى شَيخنَا إِنَّمَا هُوَ فِي الْمَنْع من التزيين وَمَا الْمَقْصُود مِنْهُ الزِّينَة وَالْإِجَارَة لذَلِك فَإِنَّمَا يَصح استدلاله بِفضل الكفران لَو قَالَ أحد بِجَوَاز تكفينهن فِي الْحَرِير مَقْصُودا بِهِ الزِّينَة وَهَذَا لم يُوجد عَن أحد من أَصْحَابنَا وَلَا عَن أحد من الْعلمَاء قاطبة فقد بَطل إِذا تَخْرِيجه من الْكَفَن على كل وَجه وَأما تَعْمِيم شَيخنَا الْمَنْع فِي تَزْيِين الْجَنَائِز بِغَيْر الْحَرِير حَيْثُ قَالَ وَكلما الْمَقْصُود مِنْهُ الزِّينَة فَمن أصُول ذَلِك وشواهده تَزْيِين الْقَبْر فَمَا أشبه تَزْيِين النعش بتزيين الْقَبْر وَقد صَحَّ نهي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن تجصيص الْقُبُور وَعلله الإِمَام الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ بِأَن ذَلِك يشبه الزِّينَة وَالْخُيَلَاء وَلَيْسَ الْمَوْت مَوضِع وَاحِد مِنْهُمَا وَقَالَ فِي مَوضِع آخر نهى فِيهِ عَن بعض مَا يُرَاد بِهِ تَزْيِين الْمَيِّت الْمَيِّت لَا يزين وَنَظِير فَتْوَى شَيخنَا يبْقى الْجَوَاز فِي ذَلِك على الْعُمُوم فِي غير الْحَرِير من فتاوي أَئِمَّة مَذْهَبنَا فَتْوَى قَاضِي الْقُضَاة بِبَغْدَاد أبي بكر الشَّامي وَهُوَ أحد الْأَئِمَّة فِي طبقَة الشَّيْخ أبي أسْحَاق فَإِنَّهُ سُئِلَ عَن تستير جدر الْمَسْجِد بالحرير فَأجَاب لَا يجوز أَن تعلق على حيطان ستور من حَرِير وَلَا من غَيره وَلَا يَصح وَقفهَا عَلَيْهِ وَهِي بَاقِيَة على ملك الْوَقْف ثمَّ اعتذر عَن تستير الْكَعْبَة زَادهَا الله شرفا فَإِنَّمَا لَا يخفى أُفْتِي بذلك فِي دَار الْعلم وَالْعُلَمَاء وَمَا فاتهم إِلَّا جهبذنا هَذَا حَتَّى ينْتَقد عَلَيْهِ وَيكون ذَلِك الإِمَام بذلك مِنْهُ أولى من شَيخنَا فَإِن نفي الْجَوَاز فِيمَا ذكره شَيخنَا أوضح بدرجات وَفِيمَا أوردته إِيضَاح لبعضها قَالَ فِي أَخذه على هَذَا أما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 @ قَوْله وَكلما الْمَقْصُود مِنْهُ الزِّينَة فَمن ذهب من الْعلمَاء الى تَحْرِيم التَّكْفِين فِي الرفيع من الْكَتَّان والقطن فانظروا هَذَا المنتقد مَا كَانَ أغناه عَن الانتقاد إِنَّمَا قَالَ شَيخنَا لَا يجوز التزيين وَالْإِجَارَة لَهُ فَجعله قَائِلا أَنه يحرم وَأخذ يتَكَلَّم على التَّحْرِيم وَمَعْلُوم من أصُول الْفِقْه وَبَين فُقَهَاء هَذِه الأقطار أَنه لَا يلْزم فِي نفي الْجَوَاز حُصُول التَّحْرِيم وَإِن انْتِفَاء الْجَوَاز قد يكون بِالْكَرَاهَةِ فالمكروه عِنْدهم غير جَائِز وَلَا يُقَال إِنَّه حرَام وَإِنَّمَا الْجَوَاز تَسْوِيَة الشَّرْع بَين الْفِعْل وَالتّرْك وَمن أَرَادَ ذَلِك من المستصفي فَهُوَ فِيهِ مَسْأَلَة إِذا فسخ الْوُجُوب هَل يبْقى الْجَوَاز وَخلاف أهل بخار أَلا يذكر فِي هَذَا الْمقَام الَّذِي هَذَا الرجل فِيهِ مخطىء أحد فَإِن قَالَ فالمفتي لَا يَقُول فِي الْمَكْرُوه لَا يجوز فَإِنَّهُ قُلْنَا لَو سلمنَا لَك أَن النَّهْي عَن تَزْيِين الْجَنَائِز على فحشه وسخفه نهي كَرَاهَة يحن بالمفتي أَن يَقُول فِيهِ لَا يجوز فَإِنَّهُ من حَيْثُ الْحَقِيقَة حق على مَا قدمْنَاهُ وَهُوَ أبلغ فِي أَن لَا يَفْعَله السَّائِل وَلِهَذَا كَانَ الشَّارِع صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ الْفُقَهَاء الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق وَمن لَا يُحْصى مِنْهُم يطلقون لفظ النَّهْي فِي المنهى عَنهُ على سَبِيل الْكَرَاهَة والتنزية مَعَ أَن ظَاهر النَّهْي التَّحْرِيم وَقد سبقت حكايتنا قَول قَاضِي الْقُضَاة الشَّامي من تستير جدر الْمَسْجِد بِغَيْر الْحَرِير وَقَول إِنَّه لَا يجوز فَلهَذَا اسوة بذلك سَوَاء كَانَ ذَلِك على وَجه التَّحْرِيم أَو على وَجه الْكَرَاهَة هَذَا مضى ثمَّ إِنَّه يعجز فِيهِ فُقَرَاء إِلَى التَّكْفِين الَّذِي لَا ذكر لَهُ فِي الْفَتْوَى وَأخذ مُسلما أَنه إِذا قَالَ لَا يجوز التزيين فقد قَالَ لَا يجوز التَّكْفِين وَهَذَا سوء فهم لما تقدم بَيَانه من أَن قَول الْقَائِل يجوز التَّكْفِين فِيهِ لَيْسَ فِيهِ أَكثر من تَجْوِيز اسْتِعْمَاله لما يُرَاد بالكفن من ستْرَة الْمَيِّت وصيانته وكرامته وَلَيْسَ فِيهِ أَنه يجوز اسْتِعْمَاله فِي ذَلِك مَقْصُودا بِهِ التزيين وَهَذَا قد سبق وَبعد هَذَا فالتكفين فِي الرفيع الغالي من الْقطن والكتان وأشباههما قد نهى عُلَمَاؤُنَا عَنهُ محتجين بِهِ بِالْحَدِيثِ الْمَشْهُور لَا تغَالوا فِي الْكَفَن فَإِنَّهُ يسلب سلبا سَرِيعا إِلَى لَا تكفنوا فِي الغالي ونسأل الله رِضَاهُ وحسبنا الله وَنعم الْوَكِيل فَهَذَا وَالْحَمْد لله جَوَاب عَن أَخذه فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَاضح وضوحا يلجمه عَمَّا تعاطاه فِيمَا كَانَ اخْتَصَرَهُ شَيخنَا عَن هَذَا أَو أملاه فِي جَوَاب رقعته وَذَلِكَ أَنه كَانَ قد جامله فِي الْخطاب وَلم يبح بِمَا فِي أَخذه من الفضائح وَلَا وَصفه بِمَا يسْتَحقّهُ من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 @ الصِّفَات المذمومة وَأَشَارَ فِي بعضه إِلَى مَوْضُوع الْحجَّة بِعِبَارَة مختصرة بليغة ظنا من أَن ذَلِك يَكْفِيهِ ويكفه فيستحي ويرعوي من غير حَاجَة إِلَى مَا بَان أَنه أولى بِهِ من الْكَشْف فجازاه على هَذَا بِأَن جمع لَهُ فِي الْجَامِع لفيفا وتصدر بَينهم وَأخذ يُجيب عَن الْجَواب ويطعن ويعترض وَمَا بَينه وَبَين من يعْتَرض عَلَيْهِ إِلَّا خطوَات فَهَلا شافهه بذلك أَو كتبه إِلَيْهِ كَمَا كتب أصل الْأَخْذ فَكَانَت اعتراضاته على ذَلِك من جنس كَانَ الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق رَحمَه الله ينشد فِيهِ سَارَتْ مشرقة وسرت مغربا شتان بَين مشرق ومغرب وَمن جنس مَا حَكَاهُ لنا شَيخنَا عَن بعض مَشَايِخ الكرامية وهم مشبهة خُرَاسَان أَنه اعْترض وَاحِد على النَّحْوِيين فِي قَوْلهم الْمُبْتَدَأ مَرْفُوع وَقَالَ هَذَا بَاطِل بقوله تبَارك وَتَعَالَى {وَالشَّمْس وَضُحَاهَا} فَإِنَّهُ ابْتَدَأَ بالشمس وَهِي مَكْسُورَة وَأَنا أقتصر على حِكَايَة غير مَا اعْترض بِهِ مَعَ أَنَّهَا عين عمياء كَانَ شَيخنَا فِي معرض حكايته عَن الْعلمَاء ووصفهم لمَرض التعنين بالدوام قد حكى عَن الشَّيْخ أبي إِسْحَاق ذَلِك وانه وَصفه بِكَوْنِهِ خلقه فَاعْترضَ على هَذَا وَأخذ فِي الْأَوْصَاف الخلقية تَنْقَسِم إِلَى مَا تدوم وَإِلَى مَالا يَدُوم يَا هَذَا قد حُكيَ لَك ذَلِك عَن الشَّيْخ أبي إِسْحَاق وَحكي طرق كَلَامه فَكيف صبرت على الِاعْتِرَاض قبل أَن تنظر فِي كَلَامه الميسر لمن أَرَادَهُ وَتَنصر هَل لِلْأَمْرِ على مَا حَكَاهُ وَهَذَا كَلَام الشَّيْخ فِي مهذبه قَالَ فَإِذا اخْتلفت الْمَرْأَة أَي على التعنين واعترف الزَّوْج أَجله الْحَاكِم سنة لِأَن الْعَجز عَن الوطىء قد يكون بالتعنين وَقد يكون الْعَارِض من حرارة أَو برودة أَو رُطُوبَة أَو يبوسة فَإِذا مَضَت عَلَيْهِ الْفُصُول الْأَرْبَعَة وَاخْتلفت عَلَيْهِ الأهوية وَلم يزل علم أَنه خلقَة فانظروا كَيفَ يتهيأ أَن يكون كلمة الْخلقَة هَا هُنَا من قبيل مَا يقبل التَّقْسِيم الَّذِي أوردهُ هَذَا الرجل وَهل يُمكن أَن يكون المُرَاد بهَا إِلَّا مَعْنَاهَا الْعرفِيّ الَّذِي شَأْنه الدَّوَام أَو اللُّزُوم فَإِنَّهُم يَقُولُونَ فِيمَا كَانَ من الاوصاف لَازِما لبنية الْإِنْسَان لَا يَنْفَكّ عَنْهَا هَذَا خلقَة وَخلقِي وجبلة وطبع وطبعي أما معنى الْخلقَة فِي أصل الْوَضع الَّذِي يقبل مَا أوردهُ الانقسام فَأَي معنى لَهُ هَا هُنَا وَاعْترض على استشهاد شَيخنَا بقول الْقَائِل عَن فلَان عَن زَوجته فَلم يَطَأهَا وَقَالَ إِنَّمَا فهم ذَلِك من حرف الْفَاء لَا من كَونه مَذْكُورا عَقِيبه وَهَذَا خبط مِنْهُ فَإِنَّهُ لَو لم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 @ يكن بِحرف الْفَاء لَكَانَ الْفَهم حَاصِلا فَإِنَّهُ لَو قَالَ عَن فلَان عَن زَوجته وَلم يَطَأهَا حَتَّى فَارقهَا بكرا لفهم الْعَام وَالْخَاص حواله ذَلِك على مَا تقدم من ذكر التعنين وَإِن لم يكن بِحرف الْفَاء وَكَذَا لَيْسَ حرف الْفَاء مَوْجُودا فِي شَوَاهِد ذَلِك مِمَّا حكيناه مِنْهَا عَن من سميناه من الْأَئِمَّة وَمَا لم نحك وَلَعَلَّه اشْتبهَ عَلَيْهِ هَذَا بِبَاب زنا مَاعِز فرجم والبابان مفترقان فَإِن ذَلِك وَقع النّظر فِيهِ فِي أصل سَببه مَا تقدم للمذكور عَقِيبه وَمَا نَحن فِيهِ إِنَّمَا هُوَ نظر فِي تعْيين السَّبَب بعد معرفَة سَبَبِيَّة مَا ذكر وسببية غَيره ثمَّ إِنِّي أَقُول لَا يخفى من حَيْثُ الْإِجْمَال على أحد من الفهماء الْفُقَهَاء أَن مَا تعاطاه من الْأَخْذ الثَّانِي على الْجَواب عَن الأول من جملَة الْعَجَائِب لِأَن ذَلِك الْجَواب كَلَام فَقِيه قد سَاقه مقررا مدلولا عَلَيْهِ فِي قَضِيَّة فقهية مِمَّا سَبيله الظنون وَلَيْسَ من سَبِيل القطعيات وَمَا هَذَا شَأْنه فَلَنْ يُورد عَلَيْهِ أبدا مَا يكون قَاطعا لَا جَوَاب لَهُ بل لَا يزَال الْفَقِيه يُجيب عَن مَا يُورد فِي مثل ذَلِك مقَاما مقَاما مثل مَا هُوَ مَعْهُود فِي مبَاحث الْفُقَهَاء ترى الْمُسْتَدلّ يسْتَدلّ فيورد الْمُعْتَرض عَلَيْهِ مَا إِذا سَمعه الْقَاصِر يَقُول هَذَا قَاطع مفحم لَا جَوَاب عَنهُ حَتَّى إِذا شرع الْمُسْتَدلّ فِي جَوَابه يضمحل شَيْئا فَشَيْئًا فَمَتَى عهد فِي مثل ذَلِك مثل مَا فعله هَذَا الرجل ونسأل الله الْكَرِيم إعزاز الْعلم وَأَهله وإذلال الْجَهْل وَأَهله آمين فصل وأملى هَذَا الْمَوْصُوف على الشَّيْخ صدر الدّين بن الْبكْرِيّ رفع الله قدره أَخذه على فتيا شَيخنَا فِي مسَائِل سبق بَعْضهَا وَبَقِي مِنْهَا رجل كَانَ لَهُ طاحونة فأحرقها رجل فجابر أجل الْوَالِي إِلَى بَيت أُخْت الَّذِي أحرق فاستنزلها من الْبَيْت حَتَّى يُرِيهم بَيت أَخِيهَا ثمَّ إِنَّهَا طرحت بعد أَيَّام وَمَاتَتْ فَالضَّمَان يلْزم صَاحب الطاحونة أم الراجل فَذكر أَن جَوَاب شَيخنَا فِيهَا لَا يلْزمهُمَا شَيْء إِذا إِذا لم يكن قد وجد من وَاحِد مِنْهُمَا مَا أوجب الطرح وَالْمَوْت من إفزاع أَو غَيره وان وجد ذَلِك وَجب الضَّمَان على من وجد ذَلِك مِنْهُ ثمَّ قَالَ الْأَخْذ أَن الدِّيَة إِنَّمَا تجب فِي هَذَا على الْعَاقِلَة وَله زمَان يُبَالغ فِي الشناعة بِهَذَا وَيَزْعُم أَنه خطأ فَاحش فِي حكم الْمَسْأَلَة وَقد تكَرر من شَيخنَا الْفَتْوَى فِي هَذِه الْمَسْأَلَة فَإِن كَانَ لفظ فتياه فِي بَعْضهَا الَّذِي أنكرهُ غير مُنكر بل هُوَ مَعْرُوف عِنْد أهل الْعلم مَوْجُود فِي كَلَام الْأَئِمَّة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 @ وَالدَّلِيل على صِحَّته ظَاهر وكل وَاحِد من هذَيْن الْأَمريْنِ كَاف فِي حَال المشنع أما دَلِيل صِحَّته فَإِن الدِّيَة فِي ذَلِك وَفِي سَائِر هَذَا الْبَاب يُجيب على الرَّأْي الصحي على الْجَانِي ثمَّ يتحملها عَنهُ عَاقِلَته وَهَذَا مَعْرُوف مُقَرر فِي كتب الْمَذْهَب فحصر الْمُعْتَرض وَقَوله إِنَّمَا يُجيب على الْعَاقِلَة نافيا لوُجُوبهَا على الْجَانِب خطأ فِي فِي مقَام الْأَخْذ ظَاهر وَمن قَالَ تجب على من وجدت مِنْهُ الْجِنَايَة وَلم ينف وُجُوبهَا على عَاقِلَته فقد أصَاب وَالْمَذْكُور من فَتْوَى شَيخنَا هُوَ هَكَذَا لَيْسَ فِيهِ تعرض لتحمل الْعَاقِلَة بِنَفْي وَلَا إِثْبَات وَمثل هَذَا يحسن إِذا اجْتمع فِي الْحَادِثَة فعل شَخْصَيْنِ أَو أَكثر وَقع النّظر وَالسُّؤَال عَن تعْيين من يكون فعله مِنْهُم هُوَ الْمُوجب للضَّمَان فَلَا بَأْس أَن يُقَال فِي جَوَابه يجب الضَّمَان على الشَّخْص الْفُلَانِيّ مِنْهُم ويقتصر على هَذَا من غير تعرض لتحمل الْعَاقِلَة فَإِن ذَلِك واف بِمَا سُئِلَ عَنهُ من بَيَان مَا تعلق الضَّمَان بِفِعْلِهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يبين أَن الضَّمَان يسْتَوْفى من صَاحب الْفِعْل الَّذِي تعلق الضَّمَان بِهِ أَو يسْتَوْفى من عَاقِلَته بتحمله عَنهُ أَو ولي يَنُوب عَنهُ فَإِن ذَلِك من تفاصيله الَّتِي لم يتَوَجَّه نَحْوهَا السُّؤَال وَمَا يجْرِي ذكره لَا فِي مَوْضِعه لسَبَب من الْأَسْبَاب فَإِن الْمُتَكَلّم يمر بِهِ مرا وَلَا يعرج عَن تَفْصِيله واستقصائه فَإِن الْغَرَض حِينَئِذٍ غير ذَلِك فَهُوَ وَاضح لَا غُبَار عَلَيْهِ وَلنَا أَن الَّذِي أنكرهُ مُسْتَعْمل مَوْجُود فِي كَلَام الْأَئِمَّة فَيقْتَصر فِيهِ على حِكَايَة كَلَام الشَّيْخ أبي إِسْحَاق رَضِي الله عَنهُ فِي الْمُهَذّب فَإِنَّهُ كَاف فِي إِظْهَار قلَّة خبْرَة الرجل وَفِيه غنية عَن التَّطْوِيل بحكاية كَلَام غَيره قَالَ رَضِي الله عَنهُ فِي مهذبه وَإِن حفر بِئْرا فِي الطَّرِيق وَوضع آخر حجرا فتعثر رجل بِالْحجرِ وَوَقع فِي الْبِئْر فَمَاتَ وَجب الضَّمَان على وَاضع الْحجر وَقَالَ أَيْضا إِن وضع رجل حجرا فِي الطَّرِيق وَوضع آخر حَدِيدَة بِقُرْبِهِ فتعثر رجل بِالْحجرِ وَوَقع على الحديدة فَمَاتَ وَجب الضَّمَان على وَاضع الْحجر فَهَذَا كَلَام هَذَا الإِمَام أضَاف وجوب الضَّمَان إِلَى من وجدت مِنْهُ الْجِنَايَة وَسكت عَن الْعَاقِلَة مَعَ إِنَّه وَاجِب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 @ عَلَيْهَا بطرِيق التَّحَمُّل مثل مَا قَالَه أستاذنا سَوَاء وَزَاد الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق على ذَلِك فَأطلق مثل ذَلِك فِي صور لم يجْتَمع فِيهَا فعل شَخْصَيْنِ حَتَّى يَجِيء فِيهَا مَا ذَكرْنَاهُ من الْمَعْنى المحسن للسكون عَن ذكر الْعَاقِلَة فَقَالَ وَإِن حفر بِئْرا فِي طَرِيق النَّاس أَو وضع حجرا أَو طرح فِيهِ مَاء أَو قشر بطيخ فَيهْلك بِهِ إِنْسَان وَجب الضَّمَان عَلَيْهِ لِأَنَّهُ تعدى بِهِ فضمن من هلك بِهِ فعلى هَذَا مَا شنع بِهِ هَذَا الشَّخْص لَا حق بِهَذَا الإِمَام وَزِيَادَة وَالْكل جَائِز مطْعن فِيهِ لما تقدم بَيَانه وَشَرحه وَللَّه الْحَمد وَقد كلم بعض أَصْحَابنَا هَذَا الرجل فِي شناعته فِي ذَلِك وأفهمه مَا تقدم ذكره من وجوب الضَّمَان أَولا على الْجَانِي فَلم يرتدع وَلم يخجل وَقَالَ فَهَذَا يُوهم الْعَاميّ أَن الضَّمَان لَا يُؤْخَذ من الْعَاقِلَة وَأَيْنَ يَقع هَذَا من تَقْرِير مَا ادَّعَاهُ على شَيخنَا من الْخَطَأ فِي حكم الْمَسْأَلَة ثمَّ أَنه قد علم أَن الْفَتْوَى فِي هَذِه الْوَاقِعَة وأمثالها الَّتِي يَقع فِيهَا التداعي والتنازع بَين خصمين لَا يرجع إمضاؤها وَالْعَمَل بهَا إِلَى الْعَوام وَإِنَّمَا ذَلِك إِلَى الْقَضَاء يحمل إِلَيْهِم ويسألون الْعَمَل بهَا وهم لَا يخفى عَلَيْهِم تحمل الْعَاقِلَة عَن الْجَانِي الْمَذْكُور وَلَا يخْشَى عَلَيْهِم التَّوَهُّم الَّذِي ذكره وَحسب الْمُتَكَلّم من مفت أَو غَيره أَن يكون كَلَامه فِي نَفسه صَحِيحا وَمَا عَلَيْهِ من توهمات أهل النَّقْص والقصور وَمَا خلا كَلَام أحد من الْمُفْتِينَ والمصنفين وَسَائِر الْمُتَكَلِّمين الْمُتَقَدِّمين والمتأخرين عَن مثل مَا زَعمه هَذَا الزاعم من غير أَن يلحقهم بِهِ عتب وَطعن ثمَّ إِنِّي أَقُول هَذَا من الْعَجَائِب بَيْنَمَا هُوَ ينْسب شَيخنَا إِلَى أَنه أَخطَأ فِي حكم الْمَسْأَلَة خطأ فَاحِشا إِذْ أرجع أمره إِلَى اسْتِدْرَاك لَفْظِي من جنس المؤاخذات اللفظية الَّتِي كَانَ المبتدئون يردونها قبل سنة الستمائة على فتاوي المستدلين فِي مجَالِس المناظرات ويستخف بهَا أهل التَّحْقِيق فَقدر هَذَا الرجل قدرهَا حَتَّى بلغ بهَا إِلَى أَن جعلهَا عُمْدَة فِي تخطئة الْمُفْتِينَ وتضليلهم وَالله حسيبه وَمِنْهَا قَالَ سُئِلَ عَن كفلا كفلوا بدين على الروس وكفل كل وَاحِد مِمَّا على الآخرين فَأدى أحدهم مَا عَلَيْهِ وَمَا على الآخرين فَهَل يرجع عَلَيْهِم فَزعم هَذَا الرجل أَن شَيخنَا أجَاب بِأَنَّهُ يرجع عَلَيْهِم وَخَطأَهُ من حَيْثُ لم يُقيد إِذا كَانَ الضَّمَان بِإِذن الْمَضْمُون عَنهُ وَقد علم الله تَعَالَى أَن شَيخنَا بَدَأَ من الْفَتْوَى على الصُّورَة الَّتِي زعم وَأما تمسكه بخطئه وَأَنه لَيْسَ فِيهِ ذكر الْقَيْد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 @ الْمَذْكُور فَلذَلِك سَبَب نَحن وغيرنا نعرفه جعله الله تَعَالَى فتْنَة لذَلِك الْمِسْكِين وَذَلِكَ أَن أَصْحَاب الْوَاقِعَة استفتوا شَيخنَا وَلم يكن فِي رقْعَة الإستفتاء قيد الْإِذْن وَطلب شَيخنَا مِنْهُم الْوُقُوف على وَثِيقَة الْكفَالَة لينظروا ذَلِك مِنْهَا فأحضروا الْوَثِيقَة فَوجدَ فِيهَا الْإِذْن فَقَالَ أصلحوا الاستفتاء وَقَالَ زيدوا فِيهِ ذكر الْإِذْن وَقَالَ لصَاحبه الْفَقِيه الإِمَام السَّيِّد الْجَلِيل كَمَال الدّين إِسْحَاق افْعَل ذَلِك وَكتب شَيخنَا لَهُ الرُّجُوع وَالْحَالة هَذِه إِشَارَة مِنْهُ إِلَى حَالَة الْإِذْن الَّتِي قَالَ لَهُ اذْكُرْهَا فبينها الْفَقِيه كَمَال الدّين إِسْحَاق عَن ذكر ذَلِك وزيادته فِي صدر الاستفتاء وَنحن كُنَّا حاضرين مَا جرى على الصُّورَة الَّتِي حكيتها ونعلم أَيْضا أَن أَصْحَاب الْوَاقِعَة وَفِيهِمْ شَاب من بني القواس وَيعلم ذَلِك من كَانَ حَاضرا من الْفُقَهَاء وهم حاضرون يشْهدُونَ بجريان الْأَمر على ذَلِك ثمَّ ظَاهر الْحَال شَاهد بذلك أَيْضا فَإِن هَذَا الْأَمر من الواضحات وَهُوَ مسطور فِي التَّنْبِيه فضلا عَن غَيره ويعرفه المبتدئون فضلا عَن مثل شَيخنَا وَمَا هُوَ مَعْرُوف بِهِ من التأني والتثبت فِي غَفلَة صدرت مِنْهُ عَن عجلة ونسأل الله التَّوْفِيق والعصمة وَمِنْهَا امْرَأَة مَاتَت وخلفت وَرَثَة بَعضهم فُقَرَاء وأوصت أَن تخرج عَنْهَا حجَّة وخلفت خمس مائَة دِرْهَم فَهَل تحج عَنْهَا أَو يصرف إِلَى الْفُقَرَاء من ورثتها فَزعم أَنه فِي جَوَاب شَيخنَا إِن كَانَت حجَّة فرض فَهِيَ مُقَدّمَة من رَأس المَال وَقَالَ الْأَخْذ أَنَّهَا غير مُقَدّمَة من رَأس المَال بل يجب التَّفْصِيل أَنه إِن كَانَت الْحجَّة من الْمِيقَات أَو من دويرة أَهله هَذَا كَلَامه الَّذِي أملاه على الشَّيْخ صدر الدّين وَفقه الله تَعَالَى وَكتب بِخَطِّهِ وَهُوَ كَلَام رجل يتَصَرَّف فِي الْأَحْكَام من عِنْده هَذِه الْمَسْأَلَة مسطورة فِيمَا لَا نحصيه من كتب الْفِقْه على الْوَجْه الَّذِي ذكر أستاذنا قَالُوا إِذا وصّى بِحجَّة الْإِسْلَام وَأطلق حسب من رَأس المَال على الْمَذْهَب أَو على الْأَصَح وَنَحْو هَذَا من الْعِبَادَات وَلم يلتزموا التَّفْصِيل الَّذِي يزْعم هَذَا الرجل أَنه لَازم وَمَا زَالَ الْفُقَهَاء يتناطقون بذلك كَذَلِك فِي هَذِه الْمَسْأَلَة وَفِيمَا حكمه فِي ذَلِك حكمهَا من الْمسَائِل وَسبب ذَلِك أَن الْكَلَام فِي ذَلِك يَقع فِي نفس حكم الْحَج فيذكر الحكم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 @ مُضَافا إِلَى مُسَمّى الْحَج وَأما التَّعَرُّض لكَونه من الْمِيقَات أَو من بَلَده فَأمر زَائِد يفردونه بِمَسْأَلَة أُخْرَى على أَنا نقُول قَول الْقَائِل إِذا كَانَ حجَّة الْإِسْلَام أَو حجَّة الْفَرْض فَهِيَ من رَأس المَال حَتَّى يتَوَجَّه مَا ذكره الْمُعْتَرض لِأَن الْحَج وَغَيره إِذا ذكر مُطلقًا فَهُوَ مَحْمُول فِي كيفيته على الْقدر الْوَاجِب مِنْهُ دون مَا هُوَ نَافِلَة فِيهِ فَإِذا قيل يجب عَلَيْك الْحَج وَالصَّلَاة أَو غَيرهمَا فَلَا يفهم مِنْهُ سوى مَا ذَكرْنَاهُ وَإِذا كَانَ ذَلِك كَذَلِك فقولنا حجَّة الْإِسْلَام مُقَدّمَة من رَأس المَال مَحْمُول على مَا هُوَ من الْمِيقَات فَهُوَ إِذا الْمَفْهُوم وَهُوَ المُرَاد ونسأل الله تَعَالَى بُلُوغ المُرَاد وليختم عِنْد هَذَا الْمُنْتَهى خوفًا من مَحْذُور التَّطْوِيل والإملال وَقد كَانَ فِي مَسْأَلَتَيْنِ أَو مسَائِل مِنْهُ غنية ونسأل الله سُبْحَانَهُ أَن لَا يحرمنا ثَوَاب الذب عَن الْعلم وَأَهله وحسبنا الله وَنعم الْوَكِيل قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين بن الصّلاح لم سمى الْغَزالِيّ بذلك فَقَالَ حَدثنِي من أَثِق بِهِ عَن الشَّيْخ أَي الجرم الماكشي الأديب قَالَ حَدثنِي أَبُو الثَّنَاء مَحْمُود القرصي قَالَ حَدثنَا تَاج الاسلام ابْن خَمِيس قَالَ قَالَ لي الْغَزالِيّ رَحمَه الله النَّاس يَقُولُونَ الْغَزالِيّ وَلست الْغَزالِيّ وَإِنَّمَا أَنا مَنْسُوب إِلَى قَرْيَة يُقَال لَهَا غزالة وَهِي قَرْيَة من قرى طوس وَالْحَمْد لله الْكَرِيم وَحده عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَنه روى عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الله عز وَجل يبْعَث لهَذِهِ الْأمة على رَأس كل مائَة سنة من يجدد لَهَا دينهَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه ثمَّ ذكر بِإِسْنَادِهِ عَن الإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل رَحمَه الله وَغَيره أَنه كَانَ فِي الْمِائَة الأولى عمر بن عبد الْعَزِيز وَفِي الثَّانِيَة الإِمَام الشَّافِعِي رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ وَعَن غير أَحْمد وَكَانَ على رَأس الْمِائَة الثَّالِثَة أَبُو الْحسن الْأَشْعَرِيّ وَقَالَ بَعضهم بل هُوَ أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن عمر بن شُرَيْح الْفَقِيه وَكَانَ على رَأس الْمِائَة الرَّابِعَة ابْن الباقلاني القَاضِي أَبُو بكر وَقيل أَبُو الطّيب سهل بن مُحَمَّد الصعلوكي وَكَانَ على رَأس الْمِائَة الْخَامِسَة أَمِير الْمُؤمنِينَ المسترشد بِاللَّه قَالَ الْحَافِظ بن عَسَاكِر رَحمَه الله وَعِنْدِي أَن الَّذِي كَانَ على رَأس الْخمس مائَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 @ الإِمَام أَبُو حَامِد مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الْغَزالِيّ الطوسي الْفَقِيه لِأَنَّهُ كَانَ عَالما فَقِيها فَاضلا أصوليا كَامِلا مصنفا عَاقِلا انْتَشَر ذكره بِالْعلمِ فِي الْآفَاق وبرز على من عاصره بخراسان وَالشَّام وَالْعراق قَالَ رَحمَه الله وَقَول من قَالَ على رَأس الثَّلَاث مائَة أَبُو الْحسن الْأَشْعَرِيّ أصوب لِأَن قِيَامه بنصرة السّنة إِلَى تَجْدِيد الدّين أقرب فَهُوَ الَّذِي انتدب للرَّدّ على الْمُعْتَزلَة وَسَائِر أَصْنَاف المبتدعة المضللة وحالته فِي ذَلِك مشتهرة وَكتبه فِي الرَّد عَلَيْهِم مَشْهُورَة مشتهرة وَقَول من قَالَ العَاصِي بن الباقلاني على رَأس الْأَرْبَع مائَة أولى من الثَّانِي لِأَنَّهُ أشهر من أبي الطّيب الصعلوكي مَكَانا وَأَعْلَى فِي رتب الْعلم شَأْنًا وَذكره أكبر من أَن يُنكر وَقدره أظهر من أَن يستر وتصانيفه أشهر من أَن تشهر وتآليفه أَكثر من أَن تذكر فَأَما عمر بن عبد الْعَزِيز بن مَرْوَان بن الحكم بن أبي الْعَاصِ بن أُميَّة بن عبد شمس فَكَانَت وَفَاته رَضِي الله عَنهُ لأَرْبَع بَقينَ من رَجَب سنة إِحْدَى وَمِائَة وَهُوَ ابْن تسع وَثَلَاثِينَ سنة وَنصف وَقيل توفّي يَوْم الْجُمُعَة لخمس بَقينَ من رَجَب وقبره بدير سمْعَان وَكَانَت ولَايَته سنتَيْن وَخَمْسَة أشهر وَخَمْسَة أَيَّام وَأما الشَّافِعِي فَكَانَت وَفَاته فِي آخر رَجَب سنة أَربع وَمِائَتَيْنِ وَأما الْحسن الْأَشْعَرِيّ فَكَانَت وَفَاته بِبَغْدَاد سنة أَربع وَعشْرين وَثَلَاث مائَة وَقيل سنة عشْرين وَثَلَاثَة مائَة وَقيل سنة ثَلَاثِينَ وَقيل سنة نَيف وَثَلَاثِينَ وثلثمائة قَالَ وَهَذَا القَوْل الْأَخير لَا أرَاهُ صَحِيحا وَالأَصَح سنة أَربع وَعشْرين وَأما وَفَاة ابْن الباقلاني فَكَانَت يَوْم السبت لسبع بَقينَ من ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاث وَأَرْبع مائَة وَأما وَفَاة أبي حَامِد الْغَزالِيّ فَكَانَت يَوْم الِاثْنَيْنِ الرَّابِع عشر من جمادي الْآخِرَة سنة خمس وَخمْس مائَة وَذكر الْحَافِظ بن عَسَاكِر رَحمَه الله ذَلِك بأسانيده رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ نقل من نُسْخَة صورته كَذَا نقل من نُسْخَة ذكر كاتبها أَنه نقلهَا من نُسْخَة كتاب تَبْيِين كذب المفتري فِيمَا نسب إِلَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ الشَّيْخ الإِمَام مُطلقًا ذُو الْفُنُون وَالتَّحْقِيق فِيهَا تَقِيّ الدّين أَبُو عمر وَعُثْمَان عبد الرَّحْمَن النصري الْمَعْرُوف بِابْن الصّلاح رَحمَه الله فِي إِسْنَاد طَرِيقَته فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 @ النَّفَقَة أما طَريقَة الخراسانين فَإِنِّي تفقهت على أبي رَحمَه الله وتفقه هوشيا على شيخ الْمَذْهَب فِي زَمَانه أبي الْقِسْمَة بن البرزي الْجَزرِي بِجَزِيرَة ابْن عمر وتفقه ابْن البرزي على الإِمَام أبي الْحسن الكيا الطَّبَرِيّ وتفقه الكيا على إِمَام الْحَرَمَيْنِ أبي الْمَعَالِي وتفقه أَبُو الْمَعَالِي على وَالِده الشَّيْخ أبي مُحَمَّد الْجُوَيْنِيّ وتفقه أَبُو مُحَمَّد على الإِمَام أبي بكر الْقفال الْمروزِي وتفقه الْقفال على أبي زيد الْمروزِي وتفقه أَبُو زيد على أبي إِسْحَاق الْمروزِي وتفقه أَبُو اسحاق على أبي الْعَبَّاس بن سُرَيج وتفقه ابْن سُرَيج على أبي الْقسم الْأنمَاطِي وتفقه الْأنمَاطِي عَليّ أبي إِبْرَاهِيم الْمُزنِيّ وتفقه الْمُزنِيّ على الإِمَام الشَّافِعِي رَضِي الله عَنْهُم وَأما طَريقَة الْعِرَاقِيّين فَإِنِّي تفقهت على وَالِدي كَمَا سبق وتفقه هُوَ على الشَّيْخ المعمراني سعد بن أبي عصرون الْموصِلِي وتفقه أَبُو سعد على القَاضِي أبي عَليّ الغارقي وتفقه القَاضِي أَبُو عَليّ على الشَّيْخ أبي اسحاق الشِّيرَازِيّ وعَلى أبي نصر بن الصّباغ صَاحب الشَّامِل وتفقها على القَاضِي الإِمَام أبي الطّيب الطَّبَرِيّ وتفقه أَبُو الطّيب على أبي الْحسن الماسرخسي وتفقه الماسرخسي على أبي اسحاق الْمروزِي وَقد تقدم ذكر إِسْنَاده بالتفقه وَالله أعلم صُورَة استفتاء جَاءَ إِلَى الشَّيْخ الإِمَام الْعَالم الْعَلامَة الْحَافِظ تَقِيّ الدّين أبي عَمْرو عُثْمَان الْمَعْرُوف بِابْن الصّلاح مُصَنف هَذَا الْكتاب رَحمَه الله مَا تَقول السَّادة الْفُقَهَاء فِي رجل قيل لَهُ هَل مُحَمَّد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْآن رَسُول أم لَا فَقَالَ كَانَ مُرْسلا وَنحن الْآن فِي حكم الرسَالَة الْمُتَقَدّمَة وَلَيْسَ هُوَ فِي زَمَاننَا هَذَا مُرْسلا فَهَذَا صَوَاب أم خطأ أفتونا مَأْجُورِينَ مشكورين أجَاب رَضِي الله عَنهُ هُوَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَسُول الله الْآن وَمن حَيْثُ أرسل وَهُوَ جَزَاء وَلَا يتَوَقَّف وَصفه بذلك على قيام مَا بِهِ اتّصف من الِابْتِدَاء بِهَذِهِ الصّفة كَمَا فِي أَحْوَال كَثِيرَة كَانَت لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يكن لَهُ ذَلِك فِيهَا ثمَّ كَانَ مَوْصُوفا بِهَذِهِ الصّفة والأنبياء أَحيَاء بعد انقلابهم إِلَى الْآخِرَة من الدُّنْيَا فليحذر الْمَرْء من أَن يُطلق لِسَانه فِي نفي ذَلِك عَنهُ الْآن صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِنَّهُ من عَظِيم الْخَطَأ وَقد كَانَت الكرامية شنعت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 @ بخراسان على الْأَشْعَرِيّ بِمثل هَذَا فَبين أَبُو مُحَمَّد الْجُوَيْنِيّ والقشيري وَغَيرهمَا بَرَاءَته من ذَلِك ثمَّ أشغل الْمَرْء قلبه وَلسَانه بِمثل هَذَا من الفضول المجانب للفضل والورع وَالله أعلم وَكتب ابْن الصّلاح ثمَّ وَالْحَمْد لله وَحده وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد نَبِي الرَّحْمَة وَآله وَصَحبه وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا مُبَارَكًا طيبا دَائِما إِلَى يَوْم الدّين وحسبنا الله وَنعم الْوَكِيل بلغ مُقَابلَة بِحَسب الطَّاقَة والإمكان وَالله أعلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 @ فتاوي ومسائل ابْن الصّلاح فِي التَّفْسِير والْحَدِيث وَالْأُصُول وَالْفِقْه وَمَعَهُ أدب الْمُفْتِي والمستفتي حَقَّقَهُ وَخرج حَدِيثه وعلق عَلَيْهِ الدكتور عبد الْمُعْطِي امين قلعجي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 @ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَهُوَ حسبي وَكفى الْحَمد لله رب الْعَالمين وَالْعَاقبَة لِلْمُتقين وَلَا عدوان إِلَّا على الظَّالِمين وَالصَّلَاة وَالسَّلَام الأكملان أبدا على سيد الْمُرْسلين وَسَائِر النَّبِيين وآلهم وصحبهم أَجْمَعِينَ اللَّهُمَّ ألهمنا رشدنا وأعذنا من شرور أَنْفُسنَا وَمن شَرّ الأشرار وَكيد الْفجار وارزقنا طَهَارَة الْأَسْرَار وموافقة الْأَبْرَار وأعذنا من عَذَاب النَّار بِرَحْمَتك يَا عَزِيز يَا غفار هَذِه الفتاوي الَّتِي صدرت من شَيخنَا سيدنَا الإِمَام الْعَالم الْعَامِل مفتي الشَّام شيخ الْإِسْلَام تَقِيّ الدّين أبي عَمْرو عُثْمَان بن عبد الرَّحْمَن بن عُثْمَان ابْن مُوسَى بن أبي نصر الْبَصْرِيّ الشهرزوري الْمَعْرُوف بِابْن الصّلاح أثابه الله الْجنَّة وَغفر لَهُ وَلَهُم وللمسلمين أَجْمَعِينَ آمين اعتنى بجمعها وترتيبها على حسب الْإِمْكَان من تلامذته وَأَصْحَابه من طلب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 @ الْفَائِدَة ورجاء الْأجر والمثوبة الشَّيْخ كَمَال الدّين إِسْحَق بن أَحْمد بن عُثْمَان عَفا الله عَنهُ وَعَن وَالِده وَعَن جَمِيع الْمُسلمين آمين وأسأل الله عز وَجل أَن ينفع بهَا إِنَّه قريب مُجيب وعَلى ذَلِك قدير وَمَا توفيقي إِلَّا بِاللَّه عَلَيْهِ توكلت واليه أنيب رتبتها على أَرْبَعَة أَقسَام قسم فِي شرح آيَات من كتاب الله تَعَالَى وَقسم فِي شرح أَحَادِيث عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَا يتَعَلَّق بهَا من الرَّقَائِق وَقسم ثَالِث يُطلق بالعقائد وَالْأُصُول وَقسم رَابِع فِي الْفِقْه على ترتيبه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 @ الْقسم الأول فِي شرح آيَات من كتاب الله تَعَالَى 1 - مَسْأَلَة فِي قَوْله تبَارك وَتَعَالَى {الله يتوفى الْأَنْفس حِين مَوتهَا وَالَّتِي لم تمت فِي منامها فَيمسك الَّتِي قضى عَلَيْهَا الْمَوْت} إِلَى آخر الْآيَة قَالَ المستفتي يُرِيد تَفْسِيرهَا على الْوَجْه الصَّحِيح بِحَدِيث عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الصِّحَاح أَو بِمَا أجمع أهل الْحق على صِحَّته وَقَوله تبَارك وَتَعَالَى {قَالُوا أضغاث أَحْلَام} وَمَا معنى أضغاث أَحْلَام وَمن أَيْن يفهم الْمَنَام الصَّالح من الْمَنَام الْفَاسِد وَهل يجب على الزَّوْج أَن يعلم زَوجته فَرَائض الصَّلَاة وَجَمِيع الْوَاجِبَات الَّتِي عَلَيْهَا أم لَا وَإِذا وهب من إِنْسَان شَيْئا أَو تصدق بِهِ عَلَيْهِ فَهَل لَهُ أَن يَشْتَرِيهِ مِنْهُ أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ أما قَوْله تبَارك وَتَعَالَى {الله يتوفى الْأَنْفس} الحديث: 1 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 @ الْآيَة فتفسيره الله يقبض الْأَنْفس حِين انْقِضَاء أجلهَا بِمَوْت أجسادها وَالَّتِي يقبضهَا أَيْضا عِنْد نومها فَيمسك الَّتِي قضى عَلَيْهَا الْمَوْت بِمَوْت أجسادها فَلَا يردهَا إِلَى أجسادها وَيُرْسل الْأُخْرَى الَّتِي لم تقبض بِمَوْت أجسادها حَتَّى تعود إِلَى أجسادها إِلَى أَن يَأْتِي أجلهَا الْمُسَمّى لموتها {إِن فِي ذَلِك لآيَات لقوم يتفكرون} لدلالات المتفكرين على عَظِيم قدرَة الله سُبْحَانَهُ وعَلى أَمر الْبَعْث فَإِن الاستيقاظ بعد النّوم شَبيه بِهِ وَدَلِيل عَلَيْهِ نقل أَن فِي التَّوْرَاة يَا ابْن آدم كلما تنام تَمُوت وَكلما تستيقظ تبْعَث فَهَذَا وَاضح وَالَّذِي يشكل فِي ذَلِك أَن النَّفس المتوفاة فِي الْمَنَام أَهِي الرّوح المتوفاة عِنْد الْمَوْت أم هِيَ غَيرهَا فَإِن كَانَت هِيَ الرّوح فتوفيها فِي النّوم يكون بمفارقتها الْجَسَد أم لَا وَقد أعوز الحَدِيث الصَّحِيح وَالنَّص الصَّرِيح وَالْإِجْمَاع أَيْضا لوُقُوع الْخلاف فِيهِ بَين الْعلمَاء فَمنهمْ من يرى أَن للانسان نفسا تتوفى عِنْد مَنَامه غير النَّفس الَّتِي هِيَ الرّوح وَالروح لَا تفارق الْجَسَد عِنْد النّوم وَتلك النَّفس المتوفاة فِي النّوم هِيَ الَّتِي يكون بهَا التَّمْيِيز والفهم وَأما الرّوح فِيهَا تكون الْحَيَاة وَلَا تقبض إِلَّا عِنْد الْمَوْت ويروى معنى هَذَا عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 @ وَمِنْهُم من ذهب إِلَى أَن النَّفس الَّتِي تتوفى عِنْد النّوم هِيَ الرّوح نَفسهَا وَاخْتلف هَؤُلَاءِ فِي توفيها فَمنهمْ من يذهب إِلَى أَن معنى وَفَاة الرّوح بِالنَّوْمِ قبضهَا عَن التَّصَرُّفَات مَعَ بَقَائِهَا فِي الْجَسَد وَهَذَا مُوَافق للْأولِ من وَجه ومخالف من وَجه وَهُوَ قَول بعض أهل النّظر وَمن الْمُعْتَزلَة وَمِنْهُم من ذهب الى أَن الرّوح تتوفى عِنْد النّوم بقبضها من الْجَسَد ومفارقتها لَهُ وَهَذَا الَّذِي نجيب بِهِ وَهُوَ الْأَشْبَه بِظَاهِر الْكتاب وَالسّنة وَقد أخبرنَا الشَّيْخ أَبُو الْحسن بن أبي الْفرج النَّيْسَابُورِي بهَا قَالَ أَنا جدي أَبُو مُحَمَّد الْعَبَّاس بن مُحَمَّد الطوسي عَن القَاضِي أبي سعيد الفرخزاذي عَن الإِمَام أبي اسحق أَحْمد بن مُحَمَّد الثَّعْلَبِيّ رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ قَالَ الْمُفَسِّرُونَ أَن أَرْوَاح الْأَحْيَاء والأموات تلتقي فِي الْمَنَام فتتعارف مَا شَاءَ الله فَإِذا أَرَادَت جَمِيعهَا الرُّجُوع إِلَى أجسادها أمسك الله أَرْوَاح الْأَمْوَات عِنْده وحبسها وَأرْسل أَرْوَاح الْأَحْيَاء حَتَّى ترجع إِلَى أجسادها وَلَفظ هَذَا الإِمَام فِي هَذَا الشَّأْن يُعْطي أَن قَول أَكثر أهل الْعلم بِهَذَا الْفَنّ وَعند هَذَا فَيكون الْفرق بَين القبضتين والوفاتين أَن الرّوح فِي حَالَة النّوم تفارق الْجَسَد على أَنَّهَا تعود إِلَيْهِ فَلَا تخرج خُرُوجًا يَنْقَطِع بِهِ العلاقة بَينهَا وَبَين الْجَسَد بل يبْقى أَثَرهَا الَّذِي هُوَ حَيَاة الْجَسَد بَاقِيا فِيهِ فَأَما فِي حَالَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 @ الْمَوْت فالروح تخرج من الْجَسَد مُفَارقَة لَهُ بِالْكُلِّيَّةِ فَلَا تخلف فِيهِ شَيْئا من أَثَرهَا فَلذَلِك تذْهب الْحَيَاة مَعهَا عِنْد الْمَوْت دون النّوم ثمَّ إِن إِدْرَاك كَيْفيَّة ذَلِك وَالْوُقُوف على حَقِيقَته مُتَعَذر فانه من أَمر الرّوح وَقد اسْتَأْثر بِعِلْمِهِ الْجَلِيل تبَارك وَتَعَالَى فَقَالَ سُبْحَانَهُ {قل الرّوح من أَمر رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ من الْعلم إِلَّا قَلِيلا} وَأما قَوْله تبَارك وَتَعَالَى {قَالُوا أضغاث أَحْلَام} فَإِن الأضغاث جمع ضغث وَهُوَ الحزمة الَّتِي تقبض بالكف من الْحَشِيش وَنَحْوه والأحلام جمع حلم وَهِي للرؤيا مُطلقًا وَقد تخْتَص بالرؤيا الَّتِي تكون من الشَّيْطَان وَلما روى فِي حَدِيث الرُّؤْيَا من الله والحلم من الشَّيْطَان فَمَعْنَى الْآيَة أَنهم قَالُوا للْملك إِن الَّذِي رَأَيْته أَحْلَام مختلطة وَلَا يَصح تَأْوِيلهَا وَقد أفرد بعض أهل التَّعْبِير اصْطِلَاحا لأضغاث أَحْلَام فَذكر أَن من شَأْنهَا أَنَّهَا لَا تدل على الْأُمُور الْمُسْتَقْبلَة وَإِنَّمَا تدل على الْأُمُور الْحَاضِرَة والماضية ونجد مَعهَا أَن يكون الرَّأْي خَائفًا من شَيْء أَو راجيا لشَيْء وَفِي معنى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 @ الْخَوْف والرجاء والحزن على شَيْء وَالسُّرُور بِشَيْء فاذا أَنَام من اتّصف بذلك لذَلِك رأى فِي نَومه ذَلِك الشَّيْء بِعَيْنِه أَن يكون خَالِيا من شَيْء هُوَ مُحْتَاج إِلَيْهِ كالجائع والعطشان يرى فِي نَومه كَأَنَّهُ يَأْكُل وَيشْرب أَو يكون ممتلئا من شَيْء فَيرى كَأَنَّهُ يتجنبه كالممتلىء من الطَّعَام يرى كَأَنَّهُ يقذف وَذكر أَن هَذِه الْأُمُور الْأَرْبَعَة مهما سلم الرَّأْي مِنْهَا فرؤياه لَا تكون من أضغاث الأحلام الَّتِي لَا تَعْبِير لَهَا وَهَذَا الَّذِي ذكره ضَابِط حسن لَو سلم فِي طَرفَيْهِ لَكِن الْحصْر شَدِيد وَمَا ذكره فَعنده من المنامات الْفَاسِدَة شاركته فِي الاندراج فِي قبيل الأضغاث وَأما سُؤَاله من أَيْن يفهم الْمَنَام الصَّالح من الْمَنَام الْفَاسِد فَإِن للرؤيا الْفَاسِدَة أمارت يسْتَدلّ بهَا عَلَيْهَا وَمَا تقدم حكايته فِي شرح أضغاث الأحلام طرف مِنْهَا فَمِنْهَا أَن يرى مَا لَا يكون كالمحالات وَغَيرهَا مِمَّا يعلم أَنه لَا يُوجد بِأَن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى على صفة مستحيلة عَلَيْهِ أَو يرى نَبيا يعْمل عمل الفراعنة أَو يرى قولا لَا يحل التفوه بِهِ وَمن هَذَا الْقَبِيل مَا جَاءَ فِي الحَدِيث الصَّحِيح من أَن رجلا قَالَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنِّي رَأَيْت رَأْسِي قطع وَأَنا أتبعه الحَدِيث الْمَعْرُوف وَهَذِه هِيَ الرُّؤْيَا الشيطانية الَّتِي ورد الحَدِيث بِأَنَّهَا تحزين من الشَّيْطَان أَو تلعب مِنْهُ بالانسان وَمن هَذَا النَّوْع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 @ الِاحْتِلَام فَإِنَّهُ من الشَّيْطَان وَلِهَذَا لَا تحتلم الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام وَمن أَمَارَات الرُّؤْيَا الْفَاسِدَة أَن يكون مَا رَآهُ فِي النّوم قد رَآهُ فِي الْيَقَظَة وأدركه حسه بِعَهْد قريب قبل نَومه وَصورته بَاقِيَة فِي خياله فيراه بِعَينهَا فِي نَومه وَمِنْهَا أَن يكون مَا رَآهُ مناسبا لما هُوَ عَلَيْهِ من تَغْيِير المزاج بِأَن تغلب عَلَيْهِ الْحَرَارَة من الصَّفْرَاء فَيرى فِي نَومه النيرَان وَالشَّمْس المحرقة أَو يغلب عَلَيْهِ الْبُرُودَة فَيرى الثلوج أَو يغلب عَلَيْهِ الرُّطُوبَة فَيرى الأمطار والمياه أَو يغلب عَلَيْهِ اليبوسة والسوادء فَيرى الْأَشْيَاء الْمظْلمَة والأهوال فالرؤيا السوداوية فَجَمِيع هَذِه الآنواع فَاسِدَة لَا تَعْبِير لَهَا فاذا سلم الانسان فِي رُؤْيَاهُ من هَذِه الْأُمُور وَغلب على الظَّن سَلامَة رُؤْيَاهُ من الْفساد وَوَقعت الْعِنَايَة بتعبيرها واذا انْضَمَّ الى ذَلِك كَونه من أهل الصدْق وَالصَّلَاح قوي الظَّن بِكَوْنِهَا صَادِقَة صَالِحَة وَفِي الحَدِيث الثَّابِت عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أصدقهم رُؤْيا أصدقهم حَدِيثا وَمن أَمَارَات صدقهَا من حَيْثُ الزَّمَان كَونهَا فِي الأسحار لحَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ أصدق الرُّؤْيَا بالأسحار الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 @ وَكَونهَا عِنْد اقتراب الزَّمَان لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا صَحَّ عَنهُ إِذا اقْترب الزَّمَان لم تكد رُؤْيا الْمُسلم تكذب واقتراب الزَّمَان قيل هُوَ اعتداله وَقت اسْتِوَاء اللَّيْل وَالنَّهَار وَيَزْعُم المعبرون أَن أصدق الرُّؤْيَا مَا كَانَ أَيَّام الرّبيع وَقيل اقتراب الزَّمَان قرب قيام السَّاعَة وَمن أَمَارَات صَلَاحهَا أَن يكون تبشير بالثواب على الطَّاعَة أَو تحذير من الْمعْصِيَة ثمَّ إِن الْقطع على الرُّؤْيَا بِكَوْنِهَا صَالِحَة لَا سَبِيل إِلَيْهِ إِنَّمَا هُوَ غَلَبَة الظَّن وَنَظِير ذَلِك من حَال الْيَقَظَة الخواطر وَمَعْلُوم أَن إِدْرَاك مَا هُوَ حق مِنْهَا فَمَا هُوَ بَاطِل وعر الطَّرِيق أَن ظن الأظنان وَالله أعلم وَأما تَعْلِيم الزَّوْجَة مَا يجب عَلَيْهَا تعلمه من الْفَرَائِض فَهُوَ وَاجِب عَلَيْهِ وعَلى غَيره مِمَّن يتَمَكَّن من تعليمها فرضا على الْكِفَايَة فَإِذا لم يقم بِهِ غَيره وَلم يقم هُوَ بِهِ أَثم وأثموا وَيتَعَيَّن عَلَيْهِ الْوُجُوب فِي تعليمها الْوَاجِبَات الَّتِي يحْتَاج تعليمها إِلَى سَماع صَوتهَا كالفاتحة وَغَيرهَا إِذا لم يُوجد لَهَا محرم وَلَا امْرَأَة يتَمَكَّن من تعليمها فَذَلِك يَخُصُّهُ الْوُجُود مِنْهُ ذَهَابًا إِلَى أَن غير الْمحرم وَالْمَرْأَة لَا يجوز لَهَا تعليمها والوجهان فِيمَا إِذا أصدقهَا تَعْلِيم سُورَة ثمَّ طَلقهَا قبل التَّعْلِيم وَكَذَلِكَ يتَعَيَّن عَلَيْهِ فرض تعليمها إِذا لم يعلم بحاجتها إِلَى التَّعْلِيم غَيره وَالله أعلم وَأما ابتياعه شَيْئا وهبه أَو تصدق بِهِ من المهتب والمتصدق عَلَيْهِ فَيصح ذَلِك وَلَكِن يكره فِي الصَّدَقَة ذَلِك للْحَدِيث الصَّحِيح فِي كتاب مُسلم وَغَيره أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ حمل على فرس فِي سَبِيل الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 @ ثمَّ وجده عِنْد صَاحبه وَقد أضاعه فَاسْتَأْذن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يَشْتَرِيهِ مِنْهُ فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تشتريه وَإِن أَعْطيته بدرهم فَإِن مثل الْعَائِد فِي صدقته كَمثل الْكَلْب يعود فِي قيئه وَرَوَاهُ سُفْيَان بن عُيَيْنَة وَقَالَ لَا تشتريه وَلَا شَيْئا من نتاجه وَقد نهى الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ على كَرَاهَة ذَلِك وَأما الْهِبَة فَالْأَمْر فِيهَا أَهْون وَمَعَ ذَلِك فَأصل الْكَرَاهَة فِي استفادة الْمَوْهُوب بِالشِّرَاءِ ثَابت أَيْضا فِيمَا يظْهر لي بِأَن حَدِيث عمر الْمَذْكُور دلّ على كَون المُشْتَرِي عَائِدًا وَالْعود مَكْرُوه فِي الْهِبَة وروى البُخَارِيّ فِي صَحِيحه عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْعَائِد فِي هِبته كَالْكَلْبِ يعود فِي قيئه وَالله أعلم 2 - مَسْأَلَة قَول الله عز وَجل {اتَّقوا الله حق تُقَاته} مَا هِيَ الْخِصَال الَّتِي إِذا فعلهَا الانسان كَانَ متقيا لله عز وَجل حق تُقَاته وَهل نسخت هَذِه الْآيَة بقول الله عز وَجل {فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُم} أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ لم تنسخها بل فسرتها وَحقّ تُقَاته أَن يطاع فَلَا يعْصى غير إِذا تجنب الْكَبَائِر وَلم يصر على صَغِيرَة وَإِذا عمل صَغِيرَة يعقبها بالإستغفار كَانَ من جملَة الْمُتَّقِينَ وَالله أعلم 3 - مَسْأَلَة قَوْله عز وَجل إِن تجتنبوا كَبَائِر مَا تنهون عَنهُ نكفر عَنْكُم سَيِّئَاتكُمْ الحديث: 2 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 @ إِلَى آخر الْآيَة مَا الْكَبَائِر وَمَا الصَّغَائِر وَكم الْمُتَّفق عَلَيْهِ من الْكَبَائِر وَمَا الْفرق بَين الصَّغَائِر والكبائر وَهل تحْتَاج الصَّغَائِر إِلَى تَوْبَة أم لَا وَهل تذْهب الصَّغَائِر بالصلوات كَمَا جَاءَ فِي الحَدِيث أم لَا بُد من ذَلِك من التَّوْبَة وَإِن احْتَاجَت إِلَى التَّوْبَة فَمَا الْفرق بَينهمَا وَبَين الْكَبَائِر وبماذا يعد الْمصر على الصَّغِيرَة مصرا بِفعل الصَّغِيرَة مرّة وَاحِدَة أم مرَارًا أم بالعزم والنيه فَإِن قُلْنَا بِالْفِعْلِ مرَارًا فَمَا عدد تِلْكَ المرات أجَاب رَضِي الله عَنهُ قد اخْتلف النَّاس فِي الصَّغَائِر والكبائر فِي وُجُوه مِنْهُم من نفى الْفرق من الأَصْل وَجعل الذُّنُوب كلهَا كَبَائِر وَهُوَ مطرح وَالَّذين أثبتوا الْفرق وهم جَمَاهِير اضْطَرَبَتْ أَقْوَالهم فِي تَحْدِيد الْكَبَائِر وتعديدها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 @ وَقد قلت فِي ذَلِك قولا رَجَوْت أَنه صَوَاب وَهُوَ أَن الْكَبِيرَة ذَنْب كَبِير وَعظم عظما يَصح مَعَه أَن يُطلق عَلَيْهِ اسْم الْكَبِير وَوصف بِكَوْنِهِ عَظِيما يَصح مَعَه أَن يُطلق عَلَيْهِ اسْم الْكَبِير وَوصف يكون عَظِيما على الْإِطْلَاق فَهَذَا فاصل لَهَا عَن الصَّغِيرَة الَّتِي وان كَانَت كَبِيرَة بِالْإِضَافَة الى مَا دونهَا فَلَيْسَتْ كَبِيرَة يُطلق عَلَيْهَا الْوَصْف بِالْكبرِ والعظم اطلاقا ثمَّ إِن لكبر الْكَبِيرَة وعظمها أَمَارَات مَعْرُوفَة بهَا مِنْهَا إِيجَاب الْحَد وَمِنْهَا أَلا يُعَاد عَلَيْهَا بِالْعَذَابِ النَّار وَنَحْوهَا فِي الْكتاب أَو السّنة وَمِنْهَا وصف فاعلها بِالْفِسْقِ نصا وَمِنْهَا اللَّعْن كَمَا قي قَوْله لعن الله من غير منار الأَرْض فِي أشباه لذَلِك لَا نحصيها وَعند هَذَا يعلم أَن عدد الْكَبَائِر غير مَحْصُور وَالله أعلم والصغائر قد تمحى من غير تَوْبَة بالصلوات وَغَيرهَا كَمَا جَاءَ بِهِ الْكتاب وَالسّنة وَذَلِكَ أَن فَاعل الصَّغِيرَة لَو أتبعهَا حَسَنَة أَو حَسَنَات وَهُوَ غافل عَن التندم والعزم على عدم الْعود المشترطين فِي صِحَة التَّوْبَة لَكَانَ ذَلِك ماحيا لصغيرة ومكفرا لَهَا كَمَا ورد بِهِ النَّص وَإِن لم تُوجد مِنْهُ التَّوْبَة لعدم ركنها لَا لتلبسه بأضدادها والمصر على الصَّغِيرَة من تلبس من أضداد التَّوْبَة باستمرار الْعَزْم على المعاودة أَو باستدامة الْفِعْل بِحَيْثُ يدْخل بِهِ ذَنبه فِي حيّز مَا يُطلق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 @ عَلَيْهِ الْوَصْف بصيرورته كَبِيرا وعظيما وَلَيْسَ لزمان ذَلِك وعدده حصر وَالله أعلم 4 - مَسْأَلَة فِي قَوْله تَعَالَى {وَأَن لَيْسَ للْإنْسَان إِلَّا مَا سعى} وَقد ثَبت أَن أَعمال الْأَبدَان لَا تنْتَقل وَقد ورد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا مَاتَ الْإِنْسَان انْقَطع عَنهُ عمله إِلَّا من ثَلَاثَة صَدَقَة جَارِيَة أَو علم ينْتَفع بِهِ أَو ولد صَالح يَدْعُو لَهُ وَقد اخْتلف فِي الْقُرْآن هَل يصل إِلَى الْمَيِّت أم لَا كَيفَ يكون الدُّعَاء يصل إِلَيْهِ وَالْقُرْآن أفضل أجَاب رَضِي الله عَنهُ هَذَا قد اخْتلف فِيهِ وَأهل الْخَيْر وجدوا الْبركَة فِي مُوَاصلَة الْأَمْوَات بِالْقُرْآنِ وَلَيْسَ الِاخْتِلَاف فِي هَذِه الْمَسْأَلَة كالاختلاف فِي الْأُصُول بل هِيَ من مسَائِل الْفُرُوع وَلَيْسَ نَص الْآيَة الْمَذْكُورَة دَالا على بطلَان قَول من قَالَ أَنه يصل فَإِن المُرَاد أَنه لَا حق لَهُ وَلَا جَزَاء إِلَّا فِيمَا سعى فَلَا يدْخل فِيمَا يتَبَرَّع عَلَيْهِ الْغَيْر من قِرَاءَة أَو دُعَاء فانه لَا حق لَهُ فِي ذَلِك وَلَا مجازاة وَإِنَّمَا أعطَاهُ إِيَّاه الْغَيْر تَبَرعا وَكَذَلِكَ الحَدِيث لَا يدل على بطلَان قَوْله فَإِنَّهُ فِي عمله وَهَذَا من عمل غَيره 5 - مَسْأَلَة قَوْله عز وَجل الذَّاكِرِينَ الله كثيرا والذكرات مَا هُوَ الذّكر الحديث: 4 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 @ وَمَا هُوَ مِقْدَاره الَّذِي يصير بِهِ الْمُؤمن من الذَّاكِرِينَ الله كثيرا وَهل قِرَاءَة الْقُرْآن أفضل من سَائِر الْأَذْكَار من التَّسْبِيح والتهليل وَالتَّكْبِير وَمَا معنى الحَدِيث الَّذِي رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ من قَرَأَ الْقُرْآن فَلهُ بِكُل حرف عشر حَسَنَات مَعَ أَنا نعلم ذَلِك بقوله عز وَجل {من جَاءَ بِالْحَسَنَة فَلهُ عشر أَمْثَالهَا} فتخصيص الْخَيْر بِقِرَاءَة الْقُرْآن بِكُل حرف عشر حَسَنَات لَا بُد لَهُ من فَائِدَة وَمَا الْحِكْمَة فِي ذَلِك وَأفضل أَوْقَات الذّكر مَا هِيَ أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِذا واظب على الْأَذْكَار المأثورة المثبتة صباحا وَمَسَاء وَفِي الْأَوْقَات وَالْأَحْوَال الْمُخْتَلفَة فِي ليل العَبْد ونهاره وَهِي مبينَة فِي كتاب عمل الْيَوْم وَاللَّيْلَة كَانَ من الذَّاكِرِينَ الله تبَارك وَتَعَالَى كثيرا وَقِرَاءَة الْقُرْآن أفضل من سَائِر الْأَذْكَار وَقَوله لَهُ بِكُل حرف عشر حَسَنَات فِيهِ فَائِدَة زَائِدَة وَهِي الْأَعْلَام بِأَن الْحَسَنَة هُنَا لَيست مَخْصُوصَة فِي أَن يَأْتِي بِالْكَلِمَةِ محصورة بكمالها بل تحصل بِحرف مِنْهَا وَأفضل أَوْقَات الْأَذْكَار هِيَ الْأَوْقَات الشَّرِيفَة الْمَعْرُوفَة إِذا اقترنت بالأحوال الصافية 6 - مَسْأَلَة قَوْله عز وَجل فويل للمصلين الَّذين هم عَن صلَاتهم ساهون الَّذين الحديث: 6 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 @ هن يراؤن وَيمْنَعُونَ الماعون من الساهون والمراؤن وَالَّذين يمْنَعُونَ الماعون وَهل إِذا فعل إِحْدَى هَذِه الثَّلَاث كَانَ من أَصْحَاب الويل أم إِذا فعل الثَّلَاث أجَاب رَضِي الله عَنهُ الساهون الغافلون عَن الصَّلَاة التاركون لَهَا والمراؤن هم من يعْمل مَا هُوَ طَاعَة لغير الله أَو لله ولغير الله وَالَّذين يمْنَعُونَ الماعون اخْتلفُوا فِيهِ وَالْأَظْهَر أَن الماعون مهمات آلَات الْبَيْت من قدر ومغرفة وفاس ومجرفة وأشباههما هَذَا لما كَانَت الْإِعَارَة وَاجِبَة وَهُوَ ظَاهر الْآيَة ثمَّ نسخ وَالْأَظْهَر أَن اسْتِحْقَاق الويل مَخْصُوص بِمن جمع بَين الثَّلَاث وَالله أعلم 7 - مَسْأَلَة قَول الله تبَارك وَتَعَالَى فَانْظُر إِلَى آثَار رَحْمَة الله كَيفَ يحيي الأَرْض بعد مَوتهَا إِن ذَلِك لمحيي الْمَوْتَى لم أَمر بِالنّظرِ الحديث: 7 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 @ إِلَى الْأَثر وَلم يَأْمر بِالنّظرِ إِلَى الرَّحْمَة وَهل يجوز لأحد أَن يُفَسر الْقُرْآن بِمَا يخْطر فِي نفس أَو يغلب على ظَنّه من غير نقل عَن أحد الْمُفَسّرين وَمن غير علم بِالْعَرَبِيَّةِ واللغة أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِنَّمَا كَانَ ذَلِك كَذَلِك لِأَن الْآيَة وَارِدَة لِلْأَمْرِ بِالنّظرِ إِلَى الْمَطَر الَّذِي يحيي الأَرْض بعد مَوتهَا والمطر الَّذِي هَذَا شَأْنه وَسَائِر صنوف الْأَنْعَام آثَار للرحمة لأنفس الرَّحْمَة فَإِن الرَّحْمَة عِنْد الْمُحَقِّقين من صِفَات الذَّات نَحْو الارادة وَلَا سَبِيل إِلَى النّظر اليها وَمهما سمي الْمَطَر وَغَيره من وُجُوه الإنعام رَحْمَة فعلى سَبِيل التَّجَوُّز وَالْأَصْل هُوَ الأول وَأما تَفْسِير الْقُرْآن مِمَّن هُوَ على الصّفة الْمَذْكُورَة فَمن كَبَائِر الْإِثْم وَرووا عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من قَالَ فِي الْقُرْآن بِرَأْيهِ فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار وَفِي رِوَايَة من قَالَ فِي الْقُرْآن بِغَيْر علمه فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار خرجه أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ فِي جَامعه وَخرج أَيْضا عَن جُنْدُب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من قَالَ فِي الْقُرْآن بِرَأْيهِ فَأصَاب فقد أَخطَأ الحَدِيث الأول من حسانها وَهَذَا دونه والمفسر الْمَوْصُوف قَائِل فِي الْقُرْآن قولا لَا يسْتَند إِلَى أصل وَحجَّة تعتمد وَهَذَا هُوَ القَوْل بِالرَّأْيِ المذموم قَائِله وَقَوله فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى من قَالَ فِي الْقُرْآن بِغَيْر علم كالمفسر لهَذَا ونسأل الله الْعِصْمَة من ذَلِك وَمن سَائِر مَا يسخطه سُبْحَانَهُ وَهُوَ سُبْحَانَهُ أعلم 8 - مَسْأَلَة فِي قَوْله الله عز وَجل كل من عَلَيْهَا فان وَيبقى وَجه رَبك ذُو الحديث: 8 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 @ الْجلَال وَالْإِكْرَام هَل يجوز الْوَقْف على قَوْله سُبْحَانَهُ وَيبقى والابتداء بِمَا بعده وَفِي الْوَقْف على فان وفيمن قَالَ إِنَّمَا الْوَقْف على قَوْله عز وَجل وَيبقى دون قَوْله فان أجَاب رَضِي الله عَنهُ الْوَقْف على وَيبقى مِمَّا يجب أَن يعاف ويتقى لِأَنَّهُ مَعَ أَنه مُخَالف قَول من تناهى إِلَيْنَا قَوْله من مفسري الْقرَان الْعَظِيم ومقرئيه وَالْعُلَمَاء فَإِنَّهُ يَدْفَعهُ الدَّلِيل ويأباه لِأَنَّهُ ترك للظَّاهِر الأسبق الى الْفَهم وَقد تقرر أَنه غير سَائِغ إِلَّا مُسْتَند يُقَوي قُوَّة يصير بِهِ خلاف الظَّاهِر أرجح مِنْهُ وَلَيْسَ الْوَقْف على يبْقى مُسْتَند يتنزل هَذِه الْمنزلَة وَلَا قَرِيبا مِنْهَا وقصارى الصائر إِلَيْهِ أَن يبين اتجاه معنى أَو مَجِيئه على مُتَقَدم نقلا واحتماله معنى لَا يسوغه مَعَ أَن الْأَظْهر غَيره وَنَقله غير مُتَقَدم لَو ترك فِي يَده لم يَنْفَعهُ لِأَنَّهُ لَا يجوز الْعُدُول عَن قَول الجماهير بِمُجَرَّد قَول فأرد وَهَذَا وَإِن فِيهِ إِثْبَات تَفْسِير الاية أَو نَحوه يبْعَث الشذوذ فِي الْقرَان كَمَا فِي الأَصْل والجرأة عَلَيْهِ عَظِيمَة وَإِنَّمَا يتوقاها المتقون وَالله أعلم 9 - مَسْأَلَة مَا قَول أَئِمَّة الحَدِيث وَالتَّفْسِير وَالْعُلَمَاء بِالْأَيَّامِ وَالسير الحديث: 9 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 @ فِي الْبَقَرَة الْمَذْكُورَة فِي الْقُرْآن الْعَزِيز فِي سُورَة الْبَقَرَة هَل هِيَ أُنْثَى أَو ذكر وَفِي بغلة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم المسماه بدلدل هَل هِيَ أُنْثَى أَو ذكر بينوا ذَلِك أجَاب رَضِي الله عَنهُ كل مِنْهُمَا أُنْثَى لَا ذكر وَلَا تستفيد ذَلِك من هَاء التَّأْنِيث فيهمَا فَإِنَّهُ يُقَال للذّكر بقرة وَبغلة أَيْضا حَتَّى صَار بعض أَئِمَّة الشافعيين إِلَى أَنه لَو أوصى ببقرة أَو بغلة جَازَ إِخْرَاج الذّكر وَالْأُنْثَى وَمن خصص بِالْأُنْثَى فلغة عرف الِاسْتِعْمَال فِيهَا لَا لِأَنَّهَا فِي اللُّغَة مَخْصُوصَة بِالْأُنْثَى وَإِنَّمَا استفدنا الْأُنُوثَة فِي المذكورتين من معارف غير ذَلِك أما الْبَقَرَة فَفِي إناثها مَا يُوضح الْأُنُوثَة فِيهَا وَذَلِكَ فِي غير مَوضِع مِمَّا ذكره الله تبَارك وَتَعَالَى فِي صفاتها فَمن ذَلِك قَوْله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {عوان بَين ذَلِك} فان صفة الْأُنْثَى النّصْف وَفِي التَّفْسِير أَنَّهَا الْأُنْثَى الَّتِي ولدت بَطنا أَو بطنين وَمن ذَلِك قَوْله {صفراء فَاقِع لَوْنهَا} فَإِنَّهُ إِذا قيل للذّكر بقرة قيل عِنْد الْوَصْف بقرة أصفر لَا صفراء وَلذَلِك لَا يُقَال تسر بل يسر وَفِي ذَلِك غير هَذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 @ وَأما بغلة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم المسماه بدلدل فَمن الدَّلِيل على أَنَّهَا كَانَت أُنْثَى مَا جَاءَ فِي خَبَرهَا عَن مُوسَى بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم عَن أَبِيه قَالَ كَانَت دُلْدُل بغلة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أول بغلة رؤيت فِي الْإِسْلَام أهداها لَهُ الْمُقَوْقس قَالَ الرَّاوِي وَبقيت حَتَّى كَانَ زمن مُعَاوِيَة وروى مُحَمَّد بن سعد بِسَنَد لَهُ أَن اسْم بغلة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الدلْدل وَكَانَت شهباء وَكَانَ بينبع حتي مَاتَت ثمَّ قَالَ ابْن سعد وَهُوَ ثِقَة أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد الله الْأَسدي وَقبيصَة بن عقبَة قَالَا حَدثنَا سُفْيَان الثَّوْريّ عَن جَعْفَر عَن أَبِيه قَالَ كَانَت بغلة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تسمى الشَّهْبَاء وَهَذَا إِسْنَاد رِجَاله أثبت وبمثل هَذَا لَا يُوصف بِهِ الذّكر وَإِن أَجَازُوا فِيهِ أَن يُقَال بغلة فَلم يخبروا فِي صفة وَفِيمَا يرجع إِلَيْهِ من الضمائر مثل هَذَا الَّذِي ترَاهُ وبابه وَلَا الْتِفَات فِي ذَلِك إِلَى تَأْنِيث اللَّفْظ كَمَا فِي قَوْلنَا طَلْحَة وَحَمْزَة فَلَا يُقَال طَلْحَة سرتني أَو كَانَت وَنَحْو ذَلِك وَلَا حَمْزَة الْبَيْضَاء بل الْأَبْيَض فَقَط وَالله أعلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 @ ثمَّ إِذا ضم مَا أردته من أَمر دُلْدُل إِلَى مَا رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه عَن الْحَارِث صهر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخي جوَيْرِية بنت الْحَارِث أم الْمُؤمنِينَ وَهُوَ أحد الصَّحَابَة الَّذين تفرد البُخَارِيّ عَن مُسلم بِإِخْرَاج حَدِيثهمْ قَالَ مَا ترك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد مَوته درهما وَلَا دِينَارا وَلَا عبدا وَلَا أمة وَلَا شَيْئا إِلَّا بغلته الْبَيْضَاء الَّتِي كَانَ يركبهَا وسلاحه وأرضا جعلهَا لِابْنِ السَّبِيل صَدَقَة ظهر من ذَلِك أَن بغلته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم المسماه بدلدل هِيَ الَّتِي تسمى الْبَيْضَاء وَكَانَت تسمى الشَّهْبَاء ذكره السُّهيْلي صَاحب الرَّوْض الْأنف فِي شرح السِّيرَة من أَن الْمُسَمَّاة بالبيضاء غير الْمُسَمَّاة بدلدل غير مرض ومعتمد وَالله أعلم 10 - مَسْأَلَة قَوْله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ولنبلونكم حَتَّى نعلم الْمُجَاهدين مِنْكُم وَالصَّابِرِينَ ونبلوا أخباركم فَعلم الله السَّابِق وَهُوَ قَوْله الحديث: 10 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 @ حَتَّى نعلم الْمُجَاهدين مِنْكُم أَو هُوَ علم يَأْتِي وَسمعت شخصا يَقُول فِي هَذِه الْآيَة حَتَّى نعلم يَتَجَدَّد لَهُ علم ثَان وَالْحق سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَهُ علمَان أَو علم وَاحِد بَين لنا هَذَا على الْوَجْه الصَّحِيح الَّذِي لَا ريب فِيهِ فِي الدّين أجَاب رَضِي الله عَنهُ الَّذِي قَالَه الشَّخْص خطأ وَلَا يَتَجَدَّد لله سُبْحَانَهُ علم وَإِنَّمَا علمه يخْتَلف مُتَعَلقَة فَتعلق قبل وجود مجاهدتهم بِأَنَّهُ يستوجد مجاهدتهم وَبعد وجودهَا بِأَنَّهَا قد وجدت فَإِذا معنى الْآيَة حَتَّى نعلم مجاهدتكم مَوْجُودَة فنجازيكم عَلَيْهَا وَالله أعلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 @ الْقسم الثَّانِي فِي شرح أَحَادِيث وَردت عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمن ذَلِك 11 - مَسْأَلَة فِي قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُؤْتى بالعالم يَوْم الْقِيَامَة فَيُقَال إِنَّمَا تعلمت الْعلم ليقال كَذَا وَكَذَا وَقد قيل الحَدِيث الحديث: 11 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 @ مَا مَعْنَاهُ أَيحلُّ على أَنه كَانَت لَهُ حَسَنَات غير الْعلم فأحبطت نِيَّته فِي الْعلم حَسَنَاته وَهَذَا خلاف قَوْله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إِن الْحَسَنَات يذْهبن السَّيِّئَات أَو يحمل على أَنه لم يكن لَهُ حَسَنَة سوى الْعلم وَكَذَا الْمُجَاهِد وَهَذَا خلاف الظَّاهِر أم لَهُ معنى غير هذَيْن أجَاب رَضِي الله عَنهُ هَذَا فِي شخص كَانَ بِمَثَابَة لَو أخْلص فِيهَا فِي علمه لنجاه علمه من الْعَذَاب الَّذِي وجد مُقْتَضَاهُ فَلَمَّا لم يخلص نزل بِهِ مُوجب الْمُقْتَضى لعذاب أَو هَذَا فِيمَن ترجحت سيئاته لريائه بِالْعلمِ على حَسَنَاته فَلم تدفع عَنهُ حَسَنَاته عَذَاب ذَنْب الرِّيَاء فعذب وَالله أعلم 21 - مَسْأَلَة قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصَّلَاة إِلَى الصَّلَاة كَفَّارَة لما بَينهمَا وَالْجُمُعَة إِلَى الْجُمُعَة كَفَّارَة لما بَينهمَا ورمضان إِلَى رَمَضَان كَفَّارَة لما بَينهمَا الحديث: 21 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 @ وَإِذا كَانَت الصَّلَاة إِلَى الصَّلَاة كَفَّارَة لما بَينهَا فَمَا يكفر الْجُمُعَة ورمضان بَين لنا أجَاب رَضِي الله عَنهُ هِيَ كَفَّارَات وَإِن لم تصادف شَيْئا تكفره بِمَعْنى أَنَّهَا أَسبَاب للتكفير وَقد يَنْتَفِي عَن السَّبَب مسببه لأمر من الْأُمُور فَلَا يُخرجهُ ذَلِك عَن كَونه سَببا ثمَّ جَوَاب آخر وَهُوَ أَن الصَّلَوَات الْخمس كَفَّارَة للصغائر على مَا نطق بِهِ الحَدِيث والمرجو أَن الْكَفَّارَة الثَّانِيَة إِذا لم تصادف صَغِيرَة تكفر بعض الْكَبَائِر وَالله أعلم 13 - مَسْأَلَة فِي أَن الْخَبَر إِذا ورد من جِهَة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَا يتَصَوَّر وجوده على خلاف الْمخبر بِهِ وَهل هُوَ كَمَا أطلق أم ثمَّ فرق بَين وعد ووعيده وَإِذا لم يَصح الْإِطْلَاق فَمَا الْفرق بَينهمَا وَهل يَكْفِي فِي الْفرق أَن يُقَال إِن إخلاف الْوَعيد لَا يَلِيق بِجَانِب الله تَعَالَى وَالْعَفو عَن الْوَعيد لَائِق بِهِ أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ نعم هُوَ على أصح إِطْلَاقه فَلَا يَقع أصلا شَيْء من أخباره على خلاف مخبره وَمن ذَلِك الْوَعْد وَأما الْوَعيد فالعفو متطرق إِلَيْهِ وَلَيْسَ ذَلِك خلفا فِي خَبره فِيهِ فَإِن الْوَعيد مُقَيّد من حَيْثُ الْمَعْنى بِحَالَة عدم الْعَفو فَإِذا قَالَ لأعذبن الظَّالِم مثلا فتقديره إِن لم أعف عَنهُ أَو إِلَى أَن أسامحه أَو أتكرم عَلَيْهِ وَنَحْو هَذَا وَهَذَا الْقَيْد عرف من عَادَة الْعَرَب فِي إيعاداتها وَمن أَخْبَار الشَّارِع عَن ذَلِك على الْجُمْلَة والعموم فِي مثل قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا روينَاهُ عَن وعد الله على من عمل ثَوابًا فَهُوَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 @ منجز لَهُ وَمن وعده على عمل عقَابا فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ عذبه وَإِن شَاءَ غفر لَهُ وَالله أعلم 14 - مَسْأَلَة رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ يدْخل فُقَرَاء أمتِي الْجنَّة قبل أغنيائها بِنصْف يَوْم فَهَل هَذَا يُطلق على الْفَقِير الَّذِي قد جمع بَين الْعلم وَالْعَمَل أم الْفَقِير الَّذِي قد منع الدُّنْيَا وَلَا حَظّ لَهُ فِيهَا فَيكون دُخُوله الْجنَّة جبرا لِقَلْبِهِ يَوْم الْقِيَامَة حَيْثُ يتَمَنَّى شَيْئا لَا يقدر عَلَيْهِ وَإِن أطلق ذَلِك على الْفَقِير الَّذِي قد جمع بَين الْعلم وَالْعَمَل فَذَلِك هُوَ الْغَنِيّ الْأَكْبَر وَمَا هُوَ الْفَقِير والغني الَّذِي ورد فيهم بَين لنا أجَاب رَضِي الله عَنهُ يدْخل فِي هَذَا الْفَقِير الَّذِي لَا يملك شَيْئا والمسكين الَّذِي يملك شَيْئا وَلَكِن لَا يملك تَمام كِفَايَته إِذا كَانُوا مُؤمنين غير مرتكبين شَيْئا من الْكَبَائِر وَلَا مصرين على شَيْء من الصَّغَائِر وَيشْتَرط فِي ذَلِك أَن يَكُونَا صابرين على الْفقر والمسكنة راضين بهما وَالله أعلم 15 - مَسْأَلَة قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خير الْقُرُون قَرْني الَّذِي أَنا فِيهِ ثمَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 @ الَّذِي يَلُونَهُمْ الحَدِيث مَا الْفرق بَين هَذَا وَبَين قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على تَقْدِير صِحَّته أمتِي كالغيث لَا يدْرِي أَوله خير أم آخِره وَمَا معنى قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للصَّائِم فرحتان فرحة عِنْد إفطاره وفرحة عِنْد لِقَاء ربه الفرحة عِنْد افطاره مَا هِيَ كَونه يفرح بِالْأَكْلِ وَالشرب وفرحة كَونه حصلت لَهُ عبَادَة هَذَا الْيَوْم أجَاب رَضِي الله عَنهُ أما الحديثان الْأَوَّلَانِ فَلَا تنَاقض بَينهمَا لِأَن آخر الْأمة فِي الحَدِيث الثَّانِي المضطرب عبارَة عَن الْمهْدي وَعِيسَى بن مَرْيَم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمن مَعَهُمَا وَأما فرحة الصَّائِم عِنْد إفطاره فَجَائِز حملهَا على الْأَمريْنِ فرحة النَّفس بِمَا تتَنَاوَل وَلَا مَحْذُور فِيهَا وفرحة بِتمَام الْعِبَادَة الفاضلة لَهُ وَالله أعلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 - مَسْأَلَة قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّهَا من الطوافين عَلَيْكُم على مَاذَا يحمل وَهُوَ أَنا نغفل عَن الصّبيان الصغار من الْأَوْلَاد الَّذين لَا يُمكنهُم التحرر مِنْهُم كَمَا لَا يُمكن فِي الطوافات لِلْعِلَّةِ وَلَو تيقنت النَّجَاسَة مِنْهُم فِي مَحل الْعَفو عَنْهَا فِي مثله مِنْهَا وَهل يجوز استنقاذ كتب الْمُسلمين من بِلَاد الفرنج وَالْقِرَاءَة فِيهَا بِنَاء على أَنه مَتى جَازَ بهَا دَفعهَا اليه بِلَا شَيْء وَلَا عوض أجَاب رَضِي الله عَنهُ الطوافون الخدم والطوافات الخدامات وأفواه الْأَطْفَال الَّتِي يغلب نجاستها الظَّاهِر أَنَّهَا كأفواه السناير فِي الْعَفو وَالله أعلم واستنقاذ الْكتب الْمَذْكُورَة حسن ثمَّ لَا يجوز الْقِرَاءَة فِيهَا وَالِانْتِفَاع بهَا فِي الْحَال وَالظَّاهِر أَنه اذا قرفها سنة كَمَا فِي تَعْرِيف اللّقطَة جَازَ لَهُ تَملكهَا كَمَا يتَمَلَّك اللّقطَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 - مَسْأَلَة روى أَبُو عبد الله البُخَارِيّ وَأَبُو الْحسن مُسلم رحمهمَا الله تَعَالَى فِي صَحِيحَيْهِمَا من حَدِيث عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ حَدثنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ الصَّادِق المصدوق أَن أحدكُم يجمع خلقه فِي بطن أمه أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثمَّ يكون علقَة مثل ذَلِك ثمَّ يكون مُضْغَة مثل ذَلِك ثمَّ يبْعَث الله الْملك وَذكر بَاقِي الحَدِيث وَفِي الحَدِيث الَّذِي انْفَرد مُسلم بِإِخْرَاجِهِ من حَدِيث أبي شريحة حُذَيْفَة بن أسيد الْغِفَارِيّ أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِذا مر بالنطفة ثِنْتَانِ وَأَرْبَعُونَ لَيْلَة بعث الله إِلَيْهَا ملكا فصورها وَذكر بَاقِي الحَدِيث الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 @ فَفِي الحَدِيث الأول إِشْعَار بِأَن الله تَعَالَى يُرْسل الْملك بعد مائَة وَعشْرين لَيْلَة وَفِي الحَدِيث الثَّانِي تَصْرِيح بِأَن الْملك يبْعَث بعد أَرْبَعِينَ لَيْلَة فَكيف الْجمع بَين هذَيْن الْحَدِيثين أجَاب رَضِي الله عَنهُ حَدِيث حُذَيْفَة بن أسيد هَذَا لم يُخرجهُ البُخَارِيّ فِي كِتَابه وَلَعَلَّ ذَلِك لكَونه لم يجده يلتئم مَعَ حَدِيث ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنْهُمَا وَوجد حَدِيث ابْن مَسْعُود أقوى وَأَصَح فارتاب بِحَدِيث حُذَيْفَة الَّذِي مَدَاره على أبي الطُّفَيْل عَامر بن وائلة عَنهُ فَأَعْرض عَنهُ وَأما مُسلم فَإِنَّهُ خرج الْحَدِيثين مَعًا فِي كِتَابه فأحوجنا إِلَى تطلب وَجه يلتئمان بِهِ وَلَا يتنافران وَقد وَجَدْنَاهُ وَللَّه الْحَمد الأتم فَأَقُول الْملك يُرْسل غير مرّة إِلَى الرَّحِم يُرْسل مرّة عقيب الْأَرْبَعين الأولى بِدلَالَة حَدِيث حُذَيْفَة بن أسيد بألفاظه فِي رواياته المتعددة فَيكْتب رزقه وأجله وَعَمله وحاله فِي السَّعَادَة والشقاء وَغير ذَلِك وَيُرْسل مرّة أُخْرَى عقيب الْأَرْبَعين الثَّانِيَة فينفخ فِيهِ الرّوح بِدلَالَة حَيْثُ ابْن مَسْعُود وَغَيره ثمَّ أَنه يشكل وَرَاء هَذَا من حَدِيث حُذَيْفَة فِي قَوْله فِي بعض رواياته عِنْد ذكر إرْسَال الْملك عقيب الْأَرْبَعين الأولى فصورها وَخلق سَمعهَا وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها ثمَّ قَالَ يَا رب ذكر أَو أُنْثَى فَيَقْضِي رَبك مَا شَاءَ وَيكْتب إِلَى آخِره وَمن الْمَعْلُوم أَن هَذَا التَّصْوِير لَا يكون فِي الْأَرْبَعين الثَّانِيَة فَإِنَّهُ يكون فِيهَا علقَة وَإِنَّمَا يكون هَذَا التَّصْوِير قَرِيبا من نفخ الرّوح وَهَكَذَا روينَا ذَلِك مُصَرحًا بِهِ فِي بعض رِوَايَات حَدِيث حُذَيْفَة خَارج الصَّحِيح وسبيل الْجَواب عَن هَذَا الْإِشْكَال أَن يحمل قَوْله فصورها على معنى فصورها قولا كتابا لَا فعلا أَي فَذكر تصويرها وَكتب ذَلِك وَالدَّلِيل على صِحَة هَذَا أَن جعلهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 @ ذكرا أَو أُنْثَى يكون مَعَ التصاوير الْمَذْكُورَة وَقد قَالَ فِي جعله ذكرا أَو أُنْثَى فَيَقْضِي رَبك مَا شَاءَ وَيكْتب الْملك الى آخِره وَيشكل أَيْضا من حَدِيث ابْن مَسْعُود أَن البُخَارِيّ رَوَاهُ بِهَذَا اللَّفْظ وَهُوَ أَن خلق أحدكُم يجمع فِي بطن أمه أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَو أَرْبَعِينَ لَيْلَة ثمَّ يكون علقَة مثله ثمَّ يكون مُضْغَة مثله ثمَّ يبْعَث الله إِلَيْهِ الْملك فَيُؤذن بِأَرْبَع كَلِمَات فَيكْتب رزقه وأجله وَعَمله وشقي أم سعيد ثمَّ ينْفخ فِيهِ الرّوح فَقَوله ثمَّ يبْعَث إِلَيْهِ الْملك بِحرف ثمَّ تَقْتَضِي تَأْخِير كتب الْملك الْأُمُور الْأَرْبَعَة إِلَى مَا بعد الْأَرْبَعين الثَّالِثَة وَحَدِيث حُذَيْفَة بن أسيد قَاضِي بِتَقْدِيم كتب الْملك لذَلِك عقيب الْأَرْبَعين الأولى وسبيل الْخُرُوج عَن إِشْكَال ذَلِك أَن يَجْعَل قَوْله ثمَّ يبْعَث الله إِلَيْهِ الْملك فَيُؤذن فَيكْتب مَعْطُوفًا على قَوْله يجمع فِي بطن أمه أَرْبَعِينَ يَوْمًا ومتعلقا بِهَذَا إِلَّا بِالَّذِي يَلِيهِ قبله وَهُوَ قَوْله ثمَّ يكون مُضْغَة مثله وَيكون قَوْله ثمَّ يكون علقَة مثله ثمَّ يكون مُضْغَة مثله إعتراضا وَقع بَين الْمَعْطُوف والمعطوف عَلَيْهِ والاعتراض بأمثال ذَلِك فِي كَلَام الله تبَارك وَتَعَالَى وَكَلَام الْعَرَب غير قَلِيل وَمن ذَلِك قَوْله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {فسبحان الله حِين تمسون وَحين تُصبحُونَ وَله الْحَمد فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض وعشيا وَحين تظْهرُونَ} فَقَوله وعشيا لَيْسَ مُتَعَلقا بِالَّذِي يَلِيهِ قبله وَهُوَ قَوْله وَله الْحَمد فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض ومعطوفا عَلَيْهِ بل مُتَعَلقا بِمَا سبق من قَوْله وَحين تُصبحُونَ وَقَوله وَله الْحَمد فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض اعتراضا بَينهمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 @ إِذا عرفت هَذَا فَقَوله ثمَّ ينْفخ فِيهِ الرّوح مُتَّصِل بقوله ثمَّ يكون مُضْغَة مثله لِأَنَّهُ فِي نِيَّة التَّأْخِير لما ذَكرْنَاهُ فَافْهَم ذَلِك واعرفه فَإِنَّهُ مُشكل عويص جدا لَا أحد نعلمهُ تقدم بحله وَقد أوضحته ايضاحا ينشرح لَهُ صدر الفاهم الآهل وَالله سُبْحَانَهُ الْمَحْمُود حَقًا وَقد كَانَ الْحَافِظ عِيَاض بن مُوسَى القَاضِي من المغاربة قد تعرض لذَلِك مُقْتَصرا على رِوَايَة مُسلم لحَدِيث ابْن مَسْعُود وَذَلِكَ فِيهَا بِحرف الْوَاو لَا بِحرف ثمَّ ولفظها ثمَّ يُرْسل الْملك فينفخ فِيهِ الورح وَيُؤمر بِأَرْبَع كَلِمَات يكْتب رزقه إِلَى آخِره وَأجَاب بِأَن الْوَاو لَا تَقْتَضِي ترتيبا وَهَذَا الَّذِي أَتَى بِهِ سهل إلايتاء مثله فِي رِوَايَة البُخَارِيّ الَّتِي هدَانَا الله الْكَرِيم لشرح مَعْنَاهَا وَله الْحَمد كُله وَالله أعلم 18 - مَسْأَلَة قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم التائب من الذَّنب كمن لَا ذَنْب لَهُ هَل خرج فِي الصَّحِيح أم لَا وَهل يصير فِي عقيب التَّوْبَة كمن لَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 @ ذَنْب لَهُ ليحكم القَاضِي برشده فِي تَزْوِيج ابْنَته أَو موليته أم لَا بُد من إصْلَاح الْعَمَل بعد التَّوْبَة إِلَى مُدَّة مَعْلُومَة وَكَيف حكم الله فِي ذَلِك أجَاب رَضِي الله عَنهُ لم يخرج فِي الصِّحَاح وَلم نجد لَهُ إِسْنَادًا يثبت بِمثلِهِ الحَدِيث والتائب يلْحق عِنْد بعض أَصْحَابنَا بالمستور من غير توقف على إصْلَاح الْعَمَل فِي الْمدَّة الْمَعْلُومَة وَلَا بَأْس بِالْعَمَلِ بِهَذَا والمستور يَلِي التَّزْوِيج وَلَا يخرج على الْخلاف فِي الْفَاسِق 19 - مَسْأَلَة رجلَانِ تشاجرا فِي قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينزل ربكُم فِي كل لَيْلَة إِلَى سَمَاء الدُّنْيَا الحَدِيث بِتَمَامِهِ فَقَالَ أَحدهمَا ينزل وَكَذَا فِي جَمِيع الصِّفَات وَجَمِيع الْآيَات وَالْأَخْبَار لَا تتأول وكل وَاحِد يَدعِي الصِّحَّة فِي قَوْله أجَاب رَضِي الله عَنهُ الَّذِي عَلَيْهِ الصالحون من السّلف وَالْخلف رَضِي الله عَنهُ الِاقْتِصَار فِي ذَلِك وَأَمْثَاله على الْإِيمَان الْجملِي بهَا والإعراض عَن الْخَوْض فِي مَعَانِيهَا مَعَ اعْتِقَاد التَّقْدِيس الْمُطلق وانه لَيْسَ مَعْنَاهَا مَا يفهم من مثلهَا فِي حق الْمَخْلُوق وَالله أعلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 - مَسْأَلَة فِي معنى قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الحَدِيث الَّذِي يرويهِ أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ قَوْله كل مَوْلُود يُولد على الْفطْرَة فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ ويمجسانه فَهَل المُرَاد بالفطرة الْمَذْكُورَة هِيَ فطْرَة الْإِسْلَام والفطرة الَّتِي هِيَ الْخلق والإبداع والاختراع أجَاب رَضِي الله عَنهُ مَعْنَاهُ وَالله أعلم أَنه يُولد غير متلبس بِحَقِيقَة الْكفْر فَإِنَّهُ بالاعتقاد وَلَا وجود قطعا فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ قبل الْبلُوغ من حَيْثُ الْأَحْكَام تبقى وَبعد الْبلُوغ بتقليده لَهما فِي حَقِيقَة الْكفْر مُبَاشرَة مِنْهُ وملابسه مِنْهُ للكفر وَأما مَا ورد من أَن الشقي من شقي فِي بطن أمه فَالْمُرَاد بِهِ أَن يكْتب الْملك عَلَيْهِ ذَلِك إِخْبَارًا عَمَّا يُوجد مِنْهُ إِذا بَاشر الْكفْر وَفِي قَوْله وَالله أعلم بِمَا كَانُوا عاملين اشعارا بِأَنَّهُ قد يكْتب عَلَيْهِ الشَّقَاء وَيحكم بِهِ عَلَيْهِ بِنَاء على مَا يُعلمهُ الله تَعَالَى مِنْهُ من أَنه لَو أَحْيَاهُ الى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 @ حِين يسْتَقلّ بِالْإِيمَان وَالْكفْر لاختار الْكفْر وَكفر كَمَا جَاءَت الرِّوَايَة بذلك مُصَرحًا بِهِ فِي بعض الْأَحَادِيث فَيخرج من ذَلِك أَنا لَا نستلزم الحكم بِأَن من مَاتَ من أَطْفَال الْمُشْركين فَهُوَ فِي الْجنَّة وَكَذَا فِي أشباههم من المجانين وَالله أعلم 21 - مَسْأَلَة فِي معنى قِرَاءَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أبي {لم يكن الَّذين كفرُوا} بِأَمْر الله تَعَالَى مَا المُرَاد بذلك وَمَا وَجه تَخْصِيص هَذِه الصُّورَة بِالذكر وَمَا الحكم فِي ذَلِك أجَاب رَضِي الله عَنهُ فِي ذَلِك فَوَائِد مِنْهَا كَونه يسن بذلك عرض الْقُرْآن على مَا يحفظه وَيعرف كَمَا هُوَ الْمَعْرُوف من قِرَاءَة القارىء على المقرىء وَمِنْهَا أَن أَبَيَا كَانَ موثوقا بِهِ فِي الْأَخْذ وَالْأَدَاء عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَفعل ذَلِك ليؤدي عَنهُ وَفِيه حض لَهُ على الْقَصْد وَفِي قِرَاءَة الْقُرْآن عَلَيْهِ فَكَانَ رَضِي الله عَنهُ بعده صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأْسا وإماما وَأما تَخْصِيص هَذِه السُّورَة فَمن الْمَعْنى فِيهَا أَنَّهَا مَعَ وجازتها جَامِعَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 @ لأصول وقواعد ومهام عَظِيمَة وَكَانَ الْوَقْت يَقْتَضِي ترك التَّطْوِيل وَالله أعلم 22 - مَسْأَلَة قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تخرج نَار من قَعْر عدن تَسوق النَّاس إِلَى الْمَحْشَر فَهَل يكون هَذَا السُّوق قبل موت الْخلق أَو بعد خُرُوجهمْ من الأجداث أجَاب رَضِي الله عَنهُ بل قبل موت الْخلق وَقَوله لَا تقوم السَّاعَة شَاهد بذلك وَالله أعلم 23 - مَسْأَلَة فِيمَا رُوِيَ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ لعن الله من أكْرم غَنِيا لغناه وأهان فَقِيرا لفقره وَعنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ لعن الله من أكْرم بالغنى وأهان بالفقر هَل يدْخل تَحت هَذَا اللَّعْن شيخ يزار يَجِيئهُ الْفَقِير والغني وَأَبْنَاء الدولة وَمن هُوَ من ذَوي الولايات والتسلط يتَكَلَّف لأبناء الدُّنْيَا ويحضر للْفَقِير مَا يَتَيَسَّر أم لَا أَولا فان هذَيْن الْحَدِيثين لَا نعرفهما من جِهَة تصح تقوم بهَا الحديث: 22 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 @ الْحجَّة وَقد أخرج أَبُو شُجَاع شيروية الْهَمدَانِي صَاحب الفردوس فِيهِ من حَدِيث أبي ذَر الْغِفَارِيّ رَضِي الله عَنهُ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ قَالَ لعن الله فَقِيرا تواضع لَغَنِيّ من أجل مَاله من فعل ذَلِك مِنْهُم فقد ذهب ثلثا دينه لَكِن لَيْسَ مِمَّا يَقع عَلَيْهِ الِاعْتِمَاد فان صَاحب كتاب الفردوس جمع فِيهِ بَين الصَّحِيح والسقيم وَبلغ بِهِ الإنحلال إِلَى أَن أخرج أَشْيَاء من الْمَوْضُوع ويداني هَذَا الحَدِيث فِي مَعْنَاهُ مَا يرْوى من أَنه من تضعضع لَغَنِيّ ذهب نصف دينه وأخبرت عَن أبي الْفتُوح الشاذ ياخي وَغَيره قَالُوا أَنبأَنَا الْأُسْتَاذ أَبُو الْقَاسِم الْقشيرِي قَالَ سَمِعت الْأُسْتَاذ أَبَا عَليّ الدقاق رَحمَه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 @ الله تَعَالَى يَقُول فِي الْخَبَر من تواضع لَغَنِيّ لأجل غناهُ ذهب ثلثا دينه فان اعْتقد فَضله بِقَلْبِه كَمَا تواضع لَهُ بِلِسَانِهِ وَنَفسه ذهب دينه كُله هَذَا كَلَام ثمَّ أَنا نعلم أَن هَذِه الْأَحَادِيث وَإِن لم تثبت من حَيْثُ الرِّوَايَة فَمَا تَقْتَضِيه من ذمّ إكرام الْغَنِيّ لغناه وإهانة الْفَقِير ثَابت صَحِيح وَذَلِكَ إِن لم ينْتَه بفاعله إِلَى فظاعة اللَّعْن وَذَهَاب ثُلثي الدّين فَهُوَ مُنكر قَبِيح على الْجُمْلَة فَإِن فِيهِ تَعْظِيم الدُّنْيَا الَّتِي هِيَ مجمع الْآفَات وَأم الْخَبَائِث ويستلزم ذَلِك من ضعف قوى التَّقْوَى أمرا عَظِيما لَكِنَّهَا لَا تتَنَاوَل من أكْرم الْغَنِيّ مُطلقًا بل من أكْرم الْغَنِيّ من أجل غناهُ أَي كَانَ الْبَاعِث لَهُ على إكرامه مَا عِنْده من الدُّنْيَا واستعظام مَا اتّصف بِهِ من الْغنى فَلَا يدْخل فِي ذَلِك من أكْرم الْغَنِيّ لِمَعْنى آخر لَا يذمه الشَّرْع ويأباه بِأَن يقْصد بِهِ حفظ قلب الْغَنِيّ لعلمه بِأَنَّهُ إِن لم يفعل تأذى أَو ترغيبه فِي إكرام الأضياف أَو يُرِيد بِهِ دفع شَره وصيانة نَفسه وإياه عَن مَحْذُور غيبته أَو توطيئته لما يُرِيد أَن يَأْمُرهُ بِهِ من الْخَيْر فَهَذَا وَمَا أشبهه من الْمَقَاصِد الصَّحِيحَة إِذا اقْترن بِفعل ذَلِك فَهُوَ حسن غير مَذْمُوم وَالْفَاعِل لَهُ بنية التَّقَرُّب مأجور غير مأزور وتكلف هَذَا الْمَذْكُور لأبناء الدُّنْيَا إِذا كَانَ لشَيْء من هَذِه الْمَقَاصِد المستقيمة فَلَيْسَ فِي إكرام الْغَنِيّ لغناه فِي شَيْء أصلا وَكَذَلِكَ اقْتِصَاره فِي حق الْفَقِير على إِحْضَار مَا تيَسّر إِذا كَانَ ذَلِك يَكْفِي الْفَقِير ويرضيه من غير أَن يقْتَرن بِهِ استحقار مِنْهُ للْفَقِير وَفَقره لَيْسَ من إهانة الْفَقِير لفقره بسبيل وَقد أخرج أَبُو دَاوُد صَاحب السّنَن فِيهِ عَن مَيْمُون بن أبي شبيب أَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا مر بهَا سَائل فَأَعْطَتْهُ كسرة وَمر عَلَيْهَا رجل عَلَيْهِ ثِيَاب واهية فأقعدته فَأكل فَقيل لَهَا فِي ذَلِك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 @ فَقَالَت أمرنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن ننزل النَّاس مَنَازِلهمْ فَهَذَا الحَدِيث أصل فِي هَذَا الَّذِي نَحن بصدده فليصحح الممتحن بذلك مقاصده فِيمَا يَأْتِي مِنْهُ وَمن غَيره ويذر فَفِي صِحَّتهَا صِحَة أَعماله وَفِي فَسَادهَا فَسَادهَا وَالله المسؤول توفيقنا وإياه لما يُحِبهُ ويرضاه وَمن نحبه وَالْمُسْلِمين أَجْمَعِينَ وَصلى الله على مُحَمَّد وَآله أَجْمَعِينَ 24 - مَسْأَلَة رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن رجلا من أهل الصّفة توفّي فَوجدَ مَعَه دِينَارَانِ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كبتان فَمَا السِّرّ فِي ذَلِك وَمَا الْمَعْنى فِيهِ مَعَ أَن الدينارين لَا حق فيهمَا لله تَعَالَى أجَاب رَضِي الله عَنهُ من الْأَسْبَاب فِي ذَلِك أَنه رَحمَه الله أظهر الْفقر وَقعد مَعَ الْفُقَرَاء أهل الصّفة الَّذين لَا يملكُونَ دِينَارا وَلَا درهما وَلم يخرج ديناريه على نَفسه وَلَا رفقائه وَالله أعلم 25 - مَسْأَلَة سَأَلَ سَائل الْمولى الْعَالم الْحَافِظ تَقِيّ الدّين أَبَا عَمْرو عُثْمَان الْمُعَرّف بِابْن الصّلاح أثابه الله الْجنَّة وَقَالَ ذكرت فِي كتابك الَّذِي صنفته فِي عُلُوم الحَدِيث فَوَائِد جمة إِلَّا أَن فِي أَوله أَو قَالُوا فِي حَدِيث أَنه غير صَحِيح فَلَيْسَ ذَلِك قطعا بِأَنَّهُ كذب فِي نفس الْأَمر إِذْ قد يكون صدقا فِي نفس الْأَمر وَإِنَّمَا المُرَاد بِهِ أَنه لم يَصح إِسْنَاده على الشَّرْط الْمَذْكُور وَالله أعلم الحديث: 24 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 @ وَقد رَأينَا قد ذكر عَن الْأَئِمَّة أَنهم قَالُوا فِي الحَدِيث حَدِيث إِسْنَاده صَحِيح وَمَتنه غير صَحِيح أَو إِسْنَاده غير صَحِيح وَمَتنه صَحِيح أَو صَحِيح أَو إِسْنَاده ضَعِيف وَمَتنه ضَعِيف وَأَيْضًا لَهُم كتب الموضوعات وَيَقُولُونَ من فلَان الله أعلم من وَضعه فَهَذَا يدل على أَنه فِي نفس الْأَمر غير صَحِيح فان رأى أَن يذكر فِي شرح هَذَا مَا يشفي بِهِ غلَّة الطَّالِب فعل ذَلِك أجَاب رَضِي الله عَنهُ الَّذِي يرد من هَذَا على ذَلِك قَوْلهم اسناده صَحِيح وَمَتنه غير صَحِيح وَجَوَابه أَن فِي كَلَامي احْتِرَاز عَنهُ وَذَلِكَ فِي قولي أَنه يَصح إِسْنَاده على الشَّرْط الْمَذْكُور وَمَتى كَانَ الْمَتْن غير صَحِيح فمحال أَن يكون لَهُ إِسْنَاد صَحِيح على الشَّرْط الْمَذْكُور لِأَنَّهُ من الشَّرْط الْمَذْكُور فَلَا يكون شاذا أَو لَا مُعَللا وَالَّذِي أوردتموه لَا بُد أَن يكون فِي إِسْنَاده شذوذ أَو عِلّة تعلله وَلأَجل ذَلِك لَا يَصح بِهِ الْمَتْن فَإِن أطلق عَلَيْهِ أَنه إِسْنَاد صَحِيح فَلَا بالتفسير الَّذِي ذكرته بل بِمَعْنى أَن رجال إِسْنَاده عدُول ثِقَات هَذَا فَحسب وَمَا بعد هَذَا لَا يمس مَا ذكرته إِلَّا قَوْلهم فِي بعض الْأَحَادِيث أَنه مَوْضُوع وَالْجَوَاب أَنه لَيْسَ فِي الْكَلَام الَّذِي ذكرته إِنْكَار لذَلِك وَإِنَّمَا فِيهِ أَنه لَا يُسْتَفَاد وَلَا يفهم من قَوْلهم هَذَا الحَدِيث غير صَحِيح أَكثر من أَنه لم يَصح لَهُ إِسْنَاد على الشَّرْط الْمَذْكُور وَهَذَا كَذَلِك لِأَن هَذَا الْكَلَام لَا يظْهر من مَعْنَاهُ أَنه كذب فِي نفس الْأَمر وَمهما أردنَا أَن نذْكر أَنه كذب فِي نفس الْأَمر احتجنا إِلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 @ زِيَادَة لفظ مثل أَن يَقُول هُوَ مَوْضُوع أَو كذب أَو نَحْو ذَلِك وَالله أعلم قولي لم يَصح اسناده عَام أَي لم يَصح لَهُ أسناد وَالله أعلم 26 - مَسْأَلَة فِي رجل يقْرَأ الحَدِيث على الْمُحدث وَيَقُول فِي كل حَدِيث وبالاسناد حَدثنَا فلَان عَن فلَان وَلَا يَقُول قَالَ حَدثنَا فَهَل يَصح هَذَا السماع أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ هَذَا خطأ من فَاعله وَأما بطلَان السماع بِهِ فَفِيهِ احْتِمَال وَالْأَظْهَر أَنه لايبطل من حَيْثُ أَن حذف القَوْل اختصارا مَعَ كَونه مُقَدرا فِي كثير من كتاب الله تَعَالَى وَغَيره وَالله أعلم 27 - مَسْأَلَة رُوِيَ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَاتَ وَدِرْعه مَرْهُونَة عِنْد يَهُودِيّ على صَاع أَو صَاعَيْنِ من شعير وَأَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَاتَ وَله حصون وَأَرْض فَهَل هَذِه الْأَحَادِيث صِحَاح أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَاتَ وَهُوَ فَقير بينوا لنا أَدِلَّة مَوته على الْفقر والكلمات الَّتِي علمهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للْفُقَرَاء ففضلوا على الْأَغْنِيَاء بِتِلْكَ الْكَلِمَات وَغَيرهَا من الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة وَالَّذِي ذهب من الْعلمَاء الى أَن الْفَقِير الصابر أَعلَى من الْغَنِيّ الشاكر من هُوَ من الْعلمَاء أجَاب رَضِي الله عَنهُ روى البُخَارِيّ فِي صَحِيحه عَن عَائِشَة الحديث: 26 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 @ رَضِي الله عَنْهَا قَالَت توفّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ودرعة مَرْهُونَة عِنْد يَهُودِيّ بِثَلَاثِينَ صَاعا من شعير وَكَانَ لَهُ مِمَّا أَفَاء الله تبَارك وَتَعَالَى أراض بِخَيْبَر وفدك وَغَيرهمَا وَكَانَت معدة لنوائبه وَلم تورث مِنْهُ لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّا لَا نورث مَا تركنَا صَدَقَة وكل هَذَا صَحِيح وَلَا تنَاقض فِيهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 @ والفقر صفته اللَّازِمَة عِنْد مَوته وَقبل ذَلِك صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا يقْدَح فِيهِ مَا كَانَ فِي ملكه من إعداده إِيَّاه لمصَالح الْمُسلمين وإخراجه مَا يحصل عِنْد حُصُوله وَحَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يدْخل الْفُقَرَاء الْجنَّة قبل الْأَغْنِيَاء بِخمْس مائَة عَام حَدِيث ثَابت وَحَدِيث الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 @ أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَيْضا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن فُقَرَاء الْمُهَاجِرين أَتَوْهُ فَقَالُوا ذهب أهل الدُّثُور بالدرجات العلى وَالنَّعِيم الْمُقِيم فَقَالَ وَمَا ذَاك قَالُوا يصلونَ كَمَا نصلي وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُوم وَيَتَصَدَّقُونَ وَلَا نتصدق ويعتقون وَلَا نعتق فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَفلا أعلمكُم شَيْئا تدركون بِهِ من سبقكم وتسبقون من بعدكم وَلَا يكون أحد أفضل من مِنْكُم الا من صنع مثل مَا صَنَعْتُم قَالُوا بل قَالَ تسبحون وتكبرون وتحمدون دبر كل صَلَاة ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ مرّة فَرجع فُقَرَاء الْمُهَاجِرين إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا سمع أخواننا أهل الْأَمْوَال بِمَا فعلنَا فَفَعَلُوا مثله فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {ذَلِك فضل الله يؤتيه من يَشَاء} هَذَا لفظ الحَدِيث فِي صَحِيح مُسلم وَأَخْبرنِي بعض الْأَشْيَاخ بخراسان قَالَ أخبرنَا أَبُو الْفتُوح عبد الْوَهَّاب بن شاه الصُّوفِي قَالَ أخبرنَا الْأُسْتَاذ أَبُو الْقَاسِم الْقشيرِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 @ قَالَ سَمِعت الْأُسْتَاذ أَبَا عَليّ الدقاق يَقُول تكلم النَّاس فِي الْفقر والغنى أَيهمَا أفضل وَعِنْدِي أَن الْأَفْضَل أَن يعْطى الرجل كِفَايَته ثمَّ يصان فِيهِ وَالله أعلم 28 - مَسْأَلَة صَوْم رَجَب كُله هَل على صائمه إِثْم أم لَهُ أجر وَفِي حَدِيث عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يرويهِ ابْن دحْيَة الَّذِي كَانَ بِمصْر أَنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن جَهَنَّم لتسعر من الْحول إِلَى الْحول لصوام رَجَب هَل صَحَّ ذَلِك أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا إِثْم عَلَيْهِ فِي ذَلِك وَلم يؤثمه بذلك أحد من عُلَمَاء الْأمة فِيمَا نعلمهُ بلَى قَالَ بعض حفاظ الحَدِيث لم يثبت فِي فضل صَوْم رَجَب حَدِيث أَي فضل خَاص وَهَذَا لَا يُوجب زهدا فِي صَوْمه فِيمَا ورد من النُّصُوص فِي فضل الصَّوْم مُطلقًا والْحَدِيث الْوَارِد فِي كتاب السّنَن لأبي دَاوُد وَغَيره فِي صَوْم الْأَشْهر الْحرم كَاف فِي التَّرْغِيب فِي صَوْمه وَأما الحَدِيث فِي تسعير جَهَنَّم لصوامه فَغير صَحِيح وَلَا تحل رِوَايَته وَالله أعلم الحديث: 28 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 - مَسْأَلَة إِذا أخبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أَقوام أَنهم من أهل الْجنَّة وهم مُؤمنُونَ مصدقون بِخَبَرِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَهَل يأمنوا الْمَكْر لما أخْبرهُم بِهِ من أَنهم من أهل الْجنَّة وَسَمعنَا عَن عمر رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ لَا آمن مكره ورجلي الْوَاحِدَة فِي الْجنَّة وَالْأُخْرَى برا فَهَل هَذَا عَن عمر رَضِي الله عَنهُ صَحِيح أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ هَذَا القَوْل عَن عمر رَضِي الله عَنهُ لسنا نصححه بل أصل كَونه لم يَأْمَن مكر الله تَعَالَى وَأَنه كَانَ شَدِيد الْخَوْف مِمَّا بَين يَدَيْهِ ثَابت عَنهُ وَذَلِكَ لَهُ وُجُوه أَحدهَا أَنه كَانَ يرى جَوَاز النّسخ فِي مثل ذَلِك وَأَنه روى عَنهُ أَنه كَانَ يَدْعُو اللَّهُمَّ إِن كنت كتبتني شقيا فامح ذَلِك واكتبني سعيدا أَو مَا مَعْنَاهُ هَذَا وَالثَّانِي أَنه وَأَمْثَاله أَن آمنُوا من كَونهم من أهل الْجنَّة فَلَا يأمنوا أهوالا تصيبهم قبل دُخُول الْجنَّة الثَّالِث وَإِن كَانُوا لَا يجوزون النّسخ فِي مثل ذَلِك فقد يجوزون أَن يكون ذَلِك مَشْرُوطًا بِشَرْط فَلَا يُوجد مِنْهُم وخفي عَلَيْهِم ذَلِك الشَّرْط عَافَانَا الله تَعَالَى 30 - مَسْأَلَة أول من يدْخل الْجنَّة قَالُوا الْأَنْبِيَاء صلوَات الله عَلَيْهِم فَيدْخل كل نَبِي مَعَ أمته أَو الْأَنْبِيَاء كلهم يدْخلُونَ الْجنَّة قبل أممهم أجَاب رَضِي الله عَنهُ نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يدْخل الْجنَّة قبل الْجَمِيع وَالظَّاهِر أَن كل الْأَنْبِيَاء يدْخلُونَ قبل الْأُمَم كلهَا 31 - مَسْأَلَة عِيسَى بن مَرْيَم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعَلى نَبينَا والنبيين وآلهم الحديث: 30 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 @ وَسلم رأى رجلا يسرق فَقَالَ أسرقت قَالَ كلا وَالَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ قَالَ آمَنت بِاللَّه وكذبت عَيْني وَحَدِيث آخر أَن بعض النَّاس أذْنب ذَنبا فَسئلَ عَنهُ فَقَالَ وَالله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ مَا فعلته أَو كَمَا قَالَ فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غفر الله لَك ذَنْبك بصدقك فِي قَوْلك لَا إِلَه إِلَّا الله أجَاب رَضِي الله عَنهُ كَأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما وجد السَّارِق ربه تَعَالَى غمرته الهيبة وَالْعَظَمَة حَتَّى أنسته مَا استيقنه حَاله الابصار وَبَقِي فِي صُورَة من يرى الشَّيْء من بعد وَلَا يتحققه فَإِذا نوزع فِيهِ كذب رُؤْيَته وَأما الحَدِيث الآخر فَفِيهِ إِشَارَة إِلَى أَن حَسَنَة الصدْق فِي التَّوْحِيد كفرت الْمعْصِيَة وَالله أعلم 32 - مَسْأَلَة الْخَبَر الَّذِي لَا يتَطَرَّق إِلَيْهِ النّسخ وَالْخَبَر الَّذِي يدْخلهُ الْأَمر فيتطرق إِلَيْهِ النّسخ مَا هُوَ وَمَا من فرق بَين الْخَبَرَيْنِ أجَاب رَضِي الله عَنهُ من أَمْثِلَة الْخَبَر الَّذِي لَا يدْخلهُ النّسخ قَوْله تَعَالَى {إِن الْأَبْرَار لفي نعيم وَإِن الْفجار لفي جحيم} وَمن أَمْثِلَة الْخَبَر الْمُشْتَمل على قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم توضئوا مِمَّا مست النَّار الحديث: 32 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 @ وَمن أَمْثِلَة مَا لَا يدْخلهُ النّسخ من الْخَبَر فِي أَخْبَار رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَوْله شَفَاعَتِي لأهل الْكَبَائِر من أمتِي وَالْفرق أَن مَا فِيهِ الْأَمر تَكْلِيف فَلَا مُمْتَنع إِسْقَاطه بالنسخ بِخِلَاف الْخَبَر الْمَحْض فَإِن النّسخ فِيهِ الْحلف وَكَون ذَلِك وَقع كذبا وَالله أعلم 33 - مَسْأَلَة فِي الْفَقِير الصابر والغني الشاكر أَيهمَا أعلا بينوا ذَلِك ليحصل مَعْرفَتهَا وَالَّذِي لَا يجب عَلَيْهِ التكسب بِبَيَان دَلِيله وَمَا هُوَ عَلَيْهِ أجَاب رَضِي الله عَنهُ هَذَا بَاب وَاسع وَمِمَّا يحْتَج بِهِ من فضل الْفَقِير الصابر وإياه لخيار حَدِيث دُخُول الْفُقَرَاء الْجنَّة قبل الْأَغْنِيَاء بِخمْس مائَة عَام وَمِمَّا يحْتَج بِهِ من فضل الْغَنِيّ الشاكر قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذَلِك فضل الله يؤتيه من يَشَاء فِي حَدِيث الذّكر الَّذِي علمه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْفُقَرَاء فَلَمَّا بلغ ذَلِك الْأَغْنِيَاء شاركوهم فِيهِ وَمن قَالَ لَا يجب عَلَيْهِ التكسب فدليله أَنه الْآن غير وَاجِد وَلَيْسَ عَلَيْهِ وَاجِب من ذَلِك فَلَا يجب عَلَيْهِ التَّحْصِيل لتجب عَلَيْهِ النَّفَقَة كَمَا لَا يجب عَلَيْهِ تَحْصِيل المَال لتجب عَلَيْهِ الزَّكَاة وَالله أعلم 34 - مَسْأَلَة هَل ورد عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على كل قدم نَبِي من الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام ولي من أَوْلِيَاء الله تَعَالَى وَسَمعنَا أَن القطب على قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَسَمعنَا أَن فِي الأَرْض سَبْعَة أوتاد وابدال ونجباء ونقباء كلما مَاتَ رجل أَقَامَ الله عز وَجل عوضه رجلا وَلَا تزَال الوراثة دائمة فِي علم الْبَاطِن وَفِي علم الظَّاهِر إِلَى قيام السَّاعَة الْأَمر على مَا ذكر أم لَا الحديث: 33 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 @ أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يثبت هَذَا الحَدِيث وَأما الأبدال فأقوى مَا روينَاهُ فيهم قَول عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه بِالشَّام يكون الأبدال وَأَيْضًا فإثباتهم كالمجمع عَلَيْهِ بَين عُلَمَاء الْمُسلمين وصلحائهم وَأما الْأَوْتَاد والنخباء والنقباء فقد ذكرهم بعض مَشَايِخ الطَّرِيقَة وَلَا يثبت ذَلِك وَلَا تزَال طَائِفَة من الْأمة ظَاهِرَة على الْحق إِلَى أَن تقوم السَّاعَة وهم الْعلمَاء 35 - مَسْأَلَة هَل ورد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي عُلَمَاء الْبَاطِن الَّذين أقامهم الله تَعَالَى لتربية أَرْبَاب الْأَحْوَال والمقامات الشَّرِيفَة ويوصلوا المريد إِلَى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بقوتهم الَّتِي أَعْطَاهُم الله وبدعوتهم المجابة كالجنيد وَأَمْثَاله من أَئِمَّة الطَّرِيق المكاشفين الَّذين لَهُم الحديث: 35 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 @ الْكَشْف المصون الْمُوَافق للشريعة المطهرة هَل يجب عَلَيْهِم أَن يشهروا أنفسهم بذلك ويتصدوا بالقعود لِلْخلقِ كَمَا يجب على عُلَمَاء الشَّرِيعَة التصدي وَالْقعُود لِلْخلقِ لفوائد الْمُسلمين أَجْمَعِينَ مِنْهُم أم لَا وَالْخضر عَلَيْهِ السَّلَام هَل ورد أَنه حَيّ إِلَى الْوَقْت الْمَعْلُوم وَهل هُوَ نَبِي أَو ولي أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يجب عَلَيْهِم ذَلِك وَلَا يحْتَمل حَالهم وَحَال الْخلق ذَلِك وَفِي الشَّرِيعَة كِفَايَة فِيمَا يرجع إِلَى إرشاد الْخلق وَأما الْخضر عَلَيْهِ السَّلَام فَهُوَ من الْأَحْيَاء عِنْد جَمَاهِير الْخَاصَّة من الْعلمَاء وَالصَّالِحِينَ والعامة مَعَهم فِي ذَلِك وَإِنَّمَا شَذَّ بإنكار ذَلِك بعض الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 @ أهل الحَدِيث وَهُوَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعَلى نَبينَا والنبيين وآلهم وَسلم نَبِي وَاخْتلفُوا فِي كَونه مُرْسلا وَالله أعلم 36 - مَسْأَلَة فِي الْأُبُوَّة هَل يجوز أَن يُطلق فِي الْكتاب الْعَزِيز والْحَدِيث الصَّحِيح على الْأَب من غير صلب وايش الْفرق بَين آدم أبي الْبشر وَبَين ابراهيم الْخَلِيل صلى الله على نَبينَا وَعَلِيهِ وعَلى النَّبِيين وَالْكل وَسلم أَب فآدم أَبُو الْبشر وَإِبْرَاهِيم أَبُو الْإِيمَان أَو لِمَعْنى آخر ونرى مَشَايِخ الطَّرِيق يسموهم آبَاء المريدين فَيجب بَيَان هَذَا من الْكتاب الْعَزِيز والْحَدِيث الصَّحِيح وَأيهمَا أعلا الْأَب أَو الْأَخ أَو الصاحب نرى الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم كَانَ إخْوَة الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من حَيْثُ الْإِسْلَام وَالْإِيمَان ونراهم خصوا باسم الصاحب بَين لنا هَذَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ الله تبَارك وَتَعَالَى قَالُوا نعْبد إلهك وإله آباءك إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل وَإِسْمَاعِيل من أَعْمَامه لَا من آبَائِهِ وَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {وَرفع أَبَوَيْهِ على الْعَرْش} وَأمه كَانَ قد تقدم وفاتها قَالُوا وَالْمرَاد خَالَته فَفِي هَذِه اسْتِعْمَال الْأَبَوَيْنِ من غير ولادَة حَقِيقِيَّة وَهُوَ مجَاز صَحِيح فِي اللِّسَان الْعَرَبِيّ واجراء ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والعالم وَالشَّيْخ وَالْمرَاد سَائِغ من حَيْثُ اللُّغَة وَالْمعْنَى وَأما من حَيْثُ الشَّرْع فقد قَالَ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَا الحديث: 36 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 @ كَانَ مُحَمَّد أَبَا أحد من رجالكم وَفِي الحَدِيث الثَّابِت عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا أَنا لكم بِمَنْزِلَة الْوَالِد أعلمكُم فَذهب لهَذَا بعض عُلَمَائِنَا إِلَى أَنه لَا يُقَال فِيهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه أَب الْمُؤمنِينَ وَإِن كَانَ يُقَال فِي أَزوَاجه أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ وحجته مَا ذكرت فعلى هَذَا يُقَال هُوَ مثل الْأَب أَو كَالْأَبِ أَو بِمَنْزِلَة أَبينَا وَلَا يُقَال هُوَ أَبونَا أَو والدنا وَمن عُلَمَائِنَا من جوز وَأطلق هَذَا أَيْضا وَفِي ذَلِك للمحقق مجَال بحث يطول والأحوط التورع والتحرز عَن ذَلِك وَأما الْأَخ والصاحب وكل وَاحِد مِنْهُمَا أخص من الآخر وأعم فأخ لَيْسَ بِصَاحِب وَصَاحب لَيْسَ بِأَخ فاذا قابلت بَينهمَا فالأخوة أعلا وَأما فِي حق الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم فَإِنَّمَا اختير لَهُم لفظ الصُّحْبَة لِأَنَّهَا خصيصة لَهُم وإخوة الْإِسْلَام شَامِلَة لَهُم ولغيرهم أَيْضا فَلفظ الصَّحَابَة يشْعر بالأمرين أخوة الدّين والصحبة لِأَنَّهُ لَا يُطلق ذَلِك فِي الْعرف على الْكَافِر وَإِن صَاحبه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُدَّة وَالله أعلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 - مَسْأَلَة شخص قَالَ من سبّ الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم لَا يغْفر لَهُ وَإِن تَابَ وَاحْتج بِالْحَدِيثِ الَّذِي رُوِيَ سبّ صَحَابَتِي ذَنْب لَا يغْفر وَقَالَ قَالَ لي الشَّيْخ عِنْدِي لَا يَتُوب الله عَلَيْهِ فَقيل لَهُ إِن تَابَ تَابَ الله عَلَيْهِ فَقَالَ لَا يَتُوب الله عَلَيْهِ فَهَل يَتُوب الله عَلَيْهِ أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ أَخطَأ هَذَا الْقَائِل فِي قَوْله وَفِي احتجاجه خطأ فَاحش أما خَطؤُهُ فِي قَوْله فَإِنَّهُ نفى مغْفرَة الله تَعَالَى لهَذَا المذنب من غير تَوْبَة وَمَعَ التَّوْبَة وَهُوَ مخطىء مُبْتَدع فَأَخْطَأَ وابتدع فِي الْمَوْضِعَيْنِ أما اذا لم يتب فَلِأَن السَّبَب ذَنْب دون الشّرك وكل ذَنْب دون الشّرك فَيجوز أَن يغْفر الله تَعَالَى لفَاعِله وَإِن لم يتب أما مِنْهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ابْتِدَاء أَو بشفاعة الشافعين أَو بِأَن يرْزق حظا من الْحَسَنَات اللَّاتِي يذْهبن السيآت شهد بذلك دَلِيل النُّصُوص وَغَيرهَا وَمن قَالَ فِي شَيْء من الذُّنُوب الَّتِي هِيَ دون الشّرك إِن الله تَعَالَى لَا يغْفر لفَاعِله فقد تَأَول على الله تَعَالَى بذلك وَتعرض لعقابه وَأما إِذا تَابَ فَلِأَنَّهُ لَيْسَ شَيْء من الذُّنُوب لَا تَوْبَة مِنْهُ وَلَيْسَ هَذَا بأعظم من الشّرك ثمَّ لَا يُقَال الشّرك لَا تَوْبَة مِنْهُ فَإِن إِسْلَام الْكَافِر حَاصِلَة التَّوْبَة من الشّرك وأجمعت الْأمة على أَن الله لم يَجْعَل فِيمَا خلق ذَنبا لَا تَوْبَة مِنْهُ أصلا ونصوص الْكتاب وَالسّنة متظاهرة على ذَلِك غير أَنه يَنْبَغِي أَن يعلم أَن التَّوْبَة من ذَنْب السب لَا يَكْفِي فِيهَا تَوْبَة الساب فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى فَإِن سبّ الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم ظلم لَهُم وَالتَّوْبَة من مظالم الْعباد طريقها إِلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 @ الْبَرَاءَة اليهم بإجلالهم أَو غَيره وَذَلِكَ مُتَعَذر فِيمَن مَاتَ وَمَعَ ذَلِك فطريق الْخَلَاص غير مُتَعَذر على التائب من سبّ الصَّحَابَة من وُجُوه أَحدهَا الاسْتِغْفَار لَهُم وَالدُّعَاء لم بِالرَّحْمَةِ والرضوان وَلَا سِيمَا فِي أعقاب الصَّلَوَات الثَّانِي أَن يكثر من الْأَعْمَال الصَّالِحَة حَتَّى تقع بعض حَسَنَاته عوضا عَن هَذِه الْمظْلمَة ويفضل لَهُ مَا يسْعد بِهِ إِن شَاءَ الله تَعَالَى الثَّالِث أَن يلجأ الى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي أَن يضمن عَنهُ تبعاته ويرضى عَنهُ من فَضله من ظلمه بالسب وَغَيره فَهُوَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى جدير بإجابة دُعَائِهِ وَهَذِه الْوُجُوه لَهَا أصُول مِنْهَا حَدِيث حُذَيْفَة أَنه شكى إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذرب لِسَانه على أَهله فَقَالَ أَيْن أَنْت عَن الاسْتِغْفَار أخرجه النَّسَائِيّ وَغَيره وَحَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ الْمخْرج فِي الصَّحِيح فِي الشَّخْص الَّذِي قتل مائَة نفس ثمَّ تَابَ وعاجله الْمَوْت بَين القريتين فليتب هَذَا التائب نفسا فَإِن الرَّحْمَة وَاسِعَة فقد جعل الاسْتِغْفَار وَالتَّوْبَة من هذَيْن الْحَدِيثين مخلصا من مظالم الْعباد وَهُوَ خَارج على أحد الْوُجُوه الْمَذْكُورَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 @ وَأما خطأ هَذَا الرجل فِي حجَّته فَفِي موضِعين أَيْضا أَحدهمَا أَن الحَدِيث الَّذِي ذكره من أَحَادِيث الْعَوام الَّتِي لَا أصل لَهَا يعرف وَالثَّانِي أَنه احْتج بالشيخ عِنْدِي وَهَذَا من الْعَجَائِب عِنْد أهل الْمعرفَة فَإِنَّهُ لَا يخفى على مُسلم إِنَّه لَا حجَّة فِي دين الله عز وَجل إِلَّا فِيمَا جَاءَ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى معرفَة مَا جَاءَ عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا بِنَقْل الثِّقَات من أهل الْعلم وَالْأَخْذ عَنْهُم فَمن لم يكن من أهل ذَلِك كَانَ جَاهِلا وَإِن كَانَ زاهدا فان الزّهْد لَا يَجعله نَبيا يُوحى اليه والقلوب لَا يتعرف مِنْهَا أَحْكَام الدّين وَشَرَائِع الْإِسْلَام وَمن انتسب إِلَى الْعلم الَّذِي زعم أَنه يطلعه على الصَّوَاب ويمنعه من الْخَطَأ سألناه عَن شَيْء من أَحْكَام الْقُرْآن الْمَعْلُومَة وَالسّنَن الصَّحِيحَة وأظهرنا بِهَذَا إخلاله فانه لَو كَانَ كَمَا زعم لم يجهل ذَلِك وَإِذا جعل ذَلِك فَهُوَ لغيره أَجْهَل فليتق الله ربه هَذَا الْقَائِل وَلَا يُقَلّد دينه من لَا علم لَهُ وليستغفر الله مِمَّا جرى مِنْهُ غفر الله لنا وَله وَلِجَمِيعِ الْمُسلمين 38 - مَسْأَلَة رجل اغتاب رجلا مُسلما وَجَاء إِلَيْهِ وَقَالَ اغتبتك وَقلت عَنْك كَذَا وَكَذَا اجْعَلنِي فِي حل فَمَا فعل بجعله فِي حل هَل هُوَ مخطىء بِكَوْنِهِ لم يَجعله فِي حل وَهَذَا الَّذِي اغتابه بَقِي عَلَيْهِ تبعة أم لَا وَهل يجوز للانسان أَن يسبح بسبحة خيطها حَرِير وَالْخَيْط تخين وَهل يجوز الدروزة للْفُقَرَاء على أوجه الإنكسار أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَيْسَ عَلَيْهِ أَن يَجعله فِي حل وَلَكِن حرم الحديث: 38 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 @ نَفسه فَائِدَة الْعَفو ومثوبة إسعاف السَّائِل والتبعة بَاقِيَة على المغتاب وَيَنْبَغِي أَن يكثر من أَن يَقُول اللَّهُمَّ اغْفِر لي وَلمن اغْتَبْته وَلمن ظلمته وَقد رُوِيَ فِي حَدِيث لَا أعلمهُ يُقَوي إِسْنَاده كَفَّارَة الْغَيْبَة إِن تستغفر لمن أغتبته وَإِن لم يثبت فَلهُ أصل وَلَا يحرم مَا ذكره فِي السبحة الْمَذْكُورَة وَالْأولَى إِبْدَاله بخيط آخر والدروزة جَائِزَة إِن سلمت من التذلل فِي السُّؤَال أَو من الإلحاح فِي السُّؤَال وَمن أَن المسؤل وَكَانَ المسؤل لَهُ فَمن يحل لَهُ السُّؤَال لعَجزه عَن الْكسْب وَلَا مَال لَهُ فَإِذا كَانَ سُؤَاله سليما عَن الْخلَل وَمن يسْأَل لَهُ أهل يحل لَهُ الْمَسْأَلَة فَذَلِك حسن وَالله أعلم 39 - مَسْأَلَة فِيمَن اغتاب هَل الاسْتِغْفَار كَفَّارَة للغيبة والْحَدِيث عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَفَّارَة الْغَيْبَة أَن تستغفر لمن أغتبته مَعَ أَن الحَدِيث غير ثَابت وان كَانَ إِسْنَاده قَوِيا لَهُ أصل فِي الْكتاب الْعَزِيز وَفِي الحَدِيث الصَّحِيح أم لَا وَهل يجوز إِذا كَانُوا جمَاعَة قد اجْتَمعُوا على الْخَيْر وَبينهمْ أَخ من الأخوان وَطَرِيقه طَرِيق دبره يجْتَمع بِبَعْض الأخوان وَيَقُول قد وجهني اليك فلَان وَيَقُول حَدثنِي بِمَا عنْدك وَمرَاده بِهَذَا أَنه يبصر مَا عِنْده وَمَا يكون ذَلِك وَجهه إِلَّا كذب من عِنْده وَيَجِيء إِلَى الْمَشَايِخ يمتحنهم وَيدخل عَلَيْهِم بِالْكَذِبِ وَيَقُول أَنْت شَيْخي وَيَقُول للْآخر أَنْت شَيْخي وَيخرج من عِنْدهم ويغتابهم ويؤذيهم بِلِسَانِهِ فَهَل يجوز أَن يحذر النَّاس الْمَشَايِخ والأخوان من هَذَا الرجل الحديث: 39 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 @ أجَاب رَضِي الله عَنهُ الاسْتِغْفَار لمن اغْتَبْته كَفَّارَة ذَلِك والْحَدِيث وَإِن لم يعرف إِسْنَاد يُثبتهُ فَمَعْنَاه يثبت بِالْكتاب وَالسّنة الْمُعْتَمدَة أما الْكتاب فَقَوله تَعَالَى إِن الْحَسَنَات يذْهبن السَّيِّئَات وَإِن كَانَ هَذَا نزل فِي الصَّلَوَات فَهُوَ عَام فالعام لَا يخْتَص بِالسَّبَبِ وَقد بَين ذَلِك قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِمعَاذ رَضِي الله عَنهُ أتبع السَّيئَة الْحَسَنَة تمحها وَأما السّنة فَمِنْهَا هَذَا وَمِنْهَا حَدِيث حُذَيْفَة أَنه شكا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذرب لِسَانه على أَهله فَقَالَ أَيْن أَنْت من الاسْتِغْفَار وذرب اللِّسَان على الْغَيْر أَخُو الْغَيْبَة فَإِن كَلَام جنايات اللِّسَان على الْغَيْر وَأما التحذير من الرجل الْمَوْصُوف فَحسن بِشَرْط أَن يكون الْمَقْصُود نصيحة الْمَحْذُور وَمَا هُوَ من الْأَغْرَاض الدِّينِيَّة الصَّحِيحَة من غير أَن يشوبه غير ذَلِك مثل أَن يقْصد التفكه بغرضه أَو التشفي مِنْهُ وَنَحْو هَذَا وَالله أعلم 40 - مَسْأَلَة هَل يجوز للانسان أَن يقْرَأ الْقُرْآن ويهديه لوَالِديهِ ولأقاربه خَاصَّة ولأموات الْمُسلمين عَامَّة وَهل تجوز الْقِرَاءَة من الْقرب والبعد على الْقَبْر خَاصَّة وَهل يجوز للشَّخْص أَن يسمع كَلَام الْمَظْلُوم عِنْد الظَّالِم وَهُوَ أَن يَقُول لصديقه أَو لِأَخِيهِ يَا أخي ظَلَمَنِي وَأخذ من عرضي وَشَتَمَنِي ذَلِك الْفَاعِل الصَّانِع وَتكلم فِي حَقه بِمَا لَا يحل فَهَل يجوز لَهُ سَمَاعه أم لَا الحديث: 40 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 @ أجَاب رَضِي الله عَنهُ أما قِرَاءَة الْقُرْآن فَفِيهِ خلاف بَين الْفُقَهَاء وَالَّذِي عَلَيْهِ عمل أَكثر النَّاس تَجْوِيز ذَلِك وَيَنْبَغِي أَن يَقُول إِذا أَرَادَ ذَلِك اللَّهُمَّ أوصل ثَوَاب مَا قرأته لفُلَان وَلمن يُرِيد فَيَجْعَلهُ دُعَاء وَلَا يخْتَلف فِي ذَلِك الْقَرِيب والبعيد وَأما سَماع كَلَام الْمَظْلُوم فِي ظالمه فَهُوَ قرع على كَلَام الْمَظْلُوم فَمَا جَازَ للمظلوم أَن يَقُوله فَجَائِز لغيره سَمَاعه وَمَا لَا فَلَا يجوز الإصغاء إِلَيْهِ ثمَّ الَّذِي هُوَ جَائِز للمظلوم مَا تَدعُوهُ حَاجته اليه على وَجه الشكاية أَو على وَجه الايضاح لكَونه قد ظلمه أَو على وَجه آخر من الِاحْتِجَاج لنَفسِهِ عَلَيْهِ مثل قَول أحد المتخاصمين عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما جعل الْيَمين على خَصمه يَا رَسُول الله إِنَّه فَاجر لَا يتورع عَن شَيْء وَالله أعلم 41 - مَسْأَلَة قَول لَا إِلَه إِلَّا الله فِي رفع الوسوسة نَافِع هَل على ذَلِك دَلِيل أجَاب رَضِي الله عَنهُ قَول لَا إِلَه إِلَّا الله لَهُ أثر فِي تنوير الْقلب وَلذَلِك اخْتَارَهُ جمَاعَة من الْمَشَايِخ لأهل الْخلْوَة وَقد علم أَن الشَّيْطَان الوسواس الخناس إِذا ذكر العَبْد الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يخنس أَي يتَأَخَّر وَيبعد وَلَا إِلَه إِلَّا الله فِي أول دَرَجَات الذّكر فَإِنَّهُ التَّوْحِيد الناصع الباهر وَالله أعلم 42 - مَسْأَلَة رجل يمدح فتفرح نَفسه ويذم فتتألم الحديث: 41 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 @ نَفسه وَرجل إِذا مدح بِمَا فِيهِ يكره ذَلِك فَهَل هَذَا الْفَرح من النَّفس مَقْبُول فِي الشَّرْع أَو مَذْمُوم والتقبل لَهُ وَالَّذِي يكره الْمَدْح فِي نَفسه لَا يحب ان يمدح فَهَل هَذَا مُوَافق للشَّرْع أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ هَذَا كُله يخْتَلف باخْتلَاف مُسْتَنده فِي السرُور وَالْكَرَاهَة فَإِذا سر بالمدح لما دلّ عَلَيْهِ من إنعام الله تَعَالَى عَلَيْهِ بالستر وَالْقَبُول مَعَ عدم الاعجاب وَغَيره من الْأَخْلَاق المذمومة فَلَا بَأْس وَكَذَلِكَ إِذا تأذى بالذم كَمَا يتَأَذَّى بِغَيْرِهِ من أَنْوَاع الْبلَاء مَعَ سَلَامَته من السخط وَنَحْوه فَلَا بَأْس وَإِذا كره الْمَدْح تخوفا من الْفِتْنَة وَالْعجب وَنَحْو ذَلِك فَلَا بَأْس وَالله أعلم 43 - مَسْأَلَة فِي تحميل المنن بِأَيّ شَيْء يَزُول مَعَ كَون الانسان فَقِيرا مَا لَهُ شَيْء فَإِذا جَاءَهُ شَيْء من النَّاس كَيفَ الطريف فِيهِ أَن يَأْخُذهُ وَلَا يكون عَلَيْهِ مِنْهُ من أعطَاهُ وَكم يجب على الْفَقِير الْمُعسر المتزوج فِي السّنة من النَّفَقَة وَالْكِسْوَة وَعند موت الْمُسلم الْمُؤمن يرى ربه عِنْد الْمَوْت وَإِذا رَآهُ عرفه فِي الدَّار الْآخِرَة بِتِلْكَ الرُّؤْيَة الأولة أَو بطرِيق أُخْرَى بَين لنا هَذَا بِدَلِيل من الْكتاب وَالسّنة والاجماع وَهل يجوز أَن يُعْطي الله تَعَالَى لوَلِيّ من أوليائه أَن يعرف أَنه من أهل الْجنَّة بإلهام يلهمه الله تَعَالَى إِيَّاه ويخبر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو بطرِيق آخر بَين لنا الطَّرِيق وأوضح لنا دلَالَة لَا شكّ فِيهَا وَلَا ريب والإلهام الَّذِي هُوَ من الله سُبْحَانَهُ عرفنَا ماهيته فِي الانسان كَيفَ هُوَ حَتَّى يعرف الحديث: 43 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 @ أجَاب رَضِي الله عَنهُ يتفقد حَال الْمُعْطى فَإِذا وجده مُطيعًا لله تَعَالَى فَأَخذه من الله تَعَالَى لَا مِنْهُ فِيهِ وعده مُجَرّد سَبَب وحقق النّظر إِلَى الْمُسَبّب ذهبت الْمِنَّة وطاحت ان شَاءَ الله تَعَالَى وعَلى الْمُعسر من النَّفَقَة كل يَوْم مد من الْقَمْح هَا هُنَا وَهُوَ ثَلَاثَة أَوَاقٍ وَنصف بِهَذَا الرطل وَعَلِيهِ مُؤنَة الْحجر وَالْخبْز وَإِن تَرَاضيا على أَخذ الْخبز لَا على وَجه الْمُفَاوضَة جَازَ وَيجب لَهَا من الْأدم قدر مَا يصلح هَذَا الْقدر من الطَّعَام وَذَلِكَ من إدام الْبَلَد وَيجب لَهَا آلَة الشطيف من مشط وَنَحْوه وَيجب لَهَا من الْكسْوَة فِي السّنة مرَّتَيْنِ من غليظ الْقطن أَو الْكَتَّان وَذَلِكَ قَمِيص وَسَرَاويل ومقنعة ويزداد فِي الشتَاء جُبَّة وَيجب لَهَا مَا يجلس عَلَيْهِ وَمَا ينَام فِيهِ من الْمنَازل من جنس ذَلِك وَلها مداس فِي رجلهَا ومنم أثاث الْبَيْت وَنَحْو ذَلِك على قِيَاسه وَالله أعلم وَأما رُؤْيَة الْمُؤمن ربه تَعَالَى بعد مَوته فمخالف لرُؤْيَته لَهُ تبَارك وَتَعَالَى فِي الْآخِرَة فان تِلْكَ رُؤْيَة الْبَصَر من الْعين الجسدانية بِخِلَاف هَذِه الَّتِي هِيَ إِدْرَاك من الرّوح فَحسب وَالْعلم عِنْد الله تَعَالَى وَيجوز أَن يعرف الْمُؤمن كَونه من أهل الْجنَّة بِخَبَر من الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَمَا فِي النَّفر الَّذِي شهد لَهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْجنَّةِ وهم الْعشْرَة وَأهل بدر وَعَائِشَة وثابت بن قيس بن شماس وَخَدِيجَة فِي سادة آخَرين وَأما بِغَيْر ذَلِك فكلا وَإِنَّمَا يَرْجُو رَجَاء مصحوبا بخوف وَقد اخْتلفُوا فِي أَن الْوَلِيّ هَل يجوز أَن يعرف كَونه وليا فَمنهمْ من قَالَ يجوز ذَلِك لَكِن قَالَ لَيْسَ من شَرط الْولَايَة سَلامَة الْعَاقِبَة فاذا لَا يلْزم على هَذَا من مَعْرفَته لكَونه وليا مَعْرفَته لكَونه من أهل الْجنَّة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 @ وَأما الإلهام فَهُوَ خاطر حق من الْحق تَعَالَى فَمن علامته أَن ينشرح لَهُ الصَّدْر وَلَا يُعَارضهُ معَارض من خاطر آخر وَالله أعلم 44 - مَسْأَلَة سَأَلَ سَائل فِي كَلَام الصُّوفِيَّة فِي الْقُرْآن كالجنيد وَغَيره وَكَانَ السَّائِل عَن هَذَا يُنكر مَا سمع من ذَلِك وَكَانَ يُجَالس شَيخا من الْمُفْتِينَ فَجرى ذَلِك فِي مَجْلِسه بابتدأ الشَّيْخ وَقَالَ كالمستحسن لكَلَام الصُّوفِيَّة وَقَالَ أَيْضا هم لَا يُرِيدُونَ بِهِ تَفْسِير الْقُرْآن وَإِنَّمَا هِيَ مَعَاني يجدونها عِنْد التِّلَاوَة وَقَالَ أَيْضا يَقُولُونَ {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا قَاتلُوا الَّذين يلونكم من الْكفَّار} قَالُوا هِيَ النَّفس وَكَانَ الشَّيْخ الْمُفْتِي يشْرَح ذَلِك وَيَقُول أمرنَا بِقِتَال من يلينا لأَنهم أقرب شرا إِلَيْنَا وَأقرب شرا إِلَى الانسان نَفسه وَقَالَ الشَّيْخ أَيْضا يَقُولُونَ {إِنَّا أرسلنَا نوحًا إِلَى قومه} يَقُول نوح الْعقل وَالْغَرَض أَنهم يلقِي الله عِنْدهم فِي كَلَامه مَا يَنْتَفِعُونَ بِهِ وَهَذَا قد صدر عَن أكابرهم والجم الْغَفِير وَأَنْتُم بذلك أعلم والسائل لهَذَا لَيْسَ بجاهل وَلَيْسَ غَرَضه إِلَّا الاعتضاد بِمَا يسمع من الشَّيْخ تَقِيّ الدّين رَضِي الله عَنهُ وَاحِد لَا يجهل أَن قَوْله تَعَالَى قَاتلُوا الَّذين يلونكم من الْكفَّار لَيْسَ المُرَاد بِهِ النَّفس وَإِن المُرَاد ظَاهر وَمن قَالَ غير ذَاك فَهُوَ مخطىء أجَاب رَضِي الله عَنهُ وجدت عَن الإِمَام أبي الْحسن الحديث: 44 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 @ الواحدي الْمُفَسّر رَحمَه الله أَنه قَالَ صنف أَبُو عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ حقائق التَّفْسِير فَإِن كَانَ قد اعْتقد أَن ذَلِك تَفْسِير فقد كفر وَأَنا أَقُول الظَّن بِمن يوثق بِهِ مِنْهُم أَنه اذا قَالَ شَيْئا من أَمْثَال ذَلِك أَنه لم يذكر تَفْسِيرا وَلَا ذهب بِهِ مَذْهَب الشَّرْح للكلمة الْمَذْكُورَة فِي الْقُرْآن الْعَظِيم فَإِنَّهُ لَو كَانَ كَذَلِك كَانُوا قد سلكوا مسالك الباطنية وَإِنَّمَا ذَلِك ذكر مِنْهُم لنظير مَا ورد بِهِ الْقُرْآن فان النظير يذكر بالنظير فَمن ذكر قتال النَّفس فِي الْآيَة الْمَذْكُورَة فَكَأَنَّهُ قَالَ أمرنَا بِقِتَال النَّفس وَمن يلينا من الْكفَّار وَمَعَ ذَلِك فيا ليتهم لم يتساهلوا بِمثل ذَلِك لما فِيهِ من الْإِيهَام والإلتباس وَالله أعلم 45 - مَسْأَلَة رجل طلب الْعلم وَهَاجَر اليه من وَطنه فَسمع دَاعيا الى الزّهْد فِي الدُّنْيَا وَله نفس جموح وَخَافَ أَن لَا ينجو من آفَات الدُّنْيَا مَعَ النَّفس الأمارة بالسوء فَمَا الْحِيلَة فِي نجاته وَبِمَ يكون علاج النَّفس الجموح وماذا يقربهُ من الله الزّهْد أم الْعلم أَو السياحة أَو الْعُزْلَة أجَاب رَضِي الله عَنهُ سَبيله وَالله الْمُوفق الْهَادِي أَن يزهد فِي الدُّنْيَا وَلَكِن زهد الرَّاشِدين الْعَالمين لَا زهد الْجَاهِلين فيطلب الْعلم مخلصا لله تَعَالَى متقربا بِهِ إِلَيْهِ وَلَا يتْرك التَّسَبُّب الَّذِي يُغْنِيه عَن الْحَاجة إِلَى النَّاس وَلَا يعتزل النَّاس بل يُقيم بَينهم صَابِرًا عَلَيْهِم مصححا نِيَّته فِي ذَلِك فان هَذِه طَريقَة الحديث: 45 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 @ الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام وَالْخُلَفَاء وأئمة الْمُتَّقِينَ ويجاهد نَفسه بِالْعلمِ وآدابه وتسديده وتقويمه وَلَيْسَ الطَّرِيق إِلَى السَّلامَة من الْآفَات الْهَرَب من النَّاس وَلَا مُتَابعَة الْقَوْم الَّذين تظاهروا بالفقر والزهد غير ملتفتين إِلَى الشَّرِيعَة وآدابها معرضين عَن ذَلِك وَعَن مَا شرحناه معتمدين على خواطرهم مُتَمَسِّكِينَ برسوم لَا أصل لَهَا فِي الشَّرِيعَة معتضدين بأحوال لم يَأْتِ بهَا كتاب وَلَا سنة زاعمين أَنهم مَعَ الْحَقِيقَة وَلَيْسَ عَلَيْهِم الْوُقُوف مَعَ الشَّرِيعَة فَإِن هَذَا سَبِيل المغرورين المفتونين وَطَرِيق المضلين الدجالين والسالك لسبيلهم قارع بَاب الْإِلْحَاد وَهُوَ والج فِيهِ عَن قريب شهد بِمَا ذكرته أَعْلَام الْعُلُوم والمعارف وبراهينها وَالله أعلم 46 - مَسْأَلَة رجل قَالَ إِن الله لَا يسمع دُعَاء ملحونا قيل وَمَا الدُّعَاء الملحون قَالَ أَن يَدْعُو الانسان بِالْجَزْمِ وَيَقُول بِالرَّفْع قَالَ الآخر بل هُوَ أَن يَقُول الانسان يَا رب قصر عمر فلَان أَو قتر رزق فلَان أَو خُذْهُ فَهَذَا من جملَة الدُّعَاء الملحون أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَيْسَ مَا ذكره الثَّانِي من الدُّعَاء الملحون نعم هُوَ من الاعتداء فِي الدُّعَاء الَّذِي ورد النَّهْي عَنهُ اذا كَانَ قَصده بِالدُّعَاءِ على فلَان غير صَحِيح فان كَانَ صَحِيحا بِأَن كَانَ فِي قصر عمره صَلَاح للْمُسلمين لظلمه أَو نَحْو ذَلِك فَلَيْسَ اعتداء ثمَّ إِن الدُّعَاء الملحون مِمَّن لَا يَسْتَطِيع غير الملحون لَا يقْدَح فِي الدُّعَاء ويعذر فِيهِ وَالله أعلم الحديث: 46 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 - مَسْأَلَة قِرَاءَة الْقُرْآن بعد صَلَاة الصُّبْح أفضل أَو بعد صَلَاة الْمغرب أَي الْوَقْتَيْنِ أفضل أجَاب رَضِي الله عَنهُ فِي كل وَاحِد من الْوَقْتَيْنِ فضل وَفِي ادراك الْأَفْضَل عسر وَيظْهر أَنه بعد صَلَاة الصُّبْح أفضل لما يُرْجَى من أَن يلْحقهُ من بركَة عَاصِمَة لَهُ فِي نَهَاره الَّذِي هُوَ مَظَنَّة تَصَرُّفَاته وتقلباته وَالله أعلم 48 - مَسْأَلَة رجل لَهُ وَالِد وَالْوَالِد غير مفتقر إِلَيْهِ فِي الْقيام بأموره من إِنْفَاق عَلَيْهِ أَو مُبَاشرَة لخدمته بل لَا يُمكن وَلَده من ذَلِك فَأحب الْوَلَد الِانْقِطَاع إِلَى الله تَعَالَى والتفرغ لعبادته فِي قَرْيَة لعلمه أَن مقَامه فِي بَلَده لَا يسلم فِيهِ من المآثم لمخالطة النَّاس إِلَّا بمشاق يضعف عزمه عَن تجشمها ووالده يكره مُفَارقَته ويتألم لَهَا مَعَ أَن لَهُ أَوْلَادًا يأنس بهم غير هَذَا الْوَلَد فَهَل يحل لَهُ مُخَالفَة الْوَالِد والانتقال الى الْقرْيَة بنية طلب سَلامَة دينه والتفرغ لِلْعِبَادَةِ أم لَا يحل مُخَالفَته فِي ذَلِك وسيتبع هَذِه الْمَسْأَلَة ثَلَاث مسَائِل أحداها لَو كَانَ دينه فِي الْمقَام سالما لكنه فِي الِانْتِقَال أَكثر توفرا على الْعِبَادَة هَل الأولى الِانْتِقَال أَو الْمقَام مَعَ مُخَالفَة الْوَالِد الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة لَو كَانَ الِانْتِقَال لطلب الرَّاحَة والتنزه هَل لَهُ مُخَالفَته فِي ذَلِك أم لَا هَذَا كُله مَعَ تعهده لوَالِديهِ بالزيارة الحديث: 48 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 @ فِي الْمسَائِل الْمَذْكُورَة كلهَا وَالسُّؤَال فِي ذَلِك عَن تَعْرِيف الْمُبَاح وَالْأولَى مفصلا الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة تعرف حق العقوق مَا هُوَ أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يحل لَهُ ذَلِك وَمُخَالفَة الْوَالِد فِي ذَلِك مَعَ تألمه بهَا مُحرمَة وَعَلِيهِ الطواعية لَهُ فِي الْإِقَامَة وَالْحَالة هَذِه ثمَّ ليجاهد نَفسه فِي التصون مِمَّا يحرم دينه بِسَبَب مُخَالطَة النَّاس فَلَا يخالط من جَانب الطَّرِيق المحمودة وَلَا يُجَالس من من شَأْنه الْغَيْبَة وَليكن مَعَ النَّاس بَين المنقبض والمنبسط بلغنَا عَن الإِمَام الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ وأرضاه أَنه قَالَ الانقباض عَن النَّاس مكسبة للعداوة والانبساط مجلبة لقرناء السوء فَكُن بَين المنقبض والمنبسط وليصحح نِيَّته فِي مواتاه وَالِده وطاعته فَإِنَّهَا من أكبر أَسبَاب السَّعَادَة فِي الدَّاريْنِ وَثَبت فِي الحَدِيث الصَّحِيح أَن بر الْوَالِدين يقدم على الْجِهَاد فَكيف لَا يقدم على مَا ذكر هَذَا مَعَ أَن مَا يرجوه فِي الْقرْيَة يَنَالهُ فِي الْبَلدة بِحَضْرَة وَالِده إِن استمسك وَإِنَّمَا هَذَا خاطر فَاسد من عمل الشَّيْطَان وتسويله وَقد جَاءَ أَن أويسا الْقَرنِي فَوت صُحْبَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والمسير إِلَيْهِ من الْيمن بِسَبَب بره بِأُمِّهِ وَحمد على ذَلِك وَفِي هَذَا جَوَاب الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة وإيضاح لكَون الْمقَام أولى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 @ وَكَذَلِكَ الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة فَلَا يحل مُخَالفَته مَعَ تألمه بهَا بِسَبَب التَّنَزُّه أصلا وَأما أَن العقوق مَا هُوَ فَإنَّا قَائِلُونَ فِيهِ العقوق الْمحرم كل فعل يتَأَذَّى بِهِ الْوَالِد أَو نَحوه تأذيا لَيْسَ بالهين مَعَ كَونه لَيْسَ من الْأَفْعَال الْوَاجِبَة وَرُبمَا قيل طَاعَة الْوَالِدين وَاجِبَة فِي كل مَا لَيْسَ بِمَعْصِيَة وَمُخَالفَة أَمرهمَا فِي كل ذَلِك عقوق وَقد أوجب كثير من الْعلمَاء طاعتهما فِي الشُّبُهَات وَلَيْسَ قَول من قَالَ من عُلَمَائِنَا يجوز لَهُ السّفر فِي طلب الْعلم وَفِي التِّجَارَة بِغَيْر اذنهما مُخَالف لما ذكرت فَإِن هَذَا كَلَام مُطلق وَفِيمَا ذكرته بَيَان لتقييد ذَلِك الْمُطلق وَالله أعلم 49 - مَسْأَلَة رجل تصدق بِصَدقَة التَّطَوُّع على صلحاء الْأمة وَسبق إِلَى الْأَخْذ الْآخِذ من الله لَا من معطي الصَّدَقَة فَأَيّهمَا أفضل يَد الْمُعْطِي أَو يَد الْآخِذ أجَاب رَضِي الله عَنهُ الْمُعْطِي عَطاء بعده من الله خير من الْآخِذ أحذا يعده من الله وَإِن غفل عَن الْمُسَبّب ولحظ السَّبَب فِي الْجَانِبَيْنِ فالمعطي أَيْضا أفضل وان وجد شُهُود جَانب المسسبب فِي أحد الْجَانِبَيْنِ دون الآخر وَالْأَفْضَل هُوَ الَّذِي وجد فِيهِ ذَلِك وَالله أعلم الحديث: 49 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 @ الْقسم الثَّالِث يتَعَلَّق بالعقائد وَالْأُصُول فَمن ذَلِك 50 - مَسْأَلَة إِمَام الْحَرَمَيْنِ وَالْإِمَام الْغَزالِيّ وَالْإِمَام أَبُو اسحق رَضِي الله عَنْهُم هَل بلغ أحد هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّة الْمَذْكُورين دَرَجَة الِاجْتِهَاد فِي الْمَذْهَب على الْإِطْلَاق أم لَا وَمَا حَقِيقَة الِاجْتِهَاد على الاطلاق وَمَا حَقِيقَة الإجتهاد فِي الْمَذْهَب وَهل بلغ أحد مِنْهُم رُتْبَة الِاجْتِهَاد على الْإِطْلَاق أجَاب رَضِي الله عَنهُ لم يكن لَهُم الِاجْتِهَاد الْمُطلق وبلغوا الِاجْتِهَاد الْمُقَيد فِي مَذْهَب الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ ودرجة الِاجْتِهَاد الْمُطلق يحصل بتمكنه من تعرف الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة من أدلتها اسْتِدْلَالا من غير تَقْلِيد وَالِاجْتِهَاد الْمُقَيد دَرَجَته تحصل بالتبحر فِي مَذْهَب إِمَام من الْأَئِمَّة بِحَيْثُ يتَمَكَّن من إِلْحَاق مَا لم ينص عَلَيْهِ ذَلِك الإِمَام بِمَا نَص عَلَيْهِ مُعْتَبرا قَوَاعِد مذْهبه وأصوله 51 - مَسْأَلَة كتاب من كتب أصُول الْفِقْه لَيْسَ فِيهِ شَيْء من علم الحديث: 50 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 @ الْكَلَام وَلَا الْمنطق وَلَا يتَعَلَّق بِغَيْر أصُول الْفِقْه فَهَل يحرم الِاشْتِغَال بِهِ أَو يكره وَهل يسوغ إِنْكَار الِاشْتِغَال بِهِ وحالته مَا ذكر سوى ذَلِك أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يحرم وَلَا يكره إِذا لم يكن فِيهِ مَعَ ذَلِك تَقْرِير بِدعَة أَو إمالة إِلَى فلسفة بِأَن يكون مُصَنفه من أَهلهَا وَكَلَامه فِي كِتَابه فِي أصُول الْفِقْه يؤنس بِحسن كَلَامه حَتَّى فِي الفلسفة كَمَا وَقع فِي كَلَام هَذَا النابغ فِي عصرنا أَو نَحْو هَذَا أَو شبهه فَإِذا سلم عَن كل ذَلِك فالإشتغال بِهِ عِنْد صِحَة الْقَصْد وَكَيف لَا وَهُوَ بَاب التَّحْقِيق فِي الْفِقْه وعماده وَالله أعلم 52 - مَسْأَلَة مَا الْفرق بَين الْقيَاس وَالِاسْتِدْلَال فَإِنَّهُ يتَفَرَّع على مَا يتَفَرَّع عَلَيْهِ الْقيَاس فَإِن كَانَ مَدْلُول الاسمين وَاحِدًا فَمَا وَجه تنويع الاسمين وَإِن كَانَا شَيْئَيْنِ فَيحمل كل وَاحِد من الْقيَاس وَالِاسْتِدْلَال بِحَدّ يحصره أجَاب رَضِي الله عَنهُ الْفرق بَين الْقيَاس وَالِاسْتِدْلَال أَن الْقيَاس يشْتَمل على أصل وَفرع يجمع بَينهمَا بِجَامِع وَالِاسْتِدْلَال لَيْسَ كَذَلِك من التلازم الَّذِي هُوَ مثل قَوْله تَعَالَى {لَو كَانَ فيهمَا آلِهَة إِلَّا الله لفسدتا} 53 - مَسْأَلَة هَل كَانَ دَاوُد الظَّاهِرِيّ صَاحب الْمَذْهَب رَضِي الحديث: 52 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 @ الله عَنهُ مِمَّن يعْتد بِهِ فِي انْعِقَاد الْإِجْمَاع فِي زَمَانه أم لَا وَهل كَانَ بِحَيْثُ إِذا حدثت فِي زَمَانه فَخَالف فِيهَا وَحده يعد خارقا للْإِجْمَاع وَكَذَلِكَ من لم ير نقض الْوضُوء بِالنَّوْمِ إِلَّا إِذا أخبر بِخُرُوج الْحَدث كسعيد بن الْمسيب وَأبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ هَل ينْعَقد الْإِجْمَاع بدونهم أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ أما الِاعْتِدَاد بِدَاوُد يرحمه الله فِي الاجماع وفَاقا وَخِلَافًا مهما وَقع فِيهِ الِاخْتِلَاف بَين الْفُقَهَاء والأصوليين منا وَمن غَيرنَا فَذكر الْأُسْتَاذ الإِمَام أَبُو اسحق الاسفرائيني رَحمَه الله أَن أهل الْحق اخْتلفُوا فَذهب الْجُمْهُور مِنْهُم الى أَن نفاة الْقيَاس لَا يبلغون منزلَة الِاجْتِهَاد وَلَا يجوز توليهم الْقَضَاء وَهَذَا يَنْفِي الِاعْتِدَاد بِدَاوُد فِي الاجماع وَنقل صَاحب الْإِسْنَاد أَبُو مَنْصُور الْبَغْدَادِيّ عَن أبي عَليّ بن أبي هُرَيْرَة وَطَائِفَة من متأخري الشافعيين أَنه لَا اعْتِبَار بِخِلَافِهِ وَسَائِر نفاة الْقيَاس فِي فروع الْفِقْه لَكِن يعْتَبر خلافهم فِي الأصوليات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 @ وَقَالَ الإِمَام أَبُو الْمَعَالِي بن الْجُوَيْنِيّ مَا ذهب إِلَيْهِ ذَوُو التَّحْقِيق أَنا لَا نعد منكري الْقيَاس من عُلَمَاء الْأمة وَحَملَة الشَّرِيعَة فَإِنَّهُم أَولا باقون على عنادهم فِيمَا ثَبت استفاضة وتواترا وَأَيْضًا فان مُعظم الشَّرِيعَة صادرة عَن الِاجْتِهَاد والنصوص لَا تفي بالعشر من أعشار الشَّرِيعَة فَهَؤُلَاءِ ملتحقون بالعوام وَكَيف يدعونَ مجتهدين وَلَا اجْتِهَاد عِنْدهم وَهَذَا مِنْهُ نوع إفراط وَكَانَ أَبُو بكر الرَّازِيّ من أَئِمَّة الْمُحَقِّقين يذهب فِي دَاوُد وَأَضْرَابه إِلَى نَحْو هَذَا الْمَذْهَب ويغلو فَذكر دَاوُد فِي مُقَدّمَة كِتَابه فِي أَحْكَام الْقُرْآن وَمَال عَلَيْهِ فأفرط وَقَالَ فِيمَا قَالَ لَو تكلم دَاوُد فِي مَسْأَلَة حَادِثَة فِي عصره وَخَالف فِيهَا بعض أهل زَمَانه لم يكن خلافًا عَلَيْهِم قَالَ وَكَانَ يَنْفِي حجج الْعُقُول ومشهور عَنهُ أَنه كَانَ يَقُول بل على الْعُقُول وَقَالَ بعد كَلَام كثير وَلأَجل ذَلِك لم يعد خِلَافه أحد من الْفُقَهَاء خلافًا وَلم يذكروه فِي كتبهمْ فقد انْعَقَد الاجماع على أطراحه وَترك الِاعْتِدَاد بِهِ هَذَا الرَّازِيّ فِيهِ وَهُوَ كَمَا ترى لَا يَخْلُو عَن نوع من الحنيفة الَّذِي قد كَانَ فِيهِ وَكَانَ شَدِيد الْميل والعصبية على من يُخَالِفهُ من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 @ حَيْثُ أَنه قد وصف دَاوُد فِي هَذَا الْموضع من كِتَابه بِمَا يأباه عَنهُ الثَّابِت الْمَعْرُوف من زهده وتحريه وَالَّذِي اخْتَارَهُ الْأُسْتَاذ أَبُو مَنْصُور فِي هَذَا وَذكر أَنه الصَّحِيح من الْمَذْهَب أَنه يعْتَبر خِلَافه فِي الْفِقْه الَّذِي اسْتَقر عَلَيْهِ الْأَمر آخرا فِيمَا هُوَ الْأَغْلَب الأعرف من صفوة الْأَئِمَّة الْمُتَأَخِّرين الَّذين أوردوا مَذَاهِب دَاوُد فِي إِثْبَات مصنفاتهم الْمَشْهُورَة فِي الْفُرُوع كالشيخ أبي حَامِد الإسفرائيني وَصَاحبه الْمحَامِلِي وَغَيرهم رَضِي الله عَنْهُم فانه لَوْلَا اعتدادهم بِخِلَافِهِ لما أوردوا مذاهبه فِي أَمْثَال مصنفاتهم هَذِه لمنافاة موضوعها لذَلِك وَبِهَذَا أجبْت مستخيرا الله تَعَالَى مستعينا مِمَّا بناه دَاوُد من مذاهبه على أَصله فِي نفي الْقيَاس الْجَلِيّ وَمَا اجْتمع عَلَيْهِ القياسيون من أَنْوَاعه أَو على غَيره من أُصُوله الَّتِي قَامَ الدَّلِيل الْقَاطِع على بُطْلَانهَا فاتفاق من عداهُ فِي مثله على خِلَافه إِجْمَاع مُنْعَقد وَقَوله فِي مثله مَعْدُود خارقا للاجماع وَكَذَلِكَ قَوْله فِي المتغوط فِي المَاء الراكد وَتلك الْمسَائِل الشنيعة فِيهِ وَكَقَوْلِه فِي الرِّبَا فِيمَا سوى الْأَشْيَاء السِّتَّة فخلافه فِي هَذَا وَأَمْثَاله غير مُعْتَد بِهِ لكَونه مَبْنِيا على مَا يقطع بِبُطْلَانِهِ وَالِاجْتِهَاد الْوَاقِع على خلاف الدَّلِيل الْقَاطِع كاجتهاد من لَيْسَ من أهل الِاجْتِهَاد فِي انزالهما بِمَنْزِلَة مَا لَا يعْتد بِهِ وينقض الحكم بِهِ وَهَذَا الَّذِي اخترته يثبت بِدَلِيل القَوْل بتحرير يجز منصب الِاجْتِهَاد وَقد تقرر جَوَاز ذَلِك وَإِن الْعَالم قد يكون مُجْتَهدا فِي نوع دون غَيره وَالْعلم عِنْد الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 @ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ثمَّ لَا فرق فِيمَا ذَكرْنَاهُ بَين زَمَانه وَمَا بعده فَإِن الْمذَاهب لَا تَمُوت بِمَوْت أَصْحَابهَا وَأما من لم ير نقض وضوء النَّائِم إِلَّا إِذا أخبر بِخُرُوج حدث كَأبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ وَسَعِيد بن الْمسيب رَضِي الله عَنْهُمَا ان كَانَ سعيد قَالَ ذَلِك فَإِنَّهُ غير مَعْرُوف عَنهُ فالإجماع لَا ينْعَقد مَعَ خلافهما فَإِن أَبَا مُوسَى أحد فُقَهَاء الصَّحَابَة وَمن الْمُفْتِينَ فِي عصرهم وَكَانَ سعيد صَدرا فِي الْعلم والفتيا وَغَيرهمَا فِي ذَلِك الصَّدْر وترجح على أجلاء التَّابِعين وَكَانَ السُّؤَال عَن انْعِقَاد الاجماع فِي هَذِه الْمَسْأَلَة خَاصَّة على خلاف هَذَا القَوْل فَعدم انْعِقَاده فِيهَا فِي ذَلِك الْعَصْر لَازم من هَذَا وَأما فِيمَا بعده فقد أجمع على خِلَافه فِيمَن قَالَ إِن الْإِجْمَاع بعد عصر الْمُخْتَلِفين على أحد قوليهم إِجْمَاع صَحِيح رَافع للْخلاف فقد تحقق عِنْده انْعِقَاد الْإِجْمَاع فِي الْمَسْأَلَة على خلاف ذَلِك القَوْل وَمن قَالَ أَنه لَا يرفع الْخلاف فَلَا إِجْمَاع فِي هَذِه الْمَسْأَلَة مُطلقًا وَهَذَا الْمَذْهَب هُوَ الصَّحِيح فِي ذَلِك وَالله أعلم 54 - مَسْأَلَة فِي جمَاعَة من الْمُسلمين المنتسبين إِلَى أهل الْعلم والتصوف هَل يجوز أَن يشتغلوا بتصنيف ابْن سينا وَأَن يطالعوا فِي الحديث: 54 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 @ كتبه وَهل يجوز لَهُم أَن يعتقدوا أَنه كَانَ من الْعلمَاء أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يجوز لَهُم ذَلِك وَمن فعل ذَلِك فقد غرر بِدِينِهِ وَتعرض للفتنة الْعُظْمَى وَلم يكن من الْعلمَاء بل كَانَ شَيْطَانا من شياطين الْإِنْس وَكَانَ حيران فِي كثير من أمره ينشد كثيرا ... إِن كنت أَدْرِي فعلى بدنه ... من كَثْرَة التَّخْلِيط من أَنه ... 