الكتاب: بيان الوهم والإيهام في كتاب الأحكام المؤلف: علي بن محمد بن عبد الملك الكتامي الحميري الفاسي، أبو الحسن ابن القطان (المتوفى: 628هـ) المحقق: د. الحسين آيت سعيد الناشر: دار طيبة - الرياض الطبعة: الأولى، 1418هـ-1997م عدد الأجزاء: 6 (5 أجزاء، ومجلد فهارس)   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] ---------- بيان الوهم والإيهام في كتاب الأحكام ابن القطان الفاسي الكتاب: بيان الوهم والإيهام في كتاب الأحكام المؤلف: علي بن محمد بن عبد الملك الكتامي الحميري الفاسي، أبو الحسن ابن القطان (المتوفى: 628هـ) المحقق: د. الحسين آيت سعيد الناشر: دار طيبة - الرياض الطبعة: الأولى، 1418هـ-1997م عدد الأجزاء: 6 (5 أجزاء، ومجلد فهارس)   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] ـ[بيان الوهم والإيهام في كتاب الأحكام]ـ المؤلف: علي بن محمد بن عبد الملك الكتامي الحميري الفاسي، أبو الحسن ابن القطان (المتوفى: 628هـ) المحقق: د. الحسين آيت سعيد الناشر: دار طيبة - الرياض الطبعة: الأولى، 1418هـ-1997م عدد الأجزاء: 6 (5 أجزاء، ومجلد فهارس) [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] مُقَدّمَة المُصَنّف بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم قَالَ الشَّيْخ، الْفَقِيه، الْمُحدث، الْعَالم، الأوحد، أَبُو الْحسن: عَليّ بن الشَّيْخ، الْفَقِيه، المرحوم أبي عبد الله، مُحَمَّد بن عبد الْملك بن يحيى الْمَعْرُوف بِابْن الْقطَّان - رَحمَه الله وَرَضي عَنهُ -: الْحَمد لله كَمَا يحِق لَهُ وَيجب، وَالصَّلَاة وَالتَّسْلِيم على مُحَمَّد نبيه الْمُصْطَفى الْمُنْتَخب. وَبعد: فَإِن أَبَا مُحَمَّد عبد الْحق بن عبد الرَّحْمَن الْأَزْدِيّ، ثمَّ الإشبيلي - رَحْمَة الله عَلَيْهِ - قد خلد فِي كِتَابه الَّذِي جمع فِيهِ أَحَادِيث [أَحْكَام] أَفعَال الْمُكَلّفين علما نَافِعًا، وَأَجرا قَائِما، زكا بِهِ عمله، ونجح فِيهِ سَعْيه، وَظهر عَلَيْهِ مَا صلح فِيهِ من نِيَّته، وَصَحَّ من طويته فَلذَلِك شاع الْكتاب الْمَذْكُور وانتشر، وتلقي بِالْقبُولِ، وَحقّ لَهُ ذَلِك، لجودة تصنيفه، وبراعة تأليفه واقتصاده وجودة اخْتِيَاره، فَلَقَد أحسن فِيهِ مَا شَاءَ وأبدع فَوق مَا أَرَادَ، وأربى على الْغَايَة وَزَاد، وَدلّ مِنْهُ على حفظ وإتقان، وَعلم، وَفهم، واطلاع، واتساع، فَلذَلِك لَا تَجِد أحدا ينتمي إِلَى نوع من أَنْوَاع الْعُلُوم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 7 الشَّرْعِيَّة، إِلَّا وَالْكتاب الْمَذْكُور عِنْده، أَو نَفسه مُتَعَلقَة بِهِ. قد حداهم حسن تأليفه إِلَى الإكباب عَلَيْهِ وإيثاره وخاصة من لَا يُشَارك فِي طلبه بِشَيْء من النّظر فِي علم الحَدِيث، من فُقَهَاء، ومتكلمين، وأصوليين، فَإِنَّهُم الَّذين قد قنعوا بِهِ، وَلم يَبْتَغُوا سواهُ، حَتَّى لربما جر عَلَيْهِم جهالات: [منهاٍ] اعْتِقَاد أحدهم أَنه لَو نظر فِي كتب الحَدِيث نظر أَهله، فرواها وتفقد أسانيدها، وتعرف أَحْوَال رواتها فَعلم بذلك صِحَة الصَّحِيح، وسقم السقيم وَحسن الْحسن، فَاتَهُ كثير مِمَّا احتوى عَلَيْهِ الْكتاب الْمَذْكُور من مشتت الْأَحَادِيث، الَّتِي لَا يحتوي عَلَيْهَا إِلَّا مَا يتَعَذَّر على الْأَكْثَر من النَّاس جمعه. وَهَذَا مِمَّن اعتقده غلط، بل إتقان كتاب من كتب الحَدِيث، وتعرفه كَمَا يجب، يحصل لَهُ أَكثر مِمَّا يحصل لَهُ الْكتاب الْمَذْكُور من صناعَة النَّقْل فَإِنَّهُ مَا من حَدِيث يبْحَث عَنهُ حق الْبَحْث، إِلَّا ويجتمع لَهُ من أَطْرَافه - وَضم مَا فِي مَعْنَاهُ إِلَيْهِ، والتنبه لما يُعَارضهُ فِي جَمِيع مَا يَقْتَضِيهِ أَو بعضه، أَو مَا يعاضده وَمَعْرِفَة أَحْوَال نقلته وتواريخهم - مَا يفتح لَهُ فِي الْألف من الْأَحَادِيث. وَكَذَلِكَ يجر عَلَيْهِم أَيْضا اعْتِقَاد أَن مَا ذكره من عِنْد البُخَارِيّ مثلا لَا بُد فِيهِ من البُخَارِيّ وَمَا علم أَنه رُبمَا يكون عِنْد جَمِيعهم، وَمَا ذكره من عِنْد أبي دَاوُد، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 8 رُبمَا لَيْسَ هُوَ عِنْد التِّرْمِذِيّ، أَو النَّسَائِيّ، وَلذَلِك ذكره من عِنْد أبي دَاوُد وَمَا علم أَنه رُبمَا لم يخل مِنْهُ كتاب [أَيْضا] . وَكَذَلِكَ [أَيْضا] / يجر عَلَيْهِم تَحْصِيل الْأَحَادِيث مشتتة غَايَة التشتت بِحَيْثُ يتَعَرَّض للغلط فِي نسبتها إِلَى موَاضعهَا بِأَدْنَى غيبَة عَنْهَا وَلذَلِك مَا ترى المشتغلين بِهِ، الآخذين أنفسهم بحفظه، ينسبون إِلَى مُسلم مَا لَيْسَ عِنْده أَو إِلَى غَيره مَا لم يذكر كَذَلِك، وَرُبمَا شعر أحدهم بِأَنَّهُ بذلك مُدَلّس كتدليس من يروي مَا لم يسمع عَمَّن قد روى عَنهُ، من حَيْثُ يُوهم قَوْله: ذكر مُسلم أَو البُخَارِيّ كَذَا، أَنه قد رأى ذَلِك فِي مَوْضِعه، وَنَقله من حَيْثُ ذكر، فيتحرج من ذَلِك أحدهم فيحوجه ذَلِك إِلَى أَن يَقُول ذكره عبد الْحق، فَيحصل من ذَلِك فِي مثل مَا يحصل فِيهِ من يذكر من النَّحْو مَسْأَلَة وَهِي فِي كتاب سِيبَوَيْهٍ فَيَقُول: ذكرهَا الْمَهْدَوِيّ فِي التَّحْصِيل أَو مكي فِي الْهِدَايَة أَو يذكر مَسْأَلَة من الْفِقْه، هِيَ فِي أُمَّهَات كتبه، فينسبها إِلَى متأخري الناقلين مِنْهَا بِخِلَاف مَا يتَحَصَّل الْأَمر عَلَيْهِ فِي نفس قَارِئ كتاب مُسلم، أَو أَبى دَاوُد مثلا، فَإِنَّهُ يعلم الْأَبْوَاب مرتبَة مصنفة، وأطرافها من غَيره وَمَا عَلَيْهَا من زيادات، أَو معارضات، أَو معاضدات، مرتبَة عَلَيْهَا فِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 9 خاطره بِحَيْثُ لَا يخْتل وَلَا يتثبج إِلَّا فِي الندرة. وَالَّذِي يحصل من علم صِحَة هَذَا الَّذِي وصفناه للمزاول، أَكثر وَأبين مِمَّا وَصفنَا مِنْهُ، فالكتاب الْمَذْكُور من حَيْثُ حسنه وَكَثْرَة مَا فِيهِ، قد جر الْإِعْرَاض عَن النّظر الصَّحِيح، وَالتَّرْتِيب الأولى، من تَحْصِيل الشَّيْء من معدنه، وَأَخذه من حَيْثُ أَخذه هُوَ وَغَيره. هَذَا على تَقْدِير سَلَامَته من اختلال نقل، أَو إغفال، أَو خطأ، فِي نظر أهل هَذَا الشَّأْن. فَأَما وَالْأَمر على هَذَا، فقد يجب أَن / يكون نظر من يَقْرَؤُهُ وبحثه أَكثر وأكبر من بحث من يقْرَأ أصلا من الْأُصُول، لَا كَمَا يصنعه كثير مِمَّن أكب عَلَيْهِ: من اعتمادهم على مَا نقل، وتقليدهم إِيَّاه فِيمَا رأى وَذهب إِلَيْهِ من تَصْحِيح أَو تسقيم، وَقد يعمم بَعضهم هَذِه الْقَضِيَّة فِي جَمِيع نظر الْمُحدث، وَيَقُول: إِنَّه كُله تَقْلِيد، وَإِن غَايَة مَا يَنْتَهِي إِلَيْهِ النَّاظر بنظرهم تَقْلِيد معدل أَو مجرح، فَهُوَ كتقليد مصحح أَو مضعف للْحَدِيث. وَهَذَا مِمَّن يَقُوله خطأ بل يَنْتَهِي الْأَمر بالمحدث إِلَى مَا هُوَ الْحق من قبُول الرِّوَايَة ورد الرَّأْي فَهُوَ لَا يُقَلّد من صحّح وَلَا من ضعف، كَمَا لَا يُقَلّد من حرم وَلَا من حلل، فَإِنَّهَا فِي العلمين مسَائِل مجتهدة، لكنه يقبل من رِوَايَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 10 الْعدْل النَّاقِل لَهُ من أَحْوَال من روى عَنهُ الحَدِيث، مَا يحصل عِنْده الثِّقَة بنقله، أَو عكس ذَلِك. ونقلهم لذَلِك إِمَّا مفصلا وَإِمَّا مُجملا، بِلَفْظ مصطلح عَلَيْهِ، كألفاظ التَّعْدِيل وَالتَّجْرِيح، فَإِنَّهُم قد تواضعوا عَلَيْهَا بَدَلا من التطوف على جزئيات الْأَحْوَال، وتأديتها على التَّفْصِيل. فَكَمَا كَانَ يحصل لنا من نقل الْعدْل إِذا قَالَ لنا: إِن فلَانا كَانَ ورعاً، حَافِظًا، فهما، عَالما، أَن فلَانا الْمَذْكُور مَقْبُول الرِّوَايَة، مُرَجّح جَانب صدقه على جَانب كذبه، فَكَذَلِك يحصل لنا ذَلِك، إِذا قَالَ لفظا من الْأَلْفَاظ المصطلح عَلَيْهَا. ولبيان هَذَا الْمَعْنى والانفصال عَمَّا يتَعَرَّض بِهِ عَلَيْهِ موَاضعه. وَلما كَانَ / الْحَال على مَا وصفت - من احتواء الْكتاب الْمَذْكُور على مَا لَا يعْصم مِنْهُ أحد، وَلَا سِيمَا من جمع جمعه، وَأكْثر إكثاره، وَكفى الْمَرْء نبْلًا أَن تعد معايبه - تجردت لذكر المعثور عَلَيْهِ من ذَلِك، فَذَكرته مُفِيدا بِهِ وممثلا لما لم أعثر عَلَيْهِ من نَوعه، إِذْ الْإِحَاطَة متعذرة. وانحصر لي ذَلِك فِي أَمريْن: وهما نَقله وَنَظره، أما نَقله فأبواب، مِنْهَا: 1 - بَاب ذكر الزِّيَادَة فِي الْأَسَانِيد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 11 2 - بَاب ذكر النَّقْص من الْأَسَانِيد. 3 - بَاب نِسْبَة الْأَحَادِيث إِلَى غير رواتها. 4 - بَاب ذكر أَحَادِيث، يوردها من مَوضِع عَن راو، ثمَّ يردفها زِيَادَة أَو حَدِيثا، من مَوضِع آخر، موهما أَنَّهَا عَن ذَلِك الرَّاوِي، أَو بذلك الْإِسْنَاد، أَو فِي تِلْكَ الْقِصَّة، أَو فِي ذَلِك الْموضع، وَلَيْسَ كَذَلِك. 5 - بَاب ذكر أَحَادِيث، يظنّ من عطفها على أخر، أَو إردافها إِيَّاهَا أَنَّهَا مثلهَا فِي مقتضياتها، وَلَيْسَت كَذَلِك. 6 - بَاب أَشْيَاء مفترقة تَغَيَّرت فِي نَقله أَو بعده عَمَّا هِيَ عَلَيْهِ. 7 - بَاب / ذكر رُوَاة تَغَيَّرت أَسمَاؤُهُم، أَو أنسابهم، عَمَّا هِيَ عَلَيْهِ. 8 - بَاب ذكر أَحَادِيث أوردهَا وَلم أجد لَهَا ذكرا، أَو عزاها إِلَى مَوَاضِع لَيست هِيَ فِيهَا، أَو لَيست كَمَا ذكر. 9 - بَاب ذكر أَحَادِيث أوردهَا على أَنَّهَا مَرْفُوعَة، وَهِي مَوْقُوفَة أَو مَشْكُوك فِي رَفعهَا. 10 - بَاب ذكر مَا جَاءَ مَوْقُوفا، وَهُوَ فِي الْموضع الَّذِي نَقله مِنْهُ مَرْفُوع. 11 - بَاب ذكر أَحَادِيث أغفل نسبتها إِلَى الْمَوَاضِع الَّتِي أخرجهَا مِنْهَا. 12 - بَاب ذكر أَحَادِيث أبعد النجعة فِي إيرادها، ومتناولها أقرب وَأشهر. وَهَا هُنَا انْتهى الْقسم الأول الرَّاجِع إِلَى نَقله، فَإِن جَمِيع هَذِه الْأَبْوَاب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 12 أَوْهَام، إِمَّا مِنْهُ، وَإِمَّا مِمَّن بعده. فَأَما مَا يرجع إِلَى نظره فَمِنْهُ: 1 - بَاب ذكر أَحَادِيث، أوردهَا على أَنَّهَا مُتَّصِلَة، وَهِي مُنْقَطِعَة، أَو مَشْكُوك فِي اتصالها. 2 - بَاب ذكر أَحَادِيث ردهَا بالانقطاع وَهِي مُتَّصِلَة. 3 - بَاب ذكر أَحَادِيث، ذكرهَا على أَنَّهَا مُرْسلَة لَا عيب لَهَا سوى الْإِرْسَال، وَهِي معتلة بِغَيْرِهِ، وَلم يبين ذَلِك مِنْهَا. 4 - بَاب ذكر أَحَادِيث أعلها بِرِجَال، وفيهَا من هُوَ مثلهم، أَو أَضْعَف، أَو مَجْهُول لَا يعرف. 5 - بَاب ذكر أَحَادِيث أعلها بِمَا لَيْسَ بعلة، وَترك ذكر عللها. 6 - بَاب ذكر أَحَادِيث، أعلها وَلم يبين من أسانيدها مَوَاضِع الْعِلَل. 7 - بَاب ذكر أَحَادِيث سكت عَنْهَا مصححا لَهَا، وَلَيْسَت بصحيحة. 8 - بَاب ذكر أَحَادِيث سكت عَنْهَا، وَقد ذكر أسانيدها أَو قطعا مِنْهَا، وَلم يبين من أمرهَا شَيْئا. 9 - بَاب ذكر أَحَادِيث، أتبعهَا مِنْهُ كلَاما يقْضى ظَاهره بتصحيحها، وَلَيْسَت بصحيحة. 10 - بَاب ذكر أَحَادِيث، أتبعهَا مِنْهُ كلَاما لَا يبين مِنْهُ مذْهبه فِيهَا، فنبين أحوالها، من صِحَة، أَو سقم، أَو حسن. 11 - بَاب ذكر أَحَادِيث أوردهَا على أَنَّهَا صَحِيحَة أَو حَسَنَة، وَهِي ضَعِيفَة من تِلْكَ الطّرق، صَحِيحَة أَو حَسَنَة من غَيرهَا /. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 13 12 - بَاب ذكر أَحَادِيث ضعفها من الطّرق الَّتِي أوردهَا مِنْهَا وَهِي ضَعِيفَة مِنْهَا، صَحِيحَة أَو حَسَنَة من طرق أخر. 13 - بَاب ذكر أَحَادِيث ضعفها، وَهِي صَحِيحَة أَو حَسَنَة، وَمَا أعلها بِهِ لَيْسَ بعلة. 14 - بَاب ذكر أَحَادِيث ضعفها، وَلم يبين بِمَاذَا؟ وضعفها إِنَّمَا هُوَ الِانْقِطَاع أَو / توهمه. 15 - بَاب ذكر أُمُور جميلَة من أَحْوَال رجال يجب اعْتِبَارهَا، فأغفل ذَلِك أَو تنَاقض فِيهِ. 16 - بَاب ذكر رجال لم يعرفهُمْ، وهم ثِقَات، أَو ضِعَاف، أَو مُخْتَلف فيهم. 17 - بَاب ذكر أَحَادِيث، عرف بِبَعْض رواتها، فَأَخْطَأَ فِي التَّعْرِيف بهم. 18 - بَاب ذكر رجال ضعفهم بِمَا لَا يسْتَحقُّونَ، وَأَشْيَاء ذكرهَا من غَيره محتاجة إِلَى التعقب. 19 - بَاب ذكر أَحَادِيث، أغفل مِنْهَا زيادات مفسرة، أَو مكملة، أَو متممة. 20 - بَاب ذكر المصنفين الَّذين أخرج عَنْهُم فِي كِتَابه مَا أخرج: من حَدِيث، أَو تَعْلِيل، أَو تجريح، أَو تَعْدِيل. 21 - بَاب ذكر مضمن هَذَا الْكتاب على نسق التصنيف. فَهَذَا هُوَ الْقسم الرَّاجِع إِلَى نظره، مَا عدا الْبَابَيْنِ الْأَخيرينِ. فَجَمِيع هَذَا الْقسم، إِيهَام مِنْهُ لصِحَّة سقيم، أَو لسقم صَحِيح، أَو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 14 لاتصال مُنْقَطع، أَو لانْقِطَاع مُتَّصِل، أَو لرفع مَوْقُوف، أَو لوقف مَرْفُوع، أَو لثقة ضَعِيف، أَو لضعف ثِقَة، أَو لتيقن مَشْكُوك، أَو لتشكك فِي مستيقن، إِلَى غير ذَلِك من مضمنه، وَبِاعْتِبَار هذَيْن الْقسمَيْنِ من الأوهام والإيهامات سميناه: كتاب بَيَان الْوَهم وَالْإِيهَام، الواقعين فِي كتاب الْأَحْكَام. وَالْبَاب الَّذِي هُوَ لذكر الزِّيَادَة المفسرة، أَو المكملة، هُوَ بَاب يَتَّسِع وَيكثر مضمنه، وَلم نقصده بِالْجمعِ، فَالَّذِي ذكرنَا فِيهِ إِنَّمَا هُوَ المتيسر ذكره، ولعلنا نعثر مِنْهُ على أَكثر من ذَلِك بعد أَن شَاءَ الله. وَقد كنت شرعت فِي بَاب أذكر فِيهِ مَا ترك ذكره من الْأَحَادِيث الصِّحَاح، المفيدة أحكاماً لأفعال الْمُكَلّفين - لست أَعنِي مَا ترك من حسن أَو ضَعِيف، فَإِن هَذَا قد اعْترف هُوَ بِالْعَجزِ عَنهُ، وَهُوَ فَوق مَا ذكر، بل من قسم الصَّحِيح. فرأيته أمرا يكثر ويتعذر الْإِحَاطَة بِهِ وَرَأَيْت مِنْهُ أَيْضا كثيرا لَا أَشك فِي أَنه تَركه قصدا، بعد الْعلم بِهِ وَالْوُقُوف عَلَيْهِ، وَعلمت ذَلِك إِمَّا بِأَن رَأَيْته قد كتبه فِي كِتَابه الْكَبِير، الَّذِي يذكر فِيهِ الْأَحَادِيث بأسانيدها، الَّذِي مِنْهُ اختصر هَذَا، وَإِمَّا بِأَن يكون مَذْكُورا فِي بَاب وَاحِد من مُصَنف، أَو فِي حَدِيث صَحَابِيّ وَاحِد من مُسْند، مَعَ مَا ذكر هُنَا. فَعلمت أَنه ترك ذَلِك قصدا، خطأ أَو صَوَابا، فَأَعْرَضت عَن هَذَا الْمَعْنى، وَهُوَ أَيْضا إِذا تعرض لَهُ لَا يصلح أَن يكون فِي بَاب من كتاب، بل ديوانا قَائِما بِنَفسِهِ، يتَجَنَّب فِيهِ مَا ذكره هُوَ فَقَط. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 15 وَقد يظنّ ظان أَن كتَابنَا هَذَا، مَقْصُور الإفادة على من لَهُ بِكِتَاب أبي مُحَمَّد عبد الْحق اعتناء، فَذَلِك الَّذِي يَسْتَفِيد مِنْهُ إصْلَاح خلل، أَو تَنْبِيها / على مُغفل. وَهَذَا الظَّن مِمَّن يَظُنّهُ خطأ، بل لَو كَانَ كتَابنَا قَائِما بِنَفسِهِ، غير مشير إِلَى كتاب أبي مُحَمَّد الْمَذْكُور، كَانَ - بِمَا فِيهِ من التَّنْبِيه على نكت حَدِيثِيَّةٌ، خلت عَنْهَا وَعَن أَمْثَالهَا الْكتب، وتعريف بِرِجَال يعز وجودهم، ويتعذر الْوُقُوف على الْموضع الَّذِي استفدنا أَحْوَالهم مِنْهَا، وَأَحَادِيث أفدنا فَوَائِد فِي متونها أَو فِي أسانيدها، وَعلل نبهنا عَلَيْهَا، وأصول أَشَرنَا إِلَيْهَا _ أفيد كتاب، وَأعظم ثَمَرَة تجتنى. وَمن لَهُ بِهَذَا الشَّأْن اعتناء، يعرف صِحَة مَا قُلْنَاهُ، وَقد كَاد يكون مِمَّا لم نسبق إِلَى مثله فِي الصِّنَاعَة الحديثية، وترتيب النّظر فِيهَا، الْمُسْتَفَاد بطول الْبَحْث، وَكَثْرَة المباحثة، والمناظرة، والمفاوضة، وَشدَّة الاعتناء، وَوُجُود الْكتب المتعذر وجودهَا على غَيرنَا، مِمَّا تيَسّر الإنعام بِهِ من الله سُبْحَانَهُ علينا، لَهُ الْحَمد وَالشُّكْر. فَلَيْسَ فِي كتاب أبي مُحَمَّد: عبد الْحق حَدِيث إِلَّا وقفت عَلَيْهِ فِي الْموضع الَّذِي نَقله مِنْهُ، بل وَفِي مَوَاضِع لم يرهَا هُوَ قطّ، بل لَعَلَّه مَا سمع بهَا، إِلَّا أَحَادِيث يسيرَة جدا، لم أَقف عَلَيْهَا فِي موَاضعهَا، وَلم آل جهداً، وَلَا أَدعِي سَلامَة من الْخَطَأ، لكني أتيت بالمستطاع، فَإِن أصبت فأرجو تَضْعِيف الْأجر، وَالله يعْفُو عَن الزلل، ويتفضل بإجزال ثَوَاب بذل المجهود، وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِهِ، وَهَذَا حِين أبتدئ مستعيناً بِاللَّه سُبْحَانَهُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 16 الْقسم الأول بَيَان الْوَهم وَهُوَ مَا يرجع إِلَى نقل أبي مُحَمَّد عبد الْحق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 17 (1) بَاب ذكر الزِّيَادَة فِي الْأَسَانِيد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 19 (1) ذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن بشير بن خَلاد، عَن أمه، قَالَت: دخلت على مُحَمَّد بن كَعْب، فَسَمعته يَقُول: حَدثنِي أَبُو هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " توسطوا الإِمَام وسدوا الْخلَل " ... الحَدِيث. كَذَا وَقع، وَهُوَ خطأ، وَلَعَلَّه تغير بعده، وَهُوَ هَكَذَا يزْدَاد بِهِ فِي الْإِسْنَاد من لَيْسَ مِنْهُ، وَصَوَابه / عَن يحيى بن بشير بن خَلاد، عَن أمه. كَذَا هُوَ فِي الْموضع الَّذِي نَقله مِنْهُ، وَقد بَقِي أَن نبين عِلّة الْخَبَر، وسنذكرها فِي موضعهَا إِن شَاءَ الله. (2) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد، من حَدِيث عَطاء بن أبي مَيْمُونَة - وكنيته أَبُو معَاذ - قَالَ: حَدثنَا أبي، وَحَفْص الْمنْقري، عَن الْحسن، عَن سَمُرَة، أَن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 21 رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كَانَ يسلم تَسْلِيمَة وَاحِدَة تِلْقَاء وَجهه ". ثمَّ قَالَ: عَطاء هَذَا ضَعِيف، مَعْرُوف بِالْقدرِ، مَعَ كَلَامه فِي سَماع الْحسن من سَمُرَة، انْتهى كَلَامه. وَعَلِيهِ فِيهِ أَدْرَاك: مِنْهَا أَنه جعله من حَدِيث عَطاء بن أبي مَيْمُونَة، عَن أَبِيه وَحَفْص. وَلَيْسَ كَذَلِك، وَإِنَّمَا هُوَ من رِوَايَة روح بن عَطاء، قَالَ: حَدثنِي ابي وَحَفْص الْمنْقري. فَلَيْسَ عَطاء على هَذَا بعلة لَهُ، لِأَنَّهُ مقرون بحفص الْمنْقري. وَحَفْص هُوَ ابْن سُلَيْمَان لَا بَأْس بِهِ من قدماء أَصْحَاب الْحسن، وروى عَنهُ حَمَّاد بن زيد، وَمعمر، وَنَحْوهمَا. فإعلال أبي مُحَمَّد هَذَا الْخَبَر بعطاء، خطأ، وَهُوَ بِنَاء مِنْهُ على خطأ فِي جعله إِيَّاه من رِوَايَة عَطاء عَن أَبِيه وَحَفْص. وَإِنَّمَا هُوَ من رِوَايَة روح عَن أَبِيه وَحَفْص /. وعلته إِنَّمَا هِيَ ضعف روح بن عَطاء، ووالد عَطاء لَا مدْخل لَهُ فِي إِسْنَاده. وَذكره أَبُو أَحْمد فِي بَاب روح، وَفِي بَاب عَطاء، فنقله أَبُو مُحَمَّد من بَاب عَطاء، وَهُوَ فِيهِ مُخْتَصر، وَهُوَ فِي بَاب روح بكامله. وَمن هَاهُنَا يتَبَيَّن عَلَيْهِ فِي سوقه إِيَّاه دَرك ثَان، نذكرهُ هُنَا وَإِن لم يكن من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 22 هَذَا الْبَاب ليجتمع الْكَلَام على الحَدِيث. قَالَ أَبُو أَحْمد فِي بَاب عَطاء: أخبرنَا السَّاجِي، قَالَ: حَدثنَا أَبُو كَامِل الجحدري، قَالَ: حَدثنَا روح بن عَطاء بن أبي مَيْمُونَة، قَالَ: حَدثنَا أبي وَحَفْص الْمنْقري، عَن الْحسن، عَن سَمُرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " كَانَ يسلم تَسْلِيمَة تِلْقَاء وَجهه " هَذَا نَصه، وعَلى هَذَا صَحَّ لأبي مُحَمَّد أَن يدْخلهُ فِي جملَة الْأَحَادِيث الَّتِي فِيهَا الِاقْتِصَار على تَسْلِيمَة وَاحِدَة، وَلَا سِيمَا بِمَا زَاد فِي لَفظه من قَوْله: " وَاحِدَة " وَلَيْسَ ذَلِك فِي كتاب أبي أَحْمد الَّذِي مِنْهُ نَقله. وَقَالَ فِي بَاب روح: حَدثنَا حَمْزَة بن مُحَمَّد قَالَ: وَحدثنَا نعيم بن حَمَّاد قَالَ: حَدثنَا روح بن عَطاء بن أبي مَيْمُونَة، عَن أَبِيه، عَن الْحسن، عَن سَمُرَة قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يسلم فِي الصَّلَاة تَسْلِيمَة قبالة وَجهه، فَإِذا سلم عَن يَمِينه سلم عَن يسَاره ". فَفِي هَذَا - كَمَا ترى - ثَلَاث تسليمات. وَإِلَى هَذَا فَإِنَّهُ قد تنَاقض فِي عَطاء بن أبي مَيْمُونَة، فَسكت عَمَّا هُوَ من رِوَايَته مصححاً لَهُ، وَلم يبين أَنه من رِوَايَته. (3) وَذَلِكَ حَدِيث أنس " مَا رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رفع إِلَيْهِ شَيْء فِيهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 23 قصاص إِلَّا أَمر فِيهِ بِالْعَفو ". فَهَذَا دَرك ثَالِث فَاعْلَم ذَلِك. (4) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن عبد الله بن كنَانَة، قَالَ: أَرْسلنِي الْوَلِيد ابْن عتبَة - وَكَانَ أَمِير الْمَدِينَة - إِلَى ابْن عَبَّاس أسأله عَن صَلَاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الاسْتِسْقَاء، فَقَالَ: " خرج رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - متبذلا متواضعاً، متضرعا " الحَدِيث. كَذَا أوردهُ، وَهُوَ خطأ فَاحش، يزْدَاد بِهِ فِي الْإِسْنَاد من لَيْسَ مِنْهُ، بل فِي الروَاة من لَيْسَ مِنْهُم، وَهَذَا يدل على تسامحه فِي إِيرَاد أَحَادِيث لَا يعرف بعض رجالها، ويسكت عَنْهَا مصححا لَهَا. وسأريك من هَذَا كثيرا فِي بَابه إِن شَاءَ الله. وَبَيَان الْخَطَأ فِي هَذَا، هُوَ أَن عبد الله بن كنَانَة، لَيْسَ من رُوَاة الْأَخْبَار وَلَا مِمَّن تعرف لَهُ حَال. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 24 وَهَذَا الحَدِيث لَيْسَ من رِوَايَته، وَإِنَّمَا سَاقه أَبُو دَاوُد هَكَذَا: حَدثنَا النُّفَيْلِي، وَعُثْمَان بن أبي شيبَة، قَالَا: حَدثنَا حَاتِم بن إِسْمَاعِيل قَالَ: حَدثنَا هِشَام بن إِسْحَاق بن عبد الله بن كنَانَة، قَالَ: حَدثنَا أبي قَالَ: أَرْسلنِي الْوَلِيد ابْن عتبَة إِلَى ابْن عَبَّاس، فَذكر الحَدِيث. فعبد الله جد هِشَام - وَهُوَ عبد الله بن الْحَارِث بن كنَانَة - لَا مدْخل لَهُ فِي هَذَا الْإِسْنَاد، إِنَّمَا صَاحب الْقِصَّة الْمُرْسل فِيهَا إِلَى ابْن عَبَّاس، ابْنه إِسْحَاق بن عبد الله بن كنَانَة، وَهُوَ مدنِي ثِقَة. وَابْنه هِشَام بن إِسْحَاق، هُوَ أَخُو عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق، يروي عَنهُ الثَّوْريّ، وحاتم بن إِسْمَاعِيل، وَهُوَ من الشُّيُوخ. والقصة مَعْرُوفَة هَكَذَا عِنْد غير أبي دَاوُد أَيْضا، من رِوَايَة غير حَاتِم بن إِسْمَاعِيل. (5) قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا الْحُسَيْن بن الْحسن بن عبد الرَّحْمَن القَاضِي. الْأَنْطَاكِي قَالَ: حَدثنَا أَبُو الْحَارِث اللَّيْث بن عَبدة، قَالَ: حَدثنَا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 25 عبد الله بن يُوسُف، قَالَ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن ربيعَة بن هِشَام بن إِسْحَاق، من بني عَامر بن لؤَي أَنه سمع / جده هِشَام بن إِسْحَاق، يحدث عَن أَبِيه إِسْحَاق ابْن عبد الله، أَن الْوَلِيد بن عتبَة أَمِير الْمَدِينَة أرْسلهُ إِلَى ابْن عَبَّاس، الحَدِيث. (6) رَوَاهُ أَيْضا يحيى بن عُثْمَان بن صَالح، عَن عبد الله بن يُوسُف كَذَلِك وَرَوَاهُ أَيْضا سُفْيَان الثَّوْريّ عَن هِشَام بن إِسْحَاق بن عبد الله بن كنَانَة، عَن أَبِيه قَالَ /: أَرْسلنِي أَمِير من الْأُمَرَاء إِلَى ابْن عَبَّاس، أسأله عَن الاسْتِسْقَاء، الحَدِيث. وَيَكْفِي فِي هَذَا أَن الْموضع الَّذِي نَقله مِنْهُ، هُوَ فِيهِ على مَا ذكرت لَك من الصَّوَاب، لَا على مَا ذكر من الْخَطَأ. وَقد أتبع هَذَا خطأ آخر، اعْتقد بِهِ فِي قصَّة أُخْرَى أَنَّهَا هَذِه، سأذكرها فِي جملَة الْأَحَادِيث الَّتِي عطفها على أخر، أَو أردفها إِيَّاهَا وَلَيْسَت عَن رَاوِي الْمَعْطُوف عَلَيْهِ - إِن شَاءَ الله تَعَالَى -. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 26 (7) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ عَن أم كَبْشَة أَنَّهَا قَالَت: يَا رَسُول الله، إِنِّي آلَيْت أَن أَطُوف بِالْبَيْتِ حبواً، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " طوفي على رجليك سبعين " الحَدِيث. وَهُوَ خطأ فِي موضِعين: أَحدهمَا: قَوْله: عَن أم كَبْشَة - هَكَذَا بالكنية - وَإِنَّمَا صَوَابه: أمه كَبْشَة، فَإِنَّهَا كَبْشَة بنت معدي كرب عمَّة الْأَشْعَث بن قيس، أم مُعَاوِيَة بن حديج. وَالْآخر: أَنه جعل الحَدِيث عَنْهَا، وَجعلهَا راوية للْخَبَر، وَلَيْسَ الْأَمر كَذَلِك فِيهِ عِنْد من نَقله من عِنْده، وَهُوَ الدَّارَقُطْنِيّ، وَإِنَّمَا أوردهُ عَن مُعَاوِيَة بن حديج، أَنه قدم على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَمَعَهُ أمه كَبْشَة بنت معدي كرب، عمَّة الْأَشْعَث بن قيس، فَقَالَت أمه: يَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنِّي أليت. الحَدِيث. هَكَذَا هُوَ، لَيْسَ فِيهِ " عَنْهَا " فَجعل الحَدِيث عَنْهَا، زِيَادَة راو فِي الْإِسْنَاد، والْحَدِيث إِنَّمَا هُوَ من رِوَايَة ابْنهَا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، والْحَدِيث فِي غَايَة الضعْف بالضعفاء والمجاهيل، فَاعْلَم ذَلِك. (8) وَذكر من طَرِيق مُسلم، عَن سبيعة الأسْلَمِيَّة، أَنَّهَا نفست بعد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 27 وَفَاة زَوجهَا بِثَلَاث لَيَال، وَأَنَّهَا ذكرت ذَلِك لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " فَأمرهَا أَن تتَزَوَّج " هَكَذَا ذكر هَذَا الحَدِيث مُخْتَصرا من رِوَايَة سبيعة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَذَلِكَ أَيْضا خطأ كَالَّذي قبله، فَإِن سبيعة لم تروه، وَلَا أَخذ ذَلِك عَنْهَا، وَإِنَّمَا هِيَ صَاحِبَة الْقِصَّة. (9) كَأبي جهم فِي قصَّة الأنبجانية. (10) وَذي الْيَدَيْنِ فِي قصَّة السَّهْو. فَلَو روى راو حَدِيث السَّهْو عَن ذِي الْيَدَيْنِ، أَو حَدِيث الأنبجانية عَن أبي جهم، كَانَ مخطئا، فَكَذَلِك هَذَا، وَإِنَّمَا راويته أم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا. قَالَ مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى الْعَنزي، حَدثنَا عبد الْوَهَّاب، سَمِعت يحيى بن سعيد، أَخْبرنِي سُلَيْمَان بن يسَار أَن أَبَا سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن وَابْن عَبَّاس اجْتمعَا عِنْد أبي هُرَيْرَة، وهما يذكران الْمَرْأَة تنفس بعد وَفَاة زَوجهَا بِليَال، فَقَالَ ابْن عَبَّاس: عدتهَا آخر الْأَجَليْنِ، وَقَالَ أَبُو سَلمَة: قد حلت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 28 فَجعلَا يتنازعان ذَلِك، قَالَ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة أَنا مَعَ ابْن أخي يَعْنِي أَبَا سَلمَة، فبعثوا كريبا مولى ابْن عَبَّاس إِلَى أم سَلمَة، فَسَأَلَهَا عَن ذَلِك، فَجَاءَهُمْ وَأخْبرهمْ أَن أم سَلمَة قَالَت: إِن سبيعة الأسْلَمِيَّة نفست بعد وَفَاة زَوجهَا بِليَال، وَإِنَّهَا ذكرت ذَلِك لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَأمرهَا أَن تتَزَوَّج. هَذَا نَص الْخَبَر، وَمَا فِيهِ عَن سبيعة حرف وَلَا عِنْد كريب مِنْهَا خبر، وَلَو كَانَ عَنْهَا كَانَ مُنْقَطِعًا فِيمَا بَينهَا وَبَين كريب، فَاعْلَم ذَلِك. (11) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن أبي الزبير، عَن جَابر وَعبد الرَّحْمَن بن سابط، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَصْحَابه كَانُوا ينحرون الْبَدنَة معقولة [الْيَد] الْيُسْرَى قَائِمَة على مَا بَقِي من قَوَائِمهَا. كَذَا أورد هَذَا الحَدِيث، وَهُوَ هَكَذَا خطأ، فَإِنَّهُ يزْدَاد بِهِ فِي الْإِسْنَاد أَبُو الزبير، أَعنِي بِرِوَايَة ابْن سابط، وَأَبُو الزبير لَيْسَ يرويهِ عَن ابْن سابط أصلا، وَلَا أعرفهُ يرْوى عَنهُ، وَلَعَلَّه أَصْغَر مِنْهُ، وَأَحَادِيثه عَن جَابر غير مسموعة، قَالَه ابْن معِين فِيمَا روى عَنهُ الدوري. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 29 وَأما أَبُو الزبير فَصَاحب جَابر، وَقد رَأَيْت أَبَا مُحَمَّد بن يَرْبُوع غلط فِي هَذَا كغلط أبي مُحَمَّد عبد الْحق، فَزَاد فِي الروَاة عَن ابْن سابط أَبَا الزبير، وَأعلم ذَلِك بعلامة أبي دَاوُد، فَهُوَ إِنَّمَا يَعْنِي هَذَا الْمَكَان فِيمَا أرى. \ وَالصَّوَاب فِيهِ، هُوَ أَن ابْن جريح يرويهِ عَن أبي الزبير، وَعبد الرَّحْمَن ابْن سابط، قَالَ أَبُو الزبير: عَن جَابر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَقَالَ ابْن سابط: عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أرْسلهُ عَنهُ، وَلم يذكر من حَدثهُ بِهِ. وَنَصّ الْوَاقِع من ذَلِك عِنْد أبي دَاوُد هُوَ هَذَا: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة، قَالَ: حَدثنَا أَبُو خَالِد الْأَحْمَر، عَن ابْن جريج، عَن أبي الزبير، عَن جَابر. وَأَخْبرنِي عبد الرَّحْمَن بن سابط، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَصْحَابه، فَذكر الحَدِيث. فَهَذَا إِنَّمَا مَعْنَاهُ مَا قلته من أَن ابْن جريج قَالَ: عَن أبي الزبير عَن جَابر. ثمَّ عَاد فَقَالَ: وَأَخْبرنِي عبد الرَّحْمَن بن سابط. قَالَ عَبَّاس الدوري فِي كِتَابه: سَمِعت يحيى بن معِين يَقُول: قَالَ ابْن جريج: حَدثنِي عبد الرَّحْمَن بن سابط، قيل لَهُ: سمع من جَابر؟ قَالَ: لَا، هُوَ مُرْسل. وَسَيَأْتِي فِي بَاب ذكر الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا مُتَّصِلَة وَهِي مُنْقَطِعَة ذكر مَا أورد أَبُو مُحَمَّد مِمَّا هُوَ من رِوَايَة ابْن جريج عَن ابْن سابط الْمَذْكُور إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَقَالَ أَبُو بكر بن أبي شيبَة فِي مُصَنفه: حَدثنَا يحيى بن سعيد، عَن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 30 ابْن جريج، عَن ابْن سابط أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَصْحَابه " كَانُوا يعْقلُونَ يَد الْبَدنَة الْيُسْرَى، وينحرونها قَائِمَة على مَا بَقِي من قوائهما ". فَهَذَا حَدِيث ابْن سابط، مَفْصُولًا عَن حَدِيث أَبى الزبير، من رِوَايَة ابْن جريج عَنهُ فاعلمه. (12) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد أَيْضا، عَن عبد الرَّحْمَن بن رُقَيْش أَنه سمع شُيُوخًا من بني عَمْرو بن عَوْف، وَمن خَاله عبد الله بن أبي أَحْمد قَالَ: قَالَ عَليّ بن أبي طَالب: حفظت عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لَا يتم بعد احْتِلَام، وَلَا صمَات يَوْم إِلَى ليل ". ثمَّ قَالَ: الْمَحْفُوظ مَوْقُوف على عَليّ. هَكَذَا ذكره، وَهُوَ خطأ / زَاد بِهِ فِي الْإِسْنَاد من لَيْسَ مِنْهُ وَلَا يعرف بروايته، وَإِنَّمَا الحَدِيث عَن سعيد بن عبد الرَّحْمَن بن رُقَيْش، أَنه سمع شُيُوخًا من بني عَمْرو بن عَوْف، وَمن خَاله عبد الله بن أبي أَحْمد. وَسَعِيد هُوَ الْمَعْرُوف بِهِ، وَهُوَ ثِقَة مَعْرُوف، فَأَما أَبوهُ فَغير مَعْرُوف بِهِ، بل وَلَا فِي الروَاة. وَهَكَذَا على الصَّوَاب هُوَ عِنْد أبي دَاوُد الَّذِي نَقله من عِنْده، وَلِلْحَدِيثِ شَأْن آخر / سَنذكرُهُ فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ضعفها وَلم يبين عللها، وَإِن شَاءَ الله تَعَالَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 31 (13) وَذكر من طَرِيق البُخَارِيّ، عَن عبد الله بن موهب، قَالَ: دخلت على أم سَلمَة، فأخرجت لنا شَعرَات من شعر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مخضوباً. زَاد ابْن أبي خَيْثَمَة: " بِالْحِنَّاءِ والكتم " والإسناد وَاحِد، انْتهى مَا ذكر كَمَا ذكره. وَهُوَ خطأ يزْدَاد لَهُ فِي الْإِسْنَاد من لَيْسَ مِنْهُ، وَإِنَّمَا الدَّاخِل على أم سَلمَة الشَّاهِد لما ذكر، عُثْمَان بن عبد الله بن موهب. كَذَا هُوَ عِنْد البُخَارِيّ الَّذِي نَقله من عِنْده، وَعند غَيره أَيْضا. قَالَ البُخَارِيّ: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، حَدثنَا سَلام، عَن عُثْمَان بن عبد الله بن موهب قَالَ: دخلت على أم سَلمَة ... فَذكره. وَرَوَاهُ ابْن أبي خَيْثَمَة، عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل ايضاً بِالزِّيَادَةِ الْمَذْكُورَة. وَعُثْمَان بن عبد الله بن موهب أَبُو عبد الله الْأَعْرَج، مولى طَلْحَة بن عبيد الله، وَيُقَال: مولى لآل الحكم بن أبي الْعَاصِ، مدنِي كَانَ بالعراق، وروى عَن ابي هُرَيْرَة، وَابْن عمر، وَأم سَلمَة، ومُوسَى بن طَلْحَة بن عبيد الله، وَهُوَ ثِقَة، وَثَّقَهُ ابْن معِين وَغَيره، وَأخرج لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم. فَأَما أَبوهُ عبد الله بن موهب فَلَا أعلمهُ فِي رُوَاة الْأَخْبَار. فَجعل الحَدِيث عَنهُ يدل على الْمُسَامحَة بإيراد الْأَحَادِيث من غير علم برواتها، اعْتِمَادًا على إِخْرَاج البُخَارِيّ أَو مُسلم إِيَّاهَا، فَاعْلَم ذَلِك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 32 كل مَا ذكر فِي هَذَا الْبَاب، فَهُوَ يزْدَاد بِهِ فِي الْإِسْنَاد من لَيْسَ مِنْهُ، وَهُوَ أَيْضا نِسْبَة الْأَحَادِيث إِلَى غير رواتها. وَهَذِه التَّرْجَمَة ستأتي فَكَانَ هَذَا نوعا مِنْهَا، فَإِنَّهُ لَيْسَ كل حَدِيث نسب إِلَى غير رَاوِيه فقد زيد فِي إِسْنَاده وَاحِد، وكل حَدِيث زيد فِي إِسْنَاده من لم يروه، فقد نسب إِلَى غير رَاوِيه، وَالله الْمُوفق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 33 (2) بَاب النَّقْص من الْأَسَانِيد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 35 (14) ذكر من طَرِيق مُسلم عَن شُعْبَة، عَن ابي بَرزَة - وَسُئِلَ عَن صَلَاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " كَانَ يُصَلِّي الظّهْر حِين تَزُول الشَّمْس " الحَدِيث. كَذَا وَقع هَذَا فِي النّسخ، وَهُوَ هَكَذَا خطأ، وَينْقص مِنْهُ سيار بن سَلامَة بَين شُعْبَة وَأبي بَرزَة. وَلَا أَدْرِي لأي شَيْء ذكر شُعْبَة، إِلَّا أَن يذكر بعده سيار بن سَلامَة، فَكَانَ يكون بذلك مَذْكُورا بِقِطْعَة من إِسْنَاده، وعَلى أَنه لَا يذكر الْأَحَادِيث / بِقطع من أسانيدها إِلَّا إِذا كَانَ مَا يذكر موضعا للنَّظَر، فيتبرأ بِذكر مَا يذكر من الْعهْدَة فِيهِ، أَو يبين الْعلَّة، وَإِنَّمَا الَّذِي بنى عَلَيْهِ وَعمل بِهِ، الِاقْتِصَار على صَحَابِيّ الحَدِيث الصَّحِيح، فَاعْلَم ذَلِك. (15) وَذكر من طَرِيق مُسلم أَيْضا قَالَ: وَعَن عَطاء، عَن عبد الله بن عَمْرو، فِي هَذَا / الحَدِيث: " فَصم صِيَام دَاوُد، قَالَ: وَكَيف كَانَ يَصُوم دَاوُد يَا نَبِي الله؟ " الحَدِيث. كَذَا أَيْضا أرَاهُ فِي النّسخ، وَهُوَ هَكَذَا خطأ، وَإِنَّمَا هُوَ عِنْد مُسلم: عَن عَطاء، عَن أبي الْعَبَّاس الشَّاعِر، عَن عبد الله بن عَمْرو. وَإِنَّمَا اعتراه مَا اعتراه من ذَلِك فِي الِاخْتِصَار، فاعلمه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 37 (16) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، من حَدِيث عبد الله بن لَهِيعَة، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَسَأَلَهُ رجل عَن الْوتر - فَقَالَ: " افصل بَين الْوَاحِدَة والثنتين بِالسَّلَامِ ". كذاأورده، وَهُوَ خطأ، سقط مِنْهُ بَين ابْن لَهِيعَة وَنَافِع، يزِيد بن أبي حبيب. كَذَلِك هُوَ فِي كتاب الدَّارَقُطْنِيّ من رِوَايَة سعيد بن عفير، عَن ابْن لَهِيعَة، فَأَما فِي رِوَايَة أبي الْأسود عَن ابْن لَهِيعَة، فَسقط مِنْهُ اثْنَان، فَإِنَّهُ يرويهِ عَن ابْن لَهِيعَة، عَن يزِيد بن أبي حبيب، عَن بكير بن الأشع، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر وكل ذَلِك ذكره الدَّارَقُطْنِيّ، فاعلمه. (17) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن عَائِشَة، ان النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أخر طواف الزِّيَارَة إِلَى اللَّيْل ". كَذَا ذكره عَن عَائِشَة، وَلَيْسَ هُوَ فِي كتاب التِّرْمِذِيّ عَن عَائِشَة وَحدهَا، لَكِن عَن سُفْيَان، عَن أبي الزبير، عَن ابْن عَبَّاس وَعَائِشَة. وَقد كرر أَبُو مُحَمَّد ذكره فِي آخر الْبَاب من طَرِيق أبي دَاوُد، فَقَالَ فِيهِ عَن أبي الزبير، عَن ابْن عَبَّاس وَعَائِشَة، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أخر الطّواف يَوْم النَّحْر إِلَى اللَّيْل " الجزء: 2 ¦ الصفحة: 38 وَقد يظنّ بِهِ أَنه اقْتصر على عَائِشَة، وَترك ابْن عَبَّاس لم يذكرهُ، كَمَا فعل فِي حَدِيث: (18) " يُنَادي مُنَاد: إِن لكم أَن تصحوا فَلَا تسقموا أبدا وَأَن لكم أَن تحيوا فَلَا تَمُوتُوا أبدا، وَإِن لكم أَن تشبوا فَلَا تهرموا أبدا " الحَدِيث. فَإِنَّهُ ذكره من عِنْد مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة وَحده، وَإِنَّمَا هُوَ عِنْد مُسلم عَن أبي سعيد وَأبي هُرَيْرَة. فَأَبُو مُحَمَّد إِمَّا أَن يكون اقْتصر على أَحدهمَا / بِالْقَصْدِ [مِنْهُ] ، وَإِمَّا أَن يكون وضع بَصَره على أول الْإِسْنَاد وَهُوَ أَبُو هُرَيْرَة، وَلم يلْتَفت مَا قبله ظنا مِنْهُ أَن لَيْسَ قبله إِلَّا التَّابِعِيّ، إِذْ هُوَ لَا يضع نظرا فِي أَسَانِيد الصَّحِيحَيْنِ. وَحَدِيث أبي الزبير هَذَا، لَا يَصح أَن يكون فعل ذَلِك فِيهِ بِالْقَصْدِ - أَعنِي أَن يقْتَصر على عَائِشَة دون ابْن عَبَّاس - إِلَّا أَن يكون قد أَخطَأ. وَبَيَان الْخَطَأ فِيهِ، هُوَ أَنه لَا خَفَاء عِنْد أهل صناعَة النَّقْل بقبح الِاقْتِصَار على رِوَايَة أبي الزبير عَن عَائِشَة، بَدَلا من أبي الزبير عَن ابْن عَبَّاس، فَإِن أَبَا الزبير مَعْرُوف الرِّوَايَة عَن ابْن عَبَّاس، ومجهولها عَن عَائِشَة. فَهُوَ إِن كَانَ فعل ذَلِك، فقد اقْتصر على مَا يشك فِيهِ وَلَا يعرف، وَمَا هُوَ مَوضِع نظر، وَترك مَالا ريب فِيهِ عِنْدهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 39 وَقد ذكر التِّرْمِذِيّ فِي كتاب الْعِلَل أَنه سَأَلَ البُخَارِيّ عَن هَذَا الحَدِيث نَفسه قَالَ، قلت لَهُ: سمع أَبُو الزبير من ابْن عَبَّاس عَائِشَة؟ قَالَ: أما من أبن عَبَّاس فَنعم، وَفِي سَمَاعه من عَائِشَة نظر. فَهَذَا من البُخَارِيّ تَصْرِيح بِأَنَّهُ قد سمع من ابْن عَبَّاس، وَهُوَ صَحِيح كَمَا ذكر، وَإِن كُنَّا نجده يروي عَن بتوسط سعيد بن جُبَير، أَو أبي معبد بَينهمَا، على مَا نبين إِن شَاءَ الله تَعَالَى / فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ذكرهَا بِقطع من أسانيدها، إِذْ أعَاد ذكر هَذَا الحَدِيث هُنَالك، من أجل تَدْلِيس أبي الزبير. فَمن يظنّ بِهِ أَنه ترك رِوَايَة أبي الزبير عَن ابْن عَبَّاس لروايته عَن عَائِشَة، يحمل عَلَيْهِ أَنه جهل ترجح رِوَايَته عَن ابْن عَبَّاس على رِوَايَته عَن عَائِشَة. ويغلب على الظَّن أَن ذَلِك لم يكن مِنْهُ بِقصد، وَإِنَّمَا اعتراه فِيهِ أَنه ظن أَنه من رِوَايَة ابْن عَبَّاس عَن عَائِشَة، وَأَن ابْن عَبَّاس فِيهِ بِمَنْزِلَة التَّابِعِيّ، فَتَركه وَاقْتصر على عَائِشَة، اقْتِصَاره من الْأَسَانِيد على الصَّحَابَة. وَهَكَذَا رَأَيْته كتبه بِخَطِّهِ فِي كِتَابه الْكَبِير، حَيْثُ يذكر الْأَحَادِيث بأسانيدها، سَاقه بِإِسْنَادِهِ فَقَالَ فِيهِ: عَن أبي الزبير، عَن ابْن عَبَّاس، عَن عَائِشَة، هَكَذَا على الْخَطَأ ثمَّ اخْتَصَرَهُ من هُنَاكَ فَبَقيَ كَمَا كَانَ. والْحَدِيث مَشْهُور كَمَا هُوَ عِنْد التِّرْمِذِيّ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 40 قَالَ عَليّ بن عبد الْعَزِيز فِي منتخبه: حَدثنَا مُحَمَّد بن عمار، حَدثنَا يحيى بن سعيد / عَن سُفْيَان، حَدثنَا أَبُو الزبير، عَن عَائِشَة وَابْن عَبَّاس، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أخر طواف الزِّيَارَة إِلَى اللَّيْل " وأظن أَنا أَبَا مُحَمَّد اعْتقد فِي حَدِيث أبي دَاوُد، عَن أبي الزبير، عَن ابْن عَبَّاس وَعَائِشَة /، - الَّذِي قُلْنَا: إِنَّه ذكره فِي آخر الْبَاب - أَنه فِي معنى لآخر، كَأَنَّهُ اعْتقد فِي حَدِيث التِّرْمِذِيّ إِنَّه فِي طواف الْقدوم، وَفِي حَدِيث أبي دَاوُد أَنه فِي طواف الْإِفَاضَة، فَإِنَّهُ ذكر حَدِيث التِّرْمِذِيّ فِي أول الْبَاب - حِين ذكر الْأَحَادِيث الَّتِي فِيهَا طواف الْقدوم - وَذكر حَدِيث أبي دَاوُد فِي آخر الْبَاب حِين ذكر طواف الْإِفَاضَة، وَلَيْسَ الْأَمر كَذَلِك، وَمَا هُوَ إِلَّا حَدِيث وَاحِد، وَمَا الطّواف الَّذِي ذكر فيهمَا إِلَّا طواف الْإِفَاضَة إِلَّا أَن عَائِشَة وَابْن عَبَّاس خالفا غَيرهمَا من الصَّحَابَة، مِمَّن روى أَنه عَلَيْهِ السَّلَام: " طَاف يَوْم النَّحْر نَهَارا ". هَذَا قَول ابْن عمر وَجَابِر، وَاخْتلفَا أَيْن صلى الظّهْر، هَل بِمَكَّة أَو بمنى؟ وَكَانَت صلَاته عِنْدهمَا بعد الطّواف. وَلَيْسَ هَذَا مَوضِع النّظر فِي صِحَة الصَّحِيح من هَذَا أَو جمعه، فاعلمه. (19) وَذكر من طَرِيق أَبى أَحْمد، من حَدِيث مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن ابْن الرداد، عَن يحيى بن سعيد، قَالَ: تكلم مَرْوَان يَوْمًا [عَليّ النَّاس] فَذكر مَكَّة، فأطنب فِي ذكرهَا، وَلم يذكر الْمَدِينَة، فَقَامَ رَافع بن خديج، فَقَالَ: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 41 مَالك يَا هَذَا! ذكرت مَكَّة فأطنبت فِي ذكرهَا وَأشْهد لسمعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " الْمَدِينَة خير من مَكَّة ". كَذَا وَقع فِي النّسخ، وَهُوَ هَكَذَا ينقص مِنْهُ ذكر " عمْرَة " فَإِنَّهُ عِنْد أبي أَحْمد عَن يحيى بن سعيد، عَن عمْرَة، قَالَت: تكلم مَرْوَان. وَكَذَلِكَ يتَّصل الحَدِيث من رِوَايَة يحيى بن سعيد، عَن عمْرَة، عَن رَافع ابْن خديج، وَلَو كَانَ على مَا وَقع عَلَيْهِ عِنْده كَانَ مُنْقَطِعًا، وَهُوَ لم يعرض لَهُ بالانقطاع، فَاعْلَم ذَلِك. (20) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ، عَن حسان بن عبد الله، قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله، مَتى تَنْقَطِع الْهِجْرَة؟ قَالَ: " لَا تَنْقَطِع الْهِجْرَة مَا قوتل الْكفَّار ". قَالَ النَّسَائِيّ: حسان بن عبد الله لَيْسَ بالمشهور / قَالَ: وَذكر النَّسَائِيّ أَيْضا عَن عبد الله بن محيريز، عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن حبيب الْمصْرِيّ، قَالَ أَتَيْنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكر مثله. ثمَّ قَالَ عَن النَّسَائِيّ: إِنَّه قَالَ: مُحَمَّد بن حبيب لَا أعرفهُ، قَالَ: وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم: مُحَمَّد بن حبيب قَالَ: أتيت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَسَأَلته عَن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 42 الْهِجْرَة. رَوَاهُ عَنهُ عبد الله بن السَّعْدِيّ، وَأَبُو إِدْرِيس الْخَولَانِيّ، انْتهى مَا ذكر بنصه. ورأيته هَكَذَا فِي نسخ، وَرَأَيْت فِي بَعْضهَا: قَالَ: وَذكره النَّسَائِيّ أَيْضا عَن عبد الله بن محيريز، عَن عبد الله بن حبيب الْمصْرِيّ قَالَ /: أَتَيْنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَذكر مثله. فَأَقُول - وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق -: إِن فِي هَذَا الْكَلَام أخطاء هِيَ كلهَا تَغْيِير فِي النَّقْل. أَولهَا: قَوْله: حسان بن عبد الله، قَالَ: قلت، يَا رَسُول الله. وَلم يَقع هَكَذَا فِي كتاب النَّسَائِيّ، وَلَا يَصح أَن يكون كَذَلِك، وَمَا هُوَ إِلَّا تغير بِسُقُوط الصَّحَابِيّ، وَمِمَّا يدلك على ذَلِك قَوْله عَن النَّسَائِيّ: حسان ابْن عبد الله لَيْسَ بالمشهور، فَإِنَّهُ لم تجر لَهُ عَادَة بِوَضْع مثل هَذَا القَوْل فِيمَن هُوَ صَحَابِيّ، فَهُوَ إِذا قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله، لَا ينظر فِيهِ. هَذَا مذْهبه وعادته، وَالَّذِي فِي كتاب النَّسَائِيّ إِنَّمَا هُوَ: عَن حسان بن عبد الله، عَن ابْن السَّعْدِيّ، ولنورده بنصه: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 43 قَالَ النَّسَائِيّ: حَدثنَا مَحْمُود بن خَالِد، قَالَ: حَدثنَا مَرْوَان، قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن الْعَلَاء - هُوَ ابْن زبر - قَالَ: حَدثنَا بسر بن عبيد الله، عَن أبي إِدْرِيس الْخَولَانِيّ، عَن حسان بن عبد الله الضمرِي، عَن عبد الله بن السَّعْدِيّ، قَالَ: وفدنا على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَدخل عَلَيْهِ أَصْحَابه فَقضى حَاجتهم، ثمَّ كنت آخِرهم دُخُولا عَلَيْهِ، فَقَالَ: " حَاجَتك؟ " فَقلت: يَا رَسُول الله، مَتى تَنْقَطِع الْهِجْرَة؟ فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تَنْقَطِع الْهِجْرَة مَا قوتل الْكفَّار ". وَهَكَذَا رَوَاهُ أَيْضا عَمْرو بن أبي سَلمَة عَن عبد الله بن الْعَلَاء بن زبر، كَمَا رَوَاهُ مَرْوَان بن مُحَمَّد، وَعلة هَذَا الْخَبَر، الْجَهْل بِحَال حسان بن عبد الله، فَإِنَّهُ لَا يعرف إِلَّا بِرِوَايَة أبي إِدْرِيس عَنهُ لهَذَا الحَدِيث عَن ابْن السَّعْدِيّ. وَإِنَّمَا لم أكتب هَذَا الْخَطَأ، فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا مُتَّصِلَة، وَهِي مُنْقَطِعَة - وَإِن كَانَ الْخَبَر قد صَار بِهِ مُرْسلا، وَهُوَ مُتَّصِل - لاحْتِمَال أَن / يكون الْفساد فِيهِ من قبل النساخ، أَو الروَاة عَنهُ، وَذَلِكَ الْبَاب إِنَّمَا نكتب فِيهِ - إِن شَاءَ الله - مَا خَفِي عَلَيْهِ انْقِطَاعه، فَأوردهُ على أَنه مُتَّصِل، وَلذَلِك جَعَلْنَاهُ فِي قسم خطئه فِي نظره، وَهَذَا قسم خطئه فِي النَّقْل. وَهَذَا الْخَطَأ الَّذِي بيّنت، هُوَ مَقْصُود هَذَا الْبَاب، فَإِنَّهُ إِسْقَاط وَاحِد من الْإِسْنَاد وَخطأ ثَان: وَهُوَ قَوْله: ذكره النَّسَائِيّ أَيْضا، عَن عبد الله بن محيريز، عَن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 44 مُحَمَّد بن عبد الله بن حبيب الْمصْرِيّ وَفِي نسخه أُخْرَى: عَن عبد الله ابْن حبيب، وَأيهمَا كَانَ فَهُوَ خطأ، وَإِنَّمَا وَقع فِي كتاب النَّسَائِيّ وَغَيره: عَن مُحَمَّد ابْن حبيب، لَا عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن حبيب. \ وَلَيْسَ لَك أَن تَقول: لَعَلَّه عرف أَنه هَكَذَا مَنْسُوب إِلَى جده، فَبين من عِنْده اسْم أَبِيه، فَإِن هَذَا لَو كَانَ حَقًا لم يكن / لَهُ أَن يعزوه إِلَى النَّسَائِيّ، بل كَانَ يجب أَن يذكرهُ كَمَا هُوَ عِنْده، ثمَّ يبين هُوَ من أمره مَا شَاءَ، فَكيف وَلَيْسَ بِحَق. وَالرجل لَا يعرف لَا فِي كتب الحَدِيث وَلَا فِي كتب الرِّجَال إِلَّا بِمَا وَقع فِي هَذَا الْإِسْنَاد، وَالَّذِي وَقع فِيهِ إِنَّمَا هُوَ: عَن مُحَمَّد بن حبيب. قَالَ الْبَزَّار: وَلَا أعلم لَهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا هَذَا الحَدِيث، وَكَذَا قَالَ أَبُو الْقَاسِم الْبَغَوِيّ وَغَيره. وَخطأ ثَالِث: وَهُوَ قَوْله: إِن النَّسَائِيّ سَاقه من رِوَايَة عبد الله بن محيريز عَن مُحَمَّد هَذَا، وَهُوَ شَيْء لَا يُوجد لَا عِنْد النَّسَائِيّ وَلَا عِنْد غَيره فِيمَا أعلم، وَإِنَّمَا يرويهِ ابْن محيريز، عَن عبد الله بن السَّعْدِيّ، عَن مُحَمَّد الْمَذْكُور، أَو عَن عبد الله بن السَّعْدِيّ، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يذكر مُحَمَّد بن حبيب. قَالَ النَّسَائِيّ: أنبأني شُعَيْب بن شُعَيْب بن إِسْحَاق، وَأحمد بن يُوسُف، قَالَا: أخبرنَا أَبُو الْمُغيرَة، قَالَ: أنبأني الْوَلِيد بن سُلَيْمَان، قَالَ: حَدثنَا بشر بن عبيد الله، عَن عبد الله بن محيريز، عَن عبد الله بن السَّعْدِيّ، عَن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 45 مُحَمَّد بن حبيب، قَالَ: أَتَيْنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي نفر، كلنا ذُو حَاجَة، فتقدموا بَين يَدي، فَقضى الله لَهُم على لِسَان نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا شَاءَ، ثمَّ أَتَيْته، فَقَالَ لي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا حَاجَتك؟ " قلت: سَمِعت من أَصْحَابك يَقُولُونَ: قد انْقَطَعت الْهِجْرَة، قَالَ: " حَاجَتك خير من حَاجتهم، لَا تَنْقَطِع الْهِجْرَة مَا قوتل الْكفَّار ". وَلما ذكر ابْن السكن مُحَمَّد بن حبيب هَذَا فِي كتاب الصَّحَابَة لَهُ، قَالَ: حَدِيثه هَذَا لَا يثبت، وَهُوَ / مَشْهُور عَن عبد الله بن السَّعْدِيّ، قَالَ: وَلَا يعرف - يَعْنِي مُحَمَّد بن حبيب - فِي الصَّحَابَة. وَقَالَ أَبُو الْقَاسِم الْبَغَوِيّ: لَا أعلم أحدا ذكر فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث مُحَمَّد ابْن حبيب، غير الْوَلِيد بن سُلَيْمَان بن أبي السَّائِب، وَبَلغنِي أَن الْوَلِيد بن سُلَيْمَان لين الحَدِيث. وَعَن ابْن محيريز فِي هَذَا رِوَايَة ثَانِيَة رَوَاهَا عَنهُ عَطاء الخرساني، مثل رِوَايَة أبي إِدْرِيس عَن حسان، لم يذكر فِيهَا مُحَمَّد بن حبيب، ذكرهَا ابْن السكن، قَالَ: وَأَرْجُو أَن تكون أصح الرِّوَايَات. وَإِنَّمَا قَالَ ابْن السكن هَذَا، لسلامتها مِمَّن لَا يعرف، فَإِنَّهَا لم يذكر فِيهَا مُحَمَّد بن حبيب وَلَا حسان بن عبد الله، وهما مَجْهُولَانِ. وَقد كَانَ يجب كتبهَا بنصها فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ضعفها وَلها طرق أحسن مِنْهَا، وَلَكِن يمْنَع من ذَلِك أَن هَذَا الحَدِيث لم يَقع عِنْد أبي مُحَمَّد على صَوَاب، بل بِسُقُوط ابْن السَّعْدِيّ كَمَا تقدم، فَلذَلِك أكتفي بِذكرِهِ فِي هَذَا الْبَاب، حَتَّى يَنْتَظِم القَوْل على هَذَا الحَدِيث. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 46 قَالَ ابْن السكن: أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز - هُوَ الْبَغَوِيّ - قَالَ: حَدثنَا أَبُو نصر: مَنْصُور بن أبي مُزَاحم التركي، سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَحدثنَا مُحَمَّد بن فضَالة بن الصَّقْر الدِّمَشْقِي، قَالَ: حَدثنَا هِشَام بن عمار، قَالَا: حَدثنَا يحيى بن حَمْزَة، عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي قَالَ: أنبأني ابْن محيريز عَن عبد لله بن السَّعْدِيّ، من بني مَالك بن حسل، أَنه قدم على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي أنَاس من أَصْحَابه، فَلَمَّا نزلُوا قَالُوا: احفظ علينا رحالنا حَتَّى تقضي / حاجتنا، ثمَّ تدخل - وَكَانَ أَصْغَر الْقَوْم - فَقضى لَهُم حَاجتهم ثمَّ قَالُوا لَهُ: أَدخل، فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ قَالَ لَهُ: " حَاجَتك؟ " قَالَ: حَاجَتي تُحَدِّثنِي، انْقَطَعت الْهِجْرَة؟ قَالَ: " حَاجَتك خير من حوائجهم، لَا تَنْقَطِع الْهِجْرَة مَا قوتل الْعَدو ". قَالَ ابْن السكن: رَوَاهُ عبد الله بن الْعَلَاء بن زبر، عَن بسر بن عبيد الله عَن ابْن محيريز، عَن ابْن السَّعْدِيّ، وَعَن أبي إِدْرِيس، عَن حسان بن الضمرِي، عَن عبد الله بن السَّعْدِيّ - جَمعهمَا ابْن زبر - وَأَرْجُو أَن يكون الصَّحِيح من هَذِه الرِّوَايَات حَدِيث عَطاء الْخُرَاسَانِي. وَقَالَ أَبُو الْقَاسِم الْبَغَوِيّ: رَوَاهُ غير وَاحِد عَن ابْن / محيريز، عَن عبد الله ابْن السَّعْدِيّ، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، لم يذكرُوا مُحَمَّد بن حبيب. أنبأني بِهِ مَنْصُور بن أبي مُزَاحم، حَدثنَا يحيى بن حَمْزَة، عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي، أنبأني ابْن محيريز، عَن عبد الله بن السَّعْدِيّ، قَالَ: قَالَ لي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 47 رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تَنْقَطِع الْهِجْرَة مَا قوتل الْكفَّار ". وَالْمَقْصُود أَن تعلم أَن قَوْله عَن النَّسَائِيّ: أَنه سَاقه من رِوَايَة ابْن محيريز، عَن مُحَمَّد بن حبيب خطأ. وَخطأ رَابِع: إِلَّا أَنه لَيْسَ من قبله، وَإِنَّمَا نَقله عَن ابْن أبي حَاتِم، وَحَكَاهُ ابْن أبي حَاتِم عَن أَبِيه، فتبع فِيهِ بَعضهم بَعْضًا - وَهُوَ قَوْله فِي مُحَمَّد بن حبيب: روى عَنهُ عبد الله بن السَّعْدِيّ وَأَبُو إِدْرِيس الْخَولَانِيّ. وَهَذَا مَا لَا يعرف، وَمَا روى عَنهُ أَبُو ادريس حرفا، وَإِنَّمَا يرويهِ إِمَّا عَن عبد الله بن السَّعْدِيّ من غير وساطة مُحَمَّد بن حبيب، وَإِمَّا عَن حسان بن عبد الله الضمرِي عَن ابْن السَّعْدِيّ على مَا تقدم. فَأَما أَن تُوجد لأبي إِدْرِيس رِوَايَة عَن مُحَمَّد بن حبيب فَلَا، فَإِنَّهُ إِنَّمَا يروي عَنهُ ابْن السَّعْدِيّ وَحده، وَلَيْسَ هَذَا الْفَصْل من هَذَا الْبَاب، فَإِنَّهُ لم يتَغَيَّر فِي نَقله، بل هُوَ كَمَا نقل عَن ابْن أبي حَاتِم، وَلكنه انجز، وَإِنَّمَا يستوجبه بَاب ذكر الْأَشْيَاء الَّتِي حَكَاهَا عَن غَيره، وَهِي محتاجة إِلَى التعقب فاعلمه. (21) وَذكر من طَرِيق البُخَارِيّ، عَن عَبَايَة بن رِفَاعَة، سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " من اغبرت قدماه فِي سَبِيل الله، [حرمه الله على النَّار] ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 48 كَذَا ثَبت فِي النّسخ، وَهُوَ خطأ، فَإِن عَبَايَة غَايَته أَن يرْوى عَن ابْن عمر، وَعَن جده رَافع بن خديج، وَإِنَّمَا يروي هَذَا الحَدِيث عَن أبي عبس، وَإِنَّمَا اعترى سُقُوطه حِين الِاخْتِصَار. قَالَ البُخَارِيّ: حَدثنَا عَليّ بن عبد الله، حَدثنَا الْوَلِيد بن مُسلم حَدثنَا يزِيد ابْن أبي مَرْيَم حَدثنَا عَبَايَة بن رِفَاعَة، قَالَ: أدركني أَبُو عبس وَأَنا أذهب إِلَى الْجُمُعَة، فَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " من / اغبرت قدماه فِي سببيل الله، حرمه الله على النَّار ". هَكَذَا عِنْده أَن أَبَا عبس أدْرك عَبَايَة بن رِفَاعَة، وَعند غَيره أَن عَبَايَة هُوَ الَّذِي أدْرك يزِيد بن أبي مَرْيَم فحدثه بِالْحَدِيثِ عَن أبي عبس. قَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو عمار: الْحُسَيْن بن حُرَيْث، حَدثنَا الْوَلِيد بن مُسلم، عَن يزِيد بن أبي مَرْيَم، قَالَ: لَحِقَنِي عَبَايَة بن رِفَاعَة بن رَافع وَأَنا ماش إِلَى الْجُمُعَة، فَقَالَ: أبشر، فَإِن خطاك هَذِه فِي سَبِيل الله، سَمِعت أَبَا عبس يَقُول: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول / فَذكره. وَهَكَذَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ عَن أبي عمار مثله سَوَاء. وَيزِيد بن أبي مَرْيَم - بياء مثناة وزاي - وَهُوَ أَبُو عبد الله الْأنْصَارِيّ الشَّامي ثِقَة ويتصحف كثيرا ببريد بن أبي مَرْيَم - بباء وَاحِدَة مَضْمُومَة وَرَاء مَفْتُوحَة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 49 وَهُوَ السَّلُولي، بَصرِي ثِقَة أَيْضا. (22) وَقد صحّح أَبُو مُحَمَّد من رِوَايَته حَدِيث: قنوت الْوتر. (23) وَحَدِيث: " دع مَا يربيك إِلَى مَا لَا يريبك ". وَأَبُو عبس، صَحَابِيّ مَشْهُور، اسْمه عبد الرَّحْمَن بن جبر، وَلَوْلَا أَن يكون سُقُوطه مِمَّا اعترى الروَاة، كتبت هَذَا الحَدِيث فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا مُتَّصِلَة، وَهِي مُنْقَطِعَة أَو مُرْسلَة. (24) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ، عَن عبد الله بن فَيْرُوز الديلمي: أتيت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِرَأْس الْأسود الْعَنسِي. ثمَّ قَالَ: يُقَال: إِن الْخَبَر بقتل الْأسود جَاءَ إِثْر موت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. كَذَا وَقع فِي النّسخ، وَلَوْلَا أَن يكون الْفساد مِنْهَا، ذكرته فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا مُتَّصِلَة، وَهِي مُنْقَطِعَة أَو مُرْسلَة، وَذَلِكَ أَنه سقط مِنْهُ " عَن أَبِيه ". وبثبوته هُوَ فِي كتاب النَّسَائِيّ، وَهُوَ الصَّوَاب، فَإِن فَيْرُوز الديلمي وَالِد عبد الله، هُوَ الصَّحَابِيّ، وَهُوَ الَّذِي قتل الْأسود الْعَنسِي، فَأَما ابْنه عبد الله فتابعي ثِقَة ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... الجزء: 2 ¦ الصفحة: 50 وثقة ابْن معِين والكوفي. وَبَقِي من أَمر هَذَا الْخَبَر مَا أذكرهُ بِهِ إِن شَاءَ الله فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ضعفها وَهِي صَحِيحَة، أَو مُخْتَلف فِيهَا. (25) وَذكر من طَرِيق مُسلم عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الْغُلَام الَّذِي قَتله الْخضر طبع / كَافِرًا " الحَدِيث. كَذَا ذكره، وَهُوَ خطأ، وَإِنَّمَا هُوَ عِنْد مُسلم من رِوَايَة ابْن عَبَّاس عَن أبي، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَلَوْلَا أَن يكون الْفساد من النّسخ، ذكرته فِي الْبَاب الْمَذْكُور. (26) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن صَالح بن مُحَمَّد بن زَائِدَة، عَن سَالم، عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا وجدْتُم الرجل قد غل " الحَدِيث ثمَّ رده بِضعْف صَالح. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 51 وَلَوْلَا أَن يكون أَيْضا الْفساد الَّذِي فِيهِ من النّسخ، ذكرته فِي الْبَاب الْمَذْكُور، وَذَلِكَ أَنه سقط مِنْهُ " عَن عمر بن الْخطاب " فَإِنَّهُ من رِوَايَته، وَعنهُ يرويهِ ابْنه فِي كتاب أبي دَاوُد، وَفِي كتاب غَيره. وَقد قَالَ الْبَزَّار: إِنَّه لَا يعلم روى صَالح بن مُحَمَّد، عَن سَالم، عَن ابْن عمر، عَن عمر غَيره، وَفِي مُسْند عمر ذكره، وَالْأَمر فِيهِ بَين. (27) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد، من حَدِيث سعيد بن بشير، عَن قَتَادَة، عَن الْحسن، عَن أنس: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: عَن حلق الْقَفَا بِالْمُوسَى إِلَّا عِنْد الْحجامَة ". ثمَّ ضعفه. وَلَيْسَ هَذَا الحَدِيث عِنْد أبي أَحْمد من مُسْند أنس، بل من مُسْند عمر بن الْخطاب، يرويهِ عِنْده أنس، عَن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فلولا أَن يكون الْفساد من النساخ أَخَّرته إِلَى الْبَاب الْمَذْكُور. (28) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد أَيْضا، من حَدِيث أبي الْمهْدي: سعيد ابْن سِنَان عَن أبي الزَّاهِرِيَّة: كثير بن مرّة، قَالَ: سَمِعت عمر بن الْخطاب يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - /: " لَا تبنى كَنِيسَة فِي الْإِسْلَام، وَلَا يجدد مَا خرب مِنْهَا ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 52 كَذَا رَأَيْته فِي النّسخ، وَهُوَ هَكَذَا قد سقط مِنْهُ وَاحِد، وَجمع إِلَى ذَلِك خطأ آخر، وَهُوَ تَسْمِيَة أبي الزَّاهِرِيَّة بِغَيْر اسْمه، وَصَوَابه: عَن أبي الزَّاهِرِيَّة، عَن كثير بن مرّة. وبثبوت " عَن " يتَّصل الْخَبَر، وَكَذَلِكَ على الصَّوَاب هُوَ فِي كتاب أبي أَحْمد، وَلَا يَصح غير ذَلِك، فَإِن أَبَا الزَّاهِرِيَّة هُوَ: حدير بن كريب، وَهُوَ صَاحب أبي شَجَرَة: كثير بن مرّة، وَالْأَمر فِيهِ أبين من أَن ينْسب الْغَلَط فِيهِ إِلَى أبي مُحَمَّد. وَلِهَذَا الحَدِيث شَأْن آخر نذكرهُ بِهِ فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أعلها بِقوم، وَترك مثلهم أَو أَضْعَف، إِن شَاءَ الله تَعَالَى. (29) وَذكر من طَرِيق / أبي أَحْمد أَيْضا، عَن إِبْرَاهِيم بن مهَاجر بن جَابر البَجلِيّ، عَن زِيَاد بن حدير، عَن عَليّ قَالَ: " لَئِن بقيت لأقتلن نَصَارَى بني تغلب، ولأسبين الذُّرِّيَّة " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: إِبْرَاهِيم ضَعِيف عِنْدهم، وَذكره أَبُو دَاوُد من حَدِيث إِبْرَاهِيم بن مهَاجر أَيْضا، وَقَالَ: إِنَّه حَدِيث مُنكر، وَهُوَ عِنْد بعض النَّاس شَبيه بالمتروك، وأنكروا هَذَا الحَدِيث على عبد الرَّحْمَن بن هَانِئ، وَهُوَ رَوَاهُ عَن إِبْرَاهِيم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 53 وَكَذَلِكَ عِنْد أبي أَحْمد من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن هَانِئ، عَن إِبْرَاهِيم، ذكر ذَلِك فِي بَاب إِبْرَاهِيم بن مهَاجر. انْتهى كَلَامه بنصه. إِلَّا أَنِّي أسقطت مِنْهُ مَا لم أحتج إِلَيْهِ هَا هُنَا، وَهُوَ قَوْله رَوَاهُ من طَرِيق آخر، لِأَنَّهُ من بَاب آخر، قد ذكرته فِيهِ، وَهُوَ بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ضعفها بِقوم وَترك مثلهم أَو أَضْعَف. وَالْمَقْصُود بَيَانه الْآن، هُوَ الْخَطَأ الَّذِي فِي قَوْله: إِن عبد الرَّحْمَن بن هَانِئ يروي فِي كتابي أبي دَاوُد وَأبي أَحْمد، عَن إِبْرَاهِيم بن مهَاجر، وَلَيْسَ كَذَلِك، وَمَا يرويهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ إِلَّا عَن شريك، عَن إِبْرَاهِيم بن مهَاجر. قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا الْعَبَّاس بن عبد الْعَظِيم، حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن هَانِئ: أَبُو نعيم النَّخعِيّ، حَدثنَا شريك، عَن إِبْرَاهِيم بن مهَاجر، عَن زِيَاد بن حدير قَالَ: قَالَ عَليّ، فَذكره. وَقَالَ أَبُو أَحْمد: حَدثنَا السَّاجِي، حَدثنَا أَحْمد بن مُحَمَّد الْبَغْدَادِيّ، حَدثنَا أَبُو نعيم النَّخعِيّ، حَدثنَا شريك، عَن إِبْرَاهِيم بن مهَاجر، عَن زِيَاد بن حدير، فَذكره. وَاتفقَ لَهُ فِيهِ أَيْضا شَيْء آخر، وَقد كتبته فِي بَاب ذكرت فِيهِ أموراً جميلَة، وَذَلِكَ تناقضه فِي إِبْرَاهِيم بن مهَاجر، فاعلمه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 54 (30) وَذكر من طَرِيق الْعقيلِيّ من حَدِيث صَفْوَان الْأَصَم أَن رجلا كَانَ نَائِما مَعَ امْرَأَته، فَقَامَتْ فَأخذت سكيناً، وَجَلَست على صَدره، فَوضعت السكين على حلقه، فَقَالَت لَهُ: طَلقنِي وَإِلَّا ذبحتك فناشدها الله [تَعَالَى] فَأَبت، فَطلقهَا ثَلَاثًا، فَذكر ذَلِك لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا قيلولة فِي الطَّلَاق ". ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث مُنكر لَا يُتَابع عَلَيْهِ صَفْوَان / ومداره عَلَيْهِ. انْتهى مَا ذكر. وَعَلِيهِ فِيهِ دَرك، من بَاب إعلاله الحَدِيث بِرَجُل وَتَركه غَيره مِمَّن هُوَ أَضْعَف، وسأذكره هُنَالك إِن شَاءَ الله تَعَالَى. فَأَما مَقْصُود هَذَا الْبَاب، فَهُوَ أَن هَذَا اللَّفْظ الَّذِي أورد، لَيْسَ إِسْنَاده هَكَذَا، بل إِسْنَاده بِزِيَادَة رجل من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / لم يسم، يرويهِ عَنهُ ابْن الْأَصَم الْمَذْكُور، وَإِن كَانَ أَيْضا يرويهِ ابْن الْأَصَم مُرْسلا لَا يذكر رجلا حَدثهُ كَمَا أوردهُ أَبُو مُحَمَّد، فَإِن لَفظه غير هَذَا اللَّفْظ وَإِن كَانَ المعني وَاحِدًا، وَلَيْسَ لَهُ أَن يعين لفظا ويركبه على إِسْنَاد لَيْسَ لَهُ، لَا سِيمَا إِذا كَانَ إِسْنَاد ذَلِك اللَّفْظ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 55 دون الْإِسْنَاد الَّذِي اخْتَار لَهُ. وَبَيَان هَذَا، هُوَ أَن الْعقيلِيّ ذكر عَن البُخَارِيّ، أَن صَفْوَان الْمَذْكُور يروي عَن رجل من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْمُكْره، وَأَنه مُنكر لَا يُتَابع عَلَيْهِ. ثمَّ قَالَ: حَدثنَا يحيى بن عُثْمَان، حَدثنَا نعيم بن حَمَّاد، حَدثنَا بَقِيَّة، عَن الْغَازِي بن جبلة عَن صَفْوَان الْأَصَم الطَّائِي عَن رجل من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن رجلا كَانَ نَائِما مَعَ امْرَأَته. الحَدِيث بنصه. فَهَذَا هُوَ الحَدِيث الَّذِي أورد أَبُو مُحَمَّد لَفظه، وَإِسْنَاده كَمَا ترى فِيهِ رجل من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَكَذَا فِيهِ صَفْوَان الْأَصَم، ابْن الْأَصَم، وَكَذَلِكَ هُوَ عِنْد غير الْعقيلِيّ، وَهُوَ صَوَابه، فَأَما القَوْل بِأَنَّهُ ابْن الْأَصَم فخطأ وتغيير. ثمَّ إِن الْعقيلِيّ أورد لفظا آخر بِسَنَد لم يذكر فِيهِ هَذَا الصَّحَابِيّ، فَقَالَ: أخبرنَا مسْعدَة بن سعد، حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، حَدثنَا الْغَازِي بن جبلة الجيلاني، عَن صَفْوَان بن عمرَان الطَّائِي، أَن رجلا كَانَ نَائِما [مَعَ امْرَأَته] فَأخذت سكيناً فَجَلَست على صَدره فَوضعت السكين على حلقه، فَقَالَت: [لتطلقني] ثَلَاثًا الْبَتَّةَ أَو لأذبحنك، فناشدها الله، فَأَبت عَلَيْهِ، فَطلقهَا ثَلَاثًا، فَذكر ذَلِك لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " لَا قيلولة فِي الطَّلَاق ". فَهَذَا كَمَا ترى لَفظه غير اللَّفْظ الَّذِي أورد، ومعناهما / وَاحِد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 56 وَهَذَا هُوَ الْإِسْنَاد الَّذِي سَاق بِهِ أَبُو مُحَمَّد اللَّفْظ الأول، أَعنِي أَنه لم يذكر فِيهِ ذَلِك الصَّحَابِيّ، وَهُوَ خير من إِسْنَاد اللَّفْظ الَّذِي سَاق، فَإِنَّهُ بَرِيء من بَقِيَّة، وَمن نعيم بن حَمَّاد، وَهُوَ وَإِن كَانَ فِيهِ إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، فَإِنَّهُ عَن شَامي، فجَاء من هَذَا أَنه اخْتَار إِسْنَادًا حسنا، فساق بِهِ لفظا إِنَّمَا إِسْنَاده إِسْنَاد آخر دونه، وآثره (وَإِن كَانَ مُرْسلا) على الْمسند لحسنه، وَركب عَلَيْهِ لفظ الْإِسْنَاد الْمسند، وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْء، وَلَا يَنْبَغِي مثله. وَقد أوردهُ الْعقيلِيّ - أَيْضا مُرْسلا - من طَرِيق ثَالِث، لَا رَاحَة فِيهِ لأبي مُحَمَّد، لِأَن لَفظه غير اللَّفْظ الَّذِي أورد. قَالَ الْعقيلِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن سعيد قَالَ: حَدثنَا الْوَلِيد بن مُسلم عَن الْغَازِي بن جبلة الجيلاني أَنه سمع صَفْوَان الْأَصَم يَقُول: بَينا رجل نَائِم لم يرعه إِلَّا وَامْرَأَته جالسة على صَدره، وَاضِعَة السكين على فُؤَاده وَهِي تَقول [لَهُ] : طَلقنِي أَو لأَقْتُلَنك، فَطلقهَا، ثمَّ أَتَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: فَذكر ذَلِك لَهُ، فَقَالَ: " لَا قيلولة فِي الطَّلَاق، لَا قيلولة فِي الطَّلَاق ". فَهَذَا أَيْضا لَا ذكر فِيهِ لرجل من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَمَا سَاقه أَبُو مُحَمَّد وَلَكِن لَفظه غير اللَّفْظ الَّذِي سَاق، وَاللَّفْظ الَّذِي سَاق، إِنَّمَا يكون عَن صَفْوَان الْأَصَم، لَا ابْن الْأَصَم، عَن رجل من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَمن طَرِيق نعيم بن حَمَّاد، عَن بَقِيَّة، وَلَا يعد اللَّفْظ الَّذِي سَاق / مروياً من هذَيْن الطَّرِيقَيْنِ الْمُرْسلين اللَّذين لَا ذكر فيهمَا لرجل من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلَا لنعيم وَبَقِيَّة، إِلَّا على غَايَة التسامح. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 57 وَإِلَى ذَلِك فَإِن جَمِيعهَا لابد فِيهِ من الْغَازِي بن جبلة، وَهُوَ لَا يعرف إِلَّا بِهِ، وَلَا يدرى مِمَّن الْجِنَايَة فِيهِ، أَمنه أم من صَفْوَان، فكنى ذكره؟ وَالْحمل فِيهِ على صَفْوَان لَيْسَ بِصَحِيح من الْعَمَل. وَقد حكى ابْن أبي حَاتِم عَن أَبِيه أَنه قَالَ: لَا أَدْرِي الْإِنْكَار مِنْهُ أم من صَفْوَان الْأَصَم؟ قَالَ: وَهُوَ مُنكر الحَدِيث - يَعْنِي الْغَازِي بن جبلة -. وَكَذَا قَالَ البُخَارِيّ أَيْضا: إِنَّه مُنكر الحَدِيث فِي طَلَاق الْمُكْره. وَبِهَذَا ذكره / السَّاجِي وَأَبُو أَحْمد بن عدي عَن البُخَارِيّ. وَفِي الْحَقِيقَة أَنه - أَعنِي أَبَا مُحَمَّد - لما ذكر اللَّفْظ الْمَذْكُور وَلم يعبه إِلَّا بِصَفْوَان الْأَصَم، فقد طوى ذكر ضعفاء، وهم: الْغَازِي بن جبلة، وَبَقِيَّة، ونعيم بن حَمَّاد، فَإِن ذَلِك اللَّفْظ إِنَّمَا هُوَ من روايتهم، وَأسْقط مِنْهُ الصَّحَابِيّ، وَهَذَا هُوَ مَقْصُود الْبَاب. (31) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد أَيْضا حَدِيث عُثْمَان الْخُرَاسَانِي، عَن أَبِيه، عَن جده، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَذكر حق الْجَار - وَقَالَ: " وَلَا تستطيل عَلَيْهِ بِالْبِنَاءِ فتحجب عَنهُ الرّيح إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَلَا تؤذه بِقُتَارِ قدرك، إِلَّا أَن تغرف لَهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 58 مِنْهَا " وَذكر الحَدِيث. قَالَ: وَهَذَا حَدِيث مُنكر، وَإِسْنَاده ضَعِيف لَا يعول عَلَيْهِ. هَذَا نَص مَا ذكره بِهِ، ودخوله فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ضعفها وَلم يبين عللها بَين، وسأذكره ثمَّ، إِن شَاءَ الله تَعَالَى، محيلاً على مَا نذْكر هُنَا لما أوجب التَّغْيِير الَّذِي فِيهِ من تَقْدِيمه. وَذَلِكَ أَنه لَيْسَ هَكَذَا هُوَ فِي كتاب أبي أَحْمد، بل هُوَ عِنْده من حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده. قَالَ أَبُو أَحْمد: حَدثنَا أَبُو قصي، قَالَ: حَدثنَا سُلَيْمَان بن عبد الرَّحْمَن، قَالَ: حَدثنَا سُوَيْد بن عبد الْعَزِيز، قَالَ: حَدثنَا عُثْمَان بن عَطاء الْخُرَاسَانِي، عَن أَبِيه، عَن جده، عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه عَن جده، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من أغلق بَابه دون جَاره مَخَافَة على أَهله وَمَاله، فَلَيْسَ ذَلِك بِمُؤْمِن، وَلَيْسَ بِمُؤْمِن من لَا يَأْمَن جَاره بوائقه، أَتَدْرِي مَا حق الْجَار؟ إِذا استعانك أعنته، وَإِذا استقرضك أَقْرَضته، وَإِذا افْتقر عدت عَلَيْهِ، وَإِذا مرض عدته، وَإِذا أَصَابَهُ خير هنيته، وَإِذا أَصَابَته مُصِيبَة عزيته، وَإِذا مَاتَ تبِعت جنَازَته، وَلَا تستطيل عَلَيْهِ بِالْبِنَاءِ تحجب عَنهُ الرّيح إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَلَا تؤذه بِقُتَارِ قدرك إِلَّا أَن تغرف لَهُ مِنْهَا، وَإِن اشْتريت فَاكِهَة فاهد لَهُ، فَإِن لم تفعل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 59 فَأدْخلهَا سرا، وَلَا يخرج بهَا ولدك ليغيظ بهَا وَلَده، أَتَدْرُونَ مَا حق الْجَار؟ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ مَا يبلغ حق الْجَار / إِلَّا قَلِيل مِمَّن رَحمَه الله ". فَمَا زَالَ يوصيهم بالجار حَتَّى ظنُّوا أَنه سيورثه، ثمَّ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " الْجِيرَان ثَلَاثَة: فَمنهمْ من لَهُ ثَلَاثَة حُقُوق، وَمِنْهُم من لَهُ حقان، وَمِنْهُم من لَهُ حق، فَأَما الَّذِي لَهُ ثَلَاثَة حُقُوق، فالجار الْمُسلم الْقَرِيب، لَهُ حق الْجوَار، وَحقّ الْإِسْلَام، وَحقّ الْقَرَابَة، وَأما الَّذِي لَهُ حقان، فالجار الْمُسلم، لَهُ حق الْجوَار، وَحقّ الْإِسْلَام، وَأما الَّذِي لَهُ حق وَاحِد، فالجار الْكَافِر / لَهُ حق الْجوَار، قلت: يَا رَسُول الله، نطعمهم من نسكنا؟ قَالَ: لَا تطعموا الْمُشْركين بِشَيْء من النّسك ". هَذَا نَص الحَدِيث عِنْد أبي أَحْمد، وَهُوَ شَدِيد النكارة، وَلَو جَاءَ بِهِ أوثق النَّاس، فَكيف هَؤُلَاءِ. وَكَذَا وَقع فِي النُّسْخَة من كتاب أبي أَحْمد: عُثْمَان بن عَطاء، عَن أَبِيه، عَن جده، عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده. وأخاف أَن يكون قَوْله: " عَن جده " فِي عُثْمَان بن عَطاء خطأ، فَإِنِّي لَا أعرف لعبد الله أبي مُسلم - وَالِد عَطاء الْخُرَاسَانِي، مولى الْمُهلب بن أبي صفرَة - رِوَايَة، وَإِنَّمَا يروي عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَطاء الْخُرَاسَانِي نَفسه، لَا بوساطة أَبِيه، فَيَنْبَغِي أَن يكون الحَدِيث هَكَذَا: عَن عُثْمَان بن عَطاء الْخُرَاسَانِي، عَن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 60 أَبِيه، عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. (32) وَمِمَّا رُوِيَ بِهَذَا الْإِسْنَاد، مَا ذكر الْعقيلِيّ فِي كِتَابه - نذكرهُ استظهاراً لما قُلْنَاهُ - قَالَ: حَدثنَا يحيى بن أَيُّوب، قَالَ: حَدثنَا سعيد بن أبي مَرْيَم، حَدثنَا عُثْمَان بن عَطاء الْخُرَاسَانِي، عَن أَبِيه، عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن عبد الله بن عَمْرو بن العَاصِي أَنه قَالَ: يَا رَسُول الله، إِنِّي أسمع مِنْك أَشْيَاء أَخَاف أَن أَنْسَاهَا، أفتأذن لي فأكتبها؟ قَالَ: " نعم ". فقد تبين بِهَذَا الَّذِي ذَكرْنَاهُ أَن جعل أبي مُحَمَّد - رَحمَه الله - هَذَا الحَدِيث عَن عُثْمَان بن عَطاء، عَن أَبِيه عَن جده [أرَاهُ أسقط عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده] عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خطأ، وَإِنَّمَا هُوَ حَدِيث عبد الله بن عَمْرو. والْحَدِيث غَايَة فِي الضعْف، بِضعْف عُثْمَان الْمَذْكُور، فَاعْلَم ذَلِك. (33) وَذكر أَيْضا من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن شمير بن قيس عَن / أَبيض ابْن حمال، أَنه سَأَلَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَمَّا يحمي من الْأَرَاك، قَالَ: " مَا لم تنله أَخْفَاف الْإِبِل ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 61 كَذَا ذكر هَذَا الحَدِيث فِي بَاب الْحمى، وَهُوَ هَكَذَا خطأ ينقص مِنْهُ وَاحِد، وتصحف فِيهِ سمي بشمير. وَقد ذكر هُوَ فِي بَاب الإقطاع الحَدِيث الَّذِي هَذَا قِطْعَة مِنْهُ، على الصَّوَاب وَذَلِكَ أَنه ذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن سمي بن قيس، عَن شمير بن عبد المدان، عَن أَبيض بن حمال حَدِيث إقطاع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِيَّاه الْملح بمأرب ثمَّ استرجاعه، وَفِيه السُّؤَال عَمَّا يحمى من الْأَرَاك فَذكر مَا تقدم. وَهَذَا الذّكر هُوَ الصَّوَاب، أَعنِي أَنه عَن سمي بن قيس، عَن شمير بن عبد المدان، عَن أَبيض. وَقد ذكرت هَذَا الحَدِيث وبينت علته فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي سكت عَنْهَا مصححاً لَهَا، فَإِن فِيهِ خَمْسَة مجهولين. (34) وَذكر أَيْضا من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن حَكِيم بن حَكِيم، قَالَ: كتب عمر بن الْخطاب إِلَى أبي عُبَيْدَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الله وَرَسُوله مولى من لَا مولى لَهُ، وَالْخَال وَارِث من لَا وَارِث لَهُ ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 62 كَذَا وَقع هَذَا الحَدِيث فِي النّسخ، وَهُوَ خطأ ينقص مِنْهُ وَاحِد، فَإِنَّمَا يرويهِ حَكِيم بن حَكِيم، عَن أبي أُمَامَة بن سهل بن حنيف، قَالَ: كتب عمر بن الْخطاب. وأخاف أَن يكون إِنَّمَا سقط لأبي مُحَمَّد نَفسه، بِقَرِينَة أذكرها /، وَذَلِكَ أَن الحَدِيث هُوَ فِي التِّرْمِذِيّ هَكَذَا: عَن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث، عَن حَكِيم بن حَكِيم بن عباد بن حنيف، عَن أبي أُمَامَة بن سهل بن حنيف، قَالَ: كتب عمر ابْن الْخطاب. هَذَا نَصه، فأظن أَن أَبَا مُحَمَّد ألْقى بَصَره على حَكِيم بن حَكِيم بن عباد بن حنيف، فَكَتبهُ مُقْتَصرا من نسبه على أَبِيه، ثمَّ أعَاد بَصَره، فَوَقع على حنيف جد أبي أُمَامَة الْمُتَّصِل بِهِ، قَالَ: كتب عمر بن الْخطاب، فَظَنهُ حَنِيفا جد حَكِيم الَّذِي قد عول على اختصاره، فَكتب مَا بعده، وَذَلِكَ قَوْله: قَالَ: كتب عمر ابْن الْخطاب، وَلَو كَانَ الثَّابِت فِي الْأَحْكَام: " عَن حَكِيم بن حَكِيم بن عباد بن حنيف قَالَ: كتب عمر بن الْخطاب " كنت أَقُول: على النَّاسِخ سقط مَا بَين حنيف وحنيف / فَلَمَّا لم يثبت كَذَلِك، دلّ على أَنه من عمله، وَلَكِن بَقِي الآخر مُمكنا، وَبِاعْتِبَار إِمْكَانه لم أكتب هَذَا فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا مُتَّصِلَة وَهِي مُنْقَطِعَة. وَقد تحقق الظَّن وارتفع الِاحْتِمَال، بِأَنَّهُ فِي كِتَابه الْكَبِير هَكَذَا - وَمن خطه نقلت - التِّرْمِذِيّ، قَالَ: حَدثنَا بنْدَار، وَحدثنَا أَحْمد الزبيرِي، حَدثنَا سُفْيَان، عَن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث، عَن حَكِيم بن حَكِيم بن عباد بن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 63 حنيف، قَالَ: كتب عمر بن الْخطاب. فقد تبين أَن سُقُوط أبي أُمَامَة بن سهل بن حنيف، إِنَّمَا هُوَ من خطئه، ثمَّ اخْتَصَرَهُ هَاهُنَا على الْخَطَأ. وَإِلَى هَذَا فَإِنَّهُ حسن الحَدِيث، وَلم يبين لم لم يَصح؟ وَقد بَينا ذَلِك فِي مَوْضِعه. (35) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن سعيد بن غَزوَان، عَن أَبِيه، أَنه مر بَين يَدي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بتبوك، وَهُوَ يُصَلِّي، فَقَالَ: " قطع صَلَاتنَا قطع الله أَثَره ". قَالَ: فَمَا قُمْت عَلَيْهِمَا إِلَى يومي هَذَا. هَكَذَا ذكر هَذَا الحَدِيث وَلم يبين علته بعد أَن قَالَ فِيهِ: ضَعِيف، وَقد بيّنت ذَلِك فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ضعفها وَلم يبين عللها. وَالْمرَاد الْآن مِنْهُ بَيَان الْوَهم فِيهِ بِنِسْبَة الْمُرُور إِلَى غَزوَان وَالِد سعيد، وَهُوَ إِذا كَانَ كَذَلِك، يسْقط مِنْهُ وَاحِد، عَنهُ أَخذ ذَلِك غَزوَان الْمَذْكُور. ويتبين ذَلِك بِالْوُقُوفِ على نَص مَا أورد فِيهِ أَبُو دَاوُد. قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن سعيد الْهَمدَانِي وَسليمَان بن دَاوُد، قَالَا: حَدثنَا ابْن وهب، قَالَ: حَدثنَا مُعَاوِيَة بن صَالح، عَن سعيد بن غَزوَان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 64 عَن أَبِيه أَنه نزل بتبوك وَهُوَ حَاج، فَإِذا رجل مقْعد، فَسَأَلَهُ عَن أمره، فَقَالَ لَهُ: سأحدثك حَدِيثا، فَلَا تحدث بِهِ مَا سَمِعت أَنِّي حَيّ: إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نزل بتبوك إِلَى نَخْلَة، فَقَالَ: " هَذِه قبلتنا " ثمَّ صلى إِلَيْهَا، فَأَقْبَلت، وَأَنا غُلَام أسعى، حَتَّى مَرَرْت بَينه وَبَينهَا، فَقَالَ: " قطع صَلَاتنَا قطع الله أَثَره ". فَمَا قُمْت عَلَيْهِمَا إِلَى يومي هَذَا. هَذَا نَص الْخَبَر عِنْد أبي دَاوُد، فغزوان فِيهَا تَابِعِيّ، وَجعله أَبُو مُحَمَّد فِي سِيَاقه صحابياً صَاحب الْقِصَّة. والْحَدِيث فِي غَايَة الضعْف، ونكارة الْمَتْن، فَإِن دعاءه عَلَيْهِ السَّلَام لمن لَيْسَ لَهُ بِأَهْل، زَكَاة وَرَحْمَة، فَاعْلَم ذَلِك /. (36) وَذكر أَيْضا من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن شريك، عَن عَاصِم بن كُلَيْب، عَن أَبِيه، عَن وَائِل بن حجر، قَالَ: رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا سجد وضع رُكْبَتَيْهِ قبل يَدَيْهِ " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: رَوَاهُ همام عَن عَاصِم مُرْسلا، وَهَمَّام ثِقَة. كَذَا قَالَ، وَظَاهره أَن هماماً خَالف / شَرِيكا، فَرَوَاهُ عَن عَاصِم مُرْسلا، وَرَوَاهُ شريك عَن عَاصِم مُتَّصِلا، كَأَنَّهُمَا جَمِيعًا روياه عَن عَاصِم، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 65 وَالْأَمر فِيهِ لَيْسَ كَذَلِك عِنْد أبي دَاوُد. وَإِنَّمَا يرويهِ همام عَن شَقِيق، قَالَ: حَدثنَا عَاصِم بن كُلَيْب، عَن أَبِيه عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هَكَذَا مُرْسلا. فهمام إِذن لم يروه عَن عَاصِم، ويؤكد قبح هَذَا الْعَمَل ضعف شَقِيق الَّذِي عَنهُ رَوَاهُ همام، فَإِنَّهُ شَقِيق أَبُو اللَّيْث، هُوَ لَا يعرف بِغَيْر رِوَايَة همام عَنهُ فإسقاطه إِزَالَة ضَعِيف من الْإِسْنَاد، وَهِي التَّسْوِيَة، وَقد تبين فِي كتاب المراسل فِي نفس الْإِسْنَاد أَنه شَقِيق أَبُو اللَّيْث، فَاعْلَم ذَلِك. (3) وَذكر أَيْضا حَدِيث ابْن عمر: سُئِلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: مَا يجوز فِي الرضَاعَة من الشُّهُود؟ قَالَ: " رجل وَامْرَأَة " من طَرِيق ابْن أبي شيبَة، عَن مُحَمَّد ابْن عبد الرَّحْمَن بن الْبَيْلَمَانِي، عَن ابْن عمر، ثمَّ قَالَ: الْبَيْلَمَانِي ضَعِيف. كَذَا أوردهُ، وَهُوَ هَكَذَا قد سقط مِنْهُ وَاحِد، وَإِنَّمَا هُوَ عِنْد ابْن أبي شيبَة: عَن مُعْتَمر بن سُلَيْمَان، حَدثنَا مُحَمَّد بن عثيم، عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الْبَيْلَمَانِي، عَن أَبِيه، عَن ابْن عمر، قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: مَا يجوز فِي الرضَاعَة من الشُّهُود؟ قَالَ: " رجل أَو امْرَأَة ". فَهَذَا - كَمَا ترى - بَيَان سُقُوط وَاحِد من إِيرَاد أبي مُحَمَّد، وَهُوَ عبد الرَّحْمَن الْبَيْلَمَانِي، وَالِد مُحَمَّد. وَهَكَذَا ثَبت عِنْد ابْن أبي شيبَة: " أَو امْرَأَة " بِأَو، خلاف مَا وَقع فِي نسخ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 66 الْأَحْكَام، وَهُوَ من قسم التَّغْيِير الْوَاقِع فِي الْمُتُون، وسأذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى. وَأما قَوْله: الْبَيْلَمَانِي ضَعِيف، فَإِنَّهُ لم يتَبَيَّن مِنْهُ من يَعْنِي: الْأَب أم الابْن؟ وَله مثل هَذَا فِي أَحَادِيث كَثِيرَة، سأبين ذَلِك فِي مَوْضِعه إِن شَاءَ الله. (38) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد، من رِوَايَة الْوَلِيد بن سَلمَة - مؤدب الْمَأْمُون - عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن يحيى بن أبي كثير عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا نذر فِي غيظ ". ثمَّ قَالَ: حَدِيث غير مَحْفُوظ. كَذَا وَقع فِي النّسخ، وَهُوَ هَكَذَا قد سقط مِنْهُ أَبُو سَلمَة، بَين يحيى بن أبي كثير، وَأبي هُرَيْرَة. كَذَا هُوَ فِي كتاب أبي أَحْمد الَّذِي نَقله من عِنْده. وسأعيد ذكر هَذَا الْخَبَر فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أعلها وَلم يبين عللها إِن شَاءَ الله تَعَالَى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 67 (3) بَاب نِسْبَة الْأَحَادِيث إِلَى غير رواتها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 69 اعْلَم أَن كل حَدِيث تقدم ذكره فِي بَاب الزِّيَادَة فِي الْأَسَانِيد، فَإِنَّهُ من هَذَا الْبَاب بِاعْتِبَار، وَذَلِكَ أَنه إِذا قَالَ فِي حَدِيث: رَوَاهُ يحيى بن بشير بن خَلاد، عَن أمه فقد نسبه إِلَى غير رُوَاته فَإِن بشيراً وَأمه لم يروياه، وَكَذَلِكَ عَن أبي مَيْمُونَة وَالِد عَطاء، وَعَن عبد الله بن كنَانَة وَالِد إِسْحَاق، إِلَى سَائِر مَا فِي الْبَاب. وَلَكِن لَا أُعِيد مِنْهَا شَيْئا هُنَا، وَإِنَّمَا أذكر غَيرهَا مِمَّا هُوَ نِسْبَة الْأَحَادِيث إِلَى غير رواتها، وَلَا يزْدَاد بِهِ فِي الْأَسَانِيد من لَيْسَ مِنْهَا، فَأَقُول: (39) وَذكر من طَرِيق مُسلم عَن أنس حَدِيث: " لَا يتمنين أحدكُم الْمَوْت لضر نزل بِهِ، فَإِن كَانَ لَا بُد متمنياً " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: (40) وَعنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يتمنين أحدكُم الْمَوْت، وَلَا يدع بِهِ من قبل أَن يَأْتِيهِ، إِنَّه إِذا مَاتَ أحدكُم انْقَطع عمله، وَإنَّهُ لَا يزِيد الْمُؤمن عمره إِلَّا خيرا ". (41) وَقَالَ البُخَارِيّ: " لَا يتمنين أحدكُم الْمَوْت، إم محسناً فَلَعَلَّهُ أَن يزْدَاد خيرا، وَإِمَّا مسيئاً فَلَعَلَّهُ أَن يستعتب ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 71 هَكَذَا ذكر هَذِه الْأَحَادِيث وَالْخَطَأ فِيهِ فِي عطف الثَّانِي على الأول، ثمَّ / فِي عطف الثَّالِث على الثَّانِي، فَإِن الثَّانِي إِنَّمَا هُوَ عِنْد مُسلم من حَدِيث أبي هُرَيْرَة، لَا من حَدِيث أنس، وَلَيْسَ لَهُ عِنْده غير طَرِيق وَاحِد، وَهُوَ من صحيفَة همام. وَالثَّالِث الَّذِي عزاهُ / إِلَى البُخَارِيّ، هُوَ أَيْضا عِنْد البُخَارِيّ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة، لَا من حَدِيث أنس كَذَلِك، إِلَّا أَنه لَيْسَ فِيهِ لَفظه " يزْدَاد خيرا " وَإِنَّمَا نَصه عِنْده هَكَذَا: حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد، حَدثنَا هِشَام بن يُوسُف حَدثنَا معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن أبي عبيد، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يتمنين أحدكُم الْمَوْت، إِمَّا محسناً فَلَعَلَّهُ يزْدَاد، وَإِمَّا مسيئاً فَلَعَلَّهُ يستعتب ". وَاللَّفْظ الَّذِي أورد أَبُو مُحَمَّد، هُوَ من عِنْد النَّسَائِيّ، من رِوَايَة عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة، عَن أبي هُرَيْرَة. وَمِنْه ذكره هُوَ فِي كِتَابه الْكَبِير بِإِسْنَادِهِ وَمَتنه وَعَزاهُ هَاهُنَا إِلَى البُخَارِيّ. وَلَيْسَ هَذَا الْآن بمقصود، وَإِنَّمَا الْمَقْصُود مَا قد بَينته من أَن الحَدِيث الثَّانِي وَالثَّالِث، من رِوَايَة أبي هُرَيْرَة، لَا من رِوَايَة أنس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 72 (42) وَذكر أَيْضا من طَرِيق مُسلم، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَا زَالَ جِبْرِيل يوصيني بالجار حَتَّى ظَنَنْت أَنه سيورثه ". (43) وَعنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَنا وكافل الْيَتِيم لَهُ أَو لغيره، كهاتين ". كَذَا ذكرهمَا، وَعطف الثَّانِي على الأول يُحَقّق أَن الْخَطَأ فِي الأول مِنْهُ، فَإِن الثَّانِي عَن أبي هُرَيْرَة لَا شكّ فِيهِ، فَهُوَ إِذن لم يعطفه على الأول حَتَّى ظن أَن الأول عَن أبي هُرَيْرَة، وَلَيْسَ كَذَلِك، وَإِنَّمَا هُوَ فِي كتاب مُسلم من رِوَايَة عَائِشَة، ثمَّ من رِوَايَة ابْن عمر. وَقد رَأَيْته أوردهُ فِي كِتَابه الْكَبِير من طَرِيق مُسلم عَن عَائِشَة على الصَّوَاب، ثمَّ أتبعه من طَرِيق مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة حَدِيث: (44) " لَا يدْخل الْجنَّة من لَا يَأْمَن جَاره بوائقه ". فَأَخَاف أَن يكون من هَاهُنَا أُتِي إِمَّا أَن يكون اخْتَصَرَهُ حِين اخْتَصَرَهُ من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 73 هَذَا الْموضع فزل بَصَره، أَو كتبه من حفظه وَقد اخْتَلَّ فِيهِ. (45) وَذكر أَيْضا عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن أغبط أوليائي عِنْدِي، لمُؤْمِن خَفِيف الحاذ ذُو حَظّ من الصَّلَاة " الحَدِيث. ذكره من طَرِيق التِّرْمِذِيّ. وَهَكَذَا رَأَيْته فِي النّسخ عَن أبي هُرَيْرَة، وَهُوَ خطأ، وَإِنَّمَا الحَدِيث عِنْد التِّرْمِذِيّ وَغَيره حَدِيث أبي أُمَامَة، يرويهِ عَنهُ الْقَاسِم أَبُو عبد الرَّحْمَن، وَعَن / الْقَاسِم عَليّ بن يزِيد، وَعنهُ عبيد الله بن زحر، وَعنهُ يحيى بن أَيُّوب. هَذَا إِسْنَاده عِنْد التِّرْمِذِيّ، وَسكت عَنهُ أَبُو مُحَمَّد متسامحاً، وَقد كتبته فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي سكت عَنْهَا مُبينًا لحَال هَذَا الْإِسْنَاد. (46) وَذكر أَيْضا من طَرِيق مُسلم، عَن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب: " شهِدت مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم حنين، فلزمت أَنا وَأَبُو سُفْيَان بن الْحَارِث. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 74 بغلة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ". الحَدِيث بِطُولِهِ، ثمَّ قَالَ: (47) وَعَن الْبَراء فِي هَذَا الحَدِيث قَالَ: فَلَمَّا غشوا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نزل عَن البغلة، ثمَّ قبض قَبْضَة من تُرَاب الأَرْض، ثمَّ اسْتقْبل بهَا وُجُوههم فَقَالَ: " شَاهَت الْوُجُوه " فَمَا خلق الله مِنْهُم أنسانا إِلَّا مَلأ عَيْنَيْهِ تُرَابا، الحَدِيث. هَكَذَا / جعل هَذَا عَن الْبَراء، وَذَلِكَ عين الْخَطَأ، وَلم يذكرهُ مُسلم عَنهُ. وَإِنَّمَا هُوَ حَدِيث إِيَاس بن سَلمَة بن الْأَكْوَع، عَن أَبِيه، اتَّصل بِحَدِيث الْبَراء من جَمِيع طرقه، فَظَنهُ مِنْهُ وَلم يتثبت. قَالَ مُسلم: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب قَالَ: حَدثنَا عمر بن يُونُس الْحَنَفِيّ، قَالَ: حَدثنَا عِكْرِمَة بن عمار، قَالَ: أنبأني إِيَاس بن سَلمَة، قَالَ حَدثنَا أَبى، قَالَ: غزونا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حنيناً، فَلَمَّا وَاجَهنَا الْعَدو تقدّمت فأعلو ثنية فاستقبلني رجل من الْعَدو فأرميه بِسَهْم فتوارى عني، فَمَا دَريت مَا صنع، وَنظرت إِلَى الْقَوْم فَإِذا هم قد طلعوا من ثنيه أُخْرَى فالتقواهم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 75 وصحابة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فولى أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وأرجع مُنْهَزِمًا، وَعلي بردتان، متزراً بِإِحْدَاهُمَا مرتدياً بِالْأُخْرَى، فاستطلق إزَارِي فجمعتهما جَمِيعًا، ومررت على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: مُنْهَزِمًا وَهُوَ على بغلته الشَّهْبَاء، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لقد رأى ابْن الْأَكْوَع فَزعًا، فَلَمَّا غشوا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ... " الحَدِيث كَمَا ذكره. وَمَا للفظ الْمَذْكُور عَن غير سَلمَة بن الْأَكْوَع فِي كتاب مُسلم ذكر. (48) وَذكر أَيْضا من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن حميد، عَن الْحسن، عَن عمرَان ابْن حُصَيْن، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / قَالَ: " لَا جلب وَلَا جنب فِي الرِّهَان ". قَالَ: وَقد رُوِيَ هَذَا عَن حميد، عَن أنس، وَهُوَ خطأ، وَالصَّوَاب فِي إِسْنَاده: حميد، عَن الْحسن، عَن عمرَان، ذكر ذَلِك النَّسَائِيّ رَحمَه الله. هَذَا نَص مَا ذكر، وَفِيه أَرْبَعَة أَشْيَاء، مِنْهَا لهَذَا الْبَاب اثْنَان: الأول: أَنه مُنْقَطع، فَإِن الْحسن لم يَصح سَمَاعه من عمرَان، وَلم يثبت مَا رُوِيَ من قَوْله: أَخذ عمرَان بيَدي. وَقد اعْترض أَبُو مُحَمَّد تَصْحِيح التِّرْمِذِيّ حَدِيث: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 76 (49) " إطْعَام الْجد سدساً بعد توريثه سدساً " بِأَن قَالَ: قَالَ أَبُو حَاتِم: لم يسمع الْحسن من عمرَان. وَسَيَأْتِي هَذَا مُبينًا فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا مُتَّصِلَة وَهِي مُنْقَطِعَة إِن شَاءَ الله تَعَالَى. وَالثَّانِي: أَنه أوردهُ عَن حميد، عَن الْحسن، عَن عمرَان، وَذَلِكَ عين الْخَطَأ، وَإِنَّمَا هُوَ عَن عَنْبَسَة عَن الْحسن، عَن عمرَان، هُوَ أحد الخطأين اللَّذين قصدت بيانهما فِي هَذَا الْبَاب، وَهُوَ يُمكن أَن يخفي على من لَا يتثبت. وَذَلِكَ أَن أَبَا دَاوُد قَالَ: حَدثنَا يحيى بن خلف، قَالَ: حَدثنَا عبد الْوَهَّاب بن عبد الْمجِيد، قَالَ حَدثنَا عَنْبَسَة. وَحدثنَا مُسَدّد، قَالَ: حَدثنَا بشر بن الْمفضل عَن حميد الطَّوِيل جَمِيعًا، عَن الْحسن، عَن عمرَان بن حُصَيْن، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا جلب وَلَا جنب ". زَاد يحيى فِي حَدِيثه: " فِي الرِّهَان ". هَذَا نَصه، وَقد بَين فِيهِ أَن الزِّيَادَة الْمَذْكُورَة إِنَّمَا هِيَ فِي حَدِيث يحيى بن خلف، وَيحيى بن خلف إِنَّمَا يرويهِ عَن عبد الْوَهَّاب، عَن عَنْبَسَة، عَن الْحسن، عَن عمرَان. فَالْقَوْل بِأَن ذَلِك من رِوَايَة حميد عَن الْحسن، إِضَافَة حَدِيث إِلَى غير رَاوِيه. وَالثَّالِث - وَهُوَ لغير هَذَا الْبَاب (جَرّه هَذَا الثَّانِي) - وَهُوَ سُكُوته عَنهُ مصححاً لَهُ، فَإِن سُكُوته عَن الْأَحَادِيث إِعْلَام بِصِحَّتِهَا عِنْده، كَذَا أخبر عَن نَفسه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 77 وَإِنَّمَا سكت عَنهُ لما خَفِي عَلَيْهِ أَنه من رِوَايَة عَنْبَسَة، وَظن أَنه من رِوَايَة حميد، وَذَلِكَ أَن عَنْبَسَة هُوَ ابْن سعيد، أَخُو أبي الرّبيع السمان / وَهُوَ ضَعِيف مختلط، قَالَ عَمْرو بن عَليّ: كَانَ مخلطاً، وَلَا روى عَنهُ، مَتْرُوك الحَدِيث، صَدُوق لَا يحفظ. (50) وَقد ذكر فِي بَاب السَّلَام والاستئذان، حدث هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه عَن جده، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مس يَهُودِيّا فَتَوَضَّأ ". ثمَّ قَالَ: عَنْبَسَة بن سعيد الْقطَّان، أَخُو الرّبيع السمان، كَانَ صَدُوقًا وَكَانَ لَا يحفظ. وَالرَّابِع لهَذَا الْبَاب وَهُوَ قَوْله: وَقد رُوِيَ هَذَا عَن حميد، عَن أنس، وَهُوَ خطأ، وَذَلِكَ مِنْهُ خطأ، فَإِن معينه إِنَّمَا هُوَ زِيَادَة " فِي الرِّهَان "، وَلذَلِك أوردهُ فِي أَحَادِيث السباق من كتاب الْجِهَاد، وَلم يرو هَذَا قطّ حميد، عَن أنس. والْحَدِيث الَّذِي تكلم النَّاس فِيهِ من رِوَايَة أنس وَمن رِوَايَة حميد عَن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 78 الْحسن، عَن عمرَان، إِنَّمَا هُوَ بِغَيْر الزِّيَادَة الْمَذْكُورَة. (51) وكما قد أوردهُ هُوَ فِي كتاب الزَّكَاة من حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه، عَن جده، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا جلب وَلَا جنب، وَلَا تُؤْخَذ صَدَقَاتهمْ إِلَّا فِي دُورهمْ ". كَذَلِك كَانَ لَهُ أَن يُورِدهُ فِي النِّكَاح فِي بَاب الشّغَار، لزِيَادَة: " وَلَا شغار فِي الْإِسْلَام "، فَأَما هَذِه الزِّيَادَة فَإِنَّمَا هِيَ من رِوَايَة عَنْبَسَة بن سعيد كَمَا أَخْبَرتك. وَإِن أردْت الْوُقُوف على حَدِيث أنس وَحَدِيث الْحسن، عَن عمرَان، من غير رِوَايَة عَنْبَسَة، لتعلم أَنه لَيْسَ فِي وَاحِد مِنْهُمَا زِيَادَة " فِي الرِّهَان "، فهذان هما: (52) قَالَ النَّسَائِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن بزيع قَالَ: حَدثنَا يزِيد - وَهُوَ ابْن زُرَيْع - قَالَ حَدثنَا حميد، قَالَ: حَدثنَا الْحسن، عَن عمرَان بن حُصَيْن، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا جلب، وَلَا جنب، وَلَا شغار فِي الْإِسْلَام، وَمن انتهب نهبة فَلَيْسَ منا ". وَرَوَاهُ أَيْضا ابو قزعة، عَن الْحسن، أخبرنَا مُحَمَّد بن بشار، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد، قَالَ حَدثنَا شُعْبَة، عَن أبي قزعة، عَن الْحسن، عَن عمرَان بن حُصَيْن، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا جلب، وَلَا جنب، وَلَا شغار فِي الْإِسْلَام ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 79 وَرَوَاهُ أَيْضا يُونُس بن عبيد عَن الْحسن. قَالَ ابْن السكن: أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْبَغَوِيّ، حَدثنَا عبيد الله بن عمر القواريري، حَدثنَا بشر بن الْمفضل، حَدثنَا يُونُس بن عبيد، عَن الْحسن، عَن عمرَان بن حُصَيْن عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا جلب، [وَلَا جنب] ، وَلَا شغار فِي الْإِسْلَام، وَمن انتهب نهبة فَلَيْسَ منا " /. (53) وَقَالَ التِّرْمِذِيّ فِي كتاب الْعِلَل: حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان، حَدثنَا عبد الرَّزَّاق، عَن معمر، عَن ثَابت، عَن أنس، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: لَا جلب، وَلَا جنب، وَلَا شغار فِي الْإِسْلَام، وَمن انتهب فَلَيْسَ منا ". سَأَلت مُحَمَّدًا عَنهُ فَقَالَ: لَا أعرفهُ إِلَّا من حَدِيث عبد الرَّزَّاق، وَلَا أعلم أحدا رَوَاهُ عَن ثَابت غير معمر، وَرُبمَا قَالَ عبد الرَّزَّاق فِي هَذَا الحَدِيث: عَن ثَابت وَأَبَان عَن أنس. انْتهى كَلَام التِّرْمِذِيّ. وَقد روى هَذَا الحَدِيث بِأَكْثَرَ من هَذَا الْكَلَام. قَالَ الْبَزَّار: حَدثنَا الْحسن بن مهْدي، قَالَ: حَدثنَا عبد الرَّزَّاق، قَالَ: أخبرنَا معمر، عَن ثَابت، عَن أنس. وحدثناه زُهَيْر بن مُحَمَّد، قَالَ: حَدثنَا عبد الرَّزَّاق، قَالَ: حَدثنَا معمر، عَن أنس وَاللَّفْظ لفظ زُهَيْر قَالَ: لما بَايع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - النِّسَاء أَخذ عَلَيْهِنَّ أَلا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 80 يَنحن فَقُلْنَ: يَا رَسُول الله، إِن نسَاء أسعدننا فِي الْجَاهِلِيَّة أفنسعدهن فِي الْإِسْلَام؟ فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا إسعاد فِي الْإِسْلَام، وَلَا جلب، وَلَا جنب، وَمن انتهب فَلَيْسَ منا ". ثمَّ قَالَ: لَا نعلم رَوَاهُ عَن ثَابت، عَن أنس إِلَّا معمر. وَقد تبين الْمَقْصُود، وَهُوَ أَن زِيَادَة " فِي الرِّهَان " إِنَّمَا هِيَ من رِوَايَة عَنْبَسَة، عَن الْحسن، عَن عمرَان، وَلَا آمن أَن تكون هَذِه الزِّيَادَة من المدرج فَسرهَا يحيى بن خلف، أَو من فَوْقه فاتصلت بالْخبر، فَاعْلَم ذَلِك. (54) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار حَدِيث زيد بن حَارِثَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي أول مَا أُوحِي إِلَيْهِ أَتَاهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ / السَّلَام فَعلمه الْوضُوء، فَلَمَّا فرغ أَخذ حفْنَة من مَاء فنضح بهَا فرجه. ثمَّ قَالَ: هَذَا يرويهِ عبد الله بن لَهِيعَة، وَهُوَ ضَعِيف عِنْدهم، وَقد رُوِيَ أَيْضا من طَرِيق رشدين ابْن سعد بِسَنَدِهِ إِلَى زيد بن حَارِثَة، وَهُوَ ضَعِيف. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 81 عِنْدهم كَذَلِك. هَكَذَا ذكر رِوَايَة رشدين أَنَّهَا عَن زيد بن حَارِثَة، كَرِوَايَة ابْن لَهِيعَة، وَذَلِكَ شَيْء لَا يعرف، وَمَا رِوَايَة رشدين إِلَّا عَن أُسَامَة بن زيد بن حَارِثَة أَن جِبْرِيل نزل على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أرَاهُ الْوضُوء، فَلَمَّا فرغ من وضوئِهِ أَخذ حفْنَة من مَاء فرش بهَا فِي الْفرج. يَرْوِيهَا عقيل، وقرة، عَن ابْن شهَاب، / عَن عُرْوَة، عَن أُسَامَة بن زيد كَذَلِك مُرْسلَة. هَكَذَا ذكرهَا الدَّارَقُطْنِيّ وَغَيره، وَلَا ذكر فِيهَا لزيد بن حَارِثَة، فَاعْلَم ذَلِك. (55) وَذكر أَيْضا من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ عَن الْحسن بن دِينَار، قَالَ: حَدثنَا أَبُو جَعْفَر الْمَنْصُور، عَن أَبِيه، عَن جده، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اجتنبوا من النِّكَاح أَرْبَعَة " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: وَالْحسن بن دِينَار مَتْرُوك. هَكَذَا ذكر عَن الْحسن بن دِينَار، وَلَيْسَ هُوَ كَذَلِك فِي كتاب الدَّارَقُطْنِيّ، بل " عَن الْحسن بن عمَارَة " وَهُوَ أَيْضا مَتْرُوك كَذَلِك، وَقد ارتبت من هَذَا فِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 82 كتابي من الدَّارَقُطْنِيّ، فاستظهرت بِغَيْرِهِ، فَرَأَيْت الْحسن بن عمَارَة فِي كل مَا رَأَيْت مِنْهَا، وفيهَا نسخ عتق، وَكتاب أبي عَليّ الصَّدَفِي بِخَطِّهِ كَاف فِي ذَلِك. وَسَنذكر هَذَا الحَدِيث مرّة أُخْرَى فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أعلها بِقوم وَترك دونهم من هُوَ مثلهم أَو أَضْعَف مِنْهُم، إِن شَاءَ الله تَعَالَى. (56) وَذكر أَيْضا من طَرِيق أبي أَحْمد، عَن مُعَاوِيَة بن عَطاء، عَن سُفْيَان الثَّوْريّ، عَن مَنْصُور، عَن زر عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذكر الْأَصْنَاف السِّتَّة الربوية، وَزَاد: " الزَّيْت بالزيت ". كَذَا رَأَيْته فِي النّسخ: " الزَّيْت "، وَهُوَ خطأ، وَصَوَابه: " الزَّبِيب "، وَكَذَلِكَ على الصَّوَاب هُوَ فِي الْكتاب الَّذِي نقل مِنْهُ: كتاب أبي أَحْمد. وَلَيْسَ هَذَا مَقْصُودا الْآن، فَإِنَّهُ من قسم التَّغْيِير الْوَاقِع فِي الْمُتُون. وَالَّذِي قصدت مِنْهُ الْآن، هُوَ قَوْله: عَن ابْن عمر، وَذَلِكَ خطأ، وَإِنَّمَا هُوَ فِي الْموضع الَّذِي نَقله مِنْهُ وَبِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور إِلَى زر، عَن عمر بن الْخطاب، وزر مَعْرُوف الرِّوَايَة عَن عمر وَعلي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 83 \ وَلِلْحَدِيثِ شَأْن آخر، أذكرهُ بِهِ إِن شَاءَ الله فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أغفل بَيَان عللها. (57) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، عَن حميد، عَن أنس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لَا يكْتب فِي الْخَاتم بِالْعَرَبِيَّةِ ". ثمَّ قَالَ عَنهُ: الصَّحِيح عَن حميد مُرْسلا. كَذَا أورد هَذَا، وَهُوَ خطأ، فَإِن الْمَفْهُوم مِنْهُ، هُوَ أَن صَحِيح الحَدِيث إِنَّمَا هُوَ كَونه مُرْسلا عَن حميد عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / لَا مُسْندًا بِزِيَادَة أنس. وَعزا ذَلِك إِلَى الدَّارَقُطْنِيّ، وَهُوَ لم يقل هَذَا، وَإِنَّمَا صَححهُ الدَّارَقُطْنِيّ مُرْسلا عَن حميد، عَن الْحسن، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فمرسله هُوَ الْحسن، لَا حميد. وَقد ذكرت نَص الْوَاقِع من ذَلِك عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ، فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا مُتَّصِلَة وَهِي مُنْقَطِعَة. (58) وَذكر أَيْضا من طَرِيق قَاسم بن أصبغ، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما ولدت مَارِيَة إِبْرَاهِيم، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أعْتقهَا وَلَدهَا ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 84 ثمَّ قَالَ: " فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث، مُحَمَّد بن مُصعب / القرقساني وَهُوَ ضَعِيف، كَانَت فِيهِ غَفلَة، وَأحسن مَا سَمِعت فِيهِ من قَول الْمُتَقَدِّمين: صَدُوق لَا بَأْس بِهِ، وَبَعض الْمُتَأَخِّرين يوثقه ". هَكَذَا ذكره، وَهُوَ عين الْخَطَأ، وَلَيْسَ لمُحَمد بن مُصعب فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث ذكر الْبَتَّةَ. وَقد رَأَيْته كتبه بِخَطِّهِ فِي كِتَابه الْكَبِير بِسَنَدِهِ، فَقَالَ: حَدثنَا الْقرشِي حَدثنَا شُرَيْح، حَدثنَا عَليّ بن أَحْمد - يَعْنِي ابْن حزم - حَدثنَا يُوسُف بن عبد الله - يَعْنِي ابْن عبد الْبر - حَدثنَا عبد الْوَارِث بن سعيد، حَدثنَا قَاسم بن أصبغ، حَدثنَا مُصعب بن مُحَمَّد، حَدثنَا عبيد الله بن عمر - هُوَ الرقي - عَن عبد الْكَرِيم الْجَزرِي، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، فَذكره. هَكَذَا كتبه بِخَطِّهِ، وَفِيه من التَّخْلِيط مَا أبينه: أول ذَلِك قَوْله فِي شيخ ابْن عبد الْبر: " عبد الْوَارِث بن سعيد "، وَإِنَّمَا هُوَ سُفْيَان، الملقب بالحبيب، هُوَ مُخْتَصّ بقاسم، وَهُوَ أحد ثِقَات شُيُوخ أبي عمر بن عبد الْبر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 85 فَأَما عبد الْوَارِث بن سعيد التنوري فَلَيْسَ هَذَا مَكَانَهُ، وَالْأَمر فِيهِ بَين، وَإِنَّمَا سبقه الْقَلَم إِلَى الْخَطَأ باسم يحفظه. وَأما قَوْله: حَدثنَا مُصعب بن مُحَمَّد، فَهُوَ عكس هَذَا الَّذِي فِي هَذَا الْكتاب، وَأَظنهُ تَخْلِيطًا كَانَ فِي كتاب ابْن حزم، أَو قد علم عَلَيْهِ بعلامة التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير، فَلم يعلم هُوَ بهَا. وَكتب هُنَا مُحَمَّد بن مُصعب، وَفَسرهُ بالقرقساني، وَكتب عَلَيْهِ حكمه، واستوى مَا كتب عَلَيْهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ من كَونه ذَا غَفلَة، وَكَانَ هَذَا كُله خطأ /. وَكَانَ مَا فِي هَذَا الْكتاب أقرب إِلَى تَبْيِين الصَّوَاب، وَذَلِكَ أَن الحَدِيث فِي كتاب قَاسم، إِنَّمَا هُوَ هَكَذَا: حَدثنَا مُحَمَّد، عَن مُصعب، فمحمد هُوَ ابْن وضاح، وَمصْعَب هُوَ ابْن سعيد، وَأَبُو خَيْثَمَة المصِّيصِي وَالْأَمر فِي ذَلِك بَين، ويتكرر فِي كتاب قَاسم، حَتَّى لَا يبْقى لمن لَا يعرفهُ ريب، وَهُوَ أَيْضا يضعف، وَقد ذكره أَبُو أَحْمد، وَسَيَأْتِي لَهُ ذكر - إِن شَاءَ الله - فِي هَذَا الحَدِيث فِي مَوضِع آخر. (م 58) وَقد مر ذكره لأبي مُحَمَّد فِي حَدِيث " النَّهْي عَن تغميض الْعَينَيْنِ فِي الصَّلَاة كَمَا يفعل الْيَهُود ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 86 وَأَبُو مُحَمَّد لَا ينْقل من كتب قَاسم إِلَّا بِوَاسِطَة، فَإِنَّهُ لم يرهَا، وَقد بيّنت ذَلِك فِي الْبَاب الَّذِي أذكر فِيهِ جَمِيع من أخرج عَنهُ علم هَذَا الْكتاب. (59) وَذكر من المراسل عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَخذ من قبل الْقبْلَة وَلم يسل سلا ". كَذَا ذكره، وَهُوَ خطأ، وَلم يَقع فِي المراسل لَفْظَة " التَّيْمِيّ " وَإِنَّمَا هِيَ زِيَادَة مِنْهُ، وَإِنَّمَا هِيَ من رِوَايَة حَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان، عَن إِبْرَاهِيم، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هَكَذَا فَقَط، وَبَين أَن حَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان، إِنَّمَا يروي عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ لَا التَّيْمِيّ، وَالرجلَانِ مشتركان فِي الِاسْم وَاسم الْأَب، وكل وَاحِد مِنْهُمَا يُقَال لَهُ: إِبْرَاهِيم بن يزِيد، ويشتركان فِي الْبَلَد أَيْضا، وَفِي كثير من الروَاة من فَوق وَمن أَسْفَل. وَلما كتب الْحجَّاج إِلَى عَامله أَن يَأْخُذ إِبْرَاهِيم بن يزِيد، كتب إِلَيْهِ: إِن قبلنَا إِبْرَاهِيم بن يزِيد التَّيْمِيّ، وَإِبْرَاهِيم بن يزِيد النَّخعِيّ، فَكتب إِلَيْهِ أَن خذهما جَمِيعًا. قَالَ هشيم: أما النَّخعِيّ فَلم يُوجد حَتَّى مَاتَ، وَأما التَّيْمِيّ فَأخذ فَمَاتَ فِي السجْن. وَالْمَقْصُود أَن تعلم أَن لفظ التَّيْمِيّ الَّتِي أزعم أَنَّهَا خطأ، لَيست فِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 87 الْموضع الَّذِي نقل الحَدِيث الْمَذْكُور مِنْهُ، فَاعْلَم ذَلِك. (60) وَذكر أَيْضا من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ / عَن ابْن عمر أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " نهى عَن بيع أُمَّهَات الْأَوْلَاد "، وَقَالَ: " لَا يبعن، وَلَا يوهبن، وَلَا يورثن، يسْتَمْتع مِنْهَا سَيِّدهَا مَا دَامَ حَيا، وَإِذا مَاتَ فَهِيَ حرَّة ". ثمَّ قَالَ: هَذَا يرْوى من قَول ابْن عمر، وَلَا يَصح مُسْندًا. كَذَا قَالَ: أَنه يرْوى من قَول ابْن عمر، وَلَيْسَ كَذَلِك، وَإِنَّمَا يروي / مَوْقُوفا من قَول عمر، من حَدِيث يرويهِ عبد الْعَزِيز بن مُسلم الْقَسْمَلِي - وَهُوَ ثِقَة - عَن عبد الله بن دِينَار، عَن ابْن عمر، فَاخْتلف عَنهُ. فَقَالَ عَنهُ يُونُس بن مُحَمَّد: وَهُوَ ثِقَة، وَحدث بِهِ من كِتَابه عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَقَالَ عَنهُ يحيى بن إِسْحَاق، وفليح بن سُلَيْمَان: عَن عمر، لم يتجاوزه، وَكلهمْ ثِقَات، وَهَذَا كُله ذكره الدَّارَقُطْنِيّ، فاعلمه. (61) وَذكر أَيْضا من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، من رِوَايَة الْقَاسِم بن مُحَمَّد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 88 الْعمريّ، فِي حَدِيث أبي سعيد، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يقْضِي القَاضِي إِلَّا وَهُوَ شبعان رَيَّان ". قَالَ: وَالقَاسِم بن مُحَمَّد هَذَا مَتْرُوك. هَذَا نَص مَا ذكر، وتكرر لَهُ ذكر الْقَاسِم بن مُحَمَّد فِيهِ مرَّتَيْنِ، وَهُوَ عين الْخَطَأ، وَإِنَّمَا الحَدِيث فِي كتاب الدَّارَقُطْنِيّ، عَن الْقَاسِم بن عبد الله الْعمريّ عَن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن الْأنْصَارِيّ، عَن أَبِيه، عَن أبي سعيد. وَالقَاسِم هَذَا مُتَّهم بِوَضْع الْأَحَادِيث، وَلَا أعلم فِي العمريين من يُقَال لَهُ: الْقَاسِم بن مُحَمَّد. وَلِهَذَا الحَدِيث شَأْن آخر، أذكرهُ بِهِ فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ضعفها بِرِجَال وَترك فِي أسانيدها من تعتل بِهِ غَيرهم. (62) وَذكر أَيْضا من طَرِيق أبي أَحْمد، من حَدِيث إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم ابْن عمرَان بن عُمَيْر المَسْعُودِيّ، عَن الْقَاسِم بن عبد الله قَالَ: قَالَ ابْن مَسْعُود: يَا عُمَيْر، أعتقك؟ سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " من أعتق مَمْلُوكا " الحَدِيث. هَكَذَا ذكره، وَهُوَ خطأ، وَمَا هُوَ فِي الْموضع الَّذِي نَقله مِنْهُ إِلَّا عَن الْقَاسِم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 89 ابْن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن مَسْعُود المَسْعُودِيّ، وَمَا لأحد مِمَّن يُقَال لَهُ الْقَاسِم بن عبد الله إِلَيْهِ سَبِيل. وَقد كتبته أَيْضا فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا مُتَّصِلَة وَهِي مُنْقَطِعَة لِمَعْنى آخر اعتراه فِيهِ. (63) وَذكر قصَّة رِدَاء صَفْوَان الْمَسْرُوق مِنْهُ، فَكَانَ من طرقه: وَأَشْعَث ابْن برَاز، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ صَفْوَان نَائِما فِي الْمَسْجِد. وَعزا مَا ذكر من ذَلِك إِلَى النَّسَائِيّ. وَذَلِكَ عين الْخَطَأ، وَمَا هُوَ عِنْد النَّسَائِيّ إِلَّا عَن أَشْعَث بن سوار، وَذَلِكَ أَنه ترْجم تَرْجَمَة /. نَصهَا: خَالفه أَشْعَث بن سوار، ثمَّ قَالَ بعْدهَا: أخبرنَا مُحَمَّد بن هِشَام، قَالَ: حَدثنَا الْفضل - يَعْنِي ابْن الْعَلَاء الْكُوفِي - قَالَ: حَدثنَا أَشْعَث - هُوَ ابْن سوار - عَن عِكْرِمَة: عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " كَانَ صَفْوَان نَائِما فِي الْمَسْجِد " ... فَذكره. وَقد رَوَاهُ أَيْضا عَن أَشْعَث، عَمْرو بن صَالح أَبُو أُميَّة، ففسره بِابْن سوار. قَالَ الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن مَرْزُوق بن مكين، حَدثنَا عَمْرو بن صَالح أَبُو أُميَّة، قَالَ: حَدثنَا الْأَشْعَث بن سوار عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ صَفْوَان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 90 نَائِما فِي الْمَسْجِد، فجَاء رجل فَأخذ رِدَاءَهُ من تَحت رَأسه فَاتبعهُ فأدركه، فَأتى بِهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: هَذَا سرق رِدَائي من تَحت رَأْسِي، وَأَنا نَائِم، فَأمر بِهِ أَن يقطع، فَقَالَ: إِن رِدَائي / لم يبلغ أَن يقطع فِيهِ هَذَا، فَقَالَ: " أَفلا قبل أَن تَأتِينِي بِهِ ". وَأَشْعَث كُوفِي، مَعْرُوف الرِّوَايَة عَن عِكْرِمَة، وَالْفضل بن الْعَلَاء، مَعْرُوف الرِّوَايَة عَنهُ. فَأَما أَشْعَث بن برَاز فبصري، يروي عَن الْبَصرِيين، كقتادة، وَالْحسن، وثابت، وَعلي بن زيد، وَلَا أعرف لَهُ رِوَايَة عَن عِكْرِمَة وَيَكْفِي من هَذَا أَنه فِي الأَصْل الَّذِي نقل مِنْهُ على خلاف مَا فسر، وأظن أَنه نَقله وَترك تَفْسِير أَشْعَث، فَلَمَّا جَاءَ إِلَى الِاخْتِصَار توهمه ابْن برَاز، وَإِلَى ذَلِك فَإِن ابْن برَاز ضَعِيف أَيْضا كَابْن سوار، فَاعْلَم ذَلِك. (64) وَذكر مَا هَذَا نَصه: وروى النَّسَائِيّ من حَدِيث عصمَة بن مَالك، وَعبد الله ابْن الْحَارِث بن أبي ربيعَة، أَن مَمْلُوكا سرق على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَرفع إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَعَفَا عَنهُ، ثمَّ سرق الثَّانِيَة، وَالثَّالِثَة، وَالرَّابِعَة، وَفِي كل مرّة يرفع إِلَيْهِ، فيعفو عَنهُ، ثمَّ رفع إِلَيْهِ الْخَامِسَة، وَقد سرق، فَقطع يَده، ثمَّ رفع إِلَيْهِ السَّادِسَة، فَقطع رجله، ثمَّ رفع إِلَيْهِ السَّابِعَة فَقطع يَده، ثمَّ رفع إِلَيْهِ الثَّامِنَة فَقطع رجله، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 91 وَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَربع بِأَرْبَع "، وَلم يقل فِي حَدِيث عبد الله: " أَربع بِأَرْبَع ". قَالَ: وَهَذَا لَا يَصح، للإرسال وَضعف الْإِسْنَاد خرجه الدَّارَقُطْنِيّ / والْحَارث بن أبي أُسَامَة. انْتهى مَا ذكر. فَأَقُول وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق -: إِنَّه تغير، وَلَا أعرف مَوضِع التَّغْيِير، أهوَ فِي قَوْله: وروى النَّسَائِيّ، أَو فِي قَوْله: وَعبد الله بن الْحَارِث بن أبي ربيعَة؟ وَمعنى هَذَا، هُوَ أَن النَّسَائِيّ لَيْسَ عِنْده هَذَا الْخَبَر هَكَذَا بِوَجْه. وَإِنَّمَا عِنْده حَدِيث الْحَارِث بن حَاطِب، وَلَيْسَ فِيهِ شَيْء من هَذَا، وَإِنَّمَا نَصه: أخبرنَا سُلَيْمَان بن سلم المصاحفي، أخبرنَا النَّضر - هُوَ ابْن شُمَيْل - حَدثنَا حَمَّاد، أخبرنَا يُوسُف عَن الْحَارِث بن حَاطِب، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أُتِي بلص فَقَالَ: " اقْتُلُوهُ " قَالُوا: يَا رَسُول الله، إِنَّمَا سرق، قَالَ: " اقْتُلُوهُ "، قَالُوا: يَا رَسُول الله، إِنَّمَا سرق، قَالَ: " اقْطَعُوا يَده ". [قَالَ] ثمَّ سرق فَقطعت رجله ثمَّ سرق على عهد أبي بكر، حَتَّى قطعت قوائمه كلهَا، ثمَّ سرق أَيْضا الْخَامِسَة، فَقَالَ أَبُو بكر كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أعلم بِهَذَا حِين قَالَ: " اقْتُلُوهُ "، ثمَّ دَفعه إِلَى فتية من قُرَيْش ليقتلوه، فيهم عبد الله بن الزبير، وَكَانَ يحب الإمرة، فَقَالَ: أمروني عَلَيْكُم، فأمروه عَلَيْهِم، فَكَانَ إِذا ضرب ضربوا حَتَّى قَتَلُوهُ. لَيْسَ عِنْد النَّسَائِيّ إِلَّا هَذَا، وَلَيْسَ من ذَلِك فِي شَيْء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 92 وَأما الدَّارَقُطْنِيّ فَعنده: حَدثنَا مُحَمَّد بن مخلد بن حَفْص، حَدثنَا إِسْحَاق ابْن دَاوُد بن عِيسَى الْمروزِي، حَدثنَا خَالِد بن عبد السَّلَام الصَّدَفِي، حَدثنَا الْفضل بن الْمُخْتَار، عَن عبيد الله بن موهب، عَم عصمَة بن مَالك قَالَ: سرق مَمْلُوك فِي عهد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَرفع إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَعَفَا عَنهُ، ثمَّ رفع إِلَيْهِ الثَّانِيَة قد سرق، فَعَفَا عَنهُ، ثمَّ رفع إِلَيْهِ الثَّالِثَة، فَعَفَا عَنهُ، ثمَّ رفع إِلَيْهِ الرَّابِعَة، وَقد سرق، فَعَفَا عَنهُ، ثمَّ رفع إِلَيْهِ الْخَامِسَة، وَقد سرق، فَقطع يَده، ثمَّ رفع إِلَيْهِ السَّادِسَة، فَقطع رجله، ثمَّ رفع إِلَيْهِ السَّابِعَة، فَقطع يَده، ثمَّ رفع إِلَيْهِ الثَّامِنَة، فَقطع رجله، وَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَربع بِأَرْبَع ". فَهَذَا مَا ذكر / الدَّارَقُطْنِيّ، وَأما مَا ذكر الْحَارِث بن أبي أُسَامَة فَلم أَقف عَلَيْهِ، وَلَعَلَّ هَذَا الَّذِي سَاق أَبُو مُحَمَّد من عِنْده. وَالْمَقْصُود أَن نِسْبَة مَا عِنْد النَّسَائِيّ / إِلَى عصمَة بن مَالك وَعبد الله بن الْحَارِث، غير صَحِيحَة، فَاعْلَم ذَلِك. (65) وَذكر أَيْضا عَن أبي دَاوُد، عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أقيلوا ذَوي الهيئات عثراتهم إِلَّا الْحُدُود ". ثمَّ قَالَ: هَذَا يرويهِ عبد الْملك بن زيد، وعطاف بن خَالِد، وهما ضعيفان. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 93 هَكَذَا قَالَ: وَهُوَ خطأ، وَذَلِكَ أَنه يفهم مِنْهُ أَنه عِنْد أبي دَاوُد من رِوَايَة هذَيْن، وَلَيْسَ كَذَلِك، وَإِنَّمَا ذكره أَبُو دَاوُد من رِوَايَة عبد الْملك بن زيد فَقَط. قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الْأَنْبَارِي وجعفر بن مُسَافر التنيسِي قَالَا: حَدثنَا ابْن أبي فديك عَن عبد الْملك بن زيد - من ولد سعيد بن زيد بن عَمْرو بن نفَيْل - عَن مُحَمَّد بن أبي بكر، عَن عمْرَة، عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أقيلوا ذَوي الهيئات عثراتهم إِلَّا الْحُدُود ". لم يذكر غير هَذَا. وَأما النَّسَائِيّ فَذكره من رِوَايَة الرجلَيْن، فِي طَرِيقين: أَحدهمَا يرويهِ ابْن أبي مَرْيَم، قَالَ: حَدثنَا عطاف بن خَالِد، قَالَ: أَنبأَنَا عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن أبي بكر، عَن أَبِيه، عَن عمْرَة، عَن عَائِشَة. وَالْآخر من رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن مهْدي، قَالَ: حَدثنَا عبد الْملك بن زيد، عَن مُحَمَّد بن أبي بكر، عَن أَبِيه، عَن عمْرَة، عَن عَائِشَة. فَفِي هَذَا زِيَادَة أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم فِي الْإِسْنَاد، فَيكون حَدِيث أبي دَاوُد - على هَذَا - مُنْقَطِعًا فِيمَا بَين مُحَمَّد بن أبي بكر وَعمرَة، فَاعْلَم ذَلِك. (66) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد، من حَدِيث عبد الله بن يحيى بن أبي كثير - وَكَانَ من خِيَار النَّاس، وَأهل الدَّين والورع - عَن أَبِيه، عَن رجل من الْأَنْصَار، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " نهى عَن أكل أُذُنِي الْقلب ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 94 ثمَّ قَالَ: رَوَاهُ إِسْرَائِيل بن أبي إِسْحَاق، عَن عبد الله بن يحيى بن أبي كثير. كَذَا وَقع هَذَا فِي النّسخ، وَهُوَ خطأ، وَنسبَة حَدِيث إِلَى غير رَاوِيه، وَلَيْسَ هَذَا من رِوَايَة إِسْرَائِيل بن أبي إِسْحَاق، وعَلى أَنه لَا يُوجد إِسْرَائِيل هَكَذَا مَنْسُوبا إِلَى جده، وَإِنَّمَا هُوَ إِسْرَائِيل بن يُونُس بن ابي إِسْحَاق، وَلَا أَيْضا أعرف فِي الروَاة من يُقَال لَهُ: إِسْرَائِيل بن أبي إِسْحَاق. وَهَذَا الحَدِيث إِنَّمَا رَوَاهُ عِنْد أبي أَحْمد، إِسْحَاق بن أبي إِسْرَائِيل، عَن عبد الله بن يحيى بن أبي كثير، وَإِسْحَاق بن ابي إِسْرَائِيل مَعْرُوف، وَهُوَ مَنْسُوب إِلَى جده، وَإِنَّمَا هُوَ إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن / أبي إِسْرَائِيل، وَكَانَ ثِقَة وَله شَأْن، وَترك النَّاس حَدِيثه لرَأى وَقع لَهُ، فأظهره فِي الْقُرْآن من الْوَقْف، فَترك وحيداً وهجر، وَقد كَانَ النَّاس إِلَيْهِ عنقًا وَاحِدَة وَلم يكن مُتَّهمًا. وسأعود إِلَى ذكر هَذَا الحَدِيث فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أتبعهَا كلَاما يَقْتَضِي صِحَّتهَا وَلَيْسَت بصحيحة، إِن شَاءَ الله تَعَالَى. (67) وَذكر أَيْضا فِي كتاب اللبَاس مَا هَذَا نَصه: وَقد خرج الْمَنْع من التحلي بِالذَّهَب للنِّسَاء، عَن ثَوْبَان، وَحُذَيْفَة، وَأبي هُرَيْرَة، وَأَسْمَاء بنت يزِيد، وَغَيرهم عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَالصَّحِيح الْإِبَاحَة للنِّسَاء، ذكر ذَلِك النَّسَائِيّ، وَأَبُو دَاوُد. انْتهى مَا ذكر. وَقد كتبت فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ضعفها وَلم يبين عللها حَدِيث ثَوْبَان، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 95 وَأبي هُرَيْرَة، وَأَسْمَاء، وبينت عللها. فَأَما حَدِيث حُذَيْفَة فَلَا وجود لَهُ فِيمَا أعلم، وخاصة عِنْد النَّسَائِيّ وَأبي دَاوُد، وَإِنَّمَا ذكرا حَدِيث أُخْت حُذَيْفَة، مَعَ جملَة الْأَحَادِيث الْمَذْكُورَة وَأرَاهُ تصحف لَهُ. قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد، قَالَ: حَدثنَا أَبُو عوَانَة، عَن مَنْصُور، عَن ربعي بن حِرَاش عَن امْرَأَته، عَن أُخْت لِحُذَيْفَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يَا معشر النِّسَاء، أما لَكِن فِي الْفضة مَا تحلين بِهِ؟ أما إِنَّه لَيْسَ امْرَأَة تحلى ذَهَبا تظهره إِلَّا عذبت بِهِ ". وَكَذَا ذكره النَّسَائِيّ من رِوَايَة مُعْتَمر وسُفْيَان، عَن مَنْصُور عَن ربعي، عَن امْرَأَته، عَن أُخْت حُذَيْفَة قَالَت: خَطَبنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَذكرت الحَدِيث. وعلته الْجَهْل بِحَال امْرَأَة ربعي بن حِرَاش، فَاعْلَم ذَلِك. (68) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: [قَالَ] رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن أغبط أوليائي عِنْدِي، لمُؤْمِن خَفِيف الحاذ ذُو حَظّ من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 96 الصَّلَاة، أحسن عبَادَة ربه، وأطاعه فِي السِّرّ، وَكَانَ غامضاً فِي النَّاس، لَا يشار إِلَيْهِ بالأصابع، وَكَانَ رزقه كفافاً، فَصَبر على ذَلِك. ثمَّ نفض بيد فَقَالَ: عجلت منيته، قلت بوَاكِيهِ، قل تراثه ". كَذَا وَقع فِي النّسخ، وَهُوَ خطأ، إِنَّمَا هُوَ حَدِيث أبي إِمَامَة، وَسكت عَنهُ، وَقد بَينا ضعف إِسْنَاده / فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي سكت عَنْهَا وَلَيْسَت بصحيحة. (69) وَذكر من طَرِيق مُسلم، عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " يَا أَيهَا النَّاس، تُوبُوا إِلَى الله، فَإِنِّي أَتُوب إِلَيْهِ فِي الْيَوْم مائَة مرّة ". كَذَا رَأَيْته فِي نسخ، وَهُوَ خطأ، وَنسبَة الحَدِيث إِلَى غير رَاوِيه، وَإِنَّمَا هُوَ فِي كتاب مُسلم، عَن الْأَغَر الْمُزنِيّ، يحدث ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَذكره والأغر الْمُزنِيّ صَحَابِيّ، وَقد رَأَيْته فِي نُسْخَة على الصَّوَاب، وَلَا أَدْرِي لَعَلَّه أصلح فِيهَا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 97 (4) بَاب ذكر أَحَادِيث يوردها من مَوضِع عَن راو، ثمَّ يردفها زِيَادَة أَو حَدِيثا من مَوضِع آخر، موهماً أَنَّهَا عَن ذَلِك الرَّاوِي، أَو بذلك الْإِسْنَاد، أَو فِي تِلْكَ الْقِصَّة، أَو فِي ذَلِك الْموضع، وَلَيْسَ [الْأَمر] كَذَلِك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 99 اعْلَم أَن هَذَا الْبَاب ملتحق بِمَا كُنَّا فِيهِ الْآن: من نِسْبَة الْأَحَادِيث إِلَى غير رواتها، إِلَّا أَن الْفرق بَين مَا ذكرت فِي الْبَاب [الَّذِي] قبل هَذَا، وَبَين مَا أذكرهُ هُنَا، هُوَ أَن مَا تقدم يَقُول فِيهِ بالْخَطَأ مُصَرحًا. كجعل حَدِيث سَلمَة عَن الْبَراء. وَكَقَوْلِه فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة بعد ذكر أنس: وَعنهُ. وَكَقَوْلِه لحَدِيث فِيهِ الْحسن بن عمَارَة: فِيهِ الْحسن بن دِينَار، وَسَائِر مَا ذكرته. وَأما هَاهُنَا، فَإِنَّمَا يلْزمه الْخَطَأ، ونسبةالحديث إِلَى غير رَاوِيه، بِاعْتِبَار ملتزمه الَّذِي أخبر بِهِ عَن نَفسه فِي صدر الْكتاب: من أَنه مَتى ذكر الحَدِيث عَن راو، فَكل مَا يذكر بعده، هُوَ عَنهُ / مَا لم يقل: وَعَن فلَان، فيسمي رَاوِيا آخر. وَكَذَلِكَ الْحَال فِي الْكتاب الَّذِي ينْقل مِنْهُ، وَإِنَّمَا يصعب الْحَال فِيمَا أذكرهُ فِي هَذَا الْبَاب، من حَيْثُ يقدر كَأَنَّهُ قَائِل - إِثْر كل حَدِيث يَعْتَرِيه ذَلِك فِيهِ: هَذَا الحَدِيث، أَو هَذِه الزِّيَادَة عَن الرَّاوِي فلَان، وَلَا يكون شَيْء من ذَلِك عَنهُ، فَإِنَّهُ وَإِن لم يقلهُ إِثْر كل حَدِيث، فَإِنَّهُ قد تقدم فِي أول الْكتاب مَا يدل على ذَلِك مِمَّا ذكرته. (70) فَمن ذَلِك مَا ذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ، عَن أنس بن مَالك أَن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 101 رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَامَ فَحدث / النَّاس، فَقَامَ إِلَيْهِ رجل فَقَالَ: مَتى السَّاعَة يَا رَسُول الله؟ فبسر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي وَجهه، فَقُلْنَا لَهُ: اقعد، فَإنَّك سَأَلته مَا يكره ... الحَدِيث. وَفِيه: أَعدَدْت لَهَا حب الله وَرَسُوله، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اجْلِسْ فَإنَّك مَعَ من أَحْبَبْت ". ثمَّ قَالَ: وَقَالَ مُسلم فِي هَذَا الحَدِيث: " الْمَرْء مَعَ من أحب ". وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: " الْمَرْء مَعَ من أحب وَله مَا اكْتسب ". هَكَذَا أوردهُ، وَهُوَ يفهم قارئه أَن قَوْله: " الْمَرْء مَعَ من أحب " الْوَاقِع فِي كتاب مُسلم، هُوَ من حَدِيث أنس، وَلَيْسَ الْأَمر كَذَلِك، وَمَا هُوَ فِي كتاب مُسلم إِلَّا من حَدِيث ابْن مَسْعُود، وَفِي قصَّة أُخْرَى، فَلَا هُوَ عَن أنس، وَلَا هُوَ فِي ذَلِك الحَدِيث كَمَا قَالَ. وَبَيَان ذَلِك بإيراده كَمَا هُوَ فِي كتاب مُسلم. قَالَ مُسلم: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة، وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، قَالَ إِسْحَاق: أخبرنَا، وَقَالَ عُثْمَان: حَدثنَا جرير، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي وَائِل، عَن عبد الله قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، كَيفَ ترى رجلا أحب قوما وَلما يلْحق بهم؟ فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْمَرْء مَعَ من أحب ". وَوَقع فِي كتاب مُسلم حَدِيث أنس فِي السُّؤَال عَن السَّاعَة، كَمَا تقدم فِي حَدِيث النَّسَائِيّ، وَلَكِن خطاب مواجه مُفْرد هَكَذَا: " أَنْت مَعَ من أَحْبَبْت ". ذكره مُسلم من طَرِيق إِسْحَاق بن عبد الله، وَالزهْرِيّ، وثابت، وَسَالم بن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 102 أبي الْجَعْد، كلهم عَن أنس. (71) وَذكر أَيْضا من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، عَن عبد الله بن سرجس قَالَ: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يغْتَسل الرجل بِفضل الْمَرْأَة، أَو الْمَرْأَة بِفضل الرجل، وَلَكِن يشركان جَمِيعًا ". ثمَّ قَالَ: وخرجه النَّسَائِيّ رَحمَه الله. انْتهى مَا ذكره. وَهَكَذَا قَالَ: إِن النَّسَائِيّ أخرجه، وَلَيْسَ كَذَلِك. وَإِنَّمَا أخرج النَّسَائِيّ حَدِيث حميد بن عبد الرَّحْمَن، قَالَ: لقِيت رجلا صحب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَربع سِنِين كَمَا صَحبه أَبُو هُرَيْرَة قَالَ: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يمتشط أَحَدنَا كل يَوْم، أَو يَبُول فِي مغتسله، أَو يغْتَسل الرجل بِفضل الْمَرْأَة، أَو الْمَرْأَة بِفضل الرجل / وليغترفا جَمِيعًا ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 103 قَالَ أخبرنَا قُتَيْبَة بن سعيد، حَدثنَا أَبُو عوَانَة، عَن دَاوُد الأودي عَن حميد، فَذكره. وَدَاوُد الأودي، وَثَّقَهُ ابْن معِين، وَابْن حَنْبَل، وَالنَّسَائِيّ، وَقد بَين فِي كِتَابه الْكَبِير أَنه إِنَّمَا يَعْنِي بقوله: خرجه النَّسَائِيّ هَذَا الحَدِيث، لَا حَدِيث عبد الله بن سرجس، فَإِنَّهُ أوردهُ مَعَ حَدِيث ابْن سرجس بِإِسْنَادِهِ، وأتبع حَدِيث ابْن سرجس تَعْلِيل البُخَارِيّ لَهُ، وسأذكر ذَلِك إِن شَاءَ الله [تَعَالَى] فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا صَحِيحَة، وَلَيْسَت كَذَلِك / وَلها طرق صَحِيحَة. (71) وَذكر فِي الطَّهَارَة من طَرِيق مُسلم عَن أبي بن كَعْب، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الرجل يَأْتِي أَهله، ثمَّ: لَا ينزل، قَالَ: " يغسل ذكره وَيتَوَضَّأ ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 104 وَقَالَ البُخَارِيّ: " يغسل مَا مس الْمَرْأَة مِنْهُ، ثمَّ يتَوَضَّأ وَيُصلي ". وَزَاد عَن زيد بن خَالِد: فَسَأَلت عَن ذَلِك عَليّ بن أبي طَالب، وَالزُّبَيْر ابْن الْعَوام، وَطَلْحَة بن عبيد الله، وَأبي بن كَعْب، فَأمروا بذلك. (74) وَلمُسلم من حَدِيث عُثْمَان فِي هَذَا " يتَوَضَّأ للصَّلَاة وَيغسل ذكره " قَالَ عُثْمَان: سمعته من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. (75) وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: إِنَّمَا كَانَ المَاء من المَاء فِي أول الْإِسْلَام ثمَّ نسخ بعد ذَلِك. كَذَا ذكر هَذَا الْموضع، وَالْمَقْصُود مِنْهُ، هَذَا الَّذِي ذكر عَن التِّرْمِذِيّ بعد مَا لمُسلم عَن عُثْمَان، فَإِنَّهُ يتَوَهَّم مِنْهُ [أَنه] أَيْضا عَن عُثْمَان، وَإِنَّمَا هُوَ عَن أبي ابْن كَعْب، وسنعود لذكره فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا مُتَّصِلَة، وَهِي مُنْقَطِعَة إِن شَاءَ الله تَعَالَى. (76) وَذكر أَيْضا من طَرِيق مُسلم عَن أبي جهيم قَالَ: قَالَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 105 رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَو يعلم الْمَار بَين يَدي الْمُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ، لَكَانَ أَن يقف أَرْبَعِينَ، خير لَهُ من أَن يمر بَين يَدَيْهِ ". قَالَ أَبُو النَّضر: لَا أَدْرِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَو شهرا، أَو سنة. ثمَّ قَالَ: فِي مُسْند الْبَزَّار: أَرْبَعِينَ خَرِيفًا ". كَذَا ذكره، وَهُوَ على ملتزمه يفهم مِنْهُ أَنه عِنْد الْبَزَّار من رِوَايَة أبي جهيم، وَيَنْبَغِي لَو كَانَ عَن أبي جهيم أَن يكون عَن غير ابي النَّضر، لِأَنَّهُ لَا / يجْتَمع قَوْله هُنَا: " لَا أَدْرِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا، أَو شهرا، أَو سنة "، مَعَ قَوْله فِي كتاب الْبَزَّار: " أَرْبَعِينَ خَرِيفًا " من غير شكّ. وَإِلَى هَذَا فَإِنَّهُ لَيْسَ عَن أبي جهيم فِي كتاب الْبَزَّار، بل عَن زيد بن خَالِد، عكس هَذَا الَّذِي فِي كتاب مُسلم، من رِوَايَة ابْن عُيَيْنَة، فَكَانَ عَلَيْهِ أَن يَنْقُلهُ كَمَا وَقع. وبذكر الْحَدِيثين بنصهما يتَبَيَّن ذَلِك. قَالَ مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك عَن أبي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 106 النَّضر عَن بسر بن سعيد، أَن زيد بن خَالِد الْجُهَنِيّ، أرْسلهُ إِلَى أبي جهيم يسْأَله مَاذَا سمع من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: فِي الْمَار بَين يَدي الْمُصَلِّي؟ قَالَ أَبُو جهيم: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَو يعلم الْمَار بَين يَدي الْمُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ، لَكَانَ أَن يقف أَرْبَعِينَ خير لَهُ من أَن يمر بَين يَدَيْهِ ". قَالَ أَبُو النَّضر: لَا أَدْرِي أقَال أَرْبَعِينَ يَوْمًا، أَو شهرا، أَو سنة. فَهَذَا حَدِيث أبي جهيم. وَقَالَ الْبَزَّار: حَدثنَا أَحْمد بن عَبدة الضَّبِّيّ، حَدثنَا سُفْيَان، عَن سَالم أبي النَّضر، عَن بسر بن سعيد، قَالَ أَرْسلنِي أَبُو جهيم إِلَى زيد بن خَالِد، أسأله عَن الْمَار بَين يَدي الْمُصَلِّي، فَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " لَو يعلم الْمَار بَين يَدي الْمُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ، كَانَ لِأَن يقوم أَرْبَعِينَ خَرِيفًا خير لَهُ من أَن يقوم بَين يَدَيْهِ ". هَذَا نَصه وَهُوَ عكس رِوَايَة مَالك، فَإِنَّهُ جعل الحَدِيث لزيد بن خَالِد، وَقد خطئَ فِيهِ ابْن عُيَيْنَة، وَلَيْسَ خَطؤُهُ بمتعين، لاحْتِمَال أَن يكون أَبُو جهيم، بعث بسر بن سعيد إِلَى زيد بن خَالِد، وَزيد بن خَالِد بَعثه إِلَى أبي جهيم بعد أَن أخبرهُ بِمَا عِنْده، يستثبته فِيمَا عِنْده، وَأخْبر كل وَاحِد مِنْهُمَا بمحفوظه، وَشك أَحدهمَا، / وَجزم الآخر بِأَرْبَعِينَ خَرِيفًا، وَاجْتمعَ ذَلِك كُله عِنْد أبي النَّضر، وَحدث بِهِ الْإِمَامَيْنِ، فحفظ مَالك حَدِيث أبي جهيم، وَحفظ سُفْيَان حَدِيث زيد بن خَالِد، وَالله أعلم. (77) وَذكر أَيْضا من طَرِيق مُسلم عَن عَائِشَة أَنَّهَا كَانَ لَهَا ثوب فِيهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 107 تصاوير، مَمْدُود إِلَى سهوة فَكَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي إِلَيْهِ، فَقَالَ: " أخريه عني " قَالَت: / فأخرته فَجَعَلته وسائد. (78) وَقَالَ البُخَارِيّ: " أميطي قرامك هَذَا، فَإِنَّهُ لَا تزَال تصاويره تعرض فِي صَلَاتي ". هَكَذَا ذكره، وَمَفْهُومه على ملتزمه، أَن مَا عِنْد البُخَارِيّ، هُوَ زِيَادَة فِي حَدِيث عَائِشَة وطرف مِنْهُ، وَلَيْسَ كَذَلِك، وَإِنَّمَا هُوَ عِنْد البُخَارِيّ من رِوَايَة أنس. قَالَ البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو معمر، حَدثنَا عبد الْوَارِث، حَدثنَا عبد الْعَزِيز ابْن صُهَيْب، عَن أنس قَالَ: كَانَ قرام لعَائِشَة، سترت بِهِ جَانب بَيتهَا، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أميطي قرامك هَذَا، فَإِنَّهُ لَا تزَال تصاويره تعرض فِي صَلَاتي ". وَذكر أَيْضا من طَرِيق مُسلم حَدِيث أنس " سووا صفوفكم، فَإِن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 108 تَسْوِيَة الصَّفّ من تَمام الصَّلَاة ". ثمَّ قَالَ - مُتَّصِلا بِهِ - وَفِي لفظ آخر: (80) " أقِيمُوا الصَّفّ فِي الصَّلَاة، فَإِن إِقَامَة الصَّفّ، من حسن الصَّلَاة ". هَكَذَا ذكره، كَأَنَّهُ من رِوَايَة أنس، وَلَيْسَ كَذَلِك، وَإِنَّمَا هُوَ عِنْد مُسلم من رِوَايَة همام، عَن أبي هُرَيْرَة. (81) وَذكر أَيْضا من طَرِيق مُسلم عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " صلى فِي الْمَسْجِد ذَات لَيْلَة، فصلى بِصَلَاتِهِ نَاس، ثمَّ صلى من الْقَابِلَة فَكثر النَّاس، فَاجْتمعُوا من اللَّيْلَة الثَّالِثَة، أَو الرَّابِعَة، فَلم يخرج إِلَيْهِم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَلَمَّا أصبح قَالَ: " قد رَأَيْت الَّذِي صَنَعْتُم، فَلم يَمْنعنِي من الْخُرُوج إِلَيْكُم إِلَّا أَنِّي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 109 خشيت أَن يفْرض عَلَيْكُم " قَالَ: وَذَلِكَ فِي رَمَضَان. زَاد فِي طَرِيق آخر " وَلَو كتب عَلَيْكُم مَا قُمْتُم بِهِ ". وَقَالَ فِي حَدِيث زيد بن ثَابت: " فَعَلَيْكُم بِالصَّلَاةِ فِي بُيُوتكُمْ، فَإِن خير صَلَاة الْمَرْء فِي بَيته، إِلَّا الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة ". هَكَذَا أوردهُ هَذَا الْموضع، وَهُوَ يُعْطي أَن قَوْله: " وَلَو كتب عَلَيْكُم مَا قُمْتُم بِهِ " هُوَ أَيْضا من رِوَايَة عَائِشَة. ويؤكد هَذَا الْفَهم قَوْله بعده: وَقَالَ فِي حَدِيث زيد بن ثَابت: " فَعَلَيْكُم بِالصَّلَاةِ فِي بُيُوتكُمْ ". هَذَا هُوَ الْمَفْهُوم بِلَا ريب، كَأَنَّهُ ذكر حَدِيث عَائِشَة، وألصق بِهِ طرفا من أَطْرَافه من طَرِيق آخر، ثمَّ لما فرغ أَخذ طرفا من حَدِيث زيد بن ثَابت، / وَلَيْسَ الْأَمر على هَذَا فِي الزِّيَادَة الْمَذْكُورَة، أَعنِي قَوْله: " وَلَو كتب عَلَيْكُم مَا قُمْتُم بِهِ " بل مَا هِيَ إِلَّا من حَدِيث زيد بن ثَابت، لَا عِنْد مُسلم وَلَا عِنْد غَيره. وَإِنَّمَا سَاق مُسلم حَدِيث عَائِشَة، وَأتبعهُ مَا أتبعه من أَطْرَافه، ثمَّ بعد أوراق، أورد حَدِيث صَلَاة النَّافِلَة فِي الْبَيْت، من رِوَايَة ابْن عمر، وَجَابِر، وَأبي مُوسَى، وَأبي هُرَيْرَة. (82) وَبعدهَا حَدِيث زيد بن ثَابت هَكَذَا: حَدثنَا مُحَمَّد بن مثنى، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 110 حَدثنَا جَعْفَر بن جَعْفَر، حَدثنَا عبد الله بن سعيد، حَدثنَا سَالم أَبُو النَّضر، عَن بسر بن سعيد، عَن زيد بن ثَابت قَالَ: احتجز رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: حجيرة بخصفه أَو حَصِير، فَخرج يُصَلِّي فِيهَا، فتتبع إِلَيْهِ رجال، وجاؤوا يصلونَ بِصَلَاتِهِ ثمَّ جاؤوا لَيْلَة فَحَضَرُوا، فَأَبْطَأَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْهُم فَلم يخرج إِلَيْهِم فَرفعُوا أَصْوَاتهم، وحصبوا الْبَاب فَخرج إِلَيْهِم م رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مفضباً، فَقَالَ لَهُم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا زَالَ بكم صنيعكم، حَتَّى ظَنَنْت أَنه سيكتب عَلَيْكُم، فَعَلَيْكُم بِالصَّلَاةِ فِي بُيُوتكُمْ، فَإِن خير صَلَاة الْمَرْء فِي بَيته، إِلَّا الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة ". وانْتهى هَذَا الحَدِيث، وَمِنْه اقتطع أَبُو مُحَمَّد هَذِه الْقطعَة. ثمَّ قَالَ مُسلم: وَحدثنَا مُحَمَّد بن حَاتِم، قَالَ: حَدثنَا بهز، قَالَ: حَدثنَا وهيب، قَالَ: حَدثنَا مُوسَى بن عقبَة، قَالَ: سَمِعت أَبَا النَّضر، عَن بسر بن سعيد، عَن زيد بن ثَابت أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " اتخذ حجرَة فِي الْمَسْجِد من حَصِير، فصلى فِيهَا ليَالِي، حَتَّى اجْتمع إِلَيْهِ نَاس " فَذكر نَحوه. وَزَاد فِيهِ " وَلَو كتب عَلَيْكُم مَا قُمْتُم بِهِ ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 111 فأظن أَن أَبَا مُحَمَّد، كتب حَدِيث عَائِشَة، المبدوء بِذكرِهِ، ثمَّ أتبعه قَوْله: وَقَالَ فِي حَدِيث زيد بن ثَابت: " فَعَلَيْكُم بِالصَّلَاةِ فِي بُيُوتكُمْ " ثمَّ قَالَ بعد ذَلِك: وَزَاد فِي طَرِيق آخر: " وَلَو كتب عَلَيْكُم مَا قُمْتُم بِهِ ". فَكَانَ هَذَا صَوَابا، فَيمكن أَن يكون تقدم أَو تَأَخّر فِي النّسخ، أَو بالغلط فِي التَّخْرِيج إِلَيْهِ، وَالْإِشَارَة إِلَى مَوْضِعه من حَاشِيَة أَو غَيرهَا، فتثبج، فَاعْلَم ذَلِك، وَالله الْمُوفق. (83) وَذكر أَيْضا من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن ابْن عمر، أَن / رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا صَلَاة بعد الْفجْر إِلَّا سَجْدَتَيْنِ " ثمَّ قَالَ: حَدِيث غَرِيب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 112 ثمَّ قَالَ من عِنْده: وَقد رُوِيَ هَذَا الحَدِيث من طرق فِيهَا عبد الرَّحْمَن ابْن زِيَاد الإفْرِيقِي، وَأَبُو هَارُون الْعَبْدي، وَأَبُو بكر بن مُحَمَّد [وَلَيْسَ بِابْن حزم] وَهُوَ رجل مَجْهُول، وَإِسْمَاعِيل بن قيس الْمدنِي، أَبُو مُصعب، وَلَا يَصح مِنْهَا كلهَا شَيْء، وأحسنها حَدِيث التِّرْمِذِيّ، انْتهى قَوْله. وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيهِ كَبِير دَرك، إِلَّا أَنه لما كَانَ يفهم مِنْهُ بِظَاهِرِهِ أَن جَمِيع هَذِه الطّرق [هِيَ طرق] لحَدِيث ابْن عمر الْمَذْكُور، وَجب بَيَان أَنه لَيْسَ كَذَلِك. (84) فَأَما حَدِيث الإفْرِيقِي، فَهُوَ من رِوَايَة عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ، قَالَ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا صَلَاة بعد طُلُوع الْفجْر، إِلَّا رَكْعَتَيْنِ قبل صَلَاة الْفجْر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 113 يرويهِ ابْن أبي شيبَة قَالَ: حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة عَن الإفْرِيقِي، عَن عبد الله ابْن يزِيد، عَن عبد الله بن عَمْرو. رَوَاهُ أَيْضا سُفْيَان الثَّوْريّ، عَن الإفْرِيقِي، كَذَلِك ذكره الدَّارَقُطْنِيّ. (85) وَحَدِيث إِسْمَاعِيل بن قيس، هُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا طلع الْفجْر، فَلَا صَلَاة إِلَّا رَكْعَتي الْفجْر ". يرويهِ أَبُو أَحْمد بن عدي فِي كِتَابه، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر الإِمَام، وَعلي بن سعيد بن بشير قَالَا: حَدثنَا أَحْمد بن عبد الصَّمد، أَبُو أَيُّوب الْأنْصَارِيّ، قَالَ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن قيس بن سعد بن زيد بن ثَابت، أَبُو مُصعب الْمدنِي، عَن يحيى بن سعيد، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن أبي هُرَيْرَة فَذكره. (86) وَحَدِيث أبي هَارُون الْعَبْدي، لَا أذكرهُ فِي هَذَا، وَلكنه فِي معنى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 114 آخر، من رِوَايَته عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: نَادَى مُنَادِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَن لَا وتر بعد طُلُوع الْفجْر ". وَهُوَ حَدِيث ذكره ابْن أبي شيبَة، عَن هشيم عَنهُ، وَعَن مُعْتَمر عَنهُ. وَذكره أَيْضا عبد الرَّزَّاق، عَن جَعْفَر بن سُلَيْمَان عَنهُ، عَن أبي سعيد - قَالَ: لَا أعلمهُ إِلَّا رَفعه - قَالَ: " من أدْركهُ الصُّبْح وَلم يُوتر فَلَا وتر لَهُ ". فَأَما الحَدِيث الَّذِي قَالَ / إِن فِي إِسْنَاده أَبَا بكر بن مُحَمَّد فَلَا أذكر لَهُ موقعاً. (87) وَذكر أَيْضا من طَرِيق مُسلم عَن جَابر قَالَ /: " شهِدت مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الصَّلَاة يَوْم الْعِيد " الحَدِيث. وَفِيه " فَجعلْنَ يتصدقن من حليهن، يلقين فِي ثوب بِلَال من قرطهن وخواتمهن ". ثمَّ قَالَ: زَاد أَبُو دَاوُد " فَقَسمهُ على فُقَرَاء الْمُسلمين " كَذَا أوردهُ، وَهُوَ موهم أَن الزِّيَادَة من حَدِيث جَابر، وَإِنَّمَا هِيَ عِنْد أبي دَاوُد من حَدِيث ابْن عَبَّاس، وَذَلِكَ أَنه ذكر حَدِيث جَابر، فَلَمَّا فرغ مِنْهُ أتبعه حَدِيث ابْن عَبَّاس من طرق، آخرهَا رِوَايَة أَيُّوب عَن عَطاء، عَن ابْن عَبَّاس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 115 فِي هَذَا الحَدِيث: " فَجعلت الْمَرْأَة تُعْطِي القرط والخاتم، وَجعل بِلَال يَجعله فِي كسائه ". قَالَ: " فَقَسمهُ بَين فُقَرَاء الْمُسلمين " ورأيته فِي كِتَابه الْكَبِير قد سَاقه على الصَّوَاب، فَاعْلَم ذَلِك. (88) وَذكر أَيْضا من طَرِيق أبي دَاوُد حَدِيث ابْن عَبَّاس فِي خُرُوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الاسْتِسْقَاء، وَقَالَ فِيهِ: إِن عبد الله بن كنَانَة قَالَ: أَرْسلنِي الْوَلِيد ابْن عتبَة - وَكَانَ أَمِير الْمَدِينَة - إِلَى ابْن عَبَّاس أسأله، الحَدِيث. وَقد تقدم ذكره، والتنبيه على الْوَهم الَّذِي فِيهِ، فِي بَاب الزِّيَادَة فِي الْأَسَانِيد. وَأُرِيد الْآن مِنْهُ، بَيَان مَا أتبعه، وَذَلِكَ أَنه قَالَ: وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي هَذَا الحَدِيث: " صلى رَكْعَتَيْنِ، كبر فِي الأولى سبع تَكْبِيرَات، وَقَرَأَ: سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى، وَقَرَأَ فِي الثَّانِيَة: هَل أَتَاك حَدِيث الغاشية، وَكبر خمس تَكْبِيرَات ". ثمَّ قَالَ: أخرجه من حَدِيث مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز بن عمر بن عبد الرَّحْمَن ابْن عَوْف، وَهُوَ ضَعِيف الحَدِيث، ذكره ابْن أبي حَاتِم. هَذَا نَص مَا أوردهُ وَهُوَ أَيْضا خطأ، وَبَيَان ذَلِك، هُوَ أَن هَذِه الْقِصَّة أُخْرَى، فالمرسل فِيهَا آخر، وَالرَّسُول آخر، وَذكر فِيهَا مَا لم يذكر فِي الأولى، وَذكر فِي الأولى مَا لم يذكر فِيهَا، وَإسْنَاد هَذِه غير إِسْنَاد تِلْكَ، وَلم يبْق إِلَّا الْمُشَاركَة فِي ابْن عَبَّاس، وَقد روى ابْن عَبَّاس أَحَادِيث، أفيجوز أَن تجْعَل كلهَا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 116 حَدِيثا وَاحِدًا فِي الاسْتِسْقَاء أَو غَيره، هَذَا خلاف مَا يتحاور بِهِ أهل هَذَا الشَّأْن. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا أَبُو بكر النَّيْسَابُورِي، قَالَ: حَدثنَا عَليّ بن سعيد ابْن جرير، قَالَ: حَدثنَا سهل بن بكار، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز، عَن أَبِيه، عَن طَلْحَة، قَالَ: أَرْسلنِي مَرْوَان إِلَى / ابْن عَبَّاس أسأله عَن سنة الاسْتِسْقَاء، فَقَالَ: سنة الاسْتِسْقَاء، سنة الصَّلَاة فِي الْعِيدَيْنِ، إِلَّا أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قلب رِدَاءَهُ، فَجعل يَمِينه على يسَاره، يسَاره على يَمِينه، وَصلى رَكْعَتَيْنِ، كبر فِي الأولى سبع تَكْبِيرَات، وَقَرَأَ " سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى "، وَقَرَأَ فِي الثَّانِيَة " هَل أَتَاك حَدِيث الغاشية "، وَكبر فِيهَا خمس تَكْبِيرَات. هَذَا حَدِيث الدَّارَقُطْنِيّ، والمرسل فِيهِ - كَمَا ترى - مَرْوَان بن الحكم، والمرسل هُوَ طَلْحَة بن عبد الله بن عَوْف أَبُو مُحَمَّد، الَّذِي يُقَال لَهُ: طَلْحَة الندى، ابْن أخي عبد الرَّحْمَن بن عَوْف - رَضِي الله عَنهُ - قَاضِي يزِيد بن مُعَاوِيَة على الْمَدِينَة، ثمَّ ولي [الصَّلَاة] أَيْضا على الْمَدِينَة لِابْنِ الزبير وَهُوَ يروي عَن أبي هُرَيْرَة، وَابْن عَبَّاس، وَأبي بكرَة، وَالَّذِي رَوَاهُ عَنهُ - وَهُوَ عبد الْعَزِيز ابْن عمر بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف - يَجِيء لطلْحَة الْمَذْكُور، / ابْن عَمه، فَإِن عمر بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، ابْن عَم لطلْحَة بن عبد الله بن عَوْف، وَرَاوِيه عَن عبد الْعَزِيز الْمَذْكُور - وَهُوَ ابْنه مُحَمَّد - يروي عَن أَبِيه، وَأبي الزِّنَاد وَالزهْرِيّ وَهِشَام بن عُرْوَة، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 117 وهم ثَلَاثَة إخْوَة ضعفاء، لَيْسَ لَهُم حَدِيث مُسْتَقِيم، وهم: مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز، وَعبد الله بن عبد الْعَزِيز، وَعمْرَان بن عبد الْعَزِيز. وبمشورة مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز هَذَا، جلد مَالك - رَحمَه الله - فِيمَا قَالَ البُخَارِيّ وَحَال عبد الْعَزِيز هَذَا وَالِد مُحَمَّد الْمَذْكُور، مَجْهُولَة. فَهُوَ أَيْضا قد اعتراه فِيهِ الْإِعْرَاض عَن رجل يعتل الْخَبَر بِهِ، إِلَى ذكر آخر، فسينبه عَلَيْهِ بِحَسب هَذَا فِي الْبَاب الْمَعْقُود لذَلِك إِن شَاءَ الله تَعَالَى. (89) وَذكر أَيْضا من كتاب مُسلم حَدِيث أنس قَالَ: " صلى لنا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْعَصْر، فَلَمَّا انْصَرف أَتَاهُ رجل من بني سَلمَة، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِنَّا نُرِيد أَن نَنْحَر جزوراً لنا، وَنحن نحب أَن تحضرها، قَالَ: " نعم "، فَانْطَلق وانطلقنا مَعَه، فَوَجَدنَا الْجَزُور لم تنحر فنحرت، ثمَّ قطعت، ثمَّ طبخ مِنْهَا، ثمَّ أكلنَا قبل مغيب الشَّمْس ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 118 كَذَا أوردهُ، وَلَيْسَ بِشَيْء، فَإِن رَافعا / مَا روى قطّ هَذِه الْقِصَّة، لَا بِزِيَادَة " لَحْمًا نضيجاً "، وَلَا دونهَا. وَإِنَّمَا حَدِيث رَافع عِنْد مُسلم: " كُنَّا نصلي الْعَصْر مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثمَّ تنحر الْجَزُور، فتقسم عشر قسم، ثمَّ تطبخ، فنأكل لَحْمًا نضيجاً، قبل مغيب الشَّمْس ". هَذِه رِوَايَة الْوَلِيد بن مُسلم، عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن أبي النَّجَاشِيّ، قَالَ: سَمِعت رَافع بن خديج. وَأما رِوَايَة عِيسَى بن يُونُس، وَشُعَيْب بن إِسْحَاق، عَن الْأَوْزَاعِيّ، فَلَيْسَ فِيهَا: " كُنَّا نصلي مَعَه " وفيهَا " كُنَّا نَنْحَر الْجَزُور على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " الحَدِيث. (90) وَذكر أَيْضا من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن عَليّ بن عَليّ الرِّفَاعِي، عَن أبي المتَوَكل، عَن أبي سعيد: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا قَامَ إِلَى الصَّلَاة بِاللَّيْلِ " الحَدِيث. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 119 ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: هَذَا أشهر حَدِيث فِي هَذَا الْبَاب، على أَنهم يرسلونه عَن عَليّ بن عَليّ، عَن أبي المتَوَكل، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. كَذَا قَالَ: إِنَّه يُرْسل عَن عَليّ بن عَليّ، عَن أبي المتَوَكل، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَذَلِكَ خطأ من القَوْل، وَلَا يعرف هَكَذَا، وَإِنَّمَا قَالَ أَبُو دَاوُد - لما ذكر الحَدِيث الأول -. هَذَا الحَدِيث، يَقُولُونَ عَن عَليّ بن عَليّ، عَن الْحسن، مُرْسلا، وَالوهم من جَعْفَر. فَالْحَدِيث إِذن، إِمَّا مُسْند عَن أبي سعيد، وَإِمَّا مُرْسل عَن الْحسن، فَأَما مُرْسل عَن أبي المتَوَكل فَلَا. (91) وَذكر أَيْضا من طَرِيق مُسلم عَن جَابر بن سَمُرَة " كَانَت صلَاته قصدا، وخطبته قصدا ". ثمَّ قَالَ: زَاد فِي طَرِيق أُخْرَى: " يقْرَأ آيَات من الْقُرْآن، وَيذكر النَّاس ". كَذَا أورد هَذِه الزِّيَادَة، موهماً أَنَّهَا فِي كتاب مُسلم، وسأعقد بَابا نذْكر فِيهِ أَحَادِيث عزاها إِلَى مَوَاضِع لَيست هِيَ فِيهَا، وَإِنَّمَا ذَلِك فِيمَا صرح بِهِ، مثل أَن يَقُول: ذكره مُسلم، أَو أَبُو دَاوُد، وَلَا يكون عِنْد وَاحِد مِنْهُمَا. فَأَما فِي هَذَا الْبَاب، فَإِنَّمَا أذكر فِيهِ مَا كَانَ ذَلِك مُتَوَهمًا فِيهِ بِحكم ظَاهر اللَّفْظ، كَهَذا الَّذِي نَحن فِيهِ، فَإِن ظَاهر لَفظه أَنه فِي كتاب مُسلم، من قَوْله: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 120 زَاد فِي طَرِيق أُخْرَى، وَيحْتَمل على بعد أَن يكون مَعْنَاهُ: زَاد جَابر بن سَمُرَة من طَرِيق أُخْرَى مُغَايرَة / لما ذكرنَا، حَتَّى فِي كَونهَا من عِنْد مُسلم. وَالزِّيَادَة الْمَذْكُورَة، إِنَّمَا ذكرهَا فِي الحَدِيث الْمَذْكُور أَبُو دَاوُد، وَمن عِنْده جَاءَ بهَا فِي كِتَابه الْكَبِير بإسنادها، إِثْر حَدِيث مُسلم. قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد، قَالَ: حَدثنَا يحيى، عَن سُفْيَان، قَالَ: أَخْبرنِي سماك، عَن جَابر بن سَمُرَة قَالَ: " كَانَت صَلَاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قصدا، وخطبته قصدا، يقْرَأ آيَات من الْقُرْآن وَيذكر النَّاس ". فَأَما رِوَايَة أبي الْأَحْوَص فِي كتاب مُسلم، عَن سماك بن حَرْب، عَن جَابر بن سَمُرَة قَالَ: (92) " كَانَت للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خطبتان، يجلس بَينهمَا، يقْرَأ الْقُرْآن وَيذكر النَّاس ". فَحَدِيث آخر، فِي معنى آخر، [لَيْسَ فِيهِ ذكر الْقَصْد والآيات، وَفِيه أَنه كَانَ يجلس بَين الْخطْبَتَيْنِ، وَإِنَّمَا هَذَا حَدِيث آخر] لَيْسَ من أَطْرَاف ذَاك، وَلَا من زِيَادَته فَلَيْسَ معنيه، فَاعْلَم ذَلِك. (93) وَذكر أَيْضا من طَرِيق مُسلم حَدِيث أبي هُرَيْرَة فِي الَّذِي وطئ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 121 امْرَأَته فِي رَمَضَان. فَلَمَّا فرغ من الحَدِيث قَالَ: وَفِي طَرِيق أُخْرَى قَالَ: " فكلوه " وَفِي حَدِيث عَائِشَة " فَجَاءَهُ عرقان فيهمَا طَعَام، فَأمره أَن يتَصَدَّق بِهِ ". وَقَوله: " فكلوه " هُوَ من حَدِيثهَا أَيْضا. انْتهى كَلَامه. هَكَذَا أوردهُ بِهَذَا التثبيج، فَإِنَّهُ لَو لم يسْتَدرك، لم يشك أحد أَن قَوْله: " فكلوه " من حَدِيث أبي هُرَيْرَة. ثمَّ قَالَ - مُتَّصِلا بقوله: هُوَ من حَدِيثهَا أَيْضا -: وَقَالَ أَبُو دَاوُد: " فَأتي بعرق فِيهِ تمر، قدر خَمْسَة عشر صَاعا، وَقَالَ فِيهِ: " كُله أَنْت وَأهل بَيْتك، وصم يَوْمًا، واستغفر الله ". وَفِي أُخْرَى: " عشرُون صَاعا ". كَذَا أورد هَذَا الْموضع، وَهُوَ تَخْلِيط، وَبَيَانه هُوَ الْمَقْصُود، وَذَلِكَ أَن قَوْله: " فكلوه " قد تبين أَنه من حَدِيث عَائِشَة، فَمَا اتَّصل بِهِ وانعطف عَلَيْهِ لَا يفهم أحد إِلَّا أَنه من حَدِيثهَا أَيْضا، وَلَيْسَ كَذَلِك، بل هُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة أَعنِي قَوْله: " فَأتي بعرق فِيهِ تمر، قدر خَمْسَة عشر صَاعا ". وَكَذَلِكَ قَوْله: " صم يَوْمًا مَكَانَهُ، واستغفر الله ". وَهُوَ من رِوَايَة هِشَام بن سعد عَن الزُّهْرِيّ، عَن أبي سَلمَة، عَن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 122 أبي هُرَيْرَة. وَقَوله: وَفِي أُخْرَى " عشرُون صَاعا " هُوَ من حَدِيث عَائِشَة، يرويهِ ابْن أبي الزِّنَاد، عَن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث، عَن مُحَمَّد بن / جَعْفَر بن الزبير، عَن عباد بن عبد الله بن الزبير، عَنْهَا. كَذَلِك هُوَ فِي الْموضع الَّذِي نَقله مِنْهُ، وَهِشَام بن سعد وَابْن أبي الزِّنَاد، ضعيفان عِنْده [فَاعْلَم ذَلِك] . (94) وَذكر أَيْضا من طَرِيق النَّسَائِيّ، عَن مُحَمَّد بن أبي بكر الصّديق، عَن أَبِيه - رَضِي الله عَنهُ - أَنه خرج حَاجا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حجَّة الْوَدَاع، وَمَعَهُ امْرَأَته أَسمَاء بنت عُمَيْس الخثعمية، فَلَمَّا كَانُوا بِذِي الحليفة، ولدت أَسمَاء مُحَمَّد بن أبي بكر، فَأتى أَبُو بكر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأخْبرهُ، " فَأمره رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يأمرها أَن تَغْتَسِل، ثمَّ تهل بِالْحَجِّ، وتصنع مَا يصنع النَّاس، إِلَّا أَنَّهَا لَا تَطوف بِالْبَيْتِ ". زَاد أَبُو دَاوُد: " وترجل ". هَكَذَا ذكره، ثمَّ بَين انْقِطَاع الأول. وَزِيَادَة أبي دَاوُد لَيست من حَدِيث مُحَمَّد بن أبي بكر / وَإِنَّمَا أوردهَا من حَدِيث عَائِشَة هَكَذَا: عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 123 " نفست أَسمَاء بنت عُمَيْس بِمُحَمد بن أبي بكر بِالشَّجَرَةِ فَأمر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَبَا بكر أَن تَغْتَسِل بهَا، وتهل وترجل ". وَزِيَادَة: " وترجل " هِيَ من رِوَايَة ابْن الْأَعرَابِي عَن أبي دَاوُد. والْحَدِيث فِي كتاب مُسلم، وَأبي دَاوُد، دون الزِّيَادَة الْمَذْكُورَة، وَلم يسقه من عِنْدهمَا، وَلم يعْتَرض مِنْهُ بِشَيْء، إِلَّا الحَدِيث الْمُنْقَطع الْمَذْكُور. وَنَصّ حَدِيث مُسلم عَن عَائِشَة: " نفست أَسمَاء بنت عُمَيْس، بِمُحَمد بن أبي بكر بِالشَّجَرَةِ فَأمر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَبَا بكر أَن تَغْتَسِل وتهل ". ورأيته فِي كِتَابه الْكَبِير قد عمل صَوَابا، فَإِنَّهُ ذكر حَدِيث عَائِشَة من عِنْد مُسلم، ثمَّ أردفه من عِنْد أبي دَاوُد زِيَادَة " وترجل ". ثمَّ أتلاه حَدِيث مُحَمَّد بن أبي بكر الْمُنْقَطع من عِنْد النَّسَائِيّ، فَكَانَ هَذَا صَوَابا. (95) وَذكر أَيْضا من طَرِيق مُسلم حَدِيث عَائِشَة حِين حَاضَت وأعمرها من التَّنْعِيم. ثمَّ قَالَ: وعنها فِي هَذَا الحَدِيث: خرجنَا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا نرى إِلَّا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 124 الْحَج، حَتَّى إِذا كُنَّا بسرف أَو قَرِيبا مِنْهَا حِضْت، فَدخل عَليّ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَنا أبْكِي، فَقَالَ: " أنفست؟ " / قلت: نعم، قَالَ: " إِن هَذَا شَيْء كتبه الله على بَنَات آدم، فأقضي مَا يقْضِي [الْحَاج] غير أَن لَا تطوفي بِالْبَيْتِ حَتَّى تغتسلي ". قَالَت: وضحى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: عَن نِسَائِهِ بالبقر. قَالَ: وَقَالَ أَبُو دَاوُد: " غير أَن لَا تطوفي بِالْبَيْتِ وَلَا تصلي ". كَذَا أورد هَذَا الْموضع، وَهُوَ خطأ، فَإِن حَدِيث مُسلم من رِوَايَة عَائِشَة، وَحَدِيث أبي دَاوُد بِزِيَادَة: " وَلَا تصلي " من حَدِيث جَابر. وَنَصه: " أَقبلنَا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، مهلين بِالْحَجِّ، مُفردا، وَأَقْبَلت عَائِشَة، مُهْملَة بِعُمْرَة، حَتَّى إِذا كَانَت بسرف عركت ". وَذكر الْقِصَّة كلهَا من رِوَايَته وإخباره، لم يحدث مِنْهَا عَن عَائِشَة بِشَيْء. فَلَمَّا فرغ أَبُو دَاوُد من إيرادها، قَالَ: حَدثنَا أَحْمد بن حَنْبَل، ويحيي بن معِين، قَالَا: حَدثنَا يحيي بن سعيد، عَن ابْن جريح، قَالَ: أَخْبرنِي أَبُو الزبير، أَنه سمع جَابر بن عبد الله بِبَعْض هَذِه الْقِصَّة، قَالَ عِنْد قَوْله: " وَأَهلي بِالْحَجِّ، ثمَّ حجي، واصنعي مَا يصنع الْحَاج، غير أَن لَا تطوفي بِالْبَيْتِ وَلَا تصلي ". هَكَذَا أوردهَا كلهَا من أَخْبَار جَابر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 125 (96) وَذكر أَيْضا من مراسل أبي دَاوُد عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة، عَن رجل من الْأَنْصَار، أَن رجلا محرما، أوطأ رَاحِلَته أدحي نعام، فَانْطَلق إِلَى عَليّ، فَسَأَلَهُ عَن ذَلِك، فَقَالَ: " عَلَيْك فِي كل بَيْضَة ضراب نَاقَة، أَو جَنِين نَاقَة "، فَانْطَلق الرجل إِلَى نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأخْبرهُ بِمَا قَالَ عَليّ، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " قد قَالَ عَليّ مَا سَمِعت، وَلَكِن هَلُمَّ إِلَى الرُّخْصَة، عَلَيْك فِي كل بَيْضَة، صِيَام يَوْم أَو إطْعَام مِسْكين ". وَفِي طَرِيق أُخْرَى: " فَأفْتى عَليّ أَن يَشْتَرِي بَنَات مَخَاض، فيضربهن، فَمَا أنتج أهداه إِلَى الْبَيْت، وَمَا لم ينْتج مِنْهُ أَجزَأَهُ، لِأَن الْبيض مِنْهُ مَا يصلح، وَمِنْه مَا يفْسد ". هَذَا نَص مَا ذكر، وَالْمَقْصُود بَيَانه، هُوَ أَن هَذَا الَّذِي قَالَ: وَفِي طَرِيق / أُخْرَى: " فَأفْتى عَليّ " إِلَى آخِره، يتَوَهَّم فِيهِ من هَذَا الْإِيرَاد أَنه أَيْضا من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 126 المراسل، وَلَيْسَ لَهُ فِيهَا ذكر، وَإِنَّمَا هُوَ من كتاب السّنَن للدارقطني. والمرسل الَّذِي ذكر من المراسل، هُوَ من رِوَايَة مطر الْوراق، عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة، وَكَذَلِكَ هَذَا / الَّذِي فِي كتاب الدَّارَقُطْنِيّ، وَرَوَاهُ عَن مطر رجلَانِ: أَحدهمَا سعيد بن أبي عرُوبَة، وَرِوَايَته هِيَ فِي المراسل. وَالْآخر: إِبْرَاهِيم بن طهْمَان، وَرِوَايَته هِيَ مَا عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ. وَقد نبهت على هَذَا الحَدِيث فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أغفل أَن يعزوها إِلَى مَوضِع، إِذْ لم أعد هَذَا مِنْهُ نِسْبَة لَهُ إِلَى المراسل، وَلم أذكرهُ فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي يعزوها إِلَى مَوَاضِع لَيست فِيهَا، لِأَن ذَلِك الْبَاب، إِنَّمَا يذكر فِيهِ مَا صرح بنسبته إِلَى مَوضِع، وَلَيْسَ هُوَ فِيهِ. (97) وَذكر أَيْضا من طَرِيق مُسلم، حَدِيث سهل بن سعد، أَن سَوَّلَ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَأُعْطيَن هَذِه الرَّايَة رجلا يفتح الله على يَدَيْهِ " الحَدِيث. ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: وَقَالَ النَّسَائِيّ: " فنفث فِي عَيْنَيْهِ، وهز الرَّايَة ثَلَاثًا، فَدَفعهَا إِلَيْهِ ". وَهَكَذَا أوردهُ مردفاً حَدِيث سهل، وَإِنَّمَا هُوَ عِنْد النَّسَائِيّ من رِوَايَة ابْن عَبَّاس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 127 قَالَ النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، حَدثنَا يحيى بن حَمَّاد، حَدثنَا الوضاح - وَهُوَ أَبُو عوَانَة - حَدثنَا يحيى - وَهُوَ ابْن أبي سليم أَبُو بلج - حَدثنَا عَمْرو بن مَيْمُون، أَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَأَبْعَثَن رجلا يحب الله وَرَسُوله، لَا يخزيه الله أبدا، فَأَشْرَف من استشرف، قَالَ: أَيْن عَليّ ابْن أَبى طَالب؟ - وَهُوَ فِي الرحا يطحن - فَدَعَاهُ وَهُوَ أرمد، وَمَا يكَاد أَن يبصر فنفث فِي عَيْنَيْهِ، وهز الرَّايَة ثَلَاثًا، فَدَفعهَا إِلَيْهِ، فجَاء بصفية بنت حييّ ". (98) وَذكر أَيْضا من طَرِيق مُسلم مَعَ أنس، حَدِيث مقَالَة الْأَنْصَار " يُعْطي قُريْشًا ويتركنا ". فَلَمَّا فرغ قَالَ: وَفِي وَفِي بعض طرق هَذَا الحَدِيث، عَن عبد الله بن زيد، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ - إِذْ جمعهم -: " يَا معشر الْأَنْصَار، ألم أَجِدكُم ضلالا؟ " الحَدِيث. فَلَمَّا فرغ مِنْهُ، قَالَ مُتَّصِلا بِهِ: وَفِي طَرِيق آخر: " لَو سلك النَّاس وَاديا، وسلكت الْأَنْصَار شعبًا، لَسَلَكْت شعب الْأَنْصَار ". كَذَا أوردهُ، كَأَنَّهُ على ملتزمه، من حَدِيث عبد الله بن زيد، وَإِنَّمَا هُوَ فِي كتاب مُسلم، من حَدِيث أنس بن مَالك فاعلمه. (99) وَذكر أَيْضا من طَرِيق أَسد بن مُوسَى، عَن / حَاتِم بن إِسْمَاعِيل، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 128 عَن عبد الرَّحْمَن بن عَطاء بن أبي لَبِيبَة، عَن عبد الْملك بن جَابر بن عتِيك، عَن جَابر بن عبد الله، قَالَ: كنت عِنْد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جَالِسا، فقد قَمِيصه من جيبه، ثمَّ أخرجه من رجلَيْهِ، فَنظر الْقَوْم إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " إِنِّي أمرت ببدني الَّتِي بعثت بهَا أَن تقلد وتشعر على مَكَان كَذَا وَكَذَا، فَلبِست قَمِيصِي، فَلم أكن لأخرج قَمِيصِي من رَأْسِي " وَكَانَ بعث بِبدنِهِ وَأقَام بِالْمَدِينَةِ. ثمَّ قَالَ: عبد الرَّحْمَن بن عَطاء ضَعِيف، وَذكره عبد الرَّزَّاق أَيْضا. وَحَدِيث أَسد أتم لفظا، والإسناد وَاحِد. انْتهى مَا ورد. وَالْمَقْصُود بَيَانه هُوَ قَوْله: والإسناد وَاحِد، فَإِنَّهُ لَيْسَ كَذَلِك، وَمرَاده إِنَّمَا هُوَ عبد الرَّحْمَن [بن عَطاء] المضعف الْمَذْكُور، يرويهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، فَأتى بِلَفْظ يُعْطي أَكثر من ذَلِك، وينتسب بِهِ كل وَاحِد مِنْهُمَا إِلَى غير رَاوِيه. وَبَيَان ذَلِك، هُوَ أَن حَدِيث عبد الرَّزَّاق، يرويهِ عَن دَاوُد بن قيس، عَن عبد الرَّحْمَن بن عَطاء الْمَذْكُور، أَنه سمع ابْني جَابر، يحدثان عَن / أَبِيهِمَا جَابر ابْن عبد الله قَالَ: بَيْنَمَا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جَالس مَعَ أَصْحَابه، إِذْ شقّ قَمِيصه حَتَّى خرج مِنْهُ، فَسئلَ فَقَالَ: " وعدتهم يقلدون هدبي الْيَوْم فنسيت ". هَذَا نَص حَدِيث عبد الرَّزَّاق، فَمَا لعبد الْملك بن جَابر بن عتِيك، وَلَا لحاتم بن إِسْمَاعِيل مدْخل، كَمَا أَن حَدِيث أَسد بن مُوسَى، مَا لَا بني جَابر بن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 129 عبد الله، وَلَا لداود بن قيس فِيهِ مدْخل. وابنا جَابر هَذَانِ، هما: عبد الرَّحْمَن، وَمُحَمّد. وَسَيَأْتِي لَهُ فِي الرَّضَاع حَدِيث ضَعِيف، وَمن رِوَايَة حرَام بن عُثْمَان، عَن عبد الرَّحْمَن، وَمُحَمّد ابْني جَابر [عَن جَابر] عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: (100) " لَا رضَاع بعد فصَال ". وَيحْتَمل أَن يَكُونَا غير هذَيْن، أَو أَحدهمَا غير وَاحِد مِنْهُمَا، فَإِن لجَابِر ابْنا ثَالِثا يروي عَنهُ. (101) قد رُوِيَ لَهُ فِي كتاب أبي دَاوُد، حَدِيث الرجل الَّذِي كَانَ يُصَلِّي، فأصيب بِسَهْم، فكره أَن يقطع السُّورَة، وَهُوَ عقيل بن جَابر بن عبد الله. وَحَدِيث عبد الرَّزَّاق هَذَا، ذكره الْبَزَّار أَيْضا، وَفِيه لَفْظَة مفْسدَة لست أذكرها الْآن، وَالله الْمُوفق /. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 130 (102) وَذكر أَيْضا من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن أبي الْغُصْن، عَن صَخْر بن إِسْحَاق عَن عبد الرَّحْمَن بن جَابر بن عتِيك عَن أَبِيه، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " سَيَأْتِيكُمْ ركيب مبغضون " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: ابو الْغُصْن: ثَابت بن قيس بن غُصْن. وَقَالَ أَبُو بكر الْبَزَّار: عَن عبد الرَّحْمَن بن جَابر بن عبد الله، وخرجه فِي مُسْند جَابر. " وَعبد الرَّحْمَن بن جَابر بن عبد الله، لَا يحْتَج بِهِ " وَكَذَلِكَ الآخر، وَإِنَّمَا الصَّحِيح مَا تقدم: " أرضوا مصدقيكم وَإِن ظلمتم ". هَذَا نَص مَا أوردهُ، وَهُوَ كُله صَحِيح، إِلَّا أَنِّي خفت أَن يتَوَهَّم [مِنْهُ] متوهم أَن هَذَا الَّذِي هُوَ عِنْد الْبَزَّار - عَن عبد الرَّحْمَن بن جَابر بن عبد الله، بَدَلا من عبد الرَّحْمَن بن جَابر بن عتِيك - هُوَ أَيْضا من رِوَايَة صَخْر بن إِسْحَاق الْمَذْكُور عَنهُ، وَمن رِوَايَة أبي الْغُصْن - عَن صَخْر، وأنهما لم يفترقا إِلَّا فِي عبد الرَّحْمَن. فَهُوَ عِنْد أبي دَاوُد: ابْن جَابر بن عتِيك، وَهُوَ عِنْد الْبَزَّار: ابْن جَابر بن عبد الله. وَهَذَا لَو توهمه متوهم، كَانَ لَهُ فِي الْكَلَام الْمَذْكُور مَا يحملهُ عَلَيْهِ، وَإِن كَانَ إِذا ذكر حَدِيثا، ثمَّ أردفه عَن ذَلِك الصاحب أَو التَّابِع رِوَايَة أُخْرَى، لَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 131 يلْزم أَن تكون الرِّوَايَتَانِ مشتركتين فِيمَا بَقِي من إسناديهما، فَإِن هَاهُنَا مغلطاً، وَهُوَ ذكر أبي الْغُصْن، وصخر بن إِسْحَاق، وَعبد الرَّحْمَن بن جَابر ابْن عتِيك. ثمَّ قَالَ: هُوَ عِنْد الْبَزَّار، عبد الرَّحْمَن بن جَابر بن عبد الله، فَظَاهر هَذَا بِلَا شكّ الِاشْتِرَاك فِي جَمِيع مَا ذكر، وَلَيْسَ الْوَاقِع فِي الْوُجُود كَذَلِك. وَإِنَّمَا هُوَ عِنْد الْبَزَّار، وَابْن أبي شيبَة، وَغَيرهمَا، عَن أبي الْغُصْن، عَن خَارِجَة بن إِسْحَاق السّلمِيّ، عَن عبد الرَّحْمَن بن جَابر بن عبد الله [عَن أَبِيه جَابر بن عبد الله] . قَالَ الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن معمر، قَالَ حَدثنَا أَبُو عَامر، قَالَ: حَدثنَا أَبُو الْغُصْن: ثَابت بن قيس، عَن خَارِجَة بن إِسْحَاق، عَن عبد الرَّحْمَن بن جَابر بن عبد الله، عَن جَابر، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " سَيَأْتِيكُمْ ركيب مبغضون، فَإِذا جاؤوكم فرحبوا بهم، وخلو بَينهم وَبَين مَا يَبْتَغُونَ، فَإِن عدلوا فلأنفسهم، وَإِن ظلمُوا فعلَيْهَا، وأرضوهم، فَإِن تَمام / زَكَاتكُمْ رضاهم، وليدعوا لكم ". قَالَ: وَهَذَا الْكَلَام لَا نعلمهُ يرْوى عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا / بِهَذَا الْإِسْنَاد، وخارجة بن إِسْحَاق من أهل الْمَدِينَة، وَأَبُو الْغُصْن من أهل الْمَدِينَة أَيْضا، وَلم يكن حَافِظًا. انْتهى مَا ذكر. وَفِي مُسْند جَابر بن عبد الله ذكره، وَهَكَذَا فعل ابْن أبي شيبَة، وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه، إِسْنَادًا ومتناً. وخارجة بن إِسْحَاق، لَيْسَ فِيهِ مزِيد، وصخر بن إِسْحَاق، الَّذِي فِي إِسْنَاد حَدِيث أبي دَاوُد، أعرض أَبُو مُحَمَّد عَن ذكره، وَهُوَ غير مَعْرُوف وَلَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 132 مَذْكُور فِي كتب الرِّجَال، كَمَا أَن عبد الرَّحْمَن بن جَابر بن عتِيك، لَا أعلم لَهُ وجودا فِي شَيْء مِنْهَا. إِلَّا أَن الْبَزَّار لما ذكر فِي بَاب عبد الرَّحْمَن بن جَابر بن عبد الله، عَن أَبِيه، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: (103) " إِذا حدث الرجل بِالْحَدِيثِ، ثمَّ الْتفت، فَهِيَ أَمَانَة ". قَالَ: وَعبد الرَّحْمَن بن جَابر هَذَا، هُوَ عِنْدِي عبد الرَّحْمَن بن جَابر بن عتِيك، وَلَكِن هَكَذَا حَدثنَا مُحَمَّد بن معمر، وَلَا نعلم روى عبد الرَّحْمَن بن جَابر بن عتِيك، عَن جَابر إِلَّا هَذَا الحَدِيث. فَفِي كَلَام الْبَزَّار هَذَا، أَن عبد الرَّحْمَن بن جَابر بن عتِيك، يروي عَن جَابر ابْن عبد الله. فَأَما قَوْله فِي إِسْنَاد حَدِيث أبي دَاوُد: " عَن أَبِيه جَابر بن عتِيك "، فشيء لَا يعرف. وَفِي كَلَام الْبَزَّار أَيْضا شَيْء آخر، وَذَلِكَ أَن هَذَا الحَدِيث الَّذِي هُوَ: " إِذا حدث الرجل بِالْحَدِيثِ، ثمَّ الْتفت، فَهُوَ أَمَانَة " إِنَّمَا سَاقه أَبُو دَاوُد فِي كِتَابه من رِوَايَة عبد الْملك بن جَابر بن عتِيك، عَن جَابر بن عبد الله. وَعبد الْملك بن جَابر بن عتِيك، مدنِي ثِقَة، وَأما عبد الرَّحْمَن بن جَابر بن عبد الله، فقد روى عَن أَبِيه أَحَادِيث، وروى عَنهُ طَالب بن حبيب، وخارجة السّلمِيّ، وَأخرج لَهُ البُخَارِيّ، وَمُسلم، وَقَالَ فِيهِ الْكُوفِي: " مدنِي، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 133 تَابِعِيّ، ثِقَة ". وَلما رأى أَبُو مُحَمَّد عبد الْحق أَبَا مُحَمَّد: عبد الرَّحْمَن وَأبي حَاتِم قد أهمله من ذكر الْجرْح وَالتَّعْدِيل، ظن أَنه مَجْهُول الْحَال، فَقَالَ مَا قدمْنَاهُ عَنهُ من أَنه لَا يحْتَج بِهِ، وَنقض فِي ذَلِك أَصله، فِيمَن يروي عَنهُ أَكثر من وَاحِد، أَنه يحْتَج بِهِ مَا لم يجرح. فَإِذن هَذَا الحَدِيث الَّذِي ذكر الْبَزَّار، لَيْسَ علته مَا ذكر، وَإِنَّمَا علته الْجَهْل / بِحَال خَارِجَة السّلمِيّ. وَأما حَدِيث جَابر بن عتِيك الَّذِي ذكر أَبُو دَاوُد، فعلته الْجَهْل بِحَال عبد الرَّحْمَن بن جَابر بن عتِيك، وبحال صَخْر بن إِسْحَاق: وَقد انجر القَوْل إِلَى مَا لَيْسَ مَقْصُودا، وَلَكِن فرغت مِنْهُ لأحيل عَلَيْهِ فِيمَا يَأْتِي من موَاضعه إِن شَاءَ الله تَعَالَى. (104) وَذكر من طَرِيق مُسلم حَدِيث ابْن عَبَّاس " مر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 134 على قبرين: " الحَدِيث؟ وَأتبعهُ أَن قَالَ: وَفِي رِوَايَة لأبي دَاوُد " كَانَ لَا يستنزه من بَوْله ". وَفِي حَدِيث هناد بن السّري " لَا يستبرئ " - يَعْنِي من الِاسْتِبْرَاء. كَذَا قَالَ: وَهُوَ قد يفهم مِنْهُ الْخَطَأ من يعلم أَن أَبَا دَاوُد قَالَ - إِثْر الحَدِيث الْمَذْكُور: وَقَالَ هناد: " يسْتَتر مَكَان " يستنزه " فيظن مَا أوردهُ أَبُو مُحَمَّد عَن هناد من قَوْله " يستبرئ " - من الِاسْتِبْرَاء - مَنْسُوبا إِلَى أبي دَاوُد، وَلَيْسَ لَهُ فِي كتاب أبي دَاوُد ذكر، - أَعنِي الِاسْتِبْرَاء - وَإِنَّمَا عني أَبُو مُحَمَّد بذلك أَنه رَآهُ فِي كتاب هناد بن السّري. وَقد بَين ذَلِك فِي كِتَابه الْكَبِير فَقَالَ: رَأَيْت فِي كتاب هناد بن السّري فِي الزّهْد هَذَا الحَدِيث بِهَذَا الْإِسْنَاد الَّذِي لأبي دَاوُد عَن هناد / وَفِيه " لَا يستبرئ من الْبَوْل " بِهَذَا اللَّفْظ - من الِاسْتِبْرَاء - وَلم أره فِي نُسْخَة أُخْرَى وَلَا صححته. انْتهى قَوْله. فَمِنْهُ يتَبَيَّن أَن " يستبرئ " لم يعن بِهِ أَنه فِي رِوَايَة هناد عَن أبي دَاوُد. وَأعرف هَذِه الرِّوَايَة فِي فَوَائِد ابْن صَخْر، من غير رِوَايَة هناد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 135 قَالَ ابْن صَخْر: حَدثنَا أَبُو الْقَاسِم: عمر بن مُحَمَّد بن سيف الْبَغْدَادِيّ، الْكَاتِب، إملاء بِالْبَصْرَةِ: حَدثنَا أَبُو حفيص: عمر بن الْحسن الْحلَبِي، حَدثنَا مُحَمَّد بن قدامَة، حَدثنَا جرير، عَن الْأَعْمَش، عَن مُجَاهِد، عَن طَاوس، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: (105) مر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بقبرين، فَقَالَ: " إنَّهُمَا ليعذبان، وَمَا يعذبان فِي كَبِير، ثمَّ قَالَ: بلَى، أما أَحدهمَا فَكَانَ يسْعَى بالنميمة، وَأما الآخر فَكَانَ لَا يستبرئ من الْبَوْل ". (106) وَذكر أَيْضا من طَرِيق البُخَارِيّ، عَن ابْن عَبَّاس فِي قصَّة مَاعِز حَدِيثا فِيهِ " أنكتها؟ " - لَا يكنى - قَالَ: نعم، قَالَ: " فَعِنْدَ ذَلِك أَمر برجمه ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 136 ثمَّ قَالَ: وَقَالَ أَبُو دَاوُد: " وَلم يصل عَلَيْهِ ". وَقَالَ البُخَارِيّ من حَدِيث جَابر، " إِن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ / لَهُ خيرا، وَصلى عَلَيْهِ ". كَذَا وَقع هَذَا الْموضع، مفهماً أَن زِيَادَة " لم يصل عَلَيْهِ " من حَدِيث ابْن عَبَّاس، وَلَيْسَ كَذَلِك، وَأَنا أَظن أَنه كَانَ قد كتب من عِنْد أبي دَاوُد: " وَلم يصل عَلَيْهِ " فِي الْحَاشِيَة مُلْحقًا، وَغلط فِي التَّخْرِيج وَالْإِشَارَة إِلَيْهِ. فَكتب قبل قَوْله: وَقَالَ البُخَارِيّ: من حَدِيث جَابر، وَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَن يكون بعده، فَإِن ذَلِك فِي كتاب أبي دَاوُد، إِنَّمَا هُوَ فِي حَدِيث جَابر، وَهُوَ بِعَيْنِه حَدِيث البُخَارِيّ، فِي إِسْنَاده وَمَتنه، من رِوَايَة عبد الرَّزَّاق، عَن معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن أبي سَلمَة، عَن جَابر، أَن رجلا من أسلم، فَذكر حَدِيثا وَاحِدًا عِنْدهمَا، قَالَ فِيهِ أَبُو دَاوُد: " وَقَالَ لَهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خيرا وَلم يصل عَلَيْهِ ". وَقَالَ البُخَارِيّ: " وَقَالَ لَهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خيرا وَصلى عَلَيْهِ ". ثمَّ قَالَ البُخَارِيّ: رَوَاهُ معمر، قيل لَهُ: رَوَاهُ غَيره؟ قَالَ: لَا، يَعْنِي " وَصلى عَلَيْهِ ". (107) وَذكر أَيْضا من طَرِيق مُسلم، حَدِيث عَائِشَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 137 " أَمر بكبش أقرن، يطَأ فِي سَواد، ويبرك فِي سَواد، وَينظر فِي سَواد " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: زَاد النَّسَائِيّ " وَيَأْكُل فِي سَواد ". هَكَذَا أورد هَذَا، وَالنَّسَائِيّ، لم يذكر حَدِيث عَائِشَة، وَإِنَّمَا ذكر الزِّيَادَة الْمَذْكُورَة، من رِوَايَة أبي سعيد الْخُدْرِيّ، لَا من حَدِيث عَائِشَة، وأوهم أَيْضا كَلَامه مُشَاركَة حَدِيث أبي سعيد لحَدِيث عَائِشَة ي مُقْتَضَاهُ، وسأبين ذَلِك فِي الْبَاب بعد هَذَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى. (108) وَذكر أَيْضا من طَرِيق مُسلم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " لَا تدخل الْمَلَائِكَة بَيْتا فِيهِ كلب وَلَا صُورَة ". وَقَالَ البُخَارِيّ: " وَلَا صُورَة تماثيل ". وَقَالَ أَبُو دَاوُد: " صُورَة، وَلَا كلب، وَلَا جنب " وَإسْنَاد مُسلم وَالْبُخَارِيّ، أصح وَأجل. كَذَا أورد هَذَا الْموضع، ونقصه مِنْهُ أَن يَقُول: من حَدِيث عَليّ، وَلَعَلَّه قد قَالَه فَسقط، فَإِن الحَدِيث الْمَذْكُور فِي كتاب أَبى دَاوُد، إِنَّمَا هُوَ حَدِيث عَليّ - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 138 رَضِي الله عَنهُ - لَا حَدِيث ابْن عَبَّاس. قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا حَفْص بن عمر، قَالَ: حَدثنَا شُعْبَة، عَن عَليّ بن مدرك، عَن أبي زرْعَة بن عَمْرو بن جرير، عَن عبد الله بن نجي عَن أَبِيه / عَن عَليّ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تدخل الْمَلَائِكَة بَيْتا فِيهِ صُورَة وَلَا كلب وَلَا جنب ". (109) وَذكر من طَرِيق / مُسلم عَن ابْن عمر، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كَانَ إِذا اسْتَوَى على بعيره، خَارِجا إِلَى سفر، كبر ثَلَاثًا، ثمَّ قَالَ: سُبْحَانَ الَّذِي سخر لنا هَذَا، وَمَا كُنَّا لَهُ مُقرنين، وَإِنَّا إِلَى رَبنَا لمنقلبون، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلك فِي سفرنا هَذَا الْبر وَالتَّقوى، وَمن الْعَمَل مَا ترْضى، اللَّهُمَّ هون علينا سفرنا هَذَا واطوعنا بعده، اللَّهُمَّ أَنْت الصاحب فِي السّفر، والخليفة فِي الْأَهْل، اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من وعثاء السّفر، وكآبة المنقلب، وَسُوء المنظر فِي الْأَهْل وَالْمَال " وَإِذا رَجَعَ قالهن. وَزَاد فِيهِنَّ: آيبون، تائبون، عَابِدُونَ، لربنا حامدون ". (110) وَفِي رِوَايَة: " كآبة المنقلب، والحور بعد الكور، ودعوة الْمَظْلُوم ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 139 هَكَذَا ذكر هَذَا الْموضع، وَهُوَ خطأ لَا شكّ فِيهِ، فَإِن هَذَا اللَّفْظ الْأَخير، إِنَّمَا هُوَ عِنْد مُسلم من رِوَايَة عبد الله بن سرجس عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَلَيْسَ لذَلِك ذكر فِي حَدِيث ابْن عمر، وَلم يسق مُسلم حَدِيث ابْن عمر الْمَذْكُور إِلَّا من طَرِيق وَاحِد، ثمَّ أتبعه حَدِيث ابْن سرجس، فَلم يتثبت أَبُو مُحَمَّد، وطنة من أَطْرَاف الحَدِيث ابْن عمر، وَلَيْسَ كَذَلِك فاعلمه. وَمِمَّا يَنْبَغِي التبيه عَلَيْهِ من هَذَا - بِاعْتِبَار بعض الرِّوَايَات عَنهُ، فَإِنِّي قد رَأَيْته فِي بعض النّسخ على الصَّوَاب - مَا ذكر من طَرِيق ابي دَاوُد من حَدِيث ابي الدَّرْدَاء، سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: (111) " من سلك طَرِيقا يطْلب فِيهِ علما " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: أخرج مُسلم من أول هَذَا الحَدِيث إِلَى قَوْله: " من طرق الْجنَّة ". كَذَا رَأَيْته فِي أَكثر النّسخ، وَرَأَيْت فِي بَعْضهَا: أخرج مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 140 من أول هَذَا الحَدِيث إِلَى قَوْله: " من طرق الْجنَّة " فَكَانَ هَذَا صَوَابا، فَإِنَّهُ عِنْد مُسلم، حَدِيث آخر من رِوَايَة أبي هُرَيْرَة [من أول هَذَا الحَدِيث، إِلَى قَوْله من طرق الْجنَّة] . (112) فَأَما حَدِيث أبي الدَّرْدَاء فَمَاله عِنْده ذكر، وَهُوَ أَيْضا لَا يَصح، وَسكت عَنهُ، متسامحاً فِيهِ، لكَونه من فَضَائِل الْأَعْمَال، وَقد نبهت عَلَيْهِ فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي سكت عَنْهَا، وَلَيْسَت بصحيحة. وَاعْلَم أَن هَذَا الَّذِي نبهت عَلَيْهِ / فِي هَذَا الْبَاب - من إِيهَام كَون الحَدِيث أَو الزِّيَادَة فِي حَدِيث من رِوَايَة راو، وَلَيْسَ أَو لَيست من رِوَايَته، أَو من كتاب، وَلَيْسَ مِنْهُ، أَو فِي قصَّة وَلَيْسَ مِنْهَا - قد يَقع عَكسه _ أَعنِي أَن يتَوَهَّم من ذكره الشَّيْء من مَوضِع، عَدمه فِي غَيره، وَلَكِن أقبح مَا فِي هَذَا أَن يكون ذَلِك من عمله. (113) كَمَا اتّفق لَهُ فِي حَدِيث سَلمَة بن الْأَكْوَع الطَّوِيل، المتضمن ذكر بيعَة الْحُدَيْبِيَة، وبيعة الشَّجَرَة، وغزوة ذِي قرد، وخيبر، ومسابقة سَلمَة، وَغير ذَلِك، فَإِنَّهُ ذكره من طَرِيق مُسلم، فَلَمَّا فرغ مِنْهُ قَالَ: وَعند البُخَارِيّ فِي هَذَا الحَدِيث - وَلم يذكرهُ بِكَمَالِهِ - قلت: يَا نَبِي الله، قد حميت الْقَوْم المَاء، وهم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 141 عطاش، فَابْعَثْ إِلَيْهِم السَّاعَة، فَقَالَ: " يَا بن الْأَكْوَع، ملكت فَأَسْجِحْ ". فَهَذَا بِلَا ريب يُوهم عدم هَذَا فِي كتاب مُسلم، وَهُوَ عِنْده بنصه، من رِوَايَة يزِيد بن أبي عبيد، عَن سَلمَة، فِي طَرِيق من طرق حَدِيثه، فَاعْلَم ذَلِك، وَالله الْمُوفق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 142 (5) بَاب ذكر أَحَادِيث، يظنّ من عطفها على أخر، أَو إردافها إِيَّاهَا أَنَّهَا مثلهَا فِي مقتضياتها وَلَيْسَت كَذَلِك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 143 هَذَا الْبَاب، تنتسب فِيهِ أَيْضا الْأَحَادِيث إِلَى غير رواتها بِحكم ظَاهر اللَّفْظ، فَلذَلِك جعلته بعد الْبَابَيْنِ الْمُتَقَدِّمين المفروغ مِنْهُمَا، وَلست أَعنِي فِيهِ أَن يعْطف الحَدِيث على الحَدِيث، وَهُوَ بِغَيْر لَفظه، وَلكنه بِمَعْنَاهُ. (114) كَمَا روى ابْن وهب، عَن مَالك، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْحمى من فيح جَهَنَّم، فأطفئوها بِالْمَاءِ ". قَالَ ابْن وهب / وَسمعت مَالِكًا، يحدث عَن هِشَام، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مثله. فَقَالَ أَبُو عمر بن عبد الْبر: هَكَذَا عطفه ابْن وهب على حَدِيث ابْن عمر وَلَفظه: " فأطفئوها ". وَلَفظ حَدِيث عَائِشَة " فَأَبْرِدُوهَا " وَهَذَا على نقل الحَدِيث بِالْمَعْنَى، انْتهى معنى مَا ذكر أَبُو عمر. وَلست أَعنِي هَذَا النَّحْو، وَإِنَّمَا أَعنِي، أَن يتَضَمَّن أَحدهمَا مَا لَيْسَ فِي الآخر، فيعطف عَلَيْهِ عطفا، يُوهم تساويهما، ويتبين الْمَقْصُود فِي نفس الْبَاب إِن شَاءَ الله تَعَالَى. (115) فَمن ذَلِك مَا ذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ / عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 145 " كَانَت نعل سيف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: فضَّة، وقبيعة سَيْفه فضَّة، وَمَا بَين ذَلِك حلق فضَّة ". ثمَّ قَالَ: الَّذِي أسْند هَذَا الحَدِيث ثِقَة، وَهُوَ جرير بن حَازِم، وَكَذَلِكَ أسْندهُ عَمْرو بن عَاصِم، عَن همام، عَن قَتَادَة، وَلَكِن قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: الصَّوَاب: عَن قَتَادَة، عَن سعيد بن أبي الْحسن، أخي الْحسن مُرْسلا. هَكَذَا أورد هَذَا الْكَلَام إِثْر الحَدِيث الْمَذْكُور، وَفِيه إِيهَام مُسَاوَاة مُرْسل سعيد بن أبي الْحسن للْحَدِيث الْمُتَقَدّم، فِيمَا فِيهِ من ذكر النَّعْل، والقبيعة، وَالْحلق، وَلَيْسَ كَذَلِك، وَلَيْسَ فِيهِ إِلَّا ذكر القبيعة فَقَط. وَمَا حَكَاهُ عَن الدَّارَقُطْنِيّ، يُوهم مثل صَنِيعه، وَلَيْسَ الْأَمر كَذَلِك عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ، بل قد تحرز فِيهِ، على أَنه كثيرا مَا يجمع الْأَسَانِيد للْحَدِيث الْوَاحِد، من غير اعْتِبَار للفظه، وَلَا تعْيين لرِوَايَة، وَهُوَ هَاهُنَا إِنَّمَا قَالَ فِي كتاب الْعِلَل: وَسُئِلَ عَن حَدِيث قَتَادَة عَن أنس: " كَانَ حلية سيف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: من فضَّة " فَقَالَ: اخْتلف فِيهِ على قَتَادَة، فَرَوَاهُ جرير بن حَازِم، عَن قَتَادَة، عَن أنس، وَكَذَلِكَ روى عَمْرو بن عَاصِم، عَن همام، عَن قَتَادَة، عَن أنس، وَرَوَاهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 146 هِشَام الدستوَائي، وَنصر بن طريف، عَن قَتَادَة، عَن سعيد بن أبي الْحسن، أخي الْحسن مُرْسلا ". هَذَا نَص مَا ذكر، وَلَا إخلال فِيهِ، لِأَنَّهُ أجمل لفظ الْحِلْية. (116) وَمتْن مُرْسل سعيد هُوَ هَذَا: قَالَ النَّسَائِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، حَدثنَا يزِيد - وَهُوَ ابْن زُرَيْع - عَن هِشَام، عَن قَتَادَة، عَن سعيد بن أبي الْحسن قَالَ: " كَانَت قبيعة سيف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من فضَّة ". وَهَكَذَا اشار إِلَيْهِ التِّرْمِذِيّ بِهَذَا اللَّفْظ، وَقَوله: الَّذِي أسْندهُ - وَهُوَ جرير ابْن حَازِم - ثِقَة، وَكَذَلِكَ عَمْرو بن عَاصِم، عَن همام، عَن قَتَادَة، يُوهم أَن عَمْرو بن عَاصِم، إِنَّمَا يرويهِ عَن همام فَقَط، وَهُوَ إِنَّمَا يرويهِ عَن همام وَجَرِير ابْن حَازِم، قَالَا: حَدثنَا قَتَادَة عَن أنس، كَذَلِك هُوَ عِنْد النَّسَائِيّ. وَرَوَاهُ أَيْضا جرير / بن حَازِم وَحده عَن قَتَادَة، عَن أنس، بِذكر القبيعة فَقَط، مثل لفظ الْمُرْسل سَوَاء، ذكره التِّرْمِذِيّ وَالْبَزَّار /. وَقَالَ الْبَزَّار أَيْضا: إِنَّمَا يرْوى عَن قَتَادَة، عَن سعيد بن ابي الْحسن مُرْسلا، وَهُوَ الصَّوَاب فَاعْلَم ذَلِك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 147 (117) وَذكر أَيْضا من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن عبد الله بن عمر الْعمريّ، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا نكح العَبْد بِغَيْر إِذن مَوْلَاهُ، فنكاحه بَاطِل ". ثمَّ قَالَ: فِي إِسْنَاده الْعمريّ هَذَا، وَهُوَ ضَعِيف عِنْد أهل الحَدِيث، وَقد أسْندهُ يحيى بن سعيد الْأمَوِي، عَن ابْن جريج، عَن مُوسَى بن عقبَة، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَرَوَاهُ أَبُو عَاصِم، وحجاج، وَعبد الرَّزَّاق، عَن ابْن جريج، بِهَذَا الْإِسْنَاد مَوْقُوفا، وَهُوَ الصَّوَاب. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَيُّوب، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، مَوْقُوفا، ذكر ذَلِك كُله الدَّارَقُطْنِيّ، فَجعل حَدِيث يحيى بن سعيد الْأمَوِي، فِي رفع هَذَا الحَدِيث وهما. انْتهى كَلَامه. وَالْمَقْصُود مِنْهُ هُوَ أَن حَدِيث يحيى بن سعيد الْأمَوِي، إِنَّمَا لَفظه عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ " فَهُوَ زَان " وَفرق بَين " فنكاحه بَاطِل " وَبَين " فَهُوَ زَان "، وَإِن كَانَ لَا يكون زَانيا، إِلَّا إِذا كَانَ نِكَاحه بَاطِلا، وَذَلِكَ أَن لزان أحكاماً أخر، وَإِن كَانَت غير ثَابِتَة فِي حق العَبْد الناكح بِغَيْر إِذن سَيّده، لأدلة دلّت، فَإِن الْمُحدث عَلَيْهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 148 نقل اللَّفْظ كَمَا هُوَ لمن ينظر فِيهِ. وَهَذَا الحَدِيث أوهم بإيراده هَكَذَا، أَنه عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ موصل الْإِسْنَاد، وَلَيْسَ كَذَلِك، وسأذكر هَذَا مُبينًا فِي بَابه. وَنَصّ هَاهُنَا على ضعف الْعمريّ، وَقد يَقع لَهُ فِيهِ خلاف ذَلِك، مِمَّا ستراه أَيْضا فِي مَوْضِعه إِن شَاءَ الله تَعَالَى. (118) وَذكر أَيْضا من عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: [قَالَ] رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أنكحوا الأيامي ثَلَاثًا، قيل: مَا العلائق بَينهم يَا رَسُول الله، قَالَ: مَا تراضى عَلَيْهِ الأهلون، وَلَو قضيب من أَرَاك ". ثمَّ قَالَ: هَذَا يرْوى مُرْسلا وَهُوَ أصح، وَفِي المراسل ذكره أَبُو دَاوُد، وَلم يذكر الْقَضِيب. انْتهى مَا أورد. وَهُوَ رَحمَه الله إِنَّمَا عَنى مِنْهُ قَوْله: " مَا العلائق بَينهم " إِلَى آخِره، وَلَكِن جَاءَ كَلَامه مفهماً أَن الْمُرْسل كالمسند، وَلَا سِيمَا بتحرزه فِي قَوْله: " وَلم يذكر الْقَضِيب ". (119) وَنَصّ الْمُرْسل هُوَ هَذَا: قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا / هناد، عَن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 149 وَكِيع عَن سُفْيَان، عَن عُمَيْر الْخَثْعَمِي عَن عبد الْملك بن الْمُغيرَة الطَّائِفِي، عَن ابْن الْبَيْلَمَانِي، قَالَ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " وآتو النِّسَاء صدقاتهن نحلة، قَالُوا: يَا رَسُول الله، مَا العلائق بَينهم؟ قَالَ: مَا تراضى عَلَيْهِ أهلوهم ". فَهَذَا لَيْسَ فِيهِ قَوْله: " أنكحوا الْأَيَامَى " وتكرير ذَلِك ثَلَاثًا ذكر، وإيهام أَنه مثله مُجَانب للتحفظ. وسأذكر أَمر هَذَا الحَدِيث أَيْضا، إِن شَاءَ الله [تَعَالَى] فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ضعفها وَلم يبين عللها، وَفِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي لم يعبها بسوى الْإِرْسَال، وَلها عُيُوب سواهُ. (120) وَذكر أَيْضا من طَرِيق مُسلم عَن ابْن عَبَّاس، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " طَاف فِي حجَّة الْوَدَاع على بعير، يسْتَلم الرُّكْن بمحجن ". ثمَّ قَالَ: / زَاد من حَدِيث ابي الطُّفَيْل " وَيقبل المحجن ". كَذَا أوردهُ، وَهُوَ يُعْطي أَن أَبَا الطُّفَيْل، روى فِي كتاب مُسلم الطّواف عل الْبَعِير، وَلَيْسَ كَذَلِك فِي حَدِيث أبي الطُّفَيْل عِنْد مُسلم. (121) وَنَصّ حَدِيثه: رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يطوف بِالْبَيْتِ، ويستلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 150 الرُّكْن بمحجن مَعَه وَيقبل المحجن. والْحَدِيث عَن أبي الطُّفَيْل فِي كتاب أبي دَاوُد، فِيهِ ذكر الرَّاحِلَة كَمَا أَرَادَ، وَلَكِن لَا يَنْبَغِي لمن نقل من كتاب، أَن يَعْزُو إِلَيْهِ لفظ غَيره. (122) وَذكر أَيْضا من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن عبد الله بن ثَعْلَبَة بن صعير، عَن أَبِيه، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " صَاع من بر، أَو قَمح، عَن كل اثْنَيْنِ، صَغِير، أَو كَبِير، حر، أَو عبد، ذكر، أَو أُنْثَى، غنى، أَو فَقير، أما غنيكم فيزكيه الله تَعَالَى، وَأما فقيركم فَيرد الله عَلَيْهِ أَكثر مِمَّا أعْطى ". ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: فِي إِسْنَاده النُّعْمَان بن رَاشد، وَبكر بن وَائِل، وهما ضعيفان، إِلَّا أَن أَبَا حَاتِم قَالَ: بكر بن وَائِل، صَالح الحَدِيث. هَذَا نَص مَا أوردهُ وَهُوَ هَكَذَا موهم تَسَاوِي حَدِيث بكر بن وَائِل، والنعمان بن رَاشد. وَفِيه أَيْضا مَا لَا أعلم قَائِلا بِهِ غَيره، وَهُوَ تَضْعِيف بكر بن وَائِل. وَبِذَلِك يتَأَكَّد الَّذِي قصدت بَيَانه، وَذَلِكَ أَنه إِذا قَرَأَ أحد هَذَا الْموضع - واعتقد أَنه لَا بَأْس الجزء: 2 ¦ الصفحة: 151 ببكر بن وَائِل كَمَا هُوَ الْحق فِيهِ - يظنّ أَن جَمِيع لفظ الحَدِيث الْمَذْكُور / فِي رِوَايَته، وَلَا يُبَالِي بِضعْف النُّعْمَان بن رَاشد، وَالْأَمر فِيهِ لَيْسَ كَذَلِك، بل الحَدِيث الْمَذْكُور، حَدِيث النُّعْمَان بن رَاشد وَحده، رَوَاهُ عَن الزُّهْرِيّ، فَأَما بكر بن وَائِل، فَلَيْسَ فِي رِوَايَته عَن الزُّهْرِيّ قَوْله " ذكر، أَو أُنْثَى، غَنِي، أَو فَقير " وَلَا أَيْضا قَوْله " أما غنيكم فيزكيه الله، وَأما فقيركم، فَيرد الله عَلَيْهِ أَكثر مِمَّا أعْطى ". وَعِنْده زِيَادَة لَيست فِي رِوَايَة النُّعْمَان بن رَاشد، وَهِي قَوْله: " صَاع تمر، أَو صَاع شعير، على كل رَأس ". وَإِن أردْت الْوُقُوف على نَص رِوَايَته، فَفِي كتاب أبي دَاوُد، وَإِنَّمَا طلبت بترك إيرادها الِاخْتِصَار، وينجر ذكر إخلال آخر، وَذَلِكَ أَنه اعتنى بِأَمْر الْوَاجِب فِي زَكَاة الْفطر، وَلم يسق أَلْفَاظ الْأَحَادِيث فِي ذَلِك، فيخلص، فأتبع النَّص الَّذِي ذكرته أَن قَالَ: (123) وَرَوَاهُ أَيْضا من حَدِيث الْحسن عَن ابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلم يسمع الْحسن من ابْن عَبَّاس. فَهَذَا يظنّ مِنْهُ أَن فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس " أما غنيكم " إِلَى آخِره، وَأَن فِيهِ " غَنِي أَو فَقير ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 152 وَلَيْسَ شَيْء من ذَلِك فِيهِ، وَإِنَّمَا معينه مَسْأَلَة " صَاع الْبر " أَنه عَن اثْنَيْنِ. وسأذكر حَدِيث ابْن عَبَّاس أَيْضا فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا مُنْقَطِعَة وَهِي مُتَّصِلَة. وَهَاهُنَا إخلال آخر، وَهُوَ أَنه أتبع هَذَا أَن قَالَ ": (124) وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ، من حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَاخْتلف فِي إِسْنَاده. فَهَذَا أَيْضا كَمَا قلته، وَإِنَّمَا عني ذكر " الصَّاع من الْبر " أَنه بَين اثْنَيْنِ. وَحَدِيث التِّرْمِذِيّ هَذَا إِنَّمَا نَصه: " بعث منادياً فِي فجاج مَكَّة: أَلا إِن صَدَقَة الْفطر وَاجِبَة / على كل مُسلم، ذكر أَو أُنْثَى، حر أَو عبد، صَغِير أَو كَبِير، مدان من قَمح أَو سواهُ، صَاع من طَعَام ". وَرَوَاهُ من طَرِيق ابْن جريج، عَن عَمْرو بن شُعَيْب، وخفي عَلَيْهِ انْقِطَاع مَا بَينهمَا، وَلذَلِك لم يتبعهُ أَكثر من أَن قَالَ: اخْتلف فِي إِسْنَاده. وَقد بيّنت ذَلِك فِي بَاب الإحاديث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا مُتَّصِلَة، وَهِي مُنْقَطِعَة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 153 وَهَاهُنَا إخلال آخر: وَذَلِكَ أَنه قَالَ بعد هَذَا كُله: قَالَ أَبُو عمر: حَدِيث ثَعْلَبَة هَذَا مُضْطَرب، وَذكر / الْبر وهم فِي حَدِيث الثَّوْريّ. فجَاء هَذَا كَأَنَّهُ إِعَادَة على حَدِيث ثَعْلَبَة، وَمَا للثوري فِي حَدِيث ثَعْلَبَة ذكر، فَإِنَّهُ لَا يروي عَن الزُّهْرِيّ، وَقد قيل لَهُ: لم لم ترحل إِلَى الزُّهْرِيّ؟ قَالَ: كنت قَلِيل الدَّرَاهِم، وأغنانا معمر عَنهُ. حَدِيث ثَعْلَبَة إِنَّمَا مَدَاره على الزُّهْرِيّ، وَإِنَّمَا لفق أَبُو مُحَمَّد كَلَام أبي عمر من موضِعين: فِي أَحدهمَا كَلَام أبي دَاوُد على حَدِيث أبي سعيد، وَهُوَ أَن مُعَاوِيَة بن هِشَام قَالَ فِيهِ: عَن الثَّوْريّ، عَن زيد بن أسلم، عَن عِيَاض، عَن أبي سعيد: " نصف صَاع من بر " وَهُوَ وهم من مُعَاوِيَة بن هِشَام، أَو مِمَّن روى عَنهُ. وَهُوَ - أَعنِي هَذَا الْكَلَام بنصه - فِي كتاب السّنَن. وَقَالَ فِي مَوضِع آخر من التَّمْهِيد - بعد هَذَا - فِي حَدِيث ثَعْلَبَة: إِنَّه مُضْطَرب لَا يثبت. فلفق ابو مُحَمَّد الْكَلَامَيْنِ، فجاءا كَأَنَّهُمَا على حَدِيث ثَعْلَبَة، وَكَانَ صَوَاب القَوْل فِيمَا أَرَادَ هَكَذَا: حَدِيث ثَعْلَبَة هَذَا مُضْطَرب، وَذكر " الْبر " وهم فِي حَدِيث أبي سعيد من رِوَايَة الثَّوْريّ. (125) وَذكر أَيْضا من طَرِيق عبد الرَّزَّاق، عَن عَليّ بن الْحُسَيْن، أَن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 154 رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: قَالَ: " لَا يصرمن نخل بلَيْل، وَلَا يشابن لبن لبيع ". ثمَّ قَالَ: " إِنَّه مُرْسل " ثمَّ قَالَ: " وَقد روى عَن عَليّ بن الْحُسَيْن، عَن عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام، وَزيد فِيهِ " النَّهْي عَن حصاد الزَّرْع بِاللَّيْلِ " ذكره الدَّارَقُطْنِيّ والمرسل هُوَ الصَّوَاب ". هَكَذَا قَالَ: " وَزيد فِيهِ النَّهْي عَن حصاد الزَّرْع بِاللَّيْلِ ". وَهُوَ قَول موهم أَن فِي هَذَا الَّذِي رُوِيَ مُسْندًا، مَا فِي المراسل من قَوْله " وَلَا يشابن لبن لبيع " وَلَيْسَ كَذَلِك وَإِنَّمَا اعتنى بجداد اللَّيْل وحصاده، وَأعْرض عَمَّا فِي الْخَبَر من غَيره فتثبج. وَالَّذِي عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ هُوَ: وَسُئِلَ عَن حَدِيث الْحسن بن عَليّ، عَن عَليّ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " نهى عَن حصاد الزَّرْع، وجداد النّخل بِاللَّيْلِ ". فَقَالَ: يرويهِ جَعْفَر بن مُحَمَّد، عَن أَبِيه، عَن جده، فَذكر كَلَامه إِلَى آخِره. (126) وَذكر من طَرِيق مُسلم عَن عَائِشَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَمر بكبش أقرن، يطَأ فِي سَواد، ويبرك فِي سَواد، وَينظر فِي سَواد، فَأتي بِهِ ليضحي بِهِ، فَقَالَ: " يَا عَائِشَة هَلُمِّي المدية، ثمَّ / قَالَ: اشحذيها بِحجر، فَفعلت، ثمَّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 155 أَخذهَا وَأخذ الْكَبْش فأضجعه، ثمَّ قَالَ: باسم الله، اللَّهُمَّ تقبل من مُحَمَّد وَآل مُحَمَّد، وَمن أمة مُحَمَّد، ثمَّ ضحى بِهِ ". زَاد النَّسَائِيّ: " وَيَأْكُل فِي سَواد ". كَذَا أوردهُ، وَالنَّسَائِيّ لم يذكر حَدِيث عَائِشَة، وَإِنَّمَا ذكر حَدِيث أبي سعيد، وَلَيْسَ فِيهِ " يبرك فِي سَواد ". وَقَوله: زَاد النَّسَائِيّ، يُوهم الْمُشَاركَة فِي ذَلِك وَكَذَلِكَ قَوْله: " يَا عَائِشَة، هَلُمِّي المدية " إِلَى آخِره، لَيْسَ لَهُ فِيهِ ذكر. وَقد تقدم ذكر بعض هَذَا فِي الْبَاب قبل هَذَا. (127) وَنَصّ حَدِيث أبي سعيد / هُوَ: " ضحى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بكبش أقرن، يمشي فِي سَواد، وَيَأْكُل فِي سَواد، وَينظر فِي سَواد ". هَذَا نَصه من غير مزِيد، فَاعْلَم ذَلِك. (128) وَذكر أَيْضا من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن عَليّ بن أبي طَالب، قَالَ: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 156 " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن بيع الْمُضْطَر ". قَالَ: وَهَذَا ضَعِيف، وَرَوَاهُ سعيد بن مَنْصُور، من حَدِيث مَكْحُول، عَن حُذَيْفَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَهُوَ أَيْضا مُنْقَطع، وَإِسْنَاده ضَعِيف. كَذَا ذكر هذَيْن الْحَدِيثين، وهما مُخْتَلِفَانِ، وَعطف أَحدهمَا على الآخر يُوهم تساويهما. وَيبين ذَلِك بِذكر نصيهما: قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن عِيسَى حَدثنَا هِشَام حَدثنَا صَالح بن عَامر، حَدثنَا شيخ من بني تَمِيم، قَالَ: خَطَبنَا عَليّ بن أبي طَالب، أَو قَالَ: قَالَ عَليّ، قَالَ [مُحَمَّد] بن عِيسَى [هَكَذَا] حَدثنَا هشيم قَالَ: " سَيَأْتِي على النَّاس زمَان عضوض، يعَض الْمُوسر على مَا فِي يَده، وَلم يُؤمر بذلك، قَالَ الله تَعَالَى: {وَلَا تنسوا الْفضل بَيْنكُم} ويبايع المضطرون، وَقد نهى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن بيع الْمُضْطَر، وَبيع الْغرَر، وَبيع التَّمْر قبل أَن يدْرك ". هَذَا نَص حَدِيث عَليّ، وَصَالح بن عَامر رَاوِيه، لَا يعرف من هُوَ، عَن شيخ من بني تَمِيم، وَهُوَ أبعد عَن أَن يعرف، وَالْكَلَام فِي الحَدِيث كَلَام عَليّ رَضِي الله عَنهُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 157 (129) فَأَما حَدِيث حُذَيْفَة، فَالْكَلَام فِيهِ كَلَام النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ سعيد بن مَنْصُور: حَدثنَا هشيم، عَن كوثر بن حَكِيم، عَن مَكْحُول، قَالَ: بَلغنِي عَن حُذَيْفَة أَنه حدث عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: / أَنه قَالَ: " إِن بعد زمانكم هَذَا زَمَانا عَضُوضًا، يعَض الْمُوسر على مَا فِي يَدَيْهِ، وَلم يُؤمر بذلك، قَالَ الله تَعَالَى: {وَمَا أنفقتم من شَيْء فَهُوَ يخلفه وَهُوَ خير الرازقين} ، وَيشْهد شرار خلق الله، ويبايعون كل مُضْطَر، أَلا إِن بيع الْمُضْطَرين حرَام، الْمُسلم أَخُو الْمُسلم، لَا يَظْلمه، وَلَا يخونه وَإِن كَانَ عنْدك خير فجد بِهِ على أَخِيك، وَلَا تزِدْه هَلَاكًا إِلَى هَلَاكه ". هَذَا نَص حَدِيث حُذَيْفَة، والقطعة الَّتِي ذكر أَبُو مُحَمَّد من حَدِيث عَليّ، الَّتِي هِيَ " نهى عَن بيع الْمُضْطَرين: إِنَّمَا هِيَ فِيهِ بِالْمَعْنَى. وكرثر بن حَكِيم ضَعِيف، وَهُوَ الَّذِي أَرَادَ بقوله: إِنَّه مَعَ الِانْقِطَاع ضَعِيف، فَاعْلَم ذَلِك. (130) وَذكر أَيْضا من طَرِيق مُسلم عَن جَابر بن عبد الله أَنه سمع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول عَام الْفَتْح - وَهُوَ بِمَكَّة - " إِن الله وَرَسُوله، حرم بيع الْخمر، وَالْميتَة، وَالْخِنْزِير، والأصنام " قيل: يَا رَسُول الله، أَرَأَيْت شحوم الْميتَة؟ فَإِنَّهَا تطلى بهَا السفن، وتدهن بهَا الْجُلُود، ويستصبح بهَا النَّاس، فَقَالَ: " لَا، هُوَ حرَام ". ثمَّ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عِنْد ذَلِك: قَاتل الله الْيَهُود، إِن الله لما حرم عَلَيْهِم شحومها، أجملوه ثمَّ باعوه، فَأَكَلُوا ثمنه ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 158 ثمَّ قَالَ: زَاد أَبُو دَاوُد عَن ابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " وَإِن الله إِذا حرم على قوم أكل شَيْء، حرم عَلَيْهِم ثمنه ". كَذَا سَاق حَدِيث ابْن عَبَّاس، كَأَنَّهُ مشارك لحَدِيث جَابر فِي جَمِيع مَا فِيهِ، زَائِد عَلَيْهِ بِمَا ذكر، وَلَيْسَ كَذَلِك. (131) وَإِنَّمَا نَص حَدِيث ابْن عَبَّاس: رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جَالِسا عِنْد الرُّكْن / فَرفع بَصَره إِلَى السَّمَاء فَضَحِك فَقَالَ: " لعن الله الْيَهُود "، ثَلَاثًا، " إِن الله حرم عَلَيْهِم الشحوم، فَبَاعُوهَا وأكلوا أثمانها، وَإِن الله إِذا حرم على قوم أكل شَيْء حرم عَلَيْهِم ثمنه ". (132) وَذكر أَيْضا من طَرِيق عبد الرَّزَّاق، عَن وهب بن مُنَبّه، قَالَ: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " اتقو السُّحت " قَالُوا: وَمَا السُّحت يَا رَسُول الله؟ قَالَ: " بيع الشّجر، وَبيع المَاء، وَإِجَارَة الْأمة المسافحة، وَثمن الْخمر ". ثمَّ قَالَ: هَذَا مُرْسل. (133) وَقد صَحَّ من طَرِيق آخر، بِلَفْظ آخر: " إِلَّا فِي بيع الشّجر " خرجه مُسلم وَغَيره /. هَذَا نَص مَا ذكر، وَهُوَ خطأ، فَإِنَّهُ يفهم مِنْهُ أَن فِي كتاب مُسلم: " اتَّقوا السُّحت، قَالُوا: وَمَا السُّحت؟ ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 159 إِمَّا بِهَذَا اللَّفْظ وَإِمَّا بِغَيْر كَمَا ذكر، وَأَن فِيهِ إجَازَة الْأمة المسافحة، وَمَا من هَذَا فِي الْكتاب الْمَذْكُور حرف. (134) نعم، ثمَّ حَدِيث: " تَحْرِيم التِّجَارَة فِي الْخمر ". (135) وَحَدِيث آخر: " بِتَحْرِيم بيع الْخمر " وَهُوَ الَّذِي تقدم الْآن. (136) وَحَدِيث آخر: " بِالنَّهْي عَن بيع المَاء ". (137) وَحَدِيث آخر: " بِتَحْرِيم مهر الْبَغي " وَلم يعن إِلَّا هَذِه، وَلكنه تسَامح، وَالله أعلم. (138) وَذكر أَيْضا من طَرِيق النَّسَائِيّ عَن ابْن عمر، وَابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يحل لرجل يُعْطي عَطِيَّة، ثمَّ يرجع فِيهَا [إِلَّا الْوَالِد فِيمَا يُعْطي وَلَده، وَمثل الَّذِي يُعْطي عَطِيَّة ثمَّ يرجع فِيهَا] كَمثل الْكَلْب، أكل حَتَّى إِذا شبع قاء، ثمَّ عَاد فِي قيئه ". (139) ثمَّ قَالَ: رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، من حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه عَن جده، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَزَاد: فَإِذا اسْتردَّ الْوَاهِب، فليوقف، فليعرف بِمَا اسْتردَّ، ثمَّ ليدفع إِلَيْهِ مَا وهب " وَلم يذكر اسْتثِْنَاء الْوَالِد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 160 هَكَذَا أوردهُ، وَقَوله: " وَزَاد " يُعْطي الْمُشَاركَة فِي قَوْله: " لَا يحل لأحد أَن يُعْطي عَطِيَّة، فَيرجع فِيهَا " وَهَذَا لَيْسَ لَهُ ذكر فِي حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده، وَلم يكف تحرزه بقوله: وَلم يذكر اسْتثِْنَاء الْوَالِد، فَإِنَّهُ غَايَة مَا يخرج بِهِ قَوْله: " إِلَّا الْوَالِد فِيمَا يُعْطي وَلَده ". وَنَصّ حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده، هُوَ هَذَا: عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مثل الَّذِي يسْتَردّ مَا وهب، كَمثل الْكَلْب يقيء فيأكل قيئه، فَإِذا اسْتردَّ الْوَاهِب فليوقف، فليعرف بِمَا اسْتردَّ، ثمَّ ليدفع إِلَيْهِ مَا وهب ". رَوَاهُ عَن عمر وَأُسَامَة بن زيد، وأظن أَن الَّذِي جعل أَبَا مُحَمَّد شرك بَين الْحَدِيثين - بعطف أَحدهمَا على الآخر - هُوَ كَونهمَا من رِوَايَة عَمْرو بن شُعَيْب، فَإِن الأول يرويهِ عَمْرو بن شُعَيْب، قَالَ: اخبرني طَاوس، عَن ابْن عمر، وَابْن عَبَّاس، فَاعْلَم ذَلِك، وَالله الْمُوفق. (140) وَذكر أَيْضا من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن أبي هُرَيْرَة " أهْدى رجل من بني فَزَارَة إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَاقَة من إبِله الَّتِي كَانُوا أَصَابُوا بالغاية " الحَدِيث /. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 161 وَفِيه: " وَايْم الله لَا أقبل بعد مقَامي هَذَا من رجل من الْعَرَب هَدِيَّة، إِلَّا من قريشي، أَو أَنْصَارِي، أَو ثقفي، أَو دوسي ". زَاد أَبُو دَاوُد " أَو مُهَاجِرِي ". كَذَا أوردهُ، وَهُوَ يَقْتَضِي أَن عِنْد أبي دَاوُد ذكر الْقِصَّة، وَالْحَدِيثَانِ من رِوَايَة ابْن اسحق، وَيَرْوِيه عِنْد التِّرْمِذِيّ أَحْمد بن خَالِد الْوَهْبِي، عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ /: أهْدى رجل من بني فَزَارَة إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَاقَة من إبِله الَّتِي كَانُوا أَصَابُوا بِالْغَابَةِ، فَعوضهُ مِنْهَا بعض الْعِوَض، فتسخطه، فَسمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِن رجَالًا من الْعَرَب يهدي أحدهم الْهَدِيَّة، فأعوضه مِنْهَا بِقدر مَا عِنْدِي، ثمَّ يتسخطه فيظل يتسخط عَليّ، وَايْم الله لَا أقبل بعد مقَامي هَذَا من رجل من الْعَرَب هَدِيَّة، إِلَّا من قريشي، أَو أَنْصَارِي، أَو ثقفي، أَو دوسي ". هَذَا نَص حَدِيث التِّرْمِذِيّ، وَيَرْوِيه عِنْد أبي، سَلمَة بن الْفضل، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله : " وَايْم الله لَا أقبل بعد يومي هَذَا [من أحد] هَدِيَّة، إِلَّا أَن يكون مهاجرياً، أَو قرشياً، أَو أَنْصَارِيًّا، أَو دوسياً، أَو ثقفياً ". هَذَا نَص حَيْثُ أبي دَاوُد، وَلم يذكر الْقِصَّة، وَقَالَ: " من أحد ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 162 (141) وَذكر أَيْضا من طَرِيق مُسلم، عَن أبي الجهم بن الْحَارِث قَالَ: " أقبل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: من نَحْو بِئْر جمل، فَلَقِيَهُ رجل فَسلم عَلَيْهِ، فَلم يرد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَيْهِ: حَتَّى أقبل على الْجِدَار، فَمسح وَجهه وَيَديه، ثمَّ رد عَلَيْهِ السَّلَام ". (142) ثمَّ قَالَ: زَاد أَبُو دَاوُد من حَدِيث المُهَاجر بن قنفذ " ثمَّ اعتذر إِلَيْهِ، وَقَالَ: إِنِّي كرهت أَن أذكر الله إِلَّا على طهر - أَو قَالَ: على طَهَارَة ". كَذَا أوردهُ، وَحَدِيث المُهَاجر لَيْسَ فِيهِ للتيمم ذكر. وَنَصه: أَنه أَتَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَهُوَ يَبُول، فَسلم عَلَيْهِ، فَلم يرد عَلَيْهِ حَتَّى تَوَضَّأ، ثمَّ اعتذر إِلَيْهِ، وَقَالَ: " إِنِّي كرهت أَن أذكر الله إِلَّا على طهر - أَو قَالَ: على طَهَارَة ". وَلَو أَن أَبَا مُحَمَّد ذكره فِي غير تيَمّم، قلت إِنَّمَا كَانَ معنيه الذّكر على الجزء: 2 ¦ الصفحة: 163 حَالَة الْحَدث، وتبيين / حكمه، وَلكنه ذكره فِي التَّيَمُّم، فجَاء إردافه حَدِيث المُهَاجر عَلَيْهِ، زِيَادَة حَدِيث فِي التَّيَمُّم، لَيْسَ لَهُ فِيهِ ذكر، وَهَذِه الزِّيَادَة الَّتِي جَاءَ بهَا من حَدِيث المُهَاجر، لم يكن مُحْتَاجا إِلَيْهَا فِي بَاب التَّيَمُّم، فَإِنَّهَا لَيست مِنْهُ. وَقد تقدم لَهُ ذكر حَدِيث المُهَاجر بجملته فِي أول بَاب من كتاب الطَّهَارَة بِالْوضُوءِ لَا بِالتَّيَمُّمِ كَمَا قلته. وَحَدِيث أبي جهيم هَذَا، سأذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا مُتَّصِلَة، وَهِي مُنْقَطِعَة. فَإِنَّهُ فِي كتاب مُسلم مُبين الِانْقِطَاع، وَهُوَ معرض فِيمَا يُورد من مُسلم، أَو البُخَارِيّ، عَن النّظر فِي الْأَسَانِيد، وَقد علم أَن فيهمَا أَحَادِيث مُنْقَطِعَة، ويظن أَنَّهَا تخطئه، فَيَقَع فِيهَا وَلَا يشْعر، وسترى من ذَلِك جملَة إِن شَاءَ الله تَعَالَى. (143) وَذكر أَيْضا من طَرِيق مُسلم عَن ابْن عمر، عَن إِحْدَى نسْوَة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه كَانَ يَأْمر بقتل الْكَلْب الْعَقُور، والفأرة، وَالْعَقْرَب، والحديا، والغراب، والحية " قَالَ: وَفِي الصَّلَاة أَيْضا ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 164 (144) قَالَ: وَذكر أَبُو دَاوُد فِي المراسل قَالَ: " فليقتلها بنعله الْيُسْرَى " - يَعْنِي فِي الصَّلَاة - روى عَن رجل من بني عدي بن كَعْب، سمع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. هَذَا نَص مَا أورد، وَهُوَ خطأ / وَذَلِكَ أَنه هَكَذَا، يفهم مِنْهُ ثَلَاثَة أَشْيَاء، لَيست كَذَلِك. أَحدهَا: أَن الْمَأْمُور بقتلها فِي الصَّلَاة فِي الحَدِيث الْمَذْكُور، كلهَا تقتل بالنعل الْيُسْرَى، وَهَذَا هُوَ الْمَقْصُود بَيَانه فِي هَذَا الْبَاب، وَلَيْسَ ذَلِك فِي الْمُرْسل الْبَتَّةَ، وَلَا ذكر فِيهِ لغير الْعَقْرَب. وَنَصه: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، قَالَ: حَدثنَا حَمَّاد، عَن برد أبي الْعَلَاء، عَن سُلَيْمَان بن مُوسَى، عَن رجل من بني عدي بن كَعْب، أَنهم دخلُوا على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَهُوَ يُصَلِّي، جَالِسا، فَقَالُوا: مَا شَأْنك يَا رَسُول الله؟ قَالَ (لسعتني عقرب) ثمَّ قَالَ: " إِذا وجد أحدكُم عقرباً، وَهُوَ يُصَلِّي، فليقتلها بنعله الْيُسْرَى ". قَالَ أَبُو دَاوُد: سُلَيْمَان بن مُوسَى لم يدْرك الْعَدوي هَذَا. وَالثَّانِي: قَوْله عَن الْعَدوي: إِنَّه سمع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَلَيْسَ ذَلِك فِيهِ، وَلَعَلَّه حدث بِهِ عَن أحد المشاهدين، وَلَا هُوَ مِمَّن تعرف صحبته وسماعه فيرفع الِاحْتِمَال / فِي حَقه بِمَا علم من حَاله، فَقَوله: " سمع " زِيَادَة فِي النَّقْل وتغيير. وَالثَّالِث: مَا يفهم مِنْهُ من أَن الحَدِيث إِنَّمَا هُوَ مُرْسل من جِهَة إِبْهَام هَذَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 165 الْعَدوي، كَمَا يكون فِي إِسْنَاده رجل لَا يُسمى، وَلَيْسَ لهَذَا جعله أَبُو دَاوُد فِي جملَة المراسل، بل للانقطاع الَّذِي بَينه أَبُو دَاوُد بَين سُلَيْمَان بن مُوسَى، وَهَذَا الْعَدوي، فَاعْلَم ذَلِك. (145) وَذكر أَيْضا من طَرِيق مُسلم عَن ابْن عمر قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يسبح على الرَّاحِلَة، قبل أَي وَجه توجه، ويوتر عَلَيْهَا، غير أَنه لَا يُصَلِّي عَلَيْهَا الْمَكْتُوبَة ". (146) وَزَاد من حَدِيث جَابر بن عبد الله " يُومِئ بِرَأْسِهِ ". وَزَاد أَبُو دَاوُد " السُّجُود أَخفض من الرُّكُوع ". هَكَذَا أورد هَذَا الْموضع، وَعَلِيهِ فِيهِ أَدْرَاك ثَلَاثَة. أَحدهَا: وَهُوَ الْمَقْصُود فِي هَذَا الْبَاب، إردافه حَدِيث جَابر حَدِيث ابْن عمر، بِلَفْظ " زَاد " حَتَّى يفهم مِنْهُ أَنه إِخْبَار من جَابر بِأَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كَانَ يسبح على رَاحِلَته قبل أَي وَجه توجه، يُومِئ إِيمَاء، ويوتر عَلَيْهَا، غير أَنه لَا يُصَلِّي عَلَيْهَا الْمَكْتُوبَة ". هَذَا الَّذِي لَا يفهم مِنْهُ سواهُ، وَلَيْسَ حَدِيث جَابر هَكَذَا، وَإِنَّمَا هِيَ قصَّة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 166 حَكَاهَا، لم يذكر فِيهَا الرُّكُوع وَالسُّجُود الَّذِي أوهم السِّيَاق الْمَذْكُور أَن الْإِيمَاء الْمَذْكُور هُوَ بهما، بل تحْتَمل الْقِصَّة المحكية غير ذَلِك، فلنوردها بلفظها: قَالَ مُسلم: وَحدثنَا أَحْمد بن يُونُس، قَالَ: حَدثنَا زُهَيْر، قَالَ: حَدثنِي أَبُو الزبير، عَن جَابر قَالَ: أَرْسلنِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَهُوَ منطلق إِلَى بني المصطلق، فَأَتَيْته وَهُوَ يُصَلِّي على بعيره، فكلمته، فَقَالَ لي بِيَدِهِ: هَكَذَا - وَأَوْمَأَ زُهَيْر بِيَمِينِهِ - ثمَّ كَلمته، فَقَالَ لي: هَكَذَا - فأوما زُهَيْر أَيْضا بِيَدِهِ نَحْو الأَرْض - وَأَنا أسمعهُ، يقْرَأ، يُومِئ بِرَأْسِهِ فَلَمَّا فرغ قَالَ: " مَا فعلت فِي الَّذِي أرسلتك لَهُ؟ فَإِنَّهُ لم يَمْنعنِي أَن أُكَلِّمك إِلَّا أَنِّي كنت أُصَلِّي ". هَذَا نَص حَدِيث جَابر، وَقَوله فِيهِ: " يُومِئ بِرَأْسِهِ " إِنَّمَا هُوَ فِي حَال الْقِرَاءَة، فَكيف يجوز أَن يَجْعَل طرفا من أَطْرَاف حَدِيث ابْن عمر فِي أَن الرُّكُوع وَالسُّجُود يومأ / بهما، على أَنه يحْتَمل عِنْدِي أَن لَا يكون أَبُو مُحَمَّد أَرَادَ بإردافه حَدِيث ابْن عمر إِلَّا بَيَان / أَنه كَانَ فِي حَال قِرَاءَته يُومِئ بِرَأْسِهِ. وَأما حَدِيث أبي دَاوُد، فنصه عِنْده: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة، حَدثنَا وَكِيع، عَن سُفْيَان، عَن أبي الزبير، عَن جَابر، قَالَ: بَعَثَنِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حَاجَة، فَجئْت، وَهُوَ يُصَلِّي على رَاحِلَته نَحْو الْمشرق وَالسُّجُود أَخفض من الرُّكُوع. وَأما الدَّرك الثَّانِي: فَهُوَ إِيرَاده حَدِيث جَابر مصححاً لَهُ، معرضًا عَن النّظر فِي إِسْنَاده لما كَانَ من عِنْد مُسلم، وَهُوَ مِمَّا لم يذكر فِيهِ أَبُو الزبير سَمَاعه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 167 من جَابر، وَلَا هُوَ من رِوَايَة اللَّيْث عَنهُ وسترى لَهُ إباية مثل هَذَا، ووقوعه أَيْضا فِي أَمْثَاله، من غير أَن يبين أَنه من رِوَايَة أبي الزبير. والدرك الثَّالِث: هُوَ إِيرَاده حَدِيث ابْن عمر الْمَذْكُور، وَهُوَ من رِوَايَة حَرْمَلَة وَهُوَ مُخْتَلف فِيهِ، وَمِمَّنْ عيب على مُسلم إِخْرَاجه. وسأذكر هَذَا أَيْضا مشروحاً، وَمَا لَهُ من أَمْثَاله فِي مَوْضِعه إِن شَاءَ الله تَعَالَى. (147) وَذكر أَيْضا من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، من حَدِيث جَابر بن عبد الله، قَالَ: " بعث رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَرِيَّة كنت فِيهَا، فأصابتنا ظلمَة " فَذكر الحَدِيث. وَفِيه: " وَلم يَأْمُرنَا بِالْإِعَادَةِ " وَقَالَ: " قد أجزأتكم صَلَاتكُمْ ". ثمَّ قَالَ: وَفِي إِسْنَاده اخْتِلَاف وَضعف، ذكره الدَّارَقُطْنِيّ - رَحمَه الله - انْتهى كَلَامه. فَاعْلَم أَن هَذَا الَّذِي أورد، ملفق من متنين بِإِسْنَادَيْنِ، لكل وَاحِد عِلّة غير الجزء: 2 ¦ الصفحة: 168 عِلّة الآخر. أَحدهمَا قَوْله: " بعث رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَرِيَّة كنت فِيهَا، فأصابتنا ظلمَة، فَلم نَعْرِف الْقبْلَة، فَقَالَت طَائِفَة منا: قد عرفنَا الْقبْلَة، هِيَ هَا هُنَا قبل الشمَال، فصلوا وخطوا خطا، وَقَالَ بَعْضنَا: الْقبْلَة هَاهُنَا قبل الْجنُوب، وخطوا خطا، فَلَمَّا أصبح، وطلعت الشَّمْس، أَصبَحت تِلْكَ الخطوط لغير الْقبْلَة، فَلَمَّا قَفَلْنَا من سفرنا، سَأَلنَا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن ذَلِك، فَسكت، وَأنزل الله تَعَالَى: {وَللَّه الْمشرق وَالْمغْرب فأينما توَلّوا فثم وَجه الله} أَي حَيْثُ كُنْتُم ". فَهَذَا حَدِيث قَائِم بِنَفسِهِ، لَيْسَ فِيهِ " فَلم يَأْمُرنَا بِالْإِعَادَةِ "، وَقَالَ: " قد أجزأتكم صَلَاتكُمْ ". والْحَدِيث الَّذِي فِيهِ ذَلِك، هُوَ هَذَا: (148) عَن جَابر أَيْضا قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله / - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي مسير - أَو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 169 سير - فأصابنا غيم، فتحيرنا فاختلفنا فِي الْقبْلَة، فصلى كل رجل منا على حِدة، وَجعل أَحَدنَا يخط بَين يَدَيْهِ لنعلم أمكنتنا، فَذَكرنَا ذَلِك لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلم يَأْمُرنَا بِالْإِعَادَةِ، وَقَالَ: قد أجزأتكم صَلَاتكُمْ ". فَهَذَا - كَمَا ترى - غير ذَلِك، هَذِه غَزْوَة كَانَ فِيهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَتلك سَرِيَّة بعثها رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَلِلْحَدِيثِ عِلّة غير عِلّة الأول، وَقد بيّنت علتهما فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ضعفها وَلم يبين عللها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 170 (149) وَذكر أَيْضا من طَرِيق مُسلم، حَدِيث عمرَان بن حُصَيْن، فِي أَنه عَلَيْهِ السَّلَام، سلم سَهوا من ثَلَاث، فَقَامَ إِلَيْهِ الْخِرْبَاق، فَذكر الحَدِيث. وَفِيه: " ثمَّ سلم، ثمَّ سجد سَجْدَتَيْنِ، ثمَّ سلم " /. (150) قَالَ: وَقَالَ أَبُو دَاوُد: " فَسجدَ سَجْدَتَيْنِ، ثمَّ تشهد ثمَّ سلم ". هَكَذَا أوردهُ، وَقد أثبت بِهَذَا الْعَمَل أَن سَجْدَتي السَّهْو المفعولتين بعد السَّلَام، يتَشَهَّد بعدهمَا ثمَّ يسلم، وَلَيْسَ حَدِيث أبي دَاوُد إِذا وقف على نَصه كَذَلِك. قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى بن فَارس، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن الْمثنى، قَالَ: حَدثنَا أَشْعَث، عَن مُحَمَّد بن سِيرِين، عَن خَالِد الْحذاء، عَن أبي قلَابَة، عَن أبي الْمُهلب، عَن عمرَان بن حُصَيْن، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " صلى بهم فَسَهَا، فَسجدَ سَجْدَتَيْنِ، ثمَّ تشهد، ثمَّ سلم " انْتهى حَدِيثه. وَهُوَ معني أبي مُحَمَّد، وَلَيْسَ فِيهِ أَن ذَلِك بعد السَّلَام. (151) فلقائل أَن يَقُول: لَعَلَّ هَذَا فِي ترك الجلسة الْوُسْطَى، كمروي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 171 ابْن بُحَيْنَة، فَاعْلَم ذَلِك. (152) وَذكر أَيْضا من عِنْد النَّسَائِيّ حَدِيث عَليّ قَالَ: كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا زَالَت الشَّمْس - يَعْنِي من مطْلعهَا - قيد رمح أَو رُمْحَيْنِ - كَقدْر صَلَاة الْعَصْر مَعَ مغْرِبهَا - صلى رَكْعَتَيْنِ، ثمَّ أمْهل حَتَّى إِذا ارْتَفع الضحاء، صلى أَربع رَكْعَات، ثمَّ أمْهل حَتَّى إِذا زَالَت الشَّمْس، صلى أَربع رَكْعَات قبل الظّهْر حَتَّى تَزُول الشَّمْس، فَإِذا صلى الظّهْر صلى بعْدهَا رَكْعَتَيْنِ، وَقبل الْعَصْر أَربع رَكْعَات، فَذَلِك سِتّ عشرَة رَكْعَة. ثمَّ قَالَ: هَكَذَا رَوَاهُ عبد الْملك بن أبي سُلَيْمَان الْعَرْزَمِي، عَن أبي إِسْحَاق، عَن عَاصِم بن ضَمرَة، عَن عَليّ. وَرَوَاهُ حُصَيْن بن عبد الرَّحْمَن، عَن أبي إِسْحَاق، عَن عَاصِم، عَن عَليّ، وَقَالَ: " يَجْعَل التَّسْلِيم فِي آخر رَكْعَة " - يَعْنِي من الْأَرْبَع الرَّكْعَات -. وَخَالفهُ شُعْبَة، فَرَوَاهُ عَن أَبى إِسْحَاق بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَقَالَ: " يفصل بَين كل رَكْعَتَيْنِ بِالتَّسْلِيمِ على الْمَلَائِكَة المقربين، والنبيين، وَمن تَبِعَهُمْ من الْمُسلمين ". هَذَا نَص مَا أوردهُ، وَهُوَ مباين للتحرز فِي النَّقْل، فَإِنَّهُ جعل هَذِه الرِّوَايَات الجزء: 2 ¦ الصفحة: 172 - أَعنِي رِوَايَة الْعَرْزَمِي، وحصين، وَشعْبَة، أحكاماً على رِوَايَة من ذكر سِتّ عشرَة رَكْعَة، فَجعل الْعَرْزَمِي روى مثل ذَلِك، وَلَيْسَ ذَلِك فِي حَدِيثه، وَلَا أَيْضا فِي حَدِيثه بَيَان التَّسْلِيم مَتى هُوَ، فَأخذ من حَدِيث حُصَيْن، أَنه فِي آخر كل أَربع رَكْعَات. وَحَدِيث حُصَيْن لَيْسَ فيد ذكر الْأَرْبَع المفعولة قبل الْعَصْر، وَيَجِيء من اخْتِصَار أبي مُحَمَّد كَأَن ذَلِك فِيهِ، وَأعْطى حَدِيث حُصَيْن أَن التَّسْلِيم فِي آخر رَكْعَة من الْأَرْبَع، وَلم يعرض للتَّشَهُّد فِي وسطهن بِنَفْي وَلَا إِثْبَات، فَأَخذه من حَدِيث شُعْبَة، الَّذِي فِيهِ " يفصل بَين كل رَكْعَتَيْنِ بِالتَّسْلِيمِ على الْمَلَائِكَة المقربين، والنبيين، وَمن تَبِعَهُمْ من الْمُسلمين ". ويتوهم من اختصاره أَن ذَلِك فِي كل ثِنْتَيْنِ من السِّت عشرَة رَكْعَة، وَلَيْسَ الْأَمر كَذَلِك، بل مَا فِي رِوَايَة شُعْبَة أَكثر من ثَمَانِي رَكْعَات: " ثِنْتَانِ قبل الظّهْر، وثنتان بعْدهَا، وَأَرْبع قبل الْعَصْر ". وَإِنَّمَا عنيت بروايات هَؤُلَاءِ مَا فِي كتاب النَّسَائِيّ الَّذِي مِنْهُ نقل، وَقد أوهم عَنْهُم خلاف مَا ذكر النَّسَائِيّ، فَاعْلَم ذَلِك. (153) وَذكر أَيْضا من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، حَدِيث الْمُغيرَة بن شُعْبَة فِي أَن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 173 " الطِّفْل يُصَلِّي عَلَيْهِ "، ثمَّ قَالَ: زَاد أَبُو دَاوُد: " ويدعى لوَالِديهِ بالمغفرة وَالرَّحْمَة " وَشك فِي رَفعه. هَكَذَا ذكره، وَهُوَ خطأ، فَإِنَّهُ يفهم مِنْهُ أَنَّهُمَا اتفقَا فِي ذكر الطِّفْل، وَلَيْسَ كَذَلِك، وَلَيْسَ للطفل عِنْد أبي دَاوُد / ذكر، وَإِنَّمَا عِنْده " والسقط يُصَلِّي عَلَيْهِ " الحَدِيث، فَاعْلَم ذَلِك. (154) وَذكر أَيْضا من طَرِيق مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لَا تَصُوم الْمَرْأَة، وبعلها شَاهد إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَلَا تَأذن وَهُوَ شَاهد إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَمَا أنفقت من / كَسبه من غير أمره، فَإِن نصف أجره لَهُ ". وَقَالَ أَبُو دَاوُد: " غير رَمَضَان ". انْتهى مَا أورد. وَلَيْسَ فِي حَدِيث أبي دَاوُد " وَمَا أنفقت ... إِلَى آخِره ". (155) وَذكر أَيْضا من حَدِيث ابْن عَبَّاس، من عِنْد الطَّحَاوِيّ، فِي أَن " عَرَفَة كلهَا موقف إِلَّا بطن عُرَنَة، والمزدلفة موقف، وترتفع عَن بطن محسر، وشعاب منى كلهَا منحر ". ثمَّ قَالَ: زَاد ابْن وهب: " وَمن جَازَ عَرَفَة قبل أَن تغيب الشَّمْس، فَلَا حج لَهُ ". \ ثمَّ قَالَ: رَوَاهُ مُرْسلا، ثمَّ ذكر علته. وَالْمَقْصُود، هُوَ أَن تعلم أَن الْمُرْسل لَيْسَ فِيهِ ذكر لمزدلفة، وَمنى، وَإِنَّمَا فِيهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 174 فضل عَرَفَة فَقَط، وَفِيه إخلال آخر، أذكرهُ إِذا ذكرت التَّغْيِير الْوَاقِع فِي الْمُتُون، إِن شَاءَ الله تَعَالَى. (156) وَذكر أَيْضا من طَرِيق أبي دَاوُد عَن ابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " هَذِه عمْرَة استمتعنا بهَا، فَمن لم يكن مَعَه هدي، فليحل الْحل كُله، وَقد دخلت الْعمرَة فِي الْحَج إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ". ثمَّ قَالَ: وخرجه مُسلم أَيْضا. قَالَ أَبُو دَاوُد: إِنَّمَا هَذَا قَول ابْن عَبَّاس [انْتهى قَول أبي دَاوُد. (157) وَقد صَحَّ عَن جَابر قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " دخلت الْعمرَة فِي الْحَج "، وَمَعْنَاهُ: إِبَاحَة الْعمرَة فِي أشهر الْحَج] انْتهى مَا أورد بنصه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 175 وَفِيه إخلال، من حَيْثُ أفهم أَن حَدِيث مُسلم كَحَدِيث أبي دَاوُد، وَلَيْسَ كَذَلِك، فَإِن حَدِيث أبي دَاوُد قد أمكنه فِيهِ أَمْرَانِ، لَا يمكنان فِي حَدِيث مُسلم إِلَّا على بعد. وهما: قَول أبي دَاوُد - فِي الْقطعَة الَّتِي هِيَ " دخلت الْعمرَة فِي الْحَج إِلَى يَوْم الْقِيَامَة " - إِنَّمَا هُوَ قَول ابْن عَبَّاس. وَالْآخر: مَا تَأَول هُوَ عَلَيْهِ حَدِيث جَابر، من أَن مَعْنَاهُ، إِبَاحَة الْعمرَة فِي أشهر الْحَج. وَحَدِيث مُسلم يَأْبَى عَلَيْهِ الْأَمريْنِ، وَيُعْطِي أَن الْقطعَة الَّتِي هِيَ " دخلت الْعمرَة فِي الْحَج " من كَلَام النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَأَن مَعْنَاهُ، فسخ الْحَج لمن أحرم بِهِ فِي الْعمرَة، كَمَا فعل الصَّحَابَة - رَضِي الله عَنْهُم - بأَمْره لَهُم عَلَيْهِ السَّلَام. وَذَلِكَ أَن لفظ حَدِيث مُسلم، إِنَّمَا هُوَ هَكَذَا: " هَذِه عمْرَة استمتعنا بهَا، فَمن لم يكن مَعَه هدي، فليحلل الْحل كُله، فَإِن الْعمرَة قد دخلت فِي الْحَج إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ". فَفِيهِ / أمره لَهُم بالإحلال، من أجل أَن الْعمرَة قد وَجب أَن تفعل قبل الْحَج تمتعاً، أَو مَعَه، قراناً إِلَى يَوْم الْقِيَامَة. فَأَما حَدِيث أبي دَاوُد، فَإِنَّهُ باحتماله أَن يكون ذَلِك اللَّفْظ جملَة مُسْتَقلَّة مَقْطُوعَة مِمَّا قبلهَا، أمكنه فِيهِ مَا تَأَول، وَأمكن أَبَا دَاوُد مَا أنكر، وَيُمكن فِي لفظ حَدِيث أبي دَاوُد - أَمر آخر، يأباه لفظ حَدِيث مُسلم، وَهُوَ مَا تأولته عَلَيْهِ الْمَالِكِيَّة، من أَنه: بِمَعْنى سُقُوط وجوب الْعمرَة بِوُجُوب الْحَج، كَمَا سقط. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 176 عَاشُورَاء برمضان، أَي إِن الْحَج قد أغْنى عَمَّا دونه. وَأَبُو مُحَمَّد - رَحمَه الله - يظْهر من أمره أَنه إِنَّمَا عدل عَن لفظ حَدِيث مُسلم إِلَى لفظ حَدِيث أبي دَاوُد المتسع لمراده، لمَذْهَب ذهب إِلَيْهِ، فِي أَن مَا كَانَ من فسخ الْحَج بِالْعُمْرَةِ مَنْسُوخ، أَو مُخْتَصّ. وَلَيْسَ هَذَا من فعل الْمُحدث بصواب، فَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْأَدَاء، وعَلى المتفقه التَّمْيِيز وَالْبناء. وَحَدِيث مُسلم وَلَفظه، يَنْبَغِي أَن يكون هُوَ الصَّحِيح، لَا حَدِيث أبي دَاوُد. وَذَلِكَ / أَن أَبَا دَاوُد، إِنَّمَا حدث بحَديثه عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة، عَن غنْدر / عَن شُعْبَة. وَمُسلم حدث بِهِ عَن ابْن بشار، وَابْن مثنى /، كِلَاهُمَا عَن غنْدر، عَن شُعْبَة. فَالْخِلَاف على غنْدر: عُثْمَان يَقُول لفظ حَدِيث أبي دَاوُد، وَابْن الْمثنى، وَابْن بشار يَقُولَانِ لفظ حَدِيث مُسلم، ثمَّ رَوَاهُ مُسلم أَيْضا كَذَلِك، عَن عبيد الله ابْن معَاذ، عَن أَبِيه، عَن شُعْبَة، فَاشْتَدَّ وترجح. وَيَرْوِيه شُعْبَة عِنْدهمَا جَمِيعًا، عَن الحكم، عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس فاعلمه. (158) وَذكر أَيْضا من طَرِيق أبي دَاوُد حَدِيث سعيد بن الْمسيب فِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 177 الْأَخَوَيْنِ اللَّذين قَالَ أَحدهمَا للْآخر: " إِن عدت تَسْأَلنِي قسْمَة أَو غَيرهَا، فَكل مَالِي فِي رتاج الْكَعْبَة " فَقَالَ عَن عمر بن الْخطاب، سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " لَا يَمِين عَلَيْك، وَلَا نذر فِي مَعْصِيّة الرب، وَلَا فِي قطيعة الرَّحِم، وَلَا فِيمَا لَا تملك ". ثمَّ قَالَ: وروى هَذَا الحَدِيث أَيْضا أَبُو دَاوُد، عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَلم يذكر قصَّة الْأَخَوَيْنِ. كَذَا أوردهُ، وَحَدِيث سعيد، هُوَ من رِوَايَة عَمْرو بن شُعَيْب عَنهُ. وَحَدِيث عَمْرو هَذَا، عَن أَبِيه، عَن جده، إِنَّمَا نَصه / هَكَذَا: " لَا نذر فِيمَا يبتغى بِهِ وَجه الله [تَعَالَى] وَلَا يَمِين فِي قطيعة رحم ". لَيْسَ فِيهِ غير هَذَا، وَأَبُو مُحَمَّد - رَحمَه الله - إِنَّمَا اعتنى مِنْهُ بِالْيَمِينِ فِي القطيعة، فَلم يتحرز فِي الْإِيرَاد، فَاعْلَم ذَلِك. (159) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد، عَن عَاصِم بن عمر بن حَفْص بن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 178 عَاصِم بن عمر بن الْخطاب، عَن سُهَيْل بن أبي صَالح، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الَّذِي يعْمل عمل قوم لوط، ارجموا الْأَعْلَى والأسفل، ارجموهما جَمِيعًا ". ثمَّ ضعفه بِضعْف عَاصِم بن عمر، ثمَّ قَالَ: وَمن حَدِيثه ذكره التِّرْمِذِيّ. كَذَا قَالَ، وَالتِّرْمِذِيّ لَا ذكر عِنْده لرجمهما، وَإِنَّمَا فِيهِ عِنْده " قَتلهمَا " كَحَدِيث عَمْرو بن أَبى عَمْرو، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، وَلَا أَيْضا ذكره بِإِسْنَادِهِ، وَإِنَّمَا أَشَارَ إِلَيْهِ. وَنَصّ مَا عِنْده هُوَ هَذَا: وَقد رُوِيَ هَذَا الحَدِيث عَن عَاصِم بن عمر، عَن سُهَيْل عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " اقْتُلُوا الْفَاعِل وَالْمَفْعُول بِهِ ". هَذَا مَا ذكر، ثمَّ ضعفه بِضعْف عَاصِم، وسأنبه عَلَيْهِ - إِن شَاءَ الله تَعَالَى - فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا مُتَّصِلَة وَهِي مُنْقَطِعَة. (160) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " البسوا من ثيابكم الْبيض، فَإِنَّهَا من خير ثيابكم، وكفنوا فِيهَا مَوْتَاكُم، وَإِن خير أكحالكم الإثمد، ينْبت الشّعْر، ويجلو الْبَصَر ". (161) زَاد التِّرْمِذِيّ: " وَكَانَ لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مكحلة، يكتحل بهَا عِنْد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 179 النّوم ثَلَاثًا فِي كل عين ". كَذَا أورد هذَيْن الْحَدِيثين، جعل حَدِيث التِّرْمِذِيّ فِي شَأْن المكحلة، طرفا لحَدِيث ابْن عَبَّاس الَّذِي ذكره أَبُو دَاوُد، كَأَنَّهُ تضمن من أَمر الثِّيَاب الْبيَاض مَا تضمن، وَلَيْسَ كَذَلِك، وَإِنَّمَا هما حديثان بِإِسْنَادَيْنِ مُخْتَلفين، ومقتضيين متغايرين، إِلَّا أَنَّهُمَا يتواردان فِي بعض مَا فيهمَا، وَأَحَدهمَا صَحِيح، وَالْآخر ضَعِيف، وَسكت عَنْهُمَا سكُوتًا وَاحِدًا. وَأما حَدِيث ابْن عَبَّاس، فقد سَمِعت نَصه الْآن / وَأما إِسْنَاده فَهُوَ هَذَا: حَدثنَا أَحْمد بن يُونُس، حَدثنَا زُهَيْر بن مُعَاوِيَة، حَدثنَا عبد الله بن عُثْمَان ابْن خَيْثَم عَن سعيد / بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس فَذكره. وَأما حَدِيث التِّرْمِذِيّ فَقَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى، حَدثنَا يزِيد بن هَارُون، حَدثنَا عباد بن مَنْصُور، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن خير مَا تداويتم [بِهِ] اللدود، والسعوط، والحجامة، وَالْمَشْي، وَخير مَا اكتحلتم بِهِ الإثمد يجلو الْبَصَر، وينبت الشّعْر. وَكَانَ لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مكحلة يكتحل بهَا عِنْد النّوم ثَلَاثًا فِي كل عين ". قَالَ فِيهِ: حسن غَرِيب. وَسَيَأْتِي تَضْعِيف عباد بن مَنْصُور وَمَا لَهُ فِيهِ، عِنْدَمَا أذكر مَا سكت عَنهُ من أَحَادِيثه إِن شَاءَ الله تَعَالَى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 180 وَلم أتتبع هَذَا الْبَاب حق تتبعه، لِأَنَّهُ قد يعذرهُ فِيمَا فِيهِ من يعلم مَقْصُوده من الْأَحَادِيث، وَلم أر إخلاء هَذَا الْكتاب من التَّنْبِيه على هَذَا النَّوْع، فَلذَلِك ذكرت مِنْهُ هَذَا الَّذِي وجدت، غير متتبع لَهُ بِالْقَصْدِ، فَاعْلَم ذَلِك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 181 (6) بَاب ذكر أَشْيَاء مُتَفَرِّقَة، تَغَيَّرت فِي نَقله أَو بعده عَمَّا هِيَ عَلَيْهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 183 الَّذِي تقدم فِي الْبَاب قبل هَذَا من الْأَحَادِيث، كَانَ التَّغْيِير فِيهَا بعطف بَعْضهَا على بعض، أَو إرداف بَعْضهَا بَعْضًا، بِحَيْثُ توهم الْمُشَاركَة، وَهَذِه الَّتِي أذكر فِي هَذَا الْبَاب لَيست كَذَلِك، وَهِي تريك الْمَقْصُود، وَقد مر مِنْهَا مَا نبهت عَلَيْهِ فِي بَاب ذكر الزِّيَادَة فِي الْأَسَانِيد، فِي حَدِيث سَمُرَة: " كَانَ يسلم تَسْلِيمَة وَاحِدَة تِلْقَاء وَجهه " جعله من جملَة أَحَادِيث التسليمة الْوَاحِدَة، وَثَبت أَنه لَيْسَ مِنْهَا، لِأَنَّهُ أكمل مِمَّا أوردهُ. وَمِنْهَا: " وَالزَّيْت بالزيت ". فِي حَدِيث ابْن عمر، وَإِنَّمَا هُوَ: " الزَّبِيب بالزبيب ". وَهَذَا لَا أعده عَلَيْهِ، فَلَعَلَّهُ تغير بعده، أَو فِي بعض النّسخ، وَمِنْهَا فِي شُهُود الرَّضَاع: " قَالَ: رجل وَامْرَأَة "، وَإِنَّمَا هُوَ " أَو امْرَأَة ". وَقد تقدم فِي بَاب النَّقْص فِي الْأَسَانِيد. (162) وَمِنْهَا أَنه ذكر من طَرِيق أبي دَاوُد حَدِيث أبي بكرَة أَنه عَلَيْهِ السَّلَام، " كَانَ إِذا جَاءَهُ أَمر سرُور، أَو بشر بِهِ خر سَاجِدا لله ". كَذَا هُوَ فِي النّسخ، وَهُوَ عِنْد أبي / دَاوُد " خر سَاجِدا، شاكراً لله ". وسأذكره فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أعلها بِمَا لَيْسَ بعلة، وَترك مَا هُوَ لَهَا عِلّة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 185 (163) وَذكر حَدِيث سلمَان بن عَامر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الصَّدَقَة على الْمِسْكِين صلَة، وعَلى ذِي الرَّحِم ثِنْتَانِ: صَدَقَة وصلَة ". كَذَا رَأَيْته فِي النّسخ، وَصَوَابه: " الصَّدَقَة على الْمِسْكِين صَدَقَة "، كَذَلِك هُوَ فِي كتاب التِّرْمِذِيّ، الَّذِي نَقله من عِنْده. (164) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد حَدِيث جَابر " مَا وقى بِهِ الْمَرْء عرضه فَهُوَ صَدَقَة ". وَفِيه " مَا أنْفق الرجل من نَفَقَة، فعلى الله خلفهَا، إِلَّا مَا كَانَ من نَفَقَة فِي بُنيان أَو مَعْصِيّة ". وَسقط لَهُ لفظ " ضَامِنا " وَهُوَ هَكَذَا فِي الْموضع الَّذِي نَقله مِنْهُ، " فعلى الله خلفهَا، ضَامِنا، / إِلَّا مَا كَانَ من نَفَقَة فِي بُنيان أَو مَعْصِيّة ". (165) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ حَدِيث أبي هُرَيْرَة " إِذا بَقِي [النّصْف الجزء: 2 ¦ الصفحة: 186 من شعْبَان فأمسكوا ". وَلَيْسَ لَفظه عِنْد التِّرْمِذِيّ هَكَذَا، بل هَكَذَا: " إِذا بَقِي] نصف من شعْبَان فَلَا تَصُومُوا ". وَبَينهمَا فرق بَين، فَإِن الَّذِي أورد هُوَ من قَوْله: " فأمسكوا " نهى لمن كَانَ صَائِما [عَن التَّمَادِي وَلَفظ الْخَبَر الْوَاقِع عِنْد التِّرْمِذِيّ نهى لمن كَانَ صَائِما] وَلمن لم يكن صَائِما عَن الصَّوْم بعد النّصْف وَلَفظ " فأمسكوا " الَّذِي ذكر، هُوَ لفظ يرويهِ وَكِيع، عَن أبي العميس، عَن الْعَلَاء. وروى مُحَمَّد بن ربيعَة، عَن أبي العميس، عَن الْعَلَاء فِي هَذَا الحَدِيث " فكفوا " ذكره النَّسَائِيّ، وَهُوَ أدل على مَقْصُوده، وَهُوَ صَحِيح. (166) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، من رِوَايَة جَابر، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من أفطر يَوْمًا من شهر رَمَضَان، فليهد بَدَنَة ". وَسقط لَهُ " فِي الْحَضَر "، وَهُوَ كَذَلِك فِي كتاب الدَّارَقُطْنِيّ. (167) وَذكر من طَرِيق مُسلم حَدِيث عبد الله بن أنيس، فِي لَيْلَة الْقدر، فِيهِ " فَانْصَرف وَإِن أثر المَاء والطين على جَبهته ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 187 كَذَا فِي النّسخ، والْحَدِيث فِي كتاب مُسلم، فِيهِ " على جَبهته وَأَنْفه " وسقوطه فَسَاد، فَإِن ثُبُوته يُعْطي أَن السُّجُود عَلَيْهِمَا، وَأَن الْأنف لَا يمسح فِي الصَّلَاة، كالجبهة. (168) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أمرت بِيَوْم الْأَضْحَى عيداً، جعله الله لهَذِهِ الْأمة " فَقَالَ رجل: أَرَأَيْت إِن لم أجد إِلَّا منيحة أَهلِي أفأضحي بهَا؟ قَالَ: " لَا، وَلَكِن تَأْخُذ من شعرك وتحلق / عانتك، فَتلك تَمام أضحيتك عِنْد الله عز وَجل ". كَذَا وَقع عِنْده هَذَا الحَدِيث، وَقد سقط مِنْهُ، وَإِنَّمَا عِنْد أبي دَاوُد: " تَأْخُذ من شعرك وأظفارك، وتقص شاربك، وتحلق عانتك ". وَكَذَا وَقع أَيْضا عِنْده " منيحة أَهلِي " وَإِنَّمَا عِنْد أبي دَاوُد: " منيحة ابْني ". (169) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد، عَن عبد الله بن نَافِع، مولى ابْن عمر، عَن أَبِيه، عَن ابْن عمر قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يُضحي بالجزور، وبالكبش إِن لم تكن جزور، وَإِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " فِي الرِّكَاز الْخمس الْعشْر ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 188 عبد الله بن نَافِع ضَعِيف. هَذَا اللَّفْظ وجدته هَكَذَا فِي نسخ، وَلَعَلَّه أَن يُوجد فِي بَعْضهَا على الصَّوَاب، وَأرَاهُ كَانَ قد وَقع أحد اللَّفْظَيْنِ، إِمَّا الْخمس، وَإِمَّا الْعشْر، وَوَقع الآخر فِي الْحَاشِيَة بَدَلا مِنْهُ، فجمعهما نَاسخ مَعًا، فجَاء مِنْهُ تَخْلِيط. وَصَوَابه: " وَفِي الرِّكَاز العشور "، جمع عشر وَكَذَلِكَ وَقع فِي رِوَايَة عبد الله بن نَافِع هَذَا، وَالْمَعْرُوف: " فِي الرِّكَاز الْخمس " وَلَكِن فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة. وَإِذا أردْت تَصْحِيح لفظ حَدِيث عبد الله بن نَافِع هَذَا، فَإِنَّمَا هُوَ كَمَا أَخْبَرتك، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي الْموضع الَّذِي نَقله مِنْهُ فِي غَيره. قَالَ أَبُو أَحْمد: حَدثنَا ابْن أبي حسان، قَالَ: حَدثنَا دُحَيْم، قَالَ: حَدثنَا ابْن أبي فديك قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن نَافِع، عَن أَبِيه، عَن ابْن عمر، قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُضحي بالجزور وبالكبش إِذا لم تكن / جزور، وَإِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " فِي الرِّكَاز العشور ". وَقَالَ بَقِي بن مخلد: حَدثنَا دُحَيْم، قَالَ: حَدثنَا ابْن أبي فديك، قَالَ: نَبَّأَنِي ابْن نَافِع، عَن أَبِيه، أَن ابْن عمر حَدثهمْ، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " فِي الرِّكَاز الْعشْر ". هَذَا صَوَاب اللَّفْظ الْمَذْكُور فَاعْلَم ذَلِك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 189 (170) وَذكر أَيْضا من طَرِيق ابْن وهب " وَمن جَازَ عَرَفَة قبل غرُوب الشَّمْس، فَلَا حج لَهُ ". وَقد ذكر ته فِيمَا تقدم، وَأُرِيد الْآن مِنْهُ، بَيَان أَمر آخر، وَذَلِكَ أَنه إِنَّمَا نَقله بِالْمَعْنَى، وَالنَّقْل بِالْمَعْنَى، شَرط جَوَازه، الْوَفَاء بِالْمَقْصُودِ، ذَلِك أَن لفظ الْخَبَر عِنْد ابْن وهب، إِنَّمَا هُوَ ": فَعَلَيهِ حج قَابل: فنقله هُوَ " فَلَا حج لَهُ ". وَبلا شكّ أَن الْحَج لَا يتَكَرَّر وُجُوبه. فَإِذا عرفنَا أَنه عَلَيْهِ الْحَج من قَابل، فقد عرفنَا أَنه لم يحجّ قبل، فَمن هَا هُنَا رأى أَنه / قد وفى الْمَعْنى حَقه. وَأَقُول: إِنَّه بَقِي عَلَيْهِ أَمر آخر، وَذَلِكَ أَن لفظ الْخَبَر، يُمكن أَن يُسْتَفَاد مِنْهُ وجوب التَّعْجِيل فِي أول سني الْإِمْكَان، زِيَادَة على الْوُجُوب، حَتَّى يكون من فسد حجه يجب عَلَيْهِ الْمَجِيء من قَابل حَاجا، وَلَا يجوز لَهُ التَّرَاخِي، وَلَو كُنَّا نقُول: إِن الْحَج فِي الأَصْل على التَّرَاخِي، وَاللَّفْظ الَّذِي نَقله هُوَ بِهِ، لَا يُعْطي ذَلِك. فَإِن قلت: وَهَذَا الَّذِي زعمت أَنه يُسْتَفَاد مِنْهُ، لَا يعرف قَائِل بِهِ. أجبْت بِأَنَّهُ لَا يلْزَمنِي أَن أجد بِهِ قَائِلا، بل يَكْفِي انقداحه فِيمَا أردْت من وجوب الْإِتْيَان بِلَفْظ يُؤَدِّيه للمتفقه، ثمَّ يتْركهُ بِدَلِيل إِن دلّ، أَو يَقُول بِهِ إِن لم يكن هُنَاكَ مَا يَأْبَى عَلَيْهِ القَوْل بِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 190 وَلِلْحَدِيثِ شَأْن آخر، سأذكره بِهِ فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ضعفها بِذكر رجال، وَترك مثلهم أَو أَضْعَف، وَهُنَاكَ أذكر الْخَبَر بِإِسْنَادِهِ وَلَفظه، إِن شَاءَ الله تَعَالَى. (171) وَذكر أَيْضا من المراسل، عَن يزِيد بن نعيم، أَو زيد بن نعيم، أَن رجلا من جذام جَامع امْرَأَته، وهما محرمان، فَسَأَلَ الرجل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ لَهما: " اقضيا نسككما، واهديا هَديا، ثمَّ ارْجِعَا حَتَّى إِذا كنتما بِالْمَكَانِ الَّذِي أصبْتُمَا فِيهِ مَا أصبْتُمَا، فتفرقا وَلَا يرى وَاحِد مِنْكُمَا صَاحبه، وعليكما حجَّة أُخْرَى، فتقبلان حَتَّى إِذا كنتما بِالْمَكَانِ الَّذِي أصبْتُمَا فِيهِ مَا أصبْتُمَا فتفرقا، وَلَا يرى وَاحِد مِنْكُمَا صَاحبه، فأحرما، وإتما نسككما، واهديا ". كَذَا وجدته فِيمَا رَأَيْت فِيهِ من النّسخ، والإخلال فِيهِ إِمَّا فِي الْأَمر بالتفرق فِي الرُّجُوع وَإِمَّا فِي الْأَمر بالتفرق فِي العودة، وَالَّذِي وَقع فِي المراسل هُوَ هَذَا: حَدثنَا أَبُو تَوْبَة، قَالَ: حَدثنَا مُعَاوِيَة - يعْنى ابْن سَلام عَن يحيى، قَالَ: انبأني يزِيد بن نعيم، أَو زيد بن نعيم - شكّ أَبُو تَوْبَة - أَن رجلا من جذام جَامع امْرَأَته وهما محرمان، فساله الرجل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ لَهما: " اقضيا نسككما، واهديا هَديا، ثمَّ ارْجِعَا حَتَّى إِذا كنتما بِالْمَكَانِ الَّذِي أصبْتُمَا فِيهِ مَا أصبْتُمَا، تفَرقا، وَلَا يرى وَاحِد مِنْكُمَا صَاحبه، وعليكما حجَّة أُخْرَى، فتقبلان حَتَّى إِذا كنتما بِالْمَكَانِ / الَّذِي أصبْتُمَا فِيهِ مَا أصبْتُمَا، فأحرما وأتما نسككما، وأهديا ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 191 هَذَا نَص مَا فِي المراسل / وَإِنَّمَا فِيهِ الْأَمر بالتفرق فِي الرُّجُوع لَا فِي العودة، وَقد يروي على غير هَذَا الْوَجْه. قَالَ ابْن وهب فِي موطئِهِ: أخبرنَا ابْن لَهِيعَة، عَن يزِيد بن أبي حبيب، عَن عبد الرَّحْمَن بن حَرْمَلَة، عَن ابْن الْمسيب أَن رجلا من جذام، جَامع امْرَأَته - وهما محرمان - فَسَأَلَ الرجل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ لَهما: " أتما حجكما، ثمَّ ارْجِعَا، وعليكما حجَّة أُخْرَى، فَأَقْبَلَا، حَتَّى إِذا كنتما بِالْمَكَانِ الَّذِي أصبْتُمَا فِيهِ مَا أصبْتُمَا، فأحرما وتفرقا، وَلَا يرى وَاحِد مِنْكُمَا صَاحبه، ثمَّ أتما نسككما وأهديا ". فَهَذَا الحَدِيث يُفَسر مَا أمرا بِهِ، وَهُوَ أَن يَتَفَرَّقَا فِي العودة، فَأَما الأول فَغير بَين، وَلَا سِيمَا على سِيَاق ابي مُحَمَّد، وَكِلَاهُمَا لَا يَصح، وَأما هَذَا فَأمره بَين بِابْن لَهِيعَة، وَأما الأول فزيد بن نعيم مَجْهُول، وَيزِيد بن نعيم ثِقَة، وَلم يعرف عَمَّن هُوَ مِنْهُمَا، فَهُوَ لَا يَصح. (172) وَذكر أَيْضا من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، عَن النُّعْمَان بن بشير، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من أوقف دَابَّة فِي سَبِيل من سبل الْمُسلمين، أَو فِي سوق من أسواقهم، فَهُوَ ضَامِن ". ثمَّ قَالَ: فِي إِسْنَاده السّري بن إِسْمَاعِيل، وَهُوَ مَتْرُوك الحَدِيث. