الكتاب: الغاية في شرح الهداية في علم الرواية المؤلف: شمس الدين أبو الخير محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر بن عثمان بن محمد السخاوي (المتوفى: 902هـ) المحقق: أبو عائش عبد المنعم إبراهيم الناشر: مكتبة أولاد الشيخ للتراث الطبعة: الأولى، 2001م عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] ---------- الغاية فى شرح الهداية فى علم الرواية السخاوي، شمس الدين الكتاب: الغاية في شرح الهداية في علم الرواية المؤلف: شمس الدين أبو الخير محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر بن عثمان بن محمد السخاوي (المتوفى: 902هـ) المحقق: أبو عائش عبد المنعم إبراهيم الناشر: مكتبة أولاد الشيخ للتراث الطبعة: الأولى، 2001م عدد الأجزاء: 1   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَبِه نستعين الْحَمد لله رَافع من أسْند أمره إِلَيْهِ بِصَحِيح وداده. وخافض من خلا علمه عَن الْحسن وَانْقطع للْمُنكر بعناده. أَحْمَده حَيْثُ خصنا بالاتصال العالى بِلَا اضْطِرَاب فى إِسْنَاده، وفهمنا طرق السّنة فى طى نشرها بإرشاده، وأشكره رَجَاء الاندراج فى سلسلة أولى الْعَمَل الصَّالح الْمُوَافق لمراده وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وَحده لَا شريك لَهُ، الْعَزِيز الْفَرد، القاهر فَوق عباده. وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله، الماحى (لِلْخلقِ) الْموضع بِقُوَّة جهاده، والموضح لكل مُخْتَلف غَرِيب بجده واجتهاده. صلى الله وَسلم عَلَيْهِ وعَلى أَصْحَابه وتابعهم مِمَّن لم يُوصف بشذوذ وَلَا تَدْلِيس، باعتماده صلى الله عَلَيْهِ صَلَاة وَسلَامًا دائمين بدوام أماد الدَّهْر وأباده [] فَإِن الْكتاب الْمُسَمّى ب " الْهِدَايَة فى علم الرِّوَايَة " نظم الْعَلامَة الأثرى ابْن الجزرى، مِمَّن أحسن ناظمه فى ترتيبه وَوَضعه وتلخيصه وَجمعه؛ لكنه غير غنى عَن شرح يبين خفيه وَيقرب قصيه، فَلذَلِك التمس منى [عَلامَة] من أَخذ عَنى، وضع شرح عَلَيْهِ، يرجع فى وَقت قِرَاءَته وإقرائه إِلَيْهِ، لَيْسَ بطويل مُمل، وَلَا قصير مخل يتبصر بِهِ الطَّالِب الْمُبْتَدَأ، ويستمد مِنْهُ الْمُنْتَهى، عِنْد إِشَارَة المهتدى فأجبته لذَلِك طلبته، واستدللت بقرائن الصَّحِيحَة على إخلاص نِيَّته وسميته (الْغَايَة فى شرح الْهِدَايَة) نفع الله بذلك قارئه وسامعه وكاتبه وجامعه والناظر فِيهِ، والمقتبص من جواهره ولآليه، إِنَّه قريب مُجيب الدُّعَاء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 مُقَدّمَة النَّاظِم (1 - (ص) يَقُول راجى عَفْو ربه رؤوف ... مُحَمَّد ابْن الجزرى السّلف) (ش) عبر الْمُضَارع دون الْمَاضِي ليسلم من الِاعْتِرَاض بانه عِنْد وَضعه غير مقول وَإِن واجيب عَن فَاعله عَن النَّاظِم أَيْضا فى قَوْله الآتى رتبتها وزدتها ونظمتها [وراجى] اسْم فَاعل مَأْخُوذ من الرَّجَاء ضد الْخَوْف، وَهُوَ عَن بِمَعْنى التوقع وَالْأَصْل فِيمَا يُمكن يرتضى حُصُوله مَا فِيهِ مَسَرَّة، [الْعَفو] وَهُوَ التجاوز عَن الذَّنب وَترك الْعقَاب عَلَيْهِ وَأَصله المحو والطمس، وفى أَسْمَائِهِ تَعَالَى الْعَفو وَهُوَ من أبنية الْمُبَالغَة، يُقَال عَفا يعفوا عفوا، فَهُوَ عاف، وعفو [الرب] الْمَالِك، وَهُوَ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَلَا يذكر لغيره إِلَّا مَعَ التقيد بِالْإِضَافَة، كرب الدَّار، وَرب الثَّوْب، وَرب النَّاقة، وَأما النهى الْوَارِد على أَن يَقُول الْمَمْلُوك لسَيِّده ربى مَعَ إِضَافَته، فَيحْتَمل أَن يكون للتنزيه أَو عَن الإبصار مِنْهُ، واتخاذ اسْتِعْمَاله عَادَة لَا عَن ذكره فى الْجُمْلَة لقَوْله تَعَالَى حِكَايَة عَن يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام: {اذْكُرْنِي عِنْد رَبك} وَقَوله: {ارْجع إِلَى رَبك} ، وَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام إِن من أَشْرَاط السَّاعَة: " [أَن] تَلد [/ 4] الْأمة ربتها " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 وَيحْتَمل غير ذَلِك كَمَا بسط فى مَحَله على أَن بَعضهم خص بالتقييد مَا لَا تعبد عَلَيْهِ من سَائِر الْحَيَوَانَات والجمادات وَمِنْه الْأَمْثِلَة الَّتِي قدمتها لَكِن يخدش فِيهِ كل الْأَدِلَّة الْبَيِّنَة، بل قد قيل عَن نبى الله يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام أَنه خاطبه على الْمُتَعَارف عِنْدهم وعَلى مَا كَانُوا يسمونه بِهِ، [والروؤف] هُوَ الرَّحِيم بعباده العطوف عَلَيْهِم بألطافه، والرأفة فى الأَصْل أرق من الرَّحْمَة قَالَ فى " الصِّحَاح ": هِيَ أَشد الرَّحْمَة، قَالَ ابْن الْأَثِير وَلَا تكَاد تقع فى الْكَرَاهَة بِخِلَاف الرَّحْمَة فقد تقع فى الْكَرَاهَة للْمصْلحَة وَهُوَ فى النّظم كَرجل وَبِه قرئَ فى السَّبع قَالَ جرير: (يرى للْمُسلمين عيه حَقًا ... كَفعل الْوَالِد الرؤوف الرَّحِيم) وَلَا يتزن بإشباعه، واختصاصه بِالذكر دون غَيره من أَسمَاء الْجلَال وَالْعَظَمَة هُوَ الْأَنْسَب وَإِن كَانَ ذَاك أبلغ، [مُحَمَّد] هُوَ بدل من فَاعل يَقُول، وَهُوَ النَّاظِم ابْن الْجَزرِي، بِالرَّفْع وصف لَهُ، أَو بدل، وَهُوَ نِسْبَة لبلد مَعْرُوف يُقَال لَهُ: جَزِيرَة ابْن عمر بِبِلَاد الْمشرق، بِالْقربِ من بِلَاد الْموصل، فعلى هَذَا أثبت الْألف [/ 4] فى ابْن؛ لوُقُوعه بَين علم وَصفَة، أما إِذا وَقع بَين علمين فَلَا، و [السّلف] بِفَتْح الْمُهْملَة وَاللَّام وفى آخرهَا فَاء نِسْبَة إِلَى السّلف لانتحال مَذْهَبهم وَنَقله، وَقد انتسب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 لذَلِك من الروَاة جمَاعَة مِنْهُم من الْمُتَأَخِّرين الْأُسْتَاذ أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن عمر بن إِبْرَاهِيم الجعبري الخليلي، فَإِنَّهُ كَانَ يكْتب ذَلِك بِخَطِّهِ وَسُئِلَ عَنهُ فَقَالَ: نِسْبَة إِلَى طَرِيق السّلف سلفيا، بِضَم الْمُهْملَة، وسلفيا بِكَسْرِهَا أَيْضا، لَكِن مَعَ سُكُون اللَّام، وقاف بدل الْفَاء كَمَا بَين، وَلَا بَأْس بنبذة من أَخْبَار النَّاظِم، فَأَقُول: هُوَ الْعَلامَة شيخ الْقُرَّاء قاضى الْقَضَاء شمس الدّين أَبُو الْخَيْر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن يُوسُف الْعُمْرَى الدِّمَشْقِي ثمَّ الشِّيرَازِيّ الشَّافِعِي، عرف بِابْن الجزرى. كَانَ أَبوهُ تَاجِرًا، وَمكث أَرْبَعِينَ سنة لم يرْزق ولدا، وَحج وَشرب من مَاء زَمْزَم، وَسَأَلَ الله أَن يرزقه ولدا عَالما؛ فولد لَهُ النَّاظِم بعد صَلَاة التَّرَاوِيح من لَيْلَة السبت خَامِس عشر شهر رَمَضَان، سنة إِحْدَى وَخمسين وَسَبْعمائة بِدِمَشْق، وَنَشَأ بهَا؛ فَسمع من أَصْحَاب الْفَخر ابْن البُخَارِيّ، وارتحل إِلَى مصر وَدخل إسكندرية، وبعلبك واليمن وَغَيرهَا [/ 5] حَتَّى وصل إِلَى بِلَاد الْعَجم وَالروم، وسمرقند، وشيراز، واعتنى بِالْحَدِيثِ وَكتب الطباق بِالْقِرَاءَةِ وفَاق فِيهَا، وَولى مشيخة الصلاحية بِبَيْت الْمُقَدّس وقتا، والتوقيع بِدِمَشْق ثمَّ الْقَضَاء؛ لكنه عزل قبل وُصُوله إِلَيْهَا، وَكَذَا ولى الْقَضَاء بشيراز، وَبنى بِكُل مِنْهُمَا للقراء مدرسة وَنشر علما وانتفع بِهِ فى الْآفَاق، خُصُوصا شيراز، وَالروم فى الْقرَاءَات والْحَدِيث، وسارت تصانيفه تقدم عِنْد الْمُلُوك وجاور بِكُل من الْحَرَمَيْنِ، وَأخذ عَنهُ أهلهما، وَقدم بِآخِرهِ الْقَاهِرَة فازدحم النَّاس أَيْضا عَلَيْهِ. وَأخذ عَنهُ الْأَعْيَان، وفى أَصْحَابنَا الْآن فَمن فَوْقهم غير وَاحِد مِمَّن أَخذ عَنهُ، وَلما دخل شَيخنَا الْيمن حدث عَنهُ بكتابه " الْحصن الْحصين " لتنافسهم فى تَحْصِيله واغتباطهم بِهِ حَتَّى انهم رُبمَا رووا كِتَابه " الْعدة " بِخمْس وسائط إِلَيْهِ، وَوَصفه شَيخنَا بِالْحِفْظِ، وَأَشَارَ إِلَى أَنه لم يكن لَهُ فى الْفِقْه بديل، فنه الَّذِي مهر فِيهِ الْقرَاءَات، مَعَ عمل فى الحَدِيث ونظم يسير وَخط دَقِيق مَعَ التَّقَدُّم فى السن، قَالَ: وَكَانَ مثريا وشكلا حسنا فصيحا بليغا. انْتَهَت إِلَيْهِ رئاسة علم [/ 6] الْقرَاءَات فى الممالك، انْتهى. وَمن تصانيفه: " النشر فى الْقرَاءَات الْعشْر "، و " طيبَة النشر فى الْقرَاءَات الْعشْر " و " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 نظم فى ألف بَيت "، و " طَبَقَات الْقُرَّاء " أَجَاد فِيهَا، و " الْحصن فى كَلَام سيد الْمُرْسلين "، وَهُوَ فى غَايَة الِاخْتِصَار وَالْجمع، وَكَذَا من شُيُوخه ابْن أميلة، وَالصَّلَاح بن أبي عَمْرو، وَابْن الشيرجى، والمنجى، والعماد بن كثير، والكمال بن حبيب، وَغَيرهم. وَكَانَ يذكر أَن ابْن الخباز تلميذ النووى أجَاز لَهُ وَتكلم فى هَذَا لَكِن قَالَ شَيخنَا إِنَّه لَا يظنّ بِهِ. وَبِالْجُمْلَةِ، فقد انْتفع النَّاس بِهِ وبتصانيفه. مَاتَ بشيراز فى ربيع الأول سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وثمان مائَة، وَدفن بداره الذى بناها هُنَاكَ بالقراء وعظمة الرزية بِمَوْتِهِ رَحْمَة الله وإيانا. آمين (2 - (ص) الْحَمد لله على هدايته ... إِلَى حَدِيث الْمُصْطَفى وسنته) (ش) [الْحَمد] هُوَ الثَّنَاء بِاللِّسَانِ على الْجَمِيل من نعْمَة وَغَيرهَا، تَقول: حمدت الرجل على إنعامه، وحمدته على حسنه وشجاعته، وَهُوَ بِخِلَاف الشُّكْر لِأَنَّهُ على النِّعْمَة خَاصَّة، وَيكون بِالْقَلْبِ وَاللِّسَان [/ 7] ، والجوارح، وَهُوَ مَرْفُوع بِالِابْتِدَاءِ، أَو خبر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 الظّرْف الذى هُوَ لله، وَاللَّام للاختصاص. بِمَعْنى أَنه مُسْتَحقّ الْحَمد لما ترادف علينا من نعمه الَّتِي من جُمْلَتهَا الْهِدَايَة إِلَى الحَدِيث النَّبَوِيّ وَهُوَ فى تَعْلِيقه الْحَمد بِالنعَم مَعَ أَنه تَعَالَى مُسْتَحقّ الْحَمد لذاته مشير إِلَى أَن حمدنا لَا يكون إِلَّا شكرا إِذْ هُوَ لَا يَنْفَكّ عَن نعْمَة، ومتعلقه مَحْذُوف، أى ثَابت أَو مُسْتَقر، أَو نَحْو ذَلِك. وَبَدَأَ النَّاظِم بِالْحَمْد تأسيا بِالْكتاب الْعَزِيز، وَعَملا بقوله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " كل أَمر ذِي بَال لَا يبْدَأ فِيهِ بِحَمْد الله فَهُوَ أقطع ". وَلَا يُقَال: أَنه لم يبْدَأ بِهِ لكَونه ثَانِي الأبيات لكَونه التَّعْرِيف بالقائل لَا يُنَافِيهِ، وَقد كتب [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] فِيمَا يرْوى عَنهُ: " من مُحَمَّد رَسُول الله إِلَى فلَان: سَلام عَلَيْك فإنى أَحْمد الله إِلَيْك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 و [الْهِدَايَة] الدّلَالَة إِلَى الْمَطْلُوب بِرِفْق وفى ذكره إِشَارَة لما لقب بِهِ النَّاظِم أرجوزته الَّتِي قرب فِيهَا كثيرا من اصْطِلَاح أهل الحَدِيث وَمن أَسْمَائِهِ الهادى، وَهُوَ الَّذِي بصر عباده طَرِيق مَعْرفَته حَتَّى أقرُّوا بربوبيته، وَهدى كل مَخْلُوق إِلَى مَا لَا [/ 8] بُد مِنْهُ فى بَقَائِهِ، ودوام وجوده. [الحَدِيث] أَصله ضد الْقَدِيم، وفى الإصطلاح مَا أضيف إِلَى النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] قولا أَو فعلا أَو تقريراً أَو صفة، حَتَّى الحركات والسكنات فى الْيَقَظَة وَالنَّوْم، [والمصطفى] الْمُخْتَار بَين أَبنَاء جنسه، وَالْمرَاد بِهِ صَاحب الشَّرْع أَبُو الْقَاسِم مُحَمَّد [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] إِذْ هُوَ خُلَاصَة خلق الله طرا، وأرفعهم فى الْعَالمين ذكرا وَقدرا، ، [السّنة] أَصْلهَا الطَّرِيقَة تَقول: فلَان على سنة فلَان، إِذا كَانَ تَابعا لطريقه، وَهِي هُنَا عبارَة عَمَّا صدر عَنهُ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] قولا، وفعلا وتقريرا، والعطف للْبَيَان إِن كَانَ الحَدِيث مرادفا للسّنة أَو للأخص على الْأَعَمّ إِن كَانَ الحَدِيث أَعم، وَكَذَا إِن أَرَادَ السّنة العلمية وَفِيه حسن المطلع الْمُؤَذّن بِالْمَقْصُودِ (3 - (ص) صلى عَلَيْهِ رَبنَا وسلما ... وزاده هِدَايَة وسلما) (ش) قصد النَّاظِم الْإِخْبَار والإنشاء، ليَكُون فى الْإِنْشَاء مقتديا بِمَا روى فى بعض طرق الحَدِيث الْمَاضِي وَهُوَ " كل أَمر ذِي بَال لَا يبْدَأ فِيهِ بِحَمْد الله، وَالصَّلَاة على فَهُوَ أَبتر " أَي ممحوق من كل بركَة [/ 9] [الصَّلَاة] من الله عز وَجل على نبيه [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] مَعْنَاهَا الثَّنَاء عَلَيْهِ عِنْد مَلَائكَته كَمَا فى الصَّحِيح - البُخَارِيّ - عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ الْقشيرِي: هُوَ تشريف وَزِيَادَة تكرم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 [وَالسَّلَام] فى الأَصْل السَّلامَة، يُقَال: سلم يسلم سَلاما وسلامة، وَهُوَ من أَسْمَائِهِ تَعَالَى وَقيل للجنة: دَار السَّلَام، لِأَنَّهَا دَار السَّلَام من الْآفَات، وَجمع بَين الصَّلَاة وَالسَّلَام لتصحيح النووى بِكَرَاهَة إِفْرَاد إِحْدَاهمَا عَن الآخر وخصهما النَّاظِم فى بعض تصانيفه بِمَا يَقع فى الْكتب مثل: قَالَ النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ، وَأمر رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] . لكَونه حذف الرِّوَايَة، أما إِذا ذكر رجلا النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] فَقَالَ: اللَّهُمَّ صل عَلَيْهِ مثلا، فَلَا أَحسب الْكَرَاهَة وَهُوَ حسن، لَكِن قيد شيخى عدمهَا بِمن لم يفعل ذَلِك ديدنا وَهُوَ أحسن وَقَوله [وزاده] إِن قصد بِهِ الْإِخْبَار فَقَط فَلَا كَلَام أَو مَعَ الْإِنْشَاء فيأتى استشكال دُعَاء الْقَارئ لَهُ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] بِزِيَادَة الشّرف مَعَ الْعلم بِكَمَالِهِ فى سَائِر أَنْوَاع الشّرف وَأجَاب عَنهُ شيخى بِمَا [/ 10] حَاصله إِن الداعى للمعلم الأول وَهُوَ الشَّارِع [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] نَظِير جَمِيع ذَلِك فَزِيَادَة الشّرف بِالنّظرِ لهَذَا، فَإِن كَانَ شرفه مُسْتَقرًّا يعْنى وَفضل الله لَا يتناهى وَلَعَلَّ سلف الداعى مَا ورد فى القَوْل عِنْد رُؤْيَة الْكَعْبَة من قَول: " اللَّهُمَّ زد هَذَا الْبَيْت تَشْرِيفًا وتعظيما " فقد قَالُوا فى الصَّلَاة عَلَيْهِ ثَمَرَتهَا عَائِدَة على الْفَاعِل، ومؤذنة بالمحبة على أَنه يحْتَمل أَن يكون وزاده؛ بِمَعْنى فى أمته هدى وسلامة، وَيُؤَيِّدهُ أَنه وَقع فى بعض نسخ النّظم [وزادنا] وَهُوَ ظَاهر. وفى [سلما] التَّجْنِيس التَّام، فَالْأول من السَّلَام، وَالثَّانِي من السَّلامَة. (4 - (ص) وَبعد، أَن خير شئ يقتفا ... بعد الْقُرْآن لحَدِيث المصطفا) (ش) أما [بعد] وَهِي كَمَا قَالَ أَبُو إِسْحَاق الزّجاج وَغَيره مَبْنِيَّة على الضَّم لِأَنَّهَا من الظروف المقطوعة على الْإِضَافَة المنوى معنى مَا بعْدهَا، والإتيان بِمَا فى الْخطب والمراسلات مُسْتَحبّ، وَاخْتلف فى أول من قَالَهَا فَقيل: يَعْقُوب، وَقيل: لؤى، وَقيل: دَاوُد؛ وَأَنَّهَا فصل الْخطاب الذى أعطية، وَقيل: يعرب بن قحطان وَقيل [/ 11] كَعْب بن لؤى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 وَقيل: سحبان بن وَائِل وَقيل: قيس بن سَاعِدَة، وَورد فى كل من الْأَقْوَال مَا يشْهد لَهُ وَلَكِن قَالَ شيخى: إِن أشبههَا دَاوُد قَالَ: وَيجمع بَينه وَبَين غَيره بِأَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ للأولية النهضة والبقية بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْعَرَب خَاصَّة ثمَّ يجمع بَينهمَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْقَبَائِل. و [الاقتفاء] الأتباع يُقَال: قفوته وقفيته واقتفيته أَي تَبعته واقتديت بِهِ. و [الْقُرْآن] بِالْهَمْز، وَقد يحذف بعد نقل الْحَرَكَة لما قبله تَخْفِيفًا، وَهِي قِرَاءَة ابْن كثير وَبِه يتزن الْبَيْت وَهُوَ فى الأَصْل الْجمع وكل شَيْء جمعته فقد قرأته وسمى الْقُرْآن قُرْآنًا لِأَنَّهُ جمع الْقَصَص وَالْأَمر والنهى، والوعد والوعيد، والآيات والسور، بَعْضهَا إِلَى بعض وَهُوَ مصدر كالغفران والكفران. وفى الِاصْطِلَاح: " اللَّفْظ الْمنزل على مُحَمَّد [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] المعجز عَن الْإِتْيَان بِسُورَة من مثله الْمَنْقُول إِلَيْنَا نقلا متواترا بِلَا شُبْهَة وَهُوَ اسْم للنظم أَو الْمَعْنى "، وَقَوله: روينَا عَن وَكِيع قَالَ: سَمِعت سُفْيَان وَهُوَ الثَّوْريّ يَقُول: مَا أعلم على وَجه الأَرْض من الْأَعْمَال شَيْئا أفضل من طلب الحَدِيث [/ 12] وَلمن أَرَادَ بِهِ وَجه الله تَعَالَى إِن النَّاس يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ فى طَعَامه وشرابهم. وَعَن بشر بن الْحَارِث أَنه قَالَ: لَا أعلم على وَجه الأَرْض عملا أفضل من طلب الحَدِيث لمن اتَّقى الله وَحسنت نِيَّته فِيهِ. والْآثَار فى هَذَا الْمَعْنى كَثِيرَة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 [حَدِيث الْمُصْطَفى] لَا يخْتَص بأقواله بل استعملوه لأعم مِنْهَا وَمن الْفِعْل وَالتَّقْدِير كَمَا تقدم. (5 - (ص) يحملهُ عدُول كل خلف ... عَمَّن مضى من خلف وَسلف) (ش) أَشَارَ النَّاظِم بذلك إِلَى مَا ورد من حَدِيث أُسَامَة بن زيد وَجَابِر بن سَمُرَة، وَابْن عمر وَابْن مَسْعُود وعَلى وَأبي أُمَامَة وَأبي هُرَيْرَة وَغَيرهم من الصَّحَابَة - رَضِي الله عَنْهُم - عَنهُ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] أَنه قَالَ: " يحمل هَذَا الْعلم من كل خلف عَدو لَهُ ينفون عَنهُ تَحْرِيف الغالين وانتحال المبطلين وَتَأْويل الْجَاهِلين " وَهُوَ من جَمِيع طرقه ضَعِيف كَمَا صرح بِهِ الدَّارَقُطْنِيّ وَأَبُو نعيم وَابْن عبد الْبر لَكِن يُمكن أَن يتقوى بتعددها وَيكون حسنا كَمَا جزم بِهِ العلائي لَا سِيمَا وَيشْهد لَهُ كتاب عمر إِلَى أَبى [/ 13] مُوسَى - رَضِي الله عَنْهُمَا -: " الْمُسلمُونَ عدُول بَعضهم على بعض إِلَّا مجلودا فى حد أَو مجربا عَلَيْهِ شَهَادَة زور أَو ظنينا فى وَلَاء أَو نسب " وفى الْعِلَل للخلال أَن مهنا سَأَلَ أَحْمد عَن حَدِيث الْبَاب وَقَالَ لَهُ كَأَنَّهُ كَلَام مَوْضُوع؟ فَقَالَ: هُوَ صَحِيح وَتعقب ذَلِك ابْن الْقطَّان حَيْثُ قَالَ: قد خفى على أَحْمد من حَاله مَا علمه غَيره. انْتهى. وَبِه تمسك ابْن عبد الْبر حَيْثُ قَالَ كل حَامِل علم مَعْرُوف الْعِنَايَة فَهُوَ عدل مَحْمُول فى أمره أبدا على الْعَدَالَة حَتَّى يتَبَيَّن جرحه وَكَذَا قَالَ ابْن الْمواق: أهل الْعلم محمولون على الْعَدَالَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 حَتَّى يظْهر مِنْهُم خلاف ذَلِك وَنَحْوه مَا روينَا عَن مُحَمَّد بن أَحْمد بن يَعْقُوب بن شيبَة قَالَ: " رَأَيْت رجلا قدم رجلا إِلَى إِسْمَاعِيل بن إِسْحَاق القَاضِي فَادّعى عَلَيْهِ دَعْوَى فَسَأَلَهُ الْمُدعى عَلَيْهِ، فَأنْكر، فَقَالَ للْمُدَّعى: أَلَك بَيِّنَة؟ ، قَالَ: نعم فلَان وَفُلَان، فَقَالَ: أما فلَان فَمن شُهُوده، وَأما فلَان فَلَيْسَ من شهودى، قَالَ: فيعرفه القَاضِي؟ قَالَ: نعم، قَالَ: بِمَاذَا؟ قَالَ: عرفه بكتب الحَدِيث قَالَ: فَكيف تعرفه فى كتبته الحَدِيث؟ قَالَ: مَا علمت إِلَّا خيرا، قَالَ: فَإِن النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] قَالَ: " يحمل هَذَا الْعلم من كل خلف عدوله "، وَمن عدله رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] أولى مِمَّن عدلته أَنْت قَالَ: فهاته فقد قبلت شَهَادَته. وقوى الْحَافِظ أَبُو [/ 14] الْحجَّاج المزى مَا قَالَ ابْن عبد الْبر حَيْثُ قَالَ: " هُوَ فى زَمَاننَا مرضى بل رُبمَا يتَعَيَّن، وَكَذَا ابْن سيد النَّاس: لست أرى مَا قَالَ أَبُو عمر إِلَّا مرضيا قَالَ: وَلَو أَن مَسْتُور الْحَال فى دينهما تَعَارضا فى نقل خبر، وَأَحَدهمَا مَعْرُوف بِطَلَب الحَدِيث وكتابته وَالْآخر لَيْسَ كَذَلِك لكَانَتْ النَّاس إِلَى قبُول خبر الطَّالِب أميل وَلَا معنى لهَذِهِ الْمعرفَة إِلَّا مزية طلب الْعلم لَكِن سبقهما ابْن الصّلاح فتعقب ابْن عبد الْبر وَأَشَارَ إِلَى أَنه توسع. وأيده غَيره بِأَن قَوْله يحمل وَإِن كَانَ لَفظه لفظ الْخَبَر إِلَّا أَن مَعْنَاهُ الْأَمر لَا سِيمَا وفى بعض طرقه: " ليحمل هَذَا الْأَمر " بلام الْأَمر قَالَ: وَلَا يجوز أَن يكون خَبرا مَحْضا وَإِلَّا تطرق إِلَيْهِ الْخلف وَهُوَ محَال لِأَنَّهُ قد يحملهُ غير عدل فى الْوَاقِع وَحين إِذن فَلَا حجَّة فِيهِ وَوَافَقَ ابْن الصّلاح على ذَلِك ابْن أبي الدَّم وَقَالَ: إِنَّه قريب الإستمداد من مَذْهَب أبي حنيفَة فى أَن ظَاهر الْمُسلمين الْعَدَالَة وَقبُول شَهَادَة كل مُسلم مَجْهُول الْحَال إِلَى أَن يثبت جرحه قَالَ: وَهُوَ غير مرضى عندنَا لِخُرُوجِهِ عَن الِاحْتِيَاط وَيقرب مِنْهُ مَا ذهب إِلَيْهِ مَالك من قبُول شَهَادَة المتوسمين من أهل الْعَاقِلَة اعْتِمَادًا على ظَاهر أَحْوَالهم الْمُسْتَدلّ بهَا على الْعَدَالَة والصدق فِيمَا يشْهدُونَ بِهِ إِذا عرف هَذَا فالمعروف فى لفظ الحَدِيث يحمل " بِفَتْح التَّحْتَانِيَّة " وعدوله " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 بِضَم الْعين [/ 15] وَاللَّام على أَنه جمع عدل وَنقل عَن رَحْله ابْن الصّلاح حِكَايَة عَن غَيره " ضم الْيَاء من " يحمل على أَنه فعل لما لم يسم فَاعله وَرفع الْمِيم من الْعلم وَفتح الْعين من عدوله وَآخره (ت) يعْنى مجرورة، وَالْمعْنَى أَن الْخلف هِيَ الْعُدُول وَمعنى أَنه عادله كَمَا يَقُول شكور بِمَعْنى شَاكر وَيكون الْهَاء للْمُبَالَغَة كَمَا يَقُول: رجل صبور، وَالْمعْنَى: أَن الْعلم يحمل عَن كل خلف كَامِل فى عَدَالَته ". انْتهى وَهُوَ أَن هَذَا الْعلم دين فَانْظُر عَمَّن تَأْخُذ دينك. [وَالْخلف] بِالتَّحْرِيكِ والسكون كل من يجِئ بعد من مضى إِلَّا أَنه بِالتَّحْرِيكِ فى الْخَيْر وَهُوَ المُرَاد هُنَا وبالتسكين فى الشَّرّ يُقَال: خلف صدق وَخلف سوء، ومعناهما جَمِيعًا الْقرن من النَّاس قَالَ الْخطابِيّ: وَمن رَوَاهُ بِسُكُون اللَّام فقد أَحَالهُ وَمن السّكُون: {خلف أضاعوا الصَّلَاة} وَقَول لبيد: " وَبقيت فى خلف كَجلْد الأجرب ". و [السّلف] من تقدم بِالْمَوْتِ، وسمى الصَّدْر الأول من التَّابِعين السّلف الصَّالح. فى الْبَيْت اسْتِعْمَال جناس الطباق الَّذِي هُوَ ذكر الشَّيْء وَمُقَابِله وَيُقَال لَهُ: جناس الْمُقَابلَة. (6 - (ص) هاك فى علومه مُقَدّمَة ... يكون لاصطلاحهم مفهمة) (ش) [هَا] اسْم فعل مَعْنَاهُ: خُذ. علم الحَدِيث، قيل: " هُوَ معرفَة الْقَوَاعِد الْمعرفَة بِحَال الرَّاوِي والمروى، وَقيل: " الْقَوَاعِد إِلَى آخِره " [والمقدمة] بِكَسْر الدَّال من قدم اللَّازِم بِمَعْنى تقدم، وَقد تفتح من قدم المتعدى، وَهِي هُنَا عبارَة عَن: مَقَاصِد عُلُوم الحَدِيث وأنواعه. [والاصطلاح] الِاتِّفَاق والتواطئ [/ 16] على الشَّيْء بِحَيْثُ يصير متعارفا عِنْد أهل ذَلِك الْفَنّ، وَهُوَ هُنَا على حذف مُضَاف أَي اصْطِلَاح أَهله وَقَوله: [مفهمة] أَي تعليمها إِلَّا أَنه أسْندهُ إِلَيْهَا لِأَنَّهَا مبدأ للتعليم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 (7 - (ص) رتبتها أحسن مَا يرتب ... وزدتها فَوَائِد تستعذب) (ش) [التَّرْتِيب] لُغَة: جعل الشَّيْء فى مرتبته. وَاصْطِلَاحا: جعل الْأَشْيَاء المتعددة المتناسبة بِحَيْثُ يُطلق عَلَيْهَا اسْم الْوَاحِد، وَإِنَّمَا كَانَت تَرْتِيب هَذِه الْمُقدمَة أحسن، من أجل أَنه ابتدأها بآداب الطَّالِب، أَولا على النمط الطبيعي فى التَّعْلِيم، وَالْجُمْهُور تابعون فى ترتيبهم كتبهمْ كتاب ابْن الصّلاح، وَهُوَ لكَونه أَلْقَاهُ إملاء لم يحصل ترتيبه على الْوَضع الْمُنَاسب. [وفوائد] جمع فَائِدَة وَهِي مَا يكون الشَّيْء بِهِ أحسن حَالا مِنْهُ بِغَيْرِهِ وصرفها للضَّرُورَة. [والعذب] بِالْمُعْجَمَةِ الطّيب وفى الحَدِيث: " أَنه كَانَ يستعذب لَهُ المَاء واستعذبنا: أَي شربنا عذبا وأسقينا عذبا وَهِي هُنَا اسْتِعَارَة، ثمَّ إِنَّمَا أَتَى بِهِ النَّاظِم من زِيَادَته لم يميزه عَن كَلَامهم كَمَا فعل غَيره لعدم تقيده بِكِتَاب مَخْصُوص، وَاعْلَم أَن التراجم تخْتَلف النّسخ فِيهَا إِثْبَاتًا وحذفا، وَالظَّاهِر أَن النَّاظِم لم يثبتها كَمَا فعل مُسلم فى صَحِيحه وَإِنَّمَا هِيَ من تصرف بعض الْكتاب بِدَلِيل إهمالها فى أَمَاكِن مفتقرة إِلَيْهَا وَلذَلِك تصرفت فِيهَا بِالزِّيَادَةِ والتغيير. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 (8 - (ص) نظمتها باسم الإِمَام العالمى ... أَبى مُحَمَّد الْمقر السالمي) (ش) [النّظم] فى اللُّغَة: الْجمع، وفى الِاصْطِلَاح: الْجمع على بَحر من البحور الْمَعْرُوفَة [/ 17] عِنْد أهل القريض قَالَ فى " الصِّحَاح ": " نظمت اللُّؤْلُؤ أَي جمعته فى السلك، والتنظيم مثله. وَمِنْه نظمت الشّعْر ونظمته، والنظام الْخَيط الذى ينظم بِهِ اللُّؤْلُؤ ونظم من لُؤْلُؤ " انْتهى. و [السالمى] هَذَا هُوَ بليغا الظَّاهِرِيّ تَأمر وَعمل الاستادارية، والوزارة وَالْإِشَارَة وَغَيرهَا، وَولى نظر خانقاه سعيد السُّعَدَاء، والشيخونية، لَازم الِاشْتِغَال بِالْعلمِ وَأكْثر من سَماع الحَدِيث وَكِتَابَة الطباق، وَلكنه لم يفتح عَلَيْهِ بِشَيْء من ذَلِك سوى أَنه يَصُوم يَوْمًا بعد يَوْم وَيكثر التِّلَاوَة وَقيام اللَّيْل وَالذكر والصداقة مَعَ محبَّة الْعلمَاء والفضلاء، وَلَا يَخْلُو من محَاسِن إِلَّا أَنه كَانَ شَدِيد الْمُبَالغَة فى حب ابْن عربى وَأَضْرَابه من غير فهم لكلامهم وَقد بَالغ النَّاظِم فى وَصفه جَريا على عَادَة كثيرين فى رُؤَسَاء وقتهم، وَهُوَ الَّذِي أقدم ابْن أبي الْمجد من دمشق إِلَى الْقَاهِرَة حَتَّى حدث بِالصَّحِيحِ وَغَيره، وَكَانَ لجوجا مصمما على مَا يُرِيد وَلَو كَانَ فِيهِ تلاف روحه، وقاسى النَّاس مِنْهُ شدَّة وَآل أمره إِلَى أَن خنق وَهُوَ صَائِم فى رَمَضَان بعد عصر يَوْم الْجُمُعَة سنة إِحْدَى عشرَة وثماني مائَة، عفى الله تَعَالَى عَنهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 (9 - (ص) تَغْدُو إِلَى مصر من أَرض برحة ... فهى إِلَى جنابه تحيتى) (ش) [تغدوا] مُعْجمَة ثمَّ مُهْملَة من الغدو، وَهُوَ سير أول النَّهَار، وَلم يرد النَّاظِم إِلَّا مُطلق السّير. [وبرحة] بِالْمُوَحَّدَةِ الْمَفْتُوحَة، بعْدهَا مُهْملَة سَاكِنة، ثمَّ حاء مُهْملَة، من البرح قَالَ فى " الْقَامُوس ": وَهُوَ الشدَّة، وَالشَّر، وَمَوْضِع بِالْيمن [فَيحْتَمل] أَن الْإِرْسَال كَانَ مِنْهُ أَو من مَكَان فِيهِ فتْنَة كبرصة من بِلَاد الرّوم، فقد أَقَامَ النَّاظِم عِنْد ملكهَا أبي يزِيد بن عُثْمَان من سنة ثَمَان وَتِسْعين إِلَى أَن قتل فى سنة خمس، وَكَذَلِكَ هُوَ فى بعض النّسخ وَالْأَمر فِيهِ سهل. [والجناب] بِالْفَتْح الفناء، وَمَا قرب من محلّة الْقَوْم. [والتحية] : السَّلَام يُقَال: حياك الله أى سلم عَلَيْك وَهِي مفعلة من الْحَيَاة وَإِنَّمَا أدغمت لِاجْتِمَاع الْأَمْثَال. آدَاب طَالب الحَدِيث (10 - (ص) فَمن يُرِيد أَن يرى مُحدثا ... فليعلمن من قبل أَن يحدثا) (11 - كَيْفيَّة النَّقْل مَعَ السماع ... وَمَا لمتنه من الْأَنْوَاع) (ش) أَي فليعلمن بِقِرَاءَة هَذِه الْمُقدمَة أَو مَا يقوم مقَامهَا من مُقَدمَات الْفَنّ متفهما لذَلِك من أَهله الممارسين لَهُ كَيْفيَّة الْأَخْذ والتحمل وَكَيْفِيَّة السماع على مَا سيأتى تَفْصِيله. وَسَائِر أَنْوَاع الحَدِيث وَهِي عِنْد ابْن الصّلاح خَمْسَة وَسِتُّونَ نوعا واحتوت " النخبة " الَّتِى لشَيْخِنَا مَعَ اختصارها على أَكثر من مائَة نوع. و [من] مَوْصُولَة وَالضَّمِير فى [مَتنه] للْحَدِيث والمتن هُوَ الْغَايَة الَّتِي انْتهى إِلَيْهَا الْإِسْنَاد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 و [الْأَنْوَاع] جمع نوع، وَالْمرَاد هُنَا: الْقسم، وَكَذَا الصِّنْف إِذْ مَعْنَاهُمَا مُتَقَارب وَأكْثر الْمُحدثين وَكَذَا المُصَنّف لَا يُرَاعى اصْطِلَاح من فرق بَينهمَا، وَمَا وَقع فى بعض النّسخ من حذف الْيَاء من يرد على أَن من شَرْطِيَّة يخْتل بهَا الْوَزْن إِلَّا بِإِثْبَات اللَّام، أَو الْمُوَحدَة أَو أَن. (12 - (ص) فأولا بعد خلوص نِيَّته ... أهم مَا إِلَيْهِ صدق لهجته) (ش) لما كَانَ الْإِخْلَاص أصل كل عمل لقَوْله تَعَالَى: {وَمَا أمروا إِلَّا ليعبدوا الله مُخلصين لَهُ الدّين} ، وَلقَوْله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " إِنَّمَا الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ ". فينبغى أَن يكون أول مَا يبْدَأ بِهِ من يُرِيد الِاشْتِغَال بِالْحَدِيثِ النبوى قبل الشُّرُوع فى شَيْء مِنْهُ تَصْحِيح النِّيَّة فى طلبه لله تَعَالَى خَالِصا، والحذر من قصد التَّوَصُّل بِهِ إِلَى غَرَض من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 الْأَغْرَاض (الدنيونية) ويبتهل إِلَى الله تَعَالَى فى التَّوْفِيق والتيسير فقد روينَا عَن حَمَّاد بن سَلمَة أَنه قَالَ: " من طلب الحَدِيث لغير الله مكر بِهِ "، وَسَأَلَ أَبُو عَمْرو أبن نجيد أَبَا عَمْرو بن حمدَان - وكأنا من الصَّالِحين - بأى نِيَّة أكتب الحَدِيث؟ فَقَالَ ألستم تروون أَن عِنْد ذكر الصَّالِحين تتنزل الرَّحْمَة؟ قَالَ: نعم قَالَ: فَرَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] رَأس الصَّالِحين. ثمَّ يَأْخُذ نَفسه بالآداب السّنيَّة، والأخلاق المرضية وأهم مَا يضمه إِلَى الْإِخْلَاص مِنْهَا [صدق اللهجة] لِأَن مبْنى هَذَا الْفَنّ عَلَيْهِ إِذْ هُوَ مُتَعَلق بالأخبار [واللهجة] بفتحتان وبتسكين الْهَاء أَيْضا: اللِّسَان. و [أَولا] مَنْصُوب على الظَّرْفِيَّة. (13 - (ص) ثمَّ يُبَادر السماع العالى ... مقدم الأولى من العوالى) (ش) أَي [ثمَّ] بعد الْإِخْلَاص والصدق يُبَادر بِسَمَاع مَا عِنْد أرجح شُيُوخ بَلَده إِسْنَادًا، وعلما ودينا وشهرة، وَيقدم الْأَعْلَى فالأعلى من الحَدِيث، فالعلو سنة بَالِغَة. قَالَ الإِمَام احْمَد: " طلب الْإِسْنَاد العالى سنة عَمَّن سلف " [/ 20] ، وَعَن ابْن معِين، وَقد قيل لَهُ فى مرض مَوته: مَا تشْتَهى؟ قَالَ: " بَيت خَال وَسَنَد عَال "، وَإِنَّمَا كَانَ الْعُلُوّ مرغوبا فِيهِ أقرب إِلَى الصِّحَّة وَقلة الْخَطَأ، لِأَنَّهُ مَا من راو من رجال الْإِسْنَاد إِلَّا وَالْخَطَأ جَائِز عَلَيْهِ، فَكلما كثرت الوسائط وَطَالَ السَّنَد كثرت مظان التجويز، وَكلما قلت قلت، فَإِن كَانَ فى النُّزُول مزية يست فى الْعُلُوّ كَأَن يكون رِجَاله أوثق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 [مِنْهُ] أَو أحفظ، أَو أفقه، أَو الِاتِّصَال فِيهِ أظهر، فَلَا تردد فى أَن النُّزُول حِينَئِذٍ أولى، وَأما من رجح النُّزُول مُطلقًا وَاحْتج بِأَن كَثْرَة الْبَحْث تقتضى الْمَشَقَّة فيعظم الْأجر فَذَلِك تَرْجِيح بِأَمْر أجنبى عَمَّا يتَعَلَّق بالتصحيح والتضعيف. أَنْوَاع الْعُلُوّ (14 - (ص) وَهُوَ خَمْسَة فالأعلى الأول ... قرب الرَّسُول إِذْ هُوَ الْمعول) (15 - ثمت قرب من إِمَام ذوى عمل ... ثمت قرب بوفاق أَو بدل) (16 - أَو التساوى أَو مصافحة من ... ألف كالشيخين أَو ذوى السّنَن) (17 - فبدل عَن شيخ فَشَيْخ وافقة ... لكنه عَن شَيْخه مُوَافقَة) (ش) لما فرغ من حضه على سَماع الْأَعْلَى فالأعلى أَشَارَ إِلَى أَنْوَاع الْعُلُوّ الْمَطْلُوب عِنْد أهل الحَدِيث، وَأَنَّهَا خَمْسَة: [الأول] وَهُوَ الأولى الْمعول عَلَيْهِ الْعُلُوّ الْمُطلق، وَهُوَ الْقرب من رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] بِعَدَد قَلِيل بِالنِّسْبَةِ إِلَى سَنَد آخر يرد بِهِ ذَلِك الحَدِيث بِعَيْنِه بِعَدَد كثير أَو بِالنِّسْبَةِ لمُطلق الْأَسَانِيد فَإِن اتّفق أَن يكون سَنَده صَحِيحا [/ 21] كَانَ الْغَايَة القصوى، وَإِلَّا فصورة الْعُلُوّ فِيهِ مَوْجُودَة مَا لم يكن مَوْضُوعا فَهُوَ كَالْعدمِ، وَلذَلِك قَالَ الذَّهَبِيّ فى " مِيزَانه ": " مَتى رَأَيْت الْمُحدث يفرح بعوالى هدبة، ويعلى بن الأشبق، ومُوسَى الطَّوِيل، وَابْن أبي الدُّنْيَا، وَهَذَا الضَّرْب، فَاعْلَم أَنه عامى بعد " انْتهى. وَقد وَقع لي بِحَمْد الله أَحَادِيث عشاريات شاركت فِيهَا شُيُوخنَا بل شيوخهم. [الثَّانِي] [الْقرب من إِمَام] من أَئِمَّة الحَدِيث ذِي صفة علية كالحفظ، والفقة، والضبط الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 ، والتصنيف، وَغَيرهَا من الصِّفَات الْمُقْتَضِيَة للترجيح كشعبة، وَالْأَعْمَش، وَمَالك، وسُفْيَان، وَالشَّافِعِيّ، وَنَحْوهم، وَإِن كثر الْعدَد مِنْهُ إِلَى النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وأعلا مَا يَقع بينى وَبَين هَؤُلَاءِ تِسْعَة أنفس. [الثَّالِث] الْقرب بِالنِّسْبَةِ إِلَى رِوَايَة الشَّيْخَيْنِ أَو أَصْحَاب السّنَن الْأَرْبَعَة بِحَيْثُ يكون الراوى لَو رَوَاهُ من طَرِيق أحد الْمَذْكُورين يَقع منزلا مِمَّا لَو رَوَاهُ من غير طريقهم، وَقد اعتنى الْحفاظ بالمستخرجات قصدا للعلو، واشتدت عناية الطّلبَة وَنَحْوهم من الْمُتَأَخِّرين بِهَذَا النَّوْع، حَتَّى غلب على كثير مِنْهُم بِحَيْثُ أهملوا الِاشْتِغَال بِمَا هُوَ أهم مِنْهُ لما يَقع لَهُم فى ذَلِك من الْمُوَافقَة، وَالْبدل، والمساواة، والمصافحة فَإِن الراوى إِذا اتّفق هُوَ وَالْوَاحد من الْمَذْكُورين فى شَيْخه فَهُوَ موافقه مِثَال: روى البخارى عَن قُتَيْبَة عَن مَالك، حَدثنَا. . فَلَو روينَاهُ من طَرِيق البخارى كَانَ بَيْننَا وَبَين قُتَيْبَة تِسْعَة وَلَو روينَا [/ 22] ذَلِك الحَدِيث بِعَيْنِه من طَرِيق أبي الْعَبَّاس السراج عَن قُتَيْبَة [مثلا] لَكَانَ بَيْننَا وَبَين قُتَيْبَة فِيهِ [ثَمَانِيَة] فقد حصلت لنا الْمُوَافقَة مَعَ البخارى فى شَيْخه بِعَيْنِه مَعَ علو الْإِسْنَاد على الْإِسْنَاد إِلَيْهِ، وَإِن اتّفق الراوى هُوَ وَالْوَاحد مِنْهُم فى شيخ شَيْخه فَهُوَ الْبَدَل كَمَا إِذا روى البخارى مثلا حَدِيثا عَن قُتَيْبَة عَن مَالك فَيَقَع لنا من حَدِيث القعنبى عَن مَالك، وَقد يُسمى الْبَدَل: مُوَافقَة بِالنِّسْبَةِ إِلَى شيخ شيخ ذَلِك المُصَنّف، وَهَذَا مُرَاد النَّاظِم بقوله [فبدل] أَي فالبدل: هُوَ مَا يَقع تَخْرِيجه لوَاحِد مِمَّن [ألف] من جُزْء شيخ شيخ لَهُ وَافقه الراوى على تَخْرِيجه من جِهَة الشَّيْخ الْأَعْلَى لَا بِوَاسِطَة ذَلِك الشَّيْخ الْأَدْنَى بل بِوَاسِطَة غَيره وتخريجه عَن شَيْخه أى شيخ شيخ من ألف مُوَافقَة، وَاعْلَم أَن أَكثر مَا يعتبرون الْمُوَافقَة وَالْبدل إِذا قاربا الْعُلُوّ وَإِلَّا فاسم الْمُوَافقَة وَالْبدل وَاقع بِدُونِهِ وَإِن كَانَ بَين الراوى والصحابى كَمَا بَين الْوَاحِد مِنْهُم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 وَبَين النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] فِيهِ أحد عشر نفسا فَيَقَع [لنا] وَذَلِكَ الحَدِيث بِعَيْنِه بِإِسْنَاد آخر إِلَى النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] يَقع بَيْننَا [فِيهِ] وَبَين النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] فِيهِ: أحد عشر نفسا فيساوى النسائى من حَيْثُ الْعدَد مَعَ قطع النّظر عَن مُلَاحظَة ذَلِك الْإِسْنَاد الْخَاص، وَلَكِن الْمُسَاوَاة مَعْدُومَة فى هَذِه الْأَزْمَان وَمَا قاربها بِالنِّسْبَةِ لأَصْحَاب الْكتب السِّتَّة وَمن فى طبقتهم، نعم يَقع لنا ذَلِك فِيمَن بعدهمْ كالبيهقي، والبغوى، فى " شرح السّنة " (24) ، وَنَحْوهمَا، وَإِن كَانَ بَين شيخ الراوى وَبَين الصحابى كَمَا بَين الْوَاحِد وَبَينه أى الْوَاحِد مِمَّن ألف كالشيخين أَو ذوى السّنَن، فَيكون الراوى كَأَنَّهُ صافحه تسمى: المصافحة، وَإِنَّمَا سميت بذلك لِأَن الْعَادة جرت فى الْغَالِب بَين من تلاقيا، وَنحن فى هَذِه الصُّورَة كأنا لاقينا النسائى فكأنا صافحناه، وهى مَعْدُومَة أَيْضا الْآن كالمساواة، وَهَذَا الْعُلُوّ تابعها لنزول فلولا نزُول النسائى لم يحصل لنا الْعُلُوّ. وَقَوله: [ثمت] هِيَ لُغَة فى ثمَّ. [بوفاق] أى مَعَ وفَاق، ثمَّ فى إِتْيَانه بكاف التَّشْبِيه إِشْعَار بِعَدَمِ امْتنَاع اسْتِعْمَاله فى غَيرهم كَمَا وَقع لبَعض الْأَئِمَّة فى مُسْند أَحْمد وَهُوَ مِمَّا لَا حرج فِيهِ وَلَكِن الْغَالِب فى اسْتِعْمَال المخرجين الِاقْتِصَار على " السته ". وَقَوله: عَن [شَيْخه] وَقع فى بعض النّسخ عَن شيخهم بِالْجمعِ وَهُوَ قريب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 (18 - (ص) ثمَّ تقدم الْوَفَاة ثما ... قدم تأريخ السماع تما) (ش) أى: [ثمَّ] بعد الْأَقْسَام الثَّلَاثَة [الْقسم الرَّابِع] من أَقسَام الْعُلُوّ، وَهُوَ الْعُلُوّ يتَقَدَّم الْوَفَاة أى وَفَاة الراوى سَوَاء كَانَ سَمَاعه مَعَ الْمُتَأَخر فِي الْوَفَاة فى آن وَاحِد أَو قبله بِحَيْثُ تتداخل مَعَ الْخَامِس [المُرَاد بالقسم الْخَامِس قسم تَقْدِيم السماع] وَكَذَا إِن كَانَ بعده فِيمَا يظْهر من إِطْلَاقهم لكَون الْمُتَقَدّم الْوَفَاة نقل الرِّوَايَة عَنهُ فيرغب فى تَحْصِيل مرويه مِثَاله: روايتنا عَن البخارى عَن أَصْحَاب الْبَهَاء أَبى الْبَقَاء مُحَمَّد بن عبد الْبر البسكي أعلا من روايتنا عَن عَائِشَة ابْنة مُحَمَّد بن عبد الهادى وَإِن اشْترك كل مِنْهُمَا فى الرِّوَايَة عَن الحجار لتقدم وَفَاة الْبَهَاء بن عبد الْبر البسكي، فَإِنَّهُ مَاتَ فى ربيع الآخر سنة سبع وَسبعين وَسَبْعمائة [24] ، وتأخرت وَفَاة عَائِشَة حَتَّى مَاتَت فى سنة سِتّ عشرَة وثمانى مائَة فبينهما نَحْو أَرْبَعِينَ سنة، ومثاله فى الْمُتَقَدِّمين: أَن مَا نرويه عَن خَمْسَة عَن الْبَيْهَقِيّ عَن الْحَاكِم أَعلَى من مَا نرويه عَن خَمْسَة عَن ابْن خلف عَن الْحَاكِم لتقدم وَفَاة الْبَيْهَقِيّ على ابْن خلف وَهَذَا بِنِسْبَة شيخ إِلَى شيخ وَأما الْعُلُوّ بتقدم وَفَاة شيخك فحده الْحَافِظ ابْن جوصا: بمضى خمسين سنة من وَفَاة الشَّيْخ، وَحده ابْن (مَنْدَه) بِثَلَاثِينَ سنة، وَقَالَ العراقى: إِن ظَاهر كَلَام ابْن مَنْدَه أَنه أَرَادَ إِذا مضى على إِسْنَاد كتاب أَو حَدِيث ثَلَاثُونَ سنة وَهُوَ فى تِلْكَ الْمدَّة لَا يَقع عَلَيْهِ أَعلَى من ذَلِك. [وَالْخَامِس] الْعُلُوّ بتقدم السماع سَوَاء تقدّمت الْوَفَاة أم لَا، فَمن تقدم سَمَاعه من شيخ كَانَ أَعلَى مِمَّن سمع من ذَلِك الشَّيْخ نَفسه بعده قَالَ ابْن الصّلاح: وَكثير مِنْهُ يدْخل فى النَّوْع قبله وَمِنْه مَا لَا يدْخل بِأَن يسمع شخصان من شيخ، وَسَمَاع أَحدهمَا من سِتِّينَ سنة مثلا، وَالْآخر أَرْبَعِينَ (ويتساوى الْعدَد إِلَيْهِمَا فَالْأول أَعلَى) . انْتهى. وفى عدم دُخُول هَذِه الصُّورَة نظر إِلَّا أَن توجه بِمَا إِذا تَأَخَّرت وَفَاة الْمُتَقَدّم السماع بعد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 ندوره، وَاعْلَم أَنه قد تنَازع فى تَرْجِيح الْمُتَقَدّم السماع إِذا لم يكن الشَّيْخ اخْتَلَط أَو خرف، بِأَنَّهُ رُبمَا كَانَ حِين تحديثه للمتأخر أتم ضبطا وإتقانا، وَقَوله: [تما] بِالْمُثَنَّاةِ أَي تمّ ذكر أَقسَام الْعُلُوّ وفيهَا وفى ثمَّ قبلهَا إستعمال الجناس الخطى وَالْألف فيهمَا للإطلاق. (19 - (ص) وَهَذِه جَمِيعهَا صورى ... وهى عَن المتقن معنوى) (ش) أى و [هَذِه] الْأَقْسَام فى الْعُلُوّ بِالنِّسْبَةِ إِلَى غير المتقن الضَّابِط علوها صورى أما بِالنِّسْبَةِ إِلَى ذوى الإتقان والضبط فَعَلُوهَا وَلَو كَانَ الْعدَد أَكثر معنوى، فَلَو تَعَارضا: فضل علو الإتقان والضبط كَمَا روى عَن وَكِيع أَنه قَالَ: الْأَعْمَش أحب إِلَيْك، عَن أَبى وَائِل، عَن عبد الله أَو سُفْيَان، عَن مَنْصُور، عَن إِبْرَاهِيم، عَن عَلْقَمَة، عَن عبد الله؟ فَقلت الْأَعْمَش عَن أَبى وَائِل أقرب. فَقَالَ: الْأَعْمَش شيخ وَأَبُو وَائِل شيخ وسُفْيَان عَن مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم، عَن عَلْقَمَة، فَقِيه عَن فَقِيه وَنَحْوه عَن ابْن الْمُنْكَدر أَنه قَالَ: لَيْسَ جودة الحَدِيث قرب الْإِسْنَاد بل جودة الحَدِيث صِحَة الرِّجَال وَمَا أحسن قَول الْحَافِظ السلفى: لَيْسَ حسن الحَدِيث قرب الرِّجَال، عِنْد أَرْبَاب علمه النقاد، بل علو الحَدِيث بَين أولى الْحِفْظ والإتقان صِحَة الْإِسْنَاد، وَإِذا مَا تجمعَا فى حَدِيث فاغتنمه فَذَاك أقْصَى المُرَاد، وَقَول أَبى الْحسن بن الْمفضل الْحَافِظ: (أَن الرِّوَايَة بالنزول عَن الثِّقَات الأعدلينا ... خير من العالى عَن الْجُهَّال والمستضعفينا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 (20 - (ص) وَكتب السِّتَّة بَادر واسمعا ... قبل الصَّحِيحَيْنِ وَبعد الأربعا) (21 - الترمذى وَأَبا داودا ... النسائى وفتى يزيدا) (ش) وبادر لكتب أصُول الْإِسْلَام فاسمعها، وَقدم مِنْهَا سَماع الصَّحِيحَيْنِ وهما صَحِيح البخارى، وصحيح مُسلم لِأَنَّهُمَا أصح الْكتب بعد كتاب الله تَعَالَى، وَقدم أَولهمَا لكَونه على الْمُعْتَمد أرجحهما لتقدم مُصَنفه فى الْفَنّ، وَقدمه واختصاص صَحِيحه بمزيد الصِّفَات، وانتشار (26) علمه وَقيل مُسلم وَقيل: هما سوى، ثمَّ بعدهمَا اسْمَع باقى الْكتب السِّتَّة الْمشَار إِلَيْهَا وهى: " السّنَن " لأبى دَاوُد، و " الْجَامِع " للترمذى، و " السّنَن " للنسائى و " السّنَن " لأبى عبد الله مُحَمَّد بن يزِيد بن مَاجَه الة زوينى، وَقدم النَّاظِم " الترمذى " لضيق النّظم. و [الصَّحِيحَيْنِ] مفعول. و [الأربعا] مَعْطُوف عَلَيْهِ وَمَا بعده بِالنّصب بدل مِنْهُ، وَوجد فى بعض النّسخ بِالْجَرِّ وَيُوجه بإضمار كتاب، ثمَّ إِنَّه قد امتاز كل وَاحِد من هَذِه الْكتب بخصوصية، فالبخارى بِقُوَّة استنباطه، وَمُسلم بجمعه للطرق فى مَكَان وَاحِد على كَيْفيَّة حَسَنَة وَأَبُو دَاوُد بِكَثْرَة أَحَادِيث الْأَحْكَام، حَتَّى قيل: إِنَّه يكفى الْفَقِيه، والترمذى بِبَيَان الْمذَاهب وَالْحكم على الْأَحَادِيث وَالْإِشَارَة لما فى الْبَاب من الْأَحَادِيث، والنسائى بِالْإِشَارَةِ للعلل وَحسن إِيرَاده لَهَا، وَأما ابْن مَاجَه فَفِيهِ الضعْف كثيرا، بل، وَفِيه الْمَوْضُوع، وَلذَا توقف بَعضهم فِي الحاقه بهَا، وَقَالَ: لَو جعل بدله " مُسْند الدارمى " كَانَ أولى، فليحرص الطَّالِب على سَمَاعه، وليعلم أَنه على الْأَبْوَاب أَيْضا بِخِلَاف مَا أوهمته التَّسْمِيَة، وَكَذَا يهتم الطَّالِب بِسَمَاع " الْمُوَطَّأ " لمَالِك، و " مُسْند الشَّافِعِي "، وَهُوَ على الْأَبْوَاب أَيْضا التقطه بعض النيسابوريين من الْأُم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 (22 - (ص) ثمَّ المسانيد، وَخير مُسْند ... عِنْد أولى الْحِفْظ كتاب أَحْمد) (23 - وَالسّنَن الْأُخْرَى واوع مَا بقى ... من كتب السّنة جمع البيهقى) (ش) أى ثمَّ بعد انْتِهَاء الْكتب السِّتَّة يَأْخُذ فى سَماع المسانيد، وهى الَّتِى جمع فها حَدِيث كل صحابى على حِدة من غير الْتِزَام كَونهَا على الْحُرُوف ك " مُسْند أَحْمد "، ومسند " عبد " و " مُسْند الطاليسى "، و " أَبى يعلى "، وَنَحْوهَا عِنْد الْحَافِظ - وهم العارفون وَلَو لم يكن لَهُم حفظ ظَاهر -: " مُسْند أَحْمد " لكبره وَكَثْرَة مَا اجْتمع فِيهِ من الْأَحَادِيث، وَكَونه على الْمُعْتَمد لَيْسَ فِيهِ مَوْضُوع، وَكَذَا يحرص على سَماع بَاقِي السّنَن ك " السّنَن الْكُبْرَى " للنسائى، " و " سنَن الدارقطنى " و " البيهقى "، وهى أكبر كتب السّنَن مُطلقًا، وَإِن أوهم النّظم أَنه بِالنِّسْبَةِ لما طواه فاعلمه، وَكَذَا أوهم النّظم تَقْدِيم كتب المسانيد على " سنَن الْبَيْهَقِيّ "، وَالْأولَى كَمَا ذهب إِلَيْهِ ابْن الصّلاح خِلَافه وَلَا يُقَال قدمهَا لوُقُوع الْأَحَادِيث فِيهَا غَالِبا أَعلَى لكَونه لَو لوحظ لقدمت على الصَّحِيحَيْنِ، وَمَا مَعهَا بل الملاحظ كَونهَا على الْأَبْوَاب الذى هُوَ أَعم نفعا، نعم لَو قيل بِتَقْدِيم مَا فعل بعض الشُّيُوخ ينْفَرد بروايته إِمَّا مُطلقًا أَو بِخُصُوص كَونه أَعلَى كَمَا وَقع للزركشى الحنبلى فى " صَحِيح مُسلم " حَيْثُ انْفَرد بِسَمَاعِهِ من البيانى كَانَ حسنا، وَقَوله: [الْأُخْرَى] يحْتَمل أَن يكون أَرَادَ " الْكُبْرَى " للنسائى لكَون الصُّغْرَى هى أحد الْمَعْدُود فى السِّتَّة. وَيحْتَمل أَن يكون أَرَادَ مُطلق كتب السّنَن، وَهُوَ الظَّاهِر، وَإِن كَانَت اللَّفْظَة كَمَا فى بعض النّسخ الْكُبْرَى بدل الْأُخْرَى فَهُوَ صَرِيح فِيهَا. [واوع] أى اجْمَعْ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 (24 - (ص) بعد هَذَا يسمع المعاجم ... والطبرانى الْكَبِير أعظم) (ش) : أى وَبعد انْتِهَاء المسانيد تسمع المعاجم وهى الْكتب المصنفة على حُرُوف المعجم فى شُيُوخ المُصَنّف ك " المعجم الْأَوْسَط "، و " الصَّغِير " للطبرانى، أَو فى أَسمَاء الصَّحَابَة ك " المعجم الْكَبِير " لَهُ أَيْضا، وَهُوَ أعظمها، وأوسعها، و " الْكَبِير " صفة للمعجم لَا للطبرانى. (25 - (ص) وَبعد ذَا الْأَجْزَاء وهى وَحدهَا ... بِكَثْرَة لَا تَسْتَطِيع عدهَا) (26 - وَبَعضهَا فى كل وَقت ينْفَرد ... بِهِ جمَاعَة إِلَيْهِ تستند) (ش) : أى وَبعد هَذِه يسمع الْأَجْزَاء، وَلَيْسَت مرتبَة على الْأَبْوَاب، وَلَا على المسانيد ك " جُزْء الْأنْصَارِيّ "، و " جُزْء ابْن عَرَفَة "، و " وجزء أَبى الجهم "، و " جُزْء البطاقة "، و " جُزْء البيتوتة "، و " جُزْء بيى " وهى كَثِيرَة لَا ينْحَصر عدهَا وَيقدم مِنْهَا الْأَعْلَى فالأعلى، وَذَلِكَ لَا يميزه إِلَّا النبهاء من الطّلبَة وَمَا أَكثر مَا يَقع فِيهَا من الْفَوَائِد وَقَوله [بَعْضهَا إِلَى آخِره] يعْنى أَنه يُوجد فى كل وَقت من ينْفَرد بِبَعْض الْأَجْزَاء كَمَا وَقع للواسطى فى عدَّة أَجزَاء سَمعهَا على الميدومى، (وللزبد لى) فى " جُزْء ابْن حذلم " سَمعه على العواضى، ولعائشة الكنانية فى " جُزْء ابْن بَشرَان "، " والفوائد الغيلانيات "، وَنَحْو ذَلِك، وَإِن كَانَ ظَاهر عبارَة النَّاظِم تقتضى أَن بعض الْأَجْزَاء ينْفَرد بِهِ جمَاعَة، ثمَّ إِنَّه لَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 اخْتِصَاص لذَلِك بالأجزاء بل يُوجد فى بعض الْكتب وَالْمَسَانِيد أَيْضا كَمَا أَشرت إِلَيْهِ أَولا كَمَا أَنه لَا اخْتِصَاص فى تحمل مَا ذكر بِالسَّمَاعِ إِنَّمَا الْقَصْد تَحْصِيله كَيفَ اتّفق سَمَاعا وَقِرَاءَة على أَنه لَا يمْتَنع تَسْمِيَة من قَرَأَ سَامِعًا كَمَا اسْتَعْملهُ النووى فِيمَا قرأته بِخَطِّهِ، وَحِينَئِذٍ فالتعبير بِالسَّمَاعِ أشمل، وَأبْعد عَن توهم اخْتِصَاص ذَلِك بِالْقِرَاءَةِ أَن لَو عبر بهَا وَاعْلَم أَن كل مَا ذكرته من الاجزاء والمعاجم وَالْمَسَانِيد والكتب، وَقعت لى بأسانيد ساويت فِيهَا مُعظم شيوخى إِلَّا البخارى، والدارمى، وعبدا، فَللَّه الْفضل الْوَقْت الذى فِيهِ السماع والطلب واستحباب الرحلة وَعدم اشْتِرَاط التأهل حِين التَّحَمُّل وَغير ذَلِك (27 - (ص) يحضر الصّبيان بعد يولدوا ... مجَالِس الحَدِيث كى يقتدوا) (28 - وَبعد تَمْيِيز يُقَال: سمعُوا ... آخر خمس، وَالأَصَح أَن يعوا) (ش) : أى: ويحضر الصغار بعد الْولادَة قبل بُلُوغ سنّ الْفَهم مجَالِس الحَدِيث؛ رَجَاء لبَقَاء سلسلة الْإِسْنَاد وقصدا لاعتياد الْخَيْر، والتبرك، وَيكْتب لَهُم أَنهم حَضَرُوا سَوَاء كَانَ الصَّغِير ابْن يَوْم أَو ابْن سنة إِلَى أَن يبلغ سنّ السماع، وَاخْتلف أَئِمَّتنَا فى الزَّمَان الذى يَصح فِيهِ سَماع الصبى؟ فَقَالَ القاضى عِيَاض: حدد أهل الصَّنْعَة فى ذَلِك خمس سِنِين وَهُوَ سنّ مَحْمُود ابْن الرّبيع، الذى ترْجم البخارى فِيهِ بَاب: " مَتى يَصح سَماع الصَّغِير " وَقيل: كَانَ ابْن أَربع، أَو خمس. وَهَذَا وَإِن كَانَ هُوَ المستقر عَلَيْهِ الْعَمَل أعنى التسميع لِابْنِ خمس فَالْأَصَحّ أَنه يعْتَبر كل صَغِير بِحَالهِ فَمَتَى كَانَ فهما الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 للخطاب ورد الْجَواب صححنا سَمَاعه، وَإِن كَانَ لَهُ دون خمس، وَإِن لم يكن كَذَلِك لم يَصح، وَإِن كَانَ ابْن خمسين، وَحَدِيث مَحْمُود (30) لَا يُنَافِيهِ لكَونه يدل على ثُبُوته لمن هُوَ فى سنه، أَو فَوْقه وَلم يُمَيّز تَمْيِيزه وَلِهَذَا كَانَ الولى العراقى - وناهيك بورعه وتثبيته - يَقُول فِيمَا شَاهد قِرَاءَته وَهُوَ ابْن ثَلَاث: وَأَنا فى الثَّالِثَة: سمع فهم بل ذكر بعض المؤرخين أَن صَبيا حمل على الْمَأْمُون ابْن أَربع سِنِين وَقد قَرَأَ الْقُرْآن وَنظر فى الرآي غير أَنه كَانَ إِذا جَاع بَكَى وَأَصَح مِنْهُ قَول ابْن العراقى كَمَا قرآته بِخَطِّهِ عَن الْمُحب ابْن الهائم أَنه اسْتكْمل الْقُرْآن حفظا مُبينًا بِحَيْثُ تذكر لَهُ الْآيَة وَيسْأل عَمَّا قبلهَا فيجيب مَعَ حفظ " عُمْدَة الْأَحْكَام " وَجُمْلَة من " الكافية "، و " الشافية " وكل ذَلِك وَقد اسْتكْمل خمس سِنِين. وَأما قَول سُفْيَان بن عُيَيْنَة: قَرَأت الْقُرْآن وَأَنا ابْن أَربع سِنِين، وكتبت الحَدِيث، وَأَنا ابْن سبع سِنِين. فَذَلِك مُحْتَمل وَهل الْمُعْتَبر فى التَّمْيِيز والفهم الْقُوَّة أَو الْفِعْل؟ الْمُعْتَبر: الأول، وَقد سُئِلَ شَيخنَا عَن رجل لَا يعرف بالعربى كلمة، فَأمر بِإِثْبَات سَمَاعه، وَكَذَا حَكَاهُ النَّاظِم عَن ابْن رَافع، وَابْن كثير، وَابْن الْمُحب الطبرى. وَقَوله: [كى يقتدوا] كَذَا فى بعض النّسخ أى يكْتب أَسمَاؤُهُم بالحضور وَوَقع فى بَعْضهَا [كى يفردوا] وَالْمعْنَى لَعَلَّ أَن يعيشوا فينفردوا بالرواية عَن ذَلِك الشَّيْخ. وَقَوله: [وَعند تَمْيِيز] أى وَعند بُلُوغ الصبى السن الَّذِي يُمَيّز فِيهِ غَالِبا. وَقَوله: [لَيست] للتمريض بل مَعْنَاهَا ثبتَتْ أَو يكْتب أَو نَحْو ذَلِك [/ 31] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 (29 - (ص) وَعِنْدهم يَصح التَّحَمُّل ... لَو كَافِرًا أَو بعد ذَا تأهل) (30 - ففى الصَّحِيح عَن جُبَير مطعم ... سَماع طور وَهُوَ غير مُسلم) (ش) وَعند أهل الحَدِيث يَصح التَّحَمُّل قبل الْإِسْلَام بِلَا خلاف، فَإِن أسلم أدّى، لما فى الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث جُبَير بن مطعم - رضى الله عَنهُ - قَالَ: " سَمِعت رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]- يعْنى حِين قدم عَلَيْهِ فى أُسَارَى بدر - يقْرَأ فى الْمغرب بِالطورِ ". وفى رِوَايَة: " فَلَمَّا بلغ هَذِه الْآيَة: {أَن خلقُوا من غير شَيْء أم هم الْخَالِقُونَ أم خلقُوا السَّمَوَات وَالْأَرْض بل لَا يوقنون أم عِنْدهم خَزَائِن رَبك أم هم المصيطرون} ، كَاد قلبى أَن يطير وفى رِوَايَة البخارى: " وَذَلِكَ أول مَا وقر الْإِيمَان فى قلبى، ثمَّ إِنَّه أسلم بعد ذَلِك قبل الْفَتْح وَأَدَّاهُ، وَوَقع فى درس ابْن تَيْمِية أَن صَبيا من الْيَهُود سمع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 شَيْئا من الحَدِيث، فَكتب بعض الطّلبَة أُسَمِّهِ فى الطَّبَقَة فَأنْكر عَلَيْهِ، وَسُئِلَ عَنهُ ابْن تَيْمِية فَأَجَازَهُ، وَلم يُخَالِفهُ أحد من أهل عصره، وَاتفقَ أَن ذَلِك الصبى أسلم بعد بُلُوغه وَأدّى، فَسَمِعُوا مِنْهُ. ويلتحق بالكافر الصبى وَالْفَاسِق من بَاب أولى. وَالْحَاصِل أَن التَّحَمُّل لَا يشْتَرط فِيهِ كَمَال الْأَهْلِيَّة، إِنَّمَا يشْتَرط ذَلِك عِنْد الآداء، على أَنه قد منع قوم رِوَايَة من سمع قبل بُلُوغه. ورد عَلَيْهِم براوية الْحسن، وَالْحُسَيْن، وَابْن الزبير، وَابْن عَبَّاس، واضرابهم، فَإِن النَّاس قبلوها من غير فرق بَين مَا تَحملُوهُ قبل الْبلُوغ أَو بعده وَبِهَذَا فِيمَا [/ 32] قيل، يدْفع القَوْل بِأَن إِحْضَار الْأَطْفَال للتبرك واعتياد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 الْخَيْر، وَقَوله: [كَافِرًا] خبر لَكَانَ المحذوفة [وَجبير] مُضَاف لمطعم وَهُوَ أَبوهُ وَمن نونه فقد أَخطَأ. (31 - (ص) وعندما يصير أَهلا للطلب ... فليكتب الحَدِيث عَمَّن يكتتب) (ش) : أى عِنْدَمَا يصير من ذكر، وَهُوَ الصَّغِير أَهلا للطلب بِوُجُود التَّمْيِيز والفهم، من غير تَقْيِيد بسن مَخْصُوص على الْأَصَح فليكتب الحَدِيث، وَاسْتحبَّ بَعضهم أَن يكون ابْن عشر وَقيل: عشْرين، وَقيل ثَلَاثِينَ. وَالصَّوَاب أَنه يشْتَغل بكتبه، وتقييده من حِين تأهله لذَلِك، وَلَا ينْحَصر فى سنّ مَخْصُوص لاخْتِلَاف الْأَشْخَاص. (32 - (ص) وعندما ينْهَى عوالى الْبَلَد ... لَا بُد من رحلته للسند) (ش) : أى وَعند الِانْتِهَاء من عوالى بَلَده، وَكَذَا اسْتِيفَاء الرِّوَايَة بِالْكِتَابَةِ عَنْهُم مَا تيَسّر من الحَدِيث وَلَو قل، [لَا بُد] على وَجه الِاسْتِحْبَاب من الرحلة، وَهِي شدّ الرحل لأجل تَحْصِيل مَا لَيْسَ عِنْده من الْأَسَانِيد وَغَيرهَا، فقد رَحل جَابر بن عبد الله مسيرَة شهر فى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 حَدِيث وَاحِد، وَقَالَ إِبْرَاهِيم بن أدهم: " إِن الله يدْفع الْبلَاء عَن هَذِه الْأمة برحلة أَصْحَاب الحَدِيث "، وذم ابْن معِين تَارِك ذَلِك حَيْثُ قَالَ: أَرْبَعَة لَا يؤنس مِنْهُم رشدا وَذكر مِنْهُم من يكْتب فى بَلَده وَلَا يرحل، وَلَا اخْتِصَاص لهَذَا بشد الرحل الَّذِي هُوَ الْغَالِب فِيهَا، فَلَو توجه مَاشِيا أَو فى [/ 33] السَّفِينَة كَانَ محصلا لهَذِهِ السّنة، وَيكون اعتناء الطَّالِب بتكثير المسموع مَعَ الْحِرْص على اسْتِيفَاء الشُّيُوخ، وَأما من اقْتصر على تَكْثِير الشُّيُوخ دون المسموع - وَهُوَ صَنِيع جلّ أَصْحَابنَا - محتجا بِمَا قيل " ضيع ورقة وَلَا تضيعن شَيخنَا " فقد ضيع الأَصْل، وَالْأولَى خِلَافه. (33 - (ص) وليحذر استكباره عِنْد الطّلب ... فَلم يكن ينبل إِلَّا من كتب) (34 - عَن مثله وفوقه، ودونه ... هَذَا الذى عِنْدهم يرجونه) (ش) : أى وليحذر الطَّالِب أَن يمنعهُ التكبر عَن الاستفادة، وَالسَّمَاع بِمَا لَيْسَ عِنْده بِمن هُوَ مثله، وَمن هُوَ دونه، فَإِن من كَانَ كَذَلِك لم يحصل لَهُ نبالة فى هَذَا الشَّأْن، وَمن حصل على الْوَجْه الَّذِي ذكر نبل، وَقد علم ذَلِك من سير الصَّحَابَة كَابْن عَبَّاس فَمن بعده الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 وَقَالَ مُجَاهِد كَمَا ذكره البخارى: لَا ينَال الْعلم مستحى وَلَا متكبر، وَقَالَ سُفْيَان ووكيع: " لَا يكون الرجل من أهل الحَدِيث حَتَّى يكْتب "، وَلَفظ وَكِيع: " لَا يكون عَالما حَتَّى يَأْخُذ " ثمَّ اتفقَا " عَمَّن هُوَ فَوْقه وَعَمن هُوَ دونه وَعَمن هُوَ مثله "، وَلِهَذَا قَالَ النَّاظِم: [يرجونه] أى من اتّصف بِهَذَا الْوَصْف يُرْجَى لَهُ أَن يكون مُحدثا، وَكَانَ ابْن الْمُبَارك يكْتب عَمَّن هُوَ دونه فَيُقَال لَهُ: فَيَقُول: " لَعَلَّ الْكَلِمَة الَّتِي فِيهَا نجاتى لم تقع لى، والفائدة ضَالَّة الْمُؤمن أَيْنَمَا وجدهَا التقطها "، [والنبالة] الْفضل والحذق بِالْأَمر، قَالَ فى " الصِّحَاح ": " وَقد نبل بِالضَّمِّ فَهُوَ ينبل " [/ 34] . كِتَابَة الحَدِيث وَضَبطه (35 - (ص) وليحرص فى الضَّبْط كل الضَّبْط ... وليعتنى بشكله والنقط) (36 - لَو لم يكن لِلْخَطِّ فى إعجامه ... إِلَّا سَلامَة من استعجامه) (37 - لَا سِيمَا مشتبه الأسامى ... فَإِنَّهَا لم تَكُ فى الأفهام) (ش) : أى وليحرص الطَّالِب إِذا كتب الحَدِيث على صرف الهمة فى ضَبطه، وتحقيقه شكلا ونقطا وإيضاحا من غير مشاق وَلَا تَعْلِيق بِحَيْثُ يُؤمن اللّبْس مَعَه، [فَلَو لم يكن فى إعجام الْخط] وَهُوَ نقطه وَضَبطه [إِلَّا السَّلامَة من استعجامه] وَهُوَ التباسه بِحَيْثُ لَا يقدر كل أحد على قِرَاءَته، ثمَّ قيل: إِنَّمَا يشكل الْمُشكل وَلَا يشْتَغل بتقييد الْوَاضِح فقد كرهه بعض الْعلمَاء، لَكِن قَالَ القَاضِي عِيَاض: " الصَّوَاب أَن يشكل الْجَمِيع لأجل الْمُبْتَدِئ، وَغير المعرب " وَقد وَقع الْخلاف فى مسَائِل مرتبَة على الْإِعْرَاب كَحَدِيث " ذَكَاة الْجَنِين ذَكَاة أمه " بِرَفْع ذَكَاة ونصبه وَكَذَا " لَا نورث مَا تركنَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 صَدَقَة " وَهَذَا هُوَ اللَّائِق فى زمننا بل الذى أرَاهُ الْآن الِاقْتِصَار على رِوَايَة وَاحِدَة، لَا كَمَا يَفْعَله من يحصل " البخارى " مثلا من نُسْخَة الْحَافِظ: " اليونينى " لما يحصل بِسَبَب ذَلِك من الْخَلْط الْفَاحِش الذى سَببه عدم التَّمْيِيز، وينبغى أَن يكون اعتناؤه بضبطه الملتبس من الْأَسْمَاء أَكثر؛ لِأَنَّهُ نقل مَحْض، وَلَا مدْخل للأفهام فِيهِ مثل: " يربد " بِضَم الْمُوَحدَة فَإِنَّهُ شَبيه ب " يزِيد " وَلذَلِك قَالَ بَعضهم: أولى الْأَشْيَاء بالضبط أَسمَاء النَّاس؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ قبله [/ 35] شَيْء يدل عَلَيْهِ، وَلَا بعده شَيْء يدل عَلَيْهِ، وَلَا مدْخل للْقِيَاس فِيهِ. (38 - (ص) ودارة بعد الحَدِيث يفصل ... بَينهمَا، وَالْوسط مِنْهَا يغْفل) (39 - فَعِنْدَ عرض وَسطهَا يعلم ... وليحذر اصْطِلَاح من لَا يفهم) (ش) : أى وَيجْعَل بعد كل حَدِيث [دارة] أى: حَلقَة يفصل بهَا بَين الْحَدِيثين، فقد فعل ذَلِك جمَاعَة من الْمُتَقَدِّمين مِنْهُم الإِمَام أَحْمد، وَابْن جرير، وَاسْتحبَّ الْخَطِيب أَن يكون [غفلا] أى مُهْملَة من نقطة تداخلها وَإِلَيْهِ الْإِشَارَة بقوله: [وَالْوسط مِنْهَا يغْفل] أى: يخليه، فَإِذا عَارض أعلم بنقطه وَسطهَا ليَكُون إِشَارَة إِلَى الْغَرَض، وليحذر أَن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 يصطلحه لنَفسِهِ فِيمَا يعتني بِهِ من جمع الرِّوَايَات واختلافها رمزا لَا يفهمهُ غَيره من النَّاس، إِلَّا أَن يبين مُرَاده إِمَّا بِأول الْكتاب وَآخره أَو نَحْو ذَلِك. (40 - (ص) وَإِن أَتَى اسْم الله أَو صفته ... وَخيف لبس كرهت كتبته) (41 - أول سطر، وليحافظن على ... كتب الصَّلَاة وَالسَّلَام أكملا) (ش) : أى لَا يكْتب فى مثل عبد الله ابْن فلَان: عبد فى أول سطر وَاسم الله تَعَالَى مَعَ ابْن فلَان أول الْأُخَر، وَكَذَا يتَجَنَّب فى ذَلِك مثل عبد الْقَادِر، وَنَحْوه من الْأَسْمَاء وَالصِّفَات كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ النَّاظِم بقوله: [أَو صفته] فَإِنَّهُ أَرَادَ بِالصّفةِ هُنَا الْمُشْتَقّ لَا الْمَعْنى الْقَائِم بِالذَّاتِ، لعدم وجود مِثَال لَهُ، ويتجنب أَيْضا فى مثل رَسُول الله وَنَحْو ذَلِك مِمَّا يَقع فِيهِ لبس، فَإِن ذَلِك يكره. وليحافظ الطَّالِب على كِتَابَة الصَّلَاة وَالسَّلَام على رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] كلما كتبه [/ 36] بِدُونِ رمز كَمَا يَفْعَله الكسالى، وَلَا يسأم من تكراره سَوَاء كَانَ ثَابتا فى الأَصْل أم لَا، وَلَكِن فِيمَا إِذا لم يكن ثَابتا الْإِشَارَة بِمَا تشعر بذلك أخذا من قَول ابْن دَقِيق الْعِيد فى نَظِيره، وَمن أغفل الصَّلَاة وَالسَّلَام حرم حظا عَظِيما، ويروى عَنهُ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] أَنه قَالَ: " من صلى على فى كتاب لم تزل الْمَلَائِكَة تصلى عَلَيْهِ مَا دَامَ اسمى فى ذَلِك الْكتاب " وَيسْتَحب التَّلَفُّظ بهَا مَعَ ذَلِك، وَعدم الِاقْتِصَار على الصَّلَاة دون السَّلَام الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 كَمَا سلف فى الْخطْبَة، ولمسألتى الِاقْتِصَار وَالرَّمْز أَشَارَ بقوله: [أكملا] وَكَذَا ينبغى اسْم الله عز وَجل أَن يتبعهُ بالتعظيم كعز وَجل وَنَحْو ذَلِك، وَكَذَا أَلا يغْفل الترضى والترحم على الصَّحَابَة وَالْعُلَمَاء. (42 - (ص) وَبعد أَن يكْتب فليقابل ... قبل، وَإِلَّا فارم فى الْمَزَابِل) (ش) : أى وَبعد فرَاغ الطَّالِب من الْكِتَابَة: عَلَيْهِ مُقَابلَة كِتَابه بِأَصْل شَيْخه، أَو بِأَصْل أصل شَيْخه الْمُقَابل بِهِ أصل شَيْخه، أَو بفرع مُقَابل بِأَصْل السماع الْمُقَابلَة الْمَشْرُوطَة، وَأفضل الْمُقَابلَة أَن يُعَارض كِتَابه بِنَفسِهِ مَعَ شَيْخه حَال السماع، وَقيل أفضلهَا: مُقَابلَته مَعَ نَفسه وَالْأول أولى، وَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ النَّاظِم من قَول الْقَائِل: اكْتُبْ وَلَا تقَابل وارم فى الْمَزَابِل قد روينَاهُ عَن وَأحسن النَّاظِم فى سِيَاقه بِصِيغَة التمريض، فَإِن هَذَا وَإِن علم عدم إِرَادَة فعله إِنَّمَا أُرِيد بِهِ وبشبهه كالذى روى عَن الأوزاعى وَيحيى بن أَبى كثير أَنَّهُمَا قَالَا: (مثل الذى يكْتب وَلَا يُعَارض مثل الذى يدْخل [/ 37] الْخَلَاء وَلَا يستنجى) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 للتحريض على عدم ترك الْمُقَابلَة لَكِن فِيهِ مُبَالغَة فى اللَّفْظ وَأحسن مِنْهُ قَول الْأَخْفَش: إِذا نسخ الْكتاب وَلم يُقَابل ثمَّ نسخ وَلم يُعَارض خرج أعجميا. (43 - (ص) وليعن بالتصحيح والتضبيب ... وَلحق يكْتب بالترتيب) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 (ش) : أى وليعتن الطَّالِب بالتصحيح والتضبيب فَإِن ذَلِك من شَأْن المتقنين. فالتصحيح كِتَابَة: صَحَّ على كَلَام صَحَّ رِوَايَة وَمعنى، لكَونه عرضة للشَّكّ وَالْخلاف. [والتضبيب] وَقد يُسمى التمريض: أَن يمد خطا أَوله كرأس الصَّاد وَلَا يلصق بالمدود عَلَيْهِ على ثَابت نقلا فَاسد لفظا أَو معنى، أَو ضَعِيف، أَو نَاقص. وَمن النَّاقِص مَوضِع الْإِرْسَال أَو الِانْقِطَاع، وَرُبمَا اقْتصر بَعضهم على الصَّاد فى عَلامَة التَّصْحِيح، فاشبهت [الضبة] وَيُوجد فى بعض الْأُصُول الْقَدِيمَة فى إِسْنَاد فِيهِ جمَاعَة عطف بَعضهم على بعض عَلامَة تشبه الضبة بَين أسمائهم وَلَيْسَت ضبة بل كَأَنَّهَا عَلامَة الِاتِّصَال وَقَوله: [وَلحق يكْتب بالترتيب] هَذِه مَسْأَلَة اللحق لما يجده الطَّالِب فى كِتَابه من غلط، وَصفَة كِتَابَته: أَن يخط عِنْد مَوضِع سُقُوطه خطا صاعدا قَلِيلا مَعْطُوفًا بَين السطرين عطفة يسيرَة إِلَى جِهَة اللحق. وَقيل يمد العطفة إِلَى أول اللحق ثمَّ يكْتب اللحق قبالة العطفة فى الْحَاشِيَة من جِهَة الْيَمين إِلَّا أَن يكون السقط آخر السطر فَمن جِهَة الشمَال، ويكتبه فى كليهمَا صاعدا إِلَى أَعلَى الورقة لَا إِلَى أَسْفَلهَا لاحْتِمَال سقط آخر بعده فَإِن [/ 38] زَاد اللحق على سطر ابْتَدَأَ سطوره من أَعلَى الطرة المجانب لَهُ إِلَى أَسْفَل، بِحَيْثُ تنتهى سطوره إِلَى أصل الْكتاب إِن كَانَ التَّخْرِيج فى جِهَة الْيَمين وَإِن كَانَ فى الشمَال ابْتَدَأَ سطوره من جَانب أصل الْكتاب بِحَيْثُ تنتهى سطوره إِلَى جِهَة طَرِيق الورقة، وَإِن اتّفق انْتِهَاء الْهَامِش قبل فرَاغ السقط اسْتَعَانَ بِأَعْلَى الوقة من كلا الْجِهَتَيْنِ، وكل مِمَّا تقدم إِن لم يضق الْمحل، إِمَّا بلحق قبله فى السطر، أَو قريب مِنْهُ، وَإِمَّا بِعَدَمِ سلوك كَاتب النُّسْخَة صِيغ جلّ الْمُتَقَدِّمين فى عرض الطره من الْجَانِبَيْنِ مَعًا بِحَيْثُ لَا يخْشَى من الْكِتَابَة فِيهِ من التَّكْلِيف لرؤية الْمَكْتُوب بالتجليد، فَإِن عرض شَيْء من ذَلِك اجْتهد فِيمَا يكون طَرِيقا للْبَيَان وَزَوَال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 الالتباس، ثمَّ يكْتب فى انْتِهَاء اللحق صَحَّ، وَقيل: يكْتب مَعهَا رَجَعَ، وَقيل: الْكَلِمَة الْمُتَّصِلَة بِهِ، وَلَيْسَ بمرضى لِأَنَّهُ تَطْوِيل موهم. (44 - (ص) والحك والمحو وَالْأولَى الضَّرْب ... وَفِيه تَفْصِيل لنا أحب) (ش) أى وليعتن الطَّالِب إِذا وَقع فى الْكتاب مَا لَيْسَ مِنْهُ بإزالته بالحك وَيُسمى أَيْضا: كشطا وبسرا، [بالمحو] وَهُوَ الْإِزَالَة بِدُونِ سلخ [أَو بِالضَّرْبِ] وَهُوَ أولاها فقد كره الحك، والمحو أهل الْعلم لاحْتِمَال التَّغْيِير، وَرُبمَا أفسد الورقة وَمَا ينفذ إِلَيْهِ والمحو غَالِبا مسود للقرطاس، لَكِن النَّاظِم لَا يرى أَن الضَّرْب أولى مُطلقًا بل يفصل بَين مَا يتَحَقَّق كَونه غَلطا سبق الْعلم بِهِ فَيكون الكشط أولى: لِئَلَّا يُوهم بِالضَّرْبِ عَلَيْهِ أَن لَهُ أصلا وَإِلَّا فالضرب، وَإِلَى [/ 39] هَذَا أَشَارَ بقوله: [وَفِيه تَفْصِيل لنا أحب] ثمَّ إِذا أزاله بِالضَّرْبِ، فَاخْتلف فى كيفيته، فَقيل: يخط فَوْقه خطا بَينا مختلطا بِهِ وبتركه يُمكن الْقِرَاءَة، وَيُسمى الشق، وَقيل: لَا يخلطه بالمكتوب، بل يكون فَوْقه مَعْطُوفًا على أَوله وَآخره، وَقيل: يحوق أَوله وَآخره، وَرُبمَا يحوق على أول كل سطر وَآخره، وَقيل يكْتب " لَا " فى أَوله و " إِلَى " فى آخِره، وَإِن كَانَ الضَّرْب على مُكَرر فَقيل: على الثانى، وَقيل: ينتقى أحسنهما وأبينهما صُورَة وَفصل القاضى عِيَاض فَقَالَ: إِن كَانَ فى أول سطر ضرب على الثانى، أَو فى آخِره فعلى الأول؛ صِيَانة لأوّل الأسطر وَآخِرهَا أَو فى آخر سطر وَأول آخر، ضرب على آخر السطر؛ صِيَانة لأوله فَإِن تكَرر الْمُضَاف، أَو الْمُضَاف إِلَيْهِ، أَو الْمَوْصُوف، أَو الصّفة، روعى اتصالهما. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 الْإِشَارَة بالرمز (45 - (ص) واختصروا أخبرنَا خطا " أَنا " ... واختصروا حَدثنَا " ثَنَا "، و " نَا ") (ش) : غلب على كتبة الحَدِيث اخْتِصَار أخبرنَا، وَحدثنَا، والاقتصار بالرمز فيهمَا بِحَيْثُ شاع واشتهر حَتَّى صَار لَا يخفى على أحد مِنْهُم فيكتبون من أخبرنَا ثَلَاثَة أحرف: الأول والأخيرتين فَيصير: " أَنا "، وَرُبمَا أضافوا لذَلِك الْبَاء الْمُوَحدَة فَيصير " أنبا "، وَإِن أغفله النَّاظِم لضيق النّظم. وَمن حَدثنَا ثَلَاثَة أحرف أَيْضا مُتَوَالِيَة من آخرهَا فَيصير: ثَنَا " وَرُبمَا اقتصروا على الْأَخِيرَتَيْنِ مِنْهُمَا فَقَط فَيكون " نَا " وَكَذَا اقْتصر [/ 40] المحدثون على " أرنا " من أخبرنَا وعَلى " دثنا "، واصطلح بعض الْعَجم على (أَخ) من أخبرنَا، و (ح) من حَدثنَا، وَأما أَنبأَنَا فَلَا يختصرونها خوفًا (خوفًا) من الالتباس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 (46 - (ص) وتكتب الْحَاء لتحويل السَّنَد ... مُهْملَة، وَالْأَكْثَر الإعجام رد) (ش) : أى: إِذا كَانَ للْحَدِيث إسنادان فَأكْثر؛ كتب عِنْد الِانْتِقَال من إِسْنَاد إِلَى إِسْنَاد (ح) إِشَارَة إِلَى التَّحْوِيل، من أَحدهمَا إِلَى الآخر فيتلفظ بهَا المحدثون عِنْد الْوُصُول إِلَيْهَا فَيَقُول (ح) ويمر فى الْقِرَاءَة، وَعَلِيهِ الْعَمَل. وَقيل: هى من الْحَيْلُولَة لِأَنَّهَا تحول بَين الإسنادين وَلَيْسَت من الحَدِيث، فَلَا يتَلَفَّظ بِشَيْء مَكَانهَا، وَقيل: هِيَ إِشَارَة إِلَى قَوْلنَا: الحَدِيث، فَلذَلِك تق وَله المغاربة مَكَانهَا فى الْقِرَاءَة. وَبَعْضهمْ يَجْعَلهَا " خاء " مُعْجمَة ويتلفظ بهَا كَذَلِك، يُرِيد أَنه إِسْنَاد آخر، أَو خبر، حَكَاهُ الدمياطى عَن بعض الْمُحدثين، وَالْأَكْثَر على خِلَافه وَلذَلِك قَالَ النَّاظِم [وَالْأَكْثَر الإعجام] مفعول رد، وبقى أَيْضا أَن بعض الْمُتَقَدِّمين من الْحفاظ كتب مَكَانهَا (صَحَّ) وَالظَّاهِر أَن ذَاك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 اجْتِهَاد من الْأَئِمَّة فى شَأْنهَا من أجل أَنه لم يتَبَيَّن لَهُم فِيهَا شئ من الْمُتَقَدِّمين وَرَأَيْت بَعضهم يَجْعَل بَينهمَا بَيَاضًا يَسِيرا وَهُوَ ملبس لغير المميزين. (47 - (ص) وَبعد مَا يَسُوق الْإِسْنَاد إِلَى ... مُصَنف يعود عاطفا على) (48 - ذَلِك الْإِسْنَاد يَقُول وَبِه ... أى وَبِالْإِسْنَادِ على ذَا نبه) (ش) : أى إِذا قَرَأَ الطَّالِب إِسْنَاد شَيْخه الْمُحدث بِالْكتاب أَو لجزء أول الشُّرُوع فى قرأته فَكل مَا انْتهى من حَدِيث عطف عَلَيْهِ لَهُ فى أول الذى بعده، وَبِه قَالَ: " ثَنَا "، ليَكُون كَأَنَّهُ قد أسْندهُ إِلَى صَاحب كل حَدِيث، ثمَّ فى الْمجْلس الثانى يَقُول لشيخه، وبسندك الماضى إِلَى فلَان وَيُشِير إِلَى صَاحب الْكتاب قَالَ: " ثَنَا " إِلَى آخِره وَأما مَا جرت الْعَادة بِهِ من إِعَادَة السَّنَد يَوْم ختم الْكتاب فَذَلِك لأجل من يَتَجَدَّد. كِتَابَة التسميع وَالْعَمَل بِمَا يسمع وَترك التعصب (49 - (ص) وَيكْتب الطباق بِالسَّمَاعِ ... بِخَط موثوق وَضبط واعى) (ش) : لما انْتهى من كَيْفيَّة السماع نبه على مَا جرت بِهِ الْعَادة من كِتَابَة السامعين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 [والطبقة] الْجَمَاعَة المشتركون فى شئ خَاص، كسماع كتاب مَخْصُوص، وَنَحْوه، وينبغى أَن يكون كَاتب الطَّبَقَة موثوقا بِهِ فَإِنَّهُ أَمِين فى ذَلِك وَصورتهَا: أَن يَقُول مثلا: سمع الْكتاب الفلانى على فلَان، ويسميه ويسوق نسبه وكنيته بسماعى لَهُ على فلَان، وَيذكر سَنَده إِن لم يكن بالنسخة بِقِرَاءَة فلَان، ويسرد أَسمَاء الْجَمَاعَة المكملين، ثمَّ المفوتين مُبينًا لقدر فواتهم. مُمَيّزا للحاضرين من السامعين من غير إِسْقَاط لأحد مِنْهُم لغَرَض فَاسد، ويعين التَّارِيخ، وَالْمَكَان، وَعَلِيهِ التحرى فى كل مَا يُثبتهُ ويجتنب التساهل وَإِذا لم يحضر مَجْلِسا [/ 42] فَلهُ أَن يعْتَمد فِيمَن شهد إِخْبَار الشَّيْخ، أَو ثِقَة مِنْهُم. (50 - (ص) وليجتنى حُلْو الذى يحصل ... فَلَا يزين الْعلم إِلَّا الْعَمَل) (ش) : أى وَإِذا سمع الطَّالِب شَيْئا، أَو قَرَأَهُ واعتنى بضبطه بنقطه وشكله، وَفهم من مَعَانِيه مَا تيَسّر لَهُ، فليعمل بِمَا علم، فثمرة الْعلم الْعَمَل بِهِ، وليستعمل مَا يُمكنهُ اسْتِعْمَاله مِمَّا سَمعه فى الحَدِيث من أَنْوَاع الْعِبَادَات، والآداب، فَذَلِك زَكَاة الحَدِيث، كَمَا صرح بِهِ بشر الحافى حَيْثُ قَالَ: " يَا أَصْحَاب الحَدِيث أَدّوا زَكَاة هَذَا الحَدِيث، اعْمَلُوا من كل مائتى حَدِيث بِخَمْسَة أَحَادِيث "، وَقَالَ عَمْرو بن قيس الملائى: " إِذا بلغت شئ من الْخَبَر فاعمل بِهِ وَلَو مرّة تكن من أَهله وَيكون الْعَمَل بِهِ سَببا لحفظه " كَمَا قَالَ وَكِيع: " إِذا أردْت حفظ الحَدِيث فاعمل بِهِ ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 (51 - (ص) والحذر الحذار من تعصب ... وَأَن يرد سنة بِمذهب) (ش) فرغ من التَّرْغِيب فى الْعَمَل بِمَا يعلم، حذر من التعصب ورد السّنة الصَّحِيحَة الصَّرِيحَة برأى إِمَامه من غير علم بِحَال إِمَامه فى تِلْكَ السّنة وَمَا سَبَب عدوله عَنْهَا. أَنْوَاع الْأَخْذ، والتحمل، وأنواع الْإِجَازَة (52 - (ص) وَالنَّقْل أَقسَام ثَمَان الأول ... حَدثنَا عَن لفظ شيخ ينْقل) (53 - وَبعده أخبرنَا أَن قرا ... عَلَيْهِ أَو سمع ثمَّ أنبا) (54 - لما يحاز من معِين وَإِن ... عَمت فخلف، والجهالة امنعن) (ش) لما فرغ النَّاظِم من كَيْفيَّة السماع والتحصيل، شرع فى أَقسَام النَّقْل الذى هُوَ أَدَاء مَا تحمله، وفى كَيْفيَّة صِيغَة التأدية فى كل قسم مِنْهَا متقصرا على الشَّائِع الْغَالِب على أهل الحَدِيث فأولها: وَهُوَ أَعْلَاهَا عِنْد الْمُحَقِّقين: سَماع الراوى من لفظ الشَّيْخ سَوَاء كَانَ إملاء أَو تحديثا من غير إملاء، وَسَوَاء كَانَ من حفظه، أَو من كِتَابه، لَكِن الْإِمْلَاء أَعْلَاهَا، وَصِيغَة الْأَدَاء فى الِاصْطِلَاح الشَّائِع: " حَدثنَا " يعْنى إِن كَانَ سمع فى جمَاعَة، وَقد يأتى بنُون الْجمع أَيْضا، وَهُوَ وَحده للعظمة، لكنه نَادِر وَأكْثر مَا يَقُول الْمُنْفَرد: " حَدَّثَنى ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 وَكَذَا من صِيغَة سَمِعت إفرادا أَو جمعا كَذَلِك أَيْضا. وَاخْتلف فى أَيهمَا أصرح؟ فَقَالَ الْخَطِيب وَتَبعهُ شَيخنَا: " سَمِعت "، لكَونهَا لَا تحْتَمل الْوَاسِطَة، أى لَا يستعملها الراوى فى تَدْلِيس مَا لم يسمعهُ، وَلِأَن " حَدَّثَنى " قد تطلق فى الْإِجَازَة. وَقَالَ بَعضهم: " حَدَّثَنى ". لدلالتها على أَن الشَّيْخ رَوَاهُ إِيَّاهَا بِخِلَاف " سَمِعت "، ولأول أصح، وَثَانِيها: الْقِرَاءَة على الشَّيْخ وتسميها أَكثر القدماء عرضا لِأَن الْقَارئ يعرضه على الشَّيْخ وَسَوَاء قَرَأَ هُوَ أَو قَرَأَ غَيره وَهُوَ يسمع وَسَوَاء قَرَأَ من كِتَابه أَو من حفظه وَسَوَاء كَانَ الشَّيْخ يحفظه، أَو ثِقَة غَيره، أم لَا، إِذا كَانَ الأَصْل مَعَ وَاحِد مِنْهُمَا، وَالرِّوَايَة بِهَذَا الْقسم صَحِيحَة بالِاتِّفَاقِ، خلافًا لمن لَا يعْتد بِهِ، وَيَقُول فِيهِ الْمُحدث عِنْد الْأَدَاء [44] " أخبرنَا " والأحوط: الإفصاح بِصُورَة الْوَاقِع فَيَقُول إِن كَانَ قَرَأَ: قَرَأت على فلَان، أَو سمع: قرئَ عَلَيْهِ وَأَنا أسمع، وَاخْتلف فى هذَيْن الاسمين: أَهما سَوَاء؟ أَو أحدهم أرجح من الآخر؟ فَنقل التساوى عَن مَالك وأشياخه ومعظم عُلَمَاء الْحجاز، والكوفة، والبخارى، وَنقل تَرْجِيح الأول عَن جُمْهُور عُلَمَاء الْمشرق، وَهُوَ الصَّحِيح كَمَا مَشى عَلَيْهِ النَّاظِم حَدِيث قدمه، وَحكى تَرْجِيح هَذَا الْقسم عَن أَبى حنيفَة، لَكِن فِيمَا إِذا كَانَ الشَّيْخ يحدث من كتاب دون مَا إِذا كَانَ يحدث عَن حفظه، وَعَن مَالك فى رِوَايَة وَابْن أبي ذِئْب، وَغَيرهمَا مُطلقًا، وَثَالِثهَا: الْإِجَازَة وَهِي أَنْوَاع: أَعْلَاهَا الْإِجَازَة بِكِتَاب معِين لشخص الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 معِين، نَحْو: أجزتك كتاب البخارى مثلا، وأجزت فلَانا الفلانى، وَلَا يضرّهُ جَهَالَة عينه جَمِيع مَا اشْتَمَلت عَلَيْهِ فهرستى، وَنَحْو ذَلِك وَإِلَيْهِ الْإِشَارَة بقوله [لما يجاز] أَي النَّاقِل بِهِ من كتاب معِين فَهَذَا أَعلَى أَنْوَاع الْإِجَازَة الْمُجَرَّدَة عَن المناولة. وَالصَّحِيح عِنْد الْجُمْهُور من عُلَمَاء الْمُحدثين وَالْفُقَهَاء: جَوَاز الرِّوَايَة بِالْإِجَازَةِ، وَالْعَمَل بِمَا وَيَقُول الْمُحدث تبعا لعرف الْمُتَأَخِّرين عِنْد الْأَدَاء: " أَنبأَنَا " و " أنبأنى "، والطبقة الْوُسْطَى لَا يذكرُونَ الإنباء إِلَّا مُقَيّدا بِالْإِجَازَةِ، فَلَمَّا كثر واشتهر اسْتغنى الْمُتَأَخّرُونَ عَن ذكره. أَفَادَهُ شَيخنَا، وَكَذَا يلْتَحق بِهَذَا النَّوْع فى الصِّحَّة: مَا إِذا لم يعين الْمجَاز بِهِ مثل أَن يَقُول: مسموعاتى، أَو مروياتى [/ 45] ، وَلَكِن الْخلاف فى هَذِه أقوى وَيُمكن إخْرَاجهَا من قَول النَّاظِم: [وَإِن عَمت لخلف] فَإِنَّهَا قد شملها مَعَ مَسْأَلَة التَّعْمِيم فى الْمجَاز لَهُم، كَأَن يَقُول لَهُم: أجزت للْمُسلمين، أَو لمن أدْرك زمانى، أَو لمن فى عصرى، أَو لأهل الإقليم الفلانى، أَو الْبَلَد الفلانى، وَمَا أشبه ذَلِك، وَإِن كَانَ الظَّاهِر أَنه إِنَّمَا أرادها لقُوَّة الْخلاف فِيهَا، فقد جوزها الْخَطِيب، وَغَيره واستعملها جمَاعَة لَكِن قَالَ ابْن الصّلاح: " إِنَّه لم يسمع عَن أحد مِمَّن يقْتَدى بِهِ اسْتِعْمَالهَا " قَالَ: " وَالْإِجَازَة فى أَصْلهَا ضَعِيف، وَقد تزداد بِهَذَا التَّوَسُّع والاسترسال ضعفا كثيرا لَا ينبغى احْتِمَاله " قَالَ شَيخنَا: وَهُوَ كَمَا قَالَ لِأَن الْإِجَازَة الْخَاصَّة الْمعينَة (يخْتَلف فى صِحَّتهَا) اخْتِلَافا قَوِيا عِنْد القدماء، وَإِن كَانَ الْعَمَل اسْتَقر على اعْتِبَارهَا عِنْد الْمُتَأَخِّرين، فهى دون السماع بالِاتِّفَاقِ، فَكيف إِذا حصل فِيهَا الاسترسال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 الْمَذْكُور؟ ؟ ! فَإِنَّهَا تزداد ضعفا، لَكِنَّهَا فى الْجُمْلَة خير من إِيرَاد الحَدِيث (معطلا) انْتهى. وَمِمَّنْ استعملها: الرافعى فى " تَارِيخ قزوين "، وَكَذَا النووى قَرَأت بِخَطِّهِ فى آخر بعض تصانيفه: وأجزت رِوَايَته لجَمِيع الْمُسلمين. وَكَذَا صنع تِلْمِيذه المزى، وَعمل بهَا العراقى بعد تصريحه بتوقفه عَن الرِّوَايَة بهَا، وَكَذَا عمل بهَا وَلَده، فَإِن قيدت بِوَصْف خَاص، أَو بِجَمَاعَة مَحْصُورين، فأقرب إِلَى الْجَوَاز، وَكَذَا اخْتلف فى الْإِجَازَة للمعدوم كَأَن يَقُول: أجزت [/ 46] لمن سيولد لفُلَان واستعملها ابْن مَنْدَه، وَغَيره [وَقيل: إِن عطف ذَلِك على من كَانَ] يَقُول أجزت لَك وَلمن سيولد لَك؟ صَحَّ، لَكِن قَالَ شَيخنَا: إِن الْأَقْرَب عدم الصِّحَّة، [وَكَذَا اخْتلف فى الْإِجَازَة الْمُعَلقَة بِالْمَشِيئَةِ] كأجزت لَك إِن شَاءَ فلَان، أَو أجزت لمن شَاءَ فلَان، لَا أجزت لَك إِن شِئْت، وَاسْتعْمل الْمُعَلقَة ابْن أَبى خَيْثَمَة، وَجوز الْخَطِيب الرِّوَايَة بِجَمِيعِ ذَلِك سوى الْمَجْهُول الذى لم [يبين] ، وَحَكَاهُ عَن جمَاعَة من مشايخه وَمن أَنْوَاعهَا: الْإِجَازَة للجمهول، أَو بِالْمَجْهُولِ كَقَوْلِه: أجزت مُحَمَّد بن أَحْمد الدمشقى، وَثمّ جمَاعَة مسمون بذلك، وَلم يعين المُرَاد مِنْهُم أَو يَقُول: أجزت فلَانا كتاب " السّنَن " وَهُوَ يرْوى عدَّة كتب تعرف بالسنن، وَلم يعين، فَتلك إجَازَة بَاطِلَة مَمْنُوع من الْعَمَل بهَا، وَهَذَا هُوَ المُرَاد بقول النَّاظِم [والجهالة امنعن] أى بِلَا خلاف، وهى بِالنّصب مفعول مقدم. (55 - (ص) وَجَائِز من مسمع يعنعن ... وَإِن يكن كِتَابَة يبين) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 (ش) : أى من صِيغ النَّقْل فى السماع: المعنعن، وَهُوَ الرِّوَايَة بعن، وهى عِنْد الْمُتَقَدِّمين مَحْمُولَة عى السماع إِن صدرت من معاصر غير مُدَلّس، وَاشْترط البخارى فى حملهَا على السماع: ثُبُوت لِقَاء الراوى لمن روى عَنهُ وَلَو مرّة وَاحِدَة، ليحصل الْأَمْن فى باقى [معنعنه] عَن كَونه من الْمُرْسل الخفى. قَالَ شَيخنَا: [وَهُوَ ظَاهر] انْتهى. وَتوقف بعض الآخذين عَنهُ فى تَرْجِيح " كتاب البخارى " بِهَذَا الشَّرْط على كتاب " مُسلم "، وَقَالَ: احْتِمَال عدم سَماع من لقى جَازَ فى مروياته [/ 47] كاحتمال عدم سَماع من عاصر وَلم يثبت لقاؤه وَلَا عدم لِقَائِه، فَمَا كَانَ رَافعا للاحتمال الْمَذْكُور فى الأول فَهُوَ كَذَلِك فى الثانى، قلت: وَلَا يُنَازع فى الأرجحية بِهَذَا إِلَّا مكابر، وَأما فى عرف الْمُتَأَخِّرين، فالعنعنة للإجازة، ثمَّ إِن كَانَت الْإِجَازَة لَيست مشافهة بل كِتَابَة كتب بهَا الشَّيْخ إِلَى الطَّالِب على مَا سيأتى فى الْقسم الْخَامِس، فَلَيْسَ ذَلِك إفصاحا بالواقع [لَا نبنا] التحديث على الْأَمَانَة وَهَذَا على سَبِيل الِاسْتِحْبَاب كَمَا أَنه لَا يجب على السَّامع أَن يبين: هَل كَانَ من لفظ الشَّيْخ أَو عرضا؟ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 (56 - (ص) ثمَّ المناولة حَيْثُ قرنت ... إجَازَة صحت وَإِلَّا بطلت) (ش) : أى هَذَا هُوَ الْقسم الرَّابِع وَهُوَ " المناولة " وهى أَعلَى الإجازات وَإِن أوهم التَّعْبِير بثم خِلَافه لما فِيهَا من التَّعْيِين، والتشخيص بِحَيْثُ سوى بَينهمَا وَبَين الْقِرَاءَة على الشَّيْخ غير وَاحِد من الْأَئِمَّة فى التَّسْمِيَة إِذْ سَموهَا عرضا وَحِينَئِذٍ فينبغى التَّمْيِيز بِأَن يُقَال فى هَذِه عوض المناولة، وفى ذَلِك عرض الْقِرَاءَة وَالصَّحِيح أَنَّهَا منحطة عَن السماع وَالْقِرَاءَة، وَقيل: هى فى الْقُوَّة كالسماع وَمن صورها أَن يدْفع إِلَيْهِ الشَّيْخ أصل سَمَاعه أَو فرعا مُقَابلا عَلَيْهِ، وَكَذَا أَن يناوله الطَّالِب سَمَاعه، فيتأمله، وَهُوَ عَارِف بِهِ، ثمَّ يناوله الطَّالِب وَيَقُول لَهُ فى الصُّورَتَيْنِ: هَذَا سماعى أَو روايتى عَن فلَان فاروه عَنى، أَو أجزت لَك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 رِوَايَته، ثمَّ يبقيه فى الصُّورَة [/ 48] فى يَده [تَمْلِيكًا] أَو [إِعَارَة] إِلَى أَن ينسخه، وَالرِّوَايَة بهَا صَحِيحَة عِنْد الْجُمْهُور. فَلَو لم يُمكنهُ الشَّيْخ من الْكتاب فهى دون مَا سبق، وَأما إِذا نَاوَلَهُ الطَّالِب شَيْخه وَأخْبرهُ بِأَنَّهَا سَمَاعه، ثمَّ نَاوَلَهُ من غير نظر وَلَا تَحْقِيق لروايته فَهَذِهِ بَاطِلَة، إِلَّا إِن وثق فى الطَّالِب أَو قيد بقوله حدث عَنى بِمَا فِيهِ إِن كَانَ روايتى مَعَ براءتى من الْغَلَط، وكل هَذِه الصُّور فِيمَا إِذا كَانَت المناولة مقرونة بِالْإِجَازَةِ، أما مَعَ خلوها عَنْهَا فهى بَاطِلَة عِنْد الْجُمْهُور، واعتبرها قوم، وَقَالُوا: إِن مناولته إِيَّاه تقوم مقَام إرْسَاله إِلَيْهِ بِالْكتاب من بلد إِلَى بلد وَالصَّحِيح فى هَذَا الْجَوَاز كَمَا سيأتى فَكَذَا فى المناولة وأيده شَيخنَا بقوله: " لم يظْهر لى فرق [قوى] بَين مناولة الشَّيْخ الْكتاب من يَده للطَّالِب وَبَين إرْسَاله إِلَيْهِ بِالْكتاب من مَوضِع إِلَى آخر [إِذا خلى كل وَاحِد مِنْهُمَا عَن الْإِذْن لَهُ] يعْنى فَإِن صُورَة كل مِنْهُمَا أَن يُعلمهُ بِأَنَّهُ مسموعه، وَهُوَ ظَاهر بل يُمكن أَن يُقَال: مناولته إِيَّاه أبعد عَن احْتِمَال طرُو التَّغْيِير فِيهِ من مَسْأَلَة الْإِرْسَال، إِذا عرف هَذَا، فقد جوز الزهرى، وَمَالك، وَغَيرهمَا مِمَّن جعلهَا معادلة للسماع إِطْلَاق " حَدثنَا "، و " أخبرنَا " فى الرِّوَايَة بهَا، وَلَكِن الصَّحِيح الذى عَلَيْهِ الْجُمْهُور، وَأهل التحرى: الْمَنْع، وتخصيصها بِعِبَارَة مشعرة بهَا، وَقَوله: [حَيْثُ قرنت] أى بالمناولة إجَازَة، فإجازة مَرْفُوع مبْنى لما لَهَا يسم فَاعله [/ 49] وَيجوز النصب بِنَزْع الْخَافِض أى قرنت المناولة بِالْإِجَازَةِ بالاقتران كل مِنْهُمَا بِالْآخرِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 (57 - (ص) ثمَّ الكتابات مثلهَا وَلَو ... تجردت عَن الْإِجَازَة اكتفوا) (ش) : هَذَا هُوَ الْقسم الْخَامِس وَهُوَ الْكِتَابَة، وَذَلِكَ أَن يكْتب مسموعه أَو مقروءه جَمِيعه، أَو بعضه لغَائِب، أَو حَاضر بِخَطِّهِ، أَو بِإِذْنِهِ، وهى أَيْضا ضَرْبَان: مقرونة بِالْإِجَازَةِ، ومجردة عَنْهَا، فالمقرونة فى الصِّحَّة وَالْقُوَّة مثل المناولة المقرونة بهَا، وَإِلَى ذَلِك أَشَارَ النَّاظِم بقوله: [مثلهَا] وَأما الْمُجَرَّدَة: فَإِنَّهَا أَيْضا صَحِيحَة لجَوَاز الرِّوَايَة بهَا على الصَّحِيح الْمَشْهُور بَين أهل الحَدِيث اكْتِفَاء بِالْقَرِينَةِ، وهى عِنْدهم مَعْدُودَة فى الْمسند الْمَوْصُول. وَقَالَ السمعانى: " هى أقوى من الْإِجَازَة " ويكفى مَعْرفَته خطّ الْكتاب، وَشرط بَعضهم الْبَيِّنَة، وَهُوَ ضَعِيف، وَأطلق غير وَاحِد من كتاب أهل الحَدِيث، وَغَيرهَا فى الْمُكَاتبَة: " حَدثنَا "، و " أخبرنَا "، وَالصَّحِيح أَن يُقَال: " كتب إِلَى فلَان "، و " أخبرنى مُكَاتبَة، أَو " كِتَابَة "، أَو نَحْو ذَلِك، وَاخْتَارَ الْمُتَأَخّرُونَ الْمُكَاتبَة فى الْإِجَازَة الْمَكْتُوب بهَا، والمشافهة فى المتلفظ بهَا. (58 - (ص) ثمت الْإِعْلَام وَفِيه ... ثمَّ وَصِيَّة لبَعض من سلف) (ش) : هَذَا هُوَ الْقسم السَّادِس، وَالسَّابِع، وأولهما: الْإِعْلَام: وَهُوَ أَن يعلم الشَّيْخ الطَّالِب أَن هَذَا الْكتاب رِوَايَته أَو سَمَاعه مُقْتَصرا على ذَلِك، من غير إِذن فى رِوَايَته عَنهُ وَاخْتلف فى الرِّوَايَة بِهِ [/ 50] وجوازها كثير من أهل الحَدِيث، وَالْفِقْه، وَالْأُصُول، مِنْهُم: ابْن جريج، وَابْن الصّباغ، وَكَذَلِكَ الظَّاهِرِيَّة بل زَاد بَعضهم فَقَالَ: " لَو قَالَ لَهُ هَذَا روايتى وَلَا ترويه عَنى جَازَ لَهُ رِوَايَته "، وَالصَّحِيح: أَنه لَا يجوز لَهُ الرِّوَايَة بِمُجَرَّد الْإِعْلَام، وَبِه قطع بعض الشَّافِعِيَّة وَاخْتَارَهُ الْمُحَقِّقُونَ؛ لِأَنَّهُ قد يكون سَمَاعه بِإِذن فى رِوَايَته الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 لخلل يعرفهُ، لَكِن يجب الْعَمَل بِهِ إِذْ صَحَّ سَنَده عِنْد شَرطه الآتى فى الوجادة، وَثَانِيهمَا: الْوَصِيَّة: وهى أَن يوصى الراوى عِنْد مَوته أَو سَفَره لشخص بِكِتَاب يرويهِ الْمُوصى، فجوز بعض السّلف، وَهُوَ مُحَمَّد بن سِيرِين للْمُوصى لَهُ رِوَايَة ذَلِك عَن الْمُوصى كالإعلام، ثمَّ قَالَ بعد ذَلِك للسَّائِل لَهُ عَنهُ: لَا آمُرك وَلَا أَنهَاك. وَعلل القاضى عِيَاض الصِّحَّة: بِأَن فى ذَلِك نَوْعَيْنِ: الْإِذْن وشبها من الْعرض والمناولة، وَالصَّحِيح الصَّوَاب: أَنه لَا يجوز إِلَّا إِن كَانَت لَهُ من الْمُوصى إجَازَة فَيكون رِوَايَته بهَا لَا بِالْوَصِيَّةِ قَالَ ابْن الصّلاح: " وَقَول من جوزه إِمَّا زلَّة عَالم، أَو مؤول بِأَنَّهُ قصد بِهِ رِوَايَته على سَبِيل الوجادة [وثمت] تقدم أَنَّهَا لُغَة من ثمَّ. (59 - (ص) وثامن وجادة بِخَط من ... تعرفه فَقل وجدت واحكين) (ش) : هَذَا هُوَ الثَّامِن وَهُوَ: الوجادة بِكَسْر الْوَاو، وهى مصدر من وجد يجد، يعْنى الَّذين فرعوا قَوْلهم وجادة فِيمَا أَخذ من الْعلم من صحيفَة [/ 15] غير سَماع، وَلَا إجَازَة، وَلَا مناولة من تَفْرِيق الْعَرَب بَين مصَادر وجد للتمييز بَين الْمعَانى الْمُخْتَلفَة حَتَّى يظْهر التغاير إِذا عرف هَذَا، فالوجادة: أَن يقف على كتاب بِخَط يعرفهُ لشخص عاصره أَولا فِيهِ أَحَادِيث يَرْوِيهَا ذَلِك الشَّخْص، وَلم يسْمعهَا مِنْهُ الْوَاجِد، وَلَا لَهُ مِنْهُ إجَازَة أَو نَحْوهَا، فَلهُ أَن يَقُول: وجدت أَو قَرَأت بِخَط فلَان، وَمَا أشبه، ثمَّ يَسُوق الْإِسْنَاد والمتن، وَإِلَيْهِ أَشَارَ النَّاظِم بقوله: [واحكين] وعَلى هَذَا الْعَمَل قَدِيما وحديثا، وَهُوَ من بَاب الْمُنْقَطع لَكِن يشوبه شئ من الِاتِّصَال بقوله: وجدت بِخَط فلَان، وَقد تساهل بَعضهم فى الْإِتْيَان بِلَفْظ " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 عَن " فى الوجادة، وَهُوَ كَمَا قَالَ ابْن الصّلاح: " تَدْلِيس قَبِيح لِأَنَّهُ يُوهم سَمَاعه بل جازف بَعضهم فَأطلق فى الوجادة: " حَدثنَا "، و " أخبرنَا " وَأنكر ذَلِك على فَاعله، وَلَعَلَّه كَانَ مِمَّن لَهُ إجَازَة، وَتوسع فى إِطْلَاق ذَلِك على الْإِجَازَة كَمَا ذهب إِلَيْهِ بَعضهم، وَإِلَّا فَهُوَ أقبح تَدْلِيس قَادِح فى الرِّوَايَة، وَاخْتلف فى الْعَمَل بمضمون الوجادة، فَمَنعه قوم، وَأَجَازَهُ آخَرُونَ مِنْهُم: الشافعى، بل حكى ابْن الصّلاح الْقطع بِوُجُوبِهِ عَن بعض محققى الشَّافِعِيَّة فى أصُول الْفِقْه، وَعند حُصُول الثِّقَة بِهِ قَالَ: وَهُوَ الذى لَا يتَّجه غَيره. وَكَذَا صَححهُ النووى وَاسْتدلَّ لَهُ ابْن كثير بِحَدِيث: " أى الْخلق أعجب إِلَيْكُم إِيمَانًا قَالُوا: الْمَلَائِكَة قَالَ: وَكَيف لَا يُؤمنُونَ [1 / 52] وهم عِنْد رَبهم؟ وَذكروا الْأَنْبِيَاء، وَكَيف لَا يُؤمنُونَ والوحى ينزل عَلَيْهِم؟ قَالُوا: فَنحْن قَالَ: كَيفَ لَا تؤمنون وَأَنا بَين أظْهركُم؟ قَالُوا: فَمن يَا رَسُول الله قَالَ: قوم يأْتونَ بعدكم يَجدونَ صحفا يُؤمنُونَ بِمَا فِيهَا ". انْتهى، وينبغى تَقْيِيد هَذَا بِمَا إِذا كَانَ مِمَّن يسوغ لَهُ الْعَمَل بِالْحَدِيثِ اَوْ الِاحْتِجَاج بِهِ على مَا تقرر فى مَحَله. تَنْبِيه: قد اعْتمد أهل الحَدِيث معرفَة الخطوط فى هَذَا، وَكَذَا فِيمَا يكْتب بِهِ إِلَيْهِم من يعْرفُونَ خطه فَيَقُولُونَ: أخبرنَا فلَان كِتَابَة، أَو فى كِتَابه. أَو كتب إِلَى، واكتفوا فى اعْتِمَاد الراوى فى الرِّوَايَة على سَمَاعه الْمُثبت بِخَطِّهِ، أَو بِخَط ثِقَة، وَلَو لم نتذكره وَمنعه الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق وَغَيره، لِأَنَّهُ مَأْمُور لَا يَأْمَن التزوير، وَلَكِن الصَّحِيح الْجَوَاز لعمل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 الْعلمَاء سلفا وخلفا، وَبَاب الرِّوَايَة على التَّوسعَة، بل صرح فى " زَوَائِد الرَّوْضَة " باعتماد خطّ الْمُفْتى إِذا أخبرهُ من نقبل خَبره أَنه خطه، أَو كَانَ يعرف خطه، وَلم يشكوا فى فروع مِنْهَا لَو وجد بِخَط أَبِيه الذى لَا يشك فِيهِ دينا على أحد سَاغَ لَهُ الْخلف فِيهِ، ثمَّ إِن أهل الحَدِيث لم يقتصروا على المعاصرين لَهُم بل اعتمدوا ذَلِك فى الْأَزْمَان الْبَعِيدَة، وهم فى صنيعهم بالمالكية أشبه وَحِينَئِذٍ فمحاكماة خطوط الْأَئِمَّة فِيهَا من الْمَحْذُور مَا لَا يخفى، فَتعين اجتنابه وَإِن فعله بَعضهم. تفريعات [53] (60 - (ص) وَصِحَّة السماع يحْتَاج إِلَى ... حُضُور أصل الشَّيْخ أَو مَا نقلا) (61 - مِنْهُ إِذا لم يكن حَافِظًا لما ... يرْوى وَشرط نَاسخ أَن يفهما) (ش) : يشْتَرط ل [صِحَة السماع حُضُور أصل الشَّيْخ] أَو الْفَرْع الْمُقَابل عَلَيْهِ إِمَّا بيد الشَّيْخ، أَو الْقَارئ، أَو غَيرهمَا وَهُوَ مراع لما يقْرَأ أَهلا لَهُ، فَإِن كَانَ بيد غير موثوق بِهِ لم يَصح السماع، وَإِن كَانَ بيد موثوق بِهِ لَكِن الأَصْل غير تَامّ الوثوق بِهِ فلتجيزه الْإِجَازَة لما خَالف إِن خَالف مَا لم يعلم كَثْرَة الْمُخَالفَة، هَذَا كُله إِن لم يكن الشَّيْخ حَافِظًا لما قرئَ عَلَيْهِ، أما إِن كَانَ حَافِظًا فَلَا، وَإِذا كَانَ السَّامع أَو المستمع ينْسَخ حَال الْقِرَاءَة ففى صِحَة السماع خلاف، فَذهب ابْن الْمُبَارك، وَأَبُو حَاتِم الرازى، وَآخَرُونَ إِلَى صِحَّته، وَمنع الصِّحَّة إِبْرَاهِيم الحربى، والأستاذ أَبُو إِسْحَاق الإسفراينى، وَقَالَ أَبُو بكر الصعبى - من الشَّافِعِيَّة - يَقُول: حضرت، وَلَا يَقُول: حَدثنَا، وَلَا أخبرنَا، وَالأَصَح التَّفْصِيل الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ النَّاظِم، فَإِن منع النّسخ فهمه للمقروء لم يَصح، وَإِن فهمه، صَحَّ، وَقد حضر الدراقطنى فى حداثته إملاء بعض شُيُوخه، وَكَانَ ينْسَخ فَقيل لَهُ: لَا يَصح سماعك. فَقَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 للقائل: فهمى للإملاء بِخِلَاف فهمك، ثمَّ سرد لَهُ جَمِيع مَا أملاه الشَّيْخ سنداً ومتنا فتعجبوا مِنْهُ، قلت: وَقد كَانَ شَيخنَا يكْتب فى حَال الِاسْتِمَاع ويطالع وَيرد على الْقَارئ رد واع، وعندى من أخباره فى ذَلِك جملَة، وَكَذَا حكى ابْن كثير أَن شَيْخه المزى كَانَ يكْتب [/ 54] فى مجْلِس السماع وينعس فى بعض الْخطاب وَيرد على الْقَارئ ردا جيدا بَينا وَاضحا بِحَيْثُ يتعجب الْقَارئ وَمن حضر، ويجرى هَذَا التَّفْصِيل فِيمَا إِذا كَانَ الشَّيْخ أَو السَّامع يتحدث، أَو كَانَ الْقَارئ يفرط فى الْإِسْرَاع، أَو يهينم أَو كَانَ بَعيدا من الْقَارئ بِحَيْثُ لَا يفهم كَلَامه، وَالظَّاهِر أَنه يُعْفَى عَن الْقدر الْيَسِير كالكلمة والكلمتين وَأَنه إِذا كَانَ يفهم مَا يقْرَأ مَعَ النّسخ أَو النعاس أَو التحدث فالسماع صَحِيح ويجيز بعد ذَلِك مَا لَعَلَّه قد يخفى بِالْإِجَازَةِ، وَقد سُئِلَ الإِمَام أَحْمد - وناهيك بِهِ ورعا وجلالة - عَن الْحَرْف يدغمه الشَّيْخ فَلَا يفهم وَهُوَ مَعْرُوف،، هَل يرْوى ذَلِك عَنهُ؟ فَقَالَ: " أرجوا أَن لَا يضيق هَذَا، وَحكى ابْن كثير أَنه كَانَ يحضر عِنْد المزى من يفهم وَمن لَا يفهم والبعيد من الْقَارئ، والناعس والمتحدث، وَالصبيان الَّذين لَا يضْبط أحدهم بل يَلْعَبُونَ غَالِبا، وَلَا يشتغلون بِمُجَرَّد السماع، وَيكْتب للْجَمِيع بِحُضُور المزى السماع، قَالَ: وبلغنى عَن البلقينى سُلَيْمَان بن حَمْزَة القاضى أَنه زجر فى مَجْلِسه الصّبيان عَن اللّعب، فَقَالَ: لَا تزجرهم فَإنَّا إِنَّمَا سمعنَا مثلهم. (62 - (ص) وَصِحَّة السماع عَن حجاب ... إِن عرف الصَّوْت بِلَا ارتياب) (ش) : أى يَصح السماع من وَرَاء حجاب، إِذا عرف صَوت الْمُحدث معرفَة لَا ارتياب فِيهَا، سَوَاء كَانَ هَذَا الذى يعرف الصَّوْت، أَو ثِقَة خَبِير بالمحدث [/ 55] وَإِلَيْهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 الْإِشَارَة بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول فى قَوْله: [إِن عرف] وَمنع من ذَلِك شُعْبَة، وَقَالَ: " لَعَلَّه شَيْطَان تصور فى صورته "، وَهُوَ غَرِيب عَجِيب جدا كَمَا قَالَ ابْن كثير، وَالْجُمْهُور على خِلَافه، وَقَوله: [وَصِحَّة] مُبْتَدأ خَبره مَحْذُوف. (63 - (ص) وَلَو يَقُول الشَّيْخ بعد مَا روى ... رجعت أَو منعت فَهُوَ كالهوى) (ش) : إِذا قَالَ الشَّيْخ للطَّالِب بعد مَا سمع مِنْهُ حَدِيثا أَو كتابا [رجعت أَو منعت] عَن إخبارك بِهِ وَنَحْو ذَلِك، وَكَذَا إِذا قَالَ: منعتك من الرِّوَايَة عَنى، أَولا ترو عَنى، فَهَذَا لَا يضر، وَلَا يمْتَنع لأَجله من الرِّوَايَة إِلَّا أَن يكون مُسْتَندا إِلَى أَنه أَخطَأ فى مَا حدث بِهِ أَو شكّ فى سَمَاعه وَنَحْو ذَلِك، فَلَيْسَ لَهُ أَن يرويهِ عَنهُ وَالْحَالة هَذِه، وَكَذَا لَو خص بِالسَّمَاعِ غَيرهم قوما فَسمع مِنْهُم بِغَيْر علم الشَّيْخ جَازَت لَهُ الرِّوَايَة عَنهُ، وَلَو قَالَ: أخْبركُم وَلَا أخبر فلَانا لم يضر، قَالَه الْأُسْتَاذ أَبُو إِسْحَاق. الرِّوَايَة من الأَصْل وبالمعنى والاختصار (64 - (ص) وَالنَّاس من مفرط أَو مفرط ... فى الْأَخْذ وَالصَّوَاب فى التَّوَسُّط) (65 - فَمن يصحح كتبه كَمَا سبق ... مَعَ ضَبطه وفهمه فَهُوَ الأحق) (ش) : قد شدد نَاس فى الرِّوَايَة وهى الْمعبر عَنهُ ب [الْأَخْذ] فأفرطوا وتساهل آخَرُونَ ففرطوا، فَقَالَ بعض المشددين: لَا حجَّة إِلَّا فِيمَا رَوَاهُ الراوى من حفظه ويذكره. وَهُوَ مروى عَن أَبى حنيفَة، وَمَالك، وَكَذَا عَن الصيدلانى من الشَّافِعِيَّة - رَحمَه الله -، وَقَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 بعض: يجوز من كِتَابه: لَكِن مَا لم يخرج [/ 56] من يَده، وتساهل قوم فرووا من نسخ غير مُقَابلَة بأصولهم، وأدرج الْحَاكِم هَؤُلَاءِ فى طبقَة " الْمَجْرُوحين "، وَقَالَ: إِنَّه مِمَّا كثر فى النَّاس وتعاطاه قوم من أكَابِر الْعلمَاء، والصلحاء. انْتهى. وَهَذَا من الْحَاكِم - رَحمَه الله - إِمَّا لكَون شُرُوط جَوَاز الرِّوَايَة من النُّسْخَة الَّتِى لم تقَابل لم تُوجد، أَو أَنه يرى الْمَنْع مُطلقًا، ثمَّ إِن من المتساهلين الْقَائِلين بالرواية بِالْوَصِيَّةِ والإعلام والمناولة الْمُجَرَّدَة وَغير ذَلِك، وَالصَّوَاب مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُور وَهُوَ [التَّوَسُّط] بَين الإفراط والتفريط فَإِذا قَامَ فى [تَصْحِيح] كتبة كتبه بِمَا سبق فى ضَبطه وفهمه جَازَت لَهُ الرِّوَايَة مِنْهُ، وَإِن غَابَ عَنهُ أَصله، إِذا كَانَ الْغَالِب على الظَّن وَإِلَّا فَلَا، قَوْله: [فَهُوَ الأحق] جَوَاب من أى فَهُوَ الأحق، بِالْجَوَازِ دون من لم يصحح، فَإِنَّهُ لَا يجوز، ويروى عَن وهب بن مُنَبّه: " إِن لكل شئ طرفين ووسط فَإِذا أمسك أحد الطَّرفَيْنِ مَال الآخر: وَإِذا أمسك الْوسط اعتدل الطرفان، فَعَلَيْك بالأوسط من الْأَشْيَاء " وَاسْتعْمل النَّاظِم فى [مفرط] أَو [مفرط] الجناس المحرف. (66 - (ص) وَكَذَا الضَّرِير حَيْثُ يَسْتَعِين ... بضابط وَهُوَ رضى أَمِين) (67 - كَذَلِك الأمى وَهل يَصح ... النَّقْل بِالْمَعْنَى؟ بلَى الْأَصَح) (68 - لعالم وَعِنْدنَا تردد ... بَين الذى يسند أَو يستشهد) (ش) : لما فرغ من مَسْأَلَة اكْتفى الراوى بالرواية من فَرعه الذى قابله على الْوَجْه الْمَشْرُوع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 عَقبهَا بِمَسْأَلَة [الضَّرِير] ثمَّ [الأمى] الَّذِي لَا يكْتب لِاسْتِوَائِهِمَا [/ 75] فى الحكم، فَإِذا كَانَ الرواى ضريرا - يعْنى: وَلم يكن يحفظ مَا يسمعهُ -، واستعان بالضابط الرضى الْأمين فى ضبط سَمَاعه وَحفظ كِتَابه، فَعَلَيهِ حِين الْقِرَاءَة عَلَيْهِ أَيْضا أَن يحْتَاط على حسب حَاله، بِحَيْثُ يغلب على ظَنّه السَّلامَة من التَّغْيِير، وَكَذَا إِن كَانَ أُمِّيا لَا يحفظ أَيْضا. قَالَ الْخَطِيب فى " الْكِفَايَة ": إنَّهُمَا بِمَثَابَة وَاحِدَة، ثمَّ حكى الْمَنْع من السماع مِنْهُمَا من غير وَاحِد من الْعلمَاء، قَالَ: ونرى علته فَوق الإدخال عَلَيْهِمَا لما لَيْسَ من سماعهما، قَالَ: وَرخّص فِيهِ بَعضهم قَالَ ابْن الصّلاح: غير أَن الضَّرِير أولى بِالْخِلَافِ وَالْمَنْع من الأمى، يعْنى: غَالِبا، وَإِلَّا فَرب؟ يكون أمهر. ثمَّ ذكر النَّاظِم مَسْأَلَة النَّقْل بِالْمَعْنَى، وَقد اخْتلف فى جَوَازه فجمهور السّلف وَالْخلف من الْمُحدثين، وَالْفُقَهَاء والأصوليين كَمَا صَححهُ النَّاظِم تبعا لغيره على الْجَوَاز، إِذْ أقطع بذا الْمَعْنى، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَة بقوله: " بلَى، الْأَصَح "، وَجعلهَا ردا لقَوْله: " مطوى "، كَأَنَّهُ قَالَ قبل: " لَا يَصح مُطلقًا "، [وَالأَصَح: " بلَى "] ، وَمن أقوى حججهم كَمَا قَالَ شَيخنَا: الْإِجْمَاع على جَوَاز شرح الشَّرِيعَة للعجم بلسانهم للعارف بِهِ، فَإِذا جَازَ الْإِبْدَال بلغَة أُخْرَى فجوازه باللغة الْعَرَبيَّة أولى. وَمنعه قوم من الطوائف، فَقَالُوا: لَا يجوز إِلَّا بِلَفْظِهِ، لِأَنَّهُ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] أُوتِيَ جَوَامِع الْكَلم، وَغَيره لَيْسَ مثله، وَأَيْضًا: فَلَمَّا فِيهَا من إِضَافَة لفظ إِلَى النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] بحَديثه، وَلذَا خص قوم [58] الْمَنْع بحَديثه [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] دون غَيره، وَكَذَا فصل بَعضهم، فجوزه لغير حَافظ اللَّفْظ، أما حافظه: فَلَا. وَأما النَّاظِم، فَبعد أَن حكى الصَّحِيح؛ اخْتَار فى الْمَسْأَلَة التَّفْصِيل بَين من يسند - أى: يرْوى -: فَهَذَا يُؤَدِّيه على وَجهه من غير تَغْيِير، وَبَين من يُورد ذَلِك للاستشهاد بِحكم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 وَغَيره، فَإِنَّهُ يَصح، إِذا قطع بذا الْمَعْنى، وَإِلَى التَّفْصِيل الْمشَار إِلَيْهِ بقوله: " [وَعِنْدنَا تردد. .] لى آخِره "، وَهَذَا الْخلاف كُله فى الْعَالم بالألفاظ ومقاصدها وَمَا يحِيل مَعَانِيهَا، أما غير الْعَالم بذلك: فَلَا يجوز لَهُ إِجْمَاعًا. وَكَذَا لَا يجرى فِيمَا تضمنته بطُون الْكتب، فَذَاك لَا يجوز تَغْيِير لَفظه أصلا، وَإِن كَانَ بِمَعْنَاهُ. قَالَ ابْن الصّلاح: ثمَّ إِن هَذَا الْخلاف لَا نرَاهُ جَارِيا، وَلَا أجراه النَّاس - فِيمَا نعلم - فِيمَا تضمنته بطُون الْكتب، فَلَيْسَ لأحد أَن يُغير لفظ شئ من كتاب مُصَنف وَيثبت بدله فِيهِ لفظا آخر بِمَعْنَاهُ، فَإِن الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى رخص فِيهَا من رخص لما كَانَ عَلَيْهِم فى ضبط الْأَلْفَاظ، والجمود عَلَيْهَا من الْحَرج وَالنّصب، وَذَلِكَ مَفْقُود فِيمَا اشْتَمَلت عَلَيْهِ بطُون الأوراق من الدفاتر والكتب، وَلِأَنَّهُ إِن ملك تَغْيِير اللَّفْظ فَلَيْسَ ذَلِك تَغْيِير تصنيف غير، وَتَبعهُ العراقى وَكَذَا النَّاظِم فى بعض تصانيفه، لَكِن ميل شَيخنَا إِلَى جَوَاز النَّقْل مِنْهَا أَيْضا بِالْمَعْنَى، لَا سِيمَا إِذا قرن بِمَا يدل عَلَيْهِ لنحوه أَو مَعْنَاهُ، وَمَا أشبه ذَلِك (69 - (ص) نعم، يجوز الِاخْتِصَار مُطلقًا ... لعالم مُمَيّز محققا) (ش) : أرْدف الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى بِمَسْأَلَة اخْتِصَار الْخَبَر والاقتصار على بعض مِنْهُ دون بعض، وهى أَيْضا مُخْتَلف فِيهَا، وَالصَّحِيح الْجَوَاز مُطلقًا جَوَّزنَا الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى أَو مَعْنَاهَا رَوَاهُ قبل تَاما أَولا، خلافًا لمن بنى الْمَنْع فِيهَا على منع الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى، وَالْجَوَاز على عدم رِوَايَته قبل تَاما، وَلَا فرق فِيهِ بَين الرِّوَايَة والاستشهاد كَمَا أشعره إتْيَان النَّاظِم بالاستدراك لتفرقته فى الَّتِي قبلهَا بَينهمَا كَمَا مر، ثمَّ إِن مَا قدمْنَاهُ من الْجَوَاز هُوَ الْمُحَقق، وَلكنه أَيْضا يشْتَرط الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 بِكَوْن الذى يختصر عَالما مُمَيّزا للمحذوف من الْمُثبت محققا لذَلِك كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ النَّاظِم لِأَن الْعَالم لَا ينقص من الحَدِيث إِلَّا مَا لَا تعلق لَهُ بِمَا يبقيه مِنْهُ بِحَيْثُ لَا تخْتَلف الدّلَالَة وَلَا يخْتل الْبَيَان، بل يكون الْمَذْكُور والمحذوف بِمَنْزِلَة خبرين، وَيدل مَا ذكره على مَا حذفه بِخِلَاف الْجَاهِل فَإِنَّهُ قد ينقص مَا لَهُ بِهِ تعلق، كَتَرْكِ الِاسْتِثْنَاء، أما إِذا اخْتلف الحكم بترك بعضه كالغاية من حَدِيث " النهى من بيع الثِّمَار حَتَّى تزهى " والإستثنى من حَدِيث " النهى عَن بيع الْفضة بِالْفِضَّةِ وَالذَّهَب بِالذَّهَب إِلَّا سوا بسوى " فَلَا يجوز تَركه، وَكَذَا إِذا رَوَاهُ تَاما ثمَّ خَافَ إِذا رَوَاهُ نَاقِصا أَن يتهم بِزِيَادَة " أَولا "، أَو بالغفلة وَقلة الضَّبْط " ثَانِيًا " فَإِنَّهُ لَا يجوز لَهُ ذَلِك، وَأما تقطيع المصنفين كالبخارى الحَدِيث فى [الْأَبْوَاب للاستشهاد، فَقَالَ ابْن الصّلاح: إِنَّه إِلَى الْجَوَاز [/ 60] أقرب وَلَا يَخْلُو من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 كَرَاهِيَة، واستبعد النووى طرد الْخلاف فِيهِ بل قَالَ: وَمَا أَظن غَيره يُوَافقهُ على [الْكَرَاهَة] وَقَوله: [محققا] بِكَسْر الْقَاف ومنصوب على الْحَال وَيُمكن أَن يكون بِفَتْحِهَا على أَنه صفة لمصدر مَحْذُوف كَمَا أَشرت إِلَيْهِ. تَنْبِيه: مَا تقدم فى هَاتين المسئلتين من الْخلاف هُوَ فى الْجَوَاز وَعَدَمه، وَأما الْأَوْلَوِيَّة فَالْأولى إِيرَاد الحَدِيث بِلَفْظِهِ الذى ضبط بِهِ عَن ناقليه دون التَّصَرُّف فِيهِ قَالَ القاضى عِيَاض: " ينبغى سد بَاب الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى لِئَلَّا يتسلط من لَا يحسن ظنا مِنْهُ أَنه يحسن كَمَا وَقع لكثير من الروَاة قَدِيما وحديثا. التحذير من اللّحن، والتصحيف والحث على تعلم النَّحْو واللغة وَكَذَا مشتبه الأسامى من أَقْوَال الْعلمَاء (70 - (ص) وليحذر اللّحن مَعَ التَّصْحِيف ... كَذَا من التَّغْيِير والتحريف) (71 - خوف الدُّخُول فى وَعِيد الْكَذِب ... من حَيْثُ قَول غير مَا قَالَ النَّبِي) (72 - فَليعلم النَّحْو وَلَو مقدمه ... كَذَا من التصريف حَتَّى يفهمهُ) (73 - كَذَا من اللُّغَات مَا يُنَبه ... ثمَّ من الْأَسْمَاء مَا يشْتَبه) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 (ش) : أى [وليحذر] الراوى من [اللّحن] وَهُوَ عدم الجرى على القوانين المستنبطة من اللِّسَان العربى حِين اخْتِلَاط الْعَجم وَنَحْوهم بالعرب واضطراب الْعَرَبيَّة بِسَبَب ذَلِك، وَأول من تكلم [/ 61] فِيهِ أَبُو الْأسود الدؤلى أحد أَصْحَاب على بن أَبى طَالب - رضى الله عَنهُ - وَأَشد اللّحن مَا غير الْمَعْنى، وَكَذَا ليحذر من [التَّصْحِيف] وَهُوَ تَبْدِيل اللَّفْظ و [التَّغْيِير] وَهُوَ إِبْدَال اللَّفْظ بِغَيْرِهِ و [التحريف] وَهُوَ تَبْدِيل الحركات والسكنات والشدات، كل ذَلِك [خوفًا من الدُّخُول فى الْوَعيد] الْوَارِد فِيمَن كذب على النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] فقد قَالَ أَبُو دَاوُد السنجى سَمِعت الأصمعى يَقُول: " إِن أخوف مَا أَخَاف على طَالب الْعلم إِذا لم يعرف النَّحْو أَن يدْخل فى جملَة قَول النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " من كذب على مُتَعَمدا فليتبوء مَقْعَده من النَّار " لِأَنَّهُ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] لم يكن يلحن فمهما روى عَنهُ ولحن فِيهِ فقد كذب عَلَيْهِ وروينا عَن سَالم بن قُتَيْبَة قَالَ: " كنت عِنْد ابْن هُبَيْرَة الْأَكْبَر فَجرى ذكر الْعَرَبيَّة فَقَالَ: " وَالله مَا اسْتَوَى رجلَانِ دينهما وَاحِد، وحسبهما وَاحِد، ومرؤتهما وَاحِدَة، أَحدهمَا يلحن وَالْآخر لَا يلحن، لِأَن أفضلهما فى الدُّنْيَا وَالْآخِرَة الذى لَا يلحن. فَقلت: أصلح الله الْأَمِير هَذَا أفضل فى الدُّنْيَا لفضل فَصَاحَته وعربيته، أمراتب الْآخِرَة مَا لَهُ أفضل فِيهَا؟ قَالَ: إِنَّه يقْرَأ كتاب الله على مَا أنزلهُ، وَإِن الذى يلحن يحملهُ لحنه على أَن يدْخل فِيهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ وَيخرج مَا هُوَ فِيهِ ". قلت: صدق الْأَمِير وبر، فيحق على طَالب الحَدِيث كَمَا قَالَ ابْن الصّلاح أَن يتَعَلَّم من النَّحْو واللغة مَا يتَخَلَّص بِهِ عَن شَيْئَيْنِ: اللّحن، والتحريف، ومعرفتهما وَإِلَى ذَلِك [/ 62] أَشَارَ النَّاظِم بقوله: [فَليعلم النَّحْو] وَهُوَ ظَاهر فى الْوُجُوب، وَقد صرح الْعِزّ بن عبد السَّلَام حَيْثُ قَالَ فى آخر " الْقَوَاعِد ": " الْبِدْعَة خَمْسَة أَقسَام: فالواجبة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 كاستعمال النَّحْو الذى يفهم بِهِ كَلَام الله عز وَجل وَرَسُوله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ؛ لِأَن حفظ الشَّرِيعَة وَاجِب وَلَا يَتَأَتَّى إِلَّا بذلك فَيكون من مُقَدّمَة الْوَاجِب "، وَكَذَا صرح غَيره بِالْوُجُوب أَيْضا، لَكِن لَا يجب التوغل فِيهِ، بل يَكْفِيهِ تَحْصِيل مُقَدّمَة مشيرة لمقاصده بِحَيْثُ يفهمها ويميز بهَا حركات الْأَلْفَاظ وإعرابها، لِئَلَّا يلتبس فَاعل بمفعول، أَو خبر بِأَمْر، أَو نَحْو ذَلِك، وَمِمَّنْ صرح بذلك شَيخنَا، فَقَالَ وَأَقل مَا يكفى من يُرِيد قِرَاءَة الحَدِيث أَن يعرف من الْعَرَبيَّة أَن لَا يلحن. ويستأنس لَهُ بِمَا روينَاهُ أَنهم كَانُوا يؤمرون، أَو قَالَ الْقَائِل: بتَعَلُّم الْقُرْآن ثمَّ السّنة، ثمَّ الْفَرَائِض، ثمَّ الْعَرَبيَّة الْحُرُوف الثَّلَاثَة فَسرهَا: بِالْجَرِّ وَالرَّفْع وَالنّصب انْتهى، وَذَلِكَ لِأَن التوغل فِيهِ قد يعطل عَلَيْهِ إِدْرَاك هَذَا الْفَنّ، الذى صرح أئمته بِأَنَّهُ لَا يعلق إِلَّا بِمن قصر نَفسه عَلَيْهِ، وَلم يضم غَيره إِلَيْهِ، وعَلى ذَلِك يحمل من وصف من الْأَئِمَّة باللحن كأبى دَاوُد الطيالسى، وهشيم، والدراوردى، وَمن شَاءَ الله مِمَّن لَا أطيل بِذكر أخبارهم، وَبِالْجُمْلَةِ فقد قَالَ السلفى: " وَقد كَانَ فى الرِّوَايَة على هَذَا الْوَضع قوم وَاحْتج برواياتهم فى " الصِّحَاح "، وَلَا يجوز تخطئتهم وتخطئة من أَخذ عَنْهُم "، وَقَالَ أَيْضا فى تَرْجَمَة بعض أئمتهم: " إِنَّه كَانَ قَارِئ الحَدِيث بِبَغْدَاد، والمستملى بهَا على الشُّيُوخ [/ 63] وَهُوَ فى نَفسه ثِقَة كثير السماع، وَلم يكن لَهُ ألسن بِالْعَرَبِيَّةِ، وَكَانَ يلحن لحن أَصْحَاب الحَدِيث، وَقَرَأَ الْحَافِظ عبد الْغنى على القاضى أَبى الطَّاهِر الذهبى كتابا وَقَالَ لَهُ: قرأته عَلَيْك كَمَا قرأته أَنْت؟ قَالَ: نعم إِلَّا اللحنة بعد اللحنة، فَقلت: أَيهَا القاضى فَسَمعته معربا؟ قَالَ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 لَا، قلت: هَذِه بِهَذِهِ. وَأما مَا ورد من الذَّم الشَّديد لمن طلب الحَدِيث بِالْعَرَبِيَّةِ فَذَاك حق من لم يتَقَدَّم لَهُ فِيهَا عمل أصلا، وَكَذَا يعلم من التصريف وَهُوَ: معرفَة أَحْوَال الْكَلم الْعَرَبيَّة الَّتِى لَيست بإعراب، الذى أول من تكلم فِيهِ: الْمعَافى. وَالْعلم بِهِ ملازم للْعلم بالنحو غَالِبا لَا يكَاد أَن يفترقا وَكَذَا من اللُّغَة مَا لَا بُد مِنْهُ فى معرفَة أَلْفَاظ الحَدِيث وَمن [مشتبه الْأَسْمَاء] وَنَحْوهَا من الكنى، والأنساب، وَقد ذكر النَّاظِم فِيمَا سيأتى جملَة من ذَاك، وَظَاهر النّظم، وجوب ذَلِك كُله، وَعبارَة ابْن الصّلاح السالفة قريبَة مِنْهُ، لَكِن فى اللُّغَة خَاصَّة، وَبِه صرح ابْن عبد السَّلَام حَيْثُ أدرج فى الْبِدْعَة الْوَاجِبَة شرح الْعَرَبيَّة والتوصل إِلَى تَمْيِيز الصَّحِيح من السقيم وَقد كَانَ لعَمْرو بن عون الواسطى مستملى يلحن كثيرا فَقَالَ: أخروه، وَتقدم إِلَى وراق كَانَ ينظر فى الْأَدَب وَالشعر أَن يقرئ عَلَيْهِ، وَكَانَ لكَونه لَا يعرف شَيْئا من الحَدِيث يصحف فى الروَاة، فَقَالَ عمروا: " ردونا إِلَى الأول "، فَإِنَّهُ وَإِن كَانَ يلحن فَلَيْسَ يمسخ، وَنَحْو هَذَا الصَّنِيع تَرْجِيح شَيخنَا من عرف مُشكل الْأَسْمَاء والمتون دون الْعَرَبيَّة على من عرف الْعَرَبيَّة فَقَط وَقَوله: [خوفًا] مَنْصُوب على أَنه [/ 64] مفعول لأَجله. (74 - (ص) وَبعد هَذَا كُله لن يسلما ... روا وعى من صَحْفَة مُسلما) (75 - بلَى من أَفْوَاه الشُّيُوخ العلما ... الضابطين لفظ من تقدما) (ش) : أى وَبعد معرفَة مَا تقدم لن يسلم من الْوُقُوع فى التَّصْحِيف، والتحريف فى الْأَلْفَاظ، والأسماء من قلد الصُّحُف، وبطون الْكتب فى ذَلِك، وَلم يضبطه عَن الْمَشَايِخ فسبيله بحث ذَلِك، وَالْأَخْذ من أَفْوَاه أهل الْعلم، والضبط عَنْهُم مِمَّن أَخذ ذَلِك عَمَّن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 تقدم من شُيُوخه وهلم جرا؛ ليسلم من ذَلِك وَإِلَيْهِ الْإِشَارَة بالاستدراك، وَقد روينَا عَن سُلَيْمَان بن مُوسَى أَنه قَالَ: " كَانَ يُقَال: لَا تَأْخُذُوا الْقُرْآن من مصحف، وَلَا الْعلم من مصحفى "، وَقَوله: [مُسلما] بِكَسْر اللَّام وَيجوز فتحهَا على أَنه اسْم فَاعل ومفعول. كَيْفيَّة الْقِرَاءَة (76 - (ص) وليورد الحَدِيث بالصوت الْحسن ... وليفصحن اللَّفْظ وليبينن) (77 - وَلَا سرد الحَدِيث سردا يمْنَع ... إِدْرَاك بعضه لمن يستمع) (ش) : أى وليورد الراوى الحَدِيث بِصَوْت حسن فصيح من هذرمة، وَلَا سرد يمْنَع من إِدْرَاك بعضه للسامعين لقَوْل عَائِشَة - رضى الله عَنْهَا -: " كَانَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] لَا يسْرد الحَدِيث كَسَرْدِكُمْ، وَلكنه كَانَ إِذا تكلم كلَاما فصل؛ ليحفظة من يسمعهُ " فَإِن فعل ذَلِك كره إِن لم يفحش فِيهِ بِحَيْثُ قَول سمع الْكَبِير لما تقدم فى التشاغل بالنسخ إِن النَّاسِخ إِن فهم صَحَّ لَا لم يَصح لكنه يُعْفَى عَن نَحْو الْكَلِمَة والكلمتين، وَالْإِجَازَة لجبر الْخلَل [/ 65] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 من تقبل رِوَايَته وَمن ترد ومراتب ألفاظها (78 - (ص) شَرط من يقبل: ضَبطه لما ... يرويهِ عدلا يقظا قد سلما) (79 - من سَبَب الْفسق وَلم يحْتَج إِلَى ... أَسبَاب تَعْدِيل وفى الْجرْح بلَى) (80 - وَهُوَ مقدم، وَلَا يجزى الثِّقَة ... مَا لم يسمه، وَلَو كَانَ ثِقَة) (ش) : أَي وَشرط من يقبل خَبره ويحتج بحَديثه أَن يكون ضابطا لما يرويهِ حَال كَونه عدلا يقظا، سالما من أَسبَاب الْفسق وهى: ارْتِكَاب كَبِيرَة، أَو إِصْرَار على صَغِيرَة، وَهَذِه الْأَرْبَعَة ترجع إِلَى شَيْئَيْنِ وهما: الضَّبْط، وَالْعَدَالَة، وَلَو اقْتصر النَّاظِم عَلَيْهِمَا كَانَ أولى من ضم ذكر الْيَقَظَة الَّتِى هى من صِفَات أَولهمَا، والسلامة من أَسبَاب الْفسق الَّتِى من صِفَات ثَانِيهمَا باللف والنشر الْمُرَتّب إِلَيْهِمَا لكَونه بقى من صِفَات الضَّبْط أَيْضا الْحِفْظ لحديثه، إِن حدث من حفظه ولكتابه إِن حدث مِنْهُ وَالْعلم بِمَا يحِيل الْمَعْنى، إِن لم يرو بِاللَّفْظِ وبقى من صِفَات الْعَدَالَة الْإِسْلَام، والسلامة من خوارم الْمُرُوءَة، وَالْعقل، وَالْبُلُوغ، وَلكنه قد يتَكَلَّف بِأَن يُقَال: يُمكن إِدْخَال مَا لم يفصح بِهِ من صِفَات الضَّبْط فى الْيَقَظَة، وَأما الْإِسْلَام فَلَا شكّ أَن الْكفْر أكبر الْكَبَائِر وَأعظم أَسبَاب الْفسق، وَأما خوارم الْمُرُوءَة، فقد قَالَ الْخَطِيب وَغَيره: إِنَّه لم يشْتَرط نَفيهَا فى الرِّوَايَة إِلَّا الشافعى، وَهُوَ مُخَالف لظَاهِر كَلَام ابْن الصّلاح فى نقل الِاتِّفَاق على اشْتِرَاطه، وَالْحق: أَن خوارم الْمُرُوءَة كَثِيرَة، والذى يَزُول الْوَصْف بِالْعَدَالَةِ [/ 66] بارتكابه مِنْهَا ويفضى إِلَى الْفسق مَا سخف من الْكَلَام الردئ والضحك، وَمَا قبح من الْفِعْل، الذى يلهو بِهِ ويستقبح كنتف اللِّحْيَة، وخضابها بِالسَّوَادِ، كَمَا صرح بِهِ الماوردى فى " الحاوى "، وَحِينَئِذٍ فهى دَاخِلَة فى السَّلامَة من الْفسق أَيْضا، وَأما الْعقل فَمن لم يكن متصفا بِهِ لَا يهتدى لتجنب أَسبَاب الْفسق، وَأما الْبلُوغ فقد اخْتلف فى كَونه من صِفَات الْعَدَالَة على وَجْهَيْن: أصَحهمَا اشْتِرَاطه، لَكِن حكى فى " شرح الْمُهَذّب " عَن الْجُمْهُور قبُول أَخْبَار الصبى الْمُمَيز فِيمَا طَرِيقه الْمُشَاهدَة، بِخِلَاف مَا طَرِيقه النَّقْل كالإفتى، وَرِوَايَة الْأَخْبَار، وَنَحْوه، فعلى الصَّحِيح لَا احْتِيَاج إِلَى التَّنْصِيص الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 عَلَيْهِ، وعَلى مُقَابِله فَحَذفهُ مُتَعَيّن، وَنَحْوه، وَكَذَا لَا يشْتَرط فى الرِّوَايَة الْحُرِّيَّة، وَلَا الْبَصَر، وَلَا الْعدَد، وَلَا الذُّكُورَة، وَلَا الْعلم بِفقه، أَو غَرِيب، أَو معنى، ثمَّ إِن ضبط الراوى يعرف بموافقة رِوَايَته رِوَايَات الثِّقَات المتقنين غَالِبا، وَلَو فى الْمَعْنى وَلَا يضر مُخَالفَة نادرة، وَأما الْعَدَالَة: فتعرف بتنصيص المعدلين عَلَيْهَا أَو بالاستفاظة بِمن اشتهرت عَدَالَته من أهل النَّقْل أَو غَيرهم من الْعلمَاء، وشاع الثَّنَاء عَلَيْهِ بهَا كمالك، والشافعى، وَأحمد، وَتوسع ابْن عبد الْبر كَمَا مضى فى شرح الْخطْبَة، فَقَالَ: " كل حَامِل علم مَعْرُوف الْعِنَايَة بِهِ مَحْمُول على الْعَدَالَة فى أمره أبدا؛ حَتَّى يتَبَيَّن جرحه ". قَالَ المُصَنّف فى بعض تصانيفه: وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب وَإِن رده بَعضهم وَلم يرضه وَقَوله: وَلم يحْتَج [1 / 67] إِلَى آخِره هُوَ بَيَان للْفرق بَين التَّعْدِيل وَالتَّصْرِيح فى ذكر سَببهَا، فالتعديل يحْتَاج فِيهِ لذَلِك لِأَن أَسبَابه كَثِيرَة، وَلَا سِيمَا مَا يتَعَلَّق بالنفى كَقَوْلِه: لم يفعل كَذَا، لم يرتكب كَذَا، فَيشق تعدادها بِخِلَاف الْجرْح كَمَا أَشَارَ النَّاظِم بالاستدراك، فَإِنَّهُ لَا يقبل إِلَّا مُفَسرًا؛ لاخْتِلَاف النَّاس فى سَببه وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح الْمُخْتَار فيهمَا وَبِه قَالَ الشافعى وَمحل الاستفسار إِذا صدر فى حق من ثبتَتْ عَدَالَته، أما إِن خلا الْمَجْرُوح عَن تَعْدِيل فَلَا؛ لِأَنَّهُ فى حيّز الْمَجْهُول وإعمال قَول المجرح أولى من إهماله، وَقد عقد الْخَطِيب بَابا فى " بعض الْأَخْبَار من استفسر فى جرحه فَلم يذكر خَارِجا "، مِنْهَا: عَن شُعْبَة أَنه قيل لَهُ: لم تركت حَدِيث فلَان؟ فَقَالَ: " رَأَيْته يرْكض على برذون فَتركت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 حَدِيثه وَأما كتب الْجرْح وَالتَّعْدِيل الَّتِي لم يذكر فِيهَا سَبَب الْجرْح ففائدتها التَّوَقُّف فِيمَن جرحوه فَإِن بحثنا عَن حَاله وانزاحت عَنهُ الرِّيبَة؛ حصلت الثِّقَة بِهِ، وَقَبلنَا حَدِيثه، كجماعة فى الصَّحِيحَيْنِ، كَمَا فى إِقْرَار الراوى بِالْوَضْعِ، فَإِنَّهُ وَإِن لم يسع الإعتماد على قَوْله فقد أفادنا التَّوَقُّف فى مرويه، وَقَوله: وَهُوَ أى - الْجرْح إِن صدر منفيا من عَارِف بأسبابه - فِيمَا إِذا اجْتمع فى شخص جرح وتعديل - يقدم لزِيَادَة الْعلم بِهِ، إِذْ الْمعدل يخبر عَمَّا ظهر من حَاله، والجارح يخبر عَن بَاطِن خفى على الْمعدل هَذَا هُوَ الْمُعْتَمد، وَقيل: إِن كَانَ المعدلون أَكثر؛ فالراجح التَّعْدِيل، وَلَو تَعَارضا فى ثُبُوت جارح معِين ونفيه فالترجيح لَا يُمَيّز، قَالَ [/ 68] شَيخنَا " فينبغى أَن لَا يقبل الْجرْح وَالتَّعْدِيل إِلَّا من عدل متيقظ، فَلَا يقبل جرح من أفرط فِيهِ فجرح بِمَا لَا يقتضى رد حَدِيث الْمُحدث، كَمَا لَا تقبل تَزْكِيَة من أَخذ بِمُجَرَّد الظَّاهِر، فَأطلق التَّزْكِيَة وليحذر الْمُتَكَلّم فى هَذَا الْفَنّ من التساهل فى الْجرْح وَالتَّعْدِيل، فَإِنَّهُ إِن عدل ثِقَة بِغَيْر تثبت كَانَ كالمثبت حكما لَيْسَ بِثَابِت ويخشى عَلَيْهِ أَن يدْخل فى زمرة من روى حَدِيثا وَهُوَ يظنّ أَنه كذب " وَإِن جرح بِغَيْر تحرز [قدم على الطعْن] فى مُسلم برِئ من ذَلِك، وَقد وسمه بميسم سوء يبْقى عَلَيْهِ عاره أبدا. والآفة تدخل فى هَذَا: تَارَة من الْهوى وَالْغَرَض الْفَاسِد، وَكَلَام الْمُتَقَدِّمين سَالم من هَذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 غَالِبا، - وَتارَة من الْمُخَالفَة فى العقائد -، وَهُوَ مَوْجُود كثيرا، قَدِيما، وحديثا -، وَلَا ينبغى إِطْلَاق الْجرْح بذلك " انْتهى، وَقَوله: [وَلَا يجزى الثِّقَة] أَشَارَ إِلَى أَنه لَا بُد من تعْيين الْمعدل، فَلَو قَالَ: " حَدَّثَنى الثِّقَة "، وَلم يسمه لَا يكفى على الصَّحِيح، وَبِه قطع الْخَطِيب، والصيرفى، وَمَشى عَلَيْهِ النَّاظِم " لِأَنَّهُ قد يكون ثِقَة عِنْده، مجروحا عِنْد غَيره، وَقيل: يكفى تمسكه " بِالظَّاهِرِ إِذْ الْجرْح على خلاف الأَصْل، وَقيل إِن كَانَ عَالما أَجْزَأَ فى حق من يُوَافقهُ فى مذْهبه على الْمُخْتَار من الْمُحَقِّقين، ثمَّ إِنَّه لَا فرق فى عدم الِاكْتِفَاء بذلك من صدوره من ثِقَة أَو غَيره وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله: [وَلَو كَانَ ثِقَة] . (81 - (ص) وثقة عَن رجل يُسمى ... لَيْسَ بتعديل بِهَذَا الحكم) (82 - وَقيل تَعْدِيل، ولى التَّفْصِيل ... فَمن معود بِهِ تَعْدِيل) (ش) : أى إِذا روى الثِّقَة عَن رجل وَسَماهُ، لم يكن تعديلا عِنْد الْأَكْثَر، وَهُوَ الصَّحِيح عِنْدهم وَقيل: تَعْدِيل، وَقيل: يفصل؛ فَإِن كَانَت عَادَته أَن لَا يرْوى إِلَّا عَن عدل كالشيخين، فتعديل، وَإِلَّا فَلَا، وَاخْتَارَهُ جمَاعَة وَمِنْهُم النووى، وَقَوله: [بِهِ] أى بِكَوْنِهِ لَا يرْوى إِلَّا عَن عدل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 مَرَاتِب أَلْفَاظ التَّعْدِيل وَالتَّجْرِيح (83 - (ص) فَهُوَ مَرَاتِب والأعلى: ثِقَة ... وَضَابِط ومتقن وَحجَّة) (84 - فَخير صَدُوق مَأْمُون وَلَا ... بَأْس بِهِ، وثالث شيخ تَلا) (85 - فَصَالح، وَفِيهِمَا يعْتَبر ... وَالْجرْح أَنْوَاع: فلين ينظر) (86 - فَلَيْسَ بالقوى، والمقارب ... ضَعِيف، فالمتروك واه ذَاهِب) (87 - كَذَّاب والأقسام فِيمَن يجهل ... جَهَالَة الْعين فَلَيْسَ يقبل) (88 - وباطن، وَظَاهر للْأَكْثَر ... وقبلوا ذَا بَاطِن فى الْأَشْهر) (ش) : أى لألفاظ التَّعْدِيل مَرَاتِب أَشَارَ إِلَيْهَا بقوله: [وَهُوَ] أى التَّعْدِيل مَرَاتِب قد رتبها ابْن أَبى حَاتِم فَأحْسن، (أَوله) : أَعْلَاهَا، ثِقَة، أَو متقن، أَو ضَابِط، أَو حجَّة، وَهَؤُلَاء يحْتَج بِحَدِيثِهِمْ (ثَانِيهَا) ، وفصلها النَّاظِم بِالْفَاءِ خير، أَو صَدُوق، أَو مَأْمُون أَو لَا بَأْس بِهِ، وَهَؤُلَاء يكْتب حَدِيثهمْ وَينظر فى ضبطهم لِأَن هَذِه الْأَلْفَاظ لَا تشعر بالضبط فَينْظر ليعتبر، وَلَا يُعَارض جعل (لَا بَأْس بِهِ) فى الْمرتبَة الثَّانِيَة قَول ابْن معِين: " إِذا قلت [/ 70] لَا بَأْس بِهِ: فَثِقَة لِأَنَّهُ لَا يلْزم من ذَلِك التساوى بَينهمَا، وَإِن اشْتَركَا فى مُطلق الثِّقَة إِذْ مَعْلُوم أَن الثِّقَة مَرَاتِب، وعَلى تَقْدِير ذَلِك فَهُوَ خبر عَن نَفسه فَقَط، والذى فعله ابْن أَبى حَاتِم فى جعل ثِقَة فى الْمرتبَة الأولى، وَلَا بَأْس بِهِ فى الْمرتبَة الثَّانِيَة أرجح. وَيدل على أَن التَّعْبِير بالثقة أرفع: مَا روى عَن ابْن مهدى أَنه قَالَ: حَدثنَا أَبُو خلدَة فَقيل لَهُ: أَكَانَ ثِقَة؟ فَقَالَ: " كَانَ صَدُوقًا مَأْمُونا، الثِّقَة: شُعْبَة، وسُفْيَان "، وَنَحْوه عَن أَحْمد، (ثَالِثهَا) شيخ، وَهَذَا يكْتب حَدِيثه وَينظر فى ضَبطه كَأَهل الَّتِى قبلهَا إِلَّا أَنه دونهم. وَنَحْوه قَول المزى: " إِنَّهُم يعنون بهَا: إِنَّه لَا يتْرك، وَلَا يحْتَج بحَديثه مُسْتقِلّا ". (رَابِعهَا) وفصلها النَّاظِم بِالْفَاءِ أَيْضا: " صَالح الحَدِيث "، وَهَذَا يكْتب حَدِيثه للاعتبار كاللتين قبلهَا، وَإنَّهُ لم يمش عَلَيْهِ النَّاظِم فى أولاها لكَونه قَالَ: وَفِيهِمَا مَعَ أَنه مَشى عَلَيْهِ فى بعض الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 تصانيفه. وَكَذَا الْأَلْفَاظ فى التجريح مَرَاتِب: وإليها الْإِشَارَة بقوله: [وَالْجرْح أَنْوَاع] ثمَّ أوردهَا بالترقى من الْأَدْنَى إِلَى الْأَعْلَى ضد صَنِيعه أَولا ليلتقى الْأَدْنَى من المرتبتين، وَقد رتب ابْن أَبى حَاتِم أَلْفَاظه أَيْضا، وفصلها النَّاظِم بِالْفَاءِ كألفاظ التَّعْدِيل (الأول) : أدناها " لين الحَدِيث "، وحققها كميت فى ميت؛ فَهَذَا يكْتب حَدِيثهَا ينظر اعْتِبَارا، وَلذَلِك قَالَ النَّاظِم [ينظر] قَالَ الدارقطنى: " لين الحَدِيث لم يكن سَاقِطا، وَلَكِن مجروحا بشئ لَا يسْقطهُ عَن الْعَدَالَة " (الثانى) : لَيْسَ بقوى، وَهُوَ [/ 71] كَالْأولِ فى كتب حَدِيثه لكنه دونه، وَكَذَا مثله: لَيْسَ بِذَاكَ، وَلَيْسَ بِذَاكَ القوى. (الثَّالِث) : مقارب الحَدِيث: وإيراد النَّاظِم لَهَا فى أَلْفَاظ التجريح شئ قد انْفَرد بِهِ عَن ابْن الصّلاح وَمن تبعه إِذْ هى فى الْمرتبَة الْأَخِيرَة من التَّعْدِيل وصنيع البخارى وَتَبعهُ الترمذى يُؤَيّدهُ، وَلَا فرق فى ذَلِك بَين ضَبطهَا بِكَسْر الرَّاء وَفتحهَا، كَمَا ذهب إِلَيْهِ غير وَاحِد بل الْمَعْنى يُقَارب النَّاس فى حَدِيثه ويقاربونه أَي: فَلَيْسَ حَدِيثه شاذا، وَلَا مُنْكرا، وَاقْتصر بَعضهم على الْكسر، وَلَعَلَّه تبع الجوهرى فَإِنَّهُ قَالَ: بِكَسْر الرَّاء وسط بَين الْجيد والردئ، قَالَ: " وَلَا تقل: مقارب " يعْنى بِالْفَتْح. وَيشْهد لَهُ حِكَايَة شَيخنَا عَن بَعضهم: - مقارب بِالْفَتْح هَذَا شئ مقارب أى ردئ. قَالَ شَيخنَا: " وَحِينَئِذٍ يبْقى من بَاب الْجرْح ". انْتهى، وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ سلف النَّاظِم وَقد زِدْت ذَلِك بسطا فى " حَاشِيَة شرح الألفية " ثمَّ إِن من هَذِه الْمرتبَة الثَّالِثَة (ضَعِيف الحَدِيث) وَهُوَ دون الثانى: لَا يطْرَح حَدِيثه، بل يعْتَبر بِهِ، وَكَذَا فِيهِ ضعف، أَو فِي حَدِيثه ضعف، أَو مُضْطَرب الحَدِيث، إِذْ لَا يحْتَج بِهِ (الرَّابِع) : مَتْرُوك الحَدِيث، ثمَّ واه، وذاهب الحَدِيث، وَكَذَّاب، وَكَذَا وَضاع، ودجال وَهَؤُلَاء ساقطون لَا يكْتب عَنْهُم، إِذا علم هَذَا، فقد تبع النَّاظِم ابْن الصّلاح فى الِاقْتِصَار فى أَعلَى الْمَرَاتِب فى التَّعْدِيل وَالتَّجْرِيح، على مَا ذكره، وَوَقع فى كَلَام شَيخنَا تبعا لغيره تَقْدِيم غير ذَلِك عَلَيْهِ، بل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 وَجعل أدنى مَرَاتِب التَّعْدِيل شَيخنَا [/ 72] وَهُوَ خلاف مَا سبق، وَعبارَته: " أرفع مَرَاتِب التَّعْدِيل الْوَصْف بأفعل كأوثق النَّاس وَأثبت النَّاس، أَو إِلَيْهِ الْمُنْتَهى فى الْمُثبت، ثمَّ مَا تَأَكد بِصفة من الصِّفَات الدَّالَّة على التَّعْدِيل، أَو صفتين كثقة ثِقَة، أَو: ثَبت ثَبت، أَو ثِقَة حَافظ، أَو: عدل ضَابِط، أَو: نَحْو ذَلِك، وَأَدْنَاهَا مَا أشعر بِالْقربِ من مَرَاتِب التجريح؛ كشيخ، و: يرْوى حَدِيثه، وَيعْتَبر بِهِ، وَنَحْو ذَلِك، وَبَين ذَلِك مَرَاتِب لَا تخفى "، و " أسوء أَلْفَاظ التجريح مَا دلّ على الْمُبَالغَة فِيهِ، وأصرح ذَلِك التَّعْبِير بأفعل؛ كأكذب النَّاس، وَكَذَا قَوْلهم: إِلَيْهِ الْمُنْتَهى فى الْوَضع، أَو هُوَ: ركن الْكَذِب، وَنَحْو ذَلِك، ثمَّ دجال، أَو وَضاع، أَو: كَذَّاب [لِأَنَّهَا وَإِن كَانَ فِيهِ نوع مُبَالغَة لَكِنَّهَا دون الَّتِى قبلهَا] وأسهلها [أى الالفاظ الدَّالَّة على الْجرْح: كَقَوْلِهِم: فلَان] فِيهِ لين، أَو سئ الْحِفْظ، أَو فِيهِ أدنى مقَال، وَبَينهمَا مَرَاتِب لَا تخفى " أهـ فاعتمده وَقَوله: [والأقسام فِيمَن يجهل] إِلَى آخِره: هُوَ بَيَان للْمَجْهُول فَإِنَّهُ على ثَلَاثَة أَقسَام (أَحدهَا) : مَجْهُول الْعين: وَهُوَ كل من لم يشْتَهر بِطَلَب الْعلم فى نَفسه، وَلَا بِمَعْرِِفَة الْعلمَاء، وَلم يعرف حَدِيثه، إِلَّا من جِهَة راو وَاحِد قَالَه الْخَطِيب. قَالَ: " وَأَقل مَا يرفع بِهِ الْجَهَالَة يعْنى - للعين أَن يرْوى عَنهُ اثْنَان فَصَاعِدا من الْمَشْهُورين بِالْعلمِ إِلَّا إِنَّه لَا يكْتب لَهُ حكم الْعَدَالَة بروايتهما عَنهُ، فَلَا يكون مَقْبُولًا للْجَهْل بِحَالهِ "، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح الذى عَلَيْهِ الْأَكْثَر من الْمُحدثين، وَغَيرهم. وَقَالَ ابْن عبد الْبر: " كل من لم يرو عَنهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 إِلَّا وَاحِد فَهُوَ مَجْهُول، نعم: إِلَّا أَن يكون مَشْهُورا بِغَيْر حمل الْعلم كمالك ابْن دِينَار فى الزّهْد، وَعَمْرو بن معدى [/ 73] كرب فى النجدة، يعْنى: فَيكون مَقْبُولًا، وَفِيه من الِاخْتِلَاف غير ذَلِك وَوَقع فى عبارَة ابْن كثير: " أَن الْمُبْهم الذى لم يسم، أَو: سمى، وَلَا يعرف عينه: لَا تقبل رِوَايَته عِنْد أحد علمناه، وَلكنه إِذا كَانَ فى عصر التَّابِعين، والقرون الْمَشْهُود لَهُم بِالْخَيرِ، فَإِنَّهُ يسْتَأْنس بروايته، ويستضاء بهَا فى مواطنه قَالَ: وَقد وَقع فى مُسْند أَحْمد وَغَيره من هَذَا الْقَبِيل كثير " وَكَذَا قَالَ - شمس الْأَئِمَّة من الْحَنَفِيَّة - وَقُلْنَا الْمَجْهُول من الْقُرُون الثَّلَاثَة عدل بتعديل صَاحب الشَّرْع إِيَّاه، مَا لم يتَبَيَّن مِنْهُ مَا يزِيل عَدَالَته فَيكون خَبره حجَّة. وَهُوَ محكى عَن إِمَامه أَبى حنيفَة أَنه قبله فى عصر التَّابِعين خَاصَّة، لغَلَبَة الْعَدَالَة عَلَيْهِم. (ثَانِيهَا) مَجْهُول الْحَال فى الْعَدَالَة ظَاهرا، وَبَاطنا، وَهَذَا أَيْضا لَا يقبل حَدِيثه عِنْد الْأَكْثَرين، وَحكى عَن أَبى حنيفَة قبُوله: لَكِن قيل: أَن الثَّابِت عِنْده عدم قبُوله مُطلقًا، وَبِه صرح الحمارى من مقلديه، وَإِنَّمَا قبله فى عصر التَّابِعين خَاصَّة كَمَا تقدم. (ثَالِثهَا) مَجْهُول الْحَال فى الْعَدَالَة بَاطِنا لَا ظَاهرا، لكَونه علم عدم الْفسق فِيهِ، وَلم تعلم عَدَالَته؛ لفقدان التَّصْرِيح بتزكيته؛ فَهَذَا معنى إِثْبَات الْعَدَالَة الظَّاهِرَة، وَنفى الْعَدَالَة الْبَاطِنَة؛ لِأَن المُرَاد بالباطنة: مَا فى نفس الْأَمر، وَهَذَا هُوَ المستور وَالْمُخْتَار قبُوله، وَبِه قطع سليم الرازى قَالَ ابْن الصّلاح: " وَيُشبه أَن يكون عَلَيْهِ الْعَمَل فى كثير من كتب الحَدِيث الْمَشْهُورَة فِيمَن تقادم الْعَهْد بهم، وتعذرت الْخِبْرَة الْبَاطِنَة انْتهى ". وَالْخلاف مبْنى على شَرط قبُول الرِّوَايَة، أهوَ الْعلم بِالْعَدَالَةِ، أَو عدم الْعلم بالمفسق؟ إِن قُلْنَا: الأول لم يقبل المستور، وَإِلَّا قبلناه، والذى مَال إِلَيْهِ شَيخنَا فى المستور: الْوَقْف، وَعبارَته فى " توضيح النخبة ": " فَإِن سمى الراوى، وَانْفَرَدَ راو وَاحِد بالرواية عَنهُ؛ فَهُوَ مَجْهُول الْعين؛ كَالْعَيْنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 [يعْنى لَا تقبل رِوَايَته] إِلَّا أَن يوثقه غير من ينْفَرد عَنهُ على الْأَصَح، وَكَذَا من ينْفَرد عَنهُ على الْأَصَح إِذا كَانَ متأهلا لذَلِك وَإِن روى عَنهُ اثْنَان فَصَاعِدا وَلم يوثق؛ فَهُوَ مَجْهُول الْحَال، وَهُوَ المستور، وَقد قبل رِوَايَته جمَاعَة بِغَيْر قيد، وردهَا الْجُمْهُور، وَالتَّحْقِيق أَن رِوَايَة المستور وَنَحْوه مِمَّا فِيهِ الِاحْتِمَال لَا يُطلق القَوْل بردهَا وَلَا بقبولها، بل يُقَال: هى مَوْقُوفَة إِلَى استبانة حَاله كَمَا جزم بِهِ الإِمَام، وَنَحْوه قَول ابْن الصّلاح فِيمَن جرح بِجرح غير مُفَسّر " تَنْبِيه: قد علم بِمَا قَرَّرْنَاهُ حِكَايَة الْخلاف فى الْقسم الأول مَعَ كَون النَّاظِم لم يشر إِلَيْهِ إِلَّا أَن يكون قَوْله: [الْأَكْثَر] يرجع إِلَى الْقسمَيْنِ: [وجهالة] بِالرَّفْع خبر [الْأَقْسَام] [وَظَاهر] بِالْجَرِّ عطفا على [الْعين] . . (89 - (ص) وتائب من كذب، فَقيل لَا ... عمدا على النبى ردوا مسجلا) (ش) : أى تقبل رِوَايَة التائب من الْكَذِب فى حَدِيث النَّاس، وَمن الْفسق مُطلقًا إِلَّا الْكَذِب فى حَدِيث النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] مُتَعَمدا؛ فقد نَص الإِمَام أَحْمد، والحميدى شيخ البخارى: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 " على أَن فَاعله لَا يقبل أبدا وَإِن حسنت تَوْبَته، وَهَذَا هُوَ المُرَاد بقول النَّاظِم [مسجلا] أى: مُطلقًا وَيشْهد لَهُ قَوْله صلى الله [/ 75] عَلَيْهِ وَسلم: " إِن كذبا على لَيْسَ ككذب على أحد " وَكَذَا نَقله الحوازمى فى شُرُوط الْخَمْسَة عَن الثورى، وَابْن الْمُبَارك، وَرَافِع بن الأشرس، وأبى نعيم، وَغَيرهم قَالَ الْخَطِيب: " وَهُوَ الْحق " بل حكى إِمَام الْحَرَمَيْنِ عَن وَالِده: أَن من تعمد الْكَذِب على النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] يكفر، لَكِن قد ضعف النووى - رَحمَه الله تَعَالَى - فى " شَرحه لمُسلم " مقَالَة الحميدى وَمن وَافقه، وَقَالَ الْمُخْتَار الْقطع بِصِحَّة تَوْبَته فى هَذَا، وَقبُول رِوَايَته بعْدهَا إِذا صحت تَوْبَته بشروطها قَالَ: وَقد أَجمعُوا على صِحَة رِوَايَة من كَانَ كَافِرًا وَأسلم كَمَا تقبل شَهَادَته قَالَ: وَحجَّة من ردهَا أبدا وَإِن حسنت حَال التَّغْلِيظ بعظيم الْعقُوبَة فِيمَا وَقع فِيهِ، وَالْمُبَالغَة فى الزّجر عَنهُ كَمَا قَالَ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " إِن كذبا على لَيْسَ ككذب على أحد " وَقَالَ فى مُخْتَصره ابْن الصّلاح: " هَذَا مُخَالف لقاعدة مَذْهَبنَا وَمذهب غَيرنَا، وَلَا يقوى الْفرق بَينهَا " وَخَالفهُ بعض الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 الْمُتَأَخِّرين، وَبَين فى الْمَسْأَلَة مَذَاهِب أَصَحهَا مَا تقدم لَا يقدم يقبل مُطلقًا قَالَ: وَعَلِيهِ أهل الحَدِيث وَجُمْهُور الْعلمَاء وَثَانِيها مَا نسب للدامغانى من الْحَنَفِيَّة: يقبل مُطلقًا حَدِيثه الْمَرْدُود، وَغَيره وَهُوَ أضعفها، وَالثَّالِث لَا يقبل فى المرود وَيقبل فى غَيره وَهُوَ أوسطها قَالَ: وَهَذَا كُله فى الْعمد بِلَا تَأْوِيل، فَأَما من كذب فى فَضَائِل الْأَعْمَال مُعْتَقدًا أَن هَذَا لَا يضر، ثمَّ عرف ضَرَره فَتَابَ، فَالظَّاهِر قبُول رِوَايَته، وَكَذَا من كذب عَلَيْهِ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] دفعا لضَرَر [/ 76] يلْحقهُ من الْعَدو وَتَابَ عَنهُ، وَلَو قَالَ: كنت أَخْطَأت، وَلم أتعمد؛ قبل مِنْهُ؛ قَالَه جمَاعَة مِنْهُم الحازمى: وَجرى عَلَيْهِ الْخَطِيب وَغَيره " (90 - (ص) وقبلوا رِوَايَة المبتدع ... إِن لم يكن دَاعِيَة للمبدع) (ش) : الْبِدْعَة مَا أحدث على غير مِثَال مُتَقَدم، فيشتمل الْمَحْمُود والمذموم، وَلذَا ضمهَا بعض الْعلمَاء إِلَى الْأَحْكَام الْخَمْسَة وَهُوَ وَاضح لَكِنَّهَا خصت شرعا بالمذموم مِمَّا هُوَ خلاف الْمَعْرُوف عَن النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] فالمبتدع من اعْتقد ذَلِك لَا بمعاندة بل بِنَوْع شُبْهَة قَالَ شَيخنَا: " وهى إِمَّا أَن تكون بمكفر؛ كَأَن يعْتَقد مَا يسْتَلْزم الْكفْر، أَو بمسفق: فَالْأول لَا يقبل صَاحبهَا الْجُمْهُور [بل صرح النووى فِيهِ بالِاتِّفَاقِ مُطلقًا] وَقيل إِن كَانَ لَا يعْتَقد حل الْكَذِب لنصره مقَالَته قبل، وَالتَّحْقِيق: أَنه لَا يرد كل مكفر ببدعة؛ لِأَن كل طَائِفَة تدعى أَن مخالفيها مبتدعة، وَقد تبالغ فتكفر مخالفيها، فَلَو أَخذ ذَلِك على الْإِطْلَاق لاستلزم تَكْفِير جَمِيع الطوائف، فَالْمُعْتَمَد أَن الذى ترد رِوَايَته من أنكر أمرا متواترا من الشَّرْع مَعْلُوما من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 الدّين بِالضَّرُورَةِ وَكَذَا من اعْتقد عَكسه [يعْنى بِأَن أثبت فى الشَّرْع مَا لَيْسَ مِنْهُ] أما من لم يكن بِهَذِهِ الصّفة وانضم لذَلِك ضَبطه لما يرويهِ مَعَ ورعه وتقواه؛ فَلَا مَانع من قبُوله (والثانى) : من لَا تقتضى بدعته التَّكْفِير أصلا، وَقد اخْتلف أَيْضا فى قبُوله ورده: فَقيل: يرد مُطلقًا - وَهُوَ بعيد، وَأكْثر مَا علل بِهِ أَن فى الرِّوَايَة [عَنهُ] ترويجا لأَمره وتنويها بِذكرِهِ، وعَلى هَذَا ينبغى [/ 77] أَن لَا يرْوى عَن مُبْتَدع شئ لَا يُشَارِكهُ فِيهِ غير مُبْتَدع. وَقيل: يقبل مُطلقًا إِلَّا إِن اعْتقد حل الْكَذِب؛ كَمَا تقدم. وَقيل: يقبل من لم يكن دَاعِيَة إِلَى بدعته؛ لِأَن تَزْيِين بدعته قد يحملهُ على تَحْرِيف الرِّوَايَات وتسويتها على مَا يَقْتَضِيهِ مذْهبه، وَهَذَا (هُوَ الْأَصَح) وَأغْرب ابْن حبَان فَادّعى الِاتِّفَاق على قبُول غير الداعية من غير تَفْصِيل. نعم الْأَكْثَر على قبُول غير الداعية، إِلَّا إِن روى مَا يقوى بدعته فَيرد على الْمَذْهَب الْمُخْتَار، وَبِه صرح الْحَافِظ أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن يَعْقُوب الجرجانى الشَّيْخ أَبى دَاوُد، والنسائى فى مُقَدّمَة كِتَابه " معرفَة الرِّجَال " فَقَالَ: فى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 وصف الروَاة: " وَمِنْهُم زائغ عَن الْحق - أى: [عَن] السّنة [مقدم] صَادِق اللهجة [قد جرى فى النَّاس حَدِيثه لكنه مخذول فى بدعته، غير مَأْمُون فى رِوَايَته] فَلَيْسَ فِيهِ حِيلَة، إِلَّا أَن يُؤْخَذ من حَدِيثه مَا لَا يكون مُنْكرا إِذا لم يقو بِهِ بدعته لكَونه مُتَّهمًا بذلك " انْتهى، قَالَ: وَمَا قَالَه مُتَّجه؛ لِأَن الْعلَّة الَّتِى بهَا رد حَدِيث الداعية وَارِدَة فِيمَا إِذا كَانَ ظَاهر المروى] (يقوى) مَذْهَب المبتدع، وَلم يكن دَاعِيَة " انْتهى كَلَام شَيخنَا وَهُوَ غَايَة فى التَّحْقِيق، وَالتَّلْخِيص، وَالْحَاصِل: قبُول رِوَايَة المبتدع الْوَرع الضَّابِط إِذا كَانَ غير دَاعِيَة فى الْأَصَح وَهُوَ الذى مَشى عَلَيْهِ النَّاظِم، وَمحله: فِيمَا إِذا لم يكن مُوَافقا لبدعته كَمَا تبين. (91 - (ص) واعرف من الثِّقَات من قد خلطا ... آخِره مثل ابْن سائب عطا) (ش) [/ 78] المخلطون، وَهُوَ: من حصل لَهُ من الثِّقَات الِاخْتِلَاط فى آخر عمره لفساد عقله، وخرفه، أَو لذهاب بَصَره، أَو لغير ذَلِك من الْأَسْبَاب وَقد اعتنى بتتبعهم الحازمى ثمَّ العلائى فى جُزْء مُفْرد وَهُوَ حقيق بذلك، فَتعين معرفتهم، وتمييز من سمع مِنْهُم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 قبل الِاخْتِلَاط فَيقبل، أَو بعده فَيرد، وَكَذَا مَا وَقع الشَّك فِي وقته، أَو عمل بِالسَّمَاعِ مِنْهُ فِي الْوَقْتَيْنِ لكنه لم يتَمَيَّز، وَمثل النَّاظِم [بعطا ابْن السَّائِب] فَإِنَّهُ اخْتَلَط فِي آخر عمره فاحتجوا بِرِوَايَة الأكابر عَنهُ، كالثورى، وَشعْبَة إِلَّا حديثين سمعهما شُعْبَة مِنْهُ بِآخِرهِ عَن زَاذَان، ثمَّ إِن من احْتج بِهِ فِي الصَّحِيح مِنْهُم فَهُوَ مِمَّن عرف بروايته قبل الِاخْتِلَاط، وَلَو اتّفق وُقُوعه من طَرِيق من لم يسمع مِنْهُم بعده؛ والمستخرجات [هُوَ صِحَة] الْكثير. من ذَلِك: عدم مُلَاحظَة كل مَا تقدم فِي هَذِه الْأَزْمَان الْمُتَأَخِّرَة (92 - (ص) وَهَذِه الْأَعْصَار لَيْسَ يشْتَرط ... إِلَّا ثُبُوت لسَمَاع انضبط) (93 - لأجل حفظ صِحَة السلسلة ... خصيصة الله لهَذِهِ الْأمة) (94 - إِذْ الْأَحَادِيث انْتَهَت ودونت ... وأودعت فِي صحفها وبينت) (ش) : أى أَن الْأَعْصَار الْمُتَأَخِّرَة لَا يعْتَبر فِيهَا مَجْمُوع الشُّرُوط الْمَذْكُورَة لَا فى الشَّيْخ وَلَا فى الطَّالِب؛ لعسرها، وتجدد النَّقْص شَيْئا فَشَيْئًا، بل اكتفوا بِوُجُود سَماع الرواى مضبوطا بِخَط موثوق بِهِ؛ لأجل حرص أهل الحَدِيث على إبْقَاء سلسلة الْإِسْنَاد الْمَخْصُوص بِهَذِهِ الْأمة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 صانها الله تَعَالَى شرفا لنبيها صلى الله [/ 79] عَلَيْهِ وَسلم، لَا سِيمَا، والْحَدِيث كَمَا قَالَ البيهقى: " قد جمع فِي كتب أئمته بِحَيْثُ لم يفت مجموعهم بشئ مِنْهُ، وَحِينَئِذٍ: فَمن جَاءَ بِحَدِيث لَا يُوجد عِنْد جَمِيعهم لم يقبل مِنْهُ، وَمن جَاءَ بِحَدِيث مَعْرُوف عِنْدهم فرواية حِينَئِذٍ لم ينْفَرد، وَالْحجّة قَائِمَة بروايته غَيره " وَقَالَ: السلفى: " إِن الشُّيُوخ الَّذين لَا يعْرفُونَ حَدِيثهمْ الِاعْتِمَاد فِي روايتهم على الثِّقَة الْمُقَيد عَنْهُم لَا عَلَيْهِم وَإِن هَذَا كُله " توسل " من الْحفاظ إِلَى حفظ الْأَسَانِيد، إِذْ ليرسوا من شَرط الصَّحِيح إِلَّا على وَجه الْمُبَالغَة، وَلَو رخصه الْعلمَاء لما جَازَت الْكِتَابَة عَنْهُم، [وَلَوْلَا] الرِّوَايَة إِلَّا عَن قوم مِنْهُم، وَلذَلِك توقف ابْن الصّلاح عَن الْجَزْم بالتصحيح وَالْحسن فِي الْأَعْصَار الْمُتَأَخِّرَة؛ لكَونه مَا من إِسْنَاد إِلَّا وَفِيه من اعْتمد على مَا فى كِتَابه عريا من الضَّبْط والإتقان، وَلَكِن مَا ذهب إِلَيْهِ من ذَلِك مَرْدُود حكما، ودليلا؛ كَمَا سيأتى عِنْد ذكر النَّاظِم للمسألة فى ذكر الصَّحِيح، ثمَّ إِن النَّاظِم لم يتَعَرَّض لكَوْنهم اكتفوا من عَدَالَة الراوى بِكَوْنِهِ مَسْتُورا، وَمن ضَبطه بروايته من أصل مُوَافق لأصل شَيْخه، وَكَأَنَّهُ ترك ذَلِك لتوسعهم فى الاسترسال فى هَذِه الْأَزْمَان، بِحَيْثُ لَا يحرصون على غير وجود سَمَاعه مثبتا - وَلَيْسَ ذَلِك بمرضى وَقد قَالَ ابْن الْأَثِير فى " مُقَدّمَة جَامع الْأُصُول ": " توسع النَّاس فى هَذِه الْأَعْصَار، والإخلال بالضبط، وَالْعلم بِمَا يسمع، وَذَلِكَ خلاف الِاحْتِيَاط للدّين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 ذكر أَشْيَاء تتَعَلَّق بطالب الحَدِيث (95 - (ص) وليعن بالتخريج والتأليف ... والانتقا وَالْجمع والتصنيف) (ش) : أى بعد الْفَرَاغ من الطّلب، والتحصيل، وَمَعْرِفَة مَا يحْتَاج إِلَيْهِ فى ذَلِك مِمَّا تقدم فليعتن [بالتخريج] ، وَهُوَ: أَن يخرج أَحَادِيث من رِوَايَته، أَو من رِوَايَة [غَيره] شُيُوخه، أَو أقرانه، [وبالتأليف] ، وَهُوَ أَعم من ذَلِك [وبالانتقاء] ، وَهُوَ: الِالْتِقَاط مَا يحْتَاج إِلَيْهِ من الْكتب، وَالْمَسَانِيد، وَنَحْوهَا معتنيا بِبَيَان الْمُشكل، وَشرح الْمَعْنى، فَقل مَا يمهر فى علم الحَدِيث من لم يَفْعَله: وَقد رأى بعض الْحفاظ عبد الْغنى فى الْمَنَام، فَقَالَ لَهُ: يَا عبد الله خرج وصنف قبل أَن يُحَال بَيْنك وَبَين هَذَا، أما ترانى قد حيل بينى وَبَين ذَلِك؟ ؟ (96 - (ص) فَكل قوم تسْتَحب مذهبا ... بعض على الْحُرُوف أَو مبوبا) (ش) : أى للْعُلَمَاء من الْمُحدثين تصنيف اختيارات: فبعض يصنف على [الْحُرُوف] فى شُيُوخه كالطبرانى فى " مُعْجَمه الْأَوْسَط "، و " الصَّغِير "، أَو فى الصحابى كالطبرانى أَيْضا فِي " مُعْجَمه الْكَبِير " ثمَّ من يصنف على الصَّحَابَة إِمَّا أَن يجمع فى تَرْجَمَة كل وَاحِد مَا عِنْده من حَدِيثه وَإِمَّا أَن يقْتَصر على الصَّالح للحجة كالضياء فى " المختارة "، ثمَّ تَارَة يرتب على الْقَبَائِل فَيقدم بنى هَاشم ثمَّ الْأَقْرَب فَالْأَقْرَب وَتارَة على السَّابِقَة فَيقدم الْعشْرَة ثمَّ أهل بدر ثمَّ الْحُدَيْبِيَة، ثمَّ من هَاجر بَينهمَا وَبَين الْفَتْح، ثمَّ أصاغر الصَّحَابَة، ثمَّ النِّسَاء فَيبْدَأ بأمهات الْمُؤمنِينَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 وَبَعض يصنف على [الْحُرُوف] فى الْمُتُون وَذَلِكَ بِأَن يَجْعَل حَدِيث " إِنَّمَا الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ مثلا [/ 81] فى الْهمزَة، وَبَعض يجمع حَدِيث الْأَئِمَّة المكثرين، كالزهرى، وَشعْبَة، وَنَحْوهَا أَو يجمع التراجم: كنافع عَن ابْن عمر، وَهِشَام، عَن أَبِيه. وَبَعض يصنف على [الْأَبْوَاب] الْفِقْهِيَّة أَو غَيرهَا بِأَن يجمع فى كل بَاب مَا ورد فِيهِ مِمَّا يدل على حكمه إِثْبَاتًا أَو نفيا، ثمَّ تَارَة يتَقَيَّد بِالصَّحِيحِ: كالشيخين، وَغَيرهمَا، وَتارَة مُطلقًا، كالبيهقى، وَتارَة يقْتَصر على بَاب وَاحِد أَو مَسْأَلَة وَاحِدَة. وَبَعض يصنف على الْعِلَل فيذكر الْمَتْن، وطرقه، وَبَيَان اخْتِلَاف نقلته. وَاخْتلف صنيعهم فى وَضعهَا أَيْضا: فبعضهم على المسانيد، كالدارقطنى، وَابْن [أَبى] شبية، وَبَعْضهمْ على الْأَبْوَاب، كَابْن أَبى حَاتِم. وَبَعض يصنف على الْأَطْرَاف فيذكر طرف الحَدِيث الدَّال على بَقِيَّته، وَيجمع أسانيده إِمَّا متقيدا بكتب مَخْصُوصَة ك " السِّتَّة " مثلا، وَإِمَّا مستوعبا. وَمَا علمت لأحد فِيهِ جمع. ومصنف الْأَطْرَاف غَالِبا يُرَاعى ترتيبها على حُرُوف المعجم فى الصَّحَابَة؛ فَإِن كَانَ الصحابى من المكثرين رتب حَدِيثه على الْحُرُوف فى التَّابِعين وَإِن كَانَ التابعى أَيْضا مكثرا عَن ذَلِك الصحابى رتب حَدِيثه هَكَذَا، واستيعاب مَقَاصِد المصنفين فى الْمُتُون، وَكَذَا الرِّجَال يضيق عَنهُ هَذَا الْمُخْتَصر. وينبغى لمن صنف على الْأَبْوَاب - غير متقصر على الصَّحِيح وَمَا يُشبههُ - أَن يبين عِلّة الضَّعِيف فِيمَا يكون ضَعِيفا، وَلَا يهمل ذَلِك، وَكَذَا لَا يهمل تَهْذِيب تصنيفه، وتحريره قبل إِخْرَاجه، وليحذر من تأليف مَا لم يتأهل لَهُ، أَو من جمع مَا اعتنى الْأَئِمَّة قبله بِالْجمعِ فِيهِ، قَالَ على بن المدينى: إِذا رَأَيْت الحَدِيث أول يكْتب الحَدِيث [/ 82] يجمع حَدِيث الأَصْل وَحَدِيث: " من كذب على " فَاكْتُبْ على قَفاهُ: لَا يفلح، وَكَذَا يحذر من أَخذ مُصَنف لغيره دون عزوه إِلَيْهِ ففاعل ذَلِك قل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 أَن يفلح وشكر الْعلم عزوه إِلَى قائليه. وَبِالْجُمْلَةِ فالمشى فِيمَا أَشرت إِلَيْهِ: لَا أعلم فى هَذَا الْوَقْت من يفى بِهِ وَإِن وجد من يَدعِيهِ. (97 - (ص) فاعتن بِالْأولَى فَالْأولى وَترى ... معرفَة الصَّحِيح فى أَعلَى الذرى) (98 - وَذَاكَ من بعد فنون تعلم ... وَبعد أَن تدرى اصْطِلَاحا لَهُم) (ش) : أى ليعتن فى التصنيف بِالْأولَى، فَالْأولى، وَذَاكَ شئ لَا يميزه إِلَّا البارع، والاشتغال بتمييز الصَّحِيح يعْنى: وَمَا أشبهه مِمَّا يحْتَج بِهِ فى الرُّتْبَة الْعَالِيَة كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله [فى أَعلَى الذرى] وَهُوَ بِضَم الذَّال الْمُعْجَمَة أعالى الشئ، الْوَاحِد ذروه؛ وَهَذَا أَعم من أَن يقْتَصر فى الْجمع عَلَيْهِ، أَو يضم إِلَيْهِ غَيره من أَحَادِيث الْفَضَائِل، وَغَيرهَا مَعَ التَّنْبِيه عَلَيْهَا، وَلَكِن لَا يكون الإعتناء بذلك إِلَّا بعد الْعلم بفنون هَذَا الشَّأْن، والدراية باصطلاح أَهله ومقاصدهم، ومهماتهم الدَّالَّة على أصولهم وفروعهم؛ ذَلِك الممارس للفن علما، وَعَملا، وَإِلَّا فَهُوَ خبط عشوى أَقسَام الحَدِيث (99 - (ص) وَهُوَ تَوَاتر اشتهار صِحَة ... حسن وَصَالح وكل حجَّة) (100 - مضعف ضَعِيف بِسَنَد رفع ... مَوْقُوف مَوْصُول أَو مُرْسل قطع) (101 - مُنْقَطع والعضل والعنعنة ... مؤنن مُعَلّق والدلسة [/ 83] ) (102 - ومدرج عَال نزُول سلسلوا ... غَرِيب والعزيز والمعلل) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 (103 - فَرد وشاذ مُنكر مُضْطَرب ... مَوْضُوع مقلوب كَذَا مركب) (104 - مُنْقَلب مدبج مصحف ... وناسخ الْمَنْسُوخ والمختلف) (ش) : قد سرد النَّاظِم فى هَذِه الأبيات الْأَنْوَاع الَّتِي اصْطَلحُوا عَلَيْهَا، وهى: الْمُتَوَاتر، وَالْمَشْهُور، وَالْحسن، والصالح، والمضعف، والضعيف، والمسند، وَالْمَرْفُوع، وَالْمَوْقُوف، والموصول، وَيُسمى: الْمُتَّصِل أَيْضا، والمرسل، والمقطوع، والمنقطع، والمعضل، والمعنعن، والمؤنن، وَالْمُعَلّق، والمدلس، والمدرج، والعالى، والنازل، والمسلسل، والغريب، والعزيز، والمعلل، والفرد، والشاذ، وَالْمُنكر، والمضطرب، والموضوع، والمقلوب، والمركب، والمنقلب، والمدبج، والمصحف، والناسخ، والمنسوخ، والمختلف. ثمَّ أرقها كَمَا سيأتى بَيَانهَا أَولا فأولا، فأدرج فى خلالها عدَّة مسَائِل، وهى: تعَارض الْوَصْل والإرسال، وَالرَّفْع، وَالْوَقْف، وَالْحكم فى زيادات الثِّقَات، وَمَعْرِفَة المتابعات، والشواهد، بل أنواعا أَيْضا، وهى: خفى للإرسال، والمزيد فى مُتَّصِل الْأَسَانِيد، والأكابر عَن الأصاغر والآباء عَن الْأَبْنَاء، وَعَكسه، وَالسَّابِق، واللاحق. زِيَادَة على أَنْوَاع ومسائل أوردهَا بعد انْتِهَاء المسرود هَذَا كُله، فقد بقى عَلَيْهِ مِمَّا ذكره ابْن الصّلاح أَشْيَاء مَعَ زِيَادَته وَهُوَ أَيْضا عَلَيْهِ. وَكَانَ الْأَنْسَب فى الِاخْتِصَار عدم سردها. وَقَوله [وكل حجَّة] أى الْمُتَوَاتر وَالْمَشْهُور [/ 84] وَالصَّحِيح وَالْحسن والصالح. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 الْمُتَوَاتر (105 - (ص) ف المتواتر الذى يرويهِ ... من يحصل الْعلم بِمَا يبديه) (106 - مثل حَدِيث من على كذبا ... وَرفع الأيدى فى الصَّلَاة كتبا) (ش) : هَذَا شُرُوع مِنْهُ فى بَيَان مَا أجمله أَولا؛ فأوله [الْمُتَوَاتر] ، سمى بذلك: من تَوَاتر الرِّجَال إِذا جَاءُوا وَاحِدًا بعد وَاحِد بَينهمَا فَتْرَة. وَهُوَ: مَا أخبر بِهِ جمَاعَة يُفِيد خبرهم لذاته الْعلم؛ لِاسْتِحَالَة تواطؤهم على الْكَذِب من غير تعْيين عدد على الصَّحِيح، فَقَوله: فى تَعْرِيفه [من]- وَإِن تنَاول الْوَاحِد فَمَا بعده - مخصصة، وبالتقييد بِذَاتِهِ خرج الْخَبَر المحتف بالقرائن كَمَا أشعر بِهِ قَوْله [يبديه] ، وللعمل بِهِ شَرْطَانِ: استنادهم إِلَى الْحس وَهُوَ: الْمُشَاهدَة، أَو السماع، واستواء الطَّرفَيْنِ، وَمَا بَينهمَا فى اسْتِحَالَة التواطئ وَشرط بَعضهم شُرُوطًا ضَعِيفَة مثل: إِسْلَام المخبرين، وعدالتهم، وَخُرُوج عَددهمْ عَن الإحصاء، وَاخْتِلَاف أوطانهم، وَعين بَعضهم عددا؛ محصورا؛ فعلى الصَّحِيح يكون خبر الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة مثلا، أَو باقى الْعشْرَة، أَو نَحْو ذَلِك من أَعْيَان الصَّحَابَة؛ متوترا لِأَن النَّفس تطمئِن إِلَى خبرهم، وَيحصل لنا الْعلم الضَّرُورِيّ بِهِ، وَلِهَذَا قَالَ بَعضهم: الْعدَد على قسمَيْنِ: كَامِل، وَهُوَ: أقل عدد يُورث الْعلم، وزائد: يحصل الْعلم بِبَعْضِه، وَيَقَع الزَّائِد فضلَة، وبالشرطين الْمَذْكُورين تخرج أَخْبَار النَّصَارَى عَن صلب عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام، وَالْيَهُود على مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام [/ 85] : إِنَّه كذب على كل نَاسخ لشريعته، وَقَول الشِّيعَة: بِالنَّصِّ على إِمَامَة على، لِأَن الْإِخْبَار بالصلب كَانَ مُسْتَنده الظَّن أَولا ثمَّ نقل متواترا، وَكَذَا الباقى: وضع آحادا، ثمَّ نقل متواترا، وَقد يكون التَّوَاتُر فِيمَا قيل نسبيا؛ فيتواتر الْخَبَر عِنْد قوم دون آخَرين، كَمَا يَصح الْخَبَر عِنْد بعض دون آخَرين، ثمَّ مثل النَّاظِم للمتواتر بحديثين كتبا فى أَمْثِلَة: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 أَحدهمَا: " من كذب على مُتَعَمدا "، وَقد نقل النووى: " أَنه جَاءَ عَن مِائَتَيْنِ من الصَّحَابَة " قلت: وَمِنْهُم الْعشْرَة الْمَشْهُود لَهُم بِالْجنَّةِ فَمن " الصِّحَاح " على، وَالزُّبَيْر، وَمن الحسان: طَلْحَة، وَسعد، وَسَعِيد، وأبى عُبَيْدَة، وَمن الضَّعِيف المتماسك: طَرِيق عُثْمَان، وبقيتها ضَعِيف، أَو سَاقِط. ثَانِيهمَا: حَدِيث " رفع الْيَدَيْنِ فى الصَّلَاة " وَقد تتبع طرقه الْحَافِظ الذهبى فبلغت نيفا عَن أَرْبَعِينَ صحابيا، وَكَذَا أَفَادَ شَيخنَا أَن من أمثلته حَدِيث " من بنى لله مَسْجِدا "، و " الْمسْح على الْخُفَّيْنِ "، و " الشَّفَاعَة " و " الْحَوْض "، و " رُؤْيَة الله تَعَالَى فى الْآخِرَة "، و " الْأَئِمَّة من قُرَيْش "، وَذكر غَيره من أمثلته حَدِيث " أنزل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 الْقُرْآن على سَبْعَة أحرف "، و " غسل الرجلَيْن فِي الْوضُوء " وَغير ذَلِك على أَن ابْن الصّلاح قَالَ: " إِن مِثَال الْمُتَوَاتر على التَّفْسِير الْمُتَقَدّم يعز وجوده إِلَّا أَن يدعى ذَلِك فى حَدِيث: " من كذب على " لَكِن قد نازعه شَيخنَا وَقَالَ: " إِن مَا ادَّعَاهُ من الْعِزَّة مَمْنُوع، وَكَذَا مَا ادَّعَاهُ غَيره من الْعَدَم. . قَالَ /: لِأَن ذَلِك [/ 86] نَشأ من قلَّة اطلَاع على كَثْرَة الطّرق، وأحوال الرِّجَال، وصفاتهم الْمُقْتَضِيَة لأبعاد الْعَادة أَن يتواطئوا على كذب وَيحصل مِنْهُم اتِّفَاقًا قَالَ: وَمن أحسن مَا يُقرر بِهِ كَون الْمُتَوَاتر مَوْجُودا وجود كَثْرَة فى الْأَحَادِيث إِن الْكتب الْمَشْهُورَة المتداولة بأيدى أهل الْعلم شرقا وغربا الْمَقْطُوع عِنْدهم بِصِحَّة نسبتها إِلَى مصنفيها، إِذا اجْتمعت على إِخْرَاج حَدِيث، وتعددت طرقه تعددا تحيل الْعَادة تواطئهم على الْكَذِب إِلَى آخر الشُّرُوط؛ أَفَادَ الْعلم اليقينى بِصِحَّتِهِ إِلَى قَائِله وَمثل ذَلِك فى الْكتب الْمَشْهُورَة كثيرا " إِذا علم هَذَا: فَإِنَّمَا لم يفرد ابْن الصّلاح للتواتر نوعا خَاصّا: لِأَنَّهُ لَيْسَ من مبَاحث الْإِسْنَاد لِأَن مباحثه تتَعَلَّق بِصِفَات الرِّجَال، وصيغ أدائهم، هَل هُوَ صَحِيح فَيعْمل بِهِ؟ أَو ضَعِيف فَيتْرك وَكَذَا قَالَ النَّاظِم. إِن عدم اعتناء أهل الحَدِيث بتتبع هَذَا النَّوْع لاكتفائهم بِالصَّحِيحِ الْمجمع عَلَيْهِ عِنْدهم المتلقى بِالْقبُولِ كَمَا سيأتى فى الذى بعده إِن شَاءَ الله تَعَالَى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 الْمَشْهُور (107 - (ص) وَالْخَبَر الْمَشْهُور إِن صَحَّ فَقل ... كَأَنَّمَا الْأَعْمَال مَعَ نصب وَالْإِبِل) (108 - وَهُوَ عِنْدهم بِمَا قبل الْتحق ... أَو لَا فمردود كالسائل حق) (109 - واصطلحوا الْمَشْهُور مَا يرويهِ ... فَوق ثَلَاثَة عَن الْوَجِيه) (ش) هَذَا بَيَان لما ذهب إِلَيْهِ كَثِيرُونَ من أهل الحَدِيث فى تقسيمهم الْمَشْهُور إِلَى صَحِيح كَحَدِيث: " إِنَّمَا الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ " فَهُوَ مروى فى الصَّحِيحَ يْنِ بِأَلْفَاظ من [/ 87] حَدِيث عمر بن الْخطاب رضى الله عَنهُ وَحَدِيث: " نصب الْإِبِل " فَهُوَ مروى فيهمَا من حَدِيث أنس وَغَيره بِأَلْفَاظ، والتمثيل لَهما - مَعَ أَن الشُّهْرَة إِنَّمَا طرأت من عِنْد يحيى بن سعيد وَأول الْإِسْنَاد فَرد كَمَا فى غير هَذَا الْمحل - لَيْسَ بممتنع، [وَهُوَ] أى: الْمَشْهُور ملتحق بالمتواتر عِنْد أهل الحَدِيث، غير أَنه يُفِيد الْعلم الضرورى، وَكَذَا بِأَن لمتواتر يشْتَرط فِيهِ الاسْتوَاء كَمَا تقدم بِخِلَاف الْمَشْهُور، فَإِنَّهُ قد يكون آحادا بِالْأَصْلِ، ثمَّ يشْتَهر بعد الصَّحَابَة فى الْقرن الثانى، كالزهرى، وَقَتَادَة، وأشباههما من الْأَئِمَّة مِمَّن يجمع حَدِيثهمْ، وَكَذَا فِيمَا بعدهمْ، وَبِأَن الْمُتَوَاتر أَيْضا يحصل الْعلم بِهِ لكل من وصل إِلَيْهِ، بِخِلَاف الْمَشْهُور، فَلَا يحصل الْعلم بِهِ إِلَّا للْعَالم المتبحر فِيهِ الْعَارِف بأحوال الرِّجَال المطلع على الْعِلَل، وَالْقسم الثانى وَإِلَيْهِ الْإِشَارَة بقوله: [أَولا] مَا اشْتهر على الْأَلْسِنَة وَلَيْسَ صَحِيحا كَقَوْلِه: " للسَّائِل حق وَإِن جَاءَ على فرس " وَهَذَا الحَدِيث رَوَاهُ أَبُو دَاوُد من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 حَدِيث على بن أَبى طَالب، وَولده الْحُسَيْن بن على - رضى الله عَنْهُمَا، وَكَذَا أخرجه أَحْمد من حَدِيثهمَا، وَسَنَده جيد لَكِن قد تبع النَّاظِم فى التَّمْثِيل بِهِ للقسم الثانى ابْن الصّلاح حَيْثُ نقل عَن الإِمَام أَحْمد أَنه قَالَ: " أَرْبَعَة أَحَادِيث تَدور عَن النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] فى الْأَسْوَاق وَلَيْسَ لَهَا أصل وَذكره مِنْهَا "، وَكَلَام الإِمَام أَحْمد - رَحمَه الله - إِن صَحَّ: مَحْمُول على أَنه لَيْسَ لَهَا أصل صَحِيح [/ 88] وَلَو مثل بِمَا لَا يَصح أصلا مِمَّا اشْتهر بَين النَّاس، وَهُوَ مَوْضُوع لَكَانَ حسن لأجل قَوْله: [وَهُوَ مَرْدُود] وَمن نظر " الموضوعات " لِابْنِ الجوزى علم لذَلِك أَمْثِلَة كَثِيرَة وَكَذَا يَشْمَل مَا [اشْتَمَل] على الْأَلْسِنَة مِمَّا لَهُ إِسْنَاد وَاحِد فَصَاعِدا، ثمَّ إِن الْمَشْهُور فى اصْطِلَاح أهل الحَدِيث خَاصَّة على مَا أَشَارَ النَّاظِم تبعا لغيره: مَا لَهُ طرق أَكثر من ثَلَاثَة يعْنى مَا لم يبلغ إِلَى الْحَد الذى يصير بِهِ الْخَبَر متواترا، وَلَكِن الذى مَشى عَلَيْهِ شَيخنَا خِلَافه فَإِنَّهُ قَالَ: " والثانى - وَهُوَ أول الْأَقْسَام، الْآحَاد -: مَا لَهُ طرق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 محصورة بِأَكْثَرَ من اثْنَيْنِ وَهُوَ الْمَشْهُور عِنْد الْمُحدثين سمى بذلك لوضوحة، يُقَال: شهرت الْأَمر شهره شهرا أَو شهرة فاشتهر، وَهُوَ المستفيض أى على رأى الْفُقَهَاء، سمى بذلك لانتشاره وشياعه فى النَّاس من: فاض المَاء يفِيض فيضا وفيوضة إِذا كثر حَتَّى سَالَ على ضفة الوادى ثمَّ إِن من الْقسم الأول مَا يكون الشُّهْرَة فِيهِ عِنْد أهل الحَدِيث خَاصَّة، كَحَدِيث: مُحَمَّد بن عبد الله الأنصارى عَن سُلَيْمَان التيمى، عَن أَبى مخلد، عَن أنس رضى الله عَنهُ: " أَن النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] قنت شهرا بعد الرُّكُوع يَدْعُو على رعل وذكوان فَهَذَا مَشْهُور بَين أهل الحَدِيث مخرج فى الصَّحِيح، وَله رُوَاة عَن أنس غير أَبى مخلد، وَعَن أَبى مخلد غير التيمى، وَرَوَاهُ عَن النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] غير الأنصارى، وَلَا يعلم ذَلِك إِلَّا أهل الحَدِيث، وَأما غَيرهم فقد يستغربونه من حَيْثُ أَن التيمى يرْوى عَن أنس، وَهُوَ هُنَا يرْوى عَن وَاحِد غير أنس [/ 89] وَلَكِن لَا عِبْرَة إِلَّا بِمَا هُوَ مَشْهُور عِنْد عُلَمَاء الحَدِيث [والوجيه] هُوَ ذُو الجاه وَالْقدر وَهُوَ بِضَم الْهَاء يُقَال: وَجه الرجل يُوَجه وجاهة فَهُوَ وجيه إِذا كَانَ ذَا جاه، وَقدر كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَكَانَ عِنْد الله وجيها} قَالَ ابْن عَبَّاس: " كَانَ عِنْد الله حظيا لَا يسْأَله شَيْئا إِلَّا أعطَاهُ " وَنَحْوه قَالَ الْحسن: " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 كَانَ مستجاب الدعْوَة ". الصَّحِيح (110 - (ص) ثمَّ الصَّحِيح وَهُوَ مَوْصُول السَّنَد ... بِالْعَدْلِ ضابطا عَن الْميل اسْتندَ) (111 - وَهُوَ لَا يكون شاذا أَو مُعَللا ... مثل الصَّحِيحَيْنِ وَمن بعد تَلا) (ش) أى ثمَّ تلى الصَّحِيح من قسمى الْمَشْهُور [الصَّحِيح] : وَهُوَ الْمُتَّصِل الْإِسْنَاد، بِنَقْل الْعدْل الضَّابِط عَن مثله، سالما عَن شذوذ وَعلة. فَالسَّنَد: هُوَ طَرِيق الْمَتْن. والمتن: هُوَ الْغَايَة الَّتِى ينتهى إِلَيْهَا السَّنَد. والاتصال: هُوَ سَماع راو لذَلِك المروى مِمَّن فَوْقه. وَاحْترز بِهِ عَن الْمُرْسل والمنقطع والمعضل الْآتِي تَعْرِيفهَا، و [بِالْعَدْلِ] عَن الضَّعِيف، أَو الْمَجْهُول حَالا أَو عينا، وَقد مضى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 و [بالضابط] عَمَّن عرف بِالصّدقِ وَالْعَدَالَة إِلَّا أَنه مُغفل كثير الْخَطَأ. [والضبط] ضبطان: ضبط صدر، وَهُوَ أَن يثبت مَا سمعة بِحَيْثُ يتَمَكَّن من استحضاره مَتى شَاءَ وَضبط كتاب وَهُوَ صيانته لَدَيْهِ مُنْذُ سمع فِيهِ وَصَححهُ إِلَى أَن يُؤدى مِنْهُ. وَهُوَ فى النّظم حَال وَأطلق الضَّبْط تبعا لغيره، وَقد قَيده شَيخنَا بالتام ليخرج الْحسن لذاته، وَكَذَا لم يُقيد الْعلَّة بالقادحة اكْتِفَاء بقوله [مُعَللا] ، فَإِنَّهُ كَمَا سيأتى فى مَحَله: مَا فِيهِ أَسبَاب [/ 90] خُفْيَة قادحة، طرأت على الحَدِيث الذى ظَاهره السَّلامَة، وَاحْترز بالخفية عَن الظَّاهِرَة، كالانقطاع، وَضعف، وبالقادحة عَن الْعلَّة الَّتِى لَيست بقادحة، كَأَن يرْوى الْعدْل الضَّابِط عَن تابعى - مثلا - عَن صحابى، فيرويه غَيره مِمَّن يُشَارِكهُ فى سَائِر صِفَاته عَن ذَلِك التابعى بِعَيْنِه عَن صحابى آخر، هَذَا يُسمى عِنْد كثير من الْمُحدثين عِلّة، لوُجُود الِاخْتِلَاف على تابعيه فى شَيْخه، وَلكنهَا غير قادحة، لجَوَاز أَن يكون التابعى سَمعه من كل مِنْهُمَا، وفى الصَّحِيحَيْنِ من أَمْثِلَة ذَلِك جملَة، ثمَّ إِن من اشْتِرَاط نفى الشذوذ لم يُصَرح بِهِ كَثِيرُونَ وَبحث شَيخنَا فى اشْتِرَاطه فَقَالَ: الْإِسْنَاد الذى ظَاهره السَّلامَة: هُوَ أَن يكون مُتَّصِلا وَرُوَاته عُدُولًا ضابطين، فَإِذا وجد الْوَصْف بذلك، فقد انْتَفَت عَنهُ الْعلَّة الظَّاهِرَة، الْمَانِعَة عَن الحكم بِصِحَّتِهِ، وَغَايَة مَا فِيهِ رُجْحَان رِوَايَة على أُخْرَى، والمرجوحية كَانَتَا فى الصِّحَّة، وَأكْثر مَا فِيهِ أَن يكون هُنَا صَحِيح وَأَصَح فَيعْمل بالراجح، وَلَا يعْمل بالمرجوح، لأجل معارضته لَهُ لَا لكَونه لم تصح طَرِيقه، وَلَا يلْزم من ذَلِك الحكم عَلَيْهِ بالضعف، وَإِنَّمَا غَايَته أَن يتَوَقَّف عَن الْعَمَل بِهِ، وَهَذَا كَمَا فى النَّاسِخ والمنسوخ صَحَّ بطرِيق كل مِنْهُمَا، لَكِن قَامَ مَانع عَن الْعَمَل بالمنسوخ، وَلَا يلْزم من ذَلِك أَن يكون صَحِيحا. ثمَّ بحث فى جَوَاز الحكم بِالصِّحَّةِ، قبل الْعلم بِانْتِفَاء الشذوذ عَنهُ، وَلم لَا يحكم للْحَدِيث بِالصِّحَّةِ إِلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 أَن تظهر [/ 91] الْمُخَالفَة، فَيحكم حِينَئِذٍ بالشذوذ انْتهى، وَهَذَا الْأَخير يفضى إِلَى الاسترواح بِحَيْثُ يحكم على الحَدِيث بِالصِّحَّةِ قبل تتبع طرقه الَّتِى يعلم بهَا الشذوذ نفيا وإثباتا، فَرُبمَا يطْرق إِلَى التَّصْحِيح متمسكا بذلك من لَا يحسن، وَالْأَحْسَن يسد هَذَا الْبَاب، وَقَوله: [مثل الصَّحِيحَيْنِ] إِشَارَة إِلَى صَحِيح البخارى وَمُسلم وَهُوَ إِمَّا للتشبيه وَإِمَّا للتمثيل، وَلَا يلْزم من كَونهمَا للتمثيل وجود مصنفات نظيرهما فى الصَّحِيح، بل ذَاك بِالنِّسْبَةِ فانهما مِمَّا هُوَ على شَرطهمَا، وَأما قَوْله [وَمن بعد تَلا] فِيهِ نظر، لِأَن الَّذين تلوهما فى جمع الصَّحِيح، هُوَ ابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَأَبُو عوَانَة، وَلَيْسَ وَاحِد مِنْهُمَا ملتحقا بِوَاحِد مِنْهُمَا إِلَّا بِمُجَرَّد التَّسْمِيَة، لكَون فيهمَا الصَّحِيح وَغَيره، وأشدها توسعا وتساهلا كتاب الْحَاكِم، وَقد سبقت الْإِشَارَة فى أَنْوَاع الْعُلُوّ إِلَى تَفْضِيل كتاب البخارى. (112 - (ص) وَهل لنا تَصْحِيح مَا لَا صححوا ... نعم شَرطه وَهَذَا الْأَرْجَح) (ش) : لما انْتهى النَّاظِم من ذكر الصَّحِيحَيْنِ وَمن تلاهما، ذكر مَسْأَلَة إِمْكَان التَّصْحِيح فى الْأَزْمَان الْمُتَأَخِّرَة، وَأَشَارَ إِلَى مَذْهَب ابْن الصّلاح فِيهَا، وَهُوَ عدم التجاسر على الْجَزْم بالحكم بِالصِّحَّةِ يعْنى لِأَن مُجَرّد صِحَة السَّنَد لَا تكفى مَعَ غَلَبَة الظَّن، لِأَنَّهُ لما أهمله أَئِمَّة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 الْأَعْصَار الْمُتَقَدّمَة لشدَّة فحصهم، واجتهادهم، وَأَن الصَّحِيح: الْجَوَاز، وَهُوَ الذى عَلَيْهِ عمل الْحفاظ من المعاصرين لَهُ وَبعده، وَبِه صرح النووى حِينَئِذٍ قَالَ: الْأَظْهر عندى جَوَازه، لمن تمكن، وقويت [/ 92] مَعْرفَته، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَة بقوله: [بِشَرْطِهِ] وَحجَّة ابْن الصّلاح لما ذهب إِلَيْهِ، أَنه مَا من إِسْنَاد إِلَّا وَفِيه من اعْتمد على مَا ذكر فى كِتَابه عريا عَن الضَّبْط والإتقان، وصنيع شَيخنَا يشْعر بموافقته فى الحكم فِيمَا إِذا لم يعتضد الْإِسْنَاد المتصف بذلك بِمَا يقويه، أما إِذا اعتضد فَلَا، وَذَلِكَ أَنه قَالَ: إِن الْكتاب الْمَشْهُور الْغنى بشهرته عَن اعْتِبَار الْإِسْنَاد منا إِلَى مُصَنفه كسنن النَّسَائِيّ - مثلا - لَا يحْتَاج فى صِحَة نسبته إِلَى النسائى إِلَى الِاعْتِبَار رجال الْإِسْنَاد منا إِلَى مُصَنفه، قَالَ فَإِذا رقا حَدِيثا وَلم يعلله وَجمع إِسْنَاد شُرُوط الصِّحَّة، وَلم يطلع الْمُحدث المطلع فِيهِ على عِلّة، فَمَا الْمَانِع من الحكم بِصِحَّتِهِ؟ وَلَو لم ينص على صِحَّته أحد من الْمُتَقَدِّمين؟ وَلَا سِيمَا وَأكْثر مَا يُوجد من هَذَا الْقَبِيل مَا رَاوِيه رُوَاة الصَّحِيح، أَلا يُنَازع فِيهِ من لَهُ ذوق فى هَذَا الْفَنّ؟ [قلت] : وَالظَّاهِر أَن ابْن الصّلاح لَا يُخَالف فى هَذَا إِلَّا أَنه قَالَ: الْأَمر إِذا فى معرفَة الصَّحِيح، وَالْحسن إِلَى الِاعْتِمَاد على مَا نَص عَلَيْهِ أَئِمَّة الحَدِيث فى تصانيفهم الْمُعْتَمدَة الْمَشْهُورَة، الَّتِى يُؤمن فِيهَا لشهرتها من التَّغْيِير والتحريف. وَلذَا قَالَ الولى العراقى فى ديباجة شَرحه ل " سنَن أَبى دَاوُد "، وَهُوَ قريب مِمَّا ذهب إِلَيْهِ شَيخنَا مَا نَصه: إِن تَعْلِيل ابْن الصّلاح الْمَنْع الذى لم يتَحَصَّل مِنْهُ على شئ، لَا يأتى فِيمَا إِذا وجدنَا حَدِيثا فى " سنَن أَبى دَاوُد "، و " النسائى " أَو غَيرهَا من التصانيف الْمُعْتَمدَة الْمَشْهُورَة، الَّتِى يُؤمن فِيهَا لشهرتها من التَّغْيِير [/ 93] والتحريف بِإِسْنَاد لَا غُبَار عَلَيْهِ [كقيبة] عَن مَالك، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، فأى مَانع من الحكم بِصِحَّة هَذَا؟ فَإِن الْإِسْنَاد من فَوق وَيصِح الْأَمْن وَمن أَسْفَل لَهُ يحْتَاج إِلَيْهِ على طَرِيقَته المشتهرة ذَلِك التصنيف. انْتهى. وَحِينَئِذٍ قَول شَيخنَا إِن الرَّد على ابْن الصّلاح بِهَذَا، أولى من الِاحْتِجَاج عَلَيْهِ بصنيع معاصريه، فَإِنَّهُ مُجْتَهد وهم مجتهدون، فَكيف ينْقض الِاجْتِهَاد بِالِاجْتِهَادِ؟ فِيهِ نظر، وَكَذَا القَوْل بِإِطْلَاق الْجَوَاز. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 تَنْبِيه: لم يتَعَرَّض النَّاظِم للتحسين، وَقد سوى ابْن الصّلاح بَينه وَبَين الصَّحِيح، فى الْمَنْع، وَلَا فرق بَينهمَا فيأتى فِيهِ مَا قُلْنَاهُ فى الصَّحِيح سَوَاء. الْحسن (113 - (ص) وَالْحسن اخْتلف جدا وَالأَصَح ... بِأَنَّهُ دون الذى من قبل صَحَّ) (114 - وَقيل: مَا قرب ضعفا والذى ... قَالَ: صَحِيح حسن كالترمذى) (115 - يعْنى يشد صِحَة وحسنا ... فَهُوَ إِذن دون الصَّحِيح مَعنا) (ش) : قد اخْتلف أَئِمَّة هَذَا الشَّأْن فى تَعْرِيف [الْحسن] . فَقَالَ الخطابى: هُوَ مَا عرف مخرجه واشتهر رِجَاله، وَعَلِيهِ مدَار أَكثر الحَدِيث. فاحترز بِمَعْرِِفَة الْمخْرج عَن المدلس قبل بَيَانه، والمنقطع، وَمَا أشبههَا مِمَّا لم يتَّصل، فَإِنَّهُ لَا يعرفهَا مخرج الحَدِيث بِخِلَاف مَا أبرز جَمِيع رِجَاله. وَالْمرَاد بمخرجه: كَونه شاميا، حجازيا، عراقيا، لَكِن قد يعْتَرض بِأَنَّهُ لم يتَمَيَّز بِهَذَا التَّعْرِيف عَن الصَّحِيح، بِكَوْنِهِ أَيْضا قد عرف مخرجه واشتهر رِجَاله؟ وَأجِيب: بِأَن [/ 94] المُرَاد الشُّهْرَة بِالصّدقِ دون بُلُوغ الْغَايَة فى الضَّبْط والإتقان، وَقَالَ الترمذى فى " الْعِلَل " - الذى بآخر جَامعه -: كل حَدِيث يرْوى لَا يكون فى إِسْنَاده من يتهم بِالْكَذِبِ، وَلَا يكون الحَدِيث شاذا، ويروى من غير وَجه نَحْو ذَلِك، فَهُوَ عندنَا حَدِيث حسن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 وَتعقب أَيْضا بِأَنَّهُ لم يتَمَيَّز عَن الصَّحِيح إِذْ لَا يكون صَحِيحا إِلَّا وَهُوَ غير شَاذ، وَلَا يكون صَحِيحا حَتَّى يكون رُوَاته غير متهمين بل ثِقَات، وَبِأَنَّهُ يشْتَرط فِيهِ مَجِيئه من وَجه، وَلم يشْتَرط فى الصَّحِيح ذَلِك، وَقَالَ ابْن الجوزى فى " الموضوعات "، و " الْعِلَل المتناهية " مَعًا: هُوَ الحَدِيث الذى فِيهِ ضعف قريب مُحْتَمل وَاقْتصر عَلَيْهِ النَّاظِم من بَين هَذِه الْأَقْوَال، لَكِن مَعَ تَضْعِيفه فَإِنَّهُ تعقب أَيْضا بِأَنَّهُ لم يضْبط الْقدر الْمُحْتَمل من غَيره فَلم يحصل تَمْيِيز. وَالْمُعْتَمد فى تَعْرِيفه حَسْبَمَا صَححهُ النَّاظِم: أَنه يعْتَبر فِيهِ مَا اعْتبر فى الصَّحِيح، من الِاتِّصَال، وعدالة الرِّجَال، والسلامة من الشذوذ والإعلال غير أَنه لَا يكون فى رُوَاته من الضَّبْط مَا فى رُوَاة الصَّحِيح، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَة بقوله: [وَالأَصَح] إِلَى آخِره، ثمَّ أَشَارَ النَّاظِم إِلَى إِيرَاد مَا اسْتشْكل الْجمع بَين الْوَصْف وَالصِّحَّة وَالْحسن، وَقَالَ: إِن الْحسن قَاصِر عَن الصَّحِيح، ففى الْجمع بَين الوصفين إِثْبَات لذَلِك الْمَقْصُور ونفيه، وَنبهَ على الْجَواب بِمَا أَفَادَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 فى غير هَذِه الْمَنْظُومَة أَنه لَيْسَ بمنقول حَيْثُ قَالَ: وَالظَّاهِر أَن مُرَاده أَنه تَسْوِيَة الحكم بِالصِّحَّةِ مَعَ الحكم [/ 95] بالْحسنِ، أى أَنه أَعلَى رُتْبَة من الْحسن وَدون الصَّحِيح الْمُطلق. قَالَ: وَكَذَا سَمِعت مَعْنَاهُ من شَيخنَا ابْن كثير. انْتهى. وَمَا أجَاب بِهِ ابْن الصّلاح من كَونه أَرَادَ الْحسن اللغوى: وَهُوَ مَا تميل إِلَيْهِ النَّفس وتستحبه، فَلَيْسَ بجيد، وَقد حقق شَيخنَا فى توضيح " النخبة " هَذَا الْمحل، بقوله: ومحصل الْجَواب أَن تردد أَئِمَّة الحَدِيث فى حَال ناقله اقْتضى للمجتهد أَن لَا يصفه بِأحد الوصفين، فَيُقَال: حسن بِاعْتِبَار وَصفه عِنْد قوم، صَحِيح بِاعْتِبَار وَصفه عِنْد قوم، وَغَايَة مَا فِيهِ أَنه [حذف] مِنْهُ حرف التَّرَدُّد، لِأَن حَقه أَن يَقُول: حسن أَو صَحِيح، وَهَذَا كَمَا حذف حرف الْعَطف الذى بعده، وعَلى هَذَا فَمَا قيل فِيهِ: حسن صَحِيح دون مَا قيل فِيهِ صَحِيح؛ لِأَن الْجَزْم أقوى من التَّرَدُّد، قَالَ: وَهَذَا يعْنى الْجَواب؛ حَيْثُ التفرد، وَإِلَّا لم يحصل التفرد، فإطلاق الوصفين مَعًا على الحَدِيث يكون بِاعْتِبَار إسنادين، أَحدهمَا: صَحِيح، وَالْآخر: حسن وعَلى هَذَا مَا قيل فِيهِ: حسن صَحِيح فَوق مَا قيل فِيهِ صَحِيح فَقَط، إِذا كَانَ فَردا، لِأَن كَثْرَة الطّرق تقوى ثمَّ نبه شَيخنَا على استشكال هَذَا الْجَواب بالأحاديث الَّتِى يحكم عَلَيْهَا الترمذى بالْحسنِ مَعَ الغرابة، وَالتَّصْرِيح بِأَنَّهُ لَا يعرفهُ إِلَّا من هَذَا الْوَجْه، بِمَا يرجع إِلَى حَاصِل الذى قَرَّرَهُ ابْن الصّلاح فى حمل كَلَام الترمذى على إِرَادَة تَعْرِيف الْحسن بِغَيْرِهِ، فَإِنَّهُ: هُوَ الحَدِيث الذى فى رَاوِيه ضعف يسير، نَشأ عَن قلَّة حفظه [/ 96] لكنه اعتضد بمجيئه من وَجه آخر، فَقَالَ: فَإِن قيل: قد صرح الترمذى بِأَن شَرط الْحسن أَن يرْوى من غير وَجه، فَكيف يَقُول فى بعض الْأَحَادِيث حسن غَرِيب، لَا نعرفه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه؟ فَالْجَوَاب: أَن الترمذى لم يعرف الْحسن مُطلقًا، وَإِنَّمَا عرفه بِنَوْع خَاص مِنْهُ وَقع فى كِتَابه، وَهُوَ مَا يَقُول فِيهِ: حسن من غير صفة أُخْرَى، وَذَلِكَ أَنه يَقُول الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 فى بعض الْأَحَادِيث: حسن، وفى بَعْضهَا: صَحِيح، وفى بَعْضهَا: غَرِيب، وفى بَعْضهَا: حسن صَحِيح غَرِيب، وتعريفه إِنَّمَا وَقع على الأول فَقَط، وَعبارَته ترشد إِلَى ذَلِك، حَيْثُ قَالَ فى أَوَاخِر كِتَابه: وَمَا قُلْنَا فى كتَابنَا حَدِيث حسن، فَإِنَّمَا أردنَا بِهِ حسن إِسْنَاده عندنَا، كل حَدِيث يرْوى لَا يكون رَاوِيه مُتَّهمًا بكذب، ويروى من غير وَجه، نَحْو ذَلِك، وَلَا يكون شاذا، فَهُوَ عندنَا حَدِيث حسن. فَعرف بِهَذَا أَنه إِنَّمَا عرف الذى يَقُول فِيهِ حسن فَقَط، أما مَا يَقُول فِيهِ حسن صَحِيح، أَو حسن غَرِيب، أَو حسن صَحِيح غَرِيب فَلم يعرج على تَعْرِيفه، كَمَا لم يعرج على تَعْرِيف مَا يَقُول فِيهِ: صَحِيح فَقَط، أَو غَرِيب فَقَط، وَكَأَنَّهُ ترك ذَلِك اسْتغْنَاء بشهرته عِنْد أهل الْفَنّ، وَاقْتصر على تَعْرِيف مَا يَقُول فِيهِ فى كِتَابه حسن فَقَط، إِمَّا لغموضه أَو لِأَنَّهُ اصْطِلَاح جَدِيد، وَلذَلِك قَيده بقوله عندنَا، وَلم ينْسبهُ إِلَى أهل الحَدِيث، كَمَا فعل الخطابى، قَالَ: وَبِهَذَا التَّقْرِير ينْدَفع كثير من الإيرادات الَّتِى طَال الْبَحْث فِيهَا، وَلم يسْتَقرّ وَجه توجيهها [/ 97] فَللَّه الْحَمد على مَا ألهم وَعلم وَقَوله: [جدا] نصب على التَّمْيِيز، وضعفا، إِمَّا على التَّمْيِيز، أَو بِنَزْع الْخَافِض الصَّالح (116 - (ص) ودونه الصَّالح إِذْ قد سكتا ... عِنْد السجستانى وَفَاتَ الصحتا) (117 - وَفِيهِمَا الثِّقَة شَرط أَو عدم ... مُتَّهم وَمن شذوذ قد سلم) (118 - لَكِن هما للأكثرين وَاحِد ... أما المصابيح اصْطِلَاح زايد) (ش) أى وَدون الْحسن الحَدِيث [الصَّالح] وَلم أرى من أفرده بِنَوْع خَاص، وَإِنَّمَا وَقع فى كَلَام أَبى دَاوُد السجستانى حَيْثُ قَالَ: " مَا كَانَ فى كتابى - أى: " السّنَن " - من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 حَدِيث فِيهِ وَهن شَدِيد، فقد بَينته، وَمَا لم (أذكرهُ) فِيهِ شَيْئا فَهُوَ الصَّالح، وَبَعضهَا أصح من بعض " ومتقضاه أَن الْأَحَادِيث الْمَسْكُوت عِنْده عَلَيْهَا مُتَفَاوِتَة الْمرتبَة فى الصلاحية، بِحَيْثُ يكون فِيهَا الضعْف أَيْضا، وَلذَا قَالَ أَيْضا " ذكرت فِيهِ الصَّحِيح وَمَا يُشبههُ ويقاربه "، فَإِن الذى يشبه الصَّحِيح هُوَ الْحسن، والذى يُقَارِبه هُوَ الذى فِيهِ ضعف يسير، والاستقراء يشْهد لذَلِك، فَإِنَّهَا أَقسَام، مِنْهَا: مَا هُوَ فى الصَّحِيحَيْنِ، أَو على شَرط الصِّحَّة، وَمِنْهَا: مَا هُوَ من قبل الْحسن إِذا اعتضد، وَهَذَانِ القسمان كثير فى كِتَابه جدا، وَمِنْهَا: مَا هُوَ ضَعِيف لَكِن من رِوَايَة من لَا يجمع على تَركه غَالِبا. وكل هَذِه الْأَقْسَام عِنْده تصلح للاحتجاج بهَا، كَمَا نقل ابْن مَنْدَه خبر أَنه يخرج الحَدِيث الضَّعِيف إِذا لم يجد فى الْبَاب غَيره، وَأَنه أقوى عِنْده من رأى الرِّجَال "، وَقد قَرَأت بِخَط شَيخنَا مَا نَصه: " لفظ (صَالح) فى كَلَام [/ 98] أَبى دَاوُد، أَعم من أَن يكون للاحتجاج، أَو للاعتبار، فَمَا ارْتقى إِلَى الصِّحَّة، ثمَّ إِلَى الْحسن فَهُوَ بِالْمَعْنَى الأول، وَمَا عداهما فَهُوَ بِالْمَعْنَى الثانى، وَمَا قصر عَن ذَلِك فَهُوَ الذى فِيهِ وَهن شَدِيد، وَقد الْتزم بَيَانه لَكِن مَا مَحل هَذَا الْبَيَان؟ هَل هُوَ عقيب كل حَدِيث على حِدته، وَلَو تكَرر ذَلِك الْإِسْنَاد بِعَيْنِه مثلا؟ أَو يكْتَفى بالْكلَام على وَهن إِسْنَاده مثلا؟ فَإِن عَاد يعْنى بِغَيْر اعتضاد لم يُبينهُ اكْتِفَاء بِمَا تقدم، وَيكون كَأَنَّهُ قد بَينه - هَذَا الثانى - أقرب عندى، قَالَ: وَأَيْضًا قد يَقع الْبَيَان فِيهِ فى بعض النّسخ دون بعض، وَلَا سِيمَا رِوَايَة أَبى الْحسن ابْن العَبْد، فَإِن فِيهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 من كَلَام أَبى دَاوُد أَشْيَاء زَائِدَة على رِوَايَة اللؤلؤى " انْتهى، وَحِينَئِذٍ فَمن احْتج بِمَا سكت عَلَيْهِ أَبُو دَاوُد مِمَّا لم يبلغ الصِّحَّة لَيْسَ بجيد لشُمُوله الْحسن، وَكَذَا قَوْله: [وَفِيهِمَا] إِلَى آخِره إِلَّا أَنه يُوَافق قَوْله فى بعض تصانيفه؛ إِن أَكثر أَئِمَّة الحَدِيث لَا يذكرُونَ بعد الصَّحِيح إِلَّا الْحسن، فَهُوَ عِنْدهم والصالح وَاحِد، نعم: قَوْله أَولا ودونه يدْفع هَذَا، وَحِينَئِذٍ فَيكون اشْتِرَاط الثِّقَة خَاصّا بالْحسنِ لذاته، والاكتفاء بالمستور بالصالح على وَجه اللف والنشر والمرتب، وَقَوله: [وَمن شذوذ قد سلم] يعْنى كلا مِنْهُمَا، ويتأيد بقوله فى بعض تصانيفه، إِنَّه لَو قيل: إِنَّه الحَدِيث الذى فى سَنَده الْمُتَّصِل مَسْتُور، وَهُوَ خَال عَن عِلّة قادحة، لم يكن بَعيدا، قَالَ: وَلَا شكّ أَن من الحَدِيث مَا لم يكن [/ 99] ضَعِيفا بِمرَّة وَلَا حسنا، كَحَدِيث أنس الذى سكت عَلَيْهِ أَبُو دَاوُد يرفعهُ: " عَلَيْكُم بالدلجة فَإِن الأَرْض تطوى بِاللَّيْلِ " فَإِن فى سَنَده أَبَا جَعْفَر الرازى واسْمه عبد الله بن ماهان، وَقد تكلم فِيهِ، لكنه غير ضَعِيف بِمرَّة، حَتَّى وَثَّقَهُ بَعضهم، وَهَذَا يقتضى إِفْرَاد نوع متوسط بَين الْحسن والضعيف، قَالَ: وَيشْهد لذَلِك صَنِيع المنذرى فى " اختصاره السّنَن "، فَإِنَّهُ تعقب كثيرا من الْأَحَادِيث من حَيْثُ أَنه سكت عَلَيْهَا، وَلَيْسَت على شَرط الْحسن، فَإِن هَذَا مِمَّا يظْهر نوع الصَّالح، قَالَ: وَحِينَئِذٍ فَمَا سكت عَلَيْهِ، وَلم يبلغ دَرَجَة الصَّحِيح، فَإِن أقره المنذرى عَلَيْهِ فَهُوَ حسن، وَإِن اعْترض عَلَيْهِ بِمَا لَا يقتضى أَن لَا يكن حسنا فَهُوَ صَالح عِنْده، قلت: وَلَكِن لماذا يأتى مَا قَدمته وَنَحْوه قَول يَعْقُوب بن شيبَة فى بعض الْأَحَادِيث: إِسْنَاده وسط " " لَيْسَ بالثبت "، و " لَا السَّاقِط "، فَهُوَ الصَّالح " انْتهى، قَالَ هُنَا يظْهر أَن كَلَام ابْن الصّلاح: " مَا وَجَدْنَاهُ فى " كتاب أَبى دَاوُد " مَذْكُورا [مُطلقًا] وَلَيْسَ " فى أحد الصَّحِيحَيْنِ "، وَلَا نَص على صِحَّته أحد مِمَّن يُمَيّز بَين الصِّحَّة، وَالْحسن عَرفْنَاهُ بِأَنَّهُ من الْحسن عِنْده ": فِيهِ نظر بِمُقْتَضى اصْطِلَاح أَبى دَاوُد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 كَمَا أَشرت إِلَيْهِ. [قلت] : وَبعد هَذَا كُله فالاحتياط أَن لَا يُقَال فى الْأَحَادِيث الَّتِى سكت عَلَيْهَا، وَلم يُؤْخَذ لَهُ كَلَام عَلَيْهَا، عِنْد أحد من رُوَاة كِتَابه، وَلَا علل بِأحد من رواتها فى مَوضِع آخر: صَالح، وَعَلِيهِ مَشى ابْن الْمواق فى " بغية النقاد "، وَأما [/ 100] مَا سلكه البغوى فى [المصابيح] من جعله مَا انْفَرد بِهِ أَصْحَاب " السّنَن " عَن " الصَّحِيحَيْنِ " من الحسان، فَهُوَ اصْطِلَاح لَا يعرف، وَلذَلِك قَالَ النَّاظِم فَهُوَ [زَائِد] أى على اصْطِلَاح الْمُحدثين، كَيفَ وَقد قَالَ ابْن مَنْدَه عَن أَبى دَاوُد مَا أسلفته قَرِيبا؟ وَقَالَ غَيره: كَانَ من مَذْهَب النسائى أَن يخرج عَن كل من لم يجمع على تَركه، وَقَوله: [سكتا] هُوَ بالإشباع فِيهِ وفى الصِّحَّة مَعًا، لأجل النّظم وَكَذَا فى الْبَيْت الثانى اسْتِعْمَال إِلَّا أَو هُوَ جَائِز عِنْدهم، [والسجستانى] بِكَسْر الْمُهْملَة وَالْجِيم مَعًا، وَقيل: فى أَولهمَا الْفَتْح أَيْضا نِسْبَة إِلَى سجستان وهى بِلَاد مَعْرُوفَة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 الضَّعِيف والمضعف (119 - (ص) ثمَّ مضعف وَذَاكَ مَا ورد ... فِيهِ لبَعض ضعف متن أَو سَنَد) (120 - لم يجمعوا فِيهِ على التَّضْعِيف ... وَدون هَذَا رُتْبَة الضَّعِيف) (121 - وَهُوَ الذى وَلَو على ضعف حصل ... وَقيل مَا لم يكن لِلْحسنِ وصل) (ش) : أى ثمَّ تَلا مَا يقدم من الْأَنْوَاع [المضعف] وَهُوَ الذى يجمع على ضعفه، بل فِيهِ: إِمَّا فى الْمَتْن، أَو السَّنَد تَضْعِيف أهل الحَدِيث، وتقوية لآخرين، وَهُوَ أَعلَى مرتبَة من الضَّعِيف، بِمَعْنى الْمجمع على ضعفه فى إِتْيَانه ب [ثمَّ] مَا يقتضى إنحطاطه عَن سَائِر مَا سبق مُطلقًا، وَلَيْسَ كَذَلِك، لما يُوجد من هَذَا الْقَبِيل فى كتب ملتزمي الصِّحَّة حَتَّى البخارى، فليجعل كَلَام النَّاظِم على مَا إِذا كَانَ الضَّعِيف هُوَ الرَّاجِح أَو لم يرجح شئ، وَقَوله: [لم يجمعوا] تَأْكِيدًا لما فهم. وَأما الضَّعِيف فقد اخْتلف فى تَعْرِيفه، فَقيل: مَا اشْتَمَل على ضعف، وَقيل: مَا قصر عَن [/ 101] رُتْبَة الْحسن. وتتفاوت درجاته فى الضعْف بِحَسب بعده من شُرُوط [] ، كَمَا تَتَفَاوَت دَرَجَات الصَّحِيح بِحَسب تمكنه مِنْهَا، وَقد قسمه ابْن حبَان إِلَى قريب من خمسين قسما، وَكلهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 دَاخِلَة فى الضَّابِط الْمَذْكُور، فَلَا نطيل ببسطها، خُصُوصا وَقد بينتها فِيمَا كتبته على الألفية وَشَرحهَا. فَائِدَة: قد أثبت الذهبى نوعا من الضَّعِيف والموضوع سَمَّاهُ: " الْمَطْرُوح ". وعرفه: بِأَنَّهُ مَا نزل عَن رُتْبَة الضَّعِيف، وارتفع عَن رتبه الْمَوْضُوع، وَمثل لَهُ بِحَدِيث: عَمْرو بن سَمُرَة، عَن جَابر الجعفى، عَن الْحَارِث، عَن على، وبجويبر عَن الضَّحَّاك، عَن ابْن عَبَّاس وَهُوَ فى التَّحْقِيق [الْمَتْرُوك] كَمَا قَالَ شَيخنَا. (122 - (ص) وَقَوْلهمْ هَذَا صَحِيح سندا ... وَغَيره لَا يقتضيها أبدا) (ش) : وَقَول أهل الحَدِيث: هَذَا [صَحِيح الْإِسْنَاد] لَا يقتضى الحكم للمتن بِالصِّحَّةِ، لِأَنَّهُ قد يَصح الْإِسْنَاد لثقة رِجَاله وَلَا يَصح الْمَتْن لشذوذ أَو عِلّة، وَقد ضعف غير وَاحِد من الْأَئِمَّة أَحَادِيث بعد أَن حكمُوا على أسانيدها بِالصِّحَّةِ، وَمِنْهُم: الْحَاكِم، وَكَذَا إِذا قَالُوا: هَذَا إِسْنَاد ضَعِيف، لَا يقتضى الحكم للمتن بالضعف لاحْتِمَال مَجِيئه بِإِسْنَاد آخر صَحِيح، وَقَول النَّاظِم: [لَا يقتضيها أبدا] أى: لَا يقتضى القَوْل بِالصِّحَّةِ أَو الضعْف الْمقَالة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 بذلك مُطلقًا سندا ومتنا، بل تخْتَص بالسند لَكِن قَالَ ابْن الصّلاح: " إِن ذَلِك إِن صدر من إِمَام مُعْتَمد مِنْهُم من غير تعقب، فَالظَّاهِر اعْتِمَاده سندا ومتنا ". الْمسند (123 - (ص) و المسند الْمُتَّصِل الإسنادا ... قيل وَلَو وقف بعض زادا) (ش) : [الْمسند] هُوَ الذى اتَّصل إِسْنَاده من وراته إِلَى منتهاه. وَعبر شَيخنَا بقوله: هُوَ مَرْفُوع صحابى بِسَنَد ظَاهر الِاتِّصَال، ليشْمل مَرَاسِيل صغَار الصَّحَابَة، وخفى الْإِرْسَال، وَمثل ذَلِك: عَن الزهرى، عَن ابْن عَبَّاس، عَن النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ، فَإِنَّهُ مُسْند وَإِن لم يسمع الزهرى ابْن عَبَّاس. وَقد صرح ابْن عبد الْبر بِأَنَّهُ الْمَرْفُوع إِلَى النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] مُتَّصِلا كَانَ أَو مُنْقَطِعًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 وَمثل للثانى [مَالك عَن] الزهرى، عَن ابْن عَبَّاس، وللأول: بِبَعْض الْأَمْثِلَة، وَحكى فِيهِ الِاتِّفَاق، فَإِنَّهُ قَالَ عقبه: " فَهَذَا مُسْند عِنْد الْجَمِيع، لِأَنَّهُ مُتَّصِل الْإِسْنَاد مَرْفُوع "، وَلَكِن قد قطع الْحَاكِم بِأَنَّهُ لَا يَقع إِلَّا على مَا تصل مَرْفُوعا إِلَى النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] نعم قَالَ الْخَطِيب نقلا عَن أهل الحَدِيث: " إِن أَكثر مَا يسْتَعْمل فِيمَا جَاءَ عَن النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] دون مَا جَاءَ عَن الصَّحَابَة وَغَيرهم "، فعلى هَذَا يَقع أَيْضا على الْمَوْقُوف، وَهُوَ قَول ابْن الصّباغ، وَجَمَاعَة، لَكِن الْأَكْثَر على خِلَافه، وَلذَلِك أوردهُ النَّاظِم بِصِيغَة التمريض، وَأبْهم قَائِله وَتَقْدِير الْكَلَام قيل: وَلَو مَوْقُوفا فِيمَا زَاده بَعضهم، وَمن حكايته علم أَن الذى قبله يُفِيد الرّفْع. [والمتصل] صفة مَوْصُوف مَحْذُوف تَقْدِيره: الْمسند الحَدِيث الْمُتَّصِل وميز الِاتِّصَال بقوله: [الْإِسْنَاد] على نَحْو الْعشْرُونَ الدِّرْهَم، وينقسم الْمسند إِلَى الصَّحِيح وَغَيره. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 تَعْرِيف الْمَرْفُوع (124 - (ص) وَالْخَبَر الْمَرْفُوع مَا أضيفا ... إِلَى النبى وَلم يكن مَوْقُوفا) (ش) : [الْمَرْفُوع] هُوَ مَا أضيف إِلَى النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] خَاصَّة من قَول أَو فعل أَو تَقْرِير، سَوَاء كَانَ مُتَّصِلا، أَو مُنْقَطِعًا، وَيدخل فِيهِ الْمُرْسل وَنَحْوه ويشمل الضَّعِيف وَغَيره. وَقَالَ الْخَطِيب: [الْمَرْفُوع] مَا أخبر [فِيهِ] الصحابى عَن قَول [/ 103] الرَّسُول [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] أَو فعله فخصه بالصحابة فَيخرج [عَنهُ] مُرْسل التابعى فَمن بعده [عَن رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]] ، وَلَكِن الْمَشْهُور الأول مَعَ أَن شَيخنَا، قَالَ: إِنَّه يجوز أَن يكون ذكره للصحابى على سَبِيل الْمِثَال، أَو الْغَالِب دون التَّقْيِيد والحصر، ويتأيد بِكَوْن الرّفْع إِنَّمَا ينظر فِيهِ إِلَى الْمَتْن دون الْإِسْنَاد، وَقَول النَّاظِم: [وَلم يكن مَوْقُوفا] هُوَ تَأْكِيد ألجأ إِلَيْهِ النّظم وَإِلَّا فَهُوَ لم يدْخل، وَلَا ذكر مَا يُوهم دُخُوله حَتَّى يكون. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 للِاحْتِرَاز. مَا لَهُ حكم الرّفْع (125 - (ص) وَصَاحب يَقُول كُنَّا نصْنَع ... كَذَا أمرنَا ونهينا رفعوا) (126 - كَذَاك ينميه كَذَا يبلغ بِهِ ... أَو فى الْقرَان كنزول بِسَبَبِهِ) (127 - كَذَا الذى عَلَيْهِ لَا يطلع ... كَذَا حَدِيث قَالَ قَالَ يرفع) (ش) : أى هَذِه الْأَلْفَاظ لَهَا حكم الرّفْع، مِنْهَا: أَن قَول الصحابى كُنَّا نقُول كَذَا و [كُنَّا نصْنَع] وَهُوَ مَرْفُوع على الصَّحِيح قطع بِهِ الْحَاكِم وَالْجُمْهُور، وَقيل: مَوْقُوف، وَهُوَ بعيد لِأَن الظَّاهِر أَنه [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] اطلع عَلَيْهِ وقررهم، واطلق النَّاظِم الحكم بِرَفْعِهِ تبعا للْحَاكِم، وَالْفَخْر الرازى فَهُوَ القوى، وَإِن قَيده الْخَطِيب وَغَيره بِمَا إِذا أضَاف إِلَى زمن النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] لكَونه لَا يجوز فى حَقه أَن يعلم إِنْكَاره [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] لذَلِك وَلَا يُبينهُ، أما إِذا لم يصفه إِلَى زَمَنه [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] فَهُوَ مَوْقُوف. وَمِنْهَا: قَول الصحابى أَيْضا [أمرنَا ونهينا] عَن كَذَا، " وَأمر بِلَال بِكَذَا " مَرْفُوع عِنْد أهل الحَدِيث، وَأكْثر الْعلمَاء، لِأَن الظَّاهِر أَنه [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] هُوَ الْآمِر والناهى، وَقَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ وَغَيره: لَيْسَ بمرفوع وَالصَّحِيح الأول [/ 104] وَسَوَاء كَانَ قَوْله ذَلِك فى حَيَاته [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] أَو بعده. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 وَمِنْهَا: إِذا قيل عَن الصحابى [ينميه أَو يبلغ بِهِ] وَنَحْو ذَلِك كيرفع الحَدِيث، أَو يرويهِ، فَإِن كل هَذَا كِنَايَة عَن رَفعه، وَحكمه حكم الْمَرْفُوع صَرِيحًا، كَذَا إِذا قيل عَن التابعى: يرفع الحَدِيث وَنَحْوه، فَهُوَ مَرْفُوع أَيْضا لكنه يُرْسل وَأبْدى المنذرى للعدول عَن التَّصْرِيح بالرسول [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] حِكْمَة، وَهُوَ: شكّ الراوى فى الصِّيغَة بِعَينهَا، فَلم يجْزم أَو أَتَى بِلَفْظ يدل على الرّفْع، وَيُؤَيِّدهُ قَول أَبى قلَابَة عَن أنس: " من السّنة إِذا تزوج ". الحَدِيث. يتلوه لَو شِئْت لَقلت: إِن أنسا رَفعه إِلَى النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] . فَإِن مَعْنَاهُ: أَنى لَو قلت رَفعه لَكُنْت صَادِقا بِنَاء على الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى، لكنه تحرز عَن ذَلِك لِأَن قَوْله: " من السّنة " إِنَّمَا يحكم لَهُ بِالرَّفْع بطرِيق نظرى، وَيحْتَمل أَيْضا أَن يكون شكّ فى ثُبُوت ذَلِك عَن النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] فَلم يجْزم بِلَفْظ قَول رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : كَذَا، بل كنى عَنهُ تجوزا، لِأَن قَوْله: " من السّنة " إِنَّمَا حكم، وَيحْتَمل أَن يكون طلبا للاختصار، وَمِنْهَا: قَول الصحابى فى تَفْسِير الْقُرْآن مَرْفُوع، إِذا كَانَ يتَعَلَّق بِسَبَب النُّزُول كَقَوْل جَابر: " كَانَت الْيَهُود تَقول من أَتَى امْرَأَته من دبرهَا فى قبلهَا جَاءَ أَحول فَأنْزل الله تَعَالَى: {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم} " الْآيَة، فَأَما تفاسير الصَّحَابَة الَّتِى لَيست من هَذَا وَلَا يشْتَمل على إِضَافَة شئ إِلَى رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] فمعدودة فى الْمَوْقُوفَات [/ 105] خلافًا للْحَاكِم، وَكَذَا كل مَا قَالَه الصحابى مِمَّا لم يُمكن يطلع عَلَيْهِ إِلَّا بتوقيف من النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] مثل حَدِيث ابْن مَسْعُود (لقد رأى من آيَات ربه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 الْكُبْرَى} ، قَالَ: " رأى رفرفا أَخْضَر سد أفق السَّمَاء " رَوَاهُ البخارى، فَهَذَا مَعْلُوم أَنه لَا يَقُوله إِلَّا عَن تَوْقِيف، وَقيل: إِن مَحل هَذَا مَا إِذا لم يكن الصحابى إخذ عَن الْإسْرَائِيلِيات، وَفِيه نظر، لِأَنَّهُ بصدد بَيَان شريعتهم فَلَا يظنّ بهم النَّقْل عَن غَيرهَا، من غير تَمْيِيز لذَلِك، وَكَذَا حَدِيث ابْن سِيرِين، عَن أَبى هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ: " إِن الْمَلَائِكَة تصلى على أحدكُم ". الحَدِيث، وَنَحْو ذَلِك مِمَّا يقتصرون فِيهِ على القَوْل مَعَ حذف الْقَائِل مَرْفُوع أَيْضا، فقد قَالَ مُحَمَّد بن سِرين: كل شئ أحدث بِهِ عَن أَبى هُرَيْرَة رضى الله عَنهُ فَهُوَ مَرْفُوع. انْتهى. قَالَ مُوسَى بن هَارُون: إِذْ قَالَ حَمَّاد بن زيد والبصريون: (قَالَ) قَالَ: فَهُوَ مَرْفُوع حَكَاهُ الْخَطِيب، وَقَالَ: قلت للبرقانى أَحسب أَن مُوسَى عَنى بِهَذَا القَوْل أَحَادِيث ابْن سِيرِين خَاصَّة، فَقَالَ: كَذَا يجب، وَأورد الْخَطِيب من طَرِيق إِدْرِيس الأزدى عَن أَبِيه، عَن أَبى هُرَيْرَة - رضى الله عَنهُ -، قَالَ: قَالَ فَذكر حَدِيثا، وَمن طَرِيق أَبى منيب العتكى، عَن بُرَيْدَة، عَن أَبِيه حَدِيثا آخر، قَالَ: فعلى مَا ذكر مُوسَى يعْنى من الِاخْتِصَار لَيْسَ مِمَّا يعد مَرْفُوعا وَإِنَّمَا (سَببه) فيهمَا بِالرَّفْع، قَالَ: وَقد ورد من غير الطَّرِيقَيْنِ الْمَذْكُورين مَرْفُوعا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 تَعْرِيف الْمَوْقُوف والموصول (128 - (ص) والعاشر الْمَوْقُوف ضد مَا ارْتَفع ... لَكِن مَوْصُولا عَلَيْهِمَا يَقع) (ش) : أى: [والعاشر] من الْأَنْوَاع الَّتِى سردها: [الْمَوْقُوف] وَقد اقْتصر فى تَعْرِيفه على أَنه [/ 106] ضد الْمَرْفُوع. وَهَذَا لَيْسَ بجيد لصدقه على الْمَقْطُوع فَإِنَّهُ لم يضف إِلَى النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ، وَالصَّوَاب: أَن الْمَوْقُوف عِنْد الْإِطْلَاق هُوَ المروى عَن الصحابى قولا، أَو نَحوه مُتَّصِلا كَانَ أَو مُنْقَطِعًا، كَمَا أَن الْمَرْفُوع هُوَ مَا أضيف إِلَى النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] مُتَّصِلا كَانَ أَو مُنْقَطِعًا وَيسْتَعْمل الْمَوْقُوف أَيْضا فى المروى عَن غير الصَّحَابَة، لَكِن مُقَيّدا فَيُقَال وَقفه فلَان على الزهرى وَنَحْو ذَلِك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 [والموصول] وَيُسمى الْمُتَّصِل أَيْضا: هُوَ مَا اتَّصل إِسْنَاد سَماع كل راو لَهُ مِمَّن فَوْقه إِلَى منتهاه، وَمن يرْوى الرِّوَايَة بِالْإِجَازَةِ يُرِيد أَو إِجَازَته، وَيدخل فِيهِ، الضَّعِيف وَغَيره، وَسَوَاء كَانَ مَرْفُوعا إِلَى النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] أَو مَرْفُوعا على غَيره، فالمتصل الْمَرْفُوع مثل: مَالك، عَن ابْن شهَاب، عَن سَالم، عَن ابْن عمر، عَن النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ، والمتصل الْمَوْقُوف مثل: مَالك، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، عَن عمر قَوْله. وَلذَلِك اشْترط النَّاظِم من كَون الْمَوْقُوف ضد الْمَرْفُوع أَنَّهُمَا يَشْتَرِكَانِ فى إِطْلَاق الْمَوْصُول عَلَيْهِمَا بقوله: [لَكِن مَوْصُولا عَلَيْهِمَا يَقع] فَصَارَ ذَلِك تعريفا للموصول. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 الْمُرْسل (129 - (ص) و المرسل الذى يَقُول التابعى ... قَالَ النبى بِلَا صِحَاب رَافع) (ش) : [الْمُرْسل] على الْمَشْهُور هُوَ قَول التابعى كَبِيرا كَانَ أَو صَغِيرا قَالَ النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ، وَاقْتصر النَّاظِم عَلَيْهِ، لكَونه هُوَ الْمُعْتَمد، وَإِلَّا فقد قَيده بَعضهم بالكبير، بل أطلقهُ الْفُقَهَاء والأصوليون على قَول من دون التابعى - مُنْقَطِعًا، كَانَ، أَو معضلا - قَالَ النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 ، وَلذَلِك قَالَ ابْن الْحَاجِب فى " الْمُخْتَصر " والمرسل: " قَول غير [/ 107] الصحابى قَالَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ، وَقَوله: [صِحَاب] هُوَ بِفَتْح أَوله وتنوين آخِره، أَصله صحابى حذف يَاء النّسَب. [وَرَافِع] بِالْجَرِّ صفة لَهُ، ثمَّ إِن مُرَاده بقوله [بِلَا صِحَاب] عدم الوساطة بَين التَّابِعين وَبَين الرَّسُول. حكم الْمُرْسل (130 - (ص) وَهل يكون حجَّة فِيهِ اخْتلف ... نعم إِذا أسْند من وَجه عرف) (131 - أَو مُرْسل آخر أَو يفصل ... بِالْكبرِ أَو من عَن ثِقَات ينْقل) (ش) : هَذَا بَيَان لحكم الْمُرْسل فى الِاحْتِجَاج وَعَدَمه، وَقد اخْتلف فِيهِ، فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك، وَأحمد فى رِوَايَة وَجها عَنهُ: يحْتَج بِهِ، وَمنع ذَلِك آخَرُونَ، والذى عَلَيْهِ جَمَاهِير الْعلمَاء والمحدثين وَهُوَ الْأَصَح: أَنه يكون حجَّة إِذا اعتضد بمجيئه من وَجه آخر مُسْندًا، وَكَذَا من وَجه آخر مُرْسلا لَكِن لَيْسَ على إِطْلَاقه كَمَا اقْتَضَاهُ النّظم، بل هُوَ مُقَيّد لمرسل أَخذ مرسله الْعلم من غير رجال الْمُرْسل الأول فَحِينَئِذٍ إِذا اعتضد بِأحد هذَيْن الْأَمريْنِ يلْتَحق بالْحسنِ، وَمَا قيل إِذا جَاءَ من وَجه آخر مُسْند مَقْبُول، من أَن الْعَمَل حِينَئِذٍ يكون بالمسند لَا بالمرسل فَلَا فَائِدَة فِيهِ، فَلَيْسَ بجيد، إِذْ بالمسند يتَبَيَّن صِحَة الْمُرْسل، وَيكون فى الحكم حديثان صَحِيحَانِ، بِحَيْثُ لَو عارضهما حَدِيث من طَرِيق وَاحِدَة رجح عَلَيْهِ، وَعمل بهما، وَأَيْضًا فَنحْن لَا نشترط فى الْمسند الذى يعتضد الْمُرْسل بِهِ أَن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 يكون حجَّة بِانْفِرَادِهِ، بل لَو كَانَ فِيهِ يسير ضعف كفى، وَقَوله أَو يفصل أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا نَص عَلَيْهِ الشافعى - رَحمَه الله -[/ 108] تَعَالَى فى " الرسَالَة " حَيْثُ قَالَ: إِن مَرَاسِيل كبار التَّابِعين حجَّة إِن جَاءَت من وَجه آخر، وَلَو مُرْسلَة، أَو كَانَ الْمُرْسل لَو سمى، لَا يُسمى إِلَّا ثِقَة، كَذَا إِذا اعتضدت بقول صحابى أَو أَكثر الْعلمَاء يكون حجَّة، وَلَا ينتهى إِلَى رُتْبَة الْمُتَّصِل، قَالَ: وَأما مَرَاسِيل غير كبار التَّابِعين فَلَا أعلم أحدا قبلهَا. وَأما قَول الشافعى - رَحمَه الله تَعَالَى - فى " مُخْتَصر المزنى ": وإرسال سعيد بن الْمسيب عندنَا حسن، ففى مَعْنَاهُ قَولَانِ لأَصْحَابه، أَحدهمَا: أَن مراسيله حجَّة، لِأَنَّهَا فتشت فَوجدت مُسندَة، والثانى: أَنه يرجح بهَا لكَونهَا من أكَابِر عُلَمَاء التَّابِعين، لَا أَنه يحْتَج بهَا، وَالتَّرْجِيح بالمرسل صَحِيح. وصحيح الْخَطِيب هَذَا الثانى، ورد الأول فى مَرَاسِيل سعيد مَا لم يُوجد مُسْندًا بِحَال من وَجه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 تَعْرِيف الْمُرْسل الخفى والمزيد فى مُتَّصِل الْأَسَانِيد (132 - (ص) واعرف خفى مُرْسل من مُسْند ... وَمَا يُزَاد فى اتِّصَال سَنَد) (ش) : اشْتَمَل هَذَا الْبَيْت على الْإِشَارَة لنوعى الْمُرْسل الخفى، والمزيد فى مُتَّصِل الْإِسْنَاد وهما مهمان، أفرد الْخَطِيب فى كل مِنْهُمَا تصنيفا لَكِن لم يعرف النَّاظِم وَاحِدًا مِنْهُمَا، بل اقْتصر على الْأَمر بِمَعْرِِفَة الْإِرْسَال الخفى من السَّنَد الذى ظَاهره الِاتِّصَال وَكَذَا مَا يُزَاد فى السَّنَد الْمُتَّصِل. فَأَما الْمُرْسل الخفى: فَسمى بذلك احْتِرَازًا عَن الظَّاهِر لكَونه لَا يدْرك إِلَّا بكشف وَبحث واتساع علم من الْحَافِظ الجهبذ، فَهُوَ على مَا حَقَّقَهُ شَيخنَا مَا رَوَاهُ المعاصر لمن روى عَنهُ وَلم يلقه بِلَفْظ موهم للسماع. مِثَاله: حَدِيث رَوَاهُ ابْن ماجة من طَرِيق [/ 109] عمر بن عبد الْعَزِيز، عَن عقبَة بن عَامر مَرْفُوعا: " رحم الله حارس الحرس ": وَعمر لم يلق عقبَة كَمَا جزم بِهِ المزى فى " الْأَطْرَاف ". وَكَذَا مَا رَوَاهُ الْحسن البصرى عَن أَبى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 هُرَيْرَة على القَوْل بِأَنَّهُ لم يره، وبالتنصيص على ذَلِك من إِمَام مطلع بِعلم الْإِرْسَال وَكَذَا بإخباره عَن نَفسه بِعَدَمِ السماع مِمَّن روى عَنهُ مُطلقًا كأحاديث أَبى عُبَيْدَة ابْن عبد الله ابْن مَسْعُود، عَن أَبِيه، فَإِن الترمذى روى أَن عَمْرو بن مرّة، قَالَ لأبى عُبَيْدَة: هَل تذكر من عبد الله شَيْئا؟ قَالَ: لَا، وَلَا يكفى فى الْعلم بذلك أَن يَقع فى بعض الطّرق زِيَادَة راو بَينهمَا إِلَّا بتمييز الْحَافِظ النَّاقِد، لِأَنَّهُ رُبمَا كَانَ الحكم للزائد، وَرُبمَا كَانَ للناقص، وَالزَّائِد وهم فَيكون من الْمَزِيد فى الْمُتَّصِل الْأَسَانِيد، وَهُوَ أحد النَّوْعَيْنِ الْمشَار إِلَيْهِمَا، وميز شَيخنَا تبعا لغيره أَولهمَا عَن المدلس، لقصر التَّدْلِيس على رِوَايَة الْمُحدث عَن من سمع مِنْهُ، مَا لم يسمع مِنْهُ بِلَفْظ موهم، متمسكا بِأَن أهل الحَدِيث قد أطبقوا على أَن رِوَايَة المخضرمين مثل: أَبى حَازِم، وأبى عُثْمَان النهدى، وَغَيرهمَا عَن النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] من قبيل الْمُرْسل لَا من قبيل التَّدْلِيس. الْمَقْطُوع (133 - (ص) وَالْخَبَر الْمَقْطُوع وَهُوَ مَا وقف ... قولا وفعلا عَن تَابع وصف) (ش) : [الْمَقْطُوع] وَهُوَ مَا جَاءَ عَن التَّابِعين من أَقْوَالهم وأفعالهم مَوْقُوفا عَلَيْهِم، وَاسْتَعْملهُ الشافعى، وَهُوَ سَابق لاصطلاحهم، والطبرانى وَغَيرهمَا فى الْمُنْقَطع وَلَيْسَ بِهِ كَمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 سيأتى. وعَلى كل حَال فكلاهما لَيْسَ بِحجَّة [/ 110] لَكِن قَالَ الْخَطِيب فى " جَامِعَة ": الْمَوْقُوفَات على التَّابِعين، وَيلْزم كتبهَا، وَالنَّظَر فِيهَا ليتخير من مذاهبهم. وَيجمع الْمُنْقَطع على مقاطيع ومقاطع، وَقَوله: [وصف] ، تَأْكِيد لتابع كَأَنَّهُ قَالَ وصف بِكَوْنِهِ مَقْطُوعًا، وعَلى كليهمَا فَهُوَ زِيَادَة. الْمَقْطُوع (134 - (ص) مُنْقَطع الحَدِيث مَا لم يتَّصل ... أَو كَانَ من قبل الصحابى لم يصل) الْمُنْقَطع (135 - (ص) بساقط ومعضل فاثنان ... مَعًا فَصَاعِدا أَو قيل ذان) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 المعنعن (136 - (ص) من جملَة الْمُرْسل والمعنعن ... كَمثل عَن فلَان والمؤنن) (137 - أَن فلَانا أَو لبَعض مُنْقَطع ... أَو مُرْسل وَالْقَوْل فيهمَا جمع) (138 - إِن ثِقَة لقاؤه بِهِ ثَبت ... فَإِنَّهُ مُتَّصِل بِغَيْر بت) (ش) : اشْتَمَلت هَذِه الآبيات على عدَّة أَنْوَاع، أَحدهمَا: الْمُنْقَطع: وَهُوَ مَا ذهب إِلَيْهِ طوائف من الْفُقَهَاء وَغَيرهم والخطيب وَابْن عبد الْبر من الْمُحدثين وَمَشى عَلَيْهِ النَّاظِم مَا لم يتَّصل إِسْنَاده على أى وَجه كَانَ. حَكَاهُ النووى فى " إرشاده "، فَهُوَ أَعم من الْمُرْسل والمعضل مُطلقًا، وهما أخص مِنْهُمَا مُطلقًا، وَلذَلِك قَالَ الْخَطِيب: الْمُنْقَطع هُوَ مثل الْمُرْسل، إِلَّا أَن هَذِه الْعبارَة تسْتَعْمل غَالِبا فى رِوَايَة من دون التابعى عَن الصَّحَابَة مثل: مَالك عَن ابْن عمر، أَو الثورى، عَن جَابر، أَو شُعْبَة، عَن أنس، وَجعل الْحَاكِم من جملَة صوره مِمَّا سقط مِنْهُ راو قبل الْوُصُول إِلَى التابعى الذى هُوَ مَحل الْإِرْسَال، ثمَّ ذكر لَهُ مِثَالا فِيهِ انْقِطَاع من موضِعين قبل الْوُصُول إِلَى التابعى، وَلم يحصر الْمُنْقَطع فى هَذَا بل جعل ايضا من صوره مَا لم يسم [/ 111] تَابعه فِيهِ، وَحِينَئِذٍ فاقتصار من اقْتصر فى الْحِكَايَة عَنهُ عَن الأول ثمَّ اعتراضه بِأَنَّهُ لَو سقط مِنْهُ التابعى كَانَ مُنْقَطِعًا أَيْضا وَكَانَ الأولى أَن يَقُول: مَا سقط مِنْهُ قبل الْوُصُول إِلَى الصحابى شخص وَاحِد، لم يُلَاحظ فِيهِ مَجْمُوع كَلَامه، لما تبين من أَنَّهَا أَيْضا من صُورَة، وَإِذا كَانَ يُسَمِّيه مُنْقَطِعًا مَعَ إِبْهَام تابعيه، فَمَعَ إِسْقَاطه أصلا من بَاب أولى، وَقد أَشَارَ النَّاظِم إِلَى القَوْل فى تَعْرِيف الْمُنْقَطع: بِأَنَّهُ مَا سقط مِنْهُ قبل الْوُصُول إِلَى الصحابى وَاحِد بقوله: [أَو كَانَ من قبل الصحابى لم يصل] سَاقِط، يعْنى لَا بِأَكْثَرَ، فَهُوَ مباين للْأولِ فَإِنَّهُ لعدم تَقْيِيده بِوَاحِد معِين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 يُسمى مَا سقط مِنْهُ الصحابى مُنْقَطِعًا، وَلذَلِك قَالَ شَيخنَا: وَإِن كَانَ السقط بِاثْنَيْنِ غير متواليين فى موضِعين مثلا، فَهُوَ الْمُنْقَطع، وَكَذَا إِن سقط وَاحِد فَأكْثر أَو أَكثر من اثْنَيْنِ بِشَرْط عدم التوالى] وَحكى الْخَطِيب عَن بعض عُلَمَاء الحَدِيث: أَنه مَا روى عَن التَّابِعِيّ أَو من دونه مَوْقُوفا عَلَيْهِ من قَوْله، أَو فعله، أَو كَمَا قَالَ ابْن الصّلاح: غَرِيب بعيد. ثَانِيهَا: [المعضل] ، وَأَصْحَاب الحَدِيث يَقُولُونَ: أعضل، فَهُوَ معضل، وَهُوَ مَا سقط من سَنَده اثْنَان فَصَاعِدا من أى مَوضِع كَانَ كَقَوْل مَالك: قَالَ النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وكقول الشافعى: قَالَ ابْن عمر، وَيُسمى مُنْقَطِعًا عِنْد بعض، ومرسلا عِنْد آخَرين، وَلذَلِك عرف الْفُقَهَاء والأصوليون الْمُرْسل كَمَا سلف: بقول من دون التابعى: قَالَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ، [/ 112] يعنون سَوَاء كَانَ مُنْقَطِعًا أَو معضلا، وَإِلَيْهِ أَشَارَ النَّاظِم بقوله: [وَقيل ذان] من جملَة الْمُرْسل فَإِذا روى تَابع التابعى عَن التابعى حَدِيثا وَقفه عَلَيْهِ، وَهُوَ مَرْفُوع مُتَّصِل عَن ذَلِك التابعى بِأَن تجئ من طَرِيق أُخْرَى كَذَلِك، فقد جعله الْحَاكِم نوعا من العضل، قَالَ ابْن الصّلاح: وَهَذَا أحسن لِأَن التابعى أعضله فَسقط الصحابى وَالرَّسُول [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] مَعًا. ثَالِثهَا: [المعنعن] : وَهُوَ قَول الراوى فى السَّنَد كَأَن عَن فلَان. وَاخْتلف فِيهِ فَذهب بَعضهم إِلَى أَنه من قبيل الْمُرْسل، أَو الْمُنْقَطع، حَتَّى يتَبَيَّن بِغَيْرِهِ اتِّصَاله، وَالصَّحِيح عِنْد محققى الْمُحدثين وَالْفُقَهَاء والأصوليين أَنه مُتَّصِل إِذا كَانَ الراوى ثِقَة، وَأمكن لقاؤهما، مَعَ براءتهما من التَّدْلِيس، وَكَاد ابْن عبد الْبر يدعى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 إِجْمَاع أهل الحَدِيث عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ قَالَ فى مُقَدّمَة " التَّمْهِيد ": (اعْلَم [- وفقك الله -] أَنى تَأَمَّلت أقاويل [أَئِمَّة] أهل الحَدِيث، وَنظرت فى كتب من اشْترط الصَّحِيحَيْنِ فى النَّقْل مِنْهُم، وَمن لم يشْتَرط، فوجدتهم أَجمعُوا على قبُول الْإِسْنَاد المعنعن، لَا خلاف بَينهم فى ذَلِك إِذا جمع شُرُوطًا، وهى: عَدَالَة الْمُحدثين. ولقاء بَعضهم بَعْضًا مجالسة ومشاهدة. (" وَأَن يَكُونُوا برَاء من التَّدْلِيس ") . والأولان قد أَشَارَ النَّاظِم إِلَيْهِمَا بقوله: [إِن ثِقَة لقاؤه بِهِ ثَبت] وأخل بالثالث وَلَا بُد من اشْتِرَاطه وَلَيْسَ اشْتِرَاط الثِّقَة مغنى عَنهُ، ثمَّ إِن اشْتِرَاط اللِّقَاء هُوَ الذى عَلَيْهِ أَئِمَّة الحَدِيث كالبخارى، وَابْن المدينى وَغَيرهمَا فِيمَا قيل [/ 113] وَصرح بِهِ أَبُو بكر الصيرفى وَغَيره. وَنَحْوه قَول الدانى يكون مَعْرُوفا بالرواية عَنهُ، وَأنكر مُسلم فى خطْبَة صَحِيحه، وَقَالَ: إِنَّه قَول مخترع، وَإِن الْمُتَّفق عَلَيْهِ بِإِمْكَان لقائيهما، لِكَوْنِهِمَا فى عصر وَاحِد، وَإِن لم يَأْتِ فى خبر قطّ أَنَّهُمَا اجْتمعَا ورد بَعضهم عَلَيْهِ وَقَيده أَبُو الْحسن القابسى بِمَا إِذا أدْركهُ أَو رَآهُ بَينا، ثمَّ إِنَّمَا يقدم مَحَله فى غير الْمُتَأَخِّرين، لكَوْنهم كَمَا قَالَ ابْن الصّلاح: كثيرا اسْتِعْمَال (عَن) بَينهم فى الْإِجَازَة، فَإِذا قَالَ أحدهم: قَرَأت على فلَان، عَن فلَان وَنَحْو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 ذَلِك فيظن بِهِ أَنه رَوَاهُ عَنهُ إجَازَة. رَابِعهَا: [المؤنن] وَيُقَال لَهُ المؤنان وَهُوَ: قَول الراوى أَن فلَان ابْن فلَان. قَالَ كَذَا. أَو ذكر (أَو) حَدِيث أَو نَحْو ذَلِك. وَقد اخْتلف فِيهِ أَيْضا فبعض قَالَ: إِنَّه مُنْقَطع، وَبَعض مُرْسل، والذى حَكَاهُ ابْن عبد الْبر عَن الْجُمْهُور أَن (عَن) و (أَن) سَوَاء، وَأَنه لَا اعْتِبَار بالحروف والألفاظ، وَإِنَّمَا هُوَ باللقاء والمجالسة وَالسَّمَاع والمشاهدة، يعْنى مَعَ السَّلامَة من التَّدْلِيس، وَإِن أخل بِهِ النَّاظِم فَإِذا صَحَّ سَماع بعض من بعض حمل على الِاتِّصَال، أى لفظ كَانَ حَتَّى يتَبَيَّن الِانْقِطَاع، وَمَا حَكَاهُ ابْن الصّلاح هُوَ عَن الإِمَام أَحْمد، وَيَعْقُوب بن شيبَة، مِمَّا يُخَالف هَذَا فالتحقيق أَنه لَيْسَ من هَذَا الوادى كَمَا قَرَّرَهُ العراقى، ثمَّ إِن الذهبى وَغَيره من الْمُتَأَخِّرين قد استعملوا (أَن) فى الْإِجَازَة أَيْضا، فَيَقُولُونَ مثلا: أَن الْفَخر ابْن البخارى، أَن بَرَكَات بن إِبْرَاهِيم الخشوعى قَالَ: أَنا فلَان [/ 114] وَقَوله: [جمع] بِكَسْر الْمِيم، أى أَن المعنعن والمؤنن جمع فِيهَا اشْتِرَاط الثِّقَة واللقاء، وَيحْتَمل أَن يكون بفتحه، لَكِن فى اسْتِعْمَاله للمثنى الْمُذكر نظر، [ثِقَة] بِالنّصب، إِمَّا حَال اَوْ خبر ل كَانَ المحذوفة و [بت] أى قطع، وَأَشَارَ بهَا إِلَى الْخلاف الذى بَيناهُ. الْمُعَلق (139 - (ص) ثمَّ الْمُعَلق يُقَال أَو روى ... أَو نَحوه وَالْكل فى الأَصْل سوى) (140 - إِن جَاءَ مُسْندًا كَفعل الجعفى ... وخطؤوا ابْن حزمهم فى الضعْف) (ش) : [الْمُعَلق] : وَهُوَ مَا (حذف) أول سَنَده أَو جَمِيعه، وأضيف لمن فَوق الْمَحْذُوف بِصِيغَة الْجَزْم، ك [قَالَ] وَمِنْه قَول البخارى، وَقَالَ يحيى بن كثير، عَن عمر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 بن الحكم بن ثَوْبَان، عَن أَبى هُرَيْرَة " إِذا أَتَا فافطر " إِذْ روى. وَمِنْه قَول مُسلم فى التَّيَمُّم: وروى اللَّيْث بن سعيد ثَنَا ربيعَة، عَن عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز الْأَعْرَج، عَن عُمَيْر مولى ابْن عَبَّاس، أَنه سَمعه يَقُول: " أَقبلت أَنا وَعبد الله بن يسَار مولى مَيْمُونَة زوج النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] حَتَّى دَخَلنَا على أَبى الجهم بن الْحَارِث بن الصمَّة الأنصارى. . الحَدِيث " أَو نَحوه كل وَاحِد من هذَيْن اللَّفْظَيْنِ، مثل (فعل، وَأمر، وَذكر) ، وَغَيره من صِيغ الْجَزْم، وَحكمهَا حَسْبَمَا فهم من كَلَام النَّاظِم: الِانْقِطَاع، إِن لم تجئ مُسندَة، لَكِن إِن وَقع الحَدِيث فى كتاب التزمت صِحَّته كالبخارى فَمَا أَتَى فِيهِ فى الْجَزْم دلّ على أَنه ثَبت إِسْنَاده عِنْده، وَإِنَّمَا حذفه لغَرَض من الْأَغْرَاض وَمَا أَتَى فِيهِ بِغَيْر الْجَزْم فَفِيهِ مقَال، وَلَكِن إِيرَاده فى كتاب الصَّحِيح مشْعر بِصِحَّة أَصله، وَقَوله: [كَفعل الجعفى] يعْنى البخارى وَأَشَارَ بِهِ إِلَى مَا وَقع فى صَحِيحه [/ 115] حَيْثُ قَالَ: قَالَ هِشَام بن عمار، ثَنَا صَدَقَة بن خَالِد، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن جَابر، ثَنَا عَطِيَّة بن قيس ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن غنم، ثَنَا أَبُو عَامر، وَأَبُو مَالك الأشعرى، أَنه سمع رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] يَقُول: " لَيَكُونن فى أمتى قوم يسْتَحلُّونَ الْخَزّ الْحَرِير وَالْمَعَازِف " الحَدِيث، فَإِن هَذَا وَإِن أَتَى بِصِيغَة التَّعْلِيق لَا انْقِطَاع فِيهِ أصلا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 بِكَوْن البخارى لقى هشاما وَسمع مِنْهُ، وَقد تقرر عِنْد أَئِمَّة الحَدِيث: أَنه إِذا تحقق اللِّقَاء وَالسَّمَاع، مَعَ السَّلامَة من التَّدْلِيس، حمل مَا يرويهِ على السماع، بأى لفظ كَانَ، كَمَا يحمل قَول الصحابى: قَالَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ، على سَماع مِنْهُ، إِذا لم يظْهر خِلَافه، وخطئوا أَبَا مُحَمَّد بن حزم الظاهرى فى جعله ذَلِك مُنْقَطِعًا، قادحا، فى الصِّحَّة، وَلَيْسَ بجيد. وَالْمُخْتَار الذى لَا محيد عَنهُ أَن حكمه مثل غَيره من التَّعَالِيق، فَإِنَّهُ وَإِن قُلْنَا يُفِيد الصِّحَّة لجزمه بِهِ، فقد يحْتَمل أَنه لم يسمعهُ من شَيْخه الذى علقه عَنهُ، بِدَلِيل أَنه علق عدَّة أَحَادِيث عَن عدَّة من شُيُوخه الذى سمع مِنْهُم، ثمَّ أسندها فى مَوَاضِع أُخْرَى من كِتَابه، بِوَاسِطَة بَينه وَبَين من علق عَنهُ، بل علق فى تَارِيخه شَيْئا عَن بعض شُيُوخه، وَصرح بِأَنَّهُ لم يسمعهُ مِنْهُ، فَقَالَ فى تَرْجَمَة مُعَاوِيَة: قَالَ إِبْرَاهِيم بن مُوسَى فِيمَا حدثونى عَنهُ، عَن هِشَام بن يُوسُف فَذكر خيرا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 تعَارض الْوَصْل والإرسال وَالرَّفْع وَالْوَقْف (141 - (ص) والوصل والإرسال إِن تَعَارضا ... وَالرَّفْع وَالْوَقْف وَوصل الرِّضَا) (142 - فاحكم لَهُ وَقيل بل للمرسل ... كَمثل: لَا نِكَاح إِلَّا بولى) (ش) : فى [/ 216] هذَيْن الْبَيْتَيْنِ مسئلتان، أدرجهما فى خلال مَا سرده أَولا من الْأَقْسَام إِحْدَاهمَا إِذا روى ثِقَة حَدِيثا مُتَّصِلا وَرَوَاهُ ثِقَة غَيره مُرْسلا كَحَدِيث: " لَا نِكَاح إِلَّا بولى " رَوَاهُ إِسْرَائِيل وَجَمَاعَة، عَن أَبى إِسْحَاق السبيعى، عَن أَبى دَاوُد، عَن أَبى مُوسَى، عَن النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] عَن أَبى بردة، فقد قيل الحكم للمسند إِذا كَانَ عدلا ضابطا، قَالَ الْخَطِيب: وَهُوَ الصَّحِيح، وَسُئِلَ البخارى عَن هَذَا الحَدِيث، فَحكم لمن وصل، وَقَالَ: الزِّيَادَة من الثِّقَة مَقْبُولَة هُنَا مَعَ أَن الْمُرْسل شُعْبَة وسُفْيَان ودرجتهما من الْحِفْظ والإتقان مَعْلُومَة، وَهُوَ الذى قدمه، وفى الْمَسْأَلَة مِنْهُ خلاف غير ذَلِك، فَقيل: الحكم للمرسل، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 لكَونه جرحا فى الْخَبَر وَالْجرْح مقدم على التَّعْدِيل، وَقيل: للْأَكْثَر، وَقيل للأحفظ، وَإِذا قُلْنَا بِهِ وَكَانَ الْمُرْسل الأحفظ فَلَا يقْدَح ذَلِك فى عَدَالَة الْوَاصِل وأهليته على الصَّحِيح. الثَّانِيَة: إِذا رفع ثِقَة حَدِيثا وَوَقفه ثِقَة غَيره، فَالصَّحِيح أَن الحكم للرافع، لِأَنَّهُ مُثبت وَغَيره سَاكِت، وَلَو كَانَ نافيا، فالمثبت مقدم، وَكَذَا الحكم فِيمَا إِذا كَانَ وصل أَو رفع، هُوَ الذى أرسل أَو وقف، لَكِن قد صحّح الأصوليون فِيهَا إِن الِاعْتِبَار بِمَا وَقع مِنْهُ أَكثر وَقَول النَّاظِم: [وَوصل الرضى] رَاجع إِلَى الْمُسلمين، وَلَكِن الْحق أَنه لَا اطراد فيهمَا لحكم معِين، بل التَّرْجِيح مُخْتَلف بِحَسب مَا يظْهر للناقد، كَذَا قَرَّرَهُ شَيخنَا وبسطته فى مَحل آخر [/ 117] . المدلس (143 - (ص) مُدَلّس ثَلَاث: فَالْأول رد ... كَمثل من يسْقط شخصا من سَنَد) (144 - ويرتقى بعن وَقَالَ وَبِأَن ... يُوهم وَصله وللجمهور أَن) (145 - مَا صرح الثِّقَات بالوصل قبل ... ففى الصَّحِيحَيْنِ كثيرا احْتمل) (146 - ويقدح التَّدْلِيس للسوية ... وجوزوا التَّدْلِيس للتعمية) (ش) : يعْنى أَن [المدلس] بِفَتْح اللَّام، واشتقاقه من الدلس بِالتَّحْرِيكِ، وَهُوَ اخْتِلَاط الْكَلَام، لكَون الْمُحدث كَانَ فى خَبره ثَلَاثَة أَقسَام: تَدْلِيس الْإِسْنَاد: وَهُوَ أَن يسْقط من السَّنَد وَاحِدًا فَأكْثر من أَوله وأثنائه ويضفه لمن بعد الْمَحْذُوف مِمَّن سمع هُوَ، أَو الذى قيل الْمَحْذُوف مِنْهُ فى الْجُمْلَة موهما بذلك السماع مِنْهُ، لَا يَقُول: أخبرنَا وَمَا فى مَعْنَاهَا، بل يَقُول: عَن فلَان، أَو قَالَ: فلَان، أَو: إِن فلَانا، وَمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 أشبه ذَلِك من الْأَلْفَاظ الَّتِى توهم الِاتِّصَال، وَهُوَ فِيمَا إِذا كَانَ من إثْبَاته تَدْلِيس تَسْوِيَة، إِذا كَانَ الْمَحْذُوف ضَعِيفا وَمن عداهُ ثِقَة وَهُوَ ثانى أقسامه. وَالْجُمْهُور من الْمُحدثين وَالْفُقَهَاء، والأصوليين أَنه لَا يقبل مِمَّن عرف بِالْأولِ إِلَّا مَا صرح فِيهِ بالاتصال، كسمعت، وثنا، وَنَحْوهَا وَقد خرج فى الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا مِمَّن ألحق بهما من حَدِيث أهل هَذَا الْقسم الْمُصَرّح فِيهِ بِالسَّمَاعِ كثير كالأعمش، وَقَتَادَة، والثورى، وَمَا فِيهَا من حَدِيثهمْ بالعنعنة وَنَحْوهَا مَحْمُول على ثبات السماع عِنْد الْمخْرج من وَجه آخر، وَلَو لم يطلع على ذَلِك تحسينا للظن بأصحاب الصَّحِيح، ثمَّ إِن كَون المروى عَنهُ مِمَّن لقِيه المدلس [/ 118] أَو الْمَحْذُوف يُؤْخَذ من قَول النَّاظِم: [يُوهم وَصله] وَقَوله: [يسْقط شخصا] يعْنى فى الْغَالِب، وَإِلَّا فَلَو أسقط أَكثر مَعَ مُلَاحظَة بَقِيَّة الشُّرُوط كَانَ تديسا، وَقَوله: [وَالْجُمْهُور] إِشَارَة إِلَى الْخلاف فى الْمَسْأَلَة، فقد ذهب جمَاعَة إِلَى جرح من عرف بذلك، وَعدم قبُول رِوَايَته، سَوَاء بَين السماع أَو لم يُبينهُ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَة بقوله: [رد] وَقَوله: [احْتمل] أى احْتمل حَدِيثهمْ عِنْد أهل الصَّحِيح لكَون تدليسهم كَمَا قَالَ النووى: لَيْسَ كذبا، بل لم يبين فِيهِ الِاتِّصَال، فلفظه مُحْتَمل، وَلَا يكون ذَلِك قادحا فيهم، وَإِن قدح فى معنعناتهم وَشبههَا. وَأما تَدْلِيس التَّسْوِيَة: وَهُوَ كَمَا قَالَ النَّاظِم: تبعا لغيره [قَادِح] فِيمَن تعمد فعله، وَكَانَ بَقِيَّة من أفعل النَّاس لَهُ. الْقسم الثَّالِث: أَن يُسمى شَيْخه الذى سمع مِنْهُ بِغَيْر اسْمه الْمَعْرُوف، أَو يصفه بِمَا لم يشْتَهر بِهِ [تعمية] لَهُ كى لَا يعرف، وَهَذَا أخف من الأول، وَهُوَ جَائِز أَيْضا وسمح فِيهِ جمَاعَة من المؤلفين كالخطيب، لَكِن يخْتَلف الْحَال فى كراهيته بِحَسب اخْتِلَاف الْقَصْد الْحَامِل عَلَيْهِ، وَهُوَ لكَونه ضَعِيفا، أَو صَغِيرا، أَو مُتَأَخّر الْوَفَاة أَو لكَونه مكثرا عَنهُ، وشاركه فى السماع مِنْهُ جمَاعَة مِنْهُ، وَهَذَا الْقسم يُسمى: [تَدْلِيس الشُّيُوخ] واللذان قبله تَدْلِيس الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 الْإِسْنَاد، وشرهما الثانى، وَكَذَا تَدْلِيس الضَّعِيف من هَذَا، قد صنف شَيخنَا " تَعْرِيف أهل التَّقْدِيس بمراتب الموصوفين بالتدليس "، وَالظَّاهِر أَن البخارى وَنَحْوه مِمَّن يَقع لَهُم تَغْطِيَة الشُّيُوخ، لَا يقصدون بذلك إِيهَام الاستكثار مَعَ قَوْله [/ 119] [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " المتشبع بِمَا لم يُعْط كلابس ثوبى زور " بل يقصدون بِهَذَا صَنِيع خطأ الراوى، على التَّعْرِيف بِحَال الروَاة، بِحَيْثُ لَا تَدْلِيس عَلَيْهِم على أى وَجه كَانَ، وَقد سَأَلَ ابْن دَقِيق الْعِيد، الذهبى - رحمهمَا الله - من أَبى الْعَبَّاس الذهبى؟ فبادر بقوله: هُوَ أَبُو الطَّاهِر المخلص، وَكَذَا سَأَلَ شَيخنَا بعض الطّلبَة عَن قَول ابْن حبَان: حَدثنَا أَبُو الْعَبَّاس الدمشقى فَلم يهتد لَهُ، فَقلت هُوَ ابْن جوصا الْحَافِظ الشهير. زِيَادَة الثِّقَة (147 - وَاقْبَلْ زيادات الثِّقَات مسجلا ... كَانَت من الراوى أَو الْغَيْر كلا) (ش) : [زيادت الثِّقَات] وهى مدرجة خلال مَا سرده أَولا، وَكَانَ الْأَنْسَب تَقْدِيمهَا على التَّدْلِيس مَقْبُولَة مُطلقًا على الصَّحِيح، سَوَاء كَانَت من شخص وَاحِد، بِأَن رَوَاهُ مرّة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 نَاقِصا، وَمرَّة أُخْرَى وَفِيه تِلْكَ الزِّيَادَة، أَو كَانَت الزِّيَادَة من غير من رَوَاهُ نَاقِصا، لَكِن بِشَرْط عدم منافاتها للائق، والأرجح، وَقيل: بل مَرْدُودَة مُطلقًا، وَقيل: مَرْدُودَة مِنْهُ مَقْبُولَة من غَيره، وَقَالَ الأصوليون: إِن اتَّحد الْمجْلس وَلم يحْتَمل غفلته عَن تِلْكَ الزِّيَادَة غَالِبا ردَّتْ، وَإِن احْتمل قبلت عِنْد الْجُمْهُور، وَإِن جهل تعدد الْمجْلس فَأولى بِالْقبُولِ من صُورَة اتحاده، وَإِن تعدد يَقِينا قبلت اتِّفَاقًا، وَهُوَ فن طريد يتَعَيَّن الْعِنَايَة بِهِ، وَنظر الْفَقِيه فِيهِ أَكثر وَقَوله: [مسجلا] وَمَا بعده بَيَان لَهُ، وَالْمعْنَى إِن كلا الصُّورَتَيْنِ حكمهمَا سوى. المدرج (148 - (ص) المدرج الملحق فِي التحديث ... من قَول راو لَا من الحَدِيث) (149 - نَحْو إِذا قلت عَن التَّشَهُّد ... وأسبغوا وَقد يجِئ فِي سَنَد) (ش) : [المدرج] تَارَة يكون فِي الْمَتْن، تَارَة يكون فِي الْإِسْنَاد، فَأَما الأول: فَهُوَ كَلَام يلْحق بِالْمَتْنِ من عِنْد صَاحِبيهِ فَمن دونه من رُوَاته، كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله: [من قَول راو لَيْسَ من الحَدِيث] لكنه يصله، بِلَا فصل، فيلبس على من لَا يعلم حَقِيقَة الْحَال، ويتوهم أَن الْجَمِيع من الحَدِيث، ثمَّ تَارَة يكون الإدراج فى آخر الحَدِيث، أَو أَوله أَو وَسطه، وَاقْتصر النَّاظِم على الْإِشَارَة للتمثيل للأولين دون الْوسط فَقَوله: [نَحْو إِذا قلت: عَن التشهيد] هُوَ مِثَال لما أدرج آخر الْمَتْن وَاسْتغْنى بِأول لَفْظَة من المدرج عَن بَاقِيه، فَكَأَنَّهُ قَالَ: نَحْو قَول الراوى، إِذا قلت الْمَزِيد عَن لَفْظَة التَّشَهُّد، وَيحْتَمل أَن يكون عَن زَائِدَة فتوافق عبارَة غَيره، والْحَدِيث هُوَ عَن ابْن مَسْعُود: أَنه [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] علمه التَّشَهُّد فِي الصَّلَاة، فَقَالَ: " التَّحِيَّات لله " فَذكره حَتَّى قَالَ: " أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله "، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 فأدرج أَبُو خَيْثَمَة زُهَيْر بن مُعَاوِيَة أحد رُوَاته عَن الْحسن بن الْحر، هُنَا لِابْنِ مَسْعُود وَهُوَ: " فَإِذا قلت هَكَذَا فقد قضيت صَلَاتك إِن شِئْت أَن تقوم فَقُمْ وَإِن شِئْت أَن تقعد فَاقْعُدْ " دلّ على ذَلِك رِوَايَة غَيره لَهُ عَن الْحسن مَفْصُولًا، مَعَ اتِّفَاق جمَاعَة آخَرين على ترك هَذَا الْكَلَام فى آخر الحَدِيث، وَلِهَذَا قَالَ النووى فى " الْخُلَاصَة ": اتّفق الْحفاظ على أَنه مدرج وَقَوله: [واسبغوا] هُوَ مِثَال لما أدرج أول الْمَتْن، والْحَدِيث عَن أَبى هُرَيْرَة [/ 121] قَالَ: " أَسْبغُوا الْوضُوء فَإِن أَبَا الْقَاسِم [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] قَالَ: " ويل لِلْأَعْقَابِ من النَّار " فأسبغوا الْوضُوء من قَول أَبى هُرَيْرَة والثانى: مَرْفُوع، لَكِن رَوَاهُ بَعضهم فَرفع الْجَمِيع، وَهُوَ وهم كَمَا قَالَ الْخَطِيب، وَأما الْإِسْنَاد فإليه الْإِشَارَة، بقوله: [وَقد يجِئ فِي سَنَد] فَهُوَ أَن يكون عِنْد الراوى متنان بِإِسْنَادَيْنِ، أَو طرق من متن بِسَنَد غير سَنَده فرواهما مَعًا بِسَنَد وَاحِد، كَحَدِيث: وَائِل فِي " صفة صَلَاة النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 وَحَدِيثه: " أَنه جَاءَ فى الشتَاء فَرَآهُمْ يرفعون أَيْديهم من تَحت الثِّيَاب " فَإِنَّهُمَا مَعًا عِنْد عَامر بن كُلَيْب، الأول: عَن أَبِيه عَن وَائِل، والثانى: عَن عبد الْجَبَّار بن وَائِل، عَن بعض أَهله، عَن وَائِل فرواهما بَعضهم مَعًا، عَن عَاصِم بالسند الأول، وكحديث مَالك، عَن الزهرى، عَن أنس رَفعه: " لَا تباغضوا وَلَا تَحَاسَدُوا " وَحَدِيثه عَن أَبى الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أَبى هُرَيْرَة: " لَا تباغضوا وَلَا تناقشوا " حَيْثُ جعلهَا بَعضهم بالسند الأول، وَالصَّوَاب فِي المثالين مَا قَرّرته، ثمَّ أَنه يدْرك الإدراج بورود رِوَايَة مفصلة للقدر المدرج مِمَّا أدرج فِيهِ، أَو بالتنصيص على ذَلِك من الراوى، أَو من بعض الْأَئِمَّة المطلعين، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 أَو بإستحالة كَون النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] يَقُول ذَلِك، ويعد ذَلِك حرَام، وَقَوله: [من قَول] رِوَايَتَانِ للْوَاقِع لَا للِاحْتِرَاز. العالى والنازل (150 - (ص) وَالْخَبَر العالى ذكرنَا أَولا ... أقسامه وضده مَا نزلا) (ش) : قد تقدم أَن الْإِسْنَاد [العالى] على خَمْسَة أَقسَام، فَمَا ثَبت من كل قسم مِنْهَا يُوصف بالعلو [/ 122] ، وَأَشَارَ هُنَا إِلَى أَن [النَّازِل] يكون أَيْضا كَذَلِك بِالنِّسْبَةِ إِلَى كَونه ضد الْأَقْسَام الْعَالِيَة فَكل قسم من أَقسَام الْعُلُوّ ضِدّه قسم من أَقسَام النُّزُول، وَقل فى هَذِه الْأَعْصَار الْمُمَيز بَينهمَا، وَهُوَ - أعنى النُّزُول - مفضول مَرْغُوب عَنهُ على الصَّحِيح عِنْد أَئِمَّة هَذَا الشَّأْن، إِذا لم يكن فِيهِ فَائِدَة راجحة على الْعُلُوّ. قَالَ ابْن المدينى وَغَيره: النُّزُول شُؤْم. وجنح بَعضهم، كَمَا قدمنَا إِلَى تفضيله، لِأَن التَّعَب فِيهِ أَكثر، بِالنّظرِ إِلَى الفحص عَن كل راو فالأجر أَكثر مِنْهُ، وَلَكِن لَيْسَ هَذَا بشئ، وَالْمُعْتَمد تَفْضِيل الْعُلُوّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 المسلسل (151 - (ص) ثمَّ مسلسل وَذَاكَ مَا ورد ... بِحَالَة تُعَاد فى كل سَنَد) (152 - تزيده حسنا وَلَكِن خَيره ... مَا حقق اتِّصَاله لَا غَيره) (153 - كسورة الصَّفّ وتشبيك الْيَد ... وأولية وعد فى يَد) (ش) : [التسلسل] التَّتَابُع، والْحَدِيث المسلسل: مَا ورد بِحَالَة وَاحِدَة فى الروَاة أَو فى الرِّوَايَة، فَمَا فى الرِّوَايَة تَارَة قولا، وَمثله بالمسلسل بِقِرَاءَة سُورَة الصَّفّ وَهُوَ حَدِيث عبد الله بن سَلام - رضى الله عَنهُ - قَالَ: قعدنا قوم من أَصْحَاب رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] فتذاكرنا، فَقُلْنَا: لَو نعلم أى الْأَعْمَال أحب إِلَى الله تَعَالَى لعملناه فَأنْزل الله تَعَالَى: {سبح لله مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْض وَهُوَ الْعَزِيز الْحَكِيم} حَتَّى خَتمهَا قَالَ عبد الله: فقرأها علينا رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] حَتَّى خَتمهَا، قلت: واتصل ذَلِك أعنى قِرَاءَة السُّورَة من كل رجال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 السَّنَد بِنَا وَهُوَ من خير المسلسلات، لِأَن رِجَاله كلهم [/ 123] ثِقَات، وَمن أمثلته أَيْضا المسلسل بقول: وَالله إنى لَأحبك، وَيَقُول: حَدَّثَنى وَالله فلَان، وَتارَة فلَان، وَمثل لَهُ بالمسلسل بالتشبيك، وَهُوَ حَدِيث أَبى هُرَيْرَة - رضى الله عَنهُ - قَالَ: شَبكَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] بيدى وَقَالَ: " خلق الله الأَرْض يَوْم السبت "، وَذكره وَقد وَقع لنا مُتَّصِل السلسلة فى مسلسلات أَبى الْقَاسِم التيمى وَغَيرهمَا، وَكَذَا ذكر فى أمثلته المسلسل بعد الْيَد وَمِمَّا لم يذكرهُ من أمثلته المسلسل بالمصافحة، وَرفع الأيدى فى الصَّلَاة، وَرفع الْيَد على الرَّأْس، والاتكاء، وَأما التسلسل بِصفة الرِّوَايَة فَمن أمثلته: الحَدِيث المسلسل [بالأولية] لَكِن الصَّحِيح أَن التسلسل مِمَّا انْقَطع فِيهِ عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة، وَمن رَفعه مسلسلا من ثمَّ فقد غلط، أَو كذب، ثمَّ إِن التسلسل مِمَّا يزِيد الحَدِيث حسنا لما فِيهِ من مزِيد الضَّبْط، قَالَ ابْن الصّلاح: وَخَيرهَا - يعْنى المسلسلات - مَا كَانَ فِيهِ دلَالَة على اتِّصَال السماع، وَعدم التَّدْلِيس، وَقل مَا يسلم عَن خلل فى التسلسل لَا فى أصل الْمَتْن. انْتهى، وأصحها قِرَاءَة الصَّفّ ثمَّ الأولية، وَقد اعتنى بإفرادها غير وَاحِد من الْأَئِمَّة، واقتديت بهم فى تَقْيِيد جملَة مِمَّا وَقع لى مِنْهَا فى مُجَلد لطيف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 الْغَرِيب (154 - (ص) أما الْغَرِيب فَهُوَ مَا بِهِ انْفَرد ... عَن حَافظ راو بمتن أَو سَنَد) (155 - مِنْهُ صَحِيح وَضَعِيف وَحسن ... فَفَارَقَ الْفَرد وَمَا شَذَّ إِذن) (ش) : [الْغَرِيب] مَا انْفَرد وَاحِد بروايته، وَكَذَا بِرِوَايَة زِيَادَة فِيهِ عَمَّن يجمع أى يرْوى وَيكْتب حَدِيثه كالزهرى أحد الْحفاظ، وكقتادة مثلا فى الْمَتْن أَو السَّنَد - أى الزِّيَادَة كائنة، وينقسم إِلَى: غَرِيب صَحِيح، كالأفراد المخرجة فى الصَّحِيحَيْنِ، وَإِلَى غَرِيب ضَعِيف، وَهُوَ الْغَالِب على الْغَرِيب، وَإِلَيْهِ أَشَارَ الإِمَام أَحْمد بقوله: لَا تكْتبُوا هَذِه الْأَحَادِيث الغرائب فَإِنَّهَا مَنَاكِير، وعامتها عَن الضُّعَفَاء وَإِلَى غَرِيب حسن، وفى " جَامع الترمذى " لذَلِك أَمْثِلَة كَثِيرَة، وَقَوله: [فَفَارَقَ الْفَرد] هُوَ كَمَا صرح بِهِ النَّاظِم فى بعض تصانيفه من حيثية أَنه لَيْسَ كلما يعد من أَنْوَاع الْأَفْرَاد معدودا من أَنْوَاع الْغَرِيب كَمَا فى الْأَفْرَاد المضافة إِلَى الْبِلَاد على مَا سيأتى هُنَاكَ، وَالْحق كَمَا قَالَ شَيخنَا أَنَّهُمَا مُتَرَادِفَانِ لُغَة، وَكَذَا اصْطِلَاحا فَإِنَّهُم يَقُولُونَ فى الْفَرد الْمُطلق والنسبى تفرد بِهِ فلَان، أَو أغرب بِهِ فلَان، لكِنهمْ أَكثر مَا يطلقون الْغَرِيب على الْفَرد النسبى، وَأكْثر مَا يطلقون الْفَرد، على الْفَرد الْمُطلق، وَهُوَ الحَدِيث الذى لَا يعرف إِلَّا من طَرِيق ذَلِك الصحابى، وَلَو تعدّدت الطّرق إِلَيْهِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا مُغَايرَة بَينهمَا، إِلَّا من حَيْثُ كَثْرَة الِاسْتِعْمَال وقلته وَلعدم ظُهُور فرق بَينهمَا، قَالَ الزركشى: إِنَّه يحْتَاج للنَّظَر فيهمَا، وَقَوله: [وَمَا شذا] أى وَفَارق من حيثية أَنه لَيْسَ مِنْهُ شئ صَحِيح، إِذْ لَيْسَ مِنْهُ شئ صَحِيح، إِذْ شَرط الصَّحِيح عدم الشذوذ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 الْعَزِيز (156 - وَهُوَ الْعَزِيز إِن رَوَاهُ اثْنَان ... ثَلَاثَة غير عَالم ربانى) (ش) : لما فرغ من الْغَرِيب وَإنَّهُ الذى ينْفَرد بِهِ وَاحِد عَن الْحَافِظ، ذكر الْعَزِيز. وَهُوَ: مَا [/ 125] ينْفَرد بروايته اثْنَان أَو ثَلَاثَة، واشتركوا، يُسمى عَزِيزًا دون سَائِر رُوَاة الْحَافِظ المروى عَنهُ، هَكَذَا عرفه ابْن مندة وَابْن طَاهِر. وَزعم بَعضهم أَنه مَا يرويهِ اثْنَان عَن اثْنَيْنِ، وَهَذَا من غير زِيَادَة وَلَو طُولِبَ بشئ من أمثلته لعز عَلَيْهِ وجوده، بل امْتنع، ثمَّ إِن النَّاظِم لم يتَعَرَّض تبعا لِابْنِ الصّلاح لكَونه كالغريب أَيْضا يكون مِنْهُ الصَّحِيح، والضعيف، وَالْحسن، [والربانى] هُوَ الْعَالم الراسخ فى الْعلم وَالدّين، اَوْ الذى يطْلب بِعِلْمِهِ وَجه الله. وَقيل: الْعَالم الْعَامِل، وَهُوَ مَنْسُوب إِلَى الرب، بِزِيَادَة الْألف وَالنُّون للْمُبَالَغَة. وَقيل: هُوَ من الرب بِمَعْنى التربية، لأَنهم كَانُوا يربون المتعلمين بصغار الْعلم قبل كباره. الْمُعَلل (157 - (ص) ثمَّ الْمُعَلل الذى بعلة ... تخفى ويدريها أطباء السّنة) (158 - ترى الحَدِيث مُسْندًا كَالشَّمْسِ ... فيعرفونها بِغَيْر لبس) (159 - يعرف فى الْمَتْن وأوبا فى السَّنَد ... وبقرينة ترى فتنتقد) (ش) : [الْمُعَلل] وَيُقَال: المعل، وَكَذَا الْمَعْلُول، وَلَكِن عيب لُغَة، وَهُوَ مَا فِيهِ عِلّة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 وهى سِتّ: قدح غامض مَعَ ظُهُور السَّلامَة مِنْهُ، وَلذَلِك يخفى إِدْرَاكهَا على غير أهل الْحِفْظ والخبرة والفهم الصَّحِيح، لتطرقها إِلَى الْإِسْنَاد الْجَامِع لشروط الصِّحَّة ظَاهرا كَالشَّمْسِ، وَأما هم فالكونهم أطباء السّنة بِمَعْنى أَنهم حاذقون بأمورها، عارفون كالطبيب الذى يعالج المرضى، صَارُوا يعرفونها بِدُونِ التباس، ثمَّ الْعلَّة إِمَّا فى الْإِسْنَاد، وَهُوَ الْأَكْثَر كوصل مُرْسل أَو مُنْقَطع، وَرفع مَوْقُوف [/ 126] ، وَأما فى الْمَتْن كالحديث الذى رَوَاهُ مُسلم فى صَحِيحه من جِهَة الأوزاعى عَن قَتَادَة أَنه كتب إِلَيْهِ يُخبرهُ عَن أنس، أَنه حَدثهُ، أَنه قَالَ: " صليت خلف النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وأبى بكر وَعمر وَعُثْمَان فَكَانُوا يستفتحون ب {الْحَمد لله رب الْعَالمين} لَا يذكرُونَ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم، فى أول قِرَاءَة وَلَا فى آخِره فقد أعل الشافعى - رَحمَه الله - هَذِه الزِّيَادَة، الَّتِى فِيهَا عدم الْبَسْمَلَة، فَإِن سَبْعَة أَو ثَمَانِيَة اتَّفقُوا على الاستفتاح ب {الْحَمد لله رب الْعَالمين} خَاصَّة دون نفى الْبَسْمَلَة، وَالْمعْنَى أَنهم يبدؤن بِقِرَاءَة أم الْقُرْآن قبل مَا يقْرَأ بعْدهَا، وَلَا يعْنى أَنهم يتركون الْبَسْمَلَة وَحِينَئِذٍ فَكَأَن بعض رُوَاته فهم من الاستفتاح بِالْحَمْد نفى الْبَسْمَلَة فَصرحَ بِمَا فهمه، وَهُوَ مُخطئ فى ذَلِك، ويتأيد بِمَا صَحَّ عَن أنس أَنه سُئِلَ: أَكَانَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] يستفتح بِالْحَمْد لله رب الْعَالمين؟ أَو بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم؟ فَقَالَ: إِنَّك تسألنى عَن شئ مَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 أحفظه، وَلَا سألنى عَنهُ أحد قبلك وأهم من هَذَا فى تَعْلِيل حَدِيث الأوزاعى أَن قَتَادَة ولد أكمه وكاتبه لم يعرف وتدرك بتفرد الرواى، وبمخالفة غَيره لَهُ، مَعَ قَرَائِن أُخْرَى تنبه على وهمه فى وصل مُرْسل، أَو رفع مَوْقُوف، أَو إدراج حَدِيث، أَو غير ذَلِك، يحصل مَعْرفَتهَا بِكَثْرَة التتبع، وَجمع الطّرق، مَعَ الملكة القوية بِالْأَسَانِيدِ والمتون، وَهُوَ أجل عُلُوم الحَدِيث وَأَشْرَفهَا وأدقها، وَلذَلِك لم يتَكَلَّم فِيهِ إِلَّا الْقَلِيل من أَئِمَّة هَذَا الْفَنّ كعلى بن المدينى، وَأحمد بن حَنْبَل، والبخارى، وَيَعْقُوب بن شيبَة، وأبى حَاتِم، وأبى زرْعَة. [/ 127] والدراقطنى ومصنفه أجمع مؤلف فى بَابه، وَقد شرعت فى تلخيصه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 (160 - (ص) من أجل ذَا قَالُوا يكَاد علمنَا ... يكون عِنْد غَيرنَا تكهنا) (ش) : وَقَالَ بعض أَئِمَّتنَا يكَاد علمنَا أَن يكون كهَانَة عِنْد غَيرنَا. وتوجيه هَذِه الْمقَالة أَنه يخبر عَن أَشْيَاء مستترة، وَقد كَانَت الْعَرَب تسمى كل من تعاطى علما دَقِيقًا كَاهِنًا، حَتَّى إِن بَعضهم كَانَ يُسمى الطَّبِيب بذلك، ولدقة هَذَا النَّوْع واحتياجه لجمع طرق الْبَاب أَو الحَدِيث، قَالَ المُصَنّف: بالخوض فِيهِ بل يكَاد أَن يكون مَقْصُودا، وَمن وقف على مجَالِس فى الْإِمْلَاء على الْأَذْكَار بَان ذَلِك وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه، ثمَّ أَنه تَارَة لغَلَبَة ظَنّه بقوتها يمضى الحكم، وَتارَة يتَرَدَّد فيقف، وَلَا يقدر على إِقَامَة الْحجَّة، وَتارَة لَا، كالصيرفى يحكم بِعَدَمِ جودة الدِّينَار وَلَا يقدر على بَيَان ذَلِك، وَقد سُئِلَ أَبُو زرْعَة: مَا الْحجَّة فى تعليلكم الحَدِيث؟ فأرشد السَّائِل إِلَى أَنه يسْأَله عَن حَدِيث، ثمَّ يسْأَل عَنهُ بِعَيْنِه حَافِظًا آخر، وَينظر، فَإِذا اتّفق جوابهم، فَهُوَ دَلِيل على حَقِيقَته، قَالَ: فَفعل الرجل فاتفقت كلمتهم، فَقَالَ: أشهد أَن هَذَا الحَدِيث إلهام وَكَذَا قَالَ ابْن مهدى: معرفَة الحَدِيث إلهام لَو قلت للْعَالم، لم يُعلل الحَدِيث؟ من أَيْن هُوَ قلت هَذَا؟ لم يكن لَهُ حجَّة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 التفرد (161 - (ص) والفرد قِسْمَانِ: ففرد شذا ... يأتى وفردين رَوَاهُ فَذا) (162 - غير ثِقَة أَو بلد كذكرى ... لم يروه عَن زيد غير عَمْرو) (ش) : الْأَفْرَاد على قسمَيْنِ: أَحدهمَا: فَرد مُطلقًا من جَمِيع الروَاة، كَمَا سيأتى فى الشاذ [/ 128] قَرِيبا. ثَانِيًا: فَرد بِالنِّسْبَةِ إِلَى صفة خَاصَّة لتقييد الفردية بِثِقَة، وَهُوَ تَارَة يكون مِمَّن يحْتَمل تفرده كمالك، أَو لَا يحْتَمل كأبى ركين عى مَا سيأتى فى الْمُنكر، أَو إِفْرَاد بِالنِّسْبَةِ لبلد معِين كمكة، وَالْبَصْرَة، والكوفة، وَلَا يقتضى شئ من ذَلِك صفة من هَذِه الْحَيْثِيَّة، ثمَّ إِنَّه قد يُرَاد بتفرد أهل مَكَّة تفرد وَاحِد من أَهلهَا، فَيكون حِينَئِذٍ من الْقسم الأول، وَقد يكون فى الْفَرد بِالنِّسْبَةِ لذُو خَاص، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَة بقوله الْأَوْسَط، وَالصَّغِير بِسَنَد الْبَزَّار " والأفراد " بِهِ للدراقطنى وهى كَامِلَة بِهَذَا النَّوْع فى مائَة جُزْء. لذَلِك أَمْثِلَة كَثِيرَة وَقد تنْتَقض دَعْوَى كل من الحافظين بِمَا يُوجد عِنْد الآخر، وَذَلِكَ فِيمَا يدعى أَحدهمَا تفرد رِوَايَة، ويدعى الآخر تفرد غَيره، بل رُبمَا يُوجد ذَلِك للْمُصَنف الْوَاحِد لَو اعتنى حاذق بأفراد ذَلِك كَانَ حسنا، فَإِن بسط للنَّظَر فى غَيرهَا فَهُوَ أحسن. وَمن أَنْوَاع التفرد: تفرد أهل نِسْبَة وَفِيه كُنَّا التفرد لأبى دَاوُد [والفذ] بِالْمُعْجَمَةِ الْوَاحِدَة، وَقد فذ الرجل عَن أَصْحَابه إِذا شَذَّ عَنْهُم، وبقى فَردا. وَقَوله: [عَن ثِقَة] لَيْسَ المُرَاد بِهِ أَن الراوى ينْفَرد بِهِ عَن الثِّقَة، بل الثِّقَة نَفسه هُوَ الْمُفْرد، فَكَأَنَّهُ قَالَ: يكون أَو هى ثِقَة. وَقَوله: [كذكرى] أشبعت الرَّاء فِيهِ للنظم، وَالْمعْنَى كَقَوْل الْقَائِل لم يروه إِلَى آخِره، وَيجوز أَن يكون الْيَاء ضميرا، وَرُبمَا يتَوَهَّم أَنه أَشَارَ للفظه عَن مِثَال، وعَلى عَادَته فى الِاخْتِصَار وَلَيْسَ كَذَلِك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 الْمُتَابَعَة وَالشَّاهِد (163 - (ص) وَذَاكَ بعد الِاعْتِبَار هَل شرك ... رِوَايَة الْغَيْر وَإِن كَانَ اشْترك) (164 - لفظا فَمن مُعْتَبر مُتَابعَة ... وشاهدان إِن كَانَ معنى تَابعه) (165 - كأخذوا إهابها للفظة ... دبغ أتابها فَتى عُيَيْنَة) (166 - عَن عَمْرو إِلَّا أَن عمرا توبعا ... وحاله شَاهد عَمَّن رفعا) (ش) : يعْنى أَن الحكم بالمنفرد يحصل بعد الِاعْتِبَار، وَهُوَ تتبع الطّرق لذاك الحَدِيث الذى يظنّ أَنه فَرد، هَل شرك رَاوِيه راو آخر؟ أم لَا؟ فَإِن وجد بعد ظن كَونه فَردا أَن راو آخر مِمَّن يصلح أَن يخرج حَدِيثه للاعتبار والاستشهاد بِهِ وَافقه، فَإِن كَانَ التوافق بِاللَّفْظِ سمى مُتَابعًا. وَالْحَاصِل من الْمصدر الذى هُوَ الِاشْتِرَاك الْمُتَابَعَة، وَإِن كَانَ بِالْمَعْنَى سمى شَاهدا، وَإِن لم يُوجد من وَجه بِلَفْظِهِ أَو بِمَعْنَاهُ، فَإِنَّهُ يتَحَقَّق فِيهِ التفرد الْمُطلق حِينَئِذٍ. ثمَّ أَشَارَ النَّاظِم إِلَى مِثَال اجْتمع فِيهِ الْأَمْرَانِ، أعنى الْمُتَابَعَة وَالشَّاهِد مَعًا، وَهُوَ حَدِيث ابْن عَبَّاس - رضى الله عَنْهُمَا - رَفعه: " لَو أخذُوا إهابها فدبغوه فانتفعوا بِهِ " فَإِن ابْن عُيَيْنَة رَوَاهُ بِإِثْبَات الدّباغ فِيهِ هَكَذَا، عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن عَطاء بن أَبى رَبَاح عَنهُ، وَرَوَاهُ ابْن جريج عَن عَمْرو، فَنَظَرْنَا أُسَامَة بن زيد رَوَاهُ عَن عَطاء فَهَذِهِ مُتَابعَة، ثمَّ وجدنَا لَهُ شَاهدا، وَهُوَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 حَدِيث لعبد الرَّحْمَن بن وَعلة، عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا: " أَيّمَا إهَاب دبغ فقد طهر " فَإِن قيل: الْمُتَابَعَة وَهَذَا الْمِثَال إِنَّمَا هى فى نسخ الشَّيْخ؟ فَالْجَوَاب: أَن البيهقى سمى ذَلِك مُتَابعَة، وهى لَا انحصار لَهَا فى النّسخ مَتى، بل مَتى وجدت فى أى [/ 130] وَاحِد من سلسلة السَّنَد كَانَت مُتَابعَة، لَكِن تَتَفَاوَت بِحَسب بعْدهَا من الراوى، فَإِن حصلت للراوى نَفسه فهى التَّامَّة، أَو لشيخه فَمن فَوْقه فهى القاصرة، وَيُسْتَفَاد مِنْهَا التقوية، قَالَ ابْن الصّلاح: وَيجوز أَن يُسمى ذَلِك بِالشَّاهِدِ: يعْنى كَمَا صنع الْحَاكِم فى " الْمدْخل " حَيْثُ سمى الْمُتَابَعَة شَاهدا، وَالْأَمر فى ذَلِك كَمَا قَالَ شَيخنَا سهل، وَقد اسْتعْمل النَّاظِم [غير] بِاللَّامِ للضَّرُورَة وأدرج معرفَة المتابعات والشواهد فى خلال الْأَقْسَام الَّتِى سردها أَولا. (167 - (ص) وراجع الطّرق من الْأَطْرَاف ... وَمَا لشيخ شَيخنَا فكافى) (ش) : قصد النَّاظِم الْإِرْشَاد بِلَفْظَة معرفَة الطّرق الَّتِى يحصل بهَا المتابعات والشواهد، وينتفى بهَا الفردية، وَلم يعْمل شَيْئا، فالكتب المصنفة فى الْأَطْرَاف - وَقد قدمت كَيْفيَّة وَضعهَا فى ذكر أَشْيَاء تتَعَلَّق بطالب الحَدِيث - هى لكتب مَخْصُوصَة كالستة وشبهتها، ويفوتها من الطّرق والمتون الْكثير يعرف ذَلِك من مارسه، وَأَيْضًا فالأطراف بمجردها وَإِن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 اهْتَدَى مِنْهَا لكثير من المتابعات لَا يهتدى بهَا لمعْرِفَة كَون الْمَتْن مرويا عَن صحابى آخر، بل التصانيف المبوبة فى هَذَا أمس، وَقَوله: [وَمَا لشيخ شَيخنَا] يُوجد فى بعض النّسخ، [وَمَا لشَيْخِنَا فشاف كَاف] وَكِلَاهُمَا صَحِيح فَالْأول هُوَ الْحَافِظ جمال الدّين أَبُو الْحجَّاج يُوسُف بن الزكى عبد الرَّحْمَن المزى فَإِن لَهُ " أَطْرَاف السِّتَّة "، وَعَلِيهِ معول من بعده مَعَ مَا عَلَيْهِ فِيهِ من المؤاخذات الَّتِى أفرد شَيخنَا أَكْثَرهَا فى تصنيف، واستدركت مِمَّا فَاتَهُ كثيرا، والثانى هُوَ [/ 131] الْحَافِظ الْعِمَاد أَبُو الْفِدَاء إِسْمَاعِيل بن كثير فَإِنَّهُ من شُيُوخ النَّاظِم، وَهُوَ أحد كتاب شَيْخه المزى، وَضم إِلَيْهِ مسانيد أَحْمد، وَالْبَزَّار، وأبى يعلى، ومعجم الطبرانى، عشرَة كتب، وسماها " جَامع المسانيد وَالسّنَن "، وعَلى كلا الْحَالين فَلَيْسَ بكاف، فكم من كتب الحَدِيث متونها ومسندها، بل وفى الْأَجْزَاء المنثورة والمعاجم والمشيخات من طرق لم تودع فى الْكتب الْمشَار إِلَيْهَا، وَذَلِكَ بَحر لَا سَاحل لَهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 الشاذ (168 - (ص) والشاذ أَن يُخَالف الثِّقَة مَا ... يرْوى الثِّقَات فَيرى أَن وهما) (169 - أَو انْفِرَاد من نقل من لَا يحمل ... إِفْرَاد مثله فَلَيْسَ يقبل) (ش) : [الشاذ] هُوَ أَن يروي الثِّقَة شَيْئا يُخَالف فِيهِ الثِّقَات فيظن أَنه وهم فِيهِ. وَتَفْسِير الشاذ بذلك هُوَ مَذْهَب أهل الْحجاز وَهُوَ معنى قَول الشَّافِعِي - رَحمَه الله - لَيْسَ من الحَدِيث أَن يرْوى الثِّقَة مَا لَا يرْوى غَيره، إِنَّمَا الشاذ أَن يرْوى الثِّقَة حَدِيثا يُخَالف مَا روى النَّاس. وَخَالف أَبُو يعلى الخليلى حَيْثُ قَالَ: الذى عَلَيْهِ حفاظ الحَدِيث أَن الشاذ: مَا لَيْسَ لَهُ إِلَّا إِسْنَاد وَاحِد شَذَّ بذلك شيخ ثِقَة كَانَ أَو غير ثِقَة، فَمَا كَانَ من غير ثِقَة فمتروك، وَمَا كَانَ عَن ثِقَة يتَوَقَّف فِيهِ وَلَا يحْتَج بِهِ، وَقَوله: وَمَا كَانَ عَن ثِقَة ... إِلَى آخِره، هُوَ شَبيه قَول الْحَاكِم: الشاذ مَا انْفَرد بِهِ ثِقَة، وَلَيْسَ لَهُ أصل متابع وَلَيْسَ إِطْلَاقهم بجيد، فَلَا بُد أَن يكون مَعَ ذَلِك مُخَالفا لما رَوَاهُ غَيره وَإِلَّا فَهُوَ غَرِيب، وَذكر ابْن الصّلاح: أَن الصَّحِيح التَّفْصِيل، فَمَا خَالف فِيهِ الْمُنْفَرد من هُوَ أحفظ مِنْهُ وأضبط فشاذ مَرْدُود وَإِن لم يُخَالف، بل روى شَيْئا لم يروه غَيره [/ 132] وَهُوَ عدل ضَابِط فَصَحِيح، أَو غير ضَابِط يبعد عَن دَرَجَة الضَّابِط فَحسن، وَإِن بعد فشاذ مُنكر، وَهُوَ تَفْصِيل حسن، وَعَلِيهِ مَشى النَّاظِم حَيْثُ اقْتصر على الْقسم الأول وَالثَّالِث من الثانى، لَكِن كَلَام ابْن الصّلاح مَحل بخالفة الثِّقَة لمن هُوَ مثله فى الضَّبْط، وَبَيَان حكمه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 الْمُنكر (170 - (ص) وَالْمُنكر الْفَرد لبَعض وَالأَصَح ... تَفْصِيله فَهُوَ بذى الإتقان صَحَّ) (171 - كمالك فى عمر وَعمر ... وكحديث بلح بِتَمْر) (ش) اخْتلف فى الْمُنكر فَقَالَ الْحَافِظ أَبُو بكر البرديجى: هُوَ الحَدِيث الذى ينْفَرد بِهِ الرجل وَلَا يعرف مَتنه من غير رِوَايَته من الْوَجْه الذى رَوَاهُ مِنْهُ وَلَا من وَجه آخر، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَة بقول النَّاظِم [وَالْمُنكر الْفَرد لبَعض] وَالصَّحِيح: كَمَا قَالَ ابْن الصّلاح التَّفْصِيل الْمَذْكُور قَرِيبا فى الشاذ، وَأَنه إِن كَانَ الْمُنْفَرد عدلا ضابطا لم يُخَالف فَهُوَ صَحِيح، وَهُوَ معنى قَوْله: [وَالأَصَح تَفْصِيله] فَهُوَ - أى الْمُنْفَرد - بِهِ [ذُو الإتقان صَحَّ] ، ثمَّ أَشَارَ إِلَى مثالين أَحدهمَا: لما انْفَرد بِهِ ثِقَة يحمل تفرده، وَثَانِيهمَا: لما انْفَرد بِهِ ثِقَة لَا يحمل تفرده، فَالْأول هُوَ حَدِيث مَالك عَن الزُّهْرِيّ، عَن على بن حُسَيْن، عَن عمر بن عُثْمَان، عَن أُسَامَة بن زيد - رضى الله عَنْهُمَا - رَفعه: " لَا يَرث الْمُسلم الْكَافِر " فَإِن مَالِكًا خَالف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 فى تَسْمِيَته رِوَايَة: [عمر] بِضَم الْعين غَيره، حَيْثُ هُوَ عِنْدهم [عَمْرو] بِفَتْحِهَا، وَقطع مُسلم وَغَيره على مَالك بالوهم فِيهِ. وَثَانِيهمَا: حَدِيث أَبى زُكَيْرٍ يحيى بن مُحَمَّد بن قيس، عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة - رضى الله عَنْهَا -[/ 133] مَرْفُوعا: " كلوا البلح بِالتَّمْرِ " الحَدِيث تفرد بِهِ أَبُو زُكَيْرٍ، وَهُوَ شيخ صَالح، أخرج لَهُ مُسلم فى كِتَابه، غير أَنه لم يبلغ فَبلغ مبلغ من يحمل تفرده، وَقد ضعفه ابْن معِين وَابْن حبَان، وَقَالَ ابْن عدى: أَحَادِيثه مُسْتَقِيمَة، سوى أَرْبَعَة عد مِنْهَا هَذَا، إِذا عرف هَذَا فَلَيْسَ فى كَلَام النَّاظِم تبعا لِابْنِ الصّلاح ومختصراته مَا يفصل الشاذ من الْمُنكر، بل اشْترك بَينهمَا فى الْقسمَيْنِ. وَقد فصل بَينهمَا شَيخنَا حَيْثُ قرر أَن الْمُعْتَمد فى تَعْرِيف الشاذ اصْطِلَاحا أَنه: مَا رَوَاهُ المقبول مُخَالفا لمن هُوَ أولى مِنْهُ، وفى تَعْرِيف الْمُنكر: مَا رَوَاهُ غير المقبول مُخَالفا للثقات، فالصدوق إِذا تفرد بشئ غير تَابع وَلَا شَاهد، وَلم يكن فِيهِ من الضَّبْط مَا يشْتَرط فى الصَّحِيح وَالْحسن؛ كَانَ كَأحد قسمى الشاذ، فَإِن خُولِفَ مَعَ ذَلِك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 كَانَ أَشد فى شذوذه، وَرُبمَا سَمَّاهُ بَعضهم مُنْكرا، وَإِن بلغ الشاذ تِلْكَ الرُّتْبَة فى الضَّبْط لكنه خَالف من هُوَ أرجح مِنْهُ فى الْبَقِيَّة والضبط، كَانَ الْمَرْجُوح شاذا، وَهُوَ الْقسم الثانى، وَهُوَ الْمُعْتَمد فى تَسْمِيَته، وَأما إِذا انْفَرد المستور أَو الْمَوْصُوف بِسوء الْحِفْظ، أَو الضعْف فى بعض شُيُوخه دون بعض بشئ لَا متابع لَهُ فِيهِ وَلَا شَاهدا فَهَذَا أحد قسمي الْمُنكر، وَهُوَ الذى يُوجد فى إِطْلَاق كثير من أهل الحَدِيث، وَإِن خُولِفَ مَعَ ذَلِك فَهُوَ الْقسم الثانى، وَهُوَ الْمُعْتَمد على رأى الْأَكْثَرين، قَالَ: فَبَان بِهَذَا فصل الْمُنكر من الشاذ وَأَن كلا مِنْهُمَا قِسْمَانِ يجمعهما مُطلق التفرد، أَو مَعَ قيد الْمُخَالفَة. قلت: [/ 134] وَبِهَذَا يتَّجه قَوْله فى شرح " النخبة " بَينهمَا عُمُوم وخصوص من وَجه، لِأَن بَينهمَا اجتماعا فى اشْتِرَاط الْمُخَالفَة وافتراقا فى أَن الشاذ رِوَايَة الثِّقَة أَو صَدُوق وَالْمُنكر رِوَايَة ضَعِيف. المضطرب (172 - (ص) مُضْطَرب أَن يخْتَلف رَاوِيه ... على التساوى باخْتلَاف فِيهِ) (173 - مثل مصل لم يحد مَا ينصب ... وَعند تَرْجِيح فَلَا يضطرب) (ش) : أى: [المضطرب] هُوَ الذى يرْوى على أوجه مُخْتَلفَة، متدافعة، مُتَفَاوِتَة، على التساوى فى الِاخْتِلَاف، من وَاحِد أَو أَكثر فى السَّنَد أَو فى الْمَتْن، مثله فى السَّنَد: حَدِيث أَبى هُرَيْرَة - رضى الله عَنهُ - مَرْفُوعا -: - " فى الْمصلى إِذا لم يجد عصى بنصبها بَين يَدَيْهِ فليخط خطا " فقد اخْتلف فى سَنَده على إِسْمَاعِيل بن أُميَّة. فَقيل: عَن أَبى عَمْرو بن مُحَمَّد بن حُرَيْث عَن جده حُرَيْث عَن أَبى هُرَيْرَة، وَقيل عَن أَبى عَمْرو بن مُحَمَّد بن حُرَيْث الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 عَن أَبِيه، عَن أَبى هرير ة، وَقيل: عَن أَبى عَمْرو بن مُحَمَّد بن حُرَيْث عَن أَبِيه، عَن أَبى هُرَيْرَة، وَقيل: عَن عَمْرو بن حُرَيْث، عَن جده حُرَيْث، وَقيل: عَن حُرَيْث بن عمار، عَن أَبى هُرَيْرَة، وَفِيه من الِاضْطِرَاب غير ذَلِك. قَالَ ابْن عُيَيْنَة: لم نجد شَيْئا نَشد بِهِ هَذَا الحَدِيث، وَلم يجِئ إِلَّا من هَذَا الْوَجْه. وَقد خدش شَيخنَا هَذِه الْمقَالة بإيراده من غير هَذَا الْوَجْه، بل حقق انْتِفَاء الِاضْطِرَاب عَن هَذَا الحَدِيث وَذَلِكَ أَنه قَالَ: جَمِيع من رَوَاهُ: عَن إِسْمَاعِيل، عَن هَذَا الرجل إِنَّمَا وَقع بَينهم الِاخْتِلَاف فى اسْمه، أَو كنيته، وَهل رِوَايَته عَن أَبِيه، أَو عَن جده أَو عَن أَبى هُرَيْرَة بِلَا وَاسِطَة؟ وَإِذا حقق الْأَمر فِيهِ لم يكن فِيهِ [/ 135] حَقِيقَة للاضطراب، لِأَن الِاضْطِرَاب هُوَ الِاخْتِلَاف الَّذِي يُؤثر قدحا، وَاخْتِلَاف الرِّوَايَة فى اسْم رجل لَا يُؤثر ذَلِك، لِأَنَّهُ إِن كَانَ الرجل ثِقَة فَلَا ضير، وَإِن كَانَ غير ثِقَة فضعف الحَدِيث إِنَّمَا هُوَ من قبل ضعفه لَا من قبل اخْتِلَاف انساب فى اسْمه، وَيُؤَيّد ذَلِك تَصْحِيح ابْن حبَان وَالْحَاكِم وَغَيرهمَا لَهُ، بل صنيعهم مُقْتَض لثُبُوت عَدَالَته عِنْدهم فَمَا يضرّهُ مَعهَا أَن لَا يَنْضَبِط اسْمه إِذا عرف ذَاته، قَالَ: على إِن الطّرق الَّتِي ذكرهَا شَيخنَا يعْنى العراقى وَابْن الصّلاح مائلة لترجيح بَعْضهَا على بعض، والراجحة مِنْهَا يُمكن التَّوْفِيق بَينهمَا، فينتفى الِاضْطِرَاب أصلا ورأسا. يعْنى فَإِن الطّرق إِذا اخْتلفت ورجحت إِحْدَى الرِّوَايَات على الْأُخْرَى بِوَجْه من وُجُوه التَّرْجِيح بِأَن يكون راويها أحفظ، أَو أكبر، أَو أَكثر صُحْبَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 للمروى عَنهُ، أَو غير ذَلِك فَالْحكم للراجحة، وَلَا يكون الحَدِيث مضطربا، وَإِلَيْهِ أَشَارَ النَّاظِم بقوله: [وَعند تَرْجِيح فَلَا يضطرب] وَهُوَ تَصْرِيح بِمَا فهم من قَوْله: على التساوى. والمضطرب ضَعِيف، لإشعاره بِعَدَمِ الضَّبْط، وَفَاتَ النَّاظِم التَّصْرِيح بالتنبيه على ذَلِك، كَمَا أَنه لم يتَعَرَّض لمثال الِاضْطِرَاب فى الْمَتْن، وَكَأَنَّهُ تَركه لعسرة وجوده، مِثَال: تعذر الْجمع بَين الِاخْتِلَاف فِيهِ كالاختلاف فى تعْيين الصَّلَاة من " قصَّة ذى الْيَدَيْنِ ". [ومختلف] بِالنّصب، وَلكنه سكنه للضَّرُورَة. مُحَمَّد بن حُرَيْث عَن جده حُرَيْث عَن أبي هُرَيْرَة، وَقيل: عَن أَبى عَمْرو بن مُحَمَّد بن حُرَيْث عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، وَقيل: عَن عَمْرو بن حُرَيْث، عَن جده حُرَيْث، وَقيل: عَن حُرَيْث بن عمار، عَن أبي هُرَيْرَة، وَفِيه من الِاضْطِرَاب غير ذَلِك. قَالَ ابْن عُيَيْنَة: لم نجد شَيْئا نَشد بِهِ هَذَا الحَدِيث، وَلم يجِئ إِلَّا من هَذَا الْوَجْه. وَقد خدش شَيخنَا هَذِه الْمقَالة بإيراده من غير هَذَا الْوَجْه، بل حقق انْتِفَاء الِاضْطِرَاب عَن هَذَا الحَدِيث وَذَلِكَ أَنه قَالَ: جَمِيع من رَوَاهُ: عَن إِسْمَاعِيل، عَن هَذَا الرجل إِنَّمَا وَقع بَينهم الِاخْتِلَاف فى اسْمه، أَو كنيته، وَهل رِوَايَته عَن أَبِيه، أَو عَن جده أَو عَن جده أَو عَن أَبى هُرَيْرَة بِلَا وَاسِطَة؟ وَإِذا حقق الْأَمر فِيهِ لم يكن فِيهِ [/ 135] حَقِيقَة للاضطراب، لِأَن الِاضْطِرَاب هُوَ الِاخْتِلَاف الذى يُؤثر قدحا، وَاخْتِلَاف الرِّوَايَة فى اسْم رجل لَا يُؤثر ذَلِك، لِأَنَّهُ إِن كَانَ الرجل ثِقَة فَلَا ضير، وَإِن كَانَ غير ثِقَة فضعف الحَدِيث إِنَّمَا هُوَ من قبل ضعفه لَا من قبل اخْتِلَاف النساب فى اسْمه، وَيُؤَيّد ذَلِك تَصْحِيح ابْن حبَان وَالْحَاكِم وَغَيرهمَا لَهُ، بل صنيعهم مُقْتَض لثُبُوت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 عَدَالَته عِنْدهم فَمَا يضرّهُ مَعهَا أَن لَا يَنْضَبِط اسْمه إِذا عرف ذَاته، قَالَ: على إِن الطّرق الَّتِي ذكرهَا شَيخنَا يعْنى العراقى وَابْن الصّلاح مائلة لترجيح بَعْضهَا على بعض، والراجحة مِنْهَا يُمكن التَّوْفِيق بَينهمَا، فينتقى الِاضْطِرَاب أصلا ورأسا. يعْنى فَإِن الطّرق إِذا اخْتلفت ورجحت إِحْدَى الرِّوَايَات على الْأُخْرَى بِوَجْه من وُجُوه التَّرْجِيح بِأَن يكون راويها أحفظ، أَو أكبر، أَو أَكثر صُحْبَة للمروى عَنهُ، أَو غير ذَلِك فَالْحكم للراجحة، وَلَا يكون الحَدِيث مضطربا، وَإِلَيْهِ أَشَارَ النَّاظِم بقوله: [وَعند تَرْجِيح فَلَا يضطرب] وَهُوَ تَصْرِيح بِمَا فهم من قَوْله: على التساوى. والمضطرب ضَعِيف، لإشعاره بِعَدَمِ الضَّبْط، وَفَاتَ النَّاظِم التَّصْرِيح بالتنبيه على ذَلِك، كَمَا أَنه لم يتَعَرَّض لمثال الِاضْطِرَاب فى الْمَتْن، وَكَأَنَّهُ تَركه لعسرة وجوده، مِثَال: تعذر الْجمع بَين الِاخْتِلَاف فِيهِ كالاختلاف فى تعْيين الصَّلَاة من " قصَّة ذى الْيَدَيْنِ ". [ومختلف] بِالنّصب، وَلكنه سكنه للضَّرُورَة. الْمَوْضُوع (174 - (ص) وَالْخَبَر الْمَوْضُوع كذب مختلق ... وَهُوَ أَقسَام فبعض اختلق) (175 - ذَاك احتسابا كفواتح السُّور ... وَلَيْلَة النّصْف وَذَا الْقسم أضرّ) (176 - وَبَعْضهمْ ظنا وَبَعض للهوى ... وَالْبَعْض للدنيا وَبَعْضهمْ غوى) (177 - وَلم يجز فى كلهَا رِوَايَة ... إِلَّا على الْبَيَان والحكاية) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 (ش) : [الْمَوْضُوع] هُوَ المكذوب على رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] . وَيُقَال لَهُ: المختلق والمصنوع يعْنى أَن وَاضعه اختلقه وصنعه. وَهُوَ بِحَسب قصد الْوَاضِع أَقسَام فبعض اختلقه وَاضعه، الذى نسب إِلَى الزّهْد والديانة احتسابا للخير، وتقربا إِلَى الله تَعَالَى بِزَعْمِهِ وجهله، كأبى عصمَة نوح بن أَبى مَرْيَم فى وَضعه أَحَادِيث فَضَائِل سور الْقُرْآن، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، وَكَذَلِكَ حَدِيث: أَبى بن كَعْب الطَّوِيل فى " فَضَائِل سور الْقُرْآن سُورَة سُورَة، وَلَقَد أَخطَأ الواحدى وَمن قَلّدهُ فى ذكره فى التَّفْسِير أُميَّة، وكالكرامية من المبتدعة جوزوا الْوَضع فى التَّرْغِيب والترهيب، وخالفوا إِجْمَاع الْمُسلمين الذى يعْتد بإجماعهم فوضعوا حَدِيث: " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 صَلَاة النّصْف من شعْبَان " و " صَلَاة الرغائب "، و " فَضَائِل صَوْم رَجَب "، وَهَذَا الْقسم أضرّ لأَنهم لما رَأَوْا فرقة لم يرجِعوا عَنهُ، وَالنَّاس يثقون بهم ويركنون إِلَيْهِم، لما نسبوا إِلَيْهِ من الزّهْد وَالصَّلَاح، فينقلونها عَنْهُم، [وَبَعْضهمْ ظنا] ، كَمَا وَقع لِثَابِت بن مُوسَى الزَّاهِد فى حَدِيث: " من كثرت صلَاته بِاللَّيْلِ حسن وَجهه بِالنَّهَارِ " حَيْثُ دخل على شريك القاضى والمستملى بَين يَدَيْهِ وَشريك يَقُول: حَدثنَا الْأَعْمَش الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 عَن أَبى سُفْيَان، عَن جَابر - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قَالَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : وَسكت عَن إِيرَاد الْمَتْن فَلَمَّا نظر إِلَى ثَابت وَأَعْجَبهُ سمته لزهده قَالَ: من كَثْرَة صلَاته [/ 137] [وَسكت عَن إِيرَاد الْمَتْن، فَلَمَّا نظر إِلَى ثَابت و / أعجبه سمته لزهده قَالَ: من كثر صلَاته] بِاللَّيْلِ ... ، وَذكره، فَظن ثَابت أَن هَذَا هُوَ متن الْإِسْنَاد الذى وقف عقبه، ثمَّ سَرقه مِنْهُ جمَاعَة للهوى والتعصب كمأمون بن أَحْمد الهروى فى وَضعه حَدِيث: " يكون فى أمتى رجل يُقَال لَهُ مُحَمَّد بن إِدْرِيس، وَقد حكى النَّاظِم فى بعض تصانيفه أَنه رأى رجلا قَامَ يَوْم الْجُمُعَة وَالنَّاس مجتمعون قبل الصَّلَاة، فشرع ليورده فَسقط من قامته مغشيا عَلَيْهِ، وَكَذَا وضع نَحْو هَذَا فى أَبى حنيفَة - رحمهمَا الله تَعَالَى - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 وَنَحْو ذَلِك مَا حَكَاهُ القرطبى عَن بعض أهل الرأى: إِنَّمَا وَافق الْقيَاس الجلى جَازَ أَن يعزى إِلَى النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ، وروى ابْن حبَان فى " مُقَدّمَة الضُّعَفَاء " من طَرِيق عبد الله بن يزِيد المقرى أَن رجلا من أهل الْبدع رَجَعَ عَن بدعته فَجعل يَقُول: انْظُرُوا هَذَا الحَدِيث عَمَّن تأخذونه فَإنَّا كُنَّا إِذا رَأينَا جعلنَا لَهُ حَدِيثا. [وَالْبَعْض للدنيا] والتقرب للملوك كغياث بن إِبْرَاهِيم النخعى فى وَضعه حَدِيث: " الْمُسَابقَة بالجناح للمهدى "، وَنَحْو ذَلِك من يكْسب بهَا من الْقصاص وَشبهه، كأبى سعيد المدائنى [وَبَعض غوى] كمحمد بن سعيد الشامى المصلوب وَغَيره من الزَّنَادِقَة، حَيْثُ وضعوها زندقة ليضلوا النَّاس إِلَى غير ذَلِك من الْمَقَاصِد، وَلَا يجوز رِوَايَة شَيْء من ذَلِك فى أى معنى كَانَ من الْأَحْكَام، أَو الْقَصَص، أَو الْأَمْثَال، أَو التَّرْغِيب، أَو التَّرْهِيب، مَعَ الْعلم بِهِ إِلَّا مَعَ الْبَيَان لَهُ من قبل نَفسه إِن كَانَ أَهلا، أَو الْحِكَايَة لذَلِك عَن غَيره من الْأَئِمَّة مَعَ غير بَيَان، لَكِن بِشُرُوط [/ 138] فى غير هَذَا الْمحل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 طرق معرفَة الْوَضع (178 - (ص) وَيعرف الْمَوْضُوع لَا بِأَن يقر ... وَاضعه بل من نبى الله سر) (179 - وَقد يكون بِفساد الْمَعْنى ... وركة اللَّفْظ وَغير معنى) (180 - فَبين النقاد كل هَذَا ... وميزوا من مان أَو من هَذَا) (ش) : أى وَيعرف هَذَا الْمَوْضُوع لَا بِإِقْرَار وَاضعه كَمَا ذكر، فَإِنَّهُ قد يكذب فى إِقْرَاره بِوَضْعِهِ مَعَ ردنا لخبره هَذَا، أَو غَيره من رواياته، بل ذَلِك سر من أسرار النُّبُوَّة، قَالَ الرّبيع بن خثيم: إِن للْحَدِيث ضوء كضوء النَّهَار يعرفهُ، وظلمة كظلمة اللَّيْل مُنكرَة وَقد يسْتَدلّ لذَلِك بِفساد مَعْنَاهُ من مُخَالفَة أصُول الشَّرْع، والمعلوم الْمَقْطُوع بِهِ وثواب النَّبِيين وَالصديقين على عمل قد لَا يكون فِيهِ عبَادَة أَو فِيهِ عبَادَة مَا فيجازف فى الْوَعيد وَكَذَا [بركَة لَفظه] ، وَرُبمَا يجْتَمع الْفساد والركة مَعًا، قَالَ ابْن الصّلاح: قد وضعت أَحَادِيث طَوِيلَة يشْهد لوضعها ركة ألفاظها ومعانيها، وَكَذَا بِغَيْر مَا ذكره من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 الْمعَانى كقرينة حَال الراوى، مثل مَا يحْكى عَن مَأْمُون ابْن أَحْمد أَنه ذكر بِحَضْرَتِهِ الْخلاف فى كَون الْحسن سمع من أَبى هُرَيْرَة فساق فى الْحَال إِسْنَادًا إِلَى النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] أَنه قَالَ: سمع من أَبى هُرَيْرَة، وَنَحْوه قصَّة غياث ابْن إِبْرَاهِيم حَيْثُ دخل على المهدى، فَوَجَدَهُ يلْعَب بالحمام، فساق فى الْحَال إِسْنَادًا إِلَى النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] إِنَّه قَالَ: " لَا سبق إِلَّا فى نصل أَو خف أَو حافر أَو جنَاح "، وَلم يخف صَنِيعه فِيهِ على المهدى الذى وَضعه من أَجله، ثمَّ المروى طارة يخترعه [/ 139] الْوَاضِع، وَتارَة يَأْخُذ كَلَام غَيره كبعض الْإسْرَائِيلِيات، أَو يَأْخُذ حَدِيثا ضَعِيف الْإِسْنَاد فيركب عَلَيْهِ إِسْنَادًا صَحِيحا، ليروج، فَبين النقاد جزاهم الله خيرا كل هَذَا وميزوا عَن حَدِيث رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] الْكَذِب والهذيان، وَلم تعدم الْأمة المحمدية فى كل عصر من يقوم بِحِفْظ السّنة، وينفى عَنْهَا مَا لَيْسَ مِنْهَا وَقد توسع ابْن الجوزى فى إِيرَاد كثير من الْأَحَادِيث الَّتِى لَا ترتقى إِلَى الْوَضع، بل وفى بَعْضهَا مَا هُوَ صَحِيح وَنَحْوه، بل أغرب من هَذَا إِدْخَاله لكثير مِمَّا حكم عَلَيْهِ بِالْوَضْعِ فى تصانيفه الوعظية وَغَيرهَا، ساكتا عَلَيْهِ، فَلم يمش فى الطَّرِيق على سنَن وَاحِد مَعَ جلالته وإمامته، وَقَوله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 [مان] هُوَ فى الْمَتْن، وَهُوَ الْكَذِب، [وَهَذَا] من الهذيان، وَهُوَ الْكَلَام السَّاقِط، وَفِيه وفى السطر قبله الجناس التَّام. المقلوب (181 - (ص) وَالْخَبَر المقلوب أَن يكون عَن ... سَالم يأتى نَافِع ليرغبن) (ش) : [المقلوب] : وَهُوَ من أَقسَام الضَّعِيف: أَن يكون حَدِيث مَشْهُور عَن راو كسالم مثلا، فَيجْعَل مَكَانَهُ راو أخر فى طبقاته نَحْو نَافِع، ليصير لغرابته مرغوبا فِيهِ، فَقَوله: [يأتى نَافِع] بدل سَالم وَمِمَّنْ كَانَ يَفْعَله من الوضاعين إِسْمَاعِيل بن أبي حَيَّة اليسع، وبهلول ابْن عبيد الكندى، وَحَمَّاد بن عَمْرو النصبى، وَقد يَنْقَلِب الحَدِيث على راو بِدُونِ قصد وَيَقَع الْقلب فى الْمَتْن أَيْضا، لكنه قَلِيل بِالنِّسْبَةِ إِلَى السَّنَد، وَقد أفرده النَّاظِم فى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 نوع [/ 140] سَمَّاهُ المنقلب، وَخَالف شَيخنَا حَيْثُ جعل مَا كَانَ فى الْمَتْن المقلوب وَمَا كَانَ من الْأَسْمَاء الْمُبدل. (182 - وَقيل فى فَاعل هَذَا سرق ... ثمَّ مركب على ذَا أطْلقُوا) (183 - قلت وعندى أَنه الذى وضع ... إِسْنَاد ذَا لغيره كَمَا وَقع) (184 - لِلْحَافِظِ البخار فى بَغْدَاد ... والمز أَيْضا بِابْن عبد الهادى) إِنَّه قد قيل فى فَاعل هَذَا سرق، كَمَا وصف بهَا جمَاعَة، وعدت فى أَلْفَاظ التجريح، وَقد أطلق بَعضهم على هَذَا النَّوْع، وَهُوَ مَا كَانَ مَشْهُورا براو فَجعل مَكَانَهُ رَاوِيا آخر: الْمركب. وإخبار النَّاظِم أَنه غَيره، وَهُوَ - أى الْمركب - وضع متن إِسْنَاده آخر وَمَتنه لإسناد متن آخر كَمَا وَقع للبخارى الْحَافِظ، حِين قدم بَغْدَاد فامتحنه محدثوها وَوَضَعُوا لَهُ مائَة حَدِيث، مركبة الْأَسَانِيد، كل سَنَد لمتن آخر، وجعلوها عشرَة عشرَة، مَعَ كل مُحدث، وحضروا مَجْلِسه فأورد كل من الْعشْرَة حَدِيثا بِالْإِسْنَادِ الْمركب حَتَّى تمت الْمِائَة، وَهُوَ يُجيب فى كل حَدِيث: [بِلَا أعلمهُ] ، ثمَّ الْتفت إِلَى الأول، فَقَالَ: حَدِيثك الأول أوردته كَذَا، وَإِنَّمَا هُوَ كَذَا، حَتَّى أَتَى على الْمِائَة، فَرد كل سَنَد إِلَى مَتنه، وكل متن إِلَى سَنَده، فأذعنوا لَهُ بِالْفَضْلِ، وكما وَقع لِلْحَافِظِ أَبى الْحجَّاج المزى صَاحب " الْمُحَرر " وَقَالَ لَهُ: انتخبت من روايتك أَرْبَعِينَ حَدِيثا، أُرِيد قرَاءَتهَا عَلَيْك، وَقَرَأَ الحَدِيث الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 الأول وَكَانَ الشَّيْخ مُتكئا فَجَلَسَ، فَلَمَّا [/ 141] أَتَى على الثانى تَبَسم الشَّيْخ، وَقَالَ: مَا هُوَ أَنا، ذَاك البخارى حَكَاهَا النَّاظِم فى بعض تعاليقه عَن شَيْخه ابْن كثير، قَالَ: والبخارى قَالَ لى: شَيخنَا - يعْنى ابْن كثير -: وَكَانَ هَذَا عندنَا أحسن من رده كل حَدِيث إِلَى سَنَده انْتهى، قَالَ: وَعِنْدِي إِنَّه بالمركب أشبه وَلَا مشاحة فى الِاصْطِلَاح، وَهَذَا يقْصد بِهِ الإغراب فَيكون كالوضع، وَقد يفعل اختبارا لحفظ الْمُحدث، وَهل يقبل التَّلْقِين أم لَا؟ وَتوقف العراقى فِيهِ، فَقَالَ: وفى جَوَازه نظر إِلَى أَنه إِذا فعله أهل الحَدِيث لَا يسْتَقرّ حَدِيثا، والأعمال بِالنِّيَّاتِ، وَحذف النَّاظِم يَاء النّسَب من كل من [البخارى] و [المزى] لضَرُورَة النّظم. (185 - مُنْقَلب واصله كَمَا يحب ... لسبق لفظ الراو فِيهِ يَنْقَلِب) (186 - كَمثل للفارس سَهْمَيْنِ الْفرس ... للنار ينشئ الله خلقا انعكس) (187 - ان ابْن مَكْتُوم بلَيْل يسمع ... وَقبل جُمُعَة يصلى أَربع) أى المنقلب: وَهُوَ أَن يكون على وَجه فينقلب بعض لَفظه على الراوى فيتغير مَعْنَاهُ، وَرُبمَا انعكس. وَأَشَارَ النَّاظِم بعدة أمثله، مِنْهَا حَدِيث: " أسْهم رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] للراجل سَهْما، وللفارس سَهْمَيْنِ " فَإِن فِيهِ وللفرس سَهْمَيْنِ بدل وللفارس فَسبق اللَّفْظ من حَيْثُ ذكر الراجل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 إِلَى الْفَارِس فَصَارَ منقلبا وَمِنْهَا الحَدِيث الذى رَوَاهُ البخارى فى أَوَاخِر صَحِيحه فى بَاب [/ 142] : {إِن رَحْمَة الله قريب من الْمُحْسِنِينَ} من حَدِيث صَالح بن كيسَان عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة - رضى الله عَنهُ - رَفعه: " اختصمت الْجنَّة وَالنَّار إِلَى ربهما " الحَدِيث وَفِيه: " أَنه ينشئ للنار خلقا " صَوَابه كَمَا رَوَاهُ فى مَوضِع آخر مِنْهَا من طَرِيق عبد الرَّزَّاق، عَن معمر، عَن همام، عَن أَبى هُرَيْرَة، بِلَفْظ: " فَأَما الْجنَّة فينشأ الله لَهَا خلقا " فَسبق لفظ الراوى من الْجنَّة إِلَى النَّار وَصَارَ منقلبا، وَلذَلِك جزم ابْن الْقيم بِأَنَّهُ غلط، وَمَال إِلَيْهِ البلقينى، حَيْثُ أنكر هَذِه وَاحْتج بقوله: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 {وَلَا يظلم رَبك أحدا} كَمَا بسط فى مَحَله، وَمِنْهَا حَدِيث عَائِشَة - رضى الله عَنْهَا -: " أَن ابْن مَكْتُوم يُؤذن بلَيْل، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى تسمعوا أَذَان بِلَال " أخرجه ابْن خُزَيْمَة وَعِنْده أَيْضا، وَكَذَا ابْن حبَان، وَأحمد وَغَيرهمَا، من حَدِيث أنيسَة - رَضِي الله عَنْهَا - قَالَت: قَالَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " إِذا أذن بِلَال فَلَا تَأْكُلُوا وَلَا تشْربُوا " انْقَلب على بعض الروَاة وَصَوَابه: " أَن بِلَالًا يُؤذن بلَيْل " مُتَّفق عَلَيْهِ من حَدِيث ابْن عمر، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 وَعَائِشَة - رضى الله عَنْهَا -، وَمِنْهَا: حَدِيث: " الصَّلَاة قبل الْجُمُعَة أَربع "، فَإِن الصَّوَاب فِيهِ كَمَا أخرجه مُسلم فى " صَحِيحه " من حَدِيث خَالِد بن عبد الله، عَن أَبِيه، عَن أَبى هُرَيْرَة مَرْفُوعا كَون: " الْأَرْبَع بعْدهَا "، فَانْقَلَبَ على بعض رُوَاته كَمَا أفهمهُ النَّاظِم - وَإِن لم أَقف على ذَلِك إِلَى الْآن - بل الذى رَأَيْته إِنَّمَا هُوَ قلبه فى السَّنَد، نعم رَوَاهُ أَبيض أزابان الثقفى عَن منهل بِلَفْظ: " من كَانَ [/ 143] مُصَليا فيصل قبلهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 أَرْبعا وَبعدهَا " وعد فى إِفْرَاده عَن سَائِر الْحفاظ من أَصْحَاب سُهَيْل فَهُوَ شَاذ، وَمِمَّا لم يذكرهُ النَّاظِم حَدِيث: " إِذا صلى أحدكُم فَلَا يبرك كَمَا يبرك الْبَعِير وليضع يَدَيْهِ قبل ركبته " كَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد والترمذى، وَهُوَ مُنْقَلب على بعض رُوَاته، وَصَوَابه: " وَلَا يضع يَدَيْهِ قبل رُكْبَتَيْهِ " لِأَن أَوله يُخَالف آخِره، فَإِنَّهُ إِذا وضع يَدَيْهِ قبل رُكْبَتَيْهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 برك كَمَا يبرك الْبَعِير، لَكِن قد ادّعى بَعضهم فى هَذَا النّسخ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يكون من هَذَا الْبَاب، كَمَا فعل ابْن خُزَيْمَة فى ثَالِث الْأَحَادِيث إِذا قَالَ: لَا تضَاد بَين الْحَدِيثين لخبرين، إِذْ من الْجَائِز أَن يكون النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] جعل الْأَذَان بِاللَّيْلِ تناولا بَين بِلَال، وَبَين ابْن أم مَكْتُوم، فحين يكون نوبَة أَحدهمَا لَيْلًا يكون نوبَة الآخر عِنْد طُلُوع الْفجْر، وفى الخبران على حسب الْحَالين، وَأخذ هَذَا ابْن حبَان وَجزم بِهِ، فَقَالَ: لَيْسَ بَين الْخَبَرَيْنِ تضَاد، قَالَ شَيخنَا: وَهَذَا بعيد، وَلَو فتحنا بَاب التَّأْوِيل لَا ندفع كثير من علل الْمُحدثين. انْتهى. وَقد أفرد الْجلَال البلقينى - رَحمَه الله - كثيرا من أَمْثِلَة هَذَا النَّوْع، لَكِن لَا نطيل بإيراداها، وأسلفت قَرِيبا فى المقلوب عَن شَيخنَا، أَنه جعل هَذِه الْأَمْثِلَة للمقلوب، وَمَا كَانَ فى الروَاة سَمَّاهُ الْمُبدل، فعلى هَذَا يكون عِنْد كل من النَّاظِم وَشَيخنَا نوع لم يذكرهُ ابْن الصّلاح. المدبج (188 - (ص) تدبيجهم أَن يرْوى القرين ... عَن مثله وَهُوَ لَهُ يدين) (189 - مثل أَبى هر مَعَ الصديقة ... لأوزاع مَعَ مالكهم حَقِيقَة) (ش) : التدبيج بِالدَّال الْمُهْملَة وَالْجِيم: هُوَ أَن يرْوى القرين عَن مثله، والقرين المروى عَن قرينه. [يدين] أى يجازى، يُقَال: " كَمَا تدن تدان "، كَمَا تجازى بفعلك، أَو بِحَسب مَا عملت فَالْحَاصِل: أَنه رِوَايَة كل من القرينين عَن الآخر، مَأْخُوذ من ديباجتى الْوَجْه، وهما صفحتا الْخَدين. قَالَ ابْن الصّلاح: المدبج رِوَايَة الأقران بَعضهم عَن بعض، وهم المتقاربون فى السن والإسناد، وَرُبمَا اكْتفى الْحَاكِم أَبُو عبد الله فِيهِ بالتقارب فى الْإِسْنَاد، وَإِن لم يُوجد فِيهِ السن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 ثمَّ أَشَارَ النَّاظِم إِلَى مثالين لَهُ أَحدهمَا: فى الصَّحَابَة وَهُوَ رِوَايَة كلا من أَبى هُرَيْرَة وَعَائِشَة الصديقة - رضى الله عَنْهُمَا - عَن الآخر فى تابعى التَّابِعين، وَهُوَ رِوَايَة كلا من الأوزعى، وَهُوَ عبد الرَّحْمَن بن عمر الأوزعى الشامى وَمَالك بن أنس - رحمهمَا الله تَعَالَى - عَن الآخر. وَكَذَلِكَ روى التابعيان كلا من الزهرى، وَعمر بن عبد الْعَزِيز، عَن الْأُخَر. وَمن أَتبَاع الِاتِّبَاع كل من أَحْمد، وَابْن المدينى عَن الآخر، وفى الْمُتَأَخِّرين كل من المزى والبزارالي إِلَى أَحدهمَا عَن الآخر، طول مَعَ كَونه أفرد بالتأليف وَقد روى أحد القرينين عَن الآخر دون عَكسه كسليمان التيمى، حَيْثُ روى مسعر، وَلَا يعلم لمسعر عَن التيمى رِوَايَة، وهما قرينان، وَرُبمَا اجْتمعَا ثَلَاثَة، بل أَرْبَعَة من الأقران فى سلسلة، وَقَوله: [مثل أَبى هر] هُوَ بالتنكير والتذكير، نقلا من التَّأْنِيث والتصغير وَقَوله: [لاوزاع] اسْتَعْملهُ بِنَقْل حَرَكَة همزته إِلَى السَّاكِن قبلهَا، وَحذف الْهمزَة الأولى مَعَ با النِّسْبَة للضَّرُورَة. رِوَايَة الأكابر عَن الأصاغر (190 - (ص) وَإِن يكن بَينهمَا بعد مدى ... طبقَة ورتبة وأسندا) (191 - أَعلَى عَن أدنى فَهُوَ الأكابر ... يرْوى عَن الْأَوَاخِر الأصاغر) (192 - مثل النبى عَن تَمِيم الدارى ... وَمَالك عَنهُ روى الأنصارى) (ش) : إِذا كَانَ بَين الرِّوَايَتَيْنِ غَايَة بعيدَة، وهى الْمعبر عَنْهَا بقوله: [بعد مدى] لِأَن المدى الْغَايَة، وَذَلِكَ الْبعد، إِمَّا أَن يكون الراوى أقدم طبقَة، وأكبر سنا من المروى عَنهُ، وَإِمَّا أَن يكون فى الرُّتْبَة فَقَط، بِأَن يكون أكبر قدرا فى الْحِفْظ وَالْعلم والإتقان عَن المروى عَنهُ، وَإِمَّا أَن يكون فيهمَا مَعًا، وَاقْتصر النَّاظِم على التَّصْرِيح بِهِ، وَأسْندَ الْأَعْلَى من هَذِه الْأَقْسَام عَن الْأَدْنَى، فَهَذَا يُسمى رِوَايَة الأكابر عَن الأصاغر، وَهُوَ مَعَ الثَّلَاثَة بعده، طول الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 مَعَ كَونه أفرد بالتأليف، وَقد روى أحد القرينين عَن الآخر دون عَكسه، كسليمان التيمى، حَيْثُ روى عَن مسعر، وَلَا يعلم لمسعر عَن التيمى رِوَايَة، وهما قرينان، وَرُبمَا اجْتمع ثَلَاثَة، بل أَرْبَعَة من الأقران فى سلسلة، وَقَوله [لاوزاع] اسْتَعْملهُ بِنَقْل حَرَكَة همزته إِلَى السَّاكِن قبلهَا، وَحذف الْهمزَة الأولى مَعَ يَاء النِّسْبَة للضَّرُورَة. مِمَّا أدرجه خلال مَا سرده من الْأَقْسَام أَولا، ثمَّ أَشَارَ بالتمثيل بِرِوَايَة النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] عَن تَمِيم الدارى، كَمَا فى صَحِيح مُسلم لحَدِيث " الْجَسَّاسَة " إِلَى الْأَخير مِنْهَا، وَهُوَ أجل مِثَال فى ذَلِك، وَلِهَذَا قدمه، وفى بعض طرقه أَنه [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] رأى تميما، فَقَالَ يَا تَمِيم: " حدث النَّاس بِمَا حدثتنى ". فاستفيد من ذَلِك علو الْإِسْنَاد، وتنبيه الشَّيْخ الطَّالِب على الْأَخْذ عَمَّن حدث عَنهُ، إِذا كَانَ حَيا إِلَى غير ذَلِك مِمَّا لَا مدْخل لَهُ فى هَذَا الْبَاب، وَنَحْو هَذَا الْمِثَال مَا يرْوى أَن رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] [/ 146] قَالَ: أخبرنى عمر بن الْخطاب - رضى الله عَنهُ - أَنه: " مَا سابقت أَبَا بكر فى خير إِلَّا سبقنى " وَكَذَا من أمثلته رِوَايَة العبادلة عَن كَعْب، وَالصَّحَابَة عَن التَّابِعين، وَغير ذَلِك، والتمثيل رِوَايَة الأنصارى، وَهُوَ يحيى بن سعيد، عَن مَالك إِلَى الأول مِنْهَا، فيحيى تابعى مَاتَ بعد الْأَرْبَعين وَمِائَة وَمَالك من أَتبَاع التَّابِعين، لَا رِوَايَة لَهُ عَن أحد من الصَّحَابَة، مَاتَ فى سنة تسع وَسبعين وَمِائَة، وَلم يشر إِلَى مِثَال لثانيها لكَون التَّقَدُّم فى السَّنَد هُوَ مَطْلُوب الْبَاب. وللخطيب فى هَذَا النَّوْع تصنيف حافل، وَكَذَا لغيره، وَمن فَوَائده: أَن لَا يتَوَهَّم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 كَون المروى عَنهُ أكبر، وَأفضل من الراوى، نظرا إِلَى الْأَغْلَب فى ذَلِك فيجهل، وَقد صَحَّ قَول عَائِشَة: " أمرنَا رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] أَن ننزل النَّاس مَنَازِلهمْ " [والآواخر] صفة للأصاغر وَهُوَ زِيَادَة للنظم. رِوَايَة الْآبَاء عَن الْأَبْنَاء وَالْأَبْنَاء عَن الْآبَاء (193 - (ص) وَحدث الْآبَاء عَن الْأَبْنَاء ... مثلى وَعَكسه كثير جارى) (ش) : هَذَانِ نَوْعَانِ، فَأَما أَولهمَا: فَهُوَ رِوَايَة الأباء عَن الْأَبْنَاء، وَهُوَ يدْخل فى رِوَايَة الأكابر عَن الأصاغر، لكنه أخص مِنْهُ، وَله أَمْثِلَة كَثِيرَة يُؤْخَذ حلهَا من مُصَنف للخطيب فى ذَلِك، وَمن فَائِدَته الْأَمْن من توهم التَّصْحِيف وَنَحْوه، وَقَوله: [مثلى] إِشَارَة إِلَى مَا حَدثهُ بِهِ ابْنه أَبُو الْخَيْر، عَن أَخِيه أَبى الْقَاسِم على، عَن النَّاظِم أَبِيهِمَا عَن أَبى الْبَنَّا مَحْمُود بن خَليفَة قَالَا: نَا أَبى الْحَافِظ عبد الْمُؤمن بن خلف الدمياطى أَنى الْحَافِظ يُوسُف بن الْخَلِيل، هَكَذَا قرأته بِخَط [/ 147] النَّاظِم فى بعض تعاليقه. وَأما ثَانِيهمَا: فَهُوَ رِوَايَة الْأَبْنَاء عَن الْآبَاء، الْمشَار إِلَيْهِ بقوله: [وَعَكسه] وَقد أفرد بالتصنيف أَيْضا، وَيظْهر أَن من فَوَائده كَون ولد الرجل غَالِبا أمس بحَديثه بِحَيْثُ مَا يقدم مَا يَقع من ذَلِك على رِوَايَة غَيرهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 مِمَّن لم يكن كثير المخالطة لَهُ، أَو أخص مِنْهُ رِوَايَة الابْن عَن أَبِيه عَن جده، وَأكْثر مَا بلغنَا مَا انْتَهَت الْآبَاء إِلَيْهِ فِيهِ إِلَى أَرْبَعَة عشر أَبَا. وَقد رواينا عَن مَالك رَحمَه الله أَنه قَالَ: فى قَوْله تَعَالَى: {وَإنَّهُ لذكر لَك ولقومك} قَالَ: هُوَ قَول الرجل: حَدثنِي أَبى عَن جدى، وَقَالَ غَيره: الْإِسْنَاد بعضه عوالى، وَبَعضه معالى، وَقَول الرجل: حَدَّثَنى أَبى عَن جدى، من المعالى، وللعلائى مُصَنف فى ذَلِك لخصه شَيخنَا فشفى، وَكفى. السَّابِق واللاحق (194 - (ص) وَذُو اشْتِرَاك سَابق ولاحق ... فى فَرد شيخ وَهُوَ نوع لَائِق) (ش) : [السَّابِق واللاحق] : هُوَ عبارَة عَمَّن اشْترك فى الرِّوَايَة عَنهُ رِوَايَات مُتَقَدّمَة ومتأخر، تبَاين وَقت وفاتهما تباينا شَدِيدا، فَحصل بَينهمَا أمد بعيد، وَأَن الْمُتَأَخر غير مَعْدُود بِهِ من معاصرى الأول وَمن طبقته، وَمن أمثلته الْفَخر بن البخارى روى عَنهُ المنذرى، وَمَات فى سنة سِتّ وَخمسين وسِتمِائَة، وَالصَّلَاح ابْن أَبى عَمْرو، وَمَات فى سنة ثَمَانِينَ وَسَبْعمائة، وَالصَّلَاح هَذَا سمع مِنْهُ الْحَافِظ الذهبى، وَمَات سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة، وَآخر من لَقيته مِمَّن روى لنا عَنهُ، مَاتَ فى سنة سبعين وثمان مائَة [/ 148] وَشَيخنَا الْعِزّ ابْن الْفُرَات روى عَنهُ أَبوهُ، وَمَات سنة سبع وثمانى مائَة، وَأَصْحَابه أَرْجُو بقاءهم إِن بقى الزَّمَان إِلَى قرب الْأَرْبَعين من الْقرن الْعَاشِر، قَالَ شَيخنَا: وَأكْثر مَا وقفنا عَلَيْهِ من ذَلِك مَا بَين الرِّوَايَتَيْنِ عَنهُ فى الْوَفَاة مائَة وَخَمْسُونَ سنة، وَذَلِكَ أَن الْحَافِظ السلفى سمع مِنْهُ أَبُو على البردانى أحد مشايخه حَدِيثا رَوَاهُ عَنهُ، وَمَات على رَأس الْخَمْسمِائَةِ، ثمَّ كَانَ آخر أَصْحَاب السلفى بِالسَّمَاعِ سبطه أَبُو الْقَاسِم عبد الرَّحْمَن بن مكى، وَكَانَت وَفَاته سنة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 خمسين وسِتمِائَة، وَمن قديم ذَلِك أَن البخارى حدث عَن تِلْمِيذه أَبى الْعَبَّاس السراج بأَشْيَاء فى " التَّارِيخ " وَغير ذَلِك، وَمَات - أى البخارى - سنة سِتّ وَخمسين وَمِائَتَيْنِ، وَآخر من حدث عَنهُ السراج بِالسَّمَاعِ، أَبُو الْحُسَيْن الْخفاف، وَمَات سنة - يعْنى الْخفاف - ثَلَاث وَتِسْعين وثلثمائة. وغالب مَا يَقع من ذَلِك أَن المسموع مِنْهُ قد يتَأَخَّر بعد أحد الرِّوَايَتَيْنِ عَنهُ زَمَانا، حَتَّى يسمع مِنْهُ بعض الْأَحْدَاث ويعيش بعد السماع مِنْهُ دهرا طَويلا، فَيحصل من مَجْمُوع ذَلِك نَحْو هَذِه الْمدَّة، وللخطيب - رَحمَه الله تَعَالَى - فِيهِ تصنيف حسن. وَقد استدرك عَلَيْهِ الذهبى وَغَيره بثمان. وَمن فَوَائده تَقْدِير حلاوة الْإِسْنَاد فى الْقُلُوب، وَلِهَذَا قَالَ النَّاظِم: [وَهُوَ نوع لَائِق] ويلتحق بِهِ أَن أَبَا الْقَاسِم البغوى مَاتَ فى شَوَّال سنة سبع عشرَة وثلثمائة، وَمَات الحجار فى سنة ثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة، فجملة مَا بَين وفاتيهما أَرْبَعمِائَة سنة وَزِيَادَة على عشْرين سنة، وَبَينهمَا فى الْعدَد أَرْبَعَة أنفس، قَالَ الذهبى وَهَذَا [/ 149] شئ لَا نَظِير لَهُ فى الْأَعْصَار، وَهُوَ متعقب بالفخر على وأبى قلَابَة الرقاشى بَين وفاتيهما أَرْبَعمِائَة سنة وَأَرْبع عشرَة وبابن كُلَيْب بَينه وَبَين ابْن الْمُبَارك أَرْبَعمِائَة وبضع عشر، وبابن طبرزد وَابْن علية بَين وفاتيهما أَرْبَعمِائَة سنة ونيف وَعِشْرُونَ وبعائش بن عبد الهادى، وَابْن عبد الهادى وَابْن أَبى شُرَيْح بَين وفاتيهما نَحْو ذَلِك على الْأَرْبَعَة، تخص كل وَاحِد زِيَادَة على مائَة عَام واتفاق تسلسل مثله نَادِر. الْمُصحف (195 - (ص) ثمَّ الْمُصحف، واقساماً ورد ... فى الْمَتْن لفظا ثمَّ معنى وَسَنَد) (ش) : [الْمُصحف] : وَهُوَ نوع جليل، قَامَ بِهِ الْأَئِمَّة واعتنى بِهِ الْحفاظ وَلكُل من الدارقطنى والخطابى والعسكرى، وَابْن الجوزى فِيهِ بالتأليف، وَقل من يسلم من الْوُقُوع فِيهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 ، كَمَا صرح بِهِ الإِمَام أَحْمد حَيْثُ قَالَ: وَمن يعرى من الْخَطَأ؟ [والتصحيف] هُوَ التَّغْيِير وَذَلِكَ إِمَّا أَن يكون فى نقط الْحُرُوف، أَو فى حركاتها وسكناتها، وَرُبمَا لقب هَذَا الْبَاب ب (المحرف) وَيَقَع فيهمَا مَا يُسمى تَصْحِيف الْبَصَر، وَقد يَقع فى الْكَلِمَة تَبْدِيل بموازنتها، فيسمى تَصْحِيف السّمع، وَإِذا لَك كل الْإِشَارَة بقوله: [لفظا] أَلا يَقع تَبْدِيل فى صورتهَا بل فى مَعْنَاهَا وَيُسمى تَصْحِيف الْمَعْنى، وَهُوَ قَلِيل بِالنِّسْبَةِ إِلَى اللَّفْظ وَإِلَيْهِ الْإِيمَاء ب [ثمَّ] إِلَى غير ذَلِك الْأَقْسَام، وَلَا اخْتِصَاص للمتن بِوُقُوعِهِ، بل يَقع فى السَّنَد أَيْضا، وَلذَا قَالَ: [وَسَنَد] أى: وَيرد فى السَّنَد، [وأقسام] حَال مقدم، وَاسْتعْمل فى الْبَيْت الْأَقْوَى. (196 - (ص) مثل حَدِيث جَابر رمى أَبى [/ 150] ... يزن ذرة وشق الْحَطب) (ش) : هَذِه أَمْثِلَة للتصحيف فى الْمَتْن بِاعْتِبَار الْبَصَر، وهى حَدِيث جَابر - رضى الله عَنهُ -: " رمى أَبى يَوْم الْأَحْزَاب على أكحله، فكواه رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] " صحفه غنْدر، وَقَالَ: فِيهِ أَبى بِالْإِضَافَة، وَإِنَّمَا هُوَ أَبى بن كَعْب، وَأَبُو جَابر كَانَ قد اسْتشْهد قبل ذَلِك يَوْم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 أحد، وَحَدِيث أنس - رضى الله عَنهُ -: " ثمَّ يخرج من النَّار من قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله، وَكَانَ فى قلبه من الْخَيْر مَا يزن ذرة " بِفَتْح الذَّال الْمُعْجَمَة، والشد، قَالَ فِيهِ شُعْبَة [ذرة] بِضَم الْمُعْجَمَة وَالتَّخْفِيف، وأوقعه فى ذَلِك سبق الشّعير، وَالْبر، وَحَدِيث مُعَاوِيَة - رضى الله عَنهُ -: " لعن رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] الذى يشقون الْخطب " بِضَم الْمُعْجَمَة، شَقِيق الشّعْر، صحفه وَكِيع بن الْجراح بِفَتْح الْمُهْملَة، فَرده عَلَيْهِ أَبُو نعيم بِالْخَاءِ، وَكَذَا صحفه أَبُو حَفْص ابْن شاهين بِجَامِع الْمَنْصُور، فَقَالَ بعض الملاحين: يَا قوم كَيفَ نعمل وَالْحَاجة ماسة. وَمِمَّا لم يذكرهُ النَّاظِم من أَمْثِلَة التَّصْحِيف حَدِيث أَبى ذَر " تعين الصَّانِع "، قَالَ فِيهِ هِشَام بن عُرْوَة: بالضاد الْمُعْجَمَة والتحتانية، وَهُوَ كَمَا رَوَاهُ الزهرى بِالْمُهْمَلَةِ وَالنُّون ضد الأخرق هُوَ الذى لَيْسَ بصانع وَلَا يحسن الْعَمَل، وَقَالَ الزهرى: إِن هشاما صحفه، وَكَذَا قَالَ ابْن المدينى: وَصوب الدارقطنى رِوَايَة الزهرى على أَن الرِّوَايَة الأولى وجهت بِأَن المُرَاد بالضايع ذُو الضّيَاع من فقر أَو عِيَال فَيرجع إِلَى معنى الإهمال. قَالَ أهل اللُّغَة: رجل أخرق لَا ضَيْعَة لَهُ، وَحَدِيث: " من صَامَ رَمَضَان وَأتبعهُ سِتا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 [/ 151] من شَوَّال " صحفه أَبُو بكر الصولى، فَقَالَ شَيْئا بِالْمُعْجَمَةِ والتحتانية وَحَدِيث عَائِشَة فى الْكُهَّان: " قر الدَّجَاجَة " بِالدَّال الْمُهْملَة، صحفه أَبُو بكر الإسماعيلى " عُمَيْر " بِالْفَتْح وَالْكَسْر " مَا فعل النغير " بِالْمُوَحَّدَةِ الْمَفْتُوحَة، والمهملة الْمَكْسُورَة، وَحَدِيث " صَلَاة فى أثر صَلَاة كتاب فى عليين " صحفه بَعضهم كتاب فى علميين، وَأكْثر مَا يَقع فى ذَلِك لمن قلد الصُّحُف، وَقد قيل كَمَا سلف لَا تَأْخُذُوا الْعلم من صحفى، وَمَعْنَاهُ كَمَا قَالَ الْخَلِيل: أَن الصحفى يرْوى الْخَطَأ على قِرَاءَة الصُّحُف، باشتباه الصُّحُف، وَقَالَ غَيره: أَصله أَن قوما كَانُوا أخذُوا الْعلم من الصُّحُف، من غير أَن يلْقوا فِيهَا الْعلمَاء، فَكَانَ يَقع فِيمَا يَرْوُونَهُ التَّغْيِير فَيُقَال عِنْده: قد صحفوا، أى رَوَوْهُ عَن الصُّحُف، وهم مصحفون، والمصدر التَّصْحِيف. وَمن أَمْثِلَة التَّصْحِيف فى الْمَتْن بِاعْتِبَار السّمع وَلم يذكرهُ النَّاظِم، مَا رَوَاهُ ابْن لَهِيعَة عَن كتاب مُوسَى بن عقبَة إِلَيْهِ بِإِسْنَادِهِ عَن زيد بن ثَابت - رضى الله عَنهُ - أَنه [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] احْتجم فى الْمَسْجِد وَإِنَّمَا هُوَ بالراء. احتجر فى الْمَسْجِد بخص أَو حصيره " حجرَة يصلى فِيهَا، صحفه ابْن لَهِيعَة، لكَونه أَخذه من كتاب بِغَيْر سَماع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 (197 - (ص) وَمِنْه تَصْحِيف لحذف قد يجِئ ... كَقَوْلِه صليت قبل أَن تجئ) (198 - وضده مثل حَدِيث خطبَته ... فى الْعِيد من رجلَيْهِ فى رَاحِلَته) (199 - وَقيل فى كَانَ إِذا صلى نصب ... عنزة شَاة إِلَى الْمَعْنى ذهب) (200 - وَقيل فِيهَا العنزى لنا شرف ... صلى إِلَيْنَا الْمُصْطَفى فاعرف) (ش) : هَذَا مِثَال التَّصْحِيف فى الْمَعْنى مَعَ اللَّفْظ، وَهُوَ مَا ذكر الْحَاكِم أَن أَعْرَابِيًا زعم أَنه [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] كَانَ إِذا صلى نصب بَين يَدَيْهِ شَاة، فبدل معنى الْكَلِمَة، وَهُوَ أَنه [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " كَانَ يصلى إِلَى عنزة " بِفَتَحَات، وهى حَرْبَة تركز أَمَامه، يصلى إِلَيْهَا وحرف صورتهَا، حَيْثُ سكن فِيهَا النُّون، فَهُوَ تَصْحِيف للفظ وَالْمعْنَى مَعًا، ثمَّ أَشَارَ إِلَى مِثَال التَّصْحِيف أَن أَبَا مُوسَى مُحَمَّد بن الْمثنى الْمَعْرُوف بالزمن شيخ البخارى قَالَ لَهُم يَوْمًا: " نَحن قوم لنا شرف، نَحن قوم لنا شرف، نَحن من عنزة " قد صلى إِلَيْنَا النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] يُرِيد حَدِيث أَنه [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] صلى إِلَى عنزة، توهم أَنه صلى إِلَى قبلتهم، وَإِنَّمَا العنزة حَرْبَة، كَمَا تقدم، فصحف معنى الْكَلِمَة مَعَ بَقَاء الصُّورَة. (201 - (ص) وَابْن مُزَاحم كَذَا ابْن الْبذر ... صَوَابه مراجم الندر) (ش) : هَذَا مِثَال للتصحيف فى السَّنَد بِاعْتِبَار الْبَصَر، وَهُوَ حَدِيث شُعْبَة بن الْعَوام بن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 مراجم عَن أَبى عُثْمَان النهدى عَن عُثْمَان رَفعه: " لتؤدن الْحُقُوق إِلَى أَهلهَا " الحَدِيث صحفه ابْن معِين، فَقَالَ: مُزَاحم بالزاى والحاء الْمُهْملَة، وَصَوَابه بالراء وَالْجِيم، وَمن ذَلِك مَا قَالَه ابْن جَعْفَر ابْن جرير الطبرى فِيمَن روى عَن النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] من بنى سليم عتبَة بن الْبذر بِالْبَاء الْمُوَحدَة، وبالذال الْمُعْجَمَة، وَإِنَّمَا هُوَ ابْن الندر بالنُّون والمهملة. وَمن أَمْثِلَة التَّصْحِيف فى السَّنَد بِاعْتِبَار السّمع وَلم يذكرهُ النَّاظِم مَا رَوَاهُ أَحْمد، حَدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، حَدثنَا شُعْبَة عَن مَالك بن عرو، عَن عبد خير، عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - أَنه صلى الله عَلَيْهِ [/ 153] وَسلم " نهى عَن الدُّبَّاء والمزفت " قَالَ احْمَد: صحفه شُعْبَة، وَإِنَّمَا هُوَ خَالِد بن عَلْقَمَة، وَمِمَّا ذكره الدارقطنى فى حَدِيث عَاصِم الْأَحْوَال، رَوَاهُ بَعضهم، فَقَالَ وَاصل الْأَحْدَاث. (202 - (ص) وَمِنْه تَصْحِيف لحذف قد يجِئ ... كَقَوْلِه صليت قبل أَن تجئ) (203 - وضده مثل حَدِيث خطبَته ... فى الْعِيد من رجلَيْهِ فى رَاحِلَته) (ش) هَذَا مِثَال التَّصْحِيف بِحَذْف الْبَعْض، وَهُوَ حَدِيث جَابر دخل يَوْم الْجُمُعَة والنبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] يخْطب، فَقَالَ: " صليت قبل أَن تجْلِس " الحَدِيث رَوَاهُ ابْن مَاجَه، فَقَالَ قبل أَن يجِئ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 ، وهوتصحيف، من بعض مَا نبه عَلَيْهِ الْحَافِظ المزى، وَقَالَ: غلط فِيهِ النَّاسِخ، قَالَ: وَكتاب ابْن ماجة إِنَّمَا تداوله شُيُوخ لم يعتنوا بِهِ، بِخِلَاف الصَّحِيحَيْنِ، فَإِن الْحَافِظ تداولوهما واعتنوا بضبطهما، وتصحيحهما، ثمَّ ذكر النَّاظِم مِثَالا لضد هَذَا، يعْنى التَّصْحِيف بِالزِّيَادَةِ، وَهُوَ حَدِيث أَبى سعيد الخدرى - رضى الله عَنهُ - فى خطْبَة الْعِيد: " كَانَ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] يخرج يَوْم الْعِيد فيصلى بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ، ثمَّ يسلم، فيقف على رَاحِلَته يسْتَقْبل النَّاس وهم جُلُوس الحَدِيث وَالصَّوَاب - وَالله أعلم - فيقف على رجلَيْهِ، زَاد فِيهِ بعض الروَاة ألفا، وَلَا ريب فى أَنه [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] إِنَّمَا كَانَ يخرج إِلَى الْعِيد مَاشِيا، والعنزة بَين يَدَيْهِ، وَإِنَّمَا خطب على رَاحِلَته يَوْم النَّحْر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 النَّاسِخ والمنسوخ (204 - (ص) وناسخ الْمَنْسُوخ الحَدِيث ... يعرفهُ الْمُجْتَهد الرسوخ) (ش) : [النَّاسِخ والمنسوخ] فن جليل مُهِمّ صَعب، حَتَّى قَالَ الزهرى: إِنَّه أعيى الْفُقَهَاء، وأعجزهم، وَكتابه أَدخل بعض الْمُحدثين فِيهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ، وَلِهَذَا قَالَ النَّاظِم [يعرفهُ [/ 154] الْمُجْتَهد الرسوخ] يعْنى الراسخ وَقد كَانَ للشافعى - رَحمَه الله تَعَالَى - لَهُ فِيهِ الْيَد الطُّولى بِحَيْثُ قَالَ أَحْمد - رَحمَه الله -: مَا علمنَا الْمُجْمل من الْمُفَسّر، وَلَا نَاسخ الحَدِيث من منسوخه، حَتَّى جالسناه وصنف فِيهِ ابْن أَبى دَاوُد، وَابْن الجوزى، والحازمى، وَهُوَ أوسعها، وَقد قرأته بعلو. (205 - والنسخ مَا يرفع مَا حكما قدما ... بمتأخر كَمثل احتجما) [النّسخ] لُغَة: الْإِزَالَة، أَو التَّحْوِيل من حَال إِلَى حَال، وَأما فى الِاصْطِلَاح فَفِيهِ عِبَارَات اقْتصر النَّاظِم مِنْهَا على أَنه: رفع حكم مُتَقَدم بمتأخر، وَنَحْوه قَوْله فى بعض تعاليقه: إِنَّه حكم شرعى، بِدَلِيل شرعى، مُتَأَخّر عَنهُ، وَقَالَ: إِنَّه أَجود مَا قيل فِيهِ، احْتَرز [بِالرَّفْع] بَيَان عَن مُجمل، وبالحكم عَن رفع الْإِبَاحَة الْأَصْلِيَّة، وبالمقدم عَن التَّخْصِيص الْمُتَّصِل بالتكليف كالاستثناء وَنَحْوه. ثمَّ إِن المُرَاد بِرَفْع الحكم، قطع تعلقه بالمكلفين، وَإِلَّا فَالْحكم قديم، لَا يرْتَفع، وَلِهَذَا قَالَ شَيخنَا: هُوَ رفع تَعْلِيق حكم إِلَى آخِره، والناسخ مَا دلّ على الرّفْع الْمَذْكُور، تَسْمِيَته نَاسِخا مجَاز، لِأَن النَّاسِخ فى الْحَقِيقَة هُوَ الله تَعَالَى. ثمَّ أَشَارَ النَّاظِم بقوله: [كَمثل احتجما] إِلَى مِثَال لذَلِك وَهُوَ حَدِيث ابْن عَبَّاس - رضى الله عَنْهُمَا: " أَن النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 احْتجم وَهُوَ صَائِم " قَالَ الشافعى: قد بَين أَنه نَاسخ لحَدِيث شَدَّاد ابْن أَوْس وَغَيره: " أفطر الحاجم والمحجوم " لكَونه مُتَأَخِّرًا عَنهُ، فَإِنَّهُ كَانَ فى حجَّة الْوَدَاع سنة عشر، وَالْآخر كَانَ زمن الْفَتْح سنة ثَمَان وَشَدَّاد رضى الله عَنهُ مَعَه حَيْثُ رأى رجلا يحتجم فى رَمَضَان، واستفيد من التَّمْثِيل بِهَذَا أَن النّسخ يعرف بالتاريخ، وَهُوَ كذالك، وَالطَّرِيق لمعرفته. إِمَّا تنصيص الشَّارِع وَهُوَ أصرحهَا كَحَدِيث بُرَيْدَة رضى الله عَنهُ فى صَحِيح مُسلم " كنت نَهَيْتُكُمْ عَن زِيَارَة الْقُبُور، فزوروها، فَإِنَّهَا تذكر الْآخِرَة " أَو يجْزم الصحابى بِأَنَّهُ مُتَأَخّر كَقَوْل جَابر رضى الله عَنهُ " كَانَ آخر الْأَمريْنِ من رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ترك الْوضُوء من مَا مست النَّار " أَو بِالْإِجْمَاع على تَأَخره، وَقيل: أَنه أَعْلَاهَا لإِفَادَة الْإِجْمَاع بِالْعلمِ وَلَا أثر لتأخير إِسْلَام الراوى لاحْتِمَال أَن يكون سَمعه من صحابى آخر قدم من الْمُتَقَدّم الْمَذْكُور أَو مثله فَأرْسلهُ، لَكِن إِن وَقع التَّصْرِيح بِسَمَاعِهِ لَهُ من النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] فَيتَّجه أَن يكون نَاسِخا بِشَرْط أَن يكون لم يتَحَمَّل عَن النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] قبل إِسْلَامه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 وَأما الْإِجْمَاع على الْعَمَل بمضمون خبر فَلَيْسَ بناسخ بل دَال على وجوده، و [مَا] فى الْبَيْت إِمَّا مَوْصُولَة أَو نكرَة مَوْصُوفَة. (206 - (ص) مُخْتَلف الحَدِيث معنى مِنْهُ مَا ... يُمكن أَن يجمع مَا بَينهمَا) (207 - كَمثل لَا عدوى من المجذوم فر ... وَمرض على مصح فَاعْتبر) (208 - وَمِنْه مَا لَا يُمكن الْجمع فَإِن ... لم يظْهر النّسخ وَإِلَّا رجحن) (ش) : هُوَ فن مُهِمّ، يضْطَر إِلَيْهِ جَمِيع الطوائف من الْعلمَاء، وَإِنَّمَا تكفل بِالْقيامِ بِهِ الْأَئِمَّة من أهل الحَدِيث، وَالْفِقْه وَالْأُصُول الغواصون على الْمعَانى، وَقد [/ 156] تكلم الشافعى - رَحمَه الله - فى جُزْء من آخر " الْأُم " على جمل مِنْهُ، يُنَبه الْعَارِف على طَريقَة. سمعته وقرأته أَيْضا، ثمَّ صنف فِيهِ ابْن قُتَيْبَة، وَكَذَا للطحاوى فِيهِ تأليف حافل، قَابل للتلخيص فى آخَرين. وَحَقِيقَته أَن يُوجد حديثان متضادان فى الْمَعْنى بِحَسب الظَّاهِر، فَيجمع بَينهمَا بِمَا ينفى التضاد بَينهمَا، كَحَدِيث: " لَا عدوى وَلَا طيرة " مَعَ حَدِيث: فر من المجذوم فرارك من الْأسد " وَحَدِيث: " لَا يُورد ممرض على مصح " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 فَإِن ظاهرهما التضاد، لَكِن قد جمع بَينهمَا بِأَن هَذِه الْأَمْرَاض لَا تعدى بطبعها، وَلَكِن الله تَعَالَى جعل مُخَالطَة الْمَرِيض للصحيح سَببا لإعداء بِهِ، بِمَ قد يخْتَلف ذَلِك عَن سَببه، كَمَا فى سَائِر الْأَسْبَاب، ففى الأول نفى مَا يَعْتَقِدهُ الْجَاهِل من كَونه يعدى بالطبع، وَلِهَذَا قَالَ " فَمن أعدى الأول "، وفى الثانى أعلم بِأَن الله تَعَالَى جعل ذَلِك سَببا لذَلِك، وحذر من الضَّرَر الذى يغلب وجوده، عِنْد وجوده، بِفعل الله تَعَالَى، وَهَذَا أى إِمْكَان الْجمع هُوَ أحد الْقسمَيْنِ الْمشَار إِلَيْهِمَا. وَمن جمع الْأَحَادِيث الْمُتَقَدّمَة لم يشكل عَلَيْهِ شئ من ذَلِك، وَلِهَذَا كَانَ ابْن جزيمة يَقُول: لَا أعرف حديثين صَحِيحَيْنِ متضادين، فَمن كَانَ عِنْده فليأتنى لأولف بَينهمَا. وَالْقسم الثانى: مَا لَا يُمكن الْجمع فَإِن علمنَا نَاسِخا قدمْنَاهُ، وَإِلَّا عَملنَا بالراجح مِنْهُمَا، ووجوه التَّرْجِيح تزيد على الْمِائَة، كالترجيح بِكَثْرَة الروَاة، أَو بصفاتهم، وَإِن لم يظْهر للمجتهد مَحل التَّرْجِيح، توقف حَتَّى يظْهر، وَقيل: يهجم فيفتى بِوَاحِد مِنْهَا، أَو يُفْتى بِوَاحِد مِنْهَا فى وَقت، كَمَا يفعل [/ 157] الإِمَام أَحْمد مِمَّا شهد رِوَايَات أَصْحَابه، وَأما الثَّانِيَة زَائِدَة بِخِلَاف مَا قبلهَا، وَمَا بعْدهَا فموصولة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 معرفَة الصَّحَابَة (209 - (ص) أما الصحابى فَكل مُسلم ... رأى النبى على الصَّحِيح فيهم) (ش) لما انْتهى النَّاظِم من بَيَان مَا أجمله من الْأَنْوَاع شَيْئا فَشَيْئًا مَعَ إِدْخَال أَشْيَاء كَمَا سبق، شرع فى بَيَان كثير من الْأَنْوَاع المختصة بالرواة، بعد سبق أَنْوَاع لَهَا كالتدليس، والأكابر وَغَيرهمَا، مِمَّا كَانَ ضمه مَعَ مَا سيأتى أليق، وأهمها معرفَة الصَّحَابَة والتصانيف فِيهِ كَثِيرَة وَفَائِدَة معرفَة الصَّحَابَة والتابعى تميز الْمُتَّصِل من الْمُرْسل، وَاخْتلف فى حد الصحابى، الْمَعْرُوف عِنْد أهل الحَدِيث، وَجَمَاعَة من الْأُصُولِيِّينَ، أَنه كل من رأى النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ، وَهُوَ مُسلم وَمِمَّنْ صرح بذلك البخارى فَإِنَّهُ قَالَ فى صَحِيحه: وَمن صحب النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ، أَو رَآهُ من الْمُسلمين، فَهُوَ من أَصْحَابه، وَسَبقه شَيْخه ابْن المدينى: فَقَالَ وَمن صحب النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] أَو رَآهُ وَلَو سَاعَة من نَهَار، فَهُوَ من أَصْحَاب النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] . وَالتَّقْيِيد بِالْمُسلمِ يخرج من رَآهُ من الْكفَّار، وَلَو اتّفق إِسْلَامه بعد مَوته، وَلَكِن يرد عَلَيْهِ من رَآهُ مُسلما، ثمَّ ارْتَدَّ، وَلم يعد إِلَى الْإِسْلَام، كعبيد الله بن جحش، فَإِنَّهُ لَيْسَ بصحابى اتِّفَاقًا. أما لَو ارْتَدَّ، ثمَّ عَاد، إِلَى الْإِسْلَام، وَلَكِن لم يره ثَانِيًا بعد عوده، كالأشعت بن قيس، فَالصَّحِيح أَنه مَعْدُود فى الصَّحَابَة. وَأما التَّقْيِيد بالرواية فَالْمُرَاد بِهِ مَعَ زَوَال الْمَانِع مِنْهَا، كَابْن أم مَكْتُوم، فَإِنَّهُ كَانَ أعمى، وَهُوَ صحابى جزما [/ 158] وَلِهَذَا قَالَ النَّاظِم فى بعض تعاليقه تبعا لغيره، وَلَو قيل فِيهِ: من لقى يعْنى بدل من رأى، لَكَانَ أحسن؛ ليدْخل فِيهِ الْأَعْمَى كَابْن أم مَكْتُوم وَغَيره وَحِينَئِذٍ فَالْأَحْسَن فى تَعْرِيفه: أَنه من لقى النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ، وَلَو تخللت ردة على الصَّحِيح، وَكَأن النَّاظِم إِنَّمَا صحّح التَّعْرِيف السَّابِق، بِالنِّسْبَةِ لمن اشْترط طول الصُّحْبَة لَهُ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ، وَكَثْرَة المجالسة لَهُ، على طَرِيق التتبع لَهُ، وَالْأَخْذ عَنهُ، ولغير ذَلِك من الْأَقْوَال، كالبلوغ أَو التَّمْيِيز الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 (210 - (ص) وهم بِالْإِجْمَاع عدُول أجمع ... أفضلهم فالخلفاء الْأَرْبَع) (211 - فستة فَأهل بدر فأحد ... فبيعة الرضْوَان فالمكثر عد) (212 - أَبُو هُرَيْرَة ابْن عَبَّاس أنس ... عَائِشَة ابْن عمر جَابر بسر) (ش) الصَّحَابَة بأسرهم عدُول مُطلقًا، لظواهر الْكتاب وَالسّنة، قَالَ تَعَالَى خطابا للموجودين حِينَئِذٍ {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أمة وسطا} أى عُدُولًا وَقَالَ أَيْضا {كُنْتُم خير أمة أخرجت للنَّاس تأمرون بِالْمَعْرُوفِ} وَقَالَ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " لَا تسبوا أصحابى فوالذى نفسى بِيَدِهِ لَو أنْفق أحدكُم مثل أحد ذَهَبا مَا بلغ مد أحدهم وَلَا نصيفه " وَقَالَ أَيْضا: " خير النَّاس قرنى، ثمَّ الَّذين يَلُونَهُمْ " مُتَّفق عَلَيْهِمَا، أجمع من يعْتد بِهِ على ذَلِك، سَوَاء فى التَّعْدِيل من لَا بس الْفِتْنَة مِنْهُم وَغَيره، لوُجُوب حسن الظَّن بهم حملا للملابس على الِاجْتِهَاد، ونظرا إِلَى مَا عهد بهم من المآثر من امْتِثَال أوامره [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وفتحهم الأقاليم، وتبليغهم عَنهُ الْكتاب وَالسّنة، وهدايتهم [/ 159] النَّاس ومواظبتهم على الصَّلَوَات والزكوات، وأنواع القربات مَعَ الشجَاعَة، والبراعة، وَالْكَرم، والإيثار، والأخلاق الحميدة، الَّتِى لم تكن فى أمة من الْأُمَم الْمُتَقَدّمَة، وَلَا يكون أحد بعدهمْ مثلهم فى ذَلِك، كل محلول نظره [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ، وأفضلهم على الْإِطْلَاق عِنْد أهل السّنة إِجْمَاعًا أَبُو بكر، ثمَّ عمر، وَأما من بعدهمَا فالجمهور على أَنه عُثْمَان، قَالَ ابْن عمر - رضى الله عَنْهُمَا -: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 " كُنَّا نخير بَين النَّاس فى زمن النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] فنخير أَبَا بكر ثمَّ عمر، ثمَّ عُثْمَان بن عَفَّان " وفى لفظ " كُنَّا فى زمن النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] لَا نعدل بأبى بكر أحدا ثمَّ عمر، ثمَّ عُثْمَان، ثمَّ نَتْرُك أَصْحَاب النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] لَا نفاضل بَينهم " انْتهى، ثمَّ بعد عُثْمَان على وَحكى الخطابى عَن بعض أهل السّنة من الْكُوفَة تَقْدِيمه على عُثْمَان، وَبَعْضهمْ توقف فيهمَا، وَلَكِن الذى اسْتَقر عَلَيْهِ مَذْهَب أَصْحَاب الحَدِيث وَأهل السّنة، كَمَا قَالَ ابْن الصّلاح تَقْدِيم عُثْمَان، وَهُوَ رأى الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار، واجتهد عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فى الشورى ثَلَاثَة أَيَّام بلياليها، حَتَّى سَأَلَ النِّسَاء فى خُدُورهنَّ، وَالصبيان، فَلم يرهم يعدلُونَ بعثمان أحدا، فقدمه، وَلِهَذَا قَالَ الدارقطنى: من قدم عليا على عُثْمَان، فقد أزرى بالمهاجرين وَالْأَنْصَار. وَقَالَ الإِمَام أَبُو مَنْصُور البغدادى: أَصْحَابنَا مجمعون على أَن أفضلهم الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة، ثمَّ السِّتَّة، تَمام الْعشْرَة، يعْنى بهم طَلْحَة، وَالزُّبَيْر، وَسعد، وَسَعِيد، وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف، وَأَبا عُبَيْدَة عَامر بن الْجراح، وإليهم أَشَارَ شَيخنَا بقوله [/ 160] الذى أنشدنيه غير مر ة شعرًا: (لقد بشر الهادى من الصحب زمرة ... بجنات عدن كلهم فَضله اشْتهر) (سعيد، زبير، سعد، طَلْحَة، عَامر ... أَبُو بكر، عُثْمَان، ابْن عَوْف، على، عمر) وَكَذَا عَمَلهم فى بَيت مُفْرد أَبُو الْوَلِيد بن الشّحْنَة، وَلم يثبت عندى أسبقهما، فَقَالَ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 234 (أَسمَاء عشر رَسُول الله بشرهم ... بجنة الْخلد عَمَّن زانها وَعمر) (سعد، سعيد، على، عُثْمَان، طَلْحَة مَعَ ... أَبُو بكر، ابْن عَوْف، ابْن جراح، زبير، عمر) ثمَّ أهل بدر، ثمَّ أحد، ثمَّ بيعَة الرضْوَان بِالْحُدَيْبِية، وَبِذَلِك جزم ابْن عبد الْبر فى أَوَاخِر خطْبَة الِاسْتِيعَاب، فَإِنَّهُ قَالَ: وَلَيْسَ فى غَزَوَاته مَا يعدل بهَا - يعْنى بدر - فى الْفضل وَيقرب مِنْهَا إِلَّا غَزْوَة الْحُدَيْبِيَة، حَيْثُ كَانَت بيعَة الرضْوَان، والمكثرون مِنْهُم سِتَّة: أَبُو هُرَيْرَة، وَابْن عَبَّاس، وَأنس، وَعَائِشَة، وَابْن عمر، وَجَابِر، وَلَيْسوا فى الْإِكْثَار على هَذَا التَّرْتِيب، بل أَكْثَرهم أَبُو هُرَيْرَة، وَلَا يُعَارضهُ اسْتِثْنَاؤُهُ ابْن عَمْرو من حصره الأكثرية فِيهِ، لأَنا نقُول هَذَا بِحَسب مَا نقل عَنْهُم، وَذَاكَ بِالنِّسْبَةِ لما كَانَ عِنْده، ثمَّ ابْن عمر، ثمَّ أنس، ثمَّ عَائِشَة، ثمَّ ابْن عَبَّاس، ثمَّ جَابر، وَلَيْسَ فى الصَّحَابَة من يزِيد حَدِيثه على ألف سواهُم، وَكَذَا أَبُو سعيد، وَابْن مَسْعُود، وَابْن عَمْرو بن الْعَاصِ، الْمشَار إِلَيْهِ، وكل هَذَا بِالنِّسْبَةِ لمُسْند بقى بن مخلد خَاصَّة، ولبعض الْمُتَأَخِّرين مِمَّن لقِيه أَصْحَابنَا. (صحب النبى ذَوُو ألف وعدتهم ... قل سَبْعَة نحب بِالْفَضْلِ قدر وَسَوَاء [/ 161] ) (أَبُو هُرَيْرَة، عبد الله، وَعَائِشَة ... جَابر، وَابْن عَبَّاس، كَذَا أنس) (وَأَبُو سعيد روى ألفا تتبعها ... سَبْعُونَ مَعَ مائَة جلى بهَا الْفلس) وَحذف التَّاء من الْخُلَفَاء للضَّرُورَة، وَفِيمَا عدهَا بالترتيب وَبسر صَوت يسكن بِهِ الراعى النَّاقة عِنْد الْحَلب، كَأَنَّهُ قَالَ: أمسك لَا ترد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 (213 - (ص) ثمَّ البعادلة أَبنَاء عمر ... زبير الْعَبَّاس عمر والحضرمى العبادلة) (ش) من الصَّحَابَة - رضى الله عَنْهُم - أَرْبَعَة ابْن عمر، وَابْن الزبير، وَابْن عَبَّاس، وَابْن عَمْرو بن الْعَاصِ، هَكَذَا عدهم الإِمَام أَحْمد، وَغَيره، وَقيل للْإِمَام أَحْمد: وَعبد الله بن مَسْعُود؟ قَالَ: لَا. قَالَ البيهقى: وَهَذَا لتقدم مَوته بِخِلَاف الآخرين، فَإِنَّهُم عاشوا حَتَّى احْتِيجَ إِلَيْهِم، فَإِذا اجْتَمعُوا على شئ، قيل: هَذَا قَول العبادلة، أَو فعلهم، لَكِن قد عده فيهم مُضَافا للمذكورين أَبُو عمر، وَابْن الْحَاجِب، فهم عِنْده خَمْسَة، والرافعى فى الدِّيات لَكِن مَعَ ابْن عَمْرو وَابْن عَبَّاس فَقَط، والزمخشرى مَعَ ابْن عمر، وَابْن عَبَّاس، وَحِينَئِذٍ هم عِنْده ثَلَاثَة، وَكَذَا عده فيهم الجوهرى فى صحاحه بَدَلا عَن ابْن الْعَاصِ، فِيمَا حَكَاهُ النووى فى " مهمات التَّهْذِيب "، وَهُوَ ثَابت فى بعض النّسخ الْمُعْتَمدَة فِيمَا قيل، والذى رَأَيْته فى مَادَّة عبد الله بن عَبَّاس، وَابْن عمر، وَابْن عَمْرو، وَابْن مَسْعُود فى الْألف اللينة فى هَاء ابْن عمر، وَابْن عَبَّاس، وَابْن الزبير، وَلَكِن الْمُعْتَمد اصْطِلَاحا مَا مَشى عَلَيْهِ النَّاظِم، تبعا لمن تقدمه وَقد نظمهم بَعضهم فَقَالَ: (إِن العبادلة الأخيار أَرْبَعَة ... مناهج الْعلم فى الْإِسْلَام للنَّاس [/ 162] ) (ابْن الزبير، مَعَ ابْن الْعَاصِ، وَابْن أَبى ... حَفْص الْخَلِيفَة، وَالْبَحْر ابْن عَبَّاس) (وَقد يُضَاف ابْن مَسْعُود لَهُم بَدَلا ... عَن ابْن عَمْرو لوهم أَو الإلباس) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 (214 - (ص) آخِرهم موتا أَبُو الطُّفَيْل فى ... مَكَّة عَام مائَة فَعرف) (ش) : آخر الصَّحَابَة - رضى الله عَنْهُم - موتا على الْإِطْلَاق بِلَا خلاف أَبُو الطُّفَيْل عَامر بن وَاثِلَة الليثى، فَإِنَّهُ على الصَّحِيح مَاتَ بِمَكَّة، سنة مائَة، وَقيل: سنة اثْنَيْنِ، وَقيل سَبْعَة، قيل: عشْرين وَهُوَ الذى صَححهُ الذهبى، وَحِينَئِذٍ فَيكون آخر الْمِائَة الَّتِى أَشَارَ إِلَيْهَا النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] بقوله: " أَرَأَيْتكُم ليلتكم هَذِه، فَإِنَّهُ لَيْسَ من نفس منفوسة يأتى عَلَيْهَا مائَة سنة " وَهُوَ حَدِيث صَحِيح رَوَاهُ مُسلم، وَبِمَا تقرر فَإِنَّهُ قَوْله: [فى مَكَّة] لَيْسَ للتَّقْيِيد، بل لإِفَادَة مَحل مَوته، وَلَا يخدش فى الْإِجْمَاع مَا قيل: أَن عكراش بن ذوب، عَاشَ بعد يَوْم الْجمل مائَة سنة، فَذَاك غير صَحِيح، وَإِن صَحَّ فَمَعْنَاه: أَنه اسْتكْمل الْمِائَة بعد الْجمل، لَا أَنه بقى بعْدهَا مائَة سنة، نَص عَلَيْهِ الْأَئِمَّة وَكَذَا لَا يخدش فِيهِ بَابا رتنى وَنَحْوه فَإِنَّهُ لَا يروج على من لَهُ أدنى مسكة من الْعقل، كَمَا أوضحت ذَلِك فى جَوَاب مُفْرد، وَكَذَا القَوْل بِأَن نَافِع بن سليم الْعَدْوى، عَاشَ إِلَى سنة عشر وَمِائَة، وَجزم شَيخنَا بِأَنَّهُ بَاطِل قَالَ: " وأظن سليما. - يعْنى ابْنه - وهم فى ذكر من أَبِيه، وَأما آخر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 الصَّحَابَة موتا بِالْإِضَافَة إِلَى النواحى، فقد أفردها ابْن مَنْدَه، فى جُزْء سمعناه، وَلَا نطيل بتلخيصه مَعَ مَا لَا يلائمه هُنَا. معرفَة التَّابِعين - رضى الله عَنْهُم (215 - (ص) والتابعى صَاحب الصحلبى ... سَمَاعا أولقيا على الصَّوَاب) (ش) [التابعى] وَيُقَال لَهُ أَيْضا: تَابع، هُوَ من صحب الصحابى، قَالَه الْخَطِيب. وَقيل: يكفى اللِّقَاء وَإِن لم تُوجد الصُّحْبَة الْعُرْفِيَّة، قِيَاسا على الصحابى، بل هُوَ هُنَا أولى، لاقْتِضَاء لفظ الصُّحْبَة أَزِيد مِنْهُ، وَهُوَ الذى عَلَيْهِ عمل الْأَكْثَرين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 وَقَالَ النووى: إِنَّه الْأَظْهر. وَلذَا قَالَ النَّاظِم: [على الصَّوَاب] ويستأنس لَهُ بقوله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " طُوبَى لمن رآنى، وطوبى لمن رأى من رآنى " الحَدِيث، لما فِيهِ من الِاقْتِصَار على مُجَرّد الرُّؤْيَة، والتسوية بَينهمَا، وَلَكِن اشْترط ابْن حبَان: أَن يكون فى سنّ من يحفظ، فَإِن كَانَ صَغِيرا فَلَا. وَفَائِدَة هَذَا الْبَاب كَمَا تقدم فى الصَّحَابَة تَمْيِيز الْمُتَّصِل، و [أَو] لَيست للتَّخْيِير بل لحكاية الْخلاف. (216 - (ص) أعلاهم المخضرمون أَسْلمُوا ... وَقت النبى وَلم يروه خضرموا) (217 - مِنْهُم أَبُو مُسلم والأودى ... أويس، والأحنف والنهدى) (ش) أى أَعلَى التَّابِعين طبقَة: [المخضرمون] يعْنى بمعجمتين، وشذ من أهمل الأولى، ثمَّ رَاء مُهْملَة مَفْتُوحَة، وَقيل: مَكْسُورَة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 وهم: من أدْرك الْجَاهِلِيَّة، وزمن النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ، وَلم يرد فى خبر قطّ أَنهم اجْتَمعُوا بالنبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَلَا رَأَوْهُ، سَوَاء أَسْلمُوا فى حَيَاته، أم لَا. وَاقْتصر النَّاظِم على الْإِسْلَام فى حَيَاته، واحدهم مخضرم، خضرم عَمَّا أدْركهُ غَيره، أى قطع، وناقة مخضرمة، قطع طرف أذنها، وَيُقَال: إِنَّهُم لما أَسْلمُوا كَانُوا يخضرمون آذان الْإِبِل، أى يقطعونها، لتَكون عَلامَة لإسلامهم، إِذا أغير عَلَيْهِم أَو حَاربُوا، وَهُوَ يُؤَيّد كسر الرَّاء، لأَنهم خضرموا آذان [/ 164] الْإِبِل، وَيحْتَمل أَن يكون بِفَتْحِهَا، لِأَنَّهُ اقتطع عَن الصَّحَابَة، وَإِن عاصر بِعَدَمِ الرُّؤْيَة. وَقيل: إِنَّهُم لترددهم بَين الصَّحَابَة للمعاصرة، وَبَين التَّابِعين لعدم الرُّؤْيَة، سموا بذلك وَمِنْه مخضرم لَا يدرى من ذكر هَذِه أَو أُنْثَى، وَقيل: إِنَّه من المناصفة بَين صفتين، قَالَ صَاحب الْمُحكم: " رجل مخضرم، إِذا كَانَ نصف عمره فى الْجَاهِلِيَّة، وَنصفه فى الْإِسْلَام "، لَكِن لَا يتمشى هَذَا على الِاصْطِلَاح، لِأَن مُقْتَضَاهُ أَن حَكِيم بن حزَام وَنَحْوه مخضرم، وَلَيْسَ كَذَلِك، وَمَا قَالَه ابْن حبَان عِنْد ذكر أَبى عَمْرو الشيبانى من أَن الرجل إِذا كَانَ فى الْكفْر، لَهُ سِتُّونَ سنة، وفى الْإِسْلَام سِتُّونَ سنة يدعى مخضرما، فَكَأَنَّهُ أَرَادَ مِمَّن لَيست لَهُ صُحْبَة، بِقَرِينَة ذكره كَذَلِك عِنْد أَبى عَمْرو، وَإِلَّا فَهُوَ من أعاجيبه. والمخضرم أَيْضا: الشَّاعِر الذى أدْرك الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام، مثل: لبيد. قَالَ فى " الدَّلَائِل ": المخضرم من الْإِبِل الَّتِى نتجت بَين العراب واليمانية، وَرجل مخضرم، إِذا عَاشَ فى الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام، قَالَ: وَهَذَا أعجب الْقَوْلَيْنِ إِلَى، انْتهى، ثمَّ مَا المُرَاد بالجاهلية؟ فَقيل: مَا قبل مبعثه [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] سموا بذلك لجهالاتهم، قَالَه النووى، عِنْد قَول مُسلم: وَهَذَا أَبُو عُثْمَان النهدى، وَأَبُو رَافع الصَّانِع، وهما مِمَّن أدْرك الْجَاهِلِيَّة. وَقيل: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 أدْرك قومه أَو غَيرهم على الْكفْر، قبل فتح مَكَّة، لزوَال أَمر الْجَاهِلِيَّة إِلَّا مَا كَانَ من سِقَايَة الْحَاج وسدانة الْكَعْبَة، وَيشْهد لذَلِك عد مُسلم فى المخضرمين يسير بن عَمْرو، مَعَ أَنه إِنَّمَا ولد بعد زمن الْهِجْرَة، وَكَانَ لَهُ عِنْد موت النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] دون عشر سِنِين، فَأدْرك بعض زمن الْجَاهِلِيَّة فى قومه. إِذا علم هَذَا فقد عدهم مُسلم عشْرين نفسا، وَهُوَ أَكثر مِمَّن ذكر، وَمن طالع " الْإِصَابَة " لشَيْخِنَا رأى جما غفيرا، وهم فِيمَا اتّفق عَلَيْهِ عُلَمَاء الحَدِيث [/ 165] غير صحابة، وأحاديثهم عَن النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] مَرَاسِيل، وَقد أفْصح من ذكر بَعضهم، وَمِنْهُم ابْن عبد الْبر فى كتب الصَّحَابَة، أَنهم لم يذكروهم إِلَّا لمقاربتهم لتِلْك الطَّبَقَة، لَا أَنهم صحابة، وَمِنْهُم من ذكره النَّاظِم أَبُو مُسلم الخولانى، فَإِنَّهُ هَاجر إِلَى النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] فَمَاتَ النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَأَبُو مُسلم فى الطَّرِيق، فلقى أَبَا بكر، وَعمر، وَابْن مَيْمُون الأودى، وأويس القرنى، والأحنف بن قيس، وَيُقَال: " إِن النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] دَعَا لَهُم "، وَأَبُو عُثْمَان النهدى بِفَتْح النُّون الساكنة، وَمَا ذكر النَّاظِم من أَنهم أَعلَى التَّابِعين، قد يُنَازع فِيهِ جعل الْحَاكِم التَّابِعين على طَبَقَات، فَقَالَ: فَمن الطَّبَقَة الأولى قوم لَحِقُوا الْعشْرَة الْمَشْهُود لَهُم بِالْجنَّةِ، فَإِن تكن كَذَلِك فَلَعَلَّهُ اخْتِيَار النَّاظِم. (218 - (ص) وَالْفُقَهَاء السَّبْعَة: ابْن عُيَيْنَة ... وَابْن الْمسيب وَعُرْوَة أَتَى) (219 - خَارِجَة ثمَّ سُلَيْمَان فَتى ... بشار قَاسم أَبُو سَلمَة) (ش) وَمن كبار التَّابِعين: فُقَهَاء الْمَدِينَة السَّبْعَة، وهم عِنْد أَكثر عُلَمَاء الحَدِيث، كَمَا قَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 الْحَاكِم: عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود، وَسَعِيد بن الْمسيب، وَعُرْوَة بن الزبير، وخارجة بن زيد بن ثَابت، وَسليمَان بن يسَار، وَالقَاسِم بن مُحَمَّد بن أَبى بكر الصّديق وَأَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، وَاخْتلف فى أَبى سَلمَة، فَجعل ابْن الْمُبَارك بدله سَالم بن عبد الله بن عمر، وَقَالَ: إِنَّهُم فَقَط أهل الْمَدِينَة الذى يصدرون عَن رَأْيهمْ، وَجعل أَبُو الزِّنَاد بدله أَبَا بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام، وَلَفظه أدْركْت من فقهائنا الَّذين ينتهى إِلَى قَوْلهم وَذكرهمْ وَقَالَ هم أهل فقه وَصَلَاح وَفضل. انْتهى. واشتهر [/ 166] على الْأَلْسِنَة أَنه كَانَ إِذا كتبت أَسمَاؤُهُم، وَوضعت فى شئ من الزَّاد أَو الْقُوت بورك فِيهِ، وَإِن كَانَ قمحا وَنَحْوه، لَا تَأْكُله السوس، وضبطهم بعض الْفُضَلَاء بالنظم، مَاشِيا على قَول أَبى الزِّنَاد فَقَالَ: (أَلا كل من لم يقتض بأئمة ... فقسمته ضيزى عَن الْحق خَارجه) (فخذهم عبيد الله، عُرْوَة، قَاسم ... سعيد، أَبُو بكر، سُلَيْمَان، خَارجه) الْمسيب بكرس التَّحْتَانِيَّة عِنْد أهل الْمَدِينَة وَبِفَتْحِهَا، وَهُوَ الْمَشْهُور، وَحكى أَن سعيدا كَانَ يكرههُ قَالَه النووى فى " تهذيبه " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 معرفَة الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات (220 - (ص) واعرف الْإِخْوَة مَعَ الْأَخَوَات ... من الْأَئِمَّة أَو الروَاة) (221 - مثل أَبى الْعَاصِ وثابت مَعَه ... ثَلَاثَة بنوا حنيف أَرْبَعَة) (222 - بنوا سُهَيْل وبنوا عُيَيْنَة ... خمس بنوا، سِيرِين عدوا سِتَّة) (ش) هَذَا فن مُهِمّ، وَهُوَ معرفَة الْأُخوة وَالْأَخَوَات من الْعلمَاء والرواة، فَمن أَمْثِلَة الْإِثْنَيْنِ: هِشَام، وَعَمْرو، ابْنا الْعَاصِ، وَزيد وَيزِيد ابْنا ثَابت، وَهُوَ كثير فى الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ، وَمن الثَّلَاثَة: سهل، وَعباد، وَعُثْمَان بَنو حنيف بِالتَّصْغِيرِ، وَوَقع فى عدَّة نسخ من النّظم بَنو شُعَيْب بدل حنيف، مِنْهُم عَمْرو، وَعمر بَنو شُعَيْب بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ. وَمن الْأَرْبَعَة: سُهَيْل، وَعبد الله الذى يُقَال لَهُ: عباد، وَمُحَمّد، وَصَالح بَنو أَبى صَالح ذكْوَان السمان، بل فى الصَّحَابَة عَائِشَة وَأَسْمَاء، وَعبد الرَّحْمَن، وَمُحَمّد بَنو أَبى بكر الصّديق - رضى الله عَنْهُم -[/ 167] وَأغْرب من ذَلِك أَرْبَعَة ولدُوا فى بطن، وَكَانُوا عُلَمَاء، وهم: مُحَمَّد، وَعَمْرو وَإِسْمَاعِيل، وَمن لم يسم بَنو أَبى إِسْمَاعِيل السلمى. وَمن الْخَمْسَة: سُفْيَان، وآدَم، وَعمْرَان، وَمُحَمّد، وَإِبْرَاهِيم بنوا عُيَيْنَة، هَذَا تَقْيِيد من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 روى مِنْهُم، وَأما مُطلقًا فبنوا عُيَيْنَة أَكثر من ذَلِك. وَمن السِّتَّة: مُحَمَّد، وَأنس، وَيحيى، ومعبد، وَحَفْصَة، وكريمة أَوْلَاد سِيرِين، وَهَؤُلَاء السِّتَّة كلهم من التَّابِعين، وَكَأن هَذَا يُفِيد الرِّوَايَة، وَإِلَّا فقد قَالَ ابْن قُتَيْبَة فى " المعارف ": ولد لسيرين ثَلَاثَة وَعشْرين ولدا من أُمَّهَات أَوْلَاد. وَقد صنف فى هَذَا النَّوْع غير وَاحِد من الْأَئِمَّة كعلى بن المدائنى، وأبى دَاوُد، وَغَيرهم. وَفَائِدَة معرفتهم: الْأَمْن من توهم من لَيْسَ بِأَخ أَخا للاشتراك فى اسْم الْأَب، وَكَذَا من توهم تَحْرِيف أسم أَحدهمَا من الْأَخ. تَنْبِيهَانِ: أَحدهمَا: قَوْله فى النّظم [بنوا سُهَيْل] سَهْو، فسهيل أحدهم لَا أبوهم كَمَا بَينته. ثَانِيهمَا: اقْتصر فى النّظم على الإنتهاء لسِتَّة مَعَ ذكر ابْن الصّلاح لسبعة، وإيراد مِثَال لَهَا، وهم فى الصَّحَابَة بَنو مقرن، وَكَذَا ورد غَيره من أمثلتها فى التَّابِعين، وهم: عبد الرَّحْمَن، وَعبد الْعَزِيز، وَعبيد الله، وَمُسلم، ورواد، وَيزِيد، وكيسه، وَبنى عبد الله بن عمر، وهم: سَالم، وَعبد الله، وَعبيد الله، وَحَمْزَة، وَزيد، وبلال، وَعمر، وَكَأَنَّهُ أعرض عَن ذَلِك كُله لزِيَادَة عدد كل من الْأَمْثِلَة الثَّلَاثَة على السَّبْعَة. وَكَذَا تعرض بَعضهم للزِّيَادَة على السَّبْعَة، قَالَ ابْن الصّلاح: وَلم يطلّ بِمَا زَاد عَلَيْهَا. (223 - (ص) ثمَّ الذى لم يرو إِلَّا وَاحِد (/ 168) عَنهُ كعمرو فى الصَّحِيح وَارِد) (ش) هَذَا النَّوْع لمن لم يرو عَنهُ إِلَّا راو وَاحِد، فَمن الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَمن بعدهمْ، وَلمُسلم فِيهِ كتاب جليل، وَكَذَا لأبى الْفَتْح الأزدى، وَمن أمثلته كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ النَّاظِم رِوَايَة الْحسن البصرى، عَن عَمْرو بن تغلب الَّتِى أخرجهَا البخارى فى " الصَّحِيح "، فَإِن صاحبى الصَّحِيح أَنَّهُمَا لم يخرجَا فيهمَا لمن لم يرو راو وَاحِد، وَلكنه نَاقض نَفسه أَيْضا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 باختصاص ذَلِك بِمَا عدا الصَّحَابَة كَمَا بَينته فى " شرح الألفية "، على أَن هَذَا الْمِثَال متعقب بقول ابْن أَبى حَاتِم: أَن عمرا روى عَنهُ الْحسن. قَالَ العراقى فى " شرح الألفية ": لم أر لَهُ رِوَايَة فى شئ من طرق أَحَادِيث عمر بن تغلب وَالْحكم بن الْأَعْرَج، لَكِن قد تبع النَّاظِم فى التَّمْثِيل بِهِ ابْن الصّلاح فى أَمْثِلَة كَثِيرَة، سَالِمَة مِمَّا ذكره. أَسمَاء مُخْتَلفَة ونعوت مُتعَدِّدَة (224 - (ص) وَمن لَهُ أَسمَاء أَو صِفَات ... فاعرف، فَفِيهَا دلّس الروات) (225 - مثل أَبى سعيد غير الخدرى ... وسبلان سَالم غير النصرى) (ش) أى اعرف من كثرت أسماؤه، أَو نعوته، ففى ذَلِك دلّس كثيرا من الروَاة، وَهُوَ فن جليل، تَدْعُو الْحَاجة إِلَى مَعْرفَته، صنف فِيهِ عبد الْغنى بن سعيد، والخطيب. وَفَائِدَته: الْأَمْن من جعل الْوَاحِد اثْنَيْنِ، وتوثيق الضَّعِيف، وتضعيف القوى، والاطلاع على صَنِيع المدلسين. وَمن أمثلته: مُحَمَّد بن السَّائِب الكلبى الْمُفَسّر، هُوَ أَبُو النَّضر، الذى روى عَنهُ ابْن إِسْحَاق، وَهُوَ حَمَّاد بن السَّائِب الذى روى عَنهُ [/ 169] أُسَامَة، وَهُوَ أَبُو سعيد الذى يرْوى عَنهُ عَطِيَّة العوفى، موهما أَنه الخدرى، وَهُوَ أَبُو هِشَام الذى روى عَنهُ الْقَاسِم بن الْوَلِيد. وَمن وَذَلِكَ سَالم بن عبد الله النضرى، بالنُّون أَبُو عبد الله المدنى، هُوَ سَالم مولى النصريين، وَهُوَ سَالم سبلان، وَهُوَ سَالم مولى دوس، وَهُوَ سَالم أَبُو عبد الله الدوسى، وَهُوَ سَالم مولى المهرى، وَهُوَ أَبُو عبد الله الذى روى عَنهُ بكير بن الْأَشَج، وَقَالَ فِيهِ عبد الْملك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 بن مَرْوَان بن الْحَارِث بن أَبى ذياب: أخبرنى أَبُو عبد الله سَالم سبلان، وَقَالَ فِيهِ أَبُو سَلمَة: ثَنَا أَبُو سَالم، أَو سَالم مولى المهرى. الْمُفْردَات من الْأَسْمَاء والألقاب و الكنى (226 - (ص) كَذَاك مُفْرَدَات الْأَسْمَاء واللقب ... مَعَ الكنى وَنَحْوهمَا من النّسَب) (227 - مثل تدوم عَن بيع منْدَل ... زر حُبَيْش وهبيب معفل) (228 - سعير سندر ومشكدانه ... كلدة سفينة وابصة) (ش) أى كَذَا اعرف [الْمُفْردَات] من الْأَسْمَاء الَّتِى وضعت عَلامَة على مسمياتها، وَكَذَا [الألقاب] : وهى جمع لقب، وَهُوَ الذى دلّ على رفْعَة أَو ضعة. [والكنى] : وهى مَا صدرت بأب أَو أم. [وَالنّسب] : وهى إِمَّا إِلَى قَبيلَة، أَو بلد، أَو خطة، أَو حِرْفَة، والمفردات من كل ذَلِك نوع لطيف جدا، ألف فِيهِ أهل الحَدِيث، فَمن الْأَسْمَاء من الصَّحَابَة [سندر] بِفَتْح أَوله وثالثه مَعَ إهمالها، وَقد قيل: إِنَّه لَيْسَ بفرد، وَإِن أَبَا مُوسَى المدينى كَانَ ذكر آخر، وَلَكِن قَالَ ابْن الْأَثِير: يغلب على ظنى أَنَّهُمَا وَاحِد. [وكلدة] بِفَتَحَات وَالدَّال الْمُهْملَة بن الحنبل، بِمُهْملَة بعْدهَا نون ثمَّ مُوَحدَة، وَلَام [وهيب] وَهُوَ بموحدتين مصغرتين [/ 170] [ومغفل] بِضَم أَوله وَسُكُون ثمَّ فَاء مَكْسُورَة بعْدهَا لَام. [ووابصة] : وَهُوَ بموحدة مَكْسُورَة، ثمَّ مُهْملَة ابْن معبد، وَمن الْأَسْمَاء من غَيرهم [تدوم] وَهُوَ بِفَتْح الْمُثَنَّاة الفوقانية أَو التَّحْتَانِيَّة فِيمَا قيل ودال مُهْملَة مَضْمُومَة، ابْن صبيح، وَقيل: صبيح الحميدى، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 وَقَوله: [عَن تبيع] هُوَ بِضَم أَوله، ثمَّ مُوَحدَة مصغر، ابْن عَامر الحميرى الحمصى، وَلَيْسَ هُوَ من الْمُفْردَات، بل هم جمَاعَة يسمون كَذَلِك، وَكَأن النَّاظِم لم يذكرهُ إِلَّا لإِفَادَة أَنه شيخ يَدُوم، وَمَا عرفت النُّكْتَة فى اخْتِصَاصه دون غَيره مِمَّن ذكره بذلك. [وزر] هُوَ بِكَسْر الْمُعْجَمَة أَوله، ثمَّ رَاء مُشَدّدَة، [ابْن حُبَيْش] بِالْمُهْمَلَةِ أَوله وبالمعجمة آخِره بَينهمَا مُوَحدَة وتحتانية مُصَغرًا، وَابْنه فى النّظم بِالْإِضَافَة إِلَيْهِ كمغفل، [وسعير] بِالْمُهْمَلَةِ مصغر، ابْن الْخمس بِكَسْر الْمُعْجَمَة وَآخره مُهْملَة، بَينهمَا مِيم، وَقد تبع النَّاظِم فى ذكره مَعَ ابْن الصّلاح، وَهُوَ متعقب فيهمَا، ففى الصِّحَاح بِهِ آخر اسْمه زر بن عبد الله بن كُلَيْب الفقيمى، أحد الْمُهَاجِرين، وَآخَرين اسْم كل مِنْهُمَا سعير أَحدهمَا ابْن عداء، وَالْآخر ابْن سوَادَة، وَيُقَال: إِن اسْم ثَانِيهمَا سُفْيَان، يُمكن أَن يكون الفردية فى كل مِنْهُمَا بِالنّظرِ لاسم أَبِيه أَيْضا وَالله أعلم. وَمن الألقاب فى الصَّحَابَة [سفينة] وزن مَدِينَة مولى رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ، وَاخْتلف فى اسْمه على أَقْوَال كَثِيرَة، وَالسَّبَب فى اشتهاره بذلك أَنه كَانَ فى سفر فَكَانَ بعض الْقَوْم إِذا أعى ألْقى عَلَيْهِ ثَوْبه، حَتَّى حمل ذَلِك شَيْئا كثيرا فَقَالَ لَهُ النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] [/ 171] وَمن غَيرهم [منْدَل] وميمه مُثَلّثَة، وَابْن الصّلاح ضَبطهَا بِالْكَسْرِ، وَغَيره بِالضَّمِّ، قَالَ ابْن نَاصِر: الصَّوَاب: الْفَتْح ابْن على العترى واسْمه فِيمَا قيل: عَمْرو. [ومشكدانة] وَهُوَ بِضَم أَوله وثالثه، قَالَه أَبُو نعيم الْفضل بن دُكَيْن لعبد الله بن عمر بن مُحَمَّد بن أبان الكوفى، لكَونه رأى ثِيَابه نظيفة، ورائحته طيبَة، فَإِن المشكدانة وعَاء الْمسك بِالْمُعْجَمَةِ، فَبَقيت لقبا للمذكور. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 هَؤُلَاءِ الَّذين اقْتصر عَلَيْهِم النَّاظِم، لكنه لم يُمَيّز الْأَسْمَاء من الألقاب، وَلَا الصَّحَابَة من غَيرهم، لضيق النّظم فميزتهم للفائدة، وَكَذَا لم يذكر للكنى والأنساب مثلا. فَمن الكنى : أَبُو العبيدين بِضَم الْمُهْملَة، ثمَّ مُوَحدَة مَفْتُوحَة بعْدهَا تَحْتَانِيَّة، ثمَّ مُهْملَة تَثْنِيَة عبد بِالتَّصْغِيرِ، واسْمه مُعَاوِيَة بن سُبْرَة. وَأَبُو العشراء الدارمى وَهُوَ بِضَم الْمُهْملَة أَوله، ثمَّ مُعْجمَة مَفْتُوحَة، وَمن الْأَنْسَاب: اللبقى، بِفَتْح اللَّام ثمَّ الْمُوَحدَة بعْدهَا قَاف، وَهُوَ على بن سَلمَة. فَائِدَة: فى الروَاة: مُحدث لَا نَظِير فى اسْمه بل وفى سَائِر نسبه، وَهُوَ مُسَدّد بن مسرهد بن مسربل بن مغربل بن مرعبل بن أرندل بن سرندل بن عرندل بن ماسك بن الْمُسْتَوْرد، انْفَرد بِهَذَا النّسَب هَكَذَا مَنْصُور الخالدى، وَلم يُتَابع عَلَيْهِ. الكنى (229 - (ص) أما الكنى فقسموا التِّسْعَة ... فقد يكون كنية لكنية) (230 - وَقد تكون أَسمَاء وَقد يجِئ لقب ... اثْنَيْنِ أَو أَكثر من غير سَبَب) (231 - وَتارَة فى الِاسْم لَا الكنى اخْتلف ... وَتارَة فِيهَا وَالِاسْم قد عرف) (232 - وفيهَا أُخْرَى وأو مَا عرفا ... أَو أَنَّهَا تجئ من اسْم اعرفا [/ 172] ) (ش) معرفَة الْأَسْمَاء والكنى فن جميل، يحْتَاج أهل هَذَا الْعلم إِلَى تَحْقِيقه، وَقد صنف فِيهِ جمَاعَة وَأجْمع تصنيف فِيهِ للْحَاكِم أَبى أَحْمد، لكنه تَرْتِيب عَجِيب، وَقد لخصه الذهبى وَالْقَصْد بَيَان أَسمَاء ذوى الكنى، إِذْ رُبمَا ذكر الراوى مرّة بكنيته، وَمرَّة باسمه، فيتوهم الْعدَد مَعَ كَونهمَا وَاحِد، أَو الْمُحَقِّقُونَ من عُلَمَاء الحَدِيث يتحفظونه، ويعتنون بِهِ ويطرحونه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 فِيمَا بَينهم، وهم على تِسْعَة أَقسَام: الأول: يكون كنية لصَاحب أُخْرَى غَيرهَا، وَلَا اسْم لَهُ غَيرهَا، وَمِثَال ذَلِك كَمَا ذكره ابْن الصّلاح: أَبُو بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث، أحد الْفُقَهَاء السَّبْعَة، كنيته أَبُو عبد الرَّحْمَن، وَأَبُو بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم الأنصارى كنيته أَبُو مُحَمَّد وَلَا نَظِير لَهما فى ذَلِك، كَمَا قَالَه الْخَطِيب، وَقيل فى ابْن حزم: إِنَّه لَا كنية لَهُ، قلت: وَكَذَا قيل: الآخر اسْمه وكنيته وَاحِد، بل جزم بِهِ ابْن حبَان، وَقَالَ المزى أَيْضا أَنه الصَّحِيح على أَنه قد اخْتلف فى اسْمه، فَقيل عَمْرو، وَقيل: الْمُغيرَة، وَقيل: مُحَمَّد، وَكَذَا قيل فى كنيته: أَبُو مُحَمَّد، وَحِينَئِذٍ فالتمثيل بِكُل مِنْهُمَا مخدوش. الثانى: أَن تكون الكنية اسْمه وَلَا كنية لَهُ غَيرهَا، كأبى بِلَال الأشعرى، عَن شريك، وكأبى حُصَيْن الرازى، روى عَنهُ أَبُو حَاتِم الرازى، فَإِنَّهُ روى عَن كل مِنْهُمَا قَوْله اسمى وكنيتى وَاحِد، وأمثلته كَثِيرَة. الثَّالِث: أَن تكون الكنية لقبا وَله اسْم، وكنية غَيرهَا كأبى تُرَاب لعلى بن أَبى طَالب أَبى الْحسن، وأبى الزِّنَاد لعبد الله بن ذكْوَان أَبى عبد الرَّحْمَن، وَكَانَ يغْضب من أَبى الزِّنَاد. الرَّابِع: [/ 173] أَن تكون لَهُ كنية غَيرهَا، أَو أَكثر من غير سَبَب، لذَلِك يعْنى فى الْغَالِب وَإِلَّا فَرُبمَا تكون لتعداد الْأَبْنَاء وَغَيره، وَمن أمثله ذى الكنيتين عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج، يكنى أَبَا خَالِد، وَأَبا الْوَلِيد، وَعبد الرَّحْمَن السهيلى يكنى أَبَا الْقَاسِم، وَأَبا زيد، وكثيرون، وَمن أَمْثِلَة الثَّلَاثَة مَنْصُور الفراوى يكنى أَبَا بكر، وَأَبا الْفَتْح، وَأَبا الْقسم، حَتَّى كَانَ يُقَال لَهُ: ذُو الكنى. الْخَامِس: أَن يكون كنية لَا خلاف فِيهَا، وفى اسْمه اخْتِلَاف، كأبى نصر الغفارى قيل فى اسْمه جمل بِالْجِيم الْمَفْتُوحَة، بن بصرة، وَقيل بِالْحَاء الْمُهْملَة المضمومة وَفتح الْمِيم، وَهُوَ الْأَصَح، وأبى جُحَيْفَة بجيم، ثمَّ مُهْملَة، وَفَاء مصغر، السوادى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 قيل: وهب بن عبد الله، وَقيل: وهب ابْنه. وأبى هُرَيْرَة، وأبى عَمْرو بن الْعَلَاء فى اسميهما خلاف كثير. السَّادِس: عَكسه أَن تكون كنيته مُخْتَلفا فِيهَا دون اسْمه، كأبى بن كَعْب، قيل: فى كنيته أَبُو الْمُنْذر، وَقيل: أَبُو الطُّفَيْل، وَأُسَامَة بن زيد الْحبّ، قيل: أَبُو زيد، وَقيل. . أَبُو مُحَمَّد، وَقيل أَبُو عبد الله، وَقيل: أَبُو خَارِجَة. السَّابِع: أَن تكون فى كل من اسْمه وكنيته اخْتِلَاف، كسفينة مولى رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَهُوَ لقبه، وَقيل: اسْمه صَالح، وَقيل عَمْرو، وَقيل: مهْرَان، وكنيته. قيل: أَبُو عبد الرَّحْمَن، وَقيل: أَبُو البحرى. وَأَشَارَ إِلَى هَذَا الْقسم بقوله: [وَفِيهِمَا] أى وَاخْتلف فى الِاسْم، والكنية تَارَة أُخْرَى. وَالثَّامِن: عَكسه وَهُوَ من اتّفق عَلَيْهِمَا مَعًا، كأصحاب الْمذَاهب [/ 174] المتبوعة أَبَا عبد الله مَالك بن أنس، وَمُحَمّد بن إِدْرِيس الشافعى، وَأحمد بن حَنْبَل، وَهَذَا أَكثر الْأَقْسَام، وَإِلَيْهِ أَشَارَ [وأوما] عرفا أى مرّة عرفا أى الِاسْم والكنية. التَّاسِع: من هُوَ بكنيته أعرف، أى أشهر مِنْهَا باسمه كأبى دَاوُد إِدْرِيس الخولانى، اسْمه عبد الله، وأبى إِسْحَاق السبيعى، اسْمه عَمْرو، وَالْإِمَام أَبى حنيفَة اسْمه النُّعْمَان. الْأَسْمَاء (233 - (ص) ثمَّ الذى يعرف باسم رتبوا ... لى الْحُرُوف وَهُوَ فِيهَا أغلب) (234 - وَخير مَا ألف فى الرِّجَال ... تَهْذِيب شيخ شَيخنَا الْجمال) (235 - وَإنَّهُ لما حواه آيَة ... وَلَيْسَ بعده لحسن غَايَة) (ش) لما انْتهى من الكنى أردفها ب الأسماء ، وَكَانَ الْأَنْسَب أَن يكون عَاشر الْأَقْسَام السَّابِقَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 فَإِن عكس أَحدهمَا من عرف اسْمه وَلم يشْتَهر بكنية، وَلَكِن الظَّاهِر أَنه لم يرد إِلَّا أَعم من ذَلِك، وفى الْأَسْمَاء تآليف مُخْتَلفَة الصَّنِيع فى التَّرْتِيب، وَالْأَحْسَن من رتبها - وَهُوَ الْأَغْلَب - على حُرُوف المعجم، وهم فى ذَلِك مُخْتَلفُونَ، فَمنهمْ من يُرَاعى التَّرْتِيب، حَتَّى اسْم الْأَب وَالْجد وَإِن على، وفى النِّسْبَة، وَمِنْهُم من لَا يعْتَبر ذَلِك. وَخير مؤلف فى الرِّجَال جمعا وترتيبا - يعْنى بِالنِّسْبَةِ لرواة الْكتب السِّتَّة - " تَهْذِيب كَمَال " عبد الْغنى بن سعيد الْحَافِظ شيخ شيخ النَّاظِم، حَافظ وقته، الْجمال، أَبى الْحجَّاج يُوسُف بن الزكى عبد الرَّحْمَن المزى، فَإِنَّهُ سعى فى ذَلِك وَكفى من جَاءَ بعده فَهُوَ كل عَلَيْهِ، وَقد اعتنى الْأَئِمَّة بِهِ تلخيصا وانتقاء واستدراكا، وأنفع مختصراته " تهذيبه " لشَيْخِنَا - رَحمَه الله تَعَالَى -، ثمَّ اخْتَصَرَهُ فى " تقريبه ". الألقاب [/ 175] والأنساب (236 - (ص) ثمَّ الَّذين عرفُوا باللقب ... مَعَ الَّذين عرفُوا بِالنّسَبِ) (237 - كالضال والضعيف مَعَ غُنْجَار ... صَاعِقَة غنْدر مَعَ بنْدَار) (238 - بِمَوْت للأخفش الرضى وثعلب ... والشافعى والنسائى والشاطبى) (ش) [الألقاب] نوع مُهِمّ، لِأَنَّهَا قد تأتى فى سِيَاق الْأَسَانِيد حجرَة عَن أسمائها، فَمن لَا يعرفهَا يُوشك أَن يَظُنهَا اسْما، فَيجْعَل من ذكر باسمه فى مَوضِع آخر شَخْصَيْنِ، وهما وَاحِد، وَكَذَا من المهم معرفَة الْأَنْسَاب فكثيرا مَا يكون نِسْبَة لقبيلة، أَو بطن، أَو جد، أَو بلد، أَو صناعَة، أَو مَذْهَب، أَو غير ذَلِك مِمَّا آثره مَجْهُول عِنْد الْعَامَّة، وَهُوَ مَعْلُوم عِنْد الْخَاصَّة، فَيَقَع فى كثير مِنْهُ التَّصْحِيف، وَيكثر الْغَلَط والتحريف. وفى كل هذَيْن النَّوْعَيْنِ تصانيف وَلَقَد أَشَارَ النَّاظِم إِلَى أَمْثِلَة من كل مِنْهُمَا، فَمن الأول الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 [الضال] لصيغة اسْم الْفَاعِل من ضل، وَهُوَ بِالتَّشْدِيدِ، خفف ضَرُورَة. و [الضَّعِيف] ضد القوى، وَقد قَالَ الْحَافِظ عبد الْغنى بن سعيد المصرى: رجلَانِ جليلان لزمهما لقبان قبيحان، مُعَاوِيَة بن عبد الْكَرِيم الضال؛ وَإِنَّمَا ضل فى طَرِيق مَكَّة، وَعبد الله بن مُحَمَّد الضَّعِيف. وَإِنَّمَا كَانَ ضَعِيفا فى جِسْمه لَا فى حَدِيثه. انْتهى. وَكَذَا لقب بالضعيف غير الْمَذْكُور وَألْحق ابْن الصّلاح، من نظميهما ثَالِثا: وَهُوَ عَارِم بن النُّعْمَان مُحَمَّد بن الْفضل السدوسى، شيخ البخارى، فَإِنَّهُ كَانَ عبدا صَالحا بَعيدا عَن العرامة - يعْنى شدَّة الْفساد -، وَكَذَا من أمثلته: [غُنْجَار] وهما [/ 176] اثْنَان بخاريان، أَحدهمَا: أَبُو أَحْمد عِيسَى بن مُوسَى التيمى، وَيُقَال: التميمى، يرْوى عَن مَالك والثورى، ولقب بذلك لحمرة وَجهه، وَالْآخر: أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن أَحْمد، الْحَافِظ، صَاحب تَارِيخ (بُخَارى) ، توفى سنة اثنتى عشرَة وَأَرْبَعمِائَة، لقب بذلك لشدَّة حفظَة، [غنْدر] وَهُوَ لقب لسبعة، كل مِنْهُم اسْمه مُحَمَّد بن جَعْفَر، مِنْهُم أَبُو بكر البصرى، صَاحب شُعْبَة، لقبه بِهِ ابْن جريج، لكَونه كَانَ يكثر الشغب عَلَيْهِ، وَأهل الْحجاز يسمون الشغب غندرا، قَالَ أَبُو جَعْفَر النّحاس فى كتاب " الِاشْتِقَاق ": إِنَّه من الْغدر، وَأَن نونه زَائِدَة، وداله تضم وتفتح، وَأَبُو الْحسن الرازى، يرْوى عَن أَبى حَاتِم الرازى وَغَيره، وَأَبُو بكر البغدادى الْحَافِظ الجوال، روى عَنهُ أَبُو نعيم وَغَيره، وَأَبُو الطّيب الْخَطِيب بن دران البغدادى، يرْوى عَن أَبى خَليفَة الجمحى، وَآخر اسْم جده الْعَبَّاس، مَاتَ سنة تسع وَسبعين وثلثمائة، ذكره الْخَطِيب، وَكَذَا لقب بِهِ اثْنَان أَيْضا، اسْم كل مِنْهُمَا مُحَمَّد أَحدهمَا ابْن الْمُهلب الحرانى، كذبه ابْن معِين. وأبى يُوسُف الهروى، ثَلَاثَة اسْم كل مِنْهُمَا أَحْمد أحدهم: ابْن آدم شيخ لِأَحْمَد بن مُحَمَّد بن الْحجَّاج بن رشدين، وثانيهم: ابْن عبد الرَّحْمَن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 252 الجرجانى، روى عَن أَبى الْمُغيرَة عبد القدوس بن مُحَمَّد بن عِيسَى الْبلوى، و [بنْدَار] هُوَ بِضَم الْمُوَحدَة، لقب جمَاعَة اشهرهم: مُحَمَّد بن بشار البصرى أحد شُيُوخ الشَّيْخَيْنِ، قَالَ ابْن الفلكى: إِنَّمَا لقب بِهَذَا؛ لِأَنَّهُ كَانَ بنْدَار الحَدِيث، أى مكثرا من شئ يشترى مِنْهُ من هُوَ أَسْفَل مِنْهُ، وأخف حَالا ثمَّ يبتع مَا يشترى مِنْهُ من [/ 177] غَيره، قَالَه أَبُو سعيد بن السمعانى، [وَيَمُوت] هُوَ ابْن المزرع ابْن يَمُوت البغدادى، أخبارى كَانَ يَقُول فِيمَا روينَاهُ عَنهُ: بليت بِالِاسْمِ الذى سمانى بِهِ أهلى، فإنى إِذا عدت فاستأذنت عَلَيْهِ، فَقيل: من ذَا؟ أسقط اسمى، فَأَقُول: ابْن المزرع. [والأخفش] : وَهُوَ من يكون صَغِير الْعين مَعَ سوء بصرها، لقب لجَماعَة نحويين وقراء، مِنْهُم أَحْمد بن عمرَان البصرى مُتَقَدم، يرْوى عَن زيد بن الْحباب، وَغَيره، وَله " غَرِيب الْمُوَطَّأ ". وَالْحسن بن معَاذ بن حَرْب بصرى كَانَ يُسمى الغلاس، وَأَبُو الْخطاب عبد الرَّحْمَن بن عبد الْمجِيد الْمَذْكُور فى كتاب سِيبَوَيْهٍ، وَأَبُو الْحسن سعيد بن مسْعدَة، صَاحب سِيبَوَيْهٍ، وراوى كِتَابه عَنهُ، وَأَبُو الْحسن على بن سُلَيْمَان بن الْفضل، صَاحب ثَعْلَب والمبرد، وَيُقَال لَهُ: الْأَخْفَش الصَّغِير، والذى قبله الْأَوْسَط، والذى قبليهما الْكَبِير، وَمن الْقُرَّاء أَبُو عبد الله هَارُون بن مُوسَى بن شريك الْكَبِير، وَمُحَمّد بن خَلِيل أَبُو بكر الدمشقى الْأَخْفَش الصَّغِير، وشخص من فُقَهَاء الْمَالِكِيَّة، يُقَال لَهُ: عبد الْملك بن سُفْيَان بن مَرْزُوق اللخمى السكندرى، وَآخر فى وسط الْمِائَة السَّابِعَة، اسْمه مُحَمَّد بن عبد القوى بن عبد الله بن على الشَّاعِر الْكَاتِب. [والرضى] وَهُوَ بِفَتْح الضَّاد، على بن مُوسَى الكاظم، وبكسرها أَبُو الْحسن مُحَمَّد ابْن أَبى الطَّاهِر الموسوى، الشريف، الشَّاعِر، الْمَشْهُور، ولقب بهَا بعده جمَاعَة سوى من يُقَال لَهُ رضى الدّين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 وَمُحَمّد بن عبد الرَّحْمَن البصرى، كَانَ نحويا لقب بذلك ابْن الأعرابى [/ 178] وَقد لقب بِهِ الطبرانى، وَمُحَمّد بن عبد الله بن أَبى بشر الهروى، وعَلى بن يُوسُف الْمُحْتَسب، بشير بن بصرى الأَصْل، حدث عَن بكر بن سُهَيْل. وَمن الثانى: [الشافعى] وَهُوَ إِمَام الْمَذْهَب، مُحَمَّد بن إِدْرِيس بن الْعَبَّاس بن عُثْمَان بن شَافِع، إِلَيْهِ انتسب ابْن عَمه أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن الْعَبَّاس، وجده لأمه مُحَمَّد بن على بن شَافِع. [والنسائى] ، وَهُوَ بِفَتْح النُّون وَالسِّين، وَبعد الْألف همزَة نِسْبَة لمدينة بخرسان، يُقَال لَهَا: " نسا "، وينسب إِلَيْهَا نسوى، وهم جمَاعَة مِنْهُم صَاحب السّنَن: أَبُو عبد الرَّحْمَن أَحْمد بن شُعَيْب بن على بن بَحر بن سِنَان. والشاطبى نِسْبَة لشاطبة من بِلَاد الأندلس، هم جمَاعَة مِنْهُم صَاحب القصيدة فى الْقرَاءَات الْمُسَمَّاة: " حرز الأمانى وَوجه التهانى "، الَّتِى أتقنها وأبدع فِيهَا، أَبُو مُحَمَّد الْقَاسِم بن فيرة بن أَبى الْقَاسِم خلف بن مُحَمَّد الرعينى الضَّرِير الْمُقْرِئ. الْمَنْسُوب إِلَى غير أَبِيه (239 - (ص) وميزوا أَنْسَاب ذى أم وَأب ... مِمَّن إِلَى غَيرهمَا قد انتسب) (240 - مثل بنى منية بنى عفراء ... وَابْن بُحَيْنَة بنى بَيْضَاء) (241 - وَابْن أَبى فى سلول أمة ... وَمثل مقداد لزوج أمه) (ش) هَذَا نوع مِنْهُم، وَهُوَ من نسب إِلَى غير أَبِيه، ويأتى على ضروب؛ اعتنى الْأَئِمَّة بتمييزها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 فَالْأول: من نسب إِلَى أمه، مثل: [يعلى بن منية] بِضَم الْمِيم وَسُكُون النُّون بعْدهَا تَحْتَانِيَّة، وَيُقَال: بل هى جدته، وَاسم أَبِيه أُميَّة، ومعاذ، ومعوذ [/ 179] ، وعوذ، وَيُقَال: عَوْف، بَنو عفراء هى أمّهم وأبوهم الحارس بن رِفَاعَة، [وَعبد الله بن بُحَيْنَة] بِضَم الْمُوَحدَة، ثمَّ مُهْملَة مَفْتُوحَة مصغرة، وَأَبوهُ مَالك، [وَبَنُو بَيْضَاء] وهم سهل، وَسُهيْل، وَصَفوَان، وَاسم بَيْضَاء دعد، وأبوهم وهب. والثانى: من نسب إِلَى جدته وَمِنْهُم: عبد الله بن أَبى ابْن سلول، غير مَصْرُوف، وَتثبت الْألف من ابْن كِتَابَة. وَالثَّالِث: من نسب إِلَى زوج أمه كالمقداد بن الْأسود، وَاسم أَبِيه عَمْرو بن ثَعْلَب وَلم يذكر النَّاظِم مِثَالا لمن نسب لِأَبِيهِ لكَونه الجادة، وَكَذَا لم يذكر النَّاظِم من نسب إِلَى جده، وَمِنْه قَوْله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " أَنا النبى لَا كذب أَنا بن عبد الْمطلب ". أوطان الروَاة وقبائلهم وبلدانهم وَالْموالى) (242 - (ص) ولازم معرفَة الأوطان ... من الْقَبَائِل من الْبلدَانِ) (243 - كَذَلِك الْمولى من الصَّرِيح ... من الدعى من الصَّحِيح) (ش) : معرفَة أوطان الروَاة، وقبائلهم، وبلدانهم، من اللَّازِم الذى يفْتَقر إِلَيْهِ حفاظ الحَدِيث، فَإِنَّهُم يتوصلون بذلك إِلَى الإسمين المتفقين فى اللَّفْظَة؛ بِأَن ينظر فى الشَّيْخ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 والذى روى عَنهُ بِحَيْثُ يكون أحد المتفقين فى اللَّفْظ بلديه، يغلب على الظَّن أَنه هُوَ الْمَذْكُور فى السَّنَد، لَا سِيمَا إِذا لم يعرف لَهُ سَماع بِغَيْر بَلَده، وَأَيْضًا فقد يسْتَدلّ بِذكر وَطن الشَّيْخ، أَو ذكر مَكَان السماع على الْإِرْسَال بَين الرِّوَايَتَيْنِ، إِذا لم يكن لَهما اجْتِمَاع عِنْد من يكْتَفى بالمعاصرة، وَكَذَا من اللَّازِم معرفَة [الْمولى] الذى هُوَ أَعم من كَونه، وَلَا عتاقة [/ 180] أَو إِسْلَام أَو حلف لنَفسِهِ، أَو لأحد من آبَائِهِ [من الصَّرِيح] أى الْخَالِص، نسبه من ذَلِك، السَّالِم مِنْهُ بِحَيْثُ تميز أَحدهمَا من الآخر وَلَا يخفى عَلَيْهِ من انتسب قريشيا مثلا. فيظنه من خالصهم تمسكا بِظَاهِر الْإِطْلَاق، وَكَذَا معرفَة الدعيين جمع دعى، وَهُوَ من انتسب إِلَى غير عشيرته وقبيلته، مِمَّن انتسابه صَحِيح. وَفَائِدَته الإدعاء فى ذَلِك كُله التَّمْيِيز، وَقد يظْهر فَائِدَته فى الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة فى الْأُمُور الْمُشْتَرط فِيهَا النّسَب كالإمامة الْعُظْمَى، والكفاءة فى النِّكَاح، أَو الْمُسْتَحبّ فِيهَا كالتقديم فى الصَّلَاة، وَنَحْو ذَلِك الْأَنْسَاب الَّتِى بَاطِنهَا على خلاف ظَاهرهَا (244 - (ص) وَقد يكون بَاطِن الْأَنْسَاب ... على خلاف ظَاهر الصَّوَاب) (245 - مثل أَبى مَسْعُود البدرى نزل ... بَدْرًا سُلَيْمَان على تيم حصل) (ش) أى قد يكون الراوى مَنْسُوبا بِنِسْبَة يتَبَادَر إِلَى الذِّهْن ظَاهرهَا، وَالصَّوَاب فى النِّسْبَة إِلَيْهِ خِلَافه، وَهُوَ الْمَعْنى فى النّظم بالباطن، ك [أَبى مَسْعُود] عتبَة بن عَمْرو البدرى، فَإِنَّهُ لم ينْسب لذَلِك لشهوده بَدْرًا فى قَول الْجُمْهُور، وَإِن عده البخارى فى " صَحِيحه " مِمَّن شَهِدَهَا، وَإِنَّمَا كَانَ سَاكِنا - يعْنى نازلا بهَا -. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 وك [سُلَيْمَان] بن طرخان التيمى، لَيْسَ من تيم، بل نزلها أَيْضا فى جمَاعَة. وَهُوَ مِمَّا يحْتَاج إِلَيْهِ فقد وَقع لكبار أهل الحَدِيث من ذَلِك أَوْهَام، وَمن هَذَا الْبَاب من ينْسب حُسَيْنًا؛ بالحسينية لسكناه بهَا، فيظن، أَنه من ذُرِّيَّة الْحُسَيْن - سبط رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]- رضى الله عَنهُ - وزبيريا لمحل يُقَال: لَهَا الزبيرية فيظن أَنه من ذُرِّيَّة الزبير [/ 181] بن الْعَوام حوارى رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] أَو جعفرية بالمحلة أَيْضا، فيظن أَنه من ذُرِّيَّة جَعْفَر بن أَبى طَالب. فى أشباه لذَلِك عَم الضَّرَر بهَا. المبهمات (246 - (ص) واعرف من الْأَسْمَاء مَا قد أبهما ... فَإِنَّهُ الْأَكْمَل عِنْد العلما) (247 - كَمثل عَن رجل كَذَا عَن أمه ... وَعَن فلَان وَكَذَا عَن عَمه) (ش) أى واعرف من الْأَسْمَاء من قد أبهم فى الحَدِيث إِسْنَادًا، أَو متْنا من الرِّجَال، وَالنِّسَاء، والتوصل لمعرفته بِجمع طرق الحَدِيث غَالِبا، وَهُوَ فن جليل ألف فِيهِ غير وَاحِد من الْحفاظ، وَكتاب أَبى الْقَاسِم بن بشكوال أجمع مُصَنف فِيهِ. قلت: وَيشْهد للاهتمام بِهِ قَول ابْن عَبَّاس: " لم أزل حَرِيصًا على ان أسأَل عمر عَن اللَّتَيْنِ، قَالَ: الله فيهمَا: {إِن تَتُوبَا إِلَى الله} ، حَتَّى سَأَلته حِين حج، فَقَالَ: وَاعجَبا لَك يَا ابْن عَبَّاس هما: عَائِشَة، وَحَفْصَة وَهُوَ أَقسَام أههما: [عَن رجل] أَو [عَن أمه] مِثَاله فى السَّنَد: إِبْرَاهِيم بن أَبى علية، عَن رجل، عَن وَاثِلَة، فالرجل هُوَ الغريف بِالْمُعْجَمَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 الْمَفْتُوحَة، ومثاله: فى الْمَتْن: حَدِيث أَبى سعيد الخدرى: " فى نَاس من أَصْحَاب النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] مروا بحى فَلم يضيفوهم فلدغ سيدهم، فرقاه رجل مِنْهُم بِفَاتِحَة الْكتاب على ثَلَاثِينَ شَاة " الحَدِيث فالرجل الراقى هُوَ الراوى أَبُو سعيد، وَكَذَا مَا يجىء عَن فلَان، [عَن أمه] ، كالحسن البصرى، عَن أمه، هى خيرة بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة [وَعَن فلَان] كَقَوْل عبد الْعَزِيز بن أَبى حَازِم حَدَّثَنى فلَان، عَن أَبى بَرزَة، فَإِن فلَانا هُوَ اسْمه لكنه لم يسم، وَكَذَا مَا يجىء عَن فلَان، عَن عَمه كَرِوَايَة [/ 182] الْحَارِث بن عبد الرَّحْمَن بن أَبى ذُبَاب، عَن عَمه فعمه سَمَّاهُ ابْن حبَان فى كِتَابه: عبد الله بن الْمُغيرَة بن أَبى ذُبَاب، وَكَذَلِكَ أَمْثِلَة كَثِيرَة. المؤتلف والمختلف والمتفق والمفترق (248 - (ص) وحققا مؤتلفا من مُخْتَلف ... مُتَّفقا مُخْتَلفا كَمَا أصف) (ش) هَذَا نَوْعَانِ مهمان، أَحدهمَا: [المؤتلف، والمختلف] وَهُوَ مَا يأتلف، أى يتَّفق صورته خطا وتختلف صيغته لفظا، وَذَلِكَ مِمَّا يقبح جَهله بِأَهْل الْعلم، خُصُوصا أهل الحَدِيث، وَهُوَ منتشر، لَا ضَابِط لأكثره، وَقد ألف فِيهِ كتب كَثِيرَة أجملها " الْإِكْمَال " لِلْحَافِظِ أَبى نصر بن مَاكُولَا، وذيل عَلَيْهِ الْحَافِظ عبد الْغنى بن نقطة، وعَلى بن نقطة كل من الحافظين جمال الدّين الصابونى، وَمَنْصُور وسليم وَعَلَيْهِمَا الْعَلَاء مغلطاى وأجمعها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 مُصَنف لعبد الرَّزَّاق الغوطى الْحَافِظ، وأخصرها كتاب لِلْحَافِظِ أَبى عبد الله الذهبى لَكِن أحَال على ضبط الْخط فَرُبمَا يدْخل فِيهِ الْخَلِيل، وَقد لخصه شَيخنَا، وأتى بِزِيَادَات كَثِيرَة عَجِيبَة، جَاءَ كتابا لَا مزِيد عَلَيْهِ فى الْحسن مَعَ قلَّة صغر حجمة. ثَانِيهمَا: [الْمُتَّفق، والمفترق] وَهُوَ مَا اتّفق خطا ولفظا، وافترقت مسمياته، وَهَذَا بِخِلَاف النَّوْع الذى قبله، بل هُوَ من قبيل مَا يُسَمِّيه الأصوليون " الْمُشْتَرك "، وَقد زل فِيهِ جمَاعَة من الْكِبَار، كَمَا شَأْن الْمُشْتَرك فى كل علم وللخطيب فى هَذَا النَّوْع مُصَنف جليل، شرع شَيخنَا فى اختصاره فَلم [/ 183] يكمل شرعت فى إكماله. (249 - (ص) حمل كَمثل أَحْمد فَتى عجيان ... مُحَمَّد بن أتش الصنعانى) (ش) هَذَا مَشْرُوع من النَّاظِم - رَحمَه الله - فى أَمْثِلَة أول هذَيْن النَّوْعَيْنِ وَهُوَ: المؤتلف والمختلف؛ قصدا للضبط، فَمِنْهَا أَن جيمع الروَاة أَحْمد بِالْحَاء الْمُهْملَة؛ إِلَّا أجمد يعْنى بِالْجِيم [ابْن عجيان] بِمُهْملَة ثمَّ تَحْتَانِيَّة كعثمان، وَقيل: بِفَتْح الْجِيم وَتَشْديد التَّحْتَانِيَّة، كعليان، شهد فتح مصر، وفيهَا [أتش] بمثناة فوقانية بعد الْهمزَة، ثمَّ الْمُعْجَمَة، وَلَيْسَ لَهُم كَذَلِك إِلَّا مُحَمَّد بن الْحسن بن أتش الصنعانى، نِسْبَة لصنعاء بنُون سَاكِنة، من أَقْرَان عبد الرَّزَّاق، وَأَخُوهُ على، وَالْبَاقُونَ أنس بالنُّون والمهملة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 (250 - (ص) أسيد كبر لَا فَتى حضير ... وَالِد عقبَة فَتى ظهير) (251 - وفى كنية وفى ابْنه مَعَ يحيى ... مَعَ ابْن رَافع خلاف أَحْيَا) (ش) يعْنى كلما أسيدا، فَهُوَ بِالْهَمْزَةِ الْمَفْتُوحَة مكبر، ثمَّ المهلمة المكسور بعْدهَا تَحْتَانِيَّة، ثمَّ دَال مُهْملَة، وَهُوَ الْمَعْنى بقوله: [كبر لَا فَتى حضير] يعْنى وَالِد حضير، بِالْحَاء الْمُهْملَة المضمومة، ثمَّ الضَّاد الْمُعْجَمَة، مُصَغرًا، فَهُوَ أسيد مُصَغرًا، لَا مكبرا وَهُوَ صحابى مَشْهُور، وَكَذَا وَالِد التابعى [عقبَة بن أسيد الصدفى] و [فَتى] أى ولد [ظهير] بالظاء الْمُعْجَمَة، ثمَّ هَاء مصغر، فَهُوَ أسيد الصحابى مَعَ كنية، أى مَعَ كنى من ذكر من الثَّلَاثَة، وَهُوَ أَبُو أسيد الساعدى الصحابى [/ 184] الْمَشْهُور مَالك بن ربيعَة لموافقة كنيته لأسمائهم. [وفى ابْنه] أى وفى ابْن أَبى أسيد، وَهُوَ أسيد بن أَبى أسيد الساعدى، تبع [يحيى] بن أَبى أسيد البصرى، أَبى مَالك التابعى مَعَ [ابْن رَافع] ، وَهُوَ أسيد بن رَافع شيخ مُجَاهِد بن جبر. [خلاف] أى أَنه اخْتلف فى هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة فَقيل فيهم: بِفَتْح الْهمزَة كالجادة وَالأَصَح الضَّم، وَإِلَى تَرْجِيحه الْإِشَارَة بقوله: [أَحْيَا] فَالْحَاصِل: أَن جَمِيع مَا لَهُم أسيد بِالْفَتْح لَا أسيد بن حضير، وَعقبَة ابْن أسيد، وَأسيد بن ظهير، وَأَبا أسيد الساعدى بِلَا خلاف، وَأسيد بن أَبى أسيد الساعدى، وَيحيى بن أسيد البصرى، وَأسيد بن رَافع، على الرَّاجِح وَمِمَّا لم يذكرهُ النَّاظِم مِمَّا هى بِالضَّمِّ أَيْضا: ابو أسيد بن ثَالِث صَاحب حَدِيث " كلوا الزَّيْت " تابعى، وَحَمْزَة، وَسعد، وَالْمُنْذر، أَوْلَاد أَبى أسيد الساعدى، وَأسيد بن ثَعْلَبَة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 واسْمه ابْن سَاعِدَة بن عَامر الأنصارى الحارثى صحابيان وَابْن ثَانِيهمَا يزِيد وَأسيد بن الحكم ابْن سعيد أَبُو الْحَارِث الواسطى، وَأسيد العنبرى، روى عَنهُ أَخُوهُ تَوْبَة، وَأسيد الكلابى عَن مَكْحُول. (252 - (ص) كَذَا البطين كنية لَا مُسلم ... أَبُو حُصَيْن عَكسه واعجموا) (253 - حُصَيْن مُنْذر حبيب ابْن عدى ... كَابْن الزبير كنيته وَالْجِيم ذمى) (254 - حبيب حَارِث عقيل خَالِد ... بنوا عقيل وليحيى وَالِد) (ش) : اشْتَمَلت هَذِه الأبيات على خمس تراجم: الأولى: [أَبُو البطين] بِضَم [/ 185] الْمُوَحدَة وَفتح الْمُهْملَة تَصْغِير بطن، قيل: إِنَّه كنية للطفيل بن أَبى بن كَعْب الأنصارى، التابعى، لعظم بَطْنه، وَلَكِن الذى كناه بِهِ ابْن سعد أَبُو بطن بِالتَّكْبِيرِ، نعم، ذُو البطين: لقب لأسامة بن زيد بن حَارِثَة الْحبّ، كَمَا وَقع فى الْإِيمَان من صَحِيح مُسلم، فَقَالَ سعد " وَأَنا وَالله لَا اقْتُل مُسلما حَتَّى يقْتله ذُو البطين يعْنى أُسَامَة ". فَلَعَلَّ النَّاظِم عناه، وَتوسع فى الْإِطْلَاق على اللقب: كنيته، والبطين: بِفَتْح الْمُوَحدَة وَكسر الْمُهْملَة، لقب أَيْضا لمُسلم بن عمرَان الكوفى الْمُحدث على أَنه قد لقب بِهِ أَيْضا جمَاعَة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 الثَّانِيَة: أَبُو حُصَيْن وَهُوَ عكس مَا قبله، والكنى كلهَا بِفَتْح الْمُهْملَة الأولى، ثمَّ كسر الثَّانِيَة، والأسماء بِالضَّمِّ ثمَّ الْفَتْح، مُصَغرًا، فَمن الأولى: عُثْمَان بن عَاصِم تابعى مَشْهُور، وَمن الثانى: عمرَان بن حُصَيْن صحابى مَشْهُور. الثَّالِثَة: حُصَيْن بمهملتين مُصَغرًا إِلَّا حُصَيْن بن الْمُنْذر، أَبَا ساسان، صَاحب على بن أَبى طَالب، فَهُوَ بإعجام ثَانِيه. وَمثله: [وَالِد يحيى] أَيْضا، وَإِلَى هَذِه التَّرْجَمَة أَشَارَ بقوله: [وأعجموا حُصَيْن مُنْذر] يعْنى أَن حصينا بالصَّاد الْمُهْملَة كثير لَا يَنْضَبِط، والمنضبط فَرد وَهُوَ حُصَيْن. وَالرَّابِعَة: [خبيب] يعْنى بِضَم الْمُعْجَمَة: ابْن عدى صحابى مَشْهُور، وَأَبُو خبيب كنية عبد الله بن الزبير، وَذَلِكَ وَاسع وجبيب بن الْحَارِث بِضَم الْجِيم، صحابى مَشْهُور أَيْضا، وَهُوَ فَرد وَالْخَامِسَة: عقيل بِالضَّمِّ، ابْن خَالِد، وَيحيى بن [/ 186] عقيل. وبالفتح بَنو عقيل. وَوَقع فى النّظم إلباس، حَيْثُ وسط بَين المضمومتين بالمفتوح، فَإِن وَالِد مَعْطُوف على خَالِد، وكل من حُصَيْن وجبيب، وَعقيل مُضَاف فى النّظم بِأَبِيهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 (255 - (ص) سَلام خفف أَبى عبد الله ثمَّ ... مُحَمَّد شيخ البخارى فى الأتم) (256 - بِابْن أَبى الْحقيق خلف وَالسّفر ... لذى الكنى، وَسَاكن الْأَسْمَاء اسْتَقر) (ش) : اشْتَمَل هَذَانِ البيتان على ترجمتين: الأولى: [سَلام] وَإِلَيْهِ أَشَارَ إِلَى أَنه بِالتَّخْفِيفِ منضبط، وَلذَلِك استوعبه، فَذكر وَالِد عبد الله بن سَلام، الحبر الصحابى الْمَشْهُور، ووالد مُحَمَّد بن سَلام بن الْفرج السكندرى، شيخ البخارى. وَأَشَارَ بقوله: [فى الأتم] إِلَى مَا قيل من أَنه بِالتَّشْدِيدِ، وَأَن الأتم من الِاخْتِلَاف التَّخْفِيف، وَنَحْوه قَول ابْن الصّلاح: أَنه أثبت. وَهُوَ الذى جزم بِهِ غُنْجَار فى " تَارِيخ بُخَارى "، والخطيب، وَابْن مَاكُولَا، وصنف فِيهِ المنذرى، وَسَلام بن أَبى الْحقيق، فِيهِ خلاف، هَل هُوَ بِالتَّخْفِيفِ؟ أَو بِالتَّشْدِيدِ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ النَّاظِم بقوله خلف؟ وبالتخفيف جزم الْمبرد وَمِمَّا لم يذكرهُ النَّاظِم، وَهُوَ مِمَّا هُوَ فى كتاب ابْن الصّلاح سَلام بن مشْكم، خمار كَانَ فى الْجَاهِلِيَّة، وَقَالَ الفرزدق: وَفِيه التَّشْدِيد، وَسَلام بن مُحَمَّد بن ناهض، وَوَقع عِنْد الطبرانى، حَيْثُ روى عَنهُ بِزِيَادَة هَاء بِآخِرهِ، وَزَاد العراقى سَلام ابْن أُخْت عبد الله بن سَلام مَعْدُود فى الصَّحَابَة، وَمُحَمّد بن يَعْقُوب بن إِسْحَاق بن مُحَمَّد بن مُوسَى بن [/ 187] سَلام المسمعى السلامى، نِسْبَة لجده مَاتَ بعد الثَّلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة، وَسعد بن جَعْفَر بن سَلام السندى، مَاتَ سنة أَربع عشرَة وسِتمِائَة، وَزَاد غَيره: على بن يُوسُف بن سَلام بن أَبى الدلف البغدادى شيخ الدمياطى، وكل هَؤُلَاءِ بِالتَّخْفِيفِ، وَكَذَا فى الْمُتَأَخِّرين جمَاعَة. الثَّانِيَة: [السّفر] بِالتَّحْرِيكِ فى الكنى، والسكون فى الْأَسْمَاء، كَمَا جزم بِهِ المزى قَالَ: الْأَسْمَاء بِالسُّكُونِ، والكنى بِالتَّحْرِيكِ، فَمن الكنى عبد الله بن أَبى السّفر، وَاسم أَبى السّفر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 : سعيد، وَمن الْأَسْمَاء: السفرين نِسْبَة عَن أَبى هُرَيْرَة، وَأَبُو الْفَيْض يُوسُف بن السّفر (257 - (ص) حرَام من الْأَنْصَار فى قُرَيْش ... زاى وَمن بصرة جَاءَ الْعَيْش) (258 - وَالشَّام عنسى وكوف عبسى ... أَمِين واضمم كأمين العبسى) (ش) اشْتَمَل هَذَا البيتان على ثَلَاث تراجم، لكنه لم يحصل ضبط فى وَاحِد مِنْهَا، فَالْأول: [حرَام] بمهملتين مفتوحتين و [حزَام] بِمُهْملَة مَكْسُورَة ثمَّ مُعْجمَة، فَالْأول: [من الْأَنْصَار] والثانى من [قُرَيْش] وَهَذَا الضَّبْط، إِنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لما فيهمَا خَاصَّة، وَإِلَّا فقد وَقعا فى [عَن] قُرَيْش وَالْأَنْصَار، وَحِينَئِذٍ فالاشتباه بَاقٍ، قد يمر الراوى وَلَا يدرى الطَّالِب أهوَ من قُرَيْش أَو من الْأَنْصَار وَكَذَا فى الروَاة من اسْم جده خرام بخاء مُعْجمَة مَضْمُومَة، وَرَاء مُشَدّدَة وَمثله لَكِن بِفَتْح أَوله وزاى الثَّانِيَة [عيشى] بتحتانيه ثمَّ مُعْجمَة. [وعنسى] بنُون ثمَّ مُهْملَة، و [عبسى] مثله وَلَكِن بموحدة، فَالْأول [/ 188] فى الْبَصرِيين، والثانى فى الشاميين، وَالثَّالِث فى الْكُوفِيّين، وَظَاهر كَلَام ابْن مَاكُولَا عدم الْحصْر فى الْأَوَّلين لقَوْله: عامتهم فى الْبَصْرَة، وفى الثانى: ومعظم عبس [بِالشَّام] وَكَذَا فى الْمَعْدُود فى الْكُوفِيّين عَامر بن يَاسر، وَهُوَ عنسى بالنُّون، وَأما بِلَال بن يحيى الكوفى، فضبطه العسكرى بالنُّون، وَابْن سعيد بِالْمُوَحَّدَةِ وَقد ذكر الْحَاكِم فى هَذِه التَّرْجَمَة القيسى بقاف ثمَّ تَحْتَانِيَّة بعْدهَا مُهْملَة، وَقَالَ القيسيون: يعْنى بِالْقَافِ، بطن من تَمِيم. وَالثَّالِثَة: [أَمِين] ، بِفَتْح الْهمزَة وَكسر الْمِيم، [وَأمين] بِالضَّمِّ، وَفتح الْمِيم، فَالْأول عبد الرَّحْمَن بن أَمِين، وَيُقَال: أَمِين، وَفِيه ضعف، فَرد لَا نَظِير لَهُ، وَلَو سَمَّاهُ النَّاظِم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 لَا نضبط من عداهُ، والثانى: اقْتصر النَّاظِم فِيهِ على أَمِين العبسى، وَأَشَارَ بكاف التَّشْبِيه إِلَى أَن ثمَّ غَيره، وَهُوَ كَذَلِك، فَلهم فى الْأَسْمَاء أَمِين بن عَمْرو المعافرى، أَو خَارِجَة مصرى، وَقيل: وَهُوَ مَشْهُور بكنيته، وَأمين بن ذرْوَة بن نَضْلَة، روى عَنهُ ابْنه الْجُنَيْد، وفى الكنى أَبُو أَمِين عَن أَبى هُرَيْرَة، وَأَبُو أَمِين البهرانى عَن الْقَاسِم بن أَبى عبد الرَّحْمَن. (259 - (ص) حناط خياط أَتَى ... كل لمُسلم وَعِيسَى ثبتا) (ش) الأول: بِمُهْملَة بعْدهَا نون، وَالْآخر بِمُعْجَمَة، فأولهما: بعْدهَا مُوَحدَة، والثانى تَحْتَانِيَّة، وَتثبت الْأَوْصَاف الثَّلَاثَة لمُسلم بن أَبى مُوسَى، وَعِيسَى بن أَبى عِيسَى كَمَا قَالَه الدارقطنى وَابْن مَاكُولَا، وَكَذَا قَالَه ابْن معِين فى عِيسَى خَاصَّة، بل حَكَاهُ مُحَمَّد بن سعد [/ 189] بن عِيسَى نَفسه، وَلَكِن اشْتهر مُسلم بِالْمُعْجَمَةِ، وَالْمُوَحَّدَة، وَالْآخر: بِالْمُعْجَمَةِ وَالنُّون، وَلذَلِك رجح الذهبى كل مِنْهُمَا مَا اشْتهر بِهِ، ثمَّ إِن النَّاظِم لم يتَعَرَّض لتمييز بعض أهل هَذِه التراجم من بعض الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 (260 - (ص) فهم بفاء كحسين فهم ... وَالْقَاف من نهاس بن قهم) (ش) أَشَارَ إِلَى أَن [حُسَيْن بن فهم] البغدادى، صَاحب يحيى بن معِين، بِالْفَاءِ. [والنهاس بن قهم] بِالْقَافِ وَلَكِن لم تضبط هَذِه التَّرْجَمَة، لاشتباه إِلْحَاق قهم ابْن هِلَال بن النهاس بن قهم أَبى رَجَاء، وقهم بن جَابر وهما بِالْقَافِ بأى الْقسمَيْنِ، وَإِن أمكن الاعتناء بِهِ فى أَولهمَا. (261 - (ص) وَقيس قهد صَاحب عسل كسر ... إِلَّا ابْن ذكْوَان بِفتْحَتَيْنِ ذكر) (ش) اشْتَمَل على ترجمتين: الأولى: [فَهد] بِالْفَاءِ، و [قهد] بِالْقَافِ، فَالْأول كثير، والثانى: قهد لَهُ صَحبه، وَلذَا قَالَ [صَاحب] ، وَلَا يُقَال إِنَّه مِمَّن بِالْقَافِ جمَاعَة، فاقتصار النَّاظِم فى قيس لم يحصل بِهِ ضبط، فالباقون سليم بن قيس بن قهد شهد بَدْرًا، وَهُوَ ولد الْمَذْكُور وَلذَا جزم ابْن السكن، فَإِنَّهُ وَالِد خَوْلَة ابْنة قيس، جزم مُصعب بِأَنَّهُ جد يحيى وَسَعِيد وَعبد ربه بنى سعد بن قيس بن فَهد وحوار بن الخدانة، أى وَقع فى " الْمُوَطَّأ " أَن حجاج بن عَمْرو بن عزية كَانَ جَالِسا عِنْد زيد بن ثَابت فجَاء ابْن فَهد بِرَجُل من أهل الْيمن. نعم فى كَون وَالِد خَوْلَة بن قهد، بِالْقَافِ المدحجى، الثَّالِثَة: [عسل] بِكَسْر أَوله، ثمَّ مُهْملَة سَاكِنة، وَعسل بِفَتْحِهَا، فَالْأول: كثير، والثانى: عسل بن ذكْوَان الأخبارى البصرى، ضَبطه الدارقطنى وَغَيره [/ 190] لَا نَظِير لَهُ، لذَلِك اسْتَثْنَاهُ النَّاظِم، لَكِن حكى ابْن الصّلاح أَنه وجده بِخَط أَبى مَنْصُور الأزهرى فى " تهذيبه " كالجادة، قَالَ: وَلَا أرَاهُ ضَبطه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 (262 - (ص) غثام لَا عثام وَهُوَ ابْن على ... مثلث الثَّاء ولعين أَهما) (ش) أى: [غناما] كُله بِالْمُعْجَمَةِ، ثمَّ النُّون الْمُشَدّدَة، إلاغثام بن على فَهُوَ بالثاء الْمُثَلَّثَة، وَالْعين الْمُهْملَة العامرى، الكوفى، وَكَذَا حفيده غثام بن عَليّ بن غثام، وَلَو لم يقل النَّاظِم، وَهُوَ لسلم بن إِبْهَام كَونه وَاحِدًا. (263 - (ص) كل الصَّحِيحَيْنِ أَتَى يسَار ... وَأب بنْدَار فَقَط بشار) (ش) يعْنى أَن كل مَا أَتَى فى الصَّحِيحَيْنِ للبخارى وَمُسلم، فَهُوَ [يسَار] بالتحتانية ثمَّ الْمُهْملَة إِلَّا وَالِد [بنْدَار] مُحَمَّد بن بشار أحد شيوخهما فَهُوَ بِالْمُوَحَّدَةِ ثمَّ الْمُعْجَمَة. (264 - (ص) كَذَا لعبد الله بسر فاضمم ... كَابْن سعيد مهملا والحضرمى) (ش) أى: كَذَا لَيْسَ فى الصَّحِيحَيْنِ [بسر] بموحدة مَضْمُومَة، ثمَّ مُهْملَة إِلَّا عبد الله بن بسر بن أَبى بسر المازنى، وَبسر بن سعيد المدنى، وَبسر بن عبيد الله الحضرمى وَمَا عدا هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة فَهُوَ بشر بموحدة مَكْسُورَة ثمَّ مُعْجمَة، فَقَوله [فاضمم] أى فى أَوله وَهُوَ بموحدة، وَقَوله: [كَابْن سعيد] أى بسر، بن سعيد حَال كَونه مهملا، أى مهمل السِّين، [والحضرمى] كَذَلِك. (265 - (ص) بريد بردة الْبرد فى على ... بريد عرْعرة الْكل أهمل) (ش) يعْنى أَن كل مَا فى الصَّحِيحَيْنِ [يزِيد] بالتحتانية، ثمَّ الزاى المنقوطة إِلَّا بريد، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 تَصْغِير بردة بن عبد الله بن أَبى بردة بن أَبى مُوسَى [/ 191] الأشعرى، وَهُوَ الْمشَار إِلَيْهِ فى النّظم ببريد بردة، فَهُوَ بِالْمُوَحَّدَةِ المضمومة، ثمَّ الدَّال الْمُهْملَة مصغر. قلت: وَأما أَبُو يزِيد الذى وَقع فى حَدِيث مَالك بن الْحُوَيْرِث فى صفة صَلَاة رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] حَيْثُ قَالَ: فى آخِره صَلَاة شَيخنَا أَبى يزِيد عَمْرو بن سَلمَة الحرامى فَاخْتلف فى ضَبطه فَقيل بِالْمُوَحَّدَةِ والمهملة مَعَ التصغير، وَقيل: كالجادة، وَالْأول أرجح، وَلَكِن النَّاظِم أعرض عَنهُ، تبعا لِابْنِ الصّلاح وَقد يُجَاب عَنهُ بِأَنَّهُ لم يلْتَزم إِلَّا الروَاة، وَهُوَ لم يَقع فِيهَا فى غير هَذَا الْموضع مكنيا، وَإِلَّا الْبَرِيد، يعْنى بِفَتْح الْمُوَحدَة ثمَّ مُهْملَة مَكْسُورَة بعْدهَا تَحْتَانِيَّة، وَهُوَ على بن هِشَام بن الْبَرِيد، روى عَنهُ مُسلم، وَأَشَارَ إِلَيْهِ النَّاظِم بقوله أَيْضا [بريد فى عرْعرة] أى نسبه عرْعرة، وَقَوله: [الْكل أهمل] أى الرَّاء من الثَّلَاثَة، وَلم يتَعَرَّض لضبط مَا عدا هما اكْتِفَاء بِمَا علم من الْوَزْن فى النّظم. (266 - (ص) بر أَبُو معشرهم والعالية ... حَارِثَة الْحَاء لَا يزِيد جَارِيَة) (267 - وَابْن قدامَة وَجَاء جرير ... من ابْن عُثْمَان أَبى جرير) (ش) اشْتَمَل على ثَلَاث تراجم: الأولى: أَن كل مَا فيهمَا برا بِفَتْح الْمُوَحدَة ثمَّ رَاء مُشَدّدَة بعْدهَا ألف من بري النشاب وَغَيره. أَبُو معشر واسْمه: يُوسُف بن يزِيد، الْعَطَّار كَانَ يبرى النبل، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَة ب [أَبى معشرهم] يعْنى الروَاة. وَأَبُو الْعَالِيَة البصرى، كَانَ يُقَال لَهُ أَيْضا: الْبر لبرى النبل، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَة ب [الْعَالِيَة] بعطفه اسْتغنى عَن إِعَادَة أَدَاة الكنية، وَاخْتلف فى اسْمه على أَقْوَال [/ 192] وَمَا عدا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 هما فَهُوَ بِالتَّخْفِيفِ، كالبراء بن عَازِب، وَغَيره، وَإِن كل مَا فيهمَا أَيْضا [حَارِثَة] بِالْمُهْمَلَةِ والمثلثة إِلَّا جَارِيَة جد عبد الرَّحْمَن، وَمجمع بن زيد بن جَارِيَة، وَجَارِيَة بن قدامَة فهما بِالْجِيم والتحتانية، وإليهما أَشَارَ بقوله: [لَا يزِيد جَارِيَة] [وَابْن قدامَة] على أَن فى كَون جَارِيَة بن قدامَة فى الصَّحِيح وَقفه. والناظم فى ذَلِك متابع لِابْنِ الصّلاح، وَكَذَا تبعه الذهبى أَيْضا، وَهُوَ متعقب فى ذَلِك، وَكَذَا تعقب بِأَن فيهمَا غَيرهمَا أَيْضا عَمْرو بن سُفْيَان بن أَسد بن جَارِيَة الثقفى. وفى مُسلم وجده الْأسود بن الْعَلَاء بن جَارِيَة الثقفى. الثَّالِثَة: أَن كل مَا فيهمَا [جرير] بِالْجِيم والراءين إِلَّا حريز بن عُثْمَان الرحبى الحمصى روى لَهُ ابْن البخارى، وَكَذَا أَبُو حريز بن عبد الله بن الْحُسَيْن الأزدى قاضى سجستان، علق لَهُ البخارى أَيْضا فيهمَا بِالْحَاء الْمُهْملَة وَأُخْرَى زاى منقوطة، وإليهما أَشَارَ النَّاظِم بقوله: [من ابْن عُثْمَان أَبى جرير] فَاقْتضى أَن مَا عداهما مهملتين، وَهُوَ كَذَلِك، لَكِن العراقى قَالَ: إِنَّه رُبمَا يشْتَبه بِهَذِهِ التَّرْجَمَة فى بعد. حَرِير بِضَم الْحَاء، وَفتح الْمُهْمَلَتَيْنِ، وَآخره رَاء مُهْملَة أَيْضا، وفى المغازى من صَحِيح البخارى ذكر لزيد، وَزِيَاد أَبنَاء حَرِير من غير رِوَايَة، وفى مُسلم رِوَايَة لعمران بن حدير. (268 - (ص) هرون حمال لمُوسَى وَالِد ... وَالْجِيم غَيره كثير وَارِد) (ش) : أى أَن كل مَا فيهمَا الْجمال بِالْجِيم، إِلَّا هَارُون بن عبد الله الْحمال وَولده مُوسَى فيهمَا بِالْحَاء الْمُهْملَة، بل قَالَ ابْن الصّلاح: لَا يعرف فى رُوَاة [/ 193] الحَدِيث، أَو فى من ذكر مِنْهُم فى كتب الحَدِيث المتداولة الْحمال بِالْحَاء الْمُهْملَة، صفة لَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 اسْما إِلَّا هَارُون وَالِد مُوسَى، وَاحْترز بِالصّفةِ عَن أَبيض بن حمال الصحابى وَغَيره، وبالرواية عَن جمَاعَة من الْفُقَهَاء والزهاد، وَإِن تعقب ترجمتين من الروَاة بِمَا ذكر فى مَحَله (269 - (ص) حِرَاش ربعى بحاء كحازم ... وأعجمن مُحَمَّد بن خازم) (ش) : اشْتَمَل على ترجمتين الأولى كل مافيهما [خرَاش] بالمعجمتين، أَوله وَآخره إِلَّا ربعى بن حِرَاش فَهُوَ بِمُهْملَة أَوله. وَالثَّانيَِة: كل مَا فِيهَا حَازِم بِالْحَاء الْمُهْملَة أَيْضا إِلَّا [مُحَمَّد بن خازم] وَهُوَ أَبُو مُعَاوِيَة الضَّرِير، فَهُوَ بِالْمُعْجَمَةِ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَة بقوله: [واعجمن] . (270 - (ص) حبَان مُوسَى وعطية اكسر ... زبيد اليامى فَوحد صغر) (ش) : اشْتَمَل أَيْضا على ترجمتين، الأولى: حبَان بن مُوسَى السلمى المروزى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 الَّذِي روى لَهُ الشَّيْخَانِ فى صَحِيحهمَا، وَيَأْتِي غير مَنْسُوب عَن عبد الله بن الْمُبَارك، وحبان بن عَطِيَّة السلمى الْمَذْكُور فى البخارى فى قصَّة حَاطِب بن أَبى بلتعة " كِلَاهُمَا بِكَسْر أَوله وَمن عداهما فيهمَا فبالفتح وَهُوَ فى ذَلِك تَابع لِابْنِ الصّلاح، وَقد تعقب بالحصر فيهمَا بحبان بن العرقة المذكورفى " الصَّحِيحَيْنِ، فَالْمَشْهُور فِيهِ كسر أَوله، وَقيل: بِالْفَتْح، وَكَذَا قيل فى ابْن عَطِيَّة: أَنه بِالْفَتْح، وَالْمُعْتَمد فيهمَا الْكسر، وَكَذَا يتعقب النَّاظِم بحيان، بِفَتْح أَوله، ثمَّ التَّحْتَانِيَّة، وَهُوَ ابْن حُصَيْن أَبُو الْهياج الأسدى، وحبان بن عُمَيْر أَبُو الْعَلَاء البصرى الجريرى، وهما فى مُسلم وَرُبمَا [/ 194] تشتبه هَذِه التَّرْجَمَة بجبار بن صَخْر الصحابى، وَهُوَ بجيم ثمَّ مُوَحدَة، وَآخره رَاء، وجبار بن عبد الله بن عدى بن الْخِيَار، وَهُوَ بِكَسْر الْخَاء الْمُعْجَمَة ثمَّ تَحْتَانِيَّة وَأخر رَاء، وَحَدِيثه فى " الصَّحِيحَيْنِ " وَالْأول لَهُ ذكر عِنْد مُسلم. الثَّانِيَة: [زبيد] هُوَ بموحدة، تَصْغِير زبد هُوَ ابْن الْحَارِث أَبُو عبد الرَّحْمَن اليامى، أخرج لَهُ الشَّيْخَانِ فى " صَحِيحَيْهِمَا "، وَلَيْسَ فيهمَا اسْم بِهَذِهِ الصُّورَة غَيره، نعم فى غَيرهمَا زييد لَكِن بتحتانيتين، وَقَوله: [فَوحد] إِشَارَة إِلَى أَنه بِالْمُوَحَّدَةِ، وَأَنه وَاحِد لَا نَظِير لَهُ أَيْضا. (271 - (ص) كَذَا حَكِيم لزريق وَالِد ... حَكِيم عبد الله أَيْضا وَاحِد) (ش) : كَمَا أَن زبيدا بِالتَّصْغِيرِ كَذَا رُزَيْق بالراء، وَالِد ابْن حَكِيم، كل مِنْهُمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 بِالتَّصْغِيرِ مصغر وكنية رُزَيْق أَبُو حَكِيم أَيْضا، لَهُ ذكر فى البخارى فى (بَاب الْجُمُعَة فى الْقرى والمدن) قَالَ يُونُس: كتب رُزَيْق بن حَكِيم إِلَى ابْن شهَاب وَأَنا مَعَه يَوْمئِذٍ بوادى الْقرى، هَل ترى أَن أجمع؟ ورزيق يَوْمئِذٍ على إيله وَكَذَلِكَ حَكِيم بن عبد الله، يعْنى ابْن مخرمَة القرشى المصرى مصغر أَيْضا روى لَهُ مُسلم فى " صَحِيحه " ثَلَاثَة أَحَادِيث وَيُسمى أَيْضا الْحَكِيم بِالْألف وَاللَّام وَهُوَ كَذَلِك فى بعض طرق حَدِيثه. وَقَوله: [وَاحِد] أى فى الْأَسْمَاء فَإِن الأول إِنَّمَا هُوَ وَالِد الراوى وَجَمِيع من عداهما مِمَّن فى " الصَّحِيحَيْنِ ": حَكِيم بِفَتْح الْحَاء. (272 - (ص) سليم حَيَّان افتحن وَسَلَمَة ... إِلَّا من الْأَنْصَار فاكسر سَلمَة) (273 - فَاخْتَلَفُوا فى أَب عبد الْخَالِق ... والسلمى لَهُم وَضم مَا بقى) (ش) : فِيهَا ثَلَاث [/ 1195] تراجم الأولى: سليم وَهُوَ بِفَتْح أَوله مكبر، ابْن حَيَّان بِفَتْح أَوله ثمَّ تَحْتَانِيَّة، وَحَدِيثه فى " الصَّحِيحَيْنِ "، وباقى من فيهمَا بِهَذِهِ الصُّورَة: سليم: بِضَم ثمَّ فتح مصغره. الثَّانِيَة: بِفَتْح اللَّام كَبِير إِلَّا لقبيلة من الْأَنْصَار فبكسرها، وَاخْتلف فى ولد عبد الْخَالِق، هَل هُوَ سَلمَة كَمَا قَالَ يزِيد بن هَارُون؟ أَو بِكَسْرِهَا كَمَا قَالَ ابْن علية، كَمَا هُوَ عِنْد ابْن مَاكُولَا؟ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 الثَّالِثَة: السلمى بِفَتْح الْمُهْملَة ثمَّ الْكسر، وَفتحت فى النّسَب كالنمرى، والصدفى، وَنَحْوه، على أَن أهل الحَدِيث كَمَا قَالَه السمعانى أَو أَكْثَرهم كَمَا قَالَ ابْن الصّلاح: يكسرون اللَّام على الأَصْل، وَلذَلِك اقْتصر ابْن باطيش فى المشتبه عَلَيْهِ وَجعل الْمَفْتُوحَة نِسْبَة إِلَى بنى سَلمَة من عمل حماه، قَالَ ابْن الصّلاح: وَالْكَسْر لحن، وَمن عد المنسوبين إِلَى بنى سَلمَة فهم بِالضَّمِّ، وَإِلَى ذَلِك الْإِشَارَة بقوله: [وَضم مَا بقى] وَالضَّمِير فى [لَهُم] رَاجع إِلَى الْأَنْصَار فى الْبَيْت الذى قبله. (274 - (ص) سُرَيج يُونُس ونعمان أهملا ... كَابْن أَبى سُرَيج أَحْمد انقلا) (ش) : أى: [سُرَيج] : بِضَم الْمُهْملَة، وَآخره جِيم، ثَلَاثَة: اثْنَان كل مِنْهُمَا اسْمه سُرَيج، أَحدهمَا ابْن يُونُس، حَدِيثه فى الصَّحِيحَيْنِ، وَهُوَ أحد من سمع مِنْهُ مُسلم، مِمَّن لم يرو عَنهُ البخارى إِلَّا بِوَاسِطَة، وَثَانِيهمَا: ابْن النُّعْمَان روى عَنهُ البخارى، وَزعم الخيالى أَن مُسلما روى عَنهُ. وَالثَّالِث: أَحْمد بن أَبى سُرَيج، روى عَنهُ البخارى فى " صَحِيحه ". وَمن عدى الثَّلَاثَة فى " الصَّحِيحَيْنِ " فَهُوَ شُرَيْح بن مُحَمَّد، وَآخره مُهْملَة. وَقَوله [انقلا] أى الزم الْمَنْقُول فى ذَلِك. (275 - (ص) عُبَيْدَة افْتَحْ أَب عَامر فَتى ... حميد سُفْيَان وسلمان أَتَى) (ش) : [/ 196] أى أَن [عُبَيْدَة] بِفَتْح أَوله، ثمَّ مُوَحدَة مَكْسُورَة، وَآخره هَاء تَأْنِيث، فى الصَّحِيحَيْنِ مِنْهُم أَرْبَعَة أَسمَاء لَا خَامِس لَهَا: عُبَيْدَة، وَالِد عَامر بن عُبَيْدَة، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 مَذْكُور فى بَيَان الْأَحْكَام من البخارى [وَعبيدَة فَتى] يعْنى ابْن حميد، روى لَهُ البخارى، وَعبيدَة فَتى يعْنى: ابْن سُفْيَان الحضرمى، روى لَهُ مُسلم حَدِيثا وَاحِدًا، وَعبيدَة السلمانى: وَهُوَ ابْن عَمْرو، وَيُقَال: ابْن قيس، حَدِيثه فى " الصَّحِيحَيْنِ ". وَفِيه إِشَارَة إِلَى أَن من عداهم مِمَّن فى " الصَّحِيحَيْنِ " عُبَيْدَة بِالضَّمِّ مصغر، وفى البخارى عُبَيْدَة بن سعيد بن الْعَاصِ مُخْتَلف فِيهِ. (276 - (ص) عباد لَا قيس عباد أضمم إِذن ... مُحَمَّدًا فَتى عبَادَة افتحن) (ش) : اشْتَمَل على ترجمتين: أَحدهمَا: عباد، وَهُوَ بِالْفَتْح وَالتَّشْدِيد، كثير فى " الصَّحِيحَيْنِ " إِلَّا قيس بن عباد فَإِنَّهُ بِالضَّمِّ، يعْنى وَالتَّخْفِيف كَمَا علم من الْوَزْن وَلَيْسَ فيهمَا كَذَلِك غَيره. الثَّانِيَة: عبَادَة، بِضَم أَوله كثير إِلَّا [مُحَمَّد فَتى] يعْنى ابْن عبَادَة الواسطى شيخ البخارى، فَهُوَ بفتحه، وَلَيْسَ فى " الصَّحِيحَيْنِ " بِالْفَتْح غَيره. (277 - (ص) حَمْزَة وَالرَّاء مَالك بن حمرَة ... وَالْجِيم من كنية نصر جَمْرَة) (ش) : يعْنى أَن كل مَا فى " الصَّحِيحَيْنِ " فَهُوَ [حَمْزَة] بِالْحَاء الْمُهْملَة والزاى إِلَّا [مَالك بن حمرَة] أَبَا عَطِيَّة الوادفى فَهُوَ بمهملتين، أولاهما مَضْمُومَة، وَإِلَّا أَبَا جَمْرَة كنية نصر بن عمرَان الضبعى وَحَدِيث كل مِنْهُمَا فى " الصَّحِيحَيْنِ ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 (278 - (ص) وَخلف الْبَزَّار بالراء عين ... كَذَا فَتى الصَّباح وَهُوَ الْحسن) (ش) أى خلف بن هِشَام الْبَزَّار أحد شُيُوخ مُسلم آخِره رَاء مُهْملَة، كَمَا عينه أهل الضَّبْط من أَئِمَّة الحَدِيث، وَكَذَا الْحسن يعْنى [/ 197] فَتى الصَّباح الْبَزَّار شيخ البخارى بالزاى المكررة. (279 - (ص) وَمَالك بن أَوْس عبد الْوَاحِد ... وَسَالم النصرى نون الواقدى) (280 - وبالقاف مَعَ وَاقد كتب السّنة ... وَالْفَاء ابْن مُوسَى مَعَ سَلامَة) (ش) - اشتملا على ترجمتين: الأولى: النصرى بالنُّون؟ يعْنى: وبالصاد الْمُهْملَة وهم ثَلَاثَة: مَالك بن أَوْس بن الْحدثَان النصرى - مخضرم اخْتلف فى صحبته، وَحَدِيثه فى الصَّحِيحَيْنِ، وَعبد الْوَاحِد بن عبد الله النصرى - لَهُ فى صَحِيح البخارى - حَدِيث عَن وَاثِلَة، وَسَالم مولى النصريين - وَهُوَ مولى مَالك بن أَوْس النصرى الْمُتَقَدّم روى لَهُ مُسلم وَأَشَارَ النَّاظِم باقتصاره عَلَيْهِم إِلَى أَن من عداهم مِمَّن فى الصَّحِيحَيْنِ بِالْبَاء الْمُوَحدَة الْمَكْسُورَة على الْأَصَح. الثَّانِيَة: [الواقدى] بِالْقَافِ، وَهُوَ مُحَمَّد بن عمر الْمَشْهُور، وَكَذَا [وَاقد] بِالْقَافِ وَلَيْسَ فى الْكتب السِّتَّة وَافد بِالْفَاءِ، لَكِن فى خَارجه وَافد بن مُوسَى الدراع، روى عَنهُ أَبُو ضَمرَة أنس بن عِيَاض، وَحكى ابْن مَاكُولَا فيهمَا الْقَاف أَيْضا. وَقَوله: [حسب] أى فى الْأَسْمَاء، أما الْآبَاء فَلهم جمَاعَة مِنْهُم مُحَمَّد بن يُوسُف بن وَافد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 (281 - (ص) والتوزى مُحَمَّد بن الصَّلْت شَذَّ ... فى ردة عِنْد البخارى ورد) (ش) : معنى أَن [التوزى] وَهُوَ بِفَتْح المثناه الفوقانية وَكَذَا الْوَاو الْمُشَدّدَة والزاى، نِسْبَة إِلَى توز من بِلَاد فَارس، وَيُقَال: توج بِالْجِيم: [مُحَمَّد بن الصَّلْت] ، سكن الْبَصْرَة، وكنيته أَبُو يعلى. ثمَّ أَشَارَ النَّاظِم إِلَى أَن البخارى روى عَنهُ فى كتاب " الرِّدَّة " من " صَحِيحه " [/ 198] يعْنى حَدِيث العرنيين، وَمن عداهُ مِمَّن فى " الصَّحِيحَيْنِ " فَهُوَ ثورى بِالْمُثَلثَةِ وَالرَّاء تشدد، التباس مُحَمَّد بن الصَّلْت بأبى يعلى الثورى بِالْمُثَلثَةِ وَالرَّاء، وَحَدِيثه أَيْضا فى " الصَّحِيحَيْنِ " من حَيْثُ اتِّفَاق كنيتهما، أَشَارَ إِلَيْهِ صَاحب " الْمَشَارِق " (282 - (ص) كَذَا الحريرى بحاء مُهْملَة ... يحيى بن بشر مَعَ فتح نَقله) (ش) : أَشَارَ أَيْضا إِلَى أَن كل مَا فى الصَّحِيحَيْنِ فَهُوَ الجريرى بِضَم الْجِيم، وَفتح الرَّاء وَسُكُون التَّحْتَانِيَّة، ثمَّ رَاء نِسْبَة إِلَى جرير بِالتَّصْغِيرِ، ابْن عباد بِضَم الْعين، وَتَخْفِيف الْبَاء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 الْمُوَحدَة، وَمَا بحاء مُهْملَة مَفْتُوحَة، فَهُوَ [يحيى بن بشر الحريرى] فَقَط، روى عَنهُ مُسلم فى " صَحِيحه " دون البخارى، أما الجريرى بِفَتْح الْجِيم، وَكسر الرَّاء، نِسْبَة لجرير البجلى، وَهُوَ يحيى بن أَيُّوب، فَهُوَ وَإِن وَقع فى البخارى، فَلم يَقع فِيهِ مَنْسُوبا، وَلذَلِك أعرض تبعا لشيخه العراقى عَن ذكره. (283 - (ص) والهمذانى مَعَ فتح أعجما ... وإسكنه مهملا وَذَا فى القدما) (ش) : يعْنى أَن [الهمدانى] : فتح الْمِيم، يكون بِالدَّال الْمُعْجَمَة، وهم المنسوبون إِلَى مَدِينَة همذان مِنْهُم: أَبُو أَحْمد المرار بن حمويه، روى عَنهُ البخارى فى " صَحِيحه " لَكِن غير مَنْسُوب، وبإسكانها يكون بِالدَّال الْمُهْملَة، وهم المنسوبون إِلَى الْقَبِيلَة، وَهَذَا هُوَ الْأَكْثَر فى الْمُتَقَدِّمين، قَالَ الذهبى فى " المشتبه ": وَالصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وتابعوهم من الْقَبِيلَة، وَأكْثر الْمُتَأَخِّرين من الْمَدِينَة، قَالَ: وَلَا يُمكن اسْتِيعَاب وَاحِد مِنْهُمَا، قَالَ ابْن الصّلاح وفى " الصَّحِيحَيْنِ " و " الْمُوَطَّأ " الهمذانى [/ 199] بِالذَّالِ المنقوطة، قَالَ صَاحب " الْمَشَارِق ": لَكِن فيهمَا من هُوَ من مَدِينَة همذان بِبِلَاد الْجَبَل، إِلَّا أَنه غير مَنْسُوب فى شئ من هَذِه الْكتب. قَالَ: إِلَّا أَن فى البخارى: مُسلم بن سَالم الهمدانى، وَضَبطه الأصيلى بِخَطِّهِ، وَهُوَ الصَّحِيح قَالَ: وَوَجَدته فى بعض النّسخ للنسفى بِفَتْح الْمِيم وذال مُعْجمَة، وَهُوَ وهم وَإِنَّمَا نسبته بِهَذَا وَيعرف بالجهنى، لِأَنَّهُ كَانَ نازلا فيهم وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى مَا نبه عَلَيْهِ الحبانى، فى كَون أَبى فَرْوَة الْوَاقِع فى البخارى عِنْد ذكر إِبْرَاهِيم من كتاب الْأَنْبِيَاء، اسْمه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 عُرْوَة بن الْحَارِث، لَا مُسلم بن سَالم، وَإِن وَقع كَذَلِك مُسَمّى فِيهِ إِذْ مُسلم، إِنَّمَا هُوَ النهدى يعرف بالجهنى، لَا همدانى، وَقد ذكره ابْن أَبى خَيْثَمَة على الصَّوَاب، وَلَكِن فى الْجُمْلَة ضبط هَذِه النِّسْبَة حسن لوقوعها فى البخارى، وَإِن تبين الْوَهم فِيهَا، وَإِن كَانَ ابْن المهدى لَا يفصل بَينهمَا. (284 - (ص) وَابْن أَحْمد الْخَلِيل مُتَّفق ... مَعَ الْفَقِيه الحنفى فيفترق) (ش) : هَذَا شُرُوع فى الْمُتَّفق والمفترق، وَقد تقدم تَعْرِيفه، وَهُوَ عشرَة أَقسَام فَأكْثر، اقْتصر مِنْهَا النَّاظِم على ثَلَاثَة. الأول: أَن يتَّفقَا فى الِاسْم وَاسم الْأَب، ويفترقا فى الْجد، مِثَاله: الْخَلِيل بن أَحْمد النحوى صَاحب الْعرُوض، وَأول من استخرجه، اتّفق هُوَ والخليل بن أَحْمد الحنفى قاضى سَمَرْقَنْد فى الِاسْم، وَاسم الْأَب، وافترقا المسميان، فَالْأول جده: عَمْرو والثانى: جده الْخَلِيل، وَذَاكَ كنيته: أَبُو عبد الرَّحْمَن، وَهَذَا: أَبُو سعيد، وَذَاكَ: توفى [/ 200] قرب السّبْعين وَمِائَة، وَهَذَا: سنة ثَمَان وَسبعين وثلثمائة، فى آخَرين كل مِنْهُم اسْمه الْخَلِيل بن أَحْمد، استوعبت إِيرَاد من عَلمته مِنْهُم فى حَاشِيَة " شرح الألفية ". (285 - (ص) أَحْمد جَعْفَر بن حمدَان أَبُو ... بكر قطيعى، وَبصرى أنسبوا) (ش) : هَذَا مِثَال لقسم ثَان من أَقسَام هَذَا النَّوْع، هُوَ: الِاتِّفَاق فى الِاسْم وَاسم الْأَب وَالْجد، واقتصروا على ذكر اثْنَيْنِ من طبقَة وَاحِدَة، كل مِنْهُم أَحْمد بن جَعْفَر بن حمدَان، أَن يكنى أَبَا بكر، ويروى عَنهُ أَبُو نعيم الأصبهانى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 فأحدهما اسْم جد أَبِيه مَالك بغدادى قطيعى، سمع الْمسند، والزهد من عبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل، مَاتَ سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وثلثمائة. وَثَانِيهمَا: اسْم جد أَبِيه، عِيسَى سقطرى، بصرى، يرْوى عَن عبد الله بن أَحْمد إِبْرَاهِيم الدورقى، وَغَيره. مَاتَ سنة أَربع وَسِتِّينَ وثلثمائة. وَآخَرين: اسْم كل مِنْهُم أَحْمد بن جَعْفَر بن حمدَان لَا يصل بإيرادهم. (286 - (ص) ثمَّ أَبُو بكر بن عَيَّاش اعْلَم ... ثَلَاثَة: كوف، وحمصى، سلمى) (ش) : هَذَا مِثَال ثَالِث من هَذَا النَّوْع، وَهُوَ الِاتِّفَاق فى الْكتب، وَاسم الْأَب، وَمثل لَهُ النَّاظِم فى النّظم بأبى بكر بن عَيَّاش، ثَلَاثَة: أَوَّلهمْ: اسْم جده سَالم أَسد كوفى مقرئ، راوى قِرَاءَة عَاصِم، اخْتلف فى اسْمه على أَزِيد من عشرَة أَقْوَال، وَصحح ابْن الصّلاح والمزى اسْم كنيته، وَصحح أَبُو زرْعَة أَن اسْمه شُعْبَة، مَاتَ فى عشر الْمِائَة. وثانيهم: واسْمه حُسَيْن، وَاسم جده حَازِم السلمى [/ 201] مَوْلَاهُم الباجدادى، روى عَن جَعْفَر بن مَرْوَان، وَعنهُ على بن جميل الرقى، قَالَ الْخَطِيب: وَكَانَ فَاضلا لَهُ مُصَنف فى غَرِيب الحَدِيث، مَاتَ سنة أَربع ومائتى بباجدا، قَالَه هِلَال بن الْعَلَاء، وثالثهم: حمصى، روى عَن عُثْمَان بن ساك الشامى، وَعنهُ جَعْفَر بن عبد الْوَاحِد الهماسى، قَالَ الْخَطِيب: عُثْمَان وَأَبُو بكر مَجْهُولَانِ، وجعفر كَانَ غير ثِقَة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 الْمُتَّفق والمختلف والمفترق والمؤتلف (287 - (ص) وَقد يجى مُتَّفق، ومختلف ... وَقد يجى مفترق مؤتلف) (288 - كَمثل مُوسَى بن على صغروا ... وَغَيره كالختلى كبروا) (ش) هَذَا نوع يتركب من النَّوْعَيْنِ اللَّذين قبله، وَهُوَ أَن يتَّفق الاسمان فى اللَّفْظ والخط، ويختلفا فى الشَّخْص، ويأتلف أَسمَاء أبويهما فى الْخط، ويفترقا فى اللَّفْظ، أَو يتَّفق الكنيتان لفظا، وَيخْتَلف نسبتهما لفظا وَمثل للْأولِ: بمُوسَى بن على [بِضَم] الْعين مُصَغرًا بن رَبَاح اللخمى المصرى أَمِير مصر اشْتهر بِالضَّمِّ، وَصحح البخارى وَصَاحب " الْمَشَارِق " الْفَتْح، وَقيل: هُوَ بِالضَّمِّ لقبه، وبالفتح اسْمه، وروى عَنهُ قَالَ اسْم أَبى على يعْنى بِفَتْح الْعين، وَلَكِن بَنو أُميَّة قَالُوهُ: بِالضَّمِّ، وفى حرج من قَالَه بِالضَّمِّ، وروى عَنهُ أَنه قَالَ: لم أجعله فى حل وَنَحْوه، قَول أَبِيه لَا أجعَل أحدا فى حل من تَصْغِير اسمى، قَالَ ابْن سعيد: أهل مصر يفتحونه بِخِلَاف أهل الْعرَاق، قَالَ الدارقطنى: كَانَ يلقب [/ 202] بعلى وَكَانَ اسْمه عليا وَقد اخْتلف فى سَبَب تصغيره، فَقَالَ أَبُو عبد الرَّحْمَن الْمُقْرِئ: كَانَ بَنو أُميَّة إِذا سمعُوا بمولود عليا قَتَلُوهُ، فَبلغ من ذَلِك رباحا، فَقَالَ: هُوَ على بن رَبَاح ووالد مسلمة بن على بِالضَّمِّ. وَاسم أَبى الثانى (على) بِفَتْح الْعين مكبر، وهم كثير فيهم مُوسَى بن على الختلى. (289 - (ص) ثمَّ أَبُو عَمْرو وَهُوَ الشيبانى ... شبه أَبى عَمْرو أَبى السيبانى) (ش) هَذَا مِثَال وَهُوَ اتِّفَاق الكنيتين لفظا، وَاخْتِلَاف النسبين، وَأَبُو عَمْرو كنية لكل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 وَاحِد، هما الشيبانى بِفَتْح الْمُعْجَمَة، ثمَّ سُكُون التَّحْتَانِيَّة، بعْدهَا مُوَحدَة، وَهُوَ سعد بن إِيَاس الكوفى تابعى مخضرم، حَدِيثه فى الْكتب السِّتَّة، مَاتَ سنة ثَمَان وَتِسْعين، وَآخر اسْمه هَارُون بن عبيرة بن عبد الرَّحْمَن الكوفى أَيْضا، من أَتبَاع التَّابِعين، حَدِيثه فى سنَن أَبى دَاوُد والنسائى، وَقيل: إِنَّه يكنى أَبَا عبد الرَّحْمَن، والاقتصار عَلَيْهِ، كَمَا قَالَ العراقى: وهم، وَآخر اسْمه إِسْحَاق بن مرار، بِكَسْر الْمِيم أَو فتحهَا، وشدده بَعضهم كعمار، كوفى أَيْضا، نزل بَغْدَاد، نحوى، لغوى، لَهُ ذكر فى صَحِيح مُسلم بكنيته فَقَط، مَاتَ سنة عشر وَمِائَتَيْنِ. وَثَانِيهمَا: السيبانى بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة، والباقى سَوَاء تابعى مخضرم أَيْضا فى أهل الشَّام اسْمه: زرْعَة وَهُوَ عَم الأوزاعى ووالد يحيى بن أَبى عَمْرو، وَله عِنْد البخارى فى كتاب " الْأَدَب " حَدِيث وَاحِد مَوْقُوف على عقبه بن عَامر. بقى من ذَلِك أَن يتَّفق الاسمان وتختلف النسبتان [/ 203] ، أَو يتَّفق الاسمان خطا. ويختلفان لفظا، وتتفق أَسمَاء أبويهما لفظا، أَو تتفق النِّسْبَة لفظا وَيخْتَلف الاسمان لفظا، أَو تتفق النِّسْبَة لفظا وتختلف الكنيتان لفظا، إِلَى غير ذَلِك من الْأَقْسَام، الَّتِى محلهَا مَعَ أمثلتها المطولات. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 من وَافق اسْمه اسْم وَالِد الآخر، وَاسم وَالِده اسْمه (290 - (ص) وَقد يكون الشّبَه فى اسْم وَنسب ... بِحَسب انقلاب الابْن مَعَ أَب) (291 - كالأسود ابْن يزِيد النخعى ... مَعَ ابْن الْأسود يزِيد فاسمعى) (ش) هَذَا فن حسن، وَهُوَ مُوَافقَة اسْم الراوى لاسم وَالِد راو آخر، وَاسم ابْنه كاسمه وَرُبمَا اتّفق انقلاب أَحدهمَا، بِحَيْثُ يكونَانِ متفقان فى الِاسْم وَاسم الْأَب، وللخطيب فِيهِ رَافع " الارتياب "، مِثَاله: الْأسود بن يزِيد، وَيزِيد بن الْأسود، فَالْأول، هُوَ النخعى الْمَشْهُور خَال إِبْرَاهِيم النخعى، من كبار التَّابِعين وعلمائهم، حَدِيثه فى الْكتب السِّتَّة. والثانى: الخزاعى لَهُ صُحْبَة، وَله فى السّنَن حَدِيث وَاحِد، قَالَ ابْن حبَان: عداده فى أهل مَكَّة وَقَالَ المزى: فى الْكُوفِيّين، يزِيد بن الْأسود والجرشى، تابعى مخضرم، يكنى أَبَا الْأسود، سكن الشَّام واستسقوا بِهِ فسقوا للْوَقْت حَتَّى كَادُوا لَا يبلغون إِلَى مَنَازِلهمْ. غَرِيب أَلْفَاظ الحَدِيث (292 - (ص) ولغة الحَدِيث والغريبا ... فاعرف لتدعى عَالما أريبا) (ش) : غَرِيب لفظ الحَدِيث: وَهُوَ مَا جَاءَ فى الْمَتْن من لفظ غامض، بعيد عَن الْفَهم، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 لقلَّة اسْتِعْمَاله [/ 204] نوع مُهِمّ يتَعَيَّن بِهِ الْعِنَايَة، يقبح جَهله بالمحدثين خُصُوصا وبالعلماء عُمُوما، وَجمع النَّاظِم الْغَرِيب مَعَ اللُّغَة من ذكر الْخَاص بعد الْعَام، وَلَعَلَّه مفعول مقدم. [والأريب] : الفطن. وَيجب أَن يتثبت فى هَذَا الْبَاب ويتحرى، فقد سُئِلَ الإِمَام أَحْمد مَعَ جلالته عَن حرف من غَرِيب الحَدِيث، فَقَالَ: سلوا أَصْحَاب الْغَرِيب، فإنى أكره حَتَّى أَن أَتكَلّم فى قَول رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] بِالظَّنِّ. وَنَحْوه قَول الأصمعى (293 - (ص) وَهُوَ كالأسماء مِنْهُ فَرد مؤتلف ... مُتَّفق مفترق ومختلف) (ش) : أى والغريب فِيهِ مَا هُوَ كالأسماء المفردة، وَمِنْه مَا هُوَ كالمؤتلف والمختلف، كَأَن يأتى كلمة لِمَعْنى ومصحفها لِمَعْنى آخر، فيأتلفا فى الْخط ويختلفا فى النُّطْق، وَمِنْه مَا هُوَ كالمتفق والمختلف، بِأَن تأتى كلمة لمعنيين فَأكْثر، وسيتضح ذَلِك كُله مفصلا. (294 - (ص) كآدمته خلطت مد اقصر ... مؤخرة الرحل أى اخر اكسر) (ش) : هَذَا شُرُوع من النَّاظِم فى نوع من أَنْوَاع الْغَرِيب، وساقها على التَّرْتِيب فى حُرُوف المعجم، لَكِن من غير مُرَاعَاة لما بعد الْحَرْف الأول، وَلَو راعا ذَلِك مَعَ فصل مَا هُوَ كالمؤتلف والمختلف، والمتفق والمفترق، وكغير ذَلِك مِمَّا ذكره، لَكَانَ أحسن، لَكِن ضيق النّظم - فِيمَا يظْهر - مَنعه من ذَلِك، على أَنه - رَحمَه الله - قد انْفَرد بتنقيح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 الْكَلَام فى هَذَا الْمِثَال، فَإِن ابْن الصّلاح، وَمن تبعه لم يتَعَرَّضُوا لما أوردهُ من الْأَلْفَاظ، وَغَايَة مَا ذكرُوا فى هَذِه التَّرْجَمَة الْحَث على تعلمه، وَذكر من صنف فِيهِ، وَنَحْو ذَلِك، وَأَن أَصَحه مَا جَاءَ مُفَسرًا فى رِوَايَة أُخْرَى إِن كَانَ وَأجْمع كتب هَذَا النَّوْع: [/ 205] " النِّهَايَة ل،، ابْن الْأَثِير، وَقد اعْتَمدهُ الْأَئِمَّة، وتنافسوا فى تَحْصِيله واختصاره، والاستدراك عَلَيْهِ، وَنَحْو ذَلِك، وَأما " مَشَارِق الْأَنْوَار " للقاضى عِيَاض فَإِنَّهُ أجل كتاب جمع بَين ضبط الجزء: 1 ¦ الصفحة: 284 الْأَلْفَاظ، وَقد نظمه الشَّمْس مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْكَرِيم بن الموصلى أحد من أَخذ عَنهُ النَّاظِم فَأحْسن مَا شَاءَ. وَقَوله: [كادمته] ، أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فى حَدِيث أنس: " وعصرت عَلَيْهِ أم سليم عكة لَهَا فأدمته " أى خلطته، وَجعلت فِيهِ إدَامًا يُؤْكَل، قَالَ فى " التَّهْذِيب " آدمته بِمد الْهمزَة وَتَخْفِيف الدَّال، هُوَ الْأَكْثَر وَيُقَال بِغَيْر مد، وَرَوَاهُ القنازعى فى " الْمُوَطَّأ " بتَشْديد الدَّال على الْكثير. وَقَوله: [مؤخرة الرحل] هى بِضَم أَوله ثمَّ همزَة سَاكِنة، وَأما الْخَاء الْمُعْجَمَة فَفِيهَا الْكسر، وَبِه جزم أَبُو عبيد، وَالْفَتْح، وَبِه جزم مكى، وَأنْكرهُ ابْن قُتَيْبَة، وَقيل: فِيهَا الْفَتْح لَكِن مَعَ تسهيل الْهمزَة، قَالَ فى " التَّهْذِيب "، أَيْضا مؤخرة الرحل هُوَ بِالْهَمْزَةِ والسكون، لُغَة قَليلَة فى آخرته، وَقد منع مِنْهَا بَعضهم، وَلَا تشدد، كَمَا هُوَ الحَدِيث: " إِذا وضع أحدكُم بَين يَدَيْهِ مثل آخِرَة الرحل، فَلَا يبالى من مر وَرَاءه " وهى بِالْمدِّ: الْخَشَبَة الَّتِى يسْتَند إِلَيْهَا الرَّاكِب من كور الْبَعِير، وفى " النِّهَايَة " فى حَدِيث آخر: " مثل مؤخرته "، وسَاق نَحوه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 (295 - (ص) آذنه استماعه بَيَانا ... أى وَاحِدًا أَولا تقل ببانا) (ش) : فِيهِ لفظتان إِحْدَاهمَا من مد الْهمزَة مَعَ الْمُعْجَمَة، وهى آذان، وَأَشَارَ فِيهَا إِلَى حَدِيث: " مَا أذن الله لشئ كَإِذْنِهِ لنبى يتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ " وهى بِفَتْح الْهمزَة [/ 206] والذال الْمُعْجَمَة، قَالَ فى " الْمَشَارِق ": كَذَا فى أَكثر الرِّوَايَات، وَهُوَ الْمَعْرُوف فِيهِ وَمَعْنَاهُ مَا اسْتمع لشئ كاستماعه لهَذَا، وَهُوَ سُبْحَانَهُ لَا يشْغلهُ شَأْن عَن شَأْن، إِنَّمَا هى اسْتِعَارَة للرضى وَالْقَبُول لقرَاءَته، وَعَمله، وَالثَّوَاب عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ أذن من الْإِذْن بِمَعْنى: الْإِبَاحَة، فَهُوَ مثله فى الْفِعْل مَقْصُور الْهمزَة مكسور الْمُعْجَمَة الثَّانِيَة، وهى من الْمُوَحدَة مَعَ مثلهَا، وهى [ببان] بموحدتين مفتوحتين، الثَّانِيَة مُشَدّدَة، لَا مُخَفّفَة، كَمَا هُوَ مُرَاده بقوله: [وَلَا تقل ببانا] يعْنى بِالتَّخْفِيفِ، وَإِن كَانَ لَا يمْنَع الْوَزْن تشديده، وَتَخْفِيف الأول، وَأَشَارَ بذلك إِلَى قَول عمر رضى الله عَنهُ: " لَوْلَا أَن أترك آخر النَّاس ببانا وَاحِدًا مَا فتحت على قَرْيَة إِلَّا قسمتهَا " أى لَوْلَا أتركهم شَيْئا وَاحِدًا إِلَّا أَنه كَمَا قَالَ فى " النِّهَايَة ": إِذا قسم الْبِلَاد الْمَفْتُوحَة على الْغَانِمين، بقى من لم يحضر الْغَنِيمَة، وَمن لم يجِئ بعد من الْمُسلمين بِغَيْر شئ مِنْهَا فَلذَلِك تَركهَا لتَكون بَينهم جَمِيعًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 286 (296 - (ص) بَالَام ثَوْر بذخا أى أشرا ... ضم أبردوا الْحمى وبالظهر اكسرا) (ش) أَشَارَ إِلَى عدَّة أَلْفَاظ من الْمُوَحدَة أَوله [بَالَام] ، ففى الحَدِيث: " مَا إدام أهل الْجنَّة "؟ قَالَ: بَالَام وَالنُّون "، وَفسّر فى الحَدِيث بِأَنَّهُ " الثور "، وَالنُّون " الْحُوت "، وَالْأولَى: عبرانية، وَالثَّانيَِة: عَرَبِيَّة. ثَانِيهمَا: [بذخا] وَهُوَ بِالْمُوَحَّدَةِ، ثمَّ بالمعجمتين، كَمَا فى حَدِيث الزَّكَاة وَذكر الْخَيل: " وَرجل أتخذها أشرا وبطرا وبذخا "، وهى أَلْفَاظ مُتَقَارِبَة الْمَعْنى، فعد ابْن الْأَثِير الأشر: [/ 207] البطر وَقيل: أَشد البطر والبذخ بِالتَّحْرِيكِ: الْفَخر والتطاول، وَنَحْوه قَول النووى أَنه بِمَعْنى الأشر والبطر، قلت: وَلذَلِك فسره النَّاظِم بالأشر. ثالثهما: [أبردوا الْحمى] وَهُوَ بِضَم الرَّاء، يعْنى مَعَ الْوَصْل، وَحكى فِيهِ الْكسر مَعَ الْهَمْز، لَكِن قَالَ الجوهرى: إِنَّهَا لُغَة ردئة، وَأما قَوْله: " أبردوا بِالظّهْرِ ". فَهُوَ بِالْكَسْرِ للراء آخرهَا اى أخروها عَن وَقت شدَّة الْحر، وهى من الْإِبْرَاد: الدُّخُول فى التبرد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 287 (297 - (ص) والباذق الْخمر كبتع من عسل ... وبصر عينى سمع أذنى إِذا أحل) (ش) فى هَذَا الْبَيْت عدَّة أَلْفَاظ من الْمُوَحدَة، أَولهَا: [الباذق] قَالَ فى " النِّهَايَة " وَهُوَ بِفَتْح الْمُعْجَمَة: الْخمر تعريب باذه، وَهُوَ اسْم الْخمر بِالْفَارِسِيَّةِ أى لم يكن فى زَمَانه أَو سبق قَوْله فِيهِ وفى غَيره من جنسه، وَقَالَ فى " الْمَشَارِق " هُوَ نوع من الْأَشْرِبَة وَهُوَ الطلاء الْعصير الْمَطْبُوخ. ثَانِيهَا: [البتع] وَهُوَ بِكَسْر الْمُوَحدَة بِاتِّفَاق، وَسُكُون الْمُثَنَّاة الفوقانية، وَذكر بعض أهل اللُّغَة فتحهَا، كقمع: شراب الْعَسَل، وفى " النِّهَايَة ": نَبِيذ الْعَسَل، وَقد جَاءَ مُفَسرًا فى الحَدِيث: وَهُوَ: " خمر أهل الْيمن. ثَالِثهَا: [بصر عينى وَسمع أذنى] وَاخْتلف فى ضبط الصَّاد وَالْمِيم، فروى بصر وَسمع بِضَم الصَّاد وَكسر الْمِيم على الْفِعْل، وروى لسكون الصَّاد وَالْمِيم، وَفتح الرَّاء وَالْعين. وَوجه النصب على الْمصدر، لِأَنَّهُ لم يذكر الْمَفْعُول بعده وَهُوَ الذى اخْتَارَهُ النَّاظِم كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله: [إِذا أحل] وَلَكِن قَالَ فى " الْمَشَارِق: وَالرَّفْع فى الأول أوجه [/ 208] وَاقْتصر شَيخنَا على قَوْله بصر بِضَم الصَّاد، إِذا نظرت إِلَيْهِ غير مَانع، قَالَ: والإسم مِنْهُ الْبَصَر بِالضَّمِّ ثمَّ السّكُون. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 288 (298 - (ص) والبضع فرج وبكسر فى الْعدَد ... وَبضْعَة افْتَحْ قِطْعَة من الْجَسَد) (ش) أى من الْمُوَحدَة الْبضْع وَهُوَ بِالضَّمِّ: الْفرج، قَالَ شَيخنَا: وَيُطلق على الْجِمَاع والمباضعة: اسْم الْجِمَاع، وَأما بِكَسْر الْمُوَحدَة، فَهُوَ فى الْعدَد من ثَلَاث إِلَى تسع على الْمَشْهُور، وَقيل: إِلَى عشر، وَقيل من اثْنَيْنِ إِلَى عشرَة، وَقيل: من اثنى عشر إِلَى عشْرين، وَقيل: سبع، وَقيل: من وَاحِد إِلَى أَربع، [والبضعة] بِفَتْح الْمُوَحدَة، [الْقطعَة من الْجَسَد] ، بل قَالَ شَيخنَا: الْقطعَة من كل شئ، وَمِنْه:: " فَاطِمَة بضعَة منى ". (299 - (ص) اتبع فَليتبعْ أُحِيل فاعجما ... ثغامة نبت اجد حن حرك بِمَا) (300 - يعْنى السويق حَيْثُ أريقته ... والجعظرى الجواظ فظ كَرهُوا) (ش) اشتملا على الْأَلْفَاظ من ثَلَاثَة حُرُوف فى الْمُثَنَّاة فى حَدِيث الْحِوَالَة: " وَإِذا أتبع أحدكُم على ملى فَليتبعْ " إِذا أُحِيل على قَادر فَليَحْتَلْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 (وَهُوَ) فى الأول بِسُكُون الْمُثَنَّاة، وَكسر الْمُوَحدَة على الْبناء للْمَفْعُول، وفى الثانى: سُكُون الْمُثَنَّاة، وَقَالَ الخطابى: أَصْحَاب الحَدِيث يرونه (أتبع) بتَشْديد التَّاء، وَصَوَابه بسكونها، بِوَزْن أكْرم، وَلَيْسَ هَذَا أمرا على الْوُجُوب، وَإِنَّمَا هُوَ الرِّفْق وَالْإِذْن وَالْإِبَاحَة. وَمن الْمُثَلَّثَة [ثغامة] فى حَدِيث: " أَتَى بأبى قُحَافَة يَوْم الْفَتْح وَكَأن رَأسه ثغامة "، وهى بِفَتْح الْمُثَلَّثَة ثمَّ مُعْجمَة: نبت أَبيض [/ 209] الزهر وَالثَّمَر، يشبه الشيب وَقيل: هى شَجَرَة تبيض كَأَنَّهَا الثَّلج، وَأَخْطَأ من فسره بِأَنَّهُ طَائِر أَبيض. وَمن الْجِيم [أجدح] فى قَوْله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " انْزِلْ فاجدح لنا " وهى صِيغَة أَمر بِالْجِيم، وَفتح الدَّال الْمُهْملَة، وَآخره حاء، قَالَ فى " النِّهَايَة ": هُوَ أَن تحرّك السويق بِالْمَاءِ، ويحوض عَلَيْهِ حَتَّى يستوى، وَكَذَلِكَ وَنَحْوه، والمجدح عود مجنح الرَّأْس تساط بِهِ الْأَشْرِبَة وَرُبمَا يكون لَهُ ثَلَاث شعب، وَمِنْهَا [جئثت] يعْنى قَوْله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] فى حَدِيث بَدْء الوحى " فَرفعت رأسى فَإِذا الْملك الذى جاءنى بحراء [فجئثت] مِنْهُ " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 وَهُوَ بِضَم الْجِيم بعْدهَا همزَة مَكْسُورَة، ثمَّ مُثَلّثَة، ثمَّ تَاء الضَّمِير، كَذَا كَافَّة الروَاة، وَقيل بمثلثة بدل الْهمزَة، قَالَ فى " الْمَشَارِق ": أى رعبت، وَنَحْوه قَول ابْن الْأَثِير: فَرُعِبْت وَخفت، قَالَ: وَقيل: مَعْنَاهُ قلعت من مكانى، من قَوْله تَعَالَى {اجتثت من فَوق الأَرْض} . وَمِنْهَا: [الجعظرى] بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْمُهْملَة بعْدهَا مُعْجمَة مثناة مَفْتُوحَة، ثمَّ رَاء، ثمَّ تَحْتَانِيَّة، هُوَ: الْفظ الغليظ المتكبر، وَقيل: هُوَ الذى ينتفخ بِمَا لَيْسَ عِنْده. [والجواظ] بِفَتْح الْجِيم أَيْضا، ثمَّ وَاو مُشَدّدَة، وَآخره مُعْجمَة، مِثَاله أَيْضا هُوَ الجموع المنوع، وَقيل: الْكثير اللَّحْم المختال فى مشيته، وَقيل: الْقصير الْبَطن، وَقَالَ فى " الْمَشَارِق ": قيل: إِنَّه الْفَاجِر، وَقيل: الذى لَا يَسْتَقِيم على أَمر وَاحِد لصانع هَاهُنَا و [هَاهُنَا] . وَلَعَلَّ النَّاظِم فسرهما باللفظين بعدهمَا على طَرِيق اللف والنشر الْمُرَتّب، وَيكون تَفْسِير الجواظ: بالكريه تَفْسِيرا [/ 210] بِالْمَعْنَى، وَلَا يمْنَع ذَلِك نقل الْمُجْمل فى تَفْسِير [اللَّفْظ] ، وَهُوَ بِفَتْح الْفَاء وَتَشْديد الْمُعْجَمَة الْمشَار أَنه الكرية الْخلق وَنَحْوه، قَول ابْن الْأَثِير: أَنه السَّيئ الْخلق، فَإِن النَّاظِم رتب كَمَا قدمنَا أَلْفَاظ هَذَا الْبَاب على الْحُرُوف، وَهُوَ الْآن فى الْجِيم لَا الْفَاء. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 291 (301 - (ص) وحبة الْحميل بذر البقل ... حبلا من الحبال كثب الرمل) (ش) : يعْنى أَن من غَرِيب الْحَاء الْمُهْملَة قَوْله: [الْحبَّة] فى حَدِيث أهل النَّار " فينبتون كَمَا تنْبت الْحبَّة فى حميل السَّيْل " وهى بِكَسْر الْمُهْملَة ثمَّ بموحدة مُشَدّدَة بذر البقل، قَالَه الْفراء، وَقيل: حب الرياحين، بِالْفَتْح، واحده: حَبَّة، بِالْكَسْرِ وَقيل: نبت صَغِير ينْبت فى الْحَشِيش، وَقيل غير ذَلِك، والحميل مَا يجِئ بِهِ السَّيْل، وَأما الْحبَّة بِالْفَتْح فهى: الْحِنْطَة، وَالشعِير، وَنَحْوهَا، وَقَوله [حبلا] إِلَى آخِره، أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله فى حَدِيث جَابر فى حَدِيثه فى صفة الْحَج: " كلما أَتَى حبلا من الحبال أرْخى لَهَا قَلِيلا حَتَّى تصعد ". وَهُوَ بِفَتْح الْمُهْملَة، وَسُكُون الْمُوَحدَة: التل اللَّطِيف من الرمل الضخم، فَإلَى ذَلِك الْإِشَارَة بقوله: [من الحبال كثب الرمل] والكثيب بِالْمُثَلثَةِ الرمل المستطيل المحدودب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 (302 - (ص) وَخَاتم النبى زر الحجلة ... زر كَبِير للستور فَضله) (ش) : يعْنى أَن [الحجلة] فى قَوْله: [كَانَ خَاتم النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] مثل زر الحجلة] بِالتَّحْرِيكِ بَيت كالقبة يستر بالثياب، وَيكون لَهُ زار كبار، وَيجمع على: حجال، وَقيل فِيهِ غير ذَلِك ضبطا وتفسيرا، وَإِلَى تَرْجِيح هَذَا أَشَارَ النَّاظِم بقوله [/ 211] . [فَضله] و [الزر] بِكَسْر الزاى وَتَشْديد الرَّاء، وَاحِد الأزرار الَّتِى تدخل العرى كأزرار الْقَمِيص. (303 - (ص) بَنَات حذف لصغار غنم ... حذف السَّلَام والحصا فاعجم) (ش) يعْنى أَن [بَنَات حذف] وهى جمع بنت، فى قَوْله: فى حَدِيث الصَّلَاة: " سدوا خلل صفوفكم، لَا تتخللكم الشَّيَاطِين كَأَنَّهَا نَبَات حذف بإهمال أَوله وبتحريك الذَّال، وَآخره فَاء، هى: صغَار الْغنم الحجازية، واحدته: حذفة بِالتَّحْرِيكِ أَيْضا، و [حذف السَّلَام] يعْنى فى قَوْله: " حذف السَّلَام فى الصَّلَاة سنة "، هُوَ بإعجام الذَّال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 وتخفيفه: ترك الإطالة فِيهِ. وَأما [الْحَصَا] فَالْمُرَاد قَوْله فى رمى الْجمار " عَلَيْكُم بِمثل حصا الْخذف "، فَهُوَ معجمتين الثَّانِيَة سَاكِنة، قَالَ فى " الْمُجْمل ": حذفت الْحَصَا، إِذا رميتها من بَين أصبعك يعْنى الْإِبْهَام والسبابة، وَهَذَا فى رمى الْجمار، وَالْحج، وفى " الصَّيْد ": " نهى عَن صيد الْخذف " " وَنهى عَن الْخذف " (304 - (ص) بخربة جِنَايَة فافتح وَضم ... دَرَجَة سقط، وخرقة تضم) (ش) أى [خربة] فى قَوْله: " إِن الْحرم لَا يعيذ عَاصِيا وَلَا فَارًّا بخربة جِنَايَة " فى الْمُعْجَمَة الْفَتْح وَالضَّم، وَيُطلق على خِيَانَة، قَالَ فى " الْمَشَارِق ": ضَبطه الأصيلى بِالضَّمِّ، وَغَيره بِالْفَتْح، وَهُوَ الذى ضبطناه فى كتاب مُسلم، وَالرَّاء فى كلتيهما سَاكِنة بعْدهَا مُوَحدَة، وَاقْتصر شيخى بِالْفَتْح على الْفَتْح، وَأَنَّهَا كَمَا ثَبت تَفْسِيرهَا فى رِوَايَة المستملى فى الْعلم من الصَّحِيح: السّرقَة، وَنقل البخارى فى " المغازى " عَن أَبى عُبَيْدَة أَنَّهَا: البلية، وَأما قَول ابْن الْأَثِير: أَنه قد جَاءَ فِي سِيَاق الحَدِيث فِي البخارى [/ 212] أَنَّهَا: الْخِيَانَة والبلية فَمَا وقفت عَلَيْهِ إِلَى الْآن، وَقيل: الْفساد وبفتحه، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 الفعلة الْوَاحِدَة من الخرابة، وهى السّرقَة، وَأَشَارَ ابْن العربى إِلَى ضبط ثَالِث، وَهُوَ بِكَسْر أَوله وبالزاى بدل الرَّاء، والتحتانية بدل الْمُوَحدَة جعله من الخزى، وَالْمعْنَى صَحِيح، لَكِن لَا تساعد عَلَيْهِ الرِّوَايَة. وَقَوله: [دَرَجَة] يعْنى فى قَوْله: " كن نسَاء يبْعَثْنَ بالدرجة هى بِكَسْر الدَّال وَفتح الرَّاء وَالْجِيم، جمع: درج، بِالضَّمِّ، وَسُكُون الرَّاء، مثل: خرجَة وَخرج: السفط الصَّغِير وَشبهه، والسفط: مَا تضع فِيهِ الْمَرْأَة طيبها وحليها، وخف متاعها، كَذَا رَوَاهُ جمَاعَة وفسروه، وَقَالَ أَبُو عَمْرو: هُوَ بِضَم الدَّال وَسُكُون الرَّاء، قَالَ: كَأَنَّهُ تَأْنِيث درج، وَقَالَ عِيَاض: وَيحْتَمل أَن يُرِيد بهَا خرقَة - يجمع فِيهَا الكرسف، وَهُوَ الْقطن الذى احتشت بِهِ، فقد قَالَ أَبُو عبيد: الدرجَة: الْخِرْقَة الَّتِى تلف وَتدْخل فى حَيا النَّاقة؛ إِذا عطفت على غير وَلَدهَا، وَإِذا كَانَ هَذَا معنى هَذِه الرِّوَايَة، فَهُوَ أشبه فى الِاسْتِعْمَال من الدرج الْمُسْتَعْمل لغيره، شبهوا الْخرق الَّتِى تسْتَعْمل فى هَذَا ويلف فِيهَا الكرسف بِتِلْكَ. (305 - (ص) رموهم رشقا أرموا سكتوا ... تسبخى تخففى مُعْجمَة) (ش) كَأَنَّهُ يُشِير إِلَى قَوْلهم: [رموهم برشق] فى نبل بِكَسْر الرَّاء، وهى السِّهَام إِذا رميت على يَد وَاحِدَة، لَا يتَقَدَّم مِنْهَا شئ، وَأما رشقوهم بِالنَّبلِ رشقا فَهُوَ بِفَتْح الرَّاء، فَهُوَ الْمصدر، فَلَيْسَ فِيهِ رموا. وَالله أعلم. [وَارْمُوا] يعْنى فى قَوْله [/ 213] : " أرم الْقَوْم " بِفَتْح الْهمزَة، وَالرَّاء وَتَشْديد الْمِيم، مَعْنَاهُ. [سكتوا] و [تسبخى] يعْنى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 فى حَدِيث عَائِشَة رضى الله عَنْهَا: أَنه [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] سَمعهَا تَدْعُو على سَارِق سَرَقهَا، فَقَالَ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] " لَا تسبخى عَنهُ بدعائك " وَهُوَ بخاء مُعْجمَة أى لَا تخففى عَنهُ الْإِثْم الذى اسْتَحَقَّه بِالسَّرقَةِ. (306 - (ص) سقط بى حرت سوادى مستمع ... سرى افْتَحْ الشَّخْص مصيخ مستمع) يعْنى باللفظة الأولى: [سقط] فى نفسى من التَّكْذِيب، وَلَا إِذْ كنت فى الْجَاهِلِيَّة وَهُوَ بِضَم السِّين الْمُهْملَة، وَكسر الْقَاف، وَآخره طاء مُهْملَة، مبْنى لما لم يسم فَاعله، قَالَ القاضى: كَذَا قيدناه عَن شُيُوخنَا، وَمَعْنَاهُ: تحيرت، يُقَال: سقط فى يَده إِذا تحير فى أمره. وَقَوله: [سوادى] وَهُوَ بِكَسْر السِّين الْمُهْملَة أى سرى، قَالَ أَبُو عبيد: لِأَن السرَار لَا يكون إِلَّا بإدناء السوَاد من السوَاد وَمِنْه: " وَفِيكُمْ صَاحب السوَاد: أى السِّرّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 296 يعْنى عبد الله بن مَسْعُود وَأما قَوْله: [افْتَحْ] فَأَشَارَ بِهِ إِلَى أَن السوَاد بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة: هُوَ الشَّخْص، وَمِنْه (لَا يُفَارق سوَاده) ، وَقَوله لعَائِشَة رضى الله عَنْهَا: " أَنْت السوَاد الذى رَأَيْت أمامى " وَقَوله: [مصيخ] يعْنى بِهِ مَا فى حَدِيث: " مَا من دَابَّة إِلَّا وهى مصيخة " وهى بِضَم الْمِيم بعْدهَا صَاد مُهْملَة وَبعد التَّحْتَانِيَّة خاء مُعْجمَة، أى مستمعة مقبلة على ذَلِك. وَقَالَ مَالك: مصيخة مستمعة مشفقة. (307 - (ص) شعب افْتَحْ الصدع وطرف الْجَبَل ... فاكسر وَلَا صرورة فاهمل) (ش) يعْنى: [بِالشعبِ] قَوْله اتخذ مَكَان الشّعب سلسلة وَهُوَ بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة، بعْدهَا عين مُهْملَة، وَآخره مُوَحدَة، أى مَكَان الصدع والشق. وَأما الشّعب الذى بِالْكَسْرِ وَمِنْه (فى شعب من الشعاب) ، فَهُوَ: طرف الْجَبَل. وَقَوله: [لَا صرورة] فى حَدِيث: " لَا صرورة فى الْإِسْلَام " وَهُوَ بالصَّاد الْمُهْملَة وَمَعْنَاهُ: التبتل وَترك النِّكَاح، أى أَنه لَا ينبغى لأحد أَن يَقُول: لَا أَتزوّج، والصرورة أَيْضا الذى لم يحجّ قطّ، وَلَيْسَ من المُرَاد فى الحَدِيث. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 (308 - (ص) ضمز سكت اعجمن طب سحر ... وطبقا عَم وقرنا وفقر) (ش) أما [ضمز] وَهُوَ بِالْمُعْجَمَةِ والزاى، فيشير بِهِ إِلَى مَا وَقع فى تَفْسِير: {وَأولَات الْأَحْمَال} من رِوَايَة أَبى الْهَيْثَم " ضمز لي بعض أَصْحَابه " يعْنى: سكتنى. قَالَ القاضى عِيَاض: هَذِه الرِّوَايَة أشبه، وصوابها: ضمزنى، بالنُّون بدل اللَّام. وللقابسى ضمزنى بالزاى وَالْمُوَحَّدَة، وَمِنْه الأصيلى: فضمن بتَشْديد الْمِيم وَآخره نون، وَضَبطه شُيُوخ الهروى بتَخْفِيف الْمِيم وَكسرهَا قَالَ القاضى: وكل غير لمعلوم من كَلَام فى معنى مُسْتَقِيم بِهِ مَفْهُوم هَذَا الحَدِيث وَأما [طب] فَهُوَ فعل ماضى مبْنى بطاء مُهْملَة، وموحدة فيشير بِهِ إِلَى حَدِيث: " الرجل مطبوب " أى مسحور، قَالَ: " من طبه "؟ أى من سحره: " قَالَ لبيد بن الأعصم " والطب: السحر، وَهُوَ من الأضداد، وَقيل: كنوا بالطب عَن السحر، تفاؤلا كَمَا سموا اللديغ سليما. وَأما [طبق] فَهُوَ الذى بِمَعْنى الْعُمُوم يُشِير بِهِ إِلَى حَدِيث: " وكل رَحْمَة طباق مَا [/ 215] من السَّمَاء وَالْأَرْض " أى ملؤُهَا، كَأَنَّهَا تعمها، فَيكون طبقًا لَهَا، وَمِنْه حَدِيث الاسْتِسْقَاء: " أطبقت عَلَيْهِم سبعا " أى غيم، مثلهَا، والذى بِمَعْنى الْقرن يُشِير بِهِ إِلَى مَا جَاءَ بِهِ فى شعر الْعَبَّاس الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 رضى الله عَنهُ: (إِذا مضى عَالم بدا طبق) يَقُول: إِذا مضى قرن، وَقيل للقرن طبق؛ لأَنهم طبق ينقرضون، ويأتى طبق آخر) والذى بِمَعْنى الْفقر، يُشِير بِهِ إِلَى حَدِيث أَبى سعيد: سَمِعت النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] يَقُول: يكْشف رَبنَا عَن سَاق فَيسْجد لَهُ كل مُؤمن ومؤمنة، وَيبقى كل من كَانَ يسْجد فى الدِّينَا لله رِيَاء وَسُمْعَة، فَيذْهب يسْجد فَيَعُود ظَهره طبقًا وَاحِدًا، فَلَا يقدر على الانحناء وَالسُّجُود " (309 - (ص) وعركت حَاضَت عبيط طرى ... والعلقة والنزر وفرصة اكسر (ش) : اشْتَمَل على عدَّة أَلْفَاظ من حرفين فى الْعين الْمُهْملَة [عركت] وَهُوَ بِفَتْح الرَّاء أى حَاضَت، العارك: الْحَائِض، والعراك: الْحيض، [وعبيط] ، يعْنى فى حَدِيث الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 دم الْحيض، عبيط، بِفَتْح الْمُهْملَة، بعْدهَا مُوَحدَة، ثمَّ تَحْتَانِيَّة وطاء مُهْملَة، [أى طرى] غير متغير، قَالَه فى " الْمَشَارِق "، قَالَ: وَكَذَلِكَ لحم عبيط، وفى الْمُجْمل: الدَّم العبيط الذى لَا خلط فِيهِ: الطرى. [والعلقة] ، يعْنى فى حَدِيث عَائِشَة رضى الله عَنْهَا: " الْعلقَة من الطَّعَام " وهى بِضَم الْمُهْملَة، وَسُكُون اللَّام، ثمَّ قَاف وهاء؛ [والنزر] بالنُّون ثمَّ الزاى ثمَّ الرَّاء الْيَسِير فِيهِ، وَمن الْفَاء: [فرْصَة] يعْنى فى حَدِيث: " خذى فرْصَة ممسكة وهى بِكَسْر الْفَاء [/ 216] وَسُكُون الرَّاء بعْدهَا صَاد مُهْملَة، وهاء: قِطْعَة من قطن أَو صوف مطيبة بالمسك، وَقيل: ذَات مسك أى بجلدها. (310 - (ص) والفتخ الْخَاتم لَا بفص ... وَقل تقلت عَن التفصى) (ش) : يُشِير بِهِ إِلَى حَدِيث: " يلقين الفتخ " وهى بِفَتْح الْفَاء والمثناة الفوقانية، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 300 وَآخره مُعْجمَة، فسر فى البخارى: بالخواتيم الْعِظَام يمْسِكهَا النِّسَاء، قيل: هى خَوَاتِيم لَا فصوص لَهَا وَتجمع أَيْضا فتاخا وفتخات، وفى " الجمهرة " فتخة حَلقَة من ذهب أَو فضَّة، لَا فص لَهَا، وَرُبمَا اتخذ لَهَا فص كالخاتم، وَأما قَوْله: [وَقل] إِلَى آخِره، فَأَشَارَ بِهِ إِلَى حَدِيث: " أَشد تفصيا من صُدُور الرِّجَال "، [والتفصى] بِالْمُثَنَّاةِ بعْدهَا فَاء، ثمَّ مُهْملَة: التفلت. قَالَ فى " الْمَشَارِق: تفصيا: أى زوالا، وخروجا. يُقَال: تفصيت الْأَمر، أى خرجت مِنْهُ وتخلصت. (311 - (ص) وقدح الرَّاكِب قدح سهم ... وَالْقلب للسوار حَيْثُ ضمُّوا) (ش) : أما [قدح] بِفَتْح الْقَاف وَالدَّال الْمُهْملَة وَآخره مُهْملَة، فيشير بِهِ إِلَى حَدِيث: " لَا تجعلونى كقدح الرَّاكِب " وهى آنِية مَعْرُوفَة تروى الرجلَيْن وَالثَّلَاثَة، أى لَا تجْعَلُوا الصَّلَاة على بتأخر الدُّعَاء، لِأَن قدح الرَّاكِب يعلق آخر الرحل وَآخر مَا يعلق هُوَ إِمَّا [قدح] يعْنى بِكَسْر أَوله، وَسُكُون ثَانِيَة بعْدهَا مُهْملَة أَيْضا فَهُوَ: السهْم قبل أَن يراش وينصل، فَإِذا أرش ونصل فَهُوَ سهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 وَقَوله: [وَالْقلب] يُشِير بِهِ إِلَى حَدِيث [/ 217] فَجعلت الْمَرْأَة تلقى قَلبهَا وَهُوَ بِضَم الْقَاف، كَمَا علم من قَول النَّاظِم، ثمَّ لَام سَاكِنة وَآخره مُوَحدَة، هُوَ: السوار من الْعظم، وَقيل: مَا كَانَ تَارَة وَاحِدَة. (312 - (ص) وكرشى جماعتى وعيبتى ... كنانتى وحمر الكسعة) (ش) : وَأما [الكرشى والعيبة] فيشير بهما إِلَى حَدِيث الْأَنْصَار كرشى قَالَ فى الْمُجْمل الكرشى: الْجَمَاعَة من النَّاس، وكرشى الرجل عِيَاله، وصغار وَلَده. [وعيبتى] : بِفَتْح الْمُهْملَة ثمَّ تَحْتَانِيَّة سَاكِنة وموحدة مَفْتُوحَة، أى مَوضِع سرى وأمانتى. قَالَ عِيَاض: يُقَال عَيْبَة الرجل: أى مَوضِع سره وأمانته، مَأْخُوذ من عَيْبَة الثِّيَاب، الذى يضع الرجل فِيهَا مَتَاعه. وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِالْحَدِيثِ: أَنهم جماعتى وصحابتى الَّذين اثق بهم وَاعْتمد عَلَيْهِم، وَأما [الكنانة] وهى بِكَسْر الْكَاف ونونين فهى: مستودع النشاب، سميت بذلك؛ لِأَنَّهَا تكنها أى تحفظها. قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: وَلَا أرى عَيْبَة النشاب إِلَّا مَأْخُوذَة من هَذَا وَكَذَا فسر النَّاظِم العيبة بالكنانة وَأما [الكسعة] صَدَقَة، وهى بِضَم الْكَاف وَسُكُون الْمُهْملَة بعْدهَا عين مُهْملَة فهى الْحمر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 (313 - (ص) وكفة الْوَزْن اكسرن وَالنُّون ضم ... أَلظُّوا إلزموا نفست النُّون ضم) (ش) يعْنى أَن [كفة] الْمِيزَان: بِكَسْر الْكَاف، قَالُوا: وَكَذَا كل مستدير، وكفة الثَّوْب وهى بِضَم الْكَاف: طره، يكون فِيهِ من ديباج وَنَحْوه. وَقَالُوا: وَكَذَا كل مستطيل. وَمن الأول كفة الْمِيزَان، وَمن الثانى فى إِسْلَام عَمْرو يعْنى ابْن الْعَاصِ بن وَائِل قَمِيص [/ 218] مكفوف أى لَهُ كفة. و [أَلظُّوا] يعْنى فى الحَدِيث: " أَلظُّوا بِيَاذَا الْجلَال وَالْإِكْرَام "، وَهُوَ بالظاء الْمُعْجَمَة، أى: [الزموا] ، واثبتوا عَلَيْهِ، وَأَكْثرُوا من قَوْله، والتلفظ بِهِ فى دعائكم، يُقَال: ألظ بالشئ إلظاظا، إِذا لزمَه، وثابر عَلَيْهِ. [ونفست] يعْنى حَدِيث: " لَعَلَّك نفست؟ " بِضَم النُّون، هَكَذَا ضَبطه الأصيلى، وَكثير من الشُّيُوخ، قَالَ عِيَاض: وَكَذَا سمعناه من غير وَاحِد، وفى الْولادَة " فنفست بِعَبْد الله " كَذَا أَيْضا ضبطناه بِالضَّمِّ، قَالَ الهروى: يُقَال فى الْولادَة: بِضَم النُّون، وَفتحهَا وفى الْحيض: بِفَتْح النُّون لَا غير وَنَحْوه لِابْنِ الأنبارى، وَذكر أَبُو حَاتِم الأصمعى الْوَجْهَيْنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 مَعًا فيهمَا، وَالِاسْم من الْولادَة وَالْحيض، والمصدر: النُّفَسَاء، والنفاسة، وَالْولد: منفوس، وَالْمَرْأَة: نفسَاء، مضموم وممدود، ونفسا مثل: سكرى، ونفساء بِالْفَتْح، وَالْجمع: نِفَاس مثل: كرام وَنَفس بِضَم النُّون وَالْفَاء، ونفساوات، ونفساوات. (314 - (ص) والنئ لم ينضج بِهَمْزَة وَمد ... والنئ وَهُوَ الشَّحْم ياؤه تشد) (ش) : يعْنى أَن [النئ] بِكَسْر النُّون، والهمزة، وَالْمدّ: الذى لم ينضج، وَمِنْه: " أَمر أَن تلقى لُحُوم الْحمر نيئة ونضيجة " والنئ: الَّتِى لم تطبخ. وَأما [النئ] بِفَتْح النُّون وَتَشْديد الْيَاء فَهُوَ الشَّحْم. (315 - (ص) نَقِيع مَوضِع ويهدب اكسر ... ضم صَوت الشَّاة قَالَ تَيْعر) (ش) : يعْنى أَن [النقيع] وَهُوَ بِفَتْح النُّون، بعْدهَا قَاف، ثمَّ تَحْتَانِيَّة، وَعين مُهْملَة، مَوضِع حماه النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَالْخُلَفَاء بعده وَهُوَ صدر وادى العقيق، وَذكره بَعضهم بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَأما [/ 291] [يهذب] وَمِنْه: " أينعت لَهُ ثَمَرَته فَهُوَ يهدبها ". هُوَ بِكَسْر الدَّال الْمُهْملَة وَضمّهَا، أى يجنيها. [وتيعر] يعْنى، قَوْله: " أَو شَاة تَيْعر " بِالْكَسْرِ تعارا بِالضَّمِّ، وَأكْثر مَا يُقَال لصوت العنز. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 (316 - (ص) وَمَا أَتَى بمهمل ومعجم ... حنين صَوت الْأنف واهمل ثمَّ) (ش) : هَذَا نوع من الْغَرِيب أخص مِمَّا قبله وَهُوَ مَا فِيهِ الإعجام، والإهمال، قَالَ فى " النِّهَايَة ": [الخنين] يعْنى بِالْمُعْجَمَةِ، فى حَدِيث: " كَانَ يسمع خنينه فى الصَّلَاة ": ضرب من الْبكاء دون الانتحاب، قَالَ: وأصل الخنين: خُرُوج الصَّوْت من الْأنف، كالحنين يعْنى بِالْمُهْمَلَةِ من الْفَم، وَحكي فِيهِ القاضى فى " الْمَشَارِق ": الْمُهْملَة، لكنه، قَالَ: إِنَّه بِالْمُعْجَمَةِ أَكثر، قَالَ: وَهُوَ الصَّوْت، قَالُوا: وَالْأول وهم، والخنين: بِالْمُعْجَمَةِ، تردد فى الْبكاء بِصَوْت غنة. وَقَالَ أَبُو زيد: هُوَ الشَّديد من الْبكاء. (317 - (ص) ذَاته دَعَتْهُ خنقته ... ذلف الأنوف فطسها ذأفته) (ش) : أى [ذأته] يعْنى بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة بعْدهَا همزَة ومثناة فوقانية، أى خنقته أَشد الخنق، حَتَّى أدلع لِسَانه، فَهُوَ كَمَا قَالَ فى " الْمَشَارِق ": مثل: دَعَتْهُ وفى الحَدِيث: " إِن الشَّيْطَان عرض لى بِقطع الصَّلَاة فأمكننى الله مِنْهُ فدعته " أى خنقته، والذعت: بِالذَّالِ، وَالدَّال: الدّفع العنيف، والدعت أَيْضا: التمعك فى التُّرَاب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 وَقَوله: [ذلف] هُوَ بِضَم الْمُعْجَمَة وَسُكُون اللَّام. قَالَ عِيَاض: وَرَوَاهُ بَعضهم بِالْمُهْمَلَةِ، وَكَذَا روينَاهُ عَن التميمى بِالْوَجْهَيْنِ وبالمعجمة الْمَعْرُوف، وَالِاسْم الذلف: بِفَتْح اللَّام، وَالرجل أذلف، وَالْمَرْأَة ذلفاء مَمْدُود، وَقيل: [/ 220] مَعْنَاهُ فطس الأنوف، وَقيل: قصر الْأنف وَتَأَخر أرنبته، وَقيل: " تطأمن " فى أرنبته، وَقيل: سَمُرَة فى أرنبته. وَقَوله: [ذأفته] بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة بعْدهَا همزَة، وَفَاء، أى: أجهزت عَلَيْهِ، جَاءَ فى الحَدِيث حَدِيث خَالِد بن الْوَلِيد فى غَزْوَة بنى جذيمة: " من كَانَ مَعَه أَسِير فليذيف عَلَيْهِ " أى يُجهز عَلَيْهِ ويسرع فى قَتله، وَقد روى بِالْمُهْمَلَةِ. (318 - (ص) وشعف الْجبَال شمت فرفض ... نهش صئصئ قصمته وهض) (ش) : أى أَن [شعف] بالشين الْمُعْجَمَة وَالْعين الْمُهْملَة مفتوحتين، وَآخره فَاء، رُؤُوس الْجبَال، وَمِنْه: " يتبع بهَا شعف الْجبَال " أى رُؤُوس الْجبَال وأطرافها، هَذَا هُوَ الْمَشْهُور وَهُوَ لأكثرة رُوَاة " الْمُوَطَّأ " الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 وَاخْتلف على يحيى بن يحيى فبعضهم يَقُول: شعب: بِضَم الْمُعْجَمَة، وَآخره مُوَحدَة، أى أطرافها، ونواحيها، وَمَا انفرج مِنْهَا. والشعب: مَا انفرج بَين الجبلين، وَهُوَ الْفَتْح، وَعند ابْن المرابط بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة، وَهُوَ وهم، وَعند الظَّن المسئ بِالسِّين الْمُهْملَة الْمَفْتُوحَة، وَآخره فَاء، وَهُوَ بعيد هُنَا، إِذْ السعف جريد النّخل. وَأما [شمت] يعْنى: تشميت الْعَاطِس، فَيُقَال بِالْمُهْمَلَةِ، والمعجمة، وَأَصله: الدُّعَاء بِالْخَيرِ، قيل: أَصله من السمت: وَهُوَ الْهدى وَالْقَصْد، وَقَالَ أَبُو عبيد: هُوَ بِالْمُهْمَلَةِ على اللغتين، وَقَالَ بعض الْمُتَكَلِّمين: إِنَّمَا أَصله الشين من شماتته بالشيطان وقمعه بِذكر الله وَحده، وَأما [رفض] وَالْمعْنَى بِهِ ماجاء فى حَدِيث ابْن صياد: " فرفضه "، فَقَالَ النووى: هُوَ فى أَكثر نسخ بِلَادنَا رفضه بالضاد الْمُعْجَمَة، وَقَالَ [/ 221] القاضى عِيَاض: روايتنا عَن الْجَمَاعَة بالصَّاد الْمُهْملَة، قَالَ بَعضهم: الرفص بالصَّاد الْمُهْملَة الضَّرْب بِالرجلِ مثل الرفس بِالسِّين، قَالَ: فَإِن صَحَّ هَذَا فَهُوَ بِمَعْنَاهُ، قَالَ القاضى: لَكِن لم أجد هَذِه اللَّفْظَة فى أصُول اللُّغَة، وَوَقع فى رِوَايَة التميمى: (فرفضه) بضاد مُعْجمَة، وَهُوَ وهم، وفى البخارى فى كتاب " الْأَدَب " (فرفضه) بضاد مُعْجمَة، وَرَوَاهُ الْخطابِيّ فى " غَرِيبه " فرفصه بصاد مُهْملَة، أى: ضغطه حَتَّى ضم بعضه إِلَى بعض، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {بُنيان مرصوص} ، قَالَ النووى: يجوز أَن يكون معنى: فرفضه، بِالْمُعْجَمَةِ أى ترك سُؤَاله الْإِسْلَام، ليأسه مِنْهُ حِينَئِذٍ، ثمَّ شرع فى سُؤَاله عَمَّا يرى. وَأما [نهش] وَهُوَ بهما تبعا كَمَا حَكَاهُ عِيَاض، وَاقْتصر الأصيلى على الإهمال. والنهس: بِالْمُهْمَلَةِ، الْأكل من اللَّحْم وَاحِدَة بأطراف الْأَسْنَان، وبالمعجمة بالأضراس. وَقَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 الخطابى: هُوَ بِالْمُهْمَلَةِ أبلغ مِنْهُ فى الْمُعْجَمَة، وَقَالَ ثَعْلَب: النهس: سرعَة الْأكل. وَأما [صئصئ] فبالصاد الْمُهْملَة مَكْسُورَة مَهْمُوزَة الْوسط، وَالْآخر، وقيدة أَبُو ذَر وَبَعض رُوَاة الصَّحِيحَيْنِ، وَقَيده جمَاعَة وَعَامة الشُّيُوخ عَن مُسلم بِالْمُعْجَمَةِ، قَالَ القاضى عِيَاض: كِلَاهُمَا صَحِيح، وبالمعجمة رَوَاهُ أَكثر مَشَايِخ الْمُوَطَّأ، وبالوجهين عِنْد التميمى فيهمَا، وَمَعْنَاهُ: الأَصْل، وَقيل: النَّسْل. وَأما [قضمته] فى بَاب من تسوك بسواك غَيره، فبالقاف، والمهملة، أى: شققته، ثمَّ مضغته: أى لينته بأسنانى، وَعند التميمى: فقضمته بِفَتْح الْقَاف وَكسر الْمُعْجَمَة، أى: قطعت رَأسه بأسنانى والقضم: العض وفى [/ 222] البخارى فى " الْوَفَاة " مثله للقابسى وَابْن السكن، وَلذَلِك اخْتلف فِيهِ عِنْد (أَبى) ذَلِك. وَأما [وهض] فَقَالَ الْحذاء: فى حَدِيث: " فرميناه حَتَّى وهضناه " بالضاد الْمُعْجَمَة أى أثخناه، وَعند غَيره بِالْمُهْمَلَةِ وَأَصله: السُّقُوط فَرَوَاهُ بَعضهم فى غير كتاب مُسلم: رهضناه، بالراء وَمَعْنَاهُ حبسناه، وَأَصله دَاء يَأْخُذ الدَّوَابّ فى جوانبها بِحَيْثُ لَا تمشى إِلَّا مَعَ غمز وعثار، والرهض نَفسه الغمز والعثار قَالَ [الدولابى] هُوَ بهاء مَفْتُوحَة ثمَّ صَاد مُهْملَة سَاكِنة، ثمَّ نون، مَعْنَاهُ، رميناه رميا شَدِيدا، وَقيل: أسقطناه إِلَى الأَرْض. (319 - (ص) والخف والثقل تضار مطرقة ... ونضر الله تضاموا حَقَّقَهُ) (ش) : هَذَا نوع آخر من الْغَرِيب، وَهُوَ مَا فِيهِ التَّشْدِيد وَالتَّخْفِيف مَعًا وَهُوَ حَدِيث: " وَلَا تضَارونَ " فى رُؤْيَته بتَشْديد الرَّاء، وَأَصله: تضاررون من الضَّرَر، روى بتَخْفِيف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 الرَّاء من الضير وَكِلَاهُمَا وَاحِد، أى: لَا يُخَالف بَعْضكُم بَعْضًا فيكذبه وينازعه، فيضره بذلك، وَقيل: من المضايقة وَلَا تضايقون، والمضارة: المضايقة، وَيصِح أَن يكون المتضارون، بِفَتْح الرَّاء، أى الأولى، أى لَا يضركم غَيْركُمْ بمنازعته وجرأته وبمضايقته، أَو يكون يضاررون: بِكَسْرِهَا، أى: لَا تضروا أَنْتُم غَيْركُمْ بذلك؛ لِأَن المجادلة إِنَّمَا تكون فِيمَا يخفى، والمضايقة إِنَّمَا تكون فى الشئ يرى فى غير وَاحِد وجهة مَخْصُوصَة، وَقدر مُقَدّر، وَالله تَعَالَى متعال عَن ذَلِك، وَقيل: مَعْنَاهُ لَا تَكُونُوا أحزابا فى التراع فى [/ 223] ذَلِك وَقيل: تضاررون: لَا يمنعكم مِنْهُ مَانع. وَأما [مطرقة] (كَأَن وُجُوههم كالمجان المطرقة) ، فروى بتَخْفِيف الرَّاء وتشديدها، وَأما [نضر الله] فى حَدِيث " نضر الله أمرءا سمع مقالتى "، فَقَالَ عِيَاض: بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيد، وَالتَّخْفِيف أَكثر لأهل الْأَدَب، وَالتَّشْدِيد أَكثر لأكْثر الشُّيُوخ، قَالَ ابْن خَلاد: وَالتَّخْفِيف هُوَ الصَّحِيح وصححهما مَعًا عِيَاض، وَمَعْنَاهُ: نعمه، وَقيل: حسنه، وَقيل: أوصله نَضرة النَّعيم، وَقيل: وَجهه فى النَّاس، وَحسن حَاله وَوجه نضر وناضر ومنضور، وَالِاسْم: النضرة، والنضارة. وَأما [تضاموا] فيروى بتَشْديد الْمِيم، وتخفيفها، قَالَه عِيَاض. فَمَعْنَى الْمُشَدّدَة من الإنضمام، أى لَا تزدحمون حِين النّظر إِلَيْهِ، وَهَذَا إِذا قَدرنَا (تضَامون) بِفَتْح الْمِيم الأولى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 309 وَيكون تضَامون: بِكَسْرِهَا، أى تزاحمون غَيْركُمْ فى النّظر إِلَيْهِ كَمَا تضاررون. فَمن خفف الْمِيم فَمن الضيم، وَهُوَ الظُّلم، أى لَا يظلم بَعْضكُم بَعْضًا فى النّظر إِلَيْهِ وَيقدر على مَنعه لسهولته. (320) (ص) تنسح نسحا جمة قد غَلطا ... حمارة سبيا وبالجيم خطا) (ش) : هَذَا نوع آخر من الْغَرِيب وَهُوَ مَا فِيهِ وَجْهَان، ثَانِيهمَا غلط أَو ضَعِيف، وَمِنْه النقير: هى النَّخْلَة. [تنسح] بِالْحَاء الْمُهْملَة [نسحا] أى ينحى عَنْهَا قشرها وتملس وتنقر نقرا، أى يحْفر فِيهَا للانتباذ، قَالَ القاضى: كَذَا ضبطناه عَن كَافَّة شُيُوخنَا، وفى كثير من نسخ مُسلم عَن ابْن ماهان [تنسج] بِالْجِيم وَكَذَا ذكره الترمذى وَهُوَ خطأ وتصحيف لَا وَجه لَهُ وَكَذَا عِنْد [/ 224] ابْن الْحذاء تبقر بقرًا بِالْمُوَحَّدَةِ وَأما [حمارة] وَأَشَارَ إِلَى حَدِيث جَابر: " فَوَضَعته على حمارة من حَدِيد " فَقَالَ النووى: هُوَ بِكَسْر الْحَاء وَتَخْفِيف الْمِيم، أى أَعْوَاد تعلق عَلَيْهَا السقية من المَاء، وفى " النِّهَايَة ": ثَلَاثَة أَعْوَاد يشد بعض أطرافها إِلَى بعض، وَيُخَالف بَين أرجلها ويعلق عَلَيْهَا الْإِدَاوَة ليبرد المَاء، وَتسَمى بِالْفَارِسِيَّةِ سهباى. والمتعارف [سبيا] كَمَا فسره النَّاظِم وَمن قَالَ: جمارة بِالْجِيم فقد أَخطَأ وصحف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 (321 - (ص) وَكَافِر بالعرش الضَّمَان صَحَّ ... مسيك شدد وَافْتَحْ الْمِيم صَحَّ) (ش) يعْنى أَن قَوْله فى مُتْعَة الْحَج فطناها، وَهَذَا [كَافِر بالعرش] صَحَّ مِنْهُ ضم الْعين وَالرَّاء وَآخره مُعْجَمه كَذَا رَوَاهُ الْأَشْيَاخ، وَعند بَعضهم بِفَتْح الْعين وَسُكُون الرَّاء، قَالَ بَعضهم: وَهُوَ خطأ أَو تَصْحِيف، وَالْأَشْهر فى مَعْنَاهُ: مَا هُوَ الظَّاهِر مِنْهُ وَأَنَّهُمْ تمتعوه قبل إِسْلَام هَذَا. وَقيل: مَعْنَاهُ: كَافِر مُقيم بالكفور بِالضَّمِّ، وهى الْقرى. وَالْعرش: الْبيُوت هُنَا جمع عَرِيش، وَهُوَ كل مَا يستظل بِهِ، والسقف يُسمى عَرِيشًا، وبيوت مَكَّة تسمى عرشا، قَالَ: وَلَا تبعد هَذِه الرِّوَايَة على هَذَا التَّأْوِيل فى أَسمَاء مَكَّة الْعَرْش، بِفَتْح الْعين وَسُكُون الرَّاء. وَقَوله: [مسيك] يُشِير بِهِ إِلَى قَول امْرَأَة أَبى سُفْيَان: " إِن أَبَا سُفْيَان رجل مسيك " أَكثر الروَاة يضبطونه بِكَسْر الْمِيم وَتَشْديد السِّين الْمُهْملَة، وَمَعْنَاهُ: الْمُبَالغَة فى الْبُخْل، وَرِوَايَة المتقنين وَأهل الْغَرِيب [مسيك] بِفَتْح الْمِيم وَكسر السِّين وَكَذَا ضَبطه المستملى قَالَ [/ 225] عِيَاض: وَكَذَا قيدناه عَن أَبى بَحر فى مُسلم، وبالوجهين عَن أَبى الْحُسَيْن، والمسيك: الْبَخِيل، وَكَذَا ذكره أهل اللُّغَة. (322 - (ص) وَصوب الْجِيم بنجل اغْتسل ... عائرة شَاة وبالقلب وَهل) (ش) : أى أَن الْبُخْل فى حَدِيث ثُمَامَة، فَانْطَلق إِلَى نجل، وَذكر اغتساله بِفَتْح النُّون وَسُكُون الْجِيم، وَهُوَ: الغدير الذى لَا يزَال فِيهِ المَاء، وروى بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة. قَالَ عِيَاض: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 هَكَذَا هى رِوَايَة بِالْخَاءِ، وَذكره ابْن دُرَيْد بِالْجِيم، وَهُوَ المَاء الجارى، وَهُوَ الذى أَشَارَ النَّاظِم إِلَى تصويبه. وَقَوله: [عايرة] يعْنى الْوَارِد فى قصَّة الْمُنَافِق إِذْ قَالَ: كالشاة بِفَتْح الْمُهْملَة، وَبعد التَّحْتَانِيَّة رَاء مُهْملَة، أى مترددة بَين غنمين. تعير إِلَى هَذَا مرّة، وَإِلَى هَذَا مرّة فَيذْهب ويجئ، لَا تدرى إِلَى أَيهمَا ترجح. وَقَوله: [وبالقلب وَهل] أى وَمن قَالَ غائرا وراغبية بِالْمُعْجَمَةِ فَهُوَ وَهل أى غلط. (323 - (ص) ويستحلون الحرا الْخَزّ صَحَّ ... لم يبتئر ويأتبر يبتئر صَحَّ) (ش) : يعْنى أَن قَوْله يسْتَحلُّونَ الْحر بالإهمال، وَتَخْفِيف الرَّاء وهم، اسْم لفرج الْمَرْأَة مَعْلُوم. وَرَوَاهُ بَعضهم بتَشْديد الرَّاء، وَهُوَ خطأ، وَالْأول: الصَّوَاب، وَصحح النَّاظِم بِالْخَاءِ والزاى الْمُعْجَمَة. وَأما [يبتئر] وَهُوَ الذى وَقع فى حَدِيث أَبى سعيد أَنه [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ذكر رجلا مِمَّن كَانَ قبلكُمْ أَتَاهُ الله مَالا وَولدا، فَلَمَّا حضر، قَالَ لِبَنِيهِ: أى أَب كُنْتُم لكم؟ قَالُوا: خير أَب. قَالَ: " فَإِنَّهُ لم يبتئر عِنْد الله خيرا " فضبط بِفَتْح التَّحْتَانِيَّة وَسُكُون الْمُوَحدَة وَفتح [/ 226] المثناه الفوقانية بعد تَحْتَانِيَّة مَهْمُوزَة، وَآخره رَاء مُهْملَة. وَفَسرهُ قَتَادَة: لم يدّخر. وَحكى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 [يأتبر] بِفَتْح التَّحْتَانِيَّة، وَسُكُون الْهمزَة، وَفتح الْمُثَنَّاة. (و) الفوقانية وَكسر الْمُوَحدَة. وهما صَحِيحَانِ، ومعناهما وَاحِد، وَالْأول أشهرهما. وَلذَلِك صَححهُ النَّاظِم. وَلَكِن يسكن همزته لضَرُورَة النّظم، وفى اللَّفْظَة غير ذَلِك مِمَّا لَا نطيل بههنا. طَبَقَات الروَاة ووفاتهم (324 - (ص) وطبقات النَّاس ميز لتجد ... فى أى وَقت كَانَ راو وَولد) (ش) أى ميز طَبَقَات النَّاس من الروَاة وَالْعُلَمَاء، فَإِنَّهُ أَمر مُهِمّ قد افتضح بِسَبَب الْجَهْل بِهِ جمَاعَة من المؤلفين. وينشأ عَن النّظر فِيهِ معرفَة المواليد والوفيات غَالِبا وَمن رووا عَنهُ وروى عَنْهُم، وَيَزُول بِهِ الْإِشْكَال عَن المشتركين فى التَّسْمِيَة، إِذا كَانَ بَين طبقتين، حَيْثُ يحصل التَّمْيِيز بَينهمَا، وَكَذَا إِن كَانَا من طبقَة وَاحِدَة فَإِنَّهُ تَارَة يَزُول بتغاير من روى عَنْهُمَا، وَتارَة بشيوخهما، نعم إِن اشْتَركَا فيهمَا مَعًا فَهُوَ: الْمُشكل، وَلَا يُمَيّز ذَلِك إِلَّا أهل النَّقْد والمعرفة. والطبقة فى الْإِصْلَاح: جمَاعَة اشْتَركُوا فى السن ولقاء الْمَشَايِخ، أَو تقَارب شيوخهم، ثمَّ قد يكون الراوى من طبقَة بِاعْتِبَار وَمن أُخْرَى بِاعْتِبَار آخر، كأنس بن مَالك، فَإِنَّهُ من حَيْثُ ثُبُوت الصُّحْبَة يعد فى طَريقَة الْعشْرَة مثلا، وَمن حَيْثُ صغر السن يعد فى طبقَة من بعدهمْ، فَمن نظر إِلَى الصَّحَابَة بِاعْتِبَار الصُّحْبَة جعل الْجَمِيع طبقَة وَاحِدَة، وَمن نظر إِلَيْهِم بِاعْتِبَار قدر [/ 227] زَائِد كالسبق فى الْإِسْلَام، وشهود الْمشَاهد الفاضلة، جعلهم طَبَقَات وَكَذَلِكَ من جَاءَ بعد الصَّحَابَة وهم تابعون، وَمن نظر إِلَيْهِم بِاعْتِبَار اللِّقَاء قسمهم، وَكَذَا من بعدهمْ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 313 قَالَ شَيخنَا: وَلكُل مِنْهُمَا وَجه وَمِمَّنْ سلك الطَّرِيقَة الأولى ابْن حبَان فى " ثقاته " وَالثَّانيَِة: عبد الله بن مُحَمَّد بن سعد البغدادى فى " طبقاته " وَكتابه عَظِيم الْفَوَائِد، وَهُوَ أجمع مُصَنف للْمُتَقَدِّمين فى ذَلِك، وَهُوَ ثِقَة؛ لكنه يرْوى عَن الضُّعَفَاء، لِأَن شَيْخه الواقدى. (325 - (ص) كَذَا تَارِيخ وَفَاة العلما ... واضبطه بالجمل حَتَّى تعلما) (326 - (ص) أيقع بكر جلش دمث هنت وسخ ... حفظ صبظ بترتيب رسخ) (ش) أى كَذَا ميز وَفَاة الْعلمَاء فَمن بعدهمْ، بل وَسَائِر الروَاة، فَهُوَ فن جليل يتَعَيَّن مَعْرفَته على الْمُحدثين خُصُوصا، وَسَائِر الْعلمَاء عُمُوما. وَقد صرح الإِمَام أَبُو عبد الله الحميدى الأندلسى بِوُجُوب تَقْدِيم الاهتمام مَعَ شين غَيره من عُلُوم الحَدِيث. وبمعرفته يظْهر الْخلَل فى مدعى اللِّقَاء، ويتبين بِهِ الِانْقِطَاع وَنَحْوه غَالِبا، وَفِيه كتب كَثِيرَة، لَكِن غير مستوعبة ثمَّ أَشَارَ إِلَى ضبط مَا سنورده من ذَلِك بحروف [الْجمل] وسردها، وهى تسع كَلِمَات، كل كلمة مِنْهَا ثَلَاثَة أحرف من حُرُوف المعجم، إِلَّا الأولى فَأَرْبَعَة وترتيبها الراسخ الثَّابِت عِنْد أهل الْحساب، أَن الْحَرْف الأول من كل هَذِه الْكَلِمَات التسع آحَاد، والثانى مِنْهَا أعشار، وَالثَّالِث مئات وآلاف وَهُوَ [/ 288] الْحَرْف الرَّابِع من الْكَلِمَة الأولى، وَالْمُوَحَّدَة بثنيتين، وَالْجِيم بِثَلَاثَة، وَهَكَذَا، وَالْيَاء التَّحْتَانِيَّة بِعشْرَة، وَالْكَاف بِعشْرين، وَاللَّام بِثَلَاثِينَ، وَهَكَذَا، وَالْقَاف بِمِائَة، وَالرَّاء بمائتين، والشين الْمُعْجَمَة بثلثمائة، وَهَكَذَا. ثمَّ إِن النَّاظِم لم يلْتَزم فى وضع الْحُرُوف مراتبها، مَعَ كَونه أسهل. كَأَن يَجْعَل لإحدى عشر أى بل جعل لذَلِك يَاء، وَكَذَا أَكثر من اسْتِعْمَال التلفيق بحرفين فَأكْثر فِيمَا يكفى فِيهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 حرف وَاحِد، كجعله لخمسمائة حُرُوف تُكْسَى لضَرُورَة النّظم، وَلم يراع التَّرْتِيب فى الْعشْرَة، وَلَا فى الْقُرَّاء، وَنَحْوهمَا وَاتفقَ لَهُ وُقُوع شئ حسن كَقَوْلِه فى الشافعى (ذَر) وَمُسلم (سرا) ، فالحظ ذَلِك. (327 - (ص) سنة (يَا) النبى وَالصديق (حى) عمر (كج) عُثْمَان (حل) على (لى)) (ش) أَشَارَ إِلَى تعين وَفَاته [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَالْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة رضى الله عَنْهُم، فبالياء التَّحْتَانِيَّة وَالْألف: إِلَى أَن وَفَاته [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] فى سنة إِحْدَى عشرَة من الْهِجْرَة فى ربيع الأول. وبالجيم والتحتانية أَيْضا: إِلَى أَن وَفَاة صَاحبه وخليفته أَبى بكر الصّديق كَانَت فى سنة ثَلَاث عشرَة. وبالكاف وَالْجِيم أَيْضا: إِلَى أَن وَفَاة عمر بن الْخطاب كَانَت فى سنة ثَلَاث وَعشْرين، وَذَلِكَ فى آخر يَوْم فى ذى الْحجَّة شَهِيدا. وبالهاء وَاللَّام: إِلَى أَن وَفَاة عُثْمَان بن عَفَّان كَانَت فى سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَذَلِكَ فى ذى الْحجَّة أَيْضا شَهِيدا. وباللام والتحتانية: إِلَى أَن وَفَاة على بن أَبى طَالب كَانَت فى سنة أَرْبَعِينَ، وَذَلِكَ فى رَمَضَان شَهِيدا. وَاسْتعْمل فِيهِ تلفيق الْأَرْبَعين [/ 229] من الأحر فين مَعَ الِاسْتِغْنَاء عَنْهُمَا بِالْمِيم للضَّرُورَة، كَمَا أَشرت إِلَيْهِ أَولا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 (328 - (ص) (حى) أَبُو عُبَيْدَة وَسعد (هن) وَطَلْحَة الزبير (لَو) سعيد (أَن)) (ش) اشْتَمَل على الْإِشَارَة لوفيات خَمْسَة من الْعشْرَة الْمَشْهُور لَهُم بِالْجنَّةِ رضى الله عَنْهُم. فبالحاء الْمُهْملَة وَالْيَاء التَّحْتَانِيَّة: إِلَى أَن وَفَاة أَبُو عُبَيْدَة بن الْجراح كَانَت فى سنة ثمانى عشرَة وَذَلِكَ اتِّفَاقًا شَهِيدا بِالشَّام فى طاعون عمواس، وَمن قَالَ أَنَّهَا سنة سبع عشرَة فقد شَذَّ. وبالهاء وَالنُّون: إِلَى أَن وَفَاة سعد بن وَقاص كَانَت فى سنة خمس وَخمسين على الْمَشْهُور، كَمَا قَالَه المزى، وَتَبعهُ شَيخنَا، وَهُوَ الذى رَجحه ابْن حبَان، وَفِيه أَقْوَال أخر، فى قصره بالعقيق. وَهُوَ آخر الْعشْرَة موتا. وباللام وَالْوَاو: إِلَى أَن وَفَاة كلا من طَلْحَة بن عبيد الله، وَالزُّبَيْر بن الْعَوام كَانَت وَفَاته فى سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ، يعْنى فى آخر شهر، بل قيل: فى يَوْم وَاحِد أَيْضا فى وقْعَة الْجمل. وبالألف وَالنُّون: إِلَى أَن وَفَاة سعيد بن زيد كَانَت فى سنة أحدى وَخمسين بالعقيق على الصَّحِيح فيهمَا. (329 - (جلّ) ابْن عَوْف وَابْن مَسْعُود (لَا) والحبر (سح) وَابْن عمرهم (دسا)) (ش) أَشَارَ بِالْجِيم وَاللَّام: إِلَى أَن وَفَاة عبد الرَّحْمَن بن عَوْف آخر من بقى عَلَيْهِ من الْعشْرَة - رضى الله عَنْهُم - كَانَت فى سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ، وَهَذَا على أحد الْأَقْوَال، وَالْأَشْهر أَنه فى سنة اثْنَتَيْنِ، وَقيل غير ذَلِك. وَبعد انتهائه من ذكر الْعشْرَة شرع فى ذكر العبادلة الْأَرْبَعَة، وَقدم عَلَيْهِم ابْن مَسْعُود لتقدم وَفَاته عَلَيْهِم مَعَ [/ 230] ، أَنه ذكر فيهم كَمَا فى الصَّحَابَة. وَأَشَارَ بِاللَّامِ وَالْألف: ئ إِلَى أَن وَفَاته رضى الله عَنهُ كَانَت فى سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ، وَهَذَا غَرِيب لم أره، فَلَعَلَّ النَّاظِم اعْتبر الْهمزَة مَعَ الْألف بحرفين، وَحِينَئِذٍ فيوافق مَا قَالَه أَبُو نعيم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 وَغير وَاحِد أَيْضا فى سنة اثْنَتَيْنِ، وَيحْتَمل أَن يكون الرَّمْز لوفاته تَغْيِير من النساخ، وَأَنه كَانَ بدله فيوافق القَوْل بِأَنَّهَا فى سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ كَابْن عَوْف، وَقبل قتل عُثْمَان، وَذَلِكَ بِالْمَدِينَةِ على الأثبت، وَصلى عَلَيْهِ عبد الله بن الزبير، وَقيل: بِالْكُوفَةِ. وبالسين والحاء الْمُهْمَلَتَيْنِ: إِلَى أَن [الحبر] وَهُوَ لقب عبد الله بن عَبَّاس، لِكَثْرَة علمه كَانَت وَفَاته فى سنة ثَمَان وَسِتِّينَ، وَذَلِكَ على الصَّحِيح الذى قَالَه الْجُمْهُور، بِالطَّائِف، بل ادّعى بَعضهم الِاتِّفَاق عَلَيْهِ. وبالدال وَالسِّين الْمُهْمَلَتَيْنِ وَالْألف: إِلَى أَن وَفَاة عبد الله بن عَمْرو، وَهُوَ ابْن الْعَاصِ كَانَت فى سنة خمس وَسِتِّينَ، كَمَا جزم بِهِ ابْن يُونُس، وَقَالَهُ الواقدى وَغَيره، وَقيل: سنة ثَمَان، وَقيل: سنة تسع، وَقيل: ثَلَاث، وَقيل غير ذَلِك، وَاسْتعْمل النَّاظِم التلفيق. (330 - (ص) وَابْن الزبير (عج) كَابْن عمر ... و (نح) أَبُو هُرَيْرَة للْأَكْثَر) (ش) أَشَارَ بِالْعينِ الْمُهْملَة وَالْجِيم: إِلَى أَن عبد الله بن الزبير كَانَت وَفَاته سنة ثَلَاث وَسبعين، فى جُمَادَى الأولى، وَهُوَ الْمَحْفُوظ الذى قَالَه الْجُمْهُور، وَمَا رَوَاهُ البغوى عَن ابْن وهب، عَن مَالك على أَنه [] اثْنَتَيْنِ وَسبعين فَكَأَنَّهُ أَرَادَ بعد انْقِضَائِهَا، وَكَذَلِكَ عبد الله بن عمر بن الْخطاب الْجُمْهُور على أَن وَفَاته كَانَت سنة ثَلَاث [/ 231] وَسبعين. وَقيل: سنة اثْنَتَيْنِ وَقيل: فِيهِ أَيْضا سنة أَرْبَعَة، وَبِه جزم غير وَاحِد. وبالنون والحاء الْمُهْملَة: إِلَى أَن أَبَا هُرَيْرَة، كَانَت وَفَاته سنة ثَمَان وَخمسين، وَلَكِن قَوْله للْأَكْثَر فِيهِ نظر فالأكثرون على أَنَّهَا فى سنة سبع، وَقيل: تسع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 (331 - (ص) وَابْن الْمسيب (صبا) الزهرى (كهق) وَحسن مَعَ ابْن سِيرِين (ودق)) (ش) لما انْتهى مِمَّا أَرَادَ ذكره من الْعشْرَة، ثمَّ العبادلة، ألحق بهم من الصَّحَابَة، وَهُوَ أَبُو هُرَيْرَة، شرع فى ذكر جمَاعَة من التَّابِعين. وَأَشَارَ بالصَّاد الْمُهْملَة وَالْمُوَحَّدَة وَالْألف:، إِلَى أَن وَفَاة سعيد بن الْمسيب، كَانَت وَفَاته فى سنة ثَلَاث وَتِسْعين، كَمَا قَالَه أَبُو نعيم. وَقيل: فى سنة أَربع، وَذَلِكَ فى خلَافَة الرشيد، كَمَا قَالَه الواقدى. وَقيل: سنة خمس وَمِائَة، وَاسْتعْمل فِيهِ التلفيق أَيْضا. وبالكاف وَالْهَاء وَالْقَاف:، إِلَى أَن الزهرى وَهُوَ مُحَمَّد بن مُسلم بن عبد الله بن شهَاب، كَانَت وَفَاته فى سنة خمس وَعشْرين وَمِائَة، وَذَلِكَ فى رَمَضَان، كَمَا قَالَه ابْن يُونُس وَغَيره وَقيل: سنة أَربع. وَقيل: سنة ثَلَاث. وبالواو وَالدَّال وَالْقَاف: إِلَى أَن وَفَاة كل من الْحسن البصرى وَمُحَمّد بن سِيرِين كَانَت فى سنة عشر وَمِائَة، وَذَلِكَ فى رَمَضَان كَمَا قَالَه ابْن يُونُس وَغَيره، وَقيل: [بَينهمَا شهورا] : فَأَما الْحسن ففى شهر رَجَب، وَأما ابْن سِيرِين فبعده فى شَوَّال وَاسْتعْمل التلفيق. (332 - (ص) عَاصِم (زيقى) وَنَافِع (سقط) حَمْزَة (نقو) ، والكسائى (فَقَط)) (ش) لما انْتهى مِمَّن ذكر من التَّابِعين، شرع فى ذكر جمَاعَة من أَئِمَّة الْقُرَّاء، وَاقْتصر على الاثنى عشر، وَلكنه لضيق النّظم [/ 232] لم يذكر السَّبْعَة على التوالى، وَأَشَارَ بالزاى المنقوطة، والتحتانيتين بَينهمَا قَاف: إِلَى أَن وَفَاة عَاصِم وَهُوَ ابْن أَبى النجُود بَهْدَلَة الكوفى فى سنة سبع وَعشْرين وَمِائَة، وَقيل: إِنَّهَا فى سنة ثَمَان. وبالسين والطاء بَينهمَا قَاف: إِلَى أَن وَفَاة نَافِع، وَهُوَ ابْن عبد الرَّحْمَن ابْن أَبى نعيم المدنى، فى سنة تسع وَسِتِّينَ وَمِائَة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 318 وبالنون وَالْقَاف وَالْوَاو: إِلَى أَن وَفَاة حَمْزَة بن حبيب الزيات الكوفى، كَانَت فى سنة سِتّ وَخمسين وَمِائَة. وبالفاء وَالْقَاف والطاء الْمُهْملَة: إِلَى أَن وَفَاة الكسائى وَهُوَ أَبُو الْحسن على بن حسن الكوفى، فى سنة تسع وَثَمَانِينَ وَمِائَة، يَوْم توفى الإِمَام مُحَمَّد بن الْحسن - صَاحب أَبى حنيفَة - رضى الله عَنْهُم - وَقيل: فى وَفَاته غير ذَلِك. وَإِنَّمَا قيل لَهُ الكسائى لِأَنَّهُ دخل الْكُوفَة وَجَاء إِلَى حَمْزَة الزيات وَهُوَ ملتحف بكساء، فَقَالَ حَمْزَة: من يقرئ؟ فَقَالَ صَاحب الكساء. فبقى عَلَيْهِ. وَقيل: إِنَّمَا أحرم فى كسَاء نسب إِلَيْهِ. (333 - (ص) يَعْقُوب (هر) ابْن كثيرهم (يقى) وَخلف (كرط) وَابْن عَامر (حقى)) (ش) أَشَارَ بِالْهَاءِ وَالرَّاء: إِلَى أَن يَعْقُوب، وَهُوَ ابْن إِسْحَاق بن زيد الحضرمى، كَانَت وَفَاته فى سنة خمس وَمِائَتَيْنِ، وَذَلِكَ فى ذى الْحجَّة. وبالتحتانيتين بَينهمَا قَاف: إِلَى أَن ابْن كثير وَهُوَ عبد الله المكى، كَانَت وَفَاته فى سنة عشْرين وَمِائَة. وبالكاف وَالرَّاء والطاء الْمُهْمَلَتَيْنِ: إِلَى أَن وَفَاة خلف بن هِشَام البغدادى الْبَزَّار - بالراء الْمُهْملَة - كَانَت فى سنة تسع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ، وَذَلِكَ فى جُمَادَى [/ 233] الْآخِرَة. وَبِالْحَاءِ الْمُهْملَة، وَالْقَاف والتحتانية: إِلَى أَن وَفَاة ابْن عَامر واسْمه عبد الله بن عَامر الْيحصبِي الدمشقى كَانَت فى سنة ثَمَان عشرَة وَكَانَ ذَلِك فى أول عَاشُورَاء عَن مائَة وَعشر سِنِين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319 (334 - (ص) (نقد) أَبُو عَمْرو أَبُو جَعْفَر (لق) الأعمشى (قَمح) ابْن مُحَيْصِن (كجق)) (ش) أَشَارَ بالنُّون، وَالْقَاف، وَالدَّال الْمُهْملَة: إِلَى أَن وَفَاة أَبى عَمْرو بن الْعَلَاء التميمى المازنى البصرى، وفى اسْمه اخْتِلَاف، وَقيل أَن اسْمه كنيته، كَانَت وَفَاته فى سنة أَربع وَخمسين وَمِائَة، وَقيل: سنة سبع عَن سِتّ وَثَمَانِينَ سنة. وَاللَّام، وَالْقَاف: إِلَى أَن وَفَاة جَعْفَر هُوَ المدنى واسْمه على الْأَشْهر: يزِيد بن الْقَعْقَاع وَلكنه إِنَّمَا اشْتهر بكنيته، فى سنة ثَلَاثِينَ وَمِائَة، وَقيل فى سنة سبع وَعشْرين. وبالقاف، وَالْمِيم، والحاء الْمُهْملَة: إِلَى أَن وَفَاة الْأَعْمَش، وَهُوَ سُلَيْمَان بن مهْرَان الأسدى الكوفى، كَانَت سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَمِائَة، وَذَلِكَ على مَا ذهب إِلَيْهِ الْأَكْثَر وَقيل: سنة سبع عَن ثَمَان وَثَمَانِينَ سنة، وَاسْتعْمل فِيهِ النَّقْل، وَحذف الْهمزَة الأولى كَمَا يقْرَأ بِهِ ورش فى أحد وجهيه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 320 وبالكاف وَالْجِيم وَالْقَاف: إِلَى أَن ابْن مُحَيْصِن وَهُوَ مُخْتَلف فى اسْمه على أَقْوَال فَقيل: عَمْرو بن عبد الرَّحْمَن، وَقيل: عَمْرو بن مُحَيْصِن، وَقيل: مُحَمَّد بن عبد الله، وَقيل: عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد مُحَيْصِن، وَقيل: مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَيْصِن، وَقيل: عبد الله بن مُحَيْصِن، وَقيل غير ذَلِك، كَانَت وَفَاته فى سنة ثَلَاث وَعشْرين وَمِائَة. (335 - (ص) والشافعى (در) والأوزاعى (نزق) (نق) [/ 234] أَبُو حنيفَة الثورى (اسْقِ)) (ش) لما انْتهى من الإثنى عشر شرع فى ذكر جمَاعَة مِنْهُم أَئِمَّة الْمذَاهب الْأَرْبَعَة، وَالْأَئِمَّة أَصْحَاب الْأُصُول السِّتَّة، فى طَائِفَة من الْأَئِمَّة والحفاظ غير مُمَيّز طَائِفَة من أُخْرَى، وَلَا مراع للأقدم، فالأقدم لضيق النّظم. وَأَشَارَ بِالدَّال وَالرَّاء الْمُهْمَلَتَيْنِ: إِلَى أَن الشافعى: وَهُوَ الإِمَام الْأَعْظَم أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن إِدْرِيس بن الْعَبَّاس القرشى المطلبى المكى، ثمَّ المصرى، كَانَت وَفَاته سنة أَربع وَمِائَتَيْنِ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 321 وَذَلِكَ عَن أَربع وَخمسين سنة على الْأَشْهر بِمصْر، وَدفن بقرافتها، وَاخْتلف فى الشَّهْر، فالأكثرون على أَنه رَجَب، وَمَا أحسن مَا اتّفق للناظم من كَون الشافعى در. وبالنون والزاى وَالْقَاف إِلَى أَن الأوزاعى، وَهُوَ الْفَقِيه الإِمَام أَبُو عَمْرو عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو الشامى، نزيل بيروت للمرابطة، كَانَت وَفَاته فى سنة سبع وَخمسين وَمِائَة، وَذَلِكَ ببيروت، فى الْحمام زلق بهَا فَسقط وغشى عَلَيْهِ، فَلم يعلم بِهِ حَتَّى مَاتَ رَحمَه الله. وبالنون وَالْقَاف: إِلَى أَن وَفَاة أَبى حنيفَة، وَهُوَ الإِمَام الْأَكْبَر النُّعْمَان بن ثَابت الكوفى سنة خمسين وَمِائَة، وَذَلِكَ على الْمَحْفُوظ. عَن سبعين سنة. وَقيل: سنة إِحْدَى، وَقيل: ثَلَاث. وبالألف وَالسِّين وَالْقَاف إِلَى أَن الثورى، وَهُوَ: الإِمَام أَبُو عبد الله سُفْيَان بن سعيد، أحد من كَانَ يُقَلّد فِيمَا مضى، كَانَت وَفَاته سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَة بِالْبَصْرَةِ. (336 - (ص) وَمَالك (قطع) وَأحمد (أَمر) إِسْحَاق (رَحل) والبخارى (نور) [/ 235] ) (ش) أَشَارَ بِالْقَافِ والطاء وَالْعين الْمُهْمَلَتَيْنِ: إِلَى أَن مَالِكًا وَهُوَ ابْن أنس أَبُو عبد الله إِمَام دَار الْهِجْرَة كَانَت وَفَاته فى سنة تسع وَسبعين وَمِائَة، وَذَلِكَ بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة، وَدفن بِالبَقِيعِ. وَالْألف وَالْمِيم وَالرَّاء الْمُهْملَة: إِلَى أَن أَحْمد وَهُوَ: ابْن مُحَمَّد بن حَنْبَل أَبُو عبد الله الشيبانى البغدادى الشهير، كَانَت وَفَاته فى سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ، وَذَلِكَ على الصَّحِيح بِبَغْدَاد. وبالراء والحاء الْمُهْمَلَتَيْنِ وَاللَّام: إِلَى أَن وَفَاة إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن مخلد بن يَعْقُوب الحنظلى المروزى ثمَّ النيسابورى، الْمَعْرُوف بِابْن رَاهَوَيْه الْحَافِظ صَاحب الْمسند، كَانَت فى سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَذَلِكَ لَيْلَة النّصْف من شعْبَان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 322 وبالنون وَالْوَاو وَالرَّاء: إِلَى أَن البخارى وَهُوَ الإِمَام أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل ابْن إِبْرَاهِيم صَاحب " الصَّحِيح " الشهير، وَغَيره، كَانَت وَفَاته فى سنة سِتّ وَخمسين وَمِائَتَيْنِ وَذَلِكَ فى لَيْلَة عيد الْفطر (بحرتند) قَرْيَة بِقرب سَمَرْقَنْد عَن اثْنَيْنِ وَسِتِّينَ سنة، وَمَا أحسن مَا اتّفق فِي قَول النَّاظِم والبخارى، [نور] بِفَتْح أَوله وَكسر ثَانِيه على وزن فعل. (337 - (ص) وَمُسلم (سرا) السجستانى (هرع) والترمذى (عطر) ابْن ماجة (جرع)) (ش) أَشَارَ بِالسِّين، وَالرَّاء الْمُهْمَلَتَيْنِ، وَالْألف، إِلَى أَن مُسلما وَهُوَ ابْن الْحجَّاج القشيرى النيسابورى مُصَنف " الصَّحِيح " ثانى الْكتب السِّتَّة، كَانَت وَفَاته فى سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ، وَذَلِكَ فى رَجَب، وَيُقَال: إِن سَبَب مَوته أَنه [/ 236] ذكر لَهُ حَدِيث فَلم يعرفهُ، فَانْصَرف إِلَى منزله، وقدمت لَهُ سلة تمر، فَكَانَ يفتش على الحَدِيث وَيَأْخُذ تَمْرَة، فَأصْبح مَيتا، وَقد فنى التَّمْر، وَوجد الحَدِيث. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 323 وَمَا أحسن مَا اتّفق النَّاظِم فى قَوْله وَمُسلم [سرا] . وبالهاء، وَالرَّاء، وَالْعين: إِلَى ان السجستانى وَهُوَ بِفَتْح السِّين وَكسرهَا: الإِمَام أَبُو دَاوُد سُلَيْمَان بن الْأَشْعَث، مُصَنف " السّنَن " أحد السِّتَّة، كَانَت وَفَاته فى سنة خمس وَسبعين وَمِائَتَيْنِ وَذَلِكَ فى شَوَّال بِالْبَصْرَةِ. وبالعين والطاء وَالرَّاء المهملات: إِلَى أَن وَفَاة الترمذى، وَهُوَ بِتَثْلِيث أَوله، وَكسر الْمِيم، وَقيل فِيهَا حَيْثُ ضم التَّاء الضَّم أَيْضا، وبالذال الْمُعْجَمَة، إِلَى أَن الإِمَام أَبَا عِيسَى مُحَمَّد بن عِيسَى السلمى مُصَنف " الْجَامِع " أحد السِّتَّة، كَانَت وَفَاته فى سنة تسع وَسبعين وَمِائَتَيْنِ، وَذَلِكَ فى رَجَب بِإِحْدَى قرى تَرَ مذ. وبالجيم، وَالرَّاء، وَالْعين الْمُهْمَلَتَيْنِ: إِلَى أَن ابْن ماجة وَهُوَ: الإِمَام أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن يزِيد القزوينى أحد السِّتَّة كَانَت وَفَاته فى سنة ثَلَاث وَسبعين وَمِائَتَيْنِ، وَذَلِكَ فى رَمَضَان، وَقيل: سنة خمس. وماجة فِيمَا أَفَادَهُ الرافعى فى تَارِيخ قزوين بِالتَّخْفِيفِ فارسى لقب ليزِيد. (338 - (ص) والنسائى (شج) ابْن حبَان (ندش) بزار (صدر) ابْن سريجنا (بدش)) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 (ش) أَشَارَ بِالْجِيم والشين الْمُعْجَمَة: إِلَى أَن وَفَاة النسائى، وَهُوَ: الإِمَام أَبُو عبد الرَّحْمَن أَحْمد بن شُعَيْب صَاحب السّنَن، أحد السِّتَّة، كَانَت فى سنة ثَلَاث وثلاثمائة، وَذَلِكَ بفلسطين فى صفر. وبالنون وَالدَّال الْمُهْملَة: والشين الْمُعْجَمَة [/ 237] إِلَى أَن ابْن حبَان وَهُوَ بِكَسْر أَوله ثمَّ مُوَحدَة مثقلة: الإِمَام أَبُو حَاتِم البستى الشافعى صَاحب " التقاسيم والأنواع " الْمُسَمّى ب " الصَّحِيح "، مَاتَ سنة أَربع وَخمسين وثلثمائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 325 وبالصاد، وَالدَّال، وَالرَّاء المهملات إِلَى أَن وَفَاة الْبَزَّار، وَهُوَ برَاء مُهْملَة آخِره وَهُوَ: الْحَافِظ أَبُو بكر أَحْمد بن عبد الْخَالِق مُصَنف " الْمسند " الشهير الْكَبِير، كَانَت سنة أَربع وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ، وَذَلِكَ بالرملة. وبالموحدة، وَالدَّال الْمُهْملَة والشين الْمُعْجَمَة إِلَى أَن وَفَاة ابْن سُرَيج، وَهُوَ بِالسِّين الْمُهْملَة، وَآخره جِيم أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن عمر الْفَقِيه الشافعى القاضى كَانَت سنة سِتّ وثلثمائة، ولكونه شافعيا أَضَافَهُ بقوله: [سريجنا] أى الشَّافِعِيَّة، وَاسْتعْمل فِيهِ التلفيق. (339 - (ص) دَاوُد (رع) وَابْن معِين (رجل) وَابْن خُزَيْمَة (يشا) (رهل)) (340 - لِابْنِ أَبى شيبَة سِيبَوَيْهٍ (فق) أَبُو عُبَيْدَة (درد) الْخَلِيل (عق)) (ش) أَشَارَ بالراء وَالْعين الْمُهْمَلَتَيْنِ: إِلَى أَن أَبَا دَاوُد وَهُوَ: ابْن على الأصبهانى، الْفَقِيه الظاهرى كَانَت فى سنة سبعين وَمِائَتَيْنِ، وَذَلِكَ فى رَمَضَان. وبالراء الْمُهْملَة، وَالْجِيم، وَاللَّام: إِلَى أَن وَفَاة ابْن معِين وَهُوَ بِفَتْح أَوله: الإِمَام الْحَافِظ أَبُو زَكَرِيَّا يحيى، كَانَت فى سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ يعْنى فى ذى الْقعدَة، وَدفن بِالبَقِيعِ بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة، وَنُودِيَ بَين يدى جنَازَته: هَذَا كَانَ ينفى الْكَذِب عَن النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ، وَمَا أحسن مَا اتّفق للناظم من قَوْله: [وَابْن معِين رجل] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 326 وبالياء التَّحْتَانِيَّة: والشين الْمُعْجَمَة، وَالْألف إِلَى وَفَاة [/ 238] ابْن خُزَيْمَة وَهُوَ بِضَم الْمُعْجَمَة، ثمَّ الزاى مَفْتُوحَة الإِمَام: أَبُو بكر مُحَمَّد بن إِسْحَاق النيسابورى الشافعى، صَاحب " الصَّحِيح "، كَانَت فى سنة إِحْدَى عشرَة وَثَلَاث مائَة، وَذَلِكَ فى ذى الْقعدَة. وبالراء الْمُهْملَة وَالْهَاء وَاللَّام إِلَى أَن وَفَاة ابْن أَبى شيبَة، وَهُوَ: الإِمَام الْحَافِظ أَبُو بكر عبد الله بن مُحَمَّد الكوفى صَاحب الْمسند وَالْمُصَنّف بِفَتْح النُّون، كَانَت فى سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ وَذَلِكَ فى الْمحرم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 وبالفاء وَالْقَاف إِلَى أَن سِيبَوَيْهٍ، وَهُوَ لقب إِمَام النَّحْو: (بشر) عَمْرو بن عُثْمَان بن قتين البصرى، كَانَت فى سنة ثَمَانِينَ وَمِائَة، مشيا على أصح الْأَقْوَال وأشهرها، وَإِلَّا فَفِيهِ من الْأَقْوَال غير ذَلِك. وبالدالين بَينهمَا رَاء مهملات إِلَى أَن أَبَا عُبَيْدَة معمر بن الْمثنى البصرى النَّحْو اللغوى كَانَت وَفَاته ثَمَان وَمِائَتَيْنِ، وَقيل فِيهِ غير ذَلِك، وَاسْتعْمل النَّاظِم فِيهِ التلفيق. وبالعين الْمُهْملَة وَالْقَاف إِلَى أَن وَفَاة الْخَلِيل، وَهُوَ ابْن أَحْمد البصرى صَاحب " الْعرُوض " وَكتاب " الْعين " فى اللُّغَة، مَاتَ سنة سبعين وَمِائَة، وَقيل فِيهِ غير ذَلِك. (341 - (ص) والدارقطنى (شفه) الْحَاكِم (هت) (شوا) أَبى يعلى أَبُو نعيم (لت)) (ش) أَشَارَ بالشين الْمُعْجَمَة، وَالْفَاء وَالْهَاء: إِلَى أَن وَفَاة الدارقطنى، وَهُوَ بِفَتْح الرَّاء الْحَافِظ أَبُو الْحسن على بن عمر البغدادى، مُصَنف كتاب " السّنَن "، و " الْعِلَل "، وَغَيرهمَا كَانَت سنة خمس وَثَمَانِينَ وثلثمائة وَذَلِكَ فى ذى الْقعدَة عَن ثَمَانِينَ سنة. وبالهاء والمثناة الفوقانية: إِلَى أَن وَفَاة الْحَاكِم، وَهُوَ الْحَافِظ أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عبد الله [/ 239] بن مُحَمَّد النيسابورى صَاحب " الْمُسْتَدْرك "، و " عُلُوم الحَدِيث "، و " التَّارِيخ "، وَغير ذَلِك، كَانَت فى سنة خمس وَأَرْبَعمِائَة، وَذَلِكَ فى صفر بنيسابور. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 وبالشين الْمُعْجَمَة وَالْوَاو، وَالْألف: إِلَى أَن وَفَاة أَبى يعلى وَهُوَ: الْحَافِظ أَحْمد بن على بن الْمثنى الموصلى، صَاحب " الْمسند "، وَغَيره كَانَت وَفَاته فى سنة تسع وثلثمائة وَذَلِكَ فى جُمَادَى الأولى، وَاسْتعْمل النَّاظِم فِيهِ التلفيق. وباللام، والمثناة الفوقانية: إِلَى أَن وَفَاة الْحَافِظ أَبى نعيم، وَهُوَ: أَحْمد بن عبد الله ابْن أَحْمد الأصبهانى صَاحب " معرفَة الصَّحَابَة "، و " الْحِلْية " وَغَيرهمَا كَانَت فى سنة ثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة، وَذَلِكَ فى الْمحرم. (342 - وَابْن جرير (شى) و (ورع) بقى ... والجوهرى (شجص) و (نحت) البيهقى) (ش) أَشَارَ بالشين الْمُعْجَمَة والتحتانية: إِلَى أَن ابْن جرير وَهُوَ: الإِمَام أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد الطبرى صَاحب " التَّفْسِير "، والتصانيف الباهرة، وَأحد أَئِمَّة الْمُسلمين، كَانَت وَفَاته سنة عشر وثلاثمائة. وبالواو، وَالرَّاء، وَالْعين الْمُهْمَلَتَيْنِ: إِلَى أَن بَقِيَّة، وَهُوَ بِالْمُوَحَّدَةِ وَكسر الْقَاف (ابْن) مخلد أَبُو عبد الرَّحْمَن الأندلسي الْحَافِظ صَاحب " الْمسند " وَغَيره، مَاتَ فى سنة سِتّ وَسبعين وَمِائَتَيْنِ. وبالشين الْمُعْجَمَة وَالْجِيم وَالصَّاد الْمُهْملَة: إِلَى أَن الجوهرى وَهُوَ: أَبُو نصر إِسْمَاعِيل بن حَمَّاد صَاحب الصِّحَاح، مَاتَ سنة ثَلَاث وَتِسْعين وثلاثمائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329 وبالنون، والحاء الْمُهْملَة والمثناة الفوقانية: إِلَى أَن البيهقى، وَهُوَ الْحَافِظ الْفَقِيه أَبُو بكر أَحْمد بن الْحُسَيْن بن على الشافعى صَاحب التصانيف السائرة النافعة، مَاتَ فى سنة ثَمَان وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة [/ 240] وَذَلِكَ فى جُمَادَى الأولى بنيسابور. (343 - (ص) (جست) اللخطيب وَأَن عبد الْبر ... والدان (دمت) للطبرانى (نقرى)) (ش) أَشَارَ بِالْجِيم وَالسِّين الْمُهْملَة وَالتَّاء الفوقانية: إِلَى أَن الْخَطِيب وَهُوَ: الْحَافِظ أَبُو بكر، أَحْمد بن على بن ثَابت، البغدادى، وَالشَّافِعِيّ، الذى اللمعول بعده فى هَذَا الشَّأْن إِنَّمَا هُوَ على كتبه، مَاتَ فى سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَأَرْبَعمِائَة، وَذَلِكَ فى ذى الْحجَّة بِبَغْدَاد وَكَذَا كَانَت وَفَاة ابْن عبد الْبر وَهُوَ: الْحَافِظ أَبُو عمر يُوسُف بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْبر النمرى القرطبى المالكى، صَاحب " الِاسْتِيعَاب " فى الصَّحَابَة، وَغَيره فى هَذِه السّنة وَذَلِكَ فى سلخ ربيع الآخر مِنْهَا بشاطبة فى الأندلس عَن خمس وَتِسْعين سنة. وبالدال الْمُهْملَة، وَالْمِيم والفوقانية: إِلَى أَن الدانى وَهُوَ: الإِمَام الْحَافِظ أَبُو عَمْرو عُثْمَان ابْن سعيد (بن) صَاحب " التَّيْسِير فى الْقُرْآن "، و " طَبَقَات الْقُرَّاء "، وَغَيرهَا من التصانيف، مَاتَ فى سنة أَربع وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة، وَذَلِكَ فى شَوَّال بدانية. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 330 وبالنون وَالْقَاف وَالرَّاء الْمُهْملَة والتحتانية: إِلَى أَن الطبرانى وَهُوَ: الْحَافِظ أَبُو الْقَاسِم سُلَيْمَان بن أَحْمد بن أَيُّوب اللخمى وَهُوَ مَنْسُوب لطبرية الشَّام، مَاتَ فى سنة سِتِّينَ وثلاثمائة، وَذَلِكَ فى ذى الْقعدَة وَدفن إِلَى جنب حممة الدوسى بِبَاب مَدِينَة فى شَاهد. قَالَ الْأُسْتَاذ ابْن العميد: مَا كنت أَظن أَن فى الدُّنْيَا حلاوة ألذ من الرياسة والوزارة حَتَّى شاهدت مذاكرة الطبرانى والجعابى بحضرتى، فَكَانَ الطبرانى يغلب بِكَثْرَة حفظه [/ 241] وَكَانَ الجعابى يغلب بفطنته وذكاء أهل بَغْدَاد حَتَّى ارْتَفَعت أصواتهما، وَلَا يكَاد أَحدهمَا يغلب صَاحبه إِلَى أَن قَالَ الجعابى: عندى حَدِيث لَيْسَ هُوَ فى الدُّنْيَا إِلَّا عندى فَقَالَ: هاته، فَقَالَ: حَدثنَا أَبُو خَليفَة، قَالَ: حَدثنَا سُلَيْمَان بن أَيُّوب، وَذكره فَقَالَ لَهُ: أخبرنَا سُلَيْمَان بن أَيُّوب وَمن سَمعه أَبُو خَليفَة فاسمعه وَمنى حَتَّى يَعْلُو إسنادك، فَإنَّك تروى عَن أَبى خَليفَة عَنى فَخَجِلَ [الجعابي] ، وغلبه الطبرانى، قَالَ ابْن العميدة: فوددت أَن الوزارة والرئاسة لم تكن لى وَكنت الطبرانى، وفرحت مثل فرحه لأجل الحَدِيث، أَو كَمَا قَالَ. انْتهى. وَاسْتعْمل النَّاظِم فِيهِ التلفيق. (344 - (ص) (ونوت) لِابْنِ حزم (ويث) البغوى ... عِيَاض (دمث) و (يسوخ) النووى) (ش) : أَشَارَ بالنُّون وَالْوَاو، والفوقانية: إِلَى أَن وَفَاة ابْن حزم، وَهُوَ: الإِمَام أَبُو مُحَمَّد على بن أَحْمد بن سعيد القرطبى الْفَقِيه الْحَافِظ الظاهرى، صَاحب التصانيف، كَانَت سنة سِتّ وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة، وَذَلِكَ فى شعْبَان. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 331 وبالتحتانية والمثلثة: إِلَى أَن البغوى، وَهُوَ الإِمَام الْفَقِيه الشافعى أَبُو مُحَمَّد الْحُسَيْن بن مَسْعُود الْفراء، صَاحب " شرح السّنة "، و " المصابيح " وَغَيرهمَا " كالتهذيب " فى الْفِقْه، و " التَّفْسِير " كَانَت وَفَاته فى سنة عشر وَخَمْسمِائة، وَذَلِكَ فى شَوَّال بمرو، وَبهَا كَانَت إِقَامَته، وَدفن عِنْد شَيْخه القاضى حُسَيْن. وبالدال الْمُهْملَة وَالْمِيم والمثلثة: إِلَى أَن عياضا وَهُوَ ابْن مُوسَى اليحصبى السبتى القاضى أَبُو الْفضل أحد الْأَعْلَام، ومصنف " الشفا "، و " الْمَشَارِق "، و " شرح مُسلم " وَغَيرهَا [/ 242] كَانَت وَفَاته سنة أَربع وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة، وَذَلِكَ فى جُمَادَى الْأُخْرَى. وبالياء التَّحْتَانِيَّة وَالسِّين الْمُهْملَة وَالْوَاو وَالْخَاء الْمُعْجَمَة: إِلَى، وَفَاة النووى وَهُوَ: الإِمَام قطب الْأَوْلِيَاء الْكِرَام محيى الدّين أَبُو زَكَرِيَّا يحيى بن شرف، صَاحب التصانيف النافعة " كالتقريب "، و " التَّفْسِير والإرشاد " وَكِلَاهُمَا فى الِاصْطِلَاح، و " شرح مُسلم "، و " الْأَذْكَار "، و " الرياض "، كَانَت وَفَاته فى سنة سِتّ وَسبعين وسِتمِائَة، وَذَلِكَ فى رَجَب ببلدة نوى، وَاسْتعْمل النَّاظِم فِيهِ التلفيق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 332 (345 - (ص) وللسهيلى وأبى مُوسَى (فثا) غزال (هث) ، وَابْن عَسَاكِر (عثا) (ش) : أَشَارَ بِالْفَاءِ، والثاء الْمُثَلَّثَة، وَالْألف: إِلَى أَن وَفَاة كل من السهيلى، وَهُوَ الْحَافِظ أَبُو الْقَاسِم، وَأَبُو زيد عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن أَحْمد الخثعمى مَنْسُوب لسهيل قَرْيَة من قرى سمالقة، وَصَاحب " الرَّوْض " على السِّيرَة النَّبَوِيَّة، و " منبهات الْقُرْآن " وَغَيرهمَا. [وأبى مُوسَى] وَهُوَ الْحَافِظ مُحَمَّد بن أَبى بكر بن أَبى عِيسَى أَحْمد بن عمر المدينى الأصبهانى مُصَنف الذيل على معرفَة الصَّحَابَة "، وَغَيره كَانَت وَفَاته فى سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة. أما السهيلى ففى شعْبَان، وَأما الآخر ففى جُمَادَى الأولى بأصبهان، والسهيلى هُوَ الْقَائِل: (يَا من يرى مَا فى الضَّمِير وَيسمع ... أَنْت الْمعد لكل مَا يتَوَقَّع) (يَا من يُرْجَى للشدائد كلهَا ... يَا من إِلَيْهِ المشتكى والمفزع) (يَا من خَزَائِن رزقه فى قَول كن ... اُمْنُنْ فَإِن الْخَيْر عنْدك أجمع) (مَا لى سوى قرعى لبابك حِيلَة ... فَلِأَن رددت فأى بَاب أَقرع [/ 243] ) (مالى سوى فقرى إِلَيْك وَسِيلَة ... وبالافتقار إِلَيْك فقرى أدفَع) (وَمن الذى أَدْعُو واهتف باسمه ... إِن كَانَ فضلك عَن فقيرك يمْنَع) (حاشا لجودك أَن تقنط عَاصِيا ... الْفضل أجزل والمواهب أوسع) إِنَّه مَا سَأَلَ الله بهَا أحد شَيْئا إِلَّا أعطَاهُ. وبالهاء، والثاء الْمُثَلَّثَة: إِلَى أَن وَفَاة الغزالى وَهُوَ بِالتَّشْدِيدِ نِسْبَة إِلَى الغزال، وَيُقَال: إِنَّه بِالتَّخْفِيفِ نِسْبَة إِلَى غزالة قَرْيَة من طوس، وَلكنه خلاف الْمَشْهُور، حجَّة الْإِسْلَام أَبُو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 333 حَامِد مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الْفَقِيه الشافعى صَاحب " الْإِحْيَاء " وَغَيره من التصانيف البديعة، كَانَت فى سنة خمس وَخَمْسمِائة. وبالعين الْمُهْملَة، والثاء الْمُثَلَّثَة، وَالْألف: إِلَى أَن وَفَاة ابْن عَسَاكِر، وَهُوَ الْحَافِظ أَبُو الْقَاسِم على بن الْحُسَيْن بن هبة الله الدمشقى صَاحب " تاريخها " الحافل فى سنة إِحْدَى وَسبعين وَخَمْسمِائة، وَذَلِكَ فى رَجَب. (346 - (ص) عبد الْغنى المصرى (تاح) المقدسى (تَرَ) والزمخشري حل يكتسى) (ش) : أَشَارَ بِالْمُثَنَّاةِ وَالْألف، والحاء الْمُهْملَة: إِلَى أَن وَفَاة عبد الْغنى المصرى، وَهُوَ: الْحَافِظ أَبُو مُحَمَّد بن سعيد بن على الأزدى أول من صنف فى علم " المؤتلف والمختلف "، كَانَت فى سنة تسع وَأَرْبَعمِائَة، وَذَلِكَ فى صفر. وبالتاء الْمُثَنَّاة أَيْضا، وَالرَّاء الْمُهْملَة: إِلَى أَن وَفَاة المقدسى، وَهُوَ: الْحَافِظ عبد الْغنى بن عبد الْوَاحِد بن على بن سرُور المقدسى الحنبلى مُصَنف " الْعُمْدَة " وَغَيرهَا، كَانَت فى سنة سِتّمائَة، وَذَلِكَ فى ربيع الأول بِمصْر. وَبِالْحَاءِ الْمُهْملَة، وَاللَّام [/ 244] جَمِيع حُرُوف يكتسى إِلَى أَن وَفَاة الزمخشرى وَهُوَ أَبُو الْقَاسِم مَحْمُود بن عمر صَاحب " الْكَشَّاف " وَأحد من رمى بالاعتزال، كَانَت فى سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 334 وَاسْتعْمل النَّاظِم فِيهِ التلفيق كَمَا اسْتَعْملهُ فى الذى قبله. (347 - (ص) والشاطبى (ثمن) وَابْن جوزى (ثزفى) وللصنعانى (نخ) و (عوث) السلفى) (ش) أَشَارَ بِالْمُثَلثَةِ وَالْمِيم وَالنُّون: إِلَى أَن الشاطبى، وَهُوَ: أَبُو الْقَاسِم بن فيرة الرعينى، الأندلسى ثمَّ القاهرى، الضَّرِير، الشافعى، أحد الْأَعْلَام، وناظم " القصيدة اللامية فى الْقرَاءَات السَّبع " الَّتِى كَانَ يَقُول: مَا قَرَأَهَا أحد إِلَّا نَفعه الله بهَا، لأنى نظمتها لله تَعَالَى. و " الرائية " وَغَيرهمَا، كَانَت وَفَاته فى سنة تسعين وَخَمْسمِائة، وَذَلِكَ فى جُمَادَى الآخر بِمصْر وبالثاء الْمُثَلَّثَة والزاى المنقوطة، وَالْفَاء، وَالْيَاء التَّحْتَانِيَّة: إِلَى ان وَفَاة ابْن الجوزى، وَهُوَ الْحَافِظ أَبُو الْفرج عبد الرَّحْمَن بن على بن مُحَمَّد البغدادى الحنبلى، صَاحب التصانيف الْكَثِيرَة، كَانَت فى سنة سبع وَتِسْعين وَخَمْسمِائة، وَذَلِكَ فى رَمَضَان بِبَغْدَاد وَدفن بِبَاب حَرْب، وَاسْتعْمل النَّاظِم فيهمَا التلفيق. وبالنون، وَالْخَاء الْمُعْجَمَة: إِلَى أَن وَفَاة الصنعانى، وَهُوَ: الإِمَام اللغوى رضى الله عَنهُ، أَبُو الْفَضَائِل الْحسن بن مُحَمَّد بن الْحسن الحنفى صَاحب " مَشَارِق الْأَنْوَار "، و " رجال صَحِيح البخارى وَشَرحه "، وَغَيرهمَا " كالعباب " الذى لم يصنف فى اللُّغَة مثله، فى سنة خمسين وسِتمِائَة، وَذَلِكَ فَجْأَة بِبَغْدَاد، وَحمل إِلَى مَكَّة فَدفن بهَا. وبالعين الْمُهْملَة، وَالْوَاو [/ 245] ، والثاء الْمُثَلَّثَة: إِلَى أَن وَفَاة السلفى، وَهُوَ: الْحَافِظ أَبُو طَاهِر أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد الأصبهانى، الشافعى مَنْسُوب للقب جده سلفة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 335 بِكَسْر أَوله وَفتح ثَانِيه، كَانَت فى سنة سِتّ وَسبعين وَخَمْسمِائة، وَذَلِكَ بإسكندرية فى ربيع الآخر فَجْأَة، وَقد زَاد على مائَة سنة وحقق الله رَجَاءَهُ حَيْثُ يَقُول: (أَنا من أهل الحَدِيث وهم خير فِئَة ... جزت تسعين وَأَرْجُو أَن أجاوز المئة) (348 - (ص) وَابْن الْأَثِير الْمجد (وخ) وخيا ... لِابْنِ مفضل، و (جمخ) للضيا) (349 - وَابْن الصّلاح والسخاوى (إِذا) لِابْنِ دَقِيق الْعِيد دمياطى (دذا) (ش) : أَشَارَ بِالْوَاو وَالْخَاء الْمُعْجَمَة: إِلَى أَن الْمجد بن الْأَثِير، وَهُوَ أَبُو السعادات الْمُبَارك بن أَبى المكرم مُحَمَّد بن مُحَمَّد الشيبانى الجزرى الشافعى، مُصَنف " النِّهَايَة " الَّتِى كاسمها فى " غَرِيب الحَدِيث " وَغير ذَلِك، مَاتَ فى سنة سِتّ وسِتمِائَة، وَذَلِكَ فى سلخ ذى الْحجَّة بالموصل. وبالخاء الْمُعْجَمَة، والتحتانية، وَالْألف: إِلَى أَن وَفَاة ابْن الْمفضل، وَهُوَ الْحَافِظ أَبُو الْحسن على المقدسى الأَصْل الإسكندرى، ثمَّ المصرى المالكى كَانَت فى سنة إِحْدَى عشرَة وسِتمِائَة، وَذَلِكَ فى مستهل شعْبَان، وَدفن بسفح المقطم. وبالجيم، وَالْمِيم، وَالْخَاء الْمُعْجَمَة: إِلَى أَن وَفَاة كل من الضياء وَهُوَ الْحَافِظ أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد بن أَحْمد المقدسى الحنبلى صَاحب " المختارة ". وَابْن الصّلاح وَهُوَ: الْحَافِظ التقى أَبُو عَمْرو عُثْمَان بن عبد الرَّحْمَن بن عُثْمَان [/ 246] الكردى الشهرزورى الموصلى، ثمَّ الدمشقى الشافعى مُصَنف " عُلُوم الحَدِيث " الذى عول عَلَيْهِ فِيهِ كل من بعده. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 336 والسخاوى، وَهُوَ: الإِمَام علم الدّين أَبُو الْحسن على بن مُحَمَّد بن عبد الصَّمد المصرى ثمَّ الدمشقى، الشافعى، كَانَت وَفَاته فى سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وسِتمِائَة، وَذَلِكَ بِدِمَشْق، قَاضِيا فى جُمَادَى الْآخِرَة بسفح تاسون من صالحية دمشق، وَدفن هُنَاكَ. وَكَذَا السخاوى فى جُمَادَى الْآخِرَة، وَابْن الصّلاح فى ربيع الآخر. وَحِينَئِذٍ فَقَوله: [وَابْن الصّلاح] والذى بعده عطفا على مَا قبله. وبالألفين بَينهَا ذال مُعْجمَة: إِلَى أَن وَفَاة ابْن دَقِيق الْعِيد، وَهُوَ التقى أَبُو الْفَتْح مُحَمَّد بن على بن وهب بن مُطِيع، المنفلوطى، الْأَصِيل، القاهرى المالكى الشافعى، أحد الْأَعْلَام، ومصنف " الْإِلْمَام فى الْأَحْكَام " فى نَحْو عشْرين مجلدا، عندى مِنْهُ خمس مجلدات، وَهُوَ الْقدر الذى وجد مِنْهُ، وَيُقَال أَنه الْجُمْلَة، و " الْإِلْمَام " وَشرح مِنْهُ قِطْعَة فى مجلدين، وَشرح " الْعُمْدَة "، و " الاقتراح " وَغَيرهمَا، كَانَت وَفَاته سنة اثْنَتَيْنِ وَسَبْعمائة، وَذَلِكَ فى صفر بِظَاهِر الْقَاهِرَة، وَدفن بالقرافة. وبالدالين إِحْدَاهمَا مُهْملَة، وَالْألف: إِلَى أَن وَفَاة الدمياطى، وَهُوَ: الْحَافِظ شرف الدّين أَبُو أَحْمد عبد الْمُؤمن بن خلف الشافعى مُصَنف " قبائل الْخَزْرَج وبطونها وأفخاذها " فى كتاب، وقبائل الْأَوْس وبطونها وأفخاذها فى آواخر، " وأخبار بنى الْمطلب " وأخبار بنى نَوْفَل، و " الْأُخوة وَالْأَخَوَات "، و " العقد الْمُثمن فِيمَن تسمى بِعَبْد الْمُؤمن " [/ 247] " والبلدانيات " و " الْكَبِير "، كَانَت وَفَاته فى سنة خمس وَسَبْعمائة، وَذَلِكَ فى ذى الْقعدَة فَجْأَة، وَدفن بِبَاب وَاسْتعْمل فِيهِ التلفيق، وَوَقع رقمه فى نسختين هَذَا بهاء بدل الدَّال الْمُهْملَة وَالْألف، وَحِينَئِذٍ فالألف فى هَذَا للإشباع، لَكِنَّهَا ملبسها. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 337 (350 - (ص) والحافظ المزى (مبذ) الذهبى ... ذمح ابْن تَيْمِية (كحذ) فَاحْسبْ) (ش) : أَشَارَ النَّاظِم بِالْمِيم، وَالْمُوَحَّدَة، والذال الْمُعْجَمَة: إِلَى أَن الْحَافِظ المزى، وَهُوَ الْجمال أَبُو الْحجَّاج يُوسُف بن الذكى عبد الرَّحْمَن بن يُوسُف الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي مُصَنف " تَهْذِيب الْكَمَال "، و " الْأَطْرَاف " الَّذين عَلَيْهِمَا معول كل من جَاءَ بعده. مَاتَ فى سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة، وَذَلِكَ فى صفر بِدِمَشْق وَدفن بِالْقربِ من ابْن تَيْمِية. وبالذال الْمُعْجَمَة، وَالْمِيم، والحاء الْمُهْملَة:، إِلَى أَن الذهبى، وَهُوَ: الْحَافِظ الشَّمْس أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن أَحْمد بن عُثْمَان الدمشقى الشافعى، مؤلف " تَارِيخ الْإِسْلَام " و " طَبَقَات الْحفاظ "، و " سير النبلاء "، و " العبر "، و " الْإِشَارَة "، وَمَا يفوق الْوَصْف فى هَذَا الشَّأْن، كَانَت وَفَاته فى سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة، يعْنى فى ذى الْقعدَة بِدِمَشْق، وَدفن بمقابر بَاب الصَّغِير وبالكاف، والحاء، والذال الْمُعْجَمَة: إِلَى أَن ابْن تَيْمِية، وَهُوَ: الإِمَام التقى أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن عبد الْحَلِيم بن عبد السَّلَام الحرانى، ثمَّ الدمشقى الحنبلى، كَانَت وَفَاته فى سنة ثَمَان وَعشْرين وَسَبْعمائة وَذَلِكَ فى ذى الْقعدَة من قلعة دمشق وَقَوله: [فَاحْسبْ] أَشَارَ بِهِ إِلَى التيقظ [/ 248] فِي ضبط هَذِه الْحُرُوف والاعتناء بهَا خوف من تصحيفها فيوقع فِي الْغَلَط فِي ذَلِك. آدَاب الْمُحدث (351 - (ص) وَبعد مَا يعرف هَذَا يصلح ... لِأَن يكون حَافِظًا يصحح) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 (ش) : أى (وَبعد) معرفَة مَا تقدم من الْفُنُون تقريرا، واقتدارا على الْعَمَل بِهِ، بِحَيْثُ يكون بَصيرًا بطرق الحَدِيث مُمَيّزا لأسانيدها، وَمن أجمع عَلَيْهِ أَو اخْتلف فِيهِ من نقلتها أَو بَين مَرَاتِب التجريح وَالتَّعْدِيل وطبقات الروَاة وتواريخهم، وَكَذَا بَين الصِّيَغ المقبولة من ثِقَة، والمتوقف فى قبُولهَا من المدلس وَالْمَرْفُوع بِمَا أدرج فِيهِ، أَو حصل الْوَهم بِزِيَادَتِهِ، مدْركا للعلل القادحة مَعَ الشُّهْرَة بِالطَّلَبِ، وَالْأَخْذ من أَفْوَاه الرِّجَال دون الصُّحُف، واستحضار كثير من الْمُتُون، والاشتغال بالتخريج والتصنيف، وتعاهد كتبه وأصوله بالمطالعة، وَقصر نَفسه، كَمَا قَالَ الْخَطِيب على ذَلِك فَهَذَا (يصلح لِأَن يكون حَافِظًا) ، يقبل فى التوهين وَالتَّرْجِيح أَقْوَاله، وَيسلم لَهُ تَصْحِيح الحَدِيث وتحسينه وتعليله، وَهَذَا من النَّاظِم مَشى على الْمُعْتَمد فى عدم انْقِطَاع التحسين والتصحيح ففى الْأَزْمَان الْمُتَأَخِّرَة خلافًا لما ذهب إِلَيْهِ ابْن الصّلاح، كَمَا تقدم وَاضحا فى آخر الْكَلَام على الصَّحِيح. (352 - (ص) وَاخْتلفُوا فى سنّ من يحدث ... قيل ابْن خمسين هُوَ الْمُحدث) (353 - وَقيل أَرْبَعِينَ وَالصَّحِيح أَن ... من كَانَ مُحْتَاجا لَهُ فليحسن [249] ) (ش) : أَشَارَ إِلَى الِاخْتِلَاف فى السن الذى يسْتَحبّ فِيهِ التصدى للْحَدِيث. فَقيل: إِذا استوفى الْخمسين، قَالَ ابْن خَلاد الرامهرمزى: لِأَنَّهَا انْتِهَاء الكهولة، وفيهَا تَجْتَمِع الأشد، قَالَ: وَلَيْسَ بمستنكر أَن يحدث عِنْد اسْتِيفَاء الْأَرْبَعين لِأَنَّهَا حد الاسْتوَاء، ومنتهى الْكَمَال. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 339 وأنكرها القاضى عِيَاض محتجا بِأَن جمَاعَة من السّلف فَمن بعدهمْ نشرُوا من الْعلم مَا لَا يُحْصى مَعَ كَونهم مَاتُوا قبل بُلُوغ ذَلِك الْعُمر، كعمر بن عبد الْعَزِيز، وَمِمَّنْ جلس للنَّاس قبل ذَلِك بِكَثِير: مَالك والشافعى وَخلق، وَلَكِن قد حمل ابْن الصّلاح مَا ذكره ابْن خَلاد على التصدى من غير براعة فى الْعلم لِأَن السن الْمَذْكُور فى مَظَنَّة الْحَاجة إِلَيْهِ. وَبِالْجُمْلَةِ: فَالصَّحِيح أَنه مَتى احْتِيجَ إِلَى مَا عِنْده اسْتحبَّ لَهُ التصدى لنشره وَالْجُلُوس لذَلِك فى أى سنّ كَانَ، بل صرح الْخَطِيب بِأَن من احْتِيجَ إِلَيْهِ قبل أَن يَعْلُو سنه يجب عَلَيْهِ التحديث وَلَا يمْنَع؛ لِأَن نشر الْعلم عِنْد الْحَاجة إِلَيْهِ لَازم، والممتنع من ذَلِك عَاص آثِما. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 340 (354 - (ص) كَذَاك لَا يمسك حَتَّى يحرفا ... وينتهى لحَال أَن لَا يعرفا) (355 - كمالك فى كبر وَصغر ... وَأنس وَسَهل عِنْد الْكبر) (ش) : أى (كَذَلِك) اخْتلف: هَل يمسك عَن التحديث إِذا بلغ سنا معينا؟ ، فَقَالَ ابْن خَلاد أَيْضا أَنه يمسك إِذا بلغ الثَّمَانِينَ لِأَنَّهُ حد الْهَرم، إِلَّا إِذا كَانَ عقله ثَابتا يعرف حَدِيثه وَيقوم بِهِ، وَوجه مَا قَالَه: أَن من بلغ الثَّمَانِينَ ضعف حَاله غَالِبا، وَخيف عَلَيْهِ الاختلال وَأَن لَا يفْطن لَهُ بعد أَن يخلط [/ 250] كَمَا اتّفق لجَماعَة من الثِّقَات، وَلَكِن الصَّحِيح أَيْضا أَنه لَا يمسك إِلَّا إِن خرف، وانْتهى إِلَى حَالَة لَا يعقل فِيهَا، فقد حدث خلق بعد مُجَاوزَة الثَّمَانِينَ لما ساعدهم التَّوْفِيق وصحبتهم السَّلامَة كأنس بن مَالك وَاللَّيْث وَابْن عُيَيْنَة، وَحِينَئِذٍ فَفعل مَالك فى ابْتِدَائه وانتهائه حجَّة على الْمُخَالف، وَإِلَى ذَلِك أَشَارَ بقوله: [فى كبر وَصغر] بل حدث قوم بعد الْمِائَة كالحسن بن عَرَفَة، وأبى الْقَاسِم البغوى وأبى إِسْحَاق العجيمى، وأبى الطّيب الطبرى والسلفى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 341 (356 - (ص) وليجلس بهيبة موقرا ... مُمكنا مطيبا مطهرا) (357 - يفتح الْمجْلس بالثنا ... وَالْحَمْد وليختمه بالدعا) (ش) : أى إِذا حضر مجْلِس التحديث فليجلس بهيبة ووقار مُتَمَكنًا، بعد أَن يتطيب ويتطهر ويسرح لحيته. ويفتتح الْمجْلس بالثناء على الله، وَكَذَلِكَ بِالصَّلَاةِ على رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ، وَدُعَاء يَلِيق بِالْحَال بعد قِرَاءَة شئ من الْقُرْآن، ويختمه بِالدُّعَاءِ لَهُ، ولوالديه، ولمشايخه، والحاضرين وَالْمُسْلِمين. الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى (358 - (ص) وَإِن يكن حَدِيثه قد أجمله ... وَاخْتلف اللَّفْظ يقل وَاللَّفْظ لَهُ) (ش) : أى وَإِن قد أجمل حَدِيثه على شيخين فَأكْثر وَبَينهمَا أَو بَينهم تفَاوت فى اللَّفْظ دون الْمَعْنى، عين صَاحب اللَّفْظ الذى اقْتصر عَلَيْهِ بِأَن يَقُول مثلا: أخبرنَا فلَان وَفُلَان، وَاللَّفْظ لَهُ أَو لفُلَان وَنَحْو ذَلِك، وَهَذَا على سَبِيل الِاسْتِحْبَاب، لِلْخُرُوجِ من خلاف من لَا يجوز الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى وَإِلَّا فَلَو [/ 215] قَالَ: أخبرنَا فلَان وَفُلَان وتقاربا فى اللَّفْظ جَازَ بل لَو قَالَ لم يقل وتقاربا جَازَ أَيْضا، أما من لَا يجوز الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى فَيمْنَع من هَاتين الصُّورَتَيْنِ، وَيُوجب أحد شَيْئَيْنِ، إِمَّا سِيَاق الْأَلْفَاظ كلهَا، أَو يعين صَاحب اللَّفْظ الذى اقْتصر عَلَيْهِ، وَلَا شكّ عِنْد مجيزى الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى فى اسْتِحْسَان ذَلِك، وَلذَا قَالَ النَّاظِم، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 342 وَإِن أَتَى بِلَفْظ كل حسن، وَإِن حصل الِاشْتِبَاه فى تعْيين صَاحب اللَّفْظ فَلَا، وَكَذَا إِن شكّ أهوَ مُتحد أم لَا؟ وَحِينَئِذٍ فَيحمل [قد] فى كَلَامه على أَنَّهَا للتحقيق. (359 - (ص) وجوزوا فى خبر إِن يخلطا ... قلت حِكَايَة وَإِلَّا فخطا) (ش) : أى إِذا سمع بعض حَدِيث من شيخ، وَبَعضه من آخر، جَازَ لَهُ خلطه، وَرِوَايَته عَنْهُمَا مَعَ بَيَان الْوَاقِع كَمَا فعل الزهرى فى حَدِيث الْإِفْك، حيت رَوَاهُ عَن جمَاعَة وهم ابْن الْمسيب وَعُرْوَة وَعبيد الله بن عبد الله بن عتبَة وعلقمة بن وَقاص، قَالَ: وكل حَدَّثَنى طَائِفَة من الحَدِيث قَالُوا: قَالَت عَائِشَة - رضى الله عَنْهَا -: وسَاق الحَدِيث بِتَمَامِهِ. وَلَا يجوز إِسْقَاط أَحدهمَا، إِذْ مَا من شئ من ذَلِك الحَدِيث إِلَّا وَرِوَايَته لَهُ عَن كل من الشَّيْخَيْنِ يحْتَملهُ لَو كَانَ أَحدهمَا مجروحا لم يجز الِاحْتِجَاج بشئ مِنْهُ، مَا لم يبين أَنه عَن الثِّقَة، ثمَّ إِن مَحل الْجَوَاز لهَذَا مَا قَالَه النَّاظِم إِذا كَانَ حِكَايَة وَاحِدَة أَو حَدِيثا وَاحِدًا، أما إِذا اخْتلفت الْأَحَادِيث وَالْأَخْبَار فَلَا يجوز [/ 252] خلط شئ مِنْهَا فى شئ من غير تَمْيِيز وَهُوَ ظَاهر. (360 - (ص) وَحَيْثُ قيل نَحوه أَو مثله ... أَو بعضه عطفا على مَا قبله) (361 - وَهل يجوز بالسياق ... اخْتلفُوا وَعِنْدنَا يفصل) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 343 (ش) : إِذا روى الراوى حَدِيثا بِسَنَدِهِ وَمَتنه ثمَّ أردفه بِسَنَد آخر، وَلم يسق لفظ الْمَتْن، وَقَالَ [نَحوه] ، أَو [مثله] ، كعادة مُسلم وَغَيره، وَأَرَادَ سامعه رِوَايَته بالسند الثانى، ويفصل فى الْمَتْن عَن السَّنَد الأول، فَاخْتَلَفُوا فِيهِ فَمَنعه شُعْبَة، وَجوزهُ الثورى إِن وَقع من متحفظ يُمَيّز بَين الْأَلْفَاظ، وَكَذَا جوزه ابْن معِين فى [مثله] خَاصَّة بِخِلَاف [نَحوه] فَإِنَّمَا تجوز على الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى، وَاخْتَارَهُ ابْن كثير جد شُيُوخ النَّاظِم، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَة بقوله (وَعنهُ بِالْفَصْلِ) ، وَقد قَالَ الْحَاكِم: إِنَّه يلْزم الحدين من الِاتِّفَاق أَن يفرق من [مثله] و [نَحوه] فَلَا يحل أَن يَقُول: [مثله] إِلَّا إِذا كَانَ بِمَعْنَاهُ انْتهى. وَذهب بعض الْعلمَاء إِلَى أَن يَقُول الْإِسْنَاد، ثمَّ يَقُول: مثل حَدِيث قبله كَذَا، وَاخْتَارَهُ الْخَطِيب. إِذا تقرر هَذَا فَقَوله: [أَو بعضه] فِيهِ نظر، فَإِن ظَاهره اسْتِوَاء هَذِه الصُّورَة مَعَ اللَّتَيْنِ قبلهَا وَلَيْسَ كَذَلِك، بل إِذا سَاق الراوى، ثمَّ قَالَ: وَذكر بعضه، لَا يسوغ لَهُ الْإِتْيَان بِاللَّفْظِ جزما. (362 - (ص) وَمن تحلى بِصِفَات الْحِفْظ ... يعْقد للإملاء مَجْلِسا من لفظ) (363 -[/ 216] وليتخذ مستمليا يبلغ ... حِكَايَة الْحَافِظ هَذَا يبلغ) (364 - يَقُول من ذكرت أَو من أخْبرك ... أَو نَحوه من لفظ مُشْتَرك) (ش) : أى أَن من تحلى بِصِفَات الْحِفْظ الْمَاضِيَة الْإِشَارَة إِلَيْهَا ينبغى لَهُ عقد مجْلِس لإملاء الحَدِيث من لَفظه، فَذَلِك غَايَة مَا يبلغهُ الْحَافِظ، ولغلبته عدم معرفَة الْبَيَان خلق لذَلِك من لم يتَمَيَّز فى الطّلب فَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه، وَهُوَ أَعلَى مَرَاتِب الرِّوَايَة لِأَن الشَّيْخ يتدبر مَا يمليه، وَالْكَاتِب يُحَقّق مَا يَكْتُبهُ بِخِلَاف الْقِرَاءَة من الشَّيْخ أَو عَلَيْهِ فَرُبمَا وهم فِيهِ أَحدهمَا، وليتخذ مستمليا محصلا متيقظا، يبلغ عَنهُ إِذا كثر الْجمع، جَريا على عَادَة جمَاعَة من الْحفاظ، وَفَائِدَة لفظ المملى، وإفهام من بلغه على بعد، لَكِن من كَانَ بَعيدا أَو لم يسمع إِلَّا مِنْهُ لَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 يجوز لَهُ رِوَايَته عَن المملى إِلَّا مَعَ الْبَيَان لصورة الْحَال، ويستملى على مَكَان مُرْتَفع أَو قَائِما إِن احْتِيجَ لذَلِك، ويبلغ لفظ المملى على وَجهه ويستنصت النَّاس بعد افْتِتَاح الْمجْلس كَمَا تقدم بِالْحَمْد وَالثنَاء وَالصَّلَاة على رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَالدُّعَاء ثمَّ يقبل على المملى، وَيَقُول: من ذكرت؟ أى من الشُّيُوخ أَو من أخْبرك؟ أَو مَا ذكرت أى من الْأَحَادِيث رَحِمك الله أَو رضى الله عَنْك؟ قَالَ يحيى بن أَكْثَم: نلْت الفطنا وَقَضَاء الْقُضَاة والوزارة، وَكَذَا مَا سررت بشئ مثل قَول المستملى: من ذكرت رَحِمك الله؟ وَكلما مر ذكر النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَالصَّحَابَة صلى عَلَيْهِ وترضى [/ 254] عَنْهُم. (365 - (ص) وليحسن ثَنَاء من عَنهُ روى ... وَيذكر الألقاب من غير هوى) (ش) : أى وليحسن المملى الثَّنَاء على شَيْخه حَال الرِّوَايَة عَنهُ بِمَا هُوَ أَهله، وَيَدْعُو لَهُ وَلَا بَأْس بِذكرِهِ بِمَا يعرف بِهِ من لقب، أَو نسب، وَلَو إِلَى أم، أوصفة، أَو وصف فى بدنه، مُقْتَصرا على قدر الْحَاجة، حَيْثُ لم يكن يعرف بِدُونِ، وَلَا سِيمَا إِن كَانَ يكرههُ، متجنبا فى ذَلِك كُله الْهوى، فَلَا يرفع منحط الرُّتْبَة عَن منزلَة، وَلَا يقصر بالرفيع الْقدر عَن مرتبته بعد أَمر رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] بإنزال (النَّاس) مَنَازِلهمْ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 345 (366 - (ص) وَإِن رأى الْحَافِظ فى كِتَابه ... غير الذى يحفظ فَالْأولى بِهِ) (ش) : أى وَإِن رأى الْمُحدث فى كِتَابه خلاف حفظه، فَإِن كَانَ قد حفظه من فَم شُيُوخه وَهُوَ مُحَقّق لذَلِك، اعْتمد حفظه وَتمسك بِهِ، وَإِن كَانَ إِنَّمَا حظفه من كِتَابه رَجَعَ إِلَيْهِ وَأعْرض عَمَّا فى حفظه، وَإِن تشكك فى ذَلِك، حسن الإفصاح بِصُورَة الْحَال فَيَقُول: حفظى كَذَا، وفى كتابى كَذَا. إِن كَانَ خَالفه فِيهِ غَيره من الْحفاظ، فَيَقُول: حفظى كَذَا وَقَالَ فلَان كَذَا. (367 - (ص) وليجعل الحَدِيث من مذْهبه ... ولينشر الْعلم وَلَا يبخل بِهِ) (368 - وليعلمن بِأَنَّهُ قد قلدا ... أمرا عَظِيما من يكون مقتدا [256] ) (369 - وَأَنه عَن لَفظه مسئول ... فليتق الله فِيمَا يَقُول) (ش) : وليجعل من مذْهبه اقتفاء الحَدِيث وتتبعه النّظر فى رِجَاله، ومتونه، والحرص على نشره، وَعدم الْبُخْل بِهِ وَلَو لم يُؤمن الطَّالِب حسن نِيَّته فى أَخذه عَنهُ، واشتغاله بِهِ، فَإِنَّهُ يُرْجَى لَهُ تصحيحها، كل ذَلِك ابْتِغَاء جزيل الْأجر ورغبة فى إحْيَاء السّنة الشَّرِيفَة، فقد قَالَ البخارى - رَحمَه الله - فِيمَا روينَاهُ فى " مُقَدّمَة الْجَامِع " للخطيب: أفضل الْمُسلمين رجل أَحْيَا سنة من سنَن النبى [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] قد أميتت، فأجروا يَا أَصْحَاب السّنَن رحمكم الله تَعَالَى، فَإِنَّكُم أقل النَّاس. هَذَا وَعلم الحَدِيث كَانَ إِذْ ذَاك غضا طريا، والارتسام بِهِ محبوبا شهيا، والداعى إِلَيْهِ أكسب، وَالرَّغْبَة فِيهِ أَكثر، فَكيف بِالْوَقْتِ الذى قَالَ: قل الطَّالِب واضمحل الرفيق الْمُنَاسب؟ وَعز من يدرى هَذَا الشَّأْن على وَجهه؟ واحرز الْجَاهِل كتبه ظنا مِنْهُ أَن يكون بذلك من أَهله؟ بل رُبمَا بالقرائن يتَبَيَّن أَنه يجب على شخص معِين؟ [/ 256] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 346 والأعمال بِالنِّيَّاتِ وليعلم من صَار يقْتَدى بِهِ فى ذَلِك، أَنه قد تقلد أمرا عَظِيما يستدعى التَّصْحِيح، والتحسين، والتوثيق والتليين، فليتق الله. ويتجوز مِمَّا يتَكَلَّم فِيهِ من ذَلِك، فَإِنَّهُ مسئول عَنهُ، وللخوف من غائلة ذَلِك. قَالَ مسعر: من أَرَادَ بى السوء؛ فَجعله الله مفتيا أَو مُحدثا، وَقَالَ بعض الْعلمَاء أَعْرَاض الْمُسلمين حُفْرَة من حفر النَّار، وقف على شفيرها طَائِفَتَانِ من النَّاس: المحدثون والحكام. (370 - (ص) وَهَا هُنَا قد تمت الْهِدَايَة ... جَامِعَة معالم الرِّوَايَة) (371 - حوت لما لم يحوه مُصَنف ... وَلَا اهْتَدَى لذكره مؤلف) (372 - أبياتها مَعْدُودَة لمن روى ... ثَلَاثمِائَة وَسَبْعُونَ سوى) (373 - بعد الصَّلَاة وَالسَّلَام الدَّائِم ... على النبى الْمُصْطَفى من هَاشم) (ش) : أَشَارَ إِلَى مَا يبْعَث بِهِ همة الطَّالِب على الاعتناء بِهَذِهِ الأرجوزة والحرص على تَحْصِيلهَا جَريا على سنَن المصنفين فى التَّنْبِيه على فَوَائِد مصنفاتهم، لَا بِقصد الزهو والإعجاب [/ 257] وهى بِلَا شكّ اشْتَمَلت - على صغر حجمها - على زِيَادَة أَنْوَاع وَسَائِل، انْفِرَاد بأكثرها عَن غَيره، كَمَا بَين ذَلِك فى مجاله من هَذَا الشَّرْح، وَاقْتصر على الْعدَد، أَو لتجدد إلحاقها بعد الْفَرَاغ، أَو سلوكا لطريقة من يلقى الْكسر. وَختم بِالصَّلَاةِ على رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] كَمَا ابْتَدَأَ بهَا؛ رَجَاء الْقبُول مَا بهَا وُصُول النَّفْع بِهِ وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْمُوفق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 347 وَهَذَا آخر كتاب الْغَايَة فى شرح الْهِدَايَة منظومة ابْن الجزرى الْهِدَايَة، وَكَانَ الْفَرَاغ من كِتَابَة ذَلِك يَوْم السبت الْمُبَارك سَابِع شهر ربيع الثانى الذى هُوَ من شهور سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَألف الْعَرَبيَّة، على يَد أَضْعَف خلق الله (وَلَا أحْوج) إِلَى عَفْو ربه الْمُعْطى: عبد الصَّمد ابْن الشَّيْخ عبد الْجواد الوسيطى، غفر الله لَهُ، ولوالديه، ولإخوانه، ومشايخه، ومحبيه، وَلكُل الْمُسلمين أَجْمَعِينَ آمين. وَلمن دَعَا لَهُ وللمسلمين بالمغفرة وَالرَّحْمَة، وَلمن رأى فِيهِ نقصا أَو تحريفا فأصلحه آمين. " انْتهى "؟ أَقُول أَنا عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد الحكيمى إننى كتبت هَذِه التكملة من نُسْخَة فى مكتبة شيخ الْإِسْلَام عَارِف حكمت بِالْمَدِينَةِ المنورة فى يَوْم الْأَحَد، الْمُوَافق الرَّابِع وَالْعِشْرين من شهر خَمْسَة مَضَت من عَام ثَمَان وَثَمَانِينَ وَثَلَاث مائَة وَألف هجرية، وفى السَّاعَة الرَّابِعَة وَالنّصف إِلَّا خمس دقائق بالتوقيت العربى، لمدينة رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ، وَالنُّسْخَة تَحت رقم (71) مصطلح الحَدِيث وَهَذِه النُّسْخَة أصح من نُسْخَة شيخ الْإِسْلَام عَارِف حكمت وأوضح خطا. 1 - 1 الحديث: 1 ¦ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 348