55 - مَسْأَلَة فِيمَن يشْتَغل بالْمَنْطق والفلسفة تَعْلِيما وتعلما وَهل الْمنطق جملَة وتفصيلا مِمَّا أَبَاحَ الشَّارِع تَعْلِيمه وتعلمه وَالصَّحَابَة والتابعون وَالْأَئِمَّة المجتهدون وَالسَّلَف الصالحون ذكرُوا ذَلِك أَو أباحوا الِاشْتِغَال بِهِ أَو سوغوا الِاشْتِغَال بِهِ أم لَا وَهل يجوز أَن يسْتَعْمل فِي إِثْبَات الْأَحْكَام الشَّرِيعَة الاصطلاحات المنطقية أم لَا وَهل الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة مفتقرة إِلَى ذَلِك فِي إِثْبَاتهَا أم لَا وَمَا الْوَاجِب على من تلبس بتعليمه وتعلمه متظاهرا بِهِ مَا الَّذِي يجب على سُلْطَان الْوَقْت فِي أمره وَإِذا وجد فِي بعض الْبِلَاد شخص من أهل الفلسفة مَعْرُوفا بتعليمها وإقرائها والتصنيف فِيهَا وَهُوَ مدرس فِي مدرسة من مدارس الْعلم فَهَل يجب على سُلْطَان تِلْكَ الْبِلَاد عَزله وكفاية النَّاس شَره أجَاب رَضِي الله عَنهُ الفلسفة رَأس السَّفه والانحلال الحديث: 55 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 @ ومادة الْحيرَة والضلال ومثار الزيغ والزندقة وَمن تفلسف عميت بصيرته عَن محَاسِن الشَّرِيعَة المؤيدة بالحجج الظَّاهِرَة والبراهين الباهرة وَمن تلبس بهَا تَعْلِيما وتعلما قارنه الخذلان والحرمان واستحوذ عَلَيْهِ الشَّيْطَان وَأي فن أخزى من فن يعمي صَاحبه أظلم قلبه عَن نبوة نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كلما ذكره ذَاكر وَكلما غفل عَن ذكره غافل مَعَ انتشار آيَاته المستبينة ومعجزاته المستنيرة حَتَّى لقد انتدب بعض الْعلمَاء لاستقصائها فَجمع مِنْهَا ألف معْجزَة وعددناه مقصرا إِذا فَوق ذَلِك بأضعاف لَا تحصى فَإِنَّهَا لَيست محصورة على مَا وجد مِنْهَا فِي عصره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بل لم تزل تتجدد بعده صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على تعاقب العصور وَذَلِكَ أَن كرامات الْأَوْلِيَاء من أمته وإجابات المتوسلين بِهِ فِي حوائجهم ومغوثاتهم عقيب توسلهم بِهِ فِي شدائدهم براهين لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قواطع ومعجزات لَهُ سواطع وَلَا يعدها عد وَلَا يحصرها حد أعاذنا الله من الزيغ عَن مِلَّته وَجَعَلنَا من المهتدين الهادين بهديه وسنته وَأما الْمنطق فَهُوَ مدْخل الفلسفة ومدخل الشَّرّ شَرّ وَلَيْسَ الِاشْتِغَال بتعليمه وتعلمه مِمَّا أَبَاحَهُ الشَّارِع وَلَا استباحه أحد من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَالْأَئِمَّة الْمُجْتَهدين وَالسَّلَف الصَّالِحين وَسَائِر من يَقْتَدِي بِهِ من أَعْلَام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 @ الْأَئِمَّة وسادتها وأركان الْأمة وقادتها قد برأَ الله الْجَمِيع من مغرة ذَلِك وأدناسه وطهرهم من أوضاره وَأما اسْتِعْمَال الاصطلاحات المنطقية فِي مبَاحث الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة فَمن الْمُنْكَرَات المستبشعة والرقاعات المستحدثة وَلَيْسَ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّة وَالْحَمْد الله فالافتقار إِلَى الْمنطق أصلا وَمَا يزعمه المنطقي للمنطق من أَمر الْحَد والبرهان فقعاقع قد أغْنى الله عَنْهَا بِالطَّرِيقِ الأقوم والسبيل الأسلم الأطهر كل صَحِيح الذِّهْن لَا سِيمَا من خدم نظريات الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة وَلَقَد تمت الشَّرِيعَة وعلومها وخاض فِي بحار الْحَقَائِق والدقائق علماؤها حَيْثُ لَا منطق وَلَا فلسفة وَلَا فلاسفة وَمن زعم أَنه يشْتَغل مَعَ نَفسه بالْمَنْطق والفلسفة لفائدة يزعمها فقد خدعه الشَّيْطَان ومكر بِهِ فَالْوَاجِب على السُّلْطَان أعزه الله وأعز بِهِ الْإِسْلَام وَأَهله أَن يدْفع عَن المسملين شَرّ هَؤُلَاءِ المشائيم ويخرجهم من الْمدَارِس ويبعدهم ويعاقب على الِاشْتِغَال بفنهم ويعرض من ظهر مِنْهُ اعْتِقَاد عقائد الفلاسفة على السَّيْف أَو الاسلام لتخمد نارهم وتنمحي آثارها وآثارهم يسر الله ذَلِك وعجله وَمن أوجب هَذَا الْوَاجِب عزل من كَانَ مدرس مدرسة من أهل الفلسفة والتصنيف فِيهَا والإقراء لَهَا ثمَّ سجنه وألزامه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 @ منزله وَمن زعم أَنه غير مُعْتَقد لعقائدهم فَإِن حَاله يكذبهُ وَالطَّرِيق فِي قلع الشَّرّ قلع أُصُوله وانتصاب مثله مدرسا من العظائم جملَة وَالله تبَارك وَتَعَالَى ولي التَّوْفِيق والعصمة وَهُوَ أعلم 56 - مَسْأَلَة قَول بعض المصنفين مستدلا على إِثْبَات الْقيَاس بخوض الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم فِي حوادث وَاخْتِلَافهمْ وَذكر من جُمْلَتهَا مَسْأَلَة الْجد والأخوة قَائِلا أَنهم قضوا فِيهَا بقضايا مُخْتَلفَة وصرحوا فِيهَا بالتشبيه بالحوضين والخليجين وَمَا وَجه التَّشْبِيه وَمَا ضبط اللَّفْظَيْنِ الْمُشبه بهما وَقَول بَعضهم بلغ رَأس المَال أَعلَى مَرَاتِب الْأَعْيَان فَيبلغ الْمُسلم فِيهِ أَعلَى مَرَاتِب الدُّيُون مَا الْمَرَاتِب الْمشَار إِلَيْهَا فِي أصل الْقيَاس وفرعه أجَاب رَضِي الله عَنهُ أما التَّشْبِيه بالخليجين فَعَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَتَى بِهِ ردا لقَوْل من أسقط الْأَخ بالجد فَشبه ذَلِك بواد سَالَ بِمِائَة فانشعبت فِيهِ شُعْبَة ثمَّ انشعبت من الشعبة شعبتان فَلَو سدت احدى هَاتين الشعبتين لرجع مَاؤُهَا على الشعبة الْبَاقِيَة من الشعبتين وعَلى الشعبة الَّتِي هِيَ أَصْلهَا فَكَذَلِك إِذا مَاتَ أحد الْأَخَوَيْنِ أَخذ مِيرَاثه أَخُوهُ الْبَاقِي وَالْجد الَّذِي هُوَ أَصْلهَا جَمِيعًا وَشبه ذَلِك زيد بن ثَابت رَضِي الله عَنهُ بشجرة خرج مِنْهَا غُصْن ثمَّ خرج من الْغُصْن غصنان وَلَو قطع أحد الغصنين لرجع مَاؤُهُ على الْغُصْن الْبَاقِي من الغصنين وَعلي الغصين الَّذِي هُوَ أَصْلهَا كَذَلِك من خَلفه الْمَيِّت من إخْوَته مَعَ الْجد الَّذِي هُوَ أصلهم الحديث: 56 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 @ فَأَما مَا ذكره من التَّشْبِيه بالحوضين فموجود فِي الْمُسْتَصْفى فِي أصُول الْفِقْه وَذَلِكَ لَا يعرف وَلَا أرَاهُ إِلَّا تصحيفا من الخوطين والخوط بِضَم الْخَاء المنقوطة والطاء الْمُهْملَة هُوَ الغض الناعم فَاعْلَم ذَلِك وَالله أعلم وَأما قَول الْقَائِل بلغ رَأس المَال إِلَى آخِره فَهَذَا دَلِيل يذكر فِي الْمَنْع من السّلم الْحَال وَأَعْلَى مَرَاتِب الْأَعْيَان أَن يَنْضَم الى العينية الْقَبْض فِي مجْلِس العقد وَأَعْلَى مَرَاتِب الدُّيُون أَن ينظم إِلَى الدِّينِيَّة وصف الْأَجَل ثمَّ أَنه لَا يتَوَقَّف صِحَة الْعبارَة على تَبْيِين الزِّيَادَة على مرتبتين فلسنا نتكلفه وَالله أعلم 57 - مَسْأَلَة قَالَ بَعضهم عَن الامام مَالك رَضِي الله عَنهُ أَنه جمع بَين السّنة والْحَدِيث فَمَا الْفرق بَين السّنة والْحَدِيث أجَاب رَضِي الله عَنهُ السّنة هَا هُنَا ضد الْبِدْعَة وَقد يكون الْإِنْسَان من أهل الحَدِيث وَهُوَ مُبْتَدع وَمَالك رَضِي الله عَنهُ جمع بَين السنتين فَكَانَ عَالما بِالسنةِ أَي الحَدِيث ومعتقدا للسّنة أَي كَانَ مذْهبه مَذْهَب أهل الْحق من غير بِدعَة وَالله أعلم 58 - مَسْأَلَة فِي لفظ الْإِسْلَام هَل هُوَ مَخْصُوص بِهَذِهِ الْأمة أم مُطلق على كل من آمن بِنَبِيِّهِ من أمة مُوسَى وَعِيسَى وَغَيرهمَا من الْأَنْبِيَاء صلى الله عَلَيْهِم وعَلى نَبينَا وَسلم فَإِذا جَازَ إِطْلَاقه على كل من آمن بِنَبِيِّهِ من سَائِر الْأُمَم فَهَل إِطْلَاقه عَلَيْهِ شَرْعِي أم لغَوِيّ من حَيْثُ أَنه منقاد مُطِيع فَإِذا جَازَ اطلاقه على كل من آمن بِنَبِيِّهِ فِي زَمَنه شرعا فَمَا فَائِدَة قَوْله عز وَجل الحديث: 57 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 @ {ورضيت لكم الْإِسْلَام دينا} إِذا كل مِنْهُم يُسمى مُسلما وَهل قَول الْقَائِل فِي زمن مُوسَى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا إِلَه إِلَّا الله مُوسَى رَسُول الله كَقَوْل أحد هَذِه الْأمة لَا إِلَه إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله فِي هَذَا الزَّمَان وَيكون لَفظه شَامِلًا لَهما وَيُسمى كل وَاحِد مِنْهُمَا مُسلما أجَاب رَضِي الله عَنهُ بل يُطلق على الْجَمِيع وَهُوَ اسْم لكل دين حق لُغَة وَشرعا فقد ورد ذَلِك بِأَلْفَاظ رَاجِعَة إِلَى هَذَا فِي كتاب الله عز وَجل مِنْهَا قَوْله تَعَالَى {فَلَا تموتن إِلَّا وَأَنْتُم مُسلمُونَ} وَقَوله تَعَالَى {ورضيت لكم الْإِسْلَام دينا} لَا يَنْفِي أَن يرضاه لغَيرهم دينا وَقَول الْقَائِل فِي زمَان مُوسَى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعَلى نَبينَا وَسلم لَا إِلَه إِلَّا الله مُوسَى رَسُول الله إِسْلَام كمثله الْآن وَالله أعلم 59 - مَسْأَلَة فِيمَن يعْتَقد أَن فِي ملك الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَا يرضاه وَلَا يُريدهُ فَهَل هُوَ مُخطئ أَو مُصِيب فِي هَذَا القَوْل والاعتقاد أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ أصَاب فِي قَوْله أَنه يُوجد مالايرضاه تبَارك وَتَعَالَى مثل الْكفْر قَالَ الله تَعَالَى {وَلَا يرضى لِعِبَادِهِ الْكفْر} وضل الحديث: 59 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 @ وابتدع فِي قَوْله أَنه يُوجد مَا لَا يُريدهُ بل ذَلِك محَال مَا شَاءَ الله كَانَ وَمَا لَا شَاءَ لَا يكون وَفرق بَين الرِّضَا والإرادة ثمَّ مَا لكم والخوض فِي هَذَا الْبَحْر المغرق عَلَيْكُم بِالْعَمَلِ فَفِيهِ شغل شاغل وَالله أعلم 60 - مَسْأَلَة طَائِفَة يَعْتَقِدُونَ أَن الْحُرُوف الَّتِي فِي الْمُصحف قديمَة وَالصَّوْت الَّذِي يظْهر من الْآدَمِيّ حَالَة الْقِرَاءَة قديم كَيفَ يحل هَذَا وَمذهب السّلف بِخِلَاف هَذَا وَمذهب أَرْبَاب التَّأْوِيل يُخَالف هَذَا وَالْمرَاد أَن يفرق الانسان بَين الصّفة الْقَدِيمَة وَالصّفة المحدثة حَتَّى لَا يتَطَرَّق إِلَى النَّفس وَالْعقل بِسَبَبِهِ أَن يفض إِلَى الضلال أعاذنا الله من ذَلِك بينوا لنا هَذَا بِالدَّلِيلِ الْعقلِيّ وَالدَّلِيل الشَّرْعِيّ أجَاب رَضِي الله عَنهُ الَّذِي يدين بِهِ من يَقْتَدِي بِهِ من السالفين والخالفين وَاخْتَارَهُ عباد الله الصالحون أَن لَا يخاض فِي صِفَات الله تَعَالَى بالتكييف وَمن ذَلِك الْقُرْآن الْعَزِيز فَلَا يُقَال تكلم بِكَذَا وَكَذَا بل يقْتَصر فِيهِ على مَا اقْتصر عَلَيْهِ السّلف رَضِي الله عَنْهُم الْقُرْآن كَلَام الله منزل غير مَخْلُوق وَيَقُولُونَ فِي كل مَا جَاءَ من المتشابهات آمنا بِهِ مقتصرين عَليّ الْإِيمَان جملَة من غير تَفْضِيل وتكييف ويعتقدون على الْجُمْلَة أَن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَهُ فِي كل ذَلِك مَا هُوَ الْكَمَال الْمُطلق من كل وَجه ويعرضون على الْخَوْض خوفًا من أَن تزل قدم بعد ثُبُوتهَا فبهم فاقتدوا تسلموا وَإِلَى هَذِه الحديث: 60 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 @ الطَّرِيق رَجَعَ كثير من كبار الْمُتَكَلِّمين المصنفين بعد أَن امتعضوا مِمَّا نالهم من آفَات الْخَوْض فمهما ورد عَلَيْكُم شَيْء من هَذِه الْمسَائِل فقد اعْتقد فِيهَا لله تَعَالَى مَا هُوَ الْكَمَال الْمُطلق والتنزيه الْمُطلق وَلَا أخوض فِيمَا وَرَاءه يجزيني الْإِيمَان الْمُرْسل والتصديق الْمُجْمل وَالله أعلم 61 - مَسْأَلَة رجل يعْتَقد أَن يزِيد بن مُعَاوِيَة رَضِي الله عَنهُ أَمر بقتل الْحُسَيْن ابْن عَليّ رَضِي الله عَنْهُمَا وَاخْتَارَ ذَلِك ورضيه طَوْعًا مِنْهُ لَا كرها ويورد فِي ذَلِك أَحَادِيث مروية عَن من قَلّدهُ ذَلِك الْأَمر وَهُوَ مصر عَلَيْهِ ويسبه ويلعنه على ذَلِك والمسئول خطوط الْعلمَاء ليَكُون رادعا لَهُ أَو حجَّة لَهُ أجَاب رَضِي الله عَنهُ لم يَصح عندنَا أَنه أَمر بقتْله رَضِي الله عَنهُ وَالْمَحْفُوظ أَن الْآمِر بقتاله المفضي إِلَى قَتله كرمه الله إِنَّمَا هُوَ عبيد الله بن زِيَاد وَالِي الْعرَاق إِذْ ذَاك وَأما سَبَب يزِيد ولعنه فَلَيْسَ من شَأْن الْمُؤمنِينَ فَإِن صَحَّ أَنه قَتله الحديث: 61 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 @ أَو أَمر بقتْله وَقد ورد فِي الحَدِيث الْمَحْفُوظ أَن لعن الْمُسلم كقتله وَقَاتل الْحُسَيْن رَضِي الله عَنهُ لَا يكفر بذلك وَإِنَّمَا ارْتكب عَظِيما وَإِنَّمَا يكفر بِالْقَتْلِ قَاتل نَبِي من الْأَنْبِيَاء صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالنَّاس فِي يزِيد ثَلَاث فرق فرقة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 @ تحيه وتتوالاه وَفرْقَة أُخْرَى تسبه وتلعنه وَفرْقَة متوسطة فِي ذَلِك لَا تتوالاه وَلَا تلعنه وتسلك بِهِ سَبِيل سَائِر مُلُوك الْإِسْلَام وخلفائهم غير الرَّاشِدين فِي ذَلِك وَشبهه وَهَذِه الْفرْقَة هِيَ الصيبة ومذهبها اللَّائِق بِمن يعرف سير الماضين وَيعلم قَوَاعِد الشَّرِيعَة الطاهرة جعلنَا الله من خِيَار أَهلهَا آمين 62 - مَسْأَلَة المبتدع وَالْفَاسِق وَالْغَضَب والغل بَين لنا هَذَا الْمَجْمُوع أجَاب رَضِي الله عَنهُ كل مُبْتَدع فَاسق وَلَيْسَ كل فَاسق مُبْتَدع وَالْمرَاد أَن المبتدع الَّذِي لَا تخرجه بدعته عَن الْإِسْلَام وَهَذَا لِأَن الْبِدْعَة فَسَاد فِي العقيدة فِي أصل من أصُول الدّين وَالْفِسْق قد يكون فَسَادًا فِي الْعَمَل مَعَ سَلامَة العقيدة وَالْغَضَب مفارق للغل وَمِمَّا يفترقان فِيهِ أَن الْغَضَب قد يكون يُؤمر بِهِ كالغضب على العَاصِي لله تَعَالَى من أَجله والغل لَا يُؤمر بِهِ وَأَيْضًا فالغل فَسَاد فِي الْقلب يتَعَلَّق بِالْعينِ مثل الحقد والحسد والبغض وَإِن لم يكن من ذَلِك الْغَيْر سَبَب عَامل بِهِ صَاحب الغل إثارة بِهِ عَلَيْهِ وَأما الْغَضَب فَمن شَرطه أَن يكون عَلَيْهِ جِنَايَة يعدها غضب جِنَايَة مُوجبَة لغضبه وَالله أعلم الحديث: 62 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 @ الْقسم الرَّابِع فِي الْفِقْه على ترتيبه فَمن ذَلِك 63 - مَسْأَلَة جوخ حُكيَ أَن الأفرنج يعلمُونَ فِيهَا شَحم الْخِنْزِير وَقد اشْتهر ذَلِك لَا عَن تَحْقِيق مُشَاهدَة هَل يحكم بنجاستها أَو نَجَاسَة مَا يُصِيبهُ فِي حَال رطوبتها فِي الطرقات وَغَيرهَا مَعَ عُمُوم الإبتلاء أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِذا لم يتَحَقَّق فِي نفس مَا بِيَدِهِ مِنْهُ النَّجَاسَة لم يحكم عَلَيْهِ بِحكم النَّجَاسَة وَهَذَا الْتِفَات إِلَى أَن ثِيَاب من يتدين من الْمُشْركين بِاسْتِعْمَال النَّجَاسَة لَا يحكم بنجاستها وَالْقَوْل بذلك هُوَ الصَّحِيح وَالله أعلم 64 - مَسْأَلَة بقل فِي أَرض نَجِسَة أَخذه البقالون وغسلوه غسلا لَا يعْتَمد عَلَيْهِ فِي التَّطْهِير هَل يحكم بِنَجَاسَة مَا يُصِيبهُ فِي حَالَة رطوبته من غير مُشَاهدَة عين النَّجَاسَة على الْموضع الَّذِي أَصَابَهُ أَو لم يعلم هَل غسل أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِذا لم يتَحَقَّق نَجَاسَة مَا أَصَابَهُ من البقل الحديث: 63 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 @ أصلا بِأَن احْتمل أَنه مِمَّا ارْتَفع عَن منبته النَّجس فَإنَّا لَا نحكم بِنَجَاسَة مَا أَصَابَهُ ذَلِك لتظاهر أصلين على ذَلِك وَالله أعلم 65 - مَسْأَلَة فِي قناة مُتَّصِلَة بنهر وفيهَا أجباب عدَّة فِي دور جمَاعَة فَمَاتَ فِي أحد الْجبَاب ميت وَتغَير بعض الْجبَاب من الرَّائِحَة وشيل من المَاء الْمَيِّت بعد أَرْبَعَة أَيَّام فَهَل يجب نزف الْجبَاب جَمِيعهَا أَو ينزف من الْبِئْر الَّذِي تغير طعمه أجَاب رَضِي الله عَنهُ الْمَيِّت الْآدَمِيّ لَا ينجس قلت فان صَحبه نَجَاسَة أَو كَانَ الْمَيِّت غير آدَمِيّ تنجست الْجبَاب المتغيرة وَأما بَقِيَّة الْجبَاب الَّتِي لم تَتَغَيَّر فَإِن كَانَت مُتَّصِلَة بالمتغيرة وَهِي دون الْقلَّتَيْنِ تنجست بالملاقاة وَإِلَّا قدر لم تتصل بِأَن كَانَ بَينهَا وَبَين المتغيرة حَائِل أَو كَانَت قُلَّتَيْنِ فطاهرة 66 - مَسْأَلَة الأوراق الَّتِي تعْمل وتبسط وَهِي رطبَة على الْحِيطَان المعمولة بالرماد النَّجس والكلس أَي الْمُتَنَجس وينسخ فِيهَا ويصيب الثَّوْب من المداد الَّذِي يكْتب بِهِ فِيهَا مَعَ عُمُوم الِابْتِلَاء بذلك وَتعذر الِاحْتِرَاز مِنْهُ هَل يُعْفَى عَنهُ أَو لَا يُعْفَى أَو لَا ينجس الحديث: 65 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 @ أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يحكم بِنَجَاسَة ذَلِك وَالله أعلم 67 - مَسْأَلَة قَلِيل قَمح بَقِي فِي سفل هري وَعُمُوم الِابْتِلَاء بالفار ويتغير الفار مِمَّا لَا يخفى لَا سِيمَا فِي الأهراء خُصُوصا أسافلها فَهَل يحكم بِنَجَاسَة ذَلِك الْقَمْح بِنَاء على مَا ذكر أَو بِنَاء على الأَصْل فان حكم بِنَجَاسَتِهِ فَهَل يحكم بِنَجَاسَتِهِ الْخبز الَّذِي خبر فِي الفرن الَّذِي خبر فِيهِ خبز هَذَا الْقَمْح أجَاب رَضِي الله عَنهُ قد أفتى بعض أَئِمَّتنَا بِأَنَّهُ لَا يجب على كل مَا اشتبهت عَلَيْهِ الأكياس المديسة بالبعر الْمَعْلُوم بولها فِيهَا غسل ذَلِك وَهَذَا مثل ذَلِك وَنحن نَخْتَار ذَلِك مستخيرين الله تبَارك وَتَعَالَى ثمَّ هَذَا مَخْصُوص بِمَا لم يتَغَيَّر من الْحبّ مَعْلُوما فِيهِ أَنه قد ماش الْبَوْل مَعَ الرُّطُوبَة من أحد الْجَانِبَيْنِ أما مَا تغير وَعلم فِيهِ ذَلِك فَوَاجِب تَطْهِيره وَالله أعلم 68 - مَسْأَلَة مَا الْفرق بَين بَوْل الصَّبِي وَبَوْل الصبية فِي أَنه ينضح من أَحدهمَا وَيغسل من الآخر أجَاب رَضِي الله عَنهُ أوضح مَا يذكر فِيهِ كَثْرَة الْبلوى بِالصَّبِيِّ فِي حمله وَذَلِكَ فِيهِ أَكثر من الصبية وَأَيْضًا فبول الصبية أعلق بِالْمحل من بَوْل الصَّبِي من حَيْثُ الطبيعتين على مَا ذكره بعض الْأَطِبَّاء الحديث: 67 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 - مَسْأَلَة بَوْل الصَّبِي الْمَوْلُود وقيئه هَل ينجس أم لَا وَهل يكون الْمَوْلُود إِذا وضع على الأَرْض نجسا أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ نعم هُوَ نجس وَلَا نحكم بِنَجَاسَة الْمَوْلُود عِنْد وِلَادَته على الصَّحِيح الظَّاهِر من أَحْوَال السّلف رَضِي الله عَنْهُم 70 - مَسْأَلَة ويجزىء فِي بَوْل الْغُلَام الَّذِي لَا يطعم النَّضْح مَا حد إطعامه وَهل يقدر بسن أم بِصفة مَخْصُوصَة من الصَّبِي أم مُطلق مَا يحصل فِي بَطْنه وَلَو ابْن يَوْم مثلا أجَاب رَضِي الله عَنهُ أما الطَّعَام الْمَذْكُور فِي الصَّبِي فَالْمُرَاد بِهِ على الصَّحِيح مَا سوى اللَّبن من وجور وَغَيره لَا بَأْس بِمَا يحنك بِهِ من التمرة المستحبة فِي ذَلِك وَمهما كَانَ ذَلِك مِقْدَار يظْهر أَثَره فِي التغذية فَهُوَ مَانع من الإكتفاء بالنضح وَالله أعلم 71 - مَسْأَلَة صهريج فِيهِ مَاء وَالْمَاء فِيهِ قامة أَو أَكثر من ذَلِك وَقعت فِيهِ فَأْرَة وتمعط شعرهَا فِي المَاء فَهَل يجوز اسْتِعْمَال المَاء أم لَا وَهل يكون المَاء طَاهِرا أم نجسا وَلَا يُمكن نزح الصهريج أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يجوز اسْتِعْمَال شَيْء من مَائه وَيجب نزحه أجمع وتطهير حَافَّاته الَّتِي وصل إِلَيْهَا المَاء المنزوح وَالله أعلم الحديث: 70 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 - مَسْأَلَة سَأَلَ سَائل عَن كمية الْأَقْوَال الْقَدِيمَة الَّتِي يُفْتِي بهَا وتبيينها أجَاب رَضِي الله عَنهُ بِأَن الامام أَبَا الْمَعَالِي بن الْجُوَيْنِيّ رَحمَه الله كَانَ يذكر عَن أئمته أَنهم قَالُوا كل قَوْلَيْنِ أَحدهمَا جَدِيد فَهُوَ أصح من الْقَدِيم إِلَّا فِي ثَلَاث مسَائِل وَصرح الإِمَام فِي الْمَذْهَب الْكَبِير على مَسْأَلَتَيْنِ مِنْهَا احداهما مَسْأَلَة التباعد وَالْقَدِيم فِيهَا أَنه لَا يجب وَالثَّانيَِة مَسْأَلَة التثويب وَالْقَدِيم فِيهَا أَنه يسْتَحبّ وَأما الثَّالِثَة وَهِي مَسْأَلَة قِرَاءَة السُّورَة فِيمَا سوى الرَّكْعَتَيْنِ الأولتين وَالْقَدِيم أَنَّهَا لَا تسن قَالَ وَعَلِيهِ الْعَمَل وَكُنَّا نظن أَن هَذِه هِيَ الثَّالِثَة حَتَّى وجدته قد قَالَ فِي الْمُخْتَصر الْمُنْتَخب من النِّهَايَة أَن الثَّالِثَة تَأتي فِي كتاب زَكَاة التِّجَارَة وَذكر بعض من تَأَخّر أَن الْمسَائِل الَّتِي يُفْتى فِيهَا على الْقَدِيم دون الْجَدِيد أَربع عشرَة مَسْأَلَة وَمَا سواهَا فَلَا يجوز الْفتيا فِيهَا بالْقَوْل الْقَدِيم فَذكر الْمسَائِل الثَّلَاث الَّتِي قدمناها على الإِمَام وَمَسْأَلَة الِاسْتِنْجَاء بِالْحجرِ فِيمَا جَاوز الْمخْرج الْقَدِيم أَنه يجوز اذا لم ينتشر أَكثر مِمَّا ينتشر فِي حق مُعظم النَّاس بِأَن لَا تزيد على مَا حول الْمخْرج قَرِيبا مِنْهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 @ وَمَسْأَلَة لمس الْمَحَارِم قَالَ قَالَ ابْن مَسْعُود يَعْنِي صَاحب التَّهْذِيب الْقَدِيم أَنه لَا ينْتَقض وَصَححهُ الْجُوَيْنِيّ وَمَسْأَلَة المَاء الْجَارِي وَالْقَدِيم أَنه لَا ينجس إِلَّا بالتغير وَمَسْأَلَة تَعْجِيل الْعشَاء وَالْقَدِيم أَنه أفضل وَوقت الْمغرب وَالْقَدِيم أَنه يَمْتَد إِلَى مغيب الشَّفق وَالْمُنْفَرد إِذا نوى الِاقْتِدَاء فِي أثْنَاء صلَاته وَالْقَدِيم جَوَازه وَأكل جلد الْميتَة المدبوغ وَالْقَدِيم أَنه لَا يُؤْكَل وَإِذا ملك محرما من نسب أَو رضَاع وَوَطئهَا مَعَ الْعلم بتحريمها وَالْقَدِيم أَنه لَا يلْزمه الْحَد وَمَسْأَلَة قلم أظفار الْمَيِّت وَالْقَدِيم انه يكره وَشرط التَّحَلُّل فِي الْحَج عِنْد الْمَرَض وَنَحْوه وَالْقَدِيم أَنه يجوز الشَّرْط ويتحلل بِهِ وَمَسْأَلَة نِصَاب الرِّكَاز وَالْقَدِيم أَنه لَا يعْتَبر وَالله أعلم أَن شَيْئا من هَذَا لَا يعزى عَن خلاف بَين الْأَصْحَاب فِيهِ وَلَا شَيْء من هَذِه الْمسَائِل اتّفق الْأَصْحَاب على أَنَّهَا مَسْأَلَة خلاف بَين الْجَدِيد وَالْقَدِيم والفتيا فِيهَا على الْقَدِيم وَلَا مُوَافقَة أَيْضا على أَنه لَيْسَ غَيرهَا يتْرك فِيهِ الْجَدِيد ويفتي بِهِ على الْقَدِيم فَلم يسلم إِذا كل وَاحِد من هذَيْن الحصرين عَن الْخلاف فِي طَرفَيْهِ اثباتا ونفيا اثباتا من أَن الْأَمر فِيمَا ذكر من الْمسَائِل على مَا ذكر فِيهَا ونفيا فِي أَنه لَيْسَ غَيرهَا بالمثابة الْمَذْكُورَة أما فِي طرف النَّفْي هَذَا فَإِن لهَذِهِ الْمسَائِل اغيارا ذهب فِيهَا من يعْتَمد إِلَى الْفَتْوَى على الْقَدِيم دون الْجَدِيد مِنْهَا اسْتِحْبَاب الْخط بَين يَدي الْمُصَلِّي رَآهُ الشَّافِعِي رَضِي الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 @ عَنهُ فِي الْقَدِيم وَرجع عَنهُ فِي الْجَدِيد وَضرب عَلَيْهِ بعد مَا كتبه وَإِلَى القَوْل باستحبابه ذهب صَاحب الْمُهَذّب وَغَيره من غير ذكر خلاف وَمِنْهَا من مَاتَ وَعَلِيهِ صِيَام فعلى الْقَدِيم يَصُوم عَنهُ وليه وَهُوَ الصَّحِيح للأحاديث الصِّحَاح فِي كتاب مُسلم وَغَيره أَن من مَاتَ وَعَلِيهِ صِيَام صَامَ عَنهُ وليه وَلَا تَأْوِيل لَهُ يفرح بِهِ وَمِنْهَا أَنه إِذا أَبى أحد الشَّرِيكَيْنِ من الْعِمَارَة الحافظة للوجود فالجديد أَنه لَا يجْبر وَالْقَدِيم أَنه يجْبر وَهُوَ صَحِيح عِنْد صَاحب الشَّامِل وَبِه أفتى صَاحبه الشَّاشِي وَبِه نفتي وَمِنْهَا الصَدَاق مَضْمُون يَد الزَّوْج ضَمَان الْيَد على الْقَدِيم قَالَ الشَّيْخ أَبُو حَامِد الإسفرائيني وَالشَّيْخ أَبُو نصر بن الصّباغ رَضِي الله عَنْهُمَا هُوَ الصَّحِيح وَأما انْتِفَاء الموافقه على ذَلِك فِي طرف الاثبات فان فِيهَا مَا صَحَّ فِيهِ عَن الْجَدِيد قَول مُوَافق للقديم فَلَا يكون الْإِفْتَاء بِمَا صَار إِلَيْهِ الْقَدِيم إِفْتَاء بالقديم دون الْجَدِيد بل بهما مَعًا وَمِنْهَا مَا ذهب فِيهِ بعض الْأَئِمَّة إِلَى أَن الصَّحِيح هُوَ الْجَدِيد لَا الْقَدِيم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 @ وَمِنْهَا مَا قطع فِيهِ بعض الْأَئِمَّة بالْقَوْل الْوَاحِد وَلم يَجْعَل خلافًا بَين الْجَدِيد وَالْقَدِيم وَمِنْهَا مَا يَجعله بعض الْأَئِمَّة مَسْأَلَة وَجْهَيْن لَا مَسْأَلَة قَوْلَيْنِ وَالله أعلم 73 - مَسْأَلَة رجل اغْتسل من الْجَنَابَة ثمَّ أغفل لمْعَة من بدنه لم يصل المَاء إِلَيْهَا ثمَّ بعد أَن جف المَاء عَن الْبدن علم فَهَل يَبْنِي هَذَا على الْخلاف فِي وجوب التَّتَابُع فِي الْوضُوء فعلى الْقَدِيم غسل ذَلِك الْمَوْضُوع الْمَتْرُوك إِن لم يمض زمَان يجِف فِي مثله المَاء عَن الْعُضْو ويستأنف إِن مضى وعَلى الْجَدِيد لَا يجب التَّتَابُع مُطلقًا بل يبْنى أجَاب رَضِي الله عَنهُ هَذَا فِيهِ طَرِيقَانِ مِنْهُم من قَالَ إِذا ترك التَّتَابُع لعذر كَهَذا الْمَذْكُور لم يقْدَح قولا وَاحِدًا والجديد لَا حد فِيهِ للتفريق بل لَا يضر مُطلقًا وَإِن طَال الْوَقْت وَالله أعلم وَمن كتاب الصَّلَاة 74 - مَسْأَلَة خطر لي أَن من دخل عَلَيْهِ وَقت الصَّلَاة وَتمكن من فعلهَا فَأخر بِنَاء على مَا يسوغ لَهُ من التَّأْخِير نَام وَاسْتمرّ بِهِ النّوم حَتَّى خرج الْوَقْت فَهَل يقْض قلت لَا يَنْبَغِي أَن يخرج على الْخلاف الْمَعْرُوف فِيمَا لَو أخر الحديث: 73 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 @ وَمَات قبل الْفِعْل على أحد الْوَجْهَيْنِ أَنه لَا يقْض وَإِلَيْهِ الْميل فِي أصُول الْفِقْه لِأَن التَّأْخِير جَائِز وَهُوَ فِي حَال التَّأْخِير مَعْذُور غير مقصر كَمَا تقرر وَعرف وَلَا كَذَلِك الَّذِي نَام وَاسْتمرّ بِهِ النّوم حَتَّى فَاتَ الْوَقْت لِأَنَّهُ بنومه متعرض للتفويت إِذْ لَيْسَ فِي يَده الانتباه وَلِهَذَا جَاءَ فِي الحَدِيث فِي الْعشَاء أَنه نهى عَن النّوم قبلهَا والْحَدِيث بعْدهَا وَهَذَا النَّهْي يشْتَمل النّوم عَن كل صَلَاة بعد وَقتهَا فَإِن غَلَبَة النّوم كَانَ كالموت وَالله أعلم 75 - مَسْأَلَة تَكْبِيرَة الْإِحْرَام إِذا وصل قَوْله مَأْمُوما أَو إِمَامًا بقوله الله أكبر فَذَهَبت الْهمزَة فِي الدرج هَل يجْزِيه ذَلِك أم لَا فان لم يجْزِيه فَمَا الْعلَّة فِي عدم الْإِجْزَاء وَمَا الْفرق بَين هَذَا وَبَين الْهمزَة من قَوْلنَا الرَّحْمَن الرَّحِيم إِذا سَقَطت الْهمزَة مِنْهَا فِي الدرج مَعَ كَونه حرف من الْفَاتِحَة ركنا وَقد أَجْزَأَ وَإِذا لم يكن بُد من الْإِتْيَان بهَا فَكيف يفعل عِنْد الْإِحْرَام يقف على قَوْله مَأْمُوما أَو إِمَامًا بِالسُّكُونِ ثمَّ يَبْتَدِئ بقوله الله أكبر ويفصل بتسكينة أم كَيفَ يصنع الحديث: 75 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 @ أجَاب رَضِي الله عَنهُ يجْزِيه ذَلِك وَلَيْسَ تَارِكًا حرفا مُبْطلًا لِأَن ذَلِك إِنَّمَا هُوَ فِيمَا إِذا ترك حرفا ثَابتا من وَاجِب والهمزة هَذِه لَيست حرفا ثَابتا فِي حَالَة الدرج إِذْ ثُبُوتهَا مَخْصُوص بِغَيْر حَالَة الدرج فَليعلم ذَلِك وَمَعَ ذَلِك فوصل ذَلِك بِالتَّكْبِيرِ بِدعَة فَالْأولى الْفَصْل وَإِنَّمَا الْمُعْتَبر إقران النِّيَّة واستدامتها إِذا حصل باعانة التَّلَفُّظ وَالله أعلم 76 - مَسْأَلَة رجل حضر الصَّلَاة فِي مَسْجِد فأقيمت الصَّلَاة وَقَامَ النَّاس اليها فَأخذ يحدث رجلا آخر بجانبه ويمد مَعَه الحَدِيث فِي أُمُور دنيوية فَلَمَّا علم أَن الإِمَام أَرَادَ أَن يرْكَع أحرم وَركع مَعَه من غير قِرَاءَة الْفَاتِحَة فَهَل يَجْعَل هَذَا كالمسبوق الَّذِي دخل الْمَسْجِد وَالْإِمَام رَاكِع فَرَكَعَ مَعَه فِي حط الْفَاتِحَة عَنهُ أم لَا يعْذر لِأَنَّهُ مسيء فِي تَأْخِيره وَحَدِيثه فِي مَكَان الْجد بِالْهَزْلِ أجَاب رَضِي الله عَنهُ هُوَ فِي الحكم كالمسبوق فِيمَا يرجع الى صِحَة الصَّلَاة من غير قِرَاءَة الْفَاتِحَة وَهُوَ محروم ومسيء وَالله أعلم 77 - مَسْأَلَة هَل يسوغ لقارئ أَن يقْرَأ كل اية من أَي عشر وَاحِد بِقِرَاءَة أُخْرَى أم اللَّازِم أَو الأولى أَن يتم الْعشْر بِالْقِرَاءَةِ الأولى الْمُبْتَدَأ بهَا أول آيَة فِيهِ الحديث: 76 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 @ هَذِه أسئلة عَن حالات اجترأ عَلَيْهَا قَارِئ مَال للمزخرف الدنيوي ولأجله على كل خطز من خطأ آخر طَارِئ فلتجيبوا عَنْهَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ الأولى أَن يتم الْعشْر بِمَا ابْتَدَأَ بِهِ من الْقِرَاءَة بل يَنْبَغِي أَن لَا يزَال فِي الْقِرَاءَة الَّتِي ابْتَدَأَ بهَا مَا بَقِي للْكَلَام تعلق بِمَا ابْتَدَأَ بِهِ وَلَيْسَ ذَلِك مَنُوطًا بالعشر وأشباهه وَلَا الْجَوَاز وَالْمَنْع منوطين فِيهِ بذلك وَلَوْلَا قيد الْمَرَض الْمَانِع مَعَ الزِّيَادَة لَكَانَ هَا هُنَا زِيَادَة فعاذرون وَالله أعلم 78 - مَسْأَلَة هَل يجوز لقارئ يقْرَأ كتاب الله بالقراءات الشاذة الَّتِي لم يَصح نقلهَا من أَئِمَّة هَذَا الْفَنّ وَلَا سِيمَا لمن لَيْسَ يعرف مصَادر أَلْفَاظ الْعَرَب وَلَا مبانيها وَلَا يقدر التَّصَرُّف وَلَا تطلع مَعَانِيهَا وَلَئِن جَازَ أقراءتها أولي أم السُّكُوت عَنْهَا وَهل تكره قرَاءَتهَا فِي الصَّلَاة أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ الْأَمر فِي ذَلِك أبلغ من ذَلِك وَهُوَ أَنه لَا يجوز الْقِرَاءَة من ذَلِك إِلَّا بِمَا تَوَاتر نَقله واستفاض وَتَلَقَّتْهُ الْأمة بِالْقبُولِ كهذه السَّبع فَإِن الشَّرْط فِي ذَلِك الْيَقِين وَالْقطع على مَا تقرر فِي الْأُصُول فَمَا لم يُوجد فِيهِ ذَلِك فَمَمْنُوع مِنْهُ منع كَرَاهَة وممنوع مِنْهُ فِي الصَّلَاة وخارج الصَّلَاة وممنوع مِنْهُ من عرف المصادر والمعاني وَمن لم يعرف ذَلِك وعَلى الحديث: 78 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 @ كل من قدر على الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر فِي ذَلِك الْقيام بواجبه وَالله أعلم 79 - مَسْأَلَة لَو لم تجز الْقِرَاءَة بالشواذ وارتكب قَارِئ عَلَيْهَا وأصر هَل يجب مَنعه عَنْهَا منع مرتكب خَطِيئَة أَو إِثْمًا أجَاب رَضِي الله عَنهُ يجب مَنعه وتأثيمه بعد تَعْرِيفه ثمَّ هُوَ مستوجب تعزيره وَالله أعلم 80 - مَسْأَلَة أَنه لَو لم يجز ذَلِك واجترأ عَلَيْهِ قَارِئ وأصر عَلَيْهِ وَلم يمْتَنع فَمَاذَا يستوجبه أجَاب رَضِي الله عَنهُ يمْنَع بِالْحَبْسِ والإهانة وَنَحْو ذَلِك وعَلى المتمكن من ذَلِك أَن لَا يهمله وَالله أعلم 81 - مَسْأَلَة إِذا استفتى عَن أَمر الشواذ اجمالا وَلَكِن لزمنا الاستفتاء عَنهُ تَفْصِيلًا اطمئنانا للقلب المستنير وردعا للمجترئ على كتاب الله عز وَجل الْمصر وَهُوَ هَذِه أَيجوزُ لقارئ أَن يقْرَأ فِي كتاب الله تَعَالَى مَكَان أَتَيْنَا أعطينا وفتجسسوا فتخبروا وسولت زَيْنَب وَأَن يسْتَبْدل تَاء الْقسم بواوه أَو بائه وَأَن يقْرَأ مَكَان مُوسَى موشى منقوطا على أصل العبرانية وَأَن يُحَرك الدَّال فِي قَوْله تَعَالَى المص وكهيعص باحدى الحركات الثَّلَاث أَو بهَا جَمِيعًا منونا غير منون وَإِن يتَعَرَّض لقَوْله تَعَالَى هَيْهَات الْمَبْنِيّ على الْفَتْح بقوله تَعَالَى هيها هُوَ مشبع الحديث: 79 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 @ وَغير مشبع وهيهات بِالتَّاءِ تَارَة وبالهاء أُخْرَى مِمَّا لَا فيهمَا وهيهاها وَهَيَّأْت بِالْهَمْزَةِ مَكَان الْهَاء الثَّانِيَة وهيهان على وزن فيعان وَمَا يجْرِي هَذَا المجرى وَيُوجد فِيهَا رجلَانِ على الْمَبْنِيّ للْمَفْعُول وَأَن يقْرَأ الْقُرْآن عَليّ الْمَعْنى أَعنِي يسْتَبْدل كل كلمة شَاءَ بِلَفْظ اخر يُفِيد مَعْنَاهَا كَمَا صرح فِي استبدال أَتَيْنَا بأعطينا وَبَعض حُرُوف الْقسم بِبَعْضِهَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ هَذَا كَلَام من خَفِي عَلَيْهِ معنى الشواذ فالشواذ عبارَة عَمَّا لم ينْقل نقلا موصلا برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُسْتَيْقنًا لَا ريب فِيهِ وَنَقله فِي الْقُرْآن مَعَ ذَلِك شخص مَذْكُور كهذه الَّتِي اشْتَمَل عَلَيْهَا الْمُحْتَسب لِابْنِ جني وَغَيره وَأما الْقِرَاءَة بِمُجَرَّد الْمَعْنى من غير تَقْيِيد بِنَقْل من ذاكره عَن من تقدمه فَذَلِك إفراط فِي الزيغ زَائِد وَكَانَ وَقع ابْن شنبوذ وَابْن مقسم ووثب عَلَيْهِمَا بمر الْإِنْكَار أهل الْعلم بِالْقُرْآنِ واستتيبا وَكفى فليتق الله الْجَلِيل عظم جَلَاله وَلَا يستجرئ على كِتَابه فقد علم مَا علم على المحرف لَهُ وَالله أعلم 82 - مَسْأَلَة رجل يَقُول الشَّيْطَان يقْرَأ الْقُرْآن وَيُصلي هُوَ وَجُنُوده وَيُرِيد إغواء الْعلم والزاهد وَيَأْخُذهُ من الطَّرِيق الَّتِي يسلكها ليضله وَإِن كَانَ يقدر على ذَلِك فَكيف معرفَة الْخَلَاص مِنْهُ الحديث: 82 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 @ أجَاب رَضِي الله عَنهُ ظَاهر الْمَنْقُول يَنْفِي قراءتهم الْقُرْآن وقوعا وَيلْزم من ذَلِك انْتِفَاء الصَّلَاة مِنْهُم إِذْ مِنْهَا قِرَاءَة الْقُرْآن وَقد ورد الْمَلَائِكَة لم يُعْطوا فَضِيلَة قِرَاءَة الْقُرْآن وَهِي حريصة لذَلِك على استماعه من الْإِنْس فَإِذا قِرَاءَة الْقُرْآن كَرَامَة أكْرم الله بهَا الْإِنْس غير أَن الْمُؤمنِينَ من الْجِنّ بلغنَا أَنهم يقروونه وَالله أعلم 83 - مَسْأَلَة إِمَام جَامع يُصَلِّي جمَاعَة خَلفه كَثِيرُونَ وَفِيهِمْ رجل وَاحِد يضعف عَن الْقيام خَلفه فِي صَلَاة الصُّبْح إِذا قَرَأَ بطوال الْمفصل هَل الأولى للْإِمَام أَن يتْرك طوال الْمفصل لأجل هَذَا الْوَاحِد الضَّعِيف وَيقْرَأ بأواسط الْمفصل أم لَا وَفِي جمَاعَة يصلونَ خلف إِمَام وَفِيهِمْ صبيان وَفِي الصَّفّ الأول خلو فَهَل يسن للصبيان أَن يصلوا خلف الرِّجَال أم يدْخلُونَ فِي ذَلِك الْخُلُو أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا وَلَيْسَ للْإِمَام أَن يفوت على الْأَكْثَرين حظهم فِي إتْمَام الصَّلَاة بِتمَام الْقِرَاءَة الْمَشْرُوعَة المستحبة فِيهَا من أجل وَاحِد أَو اثْنَيْنِ أَو نَحْو ذَلِك وَهَذَا إِذا كثر حُضُور الَّذِي يضعف عَن ذَلِك أما إِذا طَرَأَ ذَلِك غير اسْتِمْرَار فَلَا بَأْس برعاية جَانِبه وَهُوَ قريب مِمَّا روى سيدنَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ إِنِّي لأسْمع بكاء الصَّبِي فأخفف لمَكَان أمه وَأما الصّبيان فيصلون خلف الرِّجَال وَلَا يدْخلُونَ فِي فُرْجَة صفهم إِلَّا الحديث: 83 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 234 @ أَن يكون صبي وَحده فانه لَا يقف وَحده بل يقف مَعَ الرِّجَال وَالله أعلم 84 - مَسْأَلَة إِمَام يُصَلِّي بِالنَّاسِ صَلَاة التَّسْبِيح المروية عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليَالِي الْجمع وَغَيرهَا فَهَل يُثَاب ويثابون على ذَلِك أم لَا وَهل هِيَ من السّنة أم من الْبِدْعَة وَهل صحت عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من طَرِيق أم لَا وَهل من أنكر على مصليها مُصِيب أم مُخطئ وعَلى تَقْدِير تخصيصها بليلة الْجُمُعَة هَل هِيَ صَحِيحَة فِي نَفسهَا أم لَا وعَلى تَقْدِير صِحَّتهَا فَهَل يُثَاب ويثابون عَلَيْهَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ نعم يُثَاب ويثابون اذا أَخْلصُوا وَهِي سنة غير بِدعَة وَهِي مروية عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وحديثها حَدِيث حسن مُعْتَمد مَعْمُول بِمثلِهِ لَا سِيمَا فِي الْعِبَادَات والفضائل وَقد أخرجه جمَاعَة من أَئِمَّة الحَدِيث فِي كتبهمْ الْمُعْتَمدَة أَبُو دَاوُد السجسْتانِي وَأَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ وَأَبُو عبد الله بن مَاجَه وَالنَّسَائِيّ وَغَيرهم وَأوردهُ الْحَاكِم أَبُو عبد الله الْحَافِظ الحديث: 84 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 @ فِي صَحِيحه الْمُسْتَدْرك وَله طرق يعضد بَعْضهَا بَعْضًا وَذكرهَا صَاحب التَّتِمَّة وَالْمُنكر لَهَا غير مُصِيب وَلَا يخْتَص بليلة الْجُمُعَة كَمَا جَاءَ فِي الحَدِيث وَالله أعلم 85 - مَسْأَلَة رجل يَنْوِي فِي صَلَاة التَّرَاوِيح قَضَاء الْفَوَائِت الَّتِي عَلَيْهِ فَهَل يحصل لَهُ فَضِيلَة قيام رَمَضَان لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَامَ رَمَضَان إِيمَانًا واحتسابا غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه أم لَا وَهل الأولى أَن يُصَلِّي التَّرَاوِيح ثمَّ يقْضِي فِي وَقت آخر أَولا أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يحصل لَهُ فَضِيلَة قيام رَمَضَان وَإِنَّمَا يحصل لَهُ فَضِيلَة أَدَاء الْفَرَائِض وَالْأولَى أَن يُصَلِّي التَّرَاوِيح وَيَقْضِي عقيبها مَا أَرَادَ أَن يَجعله من الْقَضَاء بدل التَّرَاوِيح وَالله أعلم 86 - مَسْأَلَة النِّيَّة فِي التَّرَاوِيح وَالْوتر هَل يَنْوِي بنيته التَّرَاوِيح أَو الحديث: 85 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 @ صَلَاة التَّرَاوِيح المسنونة وَيَنْوِي سنة الْوتر أَو الْوتر الْمسنون وَهل يَنْوِي الشفع وَالْوتر أَو يَنْوِي فِي الْجَمِيع الْوتر أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا بَأْس بِأَن يَنْوِي صَلَاة التَّرَاوِيح المسنونة وَالْوتر الْمسنون وَلَا بَأْس أَيْضا بِأَن يَنْوِي سنة التَّرَاوِيح وَلَا يكون مُرَاده مثل مَا يُرَاد بقولنَا سنة الظّهْر فانه يُوجب مُغَايرَة وتعددا بل يكون مُرَاده وصف التَّرَاوِيح بِأَنَّهَا سنة ثمَّ لَا اشكال فِيهِ من حَيْثُ تضمن النِّيَّة فَإِنَّهَا عبارَة عَن الْقَصْد بِالْقَلْبِ وَلَا يخْتَلف حَال الْقَصْد باخْتلَاف حَال الْأَلْفَاظ صِحَة وَفَسَادًا وَأما فِيمَا يرجع إِلَى اللَّفْظ فَفِيهِ أشكال وَله مَعَ ذَلِك مساغ من حَيْثُ اللُّغَة قَرّرته فِي مَسْأَلَة عملتها فِي نِيَّة الْوتر وعبارتها وَهَكَذَا إِذا نوى سنة الْوتر فَهَذَا فِي ذَلِك ويزداد فِيهِ قبل الرَّكْعَة الْأَخِيرَة أَنه إِذا أَرَادَ الْإِضَافَة على معنى أَن للوتر الْحَقِيقِيّ سنة وَأَنه لَا امْتنَاع فِي أَن يكون للسّنة سنة وَيكون اضافة احدى السنتين الى الْأُخْرَى لتأكيد مَا هُوَ الْمُضَاف اليه فَهَذَا اذا أَرَادَهُ الناوي فنيته غير فَاسِدَة فَإِن غَايَة مَا فِيهِ أَن لَا يكون قطعهَا اكْتِفَاء بِمَا سبق فِي غَيرهَا وَيَنْبَغِي أَن يُرَاد فِي ذَلِك التعرف بِأَن فِي قَوْله تَعَالَى {وَالشَّفْع وَالْوتر} أَكثر من عشْرين قولا لَيْسَ مِنْهَا هذَيْن هما المُرَاد بالشفع وَالْوتر وَلم أجد لأحد من أَصْحَابنَا هَذِه التَّسْمِيَة لهذين لَكِن قد وَجدتهَا لغير أَصْحَابنَا هِيَ فِي كتاب الْخلاف فِي مَذْهَب مَالك رَضِي الله عَنهُ وأظنها فِي مَذْهَب أَحْمد رَضِي الله عَنهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 - مَسْأَلَة سنة الْوتر من أحب أَن يُصليهَا إِحْدَى عشر رَكْعَة وَهُوَ يقْصد بهَا التَّنَفُّل والتهجد فَإِن صلى مِنْهَا فِي أول اللَّيْل ثَلَاث رَكْعَات خوفًا من النّوم ثمَّ انتبه فصلى بَاقِيهَا وَهِي تَمام إِحْدَى عشر رَكْعَة ثمَّ فِي كل صَلَاة مِنْهَا يَنْوِي صَلَاة الْوتر هَل يجوز وَهل إِذا قَامَ من النّوم يُصليهَا بنية الْوتر أَو بنية التَّهَجُّد أَو بالمجموع أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا بَأْس عَلَيْهِ بذلك وَالسّنة أَن لَا ينَام إِلَّا على وتر فَإِذا نَام على الْوتر بِالثلَاثِ ثمَّ انتبه فَلهُ أَن يُصَلِّي مَا بدا لَهُ وَلَا ينْقض الْوتر على مَذْهَبنَا وَمذهب بعض الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم وَعند بَعضهم ينْقضه وَيُصلي عِنْد انتباهه للتهجد رَكْعَة وَاحِدَة تشفع لَهُ الثَّلَاث الأولى حَتَّى يخرج عَن كَونهَا وترا مرّة أُخْرَى أما بإحدي عشرَة رَكْعَة أَو بِأَقَلّ وَالْمذهب الأول هُوَ الْمُخْتَار وَيكون مَا يَأْتِي بِهِ بعد الانتباه تهجدا غير الْوتر لَا يَنْوِي بِهِ الْوتر بل مُطلق التَّطَوُّع وَالصَّلَاة الله أعلم 88 - مَسْأَلَة فِي القَوْل فِي فَضِيلَة الصَّلَاة بَين العشاءين مَا معنى العشاءين وَإِذا حضر الْعشَاء وَالْعشَاء فابدؤا بالعشاء وَمَا الْعشَاء أجَاب رَضِي الله عَنهُ يُقَال الْعشَاء بِالْفَتْح خلاف الْغذَاء وَهُوَ مَا يُؤْكَل آخر النَّهَار أَو أول اللَّيْل وَأما الْعشَاء بِالْكَسْرِ فمخصوص فِي لِسَان الشَّرْع من بَين الصَّلَوَات بِالصَّلَاةِ المنوطة بغيبوبة الشَّفق وَتَسْمِيَة الْمغرب عشَاء لَيْسَ إِلَّا من حَيْثُ اللُّغَة وَقد آباه الشَّارِع صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ حكم من أَحْكَام الحديث: 88 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 @ الْفِقْه ذكره الشَّيْخ أَبُو إِسْحَق وَغَيره وَالدَّلِيل عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ البُخَارِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي صَحِيحه عَن عبد لله بن مُغفل أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا يغلبنكم الْأَعْرَاب عَن اسْم صَلَاتكُمْ الْمغرب قَالَ وَتقول الاعراب هِيَ الْعشَاء وروى بِلَفْظ آخر أنص مِنْهُ وَعند هَذَا فَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا حضر الْعشَاء وَالْعشَاء خَارج على وَجْهَيْن أَحدهمَا إِن المُرَاد بالعشاء فِيهِ صَلَاة الْعشَاء دون الْمغرب إِذْ الْمَأْكُول عِنْدهَا أَيْضا عشَاء على مَا نَقله أَولا فِي عوائد الْعَرَب فِي أكله الْعشَاء مَا يَقْتَضِي حمل الْعشَاء فِيهِ على الْمغرب وَلَو كَانَ فَالْحَدِيث الصَّحِيح الَّذِي ذَكرْنَاهُ مَانع من أَن يكون مُرَاد الشَّارِع صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 @ الثَّانِي أَنه أَن أُرِيد بِهِ الْمغرب فَذَلِك من لفظ بعض الروَاة فَإِنَّهُ يغلب على الْمُتَقَدِّمين مِنْهُم الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى فَأطلق اسْم الْعشَاء على الْمغرب جَريا على تعارف الْعَرَب وغفلة عَمَّا رسمه الشَّارِع وَأما كلمة العشاءين الجائية فِي بعض الْأَحَادِيث مُطلقَة على الْمغرب وَالْعشَاء فلهَا أَيْضا وَجْهَان نَحْو هذَيْن الْوَجْهَيْنِ أَحدهمَا أَن هَذِه التَّثْنِيَة لَيست لكَون الْمغرب عشَاء فِي تَسْمِيَة الشَّرْع وعرفه حَتَّى يكون من قبيل تَسْمِيَة الإسمين المتفقين لفظا بل هِيَ من قبيل تنثنية الْمُخْتَلِفين لفظا بتغليب أَحدهمَا نَحْو قَوْلهم فِي الْأَب وَالأُم الأبوان وَهَذَا قَول الْأَصْمَعِي رَحمَه الل الثَّانِي أَن يكون ذَلِك من رِوَايَة جَيِّدَة عَن لفظ الشَّارِع صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تعبيرا عَن الْمَعْنى بِمَا كَانَت الْعَرَب تتناطق بِهِ من تَسْمِيَة الْمغرب وَالْعشَاء العشاءين وَأما قَوْلهم الْعشَاء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 @ الْآخِرَة فَهَذِهِ القوله وَأَن وجدت فِي كَلَام أبي دَاوُد السجسْتانِي وَغَيره من الجلة فنزاع إِلَى اللُّغَة الَّتِي محاها الشَّارِع سيدنَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على مَا تقدم تَوْضِيحه عَليّ أَن الْأَصْمَعِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ وَمن الْمحَال قَول الْعَوام الْعشَاء الْآخِرَة إِنَّمَا يُقَال صَلَاة الْعشَاء لَا غير وَصَلَاة الْمغرب وَلَا يُقَال لهَذِهِ الْعشَاء هَذَا نَص مَا نقل عَنهُ وَقد وجدته لغيره وَالْحق أَن هَذَا مصير إِلَى الْعرف الشَّرْعِيّ فَقَط وَلَا يتَجَاوَز إِلَى نفي تَسْمِيَة الْمغرب عشَاء من حَيْثُ اللُّغَة فانه لَا سَبِيل إِلَيْهِ فالعشاء عِنْد ابْن السّكيت وَغَيره من أهل اللُّغَة من الْغُرُوب إِلَى صَلَاة الْعشَاء وَعند قوم من زَوَال الشَّمْس إِلَيّ طُلُوع الْفجْر وَقَالَ الْخَلِيل الْعشَاء عِنْد الْعَامَّة من غرُوب الشَّمْس إِلَى أَن يولي صدر اللَّيْل وَالله أعلم ثمَّ ليعلم أَن صَلَاة العشاءين المذكورتين فِي الحَدِيث الصَّحِيح ليستا المسمين بالعشاءين فقد روى أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ صلى بِنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِحْدَى صَلَاتي الْعشَاء إِمَّا الظّهْر وَأما الْعَصْر وَقد قَالَ الْأَزْهَرِي الْعشَاء عِنْد الْعَرَب مَا بَين أَن تَزُول الشَّمْس إِلَى أَن تغرب وَالله سُبْحَانَهُ أعلم 89 - مَسْأَلَة من أَرَادَ الاحرام بالوتر وفصله بتسليمتين فَنوى بالركعتين الْأَوليين سنة الشفع وبالأخيرة سنة الْوتر فَهَل يكون فِي ذَلِك مخطئا أم لَا وَهل الثَّلَاث مجموعها وتر أم الرَّكْعَة الْأَخِيرَة على انفرادها وَهل لنا صَلَاة تسمى شفعا حَتَّى تكون الركعتان الأوليان سنة لذَلِك الشفع أم الحديث: 89 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 @ تكون الرَّكْعَة الْأَخِيرَة هِيَ صَلَاة الْوتر والركعتان الأوليان قبلهَا سنة لَهَا كسنن بَاقِي الصَّلَوَات أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يكون مخطئا فِي ذَلِك وَهُوَ منزل منزلَة مَا لَو نوى الْأَوليين الشفع وبالأخري الْوتر مجردين عَن ضميمة السّنة لِأَن المعني بِالسنةِ مُضَافَة إِلَى الشفع نفس الشفع وَبهَا مُضَافَة إِلَى الْوتر نفس الْوتر وَهُوَ سَائِغ كَمَا سَاغَ قَوْلنَا صَلَاة الْوتر وَإِن كَانَت الصَّلَاة هُنَا نفس الْوتر وَلَا يفْسد هَذَا بِأَن يُقَال أَن الشئ لَا يُضَاف إِلَى نَفسه والموصوف لَا يُضَاف إِلَى صفته وَلَا الصّفة إِلَيّ موصوفيها وَعنهُ اعْتقد النحويون فِي قَوْلهم مَسْجِد الْجَامِع وَصَلَاة الأولى محذوفا تقديرة مَسْجِد الْوَقْت الْجَامِع وَصَلَاة السَّاعَة الأولى لِأَن لَهُ مساغا رحبا أما على مَذْهَب الْكُوفِيّين فَظَاهر لتسويفهم إِضَافَة الشَّيْء إِلَى نَفسه كَمَا حكى عَنْهُم فِي قَوْله تبَارك وَتَعَالَى {وَحب الحصيد} وَغَيره وَأما على مَذْهَب الْبَصرِيين فَلِأَن الَّذِي نفوه من ذَلِك أَن كل وَاحِد من الْمُضَاف والمضاف إِلَيْهِ يدل على مَا يدل عَلَيْهِ الآخر قبل الاضافة كزيد وكنيته فَأَما مَا لم يكن كَذَلِك فلاامتناع فِيهِ بِإِجْمَاع كَقَوْلِنَا نفس الشَّيْء وكل الْقَوْم وَمَا ضاهاهما وَقد جَاءَ عَنْهُم سحق عِمَامَة وَخلق ثوب ومغربة خبز كَمَا جَاءَ عَنْهُم مائَة الدِّرْهَم وَخَاتم فضَّة وَنَحْو ذَلِك وَبعد هَذَا فَلَا خَفَاء فِي التحاق مَا نَحن بصدده بِهَذَا الْقَبِيل فَبِهَذَا يتَوَجَّه ذَلِك لِأَن هُنَاكَ شفعا آخر يصلح لِأَن تنْسب إِلَيْهِ هَاتَانِ الركعتان والركعتان منسوبتان إِلَيْهِ وَهَذَا من الْوَاضِح الْجَلِيّ فِي قَوْله سنة الْوتر إِذْ لَا وتر آخر غير هَذِه الرَّكْعَة منسوبة إِلَيْهِ إِذا علم هَذَا فالناوي سنة الشفع وَسنة الْوتر أَن قصد الْمَعْنى الأول الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 @ لَا إِشْكَال فِي صِحَة نِيَّته وَصلَاته وَإِن قصد الثَّانِي الَّذِي نفيناه فَصلَاته صَحِيحَة لِأَنَّهُ نَوَاهَا بِعَينهَا وَإِن أَخطَأ فِي وصفهَا بِمَا لَيْسَ من صفتهَا فليلغ الْوَصْف وَلَا يُوتر مُجَردا من مزِيد السّنة وَالَّذِي ظَفرت بِهِ جيدا قَدِيما وحديثا من أقاويل أَئِمَّة مَذْهَب الْفضل أوجه أَحدهَا أَن يَنْوِي بالركعتين الْأَوليين مُقَدّمَة الْوتر وبالأخيرة الْوتر قَالَه الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد الْجُوَيْنِيّ وَالِد إِمَام الْحَرَمَيْنِ أَبُو الْمَعَالِي فِي كِتَابه كتاب الْمُحِيط بِمذهب الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ الثَّانِي ان يَنْوِي بِمَا قبل الرَّكْعَة سنة الْوتر حَكَاهُ صَاحب كتاب بَحر الْمَذْهَب القَاضِي أَبُو المحاسن الرَّوْيَانِيّ وجدته بالموصل فِي كِتَابه حلية الْمُؤمن وَفِي هذَيْن الْوَجْهَيْنِ تَخْصِيص للوتر بالركعة الْأَخِيرَة وَإِخْرَاج لما قبلهَا من مُسَمّى الْوتر من إِثْبَات يشبه بَينهمَا وارتباط وَالثَّانِي مِنْهُمَا يستبعد بِأَن الْوتر على مَذْهَب الْفَصْل سنة وَلَا عهد لنا بِسنة هِيَ صَلَاة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 @ الثَّالِث أَن يَنْوِي بِمَا قبل الرَّكْعَة الْأَخِيرَة التَّهَجُّد أَو صَلَاة اللَّيْل حَكَاهُ ابْن مَسْعُود الْفراء صَاحب التَّهْذِيب فِيهِ وَهُوَ يداني مَا قَالَه الْغَزالِيّ فانه قَالَ يَنْوِي بِهِ السّنة وَفِي هَذَا الْوَجْه قطع لذَلِك عَن الْوتر من غير إِثْبَات تعلق وَمَا اتّفقت عَلَيْهِ هَذِه الْوُجُوه من تَخْصِيص الْوتر بالركعة المفردة وَاقع على وفْق قَول الشَّافِعِي فِي رِوَايَة الْبُوَيْطِيّ رَضِي الله عَنْهُمَا الْوتر رَكْعَة وَاحِدَة وَهَذَا صَاحب الْحَاوِي يَقُول فِيهِ لَا يخْتَلف مَذْهَب الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ فِي أَن الْوتر رَكْعَة وَاحِدَة تشهد بِصِحَّتِهِ الْأَحَادِيث الصِّحَاح الَّتِي مِنْهَا حَدِيث مُسلم فِي صَحِيحه يسلم بَين كل رَكْعَتَيْنِ ويوتر بِوَاحِدَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 @ وَيشْهد للْوَجْه الثَّالِث فِي أَنه يَنْوِي بِمَا قبلهَا صَلَاة اللَّيْل أَو نَحْو ذَلِك الحَدِيث الثَّابِت عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ صَلَاة اللَّيْل مثنى مثنى فَإِذا رَأَيْت أَن الصُّبْح يدركك فأوتر بِوَاحِدَة وَفِي ذَلِك وَجه رَابِع وَهُوَ أَنه يَنْوِي الْوتر فِي كلهَا فِي الرَّكْعَة الْأَخِيرَة وَمَا قبلهَا اخْتَارَهُ القَاضِي الرَّوْيَانِيّ وَقَالَهُ قبله القَاضِي أَبُو الطّيب الطَّبَرِيّ فِي منهاج النّظر من تأليفه وَهُوَ على وفَاق مَا تنطق بِهِ تصانيف الشَّيْخ أبي إِسْحَق وَغَيره من قَوْلهم أقل الْوتر رَكْعَة وَاحِدَة وَأَكْثَره اُحْدُ عشرَة رَكْعَة وَفِي بعض كَلَام الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ إِشَارَة إِلَيْهِ وَفِي حَدِيث خرجه أَبُو دَاوُد السجْزِي فِي السّنَن عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا مَا يدل عَلَيْهِ وَمَا رَوَاهُ مَالك أَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا كَانَ يسلم بَين الرَّكْعَة والركعتين من الْوتر شاهدة لَهُ وَلَا يمْنَع أَن يكون صَلَاة وَاحِدَة يفصل بَعْضهَا عَن بعض بسلامة فَإِن ذَلِك مَوْجُود من النَّوَافِل فِي التَّرَاوِيح وَلَا أَن يكون من الْوتر مَا هُوَ شفع فَإِنَّهُ بانضمام الشفع إِلَى الْوتر يصير الْمَجْمُوع وترا نظرا إِلَى الْجُمْلَة فيسوغ لذَلِك أَن يُقَال أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ من الْوتر لِكَوْنِهِمَا من جملَة الْوتر وَيدل عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ الشَّافِعِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 @ رَضِي الله عَنهُ عَن مَالك رَضِي الله عَنهُ من حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ صَلَاة اللَّيْل مثنى مثنى فاذا خشِي أحدكُم الصُّبْح صلى رَكْعَة وَاحِدَة توتر لَهُ ماقد صلى وكوضع الدّلَالَة قَوْله توتر لَهُ مَا قد صلى وَالْمُخْتَار من هَذِه الْوُجُوه هَذَا الْوَجْه لِأَن فِيهِ جمعا بَين هَذِه الْأَحَادِيث كلهَا إِذْ الْوَاحِدَة الأَصْل فِي الايتار وَبهَا يصير مَا قبلهَا وترا فَمن أجل هَذَا اقْتصر فِي الْوَصْف بالوتر بِهِ عَلَيْهَا فِيمَا احتججت بِهِ للْوَجْه الأول وَعند هَذَا فَقَوْل مُسلم بِوَاحِدَة مَحْذُوف فِيهِ مفعول أوتر وَالْمرَاد أوتر بِوَاحِدَة مَا مضى كَمَا صرح بِهِ الحَدِيث الآخر ويلي هَذَا الْوَجْه فِي الْقُوَّة الْوَجْهَانِ الْأَوَّلَانِ وأبعدها الثَّالِث وَلَا نزاع أصلا فِي أَنه يَنْوِي بالركعة الْأَخِيرَة الْوتر لاستحقاقها حَقِيقَته بِمَا نصصناه الإفصاح بأجوبة الأسئلة كلهَا وجملتها أَنه لَا يكون فِي ذَلِك مخطئا وَالْمَجْمُوع بأسره وتر وَلَا صَلَاة شفع هُنَاكَ تكون الركعتان سنة لَهَا إِذْ لَيْسَ ثمَّ الا الْفَرْض وركعتا سنته وَبعد أَن ثَبت كَون الرَّكْعَتَيْنِ المذكورتين من الْوتر وَلَا سَبِيل إِلَى اعْتِقَاد كَونهَا سنة لأحد ذَيْنك لِأَن الْوتر صَلَاة تنفل اخر اللَّيْل حَيْثُ يكره تَأْخِير الْعشَاء وسنتها إِلَيْهِ أَو تمنع لغير هَذَا من الْأَدِلَّة وليستا أَيْضا سنة للوتر لما سبق من أَنه لَا سنة ذَات سنة وَقد تقدم إِيضَاح ذَلِك وتبيينه وأسأل الله رَبِّي الْعِصْمَة والمثوبة وَالله أعلم 90 - مَسْأَلَة فِي قَول الإِمَام فِي النِّهَايَة فِي الْفجْر الأول حَتَّى الحديث: 90 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 @ للمحق بِمَاذَا ينمحق بِالْفَجْرِ الثَّانِي أم بِغَيْر ذَلِك وَإِن رَأَوْا أَن يذكرُوا مَا عِنْدهم فِي الْفجْر الأول وَالْفَجْر الثَّانِي وَالْفرق بَينهمَا ليهتدي بذلك مهتد أَو يَقْتَدِي بِهِ مقتد وَهل تجوز صَلَاة الْفجْر إِذا أَخذ الْفجْر الأول فِي الانتشار أَو فِي الامتداد والانحطاط أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَيْسَ انمحاقه بِالْفَجْرِ الثَّانِي فان بَينهمَا فصلا وَإِنَّمَا ينمحق بسواد يعقبه وَالْفَجْر الأول يَبْدُو طَويلا دَقِيقًا صاعدا فِي الجو متعقبا سوادا واظلاما وَلذَلِك سمي الْخَيط الْأسود وذنب السرحان وَهُوَ الذَّنب وَأما الْفجْر الثَّانِي فَهُوَ يَبْدُو منتشرا مُعْتَرضًا فِي الْأُفق مزدادا ضِيَاء بعد ضِيَاء وَلَا تجوز صَلَاة الْفجْر بِنَاء على الْفجْر الأول وَمَا ذكر فِي السُّؤَال فمحال فَإِنَّهُ لَا يَأْخُذ فِي الانتشار بل فِي الانحطاط على مَا تقدم من وَصفه وَالله أعلم 91 - مَسْأَلَة صبي حر وَعبد اجْتمعَا أَيهمَا أولى بِالْإِمَامَةِ وَقد قَالَ الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق فِي التَّنْبِيه الْحر أولى من العَبْد والبالغ أولى من الصَّبِي أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِذا اسْتَوَى حظهما من الدّين وَالْفِقْه وَالْقِرَاءَة وَسَائِر الْخِصَال الْمُعْتَبرَة فِي التَّقْدِيم فَالظَّاهِر أَنَّهُمَا يتساويان فَإِنَّهُمَا تَسَاويا فِي عدم أهليتهما للتقديم فِي المناصب الشَّرْعِيَّة وسلامة الصَّبِي من الْمعاصِي يقابلها أَن الْبَالِغ أَكثر تحرجا من مفسدات الصَّلَاة لِأَن الْحَرج يلْحقهُ وَلَا يلْحق الصَّبِي وَالله أعلم كنت قد ذهبت فِي هَذَا إِلَى مثل مَا هُوَ الْأَظْهر فِي أَمْثَال هَذِه الْمَسْأَلَة من الْمسَائِل المسطورة وَهُوَ كَمَا لَو اجْتمع بَصِير وأعمى أَو اجْتمع عبد فَقِيه وحر الحديث: 91 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 @ غير فَقِيه فَفِيهَا ثَلَاثَة أوجه مِنْهَا القَوْل بترجيح كل وَاحِد مِنْهُمَا وَالْأَظْهَر التَّسْوِيَة بَينهمَا ثمَّ أُعِيدَت الْفتيا فَرَأَيْت تَرْجِيح القَوْل بِتَقْدِيم العَبْد من حَيْثُ إِن فِيهِ الْخُرُوج من خلاف لَهُ وَقع وَهُوَ خلاف أبي حنيفَة وَمَالك وَأحمد وَغَيرهم على اخْتِلَاف بَعضهم فِي جَوَاز إِمَامَة الصَّبِي وَالله أعلم 92 - مَسْأَلَة رجل أدْرك الإِمَام فِي التَّشَهُّد الْأَخير فَهَل لَهُ أَن يَأْتِي بِدُعَاء الاستفتاح فِي مَوضِع التَّشَهُّد أم يتَشَهَّد مَعَ الإِمَام وَإِذا سلم الإِمَام قَامَ وأتى بِدُعَاء الاستفتاح أَو يسْقط أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يَأْتِي بِدُعَاء الاستفتاح أصلا لَا فِي الْحَال وَلَا بعد قِيَامه وَالله أعلم 93 - مَسْأَلَة الَّذِي تَفْعَلهُ الْأَئِمَّة فِي هَذَا الزَّمَان من قِرَاءَة سُورَة الْأَنْعَام فِي قيام رَمَضَان جملَة وَاحِدَة بِنَاء مِنْهُم على أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أنزلت عَليّ سُورَة الآنعام جملَة وَاحِدَة مَعهَا سَبْعُونَ ألف ملك إِلَى آخر الحَدِيث فَهَل لهَذَا صِحَة أَو لَا وَهل نقل عَن أحد من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَالْعُلَمَاء المعتبرين رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ ذَلِك أجَاب رَضِي الله عَنهُ فعلهم هَذَا بِدعَة وَلَا أصل صَحِيح لذَلِك فِيمَا علمناه الابتداع انما هُوَ فِي تَخْصِيص الإنعام بذلك على الْوَجْه الحديث: 92 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 @ الَّذِي يتعارفونه لَا فِي مُطلق قِرَاءَة سُورَة كَامِلَة بالأنعام أَو غَيرهَا فِي رَكْعَة وَاحِدَة وَالْخَبَر الْمَذْكُور فِي ذَلِك قد روينَاهُ من حَدِيث أبي بن كَعْب عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي إِسْنَاده ضعف وَلم نر لَهُ إِسْنَادًا صَحِيحا وَقد روى مَا يُخَالِفهُ فروى أَنَّهَا لم تزل جملَة وَاحِدَة بل نزلت آيَات مِنْهَا بِالْمَدِينَةِ اخْتلفُوا فِي عَددهَا فَقيل ثَلَاث آيَات هِيَ قَوْله تَعَالَى {قل تَعَالَوْا} إِلَى آخر الْآيَات وَقيل سِتّ وَقيل غير ذَلِك وسائرها نزل بِمَكَّة وَلَو ثَبت الحَدِيث فَلَا يثبت بِمُجَرَّدِهِ اسْتِحْبَاب قرَاءَتهَا جملَة وَاحِدَة كَمَا يَفْعَلُونَهُ وَفِي الحَدِيث الْمَذْكُور نَفسه فِيمَن قَرَأَ سُورَة الْأَنْعَام صلى عَلَيْهِ أُولَئِكَ السبعون ألف ملك بِعَدَد كل آيَة أَو قَالَ بِعَدَد كل حرف يَوْمًا وَلَيْلَة فعلق هَذَا على ذَلِك بِمُطلق قرَاءَتهَا من غير تَقْيِيد بِأَن تكون الْقِرَاءَة جملَة وَاحِدَة وَإِثْبَات الْأَحْكَام بالأحاديث أَو غَيرهَا مفوض إِلَى الْعلمَاء الْأَئِمَّة العارفين بِوُجُوه الدلالات وشروط الْأَدِلَّة وَلم ينْقل فِيمَا علمناه عَن أحد مِنْهُم وَلَا عَن أحد من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ رَضِي الله عَنْهُم أَنه اسْتحبَّ مَا يَفْعَله هَؤُلَاءِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق 94 - مَسْأَلَة رجلَانِ صلى أَحدهمَا التَّرَاوِيح فِي جَمِيع شهر رَمَضَان بِالْفَاتِحَةِ وَسورَة الْإِخْلَاص ثَلَاث مَرَّات فِي كل رَكْعَة وَالْآخر صلى التَّرَاوِيح فِي جَمِيع الشَّهْر بِجَمِيعِ الْقُرْآن الْعَظِيم فَأَيّهمَا أفضل صَلَاة أجَاب رَضِي الله عَنهُ صَلَاة الثَّانِي أفضل فَإِنَّهَا أشبه بِالسنةِ وبفعل أَئِمَّة التَّرَاوِيح فِي عهد الْقدْوَة فِي التَّرَاوِيح عمر بن الْخطاب رَضِي الله الحديث: 94 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 @ عَنهُ وَمن بعده من أَئِمَّة السّلف وَالْخلف رَضِي الله عَنهُ وَقِرَاءَة سُورَة قل هُوَ أحد فِي كل رَكْعَة ثَلَاثًا قد كرهها بعض السّلف لمخالفتها الْمَعْهُود عَن من تقدم وَلِأَنَّهَا فِي الْمُصحف مرّة فلتكن فِي التِّلَاوَة مرّة وَالله أعلم 95 - مَسْأَلَة رجل يقْرَأ الْقُرْآن ويلحن فِيهِ لحنا فَاحِشا يُغير مَعَانِيه تغييرا فَاحِشا وَيطْلب بقرَاءَته الْأجر وَينْهى عَن ذَلِك فَلَا يَنْتَهِي عَن ذَلِك يزْعم أَن ناهيه آثم فَهَل لَهُ الْأجر فِي التِّلَاوَة وَهل يَأْثَم ناهيه وَهل يجب على من يقدر على مَنعه أَن يمنعهُ من ذَلِك أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ يَأْثَم بذلك وَلَا يَأْثَم ناهيه وَيجب على الْقَادِر مَنعه من ذَلِك وَطَرِيقه أَن يصحح مِنْهُ الْقدر الَّذِي يقدر على تَصْحِيحه ويكرره وَالله أعلم 96 - مَسْأَلَة الحروز الَّتِي تكْتب وَتعلق على الدَّوَابّ وَغَيرهَا وفيهَا آيَات من الْقُرْآن فَهَل يَأْثَم من يكْتب وَيسْتَعْمل أم لَا الحديث: 95 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 @ أجَاب رَضِي الله عَنهُ ذَلِك مَكْرُوه وَترك تَعْلِيق الحروز هُوَ الْمُخْتَار وَالله أعلم 97 - مَسْأَلَة هَل يجوز كِتَابَة الحروز للصغار وَتعلق فِي أَعْنَاقهم وَمَا يخلوا عَن اسْم الله تبَارك وَتَعَالَى وآيات من الْقُرْآن وَالصغَار مَا يحترزون من دُخُول الْخَلَاء وَكَذَلِكَ النسوان وَالرِّجَال أَيْضا واحترازهم فِيهَا قَلِيل فَهَل يجوز لَهُم ذَلِك أجَاب رَضِي الله عَنهُ يجوز ذَلِك وَيجْعَل لَهَا حجاب كثيف من شمع وَجلد ثمَّ يستوثق من النِّسَاء وأشباههن وبالتحذير من دُخُول الْخَلَاء بهَا وَالله أعلم كتاب الْجُمُعَة 98 - مَسْأَلَة وجوابها كَانَ فِي النَّفس شَيْء فِي رجل يجب عَلَيْهِ الْجُمُعَة من أهل قَرْيَة يجب على أَهلهَا إِقَامَة الْجُمُعَة خرج عِنْد صَلَاة الْجُمُعَة من قريته إِلَيّ قَرْيَة أُخْرَى لَا يبلغ قريته النداء مِنْهَا فَأَقَامَ جمعته هَل يجوز لَهُ ذَلِك فَظهر أَن ذَلِك جَائِز وتبرأ ذمَّته من الْجُمُعَة بذلك وَكَلَام الشَّيْخ فِي التَّنْبِيه يشْعر بِهِ حَيْثُ يَقُول اذا الحديث: 97 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 @ سَافر سفرا لَا يُصَلِّي فِيهِ الْجُمُعَة لَكِن هَل يتم بِهِ الْعدَد فِي تِلْكَ الْقرْيَة حَتَّى لَو غَابَ وَاحِد من الْأَرْبَعين وَحضر هَذَا مَعَ البَاقِينَ تَنْعَقِد جمعتهم فَفِيهِ وَجْهَان حَكَاهُمَا الشَّيْخ أَبُو عبد الله الخياطي من أَئِمَّة طبرستان فِي كِتَابه الْمُجَرّد أَحدهمَا وَهُوَ قَول أبي اسحق وَهُوَ الْأَصَح وَالْأَشْهر أَنَّهَا لَا تَنْعَقِد وَيشْتَرط أَن يكون الْعدَد من أهل الْقرْيَة الَّتِي تُقَام فِيهَا الْجُمُعَة وَالثَّانِي وَهُوَ قَول أبي عَليّ بن أبي هُرَيْرَة وَمَا وَجهه وَدَلِيله 99 - مَسْأَلَة فِيمَا تكَرر مِنْهُ ترك الْجُمُعَة مرَارًا من غير عذر يجوز تَركهَا فَأفْتى مفتي شَافِعِيّ الْمَذْهَب بِأَنَّهُ يجب قَتله ويستتاب فَأطلق وَلم يُقيد فَهَل مَا أفتى بِهِ هَكَذَا صَحِيح فِي مَذْهَب الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ وَمَا وَجهه وَدَلِيله أجَاب رَضِي الله عَنهُ نعم هُوَ صَحِيح على مَذْهَب الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ من حَيْثُ النَّقْل على عزة وجوده فِي كتب الْمَذْهَب وَالدَّلِيل يعضده أما النَّقْل فقد ذكر ذَلِك الإِمَام أَبُو بكر الشَّاشِي رَضِي الله عَنهُ من غير أَن يشبب فِيهِ بِخِلَاف وَكَانَ رَحمَه الله قد استفتى فَأفْتى بِوُجُوب قَتله وَإِن كَانَ يُصليهَا ظهرا وَذَلِكَ فِي فَتَاوِيهِ مَوْجُود هَا هُنَا وكما أَنه لَا يتَوَقَّف اسْتِحْقَاق قَتله على امْتِنَاعه من فعل الظّهْر فَكَذَلِك أصل اسْتِحْقَاق قَتله لَا يتَوَقَّف على الْإِصْرَار وَترك الْإِنَابَة وَالتَّوْبَة وَهُوَ هَذَا كَتَرْكِ سَائِر الصَّلَوَات الْمَكْتُوبَة يُوجب الْقَتْل غير مُتَوَقف فِيهِ أصل وجوب الْقَتْل على الِامْتِنَاع من الْقَضَاء وَالتَّوْبَة بل يتَوَقَّف اسْتِيفَاؤهُ على الاستتابة والإصرار نَص على هَذَا غير وَاحِد من الْعِرَاقِيّين والخراسانيين وَسبب توقف اسْتِيفَائه على ذَلِك كَونه حدا يسْقط بِالتَّوْبَةِ مَعَ كَون الْحُدُود يتشوف إِلَى إِسْقَاطهَا وَمن نَظَائِر ذَلِك الْقَتْل فِي الرِّدَّة فَإِنَّهُ كَذَلِك من غير اشْتِبَاه وَقَول إِمَام الْحَرَمَيْنِ رَحمَه الله الحديث: 99 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 252 @ فِي أَنه يسْتَوْجب الْقَتْل إِذا امْتنع من الْقَضَاء لَيْسَ مُخَالفا لهَذَا فَإِنَّمَا نَاظر بذلك اسْتِقْرَار وجوب الْقَتْل لَا أصل وُجُوبه يدل عَلَيْهِ أَنه قَالَ بعد قَوْله هَذَا قَضَاؤُهُ كعود الْمُرْتَد إِلَى الْإِسْلَام ثمَّ إِن هَذَا تكلم مِنْهُ فِي سَائِر الصَّلَوَات دون الْجُمُعَة فَإِن سِيَاق كَلَامه متقيد بِمَا يقْضِي وَالْجُمُعَة لَا تقضي على مَا عرف وَقد قَالَ صَاحب التَّتِمَّة فِي سَائِر الصَّلَوَات مَا هُوَ أبلغ فَإِنَّهُ ذكر أَنه لَو قَالَ تَعَمّدت ترك الصَّلَاة بِلَا حذر وَلم يقل وَلَا أُرِيد أَن أَفعَلهَا فِي الْمُسْتَقْبل أَنه يقتل لِأَن جِنَايَته قد تحققت بالتفويت وَإِذا بَانَتْ صِحَّته فِي نقل الْمَذْهَب فبيان صِحَّته من حَيْثُ الدَّلِيل إِن تَارِك الصَّلَاة المستوجب للْقَتْل بالأدلة الْمَعْرُوفَة من الْكِتَابَة وَالسّنة والمعقول لَا يسْقط قَتله إِلَّا بِالْقضَاءِ فِيمَا يقْضِي وبالإقلاع فِيمَا لَا يقْضِي لِأَن الْمُوجب للْقَتْل مُسْتَمر بِدُونِهَا والتارك للْجُمُعَة الْفَاعِل لِلظهْرِ تَارِك لَهَا بِغَيْر قَضَاء لِأَن فعل الظّهْر لَا يَقع قَضَاء للْجُمُعَة لانْتِفَاء حَقِيقَة الْقَضَاء فِيهِ قطعا فَلَا يسْقط قَتله من غير إقلاع عملا بِالْمُوجبِ ولتقدير هَذَا مجَال فسيح وَهُوَ أوضح أَن قُلْنَا ان كل وَاحِد من الْجُمُعَة وَالظّهْر أصل بِرَأْسِهِ وَهُوَ أحد آراء ثَلَاثَة مَحْفُوظَة فِي الْمَذْهَب وَلَا يُقَال أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا وَظِيفَة هَذَا الْوَقْت فيأتيهما أت فقد أدّى وَظِيفَة الْوَقْت فَوَجَبَ أَن يسْقط عَنهُ الْقَتْل فَلَيْسَ هَذَا بِشَيْء لوَجْهَيْنِ أَحدهمَا أَن الظّهْر لَا يسوغ فِي حق من الْكَلَام فِيهِ حِين تسوغ الْجُمُعَة لِأَنَّهَا لَا تسوغ لَهُ إِلَّا بعد فَوَات الْجُمُعَة بإقامتها فَحَيْثُمَا الْجُمُعَة وَظِيفَة لَيست الظّهْر وَظِيفَة وَكَذَا بِالْعَكْسِ غَايَة مَا فِيهِ أَنه مَا من وَقت تسوغ فِيهِ إِحْدَاهمَا فِي حَالَة إِلَّا وتشرع فِيهِ الْأُخْرَى فِي حَالَة أُخْرَى فَكل حِين من الْوَقْت المبدوء بالزوال وَقت لَهما على الْجُمْلَة من هَذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 @ الْوَجْه لَكِن هَذَا لَا يُوجب أَن يكون فعل إِحْدَاهمَا يسْقط الْمُوجب ترك الْأُخْرَى لِأَن وَقت الصَّلَاة الثَّانِيَة من الظّهْر وَالْعصر أَو الْمغرب وَالْعشَاء بِهَذِهِ المثابة بِالنِّسْبَةِ إِلَى كل وَاحِدَة من الصَّلَاتَيْنِ ثمَّ لَا يسْقط الْقَتْل عَن تَارِك إِحْدَاهمَا بِفعل الْأُخْرَى الثَّانِي أَنَّهُمَا إِذا كَانَا على هَذَا القَوْل من أصلين مُخْتَلفين فَلَا تَأْثِير لِكَوْنِهِمَا فِي وَقت مُتحد فِيمَا الْكَلَام فِيهِ وَإِن قُلْنَا بِالرَّأْيِ الثَّانِي وَأَن الْجُمُعَة أصل وَالظّهْر بدل فَكَذَلِك أَيْضا لوَجْهَيْنِ أَحدهمَا أَن ذَلِك لَا يَنْفِي كَونه ترك الْجُمُعَة من غير قَضَاء لِأَن فعل الْبَدَل لَيْسَ بِقَضَاء على مَا مضى وَلَا سَبِيل إِلَى إِلْحَاق الْبَدَل بِالْقضَاءِ فِي ذَلِك لِأَن الْقَضَاء يُؤَدِّي حكمه الْمقْضِي أَو معظمها وَالْبدل لَيْسَ كَذَلِك وَإِنَّمَا يودي مثل بعض حكمه الأَصْل لَا مُخَيّرا إِذْ الْكَلَام فِي الْبَدَل الَّذِي يُقَابل بِأَصْل مُتَعَيّن فَكَذَلِك يُوجب الْأَمريْنِ التغاير والتفاوت لما وضوحه يُغني عَن التَّطْوِيل بِذكرِهِ لَا كالبدل فِي خِصَال الْكَفَّارَة المخيرة فانها إِبْدَال لَا مُتَعَيّن فِيهَا للأصالة وَعند هَذَا فَمثل هَذَا التَّفَاوُت مَانع من التَّسْوِيَة بَينهمَا لما لَا يخفى الثَّانِي أَنه بدل مُرَتّب وَالْبدل الْمُرَتّب تتَحَقَّق بدليته بِمُجَرَّد ترتيبه فِي الشَّرْعِيَّة على شَرْعِيَّة الْمُبدل وَإِن تباعدا فِي الْمَقْصُود كَالصَّوْمِ فِي الْكَفَّارَة هُوَ بدل من الْعتْق مَعَ كَونهمَا فِي غَايَة التباين فِي حكمتيهما فان اكْتفى مكتف بالاشتراك فِي الْوَصْف الْعَام فَيلْزمهُ أَن يَقُول إِذا ترك صَلَاة وأتى بِصَلَاة أُخْرَى من نوع آخر سقط عَنهُ بهَا الْقَتْل وَلَا صائر اليه وَلَا يُقَال إِن الصَّوْم لم يحِق بِالصَّلَاةِ فِي الْقَتْل لِأَنَّهُ أخف حَالا لِأَنَّهُ قد سقط بِعُذْر يتَطَرَّق إِلَيْهِ بدل فَكَذَلِك الَّتِي تسْقط بِعُذْر وتبدل الظّهْر لَا يلْحق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 @ بِسَائِر الصَّلَوَات الْمَكْتُوبَة الَّتِي لَا تسْقط وَلَا تبدل فَهَذَا غير مُتَّجه لِأَن الْمَعْنى فِي الصَّوْم أَنه يَتَيَسَّر الْحمل عَلَيْهِ بطرِيق أسهل من الْقَتْل وَهُوَ الْحَبْس وَالْمَنْع من الطَّعَام وَالشرَاب فَإِن الظَّاهِر من حَال الْعَاقِل الْمُسلم الْمَمْنُوع من ذَلِك أَنه يَنْوِي الصَّوْم لِأَنَّهُ لَا يمنعهُ مِنْهُ إِلَّا الرَّغْبَة فِي الطَّعَام وَالشرَاب فاذا منعهما فَهَذَا لَا محَالة يَنْوِي الصَّوْم كي لَا يجمع على نَفسه المحذورين من غير فَائِدَة فلأجل هَذَا لَا يقتل بترك الصَّوْم وَأما السُّقُوط بالعذر والاكتفاء بِالْبَدَلِ فَلَا يدل هَذَا وأشباهه على نُقْصَان الدرجَة فان ذَلِك فِي الْوَاجِب كَمَا قد يكون لانحطاط مرتبته فقد تكون الزِّيَادَة الْمَشَقَّة فِيهِ وان كَانَ متأكدا محتلا فِي أَعلَى الرتب وَهَذَا هُوَ الْوَاقِع فِي الْجُمُعَة لِأَنَّهَا لَا محَالة آكِد من سَائِر الصَّلَوَات على مَا تنطق بِهِ النُّصُوص وتدل عَلَيْهِ الْأَحْكَام الَّتِي مِنْهَا اختصاصها بالتبكير وَجمع الْجَمَاعَات لَهَا وَغير ذَلِك حَتَّى حمل ذَلِك من أمرهَا بعض الْعلمَاء على ان جعلهَا الصَّلَاة الْوُسْطَى أما الرَّأْي الثَّالِث وَهُوَ القَوْل بِأَن الظّهْر أصل وَالْجُمُعَة بدل ويعبر عَنهُ بِأَنَّهَا ظهر مَقْصُورَة وَهُوَ قَول ضَعِيف فَالْكَلَام مبتنيا عَلَيْهِ كَالْكَلَامِ على عَكسه وَهُوَ القَوْل الثَّانِي وَقد سبق ذَلِك مقررا وَهَذَا لِأَن الظّهْر وَإِن جعلت أصلا على هَذَا القَوْل فَلَا يجوز فعلهَا مَعَ تيَسّر الْجُمُعَة الَّتِي هِيَ الْبَدَل وَإِنَّمَا يجوز عِنْد عدمهَا لَا كَسَائِر الْأُصُول وَلَا كَسَائِر مَا يقصر فقد استتب هَذَا الافتاء على الآراء الثَّلَاثَة وَهِي كل الْأَقْسَام المحتملة فِي هَذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 @ الموطن مَعَ أَنه يَكْفِي فِي الانتهاض فِي تَقْرِيره الْبناء على أَحدهَا وترجيحه وَفِي الْمَسْأَلَة نَص خَاص بهَا يدل على حكمهَا وَهُوَ الحَدِيث الْمَرْوِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من ترك الْجُمُعَة من غير ضَرُورَة كتب منافقا فِي كتاب لَا يمحى وَلَا يُبدل وَذكر الشَّافِعِي أَن فِي بعض رواياته من ترك الْجُمُعَة ثَلَاثًا فَمن الْوَجْه الَّذِي قرر فِي النَّص الشَّامِل للْجُمُعَة وَغَيرهَا من المكتوبات وَهُوَ قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمن تَركهَا فقد كفر إِن أَرَادَ أَنه قد اسْتوْجبَ مَا يستوجبه الْكَافِر من الْقَتْل يَتَقَرَّر فِي هَذَا النَّص إِن المُرَاد بِهِ أَنه الْمُنَافِق فِي استجابة الْقَتْل إِذا باح بنفاقه وَالْعلم عِنْد الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى رَبنَا آتنا من لَدُنْك رَحْمَة وهيء لنا من أمرنَا رشدا وَالله أعلم 100 - مَسْأَلَة طَائِفَة من الْفُقَرَاء يَسْجُدُونَ بَعضهم لبَعض ويزعمون أَن ذَلِك تواضع لله وتذلل للنَّفس ويستشهدون بقوله تَعَالَى وَرفع أَبَوَيْهِ على الْعَرْش وخروا لَهُ سجدا فَهَل يجوز أَو يحرم وَهل يخْتَلف الحديث: 100 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 @ بِمَا إِذا كَانَ يسْجد مُسْتَقْبل الْقبْلَة أم لَا وَهل الْآيَة فِي ذَلِك مَنْسُوخَة فِي مثل ذَلِك أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يجوز ذَلِك وَهُوَ من عظائم الذُّنُوب ويخشى أَن يكون كفرا وَالسُّجُود فِي الْآيَة مَنْسُوخ أَو يتَأَوَّل وَالله أعلم 101 - مَسْأَلَة رجل لازمته الوسوسة فِي نِيَّة الصَّلَاة إِذا أَرَادَ التَّكْبِير اجْتهد فِي إِحْضَار النِّيَّة ثمَّ لَا يتَمَكَّن من التَّكْبِير إِلَّا بعد أَن يرى أَنه لم يبْق مَا أحضرهُ من النِّيَّة أَو شكّ فِي بَقَائِهَا ويتسارع الشَّك إِلَيْهِ كرفع الطّرف وَيصير كالآيس من التَّمَكُّن من ذَلِك وَمَضَت لَهُ على هَذَا مُدَّة مديدة وَلَا يزْدَاد إِلَّا شدَّة فَهَل لَهُ رخصَة فِي التَّكْبِير بعد تَمام النِّيَّة وَمَا يجده من الدهشة أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَهُ من الرُّخْصَة فِي هَذَا مَا صَار إِلَيْهِ الْغَزالِيّ رَحمَه الله فِي حق الْعَوام من أَن موافاتهم حَقِيقَة العقد وَالتَّكْبِير لَا يكلفون بهَا فَإِنَّهُ شطط لم يعْهَد اشْتِرَاطه من الْأَوَّلين بل الْوَاجِب فِي حَقهم أصل الْقَصْد إِلَى الصَّلَاة الْمعينَة بأوصافها الْمَذْكُورَة الْمُعْتَبر احضارها فِي النِّيَّة بِحَيْثُ لَا يكون غافلا عَن ذَلِك فِي حَالَة إِرَادَته التَّكْبِير وبحيث يعد قَصده فِي الْعرف مقترنا بِالتَّكْبِيرِ وَإِن لم يكن مقترنا على الْحَقِيقَة فَهَذَا الموسوس منسلك فِي هَذَا الْقَبِيل فَعَلَيهِ الاجتزاء بذلك والإعراض عَن الوسوسة أصلا فَإِنَّهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى سيخزى بعد ذَلِك شَيْطَانه وتزايله وسوسته وَتصْلح فِي النِّيَّة حَالَته وَإِن لم الحديث: 101 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 @ يفعل فَإِنَّمَا هُوَ مُتَحَقق بِمَا قَالَه إِمَام الْحَرَمَيْنِ إِذْ يَقُول الوسوسة مصدرها الْجَهْل بمسالك الشَّرِيعَة أَو نُقْصَان فِي غريزة الْعقل ونسأل الله الْعَظِيم لنا وَله الْعَافِيَة ثمَّ إِن اقتران النِّيَّة على الْحَقِيقَة لَيْسَ بصعب المرام عِنْد من أخلى قلبه من الأفكار الدُّنْيَوِيَّة وجانب الْغَفْلَة فَإِن الْإِنْسَان مهما عرف أَن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أوجب عَلَيْهِ صَلَاة الصُّبْح مثلا فَكبر امتثالا لأَمره كَفاهُ ذَلِك فِي ذَلِك فانه يشْتَمل على جَمِيع مَا ذَكرُوهُ من كَونهَا صبحا فرضا أَدَاؤُهَا لله تَعَالَى وَمَا وَرَاء هَذَا فتشديد وَنَوع خارجيه وَمن شدد شدد عَلَيْهِ وكما لَا يحْتَاج من يقوم لمحترم تَعْظِيمًا لَهُ فِي تَحْقِيق قَصده ذَلِك إِلَى أَن يَقُول بِلِسَانِهِ أَو فِي قلبه نَوَيْت إِذْ الْقيام لفُلَان تَعْظِيمًا لَهُ بل يحصل ذَلِك بِمُجَرَّد مَعْرفَته بِأَنَّهُ فلَان ونهوض لتعظيمه فَكَذَلِك مَا نَحن بصدده فَلَيْسَتْ من هَذَا الموسوس بِاللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وليحفظ هَذَا مكتفيا بِهِ فَإِنَّهُ كَانَ عِنْدهم فَإِن تَمَادى بِهِ الشَّرّ وأبى إِلَّا التشكك الْمَوْصُوف فليستخر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وليركن إِلَى الْمَذْكُور أَولا وَالله سُبْحَانَهُ الْمَسْئُول للهداية والتسديد وَالله أعلم وَمن كتاب الْجَنَائِز 102 - مَسْأَلَة رجل عِنْده قماش يكريه لجنائز الْأَمْوَات وَغَيره مثل ثِيَاب بيض وحمر وخضر وأقبية وشرابيش وَثيَاب أطلس حمر وخضر وَثيَاب مذهبَة فَهَل يجوز لَهُ كراؤها بطرِيق الْحل الحديث: 102 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 @ أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يجوز ذَلِك فِي الأطلس وَالْحَرِير وَكلما الْمَقْصُود مِنْهُ الزِّينَة وَلَا بَأْس فِيمَا الْمَقْصُود مِنْهُ ستر الْمَيِّت وصيانته وَالله أعلم 103 - مَسْأَلَة وقف على من احْتِيجَ إِلَى سُؤال كفن لَهُ بِالْمَدِينَةِ الْفُلَانِيَّة هَل يتَعَيَّن الْكَفَن الْوَاجِب أَو يجوز الْكَفَن الْمُسْتَحبّ وَهل يعْطى الْقطن مَعَ الْكَفَن وَهل يشْتَرط أَن يكون من طلب لَهُ الْكَفَن فَقِيرا أجَاب رَضِي الله عَنهُ يقْتَصر على ثوب وَاحِد وَيكون سابغا وَلَا يعْطى الْقطن والحنوط فَإِنَّهُ من قبيل الأثواب المستحسنة الَّتِي لَا يعْطى على الْأَظْهر الْمَحْفُوظ فِي نَظِيره وَيشْتَرط أَن يكون ذُو الْكَفَن فَقِيرا فَإِن قَوْله من احْتِيجَ إِلَى سُؤال كفن لَهُ مَحْمُول على السُّؤَال الْجَائِز وَالسُّؤَال الْجَائِز مَخْصُوص بالفقير وَالله أعلم 104 - مَسْأَلَة رجل دفن من مُدَّة سِنِين فِي قبر مَمْلُوك مَعْقُود على مَا جرت بِهِ عَادَة أهل دمشق ثمَّ أذن وَارثه فِي أَن وضعت فِيهِ امْرَأَة أجنبيه فِي تابوتها فَهَل يجوز لَهُ ذَلِك أم يكره وَإِذا كره مَا وَجه كَرَاهَته وَهل يجوز للْوَارِث اسْتِدْرَاك ذَلِك بنقلها وَهل يفرق بَين أَن يكون من عِظَامه بارز دَاخل الْقَبْر أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ وَالله الْمُوفق بعد الْمُرَاجَعَة وَالنَّظَر أَن فِي دَفنهَا الْمَذْكُور ارْتِكَاب الْمنْهِي عَنهُ من وُجُوه الحديث: 103 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 @ أَحدهَا الدّفن فِي التابوت وَهُوَ مُبْتَدع مَنْهِيّ عَنهُ وَفِي النِّسَاء أَيْضا وَالثَّانِي الدّفن الْمَعْهُود فِي الْقَبْر الْمَعْقُود فَإِنَّهُ مَنْهِيّ عَنهُ من حَيْثُ إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى أَن يبْنى الْقَبْر وَفِي رِوَايَة وَأَن يبْنى عَلَيْهِ وكلتا الرِّوَايَتَيْنِ صحيحتين إِن الْكَيْفِيَّة الَّتِي يتعاطاها أهل دمشق فِي ذَلِك قريبَة من فعل الْكفَّار وَفِي نواويسهم وَالثَّالِث الْجمع بَين الرجل وَالْمَرْأَة الْأَجْنَبِيَّة فِي قبر وَاحِد وَفِيه أَن الْجمع بَين الْإِثْنَيْنِ فِي قبر وَاحِد لَا يسوغ إِلَّا فِي حَالَة الْعسر والضرورة وَمن الْمَعْنى فِيهِ أَنه بِجَانِب الْحُرْمَة وَالْمَيِّت مُحْتَرم وَأَنه لَا يدْرِي حَالهمَا فَيَتَأَذَّى الصَّالح بالطالح ثمَّ إِن الْجمع بَين الرجل وَالْمَرْأَة الْأَجْنَبِيَّة يخْتَص بِزِيَادَة منع لِأَن الْمَشْرُوع الثَّابِت من المجانية بَينهمَا لم تزل بِالْمَوْتِ من آثَار ذَلِك أَنه لَا يجوز لأَحَدهمَا غسل الآخر وَغير هَذَا من الْأَحْكَام ثمَّ بِالنّظرِ إِلَى هَذَا الْوَجْه وَمعنى التَّشَبُّه بأصحاب النواويس يزْدَاد الْمَحْذُور فِيمَا إِذا لم تكن عِظَام الرجل كلهَا مطمورة بِالتُّرَابِ وَعند هَذَا فعلى ولي الْمَرْأَة وَولي الرجل المقبور اسْتِدْرَاك الْأَمر من جَمِيع الْوُجُوه الْمَذْكُورَة فليتخذ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 @ للْمَرْأَة حفيرة تدفن فِيهَا من غير تَابُوت على الْوَجْه الْمَشْرُوع وَلَو فِي مَكَانهَا وَلَكِن لَا مَعَ بَقَاء هَذَا الْقَبْر المبنى وَلَيْسَ فِي إخْرَاجهَا مِنْهُ مَحْذُور وَنقل الْمَيِّت الَّذِي يَصْحَبهُ النبش وليزل وَارِث المقبور مَحْذُور الْبناء وَغَيره فَإِن تدارك ذَلِك لم يفت وَالله أعلم 105 - مَسْأَلَة تلقين الْمَوْتَى بعد الدّفن هَل هُوَ مَشْرُوع وَإِذا شرع ذَلِك فَهَل يشرع تلقين الطِّفْل الرَّضِيع وَمَا الدَّلِيل على ذَلِك وَعلة تلقين الطِّفْل مَطْلُوب أجَاب رَضِي الله عَنهُ أما تلقين الْبَالِغ فَهُوَ الَّذِي نختاره ونعمل بِهِ وَذكره جمَاعَة من أَصْحَابنَا الخراسانيين وَقد روينَا حَدِيثا من حَدِيث أبي أُمَامَة لَيْسَ بالقائم إِسْنَاده وَلَكِن اعتضد بشواهد وبعمل أهل الشَّام بِهِ قَدِيما وَهُوَ مُخْتَصر وَأبي وَلَيْسَ فِيهِ غبه مَا يذكرهُ الْعَامَّة الملقنون من التَّطْوِيل قَالَ الْجَامِع لهَذِهِ الْفَتَاوَى رَضِي الله عَنهُ وَقد أَمرنِي رَضِي الله عَنهُ بِأَن أنقله لصَاحب الْفَتْوَى الْوَاقِعَة فِي ذَلِك وَقد نقلته من التَّتِمَّة وَصورته أَن يَقُول يَا فلَان ابْن أمة الله أويقول يَا فلَان ابْن حَوَّاء اذكر مَا خرجت عَلَيْهِ من الدُّنْيَا شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله وَأَنَّك رضيت بِاللَّه رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دينا وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَبيا وَبِالْقُرْآنِ إِمَامًا وَبِالْكَعْبَةِ قبْلَة وَبِالْمُؤْمِنِينَ إخْوَانًا وَأما تلقين الرَّضِيع فَمَا لَهُ مُسْتَند يعْتَمد وَلَا نرَاهُ 106 - مَسْأَلَة قَول صَاحب التَّنْبِيه فِيمَا إِذا مَاتَت الْحَامِل وَفِي جوفها جَنِين لَا ترجى حَيَاته أَنه يوضع على بَطنهَا مَا يموته الحديث: 105 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 @ أجَاب رَضِي الله عَنهُ هَذَا فِي نِهَايَة الْفساد بل الصَّوَاب أَن يتْرك حَتَّى يَمُوت من غير ذَلِك وَالله أعلم 107 - مَسْأَلَة فِي الْكَفَن هَل يجوز أَن يكْتب عَلَيْهِ سور من الْقُرْآن يس والكهف وَأي سُورَة أَرَادَ أَو لَا يحل هَذَا خوفًا من صديد الْمَيِّت وسيلان مَا فِيهِ على الْآيَات وَأَسْمَاء الله تَعَالَى الْمُبَارَكَة المحترمة الشَّرِيفَة وَهل يجوز أَن يَصْحَبهُ فِي الْقَبْر شَيْء من الثِّيَاب المخيطة أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يجوز ذَلِك وَأما المخيطة فَيجوز أَن يُكفن فِي قَمِيص وَالله أعلم مَسْأَلَة رجل يزْعم أَنه يرى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي النّوم وَهُوَ يَقُول لَهُ قولا يتَضَمَّن حكما شَرْعِيًّا فَهَل يجوز لَهُ الْعَمَل بِهِ أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يجوز الِاعْتِمَاد فِي ذَلِك على مَا يرَاهُ فِي النّوم ويسمعه من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَيْسَ ذَلِك من أجل عدم الوثوق بِأَن من رَآهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقد رَآهُ حَقًا فان ذَلِك موثوق بِهِ بل ذَلِك من أجل عدم الوثوق بضبط الرَّأْي لذَلِك فَإِن حَالَة النّوم حَالَة غيبَة وَبطلَان للقوة الحافظة لما يجْرِي فِي النّوم على التَّفْصِيل وَنَحْو هَذَا وعَلى هَذَا درج أهل الْعلم وَأهل الْمعرفَة الماضون وَإِنَّمَا يعْتَمد فِي الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة وَنَحْوهَا على الدَّلَائِل الشَّرْعِيَّة الْمَعْلُومَة وَالله أعلم الحديث: 107 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 @ وَمن كتاب الزَّكَاة 108 - مَسْأَلَة الْخَمْسَة الأوسق هِيَ خَمْسَة أوسق وَهِي ألف وسِتمِائَة رَطْل بالبغدادي كم تَجِيء بالرطل الشَّامي أجَاب رَضِي الله عَنهُ هِيَ برطل دمشق ثلثمِائة رَطْل وَثَلَاثَة وَأَرْبَعُونَ رطلا أَو قَرِيبا من ذَلِك وَالله أعلم 109 - مَسْأَلَة رجل ملك حليا معدا لاستعمال النِّسَاء فَهَل تجب الزَّكَاة أم تسْقط بِحكم إعداده لاستعمال النِّسَاء مَعَ بَقَائِهِ على ملك الرجل أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِذا كَانَ مَعَ ذَلِك مُسْتَعْملا استعملا مُبَاحا لم تجب زَكَاته وَالله أعلم 110 - مَسْأَلَة امْرَأَة ملكت حليا معدا للباسها فاذا حَال الْحول فَهَل تجب الزَّكَاة أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ الْأَظْهر أَنه لَا تجب والأحوط إخْرَاجهَا وَالله أعلم 111 - مَسْأَلَة هَل يجوز لِابْنِ السَّبِيل وَالْمكَاتب والغارم صرف مَا يُعْطون من الزَّكَاة إِلَى حوائجهم من نَفَقَة زَوْجَات وَغير ذَلِك ويكتسب هَذَا الْأَدَاء النُّجُوم ويشحذ الْمُسَافِر الحديث: 108 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 @ فِي طَريقَة أَو يعْمل صَنْعَة توصله وَيَقْضِي الْغَارِم من غير هَذَا المَال أم يحجز عَلَيْهِم فِي الْمَدْفُوع وَيُقَال لَا يجوز لكم صرفه إِلَّا فِيمَا أَنْتُم بصدده أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا حجز عَلَيْهِم فِي ذَلِك لأَنهم ملكوا ذَلِك وَمن ملك شَيْئا تمكن من صرفه فِيمَا شَاءَ وَهَذَا الحكم مَنْقُول فِي الْمكَاتب والغارم وَابْن السَّبِيل ملتحقان بِهِ وَلَا يَنْبَغِي أَن يخرج هَذَا على الْخلاف فِيمَا إِذا حصل الِاسْتِغْنَاء عَن الْمَأْخُوذ بابراء وَنَحْوه لقِيَام الْفرق وَالله أعلم 112 - مَسْأَلَة رجل مُقيم بِبَلَد وَقد وَجَبت عَلَيْهِ زَكَاة وَله قريب مُقيم بِبَلَد آخر فَهَل لَهُ أَن ينْقل بعض مَا وَجب عَلَيْهِ من الزَّكَاة ويدفعها لقريبه الْمَذْكُور أَو يفرقها فِي الْموضع الَّذِي وَجَبت عَلَيْهِ فِيهِ أجَاب رَضِي الله عَنهُ الْأَظْهر أَن ذَلِك جَائِز بِشَرْطِهِ وَالله أعلم 113 - مَسْأَلَة فلاح يستقرض من الدُّيُون مَا يبذره فِي أَرض بَيت المَال فَإِذا حصل حَاصله أدّى الْقَرْض وناصفه السُّلْطَان فِي الْبَاقِي فَأخذ نصفه فَهَل يجب على الْفَلاح وَحده عشر الْجَمِيع إِذْ بلغ نِصَابا أَو لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ عشر الْجَمِيع على الْفَلاح الْمَالِك المبذر فَإِنَّهُ الْمَالِك لجَمِيع الزَّرْع وَالَّذِي يَأْخُذهُ نَائِب بَيت المَال إِنَّمَا يَدْفَعهُ الْفَلاح عوضا عَن مَنْفَعَة الأَرْض رَاضِيا بذلك كالأجرة وَالدّين لَا يمْنَع وجوب الزَّكَاة وَفَسَاد هَذِه الْمُعَامَلَة لَا يَجْعَل الَّذِي دَفعه مَعَ رِضَاهُ على سَبِيل الْعِوَض دَاخِلا فِي قبيل الْمَغْصُوب وَلَا يَنْبَغِي أَن يثقل ذَلِك على الْفَلاح فَإِنَّهُ يحصل لَهُ الحديث: 112 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 @ إِن شَاءَ الله تَعَالَى بِإِخْرَاجِهِ من الْبركَة أَضْعَاف مَا أخرجه وَمَا نقص مَال من صَدَقَة 114 - مَسْأَلَة الْفطْرَة هَل يجوز إخْرَاجهَا على أحد الْأَصْنَاف الثَّمَانِية فَإِن الثَّمَانِية يعجز طَلَبهمْ وَهل لزكاة الْفطر حكم زَكَاة المَال فِي التَّقْسِيم أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ يجوز عِنْد بعض أَئِمَّتنَا قسمتهَا على ثَلَاثَة من الْفُقَرَاء وَيجوز تَقْلِيده فِي ذَلِك وَالله أعلم 115 - مَسْأَلَة فِي الْحبّ الْمخْرج فِي الْكَفَّارَات الشَّرْعِيَّة وَزَكَاة الْفطر وَنَفَقَة الزَّوْجَات هَل يجب إِخْرَاجه مغربلا نقيا من الغلث أم يجوز أَن يكون مِمَّا جرت الْعَادة بِبيعِهِ فِي الْأَسْوَاق وَهل يخْتَلف الْحَال عِنْد من يعْتَبر الْمكيل مَوْزُونا أجَاب رَضِي الله عَنهُ أَن أخرجه بِالْوَزْنِ فَيشْتَرط نقاؤه مِمَّا يظْهر فِي الْوَزْن من ذَلِك وَأَن أخرجه كَيْلا فَلَا بَأْس بِمَا يحصل من التُّرَاب وَنَحْوه فِي شقوق الْحبّ وَلَا ينقص بِهِ نفس الْحبّ عَن كَونه صَاعا مثلا وعَلى الْجُمْلَة الحديث: 114 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 @ يَنْبَغِي أَن يُزَاد على مَا قدر بِهِ وزنا مِقْدَارًا يَقع مَعَه الثِّقَة بِالْوَفَاءِ بِالْأَصْلِ الَّذِي كَانَ يخرج كَيْلا فَإِن فِي الضَّبْط بِالْوَزْنِ اضطرابا وَالله أعلم 116 - مَسْأَلَة قوم تزيوا بزِي الْفقر وهم قادرون على الْكسْب فَهَل يحل لَهُم الْأَخْذ من الزَّكَاة وَهل إِذا أَعْطَاهُم الانسان من الزَّكَاة تَبرأ ذمَّته وَهل على ولي الْأَمر الزامهم الْكسْب أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يحل لَهُم ذَلِك وهم فِي ذَلِك خارجون عَن طَريقَة الأخيار لابتزاز ذمَّة من دفع إِلَيْهِم وَلَا تَبرأ ذمَّة من دفع إِلَيْهِم الزَّكَاة بِسَبَب الْفقر والمسكنة مَعَ قدرتهم على كسب يَلِيق بأمثالهم وعَلى ولي الْأَمر مَنعهم وإلزامهم الْكسْب إِذا قدرُوا على كسب لَائِق بأمثالهم وَالله أعلم 117 - مَسْأَلَة أَصْنَاف الزَّكَاة فِي هَذَا الْعَصْر غير خَافَ أَن بَعضهم قد عدم وَقد عمي خبر من بَقِي مَا خلا الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين هَل على رب المَال الزَّكَاة أَن يتمهل فِي كشف حَال الغارمين وَابْن السَّبِيل والرقاب أم يجوز لَهُ أَن يقْتَصر على أحد الصِّنْفَيْنِ بسهولة الحديث: 116 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 @ ذَلِك وعسر البَاقِينَ وَهل الْمِسْكِين من عِنْده بعض قوت يَوْمه أم هُوَ من عِنْده بعض قوت سنة أجَاب رَضِي الله عَنهُ يفرقها على الْمَوْجُودين من الْأَصْنَاف وهم أَرْبَعَة الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين والغارمون وَأَبْنَاء السَّبِيل وَإِن وجد فِي بلد السَّائِل المكاتبون صرف إِلَيْهِم سهمهم وأخره حَتَّى يكْشف عَنهُ والمسكين هُوَ الَّذِي لَا يملك تَمام كِفَايَة سنة فَالْعِبْرَة فِي ذَلِك بِالسنةِ على الْأَصَح سهم وَالله أعلم أجَاب رَضِي الله عَنهُ مِنْهُم من أَبى ذَلِك وَيتَوَجَّهُ بِأَنَّهُ يَأْخُذ ذَلِك صَدَقَة وَكَونه عَاملا وصف نيط بِهِ الِاسْتِحْقَاق كَسَائِر الْأَوْصَاف من الْفقر والمسكنة وَغَيرهمَا وَلَيْسَ ذَلِك أُجْرَة على منهاج الْأُخَر فَإِنَّهُ لَا يعْتَبر فِيهِ عقد إِجَارَة وَلَا ان يكون الْمِقْدَار مَعْلُوما عِنْد عمله وَمِنْهُم من سوغ ذَلِك وَيتَوَجَّهُ بِأَن ذَلِك فِي الْمَعْنى أُجْرَة فانه مجعول لَهُ على عمل يعمله يُقَابل مثله بِالْأُجْرَةِ وَيدل على أَنه سهم الْعَامِل لَا يُزَاد على أُجْرَة الْمثل وَإِذا فضل من ثمن الصَّدَقَة على ذَلِك فَاضل رد على بَاقِي الْأَصْنَاف وَإِنَّمَا لم يعْتَبر فِيهَا العقد وَشَرطه لِأَنَّهَا ثبتَتْ بِجعْل الشَّارِع بِخِلَاف الْأجر فِي الأجارات الَّتِي هِيَ منوطة بِجعْل الْمُكَلف وَالله أعلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 @ وَمن كتاب الصَّوْم 119 - مَسْأَلَة قَول الشَّيْخ فِي الْوَسِيط فِي الصَّوْم فِي المجامع إِذا نزع مَعَ طلع الْفجْر يَصح صَوْمه ثمَّ أجَاب عَن سُؤال مُقَدّر فَإِن قيل كَيفَ يُمكن اتِّصَال النزع بالصبح قُلْنَا مَا قيل إِن كَانَ الإحساس لَا يتَعَلَّق بِهِ حكم هَل يُرِيد أَنه لَا يتَعَلَّق بِهِ حكم الصَّوْم حَتَّى أَنه لَو أولج فِيهِ وَنزع قبل إِمْكَان الاحساس لَا يفْطر أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ وَأما قَوْله لَا يتَعَلَّق بِهِ حكم مَعْنَاهُ لَا يتَعَلَّق بِهِ حكم الْإِفْسَاد وَنَحْوه مِمَّا يتَعَلَّق بالإيلاج لَو تَعَمّده بعد فِي الْمعرفَة بِطُلُوع الْفجْر وَالله أعلم 120 - مَسْأَلَة امْرَأَة ظهر لَهَا انْقِطَاع الْحيض بِاللَّيْلِ فِي شهر رَمَضَان ثمَّ انها تحملت قطنة احْتِيَاطًا ونوت الصَّوْم وأخرجت القطنة بعد طُلُوع الْفجْر وَلم تَرَ أثرا فَهَل يضر هَذَا الاستخراج فِي الصَّوْم وَكَذَا اذا أدخلت أصبعها الى بَاطِن الْفرج عِنْد الِاسْتِنْجَاء هَل يكون ذَلِك كوصول شَيْء من الإحليل أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ يَنْبَغِي أَن يكون مخرجا على الْخلاف فِي أَن اقتلاع النخامة من الْبَاطِن هَل يلْتَحق بالقيء والإفطار وَالْأولَى أَن لَا يفْطر وَإِدْخَال إصبعها الى بَاطِن الْفرج مفطر كَمَا فِي مثله فِي المقعدة وَالله أعلم الحديث: 119 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 @ وَمن كتاب البيع قَالَ شَيخنَا الإِمَام الْعَالم الْعَامِل تَقِيّ الدّين بن الصّلاح غفر الله لَهُ للغزالي رَحمَه الله تصرف فِي اسْتِعْمَال لفظ الرُّكْن كَرَّرَه فِي تصانيفه وأشكل على الْأَكْثَرين تَحْقِيقه وتنقيحه وَمَعَ كَثْرَة تداوله فِي كتبه لم أجد أحدا من أهل الْعِنَايَة بِكَلَامِهِ تقدم بكشفه وَقد من الله الْكَرِيم بكشفه وَوجه الْإِشْكَال أَن ركن الشَّيْء عِنْد الْغَزالِيّ وَعند غَيره مَا تركبت حَقِيقَة الشَّيْء مِنْهُ وَمن غَيره ثمَّ أَنه لَا يزَال فِي أَمْثَال هَذَا يسْتَعْمل الرُّكْن فِيمَا لَيْسَ جُزْءا من الْحَقِيقَة كَمَا فعله هَاهُنَا فَإِنَّهُ عد الْعَاقِد والمعقود عَلَيْهِ من أَرْكَان عقد البيع وليسا داخلين فِي حَقِيقَة الشَّيْء قطعا وَلَيْسَ يَسْتَقِيم أَن يُقَال أَنه يجوز فَأَرَادَ مَا لَا بُد مِنْهُ فِي البيع مثلا لِأَنَّهُ يبطل بِالزَّمَانِ وَالْمَكَان وَيبْطل بالمشروط فَإِنَّهَا لَا بُد مِنْهَا وَهُوَ يَجْعَلهَا غير الْأَركان فَأَقُول وَالله الْمُوفق إِن ركن الشَّيْء فِيمَا نَحن بصدده عبارَة عَمَّا لَا بُد لذَلِك الشَّيْء مِنْهُ فِي وجود صورته عقلا أما لكَونه دَاخِلا فِي حَقِيقَته أَو لكَونه لَازِما لَهُ بِهِ اخْتِصَاص فَنَقُول لَا بُد لذَلِك الشَّيْء فِي وجود صورته فِيهِ احْتِرَاز عَن الشَّرْط فَإِنَّهُ لَا بُد مِنْهُ فِي وجود صِحَّته شرعا لَا فِي وجود صورته حسا وَذَلِكَ فِيمَا نَحن فِيهِ لكَون الْمَبِيع مَعْلُوما ومنتفعا بِهِ وَسَائِر مَا يذكر فِي قسم الشُّرُوط فان صُورَة العقد مَوْجُودَة بِدُونِ كل ذَلِك لَكِن لَا تُوجد صِحَّته شرعا بِدُونِهَا فَهَذَا ضبط الْفرق بَين الرُّكْن وَالشّرط وَمن أجل هَذَا اعتذر فِي كتاب النِّكَاح عَن عد الشَّهَادَة من الْأَركان فَقَالَ هِيَ شَرط لَكِن تساهلنا بتسميتها ركنا وَقُلْنَا لكَونه دَاخِلا فِي حَقِيقَته أَو لَازِما لَهُ بِهِ اخْتِصَاص احترازنا بِهِ عَن الزَّمَان وَالْمَكَان وَنَحْوهَا من الْأُمُور الْعَامَّة الَّتِي لَا بُد مِنْهَا وَقد حوينا بذلك الْعَاقِد والمعقود عَلَيْهِ وَصِيغَة العقد فَإِنَّهَا لَا تخرج عَن ذَلِك وَيَنْبَغِي أَن يَقُول وَصِيغَة العقد أَو مَا فِي معنى الصِّيغَة كَمَا قَالَ قَالَه فِي الْبَسِيط لِأَن تَغْيِير الصِّيغَة من قبيل الشُّرُوط وَالله أعلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 @ مَسْأَلَة رجل اشْترى جَارِيَة بِثمن مَعْلُوم دَفعه الى البَائِع وَدفع أُجْرَة الدلالين ثمَّ ظهر بهَا عيب فَردهَا على البَائِع بِأَمْر الْحَاكِم واسترجع الثّمن فَهَل لَهُ أَن يسترجع الدّلَالَة أَيْضا أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ أُجْرَة الدَّلال على البَائِع لَا على المُشْتَرِي فَإِذا وَزنهَا المُشْتَرِي نظر فَإِن تبرع بهَا لم يكن لَهُ الرُّجُوع بعد التَّسْلِيم وَكَذَا إِن أَدَّاهَا عَن البَائِع بِغَيْر إِذْنه لم يكن لَهُ الرُّجُوع على أحد وَإِن أَدَّاهَا عَن البَائِع بِإِذْنِهِ فَلهُ الرُّجُوع على البَائِع وَإِن أَدَّاهَا عَن نَفسه على ظن أَنَّهَا وَاجِبَة عَلَيْهِ فَلهُ الرُّجُوع على الدَّلال الَّذِي أجرهَا وَالله أعلم 122 - مَسْأَلَة جَارِيَة اشترتها مغنية وحملتها على الْفساد فامتنعت وَطلبت البيع أجَاب رَضِي الله عَنهُ بانها تبَاع عَلَيْهَا مِمَّن لَيْسَ مبتلى بِهَذَا الْبلَاء وَرَأَيْت الْحَال يَقْتَضِي أَن ذَلِك تعين طَرِيقا فِي خلاصها من الْفساد واستروحت إِلَى فَتَاوَى القَاضِي حُسَيْن فِيمَا رَأَيْته بِخَط بعض أَصْحَابه عَنهُ أَن السَّيِّد إِذا كلف مَمْلُوكه مَا لَا يُطيق يُبَاع عَلَيْهِ وَلَيْسَ مَا قَالَه بَعيدا عَن قَاعِدَة الحديث: 122 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 @ الْمَذْهَب فقد علم أَن العَبْد الْمُسلم يُبَاع على الْكَافِر صِيَانة لَهُ من الذل وَقد قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من لَا يلائمكم فبيعوه وَالله أعلم 123 - مَسْأَلَة رجل اشْترى جَارِيَة وَبعد أَيَّام يسيرَة ذكرت أَنَّهَا طهرت عَن الْحيض فَوَطِئَهَا وَبعد ثَمَانِيَة أَيَّام ظهر أَنَّهَا حَامِل حملا شهد جمَاعَة من القوابل أَنه من مُدَّة تزيد على الشَّهْر وباستحالة كَونه من ذَلِك الوطىء عَادَة مَعَ أَن الْعَادة أَيْضا تحيل ظُهُور الْحمل بعد المعلوق بِثمَانِيَة أَيَّام ثمَّ وضعت الْحمل بعد ثَمَانِيَة أشهر وَخَمْسَة أَيَّام وَالْمُشْتَرِي يقطع بِأَن الْوَلَد لَيْسَ مِنْهُ فَهَل يحل لَهُ بيعهَا بَاطِنا وَإِن لم يحل لَهُ ظَاهرا بوضعها الْوَلَد على فرَاشه بعد مُدَّة هِيَ مُدَّة الْإِمْكَان وَهِي ثَمَانِيَة أشهر وَخَمْسَة أَيَّام أجَاب رَضِي الله عَنهُ هَذَا الْوَلَد لَاحق بالمشتري حكما وقطعه بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ اعْتِمَاد على مَا ذكر لَيْسَ فِي مَحَله فَإِن إمارات الْحمل لَا توجب الحديث: 123 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 @ أَكثر من الظَّن لكَونه قد تخلف فَإِذا يكون مَا ظهر أَولا بِهَذِهِ الْجَارِيَة من أَمَارَات الْحمل كَاذِبَة ثمَّ حملت من وطىء المُشْتَرِي واتصلت أَمَارَات الْحمل الصادقة بالأمارات الكاذبة وَعند هَذَا فَلَا يحصل بذلك أَكثر من ظن يجْرِي فِي جَوَاز اعْتِمَاده فِي نفي الْوَلَد من الْخلاف مَا جرى فِي الظَّن الْحَاصِل من الِاسْتِبْرَاء بعد الوطىء والأحوط للْمُشْتَرِي وَالْحَالة هَذِه أَن لَا يَنْتَفِي من الْوَلَد ويلتزم لأمة حكم أُميَّة الْوَلَد وعَلى تَقْدِير حُصُول تحقق الْقطع بَاطِنا يكون هَذَا الْوَلَد لَيْسَ مِنْهُ فَينْظر فَإِن سبق من مَالك قبله الْإِقْرَار بوطىء تَقْتَضِي أَن يكون هَذَا الْوَلَد مِنْهُ فَلَا يجوز وَالْحَالة هَذِه لهَذَا المُشْتَرِي بيع الْجَارِيَة لكَونهَا أم ولد لذَلِك الواطىء وَحكمهَا الرَّد عَلَيْهِ وَإِن لم يكن كَذَلِك وَالْحَال هَذَا للْمُشْتَرِي بيعهَا وَبيع وَلَدهَا فان أُميَّة الْوَالِد تثبيت مَعَ مثل هَذَا الشَّك مَعَ كَرَاهِيَة شَدِيدَة لاحْتِمَال أَن يكون الْوَلَد من مَالك أَو شبهه وَثُبُوت الِاسْتِيلَاء لأمة وَالله أعلم 124 - مَسْأَلَة شخص بَاعَ من آخر كرما وَبَقِي فِي يَده سنتَيْن واستغله ثمَّ أنكر المُشْتَرِي العقد وَحلف على نَفْيه فَهَل للْبَائِع تغريمه مَا استغل وَأنكر الاستغلال فَقَامَتْ الْبَيِّنَة عَلَيْهِ بِهِ أجَاب رَضِي الله عَنهُ للْبَائِع تغريمه مَا اسْتعْمل لكَونه فِي زَعمه أَنما استغل ملكه وَهُوَ إِنَّمَا يَدعِي عَلَيْهِ الثّمن لَا غير وَقد تعذر عَلَيْهِ بِيَمِين المُشْتَرِي فسبيله أَن يفْسخ البيع لأجل تعذر الثّمن حَتَّى يحل لَهُ التَّصَرُّف فِي الْكَرم الْمَبِيع هَذَا هُوَ الْأَظْهر فِي ذَلِك من الْوَجْهَيْنِ الْمَسْأَلَة بِحَالِهَا كَانَ على صَاحب الْكَرم دين للْمُشْتَرِي فَبَاعَهُ إِيَّاه بِهِ أَو بِمثلِهِ حَتَّى وَقع التَّقَاصّ ثمَّ أنكر المُشْتَرِي على حسب مَا تقدم الحديث: 124 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 @ أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِن هَا هُنَا يتَعَيَّن الْوَجْه الآخر من الْوَجْهَيْنِ وَهُوَ أَن البَائِع يَبِيع الْكَرم ليستوفي من ثمنه مَا أَخذه المُشْتَرِي الدَّائِن على جِهَة اسْتِيفَاء الدّين وَلَا يكون لَهُ ذَلِك إِلَّا بعد أَن يَأْخُذهُ مِنْهُ الدَّائِن وَقَبله لَا يجوز أصلا وَالْفَسْخ الَّذِي هُوَ الْأَظْهر فِيهَا إِذا تعذر الثّمن بإنكار المُشْتَرِي لَا يجْرِي هَا هُنَا لِأَن الثّمن قد صَار مُسْتَوفى بِوَاسِطَة سُقُوط الدّين عَن ذمَّة البَائِع أما لكَونه ملكه بِالْبيعِ حَيْثُ وَقع البيع على الْمَدِين نَفسه أَو بطرِيق التَّقَاصّ إِن وَقع العقد على مثله وَسقط بالتقاص وَالدّين الَّذِي يَسْتَوْفِيه بعد ذَلِك ظلم فان استوفى جَازَ للْبَائِع اسْتِيفَاؤهُ مِمَّا ظفر بِهِ من الْكَرم الَّذِي هُوَ ملكه وَإِلَّا فَلَا وَالله أعلم 125 - مَسْأَلَة اشْترى رجلا قطعتين من أَرض وَبَينهمَا نهر عَام وهما لمَالِك وَاحِد هَل يدْخل كَتفًا النَّهر فِي الْمَبِيع وَهل للْمُشْتَرِي إِن يركب على النَّهر ركوبا أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ نعم يدْخل الكتفان لِكَوْنِهِمَا من القطعتين وَلَا يجوز لَهُ الرّكُوب على النَّهر فانه غير لَا حق بِالطَّرِيقِ الْعَام وَيحْتَمل وَجها أَنه يجوز 126 - مَسْأَلَة رجل اشْترى من زَوجته سهاما فِي أَمَاكِن مُتعَدِّدَة بِثمن مَعْلُوم ثمَّ خرج بعض الْمَبِيع مُسْتَحقّا فَهَل يبطل البيع مَعَ رضَا المُشْتَرِي بِأَن يَأْخُذ الْبَاقِي بعد الْمُسْتَحق بِجَمِيعِ الثّمن أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِذا كَانَ الْجَمِيع فِي صَفْقَة وَاحِدَة وَكَانَ الِاسْتِحْقَاق فِي بعض الْأَمَاكِن دون الْبَعْض فَالْبيع بَاطِل فِي الْجَمِيع وَإِن كَانَ الحديث: 125 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 @ الْمُسْتَحق جُزْءا شَائِعا فِي الْجَمِيع صَحَّ البيع فِيمَا لَيْسَ مُسْتَحقّا بسقطه من الثّمن الْمُسَمّى وَالله أعلم 127 - مَسْأَلَة رجل اشْترى من رجل ثَمَرَة مشمش أَخْضَر بِشَرْط الْقطع بِثمن مَعْلُوم قَبضه البَائِع من المُشْتَرِي وساقاه على بَقِيَّة الْأَشْجَار المثمرة الْقَائِمَة فِي أَرض الْبُسْتَان الَّذِي اشْترى مشمشه الْأَخْضَر الْمَذْكُور مُسَاقَاة شَرْعِيَّة بشرطها مُدَّة مَعْلُومَة وَشرط البَائِع أَن للبستان مَاء مَعْلُوما من نهر مَعْلُوم فَقل ذَلِك المَاء من أَصله ثمَّ إِن ملاك الْبُسْتَان باعوا المَاء وتصرفوا فِيهِ فَلم يصل المَاء إِلَى الْبُسْتَان الَّذِي بيع ثمره الْمَذْكُور فَتلف على المُشْتَرِي مَا بَقِي من ثَمَرَة الشَّجَرَة وَبَقِي لَهُ من مُدَّة الْمُسَاقَاة شَهْرَان فَهَل وَالْحَالة هَذِه للْمُشْتَرِي قيمَة مَا تلف لَهُ من الثَّمر الَّذِي تلف بِسَبَب انْقِطَاع المَاء عَنْهَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا وَإِنَّمَا يلْزم الْمَالِك للمساقي أجره عمله على الشَّجَرَة الَّذِي تلف ثَمَرهَا بِانْقِطَاع المَاء مَعَ تمكن الْمَالِك من أَن لَا يقطعهُ هَكَذَا قَالُوا وَالله أعلم 128 - مَسْأَلَة رجل اشْترى من رجل حلاوة بِشَرْط أَنَّهَا بسكر وَقَبضهَا وَتصرف فِيهَا وفوتها جَمِيعًا ثمَّ ظهر أَنَّهَا ممزوجة بِعَسَل فَهَل يَنْفَسِخ العقد أم لَا وَهل يحل للْبَائِع أَخذ الثّمن أم لَا وَهل للْمُشْتَرِي أَن يُعْطِيهِ قيمَة مَا أَخذه من البَائِع أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِذا ظهر فِيهِ من الْعَسَل أَكثر من الْقدر الْمُعْتَاد فِي السكرية وَجب للْمُشْتَرِي بعد فَوَاتهَا الرُّجُوع بِقدر التَّفَاوُت من الْأَمريْنِ أَو يسْقط ذَلِك عَنهُ إِن لم يكن أدّى الثّمن وَوَجَب عَلَيْهِ بَاقِي الثّمن وَالله أعلم 129 - مَسْأَلَة رجلَانِ بَينهمَا دَار مشاعة فَهَل يجوز لأَحَدهمَا أَن يَبِيع نصفه من صَاحبه بِنصفِهِ شَائِعا أم لَا الحديث: 127 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 @ أجَاب رَضِي الله عَنهُ الْأَظْهر أَنه يجوز وإقدام الْعَاقِل على ذَلِك دَلِيل على فَائِدَة لَهُ فِيهِ على الْجَمَاعَة ثمَّ فِي اشْتِرَاط الْفَائِدَة فِي صِحَة البيع نزاع رحب المجال وَالله أعلم 130 - مَسْأَلَة رجل بَاعَ عبدا ثمَّ ادّعى البَائِع أَنه كَانَ مَمْلُوكا حَالَة البيع فَهَل تصح دَعْوَاهُ وَهل إِذا قَامَت الْبَيِّنَة بِصدق مَا ادَّعَاهُ لَهُ استرجاع العَبْد أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِذا ادّعى أَنه كَانَ مَمْلُوكا وَأَن سَيّده الْمَالِك للْمَبِيع لم يَأْذَن وحرر دَعْوَاهُ بِشَرْط فان عرف أَن البَائِع كَانَ مَمْلُوكا فَالْقَوْل قَوْله مَعَ يَمِينه إِذا لم يقم بَيِّنَة على خِلَافه وَإِن لم يعرف لَهُ حَال عبودية لم يقبل دَعْوَاهُ الْمَذْكُورَة بِغَيْر بَيِّنَة وَالله أعلم 131 - مَسْأَلَة رجل بَاعَ لرجل جَارِيَة وأقامت عِنْده مُدَّة شَهْرَيْن وَنصف ثمَّ بعد ذَلِك جَاءَ وَقَالَ إِنَّهَا مَجْنُونَة وَادّعى عَلَيْهِ عِنْد الْحَاكِم بالجنون فَلم يثبت لَهُ عِنْده شَيْء فَادّعى عَلَيْهِ بِعَيْب ثَان فَإِذا ثَبت لَهُ الْعَيْب الثَّانِي يجب الثَّانِي عَلَيْهِ الرَّد أم الْأَرْش لأجل أَنه أَخذ الْجَارِيَة عَاقِلَة فَردهَا عَلَيْهِ مَجْنُونَة لأجل الْعَيْب الثَّانِي وَكَانَت نِيَّته عِنْد الْحَاكِم أَنه يثبت الْعَيْب إِلَى ثَلَاثَة أَيَّام وَله عشرُون يَوْمًا مَا ثَبت لَهُ شَيْء وَلَا جَاءَ إِلَى الْحَاكِم أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِذا ثَبت الْعَيْب الثَّانِي مُتَقَدما على الْقَبْض فَلهُ الرَّد لَا الْأَرْش إِذا لم يكن قد حدث فِي يَده جُنُون وَلَا عيب آخر وَلَا يمْنَع من ذَلِك مَا ادَّعَاهُ من جُنُون مُتَقَدم يتجرد ذَلِك وَلَا تَأَخّر اثباته إِذا كَانَ لعَجزه عَنهُ الحديث: 130 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 @ واذا كَانَ البَائِع قد حلف على نفي الْجُنُون الْمُتَقَدّم فيمينه لدفع الرَّد لذَلِك لَا لإِثْبَات عيب حَادث يمْنَع من الرَّد بِعَيْب آخر وَالله أعلم 132 - مَسْأَلَة رجل جَاءَ إِلَى خباز مثلا فَأعْطَاهُ درهما ليَبِيعهُ بِنصفِهِ خبْزًا فَأعْطَاهُ خبْزًا بِنصفِهِ ثمَّ أعطَاهُ نصفا من الْفضة من عِنْده عوضا عَن نصف الدِّرْهَم الَّذِي لَهُ فَهَل يَصح هَذِه وَالْحَالة هَذِه وَمَا معنى قَول الشَّيْخ أبي إِسْحَق فِي التَّنْبِيه وَلَا يُبَاع الْجِنْس الْوَاحِد بعضه بِبَعْض وَمَعَ أحد الْعِوَضَيْنِ جنس آخر يُخَالِفهُ فِي الْقيمَة فمفهوم هَذَا يدل على أَنه إِذا وَافقه فِي الْقيمَة جَازَ وَكَيف صُورَة الْمُخَالفَة وَصُورَة الْمُوَافقَة وَهل الحكم مُتحد فيهمَا أم مُخْتَلف أجَاب رَضِي الله عَنهُ يجوز إِذا كَانَ ذَلِك فِي عقدين وَلم يكن أَحدهمَا مغشوشا غشا مؤثرا وَلَا يَصح ذَلِك فِي عقد وَاحِد وَقَول الشَّيْخ يُخَالِفهُ فِي الْقيمَة وصف لَازم لاخْتِلَاف الْجِنْس فان اخْتِلَاف الْجِنْس مَظَنَّة اخْتِلَاف الْقيمَة فمهما وجد اخْتِلَاف الْجِنْس منعنَا وَإِن قضى المقومون بِاتِّفَاق الْقيمَة لِأَن التَّقْوِيم أَمر مظنون فَبَقيَ الِاحْتِمَال والمظنة مهما احْتمل اشتمالها على حكمهَا إِذا عرف هَذَا فالوصف اللَّازِم غير الْفَارِق والاحتراز فِيهِ يطْلب بَيَانه وَإِنَّمَا يذكر لغَرَض آخر وَهُوَ هَا هُنَا مَذْكُور لغَرَض التَّنْبِيه على عِلّة الابطال وَالله أعلم 133 - مَسْأَلَة رجل اشْترى من بُسْتَان مَعْلُوم ترابه مساحة ثَلَاثَة أَذْرع عمقها وَهُوَ غير محتفر والحفر يَتَوَلَّاهُ المُشْتَرِي فَهَل يَصح أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يَصح هَذَا البيع لِأَن الأذرع المباعة لَا يُمكن استيعابها الا باحتفار مَا لَيْسَ بمباع وَلَا ضَابِط اذا لم يستوعب وَالله أعلم الحديث: 132 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 - مَسْأَلَة رجل بَاعَ دَارا من رجل ثمَّ إِنَّه اسْتَأْجرهَا من المُشْتَرِي ثمَّ مَاتَ وَهِي فِي يَد وَرَثَة بَيت المَال فَوضع عَلَيْهَا نَائِب بَيت المَال يَده بِنَاء على أَنَّهَا موروثة عَنهُ فَأثْبت المُشْتَرِي الشِّرَاء والاستئجار فَطلب بَيت المَال بِإِثْبَات أَنه لما بَاعهَا مِنْهُ كَانَ مَالِكًا لَهَا فَهَل عَلَيْهِ ذَلِك أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَيْسَ عَلَيْهِ ذَلِك وَالله أعلم وَالْحجّة فِي هَذَا أَن الْوَارِث يتنزل منزلَة الْمَوْرُوث فِي ذَلِك لِأَنَّهُ عَنهُ يتلَقَّى ذَلِك وَمن الْمَعْلُوم أَن البَائِع الْمُورث الْمَذْكُور لَو أنكر فِي حَيَاته فَأَقَامَ المُشْتَرِي عَلَيْهِ الْبَيِّنَة بِالْبيعِ لم يكن لَهُ مُطَالبَته بِإِثْبَات أَنه كَانَ مَالِكًا حَالَة البيع وَلم يسمع مِنْهُ إِنْكَاره لكَونه مَالِكًا عِنْد البيع فَكَذَلِك من قَامَ مقَامه متلقيا عَنهُ وَالله أعلم 135 - مَسْأَلَة رجل بَاعَ على غَائِب ملكا بطرِيق الْوكَالَة ثمَّ ادّعى شخص على الْغَائِب دينا وَطَلَبه من الْوَكِيل فَأنْكر الْوكَالَة فَهَل يَصح بَيْعه الْمُتَقَدّم مَعَ إِنْكَاره الْوكَالَة أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يقبل إِقْرَاره فِي حق المُشْتَرِي وَهُوَ مؤاخذ بِمُوجب مَا بَاشرهُ من العقد لَا يُؤثر فِيهِ مُجَرّد إِنْكَاره ورجوعه وَالله أعلم ثمَّ وجدته مسطورا وَزِيَادَة أَنه لَو صدقه المُشْتَرِي على نفي الْوكَالَة لم يقبل قَوْلهمَا ظَاهرا على الْمُوكل وَالله أعلم 136 - مَسْأَلَة اشْترى جَارِيَة فَوجدَ عسرا فَهَل هَذَا عيب أجَاب رَضِي الله عَنهُ أَن كَانَت من قبيل الأعسر الْيُسْر تعْمل بيسارها الحديث: 135 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 @ ويمينها مَعًا فَلَيْسَ ذَلِك يثبت الْخِيَار لكَونه زِيَادَة بِلَا نقص وَإِن كَانَت تعْمل بيسارها بَدَلا عَن يَمِينهَا فَهَذَا عيب يثبت الْخِيَار وَالنَّقْص فِي الْيَمين لَا يجْبر بِالزِّيَادَةِ فِي الْيَسَار هَذَا هُوَ الظَّاهِر ثمَّ وجدت فِي الإشراف لأبي سعد الْهَرَوِيّ الْعسر معدودا من جملَة الْعُيُوب من غير تعرض لم ذكرته من التَّفْصِيل وَهُوَ مُتَعَيّن وَالله أعلم 137 - مَسْأَلَة فِي عبد اشْترى وبوجهه نمش فَأَرَادَ المُشْتَرِي رده فَقيل كَيفَ خَفِي عَلَيْك وَهُوَ بِوَجْهِهِ فَقَالَ كَانَ عَلَيْهِ دَوَاء فَالْقَوْل قَول من قَالَ رَضِي الله عَنهُ أفتى بَعضهم بِأَن القَوْل قَول البَائِع والفتيا أَن القَوْل قَول المُشْتَرِي فِي عدم إطلاعه عَلَيْهِ لِأَن مورد النزاع الِاطِّلَاع وَالْأَصْل عدم الإطلاع وَلَيْسَ مورد النزاع وجود الدَّوَاء حَتَّى يمسك بِأَن الأَصْل عَدمه وَإِنَّمَا هُوَ من المُشْتَرِي تعرض للمستند فَيَقَع فَضله زَائِدَة لَا عِبْرَة بهَا حَتَّى لَو اقتصرت على دَعْوَى عدم الِاطِّلَاع مُطلقًا لَكَانَ القَوْل قَوْله لِأَن مَعَه الأَصْل وخفاؤه عَلَيْهِ يُمكن بِأَسْبَاب وَالله أعلم 138 - مَسْأَلَة رجل أعْطى اللحام درهما وَقَالَ أَعْطِنِي بِنصْف دِرْهَم لَحْمًا وَالنّصف الآخر نصف دِرْهَم فَأعْطَاهُ كَمَا قَالَ فَهَل يحل ذَلِك وَلَو اشْترى مِنْهُ نصف رَطْل لحم بِنصْف دِرْهَم فِي الذِّمَّة ثمَّ أعطَاهُ درهما الحديث: 137 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 @ وَقَالَ خُذ هَذَا نصفه عَن الثّمن الَّذِي فِي ذِمَّتِي وَأَعْطِنِي نصف دِرْهَم عَن النّصْف الثَّانِي فَهَل يحل ذَلِك أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ يجوز هَذَا الثَّانِي وَكَذَلِكَ يجوز الأول إِذا جعلهَا عقدين وَالله أعلم 139 - مَسْأَلَة شريكان فِي سلْعَة باعاها بِثمن وَاحِد فِي الذِّمَّة ثمَّ مَاتَ أَحدهمَا فَقبض الآخر نصِيبه من الثّمن فَهَل يُشَارِكهُ فِيمَا قَبضه وَرَثَة الْمَيِّت أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا بل يخْتَص بِهِ لِأَن الإشتراك إِنَّمَا حصل فِي الدّين والمقبوض إِنَّمَا يحصل الْملك فِيهِ بِالْقَبْضِ وَالْقَبْض اخْتصَّ بِهِ الْقَابِض لاحظ للْآخر فِيهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ وَكيلا عَنهُ فِيهِ وَلَو كَانَ وَكيلا لانفسخت الْوكَالَة بِالْمَوْتِ وَمذهب الْمُزنِيّ فِي مَسْأَلَة الشّركَة الطَّوِيلَة ذَات الشّعب بعيد خَالفه فِيهِ عَامَّة الْأَصْحَاب وَقَالُوا يخْتَص البَائِع الْقَابِض للخمس مائَة بهَا لانعزاله بِدَعْوَاهُ عَن وكَالَة الَّذِي لم يبع وَوجه آخر الصَّفْقَة مُتعَدِّدَة لتَعَدد البَائِع قطعا فقد نفرد كل وَاحِد مِنْهُمَا بِالسَّبَبِ فَلَا يجْرِي الِاشْتِرَاك كَمَا فِي سَائِر صور تعدد السَّبَب وَلَيْسَ هَذَا على خلاف مَا قطع بِهِ صَاحب الْمُهَذّب قَرِيبا من آخر بَاب الدَّعَاوَى والبنيات فِيمَا إِذا ابْتَاعَ عينا بصفقة وَاحِدَة من إِثْبَات الشّركَة فِيمَا يصير بِيَدِهِ أَحدهمَا أما أَولا فَلِأَن ذَلِك فِي عين مَا ذكرته أَو لَا فرق بَين الْعين وَالدّين وَأما ثَانِيًا فَإِن الصَّفْقَة لَا تَتَعَدَّد بِتَعَدُّد المُشْتَرِي على قَول ثمَّ إِن الشَّيْخ أَبَا حَامِد الإسفرائيني رَحمَه الله قطع فِي التَّعْلِيق بِعَدَمِ الشّركَة وأباه اخْتَار شيخ أبي اسحق القَاضِي أَبُو الطّيب الطَّبَرِيّ اعْتِمَادًا على تعدد الصَّفْقَة بِتَعَدُّد الْمُبْتَاع وَالله أعلم الحديث: 139 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 - مَسْأَلَة أَتَى بهَا ابْن أبي عمرَان الْيَهُودِيّ المتطبب وفيهَا خطوط خلق من الْقُضَاة والمفتين مِمَّن تقدم وَتَأَخر مِنْهُم الدولعي شيخ الْفتيا هَل يجوز تمْلِيك الذِّمِّيّ مَمْلُوكا كَافِرًا بِالْبيعِ وَغَيره وَهل يُمكن من التَّصَرُّف فِيهِ بالاستخدام وَغَيره وَهل يمْنَع مِنْهُ وَنَحْو هَذَا فَأَجَابُوا لَهُ ذَلِك وَلَا يمْنَع وَجرى مِنْهُم تساهل فامتنعت من الْمُوَافقَة وَجَوَابه وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق أَن نفس تملكه للْكَافِرِ لَا يمْتَنع وَلَا يمْنَع مِنْهُ فَإِنَّهُ كَافِر مثله بِخِلَاف العبد المسلم حَيْثُ قُلْنَا فِي قَوْله إِن إِثْبَات مثل هَذَا الْملك للْكَافِرِ عَلَيْهِ إذلال للْمُسلمِ غير أَنه يمْنَع من تهويده أَو تنصيره إِن لم يكن كفر العَبْد من قبيل مَا يقر أَهله عَلَيْهِ كَمَا فِي حق التّرْك فَإِن هَذَا شَأْنه من الْكفَّار إِذا انْتقل إِلَى غير دين الْإِسْلَام لم يقر عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُرِيد ان يستحدث عصمه بدين بَاطِل وَهَذَا مَعْرُوف مَقْطُوع بِهِ من غير اخْتِلَاف قَول وَإِن كَانَ كفره مِمَّن يقر عَلَيْهِ أَهله كَمَا لَو كَانَ نَصْرَانِيّا وَأَرَادَ المُشْتَرِي أَن يهوده أَو بِالْعَكْسِ فَهَذَا فِيهِ قَولَانِ وَالصَّحِيح أَنه يمْنَع مِنْهُ نَص عَلَيْهِ الشَّيْخ أَبُو سهل الأبيوردي فِي تَعْلِيقه على أَن الصَّحِيح انه لَا تَقْرِير فِي هَذَا أَيْضا فَلَا يبْقى تَمْكِينه من استتباع الْمَمْلُوك على دينه إِلَّا فِيمَا اذا كَانَ من أهل دينه يَهُودِيّ تملك يَهُودِيّا أَو نَصْرَانِيّ اشْترى نَصْرَانِيّا وَنَحْو هَذَا وَيَنْبَغِي أَن يمْنَع مِمَّا يظْهر من استخدامه لَهُ إِذا كَانَ مَمْلُوكا فارها من تركي أَو غَيره كَمَا يمْنَع من ركُوب الْخَيل والسروج فَإِن الْمَعْنى يجمع ذَلِك فِي قرن وَالله أعلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 - مَسْأَلَة قَول الْغَزالِيّ رَحمَه الله فِي كتاب البيع فِي الْوَسِيط أَن قطعُوا بِأَن البَائِع هُوَ الَّذِي يفْسخ بإفلاس المُشْتَرِي وَالْمَرْأَة تفسخ بإعسار الزَّوْج بِالنَّفَقَةِ مَا هَذَا الْقطع أجَاب رَضِي الله عَنهُ قَوْله وَقَالُوا القَاضِي هُوَ الَّذِي يفْسخ بِعُذْر الْعنَّة هَكَذَا نَقله أَمَامِي هَذَا النَّقْل فِي نَفسه غير صَحِيح ونسبته إِلَى إِمَام الْحَرَمَيْنِ أَيْضا غير صَحِيح وَالله أعلم أما أَنه فِي نَفسه غير صَحِيح فَلِأَن الثَّابِت عَنْهُم خلاف ذَلِك وَهَذَا صَاحب التَّتِمَّة من الخراسانيين فقد حكى فِي الأعسار والعنة كليهمَا خلافًا فِي أَن الَّذِي يتَوَلَّى الْفَسْخ هُوَ القَاضِي أَو الْمَرْأَة وَزَاد وَقَالَ فِي الْعنَّة الْمَذْهَب أَن الْمَرْأَة تتولى الْفَسْخ وَذَلِكَ بعد ثُبُوت الْعنَّة عِنْد الْحَاكِم وَهَذَا صَاحب الْمُهَذّب من الْعِرَاقِيّين قد سوى بَين الْإِعْسَار والتعنين فِي أَن الْفَسْخ إِلَى الْحَاكِم بل المُصَنّف نَفسه قد حكى مَا ينْقض مَا ذكره فِي كتاب النِّكَاح من هَذَا الْكتاب فَذكر أَن القَاضِي إِذا قضى بالعنة فسخت كَمَا فِي سَائِر الْعُيُوب ثمَّ قَالَ وَفِيه وَجه أَن القَاضِي هُوَ الَّذِي يتعاطى الْفَسْخ وَجعل الْمُعْتَمد أَن القَاضِي لَا يفْسخ بل الْمَرْأَة وَهَذَا الَّذِي ذكره هُنَاكَ فِي الْإِعْسَار وَلَيْسَ فِي شَيْء من هَذَا الْمَنْقُول الْفرق بَين الْإِعْسَار والعنة فَيبْطل قطعا مَا ذكره من أَنهم قطعُوا بذلك وَيلْزم أَيْضا أَن الْفرق بَينهمَا لَيْسَ وَجها صَحِيحا مُعْتَمدًا بل غَايَته أَنه وَجه لبَعض الْأَصْحَاب بعيد ضَعِيف فَلَا يسوغ لَهُ الِاقْتِصَار على ذكره من غير تعرض لما هُوَ الصَّحِيح وَالله أعلم وَأما أَنه غير صَحِيح نسبته إِلَى إِمَام الْحَرَمَيْنِ فَإِن لَفظه فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 @ النِّهَايَة لَا يشْعر بِهِ وَقد عرف أَن نَقله مِنْهَا وَالله أعلم وَذَلِكَ أَنه قَالَ فِيهَا قَالَ بعض الْأَصْحَاب القَاضِي هُوَ الَّذِي يفْسخ النِّكَاح عِنْد تحقق الْعنَّة وَجها وَاحِدًا وَالزَّوْجَة تتعاطى الْفَسْخ بالإعسار بِالنَّفَقَةِ قَالَ وَلست أرى بَين الْعنَّة والإعسار فرقا وَذكر ان الْوَجْه أَن يَجْعَل فِيهَا وَجْهَان كَمَا فِي التَّحَالُف هَذَا كَلَامه وَهُوَ لَا يُعْطي الْأَصَح إِلَّا أَن بعض الْأَصْحَاب قطع بذلك فَلَيْسَ فِيهِ تعرض أصلا لحكاية ذَلِك عَن الْأَصْحَاب لِأَنَّهُ لَا فرق بَين أَن يَقُول الْقَائِل قَالَ بعض الْأَصْحَاب القَاضِي يفْسخ قطعا وَبَين أَن يَقُول قَالَ بعض الْأَصْحَاب القَاضِي يفْسخ وَجها وَاحِدًا فِي أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا أَخْبَار عَن أَنه جزم وَلم يتَرَدَّد لَا أَنه حِكَايَة لذَلِك عَن الْأَصْحَاب ثمَّ لَو صَحَّ لَهُ أَن ذَلِك مَعْنَاهُ أَن بعض الْأَصْحَاب حكى ذَلِك عَن جملَة الْأَصْحَاب فَلَا يجوز أَن ينْسب إِلَى الإِمَام أَنه نقل أَن الْأَصْحَاب قطعُوا بذلك وَإِنَّمَا يَصح ذَلِك أَنه لَو لم يضفه إِلَى غَيره فَإِنَّهُ فرق بَين أَن يَقُول الْقَائِل قطع الْأَصْحَاب بِكَذَا وَبَين أَن يَقُول قَالَ فلَان قطع الْأَصْحَاب بِكَذَا فَالْأول حكم مِنْهُ بقطعهم وَالثَّانِي حِكَايَة عَن غَيره وَالله أعلم 142 - مَسْأَلَة أَقوام جرت عَادَتهم أَنهم يكتالون الْقَمْح من الْملاك ثمَّ بعد ذَلِك يجبى مِنْهُم ثمنه وَلم يجر سوى هَذَا فَهَل يَصح هَذَا البيع أم لَا وَإِذا لم يَصح وطلع الْمَبِيع معيبا وَتصرف فِيهِ الدقاق وَتعذر وجود مثله فَهَل يسْتَحق صَاحب الْقَمْح الثّمن الْمُسَمّى أَو قيمَة الْمثل وَإِذا دفع آخذ الْقَمْح إِلَى صَاحب الْقَمْح أَكثر من قيمَة الْمثل لذَلِك الْقَمْح وطالبه صَاحب الْقَمْح بباقي الْمُسَمّى فَأنْكر فَهَل يجوز لَهُ أَن يحلف إِذا طلب مِنْهُ الثّمن أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يَصح البيع إِذا لم يُوجد عقد وَلَا معطاة بِثمن الحديث: 142 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 @ معِين عِنْد البيع والمعيب لَيْسَ بمثلى فَيجب فِيهِ قيمَة مثله لَا غير وَالْحَالة هَذَا وَإِذا سمى بِثمن من غير بيع صَحِيح وَدفع الْآخِذ قِيمَته بِمثل الْحبّ فَلهُ أَن يحلف على نفي الزَّائِد وَالله أعلم وَمن كتاب السّلم 143 - مَسْأَلَة رجل اسْتَلم فِي نخالة مَعْلُومَة الْكَيْل وَالْجِنْس مَوْصُوفَة عِنْد أَرْبَاب الْخِبْرَة غير مَجْهُولَة عِنْدهم بِثمن مَعْلُوم وأقبضه فِي الْمجْلس ثمن الْمُسلم فَقَبضهُ مِنْهُ جَمِيعه فَهَل يَصح العقد وَالْحَالة هَذِه أجَاب رَضِي الله عَنهُ نعم يَصح ذَلِك أَن انضبط بِالْكَيْلِ وَلَا يكثر تفاوته فِيهِ بالأنكباس وضده وَالله أعلم 144 - مَسْأَلَة رجل يصْبغ بالزنجار ويجبله بِالْمَاءِ على مَا تَقْتَضِيه الصَّنْعَة ثمَّ يخففه فَإِن كَانَ فِي الصَّيف جففه بالشمس وَإِن كَانَ فِي الشتَاء جففه بالنَّار فَهَل يَصح السّلم فِيهِ أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِن أمكن ضَبطه بِالصِّفَاتِ الَّتِي يخْتَلف بهَا الْغَرَض جَازَ السّلم فِيهِ بِشُرُوطِهِ وَإِلَّا فَلَا وَالله أعلم 145 - مَسْأَلَة السّلم هَل يجوز بِلَفْظ البيع وَهل يجوز فِي الاثمان فعلى هَذَا اذا قَالَ بِعْتُك هَذِه الغرارة الْقَمْح بِعشْرين درهما فِي ذِمَّتك إِلَى أجل مَعْلُوم مثلا يكون هَذَا سلما فِي الثّمن وَلَا يجوز التَّصَرُّف فِيهِ أَعنِي الثّمن الْمُسلم فِيهِ قبل الْقَبْض فَمَا الْفرق بَين هَذَا وَبَين البيع بِثمن فِي الذِّمَّة أَنه يجوز التَّصَرُّف فِي الثّمن قبل الْقَبْض على أحد الْقَوْلَيْنِ وَصِيغَة العقد وَاحِدَة فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَمَا الْفرق بَين السّلم بِلَفْظ البيع فِي الْأَثْمَان وَبَين البيع بِثمن فِي الذِّمَّة الحديث: 143 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 @ أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَيْسَ ذَلِك سلما فِي الثّمن وَإِنَّمَا صُورَة السّلم فِي الثّمن أَن يَقُول أسلمت إِلَيْك هَذَا الثَّوْب فِي عشرَة دَرَاهِم وَلَا يذكر أَََجَلًا أَو يذكرهُ فَلَيْسَتْ الدَّرَاهِم هُنَا ثمنا لِأَنَّهُ مَا اقْترن بهَا صِيغَة الثّمن والتفريع عَن أَن الثّمن يتَمَيَّز بالصيغة لَا بِكَوْنِهِ دَرَاهِم أَو دَنَانِير فَهَذَا وَنَحْوه صُورَة السّلم فِي الْأَثْمَان وَالْمرَاد بالأثمان هَا هُنَا جنس الْأَثْمَان أَي مَا جنسه جنس الثّمن يجوز أَن يخرج عَن كَونه ثمنا بِأَن لَا يَجْعَل مُسلما فِيهِ الْخلاف فِي صُورَة التَّصَرُّف فِي الثّمن مَخْصُوص بِمَا اجْتمع فِيهِ كَونه ثمنا جِنْسا وَكَونه ثمنا صِيغَة وَأما الْفرق فِي جَوَاز التَّصَرُّف فَهُوَ رَاجع إِلَى كَون الْمُسلم فِيهِ ثُبُوته فِي الذِّمَّة على خلاف الأَصْل لما يتَمَيَّز بِهِ من زِيَادَة التَّفَاوُت فِي الْأَوْصَاف وَكَون الْحَاجة إِلَى إثْبَاته فِي الذِّمَّة فِيهِ أقل من الْحَاجة إِلَى إِثْبَات الثّمن فِي الذِّمَّة وَفِي صُورَة السّلم فِي الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير روعيت المظنة وَالله أعلم 146 - مَسْأَلَة رهن شخص عينا يملكهَا عَن دين غَيره من غير أَن يُعِيدهُ إِيَّاهَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليرهنها فَهَل يَصح وَإِذا صَحَّ وَكَانَ الدّين مُؤَجّلا فَمَاتَ الرَّاهِن فَهَل يحل الدّين أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِن الرَّهْن يَصح وَذَلِكَ لِأَنَّهُ كالضامن فَكَمَا يَصح أَن يضمن دين غَيره بِإِذْنِهِ وَبِغير إِذْنه فَكَذَلِك يَصح أَن يرْهن على دين غَيره بِإِذْنِهِ وَبِغير إِذْنه فَالصَّحِيح فِي الْمَسْأَلَة الْمَعْرُوفَة وَهِي مَا إِذا أَعَارَهُ الحديث: 146 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 284 @ الْعين ليرهنها أَن ذَلِك ضَمَان مِنْهُ فِي عين وَوجدت الْمَسْأَلَة قد ذكرهَا صَاحب التَّتِمَّة فِي سِيَاق كَلَامه فِي تفاريع مَسْأَلَة الْإِعَارَة فَإِذا علم فَإِنَّهُ لَا يحل الدّين بِمَوْت الرَّاهِن لِأَن هَذَا ضَمَان دين فِي عين مُعينَة لَا فِي الذِّمَّة وَإِنَّمَا حل الدّين فِي الذِّمَّة لتبرئة ذمَّته وَالله أعلم 147 - مَسْأَلَة امْتنع الْمُرْتَهن من الْإِذْن للرَّاهِن فِي أَن يَبِيع الْمَرْهُون فِي إِيفَاء دينه فَهَل للرَّاهِن وَالْحَالة هَذِه بيع الْمَرْهُون بِغَيْر إِذن الْمُرْتَهن أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَهُ أَن يَبِيعهُ فِي ذَلِك من غير إِذْنه بِإِذن الْحَاكِم فيرفع الْأَمر إِلَى الْحَاكِم حَتَّى يساعده على البيع فِي ذَلِك وَلَا يسْتَقلّ وَوجه ذَلِك ظَاهر وَارِد وجدته مسطورا 148 - مَسْأَلَة رجل لَهُ دين بِهِ رهن وأفضى الْأَمر إِلَى الْحَاكِم بِبيع الرَّهْن وَثمن بعضه يَفِي بِالدّينِ لَكِن لم يرغب رَاغِب إِلَّا فِي الرَّهْن كُله فَهَل يَبِيع الْحَاكِم الرَّهْن كُله ويوفي مِنْهُ دين رب الدّين أم يعطل الدّين ويؤجره رَجَاء أَن يرغب رَاغِب فِي شِرَاء الْبَعْض أجَاب رَضِي الله عَنهُ بل يَبِيعهُ كُله إِذا طلب صَاحب الدّين ذَلِك وَالله أعلم 149 - مَسْأَلَة شخص أقرّ بدين لبَعض أَوْلَاده فِي حَال صِحَّته وَرَهنه بِهِ رهنا ثمَّ أقرّ فِي مرض مَوته لآخر من أَوْلَاده وَرَهنه بِهِ هُنَا فَهَل يَصح الرَّهْن الثَّانِي أجَاب رَضِي الله عَنهُ يَصح الرَّهْن وَإِن كَانَ الرَّهْن بِمَنْزِلَة التَّبَرُّع فِي أَنه يمْتَنع من ولي الطِّفْل وَغَيره من غير غِبْطَة لِأَنَّهُ لَو قضى فِي مرض الْمَوْت دين الْوَارِث كَمَا لَو كَانَ قضى دين غَيره من الْغُرَمَاء وَله على الْمَذْهَب الحديث: 147 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 @ الْمَشْهُور أَن يخصص بِالْقضَاءِ دين بعض الْغُرَمَاء دون بعض فَإِذا جَازَ تَخْصِيصه بإيفاء أصل الدّين فتخصيصه بتعلق دينه بِبَعْض أَعْيَان مَاله بطرِيق الرَّهْن أجوز وَأَيْضًا فَإِنَّمَا يمْتَنع فِي حق الْوَارِث تبرع من شَأْنه أَن يعْتَبر من الثُّلُث وَالرَّهْن لَيْسَ كَذَلِك فحده فِي الْوَسِيط إِزَالَة ملك بِغَيْر عرض فِي مرض الْمَوْت هَذَا هُوَ الظَّاهِر وَالْعلم عِنْد الله تَعَالَى وَمن كتاب التَّفْلِيس 150 - مَسْأَلَة من علم يسَار شخص فِي زمَان متقادم هَل لَهُ أَن يشْهد الْآن بيساره وَهل يسْأَله الْحَاكِم عَن كَونه مُوسِرًا حَال أَدَاء الشَّهَادَة وَعَلِيهِ الشَّهَادَة كَذَلِك أجَاب رَضِي الله عَنهُ أَن لَهُ أَن يشْهد الْآن بيساره مُعْتَمدًا على الِاسْتِصْحَاب إِلَّا أَن يكون قد طَرَأَ مَا أوجب الْآن اعْتِقَاده لزواله أَو جعله فِي صُورَة المتشكك فِي بَقَائِهِ وزواله والاعتماد فِي هَذَا على الِاسْتِصْحَاب السَّالِم عَن طارىء يخدشه كالاعتماد على مثله فِي الْملك وَلَا يشْتَرط فِيهِ الْخِبْرَة الْبَاطِنَة كَمَا هُنَالك وَمَا علل بِهِ ذَلِك من أَنه لَا طَرِيق لَهُ إِلَّا الِاسْتِصْحَاب فِي الْبَاطِن لَا بُد لَهُ من الِاسْتِصْحَاب موجودها هُنَا وَمِمَّا يدلل من كَلَامهم على جَرَيَانه فِي نَظَائِره قَوْلهم فِي الْبَيِّنَة الناقلة فِي الدّين فِي مَسْأَلَة الِابْنَيْنِ الْمُسلم وَالنَّصْرَانِيّ وَفِي غَيرهَا أَنَّهَا ترجع على المنفية لِأَنَّهَا اعتمدت على زِيَادَة علم وَالْأُخْرَى رُبمَا اعتمدت على الِاسْتِصْحَاب وَهَذَا تَجْوِيز مِنْهُم لذَلِك وَإِلَّا لَكَانَ ذَلِك قدحا فِيهَا لَا من قبيل التَّرْجِيح الحديث: 150 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 286 @ ثمَّ يَكْتَفِي الْحَاكِم بِشَهَادَتِهِ أَنه مُوسر فَإِنَّهُ يتَنَاوَل الْحَال فَإِن أحوجه إِلَى ذكر الْحَالة الراهنة فَلهُ أَن يشْهد كَذَلِك مُعْتَمدًا على الِاسْتِصْحَاب الْمَذْكُور بل لَا يَنْبَغِي أَن يفصح بذلك فِي الشَّهَادَة فَإِنَّهُ لَا بُد من الْبَتّ بِمَا يشْتَمل الْحَال الْحَاضِرَة وَالله أعلم 151 - مَسْأَلَة من شهد بِالرشد مَا الَّذِي يجب عَلَيْهِ فِي شَهَادَته وَهل يجب أَن يعرف عَدَالَته بَاطِنا وظاهرا أم يَكْتَفِي بِالْعَدَالَةِ الظَّاهِرَة وَهل يَكْتَفِي فِي اخْتِيَاره بالاستفاضة أم لَا بُد من مُبَاشرَة أَحْوَاله أجَاب رَضِي الله عَنهُ الظَّاهِر أَنه يَكْتَفِي فِي ذَلِك بِالْعَدَالَةِ الظَّاهِرَة وَمن شَرطهَا أَن لَا يكون غَرِيبا عِنْد الشَّاهِد بل يكون مُتَقَدم الْمعرفَة بِهِ ويكتفي فِي اختباره بالاستفاضة والشهرة وَالله أعلم 152 - مَسْأَلَة بينتي إعسار وملأه تكررتا كلما شهِدت احداهما جَاءَت الْأُخْرَى فَشَهِدت أَنه فِي الْحَال على ضد مَا شهِدت بِهِ الأولى فَهَل يقبل ذَلِك أبدا وَيعْمل بالمتأخر أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ يعْمل بالمتأخر مِنْهُمَا وَإِن تَكَرَّرت إِن لم ينشأ من تكررهما بَيِّنَة وَلَا تكَاد بَيِّنَة الْإِعْسَار تَخْلُو عَن الرِّيبَة إِذا تَكَرَّرت لِأَن قبُولهَا منحصر الْجِهَة فِي تَقْدِير إِثْبَاتهَا طرآن الْإِعْسَار بعد الملأة لِأَنَّهُ على تَقْدِير معارضتها بِبَيِّنَة الملأة المناقضة فِي وَقت وَاحِد لَا يقبل لترجيح بَيِّنَة الملأة حِينَئِذٍ وَلَيْسَ هَكَذَا بَيِّنَة ملأة فَإِنَّهَا مَقْبُولَة على التَّقْدِيرَيْنِ ومعمول بهَا وَإِن كَانَ مَا تشهد بِهِ ملأة مستمرة من غير تجدّد وطرآن وَعند هَذَا فَإِذا تَكَرَّرت بَيِّنَة الْإِعْسَار فقد أَثْبَتَت تعاقب ملآة وإعسارات وَذَلِكَ بعيد لَا يكَاد يَنْفَكّ عَن الرِّيبَة وَالله أعلم الحديث: 151 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 287 - مَسْأَلَة رجل عِنْده صبي يَتِيم وَلَيْسَ بولِي من جِهَة الشررع وَلَا وَصِيّ ولليتم مَال فَلَو سلمه إِلَى ولي الْأَمر خَافَ على ضياغ المَال فَهَل يجوز لَهُ التَّصَرُّف فِي المَال أم لَا وَهل يجوز لَهُ المؤاكلة مَعَ الصَّبِي واختلاط مَاله بِمَالِه وَهل يجوز لَهُ اسْتِخْدَام الصَّبِي على مَا جرت بِهِ الْعَادة وَإِذا استخدمه مَاذَا يجب عَلَيْهِ أجَاب رَضِي الله عَنهُ يجوز لَهُ وَالْحَالة هَذِه الضرورية النّظر فِي أمره وَالتَّصَرُّف فِي مَاله وَيجوز لَهُ مخالطته فِي الْأكل وَغَيره على مَا هُوَ الْأَصْلَح لَهُ وَيجوز لَهُ من استخدامه مَا هُوَ فِيهِ تَخْرِيج لَهُ وتدريب قَاصِدا مصْلحَته وَيجوز من غير ذَلِك مَا لَا يعد لمثله أُجْرَة وَمَا سوى ذَلِك وَنَحْوه لَا يجوز إِلَّا بِأُجْرَة مثله وَالله أعلم 154 - مَسْأَلَة شخص كَانَ تَحت حجر أَبِيه وَبلغ وَلم يثبت عِنْد أحد من الْحُكَّام رشده وَلَا فك الْحجر عَنهُ فتصرف فِي مَاله توكيلا وبيعا وَشِرَاء وَثَبت تِلْكَ التَّصَرُّفَات بِشَهَادَة الْعُدُول على إِقْرَاره بهَا عِنْد جمَاعَة من الْحُكَّام من غير أَن يتَعَرَّضُوا للْحكم بِصِحَّة تِلْكَ التَّصَرُّفَات ثمَّ إِن الشَّخْص الْمَذْكُور أقرّ فِي مرض مَوته لبَعض ورثته بأعيان وأبرأه من دُيُون وَثَبت ذَلِك الْإِقْرَار وَالْإِبْرَاء عِنْد حَاكم من الْحُكَّام وَنقل بِهِ وَكتب الْمقر لَهُ كتابا حكميا إِلَى بَلْدَة حَاكم آخر وَشهد عِنْد الْحَاكِم الثَّانِي عَدْلَانِ أَنه ثَبت مَضْمُون الْكتاب الْحكمِي عِنْد الْحَاكِم الأول وَكَانَ مَضْمُون الْكتاب الْحكمِي يتَضَمَّن مَا جرت بِهِ عَادَة الْكتاب من أَن الْإِقْرَار وَالْإِبْرَاء الْمَذْكُورين فِي صِحَة وَجَوَاز أمره فَهَل تصح تَصَرُّفَات الشَّخْص الْمَذْكُور من غير ثُبُوت رشده عِنْد حَاكم مَا أم لَا وَإِن لم تصح تَصَرُّفَاته من غير ثُبُوت رشده فَهَل يكون ثُبُوت تَصَرُّفَاته عِنْد الحديث: 154 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 288 @ الْحُكَّام الْمَذْكُورين بِشَهَادَة الْعُدُول على إِقْرَاره بذلك من غير حكمهم بِصِحَّة ذَلِك الْإِقْرَار دَلِيلا على ثُبُوت رشده أم لَا وَهل للْمُدَّعِي عَلَيْهِ مُطَالبَة الْمُدَّعِي بِثُبُوت أَهْلِيَّة الْمقر للإقرار واستجماع شَرَائِط صِحَة الْإِقْرَار أَو لَا وَإِن لم يكن لَهُ ذَلِك فَهَل يسوغ للْحَاكِم الاستفصال عَن استجماع تِلْكَ الشَّرَائِط أَو لَا وَإِن سَاغَ لَهُ ذَلِك فَهَل يكون ثُبُوت الْإِقْرَار عِنْد الْحَاكِم الأول على الْوَجْه المشروح دَلِيلا على استجماع تِلْكَ الشَّرَائِط وَكَانَ الْمقر بِهِ مَرْهُونا حَالَة الْإِقْرَار من جِهَة الْمقر فَهَل يَصح إِقْرَاره بِهِ وَهُوَ مَرْهُون أَو لَا وَإِن صَحَّ إِقْرَاره بِهِ وَهُوَ مَرْهُون وَكَانَ فِي الْقرْيَة شَيْء لَيْسَ فِي يَد الْمقر فَهَل يَصح إِقْرَاره بهَا بِمَا فِي يَده مَعَ اشتماله للإقرار بِمَا لَيْسَ فِي يَده أَو لَا وَإِن صَحَّ فَهَل يتَعَيَّن جَمِيع مَا يبْقى من الْمقر بِهِ مِمَّا هُوَ فِي يَده لذَلِك الْإِقْرَار وَإِن لم يتَعَيَّن فَهَل يتَضَمَّن ذَلِك جَهَالَة بالمقر بِهِ حَتَّى يحْتَاج الى تَفْسِير الْمقر أَو لَا وَإِن احْتَاجَ الى التَّفْسِير وَمَات الْمقر فَهَل يقوم الْوَارِث مقَامه فِي التَّفْسِير أَو لَا وَإِن قَامَ الْوَارِث مقَامه وَكَانُوا جمَاعَة من جُمْلَتهمْ الْمقر لَهُ فَهَل يتَعَيَّن الْمقر لَهُ الْوَارِث للتفسير أم يتساوى جَمِيع الْوَرَثَة فِي ذَلِك وَإِن أثبت الْمقر لَهُ رشد الْمقر حَالَة الْإِقْرَار وَأثبت الْخصم لَهُ اسْتِمْرَار الْحجر عَلَيْهِ أَو سفهه حَالَة الْإِقْرَار فَأَيّهمَا يقدم على الآخر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 @ وَإِذا علم الْحَاكِم الثَّانِي اسْتِمْرَار الْحجر على الْمقر إِلَى حَالَة الْإِقْرَار فَهَل يحكم يُعلمهُ فِي ذَلِك أَو لَا وَإِن لم يحكم بِعِلْمِهِ فِي ذَلِك فَهَل تجب الْيَمين المتوجبة على من أثبت حَقًا على غَائِب أَو يثبت على مدعي ذَلِك الْإِقْرَار وَالْإِبْرَاء أَو لَا وَإِن لم تجب عَلَيْهِ هَذَا الْيَمين فَهَل تجب عَلَيْهِ الْيَمين بِنَفْي علمه بفسق الْمَشْهُود لَهُ بِالْإِقْرَارِ وَالْإِبْرَاء الْمَذْكُورين أَو لَا وَمَتى وَجَبت عَلَيْهِ يَمِين وَكَانَت المحاكمة بَين وَرَثَة الْمقر ووكيل الْمقر لَهُ الْغَائِب عَن مجْلِس الحكم فَهَل يتَوَقَّف فصل الْخُصُومَة على الْمقر لَهُ أَو لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ تصح تَصَرُّفَاته وأقاريره مهما كَانَ متصرف تصرف المطلقين مبذول الْيَد مُمكنا على الِاسْتِمْرَار فَيحكم بِصِحَّة تَصَرُّفَاته اعْتِمَادًا على الظَّاهِر ومدعي الْحجر الشَّرْعِيّ عَلَيْهِ مطَالب بإثباته بِالْبَيِّنَةِ وَالْحَالة هَذِه وَلَوْلَا هَذَا لأحوج أَكثر النَّاس من الْمَشَايِخ فَمن دونهم عِنْد التَّنَازُع فِي مثل ذَلِك إِلَى إِثْبَات الرشد وَفك الْحجر بِالْبَيِّنَةِ وَذَلِكَ خلاف إِجْمَاع إِجْمَاع الماضين وَالدَّلِيل يأباه ثمَّ إِن مَضْمُون الْكتاب الْحكمِي الْمَذْكُور إِذا ثَبت أَن الْحَاكِم الْمَذْكُور أثْبته فَذَلِك هُوَ مُوجب الْكتاب الْحكمِي الْمَذْكُور إِذا ثَبت أَن الْحَاكِم الْمَذْكُور أثْبته فَذَلِك هُوَ مُوجب ثُبُوت فك الْحجر عَن الْمقر الْمَذْكُور وَإِن كَانَ الْمقر بِهِ مَرْهُونا عِنْد الْإِقْرَار لم يَصح إِقْرَاره بِهِ فِي حق الْمُرْتَهن إِذا لم يصدقهُ وَيصِح فِي حق الرَّاهِن الْمقر بِهِ مَرْهُونا عِنْد الْإِقْرَار لم يَصح إِقْرَاره بِهِ فِي حق الْمُرْتَهن إِذا لم يصدقهُ وَيصِح فِي حق الرَّاهِن الْمقر عِنْد فكاك الرَّهْن وَأما كَون بعض المقربة لَيْسَ فِي يَده وَقد فرضناه مَرْهُونا لَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 @ والمرهون الْمَقْبُوض بيد راهنة ثَابِتَة عَلَيْهِ كَمَا كَانَ فِي يَده أَو فِي يَد الْمُرْتَهن أَو فِي يَد عدل نَائِب عَنْهُمَا فقد أعلت الْمَسْأَلَة فان المُرَاد أَن ذَلِك الْبَعْض غير مَرْهُون لَهُ حِينَئِذٍ وَلَيْسَ فِي يَده أصلا حَالَة الْإِقْرَار فَإِقْرَاره بِهِ غير صَحِيح فَإِذا وَقع الْإِيهَام بَينه وَبَين بَاقِي الْمقر بِهِ الثَّابِتَة يَده عَلَيْهِ حَالَة الْإِقْرَار فصحة الْإِقْرَار بِالْبَاقِي يتَوَقَّف على تَفْسِير الْمقر أَو وَارثه بعده وَيحْتَاج فِي ذَلِك إِلَى تَفْسِير جَمِيع ورثته وَالْمقر لَهُ مِنْهُم وَإِذا تصادق هُوَ وَالْبَاقُونَ على تعْيين شَيْء اعْتبر ذَلِك فَإِن الْحق لَا يعد وهم وَإِذا أثبت الْمقر لَهُ رشد الْمقر حَالَة الْإِقْرَار فَإِن كَانَ الَّذِي أثْبته الْخصم اسْتِمْرَار الْحجر عَلَيْهِ فَإِن كَانَ ببنية الرشد الشاهدة بِهِ حَالَة الْإِقْرَار وَإِن كَانَ الَّذِي أثْبته الْخصم هُوَ سفهه حَالَة الْإِقْرَار فَبَيِّنَة السَّفه مُقَدّمَة وَلَيْسَ للْحَاكِم أَن يحكم بِعِلْمِهِ فِي ذَلِك وتتوجه الْيَمين على الْمقر لَهُ إِذا كَانَ الْمقر مَيتا وَإِذا ادّعى الْخصم عَلَيْهِ علمه بفسق شُهُوده فَالْأَظْهر أَنه يتَوَجَّه تَحْلِيفه ثمَّ لَا يتَوَقَّف فصل الْخُصُومَة وَالْحكم بِالْبَيِّنَةِ بعد تَمامهَا على مثل هَذِه الْيَمين من الْمقر لَهُ إِذا كَانَ غَائِبا بل يحكم بِالْبَيِّنَةِ وتؤخر الْيَمين إِلَى حِين حُضُوره وَمَا ترك جَوَابه من الْمسَائِل فلسقوط مَا علق عَلَيْهِ من شُرُوط وَالله أعلم 155 - مَسْأَلَة أقرّ بعد ثُبُوت عسره فِي كتاب دين استدانه بِأَنَّهُ مَلِيء فَهَل يبطل إِعْسَاره الحديث: 155 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 291 @ وَقد أجَاب الحصيري مِنْهُم وَغَيره من أَصْحَابنَا أَنه يبطل ويؤاخذ بِالدّينِ الْمُسْتَأْجر وَكَانَ جوابي كَذَلِك من أجل أَنه إِذا ثَبت ملأته بِقدر من المَال فَلَا يتَعَيَّن الدّين لصرفه فِيهِ وَهُوَ يتَمَكَّن بِهِ من إِيفَاء كل دين مِنْهُ أَو بَعْضهَا على الِاجْتِمَاع أَو على الْبَدَل وَلِهَذَا قَالُوا إِذا عرف لَهُ مَال لم يثبت من الِابْتِدَاء إِعْسَاره إِلَّا بِبَيِّنَة وَالله أعلم 156 - مَسْأَلَة فِي ولي الْيَتِيم إِذا احْتَاجَ إِلَى الْأكل مِنْهُ مَا قدر مَا يتَنَاوَلهُ مِنْهُ وَهل يحْتَاج الى تَقْدِير حَاكم أجَاب رَضِي الله عَنهُ يتَنَاوَل أقل الْأَمريْنِ من كِفَايَته بِالْمَعْرُوفِ أَو أُجْرَة عمله وَلَا يحْتَاج إِلَى تَقْدِير حَاكم هَذَا هُوَ الْأَظْهر وَلَيْسَ يتْرك بِمَا ذكر فِي الْوَسِيط وَالله أعلم 157 - مَسْأَلَة حكام من حَاكم الْمُسلمين تَحت يَده مَال لأيتام مُتعَدِّدَة فَمَاتَ الْحَاكِم وَلم يوص وَلم يعين لأحد مَالا فَطلب الْأَيْتَام مَالهم من وَرَثَة القَاضِي فأنكروا فأقاموا الْبَيِّنَة أَن لَهُم فِي جِهَة الْحَاكِم كَذَا وَكَذَا فَطلب وَرَثَة القَاضِي يَمِين الْأَيْتَام أَنهم يسْتَحقُّونَ فِي جِهَة والدهم هَذَا الْمبلغ فَهَل يلْزم الْأَيْتَام يَمِين أم لَا وَهل إِذا فعل الْحَاكِم ذَلِك فِي أَمْوَال الْيَتَامَى يفسق وَيلْزمهُ الضَّمَان أجَاب رَضِي الله عَنهُ نعم يتَوَجَّه عَلَيْهِم الْيَمين الْمَذْكُور بعد بلوغهم وَإِنَّمَا يجب الضَّمَان عِنْد ثُبُوت تفريطه وَلَا يجب بِمُجَرَّد عدم وجدانها فِي تركته وَلَا يفسق بِمُجَرَّد ذَلِك وَالله أعلم 158 - مَسْأَلَة حَاكم من حكام الْمُسلمين تَحت يَده مَال لأيتام الحديث: 156 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 @ فعامل بِهِ معاملات ثمَّ مَاتَ الْحَاكِم فطلبوا الْأَيْتَام من بعض الْخُصُوم مَا عَلَيْهِ بِمُوجب الشَّرْع فَادّعى تَسْلِيم ذَلِك الْقدر إِلَى القَاضِي الْمُتَوفَّى وَلم يحضر بَينه وَطلب يَمِين الْأَيْتَام الْمُسْتَحقّين إِن هَذَا الْقدر مَا وصل إِلَى القَاضِي الْمُتَوفَّى فَهَل يلْزم الْأَيْتَام يَمِين أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ يتَوَجَّه ذَلِك بعد بلوغهم وَيكون الْيَمين على نفي الْعلم وَلَا يقبل قَول الْمُدَّعِي إِذا كَانَ دينا فِي ذمَّته إِلَّا بِبَيِّنَة 159 - مَسْأَلَة لَو اشْتهر فِي بلد من الْبلدَانِ أَن الْمَدْيُون مَتى طَالبه رب المَال أقرّ بِجَمِيعِ مَا فِي يَده وَمَا هُوَ مَنْسُوب إِلَيْهِ من عين وَدين لوَلَده الطِّفْل أَو لغيره وشاع فِيهِ هَذَا وَفعله أَرْبَاب الْأَمْوَال الأكابر حَتَّى فعلوا فِي الدّين الْيَسِير بِالنِّسْبَةِ إِلَى أَمْوَالهم فَلَو أَن رب المَال إِذا أثبت دينه عِنْد الْحَاكِم وَخَافَ من الْمَدْيُون أَن ينْقل مَاله الى وَالِده أَو الى غَيره وَطلب من الْحَاكِم الْحجر عَلَيْهِ فِي سَائِر أَمْوَاله إِلَى أَن يقْضِي دينه فَهَل يجوز هَذَا للْحَاكِم وَهل يكون هَذَا كَمَا قَالَه الشَّافِعِي أَن المُشْتَرِي يحْجر عَلَيْهِ فِي الْمَبِيع وَفِي سَائِر أَمْوَاله وَهُوَ الْحجر الْغَرِيب الْمَشْهُور بَين الْفُقَهَاء فَإِن لم يجز للْحَاكِم ذَلِك فَفعله حَاكم بِاجْتِهَادِهِ لمصْلحَة رَآهَا فَهَل يَقع الْموقع وَهل لأحد من الْحُكَّام نقضه وَهل إِذا سَاغَ ذَلِك يفْتَرق الْحَال بَين أَن يشْتَهر ذَلِك بَين أهل بَلَده أَو لَا يشْتَهر أجَاب رَضِي الله عَنهُ بعد الاستخارة والتثبت أَيَّامًا إِن هَذَا من قبيل مَا إِذا ظهر أَمَارَات الْفلس على الْمَدْيُون الَّذِي مَاله واف بِدِينِهِ فَإِنَّهُ إِذا ظهر وَغلب على الظَّن مُسْتَند يعْتَمد على مثله فِي الظنون الْمُعْتَبرَة من حَال هَؤُلَاءِ الموصوفين أَنهم مَتى صَارُوا بصدد أَن يطالبوا بِمَا عَلَيْهِم من الدُّيُون انخلعوا عَن أَمْوَالهم بِالْإِقْرَارِ بهَا لغَيرهم وَلَكِن يسْتَلْزم لَا محَالة ظُهُور إمارات الْفلس الحديث: 159 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 @ عَلَيْهِم عِنْد صيرورتهم بِتِلْكَ الْحَالة وَمَعْلُوم أَنه يحْجر إِذا ظَهرت أَمَارَات فلسه بِأَن يكون خرجه أَكثر من دخله فَإِنَّهُ يحْجر عَلَيْهِ وَإِن كَانَ مَاله أَكثر من دينه على وَجه صَحِيح ادّعى بَعضهم أَنه مَذْهَب الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ الْقيَاس وَهُوَ الْمُخْتَار فَكَذَلِك إِذا ظَهرت أَمارَة فلسه بِسَبَب آخر فَإِنَّهُ لَا اثر للِاخْتِلَاف الْمَبْنِيّ على الِاتِّفَاق فِي الْعلَّة وَعند هَذَا فَيَنْبَغِي إِذا ثَبت الدّين عِنْد الْحَاكِم وَغلب على ظَنّه أَن الْمَدْيُون ينخلع من مَاله بِوَاسِطَة الْإِقْرَار بِهِ لغيره وَسَأَلَهُ الْغَرِيم الْحجر عَلَيْهِ لذَلِك فَلهُ الْحجر عَلَيْهِ وَلَا فرق فِي ذَلِك بَين أَن يشهر ذَلِك فِي أهل بَلَده أَو لَا يشهر إِلَّا فِيمَا يرجع إِلَى ثوران الظَّن وَظُهُور هَذِه الأمارة وَعدم ظُهُورهَا فَإِذا ظهر اشتهار فِي الْبَلَد عَن الْحَاكِم من مديون أَنه بصدد أَن يفلس نَفسه بِوَاسِطَة الْإِقْرَار وَغلب على ظَنّه ذَلِك فَالْأَمْر فِي الْجمع عَلَيْهِ على مَا تقدم وَالَّذِي حكى الإِمَام أَبُو الْمَعَالِي وتلميذه الْغَزالِيّ فِي كتاب الشَّهَادَات عَن القَاضِي أَنه رأى الْحجر عَلَيْهِ إِذا كَانَ ذَا مجَال وحيلة إِذا فرض ذَلِك فِيمَا إِذا كَانَ احتياله بِإِخْرَاج مَاله عَن ملكه فرأيه رَأْي صَحِيح لالتحاقه بالقبيل الَّذِي ذَكرْنَاهُ وَإِن كَانَ مُجَرّد المطال وَنَحْوه فَلَيْسَ كَذَلِك وَلَيْسَ هَذَا من قبيل الْحجر على المُشْتَرِي فَإِن التَّوَصُّل إِلَى إِيصَال البَائِع الى الْعِوَض كَمَا وَجب وصل المُشْتَرِي إِلَى الْعِوَض الآخر نظرا لما تَقْتَضِيه الْمُعَاوضَة من التَّسْوِيَة بَين المتعاوضين فِي مثل ذَلِك وَلذَلِك ثَبت الْحجر وَإِن لم يكن الْمَدْيُون مُفلسًا وَلَا ظَهرت عَلَيْهِ أَمارَة الْفلس وَلَا هُوَ ذَا حِيلَة ومطال وَإِذا حكم الْحَاكِم بذلك نفذ حكمه لم يكن لأحد نقضه بِشَرْط أَن يصدر ذَلِك مِنْهُ بِنَاء على اجْتِهَاد إِن كَانَ من أهل الِاجْتِهَاد وَإِن لم يكن فمقلد الْمُجْتَهد يرى ذَلِك مِمَّن يجوز لَهُ تَقْلِيده وَالله أعلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 - مَسْأَلَة رجل تولى يَتِيما ولَايَة شَرْعِيَّة وَاحْتَاجَ الْوَلِيّ أَن يَأْكُل من مَال الْيَتِيم شَيْئا فَمَا شَرط الْحَاجة وَمَا مِقْدَار مَا يَأْخُذ من مَال الْيَتِيم وَهل يجوز لَهُ أَن ينْفَرد باستباحته بِمَا يَأْخُذهُ أم لَا بُد من إِذن الْحَاكِم وَلَو عجز من اثبات كَونه نَاظرا فَهَل يجوز لَهُ ذَلِك بِغَيْر اذن الْحَاكِم أم لَا وَهل اذا عمل سنة مُتَبَرعا بِالْعَمَلِ وَلم يَأْخُذ شَيْئا واستدان فِي تِلْكَ السّنة مَا أنفقهُ على نَفسه يجوز لَهُ أَن يَأْخُذ مَا يقْضِي بِهِ دين السّنة الْمَاضِيَة وَهل مَا يَأْخُذهُ يكون مِنْهُ بَرِيء الذِّمَّة مُطلقًا أم يجب رد مثله إِذا اسْتغنى وَلَعَلَّ النَّاظر فِي هَذِه الْفتيا يصرف عنايته إِلَى تدبر ذَلِك مفصلا فمعتما لِلْأجرِ معينا للمستفتي على بَرَاءَة ذمَّته إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَهل يجوز للْوَلِيّ إِذا كَانَ عَلَيْهِ دين أَن يقترض من مَال الْيَتِيم شَيْئا ويوفي بِهِ دينه إِذا اضْطر ثمَّ يُعِيدهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَهل إِذا كَانَ الْوَلِيّ من ذَوي اليهآت يجوز لَهُ مَا لَا يجوز لمن دونه فِي الزِّيَادَة فِي الْجعل على الْعَمَل وَهل حكم الْمُتَوَلِي لوقف على جِهَة الأسرى حكم الْمُتَوَلِي على يَتِيم معِين فِيمَا ذكر وَوصف وَهل اذا كَانَ المتوكي مُتَوَلِّيًا على جِهَات مُتعَدِّدَة وأيتام متعددين وَجَاز لَهُ الْأكل من ذَلِك يقسط على كل بِحِصَّتِهِ أم يَأْكُل مِمَّن أَرَادَ من أَكثر الْمَوْقُوف فعلا أَو مَالا حَاضرا وَالْمُتوَلِّيّ عَلَيْهِ دُيُون كَثِيرَة لَا قدرَة لَهُ على وفائها وَيحْتَاج إِلَى نَفَقَة فَمَا الَّذِي يجوز لَهَا من ذَلِك وَمَا الَّذِي يحرم وَمَا الَّذِي يكره أجَاب رَضِي الله عَنهُ الْمُخْتَار أَنه يجوز لَهُ مَعَ فقره أَن يَأْخُذ من مَال موليه أقل الْأَمريْنِ من كِفَايَته وكفاية من تلْزمهُ نَفَقَته وَمن أجره مثل عمله ويستقل بِهَذَا من غير إِذن الْحَاكِم ثمَّ لَا يجب عَلَيْهِ رد بدله وَلَا يجوز للغني مثل ذَلِك اسْتِقْلَالا وَإِذا قدر لَهُ الْحَاكِم أُجْرَة مثل عمله جَازَ ذَلِك لَهُ وَإِن كَانَ غَنِيا وَهَذَا الَّذِي لَا يسْتَقلّ بِهِ من غير حَاكم وَلَا يشْتَرط فِيهِ فقر وَلَا يتَقَيَّد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 @ بالكفاية فَإِذا لم يُوجد ذَلِك وَمضى زمَان واستدان فِيهِ مَا أنفقهُ لم يكن لَهُ قَضَاء دينه من مَال وليه لَا بِالِاعْتِبَارِ الأول وَلَا يُغَيِّرهُ وَلَا يجوز لَهُ الِاقْتِرَاض من مَال الْيَتِيم لحَاجَة نَفسه من غير حَاجَة للْيَتِيم إِلَى الِاقْتِرَاض وَلَيْسَ لمتولي وقف الأسرى الْقسم الأول وَله الْقسم الثَّانِي وَهُوَ أَخذ أُجْرَة مثله بِتَقْدِير الْحَاكِم وَفِيمَا أصلته من اعْتِبَار أُجْرَة الْمثل جَوَاب عَمَّا فِي الْمسَائِل فَإِذا كَانَت كِفَايَته أقل من أُجْرَة عمله بالنسبه إِلَى عمله لكل يَتِيم فَالظَّاهِر أَن لَهُ أَخذهَا من مَال أَيهمْ شَاءَ وَالله أعلم 161 - مَسْأَلَة حَاكم من حكام الْمُسلمين تَحت يَده مَال الْأَيْتَام فطلبوا الْأَيْتَام أَمْوَالهم وأثبتوا أَصْلهَا فَهَل يرجع بهَا على تَرِكَة القَاضِي أم لَا وَهل إِذا أَقَامُوا وَرَثَة القَاضِي الْبَيِّنَة فِي حَال حَيَاته أَنه أقرّ أَنه صرف الى الْأَيْتَام كَذَا وَكَذَا زَائِدا على نَفَقَة الْمثل فَهَل يقبل قَوْله أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ يجب ضَمَانهَا فِي تَرِكَة القَاضِي إِذا لم تُوجد وَوجد مِنْهُ تَفْرِيط بِأَن أقرّ ببقائها فِي مَرضه وَلم يبينها وَنَحْو ذَلِك أما إِذا كَانَ الْوَاقِع مُجَرّد عدم وجدانها بعده فَلَا ضَمَان لجَوَاز تلفهَا من غير تَفْرِيط مِنْهُ وَإِذا كَانَ قد أقرّ أَنه أنفقها على الْأَيْتَام ومقدارها زَائِد على مَا يَنْبَغِي من النَّفَقَة لأمثالهم فَعَلَيهِ ضَمَان الزَّائِد وَإِنَّمَا يعرف كَونه زَائِدا إِذا بَين جِهَة النَّفَقَة فَإِن قَالَ أنفقت ذَلِك فِي طعامهم وكسوتهم وَنَحْو هَذَا أما إِذا قَالَ أنفقتها عَلَيْهِم وَأطلق فَتعذر معرفَة كَونه زَائِدا على الْمَعْرُوف إِذا قد يكون قد عرض عَارض غير مُعْتَاد أوجب الانفاق من غير تَفْرِيط وَالله أعلم 162 - مَسْأَلَة حَاكم من حكام الْمُسلمين شَافِعِيّ الْمَذْهَب فِي يَده أَمْوَال لأيتام فعامل بهَا معاملات إِلَى آجال مُخْتَلفَة وغرماء مُخْتَلفَة مِنْهُم الحديث: 161 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 296 @ الْفَلاح النازح والبدوي الراحل وَغَيرهم وَلم يستوثق بِالرَّهْنِ فَهَل يكون ذَلِك تفريطا مُوجبا للضَّمَان عَلَيْهِ أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ نعم ذَلِك تَفْرِيط مِنْهُ مُوجب لضمان ذَلِك عَلَيْهِ وَالله أعلم 163 - مَسْأَلَة حَاكم من حكام الْمُسلمين تَحت يَده أَمْوَال أَيْتَام مُتعَدِّدَة فعامل لبَعْضهِم معاملات وَكتب بهَا وثائق وَلم يبين أَصْحَابهَا وَلَا مستحقيها بل فِيهَا أقرّ فلَان ابْن فلَان أَن عَلَيْهِ وَفِي ذمَّته للأيتام كَذَا وَكَذَا فَهَل يكون ذَلِك تفريطا مِنْهُ أم لَا وَهل يجب الضَّمَان أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِذا لم يشْهد على المعامل بذلك الا هَكَذَا فَذَلِك تَفْرِيط مِنْهُ مضمن لَهُ وَالله أعلم 164 - مَسْأَلَة هَل يجوز للْحَاكِم أَن يَأْمر القوام على أَمْوَال الْيَتَامَى أَن يعاملوا بِأَمْوَالِهِمْ ويعملوا مَسْأَلَة الْعينَة كَمَا جرت الْعَادة الْيَوْم أَو يجب عَلَيْهِ أَن يَشْتَرِي لَهُ عقارا أَو عرُوضا للتِّجَارَة أجَاب رَضِي الله عَنهُ أما الْعينَة فَلَا نأمر بهَا لكَونهَا مَكْرُوهَة وَأما استنماء أَمْوَالهم فَعَلَيهِ الْأَمر بذلك وَالسَّعْي فِيهِ ثمَّ يعين جِهَته من شِرَاء عقار أَو مَال تِجَارَة موكول إِلَى رَأْيه ورأي من ينصبه لذَلِك متتبعا مَا هُوَ الْأَصْلَح لَهُم وَالله أعلم 165 - مَسْأَلَة إِذا نصب الْحَاكِم أَمينا أَو حاضنة وَأذن لَهَا فِي الْإِنْفَاق على الطِّفْل كَذَا وَكَذَا درهما من مَالهمَا أَو مِمَّا يقترضانه ثمَّ جَاءَ الحديث: 163 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 @ الْقيم وَادّعى نفقه ذَلِك الْقدر الْمَأْذُون عَلَيْهِ فِي الْمدَّة فَهَل يجب أَن يحلفهُ أت يسْتَحبّ أجَاب رَضِي الله عَنهُ بل يجب تَحْلِيفه وَالله أعلم 166 - مَسْأَلَة فرض لصغير قدرا مَعْلُوما لنفقته وَكسوته كل شهر كَذَا وَكَذَا فِي مَاله وَأذن لحاضنه أما أَبوهُ أَو أمه أَو وَصِيّه أَو من أَقَامَهُ الْحَاكِم منفقا عَلَيْهِ أَن يستدين ذَلِك وَيصرف عَلَيْهِ أَو يُنْفِقهُ عَلَيْهِ من مَاله ثمَّ يرجع بِهِ على مَال الصَّغِير وَأشْهد الْحَاكِم على نَفسه بِهَذَا الْإِذْن وَمَضَت مُدَّة سنة مثلا فَحَضَرَ الْمَأْذُون لَهُ فِي الْإِنْفَاق وَطلب من هَذَا الْحَاكِم الْإِذْن لَهُ أَن يعوض عَمَّا أنفقهُ من مَال الصَّغِير بِقدر مَا أنفقهُ أما من مَاله أَو مِمَّا استدانه وَذكر أَنه صرف ذَلِك من مَاله واستدانه فَهَل للْحَاكِم أَن يحلفهُ الْيَمين الشَّرْعِيَّة أَنه مُسْتَحقّ الرُّجُوع فِي مَال الصَّبِي بذلك بمتقضى مَا صرفه فِي نَفَقَته وَأَنه صرف ذَلِك أم لَا وَهل تكون الْيَمين مُسْتَحبَّة أَو وَاجِبَة أَو لَا يجب وَلَا يسْتَحبّ وَالْحَالة هَذِه أجَاب رَضِي الله عَنهُ يحلفهُ وجوابا على مَا ذكره من مُوجب اسْتِحْقَاقه الرُّجُوع واستحقاقه فانه حكم على الصَّغِير وَالله أعلم 167 - مَسْأَلَة رجل أثبت دينا على غَائِب وَبَاعَ الْحَاكِم دَاره فِي وَفَاء الدّين ثمَّ حضر الْغَائِب وأبطل اسْتِحْقَاق الدّين عَلَيْهِ بفسق الشُّهُود أَو بابقاء الدّين والبراءة مِنْهُ هَل يبطل بيع الْحَاكِم للدَّار أم لَا وَإِذا مَاتَ رجل وَله أَطْفَال فأنفق عَلَيْهِم الْحَاكِم أَو الْوَصِيّ مَا خَلفه مُورثهم ثمَّ ظهر على الْمُورث دين بعد نَفاذ المَال النَّفَقَة هَل يرجع بِهِ الحديث: 166 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 @ الْغَرِيم على الْمُنفق أم على الْأَطْفَال وينتظر بِهِ حُصُول مَالهم أم لَا يرجع أجَاب رَضِي الله عَنهُ نعم يبطل الْمَذْكُور وللغريم الْمَذْكُور تضمين الْمُنفق وَأما الْأَطْفَال فان كَانُوا قد أتلفوا شَيْئا من عين التَّرِكَة أكلا وَغَيره فللغريم تضمينهم وَإِذا ضمنه الْوَلِيّ كَانَ لَهُ الرُّجُوع بِهِ عَلَيْهِم وَأما مَا اشْتَرَاهُ لَهُم فِي الذِّمَّة ثمَّ نفذ فِيهِ من عين التَّرِكَة كَمَا هُوَ الْمُعْتَاد فَلَا ضَمَان فِيهِ على الْأَطْفَال وَالله أعلم 168 - مَسْأَلَة وَردت من بعض الْقُضَاة أَمْوَال أَيْتَام أهل الذِّمَّة إِذا كَانَت بِأَيْدِيهِم وَلم يترفعوا فِيهَا إِلَيْنَا فَهَل على الْحَاكِم الْكَشْف عَنْهَا وَذكر السَّائِل أَنه لم يجد فِيهَا نقلا عَن أَصْحَابنَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ أَن الْحَاكِم لَيْسَ لَهُ التَّعَرُّض فِيهَا بالكشف وَغَيره مهما لم يترافعوا فِيهَا اليه وَلم يتَعَلَّق بهَا حق لمُسلم فَإِن الْقَاعِدَة المقعدة فِيمَا يجْرِي من أحكامنا عَلَيْهِم وَمَا لَا يجْرِي إِنَّمَا هُوَ إِذا تعلق لمُسلم من الحكومات أَو كَانَ مَحْظُورًا فِي ديننَا وَدينهمْ من مُوجبَات الْعُقُوبَات كَالزِّنَا وَغَيره وأحكامنا فِيهِ جَارِيَة عَلَيْهِم شَاءُوا أَو أَبَوا وَلَا يجْرِي عَلَيْهِم فِيمَا سوى ذَلِك إِلَّا إِذا رَضوا بحكمنا ثمَّ ورد من قَاض آخر هَل للْحَاكِم النّظر فِي وقف الْكَنَائِس فتأملت واستخرت الله تَعَالَى وأجب بِمثل مَا تقدم وَأَنه لَيْسَ لَهُ ذَلِك إِلَّا برضاهم وَالله أعلم 169 - مَسْأَلَة ذمِّي لَهُ حَائِط فِي ملكه ولشخص مُسلم عَلَيْهِ طرح الحديث: 168 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 @ خشب والحائط مستهدم وَقد امْتنع الْمُسلم من الْعِمَارَة فِيهِ مَعَ الذِّمِّيّ فَهَل يلْزمه الشَّرْع بِأَن يعمر مَعَه أم لَا وَإِن عمره الذِّمِّيّ دونه من مَاله فَهَل يلْزمه الْعِمَارَة بِقدر مَا يُوجب عَلَيْهِ وَهل للذِّمِّيّ إِذا عمر الْحَائِط بِآلَة مستجدة أَن يمْنَع الْمُسلم من الرّكُوب على الْحَائِط إِلَى أَن يُوصل اليه قِيمَته مَعَ الغرامة أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يلْزم الْمُسلم أَن يعمر مَعَه إِذا كَانَ نفس الْحَائِط كُله لَهُ وَلَيْسَ للْمُسلمِ فِيهِ إِلَّا حق الرّكُوب وَلَا يلْزم الْمُسلم وَالْحَالة هَذِه شَيْء من غَرَامَة ذَلِك إِذا بناه بِآلَة جَدِيدَة عِنْد تعذر بنائِهِ على الْآلَة الْقَدِيمَة فَذَلِك جَائِز وَله منع صَاحب الرّكُوب حَتَّى يبْذل حق الرّكُوب 170 - مَسْأَلَة رجل لَهُ دَار ملك لَهُ وحيطان الدَّار خَاص لَهُ ولرجل آخر حمل خشب على بعض حيطان هَذِه الدَّار بِحَق وَاجِب لَهُ ثمَّ إِن الْحَائِط الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ حمل الْخشب استهدم فَطلب صَاحب حمل الْخشب من صَاحب الدَّار أَن يصلح الْحَائِط فَهَل يجب على رب الدَّار إصْلَاح حَائِطه يضع عَلَيْهَا خشبه أجَاب رَضِي الله عَنهُ وَاخْتَارَ هَذَا الْجَواب نعم يلْزمه وَالله أعلم 171 - مَسْأَلَة قَالَ رَضِي الله عَنهُ يمْنَع أهل الذِّمَّة من إشراع الأجنحة إِلَى طَرِيق الْمُسلمين وَمن أجَازه فقد غلط وَإِن جَازَ لَهُم الطروق لِأَنَّهُ كإعلائهم الْبناء على بِنَاء الْمُسلمين بل أبلغ وَهِي مَسْأَلَة ذَات وَجْهَيْن قد ذكرهَا الشَّاشِي وَأَيْضًا فهم تبع للْمُسلمِ الحديث: 170 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 300 @ فِي الطَّرِيق ويضطرون مِنْهَا الى أضيقها وَالله أعلم 172 - مَسْأَلَة رجل لَهُ مَاء مُسْتَحقّ يجْرِي من قناة إِلَى ملكه وَطَرِيق المَاء فِي ملكه وَغير ملكه فتهدم طَرِيق المَاء فِي غير ملكه بِفعل ملاك الأَرْض وَبِغير فعلهم فَهَل على ملاك الأَرْض إصْلَاح مَا تهدم من طَرِيق المَاء فِي أَرضهم إِذا كَانَ مجْرَاه برسم قديم وَعَادَة مُسْتَقِرَّة أجَاب رَضِي الله عَنهُ نعم يجب عَلَيْهِم إصْلَاح ذَلِك إِذا كَانَ عَلَيْهِم إِجْرَاء المَاء فِي أَرضهم حَقًا لَازِما هَذَا هُوَ الْأَصَح 173 - مَسْأَلَة رجل لَهُ دَار وَإِلَى جَانبهَا عَرصَة ميزاب الدَّار يَرْمِي إِلَى الْعَرَصَة ثمَّ بَاعَ الْعَرَصَة فَهَل لمشتريها الْمَنْع من ذَلِك أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِن كَانَ ذَلِك مُسْتَندا إِلَى اجْتِمَاع المكانين فِي ملك مَالك وَاحِد وَكَونه مَالِكًا للتَّصَرُّف فِيهَا بِهَذَا النَّوْع من التَّصَرُّف وَغَيره فَلَا يبْقى ذَلِك لَهُ بعد خُرُوج الْعَرَصَة من ملكه لزوَال ذَلِك الْمَعْنى الَّذِي كَانَ هُوَ المبنى وَإِن كَانَ ذَلِك مَبْنِيا على سَبَب سَابق على اجْتِمَاعهمَا فِي ملكه أوجب جعل هَذَا حَقًا من حُقُوق الْملك الَّذِي فِيهِ الْمِيزَاب لَازِما فَذَلِك مُسْتَمر بعد بَيْعه الْعَرَصَة فَلَا يجوز لمشتريها الْمَنْع من ذَلِك وَالله أعلم 174 - مَسْأَلَة فِي قناة تَحت جِدَار شخص احْتَاجَ صَاحبهَا الى كشفها فَمَنعه صَاحب الْجِدَار فَهَل يلْزم بذلك أجَاب رَضِي الله عَنهُ نعم إِذا كَانَ بِحَق ثَابت لَازم وَتعذر مَا هُوَ الْمُسْتَحق من جَرَيَان المَاء فِيهَا إِلَّا بالكشف عَنْهَا والحفر عَلَيْهَا وعَلى الْحَافِر أَن يغرم أرش النَّقْص وَمِمَّا نستشهد بِهِ فِي مثل هَذَا من المسطور أَن من الحديث: 172 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 @ لَهُ حق المَاء فِي ملك الْغَيْر لَهُ الدُّخُول إِلَيْهِ لاصلاح المجرى فِي الْبَسِيط وَغَيره فَإِذا وَقع دِينَار فِي محبرة من غير تَفْرِيط من صَاحبهَا فَلصَاحِب الدَّار الدِّينَار كسرهَا وَإِخْرَاج الدِّينَار مَعَ غرامته أرش الْكسر لأَنا لَو منعنَا لضاع حَقه من غير بدل وَإِذا جَوَّزنَا لَهُ الْكسر فَلَا يضيع حق صَاحب المحبرة لما ثَبت لَهُ من أَرض النَّقْص 175 - مَسْأَلَة رجل ملك قِطْعَة أَرض وَكَانَ قد أخرج من بعض حُدُودهَا من قديم طَرِيق رجل لَهُم فِيهَا التطرق إِلَى أملاكهم لَيْسَ لَهُم سوى التطرق وَقد بنى مَالك الأَرْض الْيَوْم فِيهَا إِلَى جَانب الطَّرِيق الْمَذْكُور مسكنا فَهَل لَهُ أَن يفتح بَابا إِلَى الطَّرِيق وَهل لمن لَا يملك فِي الطَّرِيق سوى التطرق مَنعه من ذَلِك أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ نعم للْمَالِك ذَلِك إِذا لم يقْتَرن بذلك إِضْرَار لحق من لَهُ التطرق فِيهَا وَلَيْسَ لَهُم مَنعه من ذَلِك وَالله أعلم مَسْأَلَة رجل لَهُ على رجل دين وعَلى رب الدّين دين لرجل آخر فأحال صَاحب الدّين الأول صَاحب الدّين الثَّانِي على غَرِيمه والدينان متساويان قدرا وجنسا وَلم يرض الْمحَال عَلَيْهِ وَلَا حضر وَقُلْنَا بِالصَّحِيحِ وَأَنه لَا يفْتَقر إِلَى رِضَاهُ فأحضر الْمحَال الْمحَال عَلَيْهِ وَادّعى عَلَيْهِ بِالدّينِ بِسَبَب الْحِوَالَة فاعترف أَنه كَانَ عَلَيْهِ الدّين واعترف أَنه أحَال الْمُدَّعِي بذلك وَلكنه ادّعى أَن الْمُحِيل أَبرَأَهُ من الدّين الَّذِي كَانَ لَهُ عَلَيْهِ قبل وجود الْحِوَالَة وَأَرَادَ إِقَامَة الْبَيِّنَة بِالْإِبْرَاءِ فَهَل تسمع دَعْوَاهُ بذلك وَإِقَامَة الْبَيِّنَة مَعَ حُضُور الْمُحِيل فِي الْبَلَد وغيبته عَن مجْلِس الحكم وَإِمْكَان إِحْضَاره إِذْ الْغَرَض دفع الْمحَال عَن دَعْوَاهُ أم لَا تسع إِلَّا بِحُضُور الْمُحِيل والتفريغ على أَن الدَّعْوَى على الْحَاضِر فِي الْبَلَد لَا تسمع إِلَّا بِحُضُورِهِ الحديث: 175 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 @ أجَاب رَضِي الله عَنهُ يجوز ذَلِك من غير حُضُور الْمُحِيل الْحُضُور الْمُعْتَبر وَيَكْفِي حُضُور الْمُحْتَال الْمُدَّعِي مصير ذَلِك لَهُ وَإِلَيْهِ وَالله أعلم وَمن كتاب الْوكَالَة 771 - مَسْأَلَة رجل وكل وَكيلا وكَالَة مُطلقَة يتَصَرَّف فِي أَمْوَاله كَيفَ شَاءَ بِالْبيعِ وَالشِّرَاء وَالْأَخْذ وَالعطَاء وَأذن لَهُ فِي الْأكل وَمَا أَرَادَ على طَرِيق الْإِبَاحَة فَهَل إِذا أَخذ من أَمْوَاله مثلا مائَة دِرْهَم هَل يحل بِالْإِبَاحَةِ الْمُطلقَة وَهل إِذا أَبرَأَهُ الْمُوكل وَقَالَ أَنْت فِي حل من كل حق يبرأ وَالْحَالة هَذِه أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِذا كَانَ لفظ الْإِبَاحَة شَامِلًا لذَلِك أخذا أَو صرفا فِيمَا يُرِيد أَن يَفْعَله بهَا جَازَ لَهُ ذَلِك وَإِذا أَبرَأَهُ من كل حق لَهُ عَلَيْهِ برِئ من الْجَمِيع وَإِن لم يعين وَالله أعلم 178 - مَسْأَلَة رجل وكلته زَوجته وكَالَة مُطلقَة فِي تَخْلِيص حُقُوقهَا فأحضر الزَّوْج الْوَكِيل رجلا إِلَى مجْلِس حَاكم من حكام الْمُسلمين وَادّعى عَلَيْهِ لزوجته ولأختها دَعْوَى شَرْعِيَّة فَأنْكر الْمُدَّعِي عَلَيْهِ تِلْكَ الدَّعْوَى فأحضر الزَّوْج الَّذِي هُوَ وَكيل زَوجته وَأُخْتهَا لِأَبِيهِ فَشهد أَبُو الْوَكِيل عِنْد الْحَاكِم على الْمُدَّعِي عَلَيْهِ الْمُنكر بِتِلْكَ الدَّعْوَى فَهَل تقبل شَهَادَته أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ الظَّاهِر أَنه تقبل شَهَادَة وَالِد الْوَكِيل لمُوكلِه وَإِن كَانَ الْمُوكل زَوجته وَإِن كَانَ فِيهَا تَصْدِيق لِابْنِهِ فِي شَهَادَته كَمَا يقبل شَهَادَة الْأَب وَالِابْن مَعًا فِي قَضِيَّة وَاحِدَة وَالله أعلم 179 - مَسْأَلَة كَانَ ورد من زمَان فِي شخص وَكله آخر فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 @ مخاصمة شخص فطولب الْوَكِيل باثبات أَهْلِيَّة الْوكَالَة بِإِثْبَات كَونه مُطلق التَّصَرُّف فَهَل عَلَيْهِ إِثْبَات ذَلِك أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِذا ثَبت تَوْكِيل الْمُوكل لَهُ مُقيما إِيَّاه فِي ذَلِك مقَام نَفسه كَانَ كنفسه لَو ادّعى وكسائر المدعين فِي أَنهم لَا يطالبون فِي سَماع دعاويهم باثبات هَذَا أما لِأَن قصاراه أَن يَجْعَل ذَلِك جملَة وَالدَّعْوَى بطرِيق الضَّمَان حَتَّى كَأَنَّهُ ادّعى صَرِيحًا أَنه مُطلق التَّصَرُّف وَأَنه يسْتَحق تَسْلِيم مَا يَدعِيهِ إِلَيْهِ ودعواه بِكَذَا مسموعة لَا محَالة وَأما أَنه يَكْتَفِي فِي ذَلِك بِظَاهِر الْحَال كَمَا اكْتفى بِهِ فِي الشَّهَادَة على الْإِقْرَار فِي أَنه لَا يجب التَّعَرُّض لكَون الْمقر طَائِعا عَاقِلا بَالغا صَحِيحا وَاشْتِرَاط التَّعَرُّض لذَلِك وَجه بعيد فِي الْبَسِيط وَغَيره أَنه على خلاف الْمَذْهَب الْمَشْهُور وَلَا جَوَاب لهَذَا الْوَجْه فِي توقف صِحَة الدَّعْوَى على مَا تقدم ذكره فانه يشبه أَن يكون خرقا للْإِجْمَاع وَالله أعلم ثمَّ حدث بعد ذَلِك نظيرة لَهَا وَهِي شخص أثبت دينا على ميت وَأقَام الْبَيِّنَة على ورثته بِأَنَّهُم قبضوا من تركته من مُدَّة مَا يُوفي ذَلِك الدّين فَهَل على الْمُدَّعِي إِثْبَات رشد من كَانَ مِنْهُم تَحت الْحجر عَن موت الْمَدِين فِي صِحَة دَعْوَاهُ عَلَيْهِم أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ يجوز ذَلِك وَإِن صِحَة الدَّعْوَى وَإِقَامَة الْبَيِّنَة لَا يتوقفان على إِثْبَات الرشد لمثل مَا تقدم وَأَيْضًا فَمَا ادَّعَاهُ من التَّصَرُّف فِي التَّرِكَة على وَجه يلْزم بإيفاء الدّين لَا يتَوَقَّف حُصُوله على الرشد لتصوره من غير الرشد أَيْضا بل يُمكن الْمُدَّعِي عَلَيْهِ أَن يتَّخذ دَعْوَاهُ عدم الرشد دافعا للمطالبة عَنهُ إِلَى وليه فاذا ادّعى كَونه بعد غير رشيد فَالْقَوْل قَوْله مَعَ يَمِينه وَالْمُدَّعِي محوج فِي تَوْجِيه الْمُطَالبَة نَحوه إِلَى إِثْبَات رشده بِالْبَيِّنَةِ وَإِلَّا فليوجه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 @ الْمُطَالبَة على وليه ليَقَع الْإِلْزَام فِي مَاله وَالله أعلم وَأما الدَّعْوَى نَفسهَا وَإِقَامَة الْبَيِّنَة بِإِثْبَات مضمونها فَلَا يتَصَرَّف بذلك عَنهُ وَلَيْسَ دون الْمَيِّت وَالله أعلم ثمَّ وجدته مسطورا أَن الدَّعْوَى عَلَيْهِ تسمع إِلَّا إِذا لم يكن للْمُدَّعِي بَيِّنَة فينبني على أَن الْيَمين مَعَ النّكُول كَالْإِقْرَارِ أَو الْبَيِّنَة وَالله أعلم 180 - مَسْأَلَة الْوَكِيل فِي الْخُصُومَة إِذا صدقه الْمُدَّعِي عَلَيْهِ فِي كَونه وَكيلا فَهَل تسمع دَعْوَاهُ لإِثْبَات الْحق وَذكر أَن كَلَام ابْن الصّباغ يدل على أَنَّهَا لَا تسمع وَإِن صدقه يَعْنِي قَول صَاحب الشَّامِل أَن الَّذِي يَجِيء على أصلنَا أَنه لَا يسمع دَعْوَاهُ لِأَن الْوَكِيل فِي الْخُصُومَة لَا يَصح أَن يَدعِي قبل ثُبُوت وكَالَته قَالَ السَّائِل مَا مَعْنَاهُ لكنه لم يتَعَرَّض لِأَن ذَلِك كَذَلِك فَإِن كَانَ مَقْصُوده إِثْبَات الْحق دون الْقَبْض وَقد ذكر الْأَصْحَاب وَجْهَيْن فِي سَماع الدَّعْوَى الَّتِي يقْصد بهَا إِثْبَات الْحق دون الْمُطَالبَة وَيظْهر أَن هَذَا مثله ويتصل بِهَذَا أَن الْوَكِيل لَو أَقَامَ الْبَيِّنَة على الْوكَالَة وَالْحَالة هَذِه فَهَل تسمع مَعَ صدق الْمُدَّعِي عَلَيْهِ أجَاب رَضِي الله عَنهُ أَنه تسمع وَالْحَالة هَذِه دَعْوَى الْوَكِيل على الْمُدَّعِي عَلَيْهِ لأصل الْحق وَمَا لإثباته عَلَيْهِ وَعَلِيهِ محاكمة الْوَكِيل فِي ذَلِك ومخاصمته لتسليم الْحق اليه واستحقاقه أَخذه مِنْهُ حَتَّى تثبت وكَالَته وتصديقه الحديث: 180 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 @ لَهُ فِي كَونه وَكيلا لَا يسْتَلْزم سَماع لهَذَا لِأَنَّهُ وَإِن ثَبت الْحق عَلَيْهِ فَلَا يلْزم تَسْلِيمه إِلَّا على وَجه يُبرئهُ مِنْهُ وتسليمه إِلَى الْوَكِيل الَّذِي لم يثبت على الْمُوكل بوكيله لَا يُبرئهُ مِنْهُ فَإِنَّهُ إِذا أنكر تَوْكِيله إِيَّاه فَالْقَوْل قَوْله مَعَ يَمِينه وَإِذا حلف بقيت مُطَالبَته لمن عَلَيْهِ الْحق بِحَالهِ وَالله أعلم 181 - مَسْأَلَة رجل وكل رجلَيْنِ فِي الْمُطَالبَة بحقوقه هَل يَسْتَفِيد بِهَذِهِ الْوكَالَة الْمُطَالبَة بِحَق تجدّد بعْدهَا ثُبُوته للْمُوكل أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ مُجَرّد كَونه ثَبت بعد الْوكَالَة لَا يمْنَع من تنَاولهَا لَهُ كَمَا لَو وَكله فِي بيع ثَمَرَة شَجَرَة لَهُ قبل إثمارها وَأَنه صَحِيح وَذَلِكَ مسطور وَالْفرق بِكَوْنِهِ مَالِكًا لأصلها لَا يَصح فِي هَذَا فَإِذا كَانَت هَذِه الْوكَالَة الْمُطلقَة جَارِيَة على وَجه الصِّحَّة اسْتَفَادَ بهَا ذَلِك وَالْوكَالَة بالمطالبة بِجَمِيعِ حُقُوقه صَحِيحَة وَمِمَّنْ قطع بِصِحَّتِهَا من المصنفين الشَّيْخ أَبُو حَامِد فِي التَّعْلِيق وَصَاحب الشَّامِل وَفرق بَين هَذَا وَبَين مَا إِذا قَالَ وَكلتك فِيمَا الي من التَّصَرُّفَات فَفِيهِ وَجْهَان لكَونه هَذَا خص نوعا وميزه وَذَلِكَ ينتشر فِي الْأَنْوَاع وَالله أعلم لَكِن فِي الْوَسِيط أَنه لَا يَصح التَّوْكِيل فِي طَلَاق زَوْجَة سينكحها أَو بيع عبد سيملكه غير أَنه يجوز أَن يسْتَثْنى مَا ينْدَرج فِي ضمن الْعُمُوم وَالْوكَالَة الْمُطلقَة فِي تَعْلِيق الشَّيْخ أبي حَامِد فِي مَسْأَلَة تَوْرِيث ذَوي الْأَرْحَام أَنه لَو جَازَ ذَلِك فِيمَا ملكه الْآن وَفِيمَا ملكه يعد صَحَّ وَالله أعلم وَمن كتاب الشّركَة 182 - مَسْأَلَة رجلَانِ اتفقَا على عمَارَة فرن فِي أَرض مُسْتَحقَّة الحديث: 181 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 @ لأَحَدهمَا وَعقد الشّركَة على أَن يكون جَمِيع مَا يَنُوب الْعِمَارَة على مُسْتَحقّ الأَرْض وعَلى الشَّرِيك الآخر عمل يَده وَأَن يكون مَا يحصل من الْمغل سنة بَينهمَا لمستحق الأَرْض ثلثه وللشريك الآخر الثُّلُثَانِ على أَن يخبز بِيَدِهِ وَيكون مَا يلْزم الْخبز من الْمُؤَن بَينهمَا على قدر أنصبتهما فَمَا حكم هَذِه الشّركَة وَمَا حكم الشَّرِيكَيْنِ فِيهَا وَإِذا ادّعى الشَّرِيك الخباز أَنه دفع لشَرِيكه شَيْئا مِمَّا حصل من الْمغل وَأنكر الْمُدَّعِي عَلَيْهِ فَهَل يكون القَوْل قَول الْمُدَّعِي أم لَا أجَاب هَذِه الشّركَة بَاطِلَة وَمَا حصل من أجور الْخبز فِيهِ إِذا جرى الْأَمر فِيهِ على مَا شرطناه يقسم بَينهمَا بِاعْتِبَار أحرة الْمثل فتقوم لمَالِك نفس الفرن أُجْرَة الفرن محميا ثلث الْحمى الْمَوْجُودَة فِي كل مرّة فَيُقَال كم أجرته وَهُوَ كَذَا على هَذِه الْحَالة وَيقوم لِلْعَامِلِ بيدَيْهِ أُجْرَة مثل عمله فِي الْخبز وَنَحْوه وَيُقَال أَيْضا كم يُسَاوِي ثلثا احمى الْحَاصِل فِي الفرن الَّذِي هُوَ بدل ثُلثي مُؤْنَته ثمَّ أضم هَذَا الى أُجْرَة عمل يَدَيْهِ ثمَّ يُقَابل بَين مَا حسبناه لِلْعَامِلِ وَمَا حسبناه لمَالِك الفرن وَيجمع بَينهمَا وَيَأْخُذ كل وَاحِد مِنْهُمَا من الْحَاصِل من أجور الْخبز على قدر نِسْبَة المحسوب لَهُ من أُجْرَة الْمثل إِلَى الْجُمْلَة المجتمعة من الْجَانِبَيْنِ وَالْعلم عِنْد الله تَعَالَى وَإِذا تعذر عَلَيْهِمَا الْوُقُوف على تَحْقِيق ذَلِك فطريقهما أَن يصطلحا ويتراضيا بقسمة يتفقان عَلَيْهَا وَالله أعلم هَذَا بَيَان الحكم فِي قسْمَة الْمثل ثمَّ أَنه يجب للْمَالِك على الْعَامِل أُجْرَة ثُلثي انتفاعه بالفرن بالخبز وَمَا يتبعهُ الَّذِي أَخذ هُوَ مغلها وَيجب لِلْعَامِلِ على الْمَالِك أُجْرَة الثُّلُث الثَّانِي من عمله الَّذِي أَخذ الْمَالِك مغلة وَإِن كَانَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 @ قد عمل فِي بِنَاء الفرن وعمارته وَجب أَيْضا عَلَيْهِ أُجْرَة ذَلِك وَإِذا ادّعى الخباز دفع شَيْء من الْمغل إِلَى الْمَالِك وَأنكر فَالْقَوْل قَول الْمُدعى عَلَيْهِ مَعَ يَمِينه إِذا لم يكن لَهُ بَيِّنَة وَالله أعلم 183 - مَسْأَلَة أَرْبَعَة اشْتَركُوا فِي حَانُوت ولأحدهم دَابَّة فَجَعلهَا بالتماسهم تعْمل فِي حمل حوائج الْحَانُوت عَارِية فَمَاتَتْ وَهِي تعْمل فِي الْحَانُوت أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِن مَاتَت وَهِي فِي أَيْديهم جَمِيعًا وَجب على الثَّلَاثَة المستعيرين ثَلَاثَة أَربَاع قيمتهَا وَقت التّلف وَهَكَذَا إِن مَاتَت فِي يَد مَالِكهَا وَلَكِن يجب حمل لحملة وَعمل تعمله للْجَمِيع على الْأَشْهر وَإِن كَانَت قد مَاتَت وَهِي فِي يَد مَالِكهَا خَاصَّة إِلَّا فِي عمل الْجَمِيع فَلَا يثبت عَلَيْهِم ضَمَان بِسَبَب مَا جرى من الْعَارِية وَالله أعلم وَفِي التَّهْذِيب إِذا قَالَ لصَاحب الدَّابَّة احْمِلْ متاعي فَحَمله وَتَلفت الدَّابَّة كَانَ على صَاحب الْمَتَاع ضَمَانهَا 184 - مَسْأَلَة شخصان تشاركا فِي مَتَاع فَمَاتَ أَحدهمَا فِي نَاحيَة الْمغرب وَخلف بَيْتا فَحمل الشَّرِيك بَاقِي الْمَتَاع الْمُشْتَرك وسافر بِهِ إِلَى الْيمن فَبَاعَ هُنَاكَ الْجَمِيع على نَفسه وعَلى الْيَتِيم بِثمن فِي الذِّمَّة ثمَّ اشْترى مِمَّن بَاعه مَتَاعا آخر بِثمن فِي الذِّمَّة لنَفسِهِ ولليتيم بِنَاء على أَن يكون لَهُ حَظّ فِي حِصَّة الْيَتِيم من الرِّبْح وتقاصا أحد الثمنين بِالْآخرِ وَحمل هَذَا الْمَتَاع الى دمشق فَبَاعَهُ فِيهَا وكل ذَلِك من غير أَن يَأْذَن لَهُ فِي تَصَرُّفَاته فِي مَال الْيَتِيم مِمَّن يعْتَبر إِذْنه فِي ذَلِك فَهَل تقع تَصَرُّفَاته هَذِه عَن الْيَتِيم وَيصِح لَهُ غير مَوْقُوفَة على إجَازَة وليه ملحوظا فِي ذَلِك دفع الْعسر الناشيء فِي بيع الْأَمْتِعَة الحديث: 183 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 @ الَّتِي تداولها الْأَيْدِي الْمُخْتَلفَة أَو مَوْقُوفَة على إجَازَة الْوَلِيّ فِيمَا تعسر تتبعه من تَصَرُّفَات الْفُضُولِيّ ثمَّ إِذا صَحَّ كل ذَلِك للْيَتِيم وَحصل الرِّبْح مُشْتَركا بَينه وَبَين الْيَتِيم على حسب اشتراكها فِي أصل المَال فَهَل يسلم لَهُ من حِصَّة الْيَتِيم من الرِّبْح الْقدر الَّذِي كَانَ طمع فِي حُصُوله لَهُ ويحسب لَهُ عَلَيْهِ مَا الْتزم فِيهِ من مُؤَن التِّجَارَة وَالسّفر وَإِن لم يسلم لَهُ ذَلِك فَهَل يجب لَهُ أُجْرَة الْمثل عَن عمله فِي نصِيبه وَلَا يَصح هَذِه التَّصَرُّفَات للْيَتِيم وَلَا تقع عَنهُ وَيكون بَيْعه لما بَاعَ من الْأَعْيَان الَّتِي ورث نصفهَا الْيَتِيم بَاطِلا فِي نصِيبه وينصرف الثّمن فِي الْأَمْتِعَة الَّتِي اشْتَرَاهَا على الِاشْتِرَاك إِلَيْهِ خَاصَّة لكَون الشِّرَاء فِي الذِّمَّة وَتَكون الْأَثْمَان وأرباحها كلهَا لَهُ لاحظ فِيهِ للْيَتِيم وَإِن كَانَ هَذَا حكمه فَكيف السَّبِيل إِلَى خلاصه من تبعات تَصَرُّفَاته الْمَذْكُورَة وَكَيف الْحِيلَة فِي أَن تَبرأ ذمَّته مِمَّا ثَبت عَلَيْهِ من ثمن الْأَمْتِعَة ان اشْتَرَاهَا مِنْهُ بِبِلَاد الْيمن مِمَّا قاصهم عَنهُ بِمَال الْيَتِيم وَهل إِذا غرم هَا هُنَا للْيَتِيم قيمَة مَا حصل من نصِيبه فِي أَيدي أُولَئِكَ المشترين يكون ذَلِك سَببا لخلاصه عَن مثل ذَلِك الْقدر مِمَّا استحقوه عَلَيْهِ من أَثمَان سلعهم نظرا إِلَى أَن يثبت لَهُ الرُّجُوع عَلَيْهِم بِمَا غرم من ذَلِك لكَون قَرَار الضَّمَان عَلَيْهِم أجَاب رَضِي الله عَنهُ بَيْعه لمَال الْمُضَاربَة بعد موت رب المَال صَحِيح وَإِن لم يحل الْإِذْن لَهُ فِيهِ وَله ثمنه حِصَّته الْمَشْرُوطَة مِمَّا حصل فِيهِ من الرِّبْح ثمَّ تصرفه وَالْحَالة هَذِه بعد ذَلِك فِيمَا يخْتَص بالوارث تصرف فَاسد يدْخل بِهِ فِي ضَمَانه فَعَلَيهِ بدل مَا بَاعه للْمَيت من أَثمَان الْمَتَاع يُؤَدِّيه إِلَى ورثته وَمَا اشْتَرَاهُ بِثمن غير معِين أوفاه من مَال الْمَيِّت فَهُوَ يخْتَص بِهِ بربحه كُله لَا حق للْوَرَثَة فِيهِ وَالله أعلم وَمن كتاب الْإِقْرَار 185 - مَسْأَلَة اذا أقرّ رجل بدين ثمَّ طلب من الْمقر لَهُ الْيَمين على الحديث: 185 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 309 @ أَنه لم يكن مُضَارَبَة أقرّ بهَا دينا على عَادَة بعض النَّاس أَو على أَنه لم يكن مكْرها فَهَل لَهُ تَحْلِيفه أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَهُ أَن يحلفهُ على ذَلِك ويكفيه أَن يحلف على الِاسْتِحْقَاق فَلَا يُكَلف أَن يحلف على نفي الْمُضَاربَة وَالْإِكْرَاه على الْوَجْه الَّذِي طلب يَمِينه عَلَيْهِ فقد يكون ذَلِك الدّين ثَابت لَهُ بِسَبَب آخر وَوجدت من مُدَّة من زمن الْفَتْوَى فِي تَعْلِيق القَاضِي الْحُسَيْن رَحمَه الله فِي مَسْأَلَة إقباض الرهون والمعروفة أَن مَا جرت بِهِ الْعَادة بكتابته فِي القبالات من قَوْله بِعْت واستوفيت الثّمن إِذا ادّعى فِيهِ أَنه مَا اسْتَوْفَاهُ وَكتب وَأقر على الْعَادة قبل جَرَيَانه فدعواه فِيهِ مسموعة وَلَكِن الْمقر لَهُ يحلف بِاللَّه بِأَنَّهُ دفع إِلَيْهِ الثّمن فَلَو قَالَ إِنِّي اسْتحق عَلَيْهِ الْألف يقبل وَيسمع لاحْتِمَال أَنه أتلف عَلَيْهِ شَيْئا من مَاله قيمَة ألف دِرْهَم كَأَنَّهُ مَفْرُوض فِيمَا لَو زَالَ البيع بَينهمَا وَأَرَادَ المُشْتَرِي الرُّجُوع عَن البَائِع بِالثّمن مؤاخذه لَهُ بِإِقْرَارِهِ الْمَذْكُور وَالله أعلم 186 - مَسْأَلَة شخص أقرّ أَنه قبض من فلَان كَذَا درهما وَسلمهُ إِلَى فلَان قَضَاء عَن دين على الْمَقْبُوض مِنْهُ وَمَات الْمقر والمقبوض مِنْهُ فَهَل لوَارث الْمَقْبُوض مِنْهُ الرُّجُوع فِي تَرِكَة الْمقر أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَهُ الرُّجُوع هُنَا لِأَنَّهُ قد اعْترف لَهُ فِيهَا بِالْيَدِ وَبِأَن يَده فِيهَا مثبتة على يَده فَلَا يَزُول حكم الْيَد ومقتضاها من الْملك بقول القَاضِي عَليّ تجرده وَيبقى ذَلِك إِلَى أَن يثبت بِحجَّة الحديث: 186 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 @ وَنَظِيره فِي الْمَنْقُول مَا ذكره صَاحب الرَّوْضَة وَصَاحب الإشراف من أَنه لَو قَالَ أخذت من فلَان ألفا كَانَ لي عِنْده قرضا فَإِنَّهُ يُؤمر برده عَلَيْهِ كإقراره بِكَوْنِهِ أَخذه من ملكه وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَحَاصِله يرجع إِلَى أَنه أقرّ لَهُ بِالْملكِ فِيهِ وَادّعى انْتِقَاله وَلَا يقبل إِلَّا بِبَيِّنَة وَالله أعلم 187 - مَسْأَلَة رجل قَالَ فِي مرض مَوته أشهدوا عَليّ أَن جَمِيع مَالِي بعد موتِي لأخي فلَان وَله بنُون يحجبونه فَمَا حكم هَذَا القَوْل أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يَجْعَل هَذَا إِقْرَارا صَحِيحا لِأَخِيهِ الحديث: 187 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 @ بالمالية فَإِن فِيهِ مَا يمْنَع ذَلِك من جِهَات إِحْدَاهَا كَمَا تقرر من أَن قَوْله اشْهَدُوا عَليّ لَيْسَ بِإِقْرَار بِخِلَاف قَوْله أشهدكم وَقب سبق وَالثَّانيَِة قَوْله مَالِي مُضَافا إِلَى نَفسه فَإِنَّهُ يُنَافِي صِحَة الاقرار وَالثَّالِثَة تَعْلِيقه على بعد الْمَوْت ثمَّ هُوَ كِنَايَة فِي الْوَصِيَّة فَإِن ثَبت أَنه أرادها نفذت فِي ثلث المَال بشرطها وَالله أعلم 188 - مَسْأَلَة رجل أقرّ لبيت المَال بأَرْبعَة أسْهم من بُسْتَان الحديث: 188 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 313 @ وَأَرْبَعَة أسْهم من بُسْتَان آخر وهما إِذْ ذَاك ملك غَيره حكما وَفِي يَده ثمَّ أقرّ صَاحب الْيَد لهَذَا الْمقر من أحد البستانين بِثمَانِيَة أسْهم وتصادقا على كَون السِّتَّة عشر سَهْما لصَاحب الْيَد وَأقر لَهُ من الْبُسْتَان الآخر بسبعة أسْهم وتصادقا على أَرْبَعَة عشر سَهْما لصَاحب الْيَد لكَون ثَلَاثَة أسْهم وَقفا على جِهَة خَارِجَة فَهَل تصح هَذِه الأقارير أم لَا أجَاب تصح هَذِه الأقارير إِذا كَانَ المقرين أَهلا للأقارير واستجمعت سَائِر شُرُوطهَا وَمِنْهَا أَن لَا يَجْعَل نفس الْإِقْرَار تَمْلِيكًا بل يكون إِقْرَاره إِخْبَارًا عَن ملك مُتَقَدم الثُّبُوت عَلَيْهِ وَكَانَ مَعَ ذَلِك صَادِقا ظَاهرا اخباره بذلك كباطنه ومطلقة فِي ظَاهر الحكم يحمل على الصدْق ويؤاخذ بِهِ وَالْمقر الْخَارِج يُؤَاخذ بعد إِقْرَار صَاحب الْيَد بِمَا أقرّ وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِك لِأَن من أقرّ لغيره بِمَا هُوَ فِي يَد غَيره يُؤَاخذ بِهِ إِذا صَار بِإِقْرَار وَفِي صِحَة شِرَاءَهُ كَلَام ويراعى فِي إِقْرَاره هَذَا الشُّيُوع وَهَذَا فِيهِ خلاف وَفِي البيع أَيْضا إِذا قَالَ الشَّرِيك فِي النّصْف مثلا بِعْت النّصْف والشيوع فِي الْإِقْرَار لِأَنَّهُ قد يقر بِمَا فِي يَد غَيره وَله وَلغيره وَهُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ فِي الْإِقْرَار ايضا فقد غلب على الظَّن فَسَاد أصل الْإِقْرَار لبيت المَال هَا هُنَا فقصدت تقليل مَا يُؤْخَذ بِهِ مِنْهُ فيؤاخذ إِذا ظَاهر الْبَيْت المَال من الْبُسْتَان الَّذِي سلم لَهُ مِنْهُ بِالْإِقْرَارِ ثَمَانِيَة أسْهم بقيراط وَثلث قِيرَاط وَذَلِكَ حِصَّة الثَّمَانِية أسْهم من الأسهم الْأَرْبَعَة الْمقر بهَا ويؤاخذ من الْبُسْتَان الآخر بقيراط وَسدس وَالله أعلم 189 - مَسْأَلَة رجل أقرّ أَن أَوْلَاده قد ملكوا عَلَيْهِ كَذَا وَكَذَا ملكا صَحِيحا وانتقل إِلَيْهِم انتقالا مَاضِيا ثمَّ أَرَادَ الرُّجُوع فِي ذَلِك فَهَل لَهُ ذَلِك أجَاب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِن كَانَ قد أسْند الْملك فِي إِقْرَاره إِلَى البيع أَو غَيره من الْأَسْبَاب الَّتِي لَا يجوز الرُّجُوع مَعهَا فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوع وَإِن كَانَ مُطلقًا وَأَرَادَ الرُّجُوع فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوع أَيْضا إِلَّا أَن يَدعِي أَنه كَانَ بطرِيق الحديث: 189 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 @ الْهِبَة وَيُرِيد الرُّجُوع فِيهَا فَالْقَوْل فِي ذَلِك قَوْله مَعَ يَمِينه على الْأَظْهر فَإِذا حلف كَانَ لَهُ الرُّجُوع إِلَّا أَن يكون قد وجد من الْوَلَد مَا يبطل رُجُوع الْوَاهِب من رهن أَو كِتَابَة أَو غَيرهمَا فَيمْتَنع حِينَئِذٍ الرُّجُوع من هَذِه الْجِهَة وَهَذَا الَّذِي أَفْتيت بِهِ هُوَ الَّذِي أفتى بِهِ القَاضِي أَبُو سعد بن أبي يُوسُف الْهَرَوِيّ صَاحب الإشراف على غوامض الحكومات وَذكر أَن أَبَا الْحسن الْعَبَّادِيّ أفتى بِمَنْع الرُّجُوع متمسكا بِأَن الأَصْل بَقَاء الْملك وَتمسك بِأَن الْإِقْرَار الْمُطلق ينزل على أول الْبَنِينَ وأضعفهما كَمَا ينزل على أقل المقدارين استصحابا للْأَصْل الْقَدِيم وَهَذَا الأَصْل مُتَقَدم على الأَصْل الَّذِي تمسك بِهِ فَكَانَ أولى قلت فَإِن أورد على هَذَا مَا إِذا أقرّ مُطلقًا ثمَّ فسر بِثمن مَبِيع لم يقبضهُ أَو بدين مُؤَجل لَا يقبل مُنْفَصِلا فَالْجَوَاب أَن ذَلِك يمْنَع الْمُطَالبَة والإلزام فِي الْحَال فَهُوَ مُنَاقض لموجب قَوْله عَليّ وَالله أعلم 190 - مَسْأَلَة شخصان بَينهمَا ملك مشَاع لكل وَاحِد مِنْهُم اثْنَي عشر سَهْما فَأقر أَحدهمَا لأَجْنَبِيّ بأَرْبعَة أسْهم من حِصَّته ثمَّ تقار الشريكان فِي مَكْتُوب كتباه بَينهمَا بِأَن جَمِيع هَذَا الْملك الثُّلُث مِنْهُ هُوَ ثَمَانِيَة أسْهم الَّذِي أقرّ للْأَجْنَبِيّ وَالْبَاقِي وَهُوَ الثُّلُثَانِ وَهُوَ سِتَّة عشر سَهْما للشَّرِيك الآخر وَبعد تقارهما بذلك مَعًا نَاقض الشَّرِيك الْمقر لَهُ بالثلثين شَرِيكه الآخر فِي جملَة الثَّمَانِية أسْهم الَّتِي هِيَ الثُّلُث بِملك كَانَ لَهُ ثمَّ بعد ذَلِك ادّعى الْمقر لَهُ بالثلثين أَن الْأَرْبَعَة الَّتِي سبق الْإِقْرَار بهَا للْأَجْنَبِيّ دَاخِلَة فِي الثَّمَانِية الأسهم فَمَا الحكم فِي ذَلِك الحديث: 190 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 @ أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِذا خرجت الأسهم الْأَرْبَعَة من الْبَيِّنَة فتقارهما على وصف الْمَعِيَّة يتَضَمَّن رد كل وَاحِد مِنْهُمَا أَرْبَعَة أسْهم من إِقْرَار شَرِيكه لَهُ من حَيْثُ أَن إِثْبَاتهَا لأَحَدهمَا أَيهمَا كَانَ لَا يجيئ مَعَ إِثْبَاتهَا لصَاحبه الآخر فالمقر لَهُ بالثمانية قد رد مِنْهَا أَرْبَعَة بِإِقْرَارِهِ لشَرِيكه بالستة عشر وَالْمقر لَهُ بالستة عشر قد رد مِنْهَا أَيْضا أَرْبَعَة باقراره لشَرِيكه بالثمانية فَعِنْدَ هَذَا فلولا مَا تعقب هَذَا من المناقلة لَكَانَ هَذَا يخرج أَرْبَعَة أسْهم من يَد كل وَاحِد مِنْهُمَا لِأَن إِن قُلْنَا أَن الْمَرْدُود لَا يقر فِي يَد كل وَاحِد من الْمقر وَالْمقر لَهُ فَظَاهر وَإِن قُلْنَا أَنه يقر فِي يَد الْمقر فمساقه هَا هُنَا بعيد التمانع الْوَاقِع أَولا لِأَن ارتداد أَرْبَعَة على هَذَا لَا يجيئ مَعَ ارتدادهما على ذَلِك وَكَذَا بِالْعَكْسِ كَمَا سبق وَلَا سَبِيل الي تَخْصِيص أَحدهمَا مَعَ التَّسَاوِي فَيتَعَيَّن التَّسْوِيَة بَينهمَا فِي النَّفْي لَكِن لما وجدت المناقلة بعد ذَلِك مَعَ اشتمالها على توافقهما على ملكه للثمانية كَانَ ذَلِك إِقْرَارا ثَابتا من الآخر لَهُ بِملكه الثَّمَانِية من غير رد مِنْهُ وَبعد هَذَا فَلَا تسمع دَعْوَى الشَّرِيك الآخر بِأَن أَرْبَعَة للْأَجْنَبِيّ دَاخِلَة فِي الثَّمَانِية لِأَنَّهَا على مناقضة إِقْرَاره السَّابِق ضمن المناقلة وَالله أعلم 191 - مَسْأَلَة رجل أقرّ أَن جَمِيع مَا فِي يَده فَالثُّلُث مِنْهُ لفُلَان وَملكه ثمَّ أقرّ بعد ذَلِك أَن الَّذِي كَانَ فِي يَده حَالَة الْإِقْرَار ثَلَاثَة آلَاف دِرْهَم وَأَنه أنفقها كلهَا ثمَّ مَاتَ الْمقر فَهَل يجوز للشَّاهِد أَن يشْهد بِأَن الْمقر لَهُ عَلَيْهِ ألف دِرْهَم من غير تَفْصِيل ليَأْخُذ ذَلِك من تركته أجَاب رَضِي الله عَنهُ بِأَنَّهُ لَا يجوز للشَّاهِد ذَلِك بل يشْهد على الْمقر بالإقرارين عَليّ وجهيهما ثمَّ إِذا حلف الْمقر لَهُ مَعَ الشَّاهِد حكم لَهُ بِضَمَان ألف دِرْهَم فِي تركته وَالله أعلم ثمَّ قَالَ بعد ذَلِك وَهَذَا القَوْل إِذا سمع الشَّاهِد إِقْرَار شخص بِأَن لفُلَان عَلَيْهِ ألف دِرْهَم فَلهُ أَن يَقُول أشهد أَنه أقرّ بِأَن لَهُ عَلَيْهِ ألف دِرْهَم وَلَيْسَ لَهُ بِأَن يَقُول أشهد أَن لَهُ عَلَيْهِ ألف دِرْهَم لما بَينهمَا من التَّفَاوُت على مَالا يخفى وَالله أعلم الحديث: 191 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 - مَسْأَلَة شخص أقرّ فِي ملك هُوَ فِي يَده وتصرفه أَنه وقف عَلَيْهِ ثمَّ على جِهَات بعده هَل يثبت هَذَا الْوَقْف بِإِقْرَارِهِ أجَاب رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ بَلغنِي عَن جمَاعَة من المفتيين قبلنَا أَنهم أفتوا بِثُبُوتِهِ وَقد ذكر صَاحب رَوْضَة الْحُكَّام فِيمَا لَو أَقَامَ الْخَارِج بَيِّنَة بِالْوَقْفِ وَأقَام صَاحب الْيَد بَيِّنَة بِالْوَقْفِ أَنه هَل ترجح بَينته فعلى وَجْهَيْن أَحدهمَا ترجح وَالثَّانِي لَا ترجح لِأَن الْيَد تدل على الْملك لَا على الْوَقْف فعلى هَذَا وَلَا ينْتَفع فِي هَذَا بِمَا هُوَ فِي الإشراف على غوامض الحكومات من أَنه إِذا أقرّ صَاحب الْيَد أَنه وقف على فلَان وَلم يذكر واقفه وَلم يعرف القَاضِي واقفه سمع ذَلِك مِنْهُ وألزمه حكم إِقْرَاره وَذَلِكَ لِأَن هَذَا لَيْسَ إِثْبَاتًا للْوَقْف فِي نَفسه بِإِقْرَارِهِ بل مؤاخذه لَهُ فِي حق نَفسه باقراره وَالله تَعَالَى أعلم 193 - مَسْأَلَة رجلَانِ أقرا لزيد بِمِائَة دِرْهَم عَلَيْهِمَا بِالسَّوِيَّةِ وَأشْهد عَلَيْهِمَا بذلك فِي مَكْتُوب ثمَّ أشهد أحد المقرين عَليّ نَفسه بِأَن قَالَ جَمِيع الدّين الْمكتب فِي هَذِه الْحجَّة انْتقل إِلَى ذِمَّتِي انتقالا صَحِيحا شَرْعِيًّا دون الْمقر للْآخر ثمَّ طالبهما الْمقر لَهُ وَأخذ من كل وَاحِد خمسين درهما فَأَرَادَ الحديث: 193 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 @ الْمقر الَّذِي لم يصدر مِنْهُ شَيْء سوى إِقْرَاره الأول لرب الدّين أَن يرجع على صَاحبه الَّذِي أقرّ بانتقال جَمِيع الدّين إِلَى ذمَّته بِمَا غرمه لرب الدّين هَل لَهُ ذَلِك أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَهُ ذَلِك كَمَا لَو كَانَ لزيد على عَمْرو دين ولعمر على خَالِد دين والمديون الأول مُمْتَنع فلزيد أَخذ حَقه من مديون مديونه وَكَذَا لَو أقرّ خَالِد بدين لعَمْرو وَجحد ذَلِك عَمْرو كَانَ لزيد الْأَخْذ من خَالِد إِذا صدقه وَهَذَا فِي الْبَاطِن أما فِي ظَاهر الحكم فَيتَوَقَّف على ثُبُوت ظلم الْمقر لَهُ بذلك وَمَا يُوجب رُجُوعه وَالله أعلم 194 - مَسْأَلَة رجل أقرّ أَن جَمِيع مَا تَشْمَل عَلَيْهِ الدَّار الْفُلَانِيَّة الْمَعْلُومَة من قماش وَغَيره ملك زَوجته فُلَانَة ثمَّ مَاتَ بعد مُدَّة فِي الدَّار الْمَذْكُورَة والزوجان ساكنان فأقامت الْبَيِّنَة بِالْإِقْرَارِ الْمَذْكُور فَأنْكر الْوَارِث كَون الْأَعْيَان الْمَوْجُودَة فِيهَا عِنْد الْمَوْت مَوْجُودَة عِنْد الْإِقْرَار وَأَن الْإِقْرَار تنَاوله وَتوجه عَلَيْهَا إِقَامَة الْبَيِّنَة على ذَلِك فطلبت يَمِينه بِأَن تِلْكَ الْأَعْيَان لم تكن مَوْجُودَة حِينَئِذٍ وَأَنَّهَا غير دَاخِلَة فِي الْإِقْرَار فَهَل يحلف على نفي الْعلم أم الْبَتّ فَإِن قَالَ الْوَارِث إحلف إِنَّك لَا تستحقين مِمَّا فِي الدَّار إِلَّا حِصَّة الْمِيرَاث وَهُوَ الرّبع يقنع مِنْهُ بذلك أجَاب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ يحلف أَنه لَا يعلم هَذِه الْأَعْيَان وَلَا شَيْئا مِنْهَا مَوْجُودَة فِي الدَّار الْمَذْكُورَة وَقت الْإِقْرَار الْمَذْكُور وَأَنه لَا يُعلمهُ وَلَا شَيْئا مِنْهَا دَاخِلا فِيمَا أقرّ بِهِ لَهَا وَمَا قَامَ مقَام هَذَا من الْأَلْفَاظ فَإِن ذَلِك يَمِين على نفي مَا يتَعَلَّق بِهِ وَالْقَاعِدَة فِيهِ مَعْرُوفَة وَلَا يقنع مِنْهُ بِيَمِينِهِ بِأَنَّهَا لَا تسْتَحقّ مَا فِي الدَّار سوى حصَّتهَا من الْمِيرَاث وَهُوَ الرّبع فَإِن المدعية قد أَقَامَت حجَّة على مَا تدعيه ولوقف عَلَيْهِ وتأثيرها على هَذِه الْمُقدمَة الَّتِي الحديث: 194 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 318 @ طلبت من الْخصم تَحْلِيفه عَلَيْهَا فَعَلَيهِ أَن يحلف على نَفيهَا إِن كَانَ صَادِقا نَفيهَا وَإِن لم يكن صَادِقا فقد علم تَمام الْحجَّة عَلَيْهِ فِي نفس الْأَمر فَلَيْسَ لَهُ دَفعهَا بِأَن يحلف على نفي الْحق وَإِن زعم أَنه صَادِق فِي نَفْيه كَمَا لَو اعْترف ظَاهرا بالمقدمة المتممة للحجة وَأَرَادَ أَن تحلف على نفي الِاسْتِحْقَاق زاعما أَنه صَادِق فِيهِ بِخِلَاف النَّظَائِر الْمَعْرُوفَة الَّتِي فِيهَا أَن يَدعِي عَلَيْهِ الْمُدَّعِي قرضا فَلَا يحلف على نفي الْقَرْض وَيُرِيد أَن يحلف على نفي الِاسْتِحْقَاق فَإِنَّهُ يقنع مِنْهُ بذلك لِأَن الْمُدَّعِي لم يقم حجَّة أصلا لَا تَامَّة وَلَا نَاقِصَة وَلم يُوجد مِنْهُ سوى الدَّعْوَى الَّتِي لَا حجَّة فِيهَا فتقنع مِنْهُ بِالْيَمِينِ على نفي الِاسْتِحْقَاق فَلَنْ يلْحق بِهِ مَا بعد إِقَامَة الْحجَّة لما فِيهِ من إِلْغَاء أثر ذَلِك فِي ذَاك وَصَارَ هَذَا كَمَا إِذا أَقَامَ الْمُدَّعِي الْحجَّة على الْمُدعى عَلَيْهِ بِكِتَاب قَاض أورد فِيهِ الحكم على معِين متميز بِالِاسْمِ وَالنّسب فَأنْكر الْمُدعى عَلَيْهِ كَونه مُسَمّى بذلك الإسم مَعَ النّسَب فَطلب يَمِينه بِأَنَّهُ لَيْسَ مُسَمّى بذلك فحاد عَن الْيَمين على نفي ذَلِك إِلَى الْيَمين على نفي اسْتِحْقَاق مَا يَدعِيهِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يقنع مِنْهُ بذلك عَليّ الصَّحِيح خلافًا للصيدلاني فَهَذَا من ذَلِك الْقَبِيل ثمَّ هَهُنَا جِهَة أُخْرَى تمنع من أَنا نقنع من الْوَارِث بِيَمِينِهِ أَنَّهَا لَا تسْتَحقّ من ذَلِك سوى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319 @ حصَّتهَا بِالْإِرْثِ وَذَلِكَ أَن لَهَا الْيَد فِي نصف مَا فِي الدَّار الْمَذْكُورَة لكَون الزَّوْجَيْنِ كَانَا يسكنانها على مَا عرف من الْقَاعِدَة فِي مثل ذَلِك فَإِذا لَهَا أَن تحلف على اسْتِحْقَاق نصف هَذِه الْأَعْيَان نظرا إِلَى الْيَد وَإِن قَطعنَا النّظر عَن الْإِقْرَار ثمَّ لَهَا بعد ذَلِك الرّبع من الآخر إِذا لم تتمّ لَهَا فِيهِ حجتها من جِهَة الْإِقْرَار وَالله أعلم 195 - مَسْأَلَة إمرأة أقرَّت أَنَّهَا لَا تسْتَحقّ مَعَ وارثها فلَان شَيْئا فِي الْحصَّة الْفُلَانِيَّة ثمَّ مَاتَت فَادّعى عَلَيْهِ بَاقِي الْوَرَثَة مشاركته بطرِيق الْإِرْث عَن المقرة فَهَل تسمع دَعوَاهُم وَمَا الحكم إِذا أثبتوا كَونه محلفا عَنْهَا أجَاب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِذا كَانَت قد اعْترفت لَهُ بِأَنَّهُ مَالك للحصة لَا تسْتَحقّ مَعَه فِيهَا شَيْئا فَلَا تسمع دَعْوَى سَائِر الْوَرَثَة لميراثهم فِيهَا عَن المقرة حِين يدعوا أَنَّهَا تلقت عَن الْمقر لَهُ الْملك فِي الْحصَّة الْمَذْكُورَة بعد إِقْرَارهَا وَالسَّبَب فِيهِ أَن الانسان مؤاخذ بِإِقْرَار نَفسه فِي الْمُسْتَقْبل وَلَوْلَا ذَلِك لم يكن فِي أقاريرهم حجَّة وَفَائِدَة وَإِن كَانَت اقتصرت فِي اعترافها على انها لَا تسْتَحقّ فِي الْحصَّة شَيْئا من غير أَن تعترف لَهُ بملكها فَلَا تقبل دَعوَاهُم حَتَّى يدعوا تجدّد الْملك لَهَا فِيهَا بعد إِقْرَارهَا الْمَذْكُور بِمثل مَا سبق على مَا تقدم وَالله أعلم 196 - مَسْأَلَة رجل أقرّ بِمَا صورته الْأَمْلَاك الَّتِي اشْتَرَيْتهَا لوَلَدي فلَان وسماها هَل هَذَا إِقْرَار صَحِيح أم لَا فَإِذا كَانَ صَحِيحا فَهَل يعم جَمِيع الْأَمْلَاك الَّتِي اشْتَرَاهَا بِدِمَشْق وحمص وحماة وَغير ذَلِك أَو لَا يعم حَتَّى لَو قَالَ أردْت بذلك الْأَمْلَاك الَّتِي اشْتَرَيْتهَا فِي سنة عشْرين فَقَط دون سنة إِحْدَى الحديث: 195 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 320 @ وَعشْرين هَل يقبل قَوْله وَتَفْسِيره بذلك أم لَا فَإِن قبل مِنْهُ هَذَا التَّفْسِير فَلَو مَاتَ وَلم يُفَسر بِشَيْء هَل للْوَرَثَة البَاقِينَ أَن يفسروه بذلك أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِقْرَاره بِأَن الْأَمْلَاك الَّتِي اشْتَرَاهَا هِيَ لوَلَده الَّذِي سَمَّاهُ إِقْرَار صَحِيح مَحْمُول على الْعُمُوم وَلَا يقبل قَوْله فِي الحكم تَفْسِيره بِخُصُوص الْأَمْلَاك الَّتِي اشْتَرَاهَا بِدِمَشْق مثلا أَو بِخُصُوص الْأَمْلَاك الَّتِي اشْتَرَاهَا فِي سنة مُعينَة وَالله أعلم 197 - مَسْأَلَة رجل مَاتَ وَوجد لَهُ تَرِكَة من جُمْلَتهَا حصان أَشهب وَعَلِيهِ دُيُون تستغرق تركته فأحضرت زَوجته كتابا صورته أَنه أقرّ فِي صِحَة عقله وجسمه قبل مَوته بِمدَّة طَوِيلَة قدرهَا سنة أَو دونهَا بِقَلِيل أَن زَوجته تسْتَحقّ فِي ذمَّته ألف دِرْهَم وَأَنه عوضهَا الحصان الْأَشْهب وَسلمهُ إِلَيْهَا وَلم يذكر فِي الْكتاب لفظا أَكثر من هَذَا وَلَا شهد عَلَيْهِ أحد بِغَيْر هَذَا اللَّفْظ وَلَا أشهدت الْمَرْأَة عَلَيْهَا فِي ذَلِك الْوَقْت وَإِلَى أَن مَاتَ زَوجهَا بالتعويض وَلَا بقبوله وَلَا بِقَبض شَيْء وَإِنَّمَا وَقع الْإِشْهَاد على الزَّوْج فَقَط فَلَمَّا مَاتَ وَوجد حصان أَشهب فِي تركته قَالَت الزَّوْجَة هَذَا هُوَ الحصان الْأَشْهب الَّذِي عوضني هُوَ وقبلته وَقَالَ الْغُرَمَاء هَذَا حصان آخر فَعَلَيْك الْبَيِّنَة أَنه هُوَ ذَلِك الحصان الأول فَالْقَوْل قَول من وَالْحَالة هَذِه أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِذا حَلَفت حكم لَهَا بِهِ لِأَن ذَلِك الحصان بَاقٍ عملا بِالْأَصْلِ وَلَا مَوْجُود غَيره هَذَا وَيلْزم من هَاتين المقدمتين أَن يكون هَذَا ذَاك وَنَظِيره من المسطور مَا إِذا قَالَ المدع عِنْدِي لفُلَان ثوب وَدِيعَة وَلم يصفه ثمَّ مَاتَ وَلم يُوجد فِي تركته غير ثوب وَاحِد فَإِنَّهُ ينزل عَلَيْهِ قَوْله وَقَوله عوضتها كَقَوْلِه بعتها يحمل على الصَّحِيح الْقَابِل للْملك مُطلقَة وَالله أعلم الحديث: 197 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 321 - مَسْأَلَة رجل لَهُ عشر دَار شَائِع فَأقر أَن فلَانا ملك عَلَيْهِ سَهْما شَائِعا من عشرَة أسْهم من جَمِيع الدَّار وَذكرهَا وَقَالَ بِعْت فلَانا سَهْما شَائِعا من عشرَة أسْهم من جَمِيع الدَّار وَذكرهَا أَو قَالَ وهبت لَهُ وسلمت إِلَى الْمقر جَمِيع السهْم الْمَذْكُور أَو قَالَ سلمت إِلَى البَائِع السهْم الْمَذْكُور أَو الْمَوْهُوب لَهُ فَهَل ينزل ذَلِك على مَا يخْتَص بِهِ دون مَا هُوَ مشَاع أجَاب رَضِي الله عَنهُ ينزل ذَلِك على مَا اخْتصَّ بِهِ على الْأَصَح فِي الصُّورَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ وَأما فِي الصُّورَة الأولى فقطعا من غير خلاف من أجل قَوْله ملك عَلَيْهِ وَالله تَعَالَى أعلم 199 - مَسْأَلَة إمرأة أقرَّت وأشهدت عَلَيْهَا أَن كل مَكْتُوب يظْهر فِيهِ إِقْرَار أَبِيهَا لَهَا بدين أَو بِعَين فَهُوَ بَاطِل وزور وَأَنَّهَا لَا تسْتَحقّ فِي ذَلِك الْمَكْتُوب شَيْئا ثمَّ أَنَّهَا ادَّعَت بعد ذَلِك على تَرِكَة أَبِيهَا بأَرْبعَة آلَاف دِرْهَم وأظهرت مَكْتُوبًا صورته هَذَا مَا أصدق فلَان فُلَانَة وَأَن أَبَا المقرة قبض من مهر المقرة أَرْبَعَة آلَاف دِرْهَم فضَّة وَأشْهد عَلَيْهِ بِقَبض هَذَا المَال الَّذِي هُوَ مهرهَا فَقَالَ الْحَاكِم الَّذِي ثَبت عِنْده إِقْرَار المقرة بِمَا تقدم قد بَطل هَذَا بإقرارك أَن كل مَكْتُوب أقرّ لَك أَبوك فِيهِ بدين أَو عبن فَهُوَ بَاطِل فَهَل يدْخل كتاب الصَدَاق وَقبض أَبِيهَا مهرهَا فِي إبِْطَال مَا أبطلت أجَاب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لَا يبطل بذلك مَا تشهد بِهِ الْبَيِّنَة عَلَيْهِ من أَنه قبض ذَلِك وَإِنَّمَا يقْدَح ذَلِك فِي إِقْرَاره بِالْقَبْضِ وَالْأول يجزيها عَن الثَّانِي وَلَيْسَ فِي مَكْتُوب الصَدَاق الْمَذْكُور إِقْرَار بِالْقَبْضِ فَإِن قَوْله وَأشْهد عَلَيْهِ بِالْقَبْضِ من شَاهد الْقَبْض من غير أَن ينْطق بِإِقْرَار وَالله أعلم الحديث: 199 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 322 @ وَمن كتاب الْعَارِية 200 - مَسْأَلَة رجل أعَار رجلا جدارا يضع عَلَيْهِ ستْرَة لَيْسَ عَلَيْهَا حمل ثمَّ أَرَادَ الْمُعير اسْتِرْدَاد عاريته فَهَل لَهُ إِزَالَتهَا مجَّانا أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَيْسَ لَهُ إِزَالَتهَا مجَّانا وَله ذَلِك إِذا عزم أرش النَّقْص 201 - مَسْأَلَة فِي شُرَكَاء فِي ملك شاع يحْتَمل الْقِسْمَة بَاعَ وَاحِد مِنْهُم حِصَّته لأَجْنَبِيّ فَحَضَرَ بعض الشُّرَكَاء وَطلب أَخذ الْمَبِيع بِالشُّفْعَة وَحِصَّة هَذَا الطَّالِب قَليلَة إِذا قسمت لَا ينْتَفع بهَا وَلَو طلب قسمتهَا لَا يُجَاب إِلَى ذَلِك على الْمُخْتَار وَالشُّفْعَة إِنَّمَا تثبت لدفع الضَّرَر الْحَاصِل للْقِسْمَة وَهَذَا الْإِيجَاب إِلَى الْقِسْمَة على الْمُخْتَار فَهَل لَهُ أَن يَأْخُذ بِالشُّفْعَة أم لَا وَهل إِذا اجْتمع مَعَ بَقِيَّة الشُّرَكَاء يحاصصهم أم ينْفَرد بِالْأَخْذِ من إِذا طلب الْقِسْمَة أُجِيب إِلَيْهَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ بل لَهُ الشُّفْعَة على الصَّحِيح وَالْمَذْكُور فِي الاستفتاء إِنَّمَا هُوَ على الْعَكْس فَإِنَّمَا يعْتَبر الْإِجْبَار على الْقِسْمَة فِي جَانب المُشْتَرِي لَا فِي جَانب الشَّفِيع فَإِذا كَانَ المُشْتَرِي لَو طلب الْقِسْمَة أجبر لَهُ الْمُمْتَنع عَلَيْهَا وَالشُّفْعَة تثبت للشَّرِيك الآخر الْقَدِيم وَإِن لم يكن لقلَّة حِصَّة المُشْتَرِي فَلَا شُفْعَة للشَّرِيك الْقَدِيم 202 - مَسْأَلَة هَل يحْتَاج الشَّفِيع فِي مِقْدَار اسشفاعه وَفِي وَقت إِقَامَة الْبَيِّنَة الَّتِي تبين مِقْدَار سَهْمه أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِذا أَقَامَ الْبَيِّنَة على كَونه شَرِيكا كفى ذَلِك فِي الحديث: 200 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 323 @ ذَلِك وَاسْتحق الشُّفْعَة بشرطها ثمَّ وجدت مسطورا مَا يدل عَلَيْهِ وَللَّه الْحَمد 203 - مَسْأَلَة وجوابها قَالَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِذا تسلم الْعَامِل مَالا للقراض ثمَّ مَاتَ وَفِي يَده أَعْيَان تصلح لِأَن تكون أعواضا لمَال الْقَرَاض حكم بِبَقَاء مَال الْقَرْض إِذا لم يقم بَيِّنَة توجب خلاف ذَلِك لِأَن الأَصْل بَقَاء مَال الْقَرَاض وشأن مَال الْقَرَاض التّلف فِي الْأَعْيَان فَلَا يحكم بِعَدَمِهِ بِعَدَمِ الْعين الْمَعْقُود عَلَيْهَا ويلتحق ذَلِك بِمَا اذا قَالَ الْمُودع عِنْدِي لفُلَان ثوب وَلم يُوجد فِي تركته إِلَّا ثوب وَاحِد فَإِنَّهُ يحمل عَلَيْهِ وَيدْفَع إِلَى الْمقر لَهُ قطع بِهِ صَاحب التَّهْذِيب ثمَّ يَنْبَغِي أَن يُوفي مِنْهَا رَأس المَال نَقْدا من غير زِيَادَة لِأَن نشك فِينَا زَاد على ذَلِك وَالْحَالة هَذِه وَالله أعلم 204 - مَسْأَلَة رجل أَخذ من آخر مَالا قراضا فَأكل بعض المَال ثمَّ نوى أَن يعْمل فِي الْبَاقِي ليرد رَأس المَال فَإِذا عَاد رَأس المَال فَهَل يكون مَا كسبا بَينهمَا على مَا شرطاه وَيكون مَا خَان فِيهِ فِي ذمَّته أم يكون الْكسْب كُله لِلْعَامِلِ أجَاب رَضِي الله عَنهُ بل مَا أَخذه على وَجه الْخِيَانَة وأتلفه ثَابت فِي ذمَّته لَا يبرأ مِنْهُ بِالْكَسْبِ وَالْكَسْب الْحَاصِل من الْبَاقِي لَا شَيْء لِلْعَامِلِ فِيهِ حَتَّى يجْبر رَأس المَال فَإِذا أدّى إِلَى رب المَال مَا أكله بَرِئت ذمَّته ويحسب مَا أَدَّاهُ من رَأس المَال وَحِينَئِذٍ يكون مَا ربحه فِي المَال الْبَاقِي إِذا فضل عَن رَأس المَال مقسوما حِينَئِذٍ بَينهمَا وَالله أعلم الحديث: 203 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 - مَسْأَلَة سلم شخص إِلَى شخص دَرَاهِم ثمَّ اخْتلفَا فَقَالَ الدَّافِع أقرضتك إِيَّاهَا وَقَالَ الْقَابِض إِنَّمَا قارضتني عَلَيْهَا وَكَانَ قد خسر فطالبه الدَّافِع بِالْجَمِيعِ أجَاب ضي الله عَنهُ بِأَن القَوْل الْقَابِض مَعَ يَمِينه عِنْد عدم الْبَيِّنَة فِي نفي الضَّمَان فِي الْقدر الذَّاهِب لِأَنَّهُمَا اتفقَا على الْإِذْن فِي التَّصَرُّف وَاخْتلفَا فِي شغل الذِّمَّة وَالْأَصْل بَرَاءَة الذِّمَّة قَالَ وَهَذَا أولى وَيَنْبَغِي الضَّمَان مِمَّا إِذا قَالَ الْمَالِك غصبتني وَقَالَ الْقَابِض أودعتني فَفِي هَذِه الْمَسْأَلَة وَجْهَان حَكَاهُمَا صَاحب التَّتِمَّة أَحدهمَا وجوب الضَّمَان وَلِأَن الأَصْل عدم الْإِذْن فَهَذَا منتفي فِي مَسْأَلَتنَا واختلافهما فِي الْجِهَة لَا يقْدَح على أحد الْوَجْهَيْنِ على مَا عرف فِي مَوْضِعه وَالله أعلم 206 - مَسْأَلَة رجل عَلَيْهِ حجَّة ثَابِتَة بمبلغ من الدَّرَاهِم بَعْضهَا فِي الذِّمَّة وَبَعضهَا إقراض ثمَّ توفّي وَوجد فِي تركته مَال وَلم يثبت أَنه عين مَال الْمُضَاربَة فَهَل يقدم بِبَقَاء مَال الْمُضَاربَة أَو الَّذِي فِي الذِّمَّة أَو يقسم بَينهمَا على قدر الْمَالَيْنِ أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِذا أثبت أَنه كَانَ فِي يَده رَأس مَال لنَفسِهِ يجوز أَن تكون التَّرِكَة مِنْهُ وَمَال الْمُضَاربَة وَيجوز أَن تكون التَّرِكَة مِنْهُ لكَونه من جنس مَا أذن لَهُ فِي التِّجَارَة فِيهِ وَلم تقم بَيِّنَة مَانِعَة من أحد الجائزين الْمَذْكُورين فَالظَّاهِر أَن التَّرِكَة تقسم بَينهمَا على قدر رَأس الْمَالَيْنِ وَإِن لم يثبت اشْتِمَال يَده على غير مَال الْمُضَاربَة تعيّنت التَّرِكَة لجِهَة الْمُضَاربَة الَّتِي ثَبت اشْتِمَال يَده على مَالهَا وَالله أعلم الحديث: 206 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 325 - مَسْأَلَة رجل أقرّ أَنه قبض مَالا نَقْدا على جِهَة الْمُضَاربَة ثمَّ مَاتَ وَترك أَوْلَادًا صغَارًا فَحَضَرَ وَكيل رب المَال وَهُوَ غَائِب فِي بلد آخر وَأثبت ذَلِك وَلم يُوجد فِي تركته شَيْء من جنس المَال الْمَقْبُوض فَهَل يفْتَقر الحكم بِهِ إِلَى إِثْبَات تَفْرِيط الْعَامِل وَهل يتَوَقَّف الحكم بعد ذَلِك على يَمِين رب المَال الْغَائِب والمحكوم عَلَيْهِم أَيْتَام أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ مهما وجد فِي تَرِكَة الْعَامِل مَا يصلح أَن يكون للقراض وَيجوز اشتراؤه بِمَال الْقَرَاض فَلَا يتَوَقَّف الحكم على إِثْبَات تَفْرِيط الْعَامِل بترك الْإِيضَاح مَعَ تمكنه مِنْهُ فِي مخيف مَرضه وَلَا بِغَيْرِهِ من أَسبَاب التَّفْرِيط بل يستصحب بَقَاؤُهُ فِي ضمن مَا خلف من الْأَعْيَان الَّتِي بِهَذِهِ الصّفة من حَيْثُ أَن وضع مَال الْقَرَاض التقلب وَالنَّقْل فِي الْأَعْيَان فَلَيْسَ يلْزم من عدم رَأس المَال بِعَيْنِه عَدمه هَذَا الِاسْتِصْحَاب مُقْتَضى ظَاهر الْمَذْهَب فِي نَظِير لَهَا وَهِي مَا إِذا ثَبت بِإِقْرَارِهِ أَن عِنْده ثوبا وَلم يجد فِي تركته غير ثوب فَإِنَّهُ يتْرك الْوَدِيعَة عَلَيْهِ ذكر صَاحب التَّهْذِيب وَفِي التَّتِمَّة اشارة اليه غير أَنه بترتب التَّضْمِين على هَذَا من وَجه آخر وَهُوَ عدم التَّمْيِيز فَإِنَّهُ لَا يدْرِي كم مَال الْقَرَاض من ذَلِك وَالله أعلم فَيضمن اذا رَأس المَال وَلَا حَاجَة إِلَى تَفْرِيط غير أَنه إِذا كَانَ الْمُخْتَار أَنه لَا يضمن إِذا لم يُوجد فِي تركته مَا يصلح أَن يكون رَأس مَال الْقَرَاض فَيَنْبَغِي إِذا قصر مَا وجد من تركته مِمَّا يصلح أَن يكون للقراض عَن الْوَفَاء بِرَأْس المَال أَن لَا يضمن مَا يبْقى فِي سَائِر تركته وَالله أعلم فَإِذا لَا يزِيد على مِقْدَار رَأس المَال وَلَا يُجَاوز مَا يصلح أَن يكون هَذَا وَمن عوضه وَالله أعلم وَأما أَن لم يُوجد فِي تركته مَا يصلح أَن يكون من مَال الْقَرَاض وَكَانَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 326 @ الْمَوْجُود مِمَّا يَنْفِي الْحَال احْتِمَال كَونه من مَال الْقَرَاض فَالْأَظْهر أَنه لَا ضَمَان وان الايضاح لاحْتِمَال تَقْدِير التّلف من غير تَفْرِيط وَالْأَصْل بَرَاءَة الذِّمَّة وَيتْرك الْإِيضَاح عَليّ تَقْدِير التّلف الْمَوْصُوف لَا يصير مفرطا ضَامِنا قطعا لما لَا يخفى وَالله أعلم وَالْحكم هَا هُنَا يتَوَقَّف على يَمِين الْمُوكل الْغَائِب وَهُوَ مفارق فِي ذَلِك لمثله فِي الحكم على الْحَاضِر غير الْمَحْجُور عَلَيْهِ للمسألة العدالية وَالْعلم عِنْد الله تَعَالَى تِلْكَ الْعلَّة منتفية فِي هَذَا وَأَيْضًا فاليمين هَا هُنَا من متممات الْحجَّة وَالله أعلم وَهُوَ أَيْضا حكم الْغَائِب على غَائِب أَو شبهه فيضعف لضعف أصل الحكم على الْغَائِب غير أَنِّي بعد ذَلِك رَأَيْتنِي أجد وَقْفَة عَن هَذَا وَفِي الْوَسِيط هَذَا إِذا ادّعى بِنَفسِهِ فَإِن كَانَ ادّعى وَكيله وَهُوَ غَائِب فَلَا بُد من تسلم الْحق بل لَو حضر الْمُدَّعِي عَلَيْهِ بِإِزَاءِ وَكيل الْمُدَّعِي وأقيمت الْبَيِّنَة عَلَيْهِ فَقَالَ إِن موكلك أبرأني فَارْتَد يَمِينه فَذكر مَسْأَلَة الْقفال وَهَذَا يُوجب أَن وَكيل الْغَائِب الْمُدَّعِي على الْغَائِب لَا يحلف فَإِن سِيَاق كَلَامه يُعْطي ذَلِك وَلَو كَانَ الْمُدَّعِي نَاظرا على جِهَة وقف عَام أَو نَحوه فَلَا يُمكن هَا هُنَا تَوْقِيف الحكم أصلا وَالله أعلم 208 - مَسْأَلَة بُسْتَان ليتيم أجر وليه بَيَاض أرضه بِأُجْرَة بَالِغَة مِقْدَار مَنْفَعَة الأَرْض وَقِيمَة الثَّمر ثمَّ ساقى على الشّجر على سهم من ألف الحديث: 208 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 @ سهم للْيَتِيم وَالْبَاقِي للْمُسْتَأْجر كَمَا جرت الْعَادة هَا هُنَا فِي دمشق فَهَل تصح الْمُسَاقَاة أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِذا كَانَ ذَلِك لَا يعد فِي الْعرف غنى فَاحِشا فِي عقد الْمُسَاقَاة بِسَبَب انضمامه إِلَى عقد الْإِجَارَة الْمَذْكُور وَكَونه نقصا مجبورا بِزِيَادَة الْأجر موثوقا بِهِ من حَيْثُ الْعَادة فَالظَّاهِر صِحَّتهَا وَالله أعلم وَمن كتاب الاجارة 209 - رجل أجر أَرضًا من رجل للغراس مُدَّة مَعْلُومَة ثمَّ عِنْد انْقِضَاء الْمدَّة يكون لَهُ مَا بِحكم الشَّرْع المطهر فِيهَا فَلَمَّا انْقَضتْ الْمدَّة حضر الْمُؤَجّر وَالْمُسْتَأْجر عِنْد حَاكم من حكام الْمُسلمين وَطلب الْمُؤَجّر اخلاء أرضه من الْغِرَاس فَأبى الْمُسْتَأْجر فَخير الْحَاكِم حِينَئِذٍ الْمُؤَجّر بَين تمْلِيك الْغِرَاس بِقِيمَتِهَا وَبَين أَن يبيقها بِأُجْرَة الْمثل فَلَمَّا علم الْمُسْتَأْجر ذَلِك اخْتَار الْقلع وإخلاء الأَرْض من الْغِرَاس من غير أرش نقص فَأُجِيب الى ذَلِك وَأمره الْحَاكِم بِهِ فبادر قبل الْقلع وَقبل تمْلِيك الْمُؤَجّر الْغِرَاس وقف الْغِرَاس وَقفا شَرْعِيًّا فَهَل يَصح هَذَا الْوَقْف وَإِذا صَحَّ هَذَا الْوَقْف فَهَل للمؤجر قلعه من أرضه أم لَا وَإِذا قلعه فَهَل عَلَيْهِ أرش نَقصه أم لَا وَإِذا أبقاه بأجره فَهَل تكون الْأُجْرَة فِي فعل الشّجر أَو على الْمَوْقُوف عَلَيْهِ فَإِن كَانَت الْأُجْرَة أَكثر من فعل الْغِرَاس فَمِمَّنْ يَأْخُذ مَا يفضل لَهُ من الْأُجْرَة وَأَن كَانَ وَقفه على مَسَاكِين لَا مَال لَهُم وَكَانَ الْغِرَاس لَا فعل لَهُ فَمِمَّنْ يَأْخُذ أُجْرَة أرضه أجَاب رَضِي الله عَنهُ نعم يَصح وَقفه على الْأَظْهر كَمَا يَصح الحديث: 209 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 @ وقف الْمَشْفُوع ثمَّ يبْقى الْمُؤَجّر على خيرته بَين الْأُمُور الْمَعْرُوفَة فَإِن اخْتَار قلعه بِأَرْش نَقصه وَإِن اخْتَار أبقاه بأجره فالأجرة فِي فعله كمونة الْعِمَارَة فِي غَيره وَمَا لَا يَفِي بِهِ فعله من ذَلِك فَالْأَصَحّ أَنه على بَيت المَال وَالله أعلم 210 - مَسْأَلَة رجل اسْتَأْجر أَرض قَرْيَة للزِّرَاعَة وللمستأجر الِانْتِفَاع بزرع ذَلِك كَيفَ شَاءَ والأراضي المأجورة مَا زرع مِنْهَا فِي سنة براح من الزَّرْع فِي سنة أُخْرَى على عَادَة الضّيَاع والقرى والأراضي المأجورة فزرع الْجَمِيع فَاعْترضَ عَلَيْهِ معترض من أُمَنَاء الْوَقْف وَقَالَ زرعت جَمِيع الْأَرَاضِي فِي سنة وَاحِدَة فَقَالَ لَهُ الْمُسْتَأْجر الْجَمِيع على مَا أرَاهُ وَالْبَعْض على مَا أرَاهُ من اسْتِيفَاء جَمِيع حَقي أَو بعضه أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَيْسَ لَهُ الِانْتِفَاع بذلك إِلَّا على وَجه الْمُعْتَاد وَعَلِيهِ أَن يرِيح الْمَأْجُور على مَا جرت بِهِ الْعَادة كَمَا فِي الدَّابَّة المأجورة فِي السّفر فَإِنَّهُ يتبع عَادَة إِلَّا رَاحَة فِيهَا سيرا وسرا وَيجب النُّزُول عَنهُ عِنْد الْعقَاب هَذَا هُوَ الظَّاهِر وَالله أعلم 211 - مَسْأَلَة رجلَانِ أجرا أَرضًا لرجل يغْرس فِيهَا غرسا مُدَّة مَعْلُومَة فَلَمَّا انْقَضتْ مُدَّة الْإِجَارَة خيرهما بَين أَمريْن أَحدهمَا أَن يبقياه بِأُجْرَة الْمثل وَالثَّانِي أَن يتملكا الْغِرَاس بِقِيمَة مثله ثمَّ أَن أحد الشَّرِيكَيْنِ أجر حِصَّته مرّة ثَانِيَة فَهَل للشَّرِيك الثَّانِي أَن يمتلك بِبَدَل أَو يبْقى بِأُجْرَة الْمثل أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِذا كَانَ الْأَمر فِيهِ على مَا ذكر من كَون أحد المؤجرين حدد أجارة نصِيبه من الأَرْض المغروسة صَحِيحَة فَإِنَّهُ يسْقط خصْلَة التَّمَلُّك وَيتَعَيَّن خصْلَة الْإِبْقَاء بِأُجْرَة الْمثل وَالله أعلم 212 - مَسْأَلَة رجل اسْتَأْجر أَرضًا مَوْقُوفَة للْبِنَاء أَو الْغِرَاس مُدَّة الحديث: 210 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329 @ مَعْلُومَة وَبنى وَانْقَضَت مُدَّة الأجارة فَهَل يكون حكمهَا حكم الْمُطلق فِي تَملكهَا بِالْقيمَةِ أَو فِي الْقلع وَغرم أرش النَّقْص أَو تبقيتها بِأُجْرَة الْمثل أجَاب رَضِي الله عَنهُ يَجْزِي فِي الْوَقْت من ذَلِك الْإِبْقَاء بِأُجْرَة الْمثل وَلَا يَجْزِي الْقلع مَعَ غَرَامَة أرش النَّقْص إِلَّا إِذا كَانَ ذَلِك أصلح للْوَقْف من الْإِبْقَاء وَكَذَلِكَ لَو غرم غَارِم الْأَرْش من عِنْده وَلَا يجزىء التَّمْلِيك بِالْقيمَةِ إِلَّا إِذا فَإِن فِي شَرط الْوَقْف جَوَاز تَحْصِيل مثل ذَلِك الْغِرَاس وَالْبناء لجِهَة الْموقف وَالله أعلم 213 - مَسْأَلَة رجل اسْتَأْجر مَكَانا إِجَارَة صَحِيحَة وَاجْتمعَ عَلَيْهِ من الْأُجْرَة فطالبه الْمُؤَجّر بِمَا اجْتمع عِنْده فَادّعى الْإِعْسَار إِن ثَبت إِعْسَاره عِنْد الْحَاكِم هَل للْآخر الْفَسْخ بِهَذَا أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ هَذِه الْإِجَارَات الَّتِي تسْقط أجورها فِي عقودها على انسلاخ الشُّهُور وَنَحْوهَا لَا يثبت فِيهَا الْفَسْخ بالإعسار إِذْ لَا فسخ لَهُ بِأُجْرَة مَا لم تحل بعد لِأَنَّهُ لَا مُطَالبَة لَهُ بِهِ الْآن وَلَا فسخ لَهُ بِمَا حل وَانْقَضَت مدَّته لِأَن الْمَعْقُود عَلَيْهِ فِيهِ هُوَ الْمَنْفَعَة وَقد تلفت بِمُضِيِّ زَمَانه وَإِنَّمَا يجوز بالفلس عِنْد بَقَاء الْمَعْقُود عَلَيْهِ ليرْجع إِلَى عين مَاله بِالْفَسْخِ وَالله أعلم 214 - مَسْأَلَة رجل اسْتَأْجر حِصَّة من نَاظر إِجَارَة صَحِيحَة شَرْعِيَّة ثمَّ ادّعى النَّاظر أَنه كَانَ مكْرها أَو كَانَ بِدُونِ أُجْرَة الْمثل فَهَل تسمع الحديث: 213 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 330 @ دَعْوَاهُ أم لَا وَإِذا سَمِعت فَهَل يجب عَلَيْهِ تَفْصِيل الْإِكْرَاه أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ نعم تسمع دَعْوَاهُ وَعَلِيهِ تَفْصِيل الْإِكْرَاه 215 - مَسْأَلَة رجل قَالَ لرجل خُذ هذة الدَّابَّة والقمح الَّذِي لي واطحنه وأحمل لَك عَلَيْهَا كيلين من الْغلَّة فَأَخذهَا وَحمل عَلَيْهَا قمحه وقمح صَاحب الدَّابَّة فسرقت الدَّابَّة مِنْهُ فِي الطَّرِيق فَهَل يلْزمه الضَّمَان أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِن فرط وَجب عَلَيْهِ الضَّمَان وَإِن لم يفرط وَكَانَ قد جعل حمل الكيلين أُجْرَة فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ وَإِن كَانَ ذَلِك على جِهَة الْعَارِية فَعَلَيهِ ضَمَان نصفهَا لَا غير 216 - مَسْأَلَة رجل لَهُ أحمال حناء فِي قيسارية وَوضع آخر إِلَى جَانب تِلْكَ الْأَحْمَال فَرده وَلم يعلم بهَا صَاحب الْأَحْمَال فَبَاعَهَا صَاحب الاحمال وَهُوَ يعْتَقد أَنَّهَا مَاله فقبضها المُشْتَرِي من الْوَضع الَّذِي وَضعهَا مَالِكهَا فِيهِ وَلم يستول عَلَيْهَا البَائِع وَلَا مَسهَا بِيَدِهِ فَهَل لمَالِكهَا أَن يُطَالب البَائِع بهَا أَو ببدلها أَو يُطَالب المُشْتَرِي وَلَا ضَمَان لَهُ على البَائِع أصلا أم لَهُ أَن يطالبهما جَمِيعًا وَلَو عدمت فِي يَد المُشْتَرِي وَلم يعْتَرف المُشْتَرِي أَنَّهَا ملك مَالِكهَا وَقَالَ لَا أَدْرِي إِلَّا الثّمن فَقَط وَلم يكن لصَاحِبهَا بَيِّنَة وَقيمتهَا أَكثر من الثّمن وَمثله فَهَل يجب على البَائِع مَا زَاد على الثّمن أجَاب رَضِي الله عَنهُ مُقْتَضى الْمَذْهَب أَنه يُطَالب المُشْتَرِي الْقَابِض وَلَا ضَمَان على البَائِع أصلا وَإِذا اعْترف البَائِع بِأَن ذَلِك للْمَالِك الْمَذْكُور فعلى المُشْتَرِي عِنْد عَدمه تَسْلِيم الثّمن إِلَى من اعْترف لَهُ البَائِع الحديث: 215 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 331 @ بِاسْتِحْقَاق عوض ذَلِك وَلَا يلْزم البَائِع وَالْمُشْتَرِي مَا زَاد على الثّمن وَالله أعلم 217 - مَسْأَلَة رجل أعْطى دَابَّة إِلَى خاني يحفظها فِي الخان فانفلتت على هَذِه الدَّابَّة دَابَّة أُخْرَى فقتلتها وَلم يقدر الخاني على تَخْلِيصهَا وَلم يحضر ذك إِلَّا الخاني فَهَل يجب ضَمَانهَا على الخاني أَو على مَالك الدَّابَّة أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا ضَمَان على الخاني إِذا غلبته وَلم يفرط لِأَنَّهُ وَالْحَالة هَذِه لَا ينْسب إِلَيْهِ مَا جرى وَأما الْمَالِك فان كَانَت مُعْتَادَة للوصول على الدَّوَابّ وَلم يعرف بذلك من ترك الدَّابَّة المقتولة هُنَاكَ فَعَلَيهِ ضَمَانهَا وَإِن لم تكن مُعْتَادَة لذَلِك وَلم يكن مَعهَا حِينَئِذٍ فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ وَفِي الْإِبَانَة مَا يدل على ذَلِك وَالله أعلم وَمَسْأَلَة اصطدام السفينتين إِذا غلبتهما لَا ضَمَان عَلَيْهَا يدل على أَن من فِي يَده الدَّابَّة إِذا غلبته لَا ضَمَان عَلَيْهِ وَالله أعلم 218 - مَسْأَلَة رجل أجر أَرضًا مُدَّة مَعْلُومَة بِأُجْرَة مَعْلُومَة ثمَّ بَاعهَا من رجل آخر قبل انْقِضَاء الأجارة فَهَل يَصح البيع أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ نعم يَصح بِشَرْطِهِ وَلَا تفْسد الأجارة وَالله أعلم 219 - مَسْأَلَة رجل اسْتَأْجر دَابَّة ليرْكبَهَا إِلَى قَرْيَة مَعْلُومَة فركبها إِلَى بعض الطَّرِيق ثمَّ رَجَعَ رَاكِبًا لَهَا من غير إِذن الْمُؤَجّر فَهَل يجب عَلَيْهِ الْأُجْرَة الْمُسَمَّاة أَو يجب قسط مِنْهَا وقسط آخر من أُجْرَة الْمثل لرجوعه الحديث: 217 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 332 @ أجَاب رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ إِن حَبسهَا فِي يَده مُدَّة يُمكنهُ الْمسير فِيهَا إِلَى الْقرْيَة الْمعينَة لزمَه الْأُجْرَة الْمُسَمَّاة بكمالها وَإِن ردهَا قبل ذَلِك لم يلْزمه قسط مَا بَقِي من المسيرة وَالله أعلم ثمَّ قَالَ بعد ذَلِك هَذَا يستمد من أصلين أَحدهمَا أَن الْمُكْتَرِي للدابة للرُّكُوب أَو غَيره اذا تسلمها وأمسكها فِي يَده مُدَّة يُمكنهُ فِيهَا اسْتِيفَاء الْمَنْفَعَة الْمَعْقُود عَلَيْهَا وَلم يستوفها تَسْتَقِر عَلَيْهَا الْأُجْرَة وَالثَّانِي أَنه إِذا اكتراها ليرْكبَهَا الى قَرْيَة مُعينَة فركبها الى قَرْيَة أُخْرَى فِي مثل تِلْكَ الْمسَافَة جَازَ ذَلِك واستقرت عَلَيْهِ الْأُجْرَة الْمُسَمَّاة نظرا إِلَى الْقَاعِدَة المقررة فِي أَنه يجوز ابدال الْمُسْتَوْفى بِهِ كَمَا أَنه اذا اسْتَأْجر لخياطة ثوب معِين فأبدله بِثَوْب مثله أَو اسْتَأْجر امْرَأَة لإرضاع صبي فأبدله بصبي آخر وَفِي ذَلِك قَولَانِ وَالْمُخْتَار جَوَاز الْإِبْدَال وَهَذَا بَين أصلين أَحدهمَا جَوَاز الْإِبْدَال فِي الْمُسْتَوْفى بِهِ كالراكب وَالثَّانِي جَوَاز الْإِبْدَال فِي الْمُسْتَوْفى مِنْهُ كالدابة وَالله أعلم 220 - مَسْأَلَة رجل اسْتَأْجر أَرضًا للزِّرَاعَة بِحَقِّهَا من المَاء فزرع ثمَّ يبس الزَّرْع فَهَل يلْزمه الْأُجْرَة أجَاب رَضِي الله عَنهُ يلْزمه أُجْرَة مُدَّة الحرق والزراعة واشتغال الأَرْض بنبات الزَّرْع وَلَا يلْزمه أُجْرَة مُدَّة تعذر اسْتِعْمَاله وانتفاعه بِالْأَرْضِ هَذَا إِذا لم يفْسخ وَله الْفَسْخ بِسَبَب انْقِطَاع حق الْمَأْجُور من المَاء وَالله أعلم 221 - مَسْأَلَة رجل اسْتَأْجر رجلا على أَن يقْعد مَكَانَهُ فِي الْحَبْس فَقعدَ مَكَانَهُ مُدَّة فَهَل يسْتَحق الْأُجْرَة على ذَلِك أجَاب رَضِي الله عَنهُ أَنه يسْتَحق الْأُجْرَة وَوَجهه أَن الْمَنَافِع كأعيان الْأَمْوَال وَهَذَا استدعاء لإتلاف مَنَافِعه بعوض لغَرَض صَحِيح فَيسْتَحق الحديث: 220 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 333 @ الْعِوَض كَمَا لَو قَالَ ألق متاعك فِي الْبَحْر وَعلي ضَمَانه وكما لَو قَالَ طلق زَوجتك وَعلي ألف وَالله أعلم 222 - مَسْأَلَة شخص اسْتَأْجر طاحونة سنة ثمَّ أَنَّهَا احْتَاجَت إِلَى الْعِمَارَة فاستقال الْمُسْتَأْجر الْمُؤَجّر ليعمرها الْمَالِك فَلَمَّا عمرها اخْتلفَا فَقَالَ الْمُسْتَأْجر لم تكن الْإِقَالَة إِلَّا فِي مُدَّة الْعِمَارَة فَحسب وَقَالَ الآخر بل كَانَت فِي العقد مُطلقًا فِي العقد مُطلقًا فِي جَمِيع مدَّته فَالْقَوْل قَول من مِنْهُمَا وَإِذا كَانَ القَوْل قَول الْمُسْتَأْجر فِي بَقَاء العقد فَهَل للْمَالِك مُطَالبَته بِأَجْر أَيَّام الْعِمَارَة أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ أَن القَوْل قَول الْمُسْتَأْجر مَعَ يَمِينه لِأَن فِيمَا يَدعِيهِ نفيا لصِحَّة الْإِقَالَة وإثباتا لاستمرار العقد فهذان أصلان فِي جِهَتَيْنِ يعضد أَحدهمَا الآخر وَلَيْسَ مَعَ الْمُؤَجّر إِلَّا أَن الظَّاهِر صِحَة الاقالة وَفِي هَذَا مَا يُفَارق بِهِ هَذِه الْمَسْأَلَة مسَائِل الْوَجْهَيْنِ فِيمَا إِذا تعَارض الأَصْل وَالظَّاهِر حَيْثُ يدعى أَحدهمَا فَسَاد العقد وَيَدعِي الآخر صِحَّته وَفِيه أَيْضا مَا يمْنَع من إِثْبَات التخالف بَينهمَا لاختلافهما فِي مِقْدَار مَا وَقعت فِيهِ الْإِقَالَة ثمَّ لَيْسَ للْمَالِك مُطَالبَة بِأُجْرَة أَمَام الْعِمَارَة لتضمن دَعْوَاهُ نفى اسْتِحْقَاقه لَهَا وَمَا يَدْفَعهُ الْمُسْتَأْجر من الْأُجْرَة للْمَالِك أَن يَأْخُذ مِنْهُ مِقْدَار أُجْرَة الْمثل وَمَا زَاد عَلَيْهَا فَهُوَ غير مُسْتَحقّ لَهُ بِزَعْمِهِ وَإِن كَانَ صَادِقا فِي دَعْوَاهُ فَلَا يحل لَهُ أَخذ مَا زَاد على أُجْرَة الْمثل وَالله أعلم 223 - مَسْأَلَة إِنْسَان أَخذ بيد مَمْلُوك لغيره وخوفه بِسَبَب تُهْمَة فهرب من سَاعَته فَهَل عَلَيْهِ ضمانة الحديث: 222 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 334 @ أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يضمنهُ مهما لم يكن قد نَقله من مَكَان إِلَى مَكَان وَمن هَذَا الْقَبِيل إِذا انْتقل العَبْد مَعَه مُسْتقِلّا بِاخْتِيَارِهِ وَهَكَذَا إِذا كَانَ قد نَقله من مَكَان إِلَى مَكَان وَلَكِن لَا على قصد الِاسْتِيلَاء عَلَيْهِ وخوفه فهرب فَلَا يضمنهُ بذلك وَالله أعلم نقل أَن الْمَذْهَب فِيمَا إِذا أَخذ كتابا من بَين يَدي صَاحبه بِغَيْر إِذْنه لَا يكون عوضا حَتَّى يكون قَاصِدا للاستيلاء عَلَيْهِ وَكَأَنَّهُ إِذا لم يقْصد الِاسْتِيلَاء لَا يكون مثبتا لَدَيْهِ وَالله أعلم 224 - مَسْأَلَة فلاح فلح أَرضًا سلطانية ثمَّ جَاءَ آخر فانتزعها مِنْهُ وزرعها بِغَيْر إِذن مِنْهُ لَهُ فَمَا الَّذِي يجب عَلَيْهِ للفلاح ثمَّ جَاءَت أُخْرَى فِي مُسْتَأْجر انْقَضتْ أجارته وَله فِي الأَرْض فلاحة وأجرها من غَيرهَا فَكَانَ الْجَواب فِي هَذِه أَنه إِذا لم يكن قد زرع على هَذِه الفلاحة وَلَا انْتفع بهَا فَلهُ على مَالك الأَرْض لَا على الْمُسْتَأْجر الثَّانِي قيمَة فلاحته وَهِي مَا زَاد فِي قيمَة الأَرْض بِسَبَب الفلاحة وَهِي اخْتِيَار القَوْل الَّذِي نقُول فِيهِ إِذا زَالَ عقد المُشْتَرِي بِالْفَسْخِ بالفلس وَله فِي الْمَبِيع مثل هَذَا الْأَثر فَإِنَّهُ يبْقى للْمُشْتَرِي حَتَّى أَنه بذل لَهُ البَائِع قِيمَته وَهُوَ مَا زَاد بِسَبَبِهِ فِي الْمَبِيع وَإِلَّا بيع واختص المُشْتَرِي بِمَا يخص ذَلِك من الثّمن وَهَذَا القَوْل هُوَ الصَّحِيح هُنَاكَ وَهُوَ جَار هَا هُنَا فَإِنَّهُ أثبت فِي الأَرْض فلاحة مُحْتَرمَة لكَونه يملك ذَلِك بِعقد صَحِيح وَأما الْمَسْأَلَة الأولى فَهِيَ مُخَالفَة لهَذِهِ فَإِن الْمُعَامَلَة فِيهَا فَاسِدَة وَيَد الْفَلاح عَلَيْهَا ضامنة وَاجِبَة الْإِزَالَة فقد قَالَ لَا يجب لَهُ مَا أحدثه فِي الأَرْض وَمن أَمْثَال هَذَا الْأَثر كَمَا فِي الْغَاصِب وَلَيْسَ من قبيل الْمُسْتَأْجر على هَذِه الفلاحة إِجَارَة فَاسِدَة حَتَّى يسْتَحق أُجْرَة الْمثل فَإِن هَذِه الْمُزَارعَة لَيْسَ موضوعها ذَلِك وَإِنَّمَا الْفَلاح فِيهَا هُوَ الْمُسْتَأْجر اسْتَأْجر الأَرْض بِبَعْض مَا الحديث: 224 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 335 @ يزرع فيفلح وَيعْمل نَفسه لصَاحب الأَرْض وَلَيْسَ لصَاحب الأَرْض عَلَيْهِ سوى الْجُزْء من الزَّرْع الْمَشْرُوط لَيْسَ لَهُ عمل فلاحته وَلَا غَيرهَا وَالله أعلم وَلَكِن الَّذِي اسْتَقر عَلَيْهِ الرَّأْي بعد زمَان وَتوقف مُسْتَمر فِيمَا يُرِيد من الاستفتاءات فِيمَا يبْقى للفلاحين من الفلاحة فِي الْأَرَاضِي الَّتِي زارعوا عَلَيْهَا ثمَّ فلحوها وفارقوا قبل زرعهم لَهَا أَن للفلاح عوض فلاحته حَتَّى لَا يتَمَكَّن الْمَالِك من الِانْتِفَاع بِمَا فلح إِلَّا بعوض الفلاحة لِأَنَّهُ وَإِن عمل لنَفسِهِ فالمفلس أَيْضا عمل لنَفسِهِ وَإِن كَانَت الْمُعَامَلَة فَاسِدَة فَإِذا غرس بِإِجَارَة فَاسِدَة لم يكن للْمَالِك قلع غراسه مجَّانا نظرا إِلَى وجود الْأذن ثمَّ عوض الفلاحة قد سبق كنيتي وَلَا طرفا من التَّعَرُّض لكيفية مَعْرفَته وَالله أعلم وَكَذَلِكَ فِي الْفلس وَبَينهمَا فرق من حَيْثُ أَن ذَلِك عمل فِي ملكه وَهَذَا عمل فِي ملك غَيره وَلَكِن هِيَ كعين قَائِمَة لَهُ فَيَنْبَغِي أَن تجب قيمتهَا وَهُوَ مَا زَاد فِي الأَرْض بِسَبَبِهَا على الْمُتْلف لَهَا بِالِانْتِفَاعِ فِي الْمَسْأَلَة الْمَذْكُورَة أَولا وَوَقعت بعد أُخْرَى فِيهَا أَن الأَرْض السُّلْطَانِيَّة بِيعَتْ فَقلت للفالح أَن يمْنَع المُشْتَرِي من الِانْتِفَاع بهَا إِلَّا بعوض الفلاحة وَهُوَ مَا زَاد فِي قيمَة الأَرْض بهَا وَالله أعلم 225 - مَسْأَلَة الجابي إِذا ادّعى تَسْلِيم مَا جباه إِلَى الَّذِي اسْتَأْجرهُ على الجباية وَأنكر فَالْقَوْل قَول من أجَاب القَوْل قَول الجابي مَعَ يَمِينه لكَونه أَمينا فِي ذَلِك فَهُوَ كَالْمُودعِ وَهَذَا اخْتِيَار لمَذْهَب المؤازرة وَفِي طَريقَة الْعرَاق وَجْهَان وَقد قَالَ الشَّاشِي الْأَخير الْمَذْهَب أَنه لَا يقبل قَوْله وَالْآخرُونَ يخالفون فِي هَذَا وَهُوَ أقوى وَهَذَا الْخلاف قد ذكر فِي الْوكَالَة فِي البيع يَجْعَل إِذا ادّعى أَنه سلم الحديث: 225 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 336 @ الثّمن الى الْمُوكل وَأنكر وَهَذِه الصُّورَة مؤاخية لهَذِهِ الْحَادِثَة وَالله أعلم 226 - مَسْأَلَة من حوران الْعَادة أَن يَأْخُذ أحدهم من صَاحبه ثوره يضمه إِلَى ثَوْر نَفسه يحرث عَلَيْهِمَا يَوْمًا وَيَأْخُذ الآخر يَوْمًا آخر ثَوْر هَذَا لمثل ذَلِك فورد مَا صورته رجل أَخذ من رجل رَأس بقر ليحرث عَلَيْهِ بِشَرْط أَن يُعْطِيهِ الآخر رَأس بقر ليحرث عَلَيْهِ مثل مَا حرث على الَّذِي لَهُ فَهَلَك الرَّأْس الأول قبل رده إِلَى مَالِكه فَهَل يجب الضَّمَان أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يثبت فِي هَذَا الضَّمَان الْعَارِية بل حكمه حكم الأجارة الْفَاسِدَة وَحكمهَا الْأَمَانَة وَعند هَذَا فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ إِن تلف بِغَيْر تَفْرِيط وَعَلِيهِ الضَّمَان إِن تلف بتفريط أَو لم يتْلف بتفريط لَكِن فرط قبل تلفه تفريطا دخل بِهِ فِي ضَمَانه ثمَّ لم يبرأ من ضَمَانه حَتَّى تلف وَالله أعلم 227 - مَسْأَلَة رجل اسْتَأْجر مَكَانا وَسلم أجرته إِلَى الْآجر ثمَّ أقرّ أَنه لَا حق لَهُ عِنْد الآخر إِقْرَارا نافيا لكل حق على الْإِطْلَاق ثمَّ بَان فَسَاد تِلْكَ الاجارة فَهَل لَهُ الرُّجُوع بِتِلْكَ الْأُجْرَة الَّتِي أقبضها إِيَّاه أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَهُ الرُّجُوع لِأَن الْإِقْرَار الْمَذْكُور بناه على الظَّاهِر من الصِّحَّة الَّذِي انْكَشَفَ خِلَافه فَكَأَنَّهُ تجدّد لَهُ بعد الْإِقْرَار حق بِسَبَب متجدد وَهَذَا أوضح مِمَّا جَاءَ مَنْقُولًا فِي نَحوه مثل مَا هُوَ مَحْفُوظ فِي أَن المُشْتَرِي إِذا أقرّ بِأَن مَا اشْتَرَاهُ ملك للْبَائِع ثمَّ قَامَت الْبَيِّنَة بِكَوْنِهِ مُسْتَحقّا فَرجع الْمقر عَن إِقْرَاره وَأَرَادَ الرُّجُوع على البَائِع بِالثّمن فَالَّذِي قطع بِهِ كَثِيرُونَ أَو الْأَكْثَرُونَ والقفال مِنْهُم وَهُوَ الصَّحِيح قَالَ الإِمَام فِي الدَّعَاوَى وَإِلَيْهِ ميل الْمُفْتِينَ أَن لَهُ ذَلِك لِأَنَّهُ بنى إِقْرَاره على ظَاهر الْحَال وَقد انْكَشَفَ بِالْبَيِّنَةِ خِلَافه فَكَأَنَّهُ أخبر عَن الْوَاقِع وَهُوَ ثُبُوت الْملك حكما وظاهرا فَإِذا زَالَ ذَلِك زَالَ إِقْرَاره وَأَنه لم يقر بسواه وَهَذَا إِذا كَانَ إِقْرَاره فِي الحديث: 226 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 337 @ ضمن محكامة الْمُسْتَحق على مَا أشعر بِهِ كَلَام الْغَزالِيّ فِي الدَّعَاوَى من الْوَسِيط فَإِن تقدم الْإِقْرَار ثمَّ جرت الْخُصُومَة فَكَذَلِك الْعلَّة الْمَذْكُورَة وَفِي نِهَايَة الْمطلب فِي الضَّمَان بَيَان هَذَا غير أَن هَذَا مطرد فِي الْإِقْرَار على نَفسه الَّذِي يستعقب شَيْئا يثبت بِسَبَبِهِ وللمقر لَهُ على الْمقر كَمَا إِذا أقرّ لغيره بدين أَو عين ثمَّ رَجَعَ وَقَالَ بنيته على حَال انْكَشَفَ أما لِأَنَّهُ يلْزم مِنْهُ إِبْطَاله حَقًا أثْبته لغيره وَأما لِأَنَّهُ لَا بَيِّنَة تقوم بِخِلَاف ذَلِك لِأَنَّهُ لَا يتَمَكَّن هُوَ من إِقَامَتهَا لما فِيهِ من تَكْذِيب قَوْله السَّابِق بِخِلَاف مَسْأَلَة الِاسْتِحْقَاق فَإِن الْبَيِّنَة فِيهَا يقيمها غَيره ثمَّ وجدت الْغَزالِيّ رَحمَه الله قد أَتَى فِي الْوَسِيط بضابط لم أره لشيخه فِي النِّهَايَة وَأرَاهُ الْمُعْتَمد فِيمَا ذكرته فَذكر أَن الرُّجُوع يقبل على ذَلِك الْمَذْهَب الْمُخْتَار عَن كل إِقْرَار يسْتَند إِلَى الظَّن وَلَا يتَصَوَّر فِي الْعَادة إِسْنَاده إِلَى الْقطع أما مَا يتَصَوَّر إِسْنَاده إِلَى الْيَقِين فَلَا يقبل فِيهِ الرُّجُوع وَلَا يلْتَفت إِلَى قَوْله بنيته على ظن انْكَشَفَ بِالْحجَّةِ يعد أَنه بَاطِل بل إِن أَرَادَ التَّحْلِيف بعد ذكره عذرا مُحْتملا فَهَذَا فِيهِ الْخلاف الْمَعْرُوف فِي الْإِقْرَار بِالْقَبْضِ فِي الرَّهْن ثمَّ لَا بُد من ذكره مُسْتَند رُجُوعه فِي قبُوله دَعْوَاهُ بذلك وَالله أعلم 228 - مَسْأَلَة رجل اسْتَأْجر مَكَانا مَعْلُوما مَوْصُوفا مُدَّة مَعْلُومَة بِأُجْرَة مُسَمَّاة وَأَبْرَأ الْمُؤَجّر الْمُسْتَأْجر من الْأُجْرَة الْمَذْكُورَة بَرَاءَة اسقاط لَا بَرَاءَة قبض ثمَّ تَقَايلا عقد الْإِيجَار وتلفظا بالتقايل وتشاهدا عَلَيْهِ وَبعد ذَلِك طلب الْمُسْتَأْجر من الْمُؤَجّر الْأُجْرَة الْمُسَمَّاة وَقَالَ قد تقايلنا فِي الحديث: 228 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 @ الْمَكَان وَأَنت أبرأتني من الْأُجْرَة وَأَنا مَا أَبْرَأتك بل أطالبك بِالْأُجْرَةِ الَّتِي وَقع العقد عَلَيْهَا وأبرأتني مِنْهَا وَلم يكن الْمُؤَجّر قبض من الْمُسْتَأْجر شَيْئا فَهَل يلْزم الْمُؤَجّر فِي هَذِه الصُّورَة شَيْء أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يلْزمه من ذَلِك شَيْء ومطالبته بذلك عجب وَالله أعلم 229 - مَسْأَلَة رجل ضمن بستانا من رجل فِيهِ أَشجَار مُخْتَلفَة الثِّمَار وَلم يكن لَهُ فِي أَرض زريعة وَانْقطع المَاء فيبست الْأَشْجَار وَتَلفت الثِّمَار وَنهب مَا سلم وَلم يستغل الضَّامِن من هَذَا الْمَوْضُوع الْمَذْكُور شَيْئا فَهَل يلْزمه الضَّمَان لرب الْملك مَعَ أَنه لم يَأْخُذ مِنْهُ شَيْئا وَكَانَ الْمَكَان مَعَه عقدا فَقطع بعض الشّجر فَهَل يَنْفَسِخ العقد بِقطع بعض الشّجر أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يسْقط عَنهُ الْأُجْرَة وَلَا شَيْء مِنْهَا بِمُجَرَّد مَا ذكر وَإِذا لم يكن قد فسخ فِي حَالَة انْقِطَاع المَاء فَلَا تَنْفَسِخ الْإِجَارَة لما ذكر من تجرده وَالله أعلم 230 - مَسْأَلَة فِي امْرَأَة تبصر بِالشَّعِيرِ وَرجل يضْرب بالرمل ويطلع قَوْلهمَا حق وَآخر يبصر بالحصى ويطلع قَوْله حق هَل يجوز ذَلِك أَو يحرم أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يجوز هَذَا من الْفَاعِل وَالْمَفْعُول وَالله أعلم الحديث: 229 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 339 - مَسْأَلَة فِيمَن اسْتَأْجر أَرضًا مَوْقُوفَة على الْجَامِع لَيْسَ فها أجارة صَحِيحَة فَلَمَّا انْقَضتْ اسْتَأْجرهَا شخص آخر فَهَل يَصح أجارة هَذَا الْمُسْتَأْجر وَمَا حكم هَذَا الْبناء هَل يتَخَيَّر فِيهِ بَين الْأُمُور الثَّلَاثَة الْمُسْتَأْجر أَو النَّاظر أَو لَا أجَاب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ اسْتِئْجَار هَذَا الْمُسْتَأْجر هَذِه الأَرْض مَعَ شغلها بَاطِل وَلَا علاقَة لَهُ مَعَ ذَلِك فِي الْبناء وَحكم هَذَا الْبناء الْإِبْقَاء بِأُجْرَة الْمثل وَلَيْسَ هَذَا من المواطن الَّتِي يُطلق فِيهَا ثُبُوت التَّخْيِير بَين ذَلِك وَبَين النَّقْص بِأَرْش النَّقْص والتملك بِالْقيمَةِ فَإِن ذَلِك لَو كَانَ لَكَانَ للنَّاظِر فِي الْوَقْف للْوَقْف وَمن أَجله وَلَا سَبِيل إِلَى النَّقْص بِبَدَل أرش النَّقْص من الْوَقْف فَإِنَّهُ تعاطى إتلافا مِنْهُ على الْعين على أَن يغرم لَهُ من مَال الْوَقْف وَهُوَ تَخْيِير لَا يجْهد بِجَوَاز مثله وَلَا ضَرُورَة تلجىء الْوَقْف إِلَيْهِ وَهَكَذَا لَا سَبِيل لَهُ إِلَى تملك الْبناء للْوَقْف بِالْقيمَةِ فِيمَا إِذا وقفت الأَرْض عرضة فَإِنَّهُ يُخرجهَا بذلك عَن الَّذِي وقفت عَلَيْهِ ويجعلها مَبْنِيَّة للْوَقْف وَهِي مَوْقُوفَة قَضَاء وَهِي تعْتَبر للْوَقْف لَا يجوز للنَّاظِر مثله حَتَّى لَا يجوز لَهُ اتِّخَاذ الْبُسْتَان أَو الْحمام دَارا أَو بِالْعَكْسِ وَهَكَذَا لَا سَبِيل لَهُ إِلَى ذَلِك حَيْثُ لَا يجوز صرف شَيْء من الْمَوْقُوف إِلَى تَحْدِيد بِنَاء للْوَقْف لكَونه خَارِجا عَن تصرفه عَن الْجِهَات الْمعينَة لريعه فَإِن انْتَفَت هَذِه الْأُمُور بِأَن بدل النَّاظر أرش النَّقْص من مَاله لينقص أَو كَانَ فِي ذَلِك رد للْوَقْف الى حَاله كَانَ عَلَيْهَا عِنْد الْوَقْف قبل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 340 @ صَيْرُورَته عرض وَلم يكن فِي ذَلِك فخالفة للصفة الَّتِي وقفت الأَرْض عَلَيْهَا فَلَا مَانع من ذَلِك حِينَئِذٍ لم ينْحَصر الْجَائِز فِي الْإِبْقَاء بِالْأُجْرَةِ وَالله تَعَالَى أعلم 232 - مَسْأَلَة رجل اكترى دَابَّة إِلَى مَكَان فسافر بهَا إِلَى غير ذَلِك الْمَكَان وَكَانَ شَرط أَن لَا يحملهَا إِلَّا فِي الرُّجُوع فَحمل عَلَيْهَا فِي الرواح وَالرُّجُوع وَحمل أَكثر من الْمِقْدَار الْمَشْرُوط ثمَّ سلم الدَّابَّة إِلَى صَاحبهَا فَتلفت فَمَا الَّذِي يلْزمه أجَاب رَضِي الله عَنهُ ينظر فَإِن كَانَ الطَّرِيق الَّذِي خَالفه إِلَيْهِ أوعر من الطَّرِيق الْمَشْرُوط وأصعب فَعَلَيهِ أُجْرَة الْمثل للدابة لَا الْأُجْرَة الْمُسَمَّاة وَيلْزمهُ ضَمَان الدَّابَّة إِذا كَانَ تلفهَا فِي يَد مَالِكهَا بالتعب الناشيء من اسْتِعْمَالهَا الْمَذْكُور الْخَارِج عَن مَحل الاذن وَإِن لم يكن الطَّرِيق الَّذِي سلكه أصعب من الْمَشْرُوط فَعَلَيهِ الْمُسَمّى من الْمِقْدَار الْمسَاوِي للمشروط وَأُجْرَة الْمثل للمقدار الزَّائِد عَلَيْهِ مَسَافَة ومحمولا وَعَلِيهِ من ضَمَانهَا إِذا تلفت من ذَلِك قسط مَا زَاد على الْمَشْرُوط إِن كَانَ نصفا فَنصف فنصفها وَإِن كَانَ ثلثين فثلثي قيمتهَا وَهَكَذَا هَذَا على الْأَصَح فِي ذَلِك وَالله أعلم 233 - مَسْأَلَة رجل اسْتَأْجر بَيت فرن مُدَّة مَعْلُومَة أجارة صَحِيحَة ثمَّ بعد الْإِشْهَاد عَلَيْهِ ذكر فِي قفا الْمَكْتُوب أَنه الْتزم لمَالِك الفرن خبز سَبْعَة أرغفة كل يَوْم إِلَى آخر الْمدَّة التزاما شَرْعِيًّا من وَجه صَحِيح شَرْعِي فَهَل يُؤَاخذ بِهَذَا الإلتزام أم لَا وَهل إِذا كَانَ يُؤَاخذ بِهَذَا الِالْتِزَام وَلم يخبز لمَالِك الفرن شَيْئا يكون عَلَيْهِ قيمَة ذَلِك أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يُؤَاخذ بِهِ فان الْتِزَام خبز سَبْعَة أرغفة مَجْهُولَة الحديث: 232 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 341 @ الْمِقْدَار والكيفية لَا طَرِيق شَرْعِيًّا يَصح بِهِ الْتِزَامه مَفْعُولا فِي حَيَاته وَالله أعلم 234 - مَسْأَلَة رجل اسْتَأْجر أَرضًا من قَرْيَة وَقَالَ فِي كتاب الأجارة وَفِي هَذِه الضَّيْعَة عُيُون مَاء نبع برسم سقِِي مَا تركبه المَاء من أرْضهَا وَلم يعلمَا مِقْدَار ذَلِك فَهَل تفْسد الأجارة بذلك وَإِذا قَالَ بِكَذَا غرارة حِنْطَة جَيِّدَة حَمْرَاء حورانية بعلى ممتلئة الْحبّ سَالِمَة من كل عيب فَهَل يجْبر على غربلتها اذا أحضرها على مَا جرت بِهِ الْعَادة من إِحْضَار الغلات من الْقرى وَهل يلْزمه تَسْلِيمهَا بالقرية الْمُسْتَأْجرَة أم يجْبر على إحضارها الى الْبَلدة من غير أَن يتَّفقَا على شَرط فِي كتاب الأجارة وَإِذا اخْتلفَا فِي هَذَا الشَّرْط فَمَا الحكم أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِذا كَانَ المَاء الْمَذْكُور دَاخِلا فِي الأجارة كفى رُؤْيَة الْعُيُون وَمَا يَنْبع مِنْهَا وَيظْهر إِلَى خَارِجهَا وَلَا يشْتَرط معرفَة مَا يركبه مَاؤُهَا من الْأَرَاضِي وَإِذا لم يذكر فِي الْقَمْح صغَار الْحبّ أَو كباره أَو وسط لم يَصح العقد وَإِذا استوفيا الْأَوْصَاف كفى أَن تحضر نقيه على الْعَادة وَلَا يشْتَرط فِيهَا غربلتها مِمَّا لَا يعد عَيْبا فِيهَا وَيجب تَسْلِيمهَا فِي مَوضِع العقد وَإِذا وجد فِي ذَلِك شَرط وَاخْتلفُوا فِي الْمَشْرُوط يشرع التخالف بأحكامه وتفاصيله وَالله أعلم 235 - مَسْأَلَة رجل اسْتَأْجر طاحونة يديرها المَاء وتسلمها وَهِي دَائِرَة فَادّعى فِي أثْنَاء الْمدَّة انْقِطَاع دورانها وَأنكر الْأجر فَالْقَوْل قَول من مِنْهُمَا وعَلى من الْبَيِّنَة الحديث: 234 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 342 @ أجَاب رَضِي الله عَنهُ القَوْل قَول الْآجر مَعَ يَمِينه إِذا لم يقم الْمُسْتَأْجر الْبَيِّنَة هَذَا مُقْتَضى الْقَوَاعِد إِذْ الأَصْل عدم الِانْقِطَاع وَالظَّاهِر السَّلامَة من الْعَيْب وَالْأَصْل بَقَاء العقد ولزومه وَقد قبض الْعين سليمَة وَقَبضهَا فِي الحكم يتنزل منزلَة قبض الْمَنَافِع فِي جَوَاز التَّصَرُّف فِيهَا بالأجارة وَغير ذَلِك حَتَّى لَا يُقَال الأَصْل عدم اسْتِيفَائه الْمَنْفَعَة وَالله أعلم 236 - مَسْأَلَة رجل جَاءَ بفرس إِلَى خَان فربطها وَقَالَ لصبي لم يبلغ وَأَشَارَ إِلَى تبن عِنْدهَا خدمته وعلق عَلَيْهَا فِي المخلاة وَلم يحذر مِنْهَا فَلَمَّا دنا مِنْهَا الصَّبِي رفسته وَهُوَ حَاضر فَمَا الَّذِي يجب وَقد أنكر أَنَّهَا رموح أجَاب رَضِي الله عَنهُ يجب دِيَة الصَّبِي على عَاقِلَة الْمَذْكُورَة فَإِن لم يكن لَهُ عَاقِلَة فَعَلَيهِ فِي مَاله وَهَذَا لَهُ نَظَائِر مسطورة فِي الْمُهَذّب وَغَيره وَقد علم أَنَّهَا اذا أتلفت شَيْئا وَجب على من هُوَ مَعهَا وَإِن لم يكن على مَالِكهَا ضمانة وَلَا تَنْحَصِر فِي أَن يكون سائقها أَو قائدها أَو راكبها وَفِي الْمُهَذّب أَنه لَو أرسل كَلْبه الْعَقُور وَجب عَلَيْهِ ضَمَان مَا يتلفه وَهَذَا مُعْتَمد هَا هُنَا فِيمَا إِذا ثَبت أَنَّهَا رموح مَعَ أَنه لم يوثق رجلهَا بِقَيْد وَلَا إِشْكَال وَنَحْوهمَا وَالله أعلم 237 - مَسْأَلَة وجوابها استفتى فِي فسخ الأجارة بالإفلاس مَا مَعْنَاهُ لَا يثبت الْفَسْخ فِي هَذِه الأجارات الَّتِي لَا يسْتَحق فِيهَا أُجْرَة كل شهر إِلَّا عِنْد انقضائه لِأَن الْفَسْخ بالإفلاس من شَرطه أَن يكون الْعِوَض حَالا وَأَن يكون المعوض قَائِما بَاقِيا فَلَا يجوز فِيهَا الْفَسْخ إِذا قبل انْقِضَاء الشَّهْر لِأَنَّهُ بعد لم يسْتَحق الْأُجْرَة وَلَا بعد انْقِضَاء الشَّهْر لِأَن الْمَنْفَعَة الَّتِي هِيَ المعوض قد فَاتَت فَهِيَ كَالْبيع إِذا تلف وَهَكَذَا فِي كل شهر الْأَمر بِهَذِهِ المثابة فَيلْزم امْتنَاع الْفَسْخ بالفلس فِي هَذِه الأجارات أصلا الحديث: 236 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 343 - مَسْأَلَة مَكَان مَوْقُوف شَرط واقفه أَنه لَا يُؤجر أَكثر من ثَلَاث سِنِين فَأَجره النَّاظر فِيهِ إِحْدَى وَعشْرين سنة فِي سَبْعَة عُقُود مُتَّصِلَة فِي مجْلِس وَاحِد عقد أَولا على ثَلَاث سِنِين ثمَّ عقد عقدا ثَانِيًا على ثَلَاث مُتَّصِلَة بِانْقِضَاء الأول وَهَكَذَا فَهَل تصح هَذِه الأجارات أجَاب رَضِي الله عَنهُ يَصح العقد الأول وَلَا يَصح فِيمَا سواهُ وَهَذَا مَعَ أَن الْأَصَح عِنْد جمَاعَة من الْأَئِمَّة وَالَّذِي أفتى بِهِ أَنه تصح الأجارة من الْمُسْتَأْجر قبل انْقِضَاء أجارته لمُدَّة مُسْتَقْبلَة مُتَّصِلَة بِهَذِهِ الأجارة الأولى وَإِنَّمَا أَفْتيت بالإبطال هَا هُنَا بِنَاء عَليّ أَن الْأَصَح اتِّبَاع شُرُوط الْوَاقِف فِي الْمَنْع من الزِّيَادَة على الْمدَّة الَّتِي منع من الزِّيَادَة عَلَيْهَا وَذَلِكَ لأَنا إِنَّمَا صححنا العقد المستأنف مَعَ أَن مَذْهَبنَا أَنه لَا تجوز الأجارة على مُدَّة مُسْتَقْبلَة لِأَن المدتين المتصلتين فِي الْعقْدَيْنِ فِي معنى الْمدَّة الْوَاحِدَة فِي العقد الْوَاحِد وَهَذَا بِعَيْنِه يَقْتَضِي الْمَنْع فِي هَذِه الصُّورَة فَإِنَّهُ يَجْعَل ذَلِك بِمَثَابَة مَا إِذا عقد على المدتين فِي عقد وَاحِد فَيَقَع زَائِدا على الْمدَّة الَّتِي شَرطهَا الْوَاقِف وَمنع من الزياذة عَلَيْهَا والآن فمقصود الْوَاقِف الْمَنْع من مُطلق كل هَذِه الأجارة من غير مدتين أَن يَقع ذَلِك بعقود متواصلة أَو بِعقد وَاحِد وَالله أعلم 239 - مَسْأَلَة أجارة فِي مكتوبها أَنَّهَا أجارة صَحِيحَة جَامِعَة لشرائط الصِّحَّة عَارِية عَن الشَّرَائِط الْفَاسِدَة بِأُجْرَة هِيَ كَذَا وَكَذَا من الدَّرَاهِم وَالْغلَّة وَكَذَا وَكَذَا من التِّبْن أحمالا من أحمال الْجمال وَلم يُوصف التِّبْن بِأَكْثَرَ من هَذَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ يحكم بِفساد هَذِه الأجارة وَلَا يمْنَع من هَذَا الحديث: 239 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 @ قَوْله أجارة صَحِيحَة جَامِعَة لشرائط الصِّحَّة فَإِنَّهَا صِفَات يَأْتِي بهَا الْكَاتِب لما ذكره لَا لما لم يذكرهُ مِمَّا لَيْسَ من شَأْنه أَن لَا يذكر اسْتغْنَاء بشهرته أَو نَحْوهَا عَن ذكره وَوصف مَا ذكره بذلك وصف بَاطِل لَا يُؤَاخذ بِمثلِهِ على مَا لَا يخفي هَذَا هُوَ الظَّاهِر ظهورا متلقى من الْعرف وَغَيره وَالله أعلم 240 - مَسْأَلَة اسْتَأْجر رجل دَارا من رجل شهرا معينا مثلا بِمِائَة قرطاس فَهَل تصح هَذِه الأجارة أم لَا من حَيْثُ أَن الْفُلُوس تخْتَلف بِالْكبرِ والصغر أجَاب رَضِي الله عَنهُ قد كنت أَقُول أَن الْفُلُوس لَا يجوز العقد عَلَيْهَا فِي الذِّمَّة لِأَن مقدارها لَا يَنْضَبِط لِأَنَّهَا إِن انضبطت بِالْعدَدِ فوزنها يخْتَلف وَهُوَ مَقْصُود لِأَن نفس النّحاس مَقْصُود وَإِن ضبطت بِالْوَزْنِ فعددها يخْتَلف وعَلى هَذَا مَا يَفْعَله النَّاس مثل أَن يَشْتَرِي أحدهم من الفامي أَو غَيره شَيْئا بقرطاسين فِي ذمَّته غير مُعينَة لَا يجوز ثمَّ رَأَيْت بعد ذَلِك أَن ذَلِك جَائِز إِذا ضبطت بِالْعدَدِ وَلَا يضر اخْتِلَافهمَا فِي الصغر وَالْكبر والخفة والثقل لِأَن جَمِيع ذَلِك يروج رواجا وَاحِدًا وَهُوَ الْمَقْصُود مِنْهَا وَهِي فِي حَالَة كَونهَا مَضْرُوبَة لَا الْتِفَات فِيهَا إِلَى مِقْدَار الجرم لِأَنَّهُ لَا يقْصد مِنْهَا غير عرض النقدية والرواج وَمن نَظَائِر هَذِه الْأَصْنَام والملاهي إِذا كَانَ رصاصها مَقْصُودا حَيْثُ أفسدنا بيعهَا نظرا إِلَى مَنْفَعَتهَا الْحَاضِرَة الْمَقْصُودَة وإعراضا عَمَّا لَيْسَ بمقصود فِي الْحَال وَالله أعلم 241 - مَسْأَلَة رجل سلم إِلَى رجل دَرَاهِم وَأذن لَهُ أَن يُسَلِّمهَا الى فلاحين لَهُ على سَبِيل التقوية لَهُم على الْعَادة الْجَارِيَة فسلمها إِلَيْهِم وَكتب عَلَيْهِم بهَا حجَّة وَأشْهد عَلَيْهِم بِهِ فِيهَا ثمَّ بعد مُدَّة وَقع النزاع فَأنْكر الحديث: 240 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 345 @ الفلاحين وَكَانَت الْحجَّة قد صاعت من حرز الْوَكِيل وَهُوَ بِغَيْر جعل فَادّعى الْوَكِيل التَّسْلِيم وَالْإِشْهَاد وضياع الْوَثِيقَة فَالْقَوْل من أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يقبل قَول الْوَكِيل بِالنِّسْبَةِ إِلَى الفلاحين من غير بَيِّنَة وَالْقَوْل قَوْلهم مَعَ أَيْمَانهم وَيقبل قَوْله بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُوكل فِي أَنه سلم وَأشْهد وضاعت الْوَثِيقَة فَإِنَّهُ أَمِين لَهُ فِي التَّسْلِيم إِلَيْهِم فَقبل قَوْله على من ائتمنه فِيهِ كَمَا يقبل قَوْله فِي التَّسْلِيم إِلَى الْمُوكل نَفسه وَهَذَا قوي يُوجب اخْتِيَار القَوْل بِقبُول قَول الْوَكِيل فِي التَّسْلِيم إِلَى ثَالِث فِي الْمسَائِل الَّتِي ظهر الْخلاف فِيهَا وَمن قَالَ بِالْفرقِ فِي ذَلِك بَين التَّسْلِيم الْمُتَعَلّق بالموكل وَبَين التَّسْلِيم الْمُتَعَلّق بثالث فَلَا يقوى مَا يذكرهُ من الْفرق ثمَّ إِذا قبلنَا قَوْله فِي التَّسْلِيم فَلَا يُوجب الضَّمَان عَلَيْهِ كَمَا إِذا قصر بترك الْإِشْهَاد وَيقبل قَوْله فِي أَنه أشهد وضاعت الْوَثِيقَة وَإِن كَانَ الأَصْل عدم الْإِشْهَاد فَإِن الأَصْل وَالظَّاهِر عدم التَّقْصِير وَهَذَا هَا هُنَا أظهر مِنْهُ فِي مَسْأَلَة الْوَجْهَيْنِ فِي الضَّامِن إِذا قضى أَو أَرَادَ الرُّجُوع مَعَ إذكار رب الدّين الْقَضَاء إِذا ادّعى أَنه أشهد عَلَيْهِ وَلَكِن مَاتَ شُهُوده وَالله أعلم 242 - مَسْأَلَة نَائِب على أهل قَرْيَة لصَاحِبهَا فَهَل لَهُ أَن يَأْكُل طَعَام الفلاحين أجَاب رَضِي الله عَنهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق أَنه لَا يحل لَهُ ذَلِك مهما كَانَ فِي صُورَة الْمُتَوَلِي عَلَيْهِم وحملوا ذَلِك إِلَيْهِ على سَبِيل الْهَدِيَّة وَكَونه وَكيلا مستنابا فِي قبض مَا عَلَيْهِم من الْحُقُوق لَا يقْدَح فِي هَذَا الحكم كعامل الصَّدقَات فَإِن المسطور والْحَدِيث ناطقان فِيهِ بِالْمَنْعِ كَمَا فِي القَاضِي وَإِن كَانَ الحديث: 242 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 346 @ حَاصِلَة أَنه وَكيل فِي اسْتِيفَاء الصَّدقَات أما إِذا أحضروه بَين يَدَيْهِ على سَبِيل الضِّيَافَة فَلَا بَأْس بِهِ عَلَيْهِ كَمَا فِي الضِّيَافَة للْقَاضِي وَالله أعلم هَذَا هُوَ الْجَواب لَا الْجَواب بالتفصيل بَين أَن يكون بِطيب نفس من الْفَلاح أَو لَا يكون 243 - مَسْأَلَة رجل اسْتَأْجر أَرضًا ليبني فِيهَا ويسكن فَبنى فِيهَا مسكنا ثمَّ أَنه حيل بَينه وَبَين السُّكْنَى فِيهِ مُدَّة فَهَل تسْقط عَنهُ أُجْرَة تِلْكَ الْمدَّة أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يسْقط بِمُجَرَّد ذَلِك شَيْء من الْأُجْرَة لِأَن الأَصْل الِانْتِفَاع مِنْهُ بِالْمَكَانِ مَوْجُود فِي ذَلِك الْمدَّة بِوَاسِطَة بنائِهِ الْقَائِم فِيهِ وَالْمَنْع من السُّكْنَى لَيْسَ لَهُ فِيهِ أَكثر من نُقْصَان حصل فِي الْمَنْفَعَة الْمَعْقُود عَلَيْهَا وَذَلِكَ لَا يُوجب سُقُوط قسط من الْأُجْرَة فَلَا نَظِير فِي هَذَا إِلَى تنوع الْمَنْفَعَة وَله نَظِير وَالله أعلم 244 - مَسْأَلَة رجل اسْتَأْجر طاحونا وفيهَا أَحْجَار دَائِرَة ثمَّ نقص المَاء فِي أثْنَاء الْمدَّة فتعطل بَعْضهَا وَالْعَادَة جَارِيَة بِمثل ذَلِك وَالْمُسْتَأْجر يعلم ذَلِك عِنْد العقد وَلم يزدْ النَّقْص عَن الْمُعْتَاد الْمَعْلُوم فَهَل لَهُ الْفَسْخ بذلك أجَاب رَضِي الله عَنهُ لينْظر فَإِن اسْتَأْجر الطاحون وَالْحِجَارَة غير دَاخِلَة فِي الاجارة بِأَن كَانَت من عِنْد الْمُسْتَأْجر كَمَا يجْرِي فِي بعض الْعَادة فَلَا الحديث: 243 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 347 @ فسخ لَهُ وَالْحَالة هَذِه وَكَذَلِكَ إِن كَانَت الْحِجَارَة من عِنْد الْمُؤَجّر هِيَ دَاخِلَة فِي الأجارة لَكِن مَا أورد العقد عَلَيْهَا بطرِيق الْأَصَالَة فِيهَا بل أورد العقد على الطاحون وَذكر الْحِجَارَة ذكر الْوَصْف فِي الطاحون فَلَا يثبت للْمُسْتَأْجر الْفَسْخ بِهَذَا النَّقْص والتعطيل المعتادين وَأما إِذا أورد العقد على الْحِجَارَة متأصلة مَقْصُودَة لَا بطرِيق الْوَصْف والضمن فَقَالَ مثلا اسْتَأْجَرت مِنْك هَذِه الْحِجَارَة للطحن بهَا سنة فَيثبت الْفَسْخ لَهُ وَالْحَالة هَذِه بِمَا جرى من النَّقْص والتعطيل المعتادين كَمَا فِي نَظَائِره وَالله أعلم 245 - مَسْأَلَة رجل أجر أجارة ثمَّ ادّعى أَنه كَانَ عِنْد العقد سَفِيها فَهَل تسمع دَعْوَاهُ وَإِذا قَامَت بَيِّنَة بِالسنةِ ة وَبَيِّنَة بِالرشد أَيهمَا تقدم أجَاب بَعضهم أَنَّهَا لَا تسمع دَعْوَاهُ وَأجَاب رَضِي الله عَنهُ تسمع دَعْوَاهُ وَهُوَ من قبيل الْمسَائِل الْمَعْرُوفَة الَّتِي مِنْهَا من ضمن ثمَّ أدعى أَنه كَانَ حِينَئِذٍ مَجْنُونا ضمن ثمَّ ادّعى أَنه كَانَ صَبيا فانه تسمع دَعْوَاهُ على مَا عرف قلت الْآن وَهَذَا بِخِلَاف مَا إِذا عقد عقدا ثمَّ ادّعى أَنه لم يكن يملك العقد على ذَلِك الْمَعْقُود عَلَيْهِ ثمَّ ادّعى بِبيعِهِ كَانَ مَغْصُوبًا أَو أَن مطلقته لم تكن زَوْجَة فانه لَا تسمع دَعْوَاهُ لِأَنَّهَا متناقضة لما تضمنه إقدامه على العقد من الْإِقْرَار بِكَوْنِهِ مِمَّا يملك العقد عَلَيْهِ وَلَيْسَ يدعى عدم أَهْلِيَّته للإقرار حِينَئِذٍ فَيكون أَهلا للإقرار حَالَة العقد وَقد أقرّ حَالَة العقد وَقد أقرّ ضمنا فَلَا يسمع مِنْهُ مَا يُنَاقض إِقْرَاره وَأما هَهُنَا فَنَقُول الَّذِي وجد مني من الْإِقْرَار ضمنا لتصرفي صَادِق عدم أهليتي فَلَا أواخذ بِهِ قلت ويستغرق من طرف آخر الحديث: 245 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 348 @ بَين هَذَا وَبَين مَا إِذا ادّعى فَسَاد العقد بِوُجُود شَرط أَو عدم شَرط فَإِنَّهُ تسمع دَعْوَاهُ وَيَقَع الْخلاف الْمَعْرُوف فِي أَن القَوْل قَول من وَذَلِكَ أَن إقدامه على العقد لَا يتَضَمَّن اعترافه بِاسْتِيفَاء شُرُوطه وتجنب مفسداته فَإِن إخلال الْعَاقِدين بذلك كثير والعاقد لَا يعْقد إِلَّا على مَحل قَابل للْعقد وَأما تعَارض بَيِّنَة الرشد وَبَيِّنَة السَّفه فَإِن الناقلة مِنْهَا مُقَدّمَة على المستصحبة وَيخْتَلف ذَلِك بِحَسب اخْتِلَاف صُورَة مَا تقع بِهِ الشَّهَادَة فَإِذا شهِدت بَيِّنَة السَّفه بتبذير أَو فسق مُقَارن للبلوغ مُسْتَمر الى حِين العقد فب هَذِه تقدم على بَيِّنَة الرشد على تَقْدِيم الْبَيِّنَة الْخَارِجَة على المعدلة وَهَكَذَا مَا يجْرِي هَذَا المجرى وَإِن شهِدت بَيِّنَة بِأَنَّهُ غير رشيد وَبَيِّنَة بِأَنَّهُ كَانَ عِنْد العقد رشيدا فَبَيِّنَة الرشد أولى وَكَذَا مَا جرى فِي هَذَا المجرى وَالله أعلم 246 - مَسْأَلَة فِيمَن كَانَ سُلْطَان بَلْدَة وَكَانَ من أمره تخريب مَسَاجِد ورباطات وَغَيرهَا من الْأَمَاكِن الْمَوْقُوفَة والمملوكة بِغَيْر إِذن مَالِكهَا فَهَل يكون مُوجبا لضمان ذَلِك لكَونه أمرا صادرا من سُلْطَان لمأمور من شَأْنه الاسترسال فِيمَا يَأْمُرهُ بِهِ السُّلْطَان والجري على الْمُوَافقَة والامتثال من غير تَمْيِيز وَمثل ذَلِك أَيْضا إِكْرَاه وَهل إِذا أَمر ذَلِك شخص مِمَّن ينْسب إِلَى السُّلْطَان من أَمِير أَو شبه أَمِير يجب على هَذَا الْأَمر الضَّمَان لكَون الْمَأْمُور من طباعه أَيْضا الاسترسال إِلَى الْمُوَافقَة والامتثال من غير تَمْيِيز ويخشى مِنْهُ أَيْضا السطوة عِنْد الْمُخَالفَة أجَاب رَضِي الله عَنهُ نعم يجب عَلَيْهِ ضَمَان ذَلِك أجمع وَيجب الضَّمَان أَيْضا على من أَمر بذلك مِمَّن انتسب إِلَى ذَلِك السُّلْطَان من أَمِير أَو شبه أَمِير وَولي الْأَمر وَفقه الله تَعَالَى مؤاخذ أَشد مُؤَاخذَة ومطالب أوجب مُطَالبَة بِرَفْع هَذَا الضَّرَر وَيجْبر هَذَا الْكسر وَهَذِه حُقُوق محققها الحديث: 246 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 349 @ الْإِيمَان وحارسها السُّلْطَان فَكيف يسمح بِأَن تضيع ويدع الضَّعِيف وَالَّذِي لَا جِهَة لَهُ غبرها أَن يعرى وَإِن ضيعت الْآن وَالْعِيَاذ بِاللَّه تَعَالَى فَسَوف يُؤَدِّيهَا الْجَانِي عَلَيْهَا يَوْم فقره أفلس مَا يكون وأيأس مَا يكون حَيْثُ الْأَهْوَال تحتوشه وأنياب البلايا تنهشه ونسأل الله الْعَافِيَة وَالْعَفو وَهُوَ أعلم 247 - مَسْأَلَة فِي أجارة حمام لسنة كَامِلَة كتب فِي كتابها تَفْصِيل الْأُجْرَة كل يَوْم أَرْبَعَة دَرَاهِم وَالْجُمْلَة فِي السّنة ألف وَأَرْبَعمِائَة وَأَرْبَعُونَ بِزِيَادَة أَرْبَعَة وَعشْرين درهما على مَا أوجه التَّفْصِيل فَأَيّهمَا هُوَ اللَّازِم أجَاب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لينْظر فِي كَيْفيَّة الْمَكْتُوب فَإِن كَانَت الْجُمْلَة الْمَذْكُورَة قد جعلت فِيهِ احْتِمَالا للتفصيل الْمَذْكُور مياومة وَلَفظه تَقْتَضِي كَون تِلْكَ الْجُمْلَة إِنَّمَا ذكرت جمعا لذَلِك المفرق فَإِن قيل فَذَلِك أَو فمجموع ذَلِك ألف وَأَرْبع مائَة وَأَرْبَعُونَ أَو نَحْو هَذَا من اللَّفْظ فَيلْزمهُ وَالْحَالة هَذِه الْمفصل على جِهَة المياومة لَا غير وَلَا يلْزمه زِيَادَة الْأَرْبَعَة وَعشْرين فَإِن غلط أَحدهمَا فَيكون الْوَاجِب أَحدهمَا فَلَا يحكم إِلَّا بألأقل المستيقن كَمَا لَو قَالَ لَهُ عَليّ أحد هذَيْن المقدارين فَلَا يلْزم إِلَّا بِالْأَقَلِّ وَإِن لم تكن الْجُمْلَة الْمَذْكُورَة موردة فِيهِ بِلَفْظ الْجمع والإجمال لذَلِك الَّذِي فصل مياومة بِأَن قيل اسْتَأْجرهَا بِأُجْرَة مبلغها كل يَوْم أَرْبَعَة دَرَاهِم وَفِي السّنة ألف وَأَرْبَعمِائَة وَأَرْبَعُونَ وَمَا أشبه هَذَا من الْأَلْفَاظ فنحكم عَلَيْهِ فِي الظَّاهِر بِالْجُمْلَةِ مَعَ مَا فِيهَا من الزِّيَادَة فَإِنَّهُ لَا مُنَافَاة بَين الْمَذْكُورين فالجمع بَينهمَا مُمكن أَو يكون ذَلِك تقسيطا لبَعض الْأُجْرَة دون بعض وَالله أعلم 248 - مَسْأَلَة رجل نزل عِنْد قَرْيَة عَن بغل لَهُ فجَاء حَافظ الزَّرْع فطرد الْبَغْل ونفره فَذهب وهجم اللَّيْل فَلم يقدر عَلَيْهِ فَلَمَّا الحديث: 247 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 350 @ أَصْبحُوا وجدوه قد افترسه السَّبع فَهَل على الطارد المنفر ضَمَانه أجَاب رَضِي الله عَنهُ نعم فَإِن كَانَ السَّبع مُخْتَارًا بِحَيْثُ يُحَال عَلَيْهِ مثل هَذَا الْإِتْلَاف حَتَّى لَا يجب عِنْد صَاحب الشَّامِل والتهذيب والأكثرين فِيمَا علمنَا الضَّمَان فِيمَا لَو شدّ يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ وَطَرحه فِي أَرض وَاسِعَة مسبعَة وافترسه السَّبع تَرْجِيحا لمباشرته السَّبع على سَببه لَكِن وَهَذَا وأشباهه لَا يقْدَح فِي التَّضْمِين فِيمَا نَحن بصدده لَان الب 3 غل الْمَذْكُور مَال بثبت الْيَد عَلَيْهِ وَالنَّقْل وَالطَّرِيق فِي إِثْبَات الْيَد على الدَّابَّة والسوق نقل فِيهَا والطرد والتنفير من قبيل ذَلِك فَيصير كَمَا لَو كَانَ المشدود الْمَطْرُوح فِي مسبعَة عبدا فَإِن ضَمَانه يجب لَا محَالة لكَونه يكون غَاصبا حصل تلف الْمَغْصُوب فِي يَده باتلاف أَجْنَبِي أَو حَيَوَان ثمَّ إِن صَاحب الْمُهَذّب قد ذهب من غير خلاف ذكره فِي مَسْأَلَة المشدود إِلَيّ أَن الضَّمَان يجب دِيَة مُغَلّظَة أَن كَانَ الْمَكَان مسبعَة ومخففة إِن لم يكن مسبعَة وَالله أعلم 249 - مَسْأَلَة رجل اسْتَأْجر أَرضًا لَهَا مَاء مَعْلُوم مُدَّة مُعينَة فانقضت وَبَقِي بعض الأَرْض مَشْغُولَة بزرع الْمُسْتَأْجر مُدَّة شَهْرَيْن فَهَل لصَاحب الأَرْض مُطَالبَة الْمُسْتَأْجر بعوض المَاء الَّذِي سقى بِهِ وَأُجْرَة الأَرْض كل وَاحِد مِنْهُمَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ يُطَالِبهُ بِأُجْرَة الْمثل بانتفاعه بأرضه بطرِيق السَّقْي بمائه ذَلِك وَيجْعَل المَاء فِي أُجْرَة الْمثل تبعا اعْتِبَارا بِحَالهِ فِي الأجارة الصَّحِيحَة وأجرتها الْمُسَمَّاة هَذَا الَّذِي ظهر وَالله أعلم 250 - مَسْأَلَة إِذا اسْتَأْجر أَرضًا بِحَقِّهَا من المَاء ونقصت الْمَنْفَعَة فَهَل لَهُ الْفَسْخ وَإِذا لم يفْسخ فَهَل يلْزمه جَمِيع الْأُجْرَة أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَهُ الْفَسْخ وَيلْزمهُ الْأُجْرَة إِلَى حِين الْفَسْخ الحديث: 249 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 351 @ وَالْأَظْهَر أَنه يسْقط عَنهُ مِنْهَا مَا يخص الْغَائِب من الْمَنْفَعَة وَالله أعلم 251 - مَسْأَلَة رجل اسْتَأْجر أَرضًا لزراعة الشتوي والصيفي مُدَّة مَعْلُومَة بِأُجْرَة مَعْلُومَة قبل رُؤْيَة الأَرْض فَهَل تصح هَذِه الأجارة أم لَا وَإِن كَانَ قد رَآهَا وَعقد العقد ثمَّ قَالَ مَاؤُهَا على خلاف الْعَادة واستضر الْمُسْتَأْجر بذلك ضَرَرا بَينا فَهَل لَهُ خِيَار الْفَسْخ بذلك وَإِن لم يكن لَهُ الْفَسْخ فَهَل يسْقط من الْأُجْرَة شَيْء ينقصان المَاء بِقسْطِهِ أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَهُ الْفَسْخ لعدم الرُّؤْيَة وَله الْفَسْخ بِنُقْصَان المَاء إِذا كَانَ دَاخِلا فِي الأجارة وَإِذا لم يفْسخ بِهَذَا السَّبَب فَلهُ على الْأَظْهر أرش مَا نقص من الْمَنْفَعَة من الْأُجْرَة الْمُسَمَّاة فتوزع على مَا فَاتَ مِنْهَا وَمَا بَقِي مِنْهَا وَالله أعلم 252 - مَسْأَلَة رجل اسْتَأْجر بَيْتا فِي قيسارية وبجنبه مستراح لَهُم فتفجر على مَا فِي الْبَيْت الْمُسْتَأْجر مِنْهُم فَأهْلك مَا فِيهِ فَهَل يلْزم أَصْحَاب الْبَيْت قيمَة مَا أتلف المستراح أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِذا كَانَ ذَلِك بتفريط من صَاحب المستراح وَجب عَلَيْهِ ضَمَان مَا تلف بذلك وَالله أعلم 253 - مَسْأَلَة قَول صَاحب الْمُهَذّب وَلَا تصح أجارة الأَرْض حَتَّى يذكر مَا تكتري لَهُ فِي الزِّرَاعَة وَالْغِرَاس وَالْبناء وَقَالَ فِيمَا تقدم وَإِن اسْتَأْجر أَرضًا لَا مَاء لَهَا وَلم يذكر أَنه يكتريها للزِّرَاعَة فَهَل تصح فِيهِ وَجْهَان فَلم لَا يكون فِي الأول وَجْهَان أَو فِي هَذِه وَجه وَاحِد لَا يَصح أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَيْسَ الْأَمر فِي ذَلِك على مَا توهم بل الْكَلَام الحديث: 251 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 352 @ الأول مُقْتَضَاهُ أَنه لَا يَصح حَتَّى يعرف مَا نكتري الأَرْض لَهُ وَهَذَا صَحِيح وَلَكِن لَا يشْتَرط فِي التَّعْرِيف بِكَوْنِهَا للزِّرَاعَة التَّصْرِيح لفظا بل يَكْفِي فِي التَّعْرِيف قرينَة الْحَال واكتراؤها مُطلقًا قرينَة مُعينَة للزِّرَاعَة لِأَنَّهَا فِي الْعرف إِنَّمَا تكترى للغراس أَو الْبناء بالتصريح بذلك وَإِذا أطلق فالغالب إرادتهم الزِّرَاعَة ثمَّ هَل يشْتَرط فِي دلَالَة الاطلاق على الزِّرَاعَة كَونهَا مُسْتَقلَّة فِيهَا الْوَجْهَانِ الْمَذْكُورَان ثمَّ أثر حمل ذَلِك على الزِّرَاعَة فِي الْمَسْأَلَة الْمَذْكُورَة الحكم بِالْبُطْلَانِ على مَا شرح وَالله أعلم 254 - مَسْأَلَة تقرر فِي الْإِفْتَاء بِالصِّحَّةِ فِيمَا لَو أجر الْمُسْتَأْجر قبل انْقِضَاء مدَّته لمُدَّة مُسْتَقْبلَة وَإِن كَانَ الْأَصَح فِي الْوَسِيط أَنه لَا يَصح وَيجْعَل كَأَجر الْمدَّة فِي الأجارة الْوَاحِدَة وَإِن العقد صَحَّ فِيهَا مَعَ أَنَّهَا مُسْتَقْبلَة وَهَذَا هُوَ الَّذِي نَص عَلَيْهِ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة وَأحمد وَهُوَ الْأَصَح عِنْد صَاحب التَّهْذِيب وَالْأَظْهَر فِي التَّنْبِيه 255 - مَسْأَلَة رجل اسْتَأْجر حِصَّة من نَاظر أجارة صَحِيحَة شَرْعِيَّة ثمَّ ادّعى النَّاظر أَنه كَانَ مكْرها أَو كَانَ بِدُونِ أُجْرَة الْمثل فَهَل تسمع دَعْوَاهُ أم لَا وَإِذا سَمِعت فَهَل يجب عَلَيْهِ تَفْصِيل الْإِكْرَاه أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ نعم تسمع دَعْوَاهُ وَعَلِيهِ تَفْصِيل الْإِكْرَاه وَالله أعلم 256 - مَسْأَلَة رجل اسْتَأْجر مَكَانا ثمَّ بَاعَ الْمُؤَجّر الْمَكَان ثمَّ مَاتَ الْمُسْتَأْجر فتقابل ورثته وَالْمُشْتَرِي فِي عقد الأجارة فَهَل تصح هَذِه الْإِقَالَة أجَاب رَضِي الله عَنهُ بِأَنَّهُ لَا تصح هَذِه الْإِقَالَة لِأَنَّهَا لم تجر بَين الْمُتَعَاقدين وَلَو كَانَت بَين الْوَرَثَة والمؤجر صحت وَإِن كَانَ قد زَالَ ملك الحديث: 254 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 353 @ الْمُؤَجّر لِأَن الْإِجَارَة بَاقِيَة وورثة الْمُسْتَأْجر قائمون مقَامه وَالله أعلم 257 - مَسْأَلَة فِيمَا فعله السُّلْطَان فِي سنة تسع وستمائه إِذْ استخان الفلاحين فَبعث من أَخذ أَكثر غلاتهم من غير أَن يقسم الْقِسْمَة الْمَعْهُودَة وَوضعت فِي الأهراء فَلَمَّا كَانَ الْعَام الْمقبل فتحت الأهراء وَأَعْطَاهُمْ مِنْهَا غلالا كَثِيرَة تَقْوِيَة لَهُم فزرعوا مِنْهَا وَلما أدْركْت الزروع وحصلت اسْتردَّ مِنْهُم قرض التقوية وَبَقِي الْبَاقِي فِي أَيْديهم مِنْهُ يَأْكُلُون وَمِنْه يزرعون وَهُوَ أصل غلاتهم فَهَل هِيَ حلام أم حرَام أجَاب رَضِي الله عَنهُ من كَانَ مِنْهُم أَخذ من الهري الَّذِي وضعت فِيهِ غَلَّته الَّتِي كَانَت أخذت مِنْهُ وَلم يزدْ قدر مَا أَخذه من الْمَخْلُوط فِيهِ بغلة غَيره على قدر مَا كَانَ أَخذ مِنْهُ فَذَلِك الَّذِي أَخذه وَمَا تفرع مِنْهُ حَلَال إِن كَانَ أصل مَا كَانُوا أَخَذُوهُ مِنْهُ حَلَالا وَتَكون هَذِه قسْمَة مقررة لحقه من ذَلِك الْمَخْلُوط إِن قيل بِثُبُوت الِاشْتِرَاك فِي مثله على مَا حفظ فِي مسَائِل الْغَصْب وَإِن قيل إِن ذَلِك اسْتِهْلَاك من الْغَاصِب الْمَخْلُوط فَذَلِك يَجعله ملكا للْغَاصِب على مَا نَص عَلَيْهِ على هَذَا القَوْل فَإِذا قضى مِنْهُ مَا ثَبت فِي ذمَّته للْمَغْصُوب مِنْهُ جَازَ وَمن لم يكن مِنْهُم فِي أَخذه كَذَلِك فقد أَخذ من مَال كُله أَو أَكْثَره حرَام وَإِن كَانَ معظمه الْقسم الْمَعْهُود بَينهم لجِهَة السُّلْطَان الَّذِي رَضِي الفلاحون بِهِ فِي الْمُزَارعَة المتواطىء عَلَيْهَا وَذَلِكَ لِأَن الْمُزَارعَة الَّتِي تكون فِيهَا الْبذر من الْعَامِل فَاسِدَة فِي مَذْهَبنَا وَبَاقِي الْمذَاهب الْأَرْبَعَة وَإِن كَانَ بعض أَصْحَاب أَحْمد أجازها فَالظَّاهِر من مذْهبه تَحْرِيمهَا وَحكمهَا عِنْد هَذَا أَن يكون الْبذر كُله لِلْعَامِلِ وَلِصَاحِب الأَرْض أُجْرَة مثلهَا وَلَا تقع الْغلَّة الْمَأْخُوذَة أُجْرَة إِلَّا بمعاوضة وَمُصَالَحَة لم يُوجد شَرطهَا فِي هَذِه الْحَادِثَة وَإِذا كَانَ أَكثر ذَلِك حَرَامًا فَعِنْدَ صَاحب الْإِحْيَاء فِيهِ أَن الْأَصَح فِي مثله تَحْرِيم التَّنَاوُل مِنْهُ الحديث: 257 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 354 @ وَالْمذهب الْمَشْهُور أَنه مَكْرُوه وَالْأول أصح وأحوط وَالله أعلم 258 - مَسْأَلَة فَوت كتاب ملك فَمَا الَّذِي يلْزمه من الْغرم أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يلْزمه ضَمَان قيمَة مَا فِيهِ بل يضمن قيمَة نفس الْكتاب لَكِن لَا قيمَة ورقه سادجة بل قيمَة ورقة فِيهَا إِثْبَات ذَلِك الْملك فَيُقَال كم قيمَة ورقة يتَوَصَّل بهَا إِلَى إِثْبَات مثل هَذَا الْملك ثمَّ يُوجب مَا يَنْتَهِي إِلَيْهِ التَّقْوِيم أَيْضا من أَهله وَالله أعلم 259 - مَسْأَلَة رجل اسْتَأْجر أَرض بُسْتَان وساقا على شَجَرهَا بِحَق ذَلِك من الشّرْب والري من النَّهر الْفُلَانِيّ ثمَّ أَرَادَ الْآجر بيع حَقه من المَاء من النَّهر الْمَذْكُور فَهَل لَهُ ذَلِك وَإِن جَازَ فَهَل للْمُسْتَأْجر إِلْزَامه بتحصيل الشّرْب أم لَيْسَ لَهُ إِلَّا الْفَسْخ أجَاب رَضِي الله عَنهُ بيع المَاء على والجه الْمَذْكُور بَاطِل للْجَهَالَة وَلعدم الْملك فَإِن أَرَادَ بيع مَا يملك من مجْرى المَاء من الأَرْض فَينْظر فَإِن وَقع عقد الأجارة على مَا هُوَ حَقه من ذَلِك حِينَئِذٍ وَعين فِي العقد مَا يسْتَحقّهُ من الشّرْب فَذَلِك كَبيع الْمُسْتَأْجر يجوز على الْأَصَح وَلَكِن لَا يبطل حق الْمُسْتَأْجر وَهَكَذَا إِن لم يكن حَقه ملك نفس مجْرى المَاء من الأَرْض بل حق الآخر فَذَلِك يثبت حق الْمُسْتَأْجر فِيمَا يُرِيد بَيْعه من الْحق فَأَما أَن لَا يجوز لَهُ بَيْعه كإجارة مَا أجره أَو يلْحق لدوامه بِنَفس المجرى فَيجوز بَيْعه عَليّ الْأَصَح وعَلى كل حَال فَلَا يبطل حق الْمُسْتَأْجر وَإِن كَانَ عقد الأجارة وَقع على مُطلق الشّرْب من غير تعْيين لَهُ فِيمَا يسْتَحقّهُ فَلهُ بيع حَقه من ذَلِك وَلَكِن للْمُسْتَأْجر إِلْزَامه على وَجه مُتَّجه بتحصيل الشّرْب لما ساقى عَلَيْهِ تمكينا لَهُ من الْخُرُوج عَمَّا الْتَزمهُ من الْعَمَل كتسليم الثَّوْب الْمُسْتَأْجر على قصارته الحديث: 258 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 355 @ وَنَحْو ذَلِك وَهَذَا مَعَ خِيَار الْفَسْخ فِيمَا يمْتَنع من تَحْصِيل شربه من الْمَأْجُور وَالله أعلم وَمن كتاب إحْيَاء الْموَات 260 - مَسْأَلَة إِذا فرعنا على الْمَذْهَب فِي أَن المَاء يملكهُ من أحرزه فِي أَثْنَائِهِ اذا أَخذه من الْمِيَاه الْمُبَاحَة فَإِن كَانَ لشخص دولاب على نهر عَظِيم غير مَمْلُوك يديره المَاء بِنَفسِهِ وترتفع فِي جِسْمه الْمِيَاه فِي مَوَاضِع مهيأة لَهُ فَهَل يدْخل المَاء الَّذِي يصير فِي الدولاب فِي ملك مَالك الدولاب بِمُجَرَّد صَيْرُورَته فِي كيزان الدولاب كَمَا يملكهُ لَو استقاه بِنَفسِهِ فِي إِنَاء وَلَو كَانَ هَذَا المَاء ينصب من الدولاب الْمَذْكُور فِي ساقية مُخْتَصَّة بِملك صَاحب الدولاب فجَاء جَار لَهُ فخرق الساقية حَتَّى انصب المَاء إِلَى أَرض الْجَار وَسَقَى بِهِ أرضه فَمَا الَّذِي يجب على الْجَار مثل المَاء أَو ثمن مثله أَو يجب عَلَيْهِ أُجْرَة مثل الدولاب للمدة الَّتِي انْتفع بهَا الْغَاصِب بِالْمَاءِ وَأُجْرَة مَا يجْرِي مجْرَاه من السكر والبسوس الَّذِي الناعور رَاكب عَلَيْهِ والساقية أم يجب عَلَيْهِ مثل المَاء وَالْأُجْرَة جَمِيعًا أجَاب رَضِي الله عَنهُ نعم يملكهُ بِمُجَرَّد حُصُول فِي كيزان الدولاب وَيجب على الْجَار الَّذِي سَاق المَاء من ساقيته إِلَى أَرض نَفسه من غير إِبَاحَة من صَاحب الدولاب مثل ذَلِك المَاء محصلا فِي الْموضع الَّذِي كَانَ المَاء الْمَأْخُوذ معدا لسقيه بِهِ فَإِن تَرَاضيا على أَخذ قِيمَته جَازَ ذَلِك وَهَذَا بِخِلَاف الحديث: 260 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 356 @ مَا إِذا أَخذ فِي الْبَادِيَة مَاء أخذا يُوجب الضَّمَان حَيْثُ قُلْنَا يضمنهُ فِي الْحَضَر بِقِيمَتِه لَا بمكانه لِأَن الْمُقدر تَقْدِيره فِي الْحَضَر لَيْسَ مثلا لَهُ لما بَينهمَا من التَّفَاوُت الْعَظِيم فِي الْمَالِيَّة وَهَذَا على الْوَجْه الْمَذْكُور وَلَا مفاوتة فِيهِ وَالْمَاء مثل وَالله أعلم 261 - مَسْأَلَة أَرَادَ رجل أَن يبتني عمَارَة سكر فِي النَّهر الْكَبِير الَّذِي لَيْسَ بمملوك ثمَّ يبْنى عَلَيْهِ طاحونة وناعورة وَلَا يضر بِمن هُوَ فَوْقه وَلَا بِمن هُوَ أَسْفَل مِنْهُ هَل لَهُ ذَلِك وَيكون ذَلِك إحْيَاء لَهُ وَيكون بِمَنْزِلَة الْموَات الَّذِي يملك بِالْإِحْيَاءِ حَتَّى يملك قَرَار النَّهر الَّذِي يبتني فِيهِ العمارات وَيملك جربه أم لَا وَلَو فعل هَذَا وَكَانَت الأَرْض الَّتِي على شاطىء النَّهر من الْجَانِبَيْنِ أَو من أَحدهمَا مَمْلُوكَة لملاك مُعينين فَهَل لمن يُرِيد عمَارَة السكر والرحى أَن يبتني ذَلِك فَإِن كَانَ لَهُ أَن ينشئه فَهَل يلْزمه أَن يبْقى بَين الأَرْض الَّتِي هِيَ السَّاحِل وَبَين طرف عمَارَة السكر موضعا يجْرِي مِنْهُ المَاء لضيق السَّاحِل حَتَّى لايمنع منع مَالك الأَرْض من الِانْتِفَاع بِالْمَاءِ لضيق أَرض أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِك فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو من ضَرَر فَإِنَّهُ يمْنَع من أَن ينحدر من مَكَانَهُ منحدر لسباحة أَو سفينة أَو نَحْو ذَلِك وَطَرِيق المَاء الْعَام كطريق السلوك الْعَام وَلَو أَرَادَ مُرِيد أَن يضع صَخْرَة فِي طَرِيق شَارِع وَاسع منع مِنْهُ وَهَذَا أشر من ذَلِك من وَجه وَلَو قدر خلو ذَلِك عَن الضَّرَر وأجيز لما ملك ذَلِك الْموضع كَمَا لَا يملك شَيْء من الطَّرِيق الواسعة بِشَيْء من الاختصاصات الْجَائِزَة وَلَو جَازَ ذَلِك على الْجُمْلَة لما جَازَ فِيمَا هُوَ مشرعه إِلَى المَاء لغيره من الْملاك وَالله أعلم 262 - مَسْأَلَة رجلَانِ لَهما داران متقابلان ملكا لَهما بِالْإِحْيَاءِ الحديث: 261 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 357 @ وشارع الطَّرِيق فِي الْوسط وَكَانَ لوَاحِد مِنْهُمَا عِنْد حَائِطه على الطَّرِيق تل تُرَاب يتَعَلَّق بِهِ وَجَاء الآخر وَحط مُقَابِله فِي جَانب حَائِطه على الطَّرِيق فِي الْموضع بَين الدَّاريْنِ وَجَاء السَّيْل على وسط الطَّرِيق واختنق الْموضع الْمَذْكُور بِالْمَاءِ وتشرب حيطان وَاحِد مِنْهُمَا وَهُوَ صَاحب التُّرَاب الأول وَوَقع بعض حيطانه فجَاء صَاحب الْحَائِط وطالب صَاحب الدَّار الْأُخْرَى وَقَالَ عَلَيْك عمَارَة هَذِه أَيْضا لِأَنَّهُ بِسَبَب ترابك قد اختنق المَاء وَوَقع فَهَلَك أَيكُون لَهُ فِي الشَّرْع هَذِه الْمُطَالبَة بالعمارة على الْأُخْرَى أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِذا كَانَ صَاحب الْحَائِط قد علم بوقوف المَاء عِنْده وَيُمكن إِزَالَته فَلم يفعل حَتَّى انْهَدم فَلَا شَيْء لَهُ على الآخر هَذَا هُوَ الظَّاهِر وَلَو لم يعلم ذَلِك فاختناق المَاء حَاصِل بالترابين فَلَا يلْزمه إِلَّا نصف أرش النُّقْصَان الدَّاخِل على الْقدر المنهدم بذلك وَأما نفس الْعِمَارَة فَلَا يلْزم وَالله أعلم 263 - مَسْأَلَة بلد فِي ظَاهره أَربع عُيُون جَارِيَة وَعَلَيْهَا بساتين وكروم ومزروعات وَفِي دَاخل الْبَلَد ثَلَاثُونَ بِئْرا برسم الشّرْب وَمَا لأهل الْبَلَد شرب إِلَّا مِنْهَا فَقَامَ بعض ملاك الْعُيُون فتق فتقا تَحت الأَرْض فَنزل جَمِيع مياه الْعُيُون والآبار إِلَى الْعين الَّتِي تخْتَص بِهِ ونشفت جَمِيع الْعُيُون والآبار وانضروا ويبست بساتينهم وَهَلَكت زُرُوعهمْ فَمَاذَا يجب عَلَيْهِ شرعا فَهَل يلْزمه قيمَة الْأَشْجَار الَّتِي تلفت بِسَبَب سوق المَاء وَمَا نقص مِنْهَا من الثِّمَار أَو يلْزمه أرش مَا نقص أجَاب رَضِي الله عَنهُ يجب عَلَيْهِ إِزَالَة الْمَانِع بِحَيْثُ تعود الْمِيَاه إِلَى مقرها الْمُسْتَحق لَهُم وَيجب عَلَيْهِ ضَمَان مَا تلف وَنقص من الْأَشْجَار وَالثِّمَار فَليعلم ذَلِك وَالله أعلم الحديث: 263 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 358 - مَسْأَلَة رجل لَهُ أَرض وَإِلَى جَانِبه أَرض شخص آخر فِيهَا أَشجَار جوز قد فيأت على وأضربه بِهِ فَهَل لَهُ قطعهَا أم لَا وَهل لَهُ مصالحة صَاحبهَا على شَيْء من مغلها أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِذا كَانَت أَغْصَانهَا قد حصلت فِي هَوَاء ملكه فَلهُ إِزَالَتهَا عَن ملكه ثمَّ ينظر فَمَا أمكن إِزَالَته بِأَن يلويه لَيْسَ لَهُ قِطْعَة وَمَا لَا يُمكن إِزَالَته إِلَّا بِالْقطعِ فَلهُ قطعه وَلَا سَبِيل إِلَى مصالحته على بعض فعلهَا وَلَا عوض غَيره وَمهما كَانَت الْأَشْجَار غير يابسة كَانَت الْمُصَالحَة على مُجَرّد الْهَوَاء من غير أَن تكون مُعْتَمدَة على حَائِط لَهُ أَو غَيره مِمَّا لَهُ قَرَار وَإِن فيأت على ملكه من غير أَن يحصل شَيْء مِنْهَا فِي هَوَاء ملكه فَلهُ إِزَالَة فَيْئهَا عَنهُ على وَجه صَحِيح وَالله أعلم 265 - مَسْأَلَة لَو كَانَ لرجل حمام وَله مداخن يرْتَفع مِنْهَا الدُّخان وَمن شرقيها بجوارها دَار لرجل آخر فَإِذا هبت الرّيح من جِهَة الغرب حملت الدُّخان أَو بعضه إِلَى دَار الْجَار فَدخل فِي شباك لَهُ إِلَيْهِ فتأذى برائحة الدُّخان إِلَّا أَن الدُّخان لَا يُؤْذِي الدَّار نَفسهَا وَلَا شَيْئا مِنْهَا بتسويد وَلَا غَيره وَكَذَلِكَ لَيْسَ هبوب الرّيح ووصول الدُّخان إِلَى تِلْكَ الدَّار دَائِما إِنَّمَا يَقع ذَلِك إِذا هبت الرّيح من جِهَة الغرب وَلَا يتَأَذَّى بِهِ إِلَّا سَاكن الدَّار فَقَط برائحته فَقَط وَلَا يعلم تقدم عمَارَة الدَّار على عمَارَة الْحمام أَو بِالْعَكْسِ فَهَل لصَاحب الدَّار منع ارْتِفَاع الدُّخان إِلَيْهِ وعَلى مَالك الْحمام إِزَالَته وَلَو بتبطيل الْحمام إِذا لم يكن إِزَالَته بِغَيْرِهِ وَقد ذكر الْأَصْحَاب فِي دُخان الْخبز ثَلَاثَة أوجه الثَّالِث مِنْهَا أَنه لَا يمْنَع لأَذى الْمَالِك وَيمْنَع لأَذى الْملك فَمَا الْمُخْتَار الْأَصْلَح من هَذِه الثَّلَاثَة وَالَّذِي ذكر الْعِرَاقِيُّونَ وَغَيرهم من اتِّخَاذ دكانه مقصرة أَو مدبغة بَين جيران يؤذيهم بالدق أَو بالدباغة مَعْرُوف فَهَذِهِ الْمَسْأَلَة فِي الحكم كالمقصرة والمدبغة أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ أما وَالْوَاقِع أَنه لَا يعرف مَا الحاديث مِنْهُمَا فَلَا الحديث: 265 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 359 @ يمْنَع صَاحب الْحمام وَمهما علم تقدم الدَّار على الْحمام فَالْخِلَاف فِيهِ وَفِي أَمْثَاله بَين أَصْحَابنَا وَأَصْحَاب أَحْمد وَأبي حنيفَة رَضِي الله عَنْهُم مَحْفُوظ مَعْرُوف ومختارنا الْآن أَنه يمْنَع المريد لإحداث مَا يُؤْذِي الْجَار من ذَلِك من إحداثه وَسَوَاء لحق ملكه مِنْهُ نقص أَو لم يلْحق بل كَانَ الْأَذَى مُخْتَصًّا بالمالك لِأَن سيدنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم منع من إِيذَاء الْجَار وَقَالَ من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلَا يُؤْذِي جَاره وَأما الأضرار بِالْملكِ فَكَمَا يمْتَنع الْمَالِك من إِحْدَاث مثل ذَلِك على دَار نَفسه ويهون ذَلِك عَلَيْهِ لما فِيهِ من الْأَذَى فَلذَلِك يَنْبَغِي أَن يكون بِالنِّسْبَةِ إِلَى جَاره وبل أولى وَالله أعلم 266 - مَسْأَلَة جمَاعَة منزلون فِي مدرسة بصدد الِاشْتِغَال والبحث على المعيد وَشرط الْوَاقِف على المعيد أَن يجلس لَهُم فِي وَقت مَخْصُوص وَالْعَادَة جَارِيَة بِأَن يقدم السَّابِق مِنْهُم بالبحث عَلَيْهِ فَحَضَرَ بَينهم مترددون وطلبوا التَّقَدُّم بسبقهم والتساوي فِي الدرجَة بِأَن يقدم الأول فَالْأول فَهَل لَهُم ذَلِك أم لَا وَلَو قُلْنَا ذَلِك وضاق الْوَقْت وَلم يُمكن الْجمع بَين الْفَرِيقَيْنِ إِلَّا بتضيق درس من قد وَجب عَلَيْهِ الِاشْتِغَال فِي الْموضع والتزام الْبَحْث عَلَيْهِ وتعطيل بعضه فَهَل يمْنَعُونَ من التَّقَدُّم لِاسْتِيفَاء حق المنزلين واستيعاب دروسهم أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِذا كَانَ شغل المنزلين بهَا مَشْرُوطًا على المعيد فِي الْوَقْف فَلَيْسَ لوَاحِد أَخذ مَا جعل لَهُ بالاستيعاب جَمِيعهم فِي الشّغل وَعَلِيهِ تَقْدِيم المنزلين على السَّابِقين من غَيرهم وتنزيلهم منزلَة الباعة وعرصات الْأَسْوَاق الْمُبَاحَة إِذا اختصوا بِموضع مِنْهَا سبعا فَإِنَّهُم إِذا قَامَ أحدهم من مَوْضِعه بِاللَّيْلِ أَو ذهب فِي حَاجته فَفِي الْيَوْم الثَّانِي إِذا تَأَخّر سبقه إِلَيْهِ سَابق قدم على السَّابِق وَالله أعلم الحديث: 266 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 360 - مَسْأَلَة مَا مِقْدَار عرض الطَّرِيق كم ذِرَاعا تكون إِذا وَقع النزاع فِيهِ أجَاب رَضِي الله عَنهُ حَسبنَا فِي هَذَا قَضَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد روى أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قضى عِنْد الِاخْتِلَاف فِي الطَّرِيق أَن يَجْعَل عرضه سَبْعَة أَذْرع روياه فِي صَحِيحهمَا ثمَّ هَذَا مَحْمُول على طَرِيق تكون بَين أَرَاضِي محياة وَاخْتلف أَصْحَابهَا فِي مِقْدَار مَا يتركونه طَرِيقا أم طَرِيق الَّتِي جعلت فِي الْأَرَاضِي الْمَمْلُوكَة فَهِيَ على قدر مَا جعله من هُوَ مَالك لساحتها وَالله أعلم وَإِذا كَانَ الطَّرِيق متسعا وحواليها أَرَاضِي محياه هَل يجوز لبَعض الْمُسلمين أَن يعمرها وَينْتَفع بهَا إِذا لم يضر بالمارة وَلم تضيق الطَّرِيق أجَاب رَضِي الله عَنهُ يجوز عمَارَة الأَرْض الْموَات إِلَى حول الطَّرِيق بِشَرْط أَن لَا يدْخل فِي عِمَارَته شَيْئا من الطَّرِيق وَالله أعلم 268 - مَسْأَلَة هَل يجوز استنفاذ كتب الْمُسلمين من بِلَاد الافرنج وَالْقِرَاءَة فِيهَا على أَنه مَتى حاربها دَفعهَا إِلَيْهِ بِلَا عوض أجَاب رَضِي الله عَنهُ استنقاذ الْكتب الْمَذْكُورَة حسن ثمَّ لَا يجوز الْقِرَاءَة فِيهَا وَالِانْتِفَاع بهَا فِي الْحَال وَالظَّاهِر أَنه إِذا عرفهَا سنة كَمَا فِي تَعْرِيف اللّقطَة جَازَ لَهُ تَملكهَا كَمَا يتَمَلَّك اللّقطَة وَالله أعلم 269 - مَسْأَلَة رجل لَقِي طاسة على نهر بَين قرى وَطَرِيق النَّاس فَأَخذهَا والموضع الَّذِي أَخذهَا مِنْهُ مَا حواليه قرى والقرى بعيدَة مِنْهُ قَلِيلا فَأَيْنَ يجب تَعْرِيفهَا الحديث: 268 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 361 @ أجَاب رَضِي الله عَنهُ الطاسة يجب عَلَيْهِ تَعْرِيفهَا فِي أقرب الْقرى إِلَى ذَلِك الْموضع فَإِن كَانَت قيمتهَا ربع دِينَار عرفهَا سنة وَإِن كَانَت أقل عرفهَا زَمَانا يغلب على الظَّن أَن مثلهَا يَنْقَطِع السُّؤَال عَنهُ فِي مثله وَالله تَعَالَى أعلم وَمن كتاب الْوَقْف 270 - مَسْأَلَة وقف مَا لم يره فَهَل يَصح أجَاب رَضِي الله عَنهُ يَصح على الْأَصَح من غير خِيَار يثبت لَهُ عِنْد الرُّؤْيَة وَالله أعلم أما إِن الْأَصَح الصِّحَّة فلخلوا الْوَقْف على الْعِوَض ومشابهته التَّحَرِّي حَتَّى قَالَ بعض الْأَصْحَاب وَإِن كَانَ غير مُخْتَار يَصح وقف أحد الْعَبْدَيْنِ كَمَا فِي الْعتْق وَأما عدم ثُبُوت خِيَار الرُّؤْيَة كَمَا لَا يثبت فِي النِّكَاح لذَلِك وَأَيْضًا فقد ذكر صَاحب التَّتِمَّة أَن الْهِبَة وَالرَّهْن إِذا صححناهما فِي الْغَائِب فَلَا يثبت فيهمَا خِيَار الرُّؤْيَة لِكَوْنِهِمَا ليسَا عقدي مُعَاينَة فَإِنَّهُمَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْوَاهِب والراهن عين وبالنسبة إِلَى الْمَوْهُوب لَهُ وَالْمُرْتَهن نفع مَحْض فَلَا حَاجَة إِلَى اثبات الْخِيَار الَّذِي يثب دفعا للعين وَالْوَقْف فِي هَذَا الْمَعْنى وَالله أعلم 271 - مَسْأَلَة رجل وقف مدرسة وَقفا صَحِيحا شَرْعِيًّا وَدفع إِلَى النَّاظر فِي ذَلِك دَرَاهِم وَأذن لَهُ أَن يَشْتَرِي بهَا عقارا ويوقفه على الْمدرسَة الْمَذْكُورَة ثمَّ أَن النَّاظر وكل وَكيلا فَابْتَاعَ مَكَانا وَلم يذكر فِي كتاب الابتياع بِمَال الْوَقْف للْوَقْف بل قَالَ مِمَّا هُوَ مرصد للْوَقْف فَهَل يصير وَقفا بِمُجَرَّد الحديث: 270 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 362 @ هَذَا اللَّفْظ أم لَا وَهل إِذا قَالَ فِي كتاب الابتياع بِمَال الْوَقْف للْوَقْف هَل يصير وَقفا أم لَا وَهل إِذا انْعَزل النَّاظر وَولي غَيره وَرَأى حظا وغيطة ومصلحة فِي بيع هَذَا الْمَكَان وَالْحَالة هَذِه هَل يجوز بَيْعه أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يصير وَقفا بِمُجَرَّد هَذَا اللَّفْظ وَكَذَا إِذا قَالَ بِمَال الْوَقْف فَإِن مَا يَشْتَرِي بِمَال الْوَقْف مَمْلُوك وضرورة كَونه مَبِيعًا وَالْوُقُوف لَا يسري إِلَيْهِ وعَلى هَذَا إِذا لم يُوقف جَازَ بَيْعه للْوَقْف فِي مصْلحَته الراجحة وَالله أعلم 272 - مَسْأَلَة ادّعى أبنية فِي أَرض مَوْقُوفَة على طَائِفَة الْفُقَهَاء الشَّافِعِيَّة وَزعم أَنَّهَا كَانَت مَمْلُوكَة لمورثه ثمَّ انْتَقَلت إِلَيْهِ بِمَوْتِهِ فاثبتها القَاضِي لَهُ بِبَيِّنَة شهِدت لَهُ بذلك ثمَّ أَن الْمُدعى عَلَيْهِ سَأَلَ القَاضِي مُطَالبَة الْمُدَّعِي الْمَذْكُور بِأُجْرَة الأَرْض فِي مُدَّة شغلها بِهَذِهِ الْأَبْنِيَة فألزمه بهَا فَهَل يلْزمه ذَلِك أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ يلْزمه ذَلِك عِنْد قيام الْبَيِّنَة بأَدَاء أجرتهَا من حِين ملك الْأَبْنِيَة وَيتَعَلَّق أُجْرَة مَا كَانَ من ذَلِك فِي ملك مُوَرِثه لَهَا بِتركَتِهِ وَالله أعلم 273 - مَسْأَلَة رجل وقف كتبا على جَمِيع الْمُسلمين وَشرط أَن ينْتَفع بهَا مُدَّة حَيَاته فَهَل يجوز لَهُ أَن ينْتَفع بهَا بِالْقِرَاءَةِ وَهُوَ لَا يمْنَعهَا مِمَّن طلبَهَا وَهل يكون هَذَا كَمَا لَو وقف مَسْجِدا فان لَهُ أَن ينْتَفع بِهِ أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ الْأَظْهر أَن لَهُ ذَلِك وَلَو لم يشْتَرط انْتِفَاع نَفسه وَالله أعلم 274 - مَسْأَلَة شخص وقف وَقفا مُؤَبَّدًا على جِهَة من جِهَات الْبر الحديث: 272 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 363 @ وَشرط النّظر لنَفسِهِ مُدَّة حَيَاته وَجعل لَهُ على النّظر جُزْءا مَعْلُوما من ريع ذَلِك الْوَقْف فَهَل يَصح ذَلِك أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ هَذَا مَبْنِيّ على أَن وقف الْإِنْسَان على نَفسه هَل يَصح وَنقل تَصْحِيحه عَن أبي عبد الله الزبيرِي وَابْن شُرَيْح وَهُوَ مَذْهَب أَحْمد وَظَاهر الْمَذْهَب مَنعه فَإِن قُلْنَا بتصحيح وَقفه على نَفسه صَحَّ هَذَا قطعا وَإِن قُلْنَا بِالْمَنْعِ فَفِي جَوَاز هَذَا وَجْهَان ينبنيان على الْخلاف فِي أَن الْهَاشِمِي إِذا كَانَ عَاملا على الصَّدقَات هَل لَهُ أَن يَأْخُذ سهم الْعَامِل مِنْهُم فَمِنْهَا من أَبَاحَ ذَلِك وَيتَوَجَّهُ بِأَنَّهُ يَأْخُذ ذَلِك صَدَقَة وَكَونه عَاملا وصف ينط بِهِ الإستحقاق كَسَائِر الْأَوْصَاف من الْفقر والمسكنة وَغَيرهَا وَلَيْسَ ذَلِك أجره على منهاج الْأجر فَإِنَّهُ لَا يعْتَبر فِيهِ عقد إِجَارَة وَلَا أَن يكون الْمِقْدَار مَعْلُوما عِنْد عمله وَمِنْهُم من سوغ ذَلِك وَيتَوَجَّهُ بِأَن ذَلِك فِي الْمَعْنى أجره فانه مجعول لَهُ على عمل يعمله مُقَابل مثله بِالْأُجْرَةِ وَيدل على أَنه سهم الْعَامِل الا انه لَا يُزَاد على أُجْرَة الْمثل وَإِذا فضل من ثمن الصَّدَقَة على ذَلِك فأفضل رد على بَاقِي الْأَصْنَاف وَإِنَّمَا لم يعْتَبر فِيهَا العقد وَشَرطه لِأَنَّهَا ثبتَتْ بِجعْل الشَّارِع بِخِلَاف الْأجر فِي الأجارات الَّتِي هِيَ منوطة بِجعْل الْمُكَلف إِذا عرف هَذَا فَهَذَا ينساق مثله فِي مَسْأَلَتنَا فِي الْوَقْف ثمَّ إِن جعلنَا الْأَصَح من الرأيين فِي ذَلِك القَوْل بالجوار وإياه وَاخْتَارَ صَاحب نِهَايَة الْمطلب فِيمَا وَجَدْنَاهُ لَهُ كَانَ الْأَصَح هَا هُنَا القَوْل بِالْجَوَازِ وَإِن جعلنَا الْأَصَح هُنَاكَ الْمَنْع كَانَ الْأَصَح هَا هُنَا الْإِفْسَاد وَهَذَا هُوَ اخْتِيَار صَاحب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 364 @ التَّهْذِيب فِيمَا وَجَدْنَاهُ عَنهُ وَالْأول أولى وَالْعلم عِنْد الله تبَارك وَتَعَالَى ويتقيد ذَلِك بِقدر أُجْرَة الْمثل وَمَا زَاد عَلَيْهَا فَلَا يسوغه إِلَّا من أجَاز الْوَقْف على نَفسه وَالله أعلم 275 - مَسْأَلَة رجل وقف وَقفا على طَائِفَة مُعينَة ثمَّ اسْتثْنى مغل الْوَقْف لنَفسِهِ مُدَّة حَيَاته وَحكم بنفوذ هَذَا الْوَقْف حَاكم حَنَفِيّ وأنفذ حكمه حَاكم شَافِعِيّ فَهَل يجوز للْوَاقِف نقض هَذَا الْوَقْف وإبطاله على مَذْهَب الإِمَام الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ وَإِن لم يجز لَهُ ذَلِك ظَاهرا فَهَل يَأْثَم فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى أَن أعدم كتاب الْوَقْف أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَهُ نقضه إِذا لم يكن ذَلِك هُوَ الصَّحِيح فِي مَذْهَب أبي حنيفَة رَحمَه الله وان كَانَ الصَّحِيح من مَذْهَب أبي حنيفَة فَلَيْسَ لَهُ نقضه فِي الظَّاهِر وَيجوز فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى أَن يُخرجهُ عَن حكم الْوَقْف ويتصرف فِيهِ تصرف الْملاك وَالله أعلم 276 - مَسْأَلَة فِي وَاقِف وقف وَقفا صَحِيحا على أَخَوَيْنِ صغيرين ثمَّ من بعدهمَا على أولادهما ثمَّ من بعدهمْ على الْفُقَرَاء وَقفا صَحِيحا مُتَّصِل الِابْتِدَاء والإنتهاء فَقبل الْوَاقِف النَّاظر فِي مَالهمَا من الْوَاقِف وتسلمه لَهما فَلَمَّا بلغا ردا الْوَقْف هَل يرْتَد بردهما أم لَا وَمَا الْمُخْتَار فِي مَذْهَب الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ والمعمول بِهِ وَالَّذِي الْفَتْوَى عَلَيْهِ فِي الْقبُول فِي الْوَقْف الْخَاص على معِين هَل من شَرط فِي صِحَة الْوَقْف عَلَيْهِ أم لَا وَهل يتَفَرَّع رد الصَّبِيَّيْنِ بعدلين بلغا للْوَقْف عَلَيْهِمَا على اشْتِرَاط الْقبُول أم لَا وَلَو أَن رجلا وقف وَقفا صَحِيحا شَرْعِيًّا خَاصّا أَو عَاما وَجعل النّظر فِيهِ الحديث: 275 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 365 @ الى رجل أَجْنَبِي عدل ثمَّ أَرَادَ أَن يعزله ويستبدل بِهِ غَيره هَل لَهُ ذَلِك وَينفذ عَزله أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يرْتَد بردهما وَالْحَالة هَذِه وَلَو قُلْنَا بِاشْتِرَاط الْقبُول لوُجُود مَا يعْتَبر من الْقبُول هَا هُنَا بِقبُول الْوَلِيّ ثمَّ أَن بَين المصنفين اخْتِلَافا فِي أَن الْأَصَح من الرأيين فِي اشْتِرَاط الْقبُول فِي الْوَقْف لمُعين مَا إِذا الْأَصَح عدم اشْتِرَاط الْقبُول فَإِن الْأَصَح أَن الْملك فِي الْوَقْف يَزُول إِلَى الله تَعَالَى وَإِن ألزمنا أَنه يرْتَد برده فَمن الْجَواب عَنهُ أَن صَاحب التَّهْذِيب طرد قِيَاسه فِي ذَلِك أَيْضا وَاخْتَارَ أَنه لَا يرْتَد برده وَهُوَ مُتَّجه جيد وَأما صِحَة الْعَزْل فِيمَا ذكر فالمختار فِيهِ التَّفْصِيل وَأَنه إِن جعل النّظر إِلَيْهِ فِي نفس الْوَقْف عِنْد انشائه لم يَصح عَزله وَإِن ولاه بعد الْوَقْف لكَون النّظر لَهُ فِي ذَلِك صَحَّ عَزله وَمن المصنفين من نقل فِي جَوَاز عَزله وَجْهَيْن مُطلقًا أَحدهمَا أَنه يجوز وَنسبه إِلَى الاصطخري وَأبي الطّيب وَالثَّانِي لَا يجوز وَمَا تقدم أظهر وَالْعلم عِنْد الله تبَارك وَتَعَالَى 277 - مَسْأَلَة رجل نَاظر على رِبَاط وقف وَله من المَاء ربع أصْبع وَيَجِيء المَاء من بعيد مَعَ مياه النَّاس فَبَاعَ النَّاس ماؤهم وَبَقِي مَاء الرِّبَاط لم يصل إِلَى الرِّبَاط فَهَل يجوز للنَّاظِر حكر المَاء الْمَذْكُور لمن يصل إِلَيْهِ المَاء واذا حصل لَهُ حكر مَاء يصل إِلَى الرِّبَاط احتكره أجَاب رَضِي الله عَنهُ الظَّاهِر أَنه يجوز لَهُ أجارة مجْرَاه بِحقِّهِ من المَاء وَالْحَالة هَذِه كَمَا فِي بيع مَا تعذر الِانْتِفَاع بِهِ من الْمَوْقُوف وَأولى بِالْجَوَازِ وَأما احتكار مجْرى مَاء آخر وَاصل إِلَى الرِّبَاط فَجَائِز من أجره مجْرى مَائه الْمَذْكُور بل يجب صرف ذَلِك فِي ذَلِك وَيجوز أَن يُضَاف إِلَى ذَلِك من فعل سَائِر الْوَقْف إِن كَانَ فِي شَرطه مَا يسوغ ذَلِك الحديث: 277 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 366 - مَسْأَلَة فِي مديون أجر الدَّائِن وَقفا عَلَيْهِ بِالدّينِ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ وَضمن ضَامِن من الدَّرك ثمَّ بَان بطلَان الأجارة لمخالفتها شُرُوط الْوَاقِف فَهَل يلْزم الضَّامِن شَيْء أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يلْزم لضامن الدَّرك شَيْء لكَون الْمُسْتَأْجر لم يفت عَلَيْهِ شَيْء من الْأُجْرَة وَلَيْسَ بَقَاء الدّين الَّذِي هُوَ الْأُجْرَة بِحَالهِ وَالله أعلم 279 - مَسْأَلَة رجل كَانَ بِيَدِهِ قيراطان من قَرْيَة مُعينَة وَقفا من السُّلْطَان صَلَاح الدّين رَحمَه الله لم يزل متصرفا فِيهَا مُدَّة حَيَاته ثمَّ إِن الشُّرَكَاء تغلبُوا على الْأَيْتَام وَوَضَعُوا أَيْديهم على الْقرْيَة فَلَمَّا كبر الْأَيْتَام كتبُوا محضرا بِأَن صَلَاح الدّين رَحمَه الله وقف القيراطين الْمَذْكُورين على الْمَذْكُور وعَلى عقبه من بعده وَحكم بِهِ الْحَاكِم واتصل بِهِ حكمه فَادّعى الشُّرَكَاء أَن هَذَا الْوَقْف مُنْقَطع وَأَنه لَا يَصح فَهَل ينْقض ذَلِك بعد اتِّصَال حكم الْحَاكِم بِهِ أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يفْسد الْوَقْف بِانْقِطَاع آخِره على الْأَصَح وَلَا ينْقض حكم الْحَاكِم الَّذِي حكم بِهِ وَذَلِكَ الصَّحِيح عِنْده وَالله أعلم 280 - مَسْأَلَة رِبَاط مَوْقُوف على الصُّوفِيَّة اقْتَضَت مصلحَة أَهله أَن يفتح فِيهِ بَاب جَدِيد مُضَافا إِلَى بَابه الْقَدِيم فَهَل يجوز للنَّاظِر ذَلِك وَلَيْسَ فِي شَرط الْوَاقِف تعرض لذَلِك بِمَنْع وَلَا إِطْلَاق أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِن استلزم ذَلِك تَغْيِير شَيْء من الْمَوْقُوف عَن هَيْئَة كَانَ عَلَيْهَا عِنْد الْوَقْف إِلَى هَيْئَة أُخْرَى غير مجانسة لَهَا مثل أَن يفتح الْبَاب إِلَى أَرض وقفت بستانا مثلا فيستلزم تَغْيِير مَحل الاستطراق مِنْهُ وَجعل ذَلِك الْقدر طَرِيقا بعد أَن كَانَ أَرض غرس وزراعة فَهَذَا أَو شبهه غير جَائِز وَإِن لم يسْتَلْزم شَيْئا من ذَلِك وَلم يكن إِلَّا مُجَرّد فتح بَاب جَدِيد فَهَذَا لَا بَأْس بِهِ عِنْد الحديث: 279 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 367 @ اقْتِضَاء الْمصلحَة لَهُ وَفِي الحَدِيث والأثر الصَّحِيحَيْنِ مَا يدل على تسويغه وَالله أعلم الحَدِيث قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه لَوْلَا حدثان عهد قَوْمك بالْكفْر لجعلت للكعبة بَابَيْنِ وَلَا فرق والأثر فعل عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ فِي مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ إِجْمَاع ثمَّ وَقع قريب مِنْهَا وَكَانَ من الْجَواب فِيهِ لَا بُد أَن يصان ذَلِك عَن هدم شَيْء لأجل الْفَتْح على وَجه لَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 368 @ يسْتَعْمل فِي مَوضِع آخر من الْمَكَان الْمَوْقُوف فَإِن ذَلِك من الْمَوْقُوف فَلَا يجوز إبِْطَال الْوَقْف فِيهِ بِبيع وَغَيره فَإِذا كَانَ الْفَتْح بانتزاع حجارته بِأَن يَجْعَل فِي طرف آخر من الْمَكَان فَلَا بَأْس وَالله أعلم 281 - مَسْأَلَة وقف صورته مَا فضل من عِمَارَته وإصلاحه كَانَ أجائزا على ستهم وعَلى محَاسِن وفضلية بَينهمَا بالسواء نِصْفَيْنِ وعَلى فَاطِمَة بَينهم بالسواء أَثلَاثًا ثمَّ على أَوْلَادهم وَأَوْلَاد أَوْلَادهم ثمَّ على نسلهم وعقبهم من بدعهم أبدا مَا تَنَاسَلُوا ودائما مَا وجدوا وَإِذا انقرض كل فريق مِنْهُم عَاد مَا كَانَ جَارِيا عَلَيْهِم على البَاقِينَ من هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورين ثمَّ على أَوْلَادهم وَأَوْلَاد أَوْلَادهم فَإِذا انقرضوا بأجمعهم كَانَ جَارِيا على جِهَة مُتَّصِلَة فَمَاتَتْ ستهم من غير عقب ثمَّ مَاتَت محَاسِن عَن ولد ثمَّ أُخْته فَضِيلَة عَن ثَلَاثَة ثمَّ مَاتَ ابْن محَاسِن من غير عقب ثمَّ مَاتَت فَاطِمَة عَن ولد فَإلَى من ينْتَقل نصيب ستهم ثمَّ إِلَى من ينْتَقل نصيب ابْن محَاسِن إِلَى ابْن فَاطِمَة فَقَط أم اليه والى أَوْلَاد بنت فَضِيلَة أم اليهم دونه أجَاب رَضِي الله عَنهُ لما مَاتَت ستهم انْتقل نصِيبهَا إِلَى محَاسِن وفضيلة وَفَاطِمَة ثمَّ لما مَاتَت محَاسِن انْتقل نصِيبهَا إِلَى فَضِيلَة خَاصَّة هَذَا هُوَ الظَّاهِر وَلما مَاتَت فَضِيلَة انْتقل جَمِيع مَالهَا إِلَى فَاطِمَة ثمَّ لما مَاتَت فَاطِمَة انْتقل الْجَمِيع إِلَى وَلَدهَا وَمن هُوَ فِي طبقته من أَوْلَاد فَضِيلَة وَالله أعلم 282 - مَسْأَلَة الْمدَارِس الْمَوْقُوفَة على الْفُقَهَاء هَل يجوز لغَيرهم دُخُول بيُوت الْخَلَاء فِيهَا وَالْجُلُوس فِي مجالسها وَالشرب من مياهها وَمَا أشبه ذَلِك الحديث: 281 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 369 @ أجَاب رَضِي الله عَنهُ يجوز هَذَا وأشباهه مَا جرت بِهِ الْعَادة وَاسْتمرّ بِهِ الْعرف فِي الْمدَارِس وَينزل الْعرف فِي ذَلِك منزلَة اشْتِرَاط الْوَاقِف لَهُ فِي وَقفه تَصْرِيحًا لما تقرر من تَأْثِير الْعرف فِي أَلْفَاظ الْعُقُود مطلقات الْأَقْوَال وَمن أَمْثِلَة ذَلِك تَنْزِيل الْعرف فِي تبقية الثِّمَار إِلَى أَوَان القطاف ومنزلته اشْتِرَاط التبقية فِيمَا إِذا اشْتريت أَو استبقيت وَأفْتى الْغَزالِيّ رَحمَه الله تَعَالَى بنظير هَذَا وَنقل الْفتيا إِلَى الْإِحْيَاء فِي آخر الْحَلَال وَالْحرَام فِيمَا إِذا وقف وَقفا على رِبَاط للصوفية وسكانه فَذكر أَنه يجوز لغير الصُّوفِي أَن يَأْكُل مَعَهم برضاهم مرّة أَو مرَّتَيْنِ فَإِن الْوَاقِف لَا يقف إِلَّا مُعْتَقدًا فِيهِ مَا جرت بِهِ عَادَة الصُّوفِيَّة فَينزل على عَادَتهم وعرفهم وَالله أعلم 283 - مَسْأَلَة فِي وقف على الصُّوفِيَّة صرف مِنْهُ ناظره إِلَى قوم زَعَمُوا أَنهم لبسوا خرقَة التصوف من شيخ وَلَيْسوا على هَيْئَة الصُّوفِيَّة المتعارفين فَهَل يجوز الصّرْف اليهم بِمُجَرَّد لبس الْخِرْقَة وَمن الصُّوفِيَّة وَمَا صفتهمْ أجَاب رَضِي الله عَنهُ مَا كَانَ مَوْقُوفا على الصُّوفِيَّة لَا يجوز صرفه إِلَّا إِلَى من يعد فِي الْعرف من الصُّوفِيَّة وَيعرف ذَلِك بِأَن يكون بِحَيْثُ إِذا نزل بالرباط الْمَخْصُوص بالصوفية لم يستنكروا نُزُوله فِيهِ ومقامه بَينهم استنكارهم ذَلِك مِمَّن لَيْسَ من جنسهم وقبيلتهم وَلَا بُد فِيهِ من وجود صِفَات مِنْهَا الصّلاح ومجانيه الْأَسْبَاب المفسقة وَمِنْهَا زِيّ الصُّوفِيَّة وَأَن يكون سَاكِنا الحديث: 283 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 370 @ بَينهم فِي الرِّبَاط مخالطا لَهُم وَإِن لم يكن على زيهم إِذا كَانَ فِيهِ بَقِيَّة الصِّفَات وَمِنْهَا أَن يكون ذَا ثروة ظَاهِرَة وَمِنْه أَن لَا يكون صَاحب حِرْفَة واكتساب يباين حَال الصُّوفِيَّة مثل التِّجَارَة وكل صناعَة يقْتَرن بهَا الْعُقُود فِي الْحَانُوت وَنَحْوه وَلَا يقْدَح فِي ذَلِك النّسخ والخياطة الَّتِي يعتادها كثير من الصُّوفِيَّة وَلَا كَونه فَقِيها وَمن أهل الْعلم إِذا وجد فِيهِ الصِّفَات الْمَذْكُورَة فَإِن الْجَهْل لَيْسَ من شَرط الصُّوفِيَّة وَأما لبس خرقَة التصوف على تجرده فَلَيْسَ كَافِيا فِي اسْتِحْقَاق ذَلِك وَلَيْسَ عَدمه قادحا فِي الِاسْتِحْقَاق وَالِاعْتِبَار فِي الصِّفَات الْمَذْكُورَة دونه فقد نقل عَن الشَّيْخ أبي مُحَمَّد أَنه أبطل الْوَقْف على الصُّوفِيَّة وَلِأَنَّهُ لَا حق لَهُم يُوقف عَلَيْهِ وَصحح الْوَقْف صَاحب التَّتِمَّة وَلَكِن ذاكرته يصرف الى الْمُعَرّف عَن الدُّنْيَا المشتغل بِالْعبَادَة فِي أَكثر أوقاته وَالصَّحِيح وَالله أعلم مَا أَفْتيت بِهِ وبمثله أفتى الْغَزالِيّ وَهُوَ مَوْجُود فِي فَتَاوِيهِ وَنَقله إِلَى كِتَابه الْإِحْيَاء فِي آخر كتاب الْحَلَال وَالْحرَام مِنْهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 371 @ وَالله أعلم 284 - مَسْأَلَة فِي مدرسة مَوْقُوفَة على الْفُقَهَاء والمتفقهة ووقف لَهَا على فُقَهَاء بهَا ومتفقهتها هَل يسْتَحق مِنْهُ من يشْتَغل بهَا وَلَا يحضر درس الْمدرس أَو يحضر الدُّرُوس وَلَا يحفظ شَيْئا وَلَا يطالع أَو يشْتَغل بالمطالعة وَحدهَا أم لَا وَهل يسْتَحق مِنْهُ من يَفِي بِشَرْط الْوَاقِف فِي بعض الْأَيَّام دون بعض وَهل يسْتَحق مِنْهُ من يشْتَغل بِغَيْر الْفِقْه وَإِذا شَرط الْوَاقِف قِرَاءَة جُزْء من الْقُرْآن العزير فِي كل يَوْم ففاته أَيَّامًا ثمَّ قَضَاهُ فَهَل يجْزِيه ذَلِك فِي ذَلِك وَهَذِه البطالة المتعارفة فِي رَجَب وَشَعْبَان ورمضان هَل يسْتَحقُّونَ فِيهَا أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ يلحظ فِي هَذِه الْأَحْوَال وَغَيرهَا شُرُوط الْوَاقِف فَمَا كَانَ مِنْهَا مخلا بِمَا نَص الْوَاقِف على جعله شرطا فِي الِاسْتِحْقَاق فَهُوَ قَادِح فِي الِاسْتِحْقَاق وَمَا لم يكن فِيهِ إخلال بِشَيْء ذكر الْوَاقِف اشْتِرَاطه فِي الِاسْتِحْقَاق لَكِن فِيهِ إخلال بِمَا غلب بِهِ الْعرف واقتضته الْعَادة فالاستحقاق الحديث: 284 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 372 @ يَنْتَفِي بِهَذَا الْإِخْلَال أَيْضا وَإِن لم يتَعَرَّض الْوَاقِف لَا شتراط ذَلِك لفظا بِنَفْي وَلَا إِثْبَات لتنزل الْعرف فِي مثل هَذَا بِمَنْزِلَة الِاشْتِرَاط لفظا على مَا تقدم إِلَّا بِمَا إِلَى بَيَانه فِي الْفتيا الَّتِي قبل هَذِه وَيَعْنِي بهَا الْعرف الَّذِي قَارن الْوَقْف وَكَانَ الْوَاقِف من أَهله وَمَا لم يكن فِيهِ إخلال بِمَا ظهر اشْتِرَاطه لفظا وَعرفا وَلَا تردد فِي كَونه من الْمَشْرُوط فَلَا يقْدَح فِي الِاسْتِحْقَاق وَمَا وَقع التَّرَدُّد فِي كَونه من الْمَشْرُوط فَلَا يَجْعَل شرطا فِي الِاسْتِحْقَاق مَعَ الشَّك وَلَا يمنعنا من الحكم بِالِاسْتِحْقَاقِ كوننا ترددنا وَالْأَصْل عَدمه لِأَن سَببه قد تحقق وشككنا فِي تَقْيِيده بِشَرْط وَالْأَصْل عدم الْقَيْد وَالشّرط وَالْحكم لهَذَا على ذَلِك وَله فِي بَاب الْوَقْف نَفسه شَاهد مسطور وَهُوَ مَا ذكره غير وَاحِد فِيمَا لَو ندرس شَرط الْوَاقِف فَلم يعلم أَنه على تَرْتِيب أَو تشريك وتنازع أَرْبَاب الْوَقْف فِي ذَلِك وَلَا بَيِّنَة قَالُوا يَجْعَل بَينهم بِالسَّوِيَّةِ هَذَا مَعَ أَن الشَّك فِي التَّرْتِيب يُوجب شكا فِي اسْتِحْقَاقه الْآن وَكَذَا الشَّك فِي التَّفْصِيل يُوجب شكا فِي اسْتِحْقَاق بعض مَا حكم لَهُ بتناوله وَالْأَصْل عدم الِاسْتِحْقَاق لَكِن أصل الْوَقْف عَلَيْهِ سَبَب مُتَحَقق فَالْأَصْل عدم الْقَيْد وَمَعَ هَذَا فَالْأولى فِي مثل هَذِه الْحَالة أَن لَا يتَنَاوَل وَمن صورها أَن يذكر فِي كتاب الْوَقْف أمورا غير مقرونة بِصِيغَة الِاشْتِرَاط فَلم يقل فِيهَا وقف على أَنهم يَفْعَلُونَ كَذَا أَو يشْتَرط أَنهم يَفْعَلُونَ كَذَا وَمَا أشبه هَذَا وَإِنَّمَا قيل فِيهَا ليفعلون كَيْت وَكَيْت أَو يَفْعَلُوا كَذَا وَكَذَا فَمثل هَذَا مُتَرَدّد بَين أَن يكون توصية وَبَين أَن يكون اشتراطا وَبعد هَذِه الْجُمْلَة فَمن كَانَ من المتفقهة يشْتَغل بِالْمَدْرَسَةِ الْمَذْكُورَة وَلَا يحضر الدَّرْس لَا يثبت لَهُ اسْتِحْقَاق وَحَيْثُ أَن حُضُور المتفقهة بِالْمَدْرَسَةِ درس مدرسها هُوَ الْعرف الْغَالِب وَلم يُوجد من الْوَاقِف التَّعَرُّض بإسقاطه فَينزل مُطلق وَقفه عَلَيْهِ وَإِذا لم يشْتَرط الْوَاقِف الْحِفْظ فَمن يحضر الدَّرْس وَلَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 373 @ يحفظ وَلَا يطالع يسْتَحق إِن كَانَ فَقِيها منتهيا أَو كَانَ مِمَّن يتفقه بِمَا يسمعهُ فِي الدَّرْس يفهم ويعلق بذهنه وَلَا يسْتَحق إِذا لم يكن كَذَلِك فَإِنَّهُ لَيْسَ من الْفُقَهَاء وَلَا من المتفقهة وَإِنَّمَا وقف عَلَيْهِم فَحسب وعَلى هَذَا فَمن يحضر الدَّرْس وَإِنَّمَا اشْتِغَاله بالمطالعة وَحدهَا يسْتَحق إِذا كَانَ منتهيا أَو كَانَ مِمَّن يتفقه بذلك وَلَا يسْتَحق إِذا لم يكن بِوَاحِد مِنْهَا وَأما من أخل بِشَرْط الْوَاقِف فِي بعض الْأَيَّام دون بعض فَينْظر فِي كبفية اشْتِرَاط ذَلِك الشَّرْط الَّذِي أخل بِهِ ومنستنذه فَإِن كَانَ مقتضيا اشْتِرَاط فِي الزَّمَان الَّذِي تَركه فِيهِ ويتقيد الِاسْتِحْقَاق فِي تِلْكَ الْأَيَّام بِالْقيامِ بِهِ فِيهَا فَيسْقط اسْتِحْقَاقه فِيهَا وَالْحَالة هَذِه وَإِن لم يكن مُقْتَضَاهُ ذَلِك وَكَانَ مَشْرُوطًا على وَجه لَا يكون تَركه فِي تِلْكَ الْأَيَّام اخلالا بِمَا هُوَ الْمَشْرُوط مِنْهُ فَلَا يسْقط حِينَئِذٍ اسْتِحْقَاقه فِي تِلْكَ الْأَيَّام وَمن هَذَا الْقَبِيل إخلال المتفقهة بالاشتغال فِي بعض الْأَيَّام حَيْثُ لَا يكون الْوَاقِف قد نَص على اشْتِرَاط وجوده كل يَوْم فَإِنَّمَا هُوَ الْمُسْتَند فِي اشْتِرَاطه يَقْتَضِي اشْتِرَاطه على الْجُمْلَة لَا فِي كل يَوْم فيلتحق بِهَذَا الْإِخْلَال بِحُضُور الدَّرْس فِي بعض الْأَيَّام وعَلى وَجه لَا يكون خَارِجا عَن الْمُتَعَارف حَيْثُ لم ينص على اشْتِرَاطه كل يَوْم وَمن الْقَبِيل الأول مَا ذكر من اشْتِرَاطه قِرَاءَة جُزْء من الْقُرْآن الْكَرِيم كل يَوْم فَأَي يَوْم أخل بذلك سقط اسْتِحْقَاقه فِيهِ وَلَا يتَوَهَّم تعدِي سُقُوط الِاسْتِحْقَاق الى سَائِر الْأَيَّام الَّتِي لم يَقع فِيهَا اخلال فَإِن إخلاله بِالشّرطِ ذِي بعض الْأَيَّام بِمَنْزِلَة عدم وجود هَذَا الْمُسْتَحق فِي بعض الْأَيَّام كالأيام الَّتِي تقدمته وقضاؤه لما فَاتَهُ من ذَلِك لَا يثبت اسْتِحْقَاقه فِي تِلْكَ الْأَيَّام فَإِن الْمُقَيد بِوَقْت لَا يتَنَاوَل مَا فعل فِي غَيره واما من يشْتَغل بِغَيْر الْفِقْه فَلَا يسْتَحق إِلَّا أَن يكون قد صَار فَقِيها فَيسْتَحق بِاعْتِبَار كَونه من الْفُقَهَاء دون المتفقهة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 374 @ وَأما هَذِه البطالة الْوَاقِعَة فِي رَجَب وَشَعْبَان ورمضان فَمَا وَقع مِنْهَا فِي رَمَضَان وَنصف شعْبَان لَا يمْنَع من الِاسْتِحْقَاق حَيْثُ لَا نَص من الْوَاقِف على اشْتِرَاط الِاشْتِغَال فِي الْمدَّة الْمَذْكُورَة وَمَا يَقع مِنْهَا قبلهَا يمْنَع لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا عرف مُسْتَمر وَلَا وجود لَهَا فِي أَكثر الْمدَارِس والأماكن فَإِن اتسق بهَا عرف فِي بعض الْبِلَاد واشتهر وَظهر مُضْطَرب فَيجْرِي فِيهَا فِي ذَلِك الْبَلَد الْخلاف الْمَحْفُوظ فِي ان الْعرف الْخَاص هَل ينزل فِي التَّأْثِير منزلَة الْعرف الْعَام وَالظَّاهِر تنزله فِي أَهله بِتِلْكَ الْمنزلَة وَلَا يخفى وَجه الِاحْتِيَاط فِي ذَلِك وَالله أعلم 285 - مَسْأَلَة امْرَأَة وقفت وَقفا بعد عينهَا على من يقْرَأ على قبرها بعد مَوتهَا ثمَّ أَنَّهَا مَاتَت وَلم يعرف لَهَا قبر فَهَل يَصح هَذَا الْوَقْف أم لَا وَهل يصرف إِلَى من يقْرَأ وَيهْدِي ثَوَاب الْقُرْآن إِلَيْهَا أَو يصرف إِلَى ورثتها وَالْمَوْقُوف لَا يخرج من ثلثهَا وَالْوَارِث لم يخرج مَا زَاد على الثُّلُث أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يَصح هَذَا الْوَقْف لِأَنَّهُ مَخْصُوص بِجِهَة خَاصَّة فاذا تَعَذَّرَتْ ألغي وَلَا يَكْتَفِي بِعُمُوم تضمنه الْخُصُوص كَمَا لَو أوصى قَائِلا اشْتَروا عبد فلَان واعتقوه عني فَتعذر شِرَاء عبد فلَان فَلَا يَشْتَرِي مُطلقًا عبد آخر وَيعتق عَنهُ وَلَيْسَ فَسَاد هَذَا من جِهَة كَونه وَقفا بعد الْمَوْت فان ذَلِك لَيْسَ مُفْسِدا على مَا أفتى بِهِ غير وَاحِد من الْأَئِمَّة وَهُوَ نوع وَصيته وَالله أعلم 286 - مَسْأَلَة فِيمَن وقف وَقفا صَحِيحا مُتَّصِلا أَوله وَآخره ووسطه على زيد بن فلَان بن فلَان ثمَّ على أَوْلَاده بَطنا بعد بطن ثمَّ على الْفُقَرَاء الحديث: 285 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 375 @ وَجعل الْوَاقِف النّظر فِيهِ إِلَى رجل عدل أَجْنَبِي ثمَّ أَرَادَ الْوَاقِف أَن يعْزل النَّاظر ويستبدل بِهِ غَيره هَل لَهُ ذَلِك أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَهُ ذَلِك إِن ولاه بعد تَمام الْوَقْف حَيْثُ يملك تَوْلِيَة غَيره لكَونه شَرط النّظر لنَفسِهِ عِنْد إنْشَاء الْوَقْف أَو فِيمَا إِذا أطلق وحكمنا يكون النّظر للْوَاقِف وَأما إِذا كَانَ قد شَرط النّظر للْأَجْنَبِيّ الْمَذْكُور فِي نفس عقد الْوَقْف فَلَا يَنْعَزِل بعزله على الرَّأْي الْأَقْوَى وَكَانَ كَسَائِر مَا يشْتَرط فِي الْوَقْف فَلَا يجوز تَغْيِيره وَالله أعلم 287 - مَسْأَلَة رجل وقف أملاكا لَهُ وَقفا وَصفه بالاتصال والتأييد على أَوْلَاده وَسَمَّاهُمْ وعينهم ثمَّ قَالَ على أَوْلَادهم وَأَوْلَاد أَوْلَادهم وعقبهم ونسلهم أبدا مَا تَنَاسَلُوا وتوالدوا واتصلت أنسابهم بآبائهم وأمهاتهم بالواقف ثمَّ أعَاد ذكر أَوْلَاده بِأَسْمَائِهِمْ وَقَالَ وَأَوْلَاد أَوْلَادهم ونسلهم وعقبهم مَا اعقبوا وأنسلوا فَإِذا انقرضوا وَلم يبْق مِنْهُم عقب وَلَا نسل كَانَ ذَلِك لأَوْلَاد أخي الْوَاقِف وَسَمَّاهُمْ للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ جَارِيا على ذَلِك أبدا مَا أعقبوا وتناسلوا فَإِذا انقرضوا وَلم يبْق لَهُم عقب وَلَا نسل كَانَ ذَلِك لأَوْلَاد فَاطِمَة الزهراء رَضِي الله عَنْهَا يكون ذَلِك كَذَلِك جَارِيا أبدا وَقد بَقِي الْآن من نسل الْوَاقِف من ينْسب إِلَيْهِ بِأحد أَبَوَيْهِ وَمن ينتسب إِلَيْهِ بأبويه مَعًا وَلَكِن فِي أجداده أَو جداته من لَيْسَ من نسل الْوَاقِف فاستولى على الْوَقْف من ينتسب بِأَبِيهِ إِلَى أخي الْوَاقِف وَادّعى أَنه مُسْتَحقّه دون الْمَذْكُورين من نسل الْوَاقِف وَاحْتج بِأَن قَوْله واتصلت أنسابهم بالواقف بآبائهم وأمهاتهم تَقْتَضِي أَن لَا يسْتَحق مِنْهُم إِلَّا من يكون أَبَوَاهُ وَجَمِيع أجداده وجداته من نسل الْوَاقِف فَهَل الْأَمر على مَا ذكره وَإِذا لم يكن ذَلِك كَذَلِك وَقد حكم لَهُ حَاكم فَهَل يمْتَنع نقض حكمه مَعَ أَن الْمَسْأَلَة غير منقولة وَهُوَ لَيْسَ من أهل الِاجْتِهَاد وَلَا أَهلا لاستنباط حكم مثلهَا يُخرجهُ من منصوصات مذْهبه الحديث: 287 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 376 @ وقواعده أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَيْسَ الْأَمر فِي ذَلِك على مَا ادَّعَاهُ وَالَّذِي يُوجِبهُ التَّحْقِيق وَلَا محيد لمسدد عَنهُ إِن من كَانَ أَبَوَاهُ متصلي النّسَب بالواقف فَلَا يمْنَع بِسَبَب أَن يتوسط جدة لَيست من نسل الْوَاقِف وَكَذَا لَو توَسط جد لَيْسَ من نَسْله كل من كَانَ من نسل الْوَاقِف واتصل نسبه بِهِ بِأَبِيهِ أَو أمه فَلَا يحرم بِسَبَب عدم اتِّصَاله بأبويه جَمِيعًا أما الأول وَأَنه لَا يشْتَرط فِي أحد مِنْهُم أَن يكون جَمِيع أجداده وجداته من نسل الْوَاقِف فَلِأَن قَوْله واتصلت أنسابهم بآبائهم وأمهاتهم لَا يَقْتَضِي اشْتِرَاط ذَلِك فِي الأجداد والجدات لقُصُور لفظ الْآبَاء والأمهات عَن الأجداد والجدات من حَيْثُ الْحَقِيقَة لما عرف من الْقَاعِدَة المقررة فِي ذَلِك بواضح دليلها وَإِنَّمَا يتناولهم مجازها بضميمة قرينَة كَمَا إِذا اسْتعْمل ذَلِك فِي شخص وَاحِد فَقيل أَبَا فلَان وأمهاته فيدرج فِي ذَلِك أجداده وجداته ضَرُورَة لفظ الْجمع وَإنَّهُ لَا يحصل الْوَفَاء بحقيته فِي الْوَاحِد دون إدراج الأجداد والجدات بِخِلَاف مَا إِذا اضيف ذَلِك إِلَى أشخاص فَقيل أباؤهم وأمهاتهم على مَا يخفى فَمن أدرجهم فِي هَذَا مُعْتَبرا بِظُهُور أدراجهم فِي ذَلِك فقد وَقع بَعيدا وَبِالْجُمْلَةِ فَإِن انتساب كل وَاحِد مِنْهُم بأبويه الِاثْنَيْنِ كَاف فِي استحقاقهم إِطْلَاق هَذَا الْوَصْف عَلَيْهِم وَأَن يُقَال اتَّصَلت أنسابهم بآبائهم وأمهاتهم والمقيد بِصفة إِذا وجد فِيهَا أَصْلهَا وَمَا يُطلق عَلَيْهِ لَفظهَا لم تشْتَرط الزِّيَادَة على مَا عرف وسيزداد ذَلِك إيضاحا فِيمَا يَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَأما أَن الِاسْتِحْقَاق يثبت أَيْضا لكل من كَانَ من نسل الْوَاقِف وَلَا يشْتَرط مِنْهُم الانتساب إِلَيْهِ بالأبوين مَعًا بل يَكْفِي الانتساب إِلَيْهِ بِأحد الْأَبَوَيْنِ فَلِأَنَّهُ اذا كَانَ بَعضهم منتسبا إِلَى الْوَاقِف بِأَبِيهِ فَحسب وَبَعْضهمْ منتسبا إِلَيْهِ بِأُمِّهِ فَحسب صَحَّ أَن يُقَال قد اتَّصَلت أنسابهم بِهِ بآبائهم وأمهاتهم فَإِن من جمع بَين أَشْيَاء فِي الذّكر فَكل وَاحِد مِنْهَا ينْفَرد بِوَصْف لَا يُوجد فِي الآخر فَلهُ كف أوصافها فِي إرسالها جملَة مَعَ أَنَّهَا مُتَفَرِّقَة فِيهَا غير مجتمعة فِي كل وَاحِد مِنْهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 377 @ يَقُول ذَلِك أهل الْعلم بِاللِّسَانِ ويستعمله أهل الْعرف أَيْضا فَيَقُولُونَ مثلا فِي بني أَب أحدهم شُجَاع غير كريم وَلَا عَالم وَالْآخر مِنْهُم كريم وَآخر عَالم قد أعز الله فلَانا بِالْعلمِ أَوْلَاده وكرمهم وشجاعتهم وَتقدم بَنو فلَان لشجاعتهم وعلمهم وكرمهم ثمَّ أَنه لَا يتَوَقَّف الحكم بِاسْتِحْقَاق الْمَذْكُورين على رُجْحَان هَذَا الْمُجْمل على مَا يُعَارضهُ بل يثبت ذَلِك وَإِن كَانَ مُحْتملا مُسَاوِيا فَإِنَّهُ قد تقدم على ذَلِك ذكره لفظ النَّسْل والعقب فيجرى على ذَلِك اطلاقه مَا لم يظْهر تَقْيِيده وَلَا يجوز تَقْيِيده لمحتمل كَذَلِك على أَن ذَلِك مُرْتَفع عَن منزلَة الْمُسَاوَاة إِلَى دَرَجَة الرجحان والظهور بِمَا دلّ عَلَيْهِ من الْوَاقِف قرينَة لَفظه وقرينة حَاله أما من حَيْثُ اللَّفْظ فَإِنَّهُ ذكر أَوْلَاد أَوْلَاده فِي جملَة من وَصفهم باتصال أنسابهم بِهِ بآبائهم وأمهاتهم وَهَذَا الْمحمل لَا محَالة هُوَ المُرَاد الْأَوْلَاد فَإِنَّهُ لَا يظنّ بِهِ اشْتِرَاط انتساب أَوْلَاد أَوْلَاده إِلَيْهِ بآبائهم وأمهاتهم مَعًا لتعذر ذَلِك بِخِلَاف وَإِذا كَانَ مُرَاده فِي بعض الموصوفين كَانَ هُوَ المُرَاد فِي البَاقِينَ فَإِنَّهُ كَلَام وَاحِد وَلَا يخفى هَذَا وَأَيْضًا فاقتصاره أَجْزَأَ عَن النَّسْل والعقب مُطلقًا حِين اشْتِرَاط أقرانهم فِي اسْتِحْقَاق الْبَطن الآخر يشْعر بِأَن ذَلِك مُرَاده من قبل وَإِلَّا لَكَانَ انْقِطَاعًا وَقد نفى الِانْقِطَاع فِي وَقفه أَولا حِين وَصفه بالاتصال وَلَا يجْرِي فِي هَذَا الْخلاف الْمَحْفُوظ فِيمَا إِذا قَالَ وقفت على أَوْلَادِي فَإِذا انقرض أَوْلَاد أَوْلَادِي فعلى الْفُقَرَاء فِي أَنه يكون اشْتِرَاط النقراضي أَوْلَاد الْأَوْلَاد فِي اسْتِحْقَاق من بعدهمْ مثبتا استحقاقهم بل هَذَا الَّذِي نَحن بصدده يرْتَفع بِمَا أَشَرنَا اليه عَن ذَلِك إِلَى دَرَجَة من الوضوح لأجل دَفعهَا فِيهِ الْخلاف الْوَاقِع فِي ذَلِك وَلَا يخفى على المتأمل وَأما قرينَة حَالَة فَكيف يشْتَرط فِي اسْتِحْقَاق نَسْله الانتساب بِالْآبَاءِ والأمهات على الِاجْتِمَاع وَلَا يشْتَرط ذَلِك فِيمَن أَخّرهُ عَنْهُم من نسل أَخِيه فَيحرم من كَانَ من نسل نَفسه لكَونه لم يجمع انتسابا اليه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 378 @ بِأَبِيهِ وَأمه وَيُعْطِي من كَانَ من نسل أَخِيه مَعَ أَنه لَا يجمع انتسابا بأبويه إِلَى أَخِيه هَذَا مِمَّا يأباه ظَاهر الْحَال جدا وَبعد هَذَا فَحكم الْحَاكِم الْمَذْكُور على الْوَجْه الْمَذْكُور لَا يخفى وجوب نقضه إِن كَانَ قد حكم بِاسْتِحْقَاق المنتسب إِلَى الْأَخ فَإِن اسْتِحْقَاق نسل الْأَخ مَشْرُوط بانقراض نسل الْوَاقِف على الْإِطْلَاق فَسَوَاء اسْتحق من بَقِي مِنْهُم أَو لم يسْتَحق فَلَا حق جزما مَعَ وجودهم لأحد من نسل الْأَخ وَهَذَا ملزوم بِهِ على وَجه لَا ينفذ حكمه بِخِلَافِهِ وَإِن كَانَ حكمه يَنْفِي اسْتِحْقَاق من بَقِي من نسل الْوَاقِف غير متعرض لاسْتِحْقَاق نسل الْأَخ فَحكمه منقوض أَيْضا نظرا إِلَى الْحَاكِم وَانْتِفَاء أَهْلِيَّته لذَلِك أَنه لم يظْهر ذَلِك بِالنّظرِ إِلَى نفس الحكم وَالله أعلم 288 - مَسْأَلَة رجل وقف وَقفا وَشرط النّظر فِيهِ إِلَى الأرشد من أَوْلَاد أَوْلَاده فَمَاتَ الْوَاقِف وَخلف أَوْلَادًا بَنِينَ وَأَوْلَاد بَنَات فَعدم الأرشد من أَوْلَاد الْبَنِينَ وَوجد الأرشد من أَوْلَاد الْبَنَات فَهَل يثبت النّظر للأرشد من أَوْلَاد الْبَنَات أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ نعم يثبت النّظر للأرشد من أَوْلَاد الْبَنَات وَالْحَالة هَذِه وَالله أعلم 289 - مَسْأَلَة وقف مَوْقُوف على الْأَيْتَام والأرامل من أَوْلَاد الْإِمَامَيْنِ الْحسن وَالْحُسَيْن رَضِي الله عَنْهُمَا فَهَل إِذا بلغ أحد مِنْهُم من الذُّكُور وَالْإِنَاث يصرف اليه من ذَلِك وَهل تكون الْبِنْت الْبكر الْبَالِغ من قبيل الأرامل أم لَا وَمَا حد الأرملة أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا حق فِي ذَلِك لكل بَالغ وبالغة والأرملة كل امْرَأَة كَانَ لَهَا زوج فَبَانَت عَنهُ بِمَوْت أَو بِسَبَب آخر هَذَا نَص الإِمَام الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ وَيدخل فِي ذَلِك الْبكر الَّتِي فَارَقت زَوجهَا الحديث: 288 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 379 @ وَالظَّاهِر من حَيْثُ الْعرف أَنه لَا يدْخل فِي ذَلِك الغنية لقَرِينَة لفظ الْوَقْف الْعَام وَإِن كَانَ لفظ الأرملة بِمُجَرَّدِهِ يَشْمَل الغنية من حَيْثُ الْعرف واللغة أَيْضا فَليعلم ذَلِك وَالله أعلم 290 - مَسْأَلَة طاحونة مَوْقُوفَة على جِهَة بر أجرهَا النَّاظر مُدَّة سنة أَو نَحْوهَا بِأُجْرَة مَعْلُومَة وَشهد شَاهِدَانِ أَنَّهَا أُجْرَة الْمثل حَالَة العقد ثمَّ تَغَيَّرت الْأَحْوَال وطرأت أَسبَاب توجب زِيَادَة أُجْرَة الْمثل فَهَل يتَبَيَّن بطلَان العقد وَبطلَان الشَّهَادَة بِأُجْرَة الْمثل حَالَة العقد أجَاب رَضِي الله عَنهُ نعم يتَبَيَّن بطلَان العقد ويتبين أَن الشَّاهِد بِأُجْرَة الْمثل لم يثب فِي شَهَادَته وَذَلِكَ أَن تَقْوِيم الْمَنَافِع فِي مُدَّة ممتدة وَإِنَّمَا يَصح إِذا اسْتمرّ الْحَال الْمَوْجُود حَالَة التَّقْوِيم الَّتِي هِيَ حَالَة العقد أما اذا لم يسْتَمر تِلْكَ الْحَال وطرأت فِي أثْنَاء الْمدَّة أَحْوَال تخْتَلف بهَا قيمَة الْمَنْفَعَة فَإنَّا نتبن أَن الْمُقَوّم لَهَا أَولا لم يُطَابق تقويمه الْمُقَوّم وَلَيْسَ هَذَا كتقويم السّلع الْحَاضِرَة بإجرائها على مَا لَا يخفى وَإِذا ضممنا مَا ذَكرْنَاهُ إِلَى قَول من قَالَ من أَصْحَابنَا أَن النَّاظر إِذا أجر الْمَوْقُوف بِأُجْرَة ثمَّ زَاد فِي الْأُجْرَة زَائِدَة فِي أَثْنَائِهَا أَن الأجارة تَنْفَسِخ أَو تفسخ كَانَ قَاطعا باستبعاد من لم ينشرح صَدره لما ذَكرْنَاهُ فَليعلم ذَلِك فَإِنَّهُ من نفائس النكت وَالله أعلم 291 - مَسْأَلَة رجل أجر وَقفا عَلَيْهِ ثمَّ على أَوْلَاده بِحكم نظره فِي الْوَقْت لَا بِحكم اسْتِحْقَاقه للمنافع من وَلَده مُدَّة وَقبض أجرتهَا ثمَّ توفّي الْمُؤَجّر وورثته وَخلف الْمُسْتَأْجر قبل انْقِضَاء الْمدَّة فَهَل تَنْفَسِخ الأجارة أم لَا وَإِذ انْفَسَخت فَهَل يثبت الرُّجُوع فِي تَرِكَة الْمُؤَجّر أجَاب رَضِي الله عَنهُ نعم يَنْفَسِخ عقد الإيجارة وَالْحَالة هَذِه على الحديث: 290 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 380 @ الْأَصَح إِن كَانَ الْمُسْتَأْجر قد انْتقل إِلَيْهِ بِمَوْت الْمُؤَجّر جَمِيع المضجر وَإِن زوحم ثَبت الِانْفِسَاخ فِي نصِيبه وَلَا يثبت فِي نصيب غَيره على الْأَصَح وَيثبت الرُّجُوع بِحِصَّتِهِ مَا بَقِي من الْمدَّة بعد موت الْمُؤَجّر فِي تركته على كل حَال إِلَّا أَنه إِذا لم يكن وَارِث سوى الْمُسْتَأْجر فَلَا فَائِدَة لَهُ فِيهِ دينا وَالله أعلم ليعلم أَن إِجَارَة هَذَا لَيْسَ من قبيل إِجَارَة النَّاظر بل من قبيل إِجَارَة الْمَوْقُوف عَلَيْهِ فَإِن الْمَعْنى بالناظر فِي هَذَا ان يكون غير الْمَوْقُوف عَلَيْهِ وَحَيْثُ يُؤجر الْمَوْقُوف عَلَيْهِ فَلَا يُؤجر إِلَّا بِالنّظرِ المجعول لَهُ فَإِن مُجَرّد اسْتِحْقَاقه لَا يفِيدهُ الْولَايَة فِي ذَلِك على الْأَصَح وَمَعَ هَذَا فنظره لَا يلْحقهُ بالناظر الْأَجْنَبِيّ حَتَّى يقطع بِعَدَمِ الِانْفِسَاخ بِالْمَوْتِ على الْأَشْهر فَإِن نظره لَا يتَعَدَّى إِلَى غَيره من أهل الْوَقْف بِخِلَاف النَّاظر غير الْمُسْتَحق وَبعد هَذَا فَيَقَع الِاخْتِلَاف فِي نصيب غير الْمُسْتَأْجر على الْأَصَح من الْوَجْهَيْنِ مَا هُوَ فالشيخ أَبُو اسحق يرى الْأَصَح أَنه لَا يَنْفَسِخ وَجَمَاعَة رَأَوْا الْأَصَح ثُبُوت الِانْفِسَاخ وَأَنا الْآن أميل اليه وأسأل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى رِضَاهُ وتسديده آمين 292 - مَسْأَلَة رجل مُتَوَلِّي وَقفا اجره من غير إشهار هَل تصح إِجَارَته أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا تصح من غير إشهار الا اذا أجره بِمَا يغلب على ظَنّه أَنه لَا يزْدَاد عَلَيْهِ بالإشهار شَيْء يؤبه لَهُ وَهَذَا مثل مَا ينظر فِي بيع مَال الْمُفلس فِي أَنه يُبَاع كل شَيْء فِي سوقه فَإِن بَاعه فِي غير سوقة بِثمنِهِ فِي سوقه صَحَّ وَالْأَمر بالإشهار مسطورا أَيْضا فِي مَال الْمُفلس وَالله أعلم الحديث: 292 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 381 - مَسْأَلَة وقف على الْفُقَهَاء أَو المتفقهة المالكيين المقيمين بِدِمَشْق من أَهلهَا والواردين إِلَيْهَا من أهل الشَّام دون غَيرهم فَهَل يعْتَبر أَن يكون أحدهم قد ولد بهَا أَو نَشأ أَولا وَمَا الَّذِي يعْتَبر أجَاب رَضِي الله عَنهُ الظَّاهِر أَنه لَا يشْتَرط الْولادَة والنشوء فِي وَاحِد من الْمَوْضِعَيْنِ ويكتفي بِأَن يُوجد فِي أحدهم من الْإِقَامَة بِدِمَشْق أَو بِالْمَكَانِ الَّذِي يرد مِنْهُ اليها واردهم من سَائِر الشَّام مَا لَا يعد مَعَه من الغرباء بهَا وَفِي الْإِقَامَة مَعَ الاستيطان مَا يتَحَقَّق مَعَه هَذَا وَإِن تجرد عَن الْولادَة والنشأة ثمَّ رَأَيْت استفتاء مُتَقَدما فِي هَذَا فِيهِ فَتْوَى جمَاعَة من المالكيين وَالْحَنَفِيَّة وَالشَّافِعِيَّة وَنجم بن الْحَنْبَلِيّ مِنْهُم ابْن حمويه ومسعود الْحَنَفِيّ وَابْن علوش بِأَنَّهُ يَكْفِي الاستيطان بِدِمَشْق وَإِن يعد من سكانها وَالله أعلم 294 - مَسْأَلَة وقف على ثَلَاثَة إخْوَة على أَن من مَاتَ مِنْهُم من غير ولد وَلَا نسل وَلَا عقب كَانَ مَا كَانَ جَارِيا عَلَيْهِ على أَخَوَيْهِ الآخرين ثمَّ إِذا انقرضوا على جِهَات مُتَّصِلَة فأجر أحد الْأُخوة الثَّلَاثَة نصِيبه من الْوَقْف مُدَّة مَعْلُومَة لرجل ثمَّ مَاتَ الآخر وَالْمُسْتَأْجر قبل انْقِضَاء مُدَّة الأجارة فَهَل تَنْفَسِخ الأجارة من حِين مَوْتهمَا وتنتقل الْحصَّة المأجورة إِلَى الْأَخَوَيْنِ الْمَذْكُورين أجَاب رَضِي الله عَنهُ لم تبْق الأجارة بعد موت الْآجر وانتقل ذَلِك إِلَى أخوية وَالله أعلم 295 - مَسْأَلَة فِي دَار وقف شَرط واقفها أَنَّهَا لَا تؤجر أَكثر من سنة ثمَّ انْهَدَمت وَلَيْسَ لَهَا جِهَة عمَارَة إِلَّا الأجارة مُدَّة سنتَيْن فَإِن لم تؤجر كَذَلِك دثرت فَهَل تجوز هَذِه الأجارة وَالْحَالة هَذِه الحديث: 294 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 382 @ أجَاب رَضِي الله عَنهُ بِأَنَّهُ يجوز أَن يعْقد أَولا على سنة ثمَّ يسْتَأْنف عقدا ثَانِيًا على سنة ثَانِيه ثمَّ هَكَذَا إِلَى أَن يَسْتَوْفِي المُرَاد فان كَانَ فِي شَرط الْوَاقِف أَنه لَا يسْتَأْنف عقدا قبل انْقِضَاء الأول فَهَذَا الشَّرْط وَالْحَالة هَذِه لَا ينفذ وَلَا يَصح من أَصله فِي مثل هَذِه الْحَالة الَّتِي يقْضِي الْعَمَل بِالشّرطِ فِيهَا إِلَى دثور الْمَوْقُوف وتعطله لِأَنَّهُ شَرط يُخَالف مصلحَة الْوَقْف وَالله أعلم 296 - مَسْأَلَة شخص وقف وَقفا صورته أَقُول وَأَنا فلَان وَذكر نسبه أنني وقفت كَذَا أَو كَذَا مَوَاضِع ووصفها وحددها على فلَان وعينه ثمَّ من بعده على الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين الْمُسلمين وَالنَّظَر فِي هَذَا الْوَقْف إِلَى فلَان رجل عينه ثمَّ رأى الْوَاقِف الْمصلحَة للْوَقْف فِي أَن يَجْعَل النَّاظر غَيره وَأَن يَجْعَل مَعَه نَاظرا فَهَل لَهُ ذَلِك أم لَا وَهل إِذا جعل النَّاظر لذَلِك الشَّخْص فِي الْوَقْف بعد انْتِقَاله إِلَى الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين لَا فِي حَال حَيَاة الْمَوْقُوف عَلَيْهِ وَقد يملك النَّاظر عزل نَفسه عَن النّظر وَينفذ عَزله أم لَا وَهل للْوَاقِف عَزله قبل مصير النّظر إِلَيْهِ بِمَوْت الْمَوْقُوف عَلَيْهِ أم لَا واذا كَانَ الْوَاقِف قد جعل للنَّاظِر أَن يسند النّظر إِلَى غَيره هَل للنَّاظِر أَن يسند النّظر الى غَيره قبل انْتِقَاله إِلَى الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَيْسَ للْوَاقِف ذَلِك وَلَا حكم لَهُ فِي ذَلِك وَأَمْثَاله بعد تَمام الْوَقْف بِشَرْطِهِ وَإِذا عزل النَّاظر الْمعِين حَالَة انشاء الْوَقْف نَفسه فَلَيْسَ للْوَاقِف نصب غَيره فانه لَا نظر لَهُ بعد أَن جعل النّظر فِي حَالَة الْوَقْف لغيره دون نَفسه بل ينصب الْحَاكِم من يتَوَلَّى أَمر الْوَقْف وَإِذا لم يَجْعَل النّظر لذَلِك الْمعِين إِلَّا بعد الْمَوْقُوف عَلَيْهِ الْمعِين فَلَا يملك عزل نَفسه قبل ذَلِك وَأما الْوَاقِف فَلَا يَصح عَزله فِي الْحَال وَلَا فِي ثَانِي الْحَال كَمَا تقدم وَلَيْسَ للنَّاظِر أَن يسند مَا جعل لَهُ من الْإِسْنَاد إِلَى أحد قبل مصير النّظر إِلَيْهِ وَالله أعلم الحديث: 296 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 383 - مَسْأَلَة فِي مَوْقُوف أُجْرَة النَّاظر ثمَّ بذلت فِيهِ زِيَادَة فَأَرَادَ إِجَارَته من باذل الزِّيَادَة لكَونه لم يثبت عِنْده وَلَا عِنْد الْحَاكِم أَن العقد وَقع بِأُجْرَة الْمثل هَل لَهُ ذَلِك أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يجوز ذَلِك بِنَاء على مُجَرّد كَونه لم يثبت وُقُوعه بِأُجْرَة الْمثل بل لَا بُد فِي ذَلِك أَن يثبت كَونه بِغَيْر أُجْرَة الْمثل بطرِيق من الطّرق المثبتة لذَلِك بِحَسب اخْتِلَاف الْأَحْوَال وَلما قُلْنَا إِذا ادّعى الْمُسْتَأْجر إِجَارَة مَوْقُوف وَنَحْوه فَعَلَيهِ إِقَامَة الْبَيِّنَة على كَونهَا بِأُجْرَة الْمثل وَقُلْنَا إِذا اخْتلف المتعاقدان فِي صِحَة العقد وفساده فَالْقَوْل قَول من يَدعِي الْفساد فَلم يسمع فِي ذَلِك كُله بالتعويل على عدم الثُّبُوت بِمُجَرَّد بل لَا بُد من يَمِين أَو بَيِّنَة يثبت بهَا ذَلِك وَالله أعلم 298 - مَسْأَلَة رجل أجر ملكه مُدَّة مَعْلُومَة ثمَّ وَقفه وَلم يذكر فِيهِ أَنه مُسْتَأْجر وَلَا أَنه سَاقِط الْمَنْفَعَة فَهَل يَصح ذَلِك ثمَّ رَجَعَ بعد وَقفه اسْتَأْجرهُ من الْمُسْتَأْجر أجَاب رَضِي الله عَنهُ يَصح وَقفه فَإِذا انْتَهَت مُدَّة الأجارة صرفت منفعَته إِلَى جِهَة الْوَقْف وَالله أعلم 299 - مَسْأَلَة رجل مَالك لربع أَرض مشَاعا فَقَالَ وقفت ملكي هَذَا مَسْجِدا لله تَعَالَى هَل يَصح هَذَا الْوَقْف أم لَا وَكَذَا يتنجز وَهل إِن صَحَّ مُنجزا يحرم على كل جنب أَن يدْخل إِلَى الأَرْض أَو الى بعض أَجْزَائِهَا وَيمْكث فِيهَا وَهل يَصح القَوْل بِأَن هَذَا الْوَقْف لَا يصير مَسْجِدا يحرم مكث الْجنب فِيهِ بعد الْقِسْمَة وتمييز الرّبع الْمَوْقُوف أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ نعم يَصح وَقفه ذَلِك مَسْجِدا ويتنجز وقفيته وَيثبت فِي الْحَال تَحْرِيم الْمكْث فِي جَمِيع الأَرْض على الْجنب تَغْلِيبًا للْمَنْع الحديث: 298 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 384 @ وَلَا يَصح القَوْل بتأخر ذَلِك إِلَى مَا بعد الْقِسْمَة ثمَّ أَنه يجب الْقِسْمَة هَا هُنَا لتعيينها طَرِيقا إِلَى الِانْتِفَاع بالموقوف وَالله أعلم 300 - مَسْأَلَة رجل وقف عقارا على وَلَده زيد وَأَوْلَاده وَأَوْلَاد أَوْلَاده الذُّكُور دون الْإِنَاث الَّذين يرجعُونَ بنسبتهم إِلَيْهِ بَينهم على فَرَائض الله تَعَالَى ثمَّ مَاتَ الْمَوْقُوف عَلَيْهِ وَخلف ابْنا ثمَّ مَاتَ الابْن وَخلف ثَلَاث بَنِينَ ثمَّ مَاتَ أحد الْبَنِينَ وَخلف ابْنَيْنِ فَهَل يخْتَص بِالْوَقْفِ الْبَطن الأول وهما العمان عملا بقول الْوَاقِف بَينهم على فِيهِ ثمَّ إِذا رأى الْحَاكِم ذَلِك وَحكم للعمين بِالْوَقْفِ دون أَوْلَاد أخيهما فَهَل يجوز لَهُ أَن يرجع عَن الحكم بِفُتْيَا من يُفْتِي باشتراكهما الْوَقْف أم لَا وَهل يجوز لَهُ الرُّجُوع بتغيير اعْتِقَاده بعد الحكم أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يخْتَص بذلك الْبَطن الاعلى وَقَول الْوَاقِف على فَرَائض الله تَعَالَى لَا يتقضي الْأَقْرَب فَالْأَقْرَب فَإِنَّهُ دائر بَين أَن يكون ظَاهرا فِي مِقْدَار مَا يأخذونه غير ظَاهر فِي التَّرْتِيب فَإِنَّهُ من قبيل الْحجب الَّذِي لَا يُطلق عَلَيْهِ اسْم الْقَرْض وَبَين أَن يكون ذَلِك مترددا مُحْتملا لَا يصلح أَن يتْرك مُقْتَضى مَا ذكره قبله من التَّعْمِيم بِهِ وَالْحَاكِم إِذا حكم بالترتيب بِنَاء على ذَلِك وَلَيْسَ من أهل الِاجْتِهَاد لَا الِاجْتِهَاد الْمَطْلُوب وَلَا الِاجْتِهَاد الْمُقَيد الْمُخْتَص بِمذهب معِين فَلهُ الرُّجُوع من ذَلِك والنقض فَإِنَّهُ وَأَمْثَاله لَيْسَ من قبيل الْأُمُور الظَّاهِرَة الَّتِي يجوز لمن لَيْسَ من أهل الِاجْتِهَاد من الحكم فِيهِ وَالله أعلم 310 - مَسْأَلَة وقف صورته هَذَا مَا وقف فلَان على أَوْلَاده وَأَوْلَاد أَوْلَاده ونسله وعقبه الراجعين بآبائهم وأمهاتهم إِلَى الْوَاقِف أَو بآبائهم فَقَط فَهَل ينْصَرف قَوْله الراجعين بآبائهم وأمهاتهم الى الْوَاقِف أَو بآبائهم الحديث: 300 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 385 @ فَقَط إِلَيّ قَوْله ونسله وعقبه حَتَّى يسْتَحق على مُوجب ذَلِك ابْن بنت الْوَاقِف أَو ينْصَرف إِلَى ولد الْوَلَد أَيْضا فَلَا يسْتَحق مَا الحكم فِي ذَلِك أجَاب رَضِي الله عَنهُ بل يرجع ذَلِك إِلَى قَوْله ونسله وعقبه خَاصَّة وَمن ذَا الَّذِي يشْتَرط ذَلِك فِي ولد وَلَده مَعَ استحالته فِي الْأَنْكِحَة الْمَشْرُوعَة وَإِنَّمَا يتَصَوَّر فِي أنكحة الْمَجُوس وَمَا أشبه وَقَوله بآبائهم قرينَة لذَلِك فتختص كاختصاصه وَالله أعلم 302 - مَسْأَلَة الْوَقْف الْمُرَتّب على الْمُسْتَحقّين لَو كَانَ مَوْقُوفا على زيد ثمَّ من بعد انقراضه على عَمْرو ثمَّ من بعده على خَالِد فَلَو كَانَ خَالِد قَاضِيا وَعَمْرو بَاقٍ فَوَقع بَين عَمْرو والمستحق الْمَوْقُوف الْآن وَبَين رجل أَجْنَبِي مُنَازعَة فِي الْمَوْقُوف أَو فِي بعضه وَاسْتولى الْأَجْنَبِيّ على جُزْء من الْمَوْقُوف فَأَرَادَ عَمْرو محاكمته إِلَى خَالِد الْمُسْتَحق للْوَقْف بعده هَل لخَالِد أَن يحكم بغضب الْأَجْنَبِيّ لذَلِك وعداوته وَأَن ذَلِك ملك الْوَاقِف إِلَى أَن وَقفه وَأَن عمرا الْآن مُسْتَحقّ لَهُ بِالْوَقْفِ الْمشَار إِلَيْهِ هَل لَهُ ذَلِك مَعَ أَن مصيره إِلَيْهِ مَتى مَاتَ عَمْرو أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ نعم لَهُ ذَلِك فَإِن كل ذَلِك حكم للْغَيْر وَلَا الْتِفَات إِلَى أَن مصير ذَلِك اليه كَمَا أَنه يحكم بِمثل ذَلِك لمن لَا وَارِث لَهُ سواهُ مَعَ أَنه يصير إِلَيْهِ بعد مَوته ظَاهرا وكما يحْتَمل هَذَا أَن لَا يصير اليه كَذَلِك يحْتَمل أَن لَا يصير إِلَيْهِ بِأَن يَمُوت قبل عَمْرو وَالله أعلم 303 - مَسْأَلَة وقف على قراء السَّبع بِدِمَشْق هَل يجوز حرمَان بَعضهم أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا بل يجب استيعابهم لانحصارهم بِخِلَاف الحديث: 302 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 386 @ الْوَقْف على الْفُقَرَاء أَو شبههم بل هَذَا كَمَا لَو وقف على فُقَرَاء بَلْدَة مُعينَة فَإِنَّهُ يجب استيعابهم عَن صَاحب التَّهْذِيب وَغَيره غير أَن فِي التَّنْبِيه خِلَافه وَالله أعلم 304 - مَسْأَلَة نَاظر فِي وقُوف أثبت أَهْلِيَّة نظره فِي مَكَان مِنْهَا بِمَدِينَة فَهَل يعم مَا كَانَ فِي غَيرهَا أم لَا أجَاب ضي الله عَنهُ يثبت بذلك بِالنِّسْبَةِ إِلَى غَيرهَا من أَوْصَاف الْأَهْلِيَّة جَمِيعهَا الْعَدَالَة وَالْعقل وَالْبُلُوغ وَالْإِسْلَام وَالْحريَّة إِلَّا الْكِفَايَة الَّتِي هِيَ أَن لَا يعجز عَن الْحِفْظ وَالتَّصَرُّف فِي المنظور فِيهِ فَإِذا أثبت مَعَ ذَلِك كِفَايَته فِي النّظر فِي سَائِر الْوُقُوف ثبتَتْ أَهْلِيَّته فِيهَا وَالله أعلم 305 - مَسْأَلَة رجل وقف دَارا مرخمة الْأَرَاضِي والحيطان مدرسة وَالْمرَاد من الرخام الزِّينَة فَقَط فَأَشْرَف على التّلف فَهَل يجوز للْوَاقِف وَله النّظر بيع الرخام وَشِرَاء ملك للمدرسة بِثمنِهِ تعود غَلَّته على الْمدرسَة ومصالحها أجَاب رَضِي الله عَنهُ حكم هَذَا الرخام حكم الْجذع من الْمَكَان الْمَوْقُوف اذا أشرف على الإنكسار وَفِيه بعد بَقِيَّة الْمَنْفَعَة وَفِي بَيْعه عِنْد ذَلِك وَجه مَشْهُور عَن أَئِمَّة الشافعيين مُتَّجه فَإِن رأى النَّاظر الْعَمَل بذلك فليستخر الله تَعَالَى قبل اقدامه عَلَيْهِ ثمَّ صرف ثمنه إِلَى مَا يعود من صَالح الْمدرسَة الأحق بِثمن نحاته خشب الْوَاقِف المصروف فِي مَصَالِحه لَا بِثمن الْجذع المصروف فِي شَيْء مثله من حَيْثُ أَن غَرَض الزِّينَة لَا سِيمَا بِثمن الرخام الْمُرْتَفع لَا يُصَار إِلَى انشأه مُتَّصِلا فِي مثل هَذَا الْوَقْف الحديث: 304 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 387 @ وَنَحْوه وَإِذا لم يتَّجه صرف ثمنه فِي إِعَادَة مثله تعين صرفه إِلَى مصَالح الْمَكَان وَشِرَاء ملك لَهُ من الطّرف فِي ذَلِك وَمِمَّا قد أُجِيز الْمصير إِلَيْهِ فِي الْوُقُوف ونسأل الله الْعِصْمَة والتوفيق 306 - مَسْأَلَة وقف على مقرىء يقرىء النَّاس كتاب الله تَعَالَى بِموضع كَذَا كل يَوْم فَهَل يجوز للمقرىء الِاقْتِصَار على ثَلَاثَة لِأَنَّهُ أقل النَّاس أَو يجب عَلَيْهِ إقراء كل من يحضرهُ وَيُرِيد الْقِرَاءَة أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِن كَانَ من يحضر فِي ذَلِك الْموضع مرِيدا للْقِرَاءَة عددا محصورا فعلى المقرىء فِي شَرط اسْتِحْقَاقه إقراؤهم اجمعين وَإِن كَانُوا غير مَحْصُورين فَلهُ الِاقْتِصَار على ثَلَاثَة مِنْهُم لِأَنَّهُ لَو قَالَ وقفت على الَّذين يحْضرُون مريدين للْقِرَاءَة فصلنا هَذَا التَّفْصِيل فَكَذَلِك لَو قَالَ وقفت على من يقرىء النَّاس على هَذَا الْوَصْف وَالله أعلم 307 - مَسْأَلَة قد جرت الْعَادة بترك الإقراء يَوْم الْجُمُعَة فِي تِلْكَ الْبَلَد فَهَل لَهُ ترك الإقراء فِي يَوْم الْجُمُعَة أجَاب رَضِي الله عَنهُ قَوْله فِي كل يَوْم تَصْرِيح مِنْهُ بِالْعُمُومِ فَلَا يتْرك مثله من مثله بعرف خَاص فَإِذا يكون تَركه الإقراء يَوْم الْجُمُعَة بِمَنْزِلَة تَركه الإقراء فِي يَوْم آخر وَالله أعلم 308 - مَسْأَلَة فِي وقف اسْتَأْجرهُ لإِصْلَاح الطرقات فِي الْمَدِينَة الْفُلَانِيَّة فَهَل إِذا لَقِي انسان فِي الطَّرِيق تُرَابا يعسر بِسَبَبِهِ على النَّاس العبور فِي تِلْكَ الطَّرِيق فَهَل للنَّاظِر الِاسْتِئْجَار من ذَلِك لرفعه أجَاب رَضِي الله عَنهُ أَن رَفعه وَاجِب على ملقيه فَلَا يسْتَأْجر من هَذَا الحديث: 306 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 388 @ الْوَقْف على رفْعَة مَا لم يتَعَذَّر رَفعه من جِهَة من أَلْقَاهُ فَإِذا تعذر ذَلِك بتعذر مِنْهُ أَو غير ذَلِك اُسْتُؤْجِرَ حِينَئِذٍ من هَذَا الْوَقْف لرفعه وَالله أعلم 309 - مَسْأَلَة وقف وقف على أَن يصرف مغلة فِي قوت من يبيت بِموضع كَذَا من الغرباء الْفُقَرَاء المحتاجين بِمَدِينَة كَذَا لَا يُزَاد أحد مِنْهُم فِي ذَلِك على ثَلَاث لَيَال مُتَوَالِيَة فَهَل يجب على الْفَقِير الْمبيت فِي ذَلِك الْموضع إِذا أكل من الْوَقْف وَهل إِذا أوجب وَلم يبت يضمن النَّاظر ذَلِك وَهل يجب مبيت اللَّيْل كُله أَو أَكْثَره وَهل يجوز أَن يدْفع إِلَى الْفَقِير مَا يَشْتَرِي بِهِ قوتا أَو يتَعَيَّن الْقُوت فِي الدّفع وَهل إِذا بَات أول لَيْلَة فضيفه ثمَّ بَات اللَّيْلَة الثَّانِيَة فِي مَوضِع آخر ثمَّ عَاد اللَّيْلَة الثَّالِثَة يجوز الدّفع اليه أَو لَا يجوز لقَوْله ثَلَاث لَيَال مُتَوَالِيَة وَهل يجب على النَّاظر الْكَشْف عَمَّن يبيت فِي ذَلِك مَعَ كَثْرَة الواردين إِلَيْهِ وَالْتِبَاس الْمُسْتَحق بِغَيْرِهِ وَهل يجوز للنَّاظِر أَن يستجر من خباز لَهُم ثمَّ إِذا اجْتمع لَهُ جملَة حاسبة وَدفع إِلَيْهِ وَهل كَانَ النَّاظر فِي حمام أَو نَحوه وَطلب مِنْهُ شَيْء لبَعض جِهَات الْوَقْف فَيكون لَهُ أَن يقترض ثمَّ يُوفي من الْوَقْف أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يجب عَلَيْهِ الْمبيت وَلَكِن إِذا لم يبت غرم مَا أكل وَنَظِيره ابْن السَّبِيل الْأَخْذ على عزم السّفر إِذا أَخذ لم يصر السّفر بذلك وَاجِبا عَلَيْهِ وَلَكِن إِن لم يُسَافر وَجب عَلَيْهِ رد مَا أَخذه وَيحرم على الْفَقِير أَن يَأْكُل وَهُوَ عازم على ترك الْمبيت وَلَا يضمن النَّاظر إِذا لم يبيت الْفَقِير الْأكل وَنَظِيره إِذا بَات مَعَ دفع إِلَيْهِ الإِمَام الزَّكَاة غير مُسْتَحقّ بِأَن بَان غَنِيا لِأَنَّهُ أَمِين غير مفرط وَالله أعلم وَشرط الِاسْتِحْقَاق يحصل بمبيت مُعظم اللَّيْل وَمن نَظَائِره الْحَالِف الحديث: 309 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 389 @ ليبيتن هَذِه اللَّيْلَة فِي مَوضِع كَذَا وَالله أعلم وَيظْهر أَنه يجوز أَن يدْفع ثمن الْقُوت إِلَى الْفَقِير غير مُمكن من صرفه إِلَّا فِي الْقُوت وَيجوز أَن يصرف إِلَيْهِ الْقُوت نَفسه وَمن نَظَائِره مَا يصرف من سلَاح الْغَازِي من الزَّكَاة فمذكور فِيهِ جَوَاز الْأَمريْنِ وَالله أعلم وَمن لم يبت فِي اللَّيْلَة ثمَّ بَات فِي اللَّيْلَة الثَّالِثَة فَجَائِز الدّفع إِلَيْهِ وَقَوله الْوَاقِف لَا يُزَاد على ثَلَاث لَيَال مُتَوَالِيَة لَيْسَ اشتراطا للتوالي فِي اللَّيَالِي الثَّلَاث وَإِنَّمَا هُوَ منع من الزِّيَادَة على ثَلَاث لَيَال إِذا وَقعت بِصفة التوالي وَعند هَذَا فَلَا يَقْتَضِي هَذَا الْكَلَام بتجرده الْمَنْع من أَن يُزَاد على الثَّلَاث من بَات ثَلَاثًا مُتَفَرِّقَة وَالله أعلم وعَلى النَّاظر الْكَشْف عَن الْمُسْتَحق ويكفيه فِي ذَلِك أَن يَقُول أَنا بائت اللَّيْلَة هَا هُنَا فَإِذا قَالَ ذَلِك جَازَ لَهُ إطعامه من غير يَمِين وَلم يجب عَلَيْهِ الْكَشْف ثَانِيًا هَل حلف فَلم يبت أَو لم يحلف وَنَظِيره ابْن السَّبِيل فِي الزَّكَاة وَالله أعلم وَجَائِز للنَّاظِر أَن يسْتَأْجر من خباز على مَا وصف وَلَكِن ليحذر مَا اُعْتِيدَ فِي بعض الْمدَارِس وَغَيرهَا من أَنهم يَأْخُذُونَ من الخباز من غير أَن يعين ثمن مَا يُؤْخَذ كل يَوْم ويؤخرون تَقْدِير الثّمن وَبَيَان كيفيته إِلَى وَقت المحاسبة فيطعمون عِنْد ذَلِك الْفُقَهَاء والصوفية وَالْمَسَاكِين حَرَامًا من السهل أَن يُوكل النَّاظر من يَجِيء بالخبز فِي أَن يعين ثمَّ مَا يَأْخُذهُ كل مرّة فِي يَوْمه ويعقد عَلَيْهِ مَعَ الخباز ثمَّ لَا بَأْس أَن يُؤَخر المحاسبة إِلَى آخر الشَّهْر أَو نَحوه وَالله أعلم وَيجوز للنَّاظِر الِاقْتِرَاض على جِهَة الْوَقْف عِنْد الْعذر والمصلحة فَإِن ذَلِك ولَايَة يُسْتَفَاد بهَا أَمْثَال ذَلِك كَمَا فِي الْوَصِيّ وَغَيره هَذَا مَا ظهر وَأَعُوذ بِاللَّه من الْخَطَأ والخطل وَهُوَ أعلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 390 - مَسْأَلَة فِي امْرَأَة وقفت وَقفا مُتَّصِلا غير مُنْقَطع على جوَار لَهَا قد اعتقتهن ثمَّ بعدهن على أَوْلَاد نَفسهَا ثمَّ على جِهَة مُعينَة فِي كتاب الْوَقْف وَلم يثبت أَن المدعيات بِالْوَقْفِ من الْمَوْقُوف عَلَيْهِنَّ فَهَل يعود الْوَقْف على الَّذين عينوا من أَوْلَاد الواقفة أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِذا جهلن فَلَا يُؤثر ذَلِك فِي بطلَان الْوَقْف وَيجْرِي الْمغل مجْرى مَال ضائع يحفظ إِلَى أَن يظْهر مُسْتَحقّه فان تعذر صرف فِي مصَالح بَيت المَال وَلَا يصرف إِلَى أَوْلَاد الواقفة شَيْء من ذَلِك حَتَّى يثبت انْقِرَاض الْجَوَارِي الْمَذْكُورَات 311 - مَسْأَلَة وقف وَقفا على أَوْلَاده وَجعل النّظر للأرشد فالأرشد من أهل الْوَقْف فَإِن لم يكن فيهم رشيد فَإلَى حَاكم الْمُسلمين فَأثْبت كل وَاحِد من أَوْلَاده بَيِّنَة أَنه الأرشد فَمَا الحكم أجَاب رَضِي الله عَنهُ يشتركون فِي النّظر من غير اسْتِقْلَال إِذا وجدت الْأَهْلِيَّة أوصافها فِي جَمِيعهم وَإِن وجدت فِي بَعضهم اخْتصَّ بذلك وَذَلِكَ أَن بيناتهم تَعَارَضَت وتساقطت فِي صفة الأرشد فَلم تثبت صفة الأرشد لوَاحِد مِنْهُم وَلَا تعَارض بَينهمَا فِي أصل صفة الأرشد فَثَبت اشتراكهم فِي الرشد من غير أَن يثبت تَرْجِيح فَيصير كَمَا لَو قَامَت الْبَيِّنَة برشد الْجَمِيع على التَّسَاوِي والاشتراك من غير تَفْضِيل وَالْحكم فِي ذَلِك التَّشْرِيك بَينهم فِي النّظر لعدم مزية بعض على بعض ثمَّ يكون من غير اسْتِقْلَال كَمَا لَو أوصى إِلَى شَخْصَيْنِ وَأطلق فَإِنَّهُ يحمل على عدم الِاسْتِقْلَال وَالله أعلم 312 - مَسْأَلَة مدرس بمدرسة نقض أبنيتها المحكمة من غير الحديث: 311 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 391 @ خلل تطرق إِلَيْهَا وَعمد إِلَى مَسْجِد معد فِيهَا لصَلَاة الْجَمَاعَة من حِين وقفت فَجعله دهليزا يدْخل مِنْهُ إِلَى الْمدرسَة وَنقل بألها لأصلي إِلَى مَكَان آخر وَجعل الدهليز الْأَصْلِيّ مخزنا وَجعل الْمجْلس الَّذِي جعله الْوَاقِف مجمعا للفقهاء عِنْد الدَّرْس إيوانا وَغير بركَة فِيهَا من أَمَام الْوَاقِف عَن هيآتها وَأنْفق مُعظم أَمْوَال الْوَقْف فِي هَذِه العمائر بِحَيْثُ منع الْفُقَهَاء مَعَ قيامهم بالوظائف عَن معلومهم الْمُقدر لَهُم فَهَل يحل ذَلِك وَهل يجب عَلَيْهِ ضَمَان مَا أتْلفه من أبنيتها وأنفقه من أموالها فِي الْعِمَارَة وَهل يجب رفع يَده عَنْهَا وَهل لَهُ أَن ينْفَرد عَن الْفُقَهَاء بِأخذ جامكيتة ومعلومه وَهل يصير فَاسِقًا بِهَذِهِ الْأُمُور أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يحل لَهُ ذَلِك وَعَلِيهِ أَيْضا ضَمَان مَا أتْلفه من أبنيتها وَمَا بَقِي قَائِما من نقضهَا فَعَلَيهِ أرش مَا نقص مِنْهُ بِالنَّقْصِ ثمَّ إِن حكم الْوَقْف بَاقٍ فِي بَاقِي النَّقْص فَوَاجِب صيانته عَن أَن يصرف بِبيع أَو غَيره إِلَى غير الْجِهَة الَّتِي وقف لَهَا ثمَّ أَنه يفسق بذلك إِذا لم يكن جَاهِلا بِتَحْرِيمِهِ جهلا يعْذر بِهِ أَمْثَاله وعَلى ولي الْأَمر وَفقه الله تَعَالَى رفع يَده عَنْهَا وَالْحَالة هَذِه وَعَلِيهِ أَيْضا ضَمَان مَا أتْلفه من مَال الْوَقْف فِيمَا استجده من الْعِمَارَة فانه لَا ولَايَة لَهُ فِي ذَلِك يحلك بهَا ذَلِك وَالْحَالة هَذِه الْمَذْكُورَة وَأما مَا أنشأه من العمارات فَغير ثَابت بهَا إِلَى الْآن حكم الوقفية وَإِذا كَانَ اشْتَرَاهُ لآلاتها وَاقِفًا كَمَا هُوَ الْمُعْتَاد بِثمن مُطلق فِي الذِّمَّة أَدَّاهُ من مَال الْوَقْف فَهِيَ مَمْلُوكَة لَهُ وَعَلِيهِ ضَمَان مَا أَدَّاهُ من الْوَقْف ثمَّ ينظر فِيمَا وَقع مِنْهَا فِي مَكَان الْمَسْجِد مَانِعا من اسْتِمْرَار أَحْكَام الْمَسَاجِد فِيهِ أزيل وَنقض وَهَذَا لأَنا نحكم لذَلِك بِحكم الْمَسْجِد وَإِن لم يقم بَيِّنَة بِأَن الْوَاقِف كَانَ قد وَقفه مَسْجِدا اسْتِشْهَادًا بِمَا شَاهَدْنَاهُ من وضع الْمَسَاجِد وَتصرف الْمُسلمين فِيهِ كتصرفهم فِي الْمَسَاجِد على كَونه مَسْجِدا فِي نفس الْأَمر وعَلى هَذَا اعْتِمَاد الْمُسلمين فِيمَا بَينهم من الْمَسَاجِد يجرونَ عَلَيْهَا أَحْكَام الْمَسَاجِد معتمدين على مُجَرّد ذَلِك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 392 @ وَهَذَا بمعزل عَن مَسْأَلَة الْخلاف الْمَعْرُوفَة فِي أَن الْمَكَان هَل يصيره مَسْجِدا فِي نفس الْأَمر بِمثل ذَلِك وَلِأَن لَو لم نكتف بذلك فَهَذَا الْمَكَان الْمَذْكُور قد كَانَ الْوَاقِف وَقْفَة مهيئا لمَنْفَعَة مَخْصُوصَة فَلَا يجوز تَغْيِيره إِلَى هَيْئَة معدة لمَنْفَعَة أُخْرَى مَخْصُوصَة إِذا لم يكن فِي شَرط الوافق تسويغ ذَلِك وتفويضه إِلَى رَأْي النَّاظر وَهَذِه قَاعِدَة مقررة حَتَّى إِذا وقف دَارا فَلَا يجوز أَن يَجْعَل بستانا أَو حَماما وَإِذا فعل ذَلِك نقض وأعيد إِلَى الْهَيْئَة الأولى وَكَون هَذَا التَّغْيِير الْمَوْصُوف وَاقعا فِي بعض الْمَكَان الْمَوْقُوف وَلَيْسَ مفارقا فِي ذَلِك على مَا فهم من كَلَام بعض الْأَئِمَّة وَهُوَ التَّحْقِيق عِنْد هَذَا يجب إِعَادَة الدهليز الَّذِي جعله مخزنا إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ وَهَذَا الحكم فِي كل مَا جرى فِيهِ نَحْو ذَلِك وَمَا سوى ذَلِك من الْعِمَارَة الَّتِي لَيْسَ فِيهَا مثل هَذَا التَّغْيِير الْمَوْصُوف وكل مَا لم يبلغ التَّغْيِير فِيهِ إِلَى حد يمْتَنع من النَّاظر لَو أَرَادَ أَن يُعِيد الْعِمَارَة بعد الانهدام وكل ذَلِك قَائِم فِي هَذَا الْمَكَان لَا للْوَقْف بل للعامر الْمُتَعَدِّي وجهة الْوَقْف مفتقرة إِلَى إِعَادَة مثله مَوْقُوفا فَإِذا لم يُبَادر الْمُتَعَدِّي الْمَذْكُور بِفِعْلِهِ وَرَضي بِأخذ قِيمَته فَيَنْبَغِي للنَّاظِر الْآن أَن يمتلكه بِقِيمَتِه للْوَقْف فَإِن عَلَيْهِ رِعَايَة مصَالح الْوَقْف ومقتضياته وَهَذَا أقوم بذلك من نقض ذَلِك ثمَّ إنْشَاء عمَارَة أُخْرَى لما فِي ذَلِك من تَعْطِيل كثير من مقتضيات الْوَقْف فِي مُدَّة الْعِمَارَة مَعَ تيَسّر التحرر مِنْهُ وَلَيْسَ يحْتَمل مقَام الْفَتْوَى أَكثر من هَذَا وَرَآهُ لتمهيده مجالا رحب وَلَيْسَ لَهُ أَن ينْفَرد بِأخذ جامكيته عَن الْفُقَهَاء مَعَ مشاركتهم لَهُ فِي سَبَب الِاسْتِحْقَاق وَالله أعلم 313 - مَسْأَلَة وقف مَوْقُوف على الْفُقَهَاء والمتفعة المالكيين المقيمين بِدِمَشْق من أَهلهَا والواردين إِلَيْهَا من أهل الشَّام دون غَيرهم حصل مِنْهُ حَاصِل وَتَأَخر قسمته بَينهم حَتَّى ورد وَارِد من الموصوفين فَهَل يساهمهم أم لَا الحديث: 313 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 393 @ أجَاب رَضِي الله عَنهُ أَنه لَا يساهمهم فِي الْحَاصِل الْمَذْكُور فَإِنَّهُم محصورون والحصر يُوجب اسْتِحْقَاق من كَانَ مَوْجُودا مِنْهُم بِدِمَشْق عِنْد حُصُول الْحَاصِل الْمَذْكُور لجميعه فَمن طَرَأَ عَلَيْهِم فَإِنَّمَا طَرَأَ بعد أَن صَار ذَلِك حَقًا وملكا لغيره فَلَا يثبت لَهُ فِيهِ حق مَعَهم وَهَذَا لأَنهم مَتى كَانُوا مَحْصُورين فَلَا يجوز حرمَان أحد مِنْهُم بل يجب استيعابهم وَمَعَ هَذَا لَا يتَأَخَّر تملكهم إِلَى الْقِسْمَة حَتَّى يشاركهم الطارئون قبلهَا بل يحصل الْملك لَهُم مَعَ الْحُصُول وَيَكُونُونَ فِي ذَلِك كَسَائِر المتعينين فِي هَذَا الْبَاب مثل مرتزقة الدِّيوَان وَغَيرهم وَمثل فُقَرَاء إِذا كَانُوا مَحْصُورين فِي بَلْدَة المَال على الْأَصَح الَّذِي لَا يجوز فِيهِ نقل الصَّدَقَة فَلَو كَانَ هَؤُلَاءِ الْمَوْقُوف عَلَيْهِم غير مَحْصُورين فَيجوز حِينَئِذٍ للوارد الطارىء مُشَاركَة المقيمين قبله فِي الْحَاصِل الْمَذْكُور ولايجب استيعابهم بل يجوز الاقتصاد على ثَلَاثَة مِنْهُم وَلَا يجب التَّسْوِيَة وَهَذَا مِثَاله من المسطور الْمَنْقُول إِذا أوصى لأقاربه أَو لفقراء بَلْدَة مُعينَة أَو ليتاماها فقد نَص غير وَاحِد من المصنفين على الْفرق بَين الانحصار وَعَدَمه فِي وجوب الِاسْتِيعَاب والتسوية وَنَصّ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ على مَا نَقله غير وَاحِد من المصنفين على الْفرْقَة فِي الزَّكَاة بَين الْحَالَتَيْنِ على مَا تقدم ذكره وَالله أعلم غير أَنه يظْهر هَا هُنَا عدم التَّسْوِيَة وتنزيل الْمُطلق فِيهِ على الْعرف وَالْعرْف بَين الْفُقَهَاء التَّفْضِيل بَينهم على مقادير مَرَاتِبهمْ فِي الفقة وَالله اعْلَم 314 - مَسْأَلَة فتيا وَردت من منافارقين حماها الله تَعَالَى فِي وقف وقف على عَمْرو ثمَّ على حَظّ الانثيين وَمن مَاتَ من الْمَذْكُورين وَله ولد أَو ولد ولد فَنصِيبه لوَلَده أَو ولد وَلَده فَإِن عدموا فلإخواته وأخوته وَمن مَاتَ من أَوْلَاد الْمَوْقُوف عَلَيْهِ من الْبَنَات فنصيبها الحديث: 314 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 394 @ رَاجع إِلَى إخوتها وَأَخَوَاتهَا لَيْسَ لأولادهما فِيهِ نصيب مَا دَامَ لَهَا إخْوَة وأخوات وَإِن لم يكن لَهَا إخْوَة وأخوات فنصيبها من بعْدهَا لأولادها ثمَّ لأولادهم ثمَّ هَكَذَا أبدا مَا تَنَاسَلُوا قرنا بعد قرن وَمن مَاتَ مِنْهُم وَله ولد فَنصِيبه لوَلَده وَولد وَلَده للذّكر مثل حَظّ الانثيين وَإِن لم يكن لَهُ إِلَّا ولد وَاحِد فَلهُ جَمِيع نصِيبه وَإِن عدم فلإخوته ولأخواته الْأَقْرَب فَالْأَقْرَب ثمَّ ذكر بعد هَذَا جِهَات فَمَاتَ عَمْرو الْمَوْقُوف عَلَيْهِ وَلم يخلف ذكرا لَا ولد وَلَا ولد ولد بل خلف أَربع بَنَات كَرِيمَة وعايدة وَأم الْكَرم وَأم الْعِزّ ثمَّ مَاتَت كَرِيمَة وخلفت أَوْلَادًا ذُكُورا وأناثا وَأَخَوَاتهَا الثَّلَاث فَهَل يصرف نصِيبهَا إِلَى أَوْلَادهَا لكَونه شَرط فِي مَنعهم وجود الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات وَلم يُوجد الْإِخْوَة أَو يصرف الى أخواتها ويكتفي بوجودهن فِي ذَلِك فَإِنَّهُ لَا يُنكر أَن الْأَخَوَات يقمن مقَام الْإِخْوَة وجوده فِي كتاب الله تَعَالَى فِي حجب الْأُم من الثُّلُث إِلَى السُّدس لكَي يحْتَمل هَا هُنَا أَن يكون تَخْصِيص الْإِخْوَة بِالذكر مُقَيّدا اعْتِبَار وجودهم حملا للْكَلَام على الْحَقِيقَة ثمَّ مَاتَت عايدة وخلفت وَلدين وَحكمهَا فِي ذَلِك حكم أُخْتهَا الْمُتَقَدّمَة ثمَّ مَاتَت أم الْكَرم وَلم تخلف ولدا أصلا بل خلفت اختها الرَّابِعَة فَلَا إخْوَة لَهَا عِنْد مَوتهَا وَلَا أَخَوَات وَلها أَوْلَاد اختها كَرِيمَة المتوفاة وَأَوْلَاد أَوْلَاد أَوْلَادهَا وَولد عايدة فَهَل إِذا حكم حَاكم وَأفْتى فَفِيهِ بِأَن ذَلِك مُسْتَحقّه أَوْلَاد أَوْلَاد الْمَوْقُوف عَلَيْهِ وَأَوْلَادهمْ وَكَذَا قَالَ عملا بِمُقْتَضى قَول الواقفين من مَاتَ من بَنَات الْمَوْقُوف عَلَيْهِ وَلم يكن لَهَا إخْوَة وأخوات فنصيبها لأولادها ثمَّ لأولادهم ثمَّ لأَوْلَاد أَوْلَادهم أبدا مَا تَنَاسَلُوا وَعَملا بقوله وَمن مَاتَ مِنْهُم وَله ولد فَنصِيبه لوَلَده ولولد وَلَده للذّكر مثل حَظّ الانثيين فقد انْتَفَى وجود الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات الَّذِي جعله شرطا فِي حرمَان أَوْلَاد الْبَنَات وَقَوله وَمن مَاتَ مِنْهُم وَله ولد فَنصِيبه لوَلَده وَولد وَلَده رَاجع إِلَى أَوْلَاد الْأَوْلَاد وَأَوْلَاده فانه مَذْكُور عقيب ذكرهم فَهُوَ صَرِيح فِي أَن من مَاتَ من أَوْلَاد الْأَوْلَاد فَنصِيبه لوَلَده وَولد وَلَده فَهَل صَرِيح فِي أَن من مَاتَ من أَوْلَاد الْأَوْلَاد فَنصِيبه وَولده وَلَده فَهَل هَل صَحِيح أم لَا هَذَا محصول الاستفتاء وَفِيه تَطْوِيل وَاعْتذر السَّائِل أخرة وَهُوَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 395 @ قاضيها عَن تعرضة لطرف من المباحثه أجَاب رَضِي الله عَنهُ بعد التمهل والاستخارة لَا حق فِي ذَلِك لأَوْلَاد أَوْلَاد الْمَوْقُوف عَلَيْهِ وَلَا لأولادهم مَا بقيت من بَنَاته الْمَذْكُورَات بَاقِيَة بل من مَاتَ مِنْهُنَّ فنصيبها لمن بَقِي من أخواتها وَإِن كَانَت وَاحِدَة حَتَّى يثبت نصيب المتوفاة مِنْهُنَّ ثَالِثَة مَعَ سَائِر أنصابهن للرابعة الْبَاقِيَة وَإِن انْفَرَدت وَهَذَا لِأَن قَوْلهَا فنصيبها رَاجع إِلَى إخوتها وَأَخَوَاتهَا آخِرَة يَقْتَضِي تَقْيِيد اسْتِحْقَاق ذَلِك بِوُجُود النَّوْعَيْنِ الذُّكُور والأناث وَلَا اشْتِرَاط وجود جمع مِنْهُم فِي ذَلِك وَإِن مثل هَذَا يذكر وَالْمرَاد بِهِ النَّوْع وَمن ينتسب إِلَى الْجِهَة الْمعينَة قل أَو كثر وَيذكر صنفا الذّكر وَالْأُنْثَى جَمِيعًا لِئَلَّا يقْتَصر على أَحدهمَا دون الآخر إِذا وجد أَلا يحرم أَحدهمَا إِذا وجد الآخر وَيذكر لفظ الْجمع لَا ليمنع من دون عدد الْجمع عِنْد انْفِرَاده بل ليستوفي عدد الْجَمِيع عِنْد وجودهم أما مَعَ الِاسْتِيعَاب وَذَلِكَ عِنْد الانحصار أَو مَعَ الاتفاء بِثَلَاثَة وَذَلِكَ عِنْد عدم الانحصار وَمن شَوَاهِد هَذَا أَنه لَو قَالَ وقفت على أَوْلَادِي الْبَنِينَ وَالْبَنَات ثمَّ على أَوْلَادهم بَطنا بعد بطن إِلَى آخر مَا يذكر فِي أَمْثَال ذَلِك فَإِنَّهُ لَو لم يكن لَهُ أَو لم يبْق إِلَّا الذُّكُور فَحسب اَوْ الْإِنَاث فَحسب استحقوا الْجَمِيع وَلَو لم يبْق من الْجَمِيع إِلَّا وَاحِدًا اسْتحق الْجَمِيع وَلَا حق فِيهِ لأحد من أَوْلَاد الْأَوْلَاد مَا بَقِي من الْأَوْلَاد بَاقٍ وَهَذَا من الْمَشْهُور عَن الْجُمْهُور وَأمر الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ على أَنه لَو أوصى لأقرباء فلَان فَسَوَاء كَانَ لَهُ قريب وَاحِد أَو اثْنَان أَو ثَلَاثَة فَالْوَصِيَّة لمن وجد مِنْهُم وَإِن خَالف فِي ذَلِك من أَصْحَابنَا مُخَالف فمطرح خِلَافه غير مُعْتَد بِهِ فَإِن الْقَاعِدَة الْمَذْكُورَة متأصلة وَهِي فِي الْعرف واللغة متقررة وَكَثِيرًا مَا يَأْتِي الْكَلَام مَحْمُولا على الْمَعْنى وَهَذَا نوع ذَلِك هَذَا حكم هَذَا الْوَقْف فَإِذا مَاتَت الرَّابِعَة اخْتلف الحكم بَين أَن تَمُوت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 396 @ عَن ولد أَو لَا عَن ولد وَفِي ذَلِك بحث وَنظر لما يقدر تَقْدِيم التصدي لتقصيه قبل حُدُوث حَادث فليتأخر حَادث فليتأخر إِلَى أَن يَقع وَالله أعلم 315 - مَسْأَلَة شخص توفّي فَترك لوَلَده ملكا فَأَقَامَ الْوَلَد يستغله مُدَّة ثمَّ أقرّ بِأَن هَذَا الْملك وَقفه عَلَيْهِ مَالك جَائِز التَّصَرُّف إِلَى حِين وَقفه عَلَيْهِ مَالك جَائِز التَّصَرُّف إِلَى حِين وَقفه على هَذَا الْمقر وَقفا مُتَّصِلا وأثبته على حَاكم من الْحُكَّام وَلم يكن أحد وَقفه عَلَيْهِ وَإِنَّمَا هُوَ ملكه وَقصد بذلك وَقفه على نَفسه حَتَّى لَا يُبَاع وَلَا يخرج من تَحت يَده ثمَّ بَاعه وَبَطل الْوَقْف فَهَل يَصح بَيْعه بعد إِقْرَاره بِالْوَقْفِ وَحكم الْحَاكِم أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يَصح بَيْعه فِي ظَاهر الحكم وَأما فِي الْبَاطِن فَإِن لم يُوجد سوى إِقْرَار الْمَالِك وَلم يقف ذَلِك مَالك آخر فَهُوَ بَاطِل لَا يمْنَع من صِحَة بَيْعه 316 - مَسْأَلَة رجل لَهُ ملك يُرِيد أَن يقفه وَينْتَفع بِهِ مُدَّة حَيَاته فَهَل يجوز أَن يؤجره من شخص مُدَّة مَعْلُومَة ثمَّ يقف بعد ذَلِك على مَا يخْتَار ثمَّ يسْتَأْجر من المستأجرتلك الْمدَّة وَهل يَكْفِي فِي الأجارة مُجَرّد العقد أم يحْتَاج إِلَى مَكْتُوب بالأجارة وَهل يجوز أَن يكون العقدان فِي مجْلِس وَاحِد أم لَا وَهل إِذا وَقفه يحْتَاج أَن يذكر فِي كتاب الْوَقْف بِأَنَّهُ مَشْغُول بالأجارة أم لَا وَفِي هَذَا الْملك خشب حور لَهُ قيمَة إِذا أدْرك فَهَل يجوز اذا وقف هَذَا الْمَذْكُور أَن يصرفهُ الى غير جِهَة الْمَوْقُوف عَلَيْهَا بل إِلَى جِهَة بِعَينهَا الْوَاقِف مثل فك أَسِير أَو عتق رَقَبَة على التَّأْبِيد مَا دَامَ ينْبت فِيهِ مثل ذَلِك الْخشب كلما قطع وَلَا يكون دَاخِلا فِي سهم الْمَوْقُوف عَلَيْهِم أجَاب رَضِي الله عَنهُ يجوز ذَلِك على الْأَصَح وَيَكْفِي فِيهِ مُجَرّد العقد والمكتوب استيثاق وَالْأولَى أَن لَا يَقع العقدان فِي مجْلِس وَاحِد وَإِن وَقعا فِي مجْلِس وَاحِد صَحَّ ذَلِك أَن تخَلّل بَينهمَا قبض الْمُسْتَأْجر للمأجور والأحوط ذكر الإيجارة فِي كتاب الْوَقْف هُوَ أحوط بِالنِّسْبَةِ إِلَى الأجارة لَا إِلَى الحديث: 315 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 397 @ الْوَقْف وَيجوز أَن يقف قرامي الْخشب الْمَذْكُور على جِهَة أُخْرَى وَيكون مَا ينْبت بعد الْوَقْف كالثمر يصرفهُ فِي مصرف الْوَقْف وَأما الْحَاصِل الظَّاهِر الْآن فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ ذَلِك 317 - مَسْأَلَة ساحة مَوْقُوفَة على سُكْنى الْفُقَهَاء الْحَنَفِيَّة المتأهلين فعمر بعض من لَهُ السُّكْنَى فِيهَا عمَارَة ثمَّ مَاتَ عَن وَرَثَة بَعضهم لَيْسَ من أهل السُّكْنَى فَهَل لَهُ أَن يَشْتَرِي بَاقِي الحصص ليبيعها مِمَّن لَهُ السُّكْنَى أَو يؤجره إِيَّاهَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَيْسَ لمن هُوَ غير أهل أَن يتَمَلَّك الْعِمَارَة الَّتِي فِيهَا لِأَنَّهَا تصير بذلك مقرا لبِنَاء من لَيْسَ أَهلا وَتلك جِهَة أُخْرَى غير الْجِهَة الْمعينَة فِي الْوَقْف وعَلى هَذَا يلْزم الْوَارِث غير الْأَهْل أَن يَبِيع مِمَّن هُوَ أهل أَو نَحْو ذَلِك وَالله أعلم 318 - مَسْأَلَة اذا وهب شخص شخصا أَو تصدق عَلَيْهِ هَل للْوَاهِب والمتصدق أَن يَشْتَرِيهِ من الْمَوْهُوب لَهُ والمتصدق عَلَيْهِ أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ يَصح ذَلِك وَلَكِن يكره فِي الصَّدَقَة للْحَدِيث الصَّحِيح فِي كتاب مُسلم وَغَيره أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ حمل على فرس فِي سَبِيل الله تَعَالَى ثمَّ وجده عِنْد صَاحبه وَقد أضاعه فَاسْتَأْذن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أَن يَشْتَرِيهِ مِنْهُ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تشتريه وَإِن أَعْطيته بدرهم فَإِن مثل الْعَائِد فِي صدقته كَمثل الْكَلْب يعود فِي قيئه وَرَوَاهُ سُفْيَان بن عُيَيْنَة رَحمَه الله وَقَالَ لَا تشتره وَلَا شَيْئا من نتاجه الحديث: 317 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 398 @ وَقد نَص الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ على كَرَاهَة ذَلِك أما الْهِبَة فَالْأَمْر فِيهَا أَهْون وَمَعَ ذَلِك فَأصل الْكَرَاهَة فِي استعادة الْمَوْهُوب بِالشِّرَاءِ ثَابت أَيْضا فِيمَا ظهر لي فَإِن حَدِيث عمر رَضِي الله عَنهُ الْمَوْهُوب الْمَذْكُور دلّ على كَون المُشْتَرِي عَائِد أَو الْعود فِي الْهِبَة مَكْرُوه وروى البُخَارِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي صَحِيحه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْعَائِد فِي هِبته كَالْكَلْبِ يعود فِي قيئه 319 - مَسْأَلَة فِي حد صلَة الرَّحِم وَمَا ورد فِي الحَدِيث الْمَشْهُور الْمَذْكُور وَهل يجب على من لَهُ صلَة الرَّحِم أَن يكْتب كتابا مَعَ عَجزه من السَّعْي إِلَيْهِم أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ صلَة الرَّحِم هِيَ أَن تكون مَعَ نسيبه وقريبه بِحَيْثُ يعد واصلا لَهُ متجنبا لما يُوجب المنافرة بَين قلبيهما والمقاطعة وَإِذا حصل ذَلِك بمكاتبة الْغَائِب كفى فِي ذَلِك وَالله أعلم 321 - مَسْأَلَة مَشَايِخ لَهُم تلاميذ وَبَعض النَّاس يعْتَقد فيهم الْخَيْر وَلَهُم الحديث: 319 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 399 @ راتب على أوقاف الْجَامِع كل شهر شَيْء مَعْلُوم فَهَل يحل لَهُم ذَلِك أَو يأثمون بِأَخْذِهِ أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يحل لَهُم ذَلِك وَهُوَ قَادِح فيهم وَيخرجُونَ بِسَبَبِهِ عَن حيّز الشيوخية وتزل بِهِ أَحْوَالهم وأقدامهم عَن قدم التَّقْوَى زلَّة عَافَانَا الله وإياهم 321 - مَسْأَلَة يجوز للْإنْسَان أَن يسبح بسبحة خيطها حَرِير وَالْخَيْط ثخين وَهل الدروزة للْفُقَرَاء على وَجه الانكسار أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يحرم مَا ذكره فِي السبحة الْمَذْكُورَة وَالْأولَى إِبْدَاله بخيط آخر والدروزة جَائِزَة إِن سلمت من التذلل فِي السُّؤَال وَمن الإلحاح فِي السُّؤَال وَمن إِيذَاء المسؤول وَجَاز السُّؤَال لمن يحل لَهُ السُّؤَال لعَجزه عَن الْكسْب وَلَا مَال لَهُ فَإِذا كَانَ سُؤَاله سليما عَن الْخلَل وَمن يسْأَل لَهُ أهل تحل لَهُ الْمَسْأَلَة فَذَلِك حسن وَالله أعلم 322 - مَسْأَلَة رجل وهب وأقبض وَمرض وَمَات وَادّعى الْوَارِث أَن ذَلِك كَانَ فِي الْمَرَض وَادّعى الْمَوْهُوب لَهُ أَن ذَلِك فِي الصِّحَّة أجَاب رَضِي الله عَنهُ قلت هَذَا مِمَّا فِي أَمْثَاله خلاف مَحْفُوظ وَظهر إِذا لم يكن بَيِّنَة أَن القَوْل قَول الْمَوْهُوب لَهُ لِأَن جَانِبه بعد تقَابل الْأَصْلَيْنِ أَو أصُول تترجح بِأَصْل وَظَاهر من حَيْثُ أَنَّهُمَا اتفقَا على صِحَة الْهِبَة وَالْوَارِث يدعى مُعَارضا بِمَنْع من يرتب حكمهَا عَلَيْهَا بِكَمَالِهِ وَالْأَصْل وَالظَّاهِر ينفيانه 323 - مَسْأَلَة فِي جمَاعَة مُسلمين تصدق عَلَيْهِم السُّلْطَان صَلَاح الدّين رَحمَه الله تَعَالَى بسهام من قَرْيَة مُعينَة وَلم يذكر فِي كتاب الصَّدَقَة أَوْلَادهم وَلَا عقبهم من بعدهمْ فَهَل ينْتَقل ذَلِك إِلَى الْأَوْلَاد والعقب بالوفاة بِمُقْتَضى هَذَا الشَّرْط أم لَا وَهل إِذا لم ينْتَقل وتناولوا مِنْهُ شَيْئا يلْزمهُم إِعَادَة مَا أَخَذُوهُ الحديث: 321 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 400 @ لبيت المَال وَهل يجب على أولي الْأَمر استعادة مَا أَخَذُوهُ والمطالبة بِهِ أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا ينْتَقل إِلَيْهِم ذَلِك بِمُجَرَّد ذَلِك وَإِذا تناولوا مِنْهُ شَيْئا بِمُجَرَّد ذَلِك وَجب اسْتِرْدَاده مِنْهُم للجهة الْمُسْتَحقَّة لَهُ بِالشّرطِ فِيهِ وَالله أعلم 324 - مَسْأَلَة رجل اكْتسب مَالا من حرَام وَعِنْده من المَال جملَة كَبِيرَة وَلم يكن لَهُ وَلَا لِعِيَالِهِ شَيْء فَكيف يعْمل بِهَذَا المَال حَتَّى يخلص من الْحَرَام وَكَذَلِكَ عِنْده قماش وَهُوَ حرَام فَكيف يعْمل بِهِ أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِذا لم يعرف صَاحب المَال الْحَرَام وَلَا يَرْجُو أَن يعرفهُ فليتصدق بِهِ عَن أَصْحَابه وَإِذا لم يكن لِعِيَالِهِ شَيْء جَازَ أَن يتَصَدَّق عَلَيْهِم لكفايتهم من ذَلِك المَال الْحَرَام وَمَا اشْتَرَاهُ فِي ذمَّته وَوزن ثمنه من المَال الْحَرَام فَلَيْسَ المُشْتَرِي بِحرَام وَإِنَّمَا ذمَّته مَشْغُولَة بِثمنِهِ وَإِذا حضر أحد من الإفرنج وَمَعَهُ سلْعَة يُرِيد بيعهَا فَقَالَ لَهُ هبني هَذِه السّلْعَة من غير شَرط وَأَنا أكافئك بِأَكْثَرَ من ثمنهَا من هَذَا المَال فَكَانَ ذَلِك طَرِيقا فالإفرنجي لَعَلَّه لَا يمْتَنع من ذَلِك 325 - مَسْأَلَة رجل لَهُ أَوْلَاد وهب أكبرهم من ملكه قدر مَا يَخُصُّهُ من مِيرَاثه مِنْهُ وأزيد ثمَّ كتب كتابا مضمونه أَنه وهب وَلَده الْأَكْبَر الْمَذْكُور بَقِيَّة الْملك الَّذِي يخص بَقِيَّة الْإِخْوَة وَأَن وَلَده الاكبر وَقفه على أَبِيه الْوَاهِب ثمَّ من بعده على بَقِيَّة الْإِخْوَة الَّذين هم أَوْلَاد الْوَاهِب وإخوة الْمَوْهُوب لَهُ الْوَاقِف وَالإِخْوَة إِذْ ذَاك أَطْفَال ثمَّ من بعدهمْ على فُقَرَاء الْمُسلمين فَلَمَّا كبر بعض الْمَوْقُوف عَلَيْهِم أخبرهُ الْوَلَد الاكبر الْوَاقِف أَن وَالِده لم يَهبهُ شَيْئا وَلم الحديث: 324 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 401 @ يقبضهُ وَلم يتَلَفَّظ بوقف بل أحضر كتابا صورته الْهِبَة الصَّحِيحَة وَالْقَبْض وَالْوَقْف الصَّحِيح من الْمَوْهُوب لَهُ وَقَالَ أشهد عَلَيْك بمضمونه فامتثلت أمره وأشهدت عَليّ بِهِ وَكَانَ هَذَا الْوَلَد الْأَكْبَر الْمخبر رجلا صَالحا موثوقا بقوله فَهَل يجوز لبَعض الْمَوْقُوف عَلَيْهِم إِذا وقر فِي نَفسه صدق خَبره أَن يتَصَرَّف فِي هَذَا الْعقار فِيمَا يَخُصُّهُ بأجارة تزيد على مُدَّة عمره يبطل بهَا حق الثَّانِي بعده أم لَا وَهل يكون ذَلِك بَينهمَا فِي ذَلِك بِمُقْتَضى أَن الْوَقْف لَو بَطل لأخذ نصِيبه مِنْهُ مَعَ أَنا لَا نعلم هَل يُطَالب بِنَصِيبِهِ لَو بَطل الْوَقْف أم لَا وَقد كَانَ هَذَا الْوَاقِف فِي حَال طفولة أخوته سعى فِي إِثْبَات هَذَا الْكتاب بعد موت وَالِده وَدفع بِهِ وَارِثا اسقطهم بِشَرْط الْوَقْف فَهَل يكون ذَلِك قادحا فِي قَوْله أَو يحمل ذَلِك مِنْهُ على الْجَهْل إِذا لم يكن ذَاك فَقِيها وَكَانَ فِي شَرط الْوَقْف أَن لَا يُؤجر أَكثر من سنتَيْن فَأَجره بعض الْمَوْقُوف عَلَيْهِم مِائَتي سنة فِي مائَة عقد كل عقد سنتَيْن فَهَل يجوز ذَلِك أم لَا وَالْغَرَض أَنه إِذا وقر فِي نفس بعض الْمَوْقُوف عَلَيْهِم صدق خبر الْوَاقِف الْمَذْكُورَة وسكنت نَفسه إِلَى قَوْله فَهَل يحل لَهُ فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى أجارة بعض مَا يَخُصُّهُ من الْوَقْف أجارة يبطل بهَا حق الْبَطن الثَّانِي أم لَا وَلَو كَانَ على هَذَا الْمَوْقُوف عَلَيْهِ دُيُون لَيْسَ يقدر على وفائها إِلَّا من إِجَارَة هَذَا الْوَقْف بِهَذَا التَّأْوِيل الَّذِي سكنت نَفسه إِلَيْهِ فَأَي الخطرين أعظم الْبناء على تَصْدِيق من يعرف صدقه وصلاحه أَو أَن يَمُوت وَعَلِيهِ دُيُون لَا يُرْجَى قَضَاهَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ لم يبطل الْوَقْف من أَصله والأجارة الْمَذْكُورَة لَا يبطل بهَا حق الْبَطن الثَّانِي فَإِنَّهَا لَو صحت تبْق بعد موت الْمُؤَجّر الْمَوْقُوف عَلَيْهِ وَلَا يَنْبَغِي أَن يعْتَمد قَول الْوَاقِف الْمَذْكُور فَإِنَّهُ قد نَاقض إِقْرَاره من قبل وسعيه مَعَ كَونه مُتَّهمًا والأجارة الْمَذْكُورَة لَا تصح فِيمَا زَاد على العقد الأول على الْأَصَح فِي أَمْثَال هَذِه الصُّورَة وخطر بَقَاء الدّين فِي ذمَّته الجزء: 1 ¦ الصفحة: 402 @ أقل من خطر الأجارة الْمَذْكُورَة لَو صحت فِي ظَاهر الحكم وَالله تَعَالَى أعلم 326 - مَسْأَلَة رجل رأى رجلا يفرق فُلُوسًا فِي الْجَامِع وَهُوَ يتَجَنَّب إِعْطَاء الْأَغْنِيَاء وَيُعْطِي الْفُقَرَاء فَدفع مِنْهَا شَيْئا إل شخص مشتبه الْحَال وَهُوَ فِي نفس الْأَمر غَنِي فَهَل يجوز لَهُ التَّصَرُّف لنَفسِهِ أَو يجب عَلَيْهِ رده إِلَى الدَّافِع أَو يجوز لَهُ صرفه إِلَى فَقير أَو لَا أجَاب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أما من حَيْثُ الحكم ظَاهرا فَهُوَ غير مَمْنُوع من تصرفه فِيهِ لنَفسِهِ وَلَا يُوجب عَلَيْهِ رده إِلَى الدَّافِع لِأَنَّهُ قد يدْفع إِلَى غَنِي وَيكون مَقْصُوده مُرَاعَاة من كَانَ فِي الْمَسْجِد غَنِيا كَانَ أَو فَقِيرا ظَاهر الْقَبْض ثُبُوت الْمَالِك وَمن مساطير الْمَذْهَب المنتهضة أصلا بِهَذَا لَو دفع الْمَالِك الزَّكَاة إِلَى من ظَنّه فَقِيرا فَبَان كَونه غَنِيا وَلم يكن قد ذكر عِنْد الدَّافِع إِنَّهَا زَكَاة فَلَيْسَ لَهُ الإسترداد وَلَا يجب على الْأَخْذ الرَّد نظرا إِلَى الْمَعْنى الْمَذْكُور وَأما فِي الْبَاطِن بَينه وَبَين الله تَعَالَى فَإِن قَامَ فِي نَفسه أَن الدَّافِع أَرَادَ الصَّدَقَة فَيرد الْمَأْخُوذ على الدَّافِع وَلَا يصرفهُ إِلَى فَقير إِلَّا إِذا تعذر عَلَيْهِ الدَّافِع وَإِن شكّ فالورع أَن يسْلك هَذَا السَّبِيل وَالله تَعَالَى أعلم وَمَا يحْكى عَن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فِي السَّائِل صَاحب المخلاة واعتمادا مِنْهُ على الْقَرِينَة وَهُوَ يبْعَث على الإحتراز من غير تملك هَذَا وَالله تَعَالَى أعلم الحديث: 326 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 403 @ وَمن كتاب الْفَرَائِض 327 - مَسْأَلَة رجل توفّي وَترك خَالَة وَابْن خَال وَلَا عصبَة وَلَا أحد يَرِثهُ إِلَّا بَيت المَال فَهَل للخالة وَابْني الْخَال شَيْء أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ يصرف مِيرَاثه إِلَى من يورثه المورثون لِذَوي الْأَرْحَام عِنْد أكَابِر الْمُتَأَخِّرين من الْمُفْتِينَ الشافعيين وَذَلِكَ مَذْهَب أَكثر الْعلمَاء وَالله أعلم 328 - مَسْأَلَة مَاتَ رجل وَخلف أُخْتا لأَب وأخا لأم لَا غير أجَاب رَضِي الله عَنهُ للْأُخْت النّصْف وللأخ وَللْأُمّ السُّدس ثمَّ ينظر فَإِن كَانَ ذَلِك فِي مَوضِع تصرف فِيهِ أَمْوَال بَيت المَال إِلَى غير وَجههَا فَيرد الْبَاقِي على الْأَخ وَالْأُخْت أَن كَانَا من الْفُقَرَاء أَو غَيرهم مِمَّن يسْتَحق مثل هَذَا الْقدر فِي بَيت المَال فَيقسم المَال كُله على أَرْبَعَة للْأُخْت ثَلَاثَة وللأخ سهم وَإِن لم يَكُونَا بِهَذِهِ الصّفة فَيصْرف بعض ثِقَات ذَلِك الْمَكَان الْبَاقِي إِلَى بعض وُجُوه الْمصَالح وَإِن كَانَ هُنَاكَ بَيت مَال على الْوَضع الْمَشْرُوع حمل إِلَيْهِ هَذَا فِيهِ جمع بَين الطَّرفَيْنِ فِي أَن يُفْتى بِمثلِهِ فِي ذَوي الْأَرْحَام وَإِن كَانَ ذَلِك عِنْد فَسَاد بَيت المَال فِي حَالَة لَا يتَمَكَّن أحد من ثِقَات الْمَكَان من صرفه إِلَى شَيْء من وُجُوه الْمصَالح فلتقع الْفَتْوَى بِالرَّدِّ وبتوريث ذَوي الْأَرْحَام وَإِن لم يكن هُنَاكَ صفة يسْتَحق بهَا فِي بَيت المَال جَريا على مَا اسْتَقَرَّتْ عَلَيْهِ فَتْوَى أكَابِر الْمُتَأَخِّرين من الْأَئِمَّة الشافعيين وَحكى الْفَتْوَى بِهِ عَن أَكثر أَصْحَابنَا فِي مثل زَمَاننَا غير وَاحِد من الْأَئِمَّة مِنْهُم أَبُو الْمَعَالِي ووالده الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد الْجُوَيْنِيّ وَأَبُو حَكِيم الخبري الفرضي وَغَيرهم 329 - مَسْأَلَة ثمَّ وَقع زوج عَمه وابنتا أَخ لأَب وَأم فقيرات فَنظر الحديث: 327 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 404 @ فَإِذا مَذَاهِب المورثين فِي ذَلِك مُخْتَلفَة وَرَأَيْت بعد استخارة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْفَتْوَى بِأَن للزَّوْج النّصْف وَالْبَاقِي بَين الثَّلَاث أَثلَاثًا إِلَّا أَن تكون الْعمة للْأُم فَحسب فَيكون الْبَاقِي بَين ابْنَتي الْأَخ وَذَلِكَ أَنِّي وجدت الْعمة تترجح بِأَن أَكثر أهل التَّنْزِيل نزلوها أَبَا وَقَالُوا بتقديمها على ابْنة الْأَخ الَّتِي هِيَ منزلَة بِمَنْزِلَة الْأَخ عِنْد أهل التَّنْزِيل أَجْمَعِينَ مَعَ أَن القَوْل بالتنزيل بِهِ قَالَه أَكثر من أفتى من أَصْحَابنَا بتوريث ذَوي الْأَرْحَام وَمَعَ أَنه مَذْهَب أَكثر من أفتى من أَصْحَابنَا بتوريث ذَوي الْأَرْحَام وَمَعَ أَنه مَذْهَب أَكثر المورثين من الصَّحَابَة وَمن بعدهمْ وَوجدت ابْنة الْأَخ تترجح أَيْضا من جِهَة أَن كل أهل الْقَرَابَة أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه قَالُوا بِتَقْدِيم بنت الْأَخ وَوَافَقَهُمْ بعض أهل التَّنْزِيل وَمِنْهُم من ينزل الْعمة عَمَّا وَمِنْهُم الشّعبِيّ رَوَوْهُ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ فقدموا ابْنة الْأَخ عَلَيْهَا كَمَا يقدم الْأَخ على الْعم مَعَ أَن مَذْهَب المقربين أَخذ بِهِ من أَصْحَابنَا الْبَغَوِيّ وَالْمُتوَلِّيّ فِي كِتَابَيْهِمَا فَرَأَيْت أَن أسقط أحدى الْجِهَتَيْنِ بِالْأُخْرَى ووجدتهما متعادلتين فسويت بَين الثَّلَاث وَهُوَ مَذْهَب بعض أهل التَّنْزِيل وَمِنْهُم مِنْهُم من نزل الْعمة بِمَنْزِلَة الْجد إِذا لم تكن للْأُم فَقَط وَمذهب من أفتى من أَصْحَابنَا بتوريث ذَوي الْأَرْحَام على سَبِيل الْمصلحَة لَا على سَبِيل الْإِرْث وَمِنْهُم الْأُسْتَاذ أَبُو إِسْحَق الإسفرائيني قَالَ قَرِيبا من هَذَا أَنه على سَبِيل الطعمة لَا على سَبِيل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 405 @ الْإِرْث يرد على هَذَا أَنه ترك لكل وَاحِد من المذهبين الْأَوَّلين اللَّذين ذهب اليهما الْأَكْثَرُونَ فَرَأَيْت وَالْحَال على مَا وصفت الافتاء بِالْجمعِ والتسوية بَينهمَا أقرب الْوُجُوه وَأَعْدل الْمذَاهب وأرعاها للجهات فاستخرت الله تَعَالَى فِي الْمصير إِلَيْهِ وَهُوَ سُبْحَانَهُ أعلم وَوَقعت ابنتا اخت وَابْن بنت فاجتهدت أَيَّامًا وأفتيت على مَذْهَب أهل التَّنْزِيل لِابْنِ الْبِنْت النّصْف ولابنتي الْأُخْت النّصْف بَينهمَا وَرَأَيْت الْميل إِلَى التَّنْزِيل فِي الْبَاب لِأَنَّهُ مَذْهَب الْأَكْثَر وَأقوى وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم 330 - مَسْأَلَة امْرَأَة توفيت عَن أَب وَزوج وَابْن وَثَلَاث بَنَات وَلها تَرِكَة من جُمْلَتهَا نصف جَارِيَة وَنِصْفهَا الآخر ملك الابْن فاعترف الابْن واحدى الْبَنَات أَن أمّهم اعتقت نصِيبهَا من الْجَارِيَة فِي حَال صِحَّتهَا وَهِي حِينَئِذٍ موسرة بِقِيمَة النّصْف الْأَخير وَأنكر بَاقِي الْوَرَثَة الْعتْق فَمَا الحكم فِي عتق الْجَارِيَة أجَاب رَضِي الله عَنهُ يعْتق مِنْهَا النّصْف الَّذِي اخْتصَّ بِملكه الابْن قَضِيَّة لإِقْرَاره فَإِن الْأَصَح حُصُول السَّرَايَة بِمُجَرَّد اللَّفْظ من غير توقف على أَدَاء الْقيمَة وَيعتق من النّصْف الَّذِي كَانَ للمتوفاة مَا يخص الابْن بطرِيق الْإِرْث وَمَا يخص الْبِنْت المقرة أَيْضا فجملة مَا يعْتق مِنْهَا الثُّلُثَانِ وَنصف سدس الْعشْر ومقداره بالقراريط سِتَّة عشر قيراطا وَخمْس قِيرَاط وَيجب للِابْن على الْبِنْت المقرة من قيمَة النصفا الَّذِي عتق بِالسّرَايَةِ بِحَسب نِسْبَة نصِيبهَا من الْمِيرَاث وَهُوَ الْعشْر وَسدس الْعشْر سَبْعَة أسْهم من سِتِّينَ سَهْما إِلَّا أَن يزِيد مِقْدَار ذَلِك على مَا حصل لَهَا من الْمِيرَاث فَلَا يلْزمهَا الزَّائِد وَمهما صَار الْبَاقِي من الْجَارِيَة على الرّقّ لمن أقرّ بِعتْقِهَا عتقعليه وكمل عتقهَا وَالله أعلم 331 - مَسْأَلَة رجل توفّي وَخلف زَوْجَة وابنا وبنتين ثمَّ مَاتَت الحديث: 330 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 406 @ إِحْدَاهمَا خلفت من خلف ثمَّ مَاتَت الزَّوْجَة وخلفت أما وابنا آخر وَمن خلفت ثمَّ وهب أم الزَّوْجَة مَا حصل لَهَا للِابْن وَالْبِنْت الَّذين للِابْن الأول على قدر ميراثهما فَكيف الْقِسْمَة وَكم يحصل لكل وَاحِد من البَاقِينَ رد الشَّيْخ الْمُوفق إِمَام الحنبليين فَقَالَ للِابْن الْأَخير قيراطا وَسدس وَثمن قِيرَاط وَالْبَاقِي للْآخر وَأُخْته اثْنَان وَعِشْرُونَ قيراطا وَثلث وَربع وَثمن وللابن خَمْسَة عشر قيراطا وَثمن وتسع ثمن ولأخته سَبْعَة قراريط وَنصف ثمن وَنصف تسع ثمن وَالله أعلم أجَاب رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ الْجَواب صَحِيح فرضا وحسابا وَهُوَ مَشْرُوط بِشَرْط صِحَة هبة أم الزَّوْجَة نصِيبهَا للِابْن وَالْبِنْت وَلَا يَصح إِذا كَانَت تجْهَل مِقْدَاره وَهُوَ ثلث قِيرَاط وَربع وَنصف ثمن فلتعرف ذَلِك ثمَّ لتهبه مِنْهُمَا على مَا اخْتَارَتْ للذّكر مثلان وللأنثى مثل وَالله أعلم 332 - مَسْأَلَة رجل مَاتَ وَخلف ولد عَم الْأَب خُنْثَى وَابْن عَم لأَب لِأَبِيهِ وَترك مَمْلُوكا والمملوك ابْن ابْن الْعم الْمَذْكُور وَهُوَ مُوسر ثمَّ اصطلحا على أَن يكون الْمَمْلُوك الْمَتْرُوك بَينهمَا فَهَل يعْتق كُله لِأَنَّهُ إِن كَانَ الْوَارِث هُوَ ابْن الْعم فقد عتق عَلَيْهِ وَإِن لم يكن فقد تملك نصفه بالإصطلاح الْمَذْكُور وَهُوَ مُوسر فسرى عَلَيْهِ ثمَّ إِذا اعْتِقْ كُله فَهَل يغرم للخنثى شَيْء أَولا من حَيْثُ يحْتَمل حُصُول عتق الْكل عَلَيْهِ بالأرث فَلم تشتغل ذمَّته بِيَقِين هَذَا معنى مَا كتبه واختصاره أجَاب رَضِي الله عَنهُ يعْتق كل الْمَمْلُوك الْمَذْكُور على أَبِيه الْمَذْكُور ثمَّ يغرم الْخُنْثَى قيمَة النّصْف فَإِنَّهُ ملك بالإصطلاح جُزْءا أما أَنه يحْتَمل عدم ثُبُوته لَهُ نظرا إِلَى احْتِمَال ثُبُوت الْكل لِابْنِ الْعم بطرِيق الأرث على تَقْدِير أنوثة الْخُنْثَى فَلَا وجود لوَاحِد من هذَيْن الِاحْتِمَالَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يلْزم من احْتِمَال الحديث: 332 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 407 @ كَون الْخُنْثَى أُنْثَى فِي نفس الْأَمر أَن يكون ابْن عَم الْأَب هُوَ الْوَارِث الْكل حِينَئِذٍ فِي نفس الْأَمر فان اقتران الْإِشْكَال ظَاهر بذلك منع من التوريث بِنِسْبَة ذَلِك فَإِن الْإِشْكَال مَعْدُود فِي مَوَانِع الْإِرْث النافية لَهُ مَعَ قيام عين السَّبَب وَوُجُود نفس السَّبَب وَإِنَّمَا الإصطلاح هُوَ السَّبَب الَّذِي أَفَادَ بهَا ثُبُوت الْملك وَهُوَ أَمر مُحَقّق مُوجبه تَخْصِيص كل وَاحِد مِنْهُمَا بِالنِّصْفِ الَّذِي صَار إِلَيْهِ ونفيه عَن صَاحبه الآخر وَهَذَا كَذَلِك فِي نفس الْأَمر وظاهرا وَبَاطنا هَذَا مَا ظهر فِي ذَلِك وَالْعلم عِنْد الله تَعَالَى 333 - مَسْأَلَة رجل توفّي وَخلف زَوْجَة وابنين وبنتا مِنْهَا للزَّوْجَة الثّمن ثَلَاثَة قراريط وَالْبَاقِي على خَمْسَة للْبِنْت أَربع قراريط وَخمْس قِيرَاط وَلكُل وَاحِد من الِابْنَيْنِ ثَمَانِيَة قراريط وخمسا قِيرَاط مَاتَ أَحدهمَا عَنْهُمَا وَخلف أما وأخا لِأَبَوَيْهِ فللأم السُّدس وَهُوَ قِيرَاط وخمسا صَار لَهَا أَرْبَعَة قراريط وخمسا قِيرَاط وَالْبَاقِي وَهُوَ سَبْعَة قراريط بَين الْأَخ وَالْأُخْت للِابْن أَرْبَعَة قراريط وَثلثا قِيرَاط فَصَارَ لَهُ ثَلَاثَة عشر قيراطا وَثلث خمس قِيرَاط وَالله أعلم وَمن كتاب الْوَصِيَّة 334 - مَسْأَلَة رجل أوصى لَهُ بتسعين درهما فَصَالحه من هُوَ وَصِيّ على التَّرِكَة على خمسين درهما ثمَّ عزل نَفسه فَأَرَادَ استرجاع الْخمسين وَزعم أَنَّهَا كَانَت من مَاله فَهَل لَهُ ذَلِك وَهل للْمُوصي لَهُ الْمُطَالبَة بالتسعين أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ شرحا لما كتب إِن لم يكن قد قبل الْوَصِيَّة فِي الحديث: 333 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 408 @ الْأَرْبَعين الَّتِي تَركهَا ورد الْوَصِيَّة فِيهَا فَالَّذِي جرى نَافِذ صَحِيح وَلَيْسَ للْوَصِيّ الاسترجاع وَلَا للْمُوصي لَهُ الْمُطَالبَة بِتمَام التسعين وَإِن كَانَ قد قبل الْوَصِيَّة بكمالها فِي جملَة التسعين ثمَّ صَالحه على الْخمسين فَهَذَا صلح حطيطه وابراء عَن دين لِأَن هَذِه الدَّرَاهِم قد صَارَت دينا فِي التَّرِكَة ثَابتا لِأَنَّهَا دَرَاهِم مُطلقَة غير مُعينَة وَهَذَا حَقِيقَة الدّين وَإِذا كَانَ كَذَلِك فَينْظر فَإِن قَالَ أدفَع إِلَيْك الْخمسين بِشَرْط أَن تسْقط الْأَرْبَعين أَو أَتَى بِغَيْر هَذَا اللَّفْظ من الْأَلْفَاظ الَّتِي تَقْتَضِي جعل الأسقاط مُعَلّقا على الدّفع بِأَن يَقُول اسقطت بِشَرْط أَن تدفع الْآن خمسين درهما فَلَا تسْقط الْأَرْبَعُونَ عِنْد هَذَا وَله الْمُطَالبَة بهَا وَوَقعت الْخَمْسُونَ موقعها لِأَنَّهُ يَسْتَحِقهَا وَإِن لم يَجْعَل أَحدهمَا شرطا فِي الآخر بِأَن يَقُول إدفع إِلَى الْخمسين وَأَنا أسقط الْبَاقِي أَو مَا أشبهه نَقْدا فَهَذَا صَحِيح وَلَيْسَ للْمُوصي لَهُ الْمُطَالبَة بالأربعين وَهُوَ منزل منزلَة إِسْقَاط الدّين بعد ثُبُوته وَلَا يخرج على الْخلاف فِيمَا لَو رد الْوَصِيَّة بعد الْقبُول فَإِن هَذَا لَيْسَ برد لَهَا بل إِسْقَاط يتَضَمَّن الثُّبُوت يُنَافِيهِ الرَّد هَكَذَا لَو جرى ذَلِك بِلَفْظ الْمُصَالحَة فَينزل على الْمحمل الثَّانِي تَرْجِيحا لمحمل الصِّحَّة هَذَا هُوَ الْأَظْهر وَأما استرجاع الْوَصِيّ مَا سلم فَلَيْسَ لَهُ ذَلِك لِأَنَّهُ إِن كَانَ مَا صَالح بِهِ من التَّرِكَة فقد سبق بَيَان أَن الْخمسين وَاقعَة موقعها على التقارير كلهَا وَإِن كَانَ من كَسبه فَهُوَ صلح من الْوَصِيّ عَن دين ثَابت فِي التَّرِكَة وَصلح الْأَجْنَبِيّ عَن دين غَيره نَافِذ فِي الظَّاهِر وَأما فِي الْبَاطِن فَإِن كَانَ بطرِيق الْوكَالَة أَو على سَبِيل قَضَاء دين الْغَيْر فَهُوَ صَحِيح فِي الْبَاطِن أَيْضا وَإِن قصد الْمُعَاوضَة فَهُوَ بيع الدّين من غير من عَلَيْهِ وَلَو صَحَّ على أحد الْوَجْهَيْنِ لم يَصح هَا هُنَا لانْتِفَاء البقبض فَإِنَّهُ لَا يَصح قَبضه من نَفسه لنَفسِهِ فَيكون الصُّلْح على هَذَا التَّقْدِير فَاسِدا لَكِن لَا تسمع مِنْهُ دَعْوَى فَسَاد التَّصَرُّف فِي مثل هَذَا بعد مُبَاشَرَته لَهُ لَا سِيمَا وَهُوَ هَا هُنَا دَعْوَى عقد مُعَاوضَة وَالْأَصْل عَدمه وَالله أعلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 409 - مَسْأَلَة رجل أوصى لزيد مُدَّة حَيَاته بمنافع مَعْلُومَة من عقار عينه ثمَّ لنسل زيد وعقبه بعد مَوته فَمَاتَ وَترك زَوْجَة وأولادا فَهَل تسْتَحقّ الزَّوْجَة شَيْئا وَهل يسْتَحق أَوْلَاد الْأَوْلَاد مَعَ آبَائِهِم أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا تسْتَحقّ الزَّوْجَة شَيْئا وَيسْتَحق أَوْلَاد الْأَوْلَاد مَعَ أصولهم فيستوي فِيهَا الذُّكُور وَالْإِنَاث وَأَوْلَاد الْبَنِينَ وَالْبَنَات قربوا أَو بعدوا لتساويهم فِي الاندراج فِي كلمتي النَّسْل والعقب وتندرج كَذَلِك أَيْضا فَمَتَى ظهر لأَحَدهم حمل وقف نصِيبه حَتَّى ينْفَصل حَيا فَيسْتَحق النَّصِيب من حِين يثبت وجوده وصححنا هَذِه الْوَصِيَّة مَعَ غرابة وَضعهَا واشتمالها على قصر التَّمْلِيك فِيهَا على موصى لَهُ دون جَرَيَان التوريث من الْمُوصى لَهُ فِي الْمُوصى بِهِ واشتمالها أَيْضا على انتسابه للْمُوصى لَهُ الْوَصِيَّة للنسل حِين لَا ومصي وَبعد موت الْمُوصي بِحِين ثمَّ لم يُفْسِدهَا بِوَاحِد من الْأَمريْنِ أما الأول فَيكون الْمُوصى بِهِ مَنَافِع يَتَجَدَّد شَيْئا فَشَيْئًا فَهِيَ كأعيان مُتعَدِّدَة أوصى بِبَعْضِهَا لمن سمي أَولا وببعضها لنسله لَيْسَ فِيهِ أَنه أوصى لَهُ بِشَيْء وَأوصى بذلك الشَّيْء بِعَيْنِه لنسله حَتَّى يكون توقيتا للْملك فِي الْمُوصى بِهِ وقصرا لَهُ على زمَان حَيَاته كَمَا فِي الْعمرَة الْفَاسِدَة وَأما الثَّانِي فَلِأَن هَذِه الْوَصِيَّة كالايصاء الشَّائِع فِيهِ أَن يوصى إِلَى زيد حَيَاته وَبعده إِلَى عَمْرو وَالله أعلم ثمَّ وجدت بعد الافتاء بِهَذَا عَن ابْن الْحداد فِي فروعه من غير أَن أرى لَهُ مُخَالفا فِي الصِّحَّة أَنه لَو أوصى لَهُ بِدِينَار كل شهر من غلَّة من دَاره أَو كسب عَبده ثمَّ بعده للْفُقَرَاء صَحَّ 336 - مَسْأَلَة رجل توفّي وَخلف ابْنَيْنِ صغيرين وَزَوْجَة هِيَ أمهما الحديث: 336 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 410 @ وَذَلِكَ فِي بلد يخَاف على مَالهمَا من القَاضِي وَمن تولى على الْأَيْتَام إِن عرفُوا بِهِ فَهَل يجوز لِأُمِّهِمَا أَن تدفع مَالهمَا إِلَى أَخ لَهَا من أهل الْخَيْر وَالصَّلَاح يتَصَرَّف فِيهِ ويتجر لَهما كَيْلا تَأْكُله النَّفَقَة مَعَ أَنه لَا وَصِيَّة عَلَيْهِمَا لوَاحِد مِنْهُمَا وَلَا لغَيْرِهِمَا وَلَا أحد لَهما أجَاب رَضِي الله عَنهُ يجوز ذَلِك للْأَخ الْمَوْصُوف وَالْحَالة هَذِه ضَرُورَة لفقدان الْحَاكِم الْأَهْل وَعدم من لَهُ الْولَايَة شرعا وَإِذا ضَاقَ الْأَمر اتَّسع وَمن نَظَائِر ذَلِك مَا ذكره غير وَاحِد من أَصْحَابنَا من أَن وقُوف الْمَسَاجِد فِي الْقرى يصرفهَا صلحا أهل الْقرْيَة فِي عمَارَة الْمَسْجِد ومصالحه لعدم من إِلَيْهِ النّظر وَيَنْبَغِي إِذا كَانَت الْأُم أَهلا غير فاسقة أَن تَأذن لأَخِيهَا فِي ذَلِك ليحصل بِهِ الْعَمَل أَيْضا يَقُول الْإِصْطَخْرِي أَنَّهَا لَهَا ولَايَة وَالله أعلم 337 - مَسْأَلَة شخص أوصى بِخمْس مائَة دِينَار لِأَن يستفك بهَا أسرى فَهَل يجوز أَن يصرف شَيْء مِنْهَا فِي الْإِعَانَة فِي فك أَسِير حَتَّى يكون الفك بِهِ وَبِغَيْرِهِ أجَاب رَضِي الله عَنهُ نعم يجوز ذَلِك سَوَاء أمكن الصّرْف فِي فك جمع أسرى أَو لم يكن لِأَن الْمَفْهُوم من قَوْلنَا أَنه فك بِهِ أَنه اتَّخذهُ آلَة فِي الفك وَذَلِكَ مَوْجُود فِيمَا إِذا اسْتَقل بالفك وَفِيمَا إِذا كَانَ مَعَ غَيره وَقد ورد بعض الحَدِيث بذلك عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من حَدِيث الْبَراء بن عَازِب رَضِي الله عَنهُ قَالَ جَاءَ أَعْرَابِي إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ عَلمنِي عملا يدخلني الْجنَّة فَقَالَ إِن كنت قصرت الْخطْبَة لقد أَعرَضت الحديث: 337 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 411 @ الْمَسْأَلَة أعتق النَّسمَة وَفك الرَّقَبَة فَقَالَ أَو ليستا بِوَاحِدَة قَالَ لَا إِن عتق النَّسمَة أَن تنفرد بِعتْقِهَا وَفك الرَّقَبَة أَن تعين فِي ثمنهَا نعم إِن اقْترن بذلك مِنْهُ قرينَة تدل على أَنه أَرَادَ الْحصْر فِي فك مَا هُوَ جَمِيع فَلَا يجوز حِينَئِذٍ إِلَّا ذَلِك وَالله أعلم ولعلنا نجد الْمَسْأَلَة مسطورة لِأَصْحَابِنَا 338 - مَسْأَلَة رجل أوصى على أَوْلَاد لَهُ ثَلَاثَة صغَار وأقرانه لَا وَارِث لَهُ سواهُم وَسوى زَوجته وَأثبت الْوَصِيّ ذَلِك عِنْد الْحَاكِم فطالب بِإِثْبَات عدَّة الْوَرَثَة بِالْبَيِّنَةِ أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يحْتَاج إِلَى ذَلِك وَيَكْفِي إِقْرَار الْمَيِّت بِأَنَّهُ لَا وَارِث لَهُ سواهُم فَإِنَّهُ كَمَا يعْتَمد إِقْرَاره فِي أصل الْإِرْث يعْتَمد فِي الْحصْر فَإِنَّهُ من قبيل الْوَصْل لَهُ هَذَا هُوَ الظَّاهِر وَالله أعلم وَفِي فَتَاوَى القَاضِي حُسَيْن فِي الْإِقْرَار مَسْأَلَة فِي هَذَا الْجِنْس غير هَذِه وَرُبمَا دلّت بعض الدّلَالَة وَالله أعلم 339 - مَسْأَلَة هَل يجوز للْوَصِيّ عزل نَفسه بعد موت الْمُوصي الحديث: 338 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 412 @ أجَاب رَضِي الله عَنهُ يجوز إِلَّا أَن يلْزم من عَزله نَفسه ضيَاع مَا أوصى إِلَيْهِ فِيهِ فَلَا يجوز حِينَئِذٍ هَذَا الاستفتاء اسْتِدْرَاك حسن لَا بُد مِنْهُ فَإِن الِالْتِقَاط والاستيداع يجبان فِي مثل هَذِه الْحَالة وَلَا فرق وَالله أعلم 340 - مَسْأَلَة رجل كَانَ لَهُ على رجل دين فَقَالَ لصَاحب الدّين مَتى أَنا مت فَأَنت فِي حل وَقد مَاتَ صَاحب الدّين وَعَلِيهِ دين لناس آخَرين أَكثر مِمَّا خلف فَهَل تَبرأ ذمَّة الْمَدْيُون الَّذِي فِي الْحَيَاة أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا تَبرأ ذمتة بِمُجَرَّد ذَلِك ويتوقف ذَلِك على رضى أَصْحَاب الدُّيُون وَإِذا فصل دينه عَن الدُّيُون الَّتِي على صَاحب الدّين اعْتبر ذَلِك من الثُّلُث وَالله أعلم 341 - مَسْأَلَة رجل أوصى أَن يُوقف من مَاله كَيْت وَكَيْت أَو كَذَا وَكَذَا على الْقُرَّاء بِموضع كَذَا وَلم يذكر جِهَة أُخْرَى بعد ذَلِك يتم بهَا الِاتِّصَال فَهَل تصح هَذِه الْوَصِيَّة بشرطها وَيُوقف ذَلِك على الْجِهَة الْمعينَة وَيجْعَل لَهَا مَال مُتَّصِل أجَاب رَضِي الله عَنهُ نعم تصح وَيفْعل ذَلِك كَذَلِك فَإِن الْوَقْف الْمُنْقَطع الِانْتِهَاء إِن فسد مَا صَححهُ صَاحب الْوَسِيط فَهَذَا الْإِيصَاء مُطلق وَمن شَأْن مَا يُؤذن فِيهِ أَن يوصى بِهِ على الاطلاق إِن يحمل على الصَّحِيح مِنْهُ دون الْفَاسِد على مَا تقرر وَعرف فَينزل هَذَا منزلَة مَا لَو قَالَ لَهُ قف على هَذِه الْجِهَة وَقفا صَحِيحا وَلَو قَالَ كَذَلِك لتغير القَوْل بِصِحَّتِهِ وَإِيجَاب إنْشَاء الْوَقْف على هَذِه الْجِهَة وعَلى جِهَة أَو على جِهَات بِعَينهَا مَالا مُتَّصِلا وَلم يبال بِعَدَمِ تنصيصه على جِهَة فَإِنَّهُ لَو أوصى إِلَيْهِ وَقَالَ لَهُ قف الحديث: 340 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 413 @ على جِهَة من جِهَات الْبر على مَا ترى لصَحَّ ذَلِك ولتخير الْوَصِيّ فِي الْجِهَات وَلَكِن مَعَ تَقْيِيده بِمَا هُوَ الْأَصْلَح للْوَاقِف والأصلح لَهُ هَا هُنَا أهم جِهَات الْخَيْر فَلم يكن عدم التَّعْيِين مُفْسِدا للْوَصِيَّة فَكَذَلِك فِي هَذِه الْوَاقِعَة وَإِن كَانَ الْوَقْف الْمُنْقَطع الِانْتِهَاء صَحِيحا على مَا صَححهُ القَاضِي أَبُو حَامِد وَأَبُو الطّيب الطَّبَرِيّ وَالرُّويَانِيّ فقد برح الخفاء وَمَا عَلَيْهِ بَأْس من إهمال المَال وَلَكِن الأولى على هَذَا القَوْل أَيْضا أَن ينص عِنْد الْوَقْف على المَال الَّذِي يُعينهُ مصحح هَذَا الْوَقْف وَلَهُم فِيهِ خلاف وأهم جِهَات الْخَيْر من أحسن مَا قيل فِي ذَلِك وَالله أعلم 342 - مَسْأَلَة مَرِيض أنْفق جَمِيع مَاله على الْفُقَرَاء وَالْجِيرَان والأصدقاء وَلم يبْق للْوَرَثَة شَيْئا أَو لبيت المَال وَلم يكن لَهُ وَارِث معِين فَهَل يَأْثَم بِهَذَا فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يجوز ذَلِك فِيمَا زَاد على الثُّلُث إِذا كَانَ فِي مرض مخوف وَكَانَ لَهُ وَرَثَة معينون فَإِن كَانَ وَارثه بَيت المَال فَيَنْبَغِي أَن لَا يصرف ذَلِك إِلَّا فِي مصارف بَيت المَال وَيجوز ذَلِك وَالْحَالة هَذِه فِي جَمِيع مَاله وَالله أعلم 343 - مَسْأَلَة رجل وَصِيّ على يتيمين عمرهما دون سبع سِنِين والصغيران محتاجان إِلَى من يقوم بخدمتهما لمصلحتهما فَأبى الْوَلِيّ أَن يَشْتَرِي لَهما جَارِيَة من مَالهمَا فَهَل يجْبر الْوَلِيّ على شِرَاء جَارِيَة من مَالهمَا لقِيَام الْمصلحَة الْمُتَعَلّقَة بذلك أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ يلْزمه ذَلِك إِذا لم تنْدَفع حاجتهما بأسهل من ذَلِك الحديث: 342 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 414 - مَسْأَلَة رجل مَاتَ وَقد وَجب عَلَيْهِ حجَّة الْإِسْلَام وَخلف تَرِكَة فتبرع الْوَرَثَة واستأجروا أَجِيرا ليحج حجَّة الْإِسْلَام عَن مُورثهم الْمَيِّت وَلم يوص الْمَيِّت بِإِخْرَاج ذَلِك وَلَا بتحصيل الْحَج عَنهُ أصلا ثمَّ بعد صِحَة عقد الأجارة أَرَادَ الْوَرَثَة أَن يقبلُوا الْأَخير الْمُسْتَأْجر على تَحْصِيل ماعين وَاتَّفَقُوا على الْإِقَالَة هَل تصح الْإِقَالَة فِي هَذَا العقد أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا تصح هَذِه الْإِقَالَة فان الْمَعْقُود عَلَيْهِ وَاقع للْمَيت فَلَا يملكُونَ إبِْطَال مَا ثَبت لَهُ من الْحق لَهُ فِيهِ بإقالتهم الْمَذْكُورَة وَالله أعلم 345 - مَسْأَلَة امْرَأَة أحضرت عِنْدهَا شُهُودًا وأشهدتهم عَلَيْهَا أَن مَكَانا معينا من ملكهَا يُبَاع وَيصرف الثّمن فِي حجَّة وفكاك أَسِير فَهَل يخرج الثّمن مُنَاصَفَة بَين الْأَسير وَالْحجّة أَو يسْتَأْجر حجَّة ميقاتية وَيصرف الْبَاقِي فِي فكاك أَسِير فَإِن الثّمن مَا يقوم بِنصفِهِ بفكاك أَسِير وَإِذا أخرج حجَّة ميقاتية كفى الْجَمِيع وَالْمَكَان الْمُوصى بِهِ مشَاع فَإِذا قسم كَانَ ثمن أَكثر مِمَّا يكون وَهُوَ على الإشاعة فَهَل يجوز للْحَاكِم قسمته لهَذِهِ الْغِبْطَة أجَاب رَضِي الله عَنهُ بل يحمل مُطلق ذَلِك على المناصفة وَإِذا لم يَفِ النّصْف بفكاك أَسِير صرف فِي بعض الفكاك بمشاركة آخر وللناظر فِي الْوَصِيَّة من حَاكم أَو وَصِيّ الْمُقَاسَمَة الْمَذْكُورَة بشروطها 346 - مَسْأَلَة إِذا أوصى بِمِقْدَار يحجّ بِهِ عَنهُ وَهُوَ أَكثر من أُجْرَة الحديث: 345 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 415 @ الْمثل ظهر لي أَن الْأَصَح نُفُوذه وَإِن لم يعين الَّذِي يحجّ إِذا كَانَ يخرج من الثُّلُث لِأَنَّهُ إِذا نفذ المُشْتَرِي بِأَكْثَرَ من ثمن الْمثل فِي مرض الْمَوْت وَجعلت الْمُحَابَاة وَصِيَّة فَكَذَا هَا هُنَا يَجْعَل ذَلِك مِنْهُ وَصِيَّة بالمحاباة وَالله أعلم وَهِي كالصدقة وَالْهِبَة فِي هَذَا الْبَاب فَسَوَاء عين محلهَا أَو لم يعين كالصدقة وَالله أعلم وَوجدت بعد فتواي أَي ذَلِك عَن الْقفال حِكَايَة وَجْهَيْن فِيمَا إِذا لم يعين أَحدهمَا مَا ذكرته وَالْآخر يحجّ بِأُجْرَة الْمثل وَالزِّيَادَة للْوَارِث 347 - مَسْأَلَة رجل أوصى أَن يتَصَدَّق عَنهُ بعد مَوته كل شهر من ثلث أجور أملاكه بِدِينَار فَهَل تصح هَذِه الْوَصِيَّة أم لَا وَهل يَصح بيع الْوَرَثَة للأملاك وَهل يبْقى الْملك على ذَلِك الْمَيِّت حَتَّى تكون الصَّدَقَة مِنْهُ وَهل إِذا صرف الْوَصِيّ الدِّينَار وَهُوَ يزِيد على ثلث الأجور يكون ضَامِنا أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ تصح الْوَصِيَّة بذلك إِذا خرج من ثلث مَا للْمُوصي وَإِن لم يحْتَمل الثُّلُث جَمِيعه وَلم تجزه الْوَرَثَة فَفِي مِقْدَار مَا يحملهُ وَطَرِيق اعْتِبَاره من الثُّلُث أَن تقوم الْأَمْلَاك الْمَذْكُورَة مسلوبا من أجورها هَذَا الدِّينَار الْمَذْكُور وَتقوم سَالِمَة عَن ذَلِك وَينظر فِي التَّفَاوُت الْحَاصِل بَين الْقِيمَتَيْنِ هَل يخرج من الثُّلُث أم لَا على مَا تقدم ذكره وَبيع الْوَرَثَة للأملاك صَحِيح وَتبقى الْوَصِيَّة حَالهَا وَيبقى الْملك على الْمَيِّت فِيمَا أوصى بِهِ حكما كَمَا فِي الْوَصَايَا والصارف للزايد على ثلث الأجور ضَامِن لَهُ وَالله أعلم شرح فِي فروع ابْن الْحداد وَشَرحه للسنجي وَالْقَاضِي الحديث: 347 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 416 @ حُسَيْن أَنه إِذا أوصى بِدِينَار كل شهر من غلَّة دَاره فَهَل للْوَرَثَة بيع شَيْء مِنْهَا لِأَنَّهَا قد لَا تغل غير دِينَار وَهَذِه الْمَسْأَلَة بِخِلَافِهَا لانحصار الدِّينَار فِي الثُّلُث فقصاراه ان يكون كَمَا لَو أوصى بِثلث أجورها وَفِي ذَلِك لَا إِشْكَال فِي صِحَة بيع الثُّلثَيْنِ مشَاعا وَأما بيع الثُّلُث الآخر فَمُقْتَضى الْمُمكن عَن الْفُرُوع أَنه لَا يجوز بَيْعه وَقد قيل أَن ذَلِك مُصَور فِيمَا إِذا أَرَادوا بَيْعه على أَن تكون الْغلَّة للْمُشْتَرِي فَأَما بيع مُجَرّد الرَّقَبَة فعلى الْخلاف فِي بيع الْمُوصى بمنفعته قَالَ رَضِي الله عَنهُ وَيكون الْأَصَح هَا هُنَا صِحَة البيع لِأَن هَذَا غير مسلوب الْمَنْفَعَة جزما لِأَنَّهُ قد يستوعب هَذَا الْقدر الْمُوصى بِهِ جَمِيع الْغلَّة وَقد لَا يستوعب وَالله أعلم 348 - مَسْأَلَة رجل أوصى أَن يصرف من مغل أملاكه فِي كل سنة إِلَى أَقوام عينهم ثَلَاث غَرَائِر حِنْطَة وَخلف من الْوَرَثَة بنتين وأخا وَجعل لَهُ وصبيا أوصى إِلَيْهِ فِي قَضَاء دُيُونه وتنفيذ وَصَايَاهُ فَبَاعَ الْأَخ جَمِيع مَا وَرثهُ من الْمُوصي وَاشْترى الْوَصِيّ بعض الْملك من الْأَخ وَكَانَ الْأَخ قد وقف حِصَّة يسيرَة من الْملك يَفِي مغلها بِقدر يسير من الْحِنْطَة الْمُوصى بهَا فَهَل يكون الْوَقْف عوضا عَنْهَا أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يكون ذَلِك عوضا عَنْهَا وَإِذا كَانَت الْوَصِيَّة خَارِجَة من ثلث مَاله أَو زَائِدَة عَلَيْهِ وَردت الْوَرَثَة مَا زَاد فَإِنَّهُ يقسم التَّرِكَة وَيسلم ثلثاها إِلَى الْوَرَثَة وَالثلث يرصد للْوَصِيَّة ثمَّ يصرف من مغله قدر الْوَصِيَّة كل سنة إِلَى الْمُوصى لَهُم والفاضل يكون للْوَرَثَة ثمَّ يَصح تصرف الْوَرَثَة فِي الثُّلثَيْنِ وَلَا يَصح بيعهم الثُّلُث المرصد الحديث: 348 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 417 @ للْوَصِيَّة وَلَا لشَيْء مِنْهُ مَعَ دُخُول مغل الْمَبِيع فِي البيع فَإِنَّهُ قد لَا يَفِي المتبقى من الثُّلُث بِمِقْدَار الْوَصِيَّة فِي كل سنة وَلَا يبْقى بهَا إِلَّا مغل جَمِيع الثُّلُث وَلَا يَصح تصرف أحد من الْوَرَثَة بِالْبيعِ وَنَحْوه فِي شَيْء من التَّرِكَة قبل إِقْرَار الثُّلُث لجِهَة الْوَصِيَّة بِالْقِسْمَةِ وَالْعلم عِنْد الله تَعَالَى 349 - مَسْأَلَة رجل أوصى إِلَى شخص على وَلَده فلَان وَلم يَجْعَل عَلَيْهِ فِي ذَلِك نَاظرا وَلَا مشرفا ثمَّ بعد ذَلِك أوصى إِلَى شخص آخر على وَلَده هَذَا وعَلى ولد آخر لَهُ وَذكر فِي الْوَصِيَّة وَلم يَجْعَل عَلَيْهِ فِي ذَلِك نَاظرا وَلَا مشرفا أَيْضا وَلم يذكر عزل الْوَصِيّ الأول وَترك عِنْد رجل مَالا وَقَالَ لَهُ إِذا أَنا مت فادفع المَال إِلَى فلَان يَعْنِي عَن الْوَصِيّ الأول فَهُوَ لوَلَدي فلَان الَّذِي أوصى إِلَيْهِ أَولا فَهَل يَنْعَزِل الأول أم يبْقى على حَاله وللوصي الثَّانِي مشاركته فِي الْوَصِيَّة أم كَيفَ الحكم فِي ذَلِك أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يَنْعَزِل الأول بِمُجَرَّد مَا ذكر وَيكون الثَّانِي مشاركا للْأولِ فِي الْإِيصَاء على الْوَلَد الْمَذْكُور يَجْتَمِعَانِ فِي التَّصَرُّف وَلَا ينْفَرد أَحدهمَا إِلَّا فِي قبض الدَّرَاهِم الْمَذْكُورَة فَإِنَّهُ يخْتَص بقبضها الثَّانِي إِذا كَانَ قد قَالَ ذَلِك بعد إيصائه الى الثَّانِي ثمَّ يَشْتَرِكَانِ فِي سَائِر التَّصَرُّفَات فِيهَا هَذَا هُوَ الظَّاهِر فِي ذَلِك فان لفظتي النَّاظر والمشرف ليستا من حَيْثُ الْعرف ظاهرتين فِي أحد الشَّرِيكَيْنِ فِي الْوَصِيَّة التَّشْرِيك هُوَ مُقْتَضى إِطْلَاق الْوَصِيَّة إِلَى شَخْصَيْنِ على التَّعَاقُب فَلَا يتْرك ذَلِك بِمثل اللَّفْظ الْمَذْكُور ثمَّ قَالَ رَضِي الله عَنهُ لنا بعد ذَلِك وعَلى هَذَا الْمُخْتَار فِي أَنه لَو أوصى إِلَى زيد ثمَّ أوصى الى عَمْرو وَلم يذكر عزل الأول فهما يَشْتَرِكَانِ فِي الْإِيصَاء وَلَا ينْفَرد أَحدهمَا عَن الآخر بِالتَّصَرُّفِ وَبِهَذَا قطع صَاحب الحديث: 349 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 418 @ التَّتِمَّة وَأما صَاحب التَّهْذِيب فَإِنَّهُ قطع بِأَن لكل وَاحِد مِنْهُمَا الِانْفِرَاد بِالتَّصَرُّفِ وَالْأول أحوط وَأولى وَالله أعلم 350 - مَسْأَلَة رجل ظلمَة النَّاس فِي مَاله فواحد يحْبسهُ وَوَاحِد سَرقه وَوَاحِد يُنكره وَوَاحِد يُنكره وَوَاحِد عجز عَن رده وَوَاحِد أَخذه بِغَيْر حق فَإِذا مَاتَ هَذَا الْمَظْلُوم فِي مَاله هَل لَهُ أَن يطْلب حَقه فِي الْآخِرَة أم يبْقى الْحق لوَارِثه أجَاب رَضِي الله عَنهُ الْأَظْهر أَن للمظلوم الْمُطَالبَة فِي الْآخِرَة فَأَما الْوَارِث فَهُوَ خَلِيفَته فِي حُقُوقه كَمَا قيل إِن الوراثة خلَافَة فَإِذا لم يسْتَوْف الْوَارِث الْحق بَقِي للموروث وَهَذَا كَالْقصاصِ فَإِن الْوَارِث يَرِثهُ وَمَعَ ذَلِك ورد فِي الحَدِيث إِن الْقَتِيل يُطَالب قَاتله فِي الْآخِرَة 351 - مَسْأَلَة فِي وَصِيّ اعْترف أَنه جبا شَيْئا عينه من مَال من هُوَ وَصِيّ عَلَيْهِم ثمَّ أَنه قسم عَلَيْهِم بعد رشدهم ثمَّ وَقع النزاع بَينه وَبينهمْ فِي ذَلِك الْقدر المجبو فَقَالَ ضممته إِلَى المَال وقسمته بَيْنكُم أَو قَالُوا لما قسمت بَيْننَا لم تقسم ذَلِك الْقدر علينا فَهَل يصدق عَلَيْهِم من غير بَيِّنَة أجَاب رَضِي الله عَنهُ بعد نزاع جرى فِيهِ أَنه لَا يصدق فِي ذَلِك بِغَيْر بَيِّنَة فَإِن قَوْله قسمته بَيْنكُم أدعا مِنْهُ لدفعه إِلَيْهِم وَلَا يقبل قَوْله فِي ذَلِك الحديث: 350 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 419 @ إِلَّا بِبَيِّنَة وَهَذَا مُسْتَمر على ظَاهر مَذْهَب الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ ومنصوصه فِي أَن الْوَصِيّ لَا يقبل قَوْله فِي دفع المَال إِلَى الْوَارِث إِلَّا بِبَيِّنَة ومندرج تَحت الْقَاعِدَة المحفوظة المقررة فِي أَن من آدعى الرَّد على غير من ائتمنه لَا يصدق من غير بَيِّنَة ثمَّ أَنه يَكْفِي الْوَصِيّ فِيمَا يقيمه من الْبَيِّنَة أَن يُقيم بَيِّنَة على قسمته مَا لَا هُوَ بِقدر المَال المجبو وعَلى صفته وَلَا يقبل عَلَيْهِ قَول الْوَرَثَة إِن ذَلِك مَال لنا آخر مَا لم يقيموا حجَّة توجب مَا ادعوهُ فَإِن قَالَ الْمُعْتَرض دَعوَاهُم على خلاف ظَاهر الْحَال فَإِن الْقِسْمَة الَّتِي جرت كَانَت لإيصالهم الى كَمَال حَقهم فَعدم نزاعهم حَالَة الْقِسْمَة ورضاهم بهَا دَلِيل على اندراج الْقدر المجبو فِي جملَة الْمَقْسُوم بَينهم فَلَا يقبل دَعوَاهُم على خلاف ذَلِك وَأَصله مَا إِذا كَانَ لإِنْسَان على إِنْسَان عشرَة أَقْفِزَة من صَبر فَحَضَرَ ليقْبض مِنْهُ حَقه ثمَّ ادّعى بعد الْقَبْض والتفرق أَنه لم يقبض كَمَال حَقه فانه لَا يقبل قَوْله قلت هَذَا إِنَّمَا يتَّجه لَو كَانَت الْقِسْمَة الْمَذْكُورَة الْقِسْمَة المنشأة لتوزيع جَمِيع مَا لَهُم عَلَيْهِم وَلَيْسَ فِي السُّؤَال مَا يظْهر مِنْهُ ذَلِك عِنْد من يُمَيّز مواقع لِلْأَمْرِ كَذَلِك لَكَانَ أَيْضا القَوْل قَول الْوَرَثَة مَعَ إِيمَانهم وَأما الْمَسْأَلَة الْمُسْتَدلّ بهَا مَمْنُوعَة فَالْقَوْل فِيهَا أَيْضا قَول الْقَابِض على قَول لِأَن الأَصْل عدم الْقَبْض وَهَذَا القَوْل هُوَ الصَّحِيح عِنْد بعض أَئِمَّتنَا وَإِن قُلْنَا بالْقَوْل الآخر هُنَاكَ فَلَا يَجِيء ذَلِك القَوْل فِيمَا نَحن فِيهِ فَإِن دَعْوَى الْقَابِض هُنَاكَ وَقعت على خلاف الظَّاهِر من حَيْثُ أَنه يعرف مِقْدَار حَقه وَحضر ليقْبض كَمَال حَقه فَالظَّاهِر أَنه لَا يُغَادر شَيْئا مِنْهُ وَهَذَا غير مَوْجُود فِي الْوَرَثَة الْمَذْكُورين الَّذين لَا يَدْرُونَ كم بَقِي من مَالهم بَعْدَمَا سبق من الْمُتَوَلِي عَلَيْهِم من الإنفاقات والتصرفات وَإِن أمكن ذَلِك فَلَيْسَ بِالظَّاهِرِ من حَالهم فان قَالَ أَلَيْسَ إِذا ادّعى أحد الشَّرِيكَيْنِ بعد الْقِسْمَة بَقَاء شَيْء من حَقه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 420 @ بِسَبَب الْغَلَط فَإِنَّهُ لَا يقبل مِنْهُ لَا يُجَاب قَائِل هَذَا بِأَكْثَرَ من أَن نشرح لَهُ تِلْكَ الْمَسْأَلَة بتفاصيلها وعللها حَتَّى يعرف أَن ذَلِك فِي وَادي وَهَذَا فِي وَادي وَالله أعلم 352 - مَسْأَلَة فِي وَصِيّ اعْترف أَنه خبأ شَيْئا عينه من مَال هُوَ وَصِيّ عَلَيْهِ ثمَّ إِنَّه قسم عَلَيْهِم بعد رشدهم ثمَّ وَقع النزاع بَينه وَبينهمْ فِي ذَلِك الْقدر المخبوء فَقَالَ ضممته إِلَى المَال وقسمته بَيْنكُم وَقَالُوا لما قسمت بَيْننَا المَال لم يقسم ذَلِك الْقدر علينا فَهَل يصدق عَلَيْهِم من غير بَينه أجَاب رَضِي الله عَنهُ بعد نزاع جرى فِيهِ أَنه لَا يصدق فِي ذَلِك بِغَيْر بَيِّنَة فَإِن قَوْله قسمته بَيْنكُم ادِّعَاء مِنْهُ لدفعه إِلَيْهِم وَلَا يقبل قَوْله فِي ذَلِك إِلَّا بِبَيِّنَة وَهَذَا مُسْتَمر على ظَاهر مَذْهَب الشَّافِعِي رَحمَه الله ومنصوصه فِي أَن الْوَصِيّ لَا يقبل قَوْله فِي دفع المَال إِلَى الْوَارِث إِلَّا بِبَيِّنَة ويندرج تَحت الْقَاعِدَة المحفوظة المقررة فِي أَن من ادّعى الرَّد على غير من ائتمنه فَلَا يصدق من غير بَيِّنَة ثمَّ أَنه يَكْفِي الْوَصِيّ فِيمَا يقيمه من الْبَيِّنَة أَن يُقيم بَيِّنَة على قسمته مَالا هُوَ بِقدر ذَلِك المَال المخبوء وعَلى صفته وَلَا يقبل عَلَيْهِ وَقَول الْوَرَثَة أَن ذَلِك مَا لنا آخر مَا لم يقيموا حجَّة توجب مَا ادعوهُ فَإِن قَالَ الْمُعْتَرض دعواتهم على خلاف ظَاهر الْحَال فَإِن الْقِسْمَة الَّتِي جرت كَانَت لإيصالهم إِلَى كَمَال حَقهم فَعدم نزاعهم حَالَة الْقِسْمَة ورضاهم الحديث: 352 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 421 @ بهَا دَلِيل على اندراجه الْقدر المخبوء فِي جملَة الْمَقْسُوم بَينهم فَلَا تقبل دَعوَاهُم على خلاف ذَلِك وَأَصله مَا إِذا كَانَ لإِنْسَان على إِنْسَان عشرَة أنقذه من صرة فحضره ليقْبض مِنْهُ حَقه ثمَّ أدعى بعد الْقَبْض والتفرق أَنه لم يبقض كَمَال حَقه فَإِنَّهُ لَا يقبل قَوْله قلت هَذَا إِنَّمَا يتَّجه لَو كَانَت الْقِسْمَة الْمَذْكُورَة الْقِسْمَة المنشأة لتوزيع جَمِيع مَالهم عَلَيْهِم وَلَيْسَ فِي السُّؤَال مَا يظْهر مِنْهُ ذَلِك عِنْد من يُمَيّز مواقع الْأَلْفَاظ وَلَو قَدرنَا أَن الْأَمر كَذَلِك لَكَانَ أَيْضا القَوْل قَول الْوَرَثَة مَعَ إِيمَانهم وَأما الْمَسْأَلَة الْمُسْتَدلّ بهَا وَالْقَوْل فِيهَا أَيْضا قَول الْقَابِض على أَن الأَصْل عدم الْقَبْض وَهَذَا القَوْل هُوَ الصَّحِيح عِنْد بعض أَئِمَّتنَا وَإِن قُلْنَا أَن القَوْل الآخر هُنَاكَ فَلَا يَجِيء ذَلِك القَوْل فِيمَا نَحن فِيهِ فَإِن دَعْوَى الْقَابِض هُنَاكَ وَقعت على خلاف الظَّاهِر من حَيْثُ أَنه يعرف مِقْدَار حَقه وَحضر ليقْبض كَمَال حَقه فَالظَّاهِر أَنه لَا يُغَادر شَيْئا مِنْهُ وَهَذَا غير مَوْجُود فِي الْوَرَثَة الْمَذْكُورين الَّذين لَا يَدْرُونَ كم بَقِي مِمَّا لَهُم يعد مَا سبق من الْمُتَوَلِي عَلَيْهِم من الانفاقات والتصرفات وَإِن أمكن ذَلِك فَلَيْسَ بِالظَّاهِرِ من حَالهم فَإِن قَالَ أَلَيْسَ إِذا ادّعى أحد الشَّرِيكَيْنِ بعد الْقِسْمَة بَقِي شَيْء من حَقه سَبَب الْغَلَط فَإِنَّهُ لَا يقبل مِنْهُ فالإيجاب قَائِل هَذَا بِأَكْثَرَ من أَن يشْرَح لَهُ تِلْكَ الْمَسْأَلَة بتفاصيلها وعللها حَتَّى يعرف أَن ذَلِك فِي وَاد وَهَذَا فِي وَاد وَالله أعلم 353 - مَسْأَلَة امْرَأَة سلمت إِلَى امْرَأَة ألف دِينَار وَقَالَت لَهَا إِن مت من مرضِي هَذَا فأوصليها إِلَى زَوجي وَإِن لم أمت مِنْهُ فرديها إِلَيّ أجَاب رَضِي الله عَنهُ قَوْلهَا فأوصليها إِلَى زَوجي على تجرده وَلَيْسَ بِشَيْء يثبت بِهِ حكم وَلَا يَجْعَل إِقْرَارا وَلَا وَصِيَّة لَهُ وَلَا إِلَيْهِ فَإِنَّهُ كِنَايَة الحديث: 353 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 422 @ مترددة فَإِن كَانَ هُنَاكَ قرينَة تَقْتَضِي أَنَّهَا أَرَادَت الْوَصِيَّة لَهُ بهَا فَلَا تنفذ من غير أجازة بَاقِي الْوَرَثَة أَظن أَن فِي كتاب الْفَرَائِض من النِّهَايَة وَالْعدة نظيرا لهَذَا وَالله أعلم = وَمن كتاب النِّكَاح مَا ذكره فِي الْخُلَاصَة من أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ من خَصَائِصه جَوَاز نِكَاح الْمُعْتَدَّة فِي عدتهَا وَهَذَا مثل غلط وَقع فِيهِ صَاحب الْمُخْتَصر وَهُوَ مُخْتَصر الْجُوَيْنِيّ ومنشأه من تَصْحِيف لكَلَام أَتَى بِهِ الْمُزنِيّ رَحمَه الله 354 - مَسْأَلَة إِذا كَانَ الْوَلِيّ فَاسِقًا فَهَل ينْعَقد بِهِ النِّكَاح أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ يلْتَحق عِنْد بعض أَصْحَابنَا بالمستور من غير توقف على إصْلَاح الْعَمَل فِي الْمدَّة الْمَعْلُومَة وَلَا بَأْس بِالْعَمَلِ بِهَذَا والمستور يَلِي التَّزْوِيج وَلَا يخرج على الْخلاف فِي الْفَاسِق 355 - مَسْأَلَة ولي الْمَرْأَة إِذا كَانَ ظَاهر الْعَدَالَة هَل يجب على القَاضِي الْبَحْث عَن عَدَالَته ورشده فِي تَزْوِيجه موليته أم يجْرِي الْحَاكِم على ظَاهر عَدَالَته وَمَا الْوَجْه الصَّحِيح من الْخلاف فِي ظَاهر الْعَدَالَة أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَيْسَ عَلَيْهِ ذَلِك وَالصَّحِيح إِن المستور الظَّاهِر الْعَدَالَة يَلِي وَيصِح تَزْوِيجه بِشَرْط وَالله أعلم 356 - مَسْأَلَة فِي الْوَلِيّ إِذا كَانَ أَبَا أَو جدا أَو غَيرهمَا وَهُوَ تَارِك للصَّلَاة غير عَالم بواجباتها هَل يجوز أَن يُبَاشر عقد نِكَاح موليته أم لَا وَهل تنْتَقل الْولَايَة مِنْهُ الى الْحَاكِم وَالْحَالة هَذِه الحديث: 354 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 423 @ أجَاب رَضِي الله عَنهُ الصَّحِيح فِي طَريقَة الْعرَاق أَنه إِن وكل فَاسِقًا لَا يَلِي وَفِي طَريقَة خُرَاسَان أَنه يَلِي واستفتى الْغَزالِيّ فِي ذَلِك فَاخْتَارَ أَنه يَلِي إِن كَانَ بِحَيْثُ لَو سلبناه الْولَايَة لانتقلت إِلَى الْحَاكِم الَّذِي يرتكب مَا يفسقه وَلَا يَلِي إِن كَانَت الْولَايَة تنْتَقل إِلَى الْحَاكِم الآهل المصون عَن المفسقات وَهَذَا رَأْي حسن وَالله أعلم 357 - مَسْأَلَة الْخلاف الْمَذْكُور فِي ظَاهر الْعَدَالَة هَل يجوز للْحَاكِم أَن يعْقد النِّكَاح بِشَهَادَتِهِمَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يجوز لَهُ ذَلِك وَإِنَّمَا الْخلاف الْمَذْكُور فِي غير الْحَاكِم وَالله أعلم 358 - مَسْأَلَة رجل تزوج بِامْرَأَة بكر عَاقِلَة وَلها مَعَه دون السّنة وَلم يَطَأهَا وَأَن أَهلهَا طلبُوا أَن يطلقوها مِنْهُ لذَلِك وَالرجل لم يشته أَن يطلقهَا فَهَل يَصح لأَهْلهَا أَن يطلقوها مِنْهُ بِغَيْر اخْتِيَاره بِنَاء على كَونه عنينا أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَيْسَ ذَلِك لأَهْلهَا اسْتِقْلَالا وَإِنَّمَا ذَلِك إِلَيْهَا إِذا ثَبت كَونه عنينا بِإِقْرَارِهِ أَو يَمِينهَا بعد نُكُوله والتعنين أَن يكون فِي عضوه مرض دَائِم قد اسقط قُوَّة انتشاره ثمَّ لَا يثبت لَهَا الْفَسْخ بعد ثُبُوت التعنين حَتَّى يضْرب الْحَاكِم لَهُ أجل سنة فَإِذا مَضَت وَلم يَطَأهَا فَلَمَّا الْفَسْخ بِحكم الْحَاكِم وَالله أعلم 359 - مَسْأَلَة رجل قَالَ لرجل زَوجتك بِنْتي عَائِشَة على مائَة دِينَار مصرية صَدَاقهَا عَلَيْك فَقَالَ قبلت هَذَا النِّكَاح على هَذَا الصَدَاق وَظَهَرت هَذِه الْمُسَمَّاة بنت ابْن المزوج وَهُوَ جدها لأَبِيهَا هَل يَصح النِّكَاح أم لَا وَهل من فرق بَين حُضُور الْمَرْأَة ولإشارة إِلَيْهَا أَو من فرق بَين أَن لَا الحديث: 357 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 424 @ يكون للمزوج بنت لصلبه اسْمهَا عَائِشَة أَو يكون أجَاب رَضِي الله عَنهُ أَن عَيناهَا بِالْإِشَارَةِ وَنَحْوهَا صَحَّ العقد فِيهَا وَكَذَلِكَ إِذا عَيناهَا بِالنِّيَّةِ على الْمَذْهَب الْأَشْهر وَإِن لم يُوجد ذَلِك فَقَوله بِنْتي جَائِز إِطْلَاقه على بنت الابْن وَإِذا لم يكن لَهُ لصلبه وَغير صلبه بنت اسْمهَا عَائِشَة غير هَذِه صَحَّ النِّكَاح فِيهَا وَإِلَّا فَلَا وَالله أعلم 360 - مَسْأَلَة رجلَانِ حضرا عقد نِكَاح بَين ولي وَزوج وَلم يشهدَا بعد انْعِقَاد العقد على إِقْرَارهَا بِشَيْء أصلا وَهل لَهما أَو لاحدهما أَن يشْهد على إِقْرَار الْوَلِيّ بِالتَّزْوِيجِ وعَلى إِقْرَار الزَّوْج بِالْقبُولِ وَإِن شَهدا بذلك هَل تسمع شَهَادَتهمَا على الْإِقْرَار مَعَ أَنَّهُمَا حصرا مجْلِس العقد فَقَط أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَيْسَ لوَاحِد مِنْهُمَا أَن يشْهد بِمُجَرَّد ذَلِك بإقرارهما بذلك وَإِن شَهدا بِالْإِقْرَارِ مضيفين ذَلِك إِلَى مَا سمعناه من إنْشَاء العقد على مُجَرّدَة ردَّتْ شَهَادَتهمَا تِلْكَ وَكَانَ لَهما أَن يعيدا الشَّهَادَة بِنَفس العقد وَيسمع ذَلِك إِذا لم يتَعَمَّد الْكَذِب فِي شَهَادَتهمَا الأولى 361 - مَسْأَلَة رجل تزوج بِامْرَأَة على مبلغ من الْفُلُوس بتبرير فِي الذِّمَّة فانعدم النّحاس فَهَل لَهما الرُّجُوع فِي قيمَة الْفُلُوس بِقِيمَة الْبَلَد الَّذِي عقد النِّكَاح فِيهِ أم بِقِيمَة الْبَلَد الَّذِي يسْتَحق الْمُطَالبَة عَلَيْهِ شرعا أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يرجع إِلَى قيمتهَا أصلا كَمَا لَا يرجع إِلَى قيمَة الْمُسلم فِيهِ عِنْد تعذره وَإِنَّمَا يثبت لَهَا الرُّجُوع إِلَى مهل الْمثل بِالْفَسْخِ أَو الِانْفِسَاخ وَالله أعلم 362 - مَسْأَلَة رجل زوج ابْنه وَكَانَ مراهقا من امْرَأَة فَقَالَ وَليهَا لأبي الحديث: 360 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 425 @ الزَّوْج هَذَا ابْنك فَقير وَهَذَا الصَدَاق ألف دِرْهَم من أَيْن يُؤْخَذ هَذَا الْمبلغ فَقَالَ أَبُو الزَّوْج عِنْدِي عِنْدِي عِنْدِي مَا زَاد على هَذَا اللَّفْظ شَيْئا ثمَّ توفّي الزَّوْج وَله مَال يقوم بِبَعْض الصَدَاق فَهَل يلْزم أَب الزَّوْج الصَدَاق وَالْحَالة هَذِه وَهل هَذَا اللَّفْظ مُؤذن بِالْكَفَالَةِ أم لَا وَإِن كَانَ الزَّوْج دون الْبلُوغ أَو بَالغا فَمَا الحكم فِي ذَلِك وَأَيْنَ يجب الصَدَاق وعَلى من يجب وَإِنَّمَا رجل عَلَيْهِ حجَّة ثَابِتَة بمبلغ مَعْلُوم من الدَّرَاهِم بَعْضهَا فِي الذِّمَّة وَبَعضهَا قِرَاض ثمَّ توفّي وَوجد فِي تركته مَال وَلم يثبت أَنه عين مَال الْمُضَاربَة فَهَل يقدم لبَقَاء مَال الْمُضَاربَة الَّذِي فِي الذِّمَّة أَو يقسم بَينهمَا على قدر الْمَالِيَّة أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يلْزم الْأَب ذَلِك لمُجَرّد ذَلِك فَإِنَّهُ يحْتَمل للوعد وَالْكَفَالَة وَالصَّدَاق وَاجِب فِي ذمَّة الزَّوْج وَلَا يَجْعَل الْأَب ضَامِنا لَهُ بتزويجه وَالله أعلم والمتوفى الْمَذْكُور إِذا ثَبت أَنه كَانَ فِي يَده رَأس مَال لنَفسِهِ يجوز أَن يكون التَّرِكَة مِنْهُ وَمَال الْمُضَاربَة يجوز أَن تكون التَّرِكَة مِنْهُ لكَونه من حسن مَا أذن لَهُ فِي التِّجَارَة فِيهِ وَلم يقم بَيِّنَة مَانِعَة من أحد الجائزين الْمَذْكُورين فَالظَّاهِر أَن التَّرِكَة تقسم بَينهمَا على قدر رَأس المَال وَإِن لم يثبت اشْتِمَال يَده على مَالهَا وَالله أعلم 363 - مَسْأَلَة رجل تزوج بِامْرَأَة بكر وَلم يدْخل بهَا فامتنعت من تَسْلِيم نَفسهَا لبَقيَّة من الصَدَاق بقيت لَهَا وَحكم عَلَيْهَا الْحَاكِم بِالنَّفَقَةِ فَهَل لَهُ أَن يسكنهَا فِي غير بَيت أَبِيهَا حَيْثُ يرى الحديث: 363 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 426 @ أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَهُ أَن يسكنهَا فِي أَيْن أَرَادَ فِي مسكن يَلِيق بِمِثْلِهَا وَجَوَاز امتناعها من تَسْلِيم نَفسهَا وَالْحَالة هَذِه لَا يسْقط عَنْهَا مَا للزَّوْج من حق جنس الْمسكن وَفِي إِيجَاب نَفَقَتهَا عَلَيْهِ مَا يُوضح ذَلِك فَإِنَّهُ يسْتَلْزم تَفْوِيض الْخِبْرَة فِي السُّكْنَى إِلَيْهِ فِي النَّفَقَة وَالسُّكْنَى مُتبعا فِيهَا اخْتِيَار الزَّوْج فِيمَا يَشَاء من المساكن اللائقة هَذَا هُوَ الَّذِي يظْهر فِي ذَلِك وَالله أعلم 364 - مَسْأَلَة امْرَأَة وهبت زَوجهَا من صَدَاقهَا بِشَرْط أَن يكرمها وَلَا يتَزَوَّج عَلَيْهَا فَهَل تصح هَذِه الْهِبَة وَالْإِبْرَاء أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا تصح فَإِنَّهُ إِن قُلْنَا الْإِبْرَاء تمْلِيك أَو هُوَ بِلَفْظ الْهِبَة تمْلِيك فَهَذَا تمْلِيك بعوض مَجْهُول لِأَن ثمنه الشَّرْط الْمَذْكُور وَلَا يَصح اشْتِرَاطه فَيسْقط وَمَا يُقَابله مَجْهُول فَيثبت بجهالته الْجَهَالَة فِي جملَة الْعِوَض فَيبْطل وَإِن قُلْنَا الْإِبْرَاء إِسْقَاط فَهَذَا إِسْقَاط بعوض فَاسد وَبدل مَا أسقطته هَا هُنَا هُوَ مثله لِأَنَّهُ من الْمِثْلِيَّات وَلَا فَائِدَة مَقْصُودَة فِي إِسْقَاط الدّين إِلَى مثله فيلغوا إلإسقاط من أَصله وَقد ألم صَاحب التَّتِمَّة بِمثل هَذَا فِي مَسْأَلَة أُخْرَى 365 - مَسْأَلَة امْرَأَة قبضت مقدم صَدَاقهَا وأعسر الزَّوْج بِالْبَاقِي وأرادت الْفَسْخ بذلك قبل الدُّخُول أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَيْسَ لَهَا ذَلِك وأشكل ذَلِك على القَاضِي فَبعث من يستنكر ذَلِك وَيطْلب مسطورا بِهِ فَقلت هَذَا من الجليات الَّتِي لَا تحوج إِلَى مسطور فَإِنَّهَا لَو فسخت وَالْحَالة هَذِه لَكَانَ الْفَسْخ واردا على الْبضْع أجمع وَجَمِيع المعوض مَعَ أَنَّهَا أقبضت عوض بعضه وَلَا سَبِيل إِلَى الْفَسْخ فِيمَا قبض عوضه بِهَذَا الطَّرِيق وَبِهَذَا يُخَالف مثله فِي الحديث: 364 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 427 @ الْفَسْخ بالفلس فَإِن الْفَسْخ هُنَاكَ يخْتَص بِمَا يُقَابل من الْمَبِيع الْقدر الَّذِي تعذر من الثّمن وَلَا يفْسخ فِيمَا يُقَابل مِنْهُ الْمَقْبُوض وَالله أعلم 366 - مَسْأَلَة رجل رشيد تزوج امْرَأَة على دَنَانِير مَعْلُومَة فِي الذِّمَّة ثمَّ عوضهَا أَبَوَاهُ ملكا وأعيانا عقيب العقد عَن الْمهْر الْمَذْكُور من غير أَن يسْبق ذَلِك تمْلِيك مِنْهَا للزَّوْج فِي الْعِوَض الْمَذْكُور فَهَل يَصح هَذَا التعويض أجَاب رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ الَّذِي ظهر بعد النّظر أَنه يَصح هَذَا التعويض وَيقدر ضمنه فِي انْتِقَال الْملك مِنْهُمَا إِلَى الزَّوْج ثمَّ مِنْهُ إِلَى الزَّوْجَة هَذَا كَمَا إِذا قضى عَن الْغَيْر دينا عَلَيْهِ دَنَانِير ودراهم بِدَنَانِير مُعينَة سلمهَا إِلَى صَاحب الدّين فَإِنَّهُ يَصح ذَلِك وَإِن لم يسْبق تمْلِيك فِي عين تِلْكَ الدنانبر الَّتِي أَدَّاهَا وَيقدر انْتِقَال الْملك فِيهَا مِنْهُ إِلَى الْمَدْيُون ثمَّ مِنْهُ إِلَى صَاحب الدّين وَلَا أثر لافتراقهما فِي كَون ذَلِك متجانسا وَهَذَا غير متجانس فَإِن الْعين غير الدّين وَقد سوينا فِيمَا إِذا كَانَ قَضَاء صادرا من الْمَدْيُون نَفسه بَين الْعين المتجانسة وَالْعين غير المتجانسة هَكَذَا يَسْتَوِي بَينهمَا هَكَذَا كُله تفريقا على الْمُخْتَار فِي جَوَاز الِاسْتِبْدَال عَن الثّمن قبل الْقَبْض وَالله أعلم أملاه عَليّ مَبْسُوطا بِغَيْر لَفظه فِي ورقة الاستفتاء وَالله أعلم 367 - مَسْأَلَة امْرَأَة بقرية لَيْسَ لَهَا ولي أَذِنت فِي أَن يُزَوّجهَا الْعَاقِد فِي الْبَلَد من زوج معِين على صدَاق معِين فَهَل يجوز لأي عَاقد كَانَ أَن يُزَوّجهَا بِنَاء على هَذَا الْإِذْن أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِن اقترنت بِإِذْنِهَا قرينَة تَقْتَضِي التَّعْيِين فَلَا يجوز ذَلِك لكل عَاقد وَمن ذَلِك أَن يسْبق إِذْنهَا قريب ذكر عَاقد معِين أَو كَانَت تعتقد أَنه لَيْسَ فِي الْبَلَد غير عَاقد وَاحِد فَإِن أذنها حِينَئِذٍ يخص وَلَا يعم وَإِن لم يُوجد شَيْء من هَذَا الْقَبِيل فَذكرهَا الْعَاقِد مَحْمُول على مُسَمّى الحديث: 366 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 428 @ الْعَاقِد على الْإِطْلَاق فَيجوز حِينَئِذٍ لكل عَاقد بِالْبَلَدِ تَزْوِيجهَا هَذَا مُقْتَضى الثِّقَة فِي هَذَا وَالله أعلم زَاد المستفتي وَكَانَ من الْفُقَهَاء فِي السُّؤَال وَذكر أَنَّهَا أَذِنت لوَاحِد لَا يعنيه وَزعم أَنه إِبْهَام فَأُجِيب بِمَا لَا يتَوَهَّم إِن هَذَا فِيهِ جَهَالَة تمنع الصِّحَّة لِأَنَّهُ أذن فَإِذا تعلق بِمَالِه ضَابِط يضبطه صَحَّ وَإِن لم يكن معينا كَمَا فِي نَظَائِره فِي الْوكَالَة مِنْهَا بوكالة الْمُطلقَة وكما لَو قَالَت وَلها أَوْلِيَاء رضيت بِأَن أزوج فَإِن الْمَذْهَب أَنه يجوز للْكُلّ تَزْوِيجهَا وَقد منع مِنْهُ بعض الْأَصْحَاب غير مُعَلل بالجهالة بل بِأَن ذَلِك لَا يشْتَمل على الْإِذْن للْوَلِيّ وَالله أعلم 368 - مَسْأَلَة سَفِيه تَحت حجر الْحَاكِم أَو الْوَصِيّ يُرِيد أَن يتَزَوَّج فَمن هُوَ الْوَلِيّ الَّذِي يفْتَقر فِي النِّكَاح إِلَى اسْتِئْذَانه وَرجل تزوج امْرَأَة وَدخل بهَا وَلها ابْن وللابن بنت ولبنت الابْن بنت ثمَّ طلق زَوجته فَهَل يجوز أَن يتَزَوَّج بِأحد من بَنَات ابْن زَوجته أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ ولي السَّفِيه الَّذِي تَحت حجر الْحَاكِم أَو الْوَصِيّ الْوَصِيّ فِي نِكَاحه هُوَ الْحَاكِم وَالْأولَى أَن ستأذن الْوَصِيّ وَلَا يجب ذَلِك كَمَا فِي وَصِيّ السَّفِيه وَلَا يجوز أَن يتَزَوَّج بِأحد من بَنَات ابْن زَوجته الْمَدْخُول بهَا وَإِن سفلن 369 - مَسْأَلَة ولي فَاسق شَارِب الْخمر لَا ولي للْمَرْأَة غَيره هَل يتَوَلَّى نِكَاحهَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يتَوَلَّى نِكَاحهَا إِلَّا أَن يَقع ذَلِك حَيْثُ لَا يتَعَدَّى فِيهِ لعقود الْأَنْكِحَة من جِهَة الْولَايَة الْعَامَّة الشَّرْعِيَّة إِلَّا فَاسق فَإِذا دَار الحديث: 368 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 429 @ الْأَمر بَين أَن يتَوَلَّى نِكَاحهَا فَاسق ووليها الْخَاص بهَا وَبَين أَن يتَوَلَّى بهَا فَاسق آخر متباعد عَنْهَا فالولي الْخَاص أولى هَذَا أصح مَا يُقَال فِي هَذَا وللغزالي مَسْأَلَة فِي ولَايَة الْفَاسِق يحْتَج فِيهَا بِأَنَّهُ لَو سلبها وَليهَا الْمُنَاسب لصار أمرهَا إِلَى فَاسق أَيْضا فِي هَذِه الْأَزْمِنَة وَهَذَا التَّخْصِيص بِهَذِهِ الْحَالة يشبه قَول من قَالَ من أَصْحَابنَا ان ذَوي الْأَرْحَام فِي هَذَا الزَّمَان يورثون الْفساد من يتَوَلَّى بَيت المَال وَالله أعلم 370 - مَسْأَلَة امْرَأَة أبرأت زَوجهَا من الصَدَاق ثمَّ مَاتَ وَعَلِيهِ دين لم يثبت فِي الحكم وَهِي ضامنة لَهُ فَهَل لَهَا أَن تقيم الْبَيِّنَة على صَدَاقهَا وتحلف عَلَيْهِ وَتَأْخُذ من الدّين وتوفيه عَنهُ أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِن كَانَت قد ضمنت عَن الزَّوْج الدّين بِغَيْر إِذْنه فَلَيْسَ لَهَا ذَلِك فَإِن ضمنت بِإِذْنِهِ فطريقها أَن تُؤدِّي عَنهُ الدّين أَولا ثمَّ تحلف على مِقْدَار الصَدَاق أَنَّهَا مُسْتَحقَّة لهَذَا الْمِقْدَار من غير أَن تصفه بِكَوْنِهِ صَدَاقا فَإِنَّهَا لَا يلْزمهَا التَّعَرُّض لذَلِك وَالله أعلم 371 - مَسْأَلَة رجل خطب لِابْنِهِ امْرَأَة وَدفع مقدم الصَدَاق إِلَى وَليهَا ثمَّ مَاتَ الدَّافِع قبل العقد فَهَل يقسم الْمَدْفُوع بَين وَرَثَة الْخَاطِب الدَّافِع أم يخْتَص بِهِ الابْن المخطوب لَهُ أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا بل يقسم الْمَدْفُوع بَين وَرَثَة الدَّافِع على فَرَائض الله تَعَالَى لكَونه بَاقِيا على ملكه من حَيْثُ كَونه جعله أَدَاء لدين آدَمِيّ قبل ثُبُوته وأسأل الله التَّوْفِيق 372 - مَسْأَلَة امْرَأَة لَهَا ولي غَائِب فدعَتْ الْحَاكِم أَو نَائِبه أَن يُزَوّجهَا من غير كُفْء فَهَل يَجْعَل الْوَلِيّ الْغَائِب كَالْمَعْدُومِ ويزوجها من غير الحديث: 370 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 430 @ كُفْء على الْأَصَح أم ينْتَظر إياب الْوَلِيّ الْغَائِب أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يَجْعَل ذَلِك كَذَلِك فَإِن حق الْغَائِب فِي الْكَفَاءَة وولايته باقيان فَلَا يَصح ذَلِك مَعَ عدم إِذْنه فِي ذَلِك وَالله أعلم 373 - مَسْأَلَة امْرَأَة ادَّعَت على وَرَثَة زَوجهَا بصداقها الْمُسَمّى لَهَا فأنكروها وعجزت عَن إِثْبَات الْمُسَمّى وَثَبت لَهَا مهر الْمثل وَكَانَ زَائِدا على الْمُسَمّى بِزِيَادَة كَثِيرَة فَهَل يجوز لَهَا أَن تقبض الزَّائِد على الْمُسَمّى وَهل ذَلِك حَلَال لَهَا وَهل يجوز للْحَاكِم أَن يُخْبِرهُمْ على إِيصَال الْقدر الزَّائِد على الْمُسَمّى أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يثبت لَهَا مهر الْمثل بِمُجَرَّد ذَلِك وَالْحكم فِيهِ أَن خصمها إِن ادّعى قدرا آخر غير مَا ادَّعَتْهُ شرع التَّحَالُف بَينهمَا إِن حلفا جَمِيعًا أَو نكلا وأصرا على النّكُول جَمِيعًا وَاجِب لَهَا مهر الْمثل إِن كَانَ زَائِدا على مَا ادَّعَتْهُ على الْمَذْهَب الْأَصَح فَإِن حلف أَحدهمَا وَنكل الآخر قضي للْحَالِف بِمَا ادَّعَاهُ وَإِن قَالَ خصم لَا أَدْرِي وأصر على ذَلِك جعل ناكلا وَحلفت وَقضى لَهَا بِمَا حَلَفت عَلَيْهِ وَالله أعلم 374 - مَسْأَلَة للشَّيْخ أبي اسحق فِي التَّنْبِيه وَإِن حضر فِي مَوضِع فِيهِ معاصي من زمر أَو خمر على مَا فصل ثمَّ قَالَ فَإِن قعد واشتغل بِالْحَدِيثِ وَالْأكل جَازَ هَذَا فِيمَا إِذا لم يقدر على إِزَالَته وَقَالَ فِي الْمُهَذّب وَإِن لم يقدر على إِزَالَته لم يحضر الحَدِيث وَقَالَ فِي الْوَسِيط وَإِن حضر وَرَأى ذَلِك وَلم يقدر على التَّغْيِير فَليخْرجْ لِأَن الْإِقَامَة فِي مشَاهد الْمُنكر حرَام وَالسُّؤَال إِن هَذِه الْمَسْأَلَة هَل هِيَ خطأ فِي التَّنْبِيه خطأ وَإِن لم يكن فَكيف الْجمع بَين الْمَسْأَلَتَيْنِ الحديث: 373 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 431 @ أجَاب رَضِي الله عَنهُ الَّذِي فِي التَّنْبِيه مرذول وَالصَّحِيح مَا فِي الْمُهَذّب والوسيط وهما وَجْهَان أصَحهمَا الثَّانِي وَالله أعلم 375 - مَسْأَلَة امْرَأَة زَوجهَا أَبوهَا على صدَاق مَعْلُوم وَأقر أَنه قبض مِنْهُ عشْرين دِينَارا لولايته عَلَيْهَا ثمَّ توفّي بعد ذَلِك بِمَا يُقَارب سبع سِنِين فادعت ابْنَته على التَّرِكَة بِمَا قَبضه لَهَا والدها فَذكر الْمُجيب عَن أَيْتَام والدها الْمُسْتَحقّين مَعهَا الْمِيرَاث أَن وَالِده ذَلِك عَلَيْهَا فِي مصالحها فَهَل تسْتَحقّ وَالْحَالة هَذِه وَفَاء ذَلِك من تَرِكَة والدها أم يقبل قَول من ذكر أَنه صرف ذَلِك عَلَيْهَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِن وجدت فِي تركته عشرُون دِينَارا على صفة مَا قَبضه ترك ذَلِك عَلَيْهَا لِأَن الأَصْل بَقَاؤُهُ وَدفع ذَلِك إِلَى الْبِنْت وَإِن لم يُوجد ذَلِك فِيهَا فَلَا يجب ضَمَانهَا فِي تركته من غير بَيِّنَة تشهد بتفريط مِنْهُ مضمن وَلَا يحْتَاج فِي ذَلِك أَعنِي عدم التَّضْمِين إِلَى يَمِين على أَنه صرفهَا فِي مصلحتها لَا من الْوَرَثَة وَلَا من نائبهم هَذَا هُوَ الْأَظْهر وَالله أعلم 376 - مَسْأَلَة إمرأة يأمرها زَوجهَا بِالصَّلَاةِ وَمَا تصلي فَهَل يجب عَلَيْهِ أَن يهجرها فِي المضجع أَو يضْربهَا أَو يطلقهَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ يحسن أَن يهجرها فِي الْفراش حَتَّى تصلي ويكرر عَلَيْهَا الْأَمر بِالصَّلَاةِ فَإِن بدا مِنْهَا شتم لَهُ ضربهَا حِينَئِذٍ وَإِذا لم يُرْجَى صَلَاحهَا فَلَا بَأْس عَلَيْهِ فِي طَلاقهَا وَلَا كَرَاهَة 377 - مَسْأَلَة هَل يجب على الزَّوْج أَن يعلم زَوجته الْفَرَائِض أم لَا الحديث: 375 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 432 @ أجَاب أما تَعْلِيم الزَّوْجَة مَا يجب عَلَيْهَا تَعْلِيمه من الْفَرَائِض فَهُوَ وَاجِب عَلَيْهِ وعَلى غَيره مِمَّن يتَمَكَّن من تعليمها فرضا على الْكِفَايَة فَإِذا لم يقم هُوَ بِهِ أَثم وأثموا وَيتَعَيَّن عَلَيْهِ الْوُجُوب فِي تعليمها الْوَاجِبَات الَّتِي تحْتَاج تعليمها فَذَلِك يحصر الْوُجُوب فِيهِ ذَهَابًا إِلَى غير الْمحرم وَالْمَرْأَة لَا يجوز لَهُ تعليمها والوجهان فِيمَا إِذا أصدقهَا تَعْلِيم سُورَة ثمَّ طَلقهَا قبل التَّعْلِيم وَكَذَلِكَ يتَعَيَّن عَلَيْهِ فرض تعليمها إِذا لم يعلم بحاجتها إِلَى التَّعْلِيم غَيره وَالله أعلم 378 - مَسْأَلَة رجل أعْطى وَالِد امْرَأَة زَوجهَا مِنْهُ دَرَاهِم رشوة على التَّزْوِيج فَهَل لَهُ الرُّجُوع بهَا عَلَيْهِ أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَهُ الرُّجُوع بهَا عَلَيْهِ لِأَن تَزْوِيجه مِمَّا لَا يجوز لَهُ أَخذ الْعِوَض عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ مُتَقَوّما يجوز الِاسْتِئْجَار عَلَيْهِ كَمَا لَا يجوز اسْتِئْجَار البياع على كلمة البيع على مَا عرف مسطورا وَقد نَص صَاحب الْحَاوِي على أَنه يحرم على الشافع فِيمَا لَيْسَ بِوَاجِب عَلَيْهِ أَخذ جَزَاء على شَفَاعَته ورشوة عَلَيْهَا وَهَذَا فِي مَعْنَاهُ وَالله أعلم 379 - مَسْأَلَة ورد من تذمر سُؤال عَن عقد نِكَاح عقد على صدَاق مائَة دِينَار ناصرية وَتوفيت الزَّوْجَة وَاخْتلف ورثتها وَالزَّوْج فِي قيمَة الدِّينَار الناصري من الدَّرَاهِم وهم فِي بلد لم يُوجد فِيهِ الدِّينَار الناصري وَفِيه جرى العقد فَالْقَوْل قَول من هَل يتَعَيَّن قِيمَته بِدِمَشْق وَكم هِيَ فِيهِ أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا مساغ لهَذَا فِي ذَلِك فَإِنَّهُ إِذا كَانَ العقد قد وَقع على الدَّنَانِير الناصرية غير مكنى بهَا عَن قيمتهَا من الدَّرَاهِم وَلَا مفسرة بذلك فالمستحق هُوَ الذَّهَب الناصري بِعَيْنِه وَلَا يعدل إِلَى قِيمَته إِلَّا الحديث: 378 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 433 @ بتراضي الْخَصْمَيْنِ فَإِن اتفقَا على الِاسْتِبْدَال عَنهُ بِالدَّرَاهِمِ جَازَ مَا اتفقَا عَلَيْهِ أَي قدر كَانَ إِذا لم يَتَفَرَّقَا قبل الْقَبْض وَإِن لم يتَّفقَا فَلَا حكم لقَوْل أَحدهمَا على الآخر والمستحق هُوَ نفس الذَّهَب لَا غير وَبِه تقع الْمُطَالبَة وَهُوَ مَوْجُود غير مُنْقَطع وَهَذَا على تَقْدِير أَلا يكون الذَّهَب الناصري مغشوشا بِالْفِضَّةِ بل غير مغشوش ونقصانه لرداءة نَوعه أَو هُوَ مغشوش غير الْفضة ثمَّ بَلغنِي أَنه مغشوش بِالْفِضَّةِ وَعند هَذَا لَا يجوز أَن يعتاض عِنْد بِدَرَاهِم وَلَا بِدَنَانِير بل بعوض وَالله أعلم أرْسلت إِلَى سوق الصّرْف من سَأَلَ عَنهُ فَذكر أَن بعض الصيارفة أرَاهُ جُزْءا مِنْهُ وَذكر أَن قيمَة الدِّينَار مِنْهُ عشرَة دَرَاهِم وَنصف وَهُوَ أدفَع من الصُّورِي والصوري هُوَ الَّذِي يقومه النَّاس بِتِسْعَة دَرَاهِم وَلَو انْقَطع لَكَانَ يثبت حق الْفَسْخ بِسَبَب التَّعَذُّر وَقد ذكر الْمُتَوَلِي فِي مَسْأَلَة الِاسْتِبْدَال عَن الثّمن أَنه لَا انْفِسَاخ بِانْقِطَاع جنس الثّمن بِخِلَاف الْمَبِيع فِي الذِّمَّة وَهُوَ الْمُسلم فِيهِ وَالله أعلم فَإِن أطلق الدِّينَار الناصري وَالْعرْف مُسْتَمر فِي مَوضِع العقد وَحَالَة العقد بالتعبير بِهِ عَن الدَّرَاهِم كَمَا شاع من اسْتِعْمَال أهل دمشق نزل ذَلِك حِينَئِذٍ على الدَّرَاهِم فَإِن كَانَ قدرهَا مَعْلُوما فَلَا كَلَام وَإِن لم يكن بِأَن كَانَ الْعرف فِي الْقدر مُخْتَلفا وَلَا غَالب فِيهِ فَالْعقد والإصداق فَاسد وَالله أعلم 380 - مَسْأَلَة وَردت من حمص فِيمَا ذكر أصدق رجل زَوجته مِائَتي دِينَار صورية ثمَّ توفّي فَقَالَ ورثته هَذَا صدَاق مَجْهُول لِأَن الذَّهَب الصُّورِي مغشوش يحتوي على فضَّة ونحاس وَذهب فَلَا يجب إِلَّا مهر الْمثل فَهَل يكون الحكم كَذَلِك أجَاب رَضِي الله عَنهُ بعد الاستخارة والتثبيت والبحث لَيْسَ الحكم الحديث: 380 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 434 @ كَذَلِك وَلَا يعدل إِلَى مهر الْمثل بِسَبَب غشه الْمَذْكُور بل يجب من الذَّهَب الصُّورِي نَفسه من نَوعه الْغَالِب فِي الْبَلَد الَّذِي جرى فِيهِ العقد وَهُوَ يتنوع إِلَى عَتيق وجديد والعتيق أَكثر ذَهَبا والجديد هُوَ الْغَالِب فِي الْبَلَد فِيمَا أخْبرت وبنيت ذَلِك على أُمُور مِنْهَا أَن غشه مَعْلُوم عِنْد أَهله فاسمه مَوْضُوع بِإِزَاءِ ذهب وفضه مثلا مَعْلُوم الْمِقْدَار عِنْد أَهله فَإِذا سَمَّاهُ من لَا يعلم مقدارهما كَفاهُ ذكر الِاسْم الضَّابِط للمسمى وَنَظِيره مَسْأَلَة الْقَرَاض اذا شَرط لَهُ سدس تسع عشر الرِّبْح وَهُوَ لَا يدْرِي مِقْدَاره فَإِن الَّذِي اخْتَارَهُ صَاحب الشَّامِل جَوَازه وَمِنْهَا النّظر فِي تَفْصِيل المختلطات وَمِنْهَا النّظر إِلَى الْحَالة الراهنة الَّتِي جَمِيع هَذَا النَّوْع متساو فِي الرواج وَمَا هُوَ الْمَقْصُود مِنْهُ فَإِن كَانَ فِيهِ تفَاوت فِي خليطه فَإِنَّمَا يظْهر أَثَره فِي الْمَقْصُود عَن طريان سبك وَلَا غَيره فِي مثل هَذَا بِجَهَالَة نظر أَمر حَالَة ستطرأ وَالله أعلم 381 - مَسْأَلَة رجل تزوج يتيمة غير بَالِغَة واعترف بِالدُّخُولِ بهَا وأدعت الزَّوْجَة أَنه حصل الْإِفْضَاء بِوَطْئِهِ إِيَّاهَا فَأنْكر الزَّوْج الْإِفْضَاء ففسخ الْحَاكِم نِكَاحهَا مِنْهُ وعرضها على ثَمَان نسْوَة من القوابل معدلات فشهدن بِحَقِيقَة الافتضاض فَهَل للْحَاكِم فسخ نِكَاحهَا مِنْهُ وَإِيجَاب الْمهْر ودية الافتضاض عَلَيْهِ بِشَهَادَة الْمَذْكُورَات أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِذا لم يكن المزوج لَهَا جدا فنكاحها بَاطِل من أَصله وَيجب على الزَّوْج بِوَطْئِهِ إِيَّاهَا مهر الْمثل وَلَا يجب عَلَيْهِ دِيَة للافضاء بشهادتهن بِوُجُود الْإِفْضَاء لجَوَاز أَن يكون من غَيره وَعَلِيهِ الْيَمين 382 - مَسْأَلَة ذمِّي نَصْرَانِيّ تزوج بِامْرَأَة ذِمِّيَّة نَصْرَانِيَّة وَهِي زَوْجَة غَيره فَهَل للْحَاكِم أَن يفرق بَينهَا وَبَين هَذَا الزَّوْج من غير أَن يترافع إِلَيْهِ وَاحِد مِنْهُمَا أم لَا الحديث: 381 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 435 @ أجَاب رَضِي الله عَنهُ نعم يفرق الْحَاكِم بَينهمَا إِذا تظاهرا بذلك وَكَانَ ذَلِك على وَجه لَا يُبَاح أَيْضا فِي دينهما أما الصُّورَة الأولى وكما إِذا أظهرُوا الْخمر فَأن نريقه عَلَيْهِم وَفِي هَذَا وَجه أَن لَا نتعرض لَهُم بِالتَّفْرِيقِ أما الثَّانِيَة فَكَمَا إِذا أَتَوا محرما يُوجب الْحَد فِي دينهم أَيْضا فَأن نحكم بِهِ عَلَيْهِم ونستوفيه وَإِن لم يترافعوا إِلَيْنَا كَمَا فعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْيَهُودِيين الَّذين زَنَيَا وَالله أعلم = وَمن كتاب الْخلْع 383 - مَسْأَلَة امْرَأَة تَحت حجر الْحَاكِم أَو حجر وَصِيّ مزوجه فَكرِهت الزَّوْج وأبى الزَّوْج طَلاقهَا إِلَّا خلعا بصداقها فَأذن لَهَا الْحَاكِم فِي الاختلاع أَو الْوَصِيّ فَاخْتلعت نَفسهَا من زَوجهَا بِالصَّدَاقِ باذن الْحَاكِم أَو الْوَصِيّ فَهَل تحصل الْبَيْنُونَة بِالصَّدَاقِ أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا تحصل الْبَيْنُونَة وَلَا يسْقط بذلك صَدَاقهَا وَيَقَع طَلاقهَا رَجْعِيًا إِذا لم يسْتَوْف الْعدَد وَكَانَ بعد الدُّخُول 384 - مَسْأَلَة رجل خَالع زَوجته على بعض صَدَاقهَا وَأدّى الْبَاقِي ثمَّ أَثْبَتَت بِالْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ الصَدَاق فَهَل لَهُ أَن يَقُول هَذَا صدَاق زَوْجَة يجب تَسْلِيمهَا فلتسلم حَتَّى أسلمه أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ قَوْله إِنَّه صدَاق زَوْجَة يجب تَسْلِيمهَا لَا يَصح أَن يكون دافعا عَنهُ لذَلِك فَإِن وجوب تَسْلِيمهَا ثَابت بعد الدُّخُول وَلَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ وجوب تَسْلِيم الصَدَاق بل لَو قَالَ هَذَا صدَاق وَالصَّدَاق يتَوَقَّف وجوب الحديث: 383 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 436 @ تَسْلِيمه على أصل تَسْلِيمهَا وَلَو مرّة وَلم تسلم وَلَا وجد مَا يقرره وَيُوجب تَسْلِيمه من موت أَو فرقة غَيره تقرر الشّطْر إِذا كَانَ الْمُدَّعِي شطر الصَدَاق فعلَيْهَا إِثْبَات ذَلِك فَالظَّاهِر أَن ذَلِك يدْفع عَنهُ وجوب التَّسْلِيم حَتَّى تثبت هِيَ ذَلِك وَلَيْسَ هَذَا كَمَا إِذا أثبت الْمُدَّعِي اسْتِحْقَاق دين عينه فَإِنَّهُ لَا ينْدَفع وجوب التَّسْلِيم عَنهُ بِذكرِهِ مَا يُؤَخر وجوب التَّسْلِيم كالأجل وَغَيره لِأَن ذَلِك عَارض هُنَاكَ وَهَذَا لَازم فِي أصل الصَدَاق 385 - مَسْأَلَة رجل طلق زَوجته طَلْقَة ثَانِيَة على مهرهَا فَلَمَّا أوقع الطَّلقَة الْمَذْكُورَة تبين أَنَّهَا طَلْقَة ثَالِثَة فَهَل تقع الثَّالِثَة وَالْحَالة هَذِه أجَاب رَضِي الله عَنهُ تقع طَلْقَة وَتَكون ثَالِثَة فَإِنَّهُ أوقع طَلْقَة ووصعها بِصفة مستحيلة وَالْحَالة هَذِه فلفت الصّفة وَبَقِي نفس الطَّلقَة كَمَا فِي نَظَائِر ذَلِك الْمَعْرُوفَة ثمَّ يلْزم بِحكم الْحَال أَن تكون ثَالِثَة ثمَّ كَونهَا ثَانِيَة لَيْسَ شرطا فِي اسْتِحْقَاق الْعِوَض فان فِي الثَّالِث وفآء بمقصودها من الثَّانِيَة وَزِيَادَة فِيمَا يرجع إِلَى عوض الْخلْع وَلِهَذَا لَو قَالَت طَلقنِي طَلْقَة بِأَلف فَطلقهَا ثَلَاثَة بِأَلف اسْتحق الْألف وَالله أعلم 386 - مَسْأَلَة رجل خلع ابْنَته وَهِي صَغِيرَة من زَوجهَا على مَا تستحقه عَلَيْهِ من بَاقِي صَدَاقهَا وَهُوَ نصف عمَارَة دَار بِطَلْقَة وَاحِدَة بعد الْخلْوَة الصَّحِيحَة قبل الدُّخُول بهَا وَأقر والدها أَنه مَتى طلبت ابْنَته من الزَّوْج صَدَاقا كَانَ فِي ذمَّة الْوَالِد فَهَل يَصح الْخلْع أَو يَصح الْعِوَض أجَاب رَضِي الله عَنهُ يَصح الْخلْع بِأَصْلِهِ وعَلى الْأَب مهر الْمثل إِذا ضمن ذَلِك فِي نفس عقد الْخلْع وللبنت بَاقِي صَدَاقهَا على الزَّوْج بِحَالهِ 387 - مَسْأَلَة رجل قَالَ إِن وهبتني زَوْجَتي صَدَاقهَا فَهِيَ طَالِق الحديث: 385 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 437 @ طَلْقَة رَجْعِيَّة وَالصَّدَاق فِي ذمَّته وَلم تكن الْمَرْأَة حَاضِرَة وَكتب بذلك مَكْتُوبًا وَأشْهد عَلَيْهِ فِيهِ وسيره إِلَيْهَا فَقَالَت الزَّوْجَة أَنَّهَا أَبرَأته عِنْد وقوفها على الْمَكْتُوب فَهَل يَقع الطَّلَاق بذلك وَهل يقبل قَول الزَّوْجَة أَنَّهَا وهبته من غير بَيِّنَة وَإِذا لم يقبل قَوْلهَا فأبرأته بعد ذَلِك بِحَضْرَة الشُّهُود هَل يَقع الطَّلَاق بذلك أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ يَقع الطَّلَاق بذلك لَكِن لَا يقبل قَوْلهَا فِي ذَلِك بِغَيْر بَيِّنَة ويجزئها فِي ذَلِك الْإِبْرَاء مُتَأَخِّرًا عَن ذَلِك وَلَا يعْتَبر فِي هَذَا مَا يعْتَبر فِي مثله لَو كَانَ خلعا وَالله أعلم 388 - مَسْأَلَة رجل لَهُ زوجتان فحضرتا فِي مجْلِس وَاحِد فعلق الطَّلَاق على شَرط وَلم يعين وَاحِدَة مِنْهُمَا فَوجدَ الشَّرْط الْمُعَلق عَلَيْهِ الطَّلَاق فَمَا الحكم فِي وُقُوع الطَّلَاق هَل يَقع على كل وَاحِدَة مِنْهُمَا أَو يرجع الْأَمر إِلَيْهِ فِي التَّعْيِين فِيمَن شَاءَ مِنْهُمَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِذا كَانَت يَمِينه بِمُطلق الطَّلَاق من غير تعْيين وَلَا لفظ شَامِل لَهما فَلهُ أَن يعين الطَّلَاق فِي إِحْدَاهمَا فَإِذا عين وَاحِدَة وَقع عَلَيْهَا دون الْأُخْرَى اخْتَار صَاحب الْمُهَذّب فِيهِ سد بَاب الطَّلَاق فِي مَسْأَلَة وَقع فِيهَا الدّور الحدادية الْمَعْرُوفَة بالشريحية وَابْن شُرَيْح بَرِيء مِمَّا نسب إِلَيْهِ فِيهَا وَالَّذِي عَلَيْهِ الطوائف من أَصْحَاب الْمذَاهب وجماهير أَصْحَابنَا أَيْضا القَوْل بِأَن لَا ينسد بَاب الطَّلَاق بل يَقع فِي اخْتِلَاف فِي كمية الْوَاقِع مِنْهَا وَالله أعلم الحديث: 388 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 438 - مَسْأَلَة رجل قَالَ لزوجته أَنْت طَالِق ثمَّ سكت وراجع زَوجته وَأَصْحَابه ثمَّ قَالَ ثَلَاثًا بِأَنَّهُ على كل مَذْهَب فَهَل يَقع عَلَيْهِ الثَّلَاث أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِن كَانَ قد نوى الثَّلَاث أَولا بقوله أَنْت طَالِق وَقع عَلَيْهِ الثَّلَاث وَإِن لم ينْو ذَلِك أَولا لَكِن أَرَادَ ثَانِيًا بقوله أَنْت ثَلَاثًا بِأَنَّهُ تتميمه وَتَفْسِيره وعنى بقوله ثَلَاثًا بَائِنَة أَنَّهَا طَالِق ثَلَاثًا بَائِنَة فَيَقَع عَلَيْهِ الثَّلَاث أَيْضا وَلَيْسَ هَذَا من قبيل إِيقَاع الطَّلَاق بِالنِّيَّةِ أَو بِلَفْظ أشعر بِالطَّلَاق بل هُوَ من قبيل إِيقَاع الطَّلَاق بِكَلَام حذف بعضه أجتزاء بِالْبَاقِي مِنْهُ لدلالته عَلَيْهِ بِنَاء على الْقَرِينَة وَمِمَّا نَص عَلَيْهِ من هَذَا النَّوْع أَنه لَو قَالَ ابْتِدَاء أَنْت ثَلَاثًا وَنوى الطَّلَاق وَقع لمثل ذَلِك وَالله أعلم مَسْأَلَة رجل رمت زَوجته إِلَيْهِ كتاب صَدَاقهَا وَسَأَلته الطَّلَاق ثَلَاثًا فَقَالَ لَهَا إِن كَانَ هَذَا كتابك وأبرأتيني مِنْهُ وأشهدت عَلَيْك فَأَنت طَالِق ثَلَاثًا فَقَالَت على الْفَوْر أَبْرَأتك مِنْهُ وَمَا أشهدت عَلَيْهِ ثمَّ رجعت فِي الصَدَاق فَمَا الحكم أجَاب رَضِي الله عَنهُ أما الطَّلَاق فَلَا يَقع وَالْحَالة هَذِه وَأما الْإِبْرَاء 390 - مَسْأَلَة رجل طلق زَوجته طَلْقَة رَجْعِيَّة ثمَّ جَاءَ بهَا إِلَى الَّذِي يعْقد وَيكْتب ليكتب عَلَيْهِ الطَّلقَة فَقَالَ لَهُ وَهُوَ لَا يعلم بتقدم الطَّلقَة قل لَهَا خالصتك على بَاقِي صداقك بِطَلْقَة فقاله وَقبلت وَهُوَ يُرِيد بذلك الحديث: 390 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 439 @ الطَّلقَة الْمَاضِيَة لَا إنْشَاء طَلْقَة أُخْرَى وَهُوَ يُرِيد رَجعتهَا قبل انْقِضَاء عدتهَا فَهَل لَهُ ذَلِك وَلَا يَصح هَذَا الْخلْع أم لَا وَهل القَوْل قَوْله إِذا نازعته أَو قَوْلهَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ هَذَا الْخلْع وَالْحَالة هَذِه بَاطِل وَله مراجعتها إِذا كَانَت الطَّلقَة السَّابِقَة رَجْعِيَّة قبل انْقِضَاء عدتهَا بعْدهَا وَالْقَوْل قَوْله فِي دَعْوَاهُ لوُقُوع الْخلْع كَذَلِك وَفِي أَمْثَال هَذَا يطلقون غَالِبا الْوَجْهَيْنِ المعروفين فِي دَعْوَى الْفساد بِالصِّحَّةِ على الْإِطْلَاق وَالَّذِي اسْتَقر عَلَيْهِ الرأى واعتمدت عَلَيْهِ فِي الْفَتْوَى الْفرق فِي ذَلِك بَين أَن يكون مدعي الْفساد يَدعِيهِ مُسْتَندا إِلَى أَمر زَائِد ومفسد يَدعِي انضمامه إِلَى مورد العقد أَن يَدعِيهِ بِدَعْوَى انْتِفَاء بعض أَرْكَان الصِّحَّة وَفِي الثَّانِي القَوْل قَول من يَدعِي الْفساد وَقد حكى صَاحب التَّهْذِيب فِي مثل هَذَا عَن الْأَصْحَاب أَنه يرجح الْفساد وَالله أعلم 391 - مَسْأَلَة امْرَأَة لَهَا على زَوجهَا دين حَال فَقَالَ إِن ابرأتني من صداقك وأخرت عَليّ دينك إِلَى رَأس السّنة فَأَنت طَالِق فَقَالَت أَبْرَأتك وأخرتك فَهَل يَقع خلعا أَو طَلَاقا أَو لَا يَقع شَيْء وَإِذا وَقع فَهَل يبرأ من الصَدَاق وَهل يتأجل الدّين أجَاب رَضِي الله عَنهُ يكون طَلَاقا وخلعا وَيبرأ من صَدَاقهَا إِذا كَانَ مَعْلُوما عِنْدهَا وَلم يكن يحجب بحجب شَرْعِي إِلَّا أَن يكون المُرَاد بتأخيرها الدّين تَأْخِيرا يصير بِهِ مُؤَجّلا فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يكون عوضا فَاسِدا فان الحديث: 391 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 440 @ الْحَال لَا يتأجل بالتأجيل فَيصير ذَلِك خلعا فَاسِدا يجب بِهِ للزَّوْج مهر مثلهَا وَيبقى عَلَيْهِ صَدَاقهَا وَالدّين كَمَا كَانَ وَالله أعلم 392 - مَسْأَلَة رجل قيل لَهُ طلق أمرأتك فَقَالَ لشخص أكتب خمْسا وَعشْرين طَلْقَة وَآخر قَالَ اكْتُبْ ثَلَاث طلقات فَهَل يَقع عَلَيْهِ بِهَذَا الطَّلَاق أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِن نوى بقوله هَذَا إِيقَاع الطَّلَاق وَقع وَإِلَّا فَلَا وَالله أعلم ان اسْتشْكل هَذَا أَو قيل لم يَقع إِذا نوى وَلَيْسَ فِي هَذَا اللَّفْظ مَا يشْعر بالفراق قلت لَيْسَ من شُرُوط الكتابات اسْتِعْمَال ألفاظها بالزوال والفراق فَإِنَّهَا تَنْقَسِم إِلَى جلية كَقَوْلِه أَنْت بَائِن وجلية وخفية وهم قِسْمَانِ أَحدهمَا مَا يشْتَمل على اسْتِعَارَة كَقَوْلِه حبلك على غاربك وَالثَّانِي مَا يشْتَمل على تَقْدِير كَقَوْلِه اعْتدي ولتعتد تَقْدِيره طَلقتك فاعتدي وَكَقَوْلِه لَا أنده سربك أَي لَا أرد أبلك أدعها تذْهب حَيْثُ شَاءَت وكلا الْقسمَيْنِ من أَقسَام الْمجَاز إِذا عرف هَذَا فَقَوله اكْتُبْ بِثَلَاث طلقات فليلتحق بِمَا يشْتَمل على تَقْدِير وَتَقْدِيره قد طَلقهَا فَاكْتُبْ ثَلَاث طلقات لِأَنَّهُ ذكر لما هُوَ من لواحق الطَّلَاق اجتزاء بِذكر الْأَثر عَن ذكر الْمُؤثر كَمَا أَن قَوْله لَا أنده سربك ونظائره كَذَلِك وَالْعلم عَن الله تَعَالَى وَهَذِه الْمَسْأَلَة تقع فِي الْفَتَاوَى كثيرا وأسأل الله التَّوْفِيق وَلَعَلَّ بعض من رأى مسطورا أَنه لَو قَالَ الزَّوْج لأَجْنَبِيّ اكْتُبْ بِطَلَاق امْرَأَتي فَكتب وَنوى الحديث: 392 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 441 @ الزَّوْج لَا يَقع الطَّلَاق يتَوَهَّم أَنَّهَا مَسْأَلَتنَا هَذِه وَلَيْسَت كَذَلِك فَإِن المُرَاد بِهَذِهِ المسطورة أَن يَنْوِي الزَّوْج الطَّلَاق بِكِتَابَة الْأَجْنَبِيّ على نَحْو مَا ينويه بِكِتَابَة نَفسه وَلِهَذَا اشبهوها بِمَا لَو قَالَ لأَجْنَبِيّ قل لأمرأتي أَنْت بَائِن فقاله وَنوى الزَّوْج وَفِي مَسْأَلَتنَا إِنَّمَا نوى الطَّلَاق بقوله اكْتُبْ الطَّلَاق لَا بِفعل الْكِتَابَة وَالله أعلم 393 - مَسْأَلَة رجل قَالَ لزوجته إِن وهبتني مهرك فَأَنا أطلقكك فَقَالَت إِن الله قد وهبك فَقَالَ لَهَا أَنْت طَالِق ثَلَاثًا فَهَل يَقع الطَّلَاق أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ يَقع الطَّلَاق الثَّلَاث وَيبرأ الزَّوْج من الْمهْر إِن كَانَت أَرَادَت بِاللَّفْظِ الْمَذْكُور ذَلِك وَإِن لم ترده فَلَا يبرأ فَإِن انْضَمَّ إِلَى عدم إرادتها إِرَادَة الزَّوْج إِيقَاع الطَّلَاق فِي مُقَابلَته فَلَا يَقع حِينَئِذٍ وَالله أعلم وَشَرحه أما وُقُوع الطَّلَاق فَالظَّاهِر أَنه طَلَاق أَتَى بِهِ مجَازًا لَيْسَ بخلع لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيمَا جرى من اللَّفْظ تَعْلِيق الْهِبَة بِالطَّلَاق وَلَا لفظ الْمُعَاوضَة والمقابلة بَينهمَا وَأَيْضًا فَلَو أَرَادَت التَّعْلِيق أَنِّي قد وَهبتك إِن طلقتني فعلى مَا فِي الْوَسِيط لَا يَصح الْخلْع لِأَن تَعْلِيق الْإِبْرَاء وَالْهِبَة لَا يَصح وَطَلَاق الزَّوْج طبعا فِي حُصُول ذَلِك لَهُ من غير لفظ صَحِيح لَا يُوجب التزامها عوضا غير أَنه قد أفتى فِي فَتَاوِيهِ بِخِلَاف هَذَا وَهُوَ الصَّحِيح فَإِن التَّعْلِيق فِي هَذَا الْبَاب مُعَاوضَة صَحِيحَة وعَلى هَذَا فَيحْتَمل إِن يكون هَذَا خلعا ثمَّ يكون صَحِيحا على تَقْدِير أَن يكون مرادها قد وَهبتك الْمهْر إِن طلقتني وَقد أجابها فَقَالَ أَنْت طَالِق فتم الْخلْع وَهَذَا على هَذَا التَّقْدِير هُوَ الظَّاهِر من حَيْثُ قرينَة الْحَال وعَلى هذَيْن التَّقْدِيرَيْنِ فَيبرأ الزَّوْج من الْمهْر بِنَاء على أَن هبة الصَدَاق وَإِن كَانَ دينا صَحِيحا وَإِن لم ترد الْهِبَة أصلا أَو أرادتها وَلَكِن الحديث: 393 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 442 @ أَرَادَت غير مَا أَرَادَهُ الزَّوْج من الْمهْر فَلَا يبرأ الزَّوْج من الْمهْر وَينظر فِي الطَّلَاق فَإِن كَانَ الزَّوْج أوقعه مجَازًا فَهُوَ وَاقع وَإِن أوقعه على مَا لم ترده هِيَ فِي الصُّورَتَيْنِ مَعًا فَلَا يَقع لِأَنَّهُ لم يوقعه إِلَّا على ذَلِك وَلم يقبل وَالله أعلم 394 - مَسْأَلَة رجل قَالَت لَهُ زَوجته طَلقنِي قَالَ نعم طَلقتك وَلم يرد بِهِ الطَّلَاق فِي تِلْكَ الْحَال هَل يَقع الطَّلَاق أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِذا كَانَ قد قَالَ طَلقتك قَاصِدا لفظ الْإِيقَاع فقد وَقع طَلَاقه وَالله أعلم 395 - مَسْأَلَة رجل حلف على زَوجته بِالطَّلَاق الثَّلَاث على فعل شَيْء يتَكَرَّر لَا بُد لَهَا مِنْهُ وَهُوَ النُّزُول من منزله بِدُونِهِ وَعَلِيهِ فِي ذَلِك مشقة شَدِيدَة هَل يُبَاح لَهُ الْخلْع مَعَ كَونه شَافِعِيّ الْمَذْهَب وَكَيف صفة الْخلْع أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَهُ الْخلْع وَالْحَالة هَذِه مَعَ أَن الْأَحْوَط أَن يتجنبه لما فِيهِ من خلاف الْعلمَاء وَصفته أَن تبذل لَهُ امْرَأَته الرشيدة شَيْئا من صَدَاقهَا أَو غَيره على أَن يطلقهَا طَلْقَة فيطلقها على مَا بذلته بِأَن تَقول طَلقنِي طَلْقَة على كَذَا وَكَذَا فَيَقُول فِي الْحَال طَلقتك طَلْقَة على هَذَا الْعِوَض الَّذِي ذكرت ثمَّ بعد ذَلِك يُوجد الْمَحْلُوف عَلَيْهِ وَالْأولَى تَأْخِيره إِلَى مَا بعد انْقِضَاء عدتهَا ثمَّ تَجْدِيد نِكَاحهَا بِشُرُوطِهِ وتعود إِلَيْهِ بِمَا بَقِي من عدد طَلَاقه وَالله أعلم 396 - مَسْأَلَة رجل حلف على رجل بِالطَّلَاق أَن لَا يَأْكُل مَعَه مَا الحديث: 394 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 443 @ داموا فِي سفرهم وَلَا يَأْكُل مَعَه إِلَّا عِنْد أَهله فطال الْأَمر بَينهم فجلسوا يَوْمًا مَعَ جمَاعَة فَأكل نَاسِيا لقيمات يسيرَة ثمَّ ذَلِك الْحَالِف فَرفع يَده من الطَّعَام فَهَل وَقع عَلَيْهِ الطَّلَاق فِي نسيانه أم لَا وَهل يجوز أَن يكون هُوَ وَصَاحبه فِي بَيت وَاحِد أَو مَكَان وَاحِد فيأكل كل وَاحِد مِنْهُمَا مُنْفَردا عَن صَاحبه فِي نَاحيَة من الْبَيْت أَو فِي منزل من منَازِل الْأَسْفَار أجَاب رَضِي الله عَنهُ يَقع عَلَيْهِ الطَّلَاق بِفِعْلِهِ الْمَحْلُوف عَلَيْهِ نَاسِيا وَلَا بَأْس بِأَن يَكُونَا فِي بَيت وَاحِد أَو منزل وَاحِد يَأْكُل وَاحِد مِنْهُمَا وَحده بِحَيْثُ لَا يعد أكلا مَعَ صَاحبه 397 - مَسْأَلَة رجل طلق زَوجته ثَلَاثًا وَانْقَضَت عدتهَا وَتَزَوَّجت بِزَوْج غَيره وَدخل بهَا ثمَّ إِن الزَّوْج الثَّانِي طَلقهَا وَأقر فِي الْبَرَاءَة بعد الدُّخُول بهَا ثمَّ إِنَّه رَجَعَ عَن إِقْرَاره وَقَالَ مَا دخلت بهَا فَهَل يقبل مِنْهُ القَوْل الثَّانِي أم الأول وَالْقَوْل قَوْلهَا فِي الْوَطْء أَو قَوْله أجَاب رَضِي الله عَنهُ القَوْل فِي ذَلِك قَوْلهَا وَللزَّوْج الأول التَّزَوُّج بهَا إِذا صدقهَا على جَرَيَان الْوَطْء وَلَا يمْنَع من ذَلِك مَا ذكر من إِنْكَار الزَّوْج الثَّانِي وَالله أعلم 398 - مَسْأَلَة رجل سَافر عَن زَوْجَة وَقَالَ لجَماعَة اشْهَدُوا على أَنِّي إِن غبت عَنْهَا سنة فَمَا أَنا لَهَا بِزَوْج وَلَا هِيَ لي بِامْرَأَة فتكونون المتولين تَزْوِيجهَا فَمَا حكمه أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِن كَانَت قد ضمنت حق الزَّوْج الدّين بِغَيْر اذنه بعد السّنة ولتأقيت زَوَالهَا بذلك مَحل مُحْتَمل فَيحكم بِصِحَّة الحديث: 397 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 444 @ الْإِقْرَار ظَاهرا وَيجوز لَهَا التَّزَوُّج بعد انْقِضَاء عدتهَا وَأما بَاطِنا فَيتَوَقَّف ذَلِك على أَن يكون قد نوى الطَّلَاق بِهَذَا الْكَلَام أَو يُوجد مِنْهُ غَيره من أَسبَاب الْفرْقَة وَالله أعلم أَو لم يَجْعَل هَذَا إِقْرَارا من أجل قَوْله اشْهَدُوا عَليّ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِقْرَار على مَا تقرر فِي فتيا أُخْرَى بل لقَوْله إِن غبت إِلَى آخر قَوْله فَإِنَّهُ خبر مُضَاف إِلَى نَفسه وَالله أعلم 399 - مَسْأَلَة رجل حلف بِالطَّلَاق أَنه لَا يخرج فلَانا من الْحَبْس حَتَّى يَسْتَوْفِي مِنْهُ دينه فَوكل وَكيلا مُطلقًا وَأخرجه قبل ذَلِك فَهَل يَقع عَلَيْهِ الطَّلَاق أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يَقع الطَّلَاق إِلَّا أَن يكون مِمَّن يعد إِخْرَاج الْوَكِيل إخراجا من الْمُوكل بِحَيْثُ يفهم من مُطلق قَول الْقَائِل لَا أخرج فلَانا نفي إِخْرَاج وَكيله بِإِذْنِهِ أَيْضا وَالله أعلم لَا يَنْبَغِي أَن يتَسَامَح مَعَ الْعَامَّة بِالطَّلَاق أَنه لَا يَقع فَإِنَّهُم لَا يعْرفُونَ الْفرق بَين مُبَاشرَة الْفِعْل والتسبب إِلَيْهِ فِي كثير من إطلاقاتهم وَأمر الطَّلَاق خطر وَالله أعلم 400 - مَسْأَلَة رجل جارى رجلا فِي مَسْأَلَة فَقَالَ لَهُ ذَاك إِذا قَالَ لَهَا أَنْت طَالِق ثَلَاثًا فَقَالَ هَذَا إِذا قَالَ أَنْت طَالِق ثَلَاثًا وتوسوس فَقَالَ مَعَ ذَلِك فِي قلبه زَوْجَتي فَلِأَنَّهُ خطر لَهُ ذَلِك من غير أَن يَقْصِدهُ فَهَل يَقع عَلَيْهِ الطَّلَاق أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِذا كَانَ خاطره قد سبق هَذَا اللَّفْظ الْمَذْكُور إِلَى زَوجته سبقا هجميا من غير قصد وَاخْتِيَار لذَلِك فَلَا يَقع بذلك طَلَاقه كَمَا الحديث: 399 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 445 @ فِي مثله من لفظ الطَّلَاق إِذا سبق لِسَانه فَإِنَّهُ لَا يَقع عَلَيْهِ بِهِ على مَا عرف وَالله أعلم 401 - مَسْأَلَة رجل قَالَ لامْرَأَته فِي ثوب مَتى أَعْطَيْتنِي هَذَا الثَّوْب فَأَنت طَالِق فناولت الثَّوْب شخصا كَانَ بَينهَا وَبَين الزَّوْج ثمَّ نَاوَلَهُ ذَلِك الشَّخْص للزَّوْج فَهَل يَقع الطَّلَاق وَيصِح الْخلْع أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِذا كَانَت قد ناولته ذَلِك الشَّخْص لَا ليناوله الزَّوْج فالطلاق لَا يَقع بذلك وَإِن ناولته ليناوله زَوجهَا مستعينة بِهِ فِي إعطائها إِيَّاه فالطلاق يَقع لِأَن الْإِعْطَاء لَا يتَوَقَّف تحَققه على مناولة الْمُعْطِي من يَده إِلَى يَده وَلِهَذَا إِذا أهْدى شخص إِلَى شخص على يَد رَسُول يُسمى الْمهْدي معطيا لَهُ وَقَالُوا فِيمَا إِذا علق الطَّلَاق على عطيتها لَهُ يَكْفِي أَن يحضر المَال ليأخذه وَإِن لم يَأْخُذهُ ثمَّ يكون ذَلِك خلعا صَحِيحا إِذا لم تكن هِيَ تَحت الْحجر وَوجد بَاقِي شُرُوطه الْخلْع الصَّحِيح 402 - مَسْأَلَة رجل حلف بِإِطْلَاق الثَّلَاث إِن فُلَانَة لَا تَأتي إِلَى بَيته بِشَيْء يُسَاوِي فلسًا وَاحِدًا وَنِيَّته أَنَّهَا لَا تَأتي بِشَيْء أصلا قَلِيلا كَانَ أَو كثيرا فَأَتَت إِلَى بَيته بِثَلَاث أجاصات أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِذا كَانَت نِيَّته بِلَفْظِهِ هَذِه الطَّلَاق الثَّلَاث فالطلاق وَاقع سَوَاء كَانَت الأجاصات تَسَاوِي فلسًا أَو لَا تَسَاوِي لِأَنَّهُ نوى مَا يحْتَملهُ لَفظه وَذَلِكَ بِأَن يَجْعَل قَوْله لَا تَأتي بِشَيْء عَاما لكل شَيْء ثمَّ لَا يَجْعَل قَوْله تَسَاوِي فلسًا وَصفا مُقَيّدا بل مَشْرُوعا فِي تَفْصِيل لم يتمم أقسامه كَأَنَّهُ أَرَادَ أَن يَقُول تَسَاوِي فلسًا أَو غَيره فاقتصر وَلم يسْتَوْف وَهَذَا على بعده يحْتَملهُ أسلوب الْكَلَام فاذا نَوَاه سَاغَ وَلَزِمَه حكمه وَبِهَذَا يُفَارق الحديث: 401 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 446 @ مَسْأَلَة لَا أشْرب مَاء من عَطش وَالله أعلم 403 - مَسْأَلَة رجل حلف على زَوجته بِالطَّلَاق أَن الشَّيْء الْفُلَانِيّ لم يكن أَو كَانَ ظنا مِنْهُ أَنه كَذَلِك فَبَان الْأَمر على خلاف مَا ظَنّه أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِن طَلَاقه وَاقع على أظهر الْقَوْلَيْنِ والمحاملي فِي رُؤُوس الْمسَائِل لم يذكر إِلَّا الْحِنْث خلافًا لأبي حنيفَة رَحمَه الله 404 - مَسْأَلَة إِذا كرر أَنْت طَالِق ثَلَاثًا وَلم ينْو لَا التأكد وَلَا الِاسْتِئْنَاف أجَاب رَضِي الله عَنهُ يَقع الطَّلَاق على أصح الْقَوْلَيْنِ وَالله أعلم أَنه الْأَصَح فِي التَّنْبِيه قيل هُوَ مَذْهَب مَالك وَأبي حنيفَة رَضِي الله عَنْهُمَا 405 - مَسْأَلَة رجل قَالَ على الطَّلَاق أَنِّي لَا أفعل كَذَا إِلَّا أَن يسبقني الْقَضَاء وَالْقدر ففعلته ثمَّ إِنَّه فعل قَالَ وأزدت إِخْرَاج مَا يقدر مِنْهُ على الْيَمين فَهَل يَقع الطَّلَاق وَقد فعل أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يَقع الطَّلَاق وَالْحَالة هَذِه وَهَذَا يُوضحهُ النّظر إِلَى خُرُوج هَذِه الصِّيغَة عَن صِيغَة الِاشْتِرَاط وَكَونهَا بِصِيغَة الْيَمين بِاللَّه وَالْمَسْأَلَة فِيهَا مبَاحث وَالله أعلم 406 - مَسْأَلَة لَو قَالَ لزوجته الْمَدْخُول بهَا أَنْت طَالِق كل الطَّلَاق فقد ذكر الْأَصْحَاب أَنه يَقع الثَّلَاث وَهُوَ صَرِيح فِيهَا وَأَنه بِمَنْزِلَة قَوْله أَنْت طَالِق أَكثر الطَّلَاق وَقَالُوا أَن قَوْله أَنْت طَالِق أَكثر الطَّلَاق بِمَنْزِلَة قَوْله أَنْت الحديث: 403 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 447 @ الطَّلَاق ثَلَاثًا فَلَو قَالَ الْحَالِف مَا أردْت بِقَوْلِي كل الطَّلَاق وُقُوع الطَّلَاق الثَّلَاث فَلَا شكّ أَنه لَا يقبل قَوْله فِي ظَاهر الحكم وَلَكِن هَل يدين فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى قِيَاسا على بعض مسَائِل التَّدْبِير الْمُخْتَلف فِيهَا أَو لَا يدين كَمَا قَالَ أَنْت طَالِق وَكَذَا لَو قَالَ أَنْت طَالِق أَكثر الطَّلَاق وَقَالَ مَا أردْت الثَّلَاث هَل يدين أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِنَّمَا يدين إِذا ادّعى أمرا على خلاف الظَّاهِر لَو صدق فِيهِ لم يَقع طَلَاقه وَهَذَا لَيْسَ من هَذَا الْقَبِيل فَإِنَّهُ ادّعى أَنه مَا أَرَادَ وُقُوع الثَّلَاث وَلَو كَانَ صَادِقا فِي ذَلِك لم يمْنَع من وُقُوع طلاقيه الثَّلَاث مَعَ إِرَادَته اللَّفْظ الصَّرِيح الْموقع للثلاث فَإِن إِرَادَته وُقُوع الطَّلَاق وَغير مشترط وَإِنَّمَا الْمُشْتَرط فِي ذَلِك إِرَادَته اللَّفْظ وَإِن لم يرد حكمه وَالله أعلم 407 - مَسْأَلَة رجل أقرّ أَنه طلق زَوجته من مُدَّة وَذكر مقدارها فَهَل يَجْعَل ابْتِدَاء الْعدة من حِين ذكر أَنه أوقع طَلاقهَا أم يَجْعَل من حِين إِقْرَاره أجَاب رَضِي الله عَنهُ بل من حِين ذكر أَنه أوقع طَلاقهَا وَالله أعلم 408 - مَسْأَلَة قَول صَاحب الْوَسِيط رَحمَه الله فِي تعليقات الطَّلَاق فِي الْمَسْأَلَة الْحَادِيَة وَالْعِشْرين وَلَا خلاف فِي أَنه لَو قصد منعهما عَن الْمُخَالفَة وعلق على فعلهَا فنسيت لَا تطلق وَإِن أكرهت فَيحْتَمل الْخلاف لِأَنَّهَا مختارة فَهَل يطرد الحكم فِيمَا إِذا علقه على فعل غَيرهمَا فَفعله نَاسِيا أَو يجْرِي الْخلاف كَمَا لَو علقه على فعل نَفسه فَفعله نَاسِيا أَو يَقع بِلَا خلاف لوُجُود الصّفة وَإِذا اخْتلف الحكم فِيمَا إِذا علقه على فعله أَو فعلهَا أَو فعل الْغَيْر فَفعل نَاسِيا فَمَا الْفرق وَالْفِعْل وَالنِّسْيَان الحديث: 407 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 448 @ موجودان فِي الصُّور الثَّلَاث وَهل لتصوير الشَّيْخ كَون الزَّوْج قصد منعهَا عَن الْمُخَالفَة تَأْثِير فِي الحكم إِذْ لَا فرق بَين أَن يقْصد أَو يُطلق التَّعْلِيق على مُجَرّد فعلهَا ففعلته ناسية لم تطلق وَكَونه ذكر احْتِمَال الْخلاف فِي إكراهها وَعلل باختيارها مَا وَجهه وَهل مصدر قضى يقْضِي مَمْدُود أم مَقْصُور الَّذِي هُوَ الْقَضَاء وَهل مده أَو قصره مقيس أَو مسموع أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِنَّمَا نفي الْخلاف فِيمَا إِذا قصد بِيَمِينِهِ منعهَا من الْمُخَالفَة لِأَن مُسْتَند أحد الْقَوْلَيْنِ فِي وُقُوع الطَّلَاق مَعَ النسْيَان أَنه علق الطَّلَاق بِوُجُود الصّفة مُطلقًا إطلاقا شَامِلًا لما إِذا وجدت من مُخْتَار قَاصد للمخالفة وَأما إِذا وجدت من نَاس غير قَاصد للمخالفة فَيصير كَمَا إِذا صرح بذلك فِي يَمِينه وَقَالَ إِذا دخلت ناسية أَو ذاكرة أَو قاصدة للمخالفة أَو غير قاصدة فَأَما إِذا نوى حَالَة الْمُخَالفَة خَاصَّة قَاصِدا منعهَا من الدُّخُول على جِهَة الْمُخَالفَة فالدخول مَعَ النسْيَان خَارج عَن يَمِينه قطعا فَلَا تكون يَمِينه شَامِلَة فَلَا يَقع الطَّلَاق قطعا إِذا عرف ذَلِك فَكَذَلِك إِذا علق على فعل الْغَيْر الَّذِي يمْتَنع بِيَمِينِهِ وَقصد مَنعه من الْمُخَالفَة فَلَا يَقع بِفِعْلِهِ مَعَ النسْيَان قطعا وَأما الْمُكْره فَإِنَّمَا جرى الْخلاف فِيهِ مَعَ قصد الْحَالِف الْمَنْع مَعَ الْمُخَالفَة لِأَنَّهُ عَالم بِالْيَمِينِ مُخْتَار للْفِعْل لكَونه مُتَمَكنًا من تَركه فَيكون قَاصِدا الْمُخَالفَة بِخِلَاف النَّاس وَالله أعلم وَأما مصدر قضى يقْضِي فَإِنَّهُ قَضَاء بِالْمدِّ وَالله أعلم 409 - مَسْأَلَة رجل طلق امْرَأَته فِي طهر جَامعهَا فِيهِ فَهَل يحْسب ذَلِك من الإقراء أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ نعم يحْسب ذَلِك من الإقراء إِذا كَانَت عدتهَا بالإقراء وَالله أعلم الحديث: 409 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 449 - مَسْأَلَة رجل حلف بِالزَّوْجِيَّةِ ثَلَاثًا وَصرح بِالطَّلَاق الثَّلَاث على شخص فَقَامَ وَرَاح الْمَحْلُوف عَلَيْهِ فَقَالَ مساكم الله بالسعادة فَقَالَ الْحَالِف عَلَيْكُم السَّلَام وَمَا قصد بذلك كَلَامه وَإِنَّمَا سبق لِسَانه إِلَيْهِ فَهَل يلْزمه الطَّلَاق أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِن كَانَ قد سبق لِسَانه لذَلِك من غير أَن يقْصد أَن يتَكَلَّم أصلا مثل مَا يجْرِي على لِسَان النَّائِم فطلاقه لَا يَقع قولا وَاحِدًا وَالله أعلم 411 - مَسْأَلَة رجل علق طَلَاق زَوجته على صفة وَهُوَ أَن قَالَ لَهَا مَتى غبت عَن مَدِينَة دمشق أَرْبَعَة أشهر وَلَا أواصلك بِنَفَقَة فَأَنت طَالِق طَلْقَة ثمَّ سَافر وَغَابَ أَرْبَعَة أشهر فَهَل تصح شَهَادَة الشُّهُود على أَنه لم يواصلها الحديث: 411 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 450 @ بِنَفَقَة وَهل إِذا ادَّعَت أَنه لم يواصلها بِنَفَقَة وَحلفت فَهَل يكون القَوْل قَوْلهَا مَعَ يَمِينهَا وَيَقَع الطَّلَاق أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا تسمع شَهَادَتهم على نفي مواصلتها بِالنَّفَقَةِ وَالْقَوْل قَوْلهَا مَعَ يَمِينهَا فَإِذا حَلَفت فَالظَّاهِر الحكم بِوُقُوع الطَّلَاق إِذا ثَبت الْوَصْف الْمَذْكُور الآخر وَالله أعلم 412 - مَسْأَلَة رجل تزوج بِامْرَأَة بسؤال أمهَا وَهُوَ يظنّ أَن أمهَا قَالَت لَهُ فِي حَال صغره أَنَّك ارتضعت مني وَهُوَ يشك فِي قَول الْأُم وَلم يتَحَقَّق فَهَل يبطل النِّكَاح بِمُجَرَّد الشَّك أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ الرَّضَاع الْمحرم خمس رَضعَات متفرقات فِي الْحَوْلَيْنِ فَإِن كَانَت إِنَّمَا أخْبرته برضاع أقل من ذَلِك فَلَا بَأْس عَلَيْهِ وَإِن أخْبرته بِالرّضَاعِ الْمحرم وَلَيْسَ غَيرهَا يشْهد بذلك فَلَا يثبت التَّحْرِيم فِي ظَاهر الحكم بل الْأَحْوَط أَن يطلقهَا وَالله أعلم = وَمن كتاب النَّفَقَات 413 - مَسْأَلَة إِذا مضى على الزَّوْجَة مُدَّة وَلم يصل إِلَيْهَا من الزَّوْج كسْوَة وَكَانَت تَحت طَاعَته فَهَل يكون ثمنهَا دينا كَالنَّفَقَةِ وَهل إِذا سكنت فِي منزلهَا وَمضى عَلَيْهَا مُدَّة هِيَ وَالزَّوْج ثمَّ ادَّعَت عَلَيْهِ بِأُجْرَة مسكن مثلهَا هَل يجب ذَلِك أم لَا وَهل يجب أُجْرَة سكناهَا إِذا كَانَ بِإِذْنِهَا ورضاها فِي الِابْتِدَاء أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يصير ثمنهَا دينا بل هِيَ نَفسهَا تكون دينا الحديث: 412 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 451 @ عَلَيْهِ كَالنَّفَقَةِ ذَهَابًا إِلَى أَن الْأَظْهر أَنه يعْتَبر فِي الْكسْوَة التَّمْلِيك وَأما السُّكْنَى فَتسقط بِمُضِيِّ الزَّمَان فَإِن الْمُعْتَبر فِيهَا الِانْتِفَاع دون التَّمْلِيك وَكَذَلِكَ مَا يجب لَهَا من أَسبَاب النَّظَافَة وَأما أُجْرَة سكناهُ مَعهَا فِي ملكهَا فَإِن كَانَت قد أَذِنت لَهُ فِي ذَلِك من الِابْتِدَاء فَهِيَ غير وَاجِبَة عَلَيْهِ لِأَن إِذْنهَا الْمُطلق غير مقرون بِذكر عوض منزل على الْإِبَاحَة والإعارة وَالله أعلم 414 - مَسْأَلَة رجل يقدر على الْكسْب بِصِحَّة بدنه وَله عِيَال فَهَل يجب عَلَيْهِ الْكسْب أَو فِيهِ اخْتِلَاف عِنْد الْعلمَاء أجَاب رَضِي الله عَنهُ فِيهِ خلاف الْأَظْهر أَنه يجب عَلَيْهِ الِاكْتِسَاب لنفقة من تلْزمهُ نَفَقَته وَقد رُوِيَ عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كفى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَن يضيع من يعول وَذُو الْمرة السوي مَعْنَاهُ ذُو الْقُوَّة السوي الْخلقَة وَالله أعلم 415 - مَسْأَلَة رجل تزوج امْرَأَة من أهل الْحَضَر فَأَرَادَ نقلهَا إِلَى الْبَادِيَة والعيش بهَا دون عَيْش أهل الْحَضَر أَو إِلَى بلد يخَاف على الْمُقِيم بِهِ فِي نفس أَو مَال أَو الطَّرِيق إِلَيْهِ يخَاف من الْأسر فِيهِ أَو الْغَرق أَو يكون الْبَلَد لأي تمكن الدَّاخِل إِلَيْهِ من الْخُرُوج مِنْهُ إِلَّا بعسر أَو دَار كفر هَل يُجَاب الزَّوْج إِلَى نقلهَا إِلَى ذَلِك الْموضع أم لَا الحديث: 414 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 452 @ وَكَذَلِكَ هَل للزَّوْج أَن يسد عَلَيْهَا الكوات فِي مَسْكَنهَا ويغلق عَلَيْهَا الْأَبْوَاب وَهِي على خلاف الْمُعْتَاد وَهل لَهُ أَن يمْنَعهَا من الْعَمَل فِي منزله من الرقم أَو الْغَزل أَو الْخياطَة وَهل لَهَا أَن لَا تقبل فِي الْكسْوَة إِلَّا الْجَدِيد حَتَّى يكون لَهَا الِامْتِنَاع من المغسول الَّذِي هُوَ فِي قُوَّة الْجَدِيد وَهَذَا إِذا أقرَّت بدين عَلَيْهَا لتمتنع من السّفر مَعَ الزَّوْج وَلها مَال هَل على الْحَاكِم أَن يجبرها على دفع الدّين إِلَى الْغَرِيم على تَسْلِيمه إِذا طلب الزَّوْج ذَلِك ليزول الْمَانِع من سَفَره بهَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَهُ نقلهَا إِلَى الْبَادِيَة وَاخْتِلَاف الْعَيْش لَا يمْنَع من ذَلِك كَمَا فِي البلدين الْمُخْتَلِفين فِي الْعَيْش ثمَّ لَهَا نَفَقَة مَعْلُومَة تجب عَلَيْهِ فِي الْحَضَر والبادية وَلَيْسَ مُجَرّد الْعَيْش فِي الْخُرُوج من الْبَلَد مَانِعا من إلزامها مُوَافَقَته فِي الِانْتِقَال إِلَيْهَا وَأما الصُّور الْأُخْرَى فلهَا الِامْتِنَاع من مُوَافَقَته فِيهَا وَلَيْسَ لَهُ سد الكوى عَلَيْهَا وَله إغلاق بَاب منزله عَلَيْهَا إِذا خَافَ من ضَرَر يلْحقهُ فِي فَتحه وَلَيْسَ لَهُ منعهَا من الْخياطَة والرقم والغزل وَنَحْوهَا فِي منزله كَمَا فِي مثله من الْمُسْتَأْجر وَأما المغسول الْقوي فِي الْكسْوَة فَيتبع فِيهِ عَادَة ذَلِك الْبَلَد فَإِن الْعَادة فِي وَاجِب كسوتها مُعْتَبرَة فَإِن كَانَ ذَلِك خَارج عَن الْعَادة فِي مثله لم يلْزمهَا قبُوله وعَلى الْحَاكِم الْإِجْبَار الْمَذْكُور فِي إبْقَاء الدّين على الْوَجْه الْمَذْكُور وَالله أعلم 416 - مَسْأَلَة رجل تخاصم مَعَ زَوجته وغضبت وراحت إِلَى بَيت والدها بِغَيْر أمره وأقامت عِنْده مُدَّة فَهَل تسْتَحقّ عَلَيْهِ فِي تِلْكَ الْمدَّة نَفَقَة أم لَا وَإِذا رجعت الى الزَّوْج وَاخْتلفت هِيَ وَالزَّوْج فِي مِقْدَار الْمدَّة الَّتِي أَقَامَت عِنْد أَبِيهَا بِغَيْر إِذْنه فَذكرت مُدَّة وَذكر الزَّوْج مُدَّة أَكثر مِنْهَا الثُّبُوت قَول من أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا كسْوَة لَهَا وَلَا نَفَقَة فِي جَمِيع الْمدَّة الَّتِي الحديث: 416 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 453 @ خرجت من بَيتهَا فِيهَا وأقامت عِنْد أَبِيهَا إِذا كَانَ ذَلِك بغيرإذنه وَأما اخْتِلَافهمَا فِي مُدَّة ذَلِك فَإِن اتفقَا على وَقت خُرُوجهَا وتنازعا مَتى رجعت إِلَى طَاعَته وَلَا بَيِّنَة فَالْقَوْل قَول الزَّوْج مَعَ يَمِينه لِأَن الأَصْل عدم رُجُوعهَا بِغَيْر إِذْنه فَالْقَوْل قَوْلهَا مَعَ يَمِينهَا لِأَن الأَصْل عدم خُرُوجهَا وَإِن طَلقهَا ذَلِك فَالْقَوْل قَوْلهَا مَعَ يَمِينهَا لِأَن النَّفَقَة كَانَت وَاجِبَة وتنازعا فطرأ أَن مسْقط مَحل التَّنَازُع وَالْأَصْل عَدمه 417 - مَسْأَلَة وَردت من قَاض مَا الحكم فِي امْرَأَة غَابَ عَنْهَا زَوجهَا وَانْقطع خَبره وَلم يتْرك لَهَا نَفَقَة هَل الْفَتْوَى على أَن لَهَا الْمُطَالبَة بِالْفَسْخِ بِسَبَب ذَلِك أم لَا وَكم الْأَقْوَال الْقَدِيمَة الَّتِي يُفْتى عَلَيْهَا وَمَا هِيَ أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِن الْفتيا على أَنه مهما كَانَت وَاجِبَة النَّفَقَة عَلَيْهِ وتعذرت مِنْهُ عَلَيْهَا لعدم مَال حَاضر لَهُ مَعَ عدم إِمْكَان أَخذهَا مِنْهُ حَيْثُ هُوَ كتاب حكمي وَغَيره لكَونه لم يعرف مَوْضِعه أَو عرف لَكِن تَعَذَّرَتْ مُطَالبَته عرف حَاله فِي الْيَسَار والإعسار أَو لم يعرف فلهَا الْفَسْخ بالحاكم وَحكمه كَمَا فِي الثَّابِت عسره فَإِن تعذر النَّفَقَة بذلك كتعذرها بالإعسار وَالْفرق بَينهمَا بِأَن الْإِعْسَار عيب فرق ضَعِيف وَمن أَئِمَّتنَا من يرى الافتاء بِالْمَنْعِ من الْفَسْخ لَكِن الْإِفْتَاء بِالْفَسْخِ هُوَ الصَّحِيح وَهُوَ الْأَصَح عِنْد الْغَزالِيّ رَحمَه الله ذكر ذَلِك فِي مَسْأَلَة الْمَفْقُود ولصاحبه أبي الْحسن بن الشهرزوري الدِّمَشْقِي هُوَ صنفها فِي تَصْحِيحه وَتَقْرِيره وَالله أعلم 418 - مَسْأَلَة إِذا غَابَ الزَّوْج قبل عرضهَا نَفسهَا عَلَيْهِ وتمكينه مِنْهَا فَكيف الطَّرِيق إِلَى إِيجَاب نَفَقَتهَا عَلَيْهِ وَهُوَ غَائِب الحديث: 417 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 454 @ أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِذا كَانَ مَكَانَهُ مَعْلُوما وَأرْسلت إِلَيْهِ أَنِّي مسلمة نَفسِي إِلَيْك وَوصل الْخَبَر إِلَيْهِ بذلك وَمضى زمَان إِمْكَان الْقدوم والاجتماع وَجَبت النَّفَقَة حِينَئِذٍ وَإِن انْقَطع خَبره وَلم يعلم مَكَانَهُ فَلَا سَبِيل إِلَى إِيجَاب النَّفَقَة عَلَيْهِ لتعذر التَّمْكِين على الْوَجْه الَّذِي ذَكرْنَاهُ وَنَحْوه وَالله أعلم 419 - مَسْأَلَة امْرَأَة أَرَادَ زَوجهَا السّفر بهَا فأقرت لرجل بدين فَهَل للْمقر لَهُ أَن يمْنَعهَا من السّفر وَلَا يحبسها فِي المحتبس بل يَجْعَلهَا عِنْد عدل أَو فِي مَكَان غير الْحَبْس وَإِذا حبست فَهَل تسْقط نَفَقَتهَا أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ للْمقر لَهُ منعهَا من السّفر لِأَن الْإِقْرَار لَا يفْسد عندنَا بالتهم وَله الِاكْتِفَاء بجعلها عِنْد عدل وَفِي المحتبس وَإِذا حَبسهَا صَاحب الدّين حبسا مَانِعا للزَّوْج من الِاسْتِمْتَاع بهَا سَقَطت نَفَقَتهَا وَمن نَظَائِره أَنَّهَا إِذا اعْتدت عَن وطىء تشبهه لم يلْزم الزَّوْج نَفَقَتهَا فِي زمَان الْعدة ذكره صَاحب التَّهْذِيب وَغَيره 420 - مَسْأَلَة زوج أعْسر بالجبة وَمَا يقوم مقَامهَا فِي كسْوَة زَوجته فِي الشتَاء وَقدر على ثَوْبَيْنِ من الْخيام فَهَل لَهَا فسخ النِّكَاح بذلك أجَاب رَضِي الله عَنهُ بعد التمهل أَيَّامًا وَبعد أَن راجعت كتبا عدَّة فَلم أَجدهَا مسطورة لَهَا الْفَسْخ بذلك كَمَا أَن لَهَا الْفَسْخ بِبَعْض مَا لَا بُد مِنْهُ من النَّفَقَة الْوَاجِبَة من الطَّعَام وَهَذَا على أَن الْإِعْسَار بالكسوة أثبت فِي جَوَاز الْفَسْخ كالاعسار بِالطَّعَامِ وَهُوَ الْمَعْرُوف الَّذِي قطع بِهِ الحديث: 419 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 455 @ جماعات المصنفين وَذكروا خلافًا فِيهِ غير مَشْهُور وَالْوَجْه فِيهِ غير قوي وَالله أعلم 421 - مَسْأَلَة حبست الزَّوْجَة فِي حق عَلَيْهَا فَهَل تسْقط نَفَقَتهَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِذا تعذر عَلَيْهِ بحبسها الِاسْتِمْتَاع سَقَطت نَفَقَتهَا وَلَا تجْعَل كالمرض بل هُوَ كالعدة وَيَنْبَغِي أَن يطْلب المسطور فِيهِ وَالله أعلم 422 - مَسْأَلَة رجل غَابَ عَن زَوجته وَهِي فِي منزله مطيعة غير نَاشِزَة مُدَّة وَلم يتْرك عِنْدهَا نَفَقَة يَوْم وَاحِد وَشهِدت الْبَيِّنَة أَنه سَافر عَنْهَا وَهُوَ مُعسر معدم لَا شَيْء لَهُ وَحَضَرت الْمَرْأَة عِنْد حَاكم من حكام الْمُسلمين نَافِذ الحكم فِي ولَايَته فَاخْتَارَتْ الْفَسْخ وَسَأَلت الْحَاكِم ففسخ الْحَاكِم النِّكَاح فَهَل الْفَسْخ صَحِيح أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يَصح الْفَسْخ على الْأَصَح بِنَاء على مُجَرّد هَذَا استصحابا فَلَو شهِدت الْبَيِّنَة الْمَذْكُورَة بالإعسار الْآن بِنَاء على الِاسْتِصْحَاب جَازَ لَهَا ذَلِك إِذا لم يعلم زَوَال ذَلِك وَلم تشكل وَصَحَّ الحكم بِالْفَسْخِ وَإِذا حضر الزَّوْج لم تسلم إِلَيْهِ 423 - مَسْأَلَة مَا يجب على الْفَقِير الْمُعسر المتزوج فِي السّنة من النَّفَقَة وَالْكِسْوَة أجَاب رَضِي الله عَنهُ على الْمُعسر من النَّفَقَة كل يَوْم من الْقَمْح هَا هُنَا وَهُوَ ثَلَاثَة أَوَاقٍ وَنصف بِهَذَا الرطل وَعَلِيهِ مُؤنَة الطَّحْن وَالْخبْز وَأَن الحديث: 421 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 456 @ تَرَاضيا على أَخذ الْخبز لَا على وَجه الْمُعَاوضَة الممتنعة جَازَ وَيجب لَهَا من الْأدم قدر مَا تصلح على هَذَا الْقدر من الطَّعَام وَذَلِكَ من أَدَم الْبَلَد وَيجب لَهَا آلَة التَّنْظِيف من مشط وَنَحْوه وَيجب لَهَا من الْكسْوَة فِي السّنة مرَّتَيْنِ غليظ الْقطن أَو الْكَتَّان وَكَذَلِكَ قَمِيص وَسَرَاويل مقنعة وتزداد فِي الشتَاء جُبَّة وَيجب لَهَا مَا تجْلِس عَلَيْهِ وَمَا تنام فِيهِ من الْمنَازل من جنس ذَلِك وَلها مداس فِي رجلهَا وَمن أثاث الْبَيْت وَنَحْو ذَلِك على قِيَاسه 424 - مَسْأَلَة رجل فَقير مَاله شَيْء أصلا وَلَا يقدر على الْعشَاء وَلَا على الْغَدَاء بل هُوَ على الْفتُوح وَهُوَ مِمَّن يحفظ الْقُرْآن وَقَرَأَ شَيْئا من الْعلم وَجَمَاعَة يَظُنُّوا الْخَيْر فِيهِ وَهُوَ يعلم من نَفسه لَا خير فِيهِ وَقد أصبح لَهُ زَوْجَة وَولد وَمَا لَهُ قدرَة على نَفَقَة عِيَاله وَامْرَأَته مِمَّن لَا يحملهُ ثقلا تَقول لَهُ إِذا فتح لَك بِشَيْء أنفقهُ وَإِن لم يفتح لَك بِشَيْء فَلَا تحمل نَفسك مَا لَا تطِيق وَإِذا أحب أَن يتدين تَقول لَهُ الْمَرْأَة لَا تتدين بل تَأمره بترك الدّين وَنَفسه عِنْده عزيزة مَا يرى أَنه يتسبب وَلَا يكون إِمَامًا يُصَلِّي بِالنَّاسِ وَلَا يرى أَنه ينزل فِي مدرسة ويشتغل بل يرى ترك هَذَا كُله وَإِذا أحب الِاشْتِغَال بالفقه لَا فِي مدرسة إِلَّا على وَجه الِانْتِفَاع بِالْعلمِ من غير جامكيه ورتب النَّاس فِي الْأَسْبَاب مُخْتَلفَة الإِمَام فِي إِمَامَته وَالْقَاضِي فِي قَضَائِهِ والوالي فِي ولَايَته وَالشَّاهِد عدل فِي شَهَادَته فَهَل إِذا نزلُوا عَن رتبهم إِلَى مَا هُوَ دونهَا هَل سقطوا فِي أعين النَّاس وَإِن كَانَ مَا نزلُوا إِلَيْهِ مُبَاحا فَهَل يحرم عَلَيْهِ ذَلِك الْفِعْل لسقوطهم فِي أعين النَّاس وَهل الْأكل فِي الطَّرِيق وَغَيره يسْقط الْعَدَالَة وكل مَا يسْقط الْعَدَالَة محرم أَو غير محرم وَجَمِيع الأرواث رَوْث الْبَقر وروث الْجمال وَمَا الحديث: 424 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 457 @ شابهه هَل يجوز أَن يحرق ويدفأ بِهِ ويطبخ ويسخن المَاء بِهِ وَإِن كَانَت الْبَقر وَالْجمال وَالْغنم والمعز يسببها أَصْحَابهَا فِي أَمْوَال النَّاس تَأْكُل الزَّرْع وَغَيره فَهَل ذَلِك الروث وَجَمِيع الأرواث يجوز تسخين المَاء بِهِ والطبخ بِهِ والدفء بِهِ وَجَمِيع الأرواث هَل يجوز بيعهَا أَولا وَرجل لَقِي طاسة على نهر بَين قرى وَطَرِيق سكَّة النَّاس فَأَخذهَا وَرَاح فَهَل يحرم ذَلِك عَلَيْهِ والموضع الَّذِي أَخذهَا مِنْهُ حواليه قرى وسكة الطَّرِيق بل السِّكَّة بعيدَة والقرى بعيدَة عَن الْموضع بعد قَلِيل وَجَمِيع الطُّيُور الَّتِي يجوز أكلهَا وَالَّذِي لَا يجوز بَينُوهُ لنا كَأَكْل القاق والزرزور والسماني وَمَا جَازَ أكله والقاق إِذا أكل الْميتَة والشوحة إِذا أكلت الْميتَة هَل يجوز أكل هذَيْن الطيرين أَو لَا يجوز وَقد ذكر الْحَلَال بَين وَالْحرَام بَين وَبَينهمَا متشابهات مَا الْحَلَال وَمَا الْحَرَام وَمَا الشُّبْهَة هَذَا الْفَقِير الَّذِي لَا يرى بِفعل هَذِه الْأَشْيَاء جَمِيعهَا وَإِن كَانَت مُبَاحَة فِي الشَّرْع وَيعلم من نَفسه أَنه إِذا فعلهَا نزل عَن رُتْبَة مَا كَانَ فِي أعين النَّاس فَهَل يحرم عَلَيْهِ ذَلِك أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ أجَاب رَضِي الله عَنهُ هَذَا الَّذِي رَآهُ من الْقعُود على الْفتُوح والإعراض عَن التَّسَبُّب والاكتساب خطأ عَظِيم الضَّرَر أما أَولا فَلِأَن الْقعُود على الْفتُوح شُرُوطه عِنْد من يرَاهُ من أهل الْمعرفَة وَالتَّحْقِيق صعبة شَدِيدَة مِنْهَا أَن يكون كتوما لحاله عَن النَّاس غير متعرض لأرفاقهم يكون فِي النَّاس كواحد مِنْهُم لباسا وحركة ويجد فِي قلبه حلاوة وسكنا عِنْد تَأَخّر أرفاقهم وَلَا يضطرب قلبه بِسَبَب ذَلِك مَعَ شُرُوطه لَا يكَاد يُقيم بهَا ذُو الْعِيَال وَأما ثَانِيهَا فَهَذَا يحرم على ذِي الْعِيَال ورضى الزَّوْجَة لَا يعْتَمد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 458 @ عَلَيْهِ فِي ذَلِك فَإِنَّهُ لَا يسْتَمر فِي سَائِر الْأَحْوَال وَلَو رضيت فَأَيْنَ رضى الصَّغِير فَعَلَيْك بِعَمَل الْأَبْطَال الْكسْب من الْحَلَال والكد على الْعِيَال وَكفى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَن يضيع من يعول وان كَانَ الْكسْب ينزله عَن مرتبته عِنْد النَّاس فَلَيْسَ ذَلِك عذرا وَمهما صحت نِيَّته سلم من الْمَحْذُور عِنْد الله وَعند النَّاس وَمن النَّاس إِنَّمَا يتَقَيَّد بهم الْمفْتُون أوصى الشَّافِعِي يُونُس الصَّدَفِي فَقَالَ إِنَّه لَيْسَ إِلَى السَّلامَة من النَّاس سَبِيل فَعَلَيْك بِمَا فِيهِ صَلَاح نَفسك ودع النَّاس وَقَالَ من تقدم مَا نقص الْكَامِل من كَمَاله مَا جر من نفع إِلَى عِيَاله وَمَا ذكره من نزُول من سمى عَن مَرَاتِبهمْ فِي أعين النَّاس فَلَا يحرم عَلَيْهِم ذَلِك مهما كَانَ فَاسِدا مُبَاح ثمَّ إِن كَانَ ذَلِك عَن جري مِنْهُ على منهاج السّلف الصَّالِحين طلبا للاقتداء بهم فَذَلِك حسن مُسْتَحبّ وَإِلَّا فَهُوَ مَكْرُوه وَهَكَذَا أكل الْعدْل فِي الطَّرِيق لَا يحرم وَيكرهُ وَإِنَّمَا يسْقط الْعَدَالَة لِأَنَّهُ يتَطَرَّق التُّهْمَة والأرواث الْمَذْكُورَة يجوز اسْتِعْمَالهَا فِيمَا ذكر وَلَكِن يَنْبَغِي أَن يحْتَرز من دخانها الَّذِي يعلق ينفض أَو يمسح وَيكرهُ اسْتِعْمَال رَوْث مَا يَأْكُل زرعا مَغْصُوبًا وَالرجل الَّذِي لَقِي الطاسة يجب عَلَيْهِ أَن يعرفهَا فِي أقرب الْقرى إِلَى ذَاك الْموضع فَإِن كَانَت قيمتهَا ربع دِينَار عرفهَا سنة وَإِن كَانَت أقل عرفهَا زَمَانا يغلب على الظَّن أَن مثلهَا يَنْقَطِع السُّؤَال عَنهُ فِي مثله وَأما الطُّيُور فَيحرم مِنْهَا كل مَا لَهُ مخلب كالبازي والشاهين والباشق والصقر وَالْعِقَاب والنسر وَجَمِيع جوارح الطير وَيحرم الهدهد والخطاف وَالَّذِي يُسمى الخفاش وَيحرم الخفاش والصرد وَيحرم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 459 @ الْغُرَاب وَهُوَ القاق الْمَذْكُور الأبقع مِنْهُ وَالْأسود الْكَبِير وَتحرم الحدأة وَهِي الشيحة الْمَذْكُورَة والبغاثة مثلهَا واللقلق يحرم أَيْضا على الْمُخْتَار من الْوَجْهَيْنِ والزرزور مُبَاح وَكَذَا السماني وَهُوَ السلوى الْمنزل وكل أَنْوَاع العصافير وأنواع الْحمام والكراكي والحبالي والدجاج والدراج والفيح والقطاة والبط والأوز وطير المَاء وَأما الْحَلَال فَهُوَ مَا لَا يشك فِي إِبَاحَته وَالْحرَام لَا يشك فِي تَحْرِيمه والشبهات مَا وَقع الشَّك فِي أمره مثل المَال فِي يَدي من يكْسب حَلَالا وحراما وَهَذَا لَهُ تَفْصِيل يطول وَمَا ذكره آخرا من المباحثات الَّتِي تنزل رتبته فِي أعين النَّاس فقد تقدم الْجَواب عَنهُ وَأَنه لَا يحرم ذَلِك عَلَيْهِ بل يجب عَلَيْهِ فِي حَاله وَذَلِكَ عِنْد حَاجَة الْعِيَال وَيسْتَحب لَهُ فِي حَاله إِذا لم يكن كَذَلِك وَكَانَ قَصده التَّوَاضُع وإيصال الرَّاحَة إِلَى غَيره بِسَبَب مَا يَفْعَله من ذَلِك وَقد سبقت الْإِشَارَة إِلَى تَمام ذَلِك وَالله أعلم 425 - مَسْأَلَة رجل اسماعيلي مصر على الحاده من مُدَّة وَهُوَ فَقير عَاجز طلب إِلْزَام ابْنة لَهُ مسلمة موسرة بِنَفَقَتِهِ فَهَل يلْزمهَا الحديث: 425 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 460 @ أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يلْزمهَا نَفَقَته وَلم أَجدهَا مسطورة لَكِنَّهَا ظَاهِرَة الْحجَّة فَأن نوجب نَفَقَة الْقَرِيب صِيَانة لَهُ من العطب وَهَذَا مُسْتَحقّ الْهَلَاك وَأَصله إِذا كَانَ مَعَه مَاء فِي السّفر وَله رَفِيق مُرْتَد عطشان يسْتَعْمل المَاء وَلَا يجب بذلك للمرتد بِخِلَاف الْبَهِيمَة من سَائِر الْحَيَوَانَات وَالله أعلم = وَمن كتاب الْحَضَانَة 426 - مَسْأَلَة امْرَأَة توفيت وَلها ولد رَضِيع فَبَقيَ فِي حضَانَة جدته وَلأبي الصَّبِي جَارِيَة برسم خدمَة الصَّبِي فأخرجت الْجدّة الْمَذْكُورَة الْجَارِيَة ومنعتها من خدمَة الصَّبِي فَهَل لَهَا ذَلِك مَعَ رَضِي الْأَب بِخِدْمَة الْجَارِيَة لوَلَده وتقريرها لَهُ أجَاب رَضِي الله عَنهُ تعْيين من يقوم بِخِدْمَة الصَّبِي إِلَى الْأَب الَّذِي عَلَيْهِ الْقيام بِنَفَقَتِهِ وكفايته مهما لم يثبت أَن الْجَارِيَة الَّتِي عينهَا الْأَب كَذَلِك تضر بالجدة فِيمَا إِلَيْهَا من خدمَة الصَّغِير فَلَيْسَ لَهَا الْمَنْع من تَعْيِينهَا للْخدمَة وَالله أعلم 427 - مَسْأَلَة بنت مُمَيزَة ثَبت كفالتها للْأَب وَالأُم من وَجه هَل تمنع الْأُم من النّظر إِلَيْهَا وَأَيْنَ يكون ذَلِك أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا تمنع الْأُم من النّظر إِلَى الْبِنْت وَمن زيارتها وَلها أَن تطلبها فتنفذ إِلَيْهَا قدر الزِّيَارَة وَلها أَن تَجِيء إِلَى الْبِنْت لزيارتها فان بخل الْأَب بِدُخُولِهَا إِلَى منزله أخرجهَا إِلَيْهَا وَالله أعلم وَيكون ذَلِك الحديث: 426 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 461 @ برضى زوج الْأُم فَإِن أَبى تعْيين الْأَمر الأول وَهُوَ أَن ينفذ إِلَى الْأُم فَإِن زَوجهَا امْتنع من إدخالها إِلَى منزله نظرت إِلَيْهَا والابنة خَارِجَة وَهِي دَاخِلَة وَالدُّخُول من غير إطالة لغَرَض الزِّيَارَة ذكر صَاحب كتاب الْحَضَانَة أَنه لَا يمْنَع مِنْهُ وَأَشَارَ إِلَى نَحوه صَاحب التَّتِمَّة وَالله أعلم 428 - مَسْأَلَة امْرَأَة غَابَ عَنْهَا زَوجهَا وَلم يتْرك لَهَا شَيْئا وَترك ولدا لَهُ مِنْهَا ترْضِعه وَعَلِيهِ فرض مَكْتُوب فأرضعت طفْلا آخر مَعَ وَلَدهَا فَأَرَادَ جد الصَّبِي انتزاع الْفَرْض من يَدهَا لذَلِك فَهَل لَهُ ذَلِك وَهل للْأُم مُطَالبَة الْجد بِفَرْض الصَّبِي إِلَى أَن يرجع وَلَده أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَيْسَ للْجدّ منازعتها فِي الْفَرْض الْمَكْتُوب على وَلَده من غير وكَالَة مِنْهُ أَو ولَايَة لَهُ عَلَيْهِ ثمَّ أَن هَذَا الْفَرْض إِن كَانَ من أُجْرَة على إرضاعها الطِّفْل وحضانته فَلَا يسْقط بإرضاعها طفْلا آخر إِن حصل بذلك نقص فِيمَا هُوَ الْمُسْتَحق عَلَيْهَا عوضا عَن الْفَرْض فَكَذَلِك يثبت الْخِيَار لمن اسْتَأْجرهَا على ذَلِك وَإِن كَانَ هَذَا الْفَرْض من نَفَقَتهَا الثَّابِتَة بِحَق الزَّوْجِيَّة فَهَذَا السَّبَب مَعَ كَونهَا لم يَقع حَائِلا بَين الزَّوْج الْغَائِب وَبَين حَقه عَلَيْهَا فَلَا يسْقط وَإِذا لم يحضر من مَال الابْن شَيْء فالحاكم يَأْمر الْجد الْمُوسر بكفاية الطِّفْل من أُجْرَة رضاعه وحضانته وَغَيرهَا بِشَرْط رُجُوعه على ابْنه إِن كَانَ الابْن مُوسِرًا وَإِلَّا فالجد الْمُوسر ينْفق اسْتِقْلَالا من غير رُجُوع وَهَذَا على الْأَصَح وَالَّذِي قطع بِهِ صَاحب الْمُهَذّب من تَقْدِيم الْجد على الْأُم وَالله أعلم 429 - مَسْأَلَة أم مُفَارقَة ثَبت لَهَا الْحَضَانَة فَأَرَادَ الْأَب أَن يُسَافر سفر نقلة فَهَل لَهُ أَخذ الْوَلَد وَهل عَلَيْهِ الْيَمين أَنه مُسَافر أجَاب رَضِي الله عَنهُ نعم لَهُ أَخذ وَلَده مِنْهَا وَلَكِن بِشَرْط أَن الحديث: 428 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 462 @ يكون من أهل الْحَضَانَة فَيكون حرا مُكَلّفا ثِقَة لَيْسَ بفاسق وَلَا مُخَالف فِي الدّين وبشرط أَن تكون النقلَة إِلَى مَسَافَة الْقصر من غير الْخَوْف لَا فِي الطَّرِيق وَلَا فِي الْمَكَان المتنقل إِلَيْهِ وبشرط أَن لَا تنْتَقل الْأُم مَعَه وَلَا تصحبه فِي ذَلِك فَإِن لم يكن ذَلِك فَمَا يثبت للْأُم من الْحَضَانَة بَاقٍ بِحَالهِ الله أعلم وَإِذا لم تصدقه الْأُم على إِرَادَة السّفر الْمَوْصُوف فَالْقَوْل قَوْله مَعَ يَمِينه وَالله أعلم 430 - مَسْأَلَة أَب زوج بِنْتا تسْتَحقّ جدَّتهَا حضانتها وكفالتها ذَرِيعَة إِلَى انتزاعها أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِن كَانَت مِمَّن لَا يُجَامع مثلهَا لم تثبت بذلك حضانتها فَإِنَّهَا لَا تسلم إِلَى الزَّوْج فَتبقى على مَا كَانَت وَهُوَ مسطور وَأَظنهُ فِي التَّهْذِيب وَالله أعلم الْمُعْتق وَالْمحرم بِالرّضَاعِ لَا حق لَهما فِي الْحَضَانَة وَلَا فِي الْكفَالَة وَلَا فِي الْيَد ذكرهَا صَاحب التَّتِمَّة وَالله أعلم 431 - مَسْأَلَة رجل طلق زَوجته وَله مِنْهَا صَغِير وَهُوَ فِي الْكتاب يتَعَلَّم الْخط وَأَبوهُ من أهل الْبَلَد وَأمه من بعض الْقرى هَل تصح الْحَضَانَة للوالدة أَو للوالد فِي الْمَدِينَة أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِذا كَانَ فِي إِثْبَات الْحَضَانَة للْأُم إِسْقَاط حَظّ الْوَلَد بسكناه فِي الْقرْيَة فالحضانة للْأَب إِذا لم يكن فِي الْبَلَد أم أم أهل وَكَانَ الْأَب أَهلا وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم الحديث: 430 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 463 @ = وَمن كتاب الْجِنَايَات 432 - مَسْأَلَة رجل كَانَ لَهُ طاحونة فأحرقها رجل فجَاء بِرَجُل الْوَالِي إِلَى بَيت أُخْت الَّذِي أحرق فاستنزلها من الْبَيْت حَتَّى تريهم بَيت أَخِيهَا ثمَّ إِنَّهَا طرحت بعد أَيَّام وَمَاتَتْ فَالضَّمَان يلْزم صَاحب الطاحونة أم الرجل أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يلْزمهُمَا شَيْء إِذا لم يكن قد وجد من وَاحِد مِنْهُمَا مَا يُوجب الطرح وَالْمَوْت من إفزاع أَو غَيره وَإِن وجد ذَلِك وَجب الضَّمَان على من وجد ذَلِك مِنْهُ وَالله أعلم 433 - مَسْأَلَة رجل مَرِيض الْعين جَاءَ إِلَى امْرَأَة بالبادية تَدعِي الطِّبّ لتداوي عينه فكحلته فَتلفت عينه فَهَل يلْزمهَا ضَمَانهَا وَهل على ولي الْأَمر أَن يعزرها وَينظر فِي حَالهَا ويزجرها عَن المداواة أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِذا اثْبتْ كَون ذهَاب عينه بِسَبَب مداواتها فعلى عاقلتها ضَمَان الْعين فَإِن لم تكن عَاقِلَة فعلى بَيت المَال فَإِن تعذر فعلَيْهَا فِي مَالهَا إِلَّا أَن تكون المداوة الَّتِي أتلفت عينه قد أذن لَهَا فِيهَا بِعَينهَا وَقَالَ مثلا داوي بِهَذَا الدَّوَاء وَهَذَا المداواة فَحِينَئِذٍ لم يجب الضَّمَان وَنَظِيره من المسطور إِذا أذن الْبَالِغ الْعَاقِل لغيره فِي قطع سلْعَة أَو فصد فَمَاتَ لم يجب ضَمَان وَأما إِذا لم ينص عَلَيْهِ بِعَيْنِه فَلَا يتَنَاوَل إِذْنه مَا الحديث: 432 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 464 @ يكون سَببا لإتلافه وَمُطلق الْإِذْن تقيده الْقَرِينَة بِغَيْر الْمُتْلف وَالله أعلم 434 - مَسْأَلَة صبي افترع صبية دون الْبلُوغ فَأذْهب بَكَارَتهَا مَا الحكم فِي ذَلِك أجَاب رَضِي الله عَنهُ يجب فِي ذمَّة الصَّبِي مهر مثلهَا على الْمَذْهَب الْأَصَح وَيجب أرش بَكَارَتهَا وَلَا ينْدَرج على الرَّأْي الْأَظْهر فِي الْمهْر وَيكون ذَلِك على عَاقِلَة الصَّبِي فَإِن لم يكن لَهُ عَاقِلَة فَعَلَيهِ فِي مَاله وَمِمَّا يستروح إِلَيْهِ فِي هَذِه الْوَاقِعَة من المساطير مَا فِي الذِّهْن فِي الْوَسِيط وَغَيره مِمَّا يواضعه من التصانيف كالبسيط وَغَيره عَن القَاضِي إِن وَطْء الْمَجْنُون يلْتَحق بِوَطْء الشُّبْهَة فِي الْمهْر وَغَيره من أَحْكَامهَا وَمَا ذكره الْقطَّان فِي مطارحاته من أَن وَطْء الصَّبِي أمة أَبِيه هَل يحرمها عَلَيْهِ قَولَانِ وَكَأَنَّهُ يَعْنِي الْقَوْلَيْنِ فِي عمده ثمَّ هَذَا الْإِفْتَاء اخْتِيَار لأحد الْوَجْهَيْنِ اللَّذين ذكرهمَا الْغَزالِيّ فِي أَن أرش الْبكارَة هَل ينْدَرج فِي مهر الْمثل فِي المكرهة وَإِن كَانَ صَاحب الْمُهَذّب لم يذكر سوى الاندراج خلاف مَا ذكره فِي الْجَارِيَة الْمَبِيعَة بيعا فَاسِدا فَإِنَّهُ قطع فِيهَا بِعَدَمِ الاندراج وَهُوَ اخْتِيَار القَوْل القَوْل الْجَدِيد فِي ضرب أروش الْأَطْرَاف على الْعَاقِلَة وَاخْتِيَار القَوْل بِأَن عمد الصَّبِي خطأ فِي جَمِيع الْأَحْكَام وَهُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة وَأحمد رحمهمَا الله وَالله أعلم 435 - مَسْأَلَة رجل زنديق تَابَ فَهَل تقبل تَوْبَته أم لَا وماذا يجب عَلَيْهِ أجَاب رَضِي الله عَنهُ يُعَزّر وَتقبل تَوْبَته فَإِن رَجَعَ بادرناه بِضَرْب رقبته وَلم نمهله مُدَّة الاستتابة وَيَنْبَغِي أَن يكون الْفرق بَينه وَبَين غَيره فِي الحديث: 434 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 465 @ الاستتابة والإمهال فِي مدَّتهَا وَالله أعلم 436 - مَسْأَلَة خصمان ذميان بَينهمَا محاكمة فِي شرعهم فَأَرَادَ أَحدهمَا أَن يتحاكما إِلَى ولي أَمرهم فَامْتنعَ الآخر من الْحُضُور إِلَى ذَلِك فَهَل يجْبر على محاكمته إِلَى ولي أَمرهم أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يجْبر على محاكمته عِنْد ولي أَمرهم فِي دينهم وَالْأَظْهَر أَن يجْبر الْمُمْتَنع على المحاكمة عِنْد قَاضِي الْمُسلمين إِذا دَعَاهُ خَصمه إِلَيْهِ وَالله أعلم 437 - مَسْأَلَة رجل مُسلم تراضى هُوَ وَرجل يَهُودِيّ جَار لَهُ على أُمُور مِنْهَا أَن الْيَهُودِيّ يرفع بُنْيَانه على الْمُسلم قدر خَمْسَة أَذْرع بالهاشمي فَرفع فَهَل يجب هدم مَا رفع الْيَهُودِيّ من الْبُنيان المجدد أم لَا وَهل وَالْحَالة هَذِه إِذا رفع الْمُسلم إِلَى جَانب الْبُنيان الَّذِي جدده الْيَهُودِيّ بنيانا بإزائه بعد ذَلِك بأيام يسْقط حَتَّى الشَّرْع من هدم مَا جدده الْيَهُودِيّ من الْبُنيان الْمَذْكُور أم لَا وَإِذا لم يجب هدم الْبُنيان الَّذِي جدده الْيَهُودِيّ الْمَذْكُور هَل لِلْيَهُودِيِّ أَن يحدث فِي الْبُنيان الْمَذْكُور ميزابا يَرْمِي الى درب مُشْتَرك بَينه وَبَين الْمُسلم الْمَذْكُور مَعَه لَا غَيره أم لَا وَهل لَهُ أَن يفتح فِي الْبُنيان المجدد الْمَذْكُور كوَّة يشرف مِنْهَا على الْمُسلم فِي سلمه وَملكه أم لَا سَوَاء شَرط لَهُ ذَلِك الْمُسلم الْمَذْكُور فِي بُنْيَانه أم لم يشرط وَهل اذا وَجب ازالة الأَصْل على الْأَحْوَال يتَعَيَّن على صَاحب الْأَمر المسارعة إِلَى ازالته لنصرة الاسلام أم لَا وَهل إِذا اسْتَقر بُنيان الْيَهُودِيّ الْمَذْكُور وَلم يجب إِزَالَته لِلْيَهُودِيِّ أَن يشرف مِنْهُ أَو أحد من جنسه على الْمُسلم فِي ملكه أَو على أحد من أَهله أم لَا وَإِذا لم يكن لَهُ ذَلِك فَهَل يتَعَيَّن على صَاحب الْأَمر تعزيزه على الْمَاضِي وَمنعه فِي الْمُسْتَقْبل أم لَا وَهل إِذا رفع الذِّمِّيّ صَوته على الْمُسلم يتَعَيَّن على ولي الْأَمر تعزيره على الحديث: 436 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 466 @ ذَلِك أم لَا وَهل اذا عزره نَاوِيا بذلك نصْرَة الْإِسْلَام وإعزاره يُثَاب على ذَلِك أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ يجب هدم مَا رَفعه الْيَهُودِيّ من بُنْيَانه الْمُحدث وَقدر يسير آخر ينحط بِهِ بُنْيَانه عَن مُسَاوَاة بُنيان الْمُسلم وَإِلَّا يسْقط ذَلِك برضى الْمُسلم فَإِنَّهُ حق الشَّرْع المطهر لَا لَهُ وَلَا يُؤَخر ذَلِك انْتِظَار الرّفْع الْمُسلم بُنْيَانه فَإِن تَأَخّر فَرفع بُنْيَانه فبادر الْمُسلم على مَا أحدث الْيَهُودِيّ من بُنْيَانه فَالظَّاهِر أَنه يسْقط وجوب هدم ذَلِك وَلَيْسَ لِلْيَهُودِيِّ أَن يحدث فِي بُنْيَانه ميزابا يَرْمِي إِلَى الدَّرْب الْمُشْتَرك بَينه وَبَين الْمُسلم بِغَيْر إِذْنه وَلَيْسَ لِلْيَهُودِيِّ أَن يفتح فِي بُنْيَانه كوَّة يشرف مِنْهَا على الْمُسلم وعَلى ملكه وَإِن اشْترط لَهُ الْمُسلم ذَلِك وَيجب على ولي الْأَمر المسارعة إِلَى إِزَالَة مَا تقدم ذكر وجوب إِزَالَته وَله الْأجر الأجزل إِذا فعل ذَلِك محتسبا لنصرة الْإِسْلَام وَأَهله وَيَأْثَم بإهمال ذَلِك وعَلى الْيَهُودِيّ التَّعْزِير بِشَرْطِهِ فِي تشرفه على الْمُسلم وَإِذا رفع صَوته على الْمُسلم استعلاء عَلَيْهِ فَعَلَيهِ التَّعْزِير 438 - مَسْأَلَة ذمى دعى خَصمه الذِّمِّيّ المساوى لَهُ فِي الدّين إِلَى المحاكمة عِنْد رَئِيس دينه وحاكمه فَهَل تلْزمهُ الْإِجَابَة أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يلْزمه ذَلِك فَإِنَّهُ لَيْسَ بحاكم شرعا فَهُوَ كَمَا لَو دَعَاهُ الى التحاكم إِلَى من لَيْسَ بحاكم وَلَا يصلح لولاية الحكم وَفِيمَا قرر بِهِ فِي الْمُهَذّب طَريقَة ابْن أبي هُرَيْرَة فِي مختلفي الدّين إِشَارَة إِلَى هَذَا الحكم وَالله أعلم 439 - مَسْأَلَة رجل رش طَرِيقا شَارِعا وَجعله زلقا فَعبر فِيهِ شخص فِي حِين الظلال أول النَّهَار وَهُوَ لَا يشْعر بالرش فزلق وَوَقع وتكسر مَا كَانَ مَعَه من الزّجاج فَهَل على الراش ضَمَانه الحديث: 438 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 467 @ أجَاب رَضِي الله عَنهُ نعم عَلَيْهِ ضَمَانه بِأَرْش مَا نقص بالتكسير وَهَذَا هَكَذَا وَإِن لم يفرط فِي الرش إِذا كَانَ لمصْلحَة نَفسه وَهَكَذَا إِن كَانَ قد فعله لمصْلحَة الْمَارَّة على الصَّحِيح اذا كَانَ من غير إِذن ولي الْأَمر وَهَذَا إِذا لم يتَعَمَّد الْمَشْي على المرشوش فَإِن تَعَمّده مَعَ علمه بالرش فَلَا ضَمَان لمباشرته واختباره قطع بِهِ صَاحب الْوَسِيط والتهذيب والتتمة وَالله أعلم 440 - مَسْأَلَة فِي كَنِيسَة هدم أَهلهَا بَعْضهَا وجددوه لَا لاستهدامه وتشعثه بل طلبا للتجمل وَالْأَحْكَام فَهَل يزَال وينقض عَلَيْهِم أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِن زادوا فِيهِ على مَا كَانَ نقضت الزِّيَادَة وَمَا فِيهِ الزِّيَادَة فَإِن أعادوه إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ حِين كَانَ جَدِيدا لم ينْقض فَإِنَّهُ لَو نقض لَكَانَ لَهُم أَن يبنوه كَمَا كَانَ أَولا حِين كَانَ جَدِيدا لم ينقص فَإِنَّهُ لَو نقض لَكَانَ لَهُم أَن يبنوه كَمَا كَانَ أَولا حِين كَانَ جَدِيد فليترك هَذَا بِحَالهِ فَإِنَّهُ بِهَذِهِ المثابة غير زَائِد على ذَلِك وَهَذَا دَقِيق وَالله أعلم 441 - مَسْأَلَة حد سَواد الْعرَاق من عبادان إِلَى الْموصل طولا وَمن الْقَادِسِيَّة إِلَى حلوان عرضا كَذَا قَالَ غير وَاحِد من المصنفين وَلَيْسَ المُرَاد التَّحْدِيد بأنفس هَذِه الْبِلَاد الْمَذْكُورَة وَإِنَّمَا المُرَاد من الْموصل مَا صرح بِهِ بَعضهم حَيْثُ قَالَ إِلَى حَدِيثه الْموصل وَهِي من آخر عَملهَا فِي ضرب الْعرَاق وَمن الْقَادِسِيَّة العذيب صرح بذلك بَعضهم وَقَالَ من عذيب الْقَادِسِيَّة وَصرح بَعضهم من حلوان إِلَى عقبَة حلوان وَهَكَذَا يَنْبَغِي أَن يكون فِي عبادان إِلَى عمل عبادان فَقدر السوَاد بالفراسخ أما عرضا فثمانون فرسخا وَأما طولا فمائة وَسِتُّونَ فرسخا فَيكون الْجَمِيع اثْنَي عشر الحديث: 440 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 468 @ ألف فَرسَخ وثماني مائَة فَرسَخ وَالْعراق حَده عرضا حد السوَاد كَمَا ذَكرْنَاهُ وَإِنَّمَا يُخَالِفهُ فِي الطول فحده طولا من الغلث إِلَى عبادان وَذَلِكَ مائَة وَخَمْسَة وَعِشْرُونَ فرسخا فَيكون الْجَمِيع عشرَة آلَاف فَرسَخ فاضبط ذَلِك فَإِنَّهُ قد غلط فِيهِ وَالله أعلم 442 - مَسْأَلَة صبي غير مختون شمر غرلته ثمَّ ربطها بخيط فَتَركهَا مُدَّة فشمرت الغرلة وتقلصت وَانْقطع الْخَيط فَصَارَ كَهَيئَةِ المختون وَصَارَ بِحَيْثُ لَا يُمكن ختانه فَهَل يُجزئهُ ذَلِك وَمَا الحكم أجَاب رَضِي الله عَنهُ الْقدر الْوَاجِب فِي الْخِتَان الْقطع الَّذِي يكْشف الْحَشَفَة جَمِيعهَا فَينْظر فِي هَذَا الْمَذْكُور فَإِن كَانَ قد صَار بِحَيْثُ لَا يُمكن قطع غرلته وَلَا شَيْء مِنْهَا إِلَّا بِقطع غَيرهَا فقد سقط عَنهُ وجوب ذَلِك وَإِن كَانَ الْقطع بعد مُمكنا فَإِن كَانَت بِدُونِ ذَلِك أما فِي بَعْضهَا أَو جَمِيعهَا وَهِي خشفة قد انكشفت بأسرها فقد سقط وَاجِب ختانه إِلَّا أَن يكون فِي تقلص الغرلة واجتماعها بِحَيْثُ يقصر عَن الْمَقْطُوع فِي طَهَارَته وجماعه وَالَّذِي يظْهر حِينَئِذٍ وجوب قطع مَا أمكن قطعه مِنْهَا حَتَّى يلْتَحق بالمختون فِي ذَلِك وَإِن لم تكن الْحَشَفَة قد انكشفت بأسرها فَيجب من الْخِتَان كُله أَو بعض مَا يكْشف عَن جَمِيعهَا فِي حَالَة الْإِمْكَان الْمَذْكُور وَالله أعلم قولي إِنَّه يسْقط الْوَاجِب إِذا كَانَ لَا يُمكن إِلَّا بِقطع غَيره وَقد يُقَال عَلَيْهِ أَنه يَنْبَغِي أَن لَا يسْقط وَإِن أفْضى الى قطع غَيره لِأَن مَا لَا يتَأَدَّى الْوَاجِب إِلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِب كَمَا لَو كَانَ لَهُ ذكران لَا يتَمَيَّز الْأَصْلِيّ مِنْهُمَا فَإِنَّهُمَا يختنان مَعَ أَن نصف كل وَاحِد مِنْهُمَا زَائِد كَمَا فِي الْخُنْثَى الْمُشكل فَإِنَّهُ يختن فِي فرجيه نَقله صَاحب الْبَيَان وَمن قبله لَكِن يتَعَيَّن مُخَالفَة هَذَا فَإِن الْقصاص الَّذِي الحديث: 442 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 469 @ هُوَ آكِد من هَذَا يسْقط إِذا لم يكن بِأخذ زَائِد فَهَذَا أولى وَإِن فرق بِأَنَّهُ يسْقط إِلَى خلف وَهُوَ الدِّيَة فنفرض فِي قصاص لَا بُد لَهُ كَمَا إِذا استوفى مِنْهُ بِقدر الدِّيَة بِأَنَّهُ قطع يَدَيْهِ وَقد نَص أَبُو الْفرج الدَّارمِيّ فِيمَا قَرَأت بِخَطِّهِ فِي كتاب الاستذكار من مُصَنفه على أَن الْجُمُعَة لَا تجب على الْخُنْثَى الْمُشكل وَإِن كَانَ بعض من صنف فِي أَحْكَام الْخُنْثَى الْمُشكل قد قطع بِأَنَّهَا تجب عَلَيْهِ لاسقاط الْفَرْض بِيَقِين ومساق مَا ذكره الدَّارمِيّ يُعْطي فِيمَا نَحن فِيهِ مَا ذكرته وَالله أعلم = وَمن كتاب الْحُدُود 443 - مَسْأَلَة رجل قَالَ لرجل أَنْت ولد زنا فَمَا الْوَاجِب عَلَيْهِ أجَاب رَضِي الله عَنهُ عَلَيْهِ العزير للمشتوم وَالْأَظْهَر أَنه عَلَيْهِ لأمه إِن كَانَت مُحصنَة حد الْقَذْف وَإِن كَانَ يجوز أَن يكون ولد زنا مَعَ انْفِرَاد الْوَطْء بِالزِّنَا بِأَن تكون هِيَ مستكرهة أَو ذَات شُبْهَة تخْتَص بهَا لَكِن اطلاقه ظَاهر فِي نَسَبهَا إِلَى الزِّنَا ويلتقي هَذَا من الْمَحْفُوظ فِيمَا إِذا قَالَ زنا بك فلَان فقد نصوا وَهُوَ فِي الْوَسِيط أَنه يكون قَاذِفا لَهَا مَعَ الِاحْتِمَال وَالله أعلم الحديث: 443 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 470 @ وَمن كتاب الْأَطْعِمَة 444 - مَسْأَلَة القاق والشوحة هَل يجوز أكل هذَيْن الطيرين واللقلق وَقد ذكر الْحَلَال بَين وَالْحرَام بَين وَبَينهمَا مُشْتَبهَات مَا الحديث: 444 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 471 @ الْحَلَال وَمَا الْحَرَام وَمَا المشتبه أجَاب رَضِي الله عَنهُ حرم الْغُرَاب وَهُوَ القلق الأبقع مِنْهُ وَالْأسود وَالْكَبِير والحدأة وَهِي الشوحة والببغاء واللقلق يحرم أَيْضا على الْمُخْتَار من الْوَجْهَيْنِ وَأما الْحَلَال فَهُوَ مَا لَا يشك فِي إِبَاحَته وَالْحرَام مَا لَا يشك فِي تَحْرِيمه والشبهات مَا وَقع الشَّك فِي أمره وَالله أعلم 445 - مَسْأَلَة قَوْله ص = مَا أنهر الدَّم وَذكر اسْم الله عَلَيْهِ فَكُلُوا لَيْسَ السن وَالظفر وَمَا حَدثكُمْ الحَدِيث أَخذ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يذكر للصحابة رَضِي الله عَنْهُم الْمَعْنى الْمُقْتَضى لعدم جَوَاز الذَّكَاة بِالسِّنِّ وَالظفر فَمَا أرَاهُ ذكر أَكثر من أَن قَالَ أما السن فَعظم وَأما الظفر فَعِنْدَ الْحَبَشَة لَيْسَ بتنصيص على الْعلَّة الْمُقْتَضِيَة لعدم جَوَاز الذَّكَاة بهما فَإِن كَانَ هَذَا تعليلا فَمَا تَوْجِيهه بِكَوْنِهِ عِلّة الحديث: 445 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 472 @ أجَاب رَضِي الله عَنهُ بل فِيهِ بَيَان لِلْعِلَّةِ غير أَن الْعلَّة فِي السن وَهُوَ كَونه عظما عِلّة يعْتد بِهِ قد يكون تَارَة فِي أصل الحكم وَتارَة فِي وضع الْأَسْبَاب والعلل فَإِن هَذَا أَيْضا من الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة فَوضع الْعظم إِذا عِلّة مبطلة مَانِعَة من جَوَاز الذَّكَاة تعبد لَا يعقل مَعْنَاهُ وَأما الْعلَّة فِي الظفر فمعقولة وَهِي التَّشْبِيه بالحبشية فَإِنَّهُ يُنَاسب الْمَنْع فان من تشبه بِقوم فَكَأَنَّهُ مِنْهُم والتشبه بالكفار قد يكون مَكْرُوها وَقد يكون حَرَامًا وَذَلِكَ على حسب الْفُحْش فِيهِ قلَّة وَكَثْرَة وَالله أعلم 446 - مَسْأَلَة جلد النمس والقندس والسنجاب وَالذِّئْب وسنور الْبر والثعلب إِذا دبغت جُلُود هَذِه الْحَيَوَانَات وَجعلت فرى فَهَل تكون ظَاهِرَة بالدبغ تصح الصَّلَاة فِيهَا وَعَلَيْهَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ أما الثَّعْلَب والسنور والسنجاب إِذا ذكيت فجلودها وشعورها طَاهِرَة وسنور الْبر لَا يُؤْكَل فجلده نجس يطهر بالدباغ وَلَا يطهر شعره على الْأَصَح والقندس مَشْكُوك وَكَذَلِكَ النمس فَالْأَصَحّ أَنه لَا يجوز استصحابه فِي الصَّلَاة وَالله أعلم 447 - مَسْأَلَة جلد النمر هَل هُوَ نجس وَهل يجوز اسْتِعْمَاله وَهل يفْتَرق الْحَال بَين مَا قبل الدّباغ وَمَا بعده أجَاب رَضِي الله عَنهُ أما قبل الدّباغ فَهُوَ نجس كُله سَوَاء كَانَ مذكى أَو غير مذكى فَيمْتَنع اسْتِعْمَاله امْتنَاع النَّجس الْعين وَمعنى أَنه يحرم اسْتِعْمَاله قطعا فِيمَا يجب فِيهِ مجانبة النَّجَاسَة من صَلَاة وَغَيرهَا وَهل يحرم على الْإِطْلَاق فِيهِ وَجْهَان وَأما بعد الدّباغ فَنَفْس الْجلد طَاهِر وَالشعر الَّذِي الحديث: 446 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 473 @ عَلَيْهِ نجس لَا يُؤثر فِيهِ الدّباغ على الصَّحِيح فاستعمال الْوَجْه الَّذِي عَلَيْهِ الشّعْر اذا مُمْتَنع مُطلقًا وَلأَجل أَنه غَالب مَا يسْتَعْمل مِنْهُ ورد الحَدِيث بِالنَّهْي عَنهُ مُطلقًا فروى أَبُو دَاوُد رَحمَه الله فِي سنَنه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا تصْحَب الْمَلَائِكَة رفْقَة فِيهَا جلد نمر وَفِي حَدِيث آخر أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا تركبوا النمار وَجَاء فِي الحَدِيث عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه نهى عَن جُلُود السبَاع أَن تفترش وَلَا شكّ أَن النمر من السبَاع فَهَذِهِ الْأَحَادِيث قَوِيَّة مُعْتَمدَة والتأويل المتطرق إِلَيْهَا غير قوي وَإِذا وجد الْمُوفق مثل هَذَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مثل هَذَا المضطرب فَهُوَ ضالته ومستروحته لَا يرى عَنهُ معدلا وَالله أعلم 448 - مَسْأَلَة سبع افترس شَاة فاقتطع مِنْهَا خَاصرتهَا وَأَبَان حشوتها وَأخرج جُزْءا من مصارينها وأنهر الدَّم ثمَّ ذكيت وَأدْركت فِيهَا حَيَاة عِنْد ذكاتها فَهَل يغلب التَّحْرِيم أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا تحل وَالْحَالة هَذِه وَالله أعلم وَمن كتاب السَّبق وَالرَّمْي 449 - مَسْأَلَة الرَّمْي أفضل أم الضَّرْب بِالسَّيْفِ أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِن الرَّمْي أفضل هَذَا هُوَ الظَّاهِر فَإِن فَضِيلَة كل وَاحِد مِنْهُمَا إِنَّمَا هِيَ من حَيْثُ كَونه عدَّة وَقُوَّة لأهل طَاعَة الله تَعَالَى على الحديث: 448 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 474 @ أهل مَعْصِيّة الله تَعَالَى وَالرَّمْي أبلغ فِي ذَلِك بِدَلِيل حَدِيث عقبَة بن مر رَضِي الله عَنهُ فِي صَحِيح مُسلم وَغَيره أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَلا على الْمِنْبَر قَوْله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {وَأَعدُّوا لَهُم مَا اسْتَطَعْتُم من قُوَّة} فَقَالَ أَلا إِن الْقُوَّة الرَّمْي كررها ثَلَاثًا وَمعنى هَذِه الصِّيغَة عِنْد أهل الْعلم أَلا أَن مُعظم الْقُوَّة الْمَأْمُور بإعدادها الرَّمْي وَهَذَا يُوجب تَفْضِيل الرَّمْي على السَّيْف وَالله أعلم 450 - مَسْأَلَة وَردت من عرض الْكَرم فِي طَاعَة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أفضل أم الشجَاعَة فِي طَاعَة الله تَعَالَى فقد تنَازع فِيهِ شخصان أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِن قابلنا بَين الْكَرم الْمُطلق وَبَين الشجَاعَة فالكرم الْمُطلق أفضل وأرجح فَإِنَّهُ يدْخل فِيهِ الشجَاعَة مَعَ سَائِر أَجنَاس الْجُود ثمَّ الْكَرم من صِفَات البارىء سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَلَا سَائِر أَجنَاس الْجُود ثمَّ الْكَرم من صِفَات البارىء سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَلَا يوصفه تبَارك وَتَعَالَى بالشجاعة وَإِذا قابلنا بَين الشجَاعَة على الْخُصُوص وَبَين الْكَرم بِالْمَالِ على الْخُصُوص أَو بِهِ مَعَ مَا يلْتَحق بِهِ من الْمَنَافِع فالشجاعة أفضل فَإِنَّهَا جود بِالنَّفسِ والجود بِالنَّفسِ أقْصَى غايات الْجُود وَالله أعلم 451 - مَسْأَلَة قَول الإِمَام الْغَزالِيّ فِي السَّبق وَالرَّمْي فِي الشَّرْط الْخَامِس من الْوَسِيط أَن يرد العقد على رُمَاة مُعينين ثمَّ الْمُحَلّل فِي التجرب يجوز أَن يكون من الحزبين وَيجوز أَن يكون خَارِجا عَنْهُمَا يناضلهم ثمَّ قَالَ وَلَو شَرط أحد الحزبين لوَاحِد مِنْهُم الْغنم دون المغرم فقد حلل هَذَا لنَفسِهِ وَهل يحلل لغيره فعلى الْخلاف الْمَذْكُور وَهَا هُنَا أولى بِأَن لَا يَصح لِأَن الحديث: 450 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 475 @ الْمُحَلّل هُوَ الَّذِي يسْتَحق جَمِيع السهْم وَهَذَا لَا يسْتَحق إِلَّا بعض السهْم فَمَا مُرَاد الْغَزالِيّ بقوله يناضلهم وَلَا يفاضلهم وَأَيْضًا فَإِنَّهُ جزم بِالْجَوَابِ حَيْثُ كَانَ الْمُحَلّل من الحزبين أَو خَارِجا عَنْهُمَا وأجرى الْخلاف فِيمَا لَو شَرط أحد الحزبين لوَاحِد مِنْهُم الْغنم دون المغرم فَمَا الْفرق بَينهمَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ قَوْله الْمُحَلّل يجوز أَن يكون من الحزبين أَي يكون الْمُحَلّل أحد الحزبين بِأَن يخرج أحد الحزبين السَّبق وَلَا يخرج الحزب الثَّانِي شَيْئا وَقَوله وَيجوز أَن يكون خَارِجا عَنْهُمَا أَي يكون الْمُحَلّل حزبا ثَالِثا أَو شخصا ثَالِثا وَقَوله يناضله صورته مَا إِذا أخرج كل وَاحِد مِنْهُمَا سيفاء وأدخلا مَعَهُمَا ثَالِثا لم يخرج شَيْئا فهم يناضلهم لِأَن الْكل يرْمونَ كَمَا فِي نَظِيره من الْمُسَابقَة على الْخَيل وَهُوَ مَا اذا أخرج كل وَاحِد من المتسابقين وأدخلا مَعَهُمَا ثَالِثا لم يخرج فالجميع يتسابقون وَقَوله أَولا يناضلهم صورته مَا إِذا لم يخرج الحربان شَيْئا وَإِنَّمَا أخرج السَّبق للْإِمَام أَو وَاحِد من الرّعية فَهَذَا خَارج عَنْهُمَا وَهُوَ لَا يَرْمِي مَعَهم وَلَا يناضلهم أَرَادَ المُصَنّف بِهَذَا الْكَلَام أَن يجْرِي فِي المناضلة الصُّور الثَّلَاث الَّتِي يجوز إِخْرَاج المَال فِيهَا فِي الْمُسَابقَة وَجعل اسْم الْمُحَلّل شَامِلًا لكل من تعلق بِهِ تَحْلِيل المَال السَّابِق وَهَذَا من أغمض مشكلات الْوَسِيط وَنَشَأ ذَلِك من سوء الْعبارَة حَيْثُ اسْتعْمل لفظ الْمُحَلّل فِي خلالف مَعْنَاهُ الْمَعْرُوف إِذا الْمَعْرُوف تَخْصِيص اسْم الْمُحَلّل بِمن يغنم وَلَا يغرم فَادْخُلْ هُوَ تَحت اسْمه من يغرم وَلَا يغنم فأوقع فِي عمياء مظْلمَة وَالله الْمُسْتَعَان وَفِيمَا أوضحناه بَيَان الْفرق بَين قَوْله يجوز أَن يكون من الحزبين وَمَا ذكره فِي مَسْأَلَة الْوَجْهَيْنِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 476 @ وَمن كتاب الايمان 452 - مَسْأَلَة رجل حلف لَا يُشَارك فلَانا وَهُوَ شَرِيكه فاستدام فَهَل يَحْنَث أجَاب رَضِي الله عَنهُ نعم يَحْنَث باستدامة الشّركَة إِلَّا أَن يَعْنِي شركَة مُبْتَدأ وَإِنَّمَا كَانَ هَكَذَا لِأَنَّهُ يُقَال شَاركهُ شهرا فيطلق ذَلِك على الاستدامة فَهُوَ فِي ذَلِك كَمَا فِي نَظَائِره من اللّبْس والركاب وَالسّفر وَغَيرهَا وَالله أعلم 453 - مَسْأَلَة رجل حلف أَنه يحفظ جَانب زيد فَمَا الَّذِي يلْزمه لَهُ من الْحِفْظ حَتَّى يخلص من الْحِنْث أجَاب رَضِي الله عَنهُ ليلتزم لَهُ مَا يُمكنهُ من حفظ نَفسه وَعرضه وَمَاله وَسَائِر حُقُوقه وَجَمِيع مَا ينْسب إِلَيْهِ مِمَّا يتَأَذَّى بفواته واختلاله حَتَّى أَهله وَولده وَنَحْوهمَا فيصون لَهُ الْحَالِف ذَلِك كُله من الْخلَل والضياع بِحَسب إِمْكَانه من غير تَقْصِير مِنْهُ وَإِن كَانَ لَهُ فِي ذَلِك نِيَّة فالاعتبار بِمَا نوى وَالله أعلم 454 - مَسْأَلَة حلف عِنْد انسلاخ شهر ربيع الأول وَهُوَ يعْتَقد أَنه بعد لم يَنْسَلِخ أَنه لَا يدْخل منزله إِلَى آخر الشَّهْر وَهُوَ يَعْنِي ذَلِك الشَّهْر وَكَانَ عِنْد يَمِينه قد انْقَضى فَهَل يَقع عَلَيْهِ بِالدُّخُولِ فِي هَذَا الشَّهْر المستهل أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يَقع فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى وَيقبل أَيْضا فِي الحكم إِذا لم يكن قد أظهر عِنْد يَمِينه اسْتِهْلَاك الشَّهْر الآخر وَالله أعلم الحديث: 452 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 477 @ وَهُوَ يشبه مَسْأَلَة عمْرَة ناداها فأجابته حَفْصَة فَقَالَ وَهُوَ يعْتَقد يَا عمْرَة أَنْت طَالِق فَإِنَّهُ يَقع طَلَاق عمْرَة دون حَفْصَة وَذَلِكَ ظَاهرا أَو بَاطِنا عِنْد الشَّيْخَيْنِ أبي حَامِد الْغَزالِيّ وَأبي الطّيب الطَّبَرِيّ لَكِن فِي الْمُهَذّب أَنه لَا يقبل مِنْهُ فِي حَفْصَة ظَاهرا فَتطلق بَاطِنا وَلَيْسَ بمختار 455 - مَسْأَلَة رجل أنكر حَقًا وَحلف عَلَيْهِ بالمصحف ثمَّ اعْترف بِهِ مَاذَا يجب عَلَيْهِ أجَاب رَضِي الله عَنهُ أَن عَلَيْهِ الْكَفَّارَة بِسَبَب الْحِنْث الْمَوْجُود مِنْهُ على كل حَال وَإِن تعمد الْكَذِب اسْتوْجبَ التَّعْزِير وَلَا يسْقط بِالْكَفَّارَةِ وَالله أعلم قد يشْتَبه هَذَا على من وقف على مَا فِي الْمُهَذّب من أَن التَّعْزِير يكون فِي كل مَعْصِيّة لَا حد فِيهَا وَلَا كَفَّارَة فَليعلم أَن هَذَا الَّذِي وَقع بِهِ الْإِفْتَاء لَيْسَ مُخَالفا لذَلِك لِأَن الْكَفَّارَة فِي الْيَمين يتَعَلَّق بِالْحِنْثِ والعزير مُعَلّق بالمعصية الناشئة من تعمد الْكَذِب وَذَلِكَ أَمر زَائِد على الْحِنْث فَلم يُوجب إِذا التَّعْزِير فِيمَا أوحبنا فِيهِ الْكَفَّارَة بل هَذَا فِي أَمر وَذَلِكَ أَمر آخر وَالله أعلم 456 - مَسْأَلَة الْمُكْره ذكرُوا فِي أصُول الْفِقْه أَنه يدْخل تَحت الْخطاب والتكليف وَذكروا فِي كتب الْمَذْهَب أَن طَلَاقه وردته وَإِقْرَاره لَا يَصح فَكيف يجمع بَين أصُول الْفِقْه وَالْفِقْه وَكَذَلِكَ قَالُوا فِي النَّاسِي لَا يدْخل تَحت الْخطاب وعَلى أحد الْقَوْلَيْنِ فِي الْيَمين يَحْنَث وَمَا يَنْبَغِي كَونه لَا تصح هَذِه الْأَحْكَام مِنْهُ مَعَ كَونه مُكَلّفا أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا مُنَافَاة بَين الْأَمريْنِ الْمَذْكُورين هُوَ مُكَلّف فِي حَالَة الْإِكْرَاه مَعَ ذَلِك يُخَفف عَنهُ بِأَن لَا يلْزمه بِحكم مَا كره عَلَيْهِ وَلم يختره من طَلَاق وَبيع غَيرهمَا لكَونه مَعْذُورًا وَمَا أَكثر التخفيفات عَن الْمُكَلّفين الحديث: 455 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 478 @ وَأما تحنيث النَّاس فَلَيْسَ من قبيل التَّكْلِيف بل هُوَ من قبيل خطاب الْوَضع وَالِاخْتِيَار الْخطاب خطابان تَكْلِيف وَهُوَ خطاب الْأَمر وَالنَّهْي وخطاب وضع وإخبار كالخطاب بِالصِّحَّةِ وَالْفساد وَوُقُوع الطَّلَاق وَلُزُوم الْكَفَّارَة فِي الذِّمَّة وَهَذَا الْخطاب يثبت فِي حق غير الْمُكَلف كَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُون وَغَيرهمَا 457 - مَسْأَلَة زَيْت نذر إسراجه فِي مشْهد نَجْرَان هَل يجوز صرفه إِلَى غَيره أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يجوز صرفه إِلَى جِهَة أُخْرَى وَالله أعلم هَذَا بِخِلَاف الصَّلَاة حَيْثُ لَا يتَعَيَّن فِيهَا غير الْمَسَاجِد الثَّلَاثَة بِالتَّعْيِينِ وَبِخِلَاف الْجِهَاد إِذا عين لَهُ جِهَة على أحد الْوَجْهَيْنِ وَالْفرق اشْتِمَال هَذَا على نفع يتَّصل بِأَهْل الْمَكَان الْمعِين وَالتَّعْيِين فِي مثل هَذَا مُمْتَنع وَصَارَ كَمَا لَو وقف شَيْئا على زَيْت مَسْجِد أَو مشْهد معِين أَو أوصى بِهِ فَإِنَّهُ لَا يجوز صرفه إِلَى غَيره وَالله أعلم 458 - مَسْأَلَة نذر ثُلثي مَا يحصل لَهُ من فعل وَقفه فِي سَبِيل الله تَعَالَى هَل يلْزمه الْوَفَاء بِهِ أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يلْزمه لِأَنَّهُ لم يكن حَالَة النّذر مَالِكًا لما سيحصل لَهُ من الْمغل وكما لَا يَصح الْعتْق وَالطَّلَاق فِيمَا سيملكه فَكَذَلِك النذور وَفِي الصَّحِيح عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا نذر فِيمَا لَا يملك ابْن آدم أَو فِيمَا لَا يملكهُ حِين نذر وَالْكَلَام فِيهِ يداني الْكَلَام فِي قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا طَلَاق قبل نِكَاح اعتراضا وجوابا وَأَيْضًا ثلثا مَا يحصل مَجْهُول وإلحاق نذر الحديث: 457 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 479 @ الصَّدَقَة فِي هَذَا بِالْوَقْفِ الَّذِي هُوَ صَدَقَة أولى من إِلْحَاقه بِالْعِتْقِ وَالطَّلَاق وَالله أعلم فِي التَّتِمَّة مسَائِل مشتبه مِنْهَا مَسْأَلَة فِيهَا خلاف يشبه هَذِه وَقد يتَوَهَّم مِنْهَا خلاف هَذَا وَفِيه بحث وَالله أعلم الْأَظْهر التَّفْصِيل إِن كَانَ علق على حُصُول الْمغل زَوَال الْملك أَي يصير صَدَقَة بالحصول أَو نَحْو هَذَا فَلَا يَصح كَمَا ذكرنَا وَإِن كَانَ الْتزم أَن يتَصَدَّق بِهِ حِينَئِذٍ فَيُصْبِح وَيفرق فِي وجوب الْوَفَاء بِهِ بَين أَن يكون نذر لحاج أَو مجازاة على مَا عرف وَالله أعلم = وَمن كتاب الْأَقْضِيَة 459 - مَسْأَلَة حكم حَاكم حَنَفِيّ بِمَنْع الْفَسْخ بالإعسار بِالصَّدَاقِ وَبِأَن لَهَا منع نَفسهَا مَعَ وجوب النَّفَقَة فَهَل لحَاكم آخر نقض الحكم بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهَا منع نَفسهَا أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَيْسَ لآخر نقضه إِلَّا أَن يكون الأول قد حكم على خلاف الْمَذْهَب الَّذِي يَنْتَحِلهُ مُتَوَهمًا أَنه على وَفقه لَا مُتَعَمدا انتحاله مَذْهَب غَيره فِيهِ فينقض حكمه وَالْحَالة هَذِه وَهَذَا التَّفْصِيل مُتَعَيّن فِي حكام هَذَا الزَّمَان فَإِنَّهُم لَا يعتمدون فِي أحكامهم على الِاجْتِهَاد لَا مُطلقًا وَلَا مُقَيّدا لكَوْنهم مقلدين فَإِذا جرى من أحدهم مَا ذكرنَا فَهُوَ مَقْطُوع بِكَوْنِهِ مِنْهُ خطأ فينتقض وَالله أعلم وجدت صَاحب الْحَاوِي يذكر فِي القَاضِي بالمصروف إِذا حكم بغرامة الْخمر المراقة على الذِّمِّيّ وَكَانَ مذْهبه فِي ذَلِك شافعيا على أَن القَاضِي الصَّارِف الشَّافِعِي نقض حكمه لِأَن حكمه بَاطِل لكَونه حكم بِمَا لَا يرَاهُ هَذَا نقل شَاهد لما ذكرت وَالله أعلم الحديث: 459 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 480 - مَسْأَلَة الْحَاكِم إِذا امْتنع من الحكم بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِين فِي الْحُقُوق الْمَالِيَّة وَلم يجد صَاحب الْحق مندوحة فَهَل يسوغ لَهُ الِامْتِنَاع وَالَّذِي ذهب إِلَى ذَلِك غير إِمَامه الَّذِي هُوَ متمسك بأصول مذْهبه أم لَا يسوغ وَيجب عَلَيْهِ أَن يحكم أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يسوغ لَهُ ذَلِك على وَجه التشهي وَلَا بِنَاء على مَا لَيْسَ بِدَلِيل فَإِن كَانَ مِمَّن يعرف الْأَدِلَّة وَرَأى أَن دَلِيل الِامْتِنَاع أقوى فَلهُ ذَلِك على وَجه التَّقْلِيد للْإِمَام الآخر وَيكون هَذَا عذرا لَهُ جَوَازًا مصيره إِلَى غير مَذْهَب إِمَامه الَّذِي هُوَ مقلده وَهَذَا مِمَّا إيضاحه فِي كتَابنَا كتاب الْفَتْوَى الَّذِي يتَعَيَّن على أهل الْعلم الاعتناء بِمَا فِيهِ وَالله أعلم 461 - مَسْأَلَة حَاكم من حكام الْمُسلمين هُوَ شَاهد فِي قَضِيَّة لَيْسَ فِيهَا شَاهد سواهُ فَشهد على شَهَادَته فرعان ونقلاها إِلَى حَاكم آخر ببلدة أُخْرَى وأثبتوا الْقَضِيَّة بالفرعين على شَهَادَته وَيَمِين الْمُدَّعِي ثمَّ نقلوا ذَلِك الحكم إِن كَانَ قد حكم أَو الثُّبُوت إِلَى الْحَاكِم الشَّاهِد الْأَصْلِيّ ليعْمَل بِهِ فَهَل يكون ذَلِك هُوَ أَصله وَيَبْنِي على الحكم بِالْعلمِ أَو يجوز لَهُ الْعَمَل بِهِ كَمَا لَو يكن أَصله أجَاب رَضِي الله عَنهُ يجوز لَهُ الْعَمَل بِهِ وَلَيْسَ من قبيل الحكم بِعِلْمِهِ وَالله أعلم 462 - مَسْأَلَة حَاكم من حكام الْمُسلمين ثَبت عِنْده بِالْبَيِّنَةِ العادلة أَن فلَانا مَالك لجَمِيع عشرَة أَذْرع بالذراع الْآدَمِيّ من جَمِيع الأَرْض الَّتِي بِمَدِينَة كَذَا مَوضِع كَذَا حد هَذِه الْعشْرَة الأذرع الْمَذْكُورَة من الْقبْلَة أَرض الحديث: 461 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 481 @ زيد وَمن الشمَال أَرض زيد وَمن الشرق والغرب طَرِيق ونهر وَفِي يَد زيد أَرض مقدارها سِتُّونَ بالذراعا النجار والذراع النجار مَعْرُوف يزِيد على أكبر أكبر ذِرَاع الْآدَمِيّ وَلم يعين الْحَاكِم وَلَا الشُّهُود مِقْدَار الأذرع بالآدمي وَلَا هُنَاكَ مِقْدَار يعرف بِذِرَاع الْآدَمِيّ وَلَا عين الْحَاكِم وَلَا الشُّهُود مَوْضُوع الأذرع بِعَينهَا لَا جُمْلَتهَا وَلَا ابتداءها وَلَا انتهائها وَالْحَد الغربي والشرقي يَمْتَد على جَمِيع السِّتين ذِرَاعا فجَاء فلَان ادّعى على زيد بالأذرع الْمَذْكُورَة فَقَالَ زيد الَّذِي ادعيت بِهِ وأثبته الْحَاكِم مَجْهُول الْقدر لِأَن أَذْرع الْآدَمِيّين مُخْتَلفَة اخْتِلَافا عَظِيما فِي الطول وَالْقصر وَلَيْسَ بَعْضهَا بِأولى من الْبَعْض ومجهول الْموضع لِأَنَّهُ مَا من مَكَان هَذِه السِّتين ذِرَاعا إِلَّا وَيحْتَمل أَن يكون الثُّبُوت مُتَوَجها نَحوه وَيحْتَمل أَن يكون غَيره احْتِمَالا وَاحِدًا وَهَذِه الأَرْض بيَدي وملكي فَلَا ينْزع من يَدي الا مَا يتَعَيَّن أَنه ملكا مِقْدَارًا ومحلا فَهَل يعْمل بِهَذَا الثُّبُوت فِي مِقْدَار مَا فِي مَكَان لَا يعْمل بِهِ حَتَّى يُقيم بَينه بِالْمحل والمقدار والدعاوى عِنْد الْعلمَاء لَا يسمع فِي الْمَجْهُول إِلَّا فِي مَوَاضِع مَعْدُودَة لَهُ هَذِه من جُمْلَتهَا أم يُقَال للْمُدَّعى بَين أَن هَذَا الَّذِي يَدعِي بِهِ مَعْلُوم وَإِلَّا فَلَا تتمّ الدَّعْوَى أجَاب رَضِي الله عَنهُ جَهَالَة مَوضِع ذَلِك قادحة فِي الْعَمَل بِهِ وَأما الذِّرَاع فَينزل على الْأَوْسَط من الأذرع كَمَا نزلنَا الْمَوْصُوف بنظائر لذَلِك على الْأَوْسَط وَفِيه احْتِمَال مَعَ هَذَا وَالله أعلم 463 - مَسْأَلَة حَاكم حكم بِمحضر قد كَانَ أفتى وَسبق أَنه لَا يجوز الحكم بِهِ فَهَل يجوز نقض حكمه أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِذا اعْتمد فِي حكمه بذلك على قَول من يجوز لَهُ تَقْلِيده من الْأَئِمَّة وصادف فِيهَا مَنْقُولًا عَمَّن هُوَ بِهَذِهِ المثابة فَحكم بِهِ الحديث: 463 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 482 @ فَلَا يجوز نقض حكمه أما إِذا اعْتمد على رَأْيه واستنباطه مُجَردا عَن نقل نَقله فِي ذَلِك فينقض حكمه وَهَذَا التَّفْصِيل مُتَعَيّن فِي قُضَاة زَمَاننَا فِي كل مَسْأَلَة فِيهَا نظر يحْتَاج إِلَى آلَة تَامَّة فانهم لَا يجوز لَهُم الحكم فِيهَا بآرائهم وَمَا يَقع لَهُم على مَا عرف فَكيف لَا ينْقض أحكامهم فِيهِ وَإِنَّمَا قَالُوا لَا ينْقض الحكم فِي المجتهدات لِأَن الِاجْتِهَاد لَا ينْقض بِالِاجْتِهَادِ فَأَيْنَ للِاجْتِهَاد الَّذِي ينْتَقض بِنَقْض حكم أَمْثَال هَؤُلَاءِ وَالله أعلم 464 - مَسْأَلَة ورد بِخَط قَاضِي دمشق الْأَزْدِيّ فِي قَاض أحضر عِنْده كتاب وقف ليسجل وَفِيه مُحَمَّد بن زيد بن مُحَمَّد الْعلوِي وقف على أَوْلَاده أُسَامَة وَزيد وَأبي البركات وَقفا مُتَّصِلا وَشهد عِنْده شُهُود أَن مُحَمَّد بن زيد بن الْحُسَيْن الْعلوِي الْمُسَمّى فِي هَذَا الْكتاب وقف على أَوْلَاده أُسَامَة وَزيد وَأبي البركات على شرح فِي الْكتاب فسجل بِأَنَّهُ ثَبت عِنْده أَن مُحَمَّد بن زيد بن الْحُسَيْن الْعلوِي الْمُسَمّى فِي الْكتاب وقف على أَوْلَاده الْمَذْكُورين على مَا ذكر فِي الْكتاب وَمُحَمّد بن زيد الْعلوِي مَشْهُور بَين العلويين لَا يُشَارِكهُ غَيره فِي كَونه مُحَمَّد بن زيد الْعلوِي الَّذِي أولد أُسَامَة وزيدا وَأَبا البركات وَفِي أجداده الْعَالِيَة من يُسَمِّي الْحسن فسجل القَاضِي وَأثبت هَذَا الْكتاب وَعرض تسجيله على قَاض آخر فنفذه وَقَالَ ثَبت عِنْدِي مَا ثَبت القَاضِي فلَان وَقد وقف مُحَمَّد بن زيد بن مُحَمَّد الْعلوِي فَذكر اسْم الْجد على مَا هُوَ فِي أصل الْكتاب لَا على مَا سجل القَاضِي الأول وَتُوفِّي الآخر وَلَعَلَّه اعْتمد على مَا عرفه من أَن الْجد الْأَدْنَى مُحَمَّد والأعلى الْحسن فَهَل كَانَ جَائِزا لَهُ تَنْفِيذ ذَلِك التسجيل وَالْحَالة هَذِه وَهل ينفذ تنفيذه مَعَ الِاخْتِلَاف مَعَ الْحَال الْمَشْهُور وَالِاحْتِمَال الْمَذْكُور ثمَّ أَن القَاضِي الأول كَانَ قد قَالَ ثَبت عِنْدِي بِشَهَادَة فلَان وَفُلَان على شَهَادَة فلَان وَلم يذكر فِي التسجيل عَدَالَة شُهُود الْفَرْع وَلَا عَدَالَة شَاهد الأَصْل وَلَا ذكر الحديث: 464 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 483 @ تعذر حُضُور شَاهد الأَصْل بِعُذْر مُعْتَبر وَقد قَالَ نقبل شَهَادَتهمَا بِمَا رأى مَعَه قبُولهَا فَهَل يقْدَح هَذَا فِي الْعَمَل بِهِ أفتونا مَأْجُورِينَ أجَاب رَضِي الله عَنهُ بعد الاستخارة والتثبت وَقد كَانَ تقدم فِيهِ إِفْتَاء جمَاعَة درجوا آخَرين بقوا بِبُطْلَان والتسجيل وتنفيذه إِن كَانَ هَذَا التسجيل والتنفيذ بِسَائِر شروطهما صَحِيحَانِ لَا يبطلهما شَيْء مِمَّا ذكر وَالِاخْتِلَاف الْمَذْكُور بَين متن الْكتاب وتسجيله فِي الْحَد الْوَاقِف الْمَذْكُور لَا يقْدَح فِي صِحَة التسجيل وَلَا يمْنَع من ثُبُوت مَضْمُون الْكتاب بِهِ لِأَن التَّعْيِين لقَوْله الْمُسَمّى فِي هَذَا الْكتاب وَمَا جرى مجْرَاه نَص بِأَن هَذَا ذَاك فِي التَّعْيِين فَعَلَيهِ الِاعْتِمَاد وَلَا عِبْرَة بِالِاسْمِ مَعَه وَمهما اجْتمع الِاسْم وَالتَّعْيِين بِأَنَّهُ أَدَاة كَانَت من أدواته كَانَ الحكم للتعيين لَا للاسم حَتَّى لَا يحْتَمل بالاختلاف فِيهِ وَيحمل على الْغَلَط اللاغي وَلذَلِك نَظَائِر مَحْفُوظَة أَمسهَا بِهَذَا الْوَاقِع أَنه لَو قَالَ زَوجتك هَذِه فَاطِمَة وَاسْمهَا عَائِشَة أَو قَالَ زَوجتك بِنْتي فَاطِمَة وَهِي عَائِشَة لَا بنت لَهُ غَيرهَا فَقبل الزَّوْج صَحَّ العقد فِي الْمعينَة بقوله هَذِه أَو بِنْتي وَجعل مَا ذكره فِي الِاسْم الْمُخَالف غَلطا لَا تَأْثِير لَهُ وَقد قطع صَاحب الْمُهَذّب فِي هَذَا بِهَذَا من غير خلاف وَله أشباه يذكر فِيهَا وَجه ثَان وَذَلِكَ الْوَجْه مَعَ تباعده فِي الْقُوَّة عَن هَذَا يبْقى بتقاعد عَن جَرَيَانه لَهُ فِي هَذِه الْوَاقِعَة لما فِيهَا من إِمْكَان الْجمع بِالْحملِ على النِّسْبَة إِلَى الْجد العالي مَعَ انضمام الآخر الْمَذْكُور وَأما قَوْله ثَبت عِنْدِي بِشَهَادَة فلَان وَفُلَان إِلَى آخِره فكاف مَحْمُول على الصِّحَّة المصحوبة كاستيفاء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 484 @ الشُّرُوط كَانَ هَذَا عِنْدهم حكم بِهِ أَو حكم بقول الْبَيِّنَة فَيحمل مطلقه على الصِّحَّة كَمَا لَو قَالَ حكمت وقضيت بِالْبَيِّنَةِ غير ناص عَليّ أَوْصَاف الشُّهُود الْمُعْتَبرَة فَإِنَّهُ يحمل على اسْتِيفَائه لذَلِك وَيعْمل بِهِ 465 - مَسْأَلَة قَاض أشهد عَلَيْهِ بِثُبُوت كتاب مَعَ الحكم أَو بِغَيْر حكم ثمَّ أدّى شُهُوده ذَلِك عِنْد قَاض آخر وَأشْهد عَلَيْهِ بِثُبُوت إِثْبَات القَاضِي الأول وتنفيذ حكمه أَو بِثُبُوت إثْبَاته فَحسب ثمَّ رفع ذَلِك إِلَى قَاضِي ثَالِث وَحضر الشُّهُود على الْحَاكِم الثَّانِي فَهَل يجوز الِاعْتِمَاد على شَهَادَتهم مَعَ حُضُور الَّذين شهدُوا على الْحَاكِم الأول أجَاب رَضِي الله عَنهُ هَذَا فِي الأَصْل مبيضا لَا جَوَاب فِيهِ 466 - مَسْأَلَة حكم حَاكم لمبتاع أَرض على بَائِعهَا بِصِحَّة البيع بِإِقْرَارِهِ ثمَّ حضر ثَالِث وأدعى رهينة الْمَبِيع سَابِقًا على البيع وأثبته على وَجه يبطل البيع فَحكم بِبُطْلَان البيع وَصِحَّة الرَّهْن وعود الْملك لذَلِك إِلَى البَائِع وأنقذ حكمه هَذَا حَاكم ثَان وثالث ثمَّ أثبت المُشْتَرِي عِنْد الثَّالِث إِقْرَار الْمُرْتَهن بِأَنَّهُ لم يرْهن جَمِيع الْمَرْهُون وَسَأَلَهُ نقض الحكم بِصِحَّة الرَّهْن بِنَاء على ذَلِك فنقضه ثمَّ نقض حَاكم رَابِع حكم الثَّالِث الناقض وَحكم بِصِحَّة الرَّهْن وَلم يذكر مُسْتَندا لنقضه سوى أَنه نظر وشاور الْفُقَهَاء فَظهر لَهُ بطلَان نقضه أجَاب رَضِي الله عَنهُ بعد استخارة الله تَعَالَى بعد أَن أفتى مفتون بِمَا لَيْسَ بِمَرَض فَقلت الْأَمر فِي هَذَا على تَفْصِيل ينظر فَإِن كَانَ الْحَاكِم الأول القَاضِي بِصِحَّة الرَّهْن مِمَّن يرى صِحَة الرَّهْن فِيمَا لم يرى بعضه فَحكمه بِصِحَّة الرَّهْن يكون حكما بِالصِّحَّةِ على الاطلاق ومتناولا حَالَة عدم الروية الحديث: 465 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 485 @ وَعند ذَلِك حكم الثَّالِث بعد أَن ظهر أَن الْوَاقِع هَذِه بِنَقْض الحكم بِالصِّحَّةِ بِنَاء على ذَلِك نقض حكم نفذ بِالِاجْتِهَادِ وَهُوَ بِالِاجْتِهَادِ لَا محَالة غير نَافِذ وَمَعْلُوم نقلا وَدلَالَة أَن من نقض حكما هَذَا سَبيله فعلى غَيره إبِْطَال نقضه فَإِذا حكم الرَّابِع فِي هَذِه الْحَالة بِالنَّقْضِ صَحِيح نَافِذ وَإِن كَانَ الْحَاكِم الأول من رَأْيه فَسَاد رهن مَا لم يرى بعضه فِي هَذِه الْحَالة فَإِنَّمَا يحكم بِصِحَّة الرَّهْن عِنْد حُصُول الروية للْجَمِيع أَو أَن كَانَ لَا رَأْي لَهُ فِي هَذَا مُتَعَيّنا فَحكم الْمُطلق وَالْحَالة هَذِه لَا يكون حكما بِالصِّحَّةِ فِي هَذِه الْحَالة لما لَا يخفى وَعند هَذَا فَحكم الثَّالِث بِفساد الرَّهْن بِنَاء على مَا ظهر لَهُ من هَذِه الْحَالة حكم فِي مُجْتَهد فِيهِ لم يسْبقهُ على الْحَقِيقَة كلما حكم بِخِلَافِهِ فَينفذ وَلَيْسَ للرابع نقضه بِنَاء على هَذَا الْمُسْتَند الْمُجْتَهد فِيهِ وَبعد هَذَا فالرابع الناقض لذَلِك يُرَاجع فِي مُسْتَنده فان ذكر هَذَا أَو غَيره مِمَّا لَيْسَ قِيَاسا جليا وَلَا مُسْتَندا غَيره يعْتَمد فِي نقض الحكم فنقضه لَا ينفذ وَإِن ذكر مَا يسوغ نقض الحكم فنقضه نَافِذ وَإِن تعذر الْوُقُوف على مُسْتَنده فَحكم بِالنَّقْضِ وَهُوَ من أهل الحكم ظَاهره النَّفاذ وَصِحَّة الْمُسْتَند هَذَا التَّفْصِيل مُتَعَيّن وَمَا قرر بِهِ خِلَافه مِنْهُ مَا تَصْوِير صُورَة الاستفتاء بَاقِيَة وَمِنْه مَا تصور قسمي التَّفْصِيل بَاقِيَة وَالله أعلم 467 - مَسْأَلَة فِيمَا إِذا ثَبت على غَائِب عَن حلب عِنْد قاضيها حق وَحكم بِهِ وَكتب بِهِ كتابا حكما فَإِذا ورد على قَاضِي دمشق هَل يتَوَقَّف إِثْبَات الْكتاب الْحكمِي هَذَا عِنْده على حُضُور الْخصم وَإِثْبَات غيبته عَن دمشق الْغَيْبَة الْمُعْتَبرَة أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يتَوَقَّف ذَلِك على ذَلِك ويتوقف على مصادفة نَص فِيهَا عَن مُعْتَمد وَالله أعلم 468 - مَسْأَلَة بَينه ثَبت عدالتها عِنْد حَاكم من حكام الْمُسلمين ثمَّ الحديث: 467 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 486 @ نقلت بِشَهَادَتِهِ على الْحَاكِم الْمَذْكُور إِلَى حَاكم آخر مُجَرّد الْعَدَالَة وَلم يكن للْحَاكِم الثَّانِي خبْرَة بعدالة الْبَيِّنَة الأولى فَهَل يجب على الْحَاكِم الثَّانِي بت الحكم بَين المتنازعين وَلم يكن لَهُ بعدالة شُهُود الأَصْل معرفَة أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِن حكم الْحَاكِم الْكَاتِب بعدالتهما كفى الْمَكْتُوب إِلَى ذَلِك فِي الحكم بِشَهَادَتِهِمَا ثمَّ الظَّاهِر أَنه إِذا قَالَ هما عَدْلَانِ هَكَذَا بِصِيغَة الحزم كَانَ ذَلِك حكما مِنْهُ بعدالتهما وَإِن قَالَ حكمت أَو قضيت وَلم يحكم الْحَاكِم الْكَاتِب بعدالتهما بل اقْتصر على ذكره أَن شَاهِدين شَهدا بعدالتهما فَيحْتَاج إِلَى تَسْمِيَة شَاهِدي التَّعْدِيل ثمَّ الْمَكْتُوب إِلَيْهِ مُتَوَقف حكمه على ثُبُوت عدالتهما عِنْده بطريقة الْمَعْرُوف وَالله أعلم 4 وَمن كتاب الْقسَامَة 469 - مَسْأَلَة بُسْتَان مُشْتَرك بَين جمَاعَة لوَاحِد مِنْهُم أحد عشر قيراطا وَنصفا وَالْبَاقِي لجَماعَة مِنْهُم من لَهُ قِيرَاط أَو نَحْو ذَلِك وَقد أَقَامَ بَيِّنَة على أَنه قَابل لقسمة التَّعْدِيل وَطلب الْقِسْمَة فَهَل يحْتَاج إِلَى أَن يثبت أَن كل قِيرَاط من حِصَّته قَابل لقسمة التَّعْدِيل وَهل يحْتَاج إِلَى التَّعْدِيل وكل جُزْء من حِصَّته هُوَ بِقدر حِصَّة كل وَاحِد من الشُّرَكَاء أم يَكْفِي التَّعْدِيل فِي جملَة حِصَّته أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِذا كَانَ طَرِيق قسمته أَن يَجْعَل على سِهَام مُتعَدِّدَة بِحَسب سهم أقل الشُّرَكَاء نَصِيبا فَلَا بُد من تَعْدِيل كل سهم بِالْقيمَةِ وَلَا يتهيأ للاقتصار على تَعْدِيل جملَة حِصَّة صَاحب الْكَبِير وَالله أعلم الحديث: 469 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 487 - مَسْأَلَة فِي شَخْصَيْنِ بَينهمَا دَار اقتسماها بِالتَّرَاضِي نِصْفَيْنِ وبابها دَاخل فِي قسم أَحدهمَا وَالْآخر بني الْأَمر على أَنه يفتح فِي قسمه بَابا إِلَى الشَّارِع فَمَنعه صَاحبه السُّلْطَان من فتح بَاب آخر لكَونه يَقع قَرِيبا من فرن لَهُم فَهَل يثبت لَهُم الاستطراق من الْبَاب الْأَصْلِيّ أَو تَنْفَسِخ الْقِسْمَة أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِذا كَانَا قد تقاسما على أَن الْمَذْكُور يستطرق إِلَى نصِيبه من بَاب يَفْتَحهُ من الْجِهَة الْمَذْكُورَة فَلهُ فسخ الْقِسْمَة عِنْد امْتنَاع ذَلِك عَلَيْهِ وَعند امْتنَاع شَرِيكه من تَمْكِينه من الاستطراق فِي ملكه وَلَا يَقُول ثَبت لَهُ الاستطراق فِي ملك صَاحبه الآخر من الْبَاب الْأَصْلِيّ فَإِن ذَلِك يثبت مثله عِنْد الْإِطْلَاق على أحد الْوَجْهَيْنِ لاقْتِضَاء الْعرف لَهُ حِين لَا ممر رلا فِي ملك البَائِع أَو المقاسم وَهَذَا لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ وَالله أعلم بلَى لَو لم يكن قسمه بصدد أَن يفتح بَابه إِلَى الشَّارِع وَلَا إِلَى ملك لَهُ وَلم يكن لَهُ مستطرق إِلَّا فِي قسم مقاسمه على أحد الطَّرفَيْنِ وَهُوَ الْأَظْهر وَقد ذكر الرَّوْيَانِيّ أَبُو نصر فِيمَا إِذا لم يكن لأحد المتقاسمين ممر عَن بعض أَصْحَابنَا أَنه أفسد الْقِسْمَة كَبيع دَار لَا ممر لَهَا وَمُقْتَضى هَذَا الَّذِي حَكَاهُ وجريان مَا ذكرته فِي الْقِسْمَة على حسب جَرَيَانه فِي البيع وَالتَّسْلِيم 471 - مَسْأَلَة جمَاعَة عمروا رَحا وأداروا فِي الْبَيْت الْمَعْمُور حجرا وَاحِدًا وَقد يُمكن أَن يديروا فِيهَا حجرا آخر فَبَاعَ وَاحِد من الشُّرَكَاء جزءه لوَاحِد من بعض شركائه جَمِيع مَا يسْتَحقّهُ فِي دَاخل الْبَيْت فَامْتنعَ بَاقِي الشُّرَكَاء من ذَلِك أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يلْزمهُم زِيَادَة حجر آخر من عِنْدهم وَلَا بِقدر حِصَّته فَإِن أَرَادَ الطَّالِب لذَلِك زِيَادَة حجر آخر من عِنْده وَتَكون الْمَنْفَعَة الحديث: 471 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 488 @ بَين الْجَمِيع وَلَا ضَرَر فِيهِ على الْمَالِك لم يكن لَهُم الِامْتِنَاع من ذَلِك وَالْمَنْع مِنْهُ وَلَكِن إِذا منعُوهُ من الِانْتِفَاع أصلا بِنَفسِهِ أَو من الأنتفاع الْمَذْكُورَة الزَّائِد بِنَفسِهِ أجر الْحَاكِم الْجَمِيع من غَيرهم على وَجه تدخل الزِّيَادَة الْمَذْكُورَة من الِامْتِنَاع فِي الأجارة وَتَكون الْأُجْرَة بَين الْجَمِيع وَالله أعلم 472 - مَسْأَلَة أَرض فِيهَا أَشجَار وثلثاها وقف على ولد الْوَاقِف وعَلى أَوْلَاده وَقفا مُتَّصِلا وَالثلث الآخر مَمْلُوك لرجل آخر فتراضى الْمَالِك للثلث وَالْمَوْقُوف عَلَيْهِ على الْقِسْمَة فَهَل تصح الْقِسْمَة وَإِذا صحت بِالتَّرَاضِي وَمَات الْبَطن الأول وانتقل ألى الْبَطن الثَّانِي فَهَل للبطن الثَّانِي أَن ينقضوا الْقِسْمَة أجَاب رَضِي الله عَنهُ تصح الْقِسْمَة على الْمُخْتَار ثمَّ الظَّاهِر إِنَّهَا لَا تلْزم فِي حق الْبَطن الثَّانِي وَالله أعلم 473 - مَسْأَلَة بُسْتَان يشْتَمل على أَنْوَاع من الْأَشْجَار كَثِيرَة الْقيمَة مُشْتَرك بَين أَقوام وَصَاحب الْقَلِيل مِنْهُ يقْصد شركاءه فِيهِ بالإضرار لمَوْت أشجاره بترك السَّقْي فَهَل يجب مَنعه من الاضرار بِمَوْت أشجاره بترك السَّقْي وَهل يجب مَنعه من الاضرار بهم فِي ذَلِك بإلزامه بسقي الْأَشْجَار عِنْد طلب الشُّرَكَاء لذَلِك أَو قسْمَة الْبُسْتَان مَعَ الْخَلَاص من إضراره أَو إِجْبَاره على مُسَاقَاة من يعْمل عَلَيْهَا عِنْد الِامْتِنَاع دفعا لضرره بِتَلف الْأَشْجَار أَو تَمْكِين بَقِيَّة الشُّرَكَاء من عِمَارَته تَبَرعا من مَالهم دون مَاله ويجبره الْحَاكِم عِنْد الِامْتِنَاع وَإِذا رغب أحد الشُّرَكَاء فِي الْقِسْمَة هَل يجْبر الْمُمْتَنع عَلَيْهَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ يلْزم بالسقي مَعَهم على الرَّأْي الْمُخْتَار الصَّحِيح عِنْد من يعْتَمد من أَئِمَّتنَا وَإِذا طلب قسمته بالتعديل من لَا يستضر بهَا أجبر الْمُمْتَنع عَلَيْهَا وَيُمكن بَاقِي الشُّرَكَاء من عِمَارَته وَالله أعلم الحديث: 472 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 489 - مَسْأَلَة دَار مُشْتَركَة بَين جمَاعَة لوَاحِد مِنْهُم النّصْف وَالنّصف الآخر لجَماعَة مِنْهُم من لَهُ عشر وَمِنْهُم من لَهُ سهم فِي أَرْبَعِينَ سَهْما وَطلب صَاحب النّصْف قسْمَة الدَّار وإفراز نصِيبه فَامْتنعَ بَاقِي الشُّرَكَاء وَالدَّار يُمكن قسمتهَا وَلَا يُمكن قسمتهَا على أقل السِّهَام لعدم الِانْتِفَاع بِهِ وَلم يكن يحصل لصَاحب السهْم الْقَلِيل مَا يُمكن الِانْتِفَاع بِهِ على جاري الْعَادة فَهَل يجْبر الْمُمْتَنع على الْقِسْمَة أم لَا وَهل إِذا طلب صَاحب النّصْف أَن يُقرر لَهُ نصف الدَّار وَيكون الْبَاقِي مشَاعا بَين بَاقِي الشُّرَكَاء وامتنعوا يجْبر على ذَلِك أم لَا وَهل إِذا لم يجبروا على الْقِسْمَة فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَة أَن الدَّار قَابِلَة لقسمة الْإِجْبَار وَلم تكن الْبَيِّنَة مِمَّن يعرف شَرَائِط الْقِسْمَة وَلَا مَا يضر فِيهَا الْمُمْتَنع فَتسمع بَينته مَعَ عدم مَعْرفَتهَا شَرَائِط الْقِسْمَة أجَاب رَضِي الله عَنهُ الْمُخْتَار أَن لَا يجْبر الْمُمْتَنع وَالْحَالة هَذِه وَلَا على أَن يبْقى أَيْضا من يستضر مشاعه فَإِن الْقِسْمَة فِي أَصْلهَا يُرَاعى فِيهَا جَانب الشُّرَكَاء أَجْمَعِينَ وَلَيْسَ ذَلِك كَمَا احْتج بِهِ من اخْتَار الْوَجْه الآخر من رِعَايَة جَانب صَاحب الدّين مَعَ استضرار الْمَدْيُون وَالله أعلم وَلَا يعْمل بِشَهَادَة من لَا يعرف الشَّرَائِط إِذا شهد بِأَنَّهَا قَابِلَة لقسمة الْإِجْبَار وأطلاق وَلم يبين وَالله أعلم 475 - مَسْأَلَة ملك مُشْتَرك بَين جمَاعَة تشارعوا بَينهم وَطلب بَعضهم الغلق على بَاقِي الشُّرَكَاء فَهَل يُجَاب أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ إغلاق الْمَكَان الْمُشْتَرك الَّذِي تشاح فِيهِ الشُّرَكَاء وَلم ينْفَصل بَينهم فِيهِ بقسمة وَلَا غَيرهَا مَذْهَب فَاسد تأباه قَوَاعِد الشَّرِيعَة ومعاقد الْمَذْهَب وَإِنَّمَا زلَّة عَالم صدرت من بعض عُلَمَائِنَا وَقد كنت أَقُول فِي زمن تقدم وَأَنا قَائِل ذَلِك الْآن وَالله أعلم الحديث: 475 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 490 - مَسْأَلَة أَرْبَعَة شُرَكَاء بَينهم أَرض على التَّسَاوِي لكل وَاحِد مِنْهُم الرّبع فَحَضَرَ مِنْهُم ثَلَاثَة واقتسموا حصصهم أَثلَاثًا وَتركُوا حِصَّة الَّذِي لم يحضر بَينهم على الإشاعة ثمَّ حضر الرَّابِع وَرَضي بذلك فَهَل تصح هَذِه الْقِسْمَة أم لَا وَفِي الشُّرَكَاء بأعيانهم بَينهم أَرض مشاعة أَربَاعًا فَحَضَرَ ثَلَاثَة مِنْهُم واقتسموا الأَرْض أَربَاعًا وعينوا حِصَّة الَّذِي لم يحضر ثمَّ حضر فَرضِي فَهَل تصح هَذِه الْقِسْمَة أم لَا وَإِن حضر وَلم يرض بِوَاحِدَة من الْقسمَيْنِ فَهَل يحكم بفسادهما أم تصح الأولى وَتبطل الثَّانِيَة أم تصح كل وَاحِدَة مِنْهُمَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ الْقِسْمَة الْمَذْكُورَة أَولا بَاطِلَة فَإِن رَضِي بهَا على وَجه الْإِجَازَة لما مضى لم تصح بذلك وَإِن رَضِي على وَجه الْإِنْشَاء مِنْهُ للْقِسْمَة جَازَ مَعَ رضاهم ذَلِك وَصَحَّ أَنَّهَا لَيست قسْمَة إِجْبَار وَقِسْمَة الرِّضَا وَاسِعَة يحْتَمل فِيهَا الرَّد وَمَا هُوَ اكثر من ذَلِك وَالْقِسْمَة الثَّانِيَة إِذا لم تكن بِحكم حَاكم بَاطِلَة فَإِذا رَضِي بهَا الرَّابِع منشأ للْقِسْمَة على ذَلِك الْوَجْه جَازَ ذَلِك وَكَانَت قسْمَة لَازمه وَجعل الْإِقْرَار السَّابِق للرضى كَالْإِقْرَارِ المقرون بالرضى وَالله أعلم 477 - مَسْأَلَة قَرْيَة مُشْتَركَة بَين جمَاعَة وَبَعضهَا ملك وَبَعضهَا وقف على مَوَاضِع لكل مَوضِع وَاقِف مُسْتَقل وَفِي كتاب الْملك وَالْوَقْف مَكْتُوب أَن الْقرْيَة كلهَا مشاعة والآن فِي يَد كل وَاحِد مِنْهُم أَرضًا مُعينَة مِنْهَا وبيوتا مُعينَة يتَصَرَّف فِيهَا من سِنِين عدَّة ويعمر الْبيُوت من مَاله من غير مُنَازعَة من شركائه وَقد ادّعى بَعضهم أَن الأشاعة فِيهَا بَاقِيَة وَأَن اخْتِصَاص كل وَاحِد مِنْهُم وَقع بطرِيق التَّرَاضِي إِلَّا أَنَّهَا قسمت قسْمَة شَرْعِيَّة فَهَل يقبل قَوْله فِي دَعْوَى الإشاعة أم لَا فَإِن ثَبت كَونهَا مشاعة فَطلب بَعضهم الْقِسْمَة فِي الْأَرَاضِي الحديث: 477 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 491 @ وألزمته مَعَ غيبَة الْملاك فَهَل يجْبر الْمُمْتَنع مِنْهُم على الْقِسْمَة وَالْحَالة هَذِه وَمَا حكم الْعِمَارَة هَذِه والمحدثة فِي الْبُنيان هَل للَّذي أحدثها أَخذهَا وَهل لمتولي الْوَقْف إِن كَانَ فِي الْقِسْمَة رد أَن يدْفع من مَال الْوَقْف ردا وأخذا أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِذا ثبتَتْ الإشاعة من الأَصْل فَالْقَوْل قَول من يَدعِي استمرارها إِذا لم تقم بَينه على قسْمَة صَحِيحَة وَإِذا طلب بَعضهم الْقِسْمَة فَإِن كَانَ الطَّالِب من جَانب الْوَقْف لم يجب وَإِن كَانَ من جَانب الْملك ومطلوبة قسْمَة مماثلة ثمَّ قسْمَة تَعْدِيل أجبر الْمُمْتَنع ثمَّ من كَانَت لَهُ عمَارَة وَلَيْسَت من نفس الإرض الْمُشْتَركَة بل جلبها من خَارج أبقيت عَلَيْهِ وَيُمكن من نقلهَا وَلَا رده إِلَى جَانب الْوَقْف وَلَا بَدَلا مِنْهُ من غير شَرط وَالْوَقْف وَالله أعلم 478 - مَسْأَلَة أَرض مُشْتَركَة على الإشاعة بنى فِيهَا أحد الشُّرَكَاء بِنَاء بآلات تخْتَص بهَا فَهَل لبَعض الشُّرَكَاء مقاسمته فِي الْبناء الْجَواب كتب الخضيري الْحَنَفِيّ لَا والموفق الْحَنْبَلِيّ أَنه يخْتَص بِهِ لَا يُشَارِكهُ غَيره والشيرازي الشَّافِعِي كَمثل فَكتبت حَقهم فِي الأَرْض بَاقٍ وَإِن لم يكن ذَلِك فِي صلب أجارة صَحِيحَة فَلهم مُطَالبَة الْبَاقِي بِالْأُجْرَةِ على الحصص وَلَهُم أَيْضا أَن يتملكوا عَلَيْهِ بِالْقيمَةِ من الْبناء بِقدر حصصهم من الأَرْض حَتَّى يصير الْبناء مُشْتَركا بَينهم اشتراكهم فِي قراره وَالله أعلم التَّمَلُّك فِي الْغَصْب هَل يجْرِي كَمَا فِي الْعَارِية فِيهِ وَجْهَان الْأَصَح لَا لمَكَان الْقلع وَفِي هَذِه الصُّورَة لم يتَّجه الْقلع لكَونه يسْتَلْزم الْقلع بِمَا هُوَ حِصَّته من الأَرْض وَفِي هَذَا بحث وَالله أعلم الحديث: 478 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 492 - مَسْأَلَة وَرَثَة اقتسموا التَّرِكَة ثمَّ ظهر دين وَوجد صَاحب الدّين عينا مِنْهَا فِي يَد بعض الْوَرَثَة فَهَل لَهُ اسْتِيفَاء الدّين مِنْهَا بِإِذن الْحَاكِم أَو يتبع كل وَاحِد من الْوَرَثَة بِمَا يَخُصُّهُ من الدّين أجَاب رَضِي الله عَنهُ تُؤمر الْوَرَثَة بإيفاء الدّين من حَيْثُ أَرَادوا فَإِن اتَّفقُوا وأوفوا فِيهَا ونعمت وَإِن لم يتفقوا فَلَا يتَعَيَّن تَخْصِيص الدّين حصصا على مَا فِي أَيْديهم على تفَاوت الْمَقَادِير فَإِن الدّين على الْمَيِّت وَتركته هِيَ مُتَعَلقَة كالمرهون أَو قَرِيبا مِنْهُ فللحاكم أَن يَبِيع فِي الدّين مَا أَرَادَ من أَعْيَان التَّرِكَة كالأعيان الْمَرْهُونَة لَهُ أَن يَبِيع مَا شَاءَ مِنْهَا عِنْد تعذر إِذن الرَّاهِن وَلَا عَلَيْهِ أَن يوزع الدّين على الْأَعْيَان فَكَذَلِك هَا هُنَا وَعند هَذَا فَلهُ أَن يَبِيع الْعين الْمَذْكُورَة عِنْد انْتِفَاء توَافق الْوَرَثَة هَذَا مَا ظهر وَالله أعلم 480 - مَسْأَلَة إمرأة توفيت وخلفت ابْنة صَغِيرَة وزوجا هُوَ أَبوهَا ووليها وَلها عَلَيْهِ بَاقِي صَدَاقهَا فتصرف الْأَب فِي مَالهَا ثمَّ ظهر بعد مُدَّة دين ثَابت عَليّ الْميتَة وَطلب مِنْهُ صرف التَّرِكَة فِي إيفائه وَمن جُمْلَتهَا مَا كَانَ عَلَيْهِ من الصَدَاق فَادّعى أَنه قبض من نَفسه لبنته نَصِيبا من الصَدَاق بِحكم ولَايَته عَلَيْهَا وَتلف فِي يَده من غير تَفْرِيط فَهَل يقبل قَوْله فِي ذَلِك وَهل يغرم الْمبلغ إِذا تلف من غير تَفْرِيط جَوَاب الْمَسْأَلَة سَاقِط 481 - مَسْأَلَة فِي أَيْتَام لَهُم خشب مدرك قد جَاءَ أَوَان قطع أَكْثَره وَالْبَاقِي لغَائِب لَا نَائِب لَهُ حَاضر والأيتام يَحْتَاجُونَ إِلَى بَيْعه وَلَا الحديث: 480 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 493 @ يَشْتَرِي نصِيبهم مشَاعا من غير أَن يَتَيَسَّر فِيهِ للْمُشْتَرِي فَهَل يجوز قطعه وَحفظه نصيب الْغَائِب أَو ثمنه أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ لينْظر فان كَانَ مَا يخَاف من إبْقَاء الْخشب فِي الأَرْض غير مَقْطُوع فَوَاته أَو فَوَات بعضه فَيقطع بالحاكم بِمَالِه من ولَايَة حفظ مَال الْغَائِب ثمَّ أَن تيَسّر حفظ نصيب الْغَائِب من الْخشب وأمكنت قسْمَة الْمُمَاثلَة فِيهِ بِأَن كَانَت أعيانا مُتَسَاوِيَة فِي الْقيمَة أَو لم تكن بِأَن كَانَت مُخْتَلفَة الْقيم لَكِن أمكن تَعْدِيل الحصص مِنْهُ بِالْقيمَةِ فليقسم الْحَاكِم على الْغَائِب باستقسام ولي الْيَتِيم وَإِن لم يَتَيَسَّر حفظ نصيب الْغَائِب من أَعْيَان الْخشب الْمَقْطُوع فَيُبَاع الْخشب جَمِيعه فقد توجه بيع الْجَمِيع ويحفظ الْحَاكِم نصيب الْغَائِب من الثّمن وَيصرف نصيب الْأَيَّام مِنْهُ فِي قَضَاء حاجاتهم وَإِن أمكن حفظ نصيب الْغَائِب مِنْهُ لَكِن لَيْسَ مِمَّا يَنْقَسِم قسْمَة إِجْبَار لَا مماثلة وَلَا تَعْدِيل فَإِن وجد مُشْتَر يَشْتَرِي نصيب الْأَيْتَام بيع مِنْهُ مشَاعا وَلَا يَنْبَغِي بَيْعه مشَاعا إِلَّا بِمثل ثمنه لَو يَبِيع مَعَ الْجَمِيع فَإِنَّهُ إِن كَانَ يوكس فِي ثمنه بِسَبَب الإشاعة فَلَا يسوغ احْتِمَال ذَلِك بل يعدل إِلَى مَا يعدل بِهِ فِي هَذِه الْأَعْيَان مَعَ الشَّرِيك الطَّارِئ لَو بيع مشَاعا وَهُوَ هَا هُنَا بيع الْجَمِيع على الْجَمِيع فَإِن هَذَا الْمُشْتَرك قد دَار بَين أَقسَام كل وَاحِد مِنْهُمَا لَا يَخْلُو عَن ضَرَر فَيتَعَيَّن أهونها لما عرف وتقدر وَقد اخْتلفُوا فِي نَظَائِره ليتطرق إِلَيْهَا الْإِجْبَار على الْقِسْمَة بَينهم وَمِنْهُم من صَار فِيهَا إِلَى الْإِجْبَار على الْمُهَايَأَة وَهُوَ ضَعِيف على الْمَذْهَب الصَّحِيح وَمِنْهُم من صَار إِلَى التعطيل الإِمَام أَبُو الْمَعَالِي وَالْغَزالِيّ وَهُوَ أفسدها وأبعدها عَن قوانين الشَّرِيعَة وَمِنْهُم من صَار إِلَى أَنه يُؤجر على جَمِيع الشُّرَكَاء وتقسيم أجرته عَلَيْهِم وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح عِنْد صَاحب التَّهْذِيب وَبِه يُفْتِي وَلَكِن هَذَا فِيمَا يُؤجر وَمِنْهُم من صَار إِلَى أَنه يُبَاع وَيقسم ثمنه على الشُّرَكَاء وَهَذَا مزيف لَكِن حَيْثُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 494 @ تمكن الأجارة وَمَا نَحن فِيهِ لَيْسَ مِمَّا يرغب فِي استئجاره فقد امْتنعت من الأجارة والتعطيل والمهاياة وَالْقِسْمَة فَلم يبْق إِلَّا البيع فَكَانَ الْمصير إِلَيْهِ فِي هَذَا وَأَمْثَاله صَحِيحا وأصل هَذَا الْوَجْه قد صَار إِلَيْهِ أَحْمد بن حَنْبَل رَحمَه الله هُوَ مذْهبه فِيمَا لَا يَنْقَسِم وجدته فِي كتاب القَاضِي أبي يعلى وَكتاب ابْن عقيل من أَصْحَابهم وَوَجهه أَنه تَعَذَّرَتْ قسْمَة عينة وانتقل إِلَى مَا لَا يتَعَذَّر قسمته وَهُوَ عوضه وَقد عرف من أصلنَا نَحن أَنه إِذا امْتنع السَّيِّد من الْإِنْفَاق على مَمْلُوكه بَاعه الْحَاكِم عَلَيْهِ فَإِذا صرنا إِلَى ذَلِك دفعا للضرار عَن مَمْلُوك لَهُ عَلَيْهِ حق وَملك فَلم لَا يصير إِلَى ذَلِك دفعا للضرار عَن شريك لَا حق لَهُ عَلَيْهِ وَلَا ملك وَالله أعلم أما إِذا كَانَ الْخشب لَا يسوغ بيع نصيب الْغَائِب مِنْهُ بطرِيق الْخَوْف عَلَيْهِ فَإِن كَانَ مِمَّا يَنْقَسِم قسْمَة مماثلة أَو قسْمَة تَعْدِيل على نَحْو مَا تقدم ذكره فالطريق فِيهِ أَن يقسمهُ الْحَاكِم على الْغَائِب باستقسام ولي الْيَتِيم وَليكن ذَلِك فِي الأوان الَّذِي جرت الْعَادة فِيهِ بِقطع الْخشب من غير إِضْرَار بِهِ وبأصوله الثابته الْبَاقِيَة فِي الأَرْض حَتَّى لَا يتَأَخَّر قطعه فيختلط بِمَا ينشأ من نمائه الشَّائِع فَإِذا تميز نصيب كل بِالْقِسْمَةِ بودر إِلَى قطعه قبل نمو يَبْدُو وساغ حِينَئِذٍ قطع نصيب الْغَائِب بطرِيق طلبنا صِيَانة لنصيبه وَنصِيب غَيره من الِاخْتِلَاط وَتَوَلَّى ذَلِك الْحَاكِم بطرِيق ولَايَته الْمُقْتَضِيَة وجوب صون أَمْوَال الغائبين وَإِن كَانَ مِمَّا لَا يَنْقَسِم قسْمَة الْإِجْبَار فَيُبَاع الْجَمِيع ثمَّ يُبَادر المُشْتَرِي إِلَى الْقطع قبل النمو هَذَا مَا ظهر وَالله أعلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 495 - مَسْأَلَة رجل مَعَه خَمْسَة دَرَاهِم وَقع فِيهَا دِرْهَم حرَام وَاخْتَلَطَ وَلم يتَمَيَّز فَكيف يتَصَرَّف فِيهِ وَمَا الحكم فِي ذَلِك أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَهُ أَن يَأْخُذ مِنْهَا درهما على نِيَّة الْقِسْمَة ويتصرف فِي الْبَاقِي وَالدِّرْهَم الَّذِي عَزله عَن نِيَّة الْقِسْمَة ببسلمه لى صَاحبه وَإِن لم يعلم صَاحب يتَصَدَّق بِهِ عَنهُ وَالله أعلم 482 - مَسْأَلَة بُسْتَان مُشْتَرك بَين اثْنَيْنِ نِصْفَيْنِ أجر أَحدهمَا نصِيبه مشَاعا ثمَّ أَرَادَ الشريكان قسمته فَهَل تصح الْقِسْمَة وَإِذا صحت فَكيف حكم الْمُسْتَأْجر فِي انتفاعه أجَاب رَضِي الله عَنهُ تصح الْقِسْمَة على الصَّحِيح ثمَّ مُقْتَضى كَون الْقِسْمَة تبعا وَذَلِكَ هُوَ الصَّحِيح مُطلقًا فِي كل حَال ان يبْقى حق الْمُسْتَأْجر على الإشاعة وَلَا ينْحَصر فِي قسم الْمُؤَجّر وَالله أعلم 484 - مَسْأَلَة رجل بَاعَ من رجل نصف حَانُوت مشَاعا وَتقَابَضَا من الطَّرفَيْنِ بإقرارهما ثمَّ علق الْحَاكِم الْحَانُوت على المُشْتَرِي وعَلى الشَّرِيك عقيب الابتياع وعَلى البَائِع فَأثْبت فِي غيبته رجل دينا على وَالِد البَائِع وَإِن الْمَبِيع لم يزل ملك الْوَالِد إِلَى أَن مَاتَ وَصَارَ إِلَى البَائِع مِيرَاثا عَنهُ وَطلب من الْحَاكِم بيع النّصْف الْمَبِيع فِي وَفَاء دينه فَأَرَادَ المُشْتَرِي اثبات تَرِكَة أُخْرَى من مَنْقُول أَو ملك آخر فعجز ثمَّ حضر الْوَالِد البَائِع وَهُوَ معترف بِأَن الْمَبِيع وَرثهُ من أَبِيه ثمَّ أَرَادَ البَائِع أَن يُسَافر سفرا طَويلا باعترافه فَطلب المُشْتَرِي من الْحَاكِم إِلْزَام البَائِع أَن يودع الثّمن الَّذِي تسلمه مِنْهُ إِلَى أَن تنفصل الْقَضِيَّة فَإِن أثبت تَرِكَة أُخْرَى وبيعت فِي الدّين استعاد البَائِع الدَّرَاهِم المودعة عَلَيْهِ وَإِن عجز عَن ذَلِك وَبَاعَ الْحَاكِم الْمَبِيع فِي وَفَاء الدّين الثَّابِت أَخذ المُشْتَرِي الثّمن الْمُودع على البَائِع عوضا عَن الثّمن الَّذِي قَبضه الحديث: 482 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 496 @ البَائِع مِنْهُ أَو طلب أَن يكفل عَلَيْهِ بذلك فَامْتنعَ البَائِع من الْإِيدَاع وَالْكَفَالَة فَهَل يجْبرهُ الْحَاكِم على ذَلِك أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ عَلَيْهِ إِقَامَة كَفِيل بذلك فَإِن تَرَاضيا بإيداع مثل الثّمن فَلَا بَأْس على أَنا فِي غنية من هَذَا فَإِن الْمُخْتَار إِلْزَامه برد الثّمن ناجزا حكما منا بِبُطْلَان بيع الْوَارِث قبل قَضَاء الدّين فَإِذا لم يظْهر من التَّرِكَة غير ذَلِك فَهُوَ بِمَنْزِلَة الدّين الْمُسْتَغْرق فِي اقْتِضَاء الْإِبْطَال وَالله تَعَالَى أعلم وَمن كتاب الشَّهَادَات 485 - مَسْأَلَة هَل تحوز غيبَة المبتدع ابْتِدَاء وانتهاء والمحدث المجرح بِالْكَذِبِ تجوز غيبتة ابْتِدَاء وانتهاء وَهل تجوز غيبَة الْفَاسِق المتظاهر بِفِسْقِهِ كشرب الْخمر وَغَيره وَهُوَ يحب التظاهر وَهل تجوز غيبَة المتعرض لأعراض الْمُسلمين بِنَقص النَّاس ويمدح نَفسه لَهُم أجَاب رَضِي الله عَنهُ تجوز غيبَة المبتدع بل ذكره بِمَا هُوَ عَلَيْهِ مُطلقًا غَائِبا وحاضرا إِذا كَانَ الْمَقْصُود التَّنْبِيه على حَاله ليحذروا على هَذَا مضى السّلف الصالحون أَو من فعل ذَلِك مِنْهُم ثمَّ يجوز ذَلِك ابْتِدَاء يبتدي بِهِ وَإِن لم يسْأَل وَيجوز عِنْد جَرَيَان سَبَب من سُؤال وَغَيره وَهَكَذَا الْحَال فِي الْمُحدث المتصف بِمَا يسْقط أَهْلِيَّته من كذب وَغَيره فقد كَانَ بعض الْأَئِمَّة يطوف بِالْكَعْبَةِ وَيَقُول فلَان ضَعِيف فلَان كَذَا وَيرى ذَلِك من القربان وَكَذَلِكَ غيبَة الْفَاسِق تجوز على وَجه التَّنْبِيه لمن يجهل حَاله سَوَاء كَانَ متظاهرا أَو غير متظاهر وَالَّذِي لَا تجوز غيبته ابْتِدَاء وَتجوز جَوَابا وَعند سَبَب أَن لَا يُوجد فِي الْفَاسِق مَا يَقْتَضِي نصح الْغَيْر بِسَبَبِهِ فَإِذا رأى الحديث: 485 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 497 @ أحدا يخْشَى عَلَيْهِ أَن يفز بِهِ مثل من يُرِيد مزاوجته فَحِينَئِذٍ يتَوَجَّه وَجه النَّصِيحَة فَذكره بِمَا فِيهِ لِئَلَّا يغتر بِهِ والمتعرض لأعراض النَّاس يَنْقَسِم الْأَمر فِيهِ على مَا تقدم وَالَّذِي تشرع غيبته إبتداء وَغير ذَلِك من يكون بِحَيْثُ يَقْتَدِي بِهِ من المبتدعة وَغَيرهم من أهل الْمعاصِي وَالله أعلم 486 - مَسْأَلَة رجل يعْتَقد الألحان المقترنة بِالدُّفُوفِ والشبابات والرقص وَجمع الْجَمَاعَات على ذَلِك مَعَ المرد ثمَّ مَعَ الِاعْتِقَاد يُؤثر حضورذلك ويجتمع مَعَ الْجَمَاعَات عَلَيْهِ مصرا هَل يَأْثَم بذلك وَتسقط عَدَالَته أجَاب رَضِي الله عَنهُ نعم يَأْثَم بذلك ويفسق وَتسقط عَدَالَته وحالته هَذِه وَهَذَا السماع الْمُعْتَاد حرَام غليظ عِنْد الْعلمَاء وَسَائِر من يَقْتَدِي بِهِ فِي أُمُور الدّين وَمن نسب حَاله إِلَى مَذْهَب الشَّافِعِي أَو أحد من أَئِمَّة الصَّحَابَة رَضِي الله عَنهُ وعنهم فقد قَالَ بَاطِلا وَإِنَّمَا نقلالخلاف بَين جمَاعَة من أَصْحَابه فِي الشبابة بانفرادها وَفِي الدُّف بِانْفِرَادِهِ فَتوهم من لَا تَحْقِيق عِنْده مِمَّن مَال مَعَه هَوَاهُ أَن ذَلِك الْخلاف جَار فِي هَذَا الَّذِي اجْتمع فِيهِ مَا اجْتمع وَذَلِكَ خطأ لَا يصدر مثله مِمَّن عِنْده مسكة من فهم وإنصاف وَكَذَلِكَ من نسب حَاله إِلَى بعض مَشَايِخ الزّهْد والتصوف فقد أَخطَأ فَإِنَّهُم إِنَّمَا يبيحون ذَلِك بِشُرُوط غير مَوْجُودَة فِي هَذَا السماع وعَلى الْجُمْلَة فَمن دَعَا إِلَى هَذَا السماع وأباحه فقد بَاء بعظيم وَلَيْسَ من الانحلال لبوس سوء يعرف هَذَا من اطلع على آفَات الْأَعْمَال ومكائد الشَّيْطَان طهرنا الله وأعاذنا وَمن نحب وَالْمُسْلِمين وَهُوَ أعلم الحديث: 486 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 498 - مَسْأَلَة الْجرْح هَل تسمع فِي شَهَادَة الْحِسْبَة أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ نعم تسمع لِأَن إِسْقَاط أَهْلِيَّة الْمَجْرُوح للشَّهَادَة حق الله تَعَالَى المتداعين لَو تَرَاضيا بالحكم بِشَهَادَة الْمَجْرُوح لم يجز ذَلِك ثمَّ وجدت فِي رَوْضَة الْحُكَّام أَن التَّعْدِيل بل فِيهِ شَهَادَة الْأَب لِابْنِهِ لكَونه حَقًا لله تَعَالَى وَالْجرْح ملتحق بِهِ وبل أولى 488 - مَسْأَلَة أَقوام يَقُولُونَ إِن سَماع الْغناء بالدف والشبابة حَلَال وَإِن صدر الْغناء والشبابة من أَمْرَد دلق حسن الصَّوْت كَانَ ذَلِك نور على نور وَذَلِكَ يحضرهم النِّسَاء الأجنبيات يخالطونهم فِي بعض الْأَوْقَات ويشاهدونهن بقربهم فِي بعض الْأَوْقَات وَفِي بعض الْأَوْقَات يعانق الرِّجَال بَعضهم بَعْضًا ويجتمعون لسَمَاع الْغناء وَضرب الدُّف من الْأَمْرَد وَالَّذِي يُغني لَهُم مصوبين رؤوسهم نَحْو وَجه الْأَمْرَد متهالكين على الْمُغنِي والمغنى ثمَّ يتفرقون عَن السماع بالرقص والتصفيق ويعتقدون أَن ذَلِك حَلَال وقربة يتوصلون بهَا إِلَى الله تَعَالَى وَيَقُولُونَ إِنَّه أفضل الْعِبَادَات فَهَل ذَلِك حرَام أم حَلَال وَمن ادّعى تَحْلِيل ذَلِك هَل يزْجر أم لَا وَهل يجب على ولي الْأَمر أَن يمنعهُم من ذَلِك فَإِذا لم يمنعهُم وَهُوَ قَادر عَلَيْهِ يَأْثَم بذلك أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ ليعلم أَن هَؤُلَاءِ من إخْوَان أهل الْإِبَاحَة الَّذين هم أفسد فرق الضَّلَالَة وَمن أجمع الحمقى لأنواع الْجَهَالَة والحماقة هم الرافضون شرائع الْأَنْبِيَاء القادحون فِي الْعلم وَالْعُلَمَاء لبسوا ملابس الزهاد وأظهروا ترك الدُّنْيَا واسترسلوا فِي اتِّبَاع الشَّهَوَات وَأَجَابُوا دواعي الْهوى وتظاهروا باللهو والملاهي فتشاغلوا بِمَا لم يكن إِلَّا فِي أهل البطالة والمعاصي وَزَعَمُوا أَن ذَلِك يقربهُمْ إِلَى الله تَعَالَى زلفى مقتدون فِيهِ بِمن تقدمهم من أهل الرشاد وَلَقَد كذبُوا على الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وعَلى عباده الَّذين اصْطفى أحبولة نصبوها من حبائل الشَّيْطَان خداعا واعجوبة الحديث: 488 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 499 @ من حوادث الزَّمَان جلبوها خداعا للعوام وتهويشا لمناظم الْإِسْلَام فَحق على وُلَاة الْأَمر وفقهم الله وسددهم قمع هَذِه الطَّائِفَة وبذل الوسع فِي إعدام مَا ذكر من أفعالهم الخبيثة وتعزيرهم على ذَلِك واستتابتهم وتبديد شملهم وَأَن لَا يَأْخُذهُمْ فِي ذَلِك لومة لائم وَلَا يدخلهم ريب فِي ضلالهم وَلَا توان فِي إخزائهم وابعادهم بِسَبَب قَول قَائِل هَذَا فِيهِ خلاف بَين الْمُسلمين فَإِنَّهُم بِمَجْمُوع أفعالهم مخالفون إِجْمَاع الْمُسلمين مشايعون بِهِ باطنية الْمُلْحِدِينَ وَإِنَّمَا الْخلاف فِي بعض ذَلِك مَعَ أَنه لَيْسَ كل خلاف يستروح إِلَيْهِ ويعتمد عَلَيْهِ وَمن يتبع أختلف فِيهِ العلما وَأخذ بالرخص من أقاويلهم تزنق أَو كَاد فَقَوْلهم فِي السماح الْمَذْكُور أَنه من القربات والطاعات قَول مُخَالف لإِجْمَاع الْمُسلمين فإجماعهم على خلاف قَوْلهم هَذَا مَنْقُول مَحْفُوظ مَعْلُوم من خَالف إِجْمَاع الْمُسلمين فَعَلَيهِ مَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَمن يُشَاقق الرَّسُول من بعد مَا تبين لَهُ الْهدى وَيتبع غير سَبِيل الْمُؤمنِينَ نوله مَا تولى ونصله جَهَنَّم وَسَاءَتْ مصيرا} وَأما اباحة هَذَا السماع وتحليله فَليعلم أَن الدُّف والشبابة والغناء إِذا اجْتمعت فاستماع ذَلِك حرَام عِنْد أَئِمَّة الْمذَاهب وَغَيرهم من عُلَمَاء الْمُسلمين وَلم يثبت عَن أحد مِمَّن يعْتد بقوله فِي الْإِجْمَاع والاخلاف أَنه أَبَاحَ هَذَا السماع وَالْخلاف الْمَنْقُول عَن بعض أَصْحَاب الشَّافِعِي إِنَّمَا نقل فِي الشبابة مُنْفَردا والدف مُنْفَردا فَمن لَا يحصل أَولا يتَأَمَّل رُبمَا اعْتقد فِيهِ خلافًا بَين الشافعيين فِي هَذَا السماع الْجَامِع هَذِه الملاهي وَذَلِكَ وهم وَمن الصَّغَائِر إِلَى ذَلِك يتمادى بِهِ عَلَيْهِ أَدِلَّة الشَّرْع وَالْعقل من استباح هَذَا من مَشَايِخ الصُّوفِيَّة وهم الأقلون مِنْهُم فَإِنَّمَا اسْتِبَاحَة بِشُرُوط مَعْدُومَة فِي سَماع هَؤُلَاءِ الْقَوْم مِنْهَا أَن لَا يكون المستمع شهوانيا فهم عِنْد ذَلِك لَا يستبيحونه بل ينهون عَنهُ نهيا شَدِيدا وَلَا خلاف أَيْضا من جهتهم فِي هَذَا على أَنهم لَو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 500 @ خالفوا فِيهِ لم يجز لأحد تقليدهم وَلنْ يعْتد بخلافهم فِي الْحَلَال وَالْحرَام فَإِنَّهُ إِنَّمَا يرجع فِي ذَلِك إِلَى أَئِمَّة الِاجْتِهَاد المبرزين فِي عُلُوم الشَّرِيعَة المستقلين بأدلة الْأَحْكَام وَهَكَذَا لَا يعْتد بِخِلَاف من خَالف فِيهِ من الظَّاهِرِيَّة لتقاصرهم عَن دَرَجَة الِاجْتِهَاد فِي أَحْكَام الشَّرِيعَة فَإِذا هَذَا السماع غير مُبَاح بِإِجْمَاع أهل الْحل وَالْعقد من الْمُسلمين وَأما مَا ذكر من سماعهم من الْأَمْرَد مَعَ النِّسَاء الأجنبيات واستباحتهم لذَلِك فَهُوَ قطعا من شَأْن أهل الْإِبَاحَة وَمن تخاليط المالحدة وَلم يستجزه أحد من الْمُسلمين من عُلَمَائهمْ وعبادهم وَغَيرهم وَقَوْلهمْ فِي السماع من الْأَمْرَد الْحسن نور على نور من جنس أَقْوَال المباحية الْكَفَرَة الَّذين إِذا رَمق بَعضهم إمرأة قَالُوا تمت سعادته فَإِذا غَار أحدهم على أَهله فَمنعهَا من غَيره قَالُوا هُوَ طِفْل الطَّرِيقَة لم يبلغ بعد أخزاهم الله أَنى يؤفكون برزوا فِي ظواهر أهل السبت وأضمروا بواطن أَرْبَاب السبت وتظاهروا بزِي قوم عرفُوا بالصلاح وتناطقوا بعباراتهم مثل لفظ الْمعرفَة والمحبة وَغَيرهمَا وهم عَن حقائقها وَعَن طرائقهم عاطلون وَبِمَا يضار ذَلِك من المخازي والخبائث ناهضون وَإِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون وَمن اشْتبهَ عَلَيْهِ حَال هَؤُلَاءِ الْقَوْم أَو كَانَ عِنْده شَيْء يحْبسهُ حجَّة عاضدة لَهُم فليذكر مَا عِنْده ليدحض شبهته إِن شَاءَ الله تَعَالَى بالحجج الْبَالِغَة والأدلة الْوَاضِحَة وَمن قصر من وُلَاة الْأَمر صانهم الله تَعَالَى فِي الْقيام بِمَا وَجب عَلَيْهِ من تظهير الأَرْض من هَؤُلَاءِ الخبثاء وأفعالهم الخبيثة فقد احتقب إِثْمًا وَصَارَ لِلْإِسْلَامِ والشريعة خصما وَالله الْكَرِيم يمن بتوفيقه عَلَيْهِم وعلينا وعَلى جَمِيع الْمُسلمين 489 - مَسْأَلَة فِي اسْتِعْمَال الرجل الْحِنَّاء هَل هُوَ جَائِز أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ أما فِي خضاب اللِّحْيَة تغييرا للشيب فَهُوَ جَائِز وَسنة واستعماله فِي غير ذَلِك ينظر فِيهِ فَإِن كَانَ عَن حَاجَة تداويا بِهِ فَهُوَ الحديث: 489 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 501 @ جَائِز وَإِن كَانَ للزِّينَة ولمثل مَا يَقْصِدهُ النِّسَاء فَهُوَ غير جَائِز وفاعله لذَلِك ينْدَرج فِي قبيل المتشبهين بِالنسَاء الملعونين على لِسَان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالله أعلم 490 - مَسْأَلَة فِي رجل لَهُ ملك ولزوجته قَرْيَة على شاطئ نهر وَالزَّوْج مسؤول على مغلها وَالتَّصَرُّف بهَا وَلم يعلم أَن ذَلِك بِإِذن مِنْهَا أم لَا وَلَا علم أَن الزَّوْجَة مُنكرَة لذَلِك ثمَّ إِن الزَّوْج عمر على النَّهر طاحونا وسكرا وبيوتا لناعورة يسْقِي بِمَائِهَا بعض أَرَاضِي تِلْكَ الْقرْيَة وغرس فِي تِلْكَ الْأَرَاضِي غراسا وَلم يعلم أَن بعض الطاحون من أَرض الْقرْيَة أم من قَرَار النَّهر وَلَا أَن المَال المصروف فِي هَذِه العمائر من مَاله أَو من مَالهَا وَلَا أَن تِلْكَ العمائر بِإِذْنِهَا أم لَا وَلَا علم أَن الزَّوْجَة مُنكرَة لذَلِك ثمَّ أَن الزَّوْج تصرف فِي الْقرْيَة وَفِيمَا عمره وَاسْتولى على مغل جَمِيع ذَلِك سِنِين من غير مُعَارضَة مِنْهَا وَلَا من غَيرهَا وَلَا مُنَازعَة ثمَّ مَاتَ الزَّوْج وَخلف زَوجته الْمَذْكُورَة وابنا وَثَلَاث بَنَات مِنْهَا ثمَّ بقيت الزَّوْجَة بعده سِنِين وَهِي مستولية على هَذِه الْقرْيَة والعمائر الَّتِي عمرها زَوجهَا مُدَّة حَيَاتهَا من غير مُعَارضَة من أحد من أَوْلَادهَا فِيهَا وَلَا مُنَازعَة ثمَّ مَاتَت الزَّوْجَة الْمَذْكُورَة بعد أَن أقرَّت فِي حَال صِحَّتهَا لابنها وبنتها الْكُبْرَى بِهَذِهِ الْقرْيَة والعمائر وَتصرف الابْن وَالْبِنْت الْكُبْرَى فِي ذَلِك سِنِين من غير مُعَارضَة من البنتين المحرومتين وَلَا مُنَازعَة فَهَل يجوز لمن علم جَمِيع ذَلِك أَن يشْهد للزَّوْج بِالْملكِ فِي العمائر الْمَذْكُورَة وَيشْهد عَلَيْهِ باستيلائه على ملك الزَّوْجَة وَهل يفرق فِي ذَلِك بَين الْعلم بِالْمُشَاهَدَةِ أَو الاستفاضة هَل يجوز إِن جَازَت الشَّهَادَة للزَّوْج بِالْملكِ فِي العمائر أَن يشْهد بِأَن هَاتين البنتين المحرومتين هَذِه الْقرْيَة وعمائرها يستحقان من هَذِه العمائر كَذَا وَكَذَا قدر نصيبهما من إِرْث أَبِيهِمَا وَأَن حصتهما من ذَلِك فِي يَد أخيهما وأختيهما أَو ورثتهما على سَبِيل الْغَصْب والتعدي حذرا الحديث: 490 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 502 @ أَن يُعَارض بَيِّنَة الْملك بِبَيِّنَة الْيَد وَالتَّصَرُّف سِنِين وَقد علم الشُّهُود أَن لَا سَبَب لليد إِلَّا مَا علموه أَولا وَلم يعلمُوا سوى ذَلِك أجَاب رَضِي الله عَنهُ مَا كَانَ من الْعِمَارَة الْمَذْكُورَة وَاقعا فِي ملك الزَّوْجَة فَلَا تجوز الشَّهَادَة فِيهِ بِملك الزَّوْج بِنَاء على مُجَرّد مَا ذكر وَالْحَالة هَذِه وَيلْزم من ذَلِك أَن لَا يشْهد باستيلائه فِي عِمَارَته على ملك الزَّوْجَة إِلَّا من حَيْثُ الْيَد الْمُجَرَّدَة ولايتها مِنْهَا وَمِمَّنْ مقَامهَا ادِّعَاء أُجْرَة الْعِمَارَة على الزَّوْج مَعَ ادعائهم أَن الْعِمَارَة للزَّوْجَة ثمَّ إِن للزَّوْج الْيَد على الْعِمَارَة إِذا كَانَ هُوَ منشئها الجالب لأعيانها وآلتها وَيَنْبَنِي على ذَلِك أَنه إِذا لم يقم بَيِّنَة على أَن الْملك فِيهَا لغيره فَلَا يمْنَع هُوَ وَلَا ورثته من أَن يتصرفوا فِيهَا تصرف المالكين وتقسم بَين ورثته أَجْمَعِينَ على فَرَائض الله تَعَالَى إِذا كَانَت يَد الزَّوْجَة بعده سَببهَا مُجَرّد خلو يَده عَنْهَا بِمَوْتِهِ وَذَلِكَ لِأَن وَإِن لم نجوز الشَّهَادَة بِالْملكِ بِنَاء على مُجَرّد الْيَد فَإنَّا لَا نمْنَع صَاحب الْيَد من تصرف المالكين وَلَا نمتنع عَن الابتياع مِنْهُ وَإِلَّا يهاب وَنَحْو ذَلِك وَإِذا ادّعى عَلَيْهِ خارجي من غير بَيِّنَة صدقناه بيميته وحكمنا لَهُ بِالْملكِ بِنَاء على الْيَمين مَعَ الْيَد وَالله أعلم 491 - مَسْأَلَة فِي ذَوي عدل شَهدا عِنْد الْحَاكِم على إِقْرَار رجل أَنه أعتق عبدا لَهُ حسبَة فَهَل للْحَاكِم أَن يحكم على الْمُعْتق إِذا كَانَ غَائِبا أَو مَيتا أَو حَاضرا حسبَة من غير أَن يطْلب العَبْد مِنْهُ الحكم على الْمُعْتق بذلك أم لَا فان كَانَ لَهُ ذَلِك لَو طلب العَبْد مِنْهُ الحكم على ذَلِك وَكَانَ مَيتا فَهَل يفْتَقر الحكم إِلَى يَمِين العَبْد الْمُعْتق أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ نعم يحكم عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ حسبَة غير مُتَوَقف على طلب العَبْد وَلَا يفْتَقر إِلَى يَمِين العَبْد وَالْحَالة هَذِه وَإِن طلب العَبْد الحديث: 491 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 503 @ الحكم إِذا لاحظ فِي حكمه جِهَة الْحِسْبَة معرضًا فِيهِ عَن طلبه وَالله أعلم 492 - مَسْأَلَة رجل لَهُ عشر دَار شَائِع فَأقر أَن فلَانا ملك عَلَيْهِ سَهْما شَائِعا من عشر أسْهم هِيَ جَمِيع الدَّار وَذكرهَا أَو قَالَ بِعْت فلَانا سَهْما شَائِعا من عشرَة هِيَ جَمِيع الدَّار وَذكرهَا أَبُو قَالَ وهبت لَهُ وسلمت إِلَى الْمقر لَهُ جَمِيع السهْم الْمَذْكُور أَو قَالَ سلمت إِلَى البَائِع السهْم الْمَذْكُور أَو الْمَوْهُوب لَهُ فَهَل ينزل ذَلِك على مَا يخْتَص بِهِ دون مَا هُوَ مشَاع أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ ينزل على مَا اخْتصَّ بِهِ على الْأَصَح فِي الصُّورَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ وَأما فِي الصُّورَة الأولى فقطعا من غير خلاف من أجل قَوْله ملك عَلَيْهِ 493 - مَسْأَلَة رجل أَقَامَ بَيِّنَة على ميت بدين وَحضر ورثته وَسَأَلَ الْحَاكِم الحكم على الْمَيِّت وَالْوَرَثَة سكُوت عَن طلب الْيَمين منكرون الدّين فَهَل يحلفهُ الْحَاكِم لِأَن الحكم على الْمَيِّت أم يدع الْيَمين لِأَن الْوَرَثَة لم يطلبوها أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِن كَانُوا مِمَّن يخفى عَلَيْهِم أَن لَهُم تَحْلِيفه فعلى الْحَاكِم تعريفهم بذلك فَإِن سكتوا بعد ذَلِك عَن التَّحْلِيف قضى القَاضِي بِالْبَيِّنَةِ من غير تَحْلِيف 494 - مَسْأَلَة رجل لَهُ حق على ميت أَقَامَ بِهِ بَيِّنَة وَحكم الْحَاكِم بِهِ ثمَّ تقدم بِمحضر يتَضَمَّن ملكا للْمَيت فَأَرَادَ أَن يُثبتهُ ليَبِيعهُ فِي دينه فَهَل يجوز لَهُ ذَلِك أم لَا يجوز إِلَّا أَن يُوكله الْوَارِث فِي اثباته أجَاب رَضِي الله عَنهُ الْأَحْسَن القَوْل بِأَن ذَلِك يجوز 495 - مَسْأَلَة شَاهد رأى خطه فِي كتاب وَتحقّق أَنه خطه وَلم الحديث: 492 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 504 @ يذكر الشَّهَادَة فَهَل يجوز لَهُ أَن يُؤَدِّي هَذِه الشَّهَادَة اعْتِمَادًا على خطه أم لَا وَهَذَا ان كَانَت الشَّهَادَة على حَاكم من حكام الْمُسلمين وَتحقّق أَنه يحمل هَذِه الشَّهَادَة عَلَيْهِ غير أَنه لم يعلم أَن الْكتاب قرىء على الْحَاكِم بِحَضْرَتِهِ أَو قَرَأَهُ هُوَ على الْحَاكِم وَقَالَ لَهُ أشهد على بِمَا نسب الي فِيهِ أَو أَن الْحَاكِم الْمَذْكُور قَالَ لَهُ أشهد عَليّ بِمَا نسب الي فِي هَذَا الْكتاب من غير أَن يقْرَأ عَلَيْهِ وَلم يتَحَقَّق أحد الْأَقْسَام الثَّلَاث فَهَل يجوز لَهُ أَن يشْهد أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا تجوز لَهُ الشَّهَادَة فِي الأول وَتجوز فِي الثَّانِي لِأَنَّهُ إِنَّمَا يشْهد على الْحَاكِم بذلك وَهُوَ مُتَحَقق لإشهاد الْحَاكِم على نَفسه بذلك إِذا كَانَ الْغَالِب ذَلِك فِي الْعرف وتردده الْمَذْكُور تردد فِي صحه اشهاده وَذَلِكَ أَمر خَارج فَإِذا أضَاف الى شَهَادَته عَلَيْهِ تردده الْمَذْكُور فِي ذَلِك فقد أحسن ورد عُهْدَة الْأَمر فِيهِ إِلَى الْحَاكِم الَّذِي شهد عِنْده بإشهاد ذَلِك الْحَاكِم الأول وَالله أعلم 496 - مَسْأَلَة رجل توفّي وَأثبت رجل عِنْد حَاكم الْمُسلمين أَنه ابْن عَم أَبِيه لَا حق حق نسبه بنسبه وَحكم بِهِ الْحَاكِم وَسلم إِلَيْهِ تَرِكَة الْمُتَوفَّى ثمَّ بعد ذَلِك بِمدَّة ثَلَاث سِنِين شهد جمَاعَة أَنه مَا هُوَ ابْن عَمه إِلَّا ابْن خَاله فَهَل تصح الشَّهَادَة الأولى أَو الثَّانِيَة أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا تصح الشَّهَادَة الثَّانِيَة الْوَاقِعَة على النَّفْي من غير قيد يُمكن الشَّاهِد إِدْرَاكه بتا وَالله أعلم 497 - مَسْأَلَة شخص بلغ وَبَاعَ ملكا وَشهِدت بَيِّنَة بِأَنَّهُ رشيد حَالَة البيع وَقَامَت بَيِّنَة أُخْرَى بِأَنَّهُ عِنْد البيع الْمَذْكُور سَفِيه مبذر فَهَل يجوز للْحَاكِم أَن البيع الْمَذْكُور اعْتِمَادًا على بَيِّنَة الرشد الْمَذْكُورَة أم لَا وَهل تصح الشَّهَادَة لَهُ بِالرشد مِمَّن لَيْسَ خَبِيرا بباطن احواله الحديث: 496 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 505 @ أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يَصح هَذَا البيع الْمَذْكُور وَلَا ينفذ بِنَاء على بَيِّنَة الرشد الْمَذْكُورَة فَإِن الْبَيِّنَة الشاهدة بإنه كَانَ حَالَة البيع سَفِيها بيبذر مُقَدّمَة عَلَيْهَا تَقْدِيم الْبَيِّنَة الْخَارِجَة عَن الْبَيِّنَة الْمعد لَهُ وَلَيْسَت بَيِّنَة الرشد ناقلة من التبذر وَبَيِّنَة التبذير مستصحبة لَهُ فَتكون مرجوحة لذَلِك فَإِن بَيِّنَة الرشد بمجردة إِنَّمَا تنقل من يَقْتَضِي الرشد الَّذِي لَا تَنْحَصِر جِهَته فِي صفة التبذير فقد يكون بِعَدَمِ التَّكْلِيف أَو بِغَيْرِهِ وَلَيْسَ بِلَازِم أَن يكون مَا شهده بِهِ من الرشد نَاقِلا من التبذير فقد تشهد بِهِ بِنَاء على وجود التَّكْلِيف وَانْتِفَاء التبذير وَالْفِسْق من الاصل مستصحبه فيهمَا أصل الْعَدَم كَمَا فِي مثله من التَّعْدِيل وَيَنْبَغِي أَن يكون مَا ذكر من التَّعْدِيل يقدم على الْجرْح فِي مثله هِيَ مَا إِذا شهِدت بَيِّنَة بجرحه ثمَّ انْتقل إِلَى بلد آخر فَشَهِدت بَيِّنَة بعدالته قدمت لِأَنَّهَا طارئة بعد الْجرْح يَنْبَغِي أَن يكون هَذَا مَخْصُوصًا بِمَا إِذا كَانَ من عدله عَالما بِمَا جرى من جُحْره وَإِلَّا فقد تكون مستصحبة فِي ذَلِك أصل الْعَدَم وَلَا يقبل فِي الرشد إِلَّا شَهَادَة ذَوي خبْرَة باطنة كَمَا فِي الْعَدَالَة 498 - مَسْأَلَة شهد شَاهد أَن الْحَاكِم الْفُلَانِيّ ثَبت عِنْده تطليق فلَان زَوجته ثَلَاثًا وَعين الشَّاهِد الزَّوْجَة وَشهد آخر أَنه ثَبت عِنْده تطليق فلَان زَوجته بنت فلَان ابْن فلَان من غير أَن يذكر عدد الطلقات وشهدا على الْحَاكِم الْمَذْكُور بالحكم بذلك وَأَنه أشهدهما عَلَيْهِ بذلك لَكِن الشَّاهِد الثَّانِي لم يعين الْمَرْأَة وَلم يسمهَا بل ذكر نَسَبهَا واعترف الزَّوْج بِأَن نسب المدعية ذَلِك فَهَل يلفق بَين شَهَادَتهمَا أَو يثبت أصل الطَّلَاق بهما أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يلفقان وتأملت فاستخرت الله تَعَالَى فَكَانَ الْجَواب أَنه ينظر فَإِن كَانَ من اخْتلفَا من التَّعْيِين بالتشخيص وَالتَّعْيِين بِالنّسَبِ قد نَقَلَاه عَن الْحَاكِم الَّذِي شهد عَلَيْهِ فَشهد أَحدهمَا أَنه قَالَ ثَبت عِنْدِي تطليق الحديث: 498 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 506 @ الْمَذْكُور لهَذِهِ وَشهد الآخر أَنه قَالَ ثَبت عِنْدِي طَلَاقه لفلانة بنت فلَان ابْن فلَان فَلَا يلفق وَالْحَال هَذِه بَين شهادتيهما وَإِن لم ينقلا ذَلِك عَن الْحَاكِم لَكِن عين أَحدهمَا الْمَشْهُود لَهَا بالتشخيص وعينها الآخر بِالنّسَبِ على الْوَجْه الْمَذْكُور فَيُلَفقُ وَالْحَالة هَذِه بَين شهادتيهما وَثَبت أصل الطَّلَاق فَإِن مَرْدُود التَّعْيِين مُتحد وَالِاخْتِلَاف وَقع فِي كَيْفيَّة تَعْيِينهَا وَمثل ذَلِك لاي ينع من التلفيق وَله نَظَائِر مَحْفُوظَة على مَا فِيهَا من اشْتِبَاه يحْتَاج إِلَى غوص وَالله أعلم 499 - مَسْأَلَة ملك احْتِيجَ إِلَى بَيْعه على يَتِيم فَقَامَتْ بَيِّنَة بِأَن قِيمَته مائَة وَخَمْسُونَ فَبَاعَهُ الْقيم على الْيَتِيم بذلك وَحكم الْحَاكِم على الْبَيِّنَة الْمَذْكُورَة بِصِحَّة البيع ثمَّ قَامَت بَيِّنَة أُخْرَى بِأَن قِيمَته حِينَئِذٍ مِائَتَان فَهَل ينْقض الحكم وَيحكم بِفساد البيع أجَاب رَضِي الله عَنهُ بعد التمهل أَيَّامًا وَبعد الاستخارة أَنه ينْقض الحكم وَوَجهه أَنه إِنَّمَا حكم بِنَاء مِنْهُ على الْبَيِّنَة السالمة عَن المعاضة بِالْبَيِّنَةِ الَّتِي هِيَ مثلهَا أَو أرجح وَقد بَان خلاف ذَلِك وتبيين إِسْنَاد مَا يمْنَع من الحكم إِلَى حَالَة الحكم فَهُوَ كَمَا قطع بِهِ صَاحب الْمُهَذّب من أَنه لَو حكم للْخَارِج على صَاحب الْيَد بِبَيِّنَة وانتزعت الْعين مِنْهُ ثمَّ أَتَى صَاحب الْيَد بِبَيِّنَتِهِ فَإِن الحكم ينْقض لمثل الْعلَّة الْمَذْكُورَة وَهَذَا بِخِلَاف مَا لَو رَجَعَ الشَّاهِد بعد الحكم لِأَن قَول الشَّاهِد متعارض وَلَيْسَ أحد قوليه بِأولى من الآمن وَفِي مَسْأَلَة الْمُهَذّب وَجه حَكَاهُ صَاحب التَّهْذِيب وَغَيره نطردها هُنَا وَالله أعلم 500 - مَسْأَلَة إِنْسَان فِي وسط ملكه طَرِيق مُشْتَرك بَينه وَبَين جمَاعَة ينفذون فِيهِ إِلَى أملاكهم فطالبوه بِأَنَّهُ يشْهد على نَفسه ويقر بحقوقهم فَهَل يجب عَلَيْهِ ذَلِك أم لَا وَإِن لزمَه ذَلِك فَهَل لَهُ أَن يمْتَنع حَتَّى يشْهدُوا على أنفسهم بِالْإِقْرَارِ أم لَا الحديث: 499 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 507 @ أجَاب رَضِي الله عَنهُ أما الْإِقْرَار فَوَاجِب بِنَصّ الْقُرْآن الْعَظِيم قَالَ الله تَارِك وَتَعَالَى {كونُوا قوامين بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لله وَلَو على أَنفسكُم} وشهادتهم على أنفسهم هِيَ الْإِقْرَار وَقد ذكر صَاحب الْمُهَذّب مستدلا بِهَذِهِ الْآيَة الْكَرِيمَة أَن الْإِقْرَار وَاجِب عِنْد الْحَاجة إِلَيْهِ على كل من عَلَيْهِ حق لآدَمِيّ أَو لله تَعَالَى لَا يسْقط بِالشُّبْهَةِ كَالزَّكَاةِ وَنَحْوهَا وَإِنَّمَا لَا يجب الْإِقْرَار فِي الْحُدُود وَبعد هَذَا فوجوب الْإِشْهَاد على الْإِقْرَار يتلَقَّى من أَن الْآيَة جمعت بَين الشَّهَادَة على النَّفس الَّتِي هِيَ الْإِقْرَار وَبَين الشَّهَادَة على الْغَيْر وَالْمعْنَى أَيْضا يجمعهما فَإِن الْإِقْرَار حجَّة يجب عَلَيْهِ إظهارها كَمَا أَن الشَّهَادَة كَذَلِك ثمَّ قد علم أَن الشَّاهِد يجب عَلَيْهِ أَدَاء شَهَادَته على وَجه يصير بِهِ حجَّة يعْتَمد عَلَيْهِ فِي إِثْبَات الْحق على من عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يجب عَلَيْهِ أَدَاؤُهَا عِنْد الْحَاكِم إِن استحضر عِنْده أَو عِنْد من يشْهد على شَهَادَته إِذا لم يستحضر لمرضه وَنَحْوه فَكَذَلِك الْإِقْرَار الْوَاجِب يجب عَلَيْهِ الْإِتْيَان بِهِ عِنْد من يشْهد عَلَيْهِ أَو عِنْد الْحَاكِم إِن أدعى عِنْده وَهَذَا متقرر وَالله أعلم وَلم اسْتدلَّ بِوُجُوب الْإِشْهَاد على الْحَاكِم فِيمَا قد ثَبت عِنْده فَإِنَّهُ قد يفرق بِأَن الْحَاكِم متصد لإِثْبَات الْحجَج وَإِظْهَار الْحُقُوق وَقَوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {وَلَا تكتموا الشَّهَادَة وَمن يكتمها فَإِنَّهُ آثم قلبه} حجَّة ظَاهِرَة فِي هَذَا فَإِن الْإِقْرَار شَهَادَة على النَّفس وَالْآيَة الأولى ناطقة بذلك فيندرج إِذا تَحت قَوْله تَعَالَى {وَلَا تكتموا الشَّهَادَة} وَهَذَا الَّذِي ذكرته يَنْبَغِي أَن يكون هُوَ الْمُعْتَمد وَلَا يصدنا عَنهُ مَا ذكره الإِمَام ابْن الْجُوَيْنِيّ فِي الْمَذْهَب الْكَبِير حَيْثُ يَقُول لَو قَالَ لمن عَلَيْهِ الدّين إشهد على ديني فَالَّذِي قطع بِهِ الْأَصْحَاب أَنه لَا يلْزمه ذَلِك قَالَ وَهَذَا لَا أصل لَهُ وَلَا أعده من الْمَذْهَب هَذَا قَول الإِمَام وَنحن قد وجدنَا لَهُ أصلا قَوِيا فلنعده من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 508 @ الْمَذْهَب فَكَأَنَّهُ رأى أَنه وَثِيقَة فليلتحق بالوثيقتين الْأَخِيرَتَيْنِ الرَّهْن وَالْكَفِيل فَإِنَّهُمَا لَا يلزمانه والفارق قَائِم عِنْد التَّأَمُّل وَالله أعلم وَقد ذكر فِي الرَّهْن أَن الْمُرْتَهن يُكَلف الرَّاهِن عِنْد قَبضه الْمَرْهُون للِانْتِفَاع وَالْإِشْهَاد كل يَوْم هَذَا فِي الْوَسِيط مَقْطُوعًا بِهِ وَإِنَّمَا قلت أَن يمْتَنع حَتَّى يشْهدُوا أَيْضا على أنفسهم فانه لَا يلْزمه بِالْإِقْرَارِ على وَجه يضرّهُ وَلَو أقرّ أَولا فَرُبمَا أنكروه مشاركته إيَّاهُم مستمسكين بِالْيَدِ وَالله أعلم 501 - مَسْأَلَة فِيمَا يسْأَلُون عَنهُ وَيذكر وَهُوَ نَص الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى على قبُول شَهَادَة الشَّرِيك لشَرِيكه فَهَل هَذَا مَخْصُوص بالمنقول وَمَا لَا يحْتَاج فِيهِ إِلَى حُدُود أم يجوز فِي الْعقار حَتَّى إِذا شهد الشَّرِيك لشَرِيكه حِصَّة مُعينَة فِي أَرض محدودة وَحدهَا تسمع شَهَادَته بِالْملكِ وبالحدود أم لَا تسمع لِأَنَّهُ إِذا شهد بحدودها فَهُوَ على الْحَقِيقَة شَهَادَة لنَفسِهِ بحصر الأَرْض الْمَشْهُود بِالْحِصَّةِ للشَّرِيك فِيهَا وَنفى مَا يُحِيط بهَا من جوانبها الْأَرْبَعَة عَنْهَا وَرُبمَا وَقع نزاع بَين المتجاورين فِي كل الْحُدُود أَو بَعْضهَا مَا الحكم فِي ذَلِك مفصلا أجَاب رَضِي الله عَنهُ تقبل شَهَادَة الشَّرِيك لشَرِيكه فَإِن اشْتَمَلت على شَهَادَته لنَفسِهِ ردَّتْ فِي حق نَفسه وَقبلت فِي حق شَرِيكه اذا صرنا إِلَى التَّبْعِيض فِي أَمْثَال ذَلِك وَكَذَلِكَ يكون فِي الْمَسْأَلَة الْمَذْكُورَة تقبل شَهَادَته بالحصر فِي حق شَرِيكه وَلَا تقبل فِي حق نَفسه حَتَّى لَو نوزع بعد ذَلِك فِي الْحُدُود لاحتاج إِلَى شَهَادَة من غَيره بالحدود على الْجُمْلَة فَإِنَّمَا تقبل شَهَادَته لشَرِيكه وَلم نقل تقبل شَهَادَته لنَفسِهِ وَالله أعلم 502 - مَسْأَلَة قَرْيَة مَوْقُوفَة على طَائِفَة وَلَهُم نَاظر مِنْهُم فاعترف الحديث: 501 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 509 @ النَّاظر أَن مَكَانا مِنْهَا مَوْقُوف على مَسْجِد ثمَّ رَجَعَ وَقسم مغل الْمَكَان على الْمَوْقُوف عَلَيْهِم فَهَل يجب الْغرم عَلَيْهِ أَو عَلَيْهِم أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يقبل إِقْرَار النَّاظر عَلَيْهِم من غير بَيِّنَة وَقبل فِي حَقه وَفِي مِقْدَار نصِيبه من مغل ذَلِك الْمَكَان فَيضمن الْمَسْجِد مَا يَخُصُّهُ من ذَلِك الْمغل وَلَا يغرم الْبَاقِي فَإِنَّهُ لَيْسَ كَمَا إِذا أقرّ لزيد ثمَّ أقرّ لعَمْرو وَحَيْثُ غرم على الْأَصَح لِأَن هُنَاكَ حَال بِإِقْرَارِهِ الأول بَين الْمقر ثَانِيًا وَبَين الْمقر لَهُ وَهَا هُنَا الْحَيْلُولَة لَيست من جِهَته فَصَارَ كَمَا لَو أقرّ بِأَن الدَّار الَّتِي فِي يَد زيد لعَمْرو فَإِنَّهُ لَا يغرم شَيْئا وَهُوَ مسطور هَا هُنَا كَذَلِك فَإِن الْيَد فِي الْحَقِيقَة لغير النَّاظر وَإِنَّمَا هُوَ نَائِب عَنْهُم 503 - مَسْأَلَة دين مَعْلُوم على شَخْصَيْنِ بَينهمَا نِصْفَانِ أقرّ فِي وَثِيقَة مَكْتُوب عَلَيْهِمَا لشخص معِين وَضمن ذَلِك عَنْهُمَا شخص معِين وَصُورَة إِقْرَاره بِضَمَان ذَلِك فِي الْوَثِيقَة الْمَذْكُورَة وَأقر بفهم مَا ذكر ومعرفته وَصدق عَلَيْهِ وكفل الدّين الْمعِين فِيهِ وَهُوَ ألفا دِرْهَم ولأصلين يَأْمر كل وَاحِد مِنْهُمَا لَهُ بذلك وبالرجوع بِهِ عَلَيْهِ كَفَالَة صَحِيحَة لَازِمَة شَرْعِيَّة يُؤْخَذ بذلك مَعَهُمَا ودونهما جَمِيعًا وفرادى ثمَّ أَن الشَّخْص الْمقر لَهُ بِالدّينِ الْمَذْكُور أقرّ فِي ظهر الْوَثِيقَة أَنه لما داين المقرين الْمَذْكُورين فِي باطنهما بِالدّينِ الْمَذْكُور فِي بَاطِنهَا إِنَّمَا كَانَت مداينته إيَّاهُمَا من مَال فلَان ابْن فلَان دون مَال نَفسه بِإِذْنِهِ لَهُ فِي ذَلِك وَأقر أَنه لَا حق لَهُ مَعَه فِي ذَلِك وَلَا فِي شَيْء مِنْهُ وَصَارَ كلما أوجبه إحكام بَاطِنهَا وتوجيبه فَهُوَ لهَذَا الْمقر لَهُ دون ذَلِك الْمقر لَهُ وَحضر الْمقر لَهُ وَصدقه على ذَلِك ثمَّ أَن الْمقر لَهُ ثَانِيًا أحضر الْكَفِيل الْمَذْكُور بَين يَدي حَاكم من الْحُكَّام وَادّعى عَلَيْهِ ضَمَانه بِالدّينِ الْمعِين الْمَذْكُور فَأَجَابَهُ بِأَن بعض هَذَا الدّين أوفاه إِيَّاه الْأَصِيل فَسَأَلَهُ الْحَاكِم عَن الْبَاقِي فَقَالَ أؤديه فألزمه الْحَاكِم بِأَدَائِهِ اليه فأداه إِلَيْهِ وَأقر الْقَابِض الْمَذْكُور بِوُجُوب الدّفع إِلَيْهِ ومصير ذَلِك إِلَيْهِ مصيرا صَحِيحا برأت ذمَّة الدَّافِع وَوَجَب لَهُ بِهِ الرُّجُوع على الحديث: 503 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 510 @ الْأَصِيل بِمُقْتَضى إِذْنه لَهُ فِي ذَلِك ثمَّ ادّعى هَذَا الْكَفِيل أَن لَهُ استرجاع مَا أَدَّاهُ وَادّعى أَن ضَمَانه للدّين الْمَذْكُور لم يكن صَحِيحا لِأَنَّهُ لم يعرف الْمَضْمُون لَهُ الَّذِي لَهُ الدّين وَقَالَ إِنَّمَا ضمنت الدّين لغير هَذَا الْمُدَّعِي وَلم يكن الدّين لَهُ وَضَمان الدّين لمن لَا دين لَهُ فَاسد فَهَل تسمع دَعْوَاهُ لذَلِك مَعَ مناقضتها لما سبق من اعترافه من جِهَات مُتعَدِّدَة نقيض مَا أدعاه وَهل يَصح الْمُسْتَند الَّذِي أسْندهُ إِلَيْهِ وإفساد ضَمَانه الْمَذْكُور وَهل ينْقض حكم الْحَاكِم الْمَذْكُور مَعَ كَونه يرى أَن معرفَة الْمَضْمُون لَهُ لَيست بِشَرْط أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَيْسَ لَهُ استرجاع مَا ادَّعَاهُ وَعَلِيهِ أَدَاء مَا بَقِي من ذَلِك إِن بَقِي وَلَا سَبِيل إِلَى نقض حكم الْحَاكِم على الْوَجْه الْمَذْكُور وَدَعوى الضَّامِن الْمَذْكُور مَرْدُودَة غير مسموعة والمستند الَّذِي اسْتندَ إِلَيْهِ فِيمَا ادَّعَاهُ فَاسد أما أَولا فَلِأَنَّهُ لَيْسَ فِيمَا جرى وَذكر مَا يَجْعَل الْوَاقِعَة الْمَذْكُورَة من صور عدم مَعْرفَته الْمَضْمُون لَهُ الَّتِي قيل فِيهَا بالإفساد على وَجه دون معرفَة وَكيل الْمَضْمُون لَهُ قَائِمَة فِي ذَلِك قيام معرفَة نفس الْمَضْمُون لَهُ وَأما ثَانِيًا فَلِأَنَّهُ قدر أَنَّهَا كَذَلِك فَحكم الْحَاكِم بِشَرْطِهِ بِقطع الْخلاف وتمنع على الْمُخَالف نقضه وَهَكَذَا قَوْله ضمنت الدّين الَّذِي لغير الْمُدَّعِي إِلَى آخر مَا ذكر فَاسد لَيْسَ بِشَيْء فَإِن ضَمَانه لوكيل صَاحب الدّين بِمَنْزِلَة ضَمَانه لنَفسِهِ فَإِنَّهُ يقوم مقَامه وينوب مَنَابه فِي ذَلِك وَأَمْثَاله من الْأَحْكَام وَسَوَاء فِي ذَلِك ذكر الْمُوكل وأضاف إِلَيْهِ ذَلِك أَو لم يذكرهُ وَلم يذكرهُ وَلم يضفه اليه لَكِن نَوَاه وقصده وَلَيْسَ وَالْحَالة هَذِه نَظَائِر كَون صُورَة اللَّفْظ ظَاهرا منصرفة إِلَى الْوَكِيل وَهَذَا إِشَارَة الى طرق من أُمُور مُحَققَة مَعْلُومَة عِنْد الْفُقَهَاء وَالله الْمُسْتَعَان هَذِه الْوَاقِعَة قَامَ فِيهَا ابْن عبد السَّلَام وَزعم أَن الضَّمَان فَاسد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 511 @ لِأَنَّهُ ضمن لمن لَا دين لَهُ وشنع على وسعى فِي أَخذ خطوط جمَاعَة من الْمُفْتِينَ على وفْق مَا وضح بِهِ خطه وَكَانَ القَاضِي النَّجْم يُنَاقض حكم القَاضِي الشَّمْس وَعنهُ أَنه عزى الْمَسْأَلَة إِلَى الْحَاوِي فَنَظَرت فِيهِ فَإِذا الْأَمر فِيهِ لَيْسَ كَذَلِك وَالله أعلم 504 - مَسْأَلَة شخص أَبْرَأ شخصا إِبْرَاء مُطلقًا عَاما وَأقر بِأَنَّهُ لَا حق لَهُ عَلَيْهِ على الْإِطْلَاق وَكَانَ لَهُ مِقْدَار من الدبس أسلم فِيهِ إِلَيْهِ وَادّعى أَنه لم يعلم بِهِ حَالَة الْإِبْرَاء أَو لم يردهُ فَمَا الحكم أجَاب رَضِي الله عَنهُ بعد التثبيت أَيَّامًا أَنه يصدق بِيَمِينِهِ وَذَلِكَ لِأَن هَذَا الْعُمُوم منتشر الْأَفْرَاد لَا يدْخل تَحت الْحصْر وَالْعد وغيبة بَعْضهَا عَن الذِّهْن لَيْسَ على خلاف الظَّاهِر فَإِذا ادّعى ذَلِك قبل مِنْهُ مَعَ الْيَمين فَإِن قلت فَيَنْبَغِي أَن لَا يحكم بِعُمُومِهِ وَيلْحق بِالْإِقْرَارِ بِالْمَجْهُولِ وَحَيْثُ حكم بِعُمُومِهِ علم أَن تنَاوله لجَمِيع الْأَفْرَاد هُوَ الظَّاهِر وَيلْزم من ذَلِك أَن تكون دَعْوَاهُ عدم إِرَادَة بَعْضهَا على خلاف الظَّاهِر قلت نعم تنَاوله لجميعها هُوَ الظَّاهِر وَلَكِن الحديث: 504 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 512 @ الظَّاهِر قد يتْرك هَذِه الدَّعْوَى فِي بعض الْمَوَاضِع وَأَن يعْمل بِهِ عِنْد عدمهَا وَمن ذَلِك إِذا قيل لَهُ أطلقت زَوجتك فَقَالَ نعم طلقت حكم عَلَيْهِ بِالطَّلَاق إِذا طلق وَلم يدع خلاف ذَلِك فَإِن ادّعى أَنه كَانَ طَلقهَا فِي نِكَاح مُتَقَدم وَكَانَ لما قَالَه أصل قبل قَوْله فَقيل قَوْله على خلاف الظَّاهِر الْمَعْمُول بِهِ عِنْد الْإِطْلَاق وَهَذَا الَّذِي نَحن بصدده من هَذَا وَالسَّبَب فِيهِ أَن هَذِه الدَّعْوَى فِي ضمنهَا حجَّة يتْرك بِمِثْلِهَا ذَلِك الظَّاهِر وكل دَعْوَى هَذَا شَأْنهَا بترك الظَّاهِر عِنْد وجودهَا وَهَذَا لِأَنَّهُ ادّعى عدم الْعلم بالفرد الْمعِين الَّذِي ادَّعَاهُ وَالْأَصْل عدم علمه بِهِ فَلَا ظَاهر يدل على علمه بِهِ فَكَانَ قَوْله مَقْبُولًا فِي عدم علمه ثمَّ يلْزم مِنْهُ عدم تنَاول عُمُوم إِقْرَاره لَهُ وَقد وجدت على مُوَافقَة مَا قَرّرته نصا عَن الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ ذكر صَاحب رَوْضَة الْحُكَّام لَو قَالَ لَا حق لي فِيمَا فِي يَد فلَان ثمَّ قَالَ هَذَا الْعَهْد لم أعلم كَونه فِي يَده فِي وَقت الْإِقْرَار صدق عِنْد الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ وَلَا يصدق عَن أبي حنيفَة وَالله أعلم علقت هَذَا بعد الْإِفْتَاء بِمَا تقدم بِزَمَان هُوَ بعض مَا كَانَ فَتحه الله تَعَالَى فِي تَقْرِيره وَيَنْبَغِي أَن لَا يقبل الرُّجُوع عَن الْإِقْرَار فِي كل ذَلِك إِلَّا إِذا عِنْده بِتَأْوِيل يقبل مثله كَمَا فِي الصُّورَة الْمَذْكُورَة وَالله أعلم 505 - مَسْأَلَة شخص أقرّ أَن هَذَا لَازم صَحِيح على وَلَده فلَان من غير ذَلِك لمن وَقفه وَلَا وَقت للإقرار ثمَّ مَاتَ فَأَقَامَ بَاقِي الْوَرَثَة بَينه على اقرار الْمُدَّعِي للْوَقْف بِأَنَّهُ تلقى الْوَقْف من أَبِيه فِي مرض مَوته فِي تَارِيخ مُتَقَدم على تَارِيخ إِقْرَار أَبِيه الْمَوْصُوف أَولا فَهَل يبطل ذَلِك بِهَذَا وَيتْرك إِقْرَار الْأَب على هَذَا الْقَيْد الْمُتَقَدّم عَلَيْهِ أجَاب رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ أجَاب فِي الاستفتاء جمَاعَة من الْمَشَايِخ الَّذين مَاتُوا وحادوا عَن عين المستفتى عَنهُ بِأَن فرضوا حَالَة أجابوا عَنْهَا فِرَارًا من مَحل المغموض وَكَانَ جوابي بعد الاستخارة والتثبت أَيَّامًا أَن ذَلِك الحديث: 505 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 513 @ الْمُطلق يتْرك على هَذَا الْمُقَيد وَهُوَ هَذَا اللَّاحِق بنظائره الَّتِي بهَا أَنه لَو قَامَت الْبَيِّنَة على إِقْرَاره أَن لفُلَان عَلَيْهِ ألفا وَقَامَت بَيِّنَة أُخْرَى أَنه قبض من فلَان خمسمائه فِي شعْبَان وثلثمائة فِي رَمَضَان وَمِائَتَيْنِ فِي شَوَّال فَإِن ذَلِك الْمُطلق يحمل على الْمُقَيد وَالْحجّة فِي ذَلِك أَنه يحْتَمل أَن يكون الْمُطلق هُوَ الْمُقَيد وَيحْتَمل أَن يكون غَيره وَالْأَصْل عدم غَيره بِهِ وَهَذَا شَامِل لما نَحن فِيهِ وَلَا يمْنَع من هَذَا قَوْله صَحِيح لَازم نظرا إِلَى أَنه غير مَوْجُود فِي الْمُقَيد بِمَرَض الْمَوْت فَتحصل الْمُغَايرَة وَذَلِكَ لِأَنَّهُ حِين قَالَ هَذَا لم يعلم أَنه فِي مرض مَوته وَإِطْلَاق هَذَا كَانَ جَائِزا لَهُ إِلَى الظَّاهِر لَا لكَون قَائِل الْمُطلق لَيْسَ قَائِل الْمُقَيد لِأَن الْمُقَيد هُوَ الْمقر لَهُ فَكَانَ التَّقْيِيد مَقْبُولًا لاحقا بالمقر بِهِ لكَونه صَاحب الْحق وَلَا يكون الْمُطلق إِقْرَارا بانصاف الْمَذْكُور بالوقفية والمقيد إِقْرَارا بإنشاء الْوَقْف لِأَن هَذَا لَا يُوجب مُغَايرَة تمنع من تَنْزِيل أَحدهمَا على الآخر كَمَا فِي النظير الْمُقدم على أَن قَوْله فِي الْمُقَيد تلقى الْوَقْف المعني بِهِ وَوَصفه بالوقفية وَالله أعلم أصل آخر وَهُوَ أَن إِقْرَار الْمُدَّعِي يثبت كَون الْإِقْرَار الْمُطلق صادرا من الْأَب فِي مرض مَوته وَكَون الْوَقْف حدث فِي مرض الْمَوْت أَيْضا وَيلْزم من ذَلِك الحكم بِأَنَّهُ الْوَاقِف إِذْ لَا يقدر زَوَال ملكه الى غَيره ثمَّ صُدُور الْوَقْف من الْغَيْر كَمَا لم يقدر مثله فِي مَسْأَلَة الِاسْتِحْقَاق حَيْثُ يحكم بِرُجُوع المُشْتَرِي على البَائِع بِالثّمن إِذا قَامَت بَيِّنَة مُطلقَة يكون الْمَبِيع مُسْتَحقّا من غير إِسْنَاد مِنْهَا للاستحقاق إِلَى يَد البَائِع مَعَ انه يحْتَمل أَن يكون الِاسْتِحْقَاق تجدّد فِي يَد المُشْتَرِي بِأَن يكون قد زَالَ ملكه إِلَى غَيره ثمَّ غصبه مِنْهُ لَكِن قُلْنَا الأَصْل عدم هَذَا الزَّوَال وانتقاء هَذِه الْوَاسِطَة وَهَكَذَا كَذَلِك وَالْعلم عِنْد الله تَعَالَى 506 - مَسْأَلَة شهِدت بَيِّنَة لقوم بِأَن هَذَا الْمَكَان مخلف عَن مُورثهم فلَان وَقَامَت بَيِّنَة أُخْرَى لقوم آخَرين بِأَنَّهُ مخلف عَن مُورثهم يدا وتصرفا فَحسب فَأَيّهمَا يقدم الحديث: 506 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 514 @ أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِذا شهِدت الْبَيِّنَة الأولى بملكية مُورثهم تحليفا مِيرَاثا وَلم تشهد بَيِّنَة الآخرين بِملك مُورثهم بل بِالْيَدِ فَحسب فعلى مَنْصُوص الشَّافِعِي ظَاهر مذْهبه فِي أَن الْبَيِّنَة الشاهدة بِملك الْمَيِّت وتحليفه مِيرَاثا يحكم بهَا على صَاحب الْيَد الْمُجَرَّدَة كَالشَّهَادَةِ بِالْملكِ الْمَاضِي يحكم هَا هُنَا بَيِّنَة الَّذين شهِدت بَينهم بِملك مُورثهم وتحليفه مِيرَاثا وَالله أعلم 507 - مَسْأَلَة إِذا زكى أحد الشَّاهِدين للْآخر هَل يقبل أجَاب رَضِي الله عَنهُ الْأَظْهر أَنه لَا يقبل وأفتيت بِهَذَا مَعَ وُقُوفِي على قطع أبي عَاصِم الْعَبَّادِيّ بِأَنَّهُ يقبل وَرَأَيْت الحاقه بِمَا إِذا شهد أَحدهمَا على شَهَادَة الثَّانِي وَذَلِكَ يُؤَدِّي إِلَى الِاكْتِفَاء بِالشَّاهِدِ الْوَاحِد فَإِن قبُول قَول الشَّاهِد الآخر يكون حِينَئِذٍ على قَوْله وَيَنْبَغِي أَن يكْشف عَن نَص على هَذَا وَالله أعلم 508 - مَسْأَلَة رجل أقرّ لرجل بدين مَعْدُوم وَأقر الْمقر لَهُ أَنه لَا يسْتَحق على الْمقر دينا وَلَا بَقِيَّة من دين وَالْإِقْرَار أَن جَمِيعًا فِي يَوْم وَاحِد معِين من غير أَن يبين أَيهمَا قبل فبأيهما يعْمل وَهل يمْنَع ذَلِك من الْمُطَالبَة بِالدّينِ الْمَذْكُور أجَاب رَضِي الله عَنهُ يحكم بِبَيِّنَة الْإِقْرَار المثبتة فَإِنَّهُ ثَبت بِهِ أصل شغل ذمَّته إِذْ لولاه لجعلنا إِقْرَار الْمقر لَهُ تَكْذِيبًا للْمقر وَلَا يُصَار إِلَى ذَلِك بِالِاحْتِمَالِ واذا ثَبت أصل الشّغل وَالْقَوْل بِتَصْدِيق الإقرارين مَعًا فَلَا يُصَار الى تصديقهما بِتَقْدِير تَأَخّر الْإِقْرَار النَّافِي عَن الْإِقْرَار الْمُثبت بِنَاء على احْتِمَال طَرَأَ أَن الْبَرَاءَة والإسقاط فَأن لَا تتْرك أصل الشّغل بِاحْتِمَال تعقب الْمسْقط فَيتَعَيَّن تصديقهما بِتَقْدِير وُقُوع الْإِقْرَار النَّافِي قبل الْإِقْرَار الْمُثبت وَإِذا ادّعى الْمقر لَهُ هَذَا فَذَلِك مَقْبُول وَالله أعلم الحديث: 507 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 515 - مَسْأَلَة رجل أقرّ فِي مرض مَوته بِأَنَّهُ بَاعَ من ابْنه فلَان كَذَا وَكَذَا وَسَماهُ وعينه وللميت ابْن أَخ فَادّعى أَنه وَارِث الْمَيِّت وَأَن الابْن الْمَذْكُور لَيْسَ ابْن الْمَيِّت وَإِنَّمَا هُوَ ابْن فلَان وعينه ولد على فرَاشه وَأقَام بذلك بَيِّنَة وَفُلَان الْمَذْكُور مُنكر لذَلِك وَالِابْن ايضا مُنكر ويعتزى الى البَائِع الْمَيِّت فَهَل يقْدَح ذَلِك فِي اقرار الْمَيِّت بِثُبُوتِهِ وَهل يحْتَاج إِلَى إِقَامَة بَيِّنَة تشهد بِأَنَّهُ لَا وَارِث لَهُ وَإِذا أَقَامَهَا على ذَلِك وَأَنه ولد على فرَاشه يحكم لَهُ بِالْإِرْثِ أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ قيام الْبَيِّنَة بِأَنَّهُ ولد على فرَاش غير الْمَيِّت يقْدَح فِي إِقْرَاره ويلحقه بِصَاحِب الْفراش وَإِن اتّفق هُوَ والمولود على إِنْكَار ذَلِك من حَيْثُ أَن الْوَلَد للْفراش وكل ولد الْحق بالفراش فَلَنْ يَنْتَفِي عَنهُ إِلَّا بِاللّعانِ وَدَعوى ابْن الْأَخ لذَلِك وبنيته مسموعتان وَإِن كَانَ ذَلِك إثابتا للْغَيْر من كَونه طَرِيقا فِي دفع الْخصم وابطالا لحجته وَلِهَذَا سَاغَ إِقَامَة الْبَيِّنَة على نسق بَيِّنَة الْخصم مَعَ أَنه لَيْسَ إِثْبَات حق لمن أَقَامَهَا وَيسْتَحق الْملك الْمُبْتَاع وَإِن انْتَفَى نسبه نظرا إِلَى التَّعْيِين ولحملنا الْوَصْف على ذَلِك على زَعمه فَإِذا أَقَامَ الابْن الْمقر بِهِ بَيِّنَة أَنه ولد على فرَاش الْمَيِّت وَإنَّهُ لَا وَارِث لَهُ غَيره فَيحكم لَهُ بِالْإِرْثِ حِينَئِذٍ وَلَا بُد من اقامة الْبَيِّنَة على أَنه لَا وَارِث لَهُ غَيره على كل حَال وَالله أعلم ذكره الإِمَام رَحمَه الله فِي النِّهَايَة قَرِيبا من آخر بَاب فِي آخر الْكتاب الْوَلَد الَّذِي ألحق بفراش النِّكَاح لَا يُؤثر فِيهِ قيافه وَلَا انتساب يُخَالف حكم الْفراش بل لَا يَنْتَفِي ولد ألحقهُ الْفراش إِلَّا بِاللّعانِ قلت من جِهَة هَذَا أَن النّسَب الثَّابِت بالفراش ثَبت أَصله قهرا من غير توقف على رضى الْوَلَد وَالْوَالِد فَلَا يَنْتَفِي بقولهمَا واجتماعهما على نَفْيه وَكَونه حَقًا لَهُ لَا يُوجب اعْتِبَار قَوْله فِي نَفْيه كَمَا أَن الْملك الثَّابِت بِالْإِرْثِ فَلَا يَنْتَفِي بنفيه وَإِن كَانَ حَقًا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 516 @ لَهُ لما كَانَ من أصل ثُبُوته قهريا وَأما انتفاؤه بِاللّعانِ فرخصه وَهُوَ حجَّة ضَرُورِيَّة أثبتها الشَّرْع شاهدة بِنَفْي الْأَسْبَاب الْبَاطِلَة وَالله أعلم 510 - مَسْأَلَة رجل أقرّ لرجل فِي سنة عشْرين بِمِائَة دِرْهَم ثمَّ قَامَت بَيِّنَة بِأَنَّهُ أقرّ للْمقر لَهُ الأول فِي سنة أحدى وَعشْرين بِخَمْسِينَ درهما وَشهِدت شُهُود بِأَن هَذَا الدّين خَارج عَمَّا أقرّ بِهِ فِي سنة عشْرين وَلم يَقُولُوا لذَلِك الْمقر لَهُ فَهَل يكون هَذَا كَافِيا فِي التغاير بَين هذَيْن الدينَيْنِ أفتى بعض هَؤُلَاءِ بِأَنَّهُ كَاف فِي التغاير أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يَكْفِي هَذَا فِي إِثْبَات التغاير بَينهمَا فقد يكون خَارِجا عَمَّا أقرّ بِهِ لغير ذَلِك الْمقر لَهُ فِي سنة عشْرين وَيصِح لذَلِك اطلاق ذَلِك وَإِن لم يكن خَارِجا عَمَّا أقرّ بِهِ لذَلِك الْمقر بِهِ فِي سنة عشْرين إِذْ لَا عُمُوم فِي هَذَا اللَّفْظ أَو مَا هَهُنَا جزئية لَا عُمُوم لَهَا عِنْدهم فَإِن أضَاف مضيف إِلَى هَذَا مُقَدّمَة أُخْرَى استصحابية لم يقْدَح بذلك فِي الْجَواب بِأَنَّهُ لَا يكون هَذَا كَافِيا فَإِن الْكِفَايَة حِينَئِذٍ تحصل بالمجموع أَن حصلت وانتهض هَذَا مُعْتَمدًا فِي إِثْبَات التغاير وَفِي ذَلِك كَلَام وتفصيل بَين أَن يعلم ثمَّ إِقْرَار مِنْهُ لغيره أَو لَا يُعلمهُ 511 - مَسْأَلَة قَامَت بَيِّنَة أَنه اشْترى هَذَا من نَائِب بَيت المَال شِرَاء صَحِيحا وَقَامَت بَيِّنَة أَنه غصبه من بَيت المَال فأيتهما تقدم أجَاب رَضِي الله عَنهُ تقدم بَيِّنَة الشِّرَاء على بَيِّنَة الْغَصْب لِأَنَّهَا نَافِذَة وَتلك مَبْنِيَّة وَقد حفظ أَنَّهَا لَو شهِدت بِأَن هَذَا ملك فلَان وَشهِدت أُخْرَى بِأَن الْمُدَّعِي اشْتَرَاهُ مِنْهُ قدمت بَيِّنَة الشِّرَاء الحديث: 510 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 517 - مَسْأَلَة رجل بِيَدِهِ ملك لَا مُنَازع لَهُ فِيهِ أقرّ أَنه وَقفه فلَان عَلَيْهِ وعَلى نَسْله ثمَّ على جِهَة مؤيدة فَهَل يثبت الْوَقْف أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يثبت الْوَقْف عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ ذَلِك لِأَنَّهُ اعْترف بِالْملكِ لغيره وَادّعى انْتِقَاله عَنهُ بطرِيق الْوَقْف فَهُوَ كَمَا لَو قَالَ صَاحب الْيَد اشْتريت هَذَا من فلَان لم يثبت الْملك لَهُ وَإِن كَانَت الْيَد لَهُ أما إِذا قَالَ هَذَا مَوْقُوف عَليّ وَلم يعين وَاقِفًا فَيَنْبَغِي أَن يثبت ملك بِالْيَدِ لَا سِيمَا إِذا قُلْنَا الْملك فِي الْمَوْقُوف للْمَوْقُوف عَلَيْهِ وَدَعوى ذَلِك على الْإِطْلَاق كدعوى صَاحب الْيَد على الْملك على الْإِطْلَاق وَإِن كَانَ لَا بُد من متنقل مِنْهُ إِلَيْهِ لَكِن يفرق الْمعِين والمبهم 513 - مَسْأَلَة شَهَادَة الاستفاضة هَل يثبت بهَا الْوَقْف وَإِن ثَبت فَهَل يثبت لَهَا أَن النّظر لولد الْوَقْف أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ يثبت بِهَذَا وقف وَلَا يثبت أَن فلَانا وقف وَأما النّظر فَلَا يثبت بهَا إِذا شهد بِهِ مُنْفَردا أَو اسْتِقْلَالا وَإِن شهد بِهِ ذَاكِرًا لَهُ فِي شَهَادَته بِأَصْل الْوَقْف فِي معرض بَيَان شَرط الْوَقْف فَالظَّاهِر أَنه يسمع لِأَنَّهُ يسمع إِذا قبلنَا شَهَادَة الاستفاضة فِي الْوَقْف شَهَادَتهمَا بِالْوَقْفِ مَشْرُوطًا فِيهِ شُرُوطه وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يرجع حَاصله إِلَى بَيَان وصف الْوَقْف وَتَعْيِين كَيْفيَّة وَذَلِكَ مسموع فَإِن تكلّف متكلف رد هَذَا إِلَى مَسْأَلَة الشَّهَادَة بِالْوَقْفِ على غير معِين وَرَغمَ أَنَّهَا لَا تسمع بالاستفاضة وَجها وَاحِدًا قلت هَذَا قَول الشَّيْخ أبي مُحَمَّد والمحققون على مَا حَكَاهُ ابْنه سووا بَين الْعَام والمعين فِي إِجْرَاء الْوَجْهَيْنِ فِي الْجمع وَالله أعلم الحديث: 513 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 518 @ وَمن كتاب الدَّعَاوَى والبينات 514 - مَسْأَلَة رجل اشْترى من رجل سَهْما شَائِعا من ملك وَغَابَ البَائِع فَأثْبت المُشْتَرِي أَن الْملك لم يزل ملك أبي البَائِع إِلَى أَن مَاتَ وَخَلفه لوَرثَته وَأثبت حصرهم وَأَن البَائِع يَخُصُّهُ من الْملك الْمَذْكُور الْقدر الْمَبِيع فَادّعى أَخُو البَائِع أَن أَبَاهُ وهبه ذَلِك الْملك جَمِيعه هبة صَحِيحَة مَقْبُوضَة وَأثبت ذَلِك فَادّعى المُشْتَرِي فِي غيبَة البَائِع أَن الْأَب رَجَعَ فِي الْهِبَة الْمَذْكُورَة وَأقَام بذلك شَاهد فَهَل تسمع دَعْوَاهُ فِي ذَلِك وَيحلف مَعَ شَاهده أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ بل تسمع الدَّعْوَى مِنْهُ فِي ذَلِك وَيحلف مَعَ شَاهده هَذَا هُوَ الظَّاهِر فَإِنَّهُ يَدعِي ملكا لغيره منتقلا مِنْهُ إِلَيْهِ فَهُوَ كالوارث فِيمَا يَدعِيهِ من ملك لمورثه 515 - مَسْأَلَة رجل بِيَدِهِ عقار يتَصَرَّف فِيهِ مُدَّة طَوِيلَة حضر خارجي وَادّعى عَلَيْهِ أَنه يسْتَحق تَسْلِيم الْعقار وَأَنه بِيَدِهِ غصبا وتعديا فَأجَاب ذُو الْيَد بِأَنَّهُ ملكه وَبِيَدِهِ وَحقه وَلَا يسْتَحق هَذَا الْمُدَّعِي تَسْلِيمه وَلَا تَسْلِيم شَيْء مِنْهُ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْخَارِج بَيِّنَة شهِدت أَن زيدا أقرّ لَهُ بِهَذَا الْعقار بتاريخ عينه سَابق لتاريخ هَذِه الدَّعْوَى مثلا بِعشْرين سنة أَو أقل أَو أَكثر وَشهِدت أَن هَذَا الْعقار كَانَ بيد الْمقر حَاله إِقْرَاره لَهُ بِهِ وَلم تزد فِي شهادتها على ذَلِك فَهَل ينتزع من يَد الْمُدعى عَلَيْهِ وَالْحَالة هَذِه بِمُجَرَّد هَذِه الشَّهَادَة أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ يثبت لَهُ الْملك بذلك وينتزع ذَلِك من يَد الْمُدعى عَلَيْهِ وَالْمَسْأَلَة مسطورة على مَا فِيهَا من عضوضن سطرها الْعَبَّادِيّ وَغَيره على نَحْو هَذَا وَالله أعلم الحديث: 514 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 519 - مَسْأَلَة رجل اشْترى من آخر ملكا وَلم يزل الْملك فِي يَد المُشْتَرِي إِلَى أَن توفّي وَخَلفه من يسْتَحق مِيرَاثه وَمَات البَائِع وَزَوجته فَادّعى وَارِث البَائِع أَن أَبَاهُ مَاتَ وَخلف الْملك على وَارثه فَأثْبت وَارِث المُشْتَرِي أَن الْملك انْتقل إِلَيْهِ عَن أَبِيه وَأَن أَبَاهُ اشْتَرَاهُ شِرَاء صَحِيحا من وَالِد الْمَذْكُورين بِكِتَاب شَرْعِي ثمَّ ادّعى وَارِث البَائِع مرّة ثَانِيَة أَن أَبَاهُ كَانَ عوض زَوجته بِالْملكِ عَن صَدَاقهَا وورثوها وَأَقَامُوا على ذَلِك بَيِّنَة وَيَد وَارِث المُشْتَرِي ثَابِتَة على الْملك وَتَحْت تصرفه فَهَل تصح لَهُم دَعوَاهُم أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا تسمع دَعْوَى وَارِث البَائِع على مناقضة دَعْوَاهُ الْمُتَقَدّمَة فَإِن قرنها بِتَأْوِيل يدْفع المناقضة وَكَانَت بَيِّنَة المُشْتَرِي وَبَيِّنَة التعويض مطلقتي التَّارِيخ أَو أَحدهمَا تساقطتا وَعمل بِالْيَدِ وَيحكم بهَا لوَارث المُشْتَرِي 517 - مَسْأَلَة ادّعى شخص عينا فِي آخر أَنَّهَا ملكه وَهِي فِي يَده بِغَيْر حق وَهُوَ يسْتَحق إخْرَاجهَا من يَده على مَا هُوَ شَرط الدَّعْوَى فَأنْكر الْمُدعى عَلَيْهِ فأحضر شَاهِدين شَهدا أَن الْمُدَّعِي اشْترى الْعين الْمُدعى بهَا من سنة من غير الْمُدعى عَلَيْهِ وَسلمهَا إِلَيْهِ فتسلمها وَلم يزيدا على هَذَا فَهَل يحكم للْمُدَّعِي بِالْعينِ بِهَذِهِ الشَّهَادَة أم لَا فان قَالُوا يحكم فَلَو قَالَ الشَّاهِدَانِ تشهد أَن هَذِه الْعين كَانَت ملك أبي الْمُدَّعِي وَمَات من سنة وانتقل إِلَى الْمُدَّعِي وَلم يتعرضا للْملك فِي الْحَال أَيْضا وَلَا وَارِث لَهُ غَيره فَهَل يحكم لَهُ بهَا كَمَا صُورَة الشِّرَاء أم لَا فَإِن قَالُوا يحكم فَلَو جَاءَ رجل إِلَى حَاكم بِعَين وأدعى على غَائِب أَن لَهُ عَلَيْهِ كَذَا أَو أَنه رهن مِنْهُ هَذِه الْعين على هَذَا الْمبلغ وَأقَام شَاهِدين بِالدّينِ الْمُدعى بِهِ على الْغَائِب وَأَنه رهن مِنْهُ هَذِه الْعين وَصرف ثمنهَا إِلَى دينه فَهَل للْحَاكِم ذَلِك بِالشَّهَادَةِ الْمَذْكُورَة أجَاب رَضِي الله عَنهُ نعم يحكم للْمُدَّعِي بِهَذِهِ الْبَيِّنَة هَكَذَا الحديث: 517 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 520 @ قَالُوا وَالأَصَح أَنه يحكم لَهُ فِي صُورَة الْإِرْث الْمَذْكُور وَلَا يجز وَاحِدَة من الصُّورَتَيْنِ على الْخلاف فِيمَا إِذا شهِدت الْبَيِّنَة لَهُ بِأَنَّهُ ملكه أمس وَهَكَذَا يَكْفِي فِي مَسْأَلَة الرَّهْن فِي الحكم لَهُ مَا ذكره فِي هَذَا النَّوْع اعْتِرَاض لَيْسَ هَذَا مَوْضُوع حلّه 518 - مَسْأَلَة رجل خلف ملكا على ورثته فجَاء رجل من خَارج وَادّعى أَن هَذِه الْملك يخْتَص بِبَيْت المَال وَأَنه كَانَ فِي يَد الْمَوْرُوث الْمُتَوفَّى على سَبِيل الْغَصْب والتعدي وَأقَام بَيِّنَة على ذَلِك فَأَقَامَ الْوَارِث الْمُدعى عَلَيْهِ بِبَيِّنَة تشهد أَن هَذَا الْمُدَّعِي ملك الْمُدعى عَلَيْهِ واختصاصه وَأَن يَده الثَّابِتَة عَلَيْهِ يَد حق وَأَن يَد الْمُتَوفَّى الْمُورث كَانَت أَيْضا يَد حق إِلَى أَن توفّي فَهَل تتعارض الْبَيِّنَتَانِ أَو تقدم إِحْدَاهمَا وَأيهمَا تقدم وَهل إِذا تَعَارَضَت يقدم صَاحب الْيَد أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِذا لم تزد بَيِّنَة الْمُدَّعِي على أَن يَد الْمُورث على سَبِيل الْغَصْب والتعدي وَأَنه لبيت المَال فَبَيِّنَة الْمُدعى عَلَيْهِ صَاحب الْيَد مُقَدّمَة وَالله أعلم 519 - مَسْأَلَة رجل نَافِذ التَّصَرُّف لَهُ دَابَّة عَادَتهَا الضراوة برجلها أَو يَدهَا أَو فمها فاستأجر أَجِيرا نَافِذ التَّصَرُّف مُدَّة مَعْلُومَة لينقل لَهُ مَاء وحطبا من مَوضِع مُبَاح مَعْلُوم عملا مَعْلُوما وَلم يعلم الْأَجِير بِأَنَّهَا ضاربة فَأَخذهَا الْأَجِير ينْقل عَلَيْهَا فِي غيبَة الْمُسْتَأْجر فجَاء أَجْنَبِي وَادّعى أَنَّهَا أتلفت وَهِي مَعَ الْأَجِير فِي غيبَة الْمُسْتَأْجر نفسا أَو مَالا فعلى من تتَوَجَّه الدَّعْوَى فَإِن تَوَجَّهت على الْمُسْتَأْجر فَهَل يحلف على الْقطع أَو نفي الْعلم وعَلى من يكون الْعَزْم أجَاب رَضِي الله عَنهُ يَدعِي الْأَجِير وَالْحَالة هَذِه وَإِذا ثَبت ذَلِك الحديث: 518 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 521 @ عَلَيْهِ وَجب عَلَيْهِ الضَّمَان ثمَّ يرجع بِهِ على الْمَالِك لكَونه غره حَيْثُ لم يُعلمهُ مَعَ كَونه يعلم كَونهَا مُعْتَادَة لذَلِك وَإِن أنكر ذَلِك وَلَا بَيِّنَة فَعَلَيهِ الْيَمين وَيحلف على الْقطع لَا على نفي الْعلم فَإِن فعل الْبَهِيمَة الْمَذْكُور مَنْسُوب إِلَيْهِ وَفعل الْغَيْر إِذا كَانَ مَنْسُوبا إِلَى الْمُدعى عَلَيْهِ حلف على الْبَتّ وَالله أعلم 520 - مَسْأَلَة رجل أثبت بِأَن الْمَكَان الْفُلَانِيّ طَرِيق يخْتَص بِهِ وَشهد بذلك الشُّهُود فجَاء آخر وَأثبت أَنه طَرِيق الْمُسلمين غير مُخْتَصّ بذلك الرجل شهد لَهُ بذلك شُهُود فَأَي الْبَيِّنَتَيْنِ تقدم أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِن كَانَت الْيَد للْأولِ تخْتَص بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ قدمت بَينته وَإِن كَانَت للْمُسلمين بِأَن كَانُوا يسلكونه على الْعُمُوم مُدَّة من غير مُنَازع قدمت الْبَيِّنَة الثَّانِيَة 521 - مَسْأَلَة رجل فِي يَده بَيت فِيهِ مَتَاع يتَصَرَّف فجَاء رجل إِلَى حَاكم الْمُسلمين وأحضر الرجل الَّذِي فِي يَده وَادّعى عَلَيْهِ أَن مَتَاع الْبَيْت وحدد الْبَيْت وَذكر الْبَلَد الَّذِي فِيهِ الْبَيْت والحارة ملكه دون الْمُدَّعِي وَأقَام على ذَلِك بَيِّنَة فَهَل يفْتَقر فِي الدَّعْوَى وَفِي قبُول الْبَيِّنَة إِلَى ذكر جَمِيع الْمَتَاع وَوَصفه إِذْ الْمُدعى بِهِ غَائِب أم لَا يحْتَاج إِلَى ذكر ذَلِك لِأَنَّهُ مَحْصُور فِي الْبَيْت يُمكن تَسْلِيمه عِنْد الثُّبُوت أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا تصح الدَّعْوَى وَشَهَادَة الْبَيِّنَة فَإِن أضيف ذَلِك إِلَى إِقْرَار من ينفذ إِقْرَاره صحت الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَة وَعمل بِهِ بِشَرْطِهِ 522 - مَسْأَلَة رجل ابْتَاعَ من رجل شَيْئَيْنِ فِي عقدين ثمَّ مَاتَ البَائِع وَأقَام المُشْتَرِي الْبَيِّنَة على الْعقْدَيْنِ بعد الدَّعْوَى الصَّحِيحَة وَطلب الحكم فَهَل يحكم لَهُ بِيَمِين وَاحِدَة أم لَا بُد من يَمِين لكل عقد الحديث: 520 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 522 @ أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِن تعدّدت الدَّعْوَى وَإِقَامَة الْبَيِّنَة عَلَيْهَا تعدّدت الْيَمين وَإِن أَقَامَ الْبَيِّنَة عَلَيْهَا دفْعَة وَاحِدَة اتَّخذت الْيَمين 523 - مَسْأَلَة ادّعى رجل أَنه اشْترى من رجل مَبِيعًا معينا بِثمن مَعْلُوم وَأَن مَالِكه بَاعه مِنْهُ ذَلِك بِالثّمن الْمعِين وَتقَابَضَا من الطَّرفَيْنِ وَشهد عِنْد الْحَاكِم بِصُورَة العقد وَالْقَبْض من الطَّرفَيْنِ الْجَارِي بَين الْمُتَبَايعين ذَوا عدل وَكَانَ البَائِع مَيتا أَو غَائِبا فَطلب المُشْتَرِي من الْحَاكِم أَن يحكم لَهُ على البَائِع بذلك هَل يفْتَقر فِي الحكم إِلَى يَمِين المُشْتَرِي الْمُعْتَبرَة فِي الحكم على الْمَيِّت قولا وَاحِدًا وعَلى الْغَائِب على أحد الْوَجْهَيْنِ أم لَا فَإِن وَجَبت الْيَمين فَمَا كيفيتها وَأي فَائِدَة لَهَا هَا هُنَا مَعَ أَن يَمِين الحكم إِنَّمَا شرعت خوفًا من إِبْرَاء أَو حِوَالَة أَو اعتياض كَمَا هُوَ مَعْرُوف فِي بَاب الدُّيُون وَهل من فرق بَين شَهَادَة الشَّاهِدين بِحُضُور عقد البيع وَالْقَبْض أَو الشَّهَادَة على إِقْرَار المتابعين فِي الْيَمين للْحكم على البَائِع وَهل لَو شَهدا على ميت بإبراء مَدين عَن دين وحكيا صُورَة الْإِبْرَاء أَو إِقْرَاره بِالْإِبْرَاءِ هَل يفْتَقر فِي الحكم عَلَيْهِ إِلَى يَمِين الْمَدِين الْمُدَّعِي بِالْإِبْرَاءِ أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ نعم يفْتَقر ذَلِك إِلَى تِلْكَ الْيَمين خوفًا من مُفسد قَارن العقد أَو مزيل طَرَأَ بعده وَيَكْفِي فِي كيفيتها أَن يحلف أَنه الْآن مُسْتَحقّ لما ادَّعَاهُ وَكَذَلِكَ يَكْفِي مثله فِي سَائِر الصُّور من غير حَاجَة إِلَى تَفْصِيل الْأَسْبَاب وَلَا فرق فِي ذَلِك بَين أَن يشهدَا على الْإِقْرَار أَو بَين أَن يشْهد على الْإِقْرَار أَو بَين أَن يشهدَا بِصُورَة العقد وَكَذَلِكَ الْإِبْرَاء 524 - مَسْأَلَة أَرض مَمْلُوكَة لشخص وفيهَا غراس يتَصَرَّف فِيهِ رجل آخر تصرف المالكين من غير مُنَازع مُدَّة مديدة فَادّعى صَاحب الأَرْض أَن الْغِرَاس ملكه وَادّعى الْمُتَصَرف فِيهِ أَنه ملكه فَهَل القَوْل الحديث: 523 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 523 @ قَول صَاحب الأَرْض أَو الْمُتَصَرف وَهل على صَاحب الارض أَن يبْذل قيمَة الْغِرَاس لَهُ أَو يَأْخُذهُ مجَّانا أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِن القَوْل فِي الْغِرَاس قَول الْمُتَصَرف فِيهِ مَعَ يَمِينه وَلَيْسَ لصَاحب الارض أَن يَتَمَلَّكهُ عَلَيْهِ بِالْقيمَةِ من غير رِضَاهُ ثمَّ أَنه بعد ذَلِك ذكر لنا دَلِيله وَقَررهُ بِأَن تصرف الْمُتَصَرف رَاجِح على كَونه مثبتا للدوام أَو فِي أَرض الْغَيْر وَشبه ذَلِك بِالْمَسْأَلَة المسطورة وَهِي إِذا تنَازع صَاحب السّفل وَصَاحب الْعُلُوّ فِي سلم فِي السّفل مَنْصُوب مُثبت للدوام فَالْقَوْل قَول صَاحب الْعُلُوّ لكَونه الْمُتَصَرف فِيهِ بالصعود فِيهِ وَأَن كَانَ قراره من الأَرْض لغيره وَلَا يرد على هَذَا مَسْأَلَة الْحَائِط الَّذِي هُوَ بَين ملكي شَخْصَيْنِ إِذا كَانَ لأَحَدهمَا عَلَيْهِ جُذُوع فَأن نجعله بَينهمَا كَمَا لَو لم يكن لاحدهما عَلَيْهِ جُذُوع فَلم يلْتَفت الى التَّصَرُّف الْحَاصِل فِيهِ لصَاحب الْجُذُوع ونظرنا الى مَا اقْتَضَاهُ حَال الْقَرار من كَونه بَينهمَا أَو فِي يديهما وَهَذَا لِأَن الْحَائِط قد كَانَ مَوْجُودا قبل وضع الْجُذُوع وحكمنا بِكَوْنِهِ بَينهمَا وَاسْتمرّ ذَلِك بعد وضع الْجُذُوع وَلِأَن الْحَائِط بعد وضع الْجُذُوع ينْتَفع بِهِ كل وَاحِد مِنْهُمَا فَإِنَّهُ ستْرَة للآخرين الَّذِي لَا جُذُوع لَهُ عَلَيْهِ بِخِلَاف الْغِرَاس فِي هَذِه الْوَاقِعَة وَالله أعلم وَإِنَّمَا قُلْنَا أَن صَاحب الارض لَيْسَ لَهُ أَن يتَمَلَّك عَلَيْهِ الْغِرَاس بِالْقيمَةِ لِأَنَّهُ يسْتَحق إبقائه فِي ظَاهر الحكم على الدَّوَام والتملك إِنَّمَا يكون فِي غير ذَلِك كَمَا إِذا انْقَضتْ الاجارة والاعارة 525 - مَسْأَلَة رجل توفّي عَن أَوْلَاد ذُكُور بالغين وَعَن عقار فَبَاعَ وَاحِد مِنْهُم قدر نصِيبه بطرِيق الْمِيرَاث من مُشْتَر وَغَابَ البَائِع وَأثبت أحد الاخوة أَن أَبَاهُ وهب مِنْهُم جَمِيع الْعقار الْمشَار إِلَيْهِ وأقبضه أَيَّاهُ فَحَضَرَ الحديث: 525 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 524 @ المُشْتَرِي لحصة الْأَخ الْبَالِغ عِنْد الْحَاكِم وأحضر مَعَه الْأَخ الْمَوْهُوب مِنْهُ جَمِيع الْعقار وَادّعى عَلَيْهِ أَن وَالِده رَجَعَ فِي الْهِبَة جَمِيعهَا رُجُوعا شَرْعِيًّا عَاد جَمِيع الْعقار إِلَى ملكه فَأنْكر الْمَوْهُوب مِنْهُ رُجُوع الْأَب فِي الْهِبَة فَأَقَامَ المُشْتَرِي شَاهدا وَاحِد عدلا شهد على الْأَب بِالرُّجُوعِ الصَّحِيح الصَّرِيح الشَّرْعِيّ بعد تَارِيخ الْهِبَة لمُدَّة سنوات وَأَرَادَ المُشْتَرِي أَن يحلف مَعَ الشَّاهِد بِالرُّجُوعِ على الرُّجُوع ليثبت ذَلِك بِالشَّاهِدِ ويمينهمعه فَهَل يجب على الْحَاكِم اجابته ويحلفه على ذَلِك وَيثبت الرُّجُوع بِالشَّاهِدِ وَيَمِين المُشْتَرِي لاحصة الاخ وَالْبَائِع يَوْمئِذٍ غَائِب فَوق مَسَافَة الْقصر أَو يخرج هَذَا على غُرَمَاء الْمَيِّت وغرماء الْمُفلس وَالْخلاف فِيهَا فَأن خرج على الْخلاف فِيهَا فَمَا الصَّحِيح الْمُخْتَار فِي مَسْأَلَة الرُّجُوع الْهِبَة المسؤول عَنْهَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ الاظهر الْأَقْوَى أَنه يحلف على الرُّجُوع فِي الْحصَّة الْمُشْتَرَاة وَهُوَ فِي كل ذَلِك ملتحق بالوارث لَا بالغريم فِي الصُّورَتَيْنِ لانه يثبت بأثبات الرُّجُوع حَقًا لغيره وَهُوَ على تَقْدِير ثُبُوته منتقل مِنْهُ أليه كَمَا أَن الْوَارِث كَذَلِك وَلَا كَذَلِك الْغَرِيم 526 - مَسْأَلَة ذكرهَا الشَّيْخ أبوعلي فِي شرحة الْكَبِير لمختصر الْمُزنِيّ قَالَ إِذا شهد شَاهد على إِقْرَار رجل بِحَق ثمَّ صَار الشَّاهِد حَاكما فِيهِ تِلْكَ الْبَلدة فَشهد على شَهَادَته شَاهِدَانِ وَمضى صَاحب الْحق بهما إِلَى حَاكم بَلْدَة أُخْرَى فَادّعى الْحق وَشهد لَهُ شَاهد الْفَرْع وَحلف مَعَهُمَا لِأَن الْحق مِمَّا يثبت بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِين وَحكم لَهُ الْحَاكِم بِالْحَقِّ مُسْتَوْفيا بِشَرْطِهِ ثمَّ أشهد عَلَيْهِ الشَّاهِدين بالثبوت وَالْحكم ونقلت الْقَضِيَّة إِلَى الْحَاكِم الشَّاهِد الَّذِي شهد بِأَصْل الْحق وَأثبت عِنْده اشهاد الْحَاكِم بِمَا ثَبت عِنْده وَحكم بِهِ بَين البلدتين مَسَافَة الْعَدْوى أَو فَوق مَسَافَة الْعَدْوى الحديث: 526 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 525 @ قَالَ الشَّيْخ أَبُو عَليّ يجوز للْحَاكِم الَّذِي كَانَ شَاهدا وَقد ثَبت أصل الْحق بِشَهَادَة الفرعين على شَهَادَته أَن يثبت عِنْده ثُبُوت ذَلِك وَالْحكم بِهِ عِنْد الْحَاكِم الثَّانِي وَلم يحك فِيهِ خلافًا وَذكر بعده مَسْأَلَة أُخْرَى فَقَالَ إِذا شهد شَاهِدَانِ عِنْد حَاكم دمشق بِحَق فَحكم بِهِ بِشَهَادَتِهِمَا قَالَ فَيجوز أَن يشهدهما بَاغِيا بهما حَاكم دمشق بِأَنَّهُ حكم بِالْحَقِّ بِشَهَادَتِهِمَا ويتحملان هَذِه الشَّهَادَة عَنهُ ويمضيا إِلَى حَاكم مصر مثلا فَإِذا ادّعى بِالْحَقِّ عِنْده فَقَالَا أشهدنا حَاكم دمشق أَنه حكم بِهَذَا الْحق بشهادتنا قَالَ يسمع ذَلِك وعَلى حَاكم مصر الْعَمَل بهَا إِذا كَانَا عَدْلَيْنِ عِنْده أَيْضا قَالَ الْأُسْتَاذ أَبُو الزيَادي صَحَّ وَجها وَاحِدًا وعَلى هَذَا تفقهت وفقهت النَّاس بخراسان وَمَا وَرَاء النَّهر وَقد ذكر عَن الشَّيْخ أبي عَليّ هَذِه الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة وَذكر فِيهَا وَجْهَان فَمَا الْمُخْتَار عنْدكُمْ فِي ذَلِك كُله أجَاب رَضِي الله عَنهُ فِي الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة خلاف وَعَن الاصطخري الْمَنْع من قبُول شَهَادَتهمَا وَهُوَ الْأَظْهر الْأَقْوَى لِأَن أصل ثُبُوت الْكتاب عِنْد الْحَاكِم الثَّانِي يَقع بِشَهَادَتِهِمَا مَعَ تمكن التُّهْمَة مِنْهَا وَفِي الْمَسْأَلَة الْمَاضِيَة الصادرة من الْحَاكِم الثَّانِي لَيْسَ غير التَّقْيِيد لحكم تمّ من غَيره وَالْعَمَل بِهِ وَلَيْسَ فِي ذَلِك إِثْبَات وَلَا إنْشَاء حكم بقول مِنْهُم وَقطع الْأُسْتَاذ أبي طَاهِر الزيَادي النَّيْسَابُورِي بِالْجَوَازِ فِي ذَلِك غير مرض وَالله أعلم 527 - شخص ادّعى على شخص عِنْد حَاكم من حكام الْمُسلمين أَنه أبزأه من دين مبلغه كَذَا فِي تَارِيخ كَذَا فَأجَاب الْمُدَّعِي عَلَيْهِ الحديث: 527 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 526 @ أَنه لَا يسْتَحق عَلَيْهِ شَيْئا فَأَرَادَ الْمُدَّعِي أَن يُقيم بَيِّنَة على الْبَرَاءَة فَهَل تسمع هَذِه الدَّعْوَى وَيَتَرَتَّب عَلَيْهَا إِقَامَة الْبَيِّنَة أم لَا بُد فِي الدَّعْوَى من ذكر اسْتِحْقَاق شَيْء يتَوَجَّه الْمُطَالبَة بِهِ حَتَّى ينتزع بِالْبَيِّنَةِ وَالْيَمِين أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِذا كَانَ لَهُ غَرَض فِي إِثْبَات الْبَرَاءَة مَعَ اعْتِرَاف خَصمه بإنه لَا يسْتَحق عَلَيْهِ سَيِّئًا فَتسمع دَعْوَاهُ وبينته عِنْد من أجَاز سَماع مثل هَذَا لغَرَض التسجيل 528 - مَسْأَلَة شخص ادّعى على شخص آخر بِملك فَأنْكر صِحَة دَعْوَاهُ واعترف أَن الْملك الْمُدعى بِهِ ملك لبني ضميد فَأثْبت الْمُدَّعِي أَنه من بني ضميد فَهَل يكون لَهُ نصيب فِي المَال الْمُدَّعِي بِهِ بِمُقْتَضى اعْتِرَاف الْمُدعى عَلَيْهِ أَن الْملك الْمشَار إِلَيْهِ لبني ضميد أم لَا وَهل تكون الْبَنَات وَأَوْلَاد الْبَنَات داخلين فِي هَذَا الِاعْتِرَاف أم لَا وضميد جد أبي الْمَوْجُودين عِنْد الِاعْتِرَاف وهم حوالي خَمْسَة عشر نَفرا الذُّكُور والأناث أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يدْخل فِي ذَلِك الْإِنَاث ويؤاخذ صَاحب الْيَد باعترافه فَيحكم بِهِ لبني ضميد لصلبه بَينهم بِالسَّوِيَّةِ ثمَّ من بعدهمْ لورثتهم يتعاقب على نصيب كل وَاحِد مِنْهُم ورثته ثمَّ وَرَثَة الْوَرَثَة وهلم جرا إِلَّا أَن يظْهر بِالْقَرِينَةِ أَن أَرَادَ ببني ضميد الذُّكُور الْمَوْجُودين من ذُريَّته الْآن عِنْد اعترافه فَيجْعَل بَينهم بالتسوية وَالله أعلم 529 - مَسْأَلَة رجل اشْترى حِصَّة فِي مَوضِع من شخص وَذكر البَائِع أَن هَذِه الْحصَّة ملكه وَجوزهُ وَأثبت المُشْتَرِي بِأَنَّهُ كَانَ البَائِع مَالِكًا لهَذِهِ الْحصَّة حِين البيع وَأَيْضًا كَانَ وَالِد المُشْتَرِي اشْترى من هَذَا البَائِع حِصَّته مشاعة فِي الْموضع واعترف البَائِع بِأَن هَذِه الْحصَّة ملكه وحوزه الحديث: 528 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 527 @ وَجَمِيع حَقه وَأثبت المُشْتَرِي الثَّانِي أَن الْحصَّة الْمَبِيعَة الثَّانِيَة خَارِجَة عَمَّا كَانَ فِي يَد المُشْتَرِي فِي الْموضع الْمَذْكُور فاعتراف البَائِع فِي الْمَبِيع الْآن بِأَن هَذِه الْحصَّة جَمِيعهَا لَهُ يقْدَح فِي البيع الثَّانِي أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِن تعرض فِي إِثْبَات ملك البَائِع للحصة الثَّانِيَة يكون ملكه فِيهَا تجدّد بعد تَارِيخ اعترافه الأول صَحَّ ذَلِك وَلم يكن ذَلِك قادحا وَإِن لم يتَعَرَّض لذَلِك وَنَحْوه كَانَ ذَلِك قادحا وَلم يَنْفَعهُ إِثْبَات المُشْتَرِي 530 - مَسْأَلَة رجل ادّعى عَلَيْهِ أَخ لَهُ بِحِصَّة من ملك فِي يَده بطرِيق الْإِرْث عَن والدهما فَأنْكر الْمُدعى عَلَيْهِ وَطلب يَمِينه فَامْتنعَ فَحلف الْحَاكِم الْمُدَّعِي على مَا ادَّعَاهُ بعد نُكُول المدع عَلَيْهِ وَحكم لَهُ فأحضر الْمُدعى عَلَيْهِ بَيِّنَة على إِقْرَار أَبِيه أَنه ملكه ومستحقه دون الْمُدَّعِي وَسَائِر النَّاس وَثَبت ذَلِك عِنْد الْحَاكِم فَهَل يرفع الحكم الَّذِي حكم بِهِ الْحَاكِم بالمردود مَرْدُود شرعا أجَاب رَضِي الله عَنهُ نعم يَدْفَعهُ بِشَرْطِهِ وَالله أعلم 531 - مَسْأَلَة رجل لَهُ زَوْجَة ولأحدهما ملك فَمَاتَ الزَّوْج أَولا وَخلف وَرَثَة ثمَّ مَاتَت الزَّوْجَة وخلفت أَيْضا وَرَثَة فَأَقَامَ وَارِث الزَّوْجَة بَيِّنَة أَن المَال للزَّوْجَة دون الزَّوْج وَأَنَّهَا كَانَت مالكة حائزة ملكا شَرْعِيًّا إِلَى حِين مَاتَت وَأقَام وَارِث الزَّوْج بَيِّنَة أَن الْملك للزَّوْج دون الزَّوْجَة إِلَى حِين الْمَوْت وَتَركه لوَرثَته وَأَنه فِي يَد الزَّوْجَة وَأَنه بطرِيق الْغَصْب والتعدي فَهَل تقدم بَيِّنَة وَارِث الزَّوْج على بَيِّنَة وَارِث الزَّوْجَة أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِذا ثَبت بَيِّنَة وَارِث الزَّوْج بِالْملكِ وَيكون الحديث: 530 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 528 @ ذَلِك فِي يَد الآخرين بطرِيق العصب من الزَّوْج أَو من ورثته قدمت بينتهم عِنْد هَذَا الْقَيْد وَهُوَ كَونه مَغْصُوبًا مِنْهُم وَالله أعلم 532 - مَسْأَلَة رجل ادّعى دَارا فِي يَد إِنْسَان وَأَنَّهَا وقف عَلَيْهِ وَأثبت أَن الْوَاقِف لم يزل مَالِكه إِلَى حِين الْوَقْف فَادّعى ذُو الْيَد أَنه اشْتَرَاهَا من شخص وَأَنه مَالك حائز وتاريخ الْوَقْف أقدم من تَارِيخ الَّذِي ادّعى ذُو الْيَد وَأقَام بَيِّنَة وَحكم لَهُ حَاكم فَادّعى الْمُدَّعِي أَنَّهَا فِي يَده بطرِيق الْغَصْب والتعدي فَهَل تقدم بَيِّنَة الْوَقْف أَو بَيِّنَة ذُو الْيَد وَإِذا أثبت الْوَقْف يحل لذِي الْيَد سكناهَا أَو أجارتها أم لَا وَهل تُؤْخَذ مِنْهُ أجرتهَا من حِين اغتصابها إِلَى حِين انتزعت مِنْهُ وَإِذا مَاتَ الْغَاصِب الَّتِي هِيَ فِي يَده تُؤْخَذ الْأُجْرَة من ورثته أم لَا وَهل تجوز الْمُصَالحَة على الْوَقْف أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ تقدم بَيِّنَة ذُو الْيَد إِذا لم يظْهر أَنَّهَا شهِدت بِنَاء على مُجَرّد الْيَد فَإِن أثبت الْمُدَّعِي الْخَارِج أَن يَد صَاحب الْيَد غاصبة من يَده صَار هُوَ صَاحب الْيَد وقدمت بَينته وَالله أعلم 533 - مَسْأَلَة رجل اشْترى من رجل سِتَّة أسْهم شائعة من أصل أَرْبَعَة وَعشْرين سَهْما هِيَ هِيَ جَمِيع الرّبع شَائِعا من جَمِيع قِطْعَة أَرض مُعينَة مَعْرُوفَة للمتبايعين بِمَدِينَة كَذَا بالجانب الشَّرْقِي مِنْهَا وبالموضع الْفُلَانِيّ مِنْهَا وحددها بحدود أَرْبَعَة مُعينَة بِثمن معِين ذكره وَتقَابَضَا من الطَّرفَيْنِ بعد الرُّؤْيَة والمعاينة كَمَا جرت الْعَادة وَبَقِيَّة الأَرْض لجَماعَة من الْملاك مُعينين ثمَّ بعد مُدَّة وَقع بَين بَقِيَّة الشُّرَكَاء فِي قدر مَالك وَاحِد مِنْهُم فَأَقَامَ المُشْتَرِي بَيِّنَة شهِدت لَهُ بِأَنَّهُ مَالك لجَمِيع ثَلَاثَة أسْهم من أَرْبَعَة وَعشْرين سَهْما هِيَ وتصرفه ثمَّ أَقَامَ شَرِيكه بَيِّنَة شهِدت لَهُ بِثُلثي الأَرْض الْمعينَة أَن ذَلِك الحديث: 532 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 529 @ ملكه وَذَلِكَ سِتَّة عشر سَهْما من أَرْبَعَة وَعشْرين سَهْما ثمَّ أَقَامَ شريك آخر ثَالِث بَيِّنَة شهِدت لَهُ بِأَنَّهُ مَالك لجَمِيع ثَلَاثَة أسْهم من أَرْبَعَة وَعشْرين سَهْما هِيَ ثمن جَمِيع الأَرْض الْمعينَة فَاجْتمع من ازدحام الشُّرَكَاء الْمشَار إِلَيْهِم وَمِمَّا أثبتوه خَمْسَة وَعشْرين سَهْما بِزِيَادَة سهم وَكَأن السِّهَام عالت بِسَهْم بِمُقْتَضى مَا شهِدت بِهِ بيناتهم فَهَل يدْخل النَّقْص على الْجَمِيع جملَة وَيُعْطِي المُشْتَرِي سِتَّة أسْهم من خَمْسَة وَعشْرين سَهْما وَيُعْطِي من ثَبت لَهُ الثُّلُثَانِ سِتَّة عشر سَهْما من خَمْسَة وَعشْرين سَهْما وَيُعْطِي من ثَبت لَهُ الثّمن ثَلَاثَة أسْهم من خَمْسَة وَعشْرين سَهْما أم لَا فَإِن دخل النَّقْص على الْكل على نِسْبَة أملاكهم فَهَل من فرق بَين أَن يكون ثُبُوت ملك كل الشُّرَكَاء دفْعَة وَاحِدَة عِنْد الْحَاكِم فِي مجْلِس وَاحِد أَو يُقَال أَنه إِذا فرض أَنه ثَبت ملك البَائِع الرّبع فِي تَارِيخ ثمَّ ثَبت ملك الشَّرِيك الثَّانِي للثلثين فِي تَارِيخ ثَان وَالْأَرْض تتسع لثلثين وَربع فَإِذا حضر مدعي الثّمن آخرا وَادّعى بِهِ فَقَالَ لَهُ قد ثَبت لمُدعِي الرّبع والثلثين هَذَا القَوْل وَيجب على مدعي الثّمن لتأخر ثُبُوت ملكه إِقَامَة بَيِّنَة تشهد بعد فَإِن يَد مدعي الرّبع والثلثين على السهْم الزَّائِد على أَرْبَعَة وَعشْرين سَهْما أم لَا وَمَا الحكم فِي هَذِه الْمَسْأَلَة وَمَا كَيْفيَّة فصل هَذِه الْخُصُومَة وَقِسْمَة هَذِه الْأَمْلَاك مَعَ قبضهَا وعولها ثمَّ إِذا كَانَ الحكم دُخُول النَّقْص على جَمِيع الشُّرَكَاء من جُمْلَتهمْ المُشْتَرِي فَأَرَادَ أَن يرد الْمَبِيع قَائِلا إِنَّك بعتني مِنْهُ سِتَّة أسْهم من جملَة أَرْبَعَة وَعشْرين سَهْما فقد عَادَتْ بالزحام سِتَّة من جملَة خَمْسَة وَعشْرين سَهْما فَهَل لَهُ هَذَا أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ السهْم الزَّائِد قد وَقع فِيهِ التَّعَارُض فَيرجع إِلَى التَّرْجِيح فَإِذا كَانَ الْأَوَّلَانِ صاحبا يَد على مَا قَامَت بِهِ لَهما بينتاهما فمدعي القراريط الثَّلَاثَة بعد ذَلِك مدعي للقيراط الثَّالِث فِيمَا بأيديهما فَإِذا لم تقم بَيِّنَة على غصبهما لذَلِك مِنْهُ رجحت بينتهما بِالْيَدِ واقتصرنا بِالثُّلثِ على القراطين الفارغين وَإِن أَقَامَ بَيِّنَة على غصبهما ذَلِك مِنْهُ على قدر سهامهما وَلَا بُد من هَذَا الْقَيْد وَهُوَ كَون الْغَصْب مِنْهُ فقد صَار الثَّالِث صَاحب الْيَد فِي ذَلِك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 530 @ فَيُؤْخَذ لَهُ القيراط مِمَّا بأيديهما على قدر سهامهما وَالله أعلم وَإِذا لم يكن تَرْجِيح وَالْمَال فِي أَيْديهم فَالْقَوْل قَول مدعي الثَّلَاثَة ومدعي السِّتَّة على الْيَمين لِأَن يَد كل وَاحِد مِنْهُم على الثُّلُث وينشأ من ذَلِك اخْتِصَاص مدعي الْأَكْثَر بِالنَّقْصِ ثمَّ إِنَّه لَا أثر لتقديم إِقَامَة الْبَيِّنَة وتأخرها وَمَعْلُوم أَنه إِذا خرج بعض الْمَبِيع مُسْتَحقّا فلمشتريه خِيَار الْفَسْخ وَالله أعلم 534 - مَسْأَلَة الْوَكِيل فِي الْخُصُومَة إِذا صدقه الْمُدَّعِي عَلَيْهِ فِي كَونه وَكيلا فَهَل تسمع دَعْوَاهُ لإِثْبَات الْحق وَذكر السَّائِل أَن كَلَام صَاحب الشَّامِل يدل على أَنَّهَا لَا تسمع وَإِن صدقه يَعْنِي قَول صَاحب الشَّامِل أَن الَّذِي يَجِيء على أصلنَا أَنه لَا تسمع دَعْوَاهُ لِأَن الْوَكِيل فِي الْخُصُومَة لَا يَصح أَن يَدعِي قبل ثُبُوت وكَالَته قَالَ السَّائِل مَا مَعْنَاهُ لكنه لم يتَعَرَّض لِأَن ذَلِك كَذَلِك فَإِن كَانَ مَقْصُوده إِثْبَات الْحق دون الْقَبْض فقد ذكر الْأَصْحَاب وَجْهَيْن فِي سَماع الدَّعْوَى الَّتِي يقْصد بهَا إِثْبَات الْحق دون الْمُطَالبَة بِهِ وَيظْهر أَن هَذَا مثله ويتصل بِهَذَا أَن الْوَكِيل لَو أَقَامَ الْبَيِّنَة على الْوكَالَة وَالْحَالة هَذِه فَهَل تسمع مَعَ تَصْدِيق الْمُدعى عَلَيْهِ أجَاب رَضِي الله عَنهُ أَنه تسمع دَعْوَى الْوَكِيل هَذِه على الْمُدعى عَلَيْهِ لأصل الْحق دَوْمًا لإثباته عَلَيْهِ عَلَيْهِ محاكمة الْوَكِيل فِي ذَلِك ومخاصمته لَكِن لَا تسمع دَعْوَاهُ لهَذَا لِأَنَّهُ وَإِن ثَبت الْحق عَلَيْهِ فَلَا يلْزمه تَسْلِيمه إِلَّا على وَجه برئه مِنْهُ وتسليمه إِلَى الْوَكِيل الَّذِي لم يثبت على الْمُوكل تَوْكِيله لَا برئه مِنْهُ فَإِنَّهُ إِذا أنكر تَوْكِيله إِيَّاه وَالْقَوْل قَوْله مَعَ يَمِينه وَإِذا حلف يثبت مُطَالبَته لمن عَلَيْهِ الْحق بِحَالِهَا 535 - مَسْأَلَة قَامَت بَيِّنَة بِأَن فلَانا توفّي فِي شهر رَمَضَان من الحديث: 534 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 531 @ سنة سِتَّة عشرَة وستماية وَأقَام بعض الْأَوْلَاد بَيِّنَة بِأَنَّهُ أقرّ لَهُ بدار سنة سبع عشرَة فأيتهما تقدم أجَاب رَضِي الله عَنهُ يعْمل بِالْبَيِّنَةِ الَّتِي أَثْبَتَت مَوته فِي شهر رَمَضَان سنة سِتَّة عشر فَإِن الْأُخْرَى مستصحبة وَهَذِه مُغيرَة فَعندهَا زِيَادَة علم وَكَونهَا أَثْبَتَت الْإِقْرَار سنة سبع عشرَة لَيْسَ مُعَارضا لذَلِك فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَكثر من أَنَّهَا استصحبت الْحَيَاة وأثبتتها فِي التَّارِيخ الْمُتَأَخر ذاكره بعض أَوْصَاف الْأَحْيَاء فَيصير كَمَا لَو شهِدت إِحْدَاهمَا أَنه مَاتَ فِي تَارِيخ مُتَقَدم وَشهِدت الْأُخْرَى أَنه كَانَ حَيا بعد ذَلِك يَأْكُل وَيشْرب فَإِنَّهُ لَا يحصل بذلك مُقَابلَة وتعارض فَسَوَاء اثباتها أصل الْحَيَاة فَحسب وإثباتها أصل الْحَيَاة وشيئا من الصِّفَات التابعة وَلَيْسَ هَذَا من قبيل مَا إِذا شهِدت بَيِّنَة إِنَّه مَاتَ من مَرضه الْفُلَانِيّ وَبَيِّنَة أَنه برأَ من ذَلِك الْمَرَض وَمَات من غَيره فَإِن الصَّحِيح أَنَّهُمَا يتعارضان والفارق مَا أثبتته من ذَلِك الْبُرْء من فَإِنَّهُ أَيْضا نقل من الِاسْتِصْحَاب وَالله أعلم 536 - مَسْأَلَة رجل اشْترى من رجل حِصَّة مَعْلُومَة من دَار بحقوقها ومرافقها وكمل ملك المُشْتَرِي للدَّار بِهَذِهِ الْحصَّة ثمَّ أَن البَائِع لَهَا ادّعى أَن لَهَا حَقًا فِي قناة فِي الدَّار تصرف فِيهَا أخباث مَوضِع لَهُ تخْتَص بِهِ فَهَل لَهُ ذَلِك مَعَ التبايع الْمَذْكُور أجَاب رَضِي الله عَنهُ بَيْعه إِيَّاهَا بحقوقها لَا يمْنَع من دَعْوَاهُ هَذِه فَإِن ذَلِك لَا يَنْفِي أصل الْحق بل يُعينهُ فَحسب وَلَا يتَوَقَّف صِحَة دَعْوَاهُ على التلقي من المُشْتَرِي غير أَنَّهَا لَا قبل من غير حجَّة فَإِذا أَقَامَ الْبَيِّنَة على ذَلِك حكم بهَا وَهَذَا ظَاهر فِي الحصص المتلقاة من غَيره لجَوَاز ثُبُوت حق الْأجر لَهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهَا بِالْعقدِ الْمُعْتَبر فِي مثله وَلَيْسَ فِيمَا جرى مَا يُبطلهُ وَأما فِي الْحصَّة المتلقاة مِنْهُ فينبني على أَن الْملك الطارىء فِي الْعين لَا يَنْفِي مَا تقدم الحديث: 536 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 532 @ ثُبُوته من هَذَا الْحق كَمَا فِي مثله من الْمَنْفَعَة الْمُسْتَحقَّة بالأجارة وَذَلِكَ هُوَ الْمَذْهَب الْأَظْهر فِي ذَلِك وَإِنَّمَا انبنى على هَذَا الِامْتِنَاع ذَلِك بِنَاء على مَا كَانَ لَهُ من الْملك فِي الْحصَّة لكَون ذَلِك يَزُول بِزَوَال الْملك وَالله أعلم 537 - مَسْأَلَة هَذَا إِذا أنكر صَاحب الْملك كَون الْقَنَاة جَارِيَة تَحت ملكه وَأَرَادَ الْمُدَّعِي الْكَشْف من دَاخل الْمَوْقُوف على ذَلِك يُمكن أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَيْسَ لَهُ الْكَشْف للتخريب بِمُجَرَّد الدَّعْوَى بل على صَاحب الْملك الْمُنكر الْيَمين لنفي مَا ادّعى اسْتِحْقَاقه من الْكَشْف وهما كَمَا عرف فِي العَبْد الْمُدَّعِي إِذا لم يعْتَرف الْمُدعى عَلَيْهِ بِأَن فِي يَده عبدا على الصّفة الْمَذْكُورَة فِي الدَّعْوَى حَتَّى يلْزم إِحْضَاره لأَدَاء الشَّهَادَة على عينه فَإِن عَلَيْهِ الْيَمين على نفي ذَلِك وَالله أعلم 538 - مَسْأَلَة رجل أثبت دينا على امْرَأَة ميتَة وَادّعى على زَوجهَا أَن لَهَا عَلَيْهِ مهْرا وَلم يدع ذَلِك وارثها فَهَل تسمع دَعْوَاهُ أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا تسمع دَعْوَاهُ فَإِنَّهُ يَدعِي حَقًا لغيره غير منتقل مِنْهُ إِلَيْهِ وغايته أَنه إِذا ثَبت لَهُ فِيهِ تعلق من غير أَن يثبت هُوَ لَهُ فِي عينه وَذَلِكَ لَا يُوجب صِحَة الدَّعْوَى كَمَا لَو ادَّعَت الزَّوْجَة دينا لزَوجهَا فَإِنَّهَا لَا تسمع وَإِن كَانَ لَو ثَبت لتَعلق لَهَا بِهِ حق النَّفَقَة وَقد تقرر لهَذَا أَن الصَّحِيح نَص على أَنه الصَّحِيح صَاحب الْبَيَان أَن غُرَمَاء الْمَيِّت والمفلس لَا يحلفُونَ مَعَ الشَّاهِد الْوَاحِد عِنْد النّكُول وَفِي قولي ادّعى حَقًا لغيره غير منتقل إِلَيْهِ احْتِرَاز مِمَّا إِذا ادّعى لمورثه دينا وَمِمَّا إِذا ادّعى المُشْتَرِي أَن الْمَبِيع كَانَ ملكا لبَائِعه حِين بَاعه مِنْهُ ثمَّ أَمر الدَّعْوَى أبعد من التَّحْلِيف وَالله أعلم الحديث: 537 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 533 - مَسْأَلَة أقرّ فِي مرض مَوته وقف ملكا معينا على ابْنَته وَهِي وارثته مَعَ ابْن أَخِيه وَبعد ابْنَته على جِهَات الْبر مُتَّصِلَة وَأقر أَن ذَلِك وَقفه قبل مَرضه فِي كَمَال أَوْصَافه فنازعها ابْن عَمها وَقد كَانَت اعْترفت لَهُ بِثلث الْمَكَان فَهَذَا الْإِقْرَار بَاطِل أَو مَقْبُول وَهل يبطل فِيمَا اعْترفت فِيهِ بِالْملكِ أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يبطل هَذَا الْإِقْرَار فِي حق الْبَطن الثَّانِي وَسَائِر الْبُطُون بل يثبت بِهِ الْوَقْف بِالْإِضَافَة الثَّانِيَة ثمَّ لَا يكون حَقهم فِي حكم الْوَقْف الْمُنْقَطع الِابْتِدَاء حَتَّى يكون على الْخلاف فِيهِ فَإِن إِقْرَاره مَقْبُول فيهم بِتمَام وَصفه الَّذِي فِيهِ لاتصال لانْتِفَاء الْمُبْطل بالتشبه إِلَيْهِم وَأما فِي حق الْبَطن الأول فَحكمه أَن الْمقر بِهِ يصرف مغله الْآن إِلَى الْبِنْت فَإِنَّهُ إِن كَانَ لِلْأَمْرِ فِي حَقّهَا على رَأْي من يصحح مثل هَذَا الْإِقْرَار فَهِيَ تسْتَحقّ بِاعْتِبَار كَونهَا أقرب النَّاس إِلَى الْوَاقِف لكَون أصل الْوَقْف قد ثَبت على الْجُمْلَة على مَا تقدم ذكره وَلَيْسَ لَهُ الْآن مصير لحكم معِين بِحكم الْوَقْف وَعَن شَرطه لكوننا على هَذَا لم نصرف الْإِقْرَار بتعيينه ثُبُوته وَإِذا جهل مصرف الْوَقْف صرف على الْأَصَح إِلَى أقرب النَّاس إِلَى الْوَاقِف وَهَذِه الْبِنْت هِيَ الْأَقْرَب ثمَّ لَا يمْنَع من اسْتِحْقَاقهَا بِهَذِهِ الْجِهَة واعترافها بالمذكور فَإِنَّهُ لَا يخدش وَجه السَّبَب الْمَذْكُور وَالله أعلم 540 - مَسْأَلَة شخصان بَينهمَا ملك مشَاع لكل وَاحِد مِنْهُمَا اثْنَا عشر سَهْما فَأقر أَحدهمَا لأَجْنَبِيّ بأَرْبعَة أسْهم من حِصَّته ثمَّ تقار الشريكان فِي مَكْتُوب كتباه بَينهمَا بِأَن جَمِيع هَذَا الْملك الثُّلُث منَّة وَهُوَ ثَمَانِيَة أسْهم للَّذي أقرّ للْأَجْنَبِيّ وَالْبَاقِي وَهُوَ الثُّلُثَانِ وَهُوَ سِتَّة عشر سَهْما للشَّرِيك الآخر وَبعد تقارهما بذلك مَعًا ناقل الشَّرِيك الْمقر لَهُ بالثلثين شَرِيكه الآخر فِي جملَة الحديث: 540 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 534 @ الثَّمَانِية الأسهم الَّتِي هِيَ الثُّلُث بِملك كَانَ لَهُ ثمَّ بعد ذَلِك ادّعى الْمقر لَهُ بالثلثين أَن الْأَرْبَعَة الَّتِي سبق الْإِقْرَار بهَا للْأَجْنَبِيّ دَاخِلَة فِي الثَّمَانِية أسْهم فَمَا الحكم فِي ذَلِك وَأجَاب رَضِي الله عَنهُ إِذا خرجت الأسهم الْأَرْبَعَة من الِاثْنَيْنِ وتفارهما يتَضَمَّن رد كل وَاحِد مِنْهُمَا حَقه أَرْبَعَة أسْهم من إِقْرَار شَرِيكه لَهُ من حَيْثُ أَن إِثْبَاتهَا لأَحَدهمَا أَيهمَا كَانَ لَا يجاء مَعَ إِثْبَاتهَا لصَاحبه الآخر فالمقر لَهُ بالثمانية قد رد مِنْهَا أَرْبَعَة بِإِقْرَارِهِ لشَرِيكه بالستة عشر قد رد مِنْهَا أَرْبَعَة بِإِقْرَارِهِ لشَرِيكه بالثمانية وَعند هَذَا فلولا مَا تعقب ذَلِك من المناقلة لَكَانَ هَذَا يُوجب خُرُوج أَرْبَعَة أسْهم من يَد كل وَاحِد مِنْهُمَا لَا إِن قُلْنَا أَن الْمَرْدُودَة لَا يقر فِي يَدي كل وَاحِد من الْمقر وَالْمقر لَهُ فَظَاهر وَإِن قُلْنَا أَنه يقر فِي يَد الْمقر فمساقه هَا هُنَا بعيد التمانع الْوَاقِع أَولا لارتداد أَرْبَعَة إِلَى هَذَا لَا يجاء مَعَ ارتدادها إِلَى ذَلِك وَكَذَا بالثلثين كَمَا سبق وَلَا سَبِيل إِلَى تَخْصِيص أَحدهمَا مَعَ التَّسَاوِي فَيتَعَيَّن التَّسْوِيَة بَينهمَا نفيا لَكِن لما وجدت المناقلة بعد ذَلِك مَعَ اشتمالها على توافقهما على ملكه للثمانية وَكَانَ ذَلِك إِقْرَارا ثَانِيًا لَهُ بالثمانية من غير أَن يُعَارضهُ رد وَلَا يسمع بعد ذَلِك دَعْوَى الشَّرِيك الآخر بِأَن أَرْبَعَة للْأَجْنَبِيّ دَاخِلَة فِي الثَّمَانِية مناقضة إِقْرَاره السَّابِق فِي ضمن المناقلة وَالله أعلم 541 - مَسْأَلَة شخص غَائِب ثَبت عَلَيْهِ دين فاعترف حَاضر فِي يَده عين بِأَنَّهَا للْغَائِب فَهَل تبَاع بِمُجَرَّد ذَلِك فِي إِيفَاء دينه يَقع هَذَا كثيرا أجَاب رَضِي الله عَنهُ تبَاع إِذا طلب ذَلِك رب الدّين من الْحَاكِم وَلَا يتَوَقَّف على إِثْبَات أَنَّهَا ملك البايع بِبَيِّنَة فَإِن الْيَد انْتَقَلت عَن الْحَاضِر باعترافه الى الْغَائِب فَيصير كشخص فِي يَده دَار مثلا غَابَ وَثَبت عَلَيْهِ دين فَإِنَّهَا تبَاع الحديث: 541 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 535 @ فِي دينه وَلَو ادّعى الْعين الَّتِي اعْترف بهَا الْحَاضِر مُدع وَلم يكن لَهُ بَيِّنَة لم يمْنَع ذَلِك من بيعهَا على الْغَائِب فَإِن الدَّعْوَى انْتَقَلت إِلَى الْغَائِب وَلَا تسمع الدَّعْوَى على الْغَائِب إِذا لم يكن للْمُدَّعِي بَيِّنَة فَإِن لم يُمكن تَحْلِيف الْغَائِب فَلَا فَائِدَة فِي دَعْوَاهُ وَالله أعلم 542 - مَسْأَلَة وَردت من بعض فُقَهَاء حماة فِي رجل صَحِيح التَّصَرُّف أقرّ مُدَّة عمره أَنه من ولد الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب وَأَنه ينتسب إِلَيْهِ بالبنوة وَثَبت عِنْد حَاكم اعترافه بذلك ثمَّ مَاتَ وَخلف ابْنا فانتسب وَهُوَ جَائِز التَّصَرُّف إِلَى مُوسَى بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنْهُم بالبنوة وَأَرَادَ أَن يَدعِي ذَلِك عِنْد الْحَاكِم الَّذِي عِنْده إِقْرَار أَبِيه بِالنِّسْبَةِ الْمَذْكُور أَولا فَهَل تسمع دَعْوَاهُ بذلك وَيثبت نسبه الثَّانِي أَولا تسمع لكَونه مُكَذبا أَصله الَّذِي هُوَ فَرعه وَهل يفْتَرق الْحَال بَين أَن يكون الْأَب مَشْهُور النّسَب إِلَى الْعَبَّاس من أَوْلَاده أَو لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ بعد التثبت زَمَانا أَنه لَا تسمع وَالْحَالة هَذِه دَعْوَاهُ لذَلِك وَلَا بَينته وَسَوَاء كَانَ أَبوهُ مَشْهُورا نسبه إِلَى الْعَبَّاس رَضِي الله عَنهُ أَو لم يكن فَإِن أَبَاهُ هُوَ الأَصْل فِي نسبه وَهُوَ فرغ لَهُ فِيهِ قد تقرر أَن أَبَاهُ لَو كَانَ حَيا فكذبه لبطل انتساب فَكَذَلِك إِذا اعْترف بِمَا يتَضَمَّن تَكْذِيب ابْنه ثمَّ مَاتَ لما عرف من أَن الْأَقْوَال لَا تَمُوت بِمَوْت أَصْحَابهَا وَالْمَعْرُوف أَن كَون الابْن حَامِلا بذلك على أَنه نسبا قد نَفَاهُ وانتفى عَنهُ مَانع من ثُبُوته قطع بِهِ صَاحب الْمُهَذّب والتهذيب وهما اللَّذَان انْتهى إِلَيْهِمَا الِاعْتِمَاد هَذَا فِي الْعِرَاقِيّين وَذَلِكَ فِي الخراسانين وَذَلِكَ هُوَ الرَّأْي الصَّحِيح الَّذِي يُوجِبهُ التَّحْقِيق وَالله أعلم 543 - مَسْأَلَة وَردت من أَذْرُعَات فِي امْرَأَة مَاتَت قبل زَوجهَا الحديث: 542 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 536 @ وَلَا وَارِث لَهَا إِلَّا زَوجهَا وَأَوْلَادهَا مِنْهُ ثمَّ توفّي الزَّوْج وَلَا وَارِث لَهُ غير أَوْلَاده الْمَذْكُورين وَخلف تَرِكَة وَعَلِيهِ دُيُون كَثِيرَة فَادّعى ورثته أَنهم يسْتَحقُّونَ محاصة الْغُرَمَاء بِمهْر أمّهم وَهُوَ سَبْعُونَ دِينَارا أدعوا أَنَّهَا الْمهْر الْمُسَمّى وَلَا بَيِّنَة لَهُم على كَونهَا الْمهْر الْمُسَمّى لَكِنَّهَا مُتَسَاوِيَة مَعَ مهر الْمثل والزوجية وَالدُّخُول ثابتان فَهَل يثبت لَهُم وَالْحَالة هَذِه محاصة الْغُرَمَاء بالمقدار الْمَذْكُور أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ أَنه يحاصونهم بِثَلَاثَة أَربَاع مهر الْمثل وَالرّبع يسْقط عَن الزَّوْج بِحَق مِيرَاثه من الزَّوْجَة وَإِنَّمَا حكمنَا بِمهْر الْمثل هَا هُنَا وان كُنَّا لَا نَخْتَار مَذْهَب القَاضِي حُسَيْن فِي إِيجَاب مهر الْمثل فِيمَا إِذا كَانَ النزاع بَين الزَّوْجَة وَالزَّوْج الْمُعْتَرف بِأَصْل النِّكَاح الْمُنكر أصل الْمهْر وَإِنَّمَا يخْتَار التخالف وَالْفرق بَين المكانين أَنه تعذرها هُنَا الْوُقُوف على مِقْدَار الْمُسَمّى فَإِنَّهُ لَا بَيِّنَة وَلَا يَمِين والتحالف بَين هَؤُلَاءِ الْوَرَثَة وَبَين متنازعيهم من الْغُرَمَاء لَا يجْرِي فَإِن الْغُرَمَاء لَيْسُوا كالورثة فِي إقا مُتَّهم مقَام الْمَيِّت فِي ذَلِك فَتعين الرَّد إِلَى مهر الْمثل كَمَا فِي سَائِر الْمَوَاضِع الَّتِي وَقع الرُّجُوع فِيهَا إِلَى مهر الْمثل حَيْثُ ثَبت أصل الْمهْر وَلم يُمكن الْوُقُوف على مِقْدَاره وَصفته ثمَّ لَا بُد من يمينهم على اسْتِحْقَاق مَا ادعوهُ وَالله أعلم 544 - مَسْأَلَة رجل ادّعى دينا على ميت وَأقَام بَيِّنَة ثمَّ وكل وَكيلا وَغَابَ هُوَ إِلَى فَوق مَسَافَة الْقصر فَطلب وَكيله من وَارِث الْمَيِّت إِيفَاء الدّين مِمَّا فِي يَده من التَّرِكَة فَقَالَ الْوَارِث حَتَّى يحلف موكلك أَنه مَا قبض وَلَا أَبْرَأ فَهَل يتَوَقَّف ذَلِك على حُضُور الْمُوكل وَيَمِينه أم لَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ لغيبته أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا يتَوَقَّف ذَلِك على يَمِين الْمُوكل لكَون الدَّعْوَى مُتَعَلقَة بالوارث الَّذِي لَيْسَ بغائب تعلقا جعل الاطلاق إِلَيْهِ حَتَّى لَو أعرض عَن الْإِطْلَاق لم يتَوَقَّف الحكم عَلَيْهِ فَصَارَ ذَلِك كَالْحكمِ للْغَائِب بطرِيق التَّوْكِيل على حَاضر ادّعى بعد قيام الْبَيِّنَة إِبْرَاء الْغَائِب اَوْ اسْتِيفَاء وَقد تقرر أَن الحكم يمْضِي على الْحَاضِر وَلَا يتَوَقَّف على حُضُور الْغَائِب وَيَمِينه وَالله أعلم الحديث: 544 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 537 @ فِي الْوَسِيط أَنه إِذا ادّعى وَكيل غَائِب على غَائِب لم يتَوَقَّف على الْغَائِب 545 - مَسْأَلَة فِي دَار قَامَت الْبَيِّنَة بِأَن مَالِكهَا رَهنهَا من فلَان فِي شهر ربيع الأول سنة سبع وسِتمِائَة وَأقَام الاخر بَيِّنَة بِأَن أقرّ لَهُ بهَا سنة سبع وَلم يذكر شهرا معينا أجَاب رَضِي الله عَنهُ تتعارض الْبَيِّنَتَانِ بِنَاء على القَوْل الصَّحِيح فَإِن صِحَة الرَّهْن مَانِعَة من صِحَة الْإِقْرَار ثمَّ مُوجب التَّعَارُض على القَوْل الْأَصَح التساقط فَلَا يثبت إِذا الرَّهْن وَلَا الْإِقْرَار وَالله أعلم أذا قُلْنَا أَن من رهن ثمَّ أقرّ لغيره يقبل إِقْرَاره فتسلم الدَّار هَا هُنَا الى الْمقر لَهُ وَيبْطل الرَّهْن وَالله أعلم 546 - مَسْأَلَة رجل ادّعى أَنه من ولد جَعْفَر الطيار رَضِي الله عَنهُ وَأقَام على ذَلِك بَيِّنَة وَأَبوهُ حَيّ فَلم يدع ذَلِك فَهَل تسمع دَعْوَاهُ وَيحكم بِبَيِّنَتِهِ أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِذا كَانَ الْمُعْتَمد فِيمَا يَدعِيهِ من النّسَب مَا يقيمه من الْبَيِّنَة فَلَا يتَوَقَّف الحكم بهَا على دَعْوَى الْأَب وَلَا على تَصْدِيقه بِخِلَاف مَا إِذا كَانَ الِاعْتِمَاد فِي إِثْبَات النّسَب على إِقْرَار الابْن فَإِنَّهُ لَا يقبل إِقْرَاره إِلَّا بِتَصْدِيق الْأَب إِذا كَانَ حَيا على مَا هُوَ المسطور من حَيْثُ أَنه إِقْرَار عَلَيْهِ وَلَيْسَ قَائِما مقَامه كَمَا إِذا مَاتَ وَهَذَا لَا يقْدَح فِي الْعَمَل بِالْبَيِّنَةِ هَذَا مَا ظهر وَالله أعلم 547 - مَسْأَلَة رجل أَقَامَ بَيِّنَة على أَن هَذِه الأَرْض خلفهَا فلَان لوَرثَته وعينهم وَأقَام من هِيَ فِي يَده بَيِّنَة أَن هَذِه الأَرْض انْتَقَلت إِلَيْهِ عَن هَؤُلَاءِ الْوَرَثَة الحديث: 545 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 538 @ بطرِيق الابتياع من غير تَفْصِيل لحصصهم وَلَا تَبْيِين فَهَل يَكْفِيهِ ذَلِك وَيحكم بِبَيِّنَتِهِ أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ بعد التَّوَقُّف أَيَّامًا أَنه يحكم بِبَيِّنَة الْمُدعى عَلَيْهِ وَلَا يقْدَح فِيهَا عدم تَفْصِيل الحصص وتكفي الْمعرفَة بِالْجُمْلَةِ لَا سِيمَا إِذا كَانَت بَينته قد شهِدت بِالْملكِ وَإِنَّمَا ذكرت الِانْتِقَال عَن الْوَرَثَة تعرضا مِنْهَا للسبب وَلِهَذَا أصُول ونظائر مُحَققَة محفوظتان وأسأل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْعِصْمَة والإنابة وَهُوَ أعلم إِنَّمَا يقْدَح فِي صِحَة الدَّعْوَى جَهَالَة تمنع من اسْتِيفَاء الْمَحْكُوم بِهِ وتوجيه الْمُطَالبَة نَحوه وَذَلِكَ حَيْثُ يكون الْمُدَّعِي مَجْهُولا مترددا أَن يكون هَذَا وَذَاكَ أَو هَكَذَا أَو كَذَلِك أما إِذا سلم الْمُدَّعِي من هَذَا أَو كَانَ محصورا بحاصر يضبطه 548 - مَسْأَلَة قَامَت بَيِّنَة أَنه لَا وراث لهَذَا الْمَيِّت سوى فلَان وَفُلَان ثمَّ قَامَت بَيِّنَة أُخْرَى لثالث بِكَوْنِهِ وَارِثا فَهَل يحْتَاج إِلَى تَجْدِيد الْبَيِّنَة بالحصر أجَاب رَضِي الله عَنهُ أَنه يحْتَاج إِلَى ذَلِك وَمن الْحجَّة أَنه يطْلب الثِّقَة بِتِلْكَ الْبَيِّنَة فِيمَا شهِدت بِهِ من الْحصْر لتبين خطأيهما فِيهِ لَكِن لَا حَاجَة إِلَى الْبَيِّنَة بِإِثْبَات وَرَثَة الْوَارِثين المعينين 549 - مَسْأَلَة فِيمَن أَقَامَ بَيِّنَة أَن الْملك الَّذِي فِي يَد فلَان ملكه وَحكم الْحَاكِم بهَا لَهُ وَلم تزل فِي يَد الْمُدعى عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ وانتقل إِلَى أَيدي ورثته فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَة بالحكم الْمَذْكُور وَأقَام الْوَارِث بَيِّنَة أَن مُوَرِثه مَاتَ وَهُوَ ملكه وَفِي يَده فبأيتهما يحكم أجَاب رَضِي الله عَنهُ تقدم بَيِّنَة الْوَارِث وَيحكم بهَا وَإِن ترجحت الأولى يحكم الْحَاكِم وَهُوَ مُرَجّح على أحد الْوَجْهَيْنِ لترجيح الثَّانِيَة بالتنصيص الحديث: 548 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 539 @ على إِثْبَات الْملك فِي وَقت مُتَأَخّر عَمَّا شهِدت بِهِ الأولى فَفِيهِ اثبات للتجدد ولترجيحها بِالْيَدِ أَيْضا وَإِنَّمَا قلت على الاصح الْخلاف الثَّانِي فِي إِلْحَاق بَيِّنَة الْوَارِث على الْوَجْه الْمَذْكُور بِالْبَيِّنَةِ الشاهدة بِالْملكِ السَّابِق وَالله أعلم 550 - مَسْأَلَة رجل عَلَيْهِ دين فَأقر بِهِ رب الدّين لآخر فَادّعى عَلَيْهِ بِهِ فَقَالَ الْمَدِين تحلف لي أَنَّك مُسْتَحقّ هَذَا الدّين عَليّ من وَجه حق صَحِيح شَرْعِي هَل لَهُ ذَلِك أم لَا وَهل إِذا امْتنع من الْيمن تبطل دَعْوَاهُ بذلك أم لَا أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِن كَانَت الْبَيِّنَة شهِدت بِالْإِقْرَارِ فَذَلِك صَحِيح الْأَصَح وللمدعي عَلَيْهِ تَحْلِيفه على اسْتِحْقَاقه وَإِن كَانَت شهِدت بِالِاسْتِحْقَاقِ فَإِن ذَلِك الْمُدعى عَلَيْهِ لدعواه مخلا نافيا لتكذيب الْبَيِّنَة كَانَ لَهُ تَحْلِيف الْمُدَّعِي وَمن ذَلِك يَقُول إِنَّمَا شهِدت الْبَيِّنَة باظاهر وَفِي الْبَاطِن مسْقط لَا مطلع عَلَيْهِ وَالله أعلم 551 - مَسْأَلَة رجل ثَبت لَهُ على غَائِب دين واعترف حَاضر أَن للْغَائِب بِيَدِهِ مَالا فَهَل للْحَاكِم قَضَاء الدّين مِنْهُ من غير بَيِّنَة تقوم على أَنه ملك الْغَائِب أجَاب رَضِي الله عَنهُ نعم يُؤَاخذ بِهِ بِإِقْرَارِهِ وَيصرف فِي قَضَاء دين الْغَائِب الْمقر لَهُ مهما لم يكن إِقْرَاره مُفِيدا مَوْصُولا بِمَا يمْنَع من ذَلِك كَكَوْنِهِ رهنا لغيره معدلا فِي يَده أَو نَحْو هَذَا هَذَا هُوَ الظَّاهِر وأود لَو صادفته مَنْقُولًا ومنقول فِي الْوَسِيط وَغَيره أَن صَاحب الْيَد لَو أقرّ بِالْعينِ للْمُدَّعى عَلَيْهِ أَو قَامَت الْبَيِّنَة بِملك هَل يلْزمه التَّسْلِيم قَالَ القَاضِي يلْزمه وَقَالَ الإِمَام وَصَاحبه الْغَزالِيّ كَيفَ يلْزمه وَقد يكون عِنْده رهنا أَو أجارة فيلتفت على مَا لَو صرح بِأَنَّهُ فِي يَدي بأجارة فَالْقَوْل قَوْله الحديث: 550 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 540 @ أَو قَول الْمَالِك فِيهِ خلاف وَلَا يُقَال صدق هُنَا عملا بِالْيَدِ وَإِذا أقرّ أَنه عِنْده بعدله رهنا للْغَيْر فَهُوَ إِقْرَار على صَاحب الْملك وَلَا بُد لمن أقرّ لَهُ لِأَنَّهُ يُقَال أَن اقراره نقل الْيَد إِلَى من أقرّ لَهُ كَمَا فِي مثله فِي الْإِقْرَار بِأَصْل الْملك وَفِي الْمَسْأَلَة للبحث مجَال وَالله أعلم 552 - مَسْأَلَة امْرَأَة حضر عِنْدهَا شُهُود ليشهدوا عَلَيْهَا بإبراء قوم فَقَالَت مَا اشْهَدْ عَليّ حَتَّى آخذ الْكتاب الْفُلَانِيّ فَقيل لَهَا اشهدي عَلَيْك واتركي الْإِشْهَاد عنْدك فَإِن حضر الْكتاب الْمَطْلُوب وَإِلَّا فَلَا تسلمي الْإِشْهَاد عَلَيْك إِلَى أحد ثمَّ استنطقوها فَقَالَت أشهدوا عَليّ فَفَعَلُوا وَتركُوا الشَّهَادَة عِنْدهَا فجاءتهم بعد سَاعَة فَقَالَت لَا تشهدوا عَليّ بِشَيْء فَإِن الْكتاب الْمَشْرُوط مَا حضر وَطلب من الشُّهُود آداء الشَّهَادَة فِي نُسْخَة ثَانِيَة فَهَل تجوز لَهُم الشَّهَادَة عَلَيْهَا وَالْحَالة هَذِه أجَاب رَضِي الله عَنهُ إِذا كَانَ هَذَا هُوَ الَّذِي وجد مِنْهَا فَلَا يجوز لَهُم إِن يشْهدُوا عَلَيْهِ بِالْإِقْرَارِ لِأَن قَوْلهَا اشْهَدُوا عَليّ قد ثَبت أَنه لَيْسَ بِإِقْرَار فَإِنَّهُ لَو كتبت قباله بِنَفسِهِ أَو كتبهَا غَيره أَو كتبهَا على الأَرْض وَقَالَ اشْهَدُوا عَليّ بمضمونه لم يكن إِقْرَارا وَخَالف أَبُو حنيفَة رَحمَه الله فِيمَا إِذا كتب بِنَفسِهِ وَهَذَا مسطور فِي الإشراف على غوامض الحكومات وَفِي الْعدة للطبري ثمَّ وقفت عَلَيْهَا بعض من يُفْتِي بِدِمَشْق من أَصْحَابنَا فَأرْسل مستنكرا يذكر أَن هَذَا خلاف مَا فِي الْوَسِيط فَإِن فِيهِ إِنَّه لَو قَالَ اشهدك عَليّ بِمَا فِي هَذِه القبالة وَأَنا عَالم بِهِ فَالْأَصَحّ جَوَاز الشَّهَادَة على إِقْرَاره بذلك فبينت أَن تِلْكَ مَسْأَلَة أُخْرَى مباينة لهَذِهِ فَفرق بَين قَوْله اشهدك عَليّ مُضَافا إِلَى نَفسه وَبَين قَوْله اشْهَدْ على غير مضيف إِلَى نَفسه شَيْئا وَالله أعلم ثمَّ يَنْبَغِي أَنه اذا وجد ذَلِك مِمَّن عرفه اسْتِعْمَال ذَلِك فِي الْإِقْرَار يَجْعَل الحديث: 552 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 541 @ إِقْرَارا وَالله أعلم وَفِي الْبَيَان لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي ذَلِك غير الْإِذْن فِي الشَّهَادَة عَلَيْهِ وَلَا تعرض فِيهِ للإقرار بالمكتوب فَإِذا كَانَ ذَلِك كَذَلِك فِي غير هَذِه الصُّورَة فَكيف فِي هَذِه الصُّورَة مَعَ مَا فِيهَا من الْقَرِينَة المشعرة بِأَن الْمَذْكُور فَلم تسمح إِلَّا أَن يكتبوا فِي الْمَكْتُوب شَهَادَتهم من غير أَن ينجز الإقراء وَثَبت الْإِقْرَار وَالله أعلم 553 - مَسْأَلَة أَرض يدعيها أَرْبَعَة رجال فواحد يَدعِي أَنه لَهُ ثلثيها وَآخر يَدعِي أَن لَهُ ربعهَا وَآخر يَدعِي أَن لَهُ ربعهَا وَآخر يَدعِي أَن لَهُ ثمنهَا وكل يَدعِي أَن ذَلِك فِي يَده على معنى أَنه يُكَاتب الْفَلاح أَنه أجره ذَلِك وَسلمهُ إِلَيْهِ بِأُجْرَة معنية مُدَّة معنية الأقارير كَذَلِك على الأقارير فقد زَادَت الأَرْض أَرْبَعَة قراريط هِيَ قدر سدسها وتشاجروا لذَلِك مُدَّة طَوِيلَة ثمَّ اتَّفقُوا كلهم على أَن حَضَرُوا عِنْد حَاكم بلدهم وسألوه رفع أَيْديهم عَن جَمِيع الأَرْض وَإِثْبَات يَده عَلَيْهَا وإيجاره للمدة الَّتِي يَرَاهَا الْحَاكِم وإيداع أجرتهَا إِلَى أَن يثبت كل وَاحِد مِنْهُم قدر مَاله أَو يصطلحوا فسلمها الْحَاكِم إِلَى نَائِب لَهُ وَرفع أَيدي المدعين عَنْهَا بسؤالهم وَسلمهَا إِلَى نَائِب لَهُ فأجرها النَّائِب سنة واستخلص الْأُجْرَة وَتركهَا فِي مودعة ثمَّ أحضر مدعي الرّبع بَيِّنَة عادلة شهِدت بِمحضر من بَقِيَّة الشُّرَكَاء أَنه مَالك الرّبع مشَاعا مُسْتَحقّ لَهُ وَإنَّهُ كَانَ بِيَدِهِ وتصرفه فسلمه الْحَاكِم إِلَيْهِ وَأثبت يَده عَلَيْهِ عِنْد عدم الْمعَارض وَأقَام هَذَا الرّبع بِيَدِهِ مُدَّة سنتَيْن يتَصَرَّف مَالِكه فِيهِ حسب اخْتِيَاره وَبقيت ثَلَاثَة أَربَاع الأَرْض فِي يَد نَائِب الْحَاكِم يؤجرها ويودع أجرتهَا إِلَى أَن تقوم بَيِّنَة لبَقيَّة الْملاك بِمَا يشْهد بِهِ فَحَضَرت بَيِّنَة الْملاك بعد سنتَيْن من تَسْلِيم الرّبع إِلَى مَالِكه وَأقَام كل وَاحِد مِنْهُم بَيِّنَة فَشَهِدت لَهُ بملكية مَا كَانَ يَدعِيهِ وَأَنه كَانَ بِيَدِهِ وتصرفه كَذَلِك فَقَالَ مَالك الرّبع للْحَاكِم قد سلمت إِلَى الرّبع الَّذِي الحديث: 553 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 542 @ قد ثَبت أَنه ملكي من سنتَيْن وَقد تصرفت فِيهِ وَهُوَ سِتَّة قراريط من أَرْبَعَة وَعشْرين قيراطا ويدي دَاخِلَة فِيهِ وَإِذا ثَبت ملكية بنية الشُّرَكَاء لما ادعوهُ وَصَارَ مَجْمُوع الأَرْض ثَمَانِيَة وَعشْرين قيراطا فَيدْخل على النَّقْص وهم بِالنِّسْبَةِ الي خارجيون فَأَما أَن يدْخل النَّقْص على حصصهم فَقَط وَأما أَن تقوم لَهُم بَيِّنَة بِأَن يَدي على هَذَا الرّبع عَارِية عاصبة للقدر وَالزَّائِد الَّذِي تَقْتَضِيه الْقِسْمَة فَإِنَّهُم خارجون وَأَنا دَاخل فَهَل يُجَاب صَاحب الرّبع إِلَى كَلَامه هَذَا وَيدخل النَّقْص على بَقِيَّة الشُّرَكَاء إِن لم يشْهد لَهُم بَيِّنَة عادلة بِأَن يَد صَاحب الرّبع على الْقدر الزَّائِد مِنْهُ عَارِية أَو يحْتَاج بَقِيَّة الشُّرَكَاء إِلَى أَن يشْهد لَهُم بَيِّنَة بِأَن يَد صَاحب الرّبع عَارِية على الْقدر الزَّائِد مِنْهُ أَو أَن النَّقْض يَقع على الْجَمِيع من غير تَكْلِيف البَاقِينَ إِقَامَة بَيِّنَة على الْغَصْب الْمشَار إِلَيْهِ وَلَو فَرضنَا أَن مدعي الثُّلثَيْنِ قَامَت لَهُ بَيِّنَة بِأَنَّهُ مَالك لَهما وَأَنه كَانَ فِي يَده بعد ثُبُوت الرّبع لمدعيه وتسليمه إِلَيْهِ الْمدَّة الْمشَار إِلَيْهَا فَسلم الْحَاكِم الثُّلثَيْنِ إِلَى مدعيه فقد وسعت الأَرْض الرّبع الْمُتَقَدّم وَالثلث الْمُتَأَخر بَقِي مِنْهَا قيراطان على تَقْدِير عدم الرَّحْمَة فحضرالمدعي للثّمن الثَّالِث وَالْمُدَّعِي للثّمن الرَّابِع وَأَرَادَ إِثْبَات ملكهمَا الَّذِي يدعيانه وَهُوَ الرّبع لَهما وَلم تبْق الأَرْض تسع لذَلِك فَقَامَتْ لَهُم الْبَيِّنَة بِمَا ادعياه فَهَل يخْتَص النَّقْص بهما اَوْ يكلفان إِقَامَة بِبَيِّنَة تشهد بِأَن يَد صَاحب الرّبع الأول وَصَاحب الثُّلثَيْنِ عَارِية على الْقدر الزَّائِد الَّذِي تقيضيه الْمُخَاصمَة لِأَنَّهُمَا صَارا دخلين بِالنِّسْبَةِ الى الْمُتَأَخِّرين أَو يدْخل النَّقْص على الْجَمِيع أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَيْسَ الْأَمر فِي ذَلِك على مَا زعم صَاحب الرّبع الْمَذْكُور إِذا كَانَ كل وَاحِد مِنْهُم قد أَقَامَ الْبَيِّنَة على الْملك فِيمَا ادَّعَاهُ وَأَنه كَانَ فِي يَده إِلَى أَن أَزَال الْحَاكِم يَده بل كل وَاحِد مِنْهُم صَاحب يَد وَبَيِّنَة فِيمَا ادَّعَاهُ من غير تَرْجِيح وَلَيْسَ تقدم صَاحب الرّبع بالإثبات وَالتَّسْلِيم وَالتَّصَرُّف مرجحا مَعَ تلاحقهم فِي إِثْبَات مثل ذَلِك مُسْتَندا إِلَى وَقت إثْبَاته مَا أثْبته وَمَا ذكر فِي الشَّامِل فرع من هَذَا الْقَبِيل من تَرْجِيح جَانب جَانب واحدهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 543 @ بِأَنَّهُ لَيْسَ ينازعه أحد من البَاقِينَ من حَيْثُ أَن الْمَكَان قَابل لما أدعياه مَعًا لِأَن تنزله هَا هُنَا فَإِن كل وَاحِد من المتداعين بِهَذِهِ المثابة فهم إِذن متساوون وَالصَّحِيح فِي ذَلِك التَّعَارُض والتساقط فَتسقط الزِّيَادَة لعدم الْمُثبت لَهَا وتنقلب تِلْكَ الزِّيَادَة نقصا دَاخِلا عَلَيْهِم فِي مقادير مَا ادعوا وَشهِدت بِهِ بيناتهم وَالله أعلم 554 - مَسْأَلَة رجل أثبت أَنه اشْترى من زيد الْغَائِب دَارا بِثمن مَعْلُوم معِين وَشهِدت عِنْد الْحَاكِم بَيِّنَة على إِقْرَار المتبابعين بالتبايع وَالْقَبْض من الطَّرفَيْنِ وَطلب المُشْتَرِي من الْحَاكِم الحكم على إِقْرَار البَائِع الْغَائِب فَهَل يسوغ الحكم عَلَيْهِ من غير يَمِين الحكم على الْغَائِب أم لَا بُد من يَمِين فَإِن كَانَ لَا بُد من يَمِين فَكيف صورتهَا وكيفيتها وَإِن قُلْتُمْ أَنه لَا بُد من يَمِين فَمَا الْفرق بَين هَذَا وَبَين لَو ادّعى أَن الدّين كَانَ لزيد الْغَائِب عِنْدِي أبرأني مِنْهُ بعد أَن ادّعى عَلَيْهِ بِهِ وَأقَام على الْبَرَاءَة شَاهِدين وَطلب من الْحَاكِم أَن يحكم بِهِ على إِقْرَار زيد المبرىء الْغَائِب فَإِنَّهُ يحكم لَهُ وَلَا حَاجَة إِلَى يَمِين قولا وَاحِدًا وَالْحَالة هَذِه أجَاب رَضِي الله عَنهُ لَا فِي ذَلِك من الْيَمين على القَوْل الْأَصَح فِي الْبَاب وَيَجِيء فِي كَيْفيَّة الْيَمين الصفتان الجاريتان فِي سَائِر الْبَاب الْإِجْمَال بِأَن يحلف أَنه الْآن يسْتَحقّهُ وَالتَّفْصِيل بِأَن يحلف بِأَنَّهُ لم يزل ملكه عَن ذَلِك بِشَرْط وَلَا إِقَالَة وَيذكر نَحْوهمَا من مزيلات الْملك وَمن الْفرق بَين ذَلِك وَبَين الْإِبْرَاء أَنه إِذا وجد الْإِبْرَاء وَصَحَّ فَلَنْ يتعقبه مَا يزِيل حكمه فَلم يحْتَج إِلَى يَمِين بِنَفْي احْتِمَال ذَلِك وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم بِالصَّوَابِ الحديث: 554 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 544 @ تمّ الْكتاب بِحَمْد الله تَعَالَى وَافق الْفَرَاغ من نُسْخَة يَوْم الْإِثْنَيْنِ الْمُبَارك بعد صَلَاة الْعَصْر خَامِس عشر جُمَادَى الْآخِرَة عَام إِحْدَى وَسبعين وَسبع مائَة بِمَدِينَة الصَّلْت المحروسة على يَد العَبْد الْفَقِير إِلَى الله تَعَالَى الراجي عَفْو ربه الْقَدِير الْمُعْتَرف بالذنب وَالتَّقْصِير مُحَمَّد بن الْفَقِير إِلَى الله تَعَالَى يحيي الشَّافِعِي عاملهما الله تَعَالَى بِلُطْفِهِ الْخَفي وَغفر لَهما ولطف بهما وَالْحَمْد لله وَحده وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد النَّبِي الْأُمِّي نَبِي الرَّحْمَة وَآله وَصَحبه وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا دَائِما مُبَارَكًا طيبا إِلَى يَوْم الدّين وحسبنا الله وَنعم الْوَكِيل وَجَاء فِي خَاتِمَة النُّسْخَة هَذَا مَا علقت عَنهُ من الْعَبَّادِيّ رَحمَه الله وَرَضي عَنهُ ونفعه بهَا فِي داريه الْحَمد لله حق حَمده وصلواته على سيدنَا مُحَمَّد النَّبِي الرؤوف الرَّحِيم خير خلقه وَآله وَصَحبه وَسلم كتبهَا الْفَقِير إِلَى الله تَعَالَى مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن المرتضى الشَّافِعِي غفر الله لَهُ ولوالديه وَلِجَمِيعِ الْمُسلمين بمنه وَكَرمه حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 545 @ الْقسم الرَّابِع فِي الْمسَائِل الْفِقْهِيَّة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 547 @ مسَائِل ابْن الصّلاح مسَائِل فِي الزَّكَاة 555 - مَسْأَلَة لَو دفع الزَّكَاة إِلَى صبي ليوصله إِلَى الْمُسْتَحق قَالَ إِن عين الْمَدْفُوع إِلَيْهِ جَازَ وَإِلَّا فَلَا بَاب زَكَاة الْبَقر 556 - السَّائِل إِذا وَجب عَلَيْهِ مُسِنَّة فِي أَرْبَعِينَ من الْبَقر فَأعْطى تبيعين قَالَ الْمسَائِل رَأَيْت لبَعض أَصْحَابنَا أَنه يجوز لِأَنَّهُ يجوز عَن سِتِّينَ فَعَن أَرْبَعِينَ أولى ذكره أَبُو إِسْحَق فِي الْمُهَذّب أَنه يجوز بِلَا خلاف لِأَنَّهُ لما جَازَ عَن سِتِّينَ بقر فَفِي أَرْبَعِينَ أولى قَالَ شَيخنَا رَضِي الله عَنهُ وَعِنْدِي لَا يجوز لِأَنَّهُ ينقص عَن السن فَلَا ينجبر نُقْصَان السن بِزِيَادَة الْعدَد كَمَا لَو أخرج بِنْتي لبون عَن إِحْدَى وَسِتِّينَ بدل الْجَذعَة لَا يجوز وَإِن كَانَ يجوز إِخْرَاج بِنْتي لبون عَن سِتّ وَسبعين الحديث: 555 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 549 @ بَاب تَعْجِيل الزَّكَاة 557 - مَسْأَلَة إِذا عجل الزَّكَاة ثمَّ خرج الْمِسْكِين عَن الِاسْتِحْقَاق قبل الْحول وَقُلْنَا يسْتَردّ وَكَانَت قد حصلت مِنْهُ الزَّوَائِد قَالَ أَصْحَابنَا تِلْكَ الزَّوَائِد تقع للمسكين كالموهوب يرجع فِيهِ الْأَب قَالَ رَضِي الله عَنهُ وَعِنْدِي فِيهِ إِشْكَال يَنْبَغِي أَن يرجع بالزوائد الْمُنْفَصِلَة لِأَنَّهُ إِذا خرج عَن الِاسْتِحْقَاق تبين أَنه لم يملك كَمَا لَو أظهر أَنه لم يكن مُسْتَحقّا حَالَة الدّفع النِّيَّة فَقُلْنَا إِنَّه يرجع بالزوائد الْمُنْفَصِلَة بِخِلَاف الْمَوْهُوب فَإِنَّهُ لَا يعْدم الْملك من قبل كَمَا لَو دفع إِلَيْهِ على ظن أَن عَلَيْهِ دينا فَلم يكن وَلَو عجل عَن خمس وَعشْرين بنت مَخَاض ثمَّ تلف عَنْهَا وَاحِدَة قبل الْحول يسْتَردّ بنت الْمَخَاض وَعَلِيهِ أَربع شِيَاه فَلَو أَرَادَ أَن يحْسب بنت الْمَخَاض عَن الزَّكَاة على قَوْلنَا أَن الْوَاجِب فِي خمس من الْإِبِل خمس بعير حَتَّى يجوز أَن يخرج عَن عشْرين بَعِيرًا وَجب أَن يجوز وَلَا يُؤمر بِأَن يسْتَردّ ثمَّ يُعْطي بِخِلَاف مَا لَو عجل عَن خمس وَثَلَاثِينَ بنت مَخَاض ثمَّ نتجت وَاحِدَة قبل الْحول حَتَّى وَجَبت بنت لبون فقد صَارَت بنت الْمَخَاض فِي يَد الْمِسْكِين بنت لبون يسْتَردّ ثمَّ يُعْطي ثَانِيًا لِأَنَّهُ ظهر أَن الْوَاجِب عَلَيْهِ بنت لبون وَهُوَ حِين أعْطى كَانَت بنت مَخَاض وَأَعْطَاهُ المخلص عَن بنت اللَّبُون لَا يجوز وَهَا هُنَا حِين أعْطى ظهران الْوَاجِب عَلَيْهِ أَربع شِيَاه وَإِعْطَاء بنت الْمَخَاض عَنْهَا يجوز على هَذَا الْأَقْوَال 558 - مَسْأَلَة إِذا عجل الزَّكَاة ثمَّ خرج الْأَخْذ عَن الِاسْتِحْقَاق وَقُلْنَا يسْتَردّ فَإِن كَانَ قد تغيب فِي يَد الْمِسْكِين فَعَلَيهِ أرش النُّقْصَان مَعهَا فَلَو اسْتردَّ على ظن أَنَّهَا سليمَة كَانَت فَبَان الْعَيْب يرجع بِالْعَيْبِ وَكَذَلِكَ لَو بَاعَ شَيْئا وَوجد المُشْتَرِي بِهِ عَيْبا وَقد تعيب فِي يَده لَا يُمكنهُ الرَّد إِلَّا الحديث: 557 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 550 @ بِرِضا البَائِع بل يَأْخُذ الْأَرْش وَلَو فسخ البيع بِالْعَيْبِ الْقَدِيم وَلم يعرف البَائِع بحدوث الْعَيْب ثمَّ ظهر عَلَيْهِ لم يكن لَهُ فسخ الرَّد لِأَن الْفَسْخ لَا يقبل الْفَسْخ بل يرجع بِالْأَرْشِ كَمَا لَو تقابيا ثمَّ ظهر البَائِع على عيب حدث فِي يَد المُشْتَرِي إِن قُلْنَا الْإِقَالَة فسخ لَا رد لَهُ وَإِن قُلْنَا بيع يردهُ بِالْعَيْبِ وَيحْتَمل أَن يُقَال فِي مَسْأَلَة الْفَسْخ بعد حُدُوث الْعَيْب أَن يفْسخ الرَّد وَهُوَ الْأَصَح إِذا لم يرض بِهِ البَائِع 559 - مَسْأَلَة قَالَ رَضِي الله عَنهُ وَلَو عجل عَن خمس وَثَلَاثِينَ بنت مَخَاض ثمَّ نتجت فِي الْحول وَاحِدَة وَكَانَت بنت الْمَخَاض قد بلغت فِي يَد الْمِسْكِين قَالَ يحْتَمل أَن يُقَال عَلَيْهِ إِخْرَاج بنت مَخَاض وَلَا يجب عَلَيْهِ بنت اللَّبُون لِأَن إِيجَاب بنت اللَّبُون إِنَّمَا يكون بتقدم بَقَاء مَا تلف فِي يَد الْمِسْكِين وَإِنَّمَا يَجْعَل التآلف فِي يَد الْمِسْكِين فِي حكم الْبَاقِي إِذا كُنَّا نحسبه من الزَّكَاة لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يكون الْوَاجِب عَلَيْهِ بنت اللَّبُون إِذا ثَبت أَنا لَا نحسبه عَن الزَّكَاة فَلَا نجْعَل التآلف كالباقي وَإِذا لم نجْعَل التآلف فَيصير كَأَنَّهُ تلفت وَاحِدَة من خمس وَثَلَاثِينَ قبل الْحول وَجعلت وَاحِدَة فَلَا يكون فِيهَا إِلَّا بنت مَخَاض وَلَا يُمكنهُ أَن يَجْعَل بنت الْمَخَاض المخرجة محسوبة لأَنا لَو جعلناها محسوبة جعلناها كالقائم وَلَو جعلناها كالقائم كَانَ الْوَاجِب عَلَيْهِ بنت اللَّبُون بِخِلَاف مَا لَو تلفت وَاحِدَة فِي يَد الْمَالِك لَا يجب بنت مَخَاض أُخْرَى لأَنا لَا نحتاج إِلَى أَن نَجْعَلهَا كالباقية والمعجل إِذا تلف يحْتَاج إِلَى أَن نجعله كالباقي فِي حق الحسبان عَن الزَّكَاة قَالَ وَهَذَا احْتِمَال وَالصَّحِيح أَن يُقَال الْمخْرج كالقائم وَعَلِيهِ بنت لبون كَمَا لَو زَاد وَاحِدَة لِأَن الْمخْرج يَجْعَل كالقائم فِي ملك الْمَالِك وَإِن كَانَت تالفة إِذا لم يكن تغير حَال الدَّافِع والمدفوع إِلَيْهِ 560 - مَسْأَلَة إِذا مَاتَ وَعَلِيهِ دين قَالَ لَا يجوز صرف الزَّكَاة إِلَى الحديث: 559 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 551 @ دينه إِذا كَانَ قد مَاتَ مُعسرا كَمَا لَا يجوز فِي حَيَاته دون إِذْنه وَالله أعلم 561 - مَسْأَلَة سُئِلَ رَضِي الله عَنهُ إِذا كَانَ عَلَيْهِ دين يزِيد على يسَاره هَل يجوز أَن يتَصَدَّق تَطَوّعا فِيهِ قَالَ يجوز وَالْأولَى أَن لَا يفعل وَيصرف المَال إِلَى دينه لِأَن أداءه وَاجِب عَلَيْهِ وَفِي الْمُهَذّب أَنه لَا يجوز 562 - مَسْأَلَة من عَلَيْهِ الزَّكَاة وَالْكَفَّارَة إِذا بعث الْكَفَّارَة أَو الزَّكَاة على يَد صبي إِلَى الْفَقِير قَالَ رَضِي الله عَنهُ يجوز التَّمْلِيك من الْبَاعِث لَا من الْحَامِل وَحمل الْحَامِل أَمارَة وعلامة للتَّمْلِيك كَمَا لَو كتب إِلَيْهِ كتابا بَاب الْخلطَة 563 - مَسْأَلَة قَالَ رَأَيْت إِذا كَانَ لَهُ ثَمَانُون شَاة فَبعد مُضِيّ سِتَّة أشهر بَاعَ مِنْهَا أَرْبَعِينَ وَلم يعين فَإِذا مَضَت سِتَّة أشهر من يَوْم البيع على البَائِع شَاة ثمَّ إِذا تمّ حول فَالْمُشْتَرِي عَلَيْهِ نصف شَاة ثمَّ بعده على البَائِع نصف شَاة إِذا تمّ نصف حول الآخر قَالَ شَيخنَا رَضِي الله عَنهُ وَجب أَن لَا يحب على البَائِع فِي الْحول الأول أَيْضا إِلَّا نصف شَاة لِأَن جَمِيع مَاله كَانَ يخْتَلط بالأربعين فِي جَمِيع الْحول بِخِلَاف مَا لَو كَانَ شَرِيكه ذِمِّيا فَأسلم فِي خلال الْحول يبتدأ لَهُ الْحول من الْآن وعَلى شَرِيكه إِذا تمّ حوله شَاة لِأَنَّهُ كَانَ فِي حكم الِانْفِرَاد بَاب النِّيَّة 564 - مَسْأَلَة إِذا امْتنع رجل عَن أَدَاء الزَّكَاة أَخذه السُّلْطَان قهرا الحديث: 561 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 552 @ قَالَ شَيخنَا الإِمَام رَضِي الله عَنهُ لَا فرق بَين الْأَمْوَال الظَّاهِرَة والباطنة إِذا قَالَ رب المَال لَا اؤدي أما إِذا قَالَ أَنا أؤدي غير أَنه يوخر هَل للسُّلْطَان أَخذه قهرا قَالَ لَيْسَ لَهُ فِي المَال الْبَاطِن أما فِي الظَّاهِر إِن أَوجَبْنَا الدّفع إِلَيْهِ أَخذه قهرا وَإِلَّا فَلَا 565 - مَسْأَلَة إِذا أخرج زَكَاة مَاله الْغَائِب فَقَالَ هَذَا عَن زَكَاة مَالِي الْغَائِب إِن كَانَ قَائِما فَإِن كَانَ تَالِفا يَقع عَن التَّطَوُّع لَا الْوُجُوب وَقَوله إِن كَانَ قَائِما يرجع إِلَى وُقُوعه عَن الْغَرَض لَا إِلَى أَنه إِن لم يكن قَائِما يرجع فَإِن قيد فَقَالَ إِن لم يكن قَائِما أرجع حِينَئِذٍ لَهُ الرُّجُوع إِن كَانَ تَالِفا وَكَذَلِكَ فِي الْعتْق إِذا قَالَ أعتقت هَذَا عَن كفارتي إِن جَازَت فَإِن لم تجز لعيب بهَا يعْتق تَطَوّعا وَقَوله إِن جَازَت يرجع إِلَى وُقُوعه عَن الْكَفَّارَة إِلَى أصل الْعتْق وَإِن قَالَ فَإِن لم يجز فَلَيْسَ بَحر فَحِينَئِذٍ إِن لم يجز لم يعْتق وَلَو أَرَادَ بقوله إِن جَازَت شرطا الأَصْل نُفُوذ الْعتْق وَلأَجل أَن يكون صَدَقَة فَلهُ الرُّجُوع بَاب زَكَاة الثِّمَار 566 - مَسْأَلَة حَائِط نصفه مَمْلُوك وَنصفه مَوْقُوف هَل يحب الْعشْر على صَاحب الْملك فِي ثمره قَالَ إِن بلغ نِصَابا يجب وَإِن لم يبلغ إِن كَانَ الْمَوْقُوف عَلَيْهِ جمَاعَة مُعينين يجب إِذا كَانَ فِي مَجْمُوع الْحَائِط نِصَابا للخلطة وَإِن كَانَ وَقفا على غير مُتَعَيّن مثل الْفُقَرَاء وَالْمَسْجِد وَنَحْوه فَلَا يجب لِأَن الْخلطَة إِنَّمَا تثبت أَيْضا مَعَ مُتَعَيّن وَهنا غير مُتَعَيّن كَمَا قَالَ أَصْحَابنَا إِذا ملك أَرْبَعِينَ من الْغنم ثَلَاث الحديث: 565 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 553 @ سِنِين لم يؤد زَكَاتهَا وَقُلْنَا الزَّكَاة تتَعَلَّق بِالْعينِ فَيجب للحول الأول شَاة لوُجُود الْأَرْبَعين وَلَا يجب بعده لِأَن النّصاب ينتقص بِاسْتِحْقَاق الْمَسَاكِين حَيْثُ إِن النّصاب انْتقصَ بِوَاحِدَة فَأصْبح الْعدَد أقل من النّصاب الَّذِي بِدفع عَنهُ الزَّكَاة فَلم توجب الْخلطَة بَينه وَبَين الْمَسَاكِين إِذا بَاعَ حَائِطا قد وَجب فِيهِ الْعشْر بِأَن قَالَ بِعْتُك إِلَّا الْعشْر جَازَ وَإِلَّا قدر الزَّكَاة 567 - مَسْأَلَة وَلَو ملك أَرْبَعِينَ من الْغنم كلهَا أمراض إِلَّا وَاحِدَة فَقَالَ بِعْتُك إِلَّا تِلْكَ الْوَاحِدَة بعد مَا وَجب الزَّكَاة لَا يَصح على قَوْلنَا إِن الزَّكَاة تتَعَلَّق بِالْعينِ لِأَن تِلْكَ الْوَاحِدَة غير متعينة لِلزَّكَاةِ حَتَّى يُقَال حق الْمَسَاكِين فِي كلهَا شَائِعا وَلكنه مَعْلُوم بالجزئية فَجَاز الِاسْتِثْنَاء وَالْبيع 568 - مَسْأَلَة الْحَائِط الْمَوْقُوف إِذا أثمرت نخيله هَل يجب فِيهِ الْعشْر قَالَ إِن كَانَ مَوْقُوفا على جمَاعَة متعينين يجب إِن بلغ نِصَابا وَإِن كَانَ مَوْقُوفا على مَسْجِد أَو رِبَاط أَو على جمَاعَة غير مُعينين لَا يجب لِأَن دفع الزَّكَاة عَن مَجْهُول لَا يَصح قَالَ فَإِن اشْترى رجل ثَمَرَته قبل بَدو الصّلاح فَبَدَأَ الصّلاح عِنْده يجب الْعشْر على المُشْتَرِي بَاب زَكَاة الزَّرْع 569 - مَسْأَلَة إِذا غصب أَرضًا وَزرع فِيهَا للْمَالِك قلعهَا مجَّانا وَإِن كَانَ بعد اشتداد الْحبّ فَإِن لم يقْلع حَتَّى حصد يجب الْعشْر على الزَّارِع لِأَن الزَّرْع لَهُ وَإِن قلع بعد اشتداد الْحبّ قبل أَن يبلغ الْحَصاد فَلَا شَيْء على الْغَاصِب لِأَنَّهُ قد تلف قبل الْإِمْكَان وَفِيه مَا فِيهِ الحديث: 567 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 554 @ = كتاب الصَّوْم وَالِاعْتِكَاف 570 - مَسْأَلَة لَو نذر اعْتِكَاف الْعشْر الْأَوَاخِر من شهر رَمَضَان يلْزمه أَن يدْخل الْمُعْتَكف لَيْلَة الْحَادِي وَالْعِشْرين فَإِن خرج الشَّهْر نَاقِصا لَا يلْزمه إِلَّا ذَلِك كَمَا لَو نذر صَوْم الْعشْر الأولى من ذِي الْحجَّة قَالَ لَا يلْزمه إِلَّا تِسْعَة أَيَّام وَلَو نذر صَوْم عشرَة أَيَّام من آخر شهر رَمَضَان فَدخل لَيْلَة الْحَادِي وَالْعِشْرين وَخرج نَاقِصا عَلَيْهِ أَن يتم عشرا من أول شَوَّال وَلَو نذر صَوْم عشرَة أَيَّام من أول ذِي الْحجَّة يَنْبَغِي أَن يُقَال يَصُوم يَوْمًا بعد مُضِيّ أَيَّام التَّشْرِيق لِأَنَّهُ من أول الشَّهْر 571 - مَسْأَلَة إِذا اشْتبهَ عَلَيْهِ شهر رَمَضَان وَصَامَ شهرا بِالِاجْتِهَادِ إِن وَافق بعد رَمَضَان صَحَّ صَوْمه وَإِن وَافق قبله فَقَوْلَانِ الْأَصَح أَن لَا يَصح قَالَ وَلَو وَافق رَمَضَان السّنة الثَّانِيَة صَحَّ صَوْمه عَن رَمَضَان السّنة الثَّانِيَة لِأَنَّهُ نوى فرض الْوَقْت كَمَا لَو نوى الصَّلَاة لفرض الْوَقْت وَأَخْطَأ فِي الْيَوْم لَا يضر وبمثله لَو كَانَ عَلَيْهِ قَضَاء رَمَضَان فاجتهد فِي الشُّهُور فَوَافَقَ قَضَاؤُهُ فِي السّنة الثَّانِيَة لَا يَصح لَا عَن الْقَضَاء وَلَا عَن ذَلِك الشَّهْر لِأَنَّهُ لم يصمه بنية فرض الْوَقْت بل صَامَ عَن الْقَضَاء وَلَا يَصح صَوْم شهر رَمَضَان وَفِيه مَا فِيهِ عَن الْقَضَاء وَالله أعلم وعَلى هَذَا لَو نذر صَوْم يَوْم الِاثْنَيْنِ فَاشْتَبَهَ عَلَيْهِ الْيَوْم فاجتهد فَوَافَقَ يَوْمًا بعده صَحَّ وَقَبله لَا على الْأَصَح وَلَو فَاتَهُ صَوْم من الأثانين فاجتهد لصومه فَوَقع من يَوْم اثْنَيْنِ بعده على هَذَا الْقيَاس لَا يَصح عَن وَاحِد الحديث: 570 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 555 - مَسْأَلَة من مَاتَ وَفِي ذمَّته صَوْم يطعم عَنهُ وَارثه وَفِي قَول يصام عَنهُ فِي قَول وَمن مَاتَ وَفِي ذمَّته صَلَاة كَانَ يُفْتِي على مَذْهَب أبي حنيفَة أَن يطعم عَن كل صَلَاة مَدين من حِنْطَة فَيكون عَن صلوَات شهر مِائَتَان من حِنْطَة وَكَانَ يخْتَار فِي جَمِيع الْكَفَّارَات مَدين لكل مِسْكين لحَدِيث كَعْب بن عجْرَة 573 - مَسْأَلَة قَالُوا إِذا لمسها فَوق خمارها فَأنْزل لَا يبطل بالإنزال وَإِن لمس شعرهَا فَأنْزل إِن قُلْنَا بِمَسّ الشّعْر ينْتَقض وضوءه يبطل صَوْمه وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ شَيخنَا الإِمَام رَضِي الله عَنهُ وَعِنْدِي إِذا لمس شعرهَا فَأنْزل يفْسد صَوْمه بِخِلَاف نقض الْوضُوء بلمسه 574 - مَسْأَلَة سُئِلَ رَضِي الله عَنهُ عَن المبسور إِذا كَانَ صَائِما فَخرج دبره فَرده بِأُصْبُعِهِ هَل يبطل صَوْمه قَالَ وَجْهَان أصَحهمَا أَنه لَا يبطل 575 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ لله عَليّ أَن أعتكف صَائِما وَقُلْنَا يخرج عَن مُطلق نذر الِاعْتِكَاف باعتكاف سَاعَة فَأصْبح صَائِما وَاعْتَكف ثمَّ فِي آخر النَّهَار خرج عَن الْمُعْتَكف وَأفْطر هَل يخرج عَن نَذره قَالَ لَا وَلَو قَالَ لله عَليّ أَن أعتكف مُصَليا وَقُلْنَا لَا يجوز إِفْرَاد أَحدهمَا عَن الآخر قَالَ يُجزئهُ أَن يُصَلِّي فِي الْمُعْتَكف رَكْعَتَيْنِ الحديث: 573 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 556 @ = كتاب الْحَج 576 - مَسْأَلَة إِذا نذر المعضوب أَن يحجّ بِنَفسِهِ لَا ينْعَقد قَالَ إِذا نذر الصَّحِيح أَن يحجّ بِمَالِه وَجب أَن ينْعَقد بِخِلَاف المعضوب لِأَن المعضوب وَقع الْيَأْس عَن حجه بِنَفسِهِ فَلم ينْعَقد نَذره فَلم يَقع للصحيح الْيَأْس عَن أَن يحجّ بِمَالِه بعضب أَو موت فَإِذا عجز حج بِمَالِه نَظِيره الْمَرِيض الَّذِي لَا يُمكنهُ أَن يحجّ بِنَفسِهِ لَكِن مَرضه مرجو الزَّوَال نذر أَن يحجّ بِنَفسِهِ ينْعَقد ثمَّ إِذا صَحَّ حج بِنَفسِهِ وَلَو أَن المعضوب نذر أَن يحجّ بِنَفسِهِ وَقُلْنَا لَا ينْعَقد فبرأ قَالَ وَجب أَن يلْزمه الْحَج لِأَنَّهُ بَان أَنه لم يكن ميئوس الزَّوَال وَيُمكن بِنَاؤُه على المعضوب إِذا حج عَن نَفسه حجَّة الْإِسْلَام ثمَّ برأَ هَل يحْسب قَولَانِ إِن قُلْنَا ثمَّ يحْسب ينْعَقد نَذره هَا هُنَا وَإِن قُلْنَا لَا يحْسب هَاهُنَا لَا ينْعَقد نَذره وَلَو نذر غير المعضوب أَن يحجّ بِنَفسِهِ فعجز حج عَنهُ بِمَالِه سَوَاء كَانَ عَجزه بِمَوْت أَو عضب 577 - مَسْأَلَة إِذا أوصى وَقَالَ احجوا عني فلَانا فِي حج التَّطَوُّع وجوزنا الْوَصِيَّة قَالَ القَاضِي الإِمَام إِن كَانَ وَارِثا لَا يعْطى إِلَيْهِ شَيْء لِأَن الْوَصِيَّة للْوَارِث لَا تصح قَالَ الشَّيْخ الإِمَام رَضِي الله عَنهُ وَيَنْبَغِي أَن يُقَال يجوز لِأَن الْوَارِث لَا يَأْخُذهُ تَبَرعا إِنَّمَا يَأْخُذهُ بِمُقَابلَة عمله كَمَا لَو قَالَ اشْتَروا عبدا وأعتقوه يجوز أَن يَشْتَرِي لِأَن الْوَارِث يَأْخُذ المَال مُقَابِله العَبْد وَيُمكن أَن يفرق بَينهمَا بِأَن بذل المَال فِي الْحَج تبرع من الْمُورث يعود إِلَى الْوَارِث وبذل المَال فِي مُقَابلَة العَبْد لَيْسَ بتبرع وَإِنَّمَا الْإِعْتَاق هُوَ التَّبَرُّع وَهُوَ لَا يعود إِلَى الْوَارِث وَفِي الْحَج يعود إِلَيْهِ فَافْتَرقَا الحديث: 576 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 557 - مَسْأَلَة يجوز الْحَج عَن الْمَيِّت الْأَجْنَبِيّ وَإِن لم يوص بِهِ قَالَ الشَّيْخ لَو أَن رجلا اجنبيا اشْترى رجلا ليحج عَن ميت حج الْفَرْض يجوز لِأَنَّهُ كَمَا يجوز أَن يحجّ عَن الْمَيِّت بِنَفسِهِ يجوز أَن يحجّ بِمَالِه وَإِن لم يوص بِهِ الْمَيِّت وَلَو اسْتَأْجر الْوَصِيّ رجلا ليحج عَن ميت فَمَرض الْأَجِير فِي الطَّرِيق فاستأجر رجلا ليحج عَن الْمَيِّت يَصح وَتَكون أجرته على الْأَجِير الأول وَلَا شَيْء لَهُ على الْوَصِيّ أما الأول فَلَا يسْتَحق الْأُجْرَة على الْوَصِيّ إِن كَانَ قد اسْتَأْجر لِأَنَّهُ لَا يجوز أَن يثبت للْغَيْر فَيكون بالاستئجار متبديا وَإِن كَانَ ألزم ذمَّته يسْتَحق 579 - مَسْأَلَة إِذا وَقع على بدن الْمحرم شَعْرَة أَجْنَبِيَّة فعلقت فنتفها لَا فديَة عَلَيْهِ أَو حلق الحلاق رَأسه فَوَقَعت شَعْرَة من رَأسه على مَوضِع آخر من بدنه فعلقت ثمَّ نتفها بعد الْإِحْرَام لَا فديَة لِأَنَّهُ مُسْتَحقّ النتف 580 - مَسْأَلَة إِذا ترك الْحَاج رمي يَوْم من أَيَّام التَّشْرِيق يقْضِي فِي الْيَوْم الثَّانِي وَيجوز الْقَضَاء لَيْلًا وَنَهَارًا بعد الزَّوَال وَقَبله أما رُعَاة الْإِبِل وَأهل سِقَايَة الْحَاج يجوز لَهُم أَن يدعوا رمي يَوْم ويقضوا فِي الْيَوْم الثَّانِي بعد الزَّوَال فَلَو قضوا بِاللَّيْلِ أَو قبل الزَّوَال قَالَ لَا يجوز لِأَنَّهُ رخص لَهُم فِي ترك الرَّمْي فَيكون قَضَاؤُهُ فِي وقته من الْيَوْم الثَّانِي والتارك الَّذِي لم يرخص لَهُ فِيهِ فَلهُ أَن يقْضِي مَتى شَاءَ كمن فَاتَتْهُ صلوَات قَضَاهَا فِي أَي وَقت شَاءَ أما إِذا أخر الظّهْر ليجمع بَينهمَا وَبَين الْعَصْر بِعُذْر السّفر فَيكون مَعَ الْعَصْر فِي وقته 581 - مَسْأَلَة الْمحرم إِذا رمى سَهْما إِلَى صيد فتحلل ثمَّ أَصَابَهُ يضمن وَكَذَلِكَ لَو رمى حَلَال إِلَى صيد فَأحْرم ثمَّ أَصَابَهُ لِأَنَّهُ فِي أحد الطَّرفَيْنِ محرم كَمَا لَو رمى سَهْما من الْحرم إِلَى صيد غب الْحل إِلَى صيد فِي الْحرم فَأَصَابَهُ يضمن 582 - مَسْأَلَة وَلَو نصب شبكة أَو حفر بِئْر عدوان وَهُوَ محرم فَوَقع فِيهَا صيد بعد مَا تحلل قَالَ يجب الْجَزَاء لِأَن حَالَة الْحفر كَانَ مُتَعَدِّيا فِي حق الحديث: 579 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 558 @ الصَّيْد وَعَكسه لَو نصب أَو حفر وَهُوَ حَلَال ثمَّ أحرم ثمَّ وَقع فِيهَا صيد لَا يضمن لِأَنَّهُ حِين حفر لم يكن مُتَعَدِّيا فِي حق الصَّيْد كَمَا لَو حفر بِئْر عدوان فِي الْحرم ثمَّ خرج الى الْحل فَوَقع فِيهَا صيد ضمن وَلَو حفر فِي الْحل ثمَّ دخل الْحرم ثمَّ وَقع فِيهَا صيد لم يضمن وَلَيْسَ كرمي السهْم لِأَنَّهُ مُبَاشرَة قبل وحفر الْبِئْر تسبب وَكَذَلِكَ قُلْنَا لَو رمي سَهْما إِلَى إِنْسَان والإرسال ضَعِيف فقوته الرّيح يضمن لِأَنَّهُ بِالرَّمْي مبَاشر وَلَو حفر بِئْر عدوان فَأَلْقَت الرّيح إنْسَانا فِيهَا لم يضمن وَالله أعلم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كتاب الْبيُوع 583 - مَسْأَلَة قَالَ الشَّيْخ الإِمَام رَضِي الله عَنهُ اخْتِيَاري أَن الْمُعَامَلَة بِالدَّرَاهِمِ جَائِزَة وَإِذا بَاعَ بِدَرَاهِم مُطلقَة ينْصَرف إِلَى نقد الْبَلَد وَإِن كَانَ مغشوشا 584 - مَسْأَلَة إِذا بَاعَ بِوَزْن عشرَة دَرَاهِم نقره وَلم يبين بِأَنَّهَا مَضْرُوبَة أَو تبر قَالَ رَضِي الله عَنهُ لَا يَصح البيع لِأَنَّهُ لم يعين ثمنا فَصَارَ كَمَا إِذا كَانَ فِي الْبَلَد نقود مُخْتَلفَة فَأطلق وَلم يبين أَحدهَا 585 - مَسْأَلَة إِذا بَاعَ شَيْئا فِي مجْلِس العقد ليَشْتَرِي بِثمنِهِ شَيْئا آخر قَالَ شَيخنَا رَضِي الله عَنهُ يجوز وَيكون إجَازَة للْعقد وإسقاطا للخيار وَإِن اشْترى بِبَعْض الثّمن فَهُوَ كَمَا أجَاز العقد فِي بعض الْمَبِيع قَالَ رَضِي الله عَنهُ وَجب أَن يجوز ثمَّ لَهما الْفَسْخ فِي الْبَاقِي لِأَنَّهُ تَفْرِيق بِالتَّرَاضِي فَيصير كَمَا لَو فسخا العقد فِي بعض الْمَبِيع بِالتَّرَاضِي 586 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ بِعْتُك هَذَا بِكَذَا فَقَالَ المُشْتَرِي اشْتريت وَلم يسمع البَائِع كَلَامه هَل ينْعَقد البيع قَالَ شَيخنَا رَضِي الله عَنهُ إِن قَالَه بِحَيْثُ الحديث: 583 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 559 @ يسمعهُ من يقربهُ صَحَّ وَإِن لم يسمعهُ البَائِع وَإِن قَالَ خفِيا بِحَيْثُ لَا يسمعهُ من يقربهُ لَا يَصح كَمَا لَو حلف لَا يكلم فلَانا 587 - مَسْأَلَة إِذا اشْترى شَيْئا وَبَاعه ثمَّ أطلع على عيب قديم وَلم يعلم المُشْتَرِي بِهِ ثمَّ اشْتَرَاهُ لَيْسَ لَهُ الرَّد على البَائِع الأول لِأَنَّهُ تخلص عَن ظلامته بِالْبيعِ 588 - مَسْأَلَة بيع الصُّوف على ظهر الْغنم لَا يجوز قَالَ رَضِي الله عَنهُ فَإِذا بَاعَ بعد الذّبْح عِنْدِي يجوز لِأَنَّهُ لَا يتَأَذَّى بِهِ إِذا استوعبه وَكَذَلِكَ الأكارع أَو الرؤوس بعد الذّبْح قبل أَن يفصلها إِذا بَاعهَا يجوز كَبيع أَغْصَان الشَّجَرَة 589 - مَسْأَلَة إِذا بَاعَ القثاء والفرصد أَو الكراث بِشَرْط الْقطع فَلم يقطع حَتَّى ازْدَادَ وَطَالَ الكراث هَل يَنْفَسِخ العقد فِيهِ قَولَانِ قَالَ رَضِي الله عَنهُ وَلَو بَاعَ أَغْصَان الفراصيد وَبَين مقاطعها بِبَيَان عقد يكون عَلَيْهَا فَمَا يزْدَاد فَوق ذَلِك المقطع من ورق أَو شجر وَطول يكون عِنْدِي للْمُشْتَرِي وَلَا يفْسخ بِخِلَاف القثاء والفرصد والكراث يزْدَاد لِأَن مَا يحدث من أَصله الَّذِي لم يَبِعْهُ غير متميز عَمَّا بَاعه لِأَن مقاطعها لَا تعرف بعد الزِّيَادَة وَكَذَلِكَ مَا يتَفَرَّع من أَلْقَت على أَصله الْمَوْجُود قبل البيع لَا يتَمَيَّز عَمَّا نبت من أَصله الَّذِي لم يدْخل فِي البيع 590 - مَسْأَلَة إِذا بَاعَ ورق الفرصاد مَعَ مقاطعها بِشَرْط الْقطع فَلم يتَّفق الْقطع حَتَّى مضى أَوَانه وَصَارَ إِلَى حَالَة لَو قطع ضرّ بِالشَّجَرَةِ قَالَ لَا يقطع جبرا فَإِن تَرَاضيا على الْقطع وَإِلَّا يفْسخ العقد بَينهمَا وَيرد إِلَى البَائِع الثّمن 591 - مَسْأَلَة إِذا بَاعَ إِنَاء بِشَرْط أَن لَا يَجْعَل فِيهِ شَيْئا محرما كَالْخمرِ قَالَ الحديث: 587 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 560 @ يَصح البيع كَمَا لَو بَاعَ سَيْفا بِشَرْط أَن لَا يَسْتَعْمِلهُ فِي قطع طَرِيق أَو قتال ظلما أَو عبدا 592 - مَسْأَلَة إِذا ابْتَاعَ شَجَرَة كَانَت تثمر فِي يَد البَائِع وَلم تثمر فِي يَد المُشْتَرِي فِي السّنة الأولى من الشِّرَاء هَل لَهُ الرَّد قَالَ إِن كَانَ عدم الإثمار لآفة بِالشَّجَرَةِ نظر إِن حدثت تِلْكَ الآفة فِي يَد المُشْتَرِي فَلَا رد لَهُ وَإِن كَانَت فِي يَد البَائِع يرد وَإِن تنَازعا فِي ذَلِك القَوْل قَول البَائِع مَعَ يَمِينه وَإِن كَانَ عدم الإثمار لكبر الشَّجَرَة فَلَا رد لَهُ كالحائض إِذا كَانَت لَا تحيض لكبر السن لَا ترد وَالْجَارِيَة إِذا كَانَت تحيض عِنْد البَائِع على عَادَة فجاوزت عَادَتهَا فِي يَد المُشْتَرِي فَكَذَلِك إِن عرف حُدُوث سَبَب عِنْد المُشْتَرِي فَلَا رد لَهُ وَإِن لم يعرف رد وَإِن تنَازعا فَالْقَوْل قَول البَائِع مَعَ يَمِينه 593 - مَسْأَلَة إِذا استرعى عبدا صَغِيرا فثغر سنه فِي يَد المُشْتَرِي ثمَّ لم ينْبت هَل لَهُ الرَّد قَالَ شَيخنَا الإِمَام لَهُ ذَلِك إِن كَانَ ذَلِك بِسَبَب قديم 594 - مَسْأَلَة إِذا اشْترى أَرضًا ثمَّ قَامَت حجَّة على أَنَّهَا مَوْقُوفَة بَعْدَمَا كَانَت مُدَّة فِي يَد المُشْتَرِي قَالَ رَضِي الله عَنهُ على المُشْتَرِي أجر مثل الْمدَّة الَّتِي كَانَت فِي يَده وَإِن كَانَ قد أدّى خراجها يرجع بالخراج على البَائِع وَلَا يرجع بِأَجْر الْمثل على البَائِع إِن كَانَ قد انْتفع بهَا 595 - مَسْأَلَة إِذا وجد بِالْمَبِيعِ عَيْبا وَالْبَائِع غَائِب فَرده بَين يَدي القَاضِي وَفسخ البيع ثمَّ القَاضِي قَالَ للْمُشْتَرِي احفظه فَاسْتَعْملهُ المُشْتَرِي بعده أَو رَضِي بعده بِالْعَيْبِ هَل يرْتَفع الْفَسْخ قَالَ رَضِي الله عَنهُ إِن أَخذه القَاضِي ثمَّ رده إِلَيْهِ ليحفظه لَا يرْتَفع الْفَسْخ وَلَا يكون مَضْمُونا عَلَيْهِ وَإِن اسْتَعْملهُ ضمن الحديث: 592 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 561 @ وَإِن لم يَأْخُذهُ القَاضِي بل تَركه فِي يَده قَالَ يكون مَضْمُونا عَلَيْهِ وَالْقِيَاس أَن لَا يكون مَضْمُونا عَلَيْهِ أَن لَا يرْتَفع الْفَسْخ لِأَنَّهُ عَاد إِلَى ملك البَائِع برده بَين يَدي القَاضِي 596 - مَسْأَلَة شِرَاء الْغَائِب أجوزه فَلَو اشْترى شَيْئا وَكَانَت فِي يَده مُدَّة مديدة فَهَلَكت عِنْده ثمَّ ادّعى أَنه لم يكن رَآهُ لَا فسخ لَهُ وَيلْزمهُ الثّمن كَمَا لَو اشْترى شَيْئا وَقَبضه فَهَلَك عِنْده ثمَّ اطلع على عيب بِهِ لَا فسخ لَهُ وَلَو هلك بعض مَا اشْتَرَاهُ غَائِبا عِنْده لَا فسخ لَهُ فِي الْبَاقِي كَمَا لَا يرد بعض الْمَبِيع بِالْعَيْبِ 597 - مَسْأَلَة بيع الْغَائِب لَا يجوز فَلَو بَاعَ شَيْئا فَقَالَ البَائِع بِعْت مَا لم أره وَقَالَ المُشْتَرِي بل رَأَيْته فَالْقَوْل قَول البَائِع مَعَ يَمِينه وَلَو وكل بِالْبيعِ فرؤية الْوَكِيل شَرط فَلَو ادّعى المُشْتَرِي على الْوَكِيل بأنك بِعته بعد الرُّؤْيَة وَأنكر الْوَكِيل الرُّؤْيَة قَالَ لَا عِبْرَة بقول الْوَكِيل فَيسْأَل الْمُوكل فَإِن قَالَ قد رَآهُ الْوَكِيل وَبَاعه فقد أقرّ بِصِحَّة البيع وَإِن قَالَ لم يره فَالْقَوْل قَوْله لِأَن الأَصْل بَقَاء ملكه 598 - مَسْأَلَة الْمُعَامَلَة بِالدَّرَاهِمِ المغشوشة جَائِزَة وَلَو بَاعَ بِدَرَاهِم مُطلقَة ينْصَرف إِلَى نقد الْبَلَد وَلَو كَانَت مغشوشة وَلَو بَاعَ بِنَقْد لَا يُوجد فِي الْبَلَد كالدنانير المغربية لَا يَصح كَمَا لَو بَاعَ مَا لَا يقدر على تَسْلِيمه فَإِن كَانَ يعين وجوده يبْنى على جَوَاز الِاسْتِبْدَال عَن الثّمن فَإِن جَوَّزنَا جَازَ فَإِن لم يُوجد يسْتَبْدل وَإِلَّا فَلَا قَالَ وَالأَصَح عِنْدِي أَنه لَا يجوز لِأَنَّهُ يَبِيع مَا لَا يقدر على تَسْلِيمه ويضطر إِلَى بذل عوضه وَلَو بَاعَ بِوَزْن عشرَة دَرَاهِم نقرة وَلم يبين أَنه مَضْرُوب أَو تبر لَا يَصح 599 - مَسْأَلَة بَاعَ نصف أَرض مشَاعا بِأَلف ثمَّ أَمر البَائِع أَن يَبْنِي حوالي الأَرْض بذلك الثّمن حَائِطا وَأَن يغْرس ثلث نصيب البَائِع وَيجْعَل ثلثه كرما فَفعل وَمَات البَائِع مَاذَا يكون للْوَرَثَة وَمَا أَمر الْغِرَاس وَالْبناء الحديث: 596 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 562 @ قَالَ هَذَا الشَّرْط فَاسد لِأَن الأَرْض بَينهمَا مشاعة وَأمر البَائِع أَن يغْرس ثلث نصِيبه وَهُوَ غير مَعْلُوم فَبعد مَوته على وارثيه أَن يغرموا قيمَة نصف بنائِهِ وغراسه فَيكون الْكل بَينهم وعَلى المُشْتَرِي الثّمن الْمُسَمّى أَو يتقاضان 600 - مَسْأَلَة رجل بَاعَ طَعَاما ثمَّ أَمر البَائِع المُشْتَرِي بإتلافه أَو أَمر بِأَكْلِهِ أَو ثوبا أمره بِقطعِهِ قَالَ إِن كَانَ المُشْتَرِي عَالما بِالْحَال صَار قَابِضا وَاسْتقر عَلَيْهِ الثّمن وَإِن كَانَ جَاهِلا ظَنّه قَالَ البَائِع مِمَّن ضَمَان من يكون أول قَالَ هَذَا الكرباس لي قَالَ يحْتَمل وَجْهَيْن بِنَاء على الْغَاصِب إِذا أطْعم الْمَغْصُوب الْمَالِك فَأَكله جَاهِلا بِأَنَّهُ طَعَامه قَالَ هَل يبرأ عَن الضَّمَان فِيهِ قَولَانِ إِن قُلْنَا يبرأ هَاهُنَا يكون من ضَمَان المُشْتَرِي ويستقر عَلَيْهِ الثّمن وَإِلَّا فَهُوَ كَمَا لَو حدث فِي يَد البَائِع بِآفَة سَمَاوِيَّة وَلَو اخْتلفَا فِي الْعلم القَوْل قَول المُشْتَرِي مَعَ يَمِينه لِأَن الأَصْل عدم الْعلم 601 - مَسْأَلَة عبد مُشْتَرك بَين جمَاعَة بَاعَ أحدهم نصِيبه وَكَانَ مَعْلُوما عَبده لَا خلاف أَنه يَصح وَإِن جهل كمية نصِيبه وَيعلم أَن العَبْد بَينه وَبَين غَيره قَالَ لَا يَصح البيع لِأَنَّهُ مَجْهُول وَإِن كَانَ يعْتَقد أَن العَبْد كُله لَهُ فَبَاعَهُ أَو يعْتَقد أَن بعضه لَهُ وَبَعضه لغيره وَيعلم قدر نصِيبه فَبَاعَ كُله قَالَ بَطل فِي نصيب الْغَيْر وَفِي نصِيبه قَولَانِ وَالله أعلم 602 - مَسْأَلَة إِذا وكل وَكيلا فَقَالَ بِعْ هذَيْن الْعَبْدَيْنِ بِأَلفَيْنِ فَبَاعَ أَحدهمَا بِأَلف قَالَ لَا يَصح لِأَنَّهُمَا قد يَخْتَلِفَانِ فِي الْقيمَة فَرُبمَا يكون قيمَة أَحدهمَا أقل من الف وَلَو قَالَ بِعْ عَبدِي هَذَا بِأَلف فَبَاعَ من رجلَيْنِ قَالَ لَا يجوز لِأَن يتشقص الْملك فِي الرَّد بِالْعَيْبِ 603 - مَسْأَلَة إِذا بَاعَ مُرْتَدا بيعا فَاسِدا فَقتل فِي يَد المُشْتَرِي فنقله إِلَى الْمَقَابِر على البَائِع لِأَن الْمَالِك بِخِلَاف رده فِي الْحَيَاة على المُشْتَرِي لِأَنَّهُ وَجب لحق البَائِع وَقد زَالَ 604 - مَسْأَلَة إِذا اشْترى عبدا مَرِيضا يظنّ أَنه عَارض يمْضِي فَبَان أَنه الحديث: 600 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 563 @ مرض ودق قديم قَالَ لَهُ الرَّد كَمَا لَو اشْتَرَاهُ وَبِه دمل وَهُوَ عَالم بِهِ فَبَان أَنه لَيْسَ بدمل لكنه أصل الجزام لَهُ الرَّد وكما لَو اشْتَرَاهُ وَرَأى بِهِ بَيَاضًا ظَنّه بهقا فَبَان برصا لَهُ الرَّد 605 - مَسْأَلَة إِذا اشْترى عبدا قد شرب الْخمر مرّة وَتَابَ وَصلح فَعلم المُشْتَرِي بعد الشِّرَاء ذَلِك قَالَ إِن كَانَ قد أقيم عَلَيْهِ الْحَد لَا رد لَهُ وَإِن لم يقم عَلَيْهِ الْحَد لَهُ الرَّد لِأَن وجوبا الْحَد عَلَيْهِ نقص بِهِ إِلَّا على قَوْلنَا إِن حُدُود الله تَعَالَى تسْقط بِالتَّوْبَةِ فَلَا يرد 606 - مَسْأَلَة إِذا اشْترى جَارِيَة على أَنَّهَا بكر فَبَانَت ثَيِّبًا لَهُ الرَّد فَلَو قَالَ البَائِع سلمتها إِلَيْك بكرا فثابت عنْدك وَقَالَ بل سلمت ثَيِّبًا فَالْقَوْل قَول البَائِع مَعَ يَمِينه فَلَو أَقَامَ كل وَاحِد بَيِّنَة إِمَّا رجلَيْنِ أَو أَربع نسْوَة قَالَ بَيِّنَة الثيابة أولى لِأَن مَعهَا زِيَادَة علم وَهُوَ زَوَال مَا كَانَت من الْبكارَة 607 - مَسْأَلَة قَالَ وَلَو قَالَ لعَبْدِهِ إِن مت فِي رَمَضَان فَأَنت حر ثمَّ اخْتلف العَبْد وَالْوَارِث فَقَالَ العَبْد مَاتَ فِي رَمَضَان وَقَالَ الْوَارِث بل بعده وَأقَام كل وَاحِد بَيِّنَة فَبَيِّنَة العَبْد أولى لِأَن عِنْدهم زِيَادَة علم وَهُوَ نَقله عَن الْحَيَاة إِلَى الْمَوْت 608 - مَسْأَلَة إدا ادّعى أَنِّي اشْتريت مِنْك هَذَا العَبْد بِأَلف وَأديت الثّمن فَأنْكر وَنكل عَن الْيَمين وَحلف الْمُدَّعِي فَأخذ الْعين ثمَّ وجد بِالْعينِ عَيْبا لَهُ رده واستراد الثّمن لَان البيع قد ثَبت بنكول الْمُدعى عَلَيْهِ عَلَيْهِ وَيَمِينه كَمَا لَو قَامَ بَيِّنَة على الشِّرَاء لَهُ رده بِالْعَيْبِ 609 - مَسْأَلَة دفع مسحاة إِلَى غُلَامه وَبَعثه لعمل فالغلام دفع المسحاة إِلَى إِنْسَان وَأخذ مِنْهُ مسحاة أُخْرَى فَهَلَكت المسحاة فِي يَد الْغُلَام قَالَ رَضِي الحديث: 605 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 564 @ الله عَنهُ على من أَخذ مسحاة الْغُلَام ردهَا إِلَى سَيّده وَضَمان مسحاته فِي ذمَّة العَبْد حَتَّى يعْتق كَمَا لَو بَاعَ من عبد إِنْسَان شَيْئا دون إِذن مَوْلَاهُ فَهَلَك فِي يَد العَبْد 610 - مَسْأَلَة عبد رَآهُ إِنْسَان يحترف فِي يَد مَالِكه بحرفة ثمَّ اشْتَرَاهُ هَذَا الَّذِي رَآهُ فَاسْتَعْملهُ فَلم يحسن تِلْكَ الحرفة قَالَ إِن لم يشْتَرط الحرفة فِي البيع فَلَا رد لَهُ وَإِن شَرط فَإِن كَانَ اسْتِعْمَاله قَرِيبا من رُؤْيَته فِي يَد البَائِع وَهُوَ يحترف بِتِلْكَ الحرفة وَلَا يحْتَمل النسْيَان فِي تِلْكَ الْمدَّة سوء خلق من العَبْد فَلهُ الرَّد بِسوء خلقه وَإِن كَانَ بَينهمَا مُدَّة يحْتَمل فِيهَا النسْيَان فَإِن كَانَت تِلْكَ الْمدَّة فِي يَد البَائِع فَلهُ الرَّد وَإِن كَانَ فِي يَد المُشْتَرِي فَلَا وَإِن كَانَ فِي يدهما وَاخْتلفَا فَالْقَوْل قَول البَائِع مَعَ يَمِينه 611 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ لإِنْسَان ادْفَعْ ألف دِرْهَم من جهتي إِلَى فلَان حَتَّى أُعْطِيك حِنْطَة فَدفع فَامْتنعَ الْأَمر من إِعْطَاء الْحِنْطَة قَالَ يرجع الدَّافِع بِأَلف إِلَى من دفع إِلَيْهِ دون أمره لِأَن هَذَا بِمَنْزِلَة البيع الْفَاسِد من جِهَة الْأَمر فَلَا يجب عَلَيْهِ ضَمَان مَا لم يقبض إِنَّمَا الضَّمَان على الْقَابِض قَالَ رَضِي الله عَنهُ هَذَا إِذا لم يكن لفُلَان على الْأَمر شَيْء فَإِن كَانَ لفُلَان عَلَيْهِ ألف فَقَالَ ادْفَعْ اليه حَتَّى يرجع إِلَيّ فَدفع يرجع عَلَيْهِ وَلَو قَالَ ادْفَعْ حَتَّى أُعْطِيك حِنْطَة فَدفع وَجب أَن يرجع على الْأَمر بِمَا دفع وَلَا يلْزم الْحِنْطَة وَلَو كَانَ رجل يَدعِي عَلَيْهِ ألفا فَقَالَ الْمُدعى عَلَيْهِ لزجل ادْفَعْ إِلَيْهِ ألفا من جهتي حَتَّى يرجع عَليّ وَلَا يكون هَذَا إِقْرَار من جِهَته فَإِن دفع قَالَ وَجب أَن يرجع على الْأَمر لِأَنَّهُ وَإِن لم يجب عَلَيْهِ أَدَاء المَال فَلهُ غَرَض فِي إِسْقَاط دَعْوَاهُ عَن نَفسه وَكَذَلِكَ لَو قَالَ أعْط هَذَا الْفَقِير درهما حَتَّى يرجع عَليّ كَمَا لَو قَالَ افْدِ هَذَا الْأَسير وَأطْعم هَذَا الجائع حَتَّى يرجع عَليّ فَفعل يرجع على الْأَمر كَمَا لَو قَالَ طلق زَوجتك بِأَلف عَليّ أَو أعتق عَبدك بِأَلف عَليّ رَجَعَ عَلَيْهِ بِأَلف بِخِلَاف مَا لَو قَالَ لإِنْسَان ألق مَالك فِي المَاء على أَن أضمن لَك فَألْقى لَا يسْتَحق شَيْئا لِأَنَّهُ الحديث: 610 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 565 @ لَا غَرَض فِيهِ كَمَا لَو قَالَ للجائع كل طَعَامك وَلَك عَليّ كَذَا فَفعل لَا يسْتَحق شَيْئا وَلَا شَيْء على الْقَائِل فَإِن كَانَ فِي حَال خوف الْغَرق فَقَالَ لإِنْسَان ألق متاعك فِي الْبَحْر على إِنِّي ضَامِن وَفِي السَّفِينَة غير صَاحب المَال ضمن الْقَائِل لِأَن لَهُ غَرضا فِي تَخْلِيص الآخرين وَكَذَلِكَ لَو مدحه إِنْسَان فَقَالَ لآخر أعْطه شَيْئا حَتَّى يرجع عَليّ فَأعْطى يرجع لِأَن لَهُ غَرضا وَكَذَلِكَ لَو تعلق بِهِ ظَالِم فَقَالَ لآخر أعْطه شَيْئا حَتَّى يرجع فَأعْطى رَجَعَ عَلَيْهِ وَلَو قَالَ قَائِل أعْطه درهما حَتَّى أُعْطِيك حِنْطَة يرجع عَلَيْهِ بِمَا أعْطى وَهُوَ الدِّرْهَم لَا بِالْحِنْطَةِ وَفِي الْجُمْلَة حكم عَام كل مَوضِع أَمر إنْسَانا حَتَّى يُعْطي حق جِهَته مَالا وللأمر فِيهِ غَرَض من نفع يعود إِلَيْهِ أَو قربَة تعود إِلَيْهِ يرجع الدَّافِع إِلَيْهِ كَمَا لَو فدا أَسِيرًا أَو بذل فِي إِعْتَاق عبد 612 - مَسْأَلَة أَخذ حِنْطَة من إِنْسَان فِي أَيَّام الغلاء وَأكله ثمَّ اخْتلفَا بعد الرُّخص فَقَالَ الدَّافِع بِعْتُك وَقَالَ الْأَخْذ أَو وَارثه من بعد كَانَ قرضا قَالَ القَوْل قَول الْآخِذ ووارثه مَعَ يَمِينه أَنه لم يشتره وَعَلِيهِ الْمثل 613 - مَسْأَلَة إِذا دفع شَاة إِلَى إِنْسَان فَقَالَ اذْبَحْهَا وَسلم إِلَيّ شحمها وَاللَّحم بيع مِنْك كل من بِكَذَا فَأخذ فَهَلَكت من يَده قَالَ لَا ضَمَان عَلَيْهِ لِأَن دفع الشَّاة إِلَيْهِ للذبح وَلم يَأْخُذ مِنْهُ إِنَّمَا شَرط اللَّحْم مِنْهَا بعد الذّبْح وَقد هَلَكت قبلهَا كَمَا لَو دفع شَيْئا إِلَى إِنْسَان أَمَانَة وَقَالَ إِذا مضى شهر فَهُوَ بيع مِنْك فَقبل مُضِيّ الشَّهْر يكون أَمَانَة فِي يَده إِذا هلك لَا يلْزمه الضَّمَان 614 - مَسْأَلَة لَو بَاعَ بَيْتا من دَاره وَذَلِكَ الْبَيْت لَا يَلِي ملكا للْمُشْتَرِي قَالَ عِنْدِي لَا يَصح البيع حَتَّى يبين مَمَره فَلَو كَانَ يَلِي ملك المُشْتَرِي جَازَ وَيجْعَل مَمَره فِي ملكه الحديث: 612 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 566 - مَسْأَلَة إِذا بَاعَ دَارا فانهدمت قبل الْقَبْض لَا يَنْفَسِخ العقد إِن لم يفت الْبَعْض وَللْمُشْتَرِي الْفَسْخ وَإِن فَاتَ الْبَعْض يَنْفَسِخ فِي الْبَعْض وَفِي الْبَاقِي قَولَانِ 617 مَسْأَلَة إِذا بَاعَ شَيْئا وَادّعى البَائِع شرطا فَاسِدا وَأنكر المُشْتَرِي قبل أَن يحلف البَائِع ثمَّ حلف البَائِع كَانَ مُنْكرا للْبيع بِدَعْوَى شَرط الْفساد فَالْمُشْتَرِي كَانَ بَائِعا مَال الْغَيْر 616 - مَسْأَلَة لفظ البيع لَيْسَ بِشَرْط حَتَّى لَو قَالَ البَائِع خُذ هَذَا بِأَلف فَقَالَ المُشْتَرِي أخذت وَقَالَ المُشْتَرِي أَعْطِنِي هَذَا بِأَلف فَقَالَ البَائِع أَعْطَيْت كَانَ بيعا وَقد رَأَيْته للقفال 618 - مَسْأَلَة اسْتَأْجر صباغا ليصبغ ثَوْبه بصبغ من عِنْد الصّباغ قَالَ لَا أجوز للْمَالِك بيع الثَّوْب قبل أَن يَأْخُذهُ من الصّباغ لِأَن الصَّبْغ عين للصباغ فِي الثَّوْب وَبيع الْمَبِيع قبل الْقَبْض لَا يجوز 618 - 619 مَسْأَلَة طِفْل بَاعَ شَيْئا من مَال إِنْسَان فِي حَال طفولته وَأخذ الثّمن فَهَلَك فِي يَده أَو أهلكه فلوليه أَن يسْتَردّ الْمَبِيع من المُشْتَرِي وَلَا ضَمَان على الطِّفْل فِيمَا أَخذ وَلَو بلغ الصَّبِي بعد مَا هلك الشَّيْء فِي يَده أَو أهلكه واسترد الْمَبِيع لَا يجب عَلَيْهِ ضَمَان الَّذِي أهلكه لِأَن المُشْتَرِي أهلك مَال نَفسه بِدَفْعِهِ إِلَيْهِ 620 - مَسْأَلَة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا بَاعَ جَارِيَة شَرط الْخِيَار لَهما فوطىء البَائِع فِي زمَان الْخِيَار فَهُوَ فسخ للْبيع وَإِن وَطأهَا المُشْتَرِي يبطل خِيَاره على ظَاهر الْمَذْهَب دون خِيَار البَائِع فَإِذا اسْتَوْلدهَا المُشْتَرِي إِن قُلْنَا الْملك للْبَائِع لم ينفذ استيلاده وَإِن قُلْنَا مَوْقُوف فَحكم الِاسْتِيلَاد مَوْقُوف وَإِن قُلْنَا للْمُشْتَرِي الحديث: 616 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 567 @ فَفِي نُفُوذ الِاسْتِيلَاد إختلاف وَالصَّحِيح أَن أمره منتظر إِن فسخ البَائِع البيع لم ينفذ وَإِن تمّ نفذ وَفِيه وَجه آخر وَهُوَ أَنه ينفذ استيلاده وَفِي بطلَان خِيَار البَائِع وَجْهَان إِن قُلْنَا إِنَّه لَا يبطل فَإِن شَاءَ فسخ واسترد قيمَة الْجَارِيَة وَإِن شَاءَ أجَاز وَأخذ الثّمن قَالَ الإِمَام رَضِي الله عَنهُ فَأَما إِذا وَطئهَا أَب وَاحِد مِنْهُمَا نظر إِن لم يستولدها فَالْعقد بِحَالهِ كَمَا كَانَ وخيارهما ثَابت سَوَاء وَطئهَا أَب البَائِع أَو أَب المُشْتَرِي فَإِن اسْتَوْلدهَا نظر إِن اسْتَوْلدهَا أَب البَائِع فيبنى على أَقْوَال الْملك إِن قُلْنَا الْملك للْبَائِع نفذ استيلاده فَلَو ملكهَا بعد ذَلِك نظر إِن ملكهَا الابْن لم ينفذ استيلاد الْأَب وَإِن ملكهَا الْأَب فَقَوْلَانِ كَمَا لَو استولد جَارِيَة الْغَيْر بِالشُّبْهَةِ ثمَّ ملكهَا وَهَذَا بِخِلَاف البَائِع نَفسه لَو استولد كَانَ فسخا للْعقد لِأَن حق الْفَسْخ ثَابت لَهُ بِدَلِيل أَن بِمُجَرَّد الْوَطْء يصير فاسخا فَأَما إِذا اسْتَوْلدهَا أَب المُشْتَرِي فَهُوَ كاستيلاد المُشْتَرِي نَفسه إِن قُلْنَا الْملك للْبيع لم ينفذ سَوَاء فسخ العقد أَو تمّ وَإِن قُلْنَا الْملك مَوْقُوف فالاستيلاد مَوْقُوف إِن تمّ نفذ وَإِلَّا فَلَا وَإِن قُلْنَا الْملك للْمُشْتَرِي فَالصَّحِيح أَنه منتظر أجَاز البَائِع البيع وَتمّ العقد بَينهمَا نفذ وَإِلَّا فَلَا ينفذ 621 - مَسْأَلَة إِذا بَاعَ صبرَة من حِنْطَة فَرَأى ظَاهرهَا يَكْفِيهِ لِأَنَّهَا قَلما تَتَفَاوَت وَإِذا رأى أحد جانبيها جعلُوا كَبيع الْغَائِب وَإِن كَانَ الْغَالِب أَنَّهَا لَا تَتَفَاوَت كَالثَّوْبِ الصفيق يرى أحد وجهيه 622 - مَسْأَلَة رجل اشْترى عبدا من إِنْسَان كَانَ فِي يَد البَائِع مُدَّة مديدة فَلَمَّا أَن اشْتَرَاهُ هَذَا الرجل ادّعى أَن حر الأَصْل وَهُوَ كَانَ قد استسخرني مُدَّة قَالَ القَوْل قَوْله مَعَ يَمِينه فَإِذا حلف العَبْد قَالَ يحكم بحريَّته وَللْمُشْتَرِي أَن يرجع على البَائِع بِالثّمن وَذكر عَن القَاضِي أَنه لَا يرجع المُشْتَرِي على البَائِع بِالثّمن لِأَنَّهُ مَا أزيلت يَده عَن العَبْد بِالْبَيِّنَةِ إِلَّا أَن يُقيم بَيِّنَة أَنه حر الأَصْل 623 - مَسْأَلَة إِذا أخرج كفا من جوالقه وَأرَاهُ وَبَاعه مَا فِي الجوالق جوز الحديث: 621 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 568 @ الشَّيْخ الْقفال وَهُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة وَلم يجوز أَصْحَابنَا رَحِمهم الله لِأَن الْمَبِيع غير المرئي قَالَ الشَّيْخ الإِمَام وَلَو بَاعَ الْكَفّ مَعَ مَا فِي الجوالق لَا يخلوا مَا إِن رد إِلَيْهِ ثمَّ بَاعه أَو لم يرد فَإِن رد إِلَيْهِ ثمَّ بَاعه فَهُوَ كَمَا لَو بَاعَ شَيْئا رأى بعضه دون بعضه وَلَا يكون كصبرة رأى بَعْضهَا لَان رَأْي الْكَفّ متميزا وَإِن لم يردهَا إِلَيْهِ وباعها فَهُوَ كَمَا لَو بَاعَ لشخصين رأى أَحدهمَا دون الآخر وَكَذَلِكَ صبرَة من حِنْطَة جعلهَا صبرتين ثمَّ أرَاهُ إِحْدَاهمَا وباعهما فَيكون كمن بَاعَ عينتين رأى إِحْدَاهمَا دون الْأُخْرَى وَلَا يَجْعَل كصبرة وَاحِدَة رأى ظَاهرهَا لِأَن المرئي مُمَيّز عَن غير المرئي وَشرط صِحَة العقد فِي رُؤْيَة الْبَعْض أَن لَا يتَمَيَّز المرئي عَن غير المرئي أَو يكون المرئي من صَلَاح غير المرئي كالجوز يرى قشره يجوز أَو يكون مِمَّا يسْتَدلّ بِرُؤْيَة بعضه على رُؤْيَة كُله لكَونهَا غير مُخْتَلفَة فِي الْغَالِب كالصبرة من الْحِنْطَة فَإِذا تميز لايجوز كَمَا إِذا كَانَ شَيْئا لايستبدل بِرُؤْيَة بعضه على رُؤْيَة كُله مثل صبرَة من الْبِطِّيخ وَلم يكن من صَلَاحه لَا يجوز فالتمييز مُشَاهدَة فِيمَا لَا يخْتَلف صِفَاته تنزل منزلَة تميز الصِّفَات وَلَو جعل الصُّبْرَة صبرتين فَأرَاهُ إِحْدَاهمَا ثمَّ خلطهما فَهُوَ كَمَا لَو رأى بعض الْمَبِيع وَلَو رأى ظَاهر صبرَة ثمَّ الْمَالِك رفع مَا ظهر مِنْهَا ثمَّ بَاعَ الْبَاقِي من غير رُؤْيَة فَهُوَ كَبيع الْغَائِب لِأَن المرئي لم يَبِعْهُ قَالَ وَكَذَلِكَ بيع الْجَوْز وَيجوز وَإِن لم يرى اللب لِأَنَّهُ مستتر بِمَا فِيهِ صَلَاحه فَلَو رأى الْجَوْز وَلم يكسرهُ ثمَّ الْمَالِك كَسره وَبَاعَ اللب غيرمرئي فَهُوَ شِرَاء الْغَائِب فَأَما إِذا دفع مَا ظهر من الصُّبْرَة الَّتِي رَآهَا المُشْتَرِي وَبَاعه ذَلِك الَّذِي دفع فَيجوز قولا وَاحِدًا 624 - مَسْأَلَة إِذا بَاعَ سفطا من الثِّيَاب لَا يدْرِي عَددهَا لَا يجوز وَإِن كَانَت مَفْتُوحَة يَرَاهَا كلهَا وَإِن لم يعرف عَددهَا يجوز على جَوَاز بيع الْغَائِب لِأَنَّهَا مطوية وَلَو قَالَ كل وَاحِد بِكَذَا يجوز كصبرة لَا يعرف عدد صبعانها بَاعَ كل صَاع بِكَذَا جَازَ 625 - مَسْأَلَة ذكر الشَّيْخ أَبُو عَليّ لَو بَاعَ ثَوْبَيْنِ أَحدهمَا حَاضر بِشَرْط أَنه إِذا رأى الْغَائِب لَهُ الْخِيَار فِيمَا لَا يَصح قَالَ الإِمَام إِذا كَانَ باعهما صَفْقَة الحديث: 624 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 569 @ وَاحِدَة فَهَذَا الشَّرْط لَا يضر لِأَن قَضِيَّة العقد هَذَا أَنه يثبت لَهُ ردهما جَمِيعًا كمن اشْترى شَيْئَيْنِ فَوجه بِأَحَدِهِمَا عَيْبا وَلَو أَرَادَ رد أَحدهمَا فَقَوْلَانِ بل حكم هَذِه الْمَسْأَلَة لَا يتَغَيَّر بِهَذَا الشَّرْط فَإِن قُلْنَا بيع الْغَائِب لَا يجوز لم يَصح فِي الْغَائِب وَفِي الْحَاضِر قَولَانِ وَإِن جَوَّزنَا فقد جمع بَين مختلفي الحكم ففيهما قَولَانِ فَإِذا جَوَّزنَا لَهُ الْخِيَار فيهمَا فَلَو أَرَادَ رد أَحدهمَا نظر إِن أَرَادَ رد الْحَاضِرَة دون الْأُخْرَى لم يجز وَإِن أَرَادَ رد الغائبة فَقَوْلَانِ بِنَاء على تَفْرِيق الصَّفْقَة وَفِي الرَّد بِالْعَيْبِ مَا ذكره حَكَاهُ عَن القَاضِي الإِمَام قَالَ وَالصَّحِيح أَن يُقَال إِن قُلْنَا شِرَاء الْغَائِب لَا يجوز لَا يَصح فِي الْغَائِب وَفِي الْحَاضِر قَولَانِ كَمَا ذكرنَا وَإِن قُلْنَا شِرَاء الْغَائِب يجوز يَصح فيهمَا ثمَّ لَهُ الْخِيَار إِن شَاءَ ردهما وَإِن شَاءَ أمسكهما فَإِن أَرَادَ رد الْغَائِب دون الْحَاضِر قَولَانِ وَلَا يَبْنِي على الْجمع بَين مختلفي الحكم لأَنا إِذا أثبتنا الْخِيَار فيهمَا فَلَا يكون جمعا بَين الْمُخْتَلِفين كَمَا لَو اشْترى شَيْئَيْنِ وبأحدهما عيب وَمن بنى على مختلفي الحكم وجوزنا العقد على أحد الْقَوْلَيْنِ وَجب أَن يكون لَهُ رد الغائبة دون الْحَاضِرَة كَمَا لَو اشْترى شَيْئَيْنِ بِشَرْط الْخِيَار فِي أَحدهمَا دون الآخر وجوزنا لَهُ رد مَا شَرط فِيهِ الْخِيَار دون الآخر فَيمكن أَن يكون هَذَا على وَجْهَيْن إِن عدم رُؤْيَة أَحدهمَا يَجْعَل كَشَرط الْخِيَار فِي أَحدهمَا فَيكون فِي صِحَة العقد قَولَانِ ثمَّ يجوز التَّفْرِيق أم يَجْعَل كالعيب حَتَّى يَصح العقد فيهمَا ثمَّ فِي التَّفْرِيق قَولَانِ 626 - مَسْأَلَة وَلَو أَن رجلا عرض أَرضًا للْبيع فالرجل لَا يرغب فِي شِرَائِهِ لظَنّه أَن خراجه سِتَّة فَقَالَ خراجه سِتَّة فَقَالَ البَائِع خراجه سِتَّة لَكِن أبيعك بخراج خَمْسَة لَا يَصح البيع كَمَا لَو قَالَ عَبدك أشل فَقَالَ البَائِع أبيعك على الصِّحَّة لَا يَصح البيع هَذَا إِذا عرض للْبيع 627 - مَسْأَلَة إِذا عرض أَرضًا للْبيع وَرجل لَا يرغب فِي شِرَائِهِ لظَنّه أَن خراجه سِتَّة دَنَانِير فَقَالَ البَائِع خراجه خَمْسَة دَنَانِير فَاشْترى عَلَيْهِ ثمَّ بَان أَن الحديث: 626 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 570 @ خراجه سته لَهُ الرَّد لِأَن البَائِع أخبرهُ أَن خراجه خَمْسَة وَهُوَ أعلم بِهِ والاعتماد على قَوْله كَمَا لَو أقرّ بحريّة عبد الْغَيْر ثمَّ اشْتَرَاهُ صَحَّ البيع للاعتماد على قَوْله قَالَ الإِمَام رَضِي الله عَنهُ وكما لَو كَانَ يظنّ أَن عبد فلَان بِهِ شلل لَا يُرِيد شِرَاءَهُ فَقَالَ الْمَالِك لَا شلل بِهِ فاعتمد فَاشْتَرَاهُ ثمَّ بَان أَنه أشل لَهُ الرَّد بِالْعَيْبِ إِذا كَانَ المُشْتَرِي تَيَقّن أَن خراجه سِتَّة لَا ردد لَهُ وَإِن كَانَ البَائِع يَقُول خراجه خَمْسَة 628 - مَسْأَلَة رجل بَاعَ أَرضًا بِشَرْط أَن عَلَيْهِ خراجا فَبَان أَن لَا خراج عَلَيْهَا لَا يلْزم المُشْتَرِي الْخِيَار وَلَا خِيَار للْبَائِع كَمَا لَو ظن البَائِع معيبا فَبَان سليما وَلَو شَرط فِي البيع عَلَيْهِ أَدَاء خراج أَرَاضِي أُخْرَى نقل البَائِع إِلَيْهَا لَا يَصح البيع وَلَو اشْترى جَارِيَة فَقَالَ المُشْتَرِي أَنا اتهمها بِالزِّنَا وَلم يتيقنه فاشتراها ثمَّ تَيَقّن الزِّنَا لَهُ الرَّد لِأَن البَائِع لم يتَنَبَّه على حَقِيقَة الزِّنَا وَالْعَيْب 629 - مَسْأَلَة ذكر القَاضِي الإِمَام جَوَاز بيع الأكارع والرؤوس قَالَ الإِمَام وَهَذَا فِي رَأس الشَّاة فَأَما رَأس الْبَعِير وَالْبَقر وَجب أَن يكون كَبيع اللَّحْم قبل السلخ لَا يجوز لِأَنَّهُ يُؤْكَل كل مسلوخا بِخِلَاف الشَّاة وَلَو بَاعَ الكراع بعد الذّبْح قبل أَن يفصل لَا يجوز وَرَأَيْت فِي تَعْلِيق غَيْرِي عَن القَاضِي الإِمَام جَوَازه لِأَن مفصله مَعْلُوم كَبيع الْغُصْن على الشَّجَرَة قَالَ وَهَذَا هُوَ الِاخْتِيَار عِنْدِي إِذا كَانَ لَا يدْخل الْبَائِن نقص بإفرازها لِأَنَّهُ لَيْسَ على الأَصْل ضَرَر فِي إبانته وَكَذَلِكَ الصُّوف على ظهر الْغنم بعد الذّبْح 630 - مَسْأَلَة ذكر الشَّيْخ أَبُو عَليّ لَو بَاعَ صبرَة تَحت كسَاء لَا يجوز سَوَاء بَاعهَا مَعَ الكساء أَو دونه لِأَنَّهُ متستر بِمَا لَيْسَ صَلَاحه ظَاهر قَالَ الإِمَام وَهُوَ عِنْدِي بيع الْغَائِب وَذكر القَاضِي لَو سلخ الْجلد عَن اللَّحْم ثمَّ رد اللَّحْم إِلَى الْجلد فَبَاعَهُ فَهُوَ على قولي بيع الْغَائِب قَالَ الإِمَام وهما متشابهان قَالَ وَيُمكن الْفرق بَينهمَا وَهُوَ أَن الصُّبْرَة تَحت الكساء لَا يُوقف على حَقِيقَتهَا وَهَاهُنَا الْوُقُوف على حَقِيقَة اللَّحْم مُمكن لِأَن الْجلد كَانَ أصلا لَهُ قَالَ الحديث: 628 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 571 @ القَاضِي لَو بَاعَ الصُّوف على الْغنم لَا يجوز قَالَ الإِمَام على هَذَا الْقيَاس لَو بَاعَ الْجلد دون الشّعْر الَّذِي عَلَيْهِ وَجب أَن لَا يجوز وَرَأَيْت فِي كتب بعض أَصْحَابنَا وَلَو كَانَ الشّعْر بخسا بِأَن دبغت جلد ميتَة وفيهَا الشّعْر لَا يظْهر فَلَو بَاعهَا فِي جلد كِلَاهُمَا مَقْصُود كالفرو وَقَالَ البيع فِي الشّعْر بَاطِل وَفِي الْجلد قَولَانِ وَلَو بَاعَ الْجلد دون الشّعْر وَالشعر لَا يحول بَين رُؤْيَة الْجلد قَالَ يجوز قَالَ وَفِيه دَلِيل على جَوَاز إِفْرَاد الْجلد عَن الشّعْر بِالْبيعِ قَالَ لَعَلَّه يجوز بعد السلخ ذَلِك قَالَ وَكَذَلِكَ لَو بَاعَ نصف الْجلد معينا بعد الدّباغ أَو دبغ نصفه وَنصفه لم يدبغ فَبَاعَ النّصْف المدبوغ وَجب أَن يجوز إِذا كَانَ لَا ينتقص قِيمَته بِالْقطعِ كَالثَّوْبِ الصفيق لِأَن الْجلد بعد السلخ والدبغ مُلْحق بالثياب بَاب الرِّبَا 631 - مَسْأَلَة يجوز بيع الثَّلج بالثلج وزنا وَكَذَلِكَ يجوز بيع الجمد بالجمد وَيجوز السّلم فيهمَا وَلَا يجوز بيع الجمد بِالْمَاءِ وَيجوز بيع المَاء بِالْمَاءِ متساويين فِي الْكَيْل وَهُوَ كاللبن بِاللَّبنِ يجوز كَيْلا وَلَا يجوز بيع اللَّبن بالسمن وَيجوز بيع السّمن بالسمن وزنا لِأَنَّهُ على هَيْئَة الادخار والثلج مَعَ الجمد جِنْسَانِ وَالْبرد مَعَهُمَا جنس آخر 632 - مَسْأَلَة بيع إلية الشَّاة بالبعير أَو سَنَام الْبَعِير بِالشَّاة لَا يجوز لِأَنَّهُ وَإِن لم يكن اللَّحْم بِالْحَيَوَانِ صُورَة فَهُوَ مَعْنَاهُ وَفِي الْخَبَر النَّهْي عَن بيع الْحَيّ بِالْمَيتِ 633 - مَسْأَلَة الْأَدْوِيَة تثبت فِيهَا الرِّبَا أما الْورْد قَالَ لَا يثبت فِيهِ الرِّبَا لِأَنَّهُ لَا يعد مَأْكُولا بل هُوَ مَعْدُود من الطّيب غير أَنه يسْتَعْمل فِي بعض الْأَدْوِيَة أَحْيَانًا فَيكون ذَلِك نَادرا كاللآلي الصغار والأبريسم يتَنَاوَل بعض الْأَدْوِيَة لَكِنَّهَا لم تكن معدة للْأَكْل لم يكن مَال الرِّبَا كَمَا يُؤْكَل نَادرا من الأذاخر جمع إذخر والبلوط وَنَحْوهَا وَكَذَلِكَ جلد الشَّاة والعظم لَا رَبًّا فِيهَا وَإِن كَانَ الْجلد لَا يُؤْكَل فِي الحديث: 631 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 572 @ المسموط والعظم الرخو قد يتَنَاوَل نَادرا أما الكشوت والشاهترج واللبلاب فَهِيَ أدوية مأكولة يثبت فِيهَا الرِّبَا بزر الْكَتَّان يثبت فِيهِ الرِّبَا لِأَنَّهُ مَأْكُول ودهنه هَل يثبت فِيهِ الرِّبَا وَفِيه وَجْهَان أصَحهمَا لَا يثبت لِأَنَّهُ بعد للاستصباح لَا للْأَكْل وَكَذَلِكَ دهن السّمك وَقد يجوز أَن يكون الشَّيْء حَال الرِّبَا ثمَّ يصير إِلَى مَا لَا رَبًّا فِيهِ لتغيره عَن هَيْئَة المطعوم كالقرع الرطب حَال الرِّبَا ثمَّ إِذا جف خرج عَن مَال الرِّبَا لِخُرُوجِهِ عَن المطعوم وَكَذَلِكَ الْبيض يثبت فِي الرِّبَا ثمَّ الفرخ الْخَارِج مِنْهُ بِخِلَافِهِ لَا رَبًّا فِيهِ وَكَذَلِكَ فِي الْحِنْطَة إِذا صَارَت ذرعا لَا رَبًّا فِيهِ وَعَكسه أصل الشّجر لَا رَبًّا فِيهَا وَالثَّمَرَة الْخَارِجَة مِنْهَا يثبت فِيهَا الرِّبَا للتفاوت قَالَ وَكَذَلِكَ الصمغ الَّذِي يخرج من الشّجر يثبت فِيهِ الرِّبَا لِأَنَّهُ دَوَاء كَسَائِر الْأَدْوِيَة ودهن الخروع يثبت فِيهِ الرِّبَا لِأَنَّهُ دَوَاء وَأما الخروع قَالَ لَا رَبًّا فِيهِ لِأَنَّهُ لَا يُؤْكَل وبذر الفجل والبصل يثبت فِيهِ الرِّبَا قَالَ وَيجوز بَيْعه بالفجل والبصل كَمَا يجوز بيع بيض الْحمام بِلَحْم الْحمام وَكَذَلِكَ بذر الجزر والشلجم أما الباذنجان لَو بَاعه ببزره وَجب أَن لَا يجوز لِأَنَّهُ مَوْجُود فِيهِ كَبيع لب الْجَوْز إِلَّا إِن يكون صَغِيرا قبل انْعِقَاد البزر فِيهِ وَكَذَلِكَ بذر الْبِطِّيخ وَبيع القرع الْيَابِس بالرطب واليابس يجوز لِأَن الْيَابِس لَيْسَ بمطعوم فَلَو بَاعَ الْيَابِس مِنْهُ باليابس قبل أَن يخرج مِنْهُ الب قَالَ وَجب أَن لَا يجوز لِأَن الْحبّ مطعوم 634 - مَسْأَلَة مَا بدا فِيهِ الصّلاح من الثِّمَار فِيهِ الرِّبَا وَمَا لم يبد فِيهِ الحديث: 634 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 573 @ الصّلاح إِن كَانَ لَا يُمكن أكله كالجوز قبل أَن يظْهر فِيهِ اللب وَالرُّمَّان قبل ظُهُور الْحبّ فِيهِ وَإِن كَانَ يُؤْكَل فِي تِلْكَ الْحَالة لِأَن الْمَأْكُول مِنْهُ اللب ويؤكل قشره فِي أول إِدْرَاكه نَادرا كأوائل قضبان الْكَرم أما المشمش فَفِيهِ رَبًّا وَإِن كَانَ مَأْكُولا لِأَن الْمَأْكُول خَارجه 635 - مَسْأَلَة بَاعَ كرما وَقد انْعَقَد بعض ثمره وَبَعض نوار قَالَ إِن بَاعَ أصل الْكَرم لَا يدْخل المنعقد فِي البيع وَيدخل النوار وَإِن بَاعَ الثَّمَرَة يَصح فِي المنعقد دون النوار 636 - مَسْأَلَة لَو كَانَ لَهُ داران مستقبلتان فسد بَاب إِحْدَاهمَا وَفتح بَينهمَا خوخة ليستطرق من إِحْدَاهمَا إِلَى الْأُخْرَى ثمَّ إِنَّه بَاعَ الدَّار الَّتِي سد بَابه قَالَ لَيْسَ للْمُشْتَرِي حق الاستطراق إِلَّا ممر الْبَاب الْقَدِيم وَلَيْسَ لَهُ حق الْمَمَر من الخوخة 637 - مَسْأَلَة إِذا اشْترى شَيْئا من مُوَرِثه ثمَّ مَاتَ الْمُورث قبل الْقَبْض وَلم يكن لَهُ وَارِث آخر وَلَكِن على الْمَيِّت دُيُون وَأوصى بوصايا فلوارثه بَيْعه قبل الْقَبْض أَن يقبض لِأَن حق الدّين وَالْوَصِيَّة فِي الثّمن وَلَو اشْترى شَيْئا من مُوَرِثه بِشَرْط الْخِيَار فَمَاتَ الْمُورث فِي زمَان الْخِيَار أَو اشْترى لَا بِشَرْط الْخِيَار وَمَات الْمُورث وَوجد الْوَارِث عَيْبا لَا رد لَهُ لِأَن التَّرِكَة صَارَت لَهُ فَإِن كَانَ ثمَّة وَارِث آخر لم يجز لَهُ رد بعضه لِأَن تبعيض الصَّفْقَة فِي الشَّيْء الْوَاحِد لَا يجوز وَله رده كُله وَيسْتَرد الثّمن من التَّرِكَة وَكَذَلِكَ لَو كَانَ عَلَيْهِ دين أَو أوصى بوصايا وَلَا وَارِث لَهُ سواهُ قَالَ يجوز لَهُ رده لَهُ غَرضا وَهُوَ أَن يسْتَردّ الثّمن وَيجْعَل مَا اشْترى فِي الدّين والوصايا 638 - مَسْأَلَة إِذا اشْترى جَارِيَة وَقُلْنَا يجوز بيع الْغَائِب لَا بُد أَن يرى مِنْهَا مَا لَيْسَ بِعَوْرَة وَلَو كَانَ المُشْتَرِي زَوجهَا قَالَ لَا يشْتَرط أَن يرى مِنْهَا مَا الحديث: 635 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 574 @ عورتها وَإِن كَانَ يجوز لَهُ النّظر إِلَى عورتها لِأَن مَا هُوَ عَورَة مِنْهَا لما سقط اعْتِبَار رؤيتها سقط فِي حق الكافة كباطن الصُّبْرَة واللب فِي الْجَوْز 639 - مَسْأَلَة قَالَ وَلَو اشْترى كوزا لَا يشْتَرط رُؤْيَة بَاطِنهَا لِأَنَّهُ يسْتَدلّ بِرُؤْيَة الظَّاهِر على صِحَة الْبَاطِن وَلَو شرطنا لما جَازَ بيع قَارُورَة لَا يُمكن رُؤْيَة بَاطِنهَا 640 - مَسْأَلَة ذكر الشَّيْخ أَبُو عَليّ فِي شرح التَّلْخِيص أَنه لَو اشْترى ثوبا مطويا بِيعَتْ بالسر كالشاهجاي يَكْفِي رُؤْيَة ظَاهرهَا 641 - مَسْأَلَة إِذا جمع بَين البيع وَالنِّكَاح فِي عقد وَاحِد فَقيل فِي النِّكَاح فَحسب إِن قُلْنَا لَو قبلهمَا لَا يَصح البيع وَيصِح النِّكَاح فالقبول صَحِيح لِأَنَّهُ قَضِيَّة العقد وَإِن قُلْنَا لَو قبلهمَا يصحان فَهُوَ كَمَا لَو جمع بَين البيع وَالْإِجَارَة وَقبل أَحدهمَا بِحِصَّتِهِ هَل يَصح يحْتَمل أَن يُقَال لَا يَصح كَمَا لَو بَاعَ عَبْدَيْنِ صَفْقَة وَاحِدَة فَقبل المُشْتَرِي أَحدهمَا بِمَا يَخُصُّهُ لَا يَصح وَيحْتَمل أَن يُقَال يَصح هَاهُنَا لِأَنَّهُمَا عقدان مُخْتَلِفَانِ فَلَا يشْتَرط فِي صِحَة كل وَاحِد الْقبُول للْآخر وَقد رَأَيْت لشَيْخِنَا لَو أوجب النِّكَاح فِي امْرَأتَيْنِ لرجل بِعقد وَاحِد فَقبل نِكَاح أَحدهمَا جَازَ فَفِيهِ دَلِيل على جَوَاز يقبل النِّكَاح دون البيع قَالَ وَفِي النِّكَاح هَذَا أصح لِأَن جَهَالَة الْعِوَض فِيهِ لَا يمْنَع العقد بِخِلَاف البيع وَالْإِجَارَة 642 - مَسْأَلَة إِذا سلم الْمَبِيع فِي زمَان الْخِيَار لَا يجب على المُشْتَرِي تَسْلِيم الثّمن وَهل لَهُ أَن يسْتَردّ الْمَبِيع وَجْهَان فَلَو أَن المُشْتَرِي أودعهُ من البَائِع فَتلف عِنْده قَالَ يحْتَمل أَن يُقَال إِن قُلْنَا لَهُ الِاسْتِرْدَاد فَهُوَ كَمَا لَو تلف قبل التَّسْلِيم وَإِن قُلْنَا لَا اسْتِرْدَاد لَهُ فَهُوَ كَمَا لَو تلف بعد التَّسْلِيم فِي زمَان الْخِيَار وَلَو تلف فِي يَد المُشْتَرِي فَهُوَ كَمَا لَو تلف بعد التَّسْلِيم وَيحْتَمل أَن يُقَال بعد الْإِيدَاع هَكَذَا اذا لم يُوجد صَرِيح الِاسْتِرْدَاد 643 - مَسْأَلَة إِذا بَاعَ عبدا قد وَجب عَلَيْهِ الْقصاص قيل فِيهِ قَولَانِ كَالْعَبْدِ الَّذِي فِي عينه جِنَايَة خطأ وَقيل يَصح الحديث: 639 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 575 @ كالمرتد قَالَ على هَذَا إِذا قتل فمعلوم وَلَو عفى الْمَجْنِي عَلَيْهِ على مَال قَالَ يَنْبَغِي أَن يُقَال لَا يصير السَّيِّد مُخْتَارًا للْفِدَاء لِأَنَّهُ حِين بَاعه لم يكن المَال مُتَعَيّنا بل يفْسخ البيع وَيُبَاع فِي الْجِنَايَة وَلَو كَانَ المُشْتَرِي عَالما بِهِ حَالَة الشِّرَاء يحْتَمل أَن يُقَال يسْقط حَقه من الْفَسْخ مَا لَو كَانَ عَالما فَقيل يرجع بِالثّمن أَو الْأَرْش لِأَن رِضَاهُ بِالْقَتْلِ لَا يكون رضَا بِالْبيعِ فِي الْجِنَايَة فَإِن رَضِي بِهِ فَبيع على ملك المُشْتَرِي لَا شَيْء لَهُ على البَائِع كَمَا لَو رَضِي بِهِ فَقتل وَكَذَلِكَ لَو رهن عبدا عَلَيْهِ قصاص وجوزنا وَهُوَ الْأَصَح فعفى على مَال يُبَاع فِي الْجِنَايَة وللمرتهن فِي فسخ البيع الْمَشْرُوط فِيهِ وَلَا يكون السَّيِّد مُخْتَارًا للْفِدَاء وَالْخيَار وثابت للْمُرْتَهن وَإِن كَانَ عَالما لِأَن رِضَاهُ بِالْقَتْلِ لَا يكون رضَا بِالْبيعِ عَلَيْهِ 644 - مَسْأَلَة إِذا بَاعَ دَارا فِيهَا تُرَاب هَل يدْخل فِي البيع قَالَ إِن كَانَ مفروشا يدْخل لِأَنَّهُ كَأَجر الأَرْض وَإِن كَانَ مجموعا نظر إِن جعل دكانا للتأييد دخل وَإِن جمعه لنقل أَو اسْتِعْمَال عِنْد حَاجَة فَلَا 645 - مَسْأَلَة إِذا اخْتلف الْمُتَبَايعَانِ فِي شَيْء وَثَبت التخالف أَو فِي شَرط وَجَعَلنَا القَوْل قَول النَّافِي فَقبل أَن يحلف أَو قبل أَن يتحالفا تصرف المُشْتَرِي فِيهِ وَجب أَن ينفذ وَلَو أعتق ينفذ لِأَنَّهُ ملك بالِاتِّفَاقِ ثمَّ إِن كَانَ تصرف تَصرفا بِزَوَال فَهُوَ كَمَا لَو تصرف قبل الِاخْتِلَاف وَاخْتلفَا وتحالفا 646 - مَسْأَلَة إِذا بَاعَ نصف الزَّرْع البقل مشَاعا دون الأَرْض لَا يجوز لِأَن الْقطع شَرط وَلَا يُمكن قطع بعضه إِلَّا بِقطع كُله وَلَو كَانَ زرع مُشْتَرك بَين رجلَيْنِ بَاعَ كل وَاحِد نصِيبه بِنَصِيب صَاحبه لَا يجوز لِأَن كل وَاحِد لَا يُمكنهُ قطع مَا اشْترى إِلَّا بإفساد مَا بَاعَ بِخِلَاف مَا لَو بَاعَ الزَّرْع البقل من رجلَيْنِ بِشَرْط الْقطع يجوز لِأَنَّهُمَا فِي جِهَة وَاحِدَة وصفقة وَاحِدَة وَكَذَلِكَ لَو كَانَ لِرجلَيْنِ لكل وَاحِد زرع بقل مُنْفَرد عَن الآخر غير مُشْتَرك بَاعَ أَحدهمَا زرعه بزرع الحديث: 644 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 576 @ صَاحبه بِشَرْط الْقطع يجوز لِأَن قطعه لما اشْترى لم يُوجب إِفْسَاد مَا بَاعَ 647 - مَسْأَلَة العَبْد الْمَأْذُون لَهُ فِي التِّجَارَة إِذا اشْترى شِرَاء فَاسِدا فَهَلَك فِي يَد هَل يتَعَلَّق الضَّمَان بِكَسْبِهِ قَالَ يبْنى على أَن السَّيِّد إِذا أذن لعَبْدِهِ فنكح نِكَاحا فَاسِدا ووطىء هَل يتَعَلَّق الضَّمَان بِكَسْبِهِ قَولَانِ أَحدهمَا إِذْنه يتَنَاوَل الصَّحِيح وَالْفَاسِد فَيتَعَلَّق بِكَسْبِهِ كَذَا هَا هُنَا وَإِن قُلْنَا لَا يتَنَاوَل إِلَّا الصَّحِيح فَيكون لمن نكح بِغَيْر إِذن الْمولى فَيتَعَلَّق بِذِمَّتِهِ كديون مُعَاملَة العَبْد الْمَحْجُور 648 - مَسْأَلَة إِذا أذن لعَبْدِهِ فِي التِّجَارَة فِي قَرْيَة بِعَينهَا وأتى الْقرْيَة غير الْقرْيَة ضمن الْوَالِي العَبْد دون مَا فِي يَده لِأَن المَال مُحرز بِالْعَبدِ وَالْعَبْد مَضْمُون عَلَيْهِ 649 - مَسْأَلَة وَلَو أَن عبدا مَأْذُونا اسْتقْرض شَيْئا أَو اشْترى شَيْئا فأتلفه فَإِن الثّمن يتَعَلَّق بِمَا فِي يَده كَمَا لَو تلف فِي يَده لِأَن يَده يَد الْمولى فَإِن حجر عَلَيْهِ الْمولى وَلَا مَال فِي يَده يكون فِي ذمَّته حَتَّى يعْتق 650 - مَسْأَلَة وَلَو أعَار رجل من عبد مَأْذُون أَو غير مَأْذُون شَيْئا فَهَلَك فِي يَده يتَعَلَّق بِذِمَّة العَبْد قَالَ وَلَو أهلكه كَذَلِك بِخِلَاف مَا لَو أودع من عبد شَيْئا فَأَهْلَكَهُ فِيهِ قَولَانِ فِي قَول يتَعَلَّق بِذِمَّتِهِ لِأَن الْمَالِك سلط عَلَيْهِ كَدين الْمُعَامَلَة وَالثَّانِي بِرَقَبَتِهِ لِأَنَّهُ لم يُسَلِّطهُ على سَبَب مُوجب للضَّمَان بِخِلَاف الْعَارِية قَالَ وَلَو أعَار من صبي شَيْئا فَهَلَك فِي يَده لَا ضَمَان عَلَيْهِ كَمَا لَو بَاعَ مِنْهُ شَيْئا 651 - مَسْأَلَة وَلَو أَن عبدا مَأْذُونا من جِهَة السَّيِّد فِي حفظ الدَّوَابّ دفع إِلَيْهِ إِنْسَان دَابَّة ليحفظ فَهَلَك عِنْده لَا ضَمَان فَلَو ركبهَا العَبْد صَار ضَامِنا فَإِن هلك بعده يصير كَأَن العَبْد أهلكه لتعديه بالركوب كَالْحرِّ يصير بالركوب ضَامِنا حَتَّى لَو هلك يكون مهْلكا يتَعَلَّق الضَّمَان بِرَقَبَتِهِ فَإِن أودعهُ أَو دفع إِلَيْهِ دَابَّة الحديث: 647 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 577 @ وَالْعَبْد غير مَأْذُون من جِهَة السَّيِّد فَهُوَ كَمَا لَو أودعهُ بِغَيْر إِذن الْمولى فعلى هَذَا يتَعَلَّق الضَّمَان بِرَقَبَتِهِ أم بِذِمَّتِهِ فكالوديعة تهلكه العَبْد فِي قَول يتَعَلَّق بِرَقَبَتِهِ وَفِي قَول يتَعَلَّق بِذِمَّتِهِ لِأَن الْمُودع أهلك مَاله حَيْثُ أودعهُ وَهُوَ غير مَأْذُون 652 - مَسْأَلَة إِذا جنى على عبد اشْتَرَاهُ الْمَأْذُون فأرش الْجِنَايَة فِي مَال التِّجَارَة يُؤدى من دُيُون التِّجَارَة وَلَو اشْترى الْمَأْذُون عبدا فَقتل العَبْد فَقيمته كَذَلِك وَلَو وطِئت الْجَارِيَة الَّتِي اشْتَرَاهَا الْمَأْذُون فالمهر كالاحتطاب وَإِن كَانَت بكرا فافتضت فأرش الافتضاض فِي مَال التِّجَارَة 653 - مَسْأَلَة لَو أَن رجلا دفع بقرة إِلَى رَاع ليحفظها ولرجل آخر فِي هَذَا المسرح بقور فجَاء غُلَام الرجل وَأخرج بقور سَيّده من المسرح وَحمل بقرة ذَلِك الرجل مَعَ بقور سَيّده إِلَى بَيته فَضَاعَت الْبَقَرَة قَالَ الضَّمَان يتَعَلَّق بِرَقَبَة العَبْد إِلَّا أَن يفْدِيه السَّيِّد 654 - مَسْأَلَة فرع على قَوْلنَا إِن الْمُعَامَلَة بِالدَّرَاهِمِ المغشوشة تصح إِذا بَاعَ دَرَاهِم مغشوشة بِمِثْلِهَا لَا تصح وَإِن كَانَ الْغِشّ لَو تميز مِنْهَا لَا قيمَة لَهُ لِأَنَّهُ بيع فضَّة بِفِضَّة مَجْهُولَة وَذَلِكَ الْقدر يُؤثر فِي الْوَزْن كَمَا لَو بَاعَ حِنْطَة بِصَاع حِنْطَة وَفِيهِمَا قَلِيل مصل أَو وزن يظْهر فِي الْكَيْل وَلَو بَاعَ دَرَاهِم مغشوشة بِدَنَانِير مغشوشة نظر إِن كَانَ غش الذَّهَب بِفِضَّة لَا يجوز قَالَ هَذَا عِنْدِي أَن لَو كَانَ غش الذَّهَب بِحَيْثُ لَو ميز النَّار يحصل مِنْهُ شَيْئا من الْفضة فَإِن لم يحصل يجوز لِأَنَّهُ مستهلك كَمَا لَو بَاعَ دَنَانِير مطليا بنقرة بِدَرَاهِم أَو دَرَاهِم مطليا بِذَهَب بِدَنَانِير يجوز إِذا كَانَ التمويه لَا يحصل مِنْهُ شَيْء فَإِن كَانَ غش الذَّهَب نُحَاسا فعلى قولي الْجمع بَين مختلفي الحكم قَالَ هَذَا إِذا كثر بِحَيْثُ يكون الْغِشّ بعد التَّمْيِيز قيمَة فَإِن قل الدَّنَانِير بِحَيْثُ لَو ميز الْغِشّ عَنهُ لَا يكون لَهُ قيمَة وَجب أَن يجوز لِأَنَّهُ إِذا لم يكن للغش قيمَة لَا يَقع بمقابلته شَيْء من الْعِوَض الحديث: 652 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 578 @ بِحَيْثُ يجب وَلَا يُقَال إِذا كَانَ كَذَلِك وَجب أَن لَا يَصح العقد لِأَن الذَّهَب الْخَالِص فِيهِ مَجْهُول لِأَن عَليّ هَذَا الْوَجْه الَّذِي يجوز التَّصَرُّف فِي الْمَغْشُوش لَا ينظر الى جَهَالَة مَا فِيهِ وَإِنَّمَا ينظر إِلَى الرواج وَهِي رائجة 655 - مَسْأَلَة وَلَو اشْترى عبدا بِشَرْط أَن يعتقهُ عِنْد الْحَصاد لَا يجوز للْجَهَالَة فَإِن قَالَ بِشَرْط أَن تعتقه بعد شهر أَو مُدَّة وَأعلم الْمدَّة يَصح وَلَو اشْترى عبدا بِشَرْط أَن يعلق عُنُقه بِصفة بمجيء الشَّهْر أَو دُخُول الدَّار فَيكون كَمَا لَو اشْترى عبدا بِشَرْط أَن يكاتبه أَو بِشَرْط أَن يدبره فِيهِ طَرِيقَانِ أَحدهمَا يَصح كَمَا لَو اشْترى بِشَرْط الْإِعْتَاق وَالثَّانِي هُوَ الْأَصَح لَا يَصح 656 - مَسْأَلَة إِذا جعل أحد الْمُتَبَايعين خِيَاره إِلَى أَجْنَبِي فِي زمَان الْخِيَار قَالَ يجوز بتراضيهما كَمَا فِي ابْتِدَاء العقد لَو شرطا الْخِيَار الثَّالِث أما بِغَيْر رضَا الآخر لَا يجوز كَمَا فِي الِابْتِدَاء لَا يجوز أَن يشرط الْخِيَار لثالث إِلَّا بتراضيهما وَلَا شَرط الْخِيَار لأَجْنَبِيّ ثمَّ قَالَ الْعَاقِد ألزمت العقد قَالَ لَا يلْزم وَلَا يسْقط خِيَار الْأَجْنَبِيّ سَوَاء قُلْنَا يثبت لَهُ الْخِيَار أم لَا كَمَا إِذا اشْترى على أَنِّي أؤامر فلَانا فَلَا يستبد الْعَامِد بِفَسْخ وَلَا إجَازَة وكالوكيل إِذا بَاعَ بِشَرْط الْخِيَار بِأَمْر الْمُوكل فألزم الْمُوكل العقد لَا يلْزم لِأَن الْخِيَار للْوَكِيل فَلَو قَالَ الْأَجْنَبِيّ عزلت نَفسِي قَالَ لَا يَنْعَزِل إِلَّا أَن يَقُول ألزمت العقد فَيلْزم كَمَا لَو علق الطَّلَاق بِمَشِيئَة فلَان فَقَالَ فلَان عزلت نَفسِي عَن أَن يكون الطَّلَاق بمشيئتي لَا يَصح بل مَتى شَاءَ وَقع 657 - إِذا اشْترى جَارِيَة فَوَجَدَهَا قرنا أَو رتقا لَهُ الرَّد بِخِلَاف مَا لَو كَانَت بكرا لِأَن الرتق والقرن عيب بِدَلِيل أَنه يرد بِهِ النِّكَاح 658 - مَسْأَلَة إِذا اشْترى جَارِيَة قَالَ المُشْتَرِي شرطنا الْبكارَة وَقَالَ البَائِع لم نشرط فِيهِ وَجْهَان أَحدهمَا يَتَحَالَفَانِ وَالثَّانِي القَوْل قَول البَائِع مَعَ يَمِينه فَأَما إِذا اتفقَا على شَرط الْبكارَة فَقَالَ البَائِع سلمتها إِلَيْك بكرا فَزَالَتْ الحديث: 655 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 579 @ الْبكارَة فِي يدك وَقَالَ المُشْتَرِي بل سلمت إِلَيّ ثَيِّبًا فَالْقَوْل قَول البَائِع كَمَا لَو اخْتلفَا فِي الْعَيْب 659 - مَسْأَلَة إِذا بَاعَ الْأَب من مَال الصَّبِي شَيْئا ثمَّ قَامَت الْبَيِّنَة على فسق الْأَب قَالَ إِن كَانَ القَاضِي حكم بِصِحَّة بيع الْأَب لَا يرد وَإِن لم يحكم فَيرد وَلَو أرسل رجل طفْلا إِلَى آخر ليستعير لَهُ شَيْئا فَدفع الْمَالِك إِلَيْهِ فَهَلَك أَو أهلكه لَا ضَمَان على أحد 660 - مَسْأَلَة عبد لصبي آبق فَأَخذه قَاضِي بلد آخر وَلم يكن حفظه فَبَاعَهُ على الصَّبِي هَل يَصح قَالَ إِن كَانَ بلد الصَّبِي فِي ولَايَته يَصح وَإِلَّا فَلَا بِخِلَاف مَا لَو ادّعى على غَائِب شَيْئا وَأقَام بَيِّنَة بَاعَ القَاضِي مَاله وَإِن لم يكن الْمَبِيع عَلَيْهِ فِي ولَايَته لِأَنَّهُ الْمَحْكُوم لَهُ فِي ولَايَته أَو وَكيله كَمَا يجب عَلَيْهِ أَن يحكم بَين الْمُسلم الْحَرْبِيّ فِي ولَايَته لِأَن الْمُسلم من أهل ولَايَته وَإِن لم يكن الْحَرْبِيّ من أهل ولَايَته وَهَاهُنَا يَبِيع الطِّفْل وَهُوَ لَيْسَ تَحت ولَايَته كَمَا لَو كَانَ للصَّبِيّ فِي ولَايَته أَب لَا يجوز للْقَاضِي بيع مَاله لِأَن ولَايَته إِلَى أَبِيه وَكَذَلِكَ يقسم المُشْتَرِي بَين الْحَاضِر وَالْغَائِب بِطَلَب الْحَاضِر نَظِير مَا نَحن فِيهِ أَن الْقَضَاء للْغَائِب لَا يجوز وَهَذَا بِخِلَاف مَا لَو بَاعَ مَال غَائِب وَلَا يعرف مَوْضِعه أَو يعرف وَرَأى الْمصلحَة فِيهِ لتصرفه وَإِن لم يكن فِي ولَايَته لِأَن بَيْعه لَيْسَ للولاية على الْمَالِك بل للثيابة كَمَا يُزَوّج وليته فِي غيبته لِأَن الْمَالِك لَيْسَ مِمَّن يُولى عَلَيْهِ 661 - مَسْأَلَة وكتبت إِلَيْهِ فِي رجل بَاعَ عبدا بألفي دِرْهَم ثمَّ قيل أَيْن بيع توبهزار وبانصد دِرْهَم باربذ برفتي كوبد بذير فتم هَل يرْتَد البيع وَهل تصح الْإِقَالَة قَالَ لَا تصح الْإِقَالَة لِأَن الْإِقَالَة لَا تجوز إِلَّا على الثّمن الَّذِي ورد العقد عَلَيْهِ وَهَذَا غَيره 662 - مَسْأَلَة سُئِلَ عَمَّا إِذا بَاعَ أوراق الفرصاد مَعَ الأغصان قَالَ لَا يشْتَرط فِيهِ الْقطع لِأَن الأغصان أَصْلهَا كَمَا لَو بَاعَ الثَّمَرَة مَعَ الشَّجَرَة لَا يشْتَرط الحديث: 659 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 580 @ الْقطع فَإِن بَاعَ دون الأغصان قبل أَن يتناهى قَالَ يشْتَرط الْقطع لِأَنَّهُ بَاعه دون الأَصْل كَمَا لَو بَاعَ الثَّمَرَة دون الشَّجَرَة وَسُئِلَ عَمَّا إِذا بَاعَ أَغْصَان الفرصاد قبل خُرُوج الأوراق قَالَ يَصح البيع مُطلقًا والأوراق تخرج على ملك المُشْتَرِي وَسُئِلَ عَمَّا إِذا بَاعَ أصل المبطخة بعد خُرُوج الْبِطِّيخ وإدراكه واجتنائه قَالَ لَا بُد من شَرط الْقطع وَإِن بَاعه من غير شَرط الْقطع لَا يَصح لِأَنَّهَا تثمر مرّة بعد أُخْرَى فَلَا يتناهى وَقَالَ مرّة إِذا كَانَ بعد بَدو الصّلاح فِي الْبِطِّيخ جَازَ مَعَ أَصله مُطلقًا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 581 @ بَاب السّلم وَلَو أسلم إِلَى إِنْسَان فَدفع جزَافا إِلَى الْمُسلم فِي وعَاء من قَارُورَة أَو غَيرهَا فَهَلَكت القارورة وَالَّذِي فِيهَا فِي يَده قَالَ يضمن مَا فِيهِ لِأَنَّهُ مَقْبُوض عَن ضَمَان وَلَا يضمن القارورة لِأَنَّهُ دَفعه لَا لينْتَفع بِهِ بل ليفرغ عَنهُ كالظرف فِي الْهَدِيَّة 663 - مَسْأَلَة كتب إِلَيْهِ من خمس قرى فِي رجل كَانَ يَأْخُذ الْخبز من الخباز وَاللَّحم والتوابل من القصاب والبقال من غير عقد ثمَّ بعد مُدَّة يُحَاسب مَا أَخذ مِنْهُم وَيدْفَع قيمتهَا إِلَيْهِم وَكَانَ بعض الْمَأْخُوذ من التوابل من ذَوَات الْأَمْثَال وَبَعضهَا من ذَوَات الْقيم هَل تَبرأ ذمَّته عَنْهَا بِدفع الْقيمَة عَن الْمِثْلِيَّات والمتقومات قَالَ أما مَا كَونه من غير عقد لَا يكون حَلَالا وَكتب إِلَيْهِ لَو كَانَ نقد الْبَلَد مغشوشا هَل يبرأ بِدفع الْقيمَة من نقد الْبَلَد أم يجب دفع الْقيمَة من الذَّهَب الْخَالِص قَالَ تجب الْقيمَة من نقد الْبَلَد وَيبرأ بدفعها وَإِن كَانَت مغشوشة وَكتب إِلَيْهِ هَل تجوز الْمُعَامَلَة بِالنَّقْدِ الْمَغْشُوش قَالَ يجوز لِأَن الْمَقْصُود هُوَ الرواج سَوَاء اشْترى بِعَينهَا أم فِي الذِّمَّة وَكتب إِلَيْهِ وَلَو قَالَ بِعْتُك بِكَذَا مِثْقَال من النقرة أَو الذَّهَب وَلم يبين أَنه الحديث: 663 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 582 @ مَضْرُوب أَو سبيكة قَالَ لَا يَصح البيع وَكتب إِلَيْهِ لَو قَالَ بِعْتُك بِالذَّهَب المغربي وَلَا يُوجد ذَلِك النَّقْد فِي الْبَلَد قَالَ لَا يَصح العقد لوُقُوع النزاع كَمَا إِذا بَاعَ مَا لَا يقدر على تَسْلِيمه وَإِن كَانَ يعز وجوده هَذَا بيني على قولي الِاسْتِبْدَال إِن جَوَّزنَا الِاسْتِبْدَال يَصح العقد وَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ فسخ وَإِن شَاءَ استبدل وَإِن قُلْنَا لَا يجوز الِاسْتِبْدَال لَا يَصح العقد وَالْأَظْهَر من الْقَوْلَيْنِ جَوَاز الِاسْتِبْدَال قَالَ وَالأَصَح عِنْدِي أَنه لَا يجوز بيع مَالا يقدر على تَسْلِيمه ويضطر إِلَى بدل عوضه وَكتب إِلَيْهِ لَو أَخذ المَال من الْبَقَّال أَو اللَّحْم من القصاب واستباح المَال فأباح الْمَالِك ذَلِك قَالَ يحل لَهُ أكله وَإِن كَانَ قطنا جَازَ لَهُ أَن يَضَعهُ على الْجُبَّة لَكِن لَا يجوز بَيْعه قَالَ وللمالك أَن يرجع عَن الْإِبَاحَة قبل أَن يَأْكُلهُ الْمُبَاح لَهُ بالْقَوْل وَالْفِعْل وَكتب إِلَيْهِ لَو قَالَ رجل أبحت جَمِيع مَا فِي دَاري لفُلَان أكلا واستعمالا وَلم يعرف الْمَالِك مَا فِي دَاره حَالَة مَا يَقُول هَذِه الْكَلِمَة هَل يُبَاح لذَلِك الرجل الْأكل والاستعمال كتب لَا وَكتب لَو قَالَ جَمِيع مَا فِي دَاري وَمَا يدْخل فِيهَا بعد هَذَا وَمَا يدْخل فِي ملكي أبحت لفُلَان كتب لَا تحصل الْإِبَاحَة بِهَذَا وَكتب إِلَيْهِ لَو أَبَاحَ لإِنْسَان أَن يتَّخذ بستانه ممرا فَأَرَادَ الرُّجُوع قَالَ لَهُ ذَلِك لِأَنَّهُ عَارِية 644 - مَسْأَلَة حَائِط لرجل لَهُ بَاب فَبَاعَ بعضه معينا من رجل وَلم يبين الْمَمَر هَل يسْتَحق الْمَمَر من الْبَاب قَالَ إِن بَاعَ الْقطعَة الَّتِي فِيهَا الْبَاب ذَلِك ملكه يسْتَحق الْمَمَر لِأَنَّهَا ملكه وَإِن عين قِطْعَة من الأَرْض لَا يَلِي جَانبهَا الشَّارِع لَا يَصح البيع حَتَّى يبين الْمَمَر وَكَانَ يخْتَار أَن يَبِيع بَيْتا فِي الدَّار من غير أَن يبين ممر فِي الْمَبِيع أَو بيع فِي الأَرْض من غير بَيَان الْمَمَر لَا يجوز الجزء: 2 ¦ الصفحة: 583 - مَسْأَلَة عَرصَة مُشْتَركَة بَين رجلَيْنِ أنصافا لأَحَدهمَا نصفهَا وَللْآخر نصفهَا فعين أحد الشَّرِيكَيْنِ قِطْعَة مِنْهَا ودورها دائر بِغَيْر إِذن الشَّرِيك وَقَالَ بِعْتُك هَذِه الدائرة بِكَذَا دون إِذن الشَّرِيك كتب إِلَيْهِ هَذِه الْمَسْأَلَة أَن البيع فِي كم يَصح كتب فِي الْجَواب لَا يَصح البيع فِي شَيْء من المدورة مسَائِل بَاب الرَّهْن 666 - مَسْأَلَة حُكيَ عَن القَاضِي رَحمَه الله أَنه قَالَ لَو ألْقى ثوبا فِي خمر وَترك حَتَّى صَار الْخمر خلا لَا يطهر لِأَن مَا يشربه الثَّوْب لَا يطهر إِذْ لَا ضَرُورَة إِلَيْهِ بِخِلَاف أَجزَاء الدن قَالَ الإِمَام لَو صب فِي الْخمر مَاء فَكَذَلِك وَكَذَلِكَ الْمدر الَّذِي يتشرب الْخمر فَأَما إِذا ألْقى فِيهَا حجر صلب لَا يتشربها أَو حَدِيدَة يَنْبَغِي أَن يطهر وَلَو صب فِي الْعصير قَطْرَة خمر ينجس قَالَ الإِمَام فأذا صَار الْعصير خمرًا لَا يطهر لِأَن نَجَاسَته حصلت قبل اشتداده فَلَا يطهر بالانقلاب كَمَا وَقعت فِيهِ شَعْرَة وَكَذَلِكَ إِذا أخرج الْخمر من الدن ثمَّ صب فِيهِ عصير فتخمر ثمَّ تخَلّل لَا يطهر وَلَا يُقَال يطهر أَجزَاء الدن تبعا وَلَو نقل الْخمر من مَحل إِلَى مَحل آخر أَو فتح رَأسه اسْتِعْمَالا للخل لَا ينجس وَكَذَلِكَ لَو صبه من دن إِلَى دن آخر فتخلل قَالَ يطهر ثمَّ كتب وَلَو صب ذَلِك الْخمر من ذَلِك الدن فِي دن آخر وتخلل قَالَ يطهر وَقَالَ لِأَن مَا ارْتَفع من الْخمر إِلَى رَأس الدن لم يُوجد فِيهِ الانقلاب وجف مَكَانَهُ فَبَقيَ غشاء كَمَا كَانَ فنجس الْخلّ بملاقاته بِخِلَاف مَا لَو غلب الْخمر وَارْتَفَعت بالغليان إِلَى رَأس الدن ثمَّ عَادَتْ إِلَى موضعهَا الَّذِي كَانَت وتخللت حكم بِطَهَارَتِهِ وَإِن كَانَت مُتَّصِلَة بِمَا فَوْقهَا وَلم يُوجد الانقلاب فِيمَا فَوْقهَا لجفافها لِأَن هُنَاكَ وَإِن لم يحكم بِطَهَارَة مَا فَوْقهَا لعدم الانقلاب فِيهَا لأَنا لَا نحكم بِنَجَاسَة الْخلّ لأجل الضَّرُورَة فَإنَّا لَو قُلْنَا ينجس الْخلّ لم يُوجد خل طَاهِر فِي الدُّنْيَا فلأجل الضَّرُورَة لم نحكم بِنَجَاسَة الْخلّ وَإِن كَانَت مُتَّصِلَة بِالنَّجَاسَةِ لَا أَن مَا فَوْقهَا طَاهِر بل نجس وَلَكِن بعض كدود الْخلّ يَمُوت فَلَا يُنجسهُ وَإِن الحديث: 666 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 584 @ كَانَ يَمُوت بالدود والدود الْمَيِّت فِي نَفسه نجس لعُمُوم الْبلوى كَذَلِك هَذَا مَا فِي مَسْأَلَتنَا لَا ضَرُورَة إِلَى نقل الْخمر بِإِنَاء مُرْتَفع الْخمر من مَكَانهَا إِلَى أَعلَى الدن بإدخاله فِيهِ فَلَا ضَرُورَة فينجس كَمَا لَو أخرجه دود الْخلّ من الْخلّ ثمَّ طرح فِيهِ فَمَاتَ ينجس فِي قَول حَتَّى قَالَ الإِمَام لَو رفع بعض الْخمر من الدن وَارْتَفَعت الْخمر إِلَى أعلا الدن بِإِدْخَال الْإِنَاء فِيهِ ثمَّ مَلأ هَذَا الدن من الْخمر إِلَى مَوضِع الإرتفاع فَمَا فَوْقه قبل أَن يجِف الْخمر الْمُرْتَفع إِلَى أَجزَاء الدن قَالَ إِذا تخَلّل يطهر لِأَن الانقلاب وجد فِي الْكل فَإِن أَجزَاء الدن الملاقية للخل لَا خلاف فِي طَهَارَته تبعا للخل قَالَ وَمَا علا من أَجزَاء الدن بالغليان قَالَ بعض أَصْحَابنَا هُوَ طَاهِر بعد مَا تخَلّل الْخمر فِيهَا وَعِنْدِي أَنه مَعْفُو عَنهُ وَلَيْسَ بطاهر وَإِلَيْهِ ذهب بَعضهم وَإِنَّمَا لَا ينجس الْخلّ بملاقاته لأجل الضَّرُورَة 667 - مَسْأَلَة صب الْعصير فِي الدن فتخمر وَأخذ شَيْئا مِنْهُ وَنَقله إِلَى إِنَاء آخر وانتقص مَا فِي الدن فتخلل بعده مَا فِي الدن وَمَا فِي الْإِنَاء قَالَ مَا فِي الدن لَا يكون طَاهِرا لِأَن الْموضع الَّذِي انْتقصَ مِنْهُ نجس وَهُوَ مُتَّصِل بالخل وَكَذَلِكَ لَو أَدخل فِيهِ إِنَاء حَتَّى ارْتَفع ثمَّ أخرج الْإِنَاء فَعَاد إِلَى مَكَانَهُ فتخلل فَهَكَذَا بِخِلَاف مَا لَو غلب الْخمر ثمَّ انْتقصَ فتخلل بِنَفسِهِ يكون طَاهِرا لأجل الضَّرُورَة لِأَنَّهُ لَا يكون إِلَّا كَذَلِك وَلَو قُلْنَا لَا يكون طَاهِرا لم يُوجد خل طَاهِر قَالَ وَمَا غلت الْخمر من الدن نجس لِأَنَّهُ قد جف فَلَا يطهر بعده غير أَنه لَا ينجس الْخلّ كدود الْخلّ نجس بعد مَوته وَلَا ينجس الَّذِي يَمُوت فِيهِ لأجل الضَّرُورَة أما إِذا ارْتَفع بِفِعْلِهِ فَلَا ضَرُورَة إِلَيْهِ أما الْإِنَاء الَّذِي نقل إِلَيْهِ الْخمر يحكم بغلية مَا يشرب الْإِنَاء قَالَ وَكَذَلِكَ هَذَا الدن الَّذِي أَخذ مِنْهُ الْخمر بعض لَو صب فِيهِ فِي الْحَال خمر آخر حَتَّى ارْتَفع إِلَى الْموضع الْمَأْخُوذ مِنْهُ ثمَّ تَركه حَتَّى تخَلّل بِكَوْنِهِ طَاهِرا وَالله أعلم 668 - مَسْأَلَة قَالَ الْمُرْتَهن إِذا بَاعَ الرَّهْن دون إِذن الرَّاهِن مَعَ إِمْكَان الرُّجُوع إِلَيْهِ لم يَصح وللراهن أَن يَدعِي إِن شَاءَ على الْمُرْتَهن بِقِيمَة الْعين وَإِن شَاءَ على المُشْتَرِي بِعَيْنِه فَلَو أقرّ الْمُرْتَهن بِأَنِّي بِعته دون إذنك عَلَيْهِ الْقيمَة ثمَّ الحديث: 667 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 585 @ الْمَالِك يَدعِي على المُشْتَرِي فَإِذا أقرّ بِهِ رد الْعين وَهُوَ يرد الْقيمَة إِلَى الْمُرْتَهن وَإِن أنكر أَن يكون ملكا لَهُ فَالْقَوْل قَول المُشْتَرِي مَعَ يَمِينه فَلَو عَاد الْعين يَوْمًا إِلَى ملك الْمُرْتَهن عَلَيْهِ على الرَّاهِن واسترداد مِنْهُ كَالْغَاصِبِ بيع الْمَغْصُوب 669 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ المراهن للرَّاهِن بِعني الرَّهْن فَلم يبع قَالَ لَا يصير مَضْمُونا عَلَيْهِ وَلَا يَجْعَل كَمَا أَخذ سوما لِأَن الاستيام بِإِذن الْمَالِك وَلم يُوجد 670 - مَسْأَلَة إِذا بَاعَ الرَّاهِن الرَّهْن من الْمُرْتَهن ثمَّ تفاسخا البيع قَالَ لَا يعود الرَّهْن لِأَن الْملك بِالْبيعِ قد زَالَ فَزَالَ الرَّهْن فَلَا يعود الا بِعقد جَدِيد بِخِلَاف مَا لَو رهن عصيرا فتخمر ثمَّ تخَلّل عَاد الرَّهْن لِأَن ثمَّة لم يرض الْمُرْتَهن بِزَوَال حَقه وَحكم ملك عَنهُ لم يزل بِدَلِيل أَنه يكون أولى بِتِلْكَ الْخمر إِلَى أَن يَتَخَلَّل فَكَذَلِك لَا يَزُول حكم الرَّهْن وَهَا هُنَا رَضِي الْمُرْتَهن بِزَوَال الْملك وَالرَّهْن وَقد تحقق الزَّوَال كَمَا لَو أذن لَهُ فِي بيعَة من غَيره فَبَاعَهُ زَالَ حَقه من الرَّهْن فَإِذا فسخ لَا يعود وَإِن بَاعه مِنْهُ أَو من أَجْنَبِي بِشَرْط الْخِيَار ثمَّ فسخ بِحكم الْخِيَار هَل يعود الرَّهْن إِن قُلْنَا ملك البَائِع يَزُول فِي زمَان الْخِيَار لَا يعود الرَّهْن وَإِن قُلْنَا لَا يَزُول أَو مَوْقُوف فالرهن بِحَالهِ 671 - مَسْأَلَة إِذا بَاعَ الرَّاهِن الرَّهْن بِغَيْر إِذن الْمُرْتَهن لَا يَصح فَلَو وَصفه على البيع فَوكل الْمُرْتَهن برجلا بِشِرَائِهِ من المراهن فَبَاعَهُ مِنْهُ هَل يَصح قَالَ يَصح البيع وَيُمكن بِنَاؤُه على مَا لَو بَاعَ مَال أَبِيه على ظن أَنه حَيّ فَبَان مَيتا هَل يَصح قَولَانِ 672 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ بِعْتُك دَاري بِأَلف وارتهنت دَارك فَقَالَ المُشْتَرِي اشْتريت وَلم يقل رهنت أَولا أرهن قَالَ يَصح البيع لِأَن الرَّهْن عقد آخر إِن لم يتم لم يمْنَع صِحَة البيع وَالْخيَار ثَابت فِي الْمجْلس وَلَو قَالَ على أَن ترهن دَارك فَقَالَ اشْتريت وَلَا أرهن لم يَصح البيع لِأَنَّهُ شَرط وَلم يَفِ بِهِ الحديث: 669 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 586 - مَسْأَلَة إِذا مَاتَ الرَّاهِن فَلَا يَبِيع الْمُرْتَهن الرَّهْن بِغَيْر إِذن الْوَرَثَة فَلَو أثبت عِنْد القَاضِي وَالْوَارِث غَائِب إِلَى مَسَافَة الْقصر يَبِيعهُ القَاضِي وَإِن كَانَ الْوَارِث دون مَسَافَة فِي ولَايَة القَاضِي لَا يَبِيعهُ فَلَو بَاعه بعد مَا تفحص عَنْهُم وَلم يقف عَلَيْهِم يجوز بَيْعه فَلَو حضر الْوَارِث فَقَالَ لم يتفحص عَنَّا وَقَالَ الْحَاكِم تفحصت فَالْقَوْل قَول الْحَاكِم وَلَو ادّعى الْمُرْتَهن أَنَّك لم تتفحص لَا يسمع لِأَن التفحص يكون على القَاضِي لَا على الْمُرْتَهن 674 - مَسْأَلَة إِذا دفع عينا إِلَى إِنْسَان ليرهنه يستقترض لَهُ شَيْئا فرهن وَأنكر الْمُرْتَهن هَل يضمن قَالَ إِن أشهد لم يضمن وَإِن لم يشْهد ضمن قَالَ وَهَذَا إِنَّمَا يخرج على أَن الْمُرْتَهن إِذا ادّعى رد الرَّهْن قَوْله لَا يقبل فِي الرَّد فَأَما إِذا قُلْنَا قَول الْمُرْتَهن فِي الرَّد مَقْبُول فَيكون كَمَا دفع إِلَيْهِ عينا وَأمره أَن يودعه عِنْد إِنْسَان فَهَل يجب الْإِشْهَاد وَهل يصير معتديا بِتَرْكِهِ فِيهِ وَجْهَان لِأَصْحَابِنَا وَيحْتَمل أَن يكون على وَجْهَيْن سَوَاء قُلْنَا يقبل قَول الْمُرْتَهن فِي الرَّد أَو لَا يقبل كَمَا لَو أمره بالإيداع فَلم يشْهد لِأَن الْمُرْتَهن لَو ادّعى التّلف يقبل قَوْله بِلَا خلاف كَالْمُودعِ سَوَاء وَهَذَا أصح الِاحْتِمَالَيْنِ 675 - مَسْأَلَة رهن شَيْئا من إِنْسَان فَأَخذه عبد الْمُرْتَهن من غير إِذْنه وَدفعه إِلَى عبد رجل آخر فَهَلَكت فِي يَده يتَعَلَّق الضَّمَان بِرَقَبَة كل وَاحِد من الْعَبْدَيْنِ وَإِن أَخذ من قيمَة عبد الْمُرْتَهن رَجَعَ سَيّده فِي قيمَة العَبْد الَّذِي هلك عِنْده أَو فدَاه سَيّده فَلَا سي على الْمُرْتَهن وَإِن كَانَ الْمُرْتَهن ائْتمن عَبده على حفظ الرَّهْن بعد علمه بِأَنَّهُ غير أَمِين فَيتَعَلَّق الضَّمَان بِجَمِيعِ أَمْوَاله ثمَّ هُوَ بعد مَا غرم يرجع فِي قيمَة من هلك عِنْده 676 - مَسْأَلَة رجل رهن من إِنْسَان مَالا لدين فالمرتهن دفع الرَّهْن إِلَى أَمِين ليسلم إِلَى الرَّاهِن وَيقبض الدّين فَتلف الرَّهْن فِي الطَّرِيق وَالضَّمان على من يكون قَالَ نظر إِن دفع الْمُرْتَهن الرَّهْن بِإِذن الرَّاهِن لَا ضَمَان على الْمُرْتَهن وَلَا الحديث: 674 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 587 @ على الْأمين وَإِن دفع دون إِذْنه يجب الضَّمَان على الْمُرْتَهن لِأَنَّهُ صَار ضَامِنا بِتَسْلِيم المَال إِلَى غَيره من غير إِذن الْمَالِك أما الْأمين هَل يضمن فَإِن كَانَ عَالما بِأَن هَذَا رهن وَالْمُرْتَهن دَفعه إِلَيْهِ من غير إِذن الْمَالِك يضمن وَإِن كَانَ جَاهِلا يضمن لِأَنَّهُ أَمِين الرَّاهِن وَلَو أَن الرَّاهِن كَانَ مَعَ الْأمين فِي الطَّرِيق فَهَذَا الْأمين دفع الرَّهْن إِلَى الرَّاهِن ليضع على حِمَاره فَتلف على الْحمار قَالَ إِن أَخذ الرَّاهِن وَوَضعه من غير إِذن الْأمين يبرأ الْأمين لِأَنَّهُ أَخذ مَاله سَوَاء كَانَ عَالما بِأَنَّهُ مَتَاعه أَو جَاهِلا وَإِن وَضعه بِإِذن الْأمين إِن كَانَ عَالما بِأَنَّهُ مَتَاعه يبرأ وَإِن كَانَ جَاهِلا حكمه حكم مَا لَو غصب طَعَاما وَأطْعم الْمَالِك وَالْمَالِك جَاهِل يبرأ عَن الضَّمَان فِيهِ قَولَانِ وَلَو اخْتلفَا فَقَالَ الرَّاهِن للأمين أَنْت وضعت الرَّهْن على حماري بِغَيْر إذني وَقَالَ لَا بل أَنْت وضعت فَالْقَوْل قَول الْأمين لِأَن الْمَالِك يَدعِي عَلَيْهِ التَّعَدِّي 776 - مَسْأَلَة رجل ورث من مُوَرِثه عينا ثمَّ بَاعهَا من إِنْسَان فجَاء إِنْسَان وَادّعى على المُشْتَرِي إِنِّي كنت ارتهنت هَذِه الْعين من مورث البَائِع وَالْبيع لم يكن صَحِيحا وَالْعين فِي رهني هَل يسمع هَذَا الدَّعْوَى قَالَ الْأَصْحَاب بِأَنَّهُ لَا يسمع لِأَنَّهُ يَدعِي ملكا وَقد قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله والخصم فِيمَا جنى على الرَّهْن هُوَ الْمَالِك وَقَالَ الشَّيْخ الْقفال إِنَّه يسمع هَذِه الدَّعْوَى لِأَن الرَّهْن حق مَقْصُود يضاهي حَقِيقَة الْملك فَيسمع الدَّعْوَى لَهُ قِيَاسا على دَعْوَى الْملك أَلَيْسَ أَنه لَو ادّعى على إِنْسَان أَن الْعين الَّتِي هِيَ ملكه هِيَ لي يسمع هَذَا الدَّعْوَى وَقد قَالَ أَصْحَابنَا عين فِي يَد إِنْسَان يَقُول ملك فلَان الْغَائِب فَادّعى عَلَيْهِ ذَلِك الْعين وانتزع من يَده فَصَاحب الْيَد إِذا أَرَادَ إِقَامَة البنية لَا يسمع وَلَو ادّعى أَنَّهَا رهن عِنْدِي أَو إِجَارَة أَو عَارِية يسمع لِأَنَّهُ يثبت لنَفسِهِ حَقًا دلّ أَن الدَّعْوَى على الْحق كالدعوى على الْعين وَقَوْلهمْ بِهَذَا الدَّعْوَى يثبت لغيره ملكا قُلْنَا غَرَضه من هَذَا إِثْبَات الْحق لنَفسِهِ وَملك الْغَيْر يثبت ضَرُورَة وَيجوز مثل هَذَا كَمَا فِي الْمَسْأَلَة الَّتِي استشهدنا بهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 588 @ بَاب التَّفْلِيس 678 - مَسْأَلَة لَو كَانَ مَاله يَفِي بديونه وَيزِيد لَا يحْجر عَلَيْهِ فَلَو كَانَ مَاله دينا على آخر هَل يحْجر عَلَيْهِ قَالَ ينطر إِن كَانَ الدّين حَالا وَهُوَ على مَلِيء مقرّ لَا يحْجر عَلَيْهِ وَإِن كَانَ على جَاحد فَهُوَ كَالْمَعْدُومِ يحْجر عَلَيْهِ وَكَذَا إِن كَانَ مُؤَجّلا لِأَن حُقُوق الْغُرَمَاء حَالَة فالدين الموجل لَا يفيدهم فَائِدَة 679 - مَسْأَلَة إِذا كَانَ للْمُفلس عبد أَو حمَار زمن ينْفق عَلَيْهِ من مَاله مَا لم يفرغ من بيع مَاله وَإِذا بيع مَاله يتْرك لَهُ نَفَقَة يَوْم لَيْلَة وَكَذَا لعَبْدِهِ وَحِمَاره 680 - مَسْأَلَة الْمُفلس إِذا ادّعى هَلَاك مَاله وَأقَام عَلَيْهِ بَيِّنَة فَأَرَادَ الْغُرَمَاء تَحْلِيفه لَيْسَ لَهُم ذَلِك لِأَن فِيهِ تَكْذِيب الْبَيِّنَة وَإِن كَانَت الْبَيِّنَة شهِدت أَنه لَا مَال لَهُ حلف لِأَن فِيهِ تَكْذِيب للشُّهُود لِأَنَّهُ قد يكون لَهُ مَال بَاطِن لَا يعلمُونَ كَمَا لَو شهدُوا على رجل أَنه أقرّ أَنه بَاعَ مَاله زيد فَقَالَ أَقرَرت وَلَكِنِّي مَا بِعْت فيحلفوه على ذَلِك فَإِنَّهُ يحلف وَإِذا رَأَوْا فِي يَد الْمُفلس مَالا بعد مَا ثَبت إِعْسَاره عَن القَاضِي فَقَالَ هَذَا لفُلَان وَهِي فِي يَدي مُضَارَبَة أَو وَدِيعَة فَإِن ادَّعَاهُ فلَان لنَفسِهِ سلم إِلَيْهِ وَإِن لم يَدعه لم يقبل إِقْرَار الْمُفلس وَيُبَاع فِي دُيُونه وَإِن صدقه ذَلِك الرجل وادعاه لنَفسِهِ فَسلم إِلَيْهِ أَو كَانَ غَائِبا فحضره فَادَّعَاهُ لنَفسِهِ فَيسلم إِلَيْهِ فَلَو قَالَ الْغُرَمَاء يحلف الْمُفلس أَنه صَادِق فِي إِقْرَاره فَهَل يحلف الْمَذْهَب أَنه لَا يحلف لِأَنَّهُ لَا فَائِدَة فِي تَحْلِيفه لِأَنَّهُ لَو رَجَعَ لم يقبل رُجُوعه وَمِنْهُم من قَالَ يحلف لِأَنَّهُ لَو رَجَعَ قبل رُجُوعه وَلَيْسَ بِشَيْء الْمُفلس إِذا كَانَ محترفا يُبَاع عَلَيْهِ آلَة حرفته فِي الدّين 681 - مَسْأَلَة سُئِلَ عَمَّن دفع ثوبا إِلَى حائك ليحيكه فحاكه هَل لَهُ حَبسه لِاسْتِيفَاء الْأُجْرَة وَلَو حَبسه فَتلف فِي يَده هَل عَلَيْهِ الضَّمَان قَالَ هَذَا يبْنى على أَن عمله أثر أم عين قَولَانِ وَأجَاب على القَوْل الحديث: 678 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 589 @ الَّذِي يَقُول أَنه عين قَالَ لَهُ حَبسه وَلَو تلف فِي يَده لَا ضَمَان عَلَيْهِ وَلَا أُجْرَة لَهُ بَاب الْحجر 682 - مَسْأَلَة إِذا تصرف الْأَب فِي مَال السَّفِيه هَل يجوز أَن يَبِيع من نَفسه قَالَ إِن قُلْنَا إِذا أذن لَهُ فِي التَّصَرُّف نفذ بِإِذْنِهِ لَا يجوز وَإِلَّا وَجب أَن يجوز إِذا بلغ سَفِيها وَإِن بلغ رشيدا فَلَا يجوز لِأَن حجره إِلَى الْحَاكِم فَيصير كالقيم بَاب الصُّلْح 683 - مسزلة إِذا بَاعَ دَارا وَقد جعل مسيل مَائِهَا فِي دَار لَهُ أُخْرَى أَو فِي خربة لَهُ يدْخل المسيل فِي البيع لِأَنَّهُ من حُقُوقه كَمَا يكون للْمُشْتَرِي حق الْمَمَر إِلَى الدَّار الْمُشْتَرَاة يكون لَهُ حق إسالة المَاء إِلَى حَيْثُ كَانَ وَإِن أمكن صرفه إِلَى مَكَان آخر وَلَو بَاعَ الخربة قَالَ يبْقى للْبَائِع حق إسالة المَاء كَمَا لَو بَاعَ دَارا وَاسْتثنى لنَفسِهِ بَيْتا فِيهَا يبْقى لَهُ حق الْمَمَر إِلَى ذَلِك الْبَيْت أَو بَاعَ دَارا أَو ممر دَار أُخْرَى للْبَائِع على هَذِه الدَّار يبْقى لَهُ حق الْمَمَر إِلَّا أَن يكون قد حول مسيل مَائِهَا عَن مَوْضِعه إِلَى الخربة أَيَّامًا مَعْدُودَة لعمارة الدَّار على عزم أَن يردهُ إِلَى مَكَانَهُ فَإِذا فرغ عَن الْعِمَارَة فَلَا يدْخل فِي بيع الدَّار وَإِذا بَاعَ الخربة لَا يبْقى للْبَائِع حق إسالة المَاء فِي الخربة 684 - مَسْأَلَة رجل ادّعى عينا على إِنْسَان فَقَالَ رَددته فَصَالحه قَالَ إِن كَانَ الْعين فِي يَده أَمَانَة لَا يَصح الصُّلْح لِأَن القَوْل قَوْله فَيكون صلحا على الْإِنْكَار وَإِن كَانَ مَضْمُونا فَقَوله فِي الرَّد غير مَقْبُول وَقد أقرّ بِالضَّمَانِ فَيصح الصُّلْح وَيحْتَمل أَن لَا يَصح لِأَنَّهُ لم يقر لَهُ عَلَيْهِ شَيْئا 685 - مَسْأَلَة رجل حول ميزابه إِلَى سكَّة غير نَافِذَة لم يكن لَهُ إِلَّا الحديث: 682 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 590 @ بِإِذن أهل السِّكَّة فَلَو أَرَادَ أَن يحْفر حفيرة تَحت الْمِيزَاب ليسيل المَاء فِيهَا قَالَ إِن كَانَ شَيْء من الحفرة فِي هَذِه السِّكَّة لَهُم مَنعه وَإِن كَانَ الْكل تَحت جِدَاره لَا منع لَهُم 686 - مَسْأَلَة قَالَ جِدَار إِلَى الطَّرِيق هَل لِلْمَارِّينَ هَدمه من غير رِضَاهُ قَالَ يأمرونه بهدمه فَإِن لم يفعل لَهُم ذَلِك كَمَا لَو خرجت أَغْصَان شَجَرَة إِلَى هَوَاء الْجَار لَهُ قطعه 687 - مَسْأَلَة إِذا خربَتْ بَلْدَة واشتبهت الْأَمْلَاك لكل وَاحِد أَخذ ملكه بِالتَّحَرِّي كَمَا لَو اخْتلطت حمامة بحمام الْغَيْر 688 - مَسْأَلَة طَرِيق وَاسع لَيْسَ لأحد أَن يدْخل فِي ملكه وَإِن كَانَ لَا يضر بالمارة وَلَو كَانَ يجوز لَهُ أَن يَبْنِي فِيهِ دكة أَو يقْعد فِيهِ لبيع ارتفاقا لِأَنَّهُ أُبِيح لَهُ الارتفاق لَا التَّمَلُّك 689 - مَسْأَلَة قَرْيَة لَهَا مراتع من مرافقها حواليها لَا يمْنَع الْمَارَّة من أَن يدعوا فِيهَا دوابهم لِأَن مرافق الْقرْيَة لأَهْلهَا وللمارة 690 - مَسْأَلَة رجل يجْرِي مَاء فِي ملك الْغَيْر إِلَى ملك نَفسه فَقَالَ صَاحب الْملك لَا حق لَك فِيهِ إِنَّمَا هُوَ عَارِية وادعاه من كَانَ يجْرِي المَاء فَالْقَوْل قَول صَاحب الْملك مَعَ يَمِينه قَالَ فَإِن طَالَتْ مُدَّة إِجْرَاء المَاء رسم الْملاك وَلم يكن ينازعه صَاحب الْملك وَلَا غَيره فِيهِ جَازَ لَهُ أَن يشْهد بِالِاسْتِحْقَاقِ 691 - مَسْأَلَة رجل لَهُ أَرض وساقية على طول هَذِه الأَرْض يسْقِي أرضه من أَي مَوضِع شَاءَ من هَذِه الساقية فَبَاعَ هَذِه الأَرْض من ثَلَاثَة وَبنى كل وَاحِد فِي ملكه فَلَيْسَ لصَاحب الْأَسْفَل أَن يَقُول أَنا أَحول شرب أرضي من أَعلَى الأَرْض على الْملك الْمُشْتَرى بَين الآخرين وَيَقُول كَانَ البَائِع يسْقِي من أَي مَوضِع شَاءَ بل يسْقِي أرضه من أَسْفَل الساقية الَّذِي يَلِي أرضه 692 - مَسْأَلَة رجل قَالَ لآخر احْفِرْ لنَفسك بِئْرا فِي هَذِه الأَرْض الحديث: 686 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 591 @ فحفر لَا يصير الأَرْض والموضع ملكا للحافر وَهل يسْتَحق الْحَافِر الأَرْض قَالَ لَا يسْتَحق لِأَنَّهُ عمل لنَفسِهِ وَفِيه اخْتِلَاف كَمَا لَو قَالَ أعمل فِي هَذَا الْمَعْدن فَمَا استخرجته فَهُوَ لَك فَمَا استخرجه يكون للْمَالِك وَفِي اسْتِحْقَاقه الْأجر وَجْهَان وَأَصله أَن الْأَجِير إِذا صرف الأجرام إِلَى نَفسه لَا ينْصَرف إِلَيْهِ وَهل يسْتَحق الْأُجْرَة فِيهِ قَولَانِ وَلَو قَالَ ابْن بَيْتا أَو أَرضًا فِي هَذِه الأَرْض حَتَّى أُعْطِيك شَيْئا فَفعل يسْتَحق أُجْرَة الْمثل فَلَو مَاتَ الْآمِر وَاخْتلف الْبَانِي مَعَ وَارثه فَقَالَ الْوَارِث عملت مجَّانا وَقَالَ بل بِالْأُجْرَةِ فَالْقَوْل قَول الْوَارِث مَعَ يَمِينه كمن دفع ثوبا إِلَى غسال ثمَّ اخْتلفَا فَقَالَ الغسال غسلته بِالْأُجْرَةِ وَقَالَ رب الثَّوْب بل مجَّانا فَالْقَوْل قَول رب الثَّوْب مَعَ يَمِينه لِأَن الغسال أتلف مَنْفَعَة نَفسه بِنَفسِهِ ثمَّ يُرِيد الرُّجُوع إِلَى الْغَيْر بِهِ فَلم يكن لَهُ ذَلِك بِخِلَاف مَا لَو ركب دَابَّة الْغَيْر فَقَالَ الْمَالِك كَانَ ملكا فَقَالَ بل عَارِية كَانَ القَوْل قَول الْمَالِك مَعَ يَمِينه على الْأَصَح لِأَن الرَّاكِب أتلف مَنْفَعَة دَابَّة الْغَيْر ثمَّ يَدعِي التَّمَلُّك فأوجبنا عَلَيْهِ الضَّمَان 793 - مَسْأَلَة أَرض مُشْتَركَة بَين رجلَيْنِ فِيهَا أَشجَار فاقتسموها فَوَقَعت شَجَرَة فِي نصيب أحد الشَّرِيكَيْنِ وَأَغْصَانهَا خَارِجَة إِلَى هَوَاء طَرِيق الشَّارِع لَا بَأْس إِذا كَانَ لَا يضر الْمَارَّة فَأَما إِذا كَانَت أَغْصَانهَا خَارِجَة إِلَى هَوَاء نصيب الآخر لَهُ تكليفها نقل الأغصان فَإِن لم يفعل قطعهَا كَمَا لَو انتشرت أَغْصَان الشَّجَرَة الْقَدِيمَة إِلَى هَوَاء الْجَار 694 - مَسْأَلَة مَوضِع جِدَار مُشْتَرك بَين رجلَيْنِ بنياه جدارا ثمَّ ثَبت أَنه كَانَ ملكا لأَحَدهمَا فَهَل لمن ثَبت لَهُ الْملك تخريبه لما فِيهِ من تُرَاب صَاحبه قَالَ لَهُ ذَلِك بِخِلَاف مَا لَو بنى فِي ملك الْغَيْر بِإِذْنِهِ لَيْسَ لَهُ تخريبه مجَّانا إِمَّا أَن يتَمَلَّك بِالْقيمَةِ وَإِمَّا أَن يقر بِالْأُجْرَةِ وَإِمَّا أَن يهدم وَيغرم النُّقْصَان لِأَن فِي تخريبه إِضْرَارًا بالباني وأضاع مَالِيَّته بعد مَا فعل بِإِذْنِهِ وَهَا هُنَا الْبناء لم يكن بِإِذن الْمَالِك على أَنه ملكه وَلَا حق لَهُ إِلَّا فِي التُّرَاب وترابه لَا يضيع فَهُوَ كمن اشْترى أَرضًا فَبنى فِيهَا ثمَّ طهرتا مُسْتَحقَّة للْمُسْتَحقّ هَدمه مجَّانا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 592 - مَسْأَلَة إِذا بنى فِي الشَّارِع بِنَاء لَا يضير بالمارة لَا يمْنَع وَلَيْسَ للحااكم أَن يَبِيعهُ وَلَا أَن يقاطع ذَلِك الْموضع إِلَّا أَن يؤاجره 696 - مَسْأَلَة لَهُ شَجَرَة فِي شَارِع فمالت وضيقت الطَّرِيق على النَّاس يُؤمر بقلعها فَإِن قلعهَا غَيره لَا شَيْء عَلَيْهِ وَلَو سقط قبل أَن يقل فأتلف شَيْئا فَهُوَ كالجدار يمِيل وَفِيه وَجْهَان 697 - مَسْأَلَة رجل لَهُ دَار بَابهَا فِي سكَّة غير نَافِذَة فَمَاتَ عَن ابْنَيْنِ أَو بَاعهَا من رجلَيْنِ فاقتسماها وَجعلا لَهَا بَابَيْنِ لأهل السِّكَّة الْمَنْع أما إِذا اقْتَسمَا داخلها ومخرجها إِلَى السِّكَّة وَاحِد جَازَ 698 - مَسْأَلَة إِذا وصل رجل غصنا من شجرته شَجَرَة غَيره فوصلته فثمرة تِلْكَ الغصنة لمن يكون قَالَ لَا يجوز للْغَيْر أَن يَفْعَله فَإِن فعله دون إِذن مَالك الشَّجَرَة ليقلعه مجَازًا فَإِن لم يقْلع حَتَّى أثمرت فثمرة تِلْكَ الغصنة لمَالِك الغصنة لَا لمَالِك الشَّجَرَة كمن غرس فِي أَرض الْغَيْر فثمرة الشَّجَرَة لمَالِك الشَّجَرَة لَا لمَالِك الأَرْض وَإِن وصل بِإِذن الْمَالِك ثمَّ بدا لمَالِك قطع الغصنة لَيْسَ لَهُ ذَلِك مجَّانا بل يَنْبَغِي أَن تخير بَين أحد الشَّيْئَيْنِ إِمَّا أَن يقر بالإجرة أَو يقلعه بِأَرْش النُّقْصَان أما التَّمَلُّك بِالْقيمَةِ فَلَا كَمَا لَو أعَار رَأس جِدَاره من رجل فَبنى عَلَيْهِ يتَخَيَّر بَين أَن يقلعه بِأَرْش النُّقْصَان أَو يقره لاأجرة وَلَيْسَ لَهُ أَن يتَمَلَّك بِالْقيمَةِ بِخِلَاف مَا لَو غرس فِي أرضه بِإِذْنِهِ لِأَن الْغِرَاس يكون تَابعا للْأَرْض وَالْبناء لَا يكون تَابعا للْبِنَاء والغصن للشجرة 699 - مَسْأَلَة سكَّة غير نَافِذَة لرجل فِيهَا دَار فَبَاعَ نصفهَا لرجل وَأَرَادَ المُشْتَرِي أَن يفتح بَابا آخر فِي نصِيبه فِيهَا قَالَ لَا يجوز إِلَّا بِإِذن أهل السِّكَّة وَكَذَلِكَ لَو كَانَت الدَّار مُشْتَركَة واقتسما وَأَرَادَ أَن يجعلا بَابا وَاحِدًا بَابَيْنِ سَوَاء فتحا أَعلَى مِنْهَا أَو أَسْفَل إِلَّا أَن يكون الْمدْخل فِي السِّكَّة وَاحِدًا وَالشَّرِيك فتح لَهُ بَابا فِي دهليزه فَلَا يمْنَع وَقد رَأَيْت فِي مَجْمُوع الْمحَامِلِي أَنه إِذا أَرَادَ أَن يَجْعَل دَاره الحديث: 696 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 593 @ حجرتين وَيفتح فِيهَا بَابَيْنِ إِن أَرَادَ أَن يفتح الْبَابَيْنِ إِلَى أول الدَّرْب جَازَ وَإِن أَرَادَ أَن يَفْتَحهُ فِي آخِره فِيهِ وَجْهَان كَمَا لَو أَرَادَ نقل بَابه التَّقْدِيم إِلَى أول الدَّرْب يجوز وَإِلَى آخر الدَّرْب فِيهِ وَجْهَان وَالصَّحِيح لَا وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح عِنْدِي وَعند أبي حنيفَة لَيْسَ لَهُ أَن يَجْعَل حجرتين وَيفتح بَابَيْنِ 700 - مَسْأَلَة إِذا أَرَادَ وَاحِد مِنْهُم أَن يَبْنِي فِيهَا ساباطا هَل يشْتَرط إِذن من فِيهَا بِالْإِجَارَة قَالَ إِن كَانَ يضر بمنفعته يشْتَرط وَإِلَّا فَلَا وَإِن كَانَ فِيهَا دَار مَوْقُوفَة أَو فِيهَا لطفل دَار هَل يتَصَوَّر هَذَا الْبناء قَالَ حق الطِّفْل لَا حَتَّى يبلغ فَيَأْذَن وَفِي الْوَقْت لَا يجوز أصلا وَلَو كَانَ لرجل فِيهَا قِطْعَة أَرض أَرَادَ أَن يتخذها خَانا أَو أَرَادَ أَن يتَّخذ دَاره خَانا أَو أجر دَاره من جمَاعَة قَالَ يجوز دون إِذن النَّاس وَلَو بنى فِي تِلْكَ الْقطعَة دورا لكل وَاحِدَة بَاب يجوز لِأَنَّهُ لم يفتح بَابا حَيْثُ لم يكن بَاب الْحِوَالَة رجل ادّعى على رجل عشرَة وَأقَام بَيِّنَة أَو أقرّ الْمُدعى عَلَيْهِ أَنِّي أدّيت إِلَيْك الْعشْرَة فَقَالَ الْمُدَّعِي تِلْكَ الْعشْرَة لم تكن من هَذِه الْجِهَة كَانَ لي عَلَيْك عشرَة أُخْرَى فَالْقَوْل قَول الدَّافِع مَعَ يَمِينه أما إِذا قَالَ الْمُدعى عَلَيْهِ إِنَّك قد أحلّت عَليّ فلَانا بِالْعشرَةِ فَقَالَ الْمُدَّعِي إِنَّمَا أحلّت بِعشْرَة من جِهَة أُخْرَى قَالَ القَوْل قَول الْمُدَّعِي مَعَ يَمِينه لِأَن الْحِوَالَة اسْتِيفَاء وَهُوَ أَن يكون قد اسْتَوْفَاهُ وينكر أَن يكون قد أحَال بِمَا يَدعِي بِخِلَاف الْمَسْأَلَة الأولى فَإِن ثمَّ أَخذ من الْمُدعى عَلَيْهِ المَال وَالْقَوْل قَول الْمُدَّعِي فِي جِهَة الآداء يدل على الْفرق بَينهمَا أَنه لَو كَانَ لزيد على عَمْرو أَلفَانِ ألف بهَا رهن وَألف لَا رهن بهَا فَإِذا الَّذِي عَلَيْهِ الْأَلفَيْنِ قَالَ أدّيت عَن الَّذِي بِهِ الرَّهْن فَإِن القَوْل قَوْله مَعَ يَمِينه وَإِن كَانَ الَّذِي لَهُ الْحق أحَال غريما لَهُ بِأَلف على الَّذِي عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ أحلّت بِالدّينِ الَّذِي لأرهن بِهِ وَقَالَ الْمحَال عَلَيْهِ أحلّت بِالَّذِي بِهِ الرَّهْن وَقد أفيك فَالْقَوْل قَول الْمُحِيل الَّذِي لَهُ الدّين مَعَ يَمِينه الحديث: 700 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 594 @ بَاب الضَّمَان 701 - مَسْأَلَة إِذا أدّى الضَّامِن حق الْمَضْمُون لَهُ فَأَرَادَ الرُّجُوع على الْمَضْمُون عَنهُ فَقَالَ الْمَضْمُون عَنهُ إِن رب الدّين كَانَ أَبْرَأ ذِمَّتِي حلف الضَّامِن أَنه لم يعلم إبراؤه 702 - مَسْأَلَة إِذا ضمن عَن الضَّامِن ضَامِن فغرم الثَّانِي رَجَعَ على الأول أَن ضمن بِإِذْنِهِ ثمَّ الأول يرجع على الْأَصِيل إِن ضمن بِإِذْنِهِ فَلَو أَن الضَّامِن الثَّانِي ضمن بِإِذن الْأَصِيل قَالَ إِن ضمن على الْأَصِيل يرجع عَلَيْهِ وَلَا يرجع على الضَّامِن سَوَاء كَانَ بِإِذْنِهِ أَو دون إِذْنه وَإِن ضمن عَن الضَّامِن إِن كَانَ بِإِذْنِهِ رَجَعَ عَلَيْهِ وَهل يرجع على الْأَصِيل فِيهِ وَجْهَان وَإِن ضمن عَن الضَّامِن الأول بِغَيْر إِذْنه وَلَكِن بِإِذْنِهِ الْأَصِيل بِأَن قَالَ لَهُ الْأَصِيل اضمن عَن ضامني فَإِذا ضمن قَالَ يَنْبَغِي أَن لَا يرجع على أحد أما الْأَصِيل فَلِأَنَّهُ لم يضمن عَنهُ وَأما الضَّامِن الأول فَلِأَنَّهُ لم يضمن مَا فِيهِ وَإِن ضمن عَن الْأَصِيل أَو عَن الضَّامِن جَمِيعًا فَعَن أَيهمَا أدّى رَجَعَ عَلَيْهِ إِن كَانَ بِإِذْنِهِ وَإِن أدّى عَنْهُمَا رَجَعَ عَلَيْهِمَا 703 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ لرجل اقْضِ ديني فَقضى يرجع عَلَيْهِ على الْأَصَح وَلَو قَالَ اقْضِ دين فلَان وَلم يقل على أَن ترجع عَليّ فَإِذا قضى لَا يرجع عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مُتَبَرّع وَإِن قَالَ على أَن ترجع عَليّ هَل يرجع عَلَيْهِ قَالَ وَجب أَن لَا يرجع لِأَنَّهُ لَا يجب عَلَيْهِ ذَلِك إِلَّا أَن يكون هَذَا الْقَائِل ضَامِنا عَن فلَان فَحِينَئِذٍ كَمَا لَو قَالَ اقْضِ ديني فَإِذا قضى هَل يرجع وَجْهَان الْأَصَح أَنه يرجع 704 - مَسْأَلَة إِذا بَاعَ شَيْئا وَشرط فِيهِ رهنا فَاسِدا هَل يفْسد البيع قَولَانِ وَكَذَلِكَ الْكَفِيل الْمَجْهُول وَلَو قَالَ بِعْتُك بِشَرْط أَن تُعْطِينِي فلَانا كَفِيلا بِهَدِّهِ الثّمن يدْخل الْغِرَاس الَّتِي أغرسها لَو قلعت بَطل البيع وَلم الحديث: 701 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 595 @ يذكرُوا قَوْلَيْنِ وَلَعَلَّ الْفرق بَينهمَا أَن الْفساد لَيْسَ فِي الْكَفِيل حَقِيقَة لِأَن الْكَفِيل مَعْلُوم وَهُوَ من أهل أَن يتكفل وَإِنَّمَا الْقَوْلَانِ فِيمَا إِذا كَانَ الْفساد فِي الْكَفِيل إِنَّمَا الْفساد فِي الْمَكْفُول والمكفول بِهِ أَمر يعود إِلَى البيع فيفسده قَالَ على هَذَا يَنْبَغِي أَن يُقَال إِذا قَالَ بِعْتُك بِشَرْط أَن ترهن مني عَبدك بِبَعْض الثّمن وَلم يبين قدره أَن يفْسد البيع 705 - مَسْأَلَة إِذا ضمن فِي الدَّرك فِي الثّمن إِذا تلف الْمَبِيع قبل الْقَبْض أَو ظهر الِانْفِسَاخ بِشَرْط هَل يَصح أم لَا قَالَ إِن قُلْنَا إِذا ضمن الدَّرك يُطَالب بِالثّمن عِنْد الِانْفِسَاخ بِالشّرطِ والتلف صَحَّ لِأَنَّهُ صرح بِمَا هُوَ قضينه وَإِن قُلْنَا لَا يُطَالب قَالَ فَلَا يَصح قَالَ وَهَذَا أصح حَتَّى وَلَو ضمن الثّمن إِذا رد الْمَعِيب بِعَيْب لَا يَصح لِأَن فِي ضَمَان الدَّرك لَا يُطَالب بِهِ لِأَن البَائِع يملك الثّمن وَوُجُوب الرَّد عَلَيْهِ يكون بعد الْفَسْخ بِالْعَيْبِ فَيكون هَذَا ضمانا قبل الْوُجُوب 706 - مَسْأَلَة رجل أثبت دينا لَهُ على غَائِب بَين يَدي القَاضِي وللغائب دَار أَمر القَاضِي بِبيع تِلْكَ الدَّار من الْمُدَّعِي بِالدّينِ فَبَاعَ وَضمن البَائِع أَو غَيره للْمُدَّعِي الدّين أَن لَو خرجت الدَّار مُسْتَحقَّة لَا يَصح الضَّمَان لإنه ضَمَان دين بِشَرْط وَهُوَ خُرُوجه مُسْتَحقّا وَلَا يكون هَذَا ضَمَان الدَّرك لِأَنَّهُ ضَمَان الثّمن الَّذِي قد أَدَّاهُ المُشْتَرِي إِلَى البَائِع فَدخل فِي ضَمَانه وَلم يوجدها هُنَا تَسْلِيم ثمن من جِهَة المُشْتَرِي إِلَيّ البَائِع حَتَّى يَصح ضَمَانه 707 - مَسْأَلَة إِذا تكفل ببدن إِنْسَان يجب إِحْضَاره إِذا طُولِبَ فَإِذا كَانَ غَائِبا يُطَالب بإحضاره قَالَ إِن كَانَ إِلَى مَسَافَة الْقصر لَا يُكَلف إِحْضَاره كَمَا لَا يُكَلف حمل الْمُسلم فِيهِ من مَسَافَة الْقصر 708 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ مَالك الدَّار لآخر اعمر دَاري ليَكُون لي ذَلِك فعمر فَمَا أَدخل العامر فِيهِ من مَوضِع آخر فَهُوَ لَهُ وَله إِخْرَاجه ورن عمره بِتُرَاب تِلْكَ الدَّار فللعامر أجر مثل عمله لِأَنَّهُ لم يعْمل فِيهِ مجَّانا الحديث: 705 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 596 @ بَاب الشّركَة عقد عقد الشّركَة على أَن ينيب أحد الشَّرِيكَيْنِ نَائِبا فِي التَّصَرُّف فَاسد 709 - مَسْأَلَة بيع بزر دود القز لَا يجوز فَلَو أَن رجلَيْنِ اشْتَركَا فِي دود القز وَمن أَحدهمَا الْعَمَل وَمن الآخر الْوَرق فالفيلج بَينهمَا وعَلى صَاحب الْوَرق نصف أجر مثل عمل الآخر وعَلى الآخر نصف قيمَة ورق صَاحب الْوَرق فَلَو كَانَ البزر من وَاحِد فأباح للْآخر نصفه بِالْإِبَاحَةِ لَا يضير الفيلج للْآخر لِأَن الْإِبَاحَة لَا يُوجب الْملك فالفيلج كُله لصَاحب البزر وَعَلِيهِ لصَاحب الْوَرق قيمَة الْوَرق فَلَو كَانَ صَاحب الْوَرق يقطع الأوراق ويحملها إِلَى دَار صَاحب البزر فَلَا يسْتَحق أُجْرَة الْقطع لِأَن صَاحب البزر إِنَّمَا يصير ضَامِنا للورق إِذا قبض فَقطع صَاحب الْوَرق وَالْحمل يصرف فِي ملك نَفسه لَا يسْتَحق بِهِ شَيْئا على الْغَيْر 710 - مَسْأَلَة إِذا أذن أحد الشَّرِيكَيْنِ للْآخر فِي التَّصَرُّف فِي جَمِيع المَال وَهُوَ لَا يتَصَرَّف إِلَّا فِي نصِيبه فَهَل لمن يتَصَرَّف فِي الْكل أَن يرجع بِأُجْرَة بعض عمله قَالَ لَا لِأَن تفَاوت الشَّرِيكَيْنِ فِي الْعَمَل فِي الشّركَة الصَّحِيحَة لَا يُوجب الرُّجُوع بِالْأُجْرَةِ 711 - مَسْأَلَة إِذا دفع شَاة إِلَى إِنْسَان فَقَالَ اذبحه وَسلم إِلَيّ شحما وَاللَّحم مَبِيع مِنْك كل من بِكَذَا فَأخذ فَهَلَكت الشَّاة فِي يَده قَالَ لَا ضَمَان عَلَيْهِ لِأَنَّهُ دفع الشَّاة إِلَيْهِ للذبح وَلم يبع مِنْهُ وَإِنَّمَا شَرط لَهُ اللَّحْم منا بعد الذّبْح وَقد هَلَكت قبله كَمَا لَو دفع شَيْئا إِلَى إِنْسَان أَمَانَة وَقَالَ إِذا مضى شهر فَهُوَ مَبِيع مِنْك فَقبل مُضِيّ الشَّهْر تكون أَمَانَة فِي يَده إِذا هلك لَا يلْزمه الضَّمَان بَاب الْوكَالَة إِذا وكل عبد رجلا ليَشْتَرِي نَفسه من سَيّده فَفعل عتق العَبْد وَالثمن على العَبْد فَلَو خَالف العَبْد أَو اشْتَرَاهُ بِأَكْثَرَ قَالَ يَقع العقد للْوَكِيل وَعَلِيهِ الثّمن الحديث: 709 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 597 - مَسْأَلَة دفع ثوبا إِلَى دلال لبيعه فَضَاعَ من يَده وَلَا يدْرِي الدَّلال أَنه سرق أَو نسي فِي مَوضِع أَو سقط مِنْهُ أَو دفع إِلَى مُشْتَر فنسي قَالَ يجب عَلَيْهِ الضَّمَان لِأَن الْغَفْلَة عَن حفظ الْأَمَانَة حَتَّى يضيع مضمنه وَكَذَلِكَ لَو وَضعه فِي مَوضِع فنسي إِنَّمَا لَا يجب عَلَيْهِ الضَّمَان إِذا خَفِي جِهَة الْهَلَاك من غير تَفْرِيط من جِهَته 713 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ الْمُوكل بَاعَ وَكيلِي بِالْغبنِ وَقَالَ المُشْتَرِي بل بِثمن الْمثل فَالْقَوْل قَول الْمُوكل مَعَ يَمِينه لِأَنَّهُ يَدعِي فَسَاد العقد وَالْأَصْل بَقَاء ملكه فَلَو أَقَامَ كل وَاحِد بَيِّنَة فبنية المُشْتَرِي أولى لِأَن عِنْده زِيَادَة علم وَهُوَ انْتِقَال الْملك إِلَيْهِ من البَائِع وَكَذَلِكَ كل شَيْئَيْنِ يتعارضان فَإِن مَا اتَّصل بِهِ حكم الْحَاكِم يقدم وَالله أعلم 714 - مَسْأَلَة إِذا وكل بِبيع شَيْء هَل يملك تَسْلِيم الْمَبِيع وَقبض الثّمن لِأَصْحَابِنَا وَجْهَان قَالَ شَيْخي رَضِي الله عَنهُ إِذا وَكله بِبيع صرف أَو عقد سلم يملك تَسْلِيم رَأس المَال إِلَيْهِ عِنْدِي وَجها وَاحِدًا لِأَن العقد لَا يتم بِدُونِهِ وَهُوَ يخْتَص بِزَمَان الْخِيَار وَخيَار الْمجْلس ثَابت للْوَكِيل وَإِن كَانَ فِي غير هذَيْن لَا يجوز لَهُ التَّسْلِيم فِي وَجه لِأَن العقد يتم بِدُونِهِ أَلا ترى أَنه لَو وكل بِثمن حَال يملك قبض الثّمن فِي وَجه وَلَو وكل بِثمن مُؤَجل لَا يملك قَبضه عِنْد حُلُول الْأَجَل وَجها وَاحِدًا لِأَن قَضِيَّة العقد فِي الْحَال تَعْجِيل التَّسْلِيم وَفِي الْمُؤَجل بِخِلَافِهِ وكما لَو وكل بِبيع شَيْء وَقُلْنَا لَا يملك الْوَكِيل التَّسْلِيم إِلَّا بِالْإِذْنِ قَالَ رَأَيْت أَن بَيْعه لَا يَصح لِأَنَّهُ لَا يقدر على التَّسْلِيم قَالَ وَالَّذِي عِنْدِي أَنه يَصح العقد وَإِن كَانَ التَّسْلِيم يتَوَقَّف على إِذن الْمُوكل لِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ حَائِل مَانع يتَوَقَّف على إِحْضَار الْمَبِيع إِذا كَانَ غَائِبا عَن ذَلِك الْمَكَان وَلَا يمْتَنع تغييبه صِحَة البيع 715 - مَسْأَلَة وكل عبدا لشراء شَيْء دون إِذن سَيّده لَا يَصح وَلَو وَكله ليَشْتَرِي عبد فلَان فَلَمَّا جَاءَ الْوَكِيل كَانَ فلَان قد بَاعه من أجر فللوكيل أَن الحديث: 713 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 598 @ يَشْتَرِي من الثَّانِي وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَلَو وَكله لبيع عَبده من فلَان فَبَاعَ من غَيره لم يَصح وَلَو وَكله بتطليق زَوجته ثمَّ الْمُوكل طَلقهَا ثمَّ طَلقهَا الْوَكِيل قي عدَّة الرّجْعَة تقع الطلقتان 716 - مَسْأَلَة إِذا وكل وَكيلا يَشْتَرِي شَيْئا وكَالَة فَاسِدَة فَاشْترى قَالَ إِن قَالَ اشْتَرِ لي عبدا وَلم يبين النَّوْع وَالْوَصْف فَاشْترى عبدا يَصح العقد للعاقد إِن اشْترى فِي الذِّمَّة 717 - مَسْأَلَة إِذا وكل وَكيلا بشرَاء شَيْء فَقَالَ البَائِع بِعته من فلَان وَقَالَ الْوَكِيل اشْتَرَيْته لفُلَان مُوكله الَّذِي سَمَّاهُ قَالَ لَا يَصح العقد لِأَن أَحْكَام العقد تتَعَلَّق بالعاقد وَهُوَ لم يُخَاطب الْعَاقِد مَسْأَلَة رجل وكل وَكيلا اشْترى لَهُ فرسا فَأخذ الْوَكِيل فرسا من إِنْسَان وَبَعثه إِلَى الْمُوكل فَتلف فِي الطَّرِيق هَل يجب عَلَيْهِ ضَمَانه قَالَ فِيهِ تَفْصِيل إِن أَخذ الْوَكِيل من البَائِع على طَرِيق السّوم قَالَ يَنْبَغِي أَن يضمنهُ الْوَكِيل إِذا تلف فِي يَده لَا الْمُوكل لِأَن الْمُوكل أمره بالشراءلا بالاستيام وَلَو أمره بالاستيام فعلى الْمُوكل وَلَو بَعثه إِلَى الْمُوكل نظر إِن كَانَ الْمُوكل أمره بإن يَبْعَثهُ إِلَيْهِ ضمن الْمُوكل فَإِن تعدى الرَّسُول فِي الطَّرِيق بِأَن رَكبه فمقدار الضَّمَان على الرَّسُول وَإِن لم يَأْمُرهُ الْمُوكل بِأَن يبْعَث إِلَيْهِ نظر إِن قَالَ البَائِع ابعثه إِلَى الْمُوكل فَبعث فَتلف فِي الطَّرِيق من غير تعد لَا ضَمَان على أحد وَإِن تعدى فِيهِ الرَّسُول ضمنه الرَّسُول وَلَو رَكبه الرَّسُول فِي الطَّرِيق فَقَالَ البَائِع لم آذن فِي الرّكُوب فَالْقَوْل قَول البَائِع مَعَ يَمِينه وَإِن لم يَأْمُرهُ البَائِع أَيْضا بِأَن يَبْعَثهُ إِلَى الْمُوكل فَبَعثه الْوَكِيل ضمن الْوَكِيل وَأما الرَّسُول نظر إِن كَانَ عَالما بِأَن الْوَكِيل لَا يجوز لَهُ أَن يفعل ذَلِك فقرار الضَّمَان عَلَيْهِ وَالْوَكِيل طَرِيق وَإِن كَانَ جَاهِلا فَلَا شَيْء على الرَّسُول إِلَّا أَن يتَعَدَّى فَحِينَئِذٍ يكون قَرَار الضَّمَان عَلَيْهِ وَالْوَكِيل طَرِيق 718 - مَسْأَلَة إِذا وكل وَكيلا بِبيع شَيْء فتعدى فِيهِ ثمَّ بَاعه صَحَّ فَلَو تلف الثّمن قبل الْقَبْض حَتَّى انْفَسَخ أَو رد عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ يكون مَضْمُونا الحديث: 716 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 599 @ عَلَيْهِ لِأَن الْعين صَارَت مَضْمُونَة عَلَيْهِ بِالتَّعَدِّي بِخِلَاف الثّمن إِذا أَخذه لَا يكون مَضْمُونا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لم يَتَعَدَّ فِيهِ قَالَ يحْتَمل أَن يُقَال فِيهِ وَجْهَان بِنَاء على أَنه خرج الْمَبِيع عَن ملكه ثمَّ عَاد إِلَيْهِ هَل لَهُ الرَّد بِالْعَيْبِ وَجْهَان وَيحْتَمل أَن بيني على أَن العقد يرْتَفع من حِينه أم على أَصله 719 - مَسْأَلَة إِذا دفع شَيْئا إِلَى إِنْسَان لحمله إِلَى بلد كَذَا فيبيعه فَحَمله وَلم يبع فَرده ثمَّ حمله ثَانِيًا بعد الْمَالِك فَبَاعَهُ قَالَ يَصح البيع إِن لم يكن رد إِلَى الْمَالِك لِأَن الْإِذْن بِالْبيعِ بَاقٍ وَلَو تلف فِي الْحمل الثَّانِي قَالَ يضمن لِأَن الشَّيْء صَار مَضْمُونا عَلَيْهِ بِالرَّدِّ الأول إِلَى هَذَا الْبَلَد ولزيادة السّفر 720 - مَسْأَلَة إِذا بعث رَسُولا إِلَى بزاز ليَأْخُذ ثوبا فَفعل ثمَّ أنكر الْمُرْسل هَل يجب الضَّمَان على الرَّسُول قَالَ إِن أخبر الزاز بِأَنِّي رَسُول فلَان فَصدقهُ فَدفع إِلَيْهِ لَا ضَمَان على الرَّسُول 721 - مَسْأَلَة رجل دفع مَتَاعه إِلَى البَائِع ليَبِيعهُ فَبَاعَ البَائِع وَنصب من يقبض ثمنه فَغَاب الَّذِي نَصبه لقبض الثّمن بعد قبض الْبَعْض قَالَ الْبَاقِي من الثّمن يجب على على البَائِع أَن يدْفع إِلَى الْمَالِك ثمَّ يرجع البَائِع على المُشْتَرِي 722 - مَسْأَلَة لَو وكل وَكيلا ليطلق إِحْدَى نِسَائِهِ قَالَ نظر إِن قَالَ طلق وَاحِدَة مُعينَة فَطلق الْوَكِيل وَاحِدَة وَعين بِقَلْبِه جَازَ فَإِن مَاتَ قبل أَن يخبر الْمُوكل لمن عينهَا يمْنَع الْمُوكل عَنْهُن حَتَّى يعين وَإِن لم يطلع كَمَا لَو طَار طَائِر فَقَالَ إِن كَانَ غرابا فأمرأتي طَالِق وَإِن لم يكن فَعَبْدي حر يُؤمر بِالتَّعْيِينِ وَإِن وكل فَقَالَ طلق وَاحِدَة بِلَا تعْيين إِن قُلْنَا هُوَ فِي الزَّوْج طَلَاق موقع يَصح ثمَّ على الزَّوْج التَّعْيِين وَإِن قُلْنَا الْتِزَام طَلَاق فِي الذِّمَّة لَا يَصح التَّوْكِيل 723 - مَسْأَلَة وَلَو أسلم كَافِر على عشرَة نسْوَة فَوكل وَكيلا بِاخْتِيَار أَربع لَا يجوز وَلَو وكل ليطلق أَرْبعا مِنْهُنَّ قَالَ يجوز وَإِن كَانَ التَّطْلِيق اخْتِيَارا كَمَا لَو علق طَلَاق وَاحِدَة بإسلامها فَأسْلمت طلقت وَكَانَ اخْتِيَارا لَهَا وَلَو علق الِاخْتِيَار لَا يجوز الحديث: 719 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 600 - مَسْأَلَة وَلَو اشْترى شَيْئا غَائِبا فَوكل وَكيلا ليرى عَنهُ ويختار لَا يجوز فَلَو رَآهُ المُشْتَرِي ثمَّ وكل وَكيلا بِالْفَسْخِ يجوز وَلَو وكل بِالْإِجَازَةِ قَالَ يحْتَمل أَن يُقَال لَا يجوز وَهل يكون التَّوْكِيل من المُشْتَرِي إجَازَة وَجْهَان كَمَا لَو وكل وَكيلا بِالْإِقْرَارِ عَنهُ لَا يَصح وَهل يكون التَّوْكِيل إِقْرَارا من الْمُوكل فِيهِ وَجْهَان 725 - مَسْأَلَة رجل لَهُ ثَلَاث نسْوَة فَوكل رجلا ليقبل لَهُ نِكَاح امْرَأَة ثمَّ تزوج هُوَ برابعة ال يَنْعَزِل الْوَكِيل لِأَنَّهُ انسد بَاب النِّكَاح على الرجل وَإِن لم يكن لَهُ زوجه أَو كَانَت عِنْده وَاحِدَة أَو اثْنَتَانِ فَوكل رجلا ليقبل لَهُ نِكَاح امْرَأَة ثمَّ تزوج هُوَ إمرأة لَا يَنْعَزِل الْوَكِيل لِأَنَّهُ لم ينسد عَلَيْهِ بَاب النِّكَاح وَكَذَلِكَ لَو بَقِي وَله على زَوجته طَلْقَة فَوكل وَكيلا ليُطَلِّقهَا ثمَّ أوقع الزَّوْج ذَلِك الطَّلَاق يَنْعَزِل الْوَكِيل حَتَّى لَو نَكَحَهَا بعد زوج لَا يملك الْوَكِيل تطليقها فَإِن لم يكن قد طلق أَو طلق وَاحِدَة فَوكل وَكيلا ليطلق ثمَّ أوقع الزَّوْج طَلْقَة يَقع وَلَا يَنْعَزِل الْوَكِيل حَتَّى لَو طلق يَقع 726 - مَسْأَلَة لَو وكل ليَشْتَرِي لَهُ جمدا فِي الصَّيف ثمَّ جَاءَ الشتَاء وَخرج الجمد عَن أَن يكون لَهُ قيمَة ثمَّ جَاءَ الصَّيف الآخر لَا يجوز لَهُ الشِّرَاء لِأَن الْعَادة أَنه أَرَادَ بِهِ الْعَام الأول وَلَو وكل بِأَن يَشْتَرِي لَهُ جمدا فَاشْترى الْمُوكل الجمد ثمَّ الْوَكِيل اشْترى أَيْضا فِي ذَلِك الْيَوْم أَو فِي الْيَوْم الثَّانِي يجوز 727 - مَسْأَلَة الْمَأْذُون لَهُ بِالتِّجَارَة إِذا بَاعه الْمولى جَازَ وَصَارَ مَحْجُورا عَلَيْهِ وَلَو أجره الْمولى صَحَّ وَلَا يصير مَحْجُورا عَلَيْهِ كَمَا لَو اسْتَعْملهُ فِي عمل من أَعماله أَو بَعثه لشغل فالإذن بِحَالهِ وَصحت الْإِجَارَة 728 - مَسْأَلَة الْمَأْذُون إِذا ركبته الدُّيُون لَا يقْضِي من جِنَايَة جنيت عَلَيْهِ فَلَو جنى على عبد من عبيده يُؤْخَذ الْأَرْش وَيَقْضِي مِنْهُ دُيُونه كَمَا يُبَاع رَقَبَة عَبده فِي دينه وَلَو كَانَ للمأذون جَارِيَة اشْتَرَاهَا فوطئت بِالشُّبْهَةِ هَل يقْضِي من الْمهْر دُيُونه فكالاحتطاب وَإِن اقتضاها يقْضِي من أرش الاقتضاض الحديث: 725 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 601 @ بَاب الْإِقْرَار إِذا قَالَ الدَّار الَّتِي ورثتها من أبي لفُلَان قَالَ لَا يكون إِقْرَارا إِلَّا أَن يُريدهُ كَمَا لَو قَالَ لفُلَان فِي ميراثي من أبي كَذَا لِأَنَّهُ أَضَافَهُ إِلَى نَفسه إِضَافَة ملك وَقَوله لفُلَان مُتَرَدّد وَيحْتَمل وعد هبة وَيحْتَمل الْإِقْرَار فَلَا يَزُول الْيَقِين بِالشَّكِّ وَلَو قَالَ الدَّار الَّتِي اشْتَرَيْتهَا لفُلَان كَانَ إِقْرَارا لِأَنَّهُ قد يَشْتَرِي للْغَيْر فَلَا يكون إِضَافَته إِلَى نَفسه إِضَافَة ملك نَظِيره لَو قَالَ الدَّار الَّتِي اشْتَرَيْتهَا لنَفْسي لفُلَان لَا يكون إِقْرَارا إِلَّا أَن يُريدهُ قَالَ وَلَو قَالَ دَاري لفُلَان وَقَالَ أردْت الْإِقْرَار يقبل لِأَنَّهُ يُرِيد باضافة الدَّار إِضَافَة سُكْنى 729 - مَسْأَلَة رجل فِي يَده دَار فَقَالَ رجل آخر نصف هَذِه الدَّار الَّتِي فِي يدك ملك لزيد فَأنْكر صَاحب الْيَد ثمَّ قَالَ صَاحب الْيَد لرجل يَظُنّهُ وَكيلا من جِهَة زيد بِعني نصيب زيد فَهَذَا إِقْرَار لزيد بِنصْف الدَّار كَمَا لَو قَالَ لزيد وَكَذَا لَو قَالَ الْفُضُولِيّ يعرف أَنه لَيْسَ بوكيل بِعني نصيب زيد فَهُوَ إِقْرَار أَيْضا وَإِن قَالَ لزيد بِعني هَذَا أَو بِعني نصِيبه كَانَ إِقْرَارا لَهُ بِنصفِهِ 730 - مَسْأَلَة لَو أَن رجلا أقرّ بدين مَعْلُوم لإِنْسَان وَالْمقر لَهُ أقرّ بذلك المَال لإِنْسَان آخر ثمَّ الْمقر لَهُ الثَّانِي أَرَادَ أَن يَدعِي على الْمقر الأول قَالَ يسمع الدَّعْوَى ويساغ للشُّهُود أَن يشْهدُوا حزما أَنه يلْزمه تَسْلِيم هَذَا المَال إِلَيْهِ من غير أَن يذكرُوا الْجِهَة وَالسَّبَب وَلَيْسَ للْقَاضِي أَن يكْشف عَن ذَلِك ويستخبرهم عَنهُ وَلَو أَن الْمقر الأول ادّعى أَن الْمقر لَهُ أَولا أَبرَأَهُ عَن ذَلِك المَال قَالَ لَا يسمع دَعْوَاهُ وَلَا يتلفت إِلَيْهِ لِأَنَّهُ بَعْدَمَا أقرّ بِالْمَالِ للْغَيْر لَا يَصح إبراؤه عَن مَال الْغَيْر فَلَا يسمع دَعْوَى الْإِبْرَاء 731 - مَسْأَلَة إِذا أقرّ العَبْد لمَوْلَاهُ بِمَال ثمَّ بَان أَنه كَانَ حرا قَالَ يَصح الْإِقْرَار 732 - مَسْأَلَة امْرَأَة مَرِيضَة زمنة الْفراش بقيت كَذَلِك سنتَيْن الحديث: 729 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 602 @ وَكَانَت تجْلِس وتأكل وتتكلم كالأصحاء فأقرت لزَوجهَا قَالَ إِن لم يحدث مرض آخر حَتَّى مَاتَت فَهُوَ كإقرار الْمَرِيض فِي مرض الْمَوْت لوَارِثه 733 - مَسْأَلَة وَلَو أقرّ الْمَرِيض أَن الدّين الَّذِي على وارثي لفُلَان نصفه عَليّ قَالَ يَصح إِقْرَاره لِأَنَّهُ إِقْرَار لغير الْوَارِث 734 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ الْمَوَاضِع الَّذِي أثبت أساميها وحدودها فِي هَذَا الْكتاب ملك لفُلَان هَل يَصح إِقْرَاره بهَا وَإِن كَانَ السَّامع لَا يعرفهَا هَل يجوز أَن يشْهدُوا على إِقْرَاره بهَا وَهل يسمع شَهَادَته أجَاب يَصح إِقْرَاره وَلَا يجوز للسامع أَن يشْهد عَلَيْهَا 735 - مَسْأَلَة إِذا ادّعى على رجل شَيْئا فَقَالَ الْيَوْم لَا يلْزَمنِي دفع شَيْء إِلَيْك لَا يكون إِقْرَارا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب الْعَارِية اسْتعَار حليا فَوَضعه فِي تنور نَفسه فجَاء آخر فَأوقد فِيهِ نَارا فَتلف إِن كَانَ الموقد عَالما بِكَوْنِهِ فِيهِ ضمن وَالْمُسْتَعِير طَرِيق فِي وجوب الضَّمَان عَلَيْهِ سَوَاء فعله بِإِذن الْمُسْتَعِير أَو دون إِذْنه وَإِن كَانَ الموقد جَاهِلا نظر إِن أوقد النَّار فِيهِ دون إِذن الْمُسْتَعِير ضمن كَذَلِك وَإِن أوقد بِإِذْنِهِ إِن كَانَ الْمُسْتَعِير عَالما ضمن وَلَا شَيْء على الموقد وَإِن كَانَ جَاهِلا ضمن الموقد وهمله كالطعام الْمَغْصُوب وَلَو وَضعه فِي تنور غَيره بِغَيْر إِذْنه ضمن الْمُسْتَعِير وَلَا شَيْء على الموقد إِلَّا أَن يكون عَالما فقرار الضَّمَان عَلَيْهِ وَإِن وَضعه فِي تنور الْغَيْر بِإِذْنِهِ فَهُوَ كَمَا وَضعه فِي تنور نَفسه 736 - مَسْأَلَة إِذا اسْتعَار شَيْئا من إِنْسَان ثمَّ دفع الْمُعير دَابَّة إِلَى الْمُسْتَعِير الْعَارِية قَالَ تكون الدَّابَّة فِي عمل نَفسه فَإِن كَانَت الْعَارِية فِي يَد غير الْمُسْتَعِير فَأخذ فِي يَده دَابَّة الْمُعير ليرد الْعَارِية فَالضَّمَان على من فِي يَده الدَّابَّة إِن فعل بِغَيْر إِذن الْمُسْتَعِير وَإِن أَخذ بِإِذْنِهِ فَهُوَ وَكيله وَالضَّمان على الْمُسْتَعِير الحديث: 733 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 603 - مَسْأَلَة إِذا دفع دَابَّة إِلَى إِنْسَان لينْتَفع بهَا ليدفع إِلَيْهِ دَابَّة نَفسه بعد هَذَا كَمَا يَفْعَله الْعَوام يسمونه أوام جه يدْفَعُونَ البقور لحراثة الأَرْض ليدفع إِلَى هَذَا بقرة عِنْد حَاجته قَالَ لَا يكون هَذَا الْبَقر مَضْمُونا على الْآخِذ كَالْعَيْنِ فِي الْإِجَازَة الْفَاسِدَة وَإِنَّمَا كَانَ الْقَرْض مَضْمُونا لِأَنَّهُ لَا يقْرض الْعين إِنَّمَا يقْرض الْمَنْفَعَة فَيكون بِمَنْزِلَة الْإِجَازَة الْفَاسِدَة يضمن فِيهِ الْمَنْفَعَة دون الْعين 738 - مَسْأَلَة اسْتعَار دَابَّة من إِنْسَان ليحمل عَلَيْهَا مَتَاعه إِلَى مَوضِع فَقَالَ الْمُعير لغلامه احْمِلْ هَذَا الْمَتَاع على الدَّابَّة واذهب بِهِ فَحمل الْغُلَام فَهَلَكت الدَّابَّة فِي الطَّرِيق قَالَ يضمن الْمُسْتَعِير إِذا حمل الْمُعير الْمَتَاع على الدَّابَّة بِإِذْنِهِ 739 - مَسْأَلَة لَو أرسل طفْلا إِلَى آخر ليستعير لَهُ شَيْئا فَدفع الْمَالِك إِلَيْهِ فَهَلَك أَو أهلكه لَا ضَمَان على أحد 740 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ لرجل إحمل متاعي هَذَا على دابتك فَحمل مَالك الدَّابَّة مَتَاعه على دَابَّته فَتلفت الدَّابَّة فقد ذكر الْأَصْحَاب وعلقته من شَيْخي وَأَنه يجب على صَاحب الْمَتَاع ضَمَان الدَّابَّة وَكَانَ شَيْخي يَقُول وَالَّذِي عِنْدِي أَن لَا يجب عَلَيْهِ ضَمَان الدَّابَّة لِأَن الضَّمَان إِمَّا أَن يجب بِاسْتِعْمَال مَال الْغَيْر أَو بِالْيَدِ لَا جَائِز أَن يُقَال يجب بِالِاسْتِعْمَالِ لِأَن الِاسْتِعْمَال مَأْذُون فِيهِ بِالْيَدِ لَا يُمكن إِيجَاب الضَّمَان لِأَن الدَّابَّة فِي يَد مَالِكه فَمَا هَذَا إِلَّا أَنه اسْتَعَانَ بِهِ فِي نقل أمتعته إِلَى الْبَلَد وَلِهَذَا لَا يجب ضَمَان دَابَّته فَإِن الرجل إِذا قَالَ لإِنْسَان خُذْهُ هَذِه الْوَدِيعَة واحفظه فِي هَذَا الصندوق مَا قَالَ أحد أَن يكون الصندوق مَضْمُونا على الْمُودع لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي يَده إِلَّا أَنه اسْتَعَانَ بصندوقه فِي حفظ مَاله وَفِي فَتَاوَى القَاضِي أَنه إِذا الحديث: 738 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 604 @ اسْتَعَانَ رجل بِعَبْدِهِ وَحِمَاره فِي نقل أمتعته لَا يجب ضَمَان العَبْد وَالْحمار لِأَنَّهُ فِي يَد الْمَالِك 741 - مَسْأَلَة اسْتعَار حمارا مَعَ الجحش فَهَلَك الجحش قَالَ لَا يضمن لِأَنَّهُ لم يَأْخُذ الجحش للِانْتِفَاع إِنَّمَا أَخذ لتعذر حفظه دون الْأُم وَإِن لم يكن الِانْتِفَاع بِالْأُمِّ إِذا لم يكن الْوَلَد مَعَه ضمن 741 مَسْأَلَة إِذا اسْتَأْجر شَيْئا إِجَارَة فَاسِدَة فأعار من غَيره فَتلف قَالَ لَا يجب الضَّمَان على الْمُسْتَأْجر لِأَنَّهُ فعل مَا لم يكن لَهُ ذَلِك والقرار على الْمُسْتَعِير 743 - مَسْأَلَة عبد اسْتعَار شَيْئا فَهَلَك فِي يَده يتَعَلَّق الضَّمَان بِذِمَّتِهِ كَمَا لَو اشْترى شَيْئا 744 - مَسْأَلَة إِذا اسْتعَار ثوبا من إِنْسَان فَدفع الْمُعير مَعَه حليا فَقَالَ الْمُسْتَعِير لَا أُرِيد الْحلِيّ فَدفع الْمُعير إِلَيْهِ الْحلِيّ فَضَاعَ من يَده قَالَ إِن أَخذه للإستعمال ضمن وَإِلَّا فَلَا 745 - مَسْأَلَة إِذا دفع ألفا إِلَى إِنْسَان ثمَّ قَالَ الْمَدْفُوع إِلَيْهِ كَانَت وَدِيعَة فَهَلَكت وَقَالَ الدَّافِع بل أَخَذته قرضا فَالْقَوْل قَول الْمَدْفُوع إِلَيْهِ وَهُوَ الْقَائِل وَرَفعه مَعَ يَمِينه لِأَن الأَصْل بَرَاءَة ذمَّته بِخِلَاف مَا لَو قَالَ غصبتني فَقَالَ لَا بل أكريتني فَالْقَوْل قَول الْمَالِك لِأَنَّهُ أتلف مَنْفَعَة مَاله ثمَّ يدعى سُقُوط الضَّمَان بعد الْإِنْفَاق على أَنه أَخذ لحق نَفسه 746 - مَسْأَلَة اسْتعَار أَرضًا للزِّرَاعَة فكرى بهَا ثمَّ جَاءَ مَالك الأَرْض فزرعها من غير إِذن الْمُسْتَعِير هَل يجب عَلَيْهِ أُجْرَة مثل الأَرْض قَالَ لَا يجب كَمَا لَو رَجَعَ بعد مَا كرب لَهُ ذَلِك قَالَ وَيحْتَمل أَن يُوجب عَلَيْهِ أُجْرَة الْمثل لِأَنَّهُ لَو كَانَ غرس بِإِذن الْغَيْر لم يكن للْمُعِير قلع غراسه مجَّانا 747 - مَسْأَلَة وَلَو نقل رجل زبلا من مَكَان بعيد إِلَى طرف أرضه الحديث: 741 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 605 @ فجَاء رجل وألقاه فِي أَرض نَفسه هَل يجب عَلَيْهِ أُجْرَة مثل النَّقْل للناقل قَالَ لَا يجب 748 - مَسْأَلَة إِذا أَخذ أَرضًا سوما فغرس فِيهَا يقْلع مجَّانا وَلَو قَالَ لَهُ الْمَالِك اغرس فغرس لَا يقْلع مجَّانا بل يتَخَيَّر الْمَالِك بَين أحد الْأَشْيَاء الثَّلَاثَة كالعارية وَلَو أَخذ على سَبِيل البيع الْفَاسِد إِن كَانَ عَالما بفساده فغرس قلع وَإِن كَانَ جَاهِلا لَا يقْلع مجَّانا بل يتَخَيَّر الْمَالِك بَين أحد الْأَشْيَاء الثَّلَاثَة كالعارية فَإِن كَانَ عَالما بفساده فَقَالَ لَهُ الْمَالِك اغرس فكالعارية يتَخَيَّر وَقد أطلق القَوْل فِي البيع الْفَاسِد فِي مَوضِع آخر أَنه يقْلع مجَّانا علم أَو جهل وَهَذَا أمثل 749 - مَسْأَلَة رجل حفر بِئْرا فِي أَرض السُّلْطَان فتردى فِيهَا فرس فَمَاتَ هَل يضمن قَالَ إِن حفر بِإِذن السُّلْطَان لَا يضمن وَإِن حفر دون إِذْنه ضمن كمن حفر فِي ملك الْغَيْر يضمن 750 - مَسْأَلَة قَالَ رجل يُقيم الْمَسْجِد اضْرِب فِي ملكي اللَّبن لِلْمَسْجِدِ فَضرب وَبنى الْمَسْجِد قَالَ يصير فِي حكم الْمَسْجِد لَيْسَ للآذن نقضه كَمَا لَو دفع دَرَاهِم إِلَى إِنْسَان ليدفع إِلَى فَقير فَدفع يصير الْفَقِير لَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَاده وبالصرف إِلَيْهِ يصير ملكا لَهُ فَكَذَلِك بإدخاله فِي الْبناء يصير ملكا لَهُ وَلَو كَانَ قبل إِدْخَاله فِي الْبناء لَهُ أَن يسْتَردّ كَذَلِك قبل أَن يضْرب اللَّبن فزوال ملكه لَا يتَوَقَّف عَن وجود اللَّفْظ كَمَا فِي الْهَدِيَّة إِذا أهْدى إِلَى إِنْسَان فَقبض يصير ملكا بِالْإِرْسَال وَالْأَخْذ بِخِلَاف التعاطي لَا يَجْعَل بيعا لِأَن البيع عقد والعقود لَا يكون إِلَّا بِاللَّفْظِ 751 - مَسْأَلَة رجل أعَار الطوب والخشب ليقيم الْمَسْجِد ليبنى الْمَسْجِد قَالَ لَا يجوز لِأَن الْإِعَارَة أَن يدْفع شَيْئا إِلَى إِنْسَان لينْتَفع بِهِ ثمَّ مَتى شَاءَ يسْتَردّ مِنْهُ وَالشَّيْء إِذا صَار مَسْجِدا لَا يجوز الاستردادا بِخِلَاف مَا لَو دفع أَرضًا إِلَى إِنْسَان ليدفن فِيهِ مَيتا يجوز لِأَن لَهُ نِهَايَة وَهُوَ أَن يصير الْمَيِّت تُرَابا فَيرجع بعده وَهَاهُنَا لَا نِهَايَة لَهُ أما لَو دفع شَيْئا لَا يكون من ضَرُورَة الْمَسْجِد مثل أَن يدْفع الحديث: 748 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 606 @ حشيشا ليتَّخذ مظلة لِلْمَسْجِدِ لينْتَفع بِهِ النَّاس أَو الطوب والخشب ليبني جدارا حَتَّى لَا يتْلف أَرض الْمَسْجِد يجوز وَيكون عَارِية وَله أَن يرجع مَتى شَاءَ وَإِذا تلف ضَمَانه على الْمُتَوَلِي لِأَنَّهُ الْمُسَبّب وَإِن كَانَ مَنْفَعَة المظلة يعود إِلَى النَّاس كمن أَخذ مروحة عَارِية ليروح بهَا النَّاس فَتلف يكون الضَّمَان على الْآخِذ 752 - مَسْأَلَة رجل أعَار من إِنْسَان التُّرَاب والآجر وَاللَّبن ليبني بِنَاء قَالَ أما إِعَارَة التُّرَاب للْبِنَاء لَا يَصح لِأَنَّهُ لَا يُمكن الْبناء إِلَّا بالطين ويتغير بِهِ عَن هيأته وحد الْعَارِية أَن يدْفع شَيْئا إِلَى غَيره لينْتَفع بِهِ على هَيئته من غير أَن يُغَيِّرهُ أما مَا ينتقص بِالِاسْتِعْمَالِ ويغير بِهِ فَلَا بَأْس أما الْمُتَغَيّر فَلَا يجوز لَهُ أَن يُغَيِّرهُ بصنعته عَن هَيئته وإعارة الدَّرَاهِم لَا يجوز على الْأَصَح لِأَن الِانْتِفَاع بِهِ على هَيئته لَا يُمكن وعَلى الْوَجْه الآخر يجوز لِأَنَّهُ يتَصَوَّر الِانْتِفَاع بِهِ على هَيئته بِأَن يزين بِهِ ذكائه أَو يضْرب على طبعه أما الْآجر وَاللَّبن نظر أَعَارَهُ ليبني بِنَاء لَا يُمكنهُ النزع من الْبناء سليما كَمَا لَو دفع لَا يجوز لِأَن حد الْعَارِية أَن يدْفع شَيْئا يُمكنهُ أَن ينْتَفع بِهِ وَيَردهُ كَمَا أَخذ وَإِن دفع ليبني جدارا وَأخذ الْأُجْرَة وَلَا يغرم أرش النُّقْصَان لِأَنَّهُ أَخذ ملك نَفسه 753 - مَسْأَلَة إِذا اسْتعَار آجرا ولوحا ليبني فَيضمن الْمُعير أرش النُّقْصَان وَلَو اسْتعَار لَبَنًا أَو آجرا أَو خشبا ليبني بِنَفسِهِ فِي أرضه بَيْتا أَو جدارا فَفعل ثمَّ رَجَعَ الْمُعير لَهُ أَن يسْتَردّ إِلَيْهِ وَينْقص بِنَاؤُه وَلَا شَيْء عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَخذ عين مَاله من غير أَن أَدخل نُقْصَانا على الْمُسْتَعِير فِي مَاله ومؤونة عمله لَا يعْتَبر لِأَنَّهُ كَانَ يعْمل لنَفسِهِ إِلَّا أَن يكون الْمُعير قد أَدخل فِيهِ شَيْئا من آلَة نَفسه فَانْتقضَ تِلْكَ الْآلَة بِنَقص الْمُعير ذَلِك النُّقْصَان وَلَو انْتقصَ من آلَات الْمُعير شَيْء بالإدخال فِي الْبناء لَا يضمن الْمُسْتَعِير لِأَن الْعَارِية إِذا انْتقض بِالِاسْتِعْمَالِ فِيمَا أذن فِيهِ لَا تكون مَضْمُونَة على الْمُسْتَعِير 754 - مَسْأَلَة رجل لَهُ فِي ذمَّة آخر دين فَمَاتَ الَّذِي لَهُ وَخلف وَارِثا وَلم يرد الدّين إِلَى وَارِث الْمَيِّت حَتَّى مَاتَ الْوَارِث وَلم يخلف الْوَارِث أَو لم الحديث: 752 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 607 @ يردهُ الَّذِي عَلَيْهِ الْحق إِلَى وَارِث الْوَارِث إِن خلف فَهَذَا الَّذِي عَلَيْهِ الدّين يلقى ابْنه بِحَق الْمَوْرُوث أم بِحَق جَمِيع الْوَرَثَة قَالَ لكل وَاحِد بِقدر اسْتِحْقَاقه بَاب الْغَصْب 755 - مَسْأَلَة ضرب لَبَنًا من طين مَغْصُوب ثمَّ نقضه يجب عَلَيْهِ أَلا يغرم قِيمَته مَضْرُوبا 756 - مَسْأَلَة رجل غصب شَيْئا ثمَّ إِن الْمَالِك لقِيه فِي مفازة وَالْمَغْصُوب مَعَه فَإِن استرده لم يُكَلف أُجْرَة النَّقْل وَإِن امْتنع عَن الْقبُول فَوَضعه الْغَاصِب بَين يَدَيْهِ هَل تَبرأ نظر إِن لم يكن لنقله مؤونة يبرأ وَإِلَّا فَلَا وللمالك أَن يُكَلف رده إِلَى مَوضِع الْغَصْب وَلَو أَخذه الْمَالِك وَشرط على الْغَاصِب مؤونة النَّقْل قَالَ لَا يجوز لِأَنَّهُ ينْقل ملك نَفسه 757 - مَسْأَلَة رجل أجر دَارا من إِنْسَان إِلَّا بَيْتا أمْسكهُ لنَفسِهِ يدْخل فِيهَا دوابه فَأدْخل دَابَّة فِي ذَلِك الْبَيْت وَترك بَابا الْبَيْت مَفْتُوحًا فَخرجت الدَّابَّة واتلفت مَالا لمستأجر الدَّار لَا ضَمَان لِأَن الْمُسْتَأْجر الدَّار كَانَ حَاضرا عَلَيْهِ حفظ مَاله وَإِن خرج وَترك الْمَتَاع مَعَ علمه بِأَن الْبَاب مَفْتُوحًا فَهُوَ مضيع لمَاله فَإِن لم يعلم ضمن مَالك الدَّار 758 - مَسْأَلَة دَابَّة إِنْسَان سَقَطت فِي كوَّة فِي دَار إِنْسَان وأتلفت شَيْئا قَالَ إِن كَانَ بِاللَّيْلِ يجب الضَّمَان على مَالك الدَّابَّة وَإِن هَلَكت الدَّابَّة فَلَا ضَمَان وَإِن كَانَ بِالنَّهَارِ فَلَا ضَمَان على مَالك الدَّابَّة وَالله تَعَالَى أعلم 759 - مَسْأَلَة لَو غصب شَجَرَة أَو حطبا فحرقه حَتَّى صَار رَمَادا لَا الحديث: 755 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 608 @ قيمَة لَهُ غرم قيمَة الشَّجَرَة وَالْمَالِك أولى بِالِانْتِفَاعِ بالرماد وَإِن جعله فحما وَله قيمَة فالفحم للْمَالِك وَغرم الْغَاصِب النُّقْصَان وَذَلِكَ إِذا كَانَت قيمَة الفحم أقل من قيمَة الشَّجَرَة 760 - مَسْأَلَة غصب مكَاتب عَلَيْهِ أُجْرَة مثله للْمكَاتب فَإِن مَاتَ فِي يَده فَالْقيمَة للسَّيِّد 761 - مَسْأَلَة غصب جَارِيَة فَوَطِئَهَا رجل فِي يَد الْغَاصِب فَمَاتَتْ فِي الطلق قَالَ إِن زنا فَالْقيمَة على الْغَاصِب وَإِن كَانَ بِالشُّبْهَةِ فعلى الواطىء كَمَا لَو وطىء فِي يَد الْمَالِك وَالْغَاصِب طَرِيق وَإِن نَكَحَهَا نِكَاحا فَوَطِئَهَا قَالَ نظر إِن كَانَ الْفساد من حَيْثُ أَن الْغَاصِب زَوجهَا وَلم يعرف الزَّوْج فَالضَّمَان على الْغَاصِب لِأَن الزَّوْج لم يشرع فِيهِ على أَن يضمن بالطلق وَإِن كَانَ الْفساد شُبْهَة أُخْرَى فو كَوَطْء الشُّبْهَة قَالَ وَلَو زَوجهَا الْمَالِك فِي يَد الْغَاصِب صَحَّ التَّزْوِيج فَإِذا مَاتَت فِي يَد الْغَاصِب أَو عِنْد الزَّوْج فِي الطلق أَو غَيره فَالْقيمَة على الْغَاصِب لِأَنَّهَا مَضْمُونَة عَلَيْهِ كمن غصب جَارِيَة مُزَوّجَة فَمَاتَتْ عِنْده 762 - مَسْأَلَة لَو غصب شَيْئا فَبَاعَهُ من آخر فَتلف فِي يَد المُشْتَرِي فقرار الضَّمَان عَلَيْهِ وَلَو أعَار الْغَاصِب من إِنْسَان فَتلف فِي يَد الْمُسْتَعِير فَكَذَلِك أما مَنْفَعَة الْعين يكون قَرَار ضَمَانهَا على الْمُسْتَعِير أم على الْغَاصِب هَذَا يبْنى على أَن الْمُسْتَعِير هَل يعير أم لَا فِيهِ وَجْهَان إِن قُلْنَا يعير جعلنَا الْمَنْفَعَة ملكا لَهُ فَهَل يسْتَقرّ ضَمَان الْعين على المنهب فِيهِ خلاف بَين أَصْحَابنَا وَإِن قُلْنَا الْمُسْتَعِير لَا يعير فَهُوَ كَمَا لَو أطْعم الْمَغْصُوب إنْسَانا فَأَكله وَفِيه قَولَانِ وَالصَّحِيح من هَذَا كُله أَنه كالطعام 763 - مَسْأَلَة قَالَ مُجَرّد مَال الْغَيْر سَبَب مُوجب للضَّمَان حَتَّى لَو حمل الحديث: 760 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 609 @ مَتَاع إِنْسَان ثمَّ وَضعه فِي مَكَانَهُ فِي الْحَال فَتلفت يضمن إِلَّا إِذا وضع بَين يَدي الْمَالِك فَهِيَ كالتخلية يبرأ وَإِن لم يضع بَين يَدي الْمَالِك لَا يبرأ عَن ضَمَانه حَتَّى يرد إِلَى الْمَالِك أَو وَكيله 764 - مَسْأَلَة دَار بَين حَاضر وغائب فَوكل رجلا حَتَّى اسْتَأْجر جَمِيعهَا من الْحَاضِر بِغَيْر إِذن الْغَائِب فَفعل ثمَّ رَجَعَ على الْغَائِب قَالَ يرجع بِأَجْر مثل نصِيبه إِن شَاءَ على شَرِيكه وَإِن شَاءَ على الْوَكِيل إِن كَانَ عَالما وَإِن شَاءَ على الْمُسْتَأْجر الَّذِي انْتفع بِهِ والقرار على الْمُسْتَأْجر قَالَ وَإِنَّمَا يرجع على الْوَكِيل إِذا اسْتَأْجر وَقبض وَحصل فِي يَده فَأَما بِمُجَرَّد العقد لَا يجب عَلَيْهِ شَيْء 765 - مَسْأَلَة الثَّلج والجمد من ذَوَات الْأَمْثَال وَيجوز بيع الثَّلج بالثلج مَوْزُونا وَكَذَا الجمد وَالتُّرَاب من ذَوَات الْأَمْثَال قَالَ وَالْأَجْر كَذَلِك عِنْدِي 766 - مَسْأَلَة رجل اشْترى من فقاعي عددا من الفقاع فَجعل يَبِيع وَيُؤَدِّي إِلَيْهِ الثّمن فَبَان أَن المُشْتَرِي كَانَ عبدا وأبق قَالَ لَا شَيْء على الفقاعي لِأَن العَبْد كَانَ يعْمل لنَفسِهِ وَلم يكن للْبَائِع بِخِلَاف مَا لَو اسْتعْمل عبد الْغَيْر بِغَيْر أَمر الْمولى أَو بأَمْره فَإِن أمره يحمل مَتَاعه إِلَى بَيته فأبق ضمن وَحَكَاهُ عَن القَاضِي قَالَ وَهَذَا عِنْدِي فِيمَا إِذا قهره من اسْتَعْملهُ على الْعَمَل وَكَانَ العَبْد عجميا يرى الْعَمَل لكل من يَأْمُرهُ إِذا قَالَ لعبد الْغَيْر أعمل كَذَا من غير أَن قهره وَهُوَ عَاقل مُمَيّز يَنْبَغِي أَن لَا يضمن 767 - مَسْأَلَة غصب دَارا فانهدمت أَو هدمها الْغَاصِب فَصَارَت أَرضًا عَلَيْهِ أُجْرَة مثل الدَّار لِأَنَّهَا صَارَت أَرضًا فِي ضَمَانه كَمَا لَو غصب عبدا فشلت يَده فِي يَد الْغَاصِب أَو قطع يَده يجب عَلَيْهِ أُجْرَة مثله صَحِيح الْيَد وَعَلِيهِ ضَمَان الْيَد فَكَذَلِك فِي الدَّار عَلَيْهِ ضَمَان الْهدم وَأُجْرَة مثل مَا دَامَت فِي يَده وَإِن كَانَت مهدومة وَقد رَأَيْت فِي الْمَجْمُوع بِخِلَافِهِ 768 - هبت الرّيح بِثَوْب فَأَلْقَاهُ فِي صبغ رجل فالصبغ وَالثَّوْب يُبَاع فَيُؤَدِّي إِلَى كل وَاحِد ثمن مَاله الحديث: 764 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 610 - مَسْأَلَة اسْتَأْجر رجلا لحفظ دَابَّته فَردهَا الْآجر إِلَى بَيت الْمُسْتَأْجر غَائِب فَأَخذهَا عبد الْمُسْتَأْجر وأتلفها قَالَ للْمُسْتَأْجر أَن يرجع بِالضَّمَانِ على الْأَجِير ثمَّ الْأَجِير يتَعَلَّق بِرَقَبَة العَبْد 770 - مَسْأَلَة رجل أجر دَارا من إِنْسَان ليسكن فِيهَا وَقَالَ الْآجر للْمُسْتَأْجر لي فِي هَذِه الدَّار مَتَاع فاحفظها فجَاء غَاصِب وَأخرج الْمُسْتَأْجر من الدَّار وَجلسَ هُوَ فِيهِ فَضَاعَ مَتَاع الْآجر فِي الدَّار الضَّمَان على من قَالَ لَا ضَمَان على أحد إِذا لم يتَعَرَّض للمتاع وَإِنَّمَا الضَّمَان على السَّارِق هَذَا إِذا لم يقبل الْمُسْتَأْجر الْحِفْظ أَو قبل غير أَنه لم يسكن بعد فِي الدَّار لِأَن هَذَا استيداع من غير قبض وَلَو قبل وَسكن الدَّار يصير مودعا يجب عَلَيْهِ الْحِفْظ فَلَو قصر ضمن 771 - مَسْأَلَة رجل بَاعَ أَرضًا فعمرها المُشْتَرِي وَأدّى الْخراج أَو عبدا فاتفق المُشْتَرِي عَلَيْهِ ثمَّ خرج مُسْتَحقّا فالمستحق يَأْخُذ الأَرْض ويغرمه أجر مثل الْمدَّة الَّتِي كَانَت فِي يَده إِذا بَين تَارِيخ ملكه ثمَّ المُشْتَرِي يرجع على البَائِع بِالثّمن الَّذِي أدّى قَالَ وَلَا يرجع بِمَا عمر وَبِمَا أنْفق على العَبْد بالخراج لِأَنَّهُ شرع فِيهِ على أَن يضمن النَّفَقَة وَالْخَرَاج كَمَا لَو هَلَكت الْعين فِي يَده فضمن الْقيمَة لَا يرجع بِقِيمَة الْعين وَإِذا غرم أُجْرَة الْمثل وَلم يكن قد انْتفع بِالْأَرْضِ يرجع على البَائِع وَإِن كَانَ قد انْتفع فَقَوْلَانِ وَقد جعلُوا فِي الرُّجُوع بِمَا أنْفق وَجْهَان وَرَأَيْت للشَّيْخ الْقفال أَنه لَا يرجع بِمَا أنْفق وَجها وَاحِدًا 772 - مَسْأَلَة رجل اعْتَادَ النُّزُول على إِنْسَان فَنزل عَلَيْهِ مرّة مَعَه حِمَاره ربطه فِي اصطبله وَقد حمل شَيْئا من الْحَشِيش مَعَ نَفسه فَأَلْقَاهُ بَين يَده والحشيش مُضر ثمَّ ذهب وَترك شَيْئا من ذَلِك فَدخلت بقرة لصَاحب الدَّار وأكلت من ذَلِك الْحَشِيش هَل يجب الضَّمَان على من حمل الْحَشِيش قَالَ لَا يجب لِأَن الْبَقَرَة تناولته بخياره وَلها اخْتِيَار وَهَذَا بِنَاء على أصل وَهُوَ أَن من جعل السم فِي الحديث: 770 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 611 @ طَعَام فتناوله صَاحب الطَّعَام وَفِيه اخْتِلَاف أما إِذا ألْقى الْحَشِيش المهلك بَين يَديهَا فَأكلت أَو وضع سما بَين يَدي صبي فتناوله فَهَلَك ضمن وَلَو احتش لحماره فَألْقى بَين يَده فِي شَارِع وَذَلِكَ الْحَشِيش يضر الْبَقَرَة وَلَا يضر الْحمار فتناولته بقرة إِنْسَان فَهَلَكت فَهُوَ كمن جعل السم فِي دن الطَّرِيق وألقاه فِي ملك الْغَيْر فأكلته دَابَّة صَاحب الْملك فَهَلَكت ضمن إِذا ادى بِغَيْر إِذْنه وَلَو أحرق الزدير فِي هريم الْغَيْر دون إِذْنه وَيُقَال رماده مُضر للدواب فأكلته دَابَّة إِنْسَان مِمَّا أحرقت مِنْهُ قَالَ إِن هَذَا قريب من الأول وَقد اقتيت بِهِ موجوب الضَّمَان وَلَو أخرج صبي صَغِير شَيْئا من الزدير فطرحه على ثِيَاب الدَّار فَأَتَت دَابَّة فَأكلت قَالَ إِن كَانَ فِي سكَّة نَافِذَة ضمن الصَّبِي على هَذَا الْفَتْوَى وَإِن كَانَت السِّكَّة غير نَافِذَة إِن كَانَت الدَّابَّة لأهل السِّكَّة ضمن وَإِن دخلت من خَارج السِّكَّة لَا يضمن كَمَا لَو دخلت دَار إِنْسَان فتناولت 773 - مَسْأَلَة إِذا كَانَت بَين حَائِط رجل وكرم الآخر جِدَار مُشْتَرك بَينهمَا فَفتح صَاحب الْكَرم بَابا على جِدَار بِغَيْر إِذن صَاحب الْحَائِط فَأدْخل صَاحب الْحَائِط جَاهِلا بِفَتْح الْبَاب لَا شَيْء عَلَيْهِ وَإِن كَانَ عَالما ضمن وَكَذَلِكَ إِذا كَانَ الْجِدَار لصَاحب الْكَرم خَالِصا وَإِن كَانَ بَين الْحَائِط وَالْكَرم طَرِيق أَو لَا جِدَار بَينهمَا فَدخلت الدَّابَّة وَإِن كَانَ الْمَالِك حَاضرا ضمن وَإِن كَانَ غَائِبا لم يضمن بِالنَّهَارِ وَيضمن بِاللَّيْلِ وَإِن كَانَ مَكَان الْحَائِط أَرضًا لَا حَائِط لَهَا يجنب جِدَار كرم إِنْسَان وَقد أرسل صَاحب الأَرْض دَابَّته فَدخلت كرم الآخر فَإِن كَانَ مَالك الدَّابَّة حَاضرا فَكَمَا ذكرنَا وَإِن كَانَ غَائِبا وَأرْسل الدَّابَّة فَإِن كَانَ بِالنَّهَارِ وَإِن كَانَ بِاللَّيْلِ ضمن 774 - مَسْأَلَة رجل نزل خَانا فَأرْسل حِمَاره فِي بستانه وَالْحمار يُؤْذِي بعض الدَّوَابّ فَأدْخل آخر فِي الْبُسْتَان أغنامه فعض الْحمار بَعْضهَا قَالَ يضمن صَاحب الْحمار لِأَن الخان مَحل نزُول النَّاس فعلى صَاحب الدَّابَّة المؤذية إمْسَاك دَابَّته كَمَا لَو أرسلها فِي الطَّرِيق وَهِي مؤذية فأتلفت شَيْئا ضمن وَلَو لم تكن الحديث: 773 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 612 @ مؤذية فاتفق لم يضمن كَمَا لَو أرسلها فِي الطَّرِيق فَأهْلك وَكَذَلِكَ لَو أَدخل الدَّابَّة حَائِطا مُشْتَركا بَينه وَبَين غَيره فَغَضب دَابَّة الشَّرِيك وَهِي غير مَعْرُوفَة بالعض فَإِن أَدخل دون إِذن الشَّرِيك ضمن وَإِلَّا فَلَا وَلَو ألْقى أحد الشَّرِيكَيْنِ فِيهِ حشيشا مضرا فأ كلت دَابَّة الآخر فَهَلَكت ضمن وَإِن لم يكن الحائطان مشاعان لَكِن لَا جِدَار بَينهمَا فَدخلت دَابَّة أَحدهمَا ملك الآخر وأكلت الْحَشِيش المضر لم يضمن 775 - مَسْأَلَة رجل اخْتَلَّ جِدَاره فَصَعدَ السَّطْح يدقه للإصلاح فَسقط على إِنْسَان قَالَ إِن سقط وَقت الدق فعلى عَاقِلَته الدِّيَة 776 - مَسْأَلَة لَو وَقع عبد فِي بِئْر فجَاء آخر فَأرْسل حبلا فشده العَبْد فِي وَسطه وجره الرجل فَسقط العَبْد فَهَلَك قَالَ يضمن 777 - مَسْأَلَة إِذا حفر حوالي كدسة لمنع الدَّوَابّ فَسقط فِيهِ دَابَّة إِنْسَان فَهَلَكت لم يضمن وَكَذَلِكَ لَو حفر فِي مَرَّات فَإِن حفر فِي أَرض الْغَيْر بِغَيْر إِذْنه فَسقط فِيهَا دَابَّة مَالك الأَرْض يضمن الحاقه وَإِن سقط فِيهَا دَابَّة غَيره وَدخل بِغَيْر إِذن مَالك الأَرْض وَجْهَان 778 - مَسْأَلَة وَلَو غصب شَيْئا من إِنْسَان ثمَّ دَفعه إِلَى عبد الْغَيْر ليرد إِلَى الْمَالِك فَهَلَك عِنْده قَالَ إِن كَانَ العَبْد جَاهِلا بِالْحَال فَالضَّمَان على الْغَاصِب وَإِن كَانَ عَالما إِن قُلْنَا يدمن أَخذ من الْغَاصِب للرَّدّ أَمَانَة فَكَذَلِك لَا شَيْء على العَبْد وَإِن قُلْنَا يَده يَد ضَمَان يتَعَلَّق بِرَقَبَتِهِ وَالْمَالِك إِن شَاءَ غرم الْغَاصِب وَإِن شَاءَ غرم العَبْد يَأْخُذ من رقبته 779 - مَسْأَلَة صبي أكفأ طاس إِنْسَان فِي المَاء فَقَالَ لَهُ مَالك الطاس أخرجه فَأخْرجهُ فَمد الْمَالِك يَده ليأخذه مِنْهُ فَسقط من يَد الصَّبِي وانكسر يجب الضَّمَان على الصَّبِي الحديث: 775 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 613 - مَسْأَلَة رجل أَخذ عبد إِنْسَان وَهُوَ يَظُنّهُ عبدا فَقَالَ العَبْد أَنا حر فَتَركه فأبق يجب الضَّمَان على الْآخِذ لِأَن ضَمَان الْمَالِك بِالْجَهْلِ لَا يسْقط 781 - مَسْأَلَة إِذا دفع غُلَامه إِلَى إِنْسَان ليعلمه الحرفة فالغلام أَمَانَة فِي يَده فَلَو اسْتَعْملهُ فِي عمل من مصَالح الحرفة لَا يضمن وَإِن اسْتَعْملهُ فِي غَيره ضمن كالدابة يَدْفَعهَا إِلَيْهِ ليروضها فركبها فِي الرياضة لم يضمن وَإِن ركب فِي غَيرهَا ضمن 782 - مَسْأَلَة إِذا أَخذ شَيْئا من عبد إِنْسَان ثمَّ رد إِلَى العَبْد نظر إِن كَانَ ذَلِك الْمَتَاع دَفعه الْمولى إِلَى العَبْد مثل منديل كَانَ على رَأسه أَو ثوب فِي بدلة أَو دفع إِلَيْهِ مسحاة أَو فاس ليعْمَل فَرد الْأَخْذ إِلَى العَبْد يبرأ وَكَذَلِكَ لَو أَخذ الْآلَة من الْأَجِير فَرد إِلَيْهِ يبرأ لِأَن الْمَالِك رَضِي بِهِ بِيَدِهِ كَمَا لَو غصب الْوَدِيعَة من الْمُودع ثمَّ رد إِلَيْهِ يبرأ أَو المَال من يَد الْوَكِيل فَرد إِلَيْهِ وَإِن كَانَ العَبْد أَخذ دون الْمَالِك فالأخذ مِنْهُ لَا يبرأ بِالرَّدِّ إِلَيْهِ حَتَّى يصل إِلَى سَيّده كَمَا لَو أَخذ يَد الْغَاصِب ثمَّ رد إِلَيْهِ لَا يبرأ وَلَو كَانَ المودوع تعدى فِي الْوَدِيعَة حَتَّى صَار مَضْمُونا عَلَيْهِ ثمَّ غصب من يَده غَاصِب ثمَّ رد إِلَيْهِ هَل تَبرأ يحْتَمل أَن لَا تَبرأ كَمَا لَو أَخذ من الْغَاصِب وَالْوَكِيل بِالْبيعِ إِذا تعدى فَصَارَ مَضْمُونا عَلَيْهِ وَالْمُرْتَهن إِذا تعدى فغصب مِنْهُ الْغَاصِب ثمَّ رد إِلَيْهِ يحْتَمل أَن يكون كَمَا أَخذ من يَد الْمُسْتَعِير ثمَّ رد إِلَيْهِ هَل يبرأ على وَجْهَيْن لِأَنَّهُ مَعَ كَونه ضَامِنا مَأْذُون من جِهَة الْمَالِك فِي حفظه وَإِن تعدى بِدَلِيل أَن الْوَكِيل بِالْبيعِ لَو بَاعه بعد التَّعَدِّي يجوز وللمهرتهن حَبسه بعد التَّعَدِّي وَالضَّمان وَإِذا أَخذه من يَد الْمُودع بعد التَّعَدِّي ثمَّ رد إِلَيْهِ يحْتَمل هَذَا وَيحْتَمل أَن يبرأ لِأَن الْوَدِيعَة مَا هُوَ إِلَّا الْإِمْسَاك للْمَالِك أَمَانَة فَإِذا تعدى زَالَ ذَلِك فَصَارَ كالمغصوب حَتَّى أَقُول لَا يجوز لَهُ بعد التَّعَدِّي حفظه بل عَلَيْهِ رده بِخِلَاف الرَّهْن وَالْمَال فِي يدالوكيل لِأَنَّهُمَا بدل حق وَلَيْسَ أَمَانَة أَو وَدِيعَة الحديث: 781 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 614 - مَسْأَلَة إِذا غصب جَارِيَة فَزَوجهَا من إِنْسَان وَالزَّوْج جَاهِل فَوَطِئَهَا لَيْسَ عَلَيْهِ الْحَد لَكِن عَلَيْهِ الْمهْر وَلَا يرجع على الْغَاصِب لِأَنَّهُ شرع فِي العقد على أَن يضمن الْمهْر قَالَ وَالْغَاصِب يكون طَرِيقا فِيهِ فَيجوز للْمَالِك أَن يَأْخُذ الْمهْر من الْغَاصِب كالمنافع الَّتِي هَلَكت فِي يَد المُشْتَرِي من الْغَاصِب 784 - مَسْأَلَة إِذا اسْتعَار عبدا فثياب بدنه لَا يكون مَضْمُونا عَلَيْهِ على الصَّحِيح من الْمَذْهَب لِأَنَّهُ لم يَأْخُذهُ مُسْتَعْملا وَإِذا اسْتعَار دَابَّة مَعَ أكاف فالأكاف مَضْمُونَة عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَخذه مُسْتَعْملا وَيحْتَمل أَن يُقَال الثِّيَاب يكون مَضْمُونا عَلَيْهِ لِأَنَّهَا حصلت فِي يَده بِسَبَب مَضْمُون وَلَو أَخذ عبدا على جِهَة السّوم قَالَ إِن قُلْنَا إِذا بَاعَ العَبْد يدْخل فِيهِ ثِيَاب بدنه فثيابه مَضْمُونَة عَلَيْهِ وَإِن قُلْنَا لَا يدْخل فَهُوَ كَثوب العَبْد الْمُسْتَعَار 785 - مَسْأَلَة رجل أَخذه الصرع فسدد على مَال إِنْسَان فأتلفه أَو على دراابزين الْمَسْجِد فَكَسرهُ قَالَ يجب الضَّمَان كَالصَّبِيِّ يسْقط عَن المهد وَالله أعلم 786 - مُسلم رجل أجر دَاره وَللْآخر فِيهَا أقمشة على أَن يحفظ الْمُسْتَأْجر أقمشته فجَاء ظَالِم وَمنع الْمُسْتَأْجر من الدَّار وأسكنها غَيره فَسرق الْمَتَاع قَالَ لَا ضَمَان على أحد أَي سَوَاء السَّارِق لِأَن الْمُسْتَأْجر لم يدْخل الْمَتَاع فِي يَده وَلم يَتَعَدَّ فِيهِ وغاصب الدَّار لم يُوجد مِنْهُ إِلَّا منع الْمُسْتَأْجر عَن الدَّار لَا عَن المَال والساكن لم يعده يَده إِلَى المَال 787 - مَسْأَلَة رجل غصب عبدا من إِنْسَان ثمَّ إِن العَبْد قتل الْغَاصِب وَأقر بقتْله أَو قَامَت عَلَيْهِ ثَبت الْقصاص لوَارث الْغَاصِب فَإِن قتل قصاصا فِي يَد الْمَالِك بَعْدَمَا استرجعه لَهُ أَن يرجع بِقِيمَتِه فِي تَرِكَة الْغَاصِب لِأَن سَبَب الحديث: 784 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 615 @ وجوب الْقصاص كَانَ فِي يَده 788 - مَسْأَلَة الْمَالِك إِذا أَخذ الْقيمَة من الْغَاصِب لأجل الْحَيْلُولَة هَل يملكهَا أم لَا فَإِن قيل لَا يملكهَا كَيفَ يجوز أَن يتَصَرَّف فِيهَا أجَاب يملكهَا وَإِن لم يملك الْغَاصِب مَا يوازه وَهُوَ الْمَغْصُوب وَمَا للْحَيْلُولَة وَلم يملك بمقابلته شَيْئا غير إِن إِحْدَى الحيلولتين وَهِي حيلولة الْيَد فِي الْغَصْب أقوى من الْأُخْرَى أَي حيلولة أَخذ الْقيمَة 789 - مَسْأَلَة رجل تعدى على بِسَاط إِنْسَان دون إِذْنه قَالَ لَا يضمن الْبسَاط كَمَا لَو د خل أَرضًا لإِنْسَان لَا على قصد الْغَصْب والاستيلاء لَا يضمن الأَرْض فَإِن دخله نقص بقعوده عَلَيْهِ ضمن كَمَا لَو صعد شَجَرَة لإِنْسَان لَا يضمنهَا فَإِن انْكَسَرت غصنه مِنْهَا لثقله ضمنهَا وَكَذَلِكَ لَو رأى لقطَة فِي الطَّرِيق فَوضع عَلَيْهَا رجله لم يضمن فَإِن تحامل عَلَيْهَا ضمن 790 - مَسْأَلَة بقرة وَقعت فِي الوحل فجَاء محتسب فأخرجها فَمَاتَتْ من جَرّه قَالَ يضمن لِأَنَّهُ أُبِيح لَهُ بِشَرْط السَّلامَة فَإِن أخرج فَلم يدر أَنَّهَا مَاتَت من جَرّه وإخراجه أَو من الوحل فَلَا ضَمَان بِالشَّكِّ وَإِن أخرجهَا سليمَة لَا يجوز لَهُ تضييعها وَكَذَلِكَ شَاة استنفذها من ذِئْب لَا يجوز تضييعها ثمَّ ينظر إِن كَانَ يعرف مَالِكهَا عَلَيْهِ ردهَا فَإِن هَلَكت فِي يَده قبل التَّمَكُّن لم يضمن وَإِلَّا ضمن بِخِلَاف مَا لَو أَخذ الْمَغْصُوب من الْغَاصِب فَهَلَكت فِي يَده قبل أَن يتَمَكَّن من الرَّد ضمن فِي قَول لِأَنَّهُ أَخذهَا من يَد عَادِية وَإِن لم يعرف مَالِكهَا قَالَ هُوَ كاللقطة يلتقطها 791 - مَسْأَلَة وَلَو أَن رجلا بعث عبد الْغَيْر فِي شفل بِغَيْر إِذن سَيّده فأبق هَل يجب الضَّمَان قَالَ إِن العَبْد أعجميا يرى طَاعَة غير سَيّده وَاجِبا فِيمَا الحديث: 788 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 616 @ يَأْمُرهُ أَو صَغِيرا ضمن قَالَا فَلَا يضمن إِلَّا إِذا قهره ضمن بِكُل حَال وَإِن كَانَ العَبْد مخبرا وَلَكِن قَالَ لَهُ هَذَا الَّذِي اسْتَعْملهُ اني من سيدك فَاسْتَعْملهُ ضمن قَالَ وَلَو أَن الزَّوْج بعث عبد زَوجته فِي شغل دون إِذْنهَا فأبق ضمن بِكُل حَال لِأَن عبد الْمَرْأَة قد يرى طَاعَة زوج سيدتها وَاجِبَة فَهُوَ كالأعجمي فِي حق الْأَجْنَبِيّ وَلَو بعث السَّيِّد عَبده فِي شغل فَاسْتَقْبلهُ ظَالِم فَضرب العَبْد فأبق هَل يجب على الضَّارِب ضَمَان قَالَ إِن هرب من الضَّارِب فضل وَلم يهتد إِلَى بَيت سَيّده يجب الضَّمَان وَإِلَّا فَلَا ضَمَان 792 - مَسْأَلَة رجل دخل الْحمام فزلقت رجله فَسقط على طاس لغيره فَكَسرهُ يضمن وَلَو جرح الطاس بدن الرجل لم يضمن صَاحب الطاس ضمنه الدَّاخِل هَذَا إِذا لم يضع الطاس على ممر الدَّاخِل فَإِن وضع على مَمَره وَكَانَ الدَّاخِل أعمى أَو كَانَ لَيْلًا ضمن الْوَاضِع مَا تلف من بدن الرجل وَلم يضمن الدَّاخِل الطاس إِلَّا أَن يكون الْبَيْت ضيقا لم يكن للطاس مَوضِع إِلَّا الْمَمَر ضمن الدَّاخِل الطاس وَكَذَلِكَ لَو أذن لإِنْسَان فِي دُخُول دَاره فَسقط على شَيْء من مَاله فَأَهْلَكَهُ ضمن الدَّاخِل إِلَّا أَن يكون على مَمَره وَهُوَ أعمى وَلَو دخل بِغَيْر إِذن صَاحب الدَّار ضمن بِكُل حَال 793 - مَسْأَلَة لَو دَعَا عبدا لتنقية سطحه وَالْعَبْد مَأْذُون من جِهَة سَيّده فِيهِ فَسقط العَبْد من السّلم فَهَلَك ضمن إِلَّا أَن يكون بِأُجْرَة فَإِن سقط على مَتَاع لصَاحب الدَّار فَهَلَك الْمَتَاع تعلق الضَّمَان بِرَقَبَتِهِ فَإِن كَانَ بالسلم خلل بِحَيْثُ لَا يُطيق حمل العَبْد سَوَاء كَانَ صَاحب الدَّار عَالما بِحَال السّلم أَو جَاهِلا وَالْعَبْد جَاهِل لَا يجب ضَمَان الْمَتَاع وَإِن هلك العَبْد يجب ضَمَانه على صَاحب الدَّار الحديث: 792 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 617 - مَسْأَلَة بعيران يتراجلان فَأصَاب رجل أَحدهمَا دَابَّة إِنْسَان فأهلكها قَالَ إِن لم يكن الْمَالِك مَعهَا لَا يضمن لَيْلًا كَانَ أَو نَهَارا مَا بِالنَّهَارِ لَا ضَمَان لِأَنَّهُ لم يحرزها على الطَّرِيق وبالليل صَاحب الدَّابَّة مُتَعَدٍّ بإرسالها 795 - مَسْأَلَة أتلف جلدا غير مدبوغ قَالَ الْمَالِك كَانَ جلدي مذكى وَقَالَ الْمُتْلف بل جلد ميتَة فَالْقَوْل قَول الْمُتْلف مَعَ يَمِينه لِأَن الأَصْل بَرَاءَة ذمَّته بِخِلَاف مَا لَو قتل فَقَالَ الْمولى كَانَ حَيا فِيهِ قَولَانِ لِأَن ثمَّة لم يتَّفقَا على مُفَارقَة الرّوح وَهَاهُنَا اتفقَا وَلَو أراق خمرًا فاختلفا فَقَالَ الْمَالِك عصيرا وَقَالَ الْمُتْلف بل كَانَ خمرًا فَالْقَوْل قَول الْمَالِك مَعَ يَمِينه لِأَن الأَصْل بَقَاء مَالِيَّته بِخِلَاف الْجلد لِأَنَّهُ بعد مُفَارقَة الرّوح لم يكن لَهُ أصل فِي بَقَاء الْمَالِيَّة وَلَو اتفقَا على أَنه قد يخمر وَقَالَ الْمَالِك صَار خلا وَقَالَ الْمُتْلف بل كَانَ خمرًا فَالْقَوْل قَول الْمُتْلف مَعَ يَمِينه 796 - مَسْأَلَة إِذا ضرب على يَد فأشلها يجب قيمتهَا فَإِذا أَخذ الْقيمَة ثمَّ صحت يَد العَبْد قَالَ عَلَيْهِ رد الْقيمَة كَمَا لَو ذهب بَصَره فَعَاد فَلَو لم يَأْخُذ الْقيمَة حَتَّى برأَ قَالَ لَا يجب عَلَيْهِ أجر مثل هَذَا الشلل وبمثله لَو غصب عبدا فشلت يَده فِي يَده أَو ضرب يَده فأشلها ثمَّ رده عَلَيْهِ ضمن يَده فَإِن صحت يَده يجب أجر مثل عمله حَالَة الْغَصْب وَبعد الرَّد إِلَى أَن صحت يَده لِأَنَّهُ استولى عَلَيْهِ وَدخل جَمِيع ضَمَانه فَمَا لم يعد إِلَى الْحَالة الأولى عَلَيْهِ ضَمَان وَفِي الْجِنَايَة لم يستول عَلَيْهِ إِنَّمَا عَلَيْهِ ضَمَان جِنَايَته وَقد زَالَت الْجِنَايَة 797 - مَسْأَلَة إِذا اشْترى أَرضًا فغرس فِيهَا المُشْتَرِي أَو زرع ثمَّ اسْتحق قلع الْمُسْتَحق الزَّرْع وَالْغَرْس وَرجع المُشْتَرِي بِالنُّقْصَانِ على البَائِع الحديث: 795 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 618 @ وَإِن كَانَ عبدا أنْفق عَلَيْهِ هَل يرجع بِمَا أنْفق وَجْهَان الْأَصَح أَنه لَا يرجع لِأَنَّهُ شرع فِيهِ على أَن يضمنهُ كَذَلِك مَا ادى من خراج الأَرْض وَإِن كَانَ أَرضًا بنى فِيهَا بِآلَة أَدخل عَلَيْهِ من بَاب وجذع وَلبن فَلِلْمُشْتَرِي إِخْرَاجه وللمستحق قلعه وَإِن دخله نقص بِالْقَلْعِ وَجب أَن يرجع على البَائِع كنقص الْغَرْس وَإِن كَانَ قد بنى بتربتها وَضرب اللَّبن من تربَتهَا وزوقه وزين بِمَا لَا يكون فِيهِ عين مَال فللمستحق أَخذه كَذَلِك وَلَا يرجع على البَائِع قَالَ وَيحْتَمل أَن يكون كَالنَّفَقَةِ وَيحْتَمل أَن يفصل لِأَنَّهُ مجبور على الْإِنْفَاق وَأَدَاء الْخراج وَغير مجبور على الْبناء والتزويق 798 - مَسْأَلَة لَو اشْترى أَرضًا شِرَاء فَاسِدا فغرس فِيهَا يقْلع مجَّانا وَلَو اقتسم رجلَانِ أَيْضا قسْمَة فَاسِدَة فغرس أَحدهمَا فِيهِ جَاهِلا بفساده وَجب أَن يقْلع وَفِي هَذَا إِشْكَال وَقد ذكر الْأَصْحَاب أَن الْمُشْتَرى شِرَاء فَاسِدا إِذا كَانَ جَاهِلا بِفساد الشِّرَاء وغرس وَبنى وغرس لَا يقْلع مجَّانا بِخِلَاف الْغَصْب لِأَنَّهُ متعدي قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ لعرق ظَالِم حق بِخِلَاف المُشْتَرِي فَإِنَّهُ غير متعدي فَوَجَبَ أَن يكون لعرقه حق 799 - مَسْأَلَة أَرض مُشْتَركَة بَين رجلَيْنِ بنى فِيهَا أَحدهمَا بِغَيْر إِذن شَرِيكه للشَّرِيك نقض بنائِهِ مجَّانا فَلَو رَضِي بِهِ الشَّرِيك الآخر هَل للباني نقضه قَالَ يجوز لِأَن بناءه الأول وَقع منقوضا وَكَانَ لَهُ فِي ملك نَفسه نقضه فرضاء الآخر لَا يُؤثر فِي مَنعه من نقض بنائِهِ وَلَيْسَ للشَّرِيك أَن يَقُول إِنَّك رضيت فِي الِابْتِدَاء لِأَنَّهُ وَإِن رَضِي لم يكن رِضَاهُ مُعْتَبرا لعدم إِذن شَرِيكه وللباني أَيْضا نقضه وَكَذَلِكَ لَو ضرب لبِنَاء من طين مُشْتَرك دون إِذن شَرِيكه فلصاحبه إِجْبَاره على نقضه فَلَو رَضِي بِهِ صَاحبه للضارب نقضه بِخِلَاف مَا لَو ضرب اللَّبن من تُرَاب مَغْصُوب وَرَضي بِهِ الْمَالِك لم يكن للْغَاصِب نقضه لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ ملك حَتَّى يملك نقضه بِغَيْر رِضَاء الْمَالِك 800 - مَسْأَلَة إِذا غصب أَرضًا من إِنْسَان أَو اسْتَأْجر إِجَارَة فَاسِدَة الحديث: 798 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 619 @ فَأمْسك مُدَّة سبع سِنِين عَلَيْهِ أُجْرَة مثل هَذِه الْمدَّة وَلَو كَانَ فِي كل سنة نقد آخر من الدَّرَاهِم يضمن أجر كل سنة من نقد تِلْكَ السّنة فَلَو انْقَطع بعض النُّقُود فَلم يُوجد يجب قيمَة ذَلِك النَّقْد بِاعْتِبَار ذَلِك الْعَام الَّذِي أتلف فِيهِ الْمَنْفَعَة وَيقوم ذَلِك النَّقْد بِالدَّنَانِيرِ وَلَا يقوم بِالنَّقْدِ الَّذِي حدث بعده من الدَّرَاهِم لِأَن تَقْوِيم الدَّرَاهِم على التَّفَاوُت لَا يجوز 801 - مَسْأَلَة رجل غصب أَرضًا وغرس فِيهَا ثمَّ اشْترى الأَرْض من مَالِكهَا لَيْسَ للْمَالِك بعده قلع الْأَشْجَار فَلَو تَقَايلا البيع أورد إِلَيْهِ بِعَيْب البَائِع تَكْلِيف الْغَاصِب قلع الْأَشْجَار كَمَا قبل البيع وَلَو حفر فِي أَرض الْغَيْر بِغَيْر الْأذن يضمن مَا سقط فِيهَا وَهلك فَلَو أَبرَأَهُ هَل يبرأ وَجْهَان وَلَو اشْتَرَاهَا الْغَاصِب قبل الْإِبْرَاء ثمَّ سقط فِيهَا شَيْء هَل يضمن قَالَ يحْتَمل هذَيْن الْوَجْهَيْنِ وَلَو ردهَا بعد الشِّرَاء بِعَيْب أَو تَقَايلا فَسقط فِيهِ شَيْء يضمن وَيعود أصل الْعدوان 802 - مَسْأَلَة رجلَانِ غصبا دَابَّة فَهَلَكت فِي أَيْدِيهِمَا على كل وَاحِد نصف قيمتهَا فَلَو أَن الْمَالِك يظفر بِأَحَدِهِمَا لَا يَأْخُذ مِنْهُ إِلَّا نصف الْقيمَة لِأَن يَده لم تثبت إِلَّا على نصفهَا فَلَو أَخذ الْكل مِنْهُ لَا رُجُوع لَهُ إِلَّا أَن يظفر بِمَالك الدَّابَّة على شَرِيكه الْغَاصِب فَيرجع على غَرِيم غَرِيمه كَمَا لَو ظفر بِغَيْر جنس حَقه من مَال الْمَدْيُون فَأَخذه أما إِذا كَانَت الدَّابَّة قد هَلَكت فِي يَد كل وَاحِد مِنْهُمَا فَكل وَاحِد ضَامِن لجميعها فَإِذا أَخذ الْمَالِك جَمِيع الْقيمَة من أَحدهَا رَجَعَ الْغَارِم على شَرِيكه بِالنِّصْفِ وَإِن كَانَ الْهَلَاك فِي يَد أَحدهمَا رَجَعَ الْغَارِم بِجَمِيعِ الْقيمَة على من كَانَ الْهَلَاك فِي يَده 803 - مَسْأَلَة إِذا غصب شَيْئا وَبَاعه كَانَ للْمَالِك أَن يَدعِي الْعين على المُشْتَرِي وَالْقيمَة على البَائِع فَإِن أقرّ بِالْعينِ لَا يقبل إِقْرَاره على الحديث: 801 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 620 @ المُشْتَرِي فَلَو ادّعى الْعين بعد إِقْرَاره على المُشْتَرِي فَأقر أَخذ الْعين ورد الْقيمَة وَالْمُشْتَرِي يرجع بِالثّمن على البَائِع فَأَما إِذا أنكر وَنكل عَن الْيَمين وَحلف الْمُدَّعِي أَخذ الْقيمَة ثمَّ ادّعى على المُشْتَرِي فَأقر أَخذ الْعين ورد الْقيمَة إِلَى البَائِع وَهل يرجع المُشْتَرِي على البَائِع بِالثّمن قَالَ يُمكن بِنَاؤُه على أَن يكون النّكُول ورد الْيَمين كالبينة أما كَالْإِقْرَارِ إِن قُلْنَا كَالْإِقْرَارِ يرجع لِأَنَّهُمَا أقرا عَلَيْهِ وَإِن قُلْنَا كالبينة لَا يرجع لِأَن النّكُول ورد الْيَمين كالبينة فِي حق المتداعيين لَا فِي حق الثَّالِث وَللْمُشْتَرِي أَن يَدعِي على البَائِع وتحليفه ونكوله فِي حق الْمُدَّعِي لَا يكون نكولا فِي حق المُشْتَرِي وَلَو أَن الْمُدَّعِي ادّعى أَولا على البَائِع وَأقَام عَلَيْهِ بَيِّنَة وَأخذ الْقيمَة فَإِذا جَاءَ وَادّعى المُشْتَرِي يحْتَاج إِلَى اعادة الْبَيِّنَة عَلَيْهِ لِأَن بَينته على البَائِع كَانَ لإِثْبَات الْقيمَة فَيحْتَاج إِلَى إِعَادَة الْبَيِّنَة 804 - مَسْأَلَة رجل زرع أَرض إِنْسَان بِإِذْنِهِ كَانَت دَوَاب مَالك الأَرْض تدْخلهَا وتفسد الزَّرْع فحفر حوالي الأَرْض خَنْدَقًا بِإِذن وَكيل الْمَالِك عِنْد غيبته فتردى فِيهَا دَابَّة من دَوَاب مَالك الأَرْض فَهَلَكت قَالَ لَا ضَمَان على الْحَافِر وَمَا حفر دون إِذْنه ضمن 805 - مَسْأَلَة رجل فتح رَأس دن لآخر بِإِذْنِهِ فِي بَيت فَوضع شَيْئا من الْحِنْطَة ثمَّ ترك رَأسه مَفْتُوحًا فَدخل حمَار صَاحب الْبَيْت فَأكل الْحِنْطَة فَهَلَك مِنْهُ لَا يجب ضَمَان الدَّابَّة على من ترك رَأس الدن مَفْتُوحًا وَلَا ضَمَان الْحِنْطَة فَإِن أَخذ الْحِنْطَة وَترك رَأسه مَفْتُوحًا وَأدْخل حمَار صَاحب الْبَيْت فَأكل الْحِنْطَة فَمَاتَ يجب ضَمَانهَا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مُعْتَد بِإِدْخَال الْحمار فِيهِ كَمَا لَو ألْقى بَين يَدَيْهِ حشيشا مضرا فَأكل وَمَات مِنْهُ ضمن الشُّفْعَة إِذا كَانَ الشَّفِيع غَائِبا فَبَلغهُ الْخَبَر فَحَضَرَ قَاضِي بلد الْغَيْبَة فأثبته الحديث: 804 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 621 @ وَحكم لَهُ القَاضِي بِالشُّفْعَة ثمَّ لم يسر إِلَى بلد البيع قَالَ لَا تبطل شفعته لِأَنَّهُ تقرر بِالْقضَاءِ فَإِن لم يحضر القَاضِي بِأَن قَالَ أخذت وتوانى فِي دفع الثّمن الثّمن يبطل الْقَرَاض إِذا قَالَ رب المَال لِلْعَامِلِ فِي الْقَرَاض إِذا اشْتريت عبدا فطوقه حَتَّى لَا يأبق فَلم يطوق ضمن 806 - مَسْأَلَة إِذا أبق عبد الْقَرَاض فنفقة الرَّد على رب المَال إِن لم يكن فِيهِ ربح وَقُلْنَا لَا يملك الْعَامِل إِلَّا بعد المفاضلة وَإِن قُلْنَا ملك بالظهور فعليهاه بَاب الْمُسَاقَاة إِذا ساقى كرم إِنْسَان ثمَّ بَاعه الْمَالِك قَالَ ينظر إِن كَانَ بعد خُرُوج الثَّمَرَة يَصح فِي نصيب رب المَال فِي الثِّمَار دون الْعَامِل وَلَا يشْتَرط الْقطع لِأَنَّهُ بَاعه مَعَ الأَصْل ثمَّ الْعَامِل مَعَ المُشْتَرِي كَمَا هُوَ مَعَ البَائِع وَإِن بَاعَ الثَّمَرَة لم يَصح لِأَن قطع نصفه لَا يُمكن وَإِن بَاعَ قبل خُرُوج الثَّمَرَة لَا يَصح لِأَن لِلْعَامِلِ فِي الثَّمَرَة حَقًا كَأَنَّهُ يَسْتَثْنِي بعض مَا يخرج من ثَمَرَة كَمَا لَو بَاعَ شَجَرَة على أَن يخرج من ثَمَرَته يكون للْبَائِع أَو لَا يكون للْمُشْتَرِي لَا يَصح 807 - مَسْأَلَة أَخذ أَرضًا للزِّرَاعَة وَالْبذْر مِنْهُمَا على أَن الرّبع يكون بَينهمَا فَبعد مَا زرع جَاءَ ظَالِم وأتلف الزَّرْع قَالَ إِن لم يضيعه الْعَامِل فَلَا ضَمَان على الظَّالِم وَإِن ضيعه أَخذ الْمَالِك بِحِصَّتِهِ أَيهمَا شَاءَ والقرار على الظَّالِم قَالَ وعَلى الزَّارِع الْعَامِل وَفِي الْمُسَاقَاة الْفَاسِدَة على الْعَامِل حفظ المَال وَالثَّمَرَة لِأَنَّهُ أَمَانَة فِي يَده وَإِن كَانَ العقد فَاسِدا فَلَا يجوز تضييعه 808 - مَسْأَلَة إِذا أَخذ أَرضًا ليزرع ببذر نَفسه على أَن لمَالِك الأَرْض نصفهَا فَهَذِهِ محاسرة والريع للزارع وعَلى الزَّارِع كِرَاء الأَرْض للْمَالِك وَإِذا كرت الأَرْض فَلم يزرع فَعَلَيهِ كِرَاء ذَلِك تِلْكَ الْمدَّة وَإِن أَخذ ليزرع ببذر من مَالك الأَرْض الحديث: 806 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 622 @ على المناصفة فالربع للْمَالِك وَعَلِيهِ أجر مثل الْعَمَل للزارع وَإِن كَانَ الْبذر بَينهَا وعَلى مَالك الأَرْض نصف أجر عمل الزَّارِع وعَلى الزَّارِع نصف كِرَاء الأَرْض للْمَالِك وَلَو أَخذ ليَكُون الْبذر بَينهمَا فَكرت الأَرْض بآلته وثوره فَلم يدْفع مَالك الأَرْض وَالْبذْر رَجَعَ الْعَامِل بِنصْف أجر عمله 809 - مَسْأَلَة إِذا كَانَ الْبذر من وَاحِد وَالْأَرْض وَلَو نبت فِي الْعَام الْقَابِل يكون لمَالِك البذور وَلَيْسَ لمَالِك الأَرْض من الآخر فالريع لمَالِك الْبذر وَلِصَاحِب الأَرْض مثل الأَرْض قلعه مجَّانا بل يقره بِالْأَجْرِ بِخِلَاف مَا لَو حمل السَّيْل نويات إِلَى أَرض فنبت لمَالِك الأَرْض قلعه مجَّانا على أحد الْوَجْهَيْنِ لِأَن هَاهُنَا وجد الْأذن من مَالك الأَرْض فِي الْعَام الْمَاضِي وَهُنَاكَ لم يُوجد 810 - مَسْأَلَة عقد الْمُزَارعَة الْفَاسِدَة وَالْبذْر بَينهمَا الأَرْض لوَاحِد فالريع يكون بَينهمَا وَصَاحب الأَرْض يسْتَحق نصف أجر الْمثل على شَرِيكه فَلَو حصل الزَّرْع فنبت مِمَّا تناثر فِي الْعَام الْقَابِل قَالَ هُوَ كالعام الْمَاضِي يكون مَا نبت بَينهمَا ولمالك الأَرْض نصف أجر الْمثل لِأَنَّهَا أرضه مَشْغُولَة بزرع الْغَيْر بِحكم إِجَارَة فَاسِدَة 811 - مَسْأَلَة إِذا تزارعا أَو دفع أَرضًا إِلَى رجل ليزرع وَالْبذْر من الْمَالِك أَو مِنْهُمَا على المناصفة فزرع الْعَامِل وَبنت فَتَركه الْعَامِل حَتَّى فَسدتْ وأكلته الدَّوَابّ قَالَ لَا ضَمَان عَلَيْهِ لِأَنَّهُ عقد فَاسد وَمَال الْغَيْر إِذا حصل فِي يَده يجب حفظه لَكِن بَعْدَمَا زرع خرج عَن عهدته وَبَعْدَمَا نبت هُوَ مَالك جَدِيد واستحفاظه كَانَ من قبل وَفِي الْمُسَاقَاة حفظ الثِّمَار عَن الدَّوَابّ لَا يجب على الْعَامِل فِي وَجه هـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب الْإِجَارَات اسْتَأْجر رجلا ليضْرب لَهُ لَبَنًا فِي ملك الْمُسْتَأْجر فَضرب فأفسده المَاء الحديث: 809 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 623 @ يسْتَحق الْأُجْرَة وَإِن كَانَ شَرط عَلَيْهِ الْجمع فَقبل أَن يجِف أفْسدهُ يسْتَحق بِقدر مَا عمل 812 - مَسْأَلَة ألزم ذمَّة إِنْسَان بِنَاء جِدَاره فِي مَكَان فاستأجر الْأَجِير رجلا ليبينة فِي مَكَان آخر فَفعل لَا يسْتَحق الأول شَيْئا وَالثَّانِي إِن كَانَ عَالما فَكَذَلِك وَإِن كَانَ جَاهِلا يسْتَحق أجر الْمثل على الْبَانِي 813 - مَسْأَلَة اسْتَأْجر حانوتا ثمَّ بنى الآخر على علوه حانوتا آخر فَإِن انْتقصَ انْتِفَاع الْمُسْتَأْجر لَهُ مَنعه وَلَو أجر مِنْهُ السّفل دون الْعُلُوّ لامتنع لَهُ وَإِن انْتفع بالسطح الْجَدِيد أَو بالجدار عَلَيْهِ الْأُجْرَة 814 - مَسْأَلَة عبد أبق من سَيّده فَعمل لغيره بِأُجْرَة يثبت للسَّيِّد أجر الْمثل على الْمُسْتَأْجر سَوَاء كَانَ الْمُسْتَأْجر عَالما بِأَنَّهُ أبق أَو كَانَ جَاهِلا وَمَا أنْفق على العَبْد أَو صرف إِلَيْهِ من الْأجر لَهُ فِي ذمَّة العَبْد حَتَّى يعْتق وَلَا يحط قدر النَّفَقَة بِمثلِهِ وَلَو لم يأبق العَبْد وَالسَّيِّد لم ينْفق عَلَيْهِ لَهُ أَن يعْمل بِأُجْرَة لغيره وَينْفق على نَفسه وَلَا شَيْء للْمولى ولاتبعه على العَبْد فِي حِصَّته 815 - مَسْأَلَة اسْتَأْجر عبدا ليعْمَل لَهُ شهرا فَعمل بعضه ثمَّ لم يُمكنهُ الْعَمَل لشدَّة برد أَو مطر حَتَّى مضى الشَّهْر قَالَ يجب عَلَيْهِ جَمِيع الْأُجْرَة 816 - مَسْأَلَة إِذا بعث حِمَاره على يَد صبي إِلَى رَاع يسترعيه فجَاء بِهِ الصَّبِي فَقَالَ الرَّاعِي دَعه يرتع مَعَ الدَّوَابّ ثمَّ إِن الرَّاعِي سَاق الدَّوَابّ فَسَار الْحمار مَعهَا فَهَلَكت لَا ضَمَان لِأَنَّهُ أَمِين وَبِقَوْلِهِ دَعه صَار مستودعا كَمَا لَو جَاءَ بوديعة ليودعه فَقَالَ ضَعْهُ صَار مستودعا وَأَخذه من يَد الصَّبِي لَا يصير بِهِ ضَامِنا كَمَا لَو بعث إِلَيْهِ كتابا فاستودعه شَيْئا الحديث: 812 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 624 - مَسْأَلَة إِذا سلم وَلَده إِلَى معلم ليعلم الْقُرْآن على أَن يرضيه فَعلم يجب أجر الْمثل وَلَو مَاتَ الْأَب قبل أَن يتم التَّعْلِيم ثمَّ أتمه قَالَ يجب اجْرِ مثل مَا علم فِي حَيَاة الْأَب فِي تَرِكَة الْأَب فَأَما مَا علم بعد مَوته فَلَا يجب 818 - مَسْأَلَة اسْتَأْجر اجيرا لحفر بِئْر عشرَة فِي عشرَة حفر خَمْسَة فِي خَمْسَة يسْتَحق بذلك الْقدر من الْأُجْرَة 819 - مَسْأَلَة اسْتَأْجر أَجِيرا ليرعى دوابه فِي مراتع غير مَمْلُوكَة مُدَّة مَعْلُومَة هَل لَهُ أَن يرْعَى دَوَاب النَّاس مَعَ دَوَاب الْمُسْتَأْجر قَالَ لَهُ ذَلِك إِن لم يقْلع خلل فِي دَوَاب الْمُسْتَأْجر وَيسْتَحق الْمُسَمّى بِكَمَالِهِ كَمَا فِي المفاضلة إِذا جَاءَ رجل وَقَالَ لأحد الراميين إِن أصبت هَذِه الرَّمية وَلَك عَليّ كَذَا فَأصَاب اسْتحق مَا سمى لَهُ ويحتسب لَهُ بِتِلْكَ الرَّمية فِي عقدَة المناضلة 820 - مَسْأَلَة اسْتَأْجر أَجِيرا ليعْمَل عملا من خياطَة وَغَيرهَا ثمَّ الْأَجِير اسْتَأْجر الْمُسْتَأْجر لذَلِك الْعَمَل هَل يجوز قَالَ يحْتَمل وَجْهَيْن بِنَاء على مَا لَو أجر الدَّار الْمُسْتَأْجرَة من أجرهَا 821 - مَسْأَلَة اسْتَأْجر رجلا ليبيع لَهُ ثوبا معينا جَازَ ثمَّ أَرَادَ الْمُسْتَأْجر بيع ذَلِك الثَّوْب قَالَ لَا يجوز لِأَن الْأَجِير اسْتحق إِيقَاع الْعَمَل فِيهِ كَمَا لَو اسْتَأْجر أَجِيرا ليضع لَهُ ثوبا لَا يجوز للْمُسْتَأْجر بيع ذَلِك الثَّوْب 822 - مَسْأَلَة أَخذ كوزا من سقا مجَّانا ليشْرب قَالَ الْكوز عَارِية وَالْمَاء حكمه حكم الْمَقْبُوض بِالْهبةِ الْفَاسِدَة قَالَ الإِمَام مَا شرب من المَاء لَا يضمن وَإِذا تلف الْبَقِيَّة فِي يَده أَو قبل أَن يشرب تلف فِي يَده ضمن الْكوز وَهل يضمن المَاء فكالموهوب فَاسِدا والكوز إِنَّمَا ضمنه لِأَنَّهُ اسْتَعْملهُ قَالَ وَهَكَذَا إِذا بعث هَدِيَّة إِلَى إِنْسَان فِي ظرف فَاسْتَعْملهُ فِي الظّرْف ضمن الظّرْف وَإِن لم يَسْتَعْمِلهُ فِي الظّرْف فالظرف يكون أَمَانَة فِي يَده لِأَن الْعَادة جَارِيَة بتفريغ الظّرْف والكوز وَهَاهُنَا مَا جرت الْعَادَات بتفريغه بل يشرب مِنْهُ وَالشرب وَإِن كَانَ تفريغا لكنه اسْتِعْمَال حَتَّى لَو أَرَادَ أَن يصب فِي كوز آخر فَلَا يضمن الْكوز الحديث: 818 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 625 @ قَالَ وَلَو بَاعَ من إِنْسَان حِنْطَة ثمَّ سلمهَا إِلَيْهِ فِي وعَاء لَهُ فرغه لَا يضمن أما إِذا اسْتعَار المُشْتَرِي مِنْهُ وعَاء لينقله فِيهِ فَهُوَ ضَامِن للوعاء وَكَذَلِكَ كل إِنَاء حصل فِي يَده لتفريغه لَا يضمن وَإِن حصل الِاسْتِعْمَال ضمن وَمن أُبِيح لَهُ طَعَام فَأَخذه ليَأْكُل فَسقط من يَده واختلسته هرة هَل يضمن يَنْبَغِي أَن يكون كالمقبوض بِحكم الْهِبَة الْفَاسِدَة وَجه الشّبَه أَن هُنَاكَ دَفعه إِلَيْهِ ليملكه وَلَا يرجع كَمَا أَن هَاهُنَا دفع إِلَيْهِ لكَي لَا يرجع 823 - مَسْأَلَة ستر الْكَعْبَة إِذا كَانَ من ديباج وَكَذَلِكَ مَا اتخذ فِيهِ من ميزاب الذَّهَب وَالْفِضَّة وَالْحَلقَة مِنْهُمَا لَا يعْتَرض عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَمر مجمع عَلَيْهِ لم يعْتَرض على مثله أحد من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ قَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ فِي الْكَعْبَة لقد هَمَمْت أَن لَا أدع فِيهَا صفراء وَلَا بَيْضَاء إِلَّا أنفقهُ فِي سَبِيل الْخَيْر فَقيل إِن صاحبيك لم يفعلا فَقَالَ هما الْمَرْء إِذا اقْتدى بهما أما سَائِر الْمَسَاجِد لَا يجوز تَعْلِيق ستر الديباج عَلَيْهِ وَلَا تذهيبها والكعبة مَخْصُوص بِهِ لتعظيم امْرَهْ كَمَا اخْتصَّ بأَشْيَاء من سَائِر الْبِلَاد وتنقيش الْمَسْجِد إِن لم يكن فِيهِ أَحْكَام لَا يجوز قَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ إياك أَن تحمر وَتَصْفَر فتفتن النَّاس وَإِن كَانَ فِيهِ احكام فَلَا بَأْس فَإِن عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ بَين الْمَسْجِد بِالْفِضَّةِ وَالْحِجَارَة المنقوشة وتحلية الْمُصحف بِالذَّهَب لَا يجوز وَمن فعل شَيْئا من ذَلِك بِأَن علق ستر ديباح أَو اتخذ شَيْئا من ذهب أَو ورق فِي الْمَسْجِد أَو حلى مُصحفا فِي الْمَسْجِد فَلَا يعد من الْمَنَاكِير الَّتِي يُبَالغ فِي الْإِنْكَار عَلَيْهِ كَسَائِر الْمُنْكَرَات لِأَنَّهُ يَفْعَله تَعْظِيمًا لشعائر الْإِسْلَام وَقد سامح فِي مثله الْعلمَاء وَأهل الدّين وأباحه بَعضهم 824 - مَسْأَلَة إِذا أَمر رجلا ليَأْخُذ فرسا بحبله فَرمى بالحبل فَتعلق بِهِ فرس آخر وَمَات قَالَ يضمن الثَّانِي بالحبل كمن نصب شبكة فَتعلق بِهِ قَالَ آخر وَإِن كَانَ الْفرس الآخر لِلْأَمْرِ لم يضمن 825 - مَسْأَلَة اسْتَأْجر رجلا لحفظ دَابَّته فَردهَا الْأَجِير إِلَى بَيت الْمُسْتَأْجر فَأَخذهَا عبد الْمُسْتَأْجر وأتلفها قَالَ للْمُسْتَأْجر أَن يرجع على الْأَجِير بِالضَّمَانِ الحديث: 823 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 626 @ ثمَّ يتَعَلَّق حَقه بِرَقَبَة العَبْد 826 - مَسْأَلَة لَو أَن رجلا قَالَ لرجل استأجرتك بِمِائَة دِرْهَم استأجرني من فلَان هَل يسْتَحق الْأُجْرَة قَالَ إِن احْتَاجَ فِي استئجاره من فلَان إِلَى تردد وتقلب يَقع فِي مُقَابلَته أُجْرَة يسْتَحق الْمُسَمّى والا فَلَا 827 - مَسْأَلَة دفع الْحِنْطَة إِلَى رجل ليطحن فَفعل لَيْسَ لَهُ حَبسه لِاسْتِيفَاء الْأُجْرَة إِذا فعله أثر وَإِن فعل ضمن فَإِن كَانَ صَاحب الطاحونة اعْتمد على رجل فِي حفظ مَا فِي الطاحونة فَلم يحفظ على الْعَادة حَتَّى سرق هَذَا الطحين رَجَعَ صَاحب الْحِنْطَة على صَاحب الطاحونة وَهُوَ على الْأَجِير 828 - مَسْأَلَة دفع الْحِنْطَة إِلَى طحان وَغَابَ الطَّحَّان وَذهب إِلَى بَيته وَترك أجيره فِي الطاحونة فَسرق الْحِنْطَة من الطاحونة تِلْكَ اللَّيْلَة هَل يجب الضَّمَان قَالَ إِن كَانَ الْأَجِير أَمينا لَا ضَمَان على الطَّحَّان 829 - مَسْأَلَة لَو دفع رجل عينا إِلَى فَتى يصلحه فَوَضعه فِي دكانه فَسرق من دكانه وَكَانَ دكانه مُتَّصِلا بخان لَا يسكنهُ أحد هَل يضمن قَالَ إِن كَانَ بَاب الخان مغلقا ووراء الخان دور مَا هُوَ لَا يكون حرْزا وَيضمن بِوَضْعِهِ فِيهِ 830 - مَسْأَلَة دفع دَابَّة إِلَى رجل ليحفظها مَعَ سَائِر الدَّوَابّ وَله شريك مَعَه لحفظ الدَّوَابّ فعضب الدَّابَّة من شَرِيكه أَو أغير عَلَيْهَا قَالَ لَا يضمن إِن كَانَ الشَّرِيك أَمينا لم يضع لِأَن الْعَادة جَارِيَة هَكَذَا أَن يلازمها وَاحِد إِنَّمَا يحفظها عددا إِذا غَابَ وَاحِد أناب عَنهُ الآخر 831 - مَسْأَلَة لَو سكن مُدَّة دَار إِنْسَان بِإِذن الْمَالِك وَلم يشْتَرط الْمَالِك أُجْرَة وَلَا ذكرهَا ثمَّ أَرَادَ الْمَالِك أَن يُطَالِبهُ بِأَجْر مثل الدَّار تِلْكَ الْمدَّة قَالَ لَيْسَ لَهُ ذَلِك الحديث: 826 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 627 - مَسْأَلَة إِذا قطع شَجرا مائلا إِلَى الطَّرِيق فَسقط على حمَار إنساني قَالَ إِن لم يكن مَالك الْحمار مَعَه أَو لم يكن لَهُ علم بِأَمْر الشَّجَرَة يضمن الْقَاطِع حِمَاره فَإِن كَانَ مَعَه وَهُوَ عَالم بِأَمْر الشَّجَرَة أَو أعلمهُ صَاحب الشَّجَرَة لم يضمن 833 - مَسْأَلَة إِذا اسْتَأْجر امْرَأَة لتعليم الْقُرْآن أَو لتعمر الْمَسْجِد فَحَاضَت إِن ألزم ذمَّتهَا بِأَجْر مَا مر بغَيْرهَا وَإِن اسْتَأْجرهَا عينهَا قَالَ فَهُوَ كَمَا لَو غصب الْمُسْتَأْجر فللمستأجر الْفَسْخ فَإِن أجَاز لَا يجب عَلَيْهِ أُجْرَة مُدَّة الْحيض كَمَا لَو هربت الدَّابَّة وَلَا يُقَال يَقع زمَان الْحيض مُسْتَثْنى كزمان اللَّيْل أَوْقَات الصَّلَاة لِأَنَّهَا يَوْم نقل وتكرر وَلَيْسَ كَمَا لَو حَاضَت فِي صَوْم الشَّهْرَيْنِ لَا يَنْقَطِع التَّتَابُع لِأَنَّهُ حق الله تَعَالَى وَهَذَا حق العَبْد فَكَذَلِك لم نقل عَلَيْهِ أُجْرَة ذَلِك الزَّمَان على أَنا إِذا أسرنا فِي الْحَقِيقَة فَإِن هَا هُنَا لَا يجب عَن مُدَّة الْإِجَازَة كَمَا أَن ثمَّة لَا تكون صَائِمَة 834 - مَسْأَلَة دفع غزلا إِلَى نساج لينسجه وَشرط أَن لَا يعْمل لغيره مَا لم يفرغ من نسجه فَعمل فِي خلاله لغيره فامتد الزَّمَان وسرق الكرباس فِي خلال النّسخ قَالَ لَا يضمن لِأَن هَذَا الشَّرْط فَاسد فَيصير المَال فِي يَده بِحكم الْإِجَارَة الْفَاسِدَة والأجير المتشرك إِذا أخر الْعَمَل لَا يصير المَال مَضْمُونا عَلَيْهِ 835 - مَسْأَلَة رجل دفع حِمَاره إِلَى رجل ليحمل الْحَشِيش نصفه لصَاحب الْحمار وَنصفه للحامل فَأخذ الْحمار غَاصِب فَلم يذهب فِي طلبه هَل يضمن قَالَ لَا يضمن لِأَنَّهُ اسْتعْمل نصف الْحمار فِي عمل مَالِكه وَالنّصف لنَفسِهِ بِالْأُجْرَةِ وَهُوَ نصف الْحَشِيش والذهاب فِي الطّلب لَيْسَ بِشَرْط إِن أمكنه دفع الْغَاصِب حَال مَا غصب فتوانى ضمن 836 - مَسْأَلَة شَاة سَقَطت فَلم يذبحها رَاع حَتَّى مَاتَت لَا ضَمَان عَلَيْهِ لِأَن الْمَالِك لم يَأْذَن فِي ذَبحهَا 837 مَسْأَلَة اسْتَأْجر دَابَّة إِلَى بلد ذَهَابًا ورجوعا وأطلقت الدَّابَّة بِالْبَلَدِ الَّذِي ذهب إِلَيْهِ وَلم اي يُمكنهُ ردهَا فَتَركهَا عِنْد الْحَاكِم أَو عِنْد أَمِين فمضت الْمدَّة لَا الحديث: 833 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 628 @ يجب عَلَيْهِ إِلَّا نصف الْأُجْرَة وَالرَّدّ إِلَى الْمَالِك لَا على الْمُسْتَأْجر 838 - مَسْأَلَة جمَاعَة عقدوا الشّركَة على دود القز وَالْبذْر من وَاحِد فَلم يَصح فَدفع وَاحِد دَابَّته لنقل الْوَرق فَتلفت فِي يَد النَّاقِل لَا ضَمَان عَلَيْهِ لِأَنَّهُ فِي يَده بِحكم الْإِجَارَة الْفَاسِدَة لِأَنَّهُ دفع ليَأْخُذ شَيْء من الفيلج 839 - مَسْأَلَة اسْتَأْجر رجلا ليحمل أغناما إِلَى بلد كَذَا وليبيعه وَقَالَ إِن قل الْعلف فِي الطَّرِيق فبعه بِالْإِبِلِ فَقل الْعلف فَوجدَ من يَشْتَرِيهِ فَلم يَبِعْهُ وَمضى على وَجهه إِلَى ذَلِك الْبَلَد فَهَلَكت بعض الأغنام وانتقص قيمَة الْبَعْض قَالَ يضمن الْهَالِك وَالنُّقْصَان وَيسْتَحق من الْأُجْرَة بِقدر مَا مضى على حكم أمره وَلَا يسْتَحق لما مضى بعد قلَّة الْعلف وَوُجُود من يَشْتَرِيهَا بِالْإِبِلِ 840 - مَسْأَلَة رجل اسْتَأْجر رجلا مُدَّة مَفْتُوحَة على الْأَجِير حق الله تَعَالَى من حد أَو حق الْعباد من قتل أَو حبس لدعوى مَال أَو عُقُوبَة بخرج فيستوفى الْحق وَيحبس وَإِن تعطل حق الْمُسْتَأْجر كَمَا يجب على الْأَجِير ترك الْعَمَل لصَلَاة الْجُمُعَة وَلَا يُطلق الْمَحْبُوس بِالْحَقِّ لصَلَاة الْجُمُعَة 841 - مَسْأَلَة اسْتَأْجر رجلا ليَشْتَرِي لَهُ عشرَة أَذْرع من الكرباس فَاشْترى تِسْعَة أَذْرع أَو أحد عشر ذِرَاعا فنسج زَائِدا عَلَيْهِ أَو نَاقِصا عَنهُ فَالْحكم كَمَا ذكرنَا 842 - مَسْأَلَة رجل اسْتَأْجر رجَالًا إجَازَة فَاسِدَة لحفظ مَاله فضيع الْأَجِير المَال الْمُسْتَأْجر لحفظه قَالَ يضمن الثَّمَرَة أَو الزَّرْع حَتَّى تلفت يضمنَانِ لِأَنَّهُمَا التزما الْحِفْظ فأشبها كَالْمُودعِ وَالْمُودع إِذا ضيع مَا الْتزم حفظه يضمن الحديث: 838 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 629 - مَسْأَلَة اسْتَأْجر حانوتا شهرا فأغلق بَابه وَغَابَ شَهْرَيْن قَالَ يضمن الْمُسَمّى لشهر وَاحِد وَأجر الْمثل للشهر الثَّانِي وَقد رَأَيْت للشَّيْخ الْقفال لَو اسْتَأْجر حمارا يَوْمًا فَبعد مُضِيّ الْيَوْم إِذا بَقِي الْحمار عِنْد الْمُسْتَأْجر وَلم ينْتَفع بِهِ وَلَا حَبسه عَن مَالِكه لَا يجب الْأُجْرَة لليوم الثَّانِي لِأَن الرَّد لَيْسَ بِوَاجِب عَلَيْهِ إِنَّمَا عَلَيْهِ التَّخْلِيَة إِذا طلب مَالِكه قَالَ بِخِلَاف الْحَانُوت لِأَنَّهُ حَبسه وعلقه 844 - مَسْأَلَة رجل دفع دَابَّة إِلَى إِنْسَان ليحتطب نصفه لمَالِكهَا وَنصفه لنَفسِهِ فَفعل فَهَلَكت الدَّابَّة عِنْده قَالَ لَا ضَمَان لِأَن نصفه اسْتَعْملهُ للْمَالِك وَالنّصف الآخر اسْتَأْجرهُ للاحتطاب للْمَالِك 845 - مَسْأَلَة اسْتَأْجر دَابَّة ليخرج إِلَى قَرْيَة فَخرج إِلَى قَرْيَة من جَانب آخر قَالَ بِالْخرُوجِ لَا يضمن مَا لم يُجَاوز مَسَافَة الْقرْيَة الْمعينَة إِلَّا أَن يكون الطَّرِيق الَّذِي خرج إِلَيْهِ أخشن وأخوف حينئد يضمن فَإِن لم يكن كَذَلِك فَلَا ضَمَان 846 - مَسْأَلَة الْعَمَل الْيَسِير إِذا كَانَ فِيهِ نوع حذاقة هَل يجوز أَن يُقَابل بعوض مثل إِن كَانَ لرجل طاحونة فطحن كل يَوْم عشرَة أوقار جَاءَ رجل قَالَ استأجرني بِدِينَار لأعمل فِيهِ عملا يطحن كل يَوْم عشْرين وقرا فاستأجره فَضرب على الْيَقِين ضَرْبَة وَاحِدَة فَصَارَت تطحن فِي كل يَوْم عشْرين وقرا قَالَ لَا تصح هَذِه إِلَّا الْإِجَارَة 847 - مَسْأَلَة إِذا اسْتَأْجر عبدا عشرَة أَيَّام يَسْتَعْمِلهُ كَمَا يسْتَعْمل الْمَالِك ويتركه بِاللَّيْلِ فِي أَوْقَات الرَّاحَة فَلَو اسْتَعْملهُ فِي أَوْقَات الرَّاحَة قَالَ لَا يجب عَلَيْهِ أُجْرَة زَائِدَة لِأَن جملَة الزَّمَان مُسْتَحقَّة لَهُ وَتَركه للراحة ليتوفر عَلَيْهِ عمله فَإِن اسْتَعْملهُ لَيْلًا ترك الرَّاحَة نَهَارا فَإِن لم يفعل فدخله نقص لتواتر الْعَمَل يجب عَلَيْهِ أرش النُّقْصَان هَذَا كَمَا أَن زمَان الصَّلَوَات عَلَيْهِ تَركه ليُصَلِّي فَإِن اسْتَعْملهُ فِيهَا لَا يجب عَلَيْهِ زِيَادَة أجر وَعَلِيهِ تَركه لقَضَاء الصَّلَوَات 848 - مَسْأَلَة رجل اسْتَأْجر بَيْتا مُدَّة وَسلم الْمَالِك إِلَيْهِ فَبعد انْقِضَاء الْمدَّة الحديث: 844 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 630 @ الْمُسْتَأْجرَة أغلق الْبَاب فَلم يسلم الْمِفْتَاح إِلَيْهِ هَل تلْزمهُ الْأُجْرَة قَالَ يلْزمه لِأَنَّهُ لم يسلم إِلَيْهِ الْمِفْتَاح لِأَن تَسْلِيم الدَّار إِنَّمَا يكون بِتَسْلِيم الْمِفْتَاح فِي الْعرف وَالْعَادَة فَإِذا لم يحل بَينه وَبَين الْمَالِك فَلم يُوجد التَّخْلِيَة فَيكون فِي ضَمَانه فَتجب عَلَيْهِ الْأُجْرَة 849 - مَسْأَلَة دفع دَابَّة إِلَى إِنْسَان ليروضها وَلَا يرتاض إِلَّا بِالضَّرْبِ أَو التحميل عَلَيْهَا فحملها على عَادَة ضرب الرواض أَو حمل عَلَيْهَا أَو أركبها مَعَ نَفسه غَيره ليرتاض فَهَلَكت لَا ضَمَان على الرائض وَلَا على من أركبه كَمَا لَو ضربهَا فَوق ضرب الرَّاكِب 850 - مَسْأَلَة إِذا صبغ ثوبا بصبغ نجس فَمَا دَامَ عين الصَّبْغ عَلَيْهِ فَهُوَ نجس فَإِن زَالَت الْعين وَبَقِي اللَّوْن فَهُوَ طَاهِر كلون الْحِنَّاء وَلَو اسْتَأْجر أَجِيرا ليصبغ ثَوْبه فصبغه بضع نجس قَالَ إِن كَانَ لَا يُمكن إِزَالَة عينه مِنْهُ لَا يسْتَحق شَيْئا وَعَلِيهِ أَن يغرم الثَّوْب وَإِن أمكنه إِزَالَة عينه دون لَونه يسْتَحق الْأُجْرَة دون مَقْصُود الْمُسْتَأْجر حَاصِل بِكَوْن الصَّبْغ وَيكون ذَلِك بِمَنْزِلَة القذارة وَهل لَهُ حبس الثَّوْب لِاسْتِيفَاء الْأُجْرَة إِن جعلنَا عمله أثرا فَلَا وَإِلَّا فبلى وَأما الصَّبْغ الَّذِي هُوَ عين فنجس لَا يسْتَحق عَلَيْهِ شَيْئا 851 - مَسْأَلَة دفع بقرًا إِلَى إِنْسَان فَقَالَ ارعه وَمَا يحصل من النِّتَاج فَهُوَ لَك فَكَانَ يرعاه فنتجت ولدا فجَاء سَارِق وسرق الْأُم مَعَ الْوَلَد قَالَ يجب ضَمَان الْوَلَد دون الْأُم لِأَن الْأُم فِي يَده كَانَ بِحكم الْإِجَارَة الْفَاسِدَة فَلَا يكون مَضْمُونا عَلَيْهِ وَالْولد فِي يَده بِحكم البيع الْفَاسِد يكون مَضْمُونا 852 - مَسْأَلَة رجل اسْتَأْجر رجلا وَقَالَ استأجرتك لتقلع هَذِه الْأَشْجَار من هَذِه الأَرْض على أَن لَك نصفهَا لَا يجوز لِأَنَّهُ أجِير على شَيْء هُوَ شريك فِيهِ فَإِن أقرّ بِنصْف الْأَشْجَار وَقَالَ استأجرتك على أَن تقلع هَذَا النّصْف بِهَذَا النّصْف بِشَرْط أَن تقلع هَذَا النّصْف جَازَ لِأَنَّهُ إِذا بَاعَ الشَّجَرَة بِشَرْط أَن يقلعها المُشْتَرِي صَحَّ الحديث: 849 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 631 @ بَاب إحْيَاء الْموَات إِن كَانَ لرجل على نهر الْعَام فَمر مَاء قد انسد حافتاه فحوله إِلَى مَوضِع آخر جَازَ فَلَو لم تحكم الحافة أَحْكَام الأول فخربه المَاء وَدخل أَرض الْغَيْر فأفسده مَاؤُهُ يغرم لِأَن الأرتفاق مُبَاح بالشارع على شَرط السلامية كَمَا حفر بِئْر عدوان فتردى فِيهَا إِنْسَان ضمن وَلَيْسَ كمن حفر بِئْر عدوان فَألْقى السَّيْل فِيهَا إنْسَانا لم يضمن لِأَن الْمُتْلف هُوَ السَّيْل وَلَا صنع لأحد فِي إِجْرَاء السَّيْل وَهَاهُنَا لَو صنع فِي إِجْرَاء السَّيْل إِلَيْهِ بترك إحكام حافة النَّهر فَصَارَت كَمَا لَو فتح طَرِيق السَّيْل على إِنْسَان حَتَّى أهلكه ضمن 853 - مَسْأَلَة قَالَ التُّرَاب الَّذِي يحملهُ السَّيْل من الْموَات فيجتمع فِي نهر الْعَام مُبَاح لكل من أَخذ فَلَو جَازَ إِنْسَان وحفر النَّهر وَأخرج التُّرَاب إِن أخرج التُّرَاب ليحمله فيبني بِهِ ويستعمله ملكه فَلَيْسَ لغيره أَخذه وَإِن كَانَ بعد فِي الشَّارِع وَإِن أخرجه لتنقية النَّهر وَلم يكن قَصده تملك التُّرَاب فَيُبَاح لكل من أَخذ من الشَّارِع وَإِن اجْتمع فِي نهر مُشْتَرك بَين جمَاعَة كَانَ ذَلِك التُّرَاب لَهُم كغرق يحملهُ من موَات فنبت فِي ملكه وَإِن حمله من أَرض الْغَيْر فالتراب لمَالِكه على مَا كَانَ لَا يملكهُ مَالك النَّهر وَلَا من يَأْخُذهُ 854 - مَسْأَلَة رجل أَخذ الجمد من ملك الْغَيْر هَل لمَالِك الجمد أَن يسْتَردّ قَالَ إِن كَانَ الْمَالِك سَاق المَاء إِلَى أرضه قصدا فالجمد يكون ملكا لَهُ وَله أَن يسْتَردّ وَإِن انساق إِلَى ملكه بِنَفسِهِ فِي الساقية أَو سَاق غَيره المَاء إِلَى ملكه وَجمع فِيهِ حَتَّى انجمد فالجمد يكون ملكا للجامع غير أَنه يَعْصِي ولمالك الأَرْض أَن يرجع عَلَيْهِ بِأَجْر مثل الأَرْض لتِلْك الْمدَّة 855 - مَسْأَلَة الذِّمِّيّ هَل يغْرس على شَارِع الْمُسلمين بِحَيْثُ لَا يضر بالمارة قَالَ يجب أَن لَا يجوز لَهُ أَن يغْرس وَلَا يُمكن كَمَا لَا يملك موَات دَار الْإِسْلَام الحديث: 853 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 632 @ بَاب الْوَقْف إِذا وقف شَيْئا على الْفُقَرَاء فافتقر الْوَاقِف لَا يصرف إِلَيْهِ وَكَذَلِكَ كل وقف يمتلك مِنْهُ الْمَوْقُوف عَلَيْهِ شَيْئا من غلَّة أَو ثَمَرَة فَلَا ينْصَرف إِلَى الْوَاقِف وَإِن كَانَ بِتِلْكَ الصّفة بِخِلَاف مَا لَو وقف رِبَاطًا على الْمَارَّة والمسافرين قَالَ يجوز للْوَاقِف نُزُوله إِذا كَانَ مُسَافِرًا لِأَن ذَلِك الِاسْتِحْقَاق لَيْسَ اسْتِحْقَاق تملك كَمَا لَو وقف مَسْجِدا لَهُ أَن يُصَلِّي فِيهِ أَو مَقْبرَة جَازَ أَن يدْفن فِيهِ الْوَاقِف 856 - مَسْأَلَة ذمِّي اتخذ مَسْجِدا جَازَ وَإِن لم يكن قربه فِي اعْتِقَاده كَمَا لَو بنى رِبَاطًا للْمُسلمين اعْتِبَارا باعتقاد الْإِسْلَام كَمَا بيع الشَّحْم يجوز وَإِن كَانَ لَا يعْتَقد جَوَازه اعْتِبَارا باعتقاد الْإِسْلَام وَيحْتَمل أَن لَا تصح وَصِيَّة الذِّمِّيّ بِبِنَاء الْمَسْجِد وَلَا يَصح وَقفه الْمَسْجِد لِأَن الْوَصِيَّة وَالْوَقْف إِنَّمَا يجوز فِيمَا يكون عِنْد الْمُوصي قربَة أَو عِنْد الْوَاقِف وَهُوَ لَا يَعْتَقِدهُ قربَة وَلَا هُوَ قربَة عِنْد الله لِأَن الله تَعَالَى لَا يقبل مِنْهُ ذَلِك قَالَ الله تَعَالَى {مَا كَانَ للْمُشْرِكين أَن يعمروا مَسَاجِد الله} فَكيف يجوز أَن يعمر ويتخذ ملكه مَسْجِدا وَهَذَا بِخِلَاف الْعتْق وَالتَّدْبِير يَصح مِنْهُ ذَلِك لِأَنَّهُ يَعْتَقِدهُ قربَة وَهُوَ عندنَا قربَة جَازَ وَلَو قَالَ وقفت هَذَا على أَن يطعم الْمَسَاكِين على رَأس قبر أبي وَأَبوهُ ميت صَحَّ 857 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ وقفت هَذَا على فُقَرَاء أَوْلَادِي وَلَا فَقير فِي وَلَده وَجب أَن لَا يَصح كَمَا لَو قَالَ على مَسْجِد بَيْتِي فَإِن كَانَ فيهم فُقَرَاء وأغنياء صَحَّ وَمن افْتقر نفذ وَصرف إِلَيْهِ 858 - مَسْأَلَة إِذا وقف مدرسة على أَصْحَاب الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ شَرط أَن يكون فلَان مدرسها أَو قَالَ حَالَة الْوَقْف فوضت التدريس إِلَى فلَان فَهُوَ لَازم وَلَا يبْذل الْمدرس كَمَا لَو قَالَ وقفت هَذَا على أَوْلَادِي الْفُقَرَاء لَا يُبدل إِلَى الْأَغْنِيَاء أما إِذا تمّ الْوُقُوف ثمَّ قَالَ لوَاحِد من الْعلمَاء اذْهَبْ فدرس أَو الحديث: 856 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 633 @ أَن تدريسه مفوض إِلَيْهِ لَهُ تبديله وتغييره كَمَا لَو نصب بعدالوقف خَادِمًا لعمل الْمدرسَة لَهُ تبديله وَلَو نصب قيمًا لَهُ تبديله وَبعد موت الْوَاقِف إِذا كَانَ قد نصب قيمًا لَا يُبدل 859 - مَسْأَلَة إِذا وقف مرجلا يسْتَعْمل فِيمَا جرت الْعَادة بِاسْتِعْمَال فِيهِ مثل غسل الثِّيَاب فَلَا يسْتَعْمل فِي الطَّبْخ والطبخير يسْتَعْمل فِي الطَّبْخ دون الغسيل وَلَو تكسر وَأَرَادَ أَن يتَبَرَّع مُتَبَرّع بإصلاحه وابتياع جُزْء مِنْهُ لينفق عَلَيْهِ ويتخذ اصغر مِنْهُ يجوز أَن يتَّخذ شَيْء آخر من مغرفة وَنَحْوهَا فَإِن كَانَ مرجلان موقوفان على محلّة فكسرا وَصَارَ كل وَاحِد مِنْهُمَا بِحَيْثُ لَا يُمكن أَن يتَّخذ مِنْهُ مرجل صَغِير يجوز أَن تجمع بَينهمَا فيتخذ مِنْهُمَا جَمِيعًا مرجل وَاحِد بِحَيْثُ لَا يَجِيء مِنْهُ مرجل وَلَا مغرفة وَلَو جمع بَينهمَا يحصل مِنْهُ مغرفة جَازَ أَن يَجْعَل مغرفة بالتجميع وَإِن كَانَ مرجل مَوْقُوف على محلّة أُخْرَى لَا يجوز الْجمع بل كل وَاحِد يتَّخذ مغرفة لمحلته فَإِن لم يتأت من كل وَاحِد شَيْء أصلا قَالَ حِينَئِذٍ لَا بَأْس أَن تجمع بَينهمَا فيتخذ مِنْهُ مغرفة ثمَّ أهل كل محلّة يستعملونه على التَّسَاوِي وَمَا دَامَت الْمحلة أَهله لَا يجوز النَّقْل إِلَى الْأُخْرَى كأجزاء الْمَسْجِد لَا ينْقل إِلَى مَسْجِد آخر مَا دَامَ الْمَسْجِد مَا هُوَ لَهُ 860 - مَسْأَلَة سُئِلَ أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ عَن نقش الْمَسْجِد وجداره من غلَّة وقف الْمَسْجِد هَل يجوز للقيم قَالَ لَا أَدْرِي قَالَ الإِمَام لَا يجوز وَيغرم إِن فعل وَإِن فعله رجل بِمَال نَفسه يكره لِأَن فِيهِ شغل قلب الْمُصَلِّي قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام فِي خميصة معلمة شغلني أَعْلَام هَذِه 861 - مَسْأَلَة وَكَانَ هُوَ ملك الْمَسْجِد هَل يجوز أم يَجْعَل مَسْجِدا قَالَ لَا الحديث: 859 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 634 @ يجوز كَمَا لَا يجوز إِعْتَاق عبد الْمَسْجِد والحشيش إِذا نبت فِي الْمَسْجِد هَل يجوز أَن يُؤْخَذ ويعلف الدَّوَابّ قَالَ إِن كَانَ لَهُ قيمَة لَا يجوز إِلَّا بِعرْض يُعْطي عَلَيْهِ وَإِن لم تكن لَهُ قيمَة يجوز وَإِذا غرس فِي الْمَسْجِد شَجَرَة قَالَ لَا يجوز الْغَرْس فِي الْمَسْجِد وتقلع وَتَكون لمن غرسها فَإِن ملكهَا الْمَسْجِد وَقبل الْقيم يصير ملكا لِلْمَسْجِدِ 862 - مَسْأَلَة رجل وقف شَيْئا على عَائِشَة وَفَاطِمَة ابْنَتي عَليّ بن مُحَمَّد ابْن مُوسَى مَا عاشا ثمَّ على أولادهما وَأَوْلَاد أولادهما مَا تَنَاسَلُوا أَو تَوَالَدُوا بَطنا بعد بطن وقرنا بعد قرن وكل من مَاتَ مِنْهُم وأعقب صرفت حِصَّته من ذَلِك إِلَى عقبَة وَمن لم يعقب صرفت حِصَّته إِلَى من فِي دَرَجَته أَو أقرب فَإِن لم يبْق أحد مِنْهُمَا وَلَا فِي عقبيهما رَجَعَ الْوَقْف إِلَى فُقَرَاء قَرَابَات الْوَاقِف من قبل أَبِيه وَأمه فَإِن انقرضوا وَلم يبْق مِنْهُم أحد فعلى فُقَرَاء الْمُسلمين فَمَاتَتْ فَاطِمَة وَلَا نسل لَهَا وَلَا عقب فَمَاتَ عائشتة وخلفت ابْنا يُقَال لَهُ مُحَمَّد بن أَحْمد بن مَحْمُود فَمَاتَ مُحَمَّد وَخلف ابْنا يُقَال لَهُ أَبُو الْفضل وبنتا يُقَال لَهَا غَالِيَة فَمَاتَ أَبُو الْفضل وَلَا نسل لَهُ وَمَاتَتْ غَالِيَة وخلفت ابْنا يُقَال لَهُ أَبُو عَمْرو بن أبي مَنْصُور فَرجع الْوَقْف كُله إِلَيْهِ وَولد لَهُ أَوْلَاد مُحَمَّد وَعلي وغالية وَعَائِشَة فَمَاتَتْ عَائِشَة وأبوها حَيّ ثمَّ مَاتَ أَبُو عَمْرو عَن ثَلَاثَة أَوْلَاد مُحَمَّد وَعلي وغالية وولدين من ابْنَته عَائِشَة الَّتِي مَاتَت قبل أَبِيهَا ثمَّ مَاتَ أَوْلَاده الْبَاقُونَ وَخلف كل وَاحِد مِنْهُم أَوْلَادًا هَل يستبد بريع هَذَا الْوَقْف أَوْلَاد هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة الَّذين مَوْتهمْ بعد موت أَبِيهِم أم يشاركهم أَوْلَاد عَائِشَة الَّتِي مَاتَت قبل أَبِيهَا لِأَن الْكل الْيَوْم فِي دَرَجَة وَاحِدَة قَالَ لَا يشاركهم أَوْلَاد عَائِشَة 863 - مَسْأَلَة رجل وقف خَانا على قوم فانهدم وَلم يبْق من الخان شَيْء فأجر الْمُتَوَلِي عرصته من إِنْسَان أَرْبَعِينَ سنة ليبني فِيهَا فَبنى ثمَّ الْبَانِي وقف عِمَارَته على جمَاعَة أُخْرَى من غير الْأَوَّلين قَالَ لَا يَصح الْوَقْف بل بعد مُضِيّ الْمدَّة الْمُسْتَأْجرَة يَأْخُذهَا مُتَوَلِّي الْوَقْف الأول وَيرد أجرتهَا إِلَى الْمُسْتَأْجر فَتكون الْعِمَارَة فِي حكم الْوَقْف الأول فَلَو كَانَ الْمُسْتَأْجر أَدخل فِيهَا شَيْئا من آلاته الحديث: 862 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 635 @ فَأَرَادَ أَن يرفعها وَيضمن أرش النُّقْصَان الَّذِي دخل الأَرْض لَهُ ذَلِك وَلَيْسَ للمتولي أَن يقْلع وَيغرم أرش النُّقْصَان وَهَذَا بِخِلَاف مَا لَو أعَار أَو أجر سطحه من إِنْسَان أَو أرضه ليبني فِيهَا فَبنى فَبعد مُضِيّ الْمدَّة لَهُ قلعهَا وَيضمن أرش النُّقْصَان لِأَنَّهُ ملكه وَله تفريغها وَهَا هُنَا الْقلع لَيْسَ من مصلحَة الْوَقْف فَإِنَّهُ مَأْمُور بِأَن يَبْنِي فِيهَا من أُجْرَة الْمَوْقُوف أُحِيل للموقف الأول وَهَذَا لِأَن من وقف دَارا صَار هَواهَا فِي حكم الْوَقْف إِلَى السَّمَاء وَلذَلِك لَا يجوز للْغَيْر الْبناء على سطرح الدَّار الْمَوْقُوفَة قَالَ وَكَذَلِكَ لَو أجر أرضه للغرس فغرس لَيْسَ للْمُسْتَأْجر وقف الْغِرَاس لِأَن مَالك الأَرْض بعد مُضِيّ مُدَّة الْإِجَارَة حق التَّمَلُّك ثمَّ لَو رَضِي مَالك الأَرْض جَازَ وَقفه وَهَا هُنَا لَا يجوز لِأَنَّهُ ملك فَهُوَ كالمشتري إِذا وقف الأَرْض الَّتِي تبنى فِيهَا الشُّفْعَة فَإِن أَرغب الشَّفِيع فِي أَخذهَا أَخذهَا ورد الْوَقْف وَإِن ترك الشُّفْعَة كَانَ وَقفا بَاب اللّقطَة والتقاط المنبوذ إِذا أسلم أحد ابوي الطِّفْل يحكم بِإِسْلَام الْوَلَد وَلَو أسلم الْجد بعد موت الْأَب أَو الْجدّة بعد موت الْأُم يحكم بِإِسْلَام النَّافِلَة وَلَو أسلم الْجد مَعَ وجود الْأَب أَو الْجدّة مَعَ وجود الْأُم هَل نحكم بِإِسْلَام النَّافِلَة وَجْهَان فَلَو كَانَ للطفل أَب وَأم وَأم وَأم أَب فَأسْلمت أم الْأَب أَو أم الْأُم مَعَ وجود الْأُم لَا نحكم بِإِسْلَامِهِ على أحد الْوَجْهَيْنِ لِأَن الطِّفْل بعض لكل وَاحِد من أَبَوَيْهِ فَيصير مُسلما تبعا لكل وَاحِد مِنْهُمَا وَالْأَب يحجب كل من كَانَ بَعْضًا مِنْهُ وَالأُم هَكَذَا وكل وَاحِد لَا يحجب بعضه الآخر وَلَا من يُدْلِي بِهِ حَتَّى لَو كَانَ للصَّبِيّ أم وَأب وَأب فَأسلم أَب أَب نحكم بِإِسْلَام الطِّفْل هَذَا وَاضح وَإِن كَانَ يحْتَمل أَن نجْعَل كإسلام الْجد مَعَ وجود الْأَب قَالَ وَرَأَيْت الشَّيْخ الْقفال قَالَ لَو أسلم الْجد مَعَ وجود الْأَب لَا نحكم بِإِسْلَام النَّافِلَة وَلَو مَاتَ الْأَب كَافِرًا ثمَّ أسلم الْجد لَا نحكم بِإِسْلَام الْوَلَد إِذا كَانَ خَارِجا يَوْم موت الْأَب كَمَا لَو سبى مُسلم صَغِيرا مَعَ أحد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 636 @ أَبَوَيْهِ الْكَافرين ثمَّ مَاتَ الأبوان لَا نحكم بِإِسْلَامِهِ تبعا للسابي وَلَو مَاتَ الْأَب كَافِرًا ثمَّ أسلم الْجد ثمَّ ولد الْوَلَد قَالَ نحكم بِإِسْلَامِهِ تبعا للْجدّ قَالَ الإِمَام إِذا كَانَ لَا نحكم بِإِسْلَامِهِ تبعا للْجدّ بعد موت الْأَب يَنْبَغِي أَن يفضل بَين أَن يكون الْوَلَد خَارِجا بعد موت الْأَب نحكم بِإِسْلَامِهِ سَوَاء كَانَ خَارِجا يَوْم إِسْلَام الْجد أَو فِي الْبَطن أَو علق من بعد وَهَذَا هُوَ نَظِير السابي وَلَو أَن حَرْبِيّا سبى طفْلا كَافِرًا أَو ذمِّي سباه أَو اشْترى عبدا صَغِيرا كَافِرًا ثمَّ أسلم السَّيِّد هَل نحكم بِإِسْلَام العَبْد الطِّفْل قَالَ يحْتَمل وَجْهَيْن بِنَاء على مَا لَو سبى ذمِّي صَبيا فَحَمله إِلَى دَار الْإِسْلَام هَل نحكم بِإِسْلَامِهِ تبعا للدَّار فِيهِ وَجْهَان وَيحْتَمل أَن يَتَرَتَّب على تِلْكَ الْمَسْأَلَة إِن قُلْنَا نحكم بِإِسْلَامِهِ هَا هُنَا أَو لَا وَإِلَّا فَوَجْهَانِ وَالْفرق أَن هُنَاكَ هُوَ تبع للذِّمِّيّ فَلَا تقطع تبعيته بِسَبَب الدَّار كَمَا لَا يَجْعَل مُسلما تبعا للسابي إِذا كَانَ مَعَه أَبوهُ لِأَنَّهُ تبع للْأَب فَلَا تقطع تبعيته بِسَبَب الدَّار وَإِذا أسلم السابي لَا يقطع تبعيته بل يُحَقّق التّبعِيَّة بِإِسْلَامِهِ كَمَا لَو أسلم الْأَب نحكم بِإِسْلَامِهِ فِي العطايا والهبات رجل مَاتَ عَن ابْن وَبنت وَترك خَمْسَة عشر رَأْسا من الْغنم فَقَالَت الْبِنْت للإبن خَمْسَة فِيهَا نَصِيبي وهبتها مِنْك فقبلها الْأَخ قَالَ لَا يَصح لِأَن لَهَا من جُمْلَتهَا الثُّلُث لَيْسَ لَهَا خَمْسَة مَعْلُومَة بِخِلَاف مَا لَو بَاعَ خَمْسَة أَذْرع من أَرض وجملتها خَمْسَة عشر ذِرَاعا وَهِي مَعْلُومَة الذرعان عِنْدهمَا جَازَ وَجعل كَأَنَّهُ بَاعَ الثُّلُث لِأَن الذرعان لَا تَتَفَاوَت وَقِيمَة الأغنام تَتَفَاوَت فَهُوَ كَمَا لَو كَانَ بَينهمَا خَمْسَة عشر مشاعة فَبَاعَ خَمْسَة لَا يَصح 864 - مَسْأَلَة هَل يشْتَرط فِي الْهَدِيَّة أَخذ المهدى إِلَيْهِ بالتراحم أم يحصل الْملك بِوَضْع الْمهْدي بَين يَدَيْهِ أَو أَخذه الصَّبِي هَل يملك قَالَ لَا 865 - مَسْأَلَة المَال الضائع الَّذِي يصرف إِلَى الْمصَالح إِذا وَقع فِي يَد الحديث: 864 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 637 @ إِنْسَان وَهُوَ لَا يظفر بِإِمَام يَدْفَعهُ إِلَيْهِ فَصَرفهُ الَّذِي وَقع فِي يَده إِلَى نوع من الْمصَالح غير أَنه ترك الأهم مثل إِن كَانَ فِي الْبَلَد من يحْتَاج إِلَى كسْوَة ولباس وَهُوَ صرفه إِلَى عمَارَة مَسْجِد وَنَحْوه هَل يُجزئهُ ذَلِك أجَاب يجوز وَلَا يَأْثَم كَالزَّكَاةِ إِذا صرفهَا إِلَى مُسْتَحقّ وثمة من هُوَ أَشد استحقاقا جَازَ وَأَن ترك فَهُوَ أولى بَاب الْمَوَارِيث 866 - مَسْأَلَة مَاتَ رجل وَخلف بنت عَم وَابْن عمَّة الْعم والعمة لأَب وَأم أَو لأَب قَالَ الْمِيرَاث لبِنْت الْعم لِأَنَّهَا أقرب إِلَى الْوَارِث لِأَن الْعم يَرث والعمة غير وارثة وَالْأَقْرَب إِلَى الْوَارِث أولى على أَي صفة كَانَ إِذا كَانَا مستويين فِي الْقرب إِلَيّ الْمَيِّت مسَائِل الْوَصَايَا 867 - مَسْأَلَة رجل لَهُ بنت وَزَوْجَة وَأم وَأوصى لإِنْسَان بِمثل النَّصِيبَيْنِ وَلآخر بِربع مَا تبقى من المَال بعد النَّصِيبَيْنِ الطَّرِيق أَن تجْعَل المَال اثْنَي عشر ونصيبين مجهولين النصيبان المجهولان للْمُوصى لَهما بالنصيب ثمَّ للْمُوصى لَهُ بَقِي اثْنَا عشر ثلثه للْمُوصى لَهُ بِالربعِ وَأَرْبَعَة للْمُوصى لَهُ بِالثُّلثِ بَقِي خَمْسَة لَا تستقيم على سِهَام الْوَرَثَة وفريضتهم من أَرْبَعَة وَعشْرين فِي اثْنَي عشر فَتَصِير مِائَتَيْنِ وَثَمَانِينَ ونصيبان مَجْهُولَانِ فالنصيبان للْمُوصى لَهما بالنصيب ثمَّ للْمُوصى لَهُ بِالربعِ بِثَلَاثَة مَضْرُوبَة فِي أَرْبَعَة وَعشْرين فَتكون اثْنَيْنِ وَسبعين وللموصى لَهُ بِالثُّلثِ سِتَّة وَتسْعُونَ وللزوجة خَمْسَة وَعشر بَقِي خَمْسَة وَعِشْرُونَ وَمَال أحد النَّصِيبَيْنِ عشرُون وَالْآخر سِتُّونَ وَجُمْلَة المَال ثلثمِائة وَسِتُّونَ فعشرون للْمُوصى لَهُ بِمثل نصيب الْأُم وَسِتُّونَ للْمُوصى لَهُ بِمثل نصيب الْبِنْت وَسِتَّة وَتسْعُونَ سَهْما للْمُوصى لَهُ بِثلث مَا يبْقى وإثنان وَسَبْعُونَ سَهْما للْمُوصى لَهُ بِربع مَا يبْقى ثمَّ للْبِنْت سِتُّونَ سَهْما وَللْأُمّ عشرُون سَهْما وللزوجة خَمْسَة عشر بَقِي خَمْسَة وَعِشْرُونَ لبيت المَال أَو ترد إِلَى الْأُم وللبنت أَربَاعًا الحديث: 866 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 638 - مَسْأَلَة أوصى لإِنْسَان بِربع مَاله إِلَّا نصيب أحد أَوْلَاده وَله أَربع بَنِينَ وَأوصى لإِنْسَان آخر بِثلث مَا يبْقى يَجْعَل المَال عشْرين سَهْما سَهْمَان للْمُوصى لَهُ بِالربعِ وَسِتَّة أسْهم للْمُوصى لَهُ بِثلث مَا يبْقى وَلكُل ابْن ثَلَاثَة أسْهم فَيكون ربع المَال خَمْسَة للْمُوصى لَهُ بِالربعِ يرد مِنْهُ نصيب أحد الِابْنَيْنِ وَهُوَ ثَلَاثَة ثمَّ للْمُوصى لَهُ الآخر ثلث مَا يبْقى بعد السهمين وَهُوَ سِتَّة قَالَ وَطَرِيقه أَن يعْطى الرّبع إِلَى الْمُوصى لَهُ بِالربعِ وَيجْعَل الْبَنِينَ خَمْسَة فَيقسم الْبَاقِي عَلَيْهِم فَيكون لكل وَاحِد ثَلَاثَة فيبين أَن النَّصِيب الَّذِي يسْتَردّ من الْمُوصى لَهُ بِالربعِ ثَلَاثَة فيضم نصيب الابْن الْخَامِس إِلَى المسترد فَيضْرب فَيَجْعَلهُ للْمُوصى لَهُ بِثلث مَا تبقى 869 - مَسْأَلَة وَلَو أوصى لإِنْسَان بِخمْس مَاله إِلَّا نصيب أحد أَوْلَاده وَله أَربع بَنِينَ وَلآخر بِثلث مَا يبْقى فَتكون من خَمْسَة وَعشْرين للْمُوصى لَهُ بالخمس خَمْسَة وَيزِيد عَنْهَا فَيقسم عشرُون عَلَيْهِم لكل وَاحِد أَرْبَعَة فَبَان أَن النَّصِيب الْمَجْهُول الَّذِي يسْتَردّ من الْمُوصى لَهُ بالخمس أَرْبَعَة يستردها مِنْهُ فَيبقى لَهُ سهم وللموصى لَهُ بِالثُّلثِ ثَمَانِيَة بَقِي سِتَّة عشر لكل ابْن أَرْبَعَة 870 - مَسْأَلَة إِذا كَانَ لكل وَاحِد من الزَّوْجَيْنِ مِائَتَا دِينَار فَفِي مرض مَوتهَا وهب كل وَاحِد مَاله من الآخر ثمَّ مَاتَت الْمَرْأَة عَن أَخ وَهَذَا الزَّوْج ثمَّ مَاتَ الزَّوْج عَن عَم قَالَ هبة الْمَرْأَة مَرْدُودَة إِن لم يجز ورثتها لِأَنَّهُ وَصِيَّة للْوَارِث وَهبة الزَّوْجَة لَا ترد لِأَن الِاعْتِبَار فِي كَونه وَارِثا بِحَالَة الْمَوْت لَا بِحَالَة الْوَصِيَّة وَحَالَة موت الزَّوْج لم تكن هِيَ وارثة فَصحت هِبته مِنْهَا فَيَعُود نصف تركتهَا إِلَى الزَّوْج بِحكم الْإِرْث وَمَا وهب الزَّوْج مِنْهَا فَمن الثُّلُث لِأَنَّهُ فِي مرض مَوته فَيَعُود من ذَلِك الثُّلُث نصفه إِلَى الزَّوْج لِأَنَّهُ من تركتهَا 871 - مَسْأَلَة رجل أعتق عبدا فِي مرض مَوته وَلَا يخرج من الثُّلُث فَبعد الْمَوْت أقرّ الْوَارِث أَن للْمَيت عِنْد فلَان مَالا وَفُلَان مُنكر لَا نحكم بِعِتْق العَبْد كُله بقول الْوَارِث أَن لَهُ مَالا لِأَنَّهُ لَا تنفذ الْوَصِيَّة فِي الثُّلُث مَا لم يصل إِلَى الْوَارِث مثلا الحديث: 869 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 639 - مَسْأَلَة إِذا كَانَ المَال مُشْتَركا بَين الصَّبِي وَالْوَصِيّ لَا ينْفَرد بِالْقيمَةِ خُصُوصا على قَوْلنَا أَنه بيع كَمَا لَا يَبِيع مَاله من نَفسه إِلَّا أَن يكون أَبَا أَو جدا فنفعل بل القَاضِي ينصب فِيمَا عَن الصَّبِي حَتَّى يقاسمه 873 - مَسْأَلَة الْوَصِيّ إِذا اسْتَأْجر رجلا لأمر من أُمُور الصَّبِي إِجَارَة فَاسِدَة فأجر الْمثل على من يجب قَالَ يجب على الْوَصِيّ فِي مَال نَفسه لِأَن العقد لم ينْعَقد فِي حق الصَّبِي قَالَ وَيحْتَمل أَن يُقَال إِن كَانَ قد حصل للصَّبِيّ بِهِ نفع بِأَن كَانَ قد اسْتَأْجرهُ ليبني دَاره وَقد فعل أَو ليَأْخُذ دينا لَهُ على إِنْسَان وَقد حصل أَن يكون أجر الْمثل فِي مَال الصَّبِي وَأَصله أَن السَّيِّد إِذا أذن لعَبْدِهِ فِي النِّكَاح فنكح نِكَاحا فَاسِدا يتَعَلَّق الْمهْر بِكَسْبِهِ كَمَا فِي الصَّحِيح لوُجُوده أم يَجْعَل كَأَنَّهُ عري عَن الْإِذْن فَقَوْلَانِ 874 - مَسْأَلَة وَلَو أَمر الصَّبِي عِنْده ليعْمَل لأطفال لَيْسَ لَهُ أَن يَأْخُذ نَفَقَة العَبْد وَكسوته من مَال الطِّفْل إِلَّا أَن يؤاجره من الصَّبِي وَيقبل الْحَاكِم من جِهَة الصَّبِي وَلَا يُمكنهُ أَن يقبل بِنَفسِهِ لِأَنَّهُ لَا يتَوَلَّى طرفِي العقد فَإِن كَانَ أَبَا أَو جدا وَلَو لم يُؤَاجر وَلَكِن كَانَ فِي عزمه أَن ينْفق مِنْهُ فَهَل لَهُ أجر الْمثل فِي الْمَسْأَلَة الأولى الْأَصَح لَا 875 - مَسْأَلَة الْأَب إِذا وكل وَكيلا لبيع مَاله من وَلَده الطِّفْل أَعنِي ولد الْمُوكل لَا يجوز لِأَن عبارَة الْوَكِيل لَا تصح لطرفي العقد قُلْنَا إِذا وَكله بِأحد الطَّرفَيْنِ وَتَوَلَّى الْأَب الطّرف الآخر يجوز وَيجْعَل كَأَن الْأَب يَجعله بِنَفسِهِ ولسان الْوَكِيل لِسَان الْمُوكل 876 - مَسْأَلَة إِذا دفع شَيْئا إِلَى إِنْسَان ليدفع إِلَى غَرِيمه فَدخل مَسْجِدا فَنَامَ فَسرق مِنْهُ قَالَ إِن لم يتَمَكَّن من الدّفع إِلَى الْغَرِيم وَلم يتْرك الِاحْتِيَاط فِي الشد وَالْأَحْكَام لَا يضمن 877 - مَسْأَلَة أودع عبدا من إِنْسَان فأبق من يَده وَلم يخبر الْمَالِك الْمُودع حَتَّى مُضِيّ أَيَّام وَلَو أخبرهُ رُبمَا أدْركهُ فَهَل يصير بترك الْإِخْبَار ضَامِنا قَالَ لَا الحديث: 873 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 640 @ يصير ضَامِنا لِأَنَّهُ إِنَّمَا استودعه على حفظه لَا على الْإِخْبَار بِمَا يصنع العَبْد كَمَا لَو مرض العَبْد فَلم يُخبرهُ حَتَّى مَاتَ 878 - مَسْأَلَة إِذا أودع من إِنْسَان شَيْئا فَذَهَبت آثاره هَل للْمُودع حفر دَار الْمُودع قَالَ لَيْسَ لَهُ ذَلِك إِلَّا أَن يكون الْمُودع مُتَعَدِّيا فِي وَضعه كالدينار يَقع فِي المحبرة 879 - مَسْأَلَة رجل أبضع بضَاعَة إِلَى إِنْسَان فَقَالَ نمت فَضَاعَ قَالَ إِن نَام بَعيدا عَن رَحْله وَقد تَفَرَّقت أهل الرّفْعَة ضمن وَإِن لم يكن بِهَذِهِ الصّفة لم يضمن 880 - مَسْأَلَة وَلَو أودع من إِنْسَان خَاتمًا فَجعله فِي خِنْصره فتورم أُصْبُعه وَلم يكن نَزعه إِلَّا بِكَسْر الْخَاتم فَكسر أَو قطع فَمن الضَّامِن من يكون قَالَ من ضَمَان الْمُودع لِأَنَّهُ إِن قصد بِهِ الِاسْتِعْمَال يضمن لَا إِشْكَال وَإِن لم يقْصد الِاسْتِعْمَال وَلم يكن مُتَعَدِّيا فِيهِ أَيْضا من ضَمَانه لِأَن الْكسر كَانَ لتخليص مسلكه كَمَا لَو أَدخل بقرة إِنْسَان رَأسهَا فِي قدر باقلاني وَلم يُوجد من أَحدهمَا تعدِي يجب الضَّمَان على صَاحب الدَّابَّة لِأَن الْكسر لتخليص ملكه 881 - مَسْأَلَة عبد أودع من إِنْسَان شَيْئا لَيْسَ للْمُودع أَن يرد على العَبْد فَلَو فعل ضمن ولسيده أَن يرْعَى عَلَيْهِ فَإِن انْكَسَرَ الْمَدْفُوع إِلَيْهِ وَحلف نظر إِن حلف أَن لَيْسَ فِي يَده شَيْء لَا يكون كَاذِبًا وَإِن حلف على أَن لَا يلْزمه شَيْء كَانَ كَاذِبًا وَإِن غرم للْمولى فَلَا رُجُوع لَهُ على العَبْد بِحَال لِأَن ضَمَانه لتعديه فِي مَال الْمولى ولإيقاع الْحَيْلُولَة إِلَّا أَنه نبت لَهُ على العَبْد فَإِذا عَاد مَال الْوَلِيّ إِلَيْهِ عَلَيْهِ رد الْقيمَة إِلَى الْمُودع وَإِن هلك فِي يَد العَبْد فَمَال الْمولى إِذا هلك فِي يَد العَبْد لَا يكون عَلَيْهِ ضَمَان 882 - مَسْأَلَة وَلَو غصب شَيْئا فجَاء عبد الْمَالِك وأتلف الْمَغْصُوب فِي يَد الْغَاصِب يجب على الْغَاصِب الْقيمَة للْمَالِك وَلَا رُجُوع على العَبْد كَمَا الحديث: 878 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 641 @ لَو تلف بِآفَة سَمَاوِيَّة عِنْد الْغَاصِب وكما لَو اتلفه حَرْبِيّ فِي يَد الْغَاصِب ضمن الْغَاصِب وَلَا رُجُوع لَهُ على أحد 883 - مَسْأَلَة دائن لَهُ على مَدين حق يماطل فَظهر بِغَيْر جنس حَقه فَأَخذه وَوَضعه عِنْد مؤتمن ليستوفي مِنْهُ حَقه فَرده الْمَوْضُوع عِنْده إِلَى يَد مَالِكه قَالَ لَا ضَمَان عَلَيْهِ لصَاحب الْحق لِأَنَّهُ رده إِلَى مَالِكه وَلم يتَعَلَّق بِهِ حق من أَخذه فَإِن كَانَ من جنس حَقه أَخذه عَن طَرِيق التَّمَلُّك فَوَضعه عِنْد إِنْسَان فَرد ضمن الدَّار لصَاحب الْحق 884 - مَسْأَلَة رجل أودع من رجل شَاة فجز صوفها ضمن الصُّوف وَالشَّاة لِأَنَّهُ تعد فِي الشَّاة وَكَذَلِكَ لَو وشمها أَو قطع أذنها وَإِن حلب لَبنهَا قَالَ وَجب أَن يضمن اللَّبن دون الشَّاة كَمَا لَو أودع مِنْهُ دَرَاهِم فَرفع مِنْهَا درهما للإنفاق ضمن الدِّرْهَم دون الْبَاقِي وكما لَو أَخذ من ظهر دَابَّة إِنْسَان حملا ضمن الْحمل دون الدَّابَّة 885 - مَسْأَلَة البقار الَّذِي يحمل الدَّوَابّ إِلَى المشرح إِذا دَعَاهَا فِي مهلكة ضمن وَلَو ترك وَاحِدَة فِي الطَّرِيق وَشرح الْبَاقِي ضمن سَوَاء كَانَ قصدا أَو نِسْيَانا لِأَن النسْيَان لَا يسْقط الضَّمَان وَلَو وَقعت وَاحِدَة فِي الْحِفْظ فَسرق لم يضمن كَمَا لَو أودع من إِنْسَان شَيْئا أَو دفع ثوبا إِلَى خياط ليخيطه فَسرق من بَيته قَالَ إِن كَانَ فِي بَيته مُنْفَردا فَتَركه لَيْلًا بِلَا حارس ضمن وَإِن تَركه نَهَارا فأغلق الْبَاب وَهُوَ فِيمَا بَين الْبيُوت لم يضمن 886 - مَسْأَلَة رجل أودع كيسا فِيهِ دَرَاهِم والكيس مختوم فَمضى عَلَيْهِ عشر سِنِين ثمَّ جَاءَ فطالبه فَرد فَادّعى الْمُودع فض الْخَتْم والخيانة فانكر الْمُودع قَالَ لَهُ الْحَاكِم كم أودع مِنْك هَذَا قَالَ مُنْذُ عشر سِنِين فَفتح فَإِذا فِيهِ دِرْهَم بِضَرْب خمس سِنِين قَالَ القَوْل قَول الْمُودع بِيَمِينِهِ لِأَن الأَصْل بَقَاء أَمَانَته وَلَا ضَمَان لِأَنَّهُ يحْتَمل أَنه ضرب بِهَذَا الضَّرْب قبل عشر سِنِين وَيحْتَمل أَن غير الْمُودع فعله الحديث: 883 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 642 - مَسْأَلَة عبد أودع شَيْئا من إِنْسَان وَلم يعلم الْمُودع أَنه عبد كَانَ الْمُودع ضَامِنا إِذا هلك عَبده وَيحْتَمل أَن يكون كَالْغَاصِبِ يودع فَتلف عِنْد الْمُودع لَا يَتَقَرَّر الضَّمَان على الْمُودع هَل يكون طَرِيقا فِي وجوب الضَّمَان وَجْهَان 888 - مَسْأَلَة رجل دفع دَابَّة إِلَى رجل فِي ظلمَة اللَّيْل ليسقيها مَعَ دوابه فَضَاعَت فِي الظلمَة لم يضمن لِأَنَّهُ لم يفارقها فَإِن فَارقهَا ضمن 889 - مَسْأَلَة إِذا أودع من إِنْسَان شَيْئا وَغَابَ وَقَالَ لَهُ إِذا قدم عَلَيْك أَمِين فَابْعَثْ الْوَدِيعَة على توه إِلَيّ فَبعث ثمَّ حضر الْمُودع وَقَالَ لم يصل إِلَيّ وَأَرَادَ تغريم الْمُودع قَالَ إِن صدقه بِأَنَّهُ دفع إِلَى الْأمين وَكَانَ الْمُودع قد أشهد حِين دفع إِلَيْهِ لم يكن ل تغريمه وَإِن لم يكن أشهد غرمه على الْأَصَح إِلَّا أَن يُقيم الدَّافِع بَينه فَلَو أَنَّهُمَا اخْتلفَا فِي الشَّهَادَة فَقَالَ الدَّافِع أشهدت فَمَاتَ الشُّهُود أَو غَابُوا فَالْقَوْل قَوْله مَعَ يَمِينه 890 - مَسْأَلَة لَا يجوز للْمُودع أَن يودع فَلَو اسْتَعَانَ من أَجْنَبِي فِي حفظ الْوَدِيعَة مثل أَن يَقُول أسق هَذِه الدَّابَّة أَو قَالَ ضع هَذِه فِي صندوقي لَا ضَمَان عَلَيْهِ لِأَن لم يسلم إِلَيْهِ إِنَّمَا اسْتَعَانَ بِهِ وَلَو اسْتَعَانَ من زَوجته لَا ضَمَان ضَمَان عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الرَّهْن إِذا كَانَ مَوْضُوعا على يَد عزل لَا يجوز أَن يدْفع الرَّهْن لَا إِلَى الرَّاهِن وَلَا إِلَى الْمُرْتَهن وَلَا إِلَى الْأَجْنَبِيّ فَلَو أَنه اسْتَعَانَ من أَجْنَبِي فِي الرَّهْن لَا ضَمَان عَلَيْهِ لِأَنَّهُ اسْتَعَانَ بِهِ وَلم يسلم إِلَيْهِ 891 - مَسْأَلَة رجل دخل الْحمام فَوضع الثَّوْب بَين يَدي الحمامي فَقَامَ الحمامي وَتَركه فَضَاعَ لم يضمن وَلَو قَالَ لَهُ حِين دخل احفظ الثَّوْب فَإِن لم يجبهُ الحمامي بِشَيْء فضيعه لم يضمن وَإِن قَالَ بلَى أَو ضع فضيع ضمن لِأَن بلَى تفِيد تعهده بِالْحِفْظِ الحديث: 888 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 643 - مَسْأَلَة لَو أودع كتابا من إِنْسَان فَقَرَأَ فِيهِ ضمن فَإِن غصب مِنْهُ بعده فَعَلَيهِ الضَّمَان لِأَن الْقِرَاءَة من الْكتاب انْتِفَاع بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب قسم الصَّدقَات إِنَّمَا يجوز صرف الصَّدَقَة إِلَى الْفَقِير والمسكين إِذا لم يكن لَهُ كسب يُعينهُ فَإِن كَانَ لَهُ كسب يُعينهُ فَلَا يجوز قَالَ أما الْغَارِم يجوز الصّرْف إِلَيْهِ وَإِن كَانَ لَهُ كسب يُؤَدِّي دينه لِأَن الْغَارِم لَا يُؤمر بالكتساب لقَضَاء الدّين وَكَذَلِكَ الْمكَاتب يجوز الصّرْف إِلَيْهِ مَعَ كَونه كسوبا وَذَلِكَ لِأَنَّهُ تعلق بِهِ الدّين وَالسَّيِّد لَا يصير إِلَى أَن يحصل الْغَرِيم وَالْمكَاتب المَال بِكَسْبِهِ حُرِّيَّته قَالَ وَكَذَلِكَ ابْن السَّبِيل لِأَن اشْتِغَاله بِالْكَسْبِ إِلَى أَن يحصل زَاد لمَنعه من السّفر وَكَذَلِكَ الْغَازِي يسْتَحقّهُ مَعَ كَونه كسوبا لهَذَا الْمَعْنى فَهُوَ كالعامل يسْتَحقّهُ مَعَ كَونه كسوبا لِأَنَّهُ إِذا اشْتغل بِالْكَسْبِ لَا يُمكنهُ عمل الصَّدَقَة 893 - مَسْأَلَة رجل دفع سهم الغارمين إِلَى من عَلَيْهِ دين ثمَّ لم يتَبَيَّن للدافع أَنه صرف ذَلِك إِلَى دينه أَو إِلَى نَفَقَته فَإِن الزَّكَاة بِالدفع إِلَيْهِ سَقَطت عَنهُ ذمَّته مَا لم يتَبَيَّن أَنه دفع ألى الْغَرِيم 894 - مَسْأَلَة وَسُئِلَ هَل للْفَقِير أَن يَأْخُذ من سهم الْفُقَرَاء وَيصرف ذَلِك إِلَى صدَاق زَوجته قَالَ يجوز لِأَنَّهُ دين كَسَائِر الدُّيُون ثمَّ إِن كَانَ من جنس الصَدَاق يدْفع إِلَيْهَا وَإِن كَانَ من غير جنس الصَدَاق بَاعَ مِنْهَا بِجِنْس الصَدَاق 895 - مَسْأَلَة وَلَو ضمن فَقير عَن فَقير دينا ثمَّ طَالب الْمَضْمُون لَهُ الضَّامِن فَأخذ الضَّامِن سهم لغارمين وَدفع إِلَيْهِ هَل يحل لصَاحب الدّين وَهل يحْسب مَا أَخذه الضَّامِن من الزَّكَاة قَالَ يحل ويحسب ذَلِك عَن الزَّكَاة الحديث: 893 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 644 @ وَكتب إِلَيْهِ لَو أَن الْمَضْمُون عَنهُ كَانَ قد صرف ذَلِك الْغَرَض إِلَى مَعْصِيّة وَلم يعرف الضَّامِن ذَلِك قَالَ لَا يحل ذَلِك لرب المَال وَلَا تسْقط الزَّكَاة عَن ذمَّة الدَّافِع وَكتب من غرم فِي مَعْصِيّة ثمَّ تَابَ هَل يجوز صرف سهم الغارمين إِلَيْهِ فِيهِ وَجْهَان واختباره أَنه لَا يجوز صرف الزَّكَاة إِلَيْهِ 896 - مَسْأَلَة قَالَ لَا يجوز صرف الْكَفَّارَة إِلَى بني هَاشم وَبني الْمطلب كَالزَّكَاةِ لِأَنَّهَا غسالة الدّين 897 - مَسْأَلَة وَلَو نذر التَّصَدُّق بِدِينَار مُطلقًا أَو نذر أَن يتَصَدَّق بِدِينَار على الْفُقَرَاء هَل يجوز صرفه إِلَى العلوية إِن قُلْنَا يحمل على أقل إِيجَاب الله تَعَالَى لَا يجوز كَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَة وَإِن قُلْنَا على أقل مَا يتَقرَّب بِهِ إِلَى الله تَعَالَى يجوز 897 - مَسْأَلَة إِذا ملك رجل مالاو عَلَيْهِ دين هَل يجوز صرف الغارمين إِلَيْهِ قَالَ نظر إِن كَانَ مَاله لَا يزِيد على قوته وعَلى قوت عِيَاله ليومه وَلَيْلَته يجوز أَن يدْفع إِلَيْهِ سهم الغارمين أَو سهم الْفُقَرَاء وَإِن كَانَ مَاله يزِيد على قوت يَوْمه وَلَيْلَته نظر إِن كَانَ قدرا يَفِي بِنَفَقَتِهِ مِنْهُ وَلَو صرف إِلَى الدّين قَضَاءَهُ لَا يجوز وَاحِد مِنْهُمَا وَإِن صرفه إِلَى دينه حِينَئِذٍ أَخذ سهم الْفُقَرَاء وَإِن كَانَ يَفِي بِدِينِهِ وَلَا يبلغ نَفَقَة سنة يجوز سهم الغارمين قدر مَا يبْقى لدينِهِ وَلَا يجوز سهم الْفُقَرَاء 899 - مَسْأَلَة وَيجوز صرف سهم الغارمين إِلَيْهِم وَإِن كَانَ دينهم من غير جنس ذَلِك كَمَا يجوز صرف عشر الْحِنْطَة إِلَى من عَلَيْهِ الدَّرَاهِم وَيجوز صرف الدَّرَاهِم إِلَى من دينه حِنْطَة ثمَّ يَبِيع ذَلِك بِدِينِهِ قَالَ يجوز سَوَاء بَاعَ من غَرِيمه أَو من غير غَرِيمه ثمَّ أَخذ الثّمن وَدفع إِلَى غَرِيمه 900 - مَسْأَلَة من كَانَ مَاله غَائِبا جَازَ صرف الزَّكَاة إِلَيْهِ من سهم الْفُقَرَاء إِذا كَانَ مَاله على مَسَافَة الْقصر وَإِذا كَانَ مَاله غَائِبا جَازَ لزوجته فسخ النِّكَاح بِسَبَب الْإِعْسَار قَالَ وَهَذَا بِخِلَاف مَا لَو كَانَ الزَّوْج غَائِبا وَله الحديث: 896 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 645 @ مَال مَعَه لَا يجوز لامْرَأَته فسخ النِّكَاح على الْأَصَح لِأَن المَال إِذا كَانَ مَعَه فَهُوَ غير مغر وَإِذا كَانَ المَال غَائِبا فَهُوَ فِي حكم الْإِعْسَار 901 - مَسْأَلَة فَقير كسوب لَا يجد من يَأْمُرهُ بِالْكَسْبِ أَو وجد وَلَكِن مَاله حرَام قَالَ يَأْخُذ من الزَّكَاة إِلَى أَن يتَبَيَّن لَهُ كسب حَلَال وَمن كَانَ فِي يَده مَال حرَام يتَصَرَّف فِيهِ وَهُوَ فِي سَعَة مِنْهُ هَل يجوز لَهُ أَخذ الصَّدَقَة قَالَ يجوز إِذا تعذر عَلَيْهِ وَجه إجالاله وَتَابَ من ذَلِك 902 - مَسْأَلَة الْمكَاتب الَّذِي يقدر على الْكسْب والمديون الَّذِي يقدر على الْكسْب هَل يجوز لَهُ أَخذ الزَّكَاة لأَدَاء النُّجُوم ولأداء الدّين قَالَ يجوز وَلَا يُؤمر الْمَدْيُون بِالْكَسْبِ لقَضَاء الدّين بِخِلَاف سهم الْفُقَرَاء لَا يصرف إِلَيْهِم وَالْمكَاتب جعل الشَّرْع لَهُ سَهْما من الصَّدَقَة مَعَ الْقُدْرَة على الْكسْب لِأَن الله تَعَالَى قَالَ {إِن علمْتُم فيهم خيرا} وفسروا الْخَيْر بِالْقُدْرَةِ على الْكسْب مَعَ الْأَمَانَة فَأقر الْكِتَابَة عِنْد وجود هذَيْن الْمَعْنيين ثمَّ جعل لَهُ سَهْما من الزَّكَاة 903 - مَسْأَلَة صرف سهم ابْن السَّبِيل إِلَيْهِ يكون حَالَة مَا يُرِيد الْخُرُوج فَإِن دفع قبله وَقَالَ مَتى خرجت فأنفق لَا يجوز لِأَنَّهُ صرف إِلَيْهِ قبل الِاسْتِحْقَاق كَمَا لَو صرف دين عين فَقَالَ إِذا افْتَقَرت فَهَذِهِ زكاتك أما إِذا كَانَ مشتغلا بِأَسْبَاب الْخُرُوج يجوز 904 - مَسْأَلَة من نصفه حر وَنصفه رَقِيق لَا تجب عَلَيْهِ الزَّكَاة فِي مَاله لِأَن نصفه رَقِيق وَالزَّكَاة لجَمِيع بدنه فَإِذا كَانَ بعض بدنه مِمَّن لَا يُخَاطب بِالزَّكَاةِ لم تجب الزَّكَاة وَإِن كَانَ تصدقه ناقدا فِيمَا يمكل بِنصفِهِ الْحر كَالْمكَاتبِ يتَصَرَّف فِي مَاله وَلَا زَكَاة عَلَيْهِ فِي مَاله لِأَنَّهُ لم يتم زَوَال الرّقّ عَنهُ وَلَيْسَ الحديث: 901 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 646 @ ككفارة الْيَمين حَيْثُ تجب على بعضه حر أَن يكفر بِالْمَالِ لِأَن الرّقّ لَا يمْنَع وجوب كَفَّارَة الْيَمين فَإِن العَبْد إِذا حنت عَلَيْهِ كَفَّارَة الْيَمين غير أَنه يكفر بِالصَّوْمِ فَلَمَّا كَانَ الرَّقِيق كَالْحرِّ فِي توجه خطاب كَفَّارَة الْيَمين وَجوز الْمصير إِلَى الصَّوْم عِنْد عدم المَال فَمن نصفه حر وَاحِد لِلْمَالِ فيكفر بِالْمَالِ وَالْعَبْد الْقِنّ لَا يجد فَلَا يكفر بِالْمَالِ أما الزَّكَاة فَلَا يُخَاطب بهَا العَبْد أصلا فَإِذا كَانَ بعضه رَقِيقا لَا يُخَاطب بِهِ كَالْعِتْقِ فِي الْكَفَّارَة لَا يَصح من العَبْد وَلَا من بعضه حرا وَبَعضه رَقِيقا وَهُوَ مُعسر لَا يصرف إِلَيْهِ سهم الْفُقَرَاء من الزَّكَاة لِأَنَّهُ لَو صرف إِلَيْهِ كَانَ نصفه لسَيِّده وَالسَّيِّد لَيْسَ لمكاتب وَلَا فَقير قَالَ فَإِن كَانَ بَينه وَبَين السَّيِّد مهاباة فصرف إِلَيْهِ فِي الْيَوْم الَّذِي يعْمل لنَفسِهِ سهم المكاتبين يحْتَمل أَن يجوز وَكَذَلِكَ إِذا كَانَ نصفه حرا وَنصفه رَقِيقا فَفِي الْيَوْم الَّذِي يعْمل لنَفسِهِ سهم الْفُقَرَاء لِأَن كَسبه فِي ذَلِك يسلم للكتابة فِي الْمكَاتب ولنفسه فِي الْحر قَالَ وَقد جوز الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ لمن نصفه حر أَن يُكفن بِالْمَالِ فِي كَفَّارَة الْيَمين قَالَ وَإِن كَانَ لَهُ بِنصفِهِ الْحر مَال لَا زَكَاة عَلَيْهِ لِأَن الزَّكَاة فِي المَال وَبَعض بدنه رَقِيق لَا يتم بِهِ الْملك وَالْكَفَّارَة حق الْبدن كصدقة الْفطر فَيجب مَعَ الرّقّ فَإِن صَدَقَة فطر الرَّقِيق يجب على الْمولى وَكَفَّارَة الْيَمين فِي الْجُمْلَة يُخَاطب بِهِ العَبْد بِالصَّوْمِ فَمَا لم يمْنَع الرّقّ وُجُوبه فَإِذا كَانَ لَهُ بِنصفِهِ مَال وَجب فِيهِ 905 - مَسْأَلَة من صرف إِلَيْهِ سهم الغارمين يجب عَلَيْهِ أَن يصرف ذَلِك إِلَى رب الدّين فَلَو لم يكن ذَلِك من جنس دينه فَبَاعَهُ من رب الدّين بِدِينِهِ أَو بَاعه من غَيره بِجِنْس دينه ثمَّ صرف ذَلِك الَّذِي أَخذ فِي عوضه إِلَى رب الدّين وَكَذَلِكَ الْمكَاتب يَبِيع مَال جده بِجِنْس النُّجُوم وَيصرف إِلَى السَّيِّد يجوز لِأَنَّهُ لم يصرفهُ إِلَى غير الدّين وكالمقارض لَا يجوز لَهُ الصّرْف بعد فسخ الْقَرَاض فَلَو كَانَ فِي يَده عرُوض جَازَ لَهُ بيعهَا ليحصل جنس رَأس المَال 906 - مَسْأَلَة فَقير يقدر على الْكسْب لكنه مشتغل بتَعَلُّم الْقُرْآن ويتعلم الْعلم الَّذِي هُوَ فرض الْكِفَايَة واشتغاله بِهِ يمنعهُ من الْكسْب قَالَ الحديث: 905 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 647 @ يجوز لَهُ أَخذ الزَّكَاة أما إِذا كَانَ مشتغلا بتطوع الصَّوْم وَالصَّلَاة فَلَا يجوز بل يجب أَن يشْتَغل بعد أَدَاء الْفَرْض وَالسّنَن بِطَلَب الْمَعيشَة ثمَّ يشْتَغل فضل أوقاته بِالصَّلَاةِ 907 - مَسْأَلَة إِذا ضمن فَقير عَن غَنِي دِينَارا دون إِذْنه جَازَ للضامن من أَخذ سهم الغارمين فيؤديه إِلَى الْمَضْمُون لَهُ وَإِن لم يكن الْمَأْخُوذ من جنس الدّين وتبرأ ذمَّة الْمَدْيُون فَإِن كَانَ الدّين الَّذِي لزم الْمَدْيُون من غير وَجه مُبَاح لَا يجوز دفع الزَّكَاة إِلَى الضَّامِن كَمَا لَا يجوز دَفعه إِلَى الْمَدْيُون الَّذِي دينه من فَسَاد 908 - مَسْأَلَة فَقير سَأَلَ أَمينا لظَالِم شَيْئا وَكتب لَهُ خطابا إِلَى من يَأْخُذ المَال مِنْهُ ظلما فَقَالَ لَهُ الْفَقِير ادْفَعْ إِلَى هَذَا عَن الزَّكَاة فَدفع حل للْفُقَرَاء الْأَخْذ وَوَجَب الدّفع عَن الزَّكَاة كمن أكرهه السُّلْطَان على أَدَاء الزَّكَاة 909 - مَسْأَلَة إِذا اسْتقْرض الْمكَاتب مَالا وَأدّى فِي النُّجُوم عتق ثمَّ لَا يجوز بعده صرف سهم المكاتبين إِلَيْهِ لحُصُول الْعتْق بِغَيْرِهِ وَلَكِن يصرف إِلَيْهِ سهم الغارمين كَمَا لَو قَالَ لعَبْدِهِ أَنْت حر على ألف فَقبل عتق وَالْألف عَلَيْهِ وَيسْتَحق سهم الغارمين 910 - مَسْأَلَة لَا يحل للغني أَخذ الزَّكَاة فَإِن كَانَ لَهُ وَلكنه دين آخر على آخر مُؤَجل وَلَيْسَ فِي يَده شَيْء هَل لَهُ أَخذ الزَّكَاة إِلَى أَن يصل إِلَى مَاله الحديث: 907 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 648 - مَسْأَلَة لَو نذر كسْوَة يَتِيم قَالَ لَا يجب إِلَّا ثوب وَاحِد قَمِيص وَإِزَار ومقنعة كَمَا فِي كسْوَة الْكَفَّارَة وَهل يجوز صرفه إِلَى نافلته الْيَتِيم قَالَ إِن قُلْنَا يحمل على الْأَقَل مَا يتَقرَّب وَإِن قُلْنَا على أقل إِيجَاب الله تَعَالَى لَا يجوز وَإِن قُلْنَا يجوز قَالَ إِنَّمَا يجوز إِذا لم يكن النَّافِلَة مِمَّن يجب عَلَيْهِ نَفَقَته وَإِن كَانَ مِمَّن يجب نَفَقَته وَكسوته فَلَا يجوز قولا وَاحِدًا كَمَا لَا يجوز صرف سهم الْغُرَمَاء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 649 @ = كتاب النِّكَاح 912 - مَسْأَلَة لَا يجوز النّظر إِلَى شعر الْأَجْنَبِيَّة بعد مَا انْفَصل مِنْهَا وَهل يجوز النّظر إِلَى قلامة أظفرها قَالَ أَصْحَابنَا إِن كَانَ قلامة يَدهَا يجوز وَإِن كَانَت قلامة رجلهَا لَا يجوز لِأَن رجلهَا عَورَة دون يَدهَا قَالَ الإِمَام فَلَو أبين شعر أمة أَو قلامة رجلهَا فِي حَال رقها ثمَّ عتقت يَنْبَغِي أَن يجوز النّظر إِلَى الْمُنْفَصِل مِنْهَا فِي حَال الرّقّ لِأَن الِانْفِصَال وجدت فِي حَالَة لم يكن ذَلِك مِنْهَا عَورَة وَالْعِتْق لَا يتَعَدَّى إِلَى الْمُنْفَصِل بِدَلِيل أَنه لَو فصل شعرهَا ثمَّ أضَاف الْعتْق إِلَى الشّعْر الْمُنْفَصِل أَو الطَّلَاق لَا تعْتق وَلَا تطلق 913 - مَسْأَلَة إِذا أذن لعَبْدِهِ فِي النِّكَاح فَقَالَ انكح بِأَلف فنكح بِأَلفَيْنِ قَالَ يحْتَمل أَن لَا يَصح كَمَا لوكيل بِخِلَاف الْمُوكل وَيحْتَمل أَن يَصح وَيتَعَلَّق الْفضل بِذِمَّتِهِ كَمَا لَو قَالَ انكح مُطلقًا فنكح بكرا من مهر الْمثل يتَعَلَّق الْفضل بِذِمَّتِهِ وكما لَو قَالَ لأمته اختلعي نَفسك عَن الزَّوْج بِأَلف فَاخْتلعت بِأَلفَيْنِ يتَعَلَّق إِحْدَى الْأَلفَيْنِ بذمتها وَمن قَالَ بِالْأولِ أجَاب بِأَن اختلاع الْأمة دون إِذن الْمولى يَصح وَلَا يَصح نِكَاح العَبْد دون إِذن الْوَلِيّ فَإِذا خَالفه لم يَصح الحديث: 912 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 650 - مَسْأَلَة الْوَلِيّ الْأَبْعَد لَا يُزَوّج مَعَ وجود الْأَقْرَب فَلَو كَانَ الْأَقْرَب خُنْثَى مُشكل قَالَ يُزَوّج الْأَبْعَد وَحكم الْخُنْثَى كالمفقود 915 - مَسْأَلَة رجل أَرَادَ أَن يتَزَوَّج ابْنة عَمه وَهُوَ وَليهَا وغائب عَنْهَا فَالْقَاضِي يُزَوّجهَا مِنْهُ ويزوجها قَاضِي الْبَلَد الَّذِي بِهِ الْمَرْأَة لَا قَاضِي بلد الرجل ويزوج القَاضِي مِنْهُ بِالْولَايَةِ الْعَامَّة لَا بالنيابة لِأَن فعل النَّائِب فعل المنوب عَنهُ وَهُوَ لَا يُزَوّج من نَفسه 916 - مَسْأَلَة قَالَ أَصْحَابنَا يجوز للْوَلِيّ الَّذِي لَا يجْبر أَن يُوكل بِالتَّزْوِيجِ من غير إِذن الْمَرْأَة فِي التَّوْكِيل على أصح الْوَجْهَيْنِ وَهل يَصح تَوْكِيله قبل الاسْتِئْذَان فِي التَّزْوِيج وَجْهَان الْأَصَح لَا يجوز وَلَو وكل رجلا وَقَالَ زوج ابْنَتي إِذا طَلقهَا زَوجهَا وَانْقَضَت عدتهَا صَحَّ ثمَّ يُزَوّج بعد الطَّلَاق وانقضاء الْعدة قَالَ أول صورته أَن تكون الْمَرْأَة بكرا لم يَطَأهَا الزَّوْج أَو كَانَت فِي عدَّة وَفَاته وَلم يُوجد الدُّخُول حَتَّى يجوز تَزْوِيجهَا بِلَا إِذن أما إِذا كَانَت ثَيِّبًا وَقُلْنَا لَا يجوز التَّوَكُّل إِلَّا بعد الاسْتِئْذَان مِنْهَا فهاهنا لَا يَصح التَّوْكِيل وَلَو أَنَّهَا أَذِنت لوَلِيّهَا قبل انْقِضَاء عدتهَا وَقبل أَن يفارقها الزَّوْج وَقَالَ أَذِنت لَك فِي تزويجي إِذا طَلقنِي زَوجي أَو انْقَضتْ عدتي وَجب أَن يَصح الْأذن كَمَا صَحَّ التَّوْكِيل ثمَّ تَوْكِيل الْوَلِيّ مُرَتبا على إِذْنهَا فَيصح 917 - مَسْأَلَة لَا يجوز للْحرّ الْمُسلم نِكَاح الْأمة الْمسلمَة إِلَّا بِشَرْطَيْنِ فَإِن كَانَت رتقاء أَو كَانَ قَادِرًا على نِكَاحهَا هَل لَهُ نِكَاح الْأمة كَمَا لَو كَانَت تَحْتَهُ حرَّة غَائِبَة لَا يجوز لَهُ نِكَاح الْأمة وَإِن كَانَ قَادِرًا على يسير المَال يجد بِهِ امْرَأَة حرَّة فِي بلد أخر لعادتهن فِي ترخيص المهور وَلَا يجد هَاهُنَا يجوز لَهُ نِكَاح الْأمة هَاهُنَا كذي هَاهُنَا الحديث: 915 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 651 - مَسْأَلَة من بعضه رَقِيق إِذا ملك جَارِيَة بِنصفِهِ الْحر لَا يجوز لَهُ تَزْوِيجهَا لِأَنَّهُ لَا ولَايَة لَهُ لِأَنَّهُ لم تكمل فِيهِ الْحُرِّيَّة قَالَ وَلَا يجوز تَزْوِيجهَا أصلا لِأَن تَزْوِيجهَا بِغَيْر إِذن الْمَالِك غير جَائِز وَبَاب التَّزْوِيج منسد على السَّيِّد لرقه فَلَا معنى لإذنه وَلَو جَازَ تَزْوِيجهَا بِإِذْنِهِ لكَونه مَالِكًا لبعضه لجَاز لَهُ تَزْوِيجهَا 919 - مَسْأَلَة إِذا أَذِنت الْمَرْأَة بتزويجها من رجل ثمَّ بَان أَن الزَّوْج لَيْسَ بكفؤ وَهِي لم تعلم قَالَ صَحَّ النِّكَاح لأذنها وَلَكِن لَهَا حق الْفَسْخ لجهلها بِحَالهِ كَمَا لَو أَذِنت فِي رجل ثمَّ وجدت بِهِ عَيْبا لَهَا حق الْفَسْخ 920 - مَسْأَلَة إِذا استؤذنت الْمَرْأَة فِي النِّكَاح فأقرت إِنِّي بَالِغَة فزوجت ثمَّ ادَّعَت إِنِّي لم أكن بَالِغَة يَوْم أَقرَرت بِالْبُلُوغِ قَالَ يقبل قَوْلهَا مَعَ يَمِينهَا وَإِن قَالَت كنت مَجْنُونَة إِن عرف بهَا جُنُون سَابق يقبل قَوْلهَا والا فَلَا 921 - مَسْأَلَة إِذا قيل للْمَرْأَة المبكر رضيت بِمَا تَفْعَلهُ أمك وَهِي تعرف أَنهم يعنون النِّكَاح قَالَت رضيت لَا يكون هَذَا إِذْنا لِأَنَّهُ يبْنى على العقد وَالأُم لَا تعقد فَإِن قيل لَهَا رضيت بِالتَّزْوِيجِ فَهُوَ إِذن على الْأَصَح يُزَوّجهَا وَليهَا فَلَو قَالَت رضيت إِن رضيت أُمِّي لم يجز لِأَنَّهَا لم تجزم الْإِذْن بل علقت وَلَا يَجْعَل ذَلِك سكُوتًا لِأَن السُّكُوت إِذن جزم وَهَذَا تَعْلِيق وَلَو قَالَت رضيت إِن رَضِي الْوَلِيّ قَالَ إِن أَرَادَت بهَا تَعْلِيق رِضَاهَا برضاء الْوَلِيّ لم يكن إِذْنا وَإِن لم ترد التَّعْلِيق بل أَرَادَت أَنِّي راضية بِمَا يَفْعَله الْوَلِيّ كَانَ إِذْنا بِخِلَاف الْأُم لِأَنَّهَا لَا تعقد وَلَو قَالَت رضيت بِالتَّزْوِيجِ مِمَّن تختاره أُمِّي جَازَ 922 - مَسْأَلَة ثيب زوجت من رجل وَدخلت عَلَيْهِ وأقامت مَعَه سِنِين ثمَّ أدعت أَنِّي زوجت مِنْهُ بِغَيْر رضائي قَالَ لَا يقبل قَوْلهَا بعد مَا دخلت الحديث: 919 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 652 @ عَلَيْهِ وأقامت مَعَه 923 - مَسْأَلَة إِذا وكل الْوَلِيّ بتزويج وليته وأحضر الْوَلِيّ شَاهدا لَا يَصح لِأَن الْوَكِيل نَائِبه فِي التَّزْوِيج فَكَأَنَّهُ أحضر شَاهدا وعاقدا وَلَو كَانَ لامْرَأَة إخْوَة فَزَوجهَا وَاحِد مِنْهُم بِرِضَاهَا بمشهد من الآخرين وأحضر الآخرين شُهُودًا قَالَ لَا يَصح عِنْدِي لأَنهم جَمِيعًا أَوْلِيَاء وَإِن صَحَّ العقد من وَاحِد مِنْهُم لِأَن الشَّرْع يَجْعَل هَذَا الْوَاحِد الَّذِي هُوَ مبَاشر نَائِبا عَن البَاقِينَ فِي أَدَاء حق توجه عَلَيْهِم بِدَلِيل أَنهم لَا يملكُونَ التَّزْوِيج من غير كفىء دون البَاقِينَ وَإِذا كَانُوا أَوْلِيَاء والمباشر كالنائب عَنْهُم لم تصح شَهَادَتهم قَالَ وَيحْتَمل غَيره وَمنع الْجَوَاز فِيمَا لَو زَوجهَا وَاحِد مِنْهُم بِرِضَاهَا من غير كفىء برضاء البَاقِينَ وَحضر الْبَاقُونَ شُهُودًا أظهر 924 - مَسْأَلَة قَالَ أَصْحَابنَا إِذا كَانَت امْرَأَة تَحت زوج جَاءَ رجل وَادّعى نِكَاحهَا أَنَّهَا امْرَأَتي فَقَالَت كنت زَوْجَة لَك وطلقتني فَهُوَ إِقْرَار بِالنِّكَاحِ فَتكون زَوْجَة للْمُدَّعِي قَالَ الإِمَام وَهَذَا لم يسمع فِيهَا إِقْرَار للزَّوْج الَّذِي هِيَ تَحْتَهُ فَأَما إِذا كَانَت أقرَّت لَهُ أَولا لَا تكون زَوْجَة للْأولِ بل تكون للثَّانِي وَكَذَلِكَ لَو زوجت من الثَّانِي بِرِضَاهَا لَا يقبل إِقْرَارهَا للْأولِ فِي إبِْطَال حق الثَّانِي كَمَا إِذا زوجت من رجل ثمَّ ادَّعَت رضَاعًا بَينهَا وَبَين زَوجهَا لَا يقبل إِن زوجت مِنْهُ بِإِذْنِهَا وَإِن زوجت دون إِذْنهَا يقبل وكما لَو بَاعَ رجل شَيْئا ثمَّ قَالَ كَانَ ملكا لفُلَان لَا يقبل إِقْرَاره لفُلَان 925 - مَسْأَلَة رجل زوج ابْنَته من رجل ثمَّ اخْتلفَا فَقَالَ الزَّوْج زوجتها مني بِغَيْر محْضر شَاهِدين قَالَ الْأَب زوجتها بِمحضر عَدْلَيْنِ قَالَ القَوْل قَول الزَّوْج مَعَ يَمِينه لِأَنَّهُ يَدعِي فَسَاد العقد وَالْقَوْل قَول من يَدعِي الْفساد وَهَذَا بِخِلَاف مَا قَالَ أَصْحَابنَا لَو قَالَ الزَّوْج كَانَ الشُّهُود فسقة يرْتَفع النِّكَاح بَينهمَا وَلَا يقبل قَوْله فِي حَقّهَا حَتَّى يجب لَهَا نصف الْمُسَمّى إِن كَانَ قبل الحديث: 923 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 653 @ الدُّخُول وَكله إِن كَانَ بعده لِأَن صُورَة تِلْكَ الْمَسْأَلَة أَن يكون ثمَّة شَاهِدَانِ عَدْلَانِ يَشْهَدَانِ على النِّكَاح وَالزَّوْج يُنكر عدالتها فَإِن لم يكن بل الزَّوْج يَقُول عَقدنَا بمشهد الفسقة وَهِي تَقول بمشهد الْعُدُول فَالْقَوْل قَول الزَّوْج مَعَ يَمِينه على الْإِطْلَاق نَظِيره إِذا قَالَ البَائِع بِعْت بيعا صَحِيحا وَقَالَ المُشْتَرِي بل فَاسِدا فَالْقَوْل قَول من يَدعِي بِالْفَسَادِ فَإِن كَانَ ثمَّة شَاهِدَانِ يَشْهَدَانِ على صِحَة البيع وَالْبَائِع يُنكر لَا يقبل إِنْكَاره على المُشْتَرِي وَعَلِيهِ الْيَمين وَلَكِن فِي ملك الْعين يكون كمن فِي يَده مَال فَقَالَ لَيْسَ هَذَا لي هَل يتْرك فِي يَده أم ينتزع من يَده وَجْهَان فَلَو مَاتَ الزَّوْج قبل الدُّخُول بِهَذِهِ الْمَرْأَة يَدعِي مَا يَدعِي الْأَب فَلَا يجوز لَهَا أَن تنكحه وَإِن أنْكرت قَول الْأَب يجوز فإقرار الْأَب على الْبكر مسموع بِالنِّكَاحِ وَإِن أنْكرت هِيَ أما فِي تَحْرِيمهَا على أبي الزَّوْج لَا يسمع غير أَنه لَا يجوز لأَبِيهَا أَن يعْقد العقد مَعَ أبي الزَّوْج الأول لِأَن بِزَعْمِهِ أَن نِكَاح الابْن صَحِيحا وَهِي مُحرمَة على الْأَب قَالَ ويزوجها السُّلْطَان من أبي الزَّوْج وَتجْعَل هَذِه الْحَالة من أَبِيهَا كالقسم وَكَذَلِكَ لَو خطب الْمَرْأَة كفؤ فَقَالَ أَبُو الْمَرْأَة الْخَاطِب أَخُوهَا من الرَّضَاع وَالْمَرْأَة تنكر الرَّضَاع وتطلب التَّزْوِيج لَا يقبل قَول وَليهَا فِي حَقّهَا ويزوجها القَاضِي مِنْهُ 926 - مَسْأَلَة إِذا جَاءَ رجل إِلَى القَاضِي وَقَالَ إِن فُلَانَة أَذِنت لَك فِي تَزْوِيجهَا مني فاعتمد القَاضِي جَازَ تَزْوِيجهَا مِنْهُ فَإِن اتهمته لم يكتف بالتحليف وَلم يُزَوّج إِلَّا بِبَيِّنَة تقوم على الْإِذْن وَلَو قَالَ وَكلتك فَلَا يَصح مِنْهَا التَّوْكِيل 927 - مَسْأَلَة إِذا قَالَت الْمَرْأَة انْقَضتْ عدتي من خمسين يَوْمًا ثمَّ لما استفصلت لم يكن فِي تفصيلها انْقِضَاء لَا يقبل تفصيلها بعد النِّكَاح فَإِن كَانَ هَذَا التَّفْصِيل بعد موت الزَّوْج الثَّانِي يقبل قَوْلهَا فِي حرمَان الْمِيرَاث من الثَّانِي وَالله أعلم 928 - مَسْأَلَة إِذا زوج الْأَخ أُخْته ثمَّ ادَّعَت الْمَرْأَة بِأَنِّي لم آذن لَهُ يقبل قَوْله إِذا كَانَت قبل التَّمْكِين وَلَو استؤذنت فزوجت ثمَّ ادَّعَت أَنِّي كنت يَوْم الحديث: 926 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 654 @ الْإِذْن صَغِيرَة يقبل قَوْلهَا وَلَو زَوجهَا الْوَلِيّ بِخمْس مائَة فادعت بعده بِأَنِّي كنت أَذِنت فِي تزويجي بِأَلف يقبل قَوْلهَا وَيحْتَاج الزَّوْج إِلَى إِثْبَات إِذْنهَا بِخمْس مائَة بِالْبَيِّنَةِ 929 - مَسْأَلَة إِذا وكل بِالتَّزْوِيجِ بِمِائَة دِينَار تَنْصَرِف إِلَى أَعم نقود الْبَلَد فَإِن كَانَ فِي الْبَلَد نقود مستوية فَلَا بُد من أَن يعين نَقْدا حَتَّى يَصح التَّوْكِيل وَالتَّزْوِيج وَلَا بُد من علم الشُّهُود بِأَن الْعَاقِد وَكيل حَتَّى لَو قَالَت زوجت ابْنة فلَان وَلم يعلم الشُّهُود أَنه وَكيله لَا يَصح مَا لم يقل إِنِّي وَكيل فلَان بِالتَّزْوِيجِ 930 - مَسْأَلَة إِذا عقد النِّكَاح سرا بِأَلف ثمَّ عقدوا عَلَانيَة بِأَلفَيْنِ فَقَالَ الْخَاطِب حَالَة العقد هَذَا عقد تكْرَار وَقد عَقدنَا مرّة لَيْسَ لمن شهد العقد الثَّانِي أَن يشْهدُوا على مهر العقد الثَّانِي 931 - مَسْأَلَة إِذا غَابَ الزَّوْج العَبْد عَن زَوجته الْأمة وَانْقطع خَبره فعتقت لَهَا أَن تفسخ النِّكَاح بِخِيَار الْعتْق 932 - مَسْأَلَة إِذا أَرَادَت الْمَرْأَة تَزْوِيج أمتها من عَبدهَا فولي التَّزْوِيج وَليهَا فَإِن كَانَ وَليهَا غَائِبا قَالَ يُزَوّجهَا القَاضِي بِإِذن السيدة كَمَا يُزَوّج بِإِذْنِهَا غيبَة وَليهَا 933 - مَسْأَلَة إِذا وكل الْوَلِيّ رجلا بتزويج ابْنَته ثمَّ أحضر شَاهدا لَا يجوز وَلَو أذن لعَبْدِهِ فِي النِّكَاح أَو الْوَلِيّ أذن للمحجور عَلَيْهِ بالسفه فِي النِّكَاح ثمَّ احضر السَّيِّد أَو الْوَلِيّ شَاهدا قَالَ لَا يجوز لِأَن السَّيِّد وَولي الْمَحْجُور عَلَيْهِ لَيْسَ بعاقد وَلَا نَائِب عَن الْعَاقِد بِخِلَاف الْوَكِيل الْوَلِيّ 934 - مَسْأَلَة وكل وَكيلا لتزويج بمسمى فَزَوجهَا الْوَلِيّ وَلم تسم الْمهْر لَا يَصح النِّكَاح وَإِن قَالَت الْمَرْأَة تزَوجنِي على ذَلِك الْمُسَمّى فَالنِّكَاح صَحِيح وَقَالَ الزَّوْج بل بِلَا مُسَمّى فَلَا نِكَاح بَينهمَا بقول الزَّوْج وَلَو أَقَامَ كل وَاحِد بَينه بِنَحْوِ مَا يَدعِيهِ فَالنِّكَاح صَحِيح بقول الزَّوْج وَلها الْمُسَمّى لِأَن عِنْد بينتها زِيَادَة علم الحديث: 929 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 655 @ وَإِن لم تكن بَيِّنَة وَأنكر الزَّوْج صِحَة العقد وَأقر بِصُورَة العقد فَالْقَوْل قَول الزَّوْج فِي نفي الْمهْر كَمَا أَن القَوْل قَوْله فِي نفي العقد كَمَا فِي البيع لَو ادّعى أَحدهمَا فَسَاد العقد كَانَ القَوْل قَوْله فِي نفي العقد وَالثمن جَمِيعًا 935 - مَسْأَلَة قَالَ إِذا أذن لعَبْدِهِ فِي النِّكَاح فَذهب وَجعل رقبته صَدَاقا يحْتَمل أَن يُقَال لَا يَصح النِّكَاح لِأَن العَبْد مَعَ كَونه من أهل النِّكَاح لَا يَصح نِكَاحه لِأَن مُؤَن النِّكَاح تتَعَلَّق بمالية الْمولى وَهُوَ لم يرض وَهَاهُنَا أضَاف إِلَى مَالِيَّة لم يرض بِهِ الْمولى وَكَذَلِكَ لَو قبل عينا من أَعْيَان مَال الْمولى بِخِلَاف مَا لَو قبل على خمر أَو خِنْزِير صَحَّ وَيتَعَلَّق مهر الْمثل بِكَسْبِهِ لِأَن السَّيِّد قد رضى يتَعَلَّق مهر الْمثل بِكَسْبِهِ وَيحْتَمل أَن يُقَال هَاهُنَا أَيْضا صَحَّ وَيتَعَلَّق الْمهْر بِكَسْبِهِ قَالَ وَلَا فرق بَين أَن يتَزَوَّج حرَّة أَو أمة بِخِلَاف مَا لَو أذن لَهُ فِي أَن ينْكح حرَّة وَيجْعَل رقبته صَدَاقا فَفعل لم يَصح النِّكَاح لِأَن الِانْفِسَاخ يَقع مَعَ الِانْعِقَاد وَهُوَ ملك رَقَبَة الزَّوْج وَهَاهُنَا تَسْمِيَة الرَّقَبَة تلغو فَيجب مهر الْمثل وثمة لَا يُمكن أَن يلغى إِذن الْوَلِيّ فَلَا وَجه إِلَّا بطلَان النِّكَاح 936 - مَسْأَلَة إِذا أقرّ الْأَب أَن بَين ابْنَته وخاطبها أخوة من الرَّضَاع ثمَّ رَجَعَ قَالَ وَجب أَن يجوز لَهُ تَزْوِيجهَا مِنْهُ بل يجْبر لِأَن أخوة الرَّضَاع بِمُجَرَّد قَوْله لم يثبت وَالتَّزْوِيج من الكفؤ أَمر وَجب عَلَيْهِ لابنته وبدعواه الرَّضَاع فَهُوَ بِمَنْزِلَة امْتِنَاعه من حق يَدعِي عَلَيْهِ بالإنكار فاذا أقرّ بعد الْإِنْكَار يقبل وَيلْزم قَالَ وَلَو لم يرجع عَن إِقْرَاره بل هُوَ مصر على دَعْوَى الرَّضَاع وَجب أَن يُجِيز لِأَن تُوجد الْحق لَهَا عَلَيْهِ بِالتَّزْوِيجِ ثَابت وبدعواه لم يثبت الرَّضَاع فَإِن امْتنع فَهُوَ عاضل يُزَوّجهَا القَاضِي 937 - مَسْأَلَة الْوَلِيّ الَّذِي يحْتَاج إِلَى إِذن الْمَرْأَة فِي النِّكَاح لَو وكل قبل أَن يسْتَأْذن من الْمَرْأَة فِي التَّزْوِيج لَا يجوز وَلَو أَذِنت لَهُ الْمَرْأَة فِي التَّزْوِيج مُطلقًا ثمَّ أَرَادَ الْوَلِيّ أَن يُوكل بِالتَّوْكِيلِ وَجْهَان وَالأَصَح جَوَازه وَلما لم يكن للْمَرْأَة وَكيل سوى الْحَاكِم فالحاكم أَمر بتزويجها رجلا قبل الاسْتِئْذَان مِنْهَا ثمَّ ذَلِك الرجل الحديث: 935 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 656 @ اسْتَأْذن مِنْهَا وَزوجهَا هَل يَصح قَالَ هَذَا بينى على أَن القَاضِي إِذا أناب رجلا فِي أَمر خَاص من إِيجَاب أَو سَماع شَهَادَة مَا حكمه قَالَ الْقفال يجوز وَقَالَ أَصْحَابنَا هَذَا يبْنى على جَوَاز الِاسْتِخْلَاف فِي الْأَمر الْعَام وَفِيه كَلَام فَإِن قُلْنَا هُوَ كالاستخلاف يجوز هَاهُنَا وَيكون توليه من القَاضِي كَمَا أذن لَهُ مُطلقًا فِي التَّزْوِيج القَاضِي وَإِن لم نجعله كالاستخلاف فَيكون كالتوكيل من الْوَلِيّ لَا يجوز إِلَّا بعد أَن تَأذن الْمَرْأَة للْقَاضِي 938 - مَسْأَلَة إِذا كَانَ الْوَلِيّ غَائِبا إِلَى مَسَافَة الْقصر جَازَ للْقَاضِي تَزْوِيج الْمَرْأَة بِإِذْنِهَا فَلَو زَوجهَا القَاضِي ثمَّ حضر الْوَلِيّ عَن قريب بِحَيْثُ يعرف أَنه كَانَ قد قرب من الْبَلَد وَقت العقد قَالَ النِّكَاح غير مُنْعَقد حَتَّى يعْقد الْوَلِيّ 939 - مَسْأَلَة رجل ادّعى نِكَاح امْرَأَة فأقرت لَهُ أَنَّهَا زَوجته مُنْذُ سنة وَجَاء آخر وَأقَام بَيِّنَة أَنَّهَا زَوجته نَكَحَهَا مُنْذُ شهر قَالَ يحكم للْمقر لَهُ لما ثَبت بإقرارها النِّكَاح لفُلَان فَمَا لم يثبت طَلَاقا لفُلَان وَهُوَ الأول لَا حكم للنِّكَاح الثَّانِي 940 - مَسْأَلَة إِذا تحاكم رجل وَامْرَأَة إِلَى إِنْسَان ليزوجها مِنْهُ قُلْنَا يجوز التَّحْكِيم وَكَانَت الْمَرْأَة بكرا فَقَالَ لَهَا الْمُحكم حكمتني لأزوجك مِنْهُ فَسَكَتَتْ كَانَ سكُوتهَا إِذْنا كالمولى يستأذنها فِي النِّكَاح يَكْتَفِي بسكوتها 941 - مَسْأَلَة رجل وَامْرَأَة حضرا القَاضِي فاستدعت الْمَرْأَة أَن يُزَوّجهَا مِنْهُ وَقَالَت كنت زَوْجَة لفُلَان الْغَائِب فطلقني وَانْقَضَت عدتي أَو مَاتَ قَالَ القَاضِي لَا يُزَوّجهَا حَتَّى تقيم حجَّة على الطَّلَاق أَو الْمَوْت لِأَنَّهَا أقرب بِالنِّكَاحِ لفُلَان فَإِن شهد شَاهِدَانِ بالإستفاضة على الطَّلَاق لَا يجوز وعَلى الْمَوْت يجوز فَلَو لم يقم بَيِّنَة وَلَكِن القَاضِي يعلم موت الزَّوْج أَو طَلَاقه فَهَل يُزَوّج فَهُوَ كالقضاء بِعلم 942 - مَسْأَلَة إِذا أَذِنت بِالتَّزْوِيجِ بِأَلف فَزَوجهَا بِخَمْسِمِائَة لَا يَصح الحديث: 938 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 657 @ فَلَو مَضَت مُدَّة وَادعت الْمَرْأَة الْألف فَقَالَ الزَّوْج أَنِّي نكحت على خَمْسمِائَة وَأَنت أَذِنت بِخَمْسِمِائَة فَقَالَت لم آذن إلابالألف فَالْقَوْل قَوْلهَا مَعَ يَمِينهَا كَمَا لَو اخْتلفَا فِي أصل الْإِذْن بِخِلَاف مَا لَو اخْتلفَا فَقَالَ الزَّوْج نكحتك على خَمْسمِائَة وَقَالَت على ألف يَتَحَالَفَانِ لِأَن ثمَّة اتِّفَاقًا على صِحَة العقد وكل وَاحِد يَدعِي صِحَّته على غير الْوَجْه الَّذِي يَدعِيهِ الآخر وَهَاهُنَا لَا يتَّفقَا على الصِّحَّة وَالْمَرْأَة تَدعِي عدم الْإِذْن وَفَسَاد العقد 943 - مَسْأَلَة وَلَو أَذِنت بِأَلف ثمَّ عِنْد العقد قيل لَهَا بِخَمْسِمِائَة فَسَكَتَتْ وَهِي بكر فَهُوَ إِذن وَإِن قيل لأمها لعقد بِخَمْسِمِائَة فَقَالَت اعقدوا وَالثَّيِّب حَاضِرَة سَاكِنة فعقد بِخَمْسِمِائَة لَا يَصح لِأَن سكُوتهَا إِنَّمَا يكون إِذْنا إِذا كَانَ الْخطاب مَعهَا 944 - مَسْأَلَة إِذا أقرَّت الْمَرْأَة بِالنِّكَاحِ لغير كفؤ فَلَا اعْتِرَاض للْوَلِيّ لِأَنَّهُ لَا حق للْوَلِيّ فِي دوَام العقد فَإِن قَالَ أَنا مَا رضيت بِالْعقدِ لَا يقبل كَمَا لَو أمرت بِالنِّكَاحِ وَأنكر الْوَلِيّ لَا يقبل إِنْكَاره 945 - مَسْأَلَة وَلَو وكل بتزويجها بِشَرْط أَن يحلف الزَّوْج بِطَلَاقِهَا بعد النِّكَاح أَن لَا يشرب الْخمر قَالَ يَصح النِّكَاح لِأَن الشَّرْط بعد النِّكَاح وَإِن قَالَ لَا يُزَوّجهَا إِذا لم يحلف وَجب أَن لَا يَصح بِشَرْط الْكفَالَة وَإِن قَالَ فِي الْكفَالَة وَكلتك بِشَرْط أَن يتكفل فلَان الصَدَاق بعد العقد وَجب أَن يَصح التَّزْوِيج 946 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ الْوَلِيّ للخاطب دخترمرا بنكاحكي بجند بني فَقَالَ الْخَاطِب نِكَاح كردم انْعَقَد النِّكَاح وَإِن لم يقبل الْوَلِيّ بتودادم كَمَا لَو قَالَ تزوج ابْنَتي فَقَالَ تزوجت انْعَقَد الحديث: 943 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 658 - مَسْأَلَة إِذا وكل رجلا فَقَالَ وَكلتك فزوج ابْنَتي إِذا طَلقهَا زَوجهَا قَالُوا صَحَّ وَلَو قَالَ وَكلتك باعتاق عبد إِن اشْتَرَيْته وَجب أَن لَا يَصح لِأَن الْمُتَصَرف فِيهِ غير مُتَعَيّن بِخِلَاف الأوليبن وَلَو قَالَ وَكلتك بتزويج الْحمل الَّذِي فِي بطن زَوْجَتي وَجب أَن لَا يَصح لِأَنَّهُ غير مَعْلُوم 948 - مَسْأَلَة إِذا زوجت امْرَأَة بِالْوكَالَةِ ثمَّ أنكر الْوَلِيّ التَّوْكِيل وَالْمَرْأَة لَا تَقول شَيْئا فَالْقَوْل قَول الْوَلِيّ لِأَنَّهُ لم يُوكل وَإِن أقرَّت الْمَرْأَة بِالنِّكَاحِ قبل قَوْلهَا 949 - مَسْأَلَة إِذا وكل وَكيلا بِبيع جَارِيَته ووكل آخر بتزويجها فوقعا مَعًا قَالَ يَصح التَّزْوِيج وَلَا يَصح البيع لِأَن التَّزْوِيج لَو طَرَأَ بعد البيع فِي زمَان الْخِيَار صَحَّ وَوَقع البيع حَتَّى لَو وَقع تَزْوِيج الْوَكِيل فِي زمَان الْخِيَار يَصح وَيبْطل البيع وَذَلِكَ أَن يكون التَّوْكِيل بعد البيع فَإِن وكل بِالتَّزْوِيجِ ثمَّ بَاعهَا فيعزل الْوَكِيل وَإِن كَانَ الْخِيَار بَاقِيا فَلَا يَصح تَزْوِيجه لغيره ثمَّ قَالَ قلت إِذا وكل وَكيلا للْبيع جَارِيَة وَآخر بتزويجها ثمَّ بَاعهَا الْوَكِيل فَلَا يَجْعَل كالتزويج فِي زمَان الْخِيَار لِأَن فِي التَّوْكِيل الْخِيَار يثبت للْوَكِيل لَا للْمُوكل لِأَن تَزْوِيج الْمَالِك فِي زمَان الْخِيَار إِنَّمَا يكون فسخا لطريقه على البيع مِمَّن لَهُ الْخِيَار أما إِذا وَقعا لَا يَجْعَل كَمَا لَو طَرَأَ على زمَان الْخِيَار كَمَا لَو وكل وكيلين بِالْبيعِ فباعا من رجلَيْنِ مَعًا لَا يَصح وَلَو بَاعَ الْمَالِك ثمَّ بَاعه فِي زمن الْخِيَار من آخر رفع الأول وَصَحَّ الثَّانِي 950 - مَسْأَلَة إِذا وكل الْمُسلم ذِمِّيا ليقبل لَهُ نِكَاح مسلة لَا يجوز وَلَو وَكله ليقبل لَهُ نِكَاح نَصْرَانِيَّة يجوز لِأَن الذِّمِّيّ يقبل لنَفسِهِ نِكَاح النَّصْرَانِيَّة قَالَ وَكَذَلِكَ لَو وكل نَصْرَانِيّ مُسلما ليقبل لَهُ نِكَاح نَصْرَانِيَّة يجوز وَلَو وكل مُسلما ليقبل لَهُ نِكَاح مَجُوسِيَّة لَا يجوز لِأَن نِكَاح الْمَجُوسِيَّة فِي الْإِسْلَام لَا يجوز وَهَذَا بِخِلَاف مَا لَو وكل رجلا مُوسِرًا لَهُ زَوْجَة ليقبل لَهُ نِكَاح أمة يجوز وَإِن كَانَ لَا يجوز للموسر نِكَاح الْأمة بِنَفسِهِ لِأَنَّهُ من أهل النِّكَاح وَالْأمة فِي الْجُمْلَة وَإِن لم يُمكنهُ فِي الْحَال الْمَعْنى فِيهِ فَهُوَ كَرجل لَهُ أَربع نسْوَة وَكله رجل ليقبل نِكَاح أُخْته الحديث: 948 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 659 @ وَالْكَافِر لَيْسَ بِأَهْل لنكاح الْمسلمَة بِحَال فَهُوَ كَالْعَبْدِ لما لم يكن أَهلا للتزويج لم يجزىء أَن يكون وَكيلا فِي التَّزْوِيج 951 - مَسْأَلَة إِذا كَانَ لرجل ابنتان فَخَطب رجل الْكُبْرَى مِنْهُمَا ثمَّ عِنْد العقد زوج الصُّغْرَى قَالَ صَحَّ العقد لوُجُود الْإِشَارَة وَالتَّسْمِيَة وَالْخطْبَة الأولى كَأَن لم تكن كَمَا لَو قَالَ زَوجنِي ابْنَتك الْكُبْرَى بِأَلف فَقَالَ زَوجتك ابْنَتي الصُّغْرَى بِأَلف فَقَالَ قبلت صَحَّ فِي الصُّغْرَى هَذَا إِذا كَانَ الزَّوْج عَالما بِأَن الَّتِي يقبل نِكَاحهَا هِيَ الصُّغْرَى فَإِن كَانَ يظنّ الَّتِي يقبل نِكَاحهَا هِيَ الْكُبْرَى يَصح فِي الظَّاهِر أما فِي الْبَاطِن فِيهِ نظر قَالَ وَقد رَأَيْت هَكَذَا فِي التَّجْرِيد 952 - مَسْأَلَة إِذا تزوج امْرَأَة على أَنَّهَا بكر فَلم يكن فَفِي صِحَة النِّكَاح قَولَانِ أصَحهمَا أَنه يَصح وَللزَّوْج الْخِيَار فَلَو اخْتلفَا فَقَالَت الْمَرْأَة كنت بكرا فَزَالَتْ الْبكارَة عنْدك وَقَالَ بل كنت ثَيِّبًا فَالْقَوْل قَوْلهَا مَعَ يَمِينهَا فِي سد بَاب الْفَسْخ مَعَ يَمِينهَا وَالْقَوْل قَول الزَّوْج فِي نفي الْإِصَابَة لَا يجب وَلَو قَالَت كنت بكرا فافتضيستني وَقَالَ الزَّوْج كنت ثَيِّبًا فَالْقَوْل قَوْلهَا فِي سد بَاب الْفَسْخ مَعَ يمنها كَمَال الْمهْر فالزوج اسْتَفَادَ ليمينه سُقُوط نصف الْمهْر وَالْمَرْأَة استفادت سد بَاب الْفَسْخ 953 - مَسْأَلَة قَالَ ابْن الْبَزَّاز والمحترف لَا يكون كفئا لِابْنِهِ الْعَالم فَإِن كَانَ ابْن الْبَزَّاز عفيفا وَابْنَة الْعَالم غير عفيفة لَا تكون أَيْضا كفئا لشرف نَسَبهَا وَكَذَلِكَ ابْن الْعَالم إِذا كَانَ فَاسِقًا لَا يكون كفئا لبِنْت الْبَزَّار لعفتها فَإِن الْفسق والعفاف يُرَاعى فِي الزَّوْجَيْنِ وَفِي الْآبَاء والحرفة تراعى فِي الْآبَاء وَفِي الزَّوْج أَيْضا حَتَّى أَن ابْن الإسكاف لَا يكون كفئا لبِنْت التَّاجِر وَلَو كَانَ الابْن إسكافيا وَأَبوهُ تَاجِرًا لَا يكون كفئا لبِنْت التَّاجِر وَلَو كَانَ الزَّوْجَانِ عفيفين وَأَبُو الزَّوْج فَاسِقًا وَأَبُو الْمَرْأَة عدلا وَجب أَن لَا يكون كفئا لِأَن يفسق الْأَب أشفع من حرفته الدِّينِيَّة 954 - مَسْأَلَة إِذا زوج أمته من إِنْسَان ثمَّ وكل الزَّوْج بِإِعْتَاق الْأمة فَقَالَ الحديث: 951 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 660 @ الزَّوْج لَهَا طَلقتك وَنوى الْعتْق يَقع الْعتْق وَلَا يَقع الطَّلَاق لِأَن اللَّفْظ صَار كِنَايَة عَن الْعتْق فَلَا يعْمل فِي الطَّلَاق قَالَ هَذَا إِذا علمنَا بِأَنَّهُ نوى الْعتْق بِأَن قَالَ وكلني بإعتاقها فَأَنا أعْتقهَا بِلَفْظ الطَّلَاق وَقَالَ طَلقهَا وَنوى الْعتْق فَإِن لم يعلم بِحكم فِي الظَّاهِر بِالطَّلَاق وَفِي الْبَاطِن بِالْعِتْقِ 955 - مَسْأَلَة لَا يجوز للْحرّ نِكَاح الْأمة إِلَّا بِشَرْطَيْنِ عدم طول الْحرَّة وَخَوف الْعَنَت فَلَو كَانَت تَحْتَهُ حرَّة قرناء أَو صَغِيرَة مَجْنُونَة أَو برصاء لَا يجوز لَهُ نِكَاح الْأمة قَالَ أما إِذا كَانَ قَادِرًا على رتقاء أَو قرناء أَو مجذومة أَو برصاء يجوز لَهُ نِكَاح الْأمة قَالَ وَالشّرط أَن يكون وَاحِد لطول حرَّة وَسقط حَتَّى لَو كَانَ يجد طول حرَّة عجوزة قبيحة يَنْبَغِي أَن تجْعَل كَالْعدمِ فِي جَوَاز النِّكَاح الْحرَّة كَمَا أَن الابْن يجب عَلَيْهِ إعفاف الْأَب بِامْرَأَة وسط 956 - مَسْأَلَة إِذا نكح العَبْد بِإِذن الْمولى فالمهر وَالنَّفقَة يتَعَلَّق بِكَسْبِهِ وَلَا يجب عَلَيْهِ الْكسْب لأجل الْمهْر كَالْحرِّ الْمُعسر إِذا كَانَ عَلَيْهِ دين لَا يجْبر على الْكسْب وَلها فسخ النِّكَاح بِسَبَب الْإِعْسَار وَللسَّيِّد إِجْبَاره على الْكسْب بِحَق الْملك ثمَّ مَا يحصل من كَسبه يصرف إِلَى الْمهْر وَالنَّفقَة فَلَو كَانَ كل يَوْم يكْسب خَمْسَة دَرَاهِم فتصرف إِلَى نَفَقَته وَنَفَقَة عِيَاله ثَلَاثَة دَرَاهِم وَيَأْخُذ الْمولى الْبَاقِي فَإِذا مَاتَ قبل أَدَاء الْمهْر فَهُوَ فِي ذمَّته يلقى الله بِهِ قَالَ وَيجوز لَهَا أَن تَأْخُذ من الْمولى مَا كَانَ تَأْخُذ من كسب العَبْد بعد النِّكَاح بِحَق الْمهْر وَكَذَلِكَ لَو كَانَ لم ينْفق عَلَيْهَا فلحق النَّفَقَة لِأَن ذَلِك كَانَ مقدما على حق الْمولى 957 - مَسْأَلَة وَلَو نكح العَبْد بِإِذن الْمولى فَأعْتقهُ الْمولى قبل أَدَاء الْمهْر فالمهر يكون فِي كَسبه فَلَو كَانَ اكْتسب فِي حَال رقّه شَيْء لَهُ صرفه إِلَى الْمهْر بعد الْعتْق وَإِن كَانَ السَّيِّد أَخذه فلهَا الرُّجُوع عَلَيْهِ بِقدر مَا أَخذ حَتَّى يتم مهرهَا 958 - مَسْأَلَة مَأْذُون من جِهَة القَاضِي فِي النِّكَاح أَتَاهُ رجلَانِ وَقَالا إِن فُلَانُهُ بنت فلَان أَذِنت لَك فِي تَزْوِيجهَا من فلَان بن فلَان بِكَذَا والمأذون لَا الحديث: 955 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 661 @ يعرف تِلْكَ الْمَرْأَة ويعرفها الْخَاطِب وَالشُّهُود فزوج قَالَ يَصح بعد ذكر نَسَبهَا وَكَذَلِكَ القَاضِي بِنَفسِهِ وَلَو جَاءَ فَقِيه إِلَى القَاضِي وَقَالَ ائْذَنْ لي فِي تَزْوِيج امْرَأَة فِي محلتي وَالْقَاضِي لَا يعرف تِلْكَ الْمَرْأَة قَالَ إِن ذكر الْفَقِيه اسْمهَا ونسبها فَأذن القَاضِي جَازَ التَّزْوِيج وَإِن لم يذكر فَلَا 959 - مَسْأَلَة عبد ادّعى نِكَاح حرَّة فأقرت وَأنكر سيد العَبْد أَن يكون أذن لَهُ فَالْقَوْل قَوْله وَلَا يقبل إِقْرَار الزَّوْجَيْنِ بِخِلَاف الْمَرْأَة الْبكر إِذا أقرَّت بِالنِّكَاحِ لرجل وَلَا يتَصَوَّر وَأنكر الْوَلِيّ ثَبت النِّكَاح لِأَن تَزْوِيج الْمَرْأَة يتَصَوَّر من غير الْوَلِيّ بحيفه أَو عضله أَو نَحْوهمَا وَلَا يتَصَوَّر نِكَاح العَبْد دون إِذن مَوْلَاهُ 960 - مَسْأَلَة إِذا زوج الْأَب ابْنَته الْبكر بِغَيْر إِذْنهَا وَجعل صَدَاقهَا عرضا هَل يجوز قَالَ ينظر إِن كَانَت الْمَرْأَة صَغِيرَة يجوز لِأَن لَهُ أَن يتبع مَالهَا لغَرَض عِنْد النّظر وَإِن كَانَت الْمَرْأَة صَغِيرَة يجوز لِأَن لَهُ أَن يَبِيع مَالهَا لغَرَض عِنْد النّظر وَإِن كَانَت بَالِغَة فَلَا يجوز على أصح الْقَوْلَيْنِ الَّذِي لَا يجوز الْإِبْرَاء عَن صَدَاقهَا فَإِن قُلْنَا بقوله الفدا بِهِ يجوز لِأَنَّهُ إِنَّمَا رأى النّظر لَهَا فِيهِ ترغيبا للخطاب فبالعرض أَيْضا يجوز لِأَنَّهُ رُبمَا رأى النّظر لَهَا فِيهِ 961 - مَسْأَلَة امْرَأَة زوجت وَكَانَت مَعَ الزَّوْج مُدَّة ثمَّ ادَّعَت أَن بَيْننَا أخوة الرَّضَاع لَا يقبل قَوْلهَا 962 - مَسْأَلَة اشْترى جاريتين فادعتا أَن بَيْننَا إخْوَة الرَّضَاع للسَّيِّد يعتمدهما وَالِاخْتِيَار أَن لَا يجمع بَينهمَا 963 - مَسْأَلَة إِذا قَالَت للْوَكِيل زَوجنِي مِمَّن تختاره أُمِّي فَاخْتَارَتْ الْأُم زوجا وَالزَّوْج لم ينْكح لَا يجوز أَن يُزَوّجهَا مِمَّن تختاره الْأُم ثَانِيًا لِأَنَّهَا قَالَت مِمَّن الحديث: 959 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 662 @ تخْتَار أُمِّي وَقد اخْتَارَتْ كَمَا لَو وَكله بِالْبيعِ فَبَاعَ ثمَّ رد عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ لَيْسَ لَهُ بَيْعه ثَانِيَة 964 - مَسْأَلَة قَالَ أَصْحَابنَا لوأن امْرَأتَيْنِ قدرت إِحْدَاهمَا ذكرا وَالْأُخْرَى أُنْثَى حرمت الْأُنْثَى على الذّكر لَا يجوز الْجمع بَينهمَا فِي النِّكَاح وَيجوز أَن يجمع بَين الْمَرْأَة وَزَوْجَة ابْنهَا بالِاتِّفَاقِ نَص الشَّافِعِي عَلَيْهِ رَضِي الله عَنهُ فَأَما الْجمع بَين زَوْجَة الْمَرْأَة وَزَوْجَة ابْنهَا قَالَ الشَّيْخ أَبُو عَليّ البوشنجي من عِنْده يجوز وَإِن كُنَّا لَو قَدرنَا أَحدهمَا ذكرا وَالْآخر أُنْثَى حرمت عَلَيْهِ الْأُنْثَى كَمَا تجوز الْمُصَاهَرَة وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح أَنه يجوز الْجمع قَالَ الإِمَام يُمكن أَن يُقَال لَا يجوز بَين الْمَرْأَة وَزَوْجَة ابْنهَا بِخِلَاف زَوْجَة ابْنهَا وحد الْأَصْحَاب مطرد فِي الْقَرَابَة والمصاهرة جَمِيعًا لِأَن المُرَاد مِنْهُ أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا لَو قدرناها ذكرا حرمت الْأُخْرَى عَلَيْهِ على الْإِطْلَاق فِي الْجَانِبَيْنِ جَمِيعًا وَهَذَا مَوْجُود فِي الْمَرْأَة وَزَوْجَة ابْنهَا لأَنا لَو قَدرنَا زَوْجَة الابْن ذكرا فَتكون بِمَنْزِلَة زَوْجَة الْبِنْت وَأم الْمَرْأَة حرَام على زوج الْبِنْت على الْإِطْلَاق وَإِن قَدرنَا الْأُخْرَى ذكرا فزوجة الابْن حرَام على الْإِطْلَاق وَإِن قَدرنَا الْأُخْرَى ذكرا فزوجة الابْن حرَام على الاب على الْإِطْلَاق وَهَذَا فِي الْمَرْأَة وَزَوْجَة ابْنهَا لَا يُوجد فِي الْجَانِبَيْنِ لأَنا لَو قَدرنَا زَوْجَة الْأَب ذكرا فَتكون بِمَنْزِلَة زوج الْأُم لَا تحرم عَلَيْهِ ابْنة امْرَأَته على الْإِطْلَاق فِيمَا لَا يُوجد الدُّخُول فَإِذا وجد الدُّخُول حرمت على التَّأْبِيد وَكنت أتصفح الْكتب هَل أجد فِيهِ قَول أحد فَعَثَرَتْ عَلَيْهِ فِي تَعْلِيق الشَّيْخ الإِمَام أبي مُحَمَّد الكويني فَكَانَ قد أَشَارَ إِلَى هَذَا الْمَعْنى فِي الْمَرْأَة وَزَوْجَة ابْنهَا وَلم يكن ذكر حكم الْمَرْأَة وَزَوْجَة ابْنهَا فَهَذَا الْمَعْنى يبين أَن الْجمع بَين الْمَرْأَة وَزَوْجَة ابْنَتهَا 965 - مَسْأَلَة رجل أعتق جَارِيَة ثمَّ الْمُعْتق أعتق جَارِيَة وللمعتقة ابْن صَغِير قَالَ ولَايَة تَزْوِيج الْمُعتقَة الْأَخير إِلَى مُعتق الْمُعتقَة لِأَنَّهُ ولي الْمُعتقَة فِي التَّزْوِيج 966 - مَسْأَلَة لَو وكل وَكيلا ليزوج ابْنَته بِأَلف فزوج بِأَقَلّ لم يَصح النِّكَاح وَلَو قَالَ زَوجهَا بِأَلف دِرْهَم وَجَارِيَة لم يصفها فَزَوجهَا بِأَلف وَلم يذكر الحديث: 964 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 663 @ الْجَارِيَة لم يَصح وَلَو قَالَ زَوجهَا بِخَمْر أَو خِنْزِير وسمى مَجْهُولا فَزَوجهَا بِأَلف دِرْهَم من نقد الْبَلَد إِن كَانَ الْمُسَمّى قدر مهر مثلهَا صَحَّ النِّكَاح والمسمى وَإِلَّا فَلَا وَإِذا وكل وَكيلا فَقَالَ خَالع امْرَأَتي فخالع الْوَكِيل على غير نقد الْبَلَد لَا يَصح لِأَن مُطلق التَّوْكِيل يَقْتَضِي المخالعة بِنَقْد الْبَلَد 967 - مَسْأَلَة إِذا وكل بتزويج ابْنَته فَقَالَ لَا تزوج إِلَّا بِشَرْط أَن يتكفل فلَان صَدَاقهَا أَو قَالَ إِلَّا بِشَرْط أَن يرْهن عَبده الْفُلَانِيّ أَو قَالَ زَوجهَا بِشَرْط أَن تَأْخُذ كَفِيلا يَصح وعَلى الْوَكِيل أَن يشْتَرط فِي العقد الْكَفِيل وَالرَّهْن فَإِن لم يشْتَرط لَا ينْعَقد النِّكَاح وَكَذَلِكَ فِي البيع ثمَّ إِن شَرط الْوَكِيل فِي العقد فَلم يتكفل فلَان وَلَا رهن لَا خِيَار فِي النِّكَاح وَيثبت فِي البيع وَلَو قَالَ زَوجهَا بِأَلف وَخذ كَفِيلا أَو بِعْ بِأَلف وَخذ كَفِيلا فَالْبيع وَالنِّكَاح جَائِز بِلَا شَرط ثمَّ أَخذ الْكفَالَة أَمر فِي النِّكَاح لِأَنَّهُ شَرط عَلَيْهِ أَن يشرط فِي العقد بل أقرّ بأمرين وَلم يتَمَثَّل هُوَ أَحدهمَا وَلَو قَالَ لأتزوجها إِذا لم يتكفل فلَان وَجب أَن لَا يَصح التَّوْكِيل لِأَنَّهُ لَا صِحَة للوكالة وَالْكَفَالَة إِلَّا بعد العقد وَقد منع العقد إِلَّا بِالْكَفَالَةِ 968 - مَسْأَلَة إِذا استئذنت الْبكر فِي التَّزْوِيج من رجل معِين فَسَكَتَتْ أَو أَذِنت صَرِيحًا وَلم تعرف أَن الزَّوْج لَيْسَ بكفؤ بِأَن كَانَ فَاسِقًا أَو ابْن مولى صَحَّ النِّكَاح وَيثبت لَهَا حق الْفَسْخ 969 - مَسْأَلَة امْرَأَة تضرب صَبيا قَالَ لَهَا زَوجهَا لست بِمسلمَة فَقَالَت لَا لَا يكون هَذَا ردة لِأَن المُرَاد مِنْهُ لَيْسَ هُوَ الْكفْر لَكِن شَفَقَة الْإِسْلَام 970 - مَسْأَلَة لَو تزوج أم ولد فولده مِنْهَا فِي حكم أم الْوَلَد رَقِيق للسَّيِّد فَإِن كَانَ الزَّوْج حرا مِمَّن لَا يجوز لَهُ نِكَاح الْأمة فَالنِّكَاح فَاسد وَالْولد أَيْضا رَقِيق لِأَنَّهُ جهل بالحكم كَمَا لَو ظن الْحر أَنه إِذا نكح أمة يكون وَلَده مِنْهَا الحديث: 967 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 664 @ حرا بحريَّته لَا يعْتَبر هَذَا الظَّن فَيكون الْوَلَد رَقِيقا أما إِذا كَانَ لَا يعرف أَنَّهَا أم ولد بل ظَنّهَا حرَّة فَهُوَ مغرور وَالْولد حر وَعَلِيهِ قِيمَته لمَالِكهَا 971 - مَسْأَلَة تَحْتَهُ مسلمة وذمية وَلم يدْخل بهما فَقَالَ للمسلمة ارتددت فَقَالَت مَا ارتددت وَقَالَ للذمية أسلمت فَقَالَت مَا أسلمت يرْتَفع نِكَاحهمَا أما الْمسلمَة فَلِأَنَّهَا ارْتَدَّت بزعم الزَّوْج وَأما الذِّمِّيَّة فَلِأَنَّهَا مسلمة بزعم الزَّوْج فقولها مَا أسلمت يكون ردة فيرتفع النكاحان بارتدادهما بزعم الزَّوْج 972 - مَسْأَلَة أمة نكحت فِي الشّرك عبدا فعتقت فِي الشّرك وَلم تفسخ العقد حَتَّى أسلمت لَهَا الْفَسْخ قَالَ يثبت لِأَنَّهَا تجْهَل بِحكم الْإِسْلَام وَلَو اعتقت بعد إسْلَامهَا فَقَالَت لم أعلم حكم الْإِسْلَام فِي ثُبُوت الْفَسْخ يقبل قَوْلهَا وَلها الْفَسْخ وَلَو علمت بِثُبُوت الْفَسْخ قبل الْإِسْلَام فأخرت وَجب أَن يبطل حَقّهَا فِي الْفَسْخ 973 - مَسْأَلَة إِذا تزوجت امْرَأَة على أَن يعلمهَا آيَة مَعْلُومَة جَازَ وَإِن تزَوجهَا على أَن يعلمهَا نصف آيَة تنصف بالحروف فَإِن كَانَ عِنْد التنصيف تتمّ الْكَلِمَة يَصح وَإِن كَانَ يتم التنصيف فِي أثْنَاء الْكَلِمَة أَو على تَمام الْكَلِمَة وَلَكِن لَا يجوز الْوَقْت عَلَيْهَا لَا يَصح وَيجب مهر الْمثل بَاب الصَدَاق الْمَرْأَة إِذا بعثت إِلَى الزَّوْج أَن يسلم الصَدَاق حَتَّى أسلم نَفسِي وَهِي مُحْتَملَة للجماع يجب للْمَرْأَة النَّفَقَة من الْآن فَإِن كَانَ الزَّوْج غَائِبا قَالَ يَنْبَغِي أَن يُقَال إِذا أخْبرت القَاضِي لَهُ حَتَّى أوجب لَهَا نَفَقَة يجب الحديث: 971 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 665 - مَسْأَلَة رجل يُرِيد أَن يُزَوّج ابْنه امْرَأَة فَخَطَبَهَا لِابْنِهِ وتوافقا على العقد فَقبل أَن يعْقد العقد أهْدى إِلَيْهَا أَبُو الزَّوْج شَيْئا ثمَّ مَاتَ أَبُو الزَّوْج قبل العقد ثمَّ نَكَحَهَا ابْنه ثمَّ طَلقهَا قبل الزفاف واسترجع الْهَدَايَا فَتلك الْهَدَايَا هَل تكون مُشْتَركَة بَين الْوَرَثَة وَهل تكون مِيرَاثا من الْأَب لَهُم أجَاب تكون مِيرَاثا بَين الْكل لِأَن الْأَب أهْدى لأجل العقد وَلم يعْقد فِي حَيَاته فَيكون مِيرَاثا لوَرَثَة الْأَب 975 - مَسْأَلَة رجل أَخذ مَالا من يَد من لَا يعرف مِنْهُ إِلَّا الصّلاح وَأكله وَذَلِكَ المَال فِي الأَصْل كَانَ مَغْصُوبًا من آخر والآكل غيرعالم بِهِ فَهَل يُؤَاخذ وَكتب فَإِن أَخذ من يَد من تلطخ ظَاهره بالحرام وَهَذَا تنَاوله مِنْهُ أخذا بِالظَّاهِرِ وَالْمَال فِي الْبَاطِن لغيره هَل يُعَاقب بِهِ الْجَاهِل الْأَخْذ فِي الْآخِرَة وَهُوَ جَاهِل بِكَوْنِهِ للْغَيْر كتب نَخَاف أَن يُؤَاخذ 976 - مَسْأَلَة الضَّيْف مَتى يملك الطَّعَام فِيهِ أَرْبَعَة أوجه للعراقيين قَالَ وَلَعَلَّ فَائِدَته أَنه إِذا أَخذ اللُّقْمَة ليَأْكُل فَدفع إِلَى غَيره وَقُلْنَا يملك بِالْأَخْذِ وَجب أَن يجوز إِنَّمَا لَا تجوز إلقام الْغَيْر إِذا أَخذ ليلقم وَكَذَلِكَ لَو أتْلفه بعده وَيحْتَمل أَن يُقَال لَا يجوز أَن يلقم وَيضمن بِالْإِتْلَافِ وَإِنَّمَا نحكم لَهُ بِالْملكِ إِذا أكل فَتبين أَنه ملك فِي ذَلِك الْحَالة وَهُوَ حَالَة الْأَخْذ يكون اللاقم مَالِكًا 977 - مَسْأَلَة وَلَو دخل إِنْسَان دَار آخر فَقدم إِلَيْهِ طَعَاما هَل لَهُ أَن يَأْكُل من غير أَن يُصَرح بِالْأَكْلِ قَالَ الْأَصَح أَنه يجوز كَمَا لَو سبقت الدعْوَة والإمارة كالأذن وَقيل غَيره بِخِلَاف مَا لَو سبقتا الدعْوَة لِأَن الدعْوَة السَّابِقَة إِذن وَلم يُوجد هَاهُنَا 978 - مَسْأَلَة رجل قبل لِابْنِهِ الصَّغِير نِكَاح كَبِيرَة من بلد آخر وَمضى سنُون ثمَّ جَاءَت الْكَبِيرَة وَادعت على زَوجهَا الصَّغِير نَفَقَة مَا مضى من الزَّمَان قَالَ الصَّغِير إِذا تزوج بكبيرة هَل لَهَا نَفَقَة فِيهِ خلاف وَالْمذهب أَن لَهَا النَّفَقَة لِأَن الْمَنْع من قبله لَا من قبلهَا وَلَكِن هَاهُنَا لَا نفقه لَهَا لِأَن التَّمْكِين الحديث: 975 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 666 @ لم يُوجد من جِهَتهَا وَالنَّفقَة تجب بالتمكين والتمكين أَن يبْعَث رَسُولا إِلَى ولي الصَّغِير أَن عَليّ التَّمْكِين وَلَا منع من قبلي فأد صَدَاقي وزن لي فَإِذا أرْسلت وأخبرته بذلك تسْتَحقّ النَّفَقَة فِي وَقت الْإِرْسَال وعَلى هَذَا لَو أَن كَبِيرا تزوج بكبيرة ثمَّ غَابَ زَوجهَا قبل الزفاف مُدَّة قبل أَن تعرض الْمَرْأَة نَفسهَا عَلَيْهِ لَا تسْتَحقّ النَّفَقَة إِلَّا إِذا أرْسلت رَسُولا إِلَى الزَّوْج أَن عَليّ التَّمْكِين فأد صَدَاقي وزق بِي حِينَئِذٍ تسْتَحقّ النَّفَقَة من ذَلِك الْوَقْت لِأَن التَّمْكِين لم يُوجد وَرَأَيْت فِي مَجْمُوع المجاملي أَن الْمَرْأَة إِذا لم تسلم نَفسهَا وَلَا الزَّوْج طَالب بهَا حَتَّى مَضَت مُدَّة لَا نَفَقَة لَهَا لِأَن التَّمْكِين لم يُوجد كَمَا لَو بَاعَ سلْعَة فَلم يسلم إِلَى المُشْتَرِي وَلَا طَالب بِهِ مُدَّة لَا يسْتَحق تَسْلِيم الثّمن إِلَيْهِ وَإِن كَانَت على صفة لَو طالبت بِالتَّسْلِيمِ سلمت كَالْبيع سَوَاء 979 - مَسْأَلَة إِذا قَالَت الْمَرْأَة للزَّوْج أَنا مَوْطُوءَة أَبِيك لَا يقبل قَوْلهَا إِذا كَانَ ذَلِك بعد التَّمْكِين أَو كَانَ التَّزْوِيج مِنْهُ بِإِذْنِهَا لَو خلعها الزَّوْج ثمَّ أَرَادَ أَن ينْكِحهَا لَا يجوز لِأَن نِكَاحهَا يكون بِإِذْنِهَا وَلَا يجوز لَهَا أَن تَأذن بعد الْإِقْرَار بِأَنَّهَا مَوْطُوءَة الْأَب 980 - مَسْأَلَة ضرب الدُّف فِي النِّكَاح جَائِز وَقت العقد أَو الزفاف قَرِيبا مِنْهُ من قبل وَمن بعد فِي الْقسم إِذا خرج بِوَاحِدَة بِالْقُرْعَةِ ثمَّ نوى الْمقَام فِي بلد قَالَ نظر إِن نوى فَقَوْلَانِ وَإِن فَارقهَا خلال أَيَّام الزفاف ثمَّ نَكَحَهَا قَالَ إِن قُلْنَا لَا يَتَجَدَّد لَهَا حق الزفاف فِي مقْصده يقْضِي مَا بعده وَفِي الرُّجُوع وَجْهَان وَإِن نوى قبل مقصدة يقْضِي مُدَّة مقَامه فِي ذَلِك الْبَلَد ثمَّ إِذا خرج إِلَى مقْصده هَل يقْضِي مُدَّة ذَهَابه إِلَى مقْصده يحْتَمل أَن يكون على وَجْهَيْن كالرجوع وَيحْتَمل أَن يقْضِي 981 - مَسْأَلَة إِذا نكح جَدِيدَة وَتَحْته أُخْرَى يخص الجديدة بِسبع إِن كَانَت بكرا وبثلاث إِن كَانَت ثَيِّبًا فَإِذا فَارق الجديدة بعد مَا أوفى لَهَا السَّبع أَو الحديث: 979 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 667 @ الطَّلَاق حق الزفاف ثمَّ نَكَحَهَا هَل يَتَجَدَّد لَهَا حق الزفاف ليكمل لَهَا بَقِيَّة الْأَيَّام مثل إِن فَارق الْبكر بعد مُضِيّ ثَلَاثَة أَيَّام يَخُصهَا بأَرْبعَة أَيَّام فِي النِّكَاح الثَّانِي وَإِن قُلْنَا يَتَجَدَّد لَهَا حق الزفاف فيبت عِنْدهَا سبعا إِن كَانَت بكرا وَثَلَاثًا إِن كَانَت ثَيِّبًا وَمَا بَقِي من الْأَيَّام فِي العقد الاول لَا يقْضِي فِي الثَّانِي لِأَنَّهُ إِذا فَارقهَا قبل مُضِيّ حق الزفاف لم يبْق لَهَا حق وَلَو نَكَحَهَا أول مرّة وَهِي بكر فافتضها وفارقها بعد ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ نَكَحَهَا ثَانِيًا إِن قُلْنَا لَا يَتَجَدَّد لَهَا حق الزفاف يبيت عِنْدهَا أَرْبعا وَإِن قُلْنَا يَتَجَدَّد يبيت عِنْدهَا ثَلَاثًا قَالَ وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِك لأَنا إِن قُلْنَا لَا يَتَجَدَّد لَهَا حق الزفاف بنينَا حق العقد الثَّانِي على الأول وَقد بَقِي لَهَا فِي العقد الأول أَربع فيتمها وَإِن قُلْنَا يَتَجَدَّد قَطعنَا الثَّانِي عَن الأول وَفِي العقد الثَّانِي هَل يبيت وَلَا حق لَهَا إِلَّا فِي الثَّلَاث أما إِذا نكح جَدِيدَة فَلم يَخُصهَا بالسبع وَالثَّلَاث عَلَيْهِ أَن يَقْضِيهَا لَهَا وَإِن طَالَتْ الْمدَّة فَإِن فَارقهَا بعد مَا صَار ذَلِك قَضَاء عَلَيْهِ ثمَّ نَكَحَهَا إِن قُلْنَا لَا يَتَجَدَّد لَهَا حق الزفاف فِي النِّكَاح الثَّانِي يجب أَن يقْضِي لَهَا حق الزفاف الَّذِي يحسبها فِي العقد الأول سَوَاء كَانَت الْقَدِيمَة فِي نِكَاحه أَو أُخْرَى جَدِيدَة بِخِلَاف حق الْقسم إِذا ظلم وَاحِدَة ثمَّ فَارق المظلومة ثمَّ نَكَحَهَا والقديمة الَّتِي ظلمها بِسَبَبِهَا لم تكن فِي نِكَاحه لَا يقْضِي للمظلومة وَالْفرق أَن حق الزفاف ثَابت للجديدة من غير أَن يكون مضرا بهَا بِإِزَاءِ وَذَلِكَ حق بِدَلِيل أَنه إِذا نكح جَدِيدَة على قديمَة وَلم يوفها حق الزفاف حَتَّى نكح ثَالِثَة فيوفي للجديدة الأولى حق الزفاف بعد نِكَاح الثَّالِثَة وَإِن كَانَ يجوز الْقَضَاء لَهَا إِذا لم تكن الظالمة فِي نكاحيه لِأَن فِيهِ إِلْحَاق الضَّرَر بِغَيْر الظالمة إِلَّا أَن فِي قَضَاء حق الزفاف فِي النِّكَاح الثَّانِي إِذا كَانَت الْقَدِيمَة فِي نِكَاحه وَكَانَ فِي أَيَّام زفاف الجديدة فِي العقد الأول بَات عِنْد الْقَدِيمَة يجب عَلَيْهِ بعد قَضَاء حق الزفاف للجديدة أَن يقْضِي لَهَا من أَيَّام الظالمة مثل مَا بَات عِنْدهَا قَضَاء حق الزفاف بِحَق يبيت لَهَا على الْخُصُوص وَقَضَاء أَيَّام الظُّلم لتخصيص الْقَدِيمَة بالقسم وَإِن قُلْنَا يَتَجَدَّد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 668 @ لَهَا حق الزفاف فَإِن كَانَت الْقَدِيمَة فِي نِكَاحه عَلَيْهِ أَن يخص الجديدة بِحَق الزفاف مرَّتَيْنِ إِن كَانَت بكرا فِي النكاحين فبأربعة عشر يَوْمًا وَإِن كَانَت ثَيِّبًا فبستة أَيَّام وَإِن كَانَت فِي أحد النكاحين بكرا فبعشرة أَيَّام وَإِن لم تكن الْقَدِيمَة فِي نِكَاحه بل كَانَت عِنْده أُخْرَى فيخص الجديدة بِحَق الزفاف للْعقد الثَّانِي وَهل يقْضِي لَهَا حق الزفاف للْعقد الأول قَالَ يحْتَمل أَن يقْضِي وَهُوَ الْأَصَح كَمَا قلت على الْوَجْه الأول لِأَن حق الزفاف لَا يَتَجَدَّد وَلِأَن حق الزفاف ثَابت لَهَا من غير أَن يكون يضر بهَا بإزاءه شَيْء فَلَا يكون ظلما وَيحْتَمل أَن يُقَال لَا يقْضِي لِأَن كل امْرَأَة قديمَة نكحت عَلَيْهَا جَدِيدَة لَا يثبت لَهَا فِي عقد وَاحِد إِلَّا حق زفاف وَاحِد وَقد أوفى لَهَا حق زفاف هَذَا العقد بِخِلَاف مَا لَو كَانَت الْقَدِيمَة تَحْتَهُ يقْضِي لِأَنَّهُ حق زفاف عقدين وَقد يجوز أَن يثبت حق الزفاف مرَّتَيْنِ لامْرَأَة وَاحِدَة فِي عقدين على القَوْل الَّذِي يتحدد حق الزفاف 982 - مَسْأَلَة إِذا نكح جَدِيدَة فِي سفر نَقله فَإِذا عَاد يقْضِي للمتخلفات مُدَّة مقَامه مَعهَا دون حق الزفاف والانصراف قَالَ فَإِن ترك الجديدة فِي بلد وَفَارق هُوَ ذل الْبَلَد لَا يجب قَضَاء تِلْكَ الْأَيَّام للمتخلفات أما إِذا كَانَ مَعهَا فِي الْبَلَد وَلم يكن يبيت فِي بَيتهَا يجب الْقَضَاء كَمَا لَو سَافر بِوَاحِدَة بِلَا قرعَة يجب قَضَاء مُدَّة سفرها وَإِن كَانَ لَا يبيت فِي بَيتهَا مَعهَا فِي الْبَلَد وَيحْتَمل فِي الْمَوْضِعَيْنِ غير أَنه لَا يقْضِي إِلَّا مَا بَات مَعهَا وَيحْتَمل أَن يقْضِي الْكل وَإِن خلفهَا فِي بلد 983 - مَسْأَلَة لَو خرج بِاثْنَتَيْنِ إِحْدَاهمَا بِقرْعَة وَالثَّانيَِة بِلَا قرعَة فَإِذا رَجَعَ يقْضِي للمتخلفات عَن حق من أخرجهَا بِلَا قرعَة وَلَا يُقَال ذَلِك الْحق لمن أخرجهَا بِالْقُرْعَةِ لِأَن مُدَّة السّفر حَقّهَا وَلَا نقُول هَذَا لِأَن السّفر يكون لَهَا إِذا أخرجهَا وَحدهَا فَإِن كَانَ مَعهَا غَيرهَا فَلَهُمَا وَإِن أخرج وَاحِدَة بِلَا قرعَة فَيكون ذَلِك الْقدر حق الْكل وعَلى هَذَا لَو سَافر بِوَاحِدَة بِالْقُرْعَةِ ونكح فِي السّفر جَدِيدَة يوفيها ثمَّ يقسم بَينهمَا فَلَو أَنه رَجَعَ قبل أَن يوفيها حَقّهَا من الزفاف فِي السّفر وظلمها بِأَن بَات مَعَ الْقَدِيمَة الَّتِي مَعهَا سبعا فَإِذا عَاد الْبَلَد قبل أَن الحديث: 982 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 669 @ يقْضِي للجديدة مُدَّة الظُّلم والزفاف يخص الجديدة بعد الرُّجُوع بِحَق الزفاف ثمَّ يَدُور على المتخلفات والجديدة فَيَقْضِي للجديدة من حق الْقَدِيمَة الَّتِي كَانَت مَعهَا فِي السّفر فيبيت لَيْلَتَيْنِ عِنْدهَا لَيْلَتهَا وَلَيْلَة الظالمة وَعند كل وَاحِدَة من المتخلفات لَيْلَة حَتَّى يتم للجديدة السَّبع الَّتِي ظلمتها فِي السّفر وَكَذَلِكَ لَو كَانَت تَحْتَهُ ثَلَاث ونكح جَدِيدَة وَلم يوفها حَقّهَا فِي الزفاف وَبَات عِنْد وَاحِدَة من القديمات عشرا ظلما فيوفي للجديدة حق الزفاف ثمَّ يَدُور على الجديدة لكل وَاحِدَة عشرا وَإِن كَانَ قد ظلم الجديدة بِأَن لم يوفها حق الزفاف وَبَات عِنْد الأقدميات الثَّلَاث ليَالِي فيوفي حق الزفاف ثمَّ يقْضِي لَهَا مَا بَات عِنْدهن 984 - مَسْأَلَة إِذا نكح جَدِيدَة قَالَ إِنَّمَا يثبت لَهَا حق الزفاف إِذا كَانَ فِي نِكَاحه قديمَة وَهُوَ يبيت عِنْدهَا فَإِن تزوج جَدِيدَة وَلَيْسَت فِي نِكَاحه أُخْرَى لَا يبيت لَهَا حق الزفاف كَمَا لَا يجب أَن يبيت عِنْد امْرَأَة إِذا لم يكن فِي نِكَاحه من يبيت عِنْدهَا فَلَو تزوج جديدتين وَلَيْسَت عِنْده أُخْرَى فَهَل يثبت حق الزفاف فِيهِ وَجْهَان أَحدهمَا يثبت فيوفي للسابقة حَقّهَا ثمَّ لِلْأُخْرَى وَالثَّانِي لَا يثبت كَمَا لَو نكح جَدِيدَة وَلَيْسَت عِنْده أُخْرَى لَا يثبت لَهَا حق الزفاف وَلَكِن إِذا أَرَادَ البيتوتة عِنْدهَا يقسم بَينهمَا لَيْلَة لَيْلَة وَإِن كَانَت إِحْدَاهمَا بكرا يَخُصهَا بِأَرْبَع لَيَال ثمَّ يُسَوِّي بَينهمَا قَالَ وَلَا فرق بَين أَن ينْكح جديدتين مَعًا أَو على التوالي إِذا لم يكن قد بَات عِنْد الأولى حَتَّى لَو نكح وَاحِدَة وَلم يبت عِنْدهَا ثمَّ بعد مُدَّة نكح أُخْرَى فَلَا يجب أَن يبيت عِنْد وَاحِدَة مِنْهُمَا لَا للقسم وَلَا لحق الزفاف فَإِن بَات فَحِينَئِذٍ هَل يبيت حق الزفاف فعلى الْوَجْهَيْنِ فَإِن قُلْنَا لَا يثبت يقسم بَينهمَا لَيْلَة لَيْلَة وَإِن قُلْنَا إِنَّه يبيت يقسم للأولى حق الزفاف ثمَّ للثَّانِيَة وَإِن كَانَ قد بَات عِنْد الأولى لَيْلَة أَو لَيْلَتَيْنِ يتم لَهَا حق الزفاف ثمَّ يقسم للثَّانِيَة حق الزفاف الحديث: 984 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 670 - مَسْأَلَة إِذا نكح امْرَأَة بِشَرْط أَن لَا يَطَأهَا فقد تكلمُوا فِي فَسَاد ذَلِك النِّكَاح إِذا كَانَت الْمَرْأَة مُحْتَملَة للجماع فَلَا يُؤثر هَذَا الشَّرْط فِي فَسَاد النِّكَاح لِأَنَّهُ فِي قَضِيَّة العقد وَلَو شَرط أَن لَا يَطَأهَا إِلَى مُدَّة كَذَا نظر إِن كَانَت مِمَّن يحْتَمل الْجِمَاع فَهُوَ كَمَا لَو شَرط مُطلقًا فِي فَسَاد النِّكَاح وَإِن كَانَت مِمَّن يحْتَمل فِي الْحَال ومستصير إِلَى الِاحْتِمَال فِي تِلْكَ الْمدَّة قَالَ يَصح النِّكَاح 986 - مَسْأَلَة إِذا كَانَت لَهُ بنتان قد زوج إحديهما وَالْأُخْرَى فِي الْبَيْت فَقَالَ لإِنْسَان زَوجتك ابْنَتي لَا يَصح حَتَّى يُشِير إِلَى الَّتِي فِي الْبَيْت بِإِشَارَة أَو اسْم أَو يَقُول الَّتِي فِي بَيْتِي حِينَئِذٍ يَصح بَاب الْخلْع 987 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ أَجْنَبِي لامْرَأَة اخْتلعت نَفسك من زَوجك بِكَذَا فَقَالَ اخْتلعت ثمَّ قَالَ ذَلِك الْأَجْنَبِيّ للزَّوْج خالعتها فَقَالَ خالعت وَكَانَ فِي الْمجْلس قَالَ الإِمَام يَقع وَعَلِيهِ يدل النَّص فِي كتاب الْوكَالَة وَكَذَا النِّكَاح وَالْبيع لَو قَالَ النخاسي للْبَائِع بِعْت هَذَا من فلَان بِأَلف فَقَالَ بِعْت ثمَّ قَالَ المُشْتَرِي اشْتَرَيْته فَقَالَ اشْتريت صَحَّ عِنْدِي وَيجْعَل قَول النخاسي كَقَوْل المُشْتَرِي بِعْت مني على طَرِيق الِاسْتِفْهَام فَلَا يتَعَلَّق بِهِ حكم إِلَّا الْمعرفَة بِمِقْدَار الثّمن فَإِذا قَالَ البَائِع بعده بِعْت وَقَالَ المُشْتَرِي صَحَّ وَلزِمَ فَلَو لم تسمع الْمَرْأَة قَول الزَّوْج بل كَانَ السفير يسمع قَول الزَّوْجَيْنِ قَالَ يَقع أَيْضا لِأَن السماع لَيْسَ بِشَرْط بِدَلِيل أَنه إِذا خَاطب أَصمّ فأسمعه رجل فَقيل جَازَ وَلَيْسَ يقبل السفير قَوْله دون الكتبة ورأيته للشَّيْخ الْقفال أَنه يجوز هَذَا البيع 988 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ لامْرَأَته إِن دخلت الدَّار فَأَنت طَالِق على ألف فَدخلت قبل لَا يَقع شَيْء وَقيل يَقع عِنْد الدُّخُول على الف 989 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ الرجل لَا أدعك تخرج هَذَا الْمَتَاع من الدَّار وَإِن فعلت فامرأتي طَالِق فَخرج الْحَالِف ثمَّ ذهب الْمَحْلُوف عَلَيْهِ بالمتاع قَالَ يَنْبَغِي الحديث: 986 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 671 @ أَن يُقَال إِن حفظه حفظ الْوَدِيعَة فرق الْمَحْلُوف عَلَيْهِ أَو أكرهه حَتَّى أَخذ فعلى قولي الْإِكْرَاه وَإِن لم يحفظ الْوَدِيعَة بِحَيْثُ يصير ضَامِنا فِي الْوَدِيعَة بِهِ حنث فِي الطَّلَاق وَلَو كَانَ الْمَحْلُوف مَعَه سَاكن فِي الدَّار فَإِن حفظ مِنْهُ حفظا يقطع لسرقته كالمكره وَإِلَّا يَحْنَث 990 - مَسْأَلَة وَلَو قَالَت الْمَرْأَة طَلقنِي على ألف فَقَالَ طلقت نصفك هَل يسْتَحق يُمكن بِنَاؤُه عى أَنه عبارَة عَن كل الْبدن أم يَقع على ذَلِك الْقدر ثمَّ يسري إِن قُلْنَا عبارَة عَن كل الْبدن يَقع وَيسْتَحق الْألف كَمَا لَو طَلقهَا بِلَفْظ آخر وَإِن قُلْنَا يَقع عَلَيْهَا ثمَّ يسري وَجب أَن لَا يسْتَحق إِلَّا نصف الْألف كَمَا لَو طَلقهَا ثَلَاثًا بِأَلف فَطلق وَاحِدَة يسْتَحق ثلث الْألف وَلَو قَالَ خلقت يدك لن جَعَلْنَاهُ عبارَة عَن جَمِيع الْبدن يَقع وَيسْتَحق الْألف وَإِن قُلْنَا يَقع عَلَيْهِ ثمَّ يسري فَلَا يُمكن التَّوْزِيع وَجب أَن يجب مهر الْمثل وَفِي الْعتْق كمثله 991 - مَسْأَلَة إِذا قَالَت اخْتلعت نَفسِي مِنْك بِثَلَاث طلقات على مَالِي عَلَيْك من الْحق فَقَالَ الزَّوْج خالعتك بِطَلْقَة وَاحِدَة قَالَ يَقع وَاحِدَة لِأَن فِي جَانبهَا جَهَالَة فَيجب مهر الْمثل وَيحْتَمل وجوب ثلث مهر الْمثل كَمَا لَو قَالَت طَلقنِي ثَلَاثًا بِأَلف فَطلق وَاحِدَة يسْتَحق ثلث الْألف 992 - مَسْأَلَة إِذا قَالَت الْمَرْأَة اخْتلعت نَفسِي مِنْك على مَا بَقِي لي عَلَيْك من الصَدَاق وَلم يبْق لَهَا عَلَيْهِ شَيْء فَقَالَ الزَّوْج خالعتك قَالَ تقع الْبَيْنُونَة وَعَلَيْهَا مهر الْمثل كَمَا لَو اخْتلعت فخالعها وَلم يسم مَالا وَفِيه وَجه آخر 993 - مَسْأَلَة إِذا قَالَت خالعني بِطَلْقَة فَقَالَ خالعتك بِثَلَاث يَقع الثَّلَاث وَهل يجب مهر الْمثل وَجْهَان كَمَا لَو خَالعهَا وَلم يذكر مَالا الحديث: 990 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 672 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ لأمرأته أَنْت طَالِق إِن ضمنت لي ألفا فضمنت أَلفَيْنِ طلقت ولزمها الْألف وَضَمان الزِّيَادَة لَغْو وَلَو قَالَ أَنْت طَالِق على ألف إِن شِئْت فَقَالَت شِئْت أَلفَيْنِ لَا يَقع لِأَنَّهُ بمشيئتها لَا بِالْمَالِ وَإِن قَالَت شِئْت الطَّلَاق بِأَلفَيْنِ يَقع وَيجب مهر الْمثل عَلَيْهَا 995 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ الزَّوْج خالعتك على ألف فأنكرت فَالْقَوْل قَوْلهَا مَعَ يَمِينهَا والفرقة وَاقعَة بِدَعْوَى الزَّوْج فَلَو شهد شَاهد أَن على إِقْرَارهَا بالاختلاع من غير بَيَان المَال قَالَ يحكم بالحكم وتكلف الْمَرْأَة بِبَيَان المَال فَإِن أثبت قدرا دون مَا يَدعِيهِ الزَّوْج تحَالفا وَعَلَيْهَا مهر الْمثل وَإِن لم تبين وأصرت على إنكارها تفرض الْيَمين عَلَيْهَا وَإِن لم تحلف وأصرت على الْإِنْكَار حلف الزَّوْج على مَا يَدعِيهِ وَأخذ وإذااختلفا هَكَذَا حَلَفت على أَنَّهَا لم تختلع فَوَطِئَهَا الزَّوْج عَلَيْهِ الْحَد فِي الظَّاهِر وَلَا يجب عَلَيْهَا لِأَن بزعمها أَنه زَوجهَا وَفِي الْبَاطِن إِن كَانَ صَادِقا عَلَيْهَا الْحَد وَإِن كَانَ كَاذِبًا فَلَا حد على وَاحِد مِنْهُمَا وَقد قيل فِي مثل هَذَا أَن دَعْوَى الزَّوْج طَلَاق ظَاهرا وَبَاطنا فعلَيْهَا الْحَد أما إِذا ادّعى الطَّلَاق وَأنْكرت فَهُوَ طَلَاق فِي الظَّاهِر وَفِي الْبَاطِن هَل يكون وَجْهَان فعل قياسي قَول الْأَصْحَاب لَو أعدت أَنه نَكَحَهَا فَأنْكر فَلَا نِكَاح بَينهمَا فِي الظَّاهِر وَهل يكون طَلَاقا فِي الْبَاطِن وَجْهَان 996 - مَسْأَلَة إِذا قَالَت الْمَرْأَة لزَوجهَا طَلقنِي على ألف فَقَالَ طَلقتك بِخَمْسِمِائَة وَجْهَان أصَحهمَا فِي الطَّرِيقَيْنِ أَعنِي القَاضِي وَالشَّيْخ أبي عَليّ البوشنجي أَنه يَقع بخمسمائه وَقيل لَا يَقع كَمَا لَو قَالَ طَلقتك على أَلفَيْنِ وَالْأول الْمَذْهَب لِأَن لَهُ أَن يُطلق بِغَيْر شَيْء فبعض مَا سَأَلت أولى قَالَ الإِمَام الحديث: 995 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 673 @ فَإِن كَانَ هَذَا بِلَفْظ الْخلْع بِأَن قَالَت الْمَرْأَة خلعني على ألف فَقَالَ الزَّوْج خالعتك على خَمْسمِائَة وَقُلْنَا إِن الْخلْع طَلَاق قَالَ فعندي يحْتَمل أَن لَا يَقع الطَّلَاق والبينونة ويراعى فِيهِ معنى الْمُعَارضَة تَغْلِيبًا للفظ وَإِن كَانَ الْمَعْنى معنى الطَّلَاق كَمَا لَو قَالَ من رد ابقى فَلهُ عشرَة جَازَ وَلَو عقد عقد الْإِجَارَة لَا يجوز كَمَا لَو قَالَ لمكاتبه إِن دخلت الدَّار فَأَنت حر فَإِن دخل الدَّار عتق وبرىء من النُّجُوم وَلَو قَالَ إِذا دخلت الدَّار فَأَنت بَرِيء من النُّجُوم لم تقع الْبَرَاءَة وَإِن كَانَ عتقه فِي معنى الْإِبْرَاء عَن النُّجُوم تَغْلِيبًا للفظ وَهُوَ أَن تَعْلِيق الْإِبْرَاء لَا يجوز 997 - مَسْأَلَة إِذا وكلت قبل الدُّخُول رجلا وَقَالَت اختلعني من زَوجي بِحَيْثُ لَا يلْزَمنِي رد شَيْء إِلَى الزَّوْج وَلَا يلْزمه شَيْء فاختلعها بِجَمِيعِ الصَدَاق قَالَ تقع الْبَيْنُونَة وَيسْقط صدَاق النِّكَاح وَلَا شَيْء عَلَيْهَا وَلَا على الرجل وَيجب على الْوَكِيل نصف صدَاق العقد وَلَو اخْتلفَا فَقَالَ الزَّوْج كَذَا أقرَّت وَأنْكرت فَالْقَوْل قَوْلهَا وَإِن كَانَ الْخلْع مَعَ الْوَكِيل فَالْقَوْل قَوْلهَا أَيْضا وَلَو صدقهَا الْوَكِيل فَالْمَال لَازم للْوَكِيل وَهُوَ نصف الصَدَاق 998 - مَسْأَلَة إِذا قَالَت الْمَرْأَة اخْتلعت نَفسِي مِنْك على الصَدَاق الَّذِي فِي ذِمَّتك فخالعتني وَأنكر الزَّوْج وَحلف عَلَيْهِ قَالَ لَا رُجُوع لَهَا عَلَيْهِ بِالصَّدَاقِ قَالَ وبمثله لَو كَانَ لَهُ على رجل ألف فَقَالَ اشْتريت مِنْك دَارك بِتِلْكَ الْألف وقبضته وَأنكر من عَلَيْهِ وَحلف يجوز لَهُ مُطَالبَته بِالْألف الَّتِي كَانَ لَهُ عَلَيْهِ وَالْفرق أَن فِي الْخلْع مَا تدعيه الْمَرْأَة من الْفرْقَة لَا يرْتَفع لِأَن بزعمها أَن الْبَعْض تلف عِنْدهَا فَإِن حلف الزَّوْج لَا يرْتَفع من جِهَة الْمَرْأَة فِي الشِّرَاء لَو وَافق الْمُدَّعِي البَائِع على أَنه لم يبع يرْتَفع وَهَا هُنَا لَو صدقته الْمَرْأَة بعد هَذَا على أَنَّك لم تخالعني لم يكن لَهَا مُطَالبَته بِالْمهْرِ يدل على الْفرق أَن الْمُتَبَايعين إِذا تحَالفا يترادان والزوجان إِذا اخْتلفَا تخالعا وَكَذَلِكَ لَو أقرّ بحريّة عبد الْغَيْر ثمَّ اشْتَرَاهُ جَازَ وَعتق وَلَو أقرّ بِأَن فُلَانَة مطلقتي ثَلَاثًا وَأنْكرت ثمَّ أَرَادَ أَن ينْكِحهَا لَا يجوز وَكَانَ يَتَّضِح لي هَذَا الْفرق فراجعت شَيخنَا الإِمَام فِيهِ الحديث: 997 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 674 @ فَقَالَ الْفرق بَينهمَا أَن الْمَرْأَة بقولِهَا خالعتني على صدَاق أخْبرت بإياسها عَن الْوُصُول إِلَى ذَلِك المَاء لِأَن الصَدَاق إِذا سقط عَن ذمَّة الزَّوْج بِالْخلْعِ لَا يتَصَوَّر عوده فِي ذمَّته بِحَال فَأَما فِي مَسْأَلَة الدَّار من لَهُ الدّين لم يخبر بِوُقُوع الْيَأْس لَهُ عَن الْوُصُول إِلَى ذَلِك لِأَن من عَلَيْهِ الدّين وَإِن أقرّ بِالْبيعِ لَكِن لَا لَو وجد من مَاله الدّين بِالدَّار عَيْبا ورد أَو خرج للدَّار مُسْتَحقّا أَو تلف قبل الْقَبْض فَفِي جَمِيع هَذِه الْمَوَاضِع يرْتَفع العقد وَيرجع هُوَ إِلَى أصل حَقه فَكَذَلِك هَا هُنَا فَأنكرهُ بِغَيْرِهِ على من لَهُ الدّين الْوُصُول إِلَى حَقه فَجعل ذَلِك سَببا لعوده إِلَى حَقه فَسَأَلت وَقلت فِي تِلْكَ الْمسَائِل إِمَّا أَن يفْسخ العقد أَو يَنْفَسِخ أَو يجب عَلَيْهِ الْفَسْخ قَالَ إِنَّمَا نحكم بِالظَّاهِرِ قد أنكر البيع وَفِي الْبَاطِن لَا فرق بَين المسئلتين فَإِن الْمَوْضِعَيْنِ سَوَاء كَانَ بَينهمَا خلع أَو بيع لَا يجوز للزَّوْج وَطئهَا وَلَا لصَاحب الدَّار الِانْتِفَاع بِالدَّار وَلَو لم يكن بَينهمَا عقد فِي الْخلْع وَفِي البيع يجوز لكل وَاحِد مِنْهُمَا الرُّجُوع إِلَى أصل مَاله للْمَرْأَة بِالْمهْرِ وَلمن لَهُ الدّين بِالدّينِ وَالْفرق بَينهمَا فِي الْفَتْوَى 999 - مَسْأَلَة إِذا قَالَت الْمَرْأَة للزَّوْج بحقي لَهُ دركردن نودارم باندارم خويشتن بازخربدم مردكوبذبار فر وَختم قَالَ يَقع بالبينونة وَعَلَيْهَا مهر الْمثل 1000 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ خالعتك على ثوب هروي فَقبلت فَدفعت ثوبا هرويا هَل للزَّوْج أَن يرضى بِهِ فتمسك قَالَ فَإِن لم يكن وصف الثَّوْب لَا يجوز لِأَنَّهُ يسْتَحق عَلَيْهَا مهر الْمثل وَإِن كَانَ قد وصف بِصِفَات السّلم فَإِن أَعْطَتْ ثوبا هرويا تملك وَإِن كَانَ مرويا فَلهُ أَن يرد ويطالبها بالهروي فَلَو أَرَادَ أَن يرضى بِهِ ويمسكه هَل لَهُ ذَلِك هَذَا يبْنى على أَنه لَو أسلم فِي عِنَب أَبيض فَأتى بأسود هَل يجوز قَولَانِ إِن قُلْنَا يجوز فَلَا يَجْعَل استبدالا فها هُنَا يجوز وَيكون قبضا للعقود الحديث: 999 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 675 @ عَلَيْهِ مَعَ المساحة وَإِن قُلْنَا ثمَّة لَا يجوز فَيجْعَل استبدالا فها هُنَا من غير معاقدة لَا يجوز وَإِن تعاقدا فَقَالَت أَبْرَأتك عَمَّا عَليّ وَقبل الزَّوْج هَذَا على أَن الصَدَاق فِي يَد الزَّوْج مَضْمُون ضَمَان العقد أم ضَمَان الْيَد إِن قُلْنَا ضَمَان الْيَد يجوز وَإِن قُلْنَا ضَمَان العقد فعلى قولي الإستبدال عَن الثّمن فِي الذِّمَّة الْأَصَح لَا يجوز 1001 - مَسْأَلَة إِذا قَالَت الْمَرْأَة للزَّوْج خالعني على الصَدَاق فَأنْكر الزَّوْج القَوْل قَوْله مَعَ يَمِينه ثمَّ يجوز للْمَرْأَة مُطَالبَته بِالصَّدَاقِ وَإِن أقرَّت بالاختلاع على الصَدَاق لِأَنَّهُ إِذا لم يسلم لَهَا مَا ادَّعَت لَا يلْزمه الْعرض كَمَا لَو ادّعى على رجل أَنِّي اشْتريت دَارك بِأَلف فَأنْكر البَائِع لَا يسْتَحق الْألف على الْمُدَّعِي لِأَنَّهُ وَإِن أقرّ لَهُ بِالْألف إِنَّمَا أقرّ لَهُ بِمُقَابلَة الدَّار وَلم تسلم لَهُ الدَّار وَكَذَلِكَ إِذا كَانَ لَهُ على آخر الف فَقَالَ اشْتريت دَارك بذلك الْألف فَأنْكر وَحلف لَا تلْزمهُ الْألف 1002 - مَسْأَلَة إِذا اختلع أَجْنَبِي امْرَأَة من زَوجهَا على صَدَاقهَا وأضاف إِلَيْهَا دون إِذْنهَا وَقع رَجْعِيًا وَإِن قبل الدُّخُول يَقع الطَّلَاق بَائِنا بِعَدَمِ الدُّخُول وعَلى الزَّوْج نصف صَدَاقهَا وَلَا شَيْء على الْأَجْنَبِيّ لَو قَالَ الاجنبي يَا زفرو حَتَّى زن رايجيدني اركاوين أَو فَقَالَ الزَّوْج يَا زفر وَختم الْأَجْنَبِيّ يَا زخريذم وَقع رَجْعِيًا وَإِن لم يقل الْأَجْنَبِيّ يَا زخر يذم لم يَقع شَيْء فَإِن قَالَ يازفروش فَقَالَ يازمروختم وَقع رَجْعِيًا وَإِنَّمَا اشترطنا الْقبُول فِي الْأَجْنَبِيّ وَإِن كَانَ الطَّلَاق يَقع بِلَا مَال كَمَا لَو خَالع زَوجته الْمَحْجُور عَلَيْهَا لَا بُد من قبُولهَا وَإِذا قبلت وَقع رَجْعِيًا وَلَا فرق بَين أَن يَقُول زن رابازفروش بايمن بازفروشي يانوي يازفروش وَبَين أَن تكون الْمَرْأَة صَغِيرَة أَو كَبِيرَة فِي أَنه يَقع رَجْعِيًا 1003 - مَسْأَلَة إِذا خَالع على كَفَالَة الْوَلَد إِنَّمَا يجوز إِذا كَانَ الْوَلَد خَارِجا أما قبل الْخُرُوج لَا يجوز الحديث: 1001 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 676 - مَسْأَلَة لَو قَالَت الْمَرْأَة لزَوجهَا خالعتني بِطَلْقَة فَقَالَ خالعتك بِثَلَاث وَقع الثَّلَاث وَهل يجب صدَاق الْمثل كَمَا لَو خَالعهَا وَلم يذكر مَالا لِأَن قَوْله خالعني كَقَوْلِه طَلقنِي غير أَن الْخلْع يَقْتَضِي بَدَلا وَلَا يحْتَاج إِلَى قبُول بعد قَوْله خالعتك لِأَنَّهَا سَأَلت الْخلْع جزما 1005 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ الزَّوْج لامْرَأَته باز فزوجتي بذان حق لَهُ ترابر منشت زن كفت فزوجنم قَالَ إِن نوى الزَّوْج بِهِ تطليقها على الْحق وَقعت الْبَيْنُونَة وَسقط الْحق عَنهُ إِن كَانَ مَعْلُوما وَمعنى قوره مراباز فروحتي يَعْنِي خويشتن واباز حريذي معبر عَن شراءها نَفسهَا يَبِيعهُ كَمَا يَقُول أَنا مِنْك طَالِق وَنوى تطليقها يَقع وَإِن لم يَنْوِي تطليقها لم يَقع شَيْء وَلَو قَالَ الزَّوْج للْمَرْأَة ثرابها طَلَاق بارفروختم لَا يكون هَذَا خلعا بل يكون ابْتِدَاء وَمعنى قَوْله فروختم اي دادم كَمَا يَقُول الرجل مرابازفروش يُرِيد بِهِ دست اذ من بازدار 1006 - مَسْأَلَة وَلَو قَالَ الرجل لأمرأته توخويشئن ازمن بذان حَقي لَهُ دركردن من ذَا شَيْء بازخر بِذِي زن كفت خريذم لَا يَقع الطَّلَاق حَتَّى يَقُول الرجل عقيب كِلَاهُمَا بازنروختم فَأَما إِذا قَالَ خوبستن ازمن يازخرزن كويذ خريذم يَقع وَإِن لم يقل الرجل باز فروختم كَمَا فِي البيع إِذا قَالَ ابْن كالا زمن بضدررم بحز كوبذ حزيذم لَا يشْتَرط أَن يَقُول فروختم وَلَو ازمى بخر بِذِي كوبذ خريذم لَا بُد أَن يَقُول فروختم 1007 - مَسْأَلَة امْرَأَة قَالَت لزَوجهَا بهر حَقي كه دركردن تودارم خويشئن ازتوباخزبذة فَقَالَ الرجل من ترابيك طَلَاق بِأَيّ كشاذة كردم قَالَ إِن كَانَ قَول الرجل عقيب قَوْلهَا بِحَيْثُ يكون جَوَابا لكلامها وَالصَّدَاق مَعْلُوما عِنْدهمَا يَصح الْخلْع وَيسْقط الصَدَاق الحديث: 1005 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 677 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ لامْرَأَته أَن خرجت بِغَيْر إذني فَأَنت طَالِق فَأذن لَهَا فِي الْخُرُوج فَهَل يشْتَرط أَن يتَلَفَّظ بِهِ حَتَّى يكون إِذْنا أم إِذا رَضِي بِقَلْبِه أَن تخرج يَكْفِي أجَاب رَحمَه الله تَعَالَى يشْتَرط التَّلَفُّظ 1009 - مَسْأَلَة رجل قَالَ إِن فعلت كَذَا فامرأتي طَالِق ثَلَاثًا فَفعل ذَلِك الْفِعْل بمشهدهم ثمَّ قَالَ إِنِّي كنت خالعتها قبل هَذَا القَوْل قَالَ على الشُّهُود أَن يشْهدُوا حسبَة على الطَّلَاق ثمَّ هُوَ يحْتَاج إِلَى إِثْبَات خلع سَابق بالبينونة وَإِن صدقته الْمَرْأَة فَأَما إِذا قَالَ أَولا إِنِّي خالعت زَوْجَتي ثمَّ رَآهُ الشُّهُود فعل ذَلِك لَا يشْهدُونَ بِالطَّلَاق وَقَوله السَّابِق مَقْبُول لِأَنَّهُ غير مُتَّهم فِيهِ 1010 - مَسْأَلَة لَو كَانَ لَهُ امْرَأَتَانِ فَقَالَ لَهما طلقت إحديكما على ألف وَلم يعين فَقَالَتَا قبلنَا قَالَ وَجب أَن لَا يَقع لِأَن الْخلْع فِي جَانِبه مُعَاوضَة كَمَا لَو قَالَ لعت من إحديكما هَذَا العَبْد بِأَلف وَلم يعين فَقَالَا قبلنَا وَكَذَلِكَ فِي الْعتْق لَو قَالَ لعبديه أعتقت أحديكما على ألف فَقَالَا قبلنَا وَرَأَيْت فِي الْعتْق أَنه يعْتق أخدهما لَا بِعَيْنِه وَلَعَلَّ هَذَا الْقَائِل يَقُول فِي الطَّلَاق كَذَلِك لَا بِقِيَاس مَا قلت قَالَ وَلَو قَالَ لامرأتيه طلقت إحديكما إِن شئتما فشاءتا طلقت إِحْدَاهمَا لَا بِعَينهَا وَكَذَلِكَ فِي الْعتْق لِأَنَّهُ تَعْلِيق لَيْسَ بمفاوضة فَإِن قَالَ طلقت إحديكما على ألف إِن شئتما فَفِي معنى الْمُفَاوضَة وَالتَّعْلِيق فَإِذا شاءتا تطلق إِحْدَاهمَا لَا بِعَينهَا وَكَذَلِكَ فِي الْعتْق 1011 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ الرجل لامرأتين طلقتكما على ألف فقبلتا فَكل وَاحِدَة مختلعة نَفسهَا على الِانْفِرَاد أم كل وَاحِدَة مَعَ صاحبتها مختلعة نَفسهَا وَمَا ذكره أَصْحَابنَا يدل على أَن كل وَاحِدَة مختلعة نَفسهَا فَحسب فَهَلا جعلُوا كل وَاحِدَة مَعَ صاحبتها مختلعة نَفسهَا كَمَا فِي البيع إِذا قَالَ الرجلَيْن بعتكما هذَيْن الْعَبْدَيْنِ كَانَ كل وَاحِد مُشْتَريا نصف الْعَبْدَيْنِ جَمِيعًا وكما لَو خَالع كل وَاحِدَة مَعَ أَجْنَبِي كَانَ مُسَمّى كل وَاحِدَة عَلَيْهَا الْأَجْنَبِيّ بِخِلَاف قَوْله بِعْتُك يَا زيد هَذَا العَبْد وَيَا عمر وبعتك هَذَا الثَّوْب بِأَلف الحديث: 1009 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 678 @ لِأَن هُنَاكَ صرح بِأَن يَبِيع من كل وَاحِد شَيْئا لَا يَبِيعهُ من الآخر وَيُمكن أَن يعرف بَين مَسْأَلَتنَا وَبَين أَن ينْكح امْرَأتَيْنِ عقدا وَاحِدًا لِأَن ثمَّة مَا يستفيده الرجل فِي ملك مالكين غير شَرِيكَيْنِ وَهَا هُنَا مَا تستفيده الْمَرْأَتَانِ فِي ملك مَالك وَاحِد وَلَا يَسْتَحِيل أَن يُقَال إِحْدَاهمَا مختلعة نَفسهَا مَعَ صاحبتها وَالْأُخْرَى كَذَلِك وَإِن كَانَ لَا يتَصَوَّر أَن يعود مَنْفَعَة بضع إحديهما إِلَى الْأُخْرَى فَإِن الْخلْع مَعَ الْأَجْنَبِيّ جَائِز وَإِذا جعلناهما مختلعين لأحديهما إِلَى الْأُخْرَى فَإِن الْخلْع مَعَ الْأَجْنَبِيّ جَائِز وَإِذا جعلناهما مختلعين لأحديهما ثمَّ الْأُخْرَى وَكَذَلِكَ لَو أعتق أحد الشَّرِيكَيْنِ العَبْد الْمُشْتَرك عتق الْكل عَلَيْهِ إِذا كَانَ مُوسِرًا وَإِن عتقاه مَعًا وهما موسران كَانَ تصرف كل وَاحِد مِنْهُمَا فِي خَالص ملكه وَلم يُوجب لَك وَاحِدَة من المشتريين كَمَا أحد الْعَبْدَيْنِ جَمِيعًا فنفذ تصرفه كَمَا أوجبه وَيخرج على هَذَا الأَصْل مَا أوردهُ فِي الصُّورَة 1012 - مَسْأَلَة لَو كَانَت امْرَأَته واقفة مَعَ أَجْنَبِيَّة فَقَالَ إِحْدَاكُمَا طَالِق ثمَّ قَالَ مَا عنيت وَاحِدَة بقلبي قَالَ يحكم بِوُقُوع الطَّلَاق على زَوجته وَلَو كَانَت إمرأته واقفة مَعَ أَجْنَبِيَّة فَقَالَ إِحْدَاكُمَا طَالِق ثمَّ قَالَ عنيت الْأَجْنَبِيَّة يقبل قَوْله 1013 - مَسْأَلَة لَو بَاعَ عبدا بِجَارِيَة ثمَّ أعتق أحد الْمُتَبَايعين عتق أَحدهمَا لَا بِعَيْنِه فِي زمَان الْخِيَار وَقُلْنَا بِالصَّحِيحِ أَن الْكل مَوْقُوف ينفذ عتقه فِيمَا بَاعَ وَهل يستفسر أم لَا وَلَو عين أَحدهمَا فِي الْإِعْتَاق هَل يقبل قَالَ لَا يستفسر فِي وَاحِد مِنْهُمَا هَا هُنَا وَيحكم بِوُقُوع الْعتْق وثمة بنفوذ الْعتْق فِيمَا بَاعَ فَإِن ادّعى أَنِّي عنيت بخلافة يقبل 1014 - مَسْأَلَة إِذا طلق زَوجته طَلَاقا رَجْعِيًا ثمَّ قَالَ لَهَا الزَّوْج فِي الْعدة طَلقتك ثَلَاثًا على ألف فَقبلت قَالَ إِن قُلْنَا خلع الرَّجْعِيَّة يَصح فَالْحكم فِي جَانِبه فِي حكم الْمُعَارضَة يحْتَمل أَن يُقَال حكمه حكم مَا لَو بَاعَ عَبده وَعبد غَيره وَفِي عَبده قَولَانِ فها هُنَا لَا يَصح تَسْمِيَة الطَّلَاق الثَّالِثَة وَهل يَصح الحديث: 1012 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 679 @ تَسْمِيَة الطلقتين قَولَانِ إِن قُلْنَا يَصح بلزمه من الْعِوَض إِن قُلْنَا فِي البيع يجب كل الثّمن هَا هُنَا يجب كل الْمُسَمّى وَإِلَّا ثُلُثَاهُ وَإِن قُلْنَا خلع الرَّجْعِيَّة لَا يجوز بيع الثُّلُث مجَّانا وَقد رَأَيْت للشَّيْخ الْقفال رَحمَه الله تَعَالَى بقوله إِنَّه إِذا طلق امْرَأَته طَلَاقا رَجْعِيًا ثمَّ تخالعا بِثَلَاث طلقات أَنه يَقع الثَّلَاث مجَّانا وَلَا يجب شَيْء 1015 - مَسْأَلَة رجل وكل وَكيلا ليطلق امْرَأَته على ألف ووكل آخر ليُطَلِّقهَا على أَلفَيْنِ فأبها سبق صَحَّ طَلاقهَا بِمَا سمى وَلَا يَقع الآخر سَوَاء سبق وَكيل الْألف أَو وَكيل الْأَلفَيْنِ وَلَو وَقعا مَعًا بِأَن قَالَ هَذَا طَلقتك بِأَلف وَقَالَ الآخر كَذَلِك فَقَالَ قبلت مِنْكُمَا أَو كَانَت وصلت وكيلين فَطلق كل وَاحِد من وَكيلِي الزَّوْج مَعَ وَاحِد من وَكيلِي الْمَرْأَة فَقَالَ لَا يَقع شَيْء لِأَن الْخلْع من جَانب الرجل مُعَارضَة فَهُوَ كَمَا لَو وكل وَكيلا بيع عبد بِأَلف ووكل آخر بِبيعِهِ بِأَلفَيْنِ فَمن سبق بَيْعه كَانَ أولى وَإِن وَقعا مَعًا لم يَصح البيع أَلا ترى أَنه إِذا قَالَ لامرأتيه طلقتكما على ألف فَقَالَت إِحْدَاهمَا قبلت دون الْأُخْرَى لَا يَقع شَيْء كَمَا لَو قَالَ بعتكما عَبدِي بِأَلف فَقَالَت إِحْدَاهمَا قبلت لَا يَصح 1016 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ لامْرَأَته إِن أتيت الطَّلَاق فَأَنت طَالِق فَأَتَت فِي الْمجْلس طلقت وَإِن سكتت وَلم تقل شَيْئا حَتَّى ذهب الْمجْلس لَا يَقع وَلَو قَالَ إِن لم تشائين الطَّلَاق فَسَكَتَتْ عَن مَشِيئَة الطَّلَاق طلقت قَالَ وَيَنْبَغِي أَن تكون الْمَشِيئَة فِي الْمجْلس كَمَا لَو قَالَ إِن شِئْت فَأَنت طَالِق اشْترط الْمَشِيئَة فِي الْمجْلس وَإِن كَانَ الْخطاب لَو كَانَ مَعَ غَيرهَا أَلا يكون على الْفَوْر لِأَنَّهُ تمْلِيك يتَضَمَّن من تمْلِيك الْبَعْض قَالَ وَفِيه أشكال 1017 - مَسْأَلَة إِذا وكلت الْمَرْأَة رجلا فَقَالَت اختلعني من زَوجي على ألف بِثَلَاث طلقات فاختلعها على ألف نظر إِن أضَاف إِلَيْهَا لَا يَقع وَإِن لم يضف يَقع والمسمى على الْوَكِيل كَمَا لَو خَالعهَا مَعَه من غير وكالتها وَلَو قَالَ الرجل خَالع امْرَأَتي ثَلَاثًا على ألف مخالع وَاحِدَة على ألف قَالَ يَقع لِأَنَّهُ زَاده خيرا وَلَو قَالَت اختلعني من زَوجي وَاحِدَة على ألف فخالع وَاحِدَة على الحديث: 1015 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 680 @ ألف قَالَ يَقع لِأَنَّهُ زَاده خيرا وَلَو قَالَت اختلعني من زَوجي وَاحِدَة على ألف فخالع وَاحِدَة عَليّ ألف تقع الْبَيْنُونَة ثمَّ إِن أضَاف إِلَيْهَا لَا يَقع إِلَّا وَاحِدَة وَإِن لم يضف تقع الثَّلَاث وعَلى الْوَكِيل تعْيين الْألف وَلَا يجب على الْمَرْأَة إِلَّا ثلث الْألف لِأَنَّهُ لم يحصل مسألتها إِلَّا بِثلث الْألف كَمَا لَو قَالَت اختلعني وَاحِدَة بِأَلف فاختلع بِثلث الْألف 1018 - مَسْأَلَة إِذا قَالَت الْمَرْأَة لوكيلها اختلعني بِمَا استصوبت فَإِذا اختلعها على مَال فِي ذمَّتهَا أَو على صدَاق يكون لَهَا فِي الذِّمَّة للزَّوْج جَازَ وَلَو اختلعها على عين من أَعْيَان مَالهَا فَلَا يجوز لِأَن مَا يفْرض إِلَى الرَّأْي ينْصَرف إِلَى الذِّمَّة فِي الْعَادة لَا إِلَى الْأَعْيَان كَمَا لَو قَالَ اشْتَرِ لي عبدا بِمَا شِئْت ينْصَرف ذَلِك إِلَى ثمن فِي الذِّمَّة لَا إِلَى الْعين فَإِنَّهَا لَا ترْضى بِهَذَا الْإِذْن إِن يختلعها على ثِيَاب بدنهَا وعَلى جَارِيَة تخدمها وَنَحْو ذَلِك - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب الطَّلَاق 1019 - مَسْأَلَة رجل طلق امْرَأَته ثَلَاثًا ثمَّ ادّعى بِأَنِّي كنت حرمتهَا على نَفسِي قبل هَذَا فَلم يَقع الثَّلَاث لم يقبل قَوْله 1020 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ حَلَال الله عَليّ حرَام طلقت امْرَأَته فَلَو كَانَت لَهُ أَربع نسوه قَالَ يطلقن كُلهنَّ اذا طلق إِلَّا أَن يُرِيد فِي الطَّلَاق بَعضهنَّ فَيقبل 1021 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ الرجل إِن فعلت كَذَا فحلال الله عَليّ حرَام وَله امْرَأَتَانِ فَفعل ذَلِك قَالَ تطلق وَاحِدَة مِنْهُمَا وَالتَّعْيِين إِلَيْهِ لِأَن التَّعْيِين يحْتَمل غَيره 1022 - مَسْأَلَة وَلَو قَالَ توزن من ينسني يايؤمرا هيج حِين ينستى أَو قَالَ لست زَوْجَة لي قَالَ يكون كِتَابَة هَذَا هُوَ الظَّاهِر وَقيل كذب مَحْض الحديث: 1018 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 681 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ لامْرَأَته إِن لم تصدقي فِي أَنَّك فعلت كَذَا أَو لم تفعل فَأَنت طَالِق فَقَالَت فعلت مَا فعلت قَالَ يَقع لِأَنَّهَا صدقت فِي إِحْدَى المقالتين فَأَما إِذا قَالَت إِن تعلميني بِالصّدقِ فَبِهَذَا لَا يخرج عَن الْيَمين 1024 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ إِن ابتلعت شَيْئا فَأَنت طَالِق فابتلعت رِيقهَا حنث فَلَو قَالَ عنيت غير الرِّيق قبل قَوْله فِي الحكم قَالَ فَأَما إِذا قَالَ لَهَا إِن ابتلعت الرِّيق فَأَنت طَالِق فابتلعت ريق نَفسهَا أَو ريق غَيرهَا بحنث فَلَو قَالَ الزَّوْج عنيت ريقك دون ريق غَيْرك يقبل فِي الحكم لِأَنَّهُ الظَّاهِر وَإِن قَالَ عنيت ريق غَيْرك لَا يقبل فِي الحكم وَيقبل فِي الْبَاطِن لَو قَالَ عنيت ريقي دون غَيْرِي يقبل فِي الحكم وَلَو قَالَ عنيت ريق غير لَا يقبل فِي الحكم 1025 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ الرجل لامْرَأَته إِن خرجت بِغَيْر إذنك فَأَنت طَالِق فَخرج ثمَّ ادّعى أَنَّهَا كَانَت أَذِنت وَأنْكرت الْإِذْن قَالَ يحْتَمل وَجْهَيْن أَحدهمَا إِن القَوْل قَول الزَّوْج لِأَن الأَصْل بَقَاء النِّكَاح وَالثَّانِي ان القَوْل قَوْلهَا لِأَن الأَصْل عدم الْإِذْن وَكَذَلِكَ لَو قَالَ لَهَا إِن خرجت بِغَيْر إذني فَخرجت فَادّعى الزَّوْج أَنِّي كنت أَذِنت وَأنْكرت قَالَ وَذكر القَاضِي فِي كره هَذِه الْمَسْأَلَة الْأَخِيرَة أَن القَوْل قَوْلهَا وَسُئِلَ عَمَّا إِذا قَالَ لزوجته إِن لم أسلم إِلَيْك مَا فرض لَك القَاضِي الْيَوْم فَأَنت طَالِق فَقَالَ سلمت وَأنْكرت فَالْقَوْل قَوْلهَا فِي المَال وَقَوله فِي الطَّلَاق قَالَ الإِمَام وَهَذَا دَلِيل الْوَجْه الأول أَن القَوْل قَول الزَّوْج لِأَن الأَصْل بَقَاء النِّكَاح 1026 - مَسْأَلَة لَو قَالَ لامْرَأَته أردْت أَن أطلقك يكون هَذَا إِقْرَارا بِالطَّلَاق فَيحكم بالوقوع 1027 - مَسْأَلَة إِذا كَانَ لَهُ امْرَأَتَانِ فَقَالَ إِحْدَاكُمَا طَالِق وَنوى وُقُوع الطَّلَاق عَلَيْهِمَا قَالَ لَا تطلق إِلَّا وَاحِدَة مِنْهُمَا لِأَن الَّذِي وجد فِي حق الْأُخْرَى نِيَّة لَا لفظ لَهَا الحديث: 1024 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 682 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ لزوجته أَنْت طَالِق إِن دخلت الدَّار اثْنَتَانِ فَهَذَا تَعْلِيق للطَّلَاق فَلَا يَقع شَيْء مَا لم تدخل فَإِذا دخلت تقع طَلْقَتَانِ وَلَو قَالَ أَنْت طَالِق وَاحِدَة وَإِن دخلت الدَّار اثْنَتَانِ يَقع فِي الْحَال وَاحِدَة وَإِن دخلت الدَّار تقع أُخْرَى فَيكون مَعَ الأول طَلْقَتَانِ وَيحْتَمل أَن يكمل بِالدُّخُولِ ثَلَاث نَظِيره لَو قَالَ أَنْت طَالِق وَاحِدَة وثنتين فَقَالَ بعض أَصْحَابنَا يَقع الثَّلَاث وَقَالَ بَعضهم لَا يَقع الاثنتان 1029 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ لامْرَأَته اكر بنظاره شوى بطلاقي فَأتى بقرد بطاق بِهِ فَصَعدت السَّطْح للنظارة لَا تطلق لِأَن الْغَالِب أَنه يُرَاد بِهِ الْخُرُوج عَن الدَّار للفرش وَالْجمال والمجامع دون هَذَا 1030 - مَسْأَلَة امْرَأَة تعرف بِامْرَأَة مُحَمَّد السَّرخسِيّ زوج كَانَ لَهَا من قبل طَلقهَا فنكحت زوجا آخر وَذَلِكَ الِاسْم لم يزل عَنْهَا قَالَ الزَّوْج الثَّانِي طلقت امْرَأَة مُحَمَّد السَّرخسِيّ ثمَّ انكر قَالَ إِن انكر أصل اللَّفْظ فَشهد الشُّهُود على لَفظه يَقع الطَّلَاق وَإِن أقرّ بِاللَّفْظِ لَكِن قَالَ أردْت غير زَوْجَتي يقبل قَوْله مَعَ يَمِينه وَكَذَلِكَ لَو قَالَ هَذَا اللَّفْظ فِي حَال إِقَامَته يحكم بِوُقُوع الطَّلَاق فَإِن قَالَ عنيت بِهِ غَيرهَا يقبل 1031 - مَسْأَلَة رجل قَالَ لامْرَأَته توبسة طَلَاق زن بهشتم أجَاب رَحمَه الله هُوَ صَرِيح نقع بِهِ الثَّلَاث وَرَأَيْت للشَّيْخ الْقفال إِذا قَالَ بِهِ طَلَاق زن سوكند حورده أم كدحنين كأرني نكتم لَا يكون هَذَا يَمِينا بِالطَّلَاق إنْشَاء بل يكون إِقْرَارا إِن لم يكن حلف بِهِ شَيْئا إِذا فعل الحديث: 1029 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 683 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ لامْرَأَته إِن ضربتك فَأَنت طَالِق فقصد ضرب أُخْرَى أَو ضرب نَفسه فأصابتها قَالَ هُوَ ضَارب بِدَلِيل أَنه يكون قَائِلا فِي مكثه لتجب لَدَيْهِ وَهل يَحْنَث قَالَ فعلى قولي حنث الْمُكْره فَإِن قُلْنَا لَا حنث على الْمُكْره ثمَّ ادّعى أَنِّي كنت أقصد ضرب غَيرهَا أَو ضرب نَفسِي فأصابها لَا يقبل لِأَن الضَّرْب يَقِين وَيحْتَمل أَن يقبل لِأَن الأَصْل بَقَاء النِّكَاح 1033 - مَسْأَلَة لَو أَن رجلا حلف بِالطَّلَاق بِأَن فلَانا خَان فلَانا فِي كرمه بِكَذَا وَلم يبين قَالَ إِن كَانَ غَالب ظن للْحَالِف أَنه قد خانه بذلك الْقدر لَا يَقع 1034 - مَسْأَلَة رجل نَادَى أمه فأجابت فَلم يسمع فَقَالَ إِن لم تجبني أُمِّي فَأَنت طَالِق قَالَ إِن رفعت الْأُم صَوتهَا فِي الْجَواب بِحَيْثُ يسمع فِي تِلْكَ الْمسَافَة لم يَحْنَث وَإِلَّا حنث 1035 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ إِن دخلت على فلَان دَاره فامرأتي طَالِق فجَاء فلَان وَأخذ بِيَدِهِ فَأدْخلهُ قَالَ إِن دخلا مَعًا لم يَحْنَث لِأَنَّهُ لم يدْخل عَلَيْهِ وَإِن دخل فلَان أَولا ثمَّ دخل الْحَالِف حنث لِأَن الأول لَيْسَ بِدُخُول عَلَيْهِ وَإِنَّمَا هُوَ دُخُول مَعَه 1036 - مَسْأَلَة رجل لَهُ زَوْجَة مَمْلُوكَة لإِنْسَان فوكله الْمولى بإعتاقها فَقَالَ لَهَا أَعتَقتك وَنوى الطَّلَاق قَالَ يَقع الطَّلَاق دون الْعتْق لِأَن اللَّفْظ إِذا جعله بنيته كنابة عَمَّا يقبل الكنابة جعل المكنى عَنهُ كالمصرح بِهِ وَلَو وكل الزَّوْج مَوْلَاهَا بتطليقها فَقَالَ الْمولى طلقت وَنوى الْعتْق تعْتق وَلَا تطلق وَلَو قَالَ الْمولى أَعتَقتك وَنوى التَّطْلِيق تطلق بِحكم الْوكَالَة وَلَا تعْتق فِي الْبَاطِن أما فِي الظَّاهِر يحْتَمل أَن تعْتق وَكَذَلِكَ إِذا قَالَ السَّيِّد للزَّوْج أعْتقهَا فَقَالَ طلقت وَنوى بِهِ الْعتْق قَالَ تعْتق فِي الْبَاطِن وَتطلق فِي الظَّاهِر وَلَا يَقع الْعتْق وَالطَّلَاق مَعًا لِأَن اللَّفْظ الْوَاحِد لَا يَنُوب عَن حكمين كَمَا لَو قَالَ لامْرَأَته أَنْت حرَام وَأَرَادَ بِهِ الظِّهَار وَالطَّلَاق تقع وَاحِدَة مِنْهُمَا الحديث: 1033 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 684 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ إِن لم يكن فلَان سرق مَالِي فامرأتي طَالِق وَهُوَ لَا يعرف سَرقته لَا تطلق 1038 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ لامْرَأَته كلما خرجت بِغَيْر إذني فَأَنت طَالِق فَأذن مرّة فَخرجت ثمَّ خرجت بِلَا إِذن طلقت لِأَن كلما للتكرار وَلَو قَالَ الزَّوْج لَهَا كلما خرجت فقد أَذِنت لَك وَكلما أردْت الْخُرُوج فقد أَذِنت لَك أَو أَنْت مأذونة وَجب ان يُقَال إِذا خرجت مرَارًا لَا يَقع لِأَن كلما فِي الْإِذْن للتكرار كَمَا فِي التَّعْلِيق 1039 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ لامْرَأَته الْمَدْخُول بهَا أَنْت طَالِق وَطَالِق وَطَالِق تقع طَلْقَتَانِ باللفظين وَلَو أَرَادَ بِالْبَاقِي التّكْرَار لَا يقبل للمغايرة بَين اللَّفْظَيْنِ وَإِن أَرَادَ بالثالث تكْرَار الثَّانِي يقبل قَوْله وَلَو قَالَ لامْرَأَته أَنْت طَالِق خلية بَريَّة وَنوى الطَّلَاق بالخلية والبرية وَيُرِيد تكْرَار الأول وَجب أَن يقبل كَقَوْلِه أَنْت طَالِق طَالِق بِلَا وَاو وَإِن غاير يبين الْأَلْفَاظ لِأَنَّهُ لم يعْطف كَمَا لَو قَالَ سدس طَلْقَة ثمَّ طَلْقَة وَأَرَادَ التّكْرَار يقبل وَلَو قَالَ سدس طَلْقَة وَثلث طَلْقَة وَثمن طَلْقَة لَا يقبل 1040 - مَسْأَلَة لَو قَالَ لامْرَأَته إِن دخلت الدَّار فَأَنت طَالِق إِن دخلت الدَّار فَأَنت طَالِق قَالَه ثَلَاثًا فَدخل مرّة تنْحَل الْأَيْمَان كلهَا وَلم يَقع شَيْء من الطَّلَاق وَإِن كَانَ قَصده التّكْرَار فَوَاحِدَة وَإِن كَانَ للاستئناف فَثَلَاث وَإِن أطلق فَقَوْلَانِ قَالَ هَذَا فِي الْمَدْخُول بهَا فَإِن كَانَت غير مَدْخُول بهَا فَحَيْثُ قُلْنَا يَقع فِي الْمَدْخُول ثَلَاث طلقات فَفِي غير الْمَدْخُول يَنْبَغِي أَن يكون على وَجْهَيْن كَمَا لَو قَالَ إِن دخلت الدَّار فَأَنت طَالِق وَطَالِق إِلَّا جنح قَالَ عِنْدِي لَا يَقع إِلَّا وَاحِدَة بِخِلَاف مَا لَو قدم الْجَزَاء على الشَّرْط يَقع طَلْقَتَانِ فَلَو قَالَ الزَّوْج أردْت بِكُل لَفْظَة دُخُول آخر قَالَ وَجب أَن يقبل ظَاهرا وَبَاطنا يَقع بِالْأولِ طلقه وَبِالثَّانِي طَلْقَة كَمَا لَو قَالَ أَنْت طَالِق ثَلَاثًا بَعضهم للسّنة وبعضهن للبدعة ثمَّ أردْت فِي الْحَالة طَلْقَة وَاحِدَة وطلقتين فِي الْحَالة الثَّانِيَة يقبل على ظَاهر الْمَذْهَب الحديث: 1038 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 685 @ لِأَن ظَاهر اللَّفْظ مُحْتَمل كَذَلِك هَا هُنَا ظَاهر لَفظه يحمل بِعَدَد الدُّخُول بِخِلَاف مَا لَو قَالَ أَنْت طَالِق ثمَّ قَالَ عنيت عِنْد الدُّخُول لَا يقبل فِي الظَّاهِر لِأَن التَّعْلِيق غير ظَاهر فِي لَفظه 1041 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ لزوجته أَنْت طَالِق للسّنة أَو للبدعة قَالَ لَا يَقع حَتَّى يدْخل عَلَيْهَا الْحَالة الثَّانِيَة فَإِن كَانَت فِي حَالَة سنة فحتى يصير إِلَى حَال الْبِدْعَة وَإِن كَانَت فِي حَال بِدعَة فحتى تصير إِلَى حَال سنة لِأَن حَالَة الأولى الَّتِي هِيَ فِيهِ شكّ وَكَذَلِكَ إِذا قَالَ أَنْت طَالِق الْيَوْم أَو غَدا لَا تطلق إِلَّا بعد مَجِيء الْغَد لِأَن الشَّك يَزُول بمجيء الْغَد كَمَا لَو قَالَ أَنْت طَالِق أَو لَا لم تطلق 1042 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ لامْرَأَته أَنْت طَالِق إِن لم أعطك مَا تسأليني غَدا فَسَأَلته الطَّلَاق فَلم تطلق قَالَ لَا يَحْنَث إِذا قَالَ الزَّوْج لم أرد الطَّلَاق إِنَّمَا أردْت المَال 1043 - مَسْأَلَة إِذا وهب زَوجته من إسنان لَا تطلق إِلَّا أَن يَنْوِي 1044 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ لامْرَأَته طَلِّقِي نَفسك ثَلَاثًا فَطلقت وَاحِدَة يَقع فَلَو رَاجعهَا الزَّوْج فِي الْحَال ثمَّ طلقت نَفسهَا ثَانِيًا وثالثا وَقَالَ لَا يَقع لِأَنَّهُ لَا فرق بَين تطليق نَفسهَا ثَلَاثًا دفْعَة وَاحِدَة أَو قَالَت طلقت نَفسِي وَاحِدَة وَوَاحِدَة وَوَاحِدَة أَو قَالَت وَاحِدَة واثنين فِي أَن الثَّلَاث تقع فتحلل الرّجْعَة من الزَّوْج فنكحها الزَّوْج ثمَّ طلقت الثَّانِيَة قَالَ يُمكن بِنَاؤُه على عود للْيَمِين 1045 - مَسْأَلَة رجل علق طَلَاق امْرَأَته بزنا فلَان وَهُوَ حسن الظَّن بفلان لَا يظنّ أَنه يَزْنِي وَكَانَ فلَانا زنا هَل يلْزمه أَن يُخبرهُ الْحَالِف ام يحفظ السّتْر على نَفسه قَالَ يجب أَن يُخبرهُ سرا 1046 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ خرجت بِغَيْر إذني أَو حَتَّى آذن لَك فَأَنت طَالِق فَأذن لَهَا ثمَّ رَجَعَ ثمَّ خرجت قَالُوا لَا تطلق قَالَ هَذَا صَحِيح فِي قَوْله حَتَّى آذن لَك لِأَنَّهُ للغاية لَهَا وَإِذا قَالَ بِغَيْر إذني فَإِذا رَجَعَ عَن الْإِذْن ثمَّ الحديث: 1041 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 686 @ خرجت فَهُوَ خُرُوج بِغَيْر إِذن وَجب أَن يَقع 1047 - مَسْأَلَة الرّجْعَة رجل قَالَ لامْرَأَته إِن جامعتك فَأَنت طَالِق فغيب الْحَشَفَة ثمَّ رَاجعهَا ثمَّ أتم الْفِعْل قَالَ لِأَن الِابْتِدَاء غير مَمْنُوع عَنهُ فَإِذا غيب الْحَشَفَة وَقع الطَّلَاق فَإِذا رَاجعهَا حل الْوَطْء فإكمال الْفَصْل حَلَال 1048 - مَسْأَلَة إِذا حلف لَا يخرج من الْبَلدة حَتَّى يقْضِي دين فلَان بِالْعَمَلِ فَعمل لَهُ بِبَعْض دينه وَقضى الْبَاقِي فِي مَوضِع آخر ثمَّ خرج قَالَ يَحْنَث وَيَقَع الطَّلَاق إِن كَانَ قد حلف بِالطَّلَاق وَإِن قَالَ عنيت بِهِ أَنِّي لَا أخرج من دينه وأقضيه يقبل قَوْله فِي الْبَاطِن دون الظَّاهِر 1049 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ لأمته إِذا زَوجتك فَأَنت حرَّة فَإِذا زَوجهَا يَصح التَّزْوِيج وتعتق عَقِيبه وَإِن كَانَ التَّزْوِيج من عبد يثبت لَهَا الْخِيَار بِسَبَب الْعتْق وَلَو قَالَ لَهَا فَإِذا زَوجتك فَأَنت حرَّة قبله فَزَوجهَا لَا يَصح التَّزْوِيج وَلَا تعْتق لأَنا لَو صححنا التَّزْوِيج يحْتَاج أَن يعتقها من قبل وَإِذا أعْتقهَا من قبل لَا يَصح تَزْوِيجه إِيَّاهَا وَإِذا قَالَ إِذا زَوجتك فَأَنت حرَّة مَعَ تزويجي إياك قَالَ ذكر أَصْحَابنَا فِي الطَّلَاق إِذا قَالَ بِغَيْر الدُّخُول بهَا أَنْت طَالِق مَعَ طَلْقَة كم يَقع وَجْهَان جعل بَعضهم على التعقيب فعلى هَذَا هَا هُنَا يَصح النِّكَاح وَالصَّحِيح أَنه لَيْسَ على التعقيب بل وقوعهما مَعًا فعلى هَذَا لَا يَصح النِّكَاح وَلَو قَالَ إِذا زَوجتك فَأَنت حرَّة قبله ثمَّ أَذِنت الْأمة فِي تزوويحها ثمَّ زَوجهَا السَّيِّد وَلَا ولي لَهَا بعد الْعتْق بتقواه فَهَل يَصح النِّكَاح يحْتَمل وَجْهَيْن لأَنا إِنَّمَا لم نحكم بِصِحَّة النِّكَاح لِأَنَّهُ لَو صححنا احتجنا أَن نعتقها من قبل وَلَو اعتقناها كَانَ تَزْوِيجهَا بِغَيْر إِذْنهَا من وَليهَا إِذا وجد الْإِذْن بَان انه كَانَ تزويجا بِإِذْنِهَا من وَليهَا الحديث: 1047 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 687 @ لكنه لم يكن بيعا فَهُوَ كَمَا لَو بَاعَ مَال أَبِيه على ظن أَنه حَيّ فَبَان مَيتا فِي صِحَة البيع قَولَانِ 1050 - مَسْأَلَة الْإِيلَاء إِذا قَالَ وَالله لَا أجامعك إِلَّا فِي حَال حيضك أَو حَال موتك أَو إحرامك أَو إِلَّا فِي الْمَسْجِد أَو نفي نَهَار رَمَضَان فَهُوَ مولي لِأَن الْوَطْء محرم فِي هَذِه الْأَحْوَال أَو عَلَيْهَا الِامْتِنَاع وَيضْرب الْمدَّة وَبعد مُضِيّ الْمدَّة يضيق الْأَمر عَلَيْهِ فَإِن فَاء فِي حَالَة الْحيض أَو فِي شَيْء من هَذِه الْأَحْوَال لَا يرْتَفع الْيَمين وَلَكِن يرْتَفع التفسيق لارْتِفَاع المضارة ثمَّ يضْرب الْمدَّة ثَانِيًا لبَقَاء الْيَمين كَمَا لَو ضيقنا الْأَمر على الْمولي فَطلق سقط عَنْهَا التفسيق فَإِن رَاجع لَا يضيق الْأَمر عَلَيْهِ فِي الْحَال بل تضرب الْمدَّة لبَقَاء الْيَمين ثمَّ بعد يَمِينهَا يضيق الْأَمر عَلَيْهِ ثَانِيًا 1051 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ إِن قربتك فَللَّه عَليّ صَوْم هَذَا الشَّهْر أَو إِن كلمت فلَانا فَللَّه عَليّ صَوْم هَذَا الشَّهْر وَقد بَقِي من الشَّهْر نصف يَوْم فَهُوَ لَغْو كَمَا لَو نذر صَوْم نصف يَوْم لَا ينْعَقد نَذره فَإِن قبل إِذا قُلْتُمْ لي فِي بلد اللحاح كَفَّارَة الْيَمين وَجب أَن يُؤَدِّي يَوْمًا هَا هُنَا قُلْنَا إِنَّمَا يجب فِي بلد اللحاح كَفَّارَة الْيَمين إِذا الْتزم قربَة وَصَوْم نصف الْيَوْم لَيْسَ بقربة فَهُوَ كَمَا لَو قَالَ إِن كلمت فلَانا فَللَّه عَليّ أَن أنظر أَو أبني لَا يكون شَيْئا فَإِنَّهُ قيل وَجب أَن يَبْنِي على مَا نذر صَوْم الْيَوْم الَّذِي يقدم فِيهِ فلَان قُلْنَا ثمَّة إِذا قدم نَهَارا هَل يلْزمه قَولَانِ احدهما لَا يلْزم وَإِن قُلْنَا يلْزمه يصير كَأَنَّهُ قَالَ عَليّ صَوْم الْيَوْم الَّذِي يتَصَوَّر فِيهِ قدوم فلَان فَيكون مُلْتَزما صَوْمه من أَوله وَهَا هُنَا لَو نذر نصف الْيَوْم لَا يَصح أَن يَجْعَل كَذَلِك 1052 - مَسْأَلَة إِذا آلى عَن زَوجته وَمَضَت مُدَّة الْإِيلَاء وَأمره القَاضِي بالفيء أَو التَّطْلِيق فَامْتنعَ عَنْهَا وَأَرَادَ القَاضِي أَن يُطلق الْمَرْأَة هَل يشْتَرط حُضُور الْمولي قَالَ لَا يشْتَرط حُضُور الْمولي كَأَنَّهُ امْتنع عَنْهُمَا ثمَّ عَن الْمجْلس وَطلبت الْمَرْأَة التَّطْلِيق طَلقهَا القَاضِي وَلَو شهد شَاهِدَانِ على أَن فلَانا آلى عَن امْرَأَته وَمَضَت أَرْبَعَة أشهر وَهُوَ مُمْتَنع عَن الْفَيْء والتطليق هَل للْقَاضِي أَن يطلقهَا الحديث: 1050 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 688 @ بِهَذِهِ الْبَيِّنَة أم لَا بُد من امْتِنَاعه بَين يَدَيْهِ وَفِي الْمَسْأَلَة الأولى قد امْتنع بَين يَدَيْهِ ثمَّ غَابَ وَلَو عضل الْوَلِيّ عَن التَّزْوِيج هَل يشْتَرط الحضارة مجْلِس الحكم حَتَّى يفصل بَين يَدي القَاضِي ثمَّ يُزَوّج القَاضِي أم يَكْتَفِي شَاهِدَانِ على أَنه عاضل قَالَ لَا يَكْتَفِي أَن يشْهد أَن شَاهِدَانِ على عضله حَتَّى يمْتَنع بَين يَدَيْهِ فَإِن تعذر إِحْضَاره بتمرد أَو توارى أَو غَابَ حِينَئِذٍ يحكم عَلَيْهِ بالعضل بِشَهَادَة الشُّهُود كَمَا لَو أدعى مَالا وَادّعى أَنه مُمْتَنع عَن إوائه لَا يَأْخُذ من مَاله حَتَّى يحضر فَيمْتَنع أَو عسر إِحْضَاره حِينَئِذٍ يَأْخُذ وَيحْتَمل أَن يُقَال يحكم بِالْفَصْلِ بِشَهَادَة الشُّهُود مَعَ إِمْكَان الْإِحْضَار بِخِلَاف امْتنَاع الْمولي عَن الْفَيْء وَالْفرق أَن الْوَاجِب على الْمولي الْفَيْء وَهُوَ أَمر لَا يجْرِي فِيهِ الْإِنَابَة وَقد يكون لَهُ عذر فِي الِامْتِنَاع عَن الْفَيْء فَمَا لم ينتف قصد المضارة بالامتناع بَين يَدَيْهِ لَا تطلق عَلَيْهِ فَإِذا وجد طلق دفعا للمضارة بِدَلِيل أَنه إِذا غَابَ عَنْهَا مُدَّة مديدة لكنه لم يحلف على الِامْتِنَاع عَن الْوَطْء لم يكن للْقَاضِي تطليقها عَلَيْهِ وَفِي الْفَصْل الْوَاجِب على الْوَلِيّ تَزْوِيجهَا بِدَلِيل أَنه إِذا غَابَ غير مُمْتَنع القَاضِي تزوج لِأَنَّهُ أَمر توجه عَلَيْهِ لَهَا على الْوَلِيّ وَقد تعذر وصولها إِلَيْهِ فَالْقَاضِي يَنُوب منابة فِي إِيفَاء حَقّهَا مِنْهُ وَالْأول أصح وَأولى 1053 - الظِّهَار من مَسْأَلَة إِذا قَالَ أعتق عَبدك مني على ألف فَقَالَ أعْتقهُ عَنْك مجَّانا قَالَ حكمه حكم من قَالُوا تبدأ هَا هُنَا الْكَلِمَة من قبل نَفسه يعْتق عَن الْمُعْتق لَا عَن السَّائِل الْعدة إِذا طلق امْرَأَته طَلَاقا رَجْعِيًا وَكَانَ يخالطها ويعاشرها لَا يحكم يانقضاء عدتهَا إِلَّا أَن تكون عدتهَا بِوَضْع الْحمل فالوضع ينْقض أما البائنة لَا يمْتَنع انْقِضَاء عدتهَا بالمخالطة لَا بِالْوَطْءِ لِأَنَّهُ زنا قَالَ شَيخنَا رَضِي الله عَنهُ وَلَعَلَّ امْتنَاع انْقِضَاء الْعدة فِي حق الرَّجْعِيَّة من حَيْثُ أَن الزَّوْج يستفرشها كَمَا لَو نكحت الْمُعْتَدَّة زوجا آخر فِي عدتهَا فزمان اشتغالها بِالزَّوْجِ الثَّانِي واشتغاله بهَا واستفراشه لَا يحْسب عدَّة الأول إِلَّا أَن تكون عدتهَا بِوَضْع الْحمل فتنقض بِالْوَضْعِ قَالَ على هَذَا لَو طَلقهَا ثَانِيًا فنكحها الْمُطلق على تَقْدِير أَن الْعدة قد الحديث: 1053 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 689 @ انْقَضتْ ونكحت هِيَ زوجا آخر وَإِذن عدتهَا مِنْهُ غير منقضية وَلَا هِيَ نكحت زوجا غَيره يَنْبَغِي أَن يُقَال زمَان استفراشه لَا يحْسب عَن عدته كزمان استفراش الرَّجْعِيَّة وكزمان استفراش الْغَيْر إِذا كَانَ يُبَاشر الرَّجْعِيَّة معاشرة الْأزْوَاج قَالَ أَصْحَابنَا لَا يحكم بِانْقِضَاء الْعدة وَإِن مَضَت بهَا أَقراء وَله الرّجْعَة قَالَ وَالَّذِي عِنْدِي أَنه لَا يحكم بِانْقِضَاء الْعدة وَلَكِن بعد مُضِيّ الإقراء لَا رَجْعَة بِالِاحْتِيَاطِ فِي الْجَانِبَيْنِ كَمَا لَو وطىء الرَّجْعِيَّة بعد قرء وَعَلَيْهَا من وَقت الْوَطْء عَلَيْهِ أَن تَعْتَد بِثَلَاثَة اقراء فِي الْقُرْء الثَّالِث لَا يجوز لَهُ مراجعتها وكما أَن عِنْد أبي حنيفَة الْخلْوَة توجب الْعدة وَلَا تثبت الرّجْعَة وَهَذَا الْآن تَحْرِيم النِّكَاح وابقاء حكم الْعدة من حَيْثُ أَنه يبعد أَن يكون امْرَأَة على حكم فرَاش حَبل يعاشرها معاشرة الْأزْوَاج ثمَّ تخرج وتتزوج فِي الْحَال وَتَحْرِيم الرَّجْعِيَّة لحقيقة انْقِضَاء الْعدة 1054 - مَسْأَلَة رجل طلق امْرَأَته فِي حَال السكر يَقع فَلَو لم يعلم بِالطَّلَاق فَغَاب فَتزوّجت الْمَرْأَة فِي غيبته بعد انْقِضَاء عدتهَا ورحل بهَا الزَّوْج الثَّانِي وَطَلقهَا ثمَّ عَاد الأول بَعْدَمَا مضى بهَا قراءن من عدَّة الثَّانِي فوطئ الزَّوْجَة وَعِنْده أَنَّهَا زَوجته قَالَ لَا يَنْقَطِع بِهَذَا الْوَطْء عدَّة الزَّوْج الثَّانِي إِلَّا أَن تحبل فَتقدم عدَّة الْحمل وَإِن لم تحمل تكمل عدَّة الزَّوْج الثَّانِي ثمَّ تَعْتَد عَن الأول بِسَبَب الْوَطْء وَإِذا غَابَ الزَّوْج الأول بعد هَذَا مُدَّة انْقَضتْ عدتهَا عَن الزَّوْجِيَّة بِحَسب وَإِن كَانَ عِنْد الزَّوْج الأول أَنَّهَا فِي نِكَاحه وَلَيْسَ كَالْمَرْأَةِ تنْكح فِي الْعدة عَن الْغَيْر فَدخل بهَا زمَان انشغالها بِالزَّوْجِ الثَّانِي لَا تحسب عَن مُدَّة الأول عِنْدهَا إِنَّمَا فِي نِكَاح الثَّانِي فَهِيَ معرضة عَن عدَّة الزَّوْج وَهَا هُنَا الْمَرْأَة غير عَالِمَة أَنَّهَا غير حَلَال للزَّوْج الأول 1055 - مسزلة إِذا اشْترى زَوجته الْأمة وارتفع النِّكَاح فَأَتَت بِولد إِلَى أَربع سِنِين يلْحقهُ بِحكم النِّكَاح وَلَو وَطئهَا بعد ملكهَا فَأَتَت بِولد لأكْثر من سنة لشهر من وَقت الْوَطْء يلْحقهُ لملك الْيَمين فَلَو وَطئهَا بِملك الْيَمين واستبرأها ثمَّ أَتَت بِولد لأكْثر من سِتَّة أشهر من وَقت الِاسْتِبْرَاء لَا يلْحقهُ بِملك الْيَمين فَإِن الحديث: 1054 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 690 @ وَجب أَن لَا يلْحقهُ أَيْضا بِملك النِّكَاح وَإِن كَانَ لمدون أَربع سِنِين لِأَن فرَاش ملك الْيَمين قطع حكم فرَاش النِّكَاح فَلَا يُمكنهُ نفي الْوَلَد إِلَّا بِمَا يبقي ملك الْيَمين وَهُوَ الِاسْتِبْرَاء كَمَا لَو نكحت زوجا آخر بعد الْعدة فَأَتَت بِولد نَفَاهُ الثَّانِي بِاللّعانِ لِأَنَّهُ من الأول 1056 - مَسْأَلَة الصَّغِيرَة إِذا أَتَت بِولد ونفست وَلم تحضر قطّ فعدتها بِالْأَشْهرِ وَلَا يَجْعَل النّفاس كالحيض فِي أَن يَجْعَلهَا من ذَوَات الْأَقْرَاء 1057 - مَسْأَلَة إِذا وطِئت امرأه بِالشُّبْهَةِ وَهِي فِي نِكَاح الْغَيْر وكامل من الزَّوْج الأول قَالَ لَا تجب مُدَّة الْحمل من عدَّة الْوَطْء وَإِن لم يكن هِيَ فِي هَذِه الْحَالة فِي عدَّة لِأَن رَحمهَا مَشْغُول جَاءَ مُحْتَرم فَلَا يكون زَمَانه محسوبا عَن عدَّة الْغَيْر 1058 - مَسْأَلَة إِذا وطِئت امْرَأَة بِالشُّبْهَةِ وَهِي فِي نِكَاح الْغَيْر يجب عَلَيْهَا الْعدة وَلَا يجوز للزَّوْج وَطئهَا فِي عدَّة الْوَطْء وَهل يجوز سَائِر أَنْوَاع الِاسْتِمْتَاع من الْقبْلَة واللمس بالشهوة قَالَ يحْتَمل وَجْهَيْن بِنَاء على أَن المسبية هَل يجوز لليد فِي زمَان الِاسْتِبْرَاء هَذِه الاستمتاعة لِأَن ثمَّة كَونهَا حاملة عَن الْأُخْرَى لَا تمنع الْملك المشتراه كَذَلِك هَا هُنَا وَطْء الشُّبْهَة لَا يعْدم ملك الزَّوْج وَسُئِلَ مرّة عَن هَذِه الْمسَائِل فَقَالَ لَا يجوز هَذِه الاستمتاعة بالمعتدة وَجها وَاحِدًا بِخِلَاف المسبية لِأَن ثمَّة لَا حُرْمَة لَهَا كالكافرة أصلا وَهَا هُنَا مَا هَذَا الْوَطْء مُحْتَرم نَظِير المسبية من مَسْأَلَتنَا الْمَنْكُوحَة إِذا زنت فحبلت لَا يجوز للزَّوْج وَطئهَا وَهل تجوز سَائِر الاستمتاعات وَجْهَان وَسُئِلَ هَل يجب على الزَّوْج نَفَقَة الْمَنْكُوحَة فِي زمَان عدَّة الشُّبْهَة قَالَ لَا يجب لِأَنَّهَا مَشْغُولَة بِحَق الْغَيْر باختيارها 1059 - مَسْأَلَة أم الْوَلَد إِذا مَاتَ سَيِّدهَا أَو أعْتقهَا وَهِي فِي نِكَاح زوج أَو عدته لَا اسْتِبْرَاء عَلَيْهَا عَن السَّيِّد فَإِن كَانَت فِي عدَّة وطىء الشُّبْهَة يكون هَكَذَا الِاسْتِبْرَاء عَلَيْهَا الحديث: 1056 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 691 - مَسْأَلَة اشْترى جَارِيَة فَوَطِئَهَا قبل الِاسْتِبْرَاء وأجلها يجوز لَهُ أَن يعود إِلَى وَطئهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئهَا ثمَّ إِن كَانَت لَا ترى الدَّم على الْحَبل حَتَّى يضع الْحمل ويمضي مُدَّة الِاسْتِبْرَاء قَالَ لحيضة بِمَعْنى بهَا وَإِن كَانَت ترى الدَّم على الْحَبل إِن لم يَجعله حيضا هَكَذَا وَإِن جَعَلْنَاهُ حيضا قَالَ أمضت بهَا حَيْضَة على الْحَبل جَازَ لَهُ وَطئهَا بعد وَلَا يَجْعَل كالعدتين بَين شَخْصَيْنِ لَا يتداخلان لِأَن الْوَطْء هَا هُنَا لَا يُوجب الْعدة لَا عفاء فِي الْملك إِنَّمَا عَلَيْهِ اسْتِبْرَاء وَقد حصل بِمَعْنى حَيْضَة الرَّضَاع إِذا ادَّعَت الْأمة أَن بَينهَا بَين سَيِّدهَا نسب لَا يقبل فِي حكم مَا وَالْفرق أَن النّسَب أصل يبْنى عَلَيْهِ أَحْكَام كَثِيرَة من الوصايات كلهَا أهم وَأعظم من أَمر التَّحْرِيم فَلَمَّا ثَبت بقول الْمَمْلُوك الْحَضَانَة 1061 - مَسْأَلَة يُخَيّر الْمَوْلُود بَين أَبَوَيْهِ بعد سبع سِنِين وَكَذَلِكَ يُخَيّر بَين الْأُم وَالْعم فَإِن قيل يُخَيّر بَين نسَاء الْأَقَارِب إِذا اجْتمعت أَو يكون أقربهن أولَاهُنَّ كَمَا فِي حَال الطفولية قَالَ لَا يُخَيّر بَين النِّسَاء قربهن أولَاهُنَّ لِأَنَّهُ لَا حق لَهُنَّ فِي النقلَة 1062 - مَسْأَلَة إِذا جعلنَا الْأُم أولى بحضانة الْوَلَد فِي السّفر وَله أَخَوان فَأَرَادَ الِانْتِقَال إِلَى مَسَافَة الْقصر فلهَا حمل الْوَلَد مَعَ نَفسهَا لحفظ نَسَبهَا فَلَو أَرَادَ أحد الْأَخَوَيْنِ الِانْتِقَال إِلَى جِهَة وَالْأُخْرَى إِلَى أُخْرَى وكل مَسَافَة الْقصر يفرغ بَينهمَا وَإِن كَانَ أحد المسافتين أقرب وَإِن كَانَ لَهُ أَخَوان أَحدهمَا يُرِيد الِانْتِقَال وَالْآخر يُقيم وَأَحَدهمَا يُرِيد الِانْتِقَال إِلَى مَسَافَة الْقصر وَالْآخر إِلَى أقل فَلَا ينتزع الْوَلَد من الْأُم لِأَنَّهُ مَحْفُوظ بالأخ الْحَاضِر 1063 - مَسْأَلَة إِذا طالع على كَفَالَة الْوَلَد إِنَّمَا يجوز إِذا كَانَ الْوَلَد خَارِجا أما قبل الْخُرُوج فَلَا يجوز الحديث: 1061 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 692 @ بَاب النَّفَقَات إِذا كَانَت الْأُم معسرة وَلها ولد طِفْل وَله مَال هَل لَهَا أَخذ نَفَقَتهَا من مَال وَلَدهَا الطِّفْل أجَاب لَا يجوز إِلَّا بِإِذن القَاضِي وَإِن كَانَت الْأُم قيمَة أَيْضا لَا يجوز إِلَّا بِإِذن القَاضِي 1064 - مسإلة وَسُئِلَ عَن طِفْل لَهُ مسكن وَلَا مَال لَهُ سواهُ وَأَبوهُ مُوسر هَل يُبَاع مَسْكَنه أَو يُؤْخَذ الْأَب بِنَفَقَتِهِ قَالَ يُبَاع مَسْكَنه وَلَا تجب نَفَقَته على الْأَب مَا دَامَ لَهُ مسكن فَإِذا بيع الْمسكن وَاتفقَ عَلَيْهِ وَلم يبْق مَال حِينَئِذٍ على الْأَب نَفَقَته 1065 - مَسْأَلَة الْمَوْلُود لَا يُخَيّر بَين نسَاء الْقَرَابَة وَقَالَ التَّخْيِير بَين الْأُم وَسَائِر العصابات أما بَين النِّسَاء فَلَا يُخَيّر 1066 - أم كسوبة لَا مَال لَهَا وَلها ولد مُعسر هَل تجب نَفَقَة الْوَلَد فِي كسبها قَالَ يجب إِذا غَابَ الْأَب وجد الطِّفْل حَاضر مُوسر قَالَ النَّفَقَة على الْأَب تستدان عَلَيْهِ الْمُعْتَدَّة الْحَامِل تسْتَحقّ من النَّفَقَة والإدام وَالْكِسْوَة مَا يَسْتَحِقهَا الْمُلُوك وَكَذَلِكَ نَفَقَة الْخَادِم وَإِذا خرج الرجل إِلَى سفر طَوِيل قَالَ لامْرَأَته أَن تطالبه نَفَقَتهَا لمُدَّة ذَهَابه ورجوعه لَا يخرج إِلَى الْحَج حَتَّى يتْرك لَهَا هَذَا الْقدر 1067 - مَسْأَلَة صبية بلغت ثَمَان سِنِين وَهِي تعقل عقل مثلهَا وافترق أَبوهَا وزوجت الْأُم زوجا وَهِي تخْتَار الْأَب وَلَا تُرِيدُ الْأُم قَالَ الْأَب أولى لِأَنَّهُ لَا حق للْأُم فِي الْحَضَانَة إِذا نكحت وَإِن اختارتها الْبِنْت لَا عِبْرَة باختيارها 1068 - مَسْأَلَة إِذا عسر الزَّوْج بِالنَّفَقَةِ فرضيت فلهَا الْفَسْخ بعدة وَلَكِن فِي ذَلِك الْيَوْم لَا تفسخ وَفِي الْيَوْم الثَّانِي تكن على أَنه هَل يُمْهل الْمُعسر وَفِيه اخْتِلَاف الحديث: 1064 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 693 - مَسْأَلَة إِذا امْتنع الزَّوْج عَن أَدَاء النَّفَقَة هَل لَهَا الْفَسْخ فِيهِ قَولَانِ وَالْأَظْهَر لَيْسَ لَهَا ذَلِك وَكَذَلِكَ إِذا كَانَ الزَّوْج غَائِبا هَل لَهَا الْفَسْخ بِسَبَب الْإِعْسَار قَالَ لَو كَانَ لأَقل من مَسَافَة الْقصر لَيْسَ لَهَا الْفَسْخ وَإِذا كَانَ فِي مَسَافَة الْقصر لَهَا الْفَسْخ قَالَ الإِمَام وَالْفرق بَين مَا إِذا كَانَ الزَّوْج غَائِبا فَلَا فسخ وَإِذا كَانَ مَاله غَائِبا ثَبت الْفَسْخ هُوَ أَنه إِذا كَانَ الزَّوْج غَائِبا فالعجز وجد فِي الْمَرْأَة عَن أَخذ النَّفَقَة لَا فِي الزَّوْج لِأَنَّهُ قَادر على إبقائها وَإِذا كَانَ المَال غَائِبا فالعجز فِي الزَّوْج لَا فِي الْمَرْأَة كالمعسر وَكَذَلِكَ فِي الممتع الْعَجز فِي الْمَرْأَة لَا فِيهَا فَصَارَ هَذَا كَمَا إِذا كَانَت الْمَرْأَة صَغِيرَة لَا نَفَقَة لَهَا لِأَن الْعذر من قبلهَا وَإِن كَانَ الزَّوْج صَغِيرا لَهَا النَّفَقَة لِأَن الْعذر من جِهَته كتاب الْجراح 1070 - مَسْأَلَة رجل لَهُ عَبْدَانِ قتل أَحدهمَا صَاحبه للْمولى أَن يقْتَصّ فَإِن عَفا لَا يثبت المَال فَإِذا أعْتقهُ لَا يسْقط الْقصاص فَلَو عَفا بعده مُطلقًا لَا تثبت الدِّيَة لِأَن الْقَتْل لم يُثبتهُ وَلَا شَيْء على أَن مُطلق الْعَفو هَل يُوجب المَال وَلَو عَفا بعد أَن أعْتقهُ عَن الْقصاص على مَال آخر وعَلى عبد مَوْصُوف فَقيل بنت 1071 - مَسْأَلَة رجل قطع يَدي رجل إِحْدَاهمَا عمد وَالْأُخْرَى خطأ فَمَاتَ مِنْهُمَا لَا يجب الْقصاص فِي النَّفس بل يجب نصف الدِّيَة مخفضة على قَاتله وَنِصْفهَا مُغَلّظَة فِي مَاله وَهُوَ أَن الْوَلِيّ استوفى الْقصاص من الطّرف الَّذِي قطعه عمدا فسرى إِلَى النَّفس قَالَ صَار مُسْتَوْفيا لجَمِيع حَقه وَلَا شَيْء على الْعَاقِلَة وَجعل كَأَن الْوَلِيّ استوفى الْحق الَّذِي كَانَ لَهُ على الْعَاقِلَة من غَيره كَمَا يثبت لَهُ الْقصاص على رجل قتل من عَلَيْهِ الْقصاص خطأ كَانَ مُسْتَوْفيا حَده لَو كَانَ قتل الْخَطَأ يُوجب الدِّيَة على الْعَاقِلَة 1072 - مَسْأَلَة رجل قطع إِحْدَى يَدي عبد فَعتق ثمَّ مَاتَ بِالسّرَايَةِ الحديث: 1070 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 694 @ فَيجب على الْجَانِي دِيَة كَامِلَة للسَّيِّد مِنْهُمَا فِي أصح الْقَوْلَيْنِ الأولى من نصف قِيمَته أَو كَمَال دينه وَلَو قطع إِحْدَى يَدي عبد ثمَّ عتق ثمَّ جَاءَ قبل الِانْدِمَال وجز رقبته قَالَ هَذَا بينى على من قطع يَد رجل ثمَّ قبل الِانْدِمَال جز رقبته هَل يدْخل بدل الطّرف فِي بدل النَّفس يرتب على مَا كَانَ عمدين أَو خطأين هَذَا قَول الْأَصْحَاب جِئْنَا إِلَى مَسْأَلَة العَبْد يعْتق فَإِن قُلْنَا بدل الطّرف لَا يدْخل فِي بدل النَّفس عِنْد الِاخْتِلَاف فها هُنَا على الْجَانِي دِيَة كَامِلَة للْوَرَثَة وَنصف قيمَة العَبْد للسَّيِّد وَإِن قُلْنَا يدْخل يجب عَلَيْهِ دِيَة وَاحِدَة وَللسَّيِّد مِنْهَا الْأَقَل من نصف قيمَة العَبْد أَو نصف دِيَته كَمَا لَو قطع يَده عبد فَعتق ثمَّ قطع يَده الْأُخْرَى وَمَات مِنْهُمَا فَعَلَيهِ الدِّيَة وَللسَّيِّد الْأَقَل من نصف قِيمَته أَو نصف دِيَته لِأَن جُزْء الرَّقَبَة بعد الْحُرِّيَّة لَا تجْعَل أقل من قطع الْيَد بعد الْحُرِّيَّة 1073 - مَسْأَلَة لَو قطع رجل يَد إِنْسَان وجز رجل آخر رقبته وَوَقعت حَيا بَينهمَا مَعًا قَالَ على جَازَ الرَّقَبَة دِيَة كَامِلَة وعَلى قَاطع الْيَد نصف الدِّيَة كَمَا لَو تفَرقا وَهُوَ أَن يقطع يَد إِنْسَان ثمَّ قبل الِانْدِمَال جَاءَ آخر وجز رقبته يجب على قَاطع الْيَد نصف الدِّيَة وعَلى جَازَ الرَّقَبَة دِيَة كَامِلَة وَلَو رمى مَجُوسِيّ وَمُسلم سَهْمَيْنِ إِلَى صيد فَأصَاب سهم الْمُسلم المذبح وَسَهْم الْمَجُوسِيّ يَمِين المذبح فالصيد حَلَال وَإِن أصَاب فالصيد لمن يكون قَالَ إِن لم تكن إِصَابَة الْمَجُوسِيّ مزمنة فالصيد للْمُسلمِ وَإِن كَانَ مزمنا فالصيد بَينهمَا لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا وجد سَهْما يُوجب الْملك فاستويا فِيهِ وَالصَّيْد حَلَال لِأَن الْمَجُوسِيّ لم يُشَارِكهُ فِي الذّبْح إِنَّمَا يُشَارِكهُ فِي الإزمان 1074 - مَسْأَلَة إِذا أكره العَبْد على إِتْلَاف مَال إِنْسَان فَفعل إِن قُلْنَا الكره لَا يكون طَرِيقا فَيتَعَلَّق الضَّمَان بِجَمِيعِ مَال السَّيِّد وَلَا يتَعَلَّق بِرَقَبَة العَبْد الحديث: 1073 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 695 @ وَإِن قُلْنَا الْمُكْره يكون طَرِيقا فَيتَعَلَّق بِرَقَبَة العَبْد وبجميع مَال السَّيِّد 1075 - مَسْأَلَة رجل حفر بِئْر عدوان ثمَّ سد رَأسه ثمَّ جَاءَ آخر وَفتح فَوَقع فِيهَا شَيْء فَتلف قَالَ الضَّمَان يجب على من فتح رَأسه وَلَو جَاءَ محتسب فسد رَأسهَا ثمَّ جَاءَ آخر وَفتح فعلى الثَّالِث كَمَا لَو طمه فجَاء آخر وَأخرج التُّرَاب مِنْهُ 1076 - مَسْأَلَة رجل طرح إنْسَانا فَأذْهب مُبَاشَرَته بِأَن جعله عنينا فَعَلَيهِ الْحُكُومَة وَإِن صَار ذكره لَا يَتَحَرَّك فديَة وَإِن أذهب مَاء فَذَلِك وَإِن كَانَ يتقابلان فِي مَاء أَحدهمَا صَاحبه فَكَذَلِك وَإِن سقط بصولته لَا يجب شأ وَإِن سقط بصولته وضربه فَنصف الضَّمَان 1077 - مَسْأَلَة من روى خَبرا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقتل القَاضِي بِهِ رجلا ثمَّ رَجَعَ قَالَ يَنْبَغِي أَن يجْبر القَوْل إِذا قَالَ تعمت كالشاهد إِذا رَجَعَ وَلَو شهدُوا على الزِّنَا فرجم سم رجعُوا قَالَ يَسْتَوْفِي الْقصاص من الشَّاهِد بطرِيق الْجلد 1078 - مَسْأَلَة إِذا صَاح بِدَابَّة إِنْسَان أَو هيجها بِثَوْبِهِ فَسَقَطت فِي مَاء أَو وَحل فَهَلَكت يجب الضَّمَان كَمَا لَو صَاح بصبي فَمَاتَ وَإِن كَانَ على ظهرهَا إِنْسَان فَسقط من فَوْقهَا فَالدِّيَة على عَاقِلَته لِأَنَّهُ مسبب وَلَو خرج من وَرَائه ليقرب مِنْهُ لم يضمن لِأَنَّهُ يتَصَرَّف فِي ملكه 1079 - مَسْأَلَة رجل شدّ عَبْدَيْنِ لَهُ حبلي بَعِيرَيْنِ أَحدهمَا بالأخر ليركبهما فِي المسرح وَفِي المسرح بعير فَدخل بَينهمَا فَهَلَك أحد الْعَبْدَيْنِ من شدَّة الْحَبل قَالَ لَا ضَمَان على صَاحب الْبَعِير إِذا لم يكن مَعَه إِلَّا أَن يكون مَعْرُوفا فِي القص والقص فَيضمن إِذا هلك بَعْضهَا 1080 - مَسْأَلَة الْوَكِيل فِي اسْتِيفَاء الْقصاص إِذا قَالَ قتلته عَن جِهَة نَفسِي لَا عَن جِهَة موكلي قَالَ عَلَيْهِ الْقصاص وَحقّ الْوَلِيّ فِي تَركه الْمَقْتُول الحديث: 1075 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 696 - مَسْأَلَة إِذا أقرّ وَقَالَ إِنِّي قتلت أحد هذَيْن الرجلَيْن فَادّعى عَلَيْهِ ولي أَحدهمَا فَأنْكر وَحلف بتعين إِقْرَاره فِي حق الْوَلِيّ 1082 - مَسْأَلَة إِذا أقرّ بقتل خطأ وكذبته الْعَاقِلَة فَالدِّيَة فِي مَاله فَإِن لم يكن لَهُ عَاقِلَة قَالَ إِن صدقه السُّلْطَان فَالدِّيَة فِي بَيت المَال وَإِن كذبه فَفِي مَاله قَالَ وَإِن كَذبته الْعَاقِلَة وَهُوَ مُوسر لَا يجب فِي بَين المَال وَكَذَلِكَ لَو كَانَ مُعسرا لِأَن مَا يجب الِاعْتِرَاف لَا يجْرِي فِيهِ التحميل إِلَّا بالتضيق مِمَّن عَلَيْهِ وَالَّذِي عَلَيْهِ الْعَاقِلَة وهم لم يصدقوه وَإِن انقرضت الْعَاقِلَة ثمَّ صدقه السُّلْطَان هَل يجوز أَن يُوجد من بَيت المَال وَلَو كَانَت عَاقِلَة أقَارِب وأباعد وَفِي الْأَقَارِب وَفَاء فكذبته الْأَقَارِب وصدقته الأباعد فَإِن مَاتَ الْأَقَارِب فَهَل يُؤْخَذ من الأباعد فِيهِ أَقْوَال 1083 - مَسْأَلَة اسْتَأْجر رجلا للزَّرْع فَسرق الْأَجِير شَيْئا من الْحِنْطَة وخبأها تَحت التِّبْن فمالك الأَرْض أرسل دَابَّته فِي التِّبْن ليَأْكُل فَأكلت الْحِنْطَة فَهَلَكت قَالَ الا يضمن الْأَجِير كمن دخل دَار إِنْسَان فَجعل السم فِي طَعَام صَاحب الدَّار فَأَكله صَاحب الدَّار فَهَلَك فضمان النَّفس لَا يجب على من جعل السم فِيهِ 1084 - مَسْأَلَة من نصفه حر وَنصفه رَقِيق إِذا قتل إنْسَانا خطأ يجب نصف الدِّيَة على عَاقِلَته وَله عَاقِلَة يتحملون نصف عقله نسبيا كَانَ أَو معتقا 1085 - مَسْأَلَة إِذا وَجب الْقصاص على مُرْتَد فَقتله من لَهُ الْقصاص فقد استوفى حَقه وَإِن قَتله من لَهُ الْقصاص عَن الرِّدَّة فقد سقط حق من لَهُ الْقصاص 1086 - مَسْأَلَة عبد أتلف مَال إِنْسَان ثمَّ أعْتقهُ مَوْلَاهُ فَسَوَاء علم بإعتاقه أَو لم يعلم يجب الضَّمَان على الْمولى لِأَنَّهُ كَانَ مُتَعَلقا بِرَقَبَتِهِ وَقد أتلف السَّيِّد بِالْإِعْتَاقِ رقبته فَيجب الضَّمَان عَلَيْهِ 1087 - مَسْأَلَة رجل حفر بِئْر عدوان فتردت فِيهَا بَهِيمَة فَلم يصبهَا أَذَى الحديث: 1082 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 697 @ لَكِنَّهَا بقيت فِيهَا أَيَّامًا فَهَلَكت جوعا وعطشا قَالَ لَا ضَمَان على الْحَافِر بحدوث سَبَب آخر سوى التردي فِي الْبِئْر وَكَذَلِكَ لَو جَاءَ سبع فَأَكله فِي الْبِئْر لَا ضَمَان على الْحَافِر 1088 - مَسْأَلَة إِذا كَانَ جَالِسا فِي مَسْجِد فَدخل فصدمته قَالَ لَا يضمن الصادم دِيَة الْجَالِس وَكَذَلِكَ إِذا جلس للصَّلَاة أَو معتكفا أَو لطاعة فَأَما إِذا جلس فِي فرَاغ عِنْد الْمَسْجِد من كَلَام أَو جِنَايَة فَهُوَ الْجَانِي لَا يضمن الصادم دِيَته وَإِن مَاتَ الصادم يضمن هُوَ دِيَته على عَاقِلَته 1089 - مَسْأَلَة إِذا قطع الطَّرِيق على وَاحِد فَهُوَ كَمَا لَو قطع الطَّرِيق على جمَاعَة 1090 - مَسْأَلَة رجل ضرب يَد عبد وجرحه ثمَّ داواه جَزَاء وَلم يبْق أثر فَهَل يجب أجر مثل الْمدَّة الَّتِي كَانَ عَاجِزا عَن الْكسْب قَالَ وَجب أَن يجب بِخِلَاف مَا لَو جرح حرا فيفي عَن الْكسْب لِأَن الْحر لَا يضمن بِالْيَدِ وَخلاف مَا لَو قطع يَد عبد وَضمن الْيَد لَا يجب أجر الْمَنْفَعَة لِأَن الْيَد مَضْمُونَة دخلت فِيهِ مَنْفَعَتهَا كالنفس إِذْ قيل يجب ضَمَان النَّفس 1091 - مَسْأَلَة ألْقى نخامته فِي الْحمام فزلق بهَا رجل إِنْسَان أَو عبد فَانْكَسَرت قَالَ يضمن إِن كَانَ أَلْقَاهُ على الْمَمَر وَفِي العَبْد يجب أَن يضمن النُّقْصَان 1092 - مَسْأَلَة رُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن القزع فَهَل بعض الرجل بِفِعْلِهِ قَالَ هُوَ نهي أدب لَا بعض بِهِ كَمَا نهى عَن الِاسْتِنْجَاء بِالْيَمِينِ وَالْمَشْي فِي النَّعْل الْوَاحِدَة والاضطجاع وَنَحْوهَا إِلَّا أَن يسمع الحَدِيث فيقصد مُخَالفَته 1093 - مَسْأَلَة إِذا زنا رجل بِجَارِيَة ثمَّ اشْتَرَاهَا جَازَ لَهُ إِقَامَة حد الزِّنَا عَلَيْهَا الحديث: 1088 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 698 - مَسْأَلَة إِذا ضرب على سنّ إِنْسَان فزلزله ثمَّ بعد ذَلِك قلعه قَالَ عَلَيْهِ الْقصاص وَلَو كسر بعض سنه فَلَا قصاص عَلَيْهِ فَلَو قلعه بعد ذَلِك قبل الِانْدِمَال عَلَيْهِ الْقصاص وَإِن قلع بعد الِانْدِمَال فَكَذَلِك وَكَذَلِكَ لَو قطع يَده من نصف الساعد لَا قصاص عَلَيْهِ من ذَلِك الْموضع فَلَو جَاءَ بعده وقطعه من الْمرْفق تقطع يَد الْقَاطِع من الْمرْفق كَمَا لَو قطع أَصَابِعه ثمَّ قطع كَفه أَو قطع إصبعا من أَصَابِعه ثمَّ قطع بَاقِي الْيَد من الْكُوع يجب عَلَيْهِ الْقصاص وَيقطع يَده من الْكُوع قَالَ سَوَاء كَانَ انْقَطع الثَّانِي بعد اندمال الأول أَو قبله وَلَو ضرب على سنه فزلزلها ثمَّ سقط بعده قَالَ يجب الْقصاص وَكَذَلِكَ لَو ضرب على يَده فتورم أَو خرصه ثمَّ سقط من ضربه بعد أَيَّام عَلَيْهِ الْقصاص بِخِلَاف مَا لَو قطع إصبعه فيسري إِلَى الْكَفّ لَا قصاص لِأَن ثمَّ جِنَايَته على جَمِيع الْيَد وَجَمِيع السن فَتَأَخر سُقُوطه لَا يمْنَع الْقود 1095 - مَسْأَلَة دِيَة الْخَطَأ تجب على عَاقِلَة الْجَانِي فَإِن لم يكن لَهُ عَاقِلَة أَو كَانُوا معسرين فَفِي بَيت المَال فَإِن لم يكن فِي بَيت المَال فَإِن قُلْنَا الْوُجُوب على الْجَانِي فَيكون عَليّ الْجَانِي فِي مَاله وَإِذا أَوجَبْنَا فِي مَال يكون مُؤَجّلا وَكَذَلِكَ لَو أقرّ بجنابة خطأ وكذبته الْعَاقِلَة فَيكون فِي مَاله مُؤَجّلا وَكَذَلِكَ النعي إِذا جنى وعاقلته أهل حَرْب فَالدِّيَة فِي مَاله مُؤَجّلا وَلَا تجب على أَبِيه وَلَا ابْنه لِأَنَّهُ لَا يلاقيه الْوُجُوب وَلَا ينْتَقل إِلَيْهِ إِذا مَاتَ وَاحِد من الْعَاقِلَة فِي خلال الْحول أما إِذا مَاتَ بعد مَا حل الْأَجَل يُؤْخَذ من تركته 1096 - مَسْأَلَة سَمِعت أَن الْخُنْثَى الْمُشكل لَا يختن لِأَن الْخِتَان جرح وَإِذا لم يمتضي بثوبة فِي مَحل بِعَيْنِه بخياطا لداره قَالَ وَلَا يُقَال يختن فِي الفرجين جَمِيعًا إِلَّا بِالْقصاصِ بِوَجْه الْخطاب عَلَيْهِ بالختان رجلا أَو امْرَأَة وَلَا يسْقط الْفَرْض إِلَّا بِالْيَقِينِ بِخِلَاف مَا لَو خلق لرجل وَجْهَان يجب عَلَيْهِ فيهمَا الْوضُوء وَالْفرق أَن هَذَا إيلام وجرح لَا يجوز جرح عُضْو لَا يتَيَقَّن وجوب حرصه بِخِلَاف غسل الْوَجْه فَإِنَّهُ عبَادَة يحْتَاط فِيهَا فَإِن قيل أَلَيْسَ لوصلي صلى مَكْشُوف الرَّأْس يجوز وَلَا يُقَال الحديث: 1095 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 699 @ تَيَقنا وجوب الصَّلَاة عَلَيْهِ وَشَكتْ فِي سُقُوطهَا عَنهُ فَيَأْخُذ بِالْيَقِينِ وَيُوجب الْإِعَادَة قَالَ لِأَن ثمَّ أصل آخر مقدم على الصَّلَاة يجب مراعاته وَهُوَ أَن يستر رَأسه هَل يجب عَلَيْهِ أم لَا الأَصْل أَنه لم يجب فَصحت صلَاته وَهَا هُنَا غسل الْوَجْه وَاجِب يَقِينا 1097 - مَسْأَلَة الصَّبِي إِذا ختنه أَجْنَبِي دون أَمر فِي سنّ يحْتَمل أَو ختن أَجْنَبِي بِرِضَاهُ دون أمره فَمَاتَ لم يضمن قَالَ يحْتَمل وَجْهَيْن بِنَاء عَليّ أَن الإِمَام لَو ختنه فِي شدَّة حر أَو برد هَل يضمن قَولَانِ إِن قُلْنَا ثمَّة يضمن التَّعَدِّي هَا هُنَا يضمن وَإِن قُلْنَا ثمَّة لَا يضمن لِأَن الْجلْدَة مُسْتَحقَّة للإزالة فها هُنَا لَا يضمن 1098 - مَسْأَلَة صبية مكنت من بَالغ حَتَّى وَطئهَا زنا قَالَ يجب لَهَا الْمهْر لِأَنَّهُ حكم لوطئها كَمَا لَو دفع للصَّبِيّ مَاله إِلَى إِنْسَان ليملكه وَإِن ملكت من الصَّبِي مراهق فافترعها يجب الْمهْر على الصَّبِي كَمَا لَو مكنه من قطع يَدهَا السّرقَة لَا يجب الْقطع على من سرق من بَيت المَال لِأَن لَهُ فِيهِ حَقًا فَكَذَلِك إِذا سرق مِمَّا لَهُ فِيهِ شُبْهَة من خمس الْغَنِيمَة أَو نزله أَو وَارِث لَهُ فَإِن لم يكن لَهُ فِيهِ شُبْهَة بِأَن سرق حَتَّى نصيب الْفُقَرَاء من الصَّدَقَة وَهُوَ غَنِي أَو من نصيب الْيَتَامَى من خمس الْخمس معزوز أقطع وَلَو سرق الذِّمِّيّ من بَيت المَال شَيْئا قَالَ الشَّيْخ أَبُو عَليّ يَنْبَغِي أَن نقطع إِذا سرق من مَال الصَّدَقَة أَو من خمس الْمصَالح لِأَن لَهَا شُبْهَة لَهُ فِيهِ قَالَ عِنْدِي إِذا سرق من خمس الْمصَالح أَو صاب لَا يقطع لِأَن للذِّمِّيّ حَقًا فِيهِ بِدَلِيل أَنه يطعم الذِّمِّيّ مِنْهُ إِذا احْتَاجَ إِلَى النَّفَقَة ويكفن مِنْهُ إِذا مَاتَ وأوصينا تكفينه وَلنَا فِيهِ وَجْهَان لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُعْطي مَه أهل الذِّمَّة وَالْأسَارَى وَيجوز لنا صرفه إِلَى من كَانَ يصرفهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى يفْدي الْأُسَارَى ويصرفه إِلَى سد الْحُصُون وَإِصْلَاح الثغور وَنَحْوهَا كَمَا كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرَأَيْت لبَعض أَصْحَابنَا قَالُوا إِنَّمَا نطعم الذِّمِّيّ من بَيت المَال للضَّرُورَة بِشَرْط الضَّمَان كَمَا يجب عَليّ الرجل طَعَام الْجَار بِشَرْط الضَّمَان الحديث: 1097 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 700 @ قلت عِنْدِي لَا يجب الضَّمَان إِذا أنْفق مِنْهُ على ذمِّي كَمَا يُكفن مِنْهُ الذِّمِّيّ بِلَا ضَمَان أما من سهم الصَّدقَات إِذا سرق يجب الْقطع وَكَذَلِكَ الْمُسلم الْغَنِيّ إِذا سَرقه يجب الْقطع وَلَو سَرقه فَقير لم يقطع قَالَ وَكَذَلِكَ مَا صرف إِلَى بَيت المَال من مَال مُسلم مَاتَ لَا وَارِث لَهُ فَسرق ذمِّي يقطع قَالَ وَهَذَا عِنْدِي يُمكن بِنَاؤُه على أَنه مَوْضُوع فِي بَيت المَال على طَرِيق الْإِرْث للْمُسلمين بإخوة الْإِسْلَام على طَرِيق أَنه مَال ضائع وَجْهَان فَإِن قُلْنَا أَنه يصرف إِلَيْهِ بطرِيق الْإِرْث للْمُسلمين يقطع لزن الذِّمِّيّ لإن يَرث الْمُسلم وَإِن قُلْنَا أَنه يصرف إِلَيْهِ على أَنه مَال ضائع فَلَا يقطع وَالْمَال الْمَوْقُوف إِذا سرق عِنْدِي لَا يقطع لِأَنَّهُ لَيْسَ مَمْلُوك حَقِيقَة فَإِن الْوَقْف ينْقل إِمَّا إِلَى الله كَالْعِتْقِ فَإِن قُلْنَا للْمَوْقُوف عَلَيْهِ لجَاز أَن يقطع وَأما عِلّة الْوَقْف إِذا سرق فَإِن كَانَ على جمَاعَة متعينين فسرقه يقطع وَإِن سرق وَاحِد مِنْهُم لَا يقطع وَإِن كَانَ على فُقَرَاء متعينين فَإِن سَرقه فَقير لم يقطع وَإِن سَرقه غَنِي قطع وَكَذَلِكَ إِن سرق من خمس الْغَنِيمَة وَمن نصيب الْيَتَامَى وَهُوَ غَنِي قطع قَالَ وَلَو سرق مُسْتَحقّ الزَّكَاة من مَال من عَلَيْهِ الزَّكَاة إِن سرق من غير جنسه قطع وَإِن سرق من جنسه إِن قُلْنَا تتَعَلَّق الزَّكَاة بِالذِّمةِ فَهُوَ كَمَا لَو سرق رب الدّين من مَال الْمَدْيُون وَإِن قُلْنَا بِالْعينِ فَلَا يقطع كَالْمَالِ الْمُشْتَرى يحْتَمل أَن يكون لِأَن حَقه غير مُتَعَيّن فِي ذَلِك حَقِيقَة بِدَلِيل أَن للْمَالِك أَدَاؤُهُ من مَوضِع آخر بِخِلَاف المُشْتَرِي 1099 - مَسْأَلَة رجل هتك حرْزا لَا مَال فِيهِ فجَاء الْمَالِك وَوضع فِيهِ مَال فَسرق قَالَ لَا يقطع لِأَن الْمَالِك وضع المَال فِي غير حرز وَكَذَلِكَ لَو كَانَ الْجِدَار قد انْهَدم من الْحِرْز وَلم يعرف الْمَالِك فَوضع مَالا فَسرق لَا قطع قَالَ وَلَو هتك الْحِرْز وَفِيه مَال فَدخل الْمَالِك بِحَال لم يكن فِيهِ حَالَة النقب فَوضع فِيهِ فَأخذ السَّارِق ذَلِك المَال دون مَا كَانَ فِيهِ وَقت النقب لَا قطع لِأَن هَذَا المَال وَضعه الْمَالِك فِي جُزْء مَمْلُوك 1100 - مَسْأَلَة إِذا سرق نِصَابا من بيُوت مُخْتَلفَة وَكَانَ ذَلِك الْبَيْت الحديث: 1099 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 701 @ حرز المَال مِنْهُ لَا قطع وَلَا يضم الْبَعْض إِلَى الْبَعْض مثل إِن دخل دَارا فَأخْرج من الخرافة شَيْئا من الْفضة وَمن الاصطبل دَابَّة وَمن التبين منا وكل وَاحِد لَا يبلغ نِصَابا وَالْكل يبلغهُ لَا قطع قَالَ هَذَا إِذا كَانَ بَاب الدَّار مَفْتُوحًا فَلَا قطع وَإِن لم يبلغ وَاحِد نِصَابا وَإِن كَانَ بَاب الدَّار مغلقا فيكُن بِنَاؤُه على إِن من أخرج نِصَابا من بَيت دَاره وَبَاب الْبَيْت وَالدَّار مغلقان وَلم يخرج من الدَّار هَل يقطع وَجْهَان إِن قُلْنَا لم يقطع إِلَّا بِإِخْرَاجِهِ عَن الْحِرْز هَا هُنَا لَا قطع لِأَنَّهُ أخرج من كل حرز أقل من نِصَاب وَكَذَلِكَ لَو أخرج من الدَّار وَإِن قُلْنَا لَا يقطع لِأَنَّهُ لم يخرج عَن كَمَال الْحِرْز فها هُنَا لَا يقطع وَفِي الْحَال وَإِذا أخرجهَا من الدَّار حِينَئِذٍ يقطع 1101 - مَسْأَلَة إِذا افترس السَّبع الْمَيِّت وَبَقِي الْكَفَن فسرقه سَارِق قَالَ لَا يقطع لِأَنَّهُ مُحرز بِالْمَيتِ وَقد ذهب فَإِن بلي الْمَيِّت وَبَقِي الْكَفَن وسرق وَجب أَن يقطع لِأَن حرمته بَاقِيَة حَتَّى لَا يجوز أَن ينبش الْقَبْر فَينْظر هَل بَقِي حَتَّى يسترجع الْكَفَن وَلَو وضع الْمَيِّت على وَجه الأَرْض فَجمعت الْحِجَارَة حولهَا بِمَا يَكْفِي الدّفن خُصُوصا حَيْثُ لَا يُمكن وَلَو كَانَ فِي الْبَحْر فَطرح فِي مَاء وَأخذ رجل كَفنه قَالَ لَا يقطع لِأَنَّهُ ظَاهر كَمَا لَو وضع على شقين الْقَبْر فَإِن عينه المَاء فغاص رجل فَأَخذه قَالَ لَا يجب الْقطع أَيْضا لِأَن إلقاءه فِي المَاء لَا يعد إحرازا كَمَا لَو تَركه على وَجه الأَرْض وفتته الرّيح بِالتُّرَابِ 1102 - مَسْأَلَة إِذا وَجب قطع السّرقَة وقصاص يقدم الْقصاص فَإِن عُفيَ عَن الْقصاص تقطع يَده بِسَرِقَة وَلَو قَالَ جَاءَ أَجْنَبِي فَقطع يَده لاقود عَلَيْهِ لَا دِيَة وَحقّ من الْقصاص بِقطع يَده فِي حَال الْجَانِي السَّارِق لِأَن يَده بِحكم السّرقَة هدر فِي حق الكافة مِمَّا لَو لم يكن عَلَيْهِ إِلَّا الْقصاص فَقطع يَده أَجْنَبِي يجب عَلَيْهِ الْقصاص لِأَن يَد الْمَقْطُوع يَد هدر فِي حق الكافة إِنَّمَا يثبت لرب الحديث: 1101 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 702 @ الْقصاص فِي حق يَده كَمَا لَو قتل الْقَاتِل الْأَجْنَبِيّ 1103 - مَسْأَلَة إِذا وَجب الْقصاص على مُرْتَد فَقتل من لَهُ الْقصاص فقد استوفى حَقه وَإِن قَتله من لَهُ الْقصاص عَن الرِّدَّة هَل يسْقط حَقه عَن بدل الْقَتْل قَالَ ينظر إِن كَانَ هَذَا الَّذِي لَهُ الْقصاص إِمَامًا قَتله عَن الرِّدَّة فديَة الْقَتِيل لَهُ ثَابت فِي تَركه الْمُرْتَد لِأَن الإِمَام يملك الْقَتْل عَن كل وَاحِد من الْجِهَتَيْنِ وَإِن لم يكن إِمَامًا وَقع قَتله عَن الْقصاص ولَايَة لِأَن غير الامام لَا يملك إِلَّا عَن جِهَة الْقصاص فَوَقع عَنهُ كَمَا لَو رمى سَهْما إِلَى صيد فَأصَاب قَاتل ابْنه الَّذِي قَتله وَقع عَن الْقصاص وَكَذَلِكَ لَو اشْترى عبدا مُرْتَدا ثمَّ قَتله المُشْتَرِي قبل الْقَبْض عَن الرِّدَّة فَإِن كَانَ إِمَامًا انْفَسَخ البيع وَإِن لم يكن إِمَامًا صَار بِهَذَا الْقَتْل قَابِضا كَمَا لَو قَتله ظلما وَعَلِيهِ الثّمن 1104 - مَسْأَلَة من نصفه حر وَنصفه رَقِيق إِذا قتل إنْسَانا خطأ يجب نصف الدِّيَة على عَاقِلَته إِن كَانَ لَهُ عَاقِلَة يحملون عَنهُ نسبيا كَانَ أَو معتقا صول الْفَحْل إِذا بلغت الدَّابَّة شَيْئا بِالنَّهَارِ لم يضمن الْمَالِك وبالليل يضمن قَالَ وَلَو أودع رجل دَابَّة من إِنْسَان فأرسلها فأتلف شَيْئا ضمن الْمُودع لَيْلًا كَانَ أَو نَهَارا لِأَن عَلَيْهِ حفظهَا بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار وَمَا أتلفت الدَّابَّة فِي يَد الرَّاعِي فالراعي كالمالك يضمنهُ 1105 - مَسْأَلَة لَو دخلت دَابَّة إِنْسَان ملك آخر وَهِي الِاتِّصَال فأخرجها ضمن كَمَا لَو هربت الرّيح بِثَوْب فِي حجرَة فَأَلْقَاهُ ضمن بل عَلَيْهِ ردهَا إِلَى الْمَالِك فرن لم يجد دَفعهَا إِلَى الْحَاكِم إِلَّا أَن تكون الدَّابَّة ميتَة من جِهَة الْمَالِك كَالْإِبِلِ وَالْبَقر 1106 - مَسْأَلَة إِن دخلت الدَّابَّة أرضه تتْلف زرعه دَفعهَا بِمثل مَا يدْفع الحديث: 1103 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 703 @ وَلَو صالت عَلَيْهِ فِي غير ملكه فَإِن نفرها عَن الزَّرْع وَلم يُخرجهَا عَن الْملك فَانْدفع ضررها وَإِن عودهَا لم يكن لَهُ بعده إخْرَاجهَا عَن الْملك فَإِن قبل شغل الْمَكَان ضَرَر على مَالك الأَرْض وَجب لَهُ أَن يجوز لَهُ دَفعه قُلْنَا شغل الْمَكَان إِذا كَانَ لَا يتَوَلَّد مِنْهُ تلف لَا يَجْعَل ضَرَرا يُبِيح لَهُ إضاعته مَال الْغَيْر كَمَا لَا يجوز لَهُ إِتْلَافه بِخِلَاف مَا لَو قصد إِتْلَاف شَيْء من مَاله دفْعَة وَإِن ضَاعَت كَمَا لإتلافه نَظِيره لَو انحطت صَخْرَة عَن جبل فَدخلت ملكه لم يكن لَهُ تضييعها إِذا كَانَت مَمْلُوكَة للْغَيْر وَإِن شغل شَيْئا من بَيته بل يرد إِلَى الْمَالِك وَكَذَلِكَ لَو شغل أَغْصَان شَجَرَة الْجَار هَوَاء دَاره لَهُ قِطْعَة انْدفع الضَّرَر وَلَا يمْتَنع مَا انقطعه وَلَو جَاءَ مَالك الدَّابَّة فَأدْخلهَا فِي ملك غَيره بِغَيْر إِذْنه فأخرجها مَالك الأَرْض بَعْدَمَا غَابَ مَالك الدَّابَّة وَغَابَ موضعهَا مَالك الدَّابَّة هَل يضمن قَالَ يحْتَمل وَجْهَيْن أَحدهمَا لَا للتعدي من المَال وَالثَّانِي بلَى لِأَنَّهُ متعدي بالتضييع وَهُوَ يقرب كَمَا لَو حفر بِئْرا فِي ملك غَيره بِغَيْر إِذْنه فَدخل دَاخل دَاره بِغَيْر إِذْنه هَل يضمن الْحَافِر وَجْهَان 1107 - مَسْأَلَة لَو سقط شَيْء من سطح إِنْسَان يُرِيد أَن يَقع فِي ملك غَيره فَدفعهُ فِي الْهَوَاء حَتَّى وَقع خَارج ملكه لم يضمن وَإِن اسْتَقَرَّتْ فِي ملكه فكالريح تهب بِالثَّوْبِ 1108 - مَسْأَلَة وَلَو قطع شَجَرَة فِي ملكه فَسقط على رجل وَاحِد من النظارة فتكسرت رجله هَل يضمن قَالَ ينظر إِن كَانَ الْوَاقِف للنظارة يعرف أَنه إِذا سقط نصِيبه لَا يضمن الْقَاطِع وَإِن كَانَ لَا يعرف والقاطع أَنه إِذا سقط نصِيبه فَلم يُخبرهُ ضمن لَا فرق فِيهِ بَين أَن يكون النظارة دخل ملكه بِإِذْنِهِ أَو بِغَيْر إِذْنه كَمَا لَو دخل إِنْسَان ملك إِنْسَان بِغَيْر إِذْنه فصب على رَأسه شَيْئا فَأَهْلَكَهُ ضمن وَإِن كَانَا عَالمين فَإِنَّهُ يُصِيب الْوَاقِف وَإِن كَانَا جاهلين فَكَذَلِك لِأَنَّهُ يتَصَرَّف فِي ملك نَفسه 1109 - مَسْأَلَة بقرة دخلت ملك رجل فأخرجها من ثلمه فَهَلَكت إِن لم تكن تِلْكَ الثلمة بِحَيْثُ يخرج الْبَقَرَة مِنْهَا بسهولة يجب الضَّمَان الحديث: 1107 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 704 - مَسْأَلَة لَو أَن دَابَّة لإِنْسَان دخلت ملك الْغَيْر من تَحت صَاحب الْملك فَمَاتَ مِنْهُ قَالَ هُوَ كَمَا لَو أتلف زرعه إِن كَانَ هَذَا بِاللَّيْلِ يجب الضَّمَان على ملك الدَّابَّة وَإِن كَانَ بِالنَّهَارِ لَا ضَمَان وكل مَوضِع أَوجَبْنَا الضَّمَان يجب الدِّيَة وَإِلَّا يجب فِي مَاله وَلَكِن يجب على عَاقِلَته بِحَفر الْبِئْر وبصب الْحجر 1111 - مَسْأَلَة إِن اسْتَأْجر رجلا لحفظ دوابه فضيعها فأتلفت زرعا يجب الضَّمَان على الْأَجِير لَيْلًا كَانَ أَو نَهَارا لِأَنَّهُ مَأْمُور بحفظها فِي اللَّيْل وَالنَّهَار جَمِيعًا ويأتيه فِي الطَّرِيقَة الْعرَاق 1112 - مَسْأَلَة صبي ركب دَابَّة إِنْسَان دون إِذن الْمَالِك فَلم يُمكنهُ إِِمْسَاكهَا فأتلفت شَيْئا ضمنه الصَّبِي وَكَذَلِكَ بَالغ ركب دون إِذن الْمَالِك فغلبته فأتلفت شَيْئا ضمن بِخِلَاف الْمَالِك ركب فغلب لم يضمن فِي قَول لِأَنَّهُ غير متعدي بالركوب 1113 - مَسْأَلَة إِذا أظلم النَّهَار وَصَاحب الرِّيَاح فتفرقت غنم الرَّاعِي فَوَقع الأغنام فِي زرع فأفسدت هَل يجب الضَّمَان على الرَّاعِي قَالَ حكمه حكم المغلوب فِيهِ قَولَانِ فَأجَاب على قَوْلنَا أَنه لَا ضَمَان وَلَو ند بعير من صَاحب فأتلفت شَيْئا فَكَذَلِك وَلَو نَام الرَّاعِي فنفرت أغنامه فأتلفت شَيْئا قَالَ يضمن لِأَنَّهُ تسبب من جِهَته وَهُوَ النّوم لِأَن يفرقها على وَجهه مبدئيا لم يُمكنهُ ضَبطهَا فَيكون على قَوْلَيْنِ 1114 - مَسْأَلَة رجل على دَابَّة فَسَقَطت الدَّابَّة ميتَة على مَال إِنْسَان فَأَهْلَكَهُ أَو الْمَالِك مَاتَ على دَابَّة فَسقط على شَيْء لم يضمن وَكَذَلِكَ مِنْهُ ينفع فتكسرت قَارُورَة من نفخته لم يضمن بِخِلَاف الصَّبِي الطِّفْل سقط على قَارُورَة ضمن لِأَنَّهُ لَهُ فعلا 1115 - مَسْأَلَة رجل على دَابَّة فنخسها إِنْسَان فأسقط الرَّاكِب فَهَلَك أَو رمح إنْسَانا من نخسته فأهلكته فعلى عَاقِلَة الدَّابَّة وَلَو نخس بِأَمْر صَاحب الدَّابَّة وَكَذَا قَالَ أَبُو حنيفَة أما إِذا دخل فَبَدَأَ عَن دَابَّة فَخرجت فأهلكت شَيْئا الحديث: 1111 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 705 @ لَا يضمن من حل الدَّابَّة كَمَا لَو هدم جِدَار إِنْسَان وَظهر حرزه فَأخذ مِنْهُ مَالا لَهُ لَا يضمن المَال وَلَو غلبته دَابَّة فأتلفت شَيْئا قَولَانِ وَلَو أسقطها رجل فَردهَا فَانْصَرَفت فأتلفت فِي الِانْصِرَاف شَيْئا ضمن الرَّد 1116 - مَسْأَلَة دَابَّة إِنْسَان سَقَطت فِي وهده فنفزت من دَفعته بِغَيْر أجر فَسقط فِيهَا فَهَلَك يجب ضَمَان الْبعد على صَاحب الدَّابَّة 1117 - مَسْأَلَة ابْتَاعَ شَاة بِثمن فِي الذِّمَّة ثمَّ عزل شَيْئا من مَاله ليصرفه فِي الثّمن فأهلكته فَهَذِهِ لم تَأْكُل ثمنا وَإِنَّمَا أكلت مَالا للْمُشْتَرِي لِأَن ذَلِك إِنَّمَا يصير ثمنا بِالْقَبْضِ فَإِن كَانَ المُشْتَرِي قبض الشَّاة فَلَا ضَمَان لِأَنَّهَا ملكه فِي يَده وَإِن كَانَت بعد فِي يَد البَائِع فعلى البَائِع ضَمَان الثّمن لِأَن يَده عَلَيْهِ وَمن كَانَت يَده على بَهِيمَة ضمن مَا يتلفه وَإِن كَانَ ملكا لغيره كَرجل اسْتعَار من رجل شَاة فأتلفت شَيْئا فَإِن ضَمَان ذَلِك على الْمُسْتَعِير لِأَن يَده عَلَيْهِ وَإِن كَانَت ملكا للْمُعِير كَذَلِك هَا هُنَا الْجِزْيَة 1118 - مَسْأَلَة كَافِر دخل الْإِسْلَام مختفيا فَلم يطلع عَلَيْهِ إِلَّا بعد سنة قَالَ يُؤْخَذ مِنْهُ الْجِزْيَة كمن سكن دَار إِنْسَان غصبا وَعَلِيهِ الْأُجْرَة 1119 - مَسْأَلَة إِذا كَانَ عقد الذِّمَّة على أقل من دِينَار أَو ضرب الْجِزْيَة على زُرُوعهمْ لَا تصح وَالْقَوْم فِي أَمَان إِلَى أَن يرجِعوا إِلَى مأمنهم 1120 - مَسْأَلَة لَا تجوز المهادنة فِي وَقت الْإِسْلَام سنة وَتجوز أَرْبَعَة أشهر وَفِيمَا بَينهمَا قَولَانِ فَإِن هِلَال سنة أَو أَكثر من أَرْبَعَة أشهر قُلْنَا لَا يجوز وَجب أَن يجوز فِي أَرْبَعَة أشهر كَمَا فِي وَقت ضعف الْإِسْلَام إِذا هادن أَكثر من عشر سِنِين يجوز فِي الْعشْر وَيبْطل فِي الزِّيَادَة 1121 - مَسْأَلَة إِذا رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُنْكرا عَلَيْهِ تَغْيِيره فَإِذا لم يُغير دلّ على الحديث: 1116 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 706 @ الْإِبَاحَة قَالَ وَإِذا أَرَادَ شَيْئا هَل عَلَيْهِ تَغْيِيره قَالَ يجب تَغْيِيره لحقه لَا لحق الْعَامَّة حَتَّى لَو أطلع على مُسلم فِي بَيت فَعمل مَا لَا يجوز حَالا يُغَيِّرهُ وَفِي حق الذِّمِّيّ لَهُ أَن يعرض عَنهُ كَمَا يعرض عَنهُ فِي الشّرك وَشرب الْخمر لِأَن ضَرَره لَا يعود إِلَى الْعَامَّة وسكوته عَنهُ فِي الْمَلأ يدل على الْإِبَاحَة فِي حق الْمُسلمين وَفِي السِّرّ لَا يدل وَكَذَلِكَ يمنعهُ عَن إِظْهَار عقيدتهم فِي ضرب الناقوس وَشرب الْخمر وَلَا يعرض لما يعْملُونَ عَنهُ فِي الْبيُوت الصَّيْد 1122 - مَسْأَلَة نصب شبكة فِيهَا منجل أَو محدد فَتعلق بهَا صيد وَرَأس الْحَبل بِيَدِهِ فجزه وجرح الصَّيْد بِهِ فَمَاتَ لَا يحل لِأَنَّهُ لما تعلق بالشبكة صَار مَقْدُورًا على ذبحه إِلَّا أَن يُصِيب المحدد حلقه حَالَة الذّبْح فَقَطعه حل وَلَو لم يجر الْحَبل فَأصَاب المنجل حلقه وَمَات لم يحل لِأَنَّهُ لَا ضيع من جِهَته فِي الذّبْح وَلَو لم يتَعَلَّق بِهِ الصَّيْد بل كَانَ فِي الغدو فجر الْحَبل أصَاب المنجل الْمُتَعَلّق بالشبكة لم يحل 1123 - مَسْأَلَة لَو وَقع بعيران فِي بِئْر أَحدهمَا فَوق الآخر فطعن الأول وَبعد إِلَى الثَّانِي حل لكل فَإِن أَصَابَت الطعنة الْبَعِير السّفل وَعلم أَن الطعنة أصابتها قبل مُفَارقَة الرّوح قيل بعد أَنه مَاتَت بثقل الأول أَو بالطعن قَالَ يحل ك الصيد يَقع فِي الْهَوَاء على الأَرْض وَإِن شكّ أَن الطعنة أَصَابَته بعد مُفَارقَة الرّوح أَو قبله هَل يحل قَالَ يحْتَمل وَجْهَيْن بِنَاء على مَا لَو غَابَ عَبده فَلم يدر جِنَايَة هَل يجوز إِعْتَاقه عَن كَفَّارَته وَهل تجب فطرته قَولَانِ أَحدهمَا يحل لِأَن الأَصْل حَيَاته الثَّانِي لَا لِأَن الْمُغَلب فِيهِ التَّحْرِيم وَقد شكّ فِي وجوب سَبَب التَّحْلِيل 1124 - مَسْأَلَة إِذا رمى إِلَى حَيَوَان مَقْدُور عَلَيْهِ فَامْتنعَ وَصَارَ غير مَقْدُور عَلَيْهِ فَأصَاب غير مذبحَة قَالَ يحل لِأَن الرَّمْي إِلَى الْمَقْدُور عَلَيْهِ جَائِز الحديث: 1122 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 707 @ لنصب مذبحَة والإصابة صَوَابا لكَونه مُمْتَنعا حَالَة الْإِصَابَة وعَلى عَكسه لَو رمى إِلَى غير الْمَقْدُور عَلَيْهِ فَصَارَ مَقْدُورًا عَلَيْهِ ثمَّ أصَاب غير مذبحَة لَا يحل لِأَن الْإِصَابَة لم تقع صَوَابا 1125 - مَسْأَلَة نصب شبكة وَتعلق بهَا صيد فَقلع الصَّيْد والشبكة وَذهب بهَا وَاحِدَة للْإنْسَان هَل يملك قَالَا إِن كَانَ يذهب بالشبكة أَو كَانَ يعدوا بهَا مَعهَا مُمْتَنعا فَكل من أَخذه ملكه أما إِذا كَانَ يجر الشبكة غير مُمْتَنع لثقل الشبكة بِحَيْثُ يُمكنهُ أَخذه لمن شَاءَ فَهُوَ لصَاحب التَّرِكَة أَو الشبكة لَا يملك غَيره 1126 - مَسْأَلَة إِذا أَخذ الْكَلْب الْمعلم صيدا بِغَيْر إرْسَال صَاحبه ثمَّ أَخذه غير من لَهُ يملك الاخر على الصَّحِيح من الْمَذْهَب كالطائر يفرخ على شَجَرَة أما الْكَلْب غير الْمعلم إِذا أرْسلهُ صَاحبه فَأخذ صيدا وَقَتله لَا يحل وَلَو أَخذه غير من فَمه قبل قَتله وحر أَن لَا يملك قولا وَاحِدًا وَيكون الأول وَيجْعَل إرْسَاله كنصيب الشبكة لَو تعلق بهَا صيد وَمَات لَا يحل وَقيل رن يَمُوت فَهُوَ ملك لصَاحب الشبكة لَو أَخذه غَيره عَلَيْهِ رده وَيحْتَمل زن لَا يملك لِأَن للكب اخْتِيَارا كالمعلم إِذا أَخذه بِغَيْر إرْسَال صَاحبه 1127 - مَسْأَلَة إِذا أَخذ صيدا ملكه وَإِذا أرْسلهُ لَا يَزُول ملكه فَإِذا قَالَ أبحت لكل من أَخذه أكله قَالَ وَجب أَن لَا يجوز للآخذ بَيْعه إِنَّمَا يحل لَهُ أكله لِأَن ملك الْمَالِك لم يزل بِالْإِبَاحَةِ كالضيف يَأْكُل الطَّعَام وَلَا يَبِيعهُ 1128 - مَسْأَلَة إِذا رمى سَهْما إِلَى الصَّيْد فِي الْهوى فَأَصَابَهُ وأزال امْتِنَاعه فَفِي مَا بَين الْهَوَاء إِلَى الأَرْض رمى إِلَيْهِ بِسَهْم آخر فَمَاتَ مِنْهُمَا لَا يحل لِأَنَّهُ فِي الْهَوَاء وَإِن كَانَ لَا يصل إِلَيْهِ فَهُوَ فِي طَرِيقه كَمَا لَو رمى سَهْما إِلَى صيد فأزال امْتِنَاعه ثمَّ رمى إِلَيْهِ آخر وَإِن كَانَت يَده لَا تصل إِلَيْهِ مَا لم يمش إِلَيْهِ فَأَما إِذا أَزَال امْتِنَاعه وَلَكِن وَقع على قمة جبل لَا يصل الْمَالِك إِلَيْهِ ليقطع مذبحه فَرمى إِلَيْهِ قَالَ وَجب أَن تحل كَمَا لَو سقط بعير فِي بِئْر فطعن فِيهِ الحديث: 1125 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 708 - مَسْأَلَة إِذا أرسل سَهْما إِلَى مَقْدُور فَأصَاب مذبحه حل وَلَو أرسل كَلْبا إِلَى مَقْدُور فَقطع مذبحه لم يحل لِأَن فعل السهْم أَشد اختصاصا من فعل الْكَلْب وَلِأَنَّهُ لَو أَتَاهُ بِنَفسِهِ وذبحه بِسَهْم حل وَلَو ذبحه بسن كَلْبه لَا يحل فَخرج الْكَلْب لَا يُبِيح إِلَّا فِي غير الْمَقْدُور وَجب أَن يكون كل الْبدن مذبح وَكَذَلِكَ لَو وَقع بعير فِي بِئْر منكوسا فطعنه بِرُمْح حل وَلَو أرسل عَلَيْهِ كَلْبه فجرحه لم يحل وَلَو أرسل سَهْمَيْنِ مَعًا فأصابا مَعًا حل وَلَو أَصَابَهُ أَحدهمَا ثمَّ الثَّانِي نظر إِن أزمنه الأول وَلم يُصِيب الثَّانِي مذبحه لم يحل وَإِن أصَاب مذبحه حل وَإِن لم يزمنه الأول فَقتله الثَّانِي حل أما إِذا أرسل كلبين فأزمنه الأول وَقطع الثَّانِي مذبحه لم يحل وَكَذَلِكَ لَو أرسل كَلْبا وَسَهْما فأزمنه الْكَلْب ثمَّ أصَاب السهْم مذبحه حل وَلَو أَمنه السهْم ثمَّ أصَاب الْكَلْب مذبحه لم يحل 1130 - مَسْأَلَة صيد دخل دَار إِنْسَان فَرد صَاحب الدَّار الْبَاب بنية أَخذ الصَّيْد ملك الصَّيْد فَلَو جَاءَ أَجْنَبِي ورد الْبَاب لَا يملك لَا صَاحب الدَّار وَلَا الْأَجْنَبِيّ لعدم الْفَصْل من الْمَالِك وَالْأَجْنَبِيّ مشتغل لم يَجْعَل الصَّيْد فِي ملكه بِخِلَاف مَا لَو غصب شبكة أَو سَهْما فاصطاد لَهُ مَالك لِأَن فِي رد الْبَاب يتَصَرَّف فِيمَا صَار الْغَيْر أولى بِهِ مِنْهُ نظر للشبكة لَو غصب أَرضًا فحفر فِيهَا بِئْرا وَبنى فِيهَا دَارا فدخله صيد فَرد الْغَاصِب الْبَاب ملكه فِي الْكل نظر 1131 - مَسْأَلَة سُئِلَ عَن الشَّاة إِذا ذبحت قَالَ نتبين هَل يحل وَكَذَلِكَ الْعرق الَّذِي فِي ظهرهَا هَل يحل الله قَالَ الْكل حَلَال إِلَّا أَنه يكره أكل أنثيها وَكَذَلِكَ أكل الْعرق 1132 - مَسْأَلَة إِذا أخرج الْجَنِين رَأسه من بطن الْأُم حَيا قَالَ القَاضِي سرع ذبحه حَتَّى يحل لَو ذبح الْأُم وَمَات الْجَنِين قبل أَن يذبح الْجَنِين يكون حَرَامًا قَالَ الإِمَام لَو أخرج رجله على قِيَاس قَول القَاضِي يَنْبَغِي أَن يخرج كَمَا لَو وَقع بعير فِي بِئْر منكوسا فَلم يطعن حَتَّى مَاتَ يكون حَرَامًا 1133 - مَسْأَلَة الْجَلالَة إِن تغير لَحمهَا يَأْكُل أكل قَالَ يكره أكل الحديث: 1130 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 709 @ لَحمهَا وَلَا تحرم هَذِه طَريقَة الْعرَاق واختياره وَطَرِيقَة القَاضِي أَنه يحرم أكله إِذا كَانَ متغيرا فَلَو عولج لَحمهَا حَتَّى زَالَ التَّغَيُّر قَالَ القَاضِي لي يطهر كَمَا لَو خلل الْخمر بالعلاج وَإِن زَالَ التَّغَيُّر بِنَفسِهِ طهر كَمَا لَو تخَلّل الْخمر بِنَفسِهِ قَالَ الإِمَام وَهَذَا عِنْدِي بشكل أَنه إِذا زَالَ التَّغَيُّر لم يطهر سَوَاء زَالَ بِنَفسِهِ أَو بالعلاج إِنَّمَا يطهر إِذا زَالَ التَّغَيُّر فِي حَال الْحَيَاة لَعَلَّهَا الضَّحَايَا 1134 - مَسْأَلَة إِذا وَجب أضْحِية مُعينَة فذبح يَوْم النَّحْر وَلم يفرق اللَّحْم حَتَّى تغير قَالَ أَصْحَابنَا يتَصَدَّق بِقِيمَتِه وَلَا تجب إِعَادَة الْأُضْحِية لِأَن إِرَاقَة الدَّم قد حصلت بَقِي نفع الْمَسَاكِين قَالَ وَإِذا بَاعهَا ثمَّ ذبح المُشْتَرِي أَو أَجْنَبِي يَوْم النَّحْر تقع الْأُضْحِية موقعها فَيَأْخُذ اللَّحْم وَيتَصَدَّق فَإِن كَانَ اللَّحْم مَيتا قَالَ يَأْخُذ الْقيمَة وَيَشْتَرِي بهَا أضْحِية أُخْرَى قَالَ على قِيَاس مَا سبق وَجب أَن يتَصَدَّق بِالْقيمَةِ لِأَن الإراقة وَقعت عَنهُ وَلَكِن انغرق وَهُوَ رمسه فَإِن الذّبْح والتغريق جَمِيعًا وَفِي خير اللَّحْم نعت الذّبْح لِأَنَّهُ ذبحه بِنَفسِهِ وَالْمَقْصُود من التَّفْرِيق نفع الْمَسَاكِين وَيحصل بِالْقيمَةِ وَلَو كَانَت الْأُضْحِية فِي الذِّمَّة فعين فِي شَاة فضلت قَالَ أَصْحَابنَا عَلَيْهِ الْبَدَل قَالَ يحْتَمل أَن يُقَال إِذا ضلت بعد دُخُول يَوْم النَّحْر قبل التَّمْكِين من الذّبْح لن يكون الأَصْل فِي ذمَّته قَالَ وَلَو نذر أضْحِية فِي ذمَّته ثمَّ عين شَاة فَولدت عَلَيْهِ ذبح الْوَلَد مَعهَا قلو تعينتا المعيبة قبل دُخُول يَوْم النَّحْر لَهُ يملكهَا على الْأَصَح قَالَ وَجب أَيْضا أَن يكون يملك وَلَدهَا قَالَ وَلَو تلفت قبل النَّحْر لِأَن الأَصْل فِي ذمَّته فَأَنَّهُ لم يَقع هَذَا عَن الْأُضْحِية وَالَّذِي لم يُضحي لَهُ لم يلد مَالا يَعْنِي لذبح الْوَلَد 1135 - مَسْأَلَة رجل لَهُ دَرَاهِم نذر أَن يَشْتَرِي بهَا أضْحِية يُضحي بهَا فَعَلَيهِ أَن يَشْتَرِي قَالَ مضى الْوَقْت وَلم يشتر أخر إِلَى الْعَام الْقَابِل كَمَا لَو نذر أضْحِية فِي ذمَّته وَلم يَصح الْعَام الأول عَلَيْهِ أَن يُضحي فِي عَام قَابل الحديث: 1134 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 710 @ بِخِلَاف مَا لَو نذر أَن يُضحي شَاة مُعينَة فناب الْوَقْت ذَبحهَا بعده لِأَنَّهُ يشق عَلَيْهِ حفظهَا فَإِن كَانَت الدَّرَاهِم قدرا لَا يحل بهَا أضْحِية فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَله تَملكهَا كَمَا لَو وصّى وَقَالَ اشْتَروا بِثُلثي رَقَبَة وأعتقوه فَلم يُوجد ثلث رَقَبَة بَطل وَالثلث للْوَارِث وكما لَو أوصى بِأَن يحجّ عَنهُ ثَلَاثَة حج المتطوع فَلم يَفِ يبطل وَيحْتَمل أَن يُقَال يتَصَدَّق لَهُ كَمَا لَو نذر أضْحِية مُعينَة وأتلفها عَلَيْهِ أَن يَشْتَرِي بِقِيمَتِهَا أضْحِية أُخْرَى فَاشْترى أُخْرَى وَفضل فضل لَا يجد بِهِ أضْحِية أُخْرَى فَإِنَّهُ يتَصَدَّق بِهِ كَذَلِك وَقيل يَشْتَرِي بِهِ بعض أضْحِية 1136 - مَسْأَلَة فِي الحَدِيث إِذا دخل الْعشْر وَأَرَادَ أحدكُم أَن يُضحي فَلَا يمس من شعره وبشرته شَيْئا فَالسنة لمن أَرَادَ الْأُضْحِية بعد دُخُول الْعشْر أَن لَا يحلق شعره وَلَا يقلم ظفره قَالَ أما الْمُبَاشرَة فَلَا يمْنَع مِنْهَا لِأَنَّهَا من بَاب الاستمتاعات كَمَا لَا يمْنَع من الطّيب واللمس 1137 - مَسْأَلَة قَالَ أَصْحَابنَا لَو ربيت سخلة بِلَبن الْكَلْب أَو الْجَلالَة الحليل السرقين إِن ظهر فِي طعمه تغير لم يحل أكله وَألا فَلَا فَأَما إِذا ربيت شَاة بعلف مَغْصُوب هَل يحل أكله قَالَ إِن كَانَت قدرا لَو كَانَت شَيْئا نجسا يظْهر تغيره فِي حرم أكله وَإِلَّا فَلَا يحرم أَن يَخْلُو عَن الشُّبْهَة وَيحْتَمل أَن يُقَال يحل أكله بِكُل حَال لِأَن أصل مَال الْغَيْر حَلَال إِنَّمَا حرم لكَونه حق الْغَيْر وَلَو اشْتَرَاهُ وَملكه حل وَصَارَ تَالِفا بِأَكْل الشَّاة وَاسْتقر فِي ذمَّته للْغَيْر الْقيمَة وَلَا يحرم أصل هَذِه الشَّاة بِخِلَاف لبن الْكَلْب فَإِن أَصله حرَام وَهَذَا شبه 1138 - مَسْأَلَة لَو نزا حمَار على فرس فَأَتَت بغلة يحل لبن الْفرس لِأَنَّهُ يُولد من الْفرس الَّذِي يحل أكله فَلَا ينظر إِلَى تَحْرِيم الْوَلَد الايمان 1139 - مَسْأَلَة إِذا مَاتَ وَعَلِيهِ كَفَّارَة يَمِين فأوصى بِالْإِعْتَاقِ وَقِيمَة الحديث: 1136 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 711 @ الاعتاق أَكثر من الطَّعَام يعْتَبر من الثُّلُث وَكَيف يعْتَبر قَولَانِ فَإِن لم يخرج من الثُّلُث يطعم عَنهُ وَلَو أوصى بِأَن يطعم عَنهُ إِلَّا أَن يتَبَرَّع الْوَارِث بِالْإِعْتَاقِ فَجَائِز أم إِذا أوصى بِالْعِتْقِ وَقِيمَته مثل الطَّعَام فَأَرَادَ الْوَارِث أَن لَا يعْتق وَيطْعم قَالَ جَازَ وَتسقط الْكَفَّارَة عَن الْمَيِّت وَإِن كَانَ الأولى أَن يعْتق كَمَا لَو كَانَ على الْمَيِّت دين وَقَالَ اقضوا ديني من ثمن هَذِه الدَّار فَقضى الْوَارِث دينه من مَوضِع آخر يجوز وَتبقى لَهُ الدَّار بِخِلَاف مَا لَو أوصى بِإِعْتَاق عبد مُتَبَرعا وَخرج من الثُّلُث يجب الْإِعْتَاق لِأَن إِنْفَاذ وَصيته وَاجِب وَهَا هُنَا الْمَقْصُود قَضَاء دينه وَهُوَ وَاجِب عَلَيْهِ وَإِن لم يرض فَلَا يتعير حكم بِوَصِيَّة قَالَ أَصْحَابنَا لَو حلف أَن لَا يَأْكُل الرطب فَأكل عصيرة من الرطب لَا يَحْنَث وَلَو حلف أَن لَا يَأْكُل السّمن فَجعلت فِي عصيدة فيأكل إِن كَانَ مُسْتَهْلكا لم يَحْنَث وَإِلَّا يَحْنَث وَقَالَ أَصْحَابنَا أَرَادَ بِهِ إِذا كَانَ مُسْتَهْلكا فَإِن لم يكن فَحنث قَالَ إِذا حلف أَن لَا يَأْكُل الدبس فَجعله فِي عصيدة فَأَكله فَوَجَبَ أَن يَحْنَث كالخل غير الْمُسْتَهْلك بِخِلَاف الرطب فَإِنَّهُ لَا يتَّخذ مِنْهُ عصيدة إِلَّا بعد تَغْيِير هَيئته والدبس بهيئته يتَّخذ فِي العصيدة والمرقة كالخل نَظِيره لَو اتخذ من الدبس قبيطا قَالَ لَا يَحْنَث وَإِن حلف لَا يَأْكُل الْبِطِّيخ فَأكل الشمومة حنث وَلَو حلف لَا يَأْكُل البطيخة لم يَحْنَث وَإِن حلف وَقَالَ أزر شته نودر فيوشم فَلبس ثوبا خيط بغزله لَا يَحْنَث وَلَو رقع ثوبا فرقعها من غزلها قَالَ يَحْنَث ثمَّ رَأينَا للشَّيْخ الْقفال مثل ذَلِك وَقَالَ كَمَا لَو خلط ثوبا باريسم جَازَ لبسه وَلَو رقعته برقعه من ديباج لم يجز وَلَو لبس ثوبا نسج من غزلها وغزل غَيرهَا وَجب أَن يَحْنَث وَإِن قَالَ لَا ألبس ثوبا غزلتيه لم يَحْنَث بالمشترك 1140 - مَسْأَلَة وَإِن قَالَ لَا أخرج حَتَّى اسْتَأْذن مِنْك فَإِذا أَرَادَ أَن يخرج فَاسْتَأْذن فَلم يَأْذَن فَخرج حنث لِأَنَّهُ لم يعلق بالإعلام وَإِنَّمَا علق بالاستئذان والاستئذان أَن لَا يَعْنِي بِعَيْنِه وَإِنَّمَا يَعْنِي الْأذن فَهُوَ كَمَا لَو قَالَ لَا الحديث: 1140 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 712 @ أخرج إِلَّا بإذنك وَإِن كَانَ قَصده بِهِ الْإِعْلَام لم يَحْنَث 1141 - مَسْأَلَة إِذا كَانَ واجدا للرقبة لَا يجوز لَهُ أَن ينْتَقل إِلَى الصَّوْم قَالَ يَنْبَغِي أَن يكون ثمن الرَّقَبَة فَاضلا عَن نَفَقَته وَنَفَقَة عِيَاله ومؤناته لسنة فَإِن لم يكن لَهُ إِلَّا نَفَقَة سنة فَينْتَقل إِلَى الصَّوْم أَلا ترى أَنه يجوز لَهُ أَخذ الزَّكَاة إِذا لم يكن لَهُ نَفَقَة مِنْهُ 1142 - مَسْأَلَة ذَكَاة الْجَنِين ذَكَاة أمه فَلَو حلف أَن لَا يذبح الْجَنِين فذبح شَاة فِي بَطنهَا جَنِين يَحْنَث لِأَنَّهُ ذَكَاة الْجَنِين إِمَّا إِذا حلف أَن لَا يذبح شَاتين فذبح شَاة فِي بَطنهَا جَنِين لَا يَحْنَث لِأَن الْأَيْمَان يُرَاعى فِيهَا الْعَادة وَلَا يكون ذَلِك فِي الْعَادة ذبح شَاتين قَالَ وَيحْتَمل أَيْضا فِي الصُّورَة الأولى أَن لَا يَحْنَث 1143 - مَسْأَلَة لَو أعتق رَقَبَة عَن الْكَفَّارَة قبل الْحِنْث فَمَاتَ العَبْد وَحنث تحسب عَن الْكَفَّارَة إِذا حنث بعده كَمَا لَو عجل الزَّكَاة وَهلك المَال الْمُعَجل فِي يَد الْمِسْكِين أَو أكله فَإِذا تمّ الْحول كَانَ محسوبا فِي الزَّكَاة وَلَو مَاتَ الْحَالِف قبل أَن يَحْنَث كَانَ عتقه تَطَوّعا النذور 1144 - مَسْأَلَة نذر أَن يُصَلِّي فِي أَرض مَغْصُوبَة هَل ينْعَقد نَذره يحْتَمل وَجْهَيْن أظهرهمَا لَا ينْعَقد وَهُوَ بِنَاء على أَنه لَو نذر أَن يعْتَكف صَائِما هَل يجوز الْإِفْرَاد وَجْهَان والأصخ أَنه لَا يجوز لِأَنَّهُ جمع فعلى هَذَا لَا ينْعَقد نَذره وَهَذَا بِخِلَاف مَا لَو نذر أَن يُصَلِّي فِي مَسْجِد بِعَيْنِه لَا يتَعَيَّن الْمَسْجِد وَينْعَقد نَذره بِالصَّلَاةِ فَيصَلي إِن شَاءَ لِأَن تعْيين الْمَسْجِد لَيْسَ بِمَعْصِيَة بِدَلِيل أَنه يجوز لَهُ أَن الحديث: 1141 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 713 @ يَأْتِي بالمنذور على مَا سمي وَهَا هُنَا مَعْصِيّة نَظِيره لَو نذر أَن يُصَلِّي فِي أَرض كَذَا وَلم يعلم أَنَّهَا مَغْصُوبَة قَالَ يَنْبَغِي أَن ينْعَقد نَذره بِالصَّلَاةِ وَلَا تتَعَيَّن تِلْكَ الأَرْض 1145 - مَسْأَلَة لَو نذر أَن يقْرَأ الْقُرْآن فِي صَلَاة فَيقْرَأ فِي مَحل التَّشَهُّد قَالَ لَا يَحْنَث لِأَن التَّشَهُّد قِرَاءَة وَلَو صلى الْفَرْض خمْسا نَاسِيا فَمَا قَرَأَ فِي الرَّكْعَة الْخَامِسَة لَا يحْسب عِنْدِي لِأَنَّهَا لَيست من الصَّلَاة 1146 - مَسْأَلَة إِذا نذر صَوْم شهر بِعَيْنِه رَأَيْت للْقَاضِي أَن لَهُ أَن يفْطر بِعُذْر السّفر كَصَوْم رَمَضَان لِأَن الْمَنْذُور معدل بالمشروع قَالَ وَعِنْدِي أَنه لَا يجوز لَهُ أَن يفْطر بِخِلَاف الْمَشْرُوع لِأَن الشَّارِع ثمَّة جوز الْفطر بعد السّفر نَظِيره لَو قيد النَّاذِر فَقَالَ نذرت صَوْم شهر كَذَا إِلَّا أَن أكون مُسَافِرًا فَأفْطر فَلهُ أَن يفْطر 1147 - مَسْأَلَة لَو نذر وَقَالَ إِن شفى الله مريضي فَللَّه عَليّ أَن لَا أبيع هَذِه الْعين بعد موتِي فشفى الله الْمَرِيض لزم فَلَا يجوز بيع ذَلِك الشَّيْء وَلَو قَالَ لله عَليّ أَن أعتق هَذَا العَبْد بعد موتِي لزم وَلَو قَالَ لله عَليّ أَن أدبره فدبره أما إِذا نذر شهرا مُطلقًا لَهُ أَن يفْطر قَالَ وَفِي فتاوي القَاضِي لَو نذر صَوْم شهر مُتَتَابِعًا لَهُ أَن يفْطر بِعُذْر السّفر قَالَ وعَلى قِيَاس قَوْله إِذا أفطر هَل يَنْقَطِع التَّتَابُع فَقَوْلَانِ كَصَوْم شَهْرَيْن مُتَتَابعين الْأَصَح يَنْقَطِع وَلَو نذر صَوْم سنة متتابعة فَأفْطر بِعُذْر الْمَرَض هَل يسْتَأْنف فَقَوْلَانِ كَالصَّوْمِ الشَّرْعِيّ قَالَ وَكَذَلِكَ لَو قَالَ أَصوم سنة أشرع فِيهَا غَدا قَالَ عِنْدِي فِي هَذِه الصُّورَة الثَّانِيَة إِذا أفطر لَا يجب الِاسْتِئْنَاف لِأَنَّهُ لم يلْزم التَّتَابُع صَحِيحا إِنَّمَا لزمَه التَّتَابُع لتعيين الْوَقْت كَصَوْم رَمَضَان يلْزمه مُتَتَابِعًا فَإِذا أفطر يَوْمًا لَا يلْزمه اسْتِئْنَاف الْجَمِيع لِأَن التَّتَابُع فِيهِ لتعيين الْوَقْت وَرَأَيْت فِي شرح التخليص إِن نذر صوما إِن قيد بالتتابع لزمَه التَّتَابُع وَإِن قيد بالتفرق لزمَه كَذَلِك لِأَن لكل وَاحِد من هَذِه الْأَنْوَاع أصل فِي الشَّرْع فَيلْزمهُ بِالنذرِ فَإِن صَامَ عشرَة مُتَتَابِعًا حسب لَهُ صَوْم خَمْسَة أَيَّام يبطل لَهُ الحديث: 1145 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 714 @ من كل يَوْمَيْنِ يَوْم وَاحِد حَتَّى يحصل التَّفْرِيق وَعَلِيهِ خَمْسَة أُخْرَى مُتَفَرقًا وأصل التَّفْرِيق أَن يفرق بِيَوْم بَين كل يَوْمَيْنِ وَإِن كَانَ نذر مُطلقًا فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَين أَن يَصُوم مُتَتَابِعًا أَو مُتَفَرقًا 1148 - مَسْأَلَة إِذا نذر أَن يُصَلِّي يَوْم كَذَا فصلى قبله وَجب أَن لَا يجوز بِخِلَاف مَا لَو نذر أَن يتَصَدَّق فِي يَوْم كَذَا فَتصدق قبله جَازَ لِأَنَّهُ مَال وَقَالَ القَاضِي لَو نذر أَن يَصُوم يَوْم كَذَا فصَام قبله لَا يجوز لِأَنَّهُ يُدْلِي كَذَلِك الصَّلَاة هَذَا كَمَا أَن تَعْجِيل الصَّلَاة وَالصَّوْم قبل الْوَقْت لَا يجوز وَيجوز تَعْجِيل الزَّكَاة 1149 - مَسْأَلَة لَو نذر أَن يتَصَدَّق بِأحد هذَيْن الشَّيْئَيْنِ فَتلف أَحدهمَا قَالَ يجب عَلَيْهِ أَن يتَصَدَّق بِالْآخرِ وَكَذَلِكَ لَو قَالَ لله عَليّ أعتق أحد هذَيْن الْعَبْدَيْنِ فَمَاتَ أَحدهمَا عَلَيْهِ أَن يعْتق الآخر وَلم يكن لَهُ أَن يَعْنِي فِيمَن مَاتَ بِخِلَاف مَا لَو اعْتِقْ أَحدهمَا لَا يُعينهُ فَمَاتَ أَحدهمَا لَهُ أَن يعين فِي الْمَيِّت لِأَن ثمَّة أوقع الْعتْق فقد نفذنا بإيقاعه فِيمَن مَاتَ لأَنا نحكم أَنه مَا تحرا وَهَا هُنَا الْتزم الْإِعْتَاق فِي الذِّمَّة وَلم يخرج عَمَّا الْتَزمهُ لِأَنَّهُ إِذا عين نَذره فِيمَن مَاتَ لَا يحصل لَهُ مَا الْتَزمهُ من الْإِعْتَاق وَالتَّصَدُّق فَعَلَيهِ أَن يحصل فِيمَا بَقِي مَا الْتزم وَلَو قَالَ أحد هذَيْن للْفُقَرَاء فَهُوَ نذر إِن أَرَادَ وَأطلق كَمَا لَو قَالَ مَالِي فِي سَبِيل الله فَإِذا مَاتَ أَحدهمَا عَلَيْهِ أَن يُعْطي الآخر وَإِن أَرَادَ الْإِقْرَار على مُضِيّ إِن غَيْرِي جعل أَحدهمَا للْفُقَرَاء وَالْآخر ملكي فَإِذا تلف أَحدهمَا وعني بالتالف للْفُقَرَاء يقبل قَوْله 1150 - مَسْأَلَة لَو نذر شَيْئا إِن رده الله سالما شكّ أَنه نذر صَدَقَة أَو عتقا أَو صَلَاة أَو صوما يحْتَمل أَن يُقَال عَلَيْهِ الْإِتْيَان بجميعها كَمَا لَو نسي صَلَاة من الصَّلَوَات عَلَيْهِ إِعَادَة الْكل وَيحْتَمل أَن يُقَال يجْتَهد بِخِلَاف الصَّلَاة لأَنا تَيَقنا ثمَّة وجوب الْكل عَلَيْهِ فَلَا يسْقط إِلَّا بِالْيَقِينِ وَهَا هُنَا تَيَقّن أَن الْكل مَا يجب إِنَّمَا وَجب وَاحِدَة واشتبه فيجتهد كالقبلة والأواني 1151 - مَسْأَلَة رجل نذر أَن يَصُوم عشرذي الْحجَّة فَقَالَ مُطلقَة الحديث: 1148 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 715 @ يحْتَمل على التِّسْعَة أَيَّام من أَولهَا إِلَيّ آخرهَا يَوْم عَرَفَة كمن نذر اعْتِكَاف الْعشْر الْأَوَاخِر من شهر رَمَضَان مُطلقَة يحْتَمل على التِّسْعَة الْأَيَّام الْأَوَاخِر ابْتِدَاء لَيْلَة الْحَادِي وَالْعِشْرين فَإِن خرج الشَّهْر نَاقِصا لَا يلْزمه كَمَال الْعشْر 1152 - مَسْأَلَة إِذا نذر قروي على وَجه الْقرْيَة فَقَالَ إِن دخلت الْبَلَد فَلَا أَعُود حَتَّى احج قَالَ هَذَا نذر حج فَعَلَيهِ أَن لَا يعود بَعْدَمَا دخل الْبَلَد حَتَّى يحجّ فَإِن عَاد عَلَيْهِ كَفَّارَة الْيَمين وَالْحج عَلَيْهِ فَهُوَ ناذر فِيهِ الْحَج سَوَاء أمنع نَفسه من الْعود حَتَّى يحجّ بطرِيق اللجاج وَالْكَفَّارَة كَذَلِك إِن لم يكن قَوْله لَا أَعُود على طَرِيق اللجاج بل على طَرِيق تَعْجِيل النّذر فَلَا كَفَّارَة عَلَيْهِ فِي الْعود وَالْحج عَلَيْهِ وَإِن كَانَ أصل قَوْله إِن دخلت فَلَا أَعُود حَتَّى أحج لجاجا وصنعا نَفسه عَن الْعود فَهُوَ نذر اللجاج وَالْغَضَب فَعَلَيهِ إِذا عَاد قبل الْحَج كَفَّارَة الْيَمين لَا غير على أصح الْأَقْوَال 1153 - مَسْأَلَة لَو نذر وَقَالَ إِن سلمت إِلَى الدَّار الْفُلَانِيَّة فَالله عَليّ أَن أصرفها إِلَى من يحجّ عني فَسلمت لَهُ قَالَ يجب أَن يصرفهَا إِلَى الْحَج فَإِن مَاتَ عَن أَطْفَال يصرفهَا وليه إِلَى الْحَج كَمَا لَو نذر وَقَالَ إِن ملكت عبد فلَان فَللَّه عَليّ أَن أعْتقهُ فَملك لزم إِعْتَاقه 1154 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ إِن شفى الله مريضي فَعَبْدي هَذَا حر ثمَّ قَالَ إِن رد الله غائبي مُفِيد هَذَا حر أَيْضا كَذَلِك العَبْد فَأَيّهمَا حصل أَولا عتق العَبْد وَإِن وَقعا مَعًا عتق وَلَو قَالَ إِن شفي الله مريضي أَولا فَعَبْدي حر وَإِن عَاد غائبي أَولا فَعَبْدي حر فَأَيّهمَا كَانَ أَولا عتق وَإِن كَانَا مَعًا فَلَا يعْتق وَلَو قَالَ إِن شفا الله مريضي فَللَّه عَليّ أَن أعتق هَذَا العَبْد ثمَّ إِن رد غائبي فَللَّه عَليّ أَن أعتق هَذَا قَالَ انْعِقَاد النّذر الثَّانِي مَوْقُوف فَإِن شفي الْمَرِيض وَقع الْعتْق عَنهُ وَلَا يَقع عَن قدوم الْغَائِب سَوَاء تقدم الشِّفَاء أَو تَأَخّر عَن قدوم الْغَائِب لِأَنَّهُ بَان لَان أَنه يسْتَحق الْعتاق عَن الشِّفَاء فَلَا يجوز صرفه فِي جِهَة أُخْرَى وَإِن مَاتَ الْمَرِيض بِأَن أعْتقهُ لم يكن مُسْتَحقّا عَن تِلْكَ الْجِهَة وَهُوَ عَن قدوم الْغَائِب وَإِن قدم الحديث: 1152 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 716 @ الْغَائِب وَجب إِعْتَاقه عَنهُ وَإِلَّا فَلَا وَلَو حصلا مَعًا فَيجب إِعْتَاقه عَن الشِّفَاء كَمَا لَو أخرج خَمْسَة دَرَاهِم وَقَالَ هَذَا عَن مَال الْغَائِب إِن كَانَ قَائِما وَإِلَّا فَفِي الْحَاضِر وَلَا من مَوْقُوف فِي حق الْحَاضِر أَو قَالَ أعتقت هَذَا عَن كَفَّارَة قبل إِن كَانَ عَليّ وَلَا فعين الْيمن فَأمره فِي كَفَّارَة الْيَمين مَوْقُوف وَلَو قَالَ دفْعَة وَاحِدَة أَن شفى الله مريضي فَللَّه عَليّ عتق هَذَا العَبْد وَإِن عَاد غائبي فَكَذَلِك فَأَيّهمَا كَانَ أَولا وَجب الْإِعْتَاق عَنهُ 1155 - مَسْأَلَة إِذا نذر أَن يتَصَدَّق كل يَوْم بدرهم فَمضى عَلَيْهِ أَيَّام وَلم يجد فِيهَا هَل يصير ذَلِك دينا فِي ذمَّته حَتَّى يُؤَدِّي إِذا وجد قَالَ يصير دينا فِي ذمَّته 1156 - مَسْأَلَة رجل نذر وَقَالَ برسر يخسم بربوست برة حنتى يَحْنَث واكر يلهو بربالشي نهد سربر ديوا وَلَا يَحْنَث هر جند بالشي نوم باشد واكثر كويدبر جَامِعَة يخسم يَحْنَث جون بالشَّيْء نرم بِاللَّه 1157 - مَسْأَلَة رجل لَهُ ولد غَائِب نذر صَوْم الِاثْنَيْنِ مَا لم يرجع ابْني فَمَاتَ الابْن قبل أَن يرجع قَالَ هَذَا نذر اللجاج وَالْغَضَب يلْزمه كَفَّارَة الْيَمين على الْأَصَح أَن أفطر يَوْم الِاثْنَيْنِ لِأَنَّهُ قَالَ وَالله لَا أفطر مَا لم يرجع وَلَدي وَكَذَلِكَ نذر أَن لَا يكلم زَوجته مَا لم يرجع وَلَده فَهُوَ كَمَا قَالَ وَالله لَا أكلم زَوْجَتي مَا لم يرجع فَإِذا كلمها قبل رُجُوع وَلَده يلْزمه كَفَّارَة الْيَمين الشَّهَادَات 1158 - مَسْأَلَة شهد شَاهِدَانِ بِأَن فلَانا أقرّ لفُلَان بِكَذَا وَأقر لفُلَان بدار وَكَانَت ملكا لَهُ يَوْم الْإِقْرَار لَا تقبل لِأَن الْإِقْرَار لَا يُوجب الْملك إِنَّمَا هُوَ إِخْبَار عَن سَبَب سَابق ثَبت لَهُ الْملك فَإِذا كَانَ يَوْم الاقرار ملكا للْمقر لَا تصير بِالْإِقْرَارِ ملكا للْمقر لَهُ كَمَا لَو قَالَ دَاري هَذَا لفُلَان لَا تكون إِقْرَار لِأَن بإضافته إِلَى نَفسه منع ملك الْغَيْر بِخِلَاف مَا لَو شهد أَن فلَان بَاعَ دَاره هَذِه من فلَان الحديث: 1155 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 717 @ وَكَانَت يَوْم البيع ملكا لَهُ لِأَن البيع سَبَب نقل الْملك قَالَ وَكَذَلِكَ لَو شهد أَنه أقرّ لَهُ بِهِ وَكَانَ ملكا الى أَن أقرّ بِهِ أَو قَالُوا كَانَ لَهُ ملكا قبل الْإِقْرَار لَا يقبل 1159 - مَسْأَلَة وَلَو رَجَعَ الشُّهُود على المَال عَن الشَّهَادَة قبل الْقَضَاء لَيْسَ للْقَاضِي أَن يقْضِي فَلَو لم يعلم القَاضِي برجوعهم حَتَّى قضى ثمَّ أقرّ بِرُجُوعِهِ حَتَّى شهد الشُّهُود قَالَ لَا ينْقض الْقَضَاء بِخِلَاف الْمَسْأَلَة الأولى لِأَن هَهُنَا لَيْسَ أحد قَوْله أولى من الآخر وَقد اتَّصل بِالْأولِ قَضَاء القَاضِي الدَّلِيل على الْفرق أَن الشَّاهِد لورجع بعد الْقَضَاء لَا ينقص وثمة لَو أقرّ بعد البقضاء بِأَنِّي كنت قد أخذت المَال عَلَيْهِ الرَّد وينفصل الْقَضَاء 1160 - مَسْأَلَة عبد أقرّ أَنِّي رَقِيق لفُلَان وَفُلَان سَاكِت وَشهد شَاهِدَانِ أَنه حر هَل يحكم بِالْحُرِّيَّةِ أم لَا قَالَ يحكم بِالرّقِّ وَلَو كَانَ الْمقر لَهُ بِالرّقِّ غَائِبا فِي هَذِه الصُّورَة فَشهد شَاهِدَانِ على حريَّة العَبْد هَل يحكم بِالْحُرِّيَّةِ قَالَ لَا 1161 - مَسْأَلَة إِذا شهد عِنْد القَاضِي جمَاعَة وأشكل على القَاضِي عدالتهم فَأخْبر نَائِب للْقَاضِي بِأَن اثْنَيْنِ مِنْهُم عدل وَلم يبين لَا يحكم بِهِ فَإِن عين عَدْلَيْنِ هَل يحكم بتزكيته قَالَ إِن كَانَ النَّائِب قد رَجَعَ إِلَى المزكين وَأخْبرهُ اثْنَان بِعَدَد التهم فَالْقَاضِي يعْتَمد قَوْله وَيحكم بِهِ وَإِن كَانَ يشْهد على عَدَالَته من عِنْد نَفسه فَلَا بُد من مزكي آخر مَعَه حَتَّى يحكم 1162 - مَسْأَلَة وَلَو أَن قَاضِيا سمع شَهَادَة على غَائِب فِي مَال وَكتب إِلَى قَاضِي بلد الْخصم وَلم يسم الشُّهُود بل شهد وَكتب شهد عِنْدِي عَدْلَانِ على فلَان بِكَذَا وَكَذَا قَالَ يجوز وَلَا يشْتَرط تَسْمِيَة الشُّهُود فَلَو قَالَ الْمَشْهُود عَلَيْهِ يَنْبَغِي أَن يكون من شهد عَليّ مَعْلُوما لي لَيْسَ لَهُ ذَلِك الحديث: 1159 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 718 @ لِأَن القَاضِي لَو حكم عَلَيْهِ بِشَهَادَة شَاهِدين فِي غيبته وَأدّى المَال من مَال لَهُ عِنْده جَازَ 1163 - مَسْأَلَة شهد شَاهِدَانِ أَن فلَانا الْمُتَوفَّى أقرّ فِي مرض مَوته لزوجته بِكَذَا وَقُلْنَا الْإِقْرَار للْوَارِث لَا يقبل أَقَامَ الْمقر لَهُ الْبَيِّنَة أَنه أقرها فِي حَال الصِّحَّة وَلم يؤرخا وَلم يبينا قَالَ يحكم بِالْمَالِ وَيحمل على أَنه أقرّ مرَّتَيْنِ مرّة فِي الصِّحَّة وَمرَّة فِي مرض الْمَوْت 1164 - مَسْأَلَة شهد شَاهِدَانِ أَنه أقرّ فِي يَوْم كَذَا من شهر كَذَا لزوجته وَهُوَ مَرِيض وَمَات من ذَلِك الْمَرَض وَشهد شَاهِدَانِ أَنه أقرّ فِي ذَلِك الْوَقْت بِعَيْنِه وَهُوَ صَحِيح قَالَ بَيِّنَة الصِّحَّة تلغى وتحكم بَيِّنَة الْمَرَض لِأَن الْمَرَض ناقله إِلَى الأَصْل فمعهما زِيَادَة علم 1165 - مَسْأَلَة دَار فِي يَد إِنْسَان جَاءَ رجل وَادّعى أَنَّهَا ملكي اشْتَرَيْته من فلَان وَكَانَ ملكا لَهُ وَأقَام عَلَيْهِ بَيِّنَة وَأقَام ذُو الْيَد بَيِّنَة أَنه اشْتَرَاهُ من فلَان آخر وَكَانَ ملكا لَهُ يقْضِي لذِي الْيَد لَو لم يقل الشُّهُود فِي شَهَادَتهم أَنه كَانَ ملكا لفُلَان بل شهدُوا أَنه ملك لهَذَا الْمُدَّعِي اشْتَرَاهُ من فلَان ظَاهر النَّص أَنه لَا يسمع مَا لم يَقُولُوا اشْتَرَاهُ من فلَان وَكَانَ ملكا لَهُ قَالَ عِنْدِي يحْتَمل أَن لَا يشْتَرط هَذِه اللَّفْظَة لِأَنَّهُ قد يَشْتَرِيهِ من فلَان شِرَاء صَحِيحا وَلَا يكون البَائِع مَالِكًا بل يكون وَكيلا بِالْبيعِ وَلِأَنَّهُم لما قَالُوا اشْتَرَاهُ من فلَان فمطلق الشِّرَاء يحمل على الشِّرَاء الصَّحِيح الْمُوجب للْملك خَاصَّة إِذا شهدُوا لهَذَا الْمُدَّعِي بِالْملكِ فِي الْحَال يدل على أَن مُطلق الشِّرَاء يحمل على الصَّحِيح الْمُوجب للْملك أَنه لَو حلف لَا يَشْتَرِي فَاشْترى شِرَاء فَاسِدا أَن لَا يَبِيع فَبَاعَ بيعا فَاسِدا لَا يَحْنَث 1166 - مَسْأَلَة رجل فِي يَده عبد يَدعِي رقته فَادّعى العَبْد الْحُرِّيَّة وَأقَام صَاحب الْيَد بَيِّنَة على رقّه وَأقَام الْبعد بَيِّنَة على أَنِّي كنت ملك فلَان فاعتقني يحكم لصَاحب الْيَد لفضل يَده كَمَا تقدم بَيِّنَة ذِي الْيَد على بَيِّنَة الحديث: 1163 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 719 @ الْخَارِجِي فِي دَعْوَى الْملك فَأَما إِذا لم يكن العَبْد فِي يَده وَلَكِن ادّعى على شخص مَجْهُول النّسَب أَنه عَبدِي وَأقَام عَلَيْهِ بَيِّنَة وَأقَام ذَلِك الْمَجْهُول بَيِّنَة أَنه كَانَ مَمْلُوكا فِي يَد فلَان وَفُلَان أعْتقهُ فَإِنَّهُ تقبل بَينه العَبْد وترجح وَيعتق بِخِلَاف الأول لِأَن ثمَّة الْمُدَّعِي للْملك صَاحب يَد فرجحنا بَيِّنَة بِالْيَدِ وَهَا هُنَا لَا بُد لمُدعِي الْملك على العَبْد فَهُوَ وَالْعَبْد سَوَاء إِلَّا أَن العَبْد أثبت ملكا ثمَّ تَصرفا فانتقل ذَلِك الْملك وَيَدعِي الْملك أثبت ملكا فَحسب فرجحنا بَيِّنَة العَبْد وحكمنا بِالْعِتْقِ وَذكره الْقفال فِي فَتَاوِيهِ كَذَلِك أَيْضا 1167 - مَسْأَلَة لَو مَاتَ رجل عَن ابْنَيْنِ وَخلف دَارا فَبَاعَ أحد الِابْنَيْنِ نصِيبه ثمَّ مَاتَ وَادّعى أَخُوهُ مِيرَاث الدَّار من أَبِيه وأخيه وَأقَام المُشْتَرِي بَيِّنَة على أَنه اشْترى نصيب الْأَخ مِنْهُ فَادّعى الْأَخ الآخر أَن أخي كَانَ يَوْم البيع صَغِيرا وَقَالَ المُشْتَرِي كَانَ بَالغا فَالْقَوْل قَول من يَدعِي الصَّغِير مَعَ يَمِينه 1168 - مَسْأَلَة عبد أقرّ بِالرّقِّ لإِنْسَان وَشهد شَاهِدَانِ على حُرِّيَّته قَالَ يحكم برقة لِأَن الشُّهُود يشْهدُونَ على حُرِّيَّته من حَيْثُ الظَّاهِر وَهُوَ أعلم بِحَالهِ كَمَا لَو شهد شَاهِدَانِ على رقّه وآخران على حُرِّيَّته كَانَ رَقِيقا أما إِذا شهد شَاهِدَانِ على أَنه أعْتقهُ وَالْعَبْد يقر بِالرّقِّ فالعتق أولى كَمَا أَن شَهَادَة الْعتْق أولى من شَهَادَة الرّقّ وَإِن كَانَ الْمقر لَهُ غَائِبا لَا يحكم برقه حَتَّى يحضر الْمقر لَهُ فَيسْأَل وَإِن كَانَ الْمقر لَهُ سَاكِنا يسْأَل 1169 - مَسْأَلَة رجل ادّعى دَارا فِي إِنْسَان أَنَّهَا وقف وَقفهَا جدي عَليّ وعَلى الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين وَأقَام عَلَيْهِ بَيِّنَة وَأقَام ذُو الْيَد بَيِّنَة أَنَّهَا ملكه اشْتَرَاهَا من أم الْمُدَّعِي أَو من غَيرهَا بتاريخ كَذَا يحكم لصَاحب الْيَد فَلَو أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَة أَن الْأُم البائعة كَانَت قد أقرَّت قبل تَارِيخ البيع بِأَنَّهَا وقف قَالَ يحكم بِالْوَقْفِ وَيرجع صَاحب الْيَد بِالثّمن على الْأُم فَلَو رَجَعَ إِحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ بعد الحكم بِالْوَقْفِ نظر إِن رَجَعَ شُهُود أصل الْوَقْف لَا يرد الْوَقْف وَلَا غرم على الشُّهُود الَّذين رجعُوا لِأَن الْبَيِّنَة قد قَامَت على إِقْرَار البائعة الَّتِي كَانَت الحديث: 1167 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 720 @ الْيَد لَهَا بِالْوَقْفِ وَكَذَلِكَ لَو رَجَعَ أحد شَاهِدي الأَصْل لَا غرم عَلَيْهِ فَهُوَ كَمَا لَو قَامَت بَيِّنَة على أَن مَوضِع كَذَا الَّذِي فِي يَد فلَان وَقفه قضى بِهِ القَاضِي ثمَّ رَجَعَ الشُّهُود يجب عَلَيْهِم الْغرم وَلَو رَجَعَ أحد الشَّاهِدين عَلَيْهِ نصف الْغرم وَلَا يرد الْوَقْف فَلَو أقرّ الَّذِي فِي يَده بالوقفية لَا غرم على الشُّهُود كَذَلِك هَا هُنَا فَأَما إِذا رَجَعَ أحد شَاهِدي الْإِقْرَار قبل الحكم بِالْوَقْفِ عَلَيْهِ نصف الْغرم للبائعة وَإِن رجعا فَجَمِيع الْغرم لِأَن الحكم وَقع بهما وَالْمُشْتَرِي قد اسْتردَّ مِنْهُمَا الثّمن قَالَ وَيجوز أَن يُقَال بغرم الشَّاهِد لصَاحب السَّيِّد وَهُوَ يرد الثّمن إِلَى البائعة 1170 - مَسْأَلَة إِذا شهد الشُّهُود على رجل بالسفة يقبل حَبسه وَيجوز للْقَاضِي أَن يحْجر عَلَيْهِ فِي غيبته لِأَنَّهُ يتَعَلَّق بِهِ حُقُوق الله تَعَالَى 1711 - مَسْأَلَة إِذا كَانَ شَاهد الأَصْل فِي الْبَلَد لكنه متواري لَا يُمكنهُ الْخُرُوج تقبل شَهَادَة شهور الْفَرْع كَمَا لَو كَانَ مَرِيضا 1172 - مَسْأَلَة لَو شهد شَاهِدَانِ على إِقْرَار زيد لعَمْرو بِمَال فِي مَكَان كَذَا فِي يَوْم كَذَا وَهُوَ صَحِيح الْعقل وآخران شَهدا أَن زيدا كَانَ مَجْنُونا فِي ذَلِك الْيَوْم وَإِقْرَاره كَانَ فِي جُنُونه قَالَ لم يعرف بِهِ جُنُون سَابق فَبَيِّنَة الْجُنُون أولى لِأَنِّي مَعَهُمَا زِيَادَة علم وَإِن كَانَ يجن أَحْيَانًا ويفيق أَحْيَانًا وَعرف ذَلِك مِنْهُ فالبينتان متعارضتان 1173 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ الدَّوَابّ الَّذِي فِي يَدي ملك لفُلَان فَسَمعهُ إِنْسَان وَلَا يعرف السَّامع عَددهَا وَلَا وصفهَا ثمَّ الْمقر ادّعى بَين يَدي القَاضِي دوابا مُعينَة وَأقَام الْبَيِّنَة على أَنَّهَا كَانَت فِي يَد الْمقر يَوْم الْإِقْرَار وَشَاهدا الْإِقْرَار شَهدا كَمَا سمعا قَالَا لَا يسمع هَذِه الشَّهَادَة إِلَّا إِن شَهدا قبل أَن يغيب عَن بصرهما 1174 - مَسْأَلَة دَار فِي يَد إِنْسَان ادّعى ابْنه عَلَيْهِ أَنه وقف هَذِه الدَّار علينا وعَلى أَوْلَادنَا وَأقَام عَلَيْهِ بَيِّنَة وَحكم القَاضِي بوقفه ثمَّ جَاءَ أَجْنَبِي فَادّعى الحديث: 1170 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 721 @ أَنه ملكي قَالَ إِذا قَامَ الْأَجْنَبِيّ الْبَيِّنَة على الْملك يقم بعده الْمَوْقُوف عَلَيْهِ الْبَيِّنَة على الْوَقْف وترجح بَينته بِحكم الْيَد 1175 - مَسْأَلَة الْوَكِيل فِي إِثْبَات الْحق إِذا خَاصم عِنْد الْحَاكِم ثمَّ عزل قبل الْإِثْبَات فَشهد بذلك المَال لمُوكلِه لَا تقبل شَهَادَته 1176 - مَسْأَلَة رجل ادّعى عينا فِي يَد إِنْسَان وَله بذلك عدل وَاحِد وَالْقَاضِي وَلَيْسَ لَهُ شَاهد آخر قَالَ يدعى بَين يَدي القَاضِي وَيشْهد القَاضِي بَين يَدي نَائِبه 1177 - مَسْأَلَة أَرض مُشْتَركَة بَين رجلَيْنِ فِيهَا أَشجَار فاقتسموها فَوَقَعت شَجَرَة فِي نصيب أحد الشركين وَأَغْصَانهَا خَارِجَة إِلَى هَوَاء نصيب الْأُخَر فَلهُ تكلفة نقل الأغصان فَإِن لم تنقل قطعهَا كَمَا لَو انتشرت أَغْصَان شَجَرَة قديمَة إِلَى هَوَاء الْجَار الدَّعَاوَى 1178 - مَسْأَلَة رجل اشْترى عبدا فَادّعى العَبْد أَنِّي حر الأَصْل فَالْقَوْل قَوْله مَعَ يَمِينه فَإِن أَقَامَ العَبْد بَينه لَا تسمع لِأَن حجَّته الْيَمين فَلَو بَينه على نسبه من أَبَوَيْهِ يثبت حُرِّيَّته وَالْمُشْتَرِي رَجَعَ على البَائِع بِالثّمن وَالْبَائِع يرجع على بَائِعه بِالثّمن أَيْضا وَلَو أَرَادَ البَائِع أَن يرجع على بَائِعه أَن يرجع على بَائِعه بِالثّمن أَيْضا وَلَو أَرَادَ البَائِع أَن يرجع على بَائِعه قبل أَن يغرم للْمُشْتَرِي مَا أَخذ مِنْهُ يجوز لِأَنَّهُ ثَبت بِالْبَيِّنَةِ وَكَون البيع حر أَن مَا أَخذه مُسْتَحقّ الرَّد حَتَّى لَو ترك المُشْتَرِي حَقه وَلم يسترجع الثّمن من بَائِعه فَللْبَائِع إِن رَجَعَ إِلَى بَائِعه بِثمنِهِ وَلَو قَالَ البَائِع ردوا الى هَذَا العَبْد الْمَحْكُوم بحريَّته حَتَّى أرد الثّمن لَيْسَ لَهُ ذَلِك وَلَو ادّعى للْبَائِع بعد مَا حكم بحريّة العَبْد أَن العَبْد كَانَ قد أقرّ على نَفسه بِالرّقِّ فَلم يَصح الحكم بحريَّته لم يسمع هَذَا الدَّعْوَى مِنْهُ لِأَن مَعْرُوف النّسَب إِذا أقرّ على نَفسه بِالرّقِّ لَا يقبل وَقد قَامَت الْبَيِّنَة على نسبه وحرية أَصله وَلَا يسمع بَينته على إِقْرَاره بِالرّقِّ لِأَنَّهُ إِن يحلف المُشْتَرِي على ذَلِك وَالْبَائِع بعد مَا ادّعى أَن الحديث: 1175 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 722 @ العَبْد كَانَ قد أقرّ بِالرّقِّ لَا يبطل حَقه عَن الرُّجُوع بِالثّمن على بَائِعه كَرجل اشْترى شَيْئا وَخرج مُسْتَحقّا لَهُ الرُّجُوع على بَائِعه بِالثّمن وَإِن كَانَ يُنكر ملك الْمُسْتَحق ويغرما بِملك البَائِع لِأَن إِنْكَاره رد عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ وَلَو ادّعى البَائِع على المُشْتَرِي بأنك كنت قَادِرًا على أَن تقيم الْبَيِّنَة على دفع بَيِّنَة الْمُدَّعِي فَلم يفعل فَلَا رُجُوع لَك على وَارِد يَمِينه لَا يسمع هَذَا الدَّعْوَى وَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيفه لِأَنَّهُ لَا يلْزمه إِقَامَة الْبَيِّنَة على دَفعه وَلَو أَن المُشْتَرِي أَرَادَ الرُّجُوع على البَائِع فَأنْكر البَائِع البيع وَقبض الثّمن فَأَقَامَ المُشْتَرِي بَيِّنَة على البيع وَلم يشْهدُوا على قبض الثّمن وشهدوا أَنه بَاعَ وَقبض الثّمن وَلم يثبتوا قدر الثّمن لَا يقبل وَلَو تبينوا قدر الثّمن وَقَالُوا كَانَ من بعد السّنة الْفُلَانِيَّة لسنة مَاضِيَة وَلم يعرف نقد تِلْكَ السّنة فَهَلَك يسمع ثمَّ يرجع إِلَى أهل الْمعرفَة بتاريخ ذَلِك النَّقْد فَلَا يسمع للْجَهَالَة وَلَو أَن المُشْتَرِي الآخر يتَبَرَّع العَبْد من يَده يَمِينه قَامَت على حُرِّيَّته وَذكرنَا أَن لَهُ الرُّجُوع على بَائِعه ولبائعه على بَائِع بَائِعه فَلَو أَن بَائِعه أقرّ بحريّة العَبْد لَا يسْقط رُجُوعه بِهَذَا الْإِقْرَار لِأَنَّهُ قَامَت الْبَيِّنَة على الْحُرِّيَّة فَلَا يَنْقَطِع بِإِقْرَار رُجُوعه وَلَا حكم لإِقْرَاره فِي إِسْقَاط من رُجُوع 1179 - مَسْأَلَة رجل ادّعى على إِنْسَان أَنه بَاعَ مِنْهُ عبدا بِأَلف وَسلمهُ إِلَيْهِ وَأقَام بَيِّنَة على إِقْرَار الْمُدَّعِي عَلَيْهِ فَقَالَ الْمُدَّعِي عَلَيْهِ لم يصل إِلَيْهِ سَببه بِمَعْنى لم يسلم العَبْد وَإِنَّمَا أقرّ بِاللِّسَانِ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَة أَنا رَأينَا ذَلِك العَبْد فِي يَده وَقَالَ هَذَا العَبْد الَّذِي اشْتَرَيْته من فلَان بِأَلف فَقَالَ الْمُدَّعِي أَقرَرت وَلَكِن لم يكن وصل إِلَى قَالَ لَهُ تَحْلِيف الْمُدَّعِي عَلَيْهِ أَنه قد سلم لِأَنَّهُ قد يكون فِي يَده بِسَبَب لَا بِتَسْلِيم من جِهَة البَائِع 1180 - مَسْأَلَة رجلَانِ رميا سَهْمَيْنِ فَأصَاب أحد السهمين شخصا وَمَات وَاخْتلفَا قَالَ كل وَاحِد مِنْهُمَا أَصَابَهُ سهمك أَولا فَمَاتَ من سهمك رَجَعَ إِلَى الْوَارِث وَالْوَارِث إِذا ادّعى على أَحدهمَا أَن سهمك أصَاب أَولا فَالْقَوْل قَول الْوَارِث أَو الْمُدَّعِي عَلَيْهِ قَولَانِ كَمَا لَو قدر رجلا ملفوقا بنصفين قَالَ الْقَاذِف قَذَفته الحديث: 1179 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 723 @ وَهُوَ ميت وَقَالَ الْوَارِث بل كَانَ حَيا فَالْقَوْل قَول من قَوْلَيْنِ معروفين 1181 - مَسْأَلَة ادّعى على إِنْسَان مَالا فَأنْكر وَأقَام الْمُدَّعِي الْبَيِّنَة وَقضى لَهُ القَاضِي بِالْمَالِ ثمَّ الْمُدعى عَلَيْهِ أَقَامَ الْبَيِّنَة بعد قَضَاء القَاضِي أَن الْمُدَّعِي قد أقرّ بوصول هَذَا إِلَيْهِ قَالَ نسْمع الْبَيِّنَة وعَلى القَاضِي أَن يحكم بِبَرَاءَة ذمَّته لِأَن بَيِّنَة الْمُدَّعِي على الْبَرَاءَة لما كَانَت مُقَدّمَة على بَيِّنَة الْمُدَّعِي قبل الْقَضَاء وَالْقَضَاء لَا يمْنَع إِقَامَة الْحجَّة عَلَيْهِ كالمدعى عَلَيْهِ إِذا حلف على الْإِنْكَار وَقضى القَاضِي ببراءته ثمَّ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَة على الْوُجُوب سَمِعت بَينته أما إِذا أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَة ثمَّ قَالَ الْمُدعى عَلَيْهِ وَهُوَ ايراني أَو أدّيت أَو كَانَ عينا فتعد إِقَامَة الْمُدَّعِي الْبَيِّنَة قَالَ الْمُدعى عَلَيْهِ إِنَّه قد بَاعَنِي أَو وهب لي وَأَرَادَ تَحْلِيف الْمُدَّعِي هَل يحلف فقد ذكر الْأَصْحَاب وعلقته عَن القَاضِي إِن كَانَ قبل قَضَاء القَاضِي بَيِّنَة الْمُدَّعِي يحلف الْمُدَّعِي وَإِن كَانَ بعد قَضَاء القَاضِي فَوَجْهَانِ الْأَصَح لَا يسمع وَذكر فِي دَعْوَى الْقُرْآن الْأَصَح أَن يسمع قَالَ فَرَأَيْت فِي مُحَرر الشَّيْخ أبي عَليّ يحلف من غير فصلين بعد قَضَاء القَاضِي أَو قبله قَالَ الإِمَام الْأَصَح أَن لَا يحلف بعد قَضَاء القَاضِي وَيحلف قبله فِي الْمَوَاضِع كلهَا 1182 - مَسْأَلَة وَلَو شهد الشُّهُود أَنه أقرّ لفُلَان بِكَذَا أَو أقرّ بَين يَدي القَاضِي ثمَّ قَالَ لم يصل إِلَى سَببه لَهُ تَحْلِيف الْمُدَّعِي لِأَن الْعَادة جرت أَن النَّاس يقرونَ للإشهاد قبل أَخذ المَال قَالَ الإِمَام وَلَو قضى القَاضِي بِبَيِّنَة الْمُدَّعِي على الْمُدعى عَلَيْهِ بعد مَا ادّعى الْمُدعى عَلَيْهِ هَذِه الدَّعْوَى وَلم يحلف الْمُدَّعِي وَجب أَن ينفذ قَضَاؤُهُ لأجل الْبَيِّنَة قَالَ أما إِذا أقرّ بِالْمَالِ ويوصل السَّبَب إِلَيْهِ أَو شهد الشُّهُود أَنه أقرّ بِالْمَالِ وَوصل السَّبَب ثمَّ أَرَادَ تَحْلِيف الْمُدَّعِي على أَنه لم يُوصل إِلَى السَّبَب لَيْسَ لَهُ ذَلِك عِنْدِي 1183 - مَسْأَلَة رجل ادّعى نِكَاح امْرَأَة فأنكرت وَحلفت ثمَّ أقرَّت وَالزَّمَان لَا يحْتَمل نِكَاحا جَدِيدا بعد انكاحها إِلَى وَقت أقرّ وَلَدهَا هَل يجوز فِي الحكم لَهُ وَطْؤُهَا قَالَ يجوز كمن انكر حَقًا ثمَّ أقرّ الحديث: 1181 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 724 - مَسْأَلَة إِذا بَاعَ الْقيم دون إِذن الصَّبِي عقار بعد مُدَّة ادّعى يَوْمئِذٍ أَنِّي كنت بَالغا وَأنكر الْقيم بُلُوغه يَوْمئِذٍ قَالَ لَا يقبل قَول الصَّبِي لِأَن الصَّبِي فِي الأَصْل صغره فَإِن أَقَامَ بَيِّنَة على بُلُوغه يَوْم البيع تسمع بَينته وَيبْطل البيع 1185 - مَسْأَلَة إِذا ادّعى على رجل بِأَن بَاعَ مني هَذِه الدَّار فَأنْكر فَأَرَادَ الْمُدَّعِي إثْبَاته بِشَاهِد وَامْرَأَتَيْنِ ذكر عَن القَاضِي أَنه يثبت بل القَوْل قَول الْمُدعى عَلَيْهِ مَعَ يَمِينه قَالَ وَفِي تَفْصِيل إِن أنكر الْمُدعى عَلَيْهِ وكَالَة الْوَكِيل لَا تجوز إِثْبَاتهَا بِشَاهِد وَيَمِين وَإِن لم يُنكر الْوكَالَة لَكِن أنكر البيع يثبت لِأَنَّهُ إِثْبَات مَال 1186 - مَسْأَلَة رجل ادّعى دَارا فِي يَد إِنْسَان أَنَّهَا كَانَت ملكا لجدي فانتقل مِنْهُ إِرْثا إِلَى أبي وَمِنْه إِلَيّ وَالْيَوْم ملكي فَأَقَامَ ذُو الْيَد بَيِّنَة أَنَّهَا كَانَت ملكا لِأَبِيهِ وَالْيَوْم ملكي لَا يكون دفعا حَتَّى يبين وَجه انْتِقَال الْملك من أَبِيه إِلَيْهِ فَلَو أَقَامَ بَيِّنَة على أَنَّهَا ملكه مُطلقًا ثمَّ الْمُدَّعِي أَقَامَ بَيِّنَة أَنه كَانَ قد أقرّ أَنه ملكا لأبي يسمع وَيحكم للْمُدَّعِي حَتَّى يُقيم ذُو الْيَد بَيِّنَة وَيبين وَجه الإنقال إِلَيْهِ وَلَو قَالَ ذُو الْيَد كَانَ هَذَا فِي يَد أَبِيه قبل هَذَا بسنين لكنه كَانَ قد غصب مني فاسترجعت بطلت يَده لإِقْرَاره بِالْيَدِ لأَب الْمُدَّعِي 1187 - مَسْأَلَة أَقَامَ الْخَارِجِي بَيِّنَة أَن هَذِه الدَّار وَقفهَا جدي على أَوْلَاده وَأَوْلَاد أَوْلَاده مُنْذُ عشْرين وَأقَام ذُو الْيَد بَيِّنَة مُطلقًا أَنَّهَا ملكي بَيِّنَة ذِي الْيَد أولى وَإِن أَقَامَ ذُو الْيَد بَيِّنَة أَنه اشْتَرَاهُ من أَبِيه فَهُوَ ملكي كَانَت بَينته أولى وَقد بَين سَبَب ملكه فَإِن قَالَ اشْتَرَيْته من جدك فَبَيِّنَة الْمُدَّعِي أولى للتاريخ 1188 - مَسْأَلَة لَا يجب على الإِمَام إِخْرَاج المحبوسين بِالْحَقِّ لصَلَاة الْجُمُعَة وَالْجَمَاعَة وَكَذَلِكَ لَا يجب لَهُ إِنْزَال المصلوب بل يُصَلِّي كَمَا أمكنه كَمَا يُقَام الحديث: 1185 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 725 @ الْحَد عَلَيْهِ بِالْجلدِ وَإِن كَانَ يصبر عَاجِزا عَن الْقيام فِي الصَّلَاة فَلَو أرسل الْمَحْبُوس ليُصَلِّي بكفيل فَلَا بَأْس 1189 - مَسْأَلَة رجل وَامْرَأَة يسكنان دَارا ادّعى الرجل أَن الْمَرْأَة زَوجته وَالدَّار دَاره وَادعت الْمَرْأَة أَن الْمَرْء عَبدهَا وَالدَّار دارها قَالَ يحلف الرجل على نفي الرّقّ وَالْمَرْأَة على نفي الزَّوْجِيَّة ويحلفان على الدَّار وَهِي بَينهمَا وَإِذا قَامَ أَحدهمَا بَيِّنَة قضي لَهُ فَإِن أَقَامَا بينتين قَالَ بَيِّنَة الْمَرْأَة أَن الرجل عَبدهَا أولى لِأَن من ادّعى حريَّة الأَصْل فَأَقَامَ رجل على رقة بَيِّنَة كَانَ رَقِيقا فها هُنَا بَيِّنَة الْمَرْأَة أولى لَا ذَلِك الْيَمين إِذا طَرَأَ على النِّكَاح يرفعهُ وَالرجل يَدعِي النِّكَاح وَملك النِّكَاح إِذا طَرَأَ لَا يرْتَفع ملك الْيَمين بل ينْدَفع ملك النِّكَاح بِملك الْيَمين واذا حكمنَا لَهَا بملكية الرجل كَانَت الدَّار بهَا 1190 - مَسْأَلَة امْرَأَة لَهَا ولد أَقَامَ فِي بلد مُدَّة على حكم الْأَحْرَار وكل وَاحِد يقر بِالنّسَبِ تَقول الْأُم هَذَا وَلَدي وَيَقُول الْوَلَد هَذِه أُمِّي جَاءَ مدعي وَادّعى برقهما فأقرت الْأُم إِنِّي كنت مَمْلُوكَة لَهُ فأعتقني وَأنكر الْوَلَد وَقَالَ أَنا حر الأَصْل وَلست بِابْن لَهَا قَالَ يحكم برق الْأُم دون الْوَلَد 1191 - مَسْأَلَة لَو اشْترى رجل جَارِيَة وَولدا فَبلغ الْوَلَد فَادّعى حريَّة الأَصْل يقبل قَوْله 1192 - مَسْأَلَة رجل فِي يَده دَار وَقفهَا على الْأَوْلَاد ثمَّ أنكر الوقفية فَأَقَامَ الْأَوْلَاد بَيِّنَة على الوقفية وَحكم الْحَاكِم ثمَّ جَاءَ مدعي وَأقَام بَيِّنَة أَنَّهَا ملكي لَا حكم لَهُ لِأَن الْوَاقِف صَاحب والخارجي أَقَامَ الْبَيِّنَة فَكَانَ الحكم لَهُ فَإِن أَقَامَ الْمَوْقُوف عَلَيْهِ الْبَيِّنَة على ملكية الْأَب ووقفيته حكم بِهِ لِأَن بيتة ذِي الْيَد مُقَدّمَة 1193 - مَسْأَلَة إِذا أقرّ جد الْوَرَثَة بوقفية شَيْء من التَّرِكَة وَأنكر الْبَاقُونَ يقبل قَوْله نصِيبه بوقفه إِن الْآن قد وَقفهَا وَأنكر الْبَاقُونَ فَهُوَ وقف بِزَعْمِهِ وَلَا رُجُوع على الآخرين وَلَو أَقَامَ بَيِّنَة على وقفية رَجَعَ وَكَذَلِكَ لَو وَقع عبد الحديث: 1189 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 726 @ فِي نصِيبه فَأقر أَن الْأَب كَانَ قد أعْتقهُ وَأنكر الْبَاقُونَ لَا رُجُوع لَهُ عَلَيْهِم بِشَيْء فَإِن أَقَامَ بَيِّنَة قبل وَرجع فِي التَّرِكَة فيقيم ثَانِيًا وَلَو أقرّ الَّذِي فِي يَده بِأَن هَذِه الْعين لفُلَان تسلم إِلَى فلَان وَلَا رُجُوع لَهُ على الآخرين وَإِن أَقَامَ الْبَيِّنَة قَالَ يحْتَمل أَن لَا يقبل لِأَنَّهُ لَا يُمكنهُ ابناء الْملك للْغَيْر بَيِّنَة قَالَ وَقد رَأَيْت أَنه لَو اشْترى عبدا ثمَّ قَالَ المُشْتَرِي هَذَا الَّذِي يَعْنِي حرا ووقف أَو ملك لفُلَان فَالْقَوْل قَول البَائِع وَيحكم على المُشْتَرِي بِعِتْق أَو وقفية أَو يجب تَسْلِيمه إِلَى فلَان وَلَا رُجُوع لَهُ على البَائِع بِالثّمن فَلَو أَقَامَ الْبَيِّنَة عَلَيْهِ قَالَ يسمع لِأَن لَهُ غَرضا وَهُوَ استرجاع الثّمن وَإِن كَانَ إِقَامَة الْبَيِّنَة فِي ملك الْغَيْر وَلَو لم يكن بَيِّنَة فَأَرَادَ تَحْلِيف البَائِع يجوز فَإِن نكل حلف واسترد الثّمن وَقَالُوا لَو ادّعى دَارا على رجل فَقَالَ لَيْسَ وَلَكِن لفُلَان الْغَائِب لَا يصدق وَإِن أَقَامَ الْبَيِّنَة على أَنَّهَا لفُلَان الْغَائِب يسمع وَهُوَ بَيِّنَة على إِثْبَات الْملك للْغَيْر وَلَكِن قَصده رفع الْخُصُومَة فَيقبل 1194 - مَسْأَلَة ادّعى على رجل بِأَن الدّرّ الَّتِي فِي يدك ملكي اشْتَرَيْتهَا من فلَان فَقَالَ صَاحب الْيَد كَانَت هَذِه الدَّار مَرْهُونَة مني يَوْم اشْتَرَيْتهَا فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَة أَنِّي اشْتَرَيْتهَا بِأَمْرك فَأَقَامَ ذُو الْيَد بَيِّنَة أَنَّهَا ملكي وَكَانَ ملكي ملكا لمن اشْتَرَيْتهَا مِنْهُ هَل يكون دفعا قَالَ لَا يكون دفعا لِأَنَّهُ أقرّ بسبق الشِّرَاء للْمُدَّعِي غير أَنه ادّعى لنَفسِهِ الرَّهْن وَقد أبطل بَيِّنَة الْمُدَّعِي رَهنه بِالْإِذْنِ فَثَبت سبق شِرَائِهِ فَلَا تقبل بَينته على نفي الْملك من الْمُدَّعِي 1195 - مَسْأَلَة رجل ادّعى دَارا فِي يَد رجل أَنَّهَا كَانَت ملكا لفُلَان الْغَائِب أَو الْمَيِّت رَهنهَا مني وَسلم وَهُوَ رهن مني وَأقَام ذُو الْيَد الْبَيِّنَة على أَنَّهَا ملكي اشْتَرَيْته أخر بتاريخ مُتَأَخّر قَالَ لَا حكم لبينة الْمُدَّعِي الرَّهْن لِأَن الرَّهْن فِي الْخصم هُوَ ملك الْمَالِك قَالَ هَذَا على قَول بعض الْأَصْحَاب وَعند بَعضهم وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ دَعْوَى الْمُرْتَهن مسموع فعلى هَذَا هُوَ كالمسألة الثَّانِيَة يسمع وَيرجع جَانب ذِي الْيَد وَهَذَا قَول وَقَالَ وَلَو أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَة أَن قَاضِيا قضى لَهُ بِالدّينِ وَالرَّهْن قَالَ بَيِّنَة ذِي الْيَد مَعَ هَذَا أولى قَالَ الإِمَام الحديث: 1194 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 727 @ عبد الرَّحْمَن وَفِي فَتَاوَى الشَّيْخ الْقفال أَنه سمع دَعْوَى الْمُرْتَهن وَيكون خصما 1196 - مَسْأَلَة رجل اشْترى شَيْئا فجَاء رجل فَادّعى أَنه ملكي وانتزعه من يَده غصبا بِلَا حجَّة فَلَمَّا طعن الْمَغْصُوب مِنْهُ المُشْتَرِي بِالْقَاضِي ادّعى على الْغَاصِب فَأنْكر الْغَاصِب وَحلف فَهَل للْمُشْتَرِي أَن يرجع بِالثّمن على البَائِع قَالَ لَا يرجع لِأَنَّهُ لَا ينتزع من يَده بِحجَّة وَالْغَصْب ظلم حدث فِي يَده فَلَا يرجع على غير من ظلمه 1197 - مَسْأَلَة دَار وكرم فِي يَد إِنْسَان جَاءَ رجل وَادّعى أَن هَذِه الدَّار وَقفهَا أَبونَا علينا وعَلى أَوْلَادنَا بتاريخ كَذَا وَشهد الشُّهُود حَسبه أَن هَذَا وقف على مَسْجِد أَو رِبَاط وَأقَام ذُو الْيَد بَيِّنَة أَنَّهَا ملكي ترجح بَيِّنَة ذُو الْيَد وَلَو أَقَامَ ذُو الْيَد بَيِّنَة أَنه اشْتَرَاهَا من فلَان وَذكر تَارِيخا بعد تَارِيخ الْوَقْف قَالَ نظر إِن كَانَ قد اشْتَرَاهَا من يَدعِي الْمُدَّعِي أَنه وَقفه فَبَيِّنَة الْوَقْف أولى لسبق التَّارِيخ وَلَو قَالَ اشْتَرَيْته من فلَان آخر فَبَيِّنَة ذِي الْيَد أولى وَكَذَا فِي حكم عبد يَدعِي أَنه أعْتقهُ فلَان وَهُوَ فِي يَد رجل يَدعِي ملكه 1198 - مَسْأَلَة رجل ادّعى دَارا فِي يَد إِنْسَان أَن أَبَاهُ أصدقهَا أمه مُنْذُ عشْرين سنة وَمَاتَتْ وَصَارَت مِيرَاثا لي وَأقَام عَلَيْهِ بَيِّنَة وَقَالَ صَاحب الْيَد اشْتَرَيْتهَا من أَبِيك مُنْذُ خمس سِنِين وَأقَام عَلَيْهِ بَيِّنَة فَبَيِّنَة الْخَارِج أولى لسبق التَّارِيخ واتفاقهما فِي إِثْبَات الْملك للْأَب فَلَو أَقَامَ ذُو الْيَد الْبَيِّنَة على أَن الْأُم اخْتلعت نَفسهَا على تِلْكَ الدَّار فَعَادَت الدَّار الى الْأَب ثمَّ بَاعهَا مِنْهُ فبينته من حجَّة لَو أَرَادَ الْخَارِجِي إِقَامَة الْبَيِّنَة على أَن الْأَب كَانَ قد أقرّ بهَا كَانَت ملكا للْأُم حِين مَاتَت هَل يكون دفعا لبينة ذِي الْيَد قَالَ لَا يكون دفعا لِأَنَّهُ لما ثَبت دَفعه للبينة فَيكون إِقْرَاره بَاطِلا فِي ملك الْغَيْر وَلَو أَقَامَ الْبَيِّنَة على أَنه قد أقرّ قبل أَن بَاعَ من صَاحب الْيَد بِأَنَّهَا كَانَت ملكا للزَّوْجَة يَوْم مَاتَت وَصَارَت ملكا للْوَرَثَة يسمع وَيكون دفع لَو أَن الْبَيِّنَة الأولى الَّتِي شهِدت على الإصداق وَالْملك إِلَى الْمَوْت أعَاد شَهَادَته على إِقْرَار البَائِع قبل البيع للْأُم بِالْملكِ لَا يسمع بِخِلَاف مَا لَو الحديث: 1196 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 728 @ شهد غَيرهمَا لأَب وَيحمل قَول غير أُولَئِكَ على ملك جَدِيد حصل للْأُم بعد الْخلْع فَيجْعَل تِلْكَ الْبَيِّنَة نَاقِلا للْملك من الْأَب بعد الْخلْع وَلَا يُمكن هَذَا التَّقْدِير فِي حق الْبَيِّنَة الأولى لأَنهم شهدُوا فِي الِابْتِدَاء على الإصداق وَالْملك إِلَى الْمَوْت فشهادتهم على الْإِقْرَار تَقْدِير تِلْكَ الشَّهَادَة وَلَا يُمكن تَقْدِير ملك جَدِيد لِأَنَّهُ يكون مضارا للشَّهَادَة الأولى فَلَو أَقَامَ الْخَارِجِي شَاهِدين آخَرين على أَن الْأَب كَانَ قد أقرّ قبل البيع بِالْملكِ لزوجته أَو للِابْن فَقبلنَا ورجحنا وَأقَام ذُو الْيَد بَيِّنَة على أَن الابْن قد أقرّ يَوْم البيع أَنه ملك للْأَب وَأَنه لَا حق فِيهِ وَلَا دَعْوَى يكون دفعا وَلَو ادّعى بَيِّنَة الْخلْع بِشَهَادَتِهِمَا وشهدا على هَذَا الْإِقْرَار يقبل بِخِلَاف بَيِّنَة النِّكَاح إِذا جَازَ أَو شهدُوا على إِقْرَار الْأَب لَا يقبل لأَنهم يطْلبُونَ رد الْخلْع بِشَهَادَتِهِم إِذْ لَا يُمكن حمل شَهَادَتهم على سَبَب جَدِيد لِأَنَّهُ يكون مضادا وَالْخلْع لَا يرْتَد بقَوْلهمْ لِأَن الْأَب لَو كَانَ حَيا لَكَانَ يرْتَد الْخلْع بقوله وَهَا هُنَا بَيِّنَة الْخلْع إِذا عَادَتْ الشَّهَادَة على إِقْرَار الْمُدَّعِي يسمع لِأَنَّهُ يشْهد على رد الابْن إِقْرَار الْأَب وَيَردهُ يرْتَد إِقْرَار الْأَب رجل بَاعَ دَارا من رجل فغصبها غَاصِب من المُشْتَرِي فادعاها المُشْتَرِي على الْغَاصِب هَل يجوز للْبَائِع أَن يشْهد على المُشْتَرِي بِالْملكِ قَالَ إِن شهد مُطلقًا أَنَّهَا ملك هَذَا المُشْتَرِي يقبل وَإِن علم القَاضِي أَنه بَائِعهَا لَا ترد شَهَادَته كمن رأى شَيْئا فِي يَد إِنْسَان مُدَّة يتَصَرَّف تصرف الْملاك لَهُ أَن يشْهد لَهُ بِالْملكِ مُطلقًا وَلَو علم القَاضِي أَنه شهد لَهُ بِظَاهِر الْيَد لَا ترد شَهَادَته وَإِن كَانَ لَو صرح بِهِ لَا يقبل 1199 - مَسْأَلَة إِذا ادّعى ألفا فَقَالَ الْمُدعى عَلَيْهِ إِنَّك قد بعتها على خمس مائَة ووهبت مني خَمْسمِائَة ولي بَيِّنَة فعجز عَن اقامة الْبَيِّنَة فَهَل تكون هَذِه اللَّفْظَة لَهُ إِقْرَار أم لَا قَالَ لَا لِأَنَّهُ لم يقر ثمَّ إِنَّه يلْزمه وَقد يُصَالح على الْإِنْكَار وَكَذَلِكَ لَو أَقَامَ الْبَيِّنَة على صِحَة قَوْله لَا يحكم بِالْبَاقِي 1200 - مَسْأَلَة رجل ادّعى على إِنْسَان دَارا فِي يَده فَأنْكر فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الحديث: 1199 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 729 @ بَيِّنَة على وَجهه وعد الشُّهُود فَأقر الْمُدعى عَلَيْهِ بِالدَّار لآخر قبل حكم القَاضِي للْمُدَّعِي بَيِّنَة هَل يحكم بِتِلْكَ الْبَيِّنَة وَلَا تجوز الْإِعَادَة وَإِن لم يعلم يُعِيد الْمُدَّعِي الْبَيِّنَة على وَجه الْمقر لَهُ 1201 - مَسْأَلَة رجل اشْترى عبدا وَحمله إِلَى بلد آخر فَبَاعَهُ وَخرج الْغُلَام حرا وَحكم بحريَّته ثمَّ خرج المُشْتَرِي إِلَى بلد للْبَائِع وَادّعى أَن لي عَلَيْك مائَة دِينَار من عَن آدَمِيّ بِعته مني خرج حرا وَلم يصف وَلم يعد هَل يسمع الدَّعْوَى قَالَ يسمع 1202 - مَسْأَلَة رجل خَالع زَوجته ثمَّ قَالَ هِيَ كَانَت مُحرمَة عَليّ قبل الْخلْع يجب عَلَيْهِ رد بدل الْخلْع أَو قَالَ الفارسية اني زن نر من حرَام يبين إِن خلع يجب رد المَال وَلَو قَالَ ده سَالَ بوذتا ايْنَ زن برمن حرَام بوذيا ازده سَالَ باذير من حرَام بوذ مكذلك يجب رد المَال وَلَو قَالَ بَين ادين بده سَالَ برمن حرَام بوذ فَكَذَلِك وَلَو قَالَ أردْت بِهِ إِن لم اكن نكحته قبل هَذَا بِعشر سِنِين إِنَّمَا نكحته مُنْذُ خمس سِنِين يقبل قَوْله فِي اللَّفْظَة الْأَخِيرَة دون الْأَلْفَاظ السَّابِقَة فَلَو أدعى الزَّوْج مَال الْخلْع وَادعت الْمَرْأَة أَنه قد ذكر شَيْئا من هَذِه الْأَلْفَاظ وَأقَام الْبَيِّنَة وأوحينا عَلَيْهِ رد بدل الْخلْع وَأقَام الزَّوْج بَيِّنَة أَنِّي أردْت بِهِ أَنِّي لم أكن نكحته قبله بِعشر سِنِين إِنَّمَا نكحت مُنْذُ خمس سِنِين يكون دفعا لبينتها فِي اللَّفْظَة الْأُخْرَى دون الْأَلْفَاظ السالفة 1203 - مَسْأَلَة امْرَأَة زوجت من اثْنَيْنِ شُهُود عدُول ثمَّ جَاءَ رجل وَادّعى أَنَّهَا كَانَت قد أقرَّت لَهُ بِالنِّكَاحِ من قبل وَأقَام عَلَيْهِ شَاهِدين قَالَ يقْضِي للْمقر لَهُ من قبل 1204 - مَسْأَلَة امْرَأَة فِي يَدهَا عبد أقرَّت بِهِ لإِنْسَان ثمَّ جَاءَ جمَاعَة من أَوْلَادهَا وأدعوا أَن هَذَا العَبْد كَانَ لأبيهم فَمَاتَ عَنَّا وَعَن هَذِه الزَّوْجَة فَصَارَ الحديث: 1201 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 730 @ مِيرَاثا لنا وَلم يكن للْمَرْأَة إِلَّا ثمنه وَأقَام من فِي يَده الْبَيِّنَة إِن العَبْد كَانَ فِي يَد الْمَرْأَة قد أقرّ بِهِ للَّذي هُوَ الْآن فِي يَده وَأقَام الْأَوْلَاد بَينه على وفْق مَا ادعوا قَالَ ادعوا قَالَ بَيِّنَة الْأَوْلَاد أولى لِأَن شُهُود الْمَرْأَة لَا يثبتون لَهَا إِلَّا يدا وَخَرجُوا بِبُطْلَان ملكهَا يحكم الْيَد حِين قَالُوا أقرَّت لفُلَان فإقرارها للْغَيْر يدل على أَن يَدهَا لَيست يَد ملك وَلَو أثبتوا لَهَا ملكا لم يَصح إِقْرَارهَا بعد ثُبُوت ملكهَا لغيره فَإِنَّهُم لَو شهدُوا أَنَّهَا أقرَّت لفُلَان كَانَ يَوْم الْإِقْرَار ملكهَا لم يَصح فالشهود متقفون من الْجَانِبَيْنِ على أَن يَدهَا لَيست يَد ملك حَتَّى ترجح بَينهمَا 1205 - مَسْأَلَة إِذا مَاتَ عَن ابْنَيْنِ أقرّ أَحدهمَا بِابْن للْمَيت لَا يثبت النّسَب وَلَا الْمِيرَاث وَلَا يجوز للْمقر أَن ينْكِحهَا لِأَنَّهُ يقر بِأَنَّهَا أُخْته فَلَو رَجَعَ عَن إِقْرَاره قَالَ لَا يقبل وَلَا يحِيل النِّكَاح قَالَ فَإِن أَقَامَت بَيِّنَة على أَنَّهَا ابْنة رجل آخر يَدعهَا الْحُرِّيَّة وَحل لهَذَا الْمقر إِذا رَجَعَ عَن إِقْرَاره أَن ينْكِحهَا كمن ادّعى نسب مَوْلُود ثمَّ قَتله لَا قصاص عَلَيْهِ فَإِن جَاءَ آخر وَأقَام بَيِّنَة على أَن الْمَقْتُول أَبوهُ وَجب القَوْل على الْقَاتِل رَجَعَ عَن إِقْرَاره أَو لم يرجع أما إِذا ادّعى بنوة مَعْرُوف النّسَب أَو إخواته قَالَ لَا يحرم النِّكَاح 1206 - مَسْأَلَة إِذا دفع مَالا إِلَى إِنْسَان وَقَالَ بِعْ هَذَا أَو أنْفق على نَفسك فَفعل هَل لَهُ الرُّجُوع عَلَيْهِ قَالَ يحْتَمل وَجْهَيْن كَمَا لَو قَالَ اكريتك فَقَالَ بل أعرتني فَالْقَوْل قَول من فِيهِ قَولَانِ الْأَصَح أَن القَوْل قَول الْمَالِك مَعَ يَمِينه كَذَا هَا هُنَا القَوْل الدَّافِع خرج مِنْهُ أَنه فِي قَول لَا رُجُوع عَلَيْهِ بِخِلَاف مَا لَو كَانَ عَلَيْهِ حق فَدفع إِلَيْهِ مَالا وَقَالَ الدَّافِع عَن الدّين وَقَالَ القَاضِي بل هَدِيَّة فَالْقَوْل قَول الدَّافِع إِنَّه عَن الْوَاجِب لِأَن الْغَالِب أَنه إِذا كَانَ عَلَيْهِ حق يَقع للْأَدَاء عَن الْوَاجِب دون غَيرهَا 1207 - مَسْأَلَة رجل ادّعى دَارا عَن انسان وَأقَام بَيِّنَة أَنِّي اشْتَرَيْتهَا من زيد مُنْذُ عشْرين سنة وَأقَام ذُو الْيَد بَيِّنَة أَنه اشْتَرَاهَا من عَمْرو من خمس سِنِين فَبَيِّنَة ذِي الْيَد أولى فَلَو أَقَامَ الْخَارِج بَيِّنَة أَن عمرا أقرّ بعد البيع أَنِّي اشْتَرَيْته من زيد لَا الحديث: 1205 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 731 @ يقبل لِأَنَّهُ بعد مَا بَاعَ مَا لَا يقبل إِقْرَاره فِي ملك الْغَيْر 1208 - مَسْأَلَة صِيغَة فِي يَد إِنْسَان خارجي وَادّعى أَن هَذِه الصِّيغَة ملكي اشْتَرَيْتهَا من فلَان فِي سنة ثَلَاث وَخمْس مائَة وَهُوَ يملكهُ فَأَقَامَ صَاحب الْيَد بَيِّنَة أَن فلَانا الَّذِي أضَاف الْخَارِجِي الْملك إِلَيْهِ فِي سنة إِحْدَى وَخمْس مائَة أَن الصِّيغَة ملك لَهُ يَعْنِي صَاحب الْيَد قَالَ بَيِّنَة صَاحب الْيَد مُقَدّمَة لانه أجتمع فِي حَقه ثَلَاث معَان الْيَد والسبق والتاريخ وَكَذَلِكَ لَو أَقَامَ صَاحب الْيَد الْبَيِّنَة أَن فلَانا الَّذِي يدعى عَن الْخَارِج نقل الْملك مِنْهُ إِلَى نَفسه أَو أَنِّي بِعْت هَذَا مِنْهُ فِي سنة إِحْدَى وَخمْس مائَة قَالَ يتَرَجَّح بَيِّنَة صَاحب الْيَد 1209 - مَسْأَلَة رجل ادّعى مَعَ أَخ وَأُخْت لَهُ ورثوا دَارا من أَبِيهِم فَبَاعَ أخي ثَلَاثَة أسْهم من أَرْبَعَة أسْهم وَأقَام عَلَيْهِ بَيِّنَة فَقبل قَضَاء القَاضِي تكلم جمَاعَة من المتوسطين صَالح على أَن يكون لَهُ ثَلَاثَة أسْهم من أَرْبَعَة أسْهم وَالْبَاقِي للْمُشْتَرِي فرضى بِهِ على جهل مِنْهُ فَهَل يَصح هَذَا الصُّلْح قَالَ يَصح لِأَنَّهُ صلح على الْإِنْكَار 1210 - مَسْأَلَة رجل ادّعى لَو أَن رجلا ادّعى دَارا على رجل أَنه بَاعَنِي هَذِه الدَّار وَأقَام عَلَيْهِ بَيِّنَة وَحكم لَهُ الْحَاكِم ثمَّ جَاءَ آخر وَادّعى أَنه رهن بَين هَذِه الدَّار وَسلم بتاريخ أسبق من البيع وَأقَام عَلَيْهِ بَيِّنَة قَالَ يحكم بِالرَّهْنِ وَبطلَان البيع 1211 - مَسْأَلَة إِذا ادّعى على رجل أَن الدَّار الَّتِي فِي يَده ملكي وَأقَام عَلَيْهِ بَيِّنَة وَحكم لَهُ ثمَّ جَاءَ آخر وَادّعى على الْمُدَّعِي عَلَيْهِ أَنه كَانَ مني قد رهن هَذِه الدَّار وَأقَام بَيِّنَة قَالَ لَا تسمع لِأَنَّهُ ثبتَتْ بَيِّنَة الْمُدَّعِي الأول بِبُطْلَان كَلَامه ملكه وَيَده وَلَا يَصح رهن غير الْمَالِك بِخِلَاف الْمَسْأَلَة الأولى وَلَو ادّعى الأول أَنه أقرّ لي بِهَذِهِ الدَّار وَحكم لَهُ الْحَاكِم بِالْبَيِّنَةِ ثمَّ جَاءَ آخر وَادّعى أَنه كَانَ قد رهن مني وَهِي تَارِيخ سَابق على الْإِقْرَار وَأقَام عَلَيْهِ بَيِّنَة قَالَ يقْضِي لَهُ ثمَّ لَو بيع فِي الدّين وَأمْسك رَجَعَ إِلَى الْمقر لَهُ بِحكم إِقْرَاره إِن كَانَ إِقْرَاره الحديث: 1208 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 732 @ مُطلقًا وَإِن كَانَ إِقْرَاره بِبيع سَابق على الرَّهْن فَلَو كَانَ إِقْرَاره بِبيع يفْسد الرَّهْن فالإقرار بَاطِل 1212 - مَسْأَلَة رجل حبس فِي دين وَله وَدِيعَة فِي يَد إِنْسَان يُنكره الْمَحْبُوس هَل لصَاحب الدّين تَحْلِيف الْمُودع قَالَ لَهُ ذَلِك وَكَذَلِكَ كل من يتهمه بِمَالِه فَإِن قَالَ الْمَحْبُوس ملك ملك بِمن فِي يَده وَصدقه من فِي يَده لَا يحلف 1213 - مَسْأَلَة رجلَانِ تداعيا نِكَاح امْرَأَة ونفت ليقيم أَحدهمَا الْبَيِّنَة فالنفقة فِي زمَان الْوَقْف على من قَالَ عَلَيْهَا نَفَقَة نَفسهَا لِأَنَّهُ لم يثبت نِكَاحهَا بعد لأَحَدهمَا بعد قَالَ ثَبت لأَحَدهمَا بِالْبَيِّنَةِ أَنَّهَا زَوجته فعلية نَفَقَتهَا بعد ذَلِك 1214 - مَسْأَلَة إِذا تداعيا عينا فِي زمَان الْوَقْف نَفَقَته على من قَالَ على الَّذِي هُوَ فِي يَده لِأَن الْملك لَهُ مَا لم يقم الآخر الْبَيِّنَة 1215 - مَسْأَلَة رجل ادّعى مَالا على امْرَأَة أَنِّي دفعت إِلَيْك فأنكرت وَقَالَت دفعت إِلَيّ وَالِدي فَمَاتَ الْوَلَد وَصَارَت التَّرِكَة للْأُم هَل للْأَب أَن يَأْخُذ مِنْهَا بِلَا بَيِّنَة قَالَ لَيْسَ لَهُ ذَلِك إِن كَانَ مصرا على قَوْلهَا الأول لِأَنَّهُ لَيْسَ يَدعِي على التَّرِكَة إِنَّمَا يَدعِي عَلَيْهَا 1216 - مَسْأَلَة مَاتَ رجل وَعَلِيهِ دين جَاءَ رب الدّين وَأخذ الدّين من بعض أَقَاربه ظلما قَالَ يجوز للمأخوذ مِنْهُ أَن يرجع فِي تَركه الْمَيِّت من حَيْثُ أَن لَهُ مَالا على الظَّالِم وللظالم دين فِي تَرِكَة الْمَيِّت فَيَأْخذهُ بِمَالِه على الظَّالِم كَمَا لَو ظفر بِغَيْر جنس حَقه فِي مَال الْمَدْيُون أَخذه 1217 - مَسْأَلَة رجل ادّعى على آخر أَرضًا وَأقَام شاهين فَقبل أَن يقْضِي القَاضِي لَهُ بَاعه الْمُدَّعِي عَلَيْهِ قَالَ إِن كَانَ حجر عَلَيْهِ القَاضِي لَا يَصح بَيْعه وَإِن لم يحْجر فَوَجْهَانِ وَلَو أَن المُشْتَرِي زرع فِيهَا ثمَّ حكم الحديث: 1212 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 733 @ للْمُدَّعِي هَل يقْلع الزَّرْع قَالَ إِن كَانَ المُشْتَرِي عَالما بِالْحَال يقْلع وَلَا يرجع على البَائِع بِشَيْء وَإِن كَانَ جَاهِلا لَا يَقع وَيجب أخر الْمثل على الزَّارِع وَهل يرجع على البَائِع فِيهِ وَجْهَان كمن اشْترى مَغْصُوبًا لم يُعلمهُ فَانْتَفع بِهِ وَغرم أجر الْمثل هَل يرجع على البَائِع قَولَانِ وَلَو أَن الْمُدعى عَلَيْهِ زرعه فِي حَال الْوَقْت ثمَّ ثَبت الْملك بِالْحجَّةِ يقْلع زرعه إِن كَانَ الْمُدعى عَلَيْهِ الْغَصْب 1218 - مَسْأَلَة رجل أدعى مائَة دِرْهَم على آخر أَنه أقرّ لَهُ بهَا فَأَقَامَ عَلَيْهِ بَيِّنَة وَعدلت فجَاء الْمُدعى عَلَيْهِ بِبَيِّنَة لَهُ على الْمُدَّعِي أَن الْمُدَّعِي كَانَ قد أقرّ أَنه لم يُوصل إِلَيْهِ من الْمِائَة ة الا ثَمَانِينَ قَالَ لَا يكون دفعا لِأَنَّهُ يحْتَمل أَنه أوصل إِلَيْهِ بعد ذَلِك العشرية لِأَن الْبَيِّنَة شهِدت لَهُ 1219 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ الْخصم إِن لم أرفعك إِلَى القَاضِي وأحلفك فَعَبْدي حر فَحَمله إِلَى القَاضِي وَعرض عَلَيْهِ الْيَمين ورده الى الْمُدعى قَالَ لَا يَحْنَث حَتَّى يَمُوت أَحدهمَا فَيحكم بِالْعِتْقِ عَلَيْهِ قبل الْمَوْت إِذا كَانَ العَبْد فِي ملكه إِلَّا أَن يكون بَيِّنَة فِي مُدَّة الْخُصُومَة لِأَن المرافعة إِلَى القَاضِي لَيست أمرا هُوَ على العون فِي الْعَادة 1220 - مَسْأَلَة قيم صبي ادّعى على إِنْسَان مَالا وَأقَام شَاهِدين على إِقْرَاره للطفل بِمَال فَقَالَ الْمُدعى عَلَيْهِ أَقرَرت إِلَّا أَنه لم يكن أوصل إِلَى سَببه هَل يُوقف الحكم إِلَى أَن يبلغ الطِّفْل وَيحلف قَالَ لَا بل القَاضِي يحكم عَلَيْهِ بِالْمَالِ وَيلْزمهُ المَال وَكَذَلِكَ لَو ادّعى وَكيل غَائِب وَمَجْنُون 1221 - مَسْأَلَة رجل وقف دَاره على أَوْلَاده ثمَّ على الْفُقَرَاء فاستولى عَلَيْهِ ورثته وتملكوها وَشهد شَاهِدَانِ حَسبه قبل انْقِرَاض أَوْلَاده على وَقفه تقبل شَهَادَة الْحِسْبَة لِأَن اجره على الْفُقَرَاء 1222 - مَسْأَلَة شخص بَالغ فِي يَد إِنْسَان يستخدمه مُدَّة بِحكم الرّقّ ويتصرف فِيهِ تصرف الْملاك قَالَ الْقفال إِذا ادّعى أَنه حر لأصل يقبل قَوْله الحديث: 1218 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 734 @ وَلَو ادَّعَاهُ إِنْسَان آخر فَلَيْسَ لم رَآهُ فِي يَده أَن يشْهد لصَاحب الْيَد بِالْملكِ بِخِلَاف الْعقل لِأَن الأَصْل فِي الْعقار الْملك وَالْأَصْل فِي الأدمِيّ الْحُرِّيَّة قَالَ الإِمَام هُوَ كالعقار لَا يقبل قَول العَبْد إِذا كَانَ مُدَّة تصرفه فِيهِ تصرف الْمَالِك كالصيغة وَالْعَقار بل هَذَا أولى لِأَن الصَّغِيرَة لَا قَول لَهُ وحكمنا لَهُ بِالْملكِ لطول مُدَّة تصرفه مَعَ أَن الأَصْل فِي النَّاس الْحُرِّيَّة فالبائع الَّذِي لَهُ قَول إِذا استسحز حَتَّى يصرف فِيهِ تصرف الْملاك وَلم يدع الْحُرِّيَّة أَولا أَن لَا يقبل قَوْله يدل عَلَيْهِ أَن الصَّغِير إِذا كَانَ لقيطه فَادّعى الْمُلْتَقط رقّه لَا يقبل قَوْله لِأَن الأَصْل على الْحُرِّيَّة ورأينا حُدُوث يَده عَلَيْهِ بِغَيْر سَبَب الْملك وَلَو رَأينَا الشَّخْص فِي يَده يستعبده مُدَّة غير مديدة فَادّعى العَبْد حريَّة الأَصْل فَالْقَوْل قَول العَبْد مَعَ يَمِينه وَلَو لم يدع العَبْد الْحُرِّيَّة وادعاه إِنْسَان آخر أَنه عَبده فَالْقَوْل قَول من فِي يَده كالعقار وَلَو قَالَ العَبْد أَنا لفُلَان لَا يقبل لِأَنَّهُ أقرّ بِالْملكِ والرف فَيكون لمن فِي يَده 1223 - مَسْأَلَة خارجي أَقَامَ الْبَيِّنَة على دَار فَقضى لَهُ القَاضِي ثمَّ أَقَامَ ذُو الْيَد الْبَيِّنَة هَل يقْضِي لَهُ وَجْهَان الْأَصَح يقْضِي وَلَو جَاءَ أَجْنَبِي وَادّعى بعد قَضَاء القَاضِي للخارجي الأول وَادّعى وَأقَام الْبَيِّنَة أَنَّهَا ملكي والخارجي الأول أَقَامَ الْبَيِّنَة أَن القَاضِي قد قضى لَهُ قَالَ يقدم من قضى لَهُ وَكَذَلِكَ خارجيان تنازعان فِي دَار أَقَامَ أَحدهمَا بَينته أَنَّهَا ملكي وَأقَام الآخر بَيِّنَة أَن القَاضِي قضى يحكم لمن قضى لَهُ إِذا كَانَ القَاضِي قضى لَهُ الْبَيِّنَة لِأَن جَانِبه يرجح باقفضاء كَمَا يرجح بِالْيَدِ قَالَ وَكَذَلِكَ كل بينتين يتعارضان فَإِذا كَانَ أَحدهمَا اتَّصل بِهِ قَضَاء القَاضِي يرجح كَمَا أَن الْبَيِّنَتَيْنِ عِنْد عدم التَّعَارُض يتعارضان وَإِذا كَانَ الْيَد لأَحَدهمَا يرجح وَلَو جَاءَ خارجي وَأقَام الْبَيِّنَة أَن هَذِه الدَّار الَّتِي فِي يَد زيد وَقفهَا أبي عَليّ وَكَانَت ملكا لَهُ يَوْم الْوَقْف وَأقَام ذُو الْيَد الْبَيِّنَة أَنَّهَا ملكه يقْضِي لذِي الْيَد وَكَذَلِكَ إِن أَقَامَ الْبَيِّنَة أَنه اشْتَرَاهَا من عَمْرو وَإِن سبق تَارِيخ الْوَقْف فَإِن أَقَامَ دون الْيَد الْبَيِّنَة أَنِّي اشْتَرَيْته من زيد بتاريخ كَذَا مِمَّن سبق تَارِيخه كَانَ أولى وَهَذَا الْخلاف مَا لَو ادّعى خارجي على صَاحب يَد عينا وَأقَام بَيِّنَة أَنَّهَا ملكي مُنْذُ سنة اشْتَرَيْتهَا من زيد وَهُوَ ملكه مُنْذُ سنتَيْن وَأقَام الحديث: 1223 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 735 @ صَاحب الْيَد الْبَيِّنَة أَنِّي اشْتَرَيْتهَا مُنْذُ سنة الْأَصَح أَنه يرجح بِالْيَدِ وَلَا ينظر إِلَى سبق التَّارِيخ على أصح الْقَوْلَيْنِ فها هُنَا إِذا أَقَامَ الْخَارِجِي مدعي الْوَقْف بتاريخ سَابق رجحنا بَينته وحكمنا لَهُ لِأَن فِي مبْنى الْأَمْلَاك على التنقل فَلم ينظر إِلَى التَّارِيخ بل نظر إِلَى الْيَد وَهَا هُنَا لما ثَبت الوقفية بتاريخ سَابق لَا حكم لبينة يشْهد بعده لِأَن الْوَقْف لَا يُمكن تغيره وتبديله وَنَقله فَافْتَرقَا وَإِن لم يكن لأَحَدهمَا تَارِيخ فذو الْيَد أولى فَلَو أَن مدعي الْوَقْف أَقَامَ الْبَيِّنَة بعد إِقَامَة ذِي الْيَد أَنه كَانَ قد أقرّ بوقفه هَذِه الدَّار وبائعه قبل أَن بَاعه قد أقرّ بوقفه وَلَو أَقَامَ مدعي الْوَقْف الْبَيِّنَة وَقضى لَهُ القَاضِي ثمَّ أَقَامَ ذُو الْيَد أَو وَلَده الْبَيِّنَة أَنه كَانَ قد أقرّ لوَلَده قبل دَعْوَى مدعي الْوَقْف لَا يسمع لِأَن الحكم بالوقفية نَافِذ على الْأَب وَالْولد جَمِيعًا وَكَذَلِكَ بَعْدَمَا قضى بِالْوَقْفِ جَاءَ أَجْنَبِي وَادّعى أَنَّهَا ملكي فَأَقَامَ الْبَيِّنَة فَحكم القَاضِي بِالْوَقْفِ مقدم 1224 - مَسْأَلَة رجل أَقَامَ بَيِّنَة أَن فلَانا وقف عَليّ هَذِه الدَّار مُنْذُ سنة وَقضى لَهُ القَاضِي ثمَّ جَاءَ آخر وَأقَام بَيِّنَة أَنه وَقفهَا عَليّ مُنْذُ سِنِين حكم للسابق وَلَو أَقَامَ الثَّانِي الْبَيِّنَة بِالْوَقْفِ مُطلقًا لَا ينفض حكم القَاضِي هَذِه السّنة وَلَو شهِدت الْبَيِّنَة الثَّانِيَة بعد قَضَاء القَاضِي بالوقفية على عَمْرو أَن فلَانا كَانَ وَقفهَا على زيد قبل أَن وقف على عَمْرو فَيحكم لزيد 1225 - مَسْأَلَة شهد الشُّهُود أَن فلَانا بَاعَ من كَذَا وَلم يبينوا بكم بَاعه قَالَ وَجب الحكم إِذا قَالُوا هَذَا الشَّيْء ملكه وَكَذَا لَو شهدُوا أَنَّهَا صدقهَا هَذَا 1226 - مَسْأَلَة لَو مَاتَ رجل وَبَاعَ وراثه تركته ثمَّ ظهر عَلَيْهِ دين قَالَ البيع لَا يَصح 1227 - مَسْأَلَة إِذا ادّعى على إِنْسَان حَقًا بَين يَدي القَاضِي فَهَل للْقَاضِي أَن يسمع دَعْوَاهُ من غير أَن يثبت وكَالَته قَالَ تسمع إِن كَانَ الْخصم لَا يُنكر وكَالَته الحديث: 1224 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 736 - مَسْأَلَة شهد شَاهِدَانِ على الْخلْع شهد أَحدهمَا أَنه طلق مرأته على ألف طَلْقَة وَشهد الآخر أَنه طَلقهَا طَلْقَتَيْنِ على ألف قَالَ لَا يثبت شَيْء لِأَنَّهُمَا شَهدا على عقد الْخلاف وَلَو شهد أَحدهمَا أَنه طَلقهَا طَلْقَة وَشهد الآخر أَنه طَلقهَا طَلْقَتَيْنِ تثبت طَلْقَة كَمَا لَو شهد أَحدهمَا بِأَلف وَالْآخر بِأَلفَيْنِ تثبت الْألف وَنظر الأول لَو شهد أَحدهمَا أَنه بَاعه بِأَلف وَالْآخر أَنه بَاعه بِأَلفَيْنِ لم يثبت وَكَذَلِكَ لَو شهد أَحدهمَا أَنه طَلقهَا طَلْقَة بِأَلف وَشهد الآخر أَنه طَلقهَا طَلْقَتَيْنِ بِأَلف لَا يثبت 1229 - مَسْأَلَة رجل ادّعى دَارا أَو عينا على إِنْسَان فَأنْكر الْمُدعى عَلَيْهِ فَقَالَ الْمُدَّعِي إِنِّي تبرأت عَن هَذَا للْغَيْر فَلَا دَعْوَى لي فِيهَا ثمَّ بدا لَهُ أَن يَدعِي قَالَ يسمع لِأَن الْبَرَاءَة عَن الْعين لَا تصح وَقَوله لَا دَعْوَى لي فِيهَا مَبْنِيّ على الْبَرَاءَة 1230 - مَسْأَلَة دَار فِي يَد رجل جَاءَ خارجيان وادعيا أَقَامَ أَحدهمَا الْبَيِّنَة أَنه اشْتَرَاهَا من زيد مُنْذُ سِنِين وَأقَام الآخر الْبَيِّنَة أَنه اشْتَرَاهَا ايضا من زيد مُنْذُ سنة يقْضِي لمن سبق تَارِيخه وَلَو أَقَامَ أَحدهمَا بَيِّنَة أَنه اشْتَرَاهَا من زيد مُنْذُ سِنِين وَالْآخر أَقَامَ بَيِّنَة أَنه اشْتَرَاهَا من عَمْرو مُنْذُ سنة فيبنى على قولي التَّارِيخ وَالأَصَح لَا يرجع وَلَو ادّعى على رجل دَارا فِي يَده وَأقَام الْبَيِّنَة وانتزعها من يَده ثمَّ جَاءَ رجل وَادّعى على ذَلِك الْخَارِجِي الَّذِي فِي يَده الدَّار إِنَّهَا ملكي اشْتَرَيْتهَا من الَّذِي انتزعها هُوَ من يَده وَهُوَ كَانَ يملكهُ يقْضِي لَهُ لِأَن بَينته بَيِّنَة الْيَد وَالْملك الأول وَصَارَ كَمَا لَو أَقَامَ الأول بَيِّنَة فِي مُقَابلَة بَيِّنَة الْخَارِجِي لِأَن صَاحب الْيَد أولى وَرَأَيْت الْمسَائِل للقفال رجل ادّعى دَارا فِي يَد إِنْسَان فَأنْكر صَاحب الْيَد وَقَالَ الدَّار ملكي وَقَامَ الْمُدَّعِي بَينته أَن الْمُدعى عَلَيْهِ قد اسْتَأْجر من وَصِيّ هَذِه الدَّار فَهُوَ إِقْرَار بِالْملكِ فَشهد أحد الشَّاهِدين على هَذَا فَقيل إِن شهد الآخر قَالَ الْمُدعى عَلَيْهِ هَذِه الدَّار لَيست لي بل هِيَ لزوجتي أَو فِي يَد زَوْجَتي قَالَ هَذَا لَا يبطل دَعْوَى الْمُدَّعِي وعَلى الْحَاكِم أَن يسمع شَهَادَة الثَّانِي وَيحكم للْمُدَّعِي بِالدَّار ثمَّ الزَّوْجَة لَهَا أَن تَدعِي على الْمَحْكُوم لَهُ كَمَا لَو أقرّ بداره الحديث: 1229 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 737 @ فِي يَده لزيد ثمَّ قَالَ بعده بل هِيَ لعَمْرو تسلم إِلَى زيد ثمَّ عَمْرو خصم يَدعِي على زيد 1231 - مَسْأَلَة إِذا شهد رجل لِأَخِيهِ بِمَال على إِنْسَان ثمَّ مَاتَ الْمَشْهُود لَهُ قبل أَخذ المَال وَالْأَخ وَارثه قَالَ يَأْخُذ المَال إِرْثا إِن كَانَ بعد حكم الْحَاكِم وَإِن مَاتَ قبل حكم الْحَاكِم فَلَا كَمَا لَو شهد أَن فلَانا قتل أَخَاهُ وَهُوَ غير وَارِث بِأَن كَانَ للمقتول ابْن يقبل شَهَادَته فَلَو صَار وَارِثا بعده بِأَن مَاتَ الابْن فَإِن صَار الْوَارِث بعد حكم لَا يَنْقَضِي الحكم وَإِن مَاتَ قبله 1232 - مَسْأَلَة قسمت تَرِكَة بَين جمَاعَة ثمَّ أقرّ كل وَاحِد مِنْهُم فِي ذَلِك الْمجْلس أَن مَا خصّه من هَذِه التَّرِكَة ملك لفُلَان لَا يقبل هَذَا الْإِقْرَار فلوأن ابْن هَذَا الْمقر حمل مَا أَصَابَهُ من التَّرِكَة وَذهب بِهِ ثمَّ بعد ذَلِك الْمجْلس أقرّ ذَلِك الْوَاحِد أَن تِلْكَ الْأَمْتِعَة ملك لفُلَان يقبل لِأَنَّهُ يحْتَمل أَنه صَار ملكا لَهُ بِسَبَب من الْأَسْبَاب فَلَو قَالَ هَذَا الْمقر بعد مَا طُولِبَ بِتَسْلِيم الْأَمْتِعَة إِلَى الْمقر لَهُ أَن تِلْكَ الْأَمْتِعَة لَيست فِي يَدي وَلَكِن فِي يَد الَّذِي حمله فَهَذِهِ الْمرة الدَّعْوَى على الابْن وتحليفه وَلَو شهد الشُّهُود الَّذين حَضَرُوا مجْلِس قسْمَة التَّرِكَة وَرَأَوا أَن الابْن حملهَا شهدُوا على الابْن أَن الْأَمْتِعَة فِي يَده يلْزمه تَسْلِيمهَا إِلَى الْمقر لَهُ قَالَ لَا تسمع هَذِه الشَّهَادَة لِأَنَّهُ حِين حملهَا كَانَ ملكا للْمقر مَا كَانَ ملكا للْمقر لَهُ إِنَّمَا صَار ملكا لَهُ من بعد وهم وهم لم يرَوا حُصُول ملكه فِي يَده فَلَا تقبل شَهَادَتهم عَلَيْهِ بِخِلَاف مَا لَو أقرّ بِغَيْر مَال الانسان فَحَمله آخر بعد إِقْرَاره وللشهود أَن يشْهدُوا عَلَيْهِ 1223 - مَسْأَلَة إِذا مَاتَ إِنْسَان وَخلف زَوْجَة واولادا فادعت الْمَرْأَة الصَدَاق فِي التَّرِكَة على أَوْلَادهَا فَأنْكر الْأَوْلَاد وَنظر إِن أَنْكَرُوا أصل النِّكَاح فَالْقَوْل قَوْلهم مَعَ يمينهم فَأَما إِذا أقرُّوا بِكَوْنِهَا مَنْكُوحَة أَبِيهِم غير أَنهم أَنْكَرُوا الْمهْر قَالَ لَا يقبل هَذَا القَوْل مِنْهُم ثمَّ نظر إِن كَانَت الْمَرْأَة لَا تذكر قدر الْمهْر لَا يسمع الدَّعْوَى فيهمَا مَا لم تبين قدر الْمهْر فَلَو انها ادَّعَت مهْرا وَبَين الْقدر فالورثة إِن الحديث: 1231 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 738 @ قَالُوا لَا نَدْرِي أَولا نَدْرِي قدره يكون إنكارا يعرض عَلَيْهِم الْيَمين فَإِذا امْتَنعُوا عَن الْيَمين يكون نكولا برد الْيَمين إِلَى الْمَرْأَة تحلف وتستحق الْمهْر قَالُوا لَهَا مهر وَلَكِن تنازعوا فِي الْقدر بِأَن قَالُوا مهرهَا أقل وَذكروا قدرا يتحالف الْمَرْأَة وَأَوْلَادهَا فَإِذا حلفوا ونكلوا يُوجب لَهَا مهر الْمثل وَلَو حَلَفت الْمَرْأَة دونهم أَو حلف الْأَوْلَاد دون الْمَرْأَة يقْضِي للْحَالِف على الناكل 1234 - مَسْأَلَة امْرَأَة تَدعِي على زَوجهَا الصَدَاق فَقَالَ الزَّوْج لَا يلْزَمنِي تَسْلِيم شَيْء إِلَيْهَا هَل يسمع مِنْهُ قَالَ سَأَلَهُ القَاضِي هَل هِيَ منكوحتة إِن أنكر كَونهَا منكوحته القَوْل قَوْله مَعَ يَمِينه وَإِن أقرّ أَنَّهَا منكوحته لَا يسمع هَذَا القَوْل مِنْهُ لِأَنَّهُ إِن كَانَ بعد الدُّخُول عَلَيْهِ الْمهْر وَإِن كَانَ قبل الدُّخُول عَلَيْهِ الْمُسَمّى إِن ذكر فِي العقد وَإِن كَانَ نِكَاح تَفْوِيض لَهَا مُطَالبَته بالغرض وَهَذَا بِخِلَاف مَا لَو ادّعى مَالا على إِنْسَان فَقَالَ لَا يلْزَمنِي تَسْلِيم شَيْء إِلَيْهِ يسمع لِأَن ثمَّة سَبَب وجوب الضَّمَان غير قَائِم وَهَا هُنَا النِّكَاح الَّذِي هُوَ سَبَب الْمهْر قَائِم نظر النِّكَاح من البيع إِذا قَالَ اشْتريت هَذَا بِأَلفَيْنِ مِنْهُ وَلَا يلْزَمنِي تَسْلِيم شَيْء إِلَيْهِ لَا يسمع مِنْهُ هَذَا القَوْل وَنَظِير ملك الْيَمين من النِّكَاح أَن لَو أنكر نِكَاحهَا وَلَو ادّعى يَمِينا على غَيره أَنَّهَا ملكي فَقَالَ الْمُدعى عَلَيْهِ هَذَا ملكي فَالْقَاضِي لَا يسْأَله عَن نسبه لِأَن أَسبَاب الْملك كَثِيرَة يجوز أَن تملكه من الْمُدَّعِي من غير أَن يلْزمه شَيْء بِهِبَة أَو هَدِيَّة وَنَحْوه فِي النِّكَاح يسْأَله هَل هِيَ مَنْكُوحَة لِأَنَّهُ لَا يتَصَوَّر أَن تكون الْحرَّة ملكا لَهُ إِلَّا بِالنِّكَاحِ وَإِذا ثَبت النِّكَاح ثَبت الْمهْر 1235 - مَسْأَلَة لَو كَانَت دَار فِي يَد رجل مُنْذُ سِنِين كَثِيرَة فَمَاتَ عَن ابْن فادعت أُخْت الْمَيِّت أَن هَذِه الدَّار كَانَت لأبينا صَار مِيرَاثا لي ولأخي وَأقَام الابْن بَيِّنَة أَنَّهَا كَانَت لأبي ورثتها مِنْهُ ثمَّ أَقَامَت الْمَرْأَة بَيِّنَة على إِقْرَار الْمَيِّت أَنه كَانَ قد أقرّ أَن هَذِه الدَّار ورثتها من الْأَب فَيثبت بِهِ الْحق للْأُخْت وَكَذَلِكَ لَو أَقَامَ أَجْنَبِي بَيِّنَة أَنه اشْتَرَاهَا من الْمَيِّت فأقامت الْأُخْت بَيِّنَة على إِقْرَار الْمَيِّت بِالْإِرْثِ من أَبِيه حكم بِالدَّار للْأُخْت بِمَا تَدعِي الحديث: 1234 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 739 - مَسْأَلَة إِذا حكم حَاكم حَنَفِيّ بِصِحَّة النِّكَاح بِلَا ولي أَو بِشُهُود فسقة لَيْسَ لَهُ وَلَا لقَاضِي آخر أَن ينْقضه وَلَو رفع اليه عقد نِكَاح بِلَا ولي فَحكم بِصِحَّتِهِ ثمَّ ظهر أَنه كَانَ أَيْضا بِشُهُود فسقة قَالَ لَيْسَ يجوز للْقَاضِي الشَّافِعِي أَن ينْقضه لفسق الشُّهُود لِأَن اجْتِهَاد القَاضِي الْحَنَفِيّ لم يُمكن فِي فسق الشُّهُود وَكَذَلِكَ لَو حكم بِلَا ولي وشهود فسقة ثمَّ بِأَن ارْتَفع ذَلِك لمخالف العقيدة فِي حكم آخر بِأَن كَانَت الْمَنْكُوحَة امْرَأَة ولي بهَا الناكح يجوز لهَذَا القَاضِي نقضه فَلَمَّا جَازَ لَهُ نقض حكمه لاخْتِلَاف مَحل الِاجْتِهَاد جَازَ لقَاضِي آخر نقضه بِسَبَب آخر غير مَا اجْتهد فِيهِ الأول 1237 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ القَاضِي إِنِّي حكمت بِشَهَادَة فلَان وَفُلَان وَلفُلَان على فلَان بِكَذَا والشاهدان ميتان هَل يكون هَذَا بِمَنْزِلَة قَضَاء القَاضِي بِعلم نَفسه قَالَ لَا يكون كالقضاء بِعلم نَفسه وَقَوله مَقْبُول لِأَن إِقْرَار القَاضِي بالحكم فِي أَيَّام قَضَائِهِ كَالْحكمِ وَهُوَ يَقُول حكمت بِشَهَادَة الشُّهُود فَيكون مَقْبُولًا 1238 - مَسْأَلَة رجل ادّعى دَارا فِي يَد إِنْسَان وَأقَام بَيِّنَة وَأقَام ذُو الْيَد بَيِّنَة أَنَّهَا ملكه اشْتَرَاهَا من فلَان فَكَانَ ملكا لَهُ يَوْم بَاعه لذِي الْيَد فَلَو أعَاد الْمُدَّعِي بَيِّنَة أَنَّهَا كَانَت مَغْصُوبَة فِي يَد من اشْتَرَيْته مِنْهُ لَا يسمع وَلَو أَرَادَ إِقَامَة تِلْكَ الْبَيِّنَة أَو بِبَيِّنَة أُخْرَى على من اشْتَرَاهُ ذُو الْيَد مِنْهُ بِأَنَّهُ غصب مني وَبَاعه فَعَلَيهِ لي قيمتهَا بِسَبَب إِتْلَافه على البيع قَالَ لَا تسمع بَيِّنَة ذِي الْيَد أثبت للْملك لذِي الْيَد والبائعة بعد إِقَامَة الْمُدَّعِي الْبَيِّنَتَيْنِ فَكَانَ أولى 1239 - مَسْأَلَة إِذا بَاعَ القَاضِي خربة لَا مَالك لَهَا وَصرف ثمنهَا فِي الْمصَالح ثمَّ ظهر مَالِكهَا وَأقَام على ملكيته بَيِّنَة فَإِن لم يجوز بيع القَاضِي رد إِلَيْهِ ملكه وَأعْطى من بَيت المَال حق المُشْتَرِي وَمَا أنْفق فِي عِمَارَته دفع اليه قِيمَته من بَيت المَال 1240 - مَسْأَلَة ادعِي رجل دَارا عَليّ رجل أَنَّهَا وقف عَليّ وَأنكر الحديث: 1237 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 740 @ صَاحب الْيَد فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَة وَقضى القَاضِي بالوقفية وَسلمهَا إِلَى الْمُدَّعِي ثمَّ جَاءَ رجل وَادّعى على الْمَحْكُوم لَهُ بالوقفية أَن هَذِه الدَّار ملكي بعتها مني بِكَذَا قبل الدَّعْوَى الوقفية وسلمته إِلَيّ وَأقَام عَلَيْهِ بَيِّنَة قَالَ لَا يبطل الْوَقْف وعَلى الْمُدَّعِي الْوَقْف أَن يرد الثّمن الَّذِي أَخذه مِمَّن يَدعِي الشِّرَاء مِنْهُ لِأَن الْحق فِي الْوَقْف لَيْسَ على الْخُصُوص بل هُوَ ملك زَالَ إِلَى الله تَعَالَى كَالْعِتْقِ وَالْحق فِيهِ لَا قوام غير مُتَعَيّن وَبعد مَا قضى القَاضِي بالوقفية وَزَالَ الْملك إِلَى الله تَعَالَى لَا حكم لبيع الْمَوْقُوف عَلَيْهِ 1241 - مَسْأَلَة إِذا ادّعى الْوَكِيل على إِنْسَان حَقًا بَين يَدي القَاضِي فَهَل للْقَاضِي أَن يسمع دَعْوَاهُ من غير أَن تثبت وكَالَته قَالَ تسمع إِن كَانَ الْخصم لَا يُنكر وكَالَته فِي النَّفَقَات وَالتَّدْبِير 1242 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ العَبْد بِعْ نَفسك مِنْك فَقَالَ بِعْت قَالَ هُوَ كَمَا لَو قَالَ لامْرَأَته أَمرك بِيَدِك فَإِن نوى الْمولى تَفْوِيض الْعتْق إِلَيْهِ وَنوى العَبْد عتق كَمَا فِي الطَّلَاق يجب أَن يَنْوِي الزَّوْج بقوله أَمرك بِيَدِك تَفْوِيض الطَّلَاق وَطلقت نَفسهَا يَقع وَلَو قَالَ أَنْت نَفسِي وَقَول طلقت 1243 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ لعَبْدِهِ بِعْتُك نَفسك بِعَين مَال عَنْهَا فَقبل قَالَ إِن جَوَّزنَا بيع العَبْد من نَفسه وأثبتنا الْوَلَاء عتق وَعَلِيهِ قيمَة رقبته وَكَذَلِكَ لَو أعْتقهُ على خمر أَو خِنْزِير كَمَا لَو أعْتقهُ على عين أَو على خمر أَو خِنْزِير وَإِن قُلْنَا لَا وَلَاء عَلَيْهِ غلب فِيهِ جِهَة البيع فَلَا يَصح إِنَّمَا يَصح إِذا بَاعه على شَيْء فِي ذمَّته وَإِذا بَاعَ أحد الشَّرِيكَيْنِ نصِيبه فِي العَبْد من نَفسه هَل يَشْتَرِي قَالَ أثبتنا الْوَلَاء بِبيعِهِ من نَفسه فِيهَا كَمَا لَو أعْتقهُ وَإِن قُلْنَا لَا يثبت لَا يسري كَمَا لَو بَاعه من غير 1244 - مَسْأَلَة ذكر القَاضِي أَنه إِذا أَرَادَ الرجل أَن يعْتق عَبده بعد مَوته الحديث: 1241 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 741 @ بِحَيْثُ لَا يكون عَلَيْهِ يَد يَقُول أَنْت حر قبل مرض موتِي بِيَوْم وَإِن مت فَجْأَة أَو ترديت من شَاهِق فَأَنت حر قبله بِيَوْم قَالَ الإِمَام إِذا كَانَ فِي الْمَوْت فَجْأَة يعْتق فَلَا معنى لهَذَا التَّطْوِيل 1245 - مَسْأَلَة من أعتق ثَبت لَهُ الْوَلَاء على أَوْلَاد أَوْلَاده وَإِن سفلوا إِلَّا أَن يكون للْوَلَد مُعتق الْغَيْر فولاء ذَلِك الْوَلَد لمعتقه وَلَا وَلَاء عَلَيْهِ لمولى أَبِيه أَو جده ثمَّ بعد مُعْتقه لعصبات مُعْتقه أَو لمعتق مُعْتقه ثمَّ لعصبات مُعتق مُعْتقه وَلَا يثبت لمعتقه عَلَيْهِ فَإِن قيل الْبَين قد أثبتم لمعتق فَهَذَا أعتقتم لمعتق أَبِيه أَو جده وَالْأَب وَالْجد أقرب إِلَيْهِ من الْمُعْتق قَالَ لِأَن مُعتق الْعتْق ثَبت لَهُ الْمِيرَاث بِإِعْتَاق مُعْتقه فَفِيهِ تَقْرِير وَلَاء الْمُبَاشرَة لإبطاله ومعتق الْأَب لَو ورث لورث بولاء آخر فَفِيهِ إبِْطَال وَلَاء الْمُبَاشرَة قَالَ وَلَاء الْمُعْتق عصبات الْمُعْتق بِحَال إِلَّا لمعتق أَبِيه أَو جده وَكَذَلِكَ لَا وَلَاء لمعتق عصبَة الْمَيِّت الا لمعتق أَبِيه أَو جده بِشَرْط أَن يكون الشَّخْص مُعتق الْغَيْر فَحِينَئِذٍ يكون وَلَاؤُه لمعتقه دون مُعتق أَبِيه 1246 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ لعَبْدِهِ أَنْت حر قبل مرض موتِي بِثَلَاثَة أَيَّام فَمَاتَ بعد هَذِه حتف أَنفه فجأه قَالَ يحكم بحريَّته قبله بِثَلَاثَة أَيَّام وَإِن لم يكن لَهُ مرض ظَاهر لِأَن مرض الْمَوْت عبارَة عَن حَالَة يعْتَبر فِيهَا بنزعه عَن الثُّلُث وقصده بِهَذَا اللَّفْظ الفوار من أَن عتقه من الثُّلُث فَنَزَعَهُ كَمَرَض مَوته وَلَو قيل عتق قبله بِثَلَاثَة أَيَّام لِأَن كل قتل موت بِدَلِيل أَنه لَو قَالَ لعَبْدِهِ إِن مت فَأَنت حر فَقبل عتق وَقد ذكر القَاضِي أَنه إِذا قَالَ قبل مرض موتِي بِيَوْم فَمَاتَ فجأءة بعد يَوْم أَنه يعْتق 1247 - مَسْأَلَة رجل لَهُ عبد قِيمَته مائَة أعْتقهُ فِي مرض مَوته وَلَا مَال لَهُ سواهُ فزادت قيمَة العَبْد حَتَّى بلغت مائَة وَخمسين كم يعْتق من العَبْد قَالَ يعْتق مِنْهُ ثلثة ابتاعه سبع مِنْهَا غير مَحْسُوب من الثُّلُث يبْقى للْوَارِث أَرْبَعَة الحديث: 1245 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 742 @ ابتاعه وَلَو أعتق عبدا قِيمَته ثَلَاثمِائَة فاكتسب العَبْد مِائَتي وَمَات الْمُعْتق عَن مِائَتَيْنِ سواهَا كم يعْتق من العَبْد قَالَ يعْتق مِنْهُ ثَلَاثَة أسْهم من جملَة أحد عشر سَهْما من سبع مائَة دِينَار يَجْعَل قيمَة العَبْد وَالْكَسْب والتركة أحد عشر سَهْما ثمَّ ينفذ الْعتْق فِي ثَلَاثَة أسْهم من قيمَة العَبْد ويتبعه سَهْمَان من الْكسْب غير مَحْسُوب من الثُّلُث فَيبقى للْوَارِث أسْهم بعض العَبْد وَبَعض كَسبه والمائتان فقد عتق من العَبْد أحد وَعشْرين سَهْما من جملَة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ سَهْما وَيبقى من الْكسْب أَرْبَعَة عشر سَهْما من جملَة اثْنَيْنِ وَعشْرين سَهْما سَهْما فَإِذا ذهب من الْعتْق ثَلَاثَة أسْهم من جملَة أحد عشر سَهْما من هَذِه الْجُمْلَة وَمن الْكسْب غير مسحوب فِي الثَّلَاث سَهْمَان بَقِي للْوَارِث سِتَّة أسْهم من أحد عشر سَهْما يَجْعَل مَاله أحد عشر سَهْما فَيكون جملَته سَبْعَة وَسبعين وَلِلْعَبْدِ مِنْهَا ثَلَاثَة وَثَلَاثِينَ وَالْكَسْب اثْنَي عشر 3 1248 - مَسْأَلَة أَقَامَ العَبْد شَاهِدَانِ أَن سَيِّدي أعتقني فِي الصِّحَّة وَأقَام الْوَارِث بَيِّنَة أَنه كَانَ يَوْمئِذٍ مَرِيضا مَاتَ مِنْهُ تَعَارضا وَيحكم بِعِتْق ثلثه وَيحلف الْوَارِث فِي الثُّلثَيْنِ فَإِن نكل حلف العَبْد وَكَانَ كُله حرا 1249 - مَسْأَلَة لَو أعتق عبدا فِي مَوته وَلَا مَال لَهُ سواهُ قِيمَته مائَة فانتقصت قِيمَته عَادَتْ إِلَى خَمْسَة وَسبعين كم يعْتق من العَبْد قَالَ يعْتق مِنْهُ ثَلَاثَة أسْهم من جملَة أحد عشر سَهْما وَيبقى للْوَارِث ثَمَانِيَة أسْهم وَذَلِكَ إِنَّا نقُول عتق مِنْهُ شَيْء وتراجع ذَلِك النُّقْصَان إِلَى ثَلَاثَة أَرْبَاعه بَقِي مَعنا للوارثة خَمْسَة وَسبعين نَاقِصَة بِثَلَاثَة أَربَاع شَيْء تعدل مثل مَا أعتقنا وَالَّذِي أعتقناه شَيْء فمثلا شَيْء وشيئان فِي مُقَابلَة خَمْسَة وَسبعين نَاقِصَة بِثَلَاثَة أَربَاع شَيْء وَيزِيد على الشَّيْئَيْنِ بِثَلَاثَة أَربَاع شَيْء فَتكون شَيْئَانِ وَثَلَاثَة أَربَاع شَيْء فِي مُقَابل الحديث: 1248 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 743 @ خَمْسَة وَسبعين وَالشَّيْء مِنْهَا يكون أَرْبَعَة أسْهم من جملَة أحد عشر سَهْما فَبَان أَنه عتق أَرْبَعَة أسْهم من أحد عشر سَهْما من خَمْسَة وَسبعين فيراجع ذَلِك بِالنُّقْصَانِ إِلَى ثَلَاثَة أَرْبَاعه للْوَارِث ثَمَانِيَة أسْهم وَهُوَ مثلا مَا أعتق يَوْم الْإِعْتَاق فَإِنَّهُ أعتق يَوْم الْإِعْتَاق أَرْبَعَة أسْهم 1250 - مسالة قَالَ رجل لعَبْدِهِ إِن مت وَدخلت الدَّار بعد موتِي بِخمْس سِنِين فَأَنت حر فَمَاتَ وَخرج من ثلثه هَل لوَارِثه إِعْتَاقه قبل مُضِيّ الْمدَّة وَقبل دُخُول الدَّار قَالَ لَا ينفذ عتقه لَو أعْتقهُ كَمَا لَو بَاعه لَا يَصح بَيْعه بعد مَوته قَالَ وَيُمكن أَن يُقَال يعْتق عَن الْمَوْرُوث وَيُمكن بِنَاء الْوَجْهَيْنِ على إِن أجَازه الْوَارِث بتقيد أم تمْلِيك قَولَانِ إِن قُلْنَا بتقيد وَجب أَن يعْتق كالمورث أعْتقهُ قبل وجود للصفة وَيكون عتقه من الْمَيِّت وَإِن قُلْنَا ابْتِدَاء تمْلِيك فَلَا ينْفد كَمَا لَا يَبِيعهُ وعَلى هَذَا الواصي وَقَالَ إِن خدم وَلَدي بعد موتِي بِسِتَّة فهر حر فَلَا يَجْعَل هَذَا وَصِيَّة للْوَلَد بخدمته لِأَن الْوَصِيَّة للْوَارِث لَا تصح وَلَكنَّا نجعله تَعْلِيقا لِلْعِتْقِ بِالْخدمَةِ بعد الْمَوْت فَلَا يجوز للْوَارِث بَيْعه بعد الْمَوْت إِعْتَاقه مَا ذَكرْنَاهُ من الِاحْتِمَال 1251 - مَسْأَلَة لَو قَالَ لعَبْدِهِ أَنْت حر قبل مرض موتِي بِثَلَاثَة أَيَّام وَكَانَ مَرِيضا فِي تِلْكَ الْحَالة ثمَّ قَالَ بعده بأسبوع بيعوا ذَلِك العَبْد وتصرفوا ثمنه فِي كَذَا ثمَّ مَاتَ من ذَلِك الْمَرَض قَالَ لَا يعْتق وَإِن برأَ من ذَلِك الْمَرَض وَكَانَ صَحِيحا ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ مرض فَمَاتَ عتق مثل هَذَا قيل لرجل زَوجتك فِي هَذِه أَي الدَّار فَقَالَ إِن كَانَت زَوْجَتي فِي هَذِه الدَّار فَعَبْدي حر فَقيل لَهُ إِن عَبدك أَيْضا فِي هَذِه الدَّار فَقَالَ إِن كَانَ عَبدِي فِي هَذِه الدَّار فامرأتي طَالِق فَإِن كَانَ كِلَاهُمَا فِي الدَّار يعْتق العَبْد وَلَا تطلق الزَّوْجَة لِأَنَّهُ حِين علق طَلَاق الزَّوْجَة لم يكن هَذَا الشَّخْص عبدا لَهُ إِلَّا إِذا أَرَادَ بِهِ غير العَبْد حِينَئِذٍ تطلق الزَّوْجَة وَلَو كَانَ على عكس هَذَا بِأَن قيل لَهُ أَوْلَاد عَبدك فِي هَذِه الدَّار فَقَالَ إِن كَانَ عَبدِي فِي هَذِه الدَّار فزوجتي طَالِق فَقيل إِن زَوجتك فِي هَذِه الدَّار فَقَالَ إِن كَانَت الحديث: 1250 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 744 @ زَوْجَتي فِي هَذِه الدَّار فَعَبْدي حر تطلق الزَّوْجَة وَهل يعْتق العَبْد نظر إِن كَانَت الْمَرْأَة رَجْعِيَّة يعْتق لِأَن الرَّجْعِيَّة فِي حكم الزَّوْجَات وَإِن كَانَت بَائِنَة لَا يعْتق بِأَن كَانَ طلق ثَلَاثًا أَو كَانَت مُطلقَة ثَلَاثًا 1252 - مَسْأَلَة رجل أعتق أحد عبيده لَا بِعَيْنِه ثمَّ مَاتَ فأقرع الْوَرَثَة بَينهم بِأَنْفسِهِم وَخرجت الْقرعَة لأَحَدهم هَل يحكم بِخُرُوج الْقرعَة نَفسه أم يَسْتَدْعِي شَيْئا آخر قَالَ يحكم بِعِتْقِهِ وَلَو دفع إِلَى الْحَاكِم بَعْدَمَا أقرعوا وَخرجت الْقرعَة لأَحَدهم فأقرع الْحَاكِم ثَانِيًا وَخرجت الْقرعَة لغير الَّذِي خرجت لَهُ فِي الكرة الأولى حكم بِعِتْق هَذَا قَالَ يحكم بِصِحَّة مَا فعلوا دون هَذَا وَلَو أَقرع بعض الْوَرَثَة دون إِذن البَاقِينَ لَا حكم لَهُ وَإِذا امْتنع بعض الْوَرَثَة أَو كلهم القَاضِي أَن يقرع وَلَا يحْتَاج فِيهَا إِلَى رضى العَبْد 1253 - مَسْأَلَة إِذا أَقرع بَين العبيد فَخرجت الْقرعَة لوَاحِد وحكمنا بحريَّته ثمَّ اشْتبهَ قَالَ يقرع ثَانِيًا بِخِلَاف مَا لَو شهد اثْنَان على إِنْسَان أَنه أعتق عَبده سالما فِي مرض مَوته وَهُوَ ثلث مَاله وَشهد آخرَانِ أَنه أعتق عَبده غانما وَهُوَ ثلث مَاله وَعرف سبق عتق أَحدهمَا فَإِن شَهَادَة أحدهم أسبق تَارِيخا وَعرف عتق السَّابِق ثمَّ اشْتبهَ لَا يقرع بَينهم لَكِن يعْتق من كل وَاحِد ثلثه قَالَ الْفرق بَينهمَا وَهُوَ أَن ثمَّة الْحُرِّيَّة تثبت للسابق قطعا فَلَو أقرعنا بَينهم رُبمَا تخرج قرعَة الْحُرِّيَّة لغيره فَيكون فِيهِ أرقاق حرَام هَا هُنَا الْقرعَة ظن لَا توجب الْحُرِّيَّة قطعا وَيحْتَمل أَن يُقَال حكم هَذِه الْمَسْأَلَة حكم تِلْكَ الْمقر الْمَسْأَلَة إِن خرجت قرعَة الْحُرِّيَّة وَعرف عين السَّابِق ثمَّ اشْتبهَ يحكم بِعِتْق ثلث كل وَاحِد مِنْهُم كَمَا فِي مَسْأَلَة الشَّهَادَة إِذا عرف سبق عتق أَحدهمَا وَعرف عين عاتق ثمَّ اشْتبهَ وَلَو خرجت قرعَة الْحُرِّيَّة لوَاحِد وَلَكِن لم يعرف من وَخرجت قرعته بِأَن كتب أسامي العبيد فِي رقاع وَكَانَت الرّقاع فِي بَنَادِق فَقيل أخرج بندقة باسم الْحُرِّيَّة فَأخْرج فَتلفت قبل أَن يعرف من هُوَ حكمه حكم الشَّهَادَة لَو عرف سبّ أَحدهمَا وَلم يعرف عين السَّابِق فَاشْتَبَهَ وَفِيه قَولَانِ أَحدهمَا يعْتق من كل وَاحِد مِنْهُم ثلثه وَالثَّانِي يقرع بَينهم فَكَذَا هَا هُنَا إِن قُلْنَا ثمَّ يعْتق من كل وَاحِد الحديث: 1252 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 745 @ ثلثه فَكَذَلِك هَا هُنَا وَإِن قُلْنَا يقرع فها هُنَا يقرع بَينهم ثَانِيًا وَهَذَا أصح عِنْدِي لِأَن الْقرعَة فِي مثل هَذِه الْمَوَاضِع بِأَن أعتق عبدا من الثُّلُث وَلم يعين بِقَلْبِه تقيد الْحُرِّيَّة قطعا بِدَلِيل أَنه يرتبا الْقصاص وَجَمِيع أَحْكَام للحرية 1254 - مَسْأَلَة عَبْدَيْنِ شَرِيكَيْنِ مُوسر ومعسر فَوكل رجلا بإعتاقه الْوَكِيل ثمَّ قَالَ أَنا أعْتقهُ من جِهَة الْمُوسر دون الْمُعسر فكذبه الْمُوسر فَصدقهُ الْمُعسر قَالَ لَا يقبل قَول الْوَكِيل وللمعسر تَحْلِيف الْمُوكل 1255 - مَسْأَلَة إِذا كَانَ لرجل ثَلَاثَة عبيد فَقَالَ أحد عَبِيدِي حر ثمَّ قَالَ أحد عَبِيدِي حر ثمَّ قَالَ أحد عَبِيدِي حر قَالَ يعْتق الْكل وَلَو قَالَ أحد هَؤُلَاءِ حر ثمَّ أحد هُوَ الآخر ثمَّ قَالَ أحد هَؤُلَاءِ حر قَالَ لَا يعْتق إِلَّا وَاحِدًا إِلَّا أَن يُرِيد بِكُل وَاحِد عتقا جَدِيدا 1256 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ مرا غلامي اسنا ينسى بنده ينمى اذاذ قَالَ يحكم بِعِتْقِهِ وَلَو قَالَ مرا غلامي استانه ذنه نبذه لَا يحكم بِعِتْقِهِ لِأَن فِي الصُّورَة الأولى أثبت الْحُرِّيَّة لِلنِّصْفِ قطعا فَيعتق ذَلِك النّصْف ويسري وَفِي الثَّانِيَة لم تثبت الْحُرِّيَّة لشَيْء مِنْهُ قطعا بل ثَبت فِيهِ صفه الرّقّ ثمَّ وَصفه أَنه لَيْسَ بِعَبْد فَإِنَّهُ لَا يسير بسيره للْعَبد 1257 - مَسْأَلَة رجل عرف لَهُ غلْمَان فَقَالَ عَبِيدِي أَحْرَار فَلَمَّا أَخذ بقوله أَنِّي كنت وهبتهم من ابْني وسلمتهم إِلَيْهِ أَو وهبتهم من ابْني لَا يقبل قَوْله وَيعتق إِلَّا أَن يُقيم الابْن الْبَيِّنَة أَنهم ملكه 1258 - مَسْأَلَة رجل قَالَ لعَبْدِهِ إِن مت فَأَنت حر بعد موتِي بِعشر سِنِين فَمَاتَ لَا يعْتق إِلَّا بعد عشر سِنِين وَلَا يجوز للْوَرَثَة بَيْعه قبل عشر سِنِين لِأَنَّهُ تعلق بِهِ حق الْمولى وَكَذَلِكَ لَو قَالَ لَهُ إِذا مت وَدخلت الدَّار فَأَنت حر فَلَا يجوز للْوَارِث بَيْعه بعد الْمَوْت قبل دُخُول الدَّار 1259 - مَسْأَلَة إِذا مَاتَ رجل وَله عبد وَدَار فَقيل للْوَلَد إِن أَبَاك قد الحديث: 1254 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 746 @ أعتق هَذَا العَبْد فَقَالَ إِن كَانَ قد أعْتقهُ فقد أَعتَقته فَبَان أَن الْأَب لم يكن أعْتقهُ قَالَ يعْتق العَبْد لِأَن قَوْله إِن كَانَ الاب قد أعْتقهُ لَيْسَ بتعليق لِأَن الْأَب إِن كَانَ قد أعْتقهُ فَلَا معنى لعتقه وَلَكِن مَقْصُوده بِهَذَا القَوْل أَنكُمْ إِذا اتفقتم على عتقه من أبي لَا أرد قَوْلكُم فقد أعْتقهُ وَإِن كنت مُذَكّر لعتق الْأَب كَمَا يُقَال للرجل إِن امْرَأَتك قد فجرت فَقَالَ إِن كَانَت امْرَأَتي قد فجرت فَهِيَ طَالِق وَلم يكن قد فجرت فَحكم بِوُقُوع الطَّلَاق لِأَن قَوْله إِن كَانَت فجرت لَيْسَ بتعليق بل مَعْنَاهُ أَنكُمْ إِذا اتفقتم على هَذَا القَوْل فَهِيَ لَا تصلح لي قد طَلقتهَا وَإِن لم تفجر 1260 - مَسْأَلَة رجل قَالَ لآخر إِن أَعْطَيْتنِي عشر دَنَانِير فَهَذَا العَبْد حر فَأعْطَاهُ الْعشْر يعْتق العَبْد هَل يملك الْمُعْتق الْعشْرَة قَالَ يبْنى على أَنه لَو قَالَ لآخر عَبدك عنْدك وَلَك عَليّ عشرَة فَأعتق وَعتق هَل يسْتَحق الْعشْرَة فِيهِ وَجْهَان أصَحهمَا يسْتَحق كَمَا لَو فدى أَسِيرًا قَالَ أعتق أم ولدك وَلَك عَليّ عشرَة فَأعتق يسْتَحق وَالثَّانِي لَا لِأَن لَهُ طَرِيقا سواهُ إِلَى إِعْتَاقه وَهُوَ أَن يَشْتَرِي بِخِلَاف أم الْوَلَد والأسير فَإِن قُلْنَا هُنَاكَ يسْتَحق هَا هُنَا يملك الْعشْرَة وَإِن قُلْنَا لَا يسْتَحق لِأَنَّهُ أعتق عَن نَفسه فها هُنَا يعْتق العَبْد بِوُجُود الصّفة وَلَا يملك الْعشْرَة فَلَو لم يكن لهَذَا الْقَائِل من هَذَا العَبْد إِلَّا ربعه قَالَ عتق العَبْد عَلَيْهِ إِذا أعْطى الآخر الْعشْرَة وَقَومه على الْقَائِل بَاقِي العَبْد إِن كَانَ مُوسِرًا أَو عَلَيْهِ قيمَة نصيب الشَّرِيك الَّذِي لَهُ ثَلَاثَة أَربَاع وَوَلَاء كُله للقائل وَكم يملك للقائل من هَذِه الْعشْرَة قَالَ إِن قُلْنَا هُوَ مخص صفة فَلَا يملك شَيْئا عَلَيْهِ رده وَإِن قُلْنَا يملك فَيهْلك هَا هُنَا ربع الْعشْر أَو كلهَا يحْتَمل وَجْهَيْن بِنَاء على مَا لَو بَاعَ عبدا فَخرج نصِيبه مُسْتَحقّا وَأَجَازَ المُشْتَرِي العقد فِي الْبَاقِي 1261 - مَسْأَلَة إِذا قَالَ إِن أَعْطَيْتنِي عشرَة فَعَبْدي حر فَأعْطى فَيخْتَص بِالْمَجْلِسِ كَمَا لَو قَالَ لامْرَأَته إِن أَعْطَيْتنِي ألفا فَأَنت طَالِق يشْتَرط الْإِعْطَاء فِي الْمجْلس الحديث: 1260 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 747 - مَسْأَلَة رجل بَاعَ فِي مرض مَوته نصف عَبده من ولد ثمَّ أعتق النّصْف الآخر وَقِيمَة العَبْد أَرْبَعُونَ وَجُمْلَة تركته خَمْسُونَ كم يعْتق من العَبْد قَالَ يعْتق ربعه وسدسه جملَة خَمْسَة أسْهم من اثْنَي عشر سَهْما من العَبْد قِيمَته اثْنَي عشر دِينَارا أَو ثلثان وَهُوَ ثلث الْخمسين فِي الْوَلَاء ذكر القَاضِي فِي كره أَن الْأَقْرَب فِي الْوَلَاء مِمَّن لَا يرى الْأَبْعَد مثل أَن الْعَتِيق مُسلم وَالْمُعتق كَافِر وَله ابْن مُسلم فَمَاتَ الْمُعْتق وَهُوَ الْكَافِر لَا يَرِثهُ ابْنه الْمُسلم بِخِلَاف النّسَب من لَا يَرث لَا يحجب غَيره لِأَن الْوَلَاء قطّ لَا يثبت إِلَّا أَن يثبت الْأَبْعَد مَعَ وجود الْأَقْرَب وَفِي النّسَب الْأُخوة مَعَ الْأَخ مَوْجُود مَعَ وجود الابْن وَكَذَلِكَ لَو قيل الْمُعْتق بِعِتْقِهِ وَله ابْن لَا يَرِثهُ ابْنه وَكَذَلِكَ لَو كَانَ كَافِرًا أعتق عبدا ثمَّ اشْترى الْكَافِر الْمُعْتق وَله ابْن حر فَمَاتَ الْمُعْتق لَا يَرِثهُ ابْن الْمُعْتق وَكَذَلِكَ لَو اعْتِقْ كَافِرًا مسلمة وَله ابْن مُسلم لَا يَلِي للِابْن تَزْوِيجهَا لِأَن الْوَلَاء لمن ينْتَقل إِلَيْهِ بل زَوجهَا السُّلْطَان وَهَذَا بِخِلَاف الْمَرْأَة أعتقت أمة فولاؤها لَهَا ثمَّ أَبوهَا ووليها وَزوجهَا وَإِن كَانَت الأبوية تمنح الْوَلَاء لِأَن الْيَأْس وَقع من ثُبُوت الْولَايَة لَهَا بِسَبَب الْأُنُوثَة فَثَبت لوَلِيّهَا بِخِلَاف الصَّغِير قَالَ الإِمَام وَهنا مُشكل يَنْبَغِي أَن لَا يحجب كالنسب 1263 - مَسْأَلَة وَلَو تزوج عبد مُعتقة فَأَتَت بنتين فَالْولَاء عَلَيْهَا لموَالِي الْأُم فَإِذا بلغت الابنتان واشتريا أباهما عتق عَلَيْهِمَا ثمَّ مَاتَ الْأَب وَمَاتَتْ إِحْدَى البنتين فللبنت الْأُخْرَى مِنْهَا ثَلَاث أَربَاع المَال وَالرّبع يبْقى لموَالِي الْأُم وَلَو مَاتَت إِحْدَاهمَا أَولا وورثتها الْأُم ثمَّ مَاتَت الْأُم فللأخرى من الْأَب سَبْعَة أَثمَان الْمِيرَاث وَالثمن يبْقى لموَالِي الْأُم على التَّقْرِير الَّذِي ذكرنَا فِيمَا إِذا كَانَت الْأُم حرَّة أَصْلِيَّة فَمَا جعلنَا ثمَّ لبيت المَال فها هُنَا يبْقى لموَالِي الْأُم لِأَن النّصْف بالبنوة وَالنّصف لمواليها على الْأَب لِأَن الْأَب حر لولاء من موَالِي الحديث: 1263 ¦ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 748 @ الْأُم إِلَى موَالِيه وَهِي مَوْلَاهُ نصف الْأَب وَنصف الرِّبْح يجر الْأَب وَلَاء الْأُخْت الأولى الْعِصَابَة وَهَذِه عصبَة نصفه لِأَنَّهَا مُعتقة نصفه فَكَانَ سَبْعَة أَثمَان المَال لَهَا وَالثمن يبْقى لموَالِي الْأُم الْكِتَابَة إِذا كَانَت أم وَلَده تجوز وَلَو قَالَ لأم وَلَده أَعتَقتك على ألف فَقبلت عتقت وَعَلَيْهَا الْألف وَلَو قَالَ بِعْت نَفسك فَقبلت وجوزنا بيع العَبْد الْقِنّ من نَفسه وَهُوَ الْأَصَح بَقِي أم الْوَلَد هَل يَصح قَالَ يُمكن بِنَاؤُه على أَنه إِذا بَاعَ عَبده مِنْهُ هَل ثَبت لَهُ عَلَيْهِ الْوَلَاء وَفِيه وَجْهَان أصَحهمَا يثبت فعلى هَذَا يعْتق أم الْوَلَد وَعَلَيْهَا الْألف كَمَا لَو أعْتقهَا على ألف وَإِن قُلْنَا لَا يثبت الْوَلَاء فَهُوَ كَمَا لَو بَاعه من أَجْنَبِي لَا يكون لَهُ عَلَيْهَا وَلَاء فها هُنَا لَا يَصح بيعهَا من أَجْنَبِي وعَلى هَذَا أعتق عبدا على خمر أَو خِنْزِير أَو شَيْء لَا يملك فَقيل عتق وَعَلِيهِ قِيمَته وَلَو قَالَ بِعْتُك نَفسك بِهَذَا الْغَيْر أَو الْخمر أَو الْخِنْزِير فَإِن قُلْنَا يثبت الْوَلَاء يَصح وَيعتق وَعَلِيهِ قِيمَته كَمَا لَو قَالَ بِلَفْظ الْعتْق وَإِلَّا فَلَا يَصح وَلَا يعْتق لِأَن البيع بِالْخمرِ وَبِمَا لَا يملك لَا يُوجب نقل الْملك كَمَا لَو بَاعَ من أَجْنَبِي بِخَمْر أَو خِنْزِير وَبِمَا لَا يملك فِي عتق أُمَّهَات الْأَوْلَاد أمه استدخلت ذكر حر نَائِم فعلقت فَإِن الْوَلَد حر لِأَنَّهُ لَيْسَ بزنا من جِهَته قَالَ وَتجب قيمَة الْوَلَد على الرجل وَيحْتَمل أَن يرجع عَلَيْهَا بعد الْعتْق كَمَا فِي الْغرُور وَالِاسْتِيلَاد إِذا وطىء جَارِيَة أَبِيه أَو أمه يشبه وَأَتَتْ بولده ثمَّ مَاتَ الْأَب وَالأُم عَن ابْنَيْنِ فنصيب الواطىء تصير أم ولد لَهُ على القَوْل الَّذِي يَقُول من وطأ جَارِيَة الغيرثم تَملكهَا تصير أم ولد لَهُ وَلَا تسري أمومة الْوَلَد إِلَى الْبَاقِي لِأَنَّهُ لم يخْتَر ملكهَا 1263 - مَسْأَلَة إِذا وطأ جَارِيَة ابْنه عَلَيْهِ الْمهْر طَائِعَة كَانَت أَو مُكْرَهَة بِخِلَاف مَا لَو وطأ جَارِيَة الْغَيْر وَهِي طَائِعَة لَا مهر على الْأَصَح لِأَن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 749 @ ذَلِك الْفِعْل زنا وَالْمَرْأَة فِيهِ طَائِعَة فَلَا يجب الْمهْر كَالْحرَّةِ زنا وَفعل الْأَب لَيْسَ زنا كَوَطْء السَّيِّد يُوجب الْمهْر بِكُل حَال وَلَو استولد جَارِيَة ابْنه ملكهَا فَلَو قَالَ بعد لَا يحل لَهُ وَطْؤُهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئهَا كمن ملك جَارِيَة بطرِيق آخر لَا يحل لَهُ وَطْؤُهَا إِلَّا بعد الِاسْتِبْرَاء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 750