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 192 كَذَا أوردهُ، وَنَصه فِي الْموضع الَّذِي نَقله مِنْهُ هَكَذَا: " من أوقف دَابَّة فِي سَبِيل من سبل الْمُسلمين، أَو فِي سوق من أسواقهم، فأوطأت بيد أَو رجل، فَهُوَ ضَامِن " فَلَا أَدْرِي، أسْقطه؟ أم سقط لَهُ، أم للرواة بعده، وَأَقل مَا فِيهِ، التَّسْوِيَة بَين الْيَد وَالرجل. (173) وَذكر أَيْضا من كتاب مُسلم، حَدِيث أنس " وَقت لنا فِي قصّ الشَّارِب، ونتف الْإِبِط، وَحلق الْعَانَة، أَن لَا نَتْرُك أَكثر من أَرْبَعِينَ لَيْلَة ". كَذَا أوردهُ، وَكَذَلِكَ ألفيته فِي النّسخ، ونقصه مِنْهُ " تقليم الأضافر " بَين قصّ الشَّارِب، ونتف الْإِبِط كَذَلِك هُوَ فِي كتاب مُسلم. (174) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ عَن بُرَيْدَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تَقولُوا لِلْمُنَافِقِ سيدنَا، فَإِنَّهُ إِن يَك سيدكم فقد أسخطتم ربكُم ". كَذَا وَقع فِي النّسخ، وَإِنَّمَا هُوَ [عِنْد] النَّسَائِيّ: " لَا تَقولُوا لِلْمُنَافِقِ سيد ". (175) وَذكر أَيْضا من طَرِيق ابْن أبي شيبَة، عَن ابْن نمير، عَن إِسْرَائِيل، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 193 وَمن طَرِيق أبي كريب / عَن مُصعب بن الْمِقْدَام، عَن إِسْرَائِيل، عَن عَامر بن شَقِيق بن حَمْزَة، عَن شَقِيق بن سَلمَة، قَالَ: رَأَيْت عُثْمَان يتَوَضَّأ، فَذكر الِابْتِدَاء بِغسْل الْوَجْه قبل الْمَضْمَضَة والاستنثار. قَالَ مُوسَى بن هَارُون: هُوَ عندنَا وهم. وَقد رَوَاهُ عبد الرَّحْمَن بن مهْدي، عَن إِسْرَائِيل بِهَذَا الْإِسْنَاد، فَبَدَأَ فِيهِ بالمضمضة وَالِاسْتِنْشَاق قبل غسل الْوَجْه. وتابع عبد الرَّحْمَن بن مهْدي على هَذَا أَبُو غَسَّان: مَالك بن إِسْمَاعِيل، عَن إِسْرَائِيل، وَهُوَ الصَّوَاب. وَذكر الحَدِيث وَالتَّعْلِيل أَبُو الْحسن الدَّارَقُطْنِيّ. انْتهى مَا أورد بنصه. وَهُوَ موهم أَن الحَدِيث الْمَذْكُور من رِوَايَة ابْن نمير وَمصْعَب بن الْمِقْدَام، عَن إِسْرَائِيل، بِتَقْدِيم / غسل الْوَجْه على الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق بِحَيْثُ لَا يحْتَمل. [وَأَن رِوَايَة ابْن مهْدي لَهُ عَن إِسْرَائِيل بِتَقْدِيم الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق على غسل الْوَجْه، بِحَيْثُ لَا يحْتَمل] . وَالْأَمر لَيْسَ كَذَلِك، وَمَا الحَدِيث فِي كتاب الدَّارَقُطْنِيّ، من رِوَايَة الْمَذْكُورين: مُصعب، وَابْن نمير، عَن إِسْرَائِيل إِلَّا هَكَذَا: " رَأَيْت عُثْمَان يتَوَضَّأ، فَغسل يَدَيْهِ ثَلَاثًا، وَغسل وَجهه ثَلَاثًا، ومضمض ثَلَاثًا، واستنشق ثَلَاثًا، وَغسل ذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا " الحَدِيث. [وَرِوَايَة] ابْن مهْدي عَن إِسْرَائِيل هَكَذَا: " فَغسل كفيه ثَلَاثًا، ومضمض، واستنشق ثَلَاثًا، وَغسل وَجهه ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 194 فَمَا فِي هَذَا مَا يتناقض، إِذْ هُوَ بِالْوَاو، وَهِي لَا ترَتّب، وَلَا يخرج من هَذَا تَقْدِيم مضمضة على غسل وَجه. وهبه أَنه ذهب إِلَى أَن الْوَاو [ترَتّب، لم يكن] يَنْبَغِي لَهُ، من حَيْثُ هُوَ مُحدث، أَن يُسَوِّي الْأَلْفَاظ على مذْهبه، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ نقلهَا كَمَا هِيَ، لينْظر فِيهَا من تَنْتَهِي إِلَيْهِ. وَإِن جَازَ لَهُ النَّقْل بِالْمَعْنَى، فبشرط مرادفة اللَّفْظ الَّذِي يَأْتِي بِهِ للَّذي يتْرك وَلَا بُد. وَمَا أوقعه فِي هَذَا، إِلَّا تَقْلِيد مُوسَى بن هَارُون الْحمال فِيمَا ذكر عَنهُ، فَلَو قَالَ فِي اختصاره: فَذكر الِابْتِدَاء بِغسْل الْوَجْه، قبل الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق بِالْوَاو، كَانَ صَوَابا. (176) وَتَأْخِير الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق إِلَى مَا بعد غسل الْوَجْه والذراعين بِحَيْثُ لَا يحْتَمل، إِنَّمَا أعرفهُ من حَدِيث الْمِقْدَام بن معدي كرب، إِلَّا أَنه من رِوَايَة من لَا تعرف حَاله، وَهُوَ / عبد الرَّحْمَن بن ميسرَة الْحَضْرَمِيّ، ذكر الحَدِيث بذلك أَبُو دَاوُد، فاعلمه. (177) وَذكر من طَرِيق مُسلم، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا نَهَضَ فِي الثَّانِيَة استفتح الْقِرَاءَة بِالْحَمْد لله رب الْعَالمين، وَلم يسكت ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 195 ثمَّ قَالَ: لم يصله مُسلم، وَوَصله أَبُو بكر الْبَزَّار، هَذَا نَص مَا ذكر. وَهُوَ خطأ، فَإِن مُقْتَضى هَذَا الحَدِيث هَكَذَا، أَن الثَّانِيَة لَا يسكت فِيهَا قبل الْقِرَاءَة، كَمَا يسكت فِي الأولى الَّتِي قبلهَا، وَهَذَا شَيْء لم يذكرهُ مُسلم لَا مَوْصُولا وَلَا مَقْطُوعًا، وَإِنَّمَا ذكره الْبَزَّار مَوْصُولا. فَأَما مُسلم، فَإِنَّهُ أورد الحَدِيث مُنْقَطِعًا، وَلَفظه عِنْده: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا نَهَضَ من الرَّكْعَة الثَّانِيَة، استفتح الْقِرَاءَة بِالْحَمْد لله رب الْعَالمين، وَلم يسكت ". هَذَا نَص حَدِيثه، فَإِنَّمَا مُقْتَضَاهُ أَنه إِذا اسْتَوَى قَائِما فِي الثَّالِثَة، لم يسكت فِي ابْتِدَاء هَاتين الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ، كَمَا سكت فِي ابْتِدَاء الْأَوليين. وَسَيَأْتِي أم انْقِطَاعه واتصاله، فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا مُتَّصِلَة، وَهِي مُنْقَطِعَة، إِن شَاءَ الله تَعَالَى. (178) وَذكر أَيْضا من عِنْد ابي أَحْمد فِي غسل الْجُمُعَة، حَدِيث أنس، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 196 أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لأَصْحَابه: " اغتسلوا يَوْم الْجُمُعَة، وَلَو كَانَت بِدِينَار ". ثمَّ رده بِضعْف رَاوِيه: حَفْص بن عمر الْأَيْلِي. كَذَا رَأَيْته فِي نسخ، وَأرَاهُ تصحيفاً من الروَاة، وَإِنَّمَا هُوَ فِي كتاب أبي أَحْمد: " وَلَو كأساً بِدِينَار ". قَالَ أَبُو أَحْمد: حَدثنَا الْحسن بن يُونُس بن سعيد بن وهب - يلقب عجْرَة - بِمصْر قَالَ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن مَرْزُوق، قَالَ: حَدثنَا أَبُو إِسْمَاعِيل الْأَيْلِي - هُوَ حَفْص ابْن عمر - قَالَ حَدثنَا عبد الله بن الْمثنى / عَن عميه النَّضر ومُوسَى، ابْني أنس بن مَالك، عَن أَبِيهِمَا أنس بن مَالك، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لأَصْحَابه - رَضِي الله عَنْهُم -: " اغتسلوا يَوْم الْجُمُعَة، وَلَو كأساً بِدِينَار ". (179) وَذكر أَيْضا فِي بَاب التَّيَمُّم من كتاب الطَّهَارَة، من طَرِيق الْعقيلِيّ، عَن صَالح بن بَيَان، عَن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان، عَن أَبِيه، عَن جده عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يمسح / الْمُتَيَمم هَكَذَا - وَوصف صَالح، من وسط رَأسه إِلَى جَبهته - ". ثمَّ قَالَ: مُحَمَّد، هُوَ ابْن سُلَيْمَان بن عَليّ بن عبد الله بن عَبَّاس، وَلَا يعرف بِالنَّقْلِ وَحَدِيثه غير مَحْفُوظ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 197 هَذَا نَص مَا أورد، وَهُوَ خطأ وتصحيف من عمله، وحققه عَلَيْهِ إِدْخَاله إِيَّاه فِي التَّيَمُّم، وَلَقَد كَانَ زاجراً عَن ذَلِك انه لم يسمع قطّ، لَا فِي رِوَايَة وَلَا فِي رَأْي، بمسح الرَّأْس فِي التَّيَمُّم. وَلَيْسَ لقَائِل أَن يَقُول: لَعَلَّه تصحف للعقيلي الَّذِي نَقله من عِنْده، فَإِن الْعقيلِيّ إِنَّمَا يترجم بأسماء الرِّجَال، وَيذكر فِي أَبْوَابهم بعض مَا يُنكر عَلَيْهِم من الْأَحَادِيث، أَو كل مَا رووا من ذَلِك، بِحَسب إقلالهم وإكثارهم، كَمَا يفعل السَّاجِي، وَأَبُو أَحْمد، وَغَيرهمَا، فَهُوَ إِذن لم يُقيد بِبَاب، وَلَا أدخلهُ من الْفِقْه فِي كتاب. وَإِلَى هَذَا فَإِن الْأَمر فِيهِ بَين، لَا عِنْد الْعقيلِيّ وَلَا عِنْد غَيره مِمَّن ذكره، وَلَو قَرَأَ آخر الحَدِيث تبين لَهُ سوء نَقله. قَالَ الْعقيلِيّ - فِي بَاب مُحَمَّد بن سُلَيْمَان -: حَدثنَا مُحَمَّد بن عَليّ الْمروزِي، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن مَرْزُوق، قَالَ: حَدثنَا صَالح النَّاجِي، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن عَليّ، أَمِير الْبَصْرَة، عَن أَبِيه، عَن جده، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يمسح الْيَتِيم هَكَذَا ". وَوصف صَالح من وسط رٍأسه إِلَى جَبهته. " وَمن لَهُ أَب فَهَكَذَا ". وَوصف صَالح من جَبهته إِلَى وسط رَأسه. قَالَ الْعقيلِيّ - فِي مُحَمَّد بن سُلَيْمَان -: " لَيْسَ يعرف بِالنَّقْلِ، وَحَدِيثه غير مَحْفُوظ، لَا يعرف إِلَّا بِهِ " يَعْنِي هَذَا الحَدِيث. فَالْحَدِيث - كَمَا ترى - إِنَّمَا جَاءَ فِي مسح رَأس الْيَتِيم وَمن لَهُ أَب على معنى التحنن والشفقة، وَقد ذكره غير الْعقيلِيّ كَذَلِك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 198 قَالَ الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن مَرْزُوق بن بكير، قَالَ حَدثنَا صَالح النَّاجِي، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن عَليّ بن عبد الله بن عَبَّاس، عَن أَبِيه، عَن جده، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْيَتِيم يمسح رَأسه هَكَذَا "، وَوصف صَالح أَنه وضع كَفه وسط رَأسه، ثمَّ أحدرها إِلَى مقدمه، أَو إِلَى جَبهته. " وَمن كن لَهُ أَب هَكَذَا "، وَوصف أَنه وضع كَفه على مقدم رَأسه مِمَّا / يَلِي جَبهته، ثمَّ اصعدها إِلَى وسط رٍأه. قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا من هَذَا الْوَجْه، وَلَا نعلم لَهُ إِسْنَادًا غير هَذَا الْإِسْنَاد، وَلم يُشَارك مُحَمَّد بن سُلَيْمَان فِي هَذِه الرِّوَايَة أحد، وَكَانَ أَمِيرا بِالْبَصْرَةِ. والْحَدِيث إِنَّمَا كتبناه على مَا فِيهِ، لأَنا لم نَحْفَظهُ عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا من هَذَا الْوَجْه / فَلذَلِك ذَكرْنَاهُ. انْتهى كَلَام الْبَزَّار. وَقد رَوَاهُ عَن صَالح النَّاجِي غير مُحَمَّد بن مَرْزُوق. قَالَ أَبُو بكر بن ثَابت الْخَطِيب، فِي كتاب تَارِيخ بَغْدَاد: حَدثنَا أَبُو الْحسن مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد، حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل الْمُسْتَمْلِي، حَدثنَا يحيى بن مُحَمَّد بن صاعد، حَدثنَا الْعَبَّاس بن أبي طَالب، حَدثنَا سَلمَة بن حَيَّان الْعَتكِي، حَدثنَا صَالح النَّاجِي، قَالَ: كنت عِنْد مُحَمَّد بن سُلَيْمَان - أَمِير الْبَصْرَة - فَقَالَ: أَخْبرنِي أبي عَن جدي الْأَكْبَر - يَعْنِي ابْن عَبَّاس - أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " امسح رَأس الْيَتِيم هَكَذَا إِلَى مقدم رَأسه، وَمن لَهُ أَب هَكَذَا إِلَى مُؤخر رَأسه ". كَذَا وَقع فِي هَذَا الْإِسْنَاد فِي النُّسْخَة فِي تَارِيخ الْخَطِيب، وأظن أَنه سقط الجزء: 2 ¦ الصفحة: 199 مِنْهُ لفظ " عَن جدي " قبل قَوْله: " عَن جدي الْأَكْبَر ". قَالَ الْخَطِيب: " مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن عَليّ بن عبد الله بن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب الْهَاشِمِي، أَخُو جَعْفَر، وَإِسْحَاق، وَكَانَ عَظِيم أَهله، وجليل رهطه، ولي إِمَارَة الْبَصْرَة فِي عهد الْمهْدي، ثمَّ قدم بَغْدَاد على الرشيد لما أفضت إِلَيْهِ الهلافة، فَأَخْبرنِي أَبُو الْقَاسِم الْأَزْهَرِي، حَدثنَا أَحْمد بن إِبْرَاهِيم، حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عَرَفَة، قَالَ: وَلما بُويِعَ الرشيد بالخلافة، قدم عَلَيْهِ مُحَمَّد ابْن سُلَيْمَان وافداً، فَأكْرمه وأعظمه وصنع بِهِ مَا لم يصنع بِأحد وزاده فِيمَا كَانَ يَتَوَلَّاهُ من أَعمال الْبَصْرَة كور دجلة والأعمال المفردة، والبحرين، والغوص، وعمان، واليمامة، وكور الأهواز، وكور فَارس، وَلم يجمع هَذَا لأحد غَيره، فَلَمَّا أَرَادَ الْخُرُوج، شيعه الرشيد إِلَى كلواذا وَقد / روى مُحَمَّد بن سُلَيْمَان [عَن أَبِيه] حَدثنَا مُسْندًا، وَلَا يحفظ لَهُ غَيره، فَذكر مَا تقدم. ثمَّ قَالَ: أنبأني الْأَزْهَرِي، حَدثنَا أَحْمد بن إِبْرَاهِيم، حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن عَرَفَة، قَالَ: ثمَّ دخلت سنة ثَلَاث وَسبعين - يَعْنِي وَمِائَة - فَفِيهَا توفّي مُحَمَّد بن سُلَيْمَان، وسنه إِحْدَى وَخَمْسُونَ سنة، خَمْسَة اشهر، وَأمر الرشيد بِقَبض أَمْوَاله، فَأخذ لَهُ ودائع وأموالاً من منزله، فَكَانَت نيفاً وَخمسين ألفَ ألفِ ألف دِرْهَم ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 200 وَقد انْتَهَيْت بِمَا كتبت من هَذَا كُله إِلَى الْمَقْصُود، وَهُوَ بَيَان تصحيفه اللَّفْظَة الْمَذْكُورَة تصحيفاً محققاً، بإدخاله إِيَّاهَا فِي كتاب الطَّهَارَة بَين أَحَادِيث التَّيَمُّم، وَإِنَّمَا هُوَ " الْيَتِيم ". وَقد كتبته أَيْضا فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أعلها بِشَيْء، وَترك مثله أَو أَشد مِنْهُ، فَاعْلَم ذَلِك وَالله الْمُوفق. (180) وَذكر فِي الْأَشْرِبَة، من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ عَن أم سَلمَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ فِي إهَاب الْميتَة: " إِن دباغه يحل كَمَا يحل خمر الْخلّ " ثمَّ ضعفه. كَذَا ذكره، ورأيته كَذَلِك فِي نسخ، وَصَوَابه الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ فِي كتاب الدَّارَقُطْنِيّ " كَمَا يحل خل الْخمر ". (181) وَذكر ايضاً من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن عَائِشَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كَانَ يسلم فِي الصَّلَاة تَسْلِيمَة وَاحِدَة تِلْقَاء وَجهه، يمِيل إِلَى الشق الْأَيْمن شَيْئا " الجزء: 2 ¦ الصفحة: 201 ثمَّ قَالَ: هَذَا يرويهِ زُهَيْر بن مُحَمَّد، قَالَ أَبُو عمر: حَدِيث زُهَيْر بن مُحَمَّد فِي التسليمتين لَا يَصح مَرْفُوعا، وَزُهَيْر ضعفه / ابْن معِين وَغَيره فِي التسليمتين. وَحَدِيث ابْن مَسْعُود فِي التسليمتين صَحِيح. هَكَذَا وَقع، وتكرر فِي النّسخ الْخَطَأ فِي قَوْله: " حَدِيث زُهَيْر فِي التسليمتين " وَلَيْسَ كَذَلِك، وَهُوَ فَاسد من قبل أبي عمر، أَو مُفسد من قبل أبي مُحَمَّد، أَو من روى عَنهُ، وَهُوَ غَالب الظَّن. فَإِن أَبَا عمر إِنَّمَا ذكر الْأَحَادِيث بالتسليمة الْوَاحِدَة هَكَذَا: رُوِيَ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه: " كَانَ يسلم تَسْلِيمَة وَاحِدَة " من حَدِيث سعد، وَمن حَدِيث عَائِشَة، وَمن حَدِيث أنس ". ثمَّ أعلها، فَكَانَ من ذَلِك قَوْله: وَأما حَدِيث عَائِشَة: " أَنه كَانَ يسلم تَسْلِيمَة / وَاحِدَة، فَلم يرفعهُ إِلَّا زُهَيْر بن مُحَمَّد وَحده، عَن هِشَام، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، رَوَاهُ عَنهُ عَمْرو بن أبي سَلمَة ". وَزُهَيْر بن مُحَمَّد، ضَعِيف عِنْد الْجَمِيع، كثير الْخَطَأ، لَا يحْتَج بِهِ، وَذكر ليحيى بن سعيد هَذَا الحَدِيث، فَقَالَ: عَمْرو بن أبي سَلمَة، وَزُهَيْر، ضعيفان، لَا حجَّة فيهمَا. هَذَا نَص كَلَام أبي عمر وَهُوَ لم ينْسب فِيهِ لزهير بن مُحَمَّد إِلَّا حَدِيث التسليمة الْوَاحِدَة، وَذَلِكَ مَعْرُوف مَشْهُور، فنسبة التسليمتين إِلَيْهِ خطأ فَيَنْبَغِي أَن يكون الْكَلَام الْمَذْكُور هَكَذَا: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 202 حَدِيث زُهَيْر فِي التسليمة، لَا يَصح مَرْفُوعا، وَزُهَيْر ضعفه ابْن معِين وَغَيره فِي التسليمة. وَفِي كَلَام أبي عمر حمل على زُهَيْر، وَعَمْرو بن أبي سَلمَة بفوق مَا يستحقان، وَلَيْسَ كَذَلِك عِنْد أهل الْعلم بهما. وَلَيْسَ هَذَا مَوضِع بَيَانه، فَإِنِّي لم أقصد تَصْحِيح كَلَام أبي عمر وَالْمَعْرُوف لِابْنِ معِين تَوْثِيق زُهَيْر. وَقد اضْطربَ أَبُو مُحَمَّد فِي أمره، فَإِنَّهُ إِن كَانَ هُوَ عِنْده من المضعف فِي هَذَا الْخَبَر، فَمَا باله سكت عَن هَذَا الحَدِيث. (182) " إِذا أَرَادَ الله بالأمير خيرا، جعل لَهُ وَزِير صدق " الحَدِيث. وَهُوَ من رِوَايَة زُهَيْر وَلم يُنَبه على أَنه من رِوَايَته. (183) وَذكر حَدِيث: " لَا يتجردا تجرد العيرين " - يَعْنِي عِنْد الْجِمَاع. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 203 وَعرض من إِسْنَاده لصدقة بن عبد الله، وَلم يعرض لزهير. وَفِي أَحَادِيث أخر، أتبعهَا تضعيفاً أقل من هَذَا الَّذِي هُنَا، فَقَالَ - إِثْر حَدِيث: (184) " اتْرُكُوا التّرْك مَا تركوكم " - زُهَيْر سييء الْحِفْظ، وإثر حَدِيث: (185) " إِذا ادَّعَت الْمَرْأَة طَلَاق زَوجهَا ": زُهَيْر لَيْسَ بِالْحَافِظِ وَلَا يحْتَج بِهِ. وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا قصدت بَيَانه فِي هَذَا الْبَاب، وَلكنه انجر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 204 (186) وَذكر حَدِيث عَليّ وعمار، فِي التَّكْبِير من غَدَاة عَرَفَة، إِلَى عصر آخر أَيَّام التَّشْرِيق ثمَّ قَالَ: إِنَّه ضَعِيف، وَأعله بجابر الْجعْفِيّ، ثمَّ قَالَ: وَاخْتلف عَلَيْهِ فِيهِ. وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْء، وَمَا اخْتلف إِلَّا على رَاوِيه عَنهُ، وَهُوَ عَمْرو بن شمر وَقد أخرت بَيَان هَذَا إِلَى بَاب / الْأَحَادِيث الَّتِي ضعفها بِقوم، وَترك من هُوَ مُتَّهم أَو أَضْعَف. لِأَن هَذِه الْمُؤَاخَذَة الَّتِي نبهت عَلَيْهَا الْآن، هِيَ صناعية، وَقد يخرج كَلَامه على غَيرهَا، فَلذَلِك أخرت الْكَلَام إِلَى مَوضِع هُوَ أولى بِذكر الحَدِيث فِيهِ من هَذَا. (187) وَذكر من حَدِيث ابْن عَبَّاس: " موت الْغَرِيب شَهَادَة ". وَأتبعهُ / أَن الدَّارَقُطْنِيّ ذكره وَصَححهُ. وَهُوَ لم يفعل، وَإِنَّمَا تغير هَذَا فِي نَقله. وَقد بيّنت هَذَا فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أتبعهَا كلَاما يَقْتَضِي ظَاهره تصحيحها وَلَيْسَت بصحيحة. (188) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن أبي عُبَيْدَة، عَن عبد الله بن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 205 مَسْعُود، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " فِي ثَلَاثِينَ من الْبَقر تبيع " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: أَبُو عُبَيْدَة لم يسمع من أَبِيه، وَقد وَصله خصيف، عَن أبي عُبَيْدَة عَن أمه، عَن عبد الله، وَالَّذِي رَوَاهُ مَقْطُوعًا أحفظ. كَذَا وَقع هَذَا الْكَلَام مِنْهُ، وَهُوَ خطأ وتغيير للْوَاقِع فِي كتاب التِّرْمِذِيّ، فَإِنَّهُ يفهم مِنْهُ أَن الْمَوْصُول من رِوَايَة خصيف، والمقطوع من غير رِوَايَته، وَلَيْسَ كَذَلِك، وَمَا رَوَاهُ فِي الْحَالين إِلَّا خصيف، وَلكنه اخْتلف عَلَيْهِ، فعبد السَّلَام بن حَرْب - وَهُوَ حَافظ - لَا يذكر عَن أمه ويجعله مَقْطُوعًا، وَشريك - وَهُوَ مِمَّن سَاءَ حفظه - يذكر " عَن أمه فَيَجْعَلهُ مَوْصُولا، وَكِلَاهُمَا يرويهِ عَن خصيف عَن أبي عُبَيْدَة. (189) وَذكر أَيْضا من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن الْمثنى بن الصَّباح، عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خطب النَّاس فَقَالَ: " أَلا من ولي يَتِيما لَهُ مَال فليتجر بِهِ " الحَدِيث. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 206 ثمَّ قَالَ: قَالَ أَبُو عِيسَى: إِنَّمَا رُوِيَ من هَذَا الْوَجْه، وَفِي إِسْنَاده مقَال. ثمَّ قَالَ هُوَ من عِنْده: الْمقَال الَّذِي فِي إِسْنَاده أَنه رَوَاهُ الْمثنى بن الصَّباح، والمثنى ضَعِيف لَا يحْتَج بِهِ. كَذَا أورد هَذَا الْموضع، جعل مَا قَالَ التِّرْمِذِيّ هُوَ " فِي إِسْنَاده مقَال " ثمَّ أَخذ هُوَ فِي تَفْسِير الْمقَال. وَالْوَاقِع فِي كتاب التِّرْمِذِيّ نَصه. " وَإِنَّمَا رُوِيَ هَذَا الحَدِيث من هَذَا الْوَجْه، وَفِي إِسْنَاده مقَال، لِأَن الْمثنى بن الصَّباح يضعف فِي الحَدِيث ". (190) وَذكر حَدِيث: " من كَانَ عَلَيْهِ قَضَاء من / رَمَضَان، فليسرده وَلَا يقطعهُ ". ثمَّ أتبعه أَن أَبَا حَاتِم أنكرهُ على عبد الرَّحْمَن بن إِبْرَاهِيم الْقَاص. وَلَيْسَ كَذَلِك، وَأَبُو حَاتِم لم يُعينهُ، وَإِنَّمَا أنكر عَلَيْهِ حَدِيثا رَوَاهُ عَن الْعَلَاء، وَهَذَا وَإِن كَانَ عَن الْعَلَاء، فَلَعَلَّهُ إِنَّمَا عَنى أَبُو حَاتِم غَيره، فقد قَالُوا: كَانَ عِنْده عَن الْعَلَاء كراسة، وَالرجل ثِقَة. وَقد بيّنت هَذَا فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ضعفها وَهِي صَحِيحَة، أَو حَسَنَة. (191) وَذكر من طَرِيق مُسلم عَن يعلى بن أُميَّة، حَدِيث الرجل الَّذِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 207 أحرم بِالْعُمْرَةِ، وَهُوَ فِي جُبَّة. فَلَمَّا فرغ مِنْهُ قَالَ: وَفِي طَرِيق أُخْرَى: " عَلَيْهِ جُبَّة، متضمخ بِطيب ". وَفِي أُخْرَى: " عَلَيْهِ (جُبَّة) بهَا أثر من خلوق ". وَفِي أُخْرَى: فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أما الطّيب فاغسله ثَلَاث مَرَّات ". كَذَا أورد هَذَا الْموضع، وَهُوَ خطأ، فَإِنَّهُ يُعْطي بتصريح أَن الطَّرِيق الَّتِي روى بهَا قَوْله: " عَلَيْهِ جُبَّة، متضمخ بِطيب " غير الطَّرِيق الَّتِي رُوِيَ بهَا قَوْله: " أما الطّيب فاغسله ثَلَاث مَرَّات "، وَلَيْسَ كَذَلِك، وَإِنَّمَا هُوَ عِنْد مُسلم حَدِيث [وَاحِد] وَلَيْسَ عِنْده الْأَمر بِغسْل الطّيب ثَلَاث مَرَّات، إِلَّا فِي الحَدِيث الْمَذْكُور. وَالَّذِي اعتراه فِي هَذَا، هُوَ عكس مَا اعتراه فِي الْبَاب الَّذِي تقدم ذكره: من إِيرَاد أَحَادِيث أَو زيادات / فِي أَحَادِيث، مردفه أَحَادِيث رُوَاة، كَأَنَّهَا عَنْهُم وَلَيْسَت عَنْهُم، أَو فِي مَوَاضِع، أَو فِي قصَص. وَهَاهُنَا اعتراه عكس ذَلِك، أَتَى بِكَلَام أوهم فِي شَيْئَيْنِ هما فِي حَدِيث وَاحِد، أَنَّهُمَا فِي حديثين، وَلَيْسَ الْأَمر كَذَلِك فاعلمه. (192) وَذكر حَدِيث: " من أهل بِعُمْرَة أَو حجَّة من الْمَسْجِد الْأَقْصَى ". ثمَّ قَالَ: قَالَ أَبُو حَاتِم: يحيى بن أبي سُفْيَان الأخنسي، شيخ من شُيُوخ أهل الْمَدِينَة لَيْسَ بالمشهور مِمَّن يحْتَج بِهِ. كَذَا ذكر عَن ابي حَاتِم، وَلَيْسَ عِنْده من أَيْن ينْقل كَلَامه إِلَّا من كتاب ابْنه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 208 أبي مُحَمَّد، وَلم يذكر عَنهُ لَفْظَة: " مِمَّن يحْتَج بِهِ ". وَهَذَا الحَدِيث قد كتبناه فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ضعفها بِقوم، وَترك أمثالهم أَو أَشد مِنْهُم. (193) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " فِي طَلَاق الْأمة وعدتها ". ثمَّ قَالَ: تفرد بِهِ عمر بن شبيب، الصَّحِيح / أَنه من قَول ابْن عمر. ثمَّ قَالَ: كَذَا قَالَ - يَعْنِي الدَّارَقُطْنِيّ - فِي عمر بن شبيب، يحيى بن معِين يَقُول فِيهِ: لَيْسَ بِثِقَة، وَضَعفه أَبُو زرْعَة وَأَبُو حَاتِم. كَذَا وَقع هَذَا الْفَصْل لَهُ، وَفِيه تَغْيِير، وَذَلِكَ يُعْطي، أَن الدَّارَقُطْنِيّ سَالم عمر بن شبيب، فَرد هُوَ مسالمته إِيَّاه، بِأَن بَين أَنه ضَعِيف عِنْد من ذكر. وَلَيْسَ الْأَمر كَذَلِك فِي كتاب الدَّارَقُطْنِيّ، بل هَكَذَا: " تفرد بِهِ عمر بن شبيب مَرْفُوعا، وَكَانَ ضَعِيفا، وَالصَّحِيح عَن ابْن عمر مَا رَوَاهُ سَالم وَنَافِع من قَوْله ". فَسقط لأبي مُحَمَّد قَوْله: " وَكَانَ ضَعِيفا ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 209 (194) وَذكر أَيْضا من طَرِيق أبي دَاوُد حَدِيث عَليّ: " بَعَثَنِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى الْيمن قَاضِيا " الحَدِيث. ثمَّ رده بِأَن قَالَ: يرويهِ حَنش بن الْمُعْتَمِر - وَيُقَال: ابْن ربيعَة - عَن عَليّ، وَكَانَ رجلا صَالحا وَفِي حَدِيثه ضعف. كَذَا قَالَ هُنَا من عِنْده. (195) ثمَّ ذكر فِي الدِّيات، حَدِيث الَّذِي وَقع فِي الْبِئْر، وَوَقع بتعلقه فَوْقه ثَلَاثَة، فَقضى عَليّ رَضِي الله عَنهُ بدية، وَنصف دِيَة، وَثلث دِيَة، وَربع دِيَة ... الحَدِيث. ثمَّ قَالَ بإثره فِيهِ: قَالَ أَبُو حَاتِم: " كَانَ عبدا صَالحا، وَلَا أَرَاهُم يحتجون بحَديثه ". فعزا ذَلِك - كَمَا ترى - إِلَى أبي حَاتِم، وَأَبُو حَاتِم إِنَّمَا سَأَلَهُ ابْنه عَنهُ فَقَالَ: " هُوَ عِنْدِي صَالح، قلت: يحْتَج بحَديثه؟ قَالَ: لَيْسَ أَرَاهُم يحتجون الجزء: 2 ¦ الصفحة: 210 بحَديثه ". هَذَا نَص مَا ذكر ابْنه عَنهُ، فَمَعْنَى: " هُوَ عِنْدِي صَالح " أَي فِي الحَدِيث، وَهُوَ لفظ مُتَعَارَف مِنْهُ وَمن غَيره، وَأرَاهُ تصحف لَهُ " عِنْدِي " بِعَبْد، فَاعْلَم ذَلِك. (196) وَذكر فِي الطَّهَارَة حَدِيث عَائِشَة: " كَانَت يَد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْيُمْنَى لطهوره وَطَعَامه " الحَدِيث. من رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن يزِيد النَّخعِيّ عَنْهَا، ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: قَالَ الْعَبَّاس الدوري: لم يسمع إِبْرَاهِيم بن يزِيد النَّخعِيّ من عَائِشَة، ومراسله صَحِيحَة. (197) إِلَّا حَدِيث تَاجر الْبَحْرين. كَذَا ذكر هَذَا الْكَلَام عَن عَبَّاس / الدوري، وَالْقَوْل بِأَن مراسله صَحِيحَة إِلَّا حَدِيث تَاجر الْبَحْرين، إِنَّمَا حَكَاهُ الدوري فِي كِتَابه عَن ابْن معِين، فَاعْلَم ذَلِك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 211 ( (198) وَذكر أَيْضا من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن / أَبِيه، عَن جده، أَن رجلا قتل عَبده مُتَعَمدا، " فجلده النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مائَة جلدَة، ونفاه سنة، ومحا سَهْمه من الْمُسلمين، وَلم يقده بِهِ، وَأمره أَن يعْتق رَقَبَة ". ثمَّ قَالَ: فِي إِسْنَاده إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، وَهُوَ ضَعِيف فِي غير الشاميين وَهَذَا الْإِسْنَاد حجازي. كَذَا هُوَ عِنْده، وأخاف أَن يكون تغير " شَامي " " بحجازي " غَلطا. على أَنه لَو كَانَ قَالَ: هَذَا الْإِسْنَاد شَامي، لَكَانَ قَوْله: إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش لَا باس بِهِ فِي الشاميين، فَلَمَّا قَالَ: إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش ضَعِيف فِي غير الشاميين، انتظم مَعَه قَوْله: وَهَذَا الْإِسْنَاد حجازي. وَبعد هَذَا، فَاعْلَم أَن إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث شَامي لَا حجازي. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا الْحُسَيْن بن الْحسن بن الصَّابُونِي الْأَنْطَاكِي، قَاضِي الثغور، حَدثنَا مُحَمَّد بن الحكم الرَّمْلِيّ، حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز الرَّمْلِيّ، حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه، عَن جده، " أَن رجلا قتل عَبده عمدا، فجلده النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مائَة جلدَة، ونفاه سنة، ومحا سَهْمه من الْمُسلمين، وَلم يقد بِهِ، وَأمره أَن يعْتق رَقَبَة ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 212 فَمَا فِي هَؤُلَاءِ من يخفي أمره، وَحَتَّى لَو كَانُوا كلهم غير شاميين، وَشَيخ إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش شامياً كفى ذَلِك فِي الْمَقْصُود، وعد بِهِ الحَدِيث من صَحِيح حَدِيثه، فَإِنَّهُ إِنَّمَا يُرَاعى فِي ذَلِك أشياخه فَقَط لِأَنَّهُ كَانَ بهم عَالما، وَكَانَ أَخذه عَن غَيرهم فِي الْأَسْفَار والرحل، فَلم يكن فيهم كَمَا هُوَ فِي أهل بَلَده. فَإِذن لَا يلْتَفت إِلَى كَون الْإِسْنَاد حجازياً إِذا كَانَ شَيْخه شامياً، على هَذَا يتفسر مقصودهم. وَعَمْرو بن شُعَيْب مكي، كَانَ يخرج إِلَى الطَّائِف لضيعة لَهُ، وَهُوَ الَّذِي غلط أَبَا مُحَمَّد وَالله أعلم. (199) وَذكر من المراسل، عَن مَكْحُول قَالَ: أوصى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَبَا هُرَيْرَة ثمَّ قَالَ: " إِذا غزوت " فَذكر أَشْيَاء. قَالَ: " وَلَا تحرقن نخلا وَلَا تغرقنه، وَلَا تؤذ مُؤمنا ". ثمَّ قَالَ: وَمِنْهَا - وَلم يصل بِهِ سَنَده - عَن الْقَاسِم مولى عبد الرَّحْمَن، قَالَ: [قَالَ] النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَذكر نَحوه: " وَلَا تحرقن نخلا، وَلَا تغرقنها، وَلَا تقطع شَجَرَة تمر، ولاتقتل بَهِيمَة / لَيست لَك بهَا حَاجَة، وَاتَّقِ أَذَى الْمُؤمن ". (200) قَالَ: وَالصَّحِيح فِي هَذَا، حَدِيث مُسلم فِي قطع نخل بني النَّضِير. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 213 هَكَذَا أورد هَذَا الْموضع، وَالْمَقْصُود مِنْهُ قَوْله: إِن ابا دَاوُد لم يصل سَنَده بالقاسم مولى عبد الرَّحْمَن، وَلَا أَدْرِي لَعَلَّه سقط من النُّسْخَة الَّتِي نقل مِنْهَا، أَو وَقعت رِوَايَة من كتاب المراسل عَن أبي دَاوُد كَذَلِك، وَلَا أعرفهَا. والْحَدِيث فِيمَا عِنْدِي وَمَا رَأَيْت فِي كتاب المراسل هَكَذَا: حَدثنَا [سُلَيْمَان بن دَاوُد، حَدثنَا ابْن وهب] أنبأني عَمْرو بن الْحَارِث، عَن عَمْرو بن عبد الرَّحْمَن، عَن الْقَاسِم مولى عبد الرَّحْمَن، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أوصى رجلا عشرا، قَالَ " وَلَا تقطع شَجَرَة مثمرة، وَلَا تقتل بَهِيمَة لَيست لَك بهَا حَاجَة، وَاتَّقِ أَذَى الْمُؤمن ". هَذَا نَص مَا ذكر أَبُو دَاوُد، ويتبين خلاف مَا أَوْهَمهُ سِيَاقه، من أَن الْمُوصى هَذَا، هُوَ أَبُو هُرَيْرَة، وَإِنَّمَا فِي هَذَا الحَدِيث: أوصى رجلا، لَعَلَّه غير أبي هُرَيْرَة وَفِي الْمُرْسل الأول أَيْضا تَغْيِير، إِلَّا انه رُبمَا خرج لَهُ وَجه فيسمح فِيهِ. وَذَلِكَ أَن نَصه فِي كتاب المراسل هَكَذَا: " يَا أَبَا هُرَيْرَة إِذا غزوت فَلَقِيت الْعَدو فَلَا تجبن، وَوجدت فَلَا تغلل، وَلَا تؤذين مُؤمنا، وَلَا تعص ذَا أَمر، وَلَا تحرق نخلا، وَلَا تغرقه ". هَكَذَا نَصه، فَاخْتَصَرَهُ أَبُو مُحَمَّد، فَقَالَ فِي اختصاره: فَذكر أَشْيَاء، قَالَ: " وَلَا تحرقن نخلا وَلَا تغرقنه، وَلَا تؤذ مُؤمنا " فَتَأَخر: " وَلَا تؤذ مُؤمنا " عَن: " وَلَا تغلل ". وَإِذا تلاه كَانَ فِيهِ مَا لَيْسَ فِيهِ إِذا فصل عَنهُ، وَلم يكن هَذَا مَقْصُودا، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 214 وَإِنَّمَا الْمَقْصُود مَا تقدم. وَسَيَأْتِي لهَذَا الحَدِيث ذكر، فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي لم يعبها بسوى الْإِرْسَال، وَلها عُيُوب سواهُ. فَإِن عَمْرو بن عبد الرَّحْمَن، لَا تعرف حَاله، إِلَّا أَن أَبَا مُحَمَّد قد قَالَ: إِنَّه لم يقف لَهُ على إِسْنَاد يُوصل إِلَى الْقَاسِم، فاتضح فِي ذَلِك عذره من وَجه، فَاعْلَم ذَلِك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 215 (7) بَاب ذكر / رُوَاة تَغَيَّرت أَسمَاؤُهُم أَو أنسابهم فِي نَقله عَمَّا هِيَ عَلَيْهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 217 (201) فَمن ذَلِك مَا ذكر فِي السِّوَاك من طَرِيق الْبَزَّار، عَن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب قَالَ: كَانُوا يدْخلُونَ على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلم يستاكوا، فَقَالَ: " مَا لكم تدخلون عَليّ قلحاً " ... الحَدِيث. ثمَّ قَالَ بإثره: يرويهِ من حَدِيث سُلَيْمَان بن كران - بالراء الْخَفِيفَة وَالنُّون - وَهُوَ بَصرِي لَا بَأْس بِهِ، انْتهى كَلَامه بنصه. وَله فِي هَذَا الحَدِيث شَأْن نذكرهُ بِهِ أَن شَاءَ الله تَعَالَى فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أتبعهَا كلَاما يقْضِي بِصِحَّتِهَا. وَالَّذِي نذكرهُ بِهِ الْآن، هُوَ هَذَا الَّذِي ذكر بِهِ سُلَيْمَان بن كران من قَوْله: إِنَّه بالراء الْخَفِيفَة وَالنُّون، وَهَذَا خطأ، وَإِنَّمَا هُوَ كراز - بالراء الْمُشَدّدَة وَالزَّاي - كَذَلِك ضَبطه الْأَمِير ابْن مَاكُولَا فِي إكماله، فِي بَاب ذكر فِيهِ كزاز بزايين، وكراز برَاء وزاي، وكرار - براءين، وكواز بواو وزاي، فَقَالَ فِي الْبَاب الْمَذْكُور: وَأما كراز - بِفَتْح الْكَاف، وَبعدهَا رَاء مُشَدّدَة، آخِره زَاي - فَهُوَ سُلَيْمَان بن كراز الطفَاوِي، يروي عَن عمر بن مُحَمَّد بن صهْبَان، ومبارك بن فضَالة، وَغَيرهمَا. روى عَنهُ هِشَام بن عَليّ السيرافي، وَابْن أبي سُوَيْد، وَإِسْحَاق بن سيار، وَأحمد بن مُحَمَّد بن عمر اليمامي كيلجة، هَذَا مَا ذكره بِهِ فاعلمه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 219 (202) وَذكر حَدِيث " إِمَامَة أم ورقة بقومها ". فَقَالَ فِيهَا: أم ورقة بنت الْحَارِث. وَإِنَّمَا فِي كتاب أبي دَاوُد - وَمن / عِنْده نَقله -: أم ورقة بنت عبد الله بن الْحَارِث. (203) وَذكر عَن مُحَمَّد بن سِيرِين، أَن عَائِشَة نزلت على صَفِيَّة بنت طَلْحَة الطلحات، فرأت بَنَات لَهَا، الحَدِيث. كَذَا وَقع عِنْده، وَهُوَ خطأ، وَإِنَّمَا فِي كتاب أبي دَاوُد - وَمن عِنْده نَقله - نزلت على صَفِيَّة أم طَلْحَة الطلحات. وَقد كتبت هَذَا بِزِيَادَة عَلَيْهِ فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا مُتَّصِلَة، وَهِي مُنْقَطِعَة. (204) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد، قَالَ: اسْتَأْذن عَلْقَمَة وَالْأسود على عبد الله، فَذكر صلَاته بَينهمَا /. كَذَا رَأَيْته فِي نسخ، وَالَّذِي وَقع عِنْد أبي دَاوُد، هُوَ: عَن عبد الرَّحْمَن بن الْأسود، عَن أَبِيه قَالَ: اسْتَأْذن عَلْقَمَة وَالْأسود. هَكَذَا عِنْده، وَهُوَ قلق فَإِن مَعْنَاهُ: اسْتَأْذن عَلْقَمَة وَالْأسود - يَعْنِي نَفسه - وَصَوَابه الَّذِي يَنْبَغِي أَن يكون عَلَيْهِ: عَن عبد الرَّحْمَن بن الْأسود بن يزِيد، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 220 قَالَ: اسْتَأْذن عَلْقَمَة وَالْأسود. وَالَّذِي أورد أَبُو مُحَمَّد، لَا هُوَ مَا وَقع عِنْد أبي دَاوُد، وَلَا هُوَ إصْلَاح لَهُ، فاعلمه. (205) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، من طَرِيق أبي بكر: عبد الحميد بن جَعْفَر الْحَنَفِيّ، عَن نوح بن أبي بِلَال، عَن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا قَرَأْتُمْ الْحَمد لله، فاقرؤوا باسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم، إِنَّهَا أم الْقُرْآن، وَأم الْكتاب، والسبع المثاني، وباسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم، إِحْدَى آياتها ". رفع هَذَا الحَدِيث عبد الحميد بن جَعْفَر، وَعبد الحميد هَذَا، وَثَّقَهُ أَحْمد بن حَنْبَل، وَيحيى بن معِين وَيحيى بن سعيد. وَأَبُو حَاتِم يَقُول فِيهِ: مَحَله الصدْق. وَكَانَ سُفْيَان الثَّوْريّ يُضعفهُ وَيحمل عَلَيْهِ. ونوح بن أبي بِلَال، ثِقَة مَشْهُور، انْتهى مَا ذكر. وَهَذَا الحَدِيث بِهَذَا القَوْل الَّذِي أتبعه، مصحح عِنْده فَلذَلِك نبهنا عَلَيْهِ فِيمَا يَأْتِي من بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ذكرهَا، وأتبعها مِنْهُ قولا يَقْتَضِي ظَاهره تصحيحها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 221 وَالَّذِي لأَجله كتبناه هُنَا، هُوَ الْوَهم الْوَاقِع فِي قَوْله: من حَدِيث أبي بكر: عبد الحميد بن جَعْفَر، وَقد رَأَيْته كَذَلِك فِي نسخ، وَلَو لم يتبع الْحَنَفِيّ عبد الحميد بن جَعْفَر، كُنَّا نقُول: سقط من الْكَلَام " عَن " بَين أبي بكر وَعبد الحميد، وَلَكِن نعت عبد الحميد بالحنفي، يدل على أَنه تَغْيِير اعتراه هُوَ، وَلَا يشكل الْخَطَأ الَّذِي فِي ذَلِك على أحد، فَإِن عبد الحميد بن جَعْفَر، لَيْسَ بحنفي، وَإِنَّمَا هُوَ عبد الحميد بن جَعْفَر الْأنْصَارِيّ، الْمدنِي، وينسب هَكَذَا: عبد الحميد بن جَعْفَر بن عبد الله بن الحكم بن رَافع بن سِنَان، وَلَيْسَ يكنى بِأبي بكر / وَإِنَّمَا كنيته أَبُو حَفْص، وجده رَافع بن سِنَان، هُوَ الَّذِي أسلم وأبت امْرَأَته أَن تسلم، فَخير النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ابْنَته بَين أَبَوَيْهَا. قَالَ ابْن أبي حَاتِم: هُوَ جده لأمه، وَكَانَ الثَّوْريّ ينْسبهُ إِلَى القَوْل بِالْقدرِ، وَزَعَمُوا أَنه خرج مَعَ مُحَمَّد بن عبد الله بن حسن بن حسن بن عَليّ بن أبي طَالب. فَأَما أَبُو بكر الْحَنَفِيّ، فَإِنَّهُ عبد الْكَبِير بن عبد الْمجِيد / الْحَنَفِيّ، أَخُو أبي عَليّ: عبيد الله بن عبد الْمجِيد الْحَنَفِيّ، وهما أَخَوان ثقتان. وَأَبُو بكر الْحَنَفِيّ هَذَا، مَعْرُوف الرِّوَايَة عَن عبد الحميد بن جَعْفَر الْمَذْكُور، وَهُوَ الَّذِي يروي عَنهُ هَذَا الحَدِيث. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا يحيى بن مُحَمَّد بن صاعد، وَابْن مخلد، قَالَا: حَدثنَا عقبَة بن مكرم، قَالَ: حَدثنَا أَبُو بكر الْحَنَفِيّ، قَالَ حَدثنَا عبد الحميد بن جَعْفَر، قَالَ: أنبائي نوح بن أبي بِلَال، عَن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري بن جَعْفَر، قَالَ: أنبأني نوح بن أبي بِلَال، عَن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا قَرَأْتُمْ الْحَمد " الحَدِيث. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 222 قَالَ أَبُو بكر الْحَنَفِيّ: ثمَّ لقِيت نوحًا، فَحَدثني عَن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة بِمثلِهِ وَلم يرفعهُ. وَهَكَذَا سَوَاء حرفا بِحرف، ذكره أَبُو عَليّ بن السكن فِي كِتَابه فِي السّنَن، عَن يحيى بن صاعد بِإِسْنَادِهِ. وَمن هُنَا تبين عِلّة الْخَبَر، حَسْبَمَا نبينه - إِن شَاءَ الله تَعَالَى - فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أتبعهَا مِنْهُ كلَاما يقْضِي ظَاهره بِصِحَّتِهَا، وَلَيْسَت بصحيحة. (206) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ، عَن عبد الْملك - هُوَ ابْن عُمَيْر - عَن شبيب أبي روح، عَن رجل من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه " صلى صَلَاة الصُّبْح، فَقَرَأَ الرّوم " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ بإثره: قَالَ أَبُو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم: " روح أَبُو شبيب شَامي، وَيُقَال: شبيب بن نعيم، الوحاظي، الْحِمصِي، كَلَامه إِلَى آخِره ". كَذَا وَقع فِي نسخ، لم أر خِلَافه فِي غَيرهَا، وَهُوَ خطأ، وَصَوَابه: أَبُو روح شبيب. وَفِي بَاب شبيب - من حرف الشين - ذكره أَبُو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم بالْكلَام الَّذِي نقل أَبُو مُحَمَّد - رَحمَه الله -. وَكَذَلِكَ فعل البُخَارِيّ /. وَهُوَ مَعَ هَذَا، لَا تعرف حَاله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 223 وَقد بيّنت أمره بمزيد على هَذَا، فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي سكت عَنْهَا مصححاً لَهَا. (207) وَذكر عَن أبي سعيد الْمَالِينِي من كِتَابه، عَن مُحَمَّد بن أبي مُطِيع، عَن أَبِيه، عَن مُحَمَّد بن جَابر، عَن أبي إِسْحَاق، عَن الْحَارِث، عَن عَليّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تصلوا وَالْإِمَام يخْطب ". كَذَا وَقع فِي النّسخ، وَقد كتب عَلَيْهِ بعض الروَاة عَنهُ أَنه كَذَلِك وَقع، وَنبهَ على الصَّوَاب فِي الْحَاشِيَة. وتكرر لَهُ هَذَا الْعَمَل من قَوْله: أَبُو سعيد الْمَالِينِي فِي كتاب الْجَنَائِز، حِين ذكره من عِنْده حَدِيث: (208) " أمرنَا أَن ندفن مَوتَانا وسط قوم صالحين ". وَصَوَابه أَبُو سعد الْمَالِينِي، وَهُوَ مَشْهُور، وَأَبُو مُحَمَّد لم ير كِتَابه، ذكر ذَلِك عَن نَفسه. وَهُوَ الَّذِي يروي عَن أبي أَحْمد بن عدي كِتَابه الْكَامِل، واسْمه: أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله بن حَفْص بن الْخَلِيل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 224 وسنذكره فِي بَاب الرِّجَال الَّذين أخرج عَنْهُم أَبُو مُحَمَّد مَا أخرج: من حَدِيث، أَو تَعْلِيل، أَو تجريح، أَو تَعْدِيل، إِن شَاءَ الله تَعَالَى. (209) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن رَافع بن أبي عَمْرو: " كنت أرمي نخل الْأَنْصَار ... الحَدِيث "، ذكره فِي آخر كتاب الزَّكَاة. وَكَذَا وجدته فِي نسخ، وَهُوَ خطأ، وَإِنَّمَا هُوَ رَافع بن عَمْرو. كَذَلِك هُوَ عِنْد التِّرْمِذِيّ الَّذِي نَقله من عِنْده، وَكَذَلِكَ هُوَ مَذْكُور فِي مظان ذكره. والْحَدِيث مَعَ ذَلِك لَا يَصح، وَقد بيّنت أمره فِيمَا بعد. (210) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، عَن قيس بن الْأسود، عَن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَنه كَانَ لَا يرى بَأْسا بِقَضَاء رَمَضَان فِي عشر ذِي الْحجَّة " /. كَذَا وَقع، وَصَوَابه: عَن قيس أبي الْأسود. كَذَلِك هُوَ فِي علل الدَّارَقُطْنِيّ، وَمن ثمَّ نقل الحَدِيث. وَلَا تعرف حَال قيس أبي الْأسود هَذَا، وَهُوَ وَالِد الْأسود بن قيس. والْحَدِيث غير مَوْصُول الْإِسْنَاد فِي الْكتاب الْمَذْكُور. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 225 وَلم يبين أَبُو مُحَمَّد ذَلِك، وسنذكره فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أعلها بِمَا لَيْسَ بعلة، وَترك ذكر مَا هُوَ لَهَا عِلّة على الْحَقِيقَة /. (211) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، عَن عَائِشَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْبكر إِذا نَكَحَهَا وَله نسَاء، لَهَا ثَلَاث لَيَال، وللثيب ليلتان ". ثمَّ قَالَ: فِي إِسْنَاده عمر بن مُحَمَّد الْوَاقِدِيّ، وَهُوَ ضَعِيف بل مَتْرُوك. كَذَا رَأَيْته فِي النّسخ، وَقد نبه عَلَيْهِ فِي حَوَاشِي بَعْضهَا أَنه كَذَلِك وَقع، وَعرف بصوابه، وَإنَّهُ لحري بِأَن يكون مُفْسِدا، لَا من قبل أبي مُحَمَّد، فَإِنَّهُ لَا يخفى على مثله أَنه مُحَمَّد بن عمر، لَا عمر بن مُحَمَّد. وَلِهَذَا السِّيَاق شَأْن آخر، سَنذكرُهُ من أَجله إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ضعفها بِقوم وَترك أمثالهم أَو أَضْعَف مِنْهُم. (212) وَذكر من طَرِيق مُسلم، عَن أُسَامَة بن زيد، وَسَعِيد بن عَمْرو بن نفَيْل، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَنه قَالَ: " مَا تركت بعدِي فتْنَة أضرّ على الرِّجَال من النِّسَاء ". كَذَا وَقع فِي النّسخ: سعيد بن عَمْرو بن نفَيْل، وَصَوَابه: سعيد بن زيد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 226 ابْن عَمْرو بن نفَيْل، وَقد تقدم مثل هَذَا من النِّسْبَة إِلَى الْجد. وَمثله أَيْضا مَا يَأْتِي فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ضعفها وَلم يبين عللها، فَإِنَّهُ ذكر حَدِيث: (213) " صلى فِي مَسْجِد بني عبد الْأَشْهَل فِي كسَاء، متلبباً بِهِ ". من طَرِيق الْبَزَّار، من رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن أبي حَبِيبَة. وَهُوَ عِنْد الْبَزَّار مُبين فِي نفس الْإِسْنَاد أَنه إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل بن أبي حَبِيبَة، وَقد شرحنا أمره فِي الْبَاب الْمَذْكُور. وكل مَا وَقع من هَذَا النَّوْع، فَإِنَّمَا وَقع خطأ، أَن يَأْتِي إِلَى رجل قد وَقع ذكره على الصَّوَاب مَنْسُوبا إِلَى أَبِيه، فيذكره هُوَ مَنْسُوبا إِلَى جده، وَإِنَّمَا جرت الْعَادة بِأَن يجده مَنْسُوبا إِلَى جده فيبين أَبَاهُ وجده. مثل أَن يجده فِي الْكتاب: سعيد بن عَمْرو بن نفَيْل، فَيَقُول هُوَ فِي نَقله: سعيد بن زيد بن عَمْرو بن نفَيْل. وعَلى الصَّوَاب وَقع عِنْد مُسلم الَّذِي نقل الحَدِيث من عِنْده فاعلمه. (214) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، عَن ابْن عمر، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا كَانَت الْأمة تَحت الرجل، فَطلقهَا تَطْلِيقَتَيْنِ، ثمَّ اشْتَرَاهَا، لم تحل لَهُ حَتَّى تنْكح زوجا غَيره ". ثمَّ رده بِأَن / قَالَ: فِي إِسْنَاده مُسلم بن سَالم، وَهُوَ ضَعِيف جدا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 227 كَذَا رَأَيْته فِي نسخ، وَصَوَابه سلم بن سَالم، وَهُوَ الَّذِي يروي هَذَا الحَدِيث فِي كتاب الدَّارَقُطْنِيّ، وَهُوَ ضَعِيف. وَهَذَا مَا يبين أَنه مِمَّا صحف بعده، فَإِن الحَدِيث لَو كَانَ عَن مُسلم بن سَالم: لم يقل فِيهِ: إِنَّه ضَعِيف، فَإِن مُسلم بن سَالم ثِقَة، وَسلم بن سَالم ضَعِيف، فَاعْلَم ذَلِك. (215) وَذكر حَدِيث الفريعة بنت مَالك بن سِنَان: " فَأمر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَهَا أَن تمكث فِي بَيتهَا، حَتَّى / يبلغ الْكتاب أَجله ". ثمَّ قَالَ: إِن مَالِكًا وَغَيره فِي رَاوِيه إِسْحَاق بن سعد وسُفْيَان يَقُول: سعيد. كَذَا وَقع، إِسْحَاق بن سعد، وَقد نبه عَلَيْهِ فِي نسخ أَنه كَذَلِك وَقع، وَهُوَ خطأ، وَصَوَابه: سعد بن إِسْحَاق، وَالْأَمر فِيهِ بَين. (216) وَذكر من طَرِيق ابْن أبي شيبَة، حَدثنَا أَبُو أُسَامَة، عَن حُسَيْن الْمعلم، عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده قَالَ: تزوج زِيَاد بن حُذَيْفَة ابْن سعيد بن سهم، أم وئل بنت معمر الجمحية، الحَدِيث فِي وراثة الْمولى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 228 كَذَا وَقع فِي النّسخ زِيَاد بن حُذَيْفَة، وَقد وَقع التَّنْبِيه عَلَيْهِ من بعض من أَخذ عَنهُ أَنه كَذَلِك وَقع. وَذَلِكَ خطأ، وَصَوَابه: رِئَاب بن حُذَيْفَة بن سعيد - برَاء مَكْسُورَة، وَسَعِيد بِضَم السِّين - وَكَذَلِكَ وَقع فِي كتاب ابْن أبي شيبَة، وَسنَن أبي دَاوُد، وَكَذَلِكَ قَيده الدَّارَقُطْنِيّ فاعلمه. (217) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن الْمُعْتَمِر - يَعْنِي ابْن عَمْرو بن نَافِع - عَن عمر بن خلدَة، " اتينا أَبَا هُرَيْرَة فِي صَاحب لنا أفلس " الحَدِيث. كَذَا وَقع، وَهُوَ خطأ، وَصَوَابه أَبُو الْمُعْتَمِر، وَقد نطق بِهِ صَوَابا فِي [قَوْله] آخر الحَدِيث، قَالَ أَبُو دَاوُد: من يَأْخُذ بِهَذَا. أَبُو الْمُعْتَمِر من هُوَ؟ (218) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن خطاب بن صَالح مولى الْأَنْصَار، عَن أمه، عَن سَلامَة بنت معقل، امْرَأَة من خَارِجَة قيس عيلان، قَالَت: قلت " يَا رَسُول الله، إِنِّي امْرَأَة من خَارِجَة قيس عيلان، قدم بِي عمي الْمَدِينَة فِي الْجَاهِلِيَّة، فباعني من الحتات بن عَمْرو، أخي / أبي الْيُسْر، فَولدت لَهُ عبد الرَّحْمَن بن الحتات " الحَدِيث. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 229 كَذَا رَأَيْته فِي نسخ قد اعتنى بضبطه هَكَذَا: - بتاء مثناة مكررة - وَهُوَ عين الْخَطَأ وَإِنَّمَا هُوَ الْحباب - بباء، بِوَاحِدَة مكررة، وَكَذَلِكَ ذكره ابْن الفرضي بِوَاحِدَة وَغَيره. وَسَيَأْتِي لهَذَا الحَدِيث ذكر فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي لم يبين عللها وضعفها إِن شَاءَ الله تَعَالَى. (219) وَذكر أَيْضا من المراسل، عَن صَالح بن حسان، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رأى رجلا محتزماً بِحَبل أبرق، فَقَالَ: " يَا صَاحب الْحَبل ألقه ". كَذَا رَأَيْته فِي النّسخ، فَإِن كَانَ هَكَذَا، فَفِيهِ عَلَيْهِ مَا يُوجب كتبه فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي رَمَاهَا بِالْإِرْسَال وَلها عُيُوب سواهُ، تكون بهَا مَرْدُودَة، وَلَو كَانَت مستندة، وَذَلِكَ أَن صَالح بن حسان يكون حِينَئِذٍ النضيري، وَهُوَ ضعف الحَدِيث، منكره. والمرسل الْمَذْكُور لَيْسَ هَكَذَا هُوَ فِي كتاب المراسل، وَلَكِن عَن صَالح بن أبي حسان وَهُوَ ثِقَة، وَثَّقَهُ البُخَارِيّ، وَكِلَاهُمَا - أَعنِي صَالح بن حسان، وَصَالح ابْن أبي حسان، روى عَنْهُمَا ابْن أبي ذِئْب، وَهَذَا الحَدِيث من رِوَايَته فاعلمه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 230 (220) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد، عَن خَارِجَة بن مُصعب، عَن عبد الحميد بن سُهَيْل، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا لم يكن على الْبَاب ستر وَلَا بَاب، فَلَا بَأْس أَن يطلع فِي الدَّار ". كَذَا وَقع فِي النّسخ: عبد الحميد، وَهُوَ خطأ، وَإِنَّمَا هُوَ عبد الْمجِيد بن سُهَيْل، وَهُوَ ابْن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، وَهُوَ ثِقَة، وَهَكَذَا هُوَ فِي كتاب أبي أَحْمد. وَلِلْحَدِيثِ شَأْن آخر، أذكرهُ بِهِ فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أعلها بِقوم، وَترك أمثالهم أَو أَشد مِنْهُم. (221) وَذكر أَيْضا من طَرِيق قَاسم بن أصبغ، عَن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن، عَن مُعلى بن عبد الرَّحْمَن الوَاسِطِيّ، عَن عبد الْمجِيد، عَن مُحَمَّد بن قيس، عَن ابْن عمر، أَنه طلق امْرَأَته، وَهِي حَائِض /، الحَدِيث. كَذَا رَأَيْته فِي بعض النّسخ: عبد الْمجِيد، وَهُوَ خطأ، وَإِنَّمَا صَوَابه: عبد الحميد - وَهُوَ ابْن جَعْفَر - وَكَذَلِكَ هُوَ عِنْد قَاسم / ومنسوب إِلَى أَبِيه جَعْفَر فِي تَفْسِير الْإِسْنَاد. وَقد رَأَيْته فِي بعض النّسخ على الصَّوَاب، فَإِنَّمَا ذكرته رفعا للبس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 231 (222) وَذكر من طَرِيق أبي عمر، من حَدِيث معَاذ بن جبل حديثين: أَحدهمَا: " لكل دين خلق، وَخلق الْإِسْلَام الْحيَاء، وَلَا حَيَاء لمن لَا دين لَهُ ". (223) وَالْآخر: " زَينُوا الْإِسْلَام بخصلتين: الْحيَاء والسماحة فِي الله لَا فِي غَيره ". بِإِسْنَاد قَالَ فِيهِ: حسن، ثمَّ قَالَ: ذكره فِي بَاب مَالك، عَن صَفْوَان من كتاب التَّمْهِيد. كَذَا رَأَيْته فِي النّسخ، وَهُوَ بِلَا شكّ مِمَّا سقط مِنْهُ فَتغير، وَذَلِكَ أَن أَبَا عمر، إِنَّمَا ذكره فِي بَاب سَلمَة بن صَفْوَان، فَأَما بَاب صَفْوَان فَلَيْسَ فِيهِ شَيْء من ذَلِك فاعلمه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 232 (8) بَاب ذكر أَحَادِيث أوردهَا وَلم أجد لَهَا ذكرا، أَو عزاها إِلَى مَوَاضِع لَيست هِيَ فِيهَا، أَو لَيست كَمَا ذكر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 233 لم يخف عَليّ أَن قَارِئ هَذِه التَّرْجَمَة يَرَاهَا تعسفاً عَلَيْهِ، بِاحْتِمَال أَن يغيب عني مَا لم يغب عَنهُ، وَأَن يكون قد علم مَا جهل غَيره، وَلَكِن مَعَ ذَلِك رَأَيْت أَن أذكر فِيهَا مِمَّا تقاضاه مَا اعتر عَلَيْهِ مِنْهُ، قَاصِدا بذلك أَن تكون مِنْك على ذكر، تعيرها مِنْك بحثا، فإمَّا أَن يَصح لَك مَا ظننته أَنا، أَو مَا علمه هُوَ. وَاعْلَم أَن كل حَدِيث أَقُول لَك: إِنِّي لم أَجِدهُ فِي الْموضع الَّذِي عزاهُ إِلَيْهِ يمْنَع من تَقْلِيده فِي نَقله، وَيُوجب عَلَيْك الْبَحْث عَنهُ أُمُور: مِنْهَا احْتِمَال غلطه، وَاحْتِمَال تغير الْمَكْتُوب بِتَغَيُّر الروَاة والنساخ، وَاحْتِمَال أَن يكون قد رَآهُ عِنْد من عزاهُ إِلَيْهِ غير موصل، كَمَا قد اعتراه ذَلِك فِي كثير من الْأَحَادِيث، ستراها بعد أَن شَاءَ الله [تَعَالَى] . وَهَذَا بعد تَقْدِير وجودهَا فِي الْموضع الَّذِي عزاها إِلَيْهِ، وخفاء ذَلِك عَليّ. وَأَقل الْأَحْوَال أَن يُوجب عَلَيْك مَا أخْبرك بِهِ من عدمهَا فِي الْمَوَاضِع الَّتِي ينسبها إِلَيْهِ تثبيتاً وتوقفاً. فَمن ذَلِك أَنه قَالَ فِي الطَّهَارَة - بعد ذكر حَدِيث عبد الله بن زيد فِي تَجْدِيد / المَاء للأذنين: (224) (وَقد ورد الْأَمر بتجديد المَاء للأذنين، من حَدِيث نمران بن جَارِيَة، عَن أَبِيه عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَهُوَ إِسْنَاد ضَعِيف. هَذَا نَص مَا ذكر، وَهُوَ شَيْء لَا يُوجد أصلا، وَهُوَ لم يعزه إِلَى مَوضِع فنتحاكم إِلَيْهِ، وَأَحَادِيث نمران بن جَارِيَة عَن أَبِيه جَارِيَة بن ظفر، محصورة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 235 معروفه، يَرْوِيهَا عَنهُ دهثم بن قرَان، وَهُوَ ضَعِيف، وَهِي أَرْبَعَة أَو نَحْوهَا، قد ذكر هُوَ مِنْهَا: (225) حَدِيث الْقَضَاء للَّذي تليه معاقد القمط. (226) وَحَدِيث العَبْد الَّذِي قطع يَد رجل ثمَّ شج آخر. وَأرَاهُ اخْتَلَط عَلَيْهِ هَذَا الَّذِي أنكرناه عَلَيْهِ، وَبِمَا روى عَنهُ دهثم بن قرَان، عَن أَبِيه، جَارِيَة بن ظفر أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: (227) " خُذ للرأس مَاء جَدِيدا ". وَهُوَ حَدِيث مَعْرُوف من جملَة مَا روى عَنهُ، ذكره الْبَزَّار. وَأما الْأَمر بتجديد المَاء للأذنين فَلَا وجود لَهُ فِي علمي، فابحث عَنهُ. (228) وَذكر أَيْضا فِي التَّيَمُّم، عَن أبي دَاوُد، من راوية عَطاء / عَن جَابر: خرجنَا فِي سفر فَأصَاب رجلا مَعنا حجر فَشَجَّهُ فِي رَأسه، فَاحْتَلَمَ، فَسَأَلَ أَصْحَابه، هَل تَجِدُونَ لي رخصَة فِي التَّيَمُّم؟ قَالُوا: مَا نجد لَك رخصَة، وَأَنت تقدر على المَاء، فاغتسل فَمَاتَ، فَلَمَّا قدمنَا على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أخبر ذَلِك فَقَالَ: " قَتَلُوهُ قَتلهمْ الله، أَلا سَأَلُوا إِذْ لم يعلمُوا، فَإِنَّمَا شِفَاء العي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 236 السُّؤَال، إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَن يتَيَمَّم، ويعصر، أَو يعصب على جرحه خرقَة، ثمَّ يمسح عَلَيْهَا، وَيغسل سَائِر جسده ". ثمَّ قَالَ: لم يروه عَن عَطاء غير الزبير بن خريق، وَلَيْسَ بِقَوي. وَرَوَاهُ الْأَوْزَاعِيّ، عَن عَطاء، عَن ابْن عَبَّاس، وَاخْتلف عَن الْأَوْزَاعِيّ، فَقيل عَنهُ: عَن عَطاء، وَقيل عَنهُ: بَلغنِي عَن عَطاء، وَلَا يرْوى الحَدِيث من وَجه قوي. هَذَا نَص مَا أورد، وَإِنَّمَا لم نكتب هَذَا الحَدِيث وَمَا يتبعهُ من القَوْل إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي الْبَاب الَّذِي تقدم - الَّذِي ذكرت فِيهِ أَحَادِيث يعطفها أَو يردفها، بِحَيْثُ تفهم مشاركتها لما قبلهَا فِي جَمِيع مقتضياتها - لِأَن تِلْكَ إِنَّمَا كَانَ ذَلِك فِيهَا بِحكم الظَّاهِر / فَأَما هَا هُنَا فَإِنَّهُ سَاق الحَدِيث الْمَذْكُور فِي التَّيَمُّم، ثمَّ أَخذ يَقُول: إِن الْأَوْزَاعِيّ رَوَاهُ عَن عَطاء، عَن ابْن عَبَّاس. فَهَذَا لَا يفهم إِلَّا أَن التَّيَمُّم فِي حق الْمَرِيض من رِوَايَة ابْن عَبَّاس أَيْضا، كَمَا هُوَ من رِوَايَة جَابر، وَذَلِكَ بَاطِل. وَإِنَّمَا اعتراه هَذَا من كتاب الدَّارَقُطْنِيّ الَّذِي نَقله مِنْهُ، فَإِنَّهُ أجمل القَوْل كَمَا ذكر، ثمَّ فسره بإيراد الْأَحَادِيث، فتخلص، فَكتب أَبُو مُحَمَّد الْإِجْمَال، وَلم يكْتب التَّفْسِير، فَوَقع فِي الْخَطَأ. (229) وَحَدِيث ابْن عَبَّاس، لَا ذكر فِيهِ للتيمم، وَإِنَّمَا نَصه: عَن عَطاء، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 237 عَن ابْن عَبَّاس، أَن رجلا أَصَابَته جِرَاحَة على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فأصابته جَنَابَة، فاستفتى فأفتي بِالْغسْلِ، فاغتسل فَمَاتَ، فَبلغ ذَلِك النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " قَتَلُوهُ قَتلهمْ الله، ألم يكن شِفَاء العي السُّؤَال ". قَالَ عَطاء: فبلغني أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سُئِلَ عَن ذَلِك بعد فَقَالَ: " لَو غسل جسده وَترك رَأسه حَيْثُ أَصَابَهُ الْجراح أَجزَأَهُ ". ثمَّ أورد الدَّارَقُطْنِيّ الْأَسَانِيد يبين بهَا الْخلاف على الْأَوْزَاعِيّ. وَمَا فِي شَيْء مِنْهَا إِلَّا هَذَا الَّذِي ذَكرْنَاهُ، لم يَقع فِيهَا للتيمم ذكر، وَإِنَّمَا اشْتغل بالقصة لَا بِقِطْعَة التَّيَمُّم، وَلَا يعرف ذكر التَّيَمُّم فِيهَا إِلَّا من رِوَايَة الزبير ابْن خريق، عَن عَطاء، عَن جَابر، كَمَا تقدم، أَو من رِوَايَة أبي سعيد الْخُدْرِيّ بِإِسْنَاد بَالغ إِلَى الْغَايَة فِي الضعْف. (230) قَالَ أَبُو أَحْمد بن عدي: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْحسن بن مُوسَى الْكُوفِي بِمصْر، قَالَ: حَدثنَا أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن حَمَّاد، قَالَ: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن أبي حَمَّاد، عَن عَمْرو بن شمر عَن عَمْرو بن أنس، عَن عَطِيَّة، عَن أبي سعيد قَالَ: أجنب رجل مَرِيض فِي يَوْم بَارِد، على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَغسله أَصْحَابه فَمَاتَ، فَبلغ ذَلِك النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " مَا لَهُم قَتَلُوهُ قَتلهمْ الله، إِنَّمَا كَانَ يُجزئ من ذَلِك التَّيَمُّم ". هَذَا غَايَة فِي الضعْف من جِهَات: نجتزئ مِنْهَا _ إِذا لم نقصده بالتنبيه - / على عَمْرو بن شمر فَإِنَّهُ أحد الهالكين /. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 238 (231) وَذكر أَيْضا من طَرِيق الْبَزَّار، من حَدِيث عبد الله بن مَسْعُود، رَفعه إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " جَنبُوا مَسَاجِدكُمْ صِبْيَانكُمْ وَمَجَانِينكُمْ ". ثمَّ قَالَ: يرويهِ مُوسَى بن عُمَيْر. قَالَ الْبَزَّار: لَيْسَ لَهُ أصل من حَدِيث عبد الله، انْتهى مَا ذكر. فَأَقُول - وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق -: هَذَا الحَدِيث وَالْكَلَام بعده، لَيْسَ فِي مُسْند حَدِيث عبد الله بن مَسْعُود من كتاب الْبَزَّار، لَعَلَّه نَقله من بعض أَمَالِيهِ الَّتِي تقع لَهُ مجَالِس مَكْتُوبَة فِي أَضْعَاف كِتَابه فِي بعض النّسخ، وَلَعَلَّه يعثر عَلَيْهِ بعد - إِن شَاءَ الله تَعَالَى -. (232) وَذكر أَيْضا أَحَادِيث التَّكْبِير فِي صَلَاة الْعِيدَيْنِ من فعله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثمَّ قَالَ: (233) وَرَوَاهُ أَبُو بكر الْبَزَّار من حَدِيث ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " التَّكْبِير فِي الْعِيدَيْنِ فِي الرَّكْعَة الأولى، سبع تَكْبِيرَات، وَفِي الْأُخْرَى خمس " قَالَ: وَفِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث فرج بن فضَالة. هَذَا نَص مَا أورد، وَقد جهدت أَن أجد هَذَا الحَدِيث فِي مُسْند حَدِيث ابْن عمر عِنْد الْبَزَّار، فَمَا قدرت عَلَيْهِ، وَقد جوزت أَن يكون وَقع فِي بعض أَمَالِيهِ، فَإِنَّهُ قد يذكر مِنْهَا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 239 (234) فَمن ذَلِك حَدِيث: " لَا صَلَاة لملتفت " قَالَ: ذكره الْبَزَّار فِي الْإِمْلَاء فِي غير الْمسند. فَكَانَ عَلَيْهِ إِن كَانَ هَذَا الحَدِيث مِنْهَا أَن يبين ذَلِك أَيْضا أَو يكون قد تصحف للرواة من نسبه إِلَيْهِ. وَالَّذِي فِي مُسْند حَدِيث ابْن عمر عِنْد الْبَزَّار، إِنَّمَا هُوَ الْفِعْل لَا القَوْل، وَمن غير رِوَايَة فرج بن فضَالة وَهُوَ هَذَا: أخبرنَا عَبدة بن عبد الله، قَالَ: حَدثنَا عمر بن جيب، قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن عَامر، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " كَانَ يكبر فِي صَلَاة الْعِيدَيْنِ، ثِنْتَيْ عشرَة تَكْبِيرَة، سبعا فِي الأولى، وخمساً فِي الْآخِرَة ". والْحَدِيث الْمَذْكُور من قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَمن رِوَايَة فرج بن فضَالة، إِنَّمَا أعرفهُ عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ، قَالَ: حَدثنَا عُثْمَان بن أَحْمد الدقاق قَالَ: حَدثنَا أَحْمد بن عَليّ الخزاز / قَالَ: حَدثنَا سعد بن عبد الحميد، قَالَ: حَدثنَا فرج بن فضَالة، عَن يحيى بن سعيد، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " التَّكْبِير فِي الْعِيدَيْنِ فِي الرَّكْعَة الأولى سبع تَكْبِيرَات، وَفِي الْآخِرَة خمس تَكْبِيرَات ". (235) وَذكر أَيْضا من طَرِيق الْبَزَّار، عَن جَعْفَر بن عبد الله بن عُثْمَان المَخْزُومِي، قَالَ: رَأَيْت مُحَمَّد بن عباد بن جَعْفَر قبل الْحجر، ثمَّ سجد عَلَيْهِ، قلت مَا هَذَا؟ قَالَ: رَأَيْت خَالك ابْن عَبَّاس قبل الْحجر ثمَّ سجد عَلَيْهِ وَقَالَ: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 240 رَأَيْت عمر قبله وَسجد عَلَيْهِ، وَقَالَ: " رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قبله وَسجد عَلَيْهِ ". وَهَذَا الحَدِيث أَيْضا كَذَلِك، وَلَا ذكر لَهُ فِي حَدِيث عمر من كتاب الْبَزَّار، وَلَعَلَّه من بعض أَمَالِيهِ، وَإِنَّمَا أعرفهُ هَكَذَا عِنْد ابْن السكن. قَالَ: حَدثنَا أَبُو بكر: أَحْمد بن مُحَمَّد الْآدَمِيّ، المقرىء الْبَغْدَادِيّ قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عَمْرو بن أبي مذعور، قَالَ: حَدثنَا أَبُو عَاصِم، قَالَ: حَدثنَا جَعْفَر بن عبد الله الْحميدِي - رجل من بني حميد من قُرَيْش - قَالَ: لَهُ رَأَيْت مُحَمَّد ابْن عباد بن جَعْفَر قبل الْحجر، ثمَّ سجد عَلَيْهِ / فَقلت مَا هَذَا؟ قَالَ: رَأَيْت خَالك عبد الله بن عَبَّاس قبله ثمَّ سجد عَلَيْهِ، ثمَّ قَالَ: رَأَيْت عمر بن الْخطاب قبله ثمَّ سجد عَلَيْهِ، ثمَّ قَالَ: وَالله إِنِّي لأعْلم أَنَّك حجر وَلَكِنِّي رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فعل هَكَذَا ففعلته. (236) (وَذكر من حَدِيث مَالك، عَن أبي نعيم: وهب بن كيسَان، عَن جَابر " من صلى رَكْعَة، لم يقْرَأ فِيهَا بِأم الْقُرْآن، فَلم يصل إِلَّا وَرَاء الإِمَام ". ثمَّ قَالَ: رَوَاهُ يحيى بن سَلام عَن مَالك بِهَذَا الْإِسْنَاد، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَتفرد بِرَفْعِهِ، وَلم يُتَابع عَلَيْهِ، وَرَوَاهُ أَصْحَاب الْمُوَطَّأ مَوْقُوفا على جَابر، وَهُوَ الصَّحِيح، انْتهى كَلَامه. وَالْخَطَأ فِيهِ بَين، إِلَّا أَنه لم يعزه، جَوَّزنَا أَن يكون قد وجده كَمَا قَالَ، ويغلب على الظَّن أَنه إِنَّمَا اتبع فِيمَا قَالَ أَبَا عمر بن عبد الْبر، فَإِنَّهُ الَّذِي ذكر حَدِيث مَالك هَذَا، ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: رَوَاهُ يحيى بن سَلام، صَاحب التَّفْسِير، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 241 عَن مَالك، عَن أبي نعيم، عَن جَابر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / وَصَوَابه مَوْقُوف كَمَا فِي الْمُوَطَّأ. هَكَذَا قَالَ أَبُو عمر، وَهُوَ خطأ، وَكَذَلِكَ أَيْضا فعل فِيهِ الدَّارَقُطْنِيّ، وَهُوَ غلط، فَإِن الَّذِي روى يحيى بن سَلام مَرْفُوعا، لَيْسَ هَكَذَا، وَإِنَّمَا هُوَ: " من صلى صَلَاة لم يقْرَأ فِيهَا بِفَاتِحَة فَلم يصل إِلَّا وَرَاء الإِمَام ". وَفرق عَظِيم بَين اللَّفْظَيْنِ، فَإِن حَدِيث مَالك يقْضِي إِيجَاب قِرَاءَة الْفَاتِحَة فِي كل رَكْعَة، فَأَما حَدِيث يحيى بن سَلام عَنهُ، فَيمكن أَن يتقاصرعن هَذَا الْمَعْنى بِأَن يُقَال: إِنَّمَا فِيهِ إِيجَابهَا فِي الصَّلَاة ويتفصى عَن عهدته بالمرة الْوَاحِدَة. وسنورد رِوَايَة يحيى بن سَلام بنصها فِي بَاب مَا أغفل نسبته من الْأَحَادِيث إِلَى الْمَوَاضِع الَّتِي نقلهَا مِنْهَا. وَهَاهُنَا أَيْضا أَمر آخر لغير ابْن عبد الْبر، وَالدَّارَقُطْنِيّ، يجب التَّنْبِيه عَلَيْهِ، وَهُوَ أَن أَبَا عبد الله بن البيع الْحَاكِم، ذكر فِي كتاب الْمدْخل إِلَى كتاب الإكليل طبقَة من الجروحين: رَابِعَة وهم قوم رفعوا أَحَادِيث إِنَّمَا هِيَ مَوْقُوفَة. ثمَّ قَالَ فِي الْبَاب: وَيحيى بن سَلام الْمصْرِيّ، روى عَن مَالك، عَن وهب ابْن كيسَان، عَن جَابر أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من كَانَ لَهُ إِمَام، فقراءة الإِمَام لَهُ قِرَاءَة ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 242 وَهُوَ فِي الْمُوَطَّأ لمَالِك، عَن وهب بن كيسَان، عَن جَابر قَوْله، انْتهى كَلَامه. وَهُوَ أَيْضا خطأ، فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي الْمُوَطَّأ هَكَذَا، وَلَا رَوَاهُ يحيى بن سَلام هَكَذَا. وَذَلِكَ أَن هَذَا اللَّفْظ لم يعرض فِيهِ لأم الْقُرْآن بِتَعْيِين، لَا فِي كل الصَّلَاة وَلَا فِي رَكْعَة مِنْهَا. وَهَؤُلَاء إِنَّمَا يُؤْتونَ من قلَّة الْفِقْه، فهم يسوون بَين الْأَلْفَاظ المتغايرة الدلالات وَيَنْبَغِي أَن تسْقط الثِّقَة بِمن هَذِه حَاله. (237) وَذكر أَيْضا من طَرِيق ابْن أبي شيبَة، عَن إِسْحَاق بن سُوَيْد، عَن عمر بن الْخطاب أَنه أبْصر رجلا يُصَلِّي، بَعيدا من الْقبْلَة، فَقَالَ: " تقدم، وَلَا تفْسد [عَلَيْك] صَلَاتك، وَمَا قلت لَك إِلَّا مَا سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول ". ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: إِسْحَاق بن سُوَيْد لم يدْرك عمر. لم يزدْ على هَذَا، فَاعْلَم أَن هَذَا الحَدِيث لَا ذكر لَهُ فِي مُسْند ابْن أبي شيبَة، وَلم أَجِدهُ أَيْضا فِي مُصَنفه، فلعلك تعثر عَلَيْهِ، وَكن حذرا من نسبته إِلَيْهِ، فقد جهدت أَن أَجِدهُ، وَخفت / أَن يكون تصحف فِي معلقاته. وأذكر الحَدِيث من كتاب بَقِي بن مخلد، قَالَ: حَدثنَا هِشَام بن عمار، قَالَ: حَدثنَا يحيى بن حَمْزَة، قَالَ: حَدثنَا برد بن سِنَان، عَن إِسْحَاق بن سُوَيْد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 243 الْعَدوي - وَكَانَ شَيخا كَبِيرا - قَالَ: مر عمر بن الْخطاب بِرَجُل يُصَلِّي، فَقَالَ: " ادن من قبلتك، لَا يفْسد الشَّيْطَان عَلَيْك صَلَاتك، أما أَنِّي لست أَقُول بِرَأْي، وَلَكِن هَكَذَا سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ". وَذكر أَبُو الْحسن الدَّارَقُطْنِيّ فِي علله قَالَ: وَسُئِلَ عَن حَدِيث رجل لم يسم، عَن عمر، أَنه رأى رجلا يُصَلِّي متباعداً عَن الْقبْلَة، فَقَالَ: " تقدم، لَا يفْسد الشَّيْطَان عَلَيْك صَلَاتك أما إِنِّي لم أقل إِلَّا مَا سَمِعت من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ: يرويهِ إِسْحَاق بن سُوَيْد الْعَدوي، وَاخْتلف عَنهُ، فَرَوَاهُ مُعْتَمر، عَن إِسْحَاق بن سُوَيْد، عَمَّن حَدثهُ عَن عمر مَرْفُوعا. وَرَوَاهُ عبد الْوَارِث، عَن إِسْحَاق بن سُوَيْد مُرْسلا عَن عمر مَرْفُوعا، وَقَوله أشبه بِالصَّوَابِ. وَذكره عبد الرَّزَّاق، عَن ابْن جريج، قَالَ: مر عمر بن الْخطاب بفتى، وَهُوَ يُصَلِّي، فَقَالَ: يَا فَتى، ثَلَاثًا، حَتَّى رأى أَن قد عرف صَوته، " تقدم إِلَى سَارِيَة، لَا يلْعَب الشَّيْطَان بصلاتك، فلست بِرَأْي أقوله، وَلَكِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُوله ". وَهَذَا أَيْضا فَاحش الِانْقِطَاع. (238) وَذكر ايضاً من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن قدامَة بن عبد الله قَالَ: " رَأَيْته رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَرْمِي جَمْرَة الْعقبَة على نَاقَة لَهُ صهباء، لَا ضرب وَلَا طرد، وَلَا إِلَيْك إِلَيْك ". وَأوردهُ فِي كِتَابه الْكَبِير بِإِسْنَادِهِ هَكَذَا: أَبُو دَاوُد قَالَ: حَدثنَا إِسْحَاق بن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 244 إِبْرَاهِيم، حَدثنَا وَكِيع، حَدثنَا أَيمن بن نابل، عَن قدامَة بن عبد الله فَذكره. وَهَذَا الحَدِيث لم أجد لَهُ فِي شَيْء من الرِّوَايَات عَن أبي دَاوُد ذكرا، وَإِنَّمَا ذكره هَكَذَا بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور، عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، أَبُو عبد الرَّحْمَن النَّسَائِيّ فِي كِتَابه، وَهُوَ الَّذِي يلْزم أخبرنَا، فَأَما أَبُو دَاوُد فَإِنَّمَا يَقُول: حَدثنَا، وأخاف أَن يكون أَرَادَ أَن يَكْتُبهُ عَن النَّسَائِيّ، فغلط بِأَن / كتب أَبُو دَاوُد، وَالله أعلم. (239) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن أبي أُمَامَة قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: أَرَأَيْت رجلا غزا يلْتَمس الْأجر وَالذكر، مَاله؟ فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا شَيْء لَهُ " فَأَعَادَهَا عَلَيْهِ ثَلَاث مَرَّات، يَقُول لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا شَيْء لَهُ ". ثمَّ قَالَ: " إِن الله عز وَجل لَا يقبل من الْعَمَل إِلَّا مَا كَانَ لَهُ خَالِصا، وابتغى بِهِ وَجهه ". كَذَا عزاهُ إِلَى أبي دَاوُد، وَلَا أعلمهُ عِنْده، وَإِنَّمَا هُوَ بِهَذَا النَّص عِنْد النَّسَائِيّ، قَالَ حَدثنَا عِيسَى بن هِلَال الْحِمصِي، حَدثنَا مُحَمَّد بن حمير حَدثنَا مُعَاوِيَة بن سَلام، عَن عِكْرِمَة بن عمار، عَن شَدَّاد أبي عمار، عَن أبي أُمَامَة، فَذكره. وَكَذَا سَاقه فِي كِتَابه الْكَبِير من عِنْد النَّسَائِيّ بِهَذَا الْإِسْنَاد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 245 (240) وَذكر أَيْضا من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن سماك، عَن رجل من قومه، عَن آخر مِنْهُم قَالَ: رَأَيْت راية رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / صفراء. (241) ثمَّ قَالَ: وَعَن الزبير بن الْعَوام قَالَ: كَانَ على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم أحد دِرْعَانِ، فَنَهَضَ إِلَى الصَّخْرَة فَلم يسْتَطع، فَأقْعدَ طَلْحَة تَحْتَهُ حَتَّى اسْتَوَى على الصَّخْرَة فَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " أوجب طَلْحَة ". كَذَا أوردهُ على أَنه من عِنْد أبي دَاوُد، وَهُوَ خطأ، وَسكت عَنهُ مصححاً لَهُ، وَفِيه من يضعف. وَلَيْسَ الحَدِيث من كتاب أبي دَاوُد أصلا، وَإِنَّمَا هُوَ هَكَذَا حرفا بِحرف من عِنْد التِّرْمِذِيّ، قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن سعيد، أَبُو سعيد الأشجع، حَدثنَا يُونُس ابْن بكير، حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن يحيى بن عباد، عَن أَبِيه، عَن جده، عَن الزير بن الْعَوام، قَالَ: كَانَ على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم أحد، الحَدِيث. (242) وَذكر أَيْضا من طَرِيق مُسلم، عَن أُسَامَة بن زيد، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يتوارث أهل ملتين ". وَعنهُ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يَرث الْمُسلم الْكَافِر، وَلَا الْكَافِر الْمُسلم ". كَذَا ذكر هذَيْن الْحَدِيثين، وَالْأول مِنْهُمَا لَيْسَ فِي كتاب مُسلم بِوَجْه من الْوُجُوه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 246 وَأما الثَّانِي فَهُوَ فِيهِ. وإِنَّمَا الحَدِيث الأول فِي كتاب النَّسَائِيّ وَغَيره، وَمن عِنْد النَّسَائِيّ ذكره فِي كِتَابه الْكَبِير بِإِسْنَادِهِ /. ثمَّ أورد بعده هَذَا الحَدِيث الثَّانِي من عِنْد مُسلم، فَكَانَ هَذَا الْعَمَل مِنْهُ صَوَابا. (243) وَذكر أَيْضا من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن أَبَا هِنْد، حجم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي اليافوخ، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يَا بني بياضة، أنكحوا أَبَا هِنْد، وَانْكِحُوا إِلَيْهِ " قَالَ: " وَإِن كَانَ فِي شَيْء مِمَّا تداويتم بِهِ خير فالحجامة ". قَالَ: وَزَاد فِي المراسل عَن الزُّهْرِيّ، فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، نزوج بناتنا من موالينا؟ فَأنْزل الله عز وَجل: {يَا أَيهَا النَّاس إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ من ذكر وَأُنْثَى وجعلناكم} الْآيَة. قَالَ الزُّهْرِيّ: نزلت فِي أبي هِنْد خَاصَّة. ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: وَقد أسْند هَذَا [الحَدِيث] والمرسل هُوَ الصَّحِيح، انْتهى مَا أورد. وَقد بَينا فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي لم يعبها بسوى الْإِرْسَال - وَلها عُيُوب سواهُ - أَنه أعرض فِي هَذَا الْمُرْسل عَن بَقِيَّة، وَهُوَ دائباً يُضعفهُ ويضعف بِهِ، وَهَا هُوَ ذَا قد قَالَ فِي مرسله: هُوَ الصَّحِيح. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 247 \ ونريد الْآن بَيَان مَا فِي قَوْله: وَقد أسْند هَذَا، والمرسل هُوَ الصَّحِيح، فَإِن فِيهِ مجازفة، وَهُوَ لَا يعرف مَا جَاءَ بِهِ الزُّهْرِيّ من قَوْلهم: أنزوج بناتنا من موالينا - مُسْندًا. وَإِنَّمَا أورد أَبُو دَاوُد الْمُرْسل الْمَذْكُور بِالزِّيَادَةِ الْمَذْكُورَة، ثمَّ قَالَ: رُوِيَ بعض هَذ مُسْندًا وَهُوَ ضَعِيف، فأسقط أَبُو مُحَمَّد لَفْظَة " بعض " وَإِنَّمَا يَعْنِي أَبُو دَاوُد، أَن مَجْمُوع مَا ذكر الزُّهْرِيّ، رُوِيَ بعضه مُسْندًا يَعْنِي قَوْله: " يَا بني بياضة، أنكحوا أَبَا هِنْد، وَانْكِحُوا إِلَيْهِ ". هَذَا هُوَ الَّذِي رُوِيَ مُسْندًا من حَدِيث أبي هُرَيْرَة، وَهُوَ صَحِيح. وَأَبُو دَاوُد إِنَّمَا ذكره فِي كتاب السّنَن، وَلما لم يذكرهُ فِي المراسل وتضمنه الْمُرْسل، نبه على أَن بعض مُقْتَضَاهُ رُوِيَ مُسْندًا. ثمَّ قَالَ: وَهُوَ ضَعِيف، يَعْنِي مُرْسل ابْن شهَاب، لِأَنَّهُ عَن بَقِيَّة. ففهم أَبُو مُحَمَّد الْموضع على وَجه آخر، وَهُوَ أَن مَجْمُوع مَا روى الزُّهْرِيّ، رُوِيَ مُسْندًا وَهُوَ ضَعِيف. قَالَ: والمرسل هُوَ / الصَّحِيح، وَهَذَا لَيْسَ كَمَا ذكر، وَلَا يُوجد " أنزوج بناتنا " مُسْندًا فِيمَا أعلم، وَالله الْمُوفق. (244) وَذكر أَيْضا من طَرِيق البُخَارِيّ، عَن الخنساء بنت خدام أَن أَبَاهَا زَوجهَا وَهِي ثيب، فَكرِهت ذَلِك، فَأَتَت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - /، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 248 فَرد نِكَاحه. ثمَّ قَالَ: روى أَنَّهَا كَانَت بكرا، وَقع ذَلِك فِي كتاب أبي دَاوُد، وَالنَّسَائِيّ، وَالصَّحِيح أَنَّهَا كَانَت ثَيِّبًا. انْتهى كَلَامه. وَفِيه نِسْبَة كَون خنساء بكرا إِلَى كتاب أبي دَاوُد، وَمَا فِيهِ شَيْء من ذَلِك، وَإِنَّمَا فِيهِ من شَأْن خنساء مَا فِي كتابي البُخَارِيّ وَمُسلم: من كَونهَا ثَيِّبًا، وَهُوَ حَدِيث مَالك، عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم، عَن أَبِيه، عَن عبد الرَّحْمَن وَمجمع، ابْني يزِيد بن جَارِيَة، عَن خنساء بنت خدام، نَقله جَمِيعهم. فَأَما النَّسَائِيّ، فَذكر رِوَايَة الثَّوْريّ، عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم، عَن عبد الله بن يزِيد، عَن خنساء بنت خدام، قَالَت: أنكحني أبي، وَأَنا كارهة، وَأَنا بكر، فشكوت ذَلِك إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " لَا تنكحها وَهِي كارهة ". كَذَا قَالَ فِيهِ: " وَأَنا بكر " وَفِي إِسْنَاده: عَن عبد الله بن يزِيد. وَالصَّحِيح مَا رَوَاهُ مَالك إِسْنَادًا ومتناً، وَقد رُوِيَ حَدِيثهَا بِأَنَّهَا كَانَت ثَيِّبًا من طرق غير هَذَا، وَإِنَّهَا تزوجت من هويت، وَهُوَ أَبُو لبَابَة بن عبد الْمُنْذر، فَولدت لَهُ السَّائِب بن أبي لبَابَة بن عبد الْمُنْذر، ولسنا الْآن نذكرها. (245) فَأَما قصَّة الْجَارِيَة الْبكر الَّتِي زَوجهَا أَبوهَا وَهِي كارهة، فأخرى، تظاهرت بهَا الرِّوَايَات، من حَدِيث ابْن عمر، وَجَابِر، وَابْن عَبَّاس، وَعَائِشَة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 249 ذكر مِنْهَا أَبُو دَاوُد حَدِيث ابْن عَبَّاس، وَهُوَ صَحِيح، وَلَا يضرّهُ أَن يُرْسِلهُ بعض رُوَاته، إِذا أسْندهُ من هُوَ ثِقَة. وَلَيْسَ لخنساء عِنْده ذكر إِلَّا بِمَا تقدم من أَنَّهَا ثيب، وَلَا تعدم فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس هَذَا من ترجح رِوَايَته مُرْسلا على رِوَايَة من رَوَاهُ مُسْندًا، كَذَلِك فعل أَبُو دَاوُد، وَالدَّارَقُطْنِيّ، عَن طَريقَة لَهما قد علمت، وَالصَّوَاب غَيرهَا. وَقد يظنّ أَن أَن جرير بن حَازِم مُنْفَرد عَن أَيُّوب بوصله بِزِيَادَة ابْن عَبَّاس فِيهِ، وَلَيْسَ كَذَلِك، بل قد رَوَاهُ عَن أَيُّوب كَذَلِك، زيد بن حبَان، وَرَوَاهُ أَيْضا عَن الثَّوْريّ عَن أَيُّوب بذلك. وَلنْ تعدم أَيْضا من يظنّ بِهِ اضطراباً فِي مَتنه، فَإِن فِي لفظ الْمَوْصُول: أَن جَارِيَة بكرا، ذكرت أَن أَبَاهَا زَوجهَا، وَهِي كارهة، فَخَيرهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَفِي لفظ الْمُرْسل عَن / عِكْرِمَة، " فَرد نِكَاحهَا "، وَرُوِيَ " فَفرق بَينهمَا ". وَهَذَا مُجْتَمع غير متناقض، وَإِنَّمَا الْمَعْنى: فَلم يلْزمهَا ذَلِك، فَإِنَّهُ إِذا خَيرهَا فقد رد الْإِلْزَام، وَتركهَا لما ترى. فَأَما حَدِيث خنساء فقصة أُخْرَى، وَهُوَ أصل لباب آخر، وَلَو صَحَّ فِيهِ أَنَّهَا كَانَت بكرا بِسَنَد لَا مطْعن فِيهِ، تنَاقض الحديثان فِي حَقّهَا. والمتقرر أَن هُنَاكَ قصتين: قصَّة خنساء، وَهِي كَانَت ثَيِّبًا، وقصة هَذِه الْجَارِيَة، وَهِي كَانَت بكرا. وَقد روى ذَلِك مُصَرحًا بِهِ، وَإِن كَانَ لم يَصح. (246) وَهُوَ مَا روى عبد الْملك الذمارِي، عَن الثَّوْريّ، عَن هِشَام الجزء: 2 ¦ الصفحة: 250 الدستوَائي، عَن يحيى بن أبي كثير، عَن عِكْرِمَة / عَن ابْن عَبَّاس، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " رد نِكَاح بكر وثيب أنكحهما أَبوهُمَا، وهما كارهتان، فَرد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نِكَاحهمَا ". قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: هَذَا وهم، وَالصَّوَاب يحيى بن أبي كثير، عَن المُهَاجر، عَن عِكْرِمَة مُرْسلا. وَقد أطلنا بِمَا لَيْسَ من الْبَاب، لِأَن أَبَا مُحَمَّد، نسب كَون خنساء بكرا إِلَى كتاب أبي دَاوُد، بِنَاء على أَن الْقِصَّة وَاحِدَة، وَلَيْسَ كَذَلِك، وَيلْزمهُ عَلَيْهِ أَن يعْتَقد فِي الْمَذْكُورَة فِي حَدِيث جَابر، وَعَائِشَة، أَنَّهَا خنساء، كَمَا اعْتقد فِي هَذِه الَّتِي فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس، وَذَلِكَ خطأ فاعلمه. (247) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن عبيد بن عُمَيْر قَالَ: أنبأني عَطاء، عَن ابْن عَبَّاس: " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاعَ مُصحفا ". ثمَّ قَالَ: مُحَمَّد هَذَا، ضعفه أَبُو حَاتِم، وَأَبُو زرْعَة، وَابْن معِين، وَغَيرهم، وَهَذَا الحَدِيث كذب، انْتهى مَا ذكر. هَذَا الحَدِيث لَا أعلم لَهُ موقعاً، فأبحث عَنهُ، فَإِنِّي لم أَجِدهُ فِي سنَن الدَّارَقُطْنِيّ، فَأَما كتاب الْعِلَل لَهُ، فَإِنَّهُ لم يذكر فِيهِ ابْن عَبَّاس، وَكَذَلِكَ جمَاعَة من الصَّحَابَة، أرَاهُ لم يبلغهم عمله، وَلَا أعلم أَبَا مُحَمَّد نقل حرفا عَن الدَّارَقُطْنِيّ من غير هذَيْن الْكِتَابَيْنِ، وَكتاب المؤتلف والمختلف، فَالله أعلم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 251 (248) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ أَحَادِيث فِي أم الْوَلَد، ثمَّ قَالَ: (249) وَعَن جَابر قَالَ: " بعنا أُمَّهَات الْأَوْلَاد على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / وَأبي بكر، فَلَمَّا كَانَ عمر نَهَانَا فَانْتَهَيْنَا ". هَذَا لم أجد لَهُ عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ ذكرا. (250) وَإِنَّمَا ذكر نصا آخر عَن جَابر، وَهُوَ: " كُنَّا نبيع سرارينا أُمَّهَات الْأَوْلَاد، وَالنَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَيّ لَا يرى بذلك بَأْسا ". وَهَذَا اللَّفْظ ذكره أَبُو مُحَمَّد من طَرِيق النَّسَائِيّ، فَأَما الأول فَإِنَّمَا ذكره أَبُو دَاوُد، وَمن طَرِيقه سَاقه فِي كِتَابه الْكَبِير بِإِسْنَادِهِ. فَإِذن نسبته إِلَى الدَّارَقُطْنِيّ مَحْذُورَة فَاعْلَم ذَلِك. (251) وذكرمن طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، عَن عمْرَة، عَن عَائِشَة قَالَت: " لما قدم جَعْفَر من أَرض الْحَبَشَة، خرج إِلَيْهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فعانقه ". فِي إِسْنَاده أَبُو قَتَادَة الْحَرَّانِي، وَقد رُوِيَ عَنْهَا من طَرِيق أُخْرَى، فِيهَا مُحَمَّد بن عبد الله بن عبيد بن عُمَيْر، قَالَ: وَكِلَاهُمَا غير مَحْفُوظ، وهما ضعيفان. هَذَا نَص مَا ذكر، وَكَذَا رَأَيْته فِي النّسخ معزواً إِلَى الدَّارَقُطْنِيّ، وَلَا أعرفهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 252 عِنْده فِي كِتَابيه، وَلَا أَبَت نَفْيه، فاجعله مِنْك على ذكر لَعَلَّك تعثر عَلَيْهِ. وَإِنَّمَا أعرفهُ عِنْد أبي أَحْمد من طريقيه. قَالَ فِي بَاب أبي قَتَادَة /: عبد الله بن وَاقد الْحَرَّانِي: حَدثنَا الْحسن بن أبي معشر، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى بن كثير، قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن وَاقد، عَن الثَّوْريّ، عَن يحيى بن سعيد، عَن عمْرَة - أرَاهُ ذكره - عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: قدم جَعْفَر، فَخرج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَالْتَزمهُ - أَو قَالَت: فَقبله -. قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث من حَدِيث الثَّوْريّ عَن يحيى، يرويهِ أَبُو قَتَادَة، وَيَرْوِيه مُحَمَّد بن عبد الله بن عبيد بن عُمَيْر، عَن يحيى بن سعيد، عَن الْقَاسِم، عَن عَائِشَة. وَقَالَ فِي بَاب مُحَمَّد بن عبد الله بن عبيد بن عُمَيْر: حَدثنَا أَحْمد بن الْحسن الصُّوفِي، / وَعبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز، قَالَا: حَدثنَا دَاوُد بن عَمْرو، حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن عبيد بن عُمَيْر اللَّيْثِيّ، عَن يحيى بن سعيد، عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد، عَن عَائِشَة قَالَت: لما قدم جَعْفَر " وَأَصْحَابه - قَالَ الصُّوفِي - من أَرض الْحَبَشَة - وَقَالا: " استقبله النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقبل بَين عَيْنَيْهِ ". قَالَ: وَرَوَاهُ أَبُو قَتَادَة الْحَرَّانِي، عَن الثَّوْريّ، عَن يحيى / بن سعيد، فَقَالَ: عَن عمْرَة، عَن عَائِشَة. (252) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن أبي قلَابَة، عَن أبي ثَعْلَبَة: سُئِلَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 253 رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن قدور الْمَجُوس، فَقَالَ: " أنقوها غسلا، واطبخوا فِيهَا ". ثمَّ قَالَ: هَذَا مَشْهُور من طَرِيق أبي ثَعْلَبَة، وَقد ذكر هَذَا الحَدِيث عَن أبي قلَابَة، عَن أبي أَسمَاء، عَن أبي ثَعْلَبَة، إِلَّا أَنه قَالَ: يَا رَسُول الله، إِنَّا بِأَرْض أهل الْكتاب، كَمَا تقدم لمُسلم. وَقَالَ: " إِن لم تَجدوا غَيرهَا فارحضوها بِالْمَاءِ ". (253) وَرَوَاهُ من طَرِيق الْحجَّاج - وَهُوَ ابْن أَرْطَاة - عَن الْوَلِيد بن أبي مَالك، عَن عَائِذ الله - وَهُوَ أَبُو إِدْرِيس الْخَولَانِيّ - عَن أبي ثَعْلَبَة، قَالَ فِيهِ: قلت: إِنَّا أهل سفر، نمر باليهود، وَالنَّصَارَى، وَالْمَجُوس، فَلَا نجد غير آنيتهم ... الحَدِيث. كَذَا ذكر هَذَا الْكَلَام بِهَذَا النَّص، وَرِوَايَة أبي قلَابَة، عَن أبي أَسمَاء، عَن أبي ثَعْلَبَة، فِي كتاب التِّرْمِذِيّ، كَمَا ذكرهَا إِسْنَادًا ومتناً. فَأَما رِوَايَة حجاج بن أَرْطَاة، فَإِنَّهَا لَيست فِي كتاب التِّرْمِذِيّ، وكثيراًما أجد فِي النّسخ هَذَا الْكَلَام هَكَذَا: وَقد ذكر هَذَا الحَدِيث عَن أبي قلَابَة، عَن أبي أَسمَاء، مركبا لما لم يسم فَاعله، ويأبى ذَلِك قَوْله بعده: وَقد رَوَاهُ من طَرِيق الْحجَّاج بن أَرْطَاة. وَأَيْضًا فَإِنَّهُ فِي كتاب التِّرْمِذِيّ كَمَا أَخْبَرتك فاعلمه. (254) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: قَالَ الله عز وَجل: الْكِبْرِيَاء رِدَائي، وَالْعَظَمَة إزَارِي، فَمن نَازَعَنِي وَاحِدًا مِنْهُمَا قَذَفته فِي النَّار ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 254 هَذَا لَا أعرفهُ عِنْد أبي دَاوُد، وَهُوَ عِنْد مُسلم من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد بقريب من هَذَا اللَّفْظ. (255) وَذكر من طَرِيق مُسلم، عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " قد أَفْلح من أسلم، ورزق كفافاً، وقنعه الله بِمَا آتَاهُ ". وَهَذَا لم يذكرهُ مُسلم، وَإِنَّمَا هُوَ عِنْد التِّرْمِذِيّ، وَلم يقل: " بِمَا آتَاهُ " وَقَالَ فِيهِ: حسن صَحِيح. (256) وَذكر من طَرِيق عبد الرَّزَّاق، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَمر أَن مَاتَ سعد بن أبي وَقاص / من مَرضه - يَعْنِي بِمَكَّة - أَن يخرج من مَكَّة، وَأَن يدْفن فِي طَرِيق الْمَدِينَة ". ثمَّ قَالَ: ذكره الْبَزَّار. وَلَيْسَ هُوَ عِنْد الْبَزَّار، إِلَّا أَن يكون من بعض أَمَالِيهِ. وَأما عِنْد عبد الرَّزَّاق فَهُوَ مُرْسل. قَالَ عبد الرَّزَّاق: أخبرنَا ابْن جريح، قَالَ أنبأني عبد الله بن عُثْمَان بن خثيم، عَن نَافِع بن سرجس، أَن سعد بن أبي وَقاص، اشْتَكَى خلاف النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِمَكَّة، حِين ذهب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى الطَّائِف، فَلَمَّا رَجَعَ، قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لعَمْرو بن الْقَارِي: " يَا عَمْرو، إِن مَاتَ فها هُنَا، وَأَشَارَ إِلَى طَرِيق الْمَدِينَة ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 255 عبد الرَّزَّاق أَيْضا عَن ابْن عُيَيْنَة، أنبأني إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد، عَن الْأَعْرَج، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَمر السَّائِب بن [عبد] القارىء فَقَالَ: " إِن مَاتَ سعد فَلَا تدفنه بِمَكَّة ". فَهَذِهِ كلهَا مراسل، وَأَبُو مُحَمَّد لم يبين ذَلِك، وَلَا ذكر من رَوَاهُ. وَالْمَقْصُود إِنَّمَا كَانَ أَنِّي لَا أعرفهُ عِنْد الْبَزَّار فَاعْلَم ذَلِك. وَقد اعتراه فِي حَدِيث عكس مَا نبهنا عَلَيْهِ فِيمَا تقدم، وَهُوَ أَن أنكر وجوده فِي مَوضِع عَمَّن عزاهُ إِلَيْهِ، وَأَخْطَأ فِي إِنْكَاره إِيَّاه، وَهُوَ حَدِيث: (257) " إِذا كنت إِمَامًا فقس النَّاس بأضعفهم ". سَاقه من طَرِيق ابْن حزم، قَالَ: إِنَّه أوردهُ من عِنْد الْبَزَّار، وَقَالَ عَن نَفسه: إِنَّه لم يره فِي مُسْند الْبَزَّار، وَإِنَّا رأى: إِذا كنت إِمَامًا فاقدر الْقَوْم بأضعفهم ". وَالْحَدِيثَانِ باللفظين عِنْد الْبَزَّار، وسنبين ذَلِك فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي سكت عَنْهَا مصححاً لَهَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى. وَمن هَذَا الْبَاب أَشْيَاء - من غير الْأَحَادِيث -، ذكرهَا فَلم أَجدهَا كَمَا ذكر، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 256 وَلم نجدها أصلا، ننبه عَلَيْهَا لتَكون [مِنْك] على ذكر. (258) مِنْهَا أَنه ذكر من طَرِيق أبي أَحْمد، من رِوَايَة ابْن نصير حَدِيث: " لَا ينفع مَعَ الشّرك شَيْء " /. ثمَّ قَالَ: حجاج ضعفه ابْن معِين وَالنَّسَائِيّ. وَقَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِم، وَالْبُخَارِيّ، وَابْن الْمَدِينِيّ: مَتْرُوك. وَلَفظ البُخَارِيّ فِيهِ: سكتوا عَنهُ. وَقَالَ فِيهِ ابْن معِين مرّة: شيخ صَدُوق، وَلَكِن أخذُوا عَلَيْهِ أَشْيَاء من حَدِيث شُعْبَة. وَذكر لَهُ أَبُو أَحْمد أَحَادِيث، هَذَا مِنْهَا، وَقَالَ: لَا أعلم لَهُ شَيْئا مُنْكرا غير هَذَا، وَهُوَ فِي غير مَا ذكرته صَالح، وَهُوَ حجاج بن نصير الفساطيطي. هَذَا نَص كَلَامه، وَهُوَ يُعْطي خلاف مَقْصُود أبي أَحْمد، وَإِنَّمَا أورد لَهُ أَبُو أَحْمد أَحَادِيث على عَادَته فِي سوق الْأَحَادِيث الَّتِي يُنكر على من يترجم باسمه، أَو مَا يَتَيَسَّر لَهُ مِنْهَا، فَكَانَ هَذَا الحَدِيث من جملَة مَا أورد لَهُ. ثمَّ قَالَ ولحجاج بن نصير أَحَادِيث وَرِوَايَات عَن شُيُوخه، وَلَا أعلم لَهُ شَيْئا مُنْكرا غير مَا ذكرت، وَهُوَ فِي غير مَا ذكرته صَالح. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 257 هَذَا نَص كَلَام أبي أَحْمد، فَكَلَام أبي مُحَمَّد يخصص النكارة بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُور، ويجعله فِيمَا عداهُ صَالحا. وَكَلَام أبي أَحْمد يخصص النكارة بالأحاديث الَّتِي ذكر، اللَّاتِي الحَدِيث الْمَذْكُور من جُمْلَتهَا، ويجعله فِي غَيرهَا صَالحا، وَلَيْسَ لهَذَا التَّنْبِيه كَبِير موقع، وَإِنَّمَا كَانَ انجر بِأَمْر ذكرنَا الحَدِيث بِهِ ذكرا بَينا فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أعلها بِقوم وَترك أمثالهم، أَو أَضْعَف مِنْهُم، لم يعرض لَهَا من أَجلهم، فَاعْلَم ذَلِك. (259) وَذكر عَن أبي عمر بن عبد الْبر أَن مسروقاً لم يلق معَاذًا، حكى ذَلِك فِي كتاب الزَّكَاة. وَإِنَّمَا يعرف لأبي عمر خلاف هَذَا فِي كِتَابيه التَّمْهِيد والاستذكار، نَص فيهمَا على أَن ذَلِك الحَدِيث مُتَّصِل. وَفد بَينا هَذَا مشروحاً فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ردهَا بالانقطاع / وَهِي مُتَّصِلَة. (260) وَذكر عَنهُ أَيْضا - إِثْر حَدِيث ابْن عمر وَابْن عَبَّاس، فِي إقطاع بِلَال بن الْحَارِث معادن الْقبلية. جلسيها وغوريها - أَنه قَالَ فِيهِ مُنْقَطع. وَهَذَا لَا أعرفهُ لَهُ، بل لَهُ خِلَافه فِي التَّمْهِيد، وَأما فِي الاستذكار فَلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 258 يعرض لهذين الطَّرِيقَيْنِ، وَقد شرحنا هَذَا فِي الْبَاب الْمَذْكُور. (261) وَذكر من حَدِيث جَابر فِي صفة الْحَج قِطْعَة، وَهِي: " فنزعوا لَهُ دلواً فَشرب مِنْهُ ". ثمَّ قَالَ: الَّذِي نزع لَهُ الدَّلْو، هُوَ الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب، ذكره / أَبُو عَليّ ابْن السكن. هَذَا أَيْضا لم أَجِدهُ لأبي عَليّ، لَا فِي سنَنه وَلَا فِي كتاب الصَّحَابَة، فابحث عَنهُ، وَلم أبعده، وَلَكِنِّي أَخْبَرتك أَنِّي لم أَجِدهُ. (262) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن كثير بن عبد الله بن عَمْرو بن عَوْف، عَن أَبِيه، عَن جده عَمْرو بن عَوْف، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " كبر فِي الْعِيدَيْنِ فِي الأولى سبعا قبل الْقِرَاءَة، وَفِي الْآخِرَة خمْسا قبل الْقِرَاءَة ". ثمَّ قَالَ: صحّح البُخَارِيّ هَذَا الحَدِيث. (263) قَالَ: وَكَذَلِكَ صحّح حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه عَن جده فِي ذَلِك. فَأَقُول - وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق -: لم يصحح البُخَارِيّ حَدِيث كثير بن عبد الله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 259 الْمَذْكُور، وَالْمَنْقُول عَنهُ فِي ذَلِك، هُوَ مَا ذكر التِّرْمِذِيّ عَنهُ فِي كتاب الْعِلَل، قَالَ: سَأَلت مُحَمَّدًا عَن هَذَا الحَدِيث فَقَالَ: لَيْسَ فِي الْبَاب شَيْء أصح من هَذَا، وَبِه أَقُول. وَحَدِيث عبد الله بن عبد الرَّحْمَن الطَّائِفِي عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده، فِي هَذَا الْبَاب هُوَ صَحِيح أَيْضا. هَذَا نَص مَا ذكر، وَلَيْسَ فِيهِ تَصْحِيح البُخَارِيّ لوَاحِد مِنْهُمَا. وَأما حَدِيث كثير بن عبد الله، فَإِنَّمَا قَالَ: لَيْسَ فِي الْبَاب شَيْء أصح مِنْهُ. وَلَيْسَ هَذَا بِنَصّ فِي تَصْحِيحه إِيَّاه، إِذْ قد يَقُول هَذَا لأشبه مَا فِي الْبَاب، وَإِن كَانَ كُله ضَعِيفا. فَإِن قيل: يُؤَكد مَفْهُوم أبي مُحَمَّد قَوْله: وَبِه أَقُول. فَالْجَوَاب أَن تَقول: هَذَا لَا أَدْرِي هَل هُوَ كَلَام البُخَارِيّ أَو كَلَام التِّرْمِذِيّ؟ وَهُوَ إِذا كَانَ كَلَام البُخَارِيّ يكون مَعْنَاهُ: وَبِه أَقُول وأفتي فِي صَلَاة الْعِيدَيْنِ، وَإِلَيْهِ أذهب فِي عدد التَّكْبِير. وَإِذا كَانَ كَلَام التِّرْمِذِيّ يكون مَعْنَاهُ: وَبِه أَقُول، أَي إِن الحَدِيث الْمَذْكُور أشبه مَا فِي الْبَاب وأصحه. فَإِنَّهُ قيل: قَوْله: وَحَدِيث عبد الله بن عبد الرَّحْمَن الطَّائِفِي، عَن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 260 عَمْرو، عَن أَبِيه، عَن جده فِي هَذَا الْبَاب هُوَ صَحِيح أَيْضا يُؤَكد الْمَفْهُوم الأول. فَالْجَوَاب أَن تَقول: وَهَذَا أَيْضا لَعَلَّه من كَلَام التِّرْمِذِيّ، فَهُوَ الَّذِي عهد يصحح حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده، إِذا روى عَنهُ ثِقَة. فَإِن قيل: وَهَذَا الفرارعن ظَاهر الْكَلَام الْمَذْكُور مَا أوجبه؟ فَالْجَوَاب أَن تَقول: أوجبه أَن عبد الله بن عَمْرو، وَالِد كثير هَذَا، لَا تعرف حَاله، وَلَا يعلم روى / عَنهُ غير ابْنه كثير، وَكثير عِنْدهم مَتْرُوك الحَدِيث قَالَه النَّسَائِيّ. وَذكر السَّاجِي، وَأَبُو حَاتِم البستي، عَن الشَّافِعِي أَنه قَالَ فِيهِ: ركن من أَرْكَان الْكَذِب. وَقَالَ أَبُو طَالب عَن أَحْمد بن حَنْبَل: هُوَ مُنكر الحَدِيث، لَيْسَ بِشَيْء. وَقَالَ عبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل: كثير بن عبد الله بن عَمْرو بن عَوْف، لَيْسَ يسوى شَيْئا، وَضرب على حَدِيثه فِي الْمسند، وَلم يحدث بِهِ. وَقَالَ ابْن أبي مَرْيَم عَن ابْن معِين: لَيْسَ بِشَيْء / وَلَا يكْتب حَدِيثه. وَكَذَلِكَ روى عَنهُ عُثْمَان الدَّارمِيّ، وروى عَنهُ عَبَّاس: كثير ضَعِيف. وَقَالَ فِيهِ أَبُو زرْعَة: واهي الحَدِيث. وَأورد لَهُ أَبُو أَحْمد أَحَادِيث مِمَّا تنكر عَلَيْهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 261 مِنْهَا حَدِيث هَذَا الْبَاب، ثمَّ قَالَ: عَامَّة مَا يرويهِ لَا يُتَابع عَلَيْهِ. وجده عَمْرو بن عَوْف صَحَابِيّ، يروي عَنهُ بِهَذَا الْإِسْنَاد أَحَادِيث. قَالَ ابْن السكن: فِيهَا نظر. وَقَالَ الْبَزَّار: لم يرو عَنهُ إِلَّا ابْنه. وَحين ذكر التِّرْمِذِيّ هَذَا الحَدِيث لم يُصَحِّحهُ، واستبعد أَيْضا على البُخَارِيّ أَن يصحح حَدِيث عبد الله بن عبد الرَّحْمَن الطرائفي عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده. فقد ضعف الطرائفي الْمَذْكُور نَاس: مِنْهُم ابْن معِين، وَلَقَد لقبوه الطرائفي لاستطرافهم طرائف يَأْتِيهم بهَا، وَقد أطلت مِمَّا لَيْسَ من الْبَاب، لأبين أَن قَول البُخَارِيّ: أصح شَيْء، لَيْسَ مَعْنَاهُ صَحِيحا، فاعلمه. (264) وَذكر أَيْضا من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ حَدِيث ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 262 قَالَ: " موت الْغَرِيب شَهَادَة ". ثمَّ قَالَ: ذكره فِي كتاب الْعِلَل من حَدِيث ابْن عمر وَصَححهُ. انْتهى كَلَامه. وَيَنْبَغِي أَن نشرحه فقد رَأَيْته مُفْسِدا فِي بعض النّسخ، وَذَلِكَ أَن الدَّارَقُطْنِيّ لم يَجْعَل فِي كتاب الْعِلَل لِابْنِ عَبَّاس رسماً، وَلَا ذكر من حَدِيثه إِلَّا مَا عرض فِي بَاب غَيره من الصَّحَابَة، إِمَّا لم يبلغهُ عمله وَإِمَّا لم يتَحَصَّل عِنْده مَا يضع فِي الْكتاب الْمَذْكُور، فَهَذَا الحَدِيث إِنَّمَا عرض لَهُ ذكره فِي حَدِيث ابْن عمر هَكَذَا: قَالَ: وَسُئِلَ عَن حَدِيث يرْوى عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " موت الْغَرِيب شَهَادَة ". فَقَالَ: يرويهِ عبد الْعَزِيز بن أبي رواد، وَاخْتلف عَنهُ، فَرَوَاهُ هُذَيْل بن الحكم، وَاخْتلف عَنهُ، حدث بِهِ يُوسُف بن مُحَمَّد الْعَطَّار، عَن مَحْمُود بن / عَليّ، عَن هُذَيْل بن الحكم، عَن عبد الْعَزِيز بن أبي رواد، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر. وَالصَّحِيح مَا حدّثنَاهُ إِسْمَاعِيل الْوراق، حَدثنَا حَفْص بن عمر وَعمر بن شبة، قَالَا: حَدثنَا الْهُذيْل بن الحكم، عَن عبد الْعَزِيز بن أبي رواد، عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " موت الْغَرِيب شَهَادَة " انْتهى مَا ذكر الدَّارَقُطْنِيّ. وَلَيْسَ فِيهِ تَصْحِيح للْحَدِيث، لَا من رِوَايَة ابْن عمر وَلَا من رِوَايَة ابْن عَبَّاس، وَإِنَّمَا فِيهِ تَصْحِيحه عَن هُذَيْل بن الحكم وَمن طَرِيق ابْن عَبَّاس، لَا من طَرِيق ابْن عمر، وَهُوَ إِذْ قَالَ: الصَّحِيح عَن هُذَيْل بن الحكم أَنه عِنْده عَن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 263 ابْن عَبَّاس لَا عَن ابْن عمر، بِمَثَابَة مَا لَو قَالَ: الصَّحِيح عَن ابْن لَهِيعَة، أَو عَن مُحَمَّد بن سعيد المصلوب، أَو عَن الْوَاقِدِيّ، فَإِن ذَلِك لَا يقْضِي بِصِحَّة مَا رووا، لَكِن مَا روى عَنْهُم. وَإِنَّمَا سلك الدَّارَقُطْنِيّ سَبِيل غَيره من ذكر الْخلاف على هُذَيْل بن الحكم، وترجيح بعض مَا رُوِيَ عَنهُ على بعض. كَذَلِك فعل أَيْضا أَبُو أَحْمد بن عدي، فَإِنَّهُ سَاق رِوَايَة ابْن عَبَّاس من طَرِيق جمَاعَة، عَن هُذَيْل بن الحكم، عَن عبد الْعَزِيز، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس. وسَاق رِوَايَة ابْن عمر من طَرِيق مُحَمَّد بن صدران، عَن الْهُذيْل بن الحكم، عَن عبد العزبز بن أبي رواد، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر. ثمَّ صوب رِوَايَة الْجَمَاعَة عَن هُذَيْل، على رِوَايَة ابْن صدران، قَالَ: وَلَا أَدْرِي من أَخطَأ فِي جعله عَن نَافِع، عَن ابْن عمر. قَالَ: والهذيل بن الحكم يعرف بِهَذَا الحَدِيث. ثمَّ نقُول - بعد هَذَا - إِن الحَدِيث / الْمَذْكُور لَا يُمكن أَن يُصَحِّحهُ لَا الدَّارَقُطْنِيّ وَلَا غَيره، لِأَن أَبَا الْمُنْذر: هُذَيْل بن الحكم هَذَا ضَعِيف. قَالَ فِيهِ البُخَارِيّ: مُنكر الحَدِيث. وَهُوَ الْقَائِل عَن نَفسه فِي كِتَابه الْأَوْسَط: " كل من قلت فِيهِ مُنكر الحَدِيث فَلَا تحل الرِّوَايَة عَنهُ ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 264 وَقد جعله فِي جملَة الضُّعَفَاء جمَاعَة: أشهرهم أَبُو جَعْفَر الْعقيلِيّ، وَزَاد أَنه لايقيم الحَدِيث. وَقَالَ أَبُو حَاتِم البستي فِي كِتَابه: هُوَ مُنكر الحَدِيث جدا. وَإِنَّمَا اعترى أَبَا مُحَمَّد فِيهِ أحد أَمريْن: إِمَّا أَن يكون لم يتثبت فِي كَلَام الدَّارَقُطْنِيّ: " وَالصَّحِيح مَا حدّثنَاهُ فلَان "، فاعتقده تَصْحِيحا للْحَدِيث / عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَمَا اعْتقد فِي قَول البُخَارِيّ فِي الحَدِيث الَّذِي قبل هَذَا. وَإِمَّا أَن يكون بحث بحثا غير مُسْتَوْفِي، فَوجدَ أَبَا مُحَمَّد بن أبي حَاتِم، وَهُوَ ملجؤه دائباً - قد ذكر هَذَا الرجل بِرِوَايَة من فَوق وَمن أَسْفَل، وَأَهْمَلَهُ من الْجرْح وَالتَّعْدِيل. فَحمل الْأَمر على مَا عهد مِنْهُ فِيمَن روى عَنهُ أَكثر من وَاحِد وَلم يجرح، أَنه تقبل رواياته، فصحح الحَدِيث كَمَا فهم عَن الدَّارَقُطْنِيّ. وَأَبُو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم إِنَّمَا هَؤُلَاءِ عِنْده مَجَاهِيل الْأَحْوَال، بذلك أخبر عَن نَفسه، فَإِذن هَذَا الحَدِيث لَا يَصح وَلَا صَححهُ الدَّارَقُطْنِيّ. (265) وَكَذَلِكَ أَيْضا رُوِيَ من طَرِيق أبي هُرَيْرَة وَلَا يَصح، ونرى أَن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 265 نذكرهُ لنفرغ مِنْهُ فِي مَوضِع وَاحِد. قَالَ الْعقيلِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر بن برين حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن نَافِع، حَدثنَا أَبُو رَجَاء الْخُرَاسَانِي: عبد الله بن الْفضل، عَن هِشَام بن حسان، عَن مُحَمَّد ابْن سِرين، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " موت الْغَرِيب شَهَادَة ". أَبُو رَجَاء مُنكر الحَدِيث، قَالَه الْعقيلِيّ. قَالَ: وَفِي هَذَا رِوَايَة من غير وَجه، شَبيه بِهَذَا فِي الضعْف، فَاعْلَم ذَلِك وَالله الْمُوفق. (266) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ حَدِيث " لَا يُؤذن لكم من يدغم الْهَاء ". ثمَّ قَالَ: وَقَالَ: وَهَذَا الحَدِيث مُنكر، وَإِنَّمَا مر الْأَعْمَش بِرَجُل يُؤذن يدغم الْهَاء، فَقَالَ: لَا يُؤذن لكم من يدغم الْهَاء. وَعلي بن جميل ضَعِيف. هَذَا نَص مَا أتبعه، وَلَيْسَ هَذَا من كَلَام الدَّارَقُطْنِيّ كَمَا ذكر، وَإِنَّمَا حَكَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ عَن شَيْخه الَّذِي رَوَاهُ عَنهُ، وَهُوَ أَبُو بكر: عبد الله بن أبي دَاوُد: سُلَيْمَان بن الْأَشْعَث، فَأَما: وَعلي بن جميل ضَعِيف [فَكَلَام الدَّارَقُطْنِيّ، ذكر الحَدِيث الْمَذْكُور فِي كتاب الْعِلَل] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 266 (267) وَذكر حَدِيث " لَا تدخل الْمَلَائِكَة [بَيْتا] فِيهِ بَوْل منقع "، من رِوَايَة أبي الدَّرْدَاء. ثمَّ أتبعه كلَاما عَن أبي أَحْمد مخرجه: وَهُوَ أَن قَالَ: كَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ، عَن قيس مَوْقُوفا على أبي الدَّرْدَاء. وَرَوَاهُ شيخ مَجْهُول عَن قيس، وَرَفعه إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. هَكَذَا ذكره، وَأَبُو أَحْمد لم يقل هَذَا الْكَلَام الَّذِي / هُوَ: وَرَفعه شيخ مَجْهُول عَن قيس، وَإِنَّمَا حَكَاهُ عَن يحيى بن صاعد فَهُوَ قَائِله. (268) وَذكر زُهَيْر بن مُحَمَّد رَاوِي التسليمتين، وَأَن ابْن معِين ضعفه. وَهَذَا خطأ، وَزُهَيْر إِنَّمَا روى التسليمة الْوَاحِدَة، وَابْن معِين إِنَّمَا وَثَّقَهُ. وَقد تقدم ذكر ذَلِك مستوعباً. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 267 (9) بَاب ذكر أَحَادِيث أوردهَا على أَنَّهَا مَرْفُوعَة وَهِي مَوْقُوفَة أَو مَشْكُوك / فِي رَفعهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 269 (269) فَمن ذَلِك أَنه ذكر عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لَا مهر دون خَمْسَة دَرَاهِم ". سَاقه من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، قَالَ: وَلَا يَصح. وَهَذَا لَا وجود لَهُ عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ هَكَذَا، وَإِنَّمَا هُوَ عِنْده عَن عَليّ من قَوْله، وَلَا يَصح كَمَا ذكر. فَإِنَّهُ من رِوَايَة الْحسن بن دِينَار، عَن عبد الله الداناج، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، عَن عَليّ. وَالْحسن بن دِينَار كَذَّاب، وَقد جهدت أَن أَجِدهُ فِي نُسْخَة من كتاب الدَّارَقُطْنِيّ كَمَا ذكر، استظهاراً على مَا فِي كتابي وَكتاب أبي عَليّ الصَّدَفِي فَلم أَجِدهُ. وَإِنَّمَا خَطؤُهُ فِيهِ أَنه كثيرا مَا يَقع هَكَذَا: عَن عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام، فَظَنهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. (270) وَذكر أَيْضا من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن عسب الْفَحْل وَعَن قفيز الطَّحَّان ". كَذَا ذكره، وَالْحَال فِيهِ كَالَّذي قبله، وبحثت عَنهُ كَذَلِك فَلم أَجِدهُ وَإِنَّمَا هُوَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 271 فِي كتاب الدَّارَقُطْنِيّ فِي كل الرِّوَايَات هَكَذَا مركبا لما لم يسم فَاعله: " نهي عَن عسب الْفَحْل، وَعَن قفيز الطَّحَّان ". وَلَعَلَّ قَائِلا يَقُول: لَعَلَّه اعْتقد فِيمَا يَقُوله الصَّحَابِيّ من هَذَا مَرْفُوعا. فَنَقُول لَهُ: إِنَّمَا عَلَيْهِ أَن ينْقل لنا رِوَايَته لَا رَأْيه، فَلَعَلَّ من يبلغهُ يرى غير مَا يرَاهُ من ذَلِك، فَإِنَّمَا نقبل مِنْهُ نَقله لَا قَوْله. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي الحَدِيث الْمَذْكُور: حَدثنَا إِسْحَاق بن مُحَمَّد بن الْفضل الزيات، حَدثنَا يُوسُف بن مُوسَى، حَدثنَا وَكِيع وَعبيد الله بن مُوسَى، قَالَا: حَدثنَا سُفْيَان، عَن هِشَام أبي كُلَيْب، عَن ابْن أبي نعم البَجلِيّ، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: " نهى عَن عسب الْفَحْل ". زَاد عبيد الله: " عَن قفيز / الطَّحَّان " فاعلمه. (271) وَذكر أَيْضا من طَرِيق ابْن الْأَعرَابِي، عَن زَيْنَب بنت جَابر الأحمسية، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لَهَا فِي امْرَأَة حجت مَعهَا مصمتة: " قولي لَهَا تَتَكَلَّم، فَإِنَّهُ لَا حج لمن لم يتَكَلَّم ". ثمَّ قَالَ: هَذَا الحَدِيث أرويه مُتَّصِلا إِلَى زَيْنَب، وَذكره أَبُو مُحَمَّد فِي كتاب الْمحلى، انْتهى كَلَامه. فَأَقُول - وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق -: إِن هَذَا الحَدِيث لَا يُوجد مَرْفُوعا بِوَجْه من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 272 الْوُجُوه، لَا فِي الْموضع الَّذِي نَقله مِنْهُ وَلَا فِي غَيره فِي علمي، وَإِنَّمَا غلط فِيهِ أَبُو مُحَمَّد بن حزم فَتَبِعَهُ هُوَ فِي ذَلِك غير نَاظر فِيهِ وَلَا ناقل لَهُ من مَوْضِعه، وَإِنَّمَا اورد مِنْهُ مَا وَقع فِي كتاب الْمحلى، وَقد تبين ذَلِك من عمله فِي كِتَابه الْكَبِير حَيْثُ ذكر إِسْنَاده الْمُتَّصِل بِزَيْنَب كَمَا ذكر. قَالَ فِي الْكتاب الْمَذْكُور: حَدثنَا الْقرشِي، قَالَ: حَدثنَا شُرَيْح، حَدثنَا ابْن حزم، حَدثنَا مُحَمَّد بن الْحسن بن الْوَارِث الرَّازِيّ، حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن عمر بن مُحَمَّد بن النّحاس بِمصْر، حَدثنَا أَبُو سعيد بن الْأَعرَابِي، حَدثنَا عبيد ابْن غَنَّام بن حَفْص بن غياث النَّخعِيّ، حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير، حَدثنَا أَحْمد بن بشر، عَن عبد السَّلَام بن عبد الله بن جَابر الأحمسي، عَن أَبِيه، عَن زَيْنَب بنت جَابر الأحمسية، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لَهَا فِي امْرَأَة حجت مَعهَا مصمتة: " قولي لَهَا تَتَكَلَّم، فَإِنَّهُ لَا حج لمن لم يتَكَلَّم ". هَذَا نَص مَا أورد [وَهُوَ] نَص مَا أورد أَبُو مُحَمَّد فِي كتاب الْحَج من الْمحلى، فِي مَسْأَلَة أَولهَا: " كل فسوق تَعَمّده الْمحرم ذَاكِرًا لإحرامه، فقد بَطل بِهِ إِحْرَامه ". فَجَمِيع مَا ذكر أَبُو مُحَمَّد وَأَبُو مُحَمَّد رَاجع إِلَى ابْن الْأَعرَابِي، وَابْن الْأَعرَابِي إِنَّمَا ذكره فِي كِتَابه المعجم، فلنذكره كَمَا وَقع هُنَالك حَتَّى تعلم مِنْهُ أَنه / مَوْقُوف على أبي بكر رَضِي الله عَنهُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 273 قَالَ ابْن الْأَعرَابِي - فِي بَاب عبيد بن غَنَّام -: حَدثنَا عبيد بن غَنَّام قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير، قَالَ: حَدثنَا أَحْمد بن بشر، عَن عبد السَّلَام ابْن عبد الله بن جَابر الأحمسي، عَن أَبِيه، عَن زَيْنَب بنت جَابر الأحمسية قَالَت: خرجت أَنا وصاحبة لي، حجاجاً حجَّة مصمتة، فَأَتَانَا رجل بِمَكَّة / قلت: من أَنْت؟ قَالَ: أَبُو بكر، قلت: صَاحب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ قَالَ: نعم، قلت: يَا صَاحب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّا مَرَرْنَا بِأَقْوَام كُنَّا نغزوهم ويغزوننا، فَلم يعرضُوا لنا وَلم نعرض لَهُم، مِم ذَاك؟ قَالَ: ذَاك من قبل الْآمِر، قلت: فَمَتَى يكون ذَلِك؟ قَالَ: إِذا استقامت لكم أئمتكم، قلت: وَمَا الْأَئِمَّة؟ قَالَ: إِنَّك لسؤول، أما لكم رُؤُوس قادة؟ قلت: بلَى، قَالَ: فَإِنَّهُم أُولَئِكَ، ثمَّ قَالَ: مَا بَال صَاحبَتك لَا تكلم؟ قلت: إِنَّهَا حجت مصمتة، قَالَ قولي لَهَا: تكلم، لَا حج لمن لم يتَكَلَّم. هَذَا نَص الحَدِيث فِي كتاب ابْن الْأَعرَابِي، وَلم يتَكَرَّر لَهُ عِنْده ذكر، وَهُوَ عين الْإِسْنَاد الَّذِي أورد أَبُو مُحَمَّد. وَالْقَوْل فِيهِ إِنَّمَا هُوَ لأبي بكر، لَيْسَ فِيهِ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حرف وَاحِد. وَزَيْنَب الأحمسية لَا أعرف احداً ذكرهَا فِي الصَّحَابَة. فَلَو كَانَ هَذَا حَدِيثا لكتبت بِهِ فِي الصحابيات، فقد كتبُوا وكتبن بأمثاله. وَالْعجب كُله سكُوت أبي مُحَمَّد عَنهُ، وَهُوَ لَا يسكت - زعم - إِلَّا عَن صَحِيح. وَلم يبرز إِسْنَاده فيتبرأ من عهدته بِذكرِهِ، ولعمر الله مَا لعبد السَّلَام بن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 274 عبد الله بن جَابر، وَلَا لِأَبِيهِ عبد الله بن جَابر، ذكر فِي شَيْء من كتب الرِّجَال، وَلَا أَعْرفهُمَا بِرِوَايَة شَيْء من الْعلم غير هَذَا، فَكيف يصحح حَدِيث بروايتهما، وَمَا هُوَ إِلَّا قلد فِيهِ أَبَا مُحَمَّد بن حزم. ويغلب على ظَنِّي أَن أَبَا مُحَمَّد بن حزم لم يَجعله حَدِيثا وَلَا صَححهُ، وَلَا الْتفت إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا أوردهُ فِي كِتَابه على أَنه أثر كَمَا هُوَ فِي الأَصْل، لَا على أَنه خبر، وَلذَلِك لم يبال إِسْنَاده، فتصحف على الروَاة أَو النساخ فَجعل حَدِيثا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَقد عهد أَبُو مُحَمَّد بن حزم يكْتب الْآثَار فِي كِتَابه من غير الْتِفَات على أسانيدها، لِأَنَّهُ لَا يحْتَج بهَا، وَإِنَّمَا يوردها مؤنساً لخصومه بِمَا وضع من مَذْهَب، وَهُوَ لَا يستوحش بعدمها، وَلِأَنَّهُ قد عَهدهم يقبلونها كَذَلِك، وَبَعْضهمْ يَرَاهَا حجَجًا، فَهُوَ يوردها لنَفسِهِ بِاعْتِبَار معتقدهم فِيهَا، وَلَا يعتمدها. وَقد يردهَا على خصومه بضعفها، لأَنهم يوردونها لَا كَمَا يوردها هُوَ لنَفسِهِ، بل محتجين بهَا، فَلذَلِك يُسَلط لَهُم عَلَيْهَا النَّقْد. وَقد غنينا بِهَذَا القَوْل عَن كتب هَذَا الحَدِيث فِي بَاب الْأَحَادِيث / الَّتِي سكت عَنْهَا مصححاً لَهَا وَلَيْسَت بصحيحة، إِذْ لَيْسَ هُوَ حَدِيثا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَاعْلَم ذَلِك. (272) وَذكر أَيْضا من طَرِيق مُسلم / عَن أنس قَالَ: " قنت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 275 \ شهرا بعد الرُّكُوع فِي صَلَاة الصُّبْح " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: ويروى قبل الرُّكُوع، وَبعد الرُّكُوع أَكثر وَأشهر. ذكر حَدِيث قبل الرُّكُوع مُسلم أَيْضا. هَذَا نَص مَا أورد، وَلَيْسَ بِصَحِيح، بل مَا فِي كتاب مُسلم لقنوته عَلَيْهِ السَّلَام قبل الرُّكُوع ذكر أصلا، إِنَّمَا ذكر الْأَحَادِيث عَن أنس بقنوته عَلَيْهِ السَّلَام بعد الرُّكُوع شهرا يَدْعُو على قتلة الْقُرَّاء، ثمَّ قَالَ: وَحدثنَا أَبُو بكر ابْن أبي شيبَة، وَأَبُو كريب، قَالَا: حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن عَاصِم، عَن أنس: قَالَ: سَأَلته عَن الْقُنُوت قبل الرُّكُوع أَو بعد الرُّكُوع؟ فَقَالَ: قبل الرُّكُوع، قَالَ: قلت: فَإِن نَاسا يَزْعمُونَ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قنت بعد الرُّكُوع، فَقَالَ: إِنَّمَا قنت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شهرا يَدْعُو على أنَاس قتلوا نَاسا من أَصْحَابه، يُقَال لَهُم الْقُرَّاء. لَيْسَ فِي كتاب مُسلم شَيْء ذكر فِيهِ الْقُنُوت قبل الرُّكُوع إِلَّا هَذَا. وَهُوَ - كَمَا ترى - لَيْسَ فِيهِ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا قنوته شهرا بعد الرُّكُوع، يَدْعُو على قتلة الْقُرَّاء. وَإِنَّمَا سَأَلَ عَاصِم أنسا عَمَّا يذهب إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: قبل الرُّكُوع، فَأخْبرهُ عَاصِم بِأَن نَاسا يَزْعمُونَ أَنه بعد الرُّكُوع، فَقَالَ: إِنَّمَا كَانَ ذَلِك لعَارض عرض تَمَادى لأَجله شهرا. فَإِن قلت: ظَاهر هَذَا أَنه إِنَّمَا يَعْنِي بِهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَالْجَوَاب أَن نقُول: لَا يجوز أَن يُضَاف إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شَيْء إِلَّا بِنَصّ لَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 276 يحْتَمل، وَمثل هَذَا لَا يتَسَامَح فِيهِ. نعم رُوِيَ قنوته عَلَيْهِ السَّلَام قبل الرُّكُوع من حَدِيث أنس، وَلَكِن فِي غير كتاب مُسلم. (273) قَالَ عبد الرَّزَّاق فِي كِتَابه عَن أبي جَعْفَر عَن عَاصِم عَن أنس قَالَ: " قنت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الصُّبْح بعد الرُّكُوع، يَدْعُو على أَحيَاء من أَحيَاء الْعَرَب، وَكَانَ قنوته قبل ذَلِك وَبعده قبل الرُّكُوع ". وَهَذَا صَحِيح، فَاعْلَم ذَلِك. (274) وَذكر من حَدِيث ابْن عَبَّاس: " من سمع النداء / فَلم يمنعهُ من اتِّبَاعه عذر " الحَدِيث. وَأعله بمغراء الْعَبْدي، وَقَالَ: الصَّحِيح فِيهِ أَنه مَوْقُوف. ثمَّ قَالَ: على أَن قَاسم بن أصبغ ذكره فِي كِتَابه فَقَالَ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن إِسْحَاق القَاضِي، قَالَ: حَدثنَا سُلَيْمَان بن حَرْب، حَدثنَا شُعْبَة، عَن حبيب بن أبي ثَابت، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من سمع النداء فَلم يجب فَلَا صَلَاة لَهُ إِلَّا من عذر ". قَالَ: وحسبك بِهَذَا الْإِسْنَاد صِحَة. هَكَذَا أوردهُ، وَلَيْسَ فِي كتاب قَاسم " إِلَّا من عذر " فِي الحَدِيث الْمَرْفُوع، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 277 إِنَّمَا هُوَ فِي الْمَوْقُوف، فَلم يتثبت أَبُو مُحَمَّد فَأوردهُ هَكَذَا. وعَلى أَنه لَا ينْقل من كتاب قَاسم إِلَّا بِوَاسِطَة ابْن حزم، أَو ابْن عبد الْبر أَو ابْن مدير عَن ابْن الطلاع، وسنبين ذَلِك عَنهُ فِي مَوْضِعه إِن شَاءَ الله. وَهَذَا الحَدِيث مِمَّا نَقله من كتاب ابْن حزم، وَهُوَ جَاءَ بِهِ مُفْسِدا بِزِيَادَة " إِلَّا من عذر " فِي الْمَرْفُوع كَمَا ذَكرْنَاهُ. ويتبين لَك الصَّوَاب فِيهِ بإيراد الْوَاقِع فِي كتاب قَاسم بنصه: قَالَ قَاسم - وَمن كِتَابه نقلت -: حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن إِسْحَاق قَالَ: حَدثنَا حَفْص بن عمر وَسليمَان بن حَرْب وَعَمْرو بن مَرْزُوق، عَن عدي بن ثَابت / عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " من سمع النداء فَلم يجب فَلَا صَلَاة لَهُ إِلَّا من عذر ". قَالَ إِسْمَاعِيل: وَبِهَذَا الْإِسْنَاد روى النَّاس عَن شُعْبَة. وَحدثنَا بِهِ أَيْضا سُلَيْمَان عَن شُعْبَة بِإِسْنَادِهِ آخر: حَدثنَا سُلَيْمَان قَالَ: حَدثنَا شُعْبَة، عَن حبيب بن أبي ثَابت، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من سمع النداء فَلم يجب فَلَا صَلَاة لَهُ ". حَدثنَا بِهَذَا سُلَيْمَان مَرْفُوعا، وَحدثنَا بِالْأولِ مَوْقُوفا على ابْن عَبَّاس. هَذَا نَص مَا عِنْده، فَالْمَرْفُوع عِنْده إِنَّمَا هُوَ من رِوَايَة شُعْبَة عَن حبيب بن أبي ثَابت، لَا عَن عدي بن ثَابت، وَلَيْسَ فِيهِ زِيَادَة " إِلَّا من عذر " وَإِنَّمَا تكون الجزء: 2 ¦ الصفحة: 278 هَذِه الزِّيَادَة فِي حَدِيث عدي بن ثَابت، إِلَّا أَنَّهَا عِنْد قَاسم بن أصبغ مَوْقُوفَة. فَحمل الحَدِيث الْمَرْفُوع على الْمَوْقُوف فِي أَن هَذِه الزِّيَادَة فِيهِ، وَنسبَة ذَلِك إِلَى قَاسم بن أصبغ خطأ. نعم، هِيَ فِي الحَدِيث الْمَرْفُوع / من رِوَايَة عدي بن ثَابت، لَكِن عِنْد غير قَاسم، من رِوَايَة هشيم، عَن شُعْبَة، أعرفهَا الْآن فِي مَوَاضِع. قَالَ بَقِي بن مخلد: حَدثنَا عبد الحميد بن بَيَان، أَبُو الْحسن من أهل وَاسِط، قَالَ: حَدثنَا هشيم، عَن شُعْبَة، عَن عدي بن ثَابت عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: (275) " من سمع النداء فَلم يجب فَلَا صَلَاة لَهُ إِلَّا من عذر ". وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا عَليّ بن عبد الله بن مُبشر قَالَ: حَدثنَا عبد الحميد ابْن بَيَان بِإِسْنَادِهِ مثله. وَقَالَ أَبُو الْقَاسِم الْبَغَوِيّ فِيمَا جمع من حَدِيث عَليّ بن الْجَعْد - بعد أَن ذكر رِوَايَة شُعْبَة الْمَوْقُوفَة، وَنَصهَا: " من سمع النداء فَلم يجب فَلَا صَلَاة لَهُ إِلَّا من عذر ". ثمَّ قَالَ: حَدثنَا عَبَّاس بن مُحَمَّد، قَالَ: حَدثنَا عَمْرو بن عون، حَدثنَا هشيم، عَن شُعْبَة، عَن عدي بن ثَابت، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مثله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 279 وَقَالَ أَبُو بكر بن الْمُنْذر: اُخْبُرْنَا عَليّ بن عبد الْعَزِيز، قَالَ: حَدثنَا عَمْرو بن بن عون، قَالَ: حَدثنَا هشيم، عَن شُعْبَة، عَن عدي بن ثَابت، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس يرفعهُ قَالَ: " من سمع النداء فَلم يَأْته فَلَا صَلَاة لَهُ إِلَّا من عذر ". قَالَ ابْن الْمُنْذر: وَقد روى هَذَا الحَدِيث وَكِيع وَعبد الرَّحْمَن عَن شُعْبَة، مَوْقُوفا على ابْن عَبَّاس غير مَرْفُوع. (276) وَمن الْمَشْكُوك فِي رَفعه مِمَّا أوردهُ مَرْفُوعا، مَا ذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن شهر بن حَوْشَب، عَن أبي أُمَامَة قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يمسح المأقين ". قَالَ: " الأذنان من الرَّأْس ". لم يزدْ فِي إِيرَاده على هَذَا، وَلَا قَالَ بإثره شَيْئا، وَكَأَنَّهُ عِنْده بَين الضعْف بِشَهْر بن حَوْشَب. والْحَدِيث عِنْد أبي دَاوُد مَوْقُوف، أَو مَشْكُوك فِي رَفعه. قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا سُلَيْمَان بن حَرْب، ومسدد، وقتيبة، عَن حَمَّاد بن زيد، عَن سِنَان بن ربيعَة، عَن شهر بن حَوْشَب، عَن أبي / أُمَامَة - ذكر وضوء النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يمسح المأقين ". وَقَالَ: " الأذنان من الرَّأْس ". فَقَوله: وَقَالَ: " الأذنان من الرَّأْس ". يحْتَمل أَن يكون / الْقَائِل لَهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَأَن يكون أَبَا أُمَامَة، وَالْأَظْهَر لحكم ظَاهر اللَّفْظ أَن يكون النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 280 فَأوردهُ أَبُو مُحَمَّد على ذَلِك، وَترك مَا ذكر أَبُو دَاوُد بعده، وَذَلِكَ أَنه قَالَ: قَالَ سُلَيْمَان بن حَرْب: يَقُوله أَبُو أُمَامَة. وَقَالَ قُتَيْبَة عَن حَمَّاد: لَا أَدْرِي أهوَ من قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَو من قَول أبي أُمَامَة. فَهَذَا حَمَّاد - وَهُوَ الَّذِي رَوَاهُ عَنهُ مُسَدّد، وَسليمَان، وقتيبة - لَا يدْرِي من قَول من هُوَ؟ فقد تحقق الشَّك فِي رَفعه. وَقد جزم سُلَيْمَان بن حَرْب بِأَنَّهُ من قَول أبي أُمَامَة. وَقد بَينه الدَّارَقُطْنِيّ فَقَالَ: حَدثنَا عبد الله بن جَعْفَر بن خشيش، حَدثنَا يُوسُف الْقطَّان، حَدثنَا سُلَيْمَان بن حَرْب، حَدثنَا حَمَّاد بن زيد، عَن سِنَان بن ربيعَة، عَن شهر بن حَوْشَب، عَن أبي أُمَامَة أَنه وصف وضوء رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " كَانَ إِذا تَوَضَّأ مسح مأقيه بِالْمَاءِ ". قَالَ أَبُو أُمَامَة: " الأذنان من الرَّأْس ". قَالَ سُلَيْمَان بن حَرْب: " الأذنان من الرَّأْس " إِنَّمَا هُوَ من قَول أبي أُمَامَة، فَمن قَالَ غير هَذَا فقد بدل - أَو كلمة قَالَهَا سُلَيْمَان - أَي أَخطَأ. وَقد رَوَاهُ مَرْفُوعا عَن حَمَّاد بن زيد فِي غير كتاب أبي دَاوُد جمَاعَة: مِنْهُم مُحَمَّد بن زِيَاد الزيَادي، والهيثم بن جميل، وَمعلى بن مَنْصُور، وَمُحَمّد بن أبي بكر. وَإِنَّمَا قصدت بَيَان مَا أورد من كتاب أبي دَاوُد. وَلَو جَاءَ بِالْحَدِيثِ من كتاب، وَكَانَ تَعْلِيله فِي كتاب آخر، فَلم يَنْقُلهُ وَلم يعل الحَدِيث بِهِ، كَانَ ذَلِك تقصيراً، فَكيف إِذا كَانَت علته فِي الْموضع الَّذِي نَقله مِنْهُ، فينقل الحَدِيث ويدع التَّعْلِيل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 281 هَذَا غَايَة الْقبْح وَالتَّقْصِير، وَهُوَ عمله فِي هَذَا الحَدِيث فَاعْلَم ذَلِك. (277) وَذكر أَيْضا من طَرِيق أبي دَاوُد عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا سمع أحدكُم النداء والإناء على يَده، فَلَا يَدعه / حَتَّى يقْضِي حَاجته مِنْهُ ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث مَشْكُوك فِي رَفعه فِي الْموضع الَّذِي نَقله مِنْهُ. قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عبد الْأَعْلَى بن حَمَّاد، أَظُنهُ عَن حَمَّاد، عَن مُحَمَّد ابْن عَمْرو، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَذكره. هَكَذَا فِي رِوَايَة ابْن الْأَعرَابِي عَن أبي دَاوُد " أَظُنهُ " عَن حَمَّاد وَهِي متسعة للتشكك فِي رَفعه وَفِي اتِّصَاله، وَإِن كَانَ غَيره لم يذكر ذَلِك عَن أبي دَاوُد، فَهُوَ بِذكرِهِ إِيَّاه قد قدح فِي الْخَبَر الشَّك، وَلَا يدرؤه إِسْقَاط من أسْقطه، فَإِنَّهُ إِمَّا أَن يكون شكّ بعد الْيَقِين، فَذَلِك قَادِح، أَو تَيَقّن الشَّك، فَلَا يكون قادحاً، وَلم يتَعَيَّن هَذَا الْأَخير، فبقى مشكوكاً فِيهِ. (278) وَذكر أَيْضا من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن عَمْرو بن يحيى، عَن أَبِيه، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 282 عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الأَرْض كلهَا مَسْجِد إِلَّا الْمقْبرَة وَالْحمام ". ثمَّ قَالَ: اخْتلف فِي إِسْنَاده فأسنده نَاس، وأرسله آخَرُونَ، مِنْهُم الثَّوْريّ. قَالَ أَبُو عِيسَى: وَكَأن الْمُرْسل أصح. انْتهى مَا أوردهُ. وَهُوَ كَمَا ذكر، وَلَكِن يَنْبَغِي أَن لَا يضرّهُ الِاخْتِلَاف إِذا كَانَ الَّذِي أسْندهُ ثِقَة. وَإِلَى هَذَا فَإِن الَّذِي لأَجله ذكرته / هَا هُنَا هُوَ أَن أَبَا دَاوُد ذكره هَكَذَا: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، حَدثنَا حَمَّاد. وَحدثنَا مُسَدّد، حَدثنَا عبد الْوَاحِد، عَن عَمْرو بن يحيى، عَن أَبِيه، عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ مُوسَى فِي حَدِيثه فِيمَا يحْسب عَمْرو، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الأَرْض كلهَا مَسْجِد إِلَّا الْحمام والمقبرة ". فقد أخبر حَمَّاد فِي رِوَايَته أَن عَمْرو بن يحيى شكّ فِي ذكر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ومنتهى الَّذين رَوَوْهُ مَرْفُوعا إِلَى عَمْرو، فَإِن الحَدِيث حَدِيثه، وَعَلِيهِ يَدُور، فَسَوَاء شكّ أَولا ثمَّ تَيَقّن، أَو تَيَقّن ثمَّ شكّ، فَإِنَّهُ لَو تعين الْوَاقِع مِنْهُمَا أَنه الشَّك بعد أَن حدث بِهِ متيقناً للرفع، لَكَانَ يخْتَلف فِيهِ. فَمن يرى نِسْيَان الْمُحدث قادحاً لَا يقبله، وَمن يرَاهُ غير ضائر / يقبله، وَإِن قدرناه حدث بِهِ شاكاً ثمَّ تَيَقّن، فها هُنَا يحْتَمل أَن يُقَال: عثر بعد الشَّك على سَبَب من أَسبَاب الْيَقِين، مثل أَن يرَاهُ فِي مسموعاته أَو مكتوباته، فيرتفع شكه، فَلَا يُبَالِي مَا تقدم من تشككه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 283 وَمَعَ هَذَا فَلَا يَنْبَغِي للمحدث أَن يتْرك مثل هَذَا فِي نَقله، فَإِنَّهُ إِذا فعل فقد أَرَادَ منا قبُول رَأْيه فِي رِوَايَته. وَهَذَا كُله إِنَّمَا يكون إِذا سلم أَن الدَّرَاورْدِي وَعبد الْوَاحِد الرافعين لَهُ، سمعاه مِنْهُ غير مَشْكُوك، فَإِنَّهُ من الْمُحْتَمل أَن لَا يكون الْأَمر كَذَلِك بِأَن يسمعاه مشكوكاً فِيهِ كَمَا سَمعه حَمَّاد، ولكنهما حَدثا بِهِ، وَلم يذكرَا ذَلِك اكْتِفَاء بحسبانه، وعَلى هَذَا تكون عِلّة الْخَبَر أبين، فَاعْلَم ذَلِك. (279) وَذكر أَيْضا من طَرِيق مُسلم حَدِيث أبي هُرَيْرَة " لَا يَزْنِي الزَّانِي حِين يَزْنِي وَهُوَ مُؤمن " الحَدِيث مَرْفُوعا. وَفِيه: " وَلَا ينتهب نهبة ذَات شرف يرفع النَّاس إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارهم حِين ينتهبها وَهُوَ مُؤمن ". كَذَلِك ذكره، وَهُوَ اللَّفْظ إِنَّمَا هُوَ مَرْفُوع عِنْد غير مُسلم، فَأَما عِنْد مُسلم فمشكوك فِي رَفعه، وَلَا يتَبَيَّن لَك هَذَا إِلَّا بسوق الْوَاقِع مِنْهُ عِنْده بنصه. قَالَ مُسلم: حَدثنِي حَرْمَلَة بن يحيى، قَالَ: حَدثنَا ابْن وهب، أنبأني يُونُس، عَن ابْن شهَاب، سَمِعت أَبَا سَلمَة وَسَعِيد بن الْمسيب يَقُولَانِ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يَزْنِي الزَّانِي حِين يَزْنِي وَهُوَ مُؤمن، وَلَا يسرق السَّارِق حِين يسرق وَهُوَ مُؤمن، وَلَا يشرب الْخمر حِين يشْربهَا وَهُوَ مُؤمن ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 284 قَالَ ابْن شهَاب: فَأَخْبرنِي عبد الْملك بن أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن، أَن أَبَا بكر كَانَ يُحَدِّثهُمْ هَؤُلَاءِ عَن أبي هُرَيْرَة، ثمَّ يَقُول: وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَة يلْحق مَعَهُنَّ: " وَلَا ينتهب نهبة ذَات شرف يرفع النَّاس إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارهم حِين ينتهبها وَهُوَ مُؤمن ". هَذَا نَص مَا أورد، وَهُوَ يحْتَمل أَن يكون مَعْنَاهُ: يلْحق ذَلِك فِي الحَدِيث عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَيحْتَمل أَن يكون مَعْنَاهُ: يلْحق ذَلِك من عِنْده، وَهُوَ الْأَظْهر. فَإِنَّهُ لَو حدث بِهِ فِي نفس الحَدِيث لأبي بكر بن عبد الرَّحْمَن لقَالَ ابْن شهَاب: كَانَ أَبُو بكر يحدث بِهِ عَن أبي هُرَيْرَة هَكَذَا فيذكر الْمَتْن كُله وَلم يقل: هَكَذَا وَإِنَّمَا قَالَ: كَانَ أَبُو بكر يُمَيّز لَهُم عَن أبي هُرَيْرَة مَا كَانَ يلْحقهُ بعد الْفَرَاغ مِمَّا سمع، وَلَو كَانَ مُلْحق الزِّيَادَة غير أبي هُرَيْرَة، أمكن أَن يُقَال: حدث بِهِ ابْن شهَاب دون الزِّيَادَة، ثمَّ ذكر مَا كَانَ يزِيدهُ أَبُو بكر عَن فلَان، فَأَما والراوي هُوَ أَبُو هُرَيْرَة، فَالْأَظْهر مَا قُلْنَاهُ، وَإِذا كَانَ اللَّفْظ مُحْتملا لم يكن للناقل رفض الِاحْتِمَال وتأديته نصا. والمتن الَّذِي ذكر أَبُو مُحَمَّد إِنَّمَا هُوَ ملفق من رِوَايَات، لَفظهَا كلهَا فِي كتاب مُسلم لَيْسَ من رِوَايَة وَاحِدَة، وَله أَن يفعل ذَلِك إِذْ الرَّاوِي وَاحِد، إِلَّا أَنه كَانَ عَلَيْهِ التَّحَرُّز فِي هَذِه. ثمَّ كل مَا أتبع مُسلم هَذَا الْإِسْنَاد الَّذِي ذَكرْنَاهُ من الْأَسَانِيد المركبة عَلَيْهِ، المردفة بعده، مَبْنِيَّة عَلَيْهِ، مُحْتَملَة مَا احْتمل، فَإِنَّهُ إِنَّمَا يَقُول بِمثلِهِ أَو نَحوه، فَبَقيَ الْأَمر كَمَا كَانَ، فالمحتمل هُوَ أَن ذكره النهبة لَيْسَ مَرْفُوعا فِي كتاب مُسلم، لَا منعوتة بقوله: ذَات شرف وَلَا غير منعوتة، وَلكنهَا عِنْد غَيره مَرْفُوعَة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 285 قَالَ أَبُو عَليّ بن السكن: حَدثنَا مُحَمَّد بن زِيَاد بن حبيب الْحَضْرَمِيّ، حَدثنَا عِيسَى بن حَمَّاد، زغبة حَدثنَا اللَّيْث، عَن عقيل، عَن ابْن شهَاب، عَن أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يَزْنِي الزَّانِي حِين يَزْنِي وَهُوَ مُؤمن، وَلَا يشرب الْخمر شاربها حِين يشْربهَا وَهُوَ مُؤمن، وَلَا يسرق السَّارِق وَهُوَ مُؤمن، وَلَا ينتهب نهبة يرفع النَّاس إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارهم حِين ينتهبها وَهُوَ مُؤمن ". فَتبين بِهَذَا أَن رِوَايَة ابْن شهَاب عَن أبي بكر فِيهَا ذكر " النهبة "، وَعقيل حَافظ، وَقد أرْدف مُسلم رِوَايَة عقيل هَذِه إِلَّا أَنه قَالَ فِيهِ: فاقتص الحَدِيث بِمثلِهِ، مَعَ ذكر النهبة، وَلم يقل: " ذَات شرف "، فَلم يكن فِي ذَلِك الرّفْع نصا، لاحْتِمَال أَن يكون معنى قَوْله بِمثلِهِ، أَي مثل مَا تقدم من احْتِمَال الرّفْع، وَالْوَقْف. وَبَقِي عَلَيْهِ لفظ " ذَات شرف " فَإِنَّهُ إِنَّمَا يُوجد مَرْفُوعا من رِوَايَة الزُّهْرِيّ، عَن سعيد، وَأبي سَلمَة، وَأبي بكر بن عبد الرَّحْمَن، من رِوَايَة الْأَوْزَاعِيّ عَنهُ، ذكره النَّسَائِيّ فِي كتاب الرَّجْم، وَذكره أَيْضا فِي كتاب الْقطع فِي السّرقَة، من رِوَايَة اللَّيْث، عَن ابْن عجلَان، عَن الْقَعْقَاع بن حَكِيم، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة. وَهُوَ صَحِيح من الطَّرِيقَيْنِ /. وَوَقع فِي هَذَا اللَّفْظ خلاف ننبه عَلَيْهِ وَإِن لم يكن مِمَّا نَحن فِيهِ لنفرغ من ذكره فِي مَوضِع وَاحِد، وَذَلِكَ أَن بَعضهم رَوَاهُ بِالسِّين الْمُهْملَة، وَبِه ذكره الْحَرْبِيّ فِي غَرِيب الحَدِيث، وَعَلِيهِ فسره، وَأوردهُ من رِوَايَة ابْن أبي أوفى فَقَالَ: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 286 حَدثنَا مُسَدّد، حَدثنَا يحيى عَن شُعْبَة، عَن فراس، عَن مدرك بن عمَارَة، عَن ابْن أبي أوفي، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا ينتهب الرجل نهبة ذَات سرف وَهُوَ مُؤمن ". ثمَّ فسره بِالسِّين، أَي ذَات قدر كَبِير يُنكره النَّاس ويستشرفون لَهُ كنهب الْفُسَّاق فِي الْفَنّ الْحَادِثَة، وَالْمَال الْعَظِيم الْقدر مِمَّا يستعظمه النَّاس، بِخِلَاف الثَّمَرَة والفلس مِمَّا لَا خطر لَهُ. وَقد كَانَ أَبُو مُحَمَّد - رَحمَه الله - مُحْتَاجا فِي هَذَا / الْمَتْن الَّذِي لفق من طرق شَتَّى إِلَى بَيَان صَنِيعه لمن يَقْرَؤُهُ، كَمَا قد فعل ذَلِك فِي حَدِيث ذكره من عِنْد مُسلم رَحمَه الله، وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيهِ نقد. (280) وَذَلِكَ أَنه ذكر فِي الْجِهَاد فِي أَحَادِيث الْإِمَارَة، عَن وَائِل بن حجر، سَأَلَ سَلمَة بن يزِيد الْجعْفِيّ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، أَرَأَيْت إِن كَانَت علينا أُمَرَاء يسألوننا حَقهم، ويمنعوننا حَقنا، فَمَا تَأْمُرنَا؟ فَأَعْرض عَنهُ، ثمَّ سَأَلَهُ فِي الثَّانِيَة أَو فِي الثَّالِثَة، فَجَذَبَهُ الأشعت بن قيس، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اسمعوا وَأَطيعُوا، فَإِنَّمَا عَلَيْهِم مَا حملُوا وَعَلَيْكُم مَا حملتم ". ثمَّ قَالَ: ذكره فِي سندين عَن وَائِل انْتهى كَلَامه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 287 وَهُوَ صَوَاب، وَمَعْنَاهُ أَن مُسلما أورد الحَدِيث أَولا من رِوَايَة مُحَمَّد بن جَعْفَر، غنْدر، عَن شُعْبَة، عَن سماك بن حَرْب، عَن عَلْقَمَة، عَن وَائِل بِاللَّفْظِ الْمَذْكُور، إِلَّا قَوْله: فَجَذَبَهُ الْأَشْعَث بن قيس، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ هَكَذَا " بل هَكَذَا " فَجَذَبَهُ الأشعب بن قيس، فَقَالَ: " اسمعوا وَأَطيعُوا "، بِحَيْثُ يحْتَمل أَن يكون ذَلِك من قَول الْأَشْعَث، وَيكون الضَّمِير الَّذِي فِي قَالَ ضَمِيره. ثمَّ أوردهُ من رِوَايَة شَبابَة، عَن شُعْبَة، عَن سماك، فأحال على الأول، وَقَالَ فِيهِ: فَجَذَبَهُ الْأَشْعَث بن قيس، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اسمعوا وَأَطيعُوا " الحَدِيث. فجَاء اللَّفْظ الَّذِي أورد أَبُو مُحَمَّد - مبرزاً فِيهِ الضَّمِير - من مَجْمُوع لَفْظِي إسنادين، فَاعْلَم ذَلِك /. (281) وَذكر أَيْضا من طَرِيق البُخَارِيّ عَن عَائِشَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من نذر أَن يُطِيع الله فليطعه، وَمن نذر أَن يَعْصِي الله فَلَا يَعْصِهِ ". ثمَّ قَالَ: زَاد الطَّحَاوِيّ: " وَيكفر عَن يَمِينه ". ثمَّ أورد حَدِيثا من عِنْد أبي دَاوُد، ثمَّ قَالَ: وَحَدِيث الطَّحَاوِيّ أحسن إِسْنَادًا وَأَصَح، انْتهى مَا ذكر. وَالزِّيَادَة الْمَذْكُورَة مَشْكُوك فِي رَفعهَا، وَيرْفَع الشَّك إِيرَاده إِيَّاهَا بِالْوَاو وَإِنَّمَا هِيَ عِنْد الطَّحَاوِيّ هَكَذَا: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 288 حَدثنَا مُحَمَّد بن عَليّ الْبَغْدَادِيّ، حَدثنَا سعيد بن سُلَيْمَان الوَاسِطِيّ، حَدثنَا حَفْص بن غياث، عَن عبيد الله بن عمر، عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد، عَن عَائِشَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من نذر أَن يُطِيع الله فليطعه، وَمن نذر أَن يَعْصِي الله فَلَا يَعْصِهِ ". قَالَ حَفْص: وَسمعت ابْن مجبر وَهُوَ عِنْد عبيد الله يذكرهُ عَن الْقَاسِم، عَن عَائِشَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، قَالَ: وَفِيه " يكفر عَن يَمِينه ". كَذَا أوردهُ، فَإِنَّمَا فِيهِ أَن حفصاً أخبرهُ [بِهِ] عَن مُحدث آخر وَهُوَ عبد الرَّحْمَن بن مجبر بن عبد الرَّحْمَن بن عمر بن الْخطاب، وَهُوَ ثِقَة عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد وَأخْبر أَنه - أَعنِي الْقَاسِم - كَانَ يرى فِي ذَلِك الْكَفَّارَة. فَأَما رَفعه إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَمَا هُوَ فِي اللَّفْظ. وَرِوَايَة عبيد الله عَن الْقَاسِم، سقط مِنْهَا طَلْحَة بن عبد الْملك، فَهُوَ صَاحب هَذَا الحَدِيث / الْمَعْرُوف بِهِ عَن الْقَاسِم، وَعنهُ يرويهِ عبيد الله، يتَبَيَّن ذَلِك فِي موَاضعه، فاعلمه. (282) وَذكر أَيْضا من طَرِيق مُسلم عَن رَافع بن خديج قَالَ: قلت يَا رَسُول الله، إِنَّا لاقو الْعَدو غَدا وَلَيْسَت مَعنا مدى، قَالَ: " أعجل، أَو أرن، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 289 مَا أنهر الدَّم وَذكر اسْم الله عَلَيْهِ فَكل مَا لَيْسَ السن وَالظفر، وسأحدثك، وَأما السن فَعظم، وَأما الظفر فمدى الْحَبَشَة " الحَدِيث. وَهَذَا الحَدِيث هُوَ عِنْد مُسلم من رِوَايَة سُفْيَان الثَّوْريّ، عَن أَبِيه سعيد بن مَسْرُوق، عَن عَبَايَة بن رِفَاعَة بن رَافع بن خديح، عَن رَافع بن خديج. وَهَكَذَا رَوَاهُ عمر بن سعيد، أَخُو سُفْيَان الثَّوْريّ، وَالشَّكّ فِي شَيْئَيْنِ: فِي اتِّصَاله، وَفِي كَون: " أما السن فَعظم " من كَلَام النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - /. وَذَلِكَ أَن أَبَا الْأَحْوَص رَوَاهُ عَن سعيد بن مَسْرُوق وَالِد سُفْيَان الثَّوْريّ، عَن عَبَايَة بن رِفَاعَة بن رَافع، عَن أَبِيه، عَن جده رَافع بن خديج قَالَ: أتيت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقلت: يَا رَسُول الله، إِنَّا نلقى الْعَدو غَدا وَلَيْسَ عندنَا مدى، أفنذبح بالمروة وشقة الْعَصَا فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أرن أَو أعجل، مَا أنهر الدَّم وَذكر اسْم الله عَلَيْهِ فكلوه مَا لم يكن سنّ أَو ظفر ". قَالَ رَافع: وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَن ذَلِك، وَأما السن فَعظم، وَأما الظفر فمدى الْحَبَشَة، وَتقدم سرعَان من النَّاس فتعجلوا فَأَصَابُوا من الْغَنَائِم، وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي آخر النَّاس الحَدِيث. فَفِيهِ كَمَا ترى زِيَادَة رِفَاعَة بن رَافع بَين عَبَايَة وجده رَافع، وَلم يكن فِي حَدِيث مُسلم من رِوَايَة الثَّوْريّ وأخيه - وهما روياه عَن أَبِيهِمَا - ذكر لسَمَاع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 290 عَبَايَة من جده رَافع إِنَّمَا جَاءَ مُعَنْعنًا مُحْتَمل الزِّيَادَة لوَاحِد فَأكْثر، فَبين أَبُو الْأَحْوَص عَن سعيد، أَن بَينهمَا وَاحِدًا، وَهُوَ رِفَاعَة بن رَافع وَالِد عَبَايَة، وَإِن كَانَ التِّرْمِذِيّ قد قَالَ: إِن عَبَايَة سمع من جده رَافع بن خديج فَلَيْسَ فِي ذَلِك أَنه سمع مِنْهُ هَذَا الحَدِيث. وَفِيه أَن قَوْله: " أما السن فَعظم " من كَلَام رَافع، وَلم يكن فِي رِوَايَة الثَّوْريّ وأخيه أَن ذَلِك من كَلَام النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نصا، فجَاء أَبُو الْأَحْوَص بِالْبَيَانِ. وَرِوَايَة أبي الْأَحْوَص الَّتِي ذكرنَا، ذكرهَا ابو دَاوُد عَن مُسَدّد عَنهُ. وَذكرهَا أَيْضا التِّرْمِذِيّ عَن هناد عَنهُ، إِلَّا أَن التِّرْمِذِيّ ذكر فِي رِوَايَته إِيَّاه عَن هناد زِيَادَة رِفَاعَة بن رَافع فِي الْإِسْنَاد، وَلم يذكر قَالَ رَافع: وَسَأُحَدِّثُكُمْ. وَإِنَّمَا جعله مُتَّصِلا بِكَلَام النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَمَا جعله الثوريان فَهُوَ مُحْتَمل مَا احْتمل. وَلَيْسَ لقَائِل أَن يَقُول: إِن أَبَا الْأَحْوَص أَخطَأ، إِلَّا كَانَ لآخر أَن يعكس بتخطئة من خَالفه، فَإِنَّهُ ثِقَة، فَاعْلَم ذَلِك. وَاعْلَم أَن هَذَا الَّذِي طلبته بِعِلْمِهِ فِي هَذَا الْبَاب من تَبْيِين مَا هُوَ مَشْكُوك فِي رَفعه، هُوَ عمله هُوَ فِي أَحَادِيث. (283) مِنْهَا حَدِيث الْمُغيرَة بن / شُعْبَة فِي أَن السقط يصلى عَلَيْهِ. ذكره من عِنْد أبي دَاوُد، وَعلله / بشك الرَّاوِي فِي رَفعه بقوله: وأحسب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 291 أَن أهل زِيَاد أخبروني أَنه رَفعه إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. (284) وَذكر أَيْضا من عِنْد مُسلم عَن ابْن جريح، عَن عَمْرو بن دِينَار قَالَ: أكبر علمي وَالَّذِي يخْطر على بالي، أَن أَبَا الشعْثَاء أَخْبرنِي، أَن ابْن عَبَّاس أخبرهُ، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كَانَ يغْتَسل بِفضل مَيْمُونَة ". ثمَّ قَالَ: هَذَا هُوَ الصَّحِيح فِي هَذَا الْإِسْنَاد. وَقد رَوَاهُ الطهراني بِلَا شكّ وَلَا يحْتَج بِحَدِيث الطهراني. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 292 (10) بَاب ذكر أَحَادِيث أوردهَا مَوْقُوفَة، وَهِي فِي الْمَوَاضِع الَّتِي نقلهَا مِنْهَا مَرْفُوعَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 293 (285) ذكر من مراسل أبي دَاوُد، عَن عبد الله بن رَبَاح، عَن كَعْب قَالَ: " اقرؤوا هوداً يَوْم الْجُمُعَة ". كَذَا رَأَيْته فِيمَا رَأَيْت من نسخ الْكتاب من قَول كَعْب. وَإِنَّمَا هُوَ فِي المراسل عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَهُوَ مِمَّا تغير بعده للرواة بِلَا شكّ فَإِنَّهُ لَا يذكر فِي كِتَابه إِلَّا مَا هُوَ حَدِيث عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلَو كَانَ وَضعه فِيهِ مَوْقُوفا، كَانَ ذَلِك خلاف مَا قصد أَن يجمع فِي كِتَابه. والْحَدِيث الْمَذْكُور هُوَ فِي المراسل هَكَذَا: حَدثنَا مُسلم بن إِبْرَاهِيم قَالَ: حَدثنَا همام، قَالَ: حَدثنَا أَبُو عمرَان الْجونِي، عَن عبد الله بن رَبَاح عَن كَعْب قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اقرؤوا هود يَوْم الْجُمُعَة ". قَالَ أَبُو دَاوُد: مُسلم قَالَ فِي هَذَا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - انْتهى مَا أورد. وَلم يذكر لَهُ طَرِيقا غير هَذَا. وَمُسلم هُوَ ابْن إِبْرَاهِيم شَيْخه فاعلمه. (286) وَذكر أَيْضا من عِنْد أبي أَحْمد من حَدِيث ابْن عَبَّاس " فَلَمَّا بلغا مجمع بَينهمَا " قَالَ: إفريقية. كَذَا رَأَيْته فِي نسخ، وَلَعَلَّه يُوجد فِي بَعْضهَا على الصَّوَاب، فَإِنَّهُ هَكَذَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 295 خطأ، لِأَنَّهُ فِي كتاب أبي أَحْمد الَّذِي نَقله مِنْهُ، مَرْفُوع إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حسب مَا قد بَيناهُ بإيراده بنصه فِي بَاب / الْأَحَادِيث الَّتِي ضعفها بِقوم، وَترك أمثالهم أَو أَضْعَف مِنْهُم، فَإِنَّهُ اعتراه فِيهِ مَا أوجب كتبه هُنَالك فَانْظُرْهُ ثمَّ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 296 (11) بَاب ذكر أَحَادِيث أغفل نسبتها إِلَى الْمَوَاضِع الَّتِي أخرجهَا مِنْهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 297 هَذَا التَّرْجَمَة لَيْسَ فِي شَيْء مِمَّا فِيهَا عَلَيْهِ نقد، وَإِنَّمَا نذْكر مَا فِيهَا لننبه عَلَيْهِ من يغْفل عَنهُ، وَمَا عرفنَا موقعه ذَكرْنَاهُ تكميلاً للفائدة. وَلأَجل أَنه من قبل النَّقْل الَّذِي وَقع / الْإِخْلَال فِيهِ بِوَجْه مَا، ذَكرْنَاهُ فِي هَذَا الْقسم لَا فِي قسم نظره. (287) فَمن ذَلِك مَا ذكر من كتاب عبد الرَّزَّاق، عَن ابْن جريج، عَن عَمْرو بن شُعَيْب قَالَ: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يسل السَّيْف فِي الْمَسْجِد ". ثمَّ قَالَ: هَذَا مُرْسل، وَرَوَاهُ عمر بن هَارُون عَن ابْن جريج، قَالَ: أَخْبرنِي أَبُو الزبير أَنه سمع جَابِرا يَقُول: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " بِمثلِهِ. قَالَ: وَعمر بن هَارُون ضَعِيف وَالصَّحِيح حَدِيث عبد الرَّزَّاق وَهُوَ مُرْسل كَمَا تقدم. هَذَا نَص مَا ذكر وَلم يعز رِوَايَة عمر بن هَارُون هَذِه وَلَا أعرف لَهَا الْآن موقعاً. (288) وَذكر أَيْضا حَدِيث أنس " إِن النِّسَاء شقائق الرِّجَال ". وَلم يعزه، وَهُوَ عِنْد الْبَزَّار، وَقد كتبناه فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا ضَعِيفَة وَلها طرق صَحِيحَة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 299 (289) وَذكر أَيْضا قَالَ: وروى إِبْرَاهِيم بن يزِيد بن قديد، عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن يحيى بن أبي كثير، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا دخل أحدكُم الْمَسْجِد فَلَا يجلس حَتَّى يرْكَع رَكْعَتَيْنِ، وَإِذا دخل أحدكُم بَيته " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: وَهَذِه الزِّيَادَة فِي الرُّكُوع عِنْد دُخُول الْبَيْت لَا أصل لَهَا، قَالَ ذَلِك البُخَارِيّ. وَإِنَّمَا يَصح فِي هَذَا حَدِيث أبي قَتَادَة الَّذِي تقدم. وَإِبْرَاهِيم هَذَا لَا أعلم روى عَنهُ إِلَّا سعد بن عبد الحميد، وَلَا أعلم لَهُ إِلَّا هَذَا الحَدِيث. انْتهى / مَا ذكر. وَلَيْسَ فِيهِ نِسْبَة الحَدِيث إِلَى مَوضِع نَقله مِنْهُ، وَالْبُخَارِيّ لم يتبع تَعْلِيله الْمَذْكُور الحَدِيث بِكَمَالِهِ، فَلَا يَصح نِسْبَة الحَدِيث إِلَيْهِ. والْحَدِيث إِنَّمَا ذكره أَبُو أَحْمد بن عدي، وَمِنْه نَقله أَبُو مُحَمَّد وَالله أعلم. قَالَ أَبُو أَحْمد: حَدثنَا حُذَيْفَة بن الْحسن وَأحمد بن عِيسَى الوشاء النَّيْسَابُورِي وَأحمد بن عَليّ الْمَدَائِنِي، قَالُوا حَدثنَا أَبُو أُميَّة: مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، وَأخْبرنَا مُحَمَّد بن أبي مقَاتل قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 300 وَأخْبرنَا عبد الله بن أبي سُفْيَان قَالَ: قرىء على إِبْرَاهِيم بن رَاشد قَالُوا: حَدثنَا سعد بن عبد الحميد بن جَعْفَر قَالَ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن يزِيد بن قديد، عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن يحيى بن أبي كثير، عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا دخل أحدكُم الْمَسْجِد فَلَا يجلس حَتَّى يرْكَع رَكْعَتَيْنِ، وَإِذا دخل أحدكُم بَيته فَلَا يجلس حَتَّى يرْكَع رَكْعَتَيْنِ، فَإِن الله عز وَجل جَاعل لَهُ من رَكْعَتَيْنِ فِي بَيته خيرا ". قَالَ أَبُو أَحْمد: وَإِبْرَاهِيم بن يزِيد هَذَا لَا يحضرني لَهُ غير هَذَا الحَدِيث، وَهُوَ بِهَذَا الْإِسْنَاد مُنكر. انْتهى مَا ذكر. وَسعد الْمَذْكُور مَجْهُول الْحَال فَاعْلَم ذَلِك. (290) وَذكر أَيْضا أَن سعيد بن دَاوُد الزنبري روى عَن مَالك، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا كَانَ لأحدكم ثَوْبَان فليلبسهما إِذا صلى، فَإِن الله أَحَق من تجمل لَهُ ". ثمَّ قَالَ: لَا يَصح هَذَا عَن مَالك، وَسَعِيد روى عَن مَالك أَحَادِيث مَوْضُوعَة. هَذَا نَص مَا ذكره بِهِ، وَلم يعين من أَيْن نَقله، وَلَا أذكرهُ الْآن. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 301 وَقد ذكر هَذَا الرجل بروايات الْمُنْكَرَات عَن مَالك السَّاجِي، والعقيلي، وَأَبُو أَحْمد، وَلم يذكرُوا / هَذَا الحَدِيث. وَلما ذكره أَبُو حَاتِم البستي فِي كِتَابه، ذكر مِمَّا روى عَن مَالك هَذَا الحَدِيث بِعَيْنِه، إِلَّا أَنه لم يُوصل إِلَيْهِ الْإِسْنَاد، فَلَا أقنع بِهَذَا للْحَدِيث نِسْبَة، فَاعْلَم ذَلِك. (291) وَذكر من رِوَايَة عمر بن يزِيد الْمَدَائِنِي، عَن عَطاء، عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله / - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تجزىء الْمَكْتُوبَة إِلَّا بِفَاتِحَة الْكتاب وَثَلَاث آيَات فَصَاعِدا ". وَلم يعزها، وَهِي عِنْد أبي أَحْمد، وَمن عِنْده نقلهَا. قَالَ أَبُو أَحْمد: حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد بن بشير، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن مُعَاوِيَة الْأنمَاطِي، قَالَ: حَدثنَا عمر بن يزِيد الْمَدَائِنِي، فَذكره بِإِسْنَادِهِ وَمَتنه. (292) وَذكر أَيْضا حَدِيث مَالك، عَن وهب بن كيسَان، عَن جَابر " من صلى رَكْعَة لم يقْرَأ فِيهَا بِأم الْقُرْآن فَلم يصل إِلَّا وَرَاء إِمَام ". ثمَّ قَالَ: وَرَوَاهُ يحيى بن سَلام، عَن مَالك بِهَذَا الْإِسْنَاد عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَتفرد بِرَفْعِهِ، وَلم يُتَابع عَلَيْهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 302 وَرَوَاهُ أَصْحَاب الْمُوَطَّأ مَوْقُوفا على جَابر، وَهُوَ الصَّحِيح. انْتهى كَلَامه. وَلَيْسَ كَمَا ذكره، على مَا بَينا قبل فِي بَاب مَا ذكر وَلم أَجِدهُ كَمَا ذكر، وَمَعَ ذَلِك فَإِنَّهُ قد ترك شَيْئَيْنِ: أَحدهمَا أَن يَعْزُو رِوَايَة يحيى بن سَلام إِلَى الْموضع الَّذِي نقلهَا مِنْهُ، كَمَا الْتزم فِي سَائِر مَا يذكر، فَإِن ذَلِك أقل مَا يصنع، إِذا لم يُوصل بِهِ إِسْنَاد نَفسه. وَالْآخر أَنه لم يذكر لَهُ عِلّة إِلَّا مُخَالفَة النَّاس لَهُ فِي رَفعه إِيَّاه. وَله عِلّة أُخْرَى لم يذكرهَا، وَهِي ضعف يحيى بن سَلام. وسكوته عَن التَّعْرِيف بذلك يُوهم أَنه مِمَّا رَفعه ثِقَة، وَوَقفه ثِقَات، وَلَيْسَ كَذَلِك، فَإِن يحيى بن سَلام ضَعِيف عِنْدهم. والْحَدِيث الْمَذْكُور فِي مَوَاضِع، نذْكر مِنْهَا مَا تيَسّر ذكره. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا أَبُو بكر النَّيْسَابُورِي، قَالَ حَدثنَا بَحر بن نصر، قَالَ: حَدثنَا يحيى بن سَلام، قَالَ: حَدثنَا مَالك بن أنس، قَالَ: نَبَّأَنِي وهب بن كيسَان، عَن جَابر بن عبد الله أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " كل صَلَاة لَا يقْرَأ فِيهَا بِأم الْكتاب فَهِيَ خداج، إِلَّا أَن يكون وَرَاء الإِمَام ". قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: يحيى بن سَلام ضَعِيف، وَالصَّوَاب مَوْقُوف. وَقَالَ أَبُو أَحْمد بن عدي: حَدثنَا جَعْفَر بن أَحْمد بن الْحجَّاج وَجَمَاعَة قَالُوا: حَدثنَا بَحر بن نصر، قَالَ: حَدثنَا يحيى بن سَلام، قَالَ: حَدثنَا مَالك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 303 ابْن أنس، عَن أبي نعيم: وهب بن كيسَان، قَالَ: سَمِعت جَابر بن عبد الله يَقُول: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / يَقُول: " من صلى صَلَاة لم يقْرَأ فِيهَا بِفَاتِحَة الْكتاب فَلم يصل، إِلَّا وَرَاء إِمَام ". قَالَ أَبُو مُحَمَّد: وَهَذَا الحَدِيث بِهَذَا الْإِسْنَاد عَن مَالك، لم يرفعهُ غير يحيى بن سَلام وَهُوَ فِي الْمُوَطَّأ من قَول جَابر. وَيحيى بن سَلام صَدُوق، وَلكنه يضعف فِي حَدِيثه كَمَا قُلْنَاهُ وَلَو لم يُخَالف، فَكيف إِذا خَالف الْحفاظ. وَكَانَ بصرياً، وَقع إِلَى مصر، وَقَالَ أَبُو أَحْمد: إِنَّه سكن بإفريقية. وَفِي كَلَام أبي أَحْمد هَذَا مَا فِي كَلَام أبي مُحَمَّد من التَّسْوِيَة بَين رِوَايَة مَالك فِي موطئِهِ، وَرِوَايَة يحيى بن سَلام المرفوعة، وليستا بِسَوَاء، فَإِن لفظ حَدِيث مَالك الْمَوْقُوف: " من صلى رَكْعَة " [وَلَفظ الْمَرْفُوع من رِوَايَة يحيى بن سَلام عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ وَعند أَحْمد إِنَّمَا هُوَ: " من صلى صَلَاة "] وَفرق مَا بَين اللفظتين وَاضح، فَإِن مَسْأَلَة هَل يجب تَكْرِير قِرَاءَة أم الْقُرْآن فِي كل رَكْعَة، مضمنة فِي الحَدِيث الْمَوْقُوف، وَلَيْسَ لَهَا فِي الْمَرْفُوع ذكر. وَأَبُو مُحَمَّد جعل الْمَرْفُوع هُوَ الْمَوْقُوف، وَلَيْسَ كَذَلِك، إِلَّا أَن يكون قد رَآهُ فِي مَوضِع لم نعثر عَلَيْهِ وَلم يذكرهُ لنا، فَإِن كَانَ ذَلِك فَالْحَدِيث - مَعَ ضعفه - مُضْطَرب الْمَتْن. وَهَذَا اعتذار لَا يتَحَقَّق لَهُ، وَمَا يغلب على الظَّن إِلَّا أَنه قلد فِيهِ أَبَا عمر بن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 304 عبد الْبر. وَقد وَقع فِي ذَلِك أَيْضا الدَّارَقُطْنِيّ، فَإِنَّهُ لما ذكر الحَدِيث الْمَرْفُوع كَمَا كتبناه عَنهُ الْآن، أتبعه أَن قَالَ: يحيى بن سَلام ضَعِيف، وَالصَّوَاب مَوْقُوف. حَدثنَا أَبُو بكر قَالَ: حَدثنَا يُونُس، قَالَ: حَدثنَا ابْن وهب، أَن مَالِكًا أخبرهُ عَن وهب بن كيسَان، عَن جَابر نَحوه مَوْقُوفا. هَذَا نَص عمله، وَقد علم أَنه لَيْسَ فِي الموطآت هَكَذَا، بل " من صلى رَكْعَة لم يقْرَأ فِيهَا بِأم الْقُرْآن، فَلم يصل إِلَّا وَرَاء إِمَام ". وَقد تسَامح أَبُو عبد الله بن البيع بِهَذَا التسامح، فَذكره بِحَدِيث آخر، قد تقدم ذكره حِين مر ذكر هَذَا الحَدِيث فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي عزاها إِلَى مَوَاضِع، وَلَيْسَت فِيهَا كَمَا ذكر. (293) وَذكر أَيْضا فِي بَاب الْوتر، قَالَ: وَفِي الْبَاب حَدِيث رَوَاهُ جرير ابْن حَازِم عَن / أبي هَارُون الْعَبْدي، أَنه سمع أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ يَقُول: " نَادَى فِينَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن من أصبح لم يُوتر فَلَا وترله ". وَضَعفه بِضعْف أبي هَارُون وَلم ينْسبهُ إِلَى مَوضِع، وَهُوَ عِنْد ابْن أبي شيبَة كَذَلِك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 305 (294) وَذكر فِي الصَّلَاة فِي كسوف الْقَمَر حَدِيثا عَن عَائِشَة. ثمَّ قَالَ: رَوَاهُ مُوسَى بن أعين، عَن إِسْحَاق بن رَاشد، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة. وَلم يذكر من أَيْن نَقله، وَهُوَ عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ. وَقد كتبناه بِإِسْنَادِهِ وَمَا فِيهِ، فِي الْبَاب الْأَحَادِيث المصححة بسكوته. (295) وَذكر مُرْسلا فِي زَكَاة الْبَقر، من طَرِيق أبي أويس، عَن عبد الله وَمُحَمّد: ابْني أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم، عَن أَبِيهِمَا، عَن جدهما، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَنه كتب هَذَا الْكتاب لعَمْرو بن حزم حِين أمره على الْيمن ". وَأعله بِضعْف أبي أويس وبالانقطاع، وَلم يعزه إِلَى مَوضِع. وأره إِنَّمَا نَقله من عِنْد أبي مُحَمَّد بن حزم، فَإِنَّهُ قد ذكر فِي بَاب زَكَاة الذَّهَب وَالْوَرق، قِطْعَة أُخْرَى من هَذِه الصَّحِيفَة فِي زَكَاة الْوَرق بِهَذَا الْإِسْنَاد، معزوة إِلَيْهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 306 (296) وَذكر فِي زَكَاة الرِّكَاز قَالَ: ويروى فِي تَفْسِير الرِّكَاز حَدِيث من طَرِيق عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري، عَن جده، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الرِّكَاز فَقَالَ: " هُوَ الذَّهَب الَّذِي خلق الله فِي الأَرْض يَوْم خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض ". وَعبد الله بن سعيد هَذَا مَتْرُوك الحَدِيث، ذكر ذَلِك ابْن أبي حَاتِم. وَقد روى من طَرِيق آخر عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَلَا يَصح أَيْضا. ذكره الدَّارَقُطْنِيّ - رَحمَه الله - انْتهى مَا ذكر بنصه. وَقد يظنّ من هَذَا الْكَلَام، أَن الحَدِيث الأول من رِوَايَة عبد الله بن سعيد، ذكره الدَّارَقُطْنِيّ / وَلم أجد لَهُ ذكرا فِي كتابي الدَّارَقُطْنِيّ: السّنَن والعلل، وَلَا أذكر أَنه ينْقل من غَيرهمَا سوى المؤتلف والمختلف. فَأَما الطَّرِيق الآخر الَّذِي قَالَ: إِنَّه يرْوى عَن أبي هُرَيْرَة، فَذكره الدَّارَقُطْنِيّ فِي الْعِلَل بِغَيْر إِسْنَاد موصل. وَنَصّ مَا ذكر: وَسُئِلَ عَن حَدِيث أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ / رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الرِّكَاز الذَّهَب الَّذِي ينْبت على وَجه الأَرْض ". فَقَالَ: يرويهِ حسان بن عَليّ، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَهُوَ وهم، لَيْسَ من حَدِيث الْأَعْمَش، وَلَا من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 307 حَدِيث أبي صَالح، وَإِنَّمَا يرويهِ رجل مَجْهُول عَن آخر، عَن أبي هُرَيْرَة، انْتهى مَا ذكر. (297) وَذكر مُرْسل سعيد بن الْمسيب فِي مَدين من حِنْطَة، فِي زَكَاة الْفطر. وَلم يعزه وَهُوَ فِي مراسل أبي دَاوُد. (298) وَذكر حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه، عَن جده، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " أَلا من ولي يَتِيما لَهُ مَال فليتجر بِهِ " الحَدِيث. ثمَّ علله، ثمَّ قَالَ: وَرَوَاهُ عبد الله بن عَليّ بن مهْرَان، عَن عَمْرو بن شُعَيْب، وَهُوَ ضَعِيف أَو مَجْهُول. هَذِه الرِّوَايَة لم يعزها، وَلَا أعرف من أَيْن أخرجهَا، وَقد رَوَاهُ عَن عَمْرو مَرْفُوعا نَاس، إِلَّا أَنه لَا يَصح مِنْهُ شَيْء، فَلذَلِك لم نطل بذكرها. ثمَّ قَالَ (مُتَّصِلا بذلك) : وَرَوَاهُ حُسَيْن الْمعلم، عَن مَكْحُول عَن عَمْرو ابْن شُعَيْب، عَن ابْن الْمسيب، عَن عمر. وَرَوَاهُ ابْن عُيَيْنَة، عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن عمر، لم يذكر ابْن الْمسيب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 308 وَخَالفهُ حَمَّاد بن زيد، فَرَوَاهُ عَن عَمْرو بن دِينَار / عَن مَكْحُول، لم يذكر عَمْرو بن شُعَيْب، وَلَا ابْن الْمسيب، وَحَدِيث عمر أصح مَا فِيهِ الْمَرْفُوع، انْتهى مَا ذكر. وَلم يعزه وَهُوَ نَص مَا ذكر الدَّارَقُطْنِيّ فِي علله، إِلَّا أَنه فِيهِ إخلال اعترى بالاختصار وَهُوَ فِي قَوْله: وَخَالفهُ حَمَّاد بن زيد، فَرَوَاهُ عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن مَكْحُول، لم يذكر عَمْرو بن شُعَيْب، وَلَا ابْن الْمسيب، ينقص مِنْهُ " عَن عمر ". وَنَصّ مَا عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ: وَخَالفهُ حَمَّاد بن زيد، فَرَوَاهُ عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن مَكْحُول، عَن عمر، لم يذكر عَمْرو بن شُعَيْب وَلَا ابْن الْمسيب. (299) وَذكر حَدِيث أبي سعيد: " لَا تحل الصَّدَقَة لَغَنِيّ إِلَّا لخمسة ". بعد مُرْسل مَالك، عَن زيد بن أسلم، عَن عَطاء بن يسَار. وَقَالَ: إِن الثَّوْريّ ومعمراً، هما اللَّذَان روياه عَن زيد مُسْندًا، بِزِيَادَة أبي سعيد، وَلم يعز شَيْئا من ذَلِك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 309 والْحَدِيث بِهِ عِنْد الْبَزَّار: قَالَ الْبَزَّار: حَدثنَا سَلمَة بن شبيب، وَأحمد بن مَنْصُور، قَالَا: حَدثنَا عبد الرَّزَّاق، قَالَ: حَدثنَا معمر، عَن زيد بن / أسلم، عَن عَطاء بن يسَار، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -[وحدثناه زُهَيْر بن مُحَمَّد، قَالَ: أخبرنَا عبد الرَّزَّاق، قَالَ: أخبرنَا الثَّوْريّ وَمعمر، عَن زيد بن أسلم، عَن عَطاء بن يسَار، عَن أبي سعيد، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -] قَالَ: " لَا تحل الصَّدَقَة لَغَنِيّ إِلَّا لخمسة: لرجل عَامل عَلَيْهَا، وَرجل اشْتَرَاهَا بِمَالِه، أَو مِسْكين تصدق عَلَيْهَا بهَا، فأهداها لَغَنِيّ، أَو غَارِم، أَو غاز فِي سَبِيل الله ". قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث قد رَوَاهُ غير وَاحِد عَن زيد، عَن عَطاء بن يسَار مُرْسلا. وأسنده عبد الرَّزَّاق، عَن معمر، وَالثَّوْري، وَإِذا حدث بِالْحَدِيثِ / ثِقَة فأسنده، كَانَ عِنْدِي الصَّوَاب. وَعبد الرَّزَّاق عِنْدِي ثِقَة، وَمعمر ثِقَة، انْتهى كَلَام الْبَزَّار. (300) وَذكر حَدِيثا بِأَن عَائِشَة " طهرت يَوْم عَرَفَة " من عِنْد مُسلم. وَأخْبر بِأَنَّهَا " طهرت يَوْم النَّحْر " من عِنْده أَيْضا. ثمَّ قَالَ: وَقد روى من حَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة أَنَّهَا " طهرت لَيْلَة الْبَطْحَاء " وَلَا يَصح. كَذَا ذكره، وَلم يعزه، وَهُوَ عِنْد أبي دَاوُد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 310 وَقد بَينا مِنْهُ أمرا آخر فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ضعفها وَلم يبين عللها. (301) وَذكر حَدِيث عَائِشَة: " من نزل بِقوم فَلَا يصومن تَطَوّعا إِلَّا بإذنهم ". وَذكر أَن مِمَّن رَوَاهُ عَن هِشَام، عمار بن سيف، وَلم يذكر من أَيْن نقلهَا. (302) وَذكر من طَرِيق الْعقيلِيّ عَن أُسَامَة بن زيد اللَّيْثِيّ، عَن عَطاء، عَن جَابر، حَدِيث: " أفضت قبل أَن أرمي ". مُتبعا حَدِيث مُسلم، وَلم يذكر لَفظه، قَالَ وَأنكر هَذَا على أُسَامَة، ثمَّ قَالَ: وَرَوَاهُ سُفْيَان، عَن ابْن جريج، عَن عَطاء مُرْسلا. وروى ابْن نمير، عَن ابْن أبي ليلى، عَن عَطاء، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من قدم شَيْئا مَكَان شَيْء فَلَا حرج ". ابْن أبي ليلى ضَعِيف، انْتهى قَوْله. فحديثا الثَّوْريّ وَابْن أبي ليلى، لَا يعرف من كَلَامه من أخرجهُمَا وَلَا من أَيْن نقلهما، وَإِنَّمَا نقلهما من كتاب الْعقيلِيّ فَهُوَ أورد جَمِيع مَا تقدم فِي مَوضِع الجزء: 2 ¦ الصفحة: 311 وَاحِد وَزِيَادَة عَلَيْهِ، تَركهَا أَبُو مُحَمَّد، فلنذكر جَمِيعه بنصه. قَالَ الْعقيلِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن سَالم هُوَ الصَّائِغ، قَالَ: حَدثنَا الْحسن بن عَليّ الْحلْوانِي، قَالَ: حَدثنَا أَبُو أُسَامَة. وَحدثنَا مُوسَى بن إِسْحَاق، قَالَ: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، حَدثنَا وَكِيع، جَمِيعًا عَن أُسَامَة بن زيد، عَن عَطاء، عَن جَابر بن عبد الله، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " جمع كلهَا موقف / وعرفة كلهَا موقف، وَمنى كلهَا منحر، وكل فجاج مَكَّة طَرِيق ومنحر "، وَأَن رجلا أَتَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: حلقت قبل أَن أرمي، قَالَ: " ارْمِ وَلَا حرج "، وَقَالَ آخر: أفضيت قبل أَن أرمي، قَالَ: " ارْمِ وَلَا حرج ". اللَّفْظ لفظ الصَّائِغ. حَدثنَا بشر، حَدثنَا الْحميدِي، وَحدثنَا مسْعدَة بن سعد، حَدثنَا سعيد بن مَنْصُور، قَالَا: حَدثنَا سُفْيَان، عَن ابْن جريج، عَن عَطاء قَالَ: قَالَ رجل للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ذبحت قبل أَن أرمي، قَالَ: " فارم وَلَا حرج ". وَقَالَ رجل: حلقت قبل أَن أرمي، قَالَ: " فارم وَلَا حرج "، وَقَالَ آخر: حلقت قبل أَن أذبح، قَالَ: " فاذبح وَلَا حرج ". وَقَالَ رجل: أفضت قبل أَن أرمي، قَالَ: " فارم وَلَا حرج ". حَدثنَا مُوسَى، حَدثنَا أَبُو بكر، حَدثنَا ابْن نمير، حَدثنَا ابْن أبي ليلى، عَن عَطاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من قدم من حجه شَيْئا مَكَان شَيْء فَلَا حرج ". وَهَكَذَا هُوَ هَذَا فِي مُصَنف ابْن أبي شيبَة. وَذكر الْعقيلِيّ عَن أَحْمد بن حَنْبَل إِنْكَاره على أُسَامَة بن زيد حَدِيث الجزء: 2 ¦ الصفحة: 312 عَطاء، عَن جَابر، الْمُتَقَدّم الذّكر الْآن فَاعْلَم ذَلِك. (303) وَذكر أَيْضا حَدِيث جَابر فِي الضبع والظبي واليربوع والأرنب يُصِيبهَا الْمحرم. وَلم يعز مَا ذكر من ذَلِك، وَسَاقه مُتبعا حَدِيث عمر بن الْخطاب من كتاب علل الدَّارَقُطْنِيّ. وَهُوَ لَيْسَ فِي كتاب الْعِلَل، وَإِنَّمَا هُوَ فِي كتاب السّنَن وَقد كتبنَا الْجَمِيع فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا مُتَّصِلَة وَهِي مُنْقَطِعَة. (304) وَذكر أَيْضا رِوَايَة فِي حَدِيث عَليّ فِي أَمر الَّذِي أصَاب / أدحى نعام محرما، بشرَاء بَنَات مَخَاض وإضرابهن وإهداء مَا أنتج مِنْهُنَّ. وَلم يعزها، وَقد كتبنَا ذَلِك فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا عَن راو، أَو من كتاب، أَو فِي قصَّة، ثمَّ أردفها أَحَادِيث أَو زيادات، موهماً أَنَّهَا عَن أُولَئِكَ الروَاة، أَو من تِلْكَ الْمَوَاضِع، أَو فِي تِلْكَ الْقَصَص. (305) وَذكر من المراسل عَن مَكْحُول، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " هجن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 313 الهجين يَوْم خَيْبَر، وعرب الْعَرَبِيّ " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: وَرُوِيَ مَوْصُولا عَن مَكْحُول، عَن زِيَاد بن جَارِيَة عَن / حبيب ابْن مسلمة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، والمرسل هُوَ الصَّحِيح. هَذَا مَا ذكر، وَلم يعز هَذَا الْمَوْصُول، وَلَا أعرف لَهُ الْآن موقعاً. (306) وَذكر من المراسل أَيْضا عَن تَمِيم بن طرفَة: " وجد رجل نَاقَة لَهُ، فارتفعا إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَأَقَامَ الْبَيِّنَة أَنَّهَا نَاقَته، وَأقَام الآخر أَنه اشْتَرَاهَا من الْعَدو " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: هَذَا مُرْسل، وَقد أسْند من حَدِيث ياسين الزيات، عَن سماك بن حَرْب، عَن تَمِيم بن طرفَة، عَن جَابر بن سَمُرَة، وَيَاسِين ضَعِيف. كَذَا ذكره، وَلم يعز هَذَا الْمسند، وَلَا أعرف لَهُ الْآن موقعاً إِلَّا كتاب ابْن حزم، فَهُوَ صَاحب هَذَا الْكَلَام بِعَيْنِه، وأظن أَن أَبَا مُحَمَّد إِنَّمَا نَقله من عِنْده. (307) وَذكر من عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ حَدِيث " تخَيرُوا لنُطَفِكُمْ ". ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: رَوَاهُ أَبُو أُميَّة الثَّقَفِيّ، ومندل بن عَليّ، وَعِكْرِمَة بن إِبْرَاهِيم، وَأَيوب بن وَاقد، عَن هِشَام. وَأَيوب وسائرهم ضعفاء، وَرَوَاهُ أَبُو الْمِقْدَام الجزء: 2 ¦ الصفحة: 314 هِشَام بن زِيَاد، عَن أَبِيه مُرْسلا وَهُوَ الصَّوَاب. كل هَذَا الَّذِي لم يعزه لَا أعرف مِنْهَا إِلَّا رِوَايَة أبي أُميَّة، فَإِنَّهَا عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ أَيْضا فابحث عَن سائرها. (308) وَذكر من مُسْند الْحَارِث بن أبي أُسَامَة أَنه " اسْتَبْرَأَ صَفِيَّة بِحَيْضَة ". ثمَّ قَالَ: وَقد رُوِيَ من حَدِيث إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، عَن حجاج بن أَرْطَاة، عَن الزُّهْرِيّ، عَن أنس، وَلَا يَصح. كَذَا أوردهُ وَلم يعزه إِلَى مَوضِع. (309) وَذكر من مراسل أبي دَاوُد، مُرْسل أبي رزين فِي " أَن الثَّالِثَة إمْسَاك بِمَعْرُوف أَو تَسْرِيح بِإِحْسَان ". ثمَّ قَالَ: قد أسْند هَذَا عَن إِسْمَاعِيل بن سميع عَن أنس، وَعَن قَتَادَة عَن أنس، والمرسل أصح. هَكَذَا ذكر هَذَا وَلم يعزه. وَالدَّارَقُطْنِيّ ذكر هذَيْن الطَّرِيقَيْنِ قَالَ: حَدثنَا القَاضِي الْحُسَيْن بن إِسْمَاعِيل، قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن جرير بن جبلة، حَدثنَا عبيد الله بن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 315 عَائِشَة، حَدثنَا حَمَّاد بن سَلمَة، حَدثنَا قَتَادَة، عَن أنس، أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله، أَلَيْسَ قَالَ الله تَعَالَى: {الطَّلَاق مَرَّتَانِ} فَلم صَار ثَلَاثًا قَالَ: " إمْسَاك بِمَعْرُوف أَو تَسْرِيح بِإِحْسَان ". حَدثنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن زِيَاد الْقطَّان وَآخَرُونَ، قَالَ: حَدثنَا إِدْرِيس / ابْن عبد الْكَرِيم الْمُقْرِئ، حَدثنَا لَيْث بن حَمَّاد، حَدثنَا عبد الْوَاحِد بن زِيَاد، حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن سميع الْحَنَفِيّ، عَن أنس بن مَالك، قَالَ: قَالَ رجل للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِنِّي أسمع الله تَعَالَى يَقُول: {الطَّلَاق مَرَّتَانِ} فَأَيْنَ الثَّالِثَة؟ قَالَ: " إمْسَاك بِمَعْرُوف أَو تَسْرِيح بِإِحْسَان هِيَ الثَّالِثَة ". قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ /: كَذَا قَالَ عَن أنس، وَالصَّوَاب عَن إِسْمَاعِيل عَن أبي رزين، مُرْسلا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. انْتهى كَلَامه. وَعِنْدِي أَن هذَيْن الْحَدِيثين صَحِيحَانِ. فَإِن عبيد الله بن عَائِشَة ثِقَة، وَقد برىء مِمَّا قذف بِهِ من الْقدر، وَهُوَ أحد الأجواد الْمَشْهُورين بالجود، وأخباره فِي ذَلِك كَثِيرَة، وَهُوَ سيد من سَادَات الْبَصْرَة، وَكَانَ عَالما بِالْعَرَبِيَّةِ وَأَيَّام النَّاس، وَكَانَ عِنْده عَن حَمَّاد بن سَلمَة تِسْعَة آلَاف حَدِيث. وَهُوَ عبيد الله بن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن حَفْص بن مُوسَى بن عبيد الله بن معمر، أَبُو عبد الرَّحْمَن الْقرشِي، التَّيْمِيّ، يعرف بِابْن عَائِشَة. وَعبيد الله بن جرير بن جبلة بن أبي رواد، أَبُو الْعَبَّاس، وَقيل: أَبُو الْحسن، الْعَتكِي، بَصرِي، قَالَ فِيهِ الْخَطِيب: وَكَانَ ثِقَة. وَأما الحَدِيث الثَّانِي فَإِن مَدَاره على إِسْمَاعِيل بن سميع، وَعَلِيهِ اخْتلفُوا: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 316 فَمن قَائِل عَنهُ: عَن أبي رزين عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَمِمَّنْ يرويهِ عَنهُ هَكَذَا، الثَّوْريّ. وَمن قَائِل عَنهُ: عَن أنس، رَوَاهُ عَنهُ هَكَذَا عبد الْوَاحِد بن زِيَاد، وَعبد الْوَاحِد ثِقَة، وَأَبُو مُحَمَّد يصحح أَحَادِيثه، وَالطَّرِيق إِلَيْهِ صَحِيح، فَإِن لَيْث بن حَمَّاد أَبَا عبد الرَّحْمَن الصفار، بَصرِي صَدُوق، قَالَه الْخَطِيب. وَإِدْرِيس بن عبد الْكَرِيم الْحداد، الْمُقْرِئ، صَاحب خلف بن هِشَام، ثِقَة وَفَوق الثِّقَة بِدَرَجَة، قَالَه الْخَطِيب. وَقَالَ ابْن الْمُنَادِي: كتب النَّاس عَنهُ لِثِقَتِهِ وصلاحه. وَإِسْمَاعِيل بن سميع فِي نَفسه، كُوفِي، ثِقَة، مَأْمُون، قَالَه ابْن معِين. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: صَدُوق صَالح الحَدِيث. وَقَالَ يحيى بن سعيد: لم يكن بِهِ بَأْس. وَقَالَ ابْن حَنْبَل: صَالح. وَقَالَ النَّسَائِيّ: لَيْسَ بِهِ بَأْس فالحديثان صَحِيحَانِ فَاعْلَم ذَلِك. (310) وَذكر أَيْضا مَا هَذَا نَصه: وروى همام قَالَ: حَدثنَا يحيى بن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 317 أبي كثير، أَن يعلى / بن حَكِيم حَدثهُ، أَن يُوسُف بن مَاهك حَدثهُ، أَن حَكِيم بن حزَام حَدثهُ أَنه قَالَ: يَا رَسُول الله، إِنِّي رجل أَشْتَرِي هَذِه الْبيُوع، فَمَا يحل لي مِنْهَا وَمَا يحرم عَليّ؟ قَالَ: " يَا ابْن أخي، إِذا ابتعت بيعا فَلَا تبعه حَتَّى تقبضه ". ثمَّ قَالَ: هَكَذَا ذكر سَماع يُوسُف بن مَاهك من حَكِيم بن حزَام. وَهِشَام الدستوَائي يرويهِ عَن يحيى، فَيدْخل بَين يُوسُف وَحَكِيم، عبد الله ابْن عصمَة، وَكَذَلِكَ هُوَ بَينهمَا فِي غير حَدِيث. وَعبد الله بن عصمَة ضَعِيف جدا، ذكر هَذَا الحَدِيث الدَّارَقُطْنِيّ وَغَيره، انْتهى كَلَامه. وَإِنَّمَا كتبته فِي هَذَا الْبَاب، لِأَنِّي حَملته على أحسن محتمليه، وَذَلِكَ أَنه إِن عَاد قَوْله: " ذكر هَذَا الحَدِيث الدَّارَقُطْنِيّ وَغَيره " على جَمِيع مَا ذكر من رِوَايَة همام وَمَا بعْدهَا، كَانَ بَاطِلا من القَوْل، لِأَن الدَّارَقُطْنِيّ لم يذكر حَدِيث همام الْمَذْكُور، الَّذِي ذكر فِيهِ سَماع يُوسُف بن مَاهك من حَكِيم بن حزَام أصلا، وَلَو كَانَ الْأَمر هَكَذَا لَكَانَ هَذَا من بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي عزاها إِلَى مَوَاضِع لَيست هِيَ فِيهَا، فَوَجَبَ أَن يكون قَوْله /: " ذكر هَذَا الحَدِيث الدَّارَقُطْنِيّ وَغَيره " رَاجعا إِلَى الرِّوَايَة الَّتِي جرى فِيهَا ذكر عبد الله بن عصمَة بن يُوسُف بن هامك، وَحَكِيم بن حزَام، فَهِيَ الَّتِي ذكر الدَّارَقُطْنِيّ، فَأَما رِوَايَة همام الَّتِي لَيْسَ فِيهَا عبد الله بن عصمَة فَلم يذكرهَا إِلَّا على خلاف ذَلِك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 318 وَنَصّ مَا ذكر هُوَ هَذَا: حَدثنَا أَبُو بكر النَّيْسَابُورِي، حَدثنَا أَحْمد بن سعيد ابْن صَخْر، حَدثنَا حبَان بن هِلَال، حَدثنَا همام، حثنا يحيى بن أبي كثير، حَدثنَا يعلى بن حَكِيم أَن يُوسُف بن مَاهك حَدثهُ، أَن عبد الله بن عصمَة حَدثهُ، أَن حَكِيم بن حزَام حَدثهُ، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا ابتعت بيعا فَلَا تبعه حَتَّى تستوفيه ". وَإِذا أعدنا قَوْله: " ذكر هَذَا الحَدِيث الدَّارَقُطْنِيّ وَغَيره " إِلَى رِوَايَة هِشَام الدستوَائي، كَانَ فِيهِ أَيْضا مَا هُوَ بَاطِل، وَذَلِكَ أَن الَّذِي أَرَادَ إِنَّمَا هُوَ أَن الرِّوَايَة الَّتِي أَدخل فِيهَا عبد الله بن عصمَة بَينهمَا، ذكرهَا الدَّارَقُطْنِيّ، فجَاء بِلَفْظ فِيهِ الْخَطَأ، وَذَلِكَ أَن رِوَايَة هِشَام الدستوَائي الَّتِي ذكر أَبُو مُحَمَّد، هِيَ عَن يحيى ابْن أبي كثير، عَن يعلى بن حَكِيم، عَن يُوسُف بن مَاهك / عَن عبد الله بن عصمَة، عَن حَكِيم بن حزَام. هَذَا هُوَ الَّذِي ذكر، فعد إِلَيْهِ حَتَّى ترَاهُ فِي كَلَامه، وَهَذَا لم يذكرهُ الدَّارَقُطْنِيّ أصلا، إِنَّمَا ذكر عبد لله بن عصمَة بَينهمَا من رِوَايَة أبان بن يزِيد الْعَطَّار، عَن يحيى بن أبي كثير، لَا من رِوَايَة هِشَام الدستوَائي. فَإِذن بَاطِل أَن يكون معنى قَول أبي مُحَمَّد: ذكر هَذَا الحَدِيث الدَّارَقُطْنِيّ وَغَيره، أَن رِوَايَة همام، وَهِشَام ذكرهمَا الدَّارَقُطْنِيّ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَن دُخُول عبد الله بن عصمَة بَين يُوسُف وَحَكِيم، ذكره الدَّارَقُطْنِيّ وَغَيره. ولعلك تَقول: لَعَلَّ هَذَا فِي كتاب الْعِلَل للدارقطني، فَاعْلَم أَنه يَقع فِيهِ لحكيم بن حزَام رسم، وَإِنَّمَا ذكر الحَدِيث فِي كتاب السّنَن، فَإِذا حملنَا كَلَامه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 319 على هَذَا الْمحمل الْأَبْعَد الأخفى، بَقِي الحَدِيث من رِوَايَة همام وَمن رِوَايَة هِشَام، غير معزو إِلَى مَوضِع. وَهَذَا أولى من أَن نجعله نسب إِلَى كتاب الدَّارَقُطْنِيّ مَا لَيْسَ فِيهِ. وَبعد هَذَا، فَاعْلَم أَن الحَدِيث الْمَذْكُور، إِنَّمَا نَقله من كتاب أبي مُحَمَّد بن حزم، فَإِنَّهُ عِنْده من طَرِيق قَاسم بن أصْبع، وَلم يُوصل إِلَيْهِ إِسْنَاده. إِنَّمَا قَالَ: برهَان ذَلِك مَا روينَاهُ من طَرِيق قَاسم بن أصبغ، حَدثنَا أَحْمد بن زُهَيْر حَدثنَا أبي، حَدثنَا حبَان بن هِلَال، حَدثنَا همام بن يحيى، حَدثنَا يحيى بن أبي كثير أَن يعلى بن حَكِيم حَدثهُ، أَن يُوسُف بن مَاهك حَدثهُ، أَن حَكِيم بن حزَام حَدثهُ، أَنه قَالَ: يَا رَسُول الله. فَذكر الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: فَإِن قيل بِأَن هَذَا الْخَبَر مُضْطَرب، لأنكم رويتموه من طَرِيق خَالِد ابْن الْحَارِث الهُجَيْمِي، عَن هِشَام الدستوَائي، عَن يحيى بن أبي كثير، قَالَ: نَبَّأَنِي رجل من إِخْوَاننَا، نَبَّأَنِي يُوسُف بن مَاهك، أَن عبد الله بن عصمَة الْجُشَمِي، حَدثهُ أَن حَكِيم بن حزَام حَدثهُ، فَذكر هَذَا الْخَبَر، وَعبد الله بن عصمَة مَجْهُول. قُلْنَا: نعم إِلَّا أَن همام بن يحيى، رَوَاهُ كَمَا أوردنا قبل، عَن يحيى بن أبي كثير / فَسمى ذَلِك الرجل الَّذِي لم يسمه هِشَام، وَذكر أَنه يعلى بن حَكِيم. ويعلى [بن حَكِيم] ثِقَة، وَذكر فِيهِ أَن يُوسُف سَمعه من حَكِيم بن حزَام. وَهَذَا صَحِيح، فَإِنَّهُ إِذا سَمعه من حَكِيم، فَلَا يضرّهُ أَن يسمعهُ أَيْضا / من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 320 غير حَكِيم عَن حَكِيم، فَصَارَ حَدِيث خَالِد بن الْحَارِث لَغوا، كَانَ أَو لم يكن بِمَنْزِلَة وَاحِدَة. انْتهى كَلَام أبي مُحَمَّد بن حزم. وَقد قُلْنَا قبل ونقول الْآن: إِن أَبَا مُحَمَّد عبد الْحق لم ينْقل عَن قَاسم بن أصبغ حرفا من كتبه، إِنَّمَا يروي من طَرِيقه مَا وجد عِنْد ابْن حزم، أَو عِنْد ابْن عبد الْبر، أَو ابْن الطلاع. فَهُوَ إِذن إِنَّمَا ذكرهَا هَا هُنَا من أَمر هَذَا الحَدِيث مَا ذكر ابْن حزم فِي كَلَامه الَّذِي نصصنا الْآن. اخْتَصَرَهُ فجَاء مِنْهُ أَن فِي رِوَايَة هِشَام الدستوَائي إِدْخَال عبد الله بن عصمَة بَين يُوسُف وَحَكِيم، وَترك مِنْهَا كَونه لم يسم يعلى بن حَكِيم. وَهَذَا لم يكن بِهِ بَأْس لَوْلَا مَا قَالَ بعد ذَلِك: ذكر هَذَا الحَدِيث الدَّارَقُطْنِيّ وَغَيره، وَهُوَ لم يفعل. وكل مَا نقل ابو مُحَمَّد بن حزم من طَرِيق قَاسم بن أصبغ مِمَّا تقدم ذكره، فَهُوَ فِي كتاب قَاسم كَذَلِك، وَلَا بَأْس بالإطالة بإيراده بنصه ثمَّ نتبعه مَا نرَاهُ فِيهِ. قَالَ قَاسم: حَدثنَا مُحَمَّد بن الجهم، قَالَ: حَدثنَا عبد الْوَهَّاب، قَالَ: حَدثنَا هِشَام الدستوَائي، عَن يحيى بن ابي كثير، عَن يُوسُف بن مَاهك، أَن عبد الله بن عصمَة، حَدثهُ أَن حَكِيم بن حزَام حَدثهُ، فَذكره. حَدثنَا أَحْمد بن زُهَيْر، حَدثنَا أبي، حَدثنَا يزِيد بن هَارُون، أَن هِشَام الجزء: 2 ¦ الصفحة: 321 الدستوَائي، فَذكر بِإِسْنَادِهِ مثله. ثمَّ قَالَ: قَالَ ابْن أبي خَيْثَمَة، هَكَذَا قَالَ يزِيد بن هَارُون، عَن الدستوَائي عَن يحيى بن أبي كثير، عَن يُوسُف بن مَاهك، وَلم يسمع يحيى من يُوسُف ابْن مَاهك هَذَا الحَدِيث. حَدثنَا أَحْمد بن زُهَيْر، قَالَ: حَدثنَا عبيد الله بن عمر، قَالَ: حَدثنَا خَالِد ابْن الْحَارِث. قَالَ: حَدثنَا هِشَام، عَن يحيى، عَن رجل من إِخْوَاننَا، قَالَ: نَبَّأَنِي يُوسُف بن مَاهك، أَن عبد الله بن عصمَة، حَدثهُ أَن حَكِيم بن حزَام حَدثهُ، فَذكر الحَدِيث. هَذِه رِوَايَة خَالِد بن الْحَارِث الَّتِي ذكر ابْن حزم، وَالَّتِي طوى مِنْهَا أَبُو مُحَمَّد: عبد الْحق، كَون يحيى بن أبي كثير لم يسم من حدث عَن يُوسُف بن مَاهك، وَأخذ مِنْهَا دُخُول عبد الله بن عصمَة، بَين يُوسُف وَحَكِيم، ثمَّ قَالَ قَاسم: أسمى الرجل همام بن يحيى. حَدثنَا أَحْمد يَعْنِي ابْن زُهَيْر - حَدثنَا أبي، حَدثنَا حبَان بن هِلَال، حَدثنَا همام، حَدثنَا يحيى بن أبي / كثير، أَن يعلى بن حَكِيم حَدثهُ، أَن يُوسُف بن مَاهك حَدثهُ، أَن حَكِيم بن حزَام حَدثهُ، فَذكر الحَدِيث بنصه، وانْتهى مَا ذكر قَاسم فِي ذَلِك. فَأَقُول (وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق) : إِنَّمَا كَانَت عنايته ببتبين اسْم الرجل الَّذِي لم يسمه خَالِد بن الْحَارِث فِي رِوَايَته عَن هِشَام، وأسقطه يزِيد بن هَارُون الْبَتَّةَ فِي رِوَايَته عَن هِشَام، وَكَذَلِكَ عبد الْوَهَّاب، فَأَما مَا بَين يُوسُف بن مَاهك وَحَكِيم بن حزَام فَلم يشْتَغل بِهِ، وَوَقع فِي وَرَايَة همام الِاتِّصَال فِي ذَلِك بقوله: عَن يُوسُف، أَن حَكِيم بن حزَام حَدثهُ، وَأَنا أَخَاف أَن يكون سقط من ثمَّ، أَن عبد الله بن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 322 عصمَة حَدثهُ، وَمر على الخواطر، فَإِن استبعدت هَذَا قربه لَك أَن الرِّوَايَة الْمَذْكُورَة - أَعنِي رِوَايَة همام - هِيَ من رِوَايَة حبَان بن هِلَال عَنهُ /. وَقد ذَكرنَاهَا من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، من رِوَايَة أَحْمد بن سعيد بن صَخْر الدَّارمِيّ، عَن حبَان بن هِلَال، عَن همام بن يحيى - بِزِيَادَة عبد الله بن عصمَة -[وَهَذَا هُوَ ذَاك بِعَيْنِه، وَكَذَا يتَّصل، وَيكون حِينَئِذٍ ضَعِيفا بِضعْف عبد الله بن عصمَة] وَقد حصل الْمَقْصُود فِي ضمن مَا أطلنا بِهِ، وَهُوَ أَن أَبَا مُحَمَّد لم يعزه، وموضعه كتاب قَاسم، أَو كتاب ابْن أَيمن فقد ذكره كَذَلِك أَيْضا عَن أَحْمد بن زُهَيْر قَالَ: حَدثنَا أبي، حَدثنَا حبَان بن هِلَال، حَدثنَا همام، حَدثنَا يحيى بن أبي كثير، أَن يعلى بن حَكِيم حَدثهُ، أَن يُوسُف بن مَاهك حَدثهُ، أَن حَكِيم بن حزَام حَدثهُ، أَنه قَالَ: يَا رَسُول الله، إِنِّي أَشْتَرِي هَذِه الْبيُوع فَمَا يحل لي مِنْهَا مِمَّا يحرم؟ قَالَ: " يَا ابْن أخي إِذا ابتعت شَيْئا فَلَا تبعه حَتَّى تقبضه " فَاعْلَم ذَلِك. (311) وَذكر من المراسل: " خلع معَاذ من مَاله ". ثمَّ قَالَ: وَقد أسْندهُ هِشَام بن يُوسُف، عَن معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن ابْن كَعْب بن مَالك، عَن أَبِيه، والمرسل أصح. كَذَا ذكر هَذِه الرِّوَايَة وَلم يعزها، وَلَا أعرف موقعها. (312) وَذكر حَدِيث عَليّ فِي " التَّفْرِيق بَين السَّبي "، فَذكر لَهُ طَرِيقا غير الجزء: 2 ¦ الصفحة: 323 طَرِيق مَيْمُون بن أبي شبيب، وَحَدِيث أبي مُوسَى، أَو عمرَان بن حُصَيْن. فَأَما حَدِيث عَليّ، فقد بَيناهُ فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي / ضعفها وَهِي صَحِيحَة، وَأما حَدِيث أبي مُوسَى، أَو عمرَان، فَإِنَّهُ من عِنْد الدراقطني، وَالْخلاف فِيهِ - كَمَا ذكر - على طليق بن مُحَمَّد. وَمِنْهُم من يَجعله عَن طليق، عَن أبي بردة، عَن أبي مُوسَى. وَمِنْهُم من يَجعله عَن طليق، عَن عمرَان. وَمِنْهُم من يُرْسِلهُ، وكل ذَلِك ذكره الدَّارَقُطْنِيّ وَلَا يَصح، فَإِن طليقاً لَا تعرف حَاله، وَهُوَ خزاعي. (313) وَذكر حَدِيث: " الْمُسلمُونَ عِنْد شروطهم " ثمَّ قَالَ: وَقد رُوِيَ هَذَا الحَدِيث من طَرِيق مُرْسلَة، عَن عمر بن عبد الْعَزِيز، وَعَطَاء بن أبي رَبَاح، وَقد رُوِيَ مُسْندًا من حَدِيث عَائِشَة وَأنس. ثمَّ قَالَ: وأسانيدها لَا يحْتَج بهَا. كَذَا أورد هَذِه الْأَحَادِيث غير معزوة، فَأَما المرسلان فَلَا أذكر الْآن موقعهما وَأما الْمسند من حَدِيث عَائِشَة، وَأنس، فَذكره الدَّارَقُطْنِيّ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 324 وَقد كتبناه فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي لم يبين عللها. (314) وَذكر أَيْضا من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، حَدِيث ابْن عَبَّاس: " لَا وَصِيَّة لوَارث إِلَّا أَن يَشَاء الْوَرَثَة ". وَأعله بالانقطاع، ثمَّ قَالَ: وَوَصله يُونُس بن رَاشد، فَرَوَاهُ عَن عَطاء عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس، والمقطوع هُوَ الْمَشْهُور. هَكَذَا ذكره، وَلَيْسَ يتَبَيَّن بِهَذَا الذّكر أَن رِوَايَة يُونُس بن رَاشد عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ، وَهِي عِنْده، وَلم يذكر علته وَقد بيناها فِي الْبَاب الْمَذْكُور. (315) وَذكر أَيْضا حَدِيث عَائِشَة: " الْخَال وَارِث من لَا وراث لَهُ ". وَلم يعزه، وَهُوَ عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ، وَقد كتبنَا مَا فِيهِ من الِاخْتِلَاف فِي الْبَاب الْمَذْكُور. (316) وَذكر مُرْسل عَطاء، فِي أَن " الْعمة وَالْخَالَة لَا مِيرَاث لَهَا ". ثمَّ قَالَ: وأسنده مسْعدَة بن اليسع الْبَاهِلِيّ، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فِي أَنه لَا شَيْء لَهما. قَالَ: ومسعدة مَتْرُوك، وَالصَّوَاب مُرْسل. وَهَذَا لم يعزه أَيْضا، وَهُوَ فِي كتاب السّنَن للدارقطني من الطَّرِيق الْمَذْكُور. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 325 (317) وَذكر حَدِيث عَليّ من عِنْد الْبَزَّار " فِي شَأْن القبطي الَّذِي كَانَ يزور مَارِيَة، فَوجدَ مجبوباً ". ثمَّ قَالَ: وَرَوَاهُ يحيى بن سعيد الْقطَّان، عَن الثَّوْريّ، عَن مُحَمَّد بن عمر بن عَليّ بن أبي طَالب، عَن جده عَليّ، وأسنده أَبُو نعيم عَن / الثَّوْريّ، عَن مُحَمَّد / بن عمر بن عَليّ، عَن أَبِيه، عَن عَليّ. وَاخْتلف عَن أبي نعيم، والمرسل أصح. هَكَذَا أورد روايتي يحيى بن سعيد وَأبي نعيم عَن الثَّوْريّ، وَلم يعزهما، وَلَا أعرف موقعهما. (318) وَذكر حَدِيث نَاقَة الْبَراء من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن الزُّهْرِيّ، عَن حرَام بن محيصة، عَن الْبَراء. ثمَّ قَالَ: حرَام لم يسمع من الْبَراء، ثمَّ قَالَ: وروى معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن حرَام بن محيصة، عَن أَبِيه، عَن الْبَراء، وَلم يُتَابع على قَوْله: عَن أَبِيه. هَذَا مَا أورد فِيهِ، وَلم يعز هَذِه الرِّوَايَة، وَهِي عِنْد أبي دَاوُد أَيْضا. ثمَّ قَالَ: وَرَوَاهُ ابْن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ، عَن حرَام بن سعد، وَابْن الْمسيب عَن الْبَراء. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 326 ثمَّ ذكر رِوَايَة ابْن جريج، وَلم يعزهما، قَالَ: وَفِيه اخْتِلَاف أَكثر من هَذَا. انْتهى قَوْله. وَقد وَجب أَن نذْكر مَا تحصل فِي هَذَا الحَدِيث عَن ابْن شهَاب، فَيكون فِي ضمنه الْمَقْصُود، وَذَلِكَ أَن عَنهُ فِيهِ سَبْعَة أَقْوَال: أَولهَا: قَول معمر: عَن الزُّهْرِيّ، عَن حرَام، عَن أَبِيه، أَن نَاقَة للبراء. ذكرهَا أَبُو دَاوُد. وَالثَّانِي: قَول الْأَوْزَاعِيّ: عَن الزُّهْرِيّ، عَن حرَام، عَن الْبَراء. ذكره أَيْضا أَبُو دَاوُد. وَالثَّالِث: قَول مَالك: عَن الزُّهْرِيّ، عَن حرَام أَن نَاقَة للبراء. وَالرَّابِع: قَول معن بن عِيسَى: عَن مَالك، عَن الزُّهْرِيّ، عَن حرَام، عَن جده محيصة، أَن نَاقَة للبراء. نقلته من مُسْند حَدِيث مَالك فِي الْمُوَطَّأ للجوهري. وَالْخَامِس: قَول ابْن عُيَيْنَة: عَن الزُّهْرِيّ، عَن حرَام، وَسَعِيد بن الْمسيب. ذكره ابْن عبد الْبر. وَالسَّادِس: قَول ابْن جريج: عَن الزُّهْرِيّ، أَخْبرنِي أَبُو أُمَامَة أَن نَاقَة للبراء. ذكره أَيْضا ابْن عبد الْبر. وَالسَّابِع: قَول أبي ذُؤَيْب: عَن الزُّهْرِيّ، بَلغنِي أَن نَاقَة للبراء. ذكره أَيْضا ابْن عبد الْبر. وَلَا أبعد الزِّيَادَة على هَذَا، وَلَكِن هَذَا المتيسر أحْوج إِلَيْهِ قَوْله: وَفِيه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 327 اخْتِلَاف أَكثر من هَذَا. (319) وَذكر من طَرِيق إِسْرَائِيل، عَن عمر بن عبد الله بن يعلى، عَن حكيمة، عَن أَبِيهَا، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من الْتقط لقطَة، درهما أَو حبلاً أَو شبه ذَلِك فليعرفه ثَلَاثَة أَيَّام " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: حكيمة هِيَ بنت غيلَان الثقفية، وَعمر بن عبد الله / هَذَا مُنكر الحَدِيث. ضعفه أَبُو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم. انْتهى مَا ذكر. وَلم يعزه وَلَا أذكر لَهُ الْآن موقعاً. (320) وَذكر بعده، عَن مسلمة بن عَليّ، عَن الْمثنى بن الصياح، عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من وجد دَوَاة أَو سكيناً " الحَدِيث. كَذَا أَيْضا لم يعزه، وَهُوَ فِي كتاب أبي أَحْمد بِإِسْنَادِهِ وَمَتنه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 328 (321) وَذكر مُرْسل عِكْرِمَة: " وَالله لأغزون قُريْشًا ". ثمَّ قَالَ: إِنَّه يرويهِ مُسْندًا عبد الْوَاحِد بن صَفْوَان، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَقَالَ بعد الثَّالِثَة: ثمَّ سكت سَاعَة ثمَّ قَالَ: " إِن شَاءَ الله ". وَعبد الْوَاحِد لَيْسَ حَدِيثه بِشَيْء، وَالصَّحِيح مُرْسل. هَكَذَا أَيْضا لم يعزه، وَهُوَ مَذْكُور فِي كتاب أبي أَحْمد بِإِسْنَادِهِ هَذَا وَمَتنه. (322) وَذكر من المراسل عَن ربيعَة فِي أَن " عقل الذِّمِّيّ كَانَ مثل عقل الْمُسلم فِي زمَان النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَأبي بكر وَعمر، حَتَّى كَانَ صدر من زمن مُعَاوِيَة ". ثمَّ قَالَ: قد أسْند هَذَا / بركَة بن مُحَمَّد، من حَدِيث أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَذكر قصَّة مُعَاوِيَة مختصرة. وبركة مَتْرُوك، وَزَاد: فَلَمَّا اسْتخْلف عمر بن عبد الْعَزِيز، رد الْأَمر إِلَى الْقَضَاء الأول. هَذَا مَا ذكر، وَلم يعز رِوَايَة بركَة، وَإِنَّمَا نقلهَا من كتاب أبي أَحْمد. قَالَ أَبُو أَحْمد: حَدثنَا أَحْمد بن عبد الله بن سَابُور قَالَ: حَدثنَا بركَة بن مُحَمَّد الْحلَبِي، قَالَ حَدثنَا الْوَلِيد بن مُسلم، عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن يحيى بن أبي كثير، عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن " الدِّيَة كَانَت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 329 على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أبي بكر، وَعمر، وَعُثْمَان وَعلي، - رضوَان الله عَلَيْهِم - دِيَة الْمُسلم واليهودي وَالنَّصْرَانِيّ سَوَاء، فَلَمَّا اسْتخْلف مُعَاوِيَة صير دِيَة الْيَهُودِيّ وَالنَّصْرَانِيّ على النّصْف من دِيَة الْمُسلم، فَلَمَّا اسْتخْلف عمر بن عبد الْعَزِيز، رد الْأَمر إِلَى الْقَضَاء الأول ". (323) وَذكر أَيْضا من المراسل عَن ربيعَة، عَن عبد الرَّحْمَن بن الْبَيْلَمَانِي حَدِيث " قتل الْمُسلم بالذمي ". ثمَّ قَالَ: وَقد أسْند عَن ابْن الْبَيْلَمَانِي، عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلَا يَصح من أجل ابْن الْبَيْلَمَانِي. هَذَا مَا أورد وَلم يعز / هَذِه الرِّوَايَة، وَهِي فِي كتاب الدَّارَقُطْنِيّ، قَالَ: حَدثنَا الْحسن بن أَحْمد بن سعيد الرهاوي، أنبأني جدي: سعيد بن مُحَمَّد الرهاوي، أَن عمار بن مطر حَدثهمْ، قَالَ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الْأَسْلَمِيّ، عَن ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن، عَن ابْن الْبَيْلَمَانِي، عَن ابْن عمر، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " قتل مُسلما بمعاهد، وَقَالَ: أَنا أكْرم من وفى بِذِمَّتِهِ ". قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: لم يسْندهُ غير إِبْرَاهِيم بن أبي يحيى، وَهُوَ مَتْرُوك الحَدِيث، وَالصَّوَاب: عَن ربيعَة، عَن ابْن الْبَيْلَمَانِي مُرْسلا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَابْن الْبَيْلَمَانِي ضَعِيف لَا تقوم بِهِ حجَّة إِذا وصل الحَدِيث، فَكيف إِذا أرْسلهُ. انْتهى كَلَامه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 330 وَأَبُو مُحَمَّد - رَحمَه الله - لم يعل الحَدِيث إِلَّا بِابْن الْبَيْلَمَانِي، وإعلاله بِابْن أبي يحيى أولى، إِن كَانَ هَذَا الْإِسْنَاد معنيه، إِلَّا أَنه لما لم يعز مَا ذكر، جَازَ أَن يكون إِنَّمَا نَقله من طَرِيق آخر لَا يكون فِيهِ ابْن أبي يحيى، فَلذَلِك لَا نذكرهُ فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أعلها بِقوم وَترك أمثالهم أَو أَضْعَف مِنْهُم، لم يعرض لَهُم. (324) وَذكر عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " اجتهدوا أَيْمَانهم وكلوا ". [يَعْنِي] اللحمان الَّتِي تقدم بهَا الْأَعْرَاب، لَا يدرى اذْكروا اسْم الله عَلَيْهَا أم لَا وَلم يعز هَذِه الرِّوَايَة. (325) وَذكر من طَرِيق مَالك عَن ابْن عمر، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " طَعَام الْبَخِيل دَاء، وَطَعَام السخي شِفَاء ". ثمَّ قَالَ: هَذَا من رِوَايَة الْمِقْدَام بن دَاوُد، عَن عبد الله بن يُوسُف التنيسِي، عَن مَالك. كَذَا أوردهُ، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَة غير معزو، إِذْ لم يذكرهُ مَالك فِي كِتَابه، فَإِنَّمَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 331 ذكر مَالك فِيهِ، بِمَثَابَة ذكر نَافِع أَو غَيره من رُوَاته. وَأَبُو مُحَمَّد عبد الْحق - رَحمَه الله - إِنَّمَا هُوَ عِنْده من كتيب لأبي عَليّ / الصَّدَفِي، كتب فِيهِ عواليه، هُوَ عِنْدِي من رِوَايَة أبي الحكم بن غشليان، عَنهُ أوردهُ أَبُو مُحَمَّد فِي كِتَابه / الْكَبِير، عَن أبي عَليّ، الْمَذْكُور قَالَ: حَدثنَا أَبُو الْعَبَّاس العذري، حَدثنَا مُحَمَّد بن نوح الْأَصْبَهَانِيّ بِمَكَّة، حَدثنَا سُلَيْمَان بن أَيُّوب الطَّبَرَانِيّ، حَدثنَا الْمِقْدَام بن دَاوُد، حَدثنَا عبد الله بن يُوسُف التنيسِي، عَن مَالك بن أنس، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَذكره. قَالَ أَبُو عَليّ: حَدِيث غَرِيب عَجِيب، وَرِجَاله كلهم ثِقَات أَئِمَّة. انْتهى مَا ذكر. وَإِنَّهُم لمشاهير ثِقَات، إِلَّا مِقْدَام بن دَاوُد، فَإِن أهل مصر تكلمُوا فِيهِ. وَقَالَ فِيهِ الدَّارَقُطْنِيّ: ضَعِيف. (326) وَذكر حَدِيث " حرمت الْخمر بِعَينهَا، والمسكر من كل شراب ". ثمَّ قَالَ: رُوِيَ مَرْفُوعا عَن أنس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَفِي إِسْنَاده سعيد بن عمَارَة، عَن الْحَارِث بن النُّعْمَان، وَمن حَدِيث أبي سعيد، وَفِي إِسْنَاده سوار ابْن مُصعب، عَن عَطِيَّة الْعَوْفِيّ وَلم يعزهما. (327) وَذكر أَيْضا حَدِيث عَليّ لكنه عزاهُ بعد وَإِنَّمَا نقل حَدِيث الجزء: 2 ¦ الصفحة: 332 أنس، وَأبي سعيد من كتاب أبي مُحَمَّد بن حزم، وَلم يُوصل إِسْنَاده بهما. (328) وَذكر أَيْضا حَدِيث التِّرْمِذِيّ فِي كسر الدنان. ثمَّ قَالَ: ويروى فِي " كسر جرار الْخمر وشق زقاقها " عَن ابْن عمر، وَأبي هُرَيْرَة، وَجَابِر بن عبد الله. قَالَ: وأسانيدها ضَعِيفَة، فِيهَا ثَابت بن يزِيد الْخَولَانِيّ، ونسير بن دعلوق، وَابْن لَهِيعَة، وَعمر بن صهْبَان، وَغَيرهم. كَذَا ذكرهَا وَلم يعزها، وَهُوَ أَيْضا إِنَّمَا نقلهَا من عِنْد ابْن حزم، وَتَبعهُ فِيمَا جهل، وَذَلِكَ أَن ابْن حزم قَالَ عَن خصومه: إِنَّهُم احْتَجُّوا بِخَبَر من طَرِيق ابْن عمر، قَالَ: (329) " شقّ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - زقاق الْخمر ". وبخبر من طَرِيق أبي هُرَيْرَة، أَنه عَلَيْهِ السَّلَام: (330) " شقّ زقاق الْخمر ". ويخبر من طَرِيق جَابر، أَنه عَلَيْهِ السَّلَام: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 333 (331) " أراق الْخمر، وَكسر جرارها ". قَالَ: وكل هَذَا لَا يَصح مِنْهُ شَيْء. أما خبر ابْن عمر، فأحد طرقه، فِيهِ ثَابت بن يزِيد الْخَولَانِيّ، وَهُوَ مَجْهُول لَا يدْرِي من هُوَ. وَالثَّانِي من طَرِيق ابْن لَهِيعَة، وَهُوَ هَالك، عَن أبي طعمة: وَهُوَ نسير بن ذعلوق، وَهُوَ لَا شَيْء. وَالثَّالِث من رِوَايَة عبد الْملك بن حبيب الأندلسي، وَهُوَ / هَالك، عَن طلق، وَهُوَ ضَعِيف. وَأما حَدِيث أبي هُرَيْرَة فَفِيهِ عمر بن صهْبَان، وَهُوَ ضَعِيف، ضعفه البُخَارِيّ، وَغَيره، وَفِيه أَيْضا آخر لم يسم. وَحَدِيث جَابر من طَرِيق ابْن لَهِيعَة، وَهُوَ مطرح. هَذَا نَص كَلَامه، وَقد تبعه أَبُو مُحَمَّد فِي رمي الحَدِيث من أجل نسير بن ذعلوق: أبي طعمة، وَهُوَ رجل قَالَ فِيهِ ابْن معِين: ثِقَة وَقَالَ أَبُو حَاتِم: صَالح. وكل هَذِه الْأَحَادِيث لم يُوصل إِلَيْهَا إِسْنَادًا، فَنحْن سننبه عَلَيْهَا إِن شَاءَ الله فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا مُتَّصِلَة وَهِي مُنْقَطِعَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 334 وَإِنَّمَا ذَكرنَاهَا الْآن فِي هَذَا الْبَاب، بِاعْتِبَار أَنه لم يعزها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 335 (12) بَاب ذكر أَحَادِيث، أبعد النجعة / فِي إيرادها، ومتناولها أقرب وَأشهر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 337 اعْلَم أَنه لَو كَانَ يذكر الْأَحَادِيث موصلة مِنْهُ بأسانيدها، لم يلْزمه أَن يوردها إِلَّا من حَدِيث اتَّصَلت لَهُ، كَمَا قد يَسُوق ابْن عبد الْبر من طَرِيق قَاسم، أَو ابْن أَيمن، أَو غَيرهمَا مَا هُوَ عِنْد البُخَارِيّ أَو مُسلم موصلاً، فَأَما من اعْتمد نِسْبَة الْأَحَادِيث إِلَى موَاضعهَا الْمَشْهُورَة كطريقته هُوَ فِي كِتَابه هَذَا، فَعَلَيهِ الدَّرك فِي إِيرَاده من مَوضِع خامل إِذا كَانَ فِي أشهر مِنْهُ، لَا سِيمَا مَعَ مَا صَحَّ فِي الْوُجُود من أَن هَذِه المختصرات، أَكثر من يلجأ إِلَيْهَا ويعتمد قرَاءَتهَا، إِنَّمَا هم من لَا علم عِنْده بِالْحَدِيثِ، وَإِن كَانَ فيهم من يطْلب أنواعاً من الْعلم غَيره. فَإِذا الْأَمر هَكَذَا، فَأول حَاصِل عِنْد من يرى الحَدِيث هَا هُنَا مَنْسُوبا إِلَى مَوضِع، عَدمه فِي غَيره، والاحتياج فِيهِ إِلَى من ذكره عَنهُ، فَيحصل من هَذَا مَعَ أهل هَذَا الشَّأْن فِي مثل مَا يحصل فِيهِ من ينْسب مَسْأَلَة من النَّحْو إِلَى الْمَهْدَوِيّ، أَو ابْن النّحاس، وَهِي فِي كتاب سِيبَوَيْهٍ. وَفِي الْحَقِيقَة جدوى هَذِه التَّرْجَمَة لَيْسَ من الْوَاجِب، وَلكنه مكمل، وَإِن اتّفق أَن يكون من أذكر الحَدِيث عَنهُ الْآن غير مَشْهُور عِنْد من يَقْرَؤُهُ، كَالَّذي / أخرجه أَبُو مُحَمَّد من عِنْده فِي حَقه، فليعد الْفَائِدَة فِيهِ تَكْثِير موَاضعه وتبيين مواقعه. (332) فَمن ذَلِك أَنه ذكر حَدِيث أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ، وَلَا يسمع بِي اُحْدُ من هَذِه الْأمة، يَهُودِيّ وَلَا نَصْرَانِيّ ... " الجزء: 2 ¦ الصفحة: 339 الحَدِيث من كتاب مُسلم. ثمَّ أردفه من كتاب عبد بن حميد رِوَايَة فِيهِ، وَهِي: " لَا يسمع بِي أحد من هَذِه الْأمة وَلَا يَهُودِيّ وَلَا نَصْرَانِيّ ". وَهُوَ حَدِيث صَحِيح عِنْد عبد بن حميد، قَالَ فِيهِ: أخبرنَا عبد الرَّزَّاق، عَن معمر، عَن همام، عَن أبي هُرَيْرَة فَذكره. إِلَّا أَنه أبعد فِيهِ النجعة، وأوهم قارئه أَنه مُحْتَاج فِيهِ إِلَى شَاذ كتاب عبد بن حميد. وَابْن أبي شيبَة قد ذكر من حَدِيث أبي مُوسَى صَحِيحا، ذَلِك الْمَعْنى بِعَيْنِه، وَكتابه عندنَا أشهر وَأكْثر وجودا. قَالَ أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا عَفَّان، حَدثنَا شُعْبَة، حَدثنَا أَبُو بشر، سَمِعت سعيد بن جُبَير، يحدث عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من سمع بِي من أمتِي، أَو يَهُودِيّ، أَو نَصْرَانِيّ، ثمَّ لم يُؤمن بِي دخل النَّار ". هَذَا [حَدِيث] صَحِيح الْإِسْنَاد فاعلمه. (333) وَذكر أَيْضا فِي كتاب الْعلم من فَوَائِد ابْن صَخْر، حَدِيث: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 340 " أَشد النَّاس عذَابا " الحَدِيث. ورده من أجل عُثْمَان بن مقسم الْبري إِلَّا أَنه أبعد النجعة، وَعذر الْوُقُوف عَلَيْهِ فِي مَوضِع هُوَ فِيهِ إِلَّا لآحاد من أهل هَذَا الشَّأْن. وَابْن صَخْر مَعَ ذَلِك إِنَّمَا خرج بِإِسْنَادِهِ فِيهِ إِلَى ابْن وهب، ونسبته إِلَيْهِ كَانَت أولى وَأَعْلَى، فَإِنَّهُ مَذْكُور فِي جَامعه، وَهُوَ مَشْهُور مَعْرُوف وَمن طَرِيقه سَاقه / ابْن صَخْر من فَوَائده، وَابْن عبد الْبر فِي بَيَان الْعلم. وَسَنَد ابْن صَخْر فِيهِ هُوَ هَذَا: أخبرنَا أَبُو يَعْقُوب النجيرمي إملاء، أخبرنَا زَكَرِيَّاء بن يحيى السَّاجِي، حَدثنَا أَحْمد بن سعيد، حَدثنَا ابْن وهب، أنبأني يحيى ابْن سَلام، عَن عُثْمَان بن مقسم، عَن سعيد المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَشد النَّاس عذَابا يَوْم الْقِيَامَة عَالم لم يَنْفَعهُ الله بِعِلْمِهِ ". قَالَ ابْن صَخْر: وَهَذَا / غَرِيب الْإِسْنَاد والمتن، وَابْن وهب أرفع من يحيى ابْن سَلام، وَلم يرو هَذَا هَكَذَا فِيمَا قيل غير الْبري. انْتهى كَلَام ابْن صَخْر. وَقد عمل أَبُو مُحَمَّد بِمثل مَا طلبته بِهِ الْآن فِي الحَدِيث الَّذِي ذكره فِي بَاب يَلِيهِ، وَذَلِكَ أَنه قَالَ: (334) وَذكر ابْن وهب عَن عبَادَة بن الصَّامِت أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 341 قَالَ: " لَيْسَ منا من لم يجل كَبِيرنَا " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: خرجه أَبُو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ فِي بَيَان الْمُشكل. فَإِن هَذَا لَيْسَ إِخْبَارًا عَن موقع آخر للْخَبَر، بل اخبر عَن الْموضع الَّذِي نَقله مِنْهُ، وَهُوَ كتاب الطَّحَاوِيّ، بعد أَن نبه على كَونه عِنْد ابْن وهب. وَأرَاهُ - وَالله أعلم - لم يقف عَلَيْهِ عَن ابْن وهب، فَعمل فِيهِ كَمَا يعْمل فِيمَا ينْسبهُ إِلَى قَاسم بن أصبغ، أَو ابْن أَيمن، وَإِنَّمَا ذَلِك بتوسط ابْن حزم، أَو ابْن عبد الْبر، أَو ابْن الطلاع. والْحَدِيث الْمَذْكُور إِنَّمَا ذكره الطَّحَاوِيّ من طَرِيق ابْن وهب هَكَذَا: أخبرنَا يُونُس بن عبد الْأَعْلَى وَمُحَمّد بن عبد الله بن عبد الحكم، قَالَا: حَدثنَا عبد الله ابْن وهب، أنبأني مَالك بن الْخَيْر الزيَادي، عَن أبي قبيل، عَن عبَادَة بن الصَّامِت أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَيْسَ منا من لم يجل كَبِيرنَا، وَيرْحَم صَغِيرنَا، وَيعرف لعالمنا حَقه ". وَاعْلَم أَن هَذَا إِذا تكَرر لَهُ فِي الْأَحَادِيث - أَعنِي أَن يَقُول: ذكر ابْن وهب ثمَّ يَقُول: خرجه الطَّحَاوِيّ، أَو ذكر ابْن وهب ثمَّ يَقُول: خرجه ابْن صَخْر، أَو ذكر قَاسم، ثمَّ يَقُول: خرجه ابْن حزم، وَأَشْبَاه ذَلِك مِمَّا يكثر لَهُ - فَلَيْسَ هُوَ على حد مَا لَو قَالَ: روى الْأَعْمَش، ثمَّ يَقُول: خرجه مُسلم، أَو روى الزُّهْرِيّ، ثمَّ يَقُول: خرجه البُخَارِيّ، فَإِن هَذَا لم يعْمل بِهِ، وَإِنَّمَا لم يعْمل بِهِ لما لم يكن مَا يَأْتِي بِهِ من الحَدِيث عَن هَؤُلَاءِ وأمثالهم من كتب وضعوها، وَخَرجُوا الْأَحَادِيث فِيهَا، وَإِنَّمَا عمل بِهِ فِي حق أُولَئِكَ الْأُخَر وأشباههم، لما كَانَت الْأَحَادِيث الَّتِي يُورد عَنْهُم مخرجة فِي كتبهمْ، إِلَّا أَنه لم يقف عَلَيْهَا فِيهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 342 / فَصَارَ ينْسب الْأَحَادِيث إِلَيْهِم، ويعزوها إِلَى من جَاءَ بهَا من طَرِيق أحدهم. وَرُبمَا لم يعْمل هَذَا فِي بعض هَؤُلَاءِ كمالك - رَحمَه الله - فَإِنَّهُ يَسُوق أَحَادِيث معزوة إِلَى البُخَارِيّ، أَو مُسلم، وَلَا يذكر أَنَّهَا من رِوَايَة مَالك فِي موطئِهِ. وَكَذَا هَذَا مِنْهُ لِأَنَّهُ يُقيم نسبتها إِلَى أَحدهمَا مقَام تَصْحِيحه إِيَّاهَا /، بِمَا علم من اشتراطهما الصِّحَّة، لكنه اسْتمرّ بِهِ ذَلِك إِلَى أَن صَار يذكر الحَدِيث من عِنْد النَّسَائِيّ أَو أبي دَاوُد، وَلَا يبين أَنه من رِوَايَة مَالك فِي موطئِهِ، فجَاء هَذَا / بِمَثَابَة الحَدِيث المبدوء بِذكرِهِ، الْمَنْسُوب إِلَى فَوَائِد ابْن صَخْر، وَهُوَ فِي كتاب ابْن وهب الَّذِي نَقله مِنْهُ ابْن صَخْر فَاعْلَم ذَلِك. (335) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " انْصَرف من صَلَاة جهر فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ " الحَدِيث إِلَى آخِره. كَذَا ذكره من عِنْد أبي دَاوُد، وَهُوَ مِمَّا [قد] فَرغْنَا الْآن من التَّنْبِيه عَلَيْهِ، وَذَلِكَ أَنه [مَذْكُور] فِي الْمُوَطَّأ كَمَا أوردهُ، فَلَا أَدْرِي لِمَ لم ينْسبهُ إِلَى مَالك. (336) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه، عَن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 343 جده، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الرَّاكِب شَيْطَان، والراكبان شيطانان، وَالثَّلَاثَة ركب ". هَذَا أَيْضا فِي الْمُوَطَّأ بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَمن طَرِيق مَالك سَاقه النَّسَائِيّ. (337) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد حَدِيث: " أينقص الرطب إِذا يبس؟ ". وَهُوَ فِي الْمُوَطَّأ، وَمن طَرِيق مَالك سَاقه أَبُو دَاوُد، وَقد أَخْبَرتك أَنِّي لَا أطالبه بِمثل هَذِه الْمُطَالبَة فِيمَا يَسُوقهُ من عِنْد مُسلم، أَو البُخَارِيّ، وَهُوَ فِي الْمُوَطَّأ مِمَّا يسوقانه، من طَرِيق مَالك، لِأَن ذَلِك مِنْهُ قَائِم مقَام التَّصْحِيح لَهُ. أما مَا يَسُوقهُ من عِنْد غَيرهمَا، فَفِيهِ إبعاد انتجاع، وَرُبمَا يكون كتاب الْمُوَطَّأ فِي حجر من يتجشم الْمَشَقَّة فِي رِوَايَة الحَدِيث فِي كتاب النَّسَائِيّ، أَو أبي دَاوُد، بِمَا أبعد من خاطره، وَذَلِكَ بِمَا يعْتَقد من اطِّلَاعه واتساعه. فَيَقُول الْقَارئ لَهُ: لم ينْسبهُ إِلَى النَّسَائِيّ إِلَّا وَقد عَدمه فِي غَيره من الْكتب /، وَهُوَ فِي حجره فِي كتاب الْمُوَطَّأ. وَقد عمل أَيْضا فِي بعض الْأَحَادِيث عملا هُوَ خلاف مَا نبهنا عَلَيْهِ، وَهُوَ أَن ينْسب الحَدِيث إِلَيّ من أخرجه، وَهُوَ إِنَّمَا وقف عَلَيْهِ عِنْد غَيره مِمَّن أخبر عَنهُ أَنه أخرجه، كَمَا لَو قَالَ الْآن رجل: أخرج مُسلم حَدِيث كَذَا، وَهُوَ إِنَّمَا رَآهُ فِي هَذَا الْكتاب: كتاب الْأَحْكَام. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 344 (338) فَمن ذَلِك أَنه قَالَ: وَذكر أَسد بن مُوسَى، عَن حَاتِم بن إِسْمَاعِيل، عَن عبد الرَّحْمَن بن عَطاء، عَن عبد الْملك بن جَابر، عَن جَابر، حَدِيث: " شقّ الْقَمِيص، لِأَنَّهُ كَانَ بعث بهديه ". وَهَذَا إِنَّمَا نَقله من عِنْد ابْن عبد الْبر، وَابْن عبد الْبر ذكره بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَسد، فَعَزاهُ أَبُو مُحَمَّد إِلَى أَسد، وَترك أَبَا عمر، عكس عمله الْمُتَقَدّم. (339) وَذكر أَيْضا من طَرِيق أبي عبد الله الْحَاكِم من عُلُوم الحَدِيث لَهُ، من طَرِيق ابْن وهب، قَالَ: أنبأني مخرمَة بن بكير، عَن أَبِيه، عَن عَمْرو بن شُعَيْب، قَالَ: قَاتل عبد مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أذن لَك سيدك؟ " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: [قَالَ] الْحَاكِم: لَا نعلم أحدا رَفعه. هَذَا مَا ذكره بِهِ، والْحَدِيث فِي موطأ ابْن وهب بِإِسْنَادِهِ وَمَتنه. وَأما قَول الْحَاكِم: لَا أعلم أحدا رَفعه، فَإِنَّهُ إِن كَانَ عَنى بِهِ أَنه لَا يعلم أحدا أسْندهُ وَوَصله فَصدق، وَلَكِن لَيست هَذِه الْعبارَة مَشْهُورَة عَن هَذَا الْمَعْنى، وَإِنَّمَا يُقَال ذَلِك فِيمَا يكون مَوْقُوفا. وَإِن كَانَ يَعْنِي بِهَذَا / أَن أحدا لم يبلغ بِهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَهَذَا خطأ، فقد ذكر ابْن وهب فِي ذَلِك مرسلين، أَحدهمَا أحسن من هَذَا، ولسنا لذكرهما الْآن. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 345 (340) وَذكر فِي كتاب الْإِيمَان مَا هَذَا نَصه: وَمِمَّا رويته بِالْإِسْنَادِ الْمُتَّصِل إِلَى ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الله تجَاوز لي عَن أمتِي الْخَطَأ وَالنِّسْيَان وَمَا اسْتكْرهُوا عَلَيْهِ ". قَالَ: ذكرت إِسْنَاده فِي الْكتاب الْكَبِير وَقد ذكره أَبُو بكر الْأصيلِيّ فِي فَوَائده، وَابْن الْمُنْذر فِي كتاب الْإِقْنَاع. هَذَا هُوَ كَمَا قَالَ، إِلَّا أَن الحَدِيث فِي كتاب / الدَّارَقُطْنِيّ، وَهُوَ أَكثر النَّاس نقلا مِنْهُ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا أَبُو بكر النَّيْسَابُورِي، وَأَبُو مُحَمَّد بن صاعد ومُوسَى بن جَعْفَر بن قرين، وَأحمد بن إِبْرَاهِيم [بن حبيب] الزراد، وَعبد الله بن أَحْمد بن إِسْحَاق الْمصْرِيّ، قَالُوا: حَدثنَا الرّبيع بن سُلَيْمَان حَدثنَا بشر بن بكر، حَدثنَا الْأَوْزَاعِيّ، عَن عَطاء بن أبي رَبَاح، عَن عبيد بن عُمَيْر، عَن ابْن عَبَّاس، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الله تجَاوز لأمتي الْخَطَأ وَالنِّسْيَان وَمَا اسْتكْرهُوا عَلَيْهِ ". (341) وَذكر أَيْضا فِي كتاب الْعلم، من طَرِيق أبي عمر بن عبد الْبر، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 346 عَن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن العذري، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يحمل هَذَا الْعلم من كل خلف عدوله، ينفون عَنهُ تَحْرِيف الغالين، وانتحال المبطلين وَتَأْويل الْجَاهِلين ". قَالَ: وَذكره الْعقيلِيّ من حَدِيث أَبى هُرَيْرَة وَعبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَأحسن مَا فِي هَذَا مُرْسل إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن. كَذَا ذكر هَذَا الْمُرْسل من عِنْد ابْن عبد الْبر، وَترك ذكره من مواقع هِيَ أرفع وَأشهر، وأوهم بِذكرِهِ من عِنْد أبي عمر - وَمَا ذكر بعد ذَلِك من كَون الْعقيلِيّ رَوَاهُ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَعبد الله بن عَمْرو - أَنه لَيْسَ عِنْد الْعقيلِيّ. وَأَبُو عمر إِنَّمَا ذكره من طَرِيق الْعقيلِيّ. وَقد ذكره أَبُو أَحْمد بن عدي، وَأَبُو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم. وَسَنذكر أسانيده فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ردهَا بِالْإِرْسَال وَلها عُيُوب سواهُ. (342) وَذكر فِي كتاب الْعلم مَا هَذَا نَصه: روى إِسْمَاعِيل بن خَالِد المَخْزُومِي، قَالَ: حَدثنَا مَالك بن أنس، عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لم يزل أَمر بني إِسْرَائِيل معتدلاً، حَتَّى كثر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 347 فيهم المولدون، أَبنَاء سَبَايَا الْأُمَم، فقاسوا مَا لم يكن بِمَا كَانَ، فضلوا وأضلوا ". ذكره أَبُو بكر الْخَطِيب، قَالَ: إِسْمَاعِيل بن خَالِد ضَعِيف وَلَا يثبت عَن مَالك. نقلته من كتاب أبي مُحَمَّد الرشاطي وَمن طَرِيقه رويته. هَذَا نَص مَا أورد، والْحَدِيث فِي كتاب الْبَزَّار من غير رِوَايَة مَالك / بِإِسْنَاد أحسن من هَذَا. قَالَ الْبَزَّار: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن زِيَاد، حَدثنَا يحيى بن آدم، حَدثنَا قيس بن الرّبيع، عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن عبد الله بن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لم يزل أَمر بني إِسْرَائِيل معتدلاً، حَتَّى بدا فيهم أَبنَاء سَبَايَا الْأُمَم، وأفتوا / بِالرَّأْيِ فضلوا وأضلوا ". هَذَا إِسْنَاد حسن، وَقيس بن الرّبيع إِنَّمَا سَاءَ حفظه بعد ولَايَته الْقَضَاء، فَهُوَ مثل شريك، وَابْن أبي ليلى. (343) وَذكر فِي " نوم الْجنب حَدِيث عمر ". ثمَّ أردفه من رِوَايَة الثَّوْريّ، عَن عبد الله بن دِينَار، عَن ابْن عمر قَوْله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 348 عَلَيْهِ السَّلَام لَهُ: " يغسل ذكره وَيتَوَضَّأ وضوءه للصَّلَاة " ذكره أَبُو عمر بن عبد الْبر. هَكَذَا عزاهُ إِلَى أبي عمر، وَهُوَ فِي كتاب الْبَزَّار من حَدِيث ابْن عمر، من ثَلَاثَة طرق. أَحدهَا من رِوَايَة معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سَالم، عَن أَبِيه، عَن عمر بن الْخطاب أَنه سَأَلَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَيَنَامُ أَحَدنَا وَهُوَ جنب؟ فَقَالَ: نعم، إِذا تَوَضَّأ وضوءه للصَّلَاة ". قَالَ: حَدثنَا سَلمَة بن شبيب، حَدثنَا عبد الرَّزَّاق، عَن معمر فَذكره. قَالَ: وَهُوَ أحسن مَا يرْوى عَن عمر من الطّرق. وَالثَّانِي وَالثَّالِث من رِوَايَة وهيب، عَن أَيُّوب، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، عَن عمر. وَعَن أَيُّوب عَن أبي قلابه، عَن عمر، أَنه سَأَلَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَيَنَامُ أَحَدنَا وَهُوَ جنب؟ قَالَ: " إِذا تَوَضَّأ وضوءه للصَّلَاة ". فَإِن قيل: الَّذِي احْتَاجَ هُوَ فِيهِ إِلَى التنزل إِلَى أبي عمر فِيهِ، الْأَمر بِغسْل الذّكر وَلَيْسَ ذَلِك فِي حَدِيث الْبَزَّار. قُلْنَا: هُوَ إِنَّمَا سَاق الحَدِيث لمَكَان زِيَادَة الْوضُوء للصَّلَاة، فَأَما الْأَمر بِغسْل الذّكر فقد أوردهُ من كتاب مُسلم، مَعَ الْأَمر بِالْوضُوءِ مُجملا غير مُبين الجزء: 2 ¦ الصفحة: 349 (344) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ حَدِيث ابْن مَسْعُود " فِي طرح قُرَيْش سلا الْجَزُور بَين كَتِفي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / وَهُوَ يُصَلِّي ". والْحَدِيث كَذَلِك فِي كتاب مُسلم، وَأرَاهُ إِنَّمَا سَاقه من كتاب النَّسَائِيّ لمَكَان قَوْله فِيهِ: " خُذُوا هَذَا الفرث بدمه ". بَدَلا من قَوْله فِي كتاب مُسلم سلا الْجَزُور، والسلا هُوَ مَا فسره بِهِ من الفرث بدمه، وَلَوْلَا مَخَافَة أَن يكون خَفِي عَلَيْهِ كَونه عِنْد مُسلم مَا كتبته. (345) وَذكر من طَرِيق أبي الْوَلِيد الطَّيَالِسِيّ حَدِيث: " وَقت الْعَصْر مَا لم تغرب الشَّمْس " وَهُوَ كَذَلِك فِي مُسْند ابْن أبي شيبَة ومصنفه. وَإِسْنَاده فِي كتاب مُسلم دون لَفظه، وَهُوَ رِوَايَته عَن يحيى بن أبي بكير. (346) وَذكر من كتاب الْإِعْرَاب لِابْنِ حزم، حَدِيث مُحَمَّد بن الْفضل ابْن عَطِيَّة، عَن صَالح بن حَيَّان، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر [قَالَ:] قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يؤمكم أقرؤكم وَإِن كَانَ ولد زنا ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 350 ثمَّ رده من أجل مُحَمَّد بن الْفضل. والْحَدِيث فِي كتاب أبي أَحْمد بن عدي وَهُوَ كثير النَّقْل مِنْهُ، ذكره فِي بَاب مُحَمَّد بن الْفضل بِإِسْنَادَيْنِ إِلَيْهِ، وَهُوَ فِي كتاب ابْن حزم غير موصل. (347) وَذكر حَدِيث وَائِل فِي رفع الْيَدَيْنِ إِذا رفع رَأسه من السُّجُود. من عِنْد ابْن عبد الْبر. والْحَدِيث عِنْد أبي دَاوُد، وَهُوَ أَيْضا عِنْد النَّسَائِيّ فِي حَدِيث مَالك بن الْحُوَيْرِث. (348) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن أبي ثَعْلَبَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي صيد الْكَلْب -: " إِذا أرْسلت كلبك وَذكرت اسْم الله فَكل وَإِن أكل مِنْهُ، وكل مَا ردَّتْ عَلَيْك يدك / ". ثمَّ ذكر الْكَلَام فِي رِوَايَة دَاوُد بن عَمْرو الدِّمَشْقِي، ثمَّ قَالَ: ويروي مثل حَدِيث أبي ثَعْلَبَة عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. (349) حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب هَذَا عزاهُ إِلَى ابْن حزم، وَهُوَ عِنْد أبي دَاوُد أَيْضا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 351 قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمنْهَال الضَّرِير، قَالَ: حَدثنَا يزِيد بن زُرَيْع، قَالَ: حَدثنَا حبيب الْمعلم، عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده، أَن أَعْرَابِيًا يُقَال لَهُ أَبُو ثَعْلَبَة، قَالَ: يَا رَسُول الله إِن لي كلاباً مكلبة، فأفتني فِي صيدها، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن كَانَ لَك كلاب مكلبة، فَكل مِمَّا أمسكن عَلَيْك "، قَالَ: ذكي، / وَغير ذكي؟ قَالَ وَإِن أكل مِنْهُ؟ قَالَ: " وَإِن أكل مِنْهُ "، قَالَ: يَا رَسُول الله، أَفْتِنِي فِي قوسي، قَالَ: " كل مَا ردَّتْ عَلَيْك قوسك "، قَالَ: ذكي وَغير ذكي؟ قَالَ: وَإِن تغيب عني، قَالَ: " وَإِن تغيب عَنْك مَا لم يصل أَو تَجِد فِيهِ أثرا غير سهمك "، قَالَ: أَفْتِنِي فِي آنِية الْمَجُوس إِذا اضطررنا إِلَيْهَا، قَالَ: " اغسلها ". فَهَذَا - كَمَا ترى - من رِوَايَة عبد الله بن عَمْرو، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، لَا من رِوَايَة أبي ثَعْلَبَة، وَهُوَ بِلَا شكّ معنيه. (350) وَذكر من طَرِيق مُسلم عَن قُطْبَة بن مَالك قَالَ: صليت وَصلى بِنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَرَأَ: ق حَتَّى قَرَأَ: {وَالنَّخْل باسقات} الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: فِي الرَّكْعَة الأولى. كَذَا قَالَ، وَصدق، وَلَكِن أبعد فِيهِ الانتجاع من التِّرْمِذِيّ وَهُوَ فِي كتاب مُسلم. قَالَ مُسلم - بعد أَن ذكر رِوَايَة زِيَاد بن علاقَة، عَن قُطْبَة بن مَالك الْمُتَقَدّمَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 352 الذّكر -: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، قَالَ: حَدثنَا شُعْبَة، عَن زِيَاد بن علاقَة، عَن عَمه، أَنه صلى مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الصُّبْح فَقَرَأَ فِي أول رَكْعَة: {وَالنَّخْل باسقات لَهَا طلع نضيد} وَرُبمَا قَالَ: ق. (351) وَذكر من طَرِيق أبي سُلَيْمَان الْخطابِيّ قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن هِشَام، قَالَ: [أخبرنَا] ، الدبرِي عَن عبد الرَّزَّاق، عَن ابْن جريج، أخبرنَا ابْن شهَاب، عَن ابْن الْمسيب، أَن أَبَا بكر وَعمر، تذاكرا الْوتر عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ أَبُو بكر: أما أَنا فَإِنِّي أَنَام على الْوتر، فَإِذا استيقظت صليت شفعاً حَتَّى الصَّباح، وَقَالَ عمر: لكني أَنَام على شفع ثمَّ أوتر من السحر، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لأبي بكر: " حذر هَذَا "، وَقَالَ لعمر: " قوي هَذَا ". ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: يُقَال: إِن ابْن الْمسيب لم يسمع من عمر إِلَّا نعيه النُّعْمَان ابْن مقرن. هَكَذَا أورد هَذَا الحَدِيث من عِنْد الْخطابِيّ، عَن رجل لَا تعرف حَاله - وَهُوَ شَيْخه مُحَمَّد بن هِشَام - فأبعد النجعة مَا شَاءَ، وأوهم بذلك عَدمه عِنْد غَيره، وأخلى الْبَاب من سواهُ مِمَّا يُؤَدِّي مَعْنَاهُ أَو قَرِيبا مِنْهُ، مِمَّا سنذكر بعضه الْآن بعد أَن نذْكر هَذَا اللَّفْظ الَّذِي أورد من مَوضِع / مَشْهُور، مَظَنَّة لَهُ ولأمثاله إِن شَاءَ الله تَعَالَى، ولعلك / ترى أَن الْخطابِيّ أشهر مِمَّن نذكرهُ من عِنْده، فَإِنَّمَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 353 نعني بِالنِّسْبَةِ إِلَى علم أهل الحَدِيث، فَأَما اللُّغَة فالخطابي من أَهلهَا. قَالَ بَقِي بن مخلد فِي مُسْنده فِي حَدِيث عمر بن الْخطاب -: فَابْن رمح قَالَ: أخبرنَا اللَّيْث بن سعد، عَن ابْن شهَاب، عَن سعيد بن الْمسيب، أَن أَبَا بكر وَعمر، تذاكرا عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ أَبُو بكر: أما أَنا فأصلي ثمَّ أَنَام على وتر، فَإِذا استيقظت صليت شفعاً حَتَّى الصَّباح، فَقَالَ عمر: لكني أَنَام على شفع ثمَّ أوتر من السحر، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لأبي بكر: " حذر هَذَا " وَقَالَ لعمر: " قوي هَذَا ". وَهَكَذَا رَوَاهُ أَيْضا سُفْيَان فِي مُسْنده عَن ابْن شهَاب، عَن سعيد، قَالَ تَذَاكَرُوا الْوتر عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ أَبُو بكر: أما أَنا فأوتر أول اللَّيْل، وَقَالَ عمر: أما أَنا أوتر آخر اللَّيْل، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " حذر هَذَا، وَقَوي هَذَا ". وَقد روى من طَرِيق غير هَذَا الطَّرِيق، مِنْهَا صَحِيح وَمِنْهَا مَا لَا يَصح. (352) فَمن صحيحها حَدِيث أبي قَتَادَة، ذكره أَبُو دَاوُد، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي خلف قَالَ: حَدثنَا أَبُو زَكَرِيَّا السيلَحِينِي قَالَ: حَدثنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن ثَابت، عَن عبد الله بن رَبَاح، عَن أبي قَتَادَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لأبي بكر: " مَتى توتر؟ " قَالَ: أوتر من أول اللَّيْل، وَقَالَ لعمر: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 354 " مَتى توتر؟ " قَالَ أوتر آخر اللَّيْل؟ فَقَالَ لأبي بكر: " أَخذ هَذَا بالحذر " وَقَالَ لعمر: " أَخذ هَذَا بِالْقُوَّةِ ". هَؤُلَاءِ كلهم ثِقَات. (353) وَمن الحسان فِي هَذَا الْبَاب حَدِيث ابْن عمر. قَالَ الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عباد، قَالَ: حَدثنَا يحيى بن سليم، عَن عبيد الله، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ لأبي بكر: " مَتى توتر؟ " قَالَ: أوتر ثمَّ أَنَام، قَالَ: " بالحزم أخذت "، وَقَالَ لعمر: " مَتى توتر؟ " قَالَ: أَنَام ثمَّ أقوم من اللَّيْل فأوتر، قَالَ: " بِالْقُوَّةِ فعلت ". قَالَ: وَلَا نعلم رَوَاهُ عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر إِلَّا يحيى بن سليم، وَيحيى بن سليم وَثَّقَهُ ابْن معِين، وَمن / ضعفه لم يَأْتِ بِحجَّة، وَهُوَ صَدُوق عِنْد الْجَمِيع. (354) وَمن الضِّعَاف فِي هَذَا الْبَاب حَدِيث ابْن عمر أَيْضا. قَالَ الْبَزَّار: أخبرنَا عبيد الله بن أَحْمد، قَالَ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان قَالَ: حَدثنَا سعيد بن سِنَان، عَن أبي الزَّاهِرِيَّة، عَن كثير بن مرّة، عَن ابْن عمر قَالَ: سَأَلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَبَا بكر وَعمر - رَحْمَة الله عَلَيْهِمَا - عَن وترهما، فَقَالَ أَبُو بكر: أوتر من أول اللَّيْل، فَقَالَ: " حذر "، وَقَالَ لعمر: فَقَالَ: أوتر آخر اللَّيْل، فَقَالَ: " قوي معَان ". سعيد بن سِنَان أَبُو الْمهْدي، سيئ الْحِفْظ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 355 (355) وَمِنْهَا حَدِيث أبي هُرَيْرَة، ذكره الْبَزَّار أَيْضا، من رِوَايَة سُلَيْمَان ابْن دَاوُد اليمامي - وَهُوَ ضَعِيف - عَن يحيى بن أبي كثير، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ سَأَلَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَبَا بكر، " كَيفَ توتر؟ " قَالَ: أوتر أول اللَّيْل، قَالَ: " قوي معَان ". (356) وَمِنْهَا حَدِيث عقبَة / بن عَامر، ذكره ابْن سنجر، من رِوَايَة ابْن وهب، عَن ابْن لَهِيعَة، عَن الْحَارِث بن يزِيد، عَن أبي المصعب الْمعَافِرِي، عَن عقبَة، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَأَلَ أَبَا بكر، " مَتى توتر؟ " قَالَ: أُصَلِّي مثنى مثنى، ثمَّ أوتر قبل أَن أَنَام، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مُؤمن حذر "، وَقَالَ لعمر: " مَتى توتر؟ " قَالَ: أُصَلِّي مثنى مثنى، ثمَّ أَنَام حَتَّى أوتر من آخر اللَّيْل، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مُؤمن قوي ". وَإِنَّمَا أكثرت فِي هَذَا لترى أَنه لم يعدل إِلَى الْخطابِيّ للظفر مِنْهُ بِمَا لَيْسَ عِنْد غَيره فَاعْلَم ذَلِك. (357) وَذكر أَيْضا من طَرِيق عبد الرَّزَّاق، عَن أبي الدَّرْدَاء، قَالَ: أَوْصَانِي خليلي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِثَلَاث: " بصيام ثَلَاثَة أَيَّام كل شهر، وَأَن لَا أَنَام إِلَّا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 356 على وتر، وسبحة الضُّحَى فِي السّفر والحضر ". وخرجه أَبُو دَاوُد أَيْضا، انْتهى مَا ذكر. وَقد بيّنت فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ضعفها وَلم يبين عللها مَا أغفل من علته، وَهِي الْجَهْل بِحَال أبي إِدْرِيس السكونِي، رَاوِيه عَن جُبَير بن نفير، عَن أبي الدَّرْدَاء. وَالْمَقْصُود بَيَانه الْآن هُوَ أَنه مِمَّا أبعد فِيهِ النجعة، فَتَركه فِي كتاب مُسلم صَحِيحا. قَالَ مُسلم: نَبَّأَنِي هَارُون / بن عبد الله وَمُحَمّد بن رَافع، قَالَا: حَدثنَا ابْن أبي فديك، عَن الضَّحَّاك بن عُثْمَان، عَن إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن حنين، عَن أبي مرّة مولى أم هَانِئ، عَن أبي الدَّرْدَاء، قَالَ: أَوْصَانِي حَبِيبِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِثَلَاث، لن أدعهن مَا عِشْت: " بصيام ثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر، وَصَلَاة الضُّحَى، وَأَن لَا أَنَام حَتَّى أوتر ". اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يكون إِنَّمَا عدل عَن هَذَا الصَّحِيح من كتاب مُسلم إِلَى ذَلِك الْحسن، أَو الضَّعِيف من كتاب الْبَزَّار وَأبي دَاوُد، لمَكَان لَفْظَة فِي الْحَضَر وَالسّفر، فَلهُ فِي ذَلِك بعض الْعذر، وَهُوَ غير مُتَّجه، فَإِن إِطْلَاق لفظ حَدِيث مُسلم يُغني عَن ذَلِك فاعلمه. (358) وَذكر فِي الزَّكَاة قَالَ: رويت بِالْإِسْنَادِ الْمُتَّصِل الصَّحِيح إِلَى خَالِد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 357 ابْن عدي الْجُهَنِيّ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " من جَاءَهُ من أَخِيه مَعْرُوف من غير إشراف وَلَا مَسْأَلَة، فليقبله وَلَا يردهُ، فَإِنَّمَا هُوَ رزق سَاقه الله إِلَيْهِ ". ذكره أَبُو عمر بن عبد الْبر وَغَيره. انْتهى مَا ذكر. فلنذكر ثَلَاثَة أُمُور: أَحدهمَا: إِسْنَاد أبي عمر فِيهِ. وَالْآخر: إِسْنَاده هُوَ الَّذِي قَالَ أَنه رَوَاهُ بِهِ. وَالثَّالِث: تقريب مَوْضِعه، وتبيين موقع لَهُ أشهر من ذَلِك. أما إِسْنَاد أبي عمر فِيهِ، فَقَالَ: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن عبد الله، قَالَ: حَدثنَا أَحْمد بن جَعْفَر بن حمدَان، حَدثنَا عبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل حَدثنَا، حَدثنَا أبي، حَدثنَا عبد الله بن يزِيد أَبُو عبد الرَّحْمَن، حَدثنَا سعيد بن أبي أَيُّوب وحيوة بن شُرَيْح، عَن أبي الْأسود، أَنه أخبرهما عَن بكير بن الْأَشَج، أخبرهُ أَن بسر بن سعيد، أخبرهُ عَن عدي بن خَالِد الْجُهَنِيّ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " من جَاءَهُ من أَخِيه مَعْرُوف من غير إشراف وَلَا مَسْأَلَة فليقبله، فَإِنَّمَا هُوَ رزق سَاقه الله إِلَيْهِ / ". هَكَذَا وَقع عدي بن خَالِد، وَصَوَابه: خَالِد بن عدي. وَأما إِسْنَاد أبي مُحَمَّد فَقَالَ فِي كِتَابه الْكَبِير: حَدثنَا الْقرشِي، حَدثنَا شُرَيْح، حَدثنَا أَبُو مُحَمَّد - يَعْنِي ابْن حزم - حَدثنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن الجسور، حَدثنَا أَحْمد بن الْفضل بن بهْرَام الدينَوَرِي، حَدثنَا مُحَمَّد بن جرير الطَّبَرِيّ / الجزء: 2 ¦ الصفحة: 358 حَدثنَا الْفضل بن الصَّباح، حَدثنَا عبد الله بن يزِيد، حَدثنَا سعيد بن أبي أَيُّوب، عَن أبي الْأسود، عَن بكير بن عبد الله بن الْأَشَج، عَن بسر بن سعيد، عَن خَالِد بن عدي الْجُهَنِيّ، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من جَاءَهُ من أَخِيه مَعْرُوف فليقبله وَلَا يردهُ، فَإِنَّمَا هُوَ رزق سَاقه الله إِلَيْهِ ". هَذَا هُوَ إِسْنَاده الَّذِي قَالَ: إِنَّه رَوَاهُ بِهِ مُتَّصِلا صَحِيحا. وَفِيه (كَمَا ترى) الْفضل بن الصَّباح، الَّذِي قَالَ فِيهِ من كتاب الْجَنَائِز - إِثْر حَدِيث ابْن عمر أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: (359) " اغسلوا قَتْلَاكُمْ " - إِنَّه كتبته حَتَّى أنظرهُ. فَلَعَلَّهُ بعد ذَلِك نظره فَعرفهُ، وغالب الظَّن أَنه إِنَّمَا قلد ابْن حزم فِي تَصْحِيح هَذَا الْخَبَر، وَهُوَ عِنْدِي صَحِيح، وسنبين أَمر الْفضل بن الصَّباح فِي بَاب الرِّجَال الَّذين جهلهم وهم معروفون إِن شَاءَ الله تَعَالَى. وَإِمَّا تقريب مَوْضِعه، فَهُوَ أَن أَبَا بكر بن أبي شيبَة ذكره فِي مُسْنده فَقَالَ: حَدثنَا أَبُو عبد الرَّحْمَن الْمُقْرِئ، عَن سعيد بن أبي أَيُّوب، قَالَ: حَدثنَا أَبُو الْأسود، عَن بكير بن عبد الله، عَن بسر بن سعيد، عَن خَالِد بن عدي الْجُهَنِيّ، قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " من بلغه مَعْرُوف من أَخِيه من غير مَسْأَلَة وَلَا إشراف فليقبله وَلَا يردهُ، فَإِنَّمَا هُوَ رزق سَاقه الله إِلَيْهِ " فَاعْلَم ذَلِك وَالله الْمُوفق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 359 (360) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، قَالَ: " رخص رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْقبْلَة للصَّائِم، وَفِي الْحجامَة ". ثمَّ قَالَ: أسْندهُ مُعْتَمر بن سُلَيْمَان، عَن حميد، عَن أبي المتَوَكل، عَن أبي سعيد، وَغَيره يرويهِ مَوْقُوفا، وَذكره أَبُو بكر الْبَزَّار أَيْضا. كَذَا قَالَ فِيهِ، وَهُوَ كَمَا ذكر، وَالْمَقْصُود أَن تعلم أَنه فِي كتاب النَّسَائِيّ أَيْضا. قَالَ: أخبرنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم - هُوَ ابْن رَاهَوَيْه - أخبرنَا الْمُعْتَمِر، قَالَ: سَمِعت حميدا، عَن أبي المتَوَكل، عَن أبي سعيد، قَالَ: " رخص رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْقبْلَة وَفِي الْحجامَة " يَعْنِي للصَّائِم. (361) وَذكر من طَرِيق مُسلم، حَدِيث عبد الله بن عَمْرو فِي تَقْدِيم بعض الْأَفْعَال فِي الْحَج / على بعض. ثمَّ قَالَ: زَاد مُحَمَّد بن أبي حَفْصَة: أفضت قبل أَن أرمي، قَالَ: " ارْمِ وَلَا حرج ". قَالَ: وَلم يُتَابع ابْن أبي حَفْصَة على قَوْله: " أفضت " أرَاهُ وهم. ذكر الحَدِيث وَالتَّعْلِيل أَبُو الْحسن الدَّارَقُطْنِيّ، خرجه من حَدِيث عبد الله ابْن عَمْرو بن الْعَاصِ أَيْضا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 360 هَكَذَا ذكر هَذَا الْموضع، وَوَقع بعض النّسخ: وَذكر هَذَا الحَدِيث وَالتَّعْلِيل أَبُو الْحسن الدَّارَقُطْنِيّ، فعلى الرِّوَايَة الأولى بِسُقُوط الْوَاو تَجِيء هَذِه الزِّيَادَة كَأَنَّهَا من كتاب الدَّارَقُطْنِيّ فَقَط، وَذَاكَ حِينَئِذٍ إبعاد انتجاع. وعَلى رِوَايَة: " وَذكر " بِالْوَاو يبْقى من لَا يعلم فِي ريب من نسبتها إِلَى غير الدَّارَقُطْنِيّ. فَاعْلَم الْآن أَنَّهَا فِي كتاب مُسلم، من طَرِيق مُحَمَّد بن أبي حَفْصَة الْمَذْكُور عَن الزُّهْرِيّ. وَذَلِكَ أَن الحَدِيث حَدِيث الزُّهْرِيّ، يرويهِ عَن عِيسَى بن طَلْحَة، عَن عبد الله بن عَمْرو. فأصحابه لَا يَقُولُونَ عَنهُ: " أفضت قبل أَن أرمي " وَابْن أبي حَفْصَة يَقُول ذَاك، وتوهم الدَّارَقُطْنِيّ وهمه لمُخَالفَة الْحفاظ لَهُ، وَالرجل ثِقَة وَلكنه يضعف فِي الزُّهْرِيّ خَاصَّة، كَأَنَّهُ لم يحفظ حَدِيثه / كَمَا يجب، فَصَارَ يَجِيء فِيهِ بِخِلَاف مَا يَجِيء بِهِ غَيره. (362) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: بعثنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي بعث وَقَالَ: " إِن وجدْتُم فلَانا وَفُلَانًا - لِرجلَيْنِ من قُرَيْش - فاحرقوهما بالنَّار " الحَدِيث. كَذَا أوردهُ، وَتَركه عِنْد البُخَارِيّ، ونسبته إِلَيْهِ أَعلَى. (363) وَذكر من طَرِيق ابْن سنجر، من حَدِيث ثَابت الْبنانِيّ، قَالَ نَبَّأَنِي ابْن عمر بن أبي سَلمَة بن عبد الْأسد، عَن أَبِيه، عَن أم سَلمَة، قَالَ: بعث إِلَيْهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يخطبها فَقَالَت: مرْحَبًا برَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، أَو مرْحَبًا بِاللَّه وَرَسُوله، اقْرَأ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - السَّلَام، الحَدِيث. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 361 ثمَّ قَالَ: وَذكره ابْن أبي خَيْثَمَة أَيْضا، وَابْن عمر هَذَا لَا يعرف. انْتهى مَا أورد. فَأَقُول: قد كَانَ متناوله أقرب. قَالَ النَّسَائِيّ: نَبَّأَنِي مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل ابْن إِبْرَاهِيم بن علية، قَالَ: حَدثنَا يزِيد عَن حَمَّاد بن سَلمَة، عَن ثَابت الْبنانِيّ، قَالَ / نَبَّأَنِي ابْن عمر بن أبي سَلمَة، عَن أَبِيه، عَن أم سَلمَة، لما انْقَضتْ عدتهَا، بعث إِلَيْهَا أَبُو بكر يخطبها فَلم تزَوجه، ثمَّ بعث إِلَيْهَا عمر بن الْخطاب فَلم تزَوجه، فَبعث رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عمر بن الْخطاب يخطبها عَلَيْهِ، فَقَالَت: أخبر رَسُول الله أَنِّي امْرَأَة غَيْرِي، وَأَنِّي امْرَأَة مُصِيبَة، وَلَيْسَ أحد من أوليائي شَاهدا، فَأتى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكر ذَلِك لَهُ، فَقَالَ: " ارْجع إِلَيْهَا فَقل لَهَا: أما قَوْلك: إِنِّي امْرَأَة غَيْرِي، فسأدعو الله فَيذْهب غيرتك، وَأما قَوْلك: إِنِّي امْرَأَة مصبية، فستكفي صبيانك، وَأما قَوْلك: لَيْسَ أحد من أوليائي شَاهدا، فَلَيْسَ أحد من أوليائك شَاهدا أَو غَائِبا يكره ذَلِك "، فَقَالَت لابنها: يَا عمر، قُم فزوج رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. مُخْتَصر. (364) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن أنس بن مَالك قَالَ: كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يدْخل علينا ولي أَخ صَغِير يكنى أَبَا عُمَيْر، وَكَانَ لَهُ نغر يلْعَب بِهِ، فَمَاتَ، فَدخل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَات يَوْم، فَرَآهُ حَزينًا، فَقَالَ: " مَا شَأْنه؟ " الجزء: 2 ¦ الصفحة: 362 فَقَالُوا: مَاتَ نغره، فَقَالَ: " يَا أَبَا عُمَيْر، مَا فعل النغير ". كَذَا ذكره من عِنْد أبي دَاوُد، وَهُوَ صَحِيح، وَأرَاهُ عدل إِلَيْهِ لِأَنَّهُ أشرح لفظا. والْحَدِيث فِي كتاب مُسلم من رِوَايَة أبي التياح، عَن أنس، قَالَ: كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أحسن النَّاس خلقا، وَكَانَ لي أَخ يُقَال لَهُ: أَبُو عُمَيْر - أَحْسبهُ قَالَ: فطيماً - فَكَانَ إِذا جَاءَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَرَآهُ، قَالَ: " يَا أَبَا عُمَيْر، مَا فعل النغير؟ " وَكَانَ يلْعَب بِهِ. (365) وَذكر من طَرِيق الطَّحَاوِيّ عَن أنس، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا حم أحدكُم فليشن عَلَيْهِ المَاء الْبَارِد من السحر ثَلَاثًا ". كَذَا أوردهُ من عِنْد الطَّحَاوِيّ، وَهُوَ عِنْده كَمَا ذكر، وَإِسْنَاده لَا بَأْس بِهِ، قَالَ الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا ابْن أبي دَاوُد، حَدثنَا ابْن أبي عَائِشَة، حَدثنَا حَمَّاد، عَن حميد، عَن أنس - قَالَ ابْن أبي عَائِشَة: كَذَا علقته - أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: فَذكره /. وَلكنه أبعد فِيهِ النجعة، فَإِن النَّسَائِيّ قد ذكره فِي كِتَابه فَقَالَ: حَدثنَا أَحْمد ابْن مُحَمَّد بن هَانِئ، أَبُو بكر / الأترم، بغدادي، إسكاف، قَالَ: حَدثنَا عبيد الله بن مُحَمَّد - هُوَ ابْن أبي عَائِشَة - قَالَ: حَدثنَا حَمَّاد، عَن حميد، عَن أنس، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا حم أحدكُم فليشن عَلَيْهِ المَاء الْبَارِد من السحر ثَلَاثًا ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 363 (366) وَذكر أَيْضا من عِنْده، عَن ابْن عَبَّاس، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْحمى من فيح جَهَنَّم، فَأَبْرِدُوهَا بِمَاء زَمْزَم ". ثمَّ قَالَ: وَرَوَاهُ أَبُو بكر بن أبي شيبَة أَيْضا. وَهُوَ عِنْدهمَا كَذَلِك من رِوَايَة همام، عَن أبي جَمْرَة عَنهُ. قَالَ ابْن أبي شيبَة: حَدثنَا عَفَّان، حَدثنَا همام، حَدثنَا أَبُو جَمْرَة قَالَ: كنت أدفَع النَّاس عَن ابْن عَبَّاس، فاحتبست أَيَّامًا، فَقَالَ: مَا حَبسك؟ قلت: الْحمى، قَالَ: إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْحمى من فيح جَهَنَّم فَأَبْرِدُوهَا بِمَاء زَمْزَم ". وَهَذَا أَيْضا ذكره النَّسَائِيّ مثله سَوَاء فَقَالَ: حَدثنَا الْحسن بن إِسْحَاق، قَالَ: حَدثنَا عَفَّان، قَالَ: حَدثنَا همام، عَن أبي جَمْرَة، قَالَ: كنت أدفَع الزحام عَن ابْن عَبَّاس، فغبت عَنهُ، فَقَالَ لي: أَيْن كنت؟ قلت: الْحمى، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْحمى من فيح جَهَنَّم فَأَبْرِدُوهَا بِمَاء زَمْزَم ". (367) وَذكر من طَرِيق أبي مُحَمَّد بن حزم قَالَ: وروى الْفرج بن فضَالة، عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا عملت أمتِي خمس عشرَة خصْلَة حل بهَا الْبلَاء ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 364 فَذكر فِيهِنَّ: " اتَّخذُوا الْقَيْنَات وَالْمَعَازِف " قَالَ: وَفرج بن فضَالة ضَعِيف جدا، وَقَبله فِي الْإِسْنَاد ثَلَاث مَجْهُولُونَ: لَاحق بن الْحُسَيْن، وَضِرَار بن على، وَأحمد بن عبد الله بن سعيد بن كثير الْحِمصِي. كَذَا أورد هَذَا الحَدِيث، وَعَلِيهِ فِيهِ أَشْيَاء. مِنْهَا مَا يُوهِمهُ لَفظه من أَن فرجا يرويهِ عَن عَليّ، وَإِنَّمَا يرويهِ عَنهُ بوسائط. وَمِنْهَا مَا يُوهِمهُ سوقه إِيَّاه كَمَا يَسُوق غَيره من أَنه وقف على إِسْنَاده فِي الْموضع الَّذِي نَقله مِنْهُ موصلاً، وَابْن حزم لم يُوصل بِهِ إِسْنَاده. وَمِنْهَا ذكره / من ذكره من هَذَا الطَّرِيق، وَله طَرِيق يُوصل إِلَى فرج بن فضَالة، سَالم من هَؤُلَاءِ. وَمِنْهَا إبعاده فِي إِيرَاده [من عِنْد ابْن حزم] كَأَنَّهُ مَعْدُوم فِيمَا هُوَ أقرب متناولاً، وَلَا أخص بِذكر الْأَحَادِيث، وَهُوَ حَدِيث قد ذكره التِّرْمِذِيّ، وَأرَاهُ خَفِي عَلَيْهِ مَوْضِعه من كِتَابه. قَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا صَالح بن عبد الله التِّرْمِذِيّ، حَدثنَا الْفرج بن فضَالة، أَبُو الفضالة الشَّامي، عَن يحيى بن سعيد، عَن مُحَمَّد بن عَليّ عَن عَليّ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا فعلت أمتِي خمس عشرَة خصْلَة، حل بهَا الْبلَاء "، قيل: وَمَا هن يَا رَسُول الله؟ قَالَ: " إِذا كَانَ الْمغنم دولاً، وَالْأَمَانَة مغنماً، وَالزَّكَاة مغرماً، وأطاع الرجل زَوجته، وعق أمه، وبر صديقه، وجفا أَبَاهُ، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 365 وَارْتَفَعت الْأَصْوَات فِي الْمَسَاجِد، وَكَانَ زعيم الْقَوْم أرذلهم، وَأكْرم الرجل مَخَافَة شَره، وشربت الْخُمُور، وَلبس الْحَرِير، واتخذت القيان وَالْمَعَازِف، وَلعن آخر هَذِه الْأمة أَولهَا، فليرتقبوا عِنْد ذَلِك ريحًا حَمْرَاء، أَو خسفاً، أَو مسخاً ". قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث غَرِيب، لَا نعرفه من حَدِيث عَليّ إِلَّا من هَذَا الْوَجْه، وَلَا نعلم أحدا رَوَاهُ عَن يحيى بن سعيد / الْأنْصَارِيّ، غير فرج بن فضَالة، والفرج بن فضَالة قد تكلم فِيهِ بعض أهل الْعلم بِالْحَدِيثِ وَضَعفه من قبل حفظه، وَقد رَوَاهُ عَنهُ وَكِيع وَغير وَاحِد من الْأَئِمَّة. انْتهى كَلَامه. صَالح بن عبد الله التِّرْمِذِيّ، بغدادي صَدُوق، قَالَه أَبُو حَاتِم. قد انْقَضى ذكر الْقسم الأول من الْكتاب، وَهُوَ الرَّاجِع إِلَى نَقله، وَنَذْكُر الْآن - إِن شَاءَ الله تَعَالَى - الْقسم الثَّانِي، وَهُوَ الرَّاجِع إِلَى نظره، وَهُوَ أَيْضا أَبْوَاب كَذَلِك، وَهَذَا حِين أبتدئ مستعيناً بِاللَّه [تَعَالَى فَأَقُول] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 366 الْقسم الثَّانِي بَيَان الْإِيهَام وَهُوَ مَا يرجع إِلَى نظر أبي مُحَمَّد بن عبد الْحق الجزء: 2 ¦ الصفحة: 367 (1) بَاب ذكر أَحَادِيث أوردهَا على أَنَّهَا مُتَّصِلَة وَهِي مُنْقَطِعَة، أَو مَشْكُوك فِي اتصالها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 369 اعْلَم أَن مَا أذكرهُ فِي هَذَا الْبَاب من انْقِطَاع الْأَحَادِيث، هُوَ مدرك من إِحْدَى أَربع جِهَات: الأولى: قَول إِمَام من أَئِمَّة الْمُحدثين: هَذَا مُنْقَطع، لِأَن فلَانا لم يسمع من فلَان، فنقبل ذَلِك مِنْهُ مَا لم يثبت خِلَافه. الثَّانِيَة أَن تُوجد رِوَايَة الْمُحدث عَن الْمُحدث، لحَدِيث بِعَيْنِه بِزِيَادَة وَاسِطَة بَينهمَا، فَيقْضى على الأولى الَّتِي لَيْسَ فِيهَا ذكر الْوَاسِطَة بالانقطاع، وسنزيد هَذَا شرحاً إِذا انتهينا إِلَيْهِ. الثَّالِثَة: أَن تعلم من تَارِيخ الرَّاوِي والمروي عَنهُ أَنه لم يسمع مِنْهُ. الرَّابِعَة: أَن يكون الِانْقِطَاع مُصَرحًا بِهِ من الْمُحدث، مثل أَن يَقُول: حدثت عَن فلَان، أما بَلغنِي، إِمَّا مُطلقًا، وَإِمَّا فِي حَدِيث [حَدِيث] . وعَلى هَذَا التَّرْتِيب نذْكر مَضْمُون الْبَاب إِن شَاءَ الله تَعَالَى فَنَقُول: الْمدْرك الأول لانْقِطَاع الْأَحَادِيث فِي هَذَا الْبَاب : (368) ذكر من طَرِيق مُسلم حَدِيث عَليّ قَالَ: " أرسلنَا الْمِقْدَاد إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَسَأَلَهُ عَن الْمَذْي " الحَدِيث. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 371 (369) وَحَدِيث أبي هُرَيْرَة: " لَيْسَ فِي العَبْد صَدَقَة إِلَّا صَدَقَة الْفطر ". (370) وَحَدِيث كَون سَالم مولى أبي حُذَيْفَة، ذَا لحية فِي رضاعه الْكَبِير. (371) وَحَدِيث عَائِشَة: " لَوْلَا أَن قَوْمك حديثو عهد بجاهلية - أَو قَالَ: بِكفْر - لأنفقت كنز الْكَعْبَة فِي سَبِيل الله ". (372) وَحَدِيث ابْن عمر: " كَانَ إِذا استجمر استجمر بألوة، غير مطراة وكافور يطرحه مَعَ الألوة "، وَقَالَ: " هَكَذَا كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يستجمر ". كل هَذِه الْأَحَادِيث هِيَ عِنْده صَحِيحَة بسكوته عَنْهَا، لم يعرض لَهَا بِشَيْء، وَهُوَ قد أخبر عَن نَفسه بِأَن مَا يسكت / عَنهُ صَحِيح عِنْده، إِلَّا أَن يكون مِمَّا لَا حكم فِيهِ، فَإِنَّهُ رُبمَا كَانَ فِيهِ بعض السَّمْح، وَلم يبين فِي شَيْء مِنْهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 372 أَنَّهَا من رِوَايَة مخرمَة بن بكير. عَن أَبِيه، وَهِي كَذَلِك من رِوَايَته عَنهُ، وجميعها من كتاب مُسلم. (373) وَمِمَّا هُوَ أَيْضا من رِوَايَة مخرمَة عَن أَبِيه وَلم يعرض لَهُ من أَجله، مِمَّا هُوَ عِنْد غير مُسلم - حَدِيث ابْن عمر عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا كَانَ الْجِهَاد على بَاب أحدكُم، فَلَا يخرج إِلَّا بِإِذن / أَبَوَيْهِ ". ذكره أَبُو أَحْمد، وَلم يعرض أَبُو مُحَمَّد لكَونه من رِوَايَة مخرمَة، عَن أَبِيه، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، بل لكَونه من رِوَايَة ابْن أخي ابْن وهب. ومخرمة لم يسمع من أَبِيه شَيْئا، وَإِنَّمَا يحدث من كِتَابه، وَقد نَص هُوَ على ذَلِك أثر أَحَادِيث: (374) مِنْهَا حَدِيث أَبى مُوسَى فِي سَاعَة الْجُمُعَة: " إِنَّهَا مَا بَين أَن يجلس الإِمَام إِلَى أَن تقضي الصَّلَاة ". قَالَ فِيهِ: لم يسْندهُ غير مخرمَة بن بكير، عَن أَبِيه، عَن أبي بردة، عَن أبي مُوسَى، ومخرمة لم يسمع من أَبِيه، إِنَّمَا كَانَ يحدث من كتاب أَبِيه. وَقد كَانَ لَهُ أَن يسمح فِيهِ، لِأَنَّهُ من الْأَحَادِيث المرغبة فِي عمل، المخبرة عَن ثَوَاب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 373 (375) وَمِنْهَا حَدِيث مَحْمُود بن لبيد، أخبر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " عَن رجل طلق امْرَأَته ثَلَاثًا جَمِيعًا " الحَدِيث. قَالَ بإثره: رَوَاهُ مخرمَة بن بكير، عَن أَبِيه، وَلم يسمع مِنْهُ، وَإِنَّمَا كَانَ يحدث من كتاب أَبِيه. فَأَبُو مُحَمَّد أحد الْقَائِلين بِأَنَّهُ لم يسمع من أَبِيه، وَقد أخبر بذلك مخرمَة عَن نَفسه، فَهُوَ بِهَذَا الِاعْتِبَار من الْمدْرك الرَّابِع. وَقد قدمنَا ذكره فِي هَذَا الأول، لِأَن الْمُحدثين قَائِلُونَ بِهِ عَنهُ، وَالْأَمر فِيهِ عِنْدهم مَشْهُور. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: قَالَ حَمَّاد بن خَالِد: سَأَلت مخرمَة، أسمعت من أَبِيك شَيْئا؟ قَالَ: لَا. وَقَالَ سعيد بن أبي مَرْيَم: حَدثنَا مُوسَى بن سَلمَة خَالِي، قَالَ: أتيت مخرمَة ابْن بكير فَقلت لَهُ: حَدثَك أَبوك؟ فَقَالَ: لم أدْرك أبي، وَلَكِن هَذِه كتبه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 374 وَقَالَ ابْن حَنْبَل: مخرمَة ثِقَة، لم يسمع من أَبِيه شَيْئا، وَإِنَّمَا يروي من كِتَابه وَكَذَا قَالَ ابْن معِين. وَحكى البُخَارِيّ عَن حَمَّاد بن خَالِد بن الْخياط، قَالَ: أخرج مخرمَة بن بكير كتابا، فَقَالَ: هَذِه كتب أبي، لم أسمع مِنْهُ مِنْهَا شَيْئا. (376) وَمثل هَذَا أَيْضا، مَا ذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن سَمُرَة بن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 375 جُنْدُب، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " احضروا الذّكر، وادنوا من الإِمَام، فَإِن الرجل لَا يزَال يتباعد حَتَّى يُؤَخر فِي الْجنَّة وَإِن دَخلهَا ". هَكَذَا ذكره وَسكت عَنهُ، وَلم يقل بإثره شَيْئا، وَلَو تَأمل إِسْنَاده عِنْد أبي دَاوُد، وجد فِيهِ مثل مَا قد فَرغْنَا مِنْهُ الْآن من أَمر مخرمَة بن بكير. قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عَليّ بن عبد الله، قَالَ: حَدثنَا معَاذ بن هِشَام، قَالَ: وجدت فِي كتاب أبي بِخَط يَده - وَلم أسمع مِنْهُ - / قَالَ قَتَادَة: عَن يحيى بن مَالك، عَن سَمُرَة بن جُنْدُب، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: فَذكره. (377) وَذكر من طَرِيق مُسلم حَدِيث أبي مَالك: " الطّهُور شطر الْإِيمَان ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 376 وَلم يعرض لَهُ بِشَيْء، وَاكْتفى بِأَنَّهُ من كتاب مُسلم. وَإِسْنَاده فِي كتاب مُسلم هُوَ هَذَا: أنبأني إِسْحَاق بن مَنْصُور / قَالَ: حَدثنَا حبَان بن هِلَال، قَالَ: حَدثنَا أبان، قَالَ: حَدثنَا يحيى، أَن زيدا حَدثهُ، أَن أَبَا سَلام حَدثهُ، عَن أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ، فَذكره. وَالَّذِي لأَجله ذَكرْنَاهُ، هُوَ انْقِطَاع مَا بَين أبي سَلام وَأبي مَالك، فقد قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ وَغَيره: إِنَّه مُنْقَطع، وَإنَّهُ إِنَّمَا يرويهِ عَن عبد الرَّحْمَن بن غنم، عَن أبي مَالك. وَذَلِكَ أَن مُعَاوِيَة بن سَلام يُخَالف فِيهِ يحيى بن أبي كثير، فيرويه عَن أَخِيه زيد بن سَلام، عَن أبي سَلام، عَن عبد الرَّحْمَن بن غنم، أَن أَبَا مَالك حَدثهمْ بِهَذَا. وَقد نبه النَّاس على انْقِطَاع مَا بَين أبي سَلام، وَأبي مَالك فِي هَذَا الحَدِيث، وعدوه من الْأَحَادِيث المنقطعة فِي كتاب مُسلم. (378) وَقد روى بِهَذَا الْإِسْنَاد فِي كتاب الْجَنَائِز، حَدِيث أبي مَالك الجزء: 2 ¦ الصفحة: 377 الْأَشْعَرِيّ أَيْضا، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَربع فِي أمتِي من أَمر الْجَاهِلِيَّة ". وَسكت عَنهُ أَيْضا أَبُو مُحَمَّد، مصححاً لَهُ، وَلَيْسَ القَوْل فِيهِ فِيمَا بَين أبي سَلام وَأبي مَالك - كَمَا تقدم - بل رُبمَا أمكن فِيهِ الِاتِّصَال، إِذْ لم نجده عَنهُ بِوَاسِطَة كَمَا وجدنَا الأول، وَلَا نعلم أحدا قَالَ فِيهِ: أَنه مُنْقَطع. وَأعلم أَن فِي هذَيْن الْحَدِيثين موضعا آخر للنَّظَر، وَهُوَ مَا بَين يحيى بن أبي كثير وَزيد بن سَلام، فَإِنَّهُ قد قَالَ نَاس: إِنَّه مُنْقَطع. ذكر أبن أبي خَيْثَمَة، عَن ابْن معِين قَالَ: " لم يسمع يحيى بن أبي كثير، من زيد بن سَلام "، زَاد عَنهُ عَبَّاس الدوري: " وَلم يلقه "، وَإِنَّمَا قدم أَخُوهُ مُعَاوِيَة على يحيى فَأعْطَاهُ كتابا فِيهِ أَحَادِيث أَخِيه زيد، فدلسه عَنهُ، وَلم يسمع مِنْهُ. وَعِنْدِي أَنه مِمَّا يجب التثبت فِيهِ، فَإِنَّهُ قد ذكر فِي نفس الْإِسْنَاد أَن زيدا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 378 حَدثهُ فِي الْحَدِيثين جَمِيعًا، وَالرجل أحد الثِّقَات أهل الصدْق وَالْأَمَانَة، وَالْغَالِب على الظَّن أَن زيدا أجَازه أَحَادِيثه، وبلغه إِجَازَته أَخُوهُ مُعَاوِيَة، فَحدث يحيى / بهَا عَنهُ قَائِلا: " حَدثنَا " وَكَانَ الْأَكْمَل أَن يَقُول: إجَازَة. وَالرجل من مذْهبه جَوَاز التَّدْلِيس، بل كَانَ عَاملا بِهِ، فَجَاءَت رِوَايَته عَنهُ مظنوناً بهَا السماع، وَلَيْسَت بمسموعة. قَالَ عَبَّاس الدوري: سَمِعت يحيى بن معِين يَقُول: قَالَ بعض الْمُحدثين: مَا رَأَيْت مثل يحيى بن أبي كثير، كُنَّا نحدثه بِالْغَدَاةِ، ويحدثنا بِهِ بالْعَشي. يَعْنِي بذلك أَنه كَانَ يُدَلس، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: " أَنه كَانَ يُدَلس كثيرا ". فَيَنْبَغِي على هَذَا أَن يكون فِي مُعَنْعَن يحيى بن أبي كثير من الْخلاف - بِالْقبُولِ حَتَّى يتَبَيَّن الِانْقِطَاع، أَو الرَّد حَتَّى يتَبَيَّن الِاتِّصَال - مثل مَا فِي مُعَنْعَن كل مُدَلّس. ويزداد إِلَى ذَلِك فِي حَدِيث يحيى بن أبي كثير أَنه أَيْضا وَلَو قَالَ: حَدثنَا، أَو: أخبرنَا فَيَنْبَغِي أَن لَا يجْزم بِأَنَّهُ مسموع لَهُ، لاحْتِمَال أَن يكون مِمَّا هُوَ عِنْده بِالْإِجَازَةِ، أما إِذا صرح بِالسَّمَاعِ فَلَا كَلَام فِيهِ، فَإِنَّهُ ثِقَة، حَافظ، صَدُوق، فَيقبل مِنْهُ ذَلِك بِلَا خلاف. وَاعْلَم أَن حَدثنَا لَيست بِنَصّ فِي أَن قَائِلهَا سمع: (379) وَقد جَاءَ فِي كتاب مُسلم حَدِيث الَّذِي يقْتله الدَّجَّال، ثمَّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 379 يحييه ثمَّ يَقُول /: من أَنا؟ فَيَقُول: أَنْت الدَّجَّال الَّذِي حَدثنَا بِهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَمَعْلُوم أَن ذَلِك الرجل مُتَأَخّر الْمِيقَات. (380) وَقد ذكر أَبُو مُحَمَّد - رَحمَه الله - حَدِيث الْحَارِث الْأَشْعَرِيّ، فِي كتاب الْجِهَاد، فِي الْإِمَارَة - وَهُوَ حَدِيث طَوِيل - وَحكى عَن التِّرْمِذِيّ تَصْحِيحه. وَهُوَ إِنَّمَا يرويهِ يحيى بن أبي كثير الْمَذْكُور، عَن زيد بن سَلام الْمَذْكُور، أَن أَبَا سَلام حَدثهُ، أَن الْحَارِث الْأَشْعَرِيّ حَدثهُ، فَذكره. وَلم يقل فِيهِ يحيى: حَدثنَا زيد، إِنَّمَا قَالَ: عَن زيد. فَمثل هَذَا يَنْبَغِي أَن يكون القَوْل فِيهِ: إِنَّه مُنْقَطع، لِأَن يحيى لم يلق زيدا، وَإِنَّمَا قُلْنَا: لَعَلَّه أجَازه فِي الْحَدِيثين الْمُتَقَدِّمين، لمَكَان قَوْله فيهمَا: إِن زيدا حَدثهُ، وَهَا هُنَا إِذْ لم يقل ذَلِك وَهُوَ لم يقلهُ - فَلَا اتِّصَال. وَأما التِّرْمِذِيّ حَيْثُ صَححهُ، فَلَعَلَّهُ توهم أَنه أجَازه الْكتاب أجمع، كَمَا قدمنَا الْحِكَايَة عَن ابْن معِين، من رِوَايَة الدوري عَنهُ. (381) وَقد وَقع لأبي مُحَمَّد قَول يظنّ بِهِ مِنْهُ خلاف هَذَا، فِي حَدِيث الجزء: 2 ¦ الصفحة: 380 يحيى عَن / زيد. وَذَلِكَ أَنه لما ذكر الذَّهَب للنِّسَاء قَالَ: وَقد خرج الْمَنْع من التحلي بِالذَّهَب للنِّسَاء، عَن ثَوْبَان وَحُذَيْفَة، وَأبي هُرَيْرَة، وَأَسْمَاء بنت يزِيد، وَغَيرهم، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَالصَّحِيح الْإِبَاحَة للنِّسَاء، وَذكر ذَلِك النَّسَائِيّ، وَأَبُو دَاوُد. يعْنى أَن الْأَحَادِيث عَن هَؤُلَاءِ الصَّحَابَة بِالْمَنْعِ، ذكرهَا النَّسَائِيّ وَأَبُو دَاوُد، وضعفها - كَمَا ترى - بقوله: وَالصَّحِيح الْإِبَاحَة، وَقد بَينا أمرهَا فِي مَوْضِعه. فَكَانَ مِنْهَا حَدِيث ثَوْبَان، لم نجد لَهُ عِلّة يرميه بهَا إِلَّا أَنه من رِوَايَة يحيى ابْن أبي كثير، عَن زيد بن سَلام، وعَلى أَنه مثل الْحَدِيثين الْمُتَقَدِّمين، قَالَ فِيهِ: حَدثنِي زيد، عَن أبي سَلام، عَن أبي أَسمَاء الرَّحبِي، عَن ثَوْبَان، فَهُوَ - وَالله أعلم - مِمَّا أجَازه، وَلَكِن مَعَ هَذَا لم يره أَبُو مُحَمَّد صَحِيحا. وَقد ذكرنَا الحَدِيث بِإِسْنَادِهِ وَمَتنه، فِي الْموضع الَّذِي ذكرنَا فِيهِ جَمِيعهَا، وَهُوَ بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ضعفها وَلم يبين عللها. وَقد ذكرنَا أَيْضا - فِيمَا تقدم - وهمه فِي عده فيهم حُذَيْفَة، والْحَدِيث بذلك إِنَّمَا هُوَ عَن أُخْته. (382) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن عمر قَالَ: [قَالَ] رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 381 " من تَوَضَّأ فَأحْسن الْوضُوء ... " الحَدِيث، بِزِيَادَة: " اللَّهُمَّ اجْعَلنِي من التوابين، واجعلني من المتطهرين ". وَسكت عَنهُ، مصححاً لَهُ، وَهُوَ مُنْقَطع، فَإِنَّهُ من رِوَايَة أبي إِدْرِيس، وَأبي عُثْمَان، عَن عمر. قَالَ التِّرْمِذِيّ فِي كتاب الْعِلَل: سَأَلت مُحَمَّدًا عَنهُ فَقَالَ: هَذَا خطأ، وَإِنَّمَا هُوَ مُعَاوِيَة بن صَالح، عَن ربيعَة بن يزِيد، عَن أبي إِدْرِيس، عَن عقبَة، عَن عمر. وَمُعَاوِيَة عَن ربيعَة بن يزِيد، عَن أبي عُثْمَان، عَن جُبَير بن نفير، عَن عمر. قَالَ: وَلَيْسَ لأبي إِدْرِيس سَماع من عمر. قلت: من أَبُو عُثْمَان هَذَا؟ قَالَ: شيخ لم أعرف اسْمه. وَقد نَص التِّرْمِذِيّ فِي جَامعه على أَن أَبَا إِدْرِيس، لم يسمع من عمر، وَالْقَوْل بِأَن أَبَا عُثْمَان لم يسمعهُ من عمر، هُوَ لأجل إِدْخَال جُبَير بن نفير بَينهمَا، فمدركه إِذن زِيَادَة / وَاحِدَة بَينهمَا، فَهُوَ من الْمدْرك الَّذِي بعد هَذَا، وقدمناه هُنَا لقَولهم: إِن / أَبَا إِدْرِيس لم يسمع من عمر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 382 (383) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن مُحَمَّد بن سِيرِين، أَن عَائِشَة نزلت على صَفِيَّة بنت طَلْحَة الطلحات، فرأت بَنَات لَهَا فَقَالَت: إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " دخل وَفِي حُجْرَتي جَارِيَة، فَألْقى إِلَيّ حقوه " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَلم يتَبَيَّن لَهُ - وَالله أعلم - من أمره شَيْء، وَقد يظنّ بِهِ أَنه تَبرأ من عهدته بعض التبري بقوله: عَن مُحَمَّد بن سِيرِين، أَن عَائِشَة، وَلَيْسَ كَذَلِك، وَمَا ذكره إِلَّا ليستقيم لَهُ الْإِخْبَار عَن عَائِشَة. وَقد قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي علله: إِن رِوَايَة مُحَمَّد بن سِيرِين، عَن عَائِشَة مُرْسلَة. وَقد بَينا الْوَهم الَّذِي فِي قَوْله: نزلت على صَفِيَّة بنت طَلْحَة الطلحات، فِيمَا تقدم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 383 (384) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد أَيْضا عَن ابْن عَبَّاس، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كَانَ يُصَلِّي، فَذهب جدي يمر بَين يَدَيْهِ " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وخفي عَلَيْهِ انْقِطَاعه، وَذَلِكَ [أَنه] عِنْد أبي دَاوُد، من رِوَايَة يحيى بن الجزار، عَن ابْن عَبَّاس، وَهُوَ لم يسمع مِنْهُ، وَإِنَّمَا بَينه وَبَينه أَبُو الصَّهْبَاء. وَقد نَص على ذَلِك ابْن أبي خَيْثَمَة فِي نفس إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث، فَقَالَ: حَدثنَا عَفَّان، حَدثنَا شُعْبَة، أنبأني عَمْرو بن مرّة، عَن يحيى بن الجزار، عَن ابْن عَبَّاس - وَلم أسمعهُ - " أَن جدياً مر بَين يَدي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " الحَدِيث. وَكَذَا هُوَ أَيْضا عِنْد ابْن أبي شيبَة، وَإِنَّمَا كتبته هَا هُنَا بِاعْتِبَار تَعْرِيف ابْن أبي خَيْثَمَة بانقطاعه، وَلَو شِئْت كتبته فِي الْمدْرك الرَّابِع، لِأَن يحيى بن الجزار، قد صرح بِأَنَّهُ لم يسمع مِنْهُ فِي نفس إِسْنَاد الحَدِيث الْمَذْكُور. (385) وَذكر أَيْضا أَبُو مُحَمَّد من طَرِيق أبي دَاوُد، حَدِيث ابْن عَبَّاس الجزء: 2 ¦ الصفحة: 384 فِي مُرُور الجاريتين أَمَام الصَّفّ " فَمَا بالى ذَلِك رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ". وَهُوَ أَيْضا من رِوَايَة ابْن الجزار عَنهُ كَذَلِك، فَيَنْبَغِي أَن يكون مُنْقَطِعًا. (386) وَذكر من طَرِيق عبد الرَّزَّاق، عَن ابْن جريج، قَالَ: نَبَّأَنِي عبد الرَّحْمَن بن سابط، أَن أَبَا أُمَامَة، سَأَلَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / مَتى غرُوب الشَّمْس؟ قَالَ: " من أول مَا تصفر إِلَى أَن تغرب ". ثمَّ قَالَ بإثره: عبد الرَّحْمَن بن سابط أَكثر مَا يعرف بالرواية عَن جَابر. (387) وَذكر أَيْضا بِهَذَا الْإِسْنَاد، أَن أَبَا أُمَامَة سَأَلَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَي الدُّعَاء أسمع؟ قَالَ: " شطر اللَّيْل الآخر، وأدبار الصَّلَوَات المكتوبات " وَذكر الحَدِيث. هَذَا نَص مَا أورد، وَلم يقل بإثره شَيْئا، فَاعْلَم الْآن، أَن مَا يرويهِ ابْن سابط عَن أبي أُمَامَة، هُوَ مُنْقَطع، وَلم يسمع مِنْهُ، وَحَدِيثه عَنهُ طَوِيل، تقتطع مِنْهُ - هَكَذَا - قطع بِحَسب تقاضي الْأَبْوَاب إِيَّاهَا، ذكره بِطُولِهِ عبد الرَّزَّاق. وَابْن سابط هَذَا هُوَ الجُمَحِي، مكي، ثِقَة، يُرْسل عَن عمر، وَاخْتلفُوا فِي حَدِيثه عَن جَابر: فَقَالَ ابْن أبي حَاتِم /: إِنَّه مُتَّصِل وَزعم ابْن معِين أَنه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 385 مُرْسل، وَكَذَلِكَ عَن أبي أُمَامَة، الَّذِي هُوَ الْآن مَوضِع النّظر. قَالَ عَبَّاس الدوري: مثل ليحيى: سمع من أبي أُمَامَة؟ قَالَ: لَا، قيل: سمع من جَابر؟ قَالَ: لَا، هُوَ مُرْسل، كَانَ مَذْهَب يحيى أَنه يُرْسل عَنْهُم، وَلم يسمع مِنْهُم. وَقد تقدم فِي أول بَاب من هَذَا الْكتاب - وَهُوَ بَاب الزِّيَادَة فِي الْأَسَانِيد، من ذكر رِوَايَة ابْن جريج عَن عبد الرَّحْمَن بن سابط - مَا يحْتَاج فِيهِ إِلَى الِاسْتِظْهَار عَلَيْهِ بِهَذَيْنِ الْحَدِيثين وَغَيرهمَا من رِوَايَته عَنهُ، فَاعْلَم ذَلِك. (388) وَذكر حَدِيث أم عبد الله الدوسية: " فِي عدد من تجب عَلَيْهِ الْجُمُعَة ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 386 ورده بِضعْف رُوَاته. وَبَقِي عَلَيْهِ أَن يبين من أمره مَا قد تولى الدَّارَقُطْنِيّ بَيَانه من انْقِطَاعه فِيمَا بَين الزُّهْرِيّ، وَأم عبد الله، فَإِنَّهُ لم يسمع مِنْهَا. (389) وَذكر من طَرِيق مُسلم، عَن أم هِشَام بنت حَارِثَة، قَالَت: " مَا أخذت {ق وَالْقُرْآن الْمجِيد} إِلَّا عَن لِسَان رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقْرؤهَا كل يَوْم جُمُعَة على الْمِنْبَر إِذا خطب النَّاس ". هَكَذَا أورد هَذَا الحَدِيث، مُخْتَارًا لَهُ على غَيره مِمَّا هُوَ أصح مِنْهُ، وَذَلِكَ أَن هَذَا مُنْقَطع - فِيمَا يُقَال - فِيمَا بَين يحيى بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن سعد بن زُرَارَة، وَأم هِشَام، فَإِنَّهُ من رِوَايَته عَنْهَا. قَالَ أَبُو عمر بن عبد الْبر: لم يسمع يحيى بن عبد الله من أم هِشَام، بَينهمَا عبد الرَّحْمَن بن سعيد، ذكر ذَلِك فِي بَابهَا من كتاب الِاسْتِيعَاب. وَهَذَا الطَّرِيق الَّذِي أورد أَبُو مُحَمَّد، الَّذِي قُلْنَا عَنهُ: إِنَّه مُنْقَطع، هُوَ من طَرِيق ابْن إِسْحَاق، وَقد كَانَ لَهُ أَن يُورِدهُ صَحِيحا، مُتَّصِلا من رِوَايَة يحيى بن سعيد، عَن عمْرَة، عَن أُخْت لعمرة، قَالَت: " أخذت {ق وَالْقُرْآن الْمجِيد} من فِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فِي يَوْم جُمُعَة، وَهُوَ يقْرَأ بهَا على الْمِنْبَر كل جُمُعَة " ذكره أَيْضا مُسلم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 387 (390) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث ابْن جريج، عَن عمرَان ابْن أبي أنس، عَن مَالك بن أَوْس بن الْحدثَان، عَن أبي ذَر، حَدِيث: " وَفِي الْبَز - هَكَذَا بالزاي - صدقته ". وَلم يتبعهُ أَكثر من أَن مُوسَى بن عُبَيْدَة أَيْضا رَوَاهُ عَن عمرَان كَذَلِك. فَاعْلَم أَن التِّرْمِذِيّ [قَالَ] : سَأَلَ البُخَارِيّ عَن هَذَا، فَقَالَ: ابْن جريج لم يسمع من عمرَان بن أبي أنس، يَقُول: حدثت عَن عمرَان بن أبي أنس، ذكر ذَلِك فِي كتاب الْعِلَل. فَالْحَدِيث على هَذَا مُنْقَطع، وَابْن جريج لم يقل: حَدثنَا عمرَان، وَهُوَ مُدَلّس. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 388 وَلِلْحَدِيثِ شَأْن آخر، ذَكرْنَاهُ بِهِ بعد فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي سكت عَنْهَا إِلَّا أَنه ذكرهَا بِقطع من أسانيدها. (391) وَذكر حَدِيث عبيد الله بن عمر، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، فِي الْهلَال إِذْ سقط لليلة أَو لَيْلَتَيْنِ. رَوَاهُ بَقِيَّة، عَن مجاشع بن عَمْرو، عَن عبيد الله، وَضَعفه، وَلم يبين انْقِطَاعه، قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: لم يسمع مجاشع من عبيد الله بن عمر شَيْئا. (392) وَذكر فِي قَضَاء صَوْم التَّطَوُّع، من رِوَايَة أبي الْأَحْوَص، عَن طَلْحَة بن يحيى / عَن مُجَاهِد، عَن عَائِشَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " إِنَّمَا مثل صَوْم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 389 التَّطَوُّع، مثل الَّذِي يخرج من مَاله الصَّدَقَة ". (393) وَبعده حَدِيث آخر من رِوَايَة شريك، عَن طَلْحَة، بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَلم يقل فيهمَا شَيْئا. وهما منقطعان عِنْد أهل الحَدِيث: قَالَ يحيى بن سعيد: كَانَ شُعْبَة يُنكر أَن يكون مُجَاهِد سمع من عَائِشَة، ذكره التِّرْمِذِيّ فِي كتاب الْعِلَل وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَن يحيى بن معِين قَالَ: كَانَ يحيى بن سعيد يُنكره، ذكره الدوري عَنهُ. وَذكر عبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل / عَن أَبِيه قَالَ: كَانَ شُعْبَة يُنكر أَن يكون مُجَاهِد سمع من عَائِشَة، قَالَ: وَقَالَ يحيى بن سعيد، فِي حَدِيث مُوسَى الْجُهَنِيّ، عَن مُجَاهِد، قَالَ: خرجت إِلَيْنَا عَائِشَة، أَو حَدَّثتنِي [عَائِشَة] قَالَ يحيى: فَحدثت بِهِ شُعْبَة فَأنكرهُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 390 وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم: روى عَن عَائِشَة مُرْسلا. (394) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، من حَدِيث يزِيد بن أبي زِيَاد، عَن مُجَاهِد، عَن عَائِشَة أَيْضا قَالَت: " كَانَ الركْبَان يَمرونَ بِنَا، وَنحن مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، مُحرمَات، فَإِذا حاذوا بِنَا سدلت إحدانا جلبابها " الحَدِيث. ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: يزِيد بن أبي زِيَاد لَا يحْتَج بحَديثه. لم يعرض لَهُ بِأَكْثَرَ من هَذَا، وَالْقَوْل فِيهِ كَمَا تقدم. (395) وَذكر أَيْضا من طَرِيق مُسلم عَن عَائِشَة " أَنَّهَا حَاضَت بسرف، فتطهرت بِعَرَفَة ". وَلم يقل فِي إِسْنَاده شَيْئا، وَهُوَ عِنْد مُسلم من طَرِيق ابْن أبي نجيح، عَن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 391 مُجَاهِد عَن عَائِشَة، وَالْقَوْل فِيهِ كَمَا تقدم. (396) وَالصَّحِيح عَن عَائِشَة من غير رِوَايَة مُجَاهِد، أَنَّهَا إِنَّمَا طهرت يَوْم النَّحْر، وَيَوْم النَّحْر إِنَّمَا تكون فِيهِ إِمَّا بِمُزْدَلِفَة سحرًا، أَو بمنى، أَو بِمَكَّة. (397) وعنها أَيْضا صَحِيح فِي كتاب مُسلم: " أدركني يَوْم عَرَفَة وَأَنا حَائِض ". (398) وَذكر حَدِيث حَبِيبَة بنت أبي تجراة: " إِن الله كتب عَلَيْكُم السَّعْي ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 392 اخْتَار من أَلْفَاظه لفظا أوردهُ بِهِ من التَّمْهِيد. وَأَبُو عمر قد تولى بَيَان انْقِطَاع طَرِيق ذَلِك اللَّفْظ، وَقد اسْتحق الحَدِيث أَن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 393 يذكر ذكرا مستوعباً، فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أتبعهَا كلَاما، يقْضِي ظَاهره بِصِحَّتِهَا وَلَيْسَت بصحيحة. (399) وَذكر من مراسل أبي دَاوُد، عَن عَطاء الخرساني، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: عَليّ بَدَنَة وَأَنا مُوسر لَهَا، وَلَا أجد، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اذْبَحْ سبع شِيَاه ". ثمَّ قَالَ: وَصله يحيى بن الْحجَّاج، عَن ابْن جريج، عَن عَطاء، عَن ابْن عَبَّاس، وَالصَّحِيح مُرْسل. هَكَذَا أوردهُ هَذَا الْموضع، وَهُوَ دَال على المجازفة، وَيَنْبَغِي أَن نورد مَا فِي المراسل بنصه، حَتَّى يتَبَيَّن لَهُ أَن يحيى بن الْحجَّاج، لم يَأْتِ بِزِيَادَة. قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عبد الله بن سعيد، أَن سُلَيْمَان / بن حَيَّان، حَدثهمْ عَن ابْن جريج، عَن عَطاء الخرساني، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: عَليّ بَدَنَة وَأَنا مُوسر لَهَا وَلَا أجد، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اذْبَحْ سبع شِيَاه / ". حَدثنِي الْوَلِيد بن عتبَة، قَالَ: حَدثنِي أَبُو ضَمرَة، عَن ابْن جريج بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ. هَذَا نَص مَا فِي كتاب المراسل، وَهُوَ مثل مَا ذكر عَن يحيى بن حجاج سَوَاء، فلنبين مَا فِي كَلَام أبي مُحَمَّد فَنَقُول الْمُحدث إِذا قَالَ: مُرْسل، فَأكْثر مَا يَقُوله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 394 عَن حَدِيث سقط أول إِسْنَاده. مِثَاله أَن يسْقط من هَذَا ذكر ابْن عَبَّاس، فَيبقى عَن عَطاء الخرساني، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَلَو سقط مِنْهُ أَوله وثانيه فَأكْثر، سموهُ مُرْسلا أَيْضا، وَمِنْهُم من يخص بِهِ اسْم معضل، فَمَتَى ثَبت أَوله، وَسقط مِمَّا بعده، أَو ثَبت أَوله وثانيه، وَسقط مِمَّا بعدهمَا، فَأكْثر مَا يَقُولُونَ فِي هَذَا: مُنْقَطع وَرُبمَا قَالُوا: مُرْسل. فَقَوْل أبي مُحَمَّد: " وَصله يحيى بن الْحجَّاج، عَن ابْن جريج، عَن عَطاء، عَن ابْن عَبَّاس، وَالصَّحِيح مُرْسل "، لَا يَصح إِلَّا لَو كَانَ الأول الَّذِي فِي المراسل لَا ذكر فِيهِ لِابْنِ عَبَّاس، وَيكون يحيى بن الْحجَّاج قد زَاده، أَن يكون يحيى بن الْحجَّاج، قد زَاد وَاحِدًا بَين عَطاء وَابْن عَبَّاس، وَلَيْسَ شَيْء من ذَلِك كَائِنا، بل الِانْقِطَاع الَّذِي كَانَ فِيمَا أورد من المراسل، بَاقٍ فِي رِوَايَة يحيى بن الْحجَّاج كَمَا كَانَ. وَمَا يدل هَذَا إِلَّا على أَن أَبَا مُحَمَّد خَفِي عَلَيْهِ انْقِطَاع الأول، وَاعْتمد فِي كَونه مُرْسلا سوق أبي دَاوُد لَهُ فِي المراسل، وَإِلَّا فَلَو علم انْقِطَاعه مَا كَانَ يقْضِي على رِوَايَة يحيى بن الْحجَّاج بالاتصال، وَذَلِكَ الِانْقِطَاع بِعَيْنِه فِيهَا، وَانْقِطَاع الأول هُوَ فِيمَا بَين عَطاء الخرساني وَابْن عَبَّاس، وَقد تولى بَيَانه أَبُو دَاوُد بِنَفسِهِ فِي بَاب آخر. (400) وَذَلِكَ أَنه ذكر فِي كتاب النِّكَاح من المراسل حَدِيث ابْن جريج الجزء: 2 ¦ الصفحة: 395 أَيْضا، عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا وَصِيَّة لوَارث إِلَّا أَن يَشَاء الْوَرَثَة ". ثمَّ قَالَ بإثره: عَطاء الْخُرَاسَانِي لم يدْرك ابْن عَبَّاس وَلم / يره. فَإِذا الْأَمر هَكَذَا، فرواية يحيى بن الْحجَّاج أَيْضا مُنْقَطِعَة كَذَلِك. وَمَا أَوْهَمهُ قَوْله من أَن رِوَايَة يحيى بن الْحجَّاج فِيهَا مَا لَيْسَ فِيمَا أوردهُ من المراسل خطأ، وَإِنَّمَا رأى رِوَايَة يحيى فِي كتاب أبي أَحْمد. قَالَ أَبُو أَحْمد: حَدثنَا الْحُسَيْن بن إِسْمَاعِيل، حَدثنَا مُحَمَّد بن حسان الْأَزْرَق، أخبرنَا يحيى بن أبي الْحجَّاج، عَن ابْن جريج، عَن عَطاء، عَن ابْن عَبَّاس، أَن رجلا سَأَلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا رَسُول الله، أَن عَليّ بَدَنَة وَأَنا مُوسر، وَلَا أَجدهَا، قَالَ: " فَأمره أَن يذبح تسع شِيَاه، أَو سبع شِيَاه - ابْن حسان شكّ - ". فَهَذِهِ رِوَايَة يحيى بن حجاج بن أبي الْحجَّاج، مثل رِوَايَة أبي خَالِد وَأبي ضَمرَة سَوَاء فَاعْلَم ذَلِك. (401) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " وفطركم يَوْم تفطرون، وأضحاكم يَوْم تضحون وكل منى منحر، وكل فجاج الجزء: 2 ¦ الصفحة: 396 مَكَّة منحر، وكل جمع موقف ". هَكَذَا ذكره وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث يرويهِ عِنْد أبي دَاوُد أَيُّوب، عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر، عَن أبي هُرَيْرَة. وَقد نَص يحيى بن معِين على أَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر لم يسمع من أبي هُرَيْرَة وتكرر ذَلِك فِي كتاب عَبَّاس الدوري. وَذكر الْبَزَّار لمُحَمد بن الْمُنْكَدر / عَن أبي هُرَيْرَة أَحَادِيث يسيرَة. مِنْهَا هَذَا الحَدِيث بِعَيْنِه، فَقَالَ: وَمُحَمّد بن الْمُنْكَدر لَا نعلمهُ سمع من أبي هُرَيْرَة، وَقد سمع من ابْن عمر، وَجَابِر، وَأنس. ثمَّ قَالَ فِي آخر الْبَاب: وَقد ذكرنَا أَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر لم يسمع من أبي هُرَيْرَة، فأمسكنا أَن نذْكر عَنهُ إِلَّا هَذِه الْأَحَادِيث لنبين أَنه لم يسمع مِنْهُ. وَلِهَذَا الحَدِيث شَأْن آخر لَيْسَ من هَذَا الْبَاب، وَهُوَ أَن جمَاعَة روته عَن أَيُّوب فوقفته على أبي هُرَيْرَة: مِنْهُم عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ، وَابْن علية، وَاخْتلف فِيهِ على معمر، عَن أَيُّوب، فَرفع عَنهُ ووقف، وَقد بَين ذَلِك كُله الدَّارَقُطْنِيّ فِي علله. (402) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن حميد، عَن الْحسن، عَن عمرَان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 397 ابْن حُصَيْن، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا جلب وَلَا جنب فِي الرِّهَان ". هَكَذَا ذكره على أَنه مُتَّصِل. (403) وَلما ذكر من طَرِيق مُسلم حَدِيث عمرَان / بن حُصَيْن فِي " الَّذِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 398 أعتق عِنْد مَوته سِتَّة أعبد "، أتبعه أَن قَالَ: القَوْل الشَّديد - وَالله أعلم - هُوَ مَا ذكر النَّسَائِيّ من رِوَايَة الْحسن، عَن عمرَان بن الْحصين، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: (404) " لقد هَمَمْت أَن لَا أُصَلِّي عَلَيْهِ ". وَلم يعرض للْحَدِيث أَيْضا بِشَيْء. (405) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن الْحسن، عَن عمرَان، أَن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 399 نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا أركب الأرجوان، وَلَا ألبس المعصفر " الحَدِيث. وَقَالَ بإثره: تكلمُوا فِي سَماع الْحسن من عمرَان. لم يزدْ على هَذَا، وَالْحسن لَا يَصح لَهُ السماع من عمرَان، فَهُوَ مُنْقَطع. وَقد أنكر أَحْمد بن حَنْبَل على مبارك بن فضَالة قَوْله فِي غير حَدِيث عَن الْحسن: حَدثنَا عمرَان، وَأَصْحَاب الْحسن غَيره لَا يَقُولُونَ ذَلِك، وَكَانَ كثير التَّدْلِيس. (406) وَقد ذكر أَبُو مُحَمَّد فِي كتاب النِّكَاح من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 400 الْحسن، عَن عمرَان بن حُصَيْن، جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: إِن ابْني مَاتَ فَمَا لي من مِيرَاثه؟ قَالَ: " السُّدس " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: صَححهُ التِّرْمِذِيّ. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: لم يسمع الْحسن من عمرَان. فَهَذَا مِنْهُ اعْتِرَاف بِأَنَّهُ لم يسمع حِين اعْترض بِهِ تَصْحِيح التِّرْمِذِيّ للْحَدِيث الْمَذْكُور. وَقد اعترى أَبَا مُحَمَّد فِي الحَدِيث الأول مَا أوجب كتبه فِي بَاب نِسْبَة الْأَحَادِيث إِلَى غير رواتها وَقد تقدم ذَلِك. (407) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن أم هَانِئ، قَالَت: " قدم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 401 مَكَّة وَله أَربع غدائر "، ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن. كَذَا ذكره، وَلم يعرض لَهُ بِأَكْثَرَ من هَذَا. وَالتِّرْمِذِيّ قد حكى إثره عَن البُخَارِيّ أَن قَالَ: لَا أعرف لمجاهد سَمَاعا من أم هَانِئ، وَهُوَ عِنْده من رِوَايَة مُجَاهِد عَنْهَا فاعلمه. (408) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ حَدِيث جَابر: كَانَت لنا جوَار، وَكُنَّا نعزل عَنْهُن، فَقَالَ الْيَهُود: تِلْكَ الموؤودة الصُّغْرَى، فَسئلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن ذَلِك. الحَدِيث. وَهُوَ عِنْدِي مُتَّصِل، وَإِنَّمَا كتبته ملزماً لَهُ فِيهِ الِانْقِطَاع على مذْهبه. وَذَلِكَ أَنه من رِوَايَة يحيى بن أبي كثير، عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن ثَوْبَان، أَن جَابر / بن عبد الله / قَالَ: كَانَت لنا جوَار. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 402 وَأَبُو مُحَمَّد قد نَص فِي بَاب الصّيام فِي السّفر على أَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن ثَوْبَان لم يسمع من جَابر. وَذَلِكَ خطأ من قَوْله، وسنبين ذَلِك فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ردهَا بالانقطاع وَهِي مُتَّصِلَة إِن شَاءَ الله تَعَالَى. (409) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن أبي بكر الصّديق - رَضِي الله عَنهُ - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 403 قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَلْعُون من ضار مُسلما أَو مكر بِهِ ". ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث غَرِيب، وخرجه أَبُو بكر الْبَزَّار عَن أبي بكر أَيْضا، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يدْخل الْجنَّة جَسَد غذي بِحرَام، وَلَا يدْخل الْجنَّة سيئ الملكة، مَلْعُون من ضار مُسلما أَو غره ". فِي إِسْنَاده أسلم الْكُوفِي. هَذَا نَص مَا أورد، وَعَلِيهِ فِيهِ أدْرك. أَحدهَا هُوَ مَقْصُود الْبَاب، وَهُوَ انْقِطَاع حَدِيث التِّرْمِذِيّ، وَذَلِكَ أَن التِّرْمِذِيّ سَاقه من طَرِيق زيد بن الْحباب، قَالَ: حَدثنَا أَبُو سَلمَة الْكِنْدِيّ قَالَ: حَدثنَا فرقد السبخي، عَن مرّة بن شرَاحِيل الْهَمدَانِي، - وَهُوَ الطّيب - عَن أبي بكر، فَذكره. وَقد نَص الْبَزَّار على أَن مرّة بن شرَاحِيل لم يدْرك أَبَا بكر، فِي الْمَكَان الَّذِي ذكر فِيهِ الحَدِيث الْمَذْكُور، وَأدْخل بَينهمَا زيد بن أَرقم، هُوَ عِنْده هَكَذَا من رِوَايَة عبد الْوَاحِد بن زيد، قَالَ: قَالَ أسلم الْكُوفِي: عَن مرّة الطّيب، عَن زيد ابْن أَرقم، عَن أبي بكر، فَذكره. وَلم يعْتَمد الْآن فِي انْقِطَاع حَدِيث التِّرْمِذِيّ زِيَادَة الْبَزَّار بَينهمَا وَاحِدًا، فَإِن هَذَا الْقسم لم نذكرهُ بعد، وَإِنَّمَا نذْكر مَا نَص المحدثون على انْقِطَاعه. وَالْبَزَّار قد قَالَ: إِن مرّة لم يدْرك أَبَا بكر، وَمَا من الْجَمِيع شَيْء يَصح، فَإِن فرقداً السبخي - وَهُوَ ابْن يَعْقُوب، وَإِن كَانَ رجلا صَالحا - حَدِيثه مُنكر جدا. قَالَه البُخَارِيّ. وَقد كَانَ ابْن معِين يوثقه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 404 وَأَبُو سَلمَة الْكِنْدِيّ مَجْهُول. وَعبد الْوَاحِد بن زيد، وَأَبُو عُبَيْدَة الْبَصْرِيّ، قَالَ ابْن معِين: لَيْسَ حَدِيثه بِشَيْء. وَقَالَ عَمْرو بن عَليّ: كَانَ قَاصا، وَكَانَ مَتْرُوك الحَدِيث. وَقَالَ البُخَارِيّ: تَرَكُوهُ، يذكر بِالْقدرِ، مُنكر / الحَدِيث. وَقَالَ الْبَزَّار: أَحْسبهُ كَانَ يذهب إِلَى الْقدر مَعَ شهرة عِبَادَته. وَأسلم الْكُوفِي لَا يعرف بِغَيْر هَذَا، وَلَا يعرف روى عَنهُ غير عبد الْوَاحِد هَذَا. وَأَبُو مُحَمَّد رَحمَه الله أعل الحَدِيث بأسلم، وَترك إعلاله بِعَبْد الْوَاحِد، وَلم يقل فِي حَدِيث التِّرْمِذِيّ شَيْئا، وَقد تبين انْقِطَاعه، وَضعف فرقد، وَالْجهل بِحَال أبي سَلمَة، فَاعْلَم ذَلِك. (410) وَذكر من طَرِيق مُسلم عَن ابْن عَبَّاس، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 405 " قضى بِيَمِين وَشَاهد ". كَذَا أوردهُ، وَلم يعرض [لَهُ] بِشَيْء لما كَانَ من عِنْد مُسلم. وَهُوَ فِي كتاب مُسلم من طَرِيق قيس بن سعد، عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن ابْن عَبَّاس. وَالتِّرْمِذِيّ قد ذكره فِي علله هَكَذَا، ثمَّ قَالَ: سَأَلت مُحَمَّدًا عَنهُ فَقَالَ: عَمْرو بن دِينَار لم يسمع عِنْدِي من ابْن عَبَّاس هَذَا الحَدِيث. وَقَالَ الطَّحَاوِيّ: قيس بن سعد لَا نعلمهُ يحدث عَن عَمْرو بن دِينَار بِشَيْء. فَهَذَا - كَمَا ترى - رمي للْحَدِيث بالانقطاع / فِي موضِعين: من البُخَارِيّ فِيمَا بَين عَمْرو بن دِينَار، وَابْن عَبَّاس. وَمن الطَّحَاوِيّ، فِيمَا بَين قيس بن سعد، وَعَمْرو بن دِينَار. (411) وَقد ذكر الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه، مَا لَا نعتمده مِمَّا يُوَافق ذَلِك: من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 406 رِوَايَة عبد الله بن مُحَمَّد بن ربيعَة، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن مُسلم، عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن طَاوس، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " قضى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِد الْوَاحِد ". فَلَو صحت هَذِه الرِّوَايَة، تبين بهَا مَا قَالَه البُخَارِيّ، وَلَكِن لَا تصح، فَإِن عبد الله بن مُحَمَّد بن ربيعَة هَذَا، هُوَ القدامي، يروي عَن مَالك، وَهُوَ مَتْرُوك، قَالَه الدَّارَقُطْنِيّ، فَاعْلَم ذَلِك. (412) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، عَن سعيد بن الْمسيب، أَن عمر بن الْخطاب أعتق أُمَّهَات الْأَوْلَاد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 407 وَقَالَ: " أعتقهن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ". ثمَّ قَالَ: فِي إِسْنَاده عبد الرَّحْمَن الإفْرِيقِي، وَهُوَ ضَعِيف. (413) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن سعيد بن الْمسيب، أَن أَخَوَيْنِ من الْأَنْصَار، كَانَ بَينهمَا مِيرَاث، فَسَأَلَ أَحدهمَا / صَاحبه الْقِسْمَة، فَقَالَ: إِن عدت تَسْأَلنِي الْقِسْمَة، فَكل مَالِي فِي رتاج الْكَعْبَة، فَقَالَ لَهُ عمر: إِن الْكَعْبَة غنية عَن مَالك، كفر عَن يَمِينك، وكلم أَخَاك، سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " لَا يَمِين عَلَيْك، وَلَا نذر فِي مَعْصِيّة الرب " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ بعده: قَالَ أَحْمد: سعيد بن الْمسيب عَن عمر، عندنَا حجَّة، قد رأى عمر وَسمع مِنْهُ، إِذا لم نقبل سعيداً عَن عمر، فَمن نقبل؟ ذكر هَذَا عَنهُ أَبُو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم. (414) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن الضَّحَّاك بن قيس، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كتب إِلَيْهِ أَن يُورث امْرَأَة أَشْيَم الضبابِي من دِيَة زَوجهَا ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 408 ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح، قَالَ: وَقَالَ أَبُو عمر: حَدِيث الضَّحَّاك هُوَ حَدِيث صَحِيح عِنْد جمَاعَة الْعلمَاء، مَعْمُول بِهِ، انْتهى مَا ذكر. وَلم يبين أَنه من رِوَايَة سعيد بن الْمسيب. هَكَذَا قَالَ: قَالَ عمر: الدِّيَة على الْعَاقِلَة، وَلَا تَرث الْمَرْأَة من دِيَة زَوجهَا شَيْئا، فَأخْبرهُ الضَّحَّاك بن سُفْيَان الْكلابِي بالْخبر الْمَذْكُور. (415) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ عَن سعيد بن الْمسيب، أَن عمر بن الْخطاب: " قضى فِي يَوْم وجد بَينهم قَتِيل، فاستحلف مِنْهُم خمسين شَيخا، بِاللَّه رب هَذَا الْبَيْت الْحَرَام " الحَدِيث. وَضَعفه بعمر بن صبح، وَلم يعرض لسَعِيد عَن عمر. (416) وَذكر من طَرِيق قَاسم بن أصبغ، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 409 صَفْوَان بن الْمُعَطل السّلمِيّ، أَنه ضرب حسان بن ثَابت بِالسَّيْفِ فِي هجائه، فَأتى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فاستعداه عَلَيْهِ فَلم يعده، وعقل لَهُ جرحه، وَقَالَ: " إِنَّك قلت قولا سَيِّئًا ". ثمَّ قَالَ: تكلمُوا فِي سَماع سعيد بن الْمسيب من صَفْوَان. وَصَفوَان قتل فِي أَيَّام عمر، وَإِن كَانَ سعيد قد سمع من عمر نعيه النُّعْمَان ابْن مقرن. (417) وَقَالَ فِي بَاب الْوتر - بعد أَن ذكر حَدِيث وتر أبي بكر أول اللَّيْل، وَعمر آخِره -: يُقَال: إِن سعيداً لم يسمع من عمر إِلَّا نعيه النُّعْمَان بن مقرن. (418) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن أبي عِيسَى الخرساني، عَن عبد الله ابْن الْقَاسِم [عَن أَبِيه] عَن سعيد بن الْمسيب، أَن رجلا من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَتَى عمر / بن الْخطاب / يشْهد أَنه سمع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي مَرضه الَّذِي قبض فِيهِ: " يُنْهِي عَن الْعمرَة قبل الْحَج ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 410 ثمَّ قَالَ: هَذَا مُنْقَطع وَضَعِيف الْإِسْنَاد. وَلَيْسَ فِيهِ مَوضِع للانقطاع الَّذِي يَعْنِي، إِلَّا فِيمَا بَين سعيد وَعمر. (419) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، عَن أبي قُرَّة، عَن سُفْيَان، عَن يحيى بن سعيد، عَن سعيد عَن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَيْسَ لقَاتل شَيْء ". ثمَّ قَالَ: قد تكلم فِي سَماع سعيد عَن عمر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 411 وَالْمَقْصُود أَن كل مَا سكت عَنهُ من هَذِه الْأَحَادِيث - وَلم يبين أَنه من رِوَايَة سعيد عَن عمر - فَإِنَّهُ قد أوهم اتِّصَاله، وَهُوَ مُنْقَطع، فَإِن سعيداً لَا يَصح لَهُ سَماع من عمر، إِلَّا نعيه النُّعْمَان بن مقرن. وَمِنْهُم من أنكر أَن يكون سمع مِنْهُ شَيْئا الْبَتَّةَ، فَاعْلَم ذَلِك. (420) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ، عَن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان، قَالَ: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن لبس الذَّهَب إِلَّا مقطعاً ". كَذَا ذكره وَلم يقل فِيهِ شَيْئا، وَهُوَ مُنْقَطع، فَإِنَّهُ من رِوَايَة أبي قلَابَة عَن مُعَاوِيَة، وَقد قَالَ أَبُو دَاوُد - بعد ذكره إِيَّاه فِي رِوَايَة عَنهُ -: أَبُو قلَابَة لم يلق مُعَاوِيَة. (421) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ - فِي زَكَاة الْفطر بِنصْف صَاع من بر - حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 412 ثمَّ قَالَ: اخْتلف فِي إِسْنَاده. لم يزدْ على هَذَا، وَالْخلاف الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ قد ذكره التِّرْمِذِيّ، وَذَلِكَ أَن رَاوِيه عَن عَمْرو بن شُعَيْب، وَهُوَ ابْن جريج، فَعَنْهُ فِي ذَلِك قَولَانِ: أَحدهمَا: قَول سَالم بن نوح: عَنهُ، عَن عَمْرو، عَن أَبِيه، عَن جده. وَالْآخر: قَول عمر بن هَارُون: عَنهُ، عَن الْعَبَّاس بن ميناء، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَهَذَا لم يكن بضار لَهُ لَو اتَّصل، وَإِنَّمَا الحَدِيث غير مُتَّصِل. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي كتاب الْعِلَل: لم يسمع ابْن جريج من عَمْرو بن شُعَيْب، فاعلمه. (422) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، عَن رِفَاعَة بن هرير، حَدثنَا أبي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 413 عَن عَائِشَة، قلت: يَا رَسُول الله، أستدين وأضحي: قَالَ: " نعم، فَإِنَّهُ دين مقضي ". ثمَّ قَالَ عَن الدَّارَقُطْنِيّ /: إِنَّه إِسْنَاد ضَعِيف. لم يزدْ على هَذَا فِيمَا ذكره بِهِ، وَقد بَين الدَّارَقُطْنِيّ أَن هرير بن عبد الرَّحْمَن ابْن رَافع، لم يدْرك عَائِشَة، فَالْحَدِيث مُنْقَطع. وَقد نبهنا عَلَيْهِ أَيْضا فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ضعفها وَلم يبين عللها. (423) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن يزِيد بن أبي زِيَاد، عَن عِيسَى بن فائد، عَن سعد بن عبَادَة، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا من امرىء يقْرَأ الْقُرْآن ثمَّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 414 ينساه إِلَّا لَقِي الله يَوْم الْقِيَامَة أَجْذم ". لم يزدْ على إبراز هَذِه الْقطعَة من إِسْنَاده، وَاعْتمد فِي يزِيد بن أبي زِيَاد مَا قدم: من أَنه لَا يحْتَج بِهِ. وَقد بَينا فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي سكت عَنْهَا، مصححاً لَهَا، مَا اعتراه فِيهِ. وَلم يعرض لعيسى بن فائد بأمرين: أَحدهمَا: أَنه لم يعرف بِحَالهِ، وَهِي مَجْهُولَة، وَلَا يعرف روى عَنهُ غير يزِيد بن أبي زِيَاد. وَقَالَ البُخَارِيّ: هُوَ أَمِير الرقة. وَالثَّانِي: أَنه لم يبين هَل سمع من سعد بن عبَادَة أم لَا؟ وَهُوَ الَّذِي قصدنا بِذكرِهِ فِي هَذَا الْبَاب. فَاعْلَم أَن أَبَا مُحَمَّد بن أبي حَاتِم لما ذكره قَالَ: روى عَمَّن سمع سعد بن عبَادَة، روى عَنهُ يزِيد بن أبي زِيَاد، فَاعْلَم ذَلِك /. الْمدْرك الثَّانِي لانْقِطَاع الْأَحَادِيث فِي هَذَا الْبَاب : أعلم أَن الْمُحدث إِذا روى حَدِيثا عَن رجل قد عرف بالرواية عَنهُ وَالسَّمَاع مِنْهُ، وَلم يقل: حَدثنَا، أَو أخبرنَا، أَو سَمِعت، وَإِنَّمَا جَاءَ بِهِ بِلَفْظَة " عَن " فَإِنَّهُ يحمل حَدِيثه على أَنه مُتَّصِل، إِلَّا أَن يكون مِمَّن عرف بالتدليس، فَيكون لَهُ شَأْن آخر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 415 وَإِذا جَاءَ عَنهُ فِي رِوَايَة أُخْرَى إِدْخَال وَاسِطَة بَينه وَبَين من كَانَ قد روى الحَدِيث عَنهُ مُعَنْعنًا، غلب على الظَّن أَن الأول مُنْقَطع، من حَيْثُ يبعد أَن يكون قد سَمعه مِنْهُ، ثمَّ حدث بِهِ عَن رجل عَنهُ. وَأَقل مَا فِي هَذَا سُقُوط الثِّقَة باتصاله، وَقيام الريب فِي ذَلِك، وَيكون هَذَا أبين فِي اثْنَيْنِ لم يعلم سَماع أَحدهمَا من الآخر، وَأَن كَانَ الزَّمَان / قد جَمعهمَا. وعَلى هَذَا المحدثون، وَعَلِيهِ وضعُوا كتبهمْ، كمسلم فِي كتاب التَّمْيِيز، وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي علله، وَالتِّرْمِذِيّ، وَمَا يَقع مِنْهُ للْبُخَارِيّ، وَالنَّسَائِيّ، وَالْبَزَّار، وَغَيرهم مِمَّن لَا يُحْصى كَثْرَة، تجدهم دائبين يقضون بِانْقِطَاع الحَدِيث المعنعن، إِذا رُوِيَ بِزِيَادَة وَاحِد بَينهمَا، بِخِلَاف مَا لَو قَالَ فِي الأول: حَدثنَا، أَو أخبرنَا، أَو سَمِعت، ثمَّ نجده عَنهُ بِوَاسِطَة بَينهمَا، فَإِن هَا هُنَا نقُول: سَمعه مِنْهُ، وَرَوَاهُ بِوَاسِطَة عَنهُ، وَإِنَّمَا قُلْنَا: سَمعه مِنْهُ، لِأَنَّهُ ذكر أَنه سَمعه مِنْهُ، أَو حَدثهُ بِهِ، وَيَنْبَغِي أَن نعرض عَلَيْك فِي هذَيْن الْفَصْلَيْنِ، مَا يدلك على أَن مَذْهَب أبي مُحَمَّد: عبد الْحق، هُوَ هَذَا الَّذِي وصفناه فيهمَا. (424) ذكر حَدِيث قَتَادَة، عَن أبي شيخ الْهنائِي، أَن مُعَاوِيَة قَالَ لأَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: هَل تعلمُونَ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " نهى عَن كَذَا، وَعَن ركُوب جُلُود النمور "؟ قَالُوا: نعم قَالَ: فتعلمون أَنه " نهى أَن يقرن بَين الْحَج الجزء: 2 ¦ الصفحة: 416 وَالْعمْرَة؟ " قَالُوا: أما هَذِه فَلَا. قَالَ: إِنَّهَا مَعَهُنَّ، وَلَكِنَّكُمْ نسيتم. ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: لم يسمعهُ أَبُو شيخ من مُعَاوِيَة بِكَمَالِهِ، سمع مِنْهُ النَّهْي عَن ركُوب جُلُود النمور، فَأَما النَّهْي عَن الْقرَان فَسَمعهُ من أبي حسان، عَن مُعَاوِيَة، وَمرَّة يَقُول: عَن أَخِيه حمان وَمرَّة يَقُول: جماز، وهم مَجْهُولُونَ. فَهَذَا - كَمَا ترى - حكم مِنْهُ على الأول بالانقطاع، لزِيَادَة وَاحِد بَينهمَا. واختصار أَمر هَذَا الحَدِيث، هُوَ أَن أَبَا شيخ يرويهِ عَنهُ رجلَانِ: قَتَادَة، ومطر، فَلَا يجعلان بَينه وَبَين مُعَاوِيَة أحدا، وَرَوَاهُ عَنهُ بيهس بن فهدان فَذكر سَمَاعه من مُعَاوِيَة لَفْظَة النَّهْي عَن جُلُود النمور خَاصَّة، وَحَدِيثه مَذْكُور بِبَيَان ذَلِك عِنْد النَّسَائِيّ، وَرَوَاهُ عَن أبي شيخ يحيى بن أبي كثير، فَأدْخل بَينه وَبَين مُعَاوِيَة رجلا اخْتلفُوا فِي خبطه كَمَا ذكر. فَقيل: أَبُو حمان، وَقيل: جمان / [وَقيل: جماز] وَهُوَ أَخُو أبي شيخ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: إِن القَوْل فِيهِ قَول من لم يدْخل بَين أبي شيخ وَمُعَاوِيَة فِيهِ أحدا - يَعْنِي قَتَادَة، ومطراً، وبيهس بن فهدان. وَلَكِن أَبى / ذَلِك أَبُو مُحَمَّد عبد الْحق، وَقضى بانقطاعه، لإدخال الْوَاسِطَة بَينهمَا، اتبَاعا لِابْنِ حزم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 417 (425) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن جَعْفَر بن برْقَان، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سَالم، عَن أَبِيه: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن مطْعمين: الْجُلُوس على مائدة يشرب عَلَيْهَا الْخمر، وَأَن يَأْكُل الرجل منبطحاً على بَطْنه ". ثمَّ قَالَ: لم يسمعهُ جَعْفَر من الزُّهْرِيّ هَذَا أَيْضا إِنَّمَا تَلقاهُ من أبي دَاوُد، فَإِنَّهُ لما أورد الحَدِيث، أتبعه رِوَايَة هَارُون بن زيد بن أبي الزَّرْقَاء، عَن أَبِيه، عَن جَعْفَر بن برْقَان، أَنه بلغه عَن الزُّهْرِيّ. (426) وَذكر حَدِيث سَلمَة بن المحبق، فِي الَّذِي يَقع على جَارِيَة امْرَأَته. من رِوَايَة الْحسن، عَن سَلمَة، ثمَّ قَالَ: إِن أَبَا عمر بن عبد الْبر صَححهُ، ثمَّ أَبى ذَلِك عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ قد رُوِيَ عَن الْحسن، عَن قبيصَة بن حُرَيْث، عَن سَلمَة، ثمَّ ضعفه من أجل قبيصَة. فَهَذَا عمله فِي الْفَصْل الأول، يقْضِي بِانْقِطَاع المعنعن، إِذا وجده بِزِيَادَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 418 وَاحِد، وَقد يَقع لَهُ مَا يُوهم خلاف هَذَا، وَلَيْسَ على ظَاهره. (427) ذكر حَدِيث عَمْرو بن الْعَاصِ: " فِي صلَاته حِين أجنب دون اغتسال " من رِوَايَة جُبَير بن نفير عَنهُ، ثمَّ أردفه لفظا آخر، من رِوَايَة جُبَير ابْن نفير، عَن أبي قيس مولى عَمْرو عَن عَمْرو، ثمَّ قَالَ: هَذَا أوصل من الأول. كَأَنَّهُ يفهم أَن الأول أَيْضا مَوْصُول، وَلَيْسَ كَذَلِك، بل معنى قَوْله: " أوصل " أَن هَذَا مُتَّصِل دون الأول، فَإِنَّهُ مُنْقَطع، وَالْأَمر فِيهِ بَين عِنْد الْمُحدثين أَنه دون أبي قبيص مُنْقَطع. (428) وَأما الْفَصْل الثَّانِي، فَإِنَّهُ ذكر حَدِيث حَكِيم بن حزَام: " إِذا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 419 ابتعت بيعا فَلَا تبعه حَتَّى تستوفيه ". وَصَححهُ لما وجد فِي رِوَايَة همام قَول يُوسُف بن مَاهك: حَدثنَا حَكِيم بن حزَام، وَلم يبال بِإِدْخَال من أَدخل عبد الله بن عصمَة بَينهمَا، لِأَنَّهُ قد قَالَ: حَدثنَا حَكِيم، فَلم يبعد أَن يسمعهُ مِنْهُ، وَيَرْوِيه بِوَاسِطَة عَنهُ، فَيحدث بِهِ على الْوَجْهَيْنِ، وعَلى أَن هَذَا الْعَمَل عِنْدِي فِي هَذَا الحَدِيث خَاصَّة خطأ، لما قد بيّنت من أمره فِيمَا تقدم فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي لم يعزها. (429) وَصحح أَيْضا حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن معَاذ التَّمِيمِي فِي / " خطْبَة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بمنى، وإنزال الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار، وَرمي الْجمار "، فَإِنَّهُ ذكر أَنه سَمعه من النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ثمَّ رُوِيَ عَنهُ عَن رجل من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. (430) وَكَذَلِكَ حَدِيث الْحجَّاج بن عَمْرو: " من كسر أَو عرج " يرويهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 420 عِكْرِمَة قَالَ: سَمِعت حجاج بن عَمْرو، يرويهِ أَيْضا عَن عبد الله بن رَافع عَنهُ بِزِيَادَة: " أَو مرض ". (431) وَكَذَلِكَ حَدِيث الْمُغيرَة بن شُعْبَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تسبوا الْأَمْوَات فتؤذوا الْأَحْيَاء ". رَوَاهُ عَنهُ زِيَاد بن علاقَة، فَقَالَ: سَمِعت الْمُغيرَة، من رِوَايَة أبي دَاوُد الْحَفرِي عَن سُفْيَان الثَّوْريّ، عَن زِيَاد /. وَلم يبال بِإِدْخَال من أَدخل من أَصْحَاب الثَّوْريّ بَين زِيَاد والمغيرة رجلا. (432) وَكَذَا حَدِيث عَليّ: " نهاني رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن أَقرَأ الْقُرْآن وَأَنا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 421 رَاكِع أَو ساجد ". لما وجد فِي رِوَايَة يُونُس عَن ابْن شهَاب، من قَول عبد الله بن حنين: إِنَّه سمع عليا، لم يبال بِإِدْخَال الضَّحَّاك بن عُثْمَان، وَابْن عجلَان بَينهمَا ابْن عَبَّاس. وَقد اسْتمرّ بِهِ هَذَا حَتَّى عمله حَيْثُ لَا يَنْبَغِي. (433) وَذَلِكَ أَنه ذكر حَدِيث عرْفجَة الْمُتَّخذ أنفًا من ورق، فَلَمَّا أنتن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 422 اتَّخذهُ من ذهب. وَقَبله لما علم أَن عبد الرَّحْمَن بن طرفَة قد سمع من جده عرْفجَة. وَلم يبال أَن رُوِيَ من طَرِيق ابْن علية، عَن أبي الْأَشْهب بِزِيَادَة أَبِيه طرفَة بَينهمَا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 423 وَهُوَ عمل غير صَحِيح، لأَنا نقُول لَهُ: هبك أَنه سمع مِنْهُ، فَهُوَ لم يقل فِي هَذَا الحَدِيث: إِنَّه سَمعه مِنْهُ، وَقد رُوِيَ بِزِيَادَة وَاسِطَة، فَهُوَ فِي الْحَقِيقَة مثل الْقسم الأول. وَقد فرغت من مُقَدّمَة هَذَا الْمدْرك الثَّانِي، والآن أبتدئ بِذكر مَا فِيهِ، مستعيناً بِاللَّه فَأَقُول: (434) ذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من سُئِلَ عَن علم فكتمه، ألْجمهُ الله بلجام من نَار يَوْم الْقِيَامَة ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 424 كَذَا أوردهُ وَسكت عَنهُ، وَهُوَ عِنْد أبي دَاوُد من رِوَايَة حَمَّاد بن سَلمَة قَالَ: حَدثنَا عَليّ بن الحكم عَن عَطاء، عَن أبي هُرَيْرَة. وتابع حَمَّاد بن سَلمَة على هَذَا، عمَارَة بن زَاذَان ذكره عَنهُ الْبَزَّار، وَخَالَفَهُمَا عبد الوراث ابْن سعيد - وَهُوَ ثِقَة - فَرَوَاهُ عَن عَليّ بن الحكم، عَن رجل / عَن عَطاء، عَن أبي هُرَيْرَة - أَدخل بَين عَليّ وَعَطَاء رجلا مَجْهُولا - وَقد قيل: أَنه حجاج بن أَرْطَاة. وَلَو كَانَ عَليّ قد سَمعه من عَطاء، مَا رَوَاهُ عَن رجل عَنهُ، اللَّهُمَّ إِلَّا لَو كَانَ قد صرح بِسَمَاعِهِ من عَطاء بِأَن يَقُول: حَدثنَا، أَو أخبرنَا، أَو سَمِعت، أَو مَا أشبه ذَلِك فَحِينَئِذٍ كُنَّا نقُول: رَوَاهُ عَنهُ سَمَاعا، وَرَوَاهُ بِوَاسِطَة عَنهُ، فَحدث بِهِ على الْوَجْهَيْنِ، وَإِذا كَانَ الأول مُعَنْعنًا، فَزِيَادَة رجل بَينهمَا دَلِيل انْقِطَاع المعنعن. وَلِلْحَدِيثِ إِسْنَاد آخر بِرِجَال ثِقَات، سليم من الِانْقِطَاع، فَذكره بِهِ فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي هِيَ صَحِيحَة من غير الطّرق الَّتِي ذكرهَا مِنْهَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى. (435) وَذكر فِي الطَّهَارَة من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، من حَدِيث أبي: " إِنَّمَا كَانَ المَاء من المَاء [رخصَة] فِي أول الْإِسْلَام، ثمَّ نسخ بعد ذَلِك ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 425 وَلم يتبعهُ شَيْئا، اعْتِمَادًا على تَصْحِيح التِّرْمِذِيّ إِيَّاه. وَهُوَ عِنْد التِّرْمِذِيّ من رِوَايَة الزُّهْرِيّ، عَن سهل بن سعد، عَن أبي بن كَعْب. وَقد تبين عِنْد أبي دَاوُد، من رِوَايَة عَمْرو بن الْحَارِث عَن ابْن شهَاب أَنه مُنْقَطع. قَالَ ابْن شهَاب: أَخْبرنِي بعض من أرْضى، أَن سهل بن سعد أخبرهُ، أَن أبي بن كَعْب أخبرهُ، فَذكره. وَإِن صَحَّ مَا ذكر بَقِي بن مخلد، كَانَ الحَدِيث مُتَّصِلا، قَالَ: حَدثنَا أَبُو كريب: مُحَمَّد بن الْعَلَاء، قَالَ: حَدثنَا ابْن الْمُبَارك، عَن يُونُس، عَن الزُّهْرِيّ، قَالَ: نَبَّأَنِي سهل بن سعد السَّاعِدِيّ، عَن أبي بن كَعْب، قَالَ: كَانَت الْفتيا فِي المَاء من المَاء رخصَة فِي أول / الْإِسْلَام، ثمَّ أحكم الْأَمر وَنهي عَنهُ. وَقد تقدم ذكر هَذَا الحَدِيث أَيْضا فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي يذكرهَا عَن راو أَو رُوَاة، ثمَّ يردف عَلَيْهَا آخر، لَيست من رِوَايَة أُولَئِكَ الروَاة. (436) وَذكر من طَرِيق مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة، أَنه: " لَقِي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي طَرِيق من طرق الْمَدِينَة وَهُوَ جنب " الحَدِيث. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 426 سكت عَن هَذَا الحَدِيث وَلم يقل فِيهِ شَيْئا، وَهُوَ عِنْد مُسلم من رِوَايَة يحيى ابْن سعيد، وَإِسْمَاعِيل بن علية، عَن حميد، عَن أبي رَافع. وَهُوَ هَكَذَا مُنْقَطع فِيمَا بَين حميد وَأبي رَافع. قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد، قَالَ: حَدثنَا يحيى - هُوَ ابْن سعيد - وَبشر، عَن حميد، عَن بكر، عَن أبي رَافع / عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " لَقِيَنِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي طَرِيق من طرق الْمَدِينَة، وَأَنا جنب "، الحَدِيث بنصه. وَفِيه: " سُبْحَانَ الله، إِن الْمُسلم لَا ينجس ". وَقَالَ فِي حَدِيث بشر: نَبَّأَنِي حميد، قَالَ: حَدثنِي بكر، وَكَذَلِكَ ذكره البُخَارِيّ عَن مُحَمَّد بن الْمثنى، عَن يحيى بن سعيد، عَن حميد، قَالَ: حَدثنَا بكر بن عبد الله الْمُزنِيّ، عَن أبي رَافع. وَلَا أَدْرِي لم لم يذكرهُ من عِنْد البُخَارِيّ بِهَذَا الْإِسْنَاد الْمُتَّصِل. وَكَذَلِكَ ذكر ابْن أبي شيبَة فِي مُسْنده رِوَايَة إِسْمَاعِيل بن علية، عَن حميد عَن بكر، عَن أبي رَافع. وَكَذَلِكَ ذكره ابْن السكن من رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن بشر بن الحكم، عَن يحيى بن سعيد، عَن حميد، عَن بكر، عَن أبي رَافع. فَإِذن إِمَّا قصر فِيهِ عَن يحيى بن سعيد زُهَيْر بن حَرْب - أسقط مِنْهُ بكرا من بَينهمَا - وَلَا أَدْرِي لم لم يذكر حَدِيث حُذَيْفَة بِمثل ذَلِك أَيْضا؟ وَهُوَ حَدِيث صَحِيح مُتَّصِل، ذكره مُسلم، فَاعْلَم ذَلِك. (437) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: " اغْتسل بعض الجزء: 2 ¦ الصفحة: 427 أَزوَاج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي جَفْنَة، فَأَرَادَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يتَوَضَّأ مِنْهَا " الحَدِيث. وَأتبعهُ تَصْحِيح التِّرْمِذِيّ إِيَّاه، وَاعْتَرضهُ هُوَ بِكَوْن سماك يقبل التَّلْقِين. وَقد كَانَ يجب على أَصله فِي قبُول حَدِيث شريك بن عبد الله فِي بعض الْمَوَاضِع، أَن يكون هَذَا مُرْسلا، فَإِن شَرِيكا رَوَاهُ عَن سماك، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، عَن مَيْمُونَة، قَالَت: " أجنبت فاغتسلت من جَفْنَة، فجَاء النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " الحَدِيث. ذكر ذَلِك الدَّارَقُطْنِيّ، فَزَاد - كَمَا ترى - عَن مَيْمُونَة، فَيجب بِهِ أَن تكون رِوَايَة شُعْبَة، وَالثَّوْري، وَأبي الْأَحْوَص، عَن سماك، مُرْسلَة، إِذْ لم تذكر فِيهَا مَيْمُونَة، ويتبين بِرِوَايَة شريك، أَن ابْن عَبَّاس لم يشْهد ذَلِك، وَإِنَّمَا تَلقاهُ من مَيْمُونَة خَالَته، وَالله أعلم. (438) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ عَن قيس بن عَاصِم، أَنه أسلم " فَأمره النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يغْتَسل بِمَاء وَسدر ". قَالَ: وَذكره التِّرْمِذِيّ وَقَالَ فِيهِ: حَدِيث حسن. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 428 هَذَا مَا ذكره بِهِ وَلم يزدْ عَلَيْهِ، وَهُوَ حَدِيث مُنْقَطع الْإِسْنَاد عِنْد / النَّسَائِيّ، وَذَلِكَ أَنه عِنْده من رِوَايَة سُفْيَان الثَّوْريّ، عَن الْأَغَر - وَهُوَ ابْن الصَّباح - عَن خَليفَة بن حُصَيْن، عَن قيس بن عَاصِم. رَوَاهُ عِنْده عَن سُفْيَان يحيى بن سعيد، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَن مُحَمَّد بن كثير، عَن سُفْيَان بِهَذَا الْإِسْنَاد أَيْضا، وَقد زيد بَينهمَا وَاحِد - أَعنِي بَين خَليفَة بن حُصَيْن، وَقيس بن عَاصِم -. قَالَ أَبُو عَليّ بن السكن فِي كِتَابه فِي السّنَن، عَن مُحَمَّد بن يُوسُف، هُوَ - الْفربرِي - عَن البُخَارِيّ، عَن عَليّ بن خشرم، عَن وَكِيع، عَن سُفْيَان، عَن الْأَغَر، عَن خَليفَة بن حُصَيْن، عَن / أَبِيه، عَن جده قيس بن عَاصِم أَنه قَالَ: " أسلمت فَأمرنِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن أَغْتَسِل بِمَاء وَسدر ". ثمَّ قَالَ: هَكَذَا رَوَاهُ وَكِيع مجوداً عَن أَبِيه، عَن جده. وَيحيى بن سعيد وَجَمَاعَة رَوَوْهُ عَن سُفْيَان، لم يذكرُوا أَبَاهُ، انْتهى كَلَام أبي عَليّ. فقد تبين بِهَذَا أَن رِوَايَة يحيى وَمُحَمّد بن كثير عَن سُفْيَان مُنْقَطِعَة، فَإِنَّهَا كَانَت معنعنة، فجَاء وَكِيع - وَهُوَ فِي الْحِفْظ من هُوَ - فَزَاد " عَن أَبِيه " فارتفع الْإِشْكَال وَتبين الِانْقِطَاع. ثمَّ نقُول: فَإذْ لابد فِي هَذَا الْإِسْنَاد من زِيَادَة حُصَيْن بن قيس بَين خَليفَة وَقيس، فَالْحَدِيث ضَعِيف فَإِنَّهَا زِيَادَة عَادَتْ بِنَقص، فَإِنَّهَا ارْتَفع بهَا الِانْقِطَاع وَتحقّق ضعف الْخَبَر، فَإِن حَاله مَجْهُولَة بل هُوَ فِي نَفسه غير مَذْكُور وَلم يجر لَهُ ذكر فِي كتابي البُخَارِيّ وَابْن أبي حَاتِم إِلَّا غير مَقْصُود برسم يَخُصُّهُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 429 أما البُخَارِيّ فَإِنَّهُ لما ذكر خَليفَة بن حُصَيْن قَالَ: روى عَن أَبِيه. وَأما ابْن أبي حَاتِم فَإِنَّهُ لما ذكر قيس بن عَاصِم قَالَ: روى عَنهُ ابْن ابْنه خَليفَة بن حُصَيْن. فَأَما فِي بَاب من اسْمه حُصَيْن فَلم يذكر وَابْنه خَليفَة ثِقَة، وَكَذَلِكَ الْأَغَر بن الصَّباح فَأعْلم ذَلِك. (439) وَذكر فِي التَّيَمُّم أَلْفَاظ حَدِيث عمار. ثمَّ قَالَ: ويروى من حَدِيث عمار أَيْضا أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " مسح وَجهه وَيَديه إِلَى نصف الساعد وَلم يبلغ الْمرْفقين، ويروى إِلَى الْمرْفقين ". ثمَّ قَالَ: وَالصَّحِيح الْمَشْهُور فِي صفة التَّيَمُّم من تَعْلِيم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، إِنَّمَا هُوَ للْوَجْه وَالْكَفَّيْنِ. وَهَذِه الْأَحَادِيث الَّتِي تزيد على مَا فِي الْمَشْهُور / ذكرهَا أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَغَيرهمَا. انْتهى كَلَامه. فَفِيهِ الْقَضَاء لأحاديث الْوَجْه وَالْكَفَّيْنِ بِالصِّحَّةِ والشهرة - وَصدق - ولأحاديث نصف الساعد أَو الْمرْفقين بنقيض ذَلِك، إِمَّا أَنَّهَا لَيست صَحِيحَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 430 وَلَا مَشْهُورَة، وَإِمَّا أَنَّهَا لَيست مَشْهُورَة، وَإِن كَانَت صَحِيحَة. فَإِن كَانَ يَعْنِي أَنَّهَا صَحِيحَة وَلَكِن لَيست مَشْهُورَة، فَهِيَ من هَذَا الْبَاب، فَإِنَّهَا على مَا نبين - مُنْقَطِعَة، وَذَلِكَ أَن الحَدِيث الَّذِي فِيهِ نصف الساعد، هُوَ عِنْد أبي دَاوُد، من رِوَايَة الْأَعْمَش، عَن سَلمَة بن كهيل، عَن ابْن أَبْزَى، عَن عمار. والانقطاع فِيهِ، هُوَ فِيمَا بَين سَلمَة بن كهيل وَابْن أَبْزَى، فَإِن سَلمَة لم يسمعهُ من عبد الرَّحْمَن بن أَبْزَى، إِنَّمَا سَمعه من سعيد بن عبد الرَّحْمَن بن أَبْزي، عَن أَبِيه - فِي قَول جرير - عَن الْأَعْمَش، أَو من أبي مَالك، عَن عبد الرَّحْمَن بن أَبْزَى - فِي قَول الثَّوْريّ - عَن سَلمَة، أَو من ذَر، عَن سعيد بن عبد الرَّحْمَن بن أَبْزَى، عَن عبد الرَّحْمَن بن أَبْزَى - فِي قَول شُعْبَة، عَن سَلمَة _. وَالْأَمر فِي ذَلِك عِنْد الْمُحدثين بَين أَعنِي أَن سَلمَة لم يسمع هَذَا من عبد الرَّحْمَن بن أَبْزَى. وَفِي رِوَايَة الثَّوْريّ: عَن سَلمَة، عَن أبي مَالك، عَن عبد الرَّحْمَن بن أَبْزي فِي هَذَا الحَدِيث: ثمَّ مسح بهما وَجهه وَيَديه إِلَى نصف الذِّرَاع، فَقَالَ عمر: يَا عمار. الحَدِيث. ذكره أَبُو دَاوُد وَهُوَ صَحِيح مُتَّصِل، مغن عَمَّا أورد أَبُو مُحَمَّد، فَلَا أَدْرِي لم كتب اللَّفْظ الَّذِي / إِسْنَاده مُنْقَطع وَترك هَذَا! ؟ وَأما الحَدِيث الآخر الَّذِي فِيهِ إِلَى الْمرْفقين، فأبين انْقِطَاعًا من هَذَا، فَإِن قَتَادَة يَقُول فِيهِ بِلَا خلاف عَنهُ: حَدثنِي مُحدث عَن الشّعبِيّ. وسنعيد القَوْل فِيهِ فِي الْمدْرك الرَّابِع إِن شَاءَ الله تَعَالَى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 431 (440) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، حَدِيثا بَين فِيهِ أَنه مُرْسل بِسُقُوط الصاحب مِنْهُ، وَبَقِي عَلَيْهِ أَن يبين أَنه مُنْقَطع قبل أَن يصل إِلَى الَّذِي أرْسلهُ، وَهُوَ مَا ذكر عَن عَطاء بن يسَار، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، قَالَ: خرج رجلَانِ فِي سفر، وَلَيْسَ مَعَهُمَا مَاء، فتيمما صَعِيدا طيبا. الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: - يَعْنِي أَبَا دَاوُد - ذكر أبي سعيد لَيْسَ بِمَحْفُوظ فِي هَذَا الحَدِيث. انْتهى / كَلَامه. فقد أعْطى فِيهِ أَنه مُرْسل بِسُقُوط أبي سعيد بَين عَطاء بن يسَار وَالنَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وقنع فِيهِ بِبَعْض كَلَام أبي دَاوُد. وَأَبُو دَاوُد كَمَا بَين أَن ذكر أبي سعيد لَا يَصح فِيهِ، فَكَذَلِك بَين أَنه مُنْقَطع قبل أَن يصل إِلَى عَطاء. وَبَيَان هَذَا هُوَ أَن أَبَا دَاوُد قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق الْمسَيبِي، قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن نَافِع، عَن اللَّيْث، عَن بكر بن سوَادَة، عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي سعيد، فَذكره. ثمَّ قَالَ أَبُو دَاوُد: غير ابْن نَافِع يرويهِ عَن اللَّيْث، عَن عميرَة بن أبي نَاجِية، عَن بكر بن سوَادَة، عَن عَطاء بن يسَار، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَذكر أبي سعيد فِي هَذَا الحَدِيث وهم لَيْسَ بِمَحْفُوظ، وَهُوَ مُرْسل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 432 فَفِي هَذَا من كَلَام أبي دَاوُد بَيَان أَمريْن. أَحدهمَا: أَن ذكر أبي سعيد وهم، فَهُوَ إِذن مُرْسل من مراسل عَطاء. وَالْآخر: أَن بَين اللَّيْث وَبَين بكر بن سوَادَة، عميرَة بن أبي نَاجِية، فَلم يذكر أَبُو مُحَمَّد هَذَا الِانْقِطَاع، الَّذِي بَين اللَّيْث وَبَين بكر. فَإِن قلت: هُوَ قد قنع بِهِ مُرْسلا، والمرسل مُتَّصِل إِلَى عَطاء بن يسَار، بِزِيَادَة عميرَة بن أبي نَاجِية، فَلَعَلَّهُ الَّذِي أورد، وإياه قصد. فالجوب أَن نقُول: هُوَ إِذن قد ترك أَن يبين أَنه مُرْسل، فِي إِسْنَاده رجل مَجْهُول، وَذَلِكَ أَن عميرَة بن أبي نَاجِية مَجْهُول الْحَال، فَإِذا لم يبين ذَلِك فقد أوهم أَنه لَا عيب لَهُ إِلَّا الْإِرْسَال. وَالْأَظْهَر أَنه لم يرد شَيْئا من ذَلِك، وَلَا اعْتقد فِيهِ إِلَّا أَنه إِذا سقط مِنْهُ ذكر أبي سعيد، بَقِي من رِوَايَة اللَّيْث، عَن بكر، عَن عَطاء مُرْسلا، على نَحْو مَا رَوَاهُ ابْن الْمُبَارك، عَن اللَّيْث، ذكر رِوَايَته الدَّارَقُطْنِيّ، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد ابْن إِسْمَاعِيل الْفَارِسِي، حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، حَدثنَا عبد الرَّزَّاق، عَن عبد الله بن الْمُبَارك، عَن لَيْث، عَن بكر بن سوَادَة، عَن عَطاء بن يسَار، أَن رجلَيْنِ أصابتهما جَنَابَة فتيمما. نَحوه. وَإِذا كَانَ هَذَا هُوَ الَّذِي اعْتقد، فَلم يعْتَمد إِلَّا مُنْقَطِعًا فِيمَا بَين لَيْث وَبكر وَلكنه لم يُبينهُ وَلَا أَيْضا تبين لَهُ على نَحْو يَنْفَعهُ، فَإِن الْمُنْقَطع الَّذِي اعْتمد، إِنَّمَا وَصله أَبُو دَاوُد عَن رجل مَجْهُول، وَهُوَ / عميرَة بن أبي نَاجِية، وَأَقُول بعد هَذَا: إِنَّه قد جَاءَ من رِوَايَة أبي الْوَلِيد الطَّيَالِسِيّ، قَالَ: نَبَّأَنِي اللَّيْث بن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 433 سعد / عَن عَمْرو بن الْحَارِث، وعميرة بن أبي نَاجِية، عَن بكر بن سوَادَة، عَن عَطاء بن يسَار، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، أَن رجلَيْنِ من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكر الحَدِيث. ذكره أَبُو عَليّ بن السكن، قَالَ: حَدثنَا أَبُو بكر بن أَحْمد الوَاسِطِيّ، قَالَ: حَدثنَا عَبَّاس بن مُحَمَّد، قَالَ: حَدثنَا أَبُو الْوَلِيد الطَّيَالِسِيّ، فَذكره. فَهَذَا اتِّصَال مَا بَين اللَّيْث وَبكر، بِعَمْرو بن الْحَارِث، وَهُوَ ثِقَة، قرنه بعميرة، وَوَصله بِذكر أبي سعيد. فَإِن قيل: فَكيف بِمَا روى ابْن لَهِيعَة فِي هَذَا، عَن بكر بن سوَادَة، عَن أبي عبد الله مولى إِسْمَاعِيل بن عبيد، عَن عَطاء بن يسَار، أَن رجلَيْنِ، هَكَذَا مُرْسلا، أَلَيْسَ هَذَا يُعْطي انْقِطَاعًا آخر، فِيمَا بَين بكر وَعَطَاء بِرَجُل مَجْهُول، وَهُوَ أَبُو عبد الله مولى إِسْمَاعِيل؟ قُلْنَا: هَذَا لَا يلْتَفت إِلَيْهِ، لضعف رَاوِيه ابْن لَهِيعَة. وَقد تبين الْمَقْصُود، وَهُوَ أَن أَبَا مُحَمَّد ذكر الْإِرْسَال، وَلم يذكر الِانْقِطَاع فاعلمه. (441) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ حَدِيث أبي هُرَيْرَة: " الإِمَام ضَامِن والمؤذن مؤتمن، اللَّهُمَّ أرشد الْأَئِمَّة " الحَدِيث. من رِوَايَة أبي صَالح عَنهُ، ثمَّ حكى عَن التِّرْمِذِيّ أَنه قَالَ: وَفِي الْبَاب عَن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 434 عَائِشَة. وَسمعت أَبَا زرْعَة يَقُول: حَدِيث أبي هُرَيْرَة أصح، وَسمعت البُخَارِيّ يَقُول: حَدِيث أبي صَالح عَن عَائِشَة أصح. هَذَا نَص مَا أورد من غير مزِيد، وخفي عَلَيْهِ من أمره أَنه مُنْقَطع، فَإِنَّهُ عِنْد التِّرْمِذِيّ من رِوَايَة الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة. ومعنعن الْأَعْمَش عرضة لتبين الِانْقِطَاع، فَإِنَّهُ مُدَلّس، وَأبين مَا يكون الِانْقِطَاع بِزِيَادَة وَاحِد فِي حَدِيث من عرف بالتدليس، فَإِنَّهُ إِذا كَانَ ثِقَة يخْتَلف فِي قبُول معنعنه مَا لم يقل: حَدثنَا، أَو أخبرنَا، أَو سَمِعت، فَإِنَّهُ إِذا قَالَ ذَلِك قبل إِجْمَاعًا لِثِقَتِهِ، وَإِذا لم يقل ذَلِك قبله قوم مَا لم يتَبَيَّن فِي حَدِيث بِعَيْنِه أَنه لم يسمعهُ، ورده آخَرُونَ مَا لم يتَبَيَّن أَنه سَمعه. فَهَذَا الحَدِيث من ذَاك الْقَبِيل / فَإِن أَبَا دَاوُد قد بَين فِيهِ الِانْقِطَاع فَقَالَ: حَدثنَا أَحْمد بن حَنْبَل، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن فُضَيْل قَالَ: حَدثنَا الْأَعْمَش، عَن رجل، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الإِمَام ضَامِن والمؤذن مؤتمن، اللَّهُمَّ أرشد الْأَئِمَّة واغفر للمؤذنين ". حَدثنَا الْحسن بن عَليّ، قَالَ: حَدثنَا ابْن نمير، عَن الْأَعْمَش، قَالَ: نبئت عَن أبي صَالح - وَلَا أَرَانِي إِلَّا قد سَمِعت مِنْهُ - عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَذكر مثله. فَفِيهِ - كَمَا ترى التَّصْرِيح بالانقطاع فِي رِوَايَة ابْن فُضَيْل بِزِيَادَة رجل مَجْهُول، وَالشَّكّ فِي الِاتِّصَال، بِظَنّ السماع فِي رِوَايَة ابْن نمير. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 435 فَلَيْسَ يَنْبَغِي - وحاله هَذِه أَن يجْزم أَنه سَمعه مِنْهُ. وَفِي كتاب عَبَّاس الدوري، عَن ابْن معِين، أَنه قَالَ: قَالَ سُفْيَان الثَّوْريّ: لم يسمع الْأَعْمَش هَذَا الحَدِيث من أبي صَالح: " الإِمَام ضَامِن " وَلم يصحح ابْن الْمَدِينِيّ فِي هَذَا الْبَاب شَيْئا، لَا من رِوَايَة أبي هُرَيْرَة، وَلَا من رِوَايَة عَائِشَة. وَفِيه أَيْضا حَدِيث جَابر، وَسَيَأْتِي فِي هَذَا الْبَاب فِي الْمَشْكُوك فِي اتِّصَاله إِن شَاءَ الله تَعَالَى /. (442) وَذكر من طَرِيق مُسلم عَن عَليّ، قَالَ " نهاني رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن أَقرَأ الْقُرْآن وَأَنا رَاكِع أَو ساجد ". وَسكت عَنهُ، وَيَنْبَغِي أَن يكون مُنْقَطِعًا، فَإِن الَّذين رَوَوْهُ بِهَذَا اللَّفْظ - بِزِيَادَة ذكر السُّجُود - هم الزُّهْرِيّ، وَزيد بن أسلم، الْوَلِيد بن كثير، وَدَاوُد بن قيس، يَقُول جَمِيعهم: عَن إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن حنين، عَن أَبِيه، عَن عَليّ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 436 وَهُوَ هَكَذَا ينقص مِنْهُ وَاحِد، فَإِن الضَّحَّاك بن عُثْمَان، وَابْن عجلَان، روياه فزادا بَين عبد الله بن حنين وَعلي، عبد الله بن عَبَّاس، وَبِذَلِك يتَّصل. وَلَيْسَ لَك أَن تَقول: فَلَعَلَّهُ اعْتمد فِيهِ هَذَا الطَّرِيق، وَإِنَّمَا لم يكن لَك ذَلِك، لِأَن رِوَايَة هذَيْن وَجَمَاعَة غَيرهمَا، لَيْسَ فِيهَا للسُّجُود ذكر. (443) وَذكر من طَرِيق ابْن أبي شيبَة، عَن أبي إِسْحَاق السبيعِي، عَن أَرقم بن شُرَحْبِيل، عَن ابْن عَبَّاس، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " حَيْثُ جَاءَ أَخذ الْقِرَاءَة من حَيْثُ بلغ أَبُو بكر " قَالَ: وَذكره الْبَزَّار عَن الْعَبَّاس. قَالَ / البُخَارِيّ: لم يذكر ابو إِسْحَاق سَمَاعا من أَرقم. وَقَالَ أَبُو عمر بن عبد الْبر: كَانَ أَرقم ثِقَة جَلِيلًا. وَقَالَ عَن أبي إِسْحَاق: أَرقم من أشرف النَّاس وَمن خيارهم. قَالَ ابْن عبد الْبر: هم ثَلَاثَة إخْوَة: أَرقم، وَعَمْرو وهذيل. انْتهى مَا ذكر. وَالْمَقْصُود بَيَانه مِنْهُ، هُوَ انْقِطَاع رِوَايَة ابْن عَبَّاس، فَإِنَّهُ - رَضِي الله عَنهُ - كثيرا مَا يُرْسل، وَلَا يذكر من حَدثهُ، حَتَّى لقالوا: إِن مسموعاته سَبْعَة عشر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 437 حَدِيثا، وَقد زيد على ذَلِك، وَقد جمعهَا الْحميدِي وَغَيره. وَلَكِن الصَّحِيح الَّذِي يجب أَن يعْمل بِهِ فِي أمره، هُوَ أَن تحمل أَحَادِيثه - مِمَّا لم يذكر فِيهَا السماع - على الِاتِّصَال، حَتَّى يتَبَيَّن فِي حَدِيث مِنْهَا أَنه أَخذه عَن وَاسِطَة بَينه وَبَين النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَيُقَال حِينَئِذٍ فِي ذَلِك الحَدِيث - حِين رَوَاهُ بِغَيْر ذكر الْوَاسِطَة -: مُرْسل. وَهَذَا الحَدِيث كَذَلِك، [فَإِنَّهُ] إِنَّمَا يرويهِ عَن أَبِيه الْعَبَّاس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَالرِّوَايَة الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا الْآن أَبُو مُحَمَّد فِي كِتَابه، من رِوَايَة الْعَبَّاس عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، إِنَّمَا هِيَ من رِوَايَة ابْنه عبد الله بن عَبَّاس عَنهُ، وَكَانَ حَقه أَن يَقُول: " وَذكر الْبَزَّار عَن ابْن عَبَّاس، عَن أَبِيه، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - "، ليتبين بذلك انْقِطَاع الأولى، الَّتِي سَاق من عِنْد ابْن أبي شيبَة، لكنه لم يفعل، فجَاء بِهِ، كَأَنَّهُ مسموع لَهما من النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. والْحَدِيث الْمَذْكُور إِنَّمَا هُوَ حَدِيث أَرقم بن شُرَحْبِيل، فَرَوَاهُ عَنهُ أَبُو إِسْحَاق، عَن ابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِغَيْر ذكر الْعَبَّاس. هَذِه رِوَايَة ابْن أبي شيبَة، عَن إِسْرَائِيل عَنهُ. وَرَوَاهُ عَن أَرقم، عبد الله بن أبي السّفر، فَزَاد فِيهِ الْعَبَّاس، رَوَاهُ عَن عبد الله بن أبي السّفر - عِنْد الْبَزَّار - قيس بن الرّبيع، وَعند الدَّارَقُطْنِيّ، يحيى ابْن آدم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 438 فرواية ابْن عَبَّاس مُرْسلَة، تتصل بِزِيَادَة أَبِيه الْعَبَّاس، فَاعْلَم ذَلِك. (444) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، من حَدِيث عِيسَى بن يُونُس، عَن الْأَخْضَر بن عجلَان / عَن أبي بكر الْحَنَفِيّ، عَن أنس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فِي قصَّة الْأنْصَارِيّ الَّذِي سَأَلَهُ: " فَبَاعَ عَلَيْهِ الحلس والقدح ". كَذَا قَالَ عَن أنس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ". وَالتِّرْمِذِيّ قد ذكر فِي كتاب الْعِلَل، من رِوَايَة مُعْتَمر بن سُلَيْمَان، عَن الْأَخْضَر بن عجلَان، عَن أبي بكر الْحَنَفِيّ، عَن أنس، عَن رجل من الْأَنْصَار، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكر قصَّة الحلس والقدح. فَيظْهر من هَذَا أَن أنسا إِنَّمَا أَخذ الْقِصَّة من غَيره. وَقد عَاد ذكر هَذَا الحَدِيث فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي سكت عَنْهَا مصححاً لَهَا. (445) وَذكر إِثْر حَدِيث: " هُوَ الطّهُور مَاؤُهُ الْحل ميتَته " أَن قَالَ: قَالَ أَبُو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 439 عِيسَى: وَفِي الْبَاب عَن جَابر، والفراسي. انْتهى كَلَام أبي عِيسَى. حَدِيث الفراسي، لم يروه - فِيمَا أعلم - إِلَّا مُسلم بن مخشي، وَمُسلم ابْن مخشي لم يرو عَنهُ - فِيمَا أعلم - إِلَّا بكر بن سوَادَة. هَذَا نَص مَا ذكر، وأظن أَنه خَفِي عَلَيْهِ انْقِطَاع حَدِيث الفراسي، وَهُوَ حَدِيث لم يسمعهُ مُسلم بن مخشي عَن الفراسي، وَإِنَّمَا يروي مُسلم بن مخشي عَن ابْن الفراسي، عَن الفراسي. والْحَدِيث الْمَذْكُور هُوَ هَذَا: قَالَ أبوعمر بن عبد الْبر: حَدثنَا خلف بن الْقَاسِم قَالَ: حَدثنَا أَحْمد بن الْحُسَيْن الرَّازِيّ، قَالَ حَدثنَا أَبُو الزِّنْبَاع: روح بن الْفرج الْقطَّان، قَالَ: حَدثنَا يحيى بن عبد الله بن بكير، قَالَ: حَدثنَا اللَّيْث بن سعد، عَن جَعْفَر بن ربيعَة، عَن بكر بن سوَادَة، عَن مُسلم بن مخشي، أَنه حدث أَن الفراسي قَالَ: كنت أصيد فِي الْبَحْر الْأَخْضَر، على أرمات، وَكنت أحمل قربَة لي، فِيهَا مَاء، فَإِذا لم أتوضأ من الْقرْبَة رقق ذَلِك بِي، وَبقيت لي، فَجئْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فقصصت ذَلِك عَلَيْهِ، فَقَالَ: " هُوَ الطّهُور مَاؤُهُ الْحل ميتَته ". وَمَا أرى أَبَا مُحَمَّد وقف عَلَيْهِ إِلَّا عِنْد ابْن عبد الْبر، وَلذَلِك لم يقل فِيهِ كَمَا قَالَ فِي حَدِيث: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 440 (446) " إِذا كنت سَائِلًا فسل الصَّالِحين ". حَيْثُ قَالَ: ابْن الفراسي لم يرو عَنهُ إِلَّا مُسلم بن مخشي. وَذَلِكَ أَنه لم ير فِي حَدِيثه هُنَا لِابْنِ الفراسي ذكرا، وَرَآهُ فِي حَدِيث: " سل الصَّالِحين ". وَمن هُنَاكَ يتَبَيَّن أَن مُسلم بن مخشي لَا يروي عَن الفراسي إِلَّا بِوَاسِطَة ابْنه. والْحَدِيث الْمَذْكُور ذكره فِي الزَّكَاة من طَرِيق النَّسَائِيّ، من رِوَايَة مُسلم بن مخشي، عَن ابْن الفراسي / أَن الفراسي قَالَ لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أسأَل يَا رَسُول الله؟ قَالَ: " لَا، وَإِن كنت لَا بُد سَائِلًا فاسأل الصَّالِحين ". ثمَّ قَالَ: ابْن الفراسي لَا أعلم روى عَنهُ إِلَّا مُسلم بن مخشي. وَقَالَ التِّرْمِذِيّ فِي علله: " سَأَلت مُحَمَّدًا عَن حَدِيث ابْن الفراسي فِي مَاء الْبَحْر، فَقَالَ: هُوَ حَدِيث مُرْسل، لم يدْرك ابْن الفراسي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، والفراسي لَهُ صُحْبَة ". فَهَذَا (كَمَا ترى) يُعْطي أَن الحَدِيث يرْوى أَيْضا عَن ابْن الفراسي، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، لَا يذكر فِيهِ الفراسي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 441 فَمُسلم بن مخشي إِنَّمَا يروي عَن الابْن، وَرِوَايَته عَن الْأَب مُرْسلَة، وَالله أعلم. (447) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ حَدِيث أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من لم يدع قَول الزُّور وَالْعَمَل بِهِ وَالْجهل فِي الصَّوْم، فَلَيْسَ لله حَاجَة فِي ترك طَعَامه وَشَرَابه ". هَكَذَا ذكره على أَنه مُتَّصِل، وَفِيه / عِنْدِي نظر لَا يعْدم عَلَيْهِ مساعد، وَذَلِكَ أَنه حَدِيث يرويهِ عِنْد النَّسَائِيّ ابْن أبي ذِئْب، عَن سعيد بن ابي سعيد عَن أبي هُرَيْرَة. وَسَعِيد سمع أَبَا هُرَيْرَة، يرْوى عَنهُ أَحَادِيث يذكر فِيهَا سَمَاعه مِنْهُ، ويروي أَيْضا الْكثير عَن أَبِيه، أبي سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة، فَإِذا جَاءَ معنعنة عَن أبي هُرَيْرَة، حملنَا علىأنه مِمَّا سمع، مَا لم يتَبَيَّن الِانْقِطَاع، فَإِن جَاءَنَا فِي حَدِيث قد رَوَاهُ عَن أبي هُرَيْرَة أَنه حدث بِهِ عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، أورث شكا فِي الطَّرِيق الَّذِي لم يذكر فِيهِ أَبَاهُ، وظنناه مُنْقَطِعًا. وَحَدِيث هَذَا الْبَاب من ذَلِك، فَإِنَّهُ يرويهِ ابْن وهب، عَن ابْن أبي ذِئْب عَن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة، كَمَا ذَكرْنَاهُ بِزِيَادَة لفظ " وَالْجهل ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 442 وَيَرْوِيه غير ابْن وهب، عَن ابْن أبي ذِئْب، عَن سعيد بن أبي سعيد، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، بِزِيَادَة: " عَن أَبِيه " فِي إِسْنَاده، وَنقص لَفْظَة: " وَالْجهل " من مَتنه. فيستبعد أَن يكون الحَدِيث عَن سعيد بن أبي سعيد مسموعا من أبي هُرَيْرَة كَامِلا، فَيحدث بِهِ عَن أَبِيه، عَنهُ نَاقِصا. قَالَ البُخَارِيّ: حَدثنَا آدم بن أبي إِيَاس، حَدثنَا ابْن أبي ذِئْب، حَدثنَا سعيد المَقْبُري، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: / قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من لم يدع قَول الزُّور وَالْعَمَل بِهِ، فَلَيْسَ لله حَاجَة فِي أَن يدع طَعَامه وَشَرَابه ". لم يذكر " وَالْجهل ". وَقَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن يُونُس قَالَ: حَدثنَا ابْن أبي ذِئْب، عَن المَقْبُري، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَذكر مثله سَوَاء. وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، قَالَ حَدثنَا عُثْمَان بن عمر، قَالَ: حَدثنَا ابْن أبي ذِئْب، عَن المَقْبُري، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ، فَذكره. وَقَالَ فِيهِ حسن صَحِيح. وَقَالَ الْبَزَّار: حَدثنَا عَمْرو بن عَليّ، قَالَ حَدثنَا أَبُو عَامر، عَن ابْن أبي ذِئْب، عَن سعيد، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَذكره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 443 قَالَ: وحدثناه عَمْرو بن عَليّ، قَالَ: حَدثنَا أَبُو قُتَيْبَة، عَن ابْن أبي ذِئْب، عَن سعيد، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِمثلِهِ. فَهَؤُلَاءِ آدم بن أبي إِيَاس وَأحمد بن يُونُس، وَعُثْمَان بن عمر، وَأَبُو عَامر الْعَقدي، وَأَبُو قُتَيْبَة: سَالم بن قُتَيْبَة، كلهم يذكر فِي الْإِسْنَاد: " عَن أَبِيه " وَلَا يذكر فِي الْمَتْن: " وَالْجهل " وَكلهمْ ثِقَة. وَابْن وهب يذكر فِي الْمَتْن لَفْظَة: " وَالْجهل " وَيسْقط من الْإِسْنَاد " عَن أَبِيه " فروايته - وَالله أعلم - مُنْقَطِعَة، فَاعْلَم ذَلِك. (448) وَذكر من طَرِيق مَالك، عَن أبي مُوسَى [الْأَشْعَرِيّ] أَن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 444 رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من لعب بالنرد، فقد عصى الله وَرَسُوله ". ثمَّ قَالَ: اخْتلف فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث. كَذَا قَالَ، وَلم يبين من أمره شَيْئا، إِنَّمَا هُوَ - وَالله أعلم - مُنْقَطع - أَعنِي رِوَايَة مَالك - وَذَلِكَ أَنه يرويهِ عَن مُوسَى بن ميسرَة، عَن سعيد بن أبي هِنْد، عَن أبي مُوسَى. وَهَكَذَا يرويهِ نَافِع مولى ابْن عمر، وَعبد الله بن سعيد بن أبي هِنْد، ومُوسَى بن عبد الله بن سُوَيْد، كلهم عَن سعيد بن أبي هِنْد كَذَلِك. وَكَذَا رَوَاهُ ابْن وهب، عَن أُسَامَة بن زيد اللَّيْثِيّ، عَن سعيد بن أبي هِنْد كَذَلِك، وَخَالفهُ ابْن الْمُبَارك، فَرَوَاهُ عَن أُسَامَة، عَن سعيد بن أبي هِنْد، عَن أبي مرّة / مولى أم هَانِئ، عَن أبي مُوسَى. فذل ذَلِك على / انْقِطَاع الأول. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 445 قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا يحيى بن صاعد إملاء، حَدثنَا الْحسن بن عِيسَى النَّيْسَابُورِي، إملاء، فِي سنة تسع وَثَلَاثِينَ - وكتبت بخطي - حَدثنَا عبد الله بن الْمُبَارك، عَن أُسَامَة بن زيد، عَن سعيد بن أبي هِنْد، عَن أبي مرّة مولى عقيل - فِيمَا أعلم - عَن أبي مُوسَى، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكره. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: وَهُوَ أشبه بِالصَّوَابِ. وَأَبُو مُحَمَّد عبد الْحق حسن الرَّأْي فِي أُسَامَة بن زيد اللَّيْثِيّ، وسترى ذَلِك فِي مَوْضِعه، فَاعْلَم ذَلِك. (449) وَذكر من طَرِيق عبد الرَّزَّاق، عَن يحيى بن الْعَلَاء، عَن جَهْضَم ابْن عبد الله، عَن مُحَمَّد بن زيد - هُوَ الْعَبْدي - عَن شهر بن حَوْشَب، عَن أبي سعيد قَالَ: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن بيع الْمَغَانِم حَتَّى تقسم، وَعَن بيع الصَّدقَات حَتَّى تقبض، وَعَن بيع الْآبِق، وَعَن بيع مَا فِي بطُون الْأَنْعَام، حَتَّى تضع، وَعَما فِي ضروعها إِلَّا بكيل، وَعَن ضَرْبَة الغائص "، ثمَّ قَالَ إِسْنَاده لَا يحْتَج بِهِ. وَلم يبين بِمَا ضعف عِنْده، وَقد بَيناهُ فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ضعفها وَلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 446 يبين عللها. ونبين هَا هُنَا - إِن شَاءَ الله - أَنه مُنْقَطع فِيمَا بَين جَهْضَم وَمُحَمّد بن زيد، ينقص من بَينهمَا رجل مَجْهُول الْحَال. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن يُونُس بن ياسين، حَدثنَا إِسْحَاق بن أبي إِسْرَائِيل، حَدثنَا حَاتِم بن إِسْمَاعِيل، عَن جَهْضَم بن عبد الله، عَن مُحَمَّد ابْن إِبْرَاهِيم، عَن مُحَمَّد بن زيد الْعَبْدي، عَن شهر، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، قَالَ: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن شِرَاء مَا فِي بطُون الْأَنْعَام حَتَّى تضع، وَعَن شِرَاء الْغَنَائِم حَتَّى تقسم، وَعَن شِرَاء الصَّدَقَة حَتَّى تقسم، وَعَن شِرَاء ضَرْبَة الغائص ". هَكَذَا رَوَاهُ حَاتِم بن إِسْمَاعِيل - وَهُوَ ثِقَة - عَن جَهْضَم، فَزَاد فِيهِ رجلا - وَهُوَ مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم - وَهُوَ الْبَاهِلِيّ بَصرِي -. قَالَ ابْن أبي حَاتِم: سَمِعت أبي يَقُول: هُوَ مَجْهُول. (450) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، عَن معَاذ بن جبل قَالَ: قَالَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 447 رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا قَالَ الرجل لمملوكه: أَنْت حر إِن شَاءَ الله، فَهُوَ حر، وَلَيْسَ لَهُ اسْتِثْنَاؤُهُ ". ثمَّ قَالَ: فِي إِسْنَاده حميد بن مَالك، وَهُوَ ضَعِيف. انْتهى كَلَامه. فَأَقُول / - وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق -: إِنَّه مُنْقَطع، فَإِن حميد بن مَالك يرويهِ عَن مَكْحُول، عَن معَاذ، قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يَا معَاذ، مَا خلق الله عز وَجل شَيْئا على وَجه الأَرْض أحب إِلَيْهِ من الْعتاق، وَلَا خلق شَيْئا على وَجه الأَرْض أبْغض إِلَيْهِ من الطَّلَاق، فَإِذا قَالَ الرجل لمملوكه: أَنْت حر إِن شَاءَ الله، فَهُوَ حر، وَلَا اسْتثِْنَاء لَهُ، وَإِذا قَالَ الرجل لامْرَأَته: أَنْت طَالِق، إِن شَاءَ الله، فَلهُ اسْتِثْنَاؤُهُ ". رَوَاهُ عَنهُ إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، وَمَكْحُول إِنَّمَا أَخذه عَن مَالك بن يخَامر، عَن معَاذ. كَذَلِك روى عمر بن إِبْرَاهِيم بن خَالِد، عَن حميد بن مَالك اللَّخْمِيّ الْمَذْكُور، قَالَ: حَدثنَا مَكْحُول، عَن مَالك بن يخَامر عَن معَاذ بن جبل، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا خلق الله تَعَالَى شَيْئا أبْغض إِلَيْهِ من الطَّلَاق، فَمن طلق وَاسْتثنى فَلهُ اسْتِثْنَاؤُهُ ". وَقد ذكر أَبُو مُحَمَّد هَذِه الْقطعَة فِي الطَّلَاق هَكَذَا وَذكر الدَّارَقُطْنِيّ هَذِه الرِّوَايَة كَمَا ذَكرنَاهَا، فَاعْلَم ذَلِك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 448 (451) وَذكر حَدِيث: " أقيلوا ذَوي الهيئات عثراتهم ". وَفِيه انْقِطَاع لم يعرض لَهُ، قد بَيناهُ فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي نسبت إِلَى غير رواتها. (452) وَذكر حَدِيث: " إِنَّا لاقو الْعَدو غَدا ". وَفِيه انْقِطَاع لم يعرض لَهُ أَيْضا، وَقد بَيناهُ فِي بَاب الْأَحَادِيث الْمَشْكُوك فِي رَفعهَا. (453) وَذكر من طَرِيق مُسلم، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن كل ذِي نَاب من السبَاع، وَعَن كل ذِي مخلب من الطير ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 449 كَذَا ذكره وَسكت عَنهُ، وَلم يضع فِيهِ نظرا لما كَانَ من عِنْد مُسلم، وَهُوَ من أَفْرَاد مُسلم، لم يُخرجهُ البُخَارِيّ، يرويهِ مَيْمُون بن مهْرَان عَن ابْن عَبَّاس. وَلَا يتَكَرَّر فِي الْكتاب لَهُ شَيْء عَن ابْن عَبَّاس. وَلم يسمعهُ من ابْن عَبَّاس، بل بَينهمَا فِيهِ سعيد بن جُبَير. كَذَلِك ذكره أَبُو دَاوُد فِي كِتَابه من رِوَايَة عَليّ بن الحكم عَن مَيْمُون بن مهْرَان، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس. وَذكره الْبَزَّار أَيْضا عَن عَليّ بن الحكم كَذَلِك. قَالَ الْبَزَّار: وَلَا نعلم أحدا رَوَاهُ عَن مَيْمُون بن مهْرَان، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس، إِلَّا عَليّ بن الحكم. وَقد رَوَاهُ أَبُو بشر وَالْحكم عَن مَيْمُون بن مهْرَان، عَن ابْن عَبَّاس، وَلم يذكرَا سعيد بن جُبَير بَينهمَا. انْتهى كَلَام الْبَزَّار /. عَليّ بن الحكم ثِقَة، أخرج لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم، وَمِمَّنْ وَثَّقَهُ النَّسَائِيّ رَحمَه الله. وَذكر البُخَارِيّ فِي تَارِيخه عَن عَليّ الأرقط، قَالَ أَظن بَين مَيْمُون وَابْن عَبَّاس سعيد بن جُبَير - يَعْنِي فِي هَذَا الحَدِيث - فاعلمه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 450 (454) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن أم سَلمَة قَالَت: " كَانَ أحب الثِّيَاب إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْقَمِيص ". كَذَا ذكره وَسكت عَنهُ، وَهُوَ إِمَّا مُنْقَطع، وَإِمَّا مُتَّصِل بِمن لَا تعرف حَاله. وَذَلِكَ أَن التِّرْمِذِيّ ذكره من رِوَايَة عبد الْمُؤمن بن خَالِد - وَهُوَ الْحَنَفِيّ، قَاضِي مرو، وَهُوَ لَا بَأْس بِهِ - عَن عبد الله بن بُرَيْدَة، عَن أم سَلمَة. ثمَّ أوردهُ من رِوَايَة زِيَاد بن أَيُّوب، عَن أبي تُمَيْلة عَن عبد الْمُؤمن الْمَذْكُور، عَن عبد الله بن بُرَيْدَة، عَن أمه، عَن أم سَلمَة. فَالْأول مُنْقَطع، وَالثَّانِي عَن أم عبد الله بن بُرَيْدَة، وحالها غير مَعْرُوفَة. (455) وَذكر من طَرِيق مُسلم، عَن بِلَال، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، - وَسَأَلَهُ عَن صَدَقَة الْمَرْأَة على زَوجهَا، وعَلى أَيْتَام فِي حجرها - فَقَالَ: " أَجْرَانِ: أجر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 451 الْقَرَابَة، وَأجر الصَّدَقَة " ثمَّ قَالَ هَذَا مُخْتَصر. كَذَا أوردهُ، وَاخْتَصَرَهُ من حَدِيث طَوِيل، نذكرهُ بِقِصَّتِهِ [لنبين] الْمَقْصُود إِن شَاءَ الله. قَالَ مُسلم: حَدثنَا حسن بن الرّبيع، حَدثنَا أَبُو الْأَحْوَص عَن الْأَعْمَش، عَن أبي وَائِل، عَن عَمْرو بن الْحَارِث، عَن زَيْنَب امْرَأَة عبد الله، قَالَت: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تصدقن يَا معشر النِّسَاء وَلَو من حليكن ". قَالَت فَرَجَعت إِلَى عبد الله، فَقلت: إِنَّك رجل خَفِيف ذَات الْيَد، وَإِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قد أمرنَا بِالصَّدَقَةِ، فائته فَاسْأَلْهُ، فَإِن كَانَ يُجزئ ذَلِك عني، وَإِلَّا صرفتها / إِلَى غَيْركُمْ، قَالَت: فَقَالَ لي عبد الله، بل ائتيه أَنْت، قَالَت: فَانْطَلَقت فَإِذا امْرَأَة من الْأَنْصَار بِبَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَاجَتهَا حَاجَتي، قَالَت: وَكَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قد ألقيت عَلَيْهِ المهابة، قَالَت: فَخرج علينا بِلَال، فَقُلْنَا لَهُ: ائْتِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَأخْبرهُ أَن امْرَأتَيْنِ بِالْبَابِ، تسألانك: أتجزئ الصَّدَقَة عَنْهُمَا على أزواجهما وعَلى أَيْتَام فِي / حجورهما، وَلَا تخبره من نَحن، قَالَت: فَدخل بِلَال على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من هما "؟ فَقَالَ: امْرَأَة من الْأَنْصَار، وَزَيْنَب، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَي الزيانب "؟ قَالَ: امْرَأَة عبد الله بن مَسْعُود، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَهما الجزء: 2 ¦ الصفحة: 452 أَجْرَانِ: أجر الْقَرَابَة، وَأجر الصَّدَقَة ". فَأَقُول - وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق -: إِنَّه مُنْقَطع فِيمَا بَين عَمْرو بن الْحَارِث وَزَيْنَب، وَهُوَ عَمْرو بن الْحَارِث بن المصطلق، أَخُو جوَيْرِية بنت الْحَارِث، زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَقد أدْرك النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَهُوَ غُلَام، وروى عَنهُ حديثين. وَإِنَّمَا قُلْنَا: إِنَّه مُنْقَطع، لِأَنَّهُ حَدِيث يرويهِ الْأَعْمَش كَمَا ذكرنَا. فَاخْتلف عَلَيْهِ أَصْحَابه، فشعبة، وَالثَّوْري، وَحَفْص بن غياث - فِي إِحْدَى رِوَايَتَيْنِ عَنهُ - قَالُوا فِيهِ: عَن الْأَعْمَش، عَن أبي وَائِل، عَن عَمْرو بن الْحَارِث، عَن زَيْنَب، لم يجْعَلُوا بَينهمَا أحدا. وَرَوَاهُ جرير، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي وَائِل، عَن زَيْنَب، فَلم يذكر بَينهمَا عَمْرو بن الْحَارِث. وكل هَذَا تَقْصِير، فَرَوَاهُ حَفْص بن غياث - فِي رِوَايَة عَنهُ - وَأَبُو مُعَاوِيَة الضَّرِير - فِي رِوَايَة ابْن الْمثنى وَعبد الله بن هَاشم بن حَيَّان الْعَبْدي عَنهُ - فَقَالَا فِيهِ: عَن الْأَعْمَش، عَن أبي وَائِل، عَن عَمْرو بن الْحَارِث، عَن ابْن أخي زَيْنَب، امْرَأَة عبد الله، عَن زَيْنَب امْرَأَة عبد الله، فَأدْخل بَينهمَا ابْن أخي زَيْنَب. والْحَدِيث بذلك ذكره أَبُو عَليّ بن السكن، قَالَ حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن عبد الله العسكري قَالَ: حَدثنَا أَبُو مُوسَى: مُحَمَّد بن الْمثنى. وَحدثنَا مكي بن عَبْدَانِ النَّيْسَابُورِي، قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن هَاشم بن حَيَّان الْعَبْدي قَالَا: حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة، قَالَ: حَدثنَا الْأَعْمَش، عَن شَقِيق، عَن عَمْرو بن الْحَارِث، عَن ابْن أخي زَيْنَب، امْرَأَة عبد الله، عَن زَيْنَب امْرَأَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 453 عبد الله، قَالَت: خَطَبنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " يَا معشر النِّسَاء، تصدقن وَلَو من حليكن، فَإِنَّكُنَّ أَكثر أهل جَهَنَّم " قَالَت: وَكَانَ عبد الله رجلا خَفِيف ذَات الْيَد، الحَدِيث. وَقد أورد التِّرْمِذِيّ فِي جَامعه رِوَايَة أبي مُعَاوِيَة هَذِه، ثمَّ أورد بعْدهَا رِوَايَة شُعْبَة / فَقَالَ: هَذَا أصح من حَدِيث أبي مُعَاوِيَة، وَأَبُو مُعَاوِيَة وهم فِي حَدِيثه فِي قَوْله عَن عَمْرو بن الْحَارِث، عَن ابْن أخي زَيْنَب، وَالصَّحِيح إِنَّمَا هُوَ: عَن عَمْرو بن الْحَارِث بن أخي زَيْنَب. وَحكى هَذَا فِي كتاب الْعِلَل عَن البُخَارِيّ. وَفِيه عِنْدِي نظر، فَإِن أَبَا مُعَاوِيَة لم ينْفَرد بِهِ، وَأَيْضًا فَإِن عمر بن الْحَارِث خزاعي، وَزَيْنَب بنت أبي مُعَاوِيَة، امْرَأَة عبد الله، ثقفية، فَلَا يتَّجه أَن يكون ابْن أَخِيهَا إِلَّا لأم، وَشَيْء من ذَلِك / لم يتَحَقَّق. وتوهيم حَافظ فِي زِيَادَة زَادهَا لَا معنى لَهُ إِلَّا لَو صرح النَّاس بمخالفته، وهم لم يصرحوا، وَإِنَّمَا سكتوا عَن شَيْء جَاءَ هُوَ بِهِ وَالله أعلم. وَقد يكون فِي هَذَا الحَدِيث بحث آخر، فِيمَا بَين زَيْنَب وبلال، فَإِن زَيْنَب لم تقل فِي هَذَا الحَدِيث: إِنَّهَا سمعته من النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَلَا ذكرت أَن بِلَالًا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 454 أخْبرهَا وَإِنَّمَا يتَبَيَّن أَنَّهَا سمعته مِنْهُ فِي حَدِيث آخر، من رِوَايَة أبي سعيد. وَلم يسقه أَبُو مُحَمَّد، وَلَا عرض لَهُ. ذكره الْبَزَّار: قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن سكين، وَعبد الله بن أَحْمد بن شبويه الْمروزِي، قَالَا: حَدثنَا سعيد بن الحكم، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر بن أبي كثير، عَن زيد بن أسلم، عَن عِيَاض - هُوَ ابْن عبد الله بن سعد بن أبي سرح - عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، أَنه قَالَ: (456) خرج رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي أضحى، أَو فطر، فصلى، ثمَّ انْصَرف فوعظ النَّاس، وَأمرهمْ بِالصَّدَقَةِ فَقَالَ: " يَا أَيهَا النَّاس، تصدقوا ". ثمَّ انْصَرف فَمر على النِّسَاء، فَقَالَ لَهُنَّ: " تصدقن، فَإِنِّي رأيتكن أَكثر أهل النَّار "، فَقُلْنَ: يَا رَسُول الله، بِمَ ذَاك؟ قَالَ: " إنكن تكثرن اللَّعْن، وتكفرن العشير، مَا رَأَيْت من ناقصات عقل وَدين أذهب لقلب الرجل الحازم من إحداكن يَا معشر النِّسَاء "، فَقُلْنَ: لَهُ: مَا نُقْصَان عقلهَا ودينها يَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَلَيْسَ شَهَادَة امْرَأَة نصف شَهَادَة الرجل "؟ فَذَلِك من نُقْصَان عقلهَا، أَو لَيْسَ إِذا حَاضَت الْمَرْأَة لم تصل "؟ قُلْنَ: بلَى، قَالَ: " فَذَلِك من نُقْصَان دينهَا " قَالَ: ثمَّ انْصَرف، فَلَمَّا صَار إِلَى منزله جَاءَتْهُ زَيْنَب امْرَأَة عبد الله بن مَسْعُود الجزء: 2 ¦ الصفحة: 455 تستأذن عَلَيْهِ فَقيل: يَا رَسُول الله، هَذِه زَيْنَب / تستأذن عَلَيْك، قَالَ: " أَي الزيانب "؟ قيل: امْرَأَة عبد الله بن مَسْعُود، قَالَ: " ائْذَنْ لَهَا "، فَأذن لَهَا. فَقَالَت: يَا نَبِي الله، إِنَّك أمرتنا الْيَوْم بِالصَّدَقَةِ، وَعِنْدِي حلي لي فَأَرَدْت أَن أَتصدق بِهِ، فَزعم ابْن مَسْعُود أَنه هُوَ وَولده أَحَق من تَصَدَّقت بِهِ عَلَيْهِم، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " صدق ابْن مَسْعُود، زَوجك وولدك أَحَق من تَصَدَّقت بِهِ عَلَيْهِم ". قَالَ لَا نعلم رَوَاهُ عَن زيد، عَن عِيَاض عَن أبي سعيد إِلَّا مُحَمَّد بن جَعْفَر، وَلَا نعلمهُ يروي عَن أبي سعيد إِلَّا من هَذَا الْوَجْه بِهَذَا الْإِسْنَاد. انْتهى كَلَام الْبَزَّار. فَفِي هَذَا أَنَّهَا سمعته من النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَلَكِن لَا نَدْرِي مِمَّن تلقى ذَلِك أَبُو سعيد. وَبحث ثَالِث هُوَ أَن أَبَا مُحَمَّد سَاقه فِي اختصاره عَام اللَّفْظ. والْحَدِيث إِنَّمَا فِيهِ قَضَاء شخصي خَاص بِهَاتَيْنِ الْمَرْأَتَيْنِ، فَإِن حكم لغَيْرِهِمَا بِمثل ذَلِك فَمن دَلِيل آخر، لَا من نفس الْخَبَر فَاعْلَم ذَلِك. (457) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن فَاطِمَة بنت أبي حُبَيْش، أَنَّهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 456 كَانَت تستحاض، فَقَالَ لَهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا كَانَ دم الْحيض فَإِنَّهُ دم أسود يعرف ... " الحَدِيث. كَذَا أوردهُ، وَهُوَ - فَمَا أرى - مُنْقَطع، وَذَلِكَ أَنه حَدِيث انْفَرد بِلَفْظِهِ مُحَمَّد ابْن عَمْرو، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عُرْوَة. فَرَوَاهُ عَن مُحَمَّد بن عَمْرو، مُحَمَّد بن أبي عدي مرَّتَيْنِ: أَحدهمَا من كِتَابه، فَجعله عَن مُحَمَّد بن عَمْرو، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عُرْوَة، عَن فَاطِمَة أَنَّهَا كَانَت تستحاض /. فَهُوَ على هَذَا مُنْقَطع، لِأَنَّهُ قد حدث بِهِ مرّة أُخْرَى من حفظه، فَزَادَهُم فِيهِ " عَن عَائِشَة " فِيمَا بَين عُرْوَة وَفَاطِمَة، فاتصل، فَلَو كَانَ بعكس هَذَا كَانَ أبعد من الرِّيبَة - أَعنِي أَن يحدث بِهِ من حفظه مُرْسلا، وَمن كِتَابه مُتَّصِلا، فَأَما هَكَذَا فَهُوَ مَوضِع نظر -. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 457 وَأَبُو مُحَمَّد إِنَّمَا سَاق الرِّوَايَة المنقطعة، فَإِنَّهُ سَاقه عَن فَاطِمَة. والمتصلة إِنَّمَا هِيَ عَن عَائِشَة أَن فَاطِمَة، فَإِذا نظر هَذَا فِي كتاب أبي دَاوُد، تبين مِنْهُ أَن عُرْوَة إِنَّمَا أَخذ ذَلِك عَن عَائِشَة، لَا عَن فَاطِمَة. هَذَا وَلَو قَدرنَا أَن عُرْوَة سمع من فَاطِمَة. (458) وَقد يظنّ بِهِ السماع مِنْهَا لحَدِيث اللَّيْث، عَن يزِيد بن أبي حبيب، عَن بكر / بن عبد الله، عَن الْمُنْذر بن الْمُغيرَة، عَن عُرْوَة، أَن فَاطِمَة بنت أبي حُبَيْش، حدثته أَنَّهَا سَأَلت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فشكت إِلَيْهِ الدَّم، فَقَالَ لَهَا: " إِنَّمَا ذَلِك عرق فانظري ... " الحَدِيث. وَهَذَا لَا يَصح مِنْهُ سَمَاعه مِنْهَا، للْجَهْل بِحَالَة الْمُنْذر بن الْمُغيرَة. وَقد سَأَلَ ابْن أبي حَاتِم أَبَاهُ عَنهُ فَقَالَ: مَجْهُول. ذكره هَكَذَا أَبُو دَاوُد، وَهُوَ عِنْد غَيره مُعَنْعَن، لم يقل فِيهِ: إِن فَاطِمَة حدثته. (459) وَكَذَلِكَ حَدِيث سُهَيْل بن أبي صَالح، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عُرْوَة، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 458 قَالَ: حَدَّثتنِي فَاطِمَة بنت أبي حُبَيْش أَنَّهَا أمرت أَسمَاء، أَو أَسمَاء حَدَّثتنِي أَنَّهَا أمرت فَاطِمَة بنت أبي حُبَيْش أَن تسْأَل لَهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، الحَدِيث. فَإِنَّهُ مَشْكُوك فِي سَمَاعه إِيَّاه من فَاطِمَة، أَو من أَسمَاء، وَفِي متن الحَدِيث مَا أنكر على سُهَيْل، وعد مِمَّا سَاءَ فِيهِ حفظه، أَو ظهر أثر تغيره عَلَيْهِ، وَكَانَ قد تغير، وَذَلِكَ أَنه أحَال فِيهِ على الْأَيَّام، وَذَلِكَ أَنه قَالَ: " فَأمرهَا أَن تقعد الْأَيَّام الَّتِي كَانَت تقعد ". وَالْمَعْرُوف فِي قصَّة فَاطِمَة الإحالة على الدَّم والقرء. وَعَن عُرْوَة فِيهِ رِوَايَة أُخْرَى لم يشك فِيهَا أَن الَّتِي حدثته هِيَ أَسمَاء، رَوَاهَا عَن سُهَيْل عَليّ بن عَاصِم، ذكرهَا الدَّارَقُطْنِيّ، والمتقدم ذكره أَبُو دَاوُد. (460) وَذكر أَيْضا: حَدثنَا وهب بن بَقِيَّة، حَدثنَا خَالِد، عَن سُهَيْل بن أبي صَالح، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عُرْوَة بن الزبير، عَن أَسمَاء بنت عُمَيْس، قَالَت: قلت: يَا رَسُول الله، إِن فَاطِمَة بنت أبي حُبَيْش استحيضت فَقَالَ: " لتغتسل لِلظهْرِ وَالْعصر غسلا وَاحِدًا، وتغتسل للمغرب وَالْعشَاء غسلا وَاحِدًا، وتغتسل للفجر غسلا [وَاحِدًا] وتتوضأ فِيمَا بَين ذَلِك ". فترى قصَّتهَا إِنَّمَا يَرْوِيهَا إِمَّا عَن عَائِشَة، وَإِمَّا عَن أَسمَاء، وَقد قُلْنَا: إِنَّه لَو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 459 صَحَّ أَن عُرْوَة سمع من فَاطِمَة، لم ينفع ذَلِك فِي الحَدِيث الأول، لإدخال عُرْوَة بَينه وَبَينهَا فِيهِ عَائِشَة. وَزعم أَبُو مُحَمَّد ابْن حزم، أَن عُرْوَة أدْرك فَاطِمَة بنت أبي حُبَيْش وَلم يستبعد أَن يسمعهُ من خَالَته عَائِشَة، وَمن ابْنة عَمه فَاطِمَة. وَهَذَا عِنْدِي غير صَحِيح، وَيجب أَن يُزَاد فِي الْبَحْث عَنهُ. وَفَاطِمَة، هِيَ فَاطِمَة بنت أبي / حُبَيْش بن الْمطلب بن أَسد بن عبد الْعُزَّى. وَعُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام، بن خويلد، بن أَسد، بن عبد الْعُزَّى، فخويلد وَالْمطلب أَخَوان، فَهِيَ فِي قعدد الزبير رَضِي الله عَنهُ، وَلَا يعرف لَهَا حَدِيث غير هَذَا، وَلم يتَبَيَّن مِنْهُ أَن عُرْوَة أَخذه عَنْهَا. وَمِمَّا يَنْبَغِي تعرفه من أَمر هَذَا الحَدِيث / - وَإِن لم يكن مِمَّا نَحن فِيهِ - أَن مُحَمَّد بن عَمْرو هَذَا، هُوَ ابْن عَمْرو بن عَلْقَمَة، وَهُوَ شيخ لِلزهْرِيِّ، قد روى عَنهُ الزُّهْرِيّ أَحَادِيث، وَتبين هَذَا فِي نفس هَذَا الْإِسْنَاد فِي مَوَاضِع: مِنْهَا كتاب سنَن ابْن السكن، وَقَالَ فِي كتاب الصَّحَابَة: إِنَّه لم يرو عَن الزُّهْرِيّ مُسْندًا غير هَذَا الحَدِيث فَاعْلَم ذَلِك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 460 (الْمدْرك الثَّالِث لانْقِطَاع الْأَحَادِيث فِي هَذَا الْبَاب: وَهُوَ الْعلم بتاريخ الرَّاوِي والمروي عَنهُ) (461) ذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن عِكْرِمَة، أَن أم حَبِيبَة استحيضت، " فَأمرهَا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن تنْتَظر أَيَّام أقرائها " الحَدِيث. هَكَذَا أوردهُ وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث مُرْسل، أخبر فِيهِ عِكْرِمَة بِمَا لم يدْرك وَلم يسمع، وَلم يقل: إِن أم حَبِيبَة أخْبرته بِهِ، وَلَا أَيْضا يَصح لَهُ ذَلِك. وَحين أورد أَبُو دَاوُد هَذَا الحَدِيث، أوردهُ من رِوَايَة أبي بشر: جَعْفَر بن أبي وحشية عَنهُ أَن أم حَبِيبَة استحيضت " فَأمرهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " الحَدِيث. وَكَانَ قد أَشَارَ إِلَيْهِ قبل ذَلِك فِي جملَة إشارات قَالَ فِيهَا: وروى أَبُو بشر، عَن عِكْرِمَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، أَن أم حَبِيبَة بنت جحش استحيضت فَأمرهَا. الحَدِيث. وَهَذَا أبين فِي الِانْقِطَاع. (462) وَذكر حَدِيث أبي حميد السَّاعِدِيّ، فِي وَصفه صَلَاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 461 فِي عشرَة من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فيهم أَبُو قَتَادَة، وَفِيه الْمُخَالفَة بَين الجلوسين فِي الصَّلَاة، فَفِي الأولى: " جلس على رجله الْيُسْرَى، وَفِي الْأُخْرَى [فِي الآخر] جلس على الأَرْض " من رِوَايَة مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَطاء، قَالَ: سَمِعت أَبَا حميد فَذكره. وَهُوَ عِنْده / صَحِيح مُتَّصِل، وَهُوَ من رِوَايَة عبد الحميد بن جَعْفَر، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو، وَجُمْلَة أمره أَنه من أهل الصدْق. وَوَثَّقَهُ يحيى بن سعيد وَابْن حَنْبَل وَابْن معِين وَأخرج لَهُ مُسلم، وَضَعفه يحيى بن سعيد فِي رِوَايَة عَنهُ، وَكَانَ الثَّوْريّ يحمل عَلَيْهِ من أجل الْقدر وَزَعَمُوا أَنه مِمَّن خرج مَعَ مُحَمَّد بن عبد الله بن حسن بن حسن. فلأجل هَذَا من حَاله، يجب التثبت فِيمَا روى من قَوْله فِي هَذَا الحَدِيث: فيهم أَبُو قَتَادَة، فَإِن أَبَا قَتَادَة، توفّي زمن عَليّ رَضِي الله عَنهُ، وَهُوَ صلى عَلَيْهِ، وَهُوَ مِمَّن قتل مَعَه، وَسن مُحَمَّد بن عَمْرو مقصرة عَن إِدْرَاك ذَلِك. وَقد قيل فِي وَفَاة أبي قَتَادَة غير هَذَا، من أَنه توفّي سنة أَربع وَخمسين، وَلَيْسَ ذَلِك بِصَحِيح، بل الصَّحِيح مَا ذَكرْنَاهُ، وَقتل عَليّ رَضِي الله عَنهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 462 سنة أَرْبَعِينَ. وَقد ذكر هَذَا الَّذِي قُلْنَاهُ، أَبُو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ قَالَ: وَالَّذِي زَاد مُحَمَّد ابْن عَمْرو، غير مَعْرُوف وَلَا مُتَّصِل، لِأَن فِي حَدِيثه أَنه حضر أَبُو حميد وَأَبا قَتَادَة. ووفاة أبي قَتَادَة قبل ذَلِك بدهر طَوِيل، لِأَنَّهُ قتل مَعَ عَليّ، وَصلى عَلَيْهِ، فَأَيْنَ سنّ مُحَمَّد بن عَمْرو من هَذَا؟ وَيزِيد هَذَا الْمَعْنى تَأْكِيدًا أَن عطاف بن خَالِد، روى هَذَا الحَدِيث فَقَالَ: نَبَّأَنِي مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَطاء، قَالَ نَبَّأَنِي رجل أَنه وجد عشرَة من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جُلُوسًا، فَذكر نَحْو حَدِيث أبي عَاصِم. وعطاف بن خَالِد أَبُو صَفْوَان / الْقرشِي، مدنِي، لَيْسَ بِدُونِ عبد الحميد ابْن جَعْفَر وَإِن كَانَ البُخَارِيّ قد حكى أَن مَالِكًا لم يحمده فَإِن ذَلِك لَا يضرّهُ، إِذْ لم يكن ذَلِك من مَالك بِأَمْر مُفَسّر يجب لأَجله ترك رِوَايَته. وَقد اعْترض مَالِكًا فِي ذَلِك الطَّبَرِيّ بِمَا ذَكرْنَاهُ: من عدم تَفْسِير الجرحة، وبأمر آخر لَا نرَاهُ صَوَابا، وَهُوَ أَن قَالَ: " وَحَتَّى وَلَو كَانَ مَالك قد فسر، لم يجب أَن نَتْرُك بتجريحه رِوَايَة عطاف، حَتَّى يكون مَعَه مجرح آخر ". وَإِنَّمَا لَا نرى هَذَا صَوَابا لوَجْهَيْنِ: أَحدهمَا أَن هَذَا الْمَذْهَب لَيْسَ بِصَحِيح، بل إِذا جرح وَاحِد بِمَا هُوَ جرحة قبل، فَإِنَّهُ نقل مِنْهُ لحَال سَيِّئَة تسْقط بهَا الْعَدَالَة، وَلَا يحْتَاج فِي النَّقْل إِلَى تعدد الروَاة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 463 وَالْوَجْه الثَّانِي / هُوَ أَن غير مَالك قد وجد عَنهُ أَيْضا مثل مَا ذهب إِلَيْهِ مَالك فِيهِ، وَهُوَ ابْن مهْدي، فَإِنَّهُ ذهب إِلَى عطاف فَلم يرضه وَالَّذِي يرد بِهِ هَذَا، هُوَ مَا رد بِهِ مَا ذهب إِلَيْهِ مَالك فِيهِ: من كَونه لم يُفَسر مَا زهده فِيهِ، فَلَو قبلنَا مِنْهُ هَذَا، كُنَّا قد قلدناه فِي رَأْي لَا رِوَايَة. وَغير مَالك وَابْن ومهدي يوثق عطافا، روى أَبُو طَالب عَن أَحْمد بن حَنْبَل أَنه قَالَ: هُوَ من أهل الْمَدِينَة، ثِقَة صَحِيح الحَدِيث، روى نَحْو مائَة حَدِيث. وَقَالَ ابْن معِين: لَيْسَ بِهِ بَأْس، صَالح الحَدِيث. وَقد رُوِيَ عَن ابْن معِين أَنه قَالَ: من قلت: لَيْسَ بِهِ بَأْس، فَهُوَ عِنْدِي ثِقَة. وَقَالَ أَبُو زرْعَة أَيْضا: لَيْسَ بِهِ بَأْس وَهُوَ عِنْد أبي حَاتِم بِحَال مُحَمَّد ابْن إِسْحَاق، وَسُئِلَ عَنهُ فَقَالَ: لَيْسَ بِذَاكَ. وَصدق، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِأَعْلَى مَا يكون، وَمَا مثله أعرض عَن حَدِيثه وَلَعَلَّه أحسن حَالا من عبد الحميد بن جَعْفَر. وَهُوَ قد بَين أَن بَين مُحَمَّد بن عَمْرو وَبَين أُولَئِكَ الصَّحَابَة رجلا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 464 وَلَو كَانَ هَذَا عِنْدِي مُحْتَاجا إِلَيْهِ فِي هَذَا الحَدِيث للْقَضَاء بانقطاعه، كتبته فِي الْمدْرك الَّذِي فرغت مِنْهُ. وَلكنه غير مُحْتَاج إِلَيْهِ، للمتقرر من تَارِيخ وَفَاة أبي قَتَادَة، وتقاصر سنّ مُحَمَّد بن عَمْرو عَن إِدْرَاك حَيَاته رجلا، فَإِنَّمَا جَاءَت رِوَايَة عطاف عاضدة لما قد صَحَّ وَفرغ مِنْهُ. (463) وَقد رَوَاهُ عِيسَى بن عبد الله بن مَالك، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو فَقَالَ فِيهِ: عَن عَيَّاش، أَو عَبَّاس بن سهل السَّاعِدِيّ، أَنه كَانَ فِي مجْلِس فِيهِ أَبوهُ، وَأَبُو هُرَيْرَة، وَأَبُو أسيد، وَأَبُو حميد، وَلم يذكر فِيهِ من الْفرق بَين الجلوسين مَا ذكر عبد الحميد بن جَعْفَر، ذكر ذَلِك أَبُو دَاوُد. (464) وَلِلْحَدِيثِ بِالْفرقِ بَين الجلوسين إِسْنَاد صَحِيح مُتَّصِل لم يذكر فِيهِ أَبُو قَتَادَة، ذكره البُخَارِيّ قَالَ: حَدثنَا يحيى بن بكير، حَدثنَا اللَّيْث، سمع يزِيد بن أبي حبيب وَيزِيد بن مُحَمَّد سمع مُحَمَّد بن عَمْرو بن حلحلة سمع مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَطاء، أَنه كَانَ جَالِسا فِي نفر من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَذكر صَلَاة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ أَبُو حميد: أَنا كنت أحفظكم لصَلَاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، رَأَيْته إِذا كبر جعل يَدَيْهِ / حَذْو مَنْكِبَيْه، وَإِذا ركع أمكن يَدَيْهِ من رُكْبَتَيْهِ، ثمَّ هصر الجزء: 2 ¦ الصفحة: 465 ظَهره، فَإِذا رفع رَأسه، اسْتَوَى حَتَّى يعود كل فقار مَكَانَهُ، فَإِذا سجد وضع يَدَيْهِ غير مفترش وَلَا قابضهما، واستقبل بأطراف رجلَيْهِ الْقبْلَة، فَإِذا جلس فِي الرَّكْعَتَيْنِ، جلس على رجله الْيُسْرَى، وَنصب الْيُمْنَى، فَإِذا جلس فِي الرَّكْعَة الْآخِرَة قدم رجله الْيُسْرَى، وَنصب الْأُخْرَى، وَقعد على مقعدته. فَهَذَا لَا ذكر فِيهِ لأبي قَتَادَة وَلَكِن / لَيْسَ فِيهِ ذكر لسماعه من أبي حميد وَإِن كَانَ ذَلِك ظَاهره. وَقد ذكر أَبُو مُحَمَّد هَذَا الحَدِيث فِي كِتَابه فِي مَوضِع آخر فَاعْلَم ذَلِك. (465) وَذكر أَيْضا من طَرِيق النَّسَائِيّ، عَن جَابر بن عبد الله " أَن جِبْرِيل الجزء: 2 ¦ الصفحة: 466 أَتَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ليعلمه مَوَاقِيت الصَّلَاة فَتقدم جِبْرِيل، وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خَلفه، وَالنَّاس خلف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فصلى " الحَدِيث بِطُولِهِ إِلَى آخِره. وَهُوَ أَيْضا يجب أَن يكون مُرْسلا كَذَلِك، إِذْ لم يذكر جَابر من حَدثهُ بذلك، وَهُوَ لم يُشَاهد ذَلِك صَبِيحَة الْإِسْرَاء، لما علم من أَنه أَنْصَارِي، إِنَّمَا صحب بِالْمَدِينَةِ. وَابْن عَبَّاس، وَأَبُو هُرَيْرَة، اللَّذَان رويا أَيْضا قصَّة إِمَامَة جِبْرِيل، فَلَيْسَ يلْزم فِي حَدِيثهمَا من الْإِرْسَال مَا فِي رِوَايَة جَابر، لِأَنَّهُمَا قَالَا: إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ ذَلِك وقصه عَلَيْهِم. (466) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن عَوْف بن مَالك، وخَالِد بن الْوَلِيد، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " قضى بالسلب وَلم يُخَمّس السَّلب ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 467 كَذَا أوردهُ، وَهُوَ كَمَا ذكر، وأصل الْقِصَّة فِي كتاب مُسلم، وَهِي عِنْد أبي دَاوُد مُطَوَّلَة مشروحة، يتَبَيَّن من إيرادها أَنه عَن خَالِد مُنْقَطع الْإِسْنَاد، وَعَن عَوْف متصله. قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن حَنْبَل قَالَ: حَدثنَا الْوَلِيد بن مُسلم قَالَ: حَدثنِي صَفْوَان بن عَمْرو، عَن عبد الرَّحْمَن بن جُبَير بن نفير عَن أَبِيه، عَن عَوْف بن مَالك الْأَشْجَعِيّ، قَالَ خرجت مَعَ زيد بن حَارِثَة فِي غَزْوَة مُؤْتَة، ورافقني مددي من أهل الْيمن، لَيْسَ مَعَه غير سَيْفه، فَنحر رجل من الْمُسلمين جزورا / فَسَأَلَهُ المددي طَائِفَة من جلده، فَأعْطَاهُ إِيَّاه، فاتخذه كَهَيئَةِ الدرقة، ومضينا فلقينا جموع الرّوم، وَفِيهِمْ رجل على فرس لَهُ أشقر، عَلَيْهِ سرج مَذْهَب، وَسلَاح مَذْهَب، فَجعل الرُّومِي يغري بِالْمُسْلِمين، وَقعد لَهُ المددي خلف صَخْرَة، فَمر بِهِ الرُّومِي فعرقب فرسه، فَخر، وعلاه فَقتله، وَحَازَ فرسه وسلاحه، فَلَمَّا فتح الله للْمُسلمين، بعث إِلَيْهِ خَالِد بن الْوَلِيد فَأخذ مِنْهُ السَّلب، قَالَ عَوْف: فَأَتَيْته فَقلت: يَا خَالِد، أما علمت أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " قضى بالسلب للْقَاتِل " قَالَ: بلَى، وَلَكِنِّي استكثرته، قلت: لتردنه أَو لأعرفنكما عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأبى أَن يرد عَلَيْهِ. قَالَ عَوْف: فَاجْتَمَعْنَا عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فقصصت عَلَيْهِ قصَّة المددي وَمَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 468 فعل خَالِد، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يَا خَالِد مَا حملك على مَا صنعت "؟ قَالَ: يَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - استكثرته، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يَا خَالِد: رد عَلَيْهِ مَا أخذت مِنْهُ ". فَقَالَ عَوْف: فَقلت: دونكما يَا خَالِد، ألم أُفٍّ لَك؟ فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " وَمَا ذَاك "؟ قَالَ: فَأَخْبَرته [قَالَ] فَغَضب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " يَا خَالِد، لَا ترد عَلَيْهِ، هَل أَنْتُم تاركو لي أمرائي، لكم صفوة أَمرهم، وَعَلَيْهِم كدره ". ثمَّ أورد أَبُو دَاوُد: حَدثنَا سعيد بن مَنْصُور، حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، عَن صَفْوَان بن عَمْرو عَن عبد الرَّحْمَن بن جُبَير بن نفير، عَن أَبِيه، عَن عَوْف بن مَالك الأشجع، وخَالِد بن الْوَلِيد، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " قضى بالسلب للْقَاتِل، وَلم يُخَمّس السَّلب ". فَهَذَا - كَمَا ترى - إِنَّمَا اخْتَصَرَهُ إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش عَن صَفْوَان، أَو اخْتَصَرَهُ غَيره من الْقِصَّة / الْمَذْكُورَة، فجَاء من رِوَايَة جُبَير عَن خَالِد، وَهُوَ إِنَّمَا أَخذه عَن عَوْف: عَن خَالِد، فَاعْلَم ذَلِك. وَإِنَّمَا لم نَكْتُبهُ فِي الْمدْرك الَّذِي قبل هَذَا لأَنا لم نعتمد فِي انْقِطَاع مَا بَينهمَا إِلَّا الْعلم بِأَنَّهُمَا لم يلتقيا، واعتضد الْمَعْلُوم من ذَلِك بِمَا يتَبَيَّن من نفس الْقِصَّة فاعلمه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 469 (467) وَذكر من طَرِيق مُسلم، عَن الْمسيب بن حزن، قَالَ: لما حضرت أَبَا طَالب الْوَفَاة، جَاءَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَوجدَ عِنْده أَبَا جهل، وَعبد الله ابْن أبي أُميَّة بن الْمُغيرَة، الحَدِيث. ذكره فِي أَحَادِيث التَّفْسِير، لقَوْله فِيهِ: فَأنْزل الله عز وَجل {مَا كَانَ للنَّبِي وَالَّذين آمنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا للْمُشْرِكين} وَأنزل فِي أبي طَالب {إِنَّك لَا تهدي من أَحْبَبْت} . وقنع بتخريج مُسلم لَهُ، وَلم يعرض لَهُ، وَهُوَ عِنْدِي مُرْسل، لَا من جِهَة الِاحْتِمَال الَّذِي فِي قَول الصَّحَابِيّ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، من أَن لَا يكون سمع ذَلِك، لَكِن من جِهَة أَن الْمسيب بن حزن بن أبي وهب إِنَّمَا هُوَ وَأَبوهُ من مسلمة الْفَتْح. وَإِن شكّ فِي هَذَا، لم يشك فِي أَنه لم يُشَاهد هَذِه الْقِصَّة الْوَاقِعَة فِي أول الْأَمر، وَلَا فِيهِ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أخْبرهُم بذلك، وَلَا يجوز أَن يَقُول من ذَلِك مَا لم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 470 يقل، لِأَنَّهُ يحْتَمل أَن يكون إِنَّمَا تلقى ذَلِك من مشَاهد، كَعبد الله بن أبي أُميَّة بن الْمُغيرَة، فقد أسلم بعد ذَلِك وَحسن إِسْلَامه، أَو من غَيره مِمَّن لم يُشَاهد. وَمَا حَكَاهُ الْمسيب من ذَلِك، إِنَّمَا هُوَ بِمَثَابَة مَا لَو قَالَ: (468) " نَام رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عِنْد الْبَيْت، فَجَاءَهُ جِبْرِيل فَأسْرى بِهِ ". (469) أَو تَحنث فِي غَار حراء، فَجَاءَهُ الْملك " وَشبه ذَلِك، مِمَّا يعلم أَنه لم يُشَاهِدهُ. (470) وَكَذَلِكَ مَا رُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة فِي هَذِه الْقِصَّة من قَوْله: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِعَمِّهِ عِنْد الْمَوْت: " قل لَا إِلَه إِلَّا الله " مثل هَذَا سَوَاء، لِأَن أَبَا هُرَيْرَة لم يُشَاهد ذَلِك، وَلم يقل لنا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: قلت لِعَمِّي عِنْد الْمَوْت. وَلَا فرق بَين مَا يخبر بِهِ [من هَذَا، من يعلم أَنه لم يلق النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِينَئِذٍ، وَبَين مَا يخبر بِهِ] مِمَّا كَانَ قبل ميلاده. وَلَيْسَ بِنَافِع فِي هَذَا أَن يُقَال: إِن الْمسيب بن حزن مِمَّن بَايع تَحت الشَّجَرَة، فَإِن ذَلِك مُتَأَخّر عَن وَقت هَذِه الْقِصَّة، فَلَا بُد أَن يكون غَيره هُوَ الَّذِي أخبرهُ بهَا، أَو يكون سمع هُوَ ذَلِك من النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، يخبر بِهِ عَن نَفسه وَعَن عَمه، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 471 وَلَكِن لَيْسَ بِالِاحْتِمَالِ يجْزم بالاتصال، فَاعْلَم ذَلِك. (471) وَذكر أَيْضا من عِنْد مُسلم حَدِيث أنس بن مَالك فِي الْإِسْرَاء / بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَهِي رِوَايَة ثَابت الْبنانِيّ عَن أنس، وَلم يقل فِيهَا: إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لَهُم ذَلِك، وَأَنه سَمعه مِنْهُ، بل قد علم من رِوَايَة ابْن شهَاب عَن أنس، أَن أَبَا ذَر هُوَ الَّذِي حَدثهمْ بذلك عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَمن رِوَايَة قَتَادَة، عَن أنس، أَن مَالك بن صعصعة حَدثهُ بذلك. وَمن المتقرر أَن سنّ أنس تصغر عَن وَقت الْإِسْرَاء، فَلَا بُد أَن يكون حَدِيثه مُرْسلا، وَأما الَّذِي فِيهِ من الِاضْطِرَاب فلسنا فِي هَذَا الْكتاب لبيانه، وَإِنَّمَا حَسبنَا مَا يخص الْأَسَانِيد. (472) وَذكر أَيْضا من هَذَا النَّوْع من عِنْد مُسلم، عَن أنس بن مَالك قَالَ: إِن أهل مَكَّة سَأَلُوا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يُرِيهم آيَة، فَأَرَاهُم انْشِقَاق الْقَمَر مرَّتَيْنِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 472 فَهَذَا لم يقل: إِنَّه سَمعه، وَلَا هُوَ شَاهده، فَلَعَلَّهُ أَخذه عَن ابْن مَسْعُود، أَو غَيره وَقد رَوَاهُ أَيْضا ابْن عمر، وَابْن عَبَّاس. (473) وَذكر من طَرِيق عبد الرَّزَّاق، قَالَ حَدثنَا الْأَسْلَمِيّ، قَالَ: نَبَّأَنِي عبد الله بن أبي بكر، عَن عمر بن عبد الْعَزِيز، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " قضى بِالشُّفْعَة فِي الدَّين " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: زَاد فِي طَرِيق آخر: " إِذا أدّى مثل الَّذِي أدّى صَاحبه ". قَالَ وَهَذِه الزِّيَادَة رَوَاهَا عَن عمر أَيْضا مُرْسلا. انْتهى كَلَامه. وَقد كَانَ قدم أَن الْأَسْلَمِيّ مَتْرُوك، وَهُوَ إِبْرَاهِيم بن أبي يحيى. وَالْمَقْصُود بَيَانه الْآن، هُوَ أَن هَذِه الزِّيَادَة الَّتِي قَالَ: إِنَّهَا أَيْضا عَن عمر مُرْسلَة، لم يبين أَنَّهَا مُنْقَطِعَة قبل أَن تصل إِلَى عمر. إِنَّمَا قَالَ عبد الرَّزَّاق: أخبرنَا معمر، عَن رجل من قُرَيْش، أَن عمر بن عبد الْعَزِيز " قضى فِي مكَاتب، اشْترى مَا عَلَيْهِ بِعرْض، فَجعل الْمكَاتب أولى بِنَفسِهِ ". ثمَّ قَالَ: إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من ابْتَاعَ دينا على رجل، فَصَاحب الدَّين أولى بِهِ، إِذا أدّى مثل الَّذِي أدّى صَاحبه ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 473 (474) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن الْحسن، أَن عمر قَالَ: أَيّكُم يعلم مَا ورث رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْجد؟ فَقَالَ معقل بن يسَار: " إِنَّه وَرثهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - السُّدس " الحَدِيث. وَهَذَا لَا خَفَاء بانقطاعه فِيمَا بَين الْحسن وَعمر، وَإِنَّمَا نبينه لمن لَا / يعلم، وَذَلِكَ أَن الْحسن إِنَّمَا ولد لِسنتَيْنِ بَقِيَتَا من خلَافَة عمر، فسنه لَا تَقْتَضِي السماع مِنْهُ، وَلَا مُشَاهدَة مَا جرى فِي أَيَّامه. وَأما سَمَاعه من معقل بن يسَار - على تَقْدِير أَن يكون هُوَ الَّذِي حَدثهُ بالقصة - فمختلف فِيهِ. قَالَ أَبُو حَاتِم: لم يَصح لَهُ السماع مِنْهُ. قَالَ أَبُو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم: وَقد ذكرُوا ذَلِك وَلَيْسَ بمستفيض. وَفِي كتاب البُخَارِيّ حَدِيث الْحسن، عَن معقل بن يسَار فِي الطَّلَاق، وَالتَّفْسِير، وَالْأَحْكَام، وَفِيه من رِوَايَة عباد بن بشر، وَيُونُس بن عبيد، عَن الْحسن، قَالَ نَبَّأَنِي معقل بن يسَار، فَاعْلَم ذَلِك. (475) وَذكر حَدِيث الزبير فِي الشَّفَاعَة بعد الْوُصُول إِلَى الإِمَام، من الجزء: 2 ¦ الصفحة: 474 رِوَايَة مَالك، عَن ربيعَة، أَن الزبير. وَقَالَ: هَذَا هُوَ الصَّحِيح. وانقطاعه لَا ريب فِيهِ، فَإِن ربيعَة لم يلْحق الزبير، وسنبين كَيفَ يَصح فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ضعفها بِقوم وَترك أمثالهم. (476) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن أبي بكرَة: " صلى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي خوف الظّهْر، فَصف بَعضهم خَلفه " الحَدِيث. وَمن طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ عَنهُ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " صلى بالقوم صَلَاة الْمغرب ثَلَاث رَكْعَات ثمَّ انْصَرف، وَجَاء الْآخرُونَ فصلى بهم ثَلَاث رَكْعَات، فَكَانَت لَهُ سِتّ رَكْعَات، وَلِلْقَوْمِ ثَلَاث ثَلَاث ". وَعِنْدِي أَن هذَيْن الْحَدِيثين غير متصلين، فَإِن أَبَا بكرَة لم يصل مَعَه صَلَاة الْخَوْف، وَإِن كَانَ قد قَالَ فِي الحَدِيث الأول: إِنَّه صلاهَا مَعَه. كَذَلِك هُوَ عِنْد أبي دَاوُد، من رِوَايَة الْحسن عَنهُ، وَقد صَحَّ سَمَاعه مِنْهُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 475 وَإِنَّمَا قُلْنَا: إِن أَبَا بكرَة لم يصل مَعَه صَلَاة الْخَوْف، لِأَنَّهُ من المتقرر عِنْد أهل السّير والأخباريين - وَهُوَ أَيْضا صَحِيح بِالْأَسَانِيدِ الْمُتَّصِلَة عِنْد الْمُحدثين - أَنه أسلم حِين حِصَار رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الطَّائِف، نزل من سورها ببكرة وَبهَا كني أَبَا بكرَة، وحصار الطَّائِف كَانَ بعد الِانْصِرَاف من حنين وَقبل قسم غنائمها بالجعرانة. وَلما انْتقل عَنْهَا إِنَّمَا انْتقل إِلَى الْجِعِرَّانَة، فقسم بهَا غَنَائِم حنين، ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَة، فَأَقَامَ بهَا مَا بَين ذِي الْحجَّة إِلَى رَجَب، ثمَّ خرج / إِلَى تَبُوك، غازيا للروم، فَأَقَامَ بتبوك بضع عشرَة لَيْلَة، لم يجاوزها، وَلم تكن / فِيهَا حَرْب تصلى لَهَا صَلَاة الْخَوْف، وَهِي آخر غَزْوَة غَزَاهَا بِنَفسِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَالَّتِي قَاتل فِيهَا من غزاوته / هِيَ: بدر، وَأحد، وَالْخَنْدَق، وَقُرَيْظَة، والمصطلق، وخيبر، وحنين، والطائف. وَمن النَّاس من يعد وَادي الْقرى، حِين قتل غُلَامه مدعم وَيَوْم الغابة. فعلى هَذَا لَا أَدْرِي لصَلَاة أبي بكرَة مَعَه موطنا، وَقد جَاءَت عَنهُ فِي هَذَا رِوَايَات لَا توهم أَنه شَهِدَهَا، كَرِوَايَة أبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ، عَن أبي حرَّة عَن الْحسن، عَن أبي بكرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " صلى بِأَصْحَابِهِ صَلَاة الْخَوْف، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 476 صفهم صفّين: صف بِإِزَاءِ الْعَدو " الحَدِيث ذكره الْبَزَّار. وَلَيْسَ فِي هَذَا مَا يُنكر، فَإِنَّهُ لم يقل: إِنَّه صلاهَا مَعَه، وَكَذَلِكَ رِوَايَة أَشْعَث، عَن الْحسن، عَن أبي بكرَة، ذكرهَا الْبَزَّار أَيْضا، فَاعْلَم ذَلِك. وَمن هَذَا الْبَاب أَحَادِيث، هِيَ فِي الْمَوَاضِع الَّتِي نقلهَا مِنْهَا غير موصلة الْأَسَانِيد من مخرجها إِلَى من ذكرت عَنهُ، مِمَّا يعلم أَن بَينهمَا زَمَانا يقْضِي بالانقطاع. وَهِي كَثِيرَة يَقع ذكره لَهَا، موهما أَنه قد وقف لَهَا على أَسَانِيد فِي الْمَوَاضِع الَّتِي نقلهَا مِنْهَا، كَسَائِر مَا يذكر من الْأَحَادِيث، فَإِنَّهُ مَا من حَدِيث يذكرهُ من عِنْد مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة مثلا، أَو من عِنْد البُخَارِيّ عَن أنس مثلا، إِلَّا وَأَنت تعتقد من عَادَته أَنه قد رأى إسنادهما إِلَى أبي هُرَيْرَة وَإِلَى أنس عِنْد البُخَارِيّ وَمُسلم، وَترك ذكره اختصارا، وَاقْتصر على من ذكر من رُوَاته. وَهَذِه الْأَحَادِيث الَّتِي نذْكر الْآن، يتَوَهَّم هَذَا فِيهَا من حَيْثُ عهد يصنع كثيرا مَا ذَكرْنَاهُ، وَهِي فِي الْمَوَاضِع الَّتِي نقلهَا مِنْهَا لَا أَسَانِيد لَهَا، وَإِنَّمَا اقتطعت أسانيدها من رُوَاة لم يدركهم الْمخْرج لَهَا، وَكَانَ من حَقه أَن يبين أَنه لَا يعلم الْأَسَانِيد إِلَيْهَا موصلة. كَمَا فعل فِي حَدِيث ذكره من كتاب الْإِعْرَاب لِابْنِ حزم، عَن ابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: (477) " إِذا حج العَبْد ثمَّ عتق فَعَلَيهِ حجَّة أُخْرَى " الحَدِيث /. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 477 فَإِنَّهُ قَالَ بعده: هَذَا إِسْنَاد رِجَاله أَئِمَّة وثقات، وَلَكِنِّي لَا أَدْرِي الْإِسْنَاد الْموصل إِلَى يزِيد بن زُرَيْع. فبمثل هَذَا أطالبه فِيمَا أورد من الْأَحَادِيث الَّتِي ننبه عَلَيْهَا [الْآن] إِن شَاءَ الله تَعَالَى. (478) فَمن ذَلِك أَنه ذكر من عِنْد البُخَارِيّ، عَن الْعَزِيز بن صُهَيْب عَن أنس حَدِيث " القَوْل عِنْد دُخُول الْخَلَاء ". ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: وَقَالَ سعيد بن زيد عَن عبد الْعَزِيز: " إِذا أَرَادَ أَن يدْخل ". وَهَذِه لم يُوصل إِلَيْهَا البُخَارِيّ إِسْنَادًا، فَمَا بَينه وَبَين سعيد بن زيد غير مُتَّصِل. (479) وَذكر " حَدِيث الاسْتِسْقَاء " ثمَّ سَاق عَن البُخَارِيّ زِيَادَة فِيهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 478 فَقَالَ: زَاد عَن المَسْعُودِيّ قلب الْيَمين على الشمَال. وَهَذَا لَا يَنْبَغِي أَن يعزى إِلَى البُخَارِيّ، فَإِنَّهُ لم يُوصل فِيهِ إِلَى المَسْعُودِيّ إِسْنَادًا. وَأَيْضًا فَإِن المَسْعُودِيّ لَيْسَ مِمَّن يخرج البُخَارِيّ وَلَا مُسلم عَنهُ، لضَعْفه وَشدَّة اخْتِلَاطه، وَلم يعده أحد مِمَّن ألف فِي رجال الصَّحِيحَيْنِ فيهم. وَالْبُخَارِيّ - رَحمَه الله - فِيمَا يعلق من الْأَحَادِيث فِي الْأَبْوَاب غير مبال بِضعْف رواتها. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 479 فَإِنَّهَا غير مَعْدُودَة فِيمَا انتخب، وَإِنَّمَا يعد من ذَلِك مَا وصل الْأَسَانِيد بِهِ، فَاعْلَم ذَلِك. (480) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ / حَدِيث بِلَال، الَّذِي فِيهِ " عَلَيْكُم بِقِيَام اللَّيْل فَإِنَّهُ دأب الصَّالِحين قبلكُمْ " الحَدِيث. وَأعله ثمَّ قَالَ: وَرَوَاهُ أَيْضا من حَدِيث أبي إِدْرِيس عَن أبي أُمَامَة، قَالَ: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 480 وَهُوَ أصح من حَدِيث أبي إِدْرِيس عَن بِلَال. كَذَا ذكره وَهُوَ يُوهم أَنه عِنْد التِّرْمِذِيّ موصل الْإِسْنَاد، وَلَيْسَ كَذَلِك، إِنَّمَا قَالَ: وَقد روى هَذَا الحَدِيث مُعَاوِيَة بن صَالح، عَن ربيعَة بن يزِيد، عَن أبي إِدْرِيس الْخَولَانِيّ، عَن أبي أُمَامَة، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ، فَذكره. قَالَ: وَهَذَا أصح من حَدِيث أبي إِدْرِيس، عَن بِلَال. فَمَا بَين التِّرْمِذِيّ وَمُعَاوِيَة بن صَالح مُنْقَطع بِغَيْر إِسْنَاد، وَقد روى هَذَا الحَدِيث ابْن سنجر موصلا، من رِوَايَة عبد الله بن صَالح كَاتب اللَّيْث، عَن مُعَاوِيَة بن صَالح. وَقد ذَكرْنَاهُ فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أعلها بِقوم وَترك / أمثالهم أَو أَضْعَف مِنْهُم. (481) وَذكر أَيْضا حَدِيث عَاصِم بن عمر بن حَفْص بن عمر بن الْخطاب، عَن سُهَيْل، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة فِي الَّذِي يعْمل عمل قوم لوط: " يرْجم الْأَعْلَى، والأسفل ". ذكره عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ثمَّ قَالَ: وَمن حَدِيثه ذكره التِّرْمِذِيّ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 481 كَذَا قَالَ، وَالتِّرْمِذِيّ لم يُوصل إِلَى عَاصِم إِسْنَاده، وَلَيْسَ لفظ التِّرْمِذِيّ فِيهِ لفظ أبي أَحْمد، إِنَّمَا قَالَ: " اقْتُلُوا الْفَاعِل، وَالْمَفْعُول بِهِ " لم يذكر الرَّجْم. وَقد ذَكرْنَاهُ فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي تغير مقتضاها بالْعَطْف أَو الإرداف. (482) وَذكره من طَرِيق مُسلم حَدِيث أبي سعيد فِي زَكَاة الْفطر. ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: زَاد أَبُو دَاوُد فِي هَذَا الحَدِيث " أَو صَاعا من حِنْطَة " قَالَ: وَلَيْسَ بِمَحْفُوظ. وَهَذَا أَيْضا يُوهم أَنه وقف لهَذِهِ الزِّيَادَة على إِسْنَاد عِنْد أبي دَاوُد، وَهِي لَا إِسْنَاد لَهَا عِنْده، وَإِنَّمَا أتبعهَا أَبُو دَاوُد حَدِيث أبي سعيد فَقَالَ: رَوَاهُ ابْن علية وَعَبدَة بن سُلَيْمَان، وَغَيرهمَا عَن ابْن إِسْحَاق، عَن عبد الله بن عبد الله ابْن عُثْمَان بن حَكِيم بن حزَام، عَن عِيَاض، عَن أبي سعيد بِمَعْنَاهُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 482 وَذكر رجل وَاحِد فِيهِ عَن أبن علية: " أَو صَاع من حِنْطَة " وَلَيْسَ بِمَحْفُوظ. هَذَا مَا عِنْد أبي دَاوُد، فَهُوَ كَمَا ترى غير مُتَّصِل فِيمَا بَينه وَبَين ابْن علية، لَا فِيمَا ذكر فِيهِ الحنظة وَلَا فِيمَا لم يذكرهَا فِيهِ، وَلَا أَيْضا اتَّصل مَا بَينه وَبَين عَبدة بن سُلَيْمَان. فَكل الرِّوَايَات عَن ابْن إِسْحَاق فِي هَذَا، غير مُتَّصِل عِنْده. وَهَذِه الرِّوَايَة الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا أَبُو دَاوُد عَن ابْن علية بِذكر الْحِنْطَة، هِيَ عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ مُتَّصِلَة، قَالَ: حَدثنَا الْحُسَيْن بن إِسْمَاعِيل الْمحَامِلِي، وَعبد الْملك ابْن أَحْمد الدقاق، قَالَا: حَدثنَا يَعْقُوب الدَّوْرَقِي، قَالَ: حَدثنَا ابْن علية عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق، قَالَ: حَدثنِي عبد الله بن عبد الله بن عُثْمَان بن حَكِيم بن حزَام، عَن عِيَاض بن عبد الله بن أبي سرح قَالَ: قَالَ أَبُو سعيد - وَذكروا عِنْده صَدَقَة رَمَضَان - قَالَ: لَا أخرج إِلَّا مَا كنت أخرج فِي عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " صَاعا من تمر، أَو صَاعا من حِنْطَة، أَو صَاعا / من شعير، أَو صَاعا من أقط "، فَقَالَ لَهُ رجل من الْقَوْم: أَو مَدين من قَمح؟ قَالَ: لَا، تِلْكَ قيمَة مُعَاوِيَة، لَا أقبلها وَلَا أعمل بهَا. (483) وَذكر من عِنْد مُسلم أَيْضا حَدِيث ابْن عمر: " وَالْيَد الْعليا المنفقة ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 483 ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: فِي بعض الرِّوَايَات فِي هَذَا الحَدِيث " الْيَد الْعليا المتعففة ". ذكر هَذَا أَبُو دَاوُد، وَقَالَ أَكْثَرهم: " المنفقة ". هَذِه الزِّيَادَة أَيْضا لَيْسَ لَهَا عِنْد أبي دَاوُد إِسْنَاد، وَإِنَّمَا / هِيَ مشار إِلَيْهَا، غير موصلة الْإِسْنَاد، وَذَلِكَ أَنه لما ذكر حَدِيث ابْن عمر، قَالَ بإثره: اخْتلف على أَيُّوب، عَن نَافِع فِي هَذَا الحَدِيث: قَالَ عبد الْوَارِث عَن أَيُّوب: " الْيَد الْعليا المتعففة ". وَقَالَ أَكْثَرهم: عَن حَمَّاد بن زيد، عَن أَيُّوب: " الْيَد الْعليا المنفقة ". وَقَالَ وَاحِد: عَن حَمَّاد " المتعففة ". هَذَا نَص مَا عِنْد أبي دَاوُد، فرواية عبد الْوَارِث وَبَعض أَصْحَاب أَيُّوب ب " المتعففة " لم يُوصل إِلَيْهَا إِسْنَادًا. (484) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار عَن عَائِشَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من مَاتَ وَعَلِيهِ صَوْم، صَامَ عَنهُ وليه إِن شَاءَ ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 484 ثمَّ قَالَ: هَذَا يرويهِ عبد الله بن لَهِيعَة، وَيحيى بن أَيُّوب، عَن عبيد الله بن أبي جَعْفَر، عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة. كَذَا أورد هَذَا الحَدِيث، وَهُوَ خطأ، وَذَلِكَ أَنه أَفَادَ الْخَبَر قُوَّة يحيى بن أَيُّوب، فَإِنَّهُ لَا مفاضلة بَينه وَبَين ابْن لَهِيعَة، وَإِن كَانَ يضعف فَإِنَّهُ قد أخرج لَهُ مُسلم، وَوَثَّقَهُ نَاس. وَالْبَزَّار لم يُوصل إِلَيْهِ الْإِسْنَاد، إِنَّمَا وَصله إِلَى ابْن لَهِيعَة وَحده، ثمَّ [قَالَ] : إِن يحيى بن أَيُّوب رَوَاهُ أَيْضا عَن عبيد الله. وَنَصّ مَا عِنْده: أخبرنَا بشر بن آدم بن بنت أَزْهَر، قَالَ: حَدثنَا يحيى ابْن كثير الزيَادي قَالَ: حَدثنَا ابْن لَهِيعَة، عَن عبيد الله بن أبي جَعْفَر، عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من مَاتَ وَعَلِيهِ صِيَام، فليصم عَنهُ وليه إِن شَاءَ ". قَالَ وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى عَن عَائِشَة إِلَّا من حَدِيث عبيد الله [بن أبي جَعْفَر، عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة] رَوَاهُ عَن عبيد الله، يحيى بن أَيُّوب، وَابْن لَهِيعَة. انْتهى مَا ذكره. وَفِي نقل أبي مُحَمَّد " صَامَ عَنهُ وليه " وَالَّذِي عِنْد الْبَزَّار - كَمَا أوردناه - " فليصم عَنهُ ". وَهَذَا قريب. وَيحيى بن كثير الزيَادي، هُوَ أَبُو النَّضر، صَاحب الْبَصْرِيّ، ضَعِيف عِنْدهم جدا، وَإِن كَانَ لَا يتهم بِالْكَذِبِ. وَمن عيب عمله فِي إِيرَاد رِوَايَة يحيى بن أَيُّوب - وَهِي لَا إِسْنَاد لَهَا - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 485 مقرونة بِرِوَايَة أبن لَهِيعَة، أَنَّك لَا تعدم الْوُقُوف عَلَيْهَا عِنْد غير الْبَزَّار، موصلة الْإِسْنَاد، لَيْسَ فِيهَا لَفْظَة " إِن شَاءَ " وَذَلِكَ مِمَّا يقْضِي بِكَوْن الزِّيَادَة الْمَذْكُورَة من قبل ابْن لَهِيعَة، وَهُوَ فِي الضعْف من هُوَ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: قرئَ على [أبي مُحَمَّد] ابْن صاعد، وَأَنا أسمع، حَدثكُمْ مُحَمَّد بن عبد الْملك بن زَنْجوَيْه، وَأَبُو نشيط وَمُحَمّد بن إِسْحَاق، قَالُوا: حَدثنَا عَمْرو بن الرّبيع. وَحدثنَا الْحسن بن سعيد بن الْحسن بن يُوسُف المروروذي حَدثنَا أَبُو بكر ابْن زَنْجوَيْه، قَالَ: حَدثنَا عَمْرو بن الرّبيع بن طَارق، قَالَ: حَدثنَا يحيى بن أَيُّوب، عَن عبيد الله بن أبي جَعْفَر، عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر - يَعْنِي بن الزبير - عَن عُرْوَة بن الزبير، عَن عَائِشَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من مَاتَ وَعَلِيهِ صِيَام، صَامَ عَنهُ وليه ". قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: هَذَا إِسْنَاد حسن. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَمْرو بن الْحَارِث، عَن عبيد الله بن أبي جَعْفَر. انْتهى كَلَامه. وَلَيْسَ فِيهِ - كَمَا ترى - لَفْظَة: " إِن شَاءَ ". وَرِوَايَة عَمْرو بن الْحَارِث، هِيَ عِنْد مُسلم إِسْنَادًا ومتنا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 486 (485) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ حَدِيث عَائِشَة: " من نزل على قوم فَلَا يصومن تَطَوّعا إِلَّا بإذنهم ". ثمَّ قَالَ: رَوَاهُ أَيُّوب بن وَاقد وَأَبُو بكر الْمدنِي، وعمار بن سيف، كلهم عَن هِشَام، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة. وَمَا فيهم من يقبل حَدِيثه، وَلم يذكر التِّرْمِذِيّ عمار بن سيف. هَكَذَا أوردهُ، كَأَن رِوَايَة أبي بكر الْمدنِي عِنْد التِّرْمِذِيّ موصلة، وَلَيْسَ كَذَلِك، وَإِنَّمَا قَالَ: " روى مُوسَى بن دَاوُد، عَن أبي بكر الْمدنِي، عَن هِشَام "، وَلم يُوصل إِلَيْهِ الْإِسْنَاد، وَلَا ذكر من رَوَاهُ عَن مُوسَى بن دَاوُد، وَأما رِوَايَة عمار فَلم يعزها. (486) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد، عَن أَحْمد بن ميسرَة أبي صَالح. عَن زِيَاد بن سعد، عَن / صَالح مولى التَّوْأَمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " رخص النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْهِمْيَان للْمحرمِ ". ثمَّ قَالَ: لَا يعرف أَحْمد إِلَّا فِي هَذَا الحَدِيث، على أَنه قد رَوَاهُ عَن صَالح الجزء: 2 ¦ الصفحة: 487 إِبْرَاهِيم بن أبي يحيى، وَهُوَ مُنكر من حَدِيث زِيَاد بن سعد، وَزِيَاد ثِقَة والْحَدِيث لَا يَصح. كَذَا أوردهُ، وَفِيه مَا ننبه عَلَيْهِ، وَذَلِكَ أَنه هَكَذَا، مُصَرح بِرَفْعِهِ لَا يتَّصل سَنَده عِنْد أبي أَحْمد، وَالَّذِي هُوَ عِنْده موصل الْإِسْنَاد، إِنَّمَا هُوَ من قَول ابْن عَبَّاس غير مَرْفُوع. وَنَصّ مَا عِنْد أبي أَحْمد هُوَ هَذَا: أَحْمد بن ميسرَة، أَبُو صَالح، لَيْسَ بِالْمَعْرُوفِ إِلَّا فِي حَدِيث وَاحِد، حَدثنَا عبد الْوَهَّاب بن عِصَام بن الحكم قَالَ: حَدثنَا أَبُو طَالب: أَحْمد بن حميد قَالَ: سَأَلت أَحْمد بن حَنْبَل عَن أَحْمد بن ميسرَة، الَّذِي يروي عَنهُ سُرَيج وروى عَن زِيَاد بن سعد، عَن صَالح مولى التَّوْأَمَة، عَن ابْن عَبَّاس " رخص رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْهِمْيَان للْمحرمِ "، فَقَالَ: لَا أعرفهُ. هَذَا هُوَ الْمُصَرّح فِيهِ بِالرَّفْع، وَهُوَ الَّذِي نقل أَبُو مُحَمَّد، وَلَيْسَ بِمُتَّصِل الْإِسْنَاد إِلَى سُرَيج بن النُّعْمَان، وَإِنَّمَا وَقعت مَسْأَلَة أبي طَالب عَنهُ لِأَحْمَد بن حَنْبَل، مشارا إِلَيْهِ غير موصل. ثمَّ قَالَ أَبُو أَحْمد بن عدي: حدّثنَاهُ مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْحسن الْأَهْوَازِي، قَالَ حَدثنَا الْحسن بن عَليّ بن بَحر، قَالَ: حَدثنَا سُرَيج بن النُّعْمَان، قَالَ حَدثنَا أَحْمد بن ميسرَة أَبُو صَالح، عَن زِيَاد بن سعد، عَن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 488 صَالح مولى التَّوْأَمَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " رخص فِي الْهِمْيَان للْمحرمِ، يشد فِيهِ نَفَقَته ". هَذَا هُوَ الْموصل عِنْده، وَهُوَ غير الَّذِي ذكر أَبُو مُحَمَّد. ثمَّ قَالَ أَبُو أَحْمد: أَحْمد بن ميسرَة هَذَا لَا يعرف إِلَّا بِهَذَا الحَدِيث، وَلَيْسَ بِمَعْرُوف، على أَن هَذَا الحَدِيث، قد رَوَاهُ عَن صَالح مولى التَّوْأَمَة [إِبْرَاهِيم] ، وَإِبْرَاهِيم بن أبي يحيى يحْتَمل لضَعْفه، وَزِيَاد لَا يحْتَمل لِأَنَّهُ ثِقَة، وَهُوَ مُنكر من حَدِيث زِيَاد. انْتهى كَلَام أبي أَحْمد. وَإِنَّمَا ذكرته لأبين مِنْهُ هَذَا الَّذِي ذكر أَبُو مُحَمَّد من رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن أبي يحيى، وَلم يعزه، وَقد تبين أَنه من كَلَام أبي أَحْمد، إِلَّا أَن أَبَا مُحَمَّد أوردهُ بِلَفْظِهِ، وَهُوَ أشهر وَأقرب إِلَى الإفهام / فَإِن كَلَام أبي أَحْمد فِيهِ مَا ينافر بِحكم الظَّاهِر، وَالَّذِي كَانَ يؤلف هُوَ مَا لَو قَالَ: زِيَاد يحْتَمل لِأَنَّهُ ثِقَة، وَإِبْرَاهِيم لَا يحْتَمل لِأَنَّهُ ضَعِيف، فجَاء كَلَامه معكوس هَذَا، فَقَالَ: إِبْرَاهِيم يحْتَمل لضَعْفه، وَزِيَاد لَا يحْتَمل لِأَنَّهُ ثِقَة. وَمَعْنَاهُ: أَن زِيَاد بن سعد لِثِقَتِهِ وأمانته، لَا يحْتَمل نِسْبَة هَذَا الحَدِيث إِلَيْهِ، وَلَا عده من مسموعاته وَرِوَايَته، وَمن قَالَ ذَلِك عَنهُ أَو نسبه إِلَيْهِ، لم نحتمله مِنْهُ، وَلم نقبله عَنهُ، فَإِنَّهُ حَدِيث مُنكر، وَالرجل لِثِقَتِهِ، وَكَثْرَة الآخذين عَنهُ يبعد عَلَيْهِ أَن يَجِيء بِمثلِهِ. وَأَيْضًا فَإِنَّهُ كَانَ ينتشر عَنهُ، وَلَا ينْفَرد بِهِ مُنْفَرد لَا يوثق [بِهِ] . فَأَما إِبْرَاهِيم بن أبي يحيى، الْمَتْرُوك الرِّوَايَة، الْمُتَّهم، فاعز إِلَيْهِ مِنْهُ وَمن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 489 أشباهه مَا شِئْت، تكن / قد أَلْقَت بِهِ مَا يلوق بِهِ، وأضفت إِلَيْهِ مَا هُوَ مشبه للمعهود مِنْهُ، فَهُوَ فِي ذَلِك مُحْتَمل، هَذَا معنى كَلَامه، وَالله أعلم. (487) وَذكر من طَرِيق أبي مُحَمَّد بن حزم، من كتاب الْإِعْرَاب، عَن حَمَّاد بن سَلمَة، عَن عمار بن أبي عمار، عَن عبد الله بن الْحَارِث بن نَوْفَل، قَالَ: " إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رد، وَهُوَ محرم تتمير وَحش، وبيض نعام ". قَالَ: ورويناه أَيْضا من طَرِيق حَمَّاد بن سَلمَة، عَن عَليّ بن زيد عَن عبد الله بن الْحَارِث بن نَوْفَل عَن عَليّ، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. ثمَّ قَالَ: عَليّ بن زيد: من ضعفه أَكثر مِمَّن وَثَّقَهُ، انْتهى مَا أورد. فَنَقُول: وَهَذَا أَيْضا غير موصل الْإِسْنَاد فِي كتاب الْإِعْرَاب إِلَى حَمَّاد بن سَلمَة، وَلَو عزاهُ إِلَيْهِ كَمَا يَعْزُو الْأَحَادِيث إِلَى مُسلم وَالْبُخَارِيّ، لم يحْتَج إِلَى ابْن حزم، وَلَكِن بعد أَن يعلم أَنه فِي مُصَنف حَمَّاد، وَهُوَ إِنَّمَا احْتَاجَ إِلَى ابْن حزم، لِأَنَّهُ لم يعلم أَنه فِي كتاب حَمَّاد، وَابْن حزم إِنَّمَا نَقله من كتاب حَمَّاد وَهُوَ عِنْده من الطَّرِيقَيْنِ كَمَا ذكر، فَاعْلَم ذَلِك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 490 (488) وَذكر من طَرِيق أبي عمر، عَن سعد بن أبي وَقاص، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " من قَالَ يثرب، فَلْيقل الْمَدِينَة ". هَكَذَا أوردهُ وَسكت عَنهُ موهما فِيهِ شَيْئَيْنِ: أَحدهمَا الصِّحَّة، من حَيْثُ سُكُوته عَنهُ / فَنحْن سَنذكرُهُ لأجل ذَلِك فِي بَاب الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة بسكوته، وَلَيْسَت بصحيحة. وَالْآخر أَنه وقف على إِسْنَاده عِنْد أبي عمر، وَلَيْسَ كَذَلِك. والْحَدِيث عِنْد أبي عمر، غير موصل الْإِسْنَاد، إِنَّمَا ذكر عُثْمَان بن حَفْص ابْن عمر بن عبد الرَّحْمَن بن خلدَة، الزرقي، الْأنْصَارِيّ، فوثقه، وَذكر أَن مَالِكًا، والماجشون، يرويان عَنهُ. ثمَّ قَالَ: وَقد قيل: إِن عُثْمَان بن حَفْص، الَّذِي روى عَنهُ عباد بن إِسْحَاق، عَن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن سعد بن أبي وَقاص، عَن أَبِيه، عَن جده، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من قَالَ يثرب، فَلْيقل الْمَدِينَة " وَهُوَ عُثْمَان بن حَفْص ابْن خلدَة. قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث رَوَاهُ إِبْرَاهِيم بن طهْمَان، عَن عباد بن إِسْحَاق، عَن عُثْمَان، انْتهى مَا كتبت عَن أبي عمر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 491 فَالْحَدِيث - كَمَا ترى - عِنْده غير موصل الْإِسْنَاد إِلَى إِبْرَاهِيم بن طهْمَان. وَإِنَّمَا أعرف هَذَا الحَدِيث مَوْقُوفا على سعد موصل الْإِسْنَاد إِلَيْهِ. ذكره الْعقيلِيّ قَالَ: حدّثنَاهُ أَحْمد بن شُعَيْب - هُوَ النَّسَائِيّ - قَالَ: حَدثنَا أَحْمد بن حَفْص، قَالَ: نَبَّأَنِي أبي قَالَ: أخبرنَا إِبْرَاهِيم بن طهْمَان، عَن عباد بن إِسْحَاق، عَن عُثْمَان بن حَفْص، عَن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن سعد بن أبي وَقاص، عَن أَبِيه، عَن جده قَالَ: " من قَالَ يثرب مرّة، فَلْيقل الْمَدِينَة عشر مَرَّات ". هَكَذَا هُوَ عِنْد الْعقيلِيّ مَوْقُوف، وَقَالَ عَن البُخَارِيّ: إِنَّه قَالَ: عُثْمَان بن حَفْص بن خلدَة الزرقي، الْمدنِي، روى عَنهُ عباد بن إِسْحَاق، فِي إِسْنَاده نظر - يَعْنِي فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث. (489) وَذكر من طَرِيق أبي عمر من التَّمْهِيد، عَن بَقِيَّة، عَن زرْعَة، عَن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 492 عمرَان بن أبي الْفضل، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْعَرَب أكفاء بَعْضهَا لبَعض، قَبيلَة لقبيلة، وَحي لحي، وَرجل لرجل، إِلَّا حائكا، أَو حجاما ". ثمَّ قَالَ: وَهُوَ حَدِيث مُنكر مَوْضُوع. قَالَ: وَقد رُوِيَ عَن ابْن جريج، عَن ابْن أبي مليكَة، عَن ابْن عمر مَرْفُوعا مثله، قَالَ: وَلَا يَصح عَن ابْن جريج. هَذَا نَص مَا أورد، وَهُوَ يتَوَهَّم فِيهِ أَنه وقف لَهُ عِنْد أبي عمر على إِسْنَاد موصل، وَلَيْسَ / كَذَلِك، وَمَا ذكره أَبُو عمر إِلَّا من بَقِيَّة، عَن زرْعَة. وَبَقِيَّة من قد علم، ورزعة / هُوَ ابْن عبد الله بن زِيَاد الزبيرِي. قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِم: شيخ مَجْهُول ضَعِيف الحَدِيث. وَعمْرَان بن أبي الْفضل ضَعِيف الحَدِيث، منكره جدا، قَالَه أَيْضا أَبُو حَاتِم، فاعلمه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 493 (490) وَذكر من طَرِيق أبي عمر أَيْضا من التَّمْهِيد، من حَدِيث عَمْرو ابْن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا لعان بَين مملوكين وَلَا كَافِرين ". ثمَّ قَالَ: قَالَ أَبُو عمر: لَيْسَ دون عَمْرو بن شُعَيْب من يحْتَج بِهِ. انْتهى مَا ذكر وَهُوَ أَيْضا غير موصل الْإِسْنَاد إِلَى عَمْرو بن شُعَيْب، فَهُوَ مُنْقَطع فِيمَا بَين أَبَا عمر وَعَمْرو. (491) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد، عَن يحيى بن عُثْمَان، أبي سهل الْأنْصَارِيّ، بِإِسْنَادِهِ إِلَى أبي هُرَيْرَة: " من لم يجب الدعْوَة، فقد عصى الله وَرَسُوله، وَأَنت بِالْخِيَارِ فِي الخرس والعذار ". قَالَ: وَهُوَ غير مَحْفُوظ، وَيحيى مُنكر الحَدِيث. كَذَا أوردهُ، وأوهم أَيْضا أَنه عِنْد أبي أَحْمد موصل، وَلَيْسَ كَذَلِك، وَإِنَّمَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 494 ذكر أَبُو أَحْمد هَذَا الرجل، ثمَّ وصل إِسْنَاده إِلَى البُخَارِيّ بِأَنَّهُ قَالَ: يحيى بن عُثْمَان أَبُو سهل، سمع يحيى بن عبد الله بن أبي مليكَة، عَن أَبِيه، وَسمع إِسْمَاعِيل بن أُميَّة، عَن مُجَاهِد، عَن أبي هُرَيْرَة: " من لم يجب الدعْوَة " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ البُخَارِيّ: إِنَّه مُنكر الحَدِيث. فَإِذن لَا إِسْنَاد لَهُ من البُخَارِيّ إِلَى يحيى بن عُثْمَان. (492) وَذكر حَدِيث: " الشُّفْعَة فِي كل شَيْء " مُسْندًا من طَرِيق التِّرْمِذِيّ. ثمَّ قَالَ: روى هَذَا الحَدِيث مُحَمَّد بن جَعْفَر قَالَ: حَدثنَا شُعْبَة، عَن عبد الْعَزِيز بن رفيع عَن ابْن أبي مليكَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " فِي العَبْد شُفْعَة وَفِي كل شَيْء ". ذكر ذَلِك أَبُو مُحَمَّد - يَعْنِي ابْن حزم. وَابْن حزم لم يُوصل إِلَيْهِ إِسْنَادًا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 495 (493) وَذكر من طَرِيق الْعقيلِيّ عَن ابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، قَالَ: " من أهديت لَهُ هَدِيَّة، وَمَعَهُ قوم جُلُوس، فهم شركاؤه فِيهَا ". ثمَّ قَالَ: هَذَا يرويهِ منْدَل بن عَليّ، وَعبد السَّلَام بن عبد القدوس، وهما ضعيفان. وَرَوَاهُ أَيْضا عَن عَائِشَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَفِي إِسْنَاده / وضاح بن خَيْثَمَة، وَلَا يُتَابع عَلَيْهِ. انْتهى مَا ذكر. وَالْمَقْصُود بَيَانه، هُوَ أَن رِوَايَة منْدَل، قد يتَوَهَّم من هَذَا الْإِيرَاد أَنَّهَا موصلة الْإِسْنَاد عِنْد الْعقيلِيّ، وَلَيْسَ كَذَلِك، وَإِنَّمَا أوردهُ هَكَذَا فِي بَاب عبد السَّلَام الْمَذْكُور: حَدثنَا يحيى بن عُثْمَان، قَالَ: حَدثنَا نعيم قَالَ: حَدثنَا عبد السَّلَام بن عبد القدوس، قَالَ: نَبَّأَنِي ابْن جريج، عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، قَالَ: " من أهديث لَهُ هَدِيَّة، وَمَعَهُ قوم جُلُوس، فهم شركاؤه فِيهَا ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 496 وَقَالَ منْدَل: عَن ابْن جريج، عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن ابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَحوه. ثمَّ قَالَ: وَلَا يَصح فِي هَذَا الْبَاب شَيْء. [ثمَّ] قَالَ: وَعبد السَّلَام لَا يُتَابع على شَيْء من حَدِيثه، وَلَيْسَ مِمَّن يُقيم الحَدِيث. فَحَدِيث منْدَل - كَمَا ترى - لَا إِسْنَاد لَهُ إِلَيْهِ. وَحَدِيث عبد السَّلَام، دونه نعيم بن حَمَّاد، وَأَبُو مُحَمَّد يُضعفهُ، فَلَعَلَّ الْبلَاء مِنْهُ، وَكَذَلِكَ حَدِيث وضاح بن خَيْثَمَة أَيْضا دونه من لَا يعرف، وَسَنذكر ذَلِك فِي الْبَاب الَّذِي ضعف فِيهِ أَحَادِيث بِقوم، وَترك أمثالهم. (494) وَذكر من طَرِيق أبي عمر من التَّمْهِيد، عَن عَطاء، أَن رجلا أسلم على مِيرَاث على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " فَأعْطَاهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نصِيبه مِنْهُ ". ثمَّ قَالَ: هَذَا مُرْسل. كَذَا ذكره، وَهُوَ أَيْضا ذكر يُوهم اتِّصَال إِسْنَاده عِنْده إِلَى مرسله عَطاء، وَلَيْسَ كَذَلِك، وَمَا / هُوَ فِي التَّمْهِيد إِلَّا هَكَذَا: وروى عبد الْوَارِث عَن كثير ابْن شنظير عَن عَطاء، فَذكره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 497 فِيمَا بَين أبي عمر إِلَى عبد الْوَارِث لَا إِسْنَاد لَهُ. (495) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد من حَدِيث إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن عمرَان بن عُمَيْر المَسْعُودِيّ مَوْلَاهُم، عَن الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن، قَالَ: قَالَ ابْن مسوعد: يَا عُمَيْر أعتقك؟ سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " من أعتق مَمْلُوكا فَلَيْسَ للمملوك من مَاله شَيْء ". ثمَّ قَالَ: لَا يُتَابع إِسْحَاق على هَذَا، وَهُوَ قَلِيل الحَدِيث جدا، انْتهى مَا ذكر. وَهُوَ أَيْضا لَا إِسْنَاد لَهُ مَوْصُولا عِنْد أبي أَحْمد /. وَنَصّ مَا عِنْده: عَن البُخَارِيّ أَنه قَالَ: إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن عمرَان بن عُمَيْر المَسْعُودِيّ، لَا يُتَابع فِي رفع حَدِيثه عَن الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن، قَالَ ابْن مَسْعُود: يَا عُمَيْر أعتقك؟ سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " من أعتق مَمْلُوكا فَلَيْسَ للمملوك من مَاله شَيْء ". ثمَّ قَالَ أَبُو أَحْمد: [وَإِسْحَاق هَذَا بِهَذَا الحَدِيث] ذكره البُخَارِيّ، وَمَا أعلم لَهُ إِلَّا الْحَدِيثين أَو ثَلَاثَة. انْتهى مَا ذكره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 498 فَهُوَ - كَمَا ترى - غير موصل مِنْهُ وَلَا من البُخَارِيّ إِلَى إِسْحَاق. وَقَوله: الْقَاسِم بن عبد الله، خطأ قد بَيناهُ فِي بَاب الْأَسْمَاء الْمُغيرَة. (496) وَذكر من طَرِيق ابْن أبي حَاتِم، عَن أبي الرمداء البلوي أَن رجلا شرب الْخمر أَربع مَرَّات، " فَأمر بِضَرْب عُنُقه ". من رِوَايَة ابْن لَهِيعَة، عَن عبد الله بن هُبَيْرَة، عَن أبي سُلَيْمَان مولى [أم] سَلمَة، عَن أبي الرمداء فَذكره. وَقَالَ: هَذَا إِسْنَاد لَا حجَّة فِيهِ. كَذَا أوردهُ، وَهُوَ لَا إِسْنَاد لَهُ عِنْد ابْن أبي حَاتِم إِلَى ابْن لَهِيعَة. وَأَبُو سُلَيْمَان لَا تعرف حَاله. (497) وَذكر من طَرِيق ابْن حزم، حَدِيث أنس وَأبي سعيد، فِي تَحْرِيم الْخمر بِعَينهَا، والمسكر من كل شراب. وَهُوَ عِنْده غير موصل الْإِسْنَاد، وَقد ذَكرْنَاهُ فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي لم يعزها إِلَى الْمَوَاضِع الَّتِي نقلهَا مِنْهَا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 499 (498) وَذكر أَيْضا من طَرِيق ابْن حزم، فِي شقّ زقاق الْخمر، حَدِيث ابْن عمر، وَأبي هُرَيْرَة، وَجَابِر. وَهُوَ لم يُوصل الْأَسَانِيد بهَا أَيْضا، وَقد ذَكرنَاهَا فِي هَذَا الْبَاب الْمَذْكُور، لِأَنَّهُ لم يعزها. (499) وَذكر أَيْضا من طَرِيق ابْن حزم من رِوَايَة فرج بن فضَالة، عَن عَليّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا عملت أمتِي خمس عشرَة خصْلَة، حل بهَا الْبلَاء " فَذكر فِيهِنَّ: " وَاتَّخذُوا الْقَيْنَات وَالْمَعَازِف ". وَضَعفه. وَهُوَ أَيْضا مِمَّا لَا إِسْنَاد لَهُ موصلا عِنْده. وَمن هَذَا الْقَبِيل كل مَا ذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، مِمَّا هُوَ من كتاب الْعِلَل، فَإِن الْأَحَادِيث فِيهِ غير موصلة الْأَسَانِيد، بل مُنْقَطِعَة من مَوَاضِع عللها الجزء: 2 ¦ الصفحة: 500 [عِنْده] أَو من الْمَوَاضِع الَّتِي يَتَأَتَّى لَهُ بذكرها ذكر عللها، وَقد يَقع لَهُ فِي الْكتاب / الْمَذْكُور قَلِيلا، مَا يُوصل إِسْنَاده، فَنقل أَبُو مُحَمَّد الْأَحَادِيث من الْكتاب الْمَذْكُور، وَلم يبين أَنَّهَا مِنْهُ، فيتوهم من يَرَاهَا معزوة إِلَى الدَّارَقُطْنِيّ أَنَّهَا من كتاب السّنَن، حَيْثُ الْأَحَادِيث [فِيهِ] موصلة الْأَسَانِيد، وَحَتَّى لَو بَين أَنَّهَا من الْكتاب الْمَذْكُور لم يكن ذَلِك معلما لمن يقْرؤهَا أَنَّهَا مُنْقَطِعَة، إِلَّا لَو قدم قولا كليا يعرف بِهِ أَن جَمِيع مَا يَنْقُلهُ من كتاب الْعِلَل هُوَ لَا إِسْنَاد لَهُ موصلا، وَهُوَ لم يفعل شَيْئا من ذَلِك. (500) فَمن هَذِه الْأَحَادِيث حَدِيثه من رِوَايَة لَيْث بن أبي سليم، عَن أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ، عَن أنس، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ابْنُوا الْمَسَاجِد جما ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 501 وَقَالَ: وَلم يُتَابع لَيْث على هَذَا، وَهُوَ ضَعِيف، وَغَيره / يرويهِ عَن أَيُّوب، عَن عبد الله بن شَقِيق قَوْله. هَذَا نَص مَا ذكر. وَنَصّ مَا عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ: قَالَ: سُئِلَ عَن حَدِيث أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ، عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ابْنُوا الْمَسَاجِد جما ". فَقَالَ: يرويهِ لَيْث بن أبي سليم، عَن أَيُّوب، عَن أنس، وَلم يُتَابع عَلَيْهِ. وَغَيره يرويهِ عَن أَيُّوب، عَن عبد الله بن شَقِيق قَوْله. انْتهى مَا ذكر الدَّارَقُطْنِيّ. وَهُوَ كَمَا قُلْنَاهُ لَا إِسْنَاد لَهُ مِنْهُ إِلَى لَيْث، وَقد ذكره ابْن أبي شيبَة مُرْسلا، فَقَالَ: عَن مَالك بن إِسْمَاعِيل قَالَ: حَدثنَا هريم، عَن لَيْث، عَن أَيُّوب، عَن أنس، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ابْنُوا الْمَسَاجِد واتخذوها جما ". وَقَالَ التِّرْمِذِيّ فِي كتاب الْعِلَل: حَدثنَا الْقَاسِم بن دِينَار، حَدثنَا إِسْحَاق ابْن مَنْصُور، عَن هريم، عَن لَيْث، عَن أَيُّوب، عَن أنس، قَالَ قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ابْنُوا الْمَسَاجِد واتخذوها جما ". [ثمَّ] قَالَ: سَأَلت مُحَمَّدًا - يَعْنِي البُخَارِيّ - عَنهُ فَقَالَ: إِنَّمَا يرْوى عَن أَيُّوب، عَن عبد الله بن شَقِيق قَوْله، انْتهى كَلَامه فاعلمه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 502 (501) وَذكر أَيْضا من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، عَن لَيْث، عَن مُجَاهِد، عَن ابْن عمر قَالَ: " نَهَانَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن نصلي فِي مَسْجِد مشرف ". وَهَذَا أَيْضا كَذَلِك، إِنَّمَا ذكره الدَّارَقُطْنِيّ كَالْأولِ، وَقَالَ: إِن إِسْحَاق بن مَنْصُور وَأَبا / غَسَّان يرويانه عَن هريم، عَن لَيْث كَذَلِك. وَرَوَاهُ عبد الحميد بن صَالح، عَن هريم، عَن لَيْث، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر قَوْله. قَالَ: وَلَا نعلم رَوَاهُ عَن لَيْث غير هريم. انْتهى كَلَام الدَّارَقُطْنِيّ. وَقد ذكره أَيْضا ابْن أبي شيبَة موصلا، عَن مَالك بن إِسْمَاعِيل - هُوَ أَبُو غَسَّان - عَن هريم، عَن لَيْث، عَن مُجَاهِد، عَن ابْن عمر، فَذكره. وَقَالَ التِّرْمِذِيّ فِي علله: حَدثنَا عبد الله بن دِينَار، حَدثنَا إِسْحَاق بن مَنْصُور، عَن هريم، عَن لَيْث، عَن مُجَاهِد، عَن ابْن عمر، قَالَ: " نَهَانَا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، أَو قَالَ: نهينَا أَن نصلي فِي مَسْجِد مشرف " وَسَأَلَ عَنهُ البُخَارِيّ فَلم يعرفهُ. (502) وَذكر أَيْضا من طَرِيقه عَن عَامر الشّعبِيّ، عَن أنس قَالَ: قَالَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 503 رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من اقتراب السَّاعَة أَن ترى الْهلَال قبلا فَيُقَال: لليلتين، وَأَن تتَّخذ الْمَسَاجِد طرقا، وَأَن يظْهر موت الْفجأَة ". هَذَا الحَدِيث أَيْضا من ذَاك الْقَبِيل، لم يُوصل إِلَيْهِ الدَّارَقُطْنِيّ إِسْنَاده، وَإِنَّمَا هُوَ عِنْده هَكَذَا: وَسُئِلَ عَن حَدِيث عَامر الشّعبِيّ، عَن أنس، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من اقتراب السَّاعَة " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ يرويهِ عبد الْكَبِير بن الْمعَافى، عَن شريك، عَن الْعَبَّاس بن ذريح عَن الشّعبِيّ، عَن أنس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَغَيره يرويهِ عَن الشّعبِيّ مُرْسلا، وَالله أعلم. وَهَذَا جَمِيع مَا ذكر، فَمَا بَينه وَبَين عبد الْكَبِير مُنْقَطع، فاعلمه. (503) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا، عَن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة، عَن عَليّ، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَمر رجلا صلى إِلَى رجل أَن يُعِيد " وَضَعفه. وَهُوَ أَيْضا مَا لَا إِسْنَاد لَهُ عِنْده، وَإِنَّمَا هُوَ عِنْده هَكَذَا: وَسُئِلَ عَن حَدِيث مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَمر رجلا صلى إِلَى رجل أَن يُعِيد الصَّلَاة " فَقَالَ: هُوَ حَدِيث يرويهِ إِسْرَائِيل عَن عبد الْأَعْلَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 504 الثَّعْلَبِيّ، عَن ابْن الْحَنَفِيَّة، عَن عَليّ، قَالَه وَكِيع وَإِسْمَاعِيل بن صبيح عَن إِسْرَائِيل. وَخَالَفَهُمَا عبيد الله بن مُوسَى، وَعلي بن الْجَعْد / فروياه عَن إِسْرَائِيل، عَن عبد الْأَعْلَى، عَن ابْن الْحَنَفِيَّة مُرْسلا. وَعبد الْأَعْلَى مُضْطَرب / الحَدِيث، والمرسل أشبه بِالصَّوَابِ. فَهَذَا - كَمَا ترى - لَا اتِّصَال لَهُ فِيمَا بَينه وَبَين وَكِيع وَإِسْمَاعِيل بن صبيح، اللَّذين زادا فِيهِ ذكر عَليّ. وَفِيمَا أتبعه أَبُو مُحَمَّد من قَوْله، شَيْء يَنْبَغِي التَّنْبِيه عَلَيْهِ لِئَلَّا يغلط بِهِ من لَا يعرف اصطلاحهم، وَذَلِكَ أَنه قَالَ: رَفعه عبد الْأَعْلَى الثَّعْلَبِيّ، عَن ابْن الْحَنَفِيَّة، عَن عَليّ، وَهَذَا اللَّفْظ إِنَّمَا يُقَال فِي حَدِيث، وَقفه قوم وَرَفعه آخَرُونَ إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَأَما حَدِيث رَوَاهُ قوم مُرْسلا وَوَصله آخَرُونَ، فَلَا يُقَال هَذَا، إِنَّمَا يُقَال فِيهِ: وَصله فلَان، أَو أسْندهُ فلَان، فَإِن الْمُرْسل مَرْفُوع، كَمَا هُوَ الْمُتَّصِل مَرْفُوع، وَقد تبين كَيفَ قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي هَذَا الحَدِيث فاعلمه. (504) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا، عَن أنس بن سِيرِين، عَن أنس بن مَالك، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " صلى بهم الْمَكْتُوبَة على دَابَّته، وَالْأَرْض طين وَمَاء ". ثمَّ أعله بِمَا أعله بِهِ الدَّارَقُطْنِيّ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 505 وَهُوَ أَيْضا من ذَلِك، وَنَصّ مَا عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ هُوَ هَذَا: وَسُئِلَ عَن حَدِيث أنس بن سِيرِين، عَن أنس بن مَالك، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " صلى بهم الْمَكْتُوبَة " الحَدِيث. فَقَالَ: يرويهِ أَبُو هِشَام: مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي خِدَاش الْموصِلِي، عَن الْمعَافى، عَن الثَّوْريّ، عَن هِشَام بن حسان، عَن أنس بن سِيرِين، عَن أنس بن مَالك، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَالْمَحْفُوظ عَن أنس بن سِيرِين: عَن أنس فعله غير مَرْفُوع. انْتهى قَوْله. وَهَذِه الْمُؤَاخَذَة مني لأبي مُحَمَّد فِي هَذَا الحَدِيث، إِنَّمَا هِيَ فِي اللَّفْظ الْمَذْكُور، وَأما مَعْنَاهُ فقد وَصله الدَّارَقُطْنِيّ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور، فَقَالَ بعده: وَسُئِلَ عَن حَدِيث ابْن أبي خِدَاش، عَمَّن سَمعه، فَقَالَ: حدّثنَاهُ أَبُو عبيد الْمحَامِلِي، وَأَبُو بكر بن مُجَاهِد، وَابْن مخلد، وَجَمَاعَة، قَالُوا: حَدثنَا مُحَمَّد بن مُسلم بن وارة، حَدثنَا أَبُو هَاشم بن أبي خِدَاش الْموصِلِي، حَدثنَا الْمعَافى، عَن سُفْيَان، عَن هِشَام بن حسان، عَن أنس ابْن سِيرِين، عَن أنس بن مَالك، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَنه صلى الْمَكْتُوبَة فِي ردغة على حمَار ". قَالَ: وَرَوَاهُ / غير الْمعَافى، عَن الثَّوْريّ، عَن هِشَام مَوْقُوفا، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ شريك، وَعبد الرَّزَّاق، عَن هِشَام مَوْقُوفا وَهُوَ صَحِيح. انْتهى قَوْله. فاللفظ الأول صَحِيح الدُّخُول فِي هَذَا الْبَاب، فَأَما من حَيْثُ مَعْنَاهُ فمتصل فَاعله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 506 (505) وَذكر أَيْضا من طَرِيقه، عَن عبد الله بن عبد الْعَزِيز اللَّيْثِيّ، عَن هِشَام، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا صلى الْإِنْسَان على الْجِنَازَة، انْقَطع ذمامها إِلَّا أَن يَشَاء أَن يتبعهَا ". ثمَّ أتبعه معنى مَا قَالَ فِيهِ الدَّارَقُطْنِيّ. وَنَصّ مَا عِنْده: وَسُئِلَ عَن حَدِيث عُرْوَة، عَن عَائِشَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا صلى الْإِنْسَان، الحَدِيث. فَقَالَ: يرويهِ هِشَام بن عُرْوَة، وَاخْتلف عَنهُ، فَرَوَاهُ عبد الله بن عبد الْعَزِيز اللَّيْثِيّ، عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة مَرْفُوعا. وَالْمَحْفُوظ: عَن هِشَام، عَن أَبِيه مَوْقُوفا، لَيْسَ فِيهِ ذكر عَائِشَة. هَذَا مَا عِنْده من غير مزِيد، وَأعْرض أَبُو مُحَمَّد عَن إعلال الحَدِيث بِعَبْد الله بن عبد الْعَزِيز. والْحَدِيث لَو اتَّصل إِسْنَاد الدَّارَقُطْنِيّ إِلَيْهِ مَا صَحَّ من أَجله، فَإِنَّهُ ضَعِيف، قَالَ أَبُو حَاتِم: هُوَ مُنكر الحَدِيث ضعيفه، عَامَّة حَدِيثه خطأ، لَا أعلم / لَهُ حَدِيثا مُسْتَقِيمًا، لَا يشْتَغل بِهِ. وَقَالَ أَبُو ضَمرَة: كَانَ قد خلط. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 507 (506) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا عَن ابْن عمر قَالَ: " نهينَا أَن نتبع جَنَازَة مَعهَا رانة ". ثمَّ قَالَ: إِسْنَاده ضَعِيف. لم يزدْ على هَذَا، فسنذكره إِن شَاءَ الله فِي جملَة مَا أجمل تَعْلِيله من الْأَحَادِيث. وَالَّذِي قصد الْآن بَيَانه هُوَ أَن هَذَا الحَدِيث من ذَلِك الْقَبِيل. ذكره الدَّارَقُطْنِيّ ذكرين فِي موضِعين من الْكتاب الْمَذْكُور، قَالَ فِي أَحدهمَا: وَسُئِلَ عَن حَدِيث مُجَاهِد، عَن ابْن عمر " نهينَا أَن نتبع جَنَازَة مَعهَا رانة " فَقَالَ: يرويهِ لَيْث بن أبي سليم، وَزيد الْعمي، وَأَبُو يحيى القَتَّات. وَاخْتلف على أبي يحيى، فَرَوَاهُ أَحْمد بن يُونُس، عَن إِسْرَائِيل، عَن أبي يحيى القَتَّات، عَن مُجَاهِد مُرْسلا، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو غَسَّان، وَقد أسْندهُ غير إِسْرَائِيل / انْتهى مَا ذكر فِي أحد الْمَوْضِعَيْنِ. وَقَالَ فِي الْموضع الآخر: وَسُئِلَ عَن حَدِيث مُجَاهِد، عَن ابْن عمر: " نَهَانَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن نتبع جَنَازَة مَعهَا رانة ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 508 فَقَالَ: يرويهِ أَبُو يحيى القَتَّات، عَن مُجَاهِد، عَن ابْن عمر عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، كَذَا قَالَ إِسْرَائِيل عَن أبي يحيى. وَخَالفهُ لَيْث؛ فَرَوَاهُ عَن مُجَاهِد، عَن ابْن عمر قَالَ: " نهينَا أَن نتبع جَنَازَة مَعهَا رانة " لم يُصَرح بِرَفْعِهِ. وَقَالَ ابْن جريج، عَن أبي يحيى، عَن مُجَاهِد، عَن عبد الله " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الْبدع كلهَا حَتَّى النوح ". وَهَذَا لفظ آخر، وَهَذَا كَلَام الدَّارَقُطْنِيّ. فَانْظُر كَيفَ لم يُوصل إِسْنَاده لَا إِلَى إِسْرَائِيل، وَلَا إِلَى ابْن جريج، راوييه عَن أبي يحيى، بلفظين مُخْتَلفين مُصَرحًا بِرَفْعِهِ، وَلَا إِلَى لَيْث رَاوِيه عَن مُجَاهِد، عَن ابْن عمر مَوْقُوفا. وَهَذَا هُوَ الَّذِي أورد أَبُو مُحَمَّد، فَاجْتمع فِي فعله أَشْيَاء. مِنْهَا أَنه سَاق الَّذِي لَيْسَ الرّفْع فِيهِ مُصَرحًا بِهِ، وَترك الْمُصَرّح بِرَفْعِهِ، وَالْمَوْقُوف من رِوَايَة لَيْث بن أبي سليم، وَالْمَرْفُوع من رِوَايَة أبي يحيى القَتَّات، وَهُوَ أحسن حَالا من لَيْث، قد وَثَّقَهُ ابْن معِين فِي رِوَايَة عَنهُ. وَقَالَ الْبَزَّار: مَا نعلم بِهِ بَأْسا، قد روى عَنهُ جمَاعَة من أهل الْعلم، وَهُوَ كُوفِي مَعْرُوف، فروايته كَانَت أولى بِالذكر من رِوَايَة لَيْث، وكلتاهما لَا إِسْنَاد إِلَيْهَا عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ فَاعْلَم ذَلِك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 509 (507) وَذكر أَيْضا من طَرِيقه عَن الشّعبِيّ، عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " فِي كل أَرْبَعِينَ من الْبَقر مُسِنَّة، وَفِي كل ثَلَاثِينَ تبيع أَو تبيعة ". ثمَّ قَالَ: هَذَا يرْوى عَن الشّعبِيّ مُرْسلا، وَهُوَ الصَّوَاب. فَنَقُول: وَهَذَا أَيْضا كَذَلِك، إِنَّمَا سُئِلَ الدَّارَقُطْنِيّ عَنهُ فَقَالَ: يرويهِ دَاوُد بن أبي هِنْد، وَاخْتلف عَنهُ، فَرَوَاهُ أَبُو أُميَّة الطرسوسي، عَن عبيد الله بن مُوسَى، عَن الثَّوْريّ، عَن دَاوُد، عَن الشّعبِيّ، عَن أنس، وَرَفعه، وَغَيره يرويهِ عَن الثَّوْريّ، عَن دَاوُد، عَن الشّعبِيّ مُرْسلا، وَهُوَ الصَّوَاب. (508) وَذكر أَيْضا من طَرِيقه عَن عَليّ بن حُسَيْن، عَن عَليّ / فِي " النَّهْي عَن حصاد الزَّرْع بِاللَّيْلِ ". قَالَ: وَالصَّوَاب مُرْسل. وَهَذَا أَيْضا كَذَلِك إِنَّمَا سُئِلَ الدَّارَقُطْنِيّ / عَنهُ فَأجَاب بذلك، وَوصل الْمسند من طَرِيق ضَعِيف. والمرسل عِنْده هُوَ غير الْموصل، وَقد كتبناه فِي بَاب من الْأَبْوَاب الْمُتَقَدّمَة فِي الْقسم الأول من الْكتاب. (509) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا عَن ابْن عمر، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 510 " فِي الْهلَال إِذا سقط قبل الشَّفق فَهُوَ لليلته، وَإِذا سقط بعد الشَّفق فَهُوَ لليلتين ". ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: إِسْنَاده يرجع إِلَى ضَعِيف ومتروك. وَهَذَا أَيْضا كَذَلِك، إِنَّمَا سُئِلَ الدَّارَقُطْنِيّ عَنهُ فَقَالَ: يرويهِ رشدين بن سعد، عَن يُونُس بن يزِيد عَن نَافِع، عَن ابْن عمر. وَخَالفهُ أَحْمد بن عِيسَى الْمصْرِيّ رَوَاهُ عَن رشدين، عَن يحيى بن عبد الله بن سَالم، عَن عبيد الله بن عمر، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر. وَرَوَاهُ بَقِيَّة بن الْوَلِيد، وَاخْتلف عَنهُ، فَرَوَاهُ ابْن مصفي عَن بَقِيَّة عَن عبيد الله بن عمر، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 511 وَقيل عَن ابْن مصفي، عَن بَقِيَّة، عَن مجاشع بن عَمْرو، عَن عبيد الله. ومجاشع لم يسمع من عبيد الله شَيْئا. وَقيل: عَن عبيد الله بن صَالح، عَن بَقِيَّة، عَن عُثْمَان بن عبد الرَّحْمَن، عَن عبيد الله. وَعُثْمَان هَذَا هُوَ الطرائفي، وَلم يسمع من عبيد الله. وَرَوَاهُ مُحَمَّد بن سَلام السعيدي، عَن عُثْمَان الْمكتب، عَن عبيد الله. وَرَوَاهُ عبد الْملك بن سُلَيْمَان القلانسي، عَن عُثْمَان الطرائفي، عَن مُعلى ابْن هِلَال، عَن عبيد الله بن عمر، فَرجع حَدِيث بَقِيَّة إِلَى هِلَال بن مُعلى، وَهُوَ مَتْرُوك. وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيم بن الْوَلِيد بن سَلمَة الطَّبَرَانِيّ، فَقَالَ: عَن أَبِيه، عَن عبيد الله ابْن عمر، وَمرَّة يَقُول: عَن أَبِيه، عَن النَّضر بن مُحرز، عَن عبيد الله بن عمر، وَلَا يَصح ذَلِك. وكل من رَوَاهُ ضَعِيف. انْتهى كَلَام الدَّارَقُطْنِيّ. وَفِيه اختلال وَقع فِي النُّسْخَة كَذَلِك، وَهُوَ فِي قَوْله أَولا، وَخَالفهُ أَحْمد ابْن عِيسَى فَإِن الْهَاء من خَالفه لم تعد على مَذْكُور، وَقد تبين الْمَقْصُود، وَهُوَ أَنه غير موصل عِنْده. فَاعْلَم ذَلِك. (510) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا، عَن أنس بن مَالك، عَن / أبي طَلْحَة أَنه الجزء: 2 ¦ الصفحة: 512 كَانَ يَأْكُل الْبرد وَهُوَ صَائِم، وَيَقُول: " لَيْسَ بِطَعَام وَلَا شراب ". قَالَ: يرويهِ قَتَادَة، وَحميد، عَن أنس مَوْقُوفا، وَخَالَفَهُمَا عَليّ بن يزِيد، فَرَوَاهُ عَن أنس، وَقَالَ: فَأخْبرت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بذلك فَقَالَ: " خُذ عَن عمك ". قَالَ: وَالْمَوْقُوف هُوَ الصَّحِيح. هَذَا مَا ذكره بِهِ، وَهُوَ أَيْضا عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ كَمَا قُلْنَا غير موصل، إِنَّمَا سُئِلَ عَنهُ فَأجَاب بِهَذَا. وَقد ذكره الْبَزَّار موصلا، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن معمر، قَالَ: حَدثنَا عبد الصَّمد، قَالَ: حَدثنَا أبي، عَن عَليّ بن زيد، عَن أنس، قَالَ: مُطِرْنَا بردا على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَكَانَ أَبُو طَلْحَة يَأْكُل مِنْهُ وَهُوَ صَائِم، فَذكرت ذَلِك لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " خُذ عَن عمك ". قَالَ: [وَهَذَا الحَدِيث قد خَالف عَليّ بن زيد قَتَادَة فِي رِوَايَته] حدّثنَاهُ هِلَال بن يحيى قَالَ: حَدثنَا أَبُو عوَانَة، عَن قَتَادَة، عَن أنس قَالَ: رَأَيْت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 513 أَبَا طَلْحَة يَأْكُل الْبرد وَهُوَ صَائِم، وَيَقُول: إِنَّه لَيْسَ بِطَعَام وَلَا شراب، قَالَ: فَذكرت ذَلِك لسَعِيد بن الْمسيب فكرهه، وَقَالَ: إِنَّه يقطع الظمأ. وَلَا يعلم رُوِيَ / هَذَا الْفِعْل إِلَّا عَن أبي طَلْحَة. (511) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا عَن ابْن عمر، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي رجل مَاتَ وَعَلِيهِ صِيَام: " يطعم عَنهُ كل يَوْم مِسْكين ". ثمَّ صَححهُ مَوْقُوفا، وَضعف الْمَرْفُوع بأشعث بن سوار، وَابْن أبي ليلى. وَهُوَ أَيْضا غير موصل كَذَلِك، إِنَّمَا سُئِلَ عَنهُ الدَّارَقُطْنِيّ فَقَالَ: يرويهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 514 أَشْعَث بن سوار، عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، تفرد بِهِ عَبْثَر بن الْقَاسِم، وَالْمَحْفُوظ عَن نَافِع، عَن ابْن عمر مَوْقُوفا. كَذَلِك رَوَاهُ عبد الْوَهَّاب بن بخت، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، مَوْقُوفا [انْتهى مَا ذكر] . (512) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا عَن الْحَارِث، عَن عَليّ، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تقضي رَمَضَان فِي عشرَة ذِي الْحجَّة " الحَدِيث. وَفِيه: " وَلَا تدخل الْحمام وَأَنت صَائِم ". ثمَّ قَالَ: هَذَا / يرْوى مَوْقُوفا على عَليّ، وَالْمَوْقُوف هُوَ الصَّحِيح. هَذَا أَيْضا من ذَلِك الْقَبِيل، إِنَّمَا سُئِلَ عَنهُ فَقَالَ: يرويهِ أَبُو إِسْحَاق، وَاخْتلف عَنهُ؛ فَرَوَاهُ إِسْرَائِيل عَن أبي إِسْحَاق، عَن عبد الله بن مرّة، عَن الْحَارِث، عَن عَليّ، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من رِوَايَة مُؤَمل، عَن إِسْرَائِيل، وَوَقفه غير عَن إِسْرَائِيل. وَرَوَاهُ الثَّوْريّ، وَشعْبَة، عَن أبي إِسْحَاق، عَن عبد الله بن مرّة، عَن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 515 الْحَارِث مَوْقُوفا. وَرَوَاهُ خَالِد بن مَيْمُون عَن أبي إِسْحَاق، عَن الْحَارِث، عَن عَليّ مَوْقُوفا، وَلم يذكر عبد الله بن مرّة، وَالْمَوْقُوف أصح. وروى مُحَمَّد بن إِسْحَاق من رِوَايَة عبد الْوَارِث عَنهُ، عَن أبي إِسْحَاق، عَن الْحَارِث، عَن عَليّ، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مُحَمَّد بن كثير، عَن أجلح، عَن أبي إِسْحَاق، عَن الْحَارِث، عَن عَليّ مَرْفُوعا أَيْضا: حَدثنَا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، وَأحمد بن عبد الله الْوَكِيل، قَالَا: حَدثنَا عَمْرو ابْن شبة حَدثنَا يحيى، عَن سُفْيَان، عَن أبي إِسْحَاق، عَن عبد الله بن مرّة، عَن الْحَارِث، عَن عَليّ، قَالَ: " لَا تحتجم وَأَنت صَائِم، وَلَا تصم يَوْم الْجُمُعَة، وَلَا تدخل الْحمام وَأَنت صَائِم، وَلَا تقض رَمَضَان فِي ذِي الْحجَّة " انْتهى مَا ذكر. وجميعه غير موصل إِلَّا هَذَا الْأَخير، وَهُوَ مَوْقُوف، وَلَا يَصح، فَإِنَّهُ من رِوَايَة الْحَارِث، فَإِذن قَوْله: " وَالْمَوْقُوف هُوَ الصَّحِيح " مؤول. (513) وَذكر أَيْضا من طَرِيقه عَن معَاذ بن معَاذ، عَن شُعْبَة، عَن قَتَادَة، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 516 عَن مطرف، عَن مُعَاوِيَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَيْلَة الْقدر لَيْلَة أَربع وَعشْرين ". ثمَّ قَالَ: هَكَذَا رَوَاهُ معَاذ، قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: وَلَا يَصح عَن شُعْبَة مَرْفُوعا. انْتهى كَلَامه. والْحَدِيث أَيْضا غير موصل كَذَلِك، إِنَّمَا سُئِلَ عَنهُ فَقَالَ: يرويهِ معَاذ بن معَاذ عَن شُعْبَة، عَن قَتَادَة، عَن مطرف، عَن مُعَاوِيَة مَرْفُوعا. وَكَذَلِكَ قَالَ فَهد بن سُلَيْمَان، عَن عمر بن مَرْزُوق، وَعباد بن زِيَاد السَّاجِي، عَن عُثْمَان بن عمر، عَن شُعْبَة، وَلَا يَصح عَن شُعْبَة مَرْفُوعا. (514) وَذكر أَيْضا من طَرِيقه عَن أبي صَالح الْحَنَفِيّ، عَن أبي هُرَيْرَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 517 عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْحَج جِهَاد، وَالْعمْرَة تطوع ". ثمَّ قَالَ: الصَّوَاب مُرْسلا عَن أبي صَالح. انْتهى قَوْله. وَهُوَ أَيْضا كَذَلِك، إِنَّمَا سُئِلَ عَنهُ فَقَالَ: يرويهِ [مُعَاوِيَة بن إِسْحَاق وَاخْتلف عَنهُ؛ فَرَوَاهُ شُعْبَة عَنهُ، وَاخْتلف عَن شُعْبَة، فَرَوَاهُ الْحَرْبِيّ عَنهُ، عَن] مُعَاوِيَة بن إِسْحَاق عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة. وَخَالفهُ أَصْحَاب شُعْبَة، مِنْهُم: غنْدر، وَمُحَمّد بن كثير، وَعَفَّان، وَرَوَوْهُ عَن شُعْبَة، عَن مُعَاوِيَة بن إِسْحَاق، عَن أبي صَالح مُرْسلا / عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ شريك، عَن مُعَاوِيَة بن إِسْحَاق، عَن أبي صَالح مُرْسلا، وَهُوَ الصَّوَاب. انْتهى كَلَام الدَّارَقُطْنِيّ. وَأعرف هَذَا الحَدِيث موصلا عِنْد ابْن أبي شيبَة، قَالَ: حَدثنَا جرير، عَن مُعَاوِيَة ابْن إِسْحَاق، عَن أبي صَالح: ماهان، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " الْحَج جِهَاد، وَالْعمْرَة تطوع ". وَقَالَ عبد الرَّزَّاق: عَن الثَّوْريّ، عَن مُعَاوِيَة بن إِسْحَاق، عَن أبي صَالح الْحَنَفِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْحَج جِهَاد، وَالْعمْرَة تطوع ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 518 (515) وَذكر من طَرِيقه عَن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " فِي اليربوع جفرة ". ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: رَوَاهُ الثِّقَات الْأَثْبَات عَن عمر قَوْله: مِنْهُم اللَّيْث، وَابْن عُيَيْنَة، وَابْن عون، وَغَيرهم، وأسنده الْأَجْلَح، وَمُحَمّد بن فُضَيْل، وَالْأول هُوَ الصَّحِيح. وروى الْأَجْلَح أَيْضا عَن أبي الزبير، عَن جَابر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " فِي الضبع إِذا أَصَابَهَا الْمحرم كَبْش، وَفِي الظبي شَاة، وَفِي الأرنب عنَاق، وَفِي اليربوع جفرة ". كَذَا رَوَاهُ الْأَجْلَح من رِوَايَة مُحَمَّد بن فُضَيْل عَنهُ، وَرَوَاهُ أَصْحَاب أبي الزبير، عَن أبي الزبير، عَن جَابر، عَن عمر قَوْله، وَهُوَ أصح من الْمسند، انْتهى كَلَامه. وَالْمَقْصُود فِيهِ هُوَ بَيَان أَنه من ذَلِك الْقَبِيل، لم يُوصل [إِلَيْهِ] الدَّارَقُطْنِيّ إِسْنَادًا. وَفِيه إِلَى ذَلِك أَشْيَاء ننبه عَلَيْهَا: مِنْهَا قَوْله: إِن الْأَجْلَح وَابْن فُضَيْل أسْندهُ مخالفين لليث، وَابْن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 519 عُيَيْنَة، وَابْن عون، الواقفين لَهُ على عمر، وَلَيْسَ الْأَمر فِيهِ كَذَلِك، وَإِنَّمَا يَدُور الحَدِيث على أبي الزبير، يرويهِ عَن جَابر. فمالك بن سعير، وَمُحَمّد بن فُضَيْل روياه عَن الْأَجْلَح، عَن أبي الزبير، عَن جَابر، عَن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَابْن عوان، وَأَيوب، وَابْن عُيَيْنَة، وَهِشَام بن حسان، وَالْأَوْزَاعِيّ، وصخر بن جوَيْرِية، وَاللَّيْث بن سعد، رَوَوْهُ عَن أبي الزبير، عَن جَابر، عَن عمر قَوْله، لم يرفعوه إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَحصل الْخلاف على أبي الزبير بَين الْأَجْلَح وَالْجَمَاعَة، وَالْأَجْلَح يرفعهُ وَالْجَمَاعَة ثقفه. هَكَذَا أوردهُ الدَّارَقُطْنِيّ الَّذِي نَقله من عِنْده، فَقَوله إِذن: إِن الْأَجْلَح وَابْن فُضَيْل أسنداه خطأ، فَإِن ابْن فُضَيْل لَا يروي عَن أبي الزبير، وَلَكِن عَن الْأَجْلَح، وَهَذِه الرِّوَايَة عَن ابْن فُضَيْل، هِيَ رِوَايَة مُوسَى بن إِسْحَاق القواس عَنهُ. وَعنهُ فِي هَذِه رِوَايَة أُخْرَى، وَهِي الَّتِي تقدم ذكرهَا، يَرْوِيهَا عَن الْأَجْلَح عَن أبي الزبير، عَن جَابر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، بِغَيْر ذكر عمر. رَوَاهَا عَن ابْن فُضَيْل أَبُو كريب، وَأَبُو مَرْيَم، ذكر ذَلِك عَنْهُمَا الدَّارَقُطْنِيّ فِي كتاب السّنَن موصلا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 520 وَأَبُو مُحَمَّد لم يعز ذَلِك، وأوهم أَيْضا بقوله: وَرَوَاهُ الثِّقَات عَن عمر، مِنْهُم فلَان وَفُلَان، أَن هَؤُلَاءِ باشروا عمر بالرواية عَنهُ، وَلَيْسَ كَذَلِك على مَا قد تبين بِمَا ذَكرْنَاهُ. (516) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا عَن عَائِشَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ بعد حنين: " عشرَة أَشْيَاء مُبَاحَة للْمُسلمين ". ثمَّ رده بِأَن أَبَا سَلمَة: الحكم بن عبد الله بن خطَّاف العاملي، رَاوِيه عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة مَتْرُوك. وَلم يبين انْقِطَاعه فِيمَا بَينه وَبَين الدَّارَقُطْنِيّ، فَإِنَّهُ أَيْضا غير موصل الْإِسْنَاد مِنْهُ إِلَى رَاوِيه. (517) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد حَدِيث نَافِع، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة، " إِذا كَانُوا ثَلَاثَة فِي السّفر، فليؤمروا أحدهم ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 521 ثمَّ قَالَ: وَفِي بعض أَلْفَاظ هَذَا الحَدِيث: " إِذا سافرتم فليؤمكم أقرؤكم، وَإِن كَانَ أصغركم، وَإِذا أمكُم فَهُوَ أميركم ". ثمَّ / قَالَ: ذكر هَذَا اللَّفْظ أَبُو الْحسن الدَّارَقُطْنِيّ. انْتهى قَوْله. وَهُوَ حَدِيث لم يُوصل أَيْضا إِلَيْهِ الدَّارَقُطْنِيّ إِسْنَادًا، وَأتبعهُ ذكر الِاخْتِلَاف فِيهِ على أبي سَلمَة، فساق فِي ذَلِك بعض الطّرق / اللَّفْظ الَّذِي ذكره أَبُو دَاوُد، فَلم يتَحَصَّل لهَذَا اللَّفْظ الَّذِي نقل من عِنْده إِسْنَاده، فَاعْلَم ذَلِك. (518) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ أَيْضا عَن يحيى بن سعيد الْأمَوِي، عَن ابْن جريج، عَن مُوسَى بن عقبَة، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَدِيث: " نِكَاح العَبْد بِغَيْر إِذن مَوْلَاهُ ". فاعتراه فِيهِ مَا أوجب ذكره فِي بَاب الْأَحَادِيث الْمُغيرَة عَمَّا هِيَ عَلَيْهِ. وَهُوَ أَيْضا من هَذَا الْبَاب، لكَونه مِمَّا لم يُوصل إِلَيْهِ إِسْنَاده. (519) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا حَدِيث: " لَا نِكَاح إِلَّا بولِي وشاهدي عدل ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 522 فَذكر فِيهِ رِوَايَات، هِيَ من علل الدَّارقطني أَيْضا، غير موصلة بِالْأَسَانِيدِ، قد ذَكرنَاهَا فِي بَاب الْأَحَادِيث المصححة بسكوته، الْمَذْكُورَة بِقطع من أسانيدها. (520) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا عَن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه " نهى عَن الْعَزْل عَن الْحرَّة إِلَّا بِإِذْنِهَا ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 523 ثمَّ أتبعه أَنه إِنَّمَا انْفَرد بِهِ إِسْحَاق الطباع، عَن ابْن لَهِيعَة، عَن جَعْفَر بن ربيعَة، عَن الزُّهْرِيّ، عَن مُحَرر بن أبي هُرَيْرَة، عَن عمر، وَوهم فِيهِ. وَخَالفهُ ابْن وهب فَقَالَ: عَن ابْن لَهِيعَة، عَن جَعْفَر بن ربيعَة، عَن الزُّهْرِيّ، عَن حَمْزَة بن عبد الله بن عمر، عَن أَبِيه، قَالَ: وَهُوَ وهم أَيْضا. وَالصَّوَاب عَن عمر بن حَمْزَة مُرْسلا، لَيْسَ فِيهِ عَن أَبِيه. انْتهى كَلَامه. وَهُوَ كَمَا ذكر، وَلكنه غير موصل الْإِسْنَاد عِنْده، إِنَّمَا سُئِلَ عَنهُ فَأجَاب بذلك. (521) وَذكر أَيْضا من طَرِيقه، عَن جَابر بن عبد الله، قيل: يَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 524 رَسُول الله، أَيَنَامُ أهل الْجنَّة؟ قَالَ: " لَا، النّوم أَخُو الْمَوْت، وَالْجنَّة لَا موت فِيهَا ". كَذَا ذكره وَسكت عَنهُ، وَهُوَ إِنَّمَا ذكره الدَّارَقُطْنِيّ غير موصل كَذَلِك، إِنَّمَا سُئِلَ عَنهُ فَقَالَ: يرويهِ الثَّوْريّ، فَاخْتلف عَنهُ. فَرَوَاهُ عبد الله بن مُحَمَّد بن الْمُغيرَة، عَن الثَّوْريّ، عَن ابْن الْمُنْكَدر، عَن جَابر، وَكَذَلِكَ قيل عَن الْأَشْجَعِيّ. وَرَوَاهُ يحيى بن الْقطَّان، وَابْن مهْدي، وَأَبُو شهَاب الحناط وَأَبُو عَامر الْعَقدي، عَن الثَّوْريّ، عَن ابْن الْمُنْكَدر مُرْسلا، وَهُوَ الصَّوَاب. هَذَا مَا ذكره بِهِ من غير مزِيد فاعلمه. (522) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا عَن أبي جَعْفَر: مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 525 عَن عَليّ، قَالَ: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يكلم النِّسَاء إِلَّا بِإِذن أَزوَاجهنَّ ". ثمَّ قَالَ: رَوَاهُ ابْن أبي ليلى، عَن الحكم، عَن أبي جَعْفَر، عَن عَليّ، وَخَالفهُ شُعْبَة عَن الحكم، عَن ذكْوَان أبي صَالح، عَن مولى لعَمْرو بن الْعَاصِ، عَن عَمْرو بن الْعَاصِ، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح فِي هَذَا الْإِسْنَاد. انْتهى مَا ذكر. وَهُوَ أَيْضا عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ غير موصل الْإِسْنَاد كَذَلِك، وَإِلَى ذَلِك فَإِن أَبَا جَعْفَر هَذَا لَا يعرف، وَابْن أبي ليلى مُحَمَّد سيئ الْحِفْظ، وَهُوَ يُضعفهُ ويضعف بِهِ، وَهُوَ هَا هُنَا قد أعرض عَنهُ. (523) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا: حَدِيث عُثْمَان: " لَا شُفْعَة فِي بِئْر، وَلَا فَحل النّخل ". وَالِاخْتِلَاف فِي رَفعه وَوَقفه. وَهُوَ أَيْضا غير موصل كَذَلِك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 526 (524) وَذكره من طَرِيقه أَيْضا عَن زَيْنَب بنت منجل، وَيُقَال: بنت منخل، عَن عَائِشَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - زجر صبياننا عَن الْجَرَاد، وَكَانُوا يَأْكُلُونَهُ. قَالَ: وَالصَّوَاب مَوْقُوف، وَذكر فِي المؤتلف والمختلف، أَن منجلا - بِالْجِيم - تَصْحِيف. انْتهى مَا ذكر. والْحَدِيث أَيْضا غير موصل / فِي كتاب الْعِلَل كَذَلِك، وَإِنَّمَا سُئِلَ عَنهُ فَأجَاب بِأَنَّهُ يرويهِ عُثْمَان بن غياث، وَاخْتلف عَنهُ، فَرَوَاهُ روح بن عبَادَة عَنهُ، عَن برد بن عرين عَن زَيْنَب بنت منخل، عَن عَائِشَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 527 وَخَالفهُ شُعْبَة، وَابْن أبي عدي، روياه عَن عُثْمَان بن غياث، لم يذكرَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَفِيه " كَانَ صبيانا يَأْكُلُونَهُ " مَوْقُوفا، وَهُوَ صَوَاب. (525) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا عَن سَالم، عَن أَبِيه، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَمر أَن تحد الشفار، وَأَن توارى عَن الْبَهَائِم " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: إِنَّه يرْوى مَوْقُوفا، وَالَّذِي أسْندهُ لَا يحْتَج بِهِ، وَالصَّحِيح: عَن الزُّهْرِيّ مُرْسل. وَهُوَ أَيْضا عِنْده غير موصل لَا إِلَى مُسْنده، وَلَا إِلَى مرسله. (526) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 528 دخلت على أَخِيك، فَكل من طَعَامه، وَلَا تسأله، وَإِذا سقاك فَاشْرَبْ من شرابه، وَلَا تسأله ". ثمَّ قَالَ: أسْندهُ يحيى بن غيلَان وَعبد / الْجَبَّار بن الْعَلَاء، عَن ابْن عُيَيْنَة، عَن ابْن عجلَان، عَن المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة، وَأَوْقفهُ غَيرهمَا، وَالْمَوْقُوف أصوب. هَذَا مَا ذكره بِهِ، وَهُوَ كَلَام الدَّارَقُطْنِيّ عَلَيْهِ، وَهُوَ غير موصل الْإِسْنَاد إِلَى من ذكر أَنه أسْندهُ، وَلَا إِلَى من وَقفه فاعلمه. (527) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا عَن عَطاء بن يزِيد عَن أبي ثَعْلَبَة الْخُشَنِي، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رأى فِي يَده خَاتمًا من ذهب فقرعه بقضيب، فَلَمَّا غفل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَلْقَاهُ، فَنظر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلم يره، فَقَالَ: " مَا أرانا إِلَّا قد أوجعناك وأغرمناك ". ثمَّ قَالَ: هَكَذَا رَوَاهُ النُّعْمَان بن رَاشد، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عَطاء. وَرَوَاهُ الْحفاظ من أَصْحَاب الزُّهْرِيّ، عَن أبي إِدْرِيس الْخَولَانِيّ، أَن رجلا من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، لبس خَاتمًا، وَهُوَ الصَّحِيح. هَذَا مَا ذكر، وَهُوَ أَيْضا عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ غير موصل كَذَلِك. (528) وَذكر أَيْضا من طَرِيقه، عَن حميد، عَن أنس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 529 قَالَ: " لَا يكْتب فِي الْخَاتم بِالْعَرَبِيَّةِ ". ثمَّ قَالَ: الصَّحِيح عَن حميد مُرْسلا. وَهَذَا أَيْضا إِنَّمَا سُئِلَ عَنهُ الدَّارَقُطْنِيّ، فَأجَاب بِأَن أَبَا عبد الرَّحْمَن الْمُقْرِئ، رَوَاهُ عَن حميد، عَن أنس، وَبِأَن هشيما رَوَاهُ عَن حميد، عَن الْحسن مُرْسلا، قَالَ: وَهُوَ الصَّحِيح. وأوهم كَلَام أبي مُحَمَّد أَنه مُرْسل عَن حميد، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَلَيْسَ كَذَلِك. (529) وَذكر أَيْضا من طَرِيقه، عَن أبي الزبير، عَن جَابر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يود أهل الْعَافِيَة أَن لحومهم قرضت بِالْمَقَارِيضِ، لما يرَوْنَ من ثَوَاب الله لأهل الْبلَاء ". كَذَا ذكره وَسكت عَنهُ، وَالدَّارَقُطْنِيّ لم يُوصل إِسْنَاده إِلَى عبد الرَّحْمَن بن مغراء رَاوِيه عَن الْأَعْمَش، عَن أبي الزبير، عَن جَابر وَذكر أَن أَبَا عُبَيْدَة بن معن خَالفه، فَرَوَاهُ عَن الْأَعْمَش قَالَ: سمعتهم يذكرُونَ عَن جَابر، يَعْنِي أَنه لم يسم من حَدثهُ عَن جَابر. (530) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا، عَن حَمَّاد بن زيد، عَن أبي عمرَان الجزء: 2 ¦ الصفحة: 530 الْجونِي عَن جُنْدُب / عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من بَات فَوق إجار لَيْسَ حوله شَيْء فَوَقع، فَمَاتَ، أَو ركب الْبَحْر عِنْد ارتجاجه، فقد بَرِئت مِنْهُ الذِّمَّة ". ثمَّ قَالَ: هَكَذَا رَوَاهُ حَمَّاد بن زيد، وَغَيره عَن أبي عمرَان، عَن زُهَيْر بن عبد الله مَوْقُوفا، وَهُوَ الصَّوَاب، وَزُهَيْر لَيست لَهُ / صُحْبَة. ذكر هَذَا كُله الدَّارَقُطْنِيّ، وَحَمَّاد بن زيد، جليل حَافظ. انْتهى قَوْله. وَفِيه كَمَا ترى تَرْجِيح رِوَايَة حَمَّاد واصله ورافعه، وَقد نقض فِي ذَلِك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 531 وَإِلَى ذَلِك فَإِنَّهُ لَا إِسْنَاد لَهُ عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ موصلا إِلَى حَمَّاد، وَلَا إِلَى من وَقفه فَاعْلَم ذَلِك. (531) وَذكر أَيْضا من طَرِيقه عَن ابْن الْمُنْكَدر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، قَالَ: " إِذا دعت أحدكُم أمه وَهُوَ فِي الصَّلَاة، فليجب، وَإِذا دَعَاهُ أَبوهُ فَلَا يجب ". ثمَّ قَالَ: هَكَذَا رَوَاهُ حَفْص بن غياث، عَن ابْن أبي ذِئْب عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر مُرْسلا، وَرَوَاهُ عبد الْعَزِيز بن أبان، عَن ابْن أبي ذِئْب، عَن ابْن الْمُنْكَدر، عَن جَابر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، والمرسل هُوَ الصَّوَاب. كَذَا ذكره وَهُوَ أَيْضا غير موصل كَذَلِك. (532) وَذكر أَيْضا من طَرِيقه، عَن أبي عبد الرَّحْمَن الحبلي عَن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 532 عبد الله بن مَسْعُود، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من كَانَت لَهُ سريرة صَالِحَة أَو سَيِّئَة، أظهر الله عَلَيْهِ مِنْهَا رِدَاء يعرف بِهِ ". ثمَّ قَالَ: الصَّحِيح فِي هَذَا، عَن عُثْمَان، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، انْتهى مَا أورد. والْحَدِيث أَيْضا عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ غير موصل الْإِسْنَاد، وَفِي إِيرَاد أبي مُحَمَّد هَذَا وهم بَين، وَهُوَ قَوْله: عَن أبي عبد الرَّحْمَن الحبلي، إِنَّمَا هُوَ السّلمِيّ، وَفِي جملَة أَحَادِيث السّلمِيّ أوردهُ الدَّارَقُطْنِيّ، وَقد بَينا ذَلِك فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي وهم فِي التَّعْرِيف بِرِجَال مِنْهَا فَاعْلَم ذَلِك. (533) وَذكر فِي طَرِيقه عَن مُحَمَّد بن أبي عميرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَو أَن رجلا خر على وَجهه من يَوْم ولد إِلَى أَن يَمُوت هرما فِي طَاعَة الله، لحقره ذَلِك الْيَوْم، ولود أَنه زيد كَيْمَا يزْدَاد من الْأجر ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 533 كَذَا ذكره وَسكت عَنهُ، وَهُوَ أَيْضا عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ غير موصل / الْإِسْنَاد، إِنَّمَا قَالَ: يرويهِ ثَوْر بن يزِيد وَاخْتلف عَنهُ، حدث بِهِ عَنهُ ابْن الْمُبَارك. فَقَالَ عبد الحميد بن صَالح: عَن ابْن الْمُبَارك، عَن ثَوْر، عَن خَالِد بن معدان، عَن مُحَمَّد بن أبي عميرَة. وَقَالَ عَليّ بن إِسْحَاق: عَن ابْن الْمُبَارك، عَن ثَوْر، عَن خَالِد بن معدان، عَن جُبَير بن نفير عَن مُحَمَّد بن أبي عميرَة. وَيُشبه أَن يكون القَوْل قَول عَليّ بن إِسْحَاق، لِأَنَّهُ زَاد رجلا وَهُوَ ثِقَة. انْتهى كَلَام الدَّارَقُطْنِيّ. وَهُوَ كَمَا قُلْنَاهُ لَا إِسْنَاد لَهُ مِنْهُ إِلَى عبد الحميد، وَلَا إِلَى عَليّ بن إِسْحَاق. (534) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا، عَن ابْن عمر: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن تسقى الْبَهَائِم الْخمر ". ثمَّ قَالَ: الصَّحِيح فِي هَذَا مَوْقُوف على ابْن عمر. وَهَذَا أَيْضا كَذَلِك، إِنَّمَا سُئِلَ عَنهُ فَأجَاب بِأَن أَبَا مُسلم قَائِد الْأَعْمَش رَوَاهُ عَن عبيد الله بن عمر، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر مَرْفُوعا. وَتَابعه على رَفعه أَحْمد بن عبد الله بن إشكاب، وَلم يُوصل إِلَى وَاحِد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 534 مِنْهُمَا إِسْنَاده، يرويهِ عَن عبد الرَّحِيم بن سُلَيْمَان عَن عبيد الله قَالَ: وَالصَّحِيح عَن عبيد الله الْوَقْف على ابْن عمر. (535) وَذكر أَيْضا من طَرِيقه، عَن صَفْوَان بن سليم، عَن أنس بن مَالك، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اطْلُبُوا الْخَيْر، وتعرضوا لنفحات الله، فَإِن لله نفحات من رَحمته يُصِيب بهَا من يَشَاء، وسلوا الله أَن يستر عوراتكم، ويؤمن روعاتكم ". وَسكت عَنهُ، وَلم يبين أَنه غير موصل الْإِسْنَاد كَذَلِك، وَإِنَّمَا سُئِلَ الدَّارَقُطْنِيّ عَنهُ فَقَالَ: قد اخْتلف فِيهِ على صَفْوَان بن سليم، فَرَوَاهُ عِيسَى بن مُوسَى بن إِيَاس بن بكير، عَن صَفْوَان بن سليم / عَن أنس، وَخَالفهُ اللَّيْث بن سعد، فَرَوَاهُ عَن صَفْوَان بن سليم، عز رجل، عَن أبي هُرَيْرَة، وَالله أعلم. الْمدْرك الرَّابِع لانْقِطَاع الْأَحَادِيث: وَهُوَ أَن يكون الِانْقِطَاع مُصَرحًا بِهِ فِي أسانيدها /. (536) فَمن ذَلِك مَا ذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 535 قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - /: " إِن الله أجاركم من ثَلَاث خلال: أَن لَا يَدْعُو الجزء: 2 ¦ الصفحة: 536 عَلَيْكُم نَبِيكُم فَتَهْلكُوا " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: [هَذَا] يرويهِ إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش من حَدِيث الشاميين، وَحَدِيثه عَنْهُم صَحِيح، قَالَه ابْن معِين وَغَيره. وَرَوَاهُ إِسْمَاعِيل، عَن ضَمْضَم بن زرْعَة عَن شُرَيْح بن عبيد، عَن أبي مَالك. هَكَذَا نَص مَا ذكر، والْحَدِيث عِنْد أبي دَاوُد مُنْقَطع، وَبَيَان هَذَا هُوَ أَن أَبَا دَاوُد قَالَ فِيهِ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عَوْف، حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل، حَدثنِي أبي - قَالَ ابْن عَوْف، وقرأت فِي أصل إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش - حَدثنِي ضَمْضَم فَذكره. فَهَذَا الْقطعَة الَّتِي ترك أَبُو مُحَمَّد ذكرهَا من الْإِسْنَاد تبين فِيهَا أَن مُحَمَّد ابْن عَوْف لم يسمعهُ من إِسْمَاعِيل، وَإِنَّمَا قَرَأَهُ فِي كِتَابه، أَو حَدثهُ بِهِ عَنهُ ابْنه: مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل، وَمُحَمّد بن إِسْمَاعِيل لَا يصدق فِيمَا يرويهِ عِنْدهم، وَلَا أَيْضا صَحَّ سَمَاعه من أَبِيه. قَالَ ابْن أبي حَاتِم: سَأَلت أبي عَنهُ فَقَالَ: لم يسمع من أَبِيه شَيْئا، حملوه على أَن يحدث عَنهُ فَحدث. (537) وَكرر أَبُو مُحَمَّد هَذَا الْعَمَل بِعَيْنِه فِي حَدِيث ثَوْبَان أَنهم استفتوا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 537 رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن غسل الْجَنَابَة فَقَالَ: " أما الرجل فلينشر رَأسه فليغسله " الحَدِيث. هُوَ عِنْده بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور، وَعمل فِيهِ كعمله الْمَذْكُور. (538) وَقد تحرز مِنْهُ فِي حَدِيث: " امْتِنَاعه عَلَيْهِ السَّلَام من الدُّخُول إِلَى زَيْنَب زوجه، لما صبغت ثِيَابهَا بمغزة " فَإِنَّهُ ذكر إِسْنَاده كَمَا هُوَ عِنْد أبي دَاوُد كالمتبرئ من عهدته، فَكَانَ ذَلِك صَوَابا. (539) وَذكر من طَرِيق مُسلم، عَن جَابر بن سَمُرَة، قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم جُمُعَة عَشِيَّة رجم الْأَسْلَمِيّ قَالَ: " لَا يزَال الدَّين قَائِما حَتَّى تقوم السَّاعَة أَو يكون عَلَيْكُم اثْنَا عشر خَليفَة " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ عِنْد مُسلم - رَحمَه الله - مُنْقَطع إِنَّمَا كتب بِهِ جَابر بن سَمُرَة إِلَى عَامر بن سعد بن أبي وَقاص. قَالَ مُسلم: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، وَأَبُو بكر بن أبي شيبَة، قَالَا: حَدثنَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 538 حَاتِم - وَهُوَ ابْن إِسْمَاعِيل - عَن المُهَاجر بن مِسْمَار، عَن عَامر بن سعد بن أبي وَقاص، قَالَ: كتبت إِلَى جَابر بن سَمُرَة مَعَ غلامي نَافِع أَن أَخْبرنِي بِشَيْء سمعته من رَسُول الله / - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: فَكتب إِلَيّ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: فَذكره. وَلَيْسَ فِيهِ أَن نَافِعًا غُلَامه رد الْجَواب، وَحَتَّى لَو كَانَ فِيهِ ذَلِك لم ينفع، فَإِن حَاله لَا تعرف، وَإِنَّمَا هُوَ غُلَام من غلْمَان عَامر لَا يعرف بالرواية. وَمُسلم - رَحمَه الله - لم يعتمده، وَإِنَّمَا أورد الحَدِيث على أَنه كتاب كَسَائِر مَا فِي كِتَابه من أَمْثَاله. وَلِهَذَا لَا تَجِد لنافع الْمَذْكُور ذكرا فِي شَيْء من مصنفات / الرِّجَال الَّذين رويت لَهُم الْأَحَادِيث فِي الصَّحِيحَيْنِ، فَاعْلَم ذَلِك. (540) وَذكر أَيْضا من طَرِيق مُسلم، عَن عبد الله بن أبي أوفى، " أَن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 539 رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي بعض أَيَّامه الَّتِي لَقِي فِيهَا الْعَدو ينْتَظر " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث لم يسمعهُ أَبُو النَّضر: سَالم، من عبد الله ابْن أبي أوفى، وَإِنَّمَا كتب بِهِ إِلَى مَوْلَاهُ، فَلَعَلَّهُ رَآهُ فِي الْكتاب، وَقد نبه عَلَيْهِ الدارقطبي. وَنَصّ مَا عِنْد مُسلم فِيهِ: نَبَّأَنِي مُحَمَّد بن رَافع قَالَ: حَدثنَا عبد الرَّزَّاق، حَدثنَا ابْن جريج، أنبأني مُوسَى بن عقبَة، عَن أبي النَّضر: هُوَ سَالم مولى عمر بن عبيد الله، عَن كتاب رجل من أسلم، من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُقَال لَهُ: عبد الله بن أبي أوفى، فَكتب إِلَى عمر بن عبيد الله - حِين سَار إِلَى الحرورية يُخبرهُ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي بعض أَيَّامه الَّتِي لَقِي فِيهَا الْعَدو ينْتَظر، حَتَّى إِذا مَالَتْ الشَّمْس قَامَ فيهم فَقَالَ: " يَا أَيهَا النَّاس لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاء الْعَدو، واسألوا الله الْعَافِيَة " الحَدِيث. وَفِي كتاب البُخَارِيّ من رِوَايَة مُعَاوِيَة بن عَمْرو، عَن أبي إِسْحَاق الْفَزارِيّ، عَن مُوسَى بن عقبَة، عَن سَالم أبي النَّضر مولى عمر بن عبيد الله قَالَ: كتب إِلَى عبد الله بن أبي أوفى فَقَرَأته. وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْن أبي الزِّنَاد عَن مُوسَى بن عقبَة - كَمَا رَوَاهُ الْفَزارِيّ - أَن عبد الله بن أبي أوفى، كتب إِلَى أبي النَّضر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 540 وَلَيْسَ ذَلِك بِشَيْء، وَإِنَّمَا الصَّوَاب مَا رَوَاهُ ابْن جريج، عَن مُوسَى بن عقبَة، من أَن ابْن أبي أوفى كتب بِهِ إِلَى مَوْلَاهُ عمر بن عبيد الله بن معمر بن عُثْمَان بن عَمْرو بن كَعْب بن سعد بن تَمِيم بن مرّة الْقرشِي، الْأَمِير على الجيوش، الْجواد، الَّذِي قتل أَبَا فديك، وَولي الْولَايَة الْعَظِيمَة، وَشهد مَعَ عبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة بن حبيب فتوح كابل شَاة هـ وَهُوَ صَاحب الْبَقَرَة بَات يُقَاتل عَنْهَا حَتَّى أصبح، وأخباره كَثِيرَة ومناقبه وممادحه، وَكَانَ يُقَاوم قطري بن الْفُجَاءَة، وَمَات بِدِمَشْق عِنْد عبد الْملك بن مَرْوَان. فَالْحَدِيث إِذن مُنْقَطع، حدث بِهِ أَبُو النَّضر، عَن كتاب ابْن أبي أوفى إِلَى مَوْلَاهُ الْمَذْكُور. (541) وَقد ذكر أَبُو مُحَمَّد حَدِيث ابْن عمر فِي الدعْوَة قبل الْقِتَال كَمَا وَقع، فبرئت مِنْهُ عهدته. قَالَ عَن ابْن عون: كتبت إِلَى نَافِع أسأله عَن الدعْوَة قبل الْقِتَال، فَكتب إِلَى: إِنَّمَا كَانَ ذَلِك فِي أول الْإِسْلَام، قد أغار رَسُول الله على بني الجزء: 2 ¦ الصفحة: 541 المصطلق وهم غَارونَ [الحَدِيث] . فَمثل هَذَا هُوَ الصَّوَاب فِي أَمْثَاله، أَن يبين أَنه عَن كتاب فاعلمه. (542) وَذكر من طَرِيق مُسلم، عَن أبي الجهم بن الْحَارِث، " أقبل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من نَحْو بِئْر جمل، فَلَقِيَهُ رجل فَسلم عَلَيْهِ " الحَدِيث فِي التَّيَمُّم. وَلم يبين انْقِطَاعه، وَهُوَ مُصَرح بِهِ عِنْد مُسلم. إِنَّمَا قَالَ فِيهِ: وروى اللَّيْث بن سعد، عَن جَعْفَر بن ربيعَة، عَن عبد الرَّحْمَن ابْن هُرْمُز، عَن عُمَيْر مولى مَيْمُونَة، قَالَ: " أَقبلت وَأَنا عبد الله بن يسَار " الحَدِيث. وَهُوَ مُتَّصِل عِنْد أبي دَاوُد، وَالنَّسَائِيّ، من رِوَايَة شُعَيْب بن اللَّيْث، عَن أَبِيه. وَرَوَاهُ عَنهُ أَيْضا يحيى بن بكير، ذكره عَنهُ البُخَارِيّ، فَاعْلَم ذَلِك. (543) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد حَدِيث أُسَامَة بن عُمَيْر: " رَأَيْتنَا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - زمن الْحُدَيْبِيَة، ومطرنا مَطَرا لم تبل السَّمَاء أَسْفَل نعالنا ". الحَدِيث. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 542 وَسكت عَنهُ، وَإِسْنَاده عِنْد أبي دَاوُد مُنْقَطع - أَعنِي هَذَا اللَّفْظ - إِنَّمَا قَالَ فِيهِ سُفْيَان بن حبيب: أخبرنَا عَن خَالِد الْحذاء، عَن أبي قلَابَة، عَن أبي الْمليح ابْن أُسَامَة، عَن أَبِيه. فَذكره /. (544) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن ابْن عمر، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 543 " أقِيمُوا الصُّفُوف، وحاذوا بَين المناكب، وسدوا الْخلَل، ولينوا بأيدي إخْوَانكُمْ، وَلَا تذروا فرجات للشَّيْطَان، وَمن وصل صفا / وَصله الله، وَمن قطع صفا قطعه الله ". هَكَذَا سَاق هَذَا الحَدِيث، وَلم يتبعهُ قولا، وَهُوَ هَكَذَا خطأ، فَإِن قِطْعَة مِنْهُ مُرْسلَة، فَجَاءَت هَكَذَا كَأَنَّهَا مُسندَة، وَهِي لَفْظَة: " ولينوا بأيدي إخْوَانكُمْ ". قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عِيسَى بن إِبْرَاهِيم الغافقي قَالَ: حَدثنَا ابْن وهب. وَحدثنَا قُتَيْبَة قَالَ: حَدثنَا اللَّيْث - وَحَدِيث ابْن وهب أتم - عَن مُعَاوِيَة بن صَالح عَن أبي الزَّاهِرِيَّة عَن كثير بن مرّة عَن عبد الله بن عمر - قَالَ قُتَيْبَة -: عَن أبي الزَّاهِرِيَّة، عَن أبي شَجَرَة. وَلم يذكر ابْن عمر أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أقِيمُوا الصُّفُوف، وحاذوا بَين المناكب، وسدوا الْخلَل، ولينوا بأيدي إخْوَانكُمْ ". وَلم يقم عِيسَى " بأيدي إخْوَانكُمْ " - صحف فِيهِ - " وَلَا تذروا فرجات للشَّيْطَان، وَمن وصل صفا وَصله الله، وَمن قطع صفا قطعه الله ". هَذَا نَص مَا عِنْده، وَفِيه بَيَان مَا قُلْنَا، فَإِن رِوَايَة قُتَيْبَة لم يذكر فِيهَا ابْن عمر، إِنَّمَا جعله مُرْسلا من مراسل أبي شَجَرَة: كثير بن مرّة. وَعِيسَى بن إِبْرَاهِيم الَّذِي وَصله بِذكر ابْن عمر فِيهِ، لم يقم، أَو لم يقل. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 544 لَفْظَة " بأيدي إخْوَانكُمْ "، فَاعْلَم ذَلِك. (545) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا فِي أَحَادِيث التَّيَمُّم أَن قَالَ ويروى إِلَى الْمرْفقين. وَهَذِه الرِّوَايَة إِنَّمَا هِيَ عِنْد أبي دَاوُد مُنْقَطِعَة الْإِسْنَاد، مُصَرح من قَتَادَة بذلك، إِنَّمَا قَالَ فِيهَا: حَدثنِي مُحدث عَن الشّعبِيّ، عَن عبد الرَّحْمَن بن أَبْزَى عَن عمار بن يَاسر أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِلَى الْمرْفقين ". (546) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا عَن ابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَيْسَ على النِّسَاء حلق " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، فَكَانَ ذَلِك تَصْحِيحا لَهُ مِنْهُ، وَهُوَ حَدِيث ضَعِيف مُنْقَطع. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 545 أما ضعفه فبأن أم عُثْمَان بنت أبي سُفْيَان، لَا يعرف لَهَا حَال. وَأما انْقِطَاعه فيتبين بإيراده كَمَا وَقع. قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْحسن الْعَتكِي، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بكر، قَالَ: حَدثنَا ابْن جريج، قَالَ بَلغنِي عَن صَفِيَّة بنت شيبَة، قَالَت: أَخْبَرتنِي أم عُثْمَان بنت أبي سُفْيَان أَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ / رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: مثله " لَيْسَ على النِّسَاء حلق، إِنَّمَا على النِّسَاء التَّقْصِير ". فَهَذَا طَرِيق مُنْقَطع، لقَوْل ابْن جريج: بَلغنِي عَن صَفِيَّة. ثمَّ قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا رجل ثِقَة، يكنى أَبَا يَعْقُوب قَالَ: حَدثنَا هِشَام ابْن يُوسُف عَن ابْن جريج، عَن عبد الحميد بن جُبَير بن شيبَة، عَن صَفِيَّة بنت شيبَة، قَالَت: أَخْبَرتنِي أم عُثْمَان بنت أبي سُفْيَان، أَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مثله. وَهَذَا أَيْضا مُنْقَطع، فَإنَّا مَا لم نَعْرِف الَّذِي حدث بِهِ حَتَّى يوضع فِيهِ النّظر، فَهُوَ بِمَثَابَة من لم يذكر. وَهَكَذَا القَوْل فِيمَا يرويهِ مَالك، عَن الثِّقَة عِنْده وأشباهه. وَلم ينفع كَونه يكنى أَبَا يَعْقُوب، فقد عرفنَا نَحن أَنه مكنى، وإنسان، فَمَا ذَلِك بِنَافِع. وَمن لج فِي هَذَا، لن يلج فِي أَنه مَجْهُول فَلَا يكون الحَدِيث من أَجله صَحِيحا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 546 وَإِن فسره مُفَسّر بِأَنَّهُ أَبُو يَعْقُوب: إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن أبي إِسْرَائِيل، فَإِنَّهُ يروي هَذَا الحَدِيث، عَن هِشَام بن يُوسُف، لم يقنع بذلك، وَهُوَ أَيْضا رجل قد علم لَهُ رَأْي فَاسد يتجرح بِهِ، تَركه / النَّاس من أَجله، وَهُوَ الْوَقْف فِي أَن الْقُرْآن مَخْلُوق، وَإِن كَانَ لَا يُؤْتى من جِهَة الصدْق وَمن طَرِيقه ذكر الدَّارَقُطْنِيّ هَذَا الحَدِيث، عَن الْبَغَوِيّ عَنهُ، فَاعْلَم ذَلِك. (547) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار، عَن أبي مُوسَى، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يُطلق النِّسَاء إِلَّا من رِيبَة، إِن الله لَا يحب الذواقين وَلَا الذواقات ". ثمَّ قَالَ: لَيْسَ لهَذَا الحَدِيث إِسْنَاد قوي. لم يزدْ على هَذَا، وَصدق فِيهِ، وَهُوَ حَدِيث مُصَرح فِي إِسْنَاده بالانقطاع، إِنَّمَا هُوَ من رِوَايَة عبد الله بن عِيسَى، عَمَّن حَدثهُ، عَن أبي مُوسَى. وَلِأَن أَبَا مُحَمَّد لم يذكر علته وَلَا فسر من حَاله شَيْئا، أخرنا شرح أمره إِلَى الْبَاب الَّذِي نذْكر فِيهِ الْأَحَادِيث الَّتِي أجمل تعليلها. واكتفينا هَا هُنَا بالتنبيه على انْقِطَاعه. وَقد فَرغْنَا من ذكر الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا مُتَّصِلَة وَهِي مُنْقَطِعَة، فلنذكر مَا ذكر من الْأَحَادِيث على أَنَّهَا مُتَّصِلَة، وَهِي مَشْكُوك فِي اتصالها. (548) فَمن ذَلِك مَا ذكر من طَرِيق أبي أَحْمد الْحَاكِم، من حَدِيث الجزء: 2 ¦ الصفحة: 547 عَبدة بن حزن النصري - وَكَانَت لَهُ صُحْبَة - قَالَ: كَانُوا يَفْعَلُونَ أَشْيَاء فكرهها النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقيل لَهُ: لَو نهيتهم فَقَالَ: " لَو نهيت رجَالًا أَن لَا يَأْتُوا الْحجُون لأتوها، مَا لَهُم بهَا حَاجَة ". هَكَذَا أورد هَذَا الحَدِيث، وَسكت عَنهُ مصححا لَهُ، وَهَذَا الحَدِيث لَا يَنْبَغِي أَن يُطلق عَلَيْهِ القَوْل بِالصِّحَّةِ، وَذَلِكَ أَنهم يَخْتَلِفُونَ فِي صُحْبَة هَذَا الرجل. قَالَ ابْن السكن: يُقَال: لَهُ صُحْبَة، وَلم تصح لَهُ صُحْبَة. وَكَانَ شريك يَقُول فِي حَدِيثه: كَانَت لَهُ صُحْبَة، وَاخْتلف فِيهِ على أبي إِسْحَاق، فَقَالَ بَعضهم: نصر بن حزن، وَقَالَ الْأَعْمَش: عَنهُ عَن أبي الْوَلِيد: عَبدة السؤاي، وَكَانَ قد أدْرك. وَهَذَا لَا يُوضح الْمَقْصُود من كَونه صحابيا، وَلما ذكره ابْن أبي حَاتِم قَالَ: روى عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُرْسلا وَهُوَ تَابِعِيّ، روى عَن عبد الله بن مَسْعُود، وَأورد البُخَارِيّ فِي بَابه عَن ابْن أبي عدي عَن شُعْبَة قَالَ: قلت لأبي إِسْحَاق: أدْرك نصر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ قَالَ: نعم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 548 وَهَذَا أَيْضا لَا يُوضح الْمَقْصُود، من كَون عَبدة صحابيا. فلقائل أَن يَقُول: نصر بن حزن، غير عَبدة، ويختلفون فِي ضبط اسْمه، فَمنهمْ من يَقُول بِفَتْح الْبَاء، وَمِنْهُم من يسكنهَا، وَذكر البُخَارِيّ بَيَان من يَقُول ذَلِك، وَمن يَقُول فِيهِ: عُبَيْدَة بِزِيَادَة يَاء، وَبِالْجُمْلَةِ فَمَا مثله صَحَّ، فَاعْلَم ذَلِك. (549) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن زَيْنَب بنت أم سَلمَة - أَن امْرَأَة كَانَت تهراق الدَّم، وَكَانَت تَحت عبد الرَّحْمَن بن عَوْف - أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أمرهَا " الحَدِيث. وَهُوَ حَدِيث مُرْسل فِيمَا أرى وَزَيْنَب ربيبة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، مَعْدُودَة فِي التابعيات، وَإِن كَانَت إِنَّمَا ولدت بِأَرْض الْحَبَشَة، فَهِيَ إِنَّمَا تروي عَن عَائِشَة، وَأمّهَا أم سَلمَة. (550) وَحَدِيث: " لَا يحل لامْرَأَة أَن تحد إِلَّا على زَوجهَا " ترويه عَن أمهَا، وَعَن أم حَبِيبَة، وَعَن زَيْنَب، أَزوَاج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 549 وكل مَا جَاءَ عَنْهَا عَن النَّبِي / - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِمَّا لم تذكر فِيهِ بَينهَا وَبَينه أحدا لم تذكر فِيهِ سَمَاعا مِنْهُ مثل حَدِيثهَا هَذَا. (551) وَحَدِيث رَوَاهُ كُلَيْب بن وَائِل عَنْهَا، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه " نهى عَن الدُّبَّاء والحنتم ". (552) وحديثها فِي تَغْيِير / اسْمهَا، فَاعْلَم ذَلِك. (553) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد حَدِيث قبيصَة بن وَقاص " صلوا مَعَهم مَا صلوا إِلَى الْقبْلَة ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ مَشْكُوك فِي اتِّصَاله، فَإِن قبيصَة هَذَا لَا يعرف لَهُ غير هَذَا الحَدِيث. وَمن أَجله قَالَ فِيهِ من قَالَ: إِنَّه صَحَابِيّ وَقد أنكر على أبي زرْعَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 550 إِدْخَاله فِي الصَّحَابَة الْبَصرِيين. وَإِلَى ذَلِك فَإِن صَالح بن عبيد رَاوِيه عَنهُ، وَلَا تعرف حَاله، فَاعْلَم ذَلِك. (554) وَذكر أَيْضا من طَرِيق أبي دَاوُد حَدِيث ابْن أم مَكْتُوم: " لَا أجد لَك رخصَة " وَفِي رِوَايَة أُخْرَى: " إِن الْمَدِينَة كَثِيرَة الْهَوَام وَالسِّبَاع ". وكلتا الرِّوَايَتَيْنِ مَشْكُوك فِي اتصالهما: أما الأولى فيرويها عَاصِم بن بَهْدَلَة عَن أبي رزين، عَن ابْن أَن أم مَكْتُوم. وَأَبُو رزين: مَسْعُود بن مَالك الْأَسدي أَعلَى مَا لَهُ، الرِّوَايَة عَن عَليّ وَيُقَال: إِنَّه حضر مَعَه بصفين. وَابْن أم مَكْتُوم، قتل بالقادسية أَيَّام عمر، وَانْقِطَاع مَا بَينهمَا إِن لم يكن مَعْلُوما - لأَنا لَا نَعْرِف سنه - فَإِن اتِّصَال مَا بَينهمَا لَيْسَ مَعْلُوما أَيْضا، فَهُوَ مَشْكُوك فِيهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 551 وَأما الرِّوَايَة الْأُخْرَى، فيرويها عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى، عَن ابْن أم مَكْتُوم، وسنه لَا تَقْتَضِي لَهُ السماع مِنْهُ، فَإِنَّهُ ولد لست بَقينَ من خلَافَة عمر. (555) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ عَن جَابر، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الإِمَام ضَامِن، فَمَا صنع فَاصْنَعُوا ". ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: قَالَ أَبُو حَاتِم: هَذَا يصحح لمن قَالَ بِالْقِرَاءَةِ خلف الإِمَام. لم يزدْ على هَذَا، كَأَنَّهُ رأى هَذَا من أبي حَاتِم تَصْحِيحا لَهُ، فَترك النّظر فِي إِسْنَاده. وَهُوَ فِي الْحَقِيقَة لَيْسَ بتصحيح لَهُ من أبي حَاتِم، إِنَّمَا هُوَ بِمَثَابَة من يروي حَدِيثا صَحِيحا أَو سقيما ثمَّ يَقُول: هَذَا فِيهِ الْحجَّة لمن ذهب إِلَى كَذَا، يَعْنِي أَنه من متعلقاته إِن صَحَّ، أَو حَتَّى يدْفع بِمَا يُوجب دَفعه بِهِ. وَإِلَى هَذَا فَلَو / كَانَ تَصْحِيحا من أبي حَاتِم، لوَجَبَ مَعَ ذَلِك من النّظر فِي إِسْنَاده، مَا يجب مَعَ تَصْحِيح البُخَارِيّ، أَو مُسلم، أَو التِّرْمِذِيّ، أَو غَيرهم، فَإِنَّمَا تقبل الرِّوَايَة لَا الرَّأْي فِي مسَائِل الِاجْتِهَاد. والْحَدِيث الْمَذْكُور سَاقه الدَّارَقُطْنِيّ هَكَذَا، حَدثنَا مُحَمَّد بن مخلد، حَدثنَا أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ، حَدثنَا الْحميدِي، حَدثنَا مُوسَى بن شيبَة، عَن مُحَمَّد بن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 552 كُلَيْب، وَهُوَ ابْن جَابر [بن عبد الله، عَن جَابر] فَذكره. فَفِيهِ للبحث موضعان: أَحدهمَا هَل سمع مُحَمَّد بن كُلَيْب بن جَابر من جده جَابر أم لَا؟ فَإِنِّي رَأَيْت البُخَارِيّ لما ذكره إِنَّمَا قَالَ: يروي عَن مَحْمُود، وَمُحَمّد ابْني جَابر، فَأَما زِيَادَة ابْن أبي حَاتِم فِي كِتَابه حَيْثُ قَالَ: روى عَن جَابر وَمُحَمّد ومحمود ابْني جَابر فَإِنَّمَا ذَلِك أَخذ من هَذَا الْإِسْنَاد، وَلَيْسَ فِي قَوْله: عَن جَابر، مَا يُؤذن بِسَمَاعِهِ مِنْهُ. والموضع الآخر، مُوسَى بن شيبَة، فَإِن ابْن حَنْبَل قَالَ: أَحَادِيثه مَنَاكِير. وَإِن كَانَ أَبُو حَاتِم قد قَالَ فِيهِ: صَالح الحَدِيث فَإِن الَّذِي مَسّه بِهِ أَحْمد جرح مُفَسّر. (556) وَذكر من طَرِيق عبد الرَّزَّاق، عَن معمر وَابْن عُيَيْنَة، عَن أَيُّوب، عَن ابْن سِيرِين، عَن عمرَان بن الْحصين، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " التَّسْلِيم بعد سَجْدَتي السَّهْو ". ثمَّ قَالَ: قَالَ ابْن معِين: سمع مُحَمَّد بن سِيرِين من عمرَان. هَذَا مَا أورد، وَهُوَ كَمَا ذكر، وَلكنه عِنْدِي / مَشْكُوك فِي اتِّصَاله. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 553 وَبَيَان ذَلِك، هُوَ أَن مُحَمَّد بن سِيرِين قد روى عَن عمرَان أَحَادِيث معنعنة، لَا يذكر فِيهَا السماع. (557) مِنْهَا فِي كتاب مُسلم، حَدِيث الَّذِي عض يَد رجل. (558) وَحَدِيث الَّذِي " أعتق سِتَّة أعبد لَهُ عِنْد مَوته ". (559) وَفِي غير كتاب مُسلم حَدِيث: " من حلف على يَمِين صَبر كَاذِبًا، فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار ". (560) وَحَدِيث: " من كذب على مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار ". (561) وَحَدِيث " لَا يزَال العَبْد فِي الصَّلَاة مَا انْتظر الصَّلَاة ". (562) وَحَدِيث " لَا طَاعَة فِي مَعْصِيّة الله ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 554 هَذَا مَا أذكر من ذَلِك الْآن، وَمَا مِنْهُ شَيْء ذكر فِيهِ سَمَاعه مِنْهُ. فَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: لم يسمع مِنْهُ فِيمَا يُقَال. وَقَالَ غَيره: سمع مِنْهُ، كَمَا ذكر الْآن / أَبُو مُحَمَّد، عَن ابْن معِين، وَهُوَ صَحِيح عَنهُ، ذكره عَنهُ إِسْحَاق بن مَنْصُور الكوسج. (563) وَفِي كتاب مُسلم حَدِيث: " سبعين ألفا يدْخلُونَ الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب ". فِيهِ قَول مُحَمَّد بن سِيرِين: حَدثنِي عمرَان بن حُصَيْن، وَلكنه مَعَ هَذَا يبْقى الشَّك فِيهِ، ويقوى فِي حَدِيث هَذَا الْبَاب فَإِنَّهُ إِنَّمَا يروي قصَّة سَهْو النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، بتوسط ثَلَاثَة بَينه وَبَين عمرَان بن حُصَيْن. (564) قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى بن فَارس، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن الْمثنى، قَالَ: حَدثنَا أَشْعَث عَن مُحَمَّد بن سِيرِين، عَن خَالِد الْحذاء، عَن أبي قلَابَة، عَن أبي الْمُهلب، عَن عمرَان بن حُصَيْن، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " صلى بهم، فَسَهَا، فَسجدَ سَجْدَتَيْنِ، ثمَّ تشهد ثمَّ سلم ". بل احْتَاجَ أَن يرويهِ - كَمَا ترى - عَمَّن دونه، وَهُوَ خَالِد الْحذاء، فَإِنَّهُ - أَعنِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 555 خَالِد الْحذاء - إِنَّمَا عهد يروي عَن ابْن سِيرِين. (565) وَمن رِوَايَته عَنهُ فِي كتاب مُسلم حَدِيث " الْفَأْرَة أَنَّهَا مسخ ". فيغلب على الظَّن أَنه لم يسمع مِنْهُ حَدِيث هَذَا الْبَاب، وَلَو صَحَّ أَنه سمع مِنْهُ غَيره، وَالله أعلم. (566) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن الْحصين بن وحوح أَن طَلْحَة ابْن الْبَراء مرض، فَأَتَاهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يعودهُ، الحَدِيث. وَفِيه: " فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لجيفة مُسلم أَن تقيم بَين ظهراني أَهله ". وَقَالَ بإثره: لَيْسَ إِسْنَاده بِقَوي، وَالْحصين بن وحوح لَهُ صُحْبَة. لم يزدْ على هَذَا، وَقد بَينا فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي لم يبين عللها علته. وَاحْتِمَال الْإِرْسَال فِيهِ، بِكَوْن الْحصين بن وحوح يرْوى عَنهُ، عَن طَلْحَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 556 ابْن الْبَراء، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَقد أوضحت ذَلِك فِي الْبَاب الْمَذْكُور، فَهُوَ أخص بِذكرِهِ من هَذَا الْبَاب. (567) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد أَيْضا، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " وَقت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لأهل الْمشرق العقيق ". ثمَّ قَالَ: فِي إِسْنَاده يزِيد بن أبي زِيَاد. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 557 لم يزدْ على هَذَا، وَإِنَّمَا ذَلِك مِنْهُ اتكال على مَا تقدم فِي يزِيد بن أبي زِيَاد: من كَونه لَا يحْتَج بِهِ. وَالْمَقْصُود الْآن بَيَانه هُوَ أَن هَذَا الحَدِيث مَشْكُوك فِي اتِّصَاله، وَذَلِكَ أَن أَبَا دَاوُد قَالَ: حَدثنَا أَحْمد بن حَنْبَل، حَدثنَا وَكِيع، حَدثنَا سُفْيَان، عَن يزِيد / ابْن أبي زِيَاد، عَن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن عَبَّاس، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: " وَقت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " فَذكره. وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو كريب، حَدثنَا وَكِيع، فَذكره بِإِسْنَادِهِ وَمَتنه. فَأَقُول: إِن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن عَبَّاس / إِنَّمَا هُوَ مَعْرُوف الرِّوَايَة عَن أَبِيه، عَن جده ابْن عَبَّاس، وَبِذَلِك ذكر فِي كتب الرِّجَال. (568) وَفِي كتاب مُسلم، حَدِيث حبيب بن أبي ثَابت عَن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن عَبَّاس، عَن أَبِيه، عَن عبد الله بن عَبَّاس، أَنه رقد عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " فَاسْتَيْقَظَ، فَتَسَوَّكَ، وَتَوَضَّأ وَهُوَ يَقُول: إِن فِي خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض " الحَدِيث. (569) وَعند الْبَزَّار، حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة، عَن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن عَبَّاس، عَن أَبِيه، عَن ابْن عَبَّاس، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أكل كَتفًا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 558 أَو لَحْمًا، ثمَّ صلى، وَلم يمس المَاء ". فَهُوَ - كَمَا ترى - إِنَّمَا عهد يروي عَن أَبِيه، عَن جده، وَلَا أعلمهُ يروي عَن جده، إِلَّا هَذَا الحَدِيث، وأخاف أَن يكون مُنْقَطِعًا، وَلم يذكر البُخَارِيّ وَلَا ابْن أبي حَاتِم أَنه يروي عَن جده، وَقد ذكرا أَنه يروي عَن أَبِيه. وَقَالَ مُسلم فِي كتاب التَّمْيِيز لَا يعلم لَهُ سَماع من جده، وَلَا أَنه لقِيه، فَاعْلَم ذَلِك. (570) وَذكر من مُسْند أبي بكر بن أبي شيبَة، عَن سعد، " لما قدمنَا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حجَّته، فمنا من رمى بست وَمنا من رمى بِسبع " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: فِي إِسْنَاده الْحجَّاج بن أَرْطَأَة. وَهُوَ كَمَا ذكر، وَلَكِنِّي أَشك فِي اتِّصَاله، فَإِنَّهُ من رِوَايَة مُجَاهِد، عَن سعد ابْن أبي وَقاص، وَلَا أعلم لَهُ سَمَاعا مِنْهُ، وَإِنَّمَا أعلمهُ يروي عَن عَامر بن سعد ابْن أبي وَقاص، عَن أَبِيه سعد، ويروي عَن الصَّحَابَة: عَن ابْن عمر، وَابْن عَبَّاس، وَأبي سعيد، وَجَابِر، وَأبي هُرَيْرَة، وَأبي رَيْحَانَة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 559 وَرِوَايَته عَن عَائِشَة مُرْسلَة، وَعَن عَليّ كَذَلِك، وَكَانَ موت سعد بن أبي وَقاص، سنة ثَمَان وَخمسين، وَمُجاهد إِذْ ذَاك من نَحْو ثَمَان وَثَلَاثِينَ سنة فَهُوَ لَا يبعد سَمَاعه مِنْهُ، وَلَكِن لَا أعلمهُ. (571) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن سعد بن أبي / وَقاص: مَرضت مَرضا أَتَانِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يعودنِي، " فَوضع يَده بَين ثديي حَتَّى وجدت بردهَا على فُؤَادِي، فَقَالَ: إِنَّك رجل مفؤود ائْتِ الْحَارِث بن كلدة أَخا ثَقِيف، فَإِنَّهُ رجل يتطبب " الحَدِيث، وَسكت أَيْضا عَنهُ مصححا لَهُ، وَإِنَّمَا يرويهِ مُجَاهِد عَن سعد. (572) وَذكر من طَرِيق مُسلم عَن أبي رَافع قَالَ: " لم يَأْمُرنِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن أنزل الأبطح حِين خرج من منى، وَلَكِنِّي جِئْت، فَضربت قُبَّته، فجَاء فَنزل ". كَذَا أوردهُ وَسكت عَنهُ، وَلم يضع فِيهِ نظرا لما كَانَ من عِنْد مُسلم، وَمُسلم إِنَّمَا هُوَ عِنْده من رِوَايَة سُلَيْمَان بن يسَار، قَالَ: قَالَ أَبُو رَافع فَذكره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 560 وَقد يعرض فِي سَماع سُلَيْمَان بن يسَار من أبي رَافع شكّ لمن يقف على كَلَام أبي عمر بن عبد الْبر. (573) فَإِنَّهُ لما ذكر حَدِيث مَالك، عَن ربيعَة بن عبد الرَّحْمَن، عَن سُلَيْمَان بن يسَار، " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعث أَبَا رَافع مَوْلَاهُ ورجلا من الْأَنْصَار، فزوجاه مَيْمُونَة بنت الْحَارِث، وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْمَدِينَةِ قبل أَن يخرج ". قَالَ: إِن مَطَرا الْوراق، رَوَاهُ عَن ربيعَة، عَن سُلَيْمَان بن يسَار، عَن أبي رَافع، قَالَ: وَذَلِكَ عِنْدِي غلط من مطر، لِأَن سُلَيْمَان بن يسَار، ولد سنة أَربع وَثَلَاثِينَ، وَقيل: سنة سبع وَعشْرين، وَمَات أَبُو رَافع / بِالْمَدِينَةِ إِثْر قتل عُثْمَان - رَضِي الله عَنهُ - وَكَانَ قَتله فِي ذِي الْحجَّة، سنة خمس وَثَلَاثِينَ، فَغير مُمكن سَمَاعه مِنْهُ، وممكن أَن يسمع من مَيْمُونَة، لِأَنَّهُ توفيت سنة سِتّ وَسِتِّينَ بسرف، وَهِي مولاته ومولاة إخْوَته، أعتقتهم وولاؤهم لَهَا، ويستحيل أَن يخفى عَلَيْهِ أمرهَا. وَقد ذكر أَبُو مُحَمَّد فِي النِّكَاح - من طَرِيق النَّسَائِيّ - حَدِيث سُلَيْمَان بن يسَار هَذَا عَن أبي رَافع، فِي زواج مَيْمُونَة. وَهُوَ عِنْد النَّسَائِيّ من رِوَايَة مطر كَذَلِك، وَسكت عَنهُ، وَلم يعرض مِنْهُ لانْقِطَاع إِسْنَاد وَلَا لضعف مطر. وَذكره التِّرْمِذِيّ أَيْضا بِإِسْنَاد النَّسَائِيّ سَوَاء، يرويانه جَمِيعًا عَن قُتَيْبَة، عَن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 561 حَمَّاد بن زيد، عَن مطر، عَن ربيعَة، عَن سُلَيْمَان، عَن أبي رَافع /. وَأَنا أَظن أَن الحَدِيث الْمَذْكُور مُتَّصِل، بِاعْتِبَار أَن يكون الصَّحِيح فِي مولد سُلَيْمَان، قَول من قَالَ: سنة سبع وَعشْرين، فَتكون سنه نَحْو ثَمَانِيَة أَعْوَام يَوْم مَاتَ أَبُو رَافع وَقد يَصح سَماع من هَذِه سنه. وَقد ذكر ابْن أبي خَيْثَمَة فِي كِتَابه الحَدِيث الْمَذْكُور، فَقَالَ: حَدثنَا حَامِد بن يحيى، حَدثنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، قَالَ: كَانَ عَمْرو بن دِينَار يحدثنا هَذَا الحَدِيث، عَن صَالح بن كيسَان أَنه سمع سُلَيْمَان بن يسَار، يَقُول: أَخْبرنِي أَبُو رَافع - وَكَانَ على ثقل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: لم يَأْمُرنِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن أنزل الأبطح، وَلَكِن أَنا جِئْت فَضربت فبته، فجَاء فَنزل. فَفِي ذكر هَذَا سَمَاعه مِنْهُ، فَالله أعلم. (574) وَذكر حَدِيث أبي الزبير، عَن عَائِشَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أخر طواف الزِّيَارَة إِلَى اللَّيْل ". وَقد تقدم فِي بَاب الزِّيَادَة فِي الْأَسَانِيد، أَنه مَشْكُوك فِي اتِّصَاله. (575) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد، عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 562 " لَا تأذنوا لمن لَا يبْدَأ بِالسَّلَامِ ". وَأعله بِكَوْنِهِ من رِوَايَة إِبْرَاهِيم [بن يزِيد] الخوزي. وَبَقِي عَلَيْهِ أَن يبين أَنه يرويهِ عَن أبي الزبير والوليد بن أبي مغيث عَن أَحدهمَا، أَو عَن كليهمَا، عَن جَابر. والوليد بن أبي مغيث لَا أعلمهُ إِلَّا الْوَلِيد بن عبد الله بن أبي مغيث، وَرِوَايَته إِنَّمَا هِيَ عَن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحَنَفِيَّة وَعَن يُوسُف بن مَاهك، فَأَما عَن صَحَابِيّ فَلَا. فَالْحَدِيث إِذن مَشْكُوك فِي اتِّصَاله إِذْ لم يتمحض كَونه عَن أبي الزبير الَّذِي يروي عَن جَابر، على أَنه يُدَلس عَنهُ، فَاعْلَم ذَلِك. (576) وَذكر من طَرِيق مُسلم عَن ابْن عَبَّاس، أَن نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، كَانَ يَقُول عِنْد الكرب: " لَا إِلَه إِلَّا الله الْعَظِيم الْحَلِيم " الحَدِيث. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 563 وَهُوَ حَدِيث يرويهِ هِشَام الدستوَائي، عَن قَتَادَة، عَن أبي الْعَالِيَة عَن ابْن عَبَّاس هَكَذَا مُعَنْعنًا. وَرَوَاهُ سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة، فَقَالَ فِيهِ: إِن أَبَا الْعَالِيَة حَدثهمْ عَن ابْن عَبَّاس. وَهَذَا لَيْسَ من المدلس تَصْرِيحًا بِأَنَّهُ سَمعه، وَلَا أَنه حدث بِهِ، لاحْتِمَال أَن يكون يَعْنِي / بقوله: إِن أَبَا الْعَالِيَة حَدثهمْ، إِنَّه حدث النَّاس غَيره، وَهَذَا لم يكن لنا أَن نتعسف بِهِ، لَوْلَا أَن شُعْبَة قد قَالَ: إِنَّمَا سمع قَتَادَة من أبي الْعَالِيَة أَرْبَعَة أَحَادِيث. (577) [حَدِيث] يُونُس بن مَتى. (578) وَحَدِيث عمر فِي الصَّلَاة. (579) وَحَدِيث: " الْقُضَاة ثَلَاثَة ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 564 (580) وَحَدِيث / ابْن عَبَّاس: حَدثنِي رجال مرضيون، مِنْهُم عمر، وأرضاهم عِنْدِي عمر. هَكَذَا ذكر أَبُو دَاوُد عَن شُعْبَة فِي بَاب الْوضُوء من النّوم. فَأَما التِّرْمِذِيّ فَإِنَّهُ ذكر عَن ابْن الْمَدِينِيّ، عَن يحيى بن سعيد، قَالَ: قَالَ شُعْبَة: لم يسمع قَتَادَة من أبي الْعَالِيَة إِلَّا ثَلَاثَة أَحَادِيث: حَدِيث يُونُس بن مَتى، وَحَدِيث عمر، وَحَدِيث الْقُضَاة. ذكر ذَلِك فِي بَاب النَّهْي عَن الصَّلَاة بعد الْعَصْر وَالصُّبْح. فعلى هَذَا، سَماع قَتَادَة من أبي الْعَالِيَة لهَذَا الحَدِيث مَشْكُوك فِيهِ، فَاعْلَم ذَلِك. (581) وَذكر من طَرِيق مُسلم، عَن سهل وَرَافِع بن خديج حَدِيث الْقسَامَة، فِي قصَّة عبد الله بن سهل، الْمَقْتُول بِخَيْبَر، وَقد بَين لَيْث فِي رِوَايَته، عَن يحيى بن سعيد، عَن بشير بن يسَار، أَنه حسبان، وَذَلِكَ أَنه قَالَ: قَالَ يحيى: وحسبت وَقَالَ: وَعَن رَافع بن خديج، فَحصل بذلك شكّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 565 يحيى بن سعيد فِي ذكر رَافع، فَكل رِوَايَة لم يذكر فِيهَا شكه فِي ذَلِك، يجب أَن يقْضى عَلَيْهَا بِنَقص ذكر الشَّك مِنْهَا، لِأَن زِيَادَة الْحَافِظ مَقْبُولَة، وَإِن جَازَ أَن تيقنه بعد التشكك، فَإِن تشككه بعد التيقن أَيْضا جَائِز كَذَلِك. وَسَهل بن أبي حثْمَة كَانَ صَغِيرا، إِنَّمَا يروي الْقِصَّة عَن رجال من كبراء قومه. هَذَا على قَول من قَالَ فِيهِ: عَن مَالك، عَن سهل، عَن رجال من كبراء قومه. فَأَما على قَول من قَالَ عَنهُ: [عَن] سهل، وَرِجَال من كبراء قومه، فَهُوَ مُرْسل. وَاعْلَم أَن بَين أَن يحدث الْمُحدث بِالْحَدِيثِ ثمَّ يُنكره - يكون الَّذِي حدث بِهِ عَنهُ ثِقَة - وَبَين أَن يرْوى عَنهُ الشَّك فِيهِ، فرقا بَينا، وَذَلِكَ أَنه إِذا أنكرهُ، يُمكن أَن يكون نَسيَه، فالثقة مَقْبُول عَلَيْهِ، أما إِذا روى عَنهُ التشكك، فَذَلِك قدح، لاحْتِمَال أَن يكون تشكك بعد مَا رَوَاهُ على غير ذَلِك التشكك. فَإِن قيل: فَلم قلت فِي حَدِيث سهل مُرْسل، وَهُوَ / صَحَابِيّ مَعْرُوف الصُّحْبَة، وَقد قَالَ أَبُو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم الرَّازِيّ: إِنَّه سمع أَبَاهُ يسْأَل رجلا من وَلَده، فَأخْبرهُ أَنه كَانَ دَلِيل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى أحد، وَأَنه شَهِدَهَا وَمَا بعْدهَا، وَأَنه بَعثه مخرصا، وَأَنه بَقِي إِلَى خلَافَة مُعَاوِيَة؟ قُلْنَا: من ظن هَذَا فقد أَخطَأ، وَلَا يدْرِي من هَذَا الرجل الْمُخطئ الَّذِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 566 أخبر أَبَا حَاتِم بِهَذَا، فَإِن هَذَا إِنَّمَا يعرف لِأَبِيهِ أبي حثْمَة، هُوَ الَّذِي ذكره النَّاس بِهَذَا. قَالَ أَبُو جَعْفَر الطَّبَرِيّ: " كَانَ أَبُو حثْمَة كَبِيرا، وَهُوَ دَلِيل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى أحد، وَشهد مَعَه الْمشَاهد بعد ذَلِك، وَبَعثه النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خارصا إِلَى خَيْبَر، وَضرب لَهُ بسهمه وَسَهْم فرسه، وَتُوفِّي فِي خلَافَة مُعَاوِيَة ". وَقَالَ فِي ابْنه سهل بن أبي حثْمَة: " كَانَ يكنى أَبَا يحيى، وَقيل: أَبَا مُحَمَّد، قبض رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَهُوَ ابْن ثَمَان سِنِين، وَقد حفظ عَنهُ ". وَكَذَا أَيْضا قَالَ أَبُو عَليّ بن السكن: " إِنَّه إِذْ قبض النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ابْن ثَمَان سِنِين "، وَمِمَّنْ قَالَه الْوَاقِدِيّ وَغَيره. وَإِنَّمَا ولد سنة ثَلَاث من الْهِجْرَة، وَقد روى عَنهُ أَبُو هُرَيْرَة أَنه قَالَ: لقد ضَرَبَنِي بكر من معقلة الْمَقْتُول بِخَيْبَر، وَأَنا غُلَام، دَنَوْت مِنْهُ فركضني. ذكر ذَلِك أَبُو الْقَاسِم الْبَغَوِيّ. وَهَذَا بِلَا شكّ - على مَا ذكر - إِنَّمَا كَانَ إِذْ ذَاك غُلَاما / وَأَيْنَ أحد من خَيْبَر؟ فَكيف يَصح أَن يُقَال فِيهِ: إِنَّه كَانَ دَلِيل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى أحد، فَاعْلَم ذَلِك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 567 (2) بَاب ذكر أَحَادِيث ردهَا بالانقطاع وَهِي مُتَّصِلَة الجزء: 2 ¦ الصفحة: 569 قد فَرغْنَا فِي الْبَاب الَّذِي انْقَضى من بَيَان الِانْقِطَاع فِي الْأَحَادِيث الْمَذْكُورَة فِيهِ، وَكَانَت قسمَيْنِ: قسم ظَنّه صَحِيحا فَبينا أَنه مُنْقَطع، وَقسم ضعفه بِغَيْر الِانْقِطَاع، فَبينا أَيْضا أَنه مُنْقَطع، وَلم نفصل فِي الْبَاب الْمَذْكُور قسما من قسم، وَإِنَّمَا هما مبثوثان فِي الْبَاب أجمع، وَأحد الْقسمَيْنِ - وَهُوَ الْأَحَادِيث الَّتِي ضعفها وَبينا / عَلَيْهِ انقطاعها - يعاكسه هَذَا الْبَاب، فَإنَّا نذْكر فِيهِ أَحَادِيث ضعفها بالانقطاع وَهِي مُتَّصِلَة، وَمَا نذْكر فِيهِ، هُوَ أَيْضا كَالَّذي فِي الْبَاب المفروغ مِنْهُ، فِي أَن مِنْهُ مبتوتا بِحكمِهِ ومشكوكا فِيهِ؛ فَمِنْهُ أَحَادِيث لَا ريب فِي اتصالها، وَأَحَادِيث لَا يبت بانقطاعها، فلنذكرها كَذَلِك. (582) فمما هُوَ مُتَّصِل لَا ريب فِيهِ، مَا ذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن أَشْعَث، عَن الْحسن، عَن ابْن مُغفل، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يبولن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 571 أحدكُم فِي مستحمه " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: " وَلم يسمعهُ أَشْعَث من الْحسن، وَرُوِيَ مَوْقُوفا على عبد الله بن مُغفل " انْتهى مَا ذكر بنصه. وَقد يظنّ بِهِ أَنه إِنَّمَا أتبعه هَذَا القَوْل لفضل علم عِنْده فِيهِ، من أَنه مُنْقَطع كَمَا ذكر، وَلَيْسَ كَذَلِك. وَمَا بَيَانه إِلَّا مَا كتب فِي كِتَابه الْكَبِير، وَذَلِكَ أَنه بعد أَن أورد الحَدِيث الْمَذْكُور بِإِسْنَاد أبي دَاوُد من رِوَايَة عبد الرَّزَّاق، عَن معمر، عَن أَشْعَث قَالَ: " هَذَا الحَدِيث أرْسلهُ الْأَشْعَث عَن الْحسن، وَلم يسمعهُ مِنْهُ. ذكر الْعقيلِيّ عَن يحيى الْقطَّان، قيل لأشعث: " أسمعته من الْحسن؟ قَالَ: " لَا "، وَرَوَاهُ شُعْبَة عَن قَتَادَة، عَن عقبَة بن صهْبَان، عَن عبد الله بن مُغفل مَوْقُوفا ". هَذَا نَص مَا ذكر، وَمن خطه نقلته، وَعلمنَا مِنْهُ أَن الَّذِي رمى بِهِ الحَدِيث الْمَذْكُور من الِانْقِطَاع فِيمَا بَين الْأَشْعَث وَالْحسن، هُوَ مَا ذكر الْعقيلِيّ عَن يحيى الْقطَّان، فَنَظَرْنَا فِي ذَلِك فَلم نجد عِنْد الْعقيلِيّ مِنْهُ حرفا، وَإِنَّمَا الَّذِي عِنْده أَن الْحسن بن ذكْوَان قيل لَهُ: " أسمعته من الْحسن؟ " - يَعْنِي الْبَصْرِيّ - قَالَ: " لَا ". وَالْحسن بن ذكْوَان لَا ذكر لَهُ فِي إِسْنَاد الحَدِيث الَّذِي أورد من عِنْد أبي دَاوُد. ولنورد نَص مَا عِنْد الْعقيلِيّ حَتَّى نَنْظُر فِيهِ جَمِيعًا. قَالَ الْعقيلِيّ: حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، عَن عبد الرَّزَّاق، عَن معمر، قَالَ: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 572 نَبَّأَنِي أَشْعَث، عَن الْحسن، عَن عبد الله بن مُغفل قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يبولن أحدكُم فِي مستحمه ثمَّ يتَوَضَّأ فِيهِ؛ فَإِن عَامَّة الوسواس مِنْهُ ". حَدثنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَاصِم، حَدثنَا / عَليّ بن عبد الله بن جَعْفَر الْمَدِينِيّ، حَدثنَا يحيى بن سعيد الْقطَّان، عَن الْحسن بن ذكْوَان، عَن الْحسن، عَن عبد الله بن الْمُغَفَّل قَالَ: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الْبَوْل فِي المغتسل ". قَالَ يحيى: قيل لَهُ: " أسمعته من الْحسن؟ "، قَالَ: " لَا ". هَذَا نَص مَا ذكر الْعقيلِيّ، ففسر أَبُو مُحَمَّد الضَّمِير من " لَهُ " بِأَنَّهُ الْأَشْعَث، فجَاء من الْخَطَأ مَا ذَكرْنَاهُ. قَالَ الْعقيلِيّ: " حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل، حَدثنَا شَبابَة، حَدثنَا شُعْبَة عَن قَتَادَة بن صبهان قَالَ: سَمِعت عبد الله بن الْمُغَفَّل يَقُول: " الْبَوْل فِي المغتسل يَأْخُذ مِنْهُ الوسواس ". قَالَ الْعقيلِيّ: " حَدِيث شُعْبَة أولى، وَلَعَلَّ الْحسن بن ذكْوَان أَخذه عَن أَشْعَث الْحدانِي، وَأَشْعَث بن عبد الله الْأَعْمَى الْحدانِي بَصرِي، فِي حَدِيثه وهم " انْتهى كَلَام الْعقيلِيّ. وَهُوَ (كَمَا ترى) لم يعرض فِيهِ لما بَين أَشْعَث وَالْحسن الْبَصْرِيّ، وَكَيف يعرض لَهُ وَهُوَ أخص أَصْحَابه، وَقد سمع مِنْهُ كثيرا، وَإِنَّمَا عرض لرِوَايَة الْحسن بن ذكْوَان عَن الْحسن، فَبين بِمَا أورد أَنَّهَا مُنْقَطِعَة، وَأَنه لَعَلَّه إِنَّمَا أَخذ هَذَا الحَدِيث عَن أَشْعَث، عَن الْحسن، فَإِن الحَدِيث حَدِيث أَشْعَث. فَاعْلَم ذَلِك، وَالله الْمُوفق. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 573 (583) وَذكر أَيْضا من طَرِيق النَّسَائِيّ فِي زَكَاة الْبَقر، حَدِيث معَاذ بن جبل. ثمَّ قَالَ: " هَذَا يرويهِ مَسْرُوق بن الأجدع، عَن معَاذ، ومسروق لم يلق معَاذًا، وَلَا ذكر من حَدثهُ بِهِ عَنهُ، ذكر ذَلِك أَبُو عمر وَغَيره: انْتهى مَا ذكره. فَأَقُول (وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق) : " أَبُو عمر " أَخَاف أَن يكون تصحف من: " أَبُو مُحَمَّد " وَلم أَبَت بِهَذَا، وَلذَلِك لم أذكرهُ فِيمَا سلف فِي بَاب الْأَسْمَاء الْمُغيرَة. وَإِنَّمَا خفت ذَلِك لِأَن أَبَا عمر بن عبد الْبر الْمَعْرُوف، لَهُ خلاف هَذَا، هُوَ يَقُول فِي رِوَايَة مَسْرُوق هَذِه عَن معَاذ: إِنَّهَا مُتَّصِلَة، وَأَبُو مُحَمَّد بن حزم، هُوَ الَّذِي كَانَ رَمَاهَا بالانقطاع، ثمَّ رَجَعَ. ولننص لَك قوليهما حَتَّى تنظر فِي ذَلِك: قَالَ أَبُو عمر فِي التَّمْهِيد - فِي بَاب حميد بن قيس -: " وَقد رُوِيَ هَذَا الْخَبَر عَن معَاذ، بِإِسْنَاد مُتَّصِل صَحِيح ثَابت. ذكره عبد الرَّزَّاق قَالَ: حَدثنَا معمر، / وَالثَّوْري، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي وَائِل، عَن مَسْرُوق، عَن معَاذ بن جبل قَالَ: " بَعثه النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى الْيمن فَأمره أَن يَأْخُذ من كل ثَلَاثِينَ بقرة تبيعا أَو تبيعة، وَمن كل أَرْبَعِينَ مُسِنَّة، وَمن حالم دِينَارا، أَو عدله عافر ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 574 وَقَالَ فِي الاستذكار فِي بَاب صَدَقَة الْمَاشِيَة -: " وَلَا خلاف بَين الْعلمَاء أَن السّنة فِي زَكَاة الْبَقر مَا فِي حَدِيث معَاذ هَذَا، وَأَنه النّصاب الْمُجْتَمع عَلَيْهِ فِيهَا. وَحَدِيث طَاوس هَذَا عِنْدهم عَن معَاذ، غير مُتَّصِل، والْحَدِيث عَن معَاذ ثَابت مُتَّصِل من رِوَايَة معمر، وَالثَّوْري، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي وَائِل، عَن مَسْرُوق، عَن معَاذ، بِمَعْنى حَدِيث مَالك ". فَهَذَا نَص آخر لَهُ بِأَن الحَدِيث من رِوَايَة مَسْرُوق عَن معَاذ مُتَّصِل. وَأما أَبُو مُحَمَّد بن حزم فَإِنَّهُ قَالَ: " إِنَّه مُنْقَطع، وَأَنه لم يلق معَاذًا ". ثمَّ استدرك فِي آخر الْمَسْأَلَة فَقَالَ: " وجدنَا حَدِيث مَسْرُوق إِنَّمَا ذكر فِيهِ فعل معَاذ بِالْيمن، فِي زَكَاة الْبَقر. ومسروق بِلَا شكّ عندنَا، أدْرك معَاذًا بسنه وعقله، وَشَاهد أَحْكَامه يَقِينا، وَأفْتى فِي أَيَّام عمر، وَهُوَ رجل، وَأدْركَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ رجل، وَكَانَ بِالْيمن أَيَّام معَاذ، يُشَاهد أَحْكَامه. هَذَا مَا لَا شكّ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ همداني النّسَب كَمَا فِي الدَّار، فصح أَن مسروقا وَإِن كَانَ لم يسمعهُ من معَاذ، فَإِنَّهُ عِنْده بِنَقْل الكافة من أهل بَلَده لذَلِك / عَن معَاذ فِي أَخذه لذَلِك، عَن عهد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الكافة ". انْتهى كَلَام ابْن حزم. وَلم أقل بعد: إِن مسروقا سمع من معَاذ، وَإِنَّمَا أَقُول: إِنَّه يجب على أصولهم أَن يحكم لحديثه عَن معَاذ، بِحكم حَدِيث المتعاصرين اللَّذين لم يعلم الجزء: 2 ¦ الصفحة: 575 انْتِفَاء اللِّقَاء بَينهمَا، فَإِن الحكم فِيهِ أَن يحكم لَهُ بالاتصال لَهُ عِنْد الْجُمْهُور، وَشرط البُخَارِيّ، وَعلي بن الْمَدِينِيّ أَن يعلم اجْتِمَاعهمَا وَلَو مرّة وَاحِدَة، فهما - أَعنِي البُخَارِيّ وَابْن الْمَدِينِيّ - إِذا لم يعلمَا لِقَاء أَحدهمَا للْآخر، لَا يَقُولَانِ فِي حَدِيث أَحدهمَا عَن الآخر: مُنْقَطع، إِنَّمَا يَقُولَانِ: لم يثبت سَماع فلَان من فلَان. فَإِذن لَيْسَ فِي حَدِيث المتعاصرين إِلَّا رأيان: أَحدهمَا هُوَ مَحْمُول على / الِاتِّصَال، وَالْآخر: لم يعلم اتِّصَال مَا بَينهمَا، فَأَما الثَّالِث وَهُوَ أَنه مُنْقَطع فَلَا، فَاعْلَم ذَلِك، وَالله الْمُوفق. (584) وَذكر أَيْضا من طَرِيق النَّسَائِيّ فِي حَدِيث " لَيْسَ من الْبر الصّيام فِي السّفر " زِيَادَة، وَهِي: " عَلَيْكُم بِرُخْصَة الله الَّتِي رخص لكم فاقبلوها ". الجزء: 2 ¦ الصفحة: 576 ثمَّ قَالَ: رَوَاهُ من حَدِيث مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن ثَوْبَان عَن جَابر، قَالَ: وَلم يسمع من جَابر، انْتهى مَا قَالَ. وَهُوَ خطأ، وَإِنَّمَا هُوَ قَول النَّسَائِيّ تَلقاهُ عَنهُ، وَلم ينظر فِيهِ، وَلَا تفقد صِحَّته، وَلَا نَقله عَنهُ كَمَا قَالَه، فَإِن النَّسَائِيّ إِنَّمَا قَالَ: لم يسمع هَذَا الحَدِيث مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن من جَابر، فَقَالَ هُوَ: " لم يسمع من جَابر "، هَكَذَا بِإِطْلَاق، وَزَاد من عِنْده أَنه ابْن ثَوْبَان، وَأصَاب فِي ذَلِك وَلكنه لم يصب من حَيْثُ الْقَضَاء عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لم يسمع من جَابر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 577 وَالنَّسَائِيّ إِنَّمَا قَالَ فِيهِ: إِنَّه لم يسمع من جَابر هَذَا الحَدِيث، وَذَلِكَ أَنه اعْتقد فِيهِ أَنه رجل آخر. (585) وَذكر أَبُو مُحَمَّد فِي الْعَزْل، من طَرِيق النَّسَائِيّ أَيْضا عَن جَابر: " كَانَت لنا جوَار وَكُنَّا نعزل عَنْهُن فَقَالَت الْيَهُود: تِلْكَ الموءودة الصُّغْرَى ". الحَدِيث. وَسكت عَنهُ وَلم يبين من أَمر إِسْنَاده شَيْئا، وَلَا أبرز من رُوَاته أحدا، وَهُوَ إِنَّمَا يرويهِ يحيى بن أبي كثير عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن ثَوْبَان، أَن جَابر بن عبد الله قَالَ: " كَانَت لنا جوَار ". فَذكره. فَهُوَ لَو اعْتقد فِيهِ هَا هُنَا الِانْقِطَاع لبين ذَلِك، أَو لأبرز من إِسْنَاده مَوْضِعه، مُعْتَمدًا على مَا قدم، وَهُوَ لم يفعل شَيْئا من ذَلِك. فَأَما بَيَان اتِّصَال الحَدِيث الْمَذْكُور وَأَنه لَيْسَ بمنقطع كَمَا ذكر، فَهُوَ بِأَن تعلم أَنه حَدِيث يرويهِ رجلَانِ: كل وَاحِد مِنْهُمَا يُقَال لَهُ: مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن؛ أَحدهمَا: ابْن ثَوْبَان، وَالْآخر: ابْن سعد بن زُرَارَة، وَهَذَا هُوَ الَّذِي لم يسمعهُ من جَابر، فَأَما ابْن ثَوْبَان فَإِنَّهُ يَقُول فِيهِ: حَدثنِي جَابر. فلنذكر أحاديثهما بنصها حَتَّى يتَبَيَّن الِاتِّصَال فِي أَحدهمَا والِانْقِطَاع فِي الآخر. قَالَ النَّسَائِيّ: حَدثنَا شُعَيْب بن شُعَيْب بن إِسْحَاق قَالَ: حَدثنَا عبد الْوَهَّاب الجزء: 2 ¦ الصفحة: 578 قَالَ: حَدثنَا شُعَيْب / قَالَ: حَدثنَا الْأَوْزَاعِيّ قَالَ: حَدثنَا يحيى بن أبي كثير قَالَ: حَدثنِي مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن قَالَ: حَدثنِي جَابر بن عبد الله، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مر بِرَجُل فِي ظلّ شَجَرَة يرش عَلَيْهِ المَاء، فَقَالَ: " مَا بَال صَاحبكُم هَذَا؟ "، قَالُوا: يَا رَسُول الله، صَائِم، قَالَ: " إِنَّه لَيْسَ من الْبر أَن تَصُومُوا فِي السّفر، وَعَلَيْكُم بِرُخْصَة الله الَّتِي رخص لكم فاقبلوها ". هَذَا إِسْنَاد صَحِيح مُتَّصِل، يذكر كل وَاحِد مِنْهُم " حَدثنِي "، حَتَّى انْتهى ذَلِك إِلَى مُحَمَّد / بن عبد الرَّحْمَن فَقَالَ: " حَدثنِي جَابر ". وَهَذَا هُوَ الَّذِي أورد أَبُو مُحَمَّد وَفسّر مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن، بِأَنَّهُ ابْن ثَوْبَان، وَأصَاب فِي ذَلِك، وَأَخْطَأ فِي قَوْله: لم يسمع من جَابر، وَهُوَ يروي من قَوْله وَيسمع حَدثنِي جَابر. وَالَّذِي بعده من قَول النَّسَائِيّ: " هَذَا خطأ، وَمُحَمّد بن عبد الرَّحْمَن لم يسمع هَذَا الحَدِيث من جَابر ". نبين الْآن - إِن شَاءَ الله _ أَنه إِنَّمَا قَالَ ذَلِك، مُعْتَقدًا أَنه مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن ابْن سعد، لَا مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن ثَوْبَان، وَذَلِكَ أَن كل مَا أورد بعده مُنْقَطِعًا، إِنَّمَا هُوَ لمُحَمد بن عبد الرَّحْمَن بن سعد / لَا لِابْنِ ثَوْبَان. فمما أورد بعده: نَبَّأَنِي مَحْمُود بن خَالِد، حَدثنَا الْفرْيَابِيّ، حَدثنَا الْأَوْزَاعِيّ، حَدثنَا يحيى، حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن، أَخْبرنِي من سمع جَابِرا نَحوه. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 579 فَهَذَا هُوَ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن سعد [بن زُرَارَة] لَا ابْن ثَوْبَان. وَأورد من رِوَايَة وَكِيع، عَن عَليّ بن الْمُبَارك، عَن يحيى، عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن ثَوْبَان، " عَن جَابر "، هَكَذَا مُعَنْعنًا، لم يقل: أَخْبرنِي جَابر، كَمَا قَالَ شُعَيْب عَن الْأَوْزَاعِيّ، وَصرح فِيهِ بِأَنَّهُ ابْن ثَوْبَان. وَقَالَ عُثْمَان بن عمر: عَن عَليّ بن الْمُبَارك، عَن يحيى [عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن، عَن رجل، عَن جَابر. وَهَذَا أَيْضا هُوَ ابْن سعد، لَا ابْن ثَوْبَان، فَعرف النَّسَائِيّ أَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن، هَذَا الَّذِي يَقُول فِي رِوَايَة الْفرْيَابِيّ: عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن يحيى عَنهُ، حَدثنِي من سمع جَابِرا - وَفِي رِوَايَة عُثْمَان بن عمر، عَن عَليّ بن الْمُبَارك عَن يحيى] عَنهُ، عَن رجل، عَن جَابر - أَنه مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن سعد فَقضى لذَلِك بِانْقِطَاع رِوَايَته للْحَدِيث عَن جَابر، وَزَاد إِلَى ذَلِك أَن ظن أَنه الَّذِي فِي / رِوَايَة شُعَيْب، عَن الْأَوْزَاعِيّ، فخطأ من قَالَ عَنهُ: حَدثنِي جَابر. وَجزم بِأَن بَينهمَا رجلا، ثمَّ أَخذ فِي بَيَان من هُوَ هَذَا الرجل الَّذِي بَينهمَا، فَقَالَ: ذكر اسْم الرجل، حَدثنَا عَمْرو بن عَليّ، قَالَ: حَدثنَا يحيى، وخَالِد بن الْحَارِث، عَن شُعْبَة، عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حسن، عَن جَابر، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رأى رجلا قد ظلل عَلَيْهِ فِي السّفر فَقَالَ: " لَيْسَ الْبر الصّيام فِي السّفر ". ثمَّ قَالَ: حَدِيث شُعْبَة هَذَا هُوَ الصَّحِيح. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 580 انْتهى مَا أورد النَّسَائِيّ فِي بَيَان انْقِطَاع رِوَايَة مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن سعد فِيمَا بَينه وَبَين جَابر فِي هَذَا الحَدِيث. وَالْخَطَأ فِيهِ، هُوَ فِي أَن اعْتقد فِي مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الْقَائِل: حَدثنِي جَابر، أَنه ابْن سعد، وَلَيْسَ الْأَمر كَذَلِك، وَإِنَّمَا هُوَ ابْن ثَوْبَان، وَهُوَ قد سَمعه من جَابر، كَمَا أخبر عَن نَفسه فِي قَوْله: " حَدثنِي جَابر " وَقد صرح بِكَوْنِهِ ابْن ثَوْبَان، فِي رِوَايَة وَكِيع، عَن عَليّ بن الْمُبَارك. فَإِذن هَذَا الَّذِي يرويهِ شُعْبَة عَنهُ، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حسن، عَن جَابر، لَيْسَ هُوَ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن ثَوْبَان، إِنَّمَا هُوَ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن ابْن سعد بن زُرَارَة. وَبَيَان ذَلِك فِي كتاب مُسلم وَأبي دَاوُد فِي نفس هَذَا الْإِسْنَاد، وَهُوَ أَنْصَارِي، وَلَيْسَ فِي رِوَايَته ذكر للزِّيَادَة الْمَذْكُورَة، وَإِنَّمَا هِيَ فِي رِوَايَة مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن ثَوْبَان. وَيحيى بن أبي كثير مَعْرُوف الرِّوَايَة عَن الرجلَيْن، أما عَن ابْن ثَوْبَان فَهُوَ مُصَرح بِهِ فِي الْإِسْنَاد الْمَذْكُور، من رِوَايَة وَكِيع عَن عَليّ بن الْمُبَارك. وَرِوَايَته عَن ابْن سعد بن زُرَارَة مُصَرح بِهِ أَيْضا فِي كتاب مُسلم فِي الحَدِيث الْمَذْكُور دون الزِّيَادَة الْمَذْكُورَة. (586) وَفِي كتاب البُخَارِيّ فِي فَضَائِل الْقُرْآن من رِوَايَة شَيبَان، عَن يحيى بن أبي كثير، عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن، عَن أبي سَلمَة، عَن عبد الله الجزء: 2 ¦ الصفحة: 581 ابْن عَمْرو أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لَهُ: " فِي كم تقْرَأ الْقُرْآن؟ " الحَدِيث. وَهَذَا هُوَ ابْن سعد بِلَا خلاف. فَإذْ الْأَمر هَكَذَا، فَلَا يَنْبَغِي أَن يبت على الَّذِي يَقُول: " حَدثنِي جَابر " بِأَنَّهُ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن سعد / كَمَا فعل النَّسَائِيّ، ثمَّ يقْضِي على قَوْله " أَخْبرنِي جَابر " بالْخَطَأ، من أجل إِدْخَال الآخر بَينه / وَبَين جَابر رجلا، بل يجب أَن يُقَال: إِنَّه ابْن ثَوْبَان، الصَّحِيح السماع من جَابر، وَلَو لم يثبت أَنَّهُمَا رجلَانِ، لما جَازَ أَن يَقُول فِي رِوَايَته: إِنَّهَا مُنْقَطِعَة، وَهُوَ قد قَالَ: " حَدثنِي جَابر " وَلَو رَوَاهُ بِوَاسِطَة عَنهُ، فَإِنَّهُ لَا مَانع من أَن يكون سَمعه مِنْهُ، وحدثه بِهِ غَيره عَنهُ، فأداه على الْوَجْهَيْنِ. وَقد تقرر أَنَّهُمَا رجلَانِ، فالقائل مِنْهُمَا: " حَدثنِي جَابر " هُوَ ابْن ثَوْبَان، وَالْقَائِل " عَن رجل عَن جَابر " هُوَ ابْن سعد بن زُرَارَة. فَإِن قيل: فَهَل علم سَماع مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن ثَوْبَان من جَابر من غير هَذَا الحَدِيث؟ قُلْنَا: " نعم ". (587) روى شَيبَان النَّحْوِيّ قَالَ: حَدثنِي يحيى بن أبي كثير، عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن ثَوْبَان، أَن جَابر بن عبد الله أخبرهُ، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " كَانَ يُصَلِّي التَّطَوُّع وَهُوَ رَاكب فِي غير الْقبْلَة ". وَقَالَ هِشَام الدستوَائي: عَن يحيى بن أبي كثير، عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 582 ابْن ثَوْبَان، حَدثنِي جَابر بن عبد الله، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " كَانَ يُصَلِّي على رَاحِلَته نَحْو الْمشرق فَإِذا أَرَادَ أَن يُصَلِّي الْمَكْتُوبَة نزل فَاسْتقْبل الْقبْلَة ". فَهَذَا نَص سَمَاعه مِنْهُ فِي هذَيْن الْحَدِيثين، وهما صَحِيحَانِ، ذكرهمَا جَمِيعًا البُخَارِيّ فِي جمَاعه. ومنهما يتَبَيَّن الْخَطَأ فِي إِطْلَاق القَوْل بِأَنَّهُ لم يسمع من جَابر، وَلَو قَالَ كَمَا قَالَ النَّسَائِيّ كَانَ أعذر، على أَنه قد تبين أَنه سمع ذَلِك الحَدِيث كَمَا قدمْنَاهُ. وَقد ذكر مُسلم - إِثْر رِوَايَة شُعْبَة عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن سعد بن زُرَارَة عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حسن، عَن جَابر - أَن شُعْبَة قَالَ: " كَانَ يبلغنِي عَن يحيى بن أبي كثير، أَنه كَانَ يزِيد فِي هَذَا الحَدِيث وَفِي هَذَا الْإِسْنَاد: " عَلَيْكُم بِرُخْصَة الله الَّتِي رخص لكم ". قَالَ: فَلَمَّا سَأَلته لم يحفظه ". فجَاء من هَذَا أَن رِوَايَة شُعْبَة الَّتِي جعلهَا النَّسَائِيّ حجَّة على انْقِطَاع رِوَايَة شُعَيْب عَن الْأَوْزَاعِيّ، لَيْسَ فِيهَا ذكر الزِّيَادَة الْمَذْكُورَة. فَإِذن، إِنَّمَا / الزِّيَادَة الْمَذْكُورَة فِي حَدِيث مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن ثَوْبَان عَن جَابر كَمَا بَيناهُ. وهنالك أَيْضا غلط آخر للنسائي فِي هَذَا الحَدِيث، وَذَلِكَ أَنه ظن فِي رِوَايَة عمَارَة بن غزيَّة، عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن، عَن جَابر لهَذَا الحَدِيث، أَنه أَيْضا ابْن ثَوْبَان، وَهُوَ خطأ مِنْهُ، وَإِنَّمَا يرويهِ عمَارَة بن غزيَّة، عَن مُحَمَّد بن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 583 عبد الرَّحْمَن بن سعد بن زُرَارَة، عَن جَابر مُنْقَطِعًا، سَاقِطا من بَينهمَا مُحَمَّد ابْن عَمْرو بن حسن. وَقع الْبَيَان فِيهِ أَنه ابْن سعد بن زُرَارَة فِي كتاب بَقِي بن مخلد، فَاعْلَم ذَلِك، وَالله الْمُوفق. (588) وَذكر من طَرِيق ابْن حزم، من كتاب الْإِعْرَاب: روينَا من طَرِيق يزِيد بن زُرَيْع، عَن شُعْبَة، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي الظبيان، عَن ابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا حج العَبْد ثمَّ عتق فَعَلَيهِ حجَّة أُخْرَى، وَإِذا حج الإعرابي ثمَّ هَاجر، فَعَلَيهِ حجَّة أُخْرَى ". ثمَّ قَالَ: هَذَا إِسْنَاد رِجَاله أَئِمَّة وثقات، وَلَكِن لَا أَدْرِي الْإِسْنَاد الْموصل إِلَى يزِيد بن زُرَيْع، فَإِن أَبَا مُحَمَّد أحَال بِهِ على كتاب الإيصال وَلم أره. انْتهى كَلَامه. وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيهِ الدَّرك مثل مَا فِي سَائِر الْبَاب؛ لِأَنَّهُ لم يرمه بالانقطاع، وَهُوَ مُتَّصِل فِي الْموضع الَّذِي نَقله مِنْهُ، وَإِنَّمَا هُوَ مُتَّصِل فِي غير الْموضع الَّذِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 584 نَقله مِنْهُ، وَإِنَّمَا كتبته لِئَلَّا يذهب على قارئه. وَهُوَ حَدِيث قد وصل أَبُو مُحَمَّد بن حزم إِسْنَاده فِي الْمحلى فَقَالَ: / حَدثنَا مُحَمَّد بن سعيد بن نَبَات، حَدثنَا أَحْمد بن عون الله، حَدثنَا قَاسم بن أصبغ، حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد السَّلَام الْخُشَنِي، حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، حَدثنَا مُحَمَّد بن أبي عدي وَمُحَمّد بن الْمنْهَال: قَالَ ابْن الْمنْهَال حَدثنَا يزِيد بن زُرَيْع، حَدثنَا شُعْبَة، وَقَالَ ابْن أبي عدي: حَدثنَا شُعْبَة - ثمَّ اتفقَا - عَن شُعْبَة عَن الْأَعْمَش عَن أبي ظبْيَان عَن ابْن عَبَّاس - قَالَ يزِيد بن زُرَيْع -: عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا حج الصَّبِي، فَهِيَ لَهُ حجَّة صبي حَتَّى يعقل، فَإِذا عقل، فَعَلَيهِ حجَّة أُخْرَى / [وَإِذا حج الْأَعرَابِي فَلهُ حجَّة أَعْرَابِي، فَإِذا هَاجر فَعَلَيهِ حجَّة أُخْرَى] "، وَأَوْقفهُ ابْن أبي عدي على ابْن عَبَّاس. فَهَذَا قسم وَاحِد مِمَّا فِي الْخَبَر الْمَذْكُور، وَهُوَ فصل الْأَعرَابِي يحجّ ثمَّ يُهَاجر، فَأَما فصل العَبْد يحجّ ثمَّ يعْتق، فَإِنَّهُ لَا يتَّصل مِمَّن هَاهُنَا. وَذكره أَبُو مُحَمَّد بن حزم، هَكَذَا قَالَ: ورويناه من طَرِيق عُثْمَان بن خرزاد الْأَنْطَاكِي، حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمنْهَال الضَّرِير، حَدثنَا يزِيد بن زُرَيْع، حَدثنَا شُعْبَة، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي ظبْيَان، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَيّمَا صبي حج وَلم يبلغ الْحِنْث فَعَلَيهِ حجَّة أُخْرَى، وَأَيّمَا عبد حج ثمَّ أعتق فَعَلَيهِ أَن يحجّ حجَّة أُخْرَى " انْتهى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 585 وَلَيْسَ فِيهِ ذكر الإعرابي، وَلَا وصل إِسْنَاده إِلَى عُثْمَان، فَفِي هَذَا يحْتَاج إِلَى الْوُقُوف عَلَيْهِ فِي الإيصال، وعَلى أَن هَذَا الَّذِي قَالَ أَبُو مُحَمَّد: عبد الْحق، من أَن أَبَا مُحَمَّد بن حزم أحَال فِي كتاب الْإِعْرَاب بِهَذَا الحَدِيث على كتاب الإيصال لم أره لَهُ فِي الْإِعْرَاب، وَقد تكَرر فِيهِ ذكر الحَدِيث فِي موضِعين. والإيصال الَّذِي بِخَطِّهِ، هُوَ الَّذِي بحثت فِيهِ من الْكتاب الْمَذْكُور، وَلَكِن الْأَمر على مَا قَالَ أَبُو مُحَمَّد مَعْلُوم بِالْجُمْلَةِ أَن كل حَدِيث يُورِدهُ فِي كتاب من كتبه فقد فرغ مِنْهُ فِي الإيصال بِسَنَدِهِ. وَزعم أَبُو مُحَمَّد بن حزم أَن هَذَا الحَدِيث صَحِيح، وَرُوَاته ثِقَات، وَعُثْمَان بن خرزاد بن عبد الله ثِقَة، حَافظ، أَصله بغدادي، توفّي بأنطاكية سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَانْصَرف ابْن حزم عَن مُوجبه بِأَن زعم أَنه مَنْسُوخ، وَإِنَّمَا كَانَ محكما قبل فتح مَكَّة، حِين كَانَت الْهِجْرَة وَاجِبَة إِلَيْهِ عَلَيْهِ السَّلَام، فَلَمَّا ارْتَفع وجوب المهاجرة إِلَيْهِ وَصَحَّ لكل من نأى عَنهُ الْمقَام مُسلما، بِحَيْثُ هُوَ، صَار حجه إِن حج جازيا. وَذكر من وَقفه على ابْن عَبَّاس غير ابْن أبي عدي، وَهُوَ الثَّوْريّ، رَوَاهُ عَن الْأَعْمَش، عَن أبي ظبْيَان، عَن ابْن عَبَّاس قَوْله، وَوَقفه أَيْضا أَبُو السّفر، وَعبيد صَاحب الْحلِيّ، وَقَتَادَة. انْتهى مَا ذكره ابْن حزم /. وَقَالَ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه: أخبرنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي ظبْيَان، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: احْفَظُوا عني وَلَا تَقولُوا: قَالَ ابْن عَبَّاس: " أَيّمَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 586 عبد حج بِهِ أَهله ثمَّ أعتق، فَعَلَيهِ الْحَج، وَأَيّمَا صبي حج بِهِ أَهله صَبيا ثمَّ أدْرك، فَعَلَيهِ حجَّة رجل، وَأَيّمَا أَعْرَابِي حج أَعْرَابِيًا ثمَّ هَاجر، فَعَلَيهِ حجَّة المُهَاجر ". وَظَاهر هَذَا الرّفْع وَالله أعلم. (589) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد، عَن فرات بن السَّائِب، عَن مَيْمُون ابْن مهْرَان، عَن ابْن عَبَّاس، عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَنه نهى أَن تتَّخذ الْمَسَاجِد طرقا " الحَدِيث. ورده بِضعْف فرات بن السَّائِب. وَهُوَ كَمَا ذكر ضَعِيف، وَلكنه اعترى فِي هَذَا الحَدِيث شَيْء، وجدت النّسخ / عَلَيْهِ، وَهُوَ وهم، كَانَ - وَالله أعلم - فِي الْكتاب الَّذِي نقل مِنْهُ، وَهُوَ قَوْله: عَن ابْن عَبَّاس، عَن ابْن عمر. والْحَدِيث فِي كتاب أبي أَحْمد، إِنَّمَا هُوَ عَن ابْن عَبَّاس، وَابْن عمر. وَمَيْمُون بن مهْرَان مَعْرُوف الرِّوَايَة عَن ابْن عمر، كَمَا هُوَ معروفها عَن ابْن عَبَّاس، وأدخلته فِي هَذَا الْبَاب لِأَنَّهُ على مَا ذكر تكون رِوَايَة ابْن عَبَّاس لَهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُنْقَطِعَة، واتصالها بتوسط ابْن عمر. وَلَيْسَ الْأَمر فِيهَا كَذَلِك، وَيكون أَيْضا مَيْمُون بن مهْرَان لم يروه عَن ابْن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 587 عمر إِلَّا بِوَاسِطَة ابْن عَبَّاس، وَلَيْسَ الْأَمر كَذَلِك، بل إِنَّمَا يرويهِ عَنْهُمَا، فَاعْلَم ذَلِك. (590) وَذكر أَيْضا من المراسل مُرْسلا فِي " تحريق النّخل وتغريقها ". وَزعم أَن أَبَا دَاوُد لم يُوصل بِهِ سَنَده: وَلَيْسَ كَذَلِك، بل هُوَ موصل الْإِسْنَاد، وَقد تقدم ذكره فِي بَاب الْأَشْيَاء الَّتِي تَغَيَّرت فِي نَقله عَمَّا هِيَ عَلَيْهِ. (591) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن عَمْرو بن عَوْف، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أقطع بِلَال بن الْحَارِث الْمُزنِيّ معادن الْقبلية، جلسيها، وغوريها، وَحَيْثُ يصلح الزَّرْع من قدس " الحَدِيث. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 588 وَفِيه أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كتب لَهُ بذلك "، فَذكر الْكتاب، وَأتبعهُ أَن قَالَ وَعَن ابْن عَبَّاس مثله. ثمَّ قَالَ: قَالَ / الحنيني - وَهُوَ إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم - قرأته غير مرّة، يَعْنِي هَذَا الْكتاب - زَاد فِيهِ: " ذَات النصب " وَكتب أبي بن كَعْب. قَالَ أَبُو عمر: هَذَا الحَدِيث مُنْقَطع لَا تقوم بِهِ حجَّة. انْتهى مَا أورد. فَأَقُول - وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق - إِنَّه لَيْسَ بمنقطع من رِوَايَة عَمْرو بن عَوْف، [وَإِنَّمَا الْمُنْقَطع حَدِيث ابْن عَبَّاس. وَظَاهر كَلَامه أَنه حكم على الحَدِيث من طَرِيق عَمْرو بن عَوْف] . وَإِذا حملناه على أَنه عَنى حَدِيث ابْن عَبَّاس، بَقِي حَدِيث عَمْرو بن عَوْف غير مَحْكُوم عَلَيْهِ. وَهَذَا الْكَلَام الَّذِي عزاهُ إِلَى أبي عمر لَا أعرفهُ لَهُ، بل لَهُ خِلَافه فِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 589 التَّمْهِيد، فلنذكر أَولا إِسْنَاد الحَدِيث عِنْد أبي دَاوُد، ثمَّ كَلَام أبي عمر. قَالَ أَبُو دَاوُد: [حَدثنَا الْعَبَّاس بن مُحَمَّد بن حَاتِم وَغَيره، قَالَ الْعَبَّاس: حَدثنَا الْحُسَيْن بن مُحَمَّد] قَالَ: حَدثنَا أَبُو أويس، قَالَ: نَبَّأَنِي كثير بن عبد الله ابْن عَمْرو بن عَوْف الْمُزنِيّ، عَن أَبِيه عَن جده، فَذكره. قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا غير وَاحِد، عَن حُسَيْن بن مُحَمَّد، قَالَ: حَدثنَا أَبُو أويس، قَالَ: وحَدثني ثَوْر بن زيد، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، فَذكره بِزِيَادَة: " وَكتب أبي بن كَعْب ". فالإسناد الأول مُتَّصِل بِلَا شكّ، عَن كثير بن عبد الله بن عَمْرو بن عَوْف، عَن أَبِيه، عَن جده، فَأَما الثَّانِي الَّذِي عَن ثَوْر بن زيد عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، فمنقطع من أجل أَن أَبَا دَاوُد قَالَ فِيهِ: حَدثنَا غير وَاحِد عَن حُسَيْن بن مُحَمَّد، وَأَبُو مُحَمَّد قد حكى عَن أبي عمر انْقِطَاع الحَدِيث. وَالَّذِي فِي التَّمْهِيد: إِنَّمَا هُوَ أَن ذكر رِوَايَة أبي أويس للحديثين، ثمَّ قَالَ: كثير مُجْتَمع على ضعفه، لَا يحْتَج بِمثلِهِ، وَهُوَ غَرِيب، وَحَدِيث ابْن عَبَّاس لَيْسَ يرويهِ غير أبي أويس، عَن ثَوْر. انْتهى مَا ذكر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 590 وَلم يرمه بِانْقِطَاع، وَلم يعرض فِي كِتَابه الاستذكار لوَاحِد من هذَيْن الطَّرِيقَيْنِ، فَلَا أَدْرِي أَيْن وجد لَهُ مَا ذكر عَنهُ، فَاعْلَم ذَلِك. (592) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ عَن الزبير قَالَ: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يُقَاتل عَن أحد من الْمُشْركين إِلَّا عَن أهل الذِّمَّة ". ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: فِي إِسْنَاده رشدين، وَقد تقدم ذكره، وَلَا يتَّصل أَيْضا. كَذَا قَالَ إِنَّه لَا يتَّصل، وَلَيْسَ كَمَا قَالَ، فَإِن إِسْنَاده عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ هُوَ هَذَا: حَدثنَا عَليّ بن مُحَمَّد الْمصْرِيّ، حَدثنَا يحيى بن عُثْمَان بن الصَّالح، حَدثنَا نعيم، حَدثنَا رشدين، حَدثنَا عقيل عَن الزُّهْرِيّ، عَن عُرْوَة بن الزبير، [عَن الزبير] فَذكره. وكل من / فِي هَذَا الْإِسْنَاد إِلَى عقيل قد قَالَ: حَدثنَا. وَعقيل عَن الزُّهْرِيّ لَا شكّ فِي اتِّصَاله، فَإِنَّهُ لَا يُدَلس، وَالزهْرِيّ عَن عُرْوَة كَذَلِك، وَيَنْبَغِي أَن يكون عُرْوَة عَن أَبِيه كَذَلِك. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 591 وأظن أَن الَّذِي حمل أَبَا مُحَمَّد على قَوْله: " لَا يتَّصل " هُوَ أَن أَبَا حَاتِم الرَّازِيّ، قَالَ فِي عُرْوَة بن الزبير: رأى أَبَاهُ. ففهم مِنْهُ أَبُو مُحَمَّد أَنه لم يَصح لَهُ [مِنْهُ] أَكثر من الرِّوَايَة، فَأَما السماع فَلَا، وَهَذَا الْفَهم خطأ، فَإِن البُخَارِيّ قد قَالَ: سمع أَبَاهُ، وَقد سَاق الْبَزَّار وَغَيره من حَدِيث عُرْوَة، عَن أَبِيه أَحَادِيث، مَا رموا شَيْئا مِنْهَا بالانقطاع. وَنبهَ أَبُو مُحَمَّد على رشدين، وَأعْرض عَن نعيم بن حَمَّاد، وَلم يبين أَنه فِي إِسْنَاده، وَهُوَ قد ضعفه فِي غير هَذَا. (593) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن بشير بن يسَار مولى الْأَنْصَار، عَن رجال من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لما ظهر على خَيْبَر، قسمهَا على سِتَّة وَثَلَاثِينَ سَهْما " الحَدِيث. [ثمَّ سَاق من عِنْده أَيْضا، عَن بشير بن يسَار، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لما أَفَاء الله عَلَيْهِ خَيْبَر قسمهَا سِتَّة وَثَلَاثِينَ سَهْما " الحَدِيث] بِطُولِهِ. ثمَّ قَالَ: هَذَا مُرْسل، وَكَذَلِكَ الَّذِي قبله. كَذَا قَالَ فِي الأول: إِنَّه مُرْسل، وَلَيْسَ فِيهِ للإرسال مَكَان إِلَّا كَونه عَن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 592 صحابة غير مسمين، وَهَذَا لَا يُوجب كَونه مُرْسلا. قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا حُسَيْن بن عَليّ، حَدثنَا مُحَمَّد بن فُضَيْل، عَن يحيى بن سعيد، عَن بشير بن يسَار مولى الْأَنْصَار، عَن رجال من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لما ظهر على خَيْبَر " / فَذكره. وَبشير بن يسَار، قد شهد لهَؤُلَاء الَّذين رَوَاهُ عَنْهُم بالصحبة وَهُوَ يروي عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة الْأَنْصَار، مِنْهُم أنس، وَجَابِر، وسُويد بن النُّعْمَان، وَسَهل بن أبي حثْمَة، وَرَافِع بن خديج. (594) وَقد اعتراه مثل هَذَا فِي حَدِيث آخر، ذكره من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن الْقَاسِم مولى عبد الرَّحْمَن، عَن بعض أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " كُنَّا نَأْكُل الجزر فِي الْغَزْو وَلَا نقسمهُ ". فَقَالَ فِي بعض النّسخ: قد تقدم الْكَلَام فِي الْقَاسِم، والْحَدِيث مُرْسل. كَذَا قَالَ، وَمَا بِهِ إرْسَال، إِنَّمَا هُوَ مَوْقُوف، وَضَعِيف بِغَيْر الْإِرْسَال، وَهُوَ الْجَهْل بِحَال ابْن حرشف الْأَزْدِيّ، رَاوِيه عَن الْقَاسِم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 593 (595) وَقد اعتراه ذَلِك أَيْضا فِي حَدِيث آخر، ذكره من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن أبي عِيسَى الخرساني، عَن عبد الله بن الْقَاسِم، [ٍعن أَبِيه] عَن سعيد بن الْمسيب، أَن رجلا من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَتَى عمر بن الْخطاب [رَضِي الله عَنهُ] فَشهد عِنْده أَنه سمع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي مَرضه الَّذِي قبض فِيهِ: " ينْهَى عَن الْعمرَة قبل الْحَج ". ثمَّ قَالَ: هَذَا مُرْسل [لِأَنَّهُ] عَمَّن لم يسم. وَهُوَ كَلَام يحْتَمل مَعْنيين: أَحدهمَا أَن يكون مَعْنَاهُ: هَذَا مُرْسل؛ لِأَنَّهُ عَمَّن لم يسم، فَإِن كَانَ هَذَا الَّذِي عني، فَهُوَ مثل الَّذِي قَالَ فِي الْحَدِيثين اللَّذين قبله، من رِوَايَة بشير بن يسَار، وَالقَاسِم، عَمَّن لم يسم. وَالْمعْنَى الآخر أَن يكون مَعْنَاهُ: هَذَا مُرْسل، أَي مُنْقَطع فِيمَا بَين سعيد بن الْمسيب وَعمر بن الْخطاب، وَعَمن لم يسم / زِيَادَة إِلَى ذَلِك. فَهَذَا إِن كَانَ معنيه فَإِنَّهُ يُخرجهُ عَن أَن يكون مثل الْحَدِيثين، وَلكنه يكون قد عد عِلّة كَون الحَدِيث لم يسم صحابيه، بعد أَن شهد لَهُ التَّابِعِيّ بالصحبة، وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْء، فَإِنَّهُ يصحح أَمْثَال هَذَا دائبا، بل يصحح أَحَادِيث / رجال يَقُولُونَ عَن أنفسهم: إِنَّهُم رَأَوْا أَو سمعُوا، وَإِن لم يشْهد الجزء: 2 ¦ الصفحة: 594 لأَحَدهم التَّابِعِيّ الرَّاوِي عَنهُ بالصحبة، وَلم يثبت / هَذَا الحَدِيث فِي بَاب الْقُرْآن والإفراد، بِهَذَا الْكَلَام الَّذِي بعده فِي جَمِيع النّسخ. وتكرر ذكره فِي بَاب آخر قريب آخر كتاب الْحَج، فَقَالَ بعده: هَذَا مُنْقَطع وَضَعِيف الْإِسْنَاد. فَكَانَ هَذَا القَوْل صَوَابا. (596) وَإِن أردْت الْوُقُوف على مَا حكم لَهُ بالاتصال: مِمَّا هُوَ عَن صَحَابِيّ لم يسم، فَاعْلَم أَنه ذكر حَدِيث " النَّهْي عَن أَن يَسْتَطِيب أحد بِعظم، أَو وَرَثَة، أَو جلد ". وَهُوَ عَن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن، عَن رجل من بعض أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَقَالَ: " إِنَّه لَا يَصح "، وَلم يرمه بِالْإِرْسَال. (597) وَذكر عَن خَالِد بن معدان، عَن أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَمر الَّذِي ترك مَوضِع ظفر على قدمه أَن يُعِيد الْوضُوء وَالصَّلَاة ". ثمَّ رده بِأَن قَالَ: فِي إِسْنَاده بَقِيَّة، وَلم يعرض لَهُ بِالْإِرْسَال. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 595 (598) وَذكر أَيْضا عَن الْعَلَاء بن زِيَاد، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَنه اغْتسل فَرَأى لمْعَة على مَنْكِبه لم يصبهَا المَاء، فَأخذ خصْلَة من شعر " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: " وَقد أسْند هَذَا عَن الْعَلَاء، عَن رجل من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ". فَانْظُر كَيفَ هُوَ عِنْده مُسْند، والصحابي لم يسم. (599) وَذكر حَدِيث أبي الْعَالِيَة، قَالَ: أَخْبرنِي من سمع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " أعْطوا كل سُورَة حظها من الرُّكُوع وَالسُّجُود ". وَسكت عَنهُ مصححا لَهُ. (600) وَذكر عَن طَاوس، عَن رجل أدْرك النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -[أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -] قَالَ: " الطّواف صَلَاة " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 596 (601) وَذكر حَدِيث أبي عُمَيْر بن أنس، عَن عمومة لَهُ من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، أَن ركبا جَاءُوا إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يشْهدُونَ أَنهم رَأَوْا الْهلَال بالْأَمْس. الحَدِيث. وَسكت عَنهُ مصححا لَهُ، وَإنَّهُ لحري بِأَن لَا يُقَال فِيهِ: صَحِيح؛ لِأَن أَبَا عُمَيْر لَا تعرف حَاله، وَلكنه هُوَ صَححهُ، وَلم يبال / كَون عمومة أبي عُمَيْر لم يسموا. (602) وَذكر عَن ربعي بن حِرَاش عَن رجل من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: اخْتلف النَّاس فِي آخر يَوْم من رَمَضَان، فَقدم أَعْرَابِيَّانِ. الحَدِيث. وَسكت عَنهُ مصححا لَهُ. (603) وَذكر عَن عبد الله بن الْحَارِث، عَن رجل من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 597 [قَالَ: " دخلت على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يتسحر] الحَدِيث. وَسكت عَنهُ. (604) وَذكر عَن عرْفجَة عَن رجل من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -] فِي فضل رَمَضَان: " وينادي مُنَاد، يَا باغي الْخَيْر هَلُمَّ " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ. (605) وَذكر عَن أبي زرْعَة السيباني عَن أبي سكينَة عَن رجل من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اتْرُكُوا التّرْك مَا تركوكم ". وَسكت عَنهُ، وَلم يرمه بإرسال، وَيَنْبَغِي أَن لَا يَصح، فَإِن أَبَا سكينَة مَجْهُول. (606) وَذكر عَن رَاشد بن سعد، عَن رجل من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 598 أَنهم قَالُوا للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: مَا بَال الْمُؤمنِينَ يفتنون فِي قُبُورهم إِلَّا الشَّهِيد؟ قَالَ: " كفى ببارقة السيوف على رَأسه فتْنَة ". وَسكت عَنهُ مصححا لَهُ. (607) وَذكر خبر بني النَّضِير، عَن عبد الرَّحْمَن بن كَعْب بن مَالك، عَن رجل من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَسكت عَنهُ. (608) وَذكر عَن صَفْوَان بن سليم، عَن عدَّة من أَبنَاء أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، عَن آبَائِهِم دنية عَن / رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَلا من ظلم معاهدا " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَمَا مثله صحّح للْجَهْل بأحوال هَؤُلَاءِ الْأَبْنَاء. (609) وَذكر عَن الْمُهلب بن أبي صفرَة، أَخْبرنِي من سمع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 599 يَقُول: " إِن بيتم فَلْيَكُن شِعَاركُمْ {حم} لَا ينْصرُونَ ". وَسكت عَنهُ. (610) وَذكر حَدِيث الرجل الَّذِي تزوج امْرَأَة بكرا فَوَجَدَهَا حُبْلَى، عَن سعيد بن الْمسيب (فِي رِوَايَة) عَن رجل من الْأَنْصَار، وَفِي رِوَايَة عَن رجل من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَلم يعرض لَهُ بِهَذَا الْمَعْنى، إِنَّمَا عرض لَهُ من جِهَة أُخْرَى، وَهِي أَنه يرْوى عَن سعيد، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، بِغَيْر ذكر الصَّحَابِيّ. وَأَيْضًا فَإِن ابْن جريج إِنَّمَا يرويهِ عَن ابْن أبي يحيى. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 600 (611) وَذكر عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن الْحِمْيَرِي، عَن رجل من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا اجْتمع داعيان فأجب أقربهما بَابا " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ. (612) وَذكر حَدِيث عمَارَة بن خُزَيْمَة، عَن عَمه، وَكَانَ من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " فِي قصَّة الْفرس وَجعل شَهَادَة خُزَيْمَة شهادتين ". وَسكت عَنهُ [أَيْضا] . (613) وَحَدِيث الشّعبِيّ عَن غير وَاحِد من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي [الدَّابَّة يعجز عَنْهَا أَهلهَا فيحييها] . الجزء: 2 ¦ الصفحة: 601 (614) وَعَن يزِيد مولى المنبعث، عَن رجل من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي اللّقطَة. (615) وَحَدِيث: " أقرّ الْقسَامَة على مَا كَانَت عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّة ". من رِوَايَة أبي سَلمَة، وَسليمَان بن يسَار، عَن رجل من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من الْأَنْصَار، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. (616) وَحَدِيث أبي أُمَامَة بن سهل بن حنيف، عَن بعض أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، أَنه اشْتَكَى رجل مِنْهُم حَتَّى أضني فَذكر حَدِيثه فِي وُقُوعه على الْجَارِيَة، وَإِقَامَة الْحَد عَلَيْهِ، بضربة وَاحِدَة بِمِائَة شِمْرَاخ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 602 ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: اخْتلف فِي إِسْنَاده. وَقد تَمَادى بِهِ هَذَا إِلَى تَصْحِيح مَا لَا يجوز تَصْحِيحه، وَهِي أَحَادِيث عَن رجال لم يسموا، وَلَا قَالَ الروَاة عَنْهُم: إِنَّهُم صحابة، وهم لَا يَنْبَغِي أَن يقبل مِنْهُم تعديلهم أنفسهم لَو عدلوها، وَالَّذين يَزْعمُونَ الرُّؤْيَة وَالسَّمَاع أَكثر. (617) فَمن ذَلِك مَا ذكر عَن سعيد بن الْمسيب، قَالَ: حضر رجلا من الْأَنْصَار الْمَوْت فَقَالَ: إِنِّي أحدثكُم حَدِيثا مَا / أحدثكموه إِلَّا احتسابا، سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِذا تَوَضَّأ أحدكُم فَأحْسن الْوضُوء " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَلم يرمه بإرسال وَلَا غَيره. (618) وَحَدِيث معَاذ بن عبد الله الْجُهَنِيّ، أَن رجلا من جُهَيْنَة، أخبرهُ أَنه سمع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " يقْرَأ فِي الصُّبْح إِذا زلزلت " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ أَيْضا كَذَلِك. (619) وَعَن عبيد الله بن عدي بن الْخِيَار، قَالَ: حَدثنِي رجلَانِ أَنَّهُمَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 603 أَتَيَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حجَّة الْوَدَاع: " وَهُوَ يقسم الصَّدَقَة " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ أَيْضا. (620) وَعَن أبي نجيح عَن رجلَيْنِ من بني بكر، قَالَا: رَأينَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " يخْطب بَين أَوسط أَيَّام التَّشْرِيق " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ. (621) وَعَن عبد الله بن شَقِيق عَن رجل من بلقين قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله، هَل أحد أَحَق بِشَيْء من الْمغنم من أحد؟ قَالَ: " لَا ". ثمَّ قَالَ عَن ابْن حزم: لَا يدْرِي هَذَا الرجل القيني من هُوَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 604 ثمَّ رد عَلَيْهِ هُوَ بِأَن قَالَ: كَذَا قَالَ فِي القيني، وَعبد الله بن شَقِيق أدْرك أَبَا هُرَيْرَة، وَابْن عَبَّاس، وَابْن عمر، وَغَيرهم. انْتهى قَوْله. وَمَا درى أَن أَبَا مُحَمَّد بن حزم لَا يقبل حَدِيث من لَا يعرف، سَوَاء ادّعى لنَفسِهِ الثِّقَة أَو الصُّحْبَة، مَا لم يخبرنا تَابِعِيّ ثِقَة بِصُحْبَتِهِ، فَحِينَئِذٍ نقبل نَقله، وَأَيْنَ هَذَا مِمَّا قد بدأنا بِهِ من قَوْله فِي حَدِيث قد شهد التَّابِعِيّ لراويه / بالصحبة: هَذَا مُرْسل. (622) وَعَن عَاصِم بن كُلَيْب، عَن أَبِيه، عَن رجل من الْأَنْصَار، قَالَ: خرجنَا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي سفر فَأصَاب النَّاس حَاجَة، الحَدِيث فِي " أَن النهبة لَيست بأحل من الْميتَة ". وَسكت عَنهُ بعد أَن أورد إِسْنَاده كُله، كالمتبرئ من عهدته، وَذَلِكَ مِنْهُ يُنَاقض مَا تقدم، فَإِن مَا هُوَ عِنْده صَحِيح لَا يذكر لَهُ إِسْنَادًا. وَإسْنَاد هَذَا الحَدِيث صَحِيح، إِلَّا مَا فِيهِ من كَون هَذَا الْأنْصَارِيّ لَا يعرف، إِنَّمَا قَالَ / أَبُو دَاوُد: أخبرنَا هناد، حَدثنَا أَبُو الْأَحْوَص، عَن عَاصِم بن كُلَيْب فَذكره. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 605 (623) وَذكر حَدِيث يزِيد بن عبد الله بن الشخير: كُنَّا بالمربد فجَاء رجل أَشْعَث الرَّأْس، بِيَدِهِ قِطْعَة أَدِيم حَمْرَاء، الحَدِيث. وَفِيه قُلْنَا لَهُ: من كتب هَذَا؟ فَقَالَ: رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فِيهِ سهم الصفي، وَفسّر هَذَا الرجل بِأَنَّهُ النمر بن تولب، قَالَ: وَكَانَ جوادا فصيحا، شَاعِرًا. وَهَذَا مِنْهُ غير مغن فِيمَا ألزمناه: من تَصْحِيح أَحَادِيث يجب تضعيفها، فَإِنَّهُ لم يثبت أَنه النمر. (624) وَإِنَّمَا هُوَ النمر فِي حَدِيث " فضل رَمَضَان وَثَلَاثَة من الشَّهْر ". (625) وَذكر حَدِيث: " أطعميه الْأُسَارَى " فِي الشَّاة الَّتِي أخذت بِغَيْر إِذن صَاحبهَا فِي الْبيُوع. وَهُوَ من رِوَايَة كُلَيْب بن شهَاب الْجُهَنِيّ، عَن رجل من الْأَنْصَار، قَالَ: خرجت مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَذكره وَسكت عَنهُ. (626) وَعَن سهل بن أبي حثْمَة، عَن رجال من كبراء قومه، أَن عبد الله بن سهل، ومحيصة، خرجا إِلَى خَيْبَر، الحَدِيث. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 606 (627) وَعَن أبي سَلمَة وَسليمَان بن يسَار، عَن رجال من الْأَنْصَار، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ ليهود - وَبَدَأَ بهم -: " أيحلف مِنْكُم خَمْسُونَ " الحَدِيث. (628) وَعَن يحيى بن أبي كثير، عَن رجل من الْأَنْصَار، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " نهى [عَن أكل] أُذُنِي الْقلب ". (629) وَعَن عبد الله بن سعد الدشتكي، عَن أَبِيه قَالَ: " رَأَيْت رجلا ببخارى، على بغلة بَيْضَاء، عَلَيْهِ عِمَامَة خَز سَوْدَاء، فَقَالَ: " كسانيها رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ". وَسكت عَنهُ. وَعبد الله بن سعد، وَأَبوهُ، لَا تعرف أحوالهما، زِيَادَة إِلَى الْجَهْل بِحَال الرجل الْمَذْكُور. (630) وَعَن أبي الْمليح، عَن ردف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا عثرت بك الدَّابَّة، فَلَا تقل تعس الشَّيْطَان " الحَدِيث. وَلَا يعرف من هُوَ هَذَا الردف الْمَذْكُور، وَقد صَححهُ بِالسُّكُوتِ عَنهُ، وَلَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 607 يكون قَول أبي الْمليح /: عَن ردف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، بِمَنْزِلَة مَا لَو قَالَ: عَن رجل من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. (631) وَعَن أُميَّة بنت أبي الصَّلْت، عَن امْرَأَة من غفار، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أمرهَا أَن تجْعَل فِي المَاء الَّذِي غسلت بِهِ دم الْحيض ملحا ". وَلم يرمه بإرسال وَلَا ضعفه. (632) وَعَن مُوسَى بن عبد الله بن يزِيد، عَن امْرَأَة من بني عبد الْأَشْهَل، قَالَت: قلت: يَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " إِن لنا طَرِيقا إِلَى الْمَسْجِد مُنْتِنَة " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ. (633) وَعَن صَفِيَّة بنت شيبَة، عَن امْرَأَة، قَالَت: رَأَيْت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يسْعَى فِي المسيل، وَيَقُول: " لَا يقطع الْوَادي إِلَّا شدا ". وَلم يرمه بِالْإِرْسَال وَلَا غَيره. فَهَذِهِ الْأَحَادِيث كلهَا صححها، وَهِي لَا يَنْبَغِي تصحيحها، وَالَّتِي قبلهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 608 صححها، وَفعله فِيهَا أقرب إِلَى الصَّوَاب، لشهادة التَّابِعين لمن لم يسم من رواتها بالصحبة / أَو الرِّوَايَة. وفعلاه فِي هذَيْن الصِّنْفَيْنِ مناقضان لما اعتراه فِي الْأَحَادِيث المبدوء بذكرها فِي رميه إِيَّاهَا بِالْإِرْسَال، لأجل أَن رواتها عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يسموا. وَهَذَا الصِّنْف الَّذِي لم يشْهد التَّابِعِيّ لأَحَدهم بالصحبة وَلَا بِالرُّؤْيَةِ، وَلَا بِالسَّمَاعِ، وَإِنَّمَا هُوَ زعمهم - اخْتلف النَّاس فِي تَصْحِيح أَحَادِيثه، فقبلها قوم، وردهَا بعض أهل الظَّاهِر، وَهُوَ الصَّوَاب عِنْدِي، وَذَلِكَ أَنهم لَو ادعوا لأَنْفُسِهِمْ أَنهم ثِقَات لم يقبل مِنْهُم، فَكيف يقبل مِنْهُم ادِّعَاء مزية الصُّحْبَة؟ وَأَبُو عمر بن عبد الْبر مِمَّن يصحح أَحَادِيث هَذَا الصِّنْف. (634) فمما صَحَّ مِنْهُ، حَدِيث رجل من بني أَسد، قَالَ: " نزلت أَنا وَأَهلي ببقيع الْغَرْقَد ". فِي التعفف عَن الْمَسْأَلَة. وَهَذَا الرجل لم يرتهن التَّابِعِيّ فِيهِ بِشَيْء فَلَا يَنْبَغِي أَن يقبل مِنْهُ حَتَّى تثبت عَدَالَته. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 609 (635) وَقد ذكر أَبُو مُحَمَّد: عَن عبد الله بن عُثْمَان الثَّقَفِيّ، عَن رجل من ثَقِيف - كَانَ يُقَال لَهُ مَعْرُوف: أَي يثنى عَلَيْهِ خيرا، إِن لم يكن اسْمه زُهَيْر ابْن عُثْمَان فَلَا أَدْرِي مَا اسْمه - أَن النَّبِي / - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْوَلِيمَة حق " [الحَدِيث] . ثمَّ قَالَ عَن البُخَارِيّ: لم يَصح سَنَده، وَلَا تعرف لَهُ صُحْبَة. وَأما الَّذين شهد التَّابِعِيّ لأَحَدهم بالصحبة، أَو بِالرُّؤْيَةِ، أَو بِالسَّمَاعِ، فموضع نظر. وَقد اخْتلف النَّاس فِيهِ أَيْضا، وَحجَّة من قبله هِيَ أَن التَّابِعِيّ الثِّقَة قد قَالَ: إِن الَّذِي حَدثهُ صَحَابِيّ، فكفانا ذَلِك مِنْهُ. ولخصمه أَن يعْتَرض بِأَن يَقُول: وَمن أنبأ التَّابِعِيّ بذلك، وَهُوَ لم يدْرك زمَان النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ فأقصى مَا عِنْده أَن يكون هُوَ أخبرهُ بِأَنَّهُ صحب، أَو رأى، أَو سمع، فقد عَادَتْ الْمَسْأَلَة كَمَسْأَلَة أهل الصِّنْف الآخر، وهم الَّذين يَزْعمُونَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 610 أَنهم صحبوا، أَو رَأَوْا، أَو سمعُوا، أَو لَا نعلم ذَلِك إِلَّا من أقولهم، وَالْمَسْأَلَة مُحْتَملَة. قَالَ الْأَثْرَم: قلت لأبي عبد الله - يَعْنِي ابْن حَنْبَل -: إِذا قَالَ رجل من التَّابِعين: حَدثنِي رجل من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلم يسمه، فَالْحَدِيث صَحِيح؟ قَالَ: نعم. وَقَالَ أَبُو عَليّ بن السكن: حَدثنِي مُحَمَّد بن يُوسُف قَالَ: سَمِعت مُحَمَّد ابْن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ يَقُول: " سَمِعت عبد الله بن الزبير الْحميدِي يَقُول: إِذا صَحَّ الْإِسْنَاد عَن الثِّقَات إِلَى رجل من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَهُوَ حجَّة، وَإِن لم يسم ذَلِك الرجل؛ لِأَن أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كلهم عدُول ". (636) وَمن المتردد فِيهِ فِي هَذَا الْبَاب الَّذِي رده بالانقطاع - وَهُوَ يغلب على الظَّن اتِّصَاله - مَا ذكر من رِوَايَة مَالك عَن زيد بن أسلم، عَن عَطاء بن يسَار، عَن عبد الله الصنَابحِي، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا تَوَضَّأ العَبْد الْمُؤمن فَمَضْمض خرجت الْخَطَايَا من فِيهِ " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: وَعبد الله الصنَابحِي، لم يلق النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، يُقَال: أَبُو عبد الله، وَهُوَ الصَّوَاب / واسْمه عبد الرَّحْمَن بن عسيلة الصنَابحِي. انْتهى مَا ذكر. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 611 وَهُوَ كُله مقول أَكْثَرهم، زَعَمُوا أَن مَالِكًا هم فِي قَوْله: عَن عبد الله الصنَابحِي فِي هَذَا الحَدِيث. (637) وَفِي حَدِيث: " إِن الشَّمْس تطلع وَمَعَهَا قرن الشَّيْطَان ". (638) " وَفِي صلَاته خلف أبي بكر الْمغرب ". (639) " وَفِي قِرَاءَته فِي الأخيره مِنْهَا: {رَبنَا لَا تزغ قُلُوبنَا بعد إِذْ هديتنا} ". كل هَذِه الْأَحَادِيث يَقُول فِيهَا مَالك: عَن عبد الله الصنَابحِي، فيزعمون الجزء: 2 ¦ الصفحة: 612 أَنه وهم فِيهِ، أَو لم يعرفهُ، فأسماه عبد الله، فَإِن النَّاس كلهم عبيد الله. قَالَ التِّرْمِذِيّ: سَأَلت البُخَارِيّ عَنهُ فَقَالَ: وهم مَالك فِي هَذَا، فَقَالَ: عبد الله الصنَابحِي، وَهُوَ أَبُو عبد الله الصنَابحِي، واسْمه عبد الرَّحْمَن بن عسيلة، وَلم يسمع من النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَهَذَا الحَدِيث مُرْسل، وَعبد الرَّحْمَن هُوَ الَّذِي روى عَن أبي بكر الصّديق، والصنابح بن الأعسر الأحمسي صَاحب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وروى حديثين: (640) أَحدهمَا فِي الصَّدَقَة. (641) وَالْآخر: " إِنِّي مُكَاثِر بكم الْأُمَم ". انْتهى كَلَام التِّرْمِذِيّ فِي كتاب الْعِلَل. وَمِمَّنْ تبعه على هَذَا وَنَقله كَمَا هُوَ، أَبُو عمر بن عبد الْبر، وَمِمَّنْ نحا نَحوه أَبُو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم وَأَبوهُ، وَذَلِكَ أَن أَبَا مُحَمَّد، ترْجم باسم عبد الرَّحْمَن الجزء: 2 ¦ الصفحة: 613 ابْن عسيلة، فَقَالَ فِيهِ: أَبُو عبد الله الصنَابحِي، نزل الشَّام، روى عَن أبي بكر الصّديق، روى عَنهُ مرْثَد بن عبد الله، وَرَبِيعَة بن يزِيد، غير أَن ربيعَة بن يزِيد يَقُول: عَن عبد الله الصنَابحِي: سَمِعت أبي يَقُول ذَلِك. هَذَا مَا ذكره بِهِ، وَبلا شكّ إِن هَذَا الَّذِي قَالُوهُ من أَمر أبي عبد الله: عبد الرَّحْمَن ابْن عسيلة الصنَابحِي، هُوَ كَمَا ذَكرُوهُ وَهُوَ رجل مَشْهُور الْخَيْر وَالْفضل، فَاتَتْهُ الصُّحْبَة بِمَوْت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قبل وُصُوله إِلَيْهِ بِليَال، وَلَكِن التكهن بِأَنَّهُ المُرَاد بقول عَطاء بن يسَار: عَن عبد الله الصنَابحِي، وَنسبَة الْوَهم فِيهِ إِلَى مَالك، وَإِلَى من فَوْقه، كل ذَلِك خطأ وَلَا سَبِيل إِلَيْهِ إِلَّا بِحجَّة بَيِّنَة. وَمَالك - رَحمَه الله - لم ينْفَرد بِمَا قَالَ من ذَلِك عَن زيد بن أسلم، عَن عَطاء ابْن يسَار، بل قد وَافقه عَلَيْهِ أَبُو غَسَّان: مُحَمَّد بن مطرف، وَهُوَ أحد الثِّقَات، وَثَّقَهُ ابْن معِين، وَأَبُو حَاتِم، وَأثْنى عَلَيْهِ أَحْمد بن حَنْبَل، وَاتفقَ البُخَارِيّ وَمُسلم على الْإِخْرَاج [لَهُ] / والاحتجاج بِهِ. (642) روى أَبُو دَاوُد فِي كِتَابه عَن مُحَمَّد بن حَرْب الوَاسِطِيّ، قَالَ: حَدثنَا يزِيد بن هَارُون، حَدثنَا مُحَمَّد بن مطرف، عَن زيد بن أسلم، عَن عَطاء الجزء: 2 ¦ الصفحة: 614 ابْن يسَار، عَن عبد الله الصنَابحِي قَالَ: زعم أَبُو مُحَمَّد " أَن الْوتر وَاجِب " فَقَالَ عبَادَة بن الصَّامِت: " كذب أَبُو مُحَمَّد " الحَدِيث. وَمِمَّنْ وَافق مَالِكًا وَأَبا غَسَّان على ذَلِك، زُهَيْر بن مُحَمَّد، رَوَاهُ عَن زيد ابْن أسلم كَذَلِك، كَذَلِك ذكره أَبُو عَليّ بن السكن. وَذكر أَيْضا: حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ: حَدثنَا سُوَيْد بن سعيد، قَالَ: حَدثنَا حَفْص بن ميسرَة، عَن زيد بن أسلم، عَن عَطاء بن يسَار، عَن عبد الله الصنَابحِي، سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: إِن الشَّمْس تطلع مَعَ قرن الشَّيْطَان، فَإِذا طلعت فَارقهَا، فَإِذا ارْتَفَعت فَارقهَا ويقارنها حَتَّى تستوي، وَإِذا نزلت عِنْد الْغُرُوب قارنها، فَإِذا غربت فَارقهَا، فَلَا تصلوا عِنْد هَذِه السَّاعَات ". فَهَؤُلَاءِ /: مَالك، وَأَبُو غَسَّان، وَزُهَيْر بن مُحَمَّد، وَحَفْص بن ميسرَة، كلهم يَقُول فِيهِ: عبد الله الصنَابحِي، وَنَصّ حَفْص بن ميسرَة على سَمَاعه من النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي هَذَا الحَدِيث. وَترْجم ابْن السكن باسمه فِي الصَّحَابَة، وَقَالَ: يُقَال: لَهُ صُحْبَة، مَعْدُود فِي الْمَدَنِيين، روى عَنهُ عَطاء بن يسَار، قَالَ: وَأَبُو عبد الله الصنَابحِي أَيْضا مَشْهُور، يروي عَن أبي بكر، وَعبادَة، لَيست لَهُ صُحْبَة، قَالَ: وَيُقَال أَيْضا: إِن عبد الله الصنَابحِي غير مَعْرُوف فِي الصَّحَابَة. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 615 وَسَأَلَ عَبَّاس الدوري يحيى بن معِين عَن هَذَا فَقَالَ: عبد الله الصنَابحِي، روى عَنهُ المدنيون، يشبه أَن تكون لَهُ صُحْبَة. والمتحصل من هَذَا أَنَّهُمَا رجلَانِ: أَحدهمَا أَبُو عبد الله: عبد الرَّحْمَن بن عسيلة الصنَابحِي، لَيست لَهُ صُحْبَة، يروي عَن أبي بكر وَعبادَة، وَالْآخر، عبد الله الصنَابحِي، يروي أَيْضا عَن أبي بكر وَعَن عبَادَة، وَالظَّاهِر مِنْهُ أَن لَهُ صُحْبَة، وَلَا أَبَت ذَلِك، وَلَا أَيْضا أجعله أَبَا عبد الله: عبد الرَّحْمَن بن عسيلة / فَإِن توهيم أَرْبَعَة من الثِّقَات فِي ذَلِك لَا يَصح، فاعلمه، وَالله الْمُوفق. (643) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن عُثْمَان بن إِسْحَاق بن خَرشَة، عَن قبيصَة بن ذُؤَيْب، قَالَ: " جَاءَت الْجدّة إِلَى أبي بكر " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: لَيْسَ هَذَا الحَدِيث بِمُتَّصِل السماع فِيمَا أعلم، والْحَدِيث الجزء: 2 ¦ الصفحة: 616 مَشْهُور. انْتهى قَوْله. هَذَا الحَدِيث [هُوَ] فِي الْمُوَطَّأ، وَمن طَرِيق مَالك سَاقه أَبُو دَاوُد، يرويهِ عَن ابْن شهَاب، عَن عُثْمَان الْمَذْكُور، عَن قبيصَة. وَالَّذِي ظن أَبُو مُحَمَّد من عدم الِاتِّصَال، إِنَّمَا هُوَ فِيمَا بَين القبيصة، وَأبي بكر، وَعمر، وَإنَّهُ ليقوى مَا تخوف، وَلَكِن قد أعرض عَن ذَلِك التِّرْمِذِيّ فَقَالَ فِيهِ: حسن صَحِيح. وَهُوَ لَا يَقُول ذَلِك فِي الْمُنْقَطع، فَهُوَ عِنْده مُتَّصِل، وَالله أعلم. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 617 ((3) بَاب ذكر أَحَادِيث، ذكرهَا على أَنَّهَا مُرْسلَة لَا عيب لَهَا سوى الْإِرْسَال، وَهِي معتلة بِغَيْرِهِ، وَلم يبين ذَلِك فِيهَا) . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 5 اعْلَم أَن الْمُرْسل يَنْقَسِم بانقسام الْمسند إِلَى صَحِيح وَسَقِيم، فَإِن مِنْهُ مَا يرويهِ الثِّقَات إِلَى الَّذِي أرْسلهُ. وَمِنْه مَا يكون فِي إِسْنَاده إِلَى الَّذِي أرْسلهُ ضَعِيف، أَو ضعفاء، أَو مَجْهُول، أَو مَجَاهِيل. فَالَّذِي لَا عيب لَهُ سوى الْإِرْسَال، هُوَ الَّذِي اخْتلف الْعلمَاء فِي الِاحْتِجَاج بِهِ، فَرَأى ذَلِك قوم، وأباه آخَرُونَ، فَإِن جمع إِلَى كَونه مُرْسلا ضعف راو أَو رُوَاة مِمَّن فِي إِسْنَاده، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يكون أَسْوَأ حَالا من الْمسند الضَّعِيف؛ لِأَنَّهُ يزِيد عَلَيْهِ بالانقطاع. فَلَيْسَ يجب - وَالْحَالة هَذِه - أَن يسالم رُوَاة الحَدِيث الْمُرْسل، اكْتِفَاء بِذكر إرْسَاله، بل يبين من أَمرهم مَا يبين من أُمُورهم إِذا رووا الْمسند، وَيُوضَع فيهم من الْجرْح وَالتَّعْدِيل مَا يوضع فِي رُوَاة / الْمسند. وَأَبُو مُحَمَّد - رَحمَه الله - يذكر أَحَادِيث مراسل، وَيبين إرسالها، وَلَا يعرض لَهَا بسوى ذَلِك، فَتحصل بِذكرِهِ عِنْد من لَا يعلم ضعفها، فِي جملَة مَا اخْتلف فِي قبُوله أَو رده من الْمُرْسل / وَهِي فِي الْحَقِيقَة لضعف من أعرض عَن ذكره من رواتها، فِي جملَة مَا لَا يحْتَج بِهِ أحد. (644) فَمن ذَلِك أَنه ذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، حَدِيث عَليّ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " وكاء السه العينان " الحَدِيث. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 7 ثمَّ رده بِأَن قَالَ: لَيْسَ بِمُتَّصِل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 8 وَهُوَ كَمَا قَالَ لَيْسَ بِمُتَّصِل، وَلَكِن بَقِي عَلَيْهِ أَن يبين أَنه من رِوَايَة بَقِيَّة بن الْوَلِيد، وَهُوَ ضَعِيف، وَهُوَ دائبا يضعف بِهِ الْأَحَادِيث، وَقد تقدم ذكر ذَلِك. وَيَرْوِيه بَقِيَّة عَن الْوَضِين بن عَطاء. والوضين واهي الحَدِيث، قَالَه السَّعْدِيّ، وَقد أنكر عَلَيْهِ هَذَا الحَدِيث نَفسه، وَمِنْهُم من يوثقه. وَيَرْوِيه الْوَضِين بن عَطاء، عَن مَحْفُوظ بن عَلْقَمَة - وَهُوَ ثِقَة -. وَيَرْوِيه مَحْفُوظ عَن عبد الرَّحْمَن بن عَائِذ، وَهُوَ مَجْهُول الْحَال. وَيَرْوِيه ابْن عَائِذ عَن عَليّ، وَلم يسمع مِنْهُ. فَهَذِهِ ثَلَاث علل سوى الْإِرْسَال، كل وَاحِدَة تمنع من تَصْحِيحه، مُسْندًا كَانَ أَو مُرْسلا. (645) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، عَن طَاوس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 9 " إِذا أَتَى أحدكُم البرَاز فَليُكرم قبْلَة الله " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: وَقد أسْند عَن ابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي ذكر الِاسْتِنْجَاء، وَلَا يَصح، أسْندهُ أَحْمد بن الْحسن الْمصْرِيّ، وَهُوَ مَتْرُوك. هَكَذَا ضعف الْمسند، وَسكت عَن الْمُرْسل، كَأَنَّهُ لَا عيب لَهُ، وَهُوَ دائر على زَمعَة بن صَالح، يرويهِ عَن سَلمَة بن وهرام، عَن طَاوس. وَزَمعَة ضعفه ابْن حَنْبَل وَابْن معِين وَأَبُو حَاتِم. وَأما سَلمَة بن وهرام، فأكثرهم يوثقه، وَقَالَ ابْن حَنْبَل: إِنَّه روى عَنهُ زَمعَة بن صَالح أَحَادِيث مَنَاكِير، أخْشَى أَن يكون حَدِيثه ضَعِيفا. (646) وَقد رد أَبُو مُحَمَّد حَدِيث عبد الله بن رَوَاحَة فِي قِرَاءَة الْجنب، وَهُوَ بِهَذَا الْإِسْنَاد فَاعْلَم ذَلِك. (647) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد حَدِيث أبي قَتَادَة، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " كره الجزء: 3 ¦ الصفحة: 10 الصَّلَاة نصف النَّهَار، إِلَّا يَوْم الْجُمُعَة ". ورد بِأَن أَبَا الْخَلِيل لم يلق أَبَا قَتَادَة. وَهُوَ كَمَا قَالَ، وَلَكِن بَقِي عَلَيْهِ أَن يبين أَنه من رِوَايَة لَيْث بن أبي سليم، وَهُوَ ضَعِيف. وَقد رد من أَجله أَحَادِيث: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 11 (648) مِنْهَا / حَدِيث جَابر: " من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلَا يدْخل الْحمام بِغَيْر إِزَار ". (649) وَحَدِيث: " لَا يتَقَدَّم الصَّفّ الأول أَعْرَابِي، وَلَا أعجمي، وَلَا غُلَام لم يَحْتَلِم ". (650) وَحَدِيث أبي هُرَيْرَة قَالَ: " أَوْصَانِي خليلي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِثَلَاث، ونهاني عَن ثَلَاث: مِنْهَا الإقعاء ". وَغير ذَلِك من الْأَحَادِيث كثير، اجتزينا مِنْهَا بِهَذِهِ الثَّلَاثَة لتَحْصِيل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 12 الْمَقْصُود، وَهُوَ أَنه ضَعِيف عِنْده، يرد بِهِ المسندات، فالمرسل أَحْرَى. وَأَقل مَا كَانَ عَلَيْهِ أَن يبين أَنه من رِوَايَته. (651) وَذكر من مراسل أبي دَاوُد، عَن بكير بن الْأَشَج: " كَانَ فِي الْمَدِينَة تِسْعَة مَسَاجِد مَعَ مَسْجِد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " الحَدِيث. وَلم يقل عَنهُ عقبه شَيْئا، كَأَنَّهُ سليم الْإِسْنَاد، وَهُوَ حَدِيث لَا يرويهِ عَن بكير إِلَّا ابْن لَهِيعَة، كَذَلِك هُوَ فِي المراسل من حَيْثُ نَقله، وَفِي سنَن الدَّارَقُطْنِيّ أَيْضا، وَابْن لَهِيعَة من قد عرف /. (652) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد أَيْضا عَن عَليّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يَا عَليّ لَا تفتح على الإِمَام الصَّلَاة ". ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: هَذَا مُنْقَطع. لم يزدْ على ذَلِك، والْحَدِيث الْمَذْكُور إِنَّمَا يرويهِ أَبُو إِسْحَاق، عَن الْحَارِث الْأَعْوَر، عَن عَليّ. والْحَارث مُتَّهم بِالْكَذِبِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 13 (653) وَقد ذكر أَبُو مُحَمَّد من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، حَدِيث عَليّ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لَهُ: " إِنِّي أحب لَك مَا أحب لنَفْسي، وأكره لَك مَا أكره لنَفْسي، لَا تقع بَين السَّجْدَتَيْنِ ". فَرده بِتَضْعِيف الْحَارِث، وَذكر بعض مَا للمحدثين فِيهِ. فَأَقل مَا كَانَ عَلَيْهِ أَن يبين فِي هَذَا الْمُنْقَطع أَنه من رِوَايَته فَلم يفعل. (654) وَذكر من طَرِيق عبد الرَّزَّاق، عَن بشر بن رَافع، عَن يحيى بن أبي كثير، عَن أبي عُبَيْدَة بن عبد الله بن مَسْعُود، عَن أَبِيه: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن نكشف سترا أَو نكف شعرًا أَو نُحدث وضُوءًا ". ثمَّ قَالَ: لم يسمع أَبُو عُبَيْدَة من أَبِيه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 14 لم يزدْ على هَذَا، وَهُوَ كَمَا قَالَ، وَهُوَ فِي هَذَا أعذر مِنْهُ فِيمَا تقدم: من حَيْثُ أبرز الْإِسْنَاد، وَمَعَ ذَلِك فالأكمل أَن ننبه على ضعف بشر بن رَافع، فَإِنَّهُ عِنْدهم / ضَعِيف الحَدِيث منكره وكنيته أَبُو الأسباط الْحَارِثِيّ. وَسَيَأْتِي تَضْعِيفه لَهُ بِهَذَا الَّذِي ذَكرْنَاهُ عَنْهُم فِي الْبَاب الَّذِي بعد هَذَا، إِثْر حَدِيث: (655) " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا تَلا غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين قَالَ: آمين، حَتَّى يسمع من يَلِيهِ من الصَّفّ الأول ". (656) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن الْحسن، عَن سَمُرَة قَالَ: " أمرنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن نرد على الإِمَام، وَأَن نتحاب، وَأَن يسلم بَعْضنَا على بعض ". ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: الصَّحِيح أَن الْحسن لم يسمع من سَمُرَة إِلَّا حَدِيث الْعَقِيقَة. هَكَذَا أوردهُ، موهما بِهَذَا الْعَمَل أَنه لَا عيب لَهُ إِلَّا مَا يُقَال من انْقِطَاع مَا بَين الْحسن وَسمرَة، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة سعيد بن بشير، عَن قَتَادَة، وَهُوَ وَإِن كَانَ مُخْتَلفا فِيهِ، فَإِنَّهُ عِنْده لَا يحْتَج بِهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 15 (657) وَقد ذكر بعد هَذَا من طَرِيق الْبَزَّار، من حَدِيث سعيد بن بشير، عَن قَتَادَة، عَن الْحسن، عَن سَمُرَة، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " نهى عَن التورك والإقعاء، وَأَن نستوفز فِي صَلَاتنَا، وَأَن يُصَلِّي المُهَاجر خلف الْأَعرَابِي ". ثمَّ قَالَ بإثره: سعيد بن بشير لَا يحْتَج بِهِ، وَاخْتلف فِي سَماع الْحسن من سَمُرَة. وَهَذَا الْعَمَل صَوَاب، وَبِه طالبته فِي هَذَا الْبَاب، وَقد عمل بِهِ فِي جملَة أَحَادِيث، سننبه عَلَيْهَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي آخر الْبَاب. وَسَعِيد بن بشير، قد تَركه ابْن مهْدي لفحش خطئه، ونكارة بعض حَدِيثه. (658) وَلما ذكر أَبُو مُحَمَّد حَدِيث سَمُرَة: " اقْتُلُوا شُيُوخ الْمُشْركين الجزء: 3 ¦ الصفحة: 16 واستبقوا شرخهم ". قَالَ بإثره: سعيد بن بشير لَا يحْتَج بِهِ. (659) وَكَذَلِكَ قَالَ فِي حَدِيث " [رُبمَا] طَاف عَليّ ثِنْتَيْ عشرَة امْرَأَة لَا يمس مَاء ". وَقد ترك أَبُو مُحَمَّد لهَذَا الحَدِيث إِسْنَادًا لَيْسَ بِهِ من الْبَأْس مَا بِهَذَا، نذكرهُ - إِن شَاءَ الله تَعَالَى - فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا وَهِي ضَعِيفَة أَو مُخْتَلف فِيهَا، وَترك مَا هُوَ خير مِنْهَا. (660) وَذكر من مراسل أبي دَاوُد عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد، أَن / رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين كَلمه ذُو الْيَدَيْنِ -: " قَامَ فَكبر "، الحَدِيث. وَهَذَا الْمُرْسل إِنَّمَا يرويهِ من /، لَا يحْتَج بِهِ لَو أسْند. قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا سُلَيْمَان بن دَاوُد، قَالَ: حَدثنَا ابْن وهب، قَالَ: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن سلمَان وَغَيره، عَن ابْن الْهَادِي، عَن عبد الرَّحْمَن بن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 17 عمار عَن الْقَاسِم، فَذكره. وكل هَؤُلَاءِ ثِقَات، إِلَّا عبد الرَّحْمَن بن سلمَان الحجري فَأَنا لَا أعلم أحدا وَثَّقَهُ غير النَّسَائِيّ، فَإِنَّهُ قَالَ: لَا بَأْس بِهِ، وَأدْخلهُ البُخَارِيّ فِي الضُّعَفَاء، وَكَذَلِكَ فعل أَبُو أَحْمد، والعقيلي، والساجي، وَقَالَ أَبُو حَاتِم: إِن فِي حَدِيثه اضطرابا. وَبِالْجُمْلَةِ فَلَو كَانَ حَدِيثه مُسْندًا، مَا انبغى أَن يسكت عَنهُ - دون أَن يبين أَنه من رِوَايَته - من جعل سُكُوته عَن الْأَحَادِيث مصححا لَهَا. (661) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن الحكم، عَن مقسم، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " بعث النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ابْن رَوَاحَة فِي سَرِيَّة، فَوَافَقَ ذَلِك يَوْم جُمُعَة " الحَدِيث. ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: لم يسمع الحكم هَذَا الحَدِيث من مقسم. انْتهى قَوْله. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 18 وَهُوَ إِنَّمَا تبع فِيهِ التِّرْمِذِيّ، فَإِنَّهُ لما أوردهُ، سَاق عَن ابْن الْمَدِينِيّ أَنه قَالَ: قَالَ يحيى بن سعيد: قَالَ شُعْبَة: لم يسمع الحكم من مقسم إِلَّا خَمْسَة أَحَادِيث، وعدها، وَلَيْسَ هَذَا مِنْهَا. وَالْمَقْصُود أَن تعلم أَن الحَدِيث من رِوَايَة حجاج بن أَرْطَأَة، عَن الحكم. فاقتطاع أبي مُحَمَّد الْإِسْنَاد مِمَّن فَوْقه خطأ، وَهُوَ دائبا يُضعفهُ ويضعف بِهِ، والخوض فِيهِ طَوِيل. (662) وَذكر من المراسل عَن مَكْحُول قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا مَاتَت الْمَرْأَة مَعَ الرِّجَال لَيْسَ مَعَهم امْرَأَة " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: هَذَا مُرْسل. لم يزدْ على ذَلِك، وَهَذَا الحَدِيث لَا يَصح مُرْسلا أصلا، وَقد خفيت عَلَيْهِ من أمره خافية يعْذر فِيهَا. وَذَلِكَ أَن أَبَا دَاوُد يرويهِ هَكَذَا: حَدثنَا هَارُون بن عباد قَالَ: حَدثنَا أَبُو بكر - يَعْنِي ابْن عَيَّاش - عَن مُحَمَّد بن أبي سهل، عَن مَكْحُول، فَذكره. فأظن أَن أَبَا مُحَمَّد، بحث عَن مُحَمَّد بن أبي سهل فَوجدَ أَبَا مُحَمَّد بن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 19 أبي حَاتِم قد ذكر مُحَمَّد بن أبي سهل صَاحب الساج، فَظن أَنه هُوَ وَلم يذكر فِي هَذَا الْموضع غَيره، وَلم يعلم أَنه قد / ذكر فِي مَوضِع آخر عَن البُخَارِيّ: مُحَمَّد بن أبي سهل بروايته عَن مَكْحُول، وَرِوَايَة أبي بكر بن عَيَّاش عَنهُ، ذكر ذَلِك فِي بَاب الْآحَاد، وَقَالَ: إِن أَبَاهُ أَبَا حَاتِم قَالَ فِي مُحَمَّد بن أبي سهل هَذَا: هُوَ عِنْدِي مُحَمَّد بن سعيد المصلوب. وَمُحَمّد بن سعيد رجل كَذَّاب، تولع قوم من المدلسين بتغيير اسْمه فِي الْأَسَانِيد. فَمنهمْ من يَقُول فِيهِ: مُحَمَّد بن أبي قيس. وَمِنْهُم من يَقُول: مُحَمَّد بن حسان. وَمِنْهُم من يَقُول: مُحَمَّد بن الأردني. وَمِنْهُم من يَقُول: مُحَمَّد الدِّمَشْقِي. وَمِنْهُم من يَقُول: مُحَمَّد الْقرشِي. وَسَيَأْتِي لَهُ ذكر كَذَلِك فِي الْبَاب الَّذِي بعد هَذَا، فِي حَدِيث: (663) " عَلَيْكُم بِقِيَام اللَّيْل ". وَقَالَ البُخَارِيّ: إِنَّه يُقَال لَهُ: ابْن الطَّبَرِيّ. وَزعم الْعقيلِيّ أَن عبد الرَّحْمَن بن أبي شميلة، هُوَ مُحَمَّد بن سعيد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 20 المصلوب، وأبى ذَلِك عَلَيْهِ عبد الْغَنِيّ، وَبَينه. وَمِنْهُم من يَقُول فِيهِ: مُحَمَّد بن سعيد الْأَسدي. فَكَانَ من جملَة ذَلِك، القَوْل فِيهِ بِأَنَّهُ مُحَمَّد بن أبي سهل رَاوِي هَذَا الْمُرْسل، كَمَا بَين أَبُو حَاتِم. فَإِن لج فِي هَذَا لاج، وَرَآهُ تكهنا، فليخبرنا من هُوَ؟ فَإِنَّهُ إِن لم يكن مُحَمَّد بن سعيد، فَهُوَ مَجْهُول. وَصَاحب الساج أَيْضا لَا تعرف أَيْضا حَاله. فَاعْلَم ذَلِك. (664) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، عَن مَكْحُول، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - /: " الصَّلَاة وَاجِبَة عَلَيْكُم مَعَ كل مُسلم، برا كَانَ أَو فَاجِرًا ". الحَدِيث. ثمَّ رده بِأَن مَكْحُولًا لم يسمع من أبي هُرَيْرَة. لم يزدْ على هَذَا، كَأَنَّهُ صَحِيح إِلَى مَكْحُول. وَإِسْنَاده عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ هُوَ هَذَا: حَدثنَا أَبُو جَعْفَر: مُحَمَّد بن سُلَيْمَان النعماني، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عَمْرو بن حنان، قَالَ: حَدثنَا بَقِيَّة قَالَ: حَدثنَا الْأَشْعَث، عَن يزِيد بن يزِيد بن جَابر، عَن مَكْحُول، عَن أبي هُرَيْرَة، فَذكره. وَبَقِيَّة من قد علم، وَهُوَ عِنْده لَا يحْتَج بِهِ، وَهُوَ أروى النَّاس عَن المجهولين، وَأَشْعَث هَذَا مِنْهُم. وَإِن أردْت أَن تعلم بعض الْأَحَادِيث الَّتِي يُصَرح أَبُو مُحَمَّد إثْرهَا بِأَن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 21 بَقِيَّة لَا يحْتَج بِهِ، فَحَدِيث أنس: (665) " طَاف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / على ثِنْتَيْ عشرَة امراة لَا يمس مَاء ". (666) وَحَدِيث زَكَاة الْبَقر. وَهِي كَثِيرَة، سَيَأْتِي لَهَا ذكر فِي بَاب الْأَحَادِيث المصححة بسكوته إِن شَاءَ الله تَعَالَى. (667) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن ربيعَة بن سيف، عَن عبد الله بن عَمْرو حَدِيث: " من مَاتَ يَوْم الْجُمُعَة أَو لَيْلَتهَا ". ثمَّ قَالَ عَن التِّرْمِذِيّ: حسن غَرِيب، وَلَيْسَ إِسْنَاده بِمُتَّصِل، لَا نَعْرِف الجزء: 3 ¦ الصفحة: 22 لِرَبِيعَة بن سيف سَمَاعا من عبد الله بن عَمْرو. انْتهى مَا ذكر. وَهُوَ اخْتِصَار كَلَام التِّرْمِذِيّ، فَإِنَّهُ ترك مِنْهُ قَوْله: إِنَّمَا يروي عَن عبد الرَّحْمَن الحبلي، عَن عبد الله بن عَمْرو. وَهَذِه الزِّيَادَة مُؤَكدَة لما أَرَادَ من الِانْقِطَاع. وَالْمَقْصُود الْآن، أَن تعلم أَن أَبَا مُحَمَّد قد ضعف ربيعَة بن سيف، وَضعف بِهِ حَدِيث: (668) " لَو بلغت مَعَهم الكدى مَا دخلت الْجنَّة حَتَّى يدخلهَا جد أَبِيك " فِي خُرُوج النِّسَاء إِلَى الْمَقَابِر. وَلم يلْزمه فِيهِ خطأ، فَإِنَّهُ قد صرح باسمه، وَبَين أَنه من رِوَايَته، فَلَعَلَّ ذَلِك مِنْهُ اعْتِمَاد على مَا قدم من تَضْعِيفه، وَالرجل لَا بَأْس بِهِ عِنْد غَيره. ووراء هَذَا فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث عِنْده هِشَام بن سعد، هُوَ يرويهِ عَن سعيد بن أبي هِلَال، عَن ربيعَة بن سيف، وَقد طوى ذكره، وَهُوَ عِنْده ضَعِيف، قد أغْلظ فِي أمره على مَا سنبينه فِيمَا بعد إِن شَاءَ الله تَعَالَى. (669) وَذكر حَدِيث: " الصَّائِم فِي السّفر كالمفطر ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 23 وَأعله بالانقطاع، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة أُسَامَة بن زيد. (670) وَذكر من المراسل عَن إِسْمَاعِيل بن سميع الْحَنَفِيّ، عَن مَالك بن عُمَيْر، قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِنِّي لقِيت الْعَدو، وَلَقِيت أبي فيهم. الحَدِيث. وَسكت عَنهُ كَأَنَّهُ لَا عيب لَهُ سوى الْإِرْسَال، وَلَيْسَ كَذَلِك، بل إِسْمَاعِيل ابْن سميع، قد تَركه زَائِدَة، فَقَالَ يحيى الْقطَّان: إِنَّمَا تَركه لِأَنَّهُ كَانَ صفريا. وَقَالَ الْعقيلِيّ: كَانَ يرى رَأْي الْخَوَارِج. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 24 قَالَ أَبُو نعيم: أَقَامَ جارا لِلْمَسْجِدِ أَرْبَعِينَ عَاما، لَا يرى فِي جُمُعَة / وَلَا جمَاعَة. وَقَالَ البُخَارِيّ، وَالنَّسَائِيّ، وَيحيى الْقطَّان: لَا بَأْس بِهِ. وَمَالك بن عُمَيْر مخضرم، وَلم تصح صحبته، وَإِنَّمَا يروي عَن عَليّ، وحاله مَجْهُولَة. (671) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن قَتَادَة، " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا غزا، كَانَ لَهُ سهم صَاف، يَأْخُذهُ من حَيْثُ شَاءَ " الحَدِيث. وَلم يبين أَنه من رِوَايَة سعيد بن بشير الْمُتَقَدّم الذّكر، وَهُوَ لَا يقبل مِنْهُ الْمسند، فَكيف الْمُرْسل. وَلم يقْتَصر فِي الْمسند الْمَذْكُور على مَا ذَكرْنَاهُ، بل سَاق بعده فِي ذَلِك مُرْسلا عَن ابْن سِيرِين، ثمَّ قَالَ: ابْن سِيرِين، وَقَتَادَة، تابعيان / جليلان، فَكَانَ هَذَا مِنْهُ رضَا بمرسل قَتَادَة الْمَذْكُور. (672) وَذكر أَيْضا من طَرِيق أبي دَاوُد عَن سعيد بن بشير الْمَذْكُور، عَن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 25 قَتَادَة، عَن خَالِد بن دريك، عَن عَائِشَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الْجَارِيَة إِذا حَاضَت لم يصلح أَن يرى مِنْهَا إِلَّا وَجههَا ويداها " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: هَذَا مُرْسل، وخَالِد بن دريك لم يسمع من عَائِشَة. انْتهى مَا ذكر. وَهُوَ فِيهِ أعذر، من حَيْثُ أبرز من إِسْنَاده مَوضِع الْعَيْب، وَهُوَ سعيد بن بشير، فَإِنَّهُ ضَعِيف كَمَا قُلْنَاهُ، وخَالِد بن دريك، فَإِنَّهُ مَجْهُول الْحَال. (673) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد من المراسل، عَن الزُّهْرِيّ، فِي قصَّة أبي هِنْد، قَالُوا: يَا رَسُول الله، نزوج بناتنا من موالينا؟ فَأنْزل الله عز وَجل: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 26 {يَا أَيهَا النَّاس إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ من ذكر وَأُنْثَى} الْآيَة. الحَدِيث. وَلم يعرض لغير الْإِرْسَال من حَاله، وَهُوَ حَدِيث إِنَّمَا يرويهِ بَقِيَّة، وَهُوَ عِنْده ضَعِيف. وَقد ذكرنَا هَذَا الْمُرْسل بنصه لأمر آخر اعتراه فِيهِ، فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي عزاها إِلَى مَوَاضِع لَيست هِيَ فِيهَا. (674) وَذكر حَدِيث أم سَلمَة: " واغمزي قرونك عِنْد كل حفْنَة " يَعْنِي فِي الْغسْل. ورده بِأَنَّهُ مُنْقَطع فِيمَا بَين المَقْبُري وَأم سَلمَة. وَلم يبين أَنه من رِوَايَة أُسَامَة بن زيد اللَّيْثِيّ، وَهُوَ مُخْتَلف فِيهِ، فَلَو أسْند، لقيل فِي حَدِيثه: حسن لَا صَحِيح. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 27 (675) وَذكر / من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن رجل من سواءة عَن عَائِشَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَنه كَانَ يغسل رَأسه بالخطمي، وَهُوَ جنب ". لم يزدْ على مَا بَين من انقطاعة، بِكَوْنِهِ عَن رجل لم يسم، وَهُوَ حَدِيث يرويهِ شريك القَاضِي، وَهُوَ مُخْتَلف فِيهِ، لَا يُقَال فِيمَا يرويهِ صَحِيح، وسترى مَا لأبي مُحَمَّد فِيهِ إِن شَاءَ الله تَعَالَى. (676) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد أَيْضا، عَن خَيْثَمَة، عَن عَائِشَة: " أَمرنِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن أَدخل امْرَأَة على زَوجهَا قبل أَن يُعْطِيهَا شَيْئا ". ثمَّ قَالَ: قَالَ أَبُو دَاوُد: خَيْثَمَة لم يسمع من عَائِشَة. لم يزدْ على هَذَا، والْحَدِيث أَيْضا من رِوَايَة شريك. وَذكر مراسل هِيَ من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق، وَلم يبين أَنَّهَا من رِوَايَته. وَسَيَأْتِي ذكر مَا اعتراه فِي ابْن إِسْحَاق - إِن شَاءَ الله - وَجُمْلَة الْحَال أَنه مخلتف فِيهِ، لَا يَنْبَغِي أَن تخلط رواياته فِي الِاخْتِصَار، بِمَا هُوَ من رِوَايَة من لَا يخْتَلف فِيهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 28 (677) فَمن ذَلِك أَنه ذكر عَن الزُّهْرِيّ، وَعبد الله بن أبي بكر، وَبَعض ولد مُحَمَّد بن مسلمة، قَالُوا: " بقيت بَقِيَّة من أهل خَيْبَر فَتَحَصَّنُوا " الحَدِيث. (678) وَمن طَرِيق أبي دَاوُد " مُظَاهرَة سَلمَة بن صَخْر " من رِوَايَة سُلَيْمَان بن يسَار عَنهُ. وَقَالَ: إِنَّهَا مُنْقَطِعَة. (679) وَمن طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن سُلَيْمَان بن يسَار، عَن سَلمَة بن صَخْر، فِي الَّذِي يواقع قبل أَن يكفر، قَالَ: " كَفَّارَة وَاحِدَة ". وَأتبعهُ أَيْضا أَن سُلَيْمَان لم يسمع من سَلمَة. (680) ومرسل عبد الله بن أبي بكر وَغَيره، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 29 " زوج عمَارَة بنت حَمْزَة، سَلمَة بن أبي سَلمَة، وَلم يدركا، فماتا، فتوارثا ". (681) ومرسل وَاسع بن حبَان فِي قصَّة أبي لبَابَة حَدِيث: " لَا ضَرَر وَلَا ضرار ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 30 (682) ومرسل مَكْحُول: " فِي اللِّسَان الدِّيَة، وَفِي الذّكر الدِّيَة، وَفِيمَا أقبل من الْأَسْنَان خمس فَرَائض ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 31 (683) وَمن طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن عَليّ / قَالَ: " عق رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الْحسن بِشَاة، وَقَالَ: يَا فَاطِمَة، احلقي رَأسه، وتصدقي بزنة شعره فضَّة " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: لَيْسَ إِسْنَاده بِمُتَّصِل /. وَلم يبين فِي شَيْء من هَذِه كلهَا، أَنَّهَا من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق، وَلَا بَين مَوضِع الِانْقِطَاع من هَذَا الْأَخير، وَذَلِكَ أَنه يرويهِ ابْن إِسْحَاق، عَن عبد الله ابْن أبي بكر، عَن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن، عَن عَليّ. وَمُحَمّد لم يدْرك عليا - رَضِي الله عَنهُ - (684) وَذكر من طَرِيق وَكِيع، عَن سُفْيَان، عَن قيس، عَن الْحسن بن مُحَمَّد بن عَليّ - وَهُوَ ابْن الْحَنَفِيَّة - قَالَ: " كتب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى مجوس هجر، يعرض عَلَيْهِم الْإِسْلَام " الحَدِيث. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 32 وَفِيه: " وَلَا تنْكح لَهُم امْرَأَة ". وَلم يعرض [لَهَا] بسوى الْإِرْسَال البادي. وَقيس هُوَ ابْن الرّبيع، وَالثَّوْري مَعْدُود عِنْد البُخَارِيّ فِيمَن روى عَنهُ، وَهُوَ أَيْضا مُخْتَلف فِيهِ، وَمِمَّنْ سَاءَ حفظه بِالْقضَاءِ، كشريك، وَابْن أبي ليلى، وَهُوَ فِيهِ أعذر لما أبرزه من الْإِسْنَاد وَلم يطو ذكره. (685) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد حَدِيث مُحَمَّد بن سَلمَة، عَن خصيف، عَن أبي عُبَيْدَة بن عبد الله بن مَسْعُود، عَن أَبِيه، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا كنت فِي صَلَاة فشككت فِي ثَلَاث أَو أَربع " الحَدِيث. ثمَّ رده بِانْقِطَاع مَا بَين أبي عُبَيْدَة وَأَبِيهِ، وباضطرابهم فِي متن الْخَبَر، وَاخْتِلَافهمْ فِي رَفعه، وَلم يبين ضعف خصيف، وَهُوَ عِنْدهم مُخْتَلف فِيهِ، سيئ الْحِفْظ فِي الْجُمْلَة، وَعَسَى أَن يكون قد تَبرأ من عهدته بإبرازه. (686) وَذكر حَدِيث: " الَّذِي قضى رَكْعَتي الْفجْر بعد الصُّبْح ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 33 ورده بِانْقِطَاع مَا بَين مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، وَقيس بن عَمْرو وَلم يبين أَنه من رِوَايَة سعد بن سعيد، أخي يحيى بن سعيد، وَعبد ربه بن سعيد، وَهُوَ مُخْتَلف فِيهِ. وَقد قَالَ فِيهِ ابْن حَنْبَل: ضَعِيف. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: مود. وَاخْتلف فِي ضبط هَذِه اللَّفْظَة، فَمنهمْ من يخففها، أَي هَالك، وَمِنْهُم من يشددها، أَي حسن الْأَدَاء. والْحَدِيث من أَجله - لَو اتَّصل - فمختلف فِيهِ، لَا يُقَال فِيهِ: صَحِيح، بل حسن. (687) وَذكر عَن مَكْحُول، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " هجن الهجين / وعرب الْعَرَبِيّ " الحَدِيث. وَلم يبين أَنه من رِوَايَة مُعَاوِيَة بن صَالح، وَهُوَ مُخْتَلف فِيهِ، يرويهِ عَن أبي بشر، عَن مَكْحُول. وسترى - إِن شَاءَ الله - كَيفَ حَال مُعَاوِيَة بن صَالح عِنْده فِيمَا بعد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 34 (688) وَذكر من طَرِيق وَكِيع، عَن خَالِد بن معدان: " أسْهم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - للنِّسَاء وَالصبيان وَالْخَيْل ". وَلم يعبه بسوى الْإِرْسَال، ووكيع إِنَّمَا يرويهِ عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن مهَاجر الشعيثي، وَهُوَ مُخْتَلف فِيهِ. قَالَ دُحَيْم: كَانَ ثِقَة. وَضَعفه أَبُو حَاتِم، وَقَالَ: لَا يحْتَج بِهِ. (689) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أنكحوا الْأَيَامَى، ثَلَاثًا، قيل: مَا العلائق بَينهم يَا رَسُول الله؟ قَالَ: مَا تراضى عَلَيْهِ الأهلون، وَلَو قضيب من أَرَاك ". ثمَّ قَالَ: هَذَا يرْوى مُرْسلا، وَهُوَ أصح، وَفِي المراسل ذكره أَبُو دَاوُد، وَلم يذكر الْقَضِيب. انْتهى مَا أورد. وَقد ذكرنَا الحَدِيث الأول وَبينا علته فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي لم يبين عللها وَذكرنَا أَيْضا فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي / تَغَيَّرت بالْعَطْف أَو الإرداف، مَا فِي إردافه الْمُرْسل على الْمسند من التَّغْيِير. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 35 وَنَذْكُر هَاهُنَا إِن شَاءَ الله، إِن الْمُرْسل الْمَذْكُور لم يعبه بسوى الْإِرْسَال، وَهُوَ من رِوَايَة عبد الْملك بن الْمُغيرَة الطَّائِفِي، عَن ابْن الْبَيْلَمَانِي، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَذكره. وَابْن الْبَيْلَمَانِي: عبد الرَّحْمَن وَالِد مُحَمَّد، لم تثبت عَدَالَته، وَهُوَ ظَاهر الضعْف، وَسَيَأْتِي ذكره بِأَكْثَرَ من هَذَا، فِي الْبَاب الَّذِي بعد هَذَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى. (690) وَذكر من المراسل، عَن طَاوس، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: سُئِلَ مَا يكره من الضَّحَايَا وَالْبدن؟ فَقَالَ: " العوراء، والعجفاء، والمصرمة أطباؤها ". كَذَا ذكره، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة يحيى بن أَيُّوب، عَن ابْن طَاوس، عَن أَبِيه. وَيحيى بن أَيُّوب مُخْتَلف فِيهِ، وَهُوَ / يُضعفهُ، وسترى إِن شَاءَ الله كَيفَ هُوَ عِنْده. وَمن هَذَا الْبَاب، مراسل لم يعبها بسوى الْإِرْسَال، ورواتها مَجْهُولُونَ، بِحَيْثُ لَو كَانَت أَحَادِيثهم مُسندَة، لم يحْتَج بهَا من أَجلهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 36 (691) فَمن ذَلِك أَنه ذكر من طَرِيق أبي عمر بن عبد الْبر، عَن إِبْرَاهِيم ابْن عبد الرَّحْمَن العذري، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يحمل هَذَا الْعلم من كل خلف عدوله، ينفون عَنهُ تَحْرِيف الغالين، وانتحال المبطلين، وَتَأْويل الْجَاهِلين ". ثمَّ قَالَ: وَذكره أَبُو جَعْفَر الْعقيلِيّ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة، وَعبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَأحسن مَا فِي هَذَا - فِيمَا أعلم - مُرْسل إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن العذري. انْتهى مَا ذكره بنصه. فلنتول بَيَان مَا فِيهِ، إِذْ لَا يتَكَرَّر، فَنَقُول: أما الْمُرْسل الَّذِي اخْتَار، وَقَالَ: إِنَّه أحسن مَا فِيهِ، فَإِن إِسْنَاده عِنْد أبي عمر هُوَ هَذَا: حَدثنَا خلف بن أَحْمد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 37 الْأمَوِي، حَدثنَا أَحْمد بن سعيد الصَّدَفِي حَدثنَا أَبُو جَعْفَر الْعقيلِيّ، حَدثنَا عَليّ بن عبد الْعَزِيز، قَالَ: حَدثنَا القعْنبِي، حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، عَن معَان بن رِفَاعَة السلَامِي، عَن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن العذري، فَذكره. وَقد أبعد النجعة فِي نسبته إِلَى أبي عمر، والْحَدِيث ذكره الْعقيلِيّ، وَإِنَّمَا لم يعزه إِلَيْهِ - وَالله أعلم - لِأَنَّهُ لم يره فِي كِتَابه، وَإِنَّمَا رَآهُ عِنْد أبي عمر. وَبِهَذَا الْإِسْنَاد الَّذِي ذَكرْنَاهُ من رِوَايَة أبي عمر، أوردهُ فِي كِتَابه الْكَبِير. وَالَّذِي نسب إِلَى الْعقيلِيّ من رِوَايَة أبي هُرَيْرَة، وَعبد الله بن عَمْرو، إِنَّمَا رَآهُ أَيْضا عِنْد أبي عمر، فَإِنَّهُ كَمَا سَاق الْمُرْسل، سَاق الْمسند عَن الصحابيين الْمَذْكُورين، وَقد كَانَ يَنْبَغِي أَن ينْسب الْجَمِيع إِلَى الْعقيلِيّ، أَو إِلَى أبي عمر، وَهَذَا لَيْسَ فِيهِ كَبِير، وَلم يَضرك التَّنْبِيه عَلَيْهِ. وَقد ذكر الْمُرْسل الْمَذْكُور / غير الْعقيلِيّ. قَالَ أَبُو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم: حَدثنَا الْحسن بن عَرَفَة، قَالَ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، عَن معَان بن رِفَاعَة السلَامِي، عَن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن العذري، فَذكره حرفا بِحرف. حَدثنَا عَليّ بن الْحسن الهسنجاني حَدثنَا مُحَمَّد بن عبيد الْمدنِي / حَدثنَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 38 مُبشر بن إِسْمَاعِيل، عَن معَان بن رِفَاعَة، عَن أبي عبد الرَّحْمَن العذري، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ليحمل هَذَا الْعلم من كل خلف عدوله، ينفون عَنهُ تَحْرِيف الغالين، وانتحال المبطلين، وَتَأْويل الْجَاهِلين ". وَقَالَ أَبُو أَحْمد بن عدي: حَدثنَا مَحْمُود بن عبد الْبر بن سِنَان الْعَسْقَلَانِي، قَالَ: حَدثنَا أَبُو إِبْرَاهِيم الترجماني. وَحدثنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الْكَرِيم، قَالَ: حَدثنَا الْحسن بن عَرَفَة، قَالَا: حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، عَن معَان بن رِفَاعَة السلَامِي، عَن إِبْرَاهِيم ابْن عبد الرَّحْمَن العذري، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يحمل هَذَا الْعلم من كل خلف عدوله، ينفون عَنهُ كذب الْجَاهِلين، وانتحال المبطلين، وافتراء الغالين ". حدّثنَاهُ عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز، قَالَ: حَدثنِي زِيَاد بن أَيُّوب، قَالَ: حَدثنِي مُبشر بن إِسْمَاعِيل، عَن معَان بِإِسْنَادِهِ نَحوه. حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز، قَالَ: حَدثنَا أَبُو الرّبيع الزهْرَانِي، قَالَ: حَدثنَا حَمَّاد بن زيد، عَن بَقِيَّة بن الْوَلِيد، عَن معَان بن رِفَاعَة، عَن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن العذري، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يَرث هَذَا الْعلم من كل خلف عدوله " الحَدِيث. قد أريتك فِي هَذَا الَّذِي ذكرت، رِوَايَة مُبشر بن إِسْمَاعِيل، وَبَقِيَّة بن الْوَلِيد، هَذَا الْمُرْسل، عَن معَان بن رِفَاعَة، كَمَا رَوَاهُ إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش. وَأَبُو مُحَمَّد إِنَّمَا اعْتمد رِوَايَة إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش. ومبشر بن إِسْمَاعِيل خير مِنْهُ، فطريقه إِلَى معَان بن رِفَاعَة أحسن، ثمَّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 39 نقُول بعد ذَلِك: إِن معَان بن رِفَاعَة السلَامِي هَذَا، هُوَ دمشقي. قَالَ ابْن حَنْبَل: لم يكن بِهِ بَأْس، وخفي على أَحْمد من أمره مَا علمه غَيره /. قَالَ الدوري عَن ابْن معِين: إِنَّه ضَعِيف. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: يكْتب حَدِيثه وَلَا يحْتَج بِهِ. وَقَالَ السَّعْدِيّ: لَيْسَ بِحجَّة. وَقَالَ أَبُو أَحْمد بن عدي: عَامَّة مَا يرويهِ لَا يُتَابع عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِم البستي: هُوَ مُنكر الحَدِيث، يروي مراسل كَثِيرَة، وَيحدث عَن المجاهيل بِمَا لَا يثبت، اسْتحق التّرْك. وَإِلَى هَذَا، فَإِن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن العذري مُرْسل هَذَا الحَدِيث، لَا نعرفه الْبَتَّةَ فِي شَيْء من الْعلم غير هَذَا، وَلَا أعلم أحدا مِمَّن صنف الرِّجَال ذكره، مَعَ أَن كثيرا مِنْهُم [ذكر مرسله هَذَا فِي مُقَدّمَة كِتَابه، كَابْن أبي حَاتِم، وَأبي أَحْمد، والعقيلي، فَإِنَّهُم ذَكرُوهُ، ثمَّ] لم يذكرُوا إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن فِي بَاب من اسْمه إِبْرَاهِيم، فَهُوَ عِنْدهم غَايَة الْمَجْهُول، فَكيف يعرض عَن مثل هَذِه [الْعلَّة] الَّتِي هُوَ بهَا فِي جملَة مَا لَا يحْتَج بِهِ أحد، إِلَى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 40 الِاقْتِصَار على الْإِرْسَال الَّذِي يكون بِهِ فِي جملَة مَا يخْتَلف فِيهِ، فَاعْلَم ذَلِك، وَالله الْمُوفق. (692) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد حَدِيث " اتَّقوا اللاعنين ". ثمَّ قَالَ: زَاد أَبُو دَاوُد: " البرَاز فِي الْمَوَارِد ". رَوَاهُ من حَدِيث أبي سعيد، عَن معَاذ بن جبل، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ: وَأَبُو سعيد هُوَ الْحِمْيَرِي، وَلم يسمع من معَاذ. انْتهى مَا ذكر. وَأَبُو سعيد هَذَا لَا يعرف من غير هَذَا الْإِسْنَاد، وَلم يزدْ أَبُو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم فِي ذكره إِيَّاه على مَا أَخذ من هَذَا الْإِسْنَاد، وَقد ذكره أَيْضا بذلك من غير مزِيد، أَبُو عمر بن عبد الْبر فِي الكنى الْمُجَرَّدَة، فَهُوَ مَجْهُول، فَاعْلَم ذَلِك. (693) وَذكر من المراسل عَن طَلْحَة بن أبي قنان أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كَانَ إِذا أَرَادَ أَن يَبُول، فَأتى عزازا " الحَدِيث. وَلم يذكر / لَهُ عِلّة إِلَّا الْإِرْسَال، وَطَلْحَة هَذَا لَا يعرف بِغَيْر هَذَا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 41 (694) وَذكر من المراسل أَيْضا عَن مُحَمَّد بن خَالِد القريشي، عَن عَطاء بن أبي رَبَاح، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا شربتم فَاشْرَبُوا مصا " الحَدِيث. وَلم يقل بإثره شَيْئا، كَأَنَّهُ اكْتفى فِي تَعْلِيله بِالْإِرْسَال. وَمُحَمّد بن خَالِد لَا تعرف / حَاله، وَلَا يعرف روى عَنهُ غير هشيم، وَبِذَلِك ذكر فِي كتب الرِّجَال، من غير مزِيد. (695) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد حَدِيث: " ألق عَنْك شعر الْكفْر واختتن ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 42 ثمَّ قَالَ: إِنَّه مُنْقَطع الْإِسْنَاد. لم يردهُ بِغَيْر ذَلِك، فسيظفر بِهِ من لَا يرد الْمُرْسل فيحتج بِهِ غير مُتَوَقف. وَهُوَ حَدِيث فِي إِسْنَاده من الِانْقِطَاع مَجْهُولُونَ. قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مخلد بن خَالِد قَالَ: حَدثنَا عبد الرَّزَّاق، حَدثنَا ابْن جريج، قَالَ، أخْبرت عَن عثيم بن كُلَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده، أَنه جَاءَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: قد أسلمت، فَقَالَ لَهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ألق عَنْك شعر الْكفْر " - يَقُول: احْلق [واختتن]- قَالَ: وَأَخْبرنِي آخر أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لآخر مَعَه: " ألق عَنْك شعر الْكفْر واختتن ". هَذَا إِسْنَاده، وَهُوَ غَايَة فِي الضعْف، من الِانْقِطَاع الَّذِي فِي قَول ابْن جريج: أخْبرت، وَذَلِكَ أَن عثيم بن كُلَيْب وأباه وجده، مَجْهُولُونَ، وَمَعَ هَذَا فليته بَقِي هَكَذَا بل فِيهِ زِيَادَة لَا أَقُول أَنَّهَا صَحِيحَة، وَلكنهَا مُحْتَملَة، وَهِي أَن من الْمُحدثين من قَالَ: إِن ابْن جريج الْقَائِل الْآن: أخْبرت عَن عثيم بن كُلَيْب، إِنَّمَا رَوَاهُ لَهُ عَن عثيم بن كُلَيْب إِبْرَاهِيم بن أبي يحيى، وَهُوَ من قد علم ضعفه، وَأُمُور أخر رمي بهَا فِي دينه، وَقد كَانَ من النَّاس من كَانَ حسن الرَّأْي فِيهِ، مِنْهُم الشَّافِعِي، وَابْن جريج. وَقد روى ابْن جريج أَحَادِيث، قَالُوا: إِنَّه إِنَّمَا أَخذهَا عَنهُ، فأسقطه وأرسلها، مِنْهَا هَذَا الحَدِيث. - وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِك فِيهِ: أَبُو أَحْمد بن عدي، وَأَبُو بكر بن ثَابت الْخَطِيب، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 43 ذكر ذَلِك فِي كِتَابه " تَلْخِيص الْمُتَشَابه " وَأطَال فِي بَيَانه -. (696) وَمِنْهَا حَدِيث: " من مَاتَ مَرِيضا مَاتَ شَهِيدا ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 44 (697) وَحَدِيث، الَّذِي تزوج امْرَأَة بكرا فَوَجَدَهَا حُبْلَى. وَعِنْدِي أَن هَذَا لَا يَصح على ابْن جريج، فَإِنَّهُ من أهل الدَّين وَالْعلم، وَإِن كَانَ يُدَلس، فَلَا يَنْتَهِي فِي التَّدْلِيس إِلَى مثل هَذَا الْفِعْل الْقَبِيح، وَلَو قدرناه حسن الرَّأْي فِي إِبْرَاهِيم. وَالله أعلم /. (698) وَذكر عَن سعيد بن أبي هِلَال، عَن إِسْحَاق بن عمر، عَن عَائِشَة قَالَت: " مَا صلى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَلَاة إِلَّا لوَقْتهَا مرَّتَيْنِ ". من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، وَأتبعهُ قَول التِّرْمِذِيّ فِيهِ: حسن غَرِيب لَيْسَ بِمُتَّصِل. وَاكْتفى بذلك، وَترك أَن ينظر فِي أَمر إِسْحَاق بن عمر هَذَا، وَهُوَ لَا يعرف، وَقد قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِم: إِنَّه مَجْهُول. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 45 وَهُوَ كَمَا ذكر. والانقطاع الْمشَار إِلَيْهِ، هُوَ فِيمَا بَينه وَبَين عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا -. (699) وَذكر من المراسل عَن عَمْرو بن عَليّ الثَّقَفِيّ، لما نَام رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن صَلَاة الْغَدَاة قَالَ: " لنغيظن الشَّيْطَان كَمَا غاظنا ". كَذَا أوردهُ، وَكَذَا رَأَيْته فِي النّسخ عَن عَمْرو بن عَليّ. وَلَيْسَ ذَلِك بِصَحِيح، وَالَّذِي وَقع فِي المراسل إِنَّمَا هُوَ عَن عَليّ بن عَمْرو، وَأيهمَا كَانَ فَلَا يعرف، بل لم يذكر فِي غير هَذَا الْإِسْنَاد. (700) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن شَدَّاد مولى عِيَاض، عَن بِلَال، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تؤذن حَتَّى يستبين لَك الْفجْر هَكَذَا ". ثمَّ رده / بِأَن قَالَ: شَدَّاد لم يدْرك بِلَالًا، وَالصَّحِيح أَن بِلَالًا يُنَادي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 46 بلَيْل. لم يزدْ على هَذَا، وَلم ينظر فِي أَمر شَدَّاد، وَكَانَ عَلَيْهِ إِن كَانَ علمه أَن يعرف بمبلغ علمه فِيهِ، فَإِنَّهُ عِنْدهم مَجْهُول، لَا يعرف بِغَيْر رِوَايَة جَعْفَر بن برْقَان عَنهُ، وَهُوَ يروي عَنهُ هَذَا الْمُرْسل، ويروي عَنهُ أَيْضا عَن أبي هُرَيْرَة، وَعنهُ عَن وابصة بن معبد حَدِيث: (701) " أَي شهر هَذَا، وَأي بلد هَذَا؟ ". وَمَا زَاد من قَوْله: " الصَّحِيح أَن بِلَالًا يُنَادي بلَيْل "، غير معترض على الحَدِيث الْمَذْكُور لَو صَحَّ سَنَده، فَإِنَّهُ إِنَّمَا كَانَ يُؤذن لَيْلًا فِي رَمَضَان. (702) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد أَيْضا حَدِيث الْمُغيرَة بن شُعْبَة: " لَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 47 يُصَلِّي الإِمَام فِي الْموضع الَّذِي صلى فِيهِ حَتَّى يتَحَوَّل ". ورده بِانْقِطَاع مَا بَين عَطاء الخرساني والمغيرة، وَترك أَن يذكر أَمر عبد الْعَزِيز بن عبد الْملك القريشي فَإِنَّهُ مَجْهُول. وَقد / رَأَيْت من اعْتقد فِيهِ أَنه عبد الْعَزِيز بن عبد الْملك بن أبي مَحْذُورَة، وَإِن ذَلِك ليغلب على الظَّن، فَإِنَّهُ فِي هَذِه الطَّبَقَة، وقريشي، وَلَا أعرف متسميا بِهَذَا الِاسْم مَعَ اسْم الْأَب غَيره، وهبه أَنه هُوَ، لَا يُغني فِيمَا نُرِيد، فَإِنَّهُ أَيْضا مَجْهُول الْحَال، على مَا بَينا فِي حَدِيث من رِوَايَته فِي الْأَذَان، يَأْتِي ذكره فِي غير هَذَا الْبَاب إِن شَاءَ الله تَعَالَى. (703) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ حَدِيث عمر بن عبد الْعَزِيز، عَن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 48 أنس أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " صلى بِالنَّاسِ فَمر بَين أَيْديهم حمَار، فَقَالَ عَيَّاش بن أبي ربيعَة: سُبْحَانَ الله " الحَدِيث. ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: اخْتلف فِي إِسْنَاده، وَالصَّوَاب مُرْسل عَن عمر - يَعْنِي ابْن عبد الْعَزِيز -. هَذَا مَا ذكره بِهِ، والْحَدِيث مَذْكُور بِمَا ذكره بِهِ فِي علل الدَّارَقُطْنِيّ، وموصل الْإِسْنَاد فِي كتاب السّنَن [لَهُ] وَهُوَ إِنَّمَا يرويهِ صَخْر بن عبد الله بن حَرْمَلَة، وَهُوَ مَجْهُول الْحَال وَلَا يعرف روى عَنهُ غير بكر بن مُضر. (704) وَذكر من المراسل عَن قبيصَة بن ذُؤَيْب: " أَن قطا أَرَادَ أَن يمر بَين يَدي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يُصَلِّي فحبسه بِرجلِهِ ". وَلم يعرض لشَيْء من حَال إِسْنَاده غير الْإِرْسَال، وَهُوَ من رِوَايَة ابْن وهب، عَن عَمْرو بن الْحَارِث، عَن بكر بن سوَادَة، عَن عبد الله بن أبي مَرْيَم [عَن قبيصَة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 49 وَعبد الله بن أبي مَرْيَم] هَذَا، هُوَ مولى بني سَاعِدَة، يروي عَن أبي هُرَيْرَة، وَقبيصَة بن ذُؤَيْب، وَرَأى أَبَا حميد السَّاعِدِيّ، وَأَبا أسيد السَّاعِدِيّ، روى عَنهُ جهم بن أَوْس، ووهب بن مُنَبّه، وَبكر بن سوَادَة، وحاله عِنْدِي غير مَعْرُوفَة، فَانْظُرْهُ. (705) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد حَدِيث ابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " فِي النَّهْي عَن الصَّلَاة خلف النَّائِم، أَو المتحدث ". ورده بالانقطاع، وَهُوَ لَو كَانَ مُتَّصِلا مَا صَحَّ، للْجَهْل براويين من رُوَاته، وَذَلِكَ أَنه من رِوَايَة عبد الْملك بن مُحَمَّد بن أَيمن، عَن عبد الله بن يَعْقُوب بن إِسْحَاق، عَمَّن حَدثهُ عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ، عَن ابْن عَبَّاس. وَعبد الله بن يَعْقُوب بن إِسْحَاق لَا يعرف / أصلا، وَكَذَلِكَ عبد الْملك ابْن مُحَمَّد بن أَيمن، وَقد يغلط فِيهِ من لَا يعرف مُحَمَّد بن عبد الْملك بن أَيمن الأندلسي، وَذَلِكَ عبد الْملك بن مُحَمَّد، وَهَذَا مُحَمَّد بن عبد الْملك. وَسَيَأْتِي فِي الْحَج حَدِيث زيد بن ثَابت: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 50 (706) " تجرد لإهلاله واغتسل ". من طَرِيق التِّرْمِذِيّ. فِيهِ عبد الله بن يَعْقُوب، ولَا يعرف، / وَلَعَلَّه هَذَا. (707) وَذكر من المراسل عَن أبي الْحجَّاج الطَّائِي رَفعه قَالَ: " نهى أَن يتحدث الرّجلَانِ وَبَينهمَا أحد يُصَلِّي ". وَاكْتفى فِي تَعْلِيله بِكَوْنِهِ مُرْسلا. وَأَبُو الْحجَّاج هَذَا لَا يعرف، وَلم أجد لَهُ ذكرا فِي غير هَذَا الْمُرْسل. وَإِلَى ذَلِك فَإِن أَبَا دَاوُد إِنَّمَا سَاقه فِي المراسل هَكَذَا: حَدثنَا عمر بن حَفْص الوصابي، حَدثنَا ابْن حمير، عَن بشر بن جبلة، عَن خير بن نعيم، عَن أبي الْحجَّاج الْمَذْكُور. وَبشر بن جبلة روى عَن زُهَيْر بن مُعَاوِيَة، وَعبد الْعَزِيز بن أبي رواد، روى عَن بَقِيَّة. وَمُحَمّد بن حمير، قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِم: مَجْهُول، ضَعِيف الحَدِيث. وَهَذَا الْكَلَام مِنْهُ لَيْسَ بمتناقض، فَإِن كل مَجْهُول الْعين أَو الْحَال، ضَعِيف الجزء: 3 ¦ الصفحة: 51 الحَدِيث، وَلَيْسَ كل ضَعِيف الحَدِيث مَجْهُولا. (708) وَذكر من المراسل عَن أبي عِيسَى الْخُرَاسَانِي، عَن الضَّحَّاك بن مُزَاحم، قَالَ: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يخرج يَوْم الْعِيد بِالسِّلَاحِ ". لم يعب هَذَا الحَدِيث بسوى الْإِرْسَال، غير أَنه أبرز من رُوَاته أَبَا عِيسَى الْخُرَاسَانِي، وَذَلِكَ (وَالله أعلم) تبرؤ من عهدته، فَاعْلَم أَنه لَا تعرف لَهُ حَال، رَوَاهُ عَنهُ سعيد بن أبي أَيُّوب. (709) وَسَيَأْتِي لَهُ حَدِيث آخر، رَوَاهُ عَنهُ حَيْوَة بن شُرَيْح " فِي النَّهْي عَن الْعمرَة قبل الْحَج ". نذكرهُ إِن شَاءَ الله فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ضعفها وَلم يبين عللها. (710) وَذكر أَيْضا من المراسل عَن سُلَيْمَان بن عبد الله بن عُوَيْمِر، كنت مَعَ عُرْوَة، فأشرت بيَدي إِلَى السَّحَاب فَقَالَ: " لَا تفعل، فَإِن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَهَانَا أَن يشار إِلَيْهِ ". سَاقه هَكَذَا، وَلم يعبه بسوى الْإِرْسَال، وَسليمَان بن عبد الله بن عُوَيْمِر، لَا يعلم روى عَنهُ غير ابْن إِسْحَاق، وَابْن أبي الزِّنَاد، وَلَا تعرف حَاله /. (711) وَذكر من المراسل أَيْضا عَن أبي الْيَمَان الْهَوْزَنِي، قَالَ: " لما توفّي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 52 أَبُو طَالب خرج رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُعَارض جنَازَته " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: هَذَا مُرْسل. لم يزدْ على هَذَا، وَأَبُو الْيَمَان هَذَا، لَو أسْند حَدِيثا مَا قبل مِنْهُ، فَكيف بِمَا أرْسلهُ، واسْمه عَامر بن عبد الله بن لحي، يروي عَن أبي أُمَامَة وَكَعب، وَأَبِيهِ، وَلَا تعرف لَهُ حَال. (712) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تتبع الْجِنَازَة بِصَوْت وَلَا نَار " الحَدِيث. ثمَّ رده بِانْقِطَاع إِسْنَاده. والْحَدِيث لَا يَصح وَلَو كَانَ مُتَّصِلا، للْجَهْل بِحَال بَاب بن عُمَيْر، رَاوِيه عَن رجل عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة. وأظن أَن أَبَا مُحَمَّد جرى فِيهِ على أَصله، فِيمَن يروي عَنهُ أَكثر من وَاحِد أَنه يقبلهم. وَبَاب الْمَذْكُور قد روى عَنهُ الْأَوْزَاعِيّ، وَيحيى بن أبي كثير. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 53 (713) وَذكر من المراسل عَن عبد الله بن مُحَمَّد، عَن أَبِيه، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " رش على قبر [ابْنه] إِبْرَاهِيم " الحَدِيث. وَلم يعبه بسوى الْإِرْسَال. وَعبد الله هَذَا، لَا تعرف حَاله، وَلكنه - وَالله أعلم - جرى فِيهِ على ذَلِك الأَصْل، فَإِنَّهُ روى عَنهُ ابْن الْمُبَارك، والدراوردي، وَابْن أبي فديك، وَأَبُو أُسَامَة، وَكَذَلِكَ أَبوهُ مُحَمَّد بن عمر لَا تعرف حَاله أَيْضا. (714) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن عَطاء بن يسَار، عَن معَاذ بن جبل، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين بَعثه إِلَى الْيمن قَالَ: " خُذ الْحبّ من الْحبّ " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: عَطاء لم يدْرك معَاذًا. وَلم يبين أَنه من رِوَايَة شريك بن عبد الله بن أبي نمر عَنهُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 54 وَهُوَ قد قَالَ فِي الاسْتِسْقَاء: إِنَّه لم يكن بِالْحَافِظِ، رد بذلك حَدِيثا / من رِوَايَته. (715) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن عَوْف: " صَائِم رَمَضَان فِي السّفر كمفطره فِي الْحَضَر ". ورده بِانْقِطَاع مَا بَين أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، وَأَبِيهِ. (716) وَذكر بعده بأوراق حَدِيث النَّسَائِيّ، عَن النَّضر بن شَيبَان، قَالَ: قلت لأبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف: حَدثنِي / عَن شَيْء سمعته من أَبِيك، سَمعه أَبوك من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، لَيْسَ بَين أَبِيك وَبَين رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أحد فِي شهر رَمَضَان، قَالَ: نعم، حَدثنِي أبي قَالَ: قَالَ رَسُول الله : " إِن الله فرض صِيَام رَمَضَان، وسننت لكم قِيَامه، فَمن صَامَهُ وقامه إِيمَانًا واحتسابا، خرج من ذنُوبه كَيَوْم وَلدته أمه ". ثمَّ قَالَ: أَبُو سَلمَة لم يسمع من أَبِيه شَيْئا، وضعفوا حَدِيث النَّضر بن شَيبَان هَذَا. وَالْمَقْصُود الْآن أَن الحَدِيث الأول فِي أَن " الصَّائِم فِي السّفر كالمفطر فِي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 55 الْحَضَر " هُوَ عِنْد الْبَزَّار هَكَذَا: حَدثنَا بشر بن آدم، حَدثنَا يَعْقُوب بن مُحَمَّد، حَدثنَا عبد الله بن عِيسَى الْمدنِي، حَدثنَا أَبُو أُسَامَة بن زيد. فَذكره. ثمَّ قَالَ: هَذَا الحَدِيث أسْندهُ أُسَامَة بن زيد، وَتَابعه على إِسْنَاده يُونُس، وَقد رَوَاهُ ابْن أبي ذِئْب وَغَيره، عَن الزُّهْرِيّ، عَن أبي سَلمَة، عَن أَبِيه، مَوْقُوفا من قَوْله. وَلم يُوصل الْبَزَّار إِسْنَاد رِوَايَة يُونُس. وَعبد الله بن عِيسَى هَذَا لَا أعلمهُ إِلَّا الْفَروِي، الْأَصَم، هُوَ مدنِي، يروي عَن ابْن نَافِع، ومطرف بن عبد الله الْعَجَائِب ويقلب الْأَخْبَار عَن الثِّقَات، قَالَه أَبُو حَاتِم البستي. وَلَا أعلمهُ مَذْكُورا عِنْد غَيره، وَإِنَّمَا أَكثر من ذكر متسميا بِهَذَا الِاسْم كوفيون، وبصريون، ورازيون، وشاميون. وَأما يَعْقُوب بن مُحَمَّد، فَإِنَّهُ إِن كَانَ الزُّهْرِيّ، فَإِنَّهُ ضَعِيف جدا، وَإِن كَانَ يَعْقُوب بن مُحَمَّد بن طحلاء فَهُوَ مدنِي ثِقَة، وَكِلَاهُمَا يشبه هَذَا الَّذِي فِي الْإِسْنَاد. وَلما ذكر أَبُو أَحْمد هَذَا الحَدِيث فِي بَاب يزِيد بن عِيَاض، قَالَ: إِن رِوَايَة أُسَامَة بن زيد رَوَاهَا عَنهُ عبد الله بن مُوسَى التَّيْمِيّ. وَهَذَا أشبه بِالصَّوَابِ من قَول الْبَزَّار فِيهِ: عبد الله بن عِيسَى الْمدنِي، وَهُوَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 56 عبد الله بن مُوسَى بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن طَلْحَة بن عبيد الله، التَّيْمِيّ، القريشي، يروي عَن أُسَامَة بن زيد، وَعبد الحميد بن جَعْفَر، وَهُوَ لَا بَأْس بِهِ. وَلكنه لم يُوصل إِلَيْهِ الْإِسْنَاد، وَأتبعهُ / أَبُو مُحَمَّد أَن قَالَ: ويروى بِإِسْنَاد ضَعِيف ومجهول، فِيهِ يزِيد بن عِيَاض وَغَيره إِلَى أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. كَذَا قَالَ، وَهُوَ أَيْضا شَيْء يجب التَّوَقُّف فِيهِ، فَإِن رِوَايَة يزِيد بن عِيَاض، إِنَّمَا هِيَ أَيْضا إِلَى عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، لَا إِلَى أبي هُرَيْرَة. قَالَ أَبُو أَحْمد: حَدثنَا مُحَمَّد بن عُبَيْدَة المصِّيصِي، إملاء بجرجان، فِي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ، حَدثنَا إِسْحَاق بن مَنْصُور، حَدثنَا يزِيد بن هَارُون، قَالَ: حَدثنَا يزِيد بن عِيَاض، عَن الزُّهْرِيّ، عَن أبي سَلمَة، عَن أَبِيه، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " صَائِم رَمَضَان فِي السّفر، كالمفطر فِي الْحَضَر ". وَهَذَا الحَدِيث لَا يرفعهُ عَن الزُّهْرِيّ غير يزِيد بن عِيَاض، وَعقيل من رِوَايَة سَلامَة بن روح عَنهُ، وَيُونُس بن يزِيد من رِوَايَة الْقَاسِم بن مبرور عَنهُ، وَأُسَامَة زيد، من رِوَايَة عبد الله بن مُوسَى التَّيْمِيّ عَنهُ. وَالْبَاقُونَ من أَصْحَاب الزُّهْرِيّ، رَوَوْهُ عَنهُ، عَن أبي سَلمَة، عَن أَبِيه من قَوْله، انْتهى كَلَام أبي أَحْمد. وَإِنَّمَا لم نذْكر قَول أبي مُحَمَّد فِي رِوَايَة / يزِيد بن عِيَاض: إِنَّهَا عَن أبي هُرَيْرَة، فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي نَسَبهَا إِلَى غير رواتها؛ لِأَنَّهُ لم يعزها إِلَى كتاب أبي أَحْمد، فجوزنا أَن يكون قد رَآهَا عِنْد غَيره، من رِوَايَة أبي هُرَيْرَة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 57 كَمَا ذكر. وَقد ذكر الدَّارَقُطْنِيّ فِي علله الْخلاف على الزُّهْرِيّ فِي هَذَا الحَدِيث، وَلم يذكر رِوَايَة أُسَامَة بن زيد، لَا من رِوَايَة عبد الله بن عِيسَى الْمدنِي، وَلَا من رِوَايَة عبد الله بن مُوسَى التَّيْمِيّ، فَاعْلَم ذَلِك. (717) وَذكر من المراسل عَن طَاوس: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا سَافر أول النَّهَار أفطر " الحَدِيث. وَلم يعبه بسوى الْإِرْسَال، وَرَاوِيه عَن طَاوس لَا يعرف. (718) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن جهم بن الْجَارُود، عَن سَالم بن عبد الله، عَن أَبِيه " أهْدى عمر بختيا، فَأعْطِي بهَا ثَلَاث مائَة دِينَار " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: جهم لَا يعرف لَهُ سَماع من سَالم. وَهَذَا إِنَّمَا / هُوَ قَول البُخَارِيّ فِيهِ، وَهُوَ مَجْهُول الْحَال، لَا يعرف روى عَنهُ غير أبي عبد الرَّحِيم: خَالِد بن أبي يزِيد. وَبِذَلِك من غير مزِيد ذكره البُخَارِيّ، وَابْن أبي حَاتِم. (719) وَذكر من المراسل عَن يزِيد بن نعيم، أَو زيد بن نعيم - شكّ أَبُو الجزء: 3 ¦ الصفحة: 58 تَوْبَة - أَن رجلا من جذام، جَامع امْرَأَته وهما محرمان. الحَدِيث. وَلم يعرض لعلته، وَهِي الْجَهْل بزيد بن نعيم، فَإِنَّهُ لَا يعرف، فَأَما يزِيد بن نعيم بن هزال فَثِقَة، وَعنهُ يروي يحيى بن أبي كثير. وَقد شكّ أَبُو تَوْبَة فَلم يدر عَمَّن حَدثهمْ بِهِ مُعَاوِيَة بن سَلام، عَن يحيى بن أبي كثير، أعن زيد بن نعيم، أم عَن يزِيد بن نعيم؟ (720) وَذكر من المراسل عَن مَكْحُول، قَالَ: " أوصى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَبَا هُرَيْرَة، ثمَّ قَالَ: إِذا غزوت " الحَدِيث. وَهَذَا الْمُرْسل صَحِيح إِلَى مَكْحُول. (721) ثمَّ قَالَ: وَمِنْهَا - وَلم يصل بِهِ سَنَده - عَن الْقَاسِم مولى عبد الرَّحْمَن، قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَذكر نَحوه: " لَا تحرقن نخلا، وَلَا تغرقنها، وَلَا تقطع شَجَرَة تمر، وَلَا تقتل بَهِيمَة لَيست لَك بهَا حَاجَة، وَاتَّقِ أَذَى الْمُؤمن ". ثمَّ قَالَ: الصَّحِيح فِي هَذَا حَدِيث مُسلم فِي قطع نخل بني النَّضِير. فَنَقُول - وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق -: إِن هَذَا الْإِيرَاد خطأ، وَأَبُو دَاوُد قد وصل إِسْنَاده بِهِ إِلَى الْقَاسِم مولى عبد الرَّحْمَن. وأظن أَبَا مُحَمَّد نقل من نُسْخَة كَانَ قد سقط مِنْهَا إِسْنَاده، وبحسب ذَلِك لم يَجْعَل لَهُ عَيْبا سوى الْإِرْسَال والانقطاع، فَأَما من وقف على إِسْنَاده إِلَى الْقَاسِم، فسيعلم أَن فِيهِ مَجْهُولا لَا يَصح الحَدِيث من أَجله وَلَو اتَّصل، وَهُوَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 59 عُثْمَان بن عبد الرَّحْمَن. قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا سُلَيْمَان بن دَاوُد، حَدثنَا ابْن وهب، حَدثنِي عَمْرو ابْن الْحَارِث، عَن عُثْمَان بن عبد الرَّحْمَن عَن الْقَاسِم مولى عبد الرَّحْمَن، فَذكره. وَالقَاسِم الْمَذْكُور، هُوَ ابْن عبد الرَّحْمَن، أَبُو عبد الرَّحْمَن الشَّامي، مولى عبد الرَّحْمَن بن خَالِد بن يزِيد بن مُعَاوِيَة، يخْتَلف فِيهِ. وَأَبُو مُحَمَّد يصحح مَا يروي كَمَا فعل التِّرْمِذِيّ. (722) وَذكر من المراسل / عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " صلب عقبَة بن أبي معيط إِلَى شَجَرَة " الحَدِيث. وَلم يعبه بسوى الْإِرْسَال، وَهُوَ إِنَّمَا يرويهِ إِسْرَائِيل، قَالَ: حَدثنَا أَبُو الْهَيْثَم، عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ. وَأَبُو الْهَيْثَم هَذَا لَا يعرف من هُوَ مِمَّن يكنى بِهَذِهِ الكنية. (723) وَذكر من المراسل أَيْضا عَن ابْن جريج، حَدثنَا أَبُو عُثْمَان بن يزِيد، قَالَ: لم يزل يعْمل بِهِ، ويرفعونه إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الرجل إِذا ولد لَهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 60 ولد بَعْدَمَا يخرج من أَرض الْمُسلمين " الحَدِيث. وَلم يعبه / بسوى الْإِرْسَال، وَأَبُو عُثْمَان لَا يدرى من هُوَ. (724) وَذكر من المراسل عَن سعيد بن أبي هِلَال، أَن ابْن شبْل حَدثهُ، أَن سهلة ابْنة عَاصِم ولدت يَوْم خَيْبَر فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تساهلت " الحَدِيث. وَلم يعبه بسوى الْإِرْسَال، وَابْن شبْل هَذَا لَا يعرف. (725) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن الْقَاسِم مولى عبد الرَّحْمَن، عَن بعض أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " كُنَّا نَأْكُل الجزر فِي الْغَزْو وَلَا نقسمهُ " الحَدِيث. وَفِي رِوَايَة سكت عَنهُ، وَفِي رِوَايَة فِي بعض النّسخ أتبعه أَن قَالَ: قد تقدم الْكَلَام فِي الْقَاسِم، والْحَدِيث أَيْضا مُرْسلا. فَأَقُول (وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق) : إِن صحت هَذِه الزِّيَادَة، فَهُوَ قد أعله بِالْإِرْسَال، وَلَا أعرفهُ فِيهِ فَإِن هَذَا الرجل الَّذِي لم يسم صَحَابِيّ، على مَا قَالَ الْقَاسِم، وَلَكِن هبه أَنه مُرْسل، فَمَا باله لم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن حرشف الْأَزْدِيّ، عَن الْقَاسِم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 61 وَابْن حرشف لَا أعرفهُ مَوْجُودا فِي شَيْء من كتب الرِّجَال الَّتِي هِيَ مظان ذكره وَذكر أَمْثَاله، فَهُوَ جد مَجْهُول. (726) وَذكر من المراسل أَيْضا، عَن ابْن أبي لَبِيبَة، عَن أَبِيه، عَن جده، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من بلغ لَهُ ولد، وَعِنْده مَال بِمَا ينكحه فَلم يفعل، فأحدث فالإثم عَلَيْهِ ". وَلم يعبه بسوى الْإِرْسَال، وَهُوَ أخف مَا فِيهِ. فَإِن كل هَؤُلَاءِ مَجْهُولُونَ وَإِن كَانَ ابْن أبي لَبِيبَة مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي لَبِيبَة، فَهُوَ لَا شَيْء، وَأَبوهُ وجده / لَا يعرفان. (727) وَذكر عَن خَالِد بن معدان، عَن معَاذ بن جبل [قَالَ] قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْعَرَب بَعْضهَا لبَعض أكفاء " الحَدِيث. ثمَّ رده بِأَن قَالَ: خَالِد بن معدان لم يسمع من معَاذ. وَهَذَا كَمَا ذكر، وَالْبَزَّار هُوَ قَائِل ذَلِك ومبينه فِي حَدِيث آخر من رِوَايَته. والْحَدِيث الْمَذْكُور يرويهِ الْبَزَّار هَكَذَا: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، قَالَ: حَدثنَا سُلَيْمَان بن أبي الجون، قَالَ: حَدثنَا ثَوْر بن يزِيد، عَن خَالِد بن معدان، عَن معَاذ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْعَرَب بَعْضهَا لبَعض أكفاء، والموالي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 62 بَعْضهَا لبَعض أكفاء ". وَسليمَان بن أبي الجون لم أجد لَهُ ذكرا. (728) وَذكر من المراسل عَن زِيَاد السَّهْمِي قَالَ: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن تسترضع الحمقاء، فَإِن اللَّبن يشبه ". قَالَ: وَقد أسْند، وَالَّذِي أسْندهُ يتهم بِوَضْعِهِ، وَهُوَ عَمْرو بن خليف الحتاوي. وحتاوة قَرْيَة بعسقلان، ذكر ذَلِك أَبُو أَحْمد. انْتهى مَا ذكر. أما الْمُرْسل فَفِي غَايَة الضعْف بِغَيْر الْإِرْسَال، وَذَلِكَ أَن زِيَاد السَّهْمِي مَجْهُول الْبَتَّةَ، وَيَرْوِيه عَنهُ هِشَام بن إِسْمَاعِيل الْمَكِّيّ، وَهُوَ أَيْضا مَجْهُول، وَيَرْوِيه عَن هِشَام إِسْحَاق ابْن بنت دَاوُد بن أبي هِنْد، وَلَا تعرف لَهُ حَال إِلَّا أَن الْحسن بن الصَّباح قَالَ فِي نفس الْإِسْنَاد لما رَوَاهُ عَنهُ: إِن إِسْحَاق هَذَا من خير الرِّجَال، وَهَذَا لَا يقْضى لَهُ بالثقة فِي الرِّوَايَة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 63 فَأَما الْمسند فيرويه أَبُو أَحْمد هَكَذَا: حَدثنَا مُحَمَّد بن عَمْرو بن عبد الْعَزِيز الْعَسْقَلَانِي، قَالَ: حَدثنَا أَبُو صَالح: عَمْرو بن خليف الحتاوي، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن مخلد الرعيني، قَالَ: حَدثنَا نعيم - يَعْنِي بن سَالم بن قنبر - عَن أنس بن مَالك، فَذكره. ونعيم بن سَالم لَا تعرف حَاله، وَلَا وجدت لَهُ ذكرا، وَمُحَمّد بن مخلد الرعيني لم تثبت عَدَالَته، وَهُوَ حمصي يكنى أَبَا أسلم، سُئِلَ عَنهُ أَبُو حَاتِم فَقَالَ: لم أر فِي حَدِيثه مُنْكرا. (729) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن عَليّ " نهى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن بيع الْمُضْطَر ". ثمَّ قَالَ: وَهَذَا / مُنْقَطع. كَذَا قَالَ، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة صَالح بن عَامر، وَهُوَ مَجْهُول. وَقد كتبناه فِي بَاب الْأَحَادِيث الْمُغيرَة عَمَّا هِيَ عَلَيْهِ. (730) وَذكر من طَرِيق أبي مُحَمَّد بن حزم، من كتاب الْإِعْرَاب، قَالَ: روينَا من طَرِيق ابْن أبي شيبَة، عَن وَكِيع، عَن قَاسم الْجعْفِيّ، عَن أَبِيه، عَن مَيْمُون بن مهْرَان، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الصَّفْقَة عَن ترَاض، وَالْخيَار بعد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 64 الصَّفْقَة، وَلَا يحل لمُسلم أَن يغبن مُسلما ". ثمَّ قَالَ: هَذَا مُرْسل. لم يزدْ على هَذَا، إِلَّا أَنه أبرز إِسْنَاده كَمَا ترى، فَكَانَ بذلك أقرب إِلَى الصَّوَاب، لَا كعمله فِي أَكثر مَا مر لَهُ فِي هَذَا الْبَاب / من الْأَحَادِيث الَّتِي يطوي ذكر من فِيهَا من الضُّعَفَاء والمجاهيل، ويقتصر على ذكر الْإِرْسَال. وَإِلَى ذَلِك فالقاسم الْجعْفِيّ يروي عَن أَبِيه وَعَن الشّعبِيّ، وروى عَنهُ وَكِيع، وَهُوَ مَجْهُول. قَالَ ابْن أبي حَاتِم: حَدثنَا عَليّ بن الْحُسَيْن بن الْجُنَيْد، قَالَ: سَمِعت ابْن نمير يَقُول: روى وَكِيع عَن الْقَاسِم الْجعْفِيّ، شيخ لَيْسَ بِمَعْرُوف. وَإِذا الْأَمر هَكَذَا فأبوه أَحْرَى بِأَن لَا يعرف. (731) وَذكر من المراسل، عَن عُرْوَة بن الزبير، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، حِين خرج هُوَ وَأَبُو بكر مَعَه، مُهَاجِرين إِلَى الْمَدِينَة، مرا براعي غنم فَاشْترى مِنْهُ شَاة وَشرط أَن سلبها لَهُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 65 لم يعبه بسوى الْإِرْسَال، وَهُوَ حَدِيث يرويهِ ابْن وهب، عَن مُوسَى بن شيبَة الْحَضْرَمِيّ، عَن يُونُس بن يزِيد، عَن عمَارَة بن غزيَّة الْأنْصَارِيّ، عَن عُرْوَة. ولَا يعرف لمُوسَى بن شيبَة هَذَا حَال، وَترك لَهُ إِسْنَادًا أحسن من هَذَا، إِلَّا أَنه جعله من مراسل عمَارَة بن غزيَّة، لم يذكر عُرْوَة بن الزبير. رَوَاهُ ابْن وهب، عَن اللَّيْث، عَن يُونُس، عَن عمَارَة، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَذكره. (732) وَذكر من المراسل عَن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن حزم، عَن أَبِيه، عَن جده، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يعضى مِيرَاث الْقَوْم ". لم يزدْ على بَيَان أَنه مُرْسل، وإبرازه مَا ذكرنَا من إِسْنَاده /. فَاعْلَم أَن عبد الرَّحْمَن هَذَا لَا يعرف. (733) وَذكر من طَرِيق ابْن وهب، عَن هِشَام بن سعد، عَن زيد بن أسلم، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " وَأي الْمُؤمن وَاجِب ". أرَاهُ اكْتفى بإبراز هِشَام بن سعد، فَهُوَ عِنْده ضَعِيف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 66 (734) وَذكر من المراسل عَن هِشَام بن سعد أَيْضا، عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي، أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله، إِن بني سَلمَة كلهم يُقَاتل، فَمنهمْ من يُقَاتل للرياء وَمِنْهُم من يُقَاتل - يَعْنِي نجدة - الحَدِيث. وَهَذَا أَيْضا كالتبري من عهدته بإبراز هِشَام، وَهُوَ عِنْده ضَعِيف. (735) وَذكر من رِوَايَة سُلَيْمَان بن مُوسَى، عَن نصير مولى مُعَاوِيَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " نهى عَن قسْمَة الضرار ". لم يعرض لَهُ بسوى الْإِرْسَال. ونصير هَذَا لَا يعرف، وَلَا وجدت لَهُ ذكرا. (736) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن أبي عون، عَن الْحَارِث بن عَمْرو، عَن أنَاس من أهل حمص من أَصْحَاب معَاذ، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لما أَرَادَ أَن يَبْعَثهُ إِلَى الْيمن قَالَ لَهُ: " بِمَ تحكم " 000 الحَدِيث. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 67 ثمَّ قَالَ: لَا يسند وَلَا يُوجد من وَجه صَحِيح. كَذَا قَالَ من غير مزِيد، وَلم يبين حَال الْحَارِث بن عَمْرو هَذَا، وَلَا تقدم لَهُ ذكر عِنْده، بِخِلَاف فعله الْآن فِي هِشَام بن سعد، فَإِنَّهُ اكْتفى بإبرازه، اعْتِمَادًا على مَا تقدم فِيهِ. والْحَارث الْمَذْكُور هُوَ ابْن أخي الْمُغيرَة بن شُعْبَة، وَلَا تعرف لَهُ حَال، وَلَا يدرى روى عَنهُ غير أبي عون: مُحَمَّد بن عبيد الله الثَّقَفِيّ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 68 (737) وَذكر من المراسل عَن عبد الله بن عبد الْعَزِيز الْعمريّ قَالَ: لما اسْتعْمل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَليّ بن أبي طَالب على الْيمن، قَالَ عَليّ: دَعَا بِي، وَقَالَ لي: " قدم الوضيع على الشريف، والضعيف على الْقوي، وَالرِّجَال قبل النِّسَاء ". وَلم يرمه بسوى الْإِرْسَال، وَفِيه جمَاعَة لَا يعْرفُونَ. قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد بن يحيى، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمُغيرَة، الْمدنِي المَخْزُومِي، قَالَ: حَدثنَا سُلَيْمَان بن مُحَمَّد / بن يحيى بن عُرْوَة، عَن عبد الله بن عبد الْعَزِيز، فَذكره /. وَمُحَمّد بن الْمُغيرَة، وَسليمَان بن مُحَمَّد، لَا يعرفان بِغَيْر هَذَا. والعمري هُوَ الزَّاهِد الْمَشْهُور، وحاله فِي الحَدِيث مَجْهُولَة وَلَا أعلم لَهُ رِوَايَة غير هَذِه. (738) وَذكر من طَرِيق عبد الرَّزَّاق، وَسَعِيد بن مَنْصُور، عَن مُحَمَّد بن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 69 عَمْرو بن سعيد بن الْعَاصِ، أَن بني سعيد بن الْعَاصِ، كَانَ لَهُم غُلَام فأعتقوه. الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: إِنَّه مُنْقَطع؛ لِأَن مُحَمَّد بن عَمْرو لم يذكر من حَدثهُ. وَلم يعرض لحَال مُحَمَّد هَذَا، وَهِي مَجْهُولَة، بل هُوَ فِي نَفسه غير مَعْرُوف. (739) وَذكر من المراسل عَن عبد الله بن عبد الْعَزِيز الْحَضْرَمِيّ قَالَ: " قتل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم خَيْبَر مُسلما بِكَافِر قتل غيلَة، وَقَالَ: أَنا أَحَق من وفى بِذِمَّتِهِ ". وَلم يرمه بسوى الْإِرْسَال، وَهُوَ إِنَّمَا يرويهِ من طَرِيق ابْن وهب، عَن عبد الله ابْن يَعْقُوب، عَن عبد الله بن عبد الْعَزِيز بن صَالح الْحَضْرَمِيّ الْمَذْكُور. وَهَذَانِ الْمَذْكُورَان مَجْهُولَانِ، وَلم أجد لَهما ذكرا. (740) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا غرم على السَّارِق بعد قطع يَمِينه ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 70 ثمَّ قَالَ: إِسْنَاده مُنْقَطع. وَلم يبين من حَاله غير هَذَا، وَهُوَ لَا يَصح وَلَو اتَّصل، وَذَلِكَ لِأَن نَاسا رَوَوْهُ عَن مفضل بن فضَالة، فَقَالُوا فِيهِ: عَن يُونُس بن يزِيد، عَن سعد بن إِبْرَاهِيم - هُوَ ابْن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف - عَن أَخِيه الْمسور بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن ابْن عَوْف. فَهُوَ هَكَذَا مُنْقَطع فِيمَا بَين الْمسور وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف، فَإِن الْمسور لم يدْرك جده عبد الرَّحْمَن، قَالَه الدَّارَقُطْنِيّ وَغَيره. وَمِمَّنْ رَوَاهُ هَكَذَا سعيد بن عفير، وَأَبُو صَالح الْحَرَّانِي: عبد الْغفار بن دَاوُد، فِي رِوَايَة عَنهُ، وَله مَعَ ذَلِك من الْعَيْب أَن الْمسور لَا تعرفه حَاله. وَإِلَى ذَلِك فَإِنَّهُ يروي فِيهِ عَن أبي صَالح رِوَايَة أُخْرَى قَالَ فِيهَا: عَن الْمفضل / عَن يُونُس، عَن سعيد بن إِبْرَاهِيم، قصَّة عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فِي السَّارِق. فَهُوَ هَكَذَا مُرْسل، قَالَ أَبُو صَالح: فَقلت للمفضل: يَا أَبَا مُعَاوِيَة، إِنَّمَا هُوَ سعد بن إِبْرَاهِيم، قَالَ: هَكَذَا حَدثنِي أَو قَالَ: فِي كتابي. وَرِوَايَة أُخْرَى عَن أبي صَالح قَالَ فِيهَا: عَن سعيد بن إِبْرَاهِيم، عَن أَخِيه الْمسور، قَالَ أَبُو صَالح: قلت لَهُ: إِنَّمَا هُوَ سعد، قَالَ: هَكَذَا فِي كتابي، أَو هَكَذَا قَالَ. فَهُوَ كَمَا ترى، لَا يعرف من حدث بِهِ يُونُس، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: سعيد ابْن إِبْرَاهِيم مَجْهُول، وَصدق فِي ذَلِك. فَالْحَدِيث مَعْلُول بِغَيْر الْإِرْسَال، وَرَوَاهُ إِسْحَاق بن الْفُرَات، عَن الْمفضل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 71 ابْن فضَالة، فَجعل فِيهِ الزُّهْرِيّ بَين يُونُس بن يزِيد، وَسعد بن إِبْرَاهِيم، فجَاء من ذَلِك انْقِطَاع مَا تقدم فِي مَوضِع آخر. فَهَذَا الضعْف والانقطاع، فَمَا للاقتصار فِي تَعْلِيله على الِانْقِطَاع معنى. (741) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد من حَدِيث مُنِير بن الزبير الشَّامي، عَن مَكْحُول، عَن عَائِشَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " نهى أَن يُقَام عَن الطَّعَام حَتَّى يرفع ". ثمَّ قَالَ: لم يسمع مَكْحُول من عَائِشَة. كَذَا ذكره من غير مزِيد، لم يعبه بسوى الِانْقِطَاع. وَهُوَ لَو كَانَ مُتَّصِلا مَا صَحَّ؛ لِأَن مُنِير بن الزبير، إِمَّا مَجْهُول وَإِمَّا ضَعِيف، وَذَلِكَ أَنه لَا يعرف لَهُ كَبِير شَيْء، وَلَا من روى عَنهُ، إِلَّا الْوَلِيد بن مُسلم. وَقد سَأَلَ أَبُو زرْعَة الدِّمَشْقِي دحيما عَنهُ فَقَالَ: تَسْأَلنِي عَنهُ، وَهُوَ يروي عَن مَكْحُول قَالَ: أتيت الْمِقْدَاد؟ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 72 فَهَذَا غَايَة الْمُنكر، وَلذَلِك أنكرهُ دُحَيْم، فاعلمه. (742) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن سُلَيْمَان بن خَرَّبُوذ قَالَ: حَدثنَا شيخ من أهل الْمَدِينَة، قَالَ: سَمِعت عبد الرَّحْمَن بن عَوْف يَقُول: " عممني رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فسدلها بَين يَدي وَمن خَلْفي ". كَذَا أوردهُ، كَأَنَّهُ مُعْتَمد فِي تَعْلِيله انْقِطَاعه بِكَوْنِهِ عَن شيخ لم يسم. وَله من الْعَيْب سوى ذَلِك / أَن سُلَيْمَان / هَذَا لَا يعرف الْبَتَّةَ. (743) وَذكر أَيْضا عَن الْهَيْثَم بن شفي عَن صَاحب لَهُ، عَن أبي رَيْحَانَة: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الْخَاتم إِلَّا لذِي سُلْطَان ". قد يظنّ أَيْضا بِهَذَا من لَا يعرف أَنه لَا عيب لَهُ إِلَّا الِانْقِطَاع بِهَذَا الَّذِي لم يسم. والهيثم بن شفي، أَبُو الْحُسَيْن الْأَسدي، لَا تعرف حَاله، وروى عَنهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 73 جمَاعَة. وَإِذ قد فَرغْنَا من ذكر مَا عثرنا لَهُ عَلَيْهِ من مَضْمُون الْبَاب - فَاعْلَم بعد ذَلِك - أَنه قد الْتزم الصَّوَاب الَّذِي طلبناه بِهِ -: من التَّنْبِيه على مَا يكون من الْمُرْسل من عيب سوى الْإِرْسَال، حَتَّى لَا يعْتَقد فِيهِ من لَا علم لَهُ بِهَذِهِ الطَّرِيقَة أَنه مُرْسل مُخْتَلف فِي قبُوله ورده فَقَط، بل يعلم بتنبيهه أَنه ضَعِيف وَلَو كَانَ مُتَّصِلا - فِي جملَة أَحَادِيث بَين فِيهَا مَعَ الْإِرْسَال أَنَّهَا ضَعِيفَة، إِمَّا بقول مُجمل، وَإِمَّا بقول مُفَسّر، فلنذكر مَا وَقع لَهُ من ذَلِك مستصوبين لعمله فِيهِ فَنَقُول: (744) ذكر من طَرِيق عبد الرَّزَّاق حَدِيث: " من قَالَ لرجل من الْأَنْصَار: يَا يَهُودِيّ، فَاضْرِبُوهُ عشْرين ". ثمَّ قَالَ: هَذَا مُرْسل وَضَعِيف جدا. (745) وَذكر من طَرِيقه حَدِيث الَّذِي نذر أَن ينْحَر نَفسه: " فَأمره أَن يهدي مائَة نَاقَة فِي ثَلَاث سِنِين ". ثمَّ قَالَ: رشدين ضَعِيف، والْحَدِيث مُرْسل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 74 (746) وَذكر من طَرِيقه: " فِي دِيَة الْجَنِين، فِي الذّكر غُلَام، وَفِي الْأُنْثَى جَارِيَة ". من رِوَايَة أبي جَابر البياضي، عَن ابْن الْمسيب، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ ذَلِك. ثمَّ قَالَ: هَذَا مُرْسل، وَضَعِيف جدا. (747) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا حَدِيث عَمْرو بن عبيد، عَن الْحسن، أَن رجلا سَأَلَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن مِيرَاث العَبْد، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن لم تكن لَهُ عصبَة فَهُوَ لَك ". ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: عَمْرو بن عبيد، هُوَ القدري. (748) وَذكر حَدِيث: " ذَبِيحَة الْمُسلم حَلَال، ذكر اسْم الله أم لم يذكر ". ثمَّ قَالَ: هَذَا مُرْسل وَضَعِيف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 75 (749) وَذكر من طَرِيق عبد الْملك بن حبيب، عَن / سَالم بن غيلَان، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من كَانَت لَهُ طلبة عِنْد أحد فَعَلَيهِ الْبَيِّنَة، وَالْمَطْلُوب أولى بِالْيَمِينِ، فَإِن نكل حلف الطَّالِب وَأخذ ". ثمَّ قَالَ: هَذَا مُرْسل مَعَ ضعف إِسْنَاده. يَعْنِي بِعَبْد الْملك بن حبيب -. (750) وَذكر من المراسل عَن ابْن الْمسيب فِي أَن " الشُّهُود إِذا اسْتَووا أَقرع بَين الْخَصْمَيْنِ ". ثمَّ قَالَ: هَذَا مُرْسل، وَإِبْرَاهِيم بن أبي يحيى مَتْرُوك. (751) وَذكر حَدِيث عَطاء عَن عمر، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أجَاز شَهَادَة رجل وَامْرَأَتَيْنِ فِي النِّكَاح ". ثمَّ قَالَ: عَطاء لم يسمع من عمر، وَفِي إِسْنَاده بَقِيَّة وحجاج بن أَرْطَاة. (752) وَذكر مُرْسل الْحسن " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يسْتَحْلف مُسلم بِطَلَاق أَو عتاق ". ثمَّ قَالَ: هَذَا مُرْسل ومنكر الْمَتْن، وَأَشْعَث بن برَاز مَتْرُوك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 76 (753) وَذكر مُرْسل الْحسن: " من دعِي إِلَى حَاكم من الْحُكَّام فَلم يجب فَهُوَ ظَالِم ". ثمَّ قَالَ: هَذَا مُرْسل، ومراسل الْحسن ضِعَاف عِنْدهم جدا. (754) وَذكر مرسله أَيْضا، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَمر أَن يُقَاتل الْعَرَب على الْإِسْلَام، وَلَا يقبل مِنْهُم غَيره، وَأَن يُقَاتل أهل الْكتاب على الْإِسْلَام، فَإِن أَبَوا فالجزية ". ثمَّ قَالَ: مراسل الْحسن من أَضْعَف المراسل. وَقد ذكر لَهُ مراسل لم يقل بعْدهَا شَيْئا، اعْتِمَادًا على مَا قد فسر فِي هَذِه. (755) فَمن ذَلِك مرسله: " كفى بِالسَّيْفِ شا " من / كتاب عبد الرَّزَّاق. (756) ومرسله فِي أَن " لَا قطع فِي الطَّعَام ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 77 (757) ومرسله فِي أَن: " القنطار اثْنَي عشر ألفا دِيَة أحدكُم ". (758) ومرسله فِي أَن رجلا أَرَادَ أَن يحمل على الْمُشْركين وَحده، فَقَالَ لَهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أتراك تقتلهم وَحدك؟ " الحَدِيث. (759) ومرسله أَن رجلا سرق نَاقَة، فَقطع فَكَانَ جَائِز الشَّهَادَة. (760) ومرسله فِي أَنه: " لم يقْض فِي الْمُوَضّحَة بِشَيْء ". (761) ومرسله فِي " النَّهْي أَن يتَزَوَّج الْأَعرَابِي المهاجرة " /. (762) وَذكر حَدِيث: " اشْتِرَاك النَّفر، أحدهم الأَرْض، وَالْآخر الفدان، وَالْآخر الْعَمَل، وَالْآخر الْبذر ". من عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ، ثمَّ قَالَ: هَذَا مُرْسل، وواصل بن أبي جميلَة ضَعِيف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 78 (763) وَذكر مُرْسل يحيى بن أبي كثير، من رِوَايَة عِكْرِمَة بن عمار عَنهُ: {فكاتبوهم إِن علمْتُم فيهم خيرا} قَالَ: حِرْفَة. ثمَّ قَالَ: هَذَا مُرْسل وَضَعِيف. (764) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ عَن ابْن عَبَّاس، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يقتل حر بِعَبْد ". ثمَّ قَالَ: فِي إِسْنَاده جُوَيْبِر، عَن الضَّحَّاك، مَقْطُوع وَضَعِيف. (765) وَذكر من حَدِيث جُوَيْبِر، عَن الضَّحَّاك، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كتبت الصَّلَاة على الْغُلَام إِذا عقل، وَالصَّوْم إِذا أطَاق، وتجري عَلَيْهِ الشَّهَادَة وَالْحُدُود إِذا احْتَلَمَ ". ثمَّ قَالَ: جُوَيْبِر لَا يحْتَج بِهِ أحد، وَقد تَركه يحيى بن سعيد وَعبد الرَّحْمَن، كَانَا لَا يحدثان عَنهُ، وَلَا يَصح سَماع الضَّحَّاك من ابْن عَبَّاس. (766) وَذكر حَدِيث عَليّ: " من السّنة أَن لَا يقتل مُسلم بِذِي عهد، وَلَا حر بِعَبْد ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 79 ثمَّ قَالَ: فِي إِسْنَاده جَابر الْجعْفِيّ، وَلَيْسَ بِمُتَّصِل أَيْضا. (767) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة: " لعن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - النائحة والمستمعة وَالْمُغني والمغنى لَهُ ". فَبين فِيهِ أَن الْحسن لَا يَصح سَمَاعه من أبي هُرَيْرَة، وَأَن عمر بن يزِيد الْمَدَائِنِي رَاوِيه عَن الْحسن، مُنكر الحَدِيث. (768) وَذكر مُرْسلا فِي " أَن الْبَقر يُؤْخَذ مِنْهَا فِي الزَّكَاة مَا يُؤْخَذ من الْإِبِل ". ثمَّ قَالَ: هَذَا مُرْسل، وَفِي إِسْنَاده سُلَيْمَان بن دَاوُد الْجَزرِي. (769) وَذكر من عِنْد أبي أَحْمد من طَرِيق الضَّحَّاك، عَن حُذَيْفَة حَدِيث: " كل مَسْجِد فِيهِ إِمَام ومؤذن، فالاعتكاف فِيهِ يصلح ". ثمَّ رده بِأَن قَالَ: الضَّحَّاك لم يسمع من حُذَيْفَة، وَقَبله فِي الْإِسْنَاد من لَا يحْتَج بِهِ: جُوَيْبِر وَغَيره. (770) وَذكر من طَرِيق ابْن أبي / شيبَة، عَن عَطاء، حَدِيث: " من لم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 80 يدْرك الْحَج فَعَلَيهِ الْهَدْي وَحج قَابل ". ثمَّ قَالَ: هَذَا مُرْسل وَضَعِيف الْإِسْنَاد، وَذَلِكَ أَنه من رِوَايَة ابْن أبي ليلى عَن عَطاء. (771) وَذكر من طَرِيق أبي عبيد، بِإِسْنَادِهِ إِلَى مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن ابْن ثَوْبَان، حَدِيث: " من كشف امْرَأَة فَنظر إِلَيْهَا فقد وَجب الصَدَاق ". قَالَ: فِي إِسْنَاده يحيى بن أَيُّوب الْمصْرِيّ، وَلَا يحْتَج بِهِ. وَذكر من المراسل ذَلِك بطرِيق أُخْرَى، وَذكره أَيْضا من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، وَبَين أَن فِيهِ ابْن لَهِيعَة. (772) وَذكر من المراسل عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِنِّي أُرِيد أَن أجدد فِي صُدُور الْمُؤمنِينَ، أَيّمَا صبي حج بِهِ أَهله فَمَاتَ، أَجْزَأَ عَنهُ " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: هَذَا مُرْسل ومنقطع، لَيْسَ بِمُتَّصِل السماع. وَمعنى هَذَا الْكَلَام أَن فِي إِسْنَاده انْقِطَاعًا قبل أَن يصل إِلَى مرسله. قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن حَنْبَل، قَالَ: حَدثنَا وَكِيع، عَن يُونُس بن إِسْحَاق، قَالَ: سَمِعت شَيخا / يحدث أَبَا إِسْحَاق، عَن مُحَمَّد بن كَعْب، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 81 فَذكره. فَجعله مُرْسلا، لِأَن مُحَمَّد بن كَعْب تَابِعِيّ، وَلم يذكر عَمَّن أَخذه، ومنقطعا من أجل أَن هَذَا الشَّيْخ الَّذِي حدث بِهِ أَبَا إِسْحَاق لم يسم. وَهَذَا الْعَمَل أصوب من عمله فِي الحَدِيث الآخر الَّذِي ذكره من طَرِيق عبد الرَّزَّاق قَالَ: حَدثنَا ابْن جريج قَالَ: حَدثنَا أَبُو الزبير، عَن رجل صَالح من أهل الْمَدِينَة، عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، قَالَ: (773) " كَانَت امْرَأَة تَحت رجل من الْأَنْصَار، فَقتل عَنْهَا يَوْم أحد، وَله مِنْهَا ولد، فَخَطَبَهَا عَم وَلَدهَا وَرجل آخر إِلَى أَبِيهَا، فأنكح الآخر، فَجَاءَت إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَت: أنكحني رجلا لَا أريده، وَترك عَم وَلَدي، فَيُؤْخَذ مني وَلَدي، فَدَعَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَبَاهَا ". الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: هَذَا مُرْسل وَفِيه رجل مَجْهُول. كَذَا قَالَ، وَهُوَ مُنَاقض لمصطلحهم وَلما تقدم لَهُ الْآن، فَإِنَّهُم إِنَّمَا يَقُولُونَ لما هَذَا سَبيله: مُنْقَطع، فَإِنَّهُ لَا فرق / بَين أَن يطوى ذكره، أَو يُقَال: عَن رجل، أَو شيخ، وَلَا يُسمى، وَإِنَّمَا يَقُولُونَ فِيهِ مَجْهُول، لحَدِيث فِي إِسْنَاده رجل مُسَمّى لَا يعرف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 82 (774) وَذكر من طَرِيق سعيد بن مَنْصُور، حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم، عَمَّن سمع الْحسن يَقُول: " نهى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن تنْكح الْأمة على الْحرَّة ". ثمَّ قَالَ: هَذَا مُرْسل ومنقطع. (775) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا عَن ابْن جريج، قَالَ: أخْبرت عَن أبي بكر ابْن عبد الرَّحْمَن بن الحكم، قَالَ: قَالَ رجل: يَا رَسُول الله، زَنَيْت بِامْرَأَة فِي الْجَاهِلِيَّة، أفأنكح ابْنَتهَا؟ ثمَّ قَالَ: هَذَا مُنْقَطع ومرسل، وَأَبُو بكر هَذَا مَجْهُول. (776) وَذكر الْأَحَادِيث فِي أَن: " لَا يحجّ أحد عَن أحد ". من كتاب حجَّة الْوَدَاع، وَقَالَ: إِنَّهَا مراسل وضعاف. (777) وَذكر حَدِيث جَابر: " صيد الْبر لكم حَلَال، مَا لم تصيدوه أَو الجزء: 3 ¦ الصفحة: 83 يصد لكم ". ثمَّ قَالَ: قَالَ النَّسَائِيّ: عَمْرو بن أبي عَمْرو، لَيْسَ بِالْقَوِيّ، وَإِن كَانَ قد روى عَنهُ مَالك، وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: لَا يعرف للمطلب سَماع من جَابر. (778) وَذكر حَدِيث: " من اشْترى شَيْئا لم يره، فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِذا رَآهُ ". ثمَّ قَالَ: وَمَعَ إرْسَاله يرويهِ أَبُو بكر بن أبي مَرْيَم، وَهُوَ ضَعِيف. (779) وَذكر حَدِيث: " لَا وَصِيَّة لوَارث، وَلَا إِقْرَار بدين ". من رِوَايَة جَعْفَر بن مُحَمَّد، عَن أَبِيه، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَذكره. ثمَّ قَالَ: هَذَا مُرْسل، وَفِي إِسْنَاده نوح بن دراج وَهُوَ ضَعِيف. كل هَذَا صَوَاب، وَبِه طالبته فِيمَا ذكرت فِي هَذَا الْبَاب. وَقد عرض لبَعض المراسل، بِزِيَادَة قَول، على بَيَان كَونه مُرْسلا، مِمَّا يُوهم ضعفا سوى الْإِرْسَال، وَلَيْسَ كَذَلِك، وَهُوَ مَا ذكر فِي مُرْسل الْحسن، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 84 (780) " لم يجز طَلَاق الْمَرِيض ". فَإِنَّهُ قَالَ بإثره: فِي إِسْنَاده سهل بن أبي الصَّلْت، السراج. فأوهم بِهَذَا القَوْل فِي هَذَا الرجل ضعفا، على أبلغ مَا يرْمى بِهِ الضَّعِيف. وَسَهل لَيْسَ بِهِ بَأْس، وَمِنْهُم من يوثقه، وَمَا قَالَه يزِيد بن هَارُون: من أَنه كَانَ معتزليا، إِنَّمَا يَعْنِي بذلك، أَنه اعتزل حَلقَة الْحسن، فَإِنَّهُ كَانَ من أَصْحَابه، وَلم يحفظ عَنهُ سوء فِي /. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 85 ((4) بَاب ذكر أَحَادِيث أعلها بِرِجَال وفيهَا من هُوَ مثلهم، أَو أَضْعَف، أَو مَجْهُول لَا يعرف [209 ق] ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 87 اعْلَم أَنه يجب النّظر فِي هَذَا الْبَاب، خوفًا مِمَّا يُوهِمهُ إعراضه عَمَّا يجب إعلال الحَدِيث بِهِ: من كَونه ثِقَة عِنْده، وَلَا سِيمَا إِذا كَانَ من يرى ذَلِك من لَا علم عِنْده بِهَذَا الشَّأْن، فَهَذَا يسْرع إِلَى اعْتِقَاد انحصار عِلّة الْخَبَر فِيمَن نبه عَلَيْهِ من رُوَاته دون من سواهُ. وَلَعَلَّ علته إِنَّمَا هِيَ فِيمَا ترك التَّنْبِيه عَلَيْهِ، وَقد تكون الْجِنَايَة مِنْهُ، لَا مِمَّن نبه عَلَيْهِ. وسترى فِيهِ أَحَادِيث يذكرهَا من طَرِيق أبي أَحْمد، فيعل الحَدِيث مِنْهَا بِذكر رجل، وَأَبُو أَحْمد قد أعله بِهِ وَذكره فِي بَابه، وَذكره أَيْضا فِي بَاب غَيره، وَجوز أَن تكون الْجِنَايَة فِيهِ مِنْهُ، ويقتصر أَبُو مُحَمَّد على أَحدهمَا، وَمَا ذَاك إِلَّا لِأَنَّهُ لم يبْحَث عَنهُ فِي بَاب آخر، بعد أَن وجده فِي بَاب من نبه عَلَيْهِ، فَهُوَ بِفِعْلِهِ هَذَا، يعصب الْجِنَايَة بِرَأْس أَحدهمَا، وَلَعَلَّ الَّذِي اعترى الْخَبَر من وهم، أَو وضع، أَو زِيَادَة، أَو نقص، من غَيره، لَا مِنْهُ، وَرب ملوم لَا ذَنْب لَهُ. وَنِهَايَة مَا يعْتَذر بِهِ لأبي مُحَمَّد أَن يُقَال: إِنَّه بِذكرِهِ من هُوَ عِلّة للْخَبَر قد أسقط بِهِ الْخَبَر وأبطله، وَكَونه من رِوَايَة ضَعِيف آخر، لَا يزِيد فِي هَذَا الحكم، فَلذَلِك اكْتفى بِهِ. وَهَذَا عذر ضَعِيف، فَإِنَّهُ قد يعل الْخَبَر بِمن لَا يرَاهُ غَيره عِلّة لَهُ، وَيتْرك من هُوَ عِنْده عِلّة، فقد الْتحق عمله هَذَا من هَذَا الْوَجْه، برميه الْأَخْبَار بالضعف من غير أَن يذكر عللها، وَهَذَا إِذا قبل مِنْهُ فقد قلد فِي رَأْيه، وَلَيْسَ ذَلِك بجائز، وَإِنَّمَا تقبل مِنْهُ رِوَايَته لَا رَأْيه. وَالَّذِي يعتري أَبَا مُحَمَّد هَذَا فِيهِ من الْأَحَادِيث، هُوَ قِسْمَانِ: قسم إِنَّمَا يذكر الْأَحَادِيث فِيهِ بِغَيْر أسانيدها، ثمَّ يعمد من إِسْنَاد الحَدِيث الجزء: 3 ¦ الصفحة: 89 مِنْهَا إِلَى رجل، وَيكون فِيمَن ترك من لَعَلَّ الْجِنَايَة مِنْهُ. وَقسم إِنَّمَا يذكر الْأَحَادِيث فِيهِ بِبَعْض أسانيدها، ثمَّ يعمد / من الْقطعَة الَّتِي اقتطع من الْإِسْنَاد إِلَى أحد من فِيهَا، فيعل الحَدِيث بِهِ، ويعرض عَن آخر، أَو أخر، ويعل الحَدِيث بِمن لَيْسَ فِي الْقطعَة الَّتِي اقتطع، وَيتْرك فِي الْقطعَة من يجب التَّنْبِيه عَلَيْهِ. وصنيعه فِي هَذَا أخف من وَجه، وَذَلِكَ أَنه فِي الأول طوى ذكر من لَعَلَّ الْجِنَايَة مِنْهُ، وَذكر غَيره، وَفِي هَذَا لم يطو ذكره، بل أبرزه وَعرضه لنظر الْمطَالع، وَفِي كليهمَا من إِيهَام سَلَامَته مَا ذَكرْنَاهُ. وَقد يذكر أَحَادِيث بِقطع من أسانيدها، وَلَا يعرض لَهَا بتعليل. فَمِنْهَا مَا تكون علته فِيمَا أبرز من الْقطع. وَمِنْهَا مَا تكون علته فِيمَا ترك من الْإِسْنَاد واقتطعه مِمَّا فَوْقه، فَيكون هَذَا من هَذَا الْبَاب، إِلَّا أَنا لم نذكرهُ فِيهِ لما لم يُعلل الحَدِيث، وأخرنا ذَلِك إِلَى بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ذكرهَا بِقطع من أسانيدها، بِحَيْثُ يتَوَهَّم أَنه صححها؛ لِأَنَّهُ لم يحل بِمَا ذكره على مُتَقَدم وَلَا مُتَأَخّر من بَيَانه، وَسكت عَنْهَا. فلأجل أَنه قد يظنّ بِهَذَا النَّوْع أَنه صَحِيح عِنْده، أفردناه بِبَاب بعد بَاب الْأَحَادِيث المصححة بسكوته. وَالَّذين يتْرك إعلال الْأَخْبَار بهم فِي هَذَا الْبَاب هم: إِمَّا ضعفاء، وَإِمَّا مستورون، مِمَّن روى عَن أحدهم اثْنَان فَأكْثر، وَلم تعلم مَعَ ذَلِك أَحْوَالهم، وَإِمَّا مَجْهُولُونَ، وهم من لم يرو عَن أحدهم إِلَّا وَاحِد، وَلم يعلم مَعَ ذَلِك الجزء: 3 ¦ الصفحة: 90 حَاله، فَإِنَّهُ قد يكون فِيمَن لم يرو عَنهُ إِلَّا / وَاحِد من عرفت ثقته وأمانته. فلنذكر الْبَاب قسمَيْنِ، بِاعْتِبَار التَّقْسِيم الأول، ثمَّ كل قسم مِنْهُمَا ثَلَاثَة أَقسَام، بِاعْتِبَار التَّقْسِيم الثَّانِي، إِن شَاءَ الله تَعَالَى. (781) فَمن ذَلِك أَنه ذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ عَن عُثْمَان، أَنه تَوَضَّأ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، ثمَّ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " من تَوَضَّأ هَكَذَا وَلم يتَكَلَّم، ثمَّ قَالَ: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله " الحَدِيث. ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: هَذَا يرويهِ الْبَيْلَمَانِي عَن عُثْمَان. لم يزدْ على هَذَا، فلقائل أَن يَقُول: وَمن لنا بِأَنَّهُ علل الحَدِيث بِهَذَا القَوْل حَتَّى ندخله فِي هَذَا الْبَاب؟ فَأَقُول: قد بَين مذْهبه / فِي الْبَيْلَمَانِي فِي غير هَذَا الحَدِيث. (782) ذكر حَدِيث سرق فِي بيع من عَلَيْهِ دين. من رِوَايَة مُسلم بن خَالِد، عَن عبد الرَّحْمَن الْبَيْلَمَانِي. ثمَّ قَالَ: مُسلم وَعبد الرَّحْمَن لَا يحْتَج بهما. (783) وَحَدِيث: " قتل مُسلم بِكَافِر " من رِوَايَة ابْن الْبَيْلَمَانِي عَن ابْن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 91 عمر. ثمَّ قَالَ: وَلَا يَصح من أجل الْبَيْلَمَانِي. (784) وَكَذَلِكَ حَدِيث: " من مثل بِمَ ملوكه فَهُوَ حر " من رِوَايَة ابْن الْبَيْلَمَانِي عَن ابْن عمر. ثمَّ قَالَ: هَذَا ضَعِيف. (785) وَكَذَلِكَ حَدِيث: " الشُّفْعَة كحل العقال ". وَعبد الرَّحْمَن هَذَا، هُوَ مولى عمر سمع من ابْن عمر، وَابْن عَبَّاس، وَعَمْرو بن عبسة، وسرق، ويعنعن عَن عُثْمَان، وَلَا يبعد سَمَاعه مِنْهُ. روى عَنهُ سماك بن الْفضل، وَزيد بن أسلم، وَرَبِيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن، وَعبد الْملك بن الْمُغيرَة الطَّائِفِي، وَيزِيد بن طلق، وَهُوَ لين الحَدِيث. وَقَالَ الْموصِلِي: إِنَّه مُنكر الحَدِيث، روى عَن ابْن عمر بواطل. فَإذْ قد بَينا أَن كَلَامه الْمَذْكُور تَعْلِيل، وَإِن احْتمل غير ذَلِك - كَمَا قدمنَا فِي قَوْله فِي الْبَاب الَّذِي فَرغْنَا مِنْهُ: فِي إِسْنَاده سهل بن أبي الصَّلْت السراج. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 92 فَاعْلَم أَنه قد ترك فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث من هُوَ أولى بِأَن يضعف الْخَبَر بِهِ من عبد الرَّحْمَن هَذَا، فَإِنَّهُ حَدِيث يرويهِ صَالح بن عبد الْجَبَّار، عَن ابْن الْبَيْلَمَانِي، عَن أَبِيه، عَن عُثْمَان. وَابْنه هُوَ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن الْبَيْلَمَانِي، قَالَ التِّرْمِذِيّ عَن البُخَارِيّ: إِنَّه مُنكر الحَدِيث، وَقد قَالَ فِي كِتَابه الْأَوْسَط: كل من قلت فِيهِ: مُنكر الحَدِيث، فَلَا تحل الرِّوَايَة عَنهُ. وَقد ضعف أَبُو مُحَمَّد من أَجله أَحَادِيث. (786) مِنْهَا حَدِيث فِي " إنكاح الْأَيَامَى ". (787) وَحَدِيث: " وَآتوا النِّسَاء صدقاتهن نحلة " قيل: وَمَا العلائق بَينهم. (788) وَحَدِيث: " استهلال الصَّبِي العطاس ". وَصَالح بن عبد الْجَبَّار رَاوِيه عَنهُ، مَجْهُول الْحَال، وَلَا أعرفهُ فِي غير هَذَا الحَدِيث، وَفِي حَدِيث: " أنكحوا الْأَيَامَى "، المنبه عَلَيْهِ الْآن. (789) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ حَدِيث ابْن عمر: " الْوَقْت الأول رضوَان الله " الحَدِيث. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 93 ثمَّ رده بِأَن قَالَ: هَذَا يرويهِ عبد الله بن عمر الْعمريّ / وَقد تكلمُوا فِيهِ، انْتهى مَا ذكر. وَهُوَ عجب أَن يكون عبد الله بن عمر الْعمريّ - وَهُوَ رجل صَالح، قد وَثَّقَهُ قوم وأثنوا عَلَيْهِ، وَضَعفه آخَرُونَ من أجل حفظه، لَا من أجل صدقه وأمانته عِلّة للْحَدِيث، يرويهِ عَنهُ يَعْقُوب بن الْوَلِيد الْمدنِي، وَهُوَ كَذَّاب، هَذَا لَو قَصده كَانَ ظلما للعمري الْمَذْكُور، إِذْ لَا يصل إِلَيْهِ الْخَبَر الْمَذْكُور، إِلَّا على لِسَان من لَعَلَّه كذب عَلَيْهِ. قَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن منيع، حَدثنَا يَعْقُوب بن الْوَلِيد الْمدنِي، عَن عبد الله بن عمر، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْوَقْت الأول من الصَّلَاة رضوَان / الله، وَالْوَقْت الآخر عَفْو الله ". وَلم يسق لَهُ التِّرْمِذِيّ إِسْنَادًا غَيره، وَكَذَا وَقع أَيْضا فِي كتاب الدَّارَقُطْنِيّ، من طَرِيق أَحْمد بن منيع الْمَذْكُور، عَن يَعْقُوب بن الْوَلِيد. وَيَعْقُوب هَذَا، أحد المنسوبين إِلَى الْكَذِب، قَالَ عبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل: سَمِعت أبي يَقُول: كَانَ من المكذابين الْكِبَار، وَكَانَ يضع الحَدِيث. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: كَانَ يكذب، والْحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ مَوْضُوع. وَأَبُو أَحْمد بن عدي، إِنَّمَا حمل عَلَيْهِ فِيهِ وَفِي بَابه ذكره، وَذكر أَن مُحَمَّد بن هَارُون بن حميد، كَانَ يرويهِ عَن ابْن منيع، عَن يَعْقُوب بن الْوَلِيد، عَن عبيد الله مُصَغرًا - وَهُوَ الثِّقَة الْمَأْمُون - يَعْنِي أَخا عبد الله بن عمر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 94 وَرَوَاهُ ابْن صاعد، وَإِبْرَاهِيم بن أَسْبَاط، عَن ابْن منيع، عَن يَعْقُوب، عَن عبد الله بن عمر مكبرا - وَهُوَ المضعف. ثمَّ قَالَ: هَكَذَا كَانَ ابْن حميد يَقُول: عَن عبيد الله، وَالصَّوَاب مَا حَدثنَا بِهِ ابْن صاعد، وَابْن أَسْبَاط، على أَنه بَاطِل بِهَذَا الْإِسْنَاد، قيل فِيهِ: عبيد الله، أَو عبد الله. وَيَعْقُوب هَذَا عَامَّة مَا يرويهِ من هَذَا الطّراز، فَلَيْسَ بِمَحْفُوظ، وَهُوَ بَين الْأَمر فِي الضُّعَفَاء. انْتهى كَلَام أبي أَحْمد. وَقد تبين الْمَقْصُود من أَنه ضعف الْخَبَر بِمن غَيره أَحَق بِالْحملِ عَلَيْهِ فِيهِ مِنْهُ. (790) وَذكر حَدِيث: " إِقَامَة عبد الله بن زيد ". وَترك دون من أعله بِهِ مُحَمَّد بن عَمْرو الوَاقِفِي، وَهُوَ ضَعِيف. وَقد بَينا / ذَلِك فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي لم يبين من أسانيدها مَوَاضِع الْعِلَل. (791) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من سمع النداء فَلم يمنعهُ من اتِّبَاعه عذر " الحَدِيث. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 95 ثمَّ قَالَ: هَذَا يرويهِ مغراء الْعَبْدي، وَالصَّحِيح فِيهِ مَوْقُوف، ومغراء روى عَنهُ أَبُو إِسْحَاق، على أَن قَاسم بن أصبغ ذكره فِي كِتَابه - يَعْنِي مُسْندًا -. انْتهى كَلَامه. فَنَقُول - وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق -: لَيْسَ الشَّأْن فِي مغراء الْعَبْدي، فَإِنَّهُ لم يثبت فِيهِ مَا يتْرك لَهُ حَدِيثه، وَهُوَ أَبُو الْمخَارِق النساج، يروي عَن ابْن عمر، وروى عَنهُ أَبُو إِسْحَاق الْهَمدَانِي، وَالْأَعْمَش، وَالْحسن بن عبيد الله وَلَيْث بن أبي سليم، وَيُونُس بن أبي إِسْحَاق، وَقد عهد أَبُو مُحَمَّد يحْتَج بِمن هَذِه حَاله، أَن يروي عَنهُ جمَاعَة، وَلَا يحفظ فِيهِ لأحد تجريح، فقد كَانَ يَنْبَغِي لَهُ على هَذَا الأَصْل أَن لَا يعل الحَدِيث بِهِ، وعَلى أَنه لَا بَأْس بِهِ عِنْد الْكُوفِي ذكر ذَلِك عَنهُ أَبُو الْعَرَب التَّمِيمِي، وَلَيْسَ ذَلِك فِي كتاب الْكُوفِي. وَالْخَبَر الْمَذْكُور إِنَّمَا علته رَاوِيه عَن مغراء الْعَبْدي، وَهُوَ أَبُو جناب: يحيى بن أبي حَيَّة الْكَلْبِيّ، فَإِنَّهُ يضعف، وَمِمَّنْ ضعفه النَّسَائِيّ، وَابْن معِين، وَأَبُو حَاتِم، وَكَانَ يحيى الْقطَّان يُضعفهُ كثيرا، وَيُوجد فِيهِ لِابْنِ حَنْبَل التوثيق، وَلَكِن مَعَ وَصفه بالتدليس وَهُوَ عِنْدهم مَشْهُور بِهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 96 قَالَ ابْن نمير: هُوَ صَدُوق، وَلَكِن فَشَا فِي حَدِيثه التَّدْلِيس، وَهُوَ لم يقل فِي هَذَا الحَدِيث: حَدثنَا مغراء، فَهَذَا هُوَ المتقى فِيهِ. (792) وَقد ذكر أَبُو مُحَمَّد من طَرِيق أبي أَحْمد حَدِيث ابْن عَبَّاس، سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " ثَلَاث عَليّ فَرِيضَة، وَلكم تطوع: الْوتر، وَالضُّحَى، وركعتا الْفجْر ". ثمَّ قَالَ بإثره: أَبُو جناب: يحيى بن أبي حَيَّة، لَا يُؤْخَذ من حَدِيثه / إِلَّا مَا قَالَ فِيهِ: حَدثنَا لِأَنَّهُ كَانَ يُدَلس، وَهُوَ أَكثر مَا عيب بِهِ، وَلم يقل فِي هَذَا الحَدِيث: حَدثنَا عِكْرِمَة، وَلَا ذكر مَا يدل عَلَيْهِ، انْتهى كَلَامه. وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي أَن يعل بِهِ هَذَا الْخَبَر، أَو يذكر مَعَ مَا / ذكر من أَمر مغراء فاعلمه. (793) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد حَدِيث الحكم بن عُمَيْر، قَالَ: قَالَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 97 رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اثْنَان فَمَا فَوْقهمَا جمَاعَة ". ورده بِأَن قَالَ: رَوَاهُ عِيسَى بن إِبْرَاهِيم بن طهْمَان، وَهُوَ مُنكر الحَدِيث، ضعيفه عِنْدهم. لم يزدْ على هَذَا، وَهَذَا الحَدِيث إِنَّمَا يرويهِ عِنْد أبي أَحْمد، بَقِيَّة، عَن عِيسَى بن إِبْرَاهِيم الْمَذْكُور، قَالَ: حَدثنِي ابْن أبي حبيب - يَعْنِي عَمه مُوسَى ابْن أبي حبيب - قَالَ: سَمِعت الحكم بن عُمَيْر، فَذكره، وَذكر أَن لَهُ بِهَذَا الْإِسْنَاد نَحوا من عشْرين حَدِيثا، وتنتهي إِلَى أَكثر - يَعْنِي من رِوَايَة بَقِيَّة عَنهُ، عَن عَمه، عَن الحكم -. ومُوسَى هَذَا ضَعِيف، وَبَقِيَّة من قد علمت حَاله فِي رِوَايَة الْمُنْكَرَات، فَمَا يَنْبَغِي أَن يحمل فِيهِ على عِيسَى وَقد اكتنفه ضعيفان من فَوق وَمن أَسْفَل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 98 (794) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، من رِوَايَة خَالِد بن إلْيَاس، يسْندهُ إِلَى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 99 أبي هُرَيْرَة قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ينْهض فِي الصَّلَاة على ظُهُور قَدَمَيْهِ ". ثمَّ قَالَ: قَالَ أَبُو عِيسَى: خَالِد بن إلْيَاس ضَعِيف عِنْد أهل الحَدِيث. انْتهى مَا ذكر. وَلَا أَدْرِي لم لم يذكر أَن خَالِد بن إلْيَاس، إِنَّمَا يرويهِ عَن صَالح مولى التَّوْأَمَة، عَن أبي هُرَيْرَة، وأسقطه إِسْقَاطًا، وَجعل مَكَانَهُ قَوْله: " يسْندهُ إِلَى أبي هُرَيْرَة "، فَلَو كَانَ صَالح ثِقَة، جَازَ لَهُ ذَلِك الِاقْتِصَار على مَوضِع الْعلَّة. وَصَالح لَيْسَ بأمثل من خَالِد بن إلْيَاس، وَمَا إِطْلَاقهم عَلَيْهِ فِي التَّضْعِيف إِلَّا كإطلاقهم على خَالِد، بل قد تفسر فِيهِ مَا رموا بِهِ حَدِيثه، وَهُوَ شدَّة الِاخْتِلَاط، وَبَقِي الْأَمر فِي خَالِد مُحْتملا، بِحَيْثُ يُمكن أَن يكون معنى تضعيفهم إِيَّاه، أَنه لَيْسَ كَغَيْرِهِ مِمَّن هُوَ فَوْقه فِي الْعَدَالَة. فَإِذن لَا معنى لتضعيف الحَدِيث بِخَالِد وَترك صَالح. وَقد ذكر أَبُو مُحَمَّد فِي الْجَنَائِز اخْتِلَاط صَالح، وَاعْتِبَار قديم حَدِيثه من حَدِيثه. وخَالِد لَا يعرف مَتى أَخذ عَنهُ، فَاعْلَم ذَلِك /. (795) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، حَدِيث بِلَال " فِي قيام اللَّيْل "، محالا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 100 بِهِ على حَدِيث سلمَان، وَلم يذكر مَتنه، وَأعله بِمُحَمد بن سعيد المصلوب. وَهُوَ كَمَا ذكر، وَلَكِن فِي الْإِسْنَاد غَيره مِمَّن لَا يَنْبَغِي الْإِعْرَاض عَنهُ لجَوَاز أَن تكون الْجِنَايَة مِنْهُ، وَإِن كَانَ لَا يداني مُحَمَّد بن سعيد فِي سوء الْحَال. قَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن منيع، حَدثنَا أَبُو النَّضر، حَدثنَا بكر بن خُنَيْس، عَن مُحَمَّد القريشي عَن ربيعَة بن يزِيد، عَن أبي إِدْرِيس الْخَولَانِيّ، عَن بِلَال أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " عَلَيْكُم بِقِيَام اللَّيْل فَإِنَّهُ دأب الصَّالِحين قبلكُمْ، وَإِن قيام اللَّيْل قربَة إِلَى الله، ومنهاة عَن الْإِثْم، وتكفير للسيئات، ومطردة للداء عَن الْجَسَد ". قَالَ: هَذَا حَدِيث [حسن] غَرِيب، لَا نعرفه من حَدِيث بِلَال إِلَّا من هَذَا الْوَجْه، وَلَا يَصح من قبل إِسْنَاده، سَمِعت مُحَمَّدًا يَقُول: مُحَمَّد الْقرشِي، هُوَ مُحَمَّد بن سعيد الشَّامي، وَهُوَ ابْن أبي قيس، وَهُوَ مُحَمَّد بن حسان وَقد ترك حَدِيثه. انْتهى كَلَامه. وَعِنْده بعده إِشَارَة / إِلَى حَدِيث أبي أُمَامَة بذلك. وَقد كتبناه فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهُ على اأنها مُتَّصِلَة وَهِي مُنْقَطِعَة. وَالَّذِي قصدت بَيَانه الْآن هُوَ أَن بكر بن خُنَيْس أعرض عَن ذكره، وَهُوَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 101 عِنْدهم ضَعِيف. قَالَ فِيهِ ابْن معِين: ضَعِيف لَا شَيْء. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: كَانَ رجلا صَالحا غرا، وَلَيْسَ هُوَ بِقَوي فِي الحَدِيث، وَسَأَلت عَنهُ عَليّ بن الْمَدِينِيّ فَقَالَ: للْحَدِيث رجال. وَلَا يَنْبَغِي أَن يُقَارب مَا بَينه وَبَين مُحَمَّد بن سعيد، فَإِن مُحَمَّد بن سعيد هَالك، وَلكنه أَيْضا - أَعنِي بكر بن خُنَيْس - لَو لم يكن فِي الحَدِيث غَيره كَانَ عِلّة فِيهِ، فَاعْلَم ذَلِك. (796) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث عمار بن يَاسر، وَعلي بن أبي طَالب، أَنَّهُمَا سمعا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يكبر فِي دبر كل الصَّلَوَات الْمَكْتُوبَة من صَلَاة الْفجْر غَدَاة عَرَفَة / إِلَى صَلَاة الْعَصْر آخر أَيَّام التَّشْرِيق ". ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: فِي إِسْنَاده جَابر بن يزِيد الْجعْفِيّ، وَقد اخْتلف عَنهُ. هَذَا مَا ذكر بِهِ هَذَا الْخَبَر، وَهُوَ اختصر لَفظه، وَهُوَ حَدِيث ضَعِيف، لَكِن لَا يتَعَيَّن للْحَمْل عَلَيْهِ فِيهِ جَابر الْجعْفِيّ، بل لَعَلَّ الْجِنَايَة من غَيره مِمَّن هُوَ أَضْعَف مِنْهُ لَا يصل إِلَيْهِ إِلَّا بِهِ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْقَاسِم بن زَكَرِيَّاء الْمحَاربي بِالْكُوفَةِ، قَالَ: حَدثنَا الْحسن بن مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد، قَالَ: حَدثنَا سعيد بن عُثْمَان، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 102 قَالَ حَدثنِي عَمْرو بن شمر عَن جَابر، عَن أبي الطُّفَيْل، عَن عَليّ بن أبي طَالب وعمار بن يَاسر، أَنَّهُمَا سمعا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يجْهر فِي المكتوبات بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم فِي فَاتِحَة الْقُرْآن، ويقنت فِي صَلَاة الْفجْر وَالْوتر، وَيكبر فِي دبر الصَّلَوَات المكتوبات من صَلَاة الْفجْر غَدَاة عَرَفَة، إِلَى صَلَاة الْعَصْر، آخر أَيَّام التَّشْرِيق، يَوْم دفْعَة النَّاس الْعُظْمَى ". ذكره الدَّارَقُطْنِيّ من طرق. وَاللَّفْظ الَّذِي أوردهُ أَبُو مُحَمَّد إِنَّمَا هُوَ فِي هَذَا، اقتطعه مِنْهُ على عَادَته فِي اخْتِصَار مَا يحْتَاج إِلَيْهِ. وَهُوَ كَمَا ترى لَا يصل إِلَى جَابر الْجعْفِيّ إِلَّا بِرِوَايَة عَمْرو بن شمر الْجعْفِيّ أَيْضا، وَهُوَ أحد الهالكين. قَالَ السَّعْدِيّ: عَمْرو بن شمر زائغ كَذَّاب. وَقَالَ عَمْرو بن عَليّ: عَمْرو بن شمر واهي الحَدِيث. وروى الدوري عَن ابْن معِين قَالَ: عَمْرو بن شمر لَيْسَ بِثِقَة. زَاد غَيره عَنهُ: وَلَا يكْتب حَدِيثه. وَقَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِم: " مُنكر الحَدِيث جدا، لَا يشْتَغل بِهِ، مَتْرُوك الحَدِيث ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 103 وَقَالَ البُخَارِيّ فِيهِ: " مُنكر الحَدِيث ". وَقَالَ النَّسَائِيّ: " مَتْرُوك الحَدِيث ". وَقَالَ أَبُو حَاتِم البستي: " كَانَ رَافِضِيًّا يشْتم الصَّحَابَة - رَضِي الله عَنْهُم - ويروي الموضوعات عَن الثِّقَات فِي فَضَائِل أهل الْبَيْت ". فعلى هَذَا لَا يَنْبَغِي تعصيب الْجِنَايَة فِي هَذَا الحَدِيث بِرَأْس جَابر الْجعْفِيّ، فَإِن عَمْرو بن شمر مَا فِي الْمُسلمين من يقبل حَدِيثه. وَسَعِيد بن عُثْمَان الرَّاوِي لهَذَا الحَدِيث عَنهُ لَا أعرفهُ، وَفِي طبقته من يتسمى هَكَذَا من يشبه أَن / يكونه، وَلَا أحققه. وَقَول أبي مُحَمَّد: إِن جَابِرا الْجعْفِيّ، قد اخْتلف عَلَيْهِ فِيهِ، يُوهم أَن غير عَمْرو بن شمر رَوَاهُ عَنهُ، وَهَذَا مَا لَا يُوجد فِي علمي، وَإِنَّمَا الِاخْتِلَاف فِيهِ على عَمْرو بن شمر، وَذَلِكَ أَن سعيد بن عُثْمَان الْمَذْكُور، قَالَ عَنهُ مَا ذَكرْنَاهُ، وَكَذَلِكَ قَالَ عَنهُ أسيد بن زيد كِلَاهُمَا يَقُول فِيهِ: عَن عَمْرو بن شمر، عَن جَابر الْجعْفِيّ، عَن أبي الطُّفَيْل، عَن عَليّ، / وعمار. وَرَوَاهُ مُصعب بن سَلام، عَن عَمْرو بن شمر، فَقَالَ فِيهِ: عَن جَابر الْجعْفِيّ، عَن أبي جَعْفَر: وَهُوَ مُحَمَّد بن عَليّ بن حُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب، عَن أَبِيه عَليّ بن حُسَيْن، عَن جَابر بن عبد الله، قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يكبر فِي صَلَاة الْفجْر يَوْم عَرَفَة، إِلَى صَلَاة الْعَصْر من آخر أَيَّام التَّشْرِيق، حِين يسلم من المكتوبات ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 104 وَرَوَاهُ مَحْفُوظ بن نصر، عَن عَمْرو بن شمر، عَن جَابر الْجعْفِيّ، عَن مُحَمَّد بن عَليّ، عَن جَابر أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كبر يَوْم عَرَفَة، وَقطع فِي آخر أَيَّام التَّشْرِيق ". أسقط من الْإِسْنَاد عَليّ بن حُسَيْن، وَهَكَذَا رَوَاهُ عَن عَمْرو بن شمر رجل يُقَال لَهُ: نائل بن نجيح، وَقرن بِأبي جَعْفَر: مُحَمَّد بن عَليّ عبد الرَّحْمَن بن سابط، وَزَاد فِي الْمَتْن كَيْفيَّة التَّكْبِير فَقَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا صلى الصُّبْح غَدَاة عَرَفَة أقبل على أَصْحَابه فَيَقُول: على مَكَانكُمْ، وَيَقُول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لَا إِلَه إِلَّا الله، وَالله أكبر، وَالله أكبر، وَللَّه الْحَمد، فيكبر من غَدَاة عَرَفَة إِلَى صَلَاة الْعَصْر من آخر أَيَّام التَّشْرِيق ". هَذَا الِاخْتِلَاف كُله على عَمْرو بن شمر، ذكره الدَّارَقُطْنِيّ فَاخْتَصَرَهُ أَبُو مُحَمَّد بِأَن قَالَ: اخْتلف عَلَيْهِ يَعْنِي على جَابر، فأساء الِاخْتِصَار. ثمَّ أورد أَبُو مُحَمَّد بعده هَذَا اللَّفْظ الْأَخير الَّذِي رَوَاهُ نائل بن نجيح، عَن عَمْرو بن شمر، عَن جَابر الْجعْفِيّ، وَأعله أَيْضا بجابر الْجعْفِيّ معرضًا عَن عَمْرو بن شمر، كَمَا كَانَ فِي الَّذِي قبله، وَزَاد إِلَى ذَلِك الْإِعْرَاض عَن نائل ابْن نجيح، وَهُوَ غير مَعْرُوف، فَاعْلَم ذَلِك. (797) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ عَن أبي أُمَامَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / قَالَ: " على خمسين جُمُعَة، لَيْسَ فِيمَا دون ذَلِك ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 105 ثمَّ قَالَ: فِي إِسْنَاده جَعْفَر بن الزبير، وَهُوَ مَتْرُوك. لم يزدْ على هَذَا، وَلَو كَانَ جَعْفَر بن الزبير ثِقَة، مَا صَحَّ هَذَا الحَدِيث من أجل غَيره من رُوَاته، وهم جمَاعَة. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْحسن النقاش، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن السَّامِي، وَالْحُسَيْن بن إِدْرِيس، قَالَا: حَدثنَا خَالِد بن الْهياج، قَالَ: حَدثنَا أبي، عَن جَعْفَر بن الزبير، عَن الْقَاسِم، عَن أبي أُمَامَة، أَن نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: فَذكره. فَأَما الْقَاسِم فقد تقدم ذكره وَهُوَ يوثقه ويصحح حَدِيثه، كَمَا فعل التِّرْمِذِيّ، فَلَا نؤاخذه بِهِ، وَإِن كَانَ مُخْتَلفا فِيهِ. وَهياج بن بسطَام الْهَرَوِيّ، ضَعِيف الحَدِيث لَيْسَ بِشَيْء، قَالَه ابْن معِين. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: يكْتب حَدِيثه وَلَا يحْتَج بِهِ. وَابْنه خَالِد بن هياج، لَا أعرفهُ فِي شَيْء من كتب الرِّجَال مَذْكُورا بِذكر يَخُصُّهُ، مترجما باسمه، وَهِي مظان وجوده وَوُجُود أَمْثَاله، وَلكنه عرض لِابْنِ أبي حَاتِم ذكره فِي بَاب أَبِيه هياج، فعده فِي جملَة الروَاة عَنهُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 106 وَعرض لَهُ أَيْضا ذكره فِي بَاب الْحُسَيْن بن إِدْرِيس رَاوِي هَذَا الحَدِيث عَنهُ، فَذكره ذكرا يمسهُ، وَذَلِكَ أَنه قَالَ: الْحُسَيْن بن إِدْرِيس، الْأنْصَارِيّ، الْهَرَوِيّ، الْمَعْرُوف بِابْن خرم روى عَن خَالِد بن هياج بن بسطَام، كتب إِلَيّ بِجُزْء من حَدِيثه، عَن خَالِد بن هياج بن بسطَام، فَأول حَدِيث مِنْهُ بَاطِل، وَالثَّانِي بَاطِل، وَالثَّالِث ذكرته لعَلي بن الْحُسَيْن بن الْجُنَيْد، فَقَالَ: أَحْلف بِالطَّلَاق أَنه حَدِيث لَيْسَ لَهُ أصل، وَكَذَا هُوَ عِنْدِي، فَلَا أَدْرِي مِنْهُ، أَو من خَالِد بن هياج. انْتهى مَا ذكر ابْن أبي حَاتِم فِي بَاب حُسَيْن بن إِدْرِيس. فَأَما / المقرون بالحسين بن إِدْرِيس، وَهُوَ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن، فَأرَاهُ أَبَا عبد الله الْهَرَوِيّ، وَهُوَ صَدُوق. وَمُحَمّد بن الْحسن النقاش، شيخ الدَّارَقُطْنِيّ، هُوَ صَاحب التَّفْسِير، وَهُوَ عِنْدهم ضَعِيف قَالَ عبيد الله بن أبي الْفَتْح: ذكر طَلْحَة بن مُحَمَّد بن جَعْفَر مُحَمَّد بن الْحسن النقاش / فَقَالَ: كذب فِي الحَدِيث، وَالْغَالِب عَلَيْهِ الْقَصَص. وَقَالَ أَبُو بكر البرقاني: كل حَدِيثه مُنكر. (798) وَجرى لَهُ قصَص فِي حَدِيث رَوَاهُ عَن أبي غَالب بن بنت مُعَاوِيَة، " فِي سُؤال النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ربه أَن لَا يستجيب دُعَاء حبيب على حَبِيبه ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 107 فَأنكرهُ عَلَيْهِ الدَّارَقُطْنِيّ فَرجع عَنهُ. (799) وَحَدِيث آخر رَوَاهُ عَن يحيى بن مُحَمَّد بن صاعد، أنكر عَلَيْهِ. قَالَ الْخَطِيب: وَفِي حَدِيثه مَنَاكِير بأسانيد مَشْهُورَة، وَأَقل مِمَّا شرح فِي هذَيْن الْحَدِيثين تسْقط بِهِ عَدَالَة الْمُحدث، وَيتْرك الِاحْتِجَاج بِهِ. انْتهى كَلَامه. وَالْمَقْصُود أَن تعلم أَن تَضْعِيف هَذَا الحَدِيث بِجَعْفَر بن الزبير، ظلم لَهُ، إِذْ فَوْقه وَتَحْته من لَعَلَّ الْجِنَايَة مِنْهُ، فَاعْلَم ذَلِك. (800) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن سهل بن معَاذ، عَن أَبِيه، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " نهى عَن الحبوة يَوْم الْجُمُعَة " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: إِسْنَاده ضَعِيف، وَقَالَ فِيهِ التِّرْمِذِيّ: حسن. انْتهى مَا ذكر. وَسَهل بن معَاذ ضَعِيف، وَيَرْوِيه عَنهُ أَبُو مَرْحُوم: عبد الرَّحِيم بن مَيْمُون، وَهُوَ أَيْضا ضَعِيف الحَدِيث، قَالَه ابْن معِين. وَقد طوى أَبُو مُحَمَّد ذكره فِي ظَاهر الْأَمر، وَإِن كَانَ عَنى بقوله: إِسْنَاده الجزء: 3 ¦ الصفحة: 108 ضَعِيف جَمِيع من فِيهِ، فَهُوَ من بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ضعفها وَلم يبين عللها. (801) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ عَن عَائِشَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا صلى الرجل على الْجِنَازَة، فقد انْقَطع ذمامها " الحَدِيث. وتشاغل فِيهِ بمخالفة من وَقفه على عُرْوَة، رافعه: عبد الله بن عبد الْعَزِيز، عَن هِشَام، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَقد بَينا مَا اعتراه فِيهِ فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا مُتَّصِلَة، وَهِي مُنْقَطِعَة. ونبين الْآن أَن عبد الله بن عبد الْعَزِيز اللَّيْثِيّ، ضَعِيف، وَقد شرحنا ذَلِك كُله فِي الْبَاب الْمَذْكُور. (802) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار، فِي زَكَاة الْبَقر، حَدِيث ابْن عَبَّاس: " فِيهِ ذكر الأوقاص ". ثمَّ رده بِأَن قَالَ: بَقِيَّة لَا يحْتَج بِهِ. وَلم يعرض لمن هُوَ أَضْعَف مِنْهُ، / وَهُوَ المَسْعُودِيّ. وَإِنَّمَا يرويهِ الْبَزَّار هَكَذَا: حَدثنَا عبد الله بن أَحْمد بن شبوية الْمروزِي، قَالَ: حَدثنَا حَيْوَة بن شُرَيْح، حَدثنَا بَقِيَّة، عَن المَسْعُودِيّ، عَن الحكم، عَن طَاوس، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: " لما بعث رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - معَاذًا إِلَى الْيمن، أمره أَن يَأْخُذ من كل ثَلَاثِينَ من الْبَقر تبيعا، أَو تبيعة، جذعا، أَو جَذَعَة، وَمن كل أَرْبَعِينَ بقرة، بقرة مُسِنَّة " الحَدِيث. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 109 والمسعودي أحد الْمُخْتَلطين، حَتَّى كَانَ لَا يعقل، وَسَيَأْتِي لَهُ ذكر بعد. (803) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن عَائِشَة، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " كَانَ يقبلهَا وَهُوَ صَائِم، ويمص لسانها ". ثمَّ قَالَ: لَا تصح هَذِه الرِّوَايَة؛ لِأَنَّهَا من حَدِيث مُحَمَّد بن دِينَار، عَن سعد بن أَوْس، وَلَا يحْتَج بهما، وَقد قَالَ ابْن الْأَعرَابِي عَن أبي دَاوُد: هَذَا الحَدِيث لَيْسَ بِصَحِيح. كَذَا قَالَ، وَهَذَا الحَدِيث إِنَّمَا يرويهِ سعد بن أَوْس الْمَذْكُور، عَن مصدع أبي يحيى، عَن عَائِشَة. فَأَعْرض / عَنهُ أَبُو مُحَمَّد لِأَنَّهُ - وَالله أعلم - نظره حِين كتبه عِنْد ابْن أبي حَاتِم فَلم ير فِيهِ شَيْئا، ووجده يروي عَنهُ جمَاعَة، فَجرى فِيهِ على أَصله فِي هَؤُلَاءِ، واعتل على الحَدِيث بِمَا لَيْسَ بعلة، فَإِن مُحَمَّد بن دِينَار الطَّاحِي صَدُوق، لَيْسَ بِهِ بَأْس، ويروى عَن ابْن معِين استضعاف حَدِيثه، وَذَلِكَ - وَالله أعلم - بقياسه إِلَى غَيره مِمَّن هُوَ فَوْقه، وَإِلَّا فقد رُوِيَ عَنهُ أَنه قَالَ فِيهِ: لَا بَأْس بِهِ، وَقد قَالَ عَن نَفسه: كل من قلت: " لَا بَأْس بِهِ "، فَهُوَ عِنْدِي ثِقَة. وَقَالَ فِيهِ أَبُو زرْعَة: صَدُوق، وَقَالَ أَبُو حَاتِم: لَا بَأْس بِهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 110 وَالرجل لم يكن لَهُ كتاب، وَهَذَا لَا يضرّهُ إِذا حفظ مَا حدث بِهِ. وَسعد بن أَوْس، الْكَاتِب الْعَبْدي - وَيُقَال: الْعَدوي - قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِم: صَالح ويروى أَيْضا عَن ابْن معِين استضعاف حَدِيثه وَلَعَلَّه أَيْضا بِالْإِضَافَة كَمَا قُلْنَاهُ، وَإِن لم يكن كَذَلِك، فَمَا قَوْله بضربة لازب، إِذْ لم يُفَسر جرحة فَيقبل نَقله لَهَا. أما أَبُو يحيى مصدع الْأَعْرَج / وَيُقَال لَهُ: المعرقب، عرقب فِي التَّشَيُّع، فضعيف، قَالَ السَّعْدِيّ: كَانَ زائغا، جائرا عَن الطَّرِيق، وَفِي بَابه ذكر أَبُو أَحْمد هَذَا الحَدِيث، وَعَلِيهِ أنكرهُ، وَقَالَ لَهُ وَلِحَدِيث آخر ذكره: هما معروفان بِهِ. فَإِذن عِلّة الْخَبَر إِنَّمَا هِيَ هَذِه، فَاعْلَم ذَلِك. (804) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ عَن أنس، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من أفطر يَوْمًا من شهر رَمَضَان من غير عذر فليصم شهرا ". ثمَّ قَالَ: يرْوى من حَدِيث منْدَل بن عَليّ، ومصاد بن عقبَة، وَلَا يَصح. كَذَا أوردهُ، وَلم يبين علته، وَلَا ذكر من إِسْنَاده سواهُمَا، وأوهم أَنَّهُمَا جَمِيعًا فِي إِسْنَاد وَاحِد، وَلَيْسَ الْأَمر كَذَلِك. وَبَيَان هَذَا هُوَ أَن الدَّارَقُطْنِيّ قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن مخلد، حَدثنَا الْحسن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 111 ابْن عَليّ بن شبيب، حَدثنَا عبد الله ابْن عبد الصَّمد بن أبي خِدَاش، حَدثنَا أَبُو عبد الله: مُحَمَّد بن صبيح، عَن عمر بن أَيُّوب الْموصِلِي، عَن مصاد بن عقبَة، عَن مقَاتل بن حَيَّان، عَن عَمْرو بن مرّة، عَن عبد الْوَارِث الْأنْصَارِيّ، قَالَ: سَمِعت أنس بن مَالك يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من أفطر يَوْمًا من شهر رَمَضَان من غير رخصَة وَلَا عذر، كَانَ عَلَيْهِ أَن يَصُوم ثَلَاثِينَ يَوْمًا، وَمن أفطر يَوْمَيْنِ كَانَ عَلَيْهِ سِتُّونَ، وَمن أفطر ثَلَاثَة [أَيَّام] كَانَ عَلَيْهِ تسعون يَوْمًا ". قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: " لَا يثبت هَذَا الْإِسْنَاد، وَلَا يَصح عَن عَمْرو بن مرّة ". انْتهى كَلَام الدَّارَقُطْنِيّ. هَذَا إِسْنَاد مصاد، وَلَا ذكر فِيهِ لمندل، وَهُوَ غَايَة فِي الضعْف، وَلَيْسَ فِيهِ أَهْون أمرا من مصاد بن عقبَة، فَإِنَّهُ قد روى عَنهُ جمَاعَة: مِنْهُم مُوسَى بن أعين، وَعَمْرو بن أَيُّوب الْموصِلِي، والمعافى بن عمرَان. ويروي عَن مقَاتل بن حَيَّان وَزِيَاد بن سعد، قَالَه أَبُو حَاتِم. وَإِن كُنَّا لَا نَعْرِف حَاله، فَإِن أصل أبي مُحَمَّد فِي هَؤُلَاءِ يقْضِي أَن يقبله، وتضعيفه الحَدِيث من أَجله لَيْسَ على أَصله، وَترك أَن يبين أَنه من رِوَايَة عبد الْوَارِث الْأنْصَارِيّ. وَقد ذكر التِّرْمِذِيّ عَن البُخَارِيّ / أَنه مُنكر الحَدِيث. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 112 وَذكر ابْن أبي خَيْثَمَة عَن ابْن معِين أَنه قَالَ فِيهِ: مَجْهُول. وَأما إِسْنَاد منْدَل فَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا أَبُو بكر النَّيْسَابُورِي، قَالَ: حَدثنَا أَبُو أُميَّة الطرسوسي، وَحدثنَا مُحَمَّد بن مخلد قَالَ: حَدثنَا الْعَلَاء بن سَالم أَبُو الْحسن قَالَ: حَدثنَا أَبُو نعيم، قَالَ: حَدثنَا منْدَل بن عَليّ، عَن أبي هَاشم، عَن عبد الْوَارِث، عَن أنس ابْن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من أفطر يَوْمًا من رَمَضَان من غير عذر فَعَلَيهِ صِيَام شهر ". وَعبد الْوَارِث هُوَ الْمُتَقَدّم الذّكر، وَأَبُو هَاشم مَجْهُول الْبَتَّةَ. وَقد ذكره ابْن الْجَارُود فِي كِتَابه فِي الكنى، عَن عبد الْوَارِث عَن أنس، وَقَالَ: روى أَبُو نعيم / عَن منْدَل عَنهُ يَعْنِي هَذَا ثمَّ قَالَ: " حَدِيث مُنكر ". وَلم يسمه وَلَا عرف من أمره بمزيد. فَإِذن لَا يَنْبَغِي أَن يقْتَصر فِي تَعْلِيل الْحَدِيثين على منْدَل ومصاد فَاعْلَم ذَلِك. (805) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ حَدِيث ابْن عمر: " فِيمَن أهْدى تَطَوّعا، ثمَّ ضلت، فَلَيْسَ عَلَيْهِ الْبَدَل " الحَدِيث. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 113 ورده بِعَبْد الله بن عَامر. وَهَذَا الطَّرِيق الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ، الَّذِي فِيهِ عبد الله بن عَامر، فِيهِ أَيْضا مُحَمَّد ابْن مُصعب، يرويهِ عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن عبد الله بن عَامر، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر. وَيَرْوِيه عَن مُحَمَّد بن مُصعب، أَبُو زيد: أَحْمد بن عبد الرَّحِيم. وَمُحَمّد بن مُصعب، هُوَ القرقساني وَهُوَ قد تولى تَضْعِيفه، وَنقل كَلَام الْمُحدثين فِيهِ فِي مَوَاضِع غلط فِي بَعْضهَا نذكرهُ فِيهِ. وَقد تقدم ذكر ذَلِك فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي نَسَبهَا إِلَى غير رواتها. وَأَبُو زيد: أَحْمد بن عبد الرَّحِيم لَا يعرف حَاله. وَذكر بعده أَنه يرْوى من طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن أبي الزِّنَاد، يسْندهُ إِلَى ابْن عمر، قَالَ: وَلَا يَصح أَيْضا. لم يزدْ على هَذَا، كَأَنَّهُ اكْتفى فِي ابْن أبي الزِّنَاد بِمَا قدم من ذكره فِي غير هَذَا الْموضع. وَبَقِي عَلَيْهِ أَن يبين أَنه من رِوَايَة عبد الله بن شبيب، عَن عبد الْجَبَّار بن سعيد، عَن ابْن أبي الزِّنَاد، عَن مُوسَى بن عقبَة، عَن أبي الزبير عَن ابْن عمر. فَأَبُو الزبير مُدَلّس، وَعبد الْجَبَّار / هُوَ المساحقي، وَلَا يعرف حَاله، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 114 وَعبد الله بن شبيب هُوَ الأخباري، أَبُو سعيد الربعِي الْمَكِّيّ، تَركه ابْن خُزَيْمَة. وَقَالَ [فضلك] الرَّازِيّ: عبد الله بن شبيب يحل ضرب عُنُقه. وَقَالَ غَيره: هُوَ ذَاهِب الحَدِيث. (806) وَذكر من طَرِيق ابْن وهب حَدِيث: " من جَازَ عَرَفَة قبل أَن تغيب الشَّمْس فَلَا حج لَهُ ". ثمَّ قَالَ: رَوَاهُ مُرْسلا عَن عَمْرو بن شُعَيْب وَسَلَمَة بن كهيل، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَفِي إِسْنَاده يزِيد بن عِيَاض وَهُوَ مَتْرُوك. انْتهى قَوْله فِيهِ. والْحَدِيث هُوَ فِي موطأ ابْن وهب هَكَذَا: أخبرنَا يزِيد بن عِيَاض، عَن إِسْحَاق بن عبد الله، عَن عَمْرو بن شُعَيْب وَسَلَمَة بن كهيل، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " هَذَا الْموقف وكل عَرَفَة، وارتفعوا عَن بطن عُرَنَة، وَمن جَازَ بطن عَرَفَة قبل أَن تغيب الشَّمْس فَعَلَيهِ حج قَابل ". هَكَذَا هُوَ عِنْده: فَبين أَبُو مُحَمَّد أَمر يزِيد بن عِيَاض، وَترك إِسْحَاق بن عبد الله - وَهُوَ ابْن أبي فَرْوَة - وَهُوَ يرْمى بِالْكَذِبِ، وَكَذَلِكَ يزِيد بن عِيَاض، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 115 ولعمري إِنَّه فِي صَنِيعه هَذَا لَا أعذر مِنْهُ، فِيمَا إِذا كَانَ من ترك التَّنْبِيه عَلَيْهِ تَحت من ضعف بِهِ، فَإِنَّهُ يُمكن حِينَئِذٍ أَن تكون الْجِنَايَة مِمَّن طوى ذكره، وَيكون من ضعف بِهِ بَرِيئًا، أما فِي مثل هَذَا فَيمكن أَن يكون إِسْحَاق بَرِيئًا، وَيزِيد لَا يصدق عَلَيْهِ، وَأَشد مَا يكون [هَذَا] قبحا إِذا أبرز ذكره، فَاعْلَم ذَلِك. (807) وَذكر من مُسْند ابْن أبي شيبَة عَن جَابر، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لَهُم: " خُذُوا حَصى الْجمار من وَاد محسر ". ثمَّ قَالَ: فِي إِسْنَاده عبد الله بن عَامر الْأَسْلَمِيّ، وَهُوَ ضَعِيف عِنْدهم. كَذَا قَالَ، وَهُوَ كَمَا ذكر، وَلكنه ترك من لَا يَصح بِهِ وَلَو كَانَ عبد الله بن عَامر ثِقَة. قَالَ ابْن أبي شيبَة: حَدثنَا مَحْبُوب القواريري، عَن عبد الله بن عَامر، عَن أبي الزبير، عَن جَابر، فَذكره. أَبُو الزبير مُدَلّس، وَلم يذكر سَمَاعا، وَلَا هُوَ من رِوَايَة اللَّيْث عَنهُ. ومحبوب بن مُحرز القواريري لم تثبت عَدَالَته، وَقد سُئِلَ عَنهُ أَبُو حَاتِم فَقَالَ /: يكْتب حَدِيثه، قيل: يحْتَج بِهِ؟ قَالَ: يحْتَج بِحَدِيث شُعْبَة وسُفْيَان. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 116 وَسَيَأْتِي فِي هَذَا الْبَاب قَول الدَّارَقُطْنِيّ فِيهِ: ضَعِيف. (808) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ عَن أبي المهزم، عَن أبي هُرَيْرَة / عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَنه قضى فِي بيض النعام يُصِيبهُ الْمحرم بِثمنِهِ ". (809) وَعَن حُسَيْن بن عبد الله بن عبيد الله بن عَبَّاس، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، عَن كَعْب بن عجْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَنه قضى فِي بيض النعام أَصَابَهُ محرم بِقدر ثمنه ". ثمَّ قَالَ: أَبُو المهزم وحسين ضعيفان، وَأَبُو المهزم أَكثر. انْتهى قَوْله. وَإِنَّمَا ذكرنَا حَدِيث حُسَيْن بن عبد الله هَاهُنَا؛ لِأَنَّهُ ملازم فِي ذكره لحَدِيث أبي المهزم وَإِلَّا فَهُوَ من الْقسم الآخر الَّذِي سنذكر بعد إِن شَاءَ الله - أَعنِي الَّذِي يذكر فِيهِ الْأَحَادِيث بِقطع من أسانيدها، ثمَّ يعللها بِبَعْض رواتها -. فَاعْلَم الْآن أَن الَّذِي أعل بِهِ هذَيْن الْحَدِيثين، عِلّة كَافِيَة لَو صَحَّ الْخَبَر إِلَيْهِمَا - أَعنِي فِي الأول إِلَى أبي المهزم، وَفِي الثَّانِي إِلَى حُسَيْن - وَلَكِن من لنا بذلك، وَالْأول إِنَّمَا يرويهِ عَن أبي المهزم عَليّ بن غراب، بِلَفْظَة " عَن " وَلم يقل: " حَدثنَا " وَهُوَ مَشْهُور التَّدْلِيس وَإِن كَانَ صَدُوقًا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 117 (810) وَقد ذكر أَبُو مُحَمَّد من طَرِيق أبي أَحْمد حَدِيث أنس: " اعقلها وتوكل ". وَأعْرض فِيهِ عَن رجل هُوَ علته، فَإِنَّهُ مَجْهُول، وَهُوَ الْمُغيرَة بن أبي قُرَّة، وتشاغل بعلي بن غراب، فَبين تدليسه، وَأَنه لم يقل: " حَدثنَا الْمُغيرَة "، فَهَذَا يلْزمه مثله هَاهُنَا. وَأما الثَّانِي - أَعنِي حَدِيث كَعْب بن عجْرَة - فَإِنَّهُ أغضى فِيهِ عَمَّن لَا يجوز الإغضاء عَنهُ، وَهُوَ إِبْرَاهِيم بن أبي يحيى، فَهُوَ يرويهِ عَن حُسَيْن الْمَذْكُور. وَابْن أبي يحيى كَذَّاب، وَقد قيل فِيهِ مَا هُوَ شَرّ من الْكَذِب، فَاعْلَم ذَلِك. (811) وَذكر حَدِيث الزبير فِي " النَّهْي عَن أَن يُقَاتل عَن أحد من الْمُشْركين إِلَّا عَن أهل الذِّمَّة ". ورده بالانقطاع، وَمَا فِيهِ انْقِطَاع، وَضَعفه برشدين، وَأعْرض عَن نعيم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 118 (812) وَهُوَ قد أعل بِهِ حَدِيث: " قوم يقيسون الْأُمُور برأيهم ". وَقد تقدم / ذكر هَذَا الحَدِيث فِي الْبَاب الَّذِي قبل هَذَا. (813) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد، من حَدِيث إِبْرَاهِيم بن مهَاجر بن جَابر البَجلِيّ، عَن زِيَاد بن حدير، عَن عَليّ قَالَ: " لَئِن بقيت إِلَى قَابل لأقتلن نَصَارَى بني تغلب، ولأسبين الذُّرِّيَّة، أَنا كتبت الْعَهْد بَينهم وَبَين رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: وَقد رَوَاهُ من طَرِيق آخر فِيهِ عبد الرَّحْمَن بن عُثْمَان البكراوي، وَهُوَ ضَعِيف أَيْضا. وَهَذَا هُوَ المُرَاد بِبَيَان مَا فِيهِ الْآن، وَذَلِكَ أَن هَذَا الطَّرِيق الَّذِي فِيهِ البكراوي فِيهِ أَيْضا الْكَلْبِيّ، وَهُوَ أشهر من ينْسب إِلَى الْكَذِب فَمَا مثله أعرض عَنهُ إِلَى غَيره. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 119 قَالَ أَبُو أَحْمد: حَدثنَا أَبُو يعلى، حَدثنَا القواريري، حَدثنَا عبد الرَّحْمَن ابْن عُثْمَان البكراوي، حَدثنَا الْكَلْبِيّ، حَدثنَا الْأَصْبَغ بن نباتة، عَن عَليّ قَالَ: " شهِدت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَالح نَصَارَى الْعَرَب من بني تغلب على أَن لَا ينصرُوا أَوْلَادهم فَإِن فعلوا فقد بَرِئت مِنْهُم الذِّمَّة "، فقد - وَالله - فعلوا، فوَاللَّه لَئِن جَاءَنِي هَذَا الْأَمر لأقتلن مُقَاتلَتهمْ ولأسبين ذَرَارِيهمْ. الْكَلْبِيّ لَا يسمح لَهُ، فَإِنَّهُ كَذَّاب، والأصبغ بن نباتة أَيْضا ضَعِيف. وَقد تقدم ذكر مَا اعترى أَبَا مُحَمَّد فِي كَلَامه على هَذَا الحَدِيث - من غير هَذَا الْمَعْنى - فِي بَاب النَّقْص من الْأَسَانِيد، فَاعْلَم ذَلِك. (814) وَذكر حَدِيث ابْن عَبَّاس " اجتنبوا من النِّكَاح أَرْبعا " من عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ. ورده بالْحسنِ بن دِينَار. وَقد بَينا فِي بَاب نِسْبَة الْأَحَادِيث إِلَى غير رواتها، أَن الْحسن بن دِينَار لَا ذكر لَهُ فِي هَذَا الحَدِيث، وَإِنَّمَا هُوَ عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ، من رِوَايَة الْحسن بن عمَارَة. / ونريد الْآن هُنَا أَن دون الْحسن بن عمَارَة مجهولين: أَحدهمَا عبد الله بن سعيد أَبُو الخصيب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 120 وَالْآخر سُلَيْمَان بن عبد الْعَزِيز. (815) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ عَن جَابر، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تنْكِحُوا النِّسَاء إِلَّا الْأَكفاء، وَلَا يزوجهن إِلَّا الْأَوْلِيَاء، وَلَا مهر أقل / من عشرَة دَرَاهِم ". ثمَّ قَالَ: فِيهِ مُبشر بن عبيد وَهُوَ مَتْرُوك. وَهُوَ كَمَا قَالَ، وَلَكِن بَقِي عَلَيْهِ أَن يبين أَنه من رِوَايَته عَن الْحجَّاج بن أَرْطَاة وَهُوَ ضَعِيف مُدَلّس عَن الضُّعَفَاء، وَكَذَا هُوَ عِنْده وَقد تقدم ذكره لَهُ. (816) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن عبد الله بن مَسْعُود، [قَالَ] قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " طَعَام أول يَوْم حق، وَطَعَام يَوْم الثَّانِي سنة، وَطَعَام يَوْم الثَّالِث سمعة، وَمن سمع سمع الله بِهِ ". ثمَّ قَالَ: فِي إِسْنَاده زِيَاد بن عبد الله، وَهُوَ كثير الغرائب والمناكير، قَالَه أَبُو عِيسَى، انْتهى قَوْله. وَهَذَا الحَدِيث إِنَّمَا يرويهِ زِيَاد، عَن عَطاء بن السَّائِب، عَن أبي عبد الرَّحْمَن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 121 عَن ابْن مَسْعُود. فَأَعْرض عَن إعلال الحَدِيث بعطاء، وَهُوَ مختلط، وسترى رَأْيه فِيهِ إِن شَاءَ الله تَعَالَى. (817) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن أبي الوداك: جبر بن نوف، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَفعه: فِي سبي أَوْطَاس: " لَا تُوطأ حَامِل حَتَّى تضع " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: أَبُو الوداك وَثَّقَهُ ابْن معِين، وَهُوَ عِنْده غَيره دون ذَلِك. هَكَذَا قَالَ، وَترك مَا هُوَ أولى أَن يعل بِهِ الْخَبَر، وَهُوَ شريك بن عبد الله، فَإِنَّهُ يرويهِ عَن قيس بن وهب، عَن أبي الوداك. وَشريك مُخْتَلف فِيهِ، وَهُوَ مُدَلّس، وسترى رَأْيه فِيهِ إِن شَاءَ الله تَعَالَى. (818) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ حَدِيث عَائِشَة: " فِي الْمقَام عِنْد الْبكر ثَلَاثًا وَعَن الثّيّب لَيْلَتَيْنِ ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 122 ورده بِأَن قَالَ: فِي إِسْنَاده عمر بن مُحَمَّد الْوَاقِدِيّ. وَبينا الْخَطَأ فِي ذَلِك فِي بَاب الْأَشْيَاء الْمُغيرَة عَمَّا هِيَ عَلَيْهِ، إِذْ صَوَابه مُحَمَّد بن عمر. ونبين الْآن - إِن شَاءَ الله تَعَالَى - أَن فِي إِسْنَاده من لَا يَصح من أَجله، وَلَو كَانَ الْوَاقِدِيّ ثِقَة. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عَمْرو بن البخْترِي، حَدثنَا أَحْمد بن الْخَلِيل، حَدثنَا الْوَاقِدِيّ، حَدثنَا مُحَمَّد بن ضَمرَة بن سعيد الْمَازِني، عَن خبيب ابْن سلمَان، عَن يُوسُف بن مَاهك، عَن ريطة بنت هِشَام، وَأم سليم بنت نَافِع بن عبد الْحَارِث، عَن عَائِشَة، عَن النَّبِي / - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَحدثنَا مُحَمَّد، حَدثنَا أَحْمد، حَدثنَا الْوَاقِدِيّ، حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن يزِيد الْمَكِّيّ، عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أم سليم بنت نَافِع بن عبد الْحَارِث، عَن عَائِشَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْبكر إِذا نَكَحَهَا رجل وَله نسَاء، لَهَا ثَلَاث لَيَال، وللثيب ليلتان ". وريطة، وَأم سليم، وَمُحَمّد بن ضَمرَة، مَا مِنْهُم مَعْرُوف وَلَا مَذْكُور فِي غَيره فِيمَا أعلم. وَإِبْرَاهِيم بن يزِيد الخوزي، مكي مَتْرُوك، فالواقدي إِذن إِحْدَى علله. (819) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ عَن عبد الله بن سرجس، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 123 قَالَ: " إِذا أَتَى أحدكُم أَهله، فليلق على عَجزه وعجزها شَيْئا " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: هَذَا يتَّصل من حَدِيث صَدَقَة بن عبد الله السمين، وَلَيْسَ بِقَوي. لم يزدْ على هَذَا، وَهُوَ حَدِيث يرويهِ النَّسَائِيّ هَكَذَا: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الرَّحِيم البرقي، قَالَ: حَدثنَا عَمْرو بن أبي سَلمَة، عَن صَدَقَة ابْن عبد الله، عَن زُهَيْر بن مُحَمَّد، عَن عَاصِم الْأَحول، عَن عبد الله بن سرجس، فَذكره. زُهَيْر / بن مُحَمَّد ضَعِيف، وَقد اضْطربَ فِيهِ أَبُو مُحَمَّد، وسترى رَأْيه فِيهِ بعد إِن شَاءَ الله تَعَالَى. (820) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، أَن نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ للمختلعة: " زيديه ". ثمَّ قَالَ: هَذَا يرويهِ الْحسن بن عمَارَة، وَهُوَ مَتْرُوك. انْتهى مَا ذكر. وَقد ترك فَوْقه وَتَحْته من لَا يَصح الحَدِيث من أَجله، وَذَلِكَ أَنه يرويهِ الدَّارَقُطْنِيّ هَكَذَا: قرئَ على أبي الْقَاسِم بن منيع وَأَنا أسمع، حَدثكُمْ أَبُو حَفْص: عمر بن زُرَارَة الحدثي، حَدثنَا مسروح بن عبد الرَّحْمَن، عَن الْحسن بن عمَارَة، عَن عَطِيَّة الْعَوْفِيّ، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَنه قَالَ: كَانَت أُخْتِي تَحت رجل من الْأَنْصَار، تزَوجهَا على حديقة، فَكَانَ بَينهمَا كَلَام، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 124 فارتفعا إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ: " تردين عَلَيْهِ حديقته ويطلقك؟ " قَالَت: نعم، وأزيده قَالَ: " ردي عَلَيْهِ حديقته وزيديه ". عَطِيَّة الْعَوْفِيّ ضَعِيف /. ومسروح بن عبد الرَّحْمَن لَا أعرفهُ، إِلَّا أَن يكون أَبَا شهَاب الَّذِي يروي عَن الثَّوْريّ، وَهُوَ مسروح أَبُو شهَاب، من سَاكِني مَدِينَة حدث روى عَن سُفْيَان الثَّوْريّ. قَالَ ابْن أبي حَاتِم: سَأَلت أبي عَنهُ - وَعرضت عَلَيْهِ بعض حَدِيثه - فَقَالَ: لَا أعرفهُ، وَيحْتَاج أَن يَتُوب إِلَى الله من حَدِيث بَاطِل رَوَاهُ عَن الثَّوْريّ. وَأَبُو حَفْص: عمر بن زُرَارَة ثِقَة، ذكره الْخَطِيب وَقَالَ بَعضهم: فِيهِ غَفلَة. (821) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ أَيْضا عَن ابْن عَبَّاس، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " جعل الْخلْع تَطْلِيقَة بَائِنَة ". ثمَّ قَالَ: فِي إِسْنَاده عباد بن كثير الثَّقَفِيّ، وَلَا يَصح. انْتهى مَا ذكر. وَعباد بن كثير الْبَصْرِيّ الثَّقَفِيّ، مَتْرُوك، شَبيه بالْحسنِ بن عمَارَة، وَلَكِن دونه من يضعف أَيْضا، وَهُوَ رواد بن الْجراح، أَبُو عِصَام الْعَسْقَلَانِي، هُوَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 125 يرويهِ عَنهُ. ورواد هَذَا، قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِم: مُضْطَرب الحَدِيث لينه، اخْتَلَط بآخرة، وَكَانَ مَحَله الصدْق. وَأدْخلهُ البُخَارِيّ فِي الضُّعَفَاء. وَوَثَّقَهُ ابْن معِين. ودونه أَيْضا مُحَمَّد بن أبي السّري الْعَسْقَلَانِي، وَهُوَ مُتَكَلم فِيهِ من سوء حفظه، وَلَيْسَ يَنْبَغِي أَن يرد حَدِيثه، فَإِنَّهُ حَافظ، مكثر، صَدُوق. (822) وَذكر حَدِيث: " الَّذِي أكرهته امْرَأَته على طَلاقهَا ". وَعين للنَّظَر فِيهِ رجلا، وَترك غَيره مِمَّن هُوَ ضَعِيف عِنْده: بَقِيَّة، ونعيم بن حَمَّاد، وَغَيرهمَا. وَقد بَينا ذَلِك بَيَانا شافيا فِي بَاب النَّقْص من الْأَسَانِيد. (823) وَذكر حَدِيث الْمُغيرَة بن شُعْبَة: " أَن امْرَأَة الْمَفْقُود امْرَأَته حَتَّى يَأْتِيهَا الْخَبَر " من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ. ورده بِمُحَمد بن شُرَحْبِيل رَاوِيه عَن الْمُغيرَة، قَالَ فِيهِ: مَتْرُوك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 126 وَلم يبين أَنه من رِوَايَة سوار بن مُصعب، وَهُوَ أشهر فِي المتروكين مِنْهُ، ودونه صَالح بن مَالك وَلَا يعرف، ودونه مُحَمَّد بن الْفضل بن جَابر، وَلَا يعرف حَاله. (824) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ أَيْضا عَن عَليّ، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَمر الْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوجهَا أَن تَعْتَد حَيْثُ شَاءَت ". ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: لم يسْندهُ / غير أبي مَالك النَّخعِيّ، وَهُوَ ضَعِيف. وَهُوَ كَمَا قَالَ، وَالدَّارَقُطْنِيّ هُوَ قَائِله، وَلَكِن زَاد أَن قَالَ: ومحبوب بن مُحرز ضَعِيف أَيْضا - يَعْنِي رَاوِيه عَن أبي مَالك -. وَيَرْوِيه أَبُو مَالك عَن عَطاء بن السَّائِب، وَهُوَ مختلط. فَأَعْرض أَبُو مُحَمَّد عَنْهُمَا، وَعين لتضعيفه أَبَا مَالك، وَإنَّهُ لحري بذلك لضَعْفه، وَلَكِن ذكر الْجَمِيع أصوب، لاحْتِمَال أَن تكون الْجِنَايَة من غَيره. (825) وَذكر / من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ أَيْضا عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " فِي الأصلع يمر الموسى على رَأسه ". وَضَعفه بِعَبْد الْكَرِيم بن روح. وَترك عبد الله بن عمر الْعمريّ، وَهُوَ يرويهِ عَن نَافِع، عَن ابْن عمر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 127 وَقد مر لَهُ فِي هَذَا الْبَاب تَضْعِيفه حَدِيثا بِهِ، وإعراضه عَمَّن هُوَ أَضْعَف مِنْهُ، وَذَلِكَ عكس مَا فعل فِي هَذَا الحَدِيث. (826) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ أَيْضا عَن عبد الله بن عَمْرو، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَكَّة مناخ لَا تبَاع رباعها " الحَدِيث. وَضَعفه بإبراهيم بن مهَاجر. (827) وَنسي أَنه قبل من رِوَايَته حَدِيث: " تأخذين فرْصَة ممسكة " لما كَانَ من كتاب مُسلم. (827) وَضعف بِهِ أَيْضا حَدِيث: " معاهدة نَصَارَى بني تغلب، أَن لَا ينصرُوا أَوْلَادهم ". وَترك دونه فِي هَذَا الحَدِيث، فِي أَن " مَكَّة مناخ " ابْنه إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن مهَاجر، وَهُوَ ضَعِيف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 128 وَقَالَ البُخَارِيّ: فِيهِ نظر، مُنكر الحَدِيث. (829) وَقد ذكر أَبُو مُحَمَّد حَدِيث عبد الله بن عَمْرو فِي الْجَلالَة: " لَا تركب حَتَّى تعلف أَرْبَعِينَ لَيْلَة ". فَقَالَ بإثره: فِي إِسْنَاده إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن مهَاجر البَجلِيّ، وَهُوَ ضَعِيف، وَأَبوهُ لَا يحْتَج بِهِ. (830) وَذكر من طَرِيق عَليّ بن عبد الْعَزِيز من منتخبه، عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا شُفْعَة لغَائِب، وَلَا لصغير، وَلَا لِشَرِيك على شَرِيكه إِذا سبقه بِالشِّرَاءِ، وَالشُّفْعَة كحل العقال ". قَالَ وَذكره الْبَزَّار، وَحَدِيث عَليّ أتم، وَهُوَ حَدِيث ضَعِيف الْإِسْنَاد، فِيهِ الْبَيْلَمَانِي وَغَيره. وَذكره أَبُو مُحَمَّد وَقَالَ فِيهِ: " الشُّفْعَة كحل العقال، فَإِن قيدها / مَكَانَهُ ثَبت حَقه، وَإِلَّا فاللوم عَلَيْهِ ". وَهُوَ أَيْضا من أَحَادِيث الْبَيْلَمَانِي عَن ابْن عمر مُسْندًا. هَذَا مَا ذكر بنصه، وَفِيه عَلَيْهِ أَشْيَاء، وَالْمَقْصُود لهَذَا الْبَاب، يبين بعد إِيرَاد الْأَحَادِيث بأسانيدها وألفاظها. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 129 قَالَ عبد الْعَزِيز: حَدثنَا عَفَّان بن مُسلم، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْحَارِث، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن الْبَيْلَمَانِي، عَن أَبِيه، عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا شُفْعَة لغَائِب، وَلَا لصغير، وَلَا لِشَرِيك على شَرِيكه إِذا سبقه بِالشِّرَاءِ، وَالشُّفْعَة كحل العقال ". وَقَالَ الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْحَارِث، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن، عَن أَبِيه، عَن ابْن عمر، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا شُفْعَة لغَائِب، وَلَا لصغير، وَالشُّفْعَة كحل العقال ". وَمن طَرِيق الْبَزَّار بِهَذَا الْإِسْنَاد سَاقه أَبُو مُحَمَّد بن حزم فِي الْمحلى بِهَذَا اللَّفْظ، وَزَاد فِيهِ: " من مثل بملوكه فَهُوَ حر، وَهُوَ مولى الله وَرَسُوله، وَالنَّاس على شروطهم مَا وَافق الْحق ". وَلم يذكر الزِّيَادَة الَّتِي أورد أَبُو مُحَمَّد عَنهُ، الَّتِي هِيَ: " فَإِن قيدها مَكَانَهُ " إِلَى آخِره، وَلَعَلَّه رَآهَا لَهُ فِي غير الْمحلى. وَهَذَا الَّذِي زَاد ابْن حزم فِي الْمحلى، من أَمر العَبْد والشروط، لم يذكرهُ الْبَزَّار فِي حَدِيث الشُّفْعَة، وَإِنَّمَا حَدِيث الشُّفْعَة عِنْده كَمَا أوردناه عَنهُ، لكنه أورد أَمر العَبْد بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور حَدِيثا، وَكَذَلِكَ أورد أَمر الشُّرُوط، وَمَعَهُ: " المنحة مَرْدُودَة " حَدِيثا. وأظن أَن ابْن حزم لما كَانَ ذَلِك كُله بِإِسْنَاد وَاحِد لفقه، تشنيعا على الْخُصُوم الآخذين بعض مَا رُوِيَ بِهَذَا الْإِسْنَاد، التاركين لبعضه، وَإِلَّا فَالْحَدِيث إِنَّمَا هُوَ كَمَا أَخْبَرتك. وَإِلَى هَذَا فَإِن الْمَقْصُود لهَذَا الْبَاب، إِنَّمَا هُوَ أَن تعلم أَن مُحَمَّد بن الْحَارِث هَذَا ضَعِيف جدا، أَسْوَأ حَالا من ابْن الْبَيْلَمَانِي وَأَبِيهِ، وَهُوَ أَبُو عبد الله، / الجزء: 3 ¦ الصفحة: 130 الْبَصْرِيّ، الْحَارِثِيّ. قَالَ عَمْرو بن عَليّ فِيهِ: مَتْرُوك الحَدِيث. وَقَالَ ابْن معِين: لَيْسَ بِشَيْء. وَترك أَبُو زرْعَة حَدِيثه، وَلم يقرأه / عَلَيْهِ فِي الشُّفْعَة - يَعْنِي هَذَا الحَدِيث -. وَكَذَلِكَ ضعفه أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ وَغَيره. وَلم أر من لَهُ فِيهِ رَأْي أحسن من رَأْي الْبَزَّار، وَذَلِكَ أَنه قَالَ فِيهِ: رجل مَشْهُور، لَيْسَ بِهِ بَأْس، وَإِنَّمَا تَأتي نكرَة هَذِه الْأَحَادِيث من مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن ابْن الْبَيْلَمَانِي، فَاعْلَم ذَلِك وَالله الْمُوفق. (831) وَذكر من طَرِيق الْعقيلِيّ عَن ابْن عَبَّاس، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين أَمر بِإِخْرَاج بني النَّضِير من الْمَدِينَة، جَاءَهُ نَاس مِنْهُم، فَقَالُوا: إِن لنا ديونا، فَقَالَ: " ضَعُوا وتعجلوا ". ثمَّ قَالَ: فِي إِسْنَاده رجل يُقَال لَهُ: عَليّ بن أبي مُحَمَّد، وَهُوَ مَجْهُول، وَحَدِيثه غير مَحْفُوظ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 131 هَذَا نَص مَا ذكر، وَهُوَ كَمَا قَالَ، وَعلي بن أبي مُحَمَّد هَذَا مَجْهُول، وَكَذَا وَقع فِي كتاب الْعقيلِيّ: عَليّ بن أبي مُحَمَّد، وَقد قابلت هَذَا الْموضع بالنسخة الَّتِي بِخَط أبي عَليّ الجياني من كتاب الْعقيلِيّ. وَوَقع فِي سنَن الدَّارَقُطْنِيّ هَذَا الحَدِيث، فَقَالَ: " عَليّ بن مُحَمَّد " هَكَذَا فِي كتابي، وَكَذَلِكَ فِي أصل أبي عَليّ الصَّدَفِي الَّذِي بِخَطِّهِ، وَذَلِكَ مِمَّا يُؤَكد كَونه مَجْهُولا. وَالَّذِي قصدت بَيَانه الْآن، هُوَ أَن هَذَا الحَدِيث مَدَاره على مُسلم بن خَالِد الزنْجِي، واضطرب فِيهِ. فقد كَانَ يَنْبَغِي أَن يُنَبه أَبُو مُحَمَّد على كَونه من رِوَايَته، فَإِنَّهُ لم يسالمه فِي أَحَادِيث أعلها بِهِ وَحده. (832) كَحَدِيث " صَلَاة التَّرَاوِيح ". (833) وَحَدِيث " سرق " يَقُول فِيهِ دائبا: لَا يحْتَج بِهِ. وَالَّذِي أعل بِهِ هَذَا الحَدِيث من الْجَهْل بِحَال عَليّ بن أبي مُحَمَّد، أَو عَليّ ابْن مُحَمَّد، عِلّة كَافِيَة، والأكمل أَن يُنَبه أَيْضا على أَمر مُسلم بن خَالِد، فَإِنَّهُ وَإِن كَانَ قد وَثَّقَهُ قوم - وَهُوَ أحد الْفُقَهَاء - فَإِنَّهُ سيئ الْحِفْظ، وَتبين بعض سوء حفظه فِي هَذَا الحَدِيث، فَإِنَّهُ تلون فِيهِ تلونا نذْكر بعضه ليبين أمره. قَالَ الْعقيلِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن أَحْمد بن سُفْيَان التِّرْمِذِيّ، قَالَ: حَدثنَا عبيد الله بن عمر القواريري، قَالَ: حَدثنَا مُسلم بن خَالِد قَالَ: سَمِعت عَليّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 132 ابْن أبي مُحَمَّد، يحدث عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين أَمر بِإِخْرَاج بني / النَّضِير من الْمَدِينَة، جَاءَهُ نَاس مِنْهُم فَقَالُوا: إِن لنا ديونا تحل، فَقَالَ: " ضَعُوا وتعجلوا ". قَالَ الْعقيلِيّ: لَا يعرف إِلَّا بِهِ، وَهُوَ مَجْهُول بِالنَّقْلِ، حَدِيثه غير مَحْفُوظ. وَهَكَذَا نَص الْخَبَر عِنْد الْعقيلِيّ، وأظن أَن أَبَا مُحَمَّد خَافَ اختلال لَفْظَة " تحل " بِسُقُوط " لم " الجازمة، فأسقط اللَّفْظَة. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: قرئَ على أبي الْقَاسِم بن منيع وَأَنا أسمع، حَدثكُمْ عبيد الله ابْن عمر القواريري، حَدثنَا مُسلم بن خَالِد، قَالَ: سَمِعت عَليّ بن مُحَمَّد، يذكرهُ عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين أَمر بِإِخْرَاج بني النَّضِير من الْمَدِينَة، جَاءَهُ نَاس مِنْهُم، فَقَالُوا إِن لنا ديونا لم تحل، فَقَالَ: " ضَعُوا وتعجلوا ". كَذَا فِي النُّسْخَة: " عَليّ بن مُحَمَّد "، " وَلم تحل " قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: لَا يَصح. حَدثنَا أَبُو بكر النَّيْسَابُورِي، حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق، حَدثنَا عبيد الله بن عمر، حَدثنَا مُسلم بن خَالِد بِهَذَا. حَدثنَا الْحُسَيْن بن إِسْمَاعِيل، وَأَبُو بكر النَّيْسَابُورِي وَآخَرُونَ، قَالُوا: حَدثنَا سَعْدَان بن نصر، حَدثنَا عفيف بن سَالم، عَن الزنْجِي بن خَالِد، عَن دَاوُد بن الْحصين، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: لما أَمر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بإجلاء بني النَّضِير، قَالُوا: يَا مُحَمَّد، إِن لنا ديونا على النَّاس، قَالَ: " ضَعُوا وتعجلوا ". هَذَا رِجَاله ثِقَات، إِلَّا مَا بِمُسلم بن خَالِد الزنْجِي من سوء الْحِفْظ، وَلَكِن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 133 بَينه وَبَين دَاوُد بن حُصَيْن / [فِيهِ، رجل، وَالله أعلم. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن الْعَلَاء، حَدثنَا عبد الله بن أَحْمد الدَّوْرَقِي، حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن يحيى، حَدثنَا الزنحي بن خَالِد، عَن مُحَمَّد بن عَليّ بن يزِيد بن ركَانَة، عَن دَاوُد بن الْحصين] عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: لما أَرَادَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يخرج بني النَّضِير قَالُوا: يَا رَسُول الله، إِنَّك أمرت بإخراجنا، وَلنَا على النَّاس دُيُون لم تحل. قَالَ: " ضَعُوا وتعجلوا ". قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: مُسلم بن خَالِد ثِقَة، إِلَّا أَنه سيئ الْحِفْظ، وَقد اضْطربَ فِي هَذَا الحَدِيث. انْتهى كَلَام الدَّارَقُطْنِيّ. وَفِيه تثبيج فَإِن سوء الْحِفْظ يُنَاقض الثِّقَة، وَقد كَانَ لَازِما لأبي مُحَمَّد / سوق هَذَا الحَدِيث من هَذَا الطَّرِيق، فَهُوَ خير مِمَّا اخْتَار، فَإِنَّهُ لم يعله بالزنجي بن خَالِد. وَمُحَمّد بن عَليّ بن يزِيد بن ركَانَة من المساتير الَّذين يقبل أمثالهم، روى عَنهُ ابْن جريج، وَابْن إِسْحَاق، وَمُسلم بن خَالِد، فَهُوَ خير من عَليّ بن مُحَمَّد، أَو عَليّ بن أبي مُحَمَّد، وَأرَاهُ لم يره فَلذَلِك لم يذكرهُ، وَإِلَّا فَمَا يُؤثر أحد ذَلِك الحَدِيث من ذَلِك الطَّرِيق على هَذَا، وَلَا أَقُول: إِنَّه صَحِيح وَلكنه أقرب إِلَى أَن يلْتَفت إِلَيْهِ وَيكْتب. وَقد حصل فِيهِ من اضْطِرَاب الزنْجِي ابْن خَالِد أَرْبَعَة أَقْوَال: أَحدهَا عَن عَليّ بن مُحَمَّد، عَن عِكْرِمَة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 134 وَالثَّانِي: عَن عَليّ بن أبي مُحَمَّد، عَن عِكْرِمَة. وَالثَّالِث: عَن دَاوُد بن الْحصين، عَن عِكْرِمَة. وَالرَّابِع: عَن مُحَمَّد بن عَليّ بن يزِيد بن ركَانَة، عَن دَاوُد بن الْحصين، عَن عِكْرِمَة، فَاعْلَم ذَلِك. (834) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ حَدِيث ابْن عمر، فِي أَن " من وهب هبة فَهُوَ أَحَق بهَا مَا لم يثب ". (835) ثمَّ أَشَارَ إِلَى حَدِيث ابْن عَبَّاس فِي ذَلِك، وَلم يذكر مَتنه، وَعَزاهُ إِلَى الدَّارَقُطْنِيّ. ورده بِأَن فِي إِسْنَاده مُحَمَّد بن عبيد الله الْعَرْزَمِي، وَهُوَ ضَعِيف. وَبَقِي عَلَيْهِ أَن يبين أَنه لَا يصل إِلَى الْعَرْزَمِي إِلَّا على لِسَان كَذَّاب لَعَلَّ الْجِنَايَة مِنْهُ، وَهُوَ إِبْرَاهِيم بن أبي يحيى، وَهُوَ بِنَفسِهِ قد نسب إِلَيْهِ الْكَذِب فِي مَوَاضِع، وَقد تقدم التَّنْبِيه عَلَيْهِ. وَإسْنَاد هَذَا الحَدِيث هُوَ هَذَا: قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا عبد الصَّمد بن عَليّ، حَدثنَا مُحَمَّد بن نوح بن حَرْب العسكري، حَدثنَا يحيى بن غيلَان، حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن أبي يحيى، عَن مُحَمَّد بن عبيد الله، عَن عَطاء، عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من وهب هبة فارتجع فِيهَا فَهُوَ أَحَق بهَا مَا لم يثب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 135 مِنْهَا، وَلكنه كَالْكَلْبِ يعود فِي قيئه ". وَيحيى بن غيلَان ثِقَة. (836) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن عبد الله بن عَمْرو، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْعلم ثَلَاثَة وَمَا سوى ذَلِك فَهُوَ فضل ". ثمَّ رده بالأفريقي، وَترك فَوْقه عبد الرَّحْمَن بن رَافع التنوخي، وَهُوَ لم تثبت عَدَالَته، بل فِي أَحَادِيثه مَنَاكِير. / (837) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن عَليّ قَالَ: " بَعَثَنِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى الْيمن قَاضِيا " الحَدِيث. ثمَّ رده بِأَن قَالَ: يرويهِ حَنش بن الْمُعْتَمِر، وَيُقَال: ابْن ربيعَة، عَن عَليّ، وَكَانَ رجلا صَالحا، وَفِي حَدِيثه ضعف. كَذَا قَالَ، وَالْمَقْصُود أَن تعلم أَنه إِنَّمَا يرويهِ شريك، عَن سماك عَنهُ، وَلم يبين ذَلِك. وَقد رَوَاهُ غير شريك، وَلَكِن عِنْد غير أبي دَاوُد. وَقد تقدم التَّنْبِيه على قَوْله: " وَكَانَ رجلا صَالحا " فِي بَاب الْأَشْيَاء الْمُغيرَة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 136 (838) وَذكر حَدِيث: " مَلْعُون من ضار مُؤمنا أَو مكر بِهِ ". وَضَعفه بأسلم الْكُوفِي. وَترك دونه عبد الْوَاحِد بن زيد، وَهُوَ ضَعِيف، وَقد بَينا أَمر هَذَا الحَدِيث فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا مُتَّصِلَة وَهِي مُنْقَطِعَة. (839) وَذكر من طَرِيق أبي / أَحْمد، من حَدِيث عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل، عَن جَابر بن عبد الله، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تجوز شَهَادَة مُتَّهم وَلَا ظنين ". ثمَّ ذكر أَمر عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل، وَأَن النَّاس ضَعَّفُوهُ، إِلَّا أَحْمد، وَإِسْحَاق، والْحميدِي. وَترك فِي الْإِسْنَاد قيس بن الرّبيع، وَهُوَ عِنْده ضَعِيف، وَحَمَّاد بن الْحسن، وَهُوَ لَا تعرف حَاله. قَالَ أَبُو أَحْمد: " حَدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر بن يزِيد، قَالَ: حَدثنَا حَمَّاد بن الْحسن قَالَ: حَدثنَا أَبُو دَاوُد، عَن قيس قَالَ: حَدثنِي عبد الله [بن مُحَمَّد] بن عقيل ". فَذكره. (840) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 137 رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَيّمَا أمة ولدت من سَيِّدهَا، فَإِنَّهَا إِذا مَاتَ حرَّة إِلَّا أَن يعتقها قبل مَوته ". ثمَّ ضعفه بِحُسَيْن بن عبد الله بن عبيد الله بن عَبَّاس، وَترك دونه أَبَا أويس، وَهُوَ عبد الله بن عبد الله بن أويس الأصبحي، صَدُوق ضَعِيف الحَدِيث، ودونه عبيد الله بن يحيى الرهاوي وَلَا تعرف حَاله. (841) وَذكر بعده: " من ولدت مِنْهُ أمة فَهِيَ حرَّة بعد مَوته ". وَضَعفه أَيْضا بِهِ. وَأعْرض عَن شريك رَاوِيه عَنهُ، وَهُوَ شريك بن عبد الله القَاضِي. (842) وَذكر حَدِيث: " إِذا قَالَ لعَبْدِهِ: أَنْت حر إِن شَاءَ الله، فَهُوَ حر وَلَا اسْتثِْنَاء لَهُ ". وَضَعفه بِمُحَمد بن مَالك. وَلم يذكر إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، وَهُوَ يرويهِ عَنهُ، وَلَا بَين أَنه مُنْقَطع. وَقد بَينا أمره فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا مُتَّصِلَة وَهِي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 138 مُنْقَطِعَة. (843) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ عَن عبَادَة بن الصَّامِت، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تجْعَلُوا على الْعَاقِلَة من دِيَة الْمُعْتَرف شَيْئا ". ثمَّ قَالَ: فِي إِسْنَاده مُحَمَّد بن سعيد، وَأَظنهُ المصلوب. كَذَا قَالَ، وَأصَاب فِي تشكيكه فِيهِ، وَلكنه ترك من لَا شكّ فِي كَونه للْحَدِيث عِلّة. وَذَلِكَ أَنه حَدِيث يرويهِ ابْن وهب عَن الْحَارِث بن نَبهَان عَن مُحَمَّد بن سعيد [هَذَا] ، عَن رَجَاء بن حَيْوَة، عَن جُنَادَة بن أبي أُميَّة، عَن عبَادَة. والْحَارث مَتْرُوك، مُنكر الحَدِيث. (844) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ عَن ابْن عَبَّاس، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يقتل حر بِعَبْد ". ثمَّ قَالَ: فِي إِسْنَاده جُوَيْبِر، عَن الضَّحَّاك، مَقْطُوع وَضَعِيف. كَذَا قَالَ، وَترك أَن يبين أَنه من رِوَايَة عُثْمَان الْبري عَنهُ. وَهُوَ قد تولى بَيَان ضعفه فِي كتاب الْعلم إِثْر حَدِيث: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 139 (845) " أَشد النَّاس عذَابا يَوْم الْقِيَامَة، عَالم لم يَنْفَعهُ الله بِعِلْمِهِ ". وَقَالَ: إِنَّه كثير الْوَهم وَالْخَطَأ، وَكَانَ صَاحب بِدعَة، كَانَ يُنكر الْمِيزَان. (846) وَذكر حَدِيث الَّذِي قتل عَبده مُتَعَمدا، " فجلده النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مائَة " الحَدِيث. ثمَّ ضعفه بِأَن إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي فَرْوَة، مَتْرُوك، وَهُوَ مدنِي. وَلم يبين أَنه من رِوَايَة إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش [عَنهُ] . وَقَبله - مُتَّصِلا بِهِ - ضعف إِسْمَاعِيل فِي غير الشاميين. (847) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ عَن عُرْوَة بن الزبير قَالَ: شفع الزبير فِي سَارِق، فَقيل: حَتَّى نبلغه الإِمَام، فَقَالَ: " إِذا بلغ فلعن الله الشافع والمشفع " كَمَا قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. ثمَّ قَالَ: فِي إِسْنَاده مُحَمَّد بن مُوسَى بن مِسْكين، أَبُو غزيَّة، وَهُوَ ضَعِيف. وَرَوَاهُ مَالك عَن ربيعَة، أَن الزبير، وَلم يذكر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَالْمَوْقُوف هُوَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 140 الصَّحِيح /. هَذَا مَا / ذكر، وَفِي قَوْله: " الْمَوْقُوف هُوَ الصَّحِيح " تسَامح، فَإِن ربيعَة لم يدْرك الزبير. وإعلاله الحَدِيث بِأبي غزيَّة صَحِيح، وَلكنه ترك فِيهِ أَيْضا من هُوَ ضَعِيف عِنْده، وَهُوَ عبد الرَّحْمَن بن أبي الزِّنَاد، فَعَنْهُ يرويهِ أَبُو غزيَّة، عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه قَالَ: شفع الزبير فَذكره. (848) وَمن الْأَحَادِيث الَّتِي ضعفها من أجل ابْن أبي الزِّنَاد: حَدِيث " المجامع فِي رَمَضَان ". (849) وَحَدِيث " النَّهْي أَن يقتني الْكَلْب إِلَّا صَاحب غنم، أَو خَائفًا، أَو صائدا ". وَلَعَلَّه إِنَّمَا يَعْنِي بِصِحَّتِهِ مَوْقُوفا، مَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ، حَدثنَا عبد الله بن جَعْفَر بن خشيش، حَدثنَا سلم، بن جُنَادَة، حَدثنَا وَكِيع، حَدثنَا هِشَام بن عُرْوَة، عَن عبد الله بن عُرْوَة، عَن الفرافصة الْحَنَفِيّ قَالَ: " مروا على الزبير بسارق فشفع لَهُ، فَقَالُوا: يَا أَبَا عبد الله، تشفع للسارق؟ قَالَ: نعم، لَا بَأْس بِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 141 مَا لم يُؤْت بِهِ الإِمَام، فَإِذا أُتِي بِهِ الإِمَام، فَلَا عَفا الله عَنهُ إِن عَفا عَنهُ ". فَهَذَا إِن عناه فَلَا بَأْس بِهِ على أَصله، فَإِن الفرافصة بن عُمَيْر من المساتير، وَعبد الله بن عُرْوَة ثِقَة. (850) وَذكر حَدِيث جَابر، قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يَأْذَن لمن لَا يبْدَأ بِالسَّلَامِ ". وَضَعفه بإبراهيم بن يزِيد الخوزي. وَلم يبين أَنه يرويهِ عَن أبي الزبير عَن جَابر. (851) وَذكر حَدِيث جَابر قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تأذنوا لمن لَا يبْدَأ بِالسَّلَامِ ". وَأعله بإبراهيم بن يزِيد كَذَلِك. وَفِيه عِلّة أُخْرَى، وَذَلِكَ إِنَّمَا يرويهِ إِبْرَاهِيم بن يزِيد، عَن أبي الزبير، والوليد بن أبي مغيث، عَن أَحدهمَا، أَو عَن كليهمَا، عَن جَابر. والوليد بن أبي مغيث لَا أعلمهُ إِلَّا أَن يكون الْوَلِيد بن عبد الله بن أبي مغيث، فَإِن كَانَ هُوَ، فَهُوَ ثِقَة، وَلكنه إِنَّمَا تعرف لَهُ الرِّوَايَة عَن مُحَمَّد بن عَليّ ابْن الْحَنَفِيَّة، ويوسف بن مَاهك، فَأَما عَن صَحَابِيّ فَلَا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 142 فَهُوَ إِذن مَشْكُوك فِي اتِّصَاله، وَقد بَينا ذَلِك قبل. قد ذكرنَا من أحد الْقسمَيْنِ فِي هَذَا الْبَاب / - وَهُوَ الَّذِي ذكر فِيهِ الْأَحَادِيث بِغَيْر قطع من أسانيدها - مَا وجدنَا من الْأَحَادِيث الَّتِي ضعفها بِقوم وَترك غَيرهم مِمَّن هُوَ ضَعِيف. وَنَذْكُر الْآن من هَذَا الْقسم الْأَحَادِيث الَّتِي ضعفها بِقوم وَترك غَيرهم، مِمَّن لَا تعرف لَهُ حَال، إِمَّا مِمَّن يروي عَن أحدهم جمَاعَة، وَإِمَّا مِمَّن لَا يروي عَن أحدهم إِلَّا وَاحِد. (852) فَمن ذَلِك حَدِيث أبي سعيد، سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " لَا يخرج الرّجلَانِ يضربان الْغَائِط " الحَدِيث من طَرِيق أبي دَاوُد. وَأتبعهُ أَن قَالَ: لم يسْندهُ غير عِكْرِمَة بن عمار، وَقد اضْطربَ فِيهِ. لم يزدْ على هَذَا، وَبَقِي عَلَيْهِ أَن يذكر علته الْعُظْمَى، وَهِي من رَوَاهُ عَنهُ يحيى بن أبي كثير، وَهُوَ مَحل الِاضْطِرَاب الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ، وَذَلِكَ أَنه حَدِيث يرويهِ عِكْرِمَة بن عمار، عَن يحيى بن أبي كثير - فِي رِوَايَة عَنهُ -: عَن عِيَاض بن هِلَال، وَفِي رِوَايَة عَنهُ: عَن هِلَال بن عِيَاض، وَفِي رِوَايَة عَنهُ: عَن عِيَاض بن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 143 أبي زُهَيْر، وَهُوَ مَعَ ذَلِك كُله مَجْهُول لَا يعرف، وَلَا يعرف بِغَيْر هَذَا، فَأَما لَو كَانَ هَذَا الرجل مَعْرُوفا، مَا كَانَ عِكْرِمَة بن عمار لَهُ بعلة، فَإِنَّهُ صَدُوق حَافظ، إِلَّا أَنه يهم كثيرا فِي حَدِيث يحيى بن أبي كثير، فَأَما عَن غَيره فَلَا / بَأْس بِهِ، وَأمره مَبْسُوط فِي كتب الرِّجَال. وَقد وَقع لأبي مُحَمَّد فِيهِ شبه اضْطِرَاب سَنذكرُهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى. (853) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْوضُوء من الْبَوْل مرّة وَمن الْغَائِط مرَّتَيْنِ ". ثمَّ رده بِأَن قَالَ: عَمْرو بن فائد مُنكر الحَدِيث، لَيْسَ حَدِيثه بِشَيْء. وَترك أَن يبين أَن دونه من لَا تعرف لَهُ حَال أصلا، وَهُوَ أَبُو الْعَلَاء: أَيُّوب ابْن الْعَلَاء الْبَصْرِيّ مجاور كَانَ بِالْمَدِينَةِ وَكَذَا ذكره أَبُو أَحْمد، ودونه أَيْضا من لَا يعرف /. فالحمل على عَمْرو بن فائد من بَينهم تبرئة لهَؤُلَاء. (854) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد، من حَدِيث قيس بن الرّبيع، يسْندهُ إِلَى أبي الدَّرْدَاء قَالَ: " لَا تدخل الْمَلَائِكَة بَيْتا فِيهِ بَوْل منقع ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 144 ثمَّ قَالَ: كَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ، عَن قيس مَوْقُوفا على أبي الدَّرْدَاء، وَرَوَاهُ شيخ مَجْهُول عَن قيس، فرفعه إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. هَكَذَا ذكره، والْحَدِيث الْمَذْكُور إِنَّمَا أتبعه أَبُو أَحْمد هَذَا الْكَلَام بعد أَن تَبرأ من عهدته بِذكر إِسْنَاده، فَأَما أَبُو مُحَمَّد - حِين ترك إِسْنَاده وَأتبعهُ الْكَلَام الْمَذْكُور - فقد أوهم أَنه لَا عيب لَهُ مَوْقُوفا، أما مُسْندًا فَعَن هَذَا الشَّيْخ الْمَجْهُول. وَهُوَ لَا يَصح لَا مَوْقُوفا وَلَا مُسْندًا؛ لِأَنَّهُ عِنْد أبي أَحْمد هَكَذَا: حَدثنَا ابْن صاعد، حَدثنَا أَحْمد بن الْمِقْدَام، حَدثنَا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ، حَدثنَا قيس بن الرّبيع عَن أبي حُصَيْن، عَن الأعجف بن زُرَيْق، عَن أم الدَّرْدَاء، عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: " لَا تدخل الْمَلَائِكَة بَيْتا فِيهِ بَوْل منقع ". ثمَّ قَالَ أَبُو أَحْمد: قَالَ لنا ابْن صاعد: " رَفعه شيخ مَجْهُول عَن قيس ". انْتهى مَا أورد أَبُو أَحْمد. والأعجف بن زُرَيْق لَا تعرف حَاله أصلا، فَمَا مثله ترك ذكره. وَقَوله: " رَفعه شيخ مَجْهُول عَن قيس " عزاهُ أَبُو مُحَمَّد لأبي أَحْمد، وَأَبُو أَحْمد إِنَّمَا حَكَاهُ عَن ابْن صاعد. (855) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن عَليّ، أَن حَبِيبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " نهاني أَن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 145 أُصَلِّي فِي الْمقْبرَة وَأَرْض بابل فَإِنَّهَا ملعونة ". ثمَّ رده بِأَن قَالَ: هَذَا أَوْهَى من الَّذِي قبله لِأَن فِيهِ ابْن لَهِيعَة وَغَيره. وَهَكَذَا قَالَ وَلم يزدْ، وَهَذَا تلفيق فِي ضمنه خطأ. وَبَيَان ذَلِك هُوَ أَن أَبَا دَاوُد إِنَّمَا أورد هَذَا الحَدِيث من رِوَايَة ابْن وهب من طَرِيقين: أَحدهمَا رِوَايَة سُلَيْمَان بن دَاوُد عَن ابْن وهب قَالَ: نَبَّأَنِي ابْن لَهِيعَة وَيحيى بن أَزْهَر، عَن عمار بن سعد الْمرَادِي عَن أبي صَالح الْغِفَارِيّ، عَن عَليّ. وَالْآخر، رِوَايَة أَحْمد بن صَالح، عَن ابْن وهب قَالَ: أَخْبرنِي يحيى بن أَزْهَر وَابْن / لَهِيعَة عَن الْحجَّاج بن شَدَّاد، عَن أبي صَالح الْغِفَارِيّ، عَن عَليّ. فَالْخِلَاف بَين أَحْمد بن صَالح وَسليمَان بن دَاوُد، إِنَّمَا هُوَ فِي الرَّاوِي لَهُ عَن أبي صَالح الْغِفَارِيّ: أَحدهمَا يَجعله حجاج بن شَدَّاد، وَالْآخر يَجعله عمار بن سعد، فَأَما من رَوَاهُ ابْن وهب عَنهُ، فَلم يخْتَلف أَنه ابْن لَهِيعَة وَيحيى بن أَزْهَر. فَإِذن مَا حق الحَدِيث أَن يضعف بِابْن لَهِيعَة إِلَّا إِن كَانَ يحيى بن أَزْهَر المقترن بِهِ فِي رِوَايَته إِيَّاه، ضَعِيفا كَذَلِك، أما إِن كَانَ ثِقَة، فَلَا نبالي بمقارنة ابْن لَهِيعَة لَهُ فِي الرِّوَايَة، وأنما جَمعهمَا ابْن وهب، وَهُوَ قد سَمعه مِنْهُمَا منفردين، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 146 أَو مُجْتَمعين، وكل ذَلِك لَا يضر. فَالَّذِي يَنْبَغِي هُوَ أَن نَنْظُر حَال يحيى بن أَزْهَر، فَإِن عَرفْنَاهُ ثِقَة صَحَّ الحَدِيث، إِلَّا أَن تكون لَهُ عِلّة أُخْرَى مِمَّا لم يعرض لَهُ / أَبُو مُحَمَّد، وَإِن كَانَ ضَعِيفا وَجب من تبين أمره مثل مَا بَين من أَمر ابْن لَهِيعَة، فَأَما إِجْمَال القَوْل فِيهِ بِحَيْثُ يحْتَمل أَن يكون إِنَّمَا أَرَادَ بقوله: " فِيهِ ابْن لَهِيعَة وَغَيره " من فَوْقهمَا فَلَيْسَ بصواب. وَمن الْآن نبين - إِن شَاءَ الله تَعَالَى - من حَال الْإِسْنَاد مَا يجب فَنَقُول: أما أَبُو صَالح الْغِفَارِيّ، فَهُوَ سعيد بن عبد الرَّحْمَن، مصري، يروي عَن عَليّ، وَأبي هُرَيْرَة، وصلَة بن الْحَارِث وهبيب بن مُغفل. قَالَ فِيهِ الْكُوفِي: مصري تَابِعِيّ ثِقَة ذكر ذَلِك المنتجالي فِي كِتَابه. وَأما عمار بن سعد فَهُوَ التجِيبِي، شهد فتح مصر، يروي عَن عَمْرو بن العَاصِي، وَأبي الدَّرْدَاء، روى عَن الضَّحَّاك بن شُرَحْبِيل الغافقي، وَعَطَاء بن دِينَار، توفّي سنة خمسين وَمِائَة، وَلَا تعرف حَاله. وحجاج بن شَدَّاد الصَّنْعَانِيّ، مرادي، مصري، لَا تعرف أَيْضا حَاله. فَالْحَدِيث من هَاهُنَا مَعْلُول من طَرِيقه. وَأما يحيى بن أَزْهَر فَإِنَّهُ مولى قُرَيْش، روى عَنهُ ابْن وهب، وَابْن الْقَاسِم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 147 وَإِدْرِيس بن يحيى، وَكَانَ رجلا صَالحا لَهُ حَدِيث مُسْند، قَالَه ابْن يُونُس. وَإِنَّمَا يَعْنِي - وَالله أعلم - / هَذَا الحَدِيث، فنراه لَا يَصح من أجل الْجَهْل بِحَال حجاج وعمار، وَلم يعرض لبَيَان ذَلِك أَبُو مُحَمَّد فاعلمه. (856) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ حَدِيث أبي هُرَيْرَة: " إِن سركم أَن تزكوا صَلَاتكُمْ فقدموا خياركم ". ورده بِمَا رده بِهِ الدَّارَقُطْنِيّ: من ضعف رِوَايَة أبي الْوَلِيد: خَالِد بن إِسْمَاعِيل وَأعْرض عَن الْعَلَاء بن سَالم، رَاوِيه عَن أبي الْوَلِيد، وَهُوَ لَا يعرف أصلا. (857) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا حَدِيث ابْن عمر: " اجعلوا أئمتكم خياركم؛ فَإِنَّهُم وفدكم فِيمَا بَيْنكُم وَبَين الله عز وَجل ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 148 ورده بعمر بن يزِيد قَاضِي الْمَدَائِن، وَسَلام بن سُلَيْمَان. وَأعْرض من إِسْنَاده عَن الْحُسَيْن بن نصر الْمُؤَدب، رَاوِيه عَن سَلام بن سُلَيْمَان الْمَذْكُور وَهُوَ لَا يعرف. (858) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن عبد الله بن عَمْرو، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ثَلَاثَة لَا تقبل مِنْهُم صَلَاة: من تقدم قوما وهم لَهُ كَارِهُون 000 " الحَدِيث. ثمَّ رده بِأَن قَالَ: فِي إِسْنَاده عبد الرَّحْمَن بن زِيَاد الأفريقي. لم يزدْ على هَذَا، وَعبد الرَّحْمَن ضَعِيف كَمَا أفهم كَلَامه، وَلكنه من أهل الْعلم والزهد بِلَا خلاف، وَكَانَ من النَّاس من يوثقه ويربأ بِهِ عَن حضيض رد الرِّوَايَة، وَلَكِن الْحق فِيهِ أَنه ضَعِيف بِكَثْرَة رِوَايَة الْمُنْكَرَات وَهُوَ أَمر يعتري الصَّالِحين كثيرا، لقلَّة نقدهم للرواة وَلذَلِك قيل: لم تَرَ الصَّالِحين فِي شَيْء أكذب مِنْهُم فِي الحَدِيث. وَالَّذِي لأَجله كتبناه هُنَا الْآن، هُوَ أَنه إِنَّمَا يرويهِ عبد الرَّحْمَن بن زِيَاد الْمَذْكُور، عَن عمرَان بن عبد الْمعَافِرِي، عَن عبد الله بن عَمْرو. وَعمْرَان هَذَا لَا تعرف حَاله، حَتَّى لَو كَانَ الإفْرِيقِي ثِقَة مَا جَازَ أَن يحْتَج بِهَذَا الْخَبَر، من أجل عمرَان الْمَذْكُور. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 149 (859) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد، حَدِيث أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يُجزئ من الستْرَة مثل مؤخرة الرحل، وَلَو بدق شَعْرَة ". ثمَّ رده بِمُحَمد بن الْقَاسِم / الْأَسدي أبي إِبْرَاهِيم؛ فَإِنَّهُ مَتْرُوك. وَهَذَا الحَدِيث ذكره أَبُو أَحْمد هَكَذَا: حَدثنَا ابْن مكرم، حَدثنَا مُحَمَّد ابْن معمر، حَدثنِي مُحَمَّد بن الْقَاسِم أَبُو إِبْرَاهِيم الْأَسدي، حَدثنَا ثَوْر - هُوَ ابْن يزِيد - عَن يزِيد بن يزِيد بن جَابر، عَن مَكْحُول، عَن يزِيد بن جَابر عَن أبي هُرَيْرَة. فَذكره. مُحَمَّد بن الْقَاسِم مَتْرُوك كَمَا ذكر، وَعَلِيهِ حمل فِيهِ أَبُو أَحْمد /. وَبَقِي على أبي مُحَمَّد أَن يبين من حَال يزِيد بن جَابر أَنَّهَا لَا تعرف، وَلَا يعرف روى عَنهُ غير مَكْحُول، وروى عَن أبي هُرَيْرَة. وَبِهَذَا من غير مزِيد ذكر فِي كتب الْجرْح وَالتَّعْدِيل، فَهُوَ مَجْهُول الْحَال. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 150 وَيُشبه أَن يكون وَالِد يزِيد بن يزِيد بن جَابر صَاحب مَكْحُول، رَاوِي هَذَا الْخَبَر عَنهُ، فكلاهما أزدي. وَيزِيد بن يزِيد بن جَابر أحد الثِّقَات فَاعْلَم ذَلِك. (860) وَذكر حَدِيث ابْن عَبَّاس: " خياركم ألينكم مناكب فِي الصَّلَاة " من طَرِيق أبي دَاوُد. ورده بِأَن قَالَ: عمَارَة بن ثَوْبَان لَيْسَ بِالْقَوِيّ. وَهَذَا لَا أعرفهُ فِي هَذَا الرجل، وَلَا أَدْرِي لمن رَآهُ فِيهِ، وَإِنَّمَا هُوَ مَجْهُول الْحَال. وَمَعَ ذَلِك فَإِنَّهُ لم يبين حَال جَعْفَر بن يحيى بن ثَوْبَان، ابْن أَخِيه، وَلَا أَنه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 151 من رِوَايَته، وَهُوَ أَيْضا مَجْهُول الْحَال كَذَلِك. (861) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ حَدِيث ابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يتَقَدَّم الصَّفّ الأول أَعْرَابِي وَلَا أعجمي " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: لَيْث بن أبي سليم عِنْدهم ضَعِيف. وَلم يعرض من إِسْنَاده لغيره، وَهُوَ حَدِيث يرويهِ مُحَمَّد بن غَالب، قَالَ: حَدثنَا الْعَبَّاس بن سليم، قَالَ: حَدثنَا عبيد الله بن سعيد، عَن اللَّيْث، عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس. فَذكره. وعباس هَذَا لم أجد لَهُ ذكرا، وَعبيد الله بن سعيد لم يتَعَيَّن من جمَاعَة يتسمون هَكَذَا، فَهُوَ إِذن مَجْهُول أَيْضا كَذَلِك، فليث بن أبي سليم أيسر مَا فِيهِ. (862) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ حَدِيث ابْن عَبَّاس: " فِي الصَّلَاة فِي / السَّفِينَة ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 152 ثمَّ رده بِأَن قَالَ: حُسَيْن بن علوان مَتْرُوك. وَهُوَ كَذَلِك وَلَكِن بَقِي عَلَيْهِ أَن يبين أَنه من رِوَايَة جَابر بن كردِي عَنهُ، وَهُوَ لَا يعرف. (863) وَذكر من طَرِيق أبي عمر، من كتاب التَّمْهِيد، حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " نهى عَن البتيراء: أَن يُصَلِّي الرجل رَكْعَة وَاحِدَة يُوتر بهَا ". ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: فِي إِسْنَاده عُثْمَان بن مُحَمَّد بن ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 153 وَالْغَالِب على حَدِيثه الْوَهم. هَذَا نَص مَا أورد، لم يزدْ عَلَيْهِ والْحَدِيث من شَاذ الحَدِيث الَّذِي لَا يعرج على رُوَاته مَا لم تعرف عدالتهم، وَعُثْمَان وَاحِد من جمَاعَة فِيهِ. قَالَ ابْن عبد الْبر: حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد بن يُوسُف، قَالَ: حَدثنَا أَحْمد ابْن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن الْفرج حَدثنَا أبي الْحسن، حَدثنَا ابْن سُلَيْمَان قبيطة، حَدثنَا عُثْمَان بن مُحَمَّد بن ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن، حَدثنَا عبد الْعَزِيز ابْن مُحَمَّد الدَّرَاورْدِي، عَن عَمْرو بن يحيى، عَن أَبِيه، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " نهى عَن البتيراء أَن يُصَلِّي الرجل رَكْعَة وَاحِدَة يُوتر بهَا ". قَالَ أَبُو عمر: هُوَ عُثْمَان بن مُحَمَّد بن ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن، قَالَ الْعقيلِيّ: " الْغَالِب على حَدِيثه الْوَهم " انْتهى كَلَامه. فَأَقُول: لَيْسَ دون الدَّرَاورْدِي من يغمض عَنهُ. (864) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار، من حَدِيث وَائِل بن حجر، وصف الجزء: 3 ¦ الصفحة: 154 صَلَاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَفِيه: " وصف النَّاس خَلفه، عَن يَمِينه وَعَن يسَاره ". ورده بِأَن قَالَ: مُحَمَّد بن حجر، لَيْسَ بِالْقَوِيّ. قَالَ البُخَارِيّ: فِيهِ نظر. انْتهى قَوْله. وَهُوَ عِنْد الْبَزَّار حَدِيث طَوِيل، فِيهِ صفة الْوضُوء وَالصَّلَاة بِأَلْفَاظ تنكر وَلَا تعرف فِي غَيره. وعلته لَيست مَا ذكر، وَإِنَّمَا يرويهِ مُحَمَّد بن حجر، عَن عَمه: سعيد بن عبد الْجَبَّار بن وَائِل، عَن أَبِيه، عَن أمه، عَن وَائِل. وَأمه هَذِه لَا تعرف لَهَا حَال، فَأَما ابْنهَا / عبد الْجَبَّار فَثِقَة، وَكَانَ إِذْ مَاتَ وَائِل حملا، فَإِنَّمَا رِوَايَته عَنهُ بِوَاسِطَة أمه هَذِه / أَو غَيرهَا من أهل بَيته، أَو عَن أَخِيه عَنهُ. وَذكر أَيْضا قِطْعَة أُخْرَى من حَدِيث وَائِل " وَهِي وضع يَمِينه على يسَاره عِنْد صَدره " وَأعله بِمُحَمد بن حجر كَذَلِك. (865) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا تَلا غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين، قَالَ: آمين، حَتَّى يسمع من يَلِيهِ من الصَّفّ الأول ". ثمَّ رده بِأَن قَالَ: فِي إِسْنَاده بشر بن رَافع. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 155 وَلم يزدْ على هَذَا وَقد بَقِي عَلَيْهِ أَن يبين أَمر بشر هَذَا، وَأمر من يرويهِ عَنهُ بشر. فَأَما بشر فَهُوَ أَبُو الأسباط الْحَارِثِيّ، وَقد تقدم ذكره بالضعف، ويروي هَذَا الحَدِيث عَن أبي عبد الله ابْن عَم أبي هُرَيْرَة. وَأَبُو عبد الله هَذَا لَا تعرف لَهُ حَال وَلَا روى عَنهُ غير بشر. وَهُنَاكَ أَيْضا أَبُو عبد الله شيخ من أهل صنعاء، سمع وهب بن مُنَبّه، روى عَنهُ أَيْضا بشر بن رَافع الْمَذْكُور: فَقَالَ: أَبُو أَحْمد الْحَاكِم: خليق أَن يكون هَذَا وَابْن عَم أبي هُرَيْرَة وَاحِدًا، وَزعم ابْن عبد الْبر فِي كِتَابه فِي الكنى، أَنَّهُمَا اثْنَان وَذَلِكَ مِمَّا يزِيد بِهِ جَهَالَة. والْحَدِيث لَا يَصح من أَجله. (866) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن أبي هُرَيْرَة [قَالَ] رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَيعْجزُ أحدكُم أَن يتَقَدَّم أَو يتَأَخَّر " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ بإثره: رَوَاهُ اللَّيْث بن أبي سليم، عَن حجاج بن عبيد، ضَعِيف عَن مَجْهُول، وَترك فِي الْإِسْنَاد من هُوَ أَيْضا مَجْهُول وَهُوَ إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 156 قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد، حَدثنَا حَمَّاد بن زيد وَعبد الْوَارِث، عَن لَيْث، عَن الْحجَّاج بن عبيد، عَن إِبْرَاهِيم، بن إِسْمَاعِيل، عَن أبي هُرَيْرَة، فَذكره. قَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ فِي حجاج بن عبيد وَإِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل: إنَّهُمَا مَجْهُولَانِ. وهما كَذَلِك. (867) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، عَن عَليّ، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / " فِي هَيْئَة صَلَاة الْمَرِيض ". ثمَّ قَالَ: فِي إِسْنَاده الْحسن بن الْحُسَيْن العرني، وَلم يكن عِنْدهم بصدوق، وَكَانَ من رُؤَسَاء الشِّيعَة وَلم يذكر من إِسْنَاده غَيره، ودونه وفوقه من لَا يعرف. وَذَلِكَ أَنه يرويهِ الْحسن بن الحكم - وَهُوَ لَا يعرف لَهُ حَال - عَن حسن بن الْحُسَيْن الْمَذْكُور، عَن حُسَيْن بن يزِيد وَهُوَ أَيْضا لَا تعرف لَهُ حَال - عَن جَعْفَر، عَن أَبِيه، عَن عَليّ بن حُسَيْن، عَن الْحُسَيْن بن عَليّ، عَن عَليّ، فَاعْلَم ذَلِك. (868) وَذكر فِي الاسْتِسْقَاء من حَدِيث ابْن عَبَّاس، قصَّة خُرُوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 157 ثمَّ أردفه من عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ: " التَّكْبِير فِي الأولى سبعا وَفِي الثَّانِيَة خمْسا ". ثمَّ أعله بِمُحَمد بن عبد الْعَزِيز بن عمر بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، وَلم يعرض لِأَبِيهِ عبد الْعَزِيز، وَهُوَ مَجْهُول الْحَال، وَهُوَ من رِوَايَته عَنهُ. واعتراه فِيهِ أَمر آخر، ذَكرْنَاهُ لأَجله فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا عَن رُوَاة ثمَّ أرْدف عَلَيْهَا مَا لَيْسَ عَنْهُم، موهما أَنَّهَا عَنْهُم. (869) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن عبد الله بن منين، عَن عَمْرو ابْن الْعَاصِ حَدِيث: " خمس عشرَة سَجْدَة، مِنْهَا فِي الْحَج ثِنْتَانِ ". ثمَّ قَالَ: عبد الله ابْن منين لَا يحْتَج بِهِ. لم يزدْ على هَذَا، وَإِنَّمَا معنى قَوْله فِي عبد الله بن منين: لَا يحْتَج بِهِ، أَنه مَجْهُول فَإِنَّهُ لَا يعرف، والمجهول لَا يحْتَج بِهِ. وَقد وَقع فِي نسبه وَفِي اسْم أَبِيه اخْتِلَاف وتصحف على ابْن أبي حَاتِم فَقَالَ فِيهِ: مُنِير - بالراء - وَإِنَّمَا هُوَ منين - بِضَم الْمِيم ونونين - وَقَالَ فِيهِ: " من بني عبد الدَّار "، وَصَوَابه أَنه من بني عبد كلال، كَذَلِك هُوَ مُبين فِي كتاب أبي دَاوُد، وَفِي تَارِيخ البُخَارِيّ. وَلَا يعرف روى عَنهُ إِلَّا الرجل الَّذِي / من الجزء: 3 ¦ الصفحة: 158 أَجله ذَكرْنَاهُ الْآن، لإعراض أبي مُحَمَّد عَنهُ، وَهُوَ الْحَارِث بن سعيد العتقي وَهُوَ رجل لَا تعرف لَهُ حَال، وروى عَنهُ ابْن لَهِيعَة، وَنَافِع بن يزِيد، ذكره بذلك أَبُو سعيد بن يُونُس فِي تَارِيخ المصريين / وَذكر من رِوَايَته حَدِيث السُّجُود فِي " إِذا السَّمَاء انشقت ". فَالْحَدِيث من أَجله لَا يَصح، وَلَو كَانَ ابْن منين مَعْرُوفا. قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم البرقي، قَالَ: حَدثنَا ابْن أبي مَرْيَم، قَالَ: أخبرنَا نَافِع بن يزِيد، عَن الْحَارِث بن سعيد العتقي، عَن عبد الله ابْن منين - من بني عبد كلال - عَن عَمْرو بن الْعَاصِ، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أقرأه خمس عشرَة سَجْدَة [فِي الْقُرْآن] مِنْهَا ثَلَاثَة فِي الْمفصل، وَفِي سُورَة الْحَج سَجْدَتَانِ ". (870) وَذكر فِي الْجُمُعَة من رِوَايَة ضرار بن عَمْرو، من حَدِيث تَمِيم الدَّارِيّ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - زِيَادَة " أَو مُسَافر ". قَالَ: وَلم يُتَابع ضرار على هَذَا الحَدِيث، خرجه الْعقيلِيّ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 159 هَذَا مَا أورد من غير مزِيد، وَهُوَ حَدِيث يجب النّظر فِيهِ فِي غير ضرار الْمَذْكُور. قَالَ الْعقيلِيّ: حَدثنِي جدي، قَالَ: حَدثنَا الْحجَّاج بن الْمنْهَال، قَالَ، حَدثنَا مُحَمَّد بن طَلْحَة، عَن الحكم أبي عَمْرو، عَن ضرار بن عَمْرو، عَن أبي عبد الله الشَّامي، عَن تَمِيم الدَّارِيّ، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْجُمُعَة وَاجِبَة إِلَّا على امْرَأَة، أَو صبي، أَو مَرِيض، أَو عبد، أَو مُسَافر ". ثمَّ قَالَ: لَا يُتَابع عَلَيْهِ، وَقَالَ البُخَارِيّ: " فِيهِ نظر ". أَقُول - وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق -: أَبُو عبد الله الشَّامي مَجْهُول، وَلم يزدْ ابْن أبي حَاتِم فِي ذكره إِيَّاه [على] أَن قَالَ: " روى عَن تَمِيم الدَّارِيّ، روى عَنهُ ضرار ابْن عمر "، وَإِنَّمَا أَخذ ذَلِك من هَذَا الْإِسْنَاد. وَالْحكم أَبُو عَمْرو بن عَمْرو، روى عَنهُ مُحَمَّد بن طَلْحَة بن مصرف، قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِم: " شيخ مَجْهُول ". وَمُحَمّد بن طَلْحَة بن مصرف، قَالَ ابْن حَنْبَل: " لَا بَأْس بِهِ، إِلَّا أَنه لَا يكَاد يَقُول فِي شَيْء من حَدِيثه: حَدثنَا ". وَقَالَ ابْن أبي خَيْثَمَة عَن ابْن معِين: " إِنَّه صَالح ". وَقَالَ عَنهُ إِسْحَاق بن مَنْصُور: " إِنَّه ضَعِيف ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 160 وَقَالَ عَنهُ عبد الله بن أَحْمد: " كَانَ يُقَال: ثَلَاثَة يتقى حَدِيثهمْ: مُحَمَّد بن طَلْحَة بن مصرف، وَأَيوب بن عتبَة، وفليح بن سلمَان، قلت لَهُ: سَمِعت هَذَا؟ قَالَ: سمعته من / أبي كَامِل: مظفر بن مدرك، وَكَانَ رجلا صَالحا ". فَهَذَا - كَمَا ترى - حَدِيث فِيهِ ثَلَاثَة، يعتل بِكُل وَاحِد مِنْهُم: ضرار رابعهم. وَإِنَّمَا اعْتمد أَبُو مُحَمَّد فِي تَعْلِيل الْخَبَر ضِرَارًا، من أجل أَن الْعقيلِيّ ذكره فِي بَابه، وَهُوَ على عَادَته لَا يلْتَفت من الْإِسْنَاد إِلَى غير من يذكرهُ أَبُو أَحْمد، أَو الْعقيلِيّ، أَو السَّاجِي، أَو غَيرهم فِي بَاب، وَرب حَدِيث يكون فِيهِ ضعيفان فيذكر فِي بابيهما، فيعل الحَدِيث بِأَحَدِهِمَا، لِأَنَّهُ لم ينظره فِي بَاب الآخر، وَقد مر فِي هَذَا الْبَاب من ذَلِك. وَضِرَار الْمَذْكُور مَجْهُول كَمَا ذكر، وَلم يتَحَصَّل من أمره مَا يعْتَمد. ذكره ابْن أبي حَاتِم فَقَالَ: روى عَن عَطاء الخرساني، وَأبي رَافع، عَن أبي هُرَيْرَة، وَأبي عبد الله الشَّامي، روى عَنهُ الحكم أَبُو عَمْرو والمعافى بن عمرَان الْموصِلِي، وَعبد الْعَزِيز بن مُسلم، وَذكر ذَلِك عَن أَبِيه أبي حَاتِم. وَأما البُخَارِيّ فَجعل هَذَا الْمَجْمُوع فِي ترجمتين، ذكر فِي إِحْدَاهمَا ضرار بن عَمْرو، عَن أبي عبد الله الشَّامي، روى عَنهُ الحكم أَبُو عَمْرو، وَفِي الْأُخْرَى ضرار بن عَمْرو، عَن أبي رَافع، عَن أبي هُرَيْرَة، روى عَنهُ / عبد الْعَزِيز بن مُسلم. فَالله أعلم أَن كَانَا اثْنَيْنِ كَمَا جَعلهمَا البُخَارِيّ، أَو وَاحِدًا كَمَا جعله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 161 أَبُو حَاتِم، وَأي ذَلِك كَانَ، فحاله، أَو حَالهمَا لَا تعرف، وَلَا يَنْبَغِي أَن يحمل عَلَيْهِ وَحده فِي هَذَا الحَدِيث. وَقد ذكر ابْن سنجر الحَدِيث الْمَذْكُور كَمَا ذكره الْعقيلِيّ، من رِوَايَة مُحَمَّد ابْن طَلْحَة الْمَذْكُور، عَن الحكم أبي عَمْرو الْمَذْكُور، عَن ضرار، عَن أبي عبد الله الشَّامي، عَن تَمِيم الدَّارِيّ، وَلَفظه كلفظه. (871) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن أبي المهزم عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من اتبع جَنَازَة وَحملهَا ثَلَاث مَرَّات، فقد قضى مَا عَلَيْهِ من حَقّهَا ". ثمَّ قَالَ: أَبُو المهزم: اسْمه يزِيد بن سُفْيَان، وَهُوَ ضَعِيف. هَكَذَا من غير مزِيد، وَهُوَ فِيهِ تَابع لمخرجه أبي عِيسَى. قَالَ أَبُو عِيسَى: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، قَالَ: حَدثنَا روح بن عبَادَة، حَدثنَا عباد بن مَنْصُور، قَالَ: سَمِعت أَبَا المهزم قَالَ: صَحِبت أَبَا هُرَيْرَة عشر سِنِين، فَسَمعته يَقُول: / سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول، فَذكره. قَالَ: هَذَا حَدِيث غَرِيب، وَرَوَاهُ بَعضهم بِهَذَا الْإِسْنَاد وَلم يرفعهُ، وَأَبُو المهزم، اسْمه يزِيد بن سُفْيَان، وَضَعفه شُعْبَة. فَهَذَا نَص مَا أتبعه التِّرْمِذِيّ، وَهُوَ قد أعرض مِنْهُ عَن قَوْله: " رَوَاهُ بَعضهم وَلم يرفعهُ " وَهُوَ دائبا يعل بِهِ الْأَحَادِيث، وَظن أَن التِّرْمِذِيّ اعْتمد فِي تَضْعِيفه أَبَا المهزم، وَضَعفه، فَتَبِعَهُ فِي ذَلِك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 162 وَالتِّرْمِذِيّ إِنَّمَا تشاغل بالكنية يسميها، ثمَّ ذكر ضعفه، وَعباد بن مَنْصُور عِنْده ضَعِيف وبارز الِاسْم. فَأَبُو مُحَمَّد حِين طوى ذكره، تعين الدَّرك عَلَيْهِ. وَقد ذكرُوا من أَمر عباد بن مَنْصُور التَّدْلِيس، ونكارة الحَدِيث، وَالْقَوْل بِالْقدرِ، وَالدُّعَاء إِلَيْهِ. قَالَ أَبُو حَاتِم البستي: " كَانَ قدريا دَاعِيَة إِلَى الْقدر ". وَقَالَ فِيهِ ابْن معِين: " لَيْسَ بِشَيْء ". وَعنهُ فِي رِوَايَة أُخْرَى " أَنه ثِقَة، لَا يَنْبَغِي أَن يتْرك حَدِيثه لرأي أَخطَأ فِيهِ ". وَهَذَا خطأ من ابْن معِين، إِلَّا أَن لَا يكون علمه دَاعِيَة، فَإِنَّهُم إِنَّمَا اخْتلفُوا فِيمَن يَقُول بِرَأْي فَاسد وَلَا يَدْعُو إِلَيْهِ، أما إِذا كَانَ دَاعِيَة، فالثقة بِهِ سَاقِطَة، وَرِوَايَته مَرْدُودَة عِنْد جَمِيعهم. وَقَالَ عَليّ بن الْمَدِينِيّ: قلت ليحيى بن سعيد: عباد بن مَنْصُور تغير؟ قَالَ: لَا أَدْرِي، إِلَّا أَنه حِين رَأَيْنَاهُ كَانَ لَا يحفظ. وَسَيَأْتِي بَيَان مَا عمل بِهِ أَبُو مُحَمَّد فِي أَحَادِيث عباد هَذَا، فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي سكت عَنْهَا، وَهِي ضَعِيفَة - إِن شَاءَ الله تَعَالَى -. وَأما أَبُو المهزم، فَقَالَ شُعْبَة: " كتبت عَنهُ مائَة حَدِيث، مَا حدثت عَنهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 163 بِشَيْء مِنْهَا ". وَقَالَ البُخَارِيّ: " تَركه شُعْبَة ". وَقَالَ شُعْبَة: كَانَ مطروحا فِي مَسْجِد ثَابت الْبنانِيّ، لَو أعطَاهُ رجل فلسين حَدثهُ خمسين حَدِيثا. وَقَالَ مُسلم بن إِبْرَاهِيم: سَمِعت شُعْبَة يَقُول: رَأَيْت أَبَا المهزم فِي الْمَسْجِد، لَو يعْطى درهما وضع حَدِيثا. هَذَا أشنع مَا لَهُم، فَإِنَّهُ اتهام بِالْوَضْعِ، وَلم يحدث عَنهُ يحيى، وَعبد الرَّحْمَن بِشَيْء. وَقَالَ أَبُو أَحْمد: عَامَّة مَا يروي / يُنكر عَلَيْهِ. وَذكر من ذَلِك جملَة، مِنْهَا هَذَا الحَدِيث. وَسُئِلَ عَنهُ ابْن حَنْبَل فَقَالَ: مَا أقرب حَدِيثه. (872) وَذكر من طَرِيق الْعقيلِيّ حَدِيث أبي هُرَيْرَة: " أميران وليسا بأميرين ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 164 وَأعله بِعَمْرو بن عبد الْجَبَّار. وَلم يبين أَن فِي إِسْنَاده دَاوُد بن إِبْرَاهِيم وَصدقَة بن عبيد، وَكِلَاهُمَا لَا تعرف أحوالهما. وَقد كتبت الحَدِيث بِإِسْنَادِهِ، فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ضعفها وَلم يبين عللها، تَابعا لحَدِيث جَابر. وَقد ذكر مسلمة بن قَاسم، دَاوُد بن إِبْرَاهِيم هَذَا، وَقَالَ /: هُوَ أَبُو شيبَة دَاوُد بن إِبْرَاهِيم بن دَاوُد بن يزِيد الْفَارِسِي، توفّي بِمصْر يَوْم السبت، لعشرين لَيْلَة خلت من رَمَضَان، سنة عشر وثلاثمائة وَلم يذكر لَهُ حَالا، وَعنهُ يروي الْعقيلِيّ هَذَا الحَدِيث. (873) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد حَدِيث: " الصَّائِم فِي عبَادَة مَا لم يغتب ". وَقَالَ: إِنَّه يرويهِ عبد الرَّحِيم بن هَارُون، وَضَعفه بِهِ. وَلم يبين أَن فِي الْإِسْنَاد الْحسن بن مَنْصُور، وَهُوَ غير مَعْرُوف الْحَال. قَالَ أَبُو أَحْمد: حَدثنَا الْقَاسِم بن زَكَرِيَّاء، حَدثنَا الْحُسَيْن بن مَنْصُور، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 165 حَدثنَا عبد الرَّحِيم بن هَارُون، أَبُو هِشَام الغساني، حَدثنَا هِشَام بن حسان، عَن مُحَمَّد، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الصَّائِم فِي عبَادَة مَا لم يغتب ". لم أجد للحسين بن مَنْصُور هَذَا ذكرا. (874) وَذكر من طَرِيق أبي مُحَمَّد بن حزم، من رِوَايَة ابْن عَبَّاس، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كَانَ يصبح وَلم يجمع الصَّوْم، فيبدو لَهُ فيصوم ". ثمَّ قَالَ: إِسْنَاده ضَعِيف جدا، فِيهِ عمر بن هَارُون، عَن يَعْقُوب بن عَطاء. وَعبد الْبَاقِي أَيْضا تَركه أَصْحَاب الحَدِيث، وَكَانَ قد اخْتَلَط عقله قبل مَوته بِسنة. هَذَا كَمَا ذكر، وَلكنه ترك دون عمر بن هَارُون من لَا يعرف أصلا، وَهُوَ مُسلم بن عبد الرَّحْمَن الْبَلْخِي السّلمِيّ، يرويهِ عبد الْبَاقِي عَنهُ، عَن عمر بن هَارُون - وَهُوَ مَتْرُوك -، عَن يَعْقُوب بن عَطاء - وَهُوَ ضَعِيف - عَن أَبِيه، عَن ابْن عَبَّاس. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 166 (875) وَذكر من حَدِيث يعلى بن أُميَّة: " احتكار الطَّعَام فِي الْحرم إلحاد فِيهِ /. وأبرز من إِسْنَاده مُوسَى بن باذان، وَترك عمَارَة بن ثَوْبَان، ودونه ابْن أَخِيه جَعْفَر بن يحيى بن ثَوْبَان، وَالثَّلَاثَة مَجْهُولُونَ. (876) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن الْحَارِث بن قيس، قَالَ: أسلمت وَعِنْدِي ثَمَانِي نسْوَة. الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: الصَّوَاب: قيس بن الْحَارِث، فِي إِسْنَاده مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 167 ابْن أبي ليلى، وَهُوَ ضَعِيف، تَركه البُخَارِيّ. انْتهى كَلَامه. وَقد ترك من الحَدِيث مَا من أَجله فِي غَايَة الضعْف، وَلَو كَانَ ابْن أبي ليلى ثِقَة، وَهُوَ حميضة بن الشمرذل، فَإِن إِسْنَاده عِنْد أبي دَاوُد هَكَذَا: حَدثنَا مُسَدّد، قَالَ: حَدثنَا هشيم. وَحدثنَا وهب بن بَقِيَّة قَالَ: حَدثنَا هشيم، عَن ابْن أبي ليلى، عَن حميضة ابْن الشمرذل، عَن الْحَارِث بن قيس - قَالَ مُسَدّد: ابْن عميرَة، وَقَالَ وهب: الْأَسدي - قَالَ: أسلمت وَعِنْدِي ثَمَانِي نسْوَة، وَذكرت ذَلِك للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " اختر مِنْهُنَّ أَرْبعا ". قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا بِهِ أَحْمد بن إِبْرَاهِيم، قَالَ: حَدثنَا هشيم فَقَالَ: قيس ابْن الْحَارِث - مَكَان الْحَارِث بن قيس - قَالَ أَحْمد بن إِبْرَاهِيم: هُوَ الصَّوَاب - يَعْنِي قيس بن الْحَارِث -. حَدثنَا أَحْمد بن إِبْرَاهِيم، حَدثنَا بكر بن عبد الرَّحْمَن، قَاضِي الْكُوفَة، عَن عِيسَى بن الْمُخْتَار، عَن ابْن أبي ليلى، عَن حميضة بن الشمرذل، عَن قيس ابْن الْحَارِث بِمَعْنَاهُ. هَذَا جَمِيع مَا ذكر أَبُو دَاوُد، وَالْمَقْصُود بَيَانه، هُوَ أَن أَبَا مُحَمَّد أعل الحَدِيث بِابْن أبي ليلى - وَهُوَ من الْفِقْه وَالْعلم بمَكَان، على سوء حفظه وتغيره بِولَايَة الْقَضَاء - وَترك إعلاله بحميضة بن الشمرذل، وَبَيَان كَونه من رِوَايَته، وَهُوَ لَا يعرف إِلَّا بحديثين أَو ثَلَاثَة، يَرْوِيهَا عَنهُ ابْن أبي ليلى، وَلَا تعرف لَهُ حَال. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 168 وَقَالَ البُخَارِيّ: فِيهِ نظر. وَقد ضعف ابْن السكن حَدِيثه هَذَا. (877) وَلِهَذَا الحَدِيث إِسْنَاد آخر لَا يَصح أَيْضا، ذكره ابْن السكن وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَلَا معنى للإطاله بِهِ. (878) وَذكر حَدِيث أنس فِي " النَّهْي عَن أَن تسترضع الحمقاء ". وَضَعفه بِعَمْرو بن خليف. وَترك دونه مُحَمَّد بن مخلد الرعيني، وفوقه نعيم بن سَالم، وَكِلَاهُمَا / لَا تعرف حَاله. وَقد ذكرنَا هَذَا الحَدِيث فِيمَا تقدم: فِي بَاب الْأَحَادِيث / الَّتِي لم يعلها بسوى الْإِرْسَال. (879) وَذكر من طَرِيق الْعقيلِيّ، حَدِيث عَائِشَة عَن معَاذ " فِي النثار ". وَقَالَ: فِي إِسْنَاده بشر بن إِبْرَاهِيم الْأنْصَارِيّ وَهُوَ ضَعِيف. وَلم يبين أَن فِي إِسْنَاده من لَا يعرف، وَهُوَ الْقَاسِم بن عمر الْعَتكِي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 169 قَالَ الْعقيلِيّ: حَدثنَا أَزْهَر بن زفر الْحَضْرَمِيّ، قَالَ: حَدثنَا الْقَاسِم بن عمر الْعَتكِي، قَالَ: حَدثنَا بشر بن إِبْرَاهِيم الْأنْصَارِيّ، عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن مَكْحُول، عَن عُرْوَة بن الزبير، عَن عَائِشَة قَالَت: حَدثنِي معَاذ بن جبل " أَنه شهد ملاك رجل من الْأَنْصَار، مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَخَطب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وأنكح الْأنْصَارِيّ، وَقَالَ: " على الألفة وَالْخَيْر، وَالطير الميمون، دففوا على رَأس صَاحبكُم ". فدفف على رَأسه، وَأَقْبَلت السلال، فِيهَا الْفَاكِهَة وَالسكر، فنثر عَلَيْهِم، وَأمْسك الْقَوْم فَلم ينْتَهوا، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا أزين الْحلم! ! أَلا تنتهبون؟ " فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، إِنَّك نَهَيْتنَا عَن النهبة يَوْم كَذَا وَكَذَا، قَالَ: " إِنَّمَا نَهَيْتُكُمْ عَن نهبة العساكر، وَلم أنهكم عَن نهبة الولائم، فانتهبوا ". قَالَ معَاذ بن جبل: فوَاللَّه لقد رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يجررنا ونجرره فِي ذَلِك النهاب ". قَالَ الْعقيلِيّ: بشر بن إِبْرَاهِيم روى عَن الْأَوْزَاعِيّ أَحَادِيث مَوْضُوعَة، فَذكر مِنْهَا حَدِيثا، وَهَذَا بعده. وَالقَاسِم بن عمر هَذَا لم أجد لَهُ ذكرا. (880) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ عَن معَاذ، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَا أحل الله شَيْئا أبْغض إِلَيْهِ من الطَّلَاق " الحَدِيث. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 170 ورده بِأَن قَالَ: حميد بن مَالك ضَعِيف. وَترك فِي الْإِسْنَاد من لَا يعرف. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا عُثْمَان بن أَحْمد الدقاق، حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن سِنِين حَدثنَا عمر بن إِبْرَاهِيم بن خَالِد، حَدثنَا حميد بن مَالك اللَّخْمِيّ، حَدثنَا مَكْحُول، عَن مَالك بن يخَامر، عَن معَاذ. فَذكره. عمر بن إِبْرَاهِيم بن خَالِد هَذَا لَا يعرف، وَقد ذكر / ابْن أبي حَاتِم عمر بن إِبْرَاهِيم بن خَالِد الْهَاشِمِي، الْقرشِي، يروي عَن عِيسَى بن عَليّ بن عبد الله بن عَبَّاس، وَعبد الْملك بن عُمَيْر، روى عَنهُ أَحْمد بن مُصعب الْمروزِي وَهُوَ أَيْضا غير مَعْرُوف الْحَال، وَلَا أَدْرِي أهوَ هَذَا أم لَا؟ وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن سِنِين مَجْهُول الْحَال. (881) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا عَن ابْن عمر، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا كَانَت الْأمة تَحت الرجل، فَطلقهَا تَطْلِيقَتَيْنِ ثمَّ اشْتَرَاهَا، لم تحل لَهُ حَتَّى تنْكح زوجا غَيره ". ورده بِأَن قَالَ: فِي إِسْنَاده مُسلم بن سَالم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 171 وَبينا فِي بَاب الْأَسْمَاء الْمُغيرَة أَنه سلم لَا مُسلم. وَبَقِي عَلَيْهِ أَن يبين أَن هَذَا الحَدِيث من رِوَايَة من لَا يعرف. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن حُسَيْن، أَبُو حَامِد الْهَمدَانِي، حَدثنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن عمر المنكدري، حَدثنَا أَبُو حنيفَة: مُحَمَّد بن رَبَاح بن يُوسُف الْجوزجَاني، وَمُحَمّد بن صَالح بن سهل، قَالَا: حَدثنَا صَالح بن عبد الله التِّرْمِذِيّ، حَدثنَا سلم بن سَالم، عَن ابْن جريج، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، فَذكره. سلم بن سَالم، مرجىء، مَتْرُوك الحَدِيث، وَصَالح بن عبد الله التِّرْمِذِيّ صَدُوق، والمنكدري، وَأَبُو حنيفَة، وَمُحَمّد بن صَالح، كلهم لَا تعرف أَحْوَالهم. (882) وَذكر من طَرِيقه عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من اشْترى شَيْئا لم يره فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِذا رَآهُ ". ثمَّ قَالَ: هَذَا يرويهِ عمر بن إِبْرَاهِيم الْكرْدِي، وَكَانَ يضع الحَدِيث. انْتهى مَا ذكره. وَهُوَ كَمَا قَالَ، وَلَكِن بَقِي عَلَيْهِ أَن يبين أَنه يرويهِ عَن عمر الْمَذْكُور، داهر ابْن نوح، وَهُوَ لَا يعرف / وَلَعَلَّ الْجِنَايَة مِنْهُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 172 (883) وَذكر حَدِيث: " النَّهْي عَن بيع السِّلَاح فِي الْفِتْنَة " من طَرِيق أبي أَحْمد. وَأتبعهُ القَوْل فِي مُحَمَّد بن مُصعب القرقساني، كَأَنَّهُ لَا عيب لَهُ سواهُ، وَترك رَاوِيه عَنهُ لم يبرزه، وَهُوَ عُثْمَان بن يحيى إِمَام مَسْجِد قرقيساء، فَإِنَّهُ أَيْضا لَا تعرف حَاله. (884) وَذكر حَدِيث أبي سعيد: " من أسلم فِي شَيْء فَلَا يصرفهُ إِلَى غَيره ". وَضَعفه بعطية الْعَوْفِيّ. وَلم / يبين أَن دونه سعد الطَّائِي، أَبَا الْمُجَاهِد، وَلَا تعرف حَاله، وَقد روى عَنهُ جمَاعَة. (885) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، عَن ابْن عمر [قَالَ] : قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا مَاتَ الرجل وَله دين إِلَى أجل وَعَلِيهِ دين إِلَى أجل " الحَدِيث. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 173 ثمَّ رده بِأَن قَالَ: فِي إِسْنَاده أَبُو حَمْزَة، عَن جَابر بن يزِيد، ضَعِيف عَن مَتْرُوك. انْتهى كَلَامه. وَفِيه مجازفة نبينها بعد الْفَرَاغ من مَقْصُود الْبَاب، وَهُوَ أَن دون هذَيْن من لَا يعرف. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن أبي قَتَادَة الْمُقْرِئ، حَدثنَا عِيسَى بن مُحَمَّد بن عِيسَى الْمروزِي، حَدثنَا عمر بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن، حَدثنَا أبي، حَدثنَا عِيسَى بن مُوسَى، حَدثنَا أَبُو حَمْزَة، عَن جَابر، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، فَذكره. فعيسى بن مُحَمَّد، وَعمر بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن، وَأَبُو مُحَمَّد بن الْحُسَيْن، كلهم مَجْهُول الْحَال. فَأَما عِيسَى بن مُوسَى، فَهُوَ غُنْجَار، أَبُو أَحْمد الْأَزْرَق. وَقد عد أَبُو حَاتِم فِي الروَاة عَنهُ، مُحَمَّد بن الْحُسَيْن البُخَارِيّ، وَلَعَلَّه هَذَا الَّذِي فِي هَذَا الْإِسْنَاد، وَلم يترجم باسمه فِي بَاب مُحَمَّد والحاء من أَسمَاء الْآبَاء. فَلَو لم يكن فِي الحَدِيث جَابر الْجعْفِيّ، مَا صَحَّ من أجل هَؤُلَاءِ، بل من أجل أحدهم، لَا سِيمَا فِي حق من بحث عَنْهُم وباحث، فَلم يعرفهُمْ وَلَا عرف بهم. وَإِلَى هَذَا فَإِن قَوْله: " أَبُو حَمْزَة ضَعِيف " مجازفة، وَذَلِكَ أَنه ظَنّه أَبَا حَمْزَة ميمونا القصاب، فَهُوَ ضَعِيف كَمَا ذكر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 174 وَقد مر لَهُ ذكره فِي حَدِيث: (886) " إِن فِي المَال حَقًا سوى الزَّكَاة ". وَهَذَا الظَّن خطأ، وَمَا أَبُو حَمْزَة الْمَذْكُور إِلَّا السكرِي واسْمه مُحَمَّد بن مَيْمُون، وَهُوَ ثِقَة، وَثَّقَهُ ابْن معِين، وَقَالَ فِيهِ ابْن الْمُبَارك: صَحِيح الْكتب. وَلَا يعرف لغَيْرِهِمَا فِيهِ تَضْعِيف. والغنجار مَعْدُود فِي الروَاة عَنهُ، وَهُوَ مَعْدُود فِيمَن يروي عَن جَابر الْجعْفِيّ. وَلأَجل أَن هَذَا لم يُصَرح بِهِ، لم نَكْتُبهُ فِي بَاب الرِّجَال الَّذين أَخطَأ فِي التعريفات بهم، وَإِنَّمَا ظنناه عَلَيْهِ، لقَوْله فِيهِ: " ضَعِيف " فبذلك عرفنَا أَنه اعْتقد فِيهِ أَنه القصاب، فَإِن السكرِي عِنْده ثِقَة، قد قبل / من رِوَايَته أَحَادِيث. (887) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد حَدِيث سعد بن أبي وَقاص: " كُنَّا نكرِي الأَرْض بِمَا على السواقي، من الزَّرْع، وَمَا سعد بِالْمَاءِ مِنْهَا، فنهاني رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " الحَدِيث. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 175 وَأعله بِمُحَمد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي لَبِيبَة - وَيُقَال: ابْن لَبِيبَة - وَترك دونه من لَا يعرف، وَهُوَ مُحَمَّد بن عِكْرِمَة بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام، يرويهِ عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي لَبِيبَة، ذكره عَنهُ إِبْرَاهِيم بن سعد. وَقد ذكره الْبَزَّار من رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن سعد، عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن ابْن أبي لَبِيبَة، أسقط من بَينهمَا مُحَمَّد بن عِكْرِمَة. وَهُوَ هَكَذَا مُنْقَطع، وَلَا بُد فِي اتِّصَاله مِنْهُ، وَهُوَ مَجْهُول الْحَال، فَاعْلَم ذَلِك. (888) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من بنى فِي رباع قوم بإذنهم، فَلهُ الْقيمَة، وَمن بنى بِغَيْر إذْنهمْ، فَلهُ النَّقْض ". ثمَّ قَالَ: فِي إِسْنَاد عمر بن قيس، يعرف بسندل، وَهُوَ مَتْرُوك. لم يزدْ على هَذَا، وَترك فِي إِسْنَاده من لَا يعرف. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا مُوسَى بن جَعْفَر بن قرين العثماني / حَدثنَا مُحَمَّد ابْن فضَالة، حَدثنَا كثير بن أبي صابر، حَدثنَا عَطاء بن مُسلم، عَن عمر بن قيس، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة، فَذَكرته. أما عَطاء بن مُسلم فَهُوَ الْخفاف، ثِقَة، وَأما كثير بن أبي صابر فَلَا أعرفهُ، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 176 وَقد ذكر ابْن أبي حَاتِم كثير بن يزِيد أَبَا صابر التنوخي، روى عَن مُبشر بن إِسْمَاعِيل، وَعَطَاء بن مُسلم، وَيحيى بن سليم الطَّائِفِي، سمع مِنْهُ أَبُو حَاتِم بِقِنِّسْرِينَ وَقَالَ فِيهِ: صَدُوق. وَالْقَضَاء على الَّذِي فِي الْإِسْنَاد بِأَنَّهُ هُوَ؛ يحْتَاج إِلَى زِيَادَة بَيَان. والشبهة من اجْتِمَاعهمَا فِي الرِّوَايَة عَن عَطاء بن مُسلم، غير كَافِيَة: وَالَّذِي فِي الْإِسْنَاد: كثير بن أبي صابر، وَهَذَا الَّذِي ذكر ابْن أبي حَاتِم، كثير بن يزِيد أَبُو صابر، وَمُحَمّد بن فضَالة غير مَعْرُوف الْحَال أَيْضا. (889) وَذكر من طَرِيق الْعقيلِيّ عَن ابْن عَبَّاس، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / قَالَ: " من أهديت لَهُ هَدِيَّة، وَمَعَهُ قوم جُلُوس، فهم شركاؤه فِيهَا ". ثمَّ قَالَ: هَذَا يرويهِ منْدَل بن عَليّ، وَعبد السَّلَام بن عبد القدوس، وهما ضعيفان، وَرَوَاهُ أَيْضا عَن عَائِشَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَفِي إِسْنَاده وضاح بن خَيْثَمَة، وَلَا يُتَابع عَلَيْهِ، انْتهى مَا ذكر. وَقد ترك دون عبد السَّلَام نعيم بن حَمَّاد، وَقد ذَكرْنَاهُ فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا مُتَّصِلَة وَهِي مُنْقَطِعَة، وَترك أَيْضا دون وضاح بن خَيْثَمَة من لَا يعرف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 177 قَالَ الْعقيلِيّ: حَدثنَا يحيى بن عُثْمَان، حَدثنَا بكار بن مُحَمَّد بن شُعْبَة، حَدثنَا الوضاح بن خَيْثَمَة، حَدثنَا هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: أهدي لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هَدِيَّة، وَعِنْده أَرْبَعَة نفر من أَصْحَابه، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لجلسائه: " أَنْتُم شركائي فِيهَا، إِن الْهَدِيَّة إِذا أهديت إِلَى الرجل، وَعِنْده جُلَسَاؤُهُ، فهم شركاؤه فِيهَا ". قَالَ: وَلَا يُتَابع عَلَيْهِ، وَلَا يَصح فِي هَذَا الْمَتْن حَدِيث. انْتهى. وبكار بن مُحَمَّد لَا تعرف حَاله. (890) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، حَدِيث ابْن عَبَّاس: " فِي أَن الْقَاتِل لَا يَرث ". وَأعله بليث بن أبي سليم وَترك رجلا يُقَال لَهُ: أَبُو حمة لَا تعرف حَاله. (891) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ من رِوَايَة الْقَاسِم بن مُحَمَّد الْعمريّ، حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يقْضِي القَاضِي إِلَّا وَهُوَ شبعان رَيَّان ". ثمَّ قَالَ: الْقَاسِم بن مُحَمَّد هَذَا مَتْرُوك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 178 هَذَا مَا ذكر، وَقد بَينا الْخَطَأ الَّذِي فِي قَوْله: " الْقَاسِم بن مُحَمَّد " فِي بَاب نِسْبَة الْأَحَادِيث إِلَى غير رواتها. ونبين الْآن - إِن شَاءَ الله - أَنه ترك فِي الْإِسْنَاد من لَا يَصح من أَجله. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا عبد الله بن أَحْمد بن ثَابت الْبَزَّار حَدثنَا الْقَاسِم ابْن عَاصِم، حَدثنَا مُوسَى بن دَاوُد، حَدثنَا الْقَاسِم بن عبد الله الْعمريّ، عَن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن الْأنْصَارِيّ، عَن أَبِيه، عَن أبي سعيد، فَذكره. أشبه من / يكون عبد الله هَذَا، عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي صعصعة، فَإِنَّهُ الَّذِي يروي عَن أبي سعيد، ويروي عَنهُ ابناه: مُحَمَّد، وَعبد الرَّحْمَن وَلَكِنِّي لَا أحقق أَنه هُوَ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ فِي هَذَا الحَدِيث، إِنَّمَا يرويهِ عَن أَبِيه، عَن أبي سعيد، فَلَا أَدْرِي - لأجل ذَلِك - أَنه هُوَ، وَلَو كَانَ هُوَ لم ينفع ذَلِك فِي شَأْن أَبِيه، فَإِنَّهُ لَا يعرف لَهُ حَال، فَالْحق أَنَّهُمَا مَجْهُولَانِ. وَأما الْقَاسِم بن عَاصِم فمجهول الْحَال، وَقد ذكر أَبُو بكر بن ثَابت الْخَطِيب فِي تَارِيخه: " الْقَاسِم بن عَاصِم الْمروزِي " نزل بَغْدَاد وَحدث بهَا، عَن يحيى بن أبي بكير وَأبي مسْهر الدِّمَشْقِي، وَقَالَ: ذكره ابْن أبي حَاتِم قَالَ: كتبت عَنهُ بِبَغْدَاد. ثمَّ سَاق بعده الْقَاسِم بن عَاصِم أَبَا السّري الصَّائِغ، فَقَالَ: حدث عَن مُحَمَّد بن عمر الْوَاقِدِيّ، وَعلي بن عَيَّاش الْحِمصِي، وحنيفة بن مَرْزُوق، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 179 ومُوسَى بن دَاوُد، روى عَنهُ ابْن مخلد، وَعبد الله بن يزِيد الدقيقي / وَعبد الله ابْن أَحْمد بن ثَابت الْبَزَّار، قَالَ: وأخاف أَن يكون شيخ ابْن أبي حَاتِم، فَالله أعلم. انْتهى كَلَام الْخَطِيب. وَقد تبين بِهَذَا الذّكر الَّذِي ذكره [بِهِ] أَنه الَّذِي فِي الْإِسْنَاد الْمَذْكُور، وحاله - كَمَا ترى - غير مَعْرُوفَة، فَاعْلَم ذَلِك. (892) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن عبد الله بن عَمْرو بن هِلَال الجزء: 3 ¦ الصفحة: 180 الْمُزنِيّ: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن كسر سكَّة الْمُسلمين " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: فِيهِ مُحَمَّد بن فضاء، وَهُوَ عِنْدهم ضَعِيف جدا. انْتهى مَا ذكر. وَقد ترك أَن يذكر وَالِده فضاء بن خَالِد الْجَهْضَمِي، فَإِن حَاله مَجْهُول وَلَا يعرف بِغَيْر هَذَا. قَالَ أَبُو حَاتِم البستي - فِي عبد الله الْمُزنِيّ هَذَا -: " لم يَصح إِسْنَاد حَدِيثه ". (893) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد من حَدِيث معَاذ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تجوز شَهَادَة نخاس، من استقالنا شَهَادَته أقلناه ". ثمَّ رده بعمر بن عَمْرو الطَّحَّان الْعَسْقَلَانِي. وَبَقِي عَلَيْهِ أَن يُنَبه على رَاوِيه عَنهُ فَإِنَّهُ مَجْهُول لَا يعرف الْبَتَّةَ. قَالَ أَبُو أَحْمد: حَدثنَا أَحْمد بن / حَمَّاد بن عبد الله، الرقي، حَدثنَا زَكَرِيَّاء بن الحكم، حَدثنَا عمر بن عَمْرو الْعَسْقَلَانِي، حَدثنَا أَبُو فَاطِمَة الْكُوفِي، عَن ثَوْر بن يزِيد عَن خَالِد بن معدان، عَن معَاذ، فَذكره. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 181 (894) وَأورد أَيْضا عَن أبي فَاطِمَة هَذَا حَدِيثا آخر، وَقَالَ فِيهِ: أَبُو فَاطِمَة النَّخعِيّ. ثمَّ قَالَ أَبُو أَحْمد: أَبُو فَاطِمَة هَذَا لَا يعرف، وَعمر بن عَمْرو، عَامَّة مَا يرويهِ مَوْضُوع. (895) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد حَدِيث الزَّبِيب فِي " إِسْلَام بلعنبر، وَالْقَضَاء بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِد ". ورده بِأَن قَالَ: عمار بن شعيث لَا يحْتَج بحَديثه. وَصدق، وَلكنه بَقِي عَلَيْهِ أَن يُنَبه على أَبِيه شعيث بن عبيد الله، فَعَنْهُ يرويهِ، وَهُوَ أَيْضا مَجْهُول، وَقد نَص على ذَلِك أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ. (896) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار عَن ابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الْوَلَاء لَيْسَ بمتنقل وَلَا متحول ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 182 ثمَّ قَالَ: فِي إِسْنَاده الْمُغيرَة بن جميل وَهُوَ مَجْهُول. وَترك فَوْقه من لَا يعرف حَاله، قَالَ الْبَزَّار: حَدثنَا عبد الله بن سعيد، قَالَ: حَدثنَا الْمُغيرَة بن جميل، قَالَ: حَدثنَا سُلَيْمَان بن عَليّ بن عبد الله بن عَبَّاس، قَالَ: أَخْبرنِي أبي، عَن جدي عبد الله بن عَبَّاس رَفعه. فَذكره. وَقَالَ: وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا من هَذَا الْوَجْه بِهَذَا الْإِسْنَاد، والمغيرة بن جميل لَيْسَ بِمَعْرُوف فِي الحَدِيث. انْتهى قَول الْبَزَّار. فَأَقُول: سُلَيْمَان بن عَليّ - فِي بَيته وشرفه فِي قومه - غير مَعْرُوف الْحَال فِي الحَدِيث. (897) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن فضَالة بن عبيد، قَالَ: " أُتِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بسارق، فَقطعت يَده، ثمَّ أَمر بهَا فعلقت فِي عُنُقه ". ثمَّ قَالَ: فِي إِسْنَاده حجاج بن أَرْطَأَة. لم يزدْ على هَذَا، وَهُوَ حَدِيث يرويهِ حجاج بن أَرْطَأَة، عَن مَكْحُول، عَن عبد الرَّحْمَن بن محيريز [قَالَ: سَأَلنَا فضَالة بن عبيد، فَذكره. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 183 وَعبد الرَّحْمَن بن محيريز، قَالَ التِّرْمِذِيّ: إِنَّه أَخُو عبد الله بن محيريز] وَهُوَ شَامي، وَلم يعرف بِشَيْء من حَاله، وَهِي لَا تعرف، وَلم يذكرهُ البُخَارِيّ وَلَا ابْن أبي حَاتِم. (898) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن حَنش، قَالَ: رَأَيْت عليا يُضحي بكبش، فَقلت: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - /: " أَوْصَانِي أَن أضحي عَنهُ، فَأَنا أضحي عَنهُ ". ثمَّ قَالَ: حَنش هَذَا لَا يحْتَج بحَديثه. انْتهى مَا ذكر. وَهُوَ حَدِيث يرويهِ شريك عَن أبي الْحَسْنَاء، عَن الحكم، عَن حَنش. وَأَبُو الْحَسْنَاء هَذَا، اسْمه الْحسن وَلَا تعرف لَهُ حَال. فَأَما شريك، فقد تقدم / القَوْل فِيهِ. (899) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن عَائِشَة قَالَت: " كنت آخذ قَبْضَة من تمر، وقبضة من زبيب، فألقيه فِي إِنَاء فأمرسه ثمَّ أسقيه النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ". ثمَّ قَالَ: فِي إِسْنَاده أَبُو بَحر البكراوي، وَهُوَ ضَعِيف عِنْدهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 184 وَله فِيهِ إِسْنَاد آخر، وَالصَّحِيح النَّهْي كَمَا ذكر مُسلم. انْتهى مَا ذكر. أما الْإِسْنَاد الأول الَّذِي أعله بِأبي بَحر البكراوي، فَإِنَّهُ قد ترك فِيهِ من لَا يَصح مَعَه، فَإِنَّهُ إِنَّمَا يرويهِ أَبُو بَحر، عَن عتاب بن عبد الْعَزِيز الْحمانِي قَالَ: حَدَّثتنِي صَفِيَّة بنت عَطِيَّة، عَن عَائِشَة. وَصفِيَّة هَذِه لَا تعرف. وعتاب بن عبد الْعَزِيز بَصرِي، روى عَنهُ يزِيد بن هَارُون، وَعلي بن نصر، وَلَا تعرف أَيْضا حَاله. وَأما الْإِسْنَاد الآخر لهَذَا الْمَعْنى، فنذكره - إِن شَاءَ الله تَعَالَى - فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ضعفها وَلم يبين عللها. وَقد فَرغْنَا من ذكر الْقسم الأول من هَذَا الْبَاب، وه الْأَحَادِيث الَّتِي أعلها بِقوم وَترك من تعلل بِهِ أَيْضا لم يُنَبه عَلَيْهِ، وَلم يذكر من أسانيدها غير من نبه عَلَيْهِ. وَنَذْكُر الْآن إِن شَاءَ الله الْقسم الثَّانِي، وَهِي الْأَحَادِيث الَّتِي اقتطع من أسانيدها قطعا، نبه على ضعف الحَدِيث بِذكر رجل أَو أَكثر مِمَّن فِيهَا، أَو مِمَّن فِيمَا ترك من الْأَسَانِيد، وَقد قُلْنَا: إِنَّه إِذا ضعفه بِبَعْض من فِي الْقطعَة الَّتِي ترك، وَترك فِي الْقطعَة الَّتِي ذكر من يعتل بِهِ وَلم يُنَبه عَلَيْهِ، فَهُوَ فِي هَذَا أعذر. وَإِنَّمَا كَانَ فِي هَذَا أعذر لِأَنَّهُ لم يطو ذكر هَذَا الَّذِي يعتل بِهِ أَيْضا، بل أبرزه وَعرضه لنظر الْمطَالع، ويعارض هَذَا مَا فِيهِ من مسالمته لَهُ، الْمُؤَكّدَة بِالْقَصْدِ إِلَى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 185 غَيره، وَذَلِكَ يُوهم أَنه لَا نظر فِيهِ. وَإِمَّا إِذا كَانَ من / ترك التَّنْبِيه عَلَيْهِ فِي الْقطعَة الَّتِي لم يذكر، فسوء الصَّنِيع فِي ذَلِك أبين، من حَيْثُ يُمكن أَن تكون الْجِنَايَة من ذَلِك الضَّعِيف أَو الْمَجْهُول، الَّذِي قبل من ضعف هُوَ بِهِ الْخَبَر. فلتقع الْبِدَايَة بِهَذَا الْقسم، وهم إِمَّا ضعفاء وَإِمَّا مَجْهُولُونَ. (900) فَمن ذَلِك أَنه ذكر من طَرِيق أبي أَحْمد، من رِوَايَة سُلَيْمَان بن أَرقم، عَن الْحسن، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا تَوَضَّأ أحدكُم فَلَا يغسل أَسْفَل رجلَيْهِ بِيَدِهِ الْيُمْنَى ". ثمَّ قَالَ: سُلَيْمَان بن أَرقم مَتْرُوك، وَلم يَصح سَماع الْحسن من أبي هُرَيْرَة. انْتهى مَا ذكر. وَهُوَ كَمَا قَالَ، وَلكنه (بتوجه قَصده إِلَى هَذِه الْقطعَة من إِسْنَاده) يُوهم أَن مَا ترك مِنْهُ لَا نظر فِيهِ، وَلَيْسَ كَذَلِك، بل فِيمَا طوى ذكره من يتهم، مِمَّن لَعَلَّ الْجِنَايَة فِيهِ مِنْهُ. قَالَ أَبُو أَحْمد: حَدثنَا أَحْمد بن مُوسَى الحنيني، الْجِرْجَانِيّ، حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم السالحيني، حَدثنَا مُحَمَّد بن الْقَاسِم، أَبُو إِبْرَاهِيم الْأَسدي، حَدثنَا سُلَيْمَان بن أَرقم، فَذكره بِإِسْنَادِهِ وَمَتنه. مُحَمَّد بن الْقَاسِم هَذَا، هُوَ أَبُو إِبْرَاهِيم الْأَسدي الْكُوفِي. قَالَ البُخَارِيّ: كذبه أَحْمد بن حَنْبَل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 186 وَقَالَ عبد الله بن أَحْمد عَن أَبِيه: أَحَادِيثه مَوْضُوعَة لَيْسَ بِشَيْء. [وَحكى السَّاجِي عَن أَحْمد أَنه قَالَ: لَا يكْتب حَدِيثه، أَحَادِيثه مَوْضُوعَة، لَيْسَ بِشَيْء] . وَكَذَا حكى الْعقيلِيّ عَنهُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِم البستي: يروي عَن الثِّقَات مَا لم يحدثوا بِهِ، كَانَ أَحْمد يكذبهُ. فَأَما ابْن معِين، فَعَنْهُ أَنه كَانَ لَا يرضاه لِغَفْلَتِه. وَحكى ابْن أبي خَيْثَمَة عَنهُ، أَنه وَثَّقَهُ. وَلَيْسَ ذَلِك بِشَيْء /. وَبِالْجُمْلَةِ فَمَا حَاله بِأَحْسَن من حَال سُلَيْمَان بن أَرقم، فَمَا باله يلوم سُلَيْمَان، وَلَعَلَّه مِنْهُ بَرِيء؟ (901) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، عَن خَارِجَة بن عبد الله بن سُلَيْمَان ابْن زيد بن ثَابت، عَن دَاوُد بن حُصَيْن، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: " أصَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَو جلده - بَوْل صبي " الحَدِيث. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 187 ورده بِأَن قَالَ: خَارِجَة ضَعِيف. وَهُوَ كَمَا ذكر، وَلكنه قد قيل فِيهِ غير ذَلِك. قَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ: حَدِيثه صَالح. وَقد ترك دونه من لَا ريب فِي ضعفه، بل هُوَ مُتَّهم، وَهُوَ الْوَاقِدِيّ، وَقد تعمقوا / فِي رميه بِالْكَذِبِ، حَتَّى قَالَ بَعضهم: الكذابون على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَرْبَعَة، الْوَاقِدِيّ أحدهم. فالعجب لأبي مُحَمَّد، يعل الحَدِيث بخارجة، وَيتْرك الْوَاقِدِيّ لَا يُنَبه على كَون الحَدِيث من رِوَايَته. (902) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا عَن الْبَراء، حَدِيث: " لَا بَأْس ببول مَا أكل لَحْمه ". من رِوَايَة سوار بن مُصعب، عَن مطرف بن طريف، عَن أبي الجهم عَن الْبَراء. ثمَّ قَالَ: خَالفه يحيى بن الْعَلَاء؛ فَرَوَاهُ عَن مطرف، عَن محَارب بن دثار، عَن جَابر. وسوار مَتْرُوك، وَيحيى بن الْعَلَاء [ضَعِيف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 188 كَذَا قَالَ: وَهُوَ كَمَا ذكر، وَلَكِن بَقِي عَلَيْهِ أَن يبين أَن حَدِيث] يحيى بن الْعَلَاء، لم يصل إِلَيْهِ إِلَّا من طَرِيق مَتْرُوك، يرويهِ عَنهُ، وَهُوَ عَمْرو بن الْحصين. وَقد نبه الدَّارَقُطْنِيّ [حِين ذكره] على أَنه مَتْرُوك، فَترك ذَلِك أَبُو مُحَمَّد، وَذَلِكَ غير منبغ؛ لاحْتِمَال أَن تكون الْجِنَايَة مِنْهُ. (903) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد، عَن الْعَلَاء بن كثير، قَالَ: حَدثنَا مَكْحُول، عَن وَاثِلَة وَأبي الدَّرْدَاء وَأبي أُمَامَة، قَالُوا: سمعنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " جَنبُوا مَسَاجِدكُمْ صِبْيَانكُمْ " الحَدِيث. ثمَّ رده بِأَن قَالَ: الْعَلَاء بن كثير هُوَ الدِّمَشْقِي، مولى بني أُميَّة، ضَعِيف عِنْدهم. هَذَا نَص مَا أتبعه، وَهُوَ كَمَا ذكر، وَلَكِن لَا معنى للْحَمْل فِيهِ على الْعَلَاء بن كثير، ودونه من هُوَ مُتَّهم بِالْكَذِبِ، فَلَعَلَّ الْجِنَايَة مِنْهُ، وَإِنَّمَا يغر أَبَا مُحَمَّد فِي هَذَا، ذكر أبي أَحْمد للْحَدِيث فِي بَاب رجل كَيْفَمَا تيَسّر لَهُ، فيظن أَبُو مُحَمَّد أَن الْجِنَايَة مِنْهُ، وَيحسن ظَنّه بِغَيْرِهِ، فَيَقَع لَهُ مَا ذَكرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَاب كُله. وَهَذَا الحَدِيث قَالَ أَبُو أَحْمد - حِين ذكره فِي بَاب الْعَلَاء بن كثير -: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 189 حَدثنَا حُذَيْفَة بن الْحسن، حَدثنَا أَبُو أُسَامَة: مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، قَالَ: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن هَانِئ النَّخعِيّ، قَالَ: حَدثنَا الْعَلَاء مولى بني أُميَّة، حَدثنَا مَكْحُول، عَن وَاثِلَة، وَأبي الدَّرْدَاء، وَأبي أُمَامَة، قَالُوا: سمعنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول فَذكره. عبد الرَّحْمَن بن هَانِئ هَذَا، هُوَ أَبُو نعيم، النَّخعِيّ، الْكُوفِي، قَالَ فِيهِ ابْن حَنْبَل: لَيْسَ بِشَيْء. وَقَالَ على بن الْحسن الهسنجاني: سَمِعت يحيى بن معِين يَقُول: بِالْكُوفَةِ كذابان: أَبُو نعيم / النَّخعِيّ، وَأَبُو نعيم: ضرار بن صرد. وَقد ذكر أَبُو أَحْمد أَبَا نعيم هَذَا فِي بَاب يَخُصُّهُ، وَذكر لَهُ أَحَادِيث مِمَّا أنكر [عَلَيْهِ] وَقَالَ: إِن لَهُ سواهَا كَذَلِك. فَإِذن، الْحمل فِي هَذَا الحَدِيث على الْعَلَاء بن كثير - وَهُوَ لَا يرويهِ عَنهُ إِلَّا هَذَا الْكذَّاب - ظلم لَهُ، فَاعْلَم ذَلِك. (904) وَذكر من طَرِيق الْعقيلِيّ، من حَدِيث الْهَيْثَم بن عِقَاب، عَن محَارب بن دثار، عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من أم قوما الجزء: 3 ¦ الصفحة: 190 وَفِيهِمْ من هُوَ أَقرَأ مِنْهُ " الحَدِيث. ثمَّ رده بِأَن الْهَيْثَم بن عِقَاب كُوفِي مَجْهُول، وَحَدِيثه غير مَحْفُوظ. وَهَذَا الَّذِي أتبعه من القَوْل، هُوَ قَول الْعقيلِيّ / فِيهِ لما ذكر. وَبَقِي عَلَيْهِ أَن يبين أَنه من رِوَايَة من يُمكن أَن تكون الْجِنَايَة مِنْهُ، وَهُوَ عَليّ بن يزِيد الصدائي فقد قَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ: إِنَّه مُنكر الحَدِيث عَن الثِّقَات. وَقَالَ أَبُو أَحْمد بن عدي: أَحَادِيثه لَا تشبه أَحَادِيث الثِّقَات، إِمَّا أَن يَأْتِي بِإِسْنَاد لَا يُتَابع عَلَيْهِ، أَو بمتن عَن الثِّقَات مُنكر، أَو يروي عَن مَجْهُول، وَعَامة مَا يرويهِ مِمَّا لَا يُتَابع عَلَيْهِ. (905) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد بن عدي، من حَدِيث خَالِد بن إِسْمَاعِيل، عَن عيبد الله بن نَافِع، عَن ابْن عمر، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " صلوا على من قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله " الحَدِيث. ثمَّ رده بِأَن قَالَ: خَالِد بن إِسْمَاعِيل هُوَ الْمَذْكُور فِيمَا تقدم. يَعْنِي أَبَا الْوَلِيد المَخْزُومِي وَلم يزدْ على هَذَا، وَهَذِه تبرئة لمن دونه مِمَّن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 191 طوى ذكره، وَذَلِكَ مِنْهُ سوء صَنِيع، فَإِن دونه من يتهم بِوَضْع الحَدِيث. قَالَ أَبُو أَحْمد: حَدثنَا عمر بن سِنَان، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمُغيرَة، الشهرزوري قَالَ: حَدثنَا خَالِد بن إِسْمَاعِيل، حَدثنَا عبد الله بن عمر. فَذكره بِإِسْنَادِهِ فِي بَاب خَالِد بن إِسْمَاعِيل الْمَذْكُور، وَهُوَ - أَعنِي أَبَا أَحْمد - قد ذكر مُحَمَّد بن الْمُغيرَة هَذَا، - الَّذِي يرويهِ عَن خَالِد بن إِسْمَاعِيل - ذكرا يَخُصُّهُ فَقَالَ: " إِنَّه يسرق الحَدِيث، وَهُوَ مِمَّن يضع الحَدِيث ". وَذكر لَهُ أَحَادِيث مَا يُنكر عَلَيْهِ، ثمَّ قَالَ: وَرَأَيْت لَهُ مِمَّا يتهم فِيهِ غير مَا ذكرت. وَلَو أَن أَبَا مُحَمَّد نظر بَقِيَّة الْإِسْنَاد لم يخف عَلَيْهِ أَمر هَذَا الرجل، فَإِنَّهُ - كَمَا قُلْنَاهُ - مَذْكُور فِي كتاب أبي أَحْمد. وَقد ذكر الدَّارَقُطْنِيّ هَذَا الحَدِيث من رِوَايَة الْعَلَاء بن سَالم الَّذِي روى حَدِيث: (906) " قدمُوا خياركم "، فاعلمه. (907) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد من حَدِيث زيد بن الْحوَاري، الْعمي، عَن قَتَادَة، عَن أنس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يكره للمؤذن أَن يكون إِمَامًا ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 192 ثمَّ قَالَ: زيد الْعمي هَذَا، مَعْرُوف فِي الضُّعَفَاء. لم يزدْ على هَذَا، قأقول - وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق -: قد كنت أَظن أَن الَّذِي يوقعه فِي هَذَا الْمَذْكُور فِي هَذَا الْبَاب - من عِنْد أبي أَحْمد، أَو الْعقيلِيّ، أَو السَّاجِي - رُؤْيَته للْحَدِيث عِنْد أحدهم فِي بَاب الرجل الضَّعِيف الَّذِي يوردون الحَدِيث فِي بَابه، فيكتفي من تَعْلِيله بالإخبار عَن كَون ذَلِك الرجل فِي إِسْنَاده، وَلَا يَمْتَد نظره إِلَى من سواهُ مِمَّن يُمكن أَن تكون عِلّة الْخَبَر مِنْهُ، اكْتِفَاء بمعتقد مخرجه فِي بَاب ذَلِك الرجل، فَإِذا بِهَذَا الظَّن قد أخلفني فِي هَذَا الحَدِيث، وَذَلِكَ أَن أَبَا أَحْمد مخرجه، قد جَازَ عِنْده أَن تكون الْجِنَايَة فِيهِ من غير زيد الْعمي، مِمَّن هُوَ أَضْعَف مِنْهُ، وَأكْثر مُنكرَات، فَلم يذكر ذَلِك أَبُو مُحَمَّد رَحمَه الله. ولنذكر لَك نَص مَا أورد أَبُو أَحْمد، حَتَّى تتبين هَذَا الَّذِي ذكرت. قَالَ فِي بَاب زيد الْعمي: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن سُلَيْمَان بن مُوسَى بن عدي الْجِرْجَانِيّ بِمَكَّة، قَالَ: حَدثنَا أَحْمد بن سعيد قَالَ: حَدثنَا الْقَاسِم بن الحكم، قَالَ: حَدثنَا سَلام - هُوَ الطَّوِيل - عَن زيد الْعمي، عَن قَتَادَة، عَن أنس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يكره للمؤذن أَن يكون إِمَامًا ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 193 قَالَ أَبُو أَحْمد: وَهَذَا مُنكر عَن قَتَادَة، عَن أنس، وَلَعَلَّ الْبلَاء فِيهِ من سَلام، أَو مِنْهُمَا. وَذكر قبله حَدِيثا آخر، من رِوَايَة أبي الرّبيع الزهْرَانِي، عَن سَلام الطَّوِيل، عَن زيد الْعمي، عَن يزِيد الرقاشِي، عَن أنس بن مَالك، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: / (908) " فلق الْبَحْر لبني إِسْرَائِيل يَوْم عَاشُورَاء ". ثمَّ قَالَ: وَلَعَلَّ الْبلَاء فِيهِ من سَلام الطَّوِيل، أَو مِنْهُمَا / جَمِيعًا، فَإِنَّهُمَا ضعيفان. وَذكر بعده حَدِيثا آخر، من رِوَايَة أبي الرّبيع الزهْرَانِي أَيْضا، عَن سَلام الطَّوِيل، عَن زيد الْعمي، عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة، عَن معقل بن يسَار، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (909) " من احْتجم يَوْم الثُّلَاثَاء لسبعة عشر من الشَّهْر، كَانَ دَوَاء لداء السّنة ". ثمَّ قَالَ: لَا أعلم يرويهِ عَن زيد الْعمي غَيره. فَيدل هَذَا على أَن الْبلَاء فِي هَذِه الْأَحَادِيث، الَّتِي يَرْوِيهَا سَلام عَن زيد، من سَلام، لَا من زيد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 194 وَذكر فِي بَاب سَلام الطَّوِيل أَقْوَال الْعلمَاء فِيهِ، وَأورد لَهُ من الْأَحَادِيث بعض مَا يُنكر عَلَيْهِ، ثمَّ قَالَ: وَعَامة مَا يرويهِ عَمَّن يرويهِ عَنهُ من الضُّعَفَاء والثقات، لَا يُتَابِعه عَلَيْهِ أحد. انْتهى مَا كتبت عَنهُ. فَإِذن لَا يَنْبَغِي أَن يخص زيد الْعمي بالذنب فِيهِ، ودونه من يجوز أَن يكون كَاذِبًا عَلَيْهِ، فَاعْلَم ذَلِك. (910) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار من حَدِيث خبيب بن سُلَيْمَان بن سَمُرَة، عَن أَبِيه، عَن جده، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " كَانَ يَأْمُرنَا أَن يُصَلِّي أَحَدنَا كل لَيْلَة بعد الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة مَا قل أَو كثر ". ثمَّ قَالَ: خبيب ضَعِيف. كَذَا ذكره، وَفِي إِسْنَاده عِنْد الْبَزَّار من يكذب، وَهُوَ يُوسُف بن خَالِد السَّمْتِي، وَلم يذكر الْبَزَّار هَذَا الحَدِيث إِلَّا من رِوَايَته، أَو من رِوَايَة سَلام بن أبي خبْزَة، عَن يُونُس، عَن الْحسن، عَن سَمُرَة، وَقد عرض لَهُ أَبُو مُحَمَّد بِمَا يَنْبَغِي أَن يُقَال فِيهِ. فَأَما حَدِيث يُوسُف بن خَالِد فَقَالَ الْبَزَّار: وحدثناه خَالِد بن يُوسُف، قَالَ: حَدثنَا أبي، قَالَ: حَدثنَا جَعْفَر بن سعد، عَن خبيب بن سُلَيْمَان بن سَمُرَة، عَن أَبِيه، عَن جده سَمُرَة بن جُنْدُب. فَذكره. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 195 وَهَذَا الْإِسْنَاد قد ذكر بِهِ الْبَزَّار عشرات من الحَدِيث، وَتبين عِنْده بَيَانا شافيا أَنه - أَعنِي وَالِد خَالِد بن يُوسُف - يُوسُف بن خَالِد السَّمْتِي، وَكَانَ صَاحب رَأْي، من أَصْحَاب أبي حنيفَة، يكذبهُ أَصْحَاب الحَدِيث. (911) وَقد ذكر أَبُو مُحَمَّد رَحمَه الله فِي الْمَسَاجِد، حَدِيث أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا وجد أحدكُم القملة فِي الْمَسْجِد فليدفنها ". وَهُوَ حَدِيث يرويهِ الْبَزَّار / هَكَذَا: حَدثنَا خَالِد بن يُوسُف، حَدثنَا أبي، قَالَ: سَمِعت زِيَاد بن سعد يحدث عَن عتبَة الْكُوفِي، وَهُوَ عتبَة بن يقظان، عَن عِكْرِمَة، عَن أبي هُرَيْرَة. وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد بإثره: فِي إِسْنَاده يُوسُف بن خَالِد السَّمْتِي وَهُوَ ضَعِيف الحَدِيث جدا. فَاعْلَم ذَلِك. (912) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد، من حَدِيث عمر بن مُوسَى الوجيهي، عَن مَكْحُول، عَن أنس " كَانَت قِرَاءَة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا قَامَ من الجزء: 3 ¦ الصفحة: 196 اللَّيْل الزمزمة " الحَدِيث. ورده بِأَن الوجيهي مَتْرُوك. وَلم يبين أَنه يرويهِ عَنهُ الْوَلِيد بن الْقَاسِم بن الْوَلِيد الْهَمدَانِي، وَهُوَ ضَعِيف الحَدِيث؛ قَالَه ابْن معِين. وَقد ذكر أَبُو أَحْمد هَذَا الحَدِيث فِي بَاب الْوَلِيد الْمَذْكُور، وَقَالَ: لَيْسَ الْبلَاء فِي هَذَا الحَدِيث مِنْهُ، بل من عمر بن مُوسَى الوجيهي، وَذكر عَن ابْن حَنْبَل تَوْثِيق الْوَلِيد. وَلَكِن مَعَ هَذَا فَلَا يَنْبَغِي أَن يتْرك بَيَان كَونه من رِوَايَته، وَيَرْوِيه عَن الْوَلِيد الْمَذْكُور [مُحَمَّد بن المستنير] وَهُوَ لَا تعرف حَاله. (913) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد، من رِوَايَة شبيب بن شيبَة الْخَطِيب، عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة [قَالَت:] قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كل صَلَاة لَا يقْرَأ فِيهَا بِفَاتِحَة الْكتاب وآيتين، فَهِيَ خداج ". ثمَّ قَالَ: شبيب بن شيبَة لَيْسَ بِثِقَة، قَالَه ابْن معِين. وَقَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِم: لَيْسَ بِقَوي. انْتهى مَا ذكر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 197 فَنَقُول وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق: فِي إِسْنَاد / هَذَا الحَدِيث عِنْد أبي أَحْمد، من هُوَ أَضْعَف من شيبَة بن شبيب، وَهُوَ جبارَة بن الْمُغلس. كَانَ ابْن معِين يَقُول: جبارَة بن مغلس كَذَّاب. وَترك أَبُو حَاتِم حَدِيثه. وَقَالَ أَبُو زرْعَة: لَيْسَ هُوَ عِنْدِي مِمَّن يكذب. وَإِنَّمَا كَانَ يوضع لَهُ الحَدِيث فَيحدث بِهِ، وَمَا كَانَ مِمَّن يتَعَمَّد الْكَذِب. وَقَالَ فِيهِ البُخَارِيّ: مُضْطَرب الحَدِيث. وَقَالَ ابْن نمير: صَدُوق. وَقَالَ فِيهِ أَبُو أَحْمد بن عدي: فِي بعض أَحَادِيثه مَا لَا يُتَابع عَلَيْهِ، وَعِنْدِي أَنه لَا بَأْس بِهِ. (914) وَقد ذكر أَبُو مُحَمَّد فِي كتاب الْعلم حَدِيث " تعْمل هَذِه الْأمة بُرْهَة بِكِتَاب الله ". فَقَالَ بعده: جبارَة مَتْرُوك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 198 وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا يداني أَبَا معمر: / شبيب بن شيبَة، فَإِن شبيب بن شيبَة لَا يتهم، فَاعْلَم ذَلِك. (915) وَذكر أَبُو مُحَمَّد من حَدِيث حجاج بن تَمِيم، عَن مَيْمُون بن مهْرَان، عَن ابْن عَبَّاس " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يغسل يَوْم الْفطر وَيَوْم الْأَضْحَى ". ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: قَالَ أَبُو أَحْمد: أَحَادِيث حجاج عَن مَيْمُون، لَيست بمستقيمة. انْتهى مَا أورد. وَهَذَا الْعَمَل مِنْهُ لَيْسَ بِمُسْتَقِيم؛ فَإِنَّهُ اقتطع الْإِسْنَاد من حَيْثُ حسن، وَأعْرض عَن مَوضِع الْعلَّة مِنْهُ، فجَاء الحَدِيث غير ذِي عِلّة، فَإِن القَوْل بِأَن حجاجا لَيست رِوَايَته عَن مَيْمُون بمستقيمة، لَا يعْطى فِيهِ مَا يتْرك الحَدِيث لأَجله، لِأَنَّهُ قد يُقَال مثل ذَلِك فِي الرجل بِالْإِضَافَة إِلَى غَيره، فَإِن النَّاس متفاوتون. وَأَيْضًا فَإِنَّهُ يُعْطي أَنه فِي غير مَيْمُون بن مهْرَان أحسن حَالا مِنْهُ فِي مَيْمُون، وَيُعْطِي أَن الحَدِيث لَا عِلّة لَهُ سوى مَا ذكر. وَهَذَا هُوَ الَّذِي قصد بَيَانه فِي هَذَا الْبَاب، وَذَلِكَ أَنه حَدِيث يرويهِ عَنهُ جبارَة بن الْمُغلس الْمُتَقَدّم الْآن ذكره. وَإِنَّمَا ذكر الحَدِيث أَبُو أَحْمد فِي بَاب حجاج، لِأَن مذْهبه فِي جبارَة مَا قدمنَا عَنهُ الْآن: من أَنه لَا بَأْس بِهِ، وَلَا يُتَابع فِي بعض حَدِيثه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 199 وَأَقل مَا كَانَ على أبي مُحَمَّد، أَن يبين أَنه من رِوَايَة جبارَة عَنهُ. فَاعْلَم ذَلِك. (916) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، عَن الْوَلِيد بن مُحَمَّد الموقري، قَالَ: حَدثنَا الزُّهْرِيّ، أنبأني سَالم بن عبد الله، أَن عبد الله بن عمر، أخبرهُ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " كَانَ يكبر يَوْم الْفطر من حِين يخرج من بَيته حَتَّى يَأْتِي الْمصلى ". ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: الموقري ضَعِيف عِنْدهم. لم يزدْ على هَذَا، وَهَذَا مُؤَكد لما يغلب على الظَّن من أمره: من أَنه كَانَ إِذا ظفر من الْإِسْنَاد بضعيف، عصب الْجِنَايَة بِرَأْسِهِ، وَلم ينظر سَائِرهمْ، وَأعْرض عَنْهُم، وَإِن كَانَ لَا يعرفهُمْ. وَذَلِكَ أَن هَذَا الحَدِيث هُوَ عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ هَكَذَا: حَدثنَا أَبُو عبد الله الْأَيْلِي: مُحَمَّد بن عَليّ بن إِسْمَاعِيل، قَالَ: حَدثنَا عبيد الله بن مُحَمَّد بن خُنَيْس قَالَ: حَدثنَا مُوسَى بن مُحَمَّد بن عَطاء، قَالَ: حَدثنَا الْوَلِيد بن / مُحَمَّد، قَالَ: حَدثنَا الزُّهْرِيّ، قَالَ: حَدثنَا سَالم بن عبد الله، أَن عبد الله بن عمر، أخبرهُ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَذكره. مُوسَى بن مُحَمَّد بن عَطاء، أَبُو الطَّاهِر الْمَقْدِسِي، يروي عَن أبي الْمليح، وَحجر بن الْحَارِث، والوليد بن مُحَمَّد، والهيثم بن حميد. قَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ: رَأَيْته عِنْد هِشَام بن عمار، وَلم أكتب عَنهُ، كَانَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 200 يغرب، وَيَأْتِي بأباطيل. وَقَالَ مُوسَى بن سهل الرَّمْلِيّ: أشهد عَلَيْهِ أَنه كَانَ يكذب. وَقَالَ أَبُو زرْعَة: أَتَيْته فَحدث عَن الْهَيْثَم بن حميد، وَفُلَان، وَفُلَان، وَكَانَ يكذب. وَقَالَ أَبُو أَحْمد بن عدي: مُنكر الحَدِيث، يسرق الحَدِيث، روى عَن الموقري، عَن الزُّهْرِيّ، عَن أنس أَحَادِيث / مَنَاكِير، وَلَيْسَ الْبلَاء فِيهَا عَن الزُّهْرِيّ من أبي الطَّاهِر، إِنَّمَا الْبلَاء من الموقري، والموقري وَأَبُو الطَّاهِر ضعيفان. انْتهى كَلَام أبي أَحْمد. وَلَا أَدْرِي لماذا حمل على الموقري دون أبي الطَّاهِر، وَهِي لَا تصل إِلَيْنَا عَن الموقري إِلَّا على لِسَان أبي الطَّاهِر، وهبك هَذَا فِي أَحَادِيث الزُّهْرِيّ عَن أنس، حديثنا هَذَا من رِوَايَته عَن الموقري، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سَالم، عَن أَبِيه. فالحمل عَلَيْهِ فِيهِ مُتَعَيّن، واقتطاع الْإِسْنَاد من الموقري تبرئة لأبي الطَّاهِر، وَمَا أرَاهُ فعل ذَلِك إِلَّا وَهُوَ لَا يعرفهُ، وَحسن بِهِ الظَّن، وَلم يبْحَث عَنهُ. وَإِلَى هَذَا، فَإِن الرَّاوِي لَهُ عَن أبي الطَّاهِر - وَهُوَ عبيد الله بن مُحَمَّد بن خُنَيْس - لَا أعرف حَاله. فَالله أعلم. (917) وَقد ذكر فِي الْجُمُعَة حَدِيث أم عبد الله الدوسية: " الْجُمُعَة وَاجِبَة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 201 على كل قَرْيَة فِيهَا إِمَام، وَإِن لم يَكُونُوا فِيهَا إِلَّا أَرْبَعَة ". ثمَّ رده بِأَن قَالَ: لم يروه إِلَّا مَتْرُوك. وَإِنَّمَا قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ عَقِيبه: لم يروه عَن الزُّهْرِيّ إِلَّا مَتْرُوك، فجَاء كَلَام أبي مُحَمَّد أَعم. وَهُوَ إِلَى الصَّوَاب أقرب، فَإِن أحد طريقيه عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ، هُوَ هَذَا الَّذِي فَرغْنَا مِنْهُ آنِفا، عَن أبي عبد الله الْأَيْلِي، عَن عبيد الله بن مُحَمَّد بن الْأَخْنَس عَن مُوسَى بن مُحَمَّد الْمَذْكُور، عَن الموقري، عَن الزُّهْرِيّ، عَن أم عبد الله /. وَطَرِيق آخر، فِيهِ جمَاعَة من الضُّعَفَاء والمجاهيل، أحدهم رَاوِيه عَن الزُّهْرِيّ، وَهُوَ الحكم بن عبد الله، وَرَوَاهُ عَنهُ مَجْهُول لَا يعرف، وَهُوَ مُحَمَّد ابْن مطرف - وَلَيْسَ بِأبي غَسَّان - وَعنهُ مسلمة بن عَليّ الْخُشَنِي، وَهُوَ مَتْرُوك، وَعنهُ عَمْرو بن الرّبيع بن طَارق، وَلَا تعرف حَاله. وَالْمَقْصُود إِنَّمَا هُوَ أَن تعلم أَنه هَاهُنَا من حَيْثُ عمم الْقَضِيَّة، قد عرف حَال مُوسَى بن مُحَمَّد الْمَذْكُور الَّذِي أعرض عَن ذكره فِي حديثنا الأول، وَذَلِكَ - وَالله أعلم - أَنه عرف حَاله بالمطالعة، وَلم يبْق فِي حفظه، وَالله الْمُوفق. (918) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 202 جده: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا استسقى قَالَ: " اللَّهُمَّ اسْقِ عِبَادك وبهائمك 000 " الحَدِيث. وَلم يعرض لشَيْء مِنْهُ، وَهُوَ حَدِيث إِنَّمَا يرويهِ عَليّ بن قادم، عَن سُفْيَان، عَن يحيى بن سعيد، عَن عَمْرو بن شُعَيْب. وَعلي بن قادم وَإِن كَانَ صَدُوقًا فَإِنَّهُ يستضعف. قَالَ فِيهِ ابْن معِين: ضَعِيف. وَقَالَ أَبُو أَحْمد: نقمت عَلَيْهِ أَحَادِيث رَوَاهَا عَن الثَّوْريّ غير مَحْفُوظَة. وَحَدِيثه هَذَا عَن الثَّوْريّ كَمَا ترى، فَأَقل مَا كَانَ يلْزم، التَّنْبِيه على كَون الحَدِيث من رِوَايَته، وَالله الْمُوفق. (919) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار، عَن عَليّ بن يزِيد، عَن الْقَاسِم، عَن أبي أُمَامَة، عَن أبي عُبَيْدَة بن الْجراح، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن أفضل الصَّلَوَات صَلَاة الصُّبْح يَوْم الْجُمُعَة فِي جمَاعَة " الحَدِيث. وَلم يقل فِيهِ شَيْئا، إِمَّا تسامحا لما كَانَ من فَضَائِل الْأَعْمَال، وَإِمَّا لِأَنَّهُ قد أبرز من إِسْنَاده من يعتل بِهِ، اعْتِمَادًا على مَا قدم فيهم، وَأي ذَلِك كَانَ، فقد طوى ذكره من هُوَ أَيْضا ضَعِيف، وَإِن كَانَ لَا بَأْس بِهِ عِنْد بَعضهم، وَهُوَ عبد الله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 203 ابْن زحر فَعَنْهُ ذكره الْبَزَّار وَهُوَ يرويهِ عَن عَليّ بن يزِيد. وَلَا نَدْرِي من أَضْعَف: أعلي بن يزِيد، أم عبيد الله بن زحر؟ فكلاهما مُنكر الحَدِيث. قَالَ أَبُو حَاتِم البستي: يروي عَن عَليّ بن يزِيد الطَّامَّات، وَإِذا اجْتمع فِي إِسْنَاد خبر عبيد الله بن زحر، وَعلي بن يزِيد، وَالقَاسِم أَبُو عبد الرَّحْمَن، فَلَا / يكون ذَلِك الْخَبَر إِلَّا مِمَّا عملته أَيْديهم، فَلَا يحل الِاحْتِجَاج بِهَذِهِ الصَّحِيفَة، بل التنكب عَن رِوَايَة ابْن زحر على الْأَحْوَال / أولى. قَالَ ابْن معِين: كل حَدِيثه عِنْدِي ضَعِيف. انْتهى كَلَام البستي. وَهُوَ مغن عَن طَوِيل مَا لَهُم فِي هَذَا الْإِسْنَاد. (920) وَقد ذكر أَبُو مُحَمَّد فِي الطَّهَارَة حَدِيث: " يطهر الْمُؤمن ثَلَاثَة أَحْجَار وَالْمَاء والطين " من عِنْد أبي أَحْمد. فَقَالَ فِيهِ: أَضْعَف من فِي هَذَا الْإِسْنَاد عَليّ بن يزِيد. وَعبيد الله وَالقَاسِم، قد تكلم فيهمَا. (921) وَذكر من طَرِيق ابْن أبي شيبَة، حَدِيث قيس بن سعد بن عبَادَة، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 204 عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن رَبِّي حرم الْخمر والكوبة والقنين ". ثمَّ قَالَ: فِي إِسْنَاده يحيى بن أَيُّوب الْمصْرِيّ، عَن عبيد الله بن زحر. وَعبيد الله هَذَا، ضعفه [أَحْمد] بن حَنْبَل، وَابْن معِين، وَأَبُو حَاتِم، وَابْن الْمَدِينِيّ وَقَالَ فِيهِ أَبُو زرْعَة: " صَدُوق ". وَوَثَّقَهُ البُخَارِيّ. وَالْمَقْصُود هُوَ أَن ترك ذكره، والتنبيه على كَون الحَدِيث من رِوَايَته، تبرئة لَهُ فاعلمه. (922) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد، عَن قيس بن الرّبيع، عَن شُعْبَة، عَن أبي جَمْرَة، عَن ابْن عَبَّاس، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " كفن فِي قطيفة حَمْرَاء ". ثمَّ رده بِأَن قَالَ: قيس بن الرّبيع لَا يحْتَج بِهِ. وَإِنَّمَا الصَّحِيح مَا رَوَاهُ مُسلم، من حَدِيث غنْدر، ووكيع، وَيحيى بن سعيد، عَن شُعْبَة بِهَذَا الْإِسْنَاد: (923) " جعل فِي قبر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قطيفة حَمْرَاء " انْتهى مَا ذكر. وَعلة هَذَا الْخَبَر فِي الْحَقِيقَة، إِنَّمَا هِيَ مَا ثَبت من أَنه عَلَيْهِ السَّلَام " كفن فِي ثَلَاثَة أَثوَاب بيض ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 205 فَأَما جعل القطيفة فِي الْقَبْر، فَغير مُنَاقض للتكفين فِي قطيفة أُخْرَى مثلهَا، فالقطائف الْحمر كَثِيرَة، وَلَيْسَ هَذَا بمقصود، وَإِنَّمَا الْمَقْصُود أَنه طوى ذكر من هُوَ مثل قيس بن الرّبيع، أَو أَسْوَأ حَالا، فَإِن قيسا غَايَة مَا رمي بِهِ حَدِيثه، مَا اعتراه من سوء الْحِفْظ حِين ولي الْقَضَاء، كشريك، وَابْن أبي ليلى. والْحَدِيث الْمَذْكُور يرويهِ عَن قيس، مُحَمَّد بن مُصعب / القرقساني. وَأَبُو مُحَمَّد قد تولى تَضْعِيفه، وَذكر أَقْوَال النَّاس فِيهِ فِي مَوَاضِع، وَقد مر ذكره مَرَّات. (924) فَمِنْهَا: حَدِيث: " كَانَ يرفع يَدَيْهِ فِي كل خفض وَرفع ". قَالَ فِيهِ بإثره: كَانَت فِيهِ غَفلَة شَدِيدَة. (925) وَكَذَلِكَ حَدِيث: " أعْتقهَا وَلَدهَا ". وَغلط فِي جعله رَاوِيا لذَلِك الحَدِيث. والْحَدِيث الْمَذْكُور الْآن، هُوَ عِنْد أبي أَحْمد هَكَذَا: حَدثنَا الْحسن بن عبد الله الْقطَّان، قَالَ: حَدثنَا أَيُّوب الْوزان قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن مُصعب، قَالَ: حَدثنَا قيس، عَن شُعْبَة، عَن أبي جَمْرَة، عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كفن فِي قطيفة حَمْرَاء ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 206 وَلَقَد أَخَاف أَن يكون تصحف لبَعض رُوَاته أَو رُوَاة الْكتاب " الْكَامِل " الَّذِي هُوَ فِيهِ، لفظ " دفن " ب " كفن "، وَالله أعلم. (926) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار، عَن عَاصِم بن عبيد الله، عَن عبد الله بن عَامر بن ربيعَة، عَن أَبِيه، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " قَامَ على قبر عُثْمَان بن مَظْعُون بَعْدَمَا دَفنه، وَأمر فرش عَلَيْهِ بِالْمَاءِ ". ثمَّ قَالَ: قد تقدم ذكر عَاصِم. لم يعرض لَهُ بِأَكْثَرَ من هَذَا، وَفِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث من هُوَ أَضْعَف من عَاصِم، فَلَا يَنْبَغِي أَن يطوى ذكره، إِذْ لَعَلَّ الْجِنَايَة مِنْهُ. قَالَ الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله، قَالَ: حَدثنَا يُونُس قَالَ: حَدثنَا الْعمريّ، عَن عَاصِم بن عبيد الله، عَن عبد الله بن عَامر بن ربيعَة، عَن أَبِيه فَذكره. العمريون كثير، وَمِنْهُم عَاصِم بن عبيد الله هَذَا، وَأكْثر مَا يَقع فِي الْإِسْنَاد هَكَذَا " الْعمريّ " غير مُسَمّى، عبد الله بن عمر بن حَفْص بن عَاصِم، وَمَعَ هَذَا فقد تبين أَن الْعمريّ الْمَذْكُور فِي هَذَا الْإِسْنَاد، الرَّاوِي لَهُ عَن عَاصِم بن عبيد الله، هُوَ الْقَاسِم بن عبد الله الْعمريّ. وَتبين ذَلِك فِي كتاب / الْبَزَّار، فَإِنَّهُ سَاق جملَة أَحَادِيث بِهَذَا الْإِسْنَاد، أَعنِي عَن عَاصِم بن عبيد الله، عَن عبد الله بن عَامر بن ربيعَة، عَن أَبِيه، من الجزء: 3 ¦ الصفحة: 207 رِوَايَة الْعمريّ عَنهُ، وَهُوَ فِي بَعْضهَا مُسَمّى كَمَا قُلْنَاهُ، من جُمْلَتهَا هَذَا الحَدِيث. وَالقَاسِم الْمَذْكُور، هُوَ أَخُو عبيد الله، وَعبد الله، وَكلهمْ بَنو عمر بن حَفْص بن عَاصِم بن عمر بن الْخطاب، وَهُوَ ضَعِيف جدا. قَالَ ابْن حَنْبَل: هُوَ / مدنِي كَذَّاب، كَانَ يضع الحَدِيث، ترك النَّاس حَدِيثه. وَمِنْهُم من يَقُول: مَتْرُوك. وَمِنْهُم من يَقُول: مُنكر الحَدِيث. وَقَالَ أَبُو زرْعَة: لَا يُسَاوِي شَيْئا. (927) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد، من حَدِيث أبي الْمهْدي: سعيد بن سِنَان، عَن أبي الزَّاهِرِيَّة: كثير بن مرّة، قَالَ: سَمِعت عمر بن الْخطاب يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تبنى كَنِيسَة فِي الْإِسْلَام، وَلَا يجدد مَا خرب مِنْهَا ". ثمَّ قَالَ: أَبُو الْمهْدي كَانَ رجلا صَالحا، من صالحي أهل الشَّام، وَلَكِن حَدِيثه ضَعِيف لَا يحْتَج بِهِ. انْتهى كَلَامه. فَنَقُول - وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق -: قد تبين فِي بَاب النَّقْص من الْأَسَانِيد، الْفساد الْوَاقِع فِي هَذَا الحَدِيث، بِسُقُوط " عَن " بَين أبي الزَّاهِرِيَّة وَكثير بن مرّة، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 208 ونريد الْآن بَيَان مَا لهَذَا الْبَاب، من كَونه طوى ذكر من يرويهِ عَن أبي الْمهْدي، وَهُوَ مَتْرُوك. قَالَ أَبُو أَحْمد: حَدثنَا الْحسن بن سُفْيَان، حَدثنَا مُحَمَّد بن جَامع، حَدثنَا سعيد بن عبد الْجَبَّار، عَن أبي الْمهْدي، فَذكره. سعيد بن عبد الْجَبَّار الْحِمصِي، ضَعِيف، بل مَتْرُوك. حكى البُخَارِيّ أَن جرير بن عبد الحميد كَانَ يكذبهُ. وَمُحَمّد بن جَامع، أَبُو عبد الله الْعَطَّار، بَصرِي مَعْرُوف بالرواية عَنهُ، وَعَن حَمَّاد بن زيد، ومعتمر بن سُلَيْمَان، وخَالِد بن الْحَارِث، وَهُوَ أَيْضا لَيْسَ بصدوق، قَالَه أَبُو زرْعَة، وَلم يقْرَأ عَلَيْهِم حَدِيثه. وَامْتنع أَبُو حَاتِم من الرِّوَايَة عَنهُ. فَهَذَا شَأْن هَذَا الحَدِيث، فَلَعَلَّ أَبَا الْمهْدي لَا ذَنْب لَهُ، وَنحن نلومه. (928) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد، عَن نوح بن أبي مَرْيَم، عَن مقَاتل بن حَيَّان، عَن الْحسن، عَن جَابر بن عبد الله، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يتربص بالغريق يَوْم وَلَيْلَة ثمَّ يدْفن ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 209 ثمَّ رده بِأَن قَالَ: لم يسمع الْحسن من جَابر، ونوح مَتْرُوك. هَذَا مَا ذكره بِهِ، وَقد طوى ذكر سلم بن سَالم، رَاوِيه عَن نوح بن أبي مَرْيَم، وَهُوَ مُتَّهم. وَقد ذكره أَبُو أَحْمد فِي بَاب سلم بن سَالم، وَفِي بَاب نوح، وَإِن كَانَ قد قَالَ: لَعَلَّ الْبلَاء فِيهِ من نوح / وَسَالم سلما، وَلَكِن مَعَ ذَلِك لَا يَنْقَطِع عَن سلم الاتهام بِهِ فَإِنَّهُ مَتْرُوك مُتَّهم. قَالَ أَبُو زرْعَة: مَا أعلم أَنه حدثت عَنهُ إِلَّا مرّة، قيل لَهُ: كَيفَ كَانَ فِي الحَدِيث؟ قَالَ: لَا يكْتب حَدِيثه، كَانَ مرجئا، وَكَانَ لَا - وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى فِيهِ -. قَالَ ابْن أبي حَاتِم: يَعْنِي لَا يصدق. وَقَالَ أَبُو أَحْمد بن عدي: سَمِعت إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم يَقُول: (929) سُئِلَ ابْن الْمُبَارك عَن الحَدِيث الَّذِي يحدثه فِي أكل العدس: " إِنَّه قدس على لِسَان سبعين نَبيا "، فَقَالَ: لَا، وَلَا على لِسَان نَبِي وَاحِد، إِنَّه لموذ، منفخ من يُحَدثكُمْ هَذَا؟ قَالُوا: سلم بن سَالم، قَالَ: عَمَّن؟ قَالُوا: عَنْك، قَالَ: وعني أَيْضا؟ ! وَقَالَ ابْن معِين: لَيْسَ بِشَيْء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 210 وَقَالَ نعيم بن حَمَّاد: سَمِعت ابْن الْمُبَارك - وَذكر عِنْده حَدِيث لسلم بن سَالم - فَقَالَ: هَذَا من عقارب سلم. وَقَالَ أَبُو زرْعَة: أَخْبرنِي بعض الخراسانيين، قَالَ: سَمِعت ابْن الْمُبَارك يَقُول: اتَّقِ حيات سلم لَا تلسعك. وَقَالَ فِيهِ النَّسَائِيّ: ضَعِيف. هَذَا هُوَ الصَّحِيح فِي أَمر هَذَا الرجل: إِنَّه ضَعِيف، لَا مَا قَالَه أَبُو أَحْمد، من أَنه لَا بَأْس بِهِ. فَلَيْسَ يَنْبَغِي أَن يحمل على نوح بن أبي مَرْيَم، وَإِن كَانَ متروكا، فِي حَدِيث إِنَّمَا جَاءَنَا عَنهُ على لِسَان ضَعِيف. (930) وَذكر / من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، عَن عَمْرو بن أبي عَمْرو، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَيْسَ عَلَيْكُم فِي ميتكم غسل إِذا غسلتموه؛ إِن ميتكم لَيْسَ بِنَجس، فحسبكم أَن تغسلوا أَيْدِيكُم ". ثمَّ قَالَ: عَمْرو بن أبي عَمْرو لَا يحْتَج بِهِ. (931) وَسَيَأْتِي ذكره فِي " رجم الَّذِي يعْمل عمل قوم لوط " بِأَكْثَرَ من هَذَا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 211 ثمَّ قَالَ: وَإِسْنَاده عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن سعيد، حَدثنَا أَبُو شيبَة: إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن أبي شيبَة، حَدثنَا خَالِد بن مخلد، حَدثنَا سُلَيْمَان بن بِلَال، عَن عَمْرو بن أبي عَمْرو. فَذكره. انْتهى مَا ذكر. وَيُشبه أَن يكون قد تَبرأ من عهدته لما ذكر إِسْنَاده، هَذَا هُوَ ظَاهر أمره فِي الْأَحَادِيث الَّتِي يذكرهَا بأسانيدها، أَنه لم يحكم عَلَيْهَا بِشَيْء، وَإِنَّمَا تَركهَا لنظر الْمطَالع. وَقد ينْدر لَهُ خلاف هَذَا، أَن يذكر إِسْنَاد مَا هُوَ عِنْده صَحِيح / أَو بعضه. (932) كَمَا فعل فِي قصَّة كَعْب بن الْأَشْرَف، فَإِنَّهُ سَاقه من طَرِيق مُسلم فَقَالَ: عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن عَمْرو بن دِينَار قَالَ: سَمِعت جَابِرا. فَذكره. وَإِلَى هَذَا، فَاعْلَم أَن أَبَا شيبَة أولى بِالْحملِ عَلَيْهِ فِي هَذَا الحَدِيث من عَمْرو ابْن أبي عَمْرو، فَإِنَّهُ ضَعِيف، وَعَمْرو بن أبي عَمْرو مُخْتَلف فِيهِ. وَقد تقدم لأبي مُحَمَّد تَضْعِيف أبي شيبَة فِي كتاب الْجَنَائِز. فَاعْلَم ذَلِك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 212 (933) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث غورك بن الخضرم أبي عبد الله، عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد، عَن أَبِيه، عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " فِي الْخَيل السَّائِمَة، فِي كل فرس دِينَار ". ثمَّ قَالَ: تفرد بِهِ غورك [وَهُوَ ضَعِيف جدا. هَذَا مَا ذكر، وَقد أَسَاءَ فِي ترك ذكر من دون غورك] وهم جمَاعَة ضعفاء. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: أَخْبرنِي أَحْمد بن عَبْدَانِ الشِّيرَازِيّ فِيمَا كتب إِلَيّ، أَن مُحَمَّد بن مُوسَى الْحَارِثِيّ، حَدثهمْ قَالَ: أخبرنَا إِسْمَاعِيل بن يحيى بن بَحر الْكرْمَانِي، قَالَ: حَدثنَا اللَّيْث بن حَمَّاد الْإِصْطَخْرِي قَالَ: حَدثنَا أَبُو يُوسُف، عَن غورك بن الخضرم، أبي عبد الله، عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد، عَن أَبِيه، عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " فِي الْخَيل السَّائِمَة، فِي كل فرس دِينَار ". ثمَّ قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: تفرد بِهِ غورك عَن جَعْفَر، وَهُوَ ضَعِيف جدا، وَمن دونه ضعفاء. هَذَا نَص مَا ذكره بِهِ الدَّارَقُطْنِيّ. وَقد طوى أَبُو مُحَمَّد ذَلِك كُله، وَاقْتصر على غورك بن الخضرم. وَأَبُو يُوسُف، هُوَ القَاضِي، وَهُوَ مَحْمُول عَلَيْهِ عِنْدهم، فَاعْلَم ذَلِك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 213 (934) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار حَدِيث: " من مَاتَ وَعَلِيهِ صِيَام فليصم عَنهُ وليه إِن شَاءَ ". واقتطع إِسْنَاده من ابْن لَهِيعَة، وطوى ذكر الرَّاوِي لَهُ عَنهُ، وَهُوَ يحيى بن كثير الزيَادي، أَبُو النَّضر وَهُوَ عِنْدهم ضَعِيف. (935) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، عَن سُفْيَان بن بشر قَالَ: حَدثنَا عَليّ بن مسْهر، عَن عبيد الله بن عمر، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ فِي قَضَاء رَمَضَان: " إِن شَاءَ فرق، وَإِن شَاءَ تَابع ". ثمَّ قَالَ: لم يسْندهُ غير سُفْيَان بن بشر هَكَذَا أوردهُ وَلم يبين لَهُ فِي / الْحَقِيقَة عِلّة، فَإِنَّهُ لم يتَقَدَّم لَهُ قَول فِي سُفْيَان بن بشر، وَالرجل غير مَعْرُوف الْحَال. وَالَّذِي لأَجله كتبناه الْآن، هُوَ أَنه حَدِيث يرويهِ الدَّارَقُطْنِيّ هَكَذَا: حَدثنَا أَبُو الْحسن: عبد الْبَاقِي بن قَانِع القَاضِي، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن مَنْصُور الْفَقِيه، أَبُو إِسْمَاعِيل، وَمُحَمّد بن عُثْمَان، قَالَا: حَدثنَا سُفْيَان / بن بشر، فَذكره. وَأَقل مَا كَانَ عَلَيْهِ أَن يبين أَنه من رِوَايَة عبد الْبَاقِي إِحَالَة على مَا تقدم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 214 فِيهِ مِمَّا ذَكرْنَاهُ الْآن، إِثْر حَدِيث ابْن عَبَّاس، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (936) " كَانَ يصبح وَلم يجمع الصَّوْم، فيبدو لَهُ فيصوم ". من تَضْعِيفه إِيَّاه، وَترك أَصْحَاب الحَدِيث [لَهُ] واختلاط عقله قبل مَوته بِسنة. (937) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا، عَن مقَاتل بن سُلَيْمَان، عَن عَطاء، عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من أفطر يَوْمًا من شهر رَمَضَان فليهد بَدَنَة " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: مقَاتل بن سُلَيْمَان مَتْرُوك. هَذَا مَا ذكره بِهِ، وَهُوَ كَمَا قَالَ، وَلكنه ترك دونه من يُمكن أَن يكون لغيره فِيهِ نظر، وَذكره كَانَ أَبْرَأ للعهدة، وَإِن كَانَ مقَاتل ضَعِيفا جدا. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا عُثْمَان بن أَحْمد الدقاق، قَالَ: حَدثنَا أَحْمد بن خَالِد بن عَمْرو الْحِمصِي، حَدثنَا أبي، حَدثنَا الْحَارِث بن عُبَيْدَة الكلَاعِي، حَدثنَا مقَاتل بن سُلَيْمَان. فَذكره. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: الْحَارِث بن عُبَيْدَة، وَمُقَاتِل، ضعيفان. هَذَا فعل الدَّارَقُطْنِيّ مخرجه، قد تَبرأ من عُهْدَة الحَدِيث بِتَضْعِيف الْحَارِث ابْن عُبَيْدَة وَمُقَاتِل جَمِيعًا، فَمَا بَال أبي مُحَمَّد يقْتَصر على مقَاتل؟ وَلَعَلَّه مَكْذُوب عَلَيْهِ فِيهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 215 وَإِلَى ذَلِك فَإِن أَحْمد بن خَالِد، وأباه خَالِد بن عَمْرو، لَا أعرف حَالهمَا. (938) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد، من حَدِيث عمر بن مُوسَى الوجيهي - وَهُوَ مَتْرُوك - عَن مَكْحُول، عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يتَزَوَّج الْمَمْلُوك فَوق اثْنَتَيْنِ ". هَكَذَا ذكره، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة بَقِيَّة عَن الوجيهي /. (939) وَذكر عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده، حَدِيث: " فَإِذا اسْتردَّ الْوَاهِب مَا وهب، فليوقف " الحَدِيث. وَلم يبين أَنه من رِوَايَة أُسَامَة بن زيد عَن عَمْرو، وَهُوَ مُخْتَلف فِيهِ. (940) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ، من حَدِيث ابْن جريج وَيحيى بن سعيد، عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَدِيث: " لَيْسَ لقَاتل من الْمِيرَاث شَيْء ". وَلم يقل فِيهِ إِلَّا أَن جمَاعَة روته مُرْسلا، عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن عمر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 216 والْحَدِيث الْمَذْكُور إِنَّمَا رَوَاهُ عَن ابْن جريج وَيحيى بن سعيد، إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، وَهُوَ يُضعفهُ إِذا روى عَن غير الشاميين، فَكَانَ عَلَيْهِ أَن يبين ذَلِك وَلم يفعل. (941) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، من رِوَايَة إِسْحَاق بن الفراث، عَن اللَّيْث بن سعد، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " رد الْيَمين على صَاحب الْحق ". قَالَ: وَإِسْحَاق ضَعِيف. كَذَا قَالَ: وطوى ذكر من دون إِسْحَاق، وَإِسْحَاق خير مِمَّن دونه، وَأَنه - أَعنِي إِسْحَاق بن الفراث بن الْجَعْد بن سليم مولى مُعَاوِيَة بن خديج - فَقِيه ولي الْقَضَاء بِمصْر، خَليفَة لمُحَمد بن مَسْرُوق الْكِنْدِيّ، يكنى أَبَا نعيم، يروي عَن مَالك، وَاللَّيْث، وَيحيى بن أَيُّوب، والمفضل بن فضَالة، وَحميد بن هَانِئ. وَلم يعرفهُ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ، وَذَلِكَ أَنه سُئِلَ عَنهُ فَقَالَ: شيخ لَيْسَ بالمشهور. وَقَالَ مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم: مَا رَأينَا قَاضِيا أفضل مِنْهُ، وَكَانَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 217 عَالما. وَقَالَ بَحر بن نصر: سَمِعت ابْن علية يَقُول: مَا رَأَيْت ببلدكم أحدا يحسن الْعلم إِلَّا ابْن الفراث. قَالَ ابْن الْوَزير: وَكَانَ من أكَابِر أَصْحَاب مَالك. وَكَانَ لَقِي القَاضِي أَبَا يُوسُف بِالْبَصْرَةِ وَأخذ عَنهُ، وَكَانَ يتَخَيَّر فِي الْأَحْكَام، وَولي الْقَضَاء، وَكَانَ موفقا سديدا. قَالَ ابْن الْوَزير: وسمعته يَقُول: ولدت سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَمِائَة. قَالَ أَبُو سعيد / بن يُونُس: توفّي لَيْلَة الْجُمُعَة لليلتين خلتا / من ذِي الْحجَّة أَربع وَمِائَتَيْنِ، وَله أَخ يُقَال لَهُ: يحيى بن الفراث من أكَابِر أَصْحَاب مَالك. هَذَا كل الَّذِي ذكر بِهِ هُوَ من كتاب تَارِيخ المصريين لأبي سعيد بن يُونُس. وَإسْنَاد الحَدِيث الْمَذْكُور هُوَ هَذَا: قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا أَبُو هُرَيْرَة الْأَنْطَاكِي: مُحَمَّد بن عَليّ بن حَمْزَة بن صَالح، حَدثنَا يزِيد بن مُحَمَّد، حَدثنَا سُلَيْمَان بن عبد الرَّحْمَن، حَدثنَا مُحَمَّد بن مَسْرُوق، عَن إِسْحَاق بن الفراث، فَذكره. سُلَيْمَان بن عبد الرَّحْمَن، هُوَ ابْن بنت شُرَحْبِيل الدِّمَشْقِي، وَهُوَ مُخْتَلف فِيهِ، إِلَّا أَنه كَانَ أروى النَّاس عَن المجهولين، وَكَانَت فِيهِ غَفلَة، وَكَانَ فِي حد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 218 لَو أَن رجلا وضع لَهُ حَدِيثا لم يفهم، وَكَانَ لَا يُمَيّز. وَمُحَمّد بن مَسْرُوق لَا تعرف لَهُ حَال، روى عَنهُ هِشَام بن عمار، ومُوسَى ابْن عبد الرَّحْمَن الْمَسْرُوقي، فَاعْلَم ذَلِك. (942) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد، من حَدِيث حجاج بن تَمِيم، عَن مَيْمُون بن مهْرَان، عَن ابْن عَبَّاس، أَن عبدا من رَقِيق الْخمس سرق. الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: حجاج لَيست رِوَايَته عَن مَيْمُون بمستقيمة. هَذَا مَا ذكره بِهِ، وَقد طوى ذكر جبارَة بن مغلس، رَاوِيه عَن حجاج، وَقد تقدم الْآن القَوْل فِيهِ. (943) وَذكر أَيْضا من طَرِيقه من حَدِيث عبد الحميد بن بهْرَام، عَن شهر بن حَوْشَب، قَالَ: قَالَ ابْن عَبَّاس: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الذَّبِيحَة أَن تفرس قبل أَن تَمُوت ". (944) وَذكر بِهِ أَيْضا حَدِيث آخر، وَهُوَ: " النَّهْي عَن ذَبِيحَة نَصَارَى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 219 الْعَرَب ". وَنبهَ على مَا قدم من ضعف شهر وَالْخلاف فِيهِ. وَلم يبين أَنَّهُمَا من رِوَايَة جبارَة بن الْمُغلس أَيْضا، عَن عبد الحميد الْمَذْكُور. (945) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن عبيد الله بن أبي زِيَاد القداح. عَن أبي الزبير، عَن جَابر، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " ذَكَاة الْجَنِين ذَكَاة أمه ". وَضَعفه بِضعْف القداح. وَلم يبين أَنه من رِوَايَة عتاب بن بشير عَنهُ. وعتاب بن بشير أَبُو الْحسن الْحَرَّانِي زَعَمُوا أَنه روى بآخرة أَحَادِيث / مُنكرَة، وَأَنه اخْتَلَط عَلَيْهِ الْعرض وَالسَّمَاع، فتكلموا فِيهِ. وَهَذَا عِنْدِي من الوسواس، وَلَا يضرّهُ ذَلِك، فَإِن كل وَاحِد مِنْهُمَا تحمل صَحِيح، وَإِنَّمَا ذَكرْنَاهُ لِأَنَّهُ مُخْتَلف فِيهِ بَينهم. (946) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد، من حَدِيث مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 220 الطفَاوِي، عَن هِشَام، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " كَانَ إِذا أكل الطَّعَام أَو الإدام أكل بِثَلَاث أَصَابِع ". ثمَّ قَالَ: هَذَا الحَدِيث ضَعِيف، وَقد وَقع ذكر الطفَاوِي فِي الطِّبّ، قَالَ: وَقد رَوَاهُ عَنهُ الطفَاوِي أَيْضا. انْتهى كَلَامه. (947) وَقد بَين كَمَا ذكر أَمر الطفَاوِي [إِثْر حَدِيث عَائِشَة فِيمَا ينفع من الجذام] . وأسوأ مَا ذكره بِهِ أَنه مُنكر الحَدِيث. وَالَّذِي لأَجله كتبنَا الْآن هَذَا الحَدِيث، هُوَ أَنه من رِوَايَة عَمْرو بن عبد الْجَبَّار، عَن الطفَاوِي. وَقد كرر أَبُو أَحْمد ذكره فِي بَابه، وَأنْكرهُ عَلَيْهِ فِي جملَة مَا أورد لَهُ وَلم يخص بِهِ الطفَاوِي، بل جَازَ عِنْده أَن تكون الْجِنَايَة من عَمْرو، فالاقتصار على الطفَاوِي فِي تَعْلِيله لَا معنى لَهُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 221 (948) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن ابْن لعطاء بن أبي رَبَاح، عَن أَبِيه، عَن ابْن عَبَّاس [قَالَ] رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تشْربُوا نفسا وَاحِدًا كشرب الْبَعِير " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ فِيهِ: غَرِيب. لم يذكرهُ بِأَكْثَرَ من هَذَا، وَوَجَب ذكره فِي هَذَا الْبَاب؛ لِأَنَّهُ لما اقتطع ذكره من ابْن عَطاء، [ثمَّ] لم يقْض عَلَيْهِ بِالصِّحَّةِ، كَانَ ذَلِك موهما أَنه لَا عيب لَهُ فِيمَا ترك من إِسْنَاده. وَلَيْسَ كَذَلِك، بل هُوَ من رِوَايَة يزِيد بن سِنَان الْجَزرِي أبي فَرْوَة عَن ابْن عَطاء الْمَذْكُور، وَيزِيد ضَعِيف عِنْدهم. (949) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد، من حَدِيث عِيسَى بن إِبْرَاهِيم بن طهْمَان الْهَاشِمِي، عَن مُوسَى بن أبي حبيب، عَن الحكم بن عُمَيْر - وَكَانَ من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " رخص رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي لِبَاس الْحَرِير عِنْد الْقِتَال ". ثمَّ قَالَ: عِيسَى ضَعِيف عِنْدهم، بل مَتْرُوك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 222 لم يزدْ على هَذَا، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة / بَقِيَّة، عَن عِيسَى، وَهُوَ عِنْده / لَا يحْتَج بِهِ، وَلَا بَين أَيْضا أَن مُوسَى بن أبي حبيب ضَعِيف، إِلَّا أَنه أبرزه. (950) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا، عَن سعيد بن بشير، عَن قَتَادَة، عَن الْحسن، عَن أنس: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن حلق الْقَفَا بِالْمُوسَى إِلَّا عِنْد الْحجامَة ". ثمَّ أتبعه أَنه متن مُنكر، وتضعيف سعيد بن بشير بِأَنَّهُ يهم فِي الشَّيْء بعد الشَّيْء، وَالْغَالِب على حَدِيثه الاسْتقَامَة، وَعَلِيهِ الصدْق. وَلم يبين أَنه من رِوَايَة سُلَيْمَان بن عبد الرَّحْمَن الدِّمَشْقِي، ابْن بنت شُرَحْبِيل، عَن الْوَلِيد بن مُسلم، عَنهُ. وَسليمَان مُغفل، قد مر ذكره. (951) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا عَن خَارِجَة بن مُصعب، عَن عبد الحميد ابْن سُهَيْل، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا لم يكن على الْبَاب ستر وَلَا بَاب، فَلَا بَأْس أَن يطلع فِي الدَّار ". ثمَّ ضعفه من أجل خَارِجَة الْمَذْكُور، وطوى ذكر رَاوِيه عَنهُ، وَهُوَ خَالِد بن أَيُّوب وَلَا أعرفهُ إِلَّا الْبَصْرِيّ، وَهُوَ ضَعِيف عِنْدهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 223 وَيَرْوِيه عَن خَالِد وَارِث بن الْفضل، وَهُوَ لَا تعرف حَاله، وَكَذَا وَقع فِي النُّسْخَة: عبد الحميد، وَصَوَابه: عبد الْمجِيد، وَقد بيّنت ذَلِك فِي بَاب الْأَسْمَاء الْمُغيرَة عَمَّا هِيَ عَلَيْهِ. (952) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا من حَدِيث عبد الله بن مُحَمَّد بن الْمُغيرَة، عَن سُفْيَان الثَّوْريّ، عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر، عَن جَابر: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يقْعد الرجل بَين الظل وَالشَّمْس، وَقَالَ: إِنَّه مقْعد الشَّيْطَان ". ثمَّ قَالَ فِي عبد الله هَذَا: لَيْسَ بِالْقَوِيّ. وَترك أَن يبين أَنه من رِوَايَة مِقْدَام بن دَاوُد عَنهُ، وَهُوَ مُخْتَلف فِيهِ. قَالَ أَبُو أَحْمد: حَدثنَا مُحَمَّد بن أبي عَليّ، حَدثنَا مِقْدَام، فَذكره. وَقَالَ: لَا أعلم يرويهِ عَن الثَّوْريّ غير عبد الله بن مُحَمَّد. (953) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا حَدِيث ابْن عَبَّاس: {فَلَمَّا بلغا مجمع بَينهمَا} قَالَ: إفريقية. ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: هَذَا يرويهِ مُحَمَّد بن أبان بن صَالح، وَكَانَ من رُؤُوس المرجئة، فَتكلم فِيهِ من أجل ذَلِك، وَمَعَ ذَلِك يكْتب حَدِيثه. هَذَا مَا ذكر، وَهُوَ كَمَا قَالَ، إِلَّا أَنه / ترك أَن يبين أَنه من رِوَايَة ابْن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 224 الْحمانِي عَنهُ. وَقَالَ أَبُو أَحْمد: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن فُضَيْل، قَالَ: حَدثنَا يُوسُف ابْن سعيد بن مُسلم، قَالَ: أمْلى عَليّ ابْن الْحمانِي، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن أبان، عَن أبي إِسْحَاق، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: {فَلَمَّا بلغا مجمع بَينهمَا} قَالَ: " إفريقية ". وَيحيى بن عبد الحميد الْحمانِي، لَا يَنْبَغِي أَن يطوى ذكره، فَإِن جمَاعَة - وهم الْأَكْثَرُونَ - يضعفونه، بل كَانَ أَحْمد بن حَنْبَل يكذبهُ. وَترك الرِّوَايَة عَنهُ ابْن نمير، وَأَبُو زرْعَة. وَسُئِلَ عَليّ بن الْحُسَيْن بن الْجُنَيْد: أيكتب حَدِيثه؟ قَالَ: لَا. وَكَانَ ابْن معِين فِي كل الرِّوَايَات عَنهُ يوثقه ويثني عَلَيْهِ. وَأما مَا يُوهِمهُ إِيرَاد أبي مُحَمَّد لهَذَا الحَدِيث - من كَونه مَوْقُوفا، وَهُوَ عِنْد أبي أَحْمد مَرْفُوع - فقد بَيناهُ فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا مَوْقُوفَة وَهِي مَرْفُوعَة. قد ذكرنَا من هَذَا الْقسم مَا كَانَ الْمَسْكُوت عَنهُ، الْمَتْرُوك ذكره من رُوَاته الجزء: 3 ¦ الصفحة: 225 ضَعِيفا، وَنَذْكُر الْآن مِنْهُ [مَا كَانَ مِمَّن] لم يجر ذكره من رُوَاته مَجْهُولا. (954) فَمن ذَلِك مَا ذكر من طَرِيق أبي أَحْمد [أَيْضا] من حَدِيث الْعَلَاء بن كثير، عَن مَكْحُول، عَن أبي ذَر وَعبادَة بن الصَّامِت، قَالَا: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أقرُّوا بِالْإِيمَان، وتسموا بِهِ ". الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: الْعَلَاء بن كثير مُنكر الحَدِيث ضعيفه، وَلَا يَصح سَماع مَكْحُول / من عبَادَة وَأبي ذَر. هَذَا مَا ذكره بِهِ، وَهُوَ كَمَا قَالَ، وَلكنه ترك أَن يبين أَنه من رِوَايَة أبي غَانِم الْكَاتِب، قَالَ: حَدثنَا سُلَيْمَان بن عَمْرو، قَالَ: سَمِعت الْعَلَاء بن كثير، فَذكره. وَأَبُو غَانِم لَا تعرف حَاله، وَسليمَان بن عَمْرو لَا يعرف، إِلَّا أَن يكون النَّخعِيّ، فَهُوَ كَذَّاب. (955) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، من حَدِيث مُحَمَّد بن أبان، عَن أَيُّوب بن عَائِذ الطَّائِي، عَن مُجَاهِد، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من تَوَضَّأ وَذكر اسْم الله تطهر جسده كُله " الحَدِيث. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 226 ثمَّ قَالَ: مُحَمَّد بن أبان، لَا أعرفهُ الْآن، وَأما أَيُّوب بن / عَائِذ فمعروف، ثِقَة. انْتهى كَلَامه. وَلَقَد جعل من مُحَمَّد بن أبان مَجْهُولا، وَإِن كَانَ يغلب على الظَّن أَنه مُحَمَّد بن أبان الْجعْفِيّ، جد مشكدانة الْحَافِظ، وَهُوَ كُوفِي ضَعِيف، كَانَ رَأْسا فِي المرجئة، فَترك لأجل ذَلِك حَدِيثه. وَأَيوب بن عَائِذ أَيْضا كَذَلِك، كُوفِي، مرجئ، ذكره بذلك البُخَارِيّ ووراء هَذَا أَن فِي إِسْنَاده من لايعرف الْبَتَّةَ، وَهُوَ رَاوِيه عَن مُحَمَّد بن أبان، وَهُوَ مرداس بن مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي بردة فَاعْلَم ذَلِك. (956) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد، من رِوَايَة كثير بن شنظير عَن عَطاء، عَن جَابر، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من أدْرك رَكْعَة من الصَّلَاة، فقد أدْرك فضل الْجَمَاعَة " الحَدِيث. ثمَّ رده بِأَن قَالَ: كثير بن شنظير، لَيْسَ بِقَوي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 227 كَذَا قَالَ وَلم يزدْ. وَكثير بن شنظير، أَبُو قُرَّة لَيْسَ فِي حد من يتْرك بِهِ هَذَا الْخَبَر لَو لم يكن فِيهِ سواهُ، فقد قَالَ فِيهِ ابْن معِين: صَالح الحَدِيث. وَقد روى النَّاس عَنهُ وَاحْتَمَلُوهُ، وَأخرج لَهُ مُسلم، وَمَعَ ذَلِك فَفِي حَدِيثه لين، قَالَه أَبُو زرْعَة. وَهَذَا غير ضائر فَإِن النَّاس متفاوتون، وَإِنَّمَا الرجل قَلِيل الحَدِيث، وبحسب ذَلِك قَالَ فِيهِ من قَالَ: لَيْسَ بِالْقَوِيّ. وَقد قَالَ بِهَذَا الَّذِي قُلْنَاهُ فِيهِ، أَبُو عبد الله بن البيع الْحَاكِم. وإعراض أبي مُحَمَّد عَن جَمِيع الْإِسْنَاد إِلَّا كثير بن شنظير، عجب، وَذَلِكَ أَنه حَدِيث أوردهُ أَبُو أَحْمد فِي بَاب كثير بن شنظير، فَتوهم أَبُو مُحَمَّد - لأجل ذَلِك - أَنه لَا حمل فِيهِ إِلَّا عَلَيْهِ، وَلَيْسَ كَذَلِك، بل قبله فِي الْإِسْنَاد من يتَعَيَّن لتضعيف الْخَبَر بِهِ، وَضَعفه من أَجله. قَالَ أَبُو أَحْمد: حَدثنَا حَاجِب بن مَالك، قَالَ: حَدثنَا عباد بن الْوَلِيد الغبري قَالَ: حَدثنَا صَالح بن رزين الْمعلم، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن جَابر، عَن أبان بن طَارق، عَن كثير بن شنظير، عَن عَطاء، عَن جَابر، فَذكره. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 228 هَذَا إِسْنَاده عِنْده، وَلَيْسَ فِيهِ من دون كثير بن شنظير أحسن حَالا من كثير الْمَذْكُور. أما أبان بن طَارق، فمجهول لَا يعرف إِلَّا بحديثين، أَو ثَلَاثَة. (957) أَحدهَا [فِي قصَّة نصر مَعَ الطفيلي] / وَهُوَ رِوَايَته عَن نَافِع، عَن ابْن عمر يرفعهُ: " من أَتَى طَعَاما لم يدع إِلَيْهِ، دخل سَارِقا وَخرج مغيرا ". وَبِه ذكره أَبُو أَحْمد وَقَالَ: لَعَلَّ لَهُ حديثين أَو ثَلَاثَة، وَلَا يعرف إِلَّا بِهَذَا الحَدِيث، وَهُوَ أنكر مَا يرويهِ، أَو كلَاما هَذَا مَعْنَاهُ. وَسُئِلَ أَبُو زرْعَة عَن أبان بن طَارق هَذَا، فَقَالَ: شيخ مَجْهُول. وَمُحَمّد بن جَابر الرَّاوِي عَنهُ، إِن لم يكن اليمامي فَهُوَ مَجْهُول أَيْضا، وَصَالح بن رزين الْمعلم لَا يعرف أصلا، فَهَذِهِ حَال هَذَا الْخَبَر فاعلمه. (958) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا عَن سعيد بن زَرْبِي عَن ثَابت، عَن أنس، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الِاثْنَان جمَاعَة، وَالثَّلَاثَة جمَاعَة " الحَدِيث. ثمَّ أتبعه تَضْعِيف سعيد بن زَرْبِي، وَلم يذكرهُ غَيره. وَهَذَا الحَدِيث يرويهِ أَبُو أَحْمد هَكَذَا: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن سعيد بن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 229 خَليفَة قَالَ: حَدثنَا عباد الدَّوْرَقِي، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن الصَّلْت قَالَ: حَدثنَا سعيد بن زَرْبِي. فَذكره. وَعباد هَذَا لم أجد لَهُ ذكرا، / وَلَا أعرفهُ فِي غير هَذَا. (959) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار، من رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن أبي الزِّنَاد، عَن أَبِيه، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْهِرَّة لَا تقطع الصَّلَاة؛ إِنَّمَا هِيَ من مَتَاع الْبَيْت ". وَأتبعهُ أَن قَالَ: عبد الرَّحْمَن بن أبي الزِّنَاد يكْتب حَدِيثه على ضعفه. لم يزدْ على هَذَا. وَإِسْنَاده عِنْد الْبَزَّار هَكَذَا: حَدثنَا فردوس الوَاسِطِيّ، حَدثنَا مهْدي بن عِيسَى قَالَ: حَدثنَا ابْن أبي الزِّنَاد. فَذكره. مهْدي بن عِيسَى، أَبُو الْحسن الوَاسِطِيّ، يروي عَن حَمَّاد بن زيد، وجعفر بن سُلَيْمَان، وَعبد الله بن يحيى التوأم، وعبيس بن مَيْمُون، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 230 وخَالِد بن عبد الله، وهشيم. روى عَنهُ الرازيان، وَلم يذكر فِيهِ أَبُو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم تجريحا وَلَا تعديلا، فَهُوَ عِنْده مَجْهُول الْحَال. وَلَيْسَ فِي رِوَايَة أَبِيه وَأبي زرْعَة عَنهُ مَا يقْضِي لَهُ بِحسن الْحَال، فقد رويا عَمَّن لَا يثقان. وفردوس الوَاسِطِيّ أَيْضا لَا أعرف حَاله. (960) وَسَيَأْتِي لَهُ فِي بَاب الْأَحَادِيث المصححة / بِالسُّكُوتِ حَدِيث " التجرد والاغتسال للإهلال ". سكت عَنهُ، وَهُوَ من رِوَايَة ابْن أبي الزِّنَاد، وَفِيه من لَا يعرف، وَإِنَّمَا لم نذكرهُ هَاهُنَا لِأَنَّهُ لم يُضعفهُ، وَشرط هَذَا الْبَاب أَن يضعف الحَدِيث بِرَجُل وَيتْرك غَيره. (961) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد، من رِوَايَة حَنْظَلَة بن عبيد الله السدُوسِي، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " صلى صَلَاة لم يقْرَأ فِيهَا إِلَّا بِفَاتِحَة الْكتاب ". ورده بِأَن قَالَ: حَنْظَلَة اخْتَلَط، فَأنْكر عَلَيْهِ، وَضعف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 231 هَذَا كَمَا ذكر، وَلَكِن بَقِي عَلَيْهِ أَن يبين أَنه من رِوَايَة عبد الْملك بن خطاب بن عبيد الله بن أبي بكرَة، عَن حَنْظَلَة الْمَذْكُور. وَعبد الْملك لَا يعرف بِأَكْثَرَ من رِوَايَة مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز الرَّمْلِيّ، وَعبد الله بن الْمفضل العلاف عَنهُ، وحاله مَجْهُولَة. (962) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن سُلَيْمَان بن سَمُرَة، عَن سَمُرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ثمَّ سلمُوا على قارئكم وعَلى أَنفسكُم ". ثمَّ قَالَ: لَيْسَ هَذَا الْإِسْنَاد مَشْهُورا. كَذَا ذكره، وَلم يبرز من إِسْنَاده غير سُلَيْمَان، فَإِذن لَا يرجع قَوْله: " لَيْسَ هَذَا الْإِسْنَاد مَشْهُورا " إِلَّا إِلَيْهِ عِنْد من لَا يعرف مَا قبله، بل يظنّ أَن مَا قبله لَا نظر فِيهِ، وَلَيْسَ الْأَمر فِيهِ كَذَلِك. وَحَدِيث سَمُرَة هَذَا، لَهُ إِسْنَاد مَجْهُول قبل الْوُصُول إِلَى سُلَيْمَان، تروى بِهِ جملَة أَحَادِيث. قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا [مُحَمَّد بن دَاوُد بن سُفْيَان، حَدثنَا يحيى بن حسان، حَدثنَا سُلَيْمَان بن مُوسَى] حَدثنَا جَعْفَر بن سعد بن سَمُرَة بن جُنْدُب قَالَ: حَدثنِي خبيب بن سُلَيْمَان، عَن أَبِيه سُلَيْمَان، عَن سَمُرَة. وَلَيْسَ فِي هَذَا الْإِسْنَاد من تعرف ثقته إِلَّا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، وَقد بسطنا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 232 القَوْل فِي هَذَا الْإِسْنَاد بِأَكْثَرَ من هَذَا فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أتبعهَا [مِنْهُ] كلَاما يقْضِي ظَاهره بِصِحَّتِهَا وَلَيْسَت [كَذَلِك] بصحيحة. (963) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد، من حَدِيث يحيى بن سعيد الْحِمصِي الْعَطَّار، عَن عبد الحميد بن سُلَيْمَان، عَن أبي حَازِم، عَن سهل بن سعد، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كَانَ يمشي خلف الْجِنَازَة " الحَدِيث. ثمَّ / قَالَ: يحيى هَذَا مُنكر الحَدِيث. لم يزدْ على هَذَا، وَهُوَ كَمَا ذكر مُنكر الحَدِيث، قَالَه السَّعْدِيّ. وَقَالَ مُحَمَّد بن عَوْف: سَمِعت ابْن معِين يُضعفهُ، وَذكر أَنه احترقت كتبه، وَأَنه روى أَحَادِيث مُنكرَة. وَفِي رِوَايَة الدَّارمِيّ / عَن ابْن معِين: لَيْسَ بِشَيْء. قَالَ أَبُو أَحْمد بن عدي: لَهُ كتاب مُصَنف فِي حفظ اللِّسَان، حَدثنَا بِهِ أَحْمد بن مُحَمَّد بن عَنْبَسَة، عَن أبي التقي: هِشَام بن عبد الله، عَنهُ وَفِي ذَلِك الْكتاب أَحَادِيث لَا يُتَابع عَلَيْهَا، وَهُوَ بَين الضعْف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 233 وَالَّذِي لأَجله كتبناه الْآن هُنَا، هُوَ أَنه يرويهِ عَن يحيى بن سعيد الْمَذْكُور، سُلَيْمَان بن أبي سَلمَة، وَلَا يعرف من هُوَ، ويروي عَن سُلَيْمَان هَذَا الْحسن بن أبي معشر، شيخ أبي أَحْمد بن عدي. وَإِلَى ذَلِك فَإِن عبد الحميد بن سُلَيْمَان - أَخا فليح بن سُلَيْمَان - ضَعِيف، أَضْعَف من أَخِيه فليح، فَاعْلَم ذَلِك. (964) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد، عَن أبي معشر: نجيح، عَن سعيد المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تَقولُوا رَمَضَان؛ فَإِن رَمَضَان اسْم من أَسمَاء الله ". ثمَّ قَالَ: أَبُو معشر هَذَا، من ضعفه أَكثر مِمَّن وَثَّقَهُ، وَهُوَ مَعَ ضعفه يكْتب حَدِيثه. لم يزدْ على هَذَا، وَهَذَا الحَدِيث إِنَّمَا ذكره أَبُو أَحْمد هَكَذَا: حَدثنَا عَليّ بن سعيد، حَدثنِي مُحَمَّد بن أبي معشر، حَدثنِي أبي، عَن سعيد المَقْبُري، فَذكره. وَمُحَمّد بن أبي معشر لَا تعرف لَهُ حَال، بل لم أجد لَهُ ذكرا، غير أَنِّي أرى أَبَا أَحْمد يروي عَن عَليّ بن سعيد عَنهُ، وَعَن مُحَمَّد بن هَارُون عَنهُ، وَعَن شُعَيْب الذارع عَنهُ، وَلَا يَنْبَغِي أَن يقبل حَدِيثه حَتَّى تعرف حَاله. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 234 فَأَما أَبوهُ، فقد وَثَّقَهُ قوم وَضَعفه آخَرُونَ، وَإِنَّمَا يغلط أَبَا مُحَمَّد فِي مثل هَذَا، ذكر أبي أَحْمد للْحَدِيث فِي بَاب أبي معشر، فيظن أَن ذَلِك مِنْهُ تبرئة لِابْنِهِ الرَّاوِي لَهُ عَنهُ، فَاعْلَم ذَلِك. (965) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا، عَن مُبشر بن عبيد، عَن حميد الطَّوِيل، عَن أنس بن مَالك: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن صِيَام الدارة ". يَعْنِي آخر يَوْم من الشَّهْر. وَقَالَ فِي مُبشر بن عبيد /: مَتْرُوك. وَهَذَا الحَدِيث يرويهِ أَبُو أَحْمد، عَن ابْن قُتَيْبَة - هُوَ مُحَمَّد بن الْحسن بن قُتَيْبَة - قَالَ: حَدثنَا عِيسَى بن هِلَال، قَالَ: حَدثنَا شُرَيْح بن يزِيد، قَالَ: حَدثنَا مُبشر بن عبيد فَذكره. وَعِيسَى بن هِلَال لَيْسَ بالصدفي الْمصْرِيّ، وَلَا الْبَصْرِيّ، وَلَا أعرفهُ. (966) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا، عَن إِبْرَاهِيم بن أبي حَيَّة، عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة قَالَت: " اسْتَأْذَنت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي أَن أبتني كنيفا بمنى، فَلم يَأْذَن لي ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 235 ثمَّ قَالَ: إِبْرَاهِيم هَذَا وَثَّقَهُ ابْن معِين. وَقَالَ فِيهِ البُخَارِيّ، وَأَبُو حَاتِم: " مُنكر الحَدِيث ". لم يزدْ على هَذَا. وَهَذَا الحَدِيث إِنَّمَا يرويهِ أَبُو أَحْمد، عَن أَحْمد بن مُحَمَّد ابْن عبد الْعَزِيز بن الْجَعْد، قَالَ: حَدثنَا دَاوُد بن حَمَّاد، قَالَ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن أبي حَيَّة، فَذكره. وَدَاوُد بن حَمَّاد هَذَا، يشبه أَن يكون دَاوُد بن حَمَّاد بن فرافصة، الْبَلْخِي، كَانَ بنيسابور، يروي عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة، ووكيع، وَإِبْرَاهِيم بن الْأَشْعَث، روى عَنهُ أَبُو زرْعَة، وَأحمد بن سَلمَة النَّيْسَابُورِي. بِهَذَا ذكره ابْن أبي حَاتِم من غير مزِيد، فحاله مَجْهُولَة، وَإِن لم يكن هُوَ، فَهُوَ مَجْهُول الْعين وَالْحَال، وَالله أعلم. (967) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، عَن الْحسن بن دِينَار، عَن أبي جَعْفَر الْمَنْصُور، عَن أَبِيه، عَن جده، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اجتنبوا من النِّكَاح أَرْبعا ". وَضَعفه بالْحسنِ بن دِينَار. وَقد بَينا فِي بَاب نِسْبَة الْأَحَادِيث إِلَى غير رواتها، الْخَطَأ فِي قَوْله: " الْحسن ابْن دِينَار " وَأَن صَوَابه: " الْحسن بن عمَارَة "، وَترك الرَّاوِي عَنهُ، وَهُوَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 236 سُلَيْمَان بن عبد الْعَزِيز، فَإِنَّهُ من لَا يعرف، والراوي عَنهُ - وَهُوَ عبد الله بن سعيد، أَبُو الخصيب لَا يعرف أَيْضا من هُوَ. (968) وَذكر حَدِيث " النَّهْي عَن استرضاع الحمقاء، فَإِن اللَّبن يشبه ". وَترك من رُوَاته من لم يُنَبه عَلَيْهِ / مِمَّن هُوَ مَجْهُول لَا يعرف. وَقد كتبناه فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي لم يعبها بِغَيْر الْإِرْسَال، فأغنى ذَلِك عَن إِعَادَته هُنَا /. (969) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد، من حَدِيث سعيد بن الْمَرْزُبَان عَن يزِيد الْفَقِير، عَن جَابر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا رضَاع بعد الفصال " الحَدِيث. ثمَّ ضعفه بِأَن قَالَ: سعيد هَذَا، هُوَ أَبُو سعد الْبَقَّال، أحسن مَا قيل فِيهِ: إِنَّه [كَانَ] لَا يكذب، وَأَنه مِمَّن يكْتب حَدِيثه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 237 هَذَا مَا ذكر، وَهُوَ - أَعنِي أَبَا سعيد الْبَقَّال - ضَعِيف جدا، وَالْقَوْل فِيهِ أغْلظ مِمَّا قَالَ أَبُو مُحَمَّد، فَإِنَّهُ مُنكر الحَدِيث. وَإِلَى ذَلِك فَإِن دونه من لَا يعرف وَهُوَ أَبُو مَسْعُود اليمني، فَاعْلَم ذَلِك. (970) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا، من حَدِيث الْهَيْثَم بن جميل، حَدثنَا سُفْيَان، عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن ابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يحرم من الرَّضَاع إِلَّا مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ ". ثمَّ قَالَ: هَذَا يعرف بالهيثم، مُسْندًا، عَن ابْن عُيَيْنَة، وَغَيره يقفه على ابْن عَبَّاس. والهيثم هَذَا، سكن أنطاكية، وَيُقَال: هُوَ الْبَغْدَادِيّ، ويغلط الْكثير على الثِّقَات، كَمَا يغلط غَيره، وَأَرْجُو أَنه لَا يتَعَمَّد الْكَذِب. وَذكر أَبُو حَاتِم الْهَيْثَم هَذَا، وَقَالَ: وَثَّقَهُ أَحْمد بن حَنْبَل. انْتهى كَلَامه. وَهُوَ بِعَيْنِه كَلَام أبي أَحْمد، إِلَّا مَا حَكَاهُ عَن أبي حَاتِم. وَالْمَقْصُود أَن تعلم أَن دون الْهَيْثَم من لَا يعرف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 238 قَالَ أَبُو أَحْمد: سَمِعت عمر بن مُحَمَّد الوكيع يَقُول: حَدثنَا أَبُو الْوَلِيد: يزِيد الْأَنْطَاكِي، حَدثنَا الْهَيْثَم بن جميل، حَدثنَا سُفْيَان، فَذكره. وَأَبُو الْوَلِيد هَذَا لَا يعرف. (971) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا، من حَدِيث إِبْرَاهِيم بن عبد الله ابْن أخي عبد الرَّزَّاق قَالَ: أَظُنهُ عَن عبد الرَّزَّاق، عَن سُفْيَان الثَّوْريّ، عَن عبيد الله، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الضِّيَافَة على أهل الْوَبر، وَلَيْسَت على أهل الْمدر ". ثمَّ قَالَ: إِبْرَاهِيم هَذَا، يحدث بِالْمَنَاكِيرِ. هَذَا مَا ذكر، وَهُوَ كَمَا قَالَ، وَلَكِن بَقِي عَلَيْهِ أَن يبين أَنه من رِوَايَة من لَا يعرف. قَالَ أَبُو أَحْمد: حَدثنَا مُحَمَّد بن خلف بن الْمَرْزُبَان، قَالَ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم ابْن عبد الله - قَالَ أَبُو أَحْمد: أَظُنهُ الْكَجِّي - قَالَ: حَدثنِي إِبْرَاهِيم بن عبد الله ابْن أخي / عبد الرَّزَّاق، فَذكر الحَدِيث كَمَا قَالَ. فإبراهيم هَذَا الَّذِي ظن بِهِ أَبُو أَحْمد أَنه الْكَجِّي، لَا يتَحَقَّق أَنه هُوَ، فَهُوَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 239 مَجْهُول، والكجي أحد الْأَثْبَات. (972) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا، من حَدِيث يحيى بن سعيد الْمَازِني، الْفَارِسِي، قَاضِي شيراز، عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن عَطاء، عَن ابْن عَبَّاس، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " نهى عَن عتق الْيَهُودِيّ، وَالنَّصْرَانِيّ، والمجوسي ". ورده بِيَحْيَى بن سعيد الْمَذْكُور. وَهُوَ بِهِ مَرْدُود، وَلَكِن دونه من لَا يعرف. قَالَ أَبُو أَحْمد: حَدثنَا عَليّ بن أَحْمد بن مَرْوَان، حَدثنَا أَحْمد بن عبد الله ابْن زيد الديباجي، حَدثنَا أَيُّوب بن سُلَيْمَان الْجبلي، أَبُو اليسع، حَدثنَا يحيى بن سعيد الْمَذْكُور. وَأَيوب هَذَا، وَأحمد الرَّاوِي عَنهُ، لَا تعرف لَهما حَال. (973) وَكَذَلِكَ القَوْل فِي حَدِيث آخر، ذكره من طَرِيق أبي أَحْمد أَيْضا بِهَذَا الْإِسْنَاد فِي الَّذِي يحلف بِالْمَشْيِ إِلَى مَكَّة وبالهدي وبالأيمان الْمُغَلَّظَة، إِن مضى شهر كَذَا وَكَذَا حَتَّى يُطلق امْرَأَته، " إِنَّهَا يَمِين يكفرهَا " من حَدِيث ابْن عَبَّاس وَابْن عمر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 240 (974) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا، عَن يحيى بن عمر بن مَالك النكري، عَن أَبِيه، عَن أبي الجوزاء، عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من حلف على يَمِين فَرَأى غَيرهَا / خيرا مِنْهَا فليأتها، فَإِنَّهَا كفارتها إِلَّا طَلَاقا أَو عتاقا ". وَضَعفه بِضعْف يحيى هَذَا. وَأعْرض عَن ابْنه مَالك بن يحيى رَاوِيه عَنهُ، وَعَن أَبِيه عَمْرو بن مَالك، وَعَن الْمُنْذر بن الْوَلِيد الجارودي، رَاوِيه عَن مَالك بن يحيى، وَمَا مِنْهُم من تعرف لَهُ حَال. (975) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا، من رِوَايَة لَيْث، عَن مُجَاهِد، عَن عبد الله بن عَمْرو، قَالَ: " قطع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَارِقا من الْمفصل ". ثمَّ قَالَ: لَيْث هُوَ ابْن أبي سليم، ذكره فِي بَاب خَالِد بن عبد الرَّحْمَن الْخُرَاسَانِي، وَهُوَ رَاوِيه عَن مَالك بن مغول، عَن لَيْث، وخَالِد ثِقَة مَعْرُوف. كَذَا ذكره، وَترك دون خَالِد بن عبد الرَّحْمَن الْخُرَاسَانِي، عبد الرَّحْمَن بن سَلمَة، وَلَا أعرف لَهُ حَالا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 241 قَالَ أَبُو أَحْمد: حَدثنَا أَحْمد / بن عِيسَى الوشاء بتنيس قَالَ: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن سَلمَة، فَذكره. (976) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن ملقام بن التلب، عَن أَبِيه: " صَحِبت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلم أسمع لحشرات الأَرْض تَحْرِيمًا ". ثمَّ قَالَ: ملقام لَيْسَ بِمَشْهُور، وَلَا أعلم روى عَنهُ إِلَّا غَالب بن حجرَة. انْتهى مَا ذكر. غَالب بن حجرَة - بِضَم الْحَاء - كَذَا ضَبطه الْأَمِير من مَاكُولَا وَهُوَ رَاوِي هَذَا الحَدِيث، عَن ملقام بن التلب، وَهُوَ لَا تعرف حَاله، وَإِن كَانَ قد روى عَنهُ مُحَمَّد بن عبد الله الرقاشِي، ومُوسَى بن إِسْمَاعِيل، وحرمي بن حَفْص. (977) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد، من رِوَايَة عمر بن مُوسَى بن وجيه، عَن وَاصل بن أبي جميل، عَن مُجَاهِد، عَن ابْن عَبَّاس، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " كَانَ يكره أكل سبع من الشَّاة: المثانة والمرارة، والغدة والأنثيين، وَالْحيَاء، وَالدَّم ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 242 ثمَّ قَالَ: عمر بن مُوسَى مَتْرُوك. وَهُوَ كَمَا قَالَ، وَلم يُنَبه على وَاصل بن أبي جميل، وَلكنه أبرزه، وَهُوَ لم تثبت لَهُ عَدَالَة، وَقد قَالَ فِيهِ ابْن معِين: لَيْسَ بِشَيْء. وَإِلَى ذَلِك فَإِن هَذَا الحَدِيث إِنَّمَا يرويهِ عَن عمر بن مُوسَى فهر بن بشر الداماني، وَهُوَ مَجْهُول الْحَال، وَلَا أعلم لَهُ ذكرا فِي شَيْء من مصنفات الرِّجَال، مظان كره وَذكر أَمْثَاله، غير أَن ابْن الفرضي ذكره لضبط اسْمه، فَذكره بالراء وَالْفَاء الْمَكْسُورَة وَلم يزدْ على أَن قَالَ: روى عَنهُ أَيُّوب بن مُحَمَّد الْوزان، أخذا من إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث، فَهُوَ يرويهِ عَنهُ، فَاعْلَم ذَلِك. (978) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد، من حَدِيث غَالب بن عبيد الله الْجَزرِي، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " كَانَ إِذا أَرَادَ أَن يَأْكُل دجَاجَة أَمر بهَا فَربطت أَيَّامًا، ثمَّ أكلهَا بعد ذَلِك ". وَضَعفه بغالب بن عبيد الله، فَإِنَّهُ مَتْرُوك الحَدِيث. إِلَّا أَن أَبَا أَحْمد يرويهِ من رِوَايَة مَسْعُود بن جوَيْرِية، قَالَ: حَدثنَا عمر بن أَيُّوب، عَن غَالب، فَذكره، ويروي بِهَذَا الْإِسْنَاد أَحَادِيث. ومسعود هَذَا لَا تعرف حَاله. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 243 (979) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا / من رِوَايَة ابْن الْمُبَارك، عَن وقاء بن إِيَاس، عَن الْمُخْتَار بن فلفل، عَن أنس بن مَالك قَالَ: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن تجمع شَيْئَيْنِ مِمَّا يَبْغِي، أَحدهمَا على الآخر " الحَدِيث. وَتكلم على وقاء بن إِيَاس، وَذكر الْخلاف فِيهِ، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة يحيى بن عِيسَى بن ماسرجس وَالْمُسَيب بن وَاضح. أما الْمسيب فقد قدم القَوْل فِيهِ إِثْر حَدِيث: (980) " النَّهْي عَن شم الطَّعَام كَمَا تشم السبَاع ". وَأما يحيى بن عِيسَى هَذَا فَلَا أعرف حَاله. (981) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن مَالك بن أبي مَرْيَم، قَالَ: دَخَلنَا على عبد الرَّحْمَن بن غنم فتذاكرنا الطلاء فَقَالَ: حَدثنِي أَبُو مَالك الْأَشْعَرِيّ، أَنه سمع رَسُول الله / - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " ليشربن نَاس من أمتِي الْخمر، يسمونها بِغَيْر اسْمهَا ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 244 وَعرض من إِسْنَاده لمعاوية بن صَالح، فَذكر الْخلاف فِيهِ، وَمُعَاوِيَة إِنَّمَا يرويهِ عَن حَاتِم بن حُرَيْث عَن مَالك بن أبي مَرْيَم. وحاتم هَذَا، سُئِلَ ابْن معِين عَنهُ فَقَالَ: لَا أعرفهُ، وَقَالَ أَبُو حَاتِم: شيخ. وَلَيْسَ فِي هَذَا مَا يقْضِي لَهُ بالثقة، وَهُوَ طائي حمصي، روى عَنهُ مُعَاوِيَة ابْن صَالح، والجراح بن مليح. وَمَالك بن أبي مَرْيَم أَيْضا لَا تعرف حَاله إِلَّا أَنه قد أبرز اسْمه كالمتبرئ من عهدته. قد فَرغْنَا من ذكر أحد الْقسمَيْنِ، وَهُوَ مَا ذكر فِيهِ من الْأَسَانِيد قطعا، وَكَانَ الحَدِيث بِمن لم يذكر مِمَّن طوى ذكره ضَعِيفا، بِحَيْثُ لَا تتَعَيَّن الْجِنَايَة فِي حق من ضعف هُوَ الْخَبَر بِهِ. وَنَذْكُر الْآن إِن شَاءَ الله [تَعَالَى] الْقسم الأول: وَهُوَ مَا ذكر من الْأَحَادِيث بِقطع من أسانيدها، ثمَّ ضعفها بِذكر بعض من فِي تِلْكَ الْقطع، وَترك بعض من فِيهَا. وَقد قُلْنَا: إِنَّه أعذر فِي هَذَا من حَيْثُ أبرز ذكر من لم يُنَبه عَلَيْهِ، فَذَلِك مِنْهُ كالتبري من عهدته، وإحالة للمطالع على مَا أبرز من اسْمه، ويعارض هَذَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 245 مَا فِيهِ من مسالمته لَهُ، الْمُؤَكّدَة بِقَصْدِهِ إِلَى غَيره، الموهمة أَنه لَا نظر فِيهِ /. فَمن ذَلِك مَا يكون من ترك التَّنْبِيه عَلَيْهِ من الْقطع الَّتِي يذكر، ضَعِيفا، وَمِنْه مَا يكون مَجْهُولا لَا يعرف. وَمِنْهُم من يكون قد قدم [فيهم] قولا، يكون هَذَا الإبراز هُنَا لاسمه إِحَالَة على مَا قدم فِيهِ، وَلَكِن لَا يعرف ذَلِك من يقْرَأ الْموضع. وَمِنْهُم من لم يقدم فِيهِ شَيْئا والدرك فِي هَذَا ألحق لَهُ. والآن نذْكر مَا وجدنَا لَهُ من ذَلِك - إِن شَاءَ الله تَعَالَى - فَنَقُول: (982) وَذكر فِي كتاب الْإِيمَان، من طَرِيق أبي أَحْمد من حَدِيث حجاج ابْن نصير قَالَ: حَدثنَا الْمُنْذر بن زِيَاد، عَن زيد بن أسلم، عَن أَبِيه، قَالَ: سَمِعت عمر بن الْخطاب يَقُول: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " كَمَا لَا ينفع مَعَ الشّرك شَيْء، كَذَلِك لَا يضر مَعَ الْإِيمَان بِاللَّه شَيْء ". ثمَّ قَالَ: حجاج بن نصير، ضعفه ابْن معِين وَالنَّسَائِيّ. وَقَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِم وَالْبُخَارِيّ وَعلي بن الْمَدِينِيّ: مَتْرُوك. وَلَفظ البُخَارِيّ فِيهِ: سكتوا عَنهُ. وَقَالَ فِيهِ ابْن معِين مرّة: " شيخ صَدُوق، وَلَكِن أخذُوا عَلَيْهِ أَشْيَاء من الجزء: 3 ¦ الصفحة: 246 حَدِيث شُعْبَة ". وَذكر لَهُ أَبُو أَحْمد أَحَادِيث، مِنْهَا هَذَا، وَذكر كَلَامه إِلَى آخِره. فَنَقُول - وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق -: فِي اعتنائه من هَذَا الْإِسْنَاد بِذكر مَا قيل فِي حجاج بن نصير، وَحشر كَلَامهم فِيهِ، يذهب بقارئ هَذَا الْموضع إِلَى اعْتِقَاد سَلامَة من فِي سَائِر الْقطعَة، وَأَنه لَا نظر فِي أحد مِنْهُم. وَلم يتَقَدَّم لَهُ ذكر فيهم، يكون بإبرازه إيَّاهُم، محيلا على مَا قد قدم فيهم، وَذَلِكَ من فعله خطأ. وَالْمُنْذر بن زِيَاد هَذَا الَّذِي يروي عَنهُ حجاج بن نصير، هُوَ أَبُو يحيى الطَّائِي الْبَصْرِيّ، الرَّاوِي عَن الْوَلِيد بن سريع. قَالَ عَمْرو بن عَليّ: كَانَ كذابا، ينزل فِي منزل بني مجاشع يَعْنِي بِالْبَصْرَةِ. ذكر قَول عَمْرو بن عَليّ هَذَا أَبُو أَحْمد. وَذكر عَنهُ ابْن أبي حَاتِم قَالَ: سَمِعت الْمُنْذر بن زِيَاد، وَكَانَ كذابا. وَإِلَى هَذَا فَإِن دون حجاج بن نصير من لَا تعرف حَاله، وَهُوَ يَعْقُوب بن سُفْيَان، فَاعْلَم ذَلِك. (983) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد أَيْضا، من رِوَايَة يزِيد بن عبد الْملك / الجزء: 3 ¦ الصفحة: 247 النَّوْفَلِي، قَالَ: حَدثنَا دَاوُد بن فَرَاهِيجَ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله / - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " النّظر إِلَى الْمُغنيَة حرَام " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: يزِيد بن عبد الْملك: لَا أعلم أحدا وَثَّقَهُ. كَذَا ذكره، وَلم يبين من أَمر دَاوُد بن فَرَاهِيجَ شَيْئا، وَهُوَ ضَعِيف، وَقد تَركه شُعْبَة، وَابْن معِين، وَإِن كَانَ صَدُوقًا. (984) وَذكر 0 حَدِيث ابْن عَبَّاس فِي " الرُّخْصَة للْمحرمِ فِي الْهِمْيَان ". وأبرز من إِسْنَاده أَحْمد بن ميسرَة، وصالحا مولى التَّوْأَمَة، وَعرض مِنْهُ لِأَحْمَد بن ميسرَة، وَلم يعرض لصالح، وَأرَاهُ اعْتمد فِيهِ على مَا تقدم. (985) وَذكر أَيْضا من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن زُهَيْر بن مُحَمَّد، عَن عَمْرو ابْن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَبا بكر وَعمر " حرقوا مَتَاع الغال ". وَضَعفه بزهير. وَلم يعرض لعَمْرو بن شُعَيْب، وَذَلِكَ إِحَالَة على مَا شهر من أمره فِي مَوَاضِع. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 248 (986) وَذكر من المراسل، عَن بَقِيَّة، عَن مُبشر بن عبيد، عَن زيد بن أسلم، عَن عَطاء بن يسَار: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الذّبْح بِاللَّيْلِ ". وَعرض لمبشر، وَأعْرض عَن بَقِيَّة، اعْتِمَادًا على مَا تقدم فِيهِ. (987) وَذكر من حَدِيث ابْن مَسْعُود: " الْجَزُور فِي الْأَضْحَى عَن عشرَة ". من رِوَايَة أَيُّوب أبي الْجمل عَن عَطاء بن السَّائِب، عَن أبي عبد الرَّحْمَن عَن ابْن مَسْعُود. وَضعف أَيُّوب، وَلم يعرض لعطاء وَلَعَلَّه اعْتمد فِيهِ [على] مَا قد قدم، وسترى رَأْيه فِيهِ بعد إِن شَاءَ الله. وَقد تقدم لَهُ فِي أَيُّوب أَنه لَا بَأْس بِهِ فِي حَدِيث: (988) " لَيْسَ على الْمَرْأَة حرم إِلَّا فِي وَجههَا ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 249 (989) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد، من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن عبد الله ابْن عمر بن حَفْص الْعمريّ، عَن أَبِيه، عَن سعيد بن أبي سعيد، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْغناء ينْبت النِّفَاق فِي الْقلب ". قَالَ: وَعبد الرَّحْمَن مَتْرُوك، انْتهى مَا ذكر. وَهُوَ كَمَا قَالَ، بل هُوَ مُتَّهم بِالْكَذِبِ، وَالَّذِي لأَجله ذكرنَا هَذَا الحَدِيث هُوَ بإعراضه عَن أَبِيه، وَهُوَ يُضعفهُ دائبا، وَإِنَّمَا اعْتمد فِيهِ مَا تقدم /. فَأَما المجاهيل من هَذَا الْقسم، فَذكر من طَرِيق الْعقيلِيّ، عَن صَالح النَّاجِي، عَن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان، عَن أَبِيه، عَن جده، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (990) " يمسح الْمُتَيَمم هَكَذَا " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن عَليّ بن عبد الله بن عَبَّاس، لَا يعرف بِالنَّقْلِ، وَحَدِيثه غير مَحْفُوظ. انْتهى مَا ذكر. وَقد بَينا فِي بَاب الْأَشْيَاء الْمُغيرَة عَمَّا هِيَ عَلَيْهِ، أَنه تصحف لَهُ " التَّيَمُّم " من " الْيَتِيم ". ونبين الْآن - إِن شَاءَ الله - أَن سُلَيْمَان بن عَليّ - وَالِد مُحَمَّد - هُوَ أَيْضا لَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 250 تعرف حَاله فِي الحَدِيث، وَكَانَ أَمِيرا بِالْبَصْرَةِ، يروي عَنهُ ابْنه مُحَمَّد بن سُلَيْمَان، وَمُحَمّد بن رَاشد. وَذكر ابْن أبي حَاتِم أَن صَالحا النَّاجِي يروي عَنهُ. وَذَلِكَ خطأ، وَإِنَّمَا يروي عَن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان ابْنه. وَصَالح النَّاجِي أَيْضا لَا تعرف لَهُ حَال، ويروي عَنهُ أَبُو عَاصِم النَّبِيل. (991) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد، عَن عباد بن كثير، عَن عُثْمَان الْأَعْرَج، عَن الْحسن قَالَ: حَدثنِي سَبْعَة رَهْط من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَمِنْهُم أنس بن مَالك، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " نهى عَن الصَّلَاة تجاه حش أَو حمام، أَو مَقْبرَة ". ثمَّ أعله بعباد بن كثير. وَهُوَ عِلّة كَافِيَة، وَلَكِن مَعَ ذَلِك بَقِي عَلَيْهِ أَن يُنَبه على عُثْمَان هَذَا، فَإِنَّهُ لَا يعرف. (992) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن الْفرج بن فضَالة، عَن أبي سعد، قَالَ: رَأَيْت وَاثِلَة بن الْأَسْقَع فِي مَسْجِد دمشق بَصق على البوري - يَعْنِي الْحَصِير - ثمَّ مَسحه بِرجلِهِ، فَقيل لَهُ: لم فعلت هَذَا؟ فَقَالَ /: " لِأَنِّي رَأَيْت الجزء: 3 ¦ الصفحة: 251 رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَفْعَله ". ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: فرج بن فضَالة ضَعِيف، وَأَيْضًا فَلم يكن فِي مَسْجِد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حصر. (993) وَالصَّحِيح أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّمَا " بَصق على الأَرْض، ودلكه بنعله الْيُسْرَى ". وَلَعَلَّ وَاثِلَة إِنَّمَا أَرَادَ هَذَا، فَحمل الْحَصِير عَلَيْهِ. انْتهى مَا ذكر. وَبَقِي عَلَيْهِ أَن يبين أَن أَبَا سعد هَذَا لَا يعرف من هُوَ، وَوَقع فِي رِوَايَة ابْن الْأَعرَابِي: أَبُو سعيد، وَالصَّوَاب أَبُو سعد، وَهُوَ شَامي / مَجْهُول الْحَال. وتعليل الحَدِيث بِهِ أولى من تَعْلِيله بفرج بن فضَالة؛ فَإِنَّهُ - وَإِن كَانَ ضَعِيفا - فَإِنَّهُ مَعْرُوف فِي أهل الْعلم، أَخذ النَّاس عَنهُ، وَقد روى عَنهُ شُعْبَة، وَهُوَ من هُوَ، قَالَ يزِيد بن هَارُون: رَأَيْت شُعْبَة يسْأَله عَن حَدِيث من حَدِيث إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش. وَمِمَّنْ روى عَنهُ أَيْضا قُتَيْبَة بن سعيد، وَسَعِيد بن مُحَمَّد الْجرْمِي، وَإِبْرَاهِيم ابْن مهْدي، وسُويد بن سعيد، وَابْن الطباع، وسعدويه، وأمثالهم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 252 وَهُوَ صَدُوق، وَإِنَّمَا أَنْكَرُوا عَلَيْهِ أَحَادِيث رَوَاهَا عَن يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ مَقْلُوبَة. قَالَ أَبُو حَاتِم: وَهُوَ فِي غَيره أحسن حَالا وَهُوَ بِالْجُمْلَةِ ضَعِيف. وَأما مَا ذكر من أَن ذكر البوري ملغى من الحَدِيث، وَإِنَّمَا بَصق النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على الأَرْض فَحمل وَاثِلَة البوري عَلَيْهَا بنظره، فَتَأْوِيل صَحِيح، وَكَذَلِكَ ذكره الْحمانِي عَن فرج، لم يذكر البوري. قَالَ السَّاجِي: أَخْبرنِي مُحَمَّد بن عبد الله فِيمَا كتب إِلَيّ، حَدثنَا الْحمانِي، حَدثنَا الْفرج بن فضَالة، عَن أبي سعيد قَالَ: رَأَيْت وَاثِلَة بن الْأَسْقَع بزق ودلك بِرجلِهِ، وَقَالَ: " رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَفْعَله ". (994) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار، عَن عَاصِم بن عبيد الله، عَن عبيد مولى أبي رهم، عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَيّمَا امْرَأَة تطيبت ثمَّ أَتَت الْمَسْجِد 000 " الحَدِيث. ثمَّ أتبعه تَضْعِيف عَاصِم عَن جمَاعَة. وَلم يعرض لِعبيد مولى أبي رهم، وَهُوَ لَا يعرف، وَقد اخْتلفُوا فِيهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 253 فَمنهمْ من لَا يُسَمِّيه عَن عَاصِم، فَيَقُول: عَن مولى لأبي رهم. فَمن قائلي ذَلِك: ابْن عُيَيْنَة، من رِوَايَة ابْن أبي عمر عَنهُ. وَقَالَ عَنهُ ابْن أبي شيبَة: عَن مولى ابْن أبي رهم. وَمِنْهُم من يُسَمِّيه، وَاخْتلفُوا، فالأكثر يَقُول: عَن عَاصِم، عَن عبيد، وَهَذَا قَول الثَّوْريّ، وَشعْبَة، وَرُبمَا قَالَ بَعضهم: عَن عبيد بن أبي عبيد، كَذَا قَالَ شريك. وَمِنْهُم من يَقُول: عَن علوان مولى أبي رهم، كَذَا قَالَ ابْن إِدْرِيس، عَن لَيْث، عَن علوان مولى أبي رهم. وَقَالَ الْمحَاربي: عَن لَيْث، عَن / عبيد الْكَرِيم مولى لأبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، عَن أبي هُرَيْرَة. وَفِيه غَيره هَذَا، وَهُوَ مَعَ هَذَا رجل لَا تعرف لَهُ حَال، وَلَا يعرف لَهُ كَبِير شَيْء من الحَدِيث، إِنَّمَا هِيَ ثَلَاثَة أَو نَحْوهَا عَن أبي هُرَيْرَة، فَاعْلَم ذَلِك. (995) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد، عَن عبد الرَّحْمَن بن سُلَيْمَان بن أبي الجون، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي الْعَلَاء الْعَنزي، عَن سلمَان، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " عَلَيْكُم بِقِيَام اللَّيْل؛ فَإِنَّهُ دأب الصَّالِحين قبلكُمْ 000 " الحَدِيث. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 254 ثمَّ قَالَ: قَالَ أَبُو أَحْمد: [ابْن أبي الجون أَحَادِيثه مُسْتَقِيمَة. هَذَا مَا ذكره بِهِ، وَفِي ذكره] ابْن أبي الجون إِعْرَاض عَمَّن سواهُ. وَابْن أبي الجون، قَالَ أَبُو أَحْمد: أَرْجُو أَنه لَا بَأْس بِهِ، أَحَادِيثه مُسْتَقِيمَة. وَلَيْسَ الشَّأْن فِيهِ عِنْدِي، وَإِنَّمَا الشَّأْن فِي أبي الْعَلَاء الْعَنزي، فَإِنَّهُ لَا يعرف بِغَيْر هَذَا، وَلم يذكرهُ البُخَارِيّ، وَلَا ابْن أبي حَاتِم /. وَذكره ابْن الْجَارُود غير مُسَمّى، وَلَا مُعَرفا بِشَيْء من أمره، إِلَّا رِوَايَته عَن سلمَان، وَرِوَايَة الْأَعْمَش عَنهُ، فَاعْلَم ذَلِك. (996) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن مَيْمُون: أبي حَمْزَة، عَن أبي صَالح مولى أم سَلمَة قَالَت: " رأى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - غُلَاما يُقَال لَهُ: أَفْلح، إِذا سجد نفخ، فَقَالَ لَهُ: " يَا أَفْلح، ترب وَجهك ". ثمَّ رده بِأَن قَالَ: مَيْمُون أَبُو حَمْزَة قد ضعفه بعض أهل الْعلم. وَلم يبين من أَمر هَذَا الحَدِيث أَكثر من هَذَا، كَأَن أَبَا صَالح الْمَذْكُور فِيهِ، مَعْرُوف عِنْده. وَالَّذِي اعتره فِيهِ هُوَ مَا يعتري أَكثر الناظرين فِيهِ مَا لم يحققوا، وَذَلِكَ أَنهم يَظُنُّونَهُ أَبَا صَالح: ذكْوَان السمان، الثِّقَة الْمَأْمُون، وَلَيْسَ بِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ أَبُو صَالح ذكْوَان مولى أم سَلمَة، [وَقد بَين ذَلِك ابْن الْجَارُود فِي كتاب الكنى: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 255 ذكر أَبَا صَالح ذكْوَان السمان، ثمَّ ذكر بعده أَبَا صَالح ذكْوَان مولى] أم سَلمَة، عَن أم سَلمَة، روى عَنهُ مَيْمُون أَبُو حَمْزَة. فَإِذا الْأَمر فِيهِ هَكَذَا، فَأَبُو صَالح هَذَا مَجْهُول الْحَال، وَلَا أعلم لَهُ غير هَذَا. (997) وَسَيَأْتِي لأبي مُحَمَّد فِي الْجَنَائِز حَدِيث، هُوَ من رِوَايَة أبي حَمْزَة، مَيْمُون " فِي كَرَاهِيَة النعي ". وَسكت عَنهُ، وَلم يبين أَنه من رِوَايَته، وَترك فِي الْبَاب صَحِيحا من غير رِوَايَته لم يذكرهُ. فَاعْلَم ذَلِك. (998) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ حَدِيث مُسلم بن مخشي عَن ابْن الفراسي [عَن الفراسي] " إِن كنت / لَا بُد سَائِلًا، فسل الصَّالِحين ". ورده بِأَن قَالَ: ابْن الفراسي لَا أعلم روى عَنهُ إِلَّا مُسلم بن مخشي. وَترك إعلاله بِمُسلم بن مخشي. وَقد قدم فِي مَاء الْبَحْر أَنه لم يرو عَنهُ إِلَّا بكر بن سوَادَة. وَقد جرى لهَذَا الحَدِيث ذكر فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 256 مُتَّصِلَة وَهِي مُنْقَطِعَة. (999) وَذكر من طَرِيق ابْن أبي شيبَة، عَن زُهَيْر بن مُحَمَّد، عَن مُوسَى ابْن جُبَير، عَن أبي أُمَامَة، عَن عبد الله بن عَمْرو، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اتْرُكُوا الْحَبَشَة مَا تركوكم " الحَدِيث. ثمَّ رده بِأَن قَالَ: زُهَيْر بن مُحَمَّد سيئ الْحِفْظ، لَا يحْتَج بِهِ، وَمن طَرِيقه أخرجه أَبُو دَاوُد. هَذَا مَا ذكر، وَبَقِي عَلَيْهِ أَن يبين أَن حَال مُوسَى بن جُبَير لَا تعرف، وَإِن كَانَ قد روى عَنهُ جمَاعَة، وَهُوَ مدنِي مولى بني سَلمَة. (1000) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي عَوْف، عَن أبي هِنْد البَجلِيّ، قَالَ: قَالَ مُعَاوِيَة: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " لَا تَنْقَطِع الْهِجْرَة حَتَّى تَنْقَطِع التَّوْبَة " الحَدِيث. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 257 ثمَّ قَالَ: أَبُو هِنْد لَيْسَ بالمشهور. كَذَا قَالَ: لَيْسَ بالمشهور، وَلَيْسَ كَذَلِك، بل هُوَ مَجْهُول لَا يعرف بِغَيْر هَذَا، وَلَا يعرف روى عَنهُ إِلَّا عبد الرَّحْمَن هَذَا. وَلم يبين أَبُو مُحَمَّد من أَمر عبد الرَّحْمَن هَذَا شَيْئا، وَهُوَ مَجْهُول الْحَال، وَإِن كَانَ قد روى عَنهُ جمَاعَة: صَفْوَان بن عَمْرو الزبيدِيّ، وحريز بن عُثْمَان، وثور بن يزِيد. ويروي عَن جُبَير بن نفير، عَن الْمِقْدَام بن معدي كرب، حَدِيث: (1001) " أَلا أَنِّي أُوتيت الْكتاب وَمثله مَعَه ". ذكره أَبُو دَاوُد، وَبِه ذكره البُخَارِيّ فِي تَارِيخه، وَهُوَ قَاضِي حمص، فَاعْلَم ذَلِك. (1002) وَذكر من المراسل، عَن عبد الله بن بسر الحبراني، عَن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 258 عبد الرَّحْمَن بن عدي البهراني، عَن أَخِيه عبد الْأَعْلَى، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَنه بعث عليا يَوْم غَدِير خم، فَرَأى رجلا مَعَه قَوس فارسية فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يَا صَاحب الْقوس ألقها " الحَدِيث. ثمَّ أتبعه قَول أبي دَاوُد: / أسْند / وَلَيْسَ بِصَحِيح. وَعبد الله بن بسر، لَيْسَ بِقَوي، كَانَ يحيى بن سعيد يُضعفهُ. وَهَذَا الحَدِيث ذكره أَبُو دَاوُد فِي المراسل هَكَذَا: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن أَبُو الْجمَاهِر التنوخي، قَالَ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، عَن عبد الله بن بسر الحبراني فَذكره، ثمَّ أتبعه مَا ذكرنَا. وَالَّذِي لأَجله كتبته الْآن، لَيْسَ هُوَ أَمر إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش وَمَا قيل فِيهِ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا رَوَاهُ عَن شَامي، لَكِن أَمر عبد الرَّحْمَن وأخيه، فَإِنَّهُمَا مَجْهُولَانِ وَإِن كَانَ عبد الْأَعْلَى مِنْهُمَا، قَاضِي حمص، فَإِن حَاله فِي الحَدِيث لَا تعرف. وَذكر البُخَارِيّ جمَاعَة رَوَت عَنهُ، وَأَخُوهُ عبد الرَّحْمَن أخمل مِنْهُ. وَأَبُو مُحَمَّد - بإعراضه عَنْهُمَا وتشاغله بِعَبْد الله بن بسر - أوهم أَنَّهُمَا معروفان عِنْده، وَمَا أرَاهُ عرف من أحوالهما أَكثر من هَذَا الَّذِي ذَكرْنَاهُ، فَاعْلَم ذَلِك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 259 (1003) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن أبان بن عبد الله بن أبي حَازِم، عَن عُثْمَان بن أبي حَازِم، عَن أَبِيه، عَن جده صَخْر، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " غزا ثقيفا، فَلَمَّا أَن سمع صَخْر بذلك، ركب فِي خيل يمد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " الحَدِيث بِطُولِهِ. ثمَّ قَالَ بإثره: عُثْمَان بن أبي حَازِم، لَا أعلمهُ روى عَنهُ إِلَّا أبان بن عبد الله. كَذَا قَالَ: وَهُوَ كَمَا ذكر، وَلَكِن بَقِي عَلَيْهِ أَن يبين أَن أَبَا حَازِم بن صَخْر، لَا يعرف روى عَنهُ أَيْضا إِلَّا ابْنه عُثْمَان، وَلَا يعرف بِغَيْر هَذَا الحَدِيث. (1004) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ، عَن رَافع بن سَلمَة، عَن حشرج ابْن زِيَاد، عَن جدته أم أَبِيه قَالَت: " خرجت مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي غزَاة خَيْبَر، وَأَنا سادسة سِتّ نسْوَة " الحَدِيث. ورده بِأَن قَالَ: حشرج لَا أعلم روى عَنهُ إِلَّا رَافع بن سَلمَة بن زِيَاد. وَترك أَن يُنَبه على حَال رَافع بن سَلمَة بن زِيَاد بن أبي الْجَعْد، فَإِنَّهَا لَا تعرف، وَإِن كَانَ روى عَنهُ جمَاعَة: زيد بن الْحباب، وَمُسلم بن إِبْرَاهِيم، وَسَعِيد بن سُلَيْمَان، وهلال بن فياض /. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 260 وَلما ذكر أَبُو مُحَمَّد بن حزم هَذَا الحَدِيث قَالَ: رَافع وحشرج مَجْهُولَانِ. وَأصَاب فِي ذَلِك. (1005) وَقد وَقع ذكره فِي حَدِيث جعيل فِي ضرب الْفرس. وَسَيَأْتِي فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي سكت عَنْهَا مصححا لَهَا. (1006) وَذكر من طَرِيق ابْن أبي شيبَة، عَن نَوْفَل بن عبد الْملك، عَن أَبِيه، عَن عَليّ: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن التلقي، وَعَن ذبح ذَوَات الدّرّ " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث ضَعِيف من أجل نَوْفَل، وَقَبله فِي الْإِسْنَاد أَيْضا الرّبيع بن حبيب أَخُو عَائِذ بن حبيب، ضعفه البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ. هَكَذَا ذكره، وَقد عمل فِيهِ بِنَحْوِ مِمَّا طالبته بِعَمَلِهِ فِي سَائِر هَذَا الْبَاب، وَلكنه مَعَ ذَلِك قد ترك أَن يبين من حَال عبد الْملك وَالِد نَوْفَل، مَا لم يعرف بِهِ قبل. وَذَلِكَ أَنه أَيْضا كابنه، لَا تعرف حَاله، بل لم أجد لَهُ ذكرا، فَاعْلَم ذَلِك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 261 (1007) وَذكر من طَرِيق الْحَارِث بن أبي أُسَامَة، عَن الْوَاقِدِيّ، عَن عبد الحميد بن عمرَان بن أبي أنس، عَن أَبِيه، قَالَ: سمع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عُثْمَان يَقُول: " فِي هَذَا الْوِعَاء كَذَا وَكَذَا، وَلَا أبيعه إِلَّا مجازفة " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: الْوَاقِدِيّ، مَتْرُوك. كَذَا ذكره، وَهُوَ كَمَا قَالَ، وَبَقِي أَن تعلم أَن عبد الحميد بن عمرَان بن أبي أنس، لَيْسَ بِمَعْرُوف، وَلَيْسَ بِأبي الجويرية. (1008) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن سيار بن مَنْظُور، رجل من بني فَزَارَة، عَن أَبِيه، عَن امْرَأَة يُقَال لَهَا بهيسة / عَن أَبِيهَا، قَالَ لي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا الشَّيْء الَّذِي لَا يحل مَنعه " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: بهيسة مَجْهُولَة، وَكَذَلِكَ الَّذِي قبلهَا. هَكَذَا ذكره، وَصدق، وَبَقِي عَلَيْهِ أَن يبين أَن منظورا أَيْضا لَا تعرف حَاله، وَكَذَلِكَ أَيْضا أَبوهَا، فَاعْلَم ذَلِك. (1009) وَذكر من رِوَايَة إِسْرَائِيل، عَن عمر بن عبد الله بن يعلى، عَن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 262 حكيمة، عَن أَبِيهَا، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من الْتقط لقطَة / درهما أَو حبلا " 000 الحَدِيث. ثمَّ ضعفه بعمر بن عبد الله بن يعلى، وَترك أَن يعرف بِحَال حكيمة وأبيها، وهما مَجْهُولَانِ، وَقد ذَكرْنَاهُ فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي لم يعزها. (1010) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار، عَن دهثم بن قرَان، عَن نمران ابْن جَارِيَة، عَن أَبِيه، أَن قوما اخْتَصَمُوا إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي خص فَبعث حُذَيْفَة بن الْيَمَان ليقضي بَينهم، فَقضى بِهِ للَّذي يَلِيهِ القمط. ثمَّ ضعفه بِأَن قَالَ: دهثم بن قرَان مَتْرُوك الحَدِيث. وَترك بَيَان حَال نمران بن جَارِيَة، فَإِنَّهَا لَا تعرف، وَلَا يعرف أحد روى عَنهُ غير دهثم. (1011) وَذكر أَيْضا من طَرِيقه، حَدِيث العَبْد الَّذِي خرج فلقي رجلا، فَقطع يَده، ثمَّ لَقِي آخر فَشَجَّهُ فاختصم مولى العَبْد، والمقطوع، والمشجوج، إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - 000 " الحَدِيث. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 263 [وَهُوَ أَيْضا من رِوَايَة دهثم، عَن نمران، عَن أَبِيه كَذَلِك، وَالْقَوْل فيهمَا وَاحِد] . (1012) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد، من حَدِيث حرَام بن عُثْمَان، عَن أبي عَتيق، عَن جَابر بن عبد الله، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كل إنسية توحشت فذكاتها ذَكَاة الوحشية ". كَذَا ذكره، وَلم يعرض لأبي عَتيق، وَلَا يعرف من هُوَ. وَيَرْوِيه عَن حرَام بن عُثْمَان، إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش. (1013) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ، عَن يحيى بن زُرَارَة بن كريم بن الْحَارِث، قَالَ: أَخْبرنِي أبي، عَن جدي، سمع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " من شَاءَ عتر وَمن شَاءَ لم يعتر، من شَاءَ فرع وَمن شَاءَ لم يفرع " الحَدِيث. وَضَعفه بِأَن قَالَ: زُرَارَة هَذَا لَا يحْتَج بحَديثه. وَإِنَّمَا يَعْنِي بذلك أَنه لَا تعرف حَاله، وَهُوَ مَعَ ذَلِك قد ترك أَن يبين أَمر ابْنه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 264 يحيى، وَهُوَ أَيْضا لَا تعرف حَاله، غير أَنه قد روى عَنهُ جمَاعَة من الأجلة كَابْن الْمُبَارك، وَأبي عَاصِم النَّبِيل، ومُوسَى بن إِسْمَاعِيل، وَأبي الْوَلِيد الطَّيَالِسِيّ. (1014) وَذكر من طَرِيق أبي عمر من التَّمْهِيد عَن مُحَمَّد بن قرظة عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: " اشْتريت كَبْشًا لأضحي بِهِ، فَأكل الذِّئْب من ذَنبه " الحَدِيث. وَضَعفه بجابر الْجعْفِيّ، وَأعْرض عَن مُحَمَّد بن قرظة / هَذَا، وَهُوَ لَا تعرف لَهُ حَال، وَقَالَ: يُقَال إِنَّه لم يسمع من أبي سعيد. (1015) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن مُحَمَّد بن حسان، قَالَ: حَدثنَا عبد الْوَهَّاب الْكُوفِي، عَن عبد الْملك بن عُمَيْر، عَن أم عَطِيَّة، أَن امْرَأَة كَانَت تختن بِالْمَدِينَةِ، فَقَالَ لَهَا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تنهكي " الحَدِيث. وَضَعفه بِأَن مُحَمَّد بن حسان مَجْهُول. وَلم يبين حَال عبد الْوَهَّاب هَذَا، وَهِي لَا تعرف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 265 (1016) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا، عَن الْقَاسِم بن حسان، عَن عبد الرَّحْمَن ابْن حَرْمَلَة، أَن ابْن مَسْعُود كَانَ يَقُول: " كَانَ نَبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يكره عشر خِصَال " الحَدِيث. ذكره فِي كتاب الطِّبّ، فِي أَحَادِيث الرقى، وَأتبعهُ أَن ضعف عبد الرَّحْمَن ابْن حَرْمَلَة، وَقَالَ: إِنَّه لَيْسَ بِمَشْهُور فِي أَصْحَاب ابْن مَسْعُود. وَترك أَن يبين أَن الْقَاسِم بن حسان لَا تعرف حَاله، وَهُوَ كُوفِي، وَترك أَن يذكر أَيْضا مَا ذكر ابْن أبي حَاتِم، عَن أَبِيه أَنه قَالَ: لَا يعلم سمع من ابْن مَسْعُود / أم لَا. ذكره فِي بَاب الْقَاسِم وَهُوَ عَم الْقَاسِم بن حسان. (1017) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد، من حَدِيث عَليّ بن غراب الْكُوفِي، قَالَ: حَدثنَا الْمُغيرَة بن أبي قُرَّة السدُوسِي، عَن أنس بن مَالك، أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أأرسل نَاقَتي وَأَتَوَكَّل، أم أعقلها وَأَتَوَكَّل؟ قَالَ: " بل اعقلها وتوكل ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 266 ثمَّ قَالَ: عَليّ بن غراب صَدُوق لَا بَأْس بِهِ، وَإِنَّمَا كَانَ يُدَلس، وَقد قَالَ فِي الحَدِيث: حَدثنَا الْمُغيرَة بن أبي قُرَّة. وَذكر ابْن أبي حَاتِم عَن يحيى بن معِين أَنه قَالَ: ظلمه النَّاس حِين تكلمُوا فِيهِ. قَالَ: وَذكره التِّرْمِذِيّ من حَدِيث يحيى بن سعيد، عَن الْمُغيرَة، قَالَ: وَهُوَ حَدِيث غَرِيب. انْتهى مَا ذكر. وَفِيه إعراضه عَن الْمُغيرَة، وَهُوَ لَا تعرف لَهُ حَال، غير أَنه روى عَنهُ يحيى الْقطَّان، وَعلي بن غراب هَذَا الحَدِيث. وَدون عَليّ بن غراب فِيهِ، عبد الْغفار بن الحكم، وحاله أَيْضا لَا تعرف. وَدون عبد الْغفار، الْعَبَّاس بن صَالح بن مساور. وَحَدِيث التِّرْمِذِيّ سليم من هَذَا كُله، إِلَّا الْمُغيرَة بن أبي قُرَّة /. إِنَّمَا قَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عَمْرو بن عَليّ، قَالَ: حَدثنَا يحيى بن سعيد الْقطَّان، قَالَ: حَدثنَا الْمُغيرَة بن أبي قُرَّة السدُوسِي، قَالَ: سَمِعت أنس بن مَالك يَقُول: قَالَ رجل: يَا رَسُول الله، أعقلها وَأَتَوَكَّل، أَو أطلقها وَأَتَوَكَّل؟ قَالَ: " اعقلها وتوكل ". قَالَ عَمْرو بن عَليّ: قَالَ يحيى: وَهَذَا عِنْدِي مُنكر. انْتهى مَا أورد التِّرْمِذِيّ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 267 وأظن أَبَا مُحَمَّد إِنَّمَا عدل عَن هَذَا الْإِسْنَاد إِلَى إِسْنَاد أبي أَحْمد - على مَا فِيهِ - لمَكَان زِيَادَة " نَاقَتي " وَلَيْسَ ذَلِك عِنْد التِّرْمِذِيّ. وَعلة الْخَبَر الْمُشْتَركَة فِي الْمَوْضِعَيْنِ، هِيَ الْمُغيرَة بن أبي قُرَّة، فَعلم ذَلِك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 268 ((5) بَاب ذكر أَحَادِيث أعلها بِمَا لَيْسَ بعلة وَترك ذكر عللها.) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 269 هَذِه التَّرْجَمَة إِنَّمَا نعني بقولنَا فِيهَا " مَا لَيْسَ بعلة " أَي فِي الصَّحِيح من النطر، فَأَما هُوَ فقد رأى مَا أعل بِهِ مَا يذكر من الْأَحَادِيث الَّتِي فِي هَذَا الْبَاب عللا. (1018) فَمن ذَلِك أَنه ذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، حَدِيث أبي سعيد: " لَا يخرج الرّجلَانِ يضربان الْغَائِط، كاشفين عَن عورتهما يتحدثان، فَإِن الله يمقت على ذَلِك ". وَأعله بِأَن قَالَ: " لم يسْندهُ غير عِكْرِمَة بن عمار، وَقد اضْطربَ فِيهِ ". لم يزدْ على هَذَا، وَقد ترك مَا هُوَ عِلّة فِي الْحَقِيقَة، وَهُوَ الْجَهْل براويه عَن أبي سعيد، وَهُوَ عِيَاض بن بِلَال، أَو هِلَال بن عِيَاض. وَقد بسطنا القَوْل فِي هَذَا الحَدِيث فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا من طرق ضَعِيفَة، وَلها طرق صَحِيحَة أَو حَسَنَة. (1019) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا عَن عَليّ، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ " من الجزء: 3 ¦ الصفحة: 271 ترك مَوضِع شَعْرَة من جَنَابَة لم يغسلهَا فعل بِهِ كَذَا وَكَذَا فِي النَّار ". ثمَّ قَالَ بعده: هَذَا يرْوى مَوْقُوفا على عَليّ، وَهُوَ الْأَكْثَر، انْتهى مَا ذكر. وَهَذَا الأَصْل - أَعنِي أَن يروي الحَدِيث تَارَة مَوْقُوفا، وَتارَة مُسْندًا مَرْفُوعا / - قد تنَاقض فِيهِ، وسنريك ذَلِك لَهُ بعد إِن شَاءَ الله تَعَالَى. وَالْأَحَادِيث الَّتِي قد صححها وَهَذَا الْمَعْنى مَوْجُود فِيهَا، كَثِيرَة جدا، لم / نعرض لإحصائها عَلَيْهِ، وَلَكِنَّك لَا تعدمه، وَإِنَّمَا تعدم حَدِيثا لَا يَعْتَرِيه هَذَا الْمَعْنى، إِلَّا فِي الْأَقَل من الْأَحَادِيث، وَهُوَ مَعَ ذَلِك أصل بَاطِل، فَإِنَّهُ لَا بعد فِي أَن يكون رَاوِي الحَدِيث يتقلد مُقْتَضَاهُ، فيفتي بِهِ فَيَجِيء الحَدِيث عَنهُ مَرْفُوعا وموقوفا، أَو أَن يتقلد مُقْتَضَاهُ، فَيحدث بِهِ عَن نَفسه لَا فِي معرض الْفَتْوَى، أَو أَن يكون ابْن عمر مثلا، قد روى الحَدِيث مَرْفُوعا، وَرَوَاهُ عَن أَبِيه مَوْقُوفا، وَكَذَلِكَ غَيره من الصَّحَابَة. والخوض فِي هَذَا طَوِيل، وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعه. وَهَذَا الحَدِيث قد أعرض أَبُو مُحَمَّد مِنْهُ عَمَّا هُوَ فِي الْحَقِيقَة علته، وَهِي أَنه من رِوَايَة حَمَّاد بن سَلمَة، عَن عَطاء بن السَّائِب، عَن زَاذَان، عَن عَليّ. وَحَمَّاد بن سَلمَة إِنَّمَا سمع من عَطاء بعد اخْتِلَاطه وَإِنَّمَا يقبل من حَدِيث عَطاء مَا كَانَ قبل أَن يخْتَلط. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 272 وَأَبُو مُحَمَّد يعْتَبر هَذَا من حَاله، وسنريك ذَلِك لَهُ فِيمَا بعد، ونريك أَيْضا تناقضه فِيهِ، بسكوته عَن بعض مَا هُوَ من رِوَايَته بعد اخْتِلَاطه، وَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَن يقبل من حَدِيثه مَا روى عَنهُ مثل شُعْبَة، وسُفْيَان. فَأَما جرير، وخَالِد بن عبد الله، وَابْن علية، وَعلي بن عَاصِم، وَحَمَّاد بن سَلمَة، وَبِالْجُمْلَةِ أهل الْبَصْرَة، فأحاديثهم عَنهُ مِمَّا سمع مِنْهُ بعد الِاخْتِلَاط، لِأَنَّهُ إِنَّمَا قدم عَلَيْهِم فِي آخر عمره. وَقد نَص الْعقيلِيّ على حَمَّاد بن سَلمَة أَنه مِمَّن سمع مِنْهُ بعد الِاخْتِلَاط، وَأما أَبُو عوَانَة فَسمع مِنْهُ فِي الْحَالين. وَلما أورد أَبُو أَحْمد فِي بَابه مَا أنكر عَلَيْهِ من الحَدِيث، أَو مَا خلط فِيهِ، أَو مَا رُوِيَ عَنهُ بعد اخْتِلَاطه، أورد فِي جملَة ذَلِك هَذَا الحَدِيث. (1020) وَإِن أردْت أَن تتعجل الْوُقُوف على بعض مَا اعْتبر فِيهِ أَبُو مُحَمَّد حَال عَطاء، فَانْظُر فِي التَّيَمُّم حَدِيث ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى: {وَإِن كُنْتُم مرضى أَو على سفر} . فَإِنَّهُ أتبعه أَن قَالَ: قَالَ يحيى بن معِين: إِنَّمَا روى جرير عَن عَطاء بعد / الجزء: 3 ¦ الصفحة: 273 الِاخْتِلَاط، ذكر ذَلِك أَبُو أَحْمد، فَاعْلَم ذَلِك. (1021) وَذكر حَدِيث: " أَذَان بِلَال عِنْد الْفجْر ". ورده بمعارضة قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " إِن بِلَالًا يُنَادي بلَيْل ". وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق. والْحَدِيث الْمَذْكُور لَا يُعَارضهُ؛ لِأَنَّهُ فِي رَمَضَان خَاصَّة، أما سَائِر الْعَام فَمَا كَانَ يُؤذن إِلَّا بعد الْفجْر. وَعلة الْخَبَر إِنَّمَا هِيَ أَن الْمَرْأَة الْمَذْكُورَة لم تثبت صحبتهَا، وَلَا ارْتهن فِيهَا الرَّاوِي عَنْهَا - وَهُوَ عُرْوَة بن الزبير - بِشَيْء، وَإِنَّمَا هِيَ قَالَت عَن نَفسهَا: إِنَّهَا شاهدت مَا ذكرت. (1022) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من صلى وَحده ثمَّ أدْرك الْجَمَاعَة فَليصل، إِلَّا الْفجْر وَالْعصر ". ثمَّ قَالَ: رَوَاهُ سهل بن صَالح الْأَنْطَاكِي - وَكَانَ ثِقَة - عَن يحيى بن سعيد الْقطَّان، عَن عبيد الله، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَخَالفهُ عَمْرو بن عَليّ، عَن يحيى الْقطَّان بِهَذَا الْإِسْنَاد عَن ابْن عمر. وَتَابعه على ذَلِك ابْن نمير، وَأَبُو أُسَامَة، عَن عبيد الله، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر مَوْقُوفا من قَوْله. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 274 وَكَذَا قَالَ مَالك وَاللَّيْث، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر قَوْله. هَذَا نَص مَا ذكره بِهِ، وَهُوَ كَالْأولِ إعلال للْحَدِيث، بوقفه عِنْد قوم، وَرَفعه عِنْد آخَرين / وعلته فِي الْحَقِيقَة غير هَذَا، وَذَلِكَ أَنه لَا يصل إِلَى سهل ابْن صَالح إِلَّا بِمن لَا تعرف حَاله، وَهُوَ أَيْضا مُضْطَرب الْمَتْن، وَذَلِكَ عِلّة، لَا كالاضطراب فِي الْإِسْنَاد، فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَن يعد عِلّة، وَإِن رَآهُ المحدثون عِلّة. بَيَان ذَلِك من حَال هَذَا الْخَبَر، هُوَ أَن الدَّارَقُطْنِيّ ساقة هَكَذَا: حَدثنَا أَبُو بكر الطلحي، قَالَ: حَدثنَا الْحَضْرَمِيّ، حَدثنَا سهل بن صَالح الْأَنْطَاكِي. وَحدثنَا أَبُو بكر: مُحَمَّد بن عمر بن أَيُّوب الْمعدل، الرَّمْلِيّ، بهَا من أَصله، حَدثنَا مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن يَعْقُوب القحطي، بطرسوس، قَالَ: أَخْبرنِي سهل بن صَالح، حَدثنَا يحيى بن سعيد الْقطَّان، عَن عبيد الله، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من صلى وَحده ثمَّ أدْرك الْجَمَاعَة، أعَاد، إِلَّا الْفجْر / وَالْمغْرب ". وَقَالَ الْحَضْرَمِيّ: " إِلَّا الْفجْر وَالْعصر ". هَذَا مَا ذكر الدَّارَقُطْنِيّ، وَهُوَ فِي كتاب الْعِلَل من الْقَلِيل الْموصل فِيهِ، وَلم يذكرهُ فِي كتاب السّنَن. وَأَبُو بكر الطلحي، اسْمه عبد الله بن يحيى، أَصله من الْكُوفَة، وَبهَا سمع مِنْهُ الدَّارَقُطْنِيّ، وَلَا أعرف حَاله. والحضرمي هُوَ مُحَمَّد بن عبد الله بن سلمَان مطين، الْكُوفِي، أحد الثِّقَات. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 275 وَأَبُو بكر: مُحَمَّد بن عمر بن أَيُّوب، وَمُحَمّد بن مُحَمَّد، لَا أعرف حَالهمَا أَيْضا فَاعْلَم ذَلِك. (1023) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن أبي مُوسَى حَدِيث: " لَا يقبل الله صَلَاة رجل فِي جسده شَيْء من خلوق ". ثمَّ قَالَ بإثره: مِنْهُم من يرويهِ مَوْقُوفا على أبي مُوسَى، وَهُوَ الْأَشْهر. وَقد صَحَّ النَّهْي عَن التخلق. انْتهى كَلَامه. وَهُوَ أَيْضا تَعْلِيل بِمَا لَيْسَ بعلة، وَلَا يضرّهُ أَن يقفه وَاقِف على أبي مُوسَى أَو غَيره لَو صَحَّ سَنَده، وَإِنَّمَا لَيْسَ صَحِيحا من جِهَة أُخْرَى ترك ذكرهَا، وَهِي أَنه من رِوَايَة الرّبيع بن أنس بن مَالك، عَن جديه: زيد وَزِيَاد: وهما غير معروفين، وَلم يذكرَا بِغَيْر مَا فِي هَذَا الْإِسْنَاد من روايتهما عَن أبي مُوسَى، وَرِوَايَة الرّبيع بن أنس عَنْهُمَا، وليسا بمذكورين فِي نسب الرّبيع بن أنس. وَقد ذكر البُخَارِيّ فِي تَارِيخه هَذَا الحَدِيث فَقَالَ: فِي إِسْنَاده نظر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 276 (1024) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن جَابر بن عبد الله، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الطِّفْل لَا يصلى عَلَيْهِ وَلَا يَرث وَلَا يُورث حَتَّى يستهل ". ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث قد اضْطربَ النَّاس فِيهِ، وَرُوِيَ مَوْقُوفا. هَذَا مَا أعله بِهِ من غير مزِيد، وَقد ترك مَا هُوَ فِي الْحَقِيقَة علته، وَذكر مَا لَيْسَ بعلة عِنْد التَّحْقِيق. أما اضْطِرَاب النَّاس فِيهِ، فَهُوَ فِي الْإِسْنَاد لَا فِي الْمَتْن، وَأما وقف من وَقفه فَلَا يضرّهُ ذَلِك، ونبين الْآن الْفَصْلَيْنِ، ثمَّ نبين علته فِي الْحَقِيقَة. قَالَ التِّرْمِذِيّ: اضْطربَ النَّاس فِيهِ، فروى بَعضهم عَن أبي الزبير، عَن جَابر عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَرَوَاهُ أَشْعَث بن سوار، وَغير وَاحِد، عَن أبي الزبير، عَن جَابر مَرْفُوعا. وروى مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن عَطاء بن أبي رَبَاح / عَن جَابر مَوْقُوفا، وَكَأن هَذَا أصح من الحَدِيث الْمَرْفُوع. انْتهى كَلَام التِّرْمِذِيّ. وَهُوَ الَّذِي اقْتصر أَبُو مُحَمَّد عَلَيْهِ، مُخْتَصرا لَهُ، وَالتِّرْمِذِيّ أَيْضا ترك أَن يبين عِلّة الْمَرْفُوع الْحَقِيقِيَّة إِلَّا أَنه أعذر فِي ذَلِك من أبي مُحَمَّد، بإبرازه إِسْنَاده، وَذَلِكَ يُبرئ ساحته مِنْهُ، ويحيل الْمطَالع عَلَيْهِ لينْظر فِيهِ، وَأَقل مَا كَانَ على أبي مُحَمَّد، أَن يُنَبه على كَونه من رِوَايَة أبي الزبير عَن جَابر، بِلَفْظَة " عَن " من غير رِوَايَة اللَّيْث عَنهُ، وَقد عهد يعْتد هَذَا عِلّة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 277 وَإِلَى ذَلِك فَإِنَّهُ من رِوَايَة إِسْمَاعِيل بن مُسلم الْمَكِّيّ، عَن أبي الزبير، عَن جَابر وَهُوَ جدا ضَعِيف. قَالَ عَليّ بن الْمَدِينِيّ: سَمِعت يحيى بن سعيد - وَسُئِلَ عَنهُ - فَقَالَ: " لم يزل مخلطا، كَانَ يحدثنا بِالْحَدِيثِ الْوَاحِد على ثَلَاثَة / ضروب ". قَالَ عَمْرو بن عَليّ: " كَانَ يرى الْقدر "، وَهُوَ ضَعِيف، يحدث عَن الْحسن، وَقَتَادَة، بِأَحَادِيث بواطل، لم يحدث عَنهُ يحيى، وَلَا عبد الرَّحْمَن، قَالَ: وَهُوَ مَتْرُوك الحَدِيث، قد اجْتمع أهل الْعلم على ترك حَدِيثه، وَإِنَّمَا يحدث عَنهُ من لَا يبصر الرِّجَال، قَالَ: وَقد حدث عَنهُ قوم من أهل الْكُوفَة " الْأَعْمَش، وَإِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد، وَحَفْص، وَأَبُو مُعَاوِيَة، وَعبد الرَّحِيم الْمحَاربي، وَجَمَاعَة. انْتهى كَلَامه، فاعلمه. (1025) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، من حَدِيث عفيف بن سَالم، قَالَ: حَدثنَا سُفْيَان الثَّوْريّ، عَن مُوسَى بن عقبَة، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يحصن الشّرك بِاللَّه شَيْئا ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 278 ثمَّ قَالَ: وهم عفيف فِي رَفعه، وَالصَّحِيح مَوْقُوف من قَول ابْن عمر. هَذَا مَا أتبعه، وَهُوَ كَلَام الدَّارَقُطْنِيّ، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَة غير عِلّة، فَإِن عفيف بن سَالم الْموصِلِي ثِقَة، قَالَه ابْن معِين، وَابْن حَاتِم وَإِذا رَفعه الثِّقَة لم يضرّهُ وقف من وَقفه. وَإِنَّمَا علته أَنه من رِوَايَة أَحْمد بن أبي نَافِع، عَن عفيف الْمَذْكُور - وَهُوَ أَبُو سَلمَة الْموصِلِي - وَلم تثبت عَدَالَته. وَقَالَ أَبُو أَحْمد بن عدي: سَمِعت أَحْمد بن عَليّ بن الْمثنى يَقُول: لم يكن موضعا للْحَدِيث، وَذكر لَهُ فِيمَا ذكر هَذَا الحَدِيث وَقَالَ: / وَهُوَ مُنكر من حَدِيث الثَّوْريّ. (1026) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من كَانَ لَهُ مَال فَلم يضح فَلَا يقربن مصلانا ". ثمَّ قَالَ: الصَّوَاب مَوْقُوف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 279 هَذَا مَا أعله بِهِ، وعلته فِي الْحَقِيقَة أَنه من رِوَايَة عَمْرو بن الْحصين، عَن ابْن علاثة، عَن عبيد الله بن أبي جَعْفَر، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة. وَضعف عَمْرو بن الْحصين وَابْن علاثة لَا خَفَاء بِهِ عِنْدهم، وَمَا مثل ذَلِك طوى. (1027) وَذكر حَدِيث جَابر: " من صلى رَكْعَة لم يقْرَأ فِيهَا بِأم الْقُرْآن، فَلم يصل إِلَّا وَرَاء إِمَام ". وَضَعفه مَرْفُوعا بمخالفة النَّاس يحيى بن سَلام فِي رَفعه. وَلَيْسَ ذَلِك لَهُ بعلة لَو كَانَ يحيى بن سَلام مُعْتَمدًا. وَقد اسْتَوْفَيْنَا الْكَلَام على هَذَا الحَدِيث فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أغفل نسبتها إِلَى الْمَوَاضِع الَّتِي أخرجهَا مِنْهَا، وَفِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي عزاها، وَلم أجد لَهَا حَيْثُ ذكر ذكرا. (1028) وَذكر حَدِيث سلمَان: " عَلَيْكُم بِقِيَام اللَّيْل ". وَأعله بِمَا لَيْسَ بعلة. وَترك مَا هُوَ فِي الْحَقِيقَة علته: مِمَّا قد كتبناه فِي الْبَاب الَّذِي قبل هَذَا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 280 (1029) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، حَدِيث أبي بكرَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كَانَ إِذا جَاءَهُ أَمر سرُور أَو بشر بِهِ، خر سَاجِدا لله ". ثمَّ قَالَ: فِي إِسْنَاده بكار بن عبد الْعَزِيز، وَلَيْسَ بِقَوي. هَذَا مَا أعله بِهِ، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَة لَا يكون بِهِ الْخَبَر ضَعِيفا، فَإِنَّهُ رجل مَشْهُور، يكنى أَبَا بكرَة، ثقفي، روى عَنهُ جمَاعَة: مِنْهُم أَبُو عَاصِم، ومُوسَى ابْن إِسْمَاعِيل، وخَالِد بن خرَاش، وَغَيرهم. وَقد عهد سقبل المستورين الَّذين روى عَن أحدهم جمَاعَة، وَهَذَا أرفع حَالا مِنْهُم. وَمَا روى ابْن خَيْثَمَة عَن ابْن معِين من قَوْله فِيهِ: " لَيْسَ بِشَيْء " إِنَّمَا يَعْنِي بذلك قلَّة حَدِيثه، وَقد عهد يَقُول ذَلِك فِي المقلين، وَفسّر قَوْله فيهم ذَلِك بِمَا قُلْنَاهُ. وَقد جرى ذكر ذَلِك عِنْد قَوْله مثل ذَلِك فِي كثير بن شنظير. ويدلك على هَذَا أَنه - أَعنِي ابْن معِين - قد روى عَنهُ إِسْحَاق بن مَنْصُور أَنه قَالَ فِي بكار بن عبد الْعَزِيز هَذَا: إِنَّه صَالح. وَقَالَ الْبَزَّار /: لَيْسَ بِهِ بَأْس. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 281 وَإِنَّمَا عِلّة الْخَبَر أَبوهُ عبد الْعَزِيز / بن أبي بكرَة، فَإِنَّهُ لَا تعرف لَهُ حَال، وَهُوَ يرويهِ عَنهُ، عَن أبي بكرَة جده، وَقد روى عَنهُ ابْنه بكار، وَعبد ربه بن عبيد، وسوار أَبُو حَمْزَة، وبحر بن كنيز، فَاعْلَم ذَلِك. (1030) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد، من حَدِيث عِيسَى بن عبد الله بن الحكم بن النُّعْمَان بن بشير، أبي مُوسَى، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا دنا من منبره يَوْم الْجُمُعَة، سلم على من عِنْده من الْجُلُوس فَإِذا صعد الْمِنْبَر، اسْتقْبل النَّاس بِوَجْهِهِ ". ثمَّ قَالَ: لَا يُتَابع عِيسَى بن عبد الله على هَذَا الحَدِيث. كَذَا قَالَ، وَهُوَ لَيْسَ بعلة فِي الْحَقِيقَة أَن لَا يُتَابع الثِّقَة، وَلَا يضرّهُ الِانْفِرَاد عِنْد أَكثر الْمُحدثين، وَهُوَ أحدهم، وَإِن كَانَ بعض النَّاس يَأْبَى ذَلِك. وَإِنَّمَا الْعلَّة أَن عِيسَى بن عبد الله الْمَذْكُور، لَا يُتَابع فِيمَا يرويهِ، لَيْسَ فِي هَذَا الحَدِيث فَقَط، بل فِي عَامَّة مَا يرويهِ. كَذَلِك ذكره أَبُو أَحْمد بن عدي حِين ذكره، فَهُوَ إِذن مُنكر الحَدِيث. (1031) وَقد ذكر أَبُو أَحْمد من طَرِيق الْبَزَّار، من رِوَايَة عِيسَى الْمَذْكُور، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يمس لحيته فِي الصَّلَاة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 282 من غير عَبث ". ثمَّ قَالَ بإثره: لَا يُتَابع عِيسَى على هَذَا الحَدِيث، وَله أَحَادِيث مَنَاكِير، فَاعْلَم ذَلِك. (1032) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد حَدِيث أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من غسل الْمَيِّت فليغتسل، وَمن حمله فَليَتَوَضَّأ ". ثمَّ قَالَ: وَاخْتلف فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث. انْتهى مَا ذكر. وَهُوَ إِن كَانَ لَيْسَ تعليلا، فسنبين الْآن أَنه حَدِيث ضَعِيف، وَإِن كَانَ مِنْهُ تعليلا. فسنبين أَنه لَيْسَ بعلة فِي الْحَقِيقَة، وَنَذْكُر مَا هُوَ الْعلَّة فَنَقُول: هَذَا الحَدِيث ذكره أَبُو دَاوُد، وَلم يسق لفظا سواهُ، وَإِنَّمَا ركب عَلَيْهِ طَرِيقا آخر، وَقَالَ: " بِمَعْنَاهُ "، وَلم يذكر مَتنه. وَالْخَبَر الْمَذْكُور بِاللَّفْظِ الْمَذْكُور، هُوَ من رِوَايَة عَمْرو بن عُمَيْر، عَن أبي هُرَيْرَة، يرويهِ عَن عَمْرو بن عُمَيْر الْقَاسِم بن عَبَّاس، وَرَوَاهُ عَن الْقَاسِم ابْن عَبَّاس / ابْن أبي ذِئْب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 283 وَعَمْرو بن عُمَيْر هَذَا، مَجْهُول الْحَال، لَا يعرف بِغَيْر هَذَا، وَبِهَذَا الحَدِيث من غير مزِيد ذكره ابْن أبي حَاتِم فَهَذِهِ عِلّة هَذَا الْخَبَر. فَأَما الِاخْتِلَاف الَّذِي قَالَه أَبُو مُحَمَّد، فَإِنَّهُ وَضعه غير مَوْضِعه، وَلَيْسَ هُوَ فِي هَذَا الْإِسْنَاد، إِنَّمَا هُنَاكَ لحَدِيث أبي هُرَيْرَة فِي الْغسْل من غسل الْمَيِّت طَرِيقَانِ مشهوران: أَحدهمَا طَرِيق أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة، فِيهِ بَينهم اخْتِلَاف على سُهَيْل بن أبي صَالح. مِنْهُم من يَقُول فِيهِ: عَن سُهَيْل، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة. وَمِنْهُم من يَقُول: عَن سُهَيْل، عَن إِسْحَاق مولى زَائِدَة، عَن أبي هُرَيْرَة. وَمِنْهُم من يقفه بِهَذَا الطَّرِيق على أبي هُرَيْرَة. وَمِنْهُم من يقفه عَلَيْهِ أَيْضا، وَلكنه يَقُول: عَن سُهَيْل، عَن إِسْحَاق، عَن أبي هُرَيْرَة، وَلَا يذكر أَبَا صَالح. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ - لما ذكر هَذَا الِاخْتِلَاف -: يشبه أَن يكون سُهَيْل كَانَ يضطرب فِيهِ. وَأما الطَّرِيق الآخر، فَمن رِوَايَة أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من غسل مَيتا فليغتسل، وَمن حمله فَليَتَوَضَّأ، وَمن تبع جَنَازَة فَلَا يجلس حَتَّى تُوضَع ". رَوَاهُ قوم عَن أبي سَلمَة هَكَذَا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 284 وَرَوَاهُ قوم عَنهُ فوقفوه على أبي هُرَيْرَة. وَقد رُوِيَ من طَرِيق الزُّهْرِيّ، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن أبي هُرَيْرَة، وَلَيْسَ ذَلِك بِمَعْرُوف. وَرُوِيَ أَيْضا عَن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، وَهُوَ أَيْضا كَذَلِك غير مَعْرُوف. وَالْمَقْصُود أَن رِوَايَة عَمْرو بن عُمَيْر لَيْسَ فِيهَا اخْتِلَاف وَلَا [هُوَ] عِلّة لَهَا، وَإِنَّمَا علتها الْجَهْل بِحَال عَمْرو بن عُمَيْر، فَلَو عرفت حَاله لم تكن كَثْرَة الروَاة لَهُ / عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا وموقوفا، ضادا لَهَا، فَاعْلَم ذَلِك. (1033) وَذكر حَدِيث: " سَيَأْتِيكُمْ ركيب مبغضون ". وَأعله بِأَن قَالَ: عبد الرَّحْمَن بن جَابر بن عبد الله، لَا يحْتَج بِهِ. هَذَا مَا أعله بِهِ، وَهَذَا الرجل لَيْسَ كَمَا ذكر، بل هُوَ ثِقَة، وَثَّقَهُ الْكُوفِي، وَأخرج لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم. وَإِنَّمَا عِلّة الْخَبَر، الْجَهْل / بِحَال خَارِجَة السّلمِيّ، رَاوِيه عَنهُ. وَقد تقدم هَذَا مَبْسُوطا فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا عَن رُوَاة، ثمَّ أردفها أَشْيَاء، موهما أَنَّهَا عَن أُولَئِكَ الروَاة. (1034) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ، حَدِيث عَائِشَة فِي قَضَاء صِيَام الجزء: 3 ¦ الصفحة: 285 التَّطَوُّع " صوما يَوْمًا مَكَانَهُ ". وَعلله بتعليل الدَّارَقُطْنِيّ لَهُ بِأَن قَالَ: وهم جرير بن حَازِم، وَفرج بن فضَالة - يَعْنِي فِي قَوْلهمَا: عَن يحيى بن سعيد، عَن عمْرَة، عَن عَائِشَة -. وَخَالَفَهُمَا حَمَّاد بن زيد، وَعباد بن الْعَوام، وَيحيى بن أَيُّوب، رَوَوْهُ عَن يحيى ابْن سعيد، عَن الزُّهْرِيّ مُرْسلا. هَذَا مَا أتبعه، وَلَا عيب على الحَدِيث فِي أَن يرْوى تَارَة مُسْندًا، وَتارَة مُرْسلا، وَإِنَّمَا عِلّة حَدِيث النَّسَائِيّ الْمَذْكُور، أَنه عِنْده من رِوَايَته عَن شَيْخه أَحْمد بن عِيسَى الْمصْرِيّ الخشاب، عَن ابْن وهب، عَن جرير. وَأحمد هَذَا يتَكَلَّم فِيهِ، وينكر عَلَيْهِ، ويروي بواطل. وَقد كتبه أَبُو مُحَمَّد فِي كِتَابه الْكَبِير من طَرِيق النَّسَائِيّ بِهَذَا الطَّرِيق الَّذِي قُلْنَاهُ، فَهُوَ معنيه بِلَا شكّ. (1035) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن ركَانَة بن عبد يزِيد، قَالَ: سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " فرق مَا بَيْننَا وَبَين الْمُشْركين العمائم على القلانس ". ثمَّ قَالَ: إِسْنَاده مَجْهُول، لَا يعرف لبَعْضهِم سَماع من بعض. انْتهى مَا ذكر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 286 هَذَا الْكَلَام الَّذِي ذكر، هُوَ كَلَام البُخَارِيّ، إِلَّا أَنه من البُخَارِيّ على أَصله، وَلَيْسَ من أبي مُحَمَّد على أَصله فِيمَا لَا يُحْصى من الْأَحَادِيث. وَذَلِكَ أَن البُخَارِيّ وَعلي بن الْمَدِينِيّ، يريان رَأيا قد تولى رده عَلَيْهِمَا مُسلم، وَهُوَ: " أَن المتعاصرين لَا يحمل مُعَنْعَن أَحدهمَا عَن الآخر على الِاتِّصَال، مَا لم يثبت أَنَّهُمَا التقيا " وَخَالَفَهُمَا الْجُمْهُور فِي ذَلِك. وَعِنْدِي أَن الصَّوَاب مَا قَالَاه وَلَيْسَ هَذَا مَوضِع بَيَانه، ولنوم إِلَيْهِ، وَذَلِكَ أَن الأَصْل فِي أَخْبَار الْآحَاد الرَّد لما هِيَ عَلَيْهِ من احْتِمَال الْخَطَأ وَالْكذب، وَغير ذَلِك من أحوالها لَوْلَا مَا قَامَ من الْحجَّة على إِلْزَام الْعَمَل بهَا، الَّتِي هِيَ الْإِجْمَاع، أَو / التَّوَاتُر عَن الشَّرْع بإلزام ذَلِك. وَلَا يتَحَقَّق الْإِجْمَاع إِلَّا فِيمَا إِذا كَانَا قد التقيا وَلَو مرّة من دهرهما، وَلم يكن المعنعن مَعْرُوفا بالتدليس، وَكَانَ ثِقَة، وَمَتى اخْتَلَّ من هَذِه وَاحِد، فَالْخِلَاف قَائِم، فَلَا يكن حجَّة، وَكَذَلِكَ حجَّة التَّوَاتُر إِنَّمَا تتَحَقَّق فِيمَا لَا يشك فِي الالتقاء. وَلَيْسَ بسط هَذَا من غرضنا، فلنرجع إِلَى رَأْي الْجُمْهُور مُلْتَزم أبي مُحَمَّد: فَنَقُول لَهُ: البُخَارِيّ إِذا قَالَ ذَلِك فِي هَؤُلَاءِ فعلى أَصله، وَأما أَنْت إِذا قلته فقد تركت أصلك، إِذْ الزَّمَان مُحْتَمل للقاء. وَإِنَّمَا عِلّة هَذَا الْخَبَر أَنه من رِوَايَة أبي الْحسن الْعَسْقَلَانِي، عَن أبي جَعْفَر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 287 [بن] مُحَمَّد بن ركَانَة، عَن أَبِيه، أَن ركَانَة، فَذكره. وَمَا من هَؤُلَاءِ من تعرف لَهُ حَال. وَلما ذكر التِّرْمِذِيّ هَذَا الْخَبَر قَالَ فِيهِ: " غَرِيب، إِسْنَاده لَيْسَ بالقائم، وَلَا نَعْرِف أَبَا الْحسن الْعَسْقَلَانِي، وَلَا ابْن ركَانَة ". وَالْأَمر فِي هَذَا كَمَا قَالَ التِّرْمِذِيّ، فاعلمه. (1036) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ عَن ابْن عمر، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي امْرَأَة لَهَا زوج وَلها مَال وَلَا يَأْذَن لَهَا فِي الْحَج -: " لَيْسَ لَهَا أَن تَنْطَلِق إِلَّا بِإِذن زَوجهَا ". ثمَّ قَالَ: فِي إِسْنَاده رجل مَجْهُول يُقَال / لَهُ مُحَمَّد بن أبي يَعْقُوب الْكرْمَانِي، رَوَاهُ عَن حسان بن إِبْرَاهِيم الْكرْمَانِي. هَذَا مَا ذكر من غير مزِيد، وَهَذَا الحَدِيث ذكره الدَّارَقُطْنِيّ هَكَذَا: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن أَحْمد القرميسيني قَالَ: حَدثنَا الْعَبَّاس بن مُحَمَّد بن مجاشع، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن أبي يَعْقُوب، قَالَ: حَدثنَا حسان بن إِبْرَاهِيم، قَالَ: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 288 حَدثنَا إِبْرَاهِيم الصَّائِغ قَالَ: قَالَ نَافِع، عَن ابْن عمر، فَذكره. فَأَبُو مُحَمَّد - رَحمَه الله - قَالَ فِي مُحَمَّد بن أبي يَعْقُوب هَذَا الَّذِي يروي عَن حسان بن إِبْرَاهِيم: إِنَّه مَجْهُول كَمَا قَالَ غَيره، وَهُوَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ. وَكَذَلِكَ ذكره البُخَارِيّ ذكرا يقْضِي بِأَنَّهُ مَجْهُول. ورد ذَلِك الْخَطِيب بن ثَابت على البُخَارِيّ، وَبَين أَنه مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن أبي يَعْقُوب الْكرْمَانِي الْمُتَقَدّم ذكره عِنْده فِي بَاب الْألف من أَسمَاء الْآبَاء. قَالَ: وَقد وهم / البُخَارِيّ فِي التَّفْرِقَة بَينهمَا بترجمتين، وهما وَاحِد، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو نصر الكلاباذي كَمَا قَالَ الْخَطِيب. فَأَما مُتَابعَة ابْن أبي حَاتِم للْبُخَارِيّ على التَّفْرِقَة فَغير مُعْتَبرَة؛ فَإِنَّهُ إِنَّمَا ينْقل رسوم البُخَارِيّ فِي الْأَكْثَر، وَيزِيد الْجرْح وَالتَّعْدِيل، فَلذَلِك يتفقان فِي الأوهام كثيرا، وَكَذَا ذكره ابْن الْجَارُود فِي كتاب الكنى مَنْسُوبا إِلَى جده فَقَالَ: أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن أبي يَعْقُوب كَمَا فِي الْإِسْنَاد. وَإِذا كَانَ مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن أبي يَعْقُوب الْكرْمَانِي، فَهُوَ ثِقَة، وَثَّقَهُ ابْن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 289 معِين، وَأخرج لَهُ البُخَارِيّ فِي جَامعه، روى عَنهُ البُخَارِيّ بِالْبَصْرَةِ، وَإِذا ثَبت هَذَا، فَلَيْسَ مَا أعل الْخَبَر بِهِ عِلّة، وعلته إِنَّمَا هِيَ الْعَبَّاس بن مُحَمَّد بن مجاشع، فَإِنَّهُ لَا تعرف حَاله، فَاعْلَم ذَلِك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 290 ((6) بَاب ذكر أَحَادِيث عللها، وَلم يبين من أسانيدها مَوضِع الْعِلَل.) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 291 الَّذِي يذكر فِي هَذَا الْبَاب، هُوَ قِسْمَانِ: قسم لم يُصَحِّحهُ وَهُوَ ضَعِيف، وَقسم لم يُصَحِّحهُ وَهُوَ حسن، وَلم نفضل فِي الذّكر أحد الْقسمَيْنِ من الآخر، لتداخل القَوْل فِي الرِّجَال، وَلكنه يتَبَيَّن ذَلِك فِي حَدِيث حَدِيث من سَائِر الْبَاب. (1037) فَمن ذَلِك أَنه ذكر من طَرِيق الْبَزَّار، من حَدِيث شريك بن عبد الله، عَن أبي سِنَان، عَن ابْن أبي الْهُذيْل، عَن خباب، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن بني إِسْرَائِيل لما ضلوا قصوا ". قَالَ الْبَزَّار فِي هَذَا الْإِسْنَاد: إِسْنَاد حسن. قَالَ أَبُو مُحَمَّد: وَلَيْسَ مِمَّا يحْتَج بِهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 293 كَذَا قَالَ، وَلم يبين مَوضِع علته، ورأيته لما ذكره فِي كِتَابه الْكَبِير، قَالَ بعده: ابْن أبي الْهُذيْل اسْمه عبد الله، وَأَبُو سِنَان اسْمه ضرار بن مرّة. فَهَذَا مِنْهُ تَصْرِيح بِأَن الَّذِي لأَجله لَا يحْتَج بِهِ عِنْده، هُوَ شريك، فَإِنَّهُ قد كَانَ يظنّ أَنه لم يعرف ابْن أبي / الْهُذيْل، وَأَبا سِنَان، وَلذَلِك تَبرأ من عهدته بذكرهما، فَإذْ قد عرفهما فقد عرف أحكامهما، فَإِنَّهَا عِنْد الْمُحدثين بَيِّنَة - أَعنِي أَنَّهُمَا ثقتان. قَالَ النَّسَائِيّ والكوفي فِي عبد الله بن أبي الْهُذيْل، أبي الْمُغيرَة الْعَنزي: إِنَّه ثِقَة كُوفِي، وَقَالَ الْكُوفِي: إِنَّه كَانَ عثمانيا. وَهَذَا لم يثبت، وَلَا نعدمه وَمَا أشبهه فِي كثير مِمَّن يحْتَج بهم. وَأَبُو سِنَان هُوَ الْأَكْبَر ضرار بن مرّة " كُوفِي " / أَيْضا، ثِقَة. قَالَ فِيهِ ابْن معِين وَابْن حَنْبَل: ثَبت. وَقَالَ يحيى الْقطَّان: ثِقَة. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: ثِقَة، لَا بَأْس بِهِ. وَقَالَ فِيهِ الْكُوفِي: ثِقَة، ثَبت، مبرز، صَالح، صَاحب سنة، وَهُوَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 294 فِي عداد الشُّيُوخ، وَلَيْسَ بِكَثِير الحَدِيث. وَكَانَ الثَّوْريّ يَقُول: بِالْكُوفَةِ خَمْسَة يزدادون فِي كل سنة خيرا، فعده فيهم. وَيُقَال: إِنَّه كَانَ لَهُ جمل يَسْتَقِي عَلَيْهِ المَاء لنَفسِهِ، فيسقي قوما لَا يَجدونَ المَاء إِلَّا غبا، احتسابا مِنْهُ، فَكَانَ قومه يَقُولُونَ لَهُ: فضحتنا رَأَيْت فِينَا سقاء؟ فَيَقُول: لَيْسَ تَدْرُونَ مَا هَذَا. فَإِذن لم يبْق من يتَعَيَّن النّظر فِي أمره عِنْده إِلَّا شريك بن عبد الله القَاضِي، وَأمره أشهر، وأخباره أَكثر من أَن نعرض لَهَا. وَجُمْلَة أمره أَنه صَدُوق، ولي الْقَضَاء فَتغير محفوظه فَمن سمع مِنْهُ قبل ذَلِك فَحَدِيثه صَحِيح. وَهَذَا الحَدِيث يرويهِ عَنهُ أَبُو أَحْمد الزبيرِي، وَلَا أَدْرِي مَتى سمع مِنْهُ. فَهَذِهِ هِيَ الْعلَّة الْمَانِعَة من تَصْحِيح هَذَا الْخَبَر. (1038) وَقد ذكر أَبُو مُحَمَّد فِي الْأَشْرِبَة حَدِيث: " اشربوا فِي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 295 الظروف، وَلَا تسكروا ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 296 من رِوَايَة شريك. ثمَّ قَالَ: وَشريك لَا يحْتَج بِهِ، وَيُدَلس أَيْضا. (1039) وَذكر حَدِيث: " من لبس ثوب شهرة فِي الدُّنْيَا " من عِنْد أبي دَاوُد. ثمَّ قَالَ: فِي إِسْنَاده مهَاجر الشَّامي، لَيْسَ بِمَشْهُور، وَقَبله فِي الْإِسْنَاد شريك، عَن عُثْمَان بن أبي زرْعَة. وَهَذَا مِنْهُ أَيْضا مس لِشَرِيك، فَإِن عُثْمَان بن أبي زرْعَة، هُوَ عُثْمَان بن الْمُغيرَة، أَبُو الْمُغيرَة، أحد ثِقَات الْكُوفِيّين. وَهَذَا الَّذِي عمل بِهِ فِي هَذِه الْأَحَادِيث: من كَونه لم يصحح مَا هُوَ من رِوَايَة / شريك - لَا أَقُول: ضعفها، إِنَّمَا أَقُول: لم يصححها - هُوَ الصَّوَاب، فَهِيَ حَسَنَة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 297 فَأَما تَصْحِيحه مَا هُوَ من رِوَايَة شريك فَلَيْسَ بصواب، وَذَلِكَ فِي أَحَادِيث كَثِيرَة سكت عَنْهَا، وَهِي من رِوَايَته وَلم يبين أَنَّهَا من رِوَايَته، وَهُوَ قد أخبر عَن نَفسه أَن سُكُوته عَن الحَدِيث تَصْحِيح لَهُ، إِلَّا أَن يكون فِي فضل عمل. (1040) فَمن ذَلِك حَدِيث عَائِشَة: " من حَدثكُمْ أَنه كَانَ يَبُول قَائِما فَلَا تُصَدِّقُوهُ ". يرويهِ عَن شريك عَليّ بن حجر، ذكره التِّرْمِذِيّ عَنهُ. (1041) وَحَدِيث أنس: " أَتَيْته بِمَاء فِي ركوة فاستنجى وَمسح يَده بِالْأَرْضِ ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 298 رَوَاهُ عَن شريك وَكِيع. (1042) وَحَدِيث عَائِشَة فِي: " ترك الْوضُوء بعد الْغسْل ". رَوَاهُ ابْن مهْدي، وَإِسْمَاعِيل بن مُوسَى عَن شريك. (1043) وَحَدِيث: " وضع الرُّكْبَتَيْنِ قبل الْيَدَيْنِ ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 299 (1044) وَحَدِيث " كنت أنظر إِلَى وبيص الطّيب فِي مفرق رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعد ثَلَاث ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 300 (1045) وَحَدِيث ابْن مَسْعُود: " أَن الرِّبَا وَإِن كثر فَإِنَّهُ يصير إِلَى قل ". وَهُوَ أَيْضا من رِوَايَة أبي أَحْمد عَن شريك. (1046) وَحَدِيث: " اشْترى من عير بيعا وَلَيْسَ عِنْده ثمنه، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 301 فَتصدق بِالرِّبْحِ على أرامل بني عبد الْمطلب ". وَهُوَ من رِوَايَة شريك، عَن سماك، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس. (1047) وَحَدِيث يعلى بن أُميَّة، وَحَدِيث صَفْوَان بن أُميَّة " فِي الْعَارِية ". وَقَالَ بعدهمَا: حَدِيث يعلى أصح. وَذَلِكَ أَنه من رِوَايَة شريك، فَهُوَ أَيْضا قد صَححهُ وَرجح عَلَيْهِ. (1048) وَحَدِيث: مَاتَ رجل من خُزَاعَة فَأتي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بميراثه فَقَالَ: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 302 " التمسوا لَهُ وَارِثا أَو ذَا رحم ". (1049) وَحَدِيث: " إِن الله لَا يصنع بشقاء أختك شَيْئا ". (1050) وَحَدِيث: " الْأَمر بقتل الْحَيَّات، فَمن / خَافَ ثأرهن فَلَيْسَ مني ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 303 (1051) وَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام لأنس: " يَا ذَا الْأُذُنَيْنِ ". كل هَذِه سكت عَنْهَا، وَلم يبين فِي شَيْء مِنْهَا أَنه من رِوَايَة شريك. (1052) وَلم يَصح " أد الْأَمَانَة إِلَى من ائتمنك ". وَذَلِكَ - وَالله أعلم - لِأَنَّهُ من رِوَايَة شريك وَقيس بن الرّبيع مَعًا، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة. (1053) وَذكر حَدِيث: " بعث عليا قَاضِيا إِلَى الْيمن " /. وَضَعفه بحنش. وَلم يعرض لكَونه من رِوَايَة شريك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 304 (1054) وَذكر حَدِيث: " صيد البزاة ". وَقَالَ: إِسْنَاده ضَعِيف. وَذَلِكَ - وَالله أعلم - لِأَنَّهُ من رِوَايَة شريك، عَن حجاج بن أَرْطَأَة. وَقد تبين بِمَا ذَكرْنَاهُ اضطرابه فِي شريك، وأصوب رأييه ترك الِاحْتِجَاج بِهِ، فَاعْلَم ذَلِك. (1055) وَذكر من طَرِيق أبي نعيم، حَدثنَا عَليّ بن حميد الوَاسِطِيّ، حَدثنَا أسلم بن سهل الوَاسِطِيّ، حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن حبيب، حَدثنَا هَانِئ بن يحيى، حَدثنَا مبارك بن فضَالة، عَن عبيد الله، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تعلمُوا من أنسابكم مَا تصلونَ بِهِ أَرْحَامكُم، وَمن النُّجُوم مَا تهتدون بِهِ فِي الظُّلُمَات ". (1056) حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد بن جَعْفَر، حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي عَاصِم، حَدثنَا عبد الْجَبَّار بن الْعَلَاء، حَدثنَا سُفْيَان عَن مسعر، عَن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 305 إِبْرَاهِيم السكْسكِي، عَن عبيد الله بن أبي أوفى، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " خِيَار عباد الله الَّذين يراعون الشَّمْس وَالْقَمَر، والأظلة لذكر الله ". ثمَّ قَالَ: وَلَيْسَ إسنادهما مِمَّا يحْتَج بِهِ. انْتهى قَوْله. وَهُوَ كَمَا ذكر، وَلَكِن لَا أَدْرِي مَا جهل مِنْهُمَا وَمَا علم. أما الْإِسْنَاد الأول، فمبارك بن فضَالة يوثقه قوم ويضعفه آخَرُونَ وأقوالهم فِيهِ مبسوطة فِي موَاضعهَا. وهانئ بن يحيى أَبُو مَسْعُود السّلمِيّ ثِقَة. وَمُحَمّد بن عبد الله بن حبيب الوَاسِطِيّ، أَبُو بكر بن الخباز، ثِقَة [قَالَه أَحْمد بن سِنَان الوَاسِطِيّ. فَأَما أسلم بن سهل وَعلي بن حميد فَلَا أَعْرفهُمَا. والإسناد الثَّانِي لَا يسْأَل مِنْهُ عَمَّن فَوق عبد الْجَبَّار، وَإِن كَانَ قوم قد] ضعفوا إِبْرَاهِيم السكْسكِي، فَلم يَأْتُوا بِحجَّة، وَهُوَ ثِقَة، وَقد أخرج لَهُ البُخَارِيّ. وَعبد الْجَبَّار بن الْعَلَاء أَبُو بكر الْعَطَّار، مكي صَالح، قَالَه أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ، وَمن دونهمَا لَا أَعْرفهُمَا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 306 (1057) وَذكر من المراسل عَن عِيسَى بن أزداد، عَن أَبِيه، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا بَال أحدكُم فلينثر / ذكره ثَلَاثًا ". قَالَ: وَلَا يَصح حَدِيثه هَذَا. وَهُوَ كَمَا قَالَ، وَلكنه لم يبين مِنْهُ سوى الْإِرْسَال، وعلته أَن عِيسَى وأباه لَا يعرفان، وَلَا يعلم لَهما غير هَذَا. (1058) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، عَن مُوسَى بن أبي إِسْحَاق الْأنْصَارِيّ، عَن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن، عَن رجل من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، " أَنه نهى أَن يَسْتَطِيب أحدكُم بِعظم، أَو رَوْثَة، أَو جلد ". ثمَّ قَالَ: لَا يَصح ذكر الْجلد. لم يزدْ على هَذَا، وَإِنَّمَا تبع فِي ذَلِك الدَّارَقُطْنِيّ، فَإِنَّهُ قَالَ: إِسْنَاده غير ثَابت، وَلم يبين مَوضِع علته أَيْضا. وعلته هِيَ الْجَهْل بِحَال مُوسَى بن أبي إِسْحَاق، وَكَذَا وَقع فِي كتاب الدَّارَقُطْنِيّ: مُوسَى بن أبي إِسْحَاق. فَأَما ابْن أبي حَاتِم فَذكره مُوسَى بن إِسْحَاق، فِي جملَة من يُسمى أَبوهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 307 إِسْحَاق، مِمَّن اسْمه مُوسَى، وَذكر لَهُ هَذَا الحَدِيث، وَلم يعرف من أمره بِشَيْء، فَهُوَ عِنْده مَجْهُول. وَعبد الله بن عبد الرَّحْمَن أَيْضا مَجْهُول كَذَلِك. وَقد تقدم ذكره فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أعلها بِقوم وَترك من تعتل بهم أَيْضا لم يذكرهم. (1059) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن أبي سعيد حَدِيث: " أَنَتَوَضَّأُ من بِئْر بضَاعَة " الحَدِيث. وَأتبعهُ قَول التِّرْمِذِيّ فِيهِ: حسن. وَلم يبين مَا الْمَانِع من صِحَّته، وَقَالَ: رُوِيَ من غير وَجه عَن أبي سعيد. وَأمره إِذا بَين، يبين مِنْهُ ضعف الحَدِيث لَا حسنه. وَذَلِكَ أَن مَدَاره على أبي / أُسَامَة عَن مُحَمَّد بن كَعْب، ثمَّ اخْتلف على أبي أُسَامَة فِي الْوَاسِطَة الَّتِي بَين مُحَمَّد بن كَعْب وَأبي سعيد. فقوم يَقُولُونَ: عبد الله بن عبد الله بن رَافع بن خديج. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 308 وَقوم يَقُولُونَ: عبيد الله بن عبد الله بن رَافع بن خديج. وَله طَرِيق آخر من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق عَن سليط بن أَيُّوب، وَاخْتلف على ابْن إِسْحَاق فِي الْوَاسِطَة الَّتِي بَين سليط وَأبي سعيد: فقوم يَقُولُونَ: عبيد الله بن عبد الرَّحْمَن بن رَافع. وَقوم / يَقُولُونَ: عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن رَافع. وَقوم يَقُولُونَ: عَن عبد الرَّحْمَن بن رَافع. فَتحصل فِي هَذَا الرجل الرَّاوِي لَهُ عَن أبي سعيد، خَمْسَة أَقْوَال. عبد الله بن عبيد الله بن رَافع، وَعبيد الله بن عبد الله بن رَافع، وَعبد الله ابْن عبد الرَّحْمَن بن رَافع، وَعبيد الله بن عبد الرَّحْمَن بن رَافع، وَعبد الرَّحْمَن ابْن رَافع، وكيفما كَانَ فَهُوَ من لَا تعرف لَهُ حَال وَلَا عين. والأسانيد بِمَا ذَكرْنَاهُ فِي كتب الْأَحَادِيث مَعْرُوفَة، وَقد ذكر البُخَارِيّ فِي تَارِيخه الْخلاف الْمَذْكُور مُفَسرًا. وَلِحَدِيث بِئْر بضَاعَة طَرِيق حسن من غير رِوَايَة أبي سعيد من رِوَايَة سهل بن سعد، سَنذكرُهُ (إِن شَاءَ الله) فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي سَاقهَا صحاحا أَو حسانا، وَهِي ضَعِيفَة من تِلْكَ الطّرق، صَحِيحَة أَو حَسَنَة من غَيرهَا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 309 (1060) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن مُعَاوِيَة بن صَالح، عَن الْعَلَاء ابْن الْحَارِث، عَن حرَام بن حَكِيم، عَن عَمه عبد الله بن سعد قَالَ: " سَأَلت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن المَاء يكون بعد المَاء ". ثمَّ قَالَ: لَا يَصح غسل الْأُنْثَيَيْنِ، وَلَا يحْتَج بِهَذَا الْإِسْنَاد. كَذَا قَالَ، وَهُوَ كَذَلِك، وَلكنه بَقِي عَلَيْهِ أَن يبين مِنْهُ مَوضِع الْعلَّة، وَهُوَ الْجَهْل بِحَال حرَام بن حَكِيم الدِّمَشْقِي - وَهُوَ حرَام بالراء بعد الْحَاء الْمَفْتُوحَة - وَقد يتصحف - على من لَا يعرف - بحزام بن حَكِيم - بالزاي بعد الْحَاء الْمَكْسُورَة - وَكِلَاهُمَا فِي طبقَة وَاحِدَة، وَهُوَ - أَعنِي هَذَا الثَّانِي - حزَام بن حَكِيم بن حزَام. وَإِذا جعلت حَرَامًا هَذَا مَوضِع عِلّة الْخَبَر على مَا أرَاهُ؛ فَإِن كَانَ ذَلِك أَيْضا معني أبي مُحَمَّد، فقد نَاقض فِيهِ، وَذَلِكَ أَنه لَا يزَال يقبل أَحَادِيث المساتير الَّذين يروي عَن أحدهم أَكثر من وَاحِد. وَحرَام هَذَا، يروي عَنهُ الْعَلَاء بن الْحَارِث، وَزيد بن وَاقد، وَعبد الله بن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 310 الْعَلَاء، ويروي هُوَ عَن أبي هُرَيْرَة، وَعَمه عبد الله بن سعد، قَالَه أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ، وَترْجم باسمه ابْنه أَبُو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم بعد تَرْجَمَة أُخْرَى ذكر فِيهَا حرَام / بن مُعَاوِيَة. روى عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُرْسلا، وروى عَن عمر، وروى معمر عَن زيد بن رفيع عَنهُ، وروى عبيد الله بن عَمْرو، عَن زيد بن رفيع، فَقَالَ: عَن حرَام بن حَكِيم بن حرَام قَالَ ابْن أبي حَاتِم: سَمِعت أبي يَقُول ذَلِك. فجعلهما كَمَا ترى رجلَيْنِ فِي ترجمتين: إِحْدَاهمَا ذكر فِيهَا حرَام بن حَكِيم، وَالْأُخْرَى ذكر فِيهَا حرَام بن مُعَاوِيَة، وَتبع فِي ذَلِك البُخَارِيّ. وَزعم الْخَطِيب بن ثَابت أَن البُخَارِيّ وهم فِي ذَلِك، وَبَين أَنه رجل وَاحِد يخْتَلف على مُعَاوِيَة بن صَالح فِي اسْم أَبِيه، وسَاق جَمِيع مَا تولى بَيَانه من ذَلِك بأسانيد، مِمَّا يقف عَلَيْهِ من أَرَادَهُ فِي كِتَابه الْمُسَمّى بِالْجمعِ والتفريق فِي أَوْهَام البُخَارِيّ. وَمِمَّنْ عمل فِيهِ عمل البُخَارِيّ، وَابْن أبي حَاتِم، أَبُو الْحسن الدَّارَقُطْنِيّ فِي كِتَابه، فِي المؤتلف والمختلف وَقد تبين الْمَقْصُود، وَهُوَ عِلّة الْخَبَر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 311 (1061) وَلما ذكر أَبُو مُحَمَّد فِي بَاب الْحيض حَدِيث حرَام هَذَا، عَن عَمه: " فِيمَا يحل للرجل من امْرَأَته / وَهِي حَائِض ". قَالَ بعده " حرَام ضَعِيف. وَلَا أَدْرِي من أَيْن جَاءَهُ تَضْعِيفه، وَإِنَّمَا هُوَ مَجْهُول الْحَال، فَاعْلَم ذَلِك. (1062) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن سعيد بن زيد، قَالَ: سَمِعت الجزء: 3 ¦ الصفحة: 312 رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " لَا وضوء لمن لم يذكر اسْم الله عَلَيْهِ ". ثمَّ قَالَ: قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل: لَا أعلم فِي هَذَا حَدِيثا لَهُ إِسْنَاد جيد. وَقَالَ مُحَمَّد - يَعْنِي البُخَارِيّ -: أحسن شَيْء فِي هَذَا الْبَاب حَدِيث رَبَاح ابْن عبد الرَّحْمَن. انْتهى كَلَام التِّرْمِذِيّ. وَحَدِيث رَبَاح بن عبد الرَّحْمَن هُوَ هَذَا الَّذِي ذكر التِّرْمِذِيّ. انْتهى كَلَام أبي مُحَمَّد رَحمَه الله. فَإِن كَانَ اعْتمد قَول أَحْمد: " لَا أعلم فِي هَذَا حَدِيثا لَهُ إِسْنَاد جيد " فقد بَقِي عَلَيْهِ أَن يبين علته، وَذَلِكَ هُوَ الَّذِي قصدت بَيَانه فِي هَذَا الْبَاب لتكمل الْفَائِدَة. وَإِن كَانَ اعْتمد قَول البُخَارِيّ: " إِنَّه أحسن شَيْء فِي هَذَا الْبَاب " فقد يُوهم فِيهِ أَنه حسن، وَلَيْسَ كَذَلِك، وَمَا هُوَ إِلَّا ضَعِيف جدا، وَإِنَّمَا معنى كَلَام البُخَارِيّ: " إِنَّه أحسن / مَا فِي الْبَاب على علته ". وَبَيَان هَذَا هُوَ بِأَن تعلم أَنه حَدِيث رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ هَكَذَا: حَدثنَا نصر بن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 313 وَعلي الْجَهْضَمِي، وَبشر بن معَاذ الْعَقدي، الْبَصْرِيّ، قَالَا: حَدثنَا بشر بن الْمفضل، عَن عبد الرَّحْمَن بن حَرْمَلَة، عَن أبي ثفال المري، عَن رَبَاح بن عبد الرَّحْمَن بن أبي سُفْيَان بن حويطب، عَن جدته، عَن أَبِيهَا، قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول، فَذكره. قَالَ أَبُو عِيسَى: أَبوهَا سعيد بن زيد بن عَمْرو بن نفَيْل، وَأَبُو ثفال المري، اسْمه ثُمَامَة بن حُصَيْن، ورباح بن عبد الرَّحْمَن، هُوَ أَبُو بكر بن حويطب. انْتهى كَلَامه. فَفِي إِسْنَاد هَذَا الْكَلَام ثَلَاثَة مَجَاهِيل الْأَحْوَال: أَوَّلهمْ: جدة رَبَاح، فَإِنَّهَا لَا تعرف بِغَيْر هَذَا، وَلَا يعرف لَهَا اسْم وَلَا حَال وَغَايَة مَا تعرفنا بِهَذَا أَنَّهَا ابْنة لسَعِيد بن زيد رَضِي الله عَنهُ. وَالثَّانِي: رَبَاح الْمَذْكُور، فَإِنَّهُ مَجْهُول الْحَال كَذَلِك، وَلم يعرف ابْن أبي حَاتِم من حَاله بِأَكْثَرَ مِمَّا أَخذ من هَذَا الْإِسْنَاد: من رِوَايَته عَن جدته، وَرِوَايَة أبي ثفال عَنهُ. وَالثَّالِث: أَبُو ثفال الْمَذْكُور، فَإِنَّهُ أَيْضا مَجْهُول الْحَال كَذَلِك وَهُوَ أشهرهم لرِوَايَة جمَاعَة عَنهُ؛ مِنْهُم: عبد الرَّحْمَن بن حَرْمَلَة، وَسليمَان بن بِلَال، وَصدقَة مولى الزبير والدراوردي، وَالْحُسَيْن بن أبي جَعْفَر، وَعبد الله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 314 ابْن عبد الْعَزِيز. قَالَه أَبُو حَاتِم، فَاعْلَم ذَلِك. (1063) وَذكر من طَرِيق أبي بكر بن أبي شيبَة من مُسْنده، عَن حَفْص ابْن غياث، عَن لَيْث، عَن طَلْحَة، عَن أَبِيه، عَن جده، قَالَ: " رَأَيْت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تَوَضَّأ فَمسح رَأسه هَكَذَا " وَأمر حَفْص بِيَدِهِ على رَأسه حَتَّى مسح قَفاهُ. ثمَّ قَالَ بإثره: سأذكر هَذَا الْإِسْنَاد وَضَعفه إِن شَاءَ الله. (1064) ثمَّ ذكر فِي الْبَاب من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن طَلْحَة، عَن أَبِيه، عَن جده: " رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يمسح رَأسه مرّة وَاحِدَة حَتَّى بلغ القذال، وَهُوَ أول الْقَفَا ". (1065) وَعَن طَلْحَة، عَن أَبِيه، عَن جده: " دخلت على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يتَوَضَّأ، وَالْمَاء يسيل من وَجهه / ولحيته على صَدره، فرأيته يفصل بَين الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق ". قَالَ: وَطَلْحَة هَذَا، يُقَال: هُوَ رجل من الْأَنْصَار، وَيُقَال: هُوَ طَلْحَة بن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 315 مصرف، وَلَا تعرف لجده صُحْبَة. (1066) ثمَّ ذكر فِي الْبَاب نَفسه من كتاب الْحُرُوف لِابْنِ السكن، من حَدِيث مصرف بن عَمْرو بن السّري بن مصرف بن عَمْرو بن كَعْب، عَن أَبِيه، عَن جده، يبلغ بِهِ عَمْرو بن كَعْب، قَالَ: رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تَوَضَّأ فَمسح لحيته وَقَفاهُ. فَقَالَ: وَهَذَا الْإِسْنَاد لَا أعرفهُ، وكتبته حَتَّى أسأَل عَنهُ، إِن شَاءَ الله تَعَالَى. هَذَا / مَا ذكر بِهِ الْأَحَادِيث، وَهِي كلهَا لَا تصح. وَقد كَانَ وعد أَن يذكر ضعف هَذَا الْإِسْنَاد فَلم يفعل. وَالْمَقْصُود الْآن بَيَان مَا أجمل من ضعفه، فَاعْلَم أَولا أَن طَلْحَة الْمَذْكُور فِيهَا، هُوَ طَلْحَة بن مصرف بن عَمْرو بن كَعْب. وَعَمْرو بن كَعْب جده هُوَ عَمْرو بن كَعْب بن جحدر بن مُعَاوِيَة بن سعد بن الْحَارِث بن ذهل، من بني يام. وَقد تبين أَن طَلْحَة الْمَذْكُور هُوَ طَلْحَة بن مصرف فِي نفس الْإِسْنَاد عِنْد أبي دَاوُد، فَاخْتَصَرَهُ أَبُو مُحَمَّد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 316 قَالَ أَبُو دَاوُد، حَدثنَا مُحَمَّد بن عِيسَى ومسدد، قَالَا: حَدثنَا عبد الْوَارِث، عَن لَيْث، عَن طَلْحَة بن مصرف، عَن أَبِيه، عَن جده، قَالَ: " رَأَيْت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يمسح بِرَأْسِهِ مرّة وَاحِدَة حَتَّى بلغ القذال " - وَهُوَ أول الْقَفَا -. فَقَوْل أبي مُحَمَّد: طَلْحَة هَذَا يُقَال: إِنَّه رجل من الْأَنْصَار، وَيُقَال: هُوَ طَلْحَة بن مصرف، وَلَا تعرف لجده صُحْبَة، وَهُوَ عِلّة هَذِه الْأَخْبَار عِنْده من غير مزِيد. وَهُوَ كَلَام فِيهِ نظر، وَذَلِكَ أَنه قد تبين - كَمَا قُلْنَا فِي هَذَا الحَدِيث - أَنه عِنْد أبي دَاوُد: عَن طَلْحَة بن مصرف. وَكَذَا يجب أَن يكون فِي الحَدِيث الَّذِي أورد من طَرِيق ابْن أبي شيبَة؛ لِأَنَّهُ عَن حَفْص بن غياث، عَن لَيْث بن أبي سليم، عَن طَلْحَة. وَلَيْث بن أبي سليم، مَعْرُوف الرِّوَايَة عَن طَلْحَة بن مصرف، وخاصة حَدِيث مسح الرَّأْس. قَالَ لَيْث: أَمرنِي مُجَاهِد أَن ألزم أَرْبَعَة: أحدهم طَلْحَة بن مصرف. وَرُوِيَ أَيْضا عَن ابْن إِدْرِيس، عَن لَيْث بن أبي سليم، عَن مُجَاهِد، قَالَ: أعجب أهل الْكُوفَة إِلَيّ أَرْبَعَة: مِنْهُم طَلْحَة بن مصرف /. وَإِنَّمَا جعل أَبَا مُحَمَّد يَقُول ذَلِك، أَن ابْن أبي حَاتِم لما فرغ من ذكر طَلْحَة بن مصرف ترْجم تَرْجَمَة أُخْرَى نَصهَا: طَلْحَة روى عَن أَبِيه، عَن جده، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَنه مسح بِرَأْسِهِ من مقدم رَأسه حَتَّى أَتَى آخر رَأسه إِلَى تَحت لحيته ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 317 روى عَنهُ لَيْث بن أبي سليم، سَأَلت أبي عَنهُ فَقَالَ: يُقَال إِنَّه رجل من الْأَنْصَار، وَمِنْهُم من يَقُول: طَلْحَة بن مصرف، وَلَو كَانَ طَلْحَة بن مصرف لم يخْتَلف فِيهِ. وَسُئِلَ أَبُو زرْعَة عَن طَلْحَة الَّذِي يروي عَن أَبِيه عَن جده، قَالَ: " رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تَوَضَّأ ". فَقَالَ: لَا أعرف أحدا سمى وَالِد طَلْحَة، إِلَّا أَن بَعضهم يَقُول: طَلْحَة بن مصرف، انْتهى مَا ذكر ابْن أبي حَاتِم. وَهُوَ عذر أبي مُحَمَّد، وَلَكنَّا نقُول: روى هَذَا الرجل، عَن أَبِيه عَن جده مَا ذكر، وروى طَلْحَة بن مصرف، عَن أَبِيه، عَن جده مَا ذكر، حسب مَا وَقع مُفَسرًا فِي نفس الْإِسْنَاد، وَلَا يجب خلطهما. وَقَول أبي حَاتِم: لَو كَانَ طَلْحَة بن مصرف لم يخْتَلف فِيهِ، ينعكس عَلَيْهِ، فَلَو كَانَ غَيره لم يخْتَلف فِيهِ، أَو لم يقل الرَّاوِي عَنهُ: إِنَّه ابْن مصرف؟ فعلة هَذِه الْأَخْبَار كلهَا الْجَهْل بِحَال مصرف بن عَمْرو، وَالِد طَلْحَة بن مصرف وَفِي بَعْضهَا لَيْث بن أبي سليم. فَأَما إِسْنَاد ابْن السكن، فمجهول مثبج. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 318 ومصرف بن عَمْرو بن السّري، وَأَبُو عَمْرو، وجده السّري لَا يعْرفُونَ. وَلَيْسَ فِيهِ رِوَايَة لمصرف بن عَمْرو بن كَعْب، وَإِنَّمَا ظهر فِيهِ من السّري إِلَى عَمْرو بن كَعْب الَّذِي هُوَ جد طَلْحَة بن مصرف. وسماعه مِنْهُ لَا يعرف، بل وَلَا تعاصرهما، فالجميع لَا يَصح، فَاعْلَم ذَلِك. (1067) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ حَدِيث ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من تَوَضَّأ فَغسل كفيه ثَلَاثًا - وَوصف الْوضُوء - ثمَّ قَالَ: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله / وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله قبل أَن يتَكَلَّم، غفر لَهُ مَا بَين الوضوءين ". قَالَ: وَفِي إِسْنَاده الْبَيْلَمَانِي. لم يزدْ فِي تَعْلِيله على هَذَا، وَهُوَ مِنْهُ اعْتِمَاد على مَا قدم، وَلكنه لم يقدم بَيَانا، فَإِن الْبَيْلَمَانِي / أَب، وَابْن، والْحَدِيث من روايتهما، وَكِلَاهُمَا ضَعِيف، وهما مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن، فمحمد بن عبد الرَّحْمَن وَأَبوهُ لَا يحْتَج بهما، وَقد قدمنَا ذكرهمَا، فاعلمه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 319 (1068) وَذكر حَدِيث: " الْأَمر بتجديد المَاء للأذنين " من حَدِيث نمران بن جَارِيَة، عَن أَبِيه، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ: وَهُوَ إِسْنَاد ضَعِيف. لم يزدْ على هَذَا، وَهُوَ كَمَا ذكر، وعلته الْجَهْل بِحَال نمران هَذَا، وَضعف رَاوِيه عَنهُ، وَهُوَ دهثم بن قرَان. وَإِلَى هَذَا فَإِن هَذَا الحَدِيث لم يعزه إِلَى مَوضِع، وَقد بَينا أمره فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ذكرهَا وَلَا وجود لَهَا أَو عزاها إِلَى مَوَاضِع لَيست هِيَ فِيهَا. (1069) وَذكر أَنه روى عَن أبي أُمَامَة، وَأبي هُرَيْرَة، وَابْن عَبَّاس، وَأبي مُوسَى، كلهم عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " الأذنان من الرَّأْس ". قَالَ: وَلَا يَصح مِنْهَا كلهَا شَيْء، ذكر هَذِه الْأَحَادِيث أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيّ، وَالدَّارَقُطْنِيّ. وَفِي حَدِيث أبي دَاوُد - وَذكره عَن شهر بن حَوْشَب - عَن أبي أُمَامَة قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يمسح المأقين، وَقَالَ: الأذنان من الرَّأْس ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 320 [فَنَقُول] : أما الْأَحَادِيث من غير رِوَايَة أبي أُمَامَة فَلم يذكر أسانيدها، فتركنا تعليلها لِأَنَّهُ لم يذكرهَا. أما حَدِيث أبي أُمَامَة، فَإِنَّهُ لم يذكر لَهُ عِلّة، غير أَنه أبرز من رُوَاته شهرا، وَلم يتَقَدَّم ذكره قبل هَذَا الْموضع، فَهُوَ إِذن لم يعْتَمد فِيهِ مقدما قدمه. وَشهر قد وَثَّقَهُ قوم، وَضَعفه آخَرُونَ. فَمِمَّنْ وَثَّقَهُ ابْن حَنْبَل وَابْن معِين وَقَالَ أَبُو زرْعَة: لَا بَأْس بِهِ، وَقَالَ أَبُو حَاتِم: لَيْسَ بِدُونِ أبي الزبير. وَغير هَؤُلَاءِ يُضعفهُ، وَلم أسمع لمضعفيه حجَّة، وَمَا ذَكرُوهُ - من تزييه بزِي الأجناد، وسماعه الْغناء بالآلات، وقذفه بِأخذ خريطة مِمَّا استحفظ من الْمغنم -؛ كُله إِمَّا لَا يَصح، وَإِمَّا خَارج على مخرج لَا يضرّهُ. أما أَخذه للخريطة فكذب عَلَيْهِ، وَتقول الشَّاعِر - أَرَادَ عَيبه - فَقَالَ /: % (لقد بَاعَ شهر دينه بخريطة % فَمن يَأْمَن الْقُرَّاء بعْدك يَا شهر) % الجزء: 3 ¦ الصفحة: 321 والقصة قد ذكرهَا الطَّبَرِيّ. ومختصر مَا ذكر، هُوَ أَنه كَانَ فِي غزَاة قد أَمن على الْفَيْء أَو الْغَنَائِم، ففقدت مِمَّا اؤتمن عَلَيْهِ خريطة، قيل: إِنَّهَا سرقت لَهُ، وَشر مَا قيل فِيهِ: إِنَّه يروي مُنكرَات عَن ثِقَات، وَهَذَا إِذا كثر مِنْهُ سَقَطت الثِّقَة بِهِ. ويروي هَذَا الحَدِيث عَنهُ أَبُو ربيعَة: سِنَان بن ربيعَة، قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِم: شيخ مُضْطَرب الحَدِيث. وَقَالَ ابْن معِين: لَيْسَ بِالْقَوِيّ وَقد أخرجه البُخَارِيّ. وَفِي الحَدِيث مَعَ هَذَا انْقِطَاع، وَقد بَيناهُ فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا مُتَّصِلَة وَهِي مُنْقَطِعَة. فَهَذَا الَّذِي فسرناه من عِلّة هَذَا الْخَبَر، هُوَ الَّذِي لَا يَصح من أَجله عِنْده، وَالله أعلم. وَأما مَا ذكر من الْأَحَادِيث الَّتِي رَوَاهَا غير أبي أُمَامَة فجميعها عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ مُبين الْعِلَل، فِي بَعْضهَا نظر، قد ذَكرْنَاهُ فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ضعفها وَهِي صَحِيحَة. وَقَوله: ذكرهَا أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيّ / وَالدَّارَقُطْنِيّ، موهم أَنَّهَا كلهَا ذكرهَا هَؤُلَاءِ، وَلَيْسَ كَذَلِك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 322 وَمَا ذكر أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ مِنْهَا، غير حَدِيث أبي أُمَامَة، فَاعْلَم ذَلِك. (1070) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن أَيُّوب بن قطن عَن أبي بن عمَارَة فِي " الْمسْح بِغَيْر تَوْقِيت ". قَالَ: وَفِي طَرِيق آخر: حَتَّى بلغ سبعا. ثمَّ قَالَ: روى اللَّفْظ الأول يحيى بن أَيُّوب، عَن عبد الرَّحْمَن بن رزين، عَن مُحَمَّد بن يزِيد، عَن أَيُّوب. وَاللَّفْظ الثَّانِي رَوَاهُ يحيى بن أَيُّوب أَيْضا، عَن عبد الرَّحْمَن، عَن مُحَمَّد عَن عبَادَة بن نسي، عَن أَيُّوب، قَالَ أَبُو دَاوُد: اخْتلف فِي إِسْنَاده، وَلَيْسَ بِالْقَوِيّ. هَذَا مَا أعله بِهِ، وَلم يزدْ عَلَيْهِ، وعلته هِيَ أَن هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة مَجْهُولُونَ، قَالَ ذَلِك الدَّارَقُطْنِيّ. وَأَيْضًا الِاخْتِلَاف فِيهِ على يحيى بن أَيُّوب، وَهُوَ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ أَبُو دَاوُد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 323 وَقَالَ الْموصِلِي أَيْضا: أَيُّوب بن قطن مَجْهُول، وَذكر حَدِيثه هَذَا، وَالِاخْتِلَاف فِيهِ / وَقَالَ: كل لَا يَصح. وَمُحَمّد بن يزِيد، هُوَ ابْن أبي زِيَاد، صَاحب حَدِيث الصُّور. قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِم: مَجْهُول. وَعبد الرَّحْمَن بن رزين أَيْضا لَا تعرف لَهُ حَال، فَهُوَ مَجْهُول. وَيحيى بن أَيُّوب مُخْتَلف فِيهِ، وَهُوَ مِمَّن عيب على مُسلم إِخْرَاج حَدِيثه. وَأَبُو مُحَمَّد ينص فِي مَوَاضِع على أَنه لَا يحْتَج بِهِ، ويتناقض فِيهِ فِي بعض الْمَوَاضِع. وسنبين بعد هَذَا رَأْيه فِيهِ، وَمَا اعتراه فِي أمره بأبسط من هَذَا - إِن شَاءَ الله تَعَالَى -. وَأما الِاخْتِلَاف عَلَيْهِ، الَّذِي أَشَارَ أَبُو دَاوُد، وَالدَّارَقُطْنِيّ إِلَيْهِ، فتنحصل فِيهِ عَنهُ أَرْبَعَة أَقْوَال، نذكرها مجملة / فلشرحها غير هَذَا الْموضع. وَذَلِكَ أَنه يروي عَنهُ، عَن عبد الرَّحْمَن بن رزين، عَن مُحَمَّد بن يزِيد، عَن أَيُّوب بن قطن عَن أَيُّوب بن عمَارَة، هَذَا قَول. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 324 [ويروى عَنهُ، عَن عبد الرَّحْمَن بن رزين، عَن مُحَمَّد بن يزِيد، عَن عبَادَة ابْن نسي، عَن أبي بن عمَارَة، هَذَا قَول ثَان. ويروى عَنهُ عَن عبد الرَّحْمَن بن رزين، عَن مُحَمَّد بن يزِيد، عَن أَيُّوب بن قطن، عَن عبَادَة بن نسي، عَن أبي بن عمَارَة، هَذَا قَول ثَالِث. ويروى عَنهُ هَكَذَا إِلَى عبَادَة بن نسي، ثمَّ لَا يذكر أبي بن عمَارَة] لَكِن يُرْسِلهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، هَذَا قَول رَابِع. وَفِيه قَول خَامِس، لكنه لما لم يتَّصل لي سَنَده، لم أجعله مِمَّا تحصل فِيهِ، وَهُوَ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ ابْن السكن، وَلم يُوصل بِهِ إِسْنَادًا، إِنَّمَا قَالَ: وَيُقَال أَيْضا: عَن يحيى بن أَيُّوب، عَن عبد الرَّحْمَن، عَن مُحَمَّد، عَن وهب بن قطن، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَهَذَا مَا أَشَارَ إِلَيْهِ من الْخلاف، وَالله الْمُوفق. (1071) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، عَن عَليّ قَالَ: " انْكَسَرَ أحد زندي فَأمرنِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن أَمسَح على الجبائر ". ثمَّ قَالَ: هَذَا يرويهِ عَمْرو بن خَالِد الوَاسِطِيّ، وَلَا يَصح. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 325 لم يزدْ فِي تَعْلِيله على هَذَا، وَإنَّهُ لكاف عِنْد من يعلم حَال عَمْرو بن خَالِد. وَإِنَّمَا ذكرته الْآن بِاعْتِبَار حَال من لَا يُعلمهُ، فَاعْلَم أَنه أحد الْكَذَّابين /. قَالَ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه: كَانَ يضع الحَدِيث. وَقَالَ ابْن معِين: هُوَ كَذَّاب غير ثِقَة وَلَا مَأْمُون. (1072) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من أَتَى حَائِضًا أَو امْرَأَة فِي دبرهَا، أَو كَاهِنًا " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: ضعف البُخَارِيّ هَذَا الحَدِيث. كَذَا قَالَ، وَلم يبين علته، وَهُوَ حَدِيث لَا يعرف إِلَّا بِحَكِيم الْأَثْرَم، يرويهِ عَن أبي تَمِيمَة الهُجَيْمِي، عَن أبي هُرَيْرَة. وَحَكِيم هَذَا لَا يعرف لَهُ غير هَذَا الحَدِيث إِلَّا الْيَسِير، قَالَه أَبُو أَحْمد بن عدي. وَقَالَ البُخَارِيّ: وَهُوَ لَا يُتَابع عَلَيْهِ. قَالَ: وَلَا يعرف لأبي تَمِيمَة سَماع الجزء: 3 ¦ الصفحة: 326 لأبي هُرَيْرَة /. وَقَالَ مُحَمَّد بن يحيى النَّيْسَابُورِي - هُوَ الذهلي - قلت: لعَلي بن الْمَدِينِيّ: حَكِيم الْأَثْرَم من هُوَ؟ قَالَ: أعيانا هَذَا. (1073) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن عَمْرو بن بجدان، عَن أبي ذَر حَدِيث: " الصَّعِيد الطّيب وضوء الْمُسلم وَإِن لم يجد المَاء عشر سِنِين " الحَدِيث. وَقَالَ عَن التِّرْمِذِيّ: إِنَّه حَدِيث حسن. فَهُوَ عِنْده غير صَحِيح، وَلم يبين لم لَا يَصح؟ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يعرف لعَمْرو ابْن بجدان هَذَا حَال، وَإِنَّمَا روى عَنهُ أَبُو قلَابَة، وَاخْتلف عَنهُ: فَيَقُول خَالِد الْحذاء: عَنهُ: عَن عَمْرو بن بجدان، وَلَا يخْتَلف فِي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 327 ذَلِك على خَالِد. وَأما أَيُّوب فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَن أبي قلَابَة، فَاخْتلف عَلَيْهِ: فَمنهمْ من يَقُول: عَنهُ عَن أبي قلَابَة، عَن رجل من بني عَامر. وَمِنْهُم من يَقُول: عَن رجل فَقَط. وَمِنْهُم من يَقُول: عَن رَجَاء بن عَامر. وَمِنْهُم من يَقُول: عَن عَمْرو بن بجدان، كَقَوْل خَالِد. وَمِنْهُم من يَقُول: عَن أبي الْمُهلب. وَمِنْهُم من لَا يَجْعَل بَينهمَا أحدا، فَيَجْعَلهُ عَن أبي قلَابَة، عَن أبي ذَر. وَمِنْهُم من يَقُول: عَن أبي قلَابَة أَن رجلا من بني قُشَيْر، قَالَ: يَا نَبِي الله. هَذَا كُله اخْتِلَاف على أَيُّوب فِي رِوَايَته إِيَّاه عَن أبي قلَابَة، وجميعه فِي علل الدَّارَقُطْنِيّ وسننه، وَهُوَ حَدِيث ضَعِيف لَا شكّ فِيهِ. وَلِهَذَا الْمَعْنى إِسْنَاد صَحِيح سَنذكرُهُ إِن شَاءَ الله فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي لم يصححها، وَلها أَسَانِيد صِحَاح. (1074) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن مسَّة الْأَزْدِيَّة / عَن أم سَلمَة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 328 حَدِيث: " مكث النُّفَسَاء أَرْبَعِينَ يَوْمًا ". ثمَّ ذكر مَا فِي الْبَاب، قَالَ: وَهِي أَحَادِيث معتلة بأسانيد متروكة، وأحسنها حَدِيث أبي دَاوُد. هَذَا مَا ذكر، وَعلة الْخَبَر الْمَذْكُور، مسَّة الْمَذْكُورَة، وَهِي تكنى أم بسة، وَلَا تعرف حَالهَا وَلَا عينهَا، وَلَا تعرف فِي غير هَذَا الحَدِيث، قَالَه التِّرْمِذِيّ فِي علله. فخبرها هَذَا ضَعِيف الْإِسْنَاد ومنكر الْمَتْن، فَإِن أَزوَاج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا مِنْهُنَّ من كَانَت نفسَاء أَيَّام كَونهَا مَعَه إِلَّا خَدِيجَة، وزوجيتها كَانَت قبل الْهِجْرَة. فَإِذن لَا معنى لقولها: " قد كَانَت الْمَرْأَة من نسَاء النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تقعد فِي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 329 النّفاس أَرْبَعِينَ يَوْمًا ". إِلَّا أَن تُرِيدُ بنسائه غير أَزوَاجه، من بَنَات وقريبات وسريته مَارِيَة. (1075) وَذكر من طَرِيق مُسلم عَن ابْن عَبَّاس، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كَانَ يغْتَسل بِفضل مَيْمُونَة ". وَذكر قَول عَمْرو بن دِينَار فِي إِسْنَاده: أكبر علمي وَالَّذِي يخْطر على بالي أَن أَبَا الشعْثَاء أَخْبرنِي، أَن عبد الله بن عَبَّاس أخبرهُ، فَذكره. ثمَّ قَالَ: وَقد رَوَاهُ الطهراني عَن عَمْرو بِلَا شكّ، وَلَا يحْتَج بِحَدِيث الطهراني، وَالصَّحِيح الأول. انْتهى مَا ذكر. وَهُوَ مُحْتَاج إِلَى بَيَان يُؤمن من لَا يعرف من الْغَلَط، وَذَلِكَ فِي قَوْله: رَوَاهُ الطهراني، عَن عَمْرو، وَأَيْنَ الطهراني من عَمْرو؟ إِنَّمَا يرويهِ عَن عبد الرَّزَّاق، عَن ابْن جريج، عَن عَمْرو. وَقَوله: " وَلَا يحْتَج بِحَدِيث الطهراني " يفهم أَنه ضَعِيف، وَذَلِكَ شَيْء لم يقلهُ أحد، بل هُوَ ثِقَة حَافظ، وَهُوَ أَبُو عبد الله: مُحَمَّد بن حَمَّاد الطهراني، وَهُوَ أحد المختصين بِعَبْد الرَّزَّاق وَمِمَّنْ روى عَنهُ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ، وَقَالَ فِيهِ: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 330 ثِقَة صَدُوق. وروى عَنهُ أَيْضا ابْنه أَبُو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم، وَكَانَ حَافِظًا للْحَدِيث، ثِقَة، وَأكْثر مَا حدث بِهِ فَمن حفظه. وَهَذَا الْكَلَام الَّذِي قَالَ أَبُو مُحَمَّد، إِنَّمَا تبع فِي مَعْنَاهُ أَبَا مُحَمَّد بن حزم، على خلله من وَجه آخر. وَذَلِكَ / أَن أَبَا مُحَمَّد بن حزم، أورد حَدِيث الطهراني عَن / عبد الرَّزَّاق، قَالَ: أَخْبرنِي ابْن جريج. قَالَ: أَخْبرنِي عَمْرو بن دِينَار، عَن أبي الشعْثَاء، عَن ابْن عَبَّاس، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كَانَ يغْتَسل بِفضل مَيْمُونَة " مُخْتَصر. ثمَّ قَالَ ابْن حزم: هَكَذَا فِي نفس الحَدِيث: " مُخْتَصرا " وَأَخْطَأ فِيهِ الطهراني بِيَقِين، لِأَن مُحَمَّد بن بكر البرْسَانِي، قَالَ فِيهِ: عَن ابْن جريج، عَن عَمْرو، أكبر علمي، وَالَّذِي يخْطر على بالي. قَالَ: وَهَؤُلَاء أوثق من الطهراني وأحفظ بِلَا شكّ. انْتهى كَلَام ابْن حزم. وَهُوَ بَين الْخَطَأ، فَإِن الَّذِي أورد فِيهِ، إِنَّمَا هُوَ اخْتِلَاف أَصْحَاب ابْن جريج، وهما: عبد الرَّزَّاق، وَمُحَمّد بن بكر. أَحدهمَا يَقُول عَن ابْن جريج: أكبر علمي - وَهُوَ مُحَمَّد بن بكر - وَالْآخر لَا يَقُوله - وَهُوَ عبد الرَّزَّاق - وَالنَّظَر إِنَّمَا يجب أَن يكون فِيمَا بَينهمَا، فَأَما الطهراني فَلَا. وَقَوله: " وَهَؤُلَاء أوثق من الطهراني " مجازقة، فَإِنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ أَكثر من الجزء: 3 ¦ الصفحة: 331 وَاحِد، وَهُوَ مُحَمَّد بن بكر الَّذِي ذكر الشَّك، وَمن دونه مبلغ عَنهُ، وَقَوله: " من الطهراني "، إِنَّمَا كَانَ يحْتَاج أَن يَقُول: " من عبد الرَّزَّاق ". فَإذْ قد تقرر هَذَا، فلنرجع إِلَى الْمَقْصُود، وَهُوَ بَيَان عِلّة الْخَبَر الْمَذْكُور فَنَقُول: يجب على رَأْي الْمُحدثين رد رِوَايَة الطهراني، من جِهَة أُخْرَى، وَذَلِكَ أَن غَيره من أَصْحَاب عبد الرَّزَّاق قد ذكر فِيهِ عَن عبد الرَّزَّاق، الشَّك من عَمْرو بن دِينَار، فَإِذن لم تسلم رِوَايَة عبد الرَّزَّاق من الشَّك، وَمن حفظ أولى مِمَّن لم يحفظ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: أخبرنَا الْحُسَيْن بن إِسْمَاعِيل، حَدثنَا بن زَنْجوَيْه، حَدثنَا عبد الرَّزَّاق، أخبرنَا ابْن جريج، أَخْبرنِي عَمْرو بن دِينَار، قَالَ: علمي وَالَّذِي يخْطر على بالي، أَن أَبَا الشعْثَاء أَخْبرنِي، أَن ابْن عَبَّاس أخبرهُ، فَذكره. وَهَكَذَا هُوَ أَيْضا فِي كتاب عبد الرَّزَّاق من رِوَايَة الدبرِي عَنهُ. فعبد الرَّزَّاق إِذن على هَذَا، يرويهِ كَمَا يرويهِ مُحَمَّد بن بكر البرْسَانِي. فالاختصار إِذن الَّذِي قَالَ الطهراني: إِنَّه فِي حَدِيثه، هُوَ - وَالله أعلم - / فِيمَا ترك من شكّ عَمْرو بن دِينَار. وَقد يحْتَمل أَن يكون عبد الرَّزَّاق اخْتَصَرَهُ حِين حدث بِهِ الطهراني، وَحدث بِهِ على الْكَمَال لغيره. فعلى هَذَا الِاحْتِمَال، يكون النّظر بَين عبد الرَّزَّاق والبرساني. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 332 وعَلى الأول، يكون النّظر بَين الطهراني وَبَين الدبرِي وَابْن زَنْجوَيْه. وَقد حصل الْمَقْصُود من إبراز عِلّة الحَدِيث على رَأْيهمْ. وَالله الْمُوفق للصَّوَاب. (1076) وَذكر حَدِيث جَابر، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يؤم الْمُتَيَمم المتوضئين ". ثمَّ قَالَ: إِسْنَاده ضَعِيف جدا. وَلم يبين علته، وَهُوَ أَنه عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ الَّذِي ذكره من عِنْده، من رِوَايَة عُثْمَان بن معبد، حَدثنَا سعيد بن سُلَيْمَان بن ماتع الْحِمْيَرِي، حَدثنَا أَبُو إِسْمَاعِيل الْكُوفِي: أَسد بن سعيد حَدثنَا صَالح بن بَيَان، عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر، عَن جَابر. وكل من دون مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر لَا يعرف. (1077) وَذكر حَدِيث: " عشر من الْفطْرَة " من رِوَايَة عَائِشَة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 333 (1078) ثمَّ قَالَ: وخرجه أَبُو دَاوُد من حَدِيث عمار بن يَاسر: ذكر فِيهِ " الْمَضْمَضَة " وَزَاد: " الْخِتَان " وَلم يذكر " إعفاء اللِّحْيَة ". قَالَ: وَلَيْسَ إِسْنَاده مِمَّا يقطع بِهِ حكم. كَذَا قَالَ، وَلم يُفَسر علته، وَهُوَ حَدِيث يرويهِ عَليّ بن زيد عَن سَلمَة بن مُحَمَّد بن عمار، عَن أَبِيه، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُرْسلا. هَذِه رِوَايَة التَّبُوذَكِي، عَن حَمَّاد بن سَلمَة، عَن عَليّ بن زيد. وَرَوَاهُ دَاوُد بن شبيب، عَن حَمَّاد، فَقَالَ فِيهِ: عَن عَليّ بن زيد، عَن سَلمَة الْمَذْكُور، عَن عمار، فَهَذِهِ مُنْقَطِعَة. قَالَ البُخَارِيّ: لَا يعرف / أَنه سمع من عمار أم لَا. وَإِلَى ذَلِك فَإِن حَال سلمه هَذَا لَا تعرف. وَعلي بن زيد تَركه قوم وَضَعفه آخَرُونَ، وَوَثَّقَهُ جمَاعَة ومدحوه. وَجُمْلَة أمره أَنه كَانَ يرفع الْكثير مِمَّا يقفه غَيره، وَاخْتَلَطَ أخيرا، وَلَا يتهم بكذب، وَكَانَ من الْأَشْرَاف الْعلية. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 334 (1079) وَذكر من رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن سَالم النَّيْسَابُورِي، حَدِيث أنس: " وَقت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يحلق الرجل عانته كل أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَأَن ينتف إبطه / إِذا طلع " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: الصَّحِيح فِي التَّوْقِيت حَدِيث مُسلم. هَكَذَا ذكر هَذَا الحَدِيث غير معزو إِلَى الْموضع الَّذِي نَقله مِنْهُ، وَغير مشروح الْعلَّة. وَهُوَ حَدِيث ذكره أَبُو أَحْمد بن عدي، قَالَ: حَدثنَا الْحُسَيْن بن الْحسن بن سُفْيَان الْفَارِسِي، البُخَارِيّ، حَدثنَا أَحْمد بن حَفْص بن عبد الله، حَدثنَا أَبُو خَالِد: إِبْرَاهِيم بن سَالم، حَدثنَا عبد الله بن عمرَان، عَن أبي عمرَان الْجونِي، عَن أنس بن مَالك، قَالَ: " وَقت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يحلق الرجل عانته كل أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَأَن ينتف إبطه كلما طلع، وَلَا يدع شاربيه يطولان، وَأَن يقلم أَظْفَاره من الْجُمُعَة إِلَى الْجُمُعَة، وَأَن يتَعَاهَد البراجم إِذا تَوَضَّأ، فَإِن الْوَسخ إِلَيْهَا سريع، وَاعْلَم أَن لنَفسك عَلَيْك حَقًا، وَأَن لرأسك عَلَيْك حَقًا، وَأَن لجسدك عَلَيْك حَقًا [وَأَن لزوجك عَلَيْك حَقًا] ، وَأما النِّسَاء، فَلَيْسَ يَنْبَغِي أَن لَا يتعاهدن أَنْفسهنَّ لأنفسهن ولأزواجهن، وَأَن الله عز وَجل جميل يحب الْجمال، وَأَن لكم حفظَة يحبونَ الرّيح الطّيبَة، كَمَا تحبونها، ويكرهون الرّيح المنتنة كَمَا تكرهونها ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 335 قَالَ أَبُو أَحْمد: إِبْرَاهِيم بن سَالم، أَبُو خَالِد النَّيْسَابُورِي، يروي عَن عبد الله ابْن عمرَان أَحَادِيث مُسندَة مَنَاكِير. وَعبد الله بن عمرَان بَصرِي وَلَا أعرف لَهُ عِنْد الْبَصرِيين إِلَّا حَدِيثا وَاحِدًا يحدثه عَنهُ نوح بن قيس. وَسَأَلَ ابْن أبي حَاتِم أَبَاهُ عَن عبد الله بن عمرَان هَذَا، فَقَالَ: شيخ. (1080) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ، حَدِيث قيس بن عَاصِم: " حِين أَمر بِالْغسْلِ عِنْد إِسْلَامه ". وَأتبعهُ تَحْسِين التِّرْمِذِيّ لَهُ. وَقد تبين فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا صَحِيحَة مُتَّصِلَة - وَهِي مُنْقَطِعَة أَو مُرْسلَة - أَنه غير صَحِيح وَلَا مُتَّصِل إِلَّا أَنه يتَّصل من غير الطّرق الَّذِي أوردهُ مِنْهُ بِمن لَا يعرف حَاله. (1081) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، من رِوَايَة حَمَّاد بن سَلمَة، عَن عبد الله بن شَدَّاد، عَن أبي عذرة، عَن عَائِشَة، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " نهى عَن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 336 دُخُول الحمامات، ثمَّ رخص للرِّجَال " / الحَدِيث. ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: قَالَ التِّرْمِذِيّ: لَيْسَ إِسْنَاده بالقائم. لم يزدْ على هَذَا. وَعلة هَذَا الحَدِيث، الْجَهْل بِحَال عبد الله بن شَدَّاد هَذَا، وَهُوَ شيخ من تجار وَاسِط، لم يرو عَنهُ غير حَمَّاد بن سَلمَة. بَين أمره كَمَا قُلْنَاهُ، ابْن معِين فِي رِوَايَة عَبَّاس وَالْبُخَارِيّ أَيْضا، وَغَيرهمَا. ويلتبس على من لم يحصل بِعَبْد الله بن شَدَّاد بن الْهَادِي، الثِّقَة الْمَأْمُون. وَلَا آمن أَن يكون أَبُو مُحَمَّد قد ظَنّه إِيَّاه، فَلذَلِك عدل عَن تبين عِلّة الحَدِيث إِلَى مُجمل كَلَام التِّرْمِذِيّ. وَأما أَبُو عذرة رَاوِيه عَن عَائِشَة، فَإِنَّهُ صَحَابِيّ، قَالَه مُسلم بن الْحجَّاج وَغَيره. وَوَقع لأبي مُحَمَّد فِي كِتَابه الْكَبِير تَخْلِيط، أكد مَا ظننته بِهِ: من اخْتِلَاط أَمر عبد الله بن شَدَّاد عَلَيْهِ، وَذَلِكَ أَنه قَالَ - إِثْر هَذَا الحَدِيث، وَمن خطه نقلت - أَبُو عذرة ذكره الْحَاكِم / فِي الكنى، قَالَ: أدْرك النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، روى عَن عَائِشَة قَالَ: وَيُقَال: إِنَّه كَانَ شَيخا من تجار وَاسِط. هَذَا نَص مَا ذكر، وَهُوَ تَخْلِيط لَا خَفَاء بِهِ، فَإِن الَّذِي قَالُوا فِيهِ: إِنَّه أدْرك النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هُوَ أَبُو عذرة الرَّاوِي عَن عَائِشَة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 337 وَالَّذِي قَالُوا فِيهِ: إِنَّه من تجار وَاسِط، هُوَ عبد الله بن شَدَّاد، الَّذِي روى عَنهُ حَمَّاد بن سَلمَة، وَهُوَ قَائِل ذَلِك بِنَفسِهِ فاعلمه، وَالله الْمُوفق. (1082) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن ابْن جرهد، عَن أَبِيه، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مر بِهِ، وَهُوَ كاشف فَخذه، فَقَالَ: " غط فخذك؛ فَإِنَّهَا من الْعَوْرَة ". (1083) ثمَّ أورد بعده حَدِيث أنس. ثمَّ قَالَ: قَالَ البُخَارِيّ: حَدِيث أنس أسْند، وَحَدِيث جرهد أحوط، حَتَّى يخرج من اخْتلَافهمْ. لم يزدْ على هَذَا، فَهُوَ مِنْهُ إِن كَانَ تَصْحِيحا لحَدِيث جرهد، فقد يجب أَن أكتبه فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي صححها وَهِي ضَعِيفَة. وَإِن كَانَ ذَلِك مِنْهُ تضعيفا لَهُ، فقد بَقِي عَلَيْهِ أَن يشْرَح علته، وَهُوَ الَّذِي نتولى الْآن، فَنَقُول: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 338 هَذَا الحَدِيث لَهُ عِلَّتَانِ: إِحْدَاهمَا: الِاضْطِرَاب الْمُورث لسُقُوط الثِّقَة بِهِ، وَذَلِكَ أَنهم يَخْتَلِفُونَ فِيهِ. فَمنهمْ من يَقُول: زرْعَة بن / عبد الرَّحْمَن. وَمِنْهُم من يَقُول: زرْعَة بن عبد الله. وَمِنْهُم من يَقُول: زرْعَة بن مُسلم. ثمَّ من هَؤُلَاءِ من يَقُول: عَن أَبِيه، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَمِنْهُم من يَقُول: عَن أَبِيه، عَن جرهد، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَمِنْهُم من يَقُول: زرْعَة، عَن آل جرهد، عَن جرهد، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَإِن كنت لَا أرى الِاضْطِرَاب فِي الْإِسْنَاد عِلّة، وَإِنَّمَا ذَلِك إِذا كَانَ من يَدُور عَلَيْهِ الحَدِيث ثِقَة، فَحِينَئِذٍ لَا يضرّهُ اخْتِلَاف النقلَة عَنهُ إِلَى مُسْند ومرسل، أَو رَافع وواقف، أَو وَاصل وقاطع. وَأما إِذا كَانَ الَّذِي اضْطربَ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ هَذَا، أَو بِبَعْضِه، أَو بِغَيْرِهِ، غير ثِقَة، أَو غير مَعْرُوف، فالاضطراب حِينَئِذٍ يكون زِيَادَة فِي وهنه، وَهَذِه حَال هَذَا الْخَبَر، وَهِي الْعلَّة الثَّانِيَة، وَذَلِكَ أَن زرْعَة، وأباه غير معروفي الْحَال وَلَا مشهوري الرِّوَايَة، فَاعْلَم ذَلِك. (1084) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن امْرَأَة معَاذ بن عبد الله بن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 339 خبيب قَالَت: " كَانَ رجل منا يذكر عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، أَنه سُئِلَ عَن ذَلِك - يَعْنِي مَتى يُؤمر الصَّبِي بِالصَّلَاةِ - فَقَالَ: إِذا عرف يَمِينه من شِمَاله ". وَلم يبين لَهُ عِلّة، وعلته أَن هَذِه الْمَرْأَة لَا تعرف حَالهَا، وَلَا حَال هَذَا الرجل الَّذِي رَوَت عَنهُ، وَلَا صحت لَهُ صُحْبَة. فإمَّا معَاذ وَأَبوهُ، وجده، فَثِقَاتٌ، وَلَكِن لَا مدْخل لَهُم وَلَا لأَحَدهم فِي إِسْنَاده. (1085) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، حَدِيث أنس فِي " إِمَامَة جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَفِي الْجَهْر والإسرار ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 340 ثمَّ قَالَ: الْمُرْسل أصح. الْمُرْسل تقدم ذكره قبله. وَلم يبين لحَدِيث أنس عِلّة، وَهُوَ حَدِيث يرويهِ مُحَمَّد بن سعيد بن جِدَار، عَن جرير بن حَازِم، عَن قَتَادَة، عَن أنس. وَمُحَمّد بن سعيد، هَذَا مَجْهُول، وَيَرْوِيه عَنهُ أَبُو حَمْزَة إِدْرِيس بن يُونُس ابْن يناق الْفراء، وَلَا تعرف أَيْضا حَاله. (1086) وَذكر حَدِيث رَافع: " فِي الْأَمر بِتَأْخِير الْعَصْر " /. وَقَالَ: لَا يَصح. وَلم يبين بِمَاذَا؟ وعلته / عبد الْوَاحِد بن نَافِع أَبُو الرماح، فَإِنَّهُ مَجْهُول الْحَال مُخْتَلف فِي حَدِيثه. (1087) وَذكر إثره أَن حَدِيث عَليّ فِي ذَلِك أَيْضا لَا يَصح. وَلم يبين بِمَاذَا؟ وعلته الْجَهْل بِحَال زِيَاد بن عبد الله النَّخعِيّ، وَبِذَلِك أعله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 341 الداقطني مخرجه. (1088) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، حَدِيثي جَابر، وَأبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا صَلَاة لِجَار الْمَسْجِد إِلَّا فِي الْمَسْجِد ". وَقَالَ: هُوَ حَدِيث ضَعِيف. وَهَذَا كَمَا قَالَ: وَبَيَان علتهما، هُوَ أَنَّهُمَا بِإِسْنَادَيْنِ مُخْتَلفين: أما حَدِيث جَابر، فَمن رِوَايَة مُحَمَّد بن سكين الشقري الْمُؤَذّن، قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن بكير الغنوي، عَن مُحَمَّد بن سوقة، عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر، عَن جَابر، قَالَ: " فقد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قوما فِي الصَّلَاة فَقَالَ: " مَا خلفكم عَن الصَّلَاة؟ قَالُوا: لحاء كَانَ بَيْننَا، فَقَالَ: " لَا صَلَاة لِجَار الْمَسْجِد إِلَّا فِي الْمَسْجِد " ". وَعبد الله بن بكير الغنوي، قَالَ السَّاجِي: إِنَّه من أهل الصدْق، وَلَيْسَ بِقَوي فِي الحَدِيث. وَذكر لَهُ أَبُو أَحْمد بن عدي أَحَادِيث عَن مُحَمَّد بن سوقة مِمَّا ينْفَرد بِهِ. ثمَّ قَالَ: لم أر للْمُتَقَدِّمين فِيهِ كلَاما. وَأَهْمَلَهُ أَبُو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم من الْجرْح وَالتَّعْدِيل، كَأَنَّهُ لم يعرف من الجزء: 3 ¦ الصفحة: 342 حَاله شَيْئا. وَمُحَمّد بن سكين مُؤذن مَسْجِد بني شقرة ذكره الْعقيلِيّ فِي الضُّعَفَاء بِمَا ذكره بِهِ البُخَارِيّ فِي تَارِيخه. وَذَلِكَ أَنه ذكر لَهُ عَن عبد الله بن بكير أَيْضا عَن مُحَمَّد بن سوقة بِإِسْنَادِهِ: " لَا صَلَاة لمن يسمع النداء ثمَّ لم يَأْتِ إِلَّا من عِلّة ". ثمَّ قَالَ: فِي إِسْنَاده نظر. وَلما ذكره أَبُو أَحْمد فِي الضُّعَفَاء قَالَ فِيهِ: لَيْسَ بِالْمَعْرُوفِ، وَلم يحضرني لَهُ شَيْء فَأنكرهُ. وَإِلَى هَذَا فَإِن الْإِسْنَاد من الدَّارَقُطْنِيّ إِلَى مُحَمَّد بن سكين فِي الحَدِيث الْمَذْكُور فِيهِ من لَا تعرف حَاله، وهما: أَبُو سكين: زَكَرِيَّاء بن يحيى الطَّائِي، وجنيد بن حَكِيم. وَأما حَدِيث أبي هُرَيْرَة فَمن رِوَايَة سُلَيْمَان بن دَاوُد اليمامي، الْمَعْرُوف بِأبي الْجمل، عَن يحيى بن أبي كثير، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة. وَسليمَان ضَعِيف، وَعَامة / مَا يرويهِ بِهَذَا الْإِسْنَاد لَا يُتَابع عَلَيْهِ. (1089) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، حَدِيث يزِيد بن عَامر: " إِذا جِئْت الصَّلَاة فَوجدت النَّاس فصل مَعَهم، وَإِن كنت قد صليت، تكن لَك نَافِلَة، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 343 وَهَذِه مَكْتُوبَة ". وَأتبعهُ أَن قَالَ: الصَّحِيح حَدِيث التِّرْمِذِيّ. وَذكر أَنه من رِوَايَة سعيد بن السَّائِب، عَن نوح بن صعصعة، عَن يزِيد ابْن عَامر. وَلم يبين علته، وَهِي الْجَهْل بِحَال نوح هَذَا، وَلَا يعرف روى عَنهُ غير سعيد بن السَّائِب. (1090) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا، حَدِيث حَكِيم بن حزَام فِي " النَّهْي عَن أَن يستقاء فِي الْمَسْجِد، أَو تنشد فِيهِ الْأَشْعَار، أَو تُقَام فِيهِ الْحُدُود ". قَالَ فِيهِ: ضَعِيف، يرويهِ مُحَمَّد بن عبد الله الشعيثي عَن زفر بن وثيمة عَن حَكِيم. وَلم يبين من أمره شَيْئا، وعلته الْجَهْل بِحَال زفر بن وثيمة بن مَالك بن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 344 أَوْس بن الْحدثَان؛ فَإِنَّهُ لَا يعرف بِأَكْثَرَ من رِوَايَة الشعيثي عَنهُ، وَرِوَايَته هُوَ عَن حَكِيم. وَقد روى هَذَا الحَدِيث وَكِيع عَن الشعيثي الْمَذْكُور، عَن الْعَبَّاس بن عبد الرَّحْمَن، عَن حَكِيم، ذكره الدَّارَقُطْنِيّ، وَلَا يَصح أَيْضا. فَإِن الْعَبَّاس هَذَا لَا يعرف كَذَلِك، فَأَما الشعيثي فمختلف فِيهِ، وَثَّقَهُ دُحَيْم. وَقَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ: ضَعِيف الحَدِيث لَيْسَ بِقَوي، يكْتب حَدِيثه وَلَا يحْتَج بِهِ. (1091) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا حَدِيث أبي مَحْذُورَة [فِي الْأَذَان. من رِوَايَة الْحَارِث بن عبيد، عَن مُحَمَّد بن عبد الْملك بن أبي مَحْذُورَة] عَن أَبِيه، عَن جده أبي مَحْذُورَة. ثمَّ قَالَ: لَا يحْتَج بِهَذَا الْإِسْنَاد /. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 345 وَلم يبين علته، وَهِي الْجَهْل بِحَال مُحَمَّد بن عبد الْملك بن أبي مَحْذُورَة، وَلَا يعلم روى عَنهُ إِلَّا أَبُو قدامَة الْحَارِث بن عبيد وَهُوَ أَيْضا ضَعِيف. قَالَه ابْن معِين، وَقَالَ فِيهِ أَيْضا: مُضْطَرب الحَدِيث، وَكَذَا قَالَ ابْن حَنْبَل. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: يكْتب حَدِيثه وَلَا يحْتَج بِهِ. وَقَالَ عَمْرو بن عَليّ: سَمِعت ابْن مهْدي يحدث عَنهُ، وَقَالَ: كَانَ من شُيُوخنَا، وَمَا رَأَيْت إِلَّا خيرا. فَأَما عبد الْملك بن أبي مَحْذُورَة، فقد روى عَنهُ جمَاعَة. مِنْهُم ابْنه / مُحَمَّد، والنعمان بن رَاشد، وَأَبْنَاء ابنيه: إِبْرَاهِيم بن عبد الْعَزِيز ابْن عبد الْملك، وَإِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل بن عبد الْملك. وسَاق التِّرْمِذِيّ حَدِيثا فِي الْأَذَان من رِوَايَته وَرِوَايَة ابْنه عبد الْعَزِيز جَمِيعًا، فصححه. فَاعْلَم ذَلِك. (1092) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد حَدِيث سعد الْقرظ فِي " الاستدارة فِي الْأَذَان ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 346 من رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن سعد بن عمار بن سعد الْقرظ، عَن أَبِيه، عَن آبَائِهِ. ثمَّ قَالَ: حَدِيث التِّرْمِذِيّ وَأبي دَاوُد أصح من هَذَا. فَإِذا كَانَ هَذَا الْكَلَام مِنْهُ تضعيفا - وَهُوَ الظَّن بِهِ - فَاعْلَم أَن علته هِيَ أَن عبد الرَّحْمَن الْمَذْكُور، وأباه وجده، كلهم لَا تعرف لَهُ حَال. وَفِي بَاب عبد الرَّحْمَن ذكره أَبُو أَحْمد، وحاله عِنْده مَجْهُولَة كَمَا قُلْنَاهُ. (1093) وَذكر حَدِيث: " إِن كَانَ أذانك سهلا سَمحا، وَإِلَّا فَلَا تؤذن " من عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ. ثمَّ قَالَ: فِي إِسْنَاده إِسْحَاق بن أبي يحيى الكعبي، عَن ابْن جريج. لم يزدْ على هَذَا، وَلم يتَقَدَّم لَهُ فِيهِ قَول يحِيل عَلَيْهِ. وَإِسْحَاق الْمَذْكُور، يروي نَحْو عشرَة أَحَادِيث مَنَاكِير، قَالَه أَبُو أَحْمد بن عدي. وَقَالَ أَبُو حَاتِم البستي: ينْفَرد عَن الثِّقَات، وَهُوَ الَّذِي روى عَن ابْن جريج، فَذكر هَذَا الحَدِيث. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 347 (1094) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، حَدِيث: " إِقَامَة عبد الله بن زيد " من رِوَايَة مُحَمَّد بن عبد الله [عَن عَمه عبد الله بن زيد. هَكَذَا اقتطع الْإِسْنَاد من هَاهُنَا، ثمَّ قَالَ: إِقَامَة عبد الله] بن زيد لَيست تَجِيء من وَجه قوي فِيمَا أعلم. انْتهى قَوْله. وَعلة هَذَا الْخَبَر، إِنَّمَا هِيَ فِيمَا ترك من الْإِسْنَاد. وَذَلِكَ أَنه يرويهِ مُحَمَّد بن عَمْرو الوَاقِفِي عَن مُحَمَّد بن عبد الله هَذَا. وَمُحَمّد بن عَمْرو ضَعِيف لَا يُسَاوِي شَيْئا. وَمُحَمّد بن عبد الله هَذَا الَّذِي اقْتصر على ذكره، لَا تعرف أَيْضا حَاله، واضطرب فِيهِ أَيْضا. فحماد بن خَالِد، يَقُول عَن مُحَمَّد بن عَمْرو مَا ذَكرْنَاهُ. وَعبد الرَّحْمَن بن مهْدي يَقُول فِيهِ: عَن مُحَمَّد بن عَمْرو، عَن عبد الله ابْن مُحَمَّد، قَالَ: كَانَ جدي. وَكِلَاهُمَا لَا تعرف حَاله، / لَا مُحَمَّد بن عبد الله، وَلَا عبد الله بن مُحَمَّد. وَلِهَذَا الحَدِيث أَيْضا مدْخل فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أعلها بِقوم وَترك الجزء: 3 ¦ الصفحة: 348 مثلهم أَو أَضْعَف مِنْهُم. (1095) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ حَدِيث أنس: " الدُّعَاء بَين الْأَذَان وَالْإِقَامَة لَا يرد ". وَأتبعهُ تَحْسِين التِّرْمِذِيّ. وَلم يبين لم لم يَصح، وَذَلِكَ أَنه من رِوَايَة زيد بن الْحوَاري، الْعمي، عَن أنس، وَهُوَ عِنْدهم ضَعِيف. قَالَ فِيهِ أَبُو زرْعَة: واهي الحَدِيث. وَكَانَ شُعْبَة لَا يحمد حفظه. وَقَالَ فِيهِ ابْن معِين: لَا شَيْء. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: يكْتب حَدِيثه وَلَا يحْتَج بِهِ. وَقَالَ فِيهِ ابْن حَنْبَل: صَالح. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 349 فللخلاف فِي هَذَا الرجل، قيل فِي الحَدِيث: حسن، فَاعْلَم ذَلِك. (1096) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن أبي الْفضل، أَو أبي الفضيل - رجل من الْأَنْصَار - عَن مُسلم بن أبي بكرَة، عَن أَبِيه، حَدِيث: " ناداه: الصَّلَاة أَو حركه بِرجلِهِ ". وَلم يبين مَوضِع الْعلَّة / مِنْهُ. وعلته أَبُو الْفضل هَذَا، أَو أَبُو الفضيل فَإِنَّهُ رجل مَجْهُول. (1097) وَذكر حَدِيث: " توسطوا الإِمَام وسدوا الْخلَل ". وَقَالَ: لَيْسَ هَذَا الْإِسْنَاد بِقَوي وَلَا مَشْهُور. كَذَا قَالَ، وَلم يبين علته، وَهِي الْجَهْل بِحَال يحيى بن بشير بن خَلاد، وبحال أمه. هَذَا على تَقْدِير الصَّوَاب فِي ذكره، فَأَما [على] مَا ذكره هُوَ، فالجهل ببشير بن خَلاد وَأمه. وَقد بَينا خطأه فِي هَذَا فِي بَاب الزِّيَادَة فِي الْأَسَانِيد، وَهُوَ أول حَدِيث بدأنا بِذكرِهِ فِي هَذَا الْكتاب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 350 (1098) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ حَدِيث معَاذ وَعلي، قَالَا: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا أَتَى أحدكُم الصَّلَاة، وَالْإِمَام على حَال، فليصنع كَمَا يصنع الإِمَام ". ثمَّ قَالَ: إِسْنَاد حَدِيث عَليّ ضَعِيف، وَإسْنَاد حَدِيث معَاذ مُنْقَطع. وَلم يبين مَوضِع الْعلَّة مِنْهُمَا: فَأَما حَدِيث عَليّ فَمن رِوَايَة حجاج، عَن أبي إِسْحَاق، عَن هُبَيْرَة بن يريم عَن عَليّ. وحجاج هُوَ ابْن أَرْطَاة، وَهُوَ ضَعِيف مُدَلّس عَن الضُّعَفَاء. وَأما حَدِيث معَاذ، فَمن رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى عَنهُ، وَلم يسمع مِنْهُ. (1099) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد حَدِيث الْمِقْدَاد / بن الْأسود: " مَا رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي إِلَى عود، وَلَا عَمُود، وَلَا شَجَرَة " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: لَيْسَ إِسْنَاده بِقَوي. وَلم يبين مَوضِع الْعلَّة مِنْهُ، وَهِي الْجَهْل بِحَال ثَلَاثَة من رُوَاته: الْوَلِيد بن كَامِل، عَن الْمُهلب بن حجر البهراني، عَن ضباعة بنت الجزء: 3 ¦ الصفحة: 351 الْمِقْدَاد، عَن أَبِيهَا. فضباعة مَجْهُولَة الْحَال، وَلَا أعلم أحدا ذكرهَا، وَكَذَلِكَ الْمُهلب بن حجر مَجْهُول الْحَال أَيْضا. والوليد بن كَامِل من الشُّيُوخ الَّذين لم تثبت عدالتهم، وَلَا لَهُم من الرِّوَايَة كَبِير شَيْء يسْتَدلّ بِهِ على حَالهم. وَلِهَذَا الحَدِيث شَأْن آخر، وَهُوَ أَن أَبَا عَليّ بن السكن، ذكره فِي سنَنه هَكَذَا: حَدثنَا سعيد بن عبد الْعَزِيز الْحلَبِي، حَدثنَا أَبُو تَقِيّ: هِشَام بن عبد الْملك، حَدثنَا بَقِيَّة، عَن الْوَلِيد بن كَامِل، أنبأني الْمُهلب بن حجر البهراني، عَن ضبيعة بنت الْمِقْدَام بن معدي، عَن أَبِيهَا، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا صلى أحدكُم إِلَى عَمُود، أَو سَرِيَّة، أَو شَيْء، فَلَا يَجعله نصب عَيْنَيْهِ، وليجعله على حَاجِبه الْأَيْسَر ". قَالَ ابْن السكن: ذكر هَذَا الحَدِيث أَبُو دَاوُد، وَأَبُو عبد الرَّحْمَن - يَعْنِي النَّسَائِيّ -. كَذَا قَالَ أَبُو عَليّ، وَهُوَ عين الْخَطَأ، فَإِن الَّذِي ذكر أَبُو دَاوُد، من رِوَايَة عَليّ بن عَيَّاش، عَن الْوَلِيد بن كَامِل، غير هَذَا إِسْنَادًا ومتنا، فَإِنَّهُ عَن ضباعة بنت الْمِقْدَاد بن الْأسود، عَن أَبِيهَا. وَهَذَا الَّذِي روى بَقِيَّة هُوَ عَن ضبيعة بنت الْمِقْدَام بن معدي كرب، عَن أَبِيهَا، وَذَاكَ فعل، وَهَذَا قَول. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 352 وَحَدِيث النَّسَائِيّ كَحَدِيث أبي دَاوُد، وَمَعَ أَنه كَمَا ترى حَدِيث آخر - أَعنِي رِوَايَة بَقِيَّة - هُوَ عَائِد على رِوَايَة عَليّ بن عَيَّاش بالوهن، من حَيْثُ هُوَ اخْتِلَاف على الْوَلِيد بن كَامِل، ومورث للشَّكّ فِيمَا كَانَ عِنْده من ذَلِك، على ضعفه فِي نَفسه، وَالْجهل بِحَال من فَوْقه. وَلما ذكر ابْن أبي حَاتِم الْمُهلب بن حجر، ذكره براوية الْوَلِيد بن كَامِل عَنهُ، وَبِأَنَّهُ يروي عَن ضباعة بنت الْمِقْدَام بن معدي كرب. وَلم يزدْ على ذَلِك / فَكَانَ هَذَا مِنْهُ غير مَا فِي الإسنادين: فَإِن الَّذِي فِي الإسنادين: إِمَّا ضباعة بنت الْمِقْدَاد، وَإِمَّا ضبيعة بنت الْمِقْدَام، فجَاء هُوَ بِأَمْر ثَالِث وَذَلِكَ كُله دَلِيل على مَا قُلْنَاهُ، من الْجَهْل بأحوال رُوَاة هَذَا الْخَبَر. (1100) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ، عَن الْفضل / بن عَبَّاس، قَالَ: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 353 " زار النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عباسا فِي بادية لنا، وَلنَا كليبة وحمارة " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: إِسْنَاده ضَعِيف. وَهُوَ كَمَا ذكر ضَعِيف، فَإِنَّهُ من رِوَايَة ابْن جريج، عَن مُحَمَّد بن عمر بن عَليّ، عَن عَبَّاس بن عبيد الله بن عَبَّاس، عَن الْفضل بن عَبَّاس. وعباس هَذَا لَا تعرف حَاله، وَلَا ذكر بِأَكْثَرَ من رِوَايَة مُحَمَّد بن عمر هَذَا عَنهُ، وَرِوَايَته هُوَ عَن الْفضل. وَقَالَ البُخَارِيّ: إِن بَعضهم قَالَ فِيهِ: عَبَّاس بن عبد الله [بن عَبَّاس] مكبرا، قَالَ: وَالْأول أصح. وَمُحَمّد بن عمر بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب أَبُو حَفْص، مَجْهُول الْحَال، وَقد يَظُنّهُ من لَا يعلم، مُحَمَّد بن عمر بن عَليّ الْمقدمِي، وَلَيْسَ بِهِ. (1101) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: - أَحْسبهُ عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا صلى أحدكُم إِلَى غير ستْرَة، فَإِنَّهُ يقطع صلَاته: الْكَلْب، وَالْحمار، وَالْخِنْزِير، والمجوسي، واليهودي، وَالْمَرْأَة، ويجزيء عَنهُ إِذا مروا بَين الجزء: 3 ¦ الصفحة: 354 يَدَيْهِ، على قذفة بِحجر ". ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: إِنَّمَا يَصح من هَذَا ذكر الْمَرْأَة وَالْكَلب وَالْحمار. لم يزدْ على هَذَا. وَعلة هَذَا الحَدِيث بادية، وَهِي الشَّك فِي رَفعه، فَلَا يجوز أَن يُقَال: إِنَّه مَرْفُوع، وَرَاوِيه قد قَالَ: أَحْسبهُ عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَإِلَّا فَلَيْسَ فِي إِسْنَاده مُتَكَلم فِيهِ إِلَّا عِكْرِمَة، وَهُوَ عِنْدِي من لَا يوضع فِيهِ نظر، وَصَاحب الْكتاب يقبله ويحتج بِهِ، غير ملتفت على شَيْء مِمَّا قيل فِيهِ، وَأصَاب فِي ذَلِك، لعلم عِكْرِمَة [وَدينه. وَلم يعن أَبُو مُحَمَّد بِتَضْعِيف الْخَبَر كَونه من رِوَايَة عِكْرِمَة] وَلَيْسَ فِي سَائِر الْإِسْنَاد من يسْأَل عَنهُ. قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل الْبَصْرِيّ، مولى بن هَاشم، حَدثنَا معَاذ، حَدثنَا هِشَام، عَن يحيى، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، فَذكره /. وَالْعجب أَن أَبَا دَاوُد قد قَالَ: [إِنَّه] لم يسمعهُ إِلَّا من مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن أبي سَمِينَة، وَأَنه ذَاكر بِهِ فَلم يعرف، وَأَن فِي نَفسه مِنْهُ شَيْئا، وَأَن الْمُنكر مِنْهُ ذكر الْمَجُوسِيّ واليهودي وَالْخِنْزِير، والمقدار فِي الْمسَافَة، وَأَنه يظنّ أَن ابْن أبي سَمِينَة [وهم فِيهِ، فَإِنَّهُ كَانَ يُحَدِّثهُمْ من حفظه. وَهَذَا كُله لَا يحْتَاج إِلَيْهِ، فَإِنَّهُ رَأْي لَا خبر، وَلم يجْزم ابْن عَبَّاس بِرَفْعِهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 355 وَابْن أبي سَمِينَة] أحد الثِّقَات، وَقد جَاءَ هَذَا الْخَبَر بِذكر أَرْبَعَة فَقَط، عَن ابْن عَبَّاس مَوْقُوفا بِسَنَد جيد كَذَلِك. قَالَ الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، قَالَ: حَدثنَا عبد الْأَعْلَى، قَالَ: حَدثنَا سعيد، عَن قَتَادَة، قَالَ: قلت لجَابِر بن زيد: مَا يقطع الصَّلَاة؟ قَالَ: قَالَ ابْن عَبَّاس: " الْكَلْب الْأسود، وَالْمَرْأَة الْحَائِض " قَالَ: قلت: قد كَانَ يذكر الثَّالِث، قَالَ مَا هُوَ؟ قلت: " الْحمار " قَالَ: رويدك، الْحمار؟ قلت: قد كَانَ يذكر الرَّابِع، قَالَ: مَا هُوَ؟ قَالَ: " العلج الْكَافِر "، قَالَ: إِن اسْتَطَعْت أَن لَا يمر بَين يَديك كَافِر وَلَا مُسلم فافعل ". (1102) وَذكر من طَرِيقه حَدِيث سعيد بن غَزوَان، عَن أَبِيه، فِي مروره بَين يَدي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَقَوله: " قطع صَلَاتنَا قطع الله أَثَره ". ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: إِسْنَاده ضَعِيف. وَلم يبين علته، وَهُوَ كَمَا ذكر ضَعِيف، وعلته الْجَهْل بِحَال سعيد، فَإِنَّهَا لَا تعرف، فَأَما أَبُو غَزوَان، فَإِنَّهُ لَا يعرف مَذْكُورا، فَإِن ابْنه وَإِن كَانَت حَاله لَا تعرف، فقد ذكر وَترْجم باسمه فِي مظان ذكره وَذكر أَمْثَاله، وَذكر مَا يذكر بِهِ المجهولون. واعترى أَبَا مُحَمَّد فِي هَذَا الحَدِيث - من جعل غَزوَان هَذَا صحابيا وَلَيْسَ كَذَلِك - مَا قد ذَكرْنَاهُ فِي بَاب النَّقْص من الْأَسَانِيد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 356 (1103) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد، حَدِيث ابْن عَبَّاس " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / يُصَلِّي عِنْد الْإِقَامَة فِي بَيت مَيْمُونَة ". قَالَ: رَوَاهُ من حَدِيث سَلام بن سُلَيْمَان، عَن مُحَمَّد بن الْفضل بن [عَطِيَّة] . ثمَّ قَالَ: إِسْنَاده أَضْعَف من / الَّذِي قبله. لم يزدْ على هَذَا، وَقد أبلغ، وَلَكِن من لاعلم لَهُ بِمُحَمد بن الْفضل، تخفى عَلَيْهِ عِلّة [هَذَا] الْخَبَر. فَاعْلَم أَن مُحَمَّد بن الْفضل هَذَا كَذَّاب، وَسَلام بن سُلَيْمَان ضَعِيف، وَيَرْوِيه عَنهُ سَلام بن تَوْبَة، وَهُوَ مَجْهُول. قَالَ أَبُو أَحْمد: أَظن أَن الْبلَاء فِي هَذِه الرِّوَايَة من مُحَمَّد بن الْفضل. (1104) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ حَدِيث عَامر بن ربيعَة: " فِي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 357 صلَاتهم فِي اللَّيْلَة الْمظْلمَة، حِين خفيت عَلَيْهِم الْقبْلَة على حيالهم ". ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: قَالَ أَبُو عِيسَى: لَيْسَ إِسْنَاده بِذَاكَ. رَوَاهُ من حَدِيث أَشْعَث بن سعيد السمان، عَن عَاصِم بن عبيد الله، عَن عبد الله بن عَامر بن ربيعَة عَن أَبِيه. لم يزدْ على هَذَا فِي تَعْلِيله. وَمَوْضِع الْعلَّة مِنْهُ عَاصِم بن عبيد الله، فَإِنَّهُ مُضْطَرب الحَدِيث، تنكر عَلَيْهِ أَحَادِيث. وَأَشْعَث السمان، سيئ الْحِفْظ، يروي الْمُنْكَرَات عَن الثِّقَات، وَقَالَ فِيهِ عَمْرو بن عَليّ: مَتْرُوك. (1105) وَذكر بعده من حَدِيث جَابر بن عبد الله، قَالَ: " بعث رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَرِيَّة كنت فِيهَا، فأصابتنا ظلمَة فَذكر مثله بِمَعْنَاهُ، وَزَاد: " فَلم يَأْمُرنَا بِالْإِعَادَةِ ". وَقَالَ: " قد أجزأتكم صَلَاتكُمْ ". ثمَّ قَالَ: وَفِي إِسْنَاده اخْتِلَاف، وَضَعفه الدَّارَقُطْنِيّ. انْتهى مَا ذكر. فَاعْلَم أَن هَذَا الْخَبَر غير مُبين الْعلَّة، وَهُوَ أَيْضا ملفق من متنين، على مَا بَيناهُ فِيمَا تقدم فِي بَاب الْأَحَادِيث الْمُغيرَة بالْعَطْف أَو الإرداف. ونزيد ذَلِك الْآن بَيَانا - لاحتياجنا هُنَا إِلَى شرح الْعلَّة - فَنَقُول: إِن الحَدِيث الجزء: 3 ¦ الصفحة: 358 الَّذِي فِيهِ: " فَلم يَأْمُرنَا بِالْإِعَادَةِ " وَقَالَ: " قد أجزأتكم صَلَاتكُمْ "، غير الحَدِيث الَّذِي فِيهِ: " بعث رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَرِيَّة كنت فِيهَا "، وَلم يذكر ذَلِك فِي سَرِيَّة، بل فِي غزَاة من غزوات رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَعلة أَحدهمَا غير عِلّة الآخر، ويتبين هَذَا بإيرادهما بنصيهما. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن عَليّ، أَبُو مُحَمَّد، قَالَ: حَدثنَا الْحسن بن عَليّ بن شبيب قَالَ: حَدثنَا أَحْمد بن عبيد الله بن الْحسن الْعَنْبَري قَالَ: وجدت فِي كتاب أبي، حَدثنَا عبد الْملك الْعَرْزَمِي، عَن عَطاء / عَن جَابر قَالَ: بعث رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَرِيَّة كنت فِيهَا، فأصابتنا ظلمَة، فَلم نَعْرِف الْقبْلَة، فَقَالَت طَائِفَة منا: قد عرفنَا الْقبْلَة، هِيَ هَاهُنَا قبل الشمَال، فصلوا وخطوا خطا، وَقَالَ بَعْضنَا: الْقبْلَة هَاهُنَا قبل الْجنُوب، وخطوا خطا، فَلَمَّا أَصْبحُوا، وطلعت الشَّمْس، أَصبَحت تِلْكَ الخطوط لغير الْقبْلَة، فَلَمَّا قَفَلْنَا من سفرنا، سَأَلنَا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن ذَلِك، فَسكت، وَأنزل الله تَعَالَى: {وَللَّه الْمشرق وَالْمغْرب فأينما توَلّوا فثم وَجه الله} أَي حَيْثُ كُنْتُم. هَذَا حَدِيث قَائِم بِنَفسِهِ، علته الِانْقِطَاع فِيمَا بَين أَحْمد بن عبيد الله بن الْحسن الْعَنْبَري، وَأَبِيهِ، وَالْجهل بِحَال أَحْمد الْمَذْكُور، وَمَا مس بِهِ أَيْضا عبيد الله بن الْحسن الْعَنْبَري من الْمَذْهَب، على مَا ذكر ابْن أبي خَيْثَمَة وَغَيره. ثمَّ قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: قرئَ على عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز، وَأَنا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 359 أسمع، حَدثكُمْ دَاوُد بن عَمْرو قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن يزِيد الوَاسِطِيّ، عَن مُحَمَّد بن سَالم، عَن عَطاء، عَن جَابر، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / فِي مسير أَو سير، فأصابنا غيم، فتحيرنا، فاختلفنا فِي الْقبْلَة، فصلى كل رجل منا على حِدة، وَجعل أَحَدنَا يخط بَين يَدَيْهِ، لنعلم أمكنتنا، فَذَكرنَا ذَلِك لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَلم يَأْمُرنَا بِالْإِعَادَةِ، وَقَالَ: " قد أجزأتكم صَلَاتكُمْ ". قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: كَذَا قَالَ: عَن مُحَمَّد بن سَالم، وَغَيره قَالَ: عَن مُحَمَّد بن يزِيد، عَن مُحَمَّد بن عبيد الله الْعَرْزَمِي، عَن عَطاء، وهما ضعيفان. انْتهى كَلَام الدَّارَقُطْنِيّ. فَهَذَا كَمَا ترى حَدِيث آخر فِي غَزْوَة من غزوات رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حضرها جَابر، وَقد يُمكن الْجمع بَين الرِّوَايَتَيْنِ لَو صحتا، بِأَن يُقَال: إِن السّريَّة كَانَت جَرِيدَة جردها رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من الْعَسْكَر، فَمر فِيهَا جَابر، واعتراهم مَا ذكر، وَلما قَفَلُوا مِنْهَا إِلَى عَسْكَر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، سَأَلُوهُ. أَو تكون الجريدة لم تَجْتَمِع مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا فِي الْمَدِينَة، حَتَّى يكون / قَوْله: " كُنَّا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - "، وَقَوله: " بعث رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَرِيَّة كنت فِيهَا " صَادِقين. ولكنهما لم يصحا. أما الأولى: فقد ذكرنَا علتها، وَأما هَذِه فعلتها ضعف راوييها عَن عَطاء، وهما: مُحَمَّد بن سَالم، وَمُحَمّد بن عبيد الله الْعَرْزَمِي. وَأَبُو مُحَمَّد - رَحمَه الله - لفق المتنين، وَضعف مَا لفق من ذَلِك، كَأَنَّهُ بعلة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 360 وَاحِدَة، وَالْأَمر فِيهِ على مَا أَخْبَرتك فاعلمه. (1106) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن زر بن حُبَيْش، أَنه سمع عليا، " وَسُئِلَ عَن وضوء رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: هَذَا يرويهِ ربيعَة بن عبيد الله الْكِنَانِي، عَن الْمنْهَال بن عَمْرو. كَذَا أوردهُ، وَلم يزدْ على هَذَا. وَلَيْسَ الْقَائِل أَن يَقُول: هُوَ عِنْده صَحِيح، فَإِنَّهُ سكت عَنهُ، لِأَنَّهُ قَلما يذكر من الحَدِيث إِسْنَاده أَو قِطْعَة من إِسْنَاده، إِلَّا ليعين مَوضِع النّظر فِيهِ، إِلَّا أَنه لم يبين فِي هَذَا مَوضِع النّظر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 361 فَاعْلَم أَنه حَدِيث ذكره أَبُو دَاوُد هَكَذَا: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة، حَدثنَا أَبُو نعيم، حَدثنَا ربيعَة الْكِنَانِي، عَن الْمنْهَال بن عَمْرو، عَن زر بن حُبَيْش، فَذكره. وَرَبِيعَة بن عبيد، وَثَّقَهُ ابْن معِين وَأخرج لَهُ البُخَارِيّ. وَلَيْسَ فِي الْإِسْنَاد من يسْأَل عَنهُ غير الْمنْهَال بن عَمْرو، فَمن أَجله - وَالله أعلم - جعل الحَدِيث مِمَّا يَنْبَغِي أَن ينظر فِيهِ، فَإِن شَيْخه ومعتمده فِي التَّصْحِيح والتضعيف أَبَا مُحَمَّد بن حزم، يضعف الْمنْهَال بن عَمْرو هَذَا، وَيَقُول: إِنَّه كَانَ لَا يقبل فِي باقة بقل. ورد من رِوَايَته حَدِيث الْبَراء بن عَازِب فِي أَن روح الْمَيِّت يُعَاد إِلَى جسده عِنْد المساءلة فِي الْقَبْر. (1107) وَذكر أَبُو مُحَمَّد فِي الْجَنَائِز حَدِيث الْبَراء: " جلس رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَجَلَسْنَا حوله " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة الْمنْهَال، فَكَانَ هَذَا مِنْهُ قبولا لَهُ. وَالرجل قد وَثَّقَهُ ابْن معِين والكوفي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 362 وَلَيْسَ عَلَيْهِ دَرك فِيمَا حكى عبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل عَن أَبِيه، من قَوْله: ترك شُعْبَة الْمنْهَال على عمد. قَالَ ابْن أبي حَاتِم: لِأَنَّهُ سمع من دَاره صوب قِرَاءَة بالتطريب /. فَإِن هَذَا لَيْسَ بجرحه، إِلَّا أَن يتَجَاوَز إِلَى حد يحرم، وَلم يذكر ذَلِك فِي الْحِكَايَة، وَلَا أَيْضا فِيمَا بشع من هَذِه الْحِكَايَة، وَذَلِكَ مَا ذكر الْعقيلِيّ عَن وهب قَالَ: سَمِعت شُعْبَة يَقُول: أتيت منهال بن عَمْرو، فَسمِعت / عِنْده صَوت طنبور فَرَجَعت وَلم أسأله قيل: فَهَلا سَأَلته، فَعَسَى كَانَ لَا يعلم؟ . فَهَذَا - كَمَا ترى - التعسف فِيهِ ظَاهر، وَلَا أعلم لهَذَا الحَدِيث عِلّة غير مَا ذكرت، فاعلمه. (1108) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، عَن ابْن عمر، أَن رَسُول الله: " كَانَ إِذا تَوَضَّأ عَرك عارضيه بعض العرك " الحَدِيث. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 363 قَالَ: وَالصَّحِيح أَنه فعل ابْن عمر، غير مَرْفُوع إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. هَذَا نَص مَا ذكر، وَلم يبين علته. وَقد يظنّ أَن تَعْلِيله إِيَّاه، هُوَ مَا ذكر من وَقفه وَرَفعه، وَلَيْسَ ذَلِك بِصَحِيح، فَإِنَّهُ إِنَّمَا كَانَ يَصح أَن يكون هَذَا عِلّة، لَو كَانَ رافعه ضَعِيفا، وواقفه ثِقَة، فَفِي مثل هَذَا الْحَال كَانَ يصدق قَوْله: " الصَّحِيح مَوْقُوف من فعل ابْن عمر ". أما إِذا كَانَ رافعه ثِقَة، وواقفه ثِقَة، فَهَذَا لَا يضرّهُ، وَلَا هُوَ عِلّة فِيهِ. وَهَذَا حَال هَذَا الحَدِيث، فَإِن رافعه عَن الْأَوْزَاعِيّ، هُوَ عبد الحميد بن حبيب بن أبي الْعشْرين كَاتبه، وواقفه عَنهُ، هُوَ أَبُو الْمُغيرَة، وَكِلَاهُمَا ثِقَة، فالقضاء للْوَاقِف على الرافع يكون خطأ. وَبعد هَذَا، فعلة الْخَبَر هِيَ غير ذَلِك، وَهِي ضعف عبد الْوَاحِد بن قيس، رَاوِيه عَن نَافِع عَن ابْن عمر، وَعنهُ رَوَاهُ الْأَوْزَاعِيّ فِي الْوَجْهَيْنِ. قَالَ ابْن معِين: عبد الْوَاحِد بن قيس الَّذِي رَوَاهُ عَنهُ الْأَوْزَاعِيّ، شبه لَا شَيْء. وَإِذ الْمَوْقُوف الَّذِي صحّح لَا بُد فِيهِ من عبد الْوَاحِد الْمَذْكُور، فَلَيْسَ إِذن بِصَحِيح. وَالدَّارَقُطْنِيّ لم يقل فِي الْمَوْقُوف: صَحِيح، وَلَا أصح، وَإِنَّمَا قَالَ: إِن رِوَايَة أبي الْمُغيرَة بوقفه هِيَ الصَّوَاب، فَاعْلَم ذَلِك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 364 (1109) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ من حَدِيث عَلْقَمَة، عَن عبد الله: " أَلا أُصَلِّي بكم صَلَاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - "؟ قَالَ: " فصلى فَلم يرفع يَده إِلَّا مرّة [وَاحِدَة] ". وَأتبعهُ أَن قَالَ: إِنَّه لَا يَصح، وَقد / ذكر علته وَبَينهَا أَبُو عبد الله الْمروزِي فِي كتاب رفع الْأَيْدِي. هَذَا مَا أتبع هَذَا الحَدِيث، وَهُوَ مِنْهُ تَضْعِيف. وَمِمَّنْ ضعفه كَذَلِك أَبُو دَاوُد، وَزعم أَنه مُخْتَصر من حَدِيث طَوِيل، قَالَ: وَلَيْسَ بِصَحِيح على هَذَا اللَّفْظ. وَذكر التِّرْمِذِيّ عَن ابْن الْمُبَارك أَنه قَالَ: لَا يَصح. وَقَالَ الْآخرُونَ: إِنَّه صَحِيح. وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِك الدَّارَقُطْنِيّ، قَالَ: إِنَّه حَدِيث صَحِيح، وَإِنَّمَا الْمُنكر فِيهِ على وَكِيع، زِيَادَة: " ثمَّ لَا يعود " قَالُوا: إِنَّه كَانَ يَقُولهَا من قبل نَفسه. وَتارَة لم يقلها، وَتارَة أتبعهَا الحَدِيث، كَأَنَّهَا من كَلَام ابْن مَسْعُود. وَأَبُو عبد الله الْمروزِي، الَّذِي توهم أَبُو مُحَمَّد: عبد الْحق أَنه ضعف الحَدِيث الجزء: 3 ¦ الصفحة: 365 الْمَذْكُور، إِنَّمَا اعتنى بِتَضْعِيف هَذِه اللَّفْظَة، وَكَذَلِكَ أَحْمد بن حَنْبَل وَغَيره. فَأَما الحَدِيث دونهَا فَصَحِيح كَمَا قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ. وَالَّذِي توهمه أَبُو دَاوُد: من أَنه مُخْتَصر، قد بَين متوهمه من ذَلِك فِي كِتَابه، بإتباعه إِيَّاه حَدِيث ابْن إِدْرِيس، وَرِوَايَته لَهُ عَن عَاصِم بن كُلَيْب. قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة، قَالَ: حَدثنَا وَكِيع، عَن سُفْيَان، عَن عَاصِم بن كُلَيْب، عَن عبد الرَّحْمَن بن الْأسود، عَن عَلْقَمَة قَالَ: قَالَ عبد الله بن مَسْعُود: أَلا أُصَلِّي بكم صَلَاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ قَالَ: فصلى فَلم يرفع يَده إِلَّا مرّة. قَالَ أَبُو دَاوُد: هَذَا الحَدِيث مُخْتَصر من حَدِيث طَوِيل، وَلَيْسَ هُوَ بِصَحِيح على هَذَا اللَّفْظ، حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة، حَدثنَا عبد الله بن إِدْرِيس، عَن عَاصِم بن كُلَيْب، عَن عبد الرَّحْمَن بن الْأسود، عَن عَلْقَمَة، قَالَ عبد الله: علمنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الصَّلَاة: " فَكبر وَرفع يَدَيْهِ، فَلَمَّا / ركع، طبق يَدَيْهِ بَين رُكْبَتَيْهِ، قَالَ: فَبلغ ذَلِك سَعْدا فَقَالَ: صدق أخي، قد كُنَّا نَفْعل هَذَا، ثمَّ أمرنَا بِهَذَا - يَعْنِي الْإِمْسَاك على الرُّكْبَتَيْنِ -. فَمن هَذَا زعم أَبُو دَاوُد أَنه اختصر حَدِيث وَكِيع، فتثبج مَعْنَاهُ. وكما فعل أَبُو دَاوُد فعل أَحْمد بن حَنْبَل فِي هَذَا الحَدِيث، من مُعَارضَة رِوَايَة وَكِيع / عَن الثَّوْريّ، بِرِوَايَة ابْن إِدْرِيس. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 366 ثمَّ قَالَ: وَكِيع رجل يثبج الحَدِيث: لِأَنَّهُ يحمل على نَفسه فِي حفظ الحَدِيث. وَالَّذِي فعله أَبُو مُحَمَّد - من إِبْهَام عِلّة هَذَا الحَدِيث، والإحالة بهَا على مُحَمَّد بن نصر - يُوهم أَن عِنْده فِيهِ مزيدا، وَلَيْسَ كَذَلِك. والْحَدِيث عِنْدِي - لعدالة رُوَاته - أقرب إِلَى الصِّحَّة، وَمَا بِهِ عِلّة سوى مَا ذكرت. (1110) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار، عَن خبيب بن سُلَيْمَان بن سَمُرَة بن جُنْدُب، عَن أَبِيه، عَن جده، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَقُول: " إِذا صلى أحدكُم فَلْيقل: اللَّهُمَّ باعد بيني وَبَين خطيئتي " الحَدِيث. ثمَّ رده بِأَن قَالَ: الصَّحِيح فِي هَذَا فعل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا أمره، كَمَا أخرج مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة. هَذَا مَا ذكر، وَلم يبين عِلّة حَدِيث سَمُرَة، وَهِي الْجَهْل بِحَال خبيب وَأَبِيهِ. وَقد كتبنَا ذَلِك فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أتبعهَا مِنْهُ كلَاما يُوهم صِحَّتهَا، وَلَيْسَت بصحيحة. (1111) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، من حَدِيث حميد الْأَعْرَج، عَن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 367 ابْن شهَاب، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة، وَذكرت حَدِيث الْإِفْك، وَفِيه: " التَّعَوُّذ ". ثمَّ قَالَ: قَالَ أَبُو دَاوُد: هَذَا حَدِيث مُنكر، قد روى هَذَا الحَدِيث عَن الزُّهْرِيّ جمَاعَة لم يذكرُوا هَذَا الْكَلَام على هَذَا الشَّرْح، وأخاف أَن يكون أَمر الِاسْتِعَاذَة من كَلَام حميد. هَذَا مَا أتبعه، وَلَيْسَ فِيهِ بَيَان علته فَإِن حميد بن قيس، أحد الثِّقَات، وَلَا يضرّهُ الِانْفِرَاد، وَإِنَّمَا علته أَنه من رِوَايَة قطن بن نسير، عَن جَعْفَر بن سُلَيْمَان، عَن حميد. كَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَن قطن. وقطن وَإِن كَانَ مُسلم يروي عَنهُ فقد كَانَ أَبُو زرْعَة يحمل عَلَيْهِ، وَيَقُول: إِنَّه روى عَن جَعْفَر بن سُلَيْمَان عَن ثَابت، عَن أنس، أَحَادِيث مِمَّا أنكر عَلَيْهِ، وجعفر أَيْضا مُخْتَلف فِيهِ. فَلَيْسَ يَنْبَغِي أَن يحمل على حميد، وَهُوَ ثِقَة بِلَا خلاف، فِي شَيْء جَاءَ بِهِ عَنهُ من يخْتَلف فِيهِ. (1112) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، عَن عمر بن حَفْص الْمَكِّيّ، عَن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 368 ابْن جريج، عَن عَطاء، عَن ابْن عَبَّاس، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - /، " لم يزل يجْهر بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم فِي السورتين حَتَّى قبض ". وَفِيه عَن أنس بِمَعْنَاهُ. وَعَن عَليّ بن أبي طَالب كَذَلِك، وَلم يقل: " حَتَّى قبض ". وَالصَّحِيح حَدِيث نعيم المجمر. هَذَا نَص مَا ذكر، وَلَيْسَ فِي بَيَان علته، لَا من رِوَايَة ابْن عَبَّاس، وَلَا من رِوَايَة أنس، وَلَا من رِوَايَة عَليّ، فلنبين ذَلِك فَنَقُول: أما حَدِيث ابْن عَبَّاس، فعلته الْجَهْل بِحَال عمر بن حَفْص الْمَكِّيّ، بل لَا أعرفهُ مَذْكُورا فِي مظان ذكره وَذكر أَمْثَاله، وَكَذَلِكَ رَاوِيه عَنهُ، وَهُوَ جَعْفَر بن عَنْبَسَة بن عَمْرو الْكُوفِي. (1113) وَأما حَدِيث أنس، وَعلي، فَإِنَّمَا لم نذْكر علتهما؛ لِأَنَّهُ لم يذكرهما، وَإِنَّمَا أَشَارَ إِلَيْهِمَا وهما عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ، وَنحن أَيْضا لَا نعرض لَهما؛ لِأَنَّهُمَا كَسَائِر مَا ترك من الْأَحَادِيث. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 369 (1114) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ حَدِيث أبي الدَّرْدَاء، فِيهِ: " فَالْتَفت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَيّ، وَكنت أقرب الْقَوْم مِنْهُ، فَقَالَ: " مَا أرى الإِمَام إِذا أم / الْقَوْم إِلَّا قد كفاهم ". ثمَّ قَالَ: اخْتلف فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث، وَلَا يثبت. كَذَا قَالَ: وَهُوَ هَكَذَا يُوهم فِي الحَدِيث عِلّة لَا يقبله مَعهَا أحد، وَلَيْسَ كَذَلِك، بل هُوَ مَوضِع نظر، فَإِنَّهُ حَدِيث رَوَاهُ النَّسَائِيّ من طَرِيق زيد بن الْحباب عَن مُعَاوِيَة بن صَالح، عَن أبي الزَّاهِرِيَّة، عَن كثير بن مرّة، عَن أبي الدَّرْدَاء. وَكَذَا ذكره الدَّارَقُطْنِيّ، وَأتبعهُ أَن قَالَ: الصَّوَاب أَنه من قَول أبي الدَّرْدَاء. فَرَأى أَبُو مُحَمَّد هَذَا فاعتمده وَلم يُجَاوِزهُ، ورأيته فِي كِتَابه الْكَبِير، لم يزدْ فِيمَا علله بِهِ على أَن قَالَ: خُولِفَ زيد فِي هَذَا، وَالصَّوَاب أَنه من قَول الجزء: 3 ¦ الصفحة: 370 أبي الدَّرْدَاء، ذكر ذَلِك الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه. لم يزدْ على هَذَا. وَكرر الدَّارَقُطْنِيّ ذكره فِي مَوضِع آخر من الْكتاب الْمَذْكُور، فجَاء بِهِ من رِوَايَة ابْن وهب، عَن مُعَاوِيَة بن صَالح، فَجعله من كَلَام أبي الدَّرْدَاء. ثمَّ قَالَ: رَوَاهُ زيد بن الْحباب موفوعا، وَوهم فِيهِ، وَالصَّوَاب [فِيهِ] قَول ابْن وهب. انْتهى قَوْله. فَإِذن لَيْسَ / فِيهِ أَكثر من أَن ابْن وهب وَقفه، وَزيد بن الْحباب رَفعه، وَهُوَ أحد الثِّقَات، وَلَو خَالفه فِي رَفعه جمَاعَة ثِقَات فوقفته، مَا يَنْبَغِي أَن يحكم عَلَيْهِ فِي رَفعه إِيَّاه بالْخَطَأ، فَكيف وَلم يُخَالِفهُ إِلَّا وَاحِد. وسترى تنَاقض أبي مُحَمَّد فِي هَذَا الأَصْل، فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أعلها بِشَيْء لم يعل بهَا غَيرهَا، ومذهبه أَيْضا فِي مُعَاوِيَة بن صَالح، إِن شَاءَ الله تَعَالَى. وأوقع مَا يعتل بِهِ عَلَيْهِ مَرْفُوعا، الشَّك الَّذِي فِي قَوْله: " مَا أرى الإِمَام إِذا أم الْقَوْم إِلَّا قد كفاهم ". فَإِن هَذَا يستبعد أَن يكون من كَلَام النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلَو كَانَ من مجتهداته، وَالْأَظْهَر أَنه من كَلَام أبي الدَّرْدَاء، وَالله أعلم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 371 (1115) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا قَالَ: {غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين} فأنصتوا ". قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عُثْمَان بن ثَابت الصيدلاني، وَأَبُو سهل ابْن زِيَاد، قَالَا: حَدثنَا مُحَمَّد بن يُونُس، حَدثنَا عَمْرو بن عَاصِم، حَدثنَا مُعْتَمر قَالَ: سَمِعت أبي يحدث عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة، فَذكره. (1116) ثمَّ قَالَ: الصَّحِيح الْمَعْرُوف، " إِذْ قَالَ الإِمَام: {غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين} فَقولُوا: آمين ". لم يزدْ على هَذَا، والْحَدِيث فِي غَايَة الضعْف بِمُحَمد بن يُونُس الْكُدَيْمِي، فَإِنَّهُ مِمَّن يتهم بِالْوَضْعِ، وَلم يبين ذَلِك أَبُو مُحَمَّد، وَأما مَا اعْتَمدهُ فِي رده من قَوْله: " الصَّحِيح الْمَعْرُوف [إِذا قَالَ الإِمَام: {غير المغضوب} ] فَقولُوا: آمين "، فَغير مُعْتَمد، وَلَا يجب أَن يَجْعَل هَذَا مُعَارضا للْحَدِيث الْمَذْكُور، فَإِنَّهُ لم يرد بِهِ أَن لَو صَحَّ الْإِنْصَات عَن غير الْقِرَاءَة، وَإِنَّمَا المُرَاد بِهِ: أَنْصتُوا حِين يقْرَأ الإِمَام، وَهَذَا هُوَ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو صَالح، عَن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 372 أبي هُرَيْرَة، من رِوَايَة زيد بن أسلم عَنهُ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (1117) " وَإِذا قَرَأَ فأنصتوا ". فَغَيره هَذَا الضَّعِيف الرَّاوِي لَهُ عَن عَمْرو بن عَاصِم، الَّذِي هُوَ مُحَمَّد بن يُونُس، وَفهم من قَوْله: " قَرَأَ " فرغ من الْقِرَاءَة. وَهَكَذَا فهم الدَّارَقُطْنِيّ من الحَدِيث الْمَذْكُور، / فَإِنَّهُ سَاقه فِي أَحَادِيث سكُوت الْمَأْمُوم خلف الإِمَام. فاعلمه. (1118) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن وَائِل بن حجر، قَالَ: " سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَرَأَ: {غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين} فَقَالَ: آمين، وَمد بهَا صَوته ". ثمَّ قَالَ فِيهِ: حَدِيث حسن، قَالَ: وَرَوَاهُ شُعْبَة، فَقَالَ: " خفض بهَا صَوته ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 373 قَالَ البُخَارِيّ: حَدِيث / سُفْيَان أصح، وَأَخْطَأ شُعْبَة فِي قَوْله: " خفض بهَا صَوته ". انْتهى كَلَامه. وَلَيْسَ فِيهِ بَيَان الْمَانِع من إِطْلَاق أَنه صَحِيح، فَإِن الْحسن مَعْنَاهُ الَّذِي لَهُ حَال بَين حَالي الصَّحِيح والضعيف، وَهَذَا الحَدِيث فِيهِ أَرْبَعَة أُمُور: أَحدهَا: اخْتِلَاف شُعْبَة وسُفْيَان فِي " خفض وَرفع "، فسفيان يَقُول: " مد بهَا صَوته " وَشعْبَة يَقُول: " خفض بهَا صَوته ". وَالثَّانِي: اخْتِلَافهمَا فِي حجر، فشعبة يَقُول فِيهِ: حجر أَبُو العنبس، وَالثَّوْري يَقُول: حجر بن عَنْبَس، وَصوب البُخَارِيّ، وَأَبُو زرْعَة، قَول الثَّوْريّ، وَلَا أَدْرِي لم لَا يصوب قَوْلهمَا جَمِيعًا حَتَّى يكون حجر بن عَنْبَس أَبَا العنبس، اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يَكُونَا - أَعنِي البُخَارِيّ وَأَبا زرْعَة - قد علما لَهُ كنية أُخْرَى. وَإِلَى ذَلِك فَإِنَّهُ لَا تعرف حَاله. وَهَذَا هُوَ الثَّالِث، فَإِن المستور الَّذِي روى عَنهُ أَكثر من وَاحِد، مُخْتَلف فِي قبُول حَدِيثه ورده، للِاخْتِلَاف الَّذِي فِي أصل ابْتِغَاء مزِيد الْعَدَالَة بعد الْإِسْلَام. وَالرَّابِع: أَنَّهُمَا - أَعنِي الثَّوْريّ وَشعْبَة - اخْتلفَا أَيْضا فِي شَيْء آخر، وَهُوَ أَن جعله الثَّوْريّ من رِوَايَة حجر عَن وَائِل، وَجعله شُعْبَة من رِوَايَة حجر عَن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 374 عَلْقَمَة بن وَائِل. وَلما ذكر الدَّارَقُطْنِيّ رِوَايَة الثَّوْريّ صححها، كَأَنَّهُ عرف من حَال حجر الثِّقَة، وَلم يره مُنْقَطِعًا بِزِيَادَة شُعْبَة عَلْقَمَة بن وَائِل فِي الْوسط، وَفِي ذَلِك نظر. وَهَذَا الَّذِي ذكرنَا هُوَ مُوجب حكم التِّرْمِذِيّ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ حسن، وَقد كَانَ من جملَته اضطرابهما فِي مَتنه ب " خفض " و " رفع ". وَالِاضْطِرَاب فِي الْمَتْن عِلّة مضعفة. فَالْحَدِيث / لِأَن يُقَال فِيهِ: ضَعِيف أقرب مِنْهُ إِلَى أَن يُقَال: حسن، فَاعْلَم ذَلِك. (1119) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، من حَدِيث سعيد الْجريرِي، عَن السَّعْدِيّ، عَن أَبِيه، أَو عَمه، قَالَ: " رمقت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي صلَاته، فَكَانَ يتَمَكَّن فِي رُكُوعه وَسُجُوده " الحَدِيث. وَلم يقل بإثره شَيْئا، وَلم أذكرهُ فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي سكت عَنْهَا مصححا لَهَا، تحسينا للظن يه لَهُ أَن لَا يكون صَححهُ، أَو أَن يكون اكتفاؤه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 375 فِي تَعْلِيله بِمَا أبرزه من إِسْنَاده، وَذكر من هُوَ مَوضِع علته، وَإِن كنت قد ذكرت فِي ذَلِك الْبَاب أَحَادِيث، هِيَ هَكَذَا مَذْكُورَة بِقطع من أسانيدها، مسكوتا عَنْهَا، فَإِنَّمَا فعلت ذَلِك لغالب الظَّن بِهِ أَنه صححها، وَلَيْسَت عِنْدِي بصحيحة، فَأَما هَذَا فيستبعد عَلَيْهِ أَن يكون صَححهُ. وَهَذَا السَّعْدِيّ، وَأَبوهُ، وَعَمه، مَا مِنْهُم من يعرف، وَلَا من ذكر بِغَيْر هَذَا. وَقد ذكره ابْن السكن فِي كتاب الصَّحَابَة فِي الْبَاب الَّذِي ذكر فِيهِ رجَالًا لَا يعْرفُونَ، فَاعْلَم ذَلِك. (1120) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار، من حَدِيث إِبْرَاهِيم بن أبي حَبِيبَة، عَن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن ثَابت بن الصَّامِت، عَن أَبِيه، عَن جده، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " صلى فِي مَسْجِد بني عبد الْأَشْهَل فِي كسَاء متلببا بِهِ " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ بإثره: لَا يَصح، قَالَه البُخَارِيّ. لم يزدْ على هَذَا. وَهَذَا الحَدِيث علته بَيِّنَة فِيمَا أبرز من إِسْنَاده، بِالْجَهْلِ بِحَال عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن ثَابت بن الصَّامِت، فَأَما أَبوهُ عبد الرَّحْمَن بن ثَابت بن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 376 الصَّامِت، فَإِنَّهُ مدنِي مَعْرُوف. وَمِنْهُم من يَقُول فِيهِ: عبد الرَّحْمَن بن عبد الرَّحْمَن بن ثَابت بن الصَّامِت، إِلَّا أَن البُخَارِيّ أدخلهُ فِي كتاب الضُّعَفَاء، وَقَالَ: لم يَصح حَدِيثه. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: حَدِيثه لَيْسَ بِهِ بَأْس، وَلَيْسَ / عِنْدِي بمنكر الحَدِيث. وَقد يكون معنى قَول البُخَارِيّ:: لم يَصح حَدِيثه "، أَي لضعف الطَّرِيق إِلَيْهِ، إِذْ هُوَ من رِوَايَته ابْنه، وَهُوَ مَجْهُول الْحَال /. وَأَيْضًا من رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل بن أبي حَبِيبَة، وَهُوَ وَإِن كَانَ قوم يوثقونه، فَإِن البُخَارِيّ قد قَالَ فِيهِ: مُنكر الحَدِيث، وَهُوَ الْقَائِل: كل من قلت فِيهِ: مُنكر الحَدِيث، فَلَا تحل الرِّوَايَة عَنهُ. وَكَذَا قَالَ فِيهِ أَيْضا أَبُو حَاتِم. وَلَيْسَ لَك أَن تَقول: لَعَلَّ إِبْرَاهِيم بن أبي حَبِيبَة الَّذِي عَنهُ ذكر أَبُو مُحَمَّد الحَدِيث، غير إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل بن أبي حَبِيبَة، الَّذِي فسرته أَنْت بِهِ. وَإِنَّمَا لم يكن لَك ذَلِك لوَجْهَيْنِ: أَحدهمَا: أَن الْبَزَّار بَينه فِي نفس الْإِسْنَاد، وَأَبُو مُحَمَّد غَيره، وَلم يكن لَهُ ذَلِك، وَإِنَّمَا الَّذِي لَهُ، أَن يجده مَنْسُوبا إِلَى الْجد، فيذكر أَبَاهُ ثمَّ جده، فَأَما أَن يجده فِي الْإِسْنَاد مَنْسُوبا إِلَى أَبِيه، ثمَّ جده، فينسبه هُوَ فِي ذكره إِيَّاه إِلَى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 377 جده فَقَط، فخطأ من الْعَمَل، يُوهم مَا اعترضت بِهِ. وَالْوَجْه الثَّانِي: أَنَّك إِذا فعلت ذَلِك - أَعنِي أَن تَقول: لَعَلَّه غير من فسرت بِهِ - وَقعت فِي أَشد مِمَّا فَرَرْت مِنْهُ، فَإنَّك أَبيت أَن يكون هَذَا الْمُخْتَلف فِيهِ، وَزَعَمت أَنه من لَا يعرف الْبَتَّةَ، فَاعْلَم ذَلِك. (1121) وَذكر من طَرِيق الْعقيلِيّ، من حَدِيث الرّبيع بن بدر، عَن عنطوانة عَن الْحسن، عَن أنس بن مَالك، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يَا أنس إِذا صليت فضع بَصرك حَيْثُ تسْجد " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: إِسْنَاده ضَعِيف. لم يزدْ على هَذَا. وَهُوَ كَمَا قَالَ، وعلته الْجَهْل [بِحَال] عنطوانة. وَلما ذكره الْعقيلِيّ، قَالَ فِيهِ: بَصرِي مَجْهُول. وَالربيع بن بدر أَيْضا ضَعِيف، وَهُوَ الَّذِي يُقَال لَهُ: عليلة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 378 (1122) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، عَن يُوسُف بن عبد الله بن سَلام، عَن أبي الدَّرْدَاء، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا صَلَاة لملتفت ". وَذكر أَنه لَا يثبت. وَلم يبين علته وَهُوَ من الْأَحَادِيث الَّتِي بيّنت - فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ذكرهَا على أَنَّهَا مُتَّصِلَة وَهِي مُنْقَطِعَة أَو مُرْسلَة - أَنه غير مَوْصُول الْإِسْنَاد. وَالَّذِي لأَجله كتبته الْآن هُنَا، هُوَ تَبْيِين مَا أجمل من / علته، وَذَلِكَ أَن رِجَاله مَجْهُولُونَ، وَمَعَ ذَلِك اضْطَرَبُوا فِيهِ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ لما ذكره: يرويهِ أَبُو شمر الضبعِي، وَاخْتلف عَنهُ؛ فَرَوَاهُ الصَّلْت بن طريف المعولي، عَن أبي شمر قَالَ: أَخْبرنِي رجل عَن ابْن أبي مليكَة، عَن يُوسُف بن عبد الله بن سَلام، عَن أبي الدَّرْدَاء. وَقَالَ أَبُو قُتَيْبَة: سلم بن قُتَيْبَة: عَن الصَّلْت بن طريف [عَن رجل، عَن ابْن أبي مليكَة، عَن يُوسُف بن عبد الله بن سَلام، عَن أَبِيه، وخلط فِي الْإِسْنَاد. وَقَالَ شُعْبَة: عَن أبي شمر، عَن رجل] ، عَن رجل، عَن رجل، عَن رجل، فيهم امْرَأَة من هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَة. والْحَدِيث مُضْطَرب لَا يثبت، انْتهى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 379 كَلَام الدَّارَقُطْنِيّ. وَمَا مثل هَذَا ألتفت إِلَيْهِ، وَلَا يَنْبَغِي لمن يذكرهُ أَن يطوي إِسْنَاده، فَإِن ذَلِك يُوهم أَنه شَيْء ينظر فِيهِ، وَإِنَّمَا هُوَ عدم الْإخْفَاء بِأَمْر من لم يسم من رِجَاله، وَلَا بِمن سمي مِنْهُم، كَأبي شمر، وَنصر بن طريف؛ فَإِنَّهُمَا لَا يعرفان. وَأتبعهُ أَبُو مُحَمَّد أَن قَالَ: وَرَوَاهُ الصَّلْت بن مهْرَان، عَن ابْن أبي مليكَة، عَن يُوسُف بن عبد الله بن سَلام، عَن أَبِيه، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مثله سَوَاء، ذكره الْبَزَّار فِي الْإِمْلَاء، فِي غير الْمسند، انْتهى مَا ذكر. وَهَذَا أَيْضا لم يبين علته، وَهِي قد تبينت بِمَا تقدم، فَإِنَّهُ كَانَ من قبيل: عَن الصَّلْت بن طريف المعولي، عَن أبي شمر، عَن رجل، عَن ابْن أبي مليكَة. وَهُوَ الْآن: عَن الصَّلْت بن مهْرَان، عَن ابْن أبي مليكَة. وَكَانَ قبيل عَن أبي الدَّرْدَاء، وَهُوَ الْآن عَن عبد الله / بن سَلام. والصلت بن مهْرَان أَيْضا مَجْهُول. وَقد ترْجم ابْن أبي حَاتِم ترجمتين متواليتين، قَالَ فِي إِحْدَاهمَا: صلت بن مهْرَان، روى عَن الْحسن، وَشهر بن حَوْشَب، ورى عَنهُ مُحَمَّد بن بكر البرْسَانِي، وَسَهل بن حَمَّاد، سَمِعت أبي يَقُوله. ثمَّ قَالَ فِي الْأُخْرَى: صلت بن طريف المعولي، روى عَن الْحسن، وَأبي شمر، روى عَنهُ أَبُو قُتَيْبَة، ومُوسَى بن إِسْمَاعِيل، سَمِعت أبي يَقُوله. ثمَّ زَاد هُوَ أَنه روى عَنهُ عبد الْملك بن إِبْرَاهِيم الجدي، وَسَهل بن بكار. وَقَالَ سهل: حَدثنِي صلت / بن طريف، وَكَانَ جَار الْمهْدي بن مَيْمُون، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 380 انْتهى مَا ذكرهمَا بِهِ. وَلم يعرف بِشَيْء من أحوالهما، فهما مَجْهُولا الْأَحْوَال، وَالله أعلم. (1123) وَذكر أَيْضا من مراسل أبي دَاوُد، عَن سعيد بن العَاصِي، قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا خرج من الْمَدِينَة قصر بالعقيق، فَإِذا خرج من مَكَّة قصر بِذِي طوى ". ثمَّ أتبعه قَول أبي دَاوُد: رُوِيَ مُسْندًا وَلَا يَصح. هَذَا مَا ذكره بِهِ، وَهُوَ كَمَا ذكر، إِلَّا أَنه لم يبين مَوضِع انْقِطَاعه. وَسَعِيد بن العَاصِي صَحَابِيّ، وَهُوَ ابْن العَاصِي [بن سعيد بن العَاصِي] ابْن أُميَّة بن عبد شمس. وَمَعَ أَنه صَحَابِيّ فَإِنَّهُ يروي عَن عمر. والانقطاع فِيهِ هُوَ مَا بَين أَيُّوب بن مُوسَى بن عَمْرو بن سعيد بن العَاصِي، وجده سعيد بن العَاصِي الْمَذْكُور. قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا النُّفَيْلِي، حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن أبي حَازِم، عَن الضَّحَّاك بن عُثْمَان، عَن أَيُّوب بن مُوسَى، عَن سعيد بن العَاصِي. فَقَوْل أبي دَاوُد: " رُوِيَ مُسْندًا "، إِنَّمَا يَعْنِي بِهِ أَنه رُوِيَ مُتَّصِلا، فَاعْلَم ذَلِك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 381 (1124) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد، من حَدِيث صغدي بن سِنَان، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن فضاء، عَن أَبِيه، عَن عَلْقَمَة بن عبد الله، عَن أَبِيه، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا لم يقدر أحدكُم على الأَرْض، إِذا كُنْتُم فِي طين أَو قصب، أوموا بهَا إِيمَاء ". ثمَّ قَالَ: هَذَا الْإِسْنَاد من أَضْعَف إِسْنَاد، وَفِي بعض أَلْفَاظه من الزِّيَادَة [" أَو مَاء أَو ثلج ". هَكَذَا قَالَ، وَهُوَ صَحِيح من القَوْل، وَلَكِن بَقِي عَلَيْهِ: أَيْن هُوَ ضعفه؟ فَاعْلَم] أَن فضاء الْأَزْدِيّ الْجَهْضَمِي، وَالِد مُحَمَّد بن فضاء مَجْهُول الْحَال، وَلَا يعرف روى عَنهُ إِلَّا ابْنه مُحَمَّد بن فضاء. وَابْنه مُحَمَّد بن فضاء الْمعبر، ضَعِيف، كَانَ سُلَيْمَان بن حَرْب سيئ الرَّأْي فِيهِ، وَكَانَ يَقُول عَنهُ: إِنَّه كَانَ يَبِيع الشَّرَاب. وَقَالَ ابْن معِين: لَيْسَ بِشَيْء. وصغدي بن سِنَان ضَعِيف أَيْضا، وَقَالَ فِيهِ ابْن معِين: لَيْسَ بِشَيْء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 382 وَيَرْوِيه عَن صغدي بن سِنَان، زيد بن الْحَرِيش، وَهُوَ أَيْضا مَجْهُول الْحَال. (1125) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ، عَن أبي بن كَعْب، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كَانَ يقْرَأ فِي الْوتر بسبح، وَفِي الثَّانِيَة بقل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ، وَفِي الثَّالِثَة بقل هُوَ الله أحد، ويقنت قبل الرُّكُوع " / الحَدِيث. ثمَّ قَالَ بعده: وَقَالَ التِّرْمِذِيّ فِي حَدِيث عَائِشَة: " وَفِي الثَّالِثَة بقل هُوَ الله أحد، والمعوذتين ". وَحَدِيث النَّسَائِيّ أصح إِسْنَادًا. كَذَا قَالَ، وَهُوَ كَمَا ذكر، وَلكنه لم يبين عِلّة حَدِيث عَائِشَة، فَاعْلَم أَن التِّرْمِذِيّ ذكره هَكَذَا: حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن حبيب بن الشَّهِيد الْبَصْرِيّ، حَدثنَا مُحَمَّد بن سَلمَة الْحَرَّانِي، عَن خصيف، عَن عبد الْعَزِيز بن جريج، قَالَ: سَأَلنَا عَائِشَة، بِأَيّ شَيْء كَانَ يُوتر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ قَالَت: (1126) " كَانَ يقْرَأ فِي الأولى بسبح اسْم رَبك الْأَعْلَى، وَفِي الثَّانِيَة بقل يَا أَيهَا / الْكَافِرُونَ، وَفِي الثَّالِثَة بقل هُوَ الله أحد، والمعوذتين ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 383 وَقَالَ فِيهِ: حسن غَرِيب، وَقد روى يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ هَذَا الحَدِيث، عَن عمْرَة، عَن عَائِشَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. انْتهى كَلَام التِّرْمِذِيّ. فَأَقُول: إِنَّمَا لَا يُقَال: هَذَا الحَدِيث صَحِيح، لمَكَان خصيف بن عبد الرَّحْمَن ابْن أبي عون الْجَزرِي، فَإِن حفظه رَدِيء سيئ. وَفِيه مَعَ ذَلِك قَول عبد الْعَزِيز بن جريج: سَأَلنَا عَائِشَة، فقد زعم قوم أَنه لم يسمع مِنْهَا. وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِك أَحْمد بن عبد الله بن صَالح الْكُوفِي ذكره عَنهُ المنتجالي فِي كِتَابه صَحِيحا عَنهُ، وَلَو جَاءَ قَوْله: سَأَلنَا عَائِشَة عَن غير خصيف مِمَّن يوثق بِهِ، صَحَّ سَمَاعه مِنْهَا. وَإِلَى ذَلِك فَإِنَّهُ - أَعنِي عبد الْعَزِيز بن جريج وَالِد عبد الْملك - لَا يُتَابع على حَدِيثه. قَالَه البُخَارِيّ. وَأما مَا ذكر التِّرْمِذِيّ من رِوَايَة يحيى بن سعيد، عَن عمْرَة، عَن عَائِشَة، فَإِنَّهُ لم يُوصل إِلَيْهِ إِسْنَادًا، وَلَا أعرفهُ من غير رِوَايَة يحيى بن أَيُّوب. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: [حَدثنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل الأدمِيّ، قَالَ: حَدثنَا أَحْمد بن مَنْصُور] قَالَ: حَدثنَا سعيد بن عفير، قَالَ: أَخْبرنِي يحيى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 384 ابْن أَيُّوب، عَن يحيى بن سعيد، عَن عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن، عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كَانَ يقْرَأ فِي الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ / يُوتر بعدهمَا، بسبح اسْم رَبك الْأَعْلَى، وَقل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ، وَيقْرَأ فِي الْوتر، قل هُوَ الله أحد، وَقل أعوذ بِرَبّ الفلق، وَقل أعوذ بِرَبّ النَّاس ". [حَدثنَا الْحُسَيْن بن إِسْمَاعِيل، حَدثنَا أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ، حَدثنَا سعيد بن عفير، عَن يحيى بن أَيُّوب، فَذكره] . حَدثنَا الْحُسَيْن بن إِسْمَاعِيل، حَدثنَا أَبُو إِسْمَاعِيل التِّرْمِذِيّ، حَدثنَا ابْن أبي مَرْيَم، حَدثنَا يحيى بن أَيُّوب، فَذكره. (1127) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن عبد الرَّحْمَن - يَعْنِي ابْن إِسْحَاق - عَن ابْن زيد - وَهُوَ مُحَمَّد - عَن ابْن سيلان - واسْمه عبد ربه - عَن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 385 أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تدعوهما وَإِن طردتكم الْخَيل ". ثمَّ قَالَ: لَيْسَ إِسْنَاده بِقَوي. كَذَا قَالَ، وَلم يبين مَوضِع علته، وسمى ابْن سيلان عبد ربه. فَأَقُول - وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق -: جَابر بن سيلان، يروي عَن ابْن مَسْعُود، روى عَنهُ مُحَمَّد بن زيد بن المُهَاجر [كَذَا ذكره ابْن أبي حَاتِم. وَذكره الدَّارَقُطْنِيّ فَقَالَ: يروي عَن أبي هُرَيْرَة، روى عَنهُ مُحَمَّد بن زيد ابْن مهَاجر] . وَقَالَ ابْن الفرضي: روى عَن ابْن مَسْعُود وَأبي هُرَيْرَة. فعلى هَذَا، يشبه أَن يكون هَذَا الَّذِي لم يسم فِي الْإِسْنَاد جَابِرا هَذَا، وَهُوَ غَالب الظَّن. وَهُنَاكَ أَيْضا عبد ربه بن سيلان، مدنِي، سمع أَبَا هُرَيْرَة، روى عَنهُ أَيْضا مُحَمَّد بن زيد بن مهَاجر، ذكره بِهَذَا ابْن أبي حَاتِم وَابْن الفرضي وَغَيرهمَا. وَلما ذكر ابْن الفرضي عبد ربه هَذَا قَالَ: أَظُنهُ أَخا عِيسَى بن سيلان. وَأيهمَا كَانَ، من عبد ربه أَو جَابر، فحاله مَجْهُولَة لَا تعرف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 386 وَإِلَى ذَلِك فَإِن عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق، هُوَ الَّذِي يُقَال لَهُ عباد الْمُقْرِئ ". قَالَ يحيى الْقطَّان: سَأَلت عَنهُ بِالْمَدِينَةِ فَلم أرهم يحمدونه. وَقَالَ أَحْمد: روى عَن أبي الزِّنَاد أَحَادِيث مُنكرَة. وَغَيرهمَا يوثقه. وَهُوَ عِنْدهم نَحْو مُحَمَّد بن إِسْحَاق فِي حَاله، وَلَيْسَ مِنْهُ بِنسَب. وَزعم ابْن عُيَيْنَة أَنه كَانَ قدريا، نَفَاهُ أهل الْمَدِينَة، فَنزل مَاء هَاهُنَا مقتل الْوَلِيد فَلم نجالسه. وَأخرج لَهُ مُسلم. (1128) وَقد ذكر أَبُو مُحَمَّد فِي الِاعْتِكَاف، حَدِيث عَائِشَة الَّذِي فِيهِ: " السّنة فِي الْمُعْتَكف أَن لَا يعود / مَرِيضا " الحَدِيث. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 387 ثمَّ رده بِأَن قَالَ: عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق لَا يحْتَج بحَديثه. (1129) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد أَيْضا، عَن قيس بن عَمْرو - وَيُقَال: قيس بن قهد - حَدِيث الَّذِي صلى بعد الصُّبْح رَكْعَتَيْنِ، فَلم يقل لَهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. ثمَّ قَالَ بإثره: لَيْسَ هَذَا الحَدِيث بِمُتَّصِل، ذكر ذَلِك التِّرْمِذِيّ. كَذَا قَالَ، وَهُوَ كَمَا / ذكر، إِلَّا أَنه لم يبين مَوضِع انْقِطَاعه. وَبَيَان ذَلِك هُوَ أَن إِسْنَاده هُوَ هَذَا: قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة، حَدثنَا عبد الله بن نمير، عَن سعد بن سعيد، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، عَن قيس بن عَمْرو، فَذكره. قَالَ التِّرْمِذِيّ: مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم لم يسمع من قيس بن عَمْرو، وَيُقَال: قيس بن قهد. وَفصل ابْن السكن بَينهمَا، فجعلهما رجلَيْنِ - أَعنِي قيس بن عَمْرو، وَقيس ابْن قهد - وَفِي سعد بن اخْتِلَاف، وَلم يعرض لَهُ، فَاعْلَم ذَلِك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 388 (1130) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن ابْن عمر، حَدِيث: " لَا صَلَاة بعد الْفجْر إِلَّا سَجْدَتَيْنِ ". وَأتبعهُ قَوْله فِيهِ: غَرِيب. ثمَّ قَالَ أَبُو مُحَمَّد: إِنَّه رُوِيَ من طرق فِيهَا ضعفاء - سماهم - وأحسنها حَدِيث التِّرْمِذِيّ. وَقد كتبناه فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أتبعهَا رِوَايَة رُوَاة، أوهم أَنَّهَا عَنْهُم، وَلَيْسَت عَن أحد مِنْهُم. ونريد مِنْهُ الْآن تَبْيِين عِلّة الْخَبَر الْمَذْكُور، فَنَقُول: قَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن عَبدة الضَّبِّيّ، حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد، عَن قدامَة بن مُوسَى، عَن مُحَمَّد بن الْحصين، عَن أبي عَلْقَمَة، عَن يسَار مولى ابْن عمر - عَن ابْن عمر، فَذكره. وكل من فِي هَذَا الْإِسْنَاد مَعْرُوف مَشْهُور، إِلَّا مُحَمَّد بن الْحصين، فَإِنَّهُ مُخْتَلف فِيهِ، ومجهول الْحَال مَعَ ذَلِك. كَانَ عمر بن عَليّ الْمقدمِي، وَعبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد الدَّرَاورْدِي يَقُولَانِ: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 389 عَن قدامَة بن مُوسَى، عَن مُحَمَّد بن حُصَيْن، وَكَانَ وهيب، وَحميد بن الْأسود يَقُولَانِ: عَن قدامَة بن مُوسَى، عَن أَيُّوب بن حُصَيْن. وَقَالَ عُثْمَان بن عمر: حَدثنَا قدامَة بن مُوسَى، قَالَ: حَدثنَا رجل من بني حَنْظَلَة. ذكر هَذَا / الْخلاف فِيهِ البُخَارِيّ، وَلم يعرف هُوَ وَلَا ابْن أبي حَاتِم من حَاله بِشَيْء، فَهِيَ عِنْدهمَا مَجْهُولَة. وَذكر أَبُو دَاوُد رِوَايَة وهيب، عَن قدامَة، عَن أَيُّوب بن حُصَيْن، كَمَا أَشَارَ إِلَيْهَا البُخَارِيّ، وَلَفظه: " ليبلغ شاهدكم غائبكم، لَا تصلوا بعد الْفجْر إِلَّا سَجْدَتَيْنِ ". (1131) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار وَأبي دَاوُد، عَن أبي الدَّرْدَاء، قَالَ: أَوْصَانِي خليلي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِثَلَاث. ذكره فِي صَلَاة الضُّحَى، ثمَّ قَالَ عَن الْبَزَّار: إِسْنَاده حسن. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 390 وَلم يبين لم لَا يَصح. وَإِسْنَاده هُوَ هَذَا: قَالَ الْبَزَّار: حَدثنَا عبد الله بن أَحْمد بن شبويه [أَبُو الْحَيَّانِ] حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، حَدثنَا صَفْوَان بن عَمْرو، عَن أبي إِدْرِيس السكونِي، عَن جُبَير بن نفير، عَن أبي الدَّرْدَاء. وَقَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عبد الْوَهَّاب بن نجدة، حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، فَذكره. وَقد يظنّ من لَا يُحَقّق أَن أَبَا إِدْرِيس السكونِي الْمَذْكُور فِيهِ، هُوَ الْخَولَانِيّ، قَاضِي عبد الْملك بن مَرْوَان، لِكَثْرَة رِوَايَته عَن أبي الدَّرْدَاء. وَيكون ذَلِك مِمَّن ظَنّه خطأ، فَإِن هَذَا السكونِي إِنَّمَا يروي عَن جُبَير بن نفير، عَن أبي الدَّرْدَاء، وَلَا يعرف روى عَنهُ غير صَفْوَان بن عَمْرو فحاله مَجْهُولَة. وَإِنَّمَا هُوَ عِنْده حسن، بِاعْتِبَار الِاخْتِلَاف فِي قبُول أَخْبَار المساتير، للْخلاف فِي أصل قبله، وَهُوَ من علم إِسْلَامه، هَل تقبل رِوَايَته وشهادته مَا لم يظْهر من حَاله مَا يمْنَع من ذَلِك، أَو يبتغى وَرَاء الْإِسْلَام مزِيد، هُوَ الْمعبر عَنهُ بِالْعَدَالَةِ؟ وَإِلَى هَذَا، فَإِنَّهُ قد أبعد فِيهِ الانتجاع، وَقد ذكره مُسلم من أحسن من هَذَا الطَّرِيق، وَقد ذكرنَا ذَلِك فِي بَابه، فاعلمه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 391 (1132) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن كَعْب بن عجْرَة: " صلى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي مَسْجِد بني عبد الْأَشْهَل الْمغرب، فَرَأى نَاسا يتنفلون، فَقَالَ: عَلَيْكُم بِهَذِهِ الصَّلَاة فِي الْبيُوت ". وَأتبعهُ قَول التِّرْمِذِيّ فِيهِ: غَرِيب. وَالصَّحِيح مَا روى ابْن عمر أَنه عَلَيْهِ السَّلَام / " كَانَ يُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ بعد / الْمغرب فِي بَيته ". هَذَا نَص مَا أورد، وَهُوَ كَمَا قَالَ، إِلَّا أَنه لم يبين مَوضِع الْعلَّة، وَهِي الْجَهْل بِحَال إِسْحَاق بن كَعْب بن عجْرَة، رَاوِيه عَن أَبِيه، وَلَا يعرف روى عَنهُ غير ابْنه سعد بن إِسْحَاق، وَهُوَ ثِقَة. وَقد صرح بِهَذِهِ الْعلَّة فِي كِتَابه الْكَبِير إِثْر هَذَا الحَدِيث، فَاعْلَم ذَلِك. (1133) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار، عَن منْدَل، عَن مُحَمَّد بن عبيد الله، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 392 عَن أَبِيه، عَن جده أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " اغْتسل للعيدين " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: إِسْنَاده ضَعِيف. كَذَا قَالَ: وَلم يُفَسر علته، وَهِي ضعف مُحَمَّد بن عبيد الله بن أبي رَافع. قَالَ ابْن معِين: لَيْسَ بِشَيْء. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: ضَعِيف الحَدِيث جدا، ذَاهِب. وَقَالَ البُخَارِيّ: مُنكر الحَدِيث. ومندل بن عَليّ، أحسن حَالا مِنْهُ، وَإِن كَانَ أَيْضا ضَعِيفا، فَاعْلَم ذَلِك. (1134) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن ابْن عَبَّاس، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لم يسْجد فِي شَيْء من الْمفصل، مُنْذُ تحول إِلَى الْمَدِينَة ". ثمَّ قَالَ: إِسْنَاده لَيْسَ بِقَوي، ويروى مُرْسلا. وَالصَّحِيح مَا تقدم، يَعْنِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة فِي سُجُود النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي {إِذا السَّمَاء انشقت} و {اقْرَأ} وإسلامه مُتَأَخّر. هَذَا مَا ذكر: وَإنَّهُ لعِلَّة بَيِّنَة، وَلَكِن مَعَ ذَلِك نبين مَا عدم إِسْنَاده من الْقُوَّة، لست أَعنِي من جِهَة مَا يرْوى مُرْسلا، فَإِن هَذَا عِنْدِي لَا يضرّهُ، وَلَكِن من الجزء: 3 ¦ الصفحة: 393 جِهَة أَنه من رِوَايَة أبي قدامَة، عَن مطر الْوراق، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس. ومطر الْوراق كَانَ يشبه فِي سوء الْحِفْظ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى. وَقد عيب على مُسلم إِخْرَاج حَدِيثه. وَأَبُو قدامَة الْحَارِث بن عبيد قَالَ فِيهِ بن حَنْبَل: مُضْطَرب الحَدِيث. وَهَذَا عِنْدهم إِنَّمَا يكون أَيْضا من سوء الْحِفْظ. وَضَعفه ابْن معِين وَقَالَ فِيهِ السَّاجِي: صَدُوق، عِنْده مَنَاكِير. وَقَالَ أَبُو حَاتِم البستي: كَانَ شَيخا صَالحا مِمَّن كثر وهمه، فَاعْلَم ذَلِك /. (1135) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد أَيْضا، عَن رجل، عَن ابْن عمر، قَالَ: صليت خلف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَمَعَ أبي بكر، وَعمر، وَعُثْمَان، فَلم يسجدوا حَتَّى تطلع الشَّمْس. وَقَالَ فِي إِسْنَاده: ضَعِيف، بك مَتْرُوك؛ فِي إِسْنَاده أَبُو بَحر: عبد الرَّحْمَن ابْن عُثْمَان البكراوي. انْتهى قَوْله. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 394 وَلم يبين مِنْهُ عِلّة الْخَبَر الَّتِي بِهِ سوى الِانْقِطَاع بِهَذَا الرجل، فَإِن البكراوي لم يتَقَدَّم لَهُ فِيهِ قَول. وَلكنه لما ذكر فِي الْأَشْرِبَة حَدِيث عَائِشَة: (1136) " كنت آخذ قَبْضَة من تمر وقبضة من زبيب، فألقيه فِي إِنَاء، فأمرسه ثمَّ أسقيه النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ". قَالَ بإثره: فِي إِسْنَاده أَبُو بَحر البكراوي، وَهُوَ ضَعِيف عِنْدهم. انْتهى قَوْله. وَهُوَ كَمَا ذكر ضَعِيف، وَقد صرح البستي بعلة ضعفه، فَقَالَ: مُنكر الحَدِيث. وَأما هَذَا الرجل الَّذِي يرويهِ عَن ابْن عمر فَلَا يعرف. وَهُوَ اختصر الحَدِيث - أَعنِي أَبَا مُحَمَّد -. وَنَصه عِنْد أبي دَاوُد هَكَذَا: حَدثنَا عبد الله بن الصَّباح الْعَطَّار، قَالَ: حَدثنَا أَبُو بَحر، قَالَ: حَدثنَا ثَابت بن عمَارَة، قَالَ: حَدثنَا أَبُو تَمِيمَة الهُجَيْمِي قَالَ: لما بعثنَا الركب - قَالَ أَبُو دَاوُد: يَعْنِي إِلَى الْمَدِينَة - قَالَ: كنت أقص بعد صَلَاة الصُّبْح، فأسجد، فنهاني ابْن عمر، فَلم أنته، ثَلَاث مَرَّات، ثمَّ عَاد فَقَالَ: " إِنِّي صليت خلف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَمَعَ أبي بكر، وَعمر، وَعُثْمَان - رَضِي الله عَنْهُم - فَلم يسجدوا حَتَّى تطلع الشَّمْس ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 395 (1137) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار عَن أبي هريره، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كَانَ يقلم / أَظْفَاره، ويقص شَاربه يَوْم الْجُمُعَة قبل أَن يخرج إِلَى الصَّلَاة ". ثمَّ قَالَ: هَذَا يرويهِ إِبْرَاهِيم بن قدامَة الجُمَحِي، عَن الْأَغَر، عَن أبي هُرَيْرَة، وَلم يُتَابع إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ. كَذَا ذكره، وَلم يذكر بِهَذَا الْكَلَام علته فِي الْحَقِيقَة، وَإِنَّمَا هِيَ أَن إِبْرَاهِيم هَذَا لَا يعرف، وَلَا أعرف أحدا مِمَّن صنف فِي الرِّجَال ذكره. وَلما ذكر الْبَزَّار هَذَا الحَدِيث من رِوَايَة عَتيق بن يَعْقُوب الزبيرِي عَنهُ - بعد حَدِيث /. (1138) كَانَ إِذا أَصَابَهُم الْمَطَر، وسالت الميازيب، قَالَ: " لَا مَحل عَلَيْكُم الْعَام ". أتبعهما أَن قَالَ: لم يُتَابع إِبْرَاهِيم بن قدامَة عَلَيْهِمَا، وَإِذا تفرد بِحَدِيث لم يكن حجَّة؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بالمشهور، وَإِن كَانَ من أهل الْمَدِينَة. انْتهى كَلَام الْبَزَّار. وَالرجل لَا يعرف الْبَتَّةَ، وَلَا أَدْرِي لم اختصر أَبُو مُحَمَّد كَلَام الْبَزَّار، وَكتب مِنْهُ التفرد، وَعدم الْمُتَابَعَة، وَهُوَ عِنْد الْمُحَقِّقين لَا يضر الثِّقَة. فَاعْلَم ذَلِك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 396 (1139) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ حَدِيث سَمُرَة: " من تَوَضَّأ يَوْم الْجُمُعَة فبها ونعمت ". ثمَّ قَالَ: الْحسن لم يسمع من سَمُرَة إِلَّا حَدِيث الْعَقِيقَة. وَرَوَاهُ الْبَزَّار من حَدِيث أبي سعيد مثله سَوَاء، وَفِي إِسْنَاده أسيد بن زيد. هَذَا نَص مَا أتبعه من غير مزِيد، وَلَيْسَ فِيهِ بَيَان علته؛ إِذْ لم يتَقَدَّم لَهُ فِي أسيد بن زيد قَول. وَقد ترك بِهَذَا الَّذِي ذكر التَّنْبِيه على كَونه من رِوَايَة شريك، وَعنهُ يرويهِ أسيد بن زيد، عَن عَوْف، عَن أبي نَضرة، عَن أبي سعيد. وَقَالَ الْبَزَّار: لَا نعلم رَوَاهُ عَن عَوْف إِلَّا شريك، وَلَا عَن شريك إِلَّا أسيد ابْن زيد، وَأسيد بن زيد كُوفِي، قد احْتمل حَدِيثه، مَعَ شِيعِيَّة شَدِيدَة كَانَت فِيهِ. انْتهى كَلَام الْبَزَّار. أسيد بن زيد هُوَ الْجمال. قَالَ الدوري عَن ابْن معِين: " إِنَّه كَذَّاب ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 397 وَقَالَ أَبُو حَاتِم: " قدم الْكُوفَة فَأَتَاهُ أَصْحَاب الحَدِيث، وَلم آته، كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ فِيهِ ". وَقَالَ السَّاجِي: " لَهُ مَنَاكِير ". وَقَالَ أَبُو حَاتِم البستي: " يروي الْمُنْكَرَات عَن الثِّقَات ". وَمَعَ هَذَا فقد أخرج لَهُ البُخَارِيّ، وَهُوَ مِمَّن عيب عَلَيْهِ الْإِخْرَاج عَنهُ. (1140) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ فِيمَن لَا تجب عَلَيْهِم الْجُمُعَة: " الْمُسَافِر " من حَدِيث جَابر. ثمَّ قَالَ: إِسْنَاده ضَعِيف. وَلم يبين مَوضِع علته، وَإنَّهُ ضَعِيف كَمَا ذكر. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا عبيد الله بن عبد الصَّمد بن الْمُهْتَدي بِاللَّه قَالَ: حَدثنَا يحيى بن نَافِع بن خَالِد بِمصْر، قَالَ: حَدثنَا سعيد بن أبي مَرْيَم، قَالَ: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 398 حَدثنَا ابْن لَهِيعَة قَالَ /: حَدثنَا معَاذ بن مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ، عَن أبي الزبير، عَن جَابر، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَعَلَيهِ الْجُمُعَة إِلَّا مَرِيض، أَو مُسَافر، أَو امْرَأَة، أَو صبي، أَو مَمْلُوك، فَمن اسْتغنى بلهو أَو تِجَارَة، اسْتغنى الله عَنهُ، وَالله غَنِي حميد ". أَبُو الزبير مُدَلّس، وَابْن لَهِيعَة مَتْرُوك، ومعاذ بن مُحَمَّد مُنكر الحَدِيث غير مَعْرُوف، قَالَه أَبُو أَحْمد. وَهُوَ ذكره بِهَذَا الحَدِيث، وَقَالَ: ابْن لَهِيعَة يحدث عَن أبي الزبير، عَن جَابر نُسْخَة. (1141) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن عبد الله بن عَمْرو، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْجُمُعَة على كل من سمع النداء ". ثمَّ قَالَ: رُوِيَ مَوْقُوفا وَهُوَ الصَّحِيح. لم يزدْ على هَذَا، وعلته أَنه يرويهِ أَبُو دَاوُد هَكَذَا: حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى ابْن فَارس، حَدثنَا قبيصَة، حَدثنَا سُفْيَان، عَن مُحَمَّد بن سعيد الطَّائِفِي، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 399 عَن أبي سَلمَة بن نبيه، عَن عبد الله بن هَارُون، عَن بعد الله بن عَمْرو. وَأَبُو سَلمَة بن نبيه مَجْهُول لَا يعرف / بِغَيْر هَذَا، وَلم أجد لَهُ ذكرا فِي شَيْء من مظان وجوده وَوُجُود أَمْثَاله. وَمُحَمّد بن سعيد الطَّائِفِي هُوَ عِنْد ابْن أبي حَاتِم مَجْهُول الْحَال، لم يزدْ فِي ذكره إِيَّاه على أَن الثَّوْريّ يروي عَنهُ، وَهُوَ يروي عَن طَاوس، وَعبد الله بن هَارُون. وَذكر قبله تَرْجَمَة أُخْرَى، فِيهَا مُحَمَّد بن سعيد الْمُؤَذّن، يروي عَن عبد الله بن عَنْبَسَة، عَن أم حَبِيبَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (1142) " من حَافظ على أَربع قبل الظّهْر ". وَتبع فِي هَذَا الْعَمَل البُخَارِيّ، ورد الْخَطِيب ذَلِك من فعله، وَتبين أَنه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 400 مُحَمَّد بن سعيد الطَّائِفِي. وَسَيَأْتِي لمُحَمد بن سعيد الطَّائِفِي ذكر بتوثيق الدَّارَقُطْنِيّ إِيَّاه، فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ضعفها وَهِي صَحِيحَة، أَو مُخْتَلف فِيهَا إِثْر حَدِيث: (1143) " لَا يتوارث أهل ملتين، وَالْمَرْأَة تَرث من دِيَة زَوجهَا ". وَاتفقَ لأبي مُحَمَّد أَن غلط فِيهِ، فَظَنهُ مُحَمَّد بن سعيد المصلوب، وَالدَّارَقُطْنِيّ بَين أَنه الطَّائِفِي، وَوَثَّقَهُ. وَعبد الله بن هَارُون هَذَا، / الَّذِي يروي عَنهُ مُحَمَّد بن سعيد الطَّائِفِي - بِلَا وَاسِطَة بَينه وَبَينه، على مَا ذكر البُخَارِيّ، وَابْن أبي حَاتِم، أَو بتوسط أبي سَلمَة ابْن نبيه بَينهمَا، على مَا فِي إِسْنَاد الحَدِيث الْمَذْكُور - هُوَ أَيْضا مَجْهُول الْحَال، لم يذكر بِغَيْر هَذَا. وَقبيصَة، رجل صَالح، إِلَّا أَنه كثير الْخَطَأ على الثَّوْريّ. وَقَالَ النَّسَائِيّ: كثير الْخَطَأ، لم يقل على الثَّوْريّ، وَغَيره يَقُول: ثِقَة إِلَّا فِي الثَّوْريّ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 401 قَالَ أَبُو دَاوُد: روى هَذَا الحَدِيث جمَاعَة عَن سُفْيَان، مَقْصُورا على عبد الله بن عَمْرو، وَلم يرفعوه، وَإِنَّمَا أسْندهُ قبيصَة، انْتهى قَوْله. وَقد اتَّضَح بِمَا ذَكرْنَاهُ مَا أبهم من علته، فاعلمه. (1144) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، حَدِيث: " الْجُمُعَة على من أَواه اللَّيْل إِلَى أَهله ". ثمَّ قَالَ: إِسْنَاده ضَعِيف، وَإِنَّمَا يرْوى [من] حَدِيث معارك بن عباد، عَن عبد الله بن سعيد المَقْبُري، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة. وَلم يبين من هَذِه الْقطعَة مَوضِع الْعلَّة لمن لَا يعلمهَا، وَهِي ضعف عبد الله ابْن سعيد المَقْبُري. قَالَ عَمْرو بن عَليّ: [هُوَ] مُنكر الحَدِيث مَتْرُوك. وَقَالَ البُخَارِيّ عَن يحيى الْقطَّان: استبان لي كذبه فِي مجْلِس. وَقَالَ ابْن حَنْبَل: مَتْرُوك الحَدِيث مدنِي. [ومعارك بن عباد قَالَ ابْن حَنْبَل: لَا أعرفهُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 402 وَقَالَ أَبُو زرْعَة: واهي الحَدِيث] . وَقَالَ أَبُو حَاتِم: أَحَادِيثه مُنكرَة. (1145) وَذكر من طَرِيق مُسلم حَدِيث جَابر: " اركع رَكْعَتَيْنِ وَتجوز فيهمَا ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ من رِوَايَة أبي سُفْيَان عَن جَابر. وتكرر سُكُوته عَن أَحَادِيث من رِوَايَته، مِنْهَا حَدِيث: (1146) " إِن فِي اللَّيْل لساعة لَا يُوَافِقهَا رجل مُسلم 000 ". (1147) وَحَدِيث: " لَا يموتن أحدكُم إِلَّا وَهُوَ يحسن بِاللَّه الظَّن ". اخْتَار فِيهِ رِوَايَة أبي سُفْيَان، وَترك رِوَايَة أبي الزبير، وَالْمعْنَى وَاحِد، وَاللَّفْظ مُخْتَلف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 403 (1148) وَحَدِيث: " نعم الإدام الْخلّ ". (1149) وَحَدِيث: " إِن الشَّيْطَان قد أيس أَن يعبده المصلون فِي جَزِيرَة الْعَرَب ". كل هَذِه الْأَحَادِيث من مُسلم، وسَاق من عِنْد الْبَزَّار حَدِيث " (1150) " أميران وليسا / بأميرين، فِي الْحَج وَفِي الْجَنَائِز ". وَأتبعهُ أَن قَالَ: أَبُو سُفْيَان لَا يحْتَج بِهِ عِنْدهم. وَقد أوعبنا فِي ذكر الحَدِيث فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ضعفها وَلم يبين عللها. (1151) وَذكر حَدِيث: " الْوضُوء من الضحك " عِنْد أبي أَحْمد. وَقَالَ بإثره: أَبُو سُفْيَان ضَعِيف، وَقَبله من هُوَ أَضْعَف مِنْهُ. (1152) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن جَعْفَر بن خَالِد بن سارة، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 404 عَن أَبِيه، عَن عبد الله بن جَعْفَر، حَدِيث: " اصنعوا لآل جَعْفَر طَعَاما؛ فَإِنَّهُ / قد جَاءَهُم مَا يشغلهم ". وَأتبعهُ أَن قَالَ: جَعْفَر ثِقَة، وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: هَذَا حَدِيث حسن. كَذَا قَالَ، وَلم يبين لم لَا يَصح، وَذَلِكَ أَن خَالِد بن سارة لَا تعرف حَاله، وروى عَنهُ ابْنه، وَعَطَاء بن أبي رَبَاح، قَالَه البُخَارِيّ. وَأَهْمَلَهُ ابْن أبي حَاتِم كَسَائِر من يجهل أَحْوَالهم. وَلَا أعلم لَهُ إِلَّا حديثين، هَذَا أَحدهمَا. (1153) وَالْآخر أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " حمل غلامين من بني عبد الْمطلب على دَابَّة ". رَوَاهُ [أَيْضا] جَعْفَر، عَن أَبِيه، عَن عبد الله بن جَعْفَر كَذَلِك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 405 (1154) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن ابْن مَسْعُود، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إيَّاكُمْ والنعي؛ فَإِن النعي من عمل الْجَاهِلِيَّة ". ثمَّ قَالَ: ويروى مَوْقُوفا على عبد الله، وَالْمَوْقُوف أصح. لم يزدْ على هَذَا، وَهُوَ كَمَا نقُوله عَنهُ دائبين أَنه لَا يذكر من التَّعْلِيل إِلَّا مَا يجد لغيره، كَيفَ مَا كَانَ، وَرُبمَا تغير فِي نَقله. وَبَيَان أَمر هَذَا الحَدِيث، هُوَ أَنه يرويهِ مَيْمُون، أَبُو حَمْزَة القصاب، عَن إِبْرَاهِيم، عَن عَلْقَمَة، عَن عبد الله، ثمَّ اخْتلف الروَاة عَنهُ: فَمنهمْ من يَقُول: عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: هَكَذَا يَقُول عَنْبَسَة بن سعيد بن الضريس، أَبُو بكر الْأَسدي قَاضِي الرّيّ - وَهُوَ أحد الثِّقَات - عَن مَيْمُون أبي حَمْزَة. وَمِنْهُم من يقفه على ابْن مَسْعُود، وَلَا يذكر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. هَكَذَا يَقُول سُفْيَان الثَّوْريّ عَن مَيْمُون الْمَذْكُور، فَذكر أَبُو عِيسَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَقَالَ فِي رِوَايَة الثَّوْريّ: إِنَّهَا أصح، على مَذْهَب لَهُ مَعْرُوف، فِي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 406 حَدِيث يرْوى تَارَة مَرْفُوعا / وَتارَة مَوْقُوفا، أَو تَارَة مُسْندًا، وَتارَة مُرْسلا. ثمَّ أتبعه أَبُو عِيسَى أَن قَالَ: وَأَبُو حَمْزَة، هُوَ مَيْمُون الْأَعْوَر، وَلَيْسَ بِالْقَوِيّ عِنْد أهل الحَدِيث. وَقد تقدم لأبي مُحَمَّد تَضْعِيفه فِي حَدِيث: (1155) " يَا أَفْلح، ترب وَجهك ". فَكَانَ هَذَا من التِّرْمِذِيّ بَيَان ضعف هَذَا الحَدِيث مَرْفُوعا أَو مَوْقُوفا. " فَمَعْنَى قَوْله إِذن فِي الْمَوْقُوف: " إِنَّه أصح "، لَيْسَ أَنه صَحِيح وصحيح، وَأَحَدهمَا أرجح، بل مَعْنَاهُ كَمَا يُقَال: {أَصْحَاب الْجنَّة يَوْمئِذٍ خير مُسْتَقرًّا} و " الْعَسَل أحلى من الْخلّ ". فَترك أَبُو مُحَمَّد التَّنْبِيه على كَونه من رِوَايَة أبي حَمْزَة، فتسرد من قَوْله: " الْمَوْقُوف أصح " أَنَّهُمَا جَمِيعًا بِإِسْنَاد صَحِيح، وَلَكِن أَحدهمَا أرجح. وَترك أَيْضا مِنْهُ أمرا آخر، وَهُوَ أَن يذكر الْإِسْنَاد الصَّحِيح لهَذَا الْخَبَر عِنْد التِّرْمِذِيّ نَفسه من رِوَايَة حُذَيْفَة. وسنذكره (إِن شَاءَ الله تَعَالَى) فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا صَحِيحَة، وَهِي ضَعِيفَة، وَلها طرق صَحِيحَة. (1156) وَذكر من طَرِيق مُسلم حَدِيث " الْمحرم الَّذِي وقصته رَاحِلَته ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 407 ثمَّ قَالَ: وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي هَذَا الحَدِيث: " خمروهم وَلَا تشبهوا باليهود ". رَوَاهُ من حَدِيث عَليّ بن عَاصِم، عَن ابْن جريج، عَن عَطاء، عَن ابْن عَبَّاس، وَالصَّحِيح مَا تقدم. انْتهى مَا أورد. وَقد أبرز مَوضِع علته، وَهُوَ عَليّ بن عَاصِم، وَلكنه لم يبين ضعفه لمن لَا يُعلمهُ، وَهُوَ عِنْدهم ضَعِيف، كَانَ يكثر غلطه، وَكَانَ فِي لجاج، وَلم يكن مُتَّهمًا، قَالَه ابْن حَنْبَل. وَقَالَ ابْن معِين: " لَيْسَ بِثِقَة ". قَالَ ابْن أبي خَيْثَمَة: قيل ليحيى بن معِين: إِن أَحْمد بن حَنْبَل، يَقُول فِيهِ: ثِقَة، قَالَ: لَا، وَالله مَا كَانَ عِنْده قطّ ثِقَة، وَلَا حدث عَنهُ بِحرف قطّ، فَكيف صَار عِنْده الْيَوْم ثِقَة. قَالَ ابْن أبي خَيْثَمَة: [قَالَ أبي] : مَا عتبت عَلَيْهِ إِلَّا أَنه كَانَ يغلط، فيلج، ويستصغر أَصْحَابه. قَالَ: وَلم يحدث عَنهُ أبي بِشَيْء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 408 (1157) وَلما ذكر التِّرْمِذِيّ حَدِيث: " من عزى مصابا فَلهُ مثل / أجره ". قَالَ: يُقَال أَكثر مَا ابْتُلِيَ بِهِ عَليّ بن عَاصِم هَذَا الحَدِيث، نقموا عَلَيْهِ. وَقَالَ يزِيد / بن زُرَيْع: أفادني عَليّ بن عَاصِم، عَن خَالِد الْحذاء، وَعَن هِشَام بن حسان أَحَادِيث، فأنكراها ومعا عرفاها. وَقَالَ أَبُو زرْعَة: " إِنَّه تكلم بِكَلَام سوء "، وَلم يفسره، وَذكر ذَلِك عَنهُ أَبُو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم فِي بَاب مُحَمَّد بن مُصعب. واعترى أَبَا مُحَمَّد فِي هَذَا الحَدِيث - مَعَ مَا ذَكرْنَاهُ من إِجْمَال علته - أَنه أوهم بإيراده إِيَّاه - إِثْر حَدِيث " الَّذِي وقصته رَاحِلَته " - أَنه فِيهِ. وَلَيْسَ كَذَلِك، تِلْكَ قصَّة مَخْصُوصَة، وَهَذَا عَام فِي الْمحرم يَمُوت. (1158) قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا أَبُو بكر النَّيْسَابُورِي، حَدثنَا مُحَمَّد بن عَليّ السَّرخسِيّ، حَدثنَا عَليّ بن عَاصِم، عَن ابْن جريج، عَن عَطاء، عَن ابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْمحرم يَمُوت فَقَالَ: " خمروهم وَلَا تشبهوا باليهود ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 409 وَقد جَاءَ هَذَا الحَدِيث بأعم من هَذَا اللَّفْظ، وَأَصَح من هَذَا الطَّرِيق. وَهُوَ مَا ذكر الدَّارَقُطْنِيّ، قَالَ: حَدثنَا أَبُو الْقَاسِم بن منيع حَدثنَا عبد الرَّحْمَن ابْن صَالح الْأَزْدِيّ، حَدثنَا حَفْص بن غياث، عَن ابْن جريج، عَن عَطاء، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " خمروا وُجُوه مَوْتَاكُم، وَلَا تشبهوا باليهود ". عبد الرَّحْمَن بن صَالح الْأَزْدِيّ، الْبَغْدَادِيّ - جَار عَليّ بن الْجَعْد - صَدُوق، قَالَه أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ وَسَائِر الْإِسْنَاد لَا يسْأَل عَنهُ. (1159) وَذكر حَدِيث طَلْحَة بن الْبَراء: " لَا يَنْبَغِي لجيفة مُسلم أَن تقيم بَين ظهراني أَهله ". وَقَالَ: لَيْسَ إِسْنَاده بِقَوي. وَقد بَينا أمره فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا مُتَّصِلَة، وَهِي مُنْقَطِعَة. (1160) وَذكر أَيْضا من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن ابْن عَبَّاس: " أَمر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بقتلى أحد، أَن ينْزع عَنْهُم الْحَدِيد والجلود ". ثمَّ قَالَ: رَوَاهُ عَليّ بن عَاصِم، عَن عَطاء بن السَّائِب، عَن ابْن جُبَير، عَن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 410 ابْن عَبَّاس، فَذكره. وَلم يزدْ على هَذَا اعْتِمَادًا على ضعف عَليّ عِنْد أهل الْعلم بِهِ. (1161) وَذكر حَدِيث مُسلم عَن جَابر: " فِي الرجل الَّذِي قبر لَيْلًا "، وَقَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا كفن أحدهم أَخَاهُ فليحسن كَفنه ". ثمَّ أتبعه من عِنْد أبي دَاوُد حَدِيث / جَابر. (1162) " إِذا توفّي أحدكُم فَوجدَ شَيْئا، فليكفن فِي ثوب حبرَة ". ثمَّ قَالَ: إِسْنَاد مُسلم أصح من هَذَا. وَكَذَلِكَ هُوَ أَيْضا أصح من حَدِيث أبي دَاوُد، عَن عبَادَة بن الصَّامِت، وَحَدِيث التِّرْمِذِيّ عَن أبي أُمَامَة، كِلَاهُمَا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: (1163) " خير الْكَفَن الْحلَّة، وَخير الضحية الْكَبْش الأقرن ". لِأَن فِي إِسْنَاد حَدِيث أبي دَاوُد، هِشَام بن سعد وَغَيره. وَفِي إِسْنَاده حَدِيث التِّرْمِذِيّ، عفير بن معدان، وهم ضعفاء، انْتهى كَلَامه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 411 وَالْمَقْصُود بَيَانه، هُوَ مُجمل قَوْله: " حَدِيث مُسلم أصح "، وَذَلِكَ يحْتَمل أَن يَكُونَا صَحِيحَيْنِ، وَأَحَدهمَا أرجح، وَأَن يكون أَحدهمَا صَحِيحا وَالْآخر ضَعِيفا. ونبين أَيْضا مَا أجمل فِي قَوْله: فِيهِ هِشَام بن سعد وَغَيره، وعفير بن معدان، وهم ضعفاء، فَإِنَّهُ ذكر اثْنَيْنِ، وَأبْهم ثَالِثا، أَو أَكثر من وَاحِد. فَأَقُول: أما حَدِيث أبي دَاوُد فإسناده هُوَ هَذَا: حَدثنَا الْحسن بن الصَّباح الْبَزَّاز، قَالَ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن عبد الْكَرِيم، قَالَ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم - يَعْنِي ابْن عقيل - عَن أَبِيه، عَن وهب - يَعْنِي ابْن مُنَبّه - عَن جَابر بن عبد الله، قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِذا توفّي أحدكُم فَوجدَ شَيْئا، فليكفن فِي ثوب حبرَة ". إِبْرَاهِيم بن عقيل بن معقل بن مُنَبّه لَا بَأْس بِهِ، وَأَبوهُ عقيل بن معقل ثِقَة، وَأَبوهُ معقل بن مُنَبّه، هُوَ أَخُو وهب بن مُنَبّه، وَهَمَّام بن مُنَبّه، وَلَا مدْخل لَهُ فِي الْإِسْنَاد. فَأَما إِسْمَاعِيل بن عبد الْكَرِيم، رَاوِيه عَن إِبْرَاهِيم / بن عقيل، فَإِنَّهُ لَا يعرف وَلم يذكرهُ ابْن أبي حَاتِم ذكرا يَخُصُّهُ فِي بَاب إِسْمَاعِيل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 412 لكنه جرى ذكره فِي بَاب إِبْرَاهِيم بن عقيل، فَقَالَ، روى عَنهُ إِسْمَاعِيل بن عبد الْكَرِيم الصَّنْعَانِيّ. وَذكره مسلمة بن قَاسم فَقَالَ: إِسْمَاعِيل بن عبد الْكَرِيم بن معقل بن مُنَبّه صنعاني، جَائِز الحَدِيث. فعلى هَذَا الَّذِي ذكر، يكون ابْن عَم إِبْرَاهِيم بن عقيل الْمَذْكُور، وَلم تثبت عَدَالَته. وَقد زعم ابْن معِين لما ذكر إِبْرَاهِيم بن عقيل وَأَنه لَا بَأْس بِهِ، أَن حَدِيثهمْ يَنْبَغِي أَن يكون صحيفَة وَقعت إِلَيْهِم، فَالْحَدِيث لَا يَصح / من أجل إِسْمَاعِيل الْمَذْكُور. فَأَما حَدِيث مُسلم الْمفضل عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ من رِوَايَة ابْن جريج، عَن أبي الزبير، قَالَ: سَمِعت جَابِرا، فَذكره. وَأما حَدِيث عبَادَة بن الصَّامِت الَّذِي قَالَ [إِن] فِيهِ هِشَام بن سعد وَغَيره فَهُوَ من رِوَايَة ابْن وهب، قَالَ: حَدثنَا هِشَام بن سعد، عَن حَاتِم بن أبي نصر، عَن عبَادَة بن نسي، عَن أَبِيه، عَن عبَادَة. فنسي، وَالِد عبَادَة بن نسي لَا تعرف حَاله، وحاتم بن أبي النَّصْر القنسريني لَا يعرف روى عَنهُ غير هِشَام بن سعد، وَلَا تعرف أَيْضا حَاله، فَاعْلَم ذَلِك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 413 (1164) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن أُسَامَة بن زيد، عَن الزُّهْرِيّ عَن أنس، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مر بِحَمْزَة وَقد مثل بِهِ " الحَدِيث، وَفِيه: " لم يصل على أحد من الشُّهَدَاء غَيره ". (1165) ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: الصَّحِيح مَا تقدم فِي حَدِيث البُخَارِيّ: " أَنه لم يصل على الشُّهَدَاء، وَلم يغسلوا ". وَلم يبين علته، وَهِي ضعف أُسَامَة بن زيد اللَّيْثِيّ. وَقد أتبعه فِي كِتَابه الْكَبِير، القَوْل فِي أُسَامَة بن زيد، وَذكر أَقْوَالهم فِيهِ، وَاخْتِلَاف أَصْحَاب الزُّهْرِيّ. فَقَالَ أُسَامَة بن زيد، وَثَّقَهُ ابْن معِين، وَضَعفه يحيى بن سعيد، وَتكلم أَحْمد فِي رِوَايَته عَن نَافِع، وَقد روى عَنهُ الثَّوْريّ، وَابْن الْمُبَارك، وَغَيرهمَا. قَالَ التِّرْمِذِيّ - وَذكر حَدِيثه هَذَا -: خُولِفَ فِي هَذَا الحَدِيث، فروى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 414 اللَّيْث بن سعد: عَن ابْن شهَاب، عَن عبد الرَّحْمَن بن كَعْب بن مَالك، عَن جَابر. وروى معمر: عَنهُ، عَن عبد الله بن ثَعْلَبَة، عَن جَابر، وَلَا نعلم أحدا ذكره عَن الزُّهْرِيّ، عَن أنس، إِلَّا أُسَامَة بن زيد، وَسَأَلت مُحَمَّدًا عَنهُ فَقَالَ: حَدِيث اللَّيْث أصح. انْتهى مَا أورد. وَهُوَ خلاف قَوْله هُوَ، وَذَلِكَ أَن البُخَارِيّ لم يقل: الصَّحِيح حَدِيث جَابر كَمَا قَالَ، وَإِنَّمَا قَالَ: " حَدِيث جَابر أصح ". فَحَدِيث أنس أَيْضا لَعَلَّه صَحِيح، دونه فِي الصِّحَّة، وَأَيْضًا فَإِن البُخَارِيّ إِنَّمَا عَنى بِحَدِيث جَابر مَا تقدم لَهُ هُوَ من عِنْد البُخَارِيّ، وَهُوَ قَوْله فِي الشُّهَدَاء: " لم يغسلهم وَلم يصل عَلَيْهِم ". فَإِذا / روى أُسَامَة بن زيد، عَن ابْن شهَاب، عَن أنس: " صلى على حَمْزَة وَحده " من أَيْن يجب أَن يَجْعَل هَذَا اخْتِلَافا على الزُّهْرِيّ؟ وَلَا تعَارض بَين مَا وري من ذَلِك عَن ابْن شهَاب، وَمَا روى النَّاس عَنهُ، فَخرج من هَذَا أَنه نقض أَصله فِي تَصْحِيحه أَحَادِيث أُسَامَة بن زيد، بتضعيفه هَذَا هُوَ، وَلم يُخَالِفهُ من روى عَن ابْن شهَاب: " لم يصل على الشُّهَدَاء ". وَمن الْأَحَادِيث الَّتِي صححها، وَهِي من رِوَايَة أُسَامَة بن زيد، حَدِيث: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 415 (1166) " يَأْخُذ من طول لحيته وعرضها ". (1167) وَحَدِيث أبي مَسْعُود فِي الْأَوْقَات. (1168) وَحَدِيث: " كَانَ كَلَامه فصلا ". (1169) وَحَدِيث: " إِن الله وَمَلَائِكَته يصلونَ على ميامن الصُّفُوف ". وَأَحَادِيث سواهَا سنستوعب ذكرهَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى. (1170) وَذكر فِي الْجَنَائِز من طَرِيق الْبَزَّار، عَن أبي سُفْيَان، عَن جَابر / قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أميران وليسا بأميرين " الحَدِيث. ثمَّ رده بِأَن قَالَ: أَبُو سُفْيَان لَا يحْتَج بِهِ عِنْدهم، وَقَبله فِي الْإِسْنَاد من هُوَ أَضْعَف مِنْهُ. وَقد رَوَاهُ عَمْرو بن عبد الْجَبَّار من حَدِيث أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَلم يُتَابع عَلَيْهِ، خرجه الْعقيلِيّ، انْتهى مَا ذكر. وَقد نبهت على أَحَادِيث سكت عَنْهَا وَلم يعرض لَهَا وَهِي من رِوَايَة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 416 أبي سُفْيَان، عَن جَابر - إِذا كَانَت من عِنْد مُسلم أَو غَيره مِمَّن صحّح رِوَايَته، وَهَا هُوَ ذَا يَقُول: لَا يحْتَج بِهِ عِنْدهم. وَالْمَقْصُود بَيَانه الْآن، هُوَ قَوْله: " وَقَبله فِي الْإِسْنَاد من هُوَ أَضْعَف مِنْهُ "، وَذَلِكَ أَن فِي الْإِسْنَاد قبله، عَمْرو بن عبد الْغفار [الْفُقيْمِي. قَالَ الْبَزَّار: حَدثنَا أَحْمد بن يزْدَاد الْكُوفِي، حَدثنَا عَمْرو بن عبد الْغفار] حَدثنَا الْأَعْمَش، عَن أبي سُفْيَان، عَن جَابر، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أميران وليسا بأميرين: الْمَرْأَة تحج مَعَ الْقَوْم فتحيض قبل أَن تَطوف بِالْبَيْتِ طواف الزِّيَارَة، فَلَيْسَ لأصحابها أَن ينفروا حَتَّى يستأمروها، وَالرجل يتبع الْجِنَازَة فَيصَلي عَلَيْهَا، لَيْسَ لَهُ أَن يرجع حَتَّى يستأمر أهل الْجِنَازَة ". قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى / بِهَذَا اللَّفْظ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من وَجه أحسن من هَذَا الْوَجْه، على أَن الْأَعْمَش لم يسمع من أبي سُفْيَان، وَقد روى عَنهُ نَحْو مائَة حَدِيث، وَإِنَّمَا يكْتب من حَدِيثه مَا لَا نَحْفَظهُ عَن غَيره لهَذِهِ الْعلَّة، فَأَما أَن يكون فِي نَفسه ثِقَة، فَهُوَ فِي نَفسه ثِقَة، وَلَا نعلم روى هَذَا الحَدِيث عَن الْأَعْمَش، إِلَّا عَمْرو بن عبد الْغفار. وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: يُقَال: إِن الْأَعْمَش لم يسمع من أبي سُفْيَان، إِنَّمَا هِيَ صحيفَة عرضت، انْتهى كَلَام الْبَزَّار. وَعَمْرو بن عبد الْغفار لَيْسَ بِشَيْء، وَقد اتهمه النَّاس بِوَضْع الحَدِيث، قَالَ أَبُو أَحْمد: كَانَ السّلف يَتَّهِمُونَهُ بِأَنَّهُ يضع فِي فَضَائِل أهل الْبَيْت، وَفِي مثالب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 417 غَيرهم. وَقَالَ فِيهِ الْعقيلِيّ: مُنكر الحَدِيث. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: مَتْرُوك الحَدِيث. وَقَالَ ابْن الْمَدِينِيّ: رَافِضِي، تركته لأجل الرَّفْض. فَمَا مثل هَذَا طوي ذكره. وَأما الحَدِيث الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ من رِوَايَة أبي هُرَيْرَة، من طَرِيق عَمْرو بن عبد الْجَبَّار، فَذكره الْعقيلِيّ هَكَذَا: حَدثنَا دَاوُد بن إِبْرَاهِيم أَبُو شيبَة، قَالَ: حَدثنَا عبيد بن صَدَقَة التغلبي، قَالَ: حَدثنَا عَمْرو بن عبد الْجَبَّار الْعَنْبَري ابْن أخي عُبَيْدَة بن حسان، عَن ابْن شهَاب، عَن يحيى بن سعيد، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أميران وليسا بأميرين: الرجل يتبع الْجِنَازَة، فَلَا ينْصَرف حَتَّى يسْتَأْذن، وَالْمَرْأَة تكون مَعَ الْقَوْم فتحيض، فَلَا ينفروا حَتَّى تطهر ". قَالَ الْعقيلِيّ: وَقد يرْوى مُرْسلا، وَقَالَ: عَمْرو بن عبد الْجَبَّار السنجاري، عَن ابْن شهَاب: حَدِيثه غير مَحْفُوظ، وَلَا يُتَابع عَلَيْهِ. انْتهى كَلَامه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 418 عبيد بن صَدَقَة وَدَاوُد، لَا أعلم أحوالهما، وَقد كرر أَبُو مُحَمَّد فِي الْحَج ذكر هذَيْن الْحَدِيثين، وَأورد كَلَام الْبَزَّار فِي الْأَعْمَش، عَن أبي سُفْيَان، عَن جَابر بِنَحْوِ مَا أوردناه. وَذكر الدَّارَقُطْنِيّ حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَالْخلاف فِيهِ فِي كتاب الْعِلَل، فَقَالَ مَا هَذَا نَصه: / وَسُئِلَ عَن حَدِيث أبي حَازِم، عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أميران وليسا بأميرين " الحَدِيث بنصه. فَقَالَ: يرويهِ طَلْحَة بن مصرف، وَالْحكم بن عتيبة، وَاخْتلف عَنْهُمَا. فَرَوَاهُ عَن طَلْحَة / لَيْث بن أبي سليم عَن أبي حَازِم، عَن أبي هُرَيْرَة مَوْقُوفا. " وَخَالفهُ أَبُو خَالِد الدالاني؛ فَرَوَاهُ عَن طَلْحَة، عَن عبد الله بن مَسْعُود مُرْسلا. وَرَوَاهُ أَبُو جناب الْكَلْبِيّ، عَن طَلْحَة قَوْله، لم يتجاوزه بِهِ. وَأما الحكم فَرَوَاهُ الْحسن بن عمَارَة عَنهُ، أَو عَن عدي بن ثَابت، عَن أبي حَازِم، عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا. وَخَالفهُ مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر؛ فَرَوَاهُ عَن الحكم، عَمَّن حَدثهُ عَن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 419 أبي هُرَيْرَة مَوْقُوفا. وَقَالَ شُعْبَة: عَن الحكم، عَن هِلَال بن يسَاف، أَو بعض أَصْحَابه، عَن أبي هُرَيْرَة مَوْقُوفا، وَلَا يثبت مَرْفُوعا فِي جَمِيعهَا. انْتهى كَلَامه. وَقد حصل الْمَقْصُود، وَهُوَ بَيَان مَا أجمل من عِلّة الحَدِيث الْمَذْكُور، فَاعْلَم ذَلِك. (1171) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ حَدِيث أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " كبر على الْجِنَازَة فَرفع يَدَيْهِ فِي أول تَكْبِيرَة مرّة، وَوضع الْيُمْنَى على الْيُسْرَى ". ثمَّ قَالَ: حَدِيث غَرِيب. لم يزدْ على هَذَا فقد يَنْبَغِي أَن نذْكر لم لَا يَصح، فَنَقُول: قَالَ التِّرْمِذِيّ: [حَدثنَا الْقَاسِم بن دِينَار الْكُوفِي] حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن أبان الْوراق، عَن يحيى بن يعلى، عَن أبي فَرْوَة: يزِيد بن سِنَان، عَن زيد بن أبي أنيسَة عَن الزُّهْرِيّ، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَذكره. قَالَ: وَهُوَ غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه. فقنع أَبُو مُحَمَّد بِكَلَام التِّرْمِذِيّ، وَهُوَ حَدِيث لَا يَصح، لضعف أبي فَرْوَة الرهاوي: يزِيد بن سِنَان. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 420 قَالَ ابْن معِين: " لَيْسَ بِشَيْء ". وَقَالَ الْعقيلِيّ: " لَا يُتَابع على حَدِيثه ". وَضَعفه ابْن حَنْبَل. وَقَالَ فِيهِ النَّسَائِيّ: مَتْرُوك الحَدِيث. فَأَما يحيى بن يعلى هَذَا، الرَّاوِي عَنهُ، فَإِنَّهُ يحْتَمل بِأول نظر أَن يكون يحيى بن يعلى الْأَسْلَمِيّ، أَبَا زَكَرِيَّاء الْقَطوَانِي، وَأَن يكون يحيى بن يعلى ابْن حَرْمَلَة / أَبَا المحياه، وَكِلَاهُمَا كُوفِي، فِي طبقَة وَاحِدَة، وَقد اشْترك قوم فِي الرِّوَايَة عَنْهُمَا: مِنْهُم أَبُو بكر بن أبي شيبَة، فَإِنَّهُ يروي عَنْهُمَا جَمِيعًا، وَلَكِن تبين عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ فِي إِسْنَاد الحَدِيث نَفسه، أَنه الْأَسْلَمِيّ الْقَطوَانِي، من رِوَايَة الْحسن بن حَمَّاد سجادة عَنهُ، فَإذْ ذَلِك كَذَلِك، فَهُوَ أَيْضا عِلّة أُخْرَى للْخَبَر، فَإِنَّهُ ضَعِيف، فَأَما أَبُو المحياه فَثِقَة، وَلكنه لَيْسَ بِهِ، فَاعْلَم ذَلِك. (1172) وَذكر حَدِيث مَكْحُول، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الصَّلَاة وَاجِبَة عَلَيْكُم مَعَ كل مُسلم، برا كَانَ أَو فَاجِرًا " الحَدِيث. ثمَّ رده بِأَن قَالَ: مَكْحُول لم يسمع من أبي هُرَيْرَة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 421 وَلَيْسَت هَذِه فِي الْحَقِيقَة علته، بل علته مَعَ الِانْقِطَاع، ضعف إِسْنَاده. وَقد ذَكرْنَاهُ فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي لم يعبها بِغَيْر الْإِرْسَال. وَأَشَارَ بعده إِلَى جمَاعَة من الصَّحَابَة سماهم، ذكره الدَّارَقُطْنِيّ عَنْهُم، ثمَّ قَالَ: لَا يثبت مِنْهَا شَيْء. وَهُوَ تَعْلِيل مُجمل، وَلم نعرض لشرحه؛ لِأَنَّهُ لما لم يذكر ألفاظها، كَانَ كمن لم يُخرجهَا، فتركتها كَسَائِر مَا لم يخرج من الْأَحَادِيث. وَكَذَلِكَ أَشَارَ فِي زَكَاة الذَّهَب إِلَى جمَاعَة من الصَّحَابَة سماهم، ذكر أَحَادِيثهم فِي ذَلِك الدَّارَقُطْنِيّ أَيْضا، وَعلل جَمِيعهَا عِنْده، وَلم أتعرض لَهَا أَيْضا كَذَلِك. (1173) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن ابْن عَبَّاس، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " دخل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 422 قبرا لَيْلًا فأسرج لَهُ سراج " الحَدِيث. قَالَ فِيهِ: حسن. وَلم يبين الْمَانِع من تَصْحِيحه، وَهُوَ حَدِيث فِي إِسْنَاده ثَلَاثَة، كل وَاحِد مِنْهُم مُخْتَلف فِيهِ، بِحَيْثُ يُقَال على الِاصْطِلَاح: الحَدِيث / من رِوَايَته حسن، أَي لَهُ حَال بَين حَالي الصَّحِيح والسقيم، بل أحدهم رُبمَا تنزلت رِوَايَته عَن هَذِه الدرجَة إِلَى دَرَجَة الضعْف، وَهُوَ حجاج بن أَرْطَاة، لَا سِيمَا وَهُوَ لم يذكر سَمَاعا. قَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو كريب وَمُحَمّد بن عَمْرو السواق، قَالَا: حَدثنَا يحيى بن الْيَمَان، عَن الْمنْهَال / بن خَليفَة، عَن الْحجَّاج بن أَرْطَاة، عَن عَطاء، عَن ابْن عَبَّاس، فَذكره. حجاج ضَعِيف مُدَلّس. وَإِن كَانَ من النَّاس من يوثقه فَهُوَ إِلَى الضعْف أقرب، وَكَذَلِكَ هُوَ عِنْد أبي مُحَمَّد. ومنهال بن خَليفَة ضعفه ابْن معِين. وَقَالَ البُخَارِيّ: فِيهِ نظر. وَيحيى بن يمَان مُضْطَرب الحَدِيث، وَابْن معِين يوثقه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 423 (1174) وَذكر فِي الْجَنَائِز مَا هَذَا نَصه: وَذكر أَبُو سعيد الْمَالِينِي فِي كِتَابه المؤتلف والمختلف، من حَدِيث الْمِقْدَام بن دَاوُد، عَن عبد الله بن مُحَمَّد ابْن الْمُغيرَة، عَن سُفْيَان، عَن ابْن عقيل، عَن ابْن الْحَنَفِيَّة، عَن عَليّ قَالَ: " أمرنَا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن ندفن مَوتَانا وسط قوم صالحين " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: هَذَا الحَدِيث لم أره فِي كتاب أبي سعيد وَلَا رَأَيْت الْكتاب، وَلَكِن حَدثنِي بِالْحَدِيثِ وَبِأَنَّهُ فِي الْكتاب، الْفَقِيه أَبُو حميد السماني بِإِسْنَادِهِ، وَالْكتاب مَعْرُوف، انْتهى كَلَامه. وَقد بَينا فِي بَاب الْأَسْمَاء الَّتِي تَغَيَّرت فِي نَقله، مَا فِي قَوْله " أَبُو سعيد الْمَالِينِي " من التَّغَيُّر. ونبين الْآن - إِن شَاءَ الله - من شَأْن هَذَا الحَدِيث ضعفه، إِذْ قد تَبرأ هُوَ من عهدته بِذكر قِطْعَة من إِسْنَاده، جعلهَا محلا للنَّظَر. وَذَلِكَ أَن عبد الله بن مُحَمَّد بن الْمُغيرَة، هُوَ فِي الأَصْل كُوفِي، إِلَّا أَنه سكن مصر. قَالَ أَبُو أَحْمد: سَائِر أَحَادِيثه، عامتها لَا يُتَابع عَلَيْهِ، وَهُوَ مَعَ ضعفه يكْتب حَدِيثه، وكنيته أَبُو الْحسن. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 424 وَقَالَ أَبُو حَاتِم: لَيْسَ بِقَوي. وَعبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل مُخْتَلف فِيهِ. ومقدام بن دَاوُد كَذَلِك. قَالَ فِيهِ الدَّارَقُطْنِيّ: ضَعِيف. وَسمع مِنْهُ ابْن أبي حَاتِم بِمصْر، وَقَالَ: إِنَّهُم تكلمُوا فِيهِ. وَإِلَى هَذَا فَإِن الحَدِيث لَا أَدْرِي مِنْهُ من دون مِقْدَام بن دَاوُد إِلَى أبي سعيد مخرجه. وَلَيْسَ الْأَمر فِيهِ كَسَائِر الْأَحَادِيث الَّتِي يُخرجهَا أَبُو مُحَمَّد مقتطعة الْأَسَانِيد، فَإنَّا نحمل الْأَمر فِيمَا ترك من أسانيدها على أَنه قد عرفه، وَقد تصحفنا جَمِيعه أَو أَكْثَره، وَنَبَّهنَا على مَا وجدنَا فِيهِ شَيْئا فِي الْبَاب / الْمَعْقُود لذَلِك، الْمُتَقَدّم ذكره، وَهُوَ الْبَاب الَّذِي يعرض من إِسْنَاد الحَدِيث لرجل وَيتْرك دونه أَو فَوْقه من هُوَ أولى أَن يُعلل بِهِ الحَدِيث، أَو مثل من ذكر. فَأَما هَذَا الحَدِيث فَلَيْسَ الْأَمر فِيهِ كَذَلِك، فَإِنَّهُ قد قَالَ: إِنَّه لم يره فِي الْكتاب الْمَذْكُور. فَإِذن الَّذِي بَقِي من إِسْنَاده يحْتَاج إِلَى نظره، فَلَعَلَّ فِيهِ عِلّة مَانِعَة من التعريج عَلَيْهِ. وَلَعَلَّ من لَا خبْرَة لَهُ بِالرِّجَالِ، يتَوَهَّم أَن مَا ذكر مِنْهُ هُوَ جَمِيع إِسْنَاده، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 425 وَأَن أَبَا سعد الْمَالِينِي، هُوَ يرويهِ عَن مِقْدَام بن دَاوُد، فَهَذَا مِمَّن يتوهمه خطأ بَين، وَذَلِكَ أَن أَبَا سعد الْمَالِينِي توفّي سنة ثِنْتَيْ عشرَة وَأَرْبع مائَة، ومقدام بن دَاوُد توفّي سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ، فَبين وفاتيهما نَحْو مائَة عَام وَتِسْعَة وَعشْرين عَاما. هَذَا على أَن يكون أَبُو سعد الْمَالِينِي ولد فِي الشَّهْر الَّذِي مَاتَ فِيهِ مِقْدَام، فَإِذا زِدْنَا على ذَلِك سنّ من يَصح تحمله فَهُوَ أَكثر من ذَلِك. والماليني لم يبلغ هَذِه السن، وَلَا مِقْدَام لَهُ شيخ، وَالْأَمر فِيهِ عِنْد الْمُحدثين بَين. وَسَنذكر أَبَا سعد فِي الْبَاب الَّذِي نعقده لذكر الرِّجَال الَّذين أخرج عَنْهُم أَبُو مُحَمَّد علم كِتَابه من حَدِيث، أَو تَعْلِيل، أَو تجريح، أَو تَعْدِيل. (1175) وَذكر فِي الزَّكَاة من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، عَن عَليّ، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / قَالَ: " لَيْسَ فِي العوامل صَدَقَة، وَلَا فِي الْخَيل صَدَقَة ". ثمَّ قَالَ: وَلَا يَصح من قبل إِسْنَاده، فِيهِ الصَّقْر بن حبيب. كَذَا قَالَ من غير مزِيد، وَهُوَ إِجْمَال لموْضِع الْعلَّة، فَإِن الصَّقْر بن حبيب، لم يتَقَدَّم لَهُ فِيهِ ذكر وَلَا تَعْرِيف بِشَيْء من حَاله، وَلَا هُوَ أَيْضا من مشاهير الضُّعَفَاء، حَتَّى يكون قَوْله هَذَا بِمَنْزِلَة مَا لَو قَالَ: فِي إِسْنَاده ابْن لَهِيعَة، أَو الْوَاقِدِيّ، أَو مُحَمَّد بن سعيد المصلوب، فَلذَلِك اعتمدنا بَيَان أَمر هَذَا الحَدِيث هَاهُنَا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 426 فَاعْلَم أَن الصَّقْر هَذَا جد مَجْهُول، وَلَا وجدت لَهُ ذكرا فِي شَيْء من مظان ذكره وَذكر أَمْثَاله وَلَا أعرفهُ إِلَّا / فِي هَذَا الْإِسْنَاد. وَإِلَى ذَلِك، فَإِنَّهُ يرويهِ عَنهُ أَحْمد بن الْحَارِث الْبَصْرِيّ، وَهُوَ أَيْضا كَذَلِك، وَقد ظننته مصريا - بِالْمِيم - وَأمكن على ذَلِك كَونه أحد رجلَيْنِ مصريين، يتسميان بِهَذَا الِاسْم، وهما: أَحْمد بن الْحَارِث بن قَتَادَة، ذكره ابْن يُونُس فِي تَارِيخ المصريين، وَالْآخر أَحْمد بن الْحَارِث بن مِسْكين أَبُو بكر الْمصْرِيّ، ذكره مسلمة فِي كتاب الْحُرُوف، حَتَّى تحققته بِالْبَاء مَنْسُوبا إِلَى الْبَصْرَة، من نسخ صَحِيحَة، من كتاب الدَّارَقُطْنِيّ، فَبَقيَ على ذَلِك مَجْهُولا. وَإِلَى هَذَا فَإِن للْحَدِيث إِسْنَادًا أَجود من هَذَا بل هُوَ صَحِيح، إِلَّا أَنه لَيْسَ فِيهِ ذكر " الْجَبْهَة " سَنذكرُهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا ضَعِيفَة، وَلها طَرِيق أحسن مِنْهَا أَو صَحِيحَة. (1176) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن الزمعِي، عَن قريبَة بنت عبد الله بن وهب، عَن أمهَا كَرِيمَة بنت الْمِقْدَاد، عَن ضباعة بنت الزبير، قَالَت: " ذهب الْمِقْدَاد لِحَاجَتِهِ " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: إِسْنَاده لَا يحْتَج بِهِ. وَصدق فِي ذَلِك، وَلَكِن أبهم على من لَا يعلم مَوضِع الْعلَّة، فَاعْلَم أَن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 427 هَؤُلَاءِ النسْوَة الثَّلَاث اللائي دون ضباعة، لَا تعرف أحوالهن. فَأَما ضباعة بنت الزبير بن عبد الْمطلب بن هَاشم، أم حَكِيم، فصحابية، عادها رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكرت لَهُ أَنَّهَا تُرِيدُ الْحَج فَقَالَ لَهَا: (1177) " حجي، واشترطي أَن محلي حَيْثُ حبستني ". وَهِي زوج الْمِقْدَاد بن الْأسود، ولدت لَهُ عبد الله وكريمة، وَقتل عبد الله يَوْم الْجمل فِي أَصْحَاب عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا. (1178) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن معَاذ: " أَنه كتب إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يسْأَله عَن الخضروات، وَهِي الْبُقُول " الحَدِيث. ثمَّ أتبعه قَول التِّرْمِذِيّ: لَيْسَ يَصح فِي هَذَا الْبَاب شَيْء. كَذَا قَالَ، وَلم يُفَسر علته، وَهَذَا الحَدِيث أوردهُ [التِّرْمِذِيّ] هَكَذَا: حَدثنَا عَليّ بن خشرم، حَدثنَا عِيسَى بن يُونُس، عَن الْحسن بن عمَارَة، عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن / بن عبيد، عَن عِيسَى بن طَلْحَة، عَن معَاذ، أَنه كتب إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَذكره. ثمَّ قَالَ: إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث لَيْسَ بِصَحِيح، وَلَيْسَ يَصح عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي هَذَا الْبَاب شَيْء، وَالْحسن بن عمَارَة ضَعِيف عِنْد أهل الحَدِيث، ضعفه شُعْبَة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 428 وَغَيره، وَتَركه ابْن الْمُبَارك. انْتهى كَلَام التِّرْمِذِيّ. (1179) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، عَن أبي الزبير، عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَيْسَ فِي مَال الْمكَاتب زَكَاة حَتَّى يعْتق ". ثمَّ قَالَ: إِسْنَاده ضَعِيف. هَكَذَا قَالَ من غير مزِيد. وَإِسْنَاده هُوَ هَذَا: حَدثنَا عبد الْبَاقِي بن قَانِع، وَعبد الصَّمد بن عَليّ، قَالَا: حَدثنَا الْفضل بن الْعَبَّاس الصَّواف، قَالَ: حَدثنَا يحيى بن غيلَان، قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن بزيع، عَن ابْن جريج، عَن أبي الزبير، فَذكره. عبد الله بن بزيع الْأنْصَارِيّ، قَاضِي تستر أَحَادِيثه أَو عامتها لَيست بمحفوظة، وَلَيْسَ مِمَّن يحْتَج بِهِ، قَالَه / أَبُو أَحْمد بن عدي. وَأَبُو الزبير مُدَلّس عَن جَابر. وَأما يحيى بن غيلَان، فَهُوَ يحيى بن غيلَان الْبَغْدَادِيّ، التسترِي الأَصْل، ذكره ابْن أبي حَاتِم: يحيى بن عبد الله بن غيلَان، ثمَّ قَالَ: الْمَعْرُوف بِيَحْيَى بن غيلَان، وَهُوَ عِنْده مَجْهُول الْحَال. وَأما يحيى بن غيلَان بن عبد الله بن أَسمَاء بن حَارِثَة، الَّذِي يروي عَن مَالك، فَهُوَ غير هَذَا، وَهُوَ ثِقَة، قَالَه الْخَطِيب فِي تَارِيخه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 429 (1180) وَذكر حَدِيث فَاطِمَة بنت قيس: " إِن فِي المَال حَقًا سوى الزَّكَاة ". من عِنْد التِّرْمِذِيّ ثمَّ قَالَ: رُوِيَ مُرْسلا عَن الشّعبِيّ، قَالَ: وَهُوَ أصح. هَذَا فِيهِ خطأ وإجمال تَعْلِيل: أما خَطؤُهُ فَقَوله: رُوِيَ مُرْسلا عَن الشّعبِيّ. وَلَيْسَ كَذَلِك قَول التِّرْمِذِيّ فِيهِ، وَقد بَينا صَوَابه فِي بَاب الْأَشْيَاء الْمُغيرَة عَمَّا هِيَ عَلَيْهِ. وَالْمَقْصُود الْآن بَيَان مَا أجمل من علته، وَذَلِكَ أَنه عِنْد التِّرْمِذِيّ من رِوَايَة شريك، عَن أبي حَمْزَة، عَن الشّعبِيّ، عَن فَاطِمَة بنت قيس /. وَأَبُو حَمْزَة مَيْمُون الْأَعْوَر، قد تقدم فِي الْكتاب تَضْعِيفه، وَشريك أَيْضا فِيهِ مَا تقدم ذكره. (1181) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا، عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ": إِن الصَّدَقَة لتطفئ غضب الرب، وتدفع عَن ميتَة السوء ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 430 قَالَ: هَذَا الحَدِيث غَرِيب. لم يبين الْمَانِع من صِحَّته، وعلته ضعف رَاوِيه أبي خلف. قَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عقبَة بن مكرم، الْعمي، الْبَصْرِيّ، حَدثنَا عبد الله ابْن عِيسَى أَبُو خلف الخزاز الْبَصْرِيّ، عَن يُونُس بن عبيد، عَن الْحسن، عَن أنس بن مَالك، فَذكره. أَبُو خلف: عبد الله بن عِيسَى الخزاز، مُنكر الحَدِيث عِنْدهم، وَلَا أعلم لَهُ موثقًا، فَهُوَ بِهِ ضَعِيف. وَمن أجل انْفِرَاده بِهِ عَن يُونُس، هُوَ غَرِيب، وَهُوَ يروي عَنهُ جملَة أَحَادِيث تنكر عَلَيْهِ. قَالَ أَبُو زرْعَة - وَسُئِلَ عَن عبد الله بن عِيسَى - فَقَالَ: مُنكر الحَدِيث. وَقَالَ الْعقيلِيّ: لَا يُتَابع على أَكثر حَدِيثه. وَقَالَ السَّاجِي: عِنْده مَنَاكِير. وَقَالَ أَبُو أَحْمد: يروي عَن يُونُس بن عبيد وَدَاوُد بن أبي هِنْد، مَا لَا يُوَافقهُ عَلَيْهِ الثِّقَات، وَلَيْسَ هُوَ مِمَّن يحْتَج بحَديثه. فَالْحَدِيث على هَذَا ضَعِيف لَا حسن، فَاعْلَم ذَلِك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 431 (1182) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن رَافع بن أبي عَمْرو، " كنت أرمي نخل الْأَنْصَار "، الحَدِيث. وَأتبعهُ قَول التِّرْمِذِيّ فِيهِ: حسن غَرِيب. وَلم يبين لم لم يقل: صَحِيح، أَو يسكت عَنهُ، وَذَلِكَ أَنه حَدِيث إِنَّمَا يرويهِ الْفضل بن مُوسَى، عَن صَالح بن أبي جُبَير، عَن أَبِيه، عَن رَافع. فَذكره. وَأَبُو جُبَير مَجْهُول فَأَما ابْنه صَالح، فَذكره ابْن أبي حَاتِم بروايته عَن أَبِيه، وَقَالَ: روى عَنهُ يحيى بن وَاضح، وَالْفضل بن مُوسَى السينَانِي، وَقَالَ: إِنَّه مولى الحكم بن عَمْرو الْغِفَارِيّ، ذكر ذَلِك عَن أَبِيه، وَلم يعرف من حَاله بِشَيْء، فَهُوَ عِنْده مَجْهُول الْحَال. وَلَا يَنْبَغِي أَن يُقَال فِي هَذَا الحَدِيث: حسن، بل هُوَ ضَعِيف، للْجَهْل بِحَال أبي جُبَير وَابْنه، بل أَبُو جُبَير / لَا تعرف عينه. فَالْحَدِيث بِهِ لَيْسَ من أَحَادِيث المساتير الْمُخْتَلف فيهم. وَقَوله: " عَن رَافع بن أبي عَمْرو " قد بيّنت مَا فِيهِ فِي بَاب الْأَسْمَاء الَّتِي تَغَيَّرت فِي نَقله. وَصَوَابه: رَافع بن عَمْرو، وَهُوَ أَخُو الحكم بن عَمْرو الْغِفَارِيّ، بَين ذَلِك الجزء: 3 ¦ الصفحة: 432 ابْن السكن، وَذكر لَهُ حَدِيثا آخر غير هَذَا فاعلمه. (1183) وَذكر حَدِيث الْهلَال: " إِذا غَابَ قبل الشَّفق أَو بعده ". وَلم يبين علته، وَقد بَينا ذَلِك فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا مُتَّصِلَة وَهِي مُنْقَطِعَة. (1184) وَذكر / من طَرِيق النَّسَائِيّ، عَن ابْن عَبَّاس: " صوما يَوْمًا مَكَانَهُ " لعَائِشَة وَحَفْصَة. ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: فِي إِسْنَاده خطاب بن الْقَاسِم، عَن خصيف. وَقَالَ فِيهِ النَّسَائِيّ: حَدِيث مُنكر. هَذَا مَا ذكره بِهِ، وَهُوَ إِجْمَال لتعليله، وإيهام أَن لخطاب فِي ضعفه مدخلًا. وَلَيْسَ كَذَلِك؛ فَإِن خطاب بن الْقَاسِم، أَبَا عَمْرو الْحَرَّانِي، قاضيها، ثِقَة، قَالَه ابْن معِين وَأَبُو زرْعَة، وَلَا أحفظ لغَيْرِهِمَا فِيهِ مَا يُنَاقض ذَلِك، وَإِنَّمَا عِلّة الْخَبَر خصيف فَإِنَّهُ سيئ الْحِفْظ، على أَنه قد وَثَّقَهُ قوم، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 433 مِنْهُم أَبُو زرْعَة، وَقَالَ فِيهِ ابْن معِين: صَالح وَقَالَ أَبُو أَحْمد: إِذا روى عَنهُ ثِقَة فَلَا بَأْس بحَديثه. (1185) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا، عَن حَمَّاد بن سَلمَة، عَن سماك بن حَرْب، عَن هَارُون بن أم هَانِئ، عَن أم هَانِئ، حَدِيث: " وَإِن كَانَ من غير قَضَاء رَمَضَان، فَإِن شِئْت فاقضي وَإِن شِئْت فَلَا تقضي ". ثمَّ قَالَ: هَذَا أحسن أَسَانِيد أم هَانِئ، وَإِن كَانَ لَا يحْتَج بِهِ. كَذَا قَالَ: وَهُوَ كَمَا ذكر، إِلَّا أَن الْعلَّة لم يبينها، وَهِي الْجَهْل بِحَال هَارُون ابْن أم هَانِئ، أَو ابْن ابْنة أم هَانِئ، فَكل ذَلِك قيل فِيهِ، وَهُوَ لَا يعرف أصلا. (1186) وَذكر من طَرِيق مُسلم أَحَادِيث: " الْكَفَّارَة فِي وَطْء الزَّوْجَة فِي رَمَضَان ". (1187) ثمَّ أورد من عِنْد أبي دَاوُد: " صم يَوْمًا واستغفر الله ". ثمَّ قَالَ: طرق مُسلم أصح وَأشهر، وَلَيْسَ فِيهَا: " صم يَوْمًا، وَلَا مكيلة التَّمْر، وَلَا / الاسْتِغْفَار ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 434 وَإِنَّمَا يَصح حَدِيث الْقَضَاء مُرْسلا. كَذَا أجمل تَعْلِيل حَدِيث أبي دَاوُد، وَهُوَ حَدِيث يرويهِ أَبُو دَاوُد هَكَذَا: حَدثنَا جَعْفَر بن مُسَافر التنيسِي قَالَ: حَدثنَا ابْن أبي فديك، قَالَ: حَدثنَا هِشَام ابْن سعد، عَن ابْن شهَاب، عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، أفطر فِي رَمَضَان بِهَذَا الحَدِيث. قَالَ: فَأتي بعرق فِيهِ تمر، قدر خَمْسَة عشر صَاعا، وَقَالَ فِيهِ: " كُله أَنْت وَأهل بَيْتك، وصم يَوْمًا، واستغفر الله ". فعلة هَذَا الحَدِيث ضعف هِشَام بن سعد، وَقد تقدم لَهُ التَّنْبِيه عَلَيْهِ فِي مَوَاضِع. وبحسب ذَلِك كَانَ يجب أَن يُنَبه على أَنه من رِوَايَته، لَا أَن يُكَرر بَيَان أمره. وَسَيَأْتِي من ذكر هِشَام بن سعد - فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي سكت عَنْهَا - مَا هُوَ أوعب مِمَّا تقدم فِيهِ، لِاجْتِمَاع جَمِيع مَا رُوِيَ لَهُ هُنَالك إِن شَاءَ الله تَعَالَى. (1188) وَقَالَ أَيْضا فِي هَذَا الْمَوْضُوع: وَفِي رِوَايَة أُخْرَى: " بعرق فِيهِ عشرُون صَاعا ". وَلم يبين كَذَلِك علته، وَهُوَ حَدِيث ابْن أبي الزِّنَاد، عَن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث، عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن الزبير، عَن عباد بن عبد الله، عَن عَائِشَة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 435 بِهَذِهِ الْقِصَّة قَالَ: " فَأتي بعرق فِيهِ عشرُون صَاعا ". فعلة هَذَا إِذن، ضعف ابْن أبي الزِّنَاد عبد الرَّحْمَن. وَعَلِيهِ فِي هذَيْن الْمَوْضِعَيْنِ دَرك آخر، بَيناهُ فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي يوردها عَن راو، ثمَّ يردفها مَا يُوهم أَنه عَن ذَلِك الرَّاوِي لَيْسَ عَنهُ. (1189) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد حَدِيث حَمْزَة بن عَمْرو الْأَسْلَمِيّ قَالَ: " إِنِّي صَاحب ظهر أعَالجهُ، أسافر عَلَيْهِ وأكريه " الحَدِيث. ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: إِسْنَاد مُسلم أصح وَأجل. كَذَا قَالَ، فَهُوَ إِن كَانَ تضعيفا فقد يَنْبَغِي أَن نبين هَاهُنَا مَا أجمل مِنْهُ، وَإِن كَانَ تَصْحِيحا، فموضعه بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أتبعهَا كلَاما يقْضِي ظَاهره بِصِحَّتِهَا، وَلَيْسَت بصحيحة. فلنفرغ مِنْهُ هَاهُنَا على تَقْدِير عمل / الصَّوَاب مِنْهُ فِي تَضْعِيفه، فَنَقُول: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 436 هُوَ حَدِيث لَا يَصح. قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد النُّفَيْلِي، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الْمجِيد الْمدنِي، قَالَ: سَمِعت حَمْزَة بن مُحَمَّد بن حَمْزَة الْأَسْلَمِيّ، يذكر أَن أَبَاهُ أخبرهُ عَن جده، قلت: يَا رَسُول الله. الحَدِيث. مُحَمَّد بن حَمْزَة بن عَمْرو / قد روى عَنهُ أُسَامَة بن زيد اللَّيْثِيّ، وَكثير بن زيد اللَّيْثِيّ وَلَا يعرف مَعَ ذَلِك لَهُ حَال. (1190) وروى أَبُو الزِّنَاد، عَن ابْن حَمْزَة الْأَسْلَمِيّ، سمع أَبَاهُ، سمع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " لَا يعذب بالنَّار إِلَّا رب النَّار ". ذكره أَيْضا أَبُو دَاوُد، فَيُشبه أَن يكون هُوَ مُحَمَّدًا الْمَذْكُور. وَابْنه حَمْزَة بن مُحَمَّد مَجْهُول الْحَال أَيْضا، وَلم يذكر فِي مظان ذكره وَذكر أَمْثَاله بترجمة تخصه، لم يذكرهُ بذلك لَا البُخَارِيّ، وَلَا ابْن أبي حَاتِم وَلَا غَيرهمَا فِيمَا أعلم. وَإِنَّمَا جرى ذكره فِي بَاب مُحَمَّد بن عبد الْمجِيد هَذَا، الرَّاوِي عَنهُ بِأَن قيل: روى عَن حَمْزَة بن مُحَمَّد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 437 وَمُحَمّد بن عبد الْمجِيد هَذَا، هُوَ ابْن عبد الْمجِيد بن سهل بن عبد الرَّحْمَن ابْن عَوْف، وَهُوَ لَا يعرف روى عَنهُ إِلَّا النُّفَيْلِي، وَلَا تعرف لَهُ هُوَ رِوَايَة عَن غير حَمْزَة بن مُحَمَّد هَذَا. وَبِذَلِك ذكر، أخذا من هَذَا الْإِسْنَاد، فَهُوَ أَيْضا مَجْهُول، فَالْحَدِيث لأَجله لَا يَصح، فَاعْلَم ذَلِك. (1191) وَذكر حَدِيث: " إِن شَاءَ فرق وَإِن شَاءَ تَابع ". وَأتبعهُ قَول الدَّارَقُطْنِيّ: لم يسْندهُ غير سُفْيَان بن بشر. وَلم يبين لَهُ عِلّة، وعلته الْجَهْل بِحَال سُفْيَان هَذَا، وَهُوَ أَيْضا من رِوَايَة عبد الْبَاقِي بن قَانِع، وَلم يبين ذَلِك. (1192) وَقد تقدم لَهُ تَضْعِيفه فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كَانَ يصبح وَلم يجمع الصَّوْم، ثمَّ يَبْدُو لَهُ فيصوم ". (1193) وَذكر حَدِيث أنس: " من أفطر يَوْمًا من شهر رَمَضَان من غير عذر فليصم شهرا ". وَلم يبين علته. وَقد ذَكرْنَاهُ فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أعلها بِرِجَال وَترك أمثالهم أَو / الجزء: 3 ¦ الصفحة: 438 أَضْعَف مِنْهُم. (1194) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ حَدِيث عَائِشَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كَانَ يَصُوم من الشَّهْر السبت والأحد والاثنين " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ فِيهِ عَن التِّرْمِذِيّ: إِنَّه حسن. وَلم يبين الْعلَّة الْمَانِعَة من صِحَّته، وَالتِّرْمِذِيّ قد بَينهَا فَقَالَ: حَدِيث حسن، رَوَاهُ ابْن مهْدي، عَن سُفْيَان وَلم يرفعهُ، وَقد كَانَ سَاقه من رِوَايَة أبي أَحْمد، وَمُعَاوِيَة بن هِشَام، عَن سُفْيَان، عَن مَنْصُور، عَن خَيْثَمَة، عَن عَائِشَة مَرْفُوعا. وَهَذَا عِنْد التِّرْمِذِيّ عِلّة، أَن يرْوى مَرْفُوعا وموقوفا، وَلَيْسَ بذلك بِصَحِيح من قَوْله وَقَول من ذهب مذْهبه. وَيَنْبَغِي إِلَى هَذَا، أَن يبْحَث عَن سَماع خَيْثَمَة من عَائِشَة، فَإِنِّي لَا أعرفهُ. وَالله أعلم. (1195) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن عبد الرَّحْمَن بن مسلمة، عَن عَمه، أَن أسلم أَتَت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " صمتم يومكم هَذَا؟ قَالُوا: لَا "، الحَدِيث فِي عَاشُورَاء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 439 ثمَّ قَالَ: وَلَا يَصح هَذَا الحَدِيث فِي الْقَضَاء. كَذَا قَالَ، وَلم يبين علته، وَهِي الْجَهْل بِحَال عبد الرَّحْمَن بن مسلمة هَذَا. قَالَ ابْن السكن: وَيُقَال: عبد الرَّحْمَن بن سَلمَة، وَهُوَ الصَّوَاب. ثمَّ قَالَ: نَبَّأَنِي أَبُو عَليّ: الْحسن بن عَليّ بن يحيى بن حسان البَجلِيّ، الطَّبَرَانِيّ، قَالَ: حَدثنَا أَحْمد بن الْوَلِيد بن سَلمَة الطَّبَرَانِيّ، قَالَ: حَدثنَا روح ابْن عبَادَة، قَالَ: حَدثنَا سعيد بن أبي عرُوبَة، عَن قَتَادَة، عَن عبد الرَّحْمَن بن سَلمَة الْخُزَاعِيّ، عَن عَمه، قَالَ: غدونا على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَبِيحَة عَاشُورَاء، وَقد تغدينا، فَقَالَ: " أصمتم هَذَا الْيَوْم؟ قُلْنَا: قد تغدينا، قَالَ: فَأتمُّوا بَقِيَّة يومكم ". ثمَّ قَالَ: هَكَذَا رَوَاهُ سعيد، وَرَوَاهُ شُعْبَة، عَن قَتَادَة، عَن عبد الرَّحْمَن بن الْمنْهَال بن سَلمَة، عَن عَمه. وَرَوَاهُ أنس بن سِيرِين، عَن عبد الْملك بن الْمنْهَال، عَن أَبِيه، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ. وَيُقَال: إِن شُعْبَة أَخطَأ فِي اسْمه وَأَن الصَّوَاب حَدِيث / سعيد بن أبي عرُوبَة، وَالله أعلم. انْتهى كَلَام ابْن السكن. وَكَذَا ذكره عَن روح، عَن سعيد / لَيْسَ فِيهِ ذكر الْقَضَاء. وَذكر الْقَضَاء هُوَ عِنْد أبي دَاوُد، من رِوَايَة يزِيد بن زُرَيْع، عَن سعيد. وَرَوَاهُ مُحَمَّد بن بكر البرْسَانِي، عَن سعيد أَيْضا بِإِسْنَادِهِ، فَلم يذكر لَفْظَة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 440 الْقَضَاء، ذكره النَّسَائِيّ. وَحَدِيث شُعْبَة الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ ابْن السكن يرويهِ عَنهُ غنْدر، ذكره ابْن حزم عَن الْخُشَنِي وَذكر رِوَايَة: " فاقضوا " الَّتِي رَوَاهَا يزِيد بن زُرَيْع، عَن سعيد، من طَرِيق عبد الْبَاقِي بن قَانِع، عَن أَحْمد بن عَليّ بن مُسلم، عَن مُحَمَّد بن الْمنْهَال، عَن يزِيد بن زُرَيْع، فَاعْلَم ذَلِك. (1196) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن عَامر بن ربيعَة قَالَ: " رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا لَا أحصي يتَسَوَّك وَهُوَ صَائِم ". وَقَالَ فِيهِ: حَدِيث حسن. وَلم يبين الْمَانِع من صِحَّته، وَهُوَ حَدِيث يرويهِ الثَّوْريّ، عَن عَاصِم بن عبيد الله. وَعَاصِم مُخْتَلف فِيهِ، فَبِحَق قيل فِيهِ: حسن. (1197) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، عَن سعيد بن بشير، عَن عبيد الله ابْن عمر، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، أَن عمر نذر أَن يعْتَكف فِي الشّرك ويصوم 000 الحَدِيث. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 441 وَقَالَ فِيهِ: إِسْنَاد حسن، تفرد بِهَذَا اللَّفْظ سعيد بن بشير، عَن عبيد الله بن عمر. كَذَا أوردهُ، وَلم يبين لم لَا يَصح، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ من رِوَايَة سعيد بن بشير، وَهُوَ مُخْتَلف فِيهِ. (1198) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا، عَن طَاوس، عَن ابْن عَبَّاس، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَيْسَ على الْمُعْتَكف صَوْم إِلَّا أَن يَجعله على نَفسه ". ثمَّ قَالَ: هَذَا يرْوى غير مَرْفُوع. لم يزدْ على هَذَا، وَالدَّارَقُطْنِيّ أوردهُ هَكَذَا: حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق السُّوسِي من أصل كِتَابه، قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد بن نصر الرَّمْلِيّ، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى بن أبي عمر، قَالَ: حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد، عَن أبي سُهَيْل بن مَالك، عَم مَالك بن أنس، عَن طَاوس، عَن ابْن عَبَّاس، فَذكره. ثمَّ قَالَ: رَفعه هَذَا الشَّيْخ، وَغَيره لَا يرفعهُ. هَذَا مَا ذكر / وَعبد الله بن مُحَمَّد بن نصر الرَّمْلِيّ هَذَا لَا أعرفهُ. وَقد ذكر ابْن أبي حَاتِم عبد الله بن مُحَمَّد بن نصر الرَّمْلِيّ يروي عَن الْوَلِيد بن مُحَمَّد الموقري، روى عَنهُ مُوسَى بن سهل الرَّمْلِيّ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 442 لم يزدْ على هَذَا، وروى أَبُو دَاوُد عَن أبي أَحْمد: عبد الله بن مُحَمَّد الرَّمْلِيّ الخشاب، قَالَ: حَدثنَا الْوَلِيد، عَن عبد الله بن الْعَلَاء، فَلَا أَدْرِي أهم ثَلَاثَة أم اثْنَان أم وَاحِد، وَالْحَال فِي الْجَمِيع مَجْهُولَة، فَاعْلَم ذَلِك. (1199) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ، عَن النَّضر بن شَيبَان قَالَ: قلت لأبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن: حَدثنِي عَن شَيْء سمعته عَن أَبِيك. الحَدِيث فِي فضل رَمَضَان. وَفِيه: " سننت لكم قِيَامه ". ثمَّ قَالَ بعده: أَبُو سَلمَة لم يسمع من أَبِيه شَيْئا، وضعفوا حَدِيث النَّضر بن شَيبَان هَذَا. انْتهى قَوْله. (1200) وَقد تقدم لَهُ أَيْضا حَدِيث: " صَائِم رَمَضَان فِي السّفر كمفطره فِي الْحَضَر ". فَقَالَ فِيهِ: إِنَّه أَيْضا لم يسمع من أَبِيه. وَلَكِن ذَلِك مُعَنْعَن كَسَائِر مَا يروي عَن أَبِيه، فَأَما هَذَا فَفِيهِ: حَدثنِي أبي، وَهُوَ عِنْدهم مَدْفُوع بالإنكار على النَّضر بن شَيبَان. وَهُوَ الَّذِي قصدت الْآن بَيَان مَا أجمل أَبُو مُحَمَّد من حَاله، فَإِنَّهُ لَو كَانَ ثِقَة، ثَبت سَماع أبي سَلمَة من أَبِيه لجملة أَحَادِيث، يَرْوِيهَا عَنهُ معنعنة، لكنه - أَعنِي النَّضر بن شَيبَان الْحدانِي - لَيْسَ بِثِقَة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 443 قَالَ ابْن أبي خثيمَةَ: سُئِلَ عَنهُ ابْن معِين فَقَالَ: " لَيْسَ حَدِيثه بِشَيْء ". (1201) وَذكر البُخَارِيّ رِوَايَته عَن أبي سَلمَة عَن أَبِيه: " فِيمَن صَامَ رَمَضَان وقامه ". وَلم يتشاغل مِنْهَا بِمَا فِيهَا: من ذكر سَمَاعه من أَبِيه أَو عَدمه، وَإِنَّمَا تشاغل مِنْهَا / بِأَمْر آخر، وَهُوَ أَن الزُّهْرِيّ، وَيحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ، وَيحيى بن أبي كثير، رَوَوْهُ عَن أبي سَلمَة فَقَالُوا فِيهِ: عَن أبي هُرَيْرَة، لَا عَن أَبِيه. قَالَ البُخَارِيّ: وَهُوَ أصح. وَهَذَا عِنْدِي من ذَلِك الْبَاب، الَّذِي جرت عَادَتهم بالتسامح فِيهِ: من جمع الطّرق، وَضرب / بَعْضهَا بِبَعْض، من غير تعْيين لفظ لطريق مِنْهَا. وَفِي الْحَقِيقَة لَيْسَ كَذَلِك، فَإِن الَّذِي روى هَؤُلَاءِ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة، لَيْسَ فِيهِ: " وسننت لكم قِيَامه ". وَإِنَّمَا رُوِيَ اللَّفْظ الْمَذْكُور عَنهُ، عَن أَبِيه. وَهَكَذَا أَيْضا فعل الدَّارَقُطْنِيّ فِي كتاب الْعِلَل، ذكر أَن الزُّهْرِيّ قَالَ فِيهِ: عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة، إِلَّا أَنه تحرز فَقَالَ: وَلم يذكر فِيهِ: " وسننت لكم قِيَامه ". فَكَانَ هَذَا من الدَّارَقُطْنِيّ أصوب، وَيُقَال لَهُ - وَمَعَ ذَلِك -: فَلم تجْعَل هَذَا اخْتِلَافا على أبي سَلمَة؟ وهما حديثان. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 444 وَحكم الدَّارَقُطْنِيّ بِأَن حَدِيث الزُّهْرِيّ أشبه بِالصَّوَابِ، وَلم يبين لماذا، وَإِنَّمَا ذَلِك لما قُلْنَاهُ: من ضعف النَّضر بن شَيبَان، وَهُوَ الْمُنْفَرد بِهِ، وَإِن كَانَ قد رَوَاهُ عَنهُ غير وَاحِد. قَالَ الْبَزَّار: حَدثنَا عمر بن مُوسَى السَّامِي، قَالَ: حَدثنَا الْقَاسِم بن الْفضل، قَالَ: حَدثنَا النَّضر بن شَيبَان، قَالَ: قلت لأبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، حَدثنِي حَدِيثا سمعته من أَبِيك، سَمعه أَبوك من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، قَالَ: سَمِعت أبي يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الله تبَارك وَتَعَالَى فرض عَلَيْكُم صِيَام شهر رَمَضَان، وسننت لكم قِيَامه، فَمن صَامَهُ إِيمَانًا واحتسابا غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه ". قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَاد، من حَدِيث النَّضر بن شَيبَان. وَرَوَاهُ عَن النَّضر غير وَاحِد، انْتهى كَلَامه فاعلمه. (1202) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن مُسلم بن خَالِد الزنْجِي، عَن الْعَلَاء، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " خرج رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَإِذا أنَاس فِي رَمَضَان يصلونَ فِي نَاحيَة الْمَسْجِد " الحَدِيث. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 445 ثمَّ [قَالَ] : قَالَ أَبُو دَاوُد: لَيْسَ هَذَا الحَدِيث بِالْقَوِيّ. وَلم يُفَسر علته، وَهِي حَال مُسلم بن خَالِد، الملقب بالزنجي، الْفَقِيه، شيخ الشَّافِعِي، كَانَ أَبيض، مليحا، وَإِنَّمَا قيل لَهُ: الزنْجِي / بالضد. وَثَّقَهُ ابْن معِين، وَضَعفه غَيره، وَفسّر بعض من ضعفه مَا ضعفه بِهِ، وَهُوَ أَنه مُنكر الحَدِيث، قَالَه البُخَارِيّ وَأَبُو حَاتِم. وَقَالَ السَّاجِي: إِنَّه كثير الْغَلَط، وَكَانَ يرى الْقدر، وَكَانَ صَدُوقًا، صَاحب الرَّأْي، وَفقه. (1203) وَلما ذكر أَبُو مُحَمَّد حَدِيث سرق فِي " بيع من عَلَيْهِ دين ". أتبعه أَن قَالَ: مُسلم بن خَالِد، والبيلماني، لَا يحْتَج بهما. (1204) وَذكر حَدِيثا من طَرِيق الْعقيلِيّ فِي " ضَعُوا وتعجلوا ". فضعفه بِغَيْر مُسلم بن خَالِد، وَأعْرض عَن مُسلم، والْحَدِيث من رِوَايَته، وَبِه يعرف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 446 (1205) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن عَليّ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من ملك زادا وراحلة تبلغه إِلَى بَيت الله وَلم يحجّ " الحَدِيث. ثمَّ أتبعه قَول التِّرْمِذِيّ: حَدِيث غَرِيب، وَفِي إِسْنَاده مقَال. وَلم يزدْ على هَذَا، فأجمل تَعْلِيله. وَالتِّرْمِذِيّ لم يقْتَصر على ذَلِك، بل زَاد بَيَان الْعلَّة، وَهِي ضعف الْحَارِث الْأَعْوَر، وَالْجهل بِحَال هِلَال بن عبد الله، مولى ربيعَة بن عَمْرو بن مُسلم الْبَاهِلِيّ، رَاوِيه عَن أبي إِسْحَاق الْهَمدَانِي، عَن الْحَارِث، عَن عَليّ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 447 (1206) وَذكر حَدِيث مَا يُوجب الْحَج قَالَ: " الزَّاد وَالرَّاحِلَة ". وَضَعفه، ثمَّ قَالَ: إِن الدَّارَقُطْنِيّ ذكره / من رِوَايَة رجال من الصَّحَابَة سماهم، وَكلهَا لَا يحْتَج بِهِ. وَإِنَّمَا لم نعرض الْآن لتبيين عللها؛ لِأَنَّهَا كَسَائِر مَا لم يذكر، وَإِنَّمَا أَشَارَ إِلَيْهَا. (1207) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار، عَن ابْن عمر [قَالَ] قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " سفر الْمَرْأَة مَعَ عَبدهَا ". ثمَّ قَالَ: فِي إِسْنَاده إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، عَن بزيع بن عبد الرَّحْمَن. لم يزدْ على هَذَا، وَلم يتَقَدَّم لَهُ فِي بزيع شَيْء، وَهُوَ أَبُو عبد الله: بزيع بن عبد الرَّحْمَن، كناه الْبَزَّار فِي نفس الْإِسْنَاد. قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِم: ضَعِيف. وَلَو لم يقل ذَلِك فِيهِ، قُلْنَا: مَجْهُول، فَإِنَّهُ لَا يعرف روى عَنهُ إِلَّا إِسْمَاعِيل بن / عَيَّاش، وَهُوَ أَيْضا ضَعِيف فِيمَا يروي عَن غير أهل بَلَده. وَذكر ابْن أبي حَاتِم رجلا آخر، يُقَال لَهُ: بزيع، أَبُو عبد الله، بَصرِي، روى عَنهُ عَفَّان بن مُسلم، وَلَيْسَ بِهَذَا، وَهُوَ أَيْضا مَجْهُول. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 448 (1208) وَذكر أَيْضا من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن زيد بن ثَابت، أَنه رأى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " تجرد لإحرامه واغتسل ". قَالَ: حَدِيث حسن غَرِيب. كَذَا قَالَ، وَلم يبين لم لَا يَصح، وَذَلِكَ أَن التِّرْمِذِيّ [سَاقه هَكَذَا: حَدثنَا عبد الله بن أبي زِيَاد، حَدثنَا عبد الله بن يَعْقُوب الْمدنِي] عَن ابْن أبي الزِّنَاد، عَن أَبِيه، عَن خَارِجَة بن زيد، عَن أَبِيه، فَذكره. فَالَّذِي لأَجله حسنه، هُوَ الِاخْتِلَاف فِي عبد الرَّحْمَن بن أبي الزِّنَاد، وَلَعَلَّه عرف عبد الله بن يَعْقُوب الْمدنِي، وَمَا أَدْرِي كَيفَ ذَلِك، وَلَا أَرَانِي تلزمني حجَّته، [فَإِنِّي] أجهدت نَفسِي فِي تعرفه فَلم أجد أحدا ذكره. وَقد مر فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ردهَا بالانقطاع، كَأَنَّهَا لَا عيب لَهَا سواهُ، حَدِيث: (1209) " النَّهْي عَن الصَّلَاة خلف النَّائِم أَو المتحدث ". وَفِيه عبد الله بن يَعْقُوب بن إِسْحَاق، وَهُوَ أَيْضا مَجْهُول، وَلَا أَدْرِي أهوَ هَذَا أم غَيره؟ وَهُوَ أَيْضا لَا أعرفهُ مَذْكُورا كَهَذا. وَسَيَأْتِي لِابْنِ أبي الزِّنَاد ذكر باضطراب أبي مُحَمَّد فِي أمره، فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي سكت عَنْهَا مصححا لَهَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 449 (1210) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن أبي عِيسَى الْخُرَاسَانِي، عَن عبد الله بن الْقَاسِم، [عَن أَبِيه] ، عَن سعيد بن الْمسيب، أَن رجلا من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَتَى عمر بن الْخطاب - رَضِي الله عَنهُ - فَشهد أَنه سمع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فِي مَرضه الَّذِي قبض فِيهِ، " ينْهَى عَن الْعمرَة قبل الْحَج ". ثمَّ قَالَ: هَذَا مُرْسل عَمَّن لم يسم، وَإِسْنَاده ضَعِيف جدا. كَذَا قَالَ، والعهد بِهِ أَنه لَا يرد أَحَادِيث من لم يسم: مِمَّن يزْعم أَنه رأى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، أَو سَمعه، وَإِن لم يشْهد لَهُ التَّابِعِيّ، / الرَّاوِي عَنهُ بالصحبة. وَقد كتبنَا لَهُ من ذَلِك جملَة كَبِيرَة فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا مُتَّصِلَة وَهِي مُنْقَطِعَة. فَأَما مثل هَذَا الَّذِي شهد لَهُ سعيد بن الْمسيب بِأَنَّهُ من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فحري على مذْهبه بِقبُول مَا يرويهِ. وَقد أعَاد ذكر هَذَا الحَدِيث قريب آخر كتاب الْحَج، بِذكر هُوَ أصوب من هَذَا؛ وَذَلِكَ أَنه قَالَ: هَذَا مُنْقَطع وَضَعِيف الْإِسْنَاد. فَهَذَا أصوب فَإِنَّهُ مُنْقَطع فِيمَا بَين سعيد وَعمر بن الْخطاب، وَرَأَيْت نسخا لم يثبت فِيهَا الحَدِيث فِي الْمَكَان الأول، وَهُوَ بَاب الْقرَان والإفراد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 450 فعلى هَذَا تسْقط المواخذة الَّتِي واخذناه بهَا فِي قَوْله: " مُرْسل عَمَّن لم يسم ". وَلَكِن لم يسلم من مثل ذَلِك الْعَمَل فِي أَحَادِيث [أخر] نَاقض بِهَذَا، حسب مَا قد بَيناهُ فِي الْبَاب الْمَذْكُور، الَّذِي هُوَ بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا مُتَّصِلَة، وَهِي مُنْقَطِعَة أَو مُرْسلَة. وَإِلَى هَذَا، فَإِن الَّذِي لأَجله كتبناه الْآن هُنَا، هُوَ مَا أجمل من ضعفه فِي قَوْله: / " إِنَّه ضَعِيف الْإِسْنَاد، مَعَ مَا بِهِ من الِانْقِطَاع "، ونبين ذَلِك - إِن شَاءَ الله - فَنَقُول: أَبُو عِيسَى الْخُرَاسَانِي مَجْهُول. وَقد تقدم لَهُ فِي صَلَاة الْعِيدَيْنِ من المراسل، عَن أبي عِيسَى الْخُرَاسَانِي هَذَا، عَن الضَّحَّاك بن مُزَاحم: (1211) " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يخرج يَوْم الْعِيد بِالسِّلَاحِ ". وَلم يعبه بسوى الْإِرْسَال. وروى ذَلِك الْخَبَر عَن أبي عِيسَى الْمَذْكُور، سعيد بن أبي أَيُّوب، وروى هَذَا الآخر عَنهُ، حَيْوَة بن شُرَيْح، وَمَعَ ذَلِك فَلَا تعرف حَاله. وَعبد الله بن الْقَاسِم وَأَبوهُ أَيْضا لَا تعرف أحوالهما كَذَلِك، فاعلمه. (1212) وَذكر حَدِيث: " طَاف طوافين، وسعى سعيين لحجه وعمرته ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 451 وَضعف طرقه، فَكَانَ مِنْهَا أَن قَالَ: وَفِيه إِسْنَاد آخر عَن عَليّ، وَهُوَ مَتْرُوك، فِيهِ عِيسَى بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عمر بن عَليّ. كَذَا قَالَ، وَهُوَ كَلَام مثبج، وَإِنَّمَا كَانَ / صَوَابه أَن يَقُول: وَفِيه إِسْنَاد آخر عَن عَليّ، وَفِيه مَتْرُوك، وَهُوَ عِيسَى بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عمر بن عَليّ. وَكَذَلِكَ فعل الدَّارَقُطْنِيّ لما ذكره من رِوَايَة عباد بن يَعْقُوب، عَن عِيسَى الْمَذْكُور، عَن أَبِيه، عَن جده، عَن عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام، أتبعه أَن قَالَ: عِيسَى بن عبد الله، يُقَال لَهُ: مبارك، وَهُوَ مَتْرُوك الحَدِيث. وعَلى كَلَام أبي مُحَمَّد، يبْقى الحَدِيث غير مُبين الْعلَّة، فَإِنَّهُ أعْطى أَنه إِسْنَاد مَتْرُوك، وَلم يبين بِمَاذَا؟ وَلم يسْتَقلّ بذلك قَوْله: فِيهِ عِيسَى؛ إِذْ لم يبين حَاله فِيمَا قبل. وَالرجل مَتْرُوك كَمَا قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ، بل قَالَ أَبُو حَاتِم البستي: إِنَّه يروي عَن أَبِيه، عَن آبَائِهِ أَشْيَاء مَوْضُوعَة. وَذكر لَهُ أَبُو أَحْمد جملَة أَحَادِيث، كلهَا مُنكرَة، فَاعْلَم ذَلِك. (1213) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ - مُتَّصِلا بِهِ - عَن عبد الله بن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 452 مَسْعُود، قَالَ: " طَاف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لحجته وعمرته طوافين، وسعى سعيين، وَأَبُو بكر، وَعمر، وَعلي، وَابْن مَسْعُود ". ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: إِسْنَاده ضَعِيف، فِيهِ عبد الْعَزِيز بن أبان وَغَيره. هَذَا أَيْضا إِجْمَال لتعليله، فَإِنَّهُ لم يحكم على عبد الْعَزِيز بن أبان، وَلَا على غَيره مِمَّن فِي الْإِسْنَاد. وَنَصّ مَا أورد الدَّارَقُطْنِيّ فِي هَذَا: حَدثنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن سعيد، حَدثنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد بن مَرْوَان حَدثنَا أبي، حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن أبان، حَدثنَا أَبُو بردة، عَن حَمَّاد، عَن إِبْرَاهِيم، عَن عَلْقَمَة، عَن عبد الله، فَذكره. ثمَّ أتبعه أَن أَبَا بردة، هُوَ عَمْرو بن يزِيد، ضَعِيف، وَمن دونه فِي الْإِسْنَاد ضعفاء. هَذَا كَلَام الدَّارَقُطْنِيّ، عين للتضعيف من إِسْنَاده أَبَا بردة، وَهُوَ ضَعِيف كَمَا ذكر. قَالَ ابْن معِين: لَيْسَ حَدِيثه بِشَيْء. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: إِنَّه مُنكر الحَدِيث، وَكَانَ مرجئا. فَأَما عبد الْعَزِيز بن أبان، الَّذِي عين أَبُو مُحَمَّد بِالذكر، فَهُوَ أَبُو خَالِد الجزء: 3 ¦ الصفحة: 453 القريشي مَتْرُوك، مُتَّهم بِوَضْع الأحديث، وَكَانَ / ابْن معِين، يقسم أَنه كَذَّاب وَقَالَ: إِنَّه وضع أَحَادِيث عَن سُفْيَان الثَّوْريّ. وَقَالَ ابْن نمير: مَا مَاتَ عبد الْعَزِيز حَتَّى قَرَأَ مَا لَيْسَ من حَدِيثه. فَأَما جَعْفَر بن مُحَمَّد وَأَبُو مُحَمَّد بن مَرْوَان، فَلَا أعرف حَالهمَا، وَلَكِن الدَّارَقُطْنِيّ قد عمم القَوْل فِيمَن دون أبي بردة بِأَنَّهُم ضعفاء، فقد شملهما قَوْله. فَأَما شيخ الدَّارَقُطْنِيّ، أَحْمد بن مُحَمَّد بن سعيد، فالخطب فِيهِ أكبر، فَإِنَّهُ أَبُو الْعَبَّاس بن عقدَة، الْحَافِظ، أحد المكثرين، المتسعين فِي الرِّوَايَة وَالْجمع، حَتَّى إِنَّه ليقل فِي الْمُحدثين أَمْثَاله، وأنباؤه كَثِيرَة جدا، وَلكنه مَعَ ذَلِك فقد أنْكرت من أُمُوره أَشْيَاء، وَالدَّارَقُطْنِيّ خَاصَّة مِمَّن يُضعفهُ. قَالَ أَبُو بكر بن ثَابت الْخَطِيب: حَدثنَا أَبُو طَاهِر: حَمْزَة بن مُحَمَّد / بن طَاهِر الدقاق، قَالَ: سُئِلَ أَبُو الْحسن الدَّارَقُطْنِيّ - وَأَنا أسمع - عَن أبي الْعَبَّاس ابْن عقدَة، فَقَالَ: " كَانَ رجل سوء ". حَدثنَا أَبُو بكر البرقاني، قَالَ: سَأَلت أَبَا الْحسن الدَّارَقُطْنِيّ، عَن أبي الْعَبَّاس بن عقدَة، فَقلت: إيش أكبر مَا فِي نَفسك عَلَيْهِ؟ فَوقف ثمَّ قَالَ: " الْإِكْثَار بِالْمَنَاكِيرِ ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 454 أَخْبرنِي عَليّ بن مُحَمَّد بن نصر، قَالَ: سَمِعت حَمْزَة بن يُوسُف، يَقُول: سَمِعت أَبَا عمر بن حيويه يَقُول: " كَانَ ابْن عقدَة فِي جَامع براثي يملي مثالب أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، أَو قَالَ: الشَّيْخَيْنِ - يَعْنِي أَبَا بكر وَعمر - فَتركت حَدِيثه، لَا أحدث عَنهُ بِشَيْء، وَمَا سَمِعت مِنْهُ بعد ذَلِك شَيْئا ". أَخْبرنِي أَبُو عبد الله: أَحْمد بن مُحَمَّد القصري، قَالَ: سَمِعت أَبَا الْحسن: مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سُفْيَان الْحَافِظ: يَقُول: " وَجه إِلَى أبي الْعَبَّاس بن عقدَة من خُرَاسَان بِمَال، وَأمر أَن يُعْطِيهِ بعض الضُّعَفَاء، وَكَانَ على بَاب دَاره صَخْرَة عَظِيمَة، فَقَالَ لِابْنِهِ: ارْفَعْ هَذِه الصَّخْرَة، فَلم يسْتَطع رَفعهَا، لعظمها وثقلها، فَقَالَ لَهُ: أَرَاك ضَعِيفا، فَخذ هَذَا المَال، وَدفعه إِلَيْهِ ". فَهَذَا تَفْسِير مَا أجمل أَبُو مُحَمَّد رَحمَه الله فِي قَوْله: فِيهِ عبد الْعَزِيز بن / أبان وَغَيره، فَاعْلَم ذَلِك، وَالله الْمُوفق. (1214) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ - بِإِسْنَاد ضَعِيف، بل مَجْهُول - عَن أم كَبْشَة، أَنَّهَا قَالَت: يَا رَسُول الله، إِنِّي آلَيْت أَن أَطُوف بِالْبَيْتِ حبوا، فَقَالَ لَهَا: " طوفي على رجلك سبعين: سبعا عَن يَديك، وَسبعا عَن رجليك ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 455 قد بَينا فِي بَاب الرِّجَال الَّذين تَغَيَّرت أَسمَاؤُهُم، أَو أنسابهم فِي نَقله، مَا اتّفق لَهُ من التَّغْيِير فِي قَوْله: عَن أم كَبْشَة، وَإِنَّمَا هِيَ: كَبْشَة أم مُعَاوِيَة بن خديج، وَمَا اتّفق لَهُ من الْخَطَأ فِي جعل الحَدِيث من روايتهما، فِي أول بَاب من هَذَا الْكتاب، وَهُوَ بَاب الزِّيَادَة فِي الْأَسَانِيد. ونبين الْآن علته الَّتِي أجملها وَلم يُفَسِّرهَا، فَنَقُول: رُوَاته مَجْهُولُونَ، وَبَعْضهمْ ضَعِيف. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَمْرو بن عبد الْخَالِق، حَدثنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن رشدين حَدثنَا عبد الْوَاحِد بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز ابْن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُعَاوِيَة بن خديج الْكِنْدِيّ، عَن أَبِيه مُحَمَّد، عَن جده عبد الْعَزِيز، عَن أَبِيه مُحَمَّد، عَن أَبِيه عبد الرَّحْمَن، عَن أَبِيه مُعَاوِيَة بن خديج. فَذكره. أَحْمد بن مُحَمَّد بن رشدين ضَعِيف، وَمن فَوْقه مَجَاهِيل. (1215) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن عَائِشَة، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أخر طواف الزِّيَارَة إِلَى اللَّيْل ". وَقَالَ فِيهِ: حسن. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 456 وَإِنَّمَا لم يُصَحِّحهُ - وَالله أعلم - لِأَنَّهُ من رِوَايَة سُفْيَان، عَن أبي الزبير، عَن ابْن عَبَّاس، وَعَائِشَة. وَأَبُو الزبير مُدَلّس، وَلم يقل: سَمِعت، وَلَا هُوَ من رِوَايَة اللَّيْث عَنهُ. وَقد تقدم مَا اتّفق لَهُ فِي ترك ابْن عَبَّاس من هَذَا الْإِسْنَاد، فِي بَاب النَّقْص من الْأَسَانِيد. (1216) وَذكر من طَرِيق أبي عمر، من حَدِيث ابْن علية، أسْندهُ إِلَى ابْن عَبَّاس، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أشعر بدنه من الْجَانِب الْأَيْسَر ". ثمَّ قَالَ أَبُو عمر: هَذَا عِنْدِي حَدِيث مُنكر من حَدِيث ابْن عَبَّاس، وَالصَّحِيح يَعْنِي من الْجَانِب الْأَيْمن. كَذَا أجمل تَعْلِيله / والْحَدِيث إِنَّمَا أوردهُ أَبُو عمر فِي التَّمْهِيد هَكَذَا: [قَالَ] وَرَأَيْت فِي كتاب ابْن علية، عَن أَبِيه، عَن سعيد بن أبي عرُوبَة، عَن قَتَادَة، عَن أبي حسان الْأَعْرَج، عَن ابْن عَبَّاس، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أشعر بدنه من الْجَانِب الْأَيْسَر ثمَّ سلت الدَّم عَنْهَا وقلدها نَعْلَيْنِ ". قَالَ: وَهَذَا عِنْدِي مُنكر فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس هَذَا، وَالْمَعْرُوف فِيهِ مَا ذكر أَبُو دَاوُد: " الْجَانِب الْأَيْمن "، لَا يَصح فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس غير ذَلِك إِلَّا أَن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 457 عبد الله بن عمر كَانَ يشْعر بدنه من الْجَانِب الْأَيْسَر. انْتهى / كَلَام أبي عمر. وَهُوَ كَلَام صَحِيح، والْحَدِيث فِي كتاب مُسلم من رِوَايَة [شُعْبَة عَن قَتَادَة، عَن أبي حسان، عَن ابْن عَبَّاس " بالجانب الْأَيْمن "، وَفِي كتاب أبي دَاوُد من رِوَايَة] شُعْبَة كَذَلِك. وأخاف أَن يكون هَذَا الَّذِي نقل أَبُو عمر من كتاب ابْن علية، تصحف فِيهِ الْأَيْسَر بالأيمن، فَهُوَ قريب فِي الْخط. وَالَّذِي لأَجله كتبته الْآن هُنَا، هُوَ أَن علته مجملة، وَهِي أَنه لَا يعلم ابْن علية إِلَّا الْأُخوة الثَّلَاثَة: إِسْمَاعِيل، ورِبْعِي، وَإِسْحَاق، والفقيه الْمَشْهُور مِنْهُم هُوَ إِسْمَاعِيل، - هُوَ ابْن إِبْرَاهِيم بن سهم، وَعليَّة أمه، وَلَيْسَت هَذِه طبقته، أَن يرْوى بِهَذَا النُّزُول، فَإِن قدرناه هُوَ، فأبوه إِبْرَاهِيم بن سهم لَا أعرفهُ فِي رُوَاة الْأَخْبَار، وحاله مَجْهُولَة، فَاعْلَم ذَلِك. (1217) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن عبد الله بن حَارِث الْأَزْدِيّ، قَالَ: سَمِعت غرفَة بن الْحَارِث الْكِنْدِيّ، قَالَ: شهِدت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَأتي بِالْبدنِ، فَقَالَ: " ادعو لي أَبَا حسن " الحَدِيث فِي نحرهما مَعًا الْبدن. ثمَّ قَالَ بعده: حَدِيث جَابر فِي نحر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَكثر الْبدن، وَنحر عَليّ مَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 458 بَقِي، أصح إِسْنَادًا من هَذَا، انْتهى قَوْله. فَإِن كَانَ هُوَ تَصْحِيحا فقد أَخطَأ، فَإِن عبد الله بن الْحَارِث هَذَا لَا تعرف لَهُ حَال، وَلَا يعرف روى عَنهُ إِلَّا حَرْمَلَة بن عمرَان رَاوِي هَذَا الحَدِيث عَنهُ، وَإِن كَانَ هُوَ / تضعيفا فقد أجمل علته، وَهِي هَذِه الَّتِي ذكرنَا. والْحَدِيث الْمَذْكُور ذكره أَبُو دَاوُد، عَن مُحَمَّد بن حَاتِم بن مَيْمُون، عَن عبد الرَّحْمَن بن مهْدي، عَن عبد الله بن الْمُبَارك، عَن حَرْمَلَة بن عمرَان، عَن عبد الله بن الْحَارِث. وَرَوَاهُ مُسلم أَيْضا عَن مُحَمَّد بن حَاتِم بن مَيْمُون، بِإِسْنَادِهِ، وَمَتنه، حرفا بِحرف، لكنه لم يذكرهُ فِي كِتَابه، فَإِنَّهُ لَا يَصح لما ذَكرْنَاهُ. وَإِنَّمَا ذكره عَنهُ أَبُو عَليّ بن السكن فِي كتاب الصَّحَابَة، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد ابْن عبد الرَّحْمَن السَّرخسِيّ، حَدثنَا مُسلم بن الْحجَّاج فَذكره. (1218) وَذكر حَدِيث عَائِشَة حِين أضلت بدنتها. وَقد ذكرنها مُبينًا فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ضعفها وَلَيْسَت بضعيفة. (1219) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ حَدِيث ابْن عمر، فِي أَن " من وقف الجزء: 3 ¦ الصفحة: 459 بِعَرَفَات بلَيْل فقد أدْرك الْحَج " الحَدِيث. من رِوَايَة مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى، عَن عَطاء وَنَافِع عَنهُ. ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: ابْن أبي ليلى قد تقدم ذكره، وَقَبله من هُوَ أَضْعَف مِنْهُ. ولبيان هَذَا الَّذِي أجمل فِيمَن دونه كتبناه الْآن. وَذَلِكَ أَن من دونه فِي الْإِسْنَاد إِنَّمَا هُوَ مَجْهُول. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن حَمَّاد بن إِسْحَاق، حَدثنَا أَبُو عون: مُحَمَّد بن عَمْرو بن عون، حَدثنَا دَاوُد بن جُبَير، حَدثنَا رَحْمَة بن مُصعب، أَبُو هَاشم، الْفراء الوَاسِطِيّ، عَن ابْن أبي ليلى فَذكره. وَرَحْمَة هَذَا، لَا أعرفهُ مَذْكُورا، فَإِنَّهُ - كَمَا ترى - كناه أَبَا هَاشم ونعته بالفراء. وَإِنَّمَا ذكر الْعقيلِيّ رَحْمَة بن مُصعب، أَبَا مُصعب الوَاسِطِيّ، وسَاق عَن ابْن معِين أَنه قَالَ فِيهِ: " لَيْسَ بِشَيْء، يحدث عَن عزْرَة بن ثَابت، روى عَنهُ الْقَاسِم بن عِيسَى ". فَالَّذِي فِي الْإِسْنَاد مَجْهُول، وَالله أعلم إِن كَانَ هُوَ إِيَّاه. وَدَاوُد بن جُبَير الرَّاوِي عَنهُ، لَا أعرفهُ أَيْضا مَذْكُورا، ولسعيد بن الْمسيب أَخ يُقَال لَهُ: دَاوُد بن جُبَير، هُوَ مَجْهُول الْحَال أَيْضا، وَلَيْسَت هَذِه طبقته. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 460 (1220) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن ابْن عَبَّاس، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / " رمى الْجَمْرَة يَوْم النَّحْر رَاكِبًا ". قَالَ فِيهِ: حَدِيث حسن. كَذَا أوردهُ، وَلم يبين لم لَا يَصح، وَهُوَ حَدِيث إِنَّمَا يرويهِ حجاج بن أَرْطَاة، عَن الحكم، عَن مقسم، عَن ابْن عَبَّاس. وحجاج مُخْتَلف فِيهِ، وَهُوَ مُدَلّس، وَلم يذكر سَمَاعا. (1221) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، عَن عبد الله بن عَمْرو بن العَاصِي أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " رخص للرعاء أَن يرموا بِاللَّيْلِ، وَأي سَاعَة من النَّهَار شاؤوا ". ثمَّ قَالَ: إِسْنَاده / ضَعِيف، فِيهِ بكر بن بكار وَغَيره. انْتهى مَا ذكره بِهِ. وَترك أَن يبين أَن فِيهِ إِبْرَاهِيم بن يزِيد الخوزي، وَأرَاهُ خَفِي عَلَيْهِ أَنه هُوَ، وَلم يتجاسر عَلَيْهِ. ومعذور هُوَ، فَإِنَّهُ يعرفهُ يروي عَن عَطاء، وَعَمْرو بن دِينَار، وَمُحَمّد بن عباد بن جَعْفَر، وَنَحْوهم من التَّابِعين، وَرَآهُ فِي هَذَا الحَدِيث يرويهِ عَن سُلَيْمَان الْأَحول، عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده، فأشكل عَلَيْهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 461 وَلم يستبعد من هَذَا بَعيدا، فَإِن سُلَيْمَان بن أبي مُسلم الْأَحول، يروي عَمَّن هُوَ فَوق هَذَا، يروي عَن أبي سَلمَة، وَسَعِيد بن جُبَير، وَطَاوُس. وَإِبْرَاهِيم بن يزِيد الخوزي الْمَذْكُور، تَجِد لَهُ هَكَذَا بِوَاسِطَة عَن عَمْرو بن شُعَيْب رِوَايَات: (1222) مِنْهَا مَا رَوَاهُ عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " قَاتلُوا دون أَمْوَالكُم، فَمن قتل دون مَاله فَهُوَ شَهِيد ". ويروي عَن أَيُّوب بن مُوسَى، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر أَحَادِيث. وَمَعَ هَذَا فَلم يرْتَفع احْتِمَال أَن لَا يكون هُوَ، وَلَكِن قد كفى هَذَا فِي تَعْلِيل الْخَبَر بِهِ، فَإِنَّهُ إِن كَانَ الخوزي، فَهُوَ ضَعِيف، وَإِن لم يكن إِيَّاه، فَلَا يدرى من هُوَ. وَأما بكر بن بكار، أَبُو عمر الْبَصْرِيّ، فَقَالَ ابْن معِين: لَيْسَ بِالْقَوِيّ. [وَكَذَا قَالَ أَبُو حَاتِم. وَهُوَ إِلَى التقوية أقرب، فَإِنَّهُمَا إِنَّمَا يعنيان بذلك أَنه لَيْسَ بأقوى] مَا يكون. وَقَالَ أَبُو أَحْمد بن عدي: لَيست أَحَادِيثه بالمنكرة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 462 وَفِي هَذَا الحَدِيث دون بكر بن بكار من لَا تعرف حَاله، وَهُوَ / جَعْفَر بن مُحَمَّد الشِّيرَازِيّ. وَلِلْحَدِيثِ طَرِيق أحسن من هَذَا، من رِوَايَة صَحَابِيّ آخر، وَهُوَ عبد الله ابْن عمر بن الْخطاب، نذكرهُ بِهِ إِن شَاءَ الله فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ضعفها، وَلها طرق أحسن من الَّتِي سَاقهَا مِنْهَا، فَاعْلَم ذَلِك. (1223) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد حَدِيث ابْن عمر أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " جمع بَين الظّهْر وَالْعصر، ثمَّ خطب النَّاس، ثمَّ رَاح، فَوقف على الْموقف من عَرَفَة ". ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: قد تقدم من حَدِيث جَابر أَنه عَلَيْهِ السَّلَام: (1224) " خطب قبل الصَّلَاة ". وَهُوَ الْمَشْهُور الَّذِي عمل بِهِ الْأَئِمَّة والمسلمون. انْتهى قَوْله. فَإِن يكن هَذَا تعليلا للْحَدِيث، فَلم يبين لم لَا يَصح، وَذَلِكَ أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، لَا شَيْء بِهِ غير ذَلِك، فاعلمه. (1225) وَذكر من طَرِيق مُسلم حَدِيث عَائِشَة، بِأَنَّهَا " طهرت يَوْم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 463 عَرَفَة، وحديثا آخر بِأَنَّهَا طهرت يَوْم النَّحْر ". ثمَّ قَالَ: وَقد رُوِيَ من حَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة أَنَّهَا طهرت لَيْلَة الْبَطْحَاء، [وَلَا يَصح] . كَذَا قَالَ: [وَلَا يَصح] وَلم يعزه، لَا بَين علته. وَهُوَ حَدِيث ذكره أَبُو دَاوُد، عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، عَن حَمَّاد بن سَلمَة، عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن عَائِشَة، الحَدِيث. [وَفِيه: " فَلَمَّا كَانَت لَيْلَة الْبَطْحَاء طهرت ". وَهُوَ كَمَا قَالَ: لَا يَصح، فَإِن الْأَحَادِيث] كَثِيرَة بَيِّنَة بِأَنَّهَا - رَضِي الله عَنْهَا - مَا نزلت المحصب يَوْم النَّفر الثَّانِي، الَّذِي هُوَ رَابِع يَوْم النَّحْر، إِلَّا وَهِي قد فرغت من الْحَج، وطافت طواف الْإِفَاضَة يَوْم النَّحْر إِثْر مَا طهرت، وَلما نزلت المحصب استدعى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أخاها عبد الرَّحْمَن، فَقَالَ لَهُ: " اخْرُج بأختك من الْحرم، فلتهل بِالْعُمْرَةِ ثمَّ لتطوف بِالْبَيْتِ " الحَدِيث. فَالْقَوْل بِأَنَّهَا طهرت لَيْلَة الْبَطْحَاء خطأ. والبطحاء، والأبطح، والمحصب، والحصبة، وَخيف بني كنَانَة، كُله كِنَايَة عَن مَوضِع وَاحِد، نزله رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعد انْصِرَافه؛ لِأَنَّهُ أسمح لِلْخُرُوجِ، وَلَيْسَ بِسنة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 464 وَقد / كَانَ قَالَ فِي أمس يَوْم نُزُوله " (1226) " نَحن نازلون غَدا إِن شَاءَ الله بخيف بني كنَانَة، حَيْثُ تقاسمت قُرَيْش على الْكفْر ". وَمن هُنَالك ذهبت عَائِشَة إِلَى التَّنْعِيم لتعتمر، وهنالك / انتظرها رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى فرغت من عمرتها، فقد كَانَ [لَهَا طَاهِرا يَوْم النَّحْر، وَيَوْم النَّفر، وَيَوْم النَّفر الأول، وَيَوْم النَّفر الثَّانِي] . وَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَن يعتل الْخَبَر الْمَذْكُور بِالْحملِ على أحد رُوَاته: إِمَّا حَمَّاد بن سَلمَة، وَإِمَّا الرَّاوِي عَنهُ لمُخَالفَة النَّاس، فَاعْلَم ذَلِك. (1227) وَذكر من منتخب عَليّ بن عبد الْعَزِيز، عَن ثَوْبَان، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يمس الْقُرْآن إِلَّا طَاهِر، وَالْعمْرَة هِيَ الْحَج الْأَصْغَر ". ثمَّ قَالَ: إِسْنَاده ضَعِيف، انْتهى قَوْله. وَهَذَا الحَدِيث يرويهِ عَليّ بن عبد الْعَزِيز هَكَذَا: حَدثنَا أسْحَاق بن إِسْمَاعِيل، قَالَ: حَدثنَا مسْعدَة الْبَصْرِيّ، عَن خصيب بن جحدر عَن النَّضر ابْن شفي، عَن أبي أَسمَاء الرَّحبِي، عَن ثَوْبَان، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يمس الْقُرْآن إِلَّا طَاهِر، وَالْعمْرَة الْحَج الْأَصْغَر، وَعمرَة خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَحجَّة أفضل من عمْرَة ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 465 وَذكر بِهَذَا الْإِسْنَاد أَحَادِيث، وَهُوَ إِسْنَاد فِي غَايَة الضعْف. وَلم أجد للنضر بن شفي ذكرا فِي شَيْء من مظان وجوده، فَهُوَ جد مَجْهُول. وَأما الخصيب بن جحدر، فقد رَمَاه ابْن معِين بِالْكَذِبِ. وَاتَّقَى أَحْمد بن حَنْبَل حَدِيثه وَإِنَّمَا كَانَ يروي ثَلَاثَة عشر أَو أَرْبَعَة عشر حَدِيثا. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: لَهُ أَحَادِيث مَنَاكِير. وَأما مسْعدَة الْبَصْرِيّ، فَهُوَ ابْن اليسع، خرق أَحْمد بن حَنْبَل حَدِيثه وَتَركه. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: إِنَّه يكذب على جَعْفَر بن مُحَمَّد. فَأَما إِسْحَاق بن إِسْمَاعِيل، الَّذِي يرويهِ عَنهُ عَليّ بن عبد الْعَزِيز، فَهُوَ ابْن عبد الْأَعْلَى الْأَيْلِي، يكثر عَنهُ، يروي عَن ابْن عُيَيْنَة، وَجَرِير، وَغَيرهمَا، وَهُوَ شيخ لأبي دَاوُد، وَأَبُو دَاوُد لَا يروي إِلَّا عَن ثِقَة عِنْده، فاعلمه. (1228) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، عَن زيد بن ثَابت، قَالَ: قَالَ رَسُول الله / - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الْحَج وَالْعمْرَة فريضتان، لَا يَضرك بِأَيِّهِمَا بدأت ". ثمَّ قَالَ: الصَّحِيح أَنه من قَول زيد بن ثَابت. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 466 (1229) وَلَا يَصح فِي هَذَا الْبَاب إِلَّا حَدِيث أبي رزين. هَكَذَا أجمل تَعْلِيل هَذَا الحَدِيث، وَهُوَ حَدِيث يرويهِ الدَّارَقُطْنِيّ هَكَذَا: حَدثنَا عَليّ بن الْحسن بن رستم، حَدثنَا مُحَمَّد بن سعيد، أَبُو يحيى الْعَطَّار، حَدثنَا مُحَمَّد بن كثير الْكُوفِي، حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن مُسلم، عَن مُحَمَّد بن سِيرِين، عَن زيد بن ثَابت. فَذكره. وَمُحَمّد بن سعيد، كُوفِي، صيرفي، قَالَ فِيهِ البُخَارِيّ: مُنكر الحَدِيث. وَلم يرضه ابْن حَنْبَل، وَقَالَ: خرقنا حَدِيثه. وَيَرْوِيه هِشَام بن حسان، عَن مُحَمَّد بن سِيرِين، عَن زيد بن ثَابت مَوْقُوفا، وَلَفظه: سُئِلَ عَن الْعمرَة قبل الْحَج فَقَالَ: " صلاتان لَا يَضرك بِأَيِّهِمَا بدأت ". وَهَذَا مُقْتَضى آخر غير الأول، فاعلمه. (1230) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن بِلَال بن الْحَارِث، قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله، فسخ الْحَج لنا خَاصَّة أَو لمن بَعدنَا؟ قَالَ: " بل لكم خَاصَّة ". ثمَّ قَالَ: الصَّحِيح فِي هَذَا قَول أبي ذَر، غير مَرْفُوع إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خرجه مُسلم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 467 هَكَذَا قَالَ فِي حَدِيث بِلَال، وَلم يبين علته. وَإِسْنَاده هُوَ هَذَا: حَدثنَا النُّفَيْلِي، حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد، حَدثنَا ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن، عَن الْحَارِث بن بِلَال، عَن أَبِيه. فَذكر. الْحَارِث بن بِلَال هَذَا لَا يعرف حَاله، وَقَالَ عبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل: سَأَلت أبي عَن حَدِيث بِلَال بن الْحَارِث الْمُزنِيّ، فِي فسخ الْحَج، فَقَالَ: " لَا أَقُول بِهِ، وَلَيْسَ إِسْنَاده بِالْمَعْرُوفِ، وَلم يروه إِلَّا الدَّرَاورْدِي وَحده ". (1231) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن عَائِشَة، قُلْنَا: يَا رَسُول الله، أَلا نَبْنِي بنيانا يظلك بمنى؟ قَالَ: " [لَا] منى مناخ من سبق ". قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن. كَذَا قَالَ، وَلم يبين لم لَا يَصح، وَعِنْدِي أَنه لَيْسَ بِحسن، بل ضَعِيف، وَذَلِكَ أَن التِّرْمِذِيّ ذكره هَكَذَا: حَدثنَا يُوسُف بن عِيسَى، وَمُحَمّد بن أبان، قَالَا: حَدثنَا وَكِيع، عَن إِسْرَائِيل، عَن إِبْرَاهِيم بن مهَاجر / عَن يُوسُف بن مَاهك، عَن أمه مُسَيْكَة، عَن عَائِشَة. فَذَكرته. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 468 [ومسيكة] هَذِه أم يُوسُف بن مَاهك، لَا تعرف حَالهَا، لَا يعرف روى عَنْهَا غير ابْنهَا. (1232) وَذكر من طَرِيقه إيضا، عَن أَشْعَث بن سوار، عَن أبي الزبير، عَن جَابر قَوْله: " فَكُنَّا نلبي عَن النِّسَاء ونرمي عَن الصّبيان ". وَلم يقل بإثره شَيْئا. وَأَحْسبهُ اكْتفى فِي تَضْعِيفه بإبراز مَا أبرز من إِسْنَاده، وَقد علم أَن أَشْعَث ابْن سوار ضَعِيف، وَأَبُو الزبير مُدَلّس. وَله عِلّة أُخْرَى، وَذَلِكَ أَنه مُضْطَرب الْمَتْن، قَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد / ابْن إِسْمَاعِيل الوَاسِطِيّ، قَالَ سَمِعت ابْن نمير، عَن أَشْعَث بن سوار، عَن أبي الزبير، عَن جَابر قَالَ: " كُنَّا إِذا حجَجنَا مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَكُنَّا نلبي عَن النِّسَاء، ونرمي عَن الصّبيان ". فَفِيهِ - كَمَا ترى من رِوَايَة مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل، عَن ابْن نمير - أَن النِّسَاء لَا يلبين، وَإِنَّمَا يُلَبِّي عَنْهُن الرِّجَال، وَأَن الصّبيان لَا يلبى عَنْهُم، وَلَكِن يرْمى عَنْهُم. وَقَالَ أَبُو بكر بن أبي شيبَة فِي مُصَنفه: حَدثنَا عبد الله بن نمير، عَن أَشْعَث، عَن أبي الزبير، عَن جَابر قَالَ: حجَجنَا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ومعنا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 469 النِّسَاء وَالصبيان، فلبينا عَن الصّبيان، ورمينا عَنْهُم. فَهَذَا - كَمَا ترى - أَن الصّبيان يلبى عَنْهُم، وَلم يذكر التَّلْبِيَة عَن النِّسَاء. وَهَذَا أولى بِالصَّوَابِ وأشبه بِهِ، فَإِن الْمَرْأَة لَا يلبى عَنْهَا غَيرهَا، أجمع أهل الْعلم على ذَلِك. حَكَاهُ هَكَذَا التِّرْمِذِيّ، قَالَ: وَإِنَّمَا لَا ترفع صَوتهَا بِالتَّلْبِيَةِ فَقَط. وَلما أورد أَبُو مُحَمَّد حَدِيث التِّرْمِذِيّ الْمَذْكُور، وَعلم مَا فِيهِ، أتبعه حِكَايَة التِّرْمِذِيّ لهَذَا الْإِجْمَاع، فَلَو علم بِرِوَايَة ابْن أبي شيبَة، كَانَت من مَقْصُوده، فَاعْلَم ذَلِك. (1233) وَذكر أَنه قد جَاءَت أَحَادِيث مراسل وضعاف: " تمنع من أَن يحجّ أحد عَن أحد ". وَهِي مَا رُوِيَ عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن يحيى الْعَدوي، ثمَّ النجاري أَن امْرَأَة من الْعَرَب قَالَت: يَا رَسُول الله، الحَدِيث. (1234) وَعَن مُحَمَّد بن حَيَّان / الْأنْصَارِيّ، أَن امْرَأَة جَاءَت إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، الحَدِيث. (1235) وَعَن مُحَمَّد بن الْحَارِث التَّيْمِيّ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 470 الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: حَدثنِي بِهَذِهِ الْأَحَادِيث شُرَيْح، إجَازَة عَن ابْن حزم، ونقلتها من كتاب ابْن حزم فِي حجَّة الْوَدَاع بِإِسْنَادِهِ. انْتهى كَلَامه. فَأَقُول: أجمل من تعليلها مَا عدا الْإِرْسَال، وَهِي لَا تصح مراسل. وَبَيَان ذَلِك هُوَ أَن الأول، أوردهُ ابْن حزم هَكَذَا: حَدثنَا أَحْمد بن عمر بن أنس العذري، حَدثنَا عبد الله بن حُسَيْن بن عقال، حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الدينَوَرِي، حَدثنَا مُحَمَّد بن الجهم، حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن حَمَّاد، حَدثنِي أبي، حَدثنَا ابْن أبي أويس، حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن كريم الْأنْصَارِيّ، عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن يحيى الْعَدوي، ثمَّ النجاري، أَن امْرَأَة من الْعَرَب قَالَت: يَا رَسُول الله، إِن أبي شيخ كَبِير، فَقَالَ لَهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لتحجي عَنهُ وَلَيْسَ لأحد بعده ". وَقَالَ ابْن حزم: مُرْسل، وَفِيه مَجْهُولَانِ، لَا يدرى أحد مِنْهُمَا: أَحدهمَا مُحَمَّد بن عبد الله بن كريم، وَالْآخر إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن يحيى. وَأما الثَّانِي فَقَالَ ابْن حزم: حَدثنِي أَحْمد بن عمر، حَدثنَا الْحُسَيْن بن يَعْقُوب، حَدثنَا سعيد بن مخلوف، حَدثنَا يُوسُف بن يحيى المغامي، حَدثنَا عبد الْملك بن حبيب حَدثنِي مطرف، عَن مُحَمَّد بن الكدير، عَن مُحَمَّد بن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 471 حَيَّان الْأنْصَارِيّ، أَن امْرَأَة جَاءَت إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَت: إِن أبي شيخ كَبِير لَا يقوى على الْحَج، قَالَ: " فلتحجي عَنهُ، وَلَيْسَ ذَلِك لأحد بعده ". قَالَ ابْن حزم: فِيهِ ابْن حبيب، ومطرف، عَن مجهولين. وَأما الثَّالِث، فبإسناده إِلَى ابْن حبيب، قَالَ: حَدثنَا هَارُون بن صَالح الطلحى، عَن عبد الرَّحْمَن بن زيد بن أسلم، عَن ربيعَة، عَن مُحَمَّد بن الْحَارِث التَّيْمِيّ، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يحجّ أحد عَن أحد إِلَّا ولد عَن وَالِد ". قَالَ ابْن حزم: رِوَايَة ابْن حبيب سَاقِطَة مطرحة / بلية من البلايا لَو روى عَن الثِّقَات، فَكيف عَن الطلحي الَّذِي لَا يعرف من هُوَ، عَن عبد الرَّحْمَن بن زيد بن أسلم، وَهُوَ سَاقِط. انْتهى مَا ذكر. وَهُوَ تَفْسِير مَا أجمل أَبُو مُحَمَّد من تَعْلِيل هَذِه المراسل فاعلمه. (1236) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن جَابر بن عبد الله / سَأَلت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الضبع، فَقَالَ: " هِيَ صيد، وَيجْعَل فِيهِ كَبْش إِذا صَاده الْمحرم ". وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: " كَبْش مسن "، قَالَ: وَالصَّحِيح حَدِيث أبي دَاوُد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 472 هَذَا مَا ذكر من غير مزِيد، وَالْغَرَض تَبْيِين مَا أجمل من عِلّة زِيَادَة " مسن ". وَذَلِكَ أَنه حَدِيث يرويهِ الدَّارَقُطْنِيّ هَكَذَا: حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن يُونُس بن ياسين، قَالَ: حَدثنَا إِسْحَاق بن أبي إِسْرَائِيل، قَالَ: حَدثنَا حسان بن إِبْرَاهِيم، قَالَ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم الصَّائِغ، عَن عَطاء، عَن جَابر بن عبد الله، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " فِي الضبع إِذا أَصَابَهَا الْمحرم جَزَاء: كَبْش مسن، ويوكل ". هَذَا إِسْنَاده، وَهُوَ غير إِسْنَاد [حَدِيث] أبي دَاوُد، وَذَلِكَ أَن رَاوِي حَدِيث أبي دَاوُد عَن جَابر، إِنَّمَا هُوَ عبد الرَّحْمَن بن أبي عمار، وَهُوَ ثِقَة. والْحَدِيث مَشْهُور بِهِ، وَمن طَرِيقه يعرف، فَأَما هَذَا الَّذِي من رِوَايَة عَطاء عَن جَابر، فَمن هَذَا الْإِسْنَاد. وَإِبْرَاهِيم بن زِيَاد الصَّائِغ، رَاوِيه عَن عَطاء، رجل صَالح ثِقَة. وَحسان بن إِبْرَاهِيم الْكرْمَانِي، أخرج لَهُ البُخَارِيّ. وَقَالَ ابْن معِين: لَا بَأْس بِهِ. وَقَالَ ابْن الْمَدِينِيّ: كَانَ ثِقَة، وَكَانَ أَشد النَّاس فِي الْقدر. وَكَانَ ابْن حَنْبَل يوثقه أَيْضا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 473 (1237) وَقد سَاق أَبُو مُحَمَّد من طَرِيقه حَدِيث عَائِشَة فِي لَغْو الْيَمين. وَهُوَ من رِوَايَته، عَن إِبْرَاهِيم الصَّائِغ، عَن عَطاء، عَن عَائِشَة. وَلم يعرض لَهُ من جِهَة رِجَاله، لَكِن من جِهَة أَنه رُوِيَ مَوْقُوفا. فَأَما إِسْحَاق بن أبي إِسْرَائِيل فَهُوَ من مشاهير الْمُحدثين وحفاظهم، وَأَكْثَرهم يوثقه، وَلكنه اتّفق لَهُ رَأْي فِي الْقُرْآن أَيَّام المحنة، وَهُوَ الْوَقْف، فَترك جمَاعَة من / أَئِمَّة الْمُحدثين حَدِيثه ورفضوه. فَلَعَلَّ أَبَا مُحَمَّد علم هَذَا من حَاله، فَلذَلِك لم يصحح هَذِه الزِّيَادَة من طَرِيقه، وَقَالَ: إِن الصَّحِيح حَدِيث أبي دَاوُد دونهَا. وَأَيْضًا فَإِن إِسْمَاعِيل بن يُونُس بن ياسين، شيخ الدَّارَقُطْنِيّ فِيهِ، هُوَ أَبُو إِسْحَاق، الْمَعْرُوف بالشيعي، لَا أعرف حَاله فِي الحَدِيث. وَقد ذكره الْخَطِيب برواته من فَوق وَمن أَسْفَل، وَذكر وَفَاته، وَلم يعرض لَهُ بتعديل وَلَا تجريح، فَالله أعلم. (1238) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يقتل الْمحرم السَّبع العادي ". قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن، وخرجه أَبُو دَاوُد أَيْضا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 474 هَذَا نَص مَا أورد، فَهُوَ لم يبين لم لَا يَصح، وَذَلِكَ أَنه من رِوَايَة يزِيد بن أبي زِيَاد [حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن أبي نعم البَجلِيّ] . قَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن منيع، قَالَ: حَدثنَا هشيم، حَدثنَا يزِيد ابْن أبي زِيَاد، عَن ابْن أبي نعم، عَن أبي سعيد، فَذكره بِالنَّصِّ الْمُتَقَدّم من غير مزِيد. وَقَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن حَنْبَل، حَدثنَا هشيم، حَدثنَا يزِيد بن أبي زِيَاد، حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن أبي نعم البَجلِيّ، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سُئِلَ عَمَّا يقتل الْمحرم، قَالَ: " الْحَيَّة، وَالْعَقْرَب، والفويسقة، وَيَرْمِي الْغُرَاب وَلَا يقْتله، وَالْكَلب الْعَقُور، والحدأة، والسبع العادي ". وَذكر أَبُو مُحَمَّد قبله من هَذَا الحَدِيث، قِطْعَة " يَرْمِي الْغُرَاب وَلَا يقْتله ". ثمَّ قَالَ بإثره: فِي إِسْنَاده يزِيد بن أبي زِيَاد، وَلَا يحْتَج بِهِ. فَهَذِهِ عِلّة الحَدِيث الْمَذْكُور، الْمَانِعَة من تَصْحِيحه، فَإِن يزِيد بن أبي زِيَاد مُخْتَلف فِيهِ. (1239) وَذكر بعده أَن عبد الرَّحْمَن بن صَفْوَان، سَأَلَ عمر بن الْخطاب، كَيفَ صنع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين دخل الْكَعْبَة؟ قَالَ: " صلى رَكْعَتَيْنِ ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 475 وَسكت عَنهُ، وَهُوَ من رِوَايَة يزِيد بن أبي زِيَاد، وَلم يبين ذَلِك، وَهُوَ أقل مَا كَانَ يلْزمه، فاعلمه. (1240) وَذكر حَدِيث / عَائِشَة: " لَو اسْتقْبلت من أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرت مَا دَخَلتهَا " يَعْنِي الْكَعْبَة /. من طَرِيق أبي دَاوُد، وَضَعفه بِإِسْمَاعِيل بن عبد الْملك، ثمَّ قَالَ: (1241) وَقد رُوِيَ بِإِسْنَاد آخر عَن عَائِشَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " نَدم على دُخُوله الْبَيْت ". خرجه أَبُو بكر الْبَزَّار، وَلَا يثبت أَيْضا. كَذَا ذكره وَلم يبين علته، وَهُوَ حَدِيث يرويهِ الْبَزَّار هَكَذَا: حَدثنَا إِبْرَاهِيم ابْن عبد الله بن مُحَمَّد الْكُوفِي، قَالَ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن أبي مُعَاوِيَة، قَالَ: حَدثنَا أبي، عَن خَالِد بن مغول، عَن ثَعْلَبَة، عَن شُرَيْح بن هَانِئ، عَن عَائِشَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " نَدم على دُخُول الْبَيْت، كَرَاهِيَة أَن يشق على أمته ". قَالَ: لَا نعلم رَوَاهُ بِهَذَا اللَّفْظ إِلَّا شُرَيْح بن هَانِئ، وَقد روى ابْن أبي مليكَة عَن عَائِشَة شَبِيها بِهَذَا الْمَعْنى، بِغَيْر هَذَا اللَّفْظ. انْتهى كَلَام الْبَزَّار. ثَعْلَبَة هَذَا لَا يعرف من هُوَ، فَأَما إِبْرَاهِيم بن أبي مُعَاوِيَة، فصدوق لَا بَأْس الجزء: 3 ¦ الصفحة: 476 بِهِ، وَأَبوهُ أَبُو مُعَاوِيَة هُوَ مُحَمَّد بن خازم الضَّرِير. (1242) وَذكر حَدِيث عَائِشَة: " أَنَّهَا كَانَت تحمل من مَاء زَمْزَم " الحَدِيث. وَقَالَ فِيهِ عَن التِّرْمِذِيّ: حسن غَرِيب. وَلم يبين لم لَا يَصح، وَذَلِكَ أَن التِّرْمِذِيّ يرويهِ هَكَذَا: [حَدثنَا أَبُو كريب] حَدثنَا خَلاد بن يزِيد الْجعْفِيّ، حَدثنَا زُهَيْر بن مُعَاوِيَة، عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة، فَذَكرته. قَالَ البُخَارِيّ فِي خَلاد بن يزِيد - وَذكر لَهُ هَذَا الحَدِيث، عَن زُهَيْر [عَن هِشَام] ، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة، أَنَّهَا حملت مَاء زَمْزَم فِي الْقَوَارِير، وَقَالَت: " حمله رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الأداوي والقرب " - لَا يُتَابع عَلَيْهِ. (1243) وَذكر من طَرِيق عبد الله بن المؤمل، عَن أبي الزبير، عَن جَابر، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَاء زَمْزَم لما شرب لَهُ ". قَالَ: وَفِي هَذَا الْبَاب عَن ابْن عَبَّاس. ذكر الأول أَبُو جَعْفَر الْعقيلِيّ، وَأَبُو بكر بن أبي شيبَة، وَالثَّانِي الدَّارَقُطْنِيّ. انْتهى كَلَامه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 477 وَيظْهر / من أمره من حَيْثُ ذكر هَذِه الْقطعَة من إِسْنَاده أَنه مضعف لَهُ، وَيُحب أَن يكون كَذَلِك، فَإِن عبد الله بن مُؤَمل سيئ الْحِفْظ، وتدليس أبي الزبير مَعْلُوم. والْحَدِيث الْمَذْكُور رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة، عَن زيد بن الْحباب وَسَعِيد بن زَكَرِيَّاء، كِلَاهُمَا عَن عبد الله بن المؤمل. (1244) وَقد ذكر أَبُو مُحَمَّد حَدِيث: " اسْعوا فَإِن الله كتب عَلَيْكُم السَّعْي ". وَهُوَ من رِوَايَة عبد الله بن المؤمل، وَحسنه. وَقد ذَكرْنَاهُ فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أتبعهَا كلَاما يَقْتَضِي ظَاهره تصحيحها وَلَيْسَت بصحيحة. (1245) فَأَما حَدِيث ابْن عَبَّاس، فإسناده آخر، وَلَفظه آخر، وعلته أُخْرَى. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا عمر بن الْحسن بن عَليّ، حَدثنَا مُحَمَّد بن هِشَام ابْن عَليّ الْمروزِي، حَدثنَا مُحَمَّد بن حبيب الجارودي، حَدثنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن ابْن أبي نجيح، عَن مُجَاهِد، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَاء الجزء: 3 ¦ الصفحة: 478 زَمْزَم لما شرب لَهُ، إِن شربته تستشفي بِهِ شفاك الله، وَإِن شربته لشبعك أشبعك الله بِهِ، وَإِن شربته لقطع ظمئك قطعه، وَهِي هزمة جِبْرِيل، وسقيا الله إِسْمَاعِيل ". مُحَمَّد بن حبيب بن مُحَمَّد الجارودي، بَصرِي قدم بَغْدَاد، وَحدث بهَا، وَكَانَ صَدُوقًا. وَشَيخ الدَّارَقُطْنِيّ: عمر بن الْحسن بن عَليّ بن الْجَعْد، أَبُو الْقَاسِم الْجَوْهَرِي، ثِقَة، وَلَكِن مُحَمَّد بن هِشَام بن عَليّ الْمروزِي، لم أجد لَهُ ذكرا، فَالله أعلم. (1246) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن سُفْيَان بن حُسَيْن، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من أَدخل فرسا بَين فرسين " الحَدِيث. قَالَ: وَرَوَاهُ سعيد بن بشير، عَن الزُّهْرِيّ بِمثلِهِ. ثمَّ ذكر أَن معمرا وشعيبا، وعقيلا، رَوَوْهُ عَن الزُّهْرِيّ، عَن رجال من الجزء: 3 ¦ الصفحة: 479 أهل الْعلم، قَالَ أَبُو دَاوُد: وَهَذَا أصح عندنَا. هَذَا نَص مَا ذكر، وَهُوَ يُعْطي أَن عِلّة الْخَبَر، هِيَ مُخَالفَة هَؤُلَاءِ لِسُفْيَان بن حُسَيْن / وَسَعِيد بن بشير، بِأَن وَقَفُوهُ على رجال من أهل / الْعلم. وَهَذَا لَيْسَ فِي الْحَقِيقَة بعلة، لَو كَانَ سُفْيَان وَسَعِيد رافعاه ثقتين، فَإِنَّهُ لَا بعد فِي أَن يكون الْخَبَر عِنْد الزُّهْرِيّ، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَعَن رجال من أهل الْعلم ذَهَبُوا إِلَيْهِ ورأوه لأَنْفُسِهِمْ رَأيا. وَإِنَّمَا عِلّة الْخَبَر ضعف سُفْيَان بن حُسَيْن فِي الزُّهْرِيّ، فقد عهد كثير الْمُخَالفَة لحفاظ أَصْحَابه، كثير الْخَطَأ عَنهُ، وَضعف سعيد بن بشير بِالْجُمْلَةِ، وَمِنْهُم من يوثقه. فَلَو كَانَا حافظين لم يضرهما مُخَالفَة من وَقفه. وَإِنَّمَا ذكرت هَذَا الحَدِيث فِي هَذَا الْبَاب - وَلم أجعله فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي عللها بِمَا لَيْسَ بعلة، وَترك ذكر مَا هُوَ فِي الْحَقِيقَة لَهَا عِلّة - لِأَنَّهُ تَبرأ من عهدته بإبراز مَوضِع علته حِين ذكر الْقطعَة الْمَذْكُورَة من إِسْنَاده، فَكَأَنَّهُ قد علله بِمَا هُوَ لَهُ عِلّة، وَلكنه أجمل ذَلِك، فاعتمدنا بَيَانه فاعلمه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 480 (1247) وَذكر حَدِيث ابْن عَبَّاس، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تنفل سَيْفه ذَا الفقار يَوْم بدر " الحَدِيث. من عِنْد التِّرْمِذِيّ، وَحسنه. وَلم يبين لم لَا يَصح، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ من رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن أبي الزِّنَاد، عَن أَبِيه، عَن عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة، عَن ابْن عَبَّاس. وَقد وَقع ذكر ابْن أبي الزِّنَاد مستوعبا، فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي سكت عَنْهَا مصححا لَهَا. (1248) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن مزيدة العصري، قَالَ: " دخل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم الْفَتْح، وعَلى سَيْفه ذهب وَفِضة ". ثمَّ قَالَ فِيهِ: حسن غَرِيب. هَكَذَا حسنه بتحسين التِّرْمِذِيّ، وَلم يبين لم لَا يَصح، وَهُوَ عِنْدِي ضَعِيف لَا حسن إِلَّا على رَأْي من يقبل المساتير، وَلَا يَبْتَغِي فيهم مزيدا، فَإِنَّهُ يكون حسنا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 481 قَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن صدران أَبُو جَعْفَر الْبَصْرِيّ، حَدثنَا طَالب بن حُجَيْر، عَن هود - وَهُوَ ابْن عبد الله بن سعد - عَن / جده مزيدة قَالَ: " دخل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم الْفَتْح، وعَلى سَيْفه ذهب وَفِضة ". قَالَ طَالب: فَسَأَلته عَن الْفضة: فَقَالَ: " كَانَت قبيعة سَيْفه فضَّة ". قَالَ فِيهِ: حسن غَرِيب. فَأَقُول - وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق -: هود بن عبد الله بن سعد، بَصرِي، لَا مزِيد فِيهِ على مَا فِي هَذَا الْإِسْنَاد: من رِوَايَته عَن جده، وَرِوَايَة طَالب بن حُجَيْر عَنهُ، فَهُوَ مَجْهُول الْحَال. وطالب بن حُجَيْر أَبُو حُجَيْر، كَذَلِك، وَإِن كَانَ قد روى عَنهُ أَكثر من وَاحِد. وَسُئِلَ عَنهُ الرازيان فَقَالَا: شيخ. يعنيان بذلك أَنه لَيْسَ من طلبة الْعلم ومقتنيه، وَإِنَّمَا هُوَ رجل اتّفقت لَهُ رِوَايَة لحَدِيث، أَو أَحَادِيث أخذت عَنهُ. وَقد كَانَ يلْزم أَبَا مُحَمَّد إِن كَانَ هَذَا الْإِسْنَاد عِنْده حسنا، كَمَا قنع بِهِ من تَحْسِين التِّرْمِذِيّ إِيَّاه - أَن يَسُوق بِهِ: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 482 (1249) " جعل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رايات الْأَنْصَار صفرا ". فَإِنَّهُ لم يسق فِي " كَون راية النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صفراء " شَيْئا يلْتَفت إِلَيْهِ. وَانْظُر هَذَا فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أرودها ضَعِيفَة وَلها طرق صَحِيحَة أَو حَسَنَة. (1250) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " خير الصَّحَابَة أَرْبَعَة " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: حسن غَرِيب، لَا يسْندهُ كَبِير أحد. لم يزدْ على هَذَا، فلنبين لم لَا يَصح أَيْضا، فَنَقُول: قَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى الْأَزْدِيّ، الْبَصْرِيّ، وَأَبُو عمار، وَغير وَاحِد، قَالُوا: حَدثنَا وهب بن جرير، عَن أَبِيه، عَن يُونُس بن يزِيد، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عبيد الله بن عبد الله، عَن ابْن عَبَّاس، فَذكره. قَالَ أَبُو عِيسَى: " هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب، لَا يسْندهُ كَبِير / أحد، غير جرير بن حَازِم، وَإِنَّمَا رُوِيَ هَذَا الحَدِيث عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُرْسلا. وَقد روى حبَان بن عَليّ الْعَنزي، عَن عقيل، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عبيد الله عَن ابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 483 وَرَوَاهُ اللَّيْث بن سعد، عَن عقيل، عَن الزُّهْرِيّ / عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُرْسلا " انْتهى كَلَام التِّرْمِذِيّ. فعلته إِذن عِنْده، الِاخْتِلَاف فِيهِ بِالْإِسْنَادِ والإرسال. وَذَلِكَ غير قَادِح فِي نظر غَيره، فَالْحَدِيث صَحِيح، فَيسْتَحق على هَذَا أَن يكْتب فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ضعفها بِمَا لَيْسَ بعلة، أَو حسنها وَهِي صَحِيحَة، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق. (1251) وَذكر من طَرِيق ابْن أبي شيبَة، عَن أبي الْورْد، سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إيَّاكُمْ والسرية الَّتِي إِن لقِيت فرت، وَإِن غنمت غلت ". ثمَّ قَالَ: إِسْنَاده ضَعِيف جدا، فِيهِ ابْن لَهِيعَة وَغَيره. هَذَا مَا ذكر، وَهُوَ كَمَا قَالَ، إِلَّا أَنا نبين مَا أجمل فِي قَوْله: " وَغَيره ". وَذَلِكَ أَن ابْن أبي شيبَة يرويهِ عَن زيد بن الْحباب، عَن ابْن لَهِيعَة، قَالَ: حَدثنَا يزِيد بن أبي حبيب، عَن لَهِيعَة بن عقبَة، قَالَ سَمِعت أَبَا الْورْد صَاحب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول، فَذكره. ولهيعة بن عقبَة لَا يعرف، وَلم أجد لَهُ ذكرا، إِلَّا أَن ابْن لَهِيعَة هُوَ عِنْد ابْن أبي حَاتِم، عبد الله بن لَهِيعَة بن عقبَة. هَكَذَا ذكره فِي بَاب اللَّام من أَسمَاء الْآبَاء. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 484 فَيُشبه على هَذَا أَن يكون وَالِد عبد الله، وَإِذا كَانَ هُوَ إِيَّاه لم يَنْفَعهُ؛ فَإِنَّهُ لَا تعرف حَاله. فَأَما غير ابْن أبي حَاتِم، فَيَقُول فِيهِ: عبد الله بن عقبَة بن لَهِيعَة، وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب، فعلى هَذَا يبْقى لَهِيعَة بن عقبَة غير مَعْرُوف الْعين، فَالله أعلم. (1252) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن صَخْر بن ودَاعَة الغامدي، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " اللَّهُمَّ بَارك لأمتي فِي بكورها، وَكَانَ إِذا بعث سَرِيَّة أَو جَيْشًا، بَعثهمْ أول النَّهَار ". (1253) ويروى من حَدِيث أنس عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اللَّهُمَّ بَارك لأمتي فِي بكورها يَوْم خميسها ". (1254) وَفِي الْبَاب عَن ابْن عَبَّاس، خرج حَدِيثهمَا الْبَزَّار. (1255) وَالصَّحِيح فِي هَذَا حَدِيث البُخَارِيّ، وَحَدِيث أبي دَاوُد حسن. انْتهى كَلَامه. فَأَقُول، مُبينًا لما أجمل من تَعْلِيل هَذَا الْبَاب: أما / قَوْله فِي حَدِيث الجزء: 3 ¦ الصفحة: 485 أبي دَاوُد: إِنَّه حسن، فخطأ. وَبَيَان ذَلِك [هُوَ] أَن أَبَا دَاوُد أوردهُ هَكَذَا: حَدثنَا سعيد بن مَنْصُور، حَدثنَا هشيم، حَدثنَا يعلى بن عَطاء، قَالَ: حَدثنَا عمَارَة بن حَدِيد، عَن صَخْر الغامدي. فَذكره. وَعمارَة بن حَدِيد هَذَا، مَجْهُول الْحَال، وَلَا يعرف روى عَنهُ إِلَّا يعلى بن عَطاء. وَقد سُئِلَ عَنهُ أَبُو حَاتِم وَأَبُو زرْعَة الرازيان: فَقَالَ كل وَاحِد مِنْهُمَا فِيهِ: " مَجْهُول ". وَأما حَدِيث أنس فَقَالَ الْبَزَّار: حَدثنَا عبد القدوس بن مُحَمَّد بن عبد الْكَبِير الْعَطَّار، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله الْخُزَاعِيّ، عَن عَنْبَسَة - يَعْنِي ابْن عبد الرَّحْمَن - عَن شبيب، عَن أنس، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " اللَّهُمَّ بَارك لأمتي فِي بكورها يَوْم خميسها ". قَالَ: " وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى عَن أنس إِلَّا من هَذَا الْوَجْه، وعنبسة ابْن عبد الرَّحْمَن لين الحَدِيث ". انْتهى كَلَام الْبَزَّار. وَكَذَا قَالَ فِي عَنْبَسَة " لين الحَدِيث " وَلَيْسَ كَذَلِك، بل هُوَ عِنْدهم فِي عداد من يضع الْأَحَادِيث، قَالَه أَبُو حَاتِم. وَقَالَ التِّرْمِذِيّ عَن البُخَارِيّ: " هُوَ ذَاهِب الحَدِيث ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 486 وشبيب بن بشر البَجلِيّ أَيْضا ضَعِيف. وَأما حَدِيث ابْن عَبَّاس فَقَالَ الْبَزَّار: حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن سيف، إبو أسْحَاق الْقطعِي قَالَ: حَدثنَا عَمْرو بن مساور، عَن أبي جَمْرَة، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اللَّهُمَّ بَارك لأمتي فِي بكورها يَوْم / خميسها ". قَالَ: وَقَالَ ابْن عَبَّاس: " لَا تسألن رجلا حَاجَة بلَيْل، وَلَا تسألن رجلا أعمى حَاجَة؛ فَإِن الْحيَاء فِي الْعَينَيْنِ ". قَالَ: " وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ رَوَاهُ عَن أبي جَمْرَة إِلَّا عَمْرو، وَعَمْرو روى عَنهُ عَفَّان وَجَمَاعَة من أَصْحَاب الحَدِيث، وَلم يكن بِالْقَوِيّ، وَلَا نعلم لَهُ غير هذَيْن الْحَدِيثين ". انْتهى كَلَام الْبَزَّار. وَذكر ابْن أبي حَاتِم عَمْرو بن مساور، أَبَا مسور روى عَن الشّعبِيّ، عَن قرظة، روى عَنهُ روح بن الْقَاسِم. لم يذكرهُ بِأَكْثَرَ من هَذَا، وَلَا أَدْرِي أهوَ هَذَا أم لَا؟ وَقَالَ الْبَزَّار أَيْضا: حَدثنَا النَّضر بن طَاهِر، قَالَ: حَدثنَا / إِسْحَاق بن سُلَيْمَان بن عَليّ بن عبد الله بن عَبَّاس، عَن أَبِيه، عَن جده، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اللَّهُمَّ بَارك لأمتي فِي بكورها ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 487 قَالَ: " وَهَذَا الحَدِيث يرْوى عَن ابْن عَبَّاس من وَجه آخر، وَهَذَا الْإِسْنَاد أحسن من الْإِسْنَاد الآخر، قَالَ: وَلَا نعلم أسْند إِسْحَاق بن سُلَيْمَان حَدِيثا غير هَذَا، وَالنضْر بن طَاهِر كَانَ رجلا كثير الذّكر لله، حدث بِأَحَادِيث لم يُتَابع على بَعْضهَا " انْتهى كَلَامه. وَإِنَّمَا عَنى بِالْإِسْنَادِ الآخر، الْإِسْنَاد [الآخر] الَّذِي فَرغْنَا من ذكره قبل هَذَا. وَإِسْحَاق بن سُلَيْمَان هَذَا لَا تعرف حَاله. (1256) وَلِلْحَدِيثِ طَرِيق آخر، يَجِيء على أصل أبي مُحَمَّد أَنه لَا بَأْس بِهِ، وَلَيْسَ هُوَ عِنْدِي بِصَحِيح أَيْضا. وَهُوَ حَدِيث ذكره ابْن السكن: قَالَ: حَدثنَا يحيى بن مُحَمَّد بن صاعد، حَدثنَا الْحُسَيْن بن الْحسن الْمروزِي، حَدثنَا أَوْس بن عبد الله الْمروزِي، حَدثنَا الْحُسَيْن بن وَاقد، عَن عبد الله بن بُرَيْدَة، عَن أَبِيه، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " اللَّهُمَّ بَارك لأمتي فِي بكورهم ". (1257) قد ذكر أَبُو مُحَمَّد حَدِيث: " إِسْلَام بُرَيْدَة فِي بَاب الفأل ". وَهُوَ من رِوَايَة أَوْس بن عبد الله هَذَا، وَسكت عَنهُ مصححا لَهُ. وَلَيْسَ هُوَ عِنْدِي بِصَحِيح؛ لِأَن أَوْس بن عبد الله الْمَذْكُور، مُنكر الحَدِيث. وَقد بيّنت أَمر هَذَا الحَدِيث فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي سكت عَنْهَا مصححا لَهَا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 488 (1258) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد، من رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن سعد ابْن عمار، قَالَ: أَخْبرنِي عبد الله بن سعيد المَقْبُري، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا حسدتم فَلَا تَبْغُوا " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: لَيْسَ إِسْنَاده بِقَوي. ذكره فِي الْجِهَاد، وَلم يزدْ فِي تَعْلِيله على هَذَا. وَعبد الرَّحْمَن بن سعد هَذَا: " مدنِي ضَعِيف "، قَالَه ابْن معِين. وَقَالَ البُخَارِيّ: " فِيهِ نظر ". وَقَالَ فِي بَاب عمَارَة: " لم يَصح حَدِيثه " يَعْنِي حَدِيث عبد الرَّحْمَن هَذَا. وَأما عبد الله بن سعيد المَقْبُري أَبُو عباد، فمتروك. وَقَالَ يحيى الْقطَّان: " استبان كذبه فِي مجْلِس " /، حكى ذَلِك عَنهُ البُخَارِيّ. (1259) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن ابْن عَبَّاس " أَن الْمُشْركين أَرَادوا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 489 أَن يشتروا جَسَد رجل من الْمُشْركين " الحَدِيث. وَقَالَ فِيهِ: حسن. قَالَ: وَذكره ابْن أبي شيبَة أَيْضا عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أُصِيب يَوْم الخَنْدَق رجل من الْمُشْركين، الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: وَإِسْنَاده مُنْقَطع وَضَعِيف، وَكَذَلِكَ إِسْنَاد التِّرْمِذِيّ. كَذَا أبهم علته، وَهُوَ ضَعِيف كَمَا ذكر، وَهَذَا مِنْهُ عمل صَوَاب، أَعنِي أَن لم يقبل من التِّرْمِذِيّ قَوْله فِيهِ: حسن، لما رَآهُ ضَعِيفا. وَبَيَان هَذَا، هُوَ أَن الحَدِيث الْمَذْكُور يرويهِ التِّرْمِذِيّ هَكَذَا: حَدثنَا مُحَمَّد بن غيلَان، حَدثنَا أَبُو أَحْمد، حَدثنَا سُفْيَان، عَن ابْن أبي ليلى، عَن الحكم، عَن مقسم، عَن ابْن عَبَّاس، فَذكر حَدِيثه. وَقَالَ فِيهِ: حسن، لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث الحكم. وَقَالَ ابْن أبي شيبَة: حَدثنَا عَليّ بن مسْهر، عَن ابْن أبي ليلى، عَن الحكم، عَن مقسم، عَن ابْن عَبَّاس، فَذكر حَدِيثه. فعلة [هَذَا] الْخَبَر، ضعف مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى. فَأَما الِانْقِطَاع، فَهُوَ مَا ذكر ابْن الْمَدِينِيّ قَالَ: سَمِعت يحيى - يَعْنِي الْقطَّان - يَقُول: قَالَ شُعْبَة /: أَحَادِيث الحكم عَن مقسم كتاب، إِلَّا خَمْسَة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 490 أَحَادِيث، قلت ليحيى: مَا هِيَ؟ قَالَ: (1260) حَدِيث " الْوتر ". (1261) وَحَدِيث " الْقُنُوت ". (1262) وَحَدِيث " عَزِيمَة الطَّلَاق، وَجَزَاء مثل مَا قتل من النعم ". (1263) " وَالرجل يَأْتِي امْرَأَته وَهِي حَائِض ". (1264) قَالَ: والحجامة للصَّائِم لَيْسَ بِصَحِيح. وَهَذَا ذكره ابْن أبي خَيْثَمَة فِي كِتَابه عَن ابْن الْمَدِينِيّ كَمَا نَقَلْنَاهُ. فَإِن كَانَ هُوَ معني أبي مُحَمَّد بالانقطاع، فقد كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَن لَا يتناقض فِيهِ، فقد أعرض عَن أَمْثَاله فِي عدَّة أَحَادِيث: من ذَلِك أَمر عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده، وَأبي سُفْيَان عَن جَابر، وَالْحسن عَن سَمُرَة، وَيحيى بن أبي كثير عَن مُعَاوِيَة بن سَلام، وَأبي النَّضر: سَالم عَن ابْن أبي أوفي، وَغَيرهم مِمَّن حدث من كتاب من لم يسمعهُ مِنْهُ، مِمَّا تقدم ذكره فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا مُتَّصِلَة، وَهِي مُنْقَطِعَة أَو مُرْسلَة، فَاعْلَم ذَلِك /. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 491 (1265) وَذكر من طَرِيق ابْن أبي شيبَة، عَن ابْن عمر، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " قسم للفارس سَهْمَيْنِ، وللراجل سَهْما ". وَصحح مَا ذكره البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد، من أَن الْفَارِس أسْهم ثَلَاثَة أسْهم، وأحال فِي عِلّة هَذَا على الدَّارَقُطْنِيّ، وَلم يبينها هُوَ. وعلته هِيَ أَن ابْن أبي شيبَة، يرويهِ عَن أبي أُسَامَة وَابْن نمير، قَالَا: حَدثنَا عبيد الله، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر. قَالَ أَحْمد بن مَنْصُور الرَّمَادِي: كَذَا يَقُول ابْن نمير. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: قَالَ لنا أَبُو بكر النَّيْسَابُورِي: هَذَا عِنْدِي وهم من ابْن أبي شيبَة أَو من الرَّمَادِي؛ لِأَن أَحْمد بن حَنْبَل، وَعبد الرَّحْمَن بن بشر، وَغَيرهمَا، يَقُولَانِ عَن ابْن نمير: خلاف هَذَا، وَكَذَلِكَ روى ابْن كَرَامَة وَغَيره عَن أبي أُسَامَة خلاف هَذَا. يَعْنِي أَنه أسْهم للفارس ثَلَاثَة أسْهم، وَأورد الْأَحَادِيث بذلك كُله. (1266) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن قُشَيْر بن عَمْرو، عَن بجالة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 492 ابْن عَبدة، عَن ابْن عَبَّاس، جَاءَ رجل من الأسبذيين من أهل الْبَحْر، وهم مجوس من هجر. الحَدِيث. (1267) ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: إِسْنَاد حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فِي الْجِزْيَة هُوَ الصَّحِيح. وَلم يبين عِلّة هَذَا، وَهِي الْجَهْل بِحَال قُشَيْر هَذَا، فَإِنَّهَا لَا تعرف. وَهَذَا الحَدِيث رَوَاهُ عَنهُ دَاوُد بن أبي هِنْد، وَذكر البُخَارِيّ أَن النَّضر بن مِخْرَاق الَّذِي كَانَ فِي مَسْجِد دَاوُد بن أبي هِنْد، روى عَنهُ أَيْضا، وَأَنه يعد فِي الْبَصرِيين. هَذَا كُله لَا يصير بِهِ مَعْرُوف الْحَال، مَا لم تنقل، فَاعْلَم ذَلِك. (1268) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد أَيْضا، من حَدِيث حَرْب بن عبيد الله ابْن عُمَيْر، عَن جده أبي أمه، عَن أَبِيه، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنَّمَا العشور على الْيَهُود والنصاري " الحَدِيث. قَالَ: وَهُوَ حَدِيث فِي إِسْنَاده اخْتِلَاف، وَلَا أعلمهُ من طَرِيق يحْتَج بِهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 493 انْتهى قَوْله. وَهُوَ إِجْمَال لعلته، وَحرب بن عبيد الله سُئِلَ عَنهُ ابْن معِين، فَقَالَ: مَشْهُور. وَهَذَا غير كَاف فِي تثبيت رِوَايَته، فكم من مَشْهُور / لَا تقبل رِوَايَته. فَأَما جده أَبُو أمه، فَلَا يعرف من هُوَ أصلا، فَكيف أَبوهُ. وَإِلَى هَذَا، فَإِنَّهُ مُخْتَلف فِيهِ على عَطاء بن السَّائِب اخْتِلَافا ذكره أَبُو دَاوُد، وَالْبُخَارِيّ غنينا عَن ذكره باستقلال علته الَّتِي ذكرنَا، فَهُوَ لَا يُقَارب مَا يلْتَفت إِلَيْهِ، فَاعْلَم ذَلِك. (1269) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن فَيْرُوز الديلمي، قلت: يَا رَسُول الله، إِنِّي أسلمت وتحتي أختَان. الحَدِيث. وَقَالَ فِيهِ: حسن. وَلم يبين لم لَا يَصح؟ وَعِنْدِي أَنه ضَعِيف، إِلَّا بِاعْتِبَار رَأْي من يقبل رِوَايَة الْمُسلم المستور من غير اعْتِبَار مزِيد. وَذَلِكَ أَنه حَدِيث يرويهِ عِنْد التِّرْمِذِيّ، وَأبي دَاوُد، يحيى بن أَيُّوب، عَن يزِيد بن أبي حبيب، عَن أبي وهب الجيشاني / عَن الضَّحَّاك بن فَيْرُوز الديلمي، عَن أَبِيه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 494 وَحَال الضَّحَّاك مَجْهُولَة، وَكَذَلِكَ حَالَة أبي وهب الرَّاوِي عَنهُ، واسْمه الديلم بن الهوشع. وَلم يذكر الضَّحَّاك هَذَا بِأَكْثَرَ من رِوَايَته عَن أَبِيه، وَرِوَايَة أبي وهب هَذَا عَنهُ، أخذا من هَذَا الْإِسْنَاد. وَقَالَ البُخَارِيّ: " فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث نظر ". وَإِلَى ذَلِك، فَإِن يحيى بن أَيُّوب يضعف وَلأبي مُحَمَّد فِي اضْطِرَاب ستراه إِن شَاءَ الله تَعَالَى. (1270) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، حَدِيث معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سَالم، عَن أَبِيه، أَن غيلَان بن سَلمَة الثَّقَفِيّ، أسلم وَله عشر نسْوَة فِي الْجَاهِلِيَّة، فأسلمن مَعَه " فَأمره النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يخْتَار أَرْبعا مِنْهُنَّ ". وَحكى عَن البُخَارِيّ أَنه غير مَحْفُوظ، قَالَ: وَالصَّحِيح مَا رَوَاهُ شُعَيْب بن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 495 أبي حَمْزَة، وَغَيره، عَن الزُّهْرِيّ، قَالَ: حدثت عَن مُحَمَّد بن سُوَيْد الثَّقَفِيّ، أَن غيلَان بن سَلمَة الثَّقَفِيّ، أسلم وَعِنْده عشر نسْوَة. قَالَ البُخَارِيّ: وَإِنَّمَا حَدِيث الزُّهْرِيّ، عَن سَالم، عَن أَبِيه، أَن رجلا من ثَقِيف طلق نِسَاءَهُ، فَقَالَ [لَهُ] عمر: لتراجعن نِسَاءَك، أَو لأرجمن قبرك كَمَا رجم قبر أبي رِغَال. ثمَّ قَالَ: وَقَالَ أَبُو عمر: الْأَحَادِيث فِي تَحْرِيم نِكَاح مَا زَاد على الْأَرْبَع، كلهَا معلولة. انْتهى كَلَام أبي مُحَمَّد. وَلَيْسَ فِي شَيْء مِنْهُ تنصيص / على عِلّة حَدِيث غيلَان، فلنبينها كَمَا يُرِيد مضعفوه، وَإِن كَانَت عِنْدِي لَيست بعلة. فَاعْلَم أَنه حَدِيث مُخْتَلف فِيهِ على الزُّهْرِيّ: فقوم رَوَوْهُ عَنهُ مُرْسلا من قبله، كَذَلِك قَالَ مَالك عَنهُ، قَالَ: بلغنَا أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لرجل من ثَقِيف. الحَدِيث. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ معمر عَنهُ، قَالَ: أسلم غيلَان مثله، من رِوَايَة عبد الرَّزَّاق، من معمر، فَهَذَا قَول. وَقَول ثَان، وَهُوَ زِيَادَة رجل فَوق الزُّهْرِيّ، وَهِي إِحْدَى رِوَايَتَيْنِ عَن يُونُس، رَوَاهُ ابْن وهب، عَن يُونُس، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عُثْمَان بن مُحَمَّد بن أبي سُوَيْد، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لغيلان حِين أسلم، وَعِنْده عشر نسْوَة. فَذكره. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 496 وَعَن يُونُس فِيهِ رِوَايَة أُخْرَى، تبين فِيهَا انْقِطَاع مَا بَين الزُّهْرِيّ وَعُثْمَان. وَهَذَا رَوَاهُ اللَّيْث، عَن يُونُس، عَن ابْن شهَاب، قَالَ: بَلغنِي عَن عُثْمَان ابْن أبي سُوَيْد، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ، فَذكر [الحَدِيث] . وَقَول ثَالِث عَنهُ - أَعنِي عَن الزُّهْرِيّ -[وَهُوَ مَا ذكر البُخَارِيّ، قَالَ: روى شُعَيْب بن أبي حَمْزَة وَغير وَاحِد عَن الزُّهْرِيّ] قَالَ: حدثت عَن مُحَمَّد ابْن سُوَيْد الثَّقَفِيّ، أَن غيلَان بن سَلمَة أسلم، الحَدِيث. وَقَول رَابِع عَنهُ، رَوَاهُ معمر عَنهُ، عَن سَالم، عَن أَبِيه، أَن غيلَان بن سَلمَة الثَّقَفِيّ، أسلم وَله عشر نسْوَة فِي الْجَاهِلِيَّة، وأسلمن مَعَه. الحَدِيث. يرويهِ عَن معمر هَكَذَا، مَرْوَان بن مُعَاوِيَة، وَسَعِيد بن أبي عرُوبَة، وَيزِيد ابْن زُرَيْع، وَقد ذكر التِّرْمِذِيّ فِي علله رِوَايَات جَمِيعهم موصلة. وَقد رَوَاهُ أَيْضا الثَّوْريّ عَن معمر، ذكر ذَلِك الدَّارَقُطْنِيّ من رِوَايَة يحيى بن سعيد عَنهُ فِي كتاب الْعِلَل، وَذكر جمَاعَة رَوَوْهُ أَيْضا عَن معمر كَذَلِك، إِلَّا أَنه لم يُوصل بهَا الْأَسَانِيد. وَذكر أَن يحيى بن سَلام رَوَاهُ عَن مَالك، عَن الزُّهْرِيّ كَذَلِك. وَهَذَا هُوَ الحَدِيث الَّذِي اعْتمد هَؤُلَاءِ فِي تخطئة معمر فِيهِ، وَمَا ذَلِك بالبين، فَإِن معمرا حَافظ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 497 وَلَا بعد فِي أَن يكون عِنْد الزُّهْرِيّ فِي هَذَا كل مَا روى عَنهُ. وَإِنَّمَا اتجهت تخطئتهم رِوَايَة معمر هَذِه، من حَيْثُ الاستبعاد / أَن يكون الزُّهْرِيّ يرويهِ بِهَذَا الْإِسْنَاد الصَّحِيح، عَن سَالم، عَن أَبِيه، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ثمَّ يحدث بِهِ على تِلْكَ الْوُجُوه الْوَاهِيَة. تَارَة يُرْسِلهُ من قبله. وَتارَة عَن عُثْمَان بن مُحَمَّد بن أبي سُوَيْد، وَهُوَ لَا يعرف الْبَتَّةَ. وَتارَة يَقُول /: بلغنَا عَن عُثْمَان هَذَا. وَتارَة عَن مُحَمَّد بن سُوَيْد الثَّقَفِيّ. وَهَذَا عِنْدِي غير مستبعد، أَن يحدث بِهِ على هَذِه الْوُجُوه كلهَا، فيعلق كل وَاحِد من الروَاة عَنهُ مِنْهَا بِمَا تيَسّر لَهُ حفظه، فَرُبمَا اجْتمع كل ذَلِك عِنْد أحدهم، أَو أَكْثَره، أَو أَقَله. (1271) وَأما مَا قَالَ البُخَارِيّ من أَن الزُّهْرِيّ، إِنَّمَا روى عَن سَالم، عَن أَبِيه، أَن عمر قَالَ لرجل من ثَقِيف طلق نِسَاءَهُ: " لتراجعن نِسَاءَك، أَو لأرجمنك كَمَا رجم قبر أبي رِغَال ". فَإِنَّهُ قد رُوِيَ من غير رِوَايَة الزُّهْرِيّ، أَن عمر قَالَ ذَلِك لَهُ فِي حَدِيث وَاحِد، ذكر فِيهِ تَخْيِير النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِيَّاه حِين أسلم. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 498 قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن نوح الجنديسابوري، حَدثنَا عبد القدوس ابْن مُحَمَّد. وَحدثنَا مُحَمَّد بن مخلد، حَدثنَا حَفْص بن عمر بن يزِيد أَبُو بكر، قَالَا: حَدثنَا سيف بن عبيد الله الْجرْمِي، حَدثنَا سرار بن مجشر، عَن أَيُّوب، عَن نَافِع وَسَالم، عَن ابْن عمر، أَن غيلَان بن سَلمَة الثَّقَفِيّ أسلم وَعِنْده عشر نسْوَة " فَأمره النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يمسك مِنْهُنَّ أَرْبعا، فَلَمَّا كَانَ زمَان عمر طلقهن، فَقَالَ لَهُ عمر: راجعهن، وَإِلَّا ورثتهن مَالك، وَأمرت بقبرك. زَاد ابْن نوح: فَأسلم وأسلمن مَعَه. فَهَذَا أَيُّوب يرويهِ عَن سَالم، كَمَا رَوَاهُ الزُّهْرِيّ عَنهُ فِي رِوَايَة معمر، وَزَاد إِلَى سَالم نَافِعًا. وسرار بن مجشر أحد الثِّقَات، وَسيف بن عبيد الله قَالَ فِيهِ عَمْرو بن عَليّ: " من خِيَار الْخلق ". وَقع ذكره لَهُ بذلك فِي إِسْنَاد حَدِيث فِي الصّيام. وَلم يذكرهُ ابْن أبي حَاتِم وَلَا أعرفهُ عِنْد غَيره. وَلما ذكر الدَّارَقُطْنِيّ هَذَا الحَدِيث فِي كتاب الْعِلَل قَالَ: تفرد بِهِ سيف بن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 499 عبيد الله الْجرْمِي، عَن سرار. وسرار بن مجشر، أَبُو عُبَيْدَة، ثِقَة من أهل الْبَصْرَة /. والمتحصل من هَذَا، هُوَ أَن حَدِيث الزُّهْرِيّ، عَن سَالم، عَن أَبِيه، من رِوَايَة معمر فِي قصَّة غيلَان صَحِيح، وَلم يعتل عَلَيْهِ من ضعفه بِأَكْثَرَ من الِاخْتِلَاف على الزُّهْرِيّ، فَاعْلَم ذَلِك. (1272) وَذكر من المراسل عَن عَليّ بن أبي طَلْحَة، عَن كَعْب بن مَالك، أَنه أَرَادَ أَن يتَزَوَّج يَهُودِيَّة فَقَالَ لَهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تتزوجها فَإِنَّهَا لَا تحصنك ". ثمَّ قَالَ: هَذَا مُنْقَطع وَضَعِيف الْإِسْنَاد، لَا أعلم رَوَاهُ عَن عَليّ، غير عتبَة بن تَمِيم وَأبي بكر بن أبي مَرْيَم، انْتهى مَا أورد. فلنبين من تَعْلِيله مَا أجمل فَنَقُول: مَوضِع الِانْقِطَاع فِيهِ، هُوَ فِيمَا بَين عَليّ ابْن أبي طَلْحَة وَكَعب بن مَالك. وَعلي أَيْضا يُرْسل عَن ابْن عَبَّاس، ويروي عَنهُ هَذَا الْمُرْسل أَبُو سبأ: عتبَة ابْن تَمِيم [وَهُوَ لَا تعرف حَاله، رَوَاهُ عَنهُ بَقِيَّة، وَهُوَ من قد علم ضعفه، وَلَا يعلم روى عَن عتبَة] إِلَّا بَقِيَّة وَإِسْمَاعِيل بن عَيَّاش. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 500 (1273) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن زُهَيْر بن مُحَمَّد، عَن عبد الله ابْن مُحَمَّد بن عقيل، عَن جَابر بن عبد الله، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا نكح العَبْد بِغَيْر إِذن سَيّده فَهُوَ عاهر ". قَالَ فِيهِ: حسن. وَلم يبين لم لَا يَصح، وَسبب ذَلِك أَن عبد الله وزهيرا مُخْتَلف فيهمَا. وَقد رَوَاهُ ابْن جريج، عَن عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل كَمَا رَوَاهُ زُهَيْر، ذكره التِّرْمِذِيّ. وَقد بَينا ذَلِك فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي رويت بِأَحْسَن مِمَّا رَوَاهَا بِهِ. (1274) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن جَابر بن عبد الله، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 501 قَالَ: " من أعْطى فِي صدَاق امْرَأَة ملْء كفيه سويقا أَو تَمرا " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: هَذَا يرْوى مَوْقُوفا، وَلَا يعول على من أسْندهُ. هَكَذَا أجمل تَعْلِيله، وَهُوَ حَدِيث يرويهِ يزِيد قَالَ: حَدثنَا مُوسَى بن مُسلم بن رُومَان، عَن أبي الزبير، عَن جَابر، فَذكره. وَلَا يعرف مُوسَى هَذَا، وَلم أجد لَهُ ذكرا. وَفِي مثله يَقُول / أَبُو مُحَمَّد: كتبته حَتَّى أسأَل عَنهُ، فليت شعري لم قَالَ فِيهِ الْآن: إِنَّه لَا يعول عَلَيْهِ، فَهَلا قَالَ مثل هَذَا فِي أُولَئِكَ مِنْهُم. (1275) وَإِنَّمَا روى هَذَا الحَدِيث ابْن جريج، عَن أبي الزبير، عَن جَابر، وَأَبُو / عَاصِم، عَن صَالح بن رُومَان، عَن أبي الزبير، عَن جَابر، قَالَ: " كُنَّا نستمتع بالقبضة من الطَّعَام على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ". فَهَذَا معنى آخر من بَاب الْمُتْعَة لَا من بَاب الصَدَاق. وَرَوَاهُ ابْن مهْدي، عَن صَالح بن رُومَان، عَن أبي الزبير، عَن جَابر، بِالْمَعْنَى الأول، لَكِن مَوْقُوفا من قَول جَابر، لم يذكر على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. هَذَا معنى مَا ذكر أَبُو دَاوُد إِثْر الحَدِيث الْمَذْكُور، وَلم يُوصل بِهِ الْأَسَانِيد، فَاعْلَم ذَلِك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 502 (1276) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أنكحوا الْأَيَامَى ثَلَاثًا، قيل: مَا العلائق بَينهم يَا رَسُول الله؟ قَالَ: مَا تراضى عَلَيْهِ الأهلون، وَلَو قَضِيبًا من أَرَاك ". ثمَّ قَالَ: هَذَا يرْوى مُرْسلا، والمرسل أصح، وَفِي المراسل ذكره أَبُو دَاوُد وَلم يذكر الْقَضِيب. انْتهى كَلَامه. وَهَذَا قد ذَكرْنَاهُ فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أردفها أخر، أَو عطفها عَلَيْهَا، وَهِي مُخْتَلفَة الْمُقْتَضى. وَذَكَرْنَاهُ الْآن لنبين مِنْهُ مَا أجمل من تَعْلِيله. وَلِأَنَّهُ لم يرم الْمُرْسل الْمَذْكُور بسوى الْإِرْسَال، هُوَ أَيْضا من بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي لم يعبها بسوى الْإِرْسَال، وَلها عُيُوب سواهُ. وَعلة هَذَا الْخَبَر هِيَ ضعف رَاوِيه. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن مخلد، قَالَ: حَدثنَا أَحْمد بن مَنْصُور، حَدثنَا عَمْرو بن خَالِد الْحَرَّانِي، حَدثنَا صَالح بن عبد الْجَبَّار، عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن الْبَيْلَمَانِي، [عَن أَبِيه، عَن ابْن عَبَّاس، فَذكره. صَالح بن عبد الْجَبَّار مَجْهُول الْحَال، وَمُحَمّد بن عبد الرَّحْمَن بن] الجزء: 3 ¦ الصفحة: 503 الْبَيْلَمَانِي ضَعِيف. وَقَالَ البُخَارِيّ: " مُنكر الحَدِيث ". وَأَبوهُ لم تثبت عَدَالَته، وَلينه فِيمَا يرويهِ ظَاهر. فَأَما عَمْرو بن خَالِد الْحَرَّانِي فصدوق، وَلَيْسَ بالقرشي، ذَلِك كَذَّاب، فَاعْلَم ذَلِك. (1277) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، عَن مشرح بن عاهان، عَن عقبَة ابْن عَامر، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَلا أخْبركُم بالتيس الْمُسْتَعَار " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: إِسْنَاده حسن. كَذَا قَالَ، وَلم يبين لم لَا يَصح، وأبرز من إِسْنَاده مشرحا، موهما أَنه مَوضِع الْعلَّة مِنْهُ، وَلَيْسَ كَذَلِك، بل هُوَ ثِقَة، وَثَّقَهُ ابْن معِين / وَغَيره، وروى عَنهُ من المصريين جمَاعَة، وَهُوَ معافري، يكنى أَبَا مُصعب. والْحَدِيث إِنَّمَا يرويهِ الدَّارَقُطْنِيّ هَكَذَا: حَدثنَا أَبُو بكر الشَّافِعِي، حَدثنَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 504 إِبْرَاهِيم بن الْهَيْثَم، حَدثنَا أَبُو صَالح كَاتب اللَّيْث، قَالَ: حَدثنَا اللَّيْث، عَن مشرح، فَذكره. وَعبد الله بن صَالح، أَبُو صَالح كَاتب اللَّيْث - هُوَ الَّذِي لأَجله قَالَ فِيهِ: حسن -[فَإِنَّهُ] مُخْتَلف فِيهِ. مِنْهُم من يوثقه، وَمِنْهُم من يُنكر عَلَيْهِ كَثْرَة رِوَايَته عَن اللَّيْث، حَتَّى قَالَ ابْن معِين: " إِن أقل أَحْوَاله أَن يكون مَا رَوَاهُ عَن اللَّيْث كتابا قَرَأَهُ عَلَيْهِ، وَأَجَازَهُ لَهُ ". كَأَنَّهُ استكثر أَن يكون اللَّيْث حَدثهُ بهَا. وَقَالَ مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم: سَمِعت رجلا سَأَلَ أبي عَنهُ، فَقَالَ: تَسْأَلنِي عَن أقرب رجل إِلَى اللَّيْث، رَحل مَعَه فِي ليله ونهاره، وسفره وحضره، ويخلو مَعَه فِي أَوْقَات لَا يَخْلُو مَعَه غَيره، وَكَانَ صَاحبه، فَلَا يُنكر أَن يكون سمع مِنْهُ كَثْرَة مَا أخرج عَنهُ. وَأما إِبْرَاهِيم بن الْهَيْثَم بن الْمُهلب، أَبُو إِسْحَاق الْبَلَدِي، فَإِنَّهُ بغدادي، حدث بهَا، وَبهَا سكن، وَأخذ النَّاس عَنهُ كثيرا. (1278) وأنكروا عَلَيْهِ أَن حدث عَن الْهَيْثَم بن جميل، عَن مبارك بن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 505 فضَالة، عَن الْحسن، عَن أنس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَدِيث: " الثَّلَاثَة الَّذين / انطبق عَلَيْهِم الْغَار ". وكذبوه فِيهِ وواجهوه بالتكذيب، وَأول من أنكر ذَلِك عَلَيْهِ فِي الْمجْلس أَحْمد بن هَارُون البرديجي. ذكر مَا ذَكرْنَاهُ من هَذَا، أَبُو أَحْمد بن عدي، وَقَالَ مَعَ ذَلِك: إِن أَحَادِيثه [مُسْتَقِيمَة، سوى هَذَا الحَدِيث الَّذِي أَنْكَرُوا عَلَيْهِ، قَالَ: وَقد فتشت حَدِيثه] فَلم أر حَدِيثا مُنْكرا إِلَّا أَن يكون من جِهَة غَيره. وَقَالَ الْخَطِيب بن ثَابت: " إِنَّه ثِقَة ثَبت "، وَذكر أَن هَذَا الحَدِيث قد رَوَاهُ غَيره وَبَين ذَلِك. وَذكر عَن الدَّارَقُطْنِيّ أَنه قَالَ فِيهِ: ثِقَة، وَذكر وَفَاته سنة ثَمَان وَسبعين وَمِائَتَيْنِ. فَهَذَا أَيْضا عِلّة مَانِعَة من أَن يُقَال للْحَدِيث صَحِيح. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 506 (1279) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن ابْن عمر، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / قَالَ: " إيَّاكُمْ والتعري، فَإِن مَعكُمْ " الحَدِيث. وَقَالَ فِيهِ: حسن غَرِيب. وَلم يبين لم لَا يَصح، وَهُوَ حَدِيث يرويهِ التِّرْمِذِيّ هَكَذَا: حَدثنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن نيزك الْبَغْدَادِيّ، حَدثنَا الْأسود بن عَامر، حَدثنَا أَبُو المحياة، عَن لَيْث، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، فَذكره. لَيْث هُوَ ابْن أبي سليم، وَهُوَ دائبا يُضعفهُ ويضعف بِهِ. وَبعد هَذَا بِمِقْدَار ورقة، ذكر فِي النِّكَاح حَدِيث ابْن عمر فِي حق الزَّوْج على زوجه قَالَ: (1280) " لَا تخرج من بَيته إِلَّا بِإِذْنِهِ ". فَقَالَ: فِي إِسْنَاده لَيْث بن أبي سليم. فَأَما أَبُو المحياة: يحيى بن يعلى فَثِقَة، فَاعْلَم ذَلِك. (1281) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار، عَن أبي مُوسَى، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يُطلق النِّسَاء إِلَّا من رِيبَة، إِن الله لَا يحب الذواقين وَلَا الذواقات ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 507 ثمَّ قَالَ: لَيْسَ لهَذَا الحَدِيث إِسْنَاد قوي. لم يزدْ على هَذَا، وَعلة هَذَا اللَّفْظ هِيَ الِانْقِطَاع، وَقد نبهنا على ذَلِك فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا مُتَّصِلَة وَهِي مُنْقَطِعَة ووعدنا بشرح أمره هَاهُنَا. فَاعْلَم أَنه حَدِيث يرويهِ الْبَزَّار هَكَذَا: حَدثنَا عَمْرو بن عَليّ، حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة، حَدثنَا مُحَمَّد بن شيبَة بن نعَامَة، عَن عبد الله بن عِيسَى، عَمَّن حَدثهُ عَن أبي مُوسَى، فَذكره. فَهَذَا انْقِطَاع مُصَرح بِهِ مَا بَين عبد الله بن عِيسَى وَأبي مُوسَى، وَقد تفسر من بَينهمَا. قَالَ قَاسم بن أصبغ: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي الْعَوام، قَالَ: حَدثنَا أبي، قَالَ: حَدثنَا حَفْص بن عمر البرجمي، عَن عبد الله بن عِيسَى بن عبد الرَّحْمَن ابْن أبي ليلى، عَن عمَارَة بن رَاشد، عَن عبَادَة بن نسي، عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لاتطلقوا النِّسَاء إِلَّا عَن رِيبَة؛ فَإِن الله يبغض الذواقين والذوااقات ". فَفِي هَذَا أَن بَينهمَا رجلَيْنِ: أَحدهمَا عبَادَة بن نسي، وَالْآخر عمَارَة بن رَاشد. وَعمارَة بن رَاشد هَذَا مَجْهُول، قَالَه أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ، وَهُوَ كَمَا قَالَ. وَهَذَا عيب الْمُرْسل، إِنَّه رُبمَا يكون الَّذِي طوي ذكره ضَعِيفا، أَو من لَا يعرف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 508 وَمُحَمّد بن شيبَة بن نعَامَة رَاوِي حَدِيث الْبَزَّار، لَا تعرف أَيْضا حَاله، وَهُوَ يروي عَنهُ جرير بن عبد الحميد، وَأَبُو مُعَاوِيَة الضَّرِير. (1282) وَلِلْحَدِيثِ لفظ آخر، وَهُوَ: " إِن الله لَا يحب الذواقين وَلَا الذواقات ". وَلَيْسَ فِيهِ: " لَا يُطلق النِّسَاء إِلَّا عَن رِيبَة ". ذكره الْبَزَّار أَيْضا بِإِسْنَادَيْنِ غير صَحِيحَيْنِ، فَلَا معنى للإطالة بذكرهما، فَاعْلَم ذَلِك. (1283) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " ثَلَاث جدهن جد " الحَدِيث. وَأتبعهُ قَول التِّرْمِذِيّ فِيهِ: حسن غَرِيب. فَيَنْبَغِي أَن تعرف الْعلَّة الْمَانِعَة لَهُ من الصِّحَّة، وَذَلِكَ أَنه من رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن حبيب بن أردك، عَن عَطاء بن أبي رَبَاح، عَن ابْن مَاهك: هُوَ يُوسُف عَن أبي هُرَيْرَة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 509 وَابْن أردك مولى بني مَخْزُوم، وَإِن كَانَ قد روى عَنهُ جمَاعَة: - إِسْمَاعِيل ابْن جَعْفَر، وحاتم بن إِسْمَاعِيل، والدراوردي، وَسليمَان بن بِلَال - فَإِنَّهُ لَا تعرف حَاله. (1284) وَذكر حَدِيث: " إمْسَاك بِمَعْرُوف أَو تَسْرِيح بِإِحْسَان، هِيَ الطَّلقَة الثَّالِثَة ". وَلم يبين علته، وَقد بَينا أمره فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي لم يعزها. (1285) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن عَائِشَة، قَالَت: " آلى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من نِسَائِهِ وَحرم " الحَدِيث /. ثمَّ قَالَ: هَكَذَا رَوَاهُ مسلمة بن عَلْقَمَة، عَن دَاوُد بن أبي هِنْد، عَن الشّعبِيّ، عَن مَسْرُوق، عَن عَائِشَة. وَرَوَاهُ عَليّ بن مسْهر، عَن دَاوُد، عَن الشّعبِيّ، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُرْسلا، وَهُوَ أصح، ذكر هَذَا أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ. انْتهى مَا ذكر. وَهُوَ فِي الْحَقِيقَة إِجْمَال لتعليله، فَإِنَّهُ لَو كَانَ الَّذِي وَصله ثِقَة قبل مِنْهُ، وَلم يضرّهُ أَن يُرْسِلهُ غَيره، وَإِنَّمَا هُوَ من يضعف فِيمَا يروي عَن دَاوُد بن أبي هِنْد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 510 قَالَ عبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل: سَمِعت أبي يَقُول: " مسلمة بن عَلْقَمَة، شيخ ضَعِيف الحَدِيث، حدث عَن دَاوُد بن أبي هِنْد أَحَادِيث مَنَاكِير، وَأسْندَ عَنهُ ". وَغير أَحْمد يوثقه. فَهُوَ كَمَا ترى مُخْتَلف فِيهِ. (1286) وَذكر من طَرِيق / الْعقيلِيّ عَن الْحسن، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لم يجز طَلَاق الْمَرِيض ". ثمَّ قَالَ: فِي إِسْنَاده سهل بن أبي الصَّلْت السراج. " لم يزدْ على هَذَا، وَلَا أعلمهُ قد تقدم لَهُ ذكره بِشَيْء. فَهُوَ إِذن غير تَعْلِيل مَا لم تعرف حَال سهل. والعقيلي قد أورد مِمَّا أنكر عَلَيْهِ أَحَادِيث، هَذَا الحَدِيث مِنْهَا، نقلهَا عَن أبي حَفْص عَمْرو بن عَليّ. قَالَ عَمْرو بن عَليّ - بعد أَن ذكر أَحَادِيث -: وَقد روى أنكر من هَذَا، سَمِعت عبد الصَّمد يَقُول: حَدثنَا سهل السراج، عَن الْحسن، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 511 " لم يجز طَلَاق الْمَرِيض ". ثمَّ قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن أَحْمد، قَالَ: وجدت فِي كتاب أبي بِخَطِّهِ: قَالَ يزِيد بن هَارُون: كَانَ سهل السراج معتزليا، وَكنت أُصَلِّي مَعَه فِي الْمَسْجِد، وَلَا أسمع ذَلِك مِنْهُ، وَكنت أعرف ذَلِك فِيهِ. انْتهى مَا ذكر. وَقد ذكر أَبُو أَحْمد بن عدي هَذَا الحَدِيث عَن عَمْرو بن عَليّ، كَمَا ذكره الْعقيلِيّ، وَذكره عَن عبد الصَّمد بن عبد الْوَارِث، عَن سهل، عَن الْحسن كَمَا تقدم. ثمَّ قَالَ: " روى عَن سهل جمَاعَة من الْبَصرِيين: ابْن مهْدي، وَعبد الصَّمد، وَأَبُو عَاصِم، وَغَيرهم، وَهُوَ فِي عداد من يجمع حَدِيثه من شُيُوخ الْبَصْرَة، وَهُوَ غَرِيب الحَدِيث، وَأَحَادِيثه المسندة لَا بَأْس بهَا، وَلَعَلَّ جَمِيع مَا أسْند إِذا استقصي، عشرُون أَو ثَلَاثُونَ حَدِيثا. وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل: لم يكن بِهِ بَأْس، وَكَذَا قَالَ ابْن معِين، وَابْن أبي حَاتِم، وَزَاد: صَالح الحَدِيث. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 512 وَذكر البُخَارِيّ عَن مُسلم بن إِبْرَاهِيم أَنه قَالَ فِيهِ: ثِقَة. وَقَالَ السَّاجِي: هُوَ صَدُوق. وَقَول أبي مُحَمَّد - إِثْر الحَدِيث الْمَذْكُور -: " فِي إِسْنَاده سهل بن أبي الصَّلْت السراج "، يُوهم مَا يُوهم قَوْله: فِي إِسْنَاده مُحَمَّد بن سعيد المصلوب، أَو الْحسن بن عمَارَة، أَو الْكَلْبِيّ، أَو نحوهم من الضُّعَفَاء أَو الْكَذَّابين، وَلَيْسَ الْأَمر كَذَلِك فِي سهل الْمَذْكُور. وَقَول يزِيد بن هَارُون فِيهِ: " إِنَّه كَانَ معتزليا، وَكنت أُصَلِّي مَعَه فِي الْمَسْجِد، وَلَا أسمع ذَلِك مِنْهُ، وَكنت أعرف ذَلِك فِيهِ "، إِنَّمَا يَعْنِي بِهِ اعتزاله حَلقَة شَيْخه الْحسن، فَأَما سوء مَذْهَب فَلم / ينْقل عَنهُ. فَإِذن عِلّة هَذَا الْخَبَر، إِنَّمَا هِيَ الْإِرْسَال فَحسب، لَا سِيمَا إرْسَال الْحسن، فَإِنَّهُ ضَعِيف المراسل عِنْدهم، فَاعْلَم ذَلِك. (1287) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن رَافع بن سِنَان، أَنه أسلم، وأبت امْرَأَته أَن تسلم، فَأَتَت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَت: " ابْنَتي وَهِي فطيم أَو شبهه ". الحَدِيث. ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: اخْتلف فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 513 لم يزدْ على هَذَا، وَهَذَا الِاخْتِلَاف الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ، لَا أعلم مِنْهُ إِلَّا مَا أذكرهُ الْآن، وَذَلِكَ أَن هَذَا السِّيَاق وَمَا فِي مَعْنَاهُ، هُوَ من رِوَايَة عِيسَى بن يُونُس، وَأبي عَاصِم، وَعلي بن غراب، كلهم عَن عبد الحميد / بن جَعْفَر، عَن أَبِيه، عَن جد أَبِيه رَافع بن سِنَان، فَإِنَّهُ عبد الحميد بن جَعْفَر بن عبد الله بن الحكم بن رَافع بن سِنَان. وَعبد الحميد ثِقَة، وَأَبوهُ جَعْفَر كَذَلِك. قَالَه الْكُوفِي. ذكر رِوَايَة عِيسَى بن يُونُس هَذِه أَبُو دَاوُد، وَهُوَ رَاوِي السِّيَاق الْمَذْكُور. وَذكر رِوَايَة أبي عَاصِم وَعلي بن غراب، أَبُو الْحسن الدَّارَقُطْنِيّ فِي كتاب السّنَن، وَسميت الْبِنْت الْمَذْكُورَة فِي رِوَايَة أبي عَاصِم، عميرَة. وَرويت الْقِصَّة كَمَا هِيَ، من طَرِيق عُثْمَان البتي، عَن عبد الحميد بن سَلمَة، عَن أَبِيه، عَن جده، أَن أَبَوَيْهِ اخْتَصمَا فِيهِ إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، أَحدهمَا مُسلم وَالْآخر كَافِر، فخيره، فَتوجه إِلَى الْكَافِر فَقَالَ: " اللَّهُمَّ اهده فَتوجه إِلَى الْمُسلم فَقضى بِهِ لَهُ ". هَكَذَا ذكره أَبُو بكر بن أبي شيبَة، عَن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم - هُوَ ابْن علية - عَن عُثْمَان البتي، وَكَذَا رَوَاهُ يَعْقُوب الدَّوْرَقِي، عَن إِسْمَاعِيل أَيْضا. وَرَوَاهُ يزِيد بن زُرَيْع، عَن عُثْمَان البتي، فَقَالَ فِيهِ: عَن عبد الحميد بن يزِيد بن سَلمَة، أَن جده أسلم، وأبت امْرَأَته أَن تسلم، وَبَينهمَا ولد صَغِير، فَذكر مثله. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 514 رَوَاهُ عَن يزِيد بن زُرَيْع يحيى بن عبد الحميد الْحمانِي، من رِوَايَة ابْن أبي خَيْثَمَة عَنهُ. نقلت جَمِيعهَا من كتاب قَاسم بن أصبغ، إِلَّا أَن هَذِه الْقِصَّة - هَكَذَا - بِجعْل الْمُخَير غُلَاما، وجدا لعبد الحميد بن يزِيد / بن سَلمَة، لَا يَصح؛ لِأَن عبد الحميد وأباه وجده لَا يعْرفُونَ، وَلَو صحت لم يَنْبغ أَن تجْعَل خلافًا لرِوَايَة أَصْحَاب عبد الحميد بن جَعْفَر عَن عبد الحميد بن جَعْفَر، فَإِنَّهُم ثِقَات، وَهُوَ وَأَبوهُ ثقتان، وجده رَافع بن سِنَان مَعْرُوف، بل كَانَ يجب أَن يُقَال: لعلهما قصتان، خير فِي إِحْدَاهمَا غُلَام، وَفِي الْأُخْرَى جَارِيَة. وَالله أعلم. (1288) وَذكر الْأَحَادِيث فِي " النَّهْي عَن ثمن الْكَلْب إِلَّا كلب صيد ". وَأَشَارَ إِلَى عللها إِلَّا حَدِيث أبي هُرَيْرَة، فَإِنَّهُ قَالَ: قد خرجه الدَّارَقُطْنِيّ مُسْندًا عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَلَا يَصح من قبل إِسْنَاده. وَهَذَا الحَدِيث هُوَ عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ بِمَعْنَاهُ لَا بِلَفْظِهِ، وَله عِنْده إسنادان: أَحدهمَا هَذَا: حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل الْفَارِسِي، حَدثنَا عبيد بن مُحَمَّد ابْن إِبْرَاهِيم الصَّنْعَانِيّ، حَدثنَا مُحَمَّد بن عمر بن أبي مُسلم، حَدثنَا مُحَمَّد بن مُصعب الصَّنْعَانِيّ، حَدثنَا نَافِع بن عمر، عَن الْوَلِيد بن عبيد الله بن أبي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 515 زِيَاد، عَن عَمه عَطاء، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " ثَلَاث كُلهنَّ سحت: كسب الْحجام، وَمهر الْبَغي، وَثمن الْكَلْب، إِلَّا الْكَلْب الضاري ". قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: الْوَلِيد بن عبيد الله بن أبي زِيَاد ضَعِيف. لم يذكر غير هَذَا من إِسْنَاده، وَعَطَاء بن أبي زِيَاد غير مَعْرُوف، وَمُحَمّد ابْن مُصعب إِن لم يكن القرقساني فَلَا أَدْرِي من هُوَ، وَإِن كَانَ هُوَ فَهُوَ ضَعِيف. وَمُحَمّد بن عمر بن أبي مُسلم، مَجْهُول الْحَال، وَكَذَلِكَ عبيد بن مُحَمَّد. وَأما الْإِسْنَاد الآخر فَهُوَ هَذَا: حَدثنَا أَحْمد بن عبد الله الْوَكِيل، حَدثنَا الْحسن بن أَحْمد بن أبي شُعَيْب، حَدثنَا مُحَمَّد بن سَلمَة، عَن الْمثنى، عَن عَطاء قَالَ: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ثَلَاث كُلهنَّ سحت: كسب الْحجام سحت وَمهر الزَّانِيَة سحت، وَثمن الْكَلْب، إِلَّا كَلْبا ضاريا، سحت ". قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: الْمثنى ضَعِيف. (1289) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد، عَن ابْن عَبَّاس / " أرخص رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / فِي ثمن كلب الصَّيْد ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 516 ثمَّ قَالَ: أخرجه من طَرِيق أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد، أَبُو عَليّ اللَّجْلَاج، الْكِنْدِيّ، الْخُرَاسَانِي، عَن عَليّ بن معبد، عَن مُحَمَّد بن الْحسن، عَن أبي حنيفَة، عَن الْهَيْثَم الصراف، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: وَهَذَا بَاطِل، انْتهى مَا ذكر. وَلم يبين علته، إِلَّا أَنه أبرز إِسْنَاده، وَاكْتفى بذلك، وَفِيه - كَمَا ترى - أَبُو حنيفَة وَصَاحبه، فَاحْتمل أَن يكون ذَلِك علته عِنْده. وَأَبُو أَحْمد إِنَّمَا أعله بِأَحْمَد اللَّجْلَاج الْمَذْكُور، فَإِنَّهُ لم تثبت عَدَالَته، وَقد حدث بِأَحَادِيث مَنَاكِير لأبي حنيفَة، وَهِي كَثِيره بَوَاطِيلُ لَا تعرف إِلَّا بِهِ وَلَا يعرف إِلَّا بهَا. وَعَلِيهِ يَنْبَغِي أَن يحمل فِيهَا، لَا على أبي حنيفَة وَصَاحبه، فَإِن ضعفهما عِنْدهم لَيْسَ بالاتهام فِيمَا يرويان. (1290) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد، عَن مُعَاوِيَة بن عَطاء، عَن الثَّوْريّ، عَن مَنْصُور، عَن زر، عَن ابْن عمر، زِيَادَة " الزَّيْت بالزيت " فِي الربويات. ثمَّ قَالَ: إِنَّه إِسْنَاد بَاطِل عَن الثَّوْريّ، وَلَا يَصح. وَلم يبين لم لَا يَصح. والْحَدِيث - هَكَذَا - مغير عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ فِي الْموضع الَّذِي نَقله مِنْهُ، إِنَّمَا هُوَ: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 517 " الزَّبِيب بالزبيب " وَقد مر ذكره فِي بَاب الْمُتُون الْمُغيرَة. وَنَذْكُر الْآن هَاهُنَا لم لَا يَصح، وَذَلِكَ أَن مُعَاوِيَة بن عَطاء هَذَا، لم تثبت عَدَالَته، ويروي أَحَادِيث لَيست بمحفوظة. ودونه فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث أَبُو عَمْرو: مُوسَى بن الْحسن، وَهُوَ أَيْضا لَا يعرف حَاله. (1291) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ مُرْسل سعيد بن الْمسيب، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا رَبًّا إِلَّا فِي ذهب أَو فضَّة، أَو مَا يُكَال أَو يُوزن أَو يُؤْكَل أَو يشرب ". ثمَّ قَالَ: هَكَذَا رَوَاهُ الْمُبَارك بن مُجَاهِد، عَن مَالك، عَن أبي الزِّنَاد، عَن سعيد. وَوهم على مَالك بِرَفْعِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ قَول سعيد. انْتهى مَا ذكر. وَلَيْسَ فِيهِ بَيَان الْعلَّة، فَإِنَّهُ لَو كَانَ مبارك أَبُو الْأَزْهَر الْخُرَاسَانِي موثوقا بِهِ، لم يجز التكهن بوهمه، / وَإِنَّمَا الْعلَّة أَنه - مَعَ ضعفه - انْفَرد عَن مَالك بِرَفْعِهِ، وَالنَّاس رَوَوْهُ عَنهُ مَوْقُوفا [وَهُوَ قدري] وَكَانَ قُتَيْبَة يُضعفهُ، وَقَالَ أَبُو حَاتِم: لَا بَأْس بحَديثه. فَاعْلَم ذَلِك. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 518 (1292) وَذكر من طَرِيق أبي حنيفَة، حَدِيث عبد الله بن عَمْرو، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " فِي بيع رباع مَكَّة، وَأكل ثمنهَا ". وَجعل أَبَا حنيفَة واهما فِي رَفعه. وَلَيْسَ هَذَا عِلّة، وَإِنَّمَا الْعلَّة ضعف أبي حنيفَة، وَرَاوِيه عَنهُ مُحَمَّد بن الْحسن صَاحبه، وَمُخَالفَة النَّاس لأبي حنيفَة فِي رَفعه. وَذَلِكَ أَنه يرويهِ عَن عبيد الله بن أبي يزِيد، عَن أبي نجيح، عَن عبد الله بن عَمْرو مَرْفُوعا. وَرَوَاهُ عِيسَى بن يُونُس وَمُحَمّد بن ربيعَة، عَن عبيد الله بن أبي زِيَاد - وَهُوَ الصَّوَاب - عَن أبي نجيح، عَن عبد الله بن عَمْرو قَوْله مَوْقُوفا. وَوهم أَبُو حنيفَة فِي قَوْله: ابْن أبي يزِيد، وَإِنَّمَا هُوَ ابْن أبي زِيَاد القداح. وَقد رَوَاهُ الْقَاسِم بن الحكم، عَن أبي حنيفَة على الصَّوَاب، فَقَالَ فِيهِ: ابْن أبي زِيَاد، فَلَعَلَّ الْوَهم من صَاحبه مُحَمَّد بن الْحسن. (1293) وَذكر من طَرِيق عبد الرَّزَّاق، عَن يحيى بن الْعَلَاء، عَن جَهْضَم ابْن عبد الله، عَن مُحَمَّد بن زيد - هُوَ الْعَبْدي - عَن شهر بن حَوْشَب، [عَن أبي سعيد] الْخُدْرِيّ: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / عَن بيع الْمَغَانِم حَتَّى تقسم، وَعَن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 519 بيع الصَّدقَات " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: إِسْنَاده لَا يحْتَج بِهِ. لم يبين من أمره إِلَّا مَا أبرز من إِسْنَاده. وَشهر مُخْتَلف فِيهِ. وَيحيى بن الْعَلَاء الرَّازِيّ البَجلِيّ ابْن أخي شُعَيْب بن خَالِد ضَعِيف. قَالَ ابْن معِين: " لَيْسَ بِشَيْء ". وَقَالَ عَمْرو بن عَليّ: " مَتْرُوك الحَدِيث جدا ". وَضَعفه أَبُو سَلمَة التَّبُوذَكِي، ووكيع، وَأَبُو رزعة. قَالَ عبد الرَّزَّاق، قلت لوكيع: مَا تَقول فِيهِ؟ فَقَالَ: مَا ترى، مَا كَانَ أجمله، مَا كَانَ أفصحه! ! قلت: مَا تَقول فِيهِ؟ قَالَ: مَا أَقُول فِي رجل حدث بِعشْرَة أَحَادِيث فِي خلع النَّعْل إِذا وضع الطَّعَام. وَقد روى هَذَا الحَدِيث عَن جَهْضَم بن عبد الله، حَاتِم بن إِسْمَاعِيل - بَدَلا من يحيى بن الْعَلَاء - وَتبين / فِي رِوَايَته انْقِطَاع رِوَايَة يحيى بن الْعَلَاء. وَقد بَينا ذَلِك فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي رَوَاهَا على أَنَّهَا مُتَّصِلَة وَهِي مُنْقَطِعَة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 520 وحاتم بن إِسْمَاعِيل ثِقَة، وَلَا بُد فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث من شهر بن حَوْشَب، فَاعْلَم ذَلِك. (1294) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ، سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من فرق بَين وَالِدَة وَوَلدهَا " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ فِيهِ: حسن غَرِيب. وَإِنَّمَا لم يُصَحِّحهُ؛ لِأَنَّهُ من رِوَايَة ابْن وهب، عَن حييّ بن عبد الله، عَن أبي عبد الرَّحْمَن - هُوَ الحبلي - عَن أبي أَيُّوب. وحيي هَذَا، قَالَ البُخَارِيّ: " فِيهِ نظر ". وَقَالَ أَحْمد: " أَحَادِيثه مَنَاكِير ". وَقَالَ ابْن معِين: " لَيْسَ بِهِ بَأْس ". فلأجل الِاخْتِلَاف فِيهِ لم يُصَحِّحهُ. (1295) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ عَن ابْن عمر، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْمُدبر لَا يُبَاع، وَلَا يُوهب، وَهُوَ حر من الثُّلُث ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 521 ثمَّ قَالَ: إِسْنَاد هَذَا ضَعِيف. كَذَا قَالَ، وَلم يبين علته. وَهُوَ حَدِيث يرويهِ الدَّارَقُطْنِيّ هَكَذَا: حَدثنَا أَبُو جَعْفَر: مُحَمَّد بن عبيد الله، الْكَاتِب، وَأحمد بن مُحَمَّد بن أبي بكر، وَجَمَاعَة، قَالُوا: حَدثنَا عَليّ بن حَرْب، حَدثنَا عَمْرو بن عبد الْجَبَّار، أَبُو مُعَاوِيَة الْجَزرِي، عَن عَمه عُبَيْدَة بن حسان، عَن أَيُّوب، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَذكره. ثمَّ قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: لم يسْندهُ غير [عُبَيْدَة بن حسان، وَهُوَ ضَعِيف، وَإِنَّمَا هُوَ عَن ابْن عمر من قَوْله. انْتهى كَلَام الدَّارَقُطْنِيّ. عُبَيْدَة] هَذَا، قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِم: " مُنكر الحَدِيث ". وَعَمْرو بن عبد الْجَبَّار لَا تعرف حَاله. (1296) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن عباد بن لَيْث، حَدثنَا عبد الْمجِيد بن وهب، قَالَ: قَالَ العداء بن خَالِد، أَلا أقرئك كتابا " كتبه لي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " الحَدِيث. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 522 فِيهِ: " لَا دَاء، وَلَا غائلة، وَلَا خبثة، بيع الْمُسلم للْمُسلمِ ". ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب، لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث عباد بن لَيْث، وَقد روى عَنهُ غير وَاحِد من أهل الحَدِيث / انْتهى مَا ذكر. وَلَيْسَ فِيهِ بَيَان الْمَانِع من تَصْحِيحه، وَهُوَ أَن عبادا هَذَا لم تثبت عَدَالَته. وَقد قَالَ فِيهِ ابْن معِين: " لَيْسَ بِشَيْء ". وروى عَنهُ كَمَا ذكر جمَاعَة: مِنْهُم مُحَمَّد بن الْمثنى، وَابْن بشار - رَاوِي هَذَا الحَدِيث عَنهُ عِنْد التِّرْمِذِيّ - وَقيس بن عَاصِم، وَعُثْمَان بن طالوت، وَإِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عرْعرة، وَيحيى بن أبي الخصيب. وكنية عباد الْمَذْكُور، أَبُو الْحسن، وَيُقَال لَهُ: صَاحب الكرابيس. فَأَما أَبُو وهب: عبد الْمجِيد بن أبي يزِيد، وهب، فَثِقَة. (1297) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يتفرق عَن بيع إِلَّا عَن ترَاض ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 523 قَالَ: هَذَا حَدِيث غَرِيب. وَإِنَّمَا لم يُصَحِّحهُ؛ لِأَنَّهُ من / رِوَايَة يحيى بن أَيُّوب البَجلِيّ، [وَلَيْسَ بِيَحْيَى بن أَيُّوب الْمصْرِيّ. قَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا نصر بن عَليّ، حَدثنَا أَبُو أَحْمد، حَدثنَا يحيى بن أَيُّوب - وَهُوَ البَجلِيّ]- الْكُوفِي، قَالَ: سَمِعت أَبَا زرْعَة - هُوَ ابْن [عَمْرو ابْن] جرير - يحدث عَن أبي هُرَيْرَة، فَذكره. يحيى بن أَيُّوب هَذَا، قَالَ فِيهِ ابْن معِين: " ضَعِيف، لَيْسَ بِشَيْء "، ذكر ذَلِك عَنهُ الْعقيلِيّ. وَذكر عَنهُ أَيْضا أَنه لَا بَأْس بِهِ. وَقَالَ النَّسَائِيّ: " لَيْسَ بِثِقَة ". وَالرجل بِالْجُمْلَةِ لم تثبت عَدَالَته، فَالْحَدِيث لَا يَصح. (1298) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ، عَن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن الْأَشْعَث، عَن أَبِيه، عَن جده، قَالَ: قَالَ عبد الله بن مَسْعُود: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا اخْتلف البيعان " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: ذكر أَبُو عمر أَن فِي هَذَا الحَدِيث انْقِطَاعًا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 524 وروى النَّسَائِيّ هَذَا الحَدِيث هَكَذَا: حَدثنَا أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ: مُحَمَّد بن إِدْرِيس، حَدثنَا عمر بن حَفْص بن غياث، حَدثنَا أبي، عَن أبي عُمَيْس، [هُوَ عتبَة بن عبد الله بن عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود] قَالَ: أَخْبرنِي عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن الْأَشْعَث، عَن أَبِيه، عَن جده، فَذكره. والانقطاع الَّذِي فِيهِ، هُوَ - وَالله أعلم - فِيمَا بَين مُحَمَّد، جد عبد الرَّحْمَن، وَبَين ابْن مَسْعُود، فَإِنَّهُ عبد الرَّحْمَن بن قيس بن مُحَمَّد بن الْأَشْعَث /. فَإِذا قَالَ: عَن أَبِيه، فَإِنَّمَا يَعْنِي قيسا، وَإِذا قَالَ: عَن جده، فَإِنَّمَا يَعْنِي مُحَمَّد بن الْأَشْعَث، وَلَيْسَ هُوَ كَمَا فِي نفس الْإِسْنَاد، وَإِنَّمَا نسبه فِيهِ إِلَى جده حِين قَالَ فِيهِ: عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن الْأَشْعَث. وكما بَيناهُ وَقع عِنْد أبي دَاوُد. قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى ابْن فَارس، قَالَ: حَدثنَا عمر بن حَفْص بن غياث، قَالَ: حَدثنَا أبي، عَن أبي عُمَيْس، قَالَ: أَخْبرنِي عبد الرَّحْمَن بن قيس بن مُحَمَّد بن الْأَشْعَث، عَن أَبِيه، عَن جده، قَالَ: اشْترى الْأَشْعَث رَقِيقا من رَقِيق الْخمس، من عبد الله بن مَسْعُود بِعشْرين ألفا، فَأرْسل عبد الله إِلَيْهِ فِي ثمنهم، فَقَالَ: إِنَّمَا أخذتهم بِعشْرَة آلَاف، فَقَالَ عبد الله: فاختر رجلا يكون بينى وَبَيْنك، فَقَالَ [لَهُ] الْأَشْعَث: أَنْت بيني وَبَين نَفسك، فَقَالَ عبد الله: فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِذا اخْتلف البيعان وَلَيْسَ بَينهمَا بَيِّنَة، فَهُوَ مَا يَقُول رب السّلْعَة، أَو يتتاركان ". وَعبد الرَّحْمَن بن قيس هَذَا، لَيْسَ فِيهِ مزِيد، فَهُوَ مَجْهُول الْحَال، وَكَذَلِكَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 525 أَبوهُ قيس، وَكَذَلِكَ جده مُحَمَّد، إِلَّا أَن أشهرهم هُوَ أَبُو الْقَاسِم: مُحَمَّد بن الْأَشْعَث، عداده فِي الْكُوفِيّين، روى عَنهُ مُجَاهِد، وَالشعْبِيّ، وَالزهْرِيّ، وَعمر بن قيس الماصر، وَسليمَان بن يسَار. ويروي عَن عَائِشَة، فَأَما رِوَايَته عَن ابْن مَسْعُود فمنقطعة، فَاعْلَم ذَلِك. (1299) وَذكر فِي: " أَن الْمُسلمين عِنْد شروطهم " أَحَادِيث. ثمَّ قَالَ: وَقد رُوِيَ مُسْندًا من حَدِيث عَائِشَة وَأنس، وَقَالَ فِي إِسْنَاده: لَا يحْتَج بِهِ. وَلم يعزه، وَلَا بَين علته، والْحَدِيث الْمَذْكُور ذكره الدَّارَقُطْنِيّ، قَالَ: حَدثنَا رضوَان بن أَحْمد بن إِسْحَاق بن جالينوس الصيدلاني، حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي الدُّنْيَا، حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن زُرَارَة، حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن عبد الرَّحْمَن، عَن خصيف، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْمُسلمُونَ عِنْد شروطهم مَا وَافق الْحق ". وَعَن خصيف، عَن عَطاء بن أبي رَبَاح، عَن أنس بن مَالك / قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - /: " الْمُسلمُونَ عِنْد شروطهم مَا وَافق الْحق من ذَلِك ". خصيف ضَعِيف. وَعبد الْعَزِيز بن عبد الرَّحْمَن القريشي البالسي، يروي عَن خصيف الجزء: 3 ¦ الصفحة: 526 أَحَادِيث، هِيَ كذب مَوْضُوعَة، قَالَه ابْن حَنْبَل. وَإِسْمَاعِيل بن زُرَارَة، هُوَ إِسْمَاعِيل بن عبد الله بن زُرَارَة، ثِقَة. (1300) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ فِي ذَلِك حَدِيث كثير بن عبد الله بن عَمْرو بن عَوْف، عَن أَبِيه، عَن جده، وَحسنه. وَلم يبين الْمَانِع من صِحَّته، وَهُوَ الْجَهْل بِحَال عبد الله بن عَمْرو بن عَوْف، وَضعف كثير بن عبد الله بن عَمْرو بن عَوْف. (1301) وَذكر من طَرِيق الْحَاكِم، حَدِيث عبد الْوَارِث بن سعيد، عَن أبي حنيفَة، عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " نهى عَن بيع وَشرط ". وَلم يقل بعده شَيْئا، وَكَأَنَّهُ تَبرأ من عهدته بِذكر إِسْنَاده. وعلته ضعف أبي حنيفَة فِي الحَدِيث، فَأَما عَمْرو، عَن أَبِيه، عَن جده، فَإِن مذْهبه أَن لَا يُضعفهُ، وسترى مَا لَهُ فِي ذَلِك بعد إِن شَاءَ الله تَعَالَى. (1302) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن عَطاء بن أبي رَبَاح، أَن رجلا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 527 رهن فرسا فنفق فِي يَده، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - للْمُرْتَهن: " ذهب حَقك ". قَالَ: هَذَا مُرْسل وَضَعِيف الْإِسْنَاد. (1303) وَالصَّحِيح عَن عَطاء فِي هَذَا، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الرَّهْن بِمَا فِيهِ ". وأسنده الدَّارَقُطْنِيّ عَن أنس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ " الرَّهْن بِمَا فِيهِ ". وَذكر ضعف الاسناد، انْتهى مَا ذكر. وَلم يبين للشَّيْء مِمَّا ذكر عِلّة: فَأَما الْمُرْسل الأول فيرويه أَبُو دَاوُد، عَن مُحَمَّد بن الْعَلَاء، حَدثنَا ابْن الْمُبَارك، عَن مُصعب بن ثَابت، قَالَ: سَمِعت عَطاء، فَذكره. وَمصْعَب بن ثَابت بن عبد الله بن الزبير ضَعِيف، كثير الْغَلَط، وَإِن كَانَ صَدُوقًا. والمرسل الثَّانِي، يرويهِ أَبُو دَاوُد، عَن عَليّ بن سهل الرَّمْلِيّ، قَالَ: حَدثنَا الْوَلِيد، قَالَ: حَدثنَا / أَبُو عَمْرو - هُوَ الْأَوْزَاعِيّ - عَن عَطاء. وَهَذَا صَحِيح إِلَى مرسله عَطاء. وَأما حَدِيث أنس، فَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا عبد الْبَاقِي بن قَانِع، حَدثنَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 528 عبد الْوَارِث بن إِبْرَاهِيم، حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن أُميَّة حَدثنَا سعيد بن رَاشد، حَدثنَا حميد الطَّوِيل، عَن أنس، قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " الرَّهْن بِمَا فِيهِ ". قَالَ: وَحدثنَا إِسْمَاعِيل بن أُميَّة، حَدثنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن قَتَادَة، عَن أنس مثله. إِسْمَاعِيل هَذَا يضع الحَدِيث، قَالَ ذَلِك الدَّارَقُطْنِيّ. (1304) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن أبي ماجدة - أَو ابْن ماجدة - عَن عمر بن الْخطاب، قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِنِّي وهبت لخالتي غُلَاما، وَأَنا أَرْجُو أَن يُبَارك لَهَا فِيهِ، فَقلت لَهَا: لَا تسلميه حجاما " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: لَا يَصح من قبل أبي ماجدة. لم يزدْ على هَذَا، وَلم تبن بذلك علته، فاعتمدت بَيَانهَا. وَهِي أَن أَبَا ماجدة الْمَذْكُور لَا يعرف إِلَّا بِهَذَا، وَلَا يعرف روى عَنهُ إِلَّا الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن، يرويهِ عَنهُ ابْن إِسْحَاق، وَلم يبين أَنه من رِوَايَته، وَاخْتلف عَلَيْهِ: فَقَالَ حَمَّاد بن سَلمَة: عَن ابْن إِسْحَاق، عَن الْعَلَاء، عَن أبي ماجدة. وَقَالَ عبد الْأَعْلَى: عَن ابْن إِسْحَاق، عَن الْعَلَاء، عَن ابْن ماجدة، رجل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 529 من بني سهم. وَقَالَ سَلمَة بن الْفضل: عَن ابْن إِسْحَاق، عَن الْعَلَاء، عَن ابْن ماجدة السَّهْمِي. وَقَالَ قَاسم بن أصبغ: قد قيل فِي هَذَا الْإِسْنَاد: عَن رجل من سهم، عَن رجل مِنْهُم، يُقَال لَهُ: ماجدة. فَإِذن، لَا يَصح هَذَا الحَدِيث للْجَهْل / بِهَذَا الرجل. (1305) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، حَدِيث عبَادَة بن الصَّامِت: " فِي تَعْلِيمه نَاسا من أهل الصّفة، وإعطائهم إِيَّاه الْقوس ". ثمَّ قَالَ: وَفِي هَذَا عَن أبي بن كَعْب، ذكره قَاسم بن أصبغ وَغَيره، وَهِي أَسَانِيد مُنْقَطِعَة وضعاف. (1306) وَقد صَحَّ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن أَحَق مَا أَخَذْتُم عَلَيْهِ أجرا كتاب الله " خرجه البُخَارِيّ. وَلَيْسَ إِسْنَاد حَدِيث أبي دَاوُد، مِمَّا يُعَارض بِهِ حَدِيث / البُخَارِيّ. انْتهى كَلَامه. وَالْأَمر فيهمَا كَمَا ذكر، وَلَكِن لم يبين علتهما، فلنبينهما: أما حَدِيث عبَادَة، فيرويه عَنهُ الْأسود بن ثَعْلَبَة، وَهُوَ مَجْهُول الْحَال، وَلَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 530 يعرف روى عَنهُ غير عبَادَة بن نسي، ويروي أَيْضا عَن معَاذ بن جبل حَدِيثا أَو حديثين. وَفِيه مَعَ ذَلِك مُغيرَة بن زِيَاد، وَهُوَ يرويهِ عَن عبَادَة بن نسي، وَهُوَ مُخْتَلف فِيهِ. وَقد تقدم القَوْل فِي هَذَا الْإِسْنَاد، فِي حَدِيث: (1307) " النُّفَسَاء شَهَادَة ". (1308) وَأما حَدِيث أبي بن كَعْب، فَقَالَ قَاسم بن أصبغ: حَدثنَا عبد الله بن روح، قَالَ: حَدثنَا شَبابَة، قَالَ: حَدثنَا أَبُو زبر: عبد الله بن الْعَلَاء الشَّامي، قَالَ: حَدثنَا بسر بن عبيد الله، عَن أبي إِدْرِيس الْخَولَانِيّ، قَالَ: كَانَ عِنْد أبي بن كَعْب نَاس من أهل الْيمن يُقْرِئهُمْ، فَجَاءَت رجلا مِنْهُم أقواس من أَهله، قَالَ: فغمز أبي قوسا مِنْهَا، فَأَعْجَبتهُ، فَقَالَ الرجل: أَقْسَمت عَلَيْك إِلَّا مَا تسلحتها فِي سَبِيل الله، فَقَالَ: لَا، حَتَّى أسأَل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَسَأَلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " أَتُحِبُّ أَن تَأتي الله بهَا فِي عُنُقك يَوْم الْقِيَامَة نَارا؟ ". هَذَا [نَص] مَا ذكر بِهِ قَاسم حَدِيث أبي بن كَعْب. وَهُوَ هَكَذَا مُنْقَطع، فَإِن أَبَا إِدْرِيس لم يُشَاهد هُوَ ذَلِك، فَإِنَّهُ لَا صُحْبَة لَهُ، إِلَّا أَن يكون أبي أخبرهُ بِمَا اتّفق لَهُ، وَلَيْسَ ذَلِك فِيهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 531 وَعبد الله بن روح هَذَا، لَا تعرف لَهُ حَال. وَقد رُوِيَ حَدِيث أبي بن كَعْب هَذَا من طرق غير هَذَا، وَلَيْسَ فِيهَا شَيْء يلْتَفت إِلَيْهِ ذكرهَا بن بَقِي بن مخلد وَغَيره. (1309) وَذكر حَدِيث الْجَار: " لَا يستطيل على جَاره بِالْبِنَاءِ، يحجب عَنهُ الرّيح ". وَضَعفه، وَلم يبين علته. وَقد كتبناها مبينَة فِي بَاب النَّقْص من الْأَسَانِيد. (1310) وَذكر فِي الْمُزَارعَة، من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن عُرْوَة بن الزبير، قَالَ: قَالَ زيد بن ثَابت: يغْفر الله لرافع بن خديج أَنا - وَالله - أعلم بِالْحَدِيثِ مِنْهُ، إِنَّمَا أَتَاهُ رجلَانِ من الْأَنْصَار قد اقتتلا، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - /: " إِن كَانَ هَذَا شَأْنكُمْ فَلَا تكروا الْمزَارِع " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: لَا يثبت هَذَا، لِأَن فِي إِسْنَاده عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق الْمدنِي عَن أبي عُبَيْدَة بن مُحَمَّد بن عمار بن يَاسر. هَكَذَا أجمل تَعْلِيله، فَأَما أَبُو عُبَيْدَة فَهُوَ على أَصله غير عِلّة، فَإِنَّهُ قد أورد فِي الْجِهَاد حَدِيثا هُوَ من رِوَايَته، وَلم يبين أَنه من رِوَايَته، وَهُوَ حَدِيث: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 532 (1311) " من قتل دون مَاله فَهُوَ شَهِيد ". وَسكت عَنهُ سُكُوته عَن أَمْثَاله من المساتير الَّذين تقبل رِوَايَة أحدهم إِذا روى عَنهُ أَكثر من وَاحِد، وَقد تكَرر الذّكر بذلك بعد الحَدِيث الْمَذْكُور. وَأما عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق، فَهُوَ الْمَعْرُوف بعباد، وَهُوَ مُخْتَلف فِيهِ، فاعلمه. (1312) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ، عَن صَفْوَان بن أُميَّة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / اسْتعَار مِنْهُ أدراعا يَوْم حنين فَقَالَ: أغصبا يَا مُحَمَّد؟ الحَدِيث. (1313) وَقد قدم قبله من عِنْد أبي دَاوُد، عَن يعلى بن أُميَّة، قَالَ لي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا أتتك رُسُلِي فادفع إِلَيْهِم ثَلَاثِينَ درعا " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: حَدِيث يعلى أصح. وَلم يبين لماذا رجح عَلَيْهِ، وَذَلِكَ أَن حَدِيث صَفْوَان بن أُميَّة، هُوَ من رِوَايَة الجزء: 3 ¦ الصفحة: 533 شريك، عَن عبد الْعَزِيز بن رفيع، وَلم يقل: حَدثنَا، وَهُوَ مُدَلّس، وَأما أُميَّة ابْن صَفْوَان فَأخْرج لَهُ مُسلم. (1314) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أد الْأَمَانَة إِلَى من ائتمنك وَلَا تخن من خانك ". وَقَالَ فِيهِ: حسن غَرِيب. وَلم يبين الْمَانِع من تَصْحِيحه، وَهُوَ كَونه من رِوَايَة شريك، وَقيس بن الرّبيع، عَن أبي حُصَيْن، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة. وَشريك وَقيس مُخْتَلف فيهمَا، وهم ثَلَاثَة ولوا الْقَضَاء، فسَاء حفظهم بالاشتغال عَن الحَدِيث: مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى، وَشريك بن عبد الله، وَقيس بن الرّبيع. وَشريك مَعَ ذَلِك مَشْهُور بالتدليس، وَهُوَ لم يذكر السماع فِيهِ /. (1315) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ عَن ابْن عَبَّاس حَدِيث: " لَا وَصِيَّة [لوَارث] إِلَّا أَن يَشَاء الْوَرَثَة ". ثمَّ أعله بالانقطاع، ثمَّ قَالَ: وَصله يُونُس بن رَاشد؛ فَرَوَاهُ عَن عَطاء، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، والمقطوع هُوَ الْمَشْهُور. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 534 هَذَا مَا ذكر من غير مزِيد، فَلَا هُوَ عزاهُ، وَلَا هُوَ بَين علته. وَهُوَ حَدِيث ذكره الدَّارَقُطْنِيّ قَالَ: حَدثنَا عبيد الله بن عبد الصَّمد بن الْمُهْتَدي بِاللَّه، حَدثنَا مُحَمَّد بن عَمْرو بن خَالِد، حَدثنَا أبي، عَن يُونُس بن رَاشد، عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تجوز لوَارث وَصِيَّة إِلَّا أَن يَشَاء الْوَرَثَة ". يُونُس بن رَاشد قَاضِي حران، قَالَ أَبُو زرْعَة: " لَا بَأْس بِهِ ". وَقَالَ البُخَارِيّ: " كَانَ مرجئا ". زَاد النَّسَائِيّ: " وَكَانَ واعيا ". وَعَمْرو بن خَالِد الْحَرَّانِي روى عَنهُ البُخَارِيّ فِيمَن روى عَنهُ. وَأما ابْنه مُحَمَّد، فيكنى أَبَا علاثة، حدث عَن أَبِيه وَغَيره، وَكَانَ ثِقَة، قَالَه أَبُو سعيد بن يُونُس فِي كِتَابه فِي تَارِيخ المصريين، قَالَ: وَقد رَأَيْته، وَذكر وَفَاته سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَمِائَتَيْنِ. (1316) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن عبد الرَّحْمَن بن رُقَيْش، أَنه سمع شُيُوخًا من بني عَمْرو بن عَوْف، وَمن خَاله عبد الله بن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 535 أبي أَحْمد، قَالَ: قَالَ عَليّ: حفظت عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يتم بعد احْتِلَام وَلَا صمَات يَوْم إِلَى اللَّيْل ". ثمَّ قَالَ: الْمَحْفُوظ مَوْقُوف على عَليّ. وَقد رُوِيَ من حَدِيث جَابر، وَلَكِن فِي إِسْنَاده حرَام بن عُثْمَان، ذكره أَبُو أَحْمد. هَذَا مَا ذكر، وَفِيه من الاختلال مَا قد بَيناهُ فِي أول بَاب من هَذَا الْكتاب، وَهُوَ بَاب الزِّيَادَة فِي الْأَسَانِيد. ونبين هُنَا إِن شَاءَ الله مَا أجمل من علته فَنَقُول: لَو كَانَ هَذَا الحَدِيث هَكَذَا، كَانَت علته أبين شَيْء، وَذَلِكَ أَن عبد الرَّحْمَن ابْن رُقَيْش لَا يعرف فِي رُوَاة الْأَخْبَار / وَإِنَّمَا هُوَ عَن ابْنه سعيد بن عبد الرَّحْمَن ابْن رُقَيْش، على مَا بَيناهُ فِي الْبَاب الْمَذْكُور، وَسَعِيد ثِقَة. وعلته إِنَّمَا هِيَ أُمُور تتبين بِذكرِهِ بِإِسْنَادِهِ: قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن صَالح قَالَ: حَدثنَا يحيى بن مُحَمَّد الْمدنِي قَالَ: أَخْبرنِي عبد الله بن خَالِد بن سعيد بن أبي مَرْيَم / عَن أَبِيه، عَن سعيد بن عبد الرَّحْمَن بن رُقَيْش، أَنه سمع شُيُوخًا من بني عَمْرو بن عَوْف، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 536 فَخَالِد بن سعيد بن أبي مَرْيَم، وَابْنه عبد الله بن خَالِد [بن سعيد بن أبي مَرْيَم] مَجْهُولَانِ. وَلم أجد لعبد الله ذكرا، إِلَّا فِي رسم ابْن لَهُ يُقَال لَهُ: إِسْمَاعِيل بن عبد الله بن خَالِد بن سعيد بن أبي مَرْيَم، ذكره أَيْضا ابْن أبي حَاتِم، وَهُوَ مَجْهُول الْحَال كَذَلِك. فَأَما جده سعيد بن أبي مَرْيَم فَثِقَة. وَيحيى بن مُحَمَّد الْمدنِي، إِمَّا مَجْهُول، وَإِمَّا ضَعِيف إِن كَانَ ابْن هَانِئ. وَعبد الله بن أبي أَحْمد بن جحش بن رِئَاب مَجْهُول الْحَال أَيْضا، وَلَيْسَ بوالد بكير بن عبد الله بن الْأَشَج، كَمَا ظَنّه ابْن أبي حَاتِم حِين جمع بَينهمَا. وَالْبُخَارِيّ قد فصل بَينهمَا، فَجعل الَّذِي يروي عَن عَليّ فِي تَرْجَمَة، وَالَّذِي يروي عَن ابْن عَبَّاس (وَهُوَ وَالِد بكير) فِي تَرْجَمَة أُخْرَى. وَأيهمَا كَانَ فحاله مَجْهُولَة أَيْضا. فَهَذِهِ علل الْخَبَر الْمَذْكُور، فَاعْلَم ذَلِك. (1317) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن حَكِيم بن حَكِيم، قَالَ: كتب عمر بن الْخطاب إِلَى أبي عُبَيْدَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْخَال وَارِث من لَا وَارِث لَهُ ". وَقَالَ فِيهِ: حسن. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 537 وَلم يبين لم لَا يَصح، وَذَلِكَ - وَالله أعلم - لِأَن حَكِيم بن حَكِيم بن عباد ابْن حنيف، ابْن أخي عَمْرو بن حنيف، لَا تعرف عَدَالَته. وَإِن كَانَ قد روى عَنهُ سُهَيْل بن أبي صَالح، وَعبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث، وَأَخُوهُ عُثْمَان بن حَكِيم، وَهُوَ من رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث عَن حَكِيم. وَقد بَينا فِي بَاب النَّقْص من الْأَسَانِيد، كَيفَ سقط مِنْهُ أَبُو أُمَامَة / بن سهل ابْن حنيف. وَلما ذكره فِي كِتَابه الْكَبِير، قَالَ بعده: وَقد تقدم الْكَلَام على عبد الرَّحْمَن ابْن الْحَارِث فِي كتاب الْإِمَامَة من كتاب الصَّلَاة. (1318) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، من رِوَايَة ابْن وهب، عَن مُحَمَّد ابْن عَمْرو اليافعي، عَن ابْن جريج، عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يَرث الْمُسلم النَّصْرَانِي، إِلَّا أَن يكون عَبده أَو أمته ". ثمَّ قَالَ: مُحَمَّد بن عَمْرو: شيخ، وَهَذَا الحَدِيث، الْمَحْفُوظ فِيهِ مَوْقُوف. انْتهى مَا ذكر. وَلَيْسَ هَذَا بَيَان علته، وَإِنَّمَا علته أَن هَذَا الرجل مَجْهُول الْحَال، لَا يعرف الجزء: 3 ¦ الصفحة: 538 إِلَّا بِرِوَايَة ابْن وهب عَنهُ، وَقد جازف فِي قَوْله فِيهِ: " شيخ "، فَإِن هَذِه اللَّفْظَة يطلقونها على الرجل إِذا لم يكن مَعْرُوفا بالرواية مِمَّن أَخذ وَأخذ عَنهُ، وَإِنَّمَا وَقعت لَهُ رِوَايَة لحَدِيث أَو أَحَادِيث، فَهُوَ يَرْوِيهَا، هَذَا الَّذِي يَقُولُونَ فِيهِ: شيخ. وَقد لَا يكون من هَذِه صفته من أهل الْعلم، وَقد يَقُولُونَهَا للرجل، بِاعْتِبَار قلَّة مَا يرويهِ عَن شخص مَخْصُوص، كَمَا يَقُولُونَ: حَدِيث الْمَشَايِخ عَن أبي هُرَيْرَة، أَو عَن أنس، فيسوقون فِي ذَلِك رِوَايَات لقوم مقلين عَنْهُم، وَإِن كَانُوا مكثرين عَن غَيرهم. وَكَذَلِكَ إِذا قَالُوا: أَحَادِيث الْمَشَايِخ عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَإِنَّمَا يعنون من لَيْسَ لَهُ عَنهُ إِلَّا الحَدِيث أَو الحديثان وَنَحْو ذَلِك. وَأَبُو مُحَمَّد لم ير فِي هَذَا الرجل القَوْل بِأَنَّهُ شيخ، فَإِنَّهُم لم يَقُولُوا ذَلِك فِيهِ فِيمَا أعلم، وَإِنَّمَا رأى فِي كتاب ابْن أبي حَاتِم سُؤال أبي مُحَمَّد إباه وَأَبا زرْعَة عَنهُ، فَقَالَا: هُوَ شيخ لِابْنِ وهب. فَهَذَا شَيْء آخر، لَيْسَ هُوَ الَّذِي ذكر، فَإِن لَفْظَة " شيخ " لَفْظَة مصطلح عَلَيْهَا كَمَا تقدم، فَأَما لَفْظَة شيخ لفُلَان، فَإِنَّهُ بِمَعْنى آخر. وَالْمَقْصُود أَن تعلم أَن هَذَا / الرجل لم تنقل لنا عَدَالَته. ثمَّ هُوَ قد خَالفه فِيهِ عبد الرَّزَّاق؛ فَرَوَاهُ عَن ابْن جريج / فَوَقفهُ وَلم يرفعهُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 539 فَإِذن إِنَّمَا ترجح الْمَوْقُوف؛ لِأَنَّهُ عَن ثِقَة، وَالْمَرْفُوع عَمَّن لَا نعلم عَدَالَته، فَهَذِهِ علته، فَاعْلَم ذَلِك (1319) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ عَن الْمِقْدَام بن معدي كرب، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَنا ولي من وَلَا لي لَهُ " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: وَاخْتلف فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث، وَفِيه عَن عَائِشَة، وَاخْتلف فِيهِ أَيْضا. كَذَا ذكره، وَلم يبين علته على الْحَقِيقَة، إِذْ لم يبين الِاخْتِلَاف، وَلم يعز حَدِيث عَائِشَة. وأوهم بقوله: إِن فِي حَدِيث الْمِقْدَام اخْتِلَافا، أَنه ضَعِيف، وَمَا بِهِ من ضعف. قَالَ النَّسَائِيّ: أخبرنَا قُتَيْبَة بن سعيد، حَدثنَا حَمَّاد - يَعْنِي ابْن زيد - عَن بديل - يَعْنِي ابْن ميسرَة - عَن عَليّ بن أبي طَلْحَة، عَن رَاشد بن سعد، عَن أبي عَامر الْهَوْزَنِي، عَن الْمِقْدَام، فَذكره. وكل هَؤُلَاءِ مَا بهم بَأْس: أَبُو عَامر الْهَوْزَنِي، هُوَ عبد الله بن لحي شَامي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 540 قَالَ أَبُو زرْعَة: " لَا بَأْس بِهِ ". وَرَاشِد بن سعد ثِقَة. وَعلي بن أبي طَلْحَة، شَامي، قَالَ الْكُوفِي: هُوَ ثِقَة. وَسَائِر من فِي هَذَا الْإِسْنَاد لَا يسْأَل عَنْهُم. فَأَما الْخلاف الَّذِي فِيهِ، فقد بَينه الدَّارَقُطْنِيّ فِي علله، وَهُوَ أَن بديل بن ميسرَة، رَوَاهُ عَنهُ شُعْبَة، وَحَمَّاد بن زيد، وَإِبْرَاهِيم بن طهْمَان، كَمَا تقدم. وَخَالفهُم مُعَاوِيَة بن صَالح؛ فَرَوَاهُ عَن رَاشد بن سعد، عَن الْمِقْدَام، لم يذكر بَينهمَا أَبَا عَامر الْهَوْزَنِي. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: وَالْأول أشبه بِالصَّوَابِ. وَهُوَ على مَا قَالَ، فَإِن عَليّ بن أبي طَلْحَة ثِقَة، وَقد زَاد فِي الْإِسْنَاد من يتَّصل بِهِ، فَلَا يضرّهُ إرْسَال من قطعه، وَلَو كَانَ ثِقَة، فَكيف إِذا كَانَ فِيهِ مقَال، فنرى هَذَا الحَدِيث حَدِيثا صَحِيحا. فَأَما حَدِيث عَائِشَة فَإِنَّهُ ذكره الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه، من رِوَايَة ابْن جريج، عَن عَمْرو بن مُسلم، عَن طَاوس، عَن عَائِشَة، وَذكر بعض الْخلاف الَّذِي فِيهِ، واستوعبه فِي كتاب الْعِلَل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 541 وَجُمْلَته أَن ابْن جريج [اخْتلف عَلَيْهِ] ؛ فَرَوَاهُ روح / بن عبَادَة عَنهُ، عَن الْحسن بن مُسلم، عَن طَاوس، عَن عَائِشَة مَوْقُوفا. وَوهم فِي قَوْله: الْحسن بن مُسلم. وَخَالفهُ عبد الرَّزَّاق، وَمُحَمّد بن بكر، وَأَبُو عَاصِم؛ فَرَوَوْه عَن ابْن جريج، عَن عَمْرو بن مُسلم، عَن طَاوس، عَن عَائِشَة. وَكَانَ أَبُو عَاصِم رُبمَا رَفعه وَرُبمَا وَقفه، وَرَفعه وهم. هَذَا مَا ذكر، فاعلمه. (1320) وَذكر حَدِيث: " توارث بني العلات، وَالدّين قبل الْوَصِيَّة ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 542 ثمَّ قَالَ: وَرَوَاهُ الْحَارِث بن أبي أُسَامَة من حَدِيث ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَزَاد: " وَلَا وَصِيَّة لوَارث ". وَضَعفه وَلم يبين علته، لَا أذكرها الْآن، وكتبته حَتَّى أَقف عَلَيْهِ عِنْد الْحَارِث إِن شَاءَ الله. (1321) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن عَائِشَة، أَن مولى للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقع من عذق نَخْلَة، فَمَاتَ، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " انْظُرُوا هَل لَهُ وراث " الحَدِيث. وَقَالَ فِيهِ: حسن. وَلَا أَدْرِي لم لم يقل: صَحِيح، فَإِن رِجَاله ثِقَات، وَلَا انْقِطَاع وَلَا اخْتِلَاف. قَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا بنْدَار، حَدثنَا يزِيد بن هَارُون، حَدثنَا سُفْيَان، عَن عبد الرَّحْمَن بن الإصبهاني، عَن مُجَاهِد - وَهُوَ ابْن وردان - عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة، فَذكره. مُجَاهِد بن وردان ثِقَة، وَإِن لم يعرفهُ ابْن معِين، فقد عرفه أَبُو حَاتِم وَوَثَّقَهُ، وروى عَنهُ شُعْبَة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 543 وَعبد الرَّحْمَن / بن سُلَيْمَان الإصبهاني، كُوفِي ثِقَة. (1322) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن ابْن عَبَّاس، أَن رجلا مَاتَ وَلم يدع وَارِثا، إِلَّا عبدا هُوَ أعْتقهُ، " فَأعْطَاهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِيرَاثه ". وَأتبعهُ أَن قَالَ فِيهِ: حسن. وَلم يبين لم لَا يَصح، وَهُوَ حَدِيث إِنَّمَا يرويهِ سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن عَوْسَجَة، عَن ابْن عَبَّاس. وعوسجة هَذَا، هُوَ مولى ابْن عَبَّاس، قَالَ أَبُو حَاتِم: لَيْسَ بِمَشْهُور. وَقَالَ النَّسَائِيّ: لم أجد هَذَا الحَدِيث إِلَّا عِنْد عَوْسَجَة، وَلَا نعلم أَن أحدا روى عَنهُ غير عَمْرو بن دِينَار. وَقَالَ / أَبُو زرْعَة: عَوْسَجَة مكي ثِقَة. (1323) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار، من حَدِيث مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 544 الْبَيْلَمَانِي، عَن أَبِيه، عَن ابْن عمر، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " استهلال الصَّبِي العطاس ". ثمَّ قَالَ: الْبَيْلَمَانِي ضَعِيف عِنْدهم. هَكَذَا ذكره، وَلم يبين [من يَعْنِي] ؟ الْأَب، أم الابْن، أم كليهمَا؟ وَقد بَينا ذَلِك فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أعلها بِرِجَال وَترك فِيهَا مثلهم أَو أَضْعَف مِنْهُم. (1324) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن تَمِيم الدَّارِيّ: يَا رَسُول الله، مَا السّنة فِي الرجل يسلم على يَد الرجل من الْمُسلمين؟ قَالَ: " هُوَ أولى النَّاس بمحياه ومماته ". ثمَّ قَالَ: قَالَ البُخَارِيّ: اخْتلفُوا فِي صِحَة هَذَا الحَدِيث. كَذَا أبهم عِلّة هَذَا الْخَبَر. وَإِسْنَاده عِنْد أبي دَاوُد هُوَ هَذَا: حَدثنَا يزِيد بن خَالِد الرَّمْلِيّ وَهِشَام بن عمار، قَالَا: حَدثنَا يحيى - وَهُوَ ابْن حَمْزَة - عَن عبد الْعَزِيز بن عمر بن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 545 عبد الْعَزِيز، قَالَ: سَمِعت عبد الله بن موهب، يحدث عمر بن عبد الْعَزِيز، عَن قبيصَة بن ذُؤَيْب، قَالَ هِشَام: عَن تَمِيم الدَّارِيّ، فَذكره. وعلته الْجَهْل بِحَال عبد الله بن موهب، فَإِنَّهُ لَا تعرف حَاله وَإِن كَانَ قَاضِي فلسطين، وَلم يعرفهُ ابْن معِين. وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: عبد الله بن موهب، وَقَالَ بَعضهم: عبد الله بن وهب. وَاخْتلفُوا فِيهِ على عبد الْعَزِيز بن عمر بن عبد الْعَزِيز، فَذكره التِّرْمِذِيّ من رِوَايَة أبي أُسَامَة وَابْن نمير ووكيع عَنهُ، عَن عبد الله بن موهب، عَن تَمِيم الدَّارِيّ. وَرَوَاهُ يحيى بن حَمْزَة عَنهُ، فَأدْخل بَينهمَا قبيصَة بن ذُؤَيْب، وَهُوَ الأصوب. وَعبد الْعَزِيز هَذَا، لَيْسَ بِهِ بَأْس، والْحَدِيث من أجل عبد الله بن موهب هَذَا لَا يَصح. (1325) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن أنس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من ابْتغى الْقَضَاء، وَسَأَلَ فِيهِ شُفَعَاء، وكل إِلَى نَفسه، وَمن أكره عَلَيْهِ أنزل الله ملكا يسدده ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 546 ثمَّ قَالَ فِيهِ: حسن غَرِيب. وَلم يبين علته، وَهُوَ حَدِيث / يرويهِ أَبُو عوَانَة، عَن عبد الْأَعْلَى بن عَامر الثَّعْلَبِيّ، عَن بِلَال بن مرداس، عَن خَيْثَمَة - وَهُوَ الْبَصْرِيّ -، عَن أنس. وخيثمة بن أبي خَيْثَمَة الْبَصْرِيّ، لم تثبت عَدَالَته. قَالَ ابْن معِين: لَيْسَ بِشَيْء. وبلال بن مرداس الْفَزارِيّ، مَجْهُول الْحَال، روى عَنهُ عبد الْأَعْلَى بن عَامر، وَالسُّديّ. وَعبد الْأَعْلَى بن عَامر ضَعِيف. وَالْعجب من التِّرْمِذِيّ، فَإِنَّهُ أورد الحَدِيث من رِوَايَة إِسْرَائِيل، عَن عبد الْأَعْلَى بن عَامر هَكَذَا: حَدثنَا هناد، حَدثنَا وَكِيع، عَن إِسْرَائِيل، عَن عبد الْأَعْلَى، عَن بِلَال بن أبي مُوسَى، عَن أنس بن مَالك، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من سَأَلَ الْقَضَاء وكل إِلَى نَفسه، وَمن أجبر عَلَيْهِ، ينزل عَلَيْهِ ملك فيسدده ". ثمَّ قَالَ فِي رِوَايَة أبي عوَانَة الْمُتَقَدّمَة: إِنَّهَا أصح من رِوَايَة / إِسْرَائِيل. انْتهى قَوْله. وَإِسْرَائِيل أحد الْحفاظ، وَلَوْلَا ضعف عبد الْأَعْلَى، كَانَ هَذَا الطَّرِيق خيرا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 547 من طَرِيق أبي عوَانَة، الَّذِي فِيهِ خَيْثَمَة وبلال بن مرداس. (1326) وَقد تقدم لَهُ تَضْعِيف عبد الْأَعْلَى، فِي حَدِيث عَليّ، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَمر رجلا صلى إِلَى رجل أَن يُعِيد ". (1327) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا، عَن عبد الله بن عَمْرو: " لعن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الراشي والمرتشي ". وَصَححهُ، ثمَّ قَالَ: زَاد الْبَزَّار من حَدِيث ثَوْبَان: " والرائش ". ثمَّ قَالَ: وَحَدِيث التِّرْمِذِيّ أصح إِسْنَادًا. كَذَا قَالَ، وَلَيْسَ هَذَا القَوْل بِشَيْء، فَإِن حَدِيث التِّرْمِذِيّ صَحِيح، وَحَدِيث الْبَزَّار ضَعِيف الْبَتَّةَ، فَلَا يَنْبَغِي أَن يفاضل بَينهمَا إِلَّا لَو اجْتمعَا فِي الصِّحَّة. وَالْمَقْصُود الْآن إِنَّمَا هُوَ بَيَان مَا أجمل من ضعف حَدِيث الْبَزَّار، إِن كَانَ هَذَا مِنْهُ تضعيفا لَهُ، وَهُوَ الظَّن بِهِ. قَالَ الْبَزَّار: حَدثنَا أَبُو كَامِل، قَالَ: حَدثنَا عبد الْوَاحِد بن زِيَاد، عَن لَيْث، عَن أبي زرْعَة، عَن أبي إِدْرِيس، عَن ثَوْبَان، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لعن الراشي والمرتشي، والرائش ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 548 قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / من وَجه من الْوُجُوه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه، فَلذَلِك كتبناه، وَبينا أَنه عَن لَيْث [بن أبي سليم، عَن أبي زرْعَة، عَن أبي إِدْرِيس. وَقد أَدخل دَاوُد بن علبة عَن لَيْث، بَين أبي] زرْعَة وَبَينه رجلا، فَذكره عَن أبي الْخطاب. وَأَبُو الْخطاب فَلَيْسَ بِمَعْرُوف، إِلَّا أَنه قد روى عَنهُ لَيْث غير حَدِيث، وَإِنَّمَا يكْتب حَدِيثه إِذا لم يحفظ مَا يرْوى إِلَّا عَنهُ. انْتهى كَلَام الْبَزَّار. وَلَيْث ضَعِيف. (1328) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن أبي عون، عَن الْحَارِث بن عَمْرو، عَن أنَاس من أهل حمص من أَصْحَاب معَاذ، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لما أَرَادَ أَن يبْعَث معَاذًا إِلَى الْيمن، الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: لَا يسند وَلَا يُوجد من وَجه صَحِيح. انْتهى كَلَامه. وَلم يرمه بسوى الْإِرْسَال، فَانْظُر علته فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي لم يعبها بسوى الْإِرْسَال. (1329) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن أبي صرمة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 549 قَالَ: " من ضار ضار الله بِهِ، وَمن شاق شاق الله عَلَيْهِ ". قَالَ فِيهِ: حسن غَرِيب. وَلم يبين لم لَا يَصح، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ حَدِيث يرويهِ مُحَمَّد بن يحيى بن حبَان، عَن لؤلؤة، عَن أبي صرمة. ولؤلؤة هَذِه لَا تعرف إِلَّا فِيهِ، وَلَا يعرف روى عَنْهَا غير مُحَمَّد بن يحيى بن حبَان، فَهِيَ مَجْهُولَة الْحَال. وللاختلاف فِي أَحَادِيث المساتير - وَالله أعلم - حسنه. وَعِنْدِي أَنه ضَعِيف، فَإِن ذَلِك إِنَّمَا يتَحَقَّق فِيمَن روى عَنهُ أَكثر من وَاحِد، فَأَما من لم يرو عَنهُ إِلَّا وَاحِد فَلَا يقبل خَبره، وَمَا أَرَاهُم يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِك. (1330) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، عَن مُحَمَّد بن الْحسن، قَالَ: حَدثنَا أَبُو حنيفَة، عَن هَيْثَم الصَّيْرَفِي - وَهُوَ ابْن حبيب، وَهُوَ ثِقَة - عَن الشّعبِيّ، عَن جَابر، أَن رجلَيْنِ اخْتَصمَا إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي نَاقَة. الحَدِيث. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 550 وَلم يقل إثره شَيْئا، إِلَّا أَنه أبرز من إِسْنَاده مَا ذَكرْنَاهُ، وَلم يذكر من دون مُحَمَّد بن الْحسن، فَأرَاهُ عِنْده ضَعِيفا، بِضعْف أبي حنيفَة وَصَاحبه مُحَمَّد ابْن الْحسن. وَيَرْوِيه عَن مُحَمَّد بن الْحسن، زيد بن / نعيم وَهُوَ / رجل لَا يعرف حَاله. وَقد ذكره أَبُو بكر بن ثَابت الْخَطِيب، فَلم يزدْ فِي ذكره إِيَّاه على مَا أَخذ من هَذَا الْإِسْنَاد، فَإِنَّهُ قَالَ: " روى عَن مُحَمَّد بن الْحسن صَاحب أبي حنيفَة، روى عَنهُ أَبُو إِسْمَاعِيل البطيخي. ثمَّ أورد الحَدِيث بذلك فَقَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الْملك الْقرشِي، حَدثنَا عَليّ بن عمر الْحَافِظ - هُوَ الدَّارَقُطْنِيّ - حَدثنَا الْحُسَيْن بن إِسْمَاعِيل [وَمُحَمّد بن جَعْفَر المطيري، وَأحمد بن عِيسَى الْخَواص، قَالُوا: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله ابْن إِسْمَاعِيل] بن مَنْصُور، أَبُو إِسْمَاعِيل الْفَقِيه، حَدثنَا زيد بن نعيم بِبَغْدَاد، حَدثنَا مُحَمَّد بن الْحسن، بِحَدِيث ذكره. انْتهى مَا ذكره الْخَطِيب. وَهَذَا هُوَ إِسْنَاد الحَدِيث الْمَذْكُور بِعَيْنِه عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ. وَأَبُو إِسْمَاعِيل الْفَقِيه، هُوَ مُحَمَّد بن عبد الله بن مَنْصُور الشَّيْبَانِيّ، الْمَعْرُوف بالبطيخي، صَاحب الرَّأْي، وَهُوَ ثِقَة، قَالَه الدَّارَقُطْنِيّ. وَقَالَ ابْن قَانِع: مَاتَ سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 551 (1331) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد من المراسل، عَن عبد ربه بن الحكم أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لما حاصر أهل الطَّائِف خرج إِلَيْهِ أرقاء من أرقائها، فأسلموا فَأعْتقهُمْ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ". الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: هَذَا مُرْسل، وَلَيْسَ إِسْنَاده بِقَوي. انْتهى قَوْله. وَعبد ربه بن الحكم لَا تعرف حَاله، وَلَا يعرف روى عَنهُ إِلَّا الَّذِي روى عَنهُ هَذَا الْمُرْسل. قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، قَالَ: حَدثنَا إِسْحَاق بن عِيسَى أَبُو هَاشم، قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن عبد الرَّحْمَن الطَّائِفِي، عَن عبد ربه بن الحكم. فَذكره. وَعبد الله بن عبد الرَّحْمَن الطَّائِفِي روى عَنهُ جمَاعَة، كمروان الْفَزارِيّ، وَأبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ، وَأبي أَحْمد الزبيرِي. وَقَالَ ابْن أبي خَيْثَمَة: سَأَلت ابْن معِين عَنهُ فَقَالَ: صَالح. وَحكى التِّرْمِذِيّ عَن البُخَارِيّ أَنه قَالَ فِيهِ: مقارب الحَدِيث. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: لَيْسَ بِقَوي، لين الحَدِيث، بَابه طَلْحَة بن عَمْرو، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 552 وَعَمْرو بن رَاشد، وَعبد الله بن المؤمل. (1332) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، عَن ابْن عَبَّاس، جَاءَ رجل بأَخيه، فَقَالَ / يَا رَسُول الله، إِنِّي أُرِيد أَن أعتق أخي هَذَا، فَقَالَ: " إِن الله قد أعْتقهُ حِين ملكته ". ثمَّ قَالَ: لَا يَصح من أجل ضعف الْإِسْنَاد. كَذَا قَالَ، وَلم يبين علته، وَهُوَ من أَضْعَف مَا يرْوى، فَإِنَّهُ من رِوَايَة أَشْعَث بن عطاف، عَن الْعَرْزَمِي، عَن أبي النَّضر، عَن أبي صَالح، عَن ابْن عَبَّاس. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ بعد أَن ذكره: الْعَرْزَمِي تَركه ابْن الْمُبَارك، وَابْن مهْدي، وَيحيى الْقطَّان. وَأَبُو النَّضر: مُحَمَّد بن السَّائِب الْكَلْبِيّ، مَتْرُوك أَيْضا، وَهُوَ الْقَائِل: كل مَا حدثت عَن أبي صَالح كذب. (1333) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ أَيْضا، عَن عبد الْملك بن أبي سُلَيْمَان، عَن عَطاء، عَن جَابر، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا بَأْس بِبيع الجزء: 3 ¦ الصفحة: 553 خدمَة الْمُدبر ". وَقَالَ: الصَّوَاب مُرْسل. وَقد بَينا مَا فِي هَذَا، فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ضعفها بِمَا لم يضعف بِهِ غَيرهَا. وَعبد الْملك بن أبي سُلَيْمَان الْعَرْزَمِي هَذَا ثِقَة، بِخِلَاف الْمُتَقَدّم الذّكر، وَهُوَ ابْن أَخِيه. (1334) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ أَيْضا عَن ابْن عمر، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْمُدبر لَا يُبَاع وَلَا يُوهب، وَهُوَ حر من الثُّلُث " /. ثمَّ قَالَ: إِسْنَاده ضَعِيف، وَالصَّحِيح مَوْقُوف. هَكَذَا أجمل علته، وَهُوَ من رِوَايَة أبي مُعَاوِيَة: عَمْرو بن عبد الْجَبَّار الْجَزرِي - وَهُوَ مَجْهُول الْحَال - عَن عَمه عُبَيْدَة بن حسان - وَهُوَ مُنكر الحَدِيث - عَن أَيُّوب، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر. رَوَاهُ حَمَّاد بن زيد، عَن أَيُّوب، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر من قَوْله. وَهُوَ الصَّحِيح، لثقة حَمَّاد وَضعف رَاوِيه عَمْرو بن عبد الْجَبَّار. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 554 (1335) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن خطاب بن صَالح، مولى الْأَنْصَار، عَن أمه، عَن سَلامَة بنت معقل، امْرَأَة من خَارِجَة قيس عيلان، الحَدِيث فِي الْعتْق. وَضَعفه وَلم يبين علته، وَهِي الْجَهْل بأحوال هَؤُلَاءِ الْمُسلمين كلهم. وَقد / تصحف فِي هَذَا الحَدِيث - فِيمَا رَأَيْت من النّسخ - الْحباب بن عَمْرو، بِمَا ذَكرْنَاهُ فِي بَاب تغير الْأَسْمَاء. (1336) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يَمِين فِي غضب وَلَا طَلَاق، وَلَا عتق فِيمَا لَا يملك ". ثمَّ قَالَ: إِسْنَاده ضَعِيف. كَذَا ذكره وَلم يبين علته، وَهُوَ حَدِيث ذكره الدَّارَقُطْنِيّ كَمَا ذكر، فاختصر أَبُو مُحَمَّد مَتنه. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا الْحُسَيْن بن إِسْمَاعِيل، حَدثنَا أَحْمد بن مَنْصُور زاج، حَدثنَا عمر بن يُونُس، حَدثنَا سُلَيْمَان بن أبي سُلَيْمَان، عَن يحيى بن أبي كثير، عَن طَاوس، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا نذر إِلَّا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 555 فِيمَا أطيع الله، وَلَا يَمِين فِي غضب، وَلَا طَلَاق وَلَا عتاق فِيمَا لَا يملك ". سُلَيْمَان بن أبي سُلَيْمَان، شيخ ضَعِيف الحَدِيث، قَالَه أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ. (1337) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد من المراسل، عَن أبي الزَّاهِرِيَّة، وَرَاشِد بن سعد: أَهْدَت امْرَأَة إِلَى عَائِشَة تَمرا، فَأكلت وَبقيت تمرات، فَقَالَت المراة: أَقْسَمت عَلَيْك أَلا أَكلته كُله، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الْإِثْم على المحنث ". قَالَ: وَوَصله الدَّارَقُطْنِيّ عَنْهُمَا عَن عَائِشَة، وَلَا يَصح. وَرَوَاهُ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة بِمَعْنَاهُ، وَلَا يَصح أَيْضا. كَذَا ذكرهمَا وَلم يبين لَهما عِلّة. فَأَما الْمُرْسل فَإِنَّهُ عِنْد أبي دَاوُد هَكَذَا: حَدثنَا هَارُون بن عباد الْأَزْدِيّ، قَالَ: حَدثنَا حجاج، عَن لَيْث بن سعد، عَن مُعَاوِيَة بن صَالح، عَن أبي الزَّاهِرِيَّة وَرَاشِد بن سعد، فَذَكَرَاهُ. حجاج هَذَا، هُوَ ابْن سُلَيْمَان، يروي عَن اللَّيْث، روى عَنهُ مُحَمَّد بن سَلمَة الْمرَادِي. قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِم: شيخ مَعْرُوف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 556 وَأما حَدِيث الدَّارَقُطْنِيّ الْمُتَّصِل، فَقَالَ: حَدثنَا الْحُسَيْن بن إِسْمَاعِيل، حَدثنَا الصغاني، حَدثنَا أَحْمد بن أبي الطّيب، حَدثنَا ابْن وهب، أَخْبرنِي مُعَاوِيَة بن صَالح، عَن أبي الزَّاهِرِيَّة وَرَاشِد بن سعد، عَن عَائِشَة / فَذَكرته. أَحْمد بن أبي الطّيب لَا أعلم لَهُ حَالا. (1338) فَأَما حَدِيث أبي هُرَيْرَة بِمَعْنَاهُ، فَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا عَليّ ابْن الْحسن بن هَارُون بن رستم، حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الْملك الدقيقي، حَدثنَا يزِيد بن هَارُون، حَدثنَا بَقِيَّة، حَدثنَا إِسْحَاق بن مَالك الْحَضْرَمِيّ، عَن عِكْرِمَة، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من حلف على أحد بِيَمِين، وَهُوَ يرى أَنه سيبره فَلم يفعل، فَإِنَّمَا إثمه على من لم يبره ". إِسْحَاق بن مَالك هَذَا لَا يعرف حَاله، وَبَقِيَّة غير مَقْبُول الرِّوَايَة، لَا سِيمَا عَمَّن لَا يعرف. (1339) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع وَأبي / أُمَامَة، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 557 قَالَا: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَيْسَ على مقهور يَمِين ". ثمَّ قَالَ: إِسْنَاده ضَعِيف، فِيهِ هياج بن بسطَام وَغَيره. كَذَا قَالَ فِي تَعْلِيله، وَهُوَ حَدِيث فِيهِ جمَاعَة من الضُّعَفَاء. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا أَبُو بكر: مُحَمَّد بن الْحسن الْمُقْرِئ، حَدثنَا الْحُسَيْن ابْن إِدْرِيس، حَدثنَا خَالِد بن الْهياج، حَدثنَا أبي، عَن عَنْبَسَة بن عبد الرَّحْمَن، عَن الْعَلَاء عَن مَكْحُول، عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع وَعَن أبي أُمَامَة، فَذَكَرَاهُ. هياج بن بسطَام هَذَا الَّذِي عين أَبُو مُحَمَّد بِالذكر، أقرب إِلَى السَّلامَة مِمَّن ترك ذكره مِنْهُم، وَذَلِكَ أَنه لَا يتهم بِوَضْع الْأَحَادِيث وَإِن كَانَ ضَعِيفا. قَالَ أَبُو حَاتِم: " لَا يكْتب حَدِيثه وَلَا يحْتَج بِهِ ". وَقَالَ ابْن معِين: " لَيْسَ بِشَيْء، ضَعِيف الحَدِيث ". وَابْنه خَالِد بن هياج لَا تعرف حَاله، وروى عَنهُ الْحُسَيْن بن إِدْرِيس أَحَادِيث أنْكرت عَلَيْهِ لَا أصل لَهَا، مِنْهَا هَذَا الحَدِيث. فَأَما عَنْبَسَة بن عبد الرَّحْمَن الْقرشِي، فَمِمَّنْ يضع الحَدِيث، ونسأل الله الْعَافِيَة. وَأَبُو بكر مُحَمَّد بن الْحسن الْمُقْرِئ - هُوَ النقاش، صَاحب التَّفْسِير - هُوَ أَيْضا كَذَلِك مِمَّن رمي بِالْكَذِبِ فِي حَدِيثه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 558 فَهَذَا تَفْسِير مَا أجمل من أَمر هَذَا الحَدِيث. (1340) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن سُوَيْد / بن حَنْظَلَة قَالَ: خرجنَا نُرِيد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ومعنا وَائِل بن حجر، فَأَخذه عَدو لَهُ، فتحزج الْقَوْم أَن يحلفوا، وَحلفت: إِنَّه أخي، فخلى سَبيله، فأتينا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأَخْبَرته، فَقَالَ: " صدقت، الْمُسلم أَخُو الْمُسلم ". ثمَّ قَالَ: أصح إِسْنَادًا من هَذَا، حَدِيث خرجه مُسلم. (1341) يَعْنِي قَول إِبْرَاهِيم لسارة: " إِنَّهَا أُخْته ". هَذَا نَص مَا أورد عقبه، فَإِن كَانَ تضعيفا لَهُ فقد أجمل علته. وَهُوَ الظَّن بِهِ أَنه لَا يصحح مثله، فَإِنَّهُ من رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن عبد الْأَعْلَى، عَن جدته، عَن أَبِيهَا سُوَيْد بن حَنْظَلَة، وَهَذِه الْمَرْأَة لَا تعرف لَهَا حَال. (1342) وَذكر من طَرِيق الطَّحَاوِيّ، زِيَادَة فِي حَدِيث عَائِشَة، الَّذِي هُوَ: " من نذر أَن يُطِيع الله فليطعه، وَمن نذر أَن يَعْصِي الله فَلَا يَعْصِهِ وليكفر يَمِينه ". ثمَّ قَالَ: هَكَذَا عِنْد أبي دَاوُد فِي هَذَا الحَدِيث، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا نذر فِي مَعْصِيّة وكفارته كَفَّارَة يَمِين ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 559 ثمَّ قَالَ: حَدِيث الطَّحَاوِيّ أحسن إِسْنَادًا وَأَصَح. وَلم يبين عِلّة حَدِيث أبي دَاوُد، وَهِي أَن الزُّهْرِيّ لم يسمعهُ من أبي سَلمَة، رَاوِيه عَن أبي هُرَيْرَة. وَإِنَّمَا أَخذه الزُّهْرِيّ عَن سُلَيْمَان بن أَرقم، وَسليمَان بن أَرقم عَن يحيى بن أبي كثير، عَن أبي سَلمَة. وَبَيَان ذَلِك فِي كتاب أبي دَاوُد. وَقَالَهُ أَيْضا البُخَارِيّ وَغَيره. وَسليمَان بن أَرقم مَتْرُوك. (1343) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد، من حَدِيث الْوَلِيد بن سَلمَة، - مؤدب الْمَأْمُون - عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن يحيى بن أبي كثير، عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا نذر فِي غيظ ". ثمَّ قَالَ: حَدِيث غير مَحْفُوظ. كَذَا أجمل علته، وَهِي أَن هَذَا الرجل الَّذِي هُوَ الْوَلِيد بن سَلمَة، عَامَّة مَا يرويهِ لَا يُتَابع عَلَيْهِ. (1344) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد فِي الْقسَامَة، عَن عبد الرَّحْمَن بن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 560 بجيد، أَن الْيَهُود كتبُوا: " يحلفُونَ بِاللَّه خمسين يَمِينا مَا قَتَلْنَاهُ " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ بإثره: الصَّحِيح الْمَشْهُور أَن الْيَهُود لم يحلفوا. كَذَا قَالَ: وَلم يبين علته، وَهِي أَن أَبَا دَاوُد / يرويهِ / عَن عبد الْعَزِيز بن يحيى، عَن مُحَمَّد بن سَلمَة، عَن ابْن إِسْحَاق، عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الْحَارِث، عَن عبد الرَّحْمَن بن بجيد. وَعبد الرَّحْمَن بن بجيد هَذَا، قد صحّح التِّرْمِذِيّ من رِوَايَته حَدِيث: (1345) " ردوا السَّائِل وَلَو بظلف محرق ". وَلما ذكر قَاسم بن أصبغ حَدِيثه هَذَا، قَالَ فِيهِ: عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الْحَارِث التَّيْمِيّ، وَهُوَ رَاوِيه عَن عبد الرَّحْمَن بن بجيد، وَايْم الله مَا كَانَ سهل بِأَكْثَرَ علما مِنْهُ وَلكنه كَانَ أسن مِنْهُ، فَذكر الحَدِيث. فَإِذن، إِنَّمَا عِلّة هَذَا الحَدِيث إِمَّا ابْن إِسْحَاق، وَإِمَّا عبد الْعَزِيز بن يحيى الْحَرَّانِي أَبُو الْأَصْبَغ، فَإِنَّهُ لَا يُتَابع. وإعلال الحَدِيث بهما أَو بِأَحَدِهِمَا، لَيْسَ على أصل أبي مُحَمَّد، فقد عهد لَا يرد روايتهما. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 561 (1346) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من قتل مُتَعَمدا دفع إِلَى أَوْلِيَاء الْمَقْتُول " الحَدِيث. وَقَالَ فِيهِ: حسن غَرِيب. وَأرَاهُ لم يُصَحِّحهُ لكَونه من رِوَايَة سُلَيْمَان بن مُوسَى، عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده، وَذَلِكَ يُنَاقض مَا عهد مِنْهُ من تَصْحِيحه أَحَادِيث سُلَيْمَان وَأَحَادِيث عَمْرو، عَن أَبِيه، عَن جده، وَيَرْوِيه عَن سُلَيْمَان بن مُوسَى مُحَمَّد بن رَاشد. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 562 (1347) وَبعده حَدِيث فِي شرح الدِّيَة مِمَّا هِيَ، وَفِي أَي شَيْء هِيَ؟ بِهَذَا الْإِسْنَاد سكت عَنهُ، [وَحَدِيث آخر بعده سكت عَنهُ] أَيْضا كَذَلِك. وَحكم جَمِيعهَا وَاحِد، وَإِنَّمَا اكْتفى من القَوْل فِيهَا بِمَا أبرز من أسانيدها. (1348) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن ابْن مَسْعُود حَدِيث: " تخميس الدِّيَة، بِذكر عشْرين من بني مَخَاض ذُكُور ". ثمَّ قَالَ: هَذَا من حَدِيث الْحجَّاج بن أَرْطَاة، عَن زيد بن جُبَير، عَن خشف بن مَالك، عَن عبد الله بن مَسْعُود، وَهُوَ إِسْنَاد ضَعِيف. كَذَا أجمل أمره. وخشف لم يرو عَنهُ إِلَّا زيد بن جُبَير، وَالْحجاج ضَعِيف مُدَلّس. وَقد تولى الدَّارَقُطْنِيّ تَضْعِيف هَذَا الحَدِيث بِبَيَان شاف، فاعلمه. (1349) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن ابْن عَبَّاس، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 563 " ودى الْعَامِرِيين بدية الْمُسلمين " الحَدِيث. وَقَالَ فِيهِ: حسن غَرِيب. وَلم يبين لم لَا / يَصح. وَعِنْدِي أَنه ضَعِيف، فَإِنَّهُ إِنَّمَا يرويهِ أَبُو سعد: سعيد بن الْمَرْزُبَان الْبَقَّال - وَهُوَ مِمَّن يتهم بِالْكَذِبِ - يرويهِ عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس. كَذَا ذكره التِّرْمِذِيّ وَغَيره، فَاعْلَم ذَلِك. (1350) وَذكر عَن سراقَة بن مَالك، قَالَ: حضرت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يُقيد الْأَب من ابْنه، وَلَا يُقيد الابْن من أَبِيه ". (1351) وَعَن عمر قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " لَا يُقَاد الْوَالِد بِالْوَلَدِ ". (1352) وَعَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تُقَام الْحُدُود فِي الْمَسَاجِد، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 564 وَلَا يقتل الْوَالِد بِالْوَلَدِ ". ثمَّ قَالَ: لَا يَصح مِنْهَا شَيْء، عللها مَذْكُورَة فِي كتاب التِّرْمِذِيّ وَغَيره. انْتهى كَلَامه. فَاعْلَم أَن حَدِيث سراقَة، من رِوَايَة إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، عَن الْمثنى بن الصَّباح، عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده، عَن سراقَة. وَحَدِيث عمر من رِوَايَة حجاج بن أَرْطَاة، عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده، عَن عمر. وَحَدِيث ابْن عَبَّاس من رِوَايَة إِسْمَاعِيل بن مُسلم الْمَكِّيّ، عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن طَاوس، عَن ابْن عَبَّاس. والمثنى بن الصَّباح، وحجاج بن أَرْطَاة، وَإِسْمَاعِيل بن مُسلم [الْمَكِّيّ] ضعفاء /. وَإِسْمَاعِيل بن عَيَّاش عَن غير الشاميين كَذَلِك، وَهُوَ هَاهُنَا روى عَن الْمثنى ابْن الصَّباح، وَلَيْسَ بشامي. (1353) وَذكر بعده حَدِيث الَّذِي قتل عَبده " فَضَربهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مائَة " الحَدِيث. وَقَالَ بعده: إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش عَن غير الشاميين ضَعِيف، وَهَذَا الْإِسْنَاد حجازي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 565 كَذَا قَالَ، وَهُوَ وهم، وَذَلِكَ أَنه من رِوَايَته عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده. وَالْأَوْزَاعِيّ إِمَام أهل الشَّام، وَقد بيّنت أَمر هَذَا الحَدِيث بَيَانا شافيا فِي بَاب ذكر أَشْيَاء مفترقة تَغَيَّرت فِي نَقله أَو بعده عَمَّا هِيَ عَلَيْهِ. (1354) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن الْحسن، عَن قبيصَة بن حُرَيْث، عَن سَلمَة بن المحبق، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " قضى فِي رجل وَقع على جَارِيَة / امْرَأَته إِن كَانَ استكرهها فَهِيَ حرَّة " الحَدِيث. قَالَ: وَهَذَا لَا يَصح، قَالَ النَّسَائِيّ: لَيْسَ فِي هَذَا الْبَاب شَيْء صَحِيح يحْتَج بِهِ. وَذكر أَبُو عمر هَذَا الحَدِيث وَصَححهُ، وَذكر شهرته عَن الْحسن، وَلم يذكر قبيصَة. وَإِنَّمَا ضعف الحَدِيث من أجل قبيصَة. انْتهى كَلَامه. وَلَيْسَ فِيهِ بَيَان أَمر قبيصَة، وَهُوَ رجل لَا تعرف لَهُ حَال، وَلَا يعرف روى عَنهُ غير الْحسن. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 566 (1355) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار عَن عَليّ بن أبي طَالب، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " قطع فِي بَيْضَة من حَدِيد، قيمتهَا أحد وَعِشْرُونَ درهما ". قَالَ: وَإِسْنَاده ضَعِيف، فِيهِ الْمُخْتَار بن نَافِع وَغَيره. انْتهى مَا ذكر. وَهُوَ إِجْمَال لتعليله، وَإِسْنَاده عِنْد البزارهكذا: حَدثنَا مُحَمَّد بن مَرْزُوق قَالَ: حَدثنَا سهل بن حَمَّاد، أَبُو عتاب، قَالَ: حَدثنَا الْمُخْتَار بن نَافِع، عَن أبي حَيَّان التَّيْمِيّ، عَن أَبِيه، عَن عَليّ بن أبي طَالب، فَذكره. قَالَ الْبَزَّار: هَكَذَا حَدثنَا بِهِ مُحَمَّد بن مَرْزُوق، عَن أبي عتاب، عَن الْمُخْتَار، عَن أبي حَيَّان، عَن أَبِيه، عَن عَليّ. وَرَوَاهُ غَيره عَن الْمُخْتَار، عَن أبي مطر، عَن عَليّ. انْتهى كَلَامه. فَأَما كَلَام أبي مُحَمَّد فَفِيهِ مجازفة، وَذَلِكَ فِي قَوْله: " وَغَيره " فَإِن الْإِسْنَاد على مذْهبه لَا نظر فِيهِ إِلَّا فِي الْمُخْتَار بن نَافِع، فَإِنَّهُ شيخ مُنكر الحَدِيث. فَأَما وَالِد أبي حَيَّان، فَلَا يَنْبَغِي لَهُ هُوَ أَن يعل الحَدِيث بِهِ، إِلَّا أَن يكون قد رَجَعَ إِلَى الصَّوَاب. (1356) وَذَلِكَ أَنه قد تقدم لَهُ فِي هَذَا الْبَاب حَدِيث أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الله تَعَالَى يَقُول: أَنا ثَالِث الشَّرِيكَيْنِ " الحَدِيث. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 567 وَسكت عَنهُ، مصححا لَهُ، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة أبي حَيَّان، عَن أَبِيه، فَهُوَ إِذن صَحِيح عِنْده كَسَائِر مَا يسكت عَنهُ. هَذَا مَا أخبر بِهِ عَن نَفسه. وَالرجل الْمَذْكُور لَا تعرف لَهُ حَال فَإِذا لم يباله هُنَاكَ، فَيَنْبَغِي [لَهُ] أَن لَا يباليه هُنَا. وَأما أَبُو عتاب: سهل بن حَمَّاد، فَإِنَّهُ لَا بَأْس بِهِ، قَالَه ابْن حَنْبَل. وَقَالَ الرازيان: " صَالح الحَدِيث "، وَلَا يضرّهُ أَن لم يعرفهُ ابْن معِين. وَمُحَمّد بن مَرْزُوق ثِقَة. فَإِذن لم يبْق فِي الْإِسْنَاد من يعل بِهِ إِلَّا الْمُخْتَار / بن نَافِع، وَهُوَ مُنكر الحَدِيث، كُوفِي، يكنى أَبَا إِسْحَاق، وَيعرف بالتمار. فَأَما الطَّرِيق الآخر، الَّذِي هُوَ من رِوَايَة أبي مطر عَن أبي هُرَيْرَة، فَإِنَّهُ لَا يكون معنيه، فَإِن الْإِسْنَاد لَيْسَ بموصل إِلَيْهِ عِنْد الْبَزَّار. وَهُوَ أَيْضا رجل مَجْهُول لَا يعرف حَاله وَلَا اسْمه، فَاعْلَم ذَلِك. (1357) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ، عَن صَفْوَان بن أُميَّة، قَالَ: " كنت نَائِما فِي الْمَسْجِد على خميصة لي، ثمنهَا ثَلَاثِينَ درهما، فجَاء رجل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 568 فاختلسها " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: رَوَاهُ سماك بن حَرْب، عَن حميد ابْن أُخْت صَفْوَان، عَن صَفْوَان. [وَعبد الْملك بن أبي بشير، عَن عِكْرِمَة، عَن صَفْوَان، وَأَشْعَث بن برَاز، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: كَانَ صَفْوَان نَائِما فِي الْمَسْجِد. وَرَوَاهُ عَمْرو بن دِينَار، عَن طَاوس، عَن صَفْوَان. ذكر هَذِه الطّرق النَّسَائِيّ. وَرَوَاهُ مَالك فِي الْمُوَطَّأ، عَن ابْن شهَاب، عَن صَفْوَان بن عبد الله بن صَفْوَان، أَن صَفْوَان بن أُميَّة. وَقد رُوِيَ من غير هَذَا الْوَجْه، وَلَا أعلمهُ يتَّصل من وَجه يحْتَج بِهِ. انْتهى مَا ذكر. وَلم يتَبَيَّن بِهِ علته، وَفِيه وهم بَين، وَهُوَ تَفْسِيره أَشْعَث بِأَنَّهُ ابْن برَاز. وَفِيه إِيهَام ضعف من لَيْسَ بضعيف. فلنبين جَمِيع هَذَا فَنَقُول: أما الْإِسْنَاد الَّذِي رَوَاهُ سماك بن حَرْب، عَن حميد بن أُخْت صَفْوَان، عَن صَفْوَان] , فضعفه بَين بحميد الْمَذْكُور، فَإِنَّهُ لَا يعرف فِي غير هَذَا، وَقد ذكره ابْن أبي حَاتِم بذلك وَلم يزدْ عَلَيْهِ. وَذكره البُخَارِيّ، فَقَالَ: إِنَّه حميد بن حُجَيْر / ابْن أُخْت صَفْوَان بن أُميَّة، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 569 ثمَّ سَاق لَهُ هَذَا الحَدِيث. وصحف فِيهِ زَائِدَة فَقَالَ: جعيد بن حُجَيْر، وَهُوَ كَمَا قُلْنَا مَجْهُول الْحَال. وَسماك بن حَرْب، لأبي مُحَمَّد فِيهِ اضْطِرَاب، ستراه إِن شَاءَ الله فِي مَوْضِعه. وَأما الطَّرِيق الَّتِي فِيهَا عبد الْملك بن أبي بشير، فقد أوهم بقوله: " لَا أعلمهُ يتَّصل من وَجه يحْتَج بِهِ " ضعف عبد الْملك هَذَا، وَهُوَ رجل ثِقَة، وَثَّقَهُ ابْن حبَان، وَالْقطَّان، وَابْن معِين، وَأَبُو زرْعَة، وَقَالَ سُفْيَان: كَانَ شيخ صدق. وَلَكِن الطَّرِيق الْمَذْكُورَة يُمكن أَن تكون مُنْقَطِعَة، فَإِنَّهَا من / رِوَايَة عبد الْملك الْمَذْكُور، عَن عِكْرِمَة، عَن صَفْوَان بن أُميَّة. وَعِكْرِمَة لَا أعرف أَنه سمع من صَفْوَان، وَإِنَّمَا يرويهِ عَن ابْن عَبَّاس. وَمن دون عبد الْملك الْمَذْكُور إِلَى النَّسَائِيّ مخرجه، ثِقَات. وَأما الطَّرِيق الَّتِي قَالَ: فِيهَا أَشْعَث بن برَاز، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، فقد اعتراه فِيهَا من الْخَطَأ - فِي تَفْسِير أَشْعَث بِأَنَّهُ ابْن برَاز - مَا قد بَيناهُ فِي بَاب نِسْبَة الْأَحَادِيث إِلَى غير رواتها، وأوضحنا كَونه أَشْعَث بن سوار. وَأما الطَّرِيق الَّتِي فِيهَا عَمْرو بن دِينَار، عَن طَاوس، عَن صَفْوَان، فَيُشبه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 570 أَن لَا تكون مُنْقَطِعَة. قَالَ أَبُو عمر بن عبد الْبر: أما طَاوس فسماعه من صَفْوَان مُمكن؛ لِأَنَّهُ أدْرك زمَان عُثْمَان. وَذكر يحيى الْقطَّان عَن زُهَيْر، عَن لَيْث، عَن طَاوس، قَالَ: أدْركْت سبعين شَيخا من أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَأَما قَول الْبَزَّار: إِنَّه رَوَاهُ طَاوس مُرْسلا، فَيُشبه أَن يَقُول ذَلِك لرِوَايَة لم يقل فِيهَا: عَن صَفْوَان، وَالله أعلم. (1358) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، عَن ابْن عَبَّاس [قَالَ] : قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَيْسَ على العَبْد الْآبِق إِذا سرق قطع، وَلَا على الذِّمِّيّ ". قَالَ: وَلم يرفعهُ غير فَهد بن سُلَيْمَان، وَالصَّوَاب مَوْقُوف. قَالَ: وَذكره أَيْضا من حَدِيث عبيد الله بن النُّعْمَان، عَن ابْن عَبَّاس، وَالصَّوَاب مَوْقُوف. هَذَا الَّذِي ذكر صَوَاب، غير أَنه مُجمل، وَتَفْسِيره هُوَ أَن أَبَا مُحَمَّد: فَهد ابْن سُلَيْمَان النخاس فِي الرَّقِيق، مصري لم تثبت عَدَالَته حَتَّى يحْتَمل لَهُ مَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 571 ينْفَرد بِهِ، وَإِن كَانَ مَشْهُورا، وَهُوَ مولى لقريش. قَالَ أَبُو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم: كتبت فَوَائده، وَلم يقْض لي السماع مِنْهُ. وَهُوَ يرويهِ عَن مُوسَى بن دَاوُد، عَن الثَّوْريّ، عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن مُجَاهِد، عَن ابْن عَبَّاس. وَالنَّاس رَوَوْهُ عَن الثَّوْريّ بِهَذَا الْإِسْنَاد فوقفوه. مِنْهُم عبد الرَّزَّاق، وَكَذَلِكَ ابْن جريج أَيْضا، رَوَاهُ عَن عَمْرو بن دِينَار فَوَقفهُ، وَلم يتَجَاوَز ابْن عَبَّاس. وَأما رِوَايَة عبيد الله بن النُّعْمَان، فَإِنَّهَا عَن أبي عَاصِم، عَن ابْن جريج / عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن مُجَاهِد، عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا. إِلَّا أَن عبيد الله هَذَا لَا تعرف حَاله، فَهَذِهِ حَال هَذَا الْخَبَر. (1359) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، من حَدِيث ابْن عمر فِي شرب الْخمر " الْقَتْل فِي الْخَامِسَة ". قَالَ: وَلَا يَصح، وَإِنَّمَا الصَّحِيح فِي الرَّابِعَة. وَلم يبين علته، وَهُوَ حَدِيث يرويهِ حَمَّاد بن سَلمَة، عَن حميد بن يزِيد، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 572 عَن نَافِع، عَن ابْن عمر. وَحميد بن يزِيد أَبُو الْخطاب، مَجْهُول الْحَال، وَلَا يعرف روى عَنهُ إِلَّا حَمَّاد بن سَلمَة. (1360) وَذكر من طَرِيق أبي الرمداء، " فِي ضرب عنق الشَّارِب فِي الْخَامِسَة ". وَقد ذَكرْنَاهُ وَبينا علته فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا مُتَّصِلَة وَهِي مُنْقَطِعَة. (1361) وَذكر من طَرِيق عبد الرَّزَّاق، عَن إِبْرَاهِيم، عَن دَاوُد بن الْحصين، عَن أبي سُفْيَان، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من قَالَ لرجل من الْأَنْصَار: يَا يَهُودِيّ، فَاضْرِبُوهُ عشْرين ". ثمَّ قَالَ فِيهِ: مُرْسل وَضَعِيف جدا. وَهُوَ كَمَا قَالَ، وَلكنه لم يبين / علته. فَأَما إرْسَاله فَبين، وَأما ضعفه فَمن أجل إِبْرَاهِيم الْمَذْكُور، فَإِنَّهُ إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل بن أبي حَبِيبَة، وَهُوَ ضَعِيف. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 573 (1362) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن جَابر قَالَ: " نهينَا عَن صيد كلب الْمَجُوسِيّ ". ثمَّ قَالَ: إِسْنَاده ضَعِيف. وَلم يبين علته، وَهُوَ من رِوَايَة وَكِيع، عَن شريك، عَن الْحجَّاج، عَن الْقَاسِم بن أبي بزَّة، عَن سُلَيْمَان الْيَشْكُرِي، عَن جَابر. وحجاج هُوَ ابْن أَرْطَاة، وَشريك هُوَ ابْن عبد الله القَاضِي، وَقد تقدم القَوْل فيهمَا. (1363) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد حَدِيث خَالِد بن الْوَلِيد، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " حرَام عَلَيْكُم لُحُوم الْحمر الْأَهْلِيَّة وخيلها وبغالها ". ثمَّ قَالَ: هَذَا يرويهِ صَالح بن يحيى بن الْمِقْدَام، عَن جده الْمِقْدَام، عَن خَالِد. وَلَا تقوم بِهِ حجَّة لضعف إِسْنَاده، ذكر ذَلِك أَبُو عمر بن عبد الْبر. كَذَا قَالَ، وَلم يبين علته، وَهِي أَن صَالحا الْمَذْكُور لم تثبت عَدَالَته. وَقَالَ البُخَارِيّ: فِيهِ نظر. وروى عَنهُ ثَوْر بن يزِيد وَأَبُو سَلمَة سُلَيْمَان بن سليم، رَاوِي هَذَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 574 الحَدِيث عَنهُ /. وَأَبُو سَلمَة هَذَا ثِقَة. (1364) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن إِسْمَاعِيل بن مُسلم - هُوَ الْمَكِّيّ - عَن عبد الْكَرِيم بن أبي الْمخَارِق، عَن حبَان، بن جزي، عَن أَخِيه خُزَيْمَة بن جزي، سَأَلت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن أكل الضبع، فَقَالَ: " أَو يَأْكُل الضبع أحد؟ وَسَأَلته عَن أكل الذِّئْب، فَقَالَ: أَو يَأْكُل الذِّئْب أحد فِيهِ خير؟ ". ثمَّ قَالَ: ضعف أَبُو عِيسَى هَذَا الْإِسْنَاد. هَذَا مَا ذكر، وَلم يبين علته، إِلَّا أَنه اكْتفى بِمَا أبرز من إِسْنَاده. وَقد ضعفه التِّرْمِذِيّ بِعَبْد الْكَرِيم، وَترك بَيَان أَمر حبَان بن جزي، فَهُوَ مَجْهُول الْحَال. وَهُوَ بِكَسْر الْحَاء، وَأَبوهُ يخْتَلف فِي ضَبطه، فَيُقَال جزي بِفَتْح الْجِيم وَكسر الزَّاي، وَيُقَال بِضَم الْجِيم وَفتح الزَّاي. (1365) وَقد ذكر هُوَ بعد هَذَا، حَدِيثا آخر فِي أَن " الأرنب تحيض ". فَقَالَ بإثره: عبد الْكَرِيم بن أبي الْمخَارِق ضَعِيف عِنْد الْجَمِيع. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 575 (1366) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن جَابر بن عبد الله، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا أَلْقَاهُ الْبَحْر أَو جزر عَنهُ فكلوه، وَمَا مَاتَ فِيهِ فطفا فَلَا تأكلوه ". ثمَّ قَالَ: إِنَّمَا يرويهِ الثِّقَات من قَول جَابر، وَإِنَّمَا أسْند من وَجه ضَعِيف: من حَدِيث يحيى بن سليم، عَن إِسْمَاعِيل بن أُميَّة، عَن أبي الزبير، عَن جَابر. وَمن حَدِيث عبد الْعَزِيز بن عبيد الله بن حَمْزَة بن صُهَيْب، وَهُوَ ضَعِيف، لم يروه عَنهُ إِلَّا إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش هَذَا فِيمَا أعلم. انْتهى مَا ذكر. فَأَقُول: إِسْنَاد يحيى بن سليم، علته أَن النَّاس رَوَوْهُ مَوْقُوفا. وَإِنَّمَا رَفعه يحيى بن سليم. وَابْن معِين يوثق يحيى بن سليم وَهُوَ من أهل الصدْق، وَلَكِن فِي حفظه شَيْء، من أجل ذَلِك تكلم فِيهِ غَيره. وَلما ذكر أَبُو دَاوُد هَذَا الحَدِيث من هَذَا الطَّرِيق، قَالَ: رَوَاهُ الثَّوْريّ، وَحَمَّاد، عَن أبي الزبير، وَقَفاهُ على جَابر. وَقد أسْند من وَجه ضَعِيف عَن ابْن أبي ذِئْب، عَن أبي الزبير، عَن جَابر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. والْحَدِيث فِي حالتيه مَوْقُوفا وَمَرْفُوعًا، لَا بُد فِيهِ من أبي الزبير. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 576 فَأَبُو مُحَمَّد فِي قَوْله / عَن طَرِيق يحيى بن سليم، عَن إِسْمَاعِيل بن أُميَّة: " ضَعِيف "، إِن عَنى بذلك كَونه من رِوَايَة أبي الزبير، لزمَه ذَلِك فِي الْمَوْقُوف، وَإِن عَنى بِهِ ضعف يحيى بن سليم، نَاقض فِيهِ، فكم من حَدِيث قد صحّح من رِوَايَته. وَلم يُخَالف يحيى بن سليم فِي رَفعه الحَدِيث الْمَذْكُور عَن إِسْمَاعِيل بن أُميَّة، إِلَّا من هُوَ دونه، وَهُوَ إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، وَأما إِسْمَاعِيل بن أُميَّة فَثِقَة لَا يسْأَل عَن مثله /. وَأما الطَّرِيق الآخر الَّذِي هُوَ من رِوَايَة عبد الْعَزِيز بن عبيد الله فضعيف، بِضعْف عبد الْعَزِيز، فَاعْلَم ذَلِك. (1367) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن عَامر، أبي رَملَة، عَن مخنف بن سليم، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يَا أَيهَا النَّاس، إِن على [أهل] كل بَيت فِي كل عَام أضْحِية وعتيرة " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: إِسْنَاده ضَعِيف. وَصدق، وَلكنه لم يبين علته، وَهِي الْجَهْل بِحَال عَامر هَذَا، فَإِنَّهُ لَا يعرف إِلَّا بِهَذَا، يرويهِ عَنهُ ابْن عون، وَقد رَوَاهُ أَيْضا عَنهُ ابْنه حبيب بن مخنف، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 577 وَهُوَ مَجْهُول أَيْضا كأبيه. (1368) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، عَن رِفَاعَة بن هرير حَدثنَا أبي، عَن عَائِشَة، قَالَت: قلت: يَا رَسُول الله، أستدين وأضحي؟ قَالَ: " نعم فَإِنَّهُ دين مقضي ". قَالَ: هَذَا إِسْنَاد ضَعِيف. كَذَا أوردهُ وَلم يبين علته، وَهُوَ حَدِيث يرويهِ الدَّارَقُطْنِيّ هَكَذَا: حَدثنَا ابْن مُبشر، حَدثنَا أَحْمد بن سِنَان، حَدثنَا يَعْقُوب بن مُحَمَّد الزُّهْرِيّ، حَدثنَا رِفَاعَة ابْن هرير، حَدثنَا أبي، عَن عَائِشَة، فَذَكرته. ثمَّ قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: هَذَا إِسْنَاد ضَعِيف. وهرير هُوَ ابْن عبد الرَّحْمَن بن رَافع بن خديج، وَلم يسمع من عَائِشَة، وَلم يُدْرِكهَا. هَذَا مَا ذكره بِهِ الدَّارَقُطْنِيّ، فَفِيهِ مِنْهُ التَّنْصِيص على انْقِطَاعه، وَلم يعرض لذَلِك أَبُو مُحَمَّد. وهرير الْمَذْكُور ثِقَة، قَالَه ابْن معِين، لكنه - كَمَا سَمِعت - لم يسمع من عَائِشَة. وَأما ابْنه رِفَاعَة فَلَا تعرف حَاله. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 578 وَيَعْقُوب بن مُحَمَّد الزُّهْرِيّ، قَالَ فِيهِ أَبُو زرْعَة: واهي الحَدِيث. وَقَالَ ابْن معِين: مَا حَدثكُمْ عَن الشُّيُوخ الثِّقَات فاكتبوه، وَمن لَا / يعرف من شُيُوخه فَدَعوهُ. وَمن النَّاس من يوثقه. (1369) وَذكر من المراسل عَن ثَوْر بن يزِيد، عَن الصَّلْت - هُوَ مولى سُوَيْد بن منجوف - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ذَبِيحَة الْمُسلم حَلَال، ذكر اسْم الله [عَلَيْهَا] أَو لم يذكر " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: مُرْسل وَضَعِيف. وَلم يبين مَا ضعفه، وعلته مَعَ الْإِرْسَال، هِيَ أَن الصَّلْت السدُوسِي لَا تعرف لَهُ حَال، وَلَا يعرف بِغَيْر هَذَا، وَلَا روى عَنهُ إِلَّا ثَوْر بن يزِيد. (1370) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث ابْن عَبَّاس، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْمُسلم يَكْفِيهِ اسْمه " الحَدِيث. (1371) وَعَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اسْم الله على كل مُسلم ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 579 ثمَّ قَالَ: كلا الْحَدِيثين ضَعِيف. كَذَا قَالَ، وَلم يزدْ على هَذَا. أما حَدِيث ابْن عَبَّاس فَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا الْحُسَيْن بن إِسْمَاعِيل، حَدثنَا أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ، حَدثنَا مُحَمَّد بن يزِيد، حَدثنَا معقل، عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، فَذكره. وَلَيْسَ فِي هَذَا الْإِسْنَاد على أصل أبي مُحَمَّد إِلَّا ثِقَة، إِلَّا مُحَمَّد بن يزِيد - وَهُوَ ابْن سِنَان الرهاوي - أَبُو عبد الله الْجَزرِي روى عَنهُ النَّاس: مِنْهُم أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ، وَمُحَمّد بن مُسلم بن وارة. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: " لَيْسَ بالمتين، هُوَ أَشد غَفلَة من ابْنه، مَعَ أَنه كَانَ رجلا صَالحا صَدُوقًا، لم يكن من أحلاس الحَدِيث، وَكَانَ يرجع إِلَى ستر وَصَلَاح، وَكَانَ النُّفَيْلِي يرضاه ". وَقَالَ أَبُو أَحْمد: " لَهُ أَحَادِيث لَا يُتَابع عَلَيْهَا ". فَأَما معقل بن عبيد الله، فَإِنَّهُ وَإِن كَانَ يضعف فَإِن أَبَا مُحَمَّد يقبله. وَقد أورد من طَرِيقه أَحَادِيث من عِنْد مُسلم، لم يُنَبه على أَنَّهَا من رِوَايَته، دلّ ذَلِك على أَنه عِنْده حجَّة. وَأما حَدِيث أبي هُرَيْرَة، [فيرويه مَرْوَان بن سَلام، عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 580 يحيى بن أبي كثير، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة] . ومروان بن سَالم، هُوَ الْغِفَارِيّ، سكن قرقيسياء من الجزيرة، وَلَيْسَ بِثِقَة، بل هُوَ ضَعِيف، وَلَيْسَ بِمَرْوَان بن سَالم الْمَكِّيّ. (1372) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ أَيْضا، عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / عَن الْجَنِين: " ذَكَاته ذَكَاة أمه، أشعر أَو لم يشْعر ". ثمَّ ضعفه بِأَن قَالَ: فِيهِ عِصَام بن يُوسُف، عَن مبارك بن مُجَاهِد / وَالصَّوَاب مَوْقُوف. لم يبين أَمر عِصَام، وَهُوَ رجل لَا تعرف حَاله، وَأرَاهُ الَّذِي ذكر ابْن أبي حَاتِم، وَلم يعرف من حَاله بِشَيْء، غير أَنه قَالَ فِيهِ: الزَّاهِد. فَأَما مبارك بن مُجَاهِد، أَبُو الْأَزْهَر الْخُرَاسَانِي، فَقَالَ البُخَارِيّ عَن قُتَيْبَة: كَانَ قدريا وَضَعفه. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: مَا أرى بحَديثه [بَأْسا] . (1373) وَذكر أَيْضا أَن الدَّارَقُطْنِيّ خرج فِي ذَكَاة الْجَنِين عَن أبي هُرَيْرَة، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 581 وَابْن عَبَّاس، وَعلي. وَلَا يحْتَج بأسانيدها كلهَا، وَلم يبين عللها. فَأَما حَدِيث عَليّ، فَمن رِوَايَة مُوسَى بن عُثْمَان الْكِنْدِيّ، عَن أبي إِسْحَاق، عَن الْحَارِث، عَنهُ. والْحَارث من قد علم، ومُوسَى هَذَا مَجْهُول. فَأَما مُوسَى بن عُثْمَان الْحَضْرَمِيّ الَّذِي يرويهِ أَيْضا عَن أبي إِسْحَاق كَذَلِك، فمتروك، وَلَيْسَ بالكندي الْمَذْكُور. وَأما حَدِيث ابْن عَبَّاس، فيرويه أَيْضا مُوسَى الْمَذْكُور، عَن أبي إِسْحَاق، عَن عِكْرِمَة عَنهُ. وَأما حَدِيث أبي هُرَيْرَة، فيرويه عمر بن قيس، عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن طَاوس، عَن ابْن عَبَّاس، عَن أبي هُرَيْرَة. وَعمر بن قيس، هُوَ سندل، مَتْرُوك. (1374) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، حَدِيث أبي العشراء، عَن أَبِيه أَنه قَالَ: يَا رَسُول الله، أما تكون الذَّكَاة إِلَّا فِي الْحلق واللبة؟ الحَدِيث. وَقَالَ عَن أبي دَاوُد: لم يَصح. وعلته هِيَ أَن أَبَا العشراء لَا تعرف حَاله، وَلَا يعرف لَهُ وَلَا لِأَبِيهِ إِلَّا هَذَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 582 الحَدِيث، وَلَا يعرف روى عَنهُ إِلَّا حَمَّاد بن سَلمَة، وَاخْتلف فِي اسْمه وَاسم أَبِيه، وَذَلِكَ كُله مَعْرُوف فِي مظان وجوده. (1375) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن أبي وَاقد، قَالَ: قدم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمَدِينَة وهم يجبونَ أسنمة الْإِبِل. الحَدِيث. ثمَّ قَالَ فِيهِ: حسن غَرِيب. وَلم يبين لم لَا يَصح، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ عِنْد التِّرْمِذِيّ هَكَذَا: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيّ، حَدثنَا سَلمَة بن رَجَاء، حَدثنَا عبد الرَّحْمَن / بن عبد الله ابْن دِينَار، [عَن زيد بن أسلم، عَن عَطاء بن يسَار، عَن أبي وَاقد، فَذكره. وَعبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن دِينَار] يضعف، وَإِن كَانَ البُخَارِيّ قد أخرج لَهُ. وَقد رَأَيْت أَبَا مُحَمَّد ذكر هَذَا الحَدِيث فِي كِتَابه الْكَبِير بِإِسْنَادِهِ. (1376) ثمَّ ذكر بعده من عِنْد الْبَزَّار حَدِيث ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِمثل ذَلِك. من رِوَايَة معن بن عِيسَى، عَن هِشَام بن سعد، عَن زيد بن أسلم، عَن ابْن عمر. ثمَّ قَالَ: هِشَام بن سعد ضَعِيف، وَعبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن دِينَار أَضْعَف مِنْهُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 583 (1377) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ أَيْضا، عَن الْعَلَاء بن الْفضل، عَن عبيد الله بن عكراش بن ذُؤَيْب، عَن أَبِيه - وَأكل مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثريدا - فَقَالَ لَهُ: " يَا عكراش كل من مَوضِع وَاحِد " الحَدِيث. وَفِيه صفة الْوضُوء مِمَّا مست النَّار، وَقَالَ: غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث الْعَلَاء بن الْفضل. انْتهى مَا ذكر. وَلم يبين علته، وَهِي أَن عبيد الله بن عكراش، هُوَ لَا يعرف بِغَيْر هَذَا. وَقد قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِم: مَجْهُول، وَهُوَ كَذَلِك. وَقَالَ البُخَارِيّ فِي حَدِيثه: لَا يثبت. والْعَلَاء بن الْفضل بن عبد الْملك بن أبي سوية، أَبُو الْهُذيْل، لَا تعرف حَاله. (1378) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الطاعم الشاكر، بِمَنْزِلَة الصَّائِم الصابر ". قَالَ فِيهِ: حسن غَرِيب. وَلم يبين مَا الَّذِي مَنعه من الصِّحَّة، وَهُوَ يرويهِ مُحَمَّد بن معن الْمدنِي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 584 وَهُوَ ثِقَة، عَن أَبِيه معن بن مُحَمَّد الْغِفَارِيّ، وَهُوَ لَا تعرف حَاله، عَن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة. وروى عَن معن الْمَذْكُور جمَاعَة: مِنْهُم ابْن جريج، وَعمر بن عَليّ، وَعبد الله بن عبد الله الْأمَوِي، وَابْنه مُحَمَّد بن معن. (1379) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا، عَن أسلم، عَن عمر بن الْخطاب، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - /: " كلوا الزَّيْت، وادهنوا بِهِ؛ فَإِنَّهُ من شَجَرَة مباركة ". ثمَّ قَالَ: وصف التِّرْمِذِيّ / الِاضْطِرَاب الَّذِي فِيهِ. وَالتِّرْمِذِيّ لم يزدْ على أَن قَالَ: إِن عبد الرَّزَّاق كَانَ يضطرب فِيهِ، فَرُبمَا ذكر فِيهِ عَن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَرُبمَا قَالَ: عَن زيد بن أسلم، عَن أَبِيه، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يذكر فِيهِ عَن عمر - يَعْنِي أَنه يَجعله مُرْسلا - فَهَذَا شرح مَا أعله، وَهُوَ لَيْسَ بعلة. (1380) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن عَائِشَة قَالَت: " كنت آخذ قَبْضَة من تمر، وقبضة من الزَّبِيب، فألقيه فِي إِنَاء " الحَدِيث. ثمَّ ضعفه، ثمَّ قَالَ: وَله فِيهِ إِسْنَاد آخر. (1381) وَالصَّحِيح النَّهْي كَمَا ذكر مُسلم. انْتهى كَلَامه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 585 (1382) وَهَذَا الْإِسْنَاد الآخر الَّذِي ذكر أَنه عِنْد أبي دَاوُد، هُوَ هَذَا: حَدثنَا مُسَدّد، قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن دَاوُد، عَن مسعر، عَن مُوسَى بن عبد الله، عَن امْرَأَة من بني أَسد، عَن عَائِشَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كَانَ ينْبذ لَهُ زبيب فَيلقى فِيهِ تمر، أَو تمر ويلقى فِيهِ زبيب ". وَضعف هَذَا بَين بِالْجَهْلِ بِهَذِهِ الْمَرْأَة. (1383) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن جَابر، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا أسكر كَثِيره فقليله حرَام ". ثمَّ قَالَ فِيهِ: حسن غَرِيب. وَلم يبين لم لَا يَصح، وَذَلِكَ أَنه من رِوَايَة دَاوُد بن بكر بن أبي الْفُرَات، عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر، عَن جَابر. وَدَاوُد وَثَّقَهُ ابْن معِين. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: لَا بَأْس بِهِ، لَيْسَ بالمتين. (1384) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار، حَدِيث ابْن عَبَّاس: " حرمت الْخمر بِعَينهَا " الحَدِيث مَوْقُوفا. وَصَححهُ كَذَلِك، ثمَّ قَالَ: وَقد رُوِيَ مروفوعا عَن أنس عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 586 وَفِي إِسْنَاده سعيد بن عمَارَة، عَن الْحَارِث بن النُّعْمَان. وَمن حَدِيث أبي سعيد، وَفِي إِسْنَاده سوار بن مُصعب، عَن عَطِيَّة الْعَوْفِيّ. وَمن حَدِيث عَليّ، وَفِي إِسْنَاده عبد الرَّحْمَن بن بشر الْغَطَفَانِي. وأتبعها أَن قَالَ: كلهم بَين ضَعِيف ومجهول. وَعين عبد الرَّحْمَن بن بشر فَقَالَ فِيهِ: مَجْهُول. فَاعْلَم أَن سعيد بن عمَارَة مَجْهُول كَذَلِك، والْحَارث بن النُّعْمَان، وسوار ابْن مُصعب، وعطية ضعفاء /. (1385) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن أنس قَالَ: " لعن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْخمر عشرَة " الحَدِيث. وَقَالَ فِيهِ. غَرِيب. وَلم يبين لم لَا يَصح، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ من رِوَايَة أبي عَاصِم، عَن شبيب بن بشر، عَن أنس. وشبيب لم تثبت عَدَالَته. وَقَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِم: لين الحَدِيث. (1386) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن ابْن لعطاء بن أبي رَبَاح، عَن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 587 أَبِيه، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تشْربُوا نفسا وَاحِدًا كشرب الْبَعِير " الحَدِيث. وَقَالَ فِيهِ: حَدِيث غَرِيب. وَلم يبين لم لَا يَصح، وَإِنَّمَا ذَلِك لِأَن ابْن عَطاء هُوَ مَجْهُول. ودونه يزِيد بن سِنَان، أَبُو فَرْوَة الْجَزرِي، وَهُوَ ضَعِيف. (1387) وَذكر حَدِيث " النَّهْي عَن لبس الذَّهَب إِلَّا مقطعا ". ثمَّ قَالَ: وَقد خرج الْمَنْع من التحلي بِالذَّهَب للنِّسَاء عَن ثَوْبَان، وَحُذَيْفَة، وَأبي هُرَيْرَة، وَأَسْمَاء بنت يزِيد، وَغَيرهم عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. (1388) قَالَ: وَالصَّحِيح الْإِبَاحَة للنِّسَاء، ذكر ذَلِك النَّسَائِيّ، وَأَبُو دَاوُد. وَلم يكن يَنْبَغِي لَهُ أَن يَرْمِي حَدِيث ثَوْبَان بِضعْف، فَإِنَّهُ قد قبل أَحَادِيث يحيى بن أبي كثير، عَن زيد بن سَلام، وَلم يرد مِنْهَا شَيْئا، وَالنَّاس قد قَالُوا: إِنَّهَا مُنْقَطِعَة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 588 وَقد بَينا ذَلِك فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا مُتَّصِلَة وَهِي مُنْقَطِعَة. وَلَيْسَ لحَدِيث ثَوْبَان هَذَا عيب غير ذَلِك، على / أَن يحيى يَقُول فِيهِ: حَدثنِي زيد بن سَلام، [وَلكنه مَعَ ذَلِك مخوف فِيهِ الِانْقِطَاع، وَلَعَلَّه كَانَ إجَازَة زيد بن سَلام] فَجعل يَقُول: حَدثنَا زيد بن سَلام، وَكَانَ الْأَكْمَل أَن يَقُول: " إجَازَة ". وَأما - مَا ذكره فِي جُمْلَتهَا من حَدِيث حُذَيْفَة، فقد بَينا خطأه فِيهِ فِي بَاب نِسْبَة الْأَحَادِيث إِلَى غير رواتها، وَأَن صَوَابه " عَن أُخْت حُذَيْفَة " عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَلَيْسَ هَذَا كُله بمقصوده فِي هَذَا الْبَاب [فَإِنَّهُ] قد تقدم ذكره. وَإِنَّمَا الْمَقْصُود بَيَان عِلّة حَدِيث أَسمَاء، وَحَدِيث أبي هُرَيْرَة اللَّذين لم يمر لَهما ذكر فَنَقُول: (1389) حَدِيث أَسمَاء يرويهِ أَبُو دَاوُد هَكَذَا: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، قَالَ: حَدثنَا / أبان بن يزِيد الْعَطَّار، قَالَ: حَدثنَا يحيى، أَن مَحْمُود بن عَمْرو الْأنْصَارِيّ، حَدثهُ أَن أَسمَاء بنت يزِيد حدثته أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَيّمَا امْرَأَة تقلدت قلادة من ذهب، قلدت فِي عُنُقهَا مثله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 589 من نَار يَوْم الْقِيَامَة، وَأَيّمَا امْرَأَة جعلت فِي أذنها خرصا من ذهب، جعل الله فِي أذنها مثله من نَار ". وَكَذَا ذكره النَّسَائِيّ أَيْضا من رِوَايَة هِشَام الدستوَائي، عَن يحيى بن أبي كثير، وعلته هِيَ أَن مَحْمُود بن عَمْرو هَذَا مَجْهُول الْحَال وَإِن كَانَ قد روى عَنهُ جمَاعَة. (1390) وَأما حَدِيث أبي هُرَيْرَة فَقَالَ النَّسَائِيّ: حَدثنَا إِسْحَاق بن شاهين: قَالَ: حَدثنَا خَالِد، عَن مطرف. وَأخْبرنَا أَحْمد بن حَرْب، قَالَ: حَدثنَا أَسْبَاط، عَن مطرف، عَن أبي الجهم، عَن أبي زيد، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: كنت قَاعِدا عِنْد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأَتَتْهُ امْرَأَة فَقَالَت: ياا رَسُول الله، سواران من ذهب، قَالَ: " سواران من نَار " قَالَت: يَا رَسُول الله، طوق من ذهب، قَالَ: " طوق من نَار "، قَالَت: قرطان من ذهب، قَالَ: " قرطان من نَار ". قَالَ: وَكَانَ عَلَيْهَا سواران من ذهب، فرمت بِهِ، فَقَالَت: يَا رَسُول الله، إِن الْمَرْأَة إِذا لم تتزين لزَوجهَا صلفت عِنْده، قَالَ: " مَا يمْنَع إحداكن أَن تصنع قرطين من فضَّة، ثمَّ تصفره بزعفران أَو بعبير ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 590 هَذَا حَدِيث أبي هُرَيْرَة، وَلَا يَصح، لِأَن أَبَا زيد هَذَا مَجْهُول، وَلَا يعرف روى عَنهُ غير أبي الجهم. (1391) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن أَسمَاء بنت يزِيد، قَالَت: " كَانَ كم يَد رَسُول الله إِلَى الرسغ ". ثمَّ قَالَ: حسن غَرِيب. وَلم يبين لم لَا يَصح، وَذَلِكَ أَنه من رِوَايَة شهر بن حَوْشَب عَنْهَا. وَشهر مُخْتَلف فِيهِ، وَفِي أغلب الْأَحْوَال يبرزه من إِسْنَاد يكون فِيهِ. من ذَلِك مَا تقدم لَهُ قبل هَذَا بِيَسِير فِي الْأَشْرِبَة، من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن شهر بن حَوْشَب، عَن أم سَلمَة: (1392) " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن كل مُسكر ومفتر ". وَقد استوعب القَوْل على شهر فِي بَاب السَّلَام والاستئذان. (1393) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ أَيْضا، عَن كلدة بن حَنْبَل، / أَن صَفْوَان بن أُميَّة، بَعثه بِلَبن، ولبأ، وضغابيس إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَالنَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 591 بِأَعْلَى الْوَادي، قَالَ: فَدخلت عَلَيْهِ وَلم أسلم وَلم أَسْتَأْذن، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، الحَدِيث. وَقَالَ فِيهِ: حسن غَرِيب. وَإِنَّمَا لم يُصَحِّحهُ؛ لِأَنَّهُ يرويهِ عَن سُفْيَان بن وَكِيع، حَدثنَا روح بن عبَادَة، عَن ابْن جريج، أَخْبرنِي عَمْرو بن أبي سُفْيَان، أَن عَمْرو بن عبد الله بن صَفْوَان، أخبرهُ أَن كلدة بن حَنْبَل أخبرهُ، فَذكره. وَعَمْرو بن عبد الله بن صَفْوَان، الْقرشِي، الجُمَحِي - أَخُو صَفْوَان بن عبد الله - مكي، روى عَنهُ عَمْرو بن دِينَار، وَعَمْرو بن أبي سُفْيَان، وَلَا تعرف حَاله. فَأَما عَمْرو بن أبي سُفْيَان، فمستقيم الحَدِيث، قَالَه أَبُو حَاتِم. وسُفْيَان بن وَكِيع شيخ، يتهم بِالْكَذِبِ، فَلَو انْفَرد بِرِوَايَة هَذَا الحَدِيث لوَجَبَ أَن يكون ضَعِيفا، لكنه قد رَوَاهُ عَن روح غَيره. ذكره / أَبُو دَاوُد، عَن يحيى بن حبيب، عَن روح. وَرَوَاهُ أَيْضا عَن ابْن جريج غير روح، ذكره أَبُو دَاوُد، عَن ابْن بشار، عَن أبي عَاصِم قَالَ: أخبرنَا ابْن جريج، فَاعْلَم ذَلِك. (1394) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن أبي أسيد أَنه سمع الجزء: 3 ¦ الصفحة: 592 رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول - وَهُوَ خَارج من الْمَسْجِد، فاختلط الرِّجَال مَعَ النِّسَاء فِي الطَّرِيق - فَقَالَ رَسُول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - للنِّسَاء: " استأخرن؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكِن أَن تحققن الطَّرِيق، عليكن بحافات الطَّرِيق " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: فِي إِسْنَاده هَذَا الحَدِيث شَدَّاد بن أبي عَمْرو بن حماس، عَن أَبِيه. لم يزدْ على هَذَا فِي تَعْلِيله، وَلَا بَيَان فِيهِ وَإِنَّمَا علته أَن شدادا وأباه أَبَا عَمْرو، لَا تعرف لَهما حَال، وَيخْتَلف فِي الْأَب الْمَذْكُور. فَمنهمْ من يَقُول فِيهِ: أَبُو عمر. وَمِنْهُم من يَقُول: أَبُو عَمْرو. قَالَ ابْن عبد الْبر: كَانَ من الْعباد. وَهَذَا لَيْسَ بكاف فِيمَا يَنْبَغِي من تعرف حَاله فِي الرِّوَايَة، وَلَا يعرف روى عَنهُ إِلَّا ابْنه، وَلَا يعرف روى عَن شَدَّاد إِلَّا أَبُو الْيَمَان: كثير بن الْيَمَان الرّحال، وَهُوَ روى عَنهُ هَذَا الحَدِيث، وَهُوَ أَيْضا / غير مَعْرُوف الْحَال، وَإِن كَانَ قد روى عَنهُ الدَّرَاورْدِي، وَأَبُو هَاشم عمار. وَفِي الْإِسْنَاد أَيْضا حَمْزَة بن أبي أسيد، وَهُوَ يرويهِ عَن أَبِيه أبي أسيد، وَهُوَ أَيْضا لَا تعرف حَاله، وَإِن كَانَ قد روى عَنهُ مُحَمَّد بن عَمْرو، وَعبد الرَّحْمَن ابْن الغسيل. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 593 (1395) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد حَدِيث ابْن عَبَّاس، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا أكل أحدكُم طَعَاما، فَلَا يَأْكُل من أَعلَى الصحفة، وَلَكِن ليَأْكُل من أَسْفَلهَا، فَإِن الْبركَة تنزل من أَعْلَاهَا ". ثمَّ قَالَ: هَذَا أصح من حَدِيث النَّسَائِيّ عَن عبد الله بن بسر. (1396) وصنعوا لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثريدة بِسمن، فَقَالَ: " خُذُوا باسم الله "، وَأَشَارَ إِلَى جوانبها بأصابعه الثَّلَاث. كَذَا ذكره، وَلم يبين عِلّة حَدِيث عبد الله بن بسر، هَذَا الَّذِي رجح عَلَيْهِ حَدِيث ابْن عَبَّاس وَصَححهُ، وَإِن كَانَ حَدِيث ابْن عَبَّاس من رِوَايَة عَطاء بن السَّائِب، عَن سعيد بن جُبَير عَنهُ، فَإِنَّمَا صَححهُ؛ لِأَنَّهُ من رِوَايَة شُعْبَة، عَن عَطاء. وَشعْبَة وَالثَّوْري، سمعا مِنْهُ قَدِيما قبل اخْتِلَاطه. فَأَما حَدِيث عبد الله بن بسر، فَإِنَّهُ اخْتَصَرَهُ. وَاللَّفْظ الَّذِي فِيهِ: " ثريدة بِسمن " - كَمَا ذكر - هُوَ عِنْد النَّسَائِيّ هَكَذَا: حَدثنَا عَمْرو بن عُثْمَان، عَن بَقِيَّة، عَن صَفْوَان بن عَمْرو، قَالَ: أَخْبرنِي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 594 الْأَزْهَر بن عبد الله، عَن عبد الله بن بسر، قَالَ: قَالَت أُمِّي لأبي: لَو صنعنَا لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - طَعَاما فدعوته، قَالَ: فَفَعَلْنَا، فصنعنا لَهُ ثريدة بِسمن، ثمَّ جَاءَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَدخل الْبَيْت، فَوضعت لَهُ أُمِّي قطيفة لنا، وجمعتها لَهُ، فَقعدَ عَلَيْهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فوضعناها لَهُ قَالَ: " خُذُوا باسم الله، فَأَشَارَ إِلَى ذروتها بأصابعه الثَّلَاث " فَمَا فرغ قُلْنَا: ادْع الله لنا يَا رَسُول الله، قَالَ: " اللَّهُمَّ ارحمهم فَاغْفِر لَهُم وَبَارك لَهُم فِي رزقهم ". وَإِنَّمَا ترك أَن يصحح هَذَا الحَدِيث لمَكَان بَقِيَّة. (1397) فَأَما أَزْهَر بن عبد الله الْحرَازِي، فقد احْتَاجَ بِهِ فِي حَدِيث النُّعْمَان بن بشير: " فِي الامتحان بِالضَّرْبِ ". وَصَفوَان بن عَمْرو ثِقَة. وَلِهَذَا الحَدِيث طَرِيق جَيِّدَة، سَنذكرُهُ فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ضعفها، وَلها طرق صَحِيحَة أَو حَسَنَة، إِن شَاءَ الله تَعَالَى. (1398) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد، عَن يحيى بن زَهْدَم بن الْحَارِث، عَن أَبِيه، قَالَ: أَخْبرنِي أبي، عَن أنس بن مَالك، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 595 " لَا تكْرهُوا أَرْبَعَة، فَإِنَّهَا لأربعة " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، والْحَارث وَابْنه زَهْدَم مَجْهُولَانِ، / فَأَما يحيى فَلَا بَأْس بِهِ. وَإِنَّمَا كتبناه فِي هَذَا الْبَاب؛ لِأَنَّهُ وَإِن كَانَ سكت عَنهُ، فَإِنَّهُ تَبرأ من عهدته بِمَا ذكر من إِسْنَاده، فَهُوَ كالتضعيف لَهُ، فَلذَلِك بَينا علته فِي هَذَا الْبَاب. (1399) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن عقبَة بن عَامر، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تكْرهُوا مرضاكم على الطَّعَام " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ فِيهِ: حسن غَرِيب. كَذَا ذكره، وَلم يبين علته الْمَانِعَة من تَصْحِيحه، وَهِي عِنْدِي مُوجبَة لضَعْفه، وَذَلِكَ أَنه من رِوَايَة أبي كريب، عَن بكر بن يُونُس بن بكير، عَن مُوسَى بن عَليّ عَن أَبِيه، عقبَة. وَبكر هَذَا، قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِم: " مُنكر الحَدِيث ضعيفه ". (1400) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ أَيْضا، عَن أَسمَاء بنت عُمَيْس، أَن الجزء: 3 ¦ الصفحة: 596 رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَأَلَهَا: " بِمَ تستمشين "؟ الحَدِيث. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 597 وَقَالَ فِيهِ: حسن غَرِيب. وَلم يبين مَا الَّذِي مَنعه من الصِّحَّة، وَمَا أرَاهُ يَعْنِي إِلَّا عبد الحميد بن جَعْفَر. فَإِن التِّرْمِذِيّ يرويهِ هَكَذَا: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، حَدثنَا مُحَمَّد بن بكر، حَدثنَا عبد الحميد بن جَعْفَر، أَخْبرنِي عتبَة بن عبد الله عَن أَسمَاء بنت عُمَيْس، فَذكره. وكل هَؤُلَاءِ ثِقَة إِلَّا عبد الحميد، فَإِنَّهُ يخْتَلف فِيهِ، كَانَ الثَّوْريّ يحمل عَلَيْهِ ويرميه بِالْقدرِ، وَغَيره يوثقه. (1401) وَذكر من طَرِيق عبد الْملك بن حبيب، حَدثنَا أَسد بن مُوسَى، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 598 وَعلي بن معبد، عَن ابْن جريج، عَن حَبَّة بن سلم، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الشطرنج ملعونة، مَلْعُون من لعب بهَا " الحَدِيث. ثمَّ ذكر / ضعفه وَكَونه مُرْسلا. وَقَالَ ذَلِك فِي مرسلين آخَرين، ذكرهمَا أَيْضا مَعَه من كتاب ابْن حبيب. وَالْمَقْصُود أَن نبين بعض مَا ضعف بِهِ هَذَا الْمُرْسل مِمَّا لم يُبينهُ أَبُو مُحَمَّد، وَذَلِكَ حَبَّة بن سلم هَذَا، فَإِنَّهُ لَا يعرف، وَإِنَّمَا يعرف حَبَّة بن سَلمَة، أَخُو أبي وَائِل: شَقِيق بن سَلمَة، وَهُوَ حَبَّة - بباء وَاحِدَة - وَقد قيل: إِنَّه هُوَ الَّذِي يروي هَذَا الْمُرْسل. وَذَلِكَ أَيْضا لَا ينفع الْمُرْسل الْمَذْكُور، فَإِن حَاله مَجْهُولَة. (1402) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد، عَن عمر بن أبي سَلمَة، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا تمنى أحدكُم فَلْينْظر مَاذَا يتَمَنَّى؛ فَإِنَّهُ لَا يدْرِي مَا يكْتب لَهُ من أمْنِيته ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 599 وَإِنَّمَا سكت عَنهُ، اتكالا على مَا قدم فِي عمر بن أبي سَلمَة، فأبرزه هُنَا، تبرؤا من عهدته. (1403) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من عَاد مَرِيضا أَو زار أَخا لَهُ فِي الله، ناداه مُنَاد أَن طبت وطاب ممشاك، وتبوأت من الْجنَّة منزلا ". قَالَ فِيهِ: حسن غَرِيب. وَهُوَ عِنْدِي إِلَى الضعْف أقرب، إِلَّا أَنه رُبمَا سمح فِيهِ، لكَونه من فَضَائِل الْأَعْمَال، فَقَالَ فِيهِ: حسن. وَإِسْنَاده هُوَ هَذَا: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار وَالْحُسَيْن بن أبي كَبْشَة الْبَصْرِيّ، قَالَا: حَدثنَا يُوسُف بن يَعْقُوب السدُوسِي، قَالَ: حَدثنَا أَبُو سِنَان الْقَسْمَلِي، عَن عُثْمَان بن أبي سَوْدَة، عَن أبي هُرَيْرَة. وَعُثْمَان بن أبي سَوْدَة شَامي، يروي عَن أبي هُرَيْرَة، روى عَنهُ أَبُو سِنَان وَزيد بن وَاقد، وَلَا تعرف حَاله، وَكَانَت أمه سَوْدَة لعبادة بن الصَّامِت، وَأَبوهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 600 أَبُو سَوْدَة، لعبد الله بن عَمْرو بن العَاصِي. فَأَما أَبُو سِنَان الْقَسْمَلِي، فَهُوَ عِيسَى بن سِنَان، وَلم تثبت عَدَالَته، بل ضعفه ابْن حَنْبَل، وَابْن معِين. فَمَا مثل هَذَا الحَدِيث حسن. (1404) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا، عَن أبي الدَّرْدَاء، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من رد عَن عرض / أَخِيه، رد الله عَن وَجهه النَّار يَوْم الْقِيَامَة ". قَالَ فِيهِ: حسن. وَلم يبين لم لَا يَصح / وَذَلِكَ - وَالله أعلم - لِأَنَّهُ من رِوَايَة ابْن الْمُبَارك، عَن أبي بكر النَّهْشَلِي - وَهُوَ ثِقَة - عَن مَرْزُوق أبي بكر التَّيْمِيّ، عَن أم الدَّرْدَاء، عَن أبي الدَّرْدَاء. ومرزوق هَذَا، هُوَ وَالِد يحيى بن أبي بكير، وَهُوَ كُوفِي، يروي عَنهُ الثَّوْريّ، وَشريك، وَإِسْرَائِيل، وَلَيْث بن أبي سليم، وَعمر بن مُحَمَّد، وَغَيرهم، وَلكنه مَعَ ذَلِك لم تثبت عَدَالَته، وَهُوَ شَبيه بِالْمَجْهُولِ الْحَال، وَالله أعلم. (1405) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار، عَن عبد الله بن عَمْرو بن العَاصِي، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 601 عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا رَأَيْتُمْ أمتِي تهاب الظَّالِم أَن تَقول: إِنَّك ظَالِم؛ فقد تودع مِنْهُم ". ثمَّ قَالَ: يُقَال: إِن فِي إِسْنَاده انْقِطَاعًا. كَذَا قَالَ: وَلم يبين ذَلِك، وَالَّذِي فِيهِ من ذَلِك هُوَ أَن أَبَا الزبير لَا يعرف هَل سمع من عبد الله بن عَمْرو، أم لَا. والْحَدِيث أوردهُ الْبَزَّار هَكَذَا: أخبرنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، أَبُو مُوسَى، قَالَ: حَدثنَا عبيد الله بن عبد الله الربعِي، قَالَ: حَدثنَا الْحسن بن عَمْرو، عَن مُجَاهِد، عَن عبد الله بن عَمْرو، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا رَأَيْتُمْ أمتِي تهاب الظَّالِم أَن تَقول: إِنَّك ظَالِم؛ فقد تودع مِنْهُم ". وحدثناه يُوسُف بن مُوسَى، قَالَ: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الْمحَاربي، عَن الْحسن بن عَمْرو الْفُقيْمِي، عَن أبي الزبير عَن عبد الله بن عَمْرو، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا رَأَيْتُمْ أمتِي تهاب الظَّالِم أَن تَقول: إِنَّك ظَالِم؛ فقد تودع مِنْهُم ". قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث عَن الْحسن بن عَمْرو، عَن أبي الزبير، هُوَ الصَّوَاب عِنْدِي. ثمَّ ذكر حَدِيثا آخر لأبي الزبير، عَن عبد الله بن عَمْرو. ثمَّ قَالَ: لَا نعلم أسْند أَبُو الزبير عَن عبد الله بن عَمْرو إِلَّا هذَيْن الْحَدِيثين. انْتهى كَلَام الْبَزَّار. وَذكر أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ هَذَا الحَدِيث فِي كتاب الْعِلَل، من رِوَايَة مُحَمَّد ابْن الفضيل، عَن الْحسن بن عَمْرو، عَن أبي الزبير، عَن عبد الله بن عَمْرو، ثمَّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 602 قَالَ: سَأَلت مُحَمَّدًا، قلت / لَهُ: أَبُو الزبير سمع من عبد الله بن عَمْرو؟ قَالَ: قد روى عَنهُ، وَلَا أعرف لَهُ سَمَاعا مِنْهُ. وَهَذَا من البُخَارِيّ على أَصله فِي التماسه بَين المتعاصرين السماع لشَيْء مَا وَإِن قل، بِحَيْثُ يعلم أَنَّهُمَا التقيا، وَحِينَئِذٍ يحْتَج بِمَا يروي أَحدهمَا عَن الآخر مُعَنْعنًا، ويشتد الْأَمر فِي مثل هَذَا، لما علم من تَدْلِيس أبي الزبير. (1406) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن أبي أُميَّة الشَّعْبَانِي، قَالَ: أتيت أَبَا ثَعْلَبَة فَقلت: كَيفَ يصنع بِهَذِهِ الْآيَة: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا عَلَيْكُم أَنفسكُم} فَقَالَ: أما وَالله لقد سَأَلت عَنْهَا خَبِيرا، سَأَلت عَنْهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " ائْتَمرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنَاهوا عَن الْمُنكر " الحَدِيث. وَقَالَ فِيهِ: حسن غَرِيب. وَلم يبين أمره، وَذَلِكَ أَن أَبَا أُميَّة - واسْمه مُحَمَّد - شَامي، لَا تعرف حَاله، وَلَا يعرف روى عَنهُ غير عَمْرو بن جَارِيَة اللَّخْمِيّ. وَعَمْرو بن جَارِيَة أَيْضا لَا تعرف حَاله، وَلَا يعرف روى عَنهُ غير عتبَة بن أبي حَكِيم. وَعتبَة مُخْتَلف فِيهِ، فَابْن معِين يُضعفهُ، وَغَيره يَقُول: لَا بَأْس بِهِ. (1407) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: الجزء: 3 ¦ الصفحة: 603 " لينتهين أَقوام يفتخرون بآبائهم الَّذين مَاتُوا، فَإِنَّمَا هم فَحم جَهَنَّم، أَو لَيَكُونن أَهْون على الله من الْجعل " الحَدِيث. وَقَالَ فِيهِ: حسن. وَلم يبين مَانع صِحَّته، وَذَلِكَ أَنه من رِوَايَة هِشَام بن سعد، عَن سعيد بن أبي سعيد، عَن أبي هُرَيْرَة. (1408) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد، من حَدِيث عُثْمَان بن سعد الْكَاتِب، عَن أنس، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / قَالَ: " الصمت حكم، وَقَلِيل فَاعله ". قَالَ فِيهِ: حَدِيث حسن، وَيكْتب على لينه. هَذَا مَا ذكره بِهِ، فَلم يبين لم لَا يَصح. وَعِنْدِي أَنه ضَعِيف، فَإِنَّهُ عِنْد أبي أَحْمد هَكَذَا: حَدثنَا السَّاجِي، حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن غَسَّان الْغلابِي، حَدثنَا أَبُو عَاصِم عَن عُثْمَان بن سعد، فَذكره. وَعُثْمَان هَذَا يضعف، وَكَانَ ابْن معِين يعجب مِمَّن يروي عَنهُ /. (1409) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الدُّنْيَا ملعونة، مَلْعُون مَا فِيهَا " الحَدِيث. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 604 وَقَالَ فِيهِ: حسن غَرِيب. وَلم يبين لم لَا يَصح، وَذَلِكَ أَنه من رِوَايَة عَطاء بن قُرَّة، عَن عبد الله بن ضَمرَة، عَن أبي هُرَيْرَة. وَعبد الله بن ضَمرَة هُوَ السَّلُولي، روى عَنهُ مُجَاهِد، وَعبد الرَّحْمَن بن سابط، وَعَطَاء بن قُرَّة، وَهُوَ مَعَ ذَلِك غير مَعْرُوف الْحَال. وَكَذَلِكَ عَطاء بن قُرَّة السَّلُولي، هُوَ أَيْضا قد روى عَنهُ جمَاعَة: مِنْهُم عبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن جَابر، وَعبد الرَّحْمَن بن [ثَابت بن] ثَوْبَان، وَهُوَ قد روى عَنهُ هَذَا الحَدِيث، وَلكنه مَعَ ذَلِك لَا تعرف حَاله. (1410) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا، عَن عبد الله بن مُحصن - وَكَانَت لَهُ صُحْبَة - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من أصبح مِنْكُم آمنا فِي سربه، معافى فِي جسده، عِنْده قوت يَوْمه فَكَأَنَّهُ حيزت لَهُ الدُّنْيَا ". وَقَالَ فِيهِ: حسن غَرِيب. وَلم يبين لم لَا يَصح، وَذَلِكَ أَنه من رِوَايَة مَرْوَان بن مُعَاوِيَة، قَالَ: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن أبي شميلة وَهُوَ أَيْضا لَا تعرف حَاله. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 605 وَإِن كَانَ قَالَ فِيهِ ابْن معِين وَأَبُو حَاتِم: مَشْهُور، فَإِنَّمَا يعنيان بِرِوَايَة حَمَّاد ابْن زيد عَنهُ، وَكم من مَشْهُور لَا تقبل رِوَايَته. (1411) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا عَن عبد الله بن عَمْرو بن العَاصِي، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يحْشر المتكبرون يَوْم الْقِيَامَة أَمْثَال الذَّر، فِي صور الرِّجَال " الحَدِيث. وَقَالَ فِيهِ: حسن. وَلم يبين لم لَا يَصح، وَذَلِكَ أَنه من رِوَايَة ابْن عجلَان، عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده. (1412) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا عَن أبي أُمَامَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " عرض عَليّ رَبِّي ليجعل لي بطحاء مَكَّة ذَهَبا، قلت: لَا يَا رب، بل أشْبع يَوْمًا وأجوع [يَوْمًا] " [الحَدِيث] . وَحسنه. وَلم يبين لم لَا يَصح، وَيَنْبَغِي أَن يُقَال فِيهِ: ضَعِيف؛ فَإِنَّهُ من رِوَايَة يحيى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 606 ابْن أَيُّوب، عَن عبيد الله بن زحر، عَن عَليّ بن يزِيد، عَن الْقَاسِم، عَنهُ /. (1413) وَذكر من طَرِيقه حَدِيث أنس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن عظم الْجَزَاء مَعَ عظم الْبلَاء، وَإِن الله إِذا أحب قوما ابْتَلَاهُم، فَمن رَضِي فَلهُ الرِّضَا " الحَدِيث. وَقَالَ فِيهِ: حسن. وَلم يبين لم لَا يَصح، وَذَلِكَ أَنه عِنْده من رِوَايَة يزِيد بن أبي حبيب، عَن سعد بن سِنَان، عَن أنس. وَسعد بن سِنَان هَذَا، الصَّحِيح فِيهِ: سِنَان بن سعد. وَفِي بَاب سِنَان ذكره ابْن أبي حَاتِم. وَقَالَ ابْن أبي خَيْثَمَة: سُئِلَ ابْن معِين عَن سعد بن سِنَان، الَّذِي روى عَنهُ يزِيد بن أبي حبيب، فَقَالَ: " ثِقَة ". وَقَالَ البُخَارِيّ: " وهنه أَحْمد ". وَقَالَ ابْن معِين: " سمع عبد الله بن يزِيد من سِنَان بن سعد بَعْدَمَا اخْتَلَط ". فَفِي هَذَا أَنه اخْتَلَط. (1414) وَذكر من طَرِيقه عَن عَطِيَّة السَّعْدِيّ، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 607 يبلغ العَبْد أَن يكون من الْمُتَّقِينَ حَتَّى يدع مَا لَا بَأْس بِهِ حذرا مِمَّا بِهِ بَأْس ". وَقَالَ فِيهِ: حسن غَرِيب. وَلم يبين لأي شَيْء لَا يَصح، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ من رِوَايَة أبي بكر بن أبي النَّضر، قَالَ: حَدثنَا أَبُو النَّضر، حَدثنَا أَبُو عقيل الثَّقَفِيّ، حَدثنَا عبد الله بن يزِيد، أَخْبرنِي ربيعَة بن يزِيد، وعطية بن قيس، عَن عَطِيَّة السَّعْدِيّ، فَذكره. وَعبد الله بن يزِيد لَا أعرف روى عَنهُ إِلَّا أَبُو عقيل: عبد الله بن عقيل الثَّقَفِيّ، وَمُحَمّد بن سعد، وَلَا تعرف حَاله. فَأَما أَبُو عقيل فَثِقَة. (1415) وَذكر من طَرِيقه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا فِي الْجنَّة شَجَرَة إِلَّا وساقها / من ذهب ". قَالَ فِيهِ: حسن غَرِيب. وَلم يبين لم لَا يَصح، وَذَلِكَ أَنه من رِوَايَة زِيَاد بن الْحسن بن فرات الْقَزاز، عَن أَبِيه، عَن جده، عَن أبي حَازِم، عَن أبي هُرَيْرَة. وَزِيَاد هَذَا مُنكر الحَدِيث، قَالَه أَبُو حَاتِم. فَأَما أَبوهُ وجده فثقتان. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 608 (1416) وَذكر من طَرِيقه عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الْكَافِر ليسحب لِسَانه الفرسخ والفرسخين، يتوطؤه النَّاس ". وَقَالَ فِيهِ: حَدِيث / [حسن] غَرِيب. وَلم يبين إِن كَانَ لَا يَصح، وَهُوَ لَا يَصح لِأَنَّهُ من رِوَايَة الْفضل بن يزِيد - وَهُوَ ثِقَة - عَن أبي الْمخَارِق، عَن ابْن عمر. وَأَبُو الْمخَارِق، هُوَ مغراء، قد قدم فِيهِ التَّضْعِيف فِي حَدِيث: (1417) " من سمع النداء فَلم يجب، فَلَا صَلَاة لَهُ إِلَّا من عذر ". (1418) وَذكر من طَرِيقه عَن بُرَيْدَة، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أهل الْجنَّة عشرُون وَمِائَة صف، ثَمَانُون مِنْهَا من هَذِه الْأمة، وَأَرْبَعُونَ من سَائِر الْأُمَم ". وَقَالَ فِيهِ: حسن. وَلم يبين لم لَا يَصح، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يرْوى مُرْسلا. رَوَاهُ ضرار بن مرّة، عَن محَارب بن دثار، عَن ابْن بُرَيْدَة، عَن أَبِيه، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 609 وَرَوَاهُ عَلْقَمَة بن مرْثَد، عَن سُلَيْمَان بن بُرَيْدَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُرْسلا. وَلَيْسَ يَنْبَغِي أَن يعد ذَلِك مَانِعا من صِحَّته. (1419) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار، عَن عبَادَة بن الصَّامِت، سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " أول مَا خلق الله الْقَلَم، فَقَالَ لَهُ: اجْرِ، فَجرى بِمَا هُوَ كَائِن إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ". ثمَّ قَالَ: هَذَا من حَدِيث أهل الشَّام، وَإِسْنَاده حسن، ذكر ذَلِك عَليّ بن الْمَدِينِيّ. وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ بِإِسْنَاد آخر. انْتهى مَا ذكر. وَهُوَ حَدِيث يرويهِ زيد بن الْحباب، عَن مُعَاوِيَة بن صَالح، قَالَ: أَخْبرنِي أَيُّوب بن زيد، عَن عبَادَة بن الْوَلِيد بن عبَادَة، عَن أَبِيه، عَن جده. والوليد هَذَا لَا تعرف حَاله، فَأَما ابْنه عبَادَة بن الْوَلِيد بن عبَادَة فَثِقَة، قَالَه النَّسَائِيّ. وَأما أَيُّوب بن زيد، فَهُوَ أَيُّوب بن زيد، [وَهُوَ مولى أَيُّوب بن زِيَاد] وَلَا تعرف أَيْضا حَاله، وَقد روى عَنهُ أَيْضا زيد بن أبي أنيسَة، وَيزِيد بن سِنَان. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 610 وَأما حَدِيث التِّرْمِذِيّ فَهُوَ هَذَا: حَدثنَا يحيى بن مُوسَى حَدثنَا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ، حَدثنَا عبد الْوَاحِد بن سليم، سمع عَطاء بن أبي رَبَاح، سمع الْوَلِيد بن عبَادَة بن الصَّامِت، قَالَ: دَعَاني أبي، فَقَالَ: يَا بني، اتَّقِ الله، وَاعْلَم أَنَّك لَا تتقي الله حَتَّى تؤمن بِالْقدرِ كُله، خَيره وشره، فَإِن مت على غير هَذَا دخلت النَّار، إِنِّي سَمِعت رَسُول الله / - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِن أول مَا خلق الله الْقَلَم، فَقَالَ: اكْتُبْ، قَالَ: مَا أكتب؟ قَالَ: اكْتُبْ الْقدر، مَا كَانَ وَمَا هُوَ كَائِن إِلَى الْأَبَد ". قَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدِيث غَرِيب. وَعبد الْوَاحِد بن سليم هَذَا، قَالَ فِيهِ ابْن حَنْبَل: " حَدِيثه مُنكر، أَحَادِيثه مَوْضُوعَة ". (1420) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " صنفان من أمتِي لَيْسَ لَهُم فِي الْإِسْلَام نصيب: المرجئة والقدرية ". قَالَ: هَذَا حَدِيث غَرِيب. كَذَا قَالَ من غير مزِيد، وَهُوَ حَدِيث لَا يَصح؛ لِأَنَّهُ عِنْد التِّرْمِذِيّ بِإِسْنَادَيْنِ " أَحدهمَا من رِوَايَة الْقَاسِم بن حبيب، وَعلي بن نزار، عَن نزار، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 611 وَقد رَوَاهُ أَيْضا مُحَمَّد بن بشر عَن عَليّ بن نزار، عَن أَبِيه، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس. ونزار هُوَ ابْن حَيَّان، مَجْهُول الْحَال، وَلَا نعلم روى عَنهُ إِلَّا ابْنه عَليّ، وَالقَاسِم بن حبيب. وَابْنه عَليّ بن نزار قَالَ فِيهِ ابْن معِين: " لَيْسَ حَدِيثه بِشَيْء ". وَكَذَا قَالَ فِي الْقَاسِم بن حبيب التمار /. هَذَا أحد الإسنادين. والإسناد الآخر هُوَ من رِوَايَة مُحَمَّد بن بشر، عَن سَلام بن أبي عمْرَة، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس. وَسَلام هَذَا، هُوَ الْخُرَاسَانِي، قَالَ ابْن معِين أَيْضا: " لَيْسَ حَدِيثه بِشَيْء ". وَإِن لج لاج فِي قَول ابْن معِين فِي أحد من هَؤُلَاءِ: " أَنه لَيْسَ بِشَيْء ". فليثبت لنا عَدَالَته، وَحِينَئِذٍ يقبل حَدِيثه. (1421) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا قَالَ عبد قطّ: لَا إِلَه إِلَّا الله مخلصا، إِلَّا فتحت لَهُ أَبْوَاب السَّمَاء حَتَّى تُفْضِي إِلَى الْعَرْش " الحَدِيث. وَحسنه. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 612 وَلم يُفَسر لم لَا يَصح، وَذَلِكَ أَنه عِنْد التِّرْمِذِيّ من رِوَايَة الْوَلِيد بن الْقَاسِم ابْن الْوَلِيد الْهَمدَانِي، عَن يزِيد بن كيسَان، عَن أبي حَازِم، عَن أبي هُرَيْرَة. والوليد بن قَاسم هَذَا، ضعفه ابْن معِين وَهُوَ أَيْضا مِمَّن لم تثبت عَدَالَته. وَإِن كَانَ قد روى عَنهُ جمَاعَة، فَحَدِيثه لَا يَصح لأجل ذَلِك، وَإِن لم تعلم جرحته. (1422) وَذكر من طَرِيقه عَن ابْن مَسْعُود، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / قَالَ: " إِن أولى النَّاس بِي يَوْم الْقِيَامَة أَكْثَرهم صَلَاة عَليّ ". وَقَالَ فِيهِ: حسن غَرِيب. وَهُوَ حَدِيث يرويهِ مُوسَى بن يَعْقُوب الزمعِي، قَالَ: أَخْبرنِي عبد الله بن كيسَان، أَن عبد الله بن شَدَّاد أخبرهُ عَن عبد الله بن مَسْعُود. وَعبد الله بن كيسَان لَا تعرف حَاله، وَلَا يعرف روى عَنهُ إِلَّا مُوسَى بن يَعْقُوب الزمعِي. (1423) وَذكر من طَرِيقه عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَيْسَ شَيْء أكْرم على الله من الدُّعَاء ". الجزء: 3 ¦ الصفحة: 613 ثمَّ قَالَ فِيهِ: حسن غَرِيب. وَلم يبين لم لَا يَصح، وَهُوَ من رِوَايَة التِّرْمِذِيّ، عَن عَبَّاس بن عبد الْعَظِيم الْعَنْبَري قَالَ: حَدثنَا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ، حَدثنَا عمرَان الْقطَّان، عَن قَتَادَة، عَن سعيد بن أبي الْحسن، عَن أبي هُرَيْرَة. وَسَعِيد بن أبي الْحسن أَخُو الْحسن، ثِقَة مَشْهُور. وَلَا مَوضِع فِي الْإِسْنَاد للنَّظَر إِلَّا عمرَان بن دَاور الْقطَّان وَهُوَ رجل مَا بحَديثه بَأْس، وَأَبُو مُحَمَّد يصحح أَحَادِيثه، وَرُبمَا حسنها اتبَاعا لِلتِّرْمِذِي. وَأقرب مَا مر لَهُ فِي ذَلِك حَدِيث التِّرْمِذِيّ عَن أنس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " (1424) " يعْطى الْمُؤمن فِي الْجنَّة قُوَّة كَذَا وَكَذَا من الْجِمَاع " قيل: يَا رَسُول الله، أَو يُطيق ذَلِك؟ قَالَ: " يعْطى قُوَّة مائَة ". وَقَالَ فِيهِ: حسن غَرِيب، لَا نَعْرِف من حَدِيث قَتَادَة عَن أنس، إِلَّا من رِوَايَة عمرَان الْقطَّان. فَحكم الْحَدِيثين وَاحِد. (1425) وَذكر من طَرِيقه عَن سلمَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 614 يرد الْقَضَاء إِلَّا الدُّعَاء، وَلَا يزِيد فِي الْعُمر إِلَّا الْبر ". وَقَالَ فِيهِ: حسن. وَذَلِكَ لِأَنَّهُ حَدِيث يرويهِ يحيى بن الضريس، عَن أبي مودود، عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ، عَن أبي عُثْمَان، عَن سلمَان. وَأَبُو مودود بَصرِي، اسْمه فضَّة، نزل الرّيّ، قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ: " ضَعِيف ". (1426) وَذكر من طَرِيقه عَن أنس، قَالَ: أَتَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رجل فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِنِّي أُرِيد سفرا فزودني، قَالَ: " زودك الله التَّقْوَى: قَالَ: زِدْنِي. الحَدِيث. وَقَالَ فِيهِ: حسن غَرِيب. وَلم / يبين لم لَا يَصح، وَيَنْبَغِي على أَصله أَن يكون صَحِيحا، فَإِنَّهُ عِنْد التِّرْمِذِيّ هَكَذَا من رِوَايَة عبد الله بن أبي زِيَاد، قَالَ: حَدثنَا سيار بن حَاتِم، حَدثنَا جَعْفَر بن سُلَيْمَان [عَن ثَابت] عَن أنس، فَذكره. ثمَّ قَالَ: لَا نعلم رَوَاهُ عَن ثَابت إِلَّا جَعْفَر. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 615 وَأَبُو مُحَمَّد لم يتَوَقَّف فِي شَيْء من رِوَايَات جَعْفَر، وَلَا يَقُول فِيهَا: حسان، بل يسكت عَنْهَا، / مصححا لَهَا. وَقد نبهنا على جملَة من ذَلِك فِيمَا تقدم. وَلَيْسَ لَهُ أَن يعتل على الحَدِيث بسيار بن حَاتِم، فَإِنَّهُ قد روى عَنهُ جمَاعَة: مِنْهُم أَحْمد بن حَنْبَل، وَعبد الله بن أبي زِيَاد، وَهَارُون بن عبد الله، فَهُوَ من المساتير، وَهُوَ يقبلهم، وَإِنَّمَا ألزمناه مَا الْتزم. وَالْحق فِي الحَدِيث بِحَسب الِاصْطِلَاح، أَنه حسن كَمَا قَالَ التِّرْمِذِيّ. (1427) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن عبد الله بن يزِيد الخطمي، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه كَانَ يَقُول فِي دُعَائِهِ: " اللَّهُمَّ ارزقني حبك، وَحب من يبلغنِي حبه عنْدك " الحَدِيث. وَقَالَ فِيهِ: حسن غَرِيب. وَلم يبين لم لَا يَصح، وَذَلِكَ عِنْدِي أَنه عِنْد التِّرْمِذِيّ هَكَذَا: حَدثنَا سُفْيَان بن وَكِيع، حَدثنَا ابْن أبي عدي، عَن حَمَّاد بن سَلمَة، عَن أبي جَعْفَر الخطمي، عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ، عَن عبد الله بن يزِيد، فَذكره. وَكلهمْ ثِقَة، إِلَّا سُفْيَان بن وَكِيع، فَإِنَّهُ مُتَّهم بِالْكَذِبِ. وَأَبُو جَعْفَر الخطمي، اسْمه عُمَيْر بن يزِيد بن خماشة وَهُوَ ثِقَة. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 616 فَيَنْبَغِي أَن يكون هَذَا الحَدِيث بِهَذَا الطَّرِيق ضَعِيفا. (1428) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن أبي رزين الْعقيلِيّ، قلت: يَا رَسُول الله، أَيْن كَانَ رَبنَا قبل أَن يخلق خلقه؟ قَالَ: " كَانَ فِي عماء، مَا فَوْقه هَوَاء، وَمَا تَحْتَهُ هَوَاء، وَخلق عَرْشه على المَاء ". وَأتبعهُ أَن قَالَ فِيهِ: حسن. وَلم يبين لم لَا يَصح، وَذَلِكَ أَنه يرويهِ هَكَذَا: حَدثنَا أَحْمد بن منيع، حَدثنَا يزِيد بن هَارُون، حَدثنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن يعلى بن عَطاء، عَن وَكِيع ابْن حدس، عَن عَمه أبي رزين. ووكيع بن حدس هَذَا لَا تعرف لَهُ حَال، وَهُوَ يروي عَن عَمه مَا يروي، وَلَا يعرف عَنهُ راو إِلَّا يعلى بن عَطاء. وَاخْتلف عَلَيْهِ فِيهِ أَصْحَابه، فَكَانَ شُعْبَة، وهشيم، وَأَبُو عوَانَة يَقُولُونَ فِيهِ عَنهُ: وَكِيع بن عدس. وَقَالَ حَمَّاد بن سَلمَة عَنهُ: وَكِيع بن حدس. وكناه من بَينهم أَبُو عوَانَة فَقَالَ فِيهِ: عَن أبي مُصعب وَكِيع بن عدس. وَقد وَقع ذكره بِهَذَا فِي كتابي البُخَارِيّ، وَابْن أبي حَاتِم، وَلَا بَينا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 617 من حَاله أَكثر من ذَلِك، وَلَيْسَ فِي إِسْنَاد الحَدِيث الْمَذْكُور مَوضِع نظر سواهُ. وَإِلَى ذَلِك فَإِنَّهُ لم يكن يَنْبَغِي لَهُ أَن يُحسنهُ، بل كَانَ يلْزمه تَصْحِيحه. فَإِنَّهُ قد سَاق فِي كتاب التَّعْبِير، من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن أبي رزين: لَقِيط ابْن عَامر الْمَذْكُور، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: (1429) " رُؤْيا الْمُسلم جُزْء من سِتَّة وَأَرْبَعين جُزْءا من النُّبُوَّة، وَهِي على رجل طَائِر مَا لم يحدث بهَا، فَإِذا حدث بهَا وَقعت ". وَأتبعهُ قَول التِّرْمِذِيّ فِيهِ: حسن صَحِيح. وَهَذَا الحَدِيث يرويهِ التِّرْمِذِيّ هَكَذَا: حَدثنَا الْحسن بن عَليّ الْخلال، حَدثنَا يزِيد بن هَارُون، حَدثنَا شُعْبَة، عَن يعلى بن عَطاء، عَن وَكِيع بن عدس، عَن عَمه، عَن أبي رزين، فَذكره. فَإذْ هَذَا عِنْده صَحِيح، فَيَنْبَغِي أَن يكون الأول صَحِيحا، وَإِن كَانَ الأول حسنا فَيَنْبَغِي أَن يكون هَذَا حسنا. فَإِن قيل، وَلَعَلَّه إِنَّمَا قَالَ فِيهِ: حسن، لِأَنَّهُ من رِوَايَة حَمَّاد بن سَلمَة، وَهَذَا الَّذِي قَالَ فِيهِ: صَحِيح، من رِوَايَة شُعْبَة. وَفضل مَا بَين شُعْبَة وَحَمَّاد فِي الْحِفْظ بَين. قُلْنَا: قد صحّح من حَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة مَا لَا يُحْصى. وَهُوَ مَوضِع لَا نظر فِيهِ عِنْده، وَلَا عِنْد أحد من أهل الْعلم بِهِ، فَإِنَّهُ إِمَام. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 618 وَكَانَ عِنْد شُعْبَة من تَعْظِيمه وإجلاله مَا هُوَ مَعْلُوم فِي موَاضعه، فَاعْلَم ذَلِك. (1430) وَذكر أَيْضا من طَرِيقه عَن ابْن عمر حَدِيثه الَّذِي فِيهِ: " نَحن الْفَرَّارُونَ، قَالَ: بل أَنْتُم الْعَكَّارُونَ وَأَنا فِئَتكُمْ ". وَأتبعهُ أَن قَالَ فِيهِ: حسن. وَلم يبين لم لَا يَصح، وَإِنَّمَا ذَلِك لِأَنَّهُ من رِوَايَة يزِيد بن أبي زِيَاد، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى، عَن ابْن عمر. قَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا ابْن أبي عمر، حَدثنَا سُفْيَان، عَن يزِيد بن أبي زِيَاد، فَذكره. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 619 وَقد تقدم ذكر / يزِيد بن أبي زِيَاد /. وَسَيَأْتِي ذكره وَمَا لَهُ فِيهِ فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي سكت عَنْهَا مصححا لَهَا. (1431) وَذكر من طَرِيق أبي عمر بن عبد الْبر، من حَدِيث معَاذ بن جبل، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لكل دين خلق، وَخلق الْإِسْلَام الْحيَاء، من لَا حَيَاء لَهُ لَا دين لَهُ ". قَالَ: هَذَا من حَدِيث الشاميين، وَإِسْنَاده حسن. (1432) قَالَ: وَبِهَذَا الْإِسْنَاد، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " زَينُوا الْإِسْلَام بخصلتين، قلت: وَمَا هما؟ قَالَ: الْحيَاء والسماحة فِي الله لَا فِي غَيره ". ثمَّ قَالَ: ذكرهمَا فِي بَاب مَالك، عَن صَفْوَان من كتاب التَّمْهِيد. فَأَقُول (وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق) : لم يذكرهما أَبُو عمر حَيْثُ ذكر [بل] فِي بَاب مَالك، عَن سَلمَة بن صَفْوَان. وإسنادهما عِنْده هُوَ هَذَا: حَدثنَا خلف بن الْقَاسِم، قَالَ: حَدثنَا أَبُو بكر: مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن صَالح السبيعِي الْحلَبِي بِدِمَشْق، قَالَ: حَدثنَا أَبُو مُحَمَّد: عبد الله بن مُحَمَّد بن يحيى الْأَزْدِيّ، قَالَ: حَدثنَا آدم بن أبي إِيَاس، الْعَسْقَلَانِي، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 620 عَن معن بن الْوَلِيد، عَن ثَوْر بن يزِيد، عَن خَالِد بن معدان، عَن معَاذ. ومعن بن الْوَلِيد ثِقَة، وسائرهم كَذَلِك، إِلَّا أَبَا مُحَمَّد: عبد الله بن مُحَمَّد، فَإِنِّي لَا أعرفهُ. وَإِنَّمَا كتبته لتبحث عَنهُ فَلَعَلَّهُ مَعْرُوف، وَالله [تَعَالَى] الْمُوفق /. [بلغت الْمُقَابلَة بِالْأَصْلِ الْمَنْقُول مِنْهُ هَذِه النُّسْخَة حسب الطَّاقَة وَالله الْمُوفق] . كمل السّفر الأول من كتاب بَيَان الْوَهم وَالْإِيهَام، الواقعين فِي كتاب الْأَحْكَام، بِفضل الله وَحسن عونه. يتلوه فِي أول الثَّانِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى: بَاب ذكر أَحَادِيث سكت عَنْهَا مصححا لَهَا، وَلَيْسَت بصحيحة [وَالْحَمْد لله وَسَلام على عباده الَّذين اصْطفى] [وَسَلام على الْمُرْسلين، وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين، وحسبنا الله وَنعم الْوَكِيل] . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 621 (7) بَاب ذكر أَحَادِيث سكت عَنْهَا مصححا لَهَا وَلَيْسَت بصحيحة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 9 اعْلَم أَن مؤاخذته فِي هَذَا الْبَاب إِنَّمَا هِيَ على مصطلحه الَّذِي أقرّ بِهِ فِي أول كِتَابه حَيْثُ يَقُول: إِن الحَدِيث إِذا لم تكن فِيهِ عِلّة، كَانَ سُكُوته عَنهُ دَلِيلا على صِحَّته، وَإنَّهُ إِنَّمَا يُعلل الحَدِيث إِذا كَانَ فِيهِ أَمر، أَو نهي، أويتعلق بِهِ حكم، وَأما مَا سوى ذَلِك فَرُبمَا كَانَ فِي بَعْضهَا سمح. قَالَ: وَلَيْسَ مِنْهَا شَيْء عَن مُتَّفق على تَركه. قَالَ: وَلَيْسَ فِيهَا من هَذَا النَّوْع إِلَّا قَلِيل. فَأَقُول - وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق -: إِن الْأَحَادِيث الَّتِي سكت عَنْهَا: مِنْهَا مَا ذكرهَا بأسانيدها، أَو بِقطع من أسانيدها، وَهَذَا سنفرده بِالذكر فِي بَاب بعد هَذَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى. وَمِنْهَا مَا ذكرهَا مُقْتَصرا من أسانيدها على الصَّحَابِيّ الَّذِي يروي الحَدِيث، فَهَذَا الْقسم هُوَ الَّذِي يعْتَمد فِي هَذَا الْبَاب بَيَان مَا سكت عَنهُ مِمَّا لَيْسَ صَحِيحا إِن شَاءَ الله تَعَالَى. وَذَلِكَ أَن ماسكت عَنهُ من الْأَحَادِيث الْمَذْكُورَة هَكَذَا بِغَيْر أَسَانِيد وَلَا قطع مِنْهَا. مِنْهَا مَا هُوَ صَحِيح لَا شكّ فِي صِحَّته، وَهُوَ الْأَكْثَر. وَمِنْهَا مَا لَيْسَ بِصَحِيح؛ بل إِمَّا حسن، وَإِمَّا ضَعِيف، سكت عَن جَمِيعهَا سكُوتًا وَاحِدًا، وَهَكَذَا الْأَمر فِيمَا هُوَ مِنْهَا؛ مِمَّا لَا يحكم فِيهِ لفعل مُكَلّف، مِمَّا هُوَ من قبيل التَّرْغِيب، والإخبار عَن ثَوَاب الْأَعْمَال، ويزداد فِي هَذَا النَّوْع أَمر آخر، وَهُوَ أَنه قد يعْتَقد فِي أَحَادِيث أَنَّهَا لَا تعلق لَهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 11 بِالْأَمر وَالنَّهْي، وَهِي فِي نظر غَيره لَيست كَذَلِك، وَقد كَانَ كَافِيا فِي الرَّغْبَة عَن عمله، أَن يكون هَذَا الْقسم لَا يحصل مِنْهُ فِي خاطر من يَقْرَؤُهُ فِي كِتَابه شَيْء يعْتَقد صِحَّته، بل كل مَا يرَاهُ مِنْهُ يظنّ بِهِ أَنه مِمَّا سمح فِيهِ، وَرُبمَا يكون صَحِيحا لَا شكّ فِيهِ، أَو يظنّ بِهِ أَنه صَحِيح، وَهُوَ مِمَّا سمح فِيهِ، أَو مِمَّا اعْتقد صِحَّته، مخطئا فِي ذَلِك، كَمَا اتّفق لَهُ فِي أَحَادِيث الْأَحْكَام. فَإنَّك سترى لَهُ فِي هَذَا الْبَاب من أَحَادِيث الْأَحْكَام / أَحَادِيث لَيست بصحيحة، قد سكت عَنْهَا، وَهِي إِمَّا حَسَنَة، وَإِمَّا ضَعِيفَة. وَهَذَا الَّذِي عمل بِهِ فِي هَذَا النَّوْع، هُوَ مِمَّا يجب التَّوَقُّف عَنهُ، فَإِن الْقَذْف بالأحاديث الضعيفة دون أسانيدها لَا يجوز عمله، وَإِنَّمَا تسَامح النَّاس فِيمَا هُوَ حث وتحريض أَن يكتبوه بأسانيده ويبينوا علله. وَدون هَذَا أَن يكْتب بأسانيده، ثمَّ لَا تبين علله، اتكالا على مَا أظهر من مَوَاضِع علله بِذكر أسانيده، أَو مَوَاضِع النّظر مِنْهَا. وَدون هَذَا أَن يكْتب دون أسانيده، فَهَذَا يتَقَدَّر على وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَن يكْتب أَحَادِيث فِي التَّرْغِيب، يبين فِي أَولهَا أَنه تسَامح فِيهَا، لِأَنَّهُ حث وترغيب. وَالثَّانِي: أَن يَكْتُبهَا كَذَلِك مختلطة بِمَا هُوَ - من هَذَا النَّوْع - صَحِيح لَا شكّ فِيهِ أَو حسن، ثمَّ لَا يُمَيّز بَين الْأَصْنَاف الثَّلَاثَة، فَهَذَا أصعبها وأقبحها، وَهُوَ عمل أبي مُحَمَّد، فَإنَّك لَا تَدْرِي مِمَّا فِي كِتَابه من هَذَا النَّوْع، مَا هُوَ صَحِيح، مِمَّا هُوَ ضَعِيف، مِمَّا هُوَ حسن. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 12 ونعني بالْحسنِ، مَا لَهُ من الحَدِيث منزلَة بَين منزلتي الصَّحِيح والضعيف، وَيكون الحَدِيث حسنا هَكَذَا، إِمَّا بِأَن يكون أحد رُوَاته مُخْتَلفا فِيهِ؛ وَثَّقَهُ قوم وَضَعفه آخَرُونَ، وَلَا يكون مَا ضعف بِهِ جرحا مُفَسرًا، فَإِنَّهُ إِن كَانَ مُفَسرًا، قدم على تَوْثِيق من وَثَّقَهُ، فَصَارَ بِهِ الحَدِيث ضَعِيفا. وَإِمَّا بِأَن يكون أحد رُوَاته؛ إِمَّا مَسْتُورا وَإِمَّا مَجْهُول الْحَال. ولنبين هذَيْن الْقسمَيْنِ، فَأَما المستور فَهُوَ من لم تثبت عَدَالَته لدينا مِمَّن روى عَنهُ اثْنَان فَأكْثر، فَإِن هَذَا يخْتَلف فِي قبُول رِوَايَته من لَا يرى رِوَايَة الرَّاوِي الْعدْل عَن الرَّاوِي تعديلا لَهُ. فطائفة مِنْهُم يقبلُونَ رِوَايَته، وَهَؤُلَاء هم الَّذين لَا يَبْتَغُونَ على الْإِسْلَام مزيدا فِي حق الشَّاهِد والراوي، بل يقنعون بِمُجَرَّد الْإِسْلَام، مَعَ السَّلامَة عَن فسق ظَاهر، ويتحققون إِسْلَامه بِرِوَايَة عَدْلَيْنِ عَنهُ، إِذْ لم يعْهَد أحد مِمَّن يتدين يروي الدَّين إِلَّا عَن مُسلم. وَطَائِفَة يردون رِوَايَته، وَهَؤُلَاء هم الَّذين يَبْتَغُونَ وَرَاء الْإِسْلَام مزيدا، وَهُوَ عَدَالَة الشَّاهِد أَو الرَّاوِي، وَهَذَا كُله بِنَاء على أَن رِوَايَة الرَّاوِي عَن الرَّاوِي لَيست تعديلا لَهُ، فَأَما من رَآهَا تعديلا لَهُ فَإِنَّهُ يكون بِقبُول رِوَايَته أَحْرَى وَأولى، مَا لم يثبت جرحه. وَالْحق فِي هَذَا أَنه لَا تقبل رِوَايَته، وَلَو روى عَنهُ جمَاعَة، مَا لم تثبت عَدَالَته، وَمن يذكر فِي كتب الرِّجَال بِرِوَايَة أَكثر من وَاحِد عَنهُ، مهملا من الْجرْح وَالتَّعْدِيل، فَهُوَ غير مَعْرُوف الْحَال عِنْد ذاكره بذلك، وَرُبمَا وَقع التَّصْرِيح بذلك فِي بَعضهم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 13 (1433) وَسَيَأْتِي مِنْهُ فِي هَذَا الْبَاب حَدِيث: " من زار قَبْرِي وَجَبت لَهُ شَفَاعَتِي ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 14 فَإِن أَبَا حَاتِم قَالَ فِي رِوَايَة مُوسَى بن هِلَال الْبَصْرِيّ: إِنَّه مَجْهُول، وَذَلِكَ بعد أَن ذكر رِوَايَة جمَاعَة عَنهُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 16 (1434) وَكَذَلِكَ عبد الله بن أبي سُفْيَان، رَاوِي حَدِيث: " حمى حول الْمَدِينَة بريدا من كل نَاحيَة ". قَالَ أَبُو حَاتِم: لَا أعرفهُ، بعد أَن ذكر رِوَايَة زيد بن الْحباب وَأبي عَامر الْعَقدي عَنهُ. (1435) وَكَذَلِكَ زِيَاد بن جَارِيَة الَّذِي يروي عَن حبيب بن مسلمة حَدِيث " التَّنْفِيل ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 17 قَالَ فِيهِ: مَجْهُول، وَهُوَ قد ذكر رِوَايَة جمَاعَة عَنهُ. وَكَذَلِكَ أَبُو مَرْحُوم: عبد الرَّحِيم بن كردم بن أرطبان، ابْن عَم ابْن عون، ذكره أَبُو حَاتِم بِرِوَايَة جمَاعَة عَنهُ، مِنْهُم أَبُو عَامر الْعَقدي، وَأَبُو أُسَامَة، وَمعلى بن أَسد، وَإِبْرَاهِيم بن الْحجَّاج السَّامِي، ثمَّ قَالَ فِيهِ: مَجْهُول. وَكَذَلِكَ أَبُو يسَار الْقرشِي، ذكر أَنه روى عَنهُ اللَّيْث، وَالْأَوْزَاعِيّ، وَقَالَ - مَعَ ذَلِك - إِنَّه مَجْهُول. وعَلى هَذَا نظرت مَعَ أبي مُحَمَّد الْأَحَادِيث الَّتِي أذكرها فِي هَذَا الْبَاب، فَإِنَّهُ هُوَ قد صحّح كثيرا من الحَدِيث بسكوته عَنهُ، وَهُوَ من هَذَا الْقَبِيل، وَتوقف أَيْضا عَن تَصْحِيح أَحَادِيث مِنْهَا، عملا بِالصَّوَابِ الَّذِي يَنْبَغِي أَن يُقَال بِهِ فيهم. فمما عمل فِيهِ بِالصَّوَابِ من أَحَادِيث هَذَا الصِّنْف، حَدِيث: (1436) " صلوا فِي نعالكم خالفوا الْيَهُود ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 18 وَذَلِكَ أَنه أتبعه أَن قَالَ: فِيهِ يعلى بن شَدَّاد، لم أرد فِيهِ تعديلا وَلَا تجريحا. (1437) وَحَدِيث: " دعوا الْحَبَشَة مَا دعوكم ". أتبعه أَن قَالَ: فِيهِ أَبُو سكينَة: زِيَاد بن مَالك، وَلم أسمع فِيهِ بتعديل وَلَا تجريح، وَقد روى عَنهُ أَبُو بكر بن أبي مَرْيَم، وجعفر بن برْقَان. (1438) وَحَدِيث جَابر فِي الضَّحَايَا الَّذِي فِيهِ: " اللَّهُمَّ مِنْك وَلَك، عَن مُحَمَّد وَأمته ". أتبعه أَن قَالَ: فِيهِ أَبُو عَيَّاش، روى عَنهُ خَالِد بن أبي عمرَان، وَيزِيد بن أبي حبيب، وَلم أسمع فِيهِ بتعديل وَلَا تجريح. وَأَحَادِيث كَثِيرَة من هَذَا الصِّنْف، لم يصححها بِالسُّكُوتِ عَنْهَا بل إِمَّا حسنها هُوَ، أَو حسنها اتبَاعا لِلتِّرْمِذِي فِي ذَلِك، قد كتبنَا مِنْهَا كثيرا فِي الْبَاب الَّذِي قبل هَذَا. وكل هَذَا الَّذِي عمل بِهِ من التَّوَقُّف عَن تَصْحِيح أَحَادِيث هَذَا الصِّنْف صَوَاب. فَأَما مَا يَقع لَهُ مِمَّا أثْبته فِي هَذَا الْبَاب، من سُكُوته عَن الْأَحَادِيث - وَهِي من رِوَايَة هَذَا الصِّنْف - فخطأ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 19 فَهَذَا قسم المساتير؛ فَأَما قسم مجهولي الْأَحْوَال، فَإِنَّهُم قوم أَنما روى عَن كل وَاحِد وَاحِد مِنْهُم وَاحِد، لَا يعلم روى عَنهُ غَيره، فَهَؤُلَاءِ إِنَّمَا يقبل رِوَايَة أحدهم من يرى رِوَايَة الرَّاوِي الْعدْل عَن الرَّاوِي تعديلا لَهُ، كالعمل بروايته، فَأَما من لَا يرى رِوَايَة الرَّاوِي عَن الرَّاوِي تعديلا لَهُ، فَإِنَّهُم لَا يقبلُونَ رِوَايَة هَذَا الصِّنْف إِلَّا أَن تعلم عَدَالَة أحدهم، فَإِنَّهُ إِذا علمت عَدَالَته، لم يضرّهُ أَن لَا يروي عَنهُ إِلَّا وَاحِد، فَأَما إِذا لم تعلم عَدَالَته، وَهُوَ لم يرو عَنهُ إِلَّا وَاحِد، فَإِنَّهُ لَا يقبل رِوَايَته لَا من يَبْتَغِي على الْإِسْلَام مزيدا، وَلَا من لَا يبتغيه. وَقد عمل أَبُو مُحَمَّد فِي هَذَا بِالصَّوَابِ: من رد روايتهم وَقبُول رِوَايَة من علمت عَدَالَته مِنْهُم، وأخطأه ذَلِك فِي قوم مِنْهُم، صحّح أَيْضا أَحَادِيثهم بِالسُّكُوتِ عَنْهَا، تبين ذَلِك فِي هَذَا الْبَاب إِن شَاءَ الله تَعَالَى. فَإِن قيل: وَلَعَلَّه فِيمَن سكت عَن حَدِيثه من هَؤُلَاءِ الَّذين ترى أَنْت أَنه لم يرو عَنهُ إِلَّا وَاحِد، قد رأى هُوَ فيهم مَا لم تَرَ، وَعلم مَا لم تعلم، وَكَذَلِكَ أَيْضا فِي أَحَادِيث المساتير الَّذين قد روى عَن كل وَاحِد مِنْهُم أَكثر من وَاحِد، إِلَّا أَن عَدَالَة أحدهم لم تثبت، لَعَلَّه قد علم فِي تعديلهم مَا لم تعلم. فَالْجَوَاب أَن أَقُول: فأعني على تعرف صَوَابه أَو خطئه ببحث يرقى بك عَن حضيض تَقْلِيده، وَإِذا فعلت ذَلِك فقد حصل الْمَقْصُود، ولعلك إِذا فعلت ذَلِك عرفت صِحَة قولي، فَإِن آحَاد من اعتراه ذَلِك فيهم، اسْتَوَى أهل هَذَا الشَّأْن فِي الْعلم بأحوالهم، وسترى ذَلِك فِيمَا نذكرهُ مِنْهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى. وَيَنْبَغِي الْآن أَن نعرض عَلَيْك مثلا يتَبَيَّن بهَا من مذْهبه مَا أَخْبَرتك بِهِ من قبُول أَحَادِيث من ثبتَتْ عَدَالَته من هَذَا الصِّنْف، ورد أَحَادِيث من لم تثبت عَدَالَته مِنْهُم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 20 فَأَما مَا اعتراه فِي ذَلِك من الْخَطَأ بتصحيح أَحَادِيثهم، فَيَأْتِي فِي نفس الْبَاب. فمما قبل من أَحَادِيث من ثبتَتْ عَدَالَته مِنْهُم حَدِيث: (1439) " الْأَمر بدفن الْقَتْلَى فِي مصَارِعهمْ ". قَالَ بإثره: فِيهِ نُبيح الْعَنزي، وَهُوَ ثِقَة لم يرو عَنهُ غير الْأسود بن قيس، وَصحح حديثين من رِوَايَته فِي ذَلِك، وَفِي الصَّحَابَة جمَاعَة قبل أَحَادِيثهم، وَإِن لم يرو عَن أحدهم إِلَّا وَاحِد، كقيس بن أبي غرزة وَغَيره. وَأما مَا رد من أَحَادِيث من لم تثبت عَدَالَته مِنْهُم، فكثير أَيْضا، نذْكر مِنْهُ مَا تيَسّر عفوا. (1440) كَحَدِيث " الصَّلَاة على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم الْجُمُعَة، وَأَن الأَرْض لَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 21 تَأْكُل أجساد الْأَنْبِيَاء ". رده بِأَن قَالَ: زيد بن أَيمن، لَا أعلم روى عَنهُ إِلَّا سعيد بن أبي هِلَال. (1441) وَحَدِيث فِي سَاعَة الْجُمُعَة. رده بِأَن قَالَ: يحيى بن ربيعَة، لَا أعلم روى عَنهُ غير عبد الرَّزَّاق. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 22 (1442) وَفِي التهجير إِلَى الْجُمُعَة ذكر حَدِيثا ثمَّ قَالَ: أَوْس بن خَالِد لَا أعلم روى عَنهُ إِلَّا عَليّ بن زيد بن جدعَان. وَقد كَانَ لَهُ أَن يَقُول فِي هَذَا أَكثر، من هَذَا؛ فَإِن لَهُ ثَلَاثَة أَحَادِيث عَن أبي هُرَيْرَة مُنكرَة، وَلَيْسَ لَهُ كَبِير شَيْء، بل كَانَ لَهُ أَن لَا يرد هَذِه الْأَحَادِيث الْمُتَقَدّمَة الذّكر كلهَا؛ لِأَنَّهَا فِي التَّرْغِيب، وَلَيْسَت من أَحَادِيث الْأَحْكَام، وَلكنه مَعَ ذَلِك لم يقبلهَا، فَكَانَ ذَلِك مِنْهُ صَوَابا. (1443) وَحَدِيث الفراسي فِي " مَاء الْبَحْر ". رده بِأَن قَالَ: مُسلم بن مخشي، لَا أعلم روى عَنهُ إِلَّا بكر بن سوَادَة. (1444) وَحَدِيث: " فطر الْمُسَافِر على ثَلَاثَة أَمْيَال ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 23 رده بِأَن قَالَ: مَنْصُور الْكَلْبِيّ لَا أعلم روى عَنهُ إِلَّا أَبُو الْخَيْر. (1445) وَحَدِيث: " ثَلَاث من أصل الْإِيمَان ". رده بِأَن قَالَ: يزِيد بن أبي نشيبة رجل من بني سليم، لم يرو عَنهُ إِلَّا جَعْفَر بن برْقَان. (1446) وَحَدِيث قصَّة ثَقِيف ومحاصرة صَخْر إيَّاهُم. رده بِأَن قَالَ: عُثْمَان بن أبي حَازِم، لَا أعلم روى عَنهُ إِلَّا أبان بن عبد الله. (1447) وَحَدِيث غَزْو النِّسَاء وإسهامهن. رده بِأَن قَالَ: حشرج بن زِيَاد، لَا أعلم روى عَنهُ إِلَّا رَافع بن سَلمَة بن زِيَاد. (1448) وَحَدِيث معيقيب فِي خَاتم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 24 رده بِأَن قَالَ: فِيهِ إِيَاس بن الْحَارِث، لَا أعلم روى عَنهُ إِلَّا نوح بن ربيعَة. وَمَا عمل بِهِ من هَذَا، هُوَ الصَّوَاب، لَا مَا عمل بِهِ من تَصْحِيح أَحَادِيث جمَاعَة من هَذَا الصِّنْف، حسب مَا يتَبَيَّن فِي هَذَا الْبَاب إِن شَاءَ الله تَعَالَى، والضعيف الَّذِي أنبه عَلَيْهِ إِن شَاءَ الله فِي هَذَا الْبَاب مِمَّا سكت عَنهُ، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 25 هُوَ، ضَعِيف إِمَّا بِضعْف راو من رُوَاته، وَإِمَّا بِكَوْنِهِ مَجْهُولا الْبَتَّةَ عينه وحاله، وَإِمَّا بالانقطاع، أَو الإعضال، أَو الْإِرْسَال. وكل ذَلِك قد تقدم التَّنْبِيه عَلَيْهِ فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا مُتَّصِلَة وَهِي مُنْقَطِعَة أَو مُرْسلَة - وَإِمَّا باضطراب فِي مَتنه، وَأما الِاضْطِرَاب فِي الْإِسْنَاد، فَلَا نعده عَلَيْهِ، وَلَا نؤاخذه بِهِ، إِلَّا أَن يكون الَّذِي اضْطَرَبَتْ رِوَايَته وَاخْتلف مَا جَاءَ عَنهُ، من لم تثبت لدينا عَدَالَته: إِمَّا من المساتير، وَإِمَّا من مجهولي الْأَحْوَال، فَإِنَّهُ إِذا كَانَ كَذَلِك، كَانَ اضطرابه زِيَادَة فِي ضعف الحَدِيث. وأقبح مَا يكون التَّضْعِيف لأحاديث - سكت عَنْهَا - إِذا كَانَ بِأحد مِمَّن قد قدم هُوَ فِيهِ التَّضْعِيف ورد رِوَايَته، وَلم يبين فِيمَا يسكت عَنهُ أَنه من رِوَايَته. وسترى لَهُ من ذَلِك كثيرا فِي هَذَا الْبَاب، وَأَقل مَا كَانَ يلْزمه أَن يُنَبه على كَون الحَدِيث من رِوَايَة أحدهم، وَإِن لم يعد القَوْل فِيهِ. وَكثير من الْأَحَادِيث الَّتِي صححها بسكوته، اعتراه ذَلِك فِيمَا يخفى التجريح عَلَيْهِ فِي بعض رواتها، إِمَّا فِيمَن قد وَثَّقَهُ موثق، أَو موثقون، وَإِمَّا فِي المساتير، فعثر بِهَذَا الْبَحْث على التجريح فيهم، فَإِن كَانَ مُفَسرًا فَالْخَبَر ضَعِيف، لوُجُوب تَقْدِيم جرح المجرح على تَعْدِيل الْمعدل، وَإِن كَانَ غير مُفَسّر فَالْحَدِيث حسن، للِاخْتِلَاف فِي راو رُوَاته، ويفترق الْأَمر فِي هَذَا فِي حق من وَثَّقَهُ موثق أَو موثقون، وَمن هُوَ من المساتير، فَإِنَّهُ إِذا جرح من قد وَثَّقَهُ قوم بِجرح غير مُفَسّر، لم يَنْبغ أَن يسمع فِيهِ ذَلِك الْجرْح مَا لم يُفَسر، فَإِنَّهُ لَعَلَّه قد جرحه بِمَا لَا يرَاهُ غَيره تجريحا. أما فِي المساتير فيضرهم، فَإنَّا قد كُنَّا تاركين لرواياتهم للْجَهْل بأحوالهم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 26 فَكيف وَقد سمع فِيهِ التجريح، وَمن لَا يَبْتَغِي على الْإِسْلَام مزيدا لَا أرَاهُ يقبل أَحَادِيث من قد سمع فِيهِ الْجرْح غير الْمُفَسّر. وَلست أَدعِي - فِيمَا أنبه عَلَيْهِ فِي جَمِيع هَذَا الْبَاب، وأزعم أَنه لَيْسَ بِصَحِيح أَو حسن، كَمَا ذهب إِلَيْهِ أَبُو مُحَمَّد - أَنِّي مُصِيب فِيمَا ذهبت إِلَيْهِ من ذَلِك، وَلكنه مبلغ علمي، بعد بحث يغلب لأَجله الظَّن. وَإِن لم يكن الْأَمر فِي بَعْضهَا كَمَا ذهبت، فقد حصلت بِهِ فَائِدَة الانبعاث للنَّظَر الْمُعَرّف بخطئي أَو صوابي. وكل مَا ذكرته فِي هَذَا الْبَاب فَإِنَّمَا تبِعت فِيهِ نسق التصنيف، وَلم أرتبه بِحَسب هَذَا النَّوْع، لِأَنِّي لم آمن التَّدَاخُل فِيهِ، فقد يكون فِي الحَدِيث الْوَاحِد، الضَّعِيف والمجهول، والضعيف والمستور، والمجهول والمستور، فَلذَلِك آثرت سوقها على نسق التصنيف، وَهَذَا حِين أبتدئ مستعينا بِاللَّه سُبْحَانَهُ. (1449) ذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن أبي الدَّرْدَاء، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من سلك طَرِيقا يطْلب فِيهِ علما 000 " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: خرج مُسلم من أول هَذَا الحَدِيث إِلَى قَوْله: " من طرق الْجنَّة ". لم يزدْ على هَذَا، وَرَأَيْت فِي بعض النّسخ: خرج مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة من أول هَذَا الحَدِيث إِلَى قَوْله: " من طرق الْجنَّة ". وَزِيَادَة " عَن أبي هُرَيْرَة " صَوَاب، يسلم بِهِ الحَدِيث من خلل يُعْطِيهِ الْكَلَام دونهَا من الإرداف لما هُوَ من رِوَايَة أبي هُرَيْرَة على مَا هُوَ من رِوَايَة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 27 أبي الدَّرْدَاء، وَلَيْسَ هَذَا الْآن بمقصود، فَإنَّا قد فَرغْنَا من التَّنْبِيه عَلَيْهِ فِي الْبَاب الْمَعْقُود لذَلِك ولأمثاله من الْقسم الأول من هَذَا الْكتاب. وَالْمَقْصُود بَيَانه الْآن، هُوَ أَن حَدِيث أبي الدَّرْدَاء هَذَا، سكت عَنهُ متسامحا فِيهِ، لِأَنَّهُ من رغائب الْأَعْمَال، فَوَجَبَ بَيَان أمره، ليعلم أَنه لَيْسَ من الصَّحِيح. قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد، حَدثنَا عبد الله بن دَاوُد، قَالَ: سَمِعت عَاصِم بن رَجَاء بن حَيْوَة، يحدث عَن دَاوُد بن جميل، عَن كثير بن قيس، قَالَ: كنت جَالِسا مَعَ أبي الدَّرْدَاء، فَذكر الحَدِيث. دَاوُد بن جميل وَكثير بن قيس، لَا يعلمَانِ فِي غير هَذَا الحَدِيث، وَلَا يعلم روى عَن كثير غير دَاوُد، والوليد بن مرّة، وَلَا يعلم روى عَن دَاوُد بن جميل، غير عَاصِم بن رَجَاء، وَقد نَص البزارعلى مَا قُلْنَا من هَذَا. وَلما ذكره الدَّارَقُطْنِيّ فِي علله قَالَ: " عَاصِم بن رَجَاء وَمن فَوْقه إِلَى أبي الدَّرْدَاء ضعفاء، وَلَا يثبت ". وَقَالَ أَيْضا: " دَاوُد بن جميل مَجْهُول ". وَزِيَادَة إِلَى هَذَا اضْطِرَاب عَاصِم بن رَجَاء فِيهِ، فَعنده فِي ذَلِك ثَلَاثَة أَقْوَال: أَحدهَا: قَول عبد الله بن دَاوُد هَذَا الَّذِي تقدم. وَالثَّانِي: قَول أبي نعيم: عَن عَاصِم بن رَجَاء، عَمَّن حَدثهُ عَن كثير بن قيس. وَالثَّالِث: قَول مُحَمَّد بن يزِيد الوَاسِطِيّ: عَن عَاصِم بن رَجَاء، عَن كثير الجزء: 4 ¦ الصفحة: 28 ابْن قيس، لم يذكر بَينهمَا أحدا. وَغير الدَّارَقُطْنِيّ، يَقُول فِي عَاصِم بن رَجَاء: إِنَّه لَا بَأْس بِهِ، قَالَه أَبُو زرْعَة. والمتحصل من عِلّة الْخَبَر، هُوَ الْجَهْل بِحَال رَاوِيَيْنِ من رُوَاته، وَالِاضْطِرَاب فِيهِ مِمَّن لم تثبت عَدَالَته. (1450) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " خصلتان لَا تجتمعان فِي مُنَافِق، حسن سمت وَلَا فقه فِي الدَّين ". ثمَّ سكت عَنهُ، وَاحْتمل سُكُوته أَن يكون صَححهُ، وَأَن يكون سمح فِيهِ، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 29 مُعْتَقدًا أَنه لَيْسَ فِيهِ تَكْلِيف، وَالْأول أظهر من حَاله لوَجْهَيْنِ: أَحدهمَا: بَيَان مُقْتَضَاهُ الدَّاخِل فِي بَاب التَّكْلِيف دُخُولا بَينا، وَذَلِكَ أَنه جعل هَاتين الخصلتين مبرئتين للمتصف بهما من النِّفَاق. وَالثَّانِي: أَنه لما أوردهُ فِي كِتَابه الْكَبِير اعتنى من إِسْنَاده بِذكر خلف بن أَيُّوب رَاوِيه، فَقَالَ: روى عَنهُ أَبُو كريب، وَمُحَمّد بن مقَاتل، وَأَبُو معمر، وَإِن ابْن أبي حَاتِم سَأَلَ عَنهُ أَبَاهُ فَقَالَ: " يرْوى عَنهُ ". فَكَانَ هَذَا من فعله يدل على أَنه قبله بِاعْتِبَار رِوَايَة جمَاعَة عَنهُ، وَأَنه لم يضعف، وَقد خَفِي عَلَيْهِ من أمره مَا نذكرهُ بعد إِسْنَاد الْخَبَر. قَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو كريب: مُحَمَّد بن الْعَلَاء، حَدثنَا خلف بن أَيُّوب العامري، عَن عَوْف، عَن ابْن سِيرِين، عَن أبي هُرَيْرَة، فَذكره. قَالَ التِّرْمِذِيّ: " هَذَا حَدِيث غَرِيب، لَا نعرفه من حَدِيث عَوْف إِلَّا من رِوَايَة هَذَا الشَّيْخ: خلف بن أَيُّوب، وَلم أر أحدا يروي عَنهُ غير أبي كريب وَلَا أَدْرِي كَيفَ هُوَ؟ ". انْتهى كَلَام التِّرْمِذِيّ. فَأَقُول - وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق - هَذَا الرجل مرجئ، ويروي عَن قيس، وعَوْف الْأَعرَابِي، الْمَنَاكِير، قَالَه أَحْمد بن حَنْبَل، ذكر ذَلِك عَنهُ الْعقيلِيّ، وَضَعفه أَيْضا ابْن معِين. وَبَعض هَذَا كَاف فِيمَن لم يوثقه أحد. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 30 (1451) وَذكر عَن عبَادَة بن الصَّامِت، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَيْسَ منا مَا لم يجل كَبِيرنَا " الحَدِيث من طَرِيق ابْن وهب. ثمَّ قَالَ: خرجه أَبُو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ فِي بَيَان الْمُشكل. هَكَذَا أوردهُ وَسكت عَنهُ، وَإِسْنَاده عِنْد الطَّحَاوِيّ هُوَ هَذَا: حَدثنَا يُونُس ابْن عبد الْأَعْلَى، وَمُحَمّد بن عبد الله بن عبد الحكم، قَالَا: حَدثنَا عبد الله بن وهب، أَخْبرنِي مَالك بن الْخَيْر الزبادي عَن أبي قبيل عَن عبَادَة فَذكره. وَمَالك بن الْخَيْر الزبادي، رَوَت عَنهُ جمَاعَة، مِنْهُم ابْن وهب، وحيوة بن شُرَيْح، وَزيد بن الْحباب، وَبِهَذَا الِاعْتِبَار سكت عَنهُ، وَهُوَ مِمَّن لم تثبت عَدَالَته، فَاعْلَم ذَلِك. (1452) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن أبي سعيد، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 31 " إِن النَّاس لكم تبع، وَإِن رجَالًا يأتونكم من أقطار الأَرْض يتفقهون فِي الدَّين 000 " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ ضَعِيف، فَإِنَّهُ من رِوَايَة أبي هَارُون الْعَبْدي، واسْمه عمَارَة بن جُوَيْن عَن أبي سعيد. قَالَ حَمَّاد بن زيد: كَانَ أَبُو هَارُون كذابا، يروي بِالْغَدَاةِ شَيْئا وبالعشي شَيْئا. وَقَالَ فِيهِ ابْن حَنْبَل: لَيْسَ بِشَيْء. وَعنهُ أَيْضا: لَا يكْتب حَدِيثه. وَقَالَ شُعْبَة: كنت أتلقى الركْبَان أسأَل عَنهُ، فَلَمَّا قدم أَتَيْته فَرَأَيْت عِنْده الجزء: 4 ¦ الصفحة: 32 كتابا فِيهِ أَشْيَاء مُنكرَة فِي عَليّ. فَقلت: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: هَذَا الْكتاب حق. وَقَالَ أَيْضا: لَو شِئْت أَن يحدثني عَن أبي سعيد بِكُل شَيْء لفعل. وَقَالَ أَيْضا: لِأَن أقدم فَتضْرب عنقِي أحب إِلَيّ من أَن أَقُول: حَدثنَا أَبُو هَارُون الْعَبْدي. وَقَالَ ابْن معِين: كَانَت عِنْده صحيفَة يَقُول: هَذِه صحيفَة الْوَصِيّ. وَكَانَ عِنْدهم لَا يصدق فِي حَدِيثه. وَقَالَ البُخَارِيّ: تَركه الْقطَّان. وَأَقل مَا كَانَ يلْزم أَبَا مُحَمَّد التَّنْبِيه على كَون الحَدِيث الْمَذْكُور من رِوَايَته. فَإِنَّهُ قد ذكر هُوَ حَدِيث أبي سعيد أَن النَّبِي قَالَ: (1453) " من أصبح وَلم يُوتر فَلَا وتر لَهُ ". فَقَالَ بعده: أَبُو هَارُون ضَعِيف عِنْدهم، وَقد حدث عَنهُ الثِّقَات، وَيذكر فِيهِ تشيع، ثمَّ ذكر عَن شُعْبَة مَا ذَكرْنَاهُ فِي أَمر عَليّ. وَإِن كَانَ اعْتقد فِي هَذَا الحَدِيث أَنه لَيْسَ فِيهِ أَمر وَلَا نهي فقد أَخطَأ، لِأَنَّهُ مُصَرح فِيهِ بِالْأَمر بالاستيصاء بالمتفقهة خيرا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 33 وَلِهَذَا الْمَعْنى إِسْنَاد جيد غير هَذَا، سَنذكرُهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا صَحِيحَة وَهِي ضَعِيفَة، وَلها طرق أخر صَحِيحَة أَو حَسَنَة. (1454) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو بن العَاصِي قَالَ: بَيْنَمَا نَحن عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذْ جَاءَ رجل فَقَالَ: يَا رَسُول الله، أخبرنَا عَن ثِيَاب الْجنَّة، أخلق تخلق أم نَسِيج تنسج؟ " الحَدِيث. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 34 وَسكت عَنهُ وَهُوَ ضَعِيف. وَإِسْنَاده هُوَ هَذَا: أخبرنَا عَمْرو بن مَنْصُور قَالَ: حَدثنَا حرمي بن حَفْص، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن علاثة، قَالَ: حَدثنِي الْعَلَاء بن عبد الله، أَن الحنان بن خَارِجَة حَدثهُ عَن عبد الله بن عَمْرو بن العَاصِي، قَالَ: بَينا نَحن عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكره. وَرَوَاهُ عَن الْعَلَاء بن عبد الله مُحَمَّد بن مُسلم بن أبي الوضاح فَجمع حديثين. قَالَ الْبَزَّار: حَدثنَا بشر بن آدم، قَالَ: حَدثنَا أَبُو دَاوُد، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد ابْن مُسلم بن أبي الوضاح، قَالَ: حَدثنَا الْعَلَاء بن عبد الله بن رَافع، عَن حنان بن خَارِجَة، عَن عبد الله بن عَمْرو، قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِي إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا رَسُول الله، أخبرنَا عَن الْهِجْرَة، أَهِي لَك حَيْثُ مَا كنت، أَو إِلَيْك خَاصَّة، أَو إِلَى أَرض مَعْرُوفَة، أَو إِذا مت انْقَطَعت؟ فَسكت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَاعَة، ثمَّ قَالَ: " أَيْن السَّائِل؟ "، قَالَ: أَنا ذَا يَا رَسُول الله، قَالَ: " الْهِجْرَة أَن تهجر الْفَوَاحِش مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن، ثمَّ أَنْت مهَاجر وَإِن مت بِالْمِصْرِ ". قَالَ: وَقَالَ عبد الله: وَقَامَ رجل فَقَالَ: يَا رَسُول الله، أخبرنَا عَن ثِيَاب أهل الْجنَّة، الحَدِيث. فَاعْلَم الْآن، أَن حنان بن خَارِجَة مَجْهُول، لَا تعرف لَهُ حَال، وَلَا يعرف روى عَنهُ غير الْعَلَاء بن عبد الله، وَضبط اسْمه حنان - بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَالنُّون الْخَفِيفَة وَالْألف، بعْدهَا نون ثَانِيَة - وَيُقَال فِيهِ: حنان بن عبد الله بن خَارِجَة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 35 والْعَلَاء بن عبد الله الْمَذْكُور، شيخ جزري، يروي عَنهُ مُحَمَّد بن مُسلم بن أبي الوضاح، وَمُحَمّد بن عبد الله بن علاثة، وجعفر بن برْقَان، وَهُوَ أَيْضا لَا تعرف حَاله، وَإِن كَانُوا قد قَالُوا: يكْتب حَدِيثه. وَعلة الْخَبَر على كل مَذْهَب هِيَ الْجَهْل بِحَال حنان بن خَارِجَة الْمَذْكُور. وَقد ذكر لَهُ أَبُو دَاوُد حَدِيثا ثَالِثا من رِوَايَة مُحَمَّد بن مُسلم بن أبي الوضاح الْمَذْكُور، عَن الْعَلَاء بن عبد الله، عَن حنان، عَن عبد الله بن عَمْرو، قلت: يَا رَسُول الله، أَخْبرنِي عَن الْجِهَاد والغزو، فَقَالَ: (1455) " إِن قَاتَلت صَابِرًا محتسبا، بَعثك الله صَابِرًا محتسبا " الحَدِيث. وَمَا مِنْهَا شَيْء يَصح فَاعْلَم ذَلِك. (1456) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 36 رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من تعلم علما مِمَّا يَبْتَغِي بِهِ وَجه الله تَعَالَى 000 " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث فِي إِسْنَاده فليح بن سُلَيْمَان، وَهُوَ - وَإِن كَانَ البُخَارِيّ قد أخرج لَهُ - ضَعِيف، مِمَّن عيب عَلَيْهِ الْإِخْرَاج عَنهُ، وَأرَاهُ كَانَ حسن الرَّأْي فِيهِ، فَإِنَّهُ قد تجنب الداروردي، فَلم يخرج عَنهُ إِلَّا مَقْرُونا بِغَيْرِهِ وَهُوَ أثبت عِنْدهم من فليح. قَالَ ابْن معِين فِي فليح: " لَا يحْتَج بِهِ، هُوَ دون الدَّرَاورْدِي ". وَقَالَ أَبُو دَاوُد: " لَيْسَ بِشَيْء ". روى ذَلِك عَنهُ الرَّمْلِيّ. وَقَالَ السَّاجِي: إِنَّه يهم، وَإِن كَانَ من أهل الصدْق. وأضعف مَا رمي بِهِ مَا ذكر عَن يحيى بن معِين، عَن أبي كَامِل: مظفر بن مدرك قَالَ: كُنَّا نتهمه لِأَنَّهُ كَانَ يتَنَاوَل من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 37 وَقد اطرد عمل أبي مُحَمَّد فِي سُكُوته عَمَّا يروي فليح هَذَا. (1457) فَمن ذَلِك حَدِيث فِي الْحَج، فِي صلَاته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْكَعْبَة، بِزِيَادَة استقباله بِوَجْهِهِ مَا يستقبلك إِذا ولجت. ذكره من عِنْد البُخَارِيّ أَيْضا. (1458) وَحَدِيث أبي هُرَيْرَة: " إِن فِي الْجنَّة مائَة دَرَجَة، مَا بَين الدرجتين كَمَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض، أعدهَا الله للمجاهدين ". هُوَ أَيْضا عِنْد البُخَارِيّ من رِوَايَة فليح. (1459) وَحَدِيث " هَل فِيكُم أحد لم يقارف اللَّيْلَة؟ ". هُوَ أَيْضا من عِنْد البُخَارِيّ من رِوَايَة فليح، عَن هِلَال بن عَليّ، عَن أنس. (1460) وَحَدِيث جَابر فِي الصَّلَاة فِي الثَّوْب الْوَاحِد: " فَإِن كَانَ وَاسِعًا فالتحف بِهِ، وَإِن كَانَ ضيقا فَخَالف بَين طَرفَيْهِ ". هُوَ أَيْضا من عِنْد البُخَارِيّ من رِوَايَة فليح. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 38 (1461) وَحَدِيث أبي حميد: " كَانَ إِذا سجد أمكن أَنفه وجبهته من الأَرْض ". قنع فِيهِ بتصحيح التِّرْمِذِيّ لَهُ، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة فليح. (1462) وَحَدِيث مُخَالفَة الطَّرِيق فِي الْعِيدَيْنِ عِنْد البُخَارِيّ، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 39 وَالتِّرْمِذِيّ. وَهُوَ أَيْضا من رِوَايَة فليح. وَاعْلَم أَن الحَدِيث الْمَذْكُور فِيمَن تعلم علما مِمَّا يبتغى بِهِ وَجه الله، يرْوى من حَدِيث ابْن عمر بِإِسْنَاد حسن، نَكْتُبهُ إِن شَاءَ الله فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا ضَعِيفَة، وَلها طرق صَحِيحَة، أَو حَسَنَة فَاعْلَم ذَلِك. (1463) وَذكر حَدِيث: " من سُئِلَ عَن علم فكتمه، ألْجمهُ الله بلجام من نَار " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَقد بَينا انْقِطَاعه فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا مُتَّصِلَة، وَهِي مُرْسلَة، أَو مُنْقَطِعَة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 40 وَسَنذكر لَهُ إِسْنَادًا سليما من الِانْقِطَاع، بِرِوَايَة ثِقَات، فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا صَحِيحَة، وَهِي ضَعِيفَة، وَلها طرق أخر صَحِيحَة، أَو حَسَنَة، إِن شَاءَ الله تَعَالَى. (1464) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 41 سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " نضر الله امْرأ سمع منا شَيْئا " الحَدِيث. وقنع مِنْهُ بتصحيح التِّرْمِذِيّ، وَلم يُنَبه على أَنه من رِوَايَة سماك بن حَرْب، وَقد تكَرر لَهُ تَصْحِيح مَا يرويهِ سماك بن حَرْب فِي أَحَادِيث. (1465) مِنْهَا حَدِيث جَابر بن سَمُرَة فِي " صَلَاة الظّهْر إِذا دحضت الشَّمْس ". (1466) وَحَدِيث النُّعْمَان بن بشير: " كَانَ يُسَوِّي صُفُوفنَا كَأَنَّمَا يُسَوِّي بهَا القداح ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 42 (1467) وَحَدِيث: " يقْرَأ فِي الظّهْر بسبح، وَفِي الصُّبْح أطول من ذَلِك ". (1468) وَحَدِيث: " يقْرَأ فِي الْفجْر بقاف، وَكَانَت صلَاته بعد تَخْفِيفًا ". (1469) وَحَدِيث: " الْجُلُوس فِي الْمصلى حَتَّى تطلع الشَّمْس ". (1470) وَحَدِيث: " من قَالَ: كَانَ يخْطب جَالِسا فقد كذب ". (1471) وَحَدِيث: " كَانَت صلَاته قصدا، وخطبته قصدا ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 43 (1472) وَحَدِيث: " ركُوبه عَلَيْهِ السَّلَام فِي جَنَازَة ابْن الدحداح ". (1473) وَحَدِيث: " رَأَيْت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقد شمط مقدم رَأسه ". (1474) وَحَدِيث: " إِنَّهَا لَيست الدَّوَاء، وَلكنهَا الدَّاء ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 44 (1475) وَحَدِيث الَّذِي قتل نَفسه بمشاقص فَلم يصل عَلَيْهِ. (1476) وَحَدِيث: " اسمعوا وَأَطيعُوا، فَإِنَّمَا عَلَيْهِم مَا حملُوا وَعَلَيْكُم مَا حملتم ". (1477) وَحَدِيث: " إِنِّي لأعرف حجرا بكمة كَانَ يسلم عَليّ قبل أَن أبْعث، إِنِّي لأعرفه الْآن ". كل هَذِه من عِنْد مُسلم بن الْحجَّاج. وَأما مَا أورد من عِنْد غَيره فَحَدِيث: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 45 (1478) " إِذا استوينا كبر ". (1479) وَحَدِيث فِي: " الْقِرَاءَة فِي الظّهْر وَالصُّبْح ". (1480) وَحَدِيث عَليّ: " بَعَثَنِي إِلَى الْيمن قَاضِيا ". وَلم يعين أَنه من رِوَايَة شريك عَن سماك. (1481) وَحَدِيث: " إِنَّكُم تختصمون إِلَيّ " بِزِيَادَة: " إِنَّه فَاجر، لَيْسَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 46 يتورع فِي شَيْء ". (1482) وَحَدِيث ذِي النسعة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 47 (1483) وَحَدِيث النَّاقة الَّتِي مَاتَت، فَقَالَ لصَاحِبهَا: " هَل عنْدك من غنى يُغْنِيك؟ " قَالَ: لَا، " قَالَ: فكلوها ". (1484) وَحَدِيث: " رَأَيْته مُتكئا على وسَادَة على يسَاره ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 48 (1485) وَحَدِيث: " اشْترى من عير بيعا، وَلَيْسَ عِنْده ثمنه ". وَلم يعين أَيْضا أَنه من رِوَايَة شريك عَن سماك. كل هَذِه أوردهَا من عِنْد أبي دَاوُد. (1486) وَحَدِيث أم هَانِئ: " إِن شِئْت فاقضي، وَإِن شِئْت فَلَا تقضي " الجزء: 4 ¦ الصفحة: 49 فِي صَوْم التَّطَوُّع. سَاقه من طَرِيق النَّسَائِيّ، وَقَالَ: إِنَّه أحسن أَسَانِيد الْبَاب، وَإِن كَانَ لَا يحْتَج بِهِ. (1487) وَحَدِيث: " إِنَّكُم منصورون، ومصيبون، ومفتوح لكم ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 50 وَصَححهُ بتصحيح التِّرْمِذِيّ. (1488) وَحَدِيث: " الْيَهُود مغضوب عَلَيْهِم، وَالنَّصَارَى ضلال ". من عِنْد التِّرْمِذِيّ، فِي أَحَادِيث ثَوَاب الْقُرْآن وَتَفْسِيره. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 51 فَكل هَذِه الْأَحَادِيث، هِيَ عِنْده مسكوت عَنْهَا سكُوت الْمُصَحح، إِلَّا مَا أتبعه تَصْحِيح التِّرْمِذِيّ لَهُ مِنْهَا، وَذَلِكَ الحَدِيث المبدوء بِذكرِهِ، وَهَذَا الَّذِي فِيهِ: " إِنَّكُم منصورون ". وَمَا مِنْهَا شَيْء بَين أَنه من رِوَايَة سماك بن حَرْب، وَأَقل مَا كَانَ يلْزمه فِيهَا بَيَان كَونهَا من رِوَايَته، فقد فعل ذَلِك فِي مَوَاضِع، رُبمَا ضعف بَعْضهَا من أَجله. (1489) فمما طعن فِيهِ بِكَوْنِهِ من رِوَايَة سماك بن حَرْب، حَدِيث ابْن عَبَّاس فِي: " إِن المَاء لَا يجنب ". سَاقه من عِنْد التِّرْمِذِيّ، وَأتبعهُ تَصْحِيحه إِيَّاه، ثمَّ اعْترض هُوَ ذَلِك بِأَن قَالَ: سماك يقبل التَّلْقِين. (1490) وَحَدِيث الْمَرْأَة الَّتِي خرجت تُرِيدُ الصَّلَاة، فلقيها رجل الجزء: 4 ¦ الصفحة: 52 فتجللها فَقضى حَاجته مِنْهَا. قَالَ بعده أَيْضا: سماك يقبل التَّلْقِين. (1491) وَحَدِيث عدي بن حَاتِم فِي " أكل الْكَلْب من الصَّيْد ". قَالَ بعده أَيْضا: سماك يقبل التَّلْقِين، ذكر ذَلِك النَّسَائِيّ وَغَيره. (1492) وَحَدِيث أبي الْأَحْوَص، عَن سماك، عَن الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن، عَن أَبِيه، عَن أبي بردة، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اشربوا فِي الظروف وَلَا تسكروا ". قَالَ فِيهِ: حَدِيث مُنكر، غلط فِيهِ أَبُو الْأَحْوَص، وَلَا نعلم أحدا تَابعه عَلَيْهِ من أَصْحَاب سماك، وَسماك لَيْسَ بِالْقَوِيّ، وَكَانَ يقبل التقلين. (1493) وَلما ذكر فِي الْبيُوع حَدِيث ابْن عمر: كنت أبيع الْإِبِل فِي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 53 البقيع، فأبيع بِالدَّنَانِيرِ، وآخذ الدَّرَاهِم، وأبيع بِالدَّرَاهِمِ وآخذ الدَّنَانِير، الحَدِيث. أتبعه القَوْل فِي سماك واستوعب، فَحكى فِيهِ الْأَقْوَال بالتضعيف بِقبُول التَّلْقِين، واضطراب الحَدِيث، والانفراد بأسانيد لأحاديث لم يسندها غَيره، وَتبين فِي ذَلِك الْموضع أَنه عِنْده ضَعِيف. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 54 فَأَما الْأَحَادِيث الَّتِي ذكرهَا وأتبعها التَّنْبِيه على أَنَّهَا من رِوَايَة سماك، من غير تَضْعِيف، اتكالا على مَا فسر فِي هَذِه. (1494) فَمِنْهَا حَدِيث ابْن عَبَّاس فِي الرجل الَّذِي أسلم وَأَتَتْ امْرَأَته بعده مسلمة. أبرز من إِسْنَاده سماكا. (1495) وَكَذَلِكَ الحَدِيث الَّذِي بعده أَنَّهَا تزوجت، ثمَّ جَاءَ زَوجهَا مُسلما فَردَّتْ إِلَيْهِ. قَالَ بعده: يرويهِ إِسْرَائِيل، عَن سماك، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 55 (1496) وَحَدِيث: " اشربوا فِي السقاء، فَإِن رهبتم [غلمته] فأمدوه بِالْمَاءِ ". أتبعه أَن قَالَ: وَفِي إِسْنَاده سماك. فَمثل هَذَا من فعله هُوَ صَوَاب، فَأَما سُكُوته عَن الْأَحَادِيث سكُوت الْمُصَحح لَهَا، لَا يبين أَنَّهَا من رِوَايَته فخطأ. وَإِنَّمَا هِيَ بِهِ إِمَّا حَسَنَة وَإِمَّا ضَعِيفَة. وَقد وَجب أَن نبين من حَال سماك مَا يعْتَمد فِي جَمِيع مَا تقدم ذكره من أَحَادِيثه فَنَقُول: سماك كُوفِي، أدْرك من الصَّحَابَة جمَاعَة. قَالَ البُخَارِيّ: عَن مُؤَمل بن إِسْمَاعِيل، عَن حَمَّاد بن سَلمَة، عَن سماك: أدْركْت ثَمَانِينَ من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَكَانَ ذهب بَصرِي فدعوت الله فَرده عَليّ. وَقَالَ عبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل فِي كِتَابه فِي الْعِلَل: حَدثنَا أبي حَدثنَا مُؤَمل بن إِسْمَاعِيل، حَدثنَا حَمَّاد - يَعْنِي ابْن سَلمَة - قَالَ: سَمِعت سماكا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 56 يَقُول: ذهب بَصرِي فَرَأَيْت إِبْرَاهِيم خَلِيل الرَّحْمَن - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فِي الْمَنَام، فَمسح بِيَدِهِ على عَيْني، فَقَالَ لي: ائْتِ الْفُرَات فاغتمس فِيهِ، وَافْتَحْ عَيْنَيْك فِي المَاء، فَفعلت، فَرد الله عَليّ بَصرِي. وَثَّقَهُ ابْن معِين وَأَبُو حَاتِم، قيل لِابْنِ معِين: فَمَا الَّذِي عيب عَلَيْهِ؟ قَالَ: أسْند أَحَادِيث لم يسندها غَيره. وَقَالَ فِيهِ ابْن حَنْبَل: مُضْطَرب الحَدِيث. وَقَالَ الْكُوفِي: هُوَ تَابِعِيّ جَائِز الحَدِيث، إِلَّا أَنه كَانَ يُخطئ فِي حَدِيث عِكْرِمَة، وَرُبمَا وصل الشَّيْء عَن ابْن عَبَّاس، وَكَانَ الثَّوْريّ يُضعفهُ بعض الضعْف، وَهُوَ جَائِز الحَدِيث، لم يتْرك حَدِيثه أحد، وَكَانَ عَالما بالسير وَأَيَّام النَّاس، وَكَانَ فصيحا. وَقَالَ النَّسَائِيّ: إِذا انْفَرد بِأَصْل لم يكن حجَّة، لِأَنَّهُ كَانَ يلقن فيتلقن، رُبمَا قيل لَهُ عَن ابْن عَبَّاس. وَذكر الْعقيلِيّ قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن أَحْمد، قَالَ: حَدثنَا أبي، قَالَ: حَدثنَا الْحجَّاج، قَالَ: قَالَ شُعْبَة: كَانُوا يَقُولُونَ لسماك: عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس، فَيَقُول: نعم، قَالَ شُعْبَة: فَكنت أَنا لَا أفعل ذَلِك بِهِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 57 وَفِي رِوَايَة عَنهُ قَالَ: كَانَ النَّاس رُبمَا لقنوه، فَقَالُوا: عَن ابْن عَبَّاس، فَيَقُول: نعم، وَأما أَنا فَلم أكن ألقنه. وَهَذَا أَكثر مَا عيب بِهِ سماك، وَهُوَ قبُول التَّلْقِين، وَإنَّهُ لعيب يسْقط الثِّقَة بِمن يَتَّصِف بِهِ، وَقد كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِك بالمحدث، تجربة لحفظه وَصدقه، وَرُبمَا لقنوه الْخَطَأ. كَمَا قد فعلوا بالبخاري حِين قدم بَغْدَاد، وبالعقيلي أَيْضا نَحْو ذَلِك، فالحافظ الفطين يفْطن لما يرْمى بِهِ من ذَلِك، فيصنع مَا صنعا - رَحْمَة الله عَلَيْهِمَا -. وقصة البُخَارِيّ ذكرهَا أَبُو أَحْمد الْجِرْجَانِيّ فِي كِتَابه فِي أَشْيَاخ البُخَارِيّ. وقصة الْعقيلِيّ ذكرهَا مسلمة بن الْقَاسِم. وروى سعيد بن بشير عَن قَتَادَة قَالَ: قَالَ أَبُو الْأسود الدؤَلِي: إِن سرك أَن يكذب صَاحبك فلقنه. وروى همام، عَن قَتَادَة أَنه قَالَ: " إِذا أردْت أَن يكذب صَاحبك فلقنه ". وروى مُحَمَّد بن سليم عَن قَتَادَة أَيْضا قَالَ: " إِذا سرك أَن يكذب الرجل فلقنه ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 58 وروى ابْن عون عَن ابْن سِيرِين قَالَ: " إِذا أردْت أَن أكذب لَك فلقني ". وروى الْمُنْذر بن زِيَاد، عَن أَيُّوب، قَالَ: قَالَ لي ابْن مليكَة: " يَا أَيُّوب إِذا سرك أَن يكذب الْعَالم فلقنه ". وَقَالَ وهب بن بَقِيَّة: سَمِعت حَمَّاد بن زيد يَقُول: لقنت سَلمَة بن عَلْقَمَة حَدِيثا، فَحَدثني بِهِ، ثمَّ رَجَعَ عَنهُ، فَقَالَ: " إِذا سرك أَن يكذب صَاحبك فلقنه ". (1497) وَقَالَ أَبُو أَحْمد بن عدي: أخبرنَا زَكَرِيَّا بن يحيى السَّاجِي، قَالَ: حَدثنَا أَحْمد بن مُحَمَّد الْبَغْدَادِيّ، حَدثنَا عَفَّان، حَدثنَا همام، حَدثنَا قَتَادَة، عَن الْحسن، عَن أبي بكرَة قَالَ: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يتعاطى السَّيْف مسلولا ". وَكَانَ لقنه هَذَا الحَدِيث إِنْسَان، يُقَال لَهُ بسام، فَلَمَّا فرغ من الحَدِيث قَالَ: وَالله مَا حَدثكُمْ بِهَذَا همام، وَلَا حدث قَتَادَة بِهَذَا هماما، ففكر عَفَّان فِي نَفسه، ثمَّ علم أَنه قد أَخطَأ، فَمد يَده إِلَى لحية بسام، وَقَالَ: ادعوا لي صَاحب الزيغ؛ يافاجر مَا ماص، فَمَا خلصوه إِلَّا 000 (1498) وَقَالَ أَيْضا: حَدثنَا الْحسن بن سُفْيَان، وَمُحَمّد بن الْحُسَيْن بن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 59 قُتَيْبَة، وَالْحسن بن عبد الله الْآمِدِيّ، قَالُوا: حَدثنَا عبد الْوَهَّاب بن الضَّحَّاك، قَالَ: حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن أبي حَازِم، عَن أَبِيه، عَن سهل بن سعد، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَو كَانَ الْقُرْآن فِي إهَاب مَا مسته النَّار ". سَمِعت عَبْدَانِ الأهوزي يَقُول: - وَذكرت لَهُ هَذَا الحَدِيث - فَقَالَ: رَأَيْت البغداديين يلقنونه عبد الْوَهَّاب فمنعتهم. (1499) حَدثنَا مُحَمَّد بن حَاتِم الهزهاز المنبجي، حَدثنَا مُوسَى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 60 ابْن سُلَيْمَان المنبجي، حَدثنَا بَقِيَّة، عَن الزبيدِيّ، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سَالم، عَن أَبِيه، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا أُقِيمَت الصَّلَاة فَلَا صَلَاة إِلَّا الْمَكْتُوبَة ". قَالَ أَبُو أَحْمد: قَالَ لنا مُحَمَّد بن حَاتِم: لقنه أَصْحَاب الحَدِيث فتلقن، ثمَّ رَجَعَ عَنهُ. (1500) أخبرنَا أَحْمد بن عَليّ بن الْمثنى، حَدثنَا عبد الْغفار بن عبد الله بن الزبير، حَدثنَا عَليّ بن مسْهر، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من أَتَى بَهِيمَة فَاقْتُلُوهُ واقتلوا الْبَهِيمَة ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 61 قَالَ لنا ابْن الْمثنى: بَلغنِي أَن عبد الْغفار رَجَعَ عَنهُ. وَقَالَ الْحميدِي: قَالَ سُفْيَان - يَعْنِي ابْن عُيَيْنَة - كَانَ فِي حفظه - يَعْنِي فِي حفظ عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل - شَيْء، فَكرِهت أَن ألقنه. وَلما ذكر يزِيد بن أبي زِيَاد فِي حَدِيث الْبَراء زِيَادَة: " ثمَّ لم يعد " فِي رفع الْيَدَيْنِ، خَافَ عَلَيْهِ ابْن عُيَيْنَة أَيْضا أَن يكون تلقنها مِمَّن لقنه إِيَّاهَا، فحذرت مِنْهُ لاحْتِمَال حَاله لذَلِك. وَقَالَ الرامَهُرْمُزِي: حَدثنَا عبيد الله، حَدثنَا الْقَاسِم بن نصر، قَالَ: سَمِعت خلف بن سَالم يَقُول: حَدثنِي يحيى بن سعيد قَالَ: قدمت الْكُوفَة وَبهَا ابْن عجلَان، وَبهَا مِمَّن يطْلب الحَدِيث مليح بن وَكِيع، وَحَفْص بن غياث، وَعبد الله بن إِدْرِيس، ويوسف بن خَالِد السَّمْتِي، فَقُلْنَا: نأتي ابْن عجلَان، فَقَالَ يُوسُف بن خَالِد: نقلب على هَذَا الشَّيْخ حَدِيثه فَنَنْظُر تفهمه، قَالَ: فقلبوا، فَجعلُوا مَا كَانَ عَن سعيد، عَن أَبِيه، وَمَا كَانَ عَن أَبِيه، عَن سعيد، لَكِن ابْن إِدْرِيس تورع، وَجلسَ بِالْبَابِ، وَقَالَ: لَا أستحل، وَجَلَست مَعَه، وَدخل حَفْص ويوسف ومليح، فَسَأَلُوهُ فَمر فِيهَا، فَلَمَّا كَانَ عِنْد آخر الْكتاب، انتبه الشَّيْخ فَقَالَ: أعد الْعرض، فَعرض عَلَيْهِ فَقَالَ: مَا سَأَلْتُمُونِي عَن أبي، فقد حَدثنِي سعيد بِهِ، وَمَا سَأَلْتُمُونِي عَن سعيد، فقد حَدثنِي بِهِ أبي، ثمَّ أقبل على يُوسُف بن خَالِد فَقَالَ: إِن كنت أردْت شيني وعيبي، فسلبك الله الْإِسْلَام، وَأَقْبل على حَفْص فَقَالَ: ابتلاك الله فِي دينك ودنياك، وَأَقْبل على مليح فَقَالَ: لَا نفعك الله بعلمك. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 62 قَالَ يحيى: فَمَاتَ مليح وَلم ينْتَفع بِهِ، وابتلي حَفْص فِي بدنه بالفالج وَفِي دينه بِالْقضَاءِ، وَلم يمت يُوسُف حَتَّى اتهمَ بالزندقة. وَأما قصَّة البُخَارِيّ، فَقَالَ أَبُو أَحْمد بن عدي: سَمِعت عدَّة مَشَايِخ يحكون أَنه قدم بَغْدَاد، فَاجْتمع إِلَيْهِ أَصْحَاب الحَدِيث، فعمدوا إِلَى مائَة حَدِيث فقلبوا متونها وأسانيدها؛ جعلُوا متن هَذَا الْإِسْنَاد لإسناد آخر، وَإسْنَاد هَذَا الْمَتْن لمتن آخر، ودفعوا إِلَى عشرَة، لكل رجل عشرَة أَحَادِيث، فَحَضَرَ مَجْلِسه جمَاعَة من أَصْحَاب الحَدِيث من الغرباء، من أهل خُرَاسَان، وَغَيرهم من البغداديين، فَمَا اطْمَأَن الْمجْلس، انتدب من الْعشْرَة رجل فَسَأَلَهُ عَن عشرته حَدِيثا حَدِيثا، وَيَقُول البُخَارِيّ فِي كل وَاحِد: لَا أعرفهُ، ثمَّ فعل بَقِيَّة الْعشْرَة بِمَا عِنْدهم كَذَلِك. فَلَمَّا علم البُخَارِيّ أَنهم فرغوا، الْتفت إِلَى الأول فَقَالَ: أما حَدِيثك الأول فَهُوَ كَذَا، حَتَّى أصلح لجميعهم مَا سَأَلُوا عَنهُ مقلوبا، ورد متون الْأَحَادِيث إِلَى إسانيدها، وَأقر لَهُ من حضر بِالْحِفْظِ وَالْعلم. وأوردتها مختصرة وَلم أعْتَمد سِيَاقه لَكِن مَعْنَاهُ. وَأما قصَّة الْعقيلِيّ، فَقَالَ مسلمة بن الْقَاسِم - عِنْد ذكره أَبَا جَعْفَر مُحَمَّد بن عَمْرو ابْن مُوسَى بن حَمَّاد بن مدرك الْعقيلِيّ -: كَانَ مكيا، ثِقَة، جليل الْقدر، عَظِيم الْخطر، عَالما بِالْحَدِيثِ، مَا رَأَيْت أحدا من أهل زَمَاننَا أعرف بِالْحَدِيثِ مِنْهُ، وَلَا أَكثر جمعا، وَكَانَ كثير التَّأْلِيف، عَارِفًا بالتصنيف، وَكَانَ كل من أَتَاهُ من أَصْحَاب الحَدِيث ليقْرَأ عَلَيْهِ " قَالَ لَهُ: اقْرَأ كتابك فَكَانَ يقْرَأ عَلَيْهِ وَلَا يخرج الجزء: 4 ¦ الصفحة: 63 أَصله، فأنكرنا ذَلِك عَلَيْهِ " وتكلمنا فِي أمره، فَقُلْنَا: إِمَّا أَن يكون من أحفظ النَّاس، أَو أكذب النَّاس، وَاجْتمعت مَعَ نفر من أَصْحَاب الحَدِيث، فاتفقنا على أَن نكتب لَهُ أَحَادِيث من أَحَادِيثه ونزيد فِيهَا وننقص، ونقرؤها عَلَيْهِ، فَإِن هُوَ علم بهَا وَأصْلح من حفظه، عرفنَا أَنه من أوثق النَّاس وأحفظهم، وَإِن لم يفْطن للزِّيَادَة وَالنُّقْصَان، علمنَا أَنه من أكذب النَّاس، فاتفقنا على ذَلِك، فأخذنا أَحَادِيث من رِوَايَته، فبدلنا مِنْهَا ألفاظا، وزدنا فِيهَا ألفاظا، وَتَركنَا مِنْهَا أَحَادِيث صَحِيحَة، ثمَّ أَتَيْنَا بهَا مَعَ أَصْحَاب لنا من أهل الحَدِيث، فَقُلْنَا لَهُ: أصلحك الله، هَذِه أَحَادِيث من روايتك، أردنَا سماعهَا وقراءتها عَلَيْك، فَقَالَ لي: اقْرَأ، فقرأتها عَلَيْهِ، فَلَمَّا أَتَت الزِّيَادَة وَالنُّقْصَان، فطن لذَلِك، فَأخذ مني الْكتاب وَأخذ الْقَلَم فأصلحها من حفظه، وَألْحق النُّقْصَان، وَضرب على الزِّيَادَة، وصححها كَمَا كَانَت، ثمَّ قَرَأَهَا علينا، فانصرفنا من عِنْده وَقد طابت أَنْفُسنَا، وَعلمنَا أَنه من أحفظ النَّاس. فَهَذَا كَانَ شَأْنهمْ فِي الاختبار بالتلقين، فَمن يفْطن لما يرْمى بِهِ يوثق، وَمن يَتَلَقَّن وَلَا يفْطن لما لقن من الْخَطَأ، تسْقط الثِّقَة بِهِ إِذا تكَرر ذَلِك مِنْهُ، وَمن شهد عَلَيْهِ بالتلقين لما هُوَ خطأ، وَكَانَ ذَلِك مِنْهُ مرّة، ترك ذَلِك الحَدِيث من حَدِيثه، وَمن شهد عَلَيْهِ بِأَنَّهُ كَانَ يَتَلَقَّن، وَلم نعلم من حَاله أَنه كَانَ يفْطن أَو لَا يفْطن، هَذَا مَوضِع نظر. وَهَذِه حَال سماك، لَا كهشام بن عمار وَمن يُشبههُ، فقد قَالَ أَبُو حَاتِم: إِنَّه لما كبر تغير، فَكَانَ كل مَا دفع إِلَيْهِ قَرَأَهُ، وكل مَا لقن تلقن. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 64 فَهَذَا حَال من يتْرك حَدِيثه. وَالله أعلم. وروى عَبَّاس الدوري فِي كِتَابه عَن ابْن معِين قَالَ: قيل لَهُ: الرجل يلقن حَدِيثه؟ قَالَ: إِذا كَانَ يعرف أَن أَدخل عَلَيْهِ شَيْء فَلَيْسَ بحَديثه بَأْس، وَإِن لم يكن يعرف إِذا أَدخل عَلَيْهِ فَكَانَ يحيى يكرههُ. قَالَ: وسمعته، وَقيل لَهُ: الرجل الضَّرِير يكْتب لَهُ ويلقن بعد ويحفظ؟ قَالَ: لَا، إِلَّا أَن يكون قد حفظ من فِيهِ. وَقد انتهينا إِلَى مَا قصدنا بَيَانه من أَمر سماك، وسكوت أبي مُحَمَّد عَمَّا أورد من حَدِيثه، ومناقضته فِي ذَلِك برد بعض رواياته. وَالله الْمُوفق. (1501) وَذكر من طَرِيق ابْن أبي شيبَة، عَن زيد بن ثَابت، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنَّه تَأتِينِي كتب من أنَاس لَا أحب أَن يَقْرَأها كل أحد، فَهَل تَسْتَطِيع أَن تعلم كتاب السريانية ". الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ عِنْد ابْن أبي شيبَة هَكَذَا: حَدثنَا يحيى بن عِيسَى، عَن الْأَعْمَش، عَن ثَابت بن عبيد، عَن زيد بن ثَابت. وَيحيى بن عِيسَى هَذَا هُوَ الرَّمْلِيّ، الجرار، روى عَنهُ الأخوان: أَبُو بكر، وَعُثْمَان ابْنا أبي شيبَة، وَجَمَاعَة سواهُمَا، وكنيته أَبُو زَكَرِيَّا. وَهُوَ كُوفِي الأَصْل، سكن الرملة، وَكَانَ يخْتَلف إِلَى الْعرَاق. قَالَ ابْن معِين: لَيْسَ بِشَيْء، وَفِي رِوَايَة عَنهُ: إِنَّه ضَعِيف، وَزَاد فِي رِوَايَة ثَالِثَة: لَا يكْتب حَدِيثه. قَالَ أَبُو أَحْمد بن عدي: عَامَّة مَا يرويهِ لَا يُتَابع عَلَيْهِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 65 وَمِنْهُم من يوثقه، وَهُوَ الْكُوفِي، وَقَالَ: فِيهِ تشيع. وَلِهَذَا الحَدِيث عَن الْأَعْمَش طَرِيق جيد، نذكرهُ - إِن شَاءَ الله - فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي لَهَا طرق خير من الَّتِي ذكرهَا مِنْهَا. (1502) وَذكر أَيْضا من طَرِيق أبي دَاوُد عَن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " نهى عَن الغلوطات ". هَكَذَا ذكره وَسكت عَنهُ، وَلَا أعلم أَن أحدا من الْمُحدثين يَقُول فِيهِ: صَحِيح. وَإِسْنَاده عِنْد أبي دَاوُد هُوَ هَذَا: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن مُوسَى الرَّازِيّ، حَدثنَا عِيسَى بن يُونُس، عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن عبد الله بن سعد عَن الصنَابحِي، عَن مُعَاوِيَة، فَذكره. قَالَ البُخَارِيّ فِي تَارِيخه: عبد الله بن سعد عَن الصنَابحِي عَن مُعَاوِيَة " نهى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الغلوطات " قَالَه [لي] إِبْرَاهِيم بن مُوسَى الرَّازِيّ عَن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 66 عِيسَى بن يُونُس، عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن عبد الله بن سعد. لم يزدْ البُخَارِيّ فِي تَعْرِيفه بِعَبْد الله بن سعد على هَذَا، وَذكره كَذَلِك ابْن أبي حَاتِم، وَقَالَ: سَمِعت أبي يَقُول: هُوَ مَجْهُول. وَصدق أبي حَاتِم، وَلَو لم يقل ذَلِك قُلْنَاهُ. وَقد أخبر ابْن أبي حَاتِم بِأَن من يذكرهُ من الرِّجَال خليا من التَّعْدِيل وَالتَّجْرِيح، فَلِأَنَّهُ لم يعرف لَهُ حَالا. وَأبين مَا هُوَ هَذَا فِيمَن لَا يعرف روى عَنهُ إِلَّا وَاحِد، وَهَذِه حَال عبد الله ابْن سعد هَذَا، فَإِنَّهُ لَا يعرف روى عَنهُ غير الْأَوْزَاعِيّ، وَلَا تعرف لَهُ رِوَايَة لغير هَذَا الحَدِيث. وَقد ذكره السَّاجِي فِي ضعفاء أهل الشَّام، وَأورد لَهُ هَذَا الحَدِيث، وَقَالَ: ضعفه أهل الشَّام فِي الحَدِيث: وَإِنَّمَا يَعْنِي بذلك - وَالله أعلم - من عدم رِوَايَته وَعدم الْعلم بِحَالهِ. وَالله أعلم. (1503) وَذكر حَدِيث: " لَو نهيت رجَالًا أَن لَا يَأْتُوا الْحجُون لأتوها ". وَسكت عَنهُ، وَقد كتبته وبينت علته فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا مُتَّصِلَة وَهِي مُنْقَطِعَة أَو مُرْسلَة. (1504) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 67 رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من أُفْتِي بِغَيْر علم، كَانَ إثمه على من أفتاه " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَإِسْنَاده عِنْد أبي دَاوُد هُوَ هَذَا: حَدثنَا سُلَيْمَان بن دَاوُد، حَدثنَا ابْن وهب، حَدثنَا يحيى بن أَيُّوب، عَن بكر بن عَمْرو، عَن عُمَيْر بن أبي نعيمة، عَن أبي عُثْمَان الطنبذي - رَضِيع عبد الْملك بن مَرْوَان - قَالَ: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة، فَذكره. وَلَا أَدْرِي كَيفَ سكت عَن هَذَا، وَلَعَلَّه اعْتقد اعتقادا أَخطَأ فِيهِ أَنه لَا حكم فِيهِ، وَهُوَ يسمع تأثيم من أفتى بِغَيْر علم. وَالَّذِي يضعف بِهِ هَذَا الْخَبَر أُمُور: مِنْهَا عَمْرو بن أبي نعيمة، فَإِنَّهُ مَجْهُول الْحَال، لَا يعرف روى عَنهُ غير بكر بن عَمْرو، وَلَا يعرف لَهُ رِوَايَة غير هَذِه، وَهُوَ مصري. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 68 وَبكر بن عَمْرو الْمعَافِرِي، مصري أَيْضا، إِمَام الْمَسْجِد الْجَامِع بِمصْر، يروي عَن أبي عبد الرَّحْمَن الحبلي، ومشرح بن عاهان، وَبُكَيْر بن الْأَشَج، روى عَنهُ حَيْوَة بن شُرَيْح، وَسَعِيد بن أبي أَيُّوب، وَابْن لَهِيعَة، وَيحيى بن أَيُّوب، وَلَا تعلم عَدَالَته، وَإِنَّمَا هُوَ من الشُّيُوخ الَّذين لَا يعْرفُونَ بِالْعلمِ، وَإِنَّمَا وَقعت لَهُم رِوَايَات أخذت عَنْهُم. بِنَحْوِ ذَلِك وَصفه أَحْمد بن حَنْبَل، فَإِنَّهُ سُئِلَ عَنهُ فَقَالَ: يرْوى عَنهُ. وَسُئِلَ عَنهُ أَبُو حَاتِم فَقَالَ: شيخ. وَأما يحيى بن أَيُّوب، فَهُوَ أَبُو الْعَبَّاس الغافقي، الْمصْرِيّ، وَهُوَ من قد علمت حَاله، وَأَنه لَا يحْتَج بِهِ لسوء حفظه، وَقد عيب على مُسلم إِخْرَاجه، وَمِمَّنْ ضعفه أَحْمد بن حَنْبَل. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: لَا يحْتَج بِهِ. وَقد تنَاقض فِيهِ أَبُو مُحَمَّد فَسكت - كَمَا ترى - عَن حَدِيث من رِوَايَته، وتكرر لَهُ ذَلِك فِي أَحَادِيث، وَضعف بِهِ أَحَادِيث، فلنذكر ذَلِك هُنَا حَتَّى نفرغ من حَدِيثه جملَة، كَمَا فعلنَا فِي سماك بن حَرْب. (1505) فَمن ذَلِك حَدِيث فَيْرُوز الديلمي، أَنه أسلم وَتَحْته أختَان. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 69 وَسكت عَنهُ، وَهُوَ من رِوَايَته من عِنْد أبي دَاوُد. (1506) وَحَدِيث: " من أم النَّاس فَأصَاب الْوَقْت فَلهُ وَلَهُم، وَمن انْتقصَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 70 من ذَلِك شَيْئا فَعَلَيهِ وَلَا عَلَيْهِم ". سَاقه من عِنْد أبي دَاوُد وَسكت عَنهُ، وَهُوَ من رِوَايَته. (1507) وَحَدِيث: " من جلس فِي مُصَلَّاهُ حِين يُصَلِّي الضُّحَى " كَذَلِك. إِلَّا أَنه - وَالله أعلم - سمح فِيهِ، لِأَنَّهُ فِي ثَوَاب عمل. (1508) وَحَدِيث: " خير الْخَيل الأدهم الأقرح ". وَصَححهُ بتصحيح التِّرْمِذِيّ لَهُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 72 (1509) وَذكر حَدِيث الْأَعرَابِي الَّذِي قَالَ لَهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اختر، قَالَ: عمرك الله بيعا ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 73 زَاد فِيهِ زِيَادَة: " مِمَّن أَنْت؟ قَالَ: من قُرَيْش ". وَهِي من رِوَايَة يحيى بن أَيُّوب، وَفِيه مَعَ ذَلِك أَبُو الزبير عَن جَابر، وَلم يبين شَيْئا من ذَلِك. (1510) وَذكر مُرْسل أبي الزبير، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يُؤْخَذ من الْمعَاهد آخر أمريه إِذا كَانَ يعقل ". وَلم يبين أَنه من رِوَايَة يحيى بن أَيُّوب، وَهُوَ إِمَّا يرويهِ ابْن وهب عَنهُ، عَن عَمْرو بن الْحَارِث، عَن أبي الزبير. (1511) وَحَدِيث طَاوس: " فِي كَرَاهِيَة المصرمة أطباؤها فِي الْأَضَاحِي ". هُوَ أَيْضا من رِوَايَة يحيى بن أَيُّوب. كل هَذِه لم يبين فِي شَيْء مِنْهَا أَنَّهَا من رِوَايَته، وَذَلِكَ أقل مَا كَانَ يلْزمه، إِحَالَة على مَا وَقع لَهُ إِثْر أَحَادِيث أخر، من الحكم عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَا يحْتَج بِهِ. (1512) فَمن ذَلِك أَنه ذكر من طَرِيق يحيى بن أَيُّوب، عَن ابْن جريج، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 74 عَن ابْن شهَاب، عَن سَالم، عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " وَإِن كَانَ مَائِعا فانتفعوا بِهِ ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 75 ثمَّ قَالَ: يحيى هَذَا لَا يحْتَج بِهِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 76 (1513) وَذكر من عِنْد أبي عبيد، مُرْسل مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن ثَوْبَان: " من كشف امْرَأَة فَنظر إِلَى عورتها فقد وَجب الصَدَاق ". ثمَّ قَالَ: فِي إِسْنَاده يحيى بن أَيُّوب الْمصْرِيّ، وَلَا يحْتَج بِهِ. (1514) وَذكر من طَرِيق ابْن أبي شيبَة حَدِيث قيس بن سعد: " إِن الله حرم الْخمر، والكوبة، والقنين ". ثمَّ قَالَ: " إيَّاكُمْ والغبيراء فَإِنَّهَا خمر الْعَالم ". ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: فِي إِسْنَاده يحيى بن أَيُّوب، عَن عبيد الله بن زحر، ثمَّ ذكر الْكَلَام فِي عبيد الله بن زحر. وَذكره من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، من رِوَايَة يحيى بن أَيُّوب، عَن ابْن جريج، عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 80 ثمَّ قَالَ: قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: لَا يثبت مَرْفُوعا، وَالْمَحْفُوظ من قَول أبي هُرَيْرَة، وَاخْتلف عَنهُ. (1515) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ أَيْضا، عَن منقذ مولى سراقَة، عَن عُثْمَان أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لَهُ:: إِذا بِعْت فَكل، وَإِذا ابتعت فاكتل ". ثمَّ قَالَ: منقذ هَذَا لَيْسَ بِمَشْهُور، وَقَبله فِي الْإِسْنَاد من لَا يحْتَج بِهِ. وَهُوَ من رِوَايَة يحيى بن أَيُّوب، وَفِيه أَيْضا عبد الله بن صَالح كَاتب الجزء: 4 ¦ الصفحة: 81 اللَّيْث، وَلَعَلَّه يعنيهما جَمِيعًا. فَإِذن كل حَدِيث سكت عَنهُ وَلم يبين أَنه من رِوَايَة يحيى بن أَيُّوب، قد أوهم فِيهِ الصِّحَّة، وَهُوَ عِنْده غير صَحِيح، كَأَنَّهُ لَا يحْتَج بِيَحْيَى بن أَيُّوب. فَاعْلَم ذَلِك. (1516) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن أبي نملة الْأنْصَارِيّ، أَنه بَينا هُوَ جَالس عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَعِنْده رجل من الْيَهُود - مر بِجنَازَة فَقَالَ: يَا مُحَمَّد، هَل تَتَكَلَّم هَذِه الْجِنَازَة؟ الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَمَا مثله صحّح فَإِنَّهُ إِنَّمَا يرويهِ معمر، عَن الزُّهْرِيّ، قَالَ: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 82 أَخْبرنِي ابْن أبي نملة الْأنْصَارِيّ عَن أَبِيه، فَذكره. وَابْن أبي نملة هَذَا مَجْهُول الْحَال، وَلَا يعرف بِغَيْر هَذَا، وَلَا يعرف روى عَنهُ غير ابْن شهَاب، وَقد سمي فِي رِوَايَة ابْن وهب، عَن يُونُس، عَن الزُّهْرِيّ فِي هَذَا الحَدِيث، وَلم يخرج بذلك إِلَى حد الْمعرفَة بِحَالهِ. قَالَ أَبُو عَليّ بن السكن: حَدثنَا أَحْمد بن حيوية الجواليقي بِالْبَصْرَةِ، حَدثنَا سُلَيْمَان بن دَاوُد أَبُو الرّبيع، أخبرنَا ابْن وهب، أَخْبرنِي يُونُس، عَن ابْن شهَاب، أَن نملة بن أبي نملة الْأنْصَارِيّ حَدثهُ، أَن أَبَاهُ أخبرهُ، أَنه بَينا هُوَ جَالس عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جَاءَ رجل من الْيَهُود، فَقَالَ: يَا مُحَمَّد، أتتكلم هَذِه الْجِنَازَة؟ فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الله أعلم " فَقَالَ الْيَهُودِيّ: أشهد أَنَّهَا تَتَكَلَّم، فَلَمَّا انْصَرف قَالَ: قَاتل الْيَهُود الْيَهُود، لقد أُوتُوا علما، مَا حَدثكُمْ أهل الْكتاب فَلَا تُصَدِّقُوهُمْ، وَلَا تكذبوهم، وَقُولُوا: آمنا بِاللَّه وَكتبه وَرُسُله، فَإِن كَانَ حَقًا فَلم تكذبوهم، وَإِن كَانَ بَاطِلا فَلم تُصَدِّقُوهُمْ ". فَهَذَا الحَدِيث كَمَا ترى من الْأَفْرَاد، لَا يعرف رَاوِيه إِلَّا فِيهِ، وَلَا يعرف الحَدِيث إِلَّا بِهِ، وَمُقْتَضَاهُ حكم من الْأَحْكَام. وَأَبُو نملة مَعْرُوف من الصَّحَابَة، واسْمه عمار بن معَاذ بن زُرَارَة، شهد بَدْرًا مَعَ أَبِيه معَاذ، ثمَّ الْمشَاهد بعْدهَا، وَتُوفِّي فِي خلَافَة عبد الْملك بن مَرْوَان. (1517) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد أَيْضا عَن عَائِشَة، قَالَت: " كَانَ كَلَام الجزء: 4 ¦ الصفحة: 83 رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فصلا " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ من الحسان، فَإِنَّهُ إِنَّمَا يرويهِ وَكِيع عَن الثَّوْريّ، عَن أُسَامَة بن زيد، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عَائِشَة. وَأُسَامَة بن زيد اللَّيْثِيّ مَعْرُوف فِي أَصْحَاب ابْن شهَاب، وَأخرج لَهُ مُسلم مستشهدا بِهِ غير مُحْتَج، وَوَثَّقَهُ ابْن معِين وَمَعَ ذَلِك فقد تَركه يحيى الْقطَّان، وَقَالَ ابْن حَنْبَل: " لَيْسَ بِشَيْء، روى عَن نَافِع أَحَادِيث مَنَاكِير ". وَعلة يحيى الْقطَّان فِي تَركه، غير عِلّة أَحْمد بن حَنْبَل هَذِه، وَذَلِكَ مَا ذكر عَمْرو بن عَليّ الفلاس فِي كِتَابه، قَالَ: كَانَ يحيى الْقطَّان، حَدثنَا عَن أُسَامَة ابْن زيد ثمَّ تَركه. قَالَ: يَقُول: سَمِعت سعيد بن الْمسيب، على النكرَة لما قَالَ. انْتهى كَلَامه. وَهَذَا أَمر مُنكر كَمَا ذكر، فَإِنَّهُ بذلك يُسَاوِي شَيْخه ابْن شهَاب، وَذَلِكَ لَا يَصح لَهُ. وَقد كرر أَبُو مُحَمَّد سُكُوته عَن أَحَادِيث هِيَ من رِوَايَته، وَلم يُنَبه على كَونهَا من رِوَايَته. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 84 (1518) من ذَلِك حَدِيث: " كَانَ يَأْخُذ من طول لحيته وعرضها ". (1519) وَحَدِيث أبي مَسْعُود فِي الْأَوْقَات. (1520) وَحَدِيث: " إِن الله وَمَلَائِكَته يصلونَ على ميامن الصُّفُوف ". (1521) وَحَدِيث: " الصَّائِم فِي السّفر كالمفطر فِي الْحَضَر ". رده بالانقطاع، وَهُوَ من رِوَايَة أُسَامَة بن زيد. (1522) وَزِيَادَة فِي حَدِيث: " إِنَّكُم تختصمون إِلَيّ "، من طَرِيق أبي دَاوُد. (1523) وَحَدِيث: " هن أغلب " لما مرت الْجَارِيَة بَين يَدَيْهِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 85 (1524) وَحَدِيث: " سَأَلت يهود رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يقرهم على أَن يعملوا ". (1525) وَحَدِيث: كَانَت لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثَلَاث صفايا. (1526) وَقد أعل حَدِيثا: " فِي صلَاته عَلَيْهِ السَّلَام على حَمْزَة ". سَاقه من طَرِيق أبي دَاوُد فِي الْجَنَائِز. وَهُوَ لَا عِلّة لَهُ إِلَّا أُسَامَة بن زيد، لَيْسَ فِيهِ من يوضع فِيهِ نظر سواهُ، فَاعْلَم ذَلِك. (1527) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن الْعِرْبَاض بن سَارِيَة " صلى بِنَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 86 رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَات يَوْم، ثمَّ أقبل علينا، فوعظنا موعظة بليغة، ذرفت مِنْهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 87 الْعُيُون، ووجلت مِنْهَا الْقُلُوب " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَلَيْسَ بِصَحِيح، فَإِن أَبَا دَاوُد سَاقه هَكَذَا: حَدثنَا أَحْمد بن حَنْبَل، حَدثنَا الْوَلِيد بن مُسلم، حَدثنَا ثَوْر بن يزِيد، حَدثنَا خَالِد بن معدان، قَالَ: حَدثنِي عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو السّلمِيّ، وَحجر بن حجر، قَالَا: أَتَيْنَا الْعِرْبَاض بن سَارِيَة فَذكره. وَحجر بن حجر هَذَا لَا يعرف، وَلَا أعلم أحدا ذكره. فَأَما عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو السّلمِيّ فترجم البُخَارِيّ وَابْن أبي حَاتِم باسمه؛ فَأَما ابْن أبي حَاتِم فَلم يقل فِيهِ شَيْئا. وَأما البُخَارِيّ، فَإِنَّهُ ذكر رِوَايَته عَن الْعِرْبَاض، وَرِوَايَة خَالِد بن معدان، وضمرة بن حبيب، وَعبد الْأَعْلَى بن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 88 هِلَال عَنهُ، وَلم يزدْ. فالرجل مَجْهُول الْحَال، والْحَدِيث من أَجله لَا يَصح. وَقد روى هَذَا الحَدِيث الْوَلِيد بن مُسلم بِإِسْنَاد آخر قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن الْعَلَاء بن زبر عَن يحيى بن أبي المطاع، عَن الْعِرْبَاض مثله. ذكره الْبَزَّار وَاخْتَارَهُ، وَهُوَ أَيْضا لَا يَصح، فَإِن يحيى بن أبي المطاع لَا يعرف بِغَيْرِهِ، وَهُوَ فِي شَيْء من أهل الشَّام. (1528) وَذكر حَدِيث أنس " فِي تَوْقِيت أَرْبَعِينَ لَيْلَة فِي الْفطْرَة ". وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا يرويهِ جَعْفَر بن سُلَيْمَان، وَهُوَ مُخْتَلف فِيهِ، فحقه أَن يَقُول فِيهِ: حسن. (1529) وَهَكَذَا فعل فِي حَدِيث أنس: أَن رجلا أَرَادَ سفرا فَقَالَ: زودني. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 89 قَالَ فِيهِ: حسن، لَا غير. وَلَا مَانع من تَصْحِيحه، إِلَّا أَنه من رِوَايَة جَعْفَر، عَن ثَابت، عَن أنس، فَكَانَ ذَلِك من فعله صَوَابا. وعَلى أَنه إِنَّمَا اتبع فِيهِ التِّرْمِذِيّ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 90 وَقد كرر سُكُوته عَن أَحَادِيث، إِنَّمَا هِيَ من رِوَايَة جَعْفَر هَذَا. (1530) مِنْهَا حَدِيث: " لينتهين أَقوام عَن رفع أَبْصَارهم عِنْد / الدُّعَاء فِي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 91 الصَّلَاة ". (1531) وَحَدِيث التمطر وَقَوله: " إِنَّه حَدِيث عهد بربه ". (1532) وَحَدِيث: " يفْطر على رطبات ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 92 (1533) وَحَدِيث: " إِذا قَامَ إِلَى الصَّلَاة بِاللَّيْلِ كبر ". (1534) وَحَدِيث: " طلقت لغير سنة، وراجعت لغير سنة ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 93 (1535) وَحَدِيث: " مِم أضْرب يَتِيمِي ". (1536) وَحَدِيث: " ليتحلق عشرَة عشرَة ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 94 (1537) وَحَدِيث: " مَا يُقَال فِي لَيْلَة الْقدر ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 95 (1538) وَحَدِيث: " وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار عَن جَابر أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " سلم عَلَيْهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 96 رجل وَهُوَ يَبُول فَلم يرد عَلَيْهِ " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث إِنَّمَا يرويهِ عَن جَابر، عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل، وَهُوَ مُخْتَلف فِيهِ، ضعفه قوم بِسوء الْحِفْظ، فَالْحَدِيث من أَجله حسن. وَأَبُو مُحَمَّد - رَحمَه الله - قَابل لرواياته. (1539) فقد ذكر حَدِيث حمْنَة فصححه بتصحيح ابْن حَنْبَل الجزء: 4 ¦ الصفحة: 97 وَالتِّرْمِذِيّ لَهُ. وَإِن كَانَ البُخَارِيّ لم يقل فِيهِ إِلَّا أَنه حسن، ذكر ذَلِك التِّرْمِذِيّ عَنهُ فِي علله. وَذكر أَبُو دَاوُد عَن أَحْمد أَنه قَالَ: فِي نَفسِي مِنْهُ شَيْء. والأليق - كَانَ - بِأبي مُحَمَّد، تحسينه لَا تَصْحِيحه، فَإِنَّهُ من رِوَايَة عبد الله ابْن مُحَمَّد بن عقيل. (1540) وَذكر حَدِيث: " لَا تجوز شَهَادَة خصم وَلَا ظنين ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 98 فَأتبعهُ أَن قَالَ: عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل، ضعفه النَّاس، إِلَّا أَحْمد، وَإِسْحَاق، والْحميدِي، فَإِنَّهُم كَانُوا يحتجون بحَديثه. والْحَدِيث الْمَذْكُور فِي تَسْلِيم الرجل على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يَبُول، أتبعه فِي كِتَابه الْكَبِير مثل هَذَا القَوْل فِي عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل. وَالَّذِي كَانَ عَلَيْهِ هُنَا، إِنَّمَا هُوَ أَن يُنَبه على كَونه من رِوَايَته، حَتَّى لَا يعْتَقد فِيهِ أَنه صَحِيح لَا شكّ فِيهِ، وَقد كرر سُكُوته عَن أَحَادِيث لم يُنَبه على أَنَّهَا من رِوَايَته. (1541) مِنْهَا حَدِيث: " مِفْتَاح الصَّلَاة الطّهُور، وتحريمها التَّكْبِير ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 99 سَاقه من عِنْد التِّرْمِذِيّ. (1542) وَحَدِيث ابْنَتي سعد بن الرّبيع من عِنْده أَيْضا. (1543) فَأَما حَدِيث الرّبيع فِي صفة الْوضُوء فَإِنَّهُ أبرزه، وَبَين أَنه من رِوَايَته، وَأتبعهُ احتجاج الْحميدِي، وَأحمد، وَإِسْحَاق بِهِ. فأوهم بذلك صِحَّته عِنْده. (1544) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد حَدِيث أبي هُرَيْرَة: " كَانَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 101 رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا أَتَى الْخَلَاء أَتَيْته بِمَاء فِي تور أَو ركوة فاستنجى، ثمَّ مسح يَده على الأَرْض " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح، فَإِن إِسْنَاده عِنْد أبي دَاوُد هُوَ هَذَا: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله المخرمي، قَالَ: حَدثنَا وَكِيع، عَن شريك الْمَعْنى. وَحدثنَا إِبْرَاهِيم بن خَالِد، قَالَ: حَدثنَا أسود بن عَامر، حَدثنَا شريك - وَهَذَا لَفظه - عَن إِبْرَاهِيم بن جرير بن عبد الله، عَن أبي زرْعَة، عَن أبي هُرَيْرَة فَذكره. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 102 وَهُوَ حَدِيث لَهُ عِلَّتَانِ: إِحْدَاهمَا: شريك، فَهُوَ سيء الْحِفْظ، مَشْهُور التَّدْلِيس، وَهُوَ بِسوء الْحِفْظ، مثل مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى، وَقيس بن الرّبيع، وثلاثتهم اعتراهم سوء الْحِفْظ بِمَا ولوا من الْقَضَاء، وتشاغلهم بِهِ. وَقد تقدم ذكره بِمَا اعترى أَبَا مُحَمَّد فِيهِ من التَّضْعِيف لحَدِيث من أَجله، فِي أول رسم من الْبَاب الَّذِي فَرغْنَا مِنْهُ، فعد إِلَيْهِ، فَإِنَّهُ انجر هُنَاكَ ذكره، وَهُوَ من هَذَا الْبَاب. وَالْعلَّة الثَّانِيَة: إِبْرَاهِيم بن جرير بن عبد الله، فَإِنَّهُ لَا تعرف حَاله وَهُوَ كُوفِي، يروي عَن أَبِيه مُرْسلا، وَمِنْهُم من يَقُول: حَدثنِي أبي. وَالله أعلم. (1545) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد أَيْضا، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 103 النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " نزلت هَذِه الْآيَة فِي أهل قبَاء " {فِيهِ رجال} الحَدِيث. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 104 وَسكت عَنهُ، وَاحْتمل أَن يكون من قسم مَا سمح فِيهِ، وَهُوَ حَدِيث إِنَّمَا يرويهِ يُونُس بن الْحَارِث الطَّائِفِي، عَن إِبْرَاهِيم بن أبي مَيْمُونَة، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة. وَإِبْرَاهِيم هَذَا مَجْهُول الْحَال، لَا يعرف روى عَنهُ غير يُونُس بن الْحَارِث، وَيُونُس بن الْحَارِث هُوَ الطَّائِفِي، ضَعِيف. قَالَ فِيهِ ابْن معِين: " لَا شَيْء ". وَبَين ابْن حَنْبَل حَاله فَقَالَ: " مُضْطَرب الحَدِيث ". وَحكى أَبُو أَحْمد عَن ابْن معِين أَنه قَالَ فِيهِ: " ضَعِيف ". وَعنهُ قَول آخر: " إِنَّه لَيْسَ بِهِ بَأْس، يكْتب حَدِيثه ". وَقَالَ النَّسَائِيّ: " لَيْسَ بِالْقَوِيّ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 105 وَعِنْدِي أَنه لم تثبت عَدَالَته، وَلَيْسَ لَهُ من الحَدِيث إِلَّا الْيَسِير، قَالَه ابْن عدي. وَالْجهل بِحَال إِبْرَاهِيم بن مَيْمُونَة، كَاف فِي تَعْلِيل الْخَبَر الْمَذْكُور، فَاعْلَم ذَلِك. (1546) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن أبي حَيَّة قَالَ: " رَأَيْت عليا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 106 تَوَضَّأ، فَغسل كفيه حَتَّى أنقاهما، ثمَّ مضمض " الحَدِيث. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 107 وَسكت عَنهُ. وَأَبُو حَيَّة بن قيس الوادعي، قَالَ فِيهِ ابْن حبنل: " شيخ ". وَمعنى ذَلِك عِنْدهم أَنه لَيْسَ من أهل الْعلم، وَإِنَّمَا وفعت لَهُ رِوَايَة لحَدِيث أَو أَحَادِيث، فَأخذت عَنهُ، وهم يَقُولُونَ: لَا تقبل رِوَايَة الشُّيُوخ فِي الْأَحْكَام. وَقد رَأَيْت من قَالَ فِي هَذَا الرجل: إِنَّه مَجْهُول، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِك فِيهِ: أَبُو الْوَلِيد ابْن الفرضي. وَلَا يروي عَنهُ - فِيمَا أعلم - غير أبي إِسْحَاق. وَقَالَ أَبُو زرْعَة: لَا يُسمى. وَوَثَّقَهُ بَعضهم، وَصحح آخَرُونَ حَدِيث عَليّ هَذَا. وَمِمَّنْ صَححهُ ابْن السكن، وَقد أتبع التِّرْمِذِيّ هَذَا الحَدِيث أَنه أحسن شَيْء فِي هَذَا الْبَاب. وَهُوَ بِاعْتِبَار حَال أبي حَيَّة، وَبِاعْتِبَار حَال أبي إِسْحَاق واختلاطه، حسن، فَإِن أَبَا الْأَحْوَص، وَزُهَيْر بن مُعَاوِيَة، سمعا مِنْهُ بعد الِاخْتِلَاط، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 108 قَالَه ابْن معِين، ذكر ذَلِك المنتجالي، عَن ابْن البرقي، عَنهُ. وَقد رويت فِي هَذَا الحَدِيث زِيَادَة، وَهِي: " مسح رَأسه ثَلَاثًا ". قَالَ الْبَزَّار: حدّثنَاهُ مُحَمَّد بن نعم، قَالَ: حَدثنَا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ، قَالَ: حَدثنَا أَبُو الْأَحْوَص: سَلام بن سليم، عَن أبي إِسْحَاق، عَن أبي حَيَّة بن قيس، أَنه رأى عليا رَضِي الله عَنهُ فِي الرحبة تَوَضَّأ، فَغسل كفيه، ثمَّ مضمض ثَلَاثًا، واستنثر ثَلَاثًا، وَغسل وَجهه ثَلَاثًا، وذراعيه ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَمسح رَأسه ثَلَاثًا، وَغسل رجلَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا " الحَدِيث. (1547) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد حَدِيث الْمِقْدَام بن معد يكرب، فِيهِ " وَأدْخل أَصَابِعه فِي صماخ أُذُنَيْهِ ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث يرويهِ الْوَلِيد بن مُسلم، عَن حريز بن عُثْمَان، عَن عبد الرَّحْمَن بن ميسرَة، عَن الْمِقْدَام. وَعبد الرَّحْمَن بن ميسرَة هَذَا، مَجْهُول الْحَال لَا يعرف روى عَنهُ إِلَّا حريز بن عُثْمَان. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 109 وَإِلَى ذَلِك فَإِن حريز بن عُثْمَان كَانَ لَهُ - فِيمَا زَعَمُوا - رَأْي سيئ فِي بعض الصَّحَابَة. والوليد بن مُسلم كَانَ يُدَلس وَيُسَوِّي، وَلم يقل فِي هَذَا الحَدِيث: حَدثنَا وَلَا أخبرنَا، وَلَا سَمِعت، وَلَا ذكر عَن حريز أَنه قَالَ ذَلِك. فَمن حَيْثُ هُوَ مُدَلّس، يُمكن أَن يكون قد أسقط بَينه وَبَين حريز وَاسِطَة، وَمن حَيْثُ هُوَ مسو، يُمكن أَن يكون قد أسقط من بَين حريز وَعبد الرَّحْمَن بن ميسرَة وَاسِطَة. وَلَقَد زعم الدَّارَقُطْنِيّ أَنه كَانَ يفعل هَذَا فِي أَحَادِيث الْأَوْزَاعِيّ، يعمد إِلَى أَحَادِيث رَوَاهَا الْأَوْزَاعِيّ عَن أَشْيَاخ لَهُ ضعفاء، عَن أَشْيَاخ لَهُ ثِقَات، فَيسْقط الضُّعَفَاء من الْوسط، وَيَتْرُكهَا عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن أشياخه الثِّقَات، كَأَنَّهُ سَمعهَا مِنْهُم، وَهَذَا هُوَ التَّسْوِيَة بِإِسْقَاط الضُّعَفَاء، وَهُوَ أقبح التَّسْوِيَة، فَإِنَّهَا على قسمَيْنِ: إِمَّا بِإِسْقَاط الثِّقَات، وَإِمَّا بِإِسْقَاط الضُّعَفَاء، كَمَا أَن التَّدْلِيس أَيْضا؛ إِمَّا بِإِسْقَاط الثِّقَات، وَإِمَّا بِإِسْقَاط الضُّعَفَاء، فَمَا كَانَ من التَّدْلِيس والتسوية بِإِسْقَاط الضُّعَفَاء، يَنْقَسِم قسمَيْنِ: قسم هُوَ إِسْقَاط ضعفاء عِنْده وَعند غَيره، فَهَذَا إِذا فعله يكون بِهِ مجرحا، وَقسم هُوَ إِسْقَاط قوم ضعفاء عِنْد غَيره، ثِقَات عِنْده، وَهَذَا لَا يكون بِهِ مجرحا. وَمن هَذَا الْقَبِيل هُوَ قَول الدَّارَقُطْنِيّ المحكي عَن الْوَلِيد بن مُسلم، أَعنِي أَن يكونن يسْقط من بَين الْأَوْزَاعِيّ وَبَين أشياخه الثِّقَات، قوما روى عَنْهُم وهم عِنْد الْوَلِيد ثِقَات، وَإِن كَانَ غَيره يضعفهم، فَلَا يكون بِعَمَلِهِ الْمَذْكُور مضعفا. وَالله أعلم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 110 وسنكتب مَا اعترى أَبَا مُحَمَّد فِي أَحَادِيث المدلسين والمسوين فِي بَاب نجمع فِيهِ أَشْيَاء مفترقة، إِن شَاءَ الله تَعَالَى. وَقد رُوِيَ معنى هَذَا الحَدِيث بِإِسْنَاد حسن سَنذكرُهُ - إِن شَاءَ الله تَعَالَى - فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا صَحِيحَة وَهِي ضَعِيفَة، وَلها طرق صَحِيحَة أَو حَسَنَة. (1548) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد أَيْضا عَن أنس: " رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يتَوَضَّأ وَعَلِيهِ عِمَامَة قطرية " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث لَا يَصح، قَالَ ابْن السكن: لم يثبت إِسْنَاده، وَهُوَ كَمَا قَالَ. وَبَيَان ذَلِك هُوَ أَن الحَدِيث من رِوَايَة ابْن وهب عَن مُعَاوِيَة بن صَالح عَن عبد الْعَزِيز بن مُسلم، عَن أبي معقل، عَن أنس. وَأَبُو معقل مَجْهُول الِاسْم وَالْحَال، وَقد ذكره ابْن أبي حَاتِم بحَديثه هَذَا، وَلم يزدْ على ذَلِك. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 111 وَعبد الْعَزِيز بن مُسلم مولى آل رَافع، ذكره البُخَارِيّ بِهَذَا الحَدِيث، وَلم يزدْ على ذَلِك. وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم: روى عَنهُ ابْن إِسْحَاق، وَمُعَاوِيَة بن صَالح ". وَلم يزدْ على ذَلِك. وَإِلَى هَذَا فَإِن مُعَاوِيَة بن صَالح مُخْتَلف فِيهِ، وَمن ضعفه ضعفه بِسوء الْحِفْظ. وَأَبُو مُحَمَّد مترجح فِيهِ؛ تَارَة يسكت عَن أَحَادِيث هِيَ من رِوَايَته وَلَا يبين ذَلِك، وَتارَة يتبعهَا ذكر اخْتلَافهمْ فِيهِ كالمتبرئ من عهدته. فَالْحَدِيث من أَجله لَو لم يكن فِيهِ مَجْهُول، لَا يكون صَحِيحا بل حسنا. فَمن الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا وَهِي من رِوَايَته، وَلم يبين ذَلِك وَسكت عَنْهَا حَدِيث: (1549) " لَا يزَال يُسْتَجَاب لأحدكم مَا لم يعجل ". (1550) وَحَدِيث: " لَا بَأْس بالرقى مَا لم تكن شركا ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 112 كِلَاهُمَا من كتاب مُسلم، وَلم يبين أَنَّهُمَا من رِوَايَة مُعَاوِيَة بن صَالح. (1551) حَدِيث: " إِن الله حرم الْخمر وثمنه ". (1552) وَحَدِيث: " لينوا بأيدي إخْوَانكُمْ، وَلَا تذروا فرجات للشَّيْطَان ". (1553) وَحَدِيث: " رُبمَا أوتر أول اللَّيْل وَرُبمَا أوتر آخِره، وَرُبمَا جهر وَرُبمَا أسر ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 113 (1554) وَحَدِيث: " صلى فِي الصُّبْح بالمعوذتين ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 114 (1555) وَحَدِيث: " تدنى الشَّمْس وَيُزَاد فِيهَا ". (1556) وَحَدِيث: " مَا أرى الإِمَام إِذا أم الْقَوْم إِلَّا قد كفاهم ". (1557) وَحَدِيث: " هلموا إِلَى الْغَدَاء الْمُبَارك ". (1558) وَحَدِيث: " إِنَّكُم مصبحو عَدوكُمْ، وَالْفطر أقوى لكم ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 115 (1559) وَحَدِيث: " مَا بَال الْمُؤمنِينَ يفتنون فِي قُبُورهم إِلَّا الشَّهِيد ". كل هَذِه سكت عَنْهَا، وَلم يبين أَنَّهَا من رِوَايَة مُعَاوِيَة بن صَالح. (1560) وَكَذَلِكَ فعل فِي مُرْسل مَكْحُول فِي " تهجين الهجين وتعريب الْعَرَبِيّ ". لم يبين أَنه من رِوَايَة مُعَاوِيَة بن صَالح. (1561) وَكَذَلِكَ حَدِيث: " إِنَّمَا الْإِثْم على المحنث ". لم يعرض مِنْهُ لمعاوية بن صَالح، لَا فِي المراسل مِنْهُ وَلَا فِي الْمسند. (1562) وَحَدِيث: " إِن الله قَالَ لعيسى بن مَرْيَم: إِنِّي باعث من بعْدك أمة " الحَدِيث. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 116 فَأَما الْأَحَادِيث الَّتِي تَبرأ من عهدتها بِذكر اخْتلَافهمْ فِيهِ - فَحَدِيث: (1563) " ليشربن نَاس من أمتِي الْخمر يسمونها بِغَيْر اسْمهَا ". قَالَ بعده: مُعَاوِيَة بن صَالح ضعفه قوم؛ مِنْهُم ابْن معِين، وَيحيى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 117 ابْن سعيد. وَوَثَّقَهُ ابْن حَنْبَل، وَأَبُو زرْعَة. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: حسن الحَدِيث، يكْتب حَدِيثه وَلَا يحْتَج بِهِ. فَاعْلَم ذَلِك. (1564) وَحَدِيث عبد الله بن بسر فِي المتخطي الَّذِي قيل لَهُ: " اجْلِسْ قد آذيت ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 118 قَالَ بعده: كَانَ يحيى بن سعيد لَا يرضى مُعَاوِيَة بن صَالح، وَقَالَ فِيهِ ابْن معِين: لَيْسَ بِرِضا، وَقد وَثَّقَهُ غَيرهمَا: أَحْمد بن حَنْبَل، وَأَبُو زرْعَة. فَاعْلَم ذَلِك. (1565) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن أَوْس بن أبي أَوْس الثَّقَفِيّ أَنه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 119 رأى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَتَى كظامة قوم، فَتَوَضَّأ، وَمسح على نَعْلَيْه وقدميه ". وَسكت عَنهُ مصححا لَهُ، وَمَا مثله صحّح، لِأَن من رِوَايَة هشيم، عَن يعلى بن عَطاء، عَن أَبِيه قَالَ: حَدثنِي أَوْس بن أبي أَوْس. فَذكره. وَعَطَاء العامري وَالِد يعلى بن عَطاء، مَجْهُول الْحَال لَا تعرف لَهُ رِوَايَة إِلَّا هَذِه، وَأُخْرَى عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ، وَلَا يعرف روى عَنهُ غير ابْنه يعلى [وَهُوَ] وَإِن كَانَ ثِقَة، فَإِن رِوَايَته عَنهُ غير كَافِيَة فِي المبتغى من ثقته. وَلِلْحَدِيثِ عِلّة أُخْرَى، وَذَلِكَ أَن مِنْهُم من يَقُول فِيهِ: عَن أَوْس بن أَوْس، أَو: ابْن أبي أَوْس، عَن أَبِيه، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَزِيَادَة عَن " أَبِيه " عَادَتْ بِنَقص، فَإنَّا إِنَّمَا كُنَّا نقبل الأولى وَلَا نضع فِيهَا نظرا، باعتقاد أَن أَوْس بن أَوْس أَو: ابْن أبي أَوْس صَحَابِيّ، على رَأْي من يقبل أَمْثَال هَؤُلَاءِ الَّذين يدعونَ لأَنْفُسِهِمْ الصُّحْبَة، وَلَا تكون مَعْلُومَة لَهُم إِلَّا من أَقْوَالهم، فَأَما إِذا كَانَ إِنَّمَا يرويهِ عَن أَبِيه عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فقد صَار هُوَ مِمَّن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 120 يجب النّظر فِيهِ كَسَائِر من يعد فِي زمن التَّابِعين، وَإِذا كَانَ ذَلِك كَذَلِك، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يكون مَجْهُول الْحَال، غير ثَابت الْعَدَالَة، وَفِي أَنه أَوْس بن أَوْس، أَو: أَوْس بن أبي أَوْس خلاف مَعْرُوف. واختصاره، هُوَ أَنه رويت عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَرْبَعَة أَحَادِيث: أَحدهَا هَذَا فِي الْمسْح على الْقَدَمَيْنِ، وَهُوَ كَمَا ذَكرْنَاهُ عَن أَوْس بن أبي أَوْس. (1566) وَالثَّانِي حَدِيث: " من غسل واغتسل، وَبكر وابتكر ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 121 يرويهِ أَبُو الْأَشْعَث عَن أَوْس بن أبي أَوْس. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 122 (1567) وَالثَّالِث حَدِيث: " تحزيب الْقُرْآن ". يرويهِ عُثْمَان بن عبد الله بن أَوْس، عَن جده أَوْس بن حُذَيْفَة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 123 (1568) وَالرَّابِع فِي " الصَّوْم ". فَقيل فِي هَذَا كُله: إِنَّه وَاحِد، هُوَ أَوْس بن أَوْس، وَابْن أبي أَوْس، وَابْن حُذَيْفَة. وَذكر أَبُو عمر بن عبد الْبر قَول ابْن معِين: أَوْس بن أَوْس، وَأَوْس بن أبي أَوْس وَاحِد، فخطأه فِيهِ، وَقَالَ إِن أَوْس بن أبي أَوْس، هُوَ أَوْس بن حُذَيْفَة، جد عُثْمَان بن عبد الله بن أَوْس. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 124 قَالَ: وَله أَحَادِيث: مِنْهَا فِي الْمسْح على الْقَدَمَيْنِ، وَفِي إِسْنَاده ضعف. يَعْنِي حديثنا الْمصدر بِذكرِهِ. وَالَّذِي ذَكرْنَاهُ: من أَنه يُقَال فِيهِ: " عَن أَبِيه " هُوَ مَا ذكر أَبُو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ، قَالَ: حَدثنَا أَبُو بكرَة، وَإِبْرَاهِيم بن مَرْزُوق، قَالَا: حَدثنَا أَبُو دَاوُد، قَالَ: حَدثنَا حَمَّاد بن سَلمَة. وَحدثنَا ابْن خُزَيْمَة، قَالَ: حَدثنَا حجاج، قَالَ: حَدثنَا حَمَّاد، عَن يعلى ابْن عَطاء، عَن أَوْس بن أبي أَوْس، قَالَ: رَأَيْت أبي تَوَضَّأ وَمسح على نَعله، فَقلت لَهُ: أتمسح على النَّعْلَيْنِ؟ فَقَالَ: " رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يمسح على النَّعْلَيْنِ ". فَهَذَا - كَمَا ترى - أَوْس بن أبي أَوْس، إِنَّمَا يرويهِ عَن أَبِيه، فَإِذن يحْتَاج أَن تعرف حَاله. وَفِي هَذَا الْإِسْنَاد إِسْقَاط عَطاء وَالِد يعلى، وَجعل الْحَد يث من رِوَايَة يعلى عَن أَوْس. قَالَ الطَّحَاوِيّ: وَحدثنَا فَهد، حَدثنَا مُحَمَّد بن سعيد، أخبرنَا شريك، عَن يعلى بن عَطاء، عَن أَوْس بن أبي أَوْس قَالَ: كنت مَعَ أبي فِي سفر، فَذكر نَحوه. وَهَذَا أَيْضا كَذَلِك، وأصوب من هَذَا حَدِيث أبي دَاوُد الْمُتَقَدّم، إِلَّا أَن عَطاء مَجْهُول الْحَال كَمَا قُلْنَا. (1569) وَقد رُوِيَ فِي الْمسْح على النَّعْلَيْنِ حَدِيث صَحِيح من رِوَايَة ابْن عمر، نذكرهُ فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا صَحِيحَة وَلَيْسَت الجزء: 4 ¦ الصفحة: 125 كَذَلِك، وَلها طرق صَحِيحَة أَو حَسَنَة غَيرهَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى. (1570) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ عَن أبي رَافع، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " طَاف على نِسَائِهِ ذَات يَوْم، فَجعل يغْتَسل عِنْد هَذِه، وَعند هَذِه " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح، فَإِنَّهُ عِنْد النَّسَائِيّ من رِوَايَة حبَان، عَن حَمَّاد بن سَلمَة، قَالَ: أخبرنَا عبد الرَّحْمَن بن فلَان بن أبي رَافع، عَن عمته الجزء: 4 ¦ الصفحة: 126 سلمى، عَن أبي رَافع. وَيخْتَلف فِي عبد الرَّحْمَن هَذَا، فَمنهمْ من يَقُول مَا ذَكرْنَاهُ، وَمِنْهُم من يَقُول فِيهِ: عبد الرَّحْمَن بن أبي رَافع، كَذَلِك ذكره أَبُو دَاوُد من رِوَايَة مُوسَى ابْن إِسْمَاعِيل، عَن حَمَّاد بن سَلمَة. ومُوسَى أصحب النَّاس لحماد، وأعرفهم بحَديثه، وأقعدهم بِهِ. وَهَكَذَا ذكره البُخَارِيّ فِي تَارِيخه قَالَ: " عبد الرَّحْمَن بن أبي رَافع عَن عمته، عَن أبي رَافع " طَاف النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على نِسَائِهِ فِي لَيْلَة، قَالَه شهَاب عَن حَمَّاد بن سَلمَة. (1571) وَقَالَ عبد الله بن مُحَمَّد: عَن عَارِم، عَن حَمَّاد بن سَلمَة، عَن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 127 عبد الرَّحْمَن بن أبي رَافع، عَن عمته سلمى، عَن أبي رَافع، قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ناولني الذِّرَاع ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 128 (1572) [وَقَالَ عَفَّان وَيزِيد بن هَارُون: عَن حَمَّاد] حَدثنَا ابْن أبي رَافع مولى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: كَانَ عبد الله بن جَعْفَر يتختم فِي يَمِينه، وَزعم أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يتختم فِي يَمِينه، حَدِيثه فِي الْبَصرِيين. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 129 هَذَا مَا ذكره بِهِ البُخَارِيّ. وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم: عبد الرَّحْمَن بن أبي رَافع، روى عَن عبد الله ابْن جَعْفَر، وَعَن عمته سلمى، روى عَنهُ حَمَّاد بن سَلمَة، ذكر أبي عَن إِسْحَاق بن مَنْصُور، عَن يحيى بن معِين قَالَ: عبد الرَّحْمَن بن أبي رَافع الَّذِي يروي عَنهُ حَمَّاد بن سَلمَة صَالح. هَذَا أَيْضا مَا ذكره بِهِ ابْن أبي حَاتِم، فَإِن كَانَ الْأَمر هَكَذَا - أَعنِي أَنه عبد الرَّحْمَن بن أبي رَافع مولى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، كَمَا قَالَ عَفَّان، وَيزِيد بن هَارُون - فَإِن عمته سلمى، أُخْت لأبي رَافع، وَهِي لَا تعرف لَهُ، وَإِن كَانَت فحالها لَا تعرف. وَإِن كَانَ الْأَمر على مَا وَقع فِي الْإِسْنَاد عِنْد النَّسَائِيّ، من أَنه حفيد لأبي رَافع، فسلمى بنت لأبي رَافع، وَتَكون حَالهَا حِينَئِذٍ أخْفى، وَمَا وَقع من ذَلِك شَيْء يعرف، فَإِن أَبَا رَافع مولى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - احتوشته امْرَأَتَانِ، كل وَاحِدَة مِنْهُمَا اسْمهَا سلمى. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 130 إِحْدَاهمَا أمه، وَالْأُخْرَى زوجه، فأمه سلمى مولاة صَفِيَّة بنت عبد الْمطلب. (1573) رَوَت عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " بَيت لَا تمر فِيهِ، كَأَن لَيْسَ فِيهِ طَعَام ". يرويهِ حَارِثَة بن مُحَمَّد، عَن عبيد الله بن أبي رَافع، عَن جدته، وَكَانَت خَادِمًا للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، قَالَت: قَالَ لي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَذَكرته. ذكرهَا بحديثها هَذَا ابْن السكن. وَأما زوجه فسلمى مولاة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ أَبُو بكر بن أبي خَيْثَمَة زوجه النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مولاته، وَشهِدت سلمى هَذِه خَيْبَر، وَولدت لَهُ عبيد الله بن أبي رَافع كَاتب عَليّ رَضِي الله عَنهُ. فَمَا من هَاتين من تكون عمَّة لعبد الرَّحْمَن بن أبي رَافع، وَلَا لحفيد أبي رَافع، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 131 إِذْ إِحْدَاهمَا أم لأبي رَافع، وَالْأُخْرَى زوجه. وَقد كنت أَظن أَن أَبَا مُحَمَّد عثر فِي هَذَا على مزِيد، حَتَّى رَأَيْته كتب فِي كِتَابه الْكَبِير بِخَطِّهِ - إِثْر هَذَا الحَدِيث، بعد أَن أوردهُ من عِنْد النَّسَائِيّ - سلمى هِيَ مولاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَتبين بذلك أَنه ظن خطأ، ومولاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يَصح أَن تكون عمَّة لأحد من ولد أبي رَافع، بل إِمَّا أما، وَإِمَّا جدة، فَاعْلَم ذَلِك. (1574) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن فَاطِمَة بنت أبي حُبَيْش، أَنَّهَا سَأَلت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فشكت إِلَيْهِ الدَّم، فَقَالَ لَهَا: " إِنَّمَا ذَلِك عرق، فانظري إِذا أَتَى قرؤك فَلَا تصلي " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ مصححا لَهُ، وَهُوَ حَدِيث إِنَّمَا يرويهِ الْمُنْذر بن الْمُغيرَة، عَن عُرْوَة، أَن فَاطِمَة، فَذكره. وَالْمُنْذر مَجْهُول الْحَال، لَا يعرف بِغَيْر هَذَا، وَقد سَأَلَ ابْن أبي حَاتِم عَنهُ أَبَاهُ، فَقَالَ فِيهِ: " مَجْهُول لَيْسَ بالمشهور ". (1575) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا حَدِيث الْمَرْأَة الأشهلية الَّتِي قَالَت: " إِن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 132 لنا طَرِيقا إِلَى الْمَسْجِد مُنْتِنَة ". وَسكت عَنهُ، وَعبد الله بن عِيسَى رَاوِيه لَا يعرف، وَلَيْسَ بِابْن أبي ليلى. (1576) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ حَدِيث أبي هُرَيْرَة: " أول مَا يُحَاسب الجزء: 4 ¦ الصفحة: 133 بِهِ العَبْد يَوْم الْقِيَامَة من عمله الصَّلَاة ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 134 وَسكت عَنهُ، إِمَّا مُعْتَقدًا صِحَّته، وَإِمَّا متسامحا فِيهِ، لما كَانَ مُقْتَضَاهُ الْحَث على النَّوَافِل، والاستكثار مِنْهَا. وَهُوَ لَا يَصح، فَإِنَّهُ من رِوَايَة همام، عَن قَتَادَة، عَن الْحسن، عَن حُرَيْث ابْن قبيصَة، عَن أبي هُرَيْرَة. وَالتِّرْمِذِيّ إِنَّمَا قَالَ فِيهِ: حسن، ثمَّ قَالَ: " وَقد روى أَصْحَاب الْحسن عَن الْحسن، عَن قبيصَة بن حُرَيْث، غير هَذَا الحَدِيث، قَالَ: وَالْمَشْهُور قبيصَة بن حُرَيْث ". وَالْأَمر على مَا قَالَ التِّرْمِذِيّ من أَنه قبيصَة بن حُرَيْث، لَا حُرَيْث بن قبيصَة، وَهُوَ يروي عَن سَلمَة بن المحبق، وَهُوَ مَعَ ذَلِك لَا تعرف حَاله، فَأَما إِن كَانَ حُرَيْث بن قبيصَة فَهُوَ لَا تعرف عينه وَلَا حَاله. وَقد رُوِيَ هَذَا الحَدِيث عَن الْحسن، عَن أنس بن حَكِيم الضَّبِّيّ، عَن أبي هُرَيْرَة. كَذَلِك رَوَاهُ يُونُس بن عبيد، عَن الْحسن. وَأنس بن حَكِيم أَيْضا مَجْهُول. وَرَوَاهُ حميد عَن الْحسن، عَن رجل من بني سليط، عَن أبي هُرَيْرَة، ذكرهَا أَبُو دَاوُد. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 135 وَرَوَاهُ أبان بن يزِيد، عَن قَتَادَة، عَن الْحسن، فَقَالَ فِيهِ: عَن أنس بن حَكِيم، كَمَا قَالَ يُونُس بن عبيد، ذكره ابْن أبي خَيْثَمَة. وَرَوَاهُ إِسْمَاعِيل بن مُسلم عَن الْحسن، عَن صعصعة بن مُعَاوِيَة، عَم الْأَحْنَف بن قيس، عَن أبي هُرَيْرَة. وَرَوَاهُ مُوسَى بن خلف، عَن قَتَادَة، فَقَالَ فِيهِ: عَن الْحسن عَن أبي هُرَيْرَة، بِغَيْر وَاسِطَة. ذكرهَا ابْن أبي خَيْثَمَة أَيْضا. فَهَذِهِ عَن الْحسن خَمْسَة أَقْوَال، وَمَا مِنْهَا شَيْء يَصح. وَلَيْسَ بمجد فِي هَذَا مَا ذكر ابْن أبي خَيْثَمَة عَن ابْن معِين من قَوْله: " إِذا روى الْحسن عَن رجل فَسَماهُ، فَهُوَ ثِقَة يحْتَج بِهِ "؛ فَإِن التسمك بِعُمُوم أَقْوَال الرِّجَال الَّذين لَيْسُوا بمعصومين من الْخَطَأ فِيمَا يَقُولُونَ، والذهول عَمَّا يعلمُونَ، وَالتَّقْصِير فِيمَا ينظرُونَ، والقصور فِيمَا يحصلون؛ لَا يَصح، وَإِنَّمَا وَجب التَّمَسُّك بِعُمُوم الشَّرْع لثُبُوت الْعِصْمَة، واستحالة الإلغاز، بِإِطْلَاق الْعَام غير مُرَاد الْعُمُوم، إِلَّا مقترنا بِبَيَان، أَو معقبا بمخصص. (1577) وَإِلَى هَذَا فَإِن للْحَدِيث طَرِيقا صَحِيحا عَن أبي هُرَيْرَة من غير رِوَايَة الْحسن، سَنذكرُهُ فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا من طرق على أَنَّهَا صَحِيحَة وَلَيْسَت كَذَلِك، وَلها طرق غَيرهَا صَحِيحَة أَو حَسَنَة، إِن شَاءَ الله تَعَالَى. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 136 (1578) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد حَدِيث سُبْرَة بن معبد " فِي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 137 تَعْلِيم الصَّبِي الصَّلَاة وضربه عَلَيْهَا " وَصَححهُ. وَهُوَ من رِوَايَة عبد الْملك بن الرّبيع بن سُبْرَة، عَن أَبِيه، عَن جده، وَقد قَالَ ابْن أبي خَيْثَمَة: سُئِلَ يحيى بن معِين عَن أَحَادِيث عبد الْملك بن الرّبيع بن سُبْرَة، عَن أَبِيه، عَن جده، فَقَالَ: ضِعَاف. وَلَيْسَ هَذَا مني تمسكا فِي تَضْعِيفه بِعُمُوم قَول ابْن معِين، الَّذِي أَبيت مِنْهُ الْآن، وَلكنه تأنس فِيمَن لم تثبت عَدَالَته، وَإِن كَانَ مُسلم قد أخرج لعبد الْملك الْمَذْكُور فَغير مُحْتَج بِهِ، وَعَسَى أَن يكون الحَدِيث حسنا لَا ضَعِيفا. (1579) وَكَذَا القَوْل فِي حَدِيث: " ليستتر أحدكُم لصلاته وَلَو بِسَهْم " فَإِنَّهُ أَيْضا بِهَذَا الْإِسْنَاد. فَاعْلَم ذَلِك. (1580) وَذكر حَدِيث معَاذ فِي الْعشَاء، وَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام: " فضلْتُمْ بهَا على سائرالأمم، وَلم تصلها أمة قبلكُمْ ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 138 وَسكت عَنهُ، وَهُوَ من رِوَايَة عَاصِم بن حميد السكونِي، وَلَا يعرف أَنه ثِقَة، وَهُوَ يروي عَن معَاذ حديثين أَو ثَلَاثَة، وَعَن عَوْف بن مَالك، وَعَائِشَة. روى عَنهُ رَاشد بن سعد، وأزهر بن سعيد، وَعَمْرو بن قيس. فَالْجَوَاب أَن نقُول: أَبُو عمر فِي هَذَا كَأبي مُحَمَّد، إِن لم يَأْتِ فِي توثيقه إِيَّاه بقول معاصر، أَو قَول من يظنّ بِهِ الْأَخْذ عَن معاصر لَهُ، فَإِنَّهُ لَا يقبل مِنْهُ، إِلَّا أَن يكون ذَلِك مِنْهُ فِي رجل مَعْرُوف، قد انْتَشَر لَهُ من الحَدِيث مَا تعرف بِهِ حَاله، وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِك فاعلمه. (1582) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا، حَدِيث قبيصَة بن وَقاص الَّذِي فِيهِ: " صلوا مَعَهم مَا صلوا إِلَى الْقبْلَة ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث يرويهِ صَالح بن عبيد، عَن قبيصَة الْمَذْكُور، وَرَوَاهُ عَن صَالح أَبُو هَاشم: عمار بن عمَارَة الزَّعْفَرَانِي. وَصَالح بن عبيد هَذَا لَا تعرف حَاله أصلا، فَالْحَدِيث ضَعِيف من أَجله. وَأما قبيصَة بن وَقاص، فقد قَالَ قوم: " إِنَّه صَحَابِيّ "، وَإِنَّمَا قَالُوا ذَلِك أخذا من هَذَا الحَدِيث، فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ غَيره، قَالَ ذَلِك ابْن أبي حَاتِم، وَأنكر على أبي زرْعَة إِدْخَاله فِي الصَّحَابَة الْبَصرِيين. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 139 وَمِمَّنْ قَالَ: إِن لَهُ صُحْبَة، أَبُو عَليّ بن السكن، إِلَّا أَنه بعد أَن قَالَ ذَلِك قَالَ: " روى عَنهُ حَدِيث وَاحِد " ثمَّ أورد هَذَا الحَدِيث. وَهُوَ لم يذكر فِيهِ سَمَاعا من النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَحَتَّى لَو ذكر فَإِن فِي قبُول ذَلِك مِنْهُ نظرا، وَهُوَ لَو قَالَ عَن نَفسه: إِنَّه ثِقَة لم يقبل مِنْهُ، فَكيف إِذا ادّعى مَا فِيهِ عَظِيم المزية، وَلم يخبر عَنهُ تَابِعِيّ ثِقَة بِأَنَّهُ صَحَابِيّ، وَلَا عرف ذَلِك كَمَا يعرف لمن صحت صحبته. وَمثل مَا فعل ابْن السكن فعل ابْن أبي خَيْثَمَة سَوَاء فاعلمه. (1583) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا حَدِيث بُرَيْدَة: " بشر الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلم إِلَى الْمَسَاجِد " الحَدِيث. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 140 وَسكت عَنهُ متسامحا فِيهِ - وَالله أعلم - لما كَانَ فِي ثَوَاب عمل. وَهُوَ حَدِيث فِي إِسْنَاده عبد الله بن أَوْس، وَهُوَ رجل مَجْهُول لَا يعرف روى عَنهُ غير أبي سُلَيْمَان الكحال، وَلَا تعرف لَهُ رِوَايَة عَن غير بُرَيْدَة لهَذَا الحَدِيث خَاصَّة. وَرَأَيْت أَبَا مُحَمَّد حِين ذكر هَذَا الحَدِيث بِإِسْنَادِهِ فِي كِتَابه الْكَبِير، اعتنى مِنْهُ بِأبي سُلَيْمَان: إِسْمَاعِيل الكحال، وَنقل عَن ابْن معِين أَنه قَالَ: " لَا بَأْس بِهِ "، وَأعْرض عَن عبد الله بن أَوْس، كَأَنَّهُ عِنْده مَعْرُوف، وَلَيْسَ كَذَلِك. (1584) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا حَدِيث الْأنْصَارِيّ الَّذِي فِيهِ: " إِذا تَوَضَّأ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 142 أحدكُم فَأحْسن الْوضُوء، ثمَّ خرج إِلَى الصَّلَاة لم يرفع قدمه الْيُمْنَى " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ أَيْضا متسامحا كَذَلِك، وَهُوَ حَدِيث يرويهِ يعلى بن عَطاء، عَن معبد بن هُرْمُز، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن هَذَا الْأنْصَارِيّ. ومعبد بن هُرْمُز لَا يعرف روى عَنهُ غير عَطاء، وَلَا تعرف حَاله. (1585) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا حَدِيث أبي هُرَيْرَة فِيمَن خرج فَوجدَ النَّاس قد صلوا. وَسكت عَنهُ متسامحا كَذَلِك، وَهُوَ حَدِيث يرويهِ مُحصن بن عَليّ، عَن عَوْف بن الْحَارِث، عَن أبي هُرَيْرَة. وَلَا يعرف مُحصن إِلَّا بِهِ، وَهُوَ مَجْهُول. (1586) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا حَدِيث أبي هُرَيْرَة: " من أَتَى الْمَسْجِد لشَيْء فَهُوَ حَظه ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث يرويهِ عُثْمَان بن أبي العاتكة، عَن عُمَيْر بن هَانِئ عَن أبي هُرَيْرَة. وَعُثْمَان مُخْتَلف فِيهِ، قَالَ ابْن معِين: لَيْسَ بِشَيْء. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 143 وَقَالَ ابْن حَنْبَل: لَا بَأْس بِهِ، إِنَّمَا بليته من عَليّ بن يزِيد. انْتهى قَوْله. فَحَدِيثه هَذَا، يَنْبَغِي أَن يُقَال فِيهِ: حسن لَا صَحِيح. وَالله أعلم. (1587) وَذكر حَدِيث طلق بن عَليّ فِي " ترك الْوضُوء من مس الذّكر ". وَذكره أَيْضا فِي كتاب الصَّلَاة فِي اتِّخَاذ الْبيعَة مَسْجِدا. وَسكت عَنهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَهُوَ إِنَّمَا يرويهِ قيس بن طلق عَن أَبِيه، وَقد حكى الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه عَن ابْن أبي حَاتِم، أَنه سَأَلَ أَبَاهُ وَأَبا زرْعَة عَن هَذَا الحَدِيث، فَقَالَا: " قيس بن طلق، لَيْسَ مِمَّن تقوم بِهِ حجَّة "، ووهناه، وَلم يثبتاه، وَإِن كَانَ ابْن معِين يَقُول: " شُيُوخ يمامة ثِقَات "، فَإِن هَذَا التَّعْمِيم لَا يَصح الْقَضَاء بِهِ على من لَعَلَّه قد زل عَن خاطره، أَو خَفِي عَلَيْهِ بعض أمره. والْحَدِيث مُخْتَلف فِيهِ، فَيَنْبَغِي أَن يُقَال فِيهِ: حسن. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 144 (1588) وَلِهَذَا ذكر فِي الْوتر من طَرِيق أبي دَاوُد، حَدِيث طلق بن عَليّ أَيْضا فِي: " أَنه لَا وتران فِي لَيْلَة ". وَقَالَ بإثره: إِن التِّرْمِذِيّ قَالَ فِيهِ: حسن غَرِيب. قَالَ: وَغَيره يُصَحِّحهُ. وَإِنَّمَا قَالَ التِّرْمِذِيّ فِيهِ حسن لما قُلْنَاهُ، وَذَلِكَ أَنه من رِوَايَة ملازم بن عَمْرو، عَن عبد الله بن بدر، عَن قيس بن طلق عَن أَبِيه، فاعلمه. (1589) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد أَيْضا، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " هَل فِيكُم أحد أطْعم الْيَوْم مِسْكينا " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ مصححا لَهُ، وَهُوَ إِنَّمَا يرويهِ مبارك بن فضَالة، عَن ثَابت الْبنانِيّ، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر، فَذكره. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 145 ومبارك مُخْتَلف فِيهِ. فَالْحَدِيث من أَجله حسن، كَانَ ابْن مهْدي لَا يحدث عَن مبارك هَذَا. وَقَالَ فِيهِ النَّسَائِيّ: ضَعِيف. وَقَالَ ابْن حَنْبَل: يرفع حَدِيثا كثيرا، وَيَقُول فِي غير حَدِيث عَن الْحسن: " حَدثنَا عمرَان بن الْحصين وَأَصْحَاب الْحسن لَا يَقُولُونَ ذَلِك غَيره ". وَقَالَ فِيهِ ابْن معِين: " ضَعِيف الحَدِيث ". وَقَالَ أَبُو زرْعَة: " يُدَلس كثيرا فَإِذا قَالَ: حَدثنَا فَهُوَ ثِقَة ". وَكَانَ عَفَّان يوثقه وَأثْنى عَلَيْهِ يحيى بن سعيد. وَيُمكن أَن يكون أَبُو مُحَمَّد لم يُصَحِّحهُ، وَلكنه تسَامح فِيهِ لِأَنَّهُ فِي ثَوَاب أَعمال، وَالله أعلم. (1590) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا حَدِيث أبي هُرَيْرَة فِي أَن " الْمُؤَذّن يغْفر لَهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 146 مدى صَوته ". وَسكت عَنهُ، وَأرَاهُ تسَامح فِيهِ كَذَلِك، والْحَدِيث من رِوَايَة مُوسَى بن أبي عُثْمَان، عَن أبي يحيى، عَن أبي هُرَيْرَة. وَأَبُو يحيى هَذَا لَا يعرف، وَقد ذكره ابْن الْجَارُود فَلم يزدْ على مَا أَخذ من الجزء: 4 ¦ الصفحة: 147 هَذَا الْإِسْنَاد: من رِوَايَته عَن أبي هُرَيْرَة، وَرِوَايَة مُوسَى بن أبي عُثْمَان عَنهُ، وَهُنَاكَ جمَاعَة تروي عَن أبي هُرَيْرَة، كل وَاحِد مِنْهُم يُقَال لَهُ: أَبُو يحيى، مِنْهُم مولى جعدة، وَهُوَ ثِقَة، وَآخر اسْمه قيس، روى عَنهُ بكير بن الْأَشَج، ذكره مُسلم، وَآخر لَا يُسمى، روى عَنهُ صَفْوَان بن سليم، يعد فِي أهل الْمَدِينَة، ذكره ابْن أبي حَاتِم. قَالَ أَبُو أَحْمد الْحَاكِم فِي كِتَابه فِي الكنى: خليق أَن يكون هَذَا قيسا الَّذِي روى عَنهُ بكير بن الْأَشَج، فَاعْلَم ذَلِك. (1591) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا حَدِيث أبي مَحْذُورَة: " الْإِقَامَة مرَّتَيْنِ مرَّتَيْنِ ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ من رِوَايَة عُثْمَان بن السَّائِب، عَن أَبِيه وَأم عبد الْملك ابْن أبي مَحْذُورَة. والسائب، وَابْنه، وَأم عبد الْملك بن أبي مَحْذُورَة، كلهم غير مَعْرُوف. وَالصَّحِيح فِي حَدِيث أبي مَحْذُورَة تربيع التَّكْبِير، ثمَّ تَثْنِيَة سائرها، فَاعْلَم ذَلِك. (1592) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا حَدِيث عقبَة بن عَامر، سَمِعت الجزء: 4 ¦ الصفحة: 148 النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " من أم النَّاس فَأصَاب الْوَقْت " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث إِنَّمَا يرويهِ ابْن وهب، عَن يحيى بن أَيُّوب، عَن عبد الرَّحْمَن بن حَرْمَلَة، عَن أبي عَليّ الْهَمدَانِي، قَالَ: سَمِعت عقبَة 000 فَذكره. وَيحيى بن أَيُّوب قد تقدم ذكره فِي هَذَا الْبَاب، وَقَوله فِيهِ: لَا يحْتَج بِهِ. وَلِلْحَدِيثِ شَأْن آخر، هُوَ أَن الطَّحَاوِيّ أوردهُ فِي كِتَابه فَقَالَ: حَدثنَا يُونُس بن عبد الْأَعْلَى، حَدثنَا ابْن وهب، حَدثنَا يحيى بن أَيُّوب، فَذكره. إِلَّا أَنه قَالَ: " من أم النَّاس فَأصَاب الْوَقْت وَأتم الصَّلَاة ". ثمَّ قَالَ: وَحدثنَا الرّبيع بن سُلَيْمَان الجيزي، حَدثنَا سعيد بن كثير بن عفير، حَدثنَا يحيى بن أَيُّوب، عَن حَرْمَلَة بن عمرَان، عَن أبي عَليّ الْهَمدَانِي، قَالَ: سَمِعت عقبَة بن عَامر، فَذكر مثله. ثمَّ قَالَ الطَّحَاوِيّ: أهل الْعلم بِالْحَدِيثِ يَقُولُونَ: الصَّوَاب فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث: يحيى بن أَيُّوب، عَن حَرْمَلَة، عَن أبي عَليّ الْهَمدَانِي، لِأَن عبد الرَّحْمَن بن حَرْمَلَة لَا يعرف لَهُ سَماع من أبي عَليّ. انْتهى كَلَامه. فَفِيهِ - كَمَا ترى - تخطئة من قَالَ: عَن يحيى بن أَيُّوب، عَن عبد الرَّحْمَن ابْن حَرْمَلَة، وتصويب من قَالَ: عَنهُ: حَرْمَلَة بن عمرَان، وإنكار أَن يكون عَن عبد الرَّحْمَن بن حَرْمَلَة، لِأَنَّهُ لَا يعرف لَهُ سَماع من أبي عَليّ. وَهَذَا لَوْلَا يحيى بن أَيُّوب، زِيَادَة قُوَّة للْخَبَر، فَإِن عبد الرَّحْمَن بن حَرْمَلَة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 149 كَانَ يقبل التَّلْقِين، وَقَالُوا فِيهِ مَعَ ذَلِك: " ثِقَة "، وَأخرج لَهُ مُسلم، وحرملة بن عمرَان خير مِنْهُ. فرواية سعيد بن كثير بن عفير، خير من رِوَايَة ابْن وهب، فلولا يحيى ابْن أَيُّوب وَسُوء حفظه كُنَّا نقُول: الحَدِيث صَحِيح، وَلكنه بِسوء حفظه يُمكن أَن يكون لم يضْبط عَمَّن أَخذه، وَيُمكن أَن يكون رَوَاهُ عَنْهُمَا، وَيُمكن أَن يكون الْخَطَأ عَلَيْهِ من أحد الراويين لَهُ عَنهُ، وَإِن كَانَ كَمَا قَالَ ابْن وهب: عَن يحيى ابْن أَيُّوب، عَن عبد الرَّحْمَن بن حَرْمَلَة، بَقِي علينا سَمَاعه من أبي عَليّ. وَأَبُو مُحَمَّد - رَحمَه الله - بسكوته عَن الحَدِيث الْمَذْكُور، معرض عَن هَذَا كُله، مُخطئ بِتَصْحِيحِهِ فاعلمه. (1593) وَذكر من طَرِيق ابْن أبي شيبَة، عَن سُبْرَة بن معبد، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ليستتر أحدكُم لصلاته وَلَو بِسَهْم ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث يرويهِ ابْن أبي شيبَة، عَن زيد بن الْحَارِث قَالَ: أَخْبرنِي عبد الْملك بن الرّبيع بن سُبْرَة، أَخْبرنِي أبي، عَن أَبِيه 000 فَذكره. وَقد تقدم ذكر عبد الْملك بِمَا يُغني عَن إِعَادَته. (1594) وَذكر حَدِيث النُّعْمَان بن بشير: " يُسَوِّي صُفُوفنَا كَأَنَّمَا يُسَوِّي بهَا القداح " من كتاب مُسلم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 150 (1595) وَحَدِيث: " إِذا استوينا كبر " من كتاب أبي دَاوُد. وَكِلَاهُمَا من رِوَايَة سماك، وَقد تقدم ذكره. (1596) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار حَدِيث الْعَبَّاس، أَنه عَلَيْهِ السَّلَام " أَخذ الْقِرَاءَة من حَيْثُ انْتهى إِلَيْهِ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ من رِوَايَة قيس بن الرّبيع، وَهُوَ عِنْدهم ضَعِيف، كَابْن أبي ليلى وَشريك، اعتراه من سوء الْحِفْظ لما ولي الْقَضَاء مَا اعتراهما. وَقَالَ مُحَمَّد بن عبيد: مَا زَالَ أمره مُسْتَقِيمًا حَتَّى استقضي فَقتل رجلا. وَقَالَ الْعقيلِيّ: إِن أَبَا جَعْفَر اسْتَعْملهُ على الْمَدَائِن، فَكَانَ يعلق النِّسَاء بثديهن وَيُرْسل عَلَيْهِنَّ الزنابير. وَذكر السَّاجِي عَن أَحْمد بن حَنْبَل أَنه قَالَ: " كَانَ لَهُ ابْن يَأْخُذ حَدِيث مسعر، وسُفْيَان، والمتقدمين، فيدخلها فِي حَدِيث أَبِيه وَهُوَ لَا يعلم ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 151 وَحكى البُخَارِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي دَاوُد قَالَ: إِنَّمَا أُتِي قيس من قبل ابْنه، كَانَ يَأْخُذ حَدِيث النَّاس فيدخلها فِي فرج كتاب قيس، وَلَا يعرف الشَّيْخ ذَلِك. وَكَانَ وَكِيع يُضعفهُ. وَكم من حَدِيث قد رده أَبُو مُحَمَّد من أَجله، بل رُبمَا رد حَدِيثا من أَجله، وَلم يعرض فِيهِ لغيره مِمَّن هُوَ ضَعِيف عِنْده. (1597) كَحَدِيث ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " كفن فِي قطيفة حَمْرَاء ". سَاقه من كتاب أبي أَحْمد، من رِوَايَة قيس بن الرّبيع، عَن شُعْبَة، عَن أبي جَمْرَة عَنهُ. ورده بِضعْف قيس، وَمُخَالفَة أَصْحَاب شُعْبَة لَهُ، فَإِنَّهُم فَإِنَّمَا رووا: " جعل فِي قبر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قطيفة حَمْرَاء ". وَترك إعلاله بِمُحَمد بن مُصعب القرقساني رَاوِيه عَن قيس، وَلَعَلَّ ضعفه من قبله، فَإِنَّهُ مُنكر جدا أَن تكون القطيفة الْحَمْرَاء لَهُ عَلَيْهِ السَّلَام كفنا، مَعَ مَا صَحَّ من تكفينه فِي أَثوَاب بيض سحُولِيَّة من كُرْسُف. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 152 وَأَبُو مُحَمَّد يضعف مُحَمَّد بن مُصعب، فَاعْلَم ذَلِك. (1598) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ حَدِيث سَمُرَة: " سكتتان حفظتهما من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ". وَسكت عَنهُ مصححا لَهُ. والْحَدِيث عِنْده من رِوَايَة عبد الْأَعْلَى، عَن سعيد، عَن قَتَادَة، عَن الْحسن عَنهُ. وَسَعِيد بن أبي عرُوبَة مَشْهُور الِاخْتِلَاط، وَعبد الْأَعْلَى لَا يعرف مَتى سمع مِنْهُ. وَلم يتَجَنَّب أَبُو مُحَمَّد من حَدِيث سعيد شَيْئا، بل سَاق عَنهُ مَا لَا يُحْصى من عِنْد مُسلم وَغَيره، وَلم يعْتَبر فِي الروَاة عَنهُ من سمع مِنْهُ قبل الِاخْتِلَاط أَو بعده، أَو من لم يعرف مَتى سمع، كَعبد الْأَعْلَى هَذَا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 153 (1599) وَكَذَا فعل فِي حَدِيث: " لَا يرفع يَدَيْهِ فِي شَيْء من الدُّعَاء إِلَّا فِي الاسْتِسْقَاء " فَإِنَّهُ أَيْضا من رِوَايَة عبد الْأَعْلَى عَن سعيد. (1600) وَكَذَلِكَ حَدِيث: " اعْتكف الْعشْر الْأَوْسَط من رَمَضَان يلْتَمس لَيْلَة الْقدر ". (1601) وَحَدِيث ابْن عَبَّاس فِي " أَن البغايا اللَّاتِي ينكحن أَنْفسهنَّ بِغَيْر بَيِّنَة ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 154 وَكِلَاهُمَا أَيْضا من رِوَايَة عبد الْأَعْلَى، عَن سعيد. وَقد سَاق عَنهُ مَا هُوَ من رِوَايَة من روى عَنهُ بعد اخْتِلَاطه: (1602) كَحَدِيث سعد بن هِشَام عَن عَائِشَة فِي صَلَاة اللَّيْل. سَاقه من عِنْد مُسلم، وَإِنَّمَا هُوَ عِنْده من رِوَايَة مُحَمَّد بن أبي عدي عَن سعيد. وَقد نَص الْعقيلِيّ وَغَيره على أَنه إِنَّمَا سمع مِنْهُ بعد الِاخْتِلَاط كَأبي نعيم. وَأما مَا سَاق عَنهُ مِمَّا هُوَ من رِوَايَة يزِيد بن زُرَيْع عَنهُ فكثير، لم نتعرض لإحصائه، وأذكر مِنْهُ الْآن، حَدِيث أبي هُرَيْرَة: (1603) " الرُّؤْيَا ثَلَاث " من عِنْد التِّرْمِذِيّ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 155 وَإِن أردْت أَن تعلم مذْهبه فِي الْمُخْتَلطين، حَتَّى يكون مُقَدّمَة لما ننبه عَلَيْهِ من أَحَادِيثهم، فَاعْلَم أَنه ذكر فِي الْجَنَائِز من عِنْد أبي دَاوُد: حَدِيث أبي هُرَيْرَة: (1604) " من صلى على جَنَازَة فِي الْمَسْجِد فَلَا شَيْء لَهُ ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 156 ورده بِأَن قَالَ: فِي إِسْنَاده صَالح مولى التَّوْأَمَة وَكَانَ قد اخْتَلَط بآخرة، فَلذَلِك ضعف حَدِيثه، وَاسْتثنى بعض أهل الحَدِيث مَا رَوَاهُ ابْن أبي ذِئْب عَنهُ فَقبله، لِأَنَّهُ روى عَنهُ قبل الِاخْتِلَاط. وَقَالَ أَبُو أَحْمد: مِمَّن سمع مِنْهُ قَدِيما ابْن أبي ذِئْب، وَابْن جريج، وَزِيَاد بن سعد، وَغَيرهم قَالَ: ولحقه مَالك، وَالثَّوْري، وَغَيرهمَا بعد الِاخْتِلَاط، قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث من رِوَايَة ابْن أبي ذِئْب، عَن صَالح. انْتهى مَا ذكره. وَهَذَا الَّذِي حكى عَن أبي أَحْمد، من أَن ابْن أبي ذِئْب سمع مِنْهُ قَدِيما، حكى التِّرْمِذِيّ عَن البُخَارِيّ، عَن أَحْمد بن حَنْبَل خِلَافه، قَالَ: سمع مِنْهُ أخيرا، وروى عَنهُ مُنْكرا. (1605) وَمن ذَلِك أَنه ذكر فِي الصّيام حَدِيث ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " كَانَ يصبح جنبا وَلم يجمع الصَّوْم، ثمَّ يَبْدُو لَهُ فيصوم ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 157 وَأعله بعلته، فَكَانَ مِنْهَا أَن قَالَ فِي عبد الْبَاقِي بن قَانِع: إِنَّه اخْتَلَط عقله قبل مَوته بِسنة. ثمَّ لم يلبث أَن سَاق من عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ فِي قَضَاء الصَّوْم حَدِيث: (1606) " إِن شَاءَ فرق، وَإِن شَاءَ تَابع ". وَلم يبين أَنه من رِوَايَة عبد الْبَاقِي بن قَانِع الْمَذْكُور. (1607) وَمن ذَلِك أَنه ذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ عَن عَليّ، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " {وَآتُوهُمْ من مَال الله الَّذِي آتَاكُم} قَالَ: ربع الْكِتَابَة ". ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث يرويهِ ابْن جريج، عَن عَطاء بن السَّائِب، وَيُقَال: إِنَّه لم يسمع مِنْهُ إِلَّا بعد الِاخْتِلَاط، وَالصَّوَاب مَوْقُوف على عَليّ. (1608) وَمن ذَلِك أَنه ذكر حَدِيث مرداس بن عُرْوَة، أَن رجلا رمى رجلا بِحجر فَقتله " فَأتي بِهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فأقاده مِنْهُ ". ثمَّ قَالَ: مُحَمَّد بن جَابر اليمامي، كَانَ أعمى، وَاخْتَلَطَ عَلَيْهِ حَدِيثه، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 158 وَذَهَبت كتبه فضعف. (1609) وَمن ذَلِك أَنه ذكر حَدِيث التِّرْمِذِيّ، عَن حَنْظَلَة بن عبيد الله السدُوسِي، عَن أنس، قَالَ رجل: يَا رَسُول الله، الرجل منا يلقى أَخَاهُ أَو صديقه، أينحني لَهُ؟ الحَدِيث فِي المصافحة. ثمَّ قَالَ: حَنْظَلَة يروي مَنَاكِير، وَهَذَا مِمَّا أنكر عَلَيْهِ، وَكَانَ قد اخْتَلَط. وَقَالَ التِّرْمِذِيّ فِيهِ: حَدِيث حسن. فَهَذَا مذْهبه فِي الْمُخْتَلطين، وبحسبه نلزمه فِي أَحَادِيث من لم ننبه عَلَيْهِ مِنْهُم رد رواياتهم، وَيَقَع ذكرهم مبثوثا فِي موَاضعه من هَذَا الْبَاب إِن شَاءَ الله تَعَالَى. (1610) فَمن ذَلِك أَنه ذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ حَدِيث ابْن مَسْعُود: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَصُوم ثَلَاثَة أَيَّام من غرَّة كل شهر، وَقل مَا يفْطر يَوْم الْجُمُعَة ". وَسكت عَنهُ، وَالنَّسَائِيّ إِنَّمَا سَاقه من حَدِيث أبي حَمْزَة: مُحَمَّد بن مَيْمُون، عَن عَاصِم، عَن زر، عَن عبد الله. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 159 وَقَالَ فِيهِ: " لَا بَأْس بِهِ، إِلَّا أَنه كَانَ ذهب بَصَره فِي آخر عمره، فَمن كتب عَنهُ قبل ذَلِك فَحَدِيثه جيد ". يَعْنِي أَبَا حَمْزَة. (1611) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، عَن عبَادَة بن الصَّامِت، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أم الْقُرْآن عوض من غَيرهَا، وَلَيْسَ غَيرهَا عوضا مِنْهَا ". وَسكت عَنهُ كَأَنَّهُ صَحِيح، وَقد أتبعه فِي كِتَابه الْكَبِير أَن قَالَ: تفرد بِهِ مُحَمَّد بن خَلاد، عَن أَشهب. وَمُحَمّد بن خَلاد، روى عَنهُ أَبُو حَاتِم وَأَبُو زرْعَة. لم يزدْ على هَذَا، وَلَيْسَ يَنْبَغِي أَن يصحح هَذَا الْخَبَر؛ فَإِن مُحَمَّد بن خَلاد هَذَا لم يعلم من حَاله مَا يعْتَمد عَلَيْهِ، وَلم يذكرهُ أَبُو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم بِأَكْثَرَ من رِوَايَة أَبِيه أبي حَاتِم، وَعلي بن الْجُنَيْد عَنهُ، وَرِوَايَته هُوَ عَن اللَّيْث، وَلم يذكر فِيهِ تعديلا وَلَا تجريحا، فَهُوَ عِنْده مِمَّن لَا تعلم حَاله. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 160 وَإِلَى ذَلِك فقد عهد يروي مَنَاكِير، مِنْهَا هَذَا الحَدِيث الَّذِي لَا يعرف إِلَّا من رِوَايَته. وَلما ذكره أَبُو سعيد بن يُونُس فِي كِتَابه فِي تَارِيخ المصريين قَالَ فِيهِ: " روى مَنَاكِير "، وكناه أَبَا عبد الله وَنسبه تميميا، وَذكر عَن ابْن أبي مطر أَنه قَالَ: توفّي فِي ربيع الآخر سنة أحدى وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ وَذكر أَنه يروي عَن أَبِيه، وَاللَّيْث وضمام، وَأَنه إسكندراني. وَأَقُول - بعد هَذَا -: إِن الحَدِيث أَخَاف أَن يكون مغيرا، قصد بِهِ معنى حَدِيث عبَادَة بن الصَّامِت الآخر، فَغير، فلنذكرهما جَمِيعًا حَتَّى يتَبَيَّن ذَلِك: قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا عمر بن أَحْمد بن عَليّ الْجَوْهَرِي، قَالَ: حَدثنَا أَحْمد بن سيار الْمروزِي، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن خَلاد الإسْكَنْدراني، قَالَ: حَدثنَا أَشهب بن عبد الْعَزِيز، قَالَ: حَدثنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن ابْن شهَاب، عَن مَحْمُود بن الرّبيع عَن عبَادَة فَذكره. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: تفرد بِهِ مُحَمَّد بن خَلاد عَن أَشهب، عَن ابْن عُيَيْنَة. وَذكر الدَّارَقُطْنِيّ أَيْضا من رِوَايَة ابْن شهَاب، عَن مَحْمُود بن الرّبيع، عَن عبَادَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " لَا تُجزئ صَلَاة لَا يقْرَأ فِيهَا الرجل بِفَاتِحَة الْكتاب ". هَذَا هُوَ حَدِيث ابْن شهَاب، عَن مَحْمُود بن الرّبيع، وَهُوَ صَحِيح. فَالله أعلم إِن كَانَ غير إِلَى ذَلِك اللَّفْظ، فَإِن إسنادهما وَاحِد، فَاعْلَم ذَلِك. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 161 (1612) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ، حَدِيث الْعِرْبَاض بن سَارِيَة، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " كَانَ يُصَلِّي على الصَّفّ الأول ثَلَاثًا، وعَلى الثَّانِي وَاحِدَة ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 162 وَسكت عَنهُ، وَلَعَلَّه تسَامح فِيهِ لِأَنَّهُ ثَوَاب عمل، فَإِنَّهُ حَدِيث إِنَّمَا يرويهِ بَقِيَّة بن الْوَلِيد، وَبَقِيَّة من قد علمت حَاله ونكارة حَدِيثه. وَقد تكَرر لأبي مُحَمَّد سُكُوته عَن أَحَادِيث، هِيَ من رِوَايَة بَقِيَّة، وَلم يبين أَنَّهَا من رِوَايَته. (1613) من ذَلِك، حَدِيث أبي هُرَيْرَة: " قد اجْتمع لكم فِي يومكم هَذَا عيدَان ". من طَرِيق أبي دَاوُد. (1614) وَحَدِيث: " لم يسْتَقْبل الْبَاب من تِلْقَاء وَجهه، وَلَكِن من رُكْنه الْأَيْمن أَو الْأَيْسَر ". (1615) وَحَدِيث: " فَإِذا غلبك أَمر، فَقل حسبي الله وَنعم الْوَكِيل ". لم يعرض فِيهِ لبَقيَّة. (1616) ومرسل الزُّهْرِيّ " يَا رَسُول الله أنزوج بناتنا موالينا؟ ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 163 أعرض فِيهِ عَنهُ، وَصَححهُ مُرْسلا. (1617) وَحَدِيث الْمِقْدَام بن معد يكرب فِي نهي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الْحَرِير وَالذَّهَب ومياثر النمور. (1618) وَحَدِيث: " للشهيد سِتّ خِصَال " (1619) وَحَدِيث: " اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الشقاق والنفاق وَسُوء الْأَخْلَاق ". (1620) وَحَدِيث: " من قَالَ حِين يصبح: اللَّهُمَّ إِنِّي أشهدك وَأشْهد حَملَة عرشك ". لم يبين فِي هَذِه الْأَحَادِيث كلهَا أَنَّهَا من رِوَايَته. (1621) وَحَدِيث: " النَّهْي عَن الذّبْح بِاللَّيْلِ ". ضعفه بمبشر بن عبيد، وَأعْرض فِيهِ عَن ذكر بَقِيَّة بِشَيْء، إِلَّا أَنه أبرزه. (1622) وَحَدِيث: " لَا يتَزَوَّج العَبْد فَوق اثْنَتَيْنِ ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 164 رده بالوجيهي وَأعْرض عَن بَقِيَّة. (1623) وَحَدِيث: " الرُّخْصَة فِي الْحَرِير عِنْد الْقِتَال ". ضعفه بِعِيسَى بن إِبْرَاهِيم، وَلم يبين أَن دونه بَقِيَّة. (1624) وَحَدِيث: " أجهدت فأفطرت، فَأمرهَا بِقَضَاء يَوْمَيْنِ ". ذكره فَلم يبين أَنه من رِوَايَة بَقِيَّة، ثمَّ ذكر بعده آخر فَقَالَ: هَذَا أصح من الَّذِي قبله. كَأَنَّهُ عِنْده صَحِيح، أَعنِي الأول. وَأَحَادِيث بَين أَنَّهَا من رِوَايَة بَقِيَّة متبرئا بذلك من عهدتها. (1625) مِنْهَا حَدِيث: " من أَخذ أَرضًا بجزيتها ". ثمَّ قَالَ فِيهِ: ضَعِيف جدا، فِيهِ بَقِيَّة وَغَيره. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 165 (1626) وَحَدِيث ابْن عَبَّاس، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا جَامع أحدكُم زَوجته أَو جَارِيَته، فَلَا ينظر إِلَى فرجهَا، فَإِن ذَلِك يُورث الْعَمى ". ذكره من طَرِيق أبي أَحْمد، عَن هِشَام بن خَالِد، قَالَ: حَدثنَا بَقِيَّة، قَالَ: حَدثنِي ابْن جريج، عَن عَطاء، عَن ابْن عَبَّاس. ثمَّ قَالَ: هَكَذَا قَالَ هِشَام عَن بَقِيَّة، وَلَا يعرف من حَدِيث ابْن جريج. (1627) وَحَدِيث أبي هُرَيْرَة: " لَا نِكَاح إِلَّا بِإِذن الرجل وَالْمَرْأَة ". من رِوَايَة بَقِيَّة، عَن الْعمريّ، ثمَّ قَالَ: قد تقدم الْكَلَام فيهمَا. (1628) وَحَدِيث: " الامتحان بِالضَّرْبِ ". من رِوَايَة النُّعْمَان بن بشير. قَالَ: فِي إِسْنَاده بَقِيَّة عَن صَفْوَان، وَأحسن حَدِيثه مَا كَانَ عَن بحير بن سعد. (1629) وَحَدِيث: " من نسي الْأَذَان وَالْإِقَامَة " فِي بَاب السَّهْو. قَالَ بعده: أحسن حَدِيث بَقِيَّة، مَا كَانَ عَن بحير بن سعد. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 166 وَأَحَادِيث ذكرهَا فضعفها من أجل بَقِيَّة، نقض بذلك مَا ابتدأنا بِذكرِهِ من الْأَحَادِيث الَّتِي صححها بسكوته عَنْهَا، وَلم يبين أَنَّهَا من رِوَايَته. (1630) فَمن ذَلِك: حَدِيث أنس؛ أَنه عَلَيْهِ السَّلَام " طَاف على ثِنْتَيْ عشرَة امْرَأَة، لَا يمس فِي شَيْء من ذَلِك مَاء ". أتبعه أَن قَالَ: بَقِيَّة وَسَعِيد بن بشير لَا يحْتَج بهما، وَبَقِيَّة أَكثر. (1631) وَلما ذكر أَيْضا حَدِيث: " اقْتُلُوا شُيُوخ الْمُشْركين واستبقوا شرخهم ". أتبعه أَن قَالَ: حجاج بن أَرْطَاة وَسَعِيد بن بشير لَا يحْتَج بهما. فَهُوَ - كَمَا ترى - عِنْده أَضْعَف من سعيد بن بشير، وَسَعِيد بن بشير لَا يحْتَج بِهِ أصلا. (1632) وَحَدِيث ابْن عَبَّاس فِي " الأوقاص " فِي بَاب زَكَاة الْبَقر. أتبعه أَن قَالَ: بَقِيَّة لَا يحْتَج بِهِ. وَأعْرض من إِسْنَاده عَن المَسْعُودِيّ، وَهُوَ جد مختلط، وَرَأى أَن عِلّة الْخَبَر، إِنَّمَا هِيَ كَونه من رِوَايَة بَقِيَّة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 167 (1633) وَذكر فِي الطَّهَارَة حَدِيث دم الحبون. من رِوَايَة بَقِيَّة، عَن ابْن جريج، ثمَّ أتبعه قَول الدَّارَقُطْنِيّ: هَذَا بَاطِل عَن ابْن جريج، وَلَعَلَّ بَقِيَّة دلسه عَن رجل ضَعِيف. فَفِي هَذَا - كَمَا ترى - رمى بَقِيَّة باستباحة التَّدْلِيس بِإِسْقَاط الضُّعَفَاء، وَهُوَ مُفسد لعدالته إِن صَحَّ ذَلِك عَنهُ، بِخِلَاف التَّدْلِيس بِإِسْقَاط الثِّقَات. (1634) وَحَدِيث عبد الله بن بسر فِي " الثريدة بالسمن " ضعفه من أجل بَقِيَّة. وَقد تقدم فِي بَاب النَّقْص من الْأَسَانِيد، حَدِيث طَلَاق الْمُكْره وَيلْزم أَن يكون أعرض فِيهِ عَن بَقِيَّة، وَضَعفه بِغَيْرِهِ. (1635) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد حَدِيث وهب بن مانوس [عَن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 168 سعيد بن جُبَير، عَن أنس] أَنه قَالَ: " مَا صليت وَرَاء أحد أشبه صَلَاة برَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من عمر بن عبد الْعَزِيز، فَكَانَ يحزر رُكُوعه قدر عشر تسبيحات، وَسُجُوده كَذَلِك. وَسكت عَنهُ، ووهب هَذَا مَجْهُول الْحَال، وأظن أَن أَبَا مُحَمَّد قنع فِيهِ براوية جمَاعَة عَنهُ، فَإِنَّهُ قد روى عَنهُ إِبْرَاهِيم بن نَافِع وَإِبْرَاهِيم بن عمر بن كيسَان، وَهُوَ شَيْء لَا مقنع فِيهِ، فَإِن عَدَالَته لَا تثبت بذلك. (1636) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ حَدِيث نمير الْخُزَاعِيّ " أَنه رأى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَاعِدا فِي الصَّلَاة وَاضِعا يَده الْيُمْنَى على فَخذه الْيُمْنَى، رَافعا السبابَة، قد حناها شَيْئا ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 169 وَسكت عَنهُ، وَمَا مثله صحّح، فَإِنَّهُ لَا يروي عَن نمير الْمَذْكُور، إِلَّا ابْنه مَالك، وَهُوَ الَّذِي يروي عَنهُ هَذَا. وَمَالك بن نمير لَا تعرف لَهُ حَال، وَلَا يعلم روى عَنهُ غير عِصَام بن قدامَة، وَلَا يعرف أَيْضا لنمير غير هَذَا الحَدِيث، وَلم تعرف صحبته من قَول غَيره. (1637) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، حَدِيث أنس بن مَالك أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " حضهم على الصَّلَاة، ونهاهم أَن ينصرفوا قبل انْصِرَافه عَن الصَّلَاة ". وَسكت عَنهُ مصححا لَهُ، وَهُوَ حَدِيث يرويهِ أَبُو دَاوُد هَكَذَا: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْعَلَاء: أَبُو كريب، قَالَ: حَدثنَا حَفْص بن بغيل المرهبي، قَالَ: حَدثنَا زَائِدَة، عَن الْمُخْتَار بن فلفل عَن أنس. وَحَفْص بن بغيل لَا تعرف حَاله وَلَا يعرف روى عَنهُ غير أبي كريب وَأحمد بن بديل، فَأَما ابْن أبي حَاتِم فَإِنَّهُ لم يزدْ فِي ذكره إِيَّاه على أَن قَالَ: روى عَنهُ أَبُو كريب، فَهُوَ عِنْده مَجْهُول كَمَا قُلْنَاهُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 170 (1638) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا عَن معَاذ بن أنس الْجُهَنِيّ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من قعد فِي مُصَلَّاهُ حِين ينْصَرف من الصُّبْح حَتَّى يسبح رَكْعَتي الضُّحَى " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ متسامحا، وَهُوَ لَا يَصح، لِأَنَّهُ من رِوَايَة ابْن وهب، عَن يحيى بن أَيُّوب، عَن زبان، بن فائد، عَن سهل بن معَاذ عَن أَبِيه فَذكره. وَسَهل بن معَاذ ضَعِيف، وزبان بن فائد ضَعِيف، وَيحيى بن أَيُّوب قد تقدم عمله فِي أَحَادِيث، وَتَقَدَّمت فِي جُمْلَتهَا الْإِشَارَة إِلَى هَذَا الحَدِيث. وَقد نَص هُوَ على ضعف زبان بن فائد، وَسَهل بن معَاذ، حِين ذكر من عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ، حَدِيث عبد الله بن لَهِيعَة عَن زبان عَن سهل، عَن أَبِيه، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: (1639) " الضاحك فِي الصَّلَاة، والملتفت، والمفرقع أَصَابِعه بِمَنْزِلَة ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 171 ثمَّ قَالَ بإثره: كلهم ضعفاء. وَهُوَ كَمَا قَالَ، وَإِنَّمَا فعل ذَلِك فِيهِ لِأَنَّهُ مُتَضَمّن عِنْده حكما، وتسامح فِي الآخر، لِأَنَّهُ ثَوَاب عمل. (1640) وَذكر فِي الْجُمُعَة حَدِيث معَاذ بن أنس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من تخطى رِقَاب النَّاس يَوْم الْجُمُعَة، اتخذ جِسْرًا إِلَى جَهَنَّم ". ورده برشدين بن سعد، وَلم يعرض لسواه، وَرشْدِين إِنَّمَا يرويهِ عَن زبان ابْن فائد، عَن سهل بن معَاذ، عَن أَبِيه، كَذَلِك ذكره التِّرْمِذِيّ، وَمن عِنْده نَقله. (1641) وَذكر حَدِيث: " النَّهْي عَن الحبوة يَوْم الْجُمُعَة " من حَدِيث سهل بن معَاذ عَن أَبِيه. ثمَّ قَالَ: إِسْنَاده ضَعِيف. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 172 وَهُوَ حَدِيث كَمَا قَالَ، لضعف سهل بن معَاذ، وَلِأَنَّهُ إِنَّمَا يرويهِ عَنهُ أَبُو مَرْحُوم: عبد الرَّحِيم بن مَيْمُون، وَهُوَ أَيْضا ضَعِيف، قَالَه ابْن معِين، ذكر الحَدِيث أَبُو دَاوُد. وَقد حصل الْمَقْصُود، وَهُوَ أَن الحَدِيث المبدوء بِذكرِهِ إِنَّمَا طوى إِسْنَاده وتعليله تسامحا لما كَانَ من فَضَائِل الْأَعْمَال، وَإِلَّا فَهُوَ ضَعِيف على مذْهبه. (1642) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ حَدِيث أبي ذَر، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا قَامَ أحدكُم للصَّلَاة فَلَا يمسح الْحَصَى، فَإِن الرَّحْمَة تواجهه ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 173 قَالَ: وَفِي مُسْند سُفْيَان: " فَلَا يمسح إِلَّا مرّة ". كَذَا أوردهُ ساكتا عَنهُ مصححا لَهُ، وَهُوَ حَدِيث إِنَّمَا يرويهِ سُفْيَان، عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي الْأَحْوَص، عَن أبي ذَر، وَكَذَا هُوَ فِي مُسْند سُفْيَان بِاللَّفْظِ الَّذِي ذكره. وَأَبُو الْأَحْوَص هَذَا، تفرد الزُّهْرِيّ بالرواية عَنهُ، وَلم يرو عَنهُ إِلَّا حديثين، هَذَا أَحدهمَا. (1643) وَالْآخر حَدِيثه عَن أبي ذَر أَيْضا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 174 يزَال الله عز وَجل مُقبلا على العَبْد فِي صلَاته مَا لم يلْتَفت، فَإِذا الْتفت انْصَرف عَنهُ ". وَقد ذكر أَبُو مُحَمَّد أَحَادِيث كَثِيرَة فِي الِالْتِفَات، وَلم يذكر هَذَا الحَدِيث فِي جُمْلَتهَا، وَلَيْسَ فِيمَا ذكر شَيْء صَحِيح إِلَّا حَدِيث عَائِشَة. (1644) " إِن الِالْتِفَات اختلاسة يختلسها الشَّيْطَان من صَلَاة العَبْد ". ذكره من عِنْد البُخَارِيّ. وَقد كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَن كَانَ حَدِيثه هَذَا فِي الِالْتِفَات [أَن يُورِدهُ] ، فَإِنَّهُمَا حديثان لَا ثَالِث لَهما، من رِوَايَة أبي الْأَحْوَص الْمَذْكُور، وَهُوَ لَا تعرف لَهُ حَال، وَلَا قضى لَهُ بالثقة مَا رَوَاهُ يُونُس عَن ابْن شهَاب من قَوْله: " سَمِعت أَبَا الْأَحْوَص يحدث فِي مجْلِس سعيد بن الْمسيب " وَقد روى الدوري عَن ابْن معِين أَنه قَالَ: أَبُو الْأَحْوَص الَّذِي روى عَنهُ الزُّهْرِيّ لَيْسَ بِشَيْء. وَأمره بَين، وَلَو لم يقل ذَلِك ابْن معِين. (1645) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن زِيَاد بن علاقَة قَالَ: " صلى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 175 بِنَا الْمُغيرَة بن شُعْبَة فَنَهَضَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ مصححا لَهُ، وَمَا مثله صحّح؛ فَإِنَّهُ من رِوَايَة المَسْعُودِيّ، عَن زِيَاد بن علاقَة. والمسعودي، هُوَ عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن عتبَة بن عبد الله بن مَسْعُود، وَهُوَ مختلط، اشْتَدَّ مَا أَصَابَهُ من ذَلِك حَتَّى كَانَ لَا يعقل، فضعف حَدِيثه، وَلم يتَمَيَّز فِي الْأَغْلَب مَا رُوِيَ عَنهُ بعد اخْتِلَاطه مِمَّا رُوِيَ عَنهُ فِي الصِّحَّة. قَالَ أَبُو النَّضر هَاشم بن الْقَاسِم: إِنِّي لأعرف الْيَوْم الَّذِي اخْتَلَط فِيهِ المَسْعُودِيّ، كُنَّا عِنْده وَهُوَ يعزى فِي ابْن لَهُ، إِذْ جَاءَهُ إِنْسَان فَقَالَ لَهُ: إِن غلامك أَخذ عشرَة آلَاف من مَالك وفر، فَفَزعَ وَقَامَ، فَدخل إِلَى منزله ثمَّ خرج إِلَيْنَا وَقد اخْتَلَط. وَقَالَ أَحْمد بن عُثْمَان بن حَكِيم الأودي: قَالَ لي أَبُو نعيم: لَو رَأَيْت رجلا فِي قبَاء سَواد وشاشية، وَفِي وَسطه خنجر، وَلَا أعلمهُ إِلَّا قَالَ: مَكْتُوب بَين كَتفيهِ: " فَسَيَكْفِيكَهُم الله " كنت تكْتب عَنهُ؟ قلت: لَا، قَالَ: فقد رَأَيْت المَسْعُودِيّ فِي هَذِه الْحَالة يَعْنِي من شدَّة اخْتِلَاطه. وَقد يظنّ من لَا يُحَقّق أَن أَخَاهُ أَبَا العميس هُوَ الَّذِي يُقَال لَهُ المَسْعُودِيّ، وَمن ظن هَذَا فقد أَخطَأ، بل إِذا ذكر أَبُو العميس فَإِنَّمَا يعرف أَنه أَخُو المَسْعُودِيّ، وَذَلِكَ بَين فِي كتب الرِّجَال. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 176 وَاسم أبي العميس، عتبَة بن عبد الله بن عتبَة، بن عبد الله بن مَسْعُود، وَالْأَمر فِي هَذَا وَفِي اخْتِلَاط المَسْعُودِيّ أبين شَيْء، وَمَا أرَاهُ اعتراه فِيهِ إِلَّا مَا اعترى أَبَا مُحَمَّد بن حزم: من ظَنّه أَبَا العميس، وَهُوَ كثيرا مَا يتبعهُ فِي صَوَابه وخطئه، وَيحْتَمل أَن يكون خَفِي عَلَيْهِ أمره، وَهُوَ أبعد الِاحْتِمَالَيْنِ، وَقد تبع عمله هَذَا فِي الْإِعْرَاض عَن المَسْعُودِيّ، وَقد تقدّمت الْآن الْإِشَارَة إِلَيْهِ عِنْد ذكر بَقِيَّة. (1646) وَمِنْهَا حَدِيث: " بيع المحفلات خلابة وَلَا تحل خلابة مُسلم ". هُوَ من رِوَايَة المَسْعُودِيّ، عَن جَابر الْجعْفِيّ، وَهُوَ فِي إعراضه فِي هَذَا عَن المَسْعُودِيّ أعذر، بِشدَّة ضعف جَابر الْجعْفِيّ، الَّذِي اعْتمد فِي رد هَذَا الحَدِيث فَاكْتفى بذلك. (1647) وَمِنْهَا - وَهِي أصعبها عَلَيْهِ - أَنه ذكر فِي الاسْتِسْقَاء زِيَادَة من عِنْد البُخَارِيّ عَن المَسْعُودِيّ، فِي جعل الْيَمين على الشمَال فِي تَحْويل الرِّدَاء. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 177 وَهَذَا إِنَّمَا هُوَ شَيْء علقه البُخَارِيّ، وَلم يُوصل إِسْنَاده، وَهُوَ دائبا يعلق فِي الْأَبْوَاب من الْأَحَادِيث مَا لَيْسَ من شَرطه، وَيكْتب توصيل بعض ذَلِك الروَاة عَنهُ فِي حَاشِيَة الْموضع، وَلَا يعد ذَلِك مِمَّا أخرج، وَلذَلِك لم يعْتَقد أحد فِي المَسْعُودِيّ أَنه من رجال كتاب البُخَارِيّ وَلَا ذكره فيهم أحد مِمَّن ألف فِي ذَلِك، كالدارقطني، وَالْحَاكِم، واللالكائي والباجي وَغَيرهم. فَإذْ قد كتب أَبُو مُحَمَّد هَذِه الزِّيَادَة وَعَزاهَا إِلَى البُخَارِيّ فَإِنَّهُ - وَالله أعلم - اعْتقد فِي المَسْعُودِيّ أَنه أَبُو العميس أَخُوهُ، وَذَلِكَ أشهر فِي الْخَطَأ. وَسَيَأْتِي بعد هَذَا بِيَسِير ذكر هَذَا الحَدِيث مرّة أُخْرَى فِي مَوْضِعه من نسق التصنيف، فَأَما هَاهُنَا فَإِنَّمَا انجر ذكره. (1648) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ حَدِيث يعلى بن مرّة فِي صَلَاة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على رَاحِلَته فِي الطين. وَأتبعهُ قَول التِّرْمِذِيّ فِيهِ: غَرِيب، تفرد بِهِ عمر بن الرماح، وَقد روى عَنهُ غير وَاحِد من أهل الْعلم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 178 لم يزدْ على هَذَا، وَهُوَ فِي حكم مَا سكت عَنهُ، فَإِن قَوْله: " غَرِيب " لَا يقْضى لَهُ بِصِحَّة، وَلَا ضعف، وَلَا حسن؛ فَإِن الغرابة تكون فِي الْأَنْوَاع الثَّلَاثَة. والْحَدِيث الْمَذْكُور يرويهِ ابْن الرماح، وَهُوَ ثِقَة عَن كثير بن زِيَاد أبي سهل، وَهُوَ ثِقَة، عَن عَمْرو بن عُثْمَان بن يعلى بن أُميَّة، عَن أَبِيه، عَن جده. وَعَمْرو بن عُثْمَان، لَا تعرف حَاله، وَكَذَلِكَ أَبوهُ عُثْمَان. (1649) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن أبي هُرَيْرَة: " كَانَت قِرَاءَة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِاللَّيْلِ يرفع طورا ويخفض طورا ". وَسكت عَنهُ مصححا، وَهُوَ حَدِيث إِنَّمَا يرويهِ عمرَان بن زَائِدَة، عَن أَبِيه، عَن أبي خَالِد الْوَالِبِي عَن أبي هُرَيْرَة. وزائدة بن نشيط وَالِد عمرَان، لَا تعرف حَاله، وَلَا يعلم إِلَّا بِرِوَايَة ابْنه عَنهُ، وَسَيَأْتِي لَهُ ذكر فِي هَذَا الْبَاب فِي حَدِيث آخر إِن شَاءَ الله. (1650) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا عَن ابْن عَبَّاس: " كَانَت قِرَاءَة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 179 رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على قدر مَا يسمعهُ من فِي الْبَيْت، وَهُوَ فِي الْحُجْرَة ". وَسكت عَنهُ مصححا لَهُ، وَهُوَ إِنَّمَا يرويهِ ابْن أبي الزِّنَاد، عَن عَمْرو بن أبي عَمْرو، مولى الْمطلب، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس. وأظن أَنه تسَامح فِيهِ لما لم يكن فِيهِ أَمر وَلَا نهي، وَإِنَّمَا هُوَ فعل من أَفعاله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام. وَإِن كَانَ ذَلِك فخذله من هَاهُنَا أَنه لم يقْتَصر فِي تسامحه على مَا هُوَ من قبيل الْحَث وَالتَّرْغِيب والإخبار عَن الثَّوَاب فَقَط، بل وَفِيمَا من الْأَفْعَال مِمَّا لَيْسَ أمرا وَلَا نهيا. وَإِن كَانَ لم ينْزع هَذَا المنزع، وَإِنَّمَا صَححهُ بسكوته، فقد نَاقض بذلك مَا علم من مذْهبه فِي تَضْعِيف رجلَيْنِ من هَذَا الْإِسْنَاد وهما: ابْن أبي الزِّنَاد، وَعَمْرو بن أبي عَمْرو الْمَذْكُور. وَقد تبين تناقضه فِي عَمْرو بن أبي عَمْرو من غير هَذَا الحَدِيث، وَذَلِكَ أَنه لما ذكر حَدِيث: (1561) " إِن النّذر لَا يقرب من ابْن آدم شَيْئا لم يكن الله قدره لَهُ ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 180 سكت عَنهُ، وَلم يلْتَفت من إِسْنَاده على عَمْرو بن أبي عَمْرو بن أبي عَمْرو، لما كَانَ الحَدِيث من عِنْد مُسلم. (1652) وَذكر حَدِيث جَابر: " بِسم الله وَالله أكبر، هَذَا عني وَعَمن لم يضح من أمتِي ". وَلم يعرض لَهُ، وَهُوَ من رِوَايَته، ورده بِكَوْن الْمطلب لَا يعرف لَهُ سَماع من جَابر. (1653) وَذكر حَدِيث: " إِذا دخل رَمَضَان شدّ مِئْزَره فَلم يأو إِلَى فرَاشه حَتَّى يَنْسَلِخ ". ثمَّ قَالَ: حَدِيث مُسلم أصح إِسْنَادًا وَأجل. (1654) وَذكر عِنْد البُخَارِيّ عَن أنس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اللَّهُمَّ إِنِّي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 181 أعوذ بك من الْهم والحزن، وَالْعجز، والكسل، والجبن، وَالْبخل، وضلع الدَّين، وَغَلَبَة الرِّجَال ". وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا يرويهِ عَن أنس، عَمْرو بن أبي عَمْرو. (1655) وَذكر حَدِيث: " اقْتُلُوا الْفَاعِل وَالْمَفْعُول بِهِ ". (1656) وَحَدِيث: " اقْتُلُوهُ واقتلوا الْبَهِيمَة ". وَذكر كَلَامهم فِي عَمْرو بن أبي عَمْرو وَاخْتِلَافهمْ فِيهِ، وأوعب فِي ذَلِك، وَظهر من أمره أَنه قواه. (1657) وَكَذَلِكَ حَدِيث: " الَّذِي يعْمل عمل قوم لوط، وَيَقَع على ذَات محرم ". فَهَذَا مَا قوى فِيهِ عَمْرو بن أبي عَمْرو من الْأَحَادِيث. فَأَما مَا نَاقض بِهِ تَضْعِيفه الْأَحَادِيث من أَجله: (1658) فَمن ذَلِك حَدِيث الَّذِي جَاءَ بِمثل بَيْضَة من ذهب، وَكَانَ غَرِيمه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 182 قد لزمَه، فضمنه النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. ذكره فِي الْجِهَاد فِي الْمَعَادِن، من رِوَايَة عَمْرو الْمَذْكُور، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس. ثمَّ قَالَ: إِسْنَاده لَا تقوم بِهِ حجَّة. وَلَيْسَ دون عَمْرو من يضعف بِهِ، وَإِنَّمَا عَنى بذلك عمرا. (1659) وَذكر فِي الْجَنَائِز حَدِيث: " لَيْسَ عَلَيْكُم فِي ميتكم غسل " من عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ. ثمَّ قَالَ: عَمْرو بن أبي عَمْرو لَا يحْتَج بِهِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 183 (1660) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ، عَن عَمْرو بن أبي عَمْرو، عَن الْمطلب، عَن جَابر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " صيد الْبر لكم حَلَال، مَا لم تصيدوه أَو يصد لكم ". ثمَّ قَالَ: عَمْرو بن أبي عَمْرو، لَيْسَ بِالْقَوِيّ، وَإِن كَانَ مَالك قد روى عَنهُ. فَفِي هَذَا تَقْوِيَة عَمْرو، وَلكنه لَيْسَ بأقوى مَا يكون، وَبِالْجُمْلَةِ فالرجل مستضعف، وَأَحَادِيثه تدل على حَاله. فَأَما ابْن أبي الزِّنَاد، فَإِنَّهُ سكت عَنهُ فِي هَذَا الحَدِيث. (1661) وَفِي حَدِيث عَائِشَة: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يفضل بَعْضنَا على بعض فِي الْقسم ". (1662) وَفِي حَدِيث المجامع فِي رَمَضَان، فِي زِيَادَة من طَرِيقه. (1663) وَفِي حَدِيث: " إِن الشَّيْطَان يهم بِالْوَاحِدِ ". (1664) وَفِي حَدِيث: " تنفل سَيْفه ذَا الفقار يَوْم بدر ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 184 (1665) وَفِي حَدِيث نيار بن مكرم فِي مراهنة أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ الْمُشْركين على غَلَبَة الرّوم فَارس. وَأتبعهُ تَصْحِيح التِّرْمِذِيّ إِيَّاه. وَضعف من أَجله أَحَادِيث، مِنْهَا: (1666) حَدِيث: " نهى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يقتني الْكَلْب إِلَّا صَاحب غنم، أَو خَائِف، أَو صائد ". أتبعه أَن قَالَ: عبد الرَّحْمَن هَذَا ضَعِيف عِنْدهم. (1667) وَحَدِيث: " من كَانَ لَهُ شعر فليكرمه ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 185 تَبرأ من عهدته، بتبيين كَونه من رِوَايَة ابْن أبي الزِّنَاد. (1668) وَحَدِيث: " الْهِرَّة من مَتَاع الْبَيْت ". أتبعه أَن قَالَ: ابْن أبي الزِّنَاد مَعَ ضعفه يكْتب حَدِيثه. وَلما ذكر أَبُو حَاتِم البستي عبد الرَّحْمَن بن أبي الزِّنَاد، قَالَ فِيهِ: ينْفَرد بالمقلوبات من سوء حفظه، وَكَثْرَة خطئه. فَالْحَدِيث المبدوء بِذكرِهِ لَيْسَ بِصَحِيح، فسكوته عَنهُ كَمَا يسكت عَمَّا لَا شكّ فِي صِحَّته خطأ. فَاعْلَم ذَلِك. (1669) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد أَيْضا، عَن عقبَة بن عَامر، قَالَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 186 رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الجاهر بِالْقُرْآنِ كالجاهر بِالصَّدَقَةِ " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَفعل من ذَلِك مَا يجب على أَصله فِيمَا يرويهِ إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش عَن الشاميين أهل بَلَده، فَإِن هَذَا الحَدِيث يرويهِ إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، عَن بحير بن سعد، عَن خَالِد بن معدان، عَن كثير بن مرّة، عَن عقبَة بن عَامر. وَلَكِن من حَيْثُ هُوَ مُخْتَلف فِيهِ - بِحَيْثُ ضعفه قوم على الْإِطْلَاق، وَوَثَّقَهُ قوم عَن الشاميين - يجب أَن يُقَال لحديثه: حسن. وَقد تكَرر سُكُوته عَن الْأَحَادِيث لم يبين أَنَّهَا من رِوَايَته. (1670) من ذَلِك حَدِيث ثَوْبَان: " ثَلَاث لَا يحل لأحد أَن يفعلهن: لَا يؤم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 187 رجل قوما فيخص نَفسه بِالدُّعَاءِ دونهم ". الحَدِيث من عِنْد أبي دَاوُد. (1671) وَحَدِيث مَالك بن يسَار فِي الاسْتِسْقَاء. (1672) وَحَدِيث: " قضى بالسلب للْقَاتِل وَلم يخمسه ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 188 (1673) وَحَدِيث: " إِن الله قد أعْطى كل ذِي حق حَقه فَلَا وَصِيَّة لوَارث ". وأبرز من إِسْنَاده إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، عَن شُرَحْبِيل بن مُسلم، عَن أبي أُمَامَة وَأتبعهُ تَصْحِيح التِّرْمِذِيّ إِيَّاه. (1674) وَحَدِيث: " من أفلس فَوجدَ رجل مَتَاعه بِعَيْنِه أَو مَاتَ ". أَيْضا رَوَاهُ من طَرِيق إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، عَن الزبيدِيّ، وَهُوَ شَامي. (1675) وَحَدِيث: " بِحَسب ابْن آدم أكلات يقمن صلبه ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 189 أتبعه تَصْحِيح التِّرْمِذِيّ إِيَّاه. وَهُوَ من رِوَايَة إِسْمَاعِيل، عَن أبي سَلمَة الْحِمصِي وحبِيب بن صَالح. (1676) وَحَدِيث الِاسْتِثْنَاء فِي الْعتْق. ضعفه بحميد بن مَالك، وَلم يعرض لَهُ من جِهَة إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش. (1677) وَلما ذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ حَدِيث الْمِقْدَام بن معد يكرب: " فِيمَن نزل بِقوم فَلم يقروه، فَأخذ مِنْهُم ثمن قراه ثَلَاثَة أَيَّام فَلَا إِثْم عَلَيْهِ ". أتبعه أَن قَالَ: إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش ضَعِيف عِنْد جَمِيعهم إِلَّا فِي الشاميين، وَلَيْسَ هَذَا الحَدِيث بشامي. هَذَا كُله مِنْهُ مُتَّفق عَلَيْهِ مطرد، وَلم أجد لَهُ من عمله مَا ينْقضه، إِلَّا أَنه لما ذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ حَدِيث: (1678) " لَيْسَ لقَاتل مِيرَاث " من رِوَايَة ابْن جريج وَيحيى بن سعيد، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 190 عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن عمر بن الْخطاب. أتبعه التَّعْلِيل بالمخالفة، مِمَّن جعله عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن عمر بن الْخطاب. وَلم يبين أَنه من رِوَايَة إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، عَن ابْن جريج وَيحيى بن سعيد، وليسا بشاميين. (1679) وَاتفقَ لَهُ، فِي حَدِيث الرجل الَّذِي قتل عَبده مُتَعَمدا فجلده النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مائَة جلدَة، ونفاه سنة، ومحا سَهْمه من الْمُسلمين، وَلم يقده بِهِ، وَأمره أَن يعْتق رَقَبَة أَن قَالَ: فِي إِسْنَاده إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، وَهُوَ ضَعِيف فِي غير الشاميين، قَالَ: وَهَذَا الْإِسْنَاد حجازي، مَا بَينته بَيَانا شافيا فِي بَاب الْأَشْيَاء الَّتِي تَغَيَّرت فِي نَقله أَو بعده عَمَّا هِيَ عَلَيْهِ من قَوْله: إِن إِسْنَاده هَذَا الحَدِيث حجازي، وَلَيْسَ كَذَلِك، بل هُوَ كُله شَامي. والْحَدِيث الْمَذْكُور المبدوء بِذكرِهِ قد رَوَاهُ غير عقبَة بن عَامر، ذكره بَقِي ابْن مخلد من حَدِيث أبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ مثله سَوَاء، إِلَّا أَنه أَيْضا لَا يَصح، فَإِنَّهُ من رِوَايَة الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن، وَفِيه يحيى بن عبد الحميد الْحمانِي. وَحَدِيث عقبَة أحسن مِنْهُ، فَلذَلِك لم نطل بِذكرِهِ بِإِسْنَادِهِ وَنَصه، فَاعْلَم ذَلِك. (1680) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد أَيْضا، حَدِيث ابْن عمر: " رحم الله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 191 امْرأ صلى قبل الْعَصْر أَرْبعا ". وَسكت عَنهُ متسامحا فِيمَا أرى، لكَونه من رغائب الْأَعْمَال، وَهُوَ حَدِيث يرويهِ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن مهْرَان [الْقرشِي، حَدثنِي جدي أَبُو الْمثنى، عَن ابْن عمر. مُحَمَّد بن الْمثنى الْقرشِي] يكنى أَيْضا أَبَا الْمثنى، وَهُوَ مُحَمَّد بن مهْرَان ابْن مُسلم بن مهْرَان كَذَا يَقُول ابْن معِين. وَقَالَ غَيره: مُحَمَّد بن مهْرَان بن مُسلم بن الْمثنى. وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو أَحْمد يَقُولَانِ: مُحَمَّد بن مُسلم بن مهْرَان بن مُسلم ابْن الْمثنى. وَمُسلم بن الْمثنى، هُوَ جده، يكنى أَبَا الْمثنى، وَهُوَ مُؤذن مَسْجِد الْكُوفَة، وَهُوَ ثِقَة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 192 فَأَما حفيده مُحَمَّد بن مهْرَان فوثقه ابْن معِين. وَقَالَ فِيهِ أَبُو زرْعَة: واهي الحَدِيث. وَقَالَ عَمْرو بن عَليّ: روى عَنهُ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ أَحَادِيث مُنكرَة. وَلم يرضه يحيى الْقطَّان. وَهَذَا الحَدِيث - كَمَا ترى - هُوَ من رِوَايَة أبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ عَنهُ، وَقد ذكره أَبُو أَحْمد فِي جملَة مَا أورد مِمَّا أنكر عَلَيْهِ، وَقَالَ فِي بَابه: إِن حَدِيثه يسير، لَا يتَبَيَّن بِهِ صدقه من كذبه. (1681) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا عَن ابْن عَبَّاس: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُطِيل الْقِرَاءَة فِي الرَّكْعَتَيْنِ بعد الْمغرب، حَتَّى يتفرق أهل الْمَسْجِد ". وَسكت عَنهُ أَيْضا متسامحا فِيهِ - فِيمَا أرى - وَهُوَ حَدِيث لَا يَصح. وَإِسْنَاده هُوَ هَذَا: قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا حُسَيْن بن عبد الرَّحْمَن الجرجرائي قَالَ: حَدثنَا طلق بن غَنَّام قَالَ: حَدثنَا يَعْقُوب بن عبد الله، عَن جَعْفَر بن أبي الْمُغيرَة، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس، فَذكره. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 193 حَدثنَا مُحَمَّد بن عِيسَى بن الطباع، عَن نصر المجدر عَن يَعْقُوب القمي بِإِسْنَادِهِ مثله. وَإِنَّمَا لم يقل فِيهِ: " صَحِيح " لِأَن جَعْفَر بن أبي الْمُغيرَة الْخُزَاعِيّ، القمي، لم تثبت عَدَالَته، وَإِنَّمَا هُوَ من المساتير وَقد روى عَنهُ مطرف بن طريف، وَأَشْعَث بن إِسْحَاق القمي، وثعلبة بن سهل، وَأَبُو السَّوْدَاء، وَيَعْقُوب بن عبد الله القمي، وَأَشْعَث بن سوار، قَالَه أَبُو حَاتِم. وَلم يذكر لَهُ حَالا، فَهِيَ عِنْده مَجْهُولَة، فَالْحَدِيث من أَجله حسن فَاعْلَم ذَلِك. (1682) وَذكر حَدِيث أبي هُرَيْرَة فِي " مُخَالفَة الطَّرِيق يَوْم الْعِيد " من عِنْد البُخَارِيّ، وَالتِّرْمِذِيّ. وَقد تقدّمت الْإِشَارَة إِلَيْهِ فِي هَذَا الْبَاب، حِين مر ذكر فليح بن سُلَيْمَان، فَإِنَّهُ من رِوَايَته. (1683) وَذكر من طَرِيق البُخَارِيّ فِي حَدِيث الاسْتِسْقَاء زِيَادَة " جهر فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 194 ثمَّ قَالَ: وَزَاد عَن المَسْعُودِيّ: " جعل الْيَمين على الشمَال " فِي قلب الرِّدَاء [وَلَا تثبت] لِأَنَّهَا من رِوَايَته. وَقد فَرغْنَا من ذكره فِيمَا تقدم من هَذَا الْبَاب. وَلَا يَنْبَغِي أَيْضا أَن تعزى إِلَى البُخَارِيّ فَإِنَّهَا معلقَة عِنْده، لم يُوصل بهَا إِسْنَاده. وَنَصّ مَا عمل فِي ذَلِك، هُوَ أَن ذكر حَدِيث عبد الله بن يزِيد، من طَرِيق عباد بن تَمِيم عَنهُ، من رِوَايَة رجلَيْنِ عَن عباد: أَحدهمَا أَبُو بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم، وَالْآخر، ابْنه عبد الله بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم فَكَانَ من طَرِيق عبد الله بن أبي بكر هَذَا الطَّرِيق: حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد، حَدثنَا سُفْيَان، عَن عبد الله بن أبي بكر، سمع عباد بن تَمِيم، عَن عَمه قَالَ: " خرج رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى الْمصلى يَسْتَسْقِي، واستقبل الْقبْلَة، فصلى رَكْعَتَيْنِ، وقلب رِدَاءَهُ ". قَالَ سُفْيَان، أَخْبرنِي المَسْعُودِيّ عَن أبي بكر قَالَ: " جعل الْيَمين على الشمَال ". هَذَا نَص مَا أورد، فَفِيهِ شَيْئَانِ: أَحدهمَا أَن سُفْيَان لَا نَدْرِي من وصل عَنهُ ذَلِك إِلَى البُخَارِيّ، فَإِنَّهُ يحْتَمل أَن يكون ذَلِك مِمَّا حَدثهُ بِهِ عبد الله بن مُحَمَّد عَنهُ، وَيحْتَمل أَن يكون علقه غير موصل، وَلذَلِك لَا يعد أحد المَسْعُودِيّ من رُوَاة الْكتاب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 195 وَالشَّيْء الآخر، أَن أَبَا بكر بن مُحَمَّد الَّذِي حدث بذلك المَسْعُودِيّ [000] لم يقل لنا عَمَّن أَخذه، وكما يجوز أَن يكون أَخذهَا عَن عباد بن تَمِيم، أَو عَنهُ يروي الْقِصَّة، فَكَذَلِك يجوز أَن يكون أَخذهَا عَن غَيره وَلم يذكرهُ، وأرسلها إرْسَالًا، وَذكر الزِّيَادَة الْمَذْكُورَة على أَنَّهَا مِمَّا أخرج البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح خطأ، فَاعْلَم ذَلِك. (1684) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ، حَدِيث سَمُرَة بن جُنْدُب: " بَينا أَنا وَغُلَام من أنصار نرمي غرضين لنا " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَمَا مثله صحّح، فَإِنَّهُ حَدِيث يرويهِ ثَعْلَبَة بن عباد، عَن سَمُرَة. وَهُوَ رجل من الْبَصْرَة، عَبدِي النّسَب، لَا يعرف بِغَيْر هَذَا، رَوَاهُ عَنهُ الْأسود بن قيس، وَهُوَ وَإِن كَانَ ثِقَة، فَإِنَّهُ قد عهد يروي عَن مَجَاهِيل، قَالَه ابْن الْمَدِينِيّ، وثعلبة هَذَا مِنْهُم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 196 وَلما ذكر أَبُو مُحَمَّد بن حزم هَذَا الحَدِيث، قَالَ فِي ثَعْلَبَة الْمَذْكُور: إِنَّه مَجْهُول. وَهُوَ كَمَا قَالَ. (1685) وَذكر فِي سُجُود الْقُرْآن، من طَرِيق مُسلم حَدِيث ابْن عمر: " رُبمَا قَرَأَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْقُرْآن، فيمر بِالسَّجْدَةِ فَيسْجد بِنَا " (الحَدِيث) . وَأتبعهُ أَن قَالَ: وَقَالَ أَبُو دَاوُد: " كبر وَسجد ". وَسكت عَن هَذِه الزِّيَادَة مصححا لَهَا، وَإِنَّمَا هِيَ عِنْد أبي دَاوُد من رِوَايَة الْعمريّ. قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن الْفُرَات الرَّازِيّ، أَبُو مَسْعُود، أخبرنَا عبد الرَّزَّاق، أخبرنَا عبد الله بن عمر، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقْرَأ علينا الْقُرْآن، فَإِذا مر بِالسَّجْدَةِ كبر وَسجد وسجدنا مَعَه ". قَالَ عبد الرَّزَّاق: كَانَ الثَّوْريّ يُعجبهُ هَذَا الحَدِيث: قَالَ أَبُو دَاوُد: يُعجبهُ، لِأَنَّهُ كبر. فَهَذَا - كَمَا ترى - إِنَّمَا هُوَ من رِوَايَة عبد الله بن عمر الْعمريّ. فَإِن قيل: فَلَعَلَّهُ تصحف عَلَيْهِ بأَخيه عبيد الله بن عمر فَظَنهُ إِيَّاه، أَو عَلَيْك، فظننته عبد الله، وَهُوَ عبيد الله. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 197 فَالْجَوَاب أَن نقُول: رَاوِي هَذَا الحَدِيث عِنْد أبي دَاوُد، هُوَ عبد الله مكبر كَمَا ذَكرْنَاهُ وعَلى ذَلِك أوردهُ أَبُو مُحَمَّد فِي كِتَابه الْكَبِير بِإِسْنَادِهِ. وَأتبعهُ ذكر اخْتلَافهمْ فِي عبد الله بن عمر الْعمريّ، على نَحْو مَا تقدم لَهُ إِثْر حَدِيث: (1686) " إِنَّمَا النِّسَاء شقائق الرِّجَال " فِي احْتِلَام الْمَرْأَة. فَإِنَّهُ قد ضعف ذَلِك الحَدِيث من أَجله، وَذكر اخْتِلَاف الْمُحدثين فِيهِ. (1687) وَكَذَلِكَ فعل أَيْضا فِي حَدِيث: " أول الْوَقْت رضوَان الله " فَإِنَّهُ رده من أَجله، وَترك فِي الْإِسْنَاد متروكا لَا خلاف فِيهِ. لم يعرض لَهُ. فَكَانَ ذَلِك عجبا من فعله. (1688) وَكَذَلِكَ فعل أَيْضا فِي حَدِيث نَافِع عَن ابْن عمر، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا نكح العَبْد بِغَيْر إِذن سَيّده فنكاحه بَاطِل ". فَإِنَّهُ أتبعه أَن قَالَ: فِيهِ الْعمريّ، وَهُوَ ضَعِيف عِنْد أهل الحَدِيث. وَهَذَا الَّذِي عمل بِهِ فِي هَذِه الْأَحَادِيث: من تضعيفها من أجل الْعمريّ، هُوَ الْأَقْرَب إِلَى الصَّوَاب، وأصوب مِنْهُ أَن يُقَال فِيمَا لَا عيب لَهُ إِلَّا الْعمريّ: إِنَّه حسن، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 198 فَإِنَّهُ رجل مُخْتَلف فِيهِ، فَمن النَّاس من يوثقه ويثني عَلَيْهِ، وَمِنْهُم من يُضعفهُ. فَأَما سُكُوته عَن هَذَا الحَدِيث مصححا لَهُ - وَهُوَ من رِوَايَة الْعمريّ - فَغير صَوَاب، وَقد تكَرر ذَلِك من عمله فِي أَحَادِيث. (1689) مِنْهَا حَدِيث: " يخْطب ثمَّ يجلس فَلَا يتَكَلَّم، ثمَّ يقوم فيخطب " من عِنْد أبي دَاوُد. (1690) وَحَدِيث: " يَأْتِي الْجمار فِي الْأَيَّام الثَّلَاثَة مَاشِيا ". (1691) وَحَدِيث: " إقطاع الزبير حضر فرسه ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 199 لم يبين فِي هَذِه الثَّلَاثَة الْأَحَادِيث أَنَّهَا من رِوَايَة الْعمريّ، وَسكت عَنْهَا مصححا لَهَا. (1692) فَأَما حَدِيث: " من زار قَبْرِي وَجَبت لَهُ شَفَاعَتِي ". فَإِنَّهُ سكت عَنهُ، وَهُوَ فِي إِسْنَاده الْعمريّ، ومُوسَى بن هِلَال، وَلم يعرض لوَاحِد مِنْهُمَا، وَلَكِن لَا أرَاهُ صَححهُ، لَكِن تسَامح فِيهِ، لِأَنَّهُ من رغائب الْأَعْمَال. (1693) وَحَدِيث: " الأصلع يمر الموسى على رَأسه ". ضعفه بِعَبْد الْكَرِيم بن روح، وَلم يعرض للعمري وَهُوَ من رِوَايَته. (1694) وَحَدِيث: " إِن الْغناء ينْبت النِّفَاق فِي الْقلب ". سَاقه من عِنْد أبي أَحْمد، من طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن عبد الله الْعمريّ، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 200 فضعفه بِعَبْد الرَّحْمَن، وَأعْرض عَن أَبِيه، إِلَّا أَنه بَين فِي ذكره إِيَّاه أَنه من رِوَايَته. وَقد قُلْنَا إِن الَّذِي يَنْبَغِي أَن يُقَال بِهِ فِي أَحَادِيث الْعمريّ: إِنَّهَا حسان، فَأَما تصحيحها فَلَا، وَالله أعلم. (1695) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد أَيْضا، حَدِيث ابْن مَسْعُود، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كَانَ إِذا تشهد قَالَ: الْحَمد لله نستعينه وَنَسْتَغْفِرهُ " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث يرويهِ قَتَادَة، عَن عبد ربه، عَن أبي عِيَاض عَنهُ. وَعبد ربه، هُوَ ابْن يزِيد لَا يعرف روى عَنهُ غير قَتَادَة، وَلَيْسَ فِيهِ مزِيد. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 201 (1696) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا، عَن أبي هُرَيْرَة: عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 202 قَالَ: " قد اجْتمع فِي يومكم هَذَا عيدَان، فَمن شَاءَ أَجزَأَهُ من الْجُمُعَة " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة بَقِيَّة. وَقَالَ الْبَزَّار: لَا نعلمهُ رَوَاهُ عَن شُعْبَة إِلَّا بَقِيَّة، يرويهِ بَقِيَّة قَالَ: حَدثنَا شُعْبَة، عَن الْمُغيرَة الضَّبِّيّ، عَن عبد الْعَزِيز بن رفيع، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة. وَقد رَوَاهُ عَن عبد الْعَزِيز بن رفيع، زِيَاد بن عبد الله البكائي، ذكره الْبَزَّار. وَهُوَ أَيْضا ضَعِيف، وَمِنْهُم من يكذبهُ. (1697) وَذكر فِي ذَلِك من طَرِيقه أَيْضا حَدِيث زيد بن أَرقم، حِين الجزء: 4 ¦ الصفحة: 203 سَأَلَهُ مُعَاوِيَة. وَسكت عَنهُ أَيْضا، وَهُوَ من رِوَايَة إِيَاس بن أبي رَملَة [قَالَ ابْن الْمُنْذر: لَا يثبت هَذَا، فَإِن إياسا] مَجْهُول. وَهُوَ كَمَا قَالَ. (1698) وَذكر فِي الْجَنَائِز من طَرِيقه أَيْضا حَدِيث معَاذ: " من كَانَ آخر الجزء: 4 ¦ الصفحة: 204 كَلَامه لَا إِلَه إِلَّا الله دخل الْجنَّة ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 205 وَسكت عَنهُ، وَأرَاهُ تسَامح فِيهِ، فَإِنَّهُ حَدِيث يرويهِ عبد الحميد بن جَعْفَر، قَالَ: حَدثنِي صَالح بن أبي عريب، عَن كثير بن مرّة، عَن معَاذ. وَصَالح هَذَا لَا تعرف حَاله، وَلَا يعرف روى عَنهُ غير عبد الحميد وروى لَهُ أَبُو دَاوُد حَدِيثا آخر من رِوَايَة عبد الحميد عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث عَوْف بن مَالك: (1699) " إِن صَاحب هَذِه الصَّدَقَة يَأْكُل الحشف يَوْم الْقِيَامَة ". وَقَالَ البُخَارِيّ: إِنَّه يعد فِي الشاميين. (1700) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ عَن أبي هُرَيْرَة: " مَاتَ ميت من آل الجزء: 4 ¦ الصفحة: 206 النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَاجْتمع النِّسَاء يبْكين " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ مصححا لَهُ، وَهُوَ إِنَّمَا يرويهِ عَن أبي هُرَيْرَة رجل يُقَال لَهُ: سَلمَة بن الْأَزْرَق، رَوَاهُ عَنهُ مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَطاء. وَسَلَمَة الْمَذْكُور لَا تعرف حَاله، وَلَا أعرف أحدا من مصنفي الرِّجَال ذكره، وَقد استدركه بَعضهم بِالذكر حَاشِيَة على بَاب سَلمَة من كتاب ابْن أبي حَاتِم، أخذا من هَذَا الْإِسْنَاد، وأحال على حَدِيثه هَذَا من عِنْد النَّسَائِيّ، فَالْحَدِيث من أَجله لَا يَصح. (1701) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ، عَن قيس بن عَاصِم أَنه قَالَ: " لَا تنوحوا عَليّ، فَإِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم ينح عَلَيْهِ ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 207 وَلم يقل فِيهِ شَيْئا، بل سكت عَنهُ. وَهُوَ حَدِيث يرويهِ شُعْبَة، عَن قَتَادَة، عَن مطرف، عَن حَكِيم بن قيس، أَن قيس بن عَاصِم قَالَ، فَذكر الحَدِيث. وَحَكِيم بن قيس بن عَاصِم مَجْهُول الْحَال، لَا يعرف روى عَنهُ إِلَّا مطرف ابْن عبد الله بن الشخير. وَحَدِيثه هَذَا يرْوى مطولا، ذكره الْبَزَّار قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، قَالَ: حَدثنَا شُعْبَة، عَن قَتَادَة، عَن مطرف بن عبد الله، عَن حَكِيم بن قيس بن عَاصِم، عَن أَبِيه، أَنه أوصى وَلَده عِنْد مَوته فَقَالَ: " يَا بني، اتَّقوا الله، وسودوا أكبركم، فَإِن الْقَوْم إِذا سودوا أكبرهم خلفوا أباهم، وَإِذا سودوا أَصْغَرهم أزرى ذَلِك بهم فِي أكفائهم، وَعَلَيْكُم بِالْمَالِ واصطناعه، فَإِن فِيهِ منبهة للكريم، ويستغنى بِهِ عَن اللَّئِيم، وَإِذا مت فَلَا تنوحوا عَليّ، فَإِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم ينح عَلَيْهِ، وَإِذا مت فادفنوني بِأَرْض لَا تعلم بمدفني بكر بن وَائِل، فَإِنِّي كنت أغاولهم فِي الْجَاهِلِيَّة ". قَالَ الْبَزَّار: لَا نعلمهُ عَن قيس بِهَذَا اللَّفْظ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَإِنَّمَا شَرط الْبَزَّار بِهَذَا اللَّفْظ، لِأَنَّهُ يرْوى بِإِسْنَاد آخر، لَكِن أطول من هَذَا. قَالَ أَبُو عَليّ بن السكن، حَدثنَا حُسَيْن بن إِسْمَاعِيل القَاضِي، حَدثنَا مُحَمَّد بن صَالح أَبُو بكر، قَالَ: حَدثنَا الْعَلَاء بن الْفضل بن عبد الْملك بن أبي سوية، قَالَ: حَدثنِي أبي، عَن أَبِيه، عَن أبي سوية، قَالَ: شهِدت قيس بن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 208 عَاصِم حِين حَضرته الْوَفَاة وَجمع بنيه، وَكَانُوا اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ رجلا، فَقَالَ: يَا بني إِذا مت فسودوا أكبركم، تخلفوا أَبَاكُم، فَإِن الْقَوْم إِذا سودوا أكبرهم خلفوا أباهم، وَإِذا سودوا أَصْغَرهم أزرى ذَلِك بهم عِنْد أكفائهم، وَعَلَيْكُم بِالْمَالِ واصطناعه فَإِنَّهُ منبهة للكريم ويستغنى بِهِ عَن اللَّئِيم، لَا تعطوا رِقَاب الْإِبِل إِلَّا فِي حَقّهَا، وَلَا تمنعوها من حَقّهَا إِذا وَجب، وَإِيَّاكُم وكل خلق سوء فَإِنَّهُ إِن سركم يَوْمًا، فَمَا يسوؤكم أَكثر، وَإِذا مت فَلَا تنوحوا عَليّ فَإِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم ينح عَلَيْهِ، وَإِذا دفنتموني فاعفوا قَبْرِي، لَا يطلع عَلَيْهِ الْحَيّ من بكر بن وَائِل، فَإِنَّهُ كَانَ بيني وَبينهمْ خماشات فِي الْجَاهِلِيَّة، فَلَا آمن سَفِيها مِنْهُم أَن يَأْتِي أمرا يعنتكم فِي دنياكم وآخرتكم. ثمَّ قَالَ لِابْنِهِ عَليّ - وَكَانَ أكبر وَلَده، وَبِه كَانَ يكنى -: ائْتِنِي بكنانتي، فَأَتَاهُ بهَا فَقَالَ: أخرج سَهْما، فَأخْرجهُ، فَقَالَ: اكسره، فَكَسرهُ، ثمَّ قَالَ، أخرج سَهْمَيْنِ، فَقَالَ اكسرهما، فكسرهما، ثمَّ قَالَ: أخرج ثَلَاثَة أسْهم، فأخرجها فَقَالَ: اكسرهما فكسرهما، ثمَّ قَالَ: أخرج اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ سَهْما، فأخرجها، فَقَالَ: شدها بِوتْر، فشدها فَقَالَ: اكسرها، فَلم يسْتَطع، فَقَالَ: أَنْتُم يَا بني هَكَذَا إِذا اجْتَمَعْتُمْ، وَكَذَلِكَ أَنْتُم فِي الْفرْقَة، ثمَّ أنشأ يَقُول: % (إِنَّمَا الْمجد مَا بنى وَالِد الصدْق % وَأَحْيَا فعاله الْمَوْلُود) % % (وَكَمَال الْمجد الشجَاعَة والحلم % إِذا زانها عفاف وجود) % فِي أَبْيَات مفْسدَة بإفساد الروَاة، وَلم أر كتبهَا كَذَلِك، وَلم أكتب هَذَا الْإِسْنَاد لِأَنَّهُ أقوى من الأول، وَلكنه انجر. وَقد حصل الْمَقْصُود بَيَانه، وَهُوَ أَن الحَدِيث الْمَذْكُور لَا يَصح عَن قيس، لِأَن ابْنه حكيما مَجْهُول الْحَال، فَاعْلَم ذَلِك. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 209 (1702) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد حَدِيث ابْن عَبَّاس، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " اللَّحْد لنا والشق لغيرنا ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث إِنَّمَا يرويهِ عَليّ بن عبد الْأَعْلَى، عَن أَبِيه، عَن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 210 سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس. وَعبد الْأَعْلَى، هُوَ ابْن عَامر الثَّعْلَبِيّ، كَانَ ابْن مهْدي لَا يحدث عَنهُ، وَوصف اضطرابه. وَقَالَ فِيهِ ابْن حَنْبَل: ضَعِيف الحَدِيث وَكَذَا قَالَ أَبُو زرْعَة، وَزَاد، رُبمَا رفع الحَدِيث وَرُبمَا وَقفه. وَقَالَ ابْن معِين: لَيْسَ بذلك الْقوي. وَكَذَا قَالَ أَبُو حَاتِم. وَذكر أَبُو أَحْمد عَن ابْن حَنْبَل أَنه قَالَ فِيهِ: مُنكر الحَدِيث عَن سعيد بن جُبَير. ووهن يحيى بن سعيد أَحَادِيثه عَن ابْن الْحَنَفِيَّة وَكَذَلِكَ الثَّوْريّ. وَقَالَ أَبُو أَحْمد: روى عَنهُ الثِّقَات، وَيحدث عَن سعيد بن جُبَير، وَابْن الْحَنَفِيَّة، وَأبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ بأَشْيَاء لَا يُتَابع عَلَيْهَا. فَأرى هَذَا الحَدِيث لَا يَصح من أَجله، فَأَما ابْنه عَليّ بن عبد الْأَعْلَى، فَثِقَة، فَاعْلَم ذَلِك. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 211 (1703) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن عَائِشَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " كسر عظم الْمَيِّت ككسره حَيا ". كَذَا أوردهُ، وَلم يقل إثره شَيْئا، وَهُوَ إِنَّمَا يَنْبَغِي أَن يُقَال فِيهِ: حسن، فَإِنَّهُ من رِوَايَة الدَّرَاورْدِي - وَهُوَ مُخْتَلف فِيهِ - عَن سعد بن سعيد، وَكَانَ أَحْمد يُضعفهُ. وَقَالَ فِيهِ ابْن معِين: صَالح، وَأخرج لَهُ مُسلم. وَقد بيّنت من أمره أَكثر من هَذَا، فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أعلها بِالْإِرْسَال، كَأَنَّهَا لَا عيب لَهَا سواهُ. (1704) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا، عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اذْكروا محَاسِن مَوْتَاكُم، وَكفوا عَن مساوئهم ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 212 كَذَا ذكره مسكوتا عَنهُ، وَهُوَ إِنَّمَا يرويهِ مُعَاوِيَة بن هِشَام، عَن عمرَان بن أنس الْمَكِّيّ، عَن عَطاء، عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكره. وَعمْرَان بن أنس أَبُو أنس، مكي، أهمله ابْن أبي حَاتِم، كَأَنَّهُ لم يعرف حَاله. (1705) وَذكر البُخَارِيّ بِحَدِيث عَن عَائِشَة، ثمَّ قَالَ: لَا يُتَابع عَلَيْهِ. وَذكر التِّرْمِذِيّ فِي جَامعه عَن البُخَارِيّ أَنه قَالَ: عمرَان بن أنس الْمَكِّيّ، مُنكر الحَدِيث، وَهُوَ الْقَائِل: كل من قلت فِيهِ مُنكر الحَدِيث فَلَا تحل الرِّوَايَة عَنهُ. وَقد كنت ظَنَنْت أَنه خَفِي على أبي مُحَمَّد أَمر عمرَان بن أنس هَذَا، وَاخْتَلَطَ عَلَيْهِ بعمران بن أبي أنس الْبَصْرِيّ، فَإِذا بِهِ لما ذكر الحَدِيث فِي كِتَابه الْكَبِير أتبعه مَا ذكر التِّرْمِذِيّ عَن البُخَارِيّ. فَلَا أَدْرِي كَيفَ سكت عَنهُ هُنَا، وَهُوَ من أَحَادِيث أَحْكَام التَّكْلِيف، فاعلمه. (1706) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا حَدِيث أنس: " فِي أَن المعتدي فِي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 213 الصَّدَقَة كمانعها ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث إِنَّمَا يرويهِ اللَّيْث، عَن يزِيد بن أبي حبيب، عَن سعد بن سِنَان، عَن أنس. وَسعد بن سِنَان يُقَال فِيهِ: سِنَان بن سعد، وَيُقَال: سعد بن سِنَان، وَابْن معِين يوثقه، وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: تكلم فِيهِ أَحْمد بن حَنْبَل. وَقَالَ فِيهِ النَّسَائِيّ: ضَعِيف الحَدِيث. فَهَذَا الحَدِيث إِذن من أَجله حسن، وَكَذَلِكَ قَالَ فِيهِ التِّرْمِذِيّ، فاعلمه. (1707) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ حَدِيث سهل بن أبي حثْمَة، كَانَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 214 رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِذا خرصتم فَخُذُوا ودعوا " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث لم يروه عَن سهل إِلَّا عبد الرَّحْمَن بن مَسْعُود ابْن نيار، قَالَه الْبَزَّار، وَقَالَ: إِنَّه مَعْرُوف. وَهَذَا غير كَاف فِيمَا يبتغى من عَدَالَته، فكم من مَعْرُوف غير ثِقَة، وَالرجل لَا تعرف لَهُ حَال، وَلَا يعرف بِغَيْر هَذَا، وَلم يزدْ ذاكروه على مَا أخذُوا من هَذَا الْإِسْنَاد: من رِوَايَته عَن سهل، وَرِوَايَة خبيب بن عبد الرَّحْمَن عَنهُ، وَلم يتَعَرَّض التِّرْمِذِيّ لهَذَا الحَدِيث بقول؛ لَا تَصْحِيح وَلَا تَحْسِين وَلَا تسقيم، فَاعْلَم ذَلِك. (1708) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد حَدِيث مَالك بن نَضْلَة: " الْأَيْدِي ثَلَاثَة ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 215 وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث فِي طَرِيقه عُبَيْدَة بن حميد. (1709) وَقد ضعف بِهِ حَدِيث ابْن مَسْعُود فِي قدر صَلَاة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الشتَاء والصيف. (1710) وَسكت عَن حَدِيث عَليّ: " كنت رجلا مذاء ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 216 وَهُوَ من رِوَايَته، وَالرجل مُخْتَلف فِيهِ، وَقد مر ذكره. (1711) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا حَدِيث رَافع بن خديج، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْعَامِل على الصَّدَقَة بِالْحَقِّ ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 217 وَسكت عَنهُ، وَهُوَ عِنْده من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق، عَن عَاصِم بن عمر، عَن مَحْمُود بن لبيد، عَن رَافع. فَهُوَ للِاخْتِلَاف فِي ابْن إِسْحَاق حَدِيث حسن، وَالْقَوْل فِي ابْن إِسْحَاق كثير. وَأَبُو مُحَمَّد قد تولى ذكره غير مقصر، وَنقل كثيرا من أَقْوَالهم فِيهِ إِثْر حَدِيث عبَادَة. (1712) " فِي قِرَاءَة أم الْقُرْآن فِي الصَّلَاة ". (1713) ثمَّ لما ذكر فِي الزَّكَاة حَدِيث الرجل الَّذِي جَاءَ بِمثل بَيْضَة من ذهب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 218 قَالَ بعده: فِي إِسْنَاده ابْن إِسْحَاق، وَقد تقدم ذكره فِي قِرَاءَة أم الْقُرْآن من كتاب الصَّلَاة. فَكَانَ هَذَا مِنْهُ كَأَنَّهُ لم يمر فِي إِسْنَاد حَدِيث قبل حَدِيث أم الْقُرْآن، وَهُوَ لم ينْتَه إِلَى ذكر حَدِيث أم الْقُرْآن إِلَّا بعد أَن مر لَهُ فِي الْكتاب إِمَّا خَمْسَة وَعِشْرُونَ حَدِيثا، أَو سِتَّة وَعِشْرُونَ حَدِيثا، كلهَا من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق، وَكلهَا سكت عَنْهَا، وَلم يبين أَنَّهَا من رِوَايَته. وَالْأَحَادِيث الْوَاقِعَة فِي كِتَابه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق على ثَلَاثَة أَقسَام: أَحدهَا: مَا بَين عَقِبَيْهِ أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق وَذكر حَال ابْن إِسْحَاق وأقوال النَّاس فِيهِ، وَهَذَا هُوَ حَدِيث أم الْقُرْآن الْمَذْكُور، وَحَدِيث الرجل الَّذِي جَاءَ بِمثل بَيْضَة من ذهب، فَإِنَّهُ لما أحَال بعده على الْموضع الَّذِي تكلم فِيهِ على ابْن إِسْحَاق، صَار كَأَنَّهُ كرر الْكَلَام عَلَيْهِ عَقِيبه. وَالثَّانِي: أَحَادِيث بَين عقيبها أَنَّهَا من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق، وأبرزه من أسانيدها، وَهَذَا الْقسم أَيْضا كَالْأولِ فِي أَنه لَا لوم عَلَيْهِ فِيهِ، فَإِنَّهُ قد تَبرأ من عهدتها بتبيينه مَوضِع النّظر من أسانيدها، وَهُوَ قد قدم القَوْل فِيهِ أَو أَخّرهُ. فَمن هَذَا الْقسم حَدِيث: (1714) " لَا جلب وَلَا جنب، وَلَا تُؤْخَذ صَدَقَاتهمْ إِلَّا فِي دُورهمْ ". أبرزه من إِسْنَاده ابْن إِسْحَاق عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 219 (1715) وَحَدِيث عَائِشَة فِي أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَفَاضَ من آخر يَوْم حَتَّى صلى الظّهْر " - يَعْنِي يَوْم النَّحْر -. ذكره فِي بَاب رمي الْجمار، ثمَّ قَالَ: هَذَا يرويهِ مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم، عَن أَبِيه عَن عَائِشَة. (1716) وَحَدِيث أم سَلمَة فِي طواف الْإِفَاضَة أَنهم يصيرون حرما حَتَّى يفيضوا. بَين أَنه أَيْضا من رِوَايَته. (1717) وَحَدِيث: " رد زَيْنَب ابْنَته على أبي الْعَاصِ بن الرّبيع بِالنِّكَاحِ الأول ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 220 أتبعه أَن قَالَ: فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث ابْن إِسْحَاق، وَلم يروه مَعَه - فِيمَا أعلم - إِلَّا من هُوَ دونه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 221 (1718) وَحَدِيث: " أَخذ الْبَعِير بالبعيرين إِلَى إبل الصَّدَقَة ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 222 أعلم أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق، عَن زيد بن أبي حبيب، عَن مُسلم بن جُبَير [عَن أبي سُفْيَان] عَن عَمْرو بن الحريشي. (1719) وَحَدِيث: " اشْترى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من الْأَعرَابِي الْبَعِير بوسق من تمر الذخرة فَلم يجده ". أعلم أَيْضا أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق. (1720) وَحَدِيث: " تزوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بجويرية ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 223 اقتطع من إِسْنَاده قِطْعَة من عِنْد ابْن إِسْحَاق، فَذكره وَذكر من فَوْقه. (1721) وَحَدِيث جَابر فِي أَن " الدِّيَة على [أهل] الْبَقر مِائَتَا بقرة، وعَلى أهل الشَّاء ألفا شَاة، وعَلى أهل الْحلَل مِائَتَا حلَّة ". أعلم أَنه من رِوَايَته. (1722) وَحَدِيث: " هلا تَرَكْتُمُوهُ " فِي مَاعِز. أعلم فِي بعض طرقه أَنه من رِوَايَته، وَقَالَ: هَذَا الْإِسْنَاد أحسن من الَّذِي قبله وَأَصَح. (1723) وَحَدِيث: " إِن شرب فِي الرَّابِعَة فَاقْتُلُوهُ ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 224 أبرز من إِسْنَاده ابْن إِسْحَاق، وَزِيَاد بن عبد الله البكائي رَاوِيه عَنهُ. (1724) وَحَدِيث: " النَّهْي عَن أكل الْجَلالَة وَأَلْبَانهَا ". كل هَذِه الْأَحَادِيث تَبرأ من عهدتها بالإعلام بِأَنَّهَا من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق، فَكَانَ ذَلِك من عمله صَوَابا. فَأَما الْقسم الثَّالِث: وَهُوَ الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا وَسكت عَنْهَا مصححا لَهَا، وَلم يبين أَنَّهَا من رِوَايَته، حَتَّى جَاءَت عِنْد من / لَا علم عِنْده بأسانيدها صَحِيحَة، كَسَائِر مَا لَا خلاف فِي صِحَّته. (1725) فَمِنْهَا حَدِيث: " فلتقرصه، ولتنضح مَا لم تَرَ ولتصل فِيهِ ". وَلَقَد كَانَ بَيَان أَمر هَذَا الحَدِيث بِذكر ابْن إِسْحَاق أولى من حَدِيث عبَادَة فِي قِرَاءَة أم الْقُرْآن فِي الصَّلَاة، فَإِنَّهُ الحَدِيث الَّذِي من أَجله قَالَ هِشَام بن عُرْوَة فِيهِ: إِنَّه كَذَّاب، وَتَبعهُ فِي ذَلِك مَالك، وبتعه فِي ذَلِك يحيى بن سعيد، وتتابعوا بعدهمْ تقليدا لَهُم، وَذَلِكَ أَن ابْن إِسْحَاق رَوَاهُ عَن فَاطِمَة بنت الْمُنْذر، امْرَأَة هِشَام بن عُرْوَة، فَأنْكر ذَلِك هِشَام وَكذبه، وَزعم أَنه لم يرو عَنْهَا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 225 (1726) وَحَدِيث الغفارية الَّتِي أمرهَا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن تجْعَل فِي المَاء الَّذِي غسلت بِهِ دم الْحيض ملحا. (1727) وَحَدِيث سهلة بنت سُهَيْل فِي جمع الْمُسْتَحَاضَة بَين الصَّلَاتَيْنِ. (1728) وَحَدِيث سهل بن حنيف فِي الْمَذْي. وَأتبعهُ تَصْحِيح التِّرْمِذِيّ إِيَّاه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 226 (1729) وَحَدِيث جَابر: " فرأيته قبل أَن يقبض بعام يستقبلها ". إِلَّا أَنه قَالَ فِيهِ: حسن. وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق. (1730) وَحَدِيث: " يُصَلِّي بعد الْعَصْر رَكْعَتَيْنِ وَينْهى عَنْهُمَا، ويواصل وَينْهى عَن الْوِصَال ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 227 (1731) وَحَدِيث: " لَا تزَال أمتِي بِخَير مَا لم يؤخروا الْمغرب إِلَى أَن تشتبك النُّجُوم ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 228 (1732) وَحَدِيث: " الْعَامِل على الصَّدَقَة بِالْحَقِّ ". (1733) وَحَدِيث: " إِذا قعد فِي وسط الصَّلَاة فليفرش فَخذه الْيُسْرَى ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 229 (1734) وَحَدِيث: " من السّنة أَن يخفي التَّشَهُّد ". (1735) وَحَدِيث: " كَيفَ نصلي عَلَيْك فِي صَلَاتنَا ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 230 (1736) وَحَدِيث: " إِن أحدكُم إِذا قَامَ يُصَلِّي جَاءَهُ الشَّيْطَان، فَلبس عَلَيْهِ حَتَّى لَا يدْرِي كم صلى، فَإِذا وجد ذَلِك أحدكُم 000 ". (1737) وَحَدِيث: " [إِذا] وصل ضحوته بروحته " فِي الْجمع بَين الصَّلَاتَيْنِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 231 (1738) وَحَدِيث: " وَلبس من أحسن ثِيَابه " - يَعْنِي يَوْم الْجُمُعَة -. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 232 (1739) وَحَدِيث زِيَادَة الْأَذَان يَوْم الْجُمُعَة على بَاب الْمَسْجِد. (1740) وَحَدِيث: " مَا أخذت قَاف إِلَّا من فِي رَسُول الله / - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ". وَتَركه عِنْد مُسلم صَحِيحا من غير رِوَايَة ابْن إِسْحَاق، وَرِوَايَة ابْن إِسْحَاق الَّتِي ذكر، هِيَ مَعَ ذَلِك مُنْقَطِعَة. (1741) وَحَدِيث: " وَلَا تعد لمثل هَذَا "، فِي الرَّكْعَتَيْنِ وَالْإِمَام يخْطب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 234 (1742) وَحَدِيث: " إِذا نعس أحدكُم يَوْم الْجُمُعَة ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 236 وَأتبعهُ تَصْحِيح التِّرْمِذِيّ إِيَّاه. (1743) وَحَدِيث: " غسل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي قَمِيص ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 237 (1744) وَحَدِيث ليلى بنت قانف فِي " كفن الْمَرْأَة ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 238 (1745) وَحَدِيث: " إِذا صليتم على الْمَيِّت فأخلصوا لَهُ الدُّعَاء ". (1746) وَحَدِيث: " قبر أبي رِغَال وَمَا وجد فِيهِ ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 239 (1747) وَحَدِيث زِيَادَة: " صَاعا من حِنْطَة فِي زَكَاة الْفطر ". وَهِي مَعَ ذَلِك مُنْقَطِعَة. (1748) وَحَدِيث: " أَمر من كل جاد عشرَة أوسق بقنو يعلق فِي الْمَسْجِد ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 240 (1749) وَحَدِيث: " لما أُصِيب إخْوَانكُمْ بِأحد، جعل الله أَرْوَاحهم فِي أَجْوَاف طير خضر ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 241 (1750) وَحَدِيث عبد الله بن عتِيك: " فِيمَن خرج مُجَاهدًا فَمَاتَ [أَو خر عَن] دَابَّته أَو وقصته رَاحِلَته ". (1751) وَحَدِيث: " لبد رَأسه [بِالْغسْلِ] ". (1752) وَحَدِيث: " رخص للنِّسَاء فِي الْخُفَّيْنِ ". (1753) وَحَدِيث: " ضرب أبي بكر عَبده وَهُوَ محرم ". (1754) وَحَدِيث: " إهلاله إِذا اسْتَقَلت بِهِ رَاحِلَته إِذا أَخذ طَرِيق الجزء: 4 ¦ الصفحة: 242 الْفَرْع ". (1755) وَحَدِيث ابْن عَبَّاس فِي تَوْجِيه اخْتلَافهمْ فِي الْموضع الَّذِي أهل مِنْهُ عَلَيْهِ السَّلَام. وَذكر الْخلاف فِي خصيف، وَأعْرض عَن ذكر ابْن إِسْحَاق. (1756) وَحَدِيث خطْبَة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِعَرَفَة أَنَّهَا: " كَانَت بعد الصَّلَاة ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 243 وَرجح عَلَيْهِ حَدِيث جَابر، وَأصَاب، وَلم يبين أَن حَدِيث ابْن عمر من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق، عَن نَافِع عَنهُ. (1757) وَحَدِيث: " أَمرهم أَن يبدلوا الْهَدْي الَّذِي نحرُوا فِي عَام الْحُدَيْبِيَة ". (1758) وَحَدِيث أبي لاس: " مَا من بعير إِلَّا وَفِي ذروته شَيْطَان ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 244 (1759) وَحَدِيث: " كَانَ على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم أحد دِرْعَانِ، فَلم يسْتَطع النهوض إِلَى الصَّخْرَة ". (1760) وَحَدِيث /: " عبأنا لَيْلَة بدر ليَوْم بدر ". (1761) وَحَدِيث الْمَرْأَة القرظية الَّتِي كَانَت عِنْد عَائِشَة تحدث تضحك ظهرا لبطن، فاستدعيت فقتلت. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 245 (1762) وَحَدِيث: " إِن أَبَا سُفْيَان رجل يحب الْفَخر، فَلَو جعلت لَهُ شَيْئا ". (1763) وَحَدِيث: " من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر، فَلَا يركب دَابَّة من فَيْء الْمُسلمين " الحَدِيث. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 246 [وَهُوَ] حَدِيث طَوِيل، فِيهِ قِطْعَة فِي وَطْء الْحَامِل. (1764) ومرسل بتحصن أهل خَيْبَر. (1765) وَحَدِيث قسمته عَلَيْهِ السَّلَام سهم ذَوي الْقُرْبَى يَوْم خَيْبَر بَين الجزء: 4 ¦ الصفحة: 247 بني هَاشم وَبني عبد الْمطلب، وَكَلَام عُثْمَان وَجبير بن مطعم فِي ذَلِك. (1766) وَحَدِيث: " ردوا عَلَيْهِم سَبْيهمْ، فَمن تمسك بِشَيْء مِنْهُ 000 ". هُوَ من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق، عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده. (1767) وَحَدِيث: " لَا إِسْلَال، وَلَا إِغْلَال ". (1768) وَحَدِيث: " لَوْلَا أَن الرُّسُل لَا تقتل لقتلتك ". (1769) وَحَدِيث: " لَا يدْخل الْجنَّة صَاحب مكس ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 248 (1770) وَحَدِيث: " إِذا أَرَادَ أحدكُم أَن يتَزَوَّج الْمَرْأَة، فَإِن اسْتَطَاعَ أَن ينظر إِلَى مَا يَدعُوهُ إِلَى نِكَاحهَا فَلْيفْعَل ". (1771) وَحَدِيث: " لَا يحرم من الرضَاعَة المصة وَلَا المصتان، وَإِنَّمَا يحرم مِنْهُ مَا فتق الأمعاء من اللَّبن ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 249 (1772) وَحَدِيث: " لَا طَلَاق وَلَا عتاق فِي إغلاق ". ورده بِمُحَمد بن عبيد، وَلم يعرض مِنْهُ لِابْنِ إِسْحَاق. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 251 (1773) وَحَدِيث: " إِن قربك فَلَا خِيَار لَك ". (1774) وَحَدِيث مُظَاهرَة سَلمَة بن صَخْر. (1775) وَحَدِيث المواقع قبل أَن يكفر. (1776) وَحَدِيث: " أمسك الْمَرْأَة عنْدك حَتَّى تَلد " - يَعْنِي الْمُلَاعنَة -. (1777) وَحَدِيث الَّذِي تزوج امْرَأَة على أَنَّهَا عذراء فَلم يجدهَا كَذَلِك، ولاعنها. (1778) وَحَدِيث: " نهى أَن تبَاع السّلع حَيْثُ تبْتَاع، حَتَّى يحوزها التُّجَّار إِلَى رحالهم ". (1779) وَحَدِيث: " إِذا أتيت وَكيلِي بِخَيْبَر ". (1780) وَحَدِيث الَّذِي كَانَ يخدع فِي الْبيُوع فَقيل لَهُ: " لَك الْخِيَار الجزء: 4 ¦ الصفحة: 252 ثَلَاثًا ". (1781) ومرسل عُرْوَة فِي: " من أَحْيَا أَرضًا ميتَة ". (1782) وَحَدِيث: " لَا أقبل هَدِيَّة إِلَّا من قرشي، أَو أَنْصَارِي، أَو دوسي، أَو ثقفي ". إِلَّا أَنه قَالَ: لَيْسَ إِسْنَاده بِقَوي. وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق. (1783) وَحَدِيث القبطي الَّذِي كَانَ يزور مَارِيَة فَوجدَ مجبوبا. (1784) ومرسل: " لَا ضَرَر وَلَا ضرار ". (1785) وَحَدِيث العبيد الَّذين خَرجُوا يَوْم الْحُدَيْبِيَة قبل الصُّلْح. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 253 (1786) وَقطعَة من حَدِيث سلمَان فِي أمره بِأَن يُكَاتب. (1787) وَحَدِيث كتبه عَلَيْهِ السَّلَام للْيَهُود فِي شَأْن الْقَتِيل، فَكَتَبُوا يحلفُونَ بِاللَّه خمسين يَمِينا مَا قَتَلْنَاهُ، وَلَا علمنَا لَهُ قَاتلا. ثمَّ قَالَ بعده: الصَّحِيح الْمَشْهُور أَنهم لم يحلفوا. وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق، وَلَيْسَ لَهُ عِلّة غَيره. وَعبد الْعَزِيز بن يحيى الْحَرَّانِي، شيخ أبي دَاوُد فِيهِ، صَدُوق، وَلكنه يروي أَشْيَاء لَا يُتَابع عَلَيْهَا. (1788) وَحَدِيث قتل الْأَشْجَعِيّ الَّذِي فِيهِ [أَلا] تقبل الْغَيْر يَا عُيَيْنَة. (1789) ومرسل مَكْحُول فِي أَن " فِي اللِّسَان الدِّيَة، وَفِي الذّكر الدِّيَة، وَفِيمَا أقبل من الْأَسْنَان خمس فَرَائض ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 254 (1790) وَحَدِيث: " دِيَة الْمعَاهد نصف دِيَة الْحر ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 255 (1791) وَحَدِيث: " ولد الزِّنَا شَرّ الثَّلَاثَة " أَن ذَلِك فِي رجل مَخْصُوص. (1792) وَحَدِيث: " هلا تَرَكْتُمُوهُ وجئتموني بِهِ ". يَعْنِي ماعزا. (1793) وَحَدِيث: " لَا تقطع يَد السَّارِق فِيمَا دون الْمِجَن ". (1794) وَحَدِيث: " أَمر بِالرجلَيْنِ وَالْمَرْأَة فَضربُوا حَدهمْ ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 256 (1795) وَحَدِيث: " عق عَن الْحسن بِشَاة، وَقَالَ: احلقي رَأسه، وتصدقي بزنة شعره فضَّة ". (1796) وَحَدِيث: " إِن لم يَتْرُكُوهُ فقاتلوهم ". يَعْنِي شراب الْقَمْح. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 257 (1797) وَحَدِيث: " أهْدى الْمُقَوْقس للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قدح قَوَارِير ". تعرض مِنْهُ لمندل بن عَليّ، وَلم يتَعَرَّض لِابْنِ إِسْحَاق، وَلَا بَين أَنه من رِوَايَته. (1798) وَحَدِيث: " تحلي بِهَذَا يَا بنية ". عَن خَاتم الذَّهَب الَّذِي كَانَ فِي هَدِيَّة النَّجَاشِيّ. (1799) وَحَدِيث: " صدعت الْفرق من يَافُوخه وَأرْسلت ناصيته الجزء: 4 ¦ الصفحة: 258 بَين عَيْنَيْهِ ". (1800) وَحَدِيث: " التَّعَوُّذ بالمعوذتين ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 259 (1801) وَحَدِيث ابْن عمر فِي وَصِيَّة نوح ابْنه بقول: لَا إِلَه إِلَّا الله. (1802) وَحَدِيث " جَابر بن عبد الله: " إِذا سَمِعْتُمْ نباح الْكلاب ونهيق الْحمير بِاللَّيْلِ ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 260 كل هَذِه الْأَحَادِيث هِيَ من رِوَايَة ابْن أسْحَاق، وَلم يبين أَنَّهَا من رِوَايَته، فَهِيَ بِحَسب ملتزمه من السُّكُوت عَن كل حَدِيث صَحِيح عِنْده، يقْضِي لَهَا بِأَنَّهَا صَحِيحَة، كَمَا هُوَ صَحِيح لَا شكّ فِيهِ، وَلَو بَين أَنَّهَا من رِوَايَته، صَادف من لَا يقبلهَا من أَجله، فَكَانَ الأولى تَبْيِين ذَلِك لينْظر فِيهِ، وَلِئَلَّا يخْتَلط الصَّحِيح الَّذِي لَا يخْتَلف فِي صِحَّته، بِمَا هُوَ مُخْتَلف فِيهِ، فَاعْلَم ذَلِك. (1803) وذ كرّ من طر يق النَّسَائِيّ، عَن عَائِذ بن عَمْرو، " أَن رجلا سَأَلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأعْطَاهُ " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَمَا مثله صحّح؛ فَإِنَّهُ إِنَّمَا يرويهِ شُعْبَة، عَن بسطَام بن مُسلم، عَن عبد الله بن خَليفَة، عَن عَائِذ بن عَمْرو. وَقَالَ النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن عُثْمَان، قَالَ: حَدثنَا أُميَّة بن خَالِد، حَدثنَا شُعْبَة، فَذكره. وَعبد الله بن خَليفَة، هَذَا لَا تعرف حَاله، وَقد وَقع ذكره فِي كتاب ابْن أبي حَاتِم منجرا فِي بَاب خَليفَة، فَأَما ذكر يَخُصُّهُ فِي بَاب من اسْمه عبد الله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 261 فَلَا، وَذَلِكَ أَنه لما ذكر خَليفَة بن عبد الله الغبري الْبَصْرِيّ، قَالَ: وَقَالَ بَعضهم: عبد الله بن خَليفَة - روى عَن عَائِذ بن عَمْرو، وروى عَنهُ شُعْبَة، وبسطام بن مُسلم، وَقَالَ: إِنَّه سمع ذَلِك من أَبِيه. وَلم يزدْ على ذَلِك فَهُوَ عِنْده - كَمَا ترى - مَجْهُول الْحَال، وَفِي قَوْله هَذَا: - إِن شُعْبَة روى عَنهُ - نظر؛ فَإِنَّهُ إِن كَانَ هُوَ الَّذِي فِي هَذَا الْإِسْنَاد، فشعبة إِنَّمَا روى عَنهُ بِوَاسِطَة بسطَام بن مُسلم، وبسطام بن مُسلم ثِقَة، وَلَا تَكْفِي رِوَايَته عَنهُ فِيمَا يبتغى من تعديله، فاعلمه. (1804) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ حَدِيث أبي أُمَامَة: " عَلَيْك بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَا مثل لَهُ ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 262 وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث يرويهِ ابْن مهْدي، قَالَ: حَدثنَا مهْدي بن مَيْمُون، قَالَ: حَدثنِي [عبد الله بن أبي يَعْقُوب] ، حَدثنِي رَجَاء بن حَيْوَة، عَن أبي أُمَامَة فَذكره. وَعبد الله بن أبي يَعْقُوب هَذَا لَا تعرف لَهُ حَال. (1805) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا عَن الْعِرْبَاض بن سارسة حَدِيث: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 263 " هلموا إِلَى الْغَدَاء الْمُبَارك ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث يرويهِ النَّسَائِيّ هَكَذَا: أخبرنَا شُعَيْب بن يُوسُف، حَدثنَا عبد الرَّحْمَن، عَن مُعَاوِيَة بن صَالح، عَن يُونُس بن سيف، عَن الْحَارِث بن زِيَاد، عَن أبي رهم، عَن الْعِرْبَاض بن سَارِيَة، قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَهُوَ يَدْعُو إِلَى السّحُور فِي شهر رَمَضَان. الحَدِيث. وَهَذَا الحَدِيث لَا يَصح، وَرَأَيْت أَبَا مُحَمَّد لما ذكره فِي كِتَابه الْكَبِير بِإِسْنَادِهِ هَذَا، اعتنى مِنْهُ بِأبي رهم، فأسماه أحزاب بن أسيد وَيُقَال فِيهِ: أحزاب بن رَاشد. لم يزدْ على ذَلِك، كَأَنَّهُ عرف حَاله وَحَال من قبله، وَهُوَ لَا يعرف إِلَّا أَنه روى عَنهُ أَبُو الْخَيْر، وَمَكْحُول، وخَالِد بن معدان، وَهُوَ أَيْضا يروي عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ. فَأَما الْحَارِث بن زِيَاد الرَّاوِي عَنهُ، فَلم يذكر بِغَيْر رِوَايَته هَذِه من رِوَايَة يُونُس بن سيف عَنهُ. وَلما ذكر الْبَزَّار هَذَا الحَدِيث قَالَ: لَهُ عِلَّتَانِ: إِحْدَاهمَا: أَن الْحَارِث بن زِيَاد لَا يعلم كَبِير أحد روى عَنهُ، وَيُونُس بن سيف صَالح الحَدِيث، قد الجزء: 4 ¦ الصفحة: 264 روى عَنهُ. هَذَا مَا ذكر، وَلم يبين الْعلَّة الْأُخْرَى، وَهِي: إِمَّا مَا ذَكرْنَاهُ من الْجَهْل بِحَال أبي رهم، وَإِمَّا مَا بِمُعَاوِيَة بن صَالح من الضعْف، وَإِن كَانَ من النَّاس من يوثقه. (1806) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ عَن أم سَلمَة قَالَت: كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 265 يَصُوم يَوْم السبت والأحد أَكثر مَا يَصُوم، وَيَقُول: " إنَّهُمَا يَوْمًا عيد للْمُشْرِكين، فَأَنا أحب أَن أخالفهم ". هَكَذَا سكت عَنهُ مصححا، وَهُوَ حَدِيث يرويهِ النَّسَائِيّ هَكَذَا: أخبرنَا مُحَمَّد بن حَاتِم الْمروزِي، أخبرنَا حبَان، أخبرنَا عبد الله، عَن عبد الله بن مُحَمَّد بن عمر بن عَليّ، حَدثنِي أبي، عَن كريب قَالَ: أَرْسلنِي ابْن عَبَّاس، وناس من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى أم سَلمَة: " أَي الْأَيَّام كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَكْثَرهَا صياما؟ قَالَت: يَوْم السبت والأحد، فأنكروا عَليّ ذَلِك وظنوا أَنِّي لم أحفظ، فردوني، فَقَالَت مثل ذَلِك، فَأَخْبَرتهمْ فَقَامُوا بأجمعهم فَقَالُوا: إِنَّا أرسلنَا إِلَيْك فِي كَذَا وَكَذَا، فَزعم هَذَا أَنَّك قلت كَذَا، قَالَت: صدق، كَانَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 266 رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَصُوم السبت والأحد أَكثر مَا يَصُوم، وَيَقُول: " إنَّهُمَا يَوْمًا عيد للْمُشْرِكين، فَأَنا أحب أَن أخالفهم ". وَمُحَمّد بن عمر بن عَليّ بن أبي طَالب تروى عَنهُ أَحَادِيث: مِنْهَا مَا رَوَاهُ عَنهُ ابْنه، وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ عَنهُ الثَّوْريّ، وروى عَنهُ أَيْضا مُوسَى بن عقبَة، وَابْن جريج، وَيحيى بن أَيُّوب، ذكره البُخَارِيّ وَلَا تعرف حَاله. (1807) وَفِي كتاب التِّرْمِذِيّ عَنهُ، من رِوَايَة سعيد بن عبد الله الْجُهَنِيّ، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 267 عَن مُحَمَّد بن عمر بن عَليّ، عَن أَبِيه، عَن عَليّ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يَا عَليّ، ثَلَاث لَا تؤخرها " الحَدِيث. (1808) وَمن حَدِيث الثَّوْريّ عَنهُ: " الشَّاهِد يرى مَا لَا يرى الْغَائِب ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 268 وَابْنه عبد الله بن مُحَمَّد بن عمر بن عَليّ، روى أَيْضا عَن أَبِيه، وروى عَنهُ ابْن الْمُبَارك، والدراوردي، وَابْن أبي فديك، وَأَبُو أُسَامَة، وَلَا تعرف أَيْضا حَاله. فَأرى الحَدِيث حسنا، فَاعْلَم ذَلِك. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 269 (1809) وَذكر أَيْضا من طَرِيقه عَن عَائِشَة: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَصُوم شعْبَان ورمضان، ويتحرى يَوْم الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيس ". وَسكت عَنهُ مصححا لَهُ، والْحَدِيث إِنَّمَا هُوَ عِنْد التِّرْمِذِيّ حسن، وَإِسْنَاده فِيهِ إِسْنَاد النَّسَائِيّ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 270 قَالَ النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَمْرو بن عَليّ، حَدثنَا عبد الله بن دَاوُد، أخبرنَا ثَوْر، عَن خَالِد بن معدان، عَن ربيعَة الجرشِي، عَن عَائِشَة فَذَكرته. وَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ عَن عَمْرو بن عَليّ. وَرَبِيعَة الجرشِي، إِن لم تكن لَهُ صُحْبَة، فَلَا يعرف أَنه ثِقَة وَقد قَالَ بعض النَّاس: إِن لَهُ صُحْبَة، وَكَانَ فَقِيه النَّاس أَيَّام مُعَاوِيَة، قَالَه أَبُو المتَوَكل النَّاجِي. وَلَكِن لَيْسَ كل فَقِيه ثِقَة فِي الحَدِيث. وَلست أرى هَذَا الحَدِيث صَحِيحا من أَجله، وَمن أجل الِاخْتِلَاف فِي ثَوْر بن يزِيد وَمَا رمى بِهِ من الْقدر، فاعلمه. (1810) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا حَدِيث ابْن عَبَّاس: " لَو قلت: نعم، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 271 لَوَجَبَتْ، ثمَّ إِذن لَا تَسْمَعُونَ وَلَا تطيعون، وَلكنه حجَّة وَاحِدَة ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث إِنَّمَا ذكره النَّسَائِيّ هَكَذَا: أخبرنَا مُحَمَّد بن يحيى بن عبد الله النَّيْسَابُورِي، حَدثنَا سعيد بن أبي مَرْيَم، أخبرنَا مُوسَى بن سَلمَة، حَدثنِي عبد الْجَلِيل بن حميد، عَن ابْن شهَاب، عَن أبي سِنَان الدؤَلِي، عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَامَ فَقَالَ: " إِن الله كتب عَلَيْكُم الْحَج " فَقَالَ الْأَقْرَع بن حَابِس: كل عَام يَا رَسُول الله؟ ، فَسكت، ثمَّ قَالَ. الحَدِيث. وَعبد الْجَلِيل بن حميد لَا تعرف حَاله، وَلم يذكرهُ [ابْن أبي حَاتِم] بِأَكْثَرَ من رِوَايَة مُوسَى بن سملة الْمصْرِيّ عَنهُ، وَرِوَايَته هُوَ عَن ابْن شهَاب وخَالِد بن أبي عمرَان. فَأَما البُخَارِيّ فَإِنَّهُ قَالَ: إِن ابْن عجلَان روى عَنهُ أَيْضا، وَذكر غَيرهمَا أَن ابْن وهب روى عَنهُ أَيْضا. وَهَذَا كُله غير كَاف فِيمَا يبتغى من ثقته. وَأما مُوسَى بن سَلمَة الْمصْرِيّ، فمجهول، غير مَذْكُور فِي مظان ذكره، لكنه انجر ذكره فِي بَاب عبد الْجَلِيل الْمَذْكُور فَالْحَدِيث لَا يَصح من أجلهما فاعلمه. (1811) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: قَالَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 272 رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من أَرَادَ الْحَج فَليَتَعَجَّل ". هَكَذَا أوردهُ وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لايصح؛ فَإِن أَبَا دَاوُد إِنَّمَا سَاقه هَكَذَا: حَدثنَا مُسَدّد، حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة: مُحَمَّد بن خازم عَن الْحسن بن عَمْرو، عَن مهْرَان أبي صَفْوَان، عَن ابْن عَبَّاس. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 273 ومهران أَبُو صَفْوَان، ذكر بِهَذَا، وَلم يعرف من حَاله أَكثر، فَهُوَ مَجْهُول، وأتبع أَبُو مُحَمَّد هَذَا الحَدِيث أَن قَالَ: وَذكره الطَّحَاوِيّ، وَقَالَ فِيهِ: " من أَرَادَ الْحَج فَليَتَعَجَّل؛ فَإِنَّهُ يمرض الْمَرِيض، وَتضِل الضَّالة وَتَكون الْحَاجة ". كَذَا أوردهُ أَيْضا وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح؛ فَإِن إِسْنَاده عِنْد الطَّحَاوِيّ هُوَ هَذَا: حَدثنَا الْحسن بن غليب، حَدثنَا يُوسُف بن عدي، حَدثنَا حَفْص بن غياث، عَن إِسْمَاعِيل أبي إِسْرَائِيل، عَن الفضيل، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن الْعَبَّاس رَفعه إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من أَرَادَ الْحَج " فَذكره. أَبُو إِسْرَائِيل، هُوَ إِسْمَاعِيل بن خَليفَة، قَالَ فِيهِ ابْن معِين: صَالح الحَدِيث. وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل: يكْتب حَدِيثه، ويروي حَدِيثا مُنْكرا فِي الْقَتِيل، وَقَالَ عَمْرو بن عَليّ: لَيْسَ من أهل الْكَذِب، وَقَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِم: حسن الحَدِيث، جيد اللِّقَاء، لَهُ أغاليط، يكْتب حَدِيثه وَلَا يحْتَج بِهِ، سيئ الْحِفْظ. وَقَالَ فِيهِ أَبُو زرْعَة: صَدُوق، فِي رَأْيه غلو. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 274 وَقَالَ البُخَارِيّ: تَركه ابْن مهْدي، كَانَ يشْتم عُثْمَان. وَقَالَ ابْن الْمُبَارك: لقد من الله على الْمُسلمين بِسوء حفظ أبي إِسْرَائِيل. فَالْحَدِيث من أَجله لَا يُقَال فِيهِ: صَحِيح، فاعلمه. (1812) وَذكر من طَرِيق مُسلم حَدِيث سَالم، عَن أَبِيه، سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يهل ملبدا ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 275 والْحَدِيث إِنَّمَا رَوَاهُ مُسلم عَن حَرْمَلَة بن يحيى، وحرملة قد اخْتلفُوا فِيهِ. وَقد كرر السُّكُوت عَن أَحَادِيث؛ إِنَّمَا هِيَ من رِوَايَة حَرْمَلَة. (1813) مِنْهَا حَدِيث ابْن عمر فِي الْجمع بَين الْمغرب وَالْعشَاء بِمُزْدَلِفَة. (1814) وَذكر عَن عبد الله بن عبيد بن عُمَيْر، أَن رجلا قَالَ: يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن، مَا أَرَاك تستلم إِلَّا هذَيْن الرُّكْنَيْنِ، قَالَ: إِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 276 يَقُول: " إِن مسحهما يحط الْخَطِيئَة " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث إِنَّمَا يرويهِ عَطاء بن السَّائِب، من رِوَايَة حَمَّاد بن زيد عَنهُ. وَقد تكَرر سكُوت أبي مُحَمَّد عَن أَحَادِيث، هِيَ من رِوَايَة عَطاء بن السَّائِب، لم يبين أَنَّهَا من رِوَايَته. مِنْهَا أَحَادِيث يعرف أَنَّهَا من رِوَايَة من روى عَنهُ قَدِيما قبل اخْتِلَاطه. وَمِنْهَا مَا هُوَ من رِوَايَة من روى عَنهُ بعد الِاخْتِلَاط. وَمِنْهَا مَا هُوَ من رِوَايَة من لَا يعرف مَتى روى عَنهُ، أقبل الِاخْتِلَاط أم بعده؟ فمما أورد من الْأَحَادِيث الَّتِي رَوَاهَا عَنهُ من رَوَاهَا عَنهُ قبل اخْتِلَاطه: (1815) حَدِيث عرْفجَة، عَن رجل من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي فضل رَمَضَان بِزِيَادَة: " وينادي مُنَاد: يَا باغي الْخَيْر هَلُمَّ " الحَدِيث. وَقد تقدم ذكره والتنبيه على عرْفجَة أَنه مَجْهُول. ونقول الْآن: إِنَّه من رِوَايَة شُعْبَة، عَن عَطاء بن السَّائِب، وَهُوَ إِنَّمَا سمع مِنْهُ قَدِيما قبل اخْتِلَاطه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 277 (1816) وَكَذَلِكَ حَدِيث: " النَّهْي عَن الْأكل من أَعلَى الصحفة ". صَححهُ أَيْضا، وَهُوَ من رِوَايَته عَنهُ كَذَلِك. وَأما مَا هُوَ من رِوَايَة من روى عَنهُ بعد الِاخْتِلَاط، فَحَدِيث عَليّ: (1817) : " من ترك مَوضِع شَعْرَة من جَنَابَة لم يغسلهَا " الحَدِيث. أعله بِالْوَقْفِ تَارَة، وبالرفع أُخْرَى، وَلم يعرض لكَونه من رِوَايَة حَمَّاد بن سَلمَة عَن عَطاء، وَهُوَ إِنَّمَا سمع مِنْهُ بعد الِاخْتِلَاط. (1818) وَحَدِيث: " الْحجر الْأسود من الْجنَّة ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 278 هُوَ أَيْضا من رِوَايَته عَنهُ، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس. (1819) وَحَدِيث: " الطّواف حول الْبَيْت صَلَاة ". لم يقل بعده إِلَّا أَن غير عَطاء وَقفه. وَهُوَ إِنَّمَا يرويهِ جرير، عَن عَطاء، عَن طَاوس، عَن ابْن عَبَّاس. واقتطع إِسْنَاده من عِنْد عَطاء، وَالْعلَّة إِنَّمَا هِيَ فِيمَا قبله؛ فَهُوَ لَو ذكر أَنه من رِوَايَة جرير عَن عَطاء، بَرِئت عهدته. وَقد نَص هُوَ فِي كِتَابه الْكَبِير - إِثْر هَذَا الحَدِيث - على اخْتِلَاط عَطاء. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 279 (1820) وَذكر فِي كتاب الْأَحْكَام فِي بَاب التَّيَمُّم حَدِيث: " الرجل إِذا كَانَت [بِهِ] جِرَاحَة ". فَقَالَ بعده: إِن يحيى بن معِين قَالَ: جرير إِنَّمَا روى عَن عَطاء بعد الِاخْتِلَاط. (1821) وَذكر أَيْضا حَدِيث: " نزل الْحجر الْأسود من الْجنَّة، أَشد بَيَاضًا من اللَّبن ". وَصَححهُ بتصحيح التِّرْمِذِيّ. وَإِنَّمَا هُوَ من رِوَايَة جرير عَنهُ، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 280 (1822) وَذكر من عِنْد أبي دَاوُد عَن ابْن عَبَّاس حَدِيث: " لما الجزء: 4 ¦ الصفحة: 281 نزلت: {وَلَا تقربُوا مَال الْيَتِيم إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أحسن} و {إِن الَّذين يَأْكُلُون أَمْوَال الْيَتَامَى ظلما} " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة جرير، عَن عَطاء بن السَّائِب، عَن سعيد بن جُبَير عَنهُ. فَأَما مَا هُوَ من رِوَايَة من لَا يدرى مَتى سمع مِنْهُ، فَالْحَدِيث الَّذِي ابتدأنا بِذكرِهِ من رِوَايَة حَمَّاد بن زيد عَنهُ. (1823) وَحَدِيث: " إِن للشَّيْطَان بِابْن آدم لمة ". صَححهُ بتصحيح التِّرْمِذِيّ. وَهُوَ من رِوَايَة أبي الْأَحْوَص، عَن عَطاء ابْن السَّائِب، عَن مرّة، عَن عبد الله. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 282 وَبِالْجُمْلَةِ فَلَيْسَ يَنْبَغِي أَن يصحح مَا يرويهِ عَطاء، وَإِنَّمَا الْأَحَادِيث من رِوَايَته حسان، وَقد ذكر أَحَادِيث أعرض فِيهَا عَن عَطاء بن السَّائِب وأعلها بِغَيْرِهِ. (1824) مِنْهَا حَدِيث: " الْجَزُور فِي الْأَضْحَى عَن عشرَة ". ضعفه بِأبي الْجمل، وَترك عَطاء بن السَّائِب لم يعرض لَهُ، وَأَبُو الْجمل إِنَّمَا يرويهِ عَنهُ. (1825) وَحَدِيث: " طَعَام الْوَلِيمَة أول يَوْم حق ". أعله بِزِيَاد بن عبد الله، وَأعْرض عَن عَطاء بن السَّائِب، وَهُوَ يرويهِ عَنهُ. (1826) وَحَدِيث: " تَعْتَد الْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوجهَا حَيْثُ شَاءَت ". أعرض فِيهِ عَن عَطاء بن السَّائِب، وَضَعفه بِغَيْرِهِ، وَأصَاب فِي ذَلِك؛ فَإِن عَطاء أخف مَا فِيهِ، فَهُوَ فِيهِ أعذر، وَقد نَص أَيْضا فِي حَدِيث عَليّ أَن ابْن جريج سمع من عَطاء بعد الِاخْتِلَاط. (1827) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ، عَن عبد الله بن السَّائِب قَالَ: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 283 سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول - بَين الرُّكْن الْيَمَانِيّ وَالْحجر: {رَبنَا آتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة} الْآيَة. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث يرويهِ ابْن جريج، عَن يحيى بن عبيد، عَن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 284 أَبِيه، عَن عبد الله بن السَّائِب. وَكَذَا ذكره فِي كتاب التميير، وَقَالَ فِي يحيى بن عبيد: إِنَّه ثِقَة. فَأَما ابْن أبي حَاتِم فَلم يزدْ فِيهِ على أَن قَالَ: روى عَن أَبِيه، روى عَنهُ ابْن جريج. وَذكره البُخَارِيّ عَن أبي نعيم، عَن سُفْيَان، عَن ابْن جريج، عَن يحيى بن عبيد، عَن السَّائِب بن عبد الله، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، قَالَ البُخَارِيّ: وَهُوَ وهم. وَإِلَى هَذَا فَإِن وَالِد يحيى هَذَا لَا تعرف حَاله، وَلَا يعرف بِغَيْر رِوَايَة ابْنه يحيى عَنهُ. وَابْنه يحيى أَيْضا لَا يعرف روى عَنهُ غير ابْن جريج، وَلَكِن قد قَالَ فِيهِ النَّسَائِيّ: إِنَّه ثِقَة، فَالله أعلم إِن كَانَ كَذَلِك، فَإِن تَعْدِيل غير المعاصر وتجريحه فِيهِ نظر، فَاعْلَم ذَلِك. (1828) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا عَن المُهَاجر الْمَكِّيّ، قَالَ: سُئِلَ جَابر عَن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 285 الرجل يرى الْبَيْت، أيرفع يَدَيْهِ؟ الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، ومهاجر بن عِكْرِمَة المَخْزُومِي، روى عَن جَابر، وَعبد الله ابْن أبي بكر، وَالزهْرِيّ روى عَنهُ يحيى بن أبي كثير، وَأَبُو قزعة: سُوَيْد ابْن حُجَيْر، وَجَابِر الْجعْفِيّ، وَلَا يعرف حَاله. وَكَذَا ذكره أَبُو دَاوُد من رِوَايَة أبي قزعة، عَن مهَاجر الْمَكِّيّ. وَهُنَاكَ رجل آخر يُقَال لَهُ: مهَاجر الْمَكِّيّ، وَهُوَ ابْن الْقبْطِيَّة، وَهُوَ ثِقَة، يروي عَن أم سَلمَة، وَلَيْسَ بِهَذَا. (1829) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا عَن ابْن عمر، أَنه " كَانَ يَأْتِي الْجمار فِي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 286 الْأَيَّام الثَّلَاثَة بعد يَوْم النَّحْر مَاشِيا، ذَاهِبًا وراجعا " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة عبد الله بن عمر الْعمريّ، عَن نَافِع عَنهُ. (1830) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا، عَن سُلَيْمَان بن عَمْرو بن الْأَحْوَص، عَن أمه قَالَت: " رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عِنْد جَمْرَة الْعقبَة رَاكِبًا، وَرَأَيْت بَين أَصَابِعه حجرا، فَرمى وَرمى النَّاس ". وَسكت عَنهُ مصححا لَهُ، وَقد كَانَ كَافِيا فِي أَن لَا يُصَحِّحهُ حَال سُلَيْمَان ابْن عَمْرو هَذَا؛ فَإِنَّهُ مَجْهُول، وَأمه لَا تعرف لَهَا صُحْبَة إِلَّا بِمَا ذكر، وَلَا يعرف أَنه روى عَنهُ غير يزِيد بن أبي زِيَاد، وشبيب بن غرقدة، فَكيف وَفِي الحَدِيث - مَعَ ذَلِك - يزِيد بن أبي زِيَاد، هُوَ يرويهِ عَن سُلَيْمَان الْمَذْكُور. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 287 وَيزِيد بن أبي زِيَاد مُخْتَلف فِيهِ، وَقد اعتراه هُوَ فِيهِ اضْطِرَاب، وَذَلِكَ أَنه أورد أَحَادِيث كَثِيرَة، هِيَ من رِوَايَته، سكت عَنْهَا وَلم يبين أَنَّهَا من رِوَايَته، لعَلي أستدرك التَّنْبِيه عَلَيْهَا، فَإِنِّي كنت أغفلته. وَفِي ذكري مِنْهَا الْآن - زِيَادَة إِلَى هَذَا الحَدِيث - حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن صَفْوَان، أَنه سَأَلَ عمر: (1831) كَيفَ صنع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين دخل الْكَعْبَة؟ قَالَ: " صلى رَكْعَتَيْنِ ". فَإِنَّهُ سكت عَنهُ، وَلم يبين أَنه من رِوَايَته، وَقد بَين فِي غير حَدِيث إِنَّه لَا يحْتَج بِهِ. (1832) فَمن ذَلِك حَدِيث، أبي سعيد: " يَرْمِي الْغُرَاب وَلَا يقْتله ". قَالَ بعده: فِي إِسْنَاده يزِيد بن أبي زِيَاد وَلَا يحْتَج بِهِ. وَذكر بعده قِطْعَة أُخْرَى مِنْهُ، وحسنها، وَذَلِكَ صَوَاب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 288 (1833) وَذكر حَدِيث ابْن عَبَّاس: " كفن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي ثَلَاثَة أَثوَاب " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: يَدُور على يزِيد بن أبي زِيَاد، وَلَيْسَ مِمَّن يحْتَج بِهِ لَو لم يُخَالف، فَكيف وَقد خَالفه الثِّقَات بِمَا روى عَن عَائِشَة وَثَبت عَنْهَا. (1834) وَذكر فِي الْأَشْرِبَة حَدِيث: " إِذا اشْتَدَّ عَلَيْكُم فَاقْتُلُوهُ بِالْمَاءِ ". ثمَّ قَالَ: فِيهِ يزِيد بن أبي زِيَاد الْكُوفِي، وَهُوَ ضَعِيف لَا يحْتَج بِهِ. (1835) وَذكر حَدِيث ابْن عمر فِي تَقْبِيل يَد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ثمَّ قَالَ: فِيهِ يزِيد بن أبي زِيَاد، وَلَا يحْتَج بِهِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 289 (1836) وَذكر من عِنْد أبي دَاوُد حَدِيث سعد بن عبَادَة، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا من امْرِئ يقْرَأ الْقُرْآن ثمَّ ينساه إِلَّا يلقى الله يَوْم الْقِيَامَة أَجْذم ". وتبرأ من عهدته بإبراز قِطْعَة من إِسْنَاده، وَهِي يزِيد بن أبي زِيَاد، عَن عِيسَى بن فائد، عَن سعد بن عبَادَة. وَقد مر ذكر هَذَا الحَدِيث فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا مُتَّصِلَة، وَهِي مُنْقَطِعَة. (1837) وَذكر حَدِيث: " أَنْتُم الْعَكَّارُونَ وَأَنا فِئَتكُمْ ". وَلم يقل فِيهِ إِلَّا حسن، وَلَيْسَ ذَلِك إِلَّا لِأَنَّهُ من رِوَايَة يزِيد بن أبي زِيَاد (1838) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَيْسَ على النِّسَاء حلق، إِنَّمَا على النِّسَاء التَّقْصِير ". وَسكت عَنهُ مصححا لَهُ، وَهُوَ حَدِيث لَا يَصح؛ فَإِن أم عُثْمَان بنت أبي سُفْيَان راويته عَن ابْن عَبَّاس لَا تعرف. وَإِلَى ذَلِك فَإِن الطَّرِيقَيْنِ إِلَيْهَا اللَّذين ذكره بهما أَبُو دَاوُد، فيهمَا انْقِطَاع، قد بَيناهُ فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا مُتَّصِلَة وَهِي مُنْقَطِعَة. (1839) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار، عَن الْأسود بن خلف، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 290 " أمره أَن يجدد أنصاب الْحرم عَام الْفَتْح ". وَسكت عَنهُ، وَمَا مثله صحّح؛ فَإِن الْأسود بن خلف لَا يعرف روى عَنهُ إِلَّا ابْنه مُحَمَّد، وَابْنه مُحَمَّد لَا يعرف حَاله، وَإِنَّمَا روى عَنهُ عبد الله بن عُثْمَان ابْن خثيم وَذكر بَعضهم أَن أَبَا الزبير روى عَنهُ. وَقيل: إِن أَبَا الزبير إِنَّمَا روى عَن عبد الله بن عُثْمَان بن حَكِيم عَنهُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 291 لَيْسَ بِنَافِع لَهُ أَن يروي عَنهُ أَبُو الزبير، وثالث، ورابع وَلَو اتّفق؛ فَإِن روايتهم عَنهُ لَا تكون تعديلا لَهُ، وَلَا يرْوى عَنهُ - فِيمَا أعلم - إِلَّا هَذَا الحَدِيث. (1840) وَحَدِيث: " الْوَلَد مَبْخَلَة مَجْبَنَة مجهلَة ". قَالَ الْبَزَّار: حَدثنَا بشر بن معَاذ، وَمُحَمّد بن مُوسَى الْحَرَشِي، قَالَا: حَدثنَا فُضَيْل بن سُلَيْمَان، قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن عُثْمَان بن خثيم، عَن مُحَمَّد ابْن الْأسود بن خلف، عَن أَبِيه، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أمره أَن يجد أنصاب الْحرم عَام الْفَتْح ". هَذَا إِسْنَاد الحَدِيث الْمَذْكُور فاعلمه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 292 (1841) وَذكر من طَرِيق مُسلم حَدِيث جَابر، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " دخل مَكَّة وَعَلِيهِ عِمَامَة سَوْدَاء بِغَيْر إِحْرَام ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ إِنَّمَا يرويهِ عِنْد مُسلم مُعَاوِيَة بن عمار، عَن أبي الزبير. وَيَنْبَغِي أَن نذْكر مذْهبه فِي أبي الزبير عَن جَابر، ثمَّ نذْكر عمله فِيهِ فَنَقُول: (1842) لما ذكر حَدِيث جَابر فِي الْمَرِيض الَّذِي رفع إِلَى وَجهه وسَادَة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 293 يُصَلِّي عَلَيْهَا، فَرمى بهَا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الحَدِيث. قَالَ بعده: رَوَاهُ أَبُو بكر الْحَنَفِيّ - وَكَانَ ثِقَة - عَن الثَّوْريّ، عَن أبي الزبير، عَن جَابر، وَقد تقدم الْكَلَام فِي حَدِيث أبي الزبير عَن جَابر، أَنه لَا يَصح من حَدِيثه إِلَّا مَا ذكر فِيهِ السماع، أَو كَانَ من رِوَايَة اللَّيْث عَنهُ. (1843) وَذكر من طَرِيق مُسلم عَن أبي الزبير، عَن جَابر: " دخل أَبُو بكر يسْتَأْذن على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ". الحَدِيث. وَفِيه: " هن حَولي - كَمَا ترى - يَسْأَلْنَنِي النَّفَقَة ". ثمَّ قَالَ بإثره: إِنَّمَا يُؤْخَذ من حَدِيث أبي الزبير، مَا ذكر فِيهِ السماع، أَو كَانَ من رِوَايَة اللَّيْث عَنهُ، وَلَيْسَ هَذَا من رِوَايَة اللَّيْث. (1844) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، عَن حَرْب بن أبي الْعَالِيَة، عَن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 294 أبي الزبير، عَن جَابر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْمُطلقَة ثَلَاثًا لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفقَة ". (1845) وَبِهَذَا الْإِسْنَاد: " لَيْسَ للحامل الْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوجهَا نَفَقَة ". ثمَّ أتبعهَا أَن قَالَ: إِنَّمَا يُؤْخَذ من حَدِيث أبي الزبير عَن جَابر، مَا ذكر فِيهِ السماع، أَو كَانَ عَن اللَّيْث، عَنهُ، عَن جَابر. ثمَّ ضعف حَرْب بن أبي الْعَالِيَة. (1846) وَذكر - من رِوَايَة أبي الزبير عَن جَابر، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " نهى عَن ثمن السنور، وَالْكَلب، إِلَّا كلب صيد "، من طَرِيق النَّسَائِيّ. ثمَّ قَالَ: أَبُو الزبير يُدَلس فِي حَدِيث جَابر، فَإِذا ذكر سَمَاعه مِنْهُ، أَو كَانَ من رِوَايَة اللَّيْث عَن أبي الزبير، فَهُوَ صَحِيح، وَهَذَا من رِوَايَة جمَاعَة عَنهُ، لَيْسَ فيهم اللَّيْث. (1847) وَذكر حَدِيث تَفْسِير الْجَائِحَة من طَرِيق ضَعِيف. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 295 ثمَّ قَالَ: وَأَبُو الزبير يُدَلس فِي حَدِيث جَابر. (1848) وَذكر فِي أُمَّهَات الْأَوْلَاد حديثين، ثمَّ قَالَ: ذكر فِي الأول سَمَاعه من جَابر، وَلم يذكرهُ فِي الثَّانِي. (1849) وَذكر حَدِيث: " ذبحنا يَوْم خَيْبَر، الْخَيل، وَالْبِغَال، وَالْحمير ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 296 الحَدِيث. من رِوَايَة حَمَّاد بن سَلمَة، عَن أبي الزبير، عَن جَابر. ثمَّ قَالَ: لَا يُؤْخَذ من حَدِيث أبي الزبير عَن جَابر إِلَّا مَا ذكر فِيهِ السماع، أَو كَانَ من رِوَايَة اللَّيْث عَنهُ. (1850) وَذكر فِي التَّشَهُّد حَدِيث جَابر، من طَرِيق النَّسَائِيّ. ثمَّ قَالَ: أحسن حَدِيث أبي الزبير عَن جَابر، مَا ذكر سَمَاعه مِنْهُ، وَلم يذكر السماع فِي هَذَا فِيمَا أعلم. فَهَذَا مذْهبه فلنبين علمه. وَذَلِكَ أَنه كَانَ يجب أَن يطرد هَذَا الْمَذْهَب فِي أَحَادِيثه، فيبين مَا كَانَ مِنْهَا غير مَذْكُور فِيهَا سَمَّاعَة مِمَّا لم يروه اللَّيْث عَنهُ، فَيكون ذَلِك مِنْهُ تعليلا لَهَا، محالا على هَذِه الْمَوَاضِع الَّتِي قد فسر فِيهَا أمره، وَقد كَانَ يَكْفِيهِ بَعْضهَا، ثمَّ يسكت إِن شَاءَ عَمَّا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 297 كَانَ من رِوَايَته مَذْكُورا فِيهَا سَمَاعه، أَو كَانَ من رِوَايَة اللَّيْث عَنهُ. هَذَا هُوَ طرد مَا ذهب إِلَيْهِ، وَلم يفعل بل أورد الْأَحَادِيث فِيمَا عدا هَذِه الَّتِي تقدم ذكرهَا على نحوين: نَحْو يذكرهَا فيبين أَنَّهَا من رِوَايَة أبي الزبير عَن جَابر، فَهَذَا قريب من الصَّوَاب؛ فَإِنَّهُ بذلك كالمتبري من عهدتها. وَنَحْو يسكت عَنهُ، وَلَا يبين أَنه من رِوَايَته، وَهُوَ مِمَّا لم يذكر فِيهِ سَمَاعه، وَلَا هُوَ من رِوَايَة اللَّيْث عَنهُ، بل إِذا قَرَأَهُ الْقَارئ يَظُنّهُ من غير رِوَايَة أبي الزبير، فيعتقد - بسكوته عَنهُ - أَنه مِمَّا لَا خلاف فِي صِحَّته. وَأكْثر مَا يَقع لَهُ هَذَا الْعَمَل، فِيمَا كَانَ من الْأَحَادِيث مِمَّا أخرجه مُسلم، كَأَنَّهَا بِإِدْخَال مُسلم لَهَا، حصلت فِي حمى من النَّقْد، وَهَذَا خطأ لَا شكّ فِيهِ. فلنعرض الْآن عَلَيْك أَحَادِيث النحوين الْمَذْكُورين حَتَّى يتَبَيَّن ذَلِك. (1851) ذكر حَدِيث الطُّفَيْل الدوسي، من رِوَايَة أبي الزبير عَن جَابر. وَلَيْسَ من رِوَايَة اللَّيْث، وَلَا مِمَّا ذكر فِيهِ سَمَاعه، وَلكنه أبرزه. (1852) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد، عَن أَيمن بن نابل، عَن أبي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 298 الزبير، عَن جَابر حَدِيث: " الرَّمْي والتلبية عَن الصّبيان ". وَإسْنَاد أبي أَحْمد إِلَى أَيمن بن نابل صَحِيح، فَكَأَن أَبَا مُحَمَّد تَبرأ من عهدته بتبيينه أَنه من رِوَايَة أبي الزبير عَن جَابر، من غير رِوَايَة اللَّيْث، وَمِمَّا لم يذكر فِيهِ سَمَاعه. وأيمن بن نابل رَاوِيه عَنهُ ثِقَة. (1853) وَذكر أَيْضا فِي ذَلِك حَدِيث أَشْعَث بن سوار، عَن أبي الزبير عَن جَابر: " كُنَّا نلبي عَن النِّسَاء ونرمي عَن الصّبيان ". وَيظْهر فِيهِ أَيْضا أَنه لم يُصَحِّحهُ لمَكَان أَشْعَث بن سوار، وتدليس أبي الزبير. (1854) وَذكر حَدِيث: " مَاء زَمْزَم لما شرب لَهُ " وأبرز من إِسْنَاده عبد الله ابْن مُؤَمل، عَن أبي الزبير، عَن جَابر. (1855) وَحَدِيث: " النَّهْي أَن يتعاطى السَّيْف مسلولا ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 299 (1856) وَحَدِيث: " عمرك الله بيعا " فِي الْخِيَار فِي البيع. (1857) وَحَدِيث: " رخص لنا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْعَصَا وَالْحَبل وَالسَّوْط ". (1858) وَحَدِيث: " النَّهْي عَن أكل الهر وَأكل ثمنهَا ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 300 هُوَ من رِوَايَة عمر بن زيد، عَن أبي الزبير، عَن جَابر. (1859) وَحَدِيث: " لَا تذبحوا إِلَّا مُسِنَّة ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 301 (1860) وَحَدِيث: " ذَكَاة الْجَنِين ذَكَاة أمه ". (1861) وَحَدِيث: " النَّهْي أَن ينتعل الرجل قَائِما ". يرويهِ إِبْرَاهِيم بن طهْمَان، عَن أبي الزبير. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 302 (1862) " إِذا انْقَطع شسع أحدكُم ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 303 (1863) وَحَدِيث: " احْتجم على وركه من وثء كَانَ بِهِ ". (1864) وَحَدِيث: " من قتل ضفدعا فَعَلَيهِ شَاة، محرما كَانَ أَو غير محرم ". ضعفه بِعَبْد الرَّحْمَن بن هَانِئ، وَلم يعرض لأبي الزبير، وَلكنه بَين أَنه من رِوَايَة الثَّوْريّ عَنهُ، عَن جَابر. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 304 كل هَذِه الْأَحَادِيث أبرز عِنْد ذكره إِيَّاهَا أَبَا الزبير، فَتبين بذلك أَنَّهَا من رِوَايَته، وَكلهَا مِمَّا لم يذكر فِيهِ سَمَاعه وَلَا هُوَ من رِوَايَة اللَّيْث عَنهُ، وَهُوَ فِيهَا غير مُخطئ؛ فَإِنَّهُ بإبرازه إِيَّاه قد أحَال على مَا شرح من أمره فِي الْأَحَادِيث الْمُتَقَدّمَة، فَهَذَا أحد النحوين. وَأما النَّحْو الآخر، وَهُوَ مَا سكت عَنهُ سُكُوته عَمَّا لَا خلاف فِي صِحَّته، من غير أَن يبين أَنه من رِوَايَته. (1865) فَمن ذَلِك حَدِيث: " عَالم الْمَدِينَة ". صَححهُ بتصحيح التِّرْمِذِيّ، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن عُيَيْنَة، عَن ابْن جريج، عَن أبي الزبير، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة. وَابْن عُيَيْنَة، وَابْن جريج، وَأَبُو الزبير، كلهم مُدَلّس. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 305 (1866) وَحَدِيث: " أَيّكُم خَافَ أَن لَا يقوم من آخر اللَّيْل ". (1867) وَحَدِيث: " أَن رجلا تَوَضَّأ فَترك مَوضِع ظفر على قدمه ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 306 (1868) وَحَدِيث: " الِاسْتِجْمَار تو، وَالطّواف تو، وَرمي الجمارتو ". (1869) وَحَدِيث: " لَا يحل لأحدكم أَن يحمل السِّلَاح بِمَكَّة ". (1870) وَحَدِيث: " أَن رجلا سَأَلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: أَرَأَيْت إِذا صليت الصَّلَوَات المكتوبات؟ ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 308 (1871) وَحَدِيث: " الْبَدنَة عَن سَبْعَة ". (1872) وَحَدِيث: " دخل مَكَّة بِغَيْر إِحْرَام ". (1873) وَحَدِيث: " إِذا دعِي أحدكُم إِلَى طَعَام فليجب ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 309 (1874) وَحَدِيث: " رأى امْرَأَة فَأتى امْرَأَته زَيْنَب، وَهِي تمعس منيئة لَهَا ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 310 (1875) وَحَدِيث: " لَا يبع حَاضر لباد، دعوا النَّاس يرْزق الله بَعضهم من بعض ". (1876) وَحَدِيث: " قدم رجل من جيشان فَسَأَلَ عَن المزر الجزء: 4 ¦ الصفحة: 311 (1877) وَحَدِيث: " لَا تُرْسِلُوا فَوَاشِيكُمْ إِذا غَابَتْ الشَّمْس ". (1878) وَحَدِيث: " استكثروا من النِّعَال؛ فَإِن الرجل لَا يزَال رَاكِبًا مَا انتعل ". (1879) وَحَدِيث: " غيروا هَذَا بِشَيْء وَاجْتَنبُوا السوَاد ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 312 (1880) وَحَدِيث: " النَّهْي عَن تجصيص الْقُبُور ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 313 كل هَذِه من كتاب مُسلم، من رِوَايَة أبي الزبير، عَن جَابر مِمَّا لم يذكر فِيهِ سَمَاعه وَلَا هُوَ من رِوَايَة اللَّيْث عَنهُ. (1881) وَحَدِيث: " أَخذ الْجمار من وَادي محسر ". أعله بِعَبْد الله بن عَامر، وَلم يعرض لكَونه من رِوَايَة أبي الزبير عَن جَابر. (1882) وَحَدِيث: " من أعْطى فِي صدَاق امْرَأَة ملْء كفيه سويقا ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 314 لم يعرض فِيهِ لأبي الزبير عَن جَابر، وَرجح رِوَايَته مَوْقُوفا. (1883) وَحَدِيث: " إِذا اسْتهلّ الصَّبِي ورث وَصلي عَلَيْهِ ". لم يعرض لَهُ من جِهَة أبي الزبير عَن جَابر، لَكِن من جِهَة أَنه رُوِيَ مَوْقُوفا. (1884) وَحَدِيث: " أَن رجلا زنى بِامْرَأَة، فجلد، ثمَّ أخبر أَنه مُحصن فرجم ". (1885) وَحَدِيث: " لَيْسَ على خائن، وَلَا منتهب، وَلَا مختلس قطع ". وَأتبعهُ تَصْحِيح التِّرْمِذِيّ إِيَّاه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 315 (1886) وَحَدِيث: " مَا جزر عَنهُ الْبَحْر فكلوه ". (1887) وَحَدِيث: " لَا تأذنوا لمن لَا يبْدَأ بِالسَّلَامِ ". (1888) وَحَدِيث: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يَأْذَن لمن لَا يبْدَأ بِالسَّلَامِ ". (1889) وَحَدِيث: " لكل دَاء دَوَاء ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 316 كل هَذِه الْأَحَادِيث من عِنْد غير مُسلم من مَوَاضِع مُخْتَلفَة، لم يبين فِي شَيْء مِنْهَا أَنه من رِوَايَة أبي الزبير عَن جَابر. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 317 وَقد سكت أَيْضا عَن أَحَادِيث، هِيَ من رِوَايَة أبي الزبير عَن غير جَابر. (1890) مِنْهَا حَدِيث: " إِذا رَأَيْتُمْ أمتِي تهاب الظَّالِم ". وَأتبعهُ أَن قَالَ: يُقَال: إِن إِسْنَاده مُنْقَطع. وَلم يبين أَنه من رِوَايَة أبي الزبير، عَن عبد الله بن عَمْرو ذكره النَّسَائِيّ. (1891) وَحَدِيث: " عَرَفَة كلهَا موقف، وَارْفَعُوا عَن بطن عُرَنَة ". هُوَ من رِوَايَة أبي الزبير، عَن أبي معبد، عَن ابْن عَبَّاس، ذكره الطَّحَاوِيّ. (1892) وَحَدِيث: " عَلَيْكُم بحصى الْخذف. وَلم يزل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 318 يُلَبِّي حَتَّى رمى الْجَمْرَة ". هُوَ من رِوَايَة أبي الزبير، عَن أبي معبد، عَن ابْن عَبَّاس، كَذَلِك ذكره مُسلم. (1893) وَحَدِيث: " تَأْخِير طواف الْإِفَاضَة إِلَى اللَّيْل ". هُوَ من رِوَايَة أبي الزبير، عَن عَائِشَة وَابْن عَبَّاس. (1894) وَحَدِيث: " لما أُصِيب إخْوَانكُمْ، جعل الله أَرْوَاحهم فِي أَجْوَاف طير خضر ". وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق، عَن إِسْمَاعِيل بن أُميَّة، عَن أبي الزبير، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس. فَجَمِيع هَذِه الْأَحَادِيث، من رِوَايَة أبي الزبير عَن غير جَابر، وَهُوَ بتدليسه الْمَعْلُوم عَنهُ، لَا يَنْبَغِي أَن يخلط حَدِيثه - بِالسُّكُوتِ عَنهُ - بِحَدِيث غَيره مِمَّن لَا يُدَلس، وَلَا يَنْبَغِي أَن يقصر تدليسه على جَابر، فَإِن ذَلِك لَا يَصح، بل هُوَ مُدَلّس بِإِطْلَاق، وَاتفقَ أَن سَأَلَهُ اللَّيْث عَمَّا رَوَاهُ عَن جَابر، فميز لَهُ مَا سمع مِمَّا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 319 لم يسمع، وَلذَلِك اسْتثْنِي من حَدِيثه - مِمَّا لم يذكر فِيهِ سَمَاعه - مَا كَانَ من رِوَايَة اللَّيْث عَنهُ. (1895) وَقد يظنّ بِحَدِيث جَابر - قَالَ: " أقبل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من شعب من الْجَبَل وَقد قضى حَاجته، وَبَين أَيْدِينَا تمر على ترس، أَو جحفة - فدعوناه فَأكل مَعنا وَمَا مس مَاء " - أَنه من جملَة مَا رَوَاهُ اللَّيْث، من حَدِيث أبي الزبير عَن جَابر. وَيُشبه أَن يكون أَبُو مُحَمَّد مِمَّن ظن هَذَا، وَلذَلِك سكت عَنهُ، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة أبي الزبير. وَلَيْسَ الْأَمر فِيهِ كَذَلِك، بل هُوَ من جملَة مَا يتقى فِيهِ تَدْلِيس أبي الزبير، وَذَلِكَ أَنه إِنَّمَا يرويهِ اللَّيْث عَن خَالِد بن يزِيد الإسْكَنْدراني، عَن أبي الزبير، عَن جَابر. وخَالِد ثِقَة، وَلَكِن لَا يَنْبَغِي أَن يعد هَذَا مِمَّا ميزه أَبُو الزبير لليث من حَدِيثه المسموع؛ فَإِنَّهُ لَو كَانَ مِنْهُ، لَكَانَ مِمَّا أَخذ عَنهُ، وَلم يحْتَج فِيهِ لتوسط خَالِد بَينه وَبَينه. ونرى أَن نذْكر لَك الْوَاقِع فِي الْوُجُود من سُؤال اللَّيْث لأبي الزبير على مَا رُوِيَ عَلَيْهِ، حَتَّى نَنْظُر فِيهِ، غير مقلد لأبي مُحَمَّد: قَالَ أَبُو جَعْفَر القيلي: حَدثنَا زَكَرِيَّاء بن يحيى الْحلْوانِي، حَدثنَا أَحْمد بن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 320 سعد بن أبي مَرْيَم، حَدثنَا عمي. وَحدثنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل، حَدثنَا الْحسن بن عَليّ، حَدثنَا سعيد بن أبي مَرْيَم، حَدثنَا اللَّيْث بن سعد، قَالَ: قدمت مَكَّة فَجئْت أَبَا الزبير، فَدفع إِلَيّ كتابين، فَانْقَلَبت بهما، فَقلت فِي نَفسِي: لَو عاودته، فَسَأَلته: أسمع هَذَا كُله من جَابر؟ وَرجعت إِلَيْهِ فَقلت لَهُ: هَذَا كُله سمعته من جَابر؟ فَقَالَ: مِنْهُ مَا سَمِعت وَمِنْه مَا حدثت عَنهُ، فَقلت: أعلم لي على مَا سَمِعت، فَأعْلم لي على هَذَا الَّذِي عِنْدِي. وَقَالَ أَحْمد بن سعيد بن حزم الصَّدَفِي المنتجالي: حَدثنِي أَحْمد بن خَالِد، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن وضاح، قَالَ: سَمِعت أَبَا جَعْفَر الْوراق البستي يَقُول: قَالَ اللَّيْث: أتيت أَبَا الزبير، فَقلت لَهُ: أخرج إِلَيّ كتاب جَابر، فَأخْرج إِلَيّ عَن جَابر كتابين، فَقلت لَهُ: سمعتهما مِنْهُ؟ قَالَ: بعض سَمِعت، وَبَعض لم أسمع، فَقلت لَهُ: علم لي على مَا سَمِعت، فَعلم لي على شَيْء، قَالَ أَبُو جَعْفَر: فَكَانَت نَحوا من ثَلَاثِينَ. وَقَالَ الصَّدَفِي أَيْضا: حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد، حَدثنَا عُبَيْدَة بن أَحْمد، حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل الصَّائِغ، حَدثنَا الْحسن بن عَليّ، حَدثنَا ابْن أبي مَرْيَم، حَدثنَا اللَّيْث بن سعد، قَالَ: أتيت أَبَا الزبير، فَأخْرج لي كتابين فَنَظَرت فيهمَا، فَإِذا عَن جَابر، فَقلت لَهُ: هَذَا الَّذِي عَن جَابر سمعته؟ قَالَ: لَا، قلت: أفتعرف مَا سَمِعت مِمَّا لم تسمع؟ قَالَ: نعم، قَالَ: قلت: فَأعْلم لي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 321 عَلَيْهِ، فَأعْلم لي على هَذِه الْأَحَادِيث الَّتِي كتبتها عَنهُ. وَقَالَ الصَّدَفِي أَيْضا أمْلى عَليّ مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْملك، قَالَ: سَمِعت مُحَمَّد بن وضاح يَقُول: قَالَ اللَّيْث بن سعد، فَذكر مثله وَزَاد: وَهِي نَحْو من سَبْعَة وَعشْرين، أَو تِسْعَة وَعشْرين حَدِيثا. قَالَ ابْن وضاح: وَهِي مَعْرُوفَة. فَيَجِيء من هَذَا أَن رِوَايَة اللَّيْث، عَن خَالِد بن يزِيد، عَن أبي الزبير، عَن جَابر، هُوَ مِمَّا لم يسمعهُ أَبُو الزبير عَن جَابر. وَقد انْتَهَيْت إِلَى مَا قصدت بَيَانه: من مَذْهَب أبي مُحَمَّد فِي أبي الزبير، وَعَمله فِي رواياته. وَالرجل صَدُوق، إِلَّا أَنه يُدَلس، وَلَا يَنْبَغِي أَن يتَوَقَّف من حَدِيثه فِي شَيْء ذكر فِيهِ سَمَاعه، أَو كَانَ من رِوَايَة اللَّيْث عَنهُ، وَإِن كَانَ مُعَنْعنًا، وَلَا يَنْبَغِي أَن يلْتَفت إِلَى مَا أَكثر بِهِ عَلَيْهِ من غير هَذَا، كَقَوْل شُعْبَة: إِنَّه رَآهُ يُصَلِّي فيسيء الصَّلَاة، فَإِن مَذَاهِب الْفُقَهَاء مُخْتَلفَة؛ فقد يرى الشَّافِعِي بعض صَلَاة الْحَنَفِيّ إساءة، وَهِي عِنْده هُوَ لَيست بإساءة. وَكَذَلِكَ قَوْله: إِنَّه رأى أَبَا الزبير يزن فيرجح فِي الْمِيزَان - هُوَ أَمر لَا يحققه عَلَيْهِ شُعْبَة؛ إِذْ قد يعلم هُوَ من أَمر الْمِيزَان الَّذِي يزن بِهِ، مَا يَظُنّهُ غَيره بِهِ مطففا، وَلَيْسَ هُوَ كَذَلِك. وَكَذَلِكَ قَول من قَالَ: سفه على رجل من أهل الْعلم بِحَضْرَتِهِ فَلم يُنكر قد يكون لَهُ فِي السُّكُوت عذر، وَنحن نلومه، مثل أَن لَا يقدر على الْإِنْكَار على السافه إِلَّا بِقَلْبِه، أَو لَا يرى ذَلِك سفها، وَيَرَاهُ الحاكي سفها، أَو يرى المسفوه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 322 عَلَيْهِ أَهلا لذَلِك، وَلَا يرَاهُ الحاكي لذَلِك أَهلا. والمخارج عَن هَذَا كَثِيرَة، وَقد نَص يحيى الْقطَّان، وَأحمد بن حَنْبَل، على أَن مَا لم يقل فِيهِ: حَدثنَا جَابر، لَكِن " عَن جَابر "؛ بَينهمَا فِيهِ فياف، فَاعْلَم ذَلِك. (1896) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من زار قَبْرِي وَجَبت لَهُ شَفَاعَتِي " قَالَ: وَذكره الْبَزَّار أَيْضا. هَكَذَا سكت عَنهُ، وَأرَاهُ تسَامح فِيهِ؛ لِأَنَّهُ من الْحَث وَالتَّرْغِيب على عمل. وَإِسْنَاده عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ هُوَ هَذَا: حَدثنَا القَاضِي الْمحَامِلِي، حَدثنَا عبيد بن مُحَمَّد الْوراق، حَدثنَا مُوسَى بن هِلَال الْعَبْدي، عَن عبد الله بن عمر، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من زار قَبْرِي وَجَبت لَهُ شَفَاعَتِي ". ومُوسَى بن هِلَال الْعَبْدي، بَصرِي، روى عَن هِشَام بن حسان، وَعبد الله ابْن عمر الْعمريّ، قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِم: مَجْهُول. هَذَا، على أَنه قد ذكر أَن جمَاعَة رَوَت عَنهُ، وهم: أَبُو بجير: مُحَمَّد ابْن جَابر الْمحَاربي، وَمُحَمّد بن إِسْمَاعِيل الأحمسي، وَأَبُو أُميَّة: مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الطرسوسي، وَهَذَا عبيد بن مُحَمَّد فِي نفس هَذَا الْإِسْنَاد، وَمَعَ ذَلِك قَالَ فِيهِ: مَجْهُول، وَهُوَ كَمَا قَالَ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 323 وَقد ذكره الْعقيلِيّ أَيْضا فَقَالَ: مُوسَى بن هِلَال الْبَصْرِيّ، سكن الْكُوفَة، عَن عبد الله بن عمر، لَا يَصح حَدِيثه، وَلَا يُتَابع عَلَيْهِ. روى عَنهُ جَعْفَر بن مُحَمَّد الْبزورِي، فَهَذِهِ عِلّة أُخْرَى فِيهِ - وَلَو كَانَ مَعْرُوفا -، وَهُوَ أَنه لَا يُتَابع. فَأَما أَبُو أَحْمد بن عدي فَإِنَّهُ ذكر هَذَا الرجل بِهَذَا الحَدِيث، ثمَّ قَالَ: ولموسى غير هَذَا، وَأَرْجُو أَنه لَا بَأْس بِهِ. وَهَذَا من أبي أَحْمد قَول صدر عَن تصفح رِوَايَات هَذَا الرجل، لَا عَن مُبَاشرَة لأحواله، فَالْحق فِيهِ أَنه لم تثبت عَدَالَته. وَإِلَى هَذَا، فَإِن الْعمريّ قد عهد أَبُو مُحَمَّد يرد الْأَحَادِيث من أَجله، كَمَا تقدم ذكره فِي هَذَا الْبَاب. وَأما قَوْله: وَذكره الْبَزَّار، فَاعْلَم أَن الْبَزَّار ذكره كَمَا قَالَ، وَلَكِن من طَرِيق غير طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ. قَالَ: حَدثنَا قُتَيْبَة - هُوَ ابْن الْمَرْزُبَان - قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن إِبْرَاهِيم - يَعْنِي ابْن أبي عَمْرو الْغِفَارِيّ - قَالَ: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن زيد بن أسلم، عَن أَبِيه، عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من زار قَبْرِي؛ حلت لَهُ شَفَاعَتِي ". قَالَ: وَعبد الله بن إِبْرَاهِيم حدث بِأَحَادِيث لَا يُتَابع عَلَيْهَا، وَكَذَا قَالَ فِيهِ أَبُو أَحْمد. وَعبد الرَّحْمَن بن زيد بن أسلم ضَعِيف، وَأَبُو مُحَمَّد يرد الْأَحَادِيث من الجزء: 4 ¦ الصفحة: 324 أَجله، فَذَلِك مِنْهُ صَوَاب، وَالله الْمُوفق. (1897) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن عدي بن زيد قَالَ: " حمى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كل نَاحيَة من الْمَدِينَة بريدا بريدا ". وَسكت عَنهُ مصححا لَهُ، وَمَا مثله صحّح، فَإِنَّهُ عِنْد أبي دَاوُد هَكَذَا: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْعَلَاء، أَن زيد بن الْحباب حَدثهمْ قَالَ: حَدثنَا سُلَيْمَان بن كنَانَة - مولى عُثْمَان بن عَفَّان - قَالَ: أَخْبرنِي عبد الله بن أبي سُفْيَان، عَن عدي ابْن زيد، قَالَ: " حمى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كل نَاحيَة من الْمَدِينَة بريداً بريداً، لَا يخبط شَجَره، وَلَا يعضد إِلَّا مَا يساق بِهِ الْجمل ". وعدي بن زيد لَا يعرف فِي الصَّحَابَة، وَلم يذكر فيهم - فِيمَا أعلم - غير أَن ابْن السكن، لما ذكر عديا الجذامي وَفرغ من ذكره قَالَ: وَقد رُوِيَ عَن عدي ابْن زيد أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " حمى كل نَاحيَة من الْمَدِينَة بريدا ". لم يزدْ على هَذَا، كَأَنَّهُ عِنْده عدي الجذامي، وَلم يذكر وَالِد عدي الجذامي حِين ذكره. وَكَذَلِكَ أَبُو الْقَاسِم الْبَغَوِيّ. وَحَدِيثه الَّذِي يعرف بِهِ، هُوَ غير حَدِيث عدي بن زيد هَذَا. وَأما عبد الله بن أبي سُفْيَان الرَّاوِي عَنهُ، فَلَا يعرف من هُوَ. وَسليمَان بن كنَانَة الرَّاوِي عَن عبد الله بن أبي سُفْيَان الْمَذْكُور، روى عَنهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 325 زيد بن الْحباب، وَأَبُو عَامر الْعَقدي، وَسُئِلَ عَنهُ أَبُو حَاتِم فَقَالَ: لَا أعرفهُ. فَهَذَا حَال هَذَا الحَدِيث. (1898) وَذكر من طَرِيق أبي عمر، عَن سعد قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من قَالَ: يثرب؛ فَلْيقل: الْمَدِينَة ". وَسكت عَنهُ وَهُوَ لَا يَصح لوَجْهَيْنِ: أَحدهمَا قد ذَكرْنَاهُ فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا مُتَّصِلَة وَهِي مُنْقَطِعَة. وَالثَّانِي: هُوَ أَن عُثْمَان بن حَفْص رَاوِيه، لم يتَبَيَّن من هُوَ، وَلَا تعرف حَاله. (1899) وَذكر حَدِيث الزبير: " أَن صيد وَج وعضاهه حرَام ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 326 وَأتبعهُ أَن قَالَ: عُرْوَة رأى أَبَاهُ. لم يعرض لَهُ بِأَكْثَرَ من هَذَا، وَهُوَ حَدِيث لَا يَصح؛ فَإِنَّهُ من رِوَايَة مُحَمَّد ابْن عبد الله بن إِنْسَان، عَن أَبِيه، عَن عُرْوَة. وَمُحَمّد بن عبد الله بن إِنْسَان، قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِم: لَيْسَ بِالْقَوِيّ؛ فِي حَدِيثه نظر. وَذكر لَهُ البُخَارِيّ هَذَا الحَدِيث بِهَذَا الْإِسْنَاد، فَقَالَ: لَا يُتَابع عَلَيْهِ. وَذكر ابْن أبي خَيْثَمَة عَن ابْن معِين قَالَ: لَيْسَ بِهِ بَأْس. فَأَما أَبوهُ عبد الله بن إِنْسَان، فَلَا يعرف روى عَنهُ غير ابْنه مُحَمَّد، قَالَ البُخَارِيّ: لَا يَصح حَدِيثه. (1900) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن أبي هُرَيْرَة: " مر رجل من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بشعب فِيهِ عُيَيْنَة من مَاء عذبة، فَأَعْجَبتهُ ". الحَدِيث فِي فضل الْجِهَاد. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 327 وَسكت عَنهُ، وَأرَاهُ إِنَّمَا تسَامح فِيهِ؛ لِأَنَّهُ من فَضَائِل الْأَعْمَال، وَإِلَّا فَهُوَ حَدِيث إِنَّمَا يرويهِ هِشَام بن سعد، عَن ابْن أبي هِلَال، عَن ابْن أبي ذُبَاب، عَن أبي هُرَيْرَة. وَالتِّرْمِذِيّ إِنَّمَا قَالَ فِيهِ: حسن، وَهُوَ كَذَلِك حسن، لَا صَحِيح؛ فَإِن هِشَام ابْن سعد يضعف، وَقد أَكثر عَلَيْهِ أَبُو مُحَمَّد إكثارا يَنْبَغِي أَن نقفك عَلَيْهِ هُنَا، لتعلم مذْهبه فِيهِ، وَحَال الرجل إِنَّمَا يَأْتِي من أَحَادِيثه - بعد أَن نذْكر مَا عمل فِيهِ مثل عمله فِي هَذَا الحَدِيث: من تَصْحِيح أَو تسَامح. (1901) ذكر من عِنْد التِّرْمِذِيّ حَدِيث: " إِن من أكبر الْكَبَائِر الشّرك بِاللَّه، وعقوق الْوَالِدين، وَالْيَمِين الْغمُوس ". وَسكت عَنهُ، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة هِشَام بن سعد. (1902) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار حَدِيث أبي سعيد فِي " أَن عُيُون قُرَيْش الْآن بضجنان، وَمر الظهْرَان " الحَدِيث بِطُولِهِ. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ أَيْضا كَذَلِك من رِوَايَته، وَلم يبين ذَلِك. (1903) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد حَدِيث: " صم يَوْمًا واستغفر الله " الجزء: 4 ¦ الصفحة: 328 لواطئ زوجه فِي رَمَضَان. وَلم يبين أَنه من رِوَايَة هِشَام، إِلَّا أَنه قَالَ: طرق مُسلم أصح وَأشهر، وَإِنَّمَا يَصح الْقَضَاء مُرْسلا. (1904) وَذكر فِي رجم الزَّانِي قَوْله: " إِنَّك قد قلتهَا أَربع مَرَّات " فبمن؟ قَالَ: بفلانة. الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَلم يبين أَنَّهَا من رِوَايَة هِشَام بن سعد. (1905) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن زيد بن أسلم، عَن ابْن عمر: " أَتَى نفر من الْيَهُود، فدعوا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى القف ". الحَدِيث فِي شَأْن الرَّجْم. وَسكت عَنهُ، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة هِشَام بن سعد. (1906) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن قيس بن بشر، عَن أَبِيه، عَن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 329 ابْن الحظلية حَدِيث: " نعم الرجل خريم الْأَسدي، لَوْلَا طول جمته وإسبال إزَاره، وَإِنَّكُمْ قادمون على إخْوَانكُمْ " الحَدِيث. وَلم يبين أَنه من رِوَايَة هِشَام بن سعد. (1907) وَذكر حَدِيث: " لَيْسَ فِي [شَيْء من] الْمَاشِيَة قطع، إِلَّا فِي مَا أَواه المراح ". من رِوَايَة هِشَام بن سعد، عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده. هَكَذَا مبرزا، وأبتعه قَول أبي عمر بن عبد الْبر، بتصحيح حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده، إِذا كَانَ الرَّاوِي عَنهُ ثِقَة. فَكَانَ هَذَا كالتوثيق لهشام بن سعد، وَتَصْحِيح الحَدِيث الْمَذْكُور وَإِن كَانَ من رِوَايَته. فَهَذَا مَا صحّح من الْأَحَادِيث وَلم يبين أَنَّهَا من رِوَايَة هِشَام. فَأَما مَا حمل بِهِ عَلَيْهِ، وَضعف من رواياته فَحَدِيث ابْن عَبَّاس فِي صفة الْوضُوء، الَّذِي فِيهِ: (1908) " فرش على رجله الْيُمْنَى، وفيهَا النَّعْل " من طَرِيق أبي دَاوُد. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 330 أتبعه أَن قَالَ: فِي إِسْنَاده هِشَام بن سعد، وَهُوَ ضَعِيف عِنْدهم، ضعفه يحيى بن معِين، وَيحيى بن سعيد، وَالنَّسَائِيّ، وَابْن حَنْبَل، وَأَبُو حَاتِم، وَأَبُو زرْعَة، كلهم ضعفه، أَو قَالَ فِيهِ كلَاما مَعْنَاهُ التَّضْعِيف، ذكر ذَلِك ابْن أبي حَاتِم، وَابْن عدي. (1909) وَقَالَ فِي الْجمع بَين الصَّلَاتَيْنِ: هِشَام بن سعد ضَعِيف؛ ضعفه أَحْمد بن حَنْبَل، وَابْن معِين، وَأَبُو حَاتِم، وَأَبُو زرْعَة، وَيحيى بن سعيد، وَكَانَ لَا يحدث عَنهُ، وَضَعفه النَّسَائِيّ أَيْضا. قَالَ: وَلم أر فِيهِ أحسن من قَوَّال الْبَزَّار: وَلم أر أحدا توقف عَن حَدِيثه، وَلَا أعله بعلة توجب التَّوَقُّف عَنهُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 331 كَذَا قَالَ، وَقد أسقط من كَلَام الْبَزَّار هَذَا قَوْله فِيهِ: إِنَّه ثِقَة، وَوصل بِهِ قَوْله: وَلم أر أحدا توقف عَن حَدِيثه كَمَا ذكره، وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِك الْبَزَّار إِثْر الحَدِيث الْمَذْكُور فِي صفة الْوضُوء الْمُتَقَدّم ذكره الْآن. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 332 (1910) وَذكر حَدِيث ابْن عَبَّاس: " ثَلَاث لَا يفطرن الصَّائِم ". فَقَالَ بإثره: هِشَام يكْتب حَدِيثه وَلَا يحْتَج بِهِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 333 (1911) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، حَدِيث نعيم بن هزال عَن أَبِيه، فِي قصَّة مَاعِز: " هلا تَرَكْتُمُوهُ لَعَلَّه يَتُوب فيتوب الله عَلَيْهِ ". ثمَّ قَالَ: لَيْسَ إِسْنَاده بِالْقَوِيّ؛ لِأَنَّهُ من حَدِيث هِشَام، عَن يزِيد بن نعيم، عَن أَبِيه وَلَا يحْتَج بِهَذَا الْإِسْنَاد. (1912) وَذكر بعده قِطْعَة أُخْرَى من هَذَا الحَدِيث بِنَفسِهِ وَهِي: " إِنَّك قد قلتهَا أَربع مَرَّات ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 334 وَسكت عَنهُ، وَلم يبين أَنه بِهَذَا الْإِسْنَاد فَكَانَ مِنْهُ ذَلِك تَصْحِيحا لَهُ. (1913) ثمَّ ذكر بعده من طَرِيق أبي دَاوُد عَن يزِيد بن نعيم بن هزال، عَن أَبِيه [أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -] قَالَ لهزال: " لَو سترته بثوبك ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ من رِوَايَة زيد بن أسلم، عَن يزِيد بن نعيم، فَدلَّ ذَلِك على أَن يزِيد عِنْده ثِقَة، وَأَنه إِنَّمَا ضعف الْإِسْنَاد الَّذِي قَالَ فِيهِ: " لَا يحْتَج بِهِ " من أجل هِشَام بن سعد. وَقد قَالَ الْكُوفِي فِي يزِيد بن نعيم بن هزال الْمَذْكُور: إِنَّه مدنِي تَابِعِيّ ثِقَة. (1914) وَحَدِيث: " لينتهين أَقوام يفتخرون بآبائهم ". وَقَالَ فِيهِ: حسن. وَلَا مَانع من تَصْحِيحه، إِلَّا أَنه من رِوَايَة هِشَام بن سعد. (1915) وَذكر من حَدِيث ابْن عمر فِي " رده عَلَيْهِ السَّلَام على الْأَنْصَار الجزء: 4 ¦ الصفحة: 335 السَّلَام إِشَارَة، حِين سلمُوا عَلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي ". فَقَالَ: فِي إِسْنَاده هِشَام بن سعد. (1916) وَذكر مُرْسل زيد بن أسلم: " وَأي الْمُؤمن وَاجِب ". فَبين أَنه من رِوَايَة هِشَام بن سعد عَنهُ. (1917) وَذكر فِي الزَّكَاة قَول عمر: " الْيَوْم أسبق أَبَا بكر إِن سبقته يَوْمًا " الحَدِيث. وَقَالَ بعده: هَذَا يرويهِ هِشَام بن سعد، وَقد وثق وَضعف. وَهَذَا أصوب مَا عمل بِهِ فِي أمره، وَكَذَلِكَ تَحْسِين الحَدِيث الْمُتَقَدّم الذّكر، الَّذِي فِيهِ: " لينتهين أَقوام يفتخرون بآبائهم ". فَأَما تَصْحِيح أَحَادِيثه أَو الْحمل عَلَيْهِ، فَكل ذَلِك خطأ؛ فَإِن الرجل مُخْتَلف فِيهِ، وَهُوَ غير مَدْفُوع عَن الصدْق، وَقد أخرج لَهُ مُسلم. وَالَّذِي حَكَاهُ عَن ابْن حَنْبَل من أَنه ضعفه، إِنَّمَا قَالَ أَحْمد: " لم يكن بِالْحَافِظِ ". وَهَذَا قد يُقَال لمن غَيره أحفظ مِنْهُ، وَالَّذِي حَكَاهُ عَن ابْن معِين من تَضْعِيفه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 336 إِيَّاه، فَإِنَّمَا ذَلِك تَضْعِيفه لَهُ بِالْقِيَاسِ إِلَى غَيره، وَأما أَبُو حَاتِم فَهُوَ عِنْده مثل ابْن إِسْحَاق، نَص على ذَلِك، وَكَذَلِكَ أَبُو زرْعَة، وَزَاد أَن قَالَ: هِشَام أحب إِلَيّ. وَقد علم تَوْثِيق أبي مُحَمَّد لِابْنِ إِسْحَاق فِي أَكثر أمره، فالرجل مَحْمُول عَلَيْهِ مِنْهُ، وَلست أَقُول: إِنَّه ثِقَة، وَلَكِن الحَدِيث من أَجله حسن. (1918) وَذكر أَيْضا حَدِيث: " للشهيد عِنْد الله سِتّ خِصَال " الجزء: 4 ¦ الصفحة: 337 وَصَححهُ. وَسَيَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله مُبينًا مَا فِيهِ فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أتبعهَا قولا يقْضِي بِصِحَّتِهَا وَلَيْسَت بصحيحة. (1919) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لما أُصِيب إخْوَانكُمْ بِأحد، جعل الله أَرْوَاحهم فِي أَجْوَاف طير خضر " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَقد تقدّمت الْإِشَارَة إِلَى أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق عَن إِسْمَاعِيل بن أُميَّة، عَن أبي الزبير، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس عِنْد ذكر ابْن إِسْحَاق، وَعند ذكر أبي الزبير فِي هَذَا الْبَاب، فَالْحَدِيث حسن. (1920) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ عَن عبَادَة بن الصَّامِت، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 338 قَالَ: " من غزا وَهُوَ لَا يَنْوِي إِلَّا عقَالًا، فَلهُ مَا نوى ". وَسكت عَنهُ مصححا لَهُ. وَإِسْنَاده هُوَ هَذَا: قَالَ النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي هَارُون بن عبد الله، حَدثنَا يزِيد ابْن هَارُون، أخبرنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن جبلة بن عَطِيَّة، عَن يحيى بن الْوَلِيد، عَن عبَادَة بن الصَّامِت. فَذكره. يحيى بن الْوَلِيد بن عبَادَة بن الصَّامِت الْأنْصَارِيّ، لَا يعرف بِغَيْر رِوَايَة جبلة بن عَطِيَّة عَنهُ، وَرِوَايَته عَن عبَادَة، فَهُوَ لَا يعرف حَاله، فَأَما جبلة بن عَطِيَّة فَثِقَة. (1921) وَذكر من طَرِيق مُسلم حَدِيث أبي سعيد: " إِذا بُويِعَ لخليفتين ". وَلم يبين أَنه من رِوَايَة سعيد الْجريرِي، وَهُوَ مختلط، يرويهِ عَنهُ خَالِد بن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 339 عبد الله. وَهَذَا من عمله متكرر، يصحح أَحَادِيثه من غير اعْتِبَار لقديم مَا رُوِيَ عَنهُ من حَدِيثه. (1922) من ذَلِك أَيْضا حَدِيث: " أقصه مِنْهُ وَقد رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقص من نَفسه ". (1923) وَحَدِيث: " كَانَ إِذا استجد ثوبا سَمَّاهُ باسمه قَمِيصًا أَو عِمَامَة ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 340 هُوَ من رِوَايَة ابْن الْمُبَارك عَن الْجريرِي. (1924) وَحَدِيث: " النَّهْي عَن كثير من الإرفاه وَالْأَمر بالاحتفاء " هُوَ من رِوَايَة يزِيد، عَن الْجريرِي. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 341 (1925) وَحَدِيث: " أحسن مَا غيرتم بِهِ الشيب، الْحِنَّاء والكتم ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 342 (1926) وَحَدِيث: " عَلَيْك السَّلَام تَحِيَّة الْمَيِّت ". (1927) وَحَدِيث: " يَا أَبَا الْمُنْذر، أَي آيَة من كتاب الله مَعَك أعظم ". (1928) وَحَدِيث: " تعوذوا بِاللَّه من الْفِتَن ". (1929) فَأَما حَدِيث: " انْتهى إِلَى نهر من مَاء السَّمَاء فِي الصَّوْم فِي السّفر ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 343 فَإِنَّهُ قد تَبرأ من عهدته، بِذكر إِسْنَاده، وَلَيْسَ فِيهِ من ينظر فِيهِ إِلَّا الْجريرِي. (1930) وَذكر من عِنْد مُسلم حَدِيث ابْن مُغفل: " بَين كل أذانين صَلَاة ". ثمَّ قَالَ: وَفِي رِوَايَة، قَالَ فِي الرَّابِعَة: " لمن شَاءَ ". وَلم يبين أَن هَذِه الزِّيَادَة من رِوَايَة سعيد الْجريرِي [على غير لفظ كهمس فِي أَنَّهَا قَالَهَا فِي الثَّالِثَة] . (1931) [و] حَدِيث عَائِشَة: " هَل كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 344 الضُّحَى؟ قَالَت: لَا، إِلَّا أَن يَجِيء من مغيبه ". وَكِلَاهُمَا من عِنْد مُسلم. (1932) وَذكر حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة فِي صَلَاة الْكُسُوف من عِنْد مُسلم، وَمن عِنْد النَّسَائِيّ. وَهُوَ عِنْدهمَا من رِوَايَة الْجريرِي. قَالَ أَبُو أَحْمد: " سَبيله كسبيل سعيد بن أبي عرُوبَة، فِيمَن رُوِيَ عَنهُ قبل الِاخْتِلَاط وَبعده ". وَقَالَ كهمس: أنكرناه أَيَّام الطَّاعُون. وَقد ذكرُوا أَن حَدِيث: " بَين كل أذانين صَلَاة " مِمَّا تبين فِيهِ اخْتِلَاطه. قَالَ عَمْرو بن عَليّ الفلاس فِي تَارِيخه: سَمِعت يحيى بن سعيد يَقُول: أتيت الْجريرِي فَقَالَ: حَدثنَا عبد الله بن بُرَيْدَة، عَن عبد الله بن عَمْرو: " بَين كل أذانين صَلَاة "، فَلَمَّا خرجت قَالَ لي رجل: إِنَّمَا هُوَ: عَن عبد الله بن الْمُغَفَّل، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 345 فَرَجَعت إِلَيْهِ، فَقلت لَهُ: فَقَالَ: عَن عبد الله بن الْمُغَفَّل. (1933) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن أبي أُمَامَة، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أفضل الصَّدقَات ظلّ فسطاط " الحَدِيث. وَصَححهُ بتصحيح التِّرْمِذِيّ. وَمَوْضِع ذكره أَيْضا بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أتبعهَا قولا يقْضِي بِصِحَّتِهِ، وَلَيْسَت بصحيحة؛ فَإِنَّهُ لم يسكت عَنهُ، بل صَححهُ نطقا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 346 (1934) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ عَن أبي رَيْحَانَة، سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " حرمت النَّار على عين دَمَعَتْ من خشيَة الله " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ متسامحا؛ فَإِنَّهُ حَدِيث لَا يَصح، وَإِسْنَاده عِنْد النَّسَائِيّ هَكَذَا: أخبرنَا الْحَارِث بن مِسْكين قِرَاءَة عَلَيْهِ، عَن ابْن وهب، حَدثنِي عبد الرَّحْمَن بن شُرَيْح، عَن مُحَمَّد بن شمير، عَن أبي عَليّ الْجَنبي، عَن أبي رَيْحَانَة. فَذكره. وَمُحَمّد بن شمير الرعيني، لَا تعرف حَاله، وَيُقَال فِيهِ: ابْن سمير - بِالسِّين الْمُهْملَة - وَكَذَلِكَ وَقع فِي كتاب النَّسَائِيّ، وَذكره البُخَارِيّ، وَابْن أبي حَاتِم - بالشين الْمُعْجَمَة - وَكَذَلِكَ عبد الْغَنِيّ وَحكى أَنه يُقَال: بِالْمُهْمَلَةِ، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 347 وكنيته أَبُو الصَّباح الرعيني. وَذكره أَيْضا أَبُو سعيد بن يُونُس فِي جملَة المصريين، بِرِوَايَة أبي شُرَيْح: عبد الرَّحْمَن بن شُرَيْح عَنهُ، وَلم يزدْ على ذَلِك؛ فَهُوَ مَجْهُول الْحَال عِنْد جَمِيعهم، فَأَما أَبُو شُرَيْح فَثِقَة. (1935) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد حَدِيث جَابر بن عتِيك: " مَا تَعدونَ الشَّهَادَة؟ قَالُوا: الْقَتْل فِي سَبِيل الله " الحَدِيث. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 348 وَسكت عَنهُ، وَهُوَ غير صَحِيح؛ فَإِنَّهُ من رِوَايَة عتِيك بن الْحَارِث بن عتِيك، عَن جَابر بن عتِيك، وَلَا تعرف حَال عتِيك هَذَا، وَلَا يعرف روى عَنهُ إِلَّا حفيده عبد الله بن عبد الله، شيخ مَالك - رَحمَه الله -، وَهُوَ جده لأمه، وَهُوَ مَعْرُوف النّسَب وَالْبَيْت؛ فَإِن أَبَاهُ الْحَارِث بن عتِيك، هُوَ أَخُو جَابر بن عتِيك. هما: الْحَارِث وَجَابِر ابْنا عتِيك بن قيس بن هيشة، الأنصاريان، وَلَهُمَا جَمِيعًا صُحْبَة. والْحَدِيث الْمَذْكُور هُوَ فِي الْمُوَطَّأ، وَمن طَرِيق مَالك سَاقه أَبُو دَاوُد، فقد يظنّ بِهِ لذَلِك الصِّحَّة، لَا سِيمَا مَعَ قَول مَالك - رَحمَه الله - وَسُئِلَ عَن رجل فَقَالَ: لَو كَانَ ثِقَة لرأيته فِي كتبي. وَهَذَا مِمَّن يَظُنّهُ خطأ، وَلَيْسَ فِي القَوْل الْمَذْكُور أَن كل من فِي كِتَابه فَهُوَ ثِقَة؛ فَإِنَّهُ إِذا قَالَ: كل ثِقَة فَهُوَ فِي كِتَابه، لم يلْزم عَكسه، وَهُوَ أَن كل من فِي كتابي فَهُوَ ثِقَة، وَلَا أَيْضا القَوْل بِأَن كل ثِقَة فَهُوَ فِي كتابي بِصَحِيح، فَإِن الثِّقَات طبقوا الأَرْض كَثْرَة فِي زَمَانه وزمان التَّابِعين، فِي الْعرَاق، وخراسان، وَالشَّام، واليمن، والحجاز، ومصر، وَالْمغْرب، وَغَيرهَا من الْبِلَاد، وَمَا تضمن كِتَابه مِنْهُم إِلَّا بعض الْمَدَنِيين، ونزرا - لَا يعد لقلته - من الْحِجَازِيِّينَ، وَإِنَّمَا كَانَ الرجل المسؤول عَنهُ مدنيا، قد لقِيه مَالك، فَظن السَّائِل أَنه عِنْده ثِقَة، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 349 فَسَأَلَهُ عَنهُ، فَأخْبرهُ بِأَن الْمَانِع لَهُ من إِدْخَاله فِي كِتَابه أَنه لَيْسَ بِثِقَة عِنْده. وَقد قيل: إِن ذَلِك الرجل، هُوَ سعد بن إِبْرَاهِيم، قَاضِي الْمَدِينَة، وَهُوَ من جلالة الْقدر فِي الْبَيْت وَالدّين وَالْعلم، بِحَيْثُ هُوَ حَيّ يعد على مَالك - رَحمَه الله - كَلَامه فِيهِ، وَكَانَ من النَّاس من يخطئه فِي ذَلِك، فَكَأَن مَالِكًا - رَحمَه الله - يَقُول: هَذَا الَّذِي سُئِلت عَنهُ - على شهرته وجلالة قدره - أمتنع من إِدْخَاله فِي كتابي، لِأَنَّهُ لَيْسَ عِنْدِي بِثِقَة. هَذَا معنى ذَلِك الْكَلَام فاعلمه. وَالله الْمُوفق. (1936) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار عَن عبَادَة بن الصَّامِت، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَذكر الشُّهَدَاء - قَالَ: " وَالنُّفَسَاء شَهَادَة ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث أوردهُ الْبَزَّار هَكَذَا: أخبرنَا عَمْرو بن عبد الله الأودي، قَالَ: حَدثنَا وَكِيع بن الْجراح، حَدثنَا الْمُغيرَة بن زِيَاد، عَن عبَادَة بن نسي، عَن الْأسود بن ثَعْلَبَة، عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ: عادني رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَنا مَرِيض - فِي أنَاس من الْأَنْصَار، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " هَل تَدْرُونَ مَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 350 الشَّهِيد؟ " فَسَكَتُوا، فَقلت: وَمن يدْرِي من الشَّهِيد؟ فَقلت لامرأتي: أسنديني، فَقلت: الشَّهِيد من أسلم ثمَّ هَاجر، ثمَّ قتل فِي سَبِيل الله، فَهُوَ شَهِيد، فَقَالَ: " إِن شُهَدَاء أمتِي إِذن لقَلِيل، الْقَتْل فِي سَبِيل الله شَهَادَة، والبطن شَهَادَة، وَالْغَرق شَهَادَة وَالنُّفَسَاء شَهَادَة ". حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن الْجُنَيْد، قَالَ: حَدثنَا الْحسن بن بشر بن سلم، حَدثنَا الْمعَافى بن عمرَان، عَن الْمُغيرَة بن زِيَاد، عَن عبَادَة بن نسي، عَن الْأسود بن ثَعْلَبَة، عَن عبَادَة، فَذكره. قَالَ: وَلَا نعلمهُ يرْوى عَن عبَادَة إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَاد. فَأَقُول: إِن الْأسود بن ثَعْلَبَة هَذَا مَجْهُول الْحَال، وَلم يذكر بِزِيَادَة على مَا يُؤْخَذ من هَذَا الْإِسْنَاد: من رِوَايَته عَن عبَادَة بن الصَّامِت، وَرِوَايَة عبَادَة بن نسي عَنهُ، ويروي عَن معَاذ بن جبل حَدِيثا: (1937) فِيهِ: " إِنَّكُم على بَيِّنَة من ربكُم، مَا لم تظهر فِيكُم سكرتان " الحَدِيث. ذكره الْبَزَّار. (1938) وَسَيَأْتِي لأبي مُحَمَّد رَحمَه الله هَذَا الْإِسْنَاد بِعَيْنِه، عَن الْمُغيرَة ابْن زِيَاد، عَن عبَادَة بن نسي، عَن الْأسود بن ثَعْلَبَة، عَن عبَادَة بن الصَّامِت فِي أُجْرَة تَعْلِيم الْقُرْآن، مسكوتا عَنهُ، كَمَا فعل فِيهِ الْآن. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 351 والمغيرة بن زِيَاد، هُوَ الْموصِلِي، يوثقه قوم ويضعفه آخَرُونَ. وَقَالَ عَمْرو بن عَليّ: إِنَّه مُضْطَرب الحَدِيث. وَقَالَ أَحْمد: إِنَّه مُنكر الحَدِيث مضطربه. وَقد حكى أَبُو مُحَمَّد هَذَا وَزِيَادَة عَلَيْهِ، فِي بَاب قصر الصَّلَاة وَالْجمع، إِثْر حَدِيث عَائِشَة: (1939) " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يتم فِي السّفر وَيقصر ". من طَرِيق ابْن أبي شيبَة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 352 فقد كَانَ عَلَيْهِ أَن يُنَبه فِي حديثنا هَذَا على كَونه من رِوَايَته، وَلَو قَدرنَا الْأسود بن ثَعْلَبَة مَعْرُوفا وعدلا، فَاعْلَم ذَلِك. (1940) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن سعيد بن زيد، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من قتل دون دينه فَهُوَ شَهِيد " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث يرويهِ إِبْرَاهِيم بن سعد، عَن أبي عُبَيْدَة بن مُحَمَّد بن عمار بن يَاسر، عَن طَلْحَة بن عبد الله بن عَوْف، عَن سعيد بن زيد. وَقَالَ فِيهِ التِّرْمِذِيّ: حسن. وَأَبُو عُبَيْدَة هَذَا لَا تعرف حَاله، وَهُوَ يروي عَن جَابر بن عبد الله، وَالربيع بنت معوذ، وَأَبِيهِ مُحَمَّد بن عمار بن يَاسر، والوليد بن أبي الْوَلِيد. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 353 روى عَنهُ مُحَمَّد بن إِسْحَاق، وَيَعْقُوب بن أبي سَلمَة الْمَاجشون، وَعبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق، وَسعد بن إِبْرَاهِيم، وَإِسْمَاعِيل بن صَخْر، وَابْنه عبد الله بن أبي عُبَيْدَة، وَغَيرهم. وَمَعَ هَذَا فَلَا تعرف حَاله. (1941) وَقد ذكر أَبُو مُحَمَّد فِي الْمُزَارعَة حَدِيث: " إِذا كَانَ هَذَا شَأْنكُمْ فَلَا تكروا الْمزَارِع ". من طَرِيق أبي دَاوُد، قَالَ: لَا يثبت هَذَا؛ لِأَن فِي إِسْنَاده عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق الْمدنِي، عَن أبي عُبَيْدَة بن [مُحَمَّد] بن عمار بن يَاسر. وَإِنَّمَا يَعْنِي أَبَا عُبَيْدَة بن مُحَمَّد هَذَا فاعلمه. (1942) وَذكر من طَرِيق ابْن أبي شيبَة، عَن عبد الله بن عتِيك، سَمِعت الجزء: 4 ¦ الصفحة: 354 رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " من خرج مُجَاهدًا فِي سَبِيل الله، ثمَّ جمع أَصَابِعه الثَّلَاث، ثمَّ قَالَ: وَأَيْنَ المجاهدون " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث يرويهِ ابْن أبي شيبَة، عَن يزِيد بن هَارُون، عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الْحَارِث، عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن عتِيك، عَن أَبِيه. وَمُحَمّد بن عبد الله بن عتِيك لَا تعرف لَهُ حَال، وَلَا يعرف روى عَنهُ غير مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم. وَابْن إِسْحَاق، قد تقدم القَوْل فِيهِ. (1943) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن عقبَة بن مَالك قَالَ: بعث النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَرِيَّة فسلحت رجلا مِنْهُم سَيْفا، فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ: لَو رَأَيْت مَا لامنا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أعجزتم إِذْ بعثت رجلا فَلم يمض لأمري أَن تجْعَلُوا مَكَانَهُ من يمْضِي لأمري "؟ وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث لَا يَصح؛ فَإِنَّهُ من رِوَايَة حميد بن هِلَال، عَن بشر بن عَاصِم، عَن عقبَة بن مَالك من رهطه، قَالَ: بعث النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَرِيَّة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 355 فَذكره. وَبشر بن عَاصِم اللَّيْث هَذَا مَجْهُول الْحَال، وَلَا يعرف روى عَنهُ غير حميد ابْن هِلَال. وَعقبَة بن مَالك هَذَا أَيْضا، ليثي، وَهُوَ بَصرِي، وَلم يذكرهُ البُخَارِيّ، وَقَالَ ابْن السكن: يُقَال: لَهُ صُحْبَة. وَإِنَّمَا أَخذ ذَلِك من قَالَه من هَذَا الحَدِيث. (1944) وَمن حَدِيث آخر ذكره ابْن السكن فِيمَن قتل رجلا بعد أَن قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 356 من رِوَايَة حميد بن هِلَال أَيْضا، عَن بشر بن عَاصِم الْمَذْكُور عَنهُ. وَلَا يعرف أَن غير بشر بن عَاصِم روى عَنهُ. وَقد رَأَيْت أَبَا مُحَمَّد فِي كِتَابه الْكَبِير - لما ذكر الحَدِيث الْمَذْكُور، من طَرِيق أبي دَاوُد بِإِسْنَادِهِ - أتبعه أَن قَالَ: بشر بن عَاصِم هَذَا ثِقَة، قَالَه النَّسَائِيّ رَحمَه الله. كَذَا قَالَ، وَالنَّسَائِيّ لم يعين هَذَا، وَإِنَّمَا قَالَ فِي كتاب التَّمْيِيز لَهُ: بشر بن عَاصِم ثِقَة فَقَط، وَلم يذكر الحَدِيث وَلَا أَشَارَ إِلَيْهِ، فَلَا يدرى من يَعْنِي ببشر بن عَاصِم، فَإِن هُنَاكَ سوى اللَّيْثِيّ الْمَذْكُور بشر بن عَاصِم آخر، يروي عَن عبد الله ابْن عَمْرو، وروى عَنهُ يعلى بن عَطاء، قَالَ أَبُو حَاتِم: أَظُنهُ طائفيا. وَبشر بن عَاصِم بن سُفْيَان بن عبد الله بن ربيعَة الثَّقَفِيّ، روى عَن أَبِيه، روى عَنهُ عبيد الله بن عمر، وَعمر بن سعيد بن أبي حُسَيْن، وَابْن عُيَيْنَة، قَالَه أَبُو حَاتِم أَيْضا. وَأَنا أَظن أَن هَذَا هُوَ موثق النَّسَائِيّ، فَالله أعلم. (1945) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار، عَن جَابر بن سَمُرَة قَالَ: قَالَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 357 رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يكون من بعدِي اثْنَا عشر خَليفَة، كلهم من قُرَيْش " ثمَّ رَجَعَ إِلَى بَيته، فَقلت: ثمَّ يكون مَاذَا؟ قَالَ: " ثمَّ يكون الْهَرج ". هَكَذَا ذكره وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث رَوَاهُ أنَاس عَن جَابر بن سَمُرَة، فَلم يذكر وَاحِد مِنْهُم فِيهِ كلمة " ثمَّ يكون مَاذَا؟ " قَالَ: " ثمَّ يكون الْهَرج " إِلَّا الْأسود ابْن سعيد الْهَمدَانِي، عَن جَابر بن سَمُرَة. وَالْأسود هَذَا لَا يعرف حَاله، وَهُوَ كُوفِي، روى عَنهُ جمَاعَة: مِنْهُم أَبُو إِسْرَائِيل، وَزِيَاد بن خَيْثَمَة، ومعن بن يزِيد، ويروي عَن ابْن عمر، وَجَابِر بن سَمُرَة، ويعد فِي الْكُوفِيّين، قَالَه أَبُو حَاتِم. (1946) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ عَن أنس، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْأَئِمَّة من قُرَيْش، إِن لَهُم عَلَيْكُم حَقًا، وَلكم عَلَيْهِم مثل ذَلِك، مَا إِن استرحموا رحموا " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث يرويهِ شُعْبَة، عَن عَليّ أبي الْأسد، قَالَ: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 358 حَدثنِي بكير بن وهب، قَالَ: قَالَ أنس بن مَالك، فَذكره. وَبُكَيْر بن وهب هَذَا، هُوَ الْجَزرِي، غير مَعْرُوف الْحَال، وَلَا تعرف لَهُ رِوَايَة إِلَّا عَن أنس، وَلَا يعرف روى عَنهُ إِلَّا عَليّ أَبُو الْأسد. وَعلي أَبُو الْأسد، هُوَ سهل أَبُو الْأسد، وَزعم شُعْبَة أَن اسْمه عَليّ، وَكَذَلِكَ قَالَ فِيهِ فِي نفس هَذَا الْإِسْنَاد. وَمِمَّنْ ذكر ذَلِك عَن شُعْبَة - أَعنِي أَن اسْمه عَليّ، وَأَنه سهل - أَبُو مُحَمَّد بن الْجَارُود فِي كناه. فَإِن كَانَ الْأَمر هَكَذَا، فَإِن سهلا أَبَا الْأسد ثِقَة، وَثَّقَهُ ابْن معِين وَأَبُو زرْعَة وَهُوَ يروي عَن بكير بن وهب الْجَزرِي فِيمَن يروي عَنهُ. وَإِن كَانَ عَليّ أَبُو الْأسد الْوَاقِع فِي الْإِسْنَاد، غير سهل أبي الْأسد، فحاله لَا تعرف، كَمَا لم تعرف حَال بكير بن وهب الْجَزرِي، فَاعْلَم ذَلِك. (1947) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ عَن أبي هُرَيْرَة حَدِيث: " ويل لِلْأُمَرَاءِ، ويل للأمناء، ويل للعرفاء ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ عِنْد الطَّيَالِسِيّ هَكَذَا: حَدثنَا هِشَام عَن عباد بن أبي عَليّ، عَن أبي حَازِم، عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " ويل لِلْأُمَرَاءِ، ويل الجزء: 4 ¦ الصفحة: 359 للأمناء، ويل للعرفاء، ليتمنين أَقوام يَوْم الْقِيَامَة أَن ذائبهم كَانَت معلقَة بِالثُّرَيَّا، يتذبذبون بَين السَّمَاء وَالْأَرْض، وَأَنَّهُمْ لم يلوا عملا ". وَعباد بن أبي عَليّ، روى عَنهُ جمَاعَة، كهشام الدستوَائي، وَحَمَّاد بن زيد، وخليد بن حسان، وَلَكِن عَدَالَته لم تثبت. (1948) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ زِيَادَة: " إِن أخونكم عِنْدِي من الجزء: 4 ¦ الصفحة: 360 طلبه ". فِي حَدِيث أبي مُوسَى فِي الرجلَيْن اللَّذين طلبا الْعَمَل. وَسكت عَنْهَا، وَهِي عِنْد النَّسَائِيّ من رِوَايَة سُفْيَان، عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد، عَن أَخِيه، عَن أبي بردة، عَن أبي مُوسَى. وَلَا أعرف أَخا إِسْمَاعِيل وكنيته، حَتَّى أعثر عَلَيْهِ. وَله عِلّة أُخْرَى، وَهِي أَن أَبَا دَاوُد أوردهُ عَن خَالِد، عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد، عَن أَخِيه، عَن بشر بن قُرَّة الْكَلْبِيّ، عَن أبي بردة. أَدخل بَينهمَا رجلا، وَهُوَ بشر بن قُرَّة الْكَلْبِيّ، وَهُوَ أَيْضا غير مَعْرُوف، وَغَايَة مَا ذكره بِهِ ابْن أبي حَاتِم أَن قَالَ: كُوفِي روى عَن أبي بردة بن أبي مُوسَى، روى عَنهُ أَخُو إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد، قَالَ: وَقَالَ بَعضهم: قُرَّة بن بشر. لم يزدْ على هَذَا فَهَذَا غَايَة الخمول. وعَلى هَذَا، فَإِن الرِّوَايَة الَّتِي اقْتصر أَبُو مُحَمَّد على إيرادها، تكون الجزء: 4 ¦ الصفحة: 361 مُنْقَطِعَة، فَاعْلَم ذَلِك. (1949) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن ابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من سكن الْبَادِيَة جَفا، وَمن اتبع الصَّيْد غفل " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ عِنْد التِّرْمِذِيّ هَكَذَا: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي، حَدثنَا سُفْيَان، عَن أبي مُوسَى، عَن وهب بن مُنَبّه، عَن ابْن عَبَّاس. فَذكره. وَأَبُو مُوسَى هَذَا لَا يعرف الْبَتَّةَ، وَلم يزدْ ذاكروه على مَا فِي هَذَا الْإِسْنَاد. وَرَأَيْت الدولابي - فِيمَا جمع من حَدِيث الثَّوْريّ - ذكر هَذَا الحَدِيث، فَقَالَ فِيهِ: عَن أبي مُوسَى الْيَمَانِيّ. وَهَذَا لَا يُخرجهُ من الْجَهْل بِهِ. وَقَول التِّرْمِذِيّ فِيهِ: حسن، هُوَ بِاعْتِبَار قَول من يقبل أَحَادِيث هَذَا النَّوْع، وَلَا يَبْتَغِي فيهم على الْإِسْلَام مزيدا، مَا لم يثبت فِيهِ مَا يتْرك لَهُ رواياتهم، وَسَوَاء عِنْد هَؤُلَاءِ روى عَن أحدهم وَاحِد أَو أَكثر. وَإِلَى هَذَا، فَإِن لهَذَا الحَدِيث طَرِيقا أحسن من هَذَا، وَهُوَ حَدِيث أبي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 362 هُرَيْرَة، وَقد أَشَارَ إِلَيْهِ التِّرْمِذِيّ فَقَالَ: إِن فِي الْبَاب عَنهُ. والْحَدِيث قد كتبناه فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا صَحِيحَة وَهِي ضَعِيفَة، وَلها طرق خير مِنْهَا صَحِيحَة أَو حَسَنَة. (1950) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن أبي سعيد، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن أحب النَّاس إِلَى الله يَوْم الْقِيَامَة، وأدناهم مِنْهُ مَجْلِسا، إِمَام عَادل " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ إِنَّمَا يرويهِ عَطِيَّة الْعَوْفِيّ، وَهُوَ يضعف، وَقَالَ فِيهِ ابْن معِين: صَالح. فَالْحَدِيث بِهِ حسن. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 363 (1951) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد حَدِيث عَائِشَة: " إِذا أَرَادَ الله بالأمير خيرا، جعل لَهُ وَزِير صدق " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ إِنَّمَا يرويهِ عِنْده زُهَيْر بن مُحَمَّد، عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة. وَزُهَيْر بن مُحَمَّد، قد تقدم لَهُ تَضْعِيفه، وكتبنا ذَلِك فِي بَاب الْأَشْيَاء الْمُغيرَة عَمَّا هِيَ عَلَيْهِ، حِين ذكر من رِوَايَته: (1952) حَدِيث: " التسليمتين فِي الصَّلَاة ". وَمر لَهُ الْآن فِي كتاب الْجِهَاد: (1953) " اتْرُكُوا التّرْك مَا تركوكم ". قَالَ بعده: فِيهِ زُهَيْر بن مُحَمَّد، وَهُوَ سيئ الْحِفْظ. (1954) وَذكر أَيْضا حَدِيث زُهَيْر بن مُحَمَّد، عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 364 أَبِيه عَن جده، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَبا بكر وَعمر: " حرقوا مَتَاع الغال وضربوه ". فَقَالَ بعده: زُهَيْر بن مُحَمَّد ضَعِيف. فَأرَاهُ تسَامح فِي الحَدِيث الْمَذْكُور؛ لِأَنَّهُ رَآهُ حاثا على اتِّخَاذ وَزِير صدق. وَله إِسْنَاد أحسن من هَذَا، نذكرهُ بِهِ - إِن شَاءَ الله تَعَالَى - فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي صححها وَلَيْسَت بصحيحة، وَلها طرق أحسن مِنْهَا، صَحِيحَة أَو حَسَنَة. (1955) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 365 " مَا من وَال إِلَّا وَله بطانتان " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث يرويهِ النَّسَائِيّ هَكَذَا: أَخْبرنِي مُحَمَّد بن يحيى ابْن عبد الله، حَدثنَا معمر بن يعمر، حَدثنِي مُعَاوِيَة - يَعْنِي ابْن سَلام - حَدثنِي [الزُّهْرِيّ، قَالَ: حَدثنِي] أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، عَن أبي هُرَيْرَة. وَمعمر بن يعمر هَذَا، لم أجد لَهُ ذكرا فِي كتب الْجرْح وَالتَّعْدِيل، وَلكنه ذكره أَصْحَاب المؤتلف والمختلف لضبط اسْمه - بِضَم الْمِيم الأولى وَفتح الْعين وَشد الْمِيم الثَّانِيَة - وكنوه أَبَا عَامر، ونسبوه ليثيا، وَقَالُوا: روى عَنهُ مُحَمَّد ابْن يحيى وَغَيره. وَإِذ حَاله مَجْهُولَة، فَالْحَدِيث من أَجله لَا يَصح، فَاعْلَم ذَلِك. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 366 (1956) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن الْمُسْتَوْرد بن شَدَّاد، سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " من كَانَ لنا عَاملا فليكتسب زَوْجَة " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ غير صَحِيح. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 368 فَإِنَّهُ من رِوَايَة الْأَوْزَاعِيّ عَن الْحَارِث بن يزِيد، [عَن جيبر بن نفير] عَن الْمُسْتَوْرد. والْحَارث بن يزِيد لَا يعرف من هُوَ، وَقد ذكر ابْن أبي حَاتِم وَالنَّسَائِيّ والكوفي جمَاعَة مِمَّن تسمى بِهَذَا الِاسْم، وأشبه مَا هُوَ مِنْهُم بِالْحَارِثِ بن يزِيد، الْحَضْرَمِيّ الَّذِي يروي عَنهُ ابْن لَهِيعَة، فَإِن كَانَ إِيَّاه فَهُوَ ثِقَة، وَثَّقَهُ ابْن معِين وَأَبُو حَاتِم، وَقد ذكر ابْن أبي شيبَة هَذَا الحَدِيث، ففسر الْحَارِث بن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 369 يزِيد بِأَنَّهُ الْحَضْرَمِيّ، إِلَّا أَنه من رِوَايَة ابْن لَهِيعَة عَنهُ، وَجعله أَيْضا عَن عبد الرَّحْمَن بن جُبَير [بن نفير] عَن الْمُسْتَوْرد، لَا عَن جُبَير بن نفير. وإيراده بنصه، أبين فِي تَحْصِيل علمه. قَالَ ابْن أبي شيبَة: حَدثنَا زيد بن الْحباب، قَالَ حَدثنِي ابْن لَهِيعَة قَالَ: حَدثنِي الْحَارِث بن يزِيد الْحَضْرَمِيّ، عَن عبد الرَّحْمَن بن جُبَير [بن نفير] الْحَضْرَمِيّ، أَنه سمع الْمُسْتَوْرد بن شَدَّاد الفِهري يَقُول: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " من ولي لنا على عمل مِنْكُم، فَإِن لم تكن لَهُ زَوْجَة فليتزوج، وَإِن لم يكن لَهُ مسكن فليتخذ مسكنا، وَمن لم تكن لَهُ دَابَّة فليتخذ دَابَّة، وَمَا سوى ذَلِك فَهُوَ غال أَو سَارِق ". هَذَا نَص الْخَبَر. وَابْن لَهِيعَة من قد علم، واعتماده فِي تَفْسِير رجل لم يتَعَيَّن لنا، حَتَّى نَبْنِي الحكم بِصِحَّة الحَدِيث عَلَيْهِ، كاعتماده فِيمَا روى، وَشَيْء من ذَلِك لَا يَصح، فاعلمه. (1957) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، قَالَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 370 رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن من إجلال الله إكرام ذِي الشيبة الْمُسلم، وحامل الْقُرْآن، غير الغالي فِيهِ، وَلَا الجافي عَنهُ، وإكرام ذِي السُّلْطَان المقسط ". وَسكت عَنهُ، وَمَا مثله صحّح فَإِنَّهُ عِنْد أبي دَاوُد هَكَذَا: حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الصَّواف، قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن حمْرَان، قَالَ: حَدثنَا عَوْف بن أبي جميلَة، عَن زِيَاد بن مِخْرَاق، عَن أبي كنَانَة، عَن أبي مُوسَى، فَذكره. وَأَبُو كنَانَة هَذَا لَا تعرف حَاله، وَقد ذكره ابْن أبي حَاتِم ذكرا يجب تفقده، وَذَلِكَ أَنه عد من يروي عَنهُ فَقَالَ: " روى عَنهُ أَبُو إِيَاس، وَزِيَاد الْجَصَّاص ". لم يزدْ على هَذَا، وَزِيَاد الْجَصَّاص لَيْسَ هُوَ زِيَاد بن مِخْرَاق الَّذِي فِي الْإِسْنَاد، بل هُوَ زِيَاد بن أبي زِيَاد، وَهُوَ عِنْدهم مُنكر الحَدِيث. فَأَما ابْن مِخْرَاق فَثِقَة. فَالله أعلم أَن كَانَ روى عَنهُ أَيْضا الْجَصَّاص، كَمَا روى ابْن مِخْرَاق. وَلم يذكرهُ ابْن الْجَارُود بِأَكْثَرَ من رِوَايَة زِيَاد بن مِخْرَاق عَنهُ، وَرِوَايَته هُوَ عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، فَاعْلَم ذَلِك. (1958) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد حَدِيث أبي سعيد، أَن رجلا هَاجر الجزء: 4 ¦ الصفحة: 371 إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من الْيمن فَقَالَ: " هَل لَك أحد بِالْيمن " قَالَ: أبواي. الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ إِنَّمَا يرويهِ عِنْده دراج أَبُو السَّمْح، عَن أبي الْهَيْثَم، عَن أبي سعيد. ودراج يوثقه قوم ويضعفه آخَرُونَ. وَقَالَ ابْن حَنْبَل، وَالنَّسَائِيّ: إِنَّه مُنكر الحَدِيث. وَلم أره تنَاقض فِي تَصْحِيح أَحَادِيث هَذَا الرجل: (1959) فَمن ذَلِك حَدِيث: " لَا حَلِيم إِلَّا ذُو عثره وَلَا حَكِيم إِلَّا ذُو تجربة ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 372 ذكره من عِنْد التِّرْمِذِيّ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 373 (1960) وَحَدِيث عبد الله بن عَمْرو بن العَاصِي: " لَو أَن رصاصة مثل هَذِه - وَأَشَارَ إِلَى مثل الجمجمة - أرْسلت من السَّمَاء إِلَى الأَرْض، وَهِي مسيرَة خَمْسمِائَة سنة، لبلغت الأَرْض قبل اللَّيْل، وَلَو أَنَّهَا أرْسلت من رَأس السلسلة، لَسَارَتْ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا - اللَّيْل وَالنَّهَار - قبل أَن تبلغ أَصْلهَا أَو قعرها ". وَقَالَ فِيهِ: حسن صَحِيح. وَإِنَّمَا يرويهِ أَبُو السَّمْح عَن عِيسَى بن هِلَال الصَّدَفِي عَن عبد الله بن عَمْرو. (1961) وَحَدِيث أبي سعيد: {وهم فِيهَا كَالِحُونَ} قَالَ: تَشْوِيه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 374 النَّار فتقلص شفته الْعليا حَتَّى تبلغ وسط رَأسه " الحَدِيث. وَقَالَ فِيهِ: [حسن صَحِيح غَرِيب. (1962) وَحَدِيث: " إِن الْحَمِيم ليصب على رؤوسهم، فَينفذ الْحَمِيم حَتَّى يخلص إِلَى جَوْفه ". وَقَالَ فِيهِ] : حسن صَحِيح] . وَهُوَ أَيْضا من رِوَايَة أبي السَّمْح، عَن عبد الرَّحْمَن بن حجيرة، عَن أبي هُرَيْرَة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 375 (1963) وَحَدِيث أبي سعيد: " قَالَ مُوسَى: يَا رب، عَلمنِي شَيْئا أذكرك بِهِ، قَالَ: قل: لَا إِلَه إِلَّا الله، قَالَ: رب كل عبيدك يَقُول هَذَا " الحَدِيث. يرويهِ أَيْضا دراج، عَن أبي الْهَيْثَم، عَن أبي سعيد. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 376 (1964) وَبِهَذَا الطَّرِيق أَيْضا حَدِيث: " استكثروا من الْبَاقِيَات الصَّالِحَات ". (1965) وَحَدِيث: " إِنَّه ليخفف عَن الْمُؤمن حَتَّى يكون أخف عَلَيْهِ من الجزء: 4 ¦ الصفحة: 377 الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة فِي الدُّنْيَا ". يَعْنِي يَوْم الْحساب. (1966) وَحَدِيث: " أصدق الرُّؤْيَا بالأسحار ". وَفِيه مَعَ ذَلِك ابْن لَهِيعَة. فَهَذِهِ كلهَا صحيحها من رِوَايَته، وَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَن يُقَال فِيهَا: حسان؛ فَإِنَّهُ مُخْتَلف فِيهِ، فَاعْلَم ذَلِك. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 378 (1967) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ، عَن أبي وهب الْجُشَمِي - وَكَانَت لَهُ صُحْبَة - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تسموا بأسماء الْأَنْبِيَاء، وَأحب الْأَسْمَاء إِلَى الله عز وَجل: عبد الله وَعبد الرَّحْمَن، وارتبطوا الْخَيل " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ مصححا لَهُ، وَمَا مثله صحّح؛ فَإِن إِسْنَاده عِنْده هُوَ هَكَذَا: أخبرنَا مُحَمَّد بن رَافع [النَّيْسَابُورِي] ، حَدثنَا أَبُو أَحْمد الْبَزَّاز: هِشَام ابْن سعيد، حَدثنَا مُحَمَّد بن مهَاجر - ثِقَة - عَن عقيل بن شبيب، عَن أبي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 379 وهب الْمَذْكُور. وَلَا تعلم لأبي وهب الصُّحْبَة إِلَّا بزعم عقيل بن شبيب هَذَا، وَلَا يعرف روى عَنهُ غَيره. وَعقيل الْمَذْكُور، يحْتَاج فِي تَعْدِيل نَفسه إِلَى كَفِيل، فَهُوَ غير مَعْرُوف الْحَال، وَلَا مَذْكُور بِأَكْثَرَ من رِوَايَة مُحَمَّد بن مهَاجر عَنهُ. وكل من رَأَيْته ذكر أَبَا وهب فِي الصَّحَابَة، فَإِنَّمَا ذكره بِهَذَا الَّذِي قَالَ فِيهِ عقيل هَذَا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 380 وَقد اعترت أَبَا مُحَمَّد بن أبي حَاتِم فِيهِ غَفلَة؛ وَذَلِكَ أَنه لما ذكر عقيل بن شبيب الْمَذْكُور، قَالَ: روى عَن أبي وهب الكلَاعِي الْجُشَمِي، قَالَ: وَأَبُو وهب [هُوَ] عبيد الله بن عبيد روى عَنهُ مُحَمَّد بن مهَاجر. هَذَا نَص مَا ذكر بِهِ عقيل بن شبيب، فخلط أَبَا وهب الكلَاعِي، بِأبي وهب الْجُشَمِي، وجعلهما وَاحِدًا. وَذكر أَيْضا فِي بَاب: عبيد الله بن عبيد، أَبَا وهب الكلَاعِي، الْجُشَمِي، وَكَانَ من أَصْحَاب مَكْحُول، روى أَحْمد بن حَنْبَل، وَالْفضل الْأَعْرَج، [عَن مُسلم] ، عَن هِشَام بن سعيد الطَّالقَانِي، عَن مُحَمَّد بن مهَاجر، عَن عقيل ابْن شبيب، عَن أبي وهب الْجُشَمِي، وَكَانَت لَهُ صُحْبَة، وَهُوَ وهم، سَمِعت أبي يَقُول ذَلِك. هَذَا مُنْتَهى قَوْله، فَانْظُر هَذَا التَّخْلِيط كَيفَ عمله، ثمَّ نبه على أَنه وهم، وَإِنَّمَا هُوَ عمل يَده، وَأَبوهُ مِنْهُ بَرِيء، وَذَلِكَ أَن أَبَا وهب الكلَاعِي، رجل اسْمه عبيد الله بن عبيد، روى عَنهُ إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، وَيحيى بن حَمْزَة، وطبقتهما من الشاميين. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 381 وَقد وَقع لَهُ فِي كتاب الْجِهَاد عِنْد أبي دَاوُد حَدِيث، وَذكره البُخَارِيّ فِي اسْم زِيَاد بن جَارِيَة، من رِوَايَة يحيى بن حَمْزَة، عَن أبي وهب: عبيد الله الكلَاعِي، عَن مَكْحُول، عَن زِيَاد بن جَارِيَة، عَن حبيب بن مسلمة الفِهري، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي تنفيل الرّبع فِي الْبدَاءَة، وَالثلث فِي الرّجْعَة. (1968) وَذكر لَهُ أَبُو دَاوُد أَيْضا حَدِيثا آخر فِي التَّشَهُّد، من رِوَايَة إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش عَنهُ. فَأَما هَذَا الْجُشَمِي فقد زعم عقيل بن شبيب أَنه صَحَابِيّ، وكل من ذكره إِنَّمَا ذكره بكنيته مُجَرّدَة، غير ذَات اسْم، وَكَذَلِكَ ذكره البُخَارِيّ فِيمَن ذكره وَتبع ابْن أبي حَاتِم غلطه فِيهِ، فَلم يذكرهُ فِي الكنى الْمُجَرَّدَة لما كَانَ عِنْده مُسَمّى بعبيد الله بن عبيد، مَذْكُورا فِي بَاب عبيد الله. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 382 وَهَذَا الَّذِي كتبناه كُله يُؤَكد مَا قُلْنَاهُ: من كَون الحَدِيث الْمَذْكُور لَا يَصح؛ فَإِنَّهُ من الْأَفْرَاد الَّتِي لَا تقبل إِلَّا من الثِّقَات الْمَشْهُورين، وَقد عدم ذَلِك فِيهِ؛ للْجَهْل بِحَال عقيل بن شبيب. وَقد ذكر أَبُو مُحَمَّد حَدِيثا آخر من رِوَايَة أبي وهب الْجُشَمِي، هَذَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تمسوا بأسماء الْأَنْبِيَاء، وَأحب الْأَسْمَاء إِلَى الله: عبد الله وَعبد الرَّحْمَن، وَأصْدقهَا حَارِث وَهَمَّام، وأقبحها حَرْب وَمرَّة ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 383 وَهُوَ أَيْضا من رِوَايَة مُحَمَّد بن مهَاجر، عَن عقيل بن شبيب الْمَذْكُور عَنهُ. فَهُوَ أَيْضا كَذَلِك لَا يَصح، وَقد سكت هُوَ عَنهُ، فَاعْلَم ذَلِك. (1969) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن أبي قَتَادَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 384 " خير الْخَيل الأدهم الأقرح الأرثم " الحَدِيث. ثمَّ صَححهُ بتصحيح التِّرْمِذِيّ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 385 والْحَدِيث عِنْده إِنَّمَا هُوَ من رِوَايَة يحيى بن أَيُّوب وَابْن لَهِيعَة. وَقد تقدم القَوْل على يحيى بن أَيُّوب، وَذكرنَا عمله فِيهِ، وتضعيفه إِيَّاه. وإقرانه بِابْن لَهِيعَة زِيَادَة وَهن، فَإِنَّهُ غَايَة فِي الضعْف، وَهُوَ من حَيْثُ يكن أَن يكون الحَدِيث حَدِيثه، ودعم بِيَحْيَى بن أَيُّوب، وَلَفظه غير لَفظه - كَمَا قد اتّفق فِي أَحَادِيث - يزْدَاد لذَلِك سُقُوط الثِّقَة بالْخبر. وَالْأَمر فِي الْوُجُود على هَذَا، وَذَلِكَ أَن التِّرْمِذِيّ إِنَّمَا أورد الحَدِيث بِلَفْظ ابْن [لَهِيعَة] وَلم يسق لفظ يحيى بن أَيُّوب. ونبين ذَلِك بإيراده كَمَا وَقع عِنْده. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 386 قَالَ التِّرْمِذِيّ: أخبرنَا أَحْمد بن مُحَمَّد، حَدثنَا عبد الله بن الْمُبَارك، أخبرنَا ابْن لَهِيعَة، عَن يزِيد بن أبي حبيب، عَن عَليّ بن رَبَاح، عَن أبي قَتَادَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " خير الْخَيل الأدهم، الأقرح، الأرثم، ثمَّ الأقرح المحجل، طلق الْيُمْنَى، فَإِن لم يكن أدهم؛ فكميت على هَذِه الشية ". حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، حَدثنَا وهب بن جرير، حَدثنَا أبي، حَدثنَا يحيى ابْن أَيُّوب، عَن يزِيد بن أبي حبيب نَحوه بِمَعْنَاهُ. قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح. هَذَا مَا أوردهُ التِّرْمِذِيّ بنصه فاعلمه. (1970) وَذكر من طَرِيق ابْن أبي شيبَة حَدِيث أبي لاس: " مَا من الجزء: 4 ¦ الصفحة: 387 بعير إِلَّا وَفِي ذروته شَيْطَان ". وَسكت عَنهُ، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 388 (1971) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار حَدِيث ابْن عمر فِي " النَّهْي عَن أكل الجزء: 4 ¦ الصفحة: 389 لُحُوم الْجَلالَة، وَأَن تشرب أَلْبَانهَا، وَأَن يحمل عَلَيْهَا ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 391 وَسكت عَنهُ أَيْضا وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق. (1927) وَذكر من طَرِيق بُرَيْدَة قَالَ: " بَيْنَمَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يمشي، جَاءَ رجل وَمَعَهُ حمَار، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، اركب، وَتَأَخر الرجل، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَا، أَنْت أَحَق بصدر دابتك إِلَّا أَن تَجْعَلهُ لي، قَالَ: فَإِنِّي قد الجزء: 4 ¦ الصفحة: 392 جعلته لَك. [قَالَ] : فَركب ". وَسكت عَنهُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 393 وَهُوَ حَدِيث يرويهِ أَبُو دَاوُد هَكَذَا: حَدثنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن ثَابت الْمروزِي، قَالَ: حَدثنَا عَليّ بن الْحُسَيْن، [حَدثنِي أبي، حَدثنِي عبد الله بن بُرَيْدَة، قَالَ: سَمِعت أبي، فَذكره. وَعلي بن الْحُسَيْن هُوَ ابْن وَاقد مروزي] ، قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِم: " ضَعِيف ". وَقَالَ الْعقيلِيّ: " كَانَ مرجئا ". وَقد رَوَاهُ عَن حُسَيْن بن وَاقد غَيره مِمَّن يوثق، وسنذكره فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ذكرهَا من طرق ضَعِيفَة، وَلها طرق أحسن مِنْهَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى. (1973) وَذكر أَيْضا من طَرِيق التِّرْمِذِيّ حَدِيث بُرَيْدَة، فِي الْمَرْأَة الَّتِي نذرت أَن تضر بالدف بَين يَدي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وتغني، إِن رده الله صَالحا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 394 ذكره فِي مَنَاقِب عمر، وَقَالَ بعده عَن التِّرْمِذِيّ: إِنَّه حسن صَحِيح. وَهَذَا إِنَّمَا يرويهِ عَليّ بن حُسَيْن بن وَاقد الْمَذْكُور، عَن أَبِيه، عَن عبد الله بن بُرَيْدَة، عَن بُرَيْدَة. وَقد رَوَاهُ أَيْضا غَيره مِمَّن يوثق مُخْتَصرا، وسنذكره فِي الْبَاب الْمَذْكُور إِن شَاءَ الله تَعَالَى. (1974) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ، عَن جعيل الْأَشْجَعِيّ قَالَ: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 395 غزوت مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي بعض غَزَوَاته، وَأَنا على فرس لي عجفاء ضَعِيفَة، فلحقني رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ: " سر يَا صَاحب الْفرس " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَمَا مثله صحّح؛ فَإِنَّهُ حَدِيث يرويهِ النَّسَائِيّ هَكَذَا: أخبرنَا مُحَمَّد بن رَافع، حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله الرقاشِي، حَدثنِي رَافع بن سَلمَة بن زِيَاد [هُوَ ابْن أبي الْجَعْد] قَالَ: حَدثنِي عبد الله بن أبي الْجَعْد، عَن جعيل الْأَشْجَعِيّ. فَذكره. وَإِسْنَاده فِيهِ اثْنَان لَا تعرف أحوالهما: أَحدهمَا عبد الله بن أبي الْجَعْد، وَالثَّانِي رَافع بن سَلمَة بن زِيَاد. أما عبد الله بن أبي الْجَعْد، فَذكره البُخَارِيّ وَلم يعرف من أمره بِشَيْء، زِيَادَة على مَا فِي هَذَا الْإِسْنَاد. وَأما رَافع بن سَلمَة بن زِيَاد بن أبي الْجَعْد الْأَشْجَعِيّ، فَإِنَّهُ قد روى عَنهُ جمَاعَة: مِنْهُم زيد بن الْحباب، وَمُسلم بن إِبْرَاهِيم، وَسَعِيد بن سُلَيْمَان، وهلال ابْن فياض، وَمُحَمّد بن عبد الله الرقاشِي وَهُوَ. وَهُوَ مَعَ ذَلِك لَا تعرف حَاله. (1975) وَقد جرى ذكره فِي حَدِيث آخر من رِوَايَته فِي الإسهام للنِّسَاء، فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ضعفها بِقوم وَترك فِيهَا أمثالهم أَو أَضْعَف الجزء: 4 ¦ الصفحة: 396 مِنْهُم. (1976) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " كَانَت راية رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَوْدَاء، وَلِوَاؤُهُ أَبيض ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 397 وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح؛ فَإِنَّهُ من رِوَايَة يزِيد بن حَيَّان، عَن أبي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 398 مجلز، عَن ابْن عَبَّاس. وَيزِيد بن حَيَّان، هُوَ أَخُو مقَاتل بن حَيَّان، روى عَنهُ جمَاعَة: مِنْهُم يحيى بن إِسْحَاق السالحيني، وَهُوَ الَّذِي روى عَنهُ هَذَا الحَدِيث عِنْد التِّرْمِذِيّ. وَمِنْهُم أَبُو صَالح: عبد الْغفار الْحَرَّانِي، وعباس بن طَالب. وَهَذَا ذكره ابْن أبي حَاتِم وَلم يزدْ على ذَلِك، فَهُوَ عِنْده مَجْهُول الْحَال. فَأَما البُخَارِيّ فَإِنَّهُ زَاد أَن قَالَ: عِنْده غلط كثير، ثمَّ أورد لَهُ هَذَا الحَدِيث. وَقد سكت عَنهُ التِّرْمِذِيّ أَيْضا. وَلَيْسَ سُكُوته كسكوت أبي مُحَمَّد؛ فَإِن التِّرْمِذِيّ يصحح الصَّحِيح، ويضعف الضَّعِيف وَيحسن مَا بَينهمَا، وسكوته - إِذا سكت - ترك للْحَدِيث إِلَى نظر من ينظر فِيهِ. فَأَما أَبُو مُحَمَّد فقد قَالَ: إِنَّه لَا يسكت إِلَّا عَمَّا هُوَ عِنْده صَحِيح، وَهَذَا غير صَحِيح، فَاعْلَم ذَلِك. (1977) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ عَن الْبَراء بن عَازِب " أَنَّهَا كَانَت الجزء: 4 ¦ الصفحة: 399 سَوْدَاء مربعة من نمرة. يَعْنِي راية النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَسكت عَنهُ أَيْضا، وَهُوَ لَا يَصح؛ فَإِنَّهُ من رِوَايَة النَّسَائِيّ عَن أَحْمد ابْن منيع، قَالَ: حَدثنَا ابْن أبي زَائِدَة، قَالَ: حَدثنَا أَبُو يَعْقُوب الثَّقَفِيّ، قَالَ: حَدثنَا يُونُس بن عبيد، مولى مُحَمَّد بن الْقَاسِم، قَالَ: بَعَثَنِي مُحَمَّد بن الْقَاسِم إِلَى الْبَراء بن عَازِب، أسأله عَن راية رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَذكره. وَيُونُس بن عبيد هَذَا، لَا يعرف بِغَيْر هَذَا الحَدِيث، وَبِمَا وصف بِهِ من إِسْنَاده من أَنه مولى مُحَمَّد بن الْقَاسِم، وَقَالَ فِيهِ أَبُو دَاوُد - فِي نفس إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث -: إِنَّه رجل من ثَقِيف. وَلم يرو عَنهُ أَيْضا من يعرف، إِنَّمَا هُوَ أَبُو يَعْقُوب الثَّقَفِيّ: إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، مَعْدُود فِي الْكُوفِيّين، رَوَت عَنهُ جمَاعَة، وَلم يعرف حَاله، وَهُوَ جَار الْمُبَارك بن فضَالة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 400 وَقد يعرض من لَا يُحَقّق عَن يُونُس بن عبيد هَذَا - إِذا قَرَأَ هَذَا الْإِسْنَاد - ظَانّا أَنه يُونُس بن عبيد، صَاحب الْحسن وَابْن سِيرِين، فَيكون بذلك مخطئا غَايَة الْخَطَأ. وَلكَون راية رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -[لَهَا] طرق جَيِّدَة غير هَذَا، سنذكرها - إِن شَاءَ الله تَعَالَى - فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ذكرهَا على أَنَّهَا صَحِيحَة وَهِي ضَعِيفَة، وَلها طرق أحسن مِنْهَا. (1978) وَذكر حَدِيث الزبير، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كَانَ عَلَيْهِ يَوْم أحد دِرْعَانِ ". الحَدِيث. وَنسبَة إِلَى أبي دَاوُد، وَلَيْسَ هَذَا عِنْده الْبَتَّةَ، وَإِنَّمَا هُوَ عِنْد التِّرْمِذِيّ، وَالْبَزَّار، أخذاه عَن شيخ وَاحِد، وَفِي إِسْنَاده ابْن إِسْحَاق. وَسكت عَنهُ أَبُو مُحَمَّد، وَلم يبين أَنه من رِوَايَته، فأوهم بذلك صِحَّته، وَإِنَّمَا هُوَ حسن، وَبِذَلِك قضى عَلَيْهِ التِّرْمِذِيّ. وَقد ذكرنَا الحَدِيث بِإِسْنَادِهِ فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي عزاها إِلَى مَوَاضِع لَيست فِيهَا. (1979) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ، عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ: " لما أمرنَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 401 رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِحَفر الخَنْدَق، عرض لنا حجر " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث يرويهِ النَّسَائِيّ هَكَذَا: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى، حَدثنَا مُعْتَمر، سَمِعت عوفا، سَمِعت ميمونا يحدث عَن الْبَراء، فَذكره. وَمَيْمُون هَذَا، هُوَ أَبُو عبد الله مولى عبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة، يروي عَن زيد بن أَرقم، والبراء بن عَازِب، روى عَنهُ قَتَادَة، وخَالِد الْحذاء، وَشعْبَة، وعَوْف الْأَعرَابِي، وَزعم شُعْبَة - مَعَ رِوَايَته عَنهُ - أَنه كَانَ فسلا. وَقَالَ أَحْمد ابْن حَنْبَل: أَحَادِيثه مَنَاكِير. وَقَالَ فِيهِ ابْن معِين: لَا شَيْء. وَقَالَ البُخَارِيّ عَن عَليّ بن الْمَدِينِيّ: كَانَ يحيى لَا يحدث عَنهُ. وكل من رَأَيْت من مُؤَلَّفِي كتب الضُّعَفَاء أَو أَكْثَرهم، ذكره فِي جُمْلَتهمْ، فَأَقل أَحْوَاله أَن لَا يكون ثَابت الْعَدَالَة، إِن لم يثبت ضعفه بِجرح مُفَسّر. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 402 (1980) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار عَن أبي سعيد: " خرجنَا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، حَتَّى إِذا كُنَّا بعسفان، قَالَ لنا: إِن عُيُون قُرَيْش الْآن على ضجنَان " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ. وَالْبَزَّار إِنَّمَا يرويهِ هَكَذَا: حَدثنَا إِسْحَاق بن بهْلُول الْأَنْبَارِي، حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن أبي فديك، حَدثنَا هِشَام بن سعد، عَن زيد بن أسلم، عَن عَطاء بن يسَار، عَن أبي سعيد، فَذكره. وَقد تقدم مَا لَهُ فِي هِشَام بن سعد. وَيَجِيء على أَصله فِيهِ أَن هَذَا الحَدِيث ضَعِيف، وَعِنْدِي أَنه حسن، فعلى كلا الْوَجْهَيْنِ السُّكُوت عَنهُ تَصْحِيحا لَهُ خطأ. (1981) وَذكر من طَرِيق قَاسم بن أصبغ، عَن أبي هُرَيْرَة: كَانَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 404 رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِن الشَّيْطَان يهم بِالْوَاحِدِ وبالاثنين، فَإِذا كَانُوا ثَلَاثَة لم يهم بهم ". ذكره أَبُو عمر بن عبد الْبر فِي التَّمْهِيد، وَذكره الْبَزَّار. وَهَذَا نَص مَا أورد، فَهُوَ قد سكت عَنهُ، فَهُوَ على هَذَا صَحِيح عِنْده، وَلَيْسَ كَذَلِك؛ فَإِن إِسْنَاده هُوَ هَذَا: قَالَ قَاسم بن أصبغ: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الْكُوفِي بِالْكُوفَةِ، قَالَ: حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد الْكُوفِي، قَالَ: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن أبي الزِّنَاد، عَن عبد الرَّحْمَن بن حَرْمَلَة، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن أبي هُرَيْرَة، فَذكره. قَالَ ابْن عبد الْبر: حدّثنَاهُ عبد الْوَارِث بن سُفْيَان، حَدثنَا قَاسم، فَذكره. وَعبد الرَّحْمَن بن أبي الزِّنَاد قد مر ذكره فِي هَذَا الْبَاب، وَذكرنَا اضطرابه فِيهِ. وَعبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد الْكُوفِي لَا تعرف حَاله، وَلم أجد لَهُ ذكرا فِي غير هَذَا الْإِسْنَاد، وَقد رُوِيَ هَذَا الحَدِيث عَن غَيره مِمَّن لَا يعرف أَيْضا. يتَبَيَّن ذَلِك بسوق إِسْنَاد الْبَزَّار فِيهِ، الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ أَبُو مُحَمَّد. قَالَ الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن أبي الحنين، قَالَ: حَدثنَا عبد الْعَزِيز ابْن عبد الله بن الْأَصَم، قَالَ: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن أبي الزِّنَاد، عَن ابْن حَرْمَلَة، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الشَّيْطَان يهم بِالْوَاحِدِ والاثنين، وَإِذا كَانُوا ثَلَاثَة لَا يهم بهم ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 405 (1982) وبإسناده قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يزَال النَّاس بِخَير مَا عجلوا الْفطر وَلم يؤخروه تَأْخِير أهل الشّرك ". قَالَ الْبَزَّار: حَدِيثا ابْن حَرْمَلَة، لَا نعلم رَوَاهُمَا إِلَّا عبد الرَّحْمَن بن أبي الزِّنَاد، وَلم نسمعهما بِهَذَا الْإِسْنَاد إِلَّا من أبي الحنين، عَن عبد الْعَزِيز. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 406 والْحَدِيث الأول: " الشَّيْطَان يهم بِالْوَاحِدِ " قد رَوَاهُ غير ابْن أبي الزِّنَاد، عَن ابْن حَرْمَلَة، عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده. انْتهى قَول الْبَزَّار. وَذَلِكَ مِمَّا نقُوله دائبا من قلَّة التفاتهم - حِين كَلَامهم على الْأَسَانِيد - إِلَى أَلْفَاظ الْأَحَادِيث المروية بهَا، وَذَلِكَ غَايَة الْخَطَأ مِنْهُم. وَذَلِكَ أَن الرَّاوِي للفظ، لَا يَنْبَغِي أَن يعد مُخَالفا لراو آخر روى الحَدِيث بِإِسْنَاد آخر، وَلَفظ آخر. وقصة هَذَا الْخَبَر هِيَ كَذَلِك، وَذَلِكَ أَن الَّذِي روى ابْن حَرْمَلَة، عَن عَمْرو ابْن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده، إِنَّمَا هُوَ قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: (1983) " الرَّاكِب شَيْطَان، والراكبان شيطانان ن وَالثَّلَاثَة ركب ". هَكَذَا رَوَاهُ مَالك عَن ابْن حَرْمَلَة فِي موطئِهِ، وَمن طَرِيقه سَاقه النَّسَائِيّ كَذَلِك. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 407 وَالَّذِي قصدنا بَيَانه، هُوَ الِاخْتِلَاف الَّذِي قد تبين على مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن أبي الحنين. فَقَالَ عَنهُ قَاسم بن أصبغ: حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد الْكُوفِي، قَالَ: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن أبي الزِّنَاد. وَقَالَ عِنْد الْبَزَّار: حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن عبد الله بن الْأَصَم، قَالَ: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن أبي الزِّنَاد. وَأيهمَا كَانَ: من عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد، أَو عبد الْعَزِيز بن عبد الله بن الْأَصَم، فَإِن لَا يعرف، فَالْحَدِيث إِذن لَا يَصح، فَاعْلَم ذَلِك. (1984) وَذكر من طَرِيق قَاسم بن أصبغ أَيْضا، عَن بُرَيْدَة بن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 408 حصيب: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يتطير، وَلَكِن يتفاءل، فَركب بُرَيْدَة فِي سبعين رَاكِبًا من أهل بَيته " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ مصححا لَهُ، وَمَا مثله صحّح؛ فَإِن إِسْنَاده عِنْد قَاسم بن أصبغ هُوَ هَذَا: حَدثنَا أَحْمد بن زُهَيْر، حَدثنَا الْحُسَيْن بن حُرَيْث، حَدثنَا أَوْس ابْن عبد الله بن بُرَيْدَة، عَن الْحُسَيْن بن وَاقد، عَن عبد الله بن بُرَيْدَة، عَن أَبِيه. وَأَوْس بن عبد الله بن بُرَيْدَة بن حصيب، روى عَنهُ نَاس حَدثهمْ بِالْبَصْرَةِ، وَهُوَ مُنكر الحَدِيث، قَالَه السَّاجِي. وَقَالَ البُخَارِيّ: " فِيهِ نظر ". وَذكره أَبُو أَحْمد بحَديثه هَذَا، وبحديثه الآخر: (1985) " اللَّهُمَّ بَارك لأمتي فِي بكورها ". وَقَالَ عَن حُسَيْن بن حُرَيْث: سَمِعت أَوْسًا بعد ذَلِك يحدث بِحَدِيث بُرَيْدَة هَذَا - يَعْنِي قصَّة إِسْلَامه - عَن أَخِيه سهل بن عبد الله بن بُرَيْدَة، عَن أَبِيه عبد الله، فَأَعَدْت ذَلِك عَلَيْهِ، فَقلت لَهُ: من حَدثَك؟ قَالَ: حَدثنِي أخي سهل. أورد هَذَا كالطعن عَلَيْهِ فِيمَا رَوَاهُ أَولا من ذَلِك عَن الْحُسَيْن بن وَاقد، وَلَو الجزء: 4 ¦ الصفحة: 409 كَانَ ثِقَة لم يبعد أَن يحدث بِهِ عَن رجلَيْنِ وَأكْثر، وَلَكِن بضعفه لَا يوثق بقوله: إِنَّه عَن سهل، وَلَا بقوله: إِنَّه عَن الْحُسَيْن. وَقد زعم أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ أَنه سَأَلَ عَنهُ المراوزة فعرفوه، وَقَالُوا: إِنَّه تقادم مَوته. (1986) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار، عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف قَالَ: " عبأنا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَيْلَة بدر ليَوْم بدر ". وَسكت عَنهُ، ورأيته فِي كِتَابه الْكَبِير ذكره بِإِسْنَادِهِ، ثمَّ قَالَ: رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ، وَطَرِيق الْبَزَّار أحسن. فَاعْلَم الْآن أَنه لَا يَصح، لَا من طَرِيق الْبَزَّار وَلَا من طَرِيق التِّرْمِذِيّ. أما طَرِيق الْبَزَّار فَقَالَ: حَدثنَا عبد الله بن شبيب، حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن يحيى ابْن هَانِئ، حَدثنَا أبي، عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن ثَوْر - يَعْنِي ابْن زيد -، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، فَذكره. وَيحيى بن هَانِئ وَالِد إِبْرَاهِيم بن يحيى بن هَانِئ، أَخَاف أَن يكون أَبُو مُحَمَّد قد ظَنّه يحيى بن هَانِئ بن عُرْوَة، وَهُوَ أحد الْأَشْرَاف، سيد أهل الْكُوفَة، وَهُوَ ثِقَة فِي الحَدِيث، وَلَيْسَ بِهِ بَأْس. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 410 وَإِنَّمَا يحيى بن هَانِئ - وَالِد إِبْرَاهِيم - الَّذِي فِي الْإِسْنَاد، يحيى بن مُحَمَّد بن عباد بن هَانِئ، الشجري، فَيَقَع مَنْسُوبا إِلَى جده إِذا قيل فِيهِ: يحيى بن هَانِئ، وَهُوَ يروي عَن ابْن إِسْحَاق، وَمُحَمّد بن هِلَال، ومُوسَى بن يَعْقُوب الزمعِي، وَابْن أخي الزُّهْرِيّ، وَمُحَمّد بن مُوسَى الفطري. روى عَنهُ ابْنه إِبْرَاهِيم، وَعبد الْجَبَّار بن سعيد المساحقي. قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِم: ضَعِيف. وَقَالَ السَّاجِي: فِي أَحَادِيثه مَنَاكِير وأغاليط، وَكَانَ ضريرا يلقن، يحدث عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق، روى عَنهُ ابْنه إِبْرَاهِيم. وَضَبطه ابْن الفرضي وَغَيره " الشجري " بالشين الْمُعْجَمَة، وَالْجِيم المفتوحتين، وَالرَّاء، فِي تَرْجَمَة ذكر فِيهَا السجْزِي - بِالسِّين الْمُهْملَة، وَالزَّاي، وَالْجِيم سَاكِنة -، والشجري بالشين الْمُعْجَمَة وَالْجِيم الفتوحتين وَالرَّاء. وَقَالَ فِيهِ: يحيى بن مُحَمَّد بن عباد بن هَانِئ، الشجري، الضَّرِير، يروي عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق، ثمَّ ذكر ابْنه. وَابْنه الْمَذْكُور، هُوَ إِبْرَاهِيم بن يحيى بن عباد بن هَانِئ الشجري. قَالَ فِيهِ أَيْضا أَبُو حَاتِم: ضَعِيف. وَأما إِسْنَاد التِّرْمِذِيّ فَهُوَ هَذَا: حَدثنَا مُحَمَّد بن حميد الرَّازِيّ، حَدثنَا سَلمَة بن الْفضل، عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، عَن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 411 عبد الرَّحْمَن بن عَوْف قَالَ: " عبأنا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ببدر لَيْلًا ". قَالَ التِّرْمِذِيّ: سَأَلت مُحَمَّدًا عَنهُ فَلم يعرفهُ - يَعْنِي هَذَا الحَدِيث - وَقَالَ: مُحَمَّد بن إِسْحَاق سمع من عِكْرِمَة، وَحين رَأَيْته كَانَ حسن الرَّأْي فِي مُحَمَّد ابْن حميد، ثمَّ ضعفه بعد. فَهَذَا - كَمَا ترى - أَيْضا إِسْنَاد ضَعِيف، أول مَا فِيهِ أَن مَا بَين ابْن إِسْحَاق وَعِكْرِمَة مُنْقَطع، وَإِنَّمَا يتَّصل بثور بن زيد، حسب مَا فِي الَّذِي فَرغْنَا من ذكره من عِنْد الْبَزَّار، وَإِن كَانَ ابْن إِسْحَاق قد سمع من عِكْرِمَة على مَا قَالَ البُخَارِيّ. وَأَيْضًا ضعف سَلمَة بن الْفضل فقد تَركه نَاس، وَإِن كَانَ مِنْهُم من يوثقه. وَمُحَمّد بن حميد كَذَلِك وَثَّقَهُ قوم، وَلكنه اعتراه بعد مَا ضعف بِهِ، وَرُبمَا اتهمَ، وَكَانَ أَبُو زرْعَة وَمُحَمّد بن مُسلم بن وارة، كتبا عَنهُ، ثمَّ تركا الرِّوَايَة عَنهُ، وأخباره عِنْد الْمُحدثين مَعْرُوفَة. وَابْن إِسْحَاق، وَعِكْرِمَة من قد علم مَا فيهمَا، وَمَا حكمهمَا. وَمَا مثل هَذَا الحَدِيث سكت عَنهُ، فَاعْلَم ذَلِك. (1987) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن قيس بن عباد قَالَ: " كَانَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 412 أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَرَضي عَنْهُم يكْرهُونَ الصَّوْت عِنْد الْقِتَال ". وَعَن أبي مُوسَى عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مثل ذَلِك. كَذَا أوردهُ وَسكت عَنهُ، أَعنِي حَدِيث أبي مُوسَى، فَأَما حَدِيث قيس بن عباد فَلَيْسَ بمرفوع. وَحَدِيث أبي مُوسَى الْمَذْكُور، هُوَ عِنْد أبي دَاوُد من رِوَايَة مطر، عَن قَتَادَة، عَن أبي بردة، عَن أَبِيه. ومطر مُخْتَلف فِيهِ. (1988) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن أبي أسيد قَالَ: قَالَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 413 رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم بدر: " إِذا أكثبوكم فارموهم، وَلَا تسملوا السيوف حَتَّى يغشوكم ". كَذَا أوردهُ وَسكت عَنهُ، وَمَا مثله صحّح. قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن عِيسَى، حَدثنَا إِسْحَاق بن نجيح - وَلَيْسَ بالملطي - عَن مَالك بن حَمْزَة بن أبي أسيد السَّاعِدِيّ عَن أَبِيه، عَن جده، فَذكره. أما حَمْزَة بن أبي أسيد، فَأخْرج لَهُ البُخَارِيّ، وَأما ابْنه مَالك بن حَمْزَة، فَلَا تعرف لَهُ حَال وَلَا ذَاكر. وَفِي مثله عهد أَبُو مُحَمَّد يَقُول: كتبته حَتَّى أسأَل عَنهُ، فليت شعري: هَل عرفه حِين كتب هَذَا الحَدِيث. وَإِسْحَاق بن نجيح هَذَا أَيْضا غير مَعْرُوف، وَلَيْسَ بالملطي، والملطي كَذَّاب مَشْهُور. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 414 (1989) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد أَيْضا، عَن جَابر بن عتِيك أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَقُول: " من الْغيرَة مَا يحب الله، وَمِنْهَا مَا يبغض الله " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 415 وَأَبُو دَاوُد إِنَّمَا يرويهِ من طَرِيق مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، عَن ابْن جَابر بن عتِيك، عَن أَبِيه. وَابْن جَابر بن عتِيك، إِن كَانَ هُوَ عبد الْملك فَهُوَ ثِقَة، وَإِن كَانَ هُوَ عبد الرَّحْمَن الْمَذْكُور فِي إِسْنَاد حَدِيث: (1990) " سَيَأْتِيكُمْ ركيب مبغضون ". فَإِنَّهُ غير مَعْرُوف وَلَا مَذْكُور فِيمَا أعلم، وَالله الْمُوفق. (1991) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا عَن ابْن عَبَّاس، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " جعل فدَاء أهل الْجَاهِلِيَّة يَوْم بدر أَرْبَعمِائَة ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث يرويهِ شُعْبَة، عَن أبي العنيس، عَن أبي الشعْثَاء، عَن ابْن عَبَّاس. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 416 وَأَبُو العنبس لَا يعرف اسْمه وَلَا حَاله، وَهُوَ يروي عَنهُ شُعْبَة، وَعبد الْملك بن عُمَيْر. وَقَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِم: " شيخ ". وَهُوَ لفظ لَا يُعْطي فِيهِ معنى التَّعْدِيل المبتغى، وَلَا أَيْضا التجريح، وَإِنَّمَا هُوَ من المساتير المقلين، وَقعت لَهُم رِوَايَة أَحَادِيث أخذت عَنْهُم. (1992) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا عَن ابْن عَبَّاس " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَام الجزء: 4 ¦ الصفحة: 417 الْفَتْح جَاءَهُ الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب بِأبي سُفْيَان بن حَرْب، فَأسلم بمر الظهْرَان، فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاس: يَا رَسُول الله، إِنَّه رجل يحب الْفَخر ". الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق. (1993) وَذكر حَدِيث: " كُنَّا نَأْكُل الجزر فِي الْغَزْو وَلَا نقسمهُ ". وَلم يبين أَنه من رِوَايَة الْقَاسِم أبي عبد الرَّحْمَن. وَقد كتبنَا الحَدِيث لِمَعْنى آخر، فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي لم يعلها بسوى الْإِرْسَال، وَبينا أَن دونه رجلا لَا يعرف، يُقَال لَهُ: ابْن حرشف الْأَزْدِيّ، وَلم أجد لَهُ ذكرا. (1994) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن مجمع بن جَارِيَة الجزء: 4 ¦ الصفحة: 418 الْأنْصَارِيّ - وَكَانَ أحد الْقُرَّاء الَّذين قرؤوا الْقُرْآن - قَالَ: " قسمت خَيْبَر على أهل الْحُدَيْبِيَة " الحَدِيث. وَفِيه أَنه " أعْطى الْفَارِس سَهْمَيْنِ والراجل سَهْما ". وَسكت عَنهُ، وَلم يعرض لَهُ بتعليل، غير أَنه قَالَ: إِن أَبَا دَاوُد قَالَ: هَذَا وهم، كَانُوا مِائَتي فَارس، فَأعْطى الْفرس سَهْمَيْنِ، وَأعْطى صَاحبه سَهْما. وَعلة هَذَا الْخَبَر، إِنَّمَا هِيَ الْجَهْل بِحَال يَعْقُوب بن مجمع بن يزِيد الْأنْصَارِيّ. قَالَ [أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن عِيسَى، حَدثنَا] مجمع بن يَعْقُوب بن مجمع ابْن يزِيد الْأنْصَارِيّ، قَالَ] : سَمِعت أبي: يَعْقُوب بن مجمع، يذكر عَن عَمه عبد الرَّحْمَن بن يزِيد الْأنْصَارِيّ، عَن عَمه مجمع بن جَارِيَة. فَذكره. وَعبد الرَّحْمَن بن يزِيد الْأنْصَارِيّ، أخرج لَهُ البُخَارِيّ. وَمجمع بن يَعْقُوب بن مجمع، هُوَ القبائي، ثِقَة، وَأَبوهُ يَعْقُوب لَا تعرف حَاله، وَلَا يعرف روى عَنهُ غير ابْنه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 419 (1995) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا عَن ابْن عمر قَالَ: " لما فتحت خَيْبَر، سَأَلت يهود رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يقرهم على أَن يعملوا ". الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ إِنَّمَا يرويهِ ابْن وهب، عَن أُسَامَة بن زيد اللَّيْثِيّ، عَن نَافِع عَنهُ. وَأُسَامَة مُخْتَلف فِيهِ، فَالْحَدِيث حسن. وَقد تقدم ذكر أُسَامَة فِي هَذَا الْبَاب. (1996) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا حَدِيث عمر، أَنه " كَانَت لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثَلَاث صفايا بَنو النَّضِير، وخيبر، وفدك ". الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ أَيْضا من رِوَايَة أُسَامَة بن زيد الْمَذْكُور. (1997) وَذكر من طَرِيقه حَدِيث عَوْف بن مَالك، وخَالِد بن الْوَلِيد الجزء: 4 ¦ الصفحة: 420 [فِي " الْقَضَاء بالسلب للْقَاتِل ". وَسكت عَنهُ] . وَهُوَ من رِوَايَة إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، وَإِن كَانَ عَن صَفْوَان بن عَمْرو، وَهُوَ شَامي، وَلَكِن يَنْبَغِي أَن يبين أَنه من رِوَايَته؛ فَإِن من النَّاس من يُضعفهُ بِإِطْلَاق. والْحَدِيث مَعَ ذَلِك مُنْقَطع، وَقد بَينا ذَلِك فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا مُتَّصِلَة وَهِي مُنْقَطِعَة. (1998) وَذكر من طَرِيقه عَن حبيب بن مسلمة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كَانَ ينفل الرّبع بعد الْخمس وَالثلث بعد الْخمس إِذا قفل ". وَسكت عَنهُ. وَإِنَّمَا يرويهِ مَكْحُول عَن زِيَاد بن جَارِيَة، عَن حبيب بن مسلمة. وَزِيَاد بن جَارِيَة شيخ مَجْهُول، قَالَه أَبُو حَاتِم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 421 وَهُوَ كَمَا ذكر لَا تعرف حَاله، وَإِن كَانَ قد روى عَنهُ جمَاعَة: مَكْحُول، وَسليمَان بن مُوسَى، وَيُونُس بن ميسرَة بن حَلبس. (1999) وَذكر حَدِيث أبي سعيد فِي مقَالَة الْأَنْصَار، وَفِيه: " أما وَالله لَو شِئْتُم لقلتم: أَتَيْتنَا مُكَذبا فَصَدَّقْنَاك " الحَدِيث. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 422 وَسكت عَنهُ، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق. (2000) وَذكر أَيْضا حَدِيث " جعله عَلَيْهِ السَّلَام يَوْم خَيْبَر سهم ذَوي الْقُرْبَى فِي بني هَاشم وَبني الْمطلب "، وَكَلَام عُثْمَان وَجبير بن مطعم فِي ذَلِك. وَسكت أَيْضا عَنهُ، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق. (2001) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد أَيْضا، عَن عَمْرو بن حُرَيْث قَالَ: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 423 خطّ لي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دَارا بِالْمَدِينَةِ " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث يرويهِ فطر بن خَليفَة، قَالَ: حَدثنَا أبي، عَن عَمْرو بن حُرَيْث. وَفطر ثِقَة، وَلَكِن أَبوهُ لَا تعرف حَاله وَلَا من روى عَنهُ غير ابْنه. وَأَيْضًا فَإِن عَمْرو بن حُرَيْث لم تدْرك سنه هَذَا الْمَعْنى؛ فَإِنَّهُ إِمَّا أَنه كَانَ يَوْم بدر حملا، حسب مَا روى شريك، عَن أبي إِسْحَاق، وَإِمَّا قبض النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ ابْن اثْنَتَيْ عشرَة سنة فِي قَول ابْن إِسْحَاق، أَو: وَهُوَ ابْن عشر سِنِين، روى ذَلِك أَيْضا شريك عَن أبي إِسْحَاق. فَالله أعلم. (2002) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا عَن ابْن عمر، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أقطع الزبير حضر فرسه " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا يرويهِ الْعمريّ عَن نَافِع عَنهُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 424 وَقد تقدم فِي هَذَا الْبَاب ذكر الْعمريّ. (2003) وَذكر من طَرِيقه حَدِيث أبي سعيد، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إيَّاكُمْ والقسامة ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث يرويهِ ابْن أبي فديك، عَن مُوسَى بن يَعْقُوب الزمعِي، عَن الزبير بن عُثْمَان بن عبد الله بن سراقَة، أَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن ابْن ثَوْبَان، أخبرهُ عَن أبي سعيد. وَالزُّبَيْر هَذَا لَا تعرف لَهُ حَال، وَلَا يعرف روى عَنهُ غير الزمعِي. (2004) وَذكر حَدِيث: " لَا إِسْلَال وَلَا إِغْلَال ". وَسكت عَنهُ، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 425 (2005) وَكَذَلِكَ: " لَوْلَا أَن الرُّسُل لَا تقتل لقتلتكما ". وَسكت عَنهُ كَذَلِك، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 426 (2006) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد أَيْضا، عَن الْعِرْبَاض بن سَارِيَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الله لم يحل لكم أَن تدْخلُوا بيُوت أهل الْكتاب إِلَّا بِإِذن، وَلَا ضرب نِسَائِهِم، وَلَا أكل ثمارهم، إِذا أعطوكم الَّذِي عَلَيْهِم ". وَسكت عَنهُ، وَلَا أبعد صِحَّته، وَلَكِن لَا أَعْرفهُمَا؛ فَإِن بعض رُوَاته لم تثبت عَدَالَته وَإِن كَانَ مَشْهُورا، وَهُوَ أَشْعَث بن شُعْبَة، رَوَاهُ عَن أَرْطَأَة بن الْمُنْذر، عَن حَكِيم بن عُمَيْر أبي الْأَحْوَص، عَن الْعِرْبَاض. وَقد روى عَنهُ جمَاعَة: مِنْهُم أَحْمد بن عَمْرو بن السَّرْح، وَالْمُسَيب بن وَاضح، وَسَلَمَة بن عَفَّان، وَالْحسن بن الرّبيع، وَهِشَام بن الْمفضل - صَاحب أَحْمد الدَّوْرَقِي - وَعبد الْوَهَّاب بن نجدة، وَمُحَمّد بن عِيسَى هَذَا الَّذِي روى عَنهُ هَذَا الحَدِيث، وَعنهُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَأَصله خراساني، سكن الثغر. قَالَ أَبُو حَاتِم: أَشْعَث بن شُعْبَة لين الحَدِيث، وَهَذَا كالتقوية لَهُ، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 427 وتفضيل غَيره عَلَيْهِ، وَالَّذِي لَا أرَاهُ أَنه لم تثبت عَدَالَته. (2007) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا عَن جَابر بن عبد الله، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا خطب أحدكُم امْرَأَة فَإِن اسْتَطَاعَ أَن ينظر إِلَى مَا يَدعُوهُ إِلَى نِكَاحهَا فَلْيفْعَل " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح؛ فَإِن إِسْنَاد أبي دَاوُد فِيهِ هُوَ هَذَا: حَدثنَا مُسَدّد، حَدثنَا عبد الْوَاحِد بن زِيَاد، حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن دَاوُد بن حُصَيْن، عَن وَاقد بن عبد الرَّحْمَن - يَعْنِي ابْن سعد بن معَاذ - عَن جَابر بن عبد الله، فَذكره، وَهَكَذَا ذكره غَيره. قَالَ الْبَزَّار: حَدثنَا عمر بن عَليّ الْمقدمِي، عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن دَاوُد بن الْحصين، عَن وَاقد بن عبد الرَّحْمَن بن سعد، عَن جَابر بن عبد الله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 428 قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا أَرَادَ أحدكُم أَن يتَزَوَّج الْمَرْأَة، فَإِن اسْتَطَاعَ أَن ينظر مِنْهَا إِلَى مَا يَدعُوهُ إِلَى نِكَاحهَا فَلْيفْعَل ". قَالَ: فَخطبت جَارِيَة من الْأَنْصَار فَجعلت أتخبأ لَهَا تَحت الْكَرم حَتَّى نظرت مِنْهَا إِلَى مَا دَعَاني إِلَى نِكَاحهَا فتزوجتها. قَالَ الْبَزَّار: وَهَذَا لَا نعلمهُ رُوِيَ عَن جَابر إِلَّا من هَذَا الْوَجْه، قَالَ: وَلَا أسْند وَاقد بن عبد الرَّحْمَن بن سعد عَن جَابر، إِلَّا هَذَا الحَدِيث. انْتهى كَلَام الْبَزَّار. فَأَقُول - وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق -: إِن واقدا هَذَا لَا تعرف حَاله، وَالْمَذْكُور الْمَعْرُوف، إِنَّمَا هُوَ وَاقد بن عَمْرو بن سعد بن معَاذ، أَبُو عبد الله الْأنْصَارِيّ، الأشْهَلِي، الَّذِي يروي عَنهُ يحيى بن سعيد، وَدَاوُد بن الْحصين أَيْضا، وَمُحَمّد بن زِيَاد، وَمُحَمّد بن عَمْرو، وَغَيرهم من المدنين، وروى مَالك عَن يحيى بن سعيد عَنهُ، وَهُوَ مدنِي ثِقَة، قَالَه أَبُو زرْعَة. فَأَما وَاقد بن عبد الرَّحْمَن بن سعد بن معَاذ فَلَا أعرفهُ، فَاعْلَم ذَلِك. (2008) وَذكر من فَوَائِد أبي مُحَمَّد الْأصيلِيّ، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن تتَزَوَّج الْمَرْأَة على الْعمة أَو الْخَالَة. وَقَالَ: إِنَّكُم إِذا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 429 فَعلْتُمْ قطعْتُمْ أَرْحَامكُم ". قَالَ: وَذكره أَبُو عمر فِي التَّمْهِيد. كَذَا أوردهُ وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث إِنَّمَا يرويهِ أَبُو حريز: عبد الله بن الْحُسَيْن، قَاضِي سجستان. قَالَ أَبُو مُحَمَّد الْأصيلِيّ: قَرَأت على أبي الْحُسَيْن: مُحَمَّد بن عَليّ بن حُبَيْش، قلت: حَدثكُمْ أَبُو عبد الله: أَحْمد بن الْحسن بن عبد الْجَبَّار الجزء: 4 ¦ الصفحة: 430 الصُّوفِي، حَدثنَا يحيى بن معِين - فِي شعْبَان سنة تسع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ - حَدثنَا مُعْتَمر بن سُلَيْمَان، قَالَ: قَرَأت على الفضيل بن ميسرَة، عَن أبي حريز، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن تتَزَوَّج الْمَرْأَة على الْعمة أَو الْخَالَة، وَقَالَ: إنكن إِذا فعلتن ذَلِك قطعتن أرحامكن ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 431 هَكَذَا عِنْده مُخَاطبَة النِّسَاء. وَقَالَ أَبُو عمر بن عبد الْبر: أخبرنَا يحيى بن عبد الرَّحْمَن، وَسَعِيد بن نصر، قَالَا: أخبرنَا ابْن أبي دليم، قَالَ: أخبرنَا ابْن وضاح، قَالَ: أخبرنَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 432 يحيى بن معِين، قَالَ: أخبرنَا مُعْتَمر بن سُلَيْمَان، قَالَ: قَرَأت على فُضَيْل بن ميسرَة، عَن أبي حريز، قَاضِي سجستان، أَن عِكْرِمَة حَدثهمْ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يجمع بَين الْمَرْأَة وعمتها، وَبَين الْمَرْأَة وخالتها "، وَقَالَ: " إنكن إِذا فعلتن ذَلِك قطعتن أرحامكن ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 433 وَعبد الله بن حُسَيْن: أَبُو حريز الْأَزْدِيّ، قَاضِي سجستان، قَالَ ابْن حَنْبَل: كَانَ يحيى بن سعيد يحمل عَلَيْهِ، وَلَا أرَاهُ إِلَّا كَمَا قَالَ. هَذِه رِوَايَة حَرْب بن إِسْمَاعِيل عَن أَحْمد بن حَنْبَل، وروى عَنهُ ابْنه عبد الله أَنه قَالَ: حَدِيثه مُنكر. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 434 وَمِمَّنْ ضعفه أَيْضا، سعيد بن أبي مَرْيَم، وَالنَّسَائِيّ، فَأَما ابْن معِين، وَأَبُو زرْعَة، فوثقاه. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: هُوَ حسن الحَدِيث، لَيْسَ بمنكره، يكْتب حَدِيثه. وَقد ذكر أَبُو أَحْمد هَذَا الحَدِيث كنحو مَا ذكره الْأصيلِيّ، إِلَّا أَن المخاطبة عِنْده للرِّجَال. قَالَ أَبُو أَحْمد: حَدثنَا أَحْمد بن الْحُسَيْن الصُّوفِي، قَالَ: حَدثنَا يحيى بن معِين، قَالَ: حَدثنَا مُعْتَمر، قَالَ: قَرَأت على الفضيل بن ميسرَة، عَن أبي حريز، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن تتَزَوَّج الْمَرْأَة على الْعمة أَو على الْخَالَة "، وَقَالَ: " إِنَّكُم إِن فَعلْتُمْ ذَلِك قطعْتُمْ أَرْحَامكُم ". وَلما فرغ من ذكر مَا أورد لَهُ، قَالَ: عَامَّة مَا يرويهِ لَا يُتَابع عَلَيْهِ. وَقد كرر أَبُو مُحَمَّد سُكُوته عَن أَحَادِيث من رِوَايَة أبي حريز هَذَا، وَلم يبين أَنَّهَا من رِوَايَته. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 435 (2009) مِنْهَا حَدِيث: " قرض مرَّتَيْنِ، يعدل صَدَقَة مرّة ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 436 (2010) وَحَدِيث النُّعْمَان بن بشير، سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 437 الْخمر من الْعصير، وَالزَّبِيب، وَالتَّمْر، وَالْحِنْطَة، وَالشعِير، والذرة، وَإِنِّي أنهاكم عَن كل مُسكر ". هُوَ أَيْضا عِنْد أبي دَاوُد من رِوَايَة مُعْتَمر، عَن الفضيل بن ميسرَة، عَن أبي حريز، عَن الشّعبِيّ، عَن النُّعْمَان بن بشير. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 438 (2011) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ، حَدِيث أم مهزول فِي سَبَب نزُول: {الزَّانِي لَا ينْكح إِلَّا زَانِيَة} . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 439 وَسكت عَنهُ، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه [عَن جده] . (2012) وَبعده حَدِيث: " لَا ينْكح الزَّانِي المجلود إِلَّا مثله ". لم يبين أَنه من رِوَايَة عَمْرو بن شُعَيْب، عَن المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة. وَعَمْرو مُخْتَلف فِيهِ وَلَو روى عَن غير أَبِيه. (2013) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد حَدِيث أم حَبِيبَة وتزويج النَّجَاشِيّ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِيَّاهَا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 440 وَسكت عَنهُ، وَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَن يُنَبه على أَنه من رِوَايَة مُعلى بن مَنْصُور، عَن ابْن الْمُبَارك، عَن معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عُرْوَة، عَن أم حَبِيبَة. (2014) وَهُوَ قد قدم فِي حَدِيث جَابر: " لَا تُؤخر الصَّلَاة لطعام وَلَا لغيره " أَن قَالَ: مُعلى بن مَنْصُور، رَمَاه أَحْمد بن حَنْبَل بِالْكَذِبِ. وَكَانَ لَهُ أَن يَسُوق رِوَايَة عَليّ بن الْحسن بن شَقِيق، عَن ابْن الْمُبَارك فِي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 441 ذَلِك فَلم يفعل، بل اخْتَار رِوَايَة مُعلى بن مَنْصُور، فساق الحَدِيث بِلَفْظِهِ. (2015) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن ابْن مَسْعُود: " لعن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمُحَلّل والمحلل لَهُ ". ثمَّ أتبعه أَنه حسن صَحِيح. وَلم يلْتَفت على كَونه من رِوَايَة أبي قيس: عبد الرَّحْمَن بن ثروان. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 442 (2016) وَهُوَ لما ذكر حَدِيث ابْن مَسْعُود فِي الرجل الَّذِي أوصى بِجُزْء من مَاله " فَجعله رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - السُّدس ". قَالَ بعده: عبد الرَّحْمَن بن ثروان، لَهُ أَحَادِيث يُخَالف فِيهَا، وَفِيه أَيْضا الْعَرْزَمِي. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 444 (2017) وَصحح من حَدِيثه: " سُئِلَ أَبُو مُوسَى عَن ابْنة، وَابْنَة ابْن، وَأُخْت فِي الْفَرَائِض " سَاقه من عِنْد البُخَارِيّ. (2018) وَفِي الْفِتَن حَدِيث أبي مُوسَى: " إِن بَين يَدي السَّاعَة فتنا كَقطع اللَّيْل ". سَاقه من عِنْد أبي دَاوُد. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 445 (2019) وَلما سَاق فِي الْخُفَّيْنِ حَدِيث الْمُغيرَة بن شُعْبَة فِي الْمسْح على الجوربين والنعلين. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 447 أتبعه تَصْحِيح التِّرْمِذِيّ، ثمَّ قَالَ: قَالَ النَّسَائِيّ: مَا نعلم أَن أحدا تَابع [هزيلا] على هَذِه الرِّوَايَة، وَالصَّحِيح عَن الْمُغيرَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مسح على الْخُفَّيْنِ. فَفِي هَذَا أَيْضا مسالمة عبد الرَّحْمَن بن ثروان. (2020) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار عَن سلمَان، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 448 " إِذا تزوج أحدكُم امْرَأَة فَكَانَ لَيْلَة الْبناء، فَليصل رَكْعَتَيْنِ، وليأمرها فلتصل خَلفه رَكْعَتَيْنِ؛ فَإِن الله عز وَجل جَاعل فِي الْبَيْت خيرا ". كَذَا أوردهُ وَسكت عَنهُ، وَأرَاهُ تسَامح فِيهِ؛ لِأَنَّهُ حث على عمل من أَعمال الْبر، وَإِسْنَاده ضَعِيف. قَالَ الْبَزَّار: حَدثنَا عبيد الله بن يُوسُف، قَالَ: حَدثنَا الْحجَّاج بن فروخ قَالَ: حَدثنَا ابْن جريج، عَن عَطاء، عَن ابْن عَبَّاس، عَن سلمَان، فَذكره. وحجاج بن فروخ كُوفِي. أما أَبُو حَاتِم فَقَالَ فِيهِ: شيخ مَجْهُول. وَأما ابْن معِين فَقَالَ: لَيْسَ بِشَيْء. وَأما أَبُو أَحْمد الْجِرْجَانِيّ، والساجي، فَإِنَّهُمَا ذكرَاهُ فِي جملَة الضُّعَفَاء. روى عَن زِيَاد أبي عمار، عَن أنس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَحَادِيث مَنَاكِير يطول ذكرهَا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 449 وَذكر أَبُو أَحْمد هَذَا الحَدِيث بِزِيَادَة قصَّة فِيهِ، بَين عمر، و [سلمَان] . ثمَّ قَالَ: لَا أعرف لَهُ كَبِير رِوَايَة. (2021) وَذكر من طَرِيق مُسلم عَن أبي سعيد، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن من شَرّ النَّاس عِنْد الله منزلَة يَوْم الْقِيَامَة الرجل يُفْضِي إِلَى الْمَرْأَة " الحَدِيث. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 450 وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث إِنَّمَا يرويهِ عِنْد مُسلم عمر بن حَمْزَة الْعمريّ، عَن عبد الرَّحْمَن بن سعد، عَن أبي سعيد. وَعمر بن حَمْزَة ضعفه ابْن معِين، وَقَالَ: إِنَّه أَضْعَف من عمر بن مُحَمَّد ابْن زيد. وَهَذَا تَفْضِيل لعمر بن مُحَمَّد بن زيد عَلَيْهِ؛ فَإِنَّهُ ثِقَة - أَعنِي عمر بن مُحَمَّد - فَهُوَ الْحَقِيقَة تَفْضِيل أحد ثقتين على الآخر. وَأما ابْن حَنْبَل فَقَالَ: أَحَادِيثه مَنَاكِير. فَالْحَدِيث بِهِ حسن. (2022) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 451 " اسْتَحْيوا من الله حق الْحيَاء، لَا تَأْتُوا النِّسَاء فِي أدبارهن ". وَسكت عَنهُ، وَإِسْنَاده عِنْد النَّسَائِيّ هَكَذَا: أَخْبرنِي عُثْمَان بن عبد الله، حَدثنَا سُلَيْمَان بن عبد الرَّحْمَن، حَدثنَا عبد الْملك بن مُحَمَّد الصَّنْعَانِيّ، حَدثنَا سعيد بن عبد الْعَزِيز، عَن الزُّهْرِيّ، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة. وَعبد الْملك بن مُحَمَّد الصَّنْعَانِيّ أَبُو الزَّرْقَاء، قَالَ البستي: إِنَّه يتفرد بِهِ. سُئِلَ عَنهُ دُحَيْم فضجع. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 452 وَقَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ: يكْتب حَدِيثه. وَسليمَان بن عبد الرَّحْمَن، هُوَ ابْن بنت شُرَحْبِيل، أَبُو أَيُّوب الدِّمَشْقِي. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 453 قَالَ ابْن معِين: " لَيْسَ بِهِ بَأْس. [وَقَالَ أَبُو حَاتِم] : وَهُوَ صَدُوق، وَلكنه أروى النَّاس عَن الضُّعَفَاء الجزء: 4 ¦ الصفحة: 454 والمجهولين، قَالَ: فَلَو أَن رجلا وضع لَهُ حَدِيثا لم يفهم، وَلم يُمَيّز. فَحق هَذَا الحَدِيث أَن يكون حسنا. (2023) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَلْعُون من أَتَى امْرَأَة فِي دبرهَا ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 455 وَسكت عَنهُ، وَهُوَ عِنْده من رِوَايَة سُهَيْل بن أبي صَالح، عَن الْحَارِث بن مخلد، عَن أبي هُرَيْرَة. والْحَارث هَذَا روى عَنهُ سُهَيْل، وَبسر بن سعيد، وَلم تعرف حَاله. (2024) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا عَن عُرْوَة قَالَ: قَالَت عَائِشَة: " يَا بن أُخْتِي، كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يفضل بَعْضنَا على بعض فِي الْقسم " الحَدِيث. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 456 وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا هُوَ عِنْد أبي دَاوُد، من رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن أبي الزِّنَاد، عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه. (2025) وَذكر من طَرِيقه عَن عَائِشَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " بعث إِلَى النِّسَاء فِي مَرضه، فاجتمعن، فَقَالَ: إِنِّي لَا أَسْتَطِيع أَن أدور " الحَدِيث. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 457 وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا يرويهِ أَبُو عمرَان الْجونِي، عَن يزِيد بن بابنوس، عَن عَائِشَة. وَيزِيد هَذَا لَا تعرف حَاله فِي الحَدِيث، وَلَا روى عَنهُ غير أبي عمرَان. وَقَالَ أَبُو دَاوُد: كَانَ شِيعِيًّا. وَقَالَ البُخَارِيّ: كَانَ من الشِّيعَة الَّذين قَاتلُوا عليا. (2026) وَذكر حَدِيث ابْن مَسْعُود: " إِن الله ليغار لعَبْدِهِ الْمُسلم، فليغر لنَفسِهِ ". وَزعم أَن الدَّارَقُطْنِيّ صَححهُ، وَقد كتبناه فِي جملَة الْأَشْيَاء الَّتِي عزاها وَلم تُوجد. (2027) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 458 " الْغيرَة من الْإِيمَان، والمذاء من النِّفَاق ". وَسكت عَنهُ. وَالْبَزَّار أوردهُ هَكَذَا: أخبرنَا مُحَمَّد بن معمر، حَدثنَا أَبُو عَامر، حَدثنَا أَبُو مَرْحُوم الأرطباني، حَدثنَا زيد بن أسلم، عَن عَطاء بن يسَار، عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَذكره. قَالَ: لَا نعلمهُ يرْوى عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِهَذَا اللَّفْظ إِلَّا عَن أبي سعيد، وَلَا نعلم أحدا شَارك أَبَا مَرْحُوم عَن زيد فِي هَذَا الحَدِيث، وَعند أبي مَرْحُوم حَدِيث آخر بِهَذَا الْإِسْنَاد عَن أبي سعيد. انْتهى كَلَام الْبَزَّار. أَبُو مَرْحُوم، هُوَ عبد الرَّحِيم بن كردم بن أرطبان، ابْن عَم عبد الله بن عون ابْن أرطبان. قَالَ أَبُو حَاتِم: إِنَّه يروي عَن الزُّهْرِيّ، وَزيد بن أسلم، روى عَنهُ أَبُو عَامر الْعَقدي، وَأَبُو أُسَامَة، وَمعلى بن أَسد، وَإِبْرَاهِيم بن الْحجَّاج السَّامِي، قَالَ ابْنه أَبُو مُحَمَّد: سَأَلته عَنهُ فَقَالَ: مَجْهُول. فَانْظُر كَيفَ عرفه، وَعرف رِوَايَة جمَاعَة عَنهُ، ثمَّ قَالَ فِيهِ: مَجْهُول. وَهَذَا مِنْهُ صَوَاب، وَقد يحسن الظَّن بِأبي مُحَمَّد فِي سُكُوته عَن هَذَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 459 الحَدِيث، بِأَن يكون عرف من حَال هَذَا الرجل مَا أوجب ذَلِك. وَيدْفَع هَذَا الظَّن أَنه لما ذكره فِي كِتَابه الْكَبِير بِإِسْنَادِهِ، أتبعه قَول أبي حَاتِم فِيهِ. لم يزدْ على ذَلِك، فَكَانَ هَذَا مِنْهُ تعليلا للْخَبَر، وَذَلِكَ صَوَاب من فعله، فَلَعَلَّهُ هَاهُنَا تسَامح فِيهِ على علم، وَالله أعلم. (2028) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ عَن عَليّ حَدِيث: " النَّهْي أَن يكلم النِّسَاء إِلَّا بِإِذن أَزوَاجهنَّ ". وَالْخلاف فِيهِ، وَرجح إِسْنَادًا على آخر، كَأَنَّهَا لَا عيب فِيهَا، وفيهَا الِانْقِطَاع، والضعف فِي بعض الروَاة، وَالْجهل بأحوال بَعضهم، وَلم يعرض لذَلِك. وَقد كتبناه فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا مُتَّصِلَة وَهِي مُنْقَطِعَة أَو مُرْسلَة. (2029) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أُتِي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 460 بمخنث قد خضب يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَمَا مثله صحّح؛ فَإِنَّهُ من رِوَايَة مفضل بن يُونُس، عَن الْأَوْزَاعِيّ [عَن أبي بشار] ، أَو أبي يسَار الْقرشِي، عَن أبي هَاشم، عَن أبي هُرَيْرَة. وَأَبُو هَاشم هَذَا، هُوَ ابْن عَم أبي هُرَيْرَة، وَلَا تعرف حَاله. وَأَبُو يسَار الْقرشِي، زعم ابْن أبي حَاتِم أَنه روى عَنهُ الْأَوْزَاعِيّ، وَاللَّيْث، وَسَأَلَ أَبَاهُ عَنهُ فَقَالَ: مَجْهُول. وَهُوَ كَمَا ذكر، وَهَذَا الرجل هُوَ آخر من وَقع ذكره فِي كتاب ابْن أبي حَاتِم، بِهِ ختم الْكتاب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 461 (2030) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، فِي قصَّة سَالم مولى أبي حُذَيْفَة فِي رضَاع الْكَبِير، " أَن سهلة أَرْضَعَتْه خمس رَضعَات ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ إِنَّمَا يرويهِ أَبُو دَاوُد، عَن أَحْمد بن صَالح، عَن عَنْبَسَة، عَن يُونُس، عَن ابْن شهَاب، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة. وعنبسة هُوَ ابْن خَالِد ابْن يزِيد الْأَيْلِي، لم تثبت عَدَالَته، بل أَخَاف أَن يكون على نقيض ذَلِك، وَذَلِكَ أَن ابْن أبي حَاتِم حكى أَنه كَانَ على خراج مصر، فَكَانَ يعلق النِّسَاء بالثدي. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 462 فَإِن صَحَّ هَذَا كفى فِي تجريحه، وَقد أخرج لَهُ البُخَارِيّ، وتجنبه مُسلم رحمهمَا الله. (2031) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد أَيْضا عَن عَائِشَة قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام لبريرة: " إِن قربك فَلَا خِيَار لَك ". وَسكت عَنهُ، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق. (2032) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا، عَن يُوسُف بن عبد الله بن سَلام، حَدِيث مُظَاهرَة أَوْس بن الصَّامِت من زوجه خُوَيْلَة بنت مَالك. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 463 وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق. وَيَرْوِيه ابْن إِسْحَاق، عَن معمر بن عبد الله بن حَنْظَلَة، عَن يُوسُف. وَمعمر هَذَا لم يذكر بِأَكْثَرَ من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق عَنهُ؛ فَهُوَ مَجْهُول الْحَال. (2033) وَذكر بعده حَدِيث مُظَاهرَة سَلمَة بن صَخْر. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 464 من رِوَايَة سُلَيْمَان بن يسَار عَنهُ، وَبَين أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق، وَبَين انْقِطَاعه فِيمَا بَين سُلَيْمَان وَسَلَمَة. (2034) وَذكر أَيْضا حَدِيث الَّذِي يَقع على امْرَأَته قبل أَن يكفر كَفَّارَة الظِّهَار. من رِوَايَة سُلَيْمَان - أَيْضا - عَن سَلمَة، وَبَين انْقِطَاعه كَذَلِك، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق. (2035) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد أَيْضا حَدِيث ابْن عَبَّاس فِي قصَّة لعان بن هِلَال بن أُميَّة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 465 وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا هُوَ عِنْد أبي دَاوُد من رِوَايَة يزِيد بن هَارُون، عَن عباد ابْن مَنْصُور، عَن عِكْرِمَة عَنهُ، وَعباد بن مَنْصُور تكلمُوا فِي رَأْيه وَرِوَايَته. قَالَ عَليّ بن الْمَدِينِيّ: قلت ليحيى بن سعيد: عباد بن مَنْصُور تغير؟ قَالَ: لَا أَدْرِي، إِلَّا أَنا حِين رَأَيْنَاهُ نَحن كَانَ لَا يحفظ. وَقَالَ ابْن معِين: لَيْسَ بِشَيْء، ضَعِيف. وَقَالَ مرّة أُخْرَى: ضَعِيف، قدري. وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم: فِي حَدِيثه عَن عِكْرِمَة ضعف. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: ضَعِيف الحَدِيث، يكْتب حَدِيثه، ونرى أَنه أَخذ هَذِه الْأَحَادِيث عَن ابْن أبي يحيى، عَن دَاوُد بن حُصَيْن، عَن عِكْرِمَة. وَقَالَ البُخَارِيّ: روى عَن ابْن أبي يحيى، عَن دَاوُد، عَن عِكْرِمَة أَشْيَاء، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 466 رُبمَا دلسها فَجَعلهَا عَن عِكْرِمَة. وَقَالَ فِيهِ السَّاجِي: ضَعِيف يُدَلس، روى أَحَادِيث مَنَاكِير، وَكَانَ ينْسب إِلَى الْقدر. وَكَذَا حكى الْعقيلِيّ أَنه يرى الْقدر. وَقَالَ البستي: كَانَ قدريا دَاعِيَة إِلَى الْقدر، وكل مَا روى عَن عِكْرِمَة سَمعه من إِبْرَاهِيم بن أبي يحيى، عَن دَاوُد بن الْحصين، فدلسها عَن عِكْرِمَة. قلت: وَهَذِه تكفيه إِن صحت؛ فَإِن إِبْرَاهِيم بن أبي يحيى هَالك، فالتدليس بإسقاطه جرحة إِن كَانَ علم بضعفه. وَقد أثبت عَلَيْهِ يحيى بن سعيد الْقدر، مَعَ حسن رَأْيه فِيهِ بقوله: عباد بن مَنْصُور كَانَ ثِقَة، لَيْسَ يَنْبَغِي أَن يتْرك حَدِيثه لرأي أَخطَأ فِيهِ. وَأَقل مَا يلْزم أَبَا مُحَمَّد، تَبْيِين أَن الحَدِيث الْمَذْكُور، من رِوَايَته، حَتَّى يكون ذَلِك إِحَالَة على مَا قد بَين من أمره فِي مَوضِع آخر. (2036) وَذَلِكَ أَنه ذكر من طَرِيق أبي أَحْمد، عَن عباد بن مَنْصُور، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 467 عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " فِي الَّذِي يعْمل عمل قوم لوط، وَفِي الَّذِي يَقع على بَهِيمَة، وَفِي الَّذِي يَقع على ذَات محرم، وَفِي الَّذِي يُؤْتِي فِي نَفسه، أَنه يقتل ". فَأتبعهُ القَوْل فِي عباد بن مَنْصُور، وَذكر ضعفه، وتضعيفهم لَهُ بِبَعْض مَا كتبنَا الْآن فِيهِ. (2037) وَقد ذكر حَدِيثا آخر، من طَرِيق أبي أَحْمد، فأبرز مِنْهُ عباد بن مَنْصُور، عَن أَيُّوب، [عَن أبي قلَابَة] ، عَن أنس، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " قضى فِي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 468 الطَّرِيق الميتاء " الحَدِيث. فِي بَاب الشُّفْعَة. فَكَانَ إبرازه إِيَّاه صَوَابا. وَكرر مَا أَخطَأ بِهِ من سُكُوته عَن أَحَادِيث من رِوَايَته، وَلم يبين ذَلِك. (2038) مِنْهَا حَدِيث ذكره من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن خير مَا تدوايتم بِهِ، الْحجامَة، والسعوط، واللدود، وَالْمَشْي " الحَدِيث. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 469 (2039) وَحَدِيثه أَيْضا قَالَ: " كَانَت لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مكحلة يكتحل بهَا عِنْد النّوم ثَلَاثًا فِي كل عين، وَخير أكحالكم الإثمد، يجلو الْبَصَر، وينبت الشّعْر ". كل هَذَا من رِوَايَة عباد من مَنْصُور، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، وَلم يبين ذَلِك أَبُو مُحَمَّد رَحمَه الله، فاعلمه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 470 (2040) وَذكر حَدِيث سهل بن سعد بِزِيَادَة: " أمسك الْمَرْأَة عنْدك حَتَّى تَلد ". وَسكت عَنهُ، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق. (2041) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن أبي هُرَيْرَة، أَنه سمع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 471 يَقُول - حِين نزلت آيَة الْمُلَاعنَة -: " أَيّمَا امْرَأَة أدخلت على قوم من لَيْسَ مِنْهُم " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا يرويهِ ابْن وهب، عَن عَمْرو بن الْحَارِث، عَن ابْن الْهَادِي، عَن عبد الله بن يُونُس، عَن سعيد المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة. وَعبد الله بن يُونُس هَذَا لَا تعرف حَاله، وَلَا يعرف لَهُ راو غير يزِيد بن عبد الله بن الْهَادِي، وَلَا يعرف لَهُ غير هَذَا الحَدِيث. وَلما ذكر أَبُو مُحَمَّد هَذَا الحَدِيث بِإِسْنَادِهِ فِي كِتَابه الْكَبِير، أتبعه أَن قَالَ: عبد الله بن يُونُس، إِنَّمَا يعرف بِهَذَا الحَدِيث. (2042) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ عَن فَاطِمَة بنت قيس، فِي خَبَرهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 472 قَالَت: فَأتيت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكرت ذَلِك لَهُ، قَالَت: " فَلم يَجْعَل لي سُكْنى وَلَا نَفَقَة، وَقَالَ: إِنَّمَا السُّكْنَى وَالنَّفقَة لمن تملك الرّجْعَة ". قَالَ: وخرجه النَّسَائِيّ أَيْضا. هَذَا نَص مَا أورد، وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَنْبَغِي السُّكُوت عَنهُ تَصْحِيحا لَهُ، فَإِنَّهُ عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ هَكَذَا: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 473 حَدثنَا ابْن صاعد، حَدثنَا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، حَدثنَا هشيم، عَن سيار، وحصين، ومغيرة، وَأَشْعَث، وَدَاوُد، ومجالد، وَإِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد، كلهم عَن الشّعبِيّ، قَالَ: دخلت على فَاطِمَة بنت قيس، فسألتها عَن قَضَاء رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَيْهَا، فَقَالَت: طَلقهَا زَوجهَا الْبَتَّةَ، فَأَتَت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكرت ذَلِك لَهُ، قَالَت: " فَلم يَجْعَل لي سُكْنى وَلَا نَفَقَة، وَقَالَ: إِنَّمَا السُّكْنَى وَالنَّفقَة لمن يملك الرّجْعَة ". هَكَذَا أوردهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَغَيره، وَلَكِن قد تبين أَن هَذِه الزِّيَادَة الَّتِي هِيَ: " إِنَّمَا السُّكْنَى وَالنَّفقَة لمن يملك الرّجْعَة " إِنَّمَا زَادهَا مجَالد وَحده من الْجَمَاعَة الَّتِي روته عَن الشّعبِيّ. وَقد أورد مُسلم الحَدِيث دونهَا فَقَالَ: وحَدثني زُهَيْر بن حَرْب، قَالَ: حَدثنَا هشيم، قَالَ: أخبرنَا سيار، حُصَيْن، ومغيرة، وَأَشْعَث، ومجالد، وَإِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد، وَدَاوُد، كلهم عَن الشّعبِيّ، قَالَ: دخلت على فَاطِمَة بنت قيس، فسألتها عَن قَضَاء رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَيْهَا، فَقَالَت: طَلقهَا زَوجهَا الْبَتَّةَ، فَخَاصَمته إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي السُّكْنَى وَالنَّفقَة، قَالَت: " فَلم يَجْعَل لي سُكْنى وَلَا نَفَقَة، وَأَمرَنِي أَن أَعْتَد فِي بَيت [ابْن] أم مَكْتُوم ". وَرَوَاهَا أَيْضا هَكَذَا عَن هشيم، أَحْمد بن حَنْبَل، لم يذكر الزِّيَادَة. قَالَ أَبُو بكر بن ثَابت الْخَطِيب، أخبرنَا الْحسن بن عَليّ التَّمِيمِي، أخبرنَا أَحْمد بن جَعْفَر بن حمدَان، حَدثنَا عبد الله بن أَحْمد، قَالَ: حَدثنِي أبي، قَالَ: حَدثنِي هشيم: أخبرنَا سيار، وحصين، ومغيرة، وَأَشْعَث، وَابْن أبي خَالِد، وَدَاوُد. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 474 [وحدثناه مجَالد، أَو إِسْمَاعِيل - يَعْنِي ابْن سَالم -] عَن الشّعبِيّ، قَالَ: دخلت على فَاطِمَة بنت قيس، فسألتها عَن قَضَاء رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَت: طَلقهَا زَوجهَا الْبَتَّةَ، قَالَت: فَخَاصَمته إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي السُّكْنَى وَالنَّفقَة، فَلم يَجْعَل لي سُكْنى وَلَا نَفَقَة، وَأَمرَنِي أَن أَعْتَد فِي بَيت ابْن أم مَكْتُوم. وَرَوَاهُ الْحسن بن عَرَفَة عَن هشيم، فَجعل الزِّيَادَة الْمَذْكُورَة عَن مجَالد وَحده عَن الشّعبِيّ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا الْمحَامِلِي، وَمُحَمّد بن مخلد، وَعمر بن أَحْمد الدُّرِّي، وَعلي بن الْحسن بن هَارُون، قَالُوا: حَدثنَا الْحسن بن عَرَفَة، حَدثنَا هشيم، حَدثنَا الْمُغيرَة، وحصين، وَأَشْعَث، وَإِسْمَاعِيل بن أبي مخلد، وَدَاوُد ابْن أبي هِنْد، وسيار، ومجالد، كلهم عَن الشّعبِيّ بِهَذَا. قَالَ: قَالَ هشيم: قَالَ مجَالد فِي حَدِيثه: " إِنَّمَا السُّكْنَى، وَالنَّفقَة، لمن كَانَ لَهَا على زَوجهَا رَجْعَة ". وَقد جَاءَت رِوَايَة مجَالد بِهَذِهِ الزِّيَادَة، مُفْردَة عَن رِوَايَات هَؤُلَاءِ المقرونين بِهِ، من غير رِوَايَة هشيم، وَهُوَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة، وَعَبدَة. قَالَ قَاسم بن أصبغ: حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل، قَالَ: حَدثنَا الْحميدِي، قَالَ: حَدثنَا سُفْيَان، قَالَ: حَدثنَا مجَالد بن سعيد الْهَمدَانِي، عَن الشّعبِيّ، قَالَ: قدمت فَاطِمَة بنت قيس الْكُوفَة على أَخِيهَا الضَّحَّاك بن قيس، وَكَانَ عَاملا عَلَيْهَا، فأتيناها فسألناها، فَقَالَت: كنت عِنْد أبي عَمْرو بن حَفْص بن الْمُغيرَة، فطلقني فَبت طَلَاقي، وَخرج إِلَى الْيمن فَأتيت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكرت ذَلِك لَهُ، وَطلبت النَّفَقَة، فَقَالَ: بكمه هَكَذَا - واستتر النَّبِي عَن الْمَرْأَة، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 475 وَرفع أَبُو بكر الْحميدِي كمه فَوق رَأسه - فَقَالَ: " اسمعي مني يَا ابْنة آل قيس، إِنَّمَا السُّكْنَى وَالنَّفقَة للْمَرْأَة إِذا كَانَ لزَوجهَا عَلَيْهَا رَجْعَة، فَأَما إِذا لم يكن لَهُ عَلَيْهَا رَجْعَة فَلَا سُكْنى وَلَا نَفَقَة، ثمَّ قَالَ: اعْتدي عِنْد أم شريك ابْنة الحكم. ثمَّ قَالَ: تِلْكَ امْرَأَة يتحدث عِنْدهَا، اعْتدي عِنْد ابْن أم مَكْتُوم؛ فَإِنَّهُ رجل مَحْجُوب الْبَصَر، فتضعي ثِيَابك وَلَا يراك ". وَأما رِوَايَة عَبدة فأوردها أَحْمد بن حَنْبَل إِثْر الرِّوَايَة الَّتِي ذكرنَا عَنهُ الْآن، فَقَالَ: حَدثنَا عَبدة بن سُلَيْمَان، حَدثنَا مجَالد، عَن الشّعبِيّ، قَالَ: حَدثنِي فَاطِمَة بنت قيس، قَالَت: طَلقنِي زَوجي ثَلَاثًا، فَأتيت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلم يَجْعَل لي سُكْنى وَلَا نَفَقَة، وَقَالَ: " إِنَّمَا السُّكْنَى وَالنَّفقَة لمن كَانَ لزَوجهَا عَلَيْهَا رَجْعَة "، وأمرها أَن تَعْتَد فِي بَيت ابْن أم مَكْتُوم الْأَعْمَى. فَهَذِهِ رِوَايَة مجَالد، وَإِذا قرن بِالْجَمَاعَة توهم من يرَاهُ أَن الزِّيَادَة الْمَذْكُورَة من رِوَايَة جَمِيعهم، وَقد تبين أَنهم لم يرووها. ولهشيم فِي التَّدْلِيس صَنْعَة مَحْذُورَة فِي مثل هَذَا. من ذَلِك مَا ذكر أَبُو عبد الله بن البيع الْحَاكِم، أَن جمَاعَة من أَصْحَابه اجْتَمعُوا يَوْمًا على أَن لَا يَأْخُذُوا عَنهُ التَّدْلِيس، فَفطن لذَلِك، فَجعل يَقُول فِي كل حَدِيث يذكرهُ: حَدثنَا حُصَيْن، ومغيرة، عَن إِبْرَاهِيم، فَلَمَّا فرغ قَالَ لَهُم: هَل دلست لكم الْيَوْم؟ قَالُوا: لَا، فَقَالَ: لم أسمع من مُغيرَة حرفا وَاحِدًا مِمَّا ذكرته، إِنَّمَا قلت: حَدثنِي حُصَيْن، ومغيرة غير مسموع لي. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 476 وَإِذ قد تبينت رِوَايَة الْجَمَاعَة دون الزِّيَادَة، وَرِوَايَة مجَالد دونهم بِالزِّيَادَةِ، وفصلها الْحسن بن عَرَفَة عَن رِوَايَة الْجَمَاعَة، وَعَزاهَا إِلَى مجَالد مِنْهُم، فقد تحقق فِيهَا الريب، وَوَجَب لَهَا الضعْف بِضعْف مجَالد الْمُنْفَرد بهَا. وَقد تولى الْخَطِيب بن ثَابت بَيَان أَمر هَذِه الزِّيَادَة بِبَعْض هَذَا الَّذِي بَيناهُ بِهِ فِي كِتَابه: " غنية الملتمس فِي إِيضَاح الملتبس ". فَاعْلَم ذَلِك، وَالله الْمُوفق. وَأما قَول أبي مُحَمَّد: وخرجه النَّسَائِيّ أَيْضا، فَإِنِّي أَظُنهُ يَعْنِي بذلك طَرِيقا آخر للزِّيَادَة الْمَذْكُورَة من غير رِوَايَة مجَالد عَن الشّعبِيّ، وَهُوَ أَيْضا لَا يَصح. قَالَ النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي أَحْمد بن يحيى قَالَ: حَدثنَا أَبُو نعيم، قَالَ: حَدثنَا سعيد بن يزِيد الأحمسي، قَالَ: حَدثنَا الشّعبِيّ، قَالَ: حَدثنَا فَاطِمَة بنت قيس، قَالَت: أتيت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقلت: أَنا بنت آل خَالِد، وَإِن زَوجي فلَانا أرسل إِلَيّ بطلاقي، وَإِنِّي سَأَلت أَهله النَّفَقَة وَالسُّكْنَى، فَأَبَوا عَليّ، قَالُوا: يَا رَسُول الله، إِنَّه أرسل بِثَلَاث تَطْلِيقَات، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنَّمَا النَّفَقَة وَالسُّكْنَى للْمَرْأَة إِذا كَانَ لزَوجهَا عَلَيْهَا الرّجْعَة ". ذكره فِي بَاب الرُّخْصَة فِي التَّطْلِيق بِثَلَاث مجتمعة. وَقَالَ قَاسم بن أصبغ: حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل، قَالَ: حَدثنَا أَبُو نعيم، فَذكر مثله سَوَاء. وَسَعِيد بن يزِيد الأحمسي هَذَا، كُوفِي، لم تثبت عَدَالَته. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 477 وَقد ذكره أَبُو حَاتِم بِرِوَايَة أبي نعيم عَنهُ، وَرِوَايَته هُوَ عَن الشّعبِيّ، وَقَالَ: إِنَّه شيخ يرْوى عَنهُ، فَاعْلَم ذَلِك. (2043) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ حَدِيث ابْن عمر: " التَّاجِر الصدوق الْمُسلم " الحَدِيث. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 478 وَسكت عَنهُ، وَأرَاهُ تسَامح فِيهِ، وَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَن يُقَال فِيهِ: حسن؛ لِأَنَّهُ من رِوَايَة كثير بن هِشَام، وَهُوَ - وَإِن كَانَ قد أخرج لَهُ مُسلم - مستضعف عِنْد أبي حَاتِم وَغَيره، وَقَالَ ابْن معِين: لَا بَأْس بِهِ. (2044) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار عَن ابْن مَسْعُود، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الرِّبَا وَإِن كثر فَإِنَّهُ يصير إِلَى قل ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ من رِوَايَة أبي أَحْمد، عَن شريك، عَن الركين بن الرّبيع، عَن أَبِيه، عَن عبد الله، قَالَ الْبَزَّار: وَلَا نعلم رَوَاهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا عبد الله. وَشريك، قد تقدم ذكره. (2045) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن ابْن عَبَّاس، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 479 " اشْترى من عير بيعا وَلَيْسَ عِنْده ثمنه، فأربح فِيهِ، فَتصدق بِالرِّبْحِ على أرامل بني عبد الْمطلب " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ إِنَّمَا يرويهِ أَبُو دَاوُد من طَرِيق شريك - أَيْضا، عَن سماك، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس. وَقد تقدم مَا لَهُ فِي شريك، وَسماك. (2046) وَذكر من طَرِيق قَاسم بن أصبغ، عَن مَسْرُوق قَالَ: قَالَ عبد الله بن مَسْعُود: أشهد على الصَّادِق المصدوق أبي الْقَاسِم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " بيع المحفلات خلابة، وَلَا تحل خلابة مُسلم ". ذكره أَبُو عمر فِي التَّمْهِيد، وَقد رُوِيَ مَوْقُوفا. انْتهى مَا ذكر. وَهَذِه مِنْهُ مسالمة للْحَدِيث الْمَذْكُور، كَأَنَّهُ لَا عيب فِيهِ إِلَّا أَنه وقف وَرفع، وَهَذَا مِنْهُ معجب؛ فَإِن الحَدِيث الْمَذْكُور فِي غَايَة الضعْف، وَأَظنهُ اعتراه فِيهِ شَيْء، نذكرهُ مقيمين لعذره، وَذَلِكَ أَن الحَدِيث فِي التَّمْهِيد هَكَذَا: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 480 حَدثنَا عبد الْوَارِث بن سُفْيَان، حَدثنَا قَاسم بن أصبغ، حَدثنَا أَبُو يحيى بن أبي ميسرَة، حَدثنَا المقرئي، حَدثنَا المَسْعُودِيّ، عَن جَابر، وَعَن أبي الضُّحَى، عَن مَسْرُوق، قَالَ: قَالَ عبد الله بن مَسْعُود، فَذكره. وَهُوَ هَكَذَا مُفسد - أَعنِي قَوْله: " عَن جَابر، وَعَن أبي الضُّحَى "، فَلَعَلَّ أَبَا مُحَمَّد رَآهُ هَكَذَا، فَظَنهُ غير مُفسد، واعتقد أَن جَابِرا الْجعْفِيّ مقرون بِأبي الضُّحَى، فاعتمد أَبَا الضُّحَى وَلم يبال جَابِرا لما اقْترن بِثِقَة، وسامح نَفسه فِي المَسْعُودِيّ واختلاطه. (2047) كَمَا قد فعل فِي حَدِيث الْمُغيرَة بن شُعْبَة، فِي السَّهْو عَن الجلسة الْوُسْطَى. حَيْثُ سكت عَنهُ وَهُوَ من رِوَايَته. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 481 (2048) وَفِي حَدِيث " جعل الْيَمين على الشمَال " فِي الاسْتِسْقَاء أَيْضا كَذَلِك. وَهَذَا كُله خطأ تبع فِيهِ نَاسِخا أَخطَأ فِي التَّمْهِيد، وبعيد أَن يكون ذَلِك من عمل أبي عمر. ولنبين الْآن الصَّوَاب فَنَقُول: هَذَا الحَدِيث إِنَّمَا هُوَ فِي كتاب قَاسم بن أصبغ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور، دون وَاو فِي قَوْله: وَعَن أبي الضُّحَى، وَإِنَّمَا هُوَ: حَدثنَا المَسْعُودِيّ، عَن جَابر، عَن أبي الضُّحَى. وَهَكَذَا يَنْبَغِي أَن يكون؛ فَإِن جَابِرا الْجعْفِيّ يروي عَن أبي الضُّحَى، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 482 والمسعودي لَا يروي عَنهُ. وَقد ذكر الْبَزَّار أَيْضا هَذَا الحَدِيث فَقَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى الْقطعِي قَالَ: حَدثنَا أَبُو دَاوُد، قَالَ: أخبرنَا المَسْعُودِيّ، عَن جَابر، عَن أبي الضُّحَى، عَن مَسْرُوق، عَن عبد الله قَالَ: قَالَ الصَّادِق المصدوق: " بيع المحفلات خلابة، وَلَا تحل الخلابة ". ثمَّ قَالَ: لَا نعلمهُ يرْوى عَن أبي الضُّحَى إِلَّا من حَدِيث جَابر. انْتهى كَلَامه، وَهُوَ تَصْحِيح لما قُلْنَاهُ. وَذكره أَيْضا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، قَالَ: حَدثنَا وَكِيع، عَن المَسْعُودِيّ، عَن جَابر، عَن أبي الضُّحَى، عَن مَسْرُوق، عَن عبد الله قَالَ: حَدثنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ الصَّادِق المصدوق قَالَ: " بيع المحفلات خلابة، وَلَا تحل الخلابة لمُسلم ". وَهَذَا أَيْضا كَذَلِك. وَيَكْفِيك أَنه لم يَقع فِي كتاب قَاسم بن أصبغ الَّذِي مِنْهُ نَقله أَبُو عمر إِلَّا على الصَّوَاب، وَإِن لم يكن مَا رَأَيْنَاهُ من الْفساد فِيهِ فِي كل نسخ التَّمْهِيد، فقد وَقع أَبُو مُحَمَّد مِنْهُ فِي أَشد من ذَلِك، أَن يكون يصحح حَدِيثا انْفَرد بروايته جَابر الْجعْفِيّ، وَلَا يبين أَنه من رِوَايَته، وَفِيه أَيْضا المَسْعُودِيّ، وَقد بَينا حَاله فِيمَا مر من هَذَا الْبَاب. وَإِن أردْت استظهاراً لرِوَايَة المَسْعُودِيّ عَن جَابر الْجعْفِيّ، عَن أبي الضُّحَى، عَن مَسْرُوق، عَن عبد الله بِغَيْر هَذَا الحَدِيث، فَحَدِيث: " الجزء: 4 ¦ الصفحة: 483 (2049) " أمنا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَسلم عَن يَمِينه حَتَّى نرى بَيَاض خَدّه الْأَيْسَر: السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله ". ذكره الْبَزَّار أَيْضا بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور، وَالْأَمر فِيهِ بَين، غير مُحْتَاج إِلَى مزِيد، فَاعْلَم ذَلِك. (2050) وَذكر من طَرِيق مُسلم عَن جَابر بن عبد الله، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا بيع حَاضر لباد، دعوا النَّاس يرْزق الله بَعضهم من بعض ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 484 وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا هُوَ عِنْد مُسلم من رِوَايَة زُهَيْر بن مُعَاوِيَة، عَن أبي الزبير، عَن جَابر، هَكَذَا مُعَنْعنًا. (2051) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن ابْن عمر، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " نهى أَن يَبِيع أحد طَعَاما اشْتَرَاهُ بكيل حَتَّى يَسْتَوْفِيه ". وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا هُوَ عِنْد أبي دَاوُد من رِوَايَة عَمْرو بن الْحَارِث، عَن الْمُنْذر بن عبيد، عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد، عَن ابْن عمر. وَالْمُنْذر هَذَا مدنِي لَا تعرف حَاله. قَالَ أَبُو حَاتِم: روى عَنهُ ابْن لَهِيعَة، وَعَمْرو بن الْحَارِث، وَأَبُو معشر، وَلم يعرف من حَاله بِشَيْء، فَهُوَ عِنْده مجهولها، فَاعْلَم ذَلِك. (2052) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، حَدِيث زيد بن ثَابت: " نهى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 485 رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن تبَاع السّلع حَيْثُ تبْتَاع، حَتَّى يحوزها التُّجَّار إِلَى رحالهم ". وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا يرويهِ ابْن إِسْحَاق. (2053) وَذكر من طَرِيق مُسلم عَن أبي الزبير " سَأَلت جَابِرا عَن ثمن السنور " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ من رِوَايَة معقل الْجَزرِي، عَن أبي الزبير، وَمَعْقِل عِنْدهم مستضعف. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 486 وَقد كرر سُكُوته عَن أَحَادِيث هِيَ من رِوَايَته، وَلم يبين ذَلِك، وَرُبمَا كَانَت معنعنة لأبي الزبير، وَقد مر ذكرهَا فِيمَا تقدم من ذكر أبي الزبير. (2054) من ذَلِك حَدِيث: " استكثروا من النِّعَال؛ فَإِن الرجل مَا يزَال رَاكِبًا مَا انتعل ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 487 (2055) وَقد ذكر حَدِيث ابْن عَبَّاس فِي " ترك التَّسْمِيَة ". من رِوَايَة مُحَمَّد بن يزِيد الرهاوي، عَن معقل، عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن عِكْرِمَة عَنهُ. وَضَعفه وَلم يبين بِمَاذَا، وَمَا أرَاهُ ضعفه إِلَّا من أجل مُحَمَّد بن يزِيد، لَا من أجل معقل. (2056) وَذكر من طَرِيق مُسلم حَدِيث أبي سعيد " فِي بيعَة التَّمْر الرَّدِيء صَاعَيْنِ بِصَاع لمطعم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: وَذكره الْبَزَّار عَن بِلَال، فَقَالَ فِيهِ: أتيت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَحَدَّثته بِمَا صنعت، فَقَالَ: " انْطلق فَرده على صَاحبه " الحَدِيث. قَالَ: وَكَذَلِكَ خرجه عَن أنس، فِيهِ أَيْضا " ردُّوهُ على صَاحبه ". وَسكت عَن هذَيْن الْحَدِيثين " حَدِيث بِلَال، وَأنس، وهما غير صَحِيحَيْنِ. قَالَ الْبَزَّار: حَدثنَا الْعَبَّاس بن عبد الْعَظِيم، حَدثنَا عَمْرو بن مُحَمَّد بن أبي رزين، حَدثنَا إِسْرَائِيل، عَن أبي إِسْحَاق، عَن مَسْرُوق، عَن بِلَال، قَالَ: كَانَ عِنْدِي تمر فَبِعْته بأجود مِنْهُ: بِنصْف كَيْله، أَبُو بِبَعْض كَيْله، فَأتيت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 488 فَحَدَّثته فَقَالَ: " انْطلق فَرده على صَاحبه، وَخذ تمرك، التَّمْر بِالتَّمْرِ مثلا بِمثل " فَفعلت. قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث رَوَاهُ عَن إِسْرَائِيل عَمْرو بن مُحَمَّد، وَعُثْمَان بن عمر. انْتهى كَلَامه. فَأَقُول: أما عُثْمَان بن عمر، فَلم يُوصل إِلَيْهِ إِسْنَاده، وَعَمْرو بن مُحَمَّد لَا تعرف حَاله، وَهُوَ من خُزَاعَة، روى عَنهُ الدوري، وَبُنْدَار، ويروي عَن الثَّوْريّ، وَشعْبَة، وَعمْرَان بن حدير، قَالَه أَبُو حَاتِم، وَلم يزدْ على هَذَا. وَأرَاهُ قد أَخطَأ فِي قَوْله: روى عَنهُ الدوري؛ فَإِنَّهُ - أَعنِي عَبَّاس بن مُحَمَّد الدوري - غَايَته أَن يكون يروي عَن بنْدَار، وَإِنَّمَا اخْتَلَط عَلَيْهِ عَبَّاس بن عبد الْعَظِيم بعباس بن مُحَمَّد الدوري، وَزعم البُخَارِيّ أَن عَليّ بن الْمَدِينِيّ روى عَنهُ أَيْضا. وَلَيْسَ فِي هَذَا كُله مَا يثبت عندنَا المبتغى من عَدَالَته. هَذَا حَدِيث بِلَال، فَأَما حَدِيث أنس فَقَالَ الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن معمر، حَدثنَا روح بن عبَادَة، حَدثنَا كثير بن يسَار، عَن ثَابت، عَن أنس قَالَ: أُتِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِتَمْر الريان فَقَالَ: " أَنى لكم هَذَا التَّمْر؟ " قَالُوا: كَانَ عندنَا تمر الجزء: 4 ¦ الصفحة: 489 بعل فَبِعْنَاهُ صَاعَيْنِ بِصَاع، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ردُّوهُ على صَاحبه ". وَهَذَا أَيْضا كَذَلِك؛ فَإِن كثير بن يسَار تفرد عَن ثَابت، وحاله غير مَعْرُوفَة، وَإِن كَانَ قد روى عَنهُ جمَاعَة: مِنْهُم حَمَّاد بن زيد، وجعفر بن سُلَيْمَان، وروح بن عبَادَة، وَصدقه بن أبي سهل، وروى عَن الْحسن، وثابت الْبنانِيّ، ويوسف بن عبد الله بن سَلام. هَذَا مَا ذكره بِهِ أَبُو حَاتِم. وَخَالف بذلك البُخَارِيّ؛ فَإِن البُخَارِيّ جعل هَذَا فِي رسمين، وَذَلِكَ مُؤَكد للْجَهْل بِهِ، فَاعْلَم ذَلِك. (2057) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الله يَقُول: أَنا ثَالِث الشَّرِيكَيْنِ " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ إِنَّمَا يرويهِ أَبُو حَيَّان التَّيْمِيّ، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة. وَأَبُو حَيَّان، وَهُوَ يحيى بن سعيد بن حَيَّان أحد الثِّقَات، وَلَكِن أَبوهُ لَا تعرف لَهُ حَال، وَلَا يعرف من روى عَنهُ غير ابْنه. ويروي عَن أبي حَيَّان أَبُو همام مُحَمَّد بن الزبْرِقَان. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 490 وَحكى الدَّارَقُطْنِيّ عَن لوين أَنه قَالَ: لم يسْندهُ غير أبي همام. ثمَّ سَاقه من رِوَايَة أبي ميسرَة النهاوندي، قَالَ: حَدثنَا جرير، عَن أبي حَيَّان، عَن أَبِيه، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُرْسلا. (2058) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا حَدِيث جَابر: " إِذا أتيت وَكيلِي، فَخذ مِنْهُ خَمْسَة عشر وسْقا، فَإِن ابْتغى مِنْك آيَة، فضع يدك على ترقوته ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق، وَلم يبين ذَلِك. (2059) وَذكر حَدِيث الَّذِي كَانَ يخدع فِي الْبيُوع من تَارِيخ البُخَارِيّ، وَفِيه: " وَأَنت فِي كل سلْعَة ابتعتها بِالْخِيَارِ ثَلَاث لَيَال ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 491 وَسكت عَنهُ، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق. وَالْبُخَارِيّ إِنَّمَا أوردهُ فِي تَارِيخه هَكَذَا: وَقَالَ عَيَّاش بن الْوَلِيد، حَدثنَا عبد الْأَعْلَى، حَدثنَا ابْن إِسْحَاق، حَدثنِي مُحَمَّد بن يحيى بن حبَان قَالَ: كَانَ جدي منقذ بن عَمْرو، أَصَابَته آمة فِي رَأسه فَكسرت لِسَانه، ونزعت عقله، وَكَانَ لَا يدع التِّجَارَة، فَلَا يزَال يغبن، فَذكر ذَلِك للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " إِذا بِعْت فَقل: لَا خلابة، وَأَنت فِي كل سلْعَة ابتعتها بِالْخِيَارِ ثَلَاث لَيَال ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 492 وعاش ثَلَاثِينَ وَمِائَة سنة، وَكَانَ فِي زمن عُثْمَان حِين كثر النَّاس يبْتَاع فِي السُّوق، فيغبن، فَيصير إِلَى أَهله، فيلومونه فَيردهُ، وَيَقُول: " إِن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جعلني بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا " حَتَّى يمر الرجل من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَيَقُول: صدق. (2060) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن رَافع بن خديج، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَنه نهى عَن كسب الْإِمَاء حَتَّى يعلم من أَيْن هُوَ ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 493 وَسكت عَنهُ، وَمَا مثله صحّح؛ فَإِنَّهُ من رِوَايَة عبيد الله بن هرير، عَن أَبِيه، عَن جده رَافع. هَكَذَا ذكره أَبُو دَاوُد، وَيَنْبَغِي أَن تكون الْهَاء من جده عَائِدَة على هرير؛ فَإِنَّهُ عبيد الله بن هرير بن عبد الرَّحْمَن بن رَافع بن خديج، قَالَه البُخَارِيّ. وَعبيد الله مَجْهُول الْحَال. قَالَ البُخَارِيّ: حَدِيثه لَيْسَ بالمشهور. وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم: روى عَنهُ إِبْرَاهِيم بن جَعْفَر، وَابْن أبي فديك، وَأَهْمَلَهُ، فَهُوَ عِنْده مَجْهُول. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 494 وَأما أَبوهُ هرير بن عبد الرَّحْمَن فَثِقَة، قَالَه ابْن معِين. (2061) وَذكر من طَرِيق الطَّبَرِيّ عَن عقبَة بن عَامر الْجُهَنِيّ، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تخيفوا الْأَنْفس بعد أمنها "، قَالُوا: يَا رَسُول الله، وَمَا ذَاك؟ قَالَ: " الدَّين ". ثمَّ قَالَ: خرجه أَيْضا الطَّحَاوِيّ، والْحَارث بن أبي أُسَامَة. هَكَذَا سكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث إِنَّمَا يرويهِ [عَن عقبَة، بكر بن عَمْرو الْمعَافِرِي، وَعَن بكر شُعَيْب بن زرْعَة] ، وَكِلَاهُمَا لم تثبت ثقته فِي الحَدِيث. أما بكر بن عَمْرو، فَهُوَ إِمَام مَسْجِد الْجَامِع بِمصْر، وَهُوَ مصري معافري، يروي عَن مشرح بن عاهان، وَأبي عبد الرَّحْمَن الحبلي، وَبُكَيْر بن الْأَشَج. يروي عَنهُ حَيْوَة بن شُرَيْح، وَسَعِيد بن أبي أَيُّوب، وَيحيى بن أَيُّوب، وَابْن لَهِيعَة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 495 سُئِلَ أَبُو حَاتِم عَنهُ فَقَالَ: شيخ. وَكَذَلِكَ أَحْمد بن حَنْبَل، وَقَالَ أَبُو سعيد بن يُونُس فِي تَارِيخ المصريين: كَانَت لَهُ عبَادَة وَفضل. وَشُعَيْب بن زرْعَة يروي عَن عقبَة بن عَامر، روى عَنهُ بكر هَذَا، وَأَبُو قبيل المعافريان، قَالَه أَبُو حَاتِم، وَلم يعرف حَاله. وَمن أحْسنهم لَهُ سِيَاقَة - إِسْنَادًا ومتنا - بَقِي بن مخلد، قَالَ: حَدثنَا أَبُو الطَّاهِر، قَالَ: أخبرنَا ابْن وهب، عَن حَيْوَة، عَن بكر بن عَمْرو، عَن شُعَيْب ابْن زرْعَة، عَن عقبَة بن عَامر الْجُهَنِيّ أَنه سمع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول لأَصْحَابه: " لَا تخيفوا أَنفسكُم " أَو قَالَ: " الْأَنْفس " فَقيل لَهُ: يَا رَسُول الله، وَمَا يخيف الْأَنْفس؟ قَالَ: " الدَّين ". وَقَالَ الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا يُونُس - هُوَ ابْن عبد الْأَعْلَى - قَالَ: حَدثنَا ابْن وهب، فَذكره، وَقَالَ فِيهِ: فَقيل: يَا رَسُول الله، بِمَ نخيف أَنْفُسنَا؟ (2062) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار عَن عبد الله بن مَسْعُود، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " قرض مرَّتَيْنِ يعدل صَدَقَة مرّة ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ متسامح فِيهِ؛ فَإِنَّهُ من رِوَايَة الْبَزَّار عَن مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى، وأزهر بن جميل، قَالَا: حَدثنَا الْمُعْتَمِر بن سُلَيْمَان، قَالَ: قَرَأت على الفضيل بن ميسرَة، عَن أبي حريز، عَن إِبْرَاهِيم، عَن الْأسود، عَن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 496 عبد الله، فَذكره. وَقد تقدم القَوْل فِي أبي حريز فِي هَذَا الْبَاب، إِثْر حَدِيث: (2063) : " إنكن إِذا فعلتن ذَلِك قطعتن أرحامكن ". (2064) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ، عَن عبد الله بن أبي ربيعَة المَخْزُومِي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 497 قَالَ: استسلف مني رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَرْبَعِينَ ألفا، فجَاء مَال فَدَفعهَا إِلَيّ، وَقَالَ: " بَارك الله لَك فِي أهلك وَمَالك، إِنَّمَا جَزَاء السّلف الْحَمد وَالْأَدَاء ". وَسكت عَنهُ، وَإِسْنَاده عِنْد النَّسَائِيّ هُوَ هَذَا: أخبرنَا عَمْرو بن عَليّ، حَدثنَا عبد الرَّحْمَن، عَن سُفْيَان، عَن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن أبي ربيعَة، عَن أَبِيه، عَن جده، قَالَ: اسْتقْرض مني رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَذكره. وَهَذَا الْإِسْنَاد لَهُ تَفْسِير، وَذَلِكَ أَن ظَاهر هَذَا مُسْتَقِيم، فَإِذا عرف أَنه إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن أبي ربيعَة، وَجب أَن يَجْعَل قَوْله: " عَن جده " إِمَّا على أَنه جد أَبِيه، فَتكون الْهَاء من " جده " عَائِدَة على إِبْرَاهِيم، أَو يكون سَمَّاهُ جدا بِمَا هُوَ جد أَعلَى؛ فَإِن الصَّحَابِيّ هُوَ عبد الله ابْن أبي ربيعَة، وَهُوَ أَخُو عَيَّاش بن أبي ربيعَة. وَإِلَى ذَلِك، فَإِن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن أبي ربيعَة الْمَذْكُور، لَا تعرف لَهُ حَال، وَإِن كَانَ قد روى عَنهُ الزُّهْرِيّ، وابناه: إِسْمَاعِيل ومُوسَى، وَسَعِيد بن سَلمَة بن أبي الحسام. وَابْنه إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم أَيْضا، لم تثبت عَدَالَته. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 498 وَقَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِم: شيخ. وروى عَنهُ الثَّوْريّ، وحاتم بن إِسْمَاعِيل، وَهُوَ مدنِي. (2065) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ أَيْضا حَدِيث: " لي الْوَاجِد يحل عرضه وعقوبته ". وَسكت عَنهُ، وَإِسْنَاده هُوَ هَذَا: أخبرنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، أخبرنَا وَكِيع، حَدثنَا وبر بن أبي دليلة الطَّائِفِي، حَدثنَا مُحَمَّد بن مَيْمُون بن مُسَيْكَة - وَأثْنى عَلَيْهِ خيرا - أخبرنَا عَمْرو بن الشريد، عَن أَبِيه. فَذكره. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 499 وَابْن أبي دليلة ثِقَة، وَمُحَمّد بن مَيْمُون من مُسَيْكَة لَا يعرف من حَاله إِلَّا مَا فِي هَذَا الْإِسْنَاد: من ثَنَاء وبر عَلَيْهِ، وَذكره ابْن أبي حَاتِم، فَلم يعرف من حَاله بِشَيْء، وَلَا ذكر مِمَّن روى عَنهُ غير ابْن أبي دليلة وَلَا مِمَّن روى هُوَ عَنهُ، غير عَمْرو بن الشريد. وَأما عَمْرو بن الشريد فروى عَنهُ جمَاعَة: الزُّهْرِيّ، وَصَالح بن دِينَار، وَإِبْرَاهِيم بن ميسرَة، وَيُونُس بن الْحَارِث، وَعبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن يعلى ابْن كَعْب الطَّائِفِي، قَالَه أَبُو حَاتِم، وَلم يذكر لَهُ حَالا. وَأخرج لَهُ البُخَارِيّ. (2066) وَذكر من طَرِيق ابْن أبي شيبَة، عَن يعلى بن مرّة، سَمِعت الجزء: 4 ¦ الصفحة: 500 رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " من أَخذ أَرضًا بِغَيْر حَقّهَا كلف أَن يحمل ترابها إِلَى الْمَحْشَر ". هَكَذَا سكت عَنهُ، وَإِسْنَاده هُوَ هَذَا: حَدثنَا يحيى بن زَكَرِيَّاء بن أبي زَائِدَة، عَن أبي يَعْفُور، عَن أَيمن - هُوَ ابْن ثَابت، أَبُو ثَابت - قَالَ: سَمِعت يعلى بن مرّة يَقُول: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَذكره. وأيمن بن ثَابت أَبُو ثَابت، كُوفِي، من بني ثَعْلَبَة، يروي عَن ابْن عَبَّاس، ويعلى بن مرّة، روى عَنهُ أَبُو يَعْفُور: عبد الرَّحْمَن بن عبيد بن نسطاس، وَالربيع بن عبد الله، وَذكر ابْن ابْن الفرضي أَن الشّعبِيّ روى عَنهُ، وَهُوَ لَا يعرف لَهُ حَال، وَهَكَذَا ذكره ابْن الفرضي: أَيمن بن ثَابت، أَبُو ثَابت. فَأَما ابْن أبي حَاتِم فَقَالَ: أَيمن أَبُو ثَابت، لم يذكر أَبَاهُ. وَذكر عَليّ بن عبد الْعَزِيز هَذَا الحَدِيث فِي منتخبه هَكَذَا: حَدثنَا مُسلم، حَدثنَا عبد الْوَاحِد بن زِيَاد، حَدثنَا أَبُو يَعْفُور، حَدثنِي أَبُو ثَابت، عَن يعلى بن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 501 مرّة، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من أَخذ من الأَرْض شَيْئا ظلما، جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة يحمل ترابها إِلَى الْمَحْشَر ". (2067) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد: عَن عبد الله بن حبشِي، قَالَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 502 رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من قطع سِدْرَة صوب الله رَأسه فِي النَّار ". وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا يرويهِ عُثْمَان بن أبي سُلَيْمَان، عَن سعيد بن مُحَمَّد ابْن جُبَير بن مطعم، عَن عبد الله بن حبشِي. فَأَما عُثْمَان فأحد ثِقَات المكيين، وَهُوَ عُثْمَان بن أبي سُلَيْمَان بن جُبَير بن مطعم، وَأما ابْن عَمه سعيد بن مُحَمَّد بن جُبَير بن مطعم، فَلَا تعرف لَهُ حَال، وَإِن كَانَ قد روى عَنهُ جمَاعَة: مِنْهُم عُثْمَان الْمَذْكُور، وَعبيد الله بن موهب، وَابْن أبي ذِئْب، وَعبد الله بن جَعْفَر، وَغَيرهم. كلهم أَخذ عَنهُ هَذَا الحَدِيث، وَلَا أعرف لَهُ من الْعلم غَيره، وَإِن كَانَ مَعْرُوف الْبَيْت وَالنّسب. وَله أَخ اسْمه عمر، وَأَخ ثَان اسْمه الْحَارِث، يروي أَيْضا عَن أَبِيه، وثالث اسْمه جُبَير بن مُحَمَّد بن جُبَير، يروي أَيْضا عَن أَبِيه، فهم أَرْبَعَة: سعيد، وَعمر، والْحَارث، وَجبير. فَالْحَدِيث من أَجله حسن. (2068) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار عَن عَليّ، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَمر بالجماجم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 503 أَن تنصب فِي الزَّرْع [من أجل الْعين "] . وَسكت عَنهُ وَهُوَ لَا يَصح. قَالَ الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن معمر، حَدثنَا يَعْقُوب بن مُحَمَّد، حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد، عَن الْهَيْثَم بن مُحَمَّد بن حَفْص، عَن عمر بن عَليّ، عَن أَبِيه. فَذكره. الْهَيْثَم هَذَا مَجْهُول، قَالَه أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ، وَلَا يعرف روى عَنهُ غير الدَّرَاورْدِي. (2069) وَذكر من طَرِيق ابْن أبي شيبَة، عَن ضرار بن الأوزر قَالَ: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 504 بَعَثَنِي أَهلِي بلقوح إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " فَأمرنِي أَن أَحْلَبَهَا، فحلبتها، فَقَالَ: دع دَاعِي اللَّبن لَا تجهده ". وَسكت عَنهُ، وَإِسْنَاده عِنْد ابْن أبي شيبَة هُوَ هَذَا: حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة، ووكيع، عَن الْأَعْمَش، عَن يَعْقُوب بن بحير، عَن ضرار بن الْأَزْوَر، فَذكره. وَيَعْقُوب بن بحير لَا يعرف بِغَيْر هَذَا، وَلَا يعرف روى عَنهُ غير الْأَعْمَش، على مَا قَالَ عَنهُ أَبُو مُعَاوِيَة، ووكيع. فَأَما الثَّوْريّ فَإِنَّهُ يَقُول فِيهِ: عَن الْأَعْمَش، عَن عبد الله بن سِنَان، عَن ضرار، قَالَه أَبُو حَاتِم. وَأَبُو مُحَمَّد - رَحمَه الله - لم يذكر متن حَدِيث عبد الله بن سِنَان؛ فَإِنَّهُ لَو ذكره كَانَ أمثل إِسْنَادًا؛ فَإِن عبد الله بن سِنَان الَّذِي يروي عَنهُ الْأَعْمَش وَأَبُو الجزء: 4 ¦ الصفحة: 505 حُصَيْن، وروى هُوَ عَن ابْن مَسْعُود - ثِقَة. (2070) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 506 " تهادوا؛ فَإِن الْهَدِيَّة تذْهب وحر الصَّدْر، لَا تحقرن جَارة لجارتها وَلَو فرسن شَاة ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ عِنْد التِّرْمِذِيّ من رِوَايَة أبي معشر، نجيح، عَن سعيد، عَن أبي هُرَيْرَة. وَأَبُو معشر ضَعِيف، وَمِنْهُم من يوثقه. فَالْحَدِيث من أَجله حسن، وَإِنَّمَا كَانَ عَلَيْهِ أَن يبين كَونه من رِوَايَته، إِحَالَة على مَا ذكر فِيهِ فِي مَوَاضِع. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 507 (2071) وَقد كرر هَذَا الْعَمَل فِي حَدِيث: " اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْجُوع؛ فَإِنَّهُ بئس الضجيع ". وَسكت عَنهُ أَيْضا، وَلم يبين أَنه من رِوَايَته، فَأَما أَحَادِيث أخر، فَإِنَّهُ بَين - بعد ذكره إِيَّاهَا - أَنَّهَا من رِوَايَته، وَأتبعهُ قولا مِنْهُ. (2072) فَمن ذَلِك حَدِيث: " لَا تَقولُوا: رَمَضَان ". قَالَ بعده: من ضعفه أَكثر من وَثَّقَهُ، وَمَعَ ضعفه يكْتب حَدِيثه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 509 (2073) وَحَدِيث جَابر، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الله يدْخل بِالْحجَّةِ الْوَاحِدَة ثَلَاثَة " - يَعْنِي الْجنَّة -. قَالَ بعده: أَبُو معشر أَكثر النَّاس ضعفه، وَمَعَ ضعفه يكْتب حَدِيثه. (2074) وَحَدِيث: " أَن رجلا أكل فِي رَمَضَان ". قَالَ بعده: أَبُو معشر ضَعِيف. (2075) وَحَدِيث: " لَا أَعرفن أحدكُم مُتكئا على أريكته ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 510 قَالَ بعده: روى عَنهُ الجلة: اللَّيْث، وهشيم، وَيزِيد بن هَارُون، ووكيع، وَالثَّوْري، وَابْن مهْدي، وَغَيرهم، وَلم يكن قَوِيا فِي الحَدِيث، إِلَّا أَن هشيما كَانَ يُقَوي أمره وَيَقُول: مَا رَأَيْت مدنيا يُشبههُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 511 (2076) وَحَدِيث: " لَا تقطعوا اللَّحْم بالسكين؛ فَإِنَّهُ من صَنِيع الْأَعَاجِم ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 512 قَالَ بعده: قَالَ أَبُو دَاوُد: لَيْسَ بِالْقَوِيّ -[يَعْنِي الحَدِيث - قَالَ: إِنَّمَا يرويهِ أَبُو معشر، عَن هِشَام، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة] . (2077) وَحَدِيث: دَعْوَة الْمَظْلُوم مستجابة، وَإِن كَانَ فَاجِرًا ". هُوَ وَإِن كَانَ سكت عَنهُ، قد أبرز من إِسْنَاده أَبَا معشر، وَبَين أَنه من رِوَايَته. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 513 (2078) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد حَدِيث الْمِقْدَام بن معدي كرب، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَيّمَا رجل أضَاف قوما فَأصْبح [الضَّيْف] محروما " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح؛ فَإِن رَاوِيه عَن الْمِقْدَام، هُوَ سعيد بن المُهَاجر، لَا تعرف حَاله، وَلَا يعرف روى عَنهُ غير أبي الجودي: الْحَارِث بن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 514 عُمَيْر، وَأَبُو الجودي ثِقَة. (2079) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ حَدِيث ابْنَتي سعد بن الرّبيع فِي الْمَوَارِيث، وَصَححهُ بتصحيح التِّرْمِذِيّ. وَهُوَ من رِوَايَة عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل، وَقد تقدم ذكره فِي هَذَا الْبَاب. (2080) وَذكر من طَرِيق البُخَارِيّ حَدِيث ابْن مَسْعُود فِي " ابْنة، وَابْنه ابْن، وَأُخْت ". وَسكت عَنهُ؛ لِأَنَّهُ من كتاب البُخَارِيّ: وَلم يعرض لكَونه من رِوَايَة أبي قيس: عبد الرَّحْمَن بن ثروان، وَقد مر لَهُ فِي عبد الرَّحْمَن بن ثروان أَن لَهُ أَحَادِيث يُخَالف فِيهَا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 515 (2081) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد حَدِيث بُرَيْدَة فِي الْأَزْدِيّ الَّذِي مَاتَ، وَلم يُوجد لميراثه أزدي. ثمَّ قَالَ: وَفِي لفظ آخر: مَاتَ رجل من خُزَاعَة، فَأتي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بميراثه، فَقَالَ: " التمسوا لَهُ وَارِثا أَو ذَا رحم " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة شريك، عَن جِبْرِيل بن أَحْمَر، عَن عبد الله بن بُرَيْدَة، عَن أَبِيه. (2082) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " إِذا اسْتهلّ الْمَوْلُود ورث ". سكت عَنهُ، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 516 (2083) وَذكر من طَرِيقه عَن ابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " كل قسم [قسم] فِي الْجَاهِلِيَّة فَهُوَ على مَا قسم " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَيَنْبَغِي أَن يكون حسنا؛ فَإِنَّهُ من رِوَايَة مُحَمَّد بن مُسلم الطَّائِفِي، عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن أبي الشعْثَاء، عَن ابْن عَبَّاس. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 518 وَمُحَمّد بن مُسلم مُخْتَلف فِيهِ. (2084) وَهُوَ قد تولى ذكر ذَلِك إِثْر حَدِيث ذكره من عِنْد أبي أَحْمد، من رِوَايَة مُحَمَّد بن مُسلم الْمَذْكُور، عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من كَانَت عِنْده شَهَادَة فَلَا يقل: لَا أخبر بهَا إِلَّا عِنْد الإِمَام، وَلَكِن ليخبر بهَا لَعَلَّه يرجع أَو يرعوي ". فَأَقل مَا كَانَ عَلَيْهِ هَاهُنَا أَن يبين أَن هَذَا الحَدِيث من رِوَايَته. (2085) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا عَن أبي أُمَامَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من شفع لِأَخِيهِ شَفَاعَة " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ من رِوَايَة الْقَاسِم الشَّامي. (2086) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا حَدِيث أم سَلمَة: " إِنَّكُم تختصمون الجزء: 4 ¦ الصفحة: 519 إِلَيّ بِزِيَادَة: " اقْتَسمَا وتوخيا ". وَفِيه أَنهم اخْتَصَمُوا فِي مَوَارِيث وَأَشْيَاء قد درست. وَفِيه: " أَقْْضِي بَيْنكُمَا برأيي فِيمَا لم ينزل عَليّ فِيهِ ". وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا هُوَ من رِوَايَة أُسَامَة بن زيد اللَّيْثِيّ، عَن عبد الله بن رَافع مولى أم سَلمَة عَنْهَا. وَعبد الله ثِقَة، وَأُسَامَة مُخْتَلف فِيهِ، وَقد مر ذكر مَاله فِي هَذَا الْبَاب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 520 (2087) وَذكر من طَرِيق مُسلم حَدِيث: " ذِي النسعة ". وَلم يبين أَنه من رِوَايَة سماك بن حَرْب، وَقد مر أَيْضا فِي هَذَا الْبَاب ذكره. (2088) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن عَائِشَة، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " على المقتتلين أَن ينحجزوا، الأول فَالْأول، وَإِن كَانَت امْرَأَة ". وَسكت عَنهُ، وحصن رَاوِيه عَن أبي سَلمَة، لَا تعرف لَهُ حَال، وَلَا روى عَنهُ غير الْأَوْزَاعِيّ، وَبِذَلِك يذكر فِي كتب الرِّجَال من غير مزِيد. وَمِمَّنْ ذكره البُخَارِيّ، وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَابْن أبي حَاتِم، وَقَالَ: إِنَّه سَأَلَ أَبَاهُ عَنهُ فَقَالَ: لَا أعلم أحدا روى عَنهُ غير الْأَوْزَاعِيّ، وَلَا أعلم أحد نسبه. (2089) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا عَن أنس قَالَ: " مَا رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 521 رفع إِلَيْهِ شَيْء فِيهِ قصاص، إِلَّا أَمر فِيهِ بِالْعَفو ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ إِنَّمَا يرويهِ مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، عَن عبد الله بن بكر ابْن عبد الله الْمُزنِيّ، عَن عَطاء بن أبي مَيْمُونَة، عَن أنس. (2090) وَقد قدم أَبُو مُحَمَّد فِي حَدِيث التسليمة الْوَاحِدَة تِلْقَاء الْوَجْه أَن قَالَ فِي عَطاء بن أبي مَيْمُونَة: ضَعِيف، مَعْرُوف بِالْقدرِ. فَأَقل مَا كَانَ عَلَيْهِ أَن يبين أَن هَذَا الحَدِيث من رِوَايَته، فَأَما عبد الله بن بكر فَلَيْسَ بِهِ بَأْس. (2091) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا حَدِيث أبي هُرَيْرَة فِي أَن " ولد الزِّنَا شَرّ الثَّلَاثَة ". ثمَّ قَالَ: وَذكر الطَّحَاوِيّ عَن عَائِشَة أَن هَذَا فِي رجل مَخْصُوص. كَذَا قَالَ، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق. والْحَدِيث هُوَ هَذَا: قَالَ الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا صَالح بن شُعَيْب بن أبان، حَدثنَا الْحسن بن عمر بن شَقِيق، حَدثنَا سَلمَة بن الْفضل، عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عُرْوَة، قَالَ: بلغ عَائِشَة أَن أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ولد الزِّنَا شَرّ الثَّلَاثَة " فَقَالَت: يرحم الله أَبَا هُرَيْرَة، أَسَاءَ سمعا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 522 فأساء إِجَابَة؛ لم يكن الحَدِيث على هَذَا، إِنَّمَا كَانَ رجل يُؤْذِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أما إِنَّه [مَعَ] مَا بِهِ. ولد الزِّنَا "، وَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " هُوَ شَرّ الثَّلَاثَة ". قَالَ أَبُو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ: هَكَذَا فِي الحَدِيث، وَأما أهل اللُّغَة فَيَقُولُونَ: سَاءَ سمعا فسَاء إِجَابَة بِغَيْر ألف ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 523 (2092) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن أبي هُرَيْرَة فِي حَدِيث مَاعِز، أَن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 524 النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لَهُ: " أنكتها "؟ قَالَ: " نعم " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث إِنَّمَا يرويهِ ابْن جريج، أَخْبرنِي أَبُو الزبير، أَن عبد الرَّحْمَن بن الصَّامِت ابْن عَم أبي هُرَيْرَة، أخبرهُ أَنه سمع أَبَا هُرَيْرَة، فَذكره. وَهَذَا لايصح؛ لِأَن عبد الرَّحْمَن بن الصَّامِت مَجْهُول، وَعبد الرَّزَّاق، هُوَ الَّذِي يَقُول فِيهِ: عَن ابْن جريج، عَن أبي الزبير، عَن عبد الرَّحْمَن بن الصَّامِت. وَقَالَ فِيهِ حَمَّاد بن سَلمَة: عبد الرَّحْمَن بن الهضهاض، قَالَ البُخَارِيّ: وَابْن الصَّامِت، لَا أرَاهُ مَحْفُوظًا، قَالَ: وَحَدِيثه فِي أهل الْحجاز، وَلَيْسَ يعرف إِلَّا بِهَذَا الْوَاحِد. وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم: ابْن هضهاض أصح. (2093) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا عَن نعيم بن هزال، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لماعز حِين اعْترف " إِنَّك قلتهَا أَربع مَرَّات، فبمن؟ قَالَ: بفلانة ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 525 وَسكت عَنهُ، وَلم يقل فِيهِ: إِنَّه من رِوَايَة هِشَام بن سعد، عَن يزِيد بن نعيم بن هزال، عَن أَبِيه عَن [جده] ، وَقد ذكر قبله بِيَسِير حَدِيث: " فَهَلا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 526 تَرَكْتُمُوهُ " - وَهُوَ كُله حَدِيث وَاحِد، وَهَذِه قِطْعَة أُخْرَى مِنْهُ - فَقَالَ: " لَيْسَ إِسْنَاد هَذَا بِالْقَوِيّ؛ لِأَنَّهُ من حَدِيث هِشَام بن سعد، عَن يزِيد بن نعيم بن هزال، عَن أَبِيه عَن [جده] . وَأَقل مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي هَذِه الْقطعَة أَن يبين من رِوَايَة من هِيَ، ويعتمد من تضعيفهم على مَا قدم فيهم. وَالْخَبَر بنصه هُوَ هَذَا،: قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الْأَنْبَارِي، حَدثنَا وَكِيع، عَن هِشَام بن سعد، قَالَ: أَخْبرنِي يزِيد بن نعيم بن هزال، عَن أَبِيه، قَالَ: كَانَ مَاعِز بن مَالك يَتِيما فِي حجر أبي، فَأصَاب جَارِيَة من الْحَيّ، فَقَالَ لَهُ أبي: ائْتِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأخْبرهُ بِمَا صنعت لَعَلَّه يسْتَغْفر لَك، وَإِنَّمَا يُرِيد بذلك رَجَاء أَن يكون لَهُ مخرج، فَأَتَاهُ، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِنِّي زَنَيْت فأقم عَليّ كتاب الله، فَأَعْرض عَنهُ، فَعَاد فَأَعْرض عَنهُ، فَعَاد فَأَعْرض عَنهُ، فَعَاد فَأَعْرض عَنهُ، حَتَّى قَالَهَا أَربع مَرَّات، قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنَّك قد قلتهَا أَربع مَرَّات، فبمن؟ قَالَ: بفلانة، قَالَ ضاجعتها؟ قَالَ: نعم، قَالَ: هَل باشرتها؟ قَالَ: نعم، قَالَ: هَل جامعتها؟ قَالَ: نعم، قَالَ: يرْجم، فَأخْرج بِهِ إِلَى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 527 الْحرَّة، فَلَمَّا رجم فَوجدَ مس الْحِجَارَة جزع، فَخرج يشْتَد، فَلَقِيَهُ عبد الله بن أنيس وَقد أعجز أَصْحَابه، فَنزع لَهُ بوظيف بعير فَرَمَاهُ بِهِ فَقتله، ثمَّ أُتِي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكر ذَلِك لَهُ، فَقَالَ: هلا تَرَكْتُمُوهُ لَعَلَّه فيتوب الله عَلَيْهِ ". اختصرت فِيهِ عودة أَربع مَرَّات هَكَذَا، واعتمدت سِيَاق لَفظه فِيمَا سوى ذَلِك. وَلم يضعف الحَدِيث إِلَّا بِهِشَام بن سعد، وَقد تقدم ذكره فِي هَذَا الْبَاب بشرح مَاله فِيهِ. فَأَما يزِيد بن نعيم بن هزال، فمدني تَابِعِيّ ثِقَة، قَالَه الْكُوفِي. وَقد سَاق أَبُو مُحَمَّد بعد هَذَا مَا يدل على أَنه ثِقَة؛ وَذَلِكَ أَنه سَاق من عِنْد أبي دَاوُد، عَن يزِيد بن نعيم الْمَذْكُور، عَن أَبِيه نعيم بن هزال قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لهزال: (2094) " لَو سترته بثوبك لَكَانَ خيرا لَك ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 528 وَسكت عَنهُ مصححا لَهُ، وَهُوَ يرويهِ عَن يزِيد بن نعيم، زيد بن أسلم. ثمَّ عَاد إِلَى مثل عمله فَقَالَ: وَفِي طَرِيق آخر أَن هزالًا أَمر ماعزا أَن يَأْتِي نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَسكت أَيْضا عَن ذَلِك، هِيَ قِطْعَة من الْخَبَر الْمَذْكُور. (2095) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن جَابر حَدِيث " الَّذِي اعْترف بِأَنَّهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 529 زنى بِامْرَأَة فجلد، ثمَّ أخبر أَنه مُحصن فرجم ". وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن جريج، عَن أبي الزبير، عَن جَابر، من غير تحديث وَلَا ذكر سَماع. (2096) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تقطع يَد السَّارِق فِيمَا دون الْمِجَن ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 530 وَسكت عَنهُ، وَهُوَ من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق، عَن يزِيد بن أبي حبيب أَن بكير ابْن عبد الله بن الْأَشَج، حَدثهُ أَن سُلَيْمَان بن يسَار حَدثهُ، أَن عمْرَة حدثته عَنْهَا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 531 (2097) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا عَن ابْن عمر وَنَفر من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالُوا: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من شرب الْخمر فاجلدوه " الحَدِيث. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 532 وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث عِنْد النَّسَائِيّ هَكَذَا: أخبرنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، أخبرنَا جرير، عَن الْمُغيرَة، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي نعم، عَن ابْن عمر وَنَفر من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَذكره. عبد الرَّحْمَن بن أبي نعم، أَبُو الحكم البَجلِيّ الْكُوفِي، سمع أَبَا هُرَيْرَة، وَأَبا سعيد، وَرَافِع بن خديج، والمغيرة بن شُعْبَة، وَابْن عمر، روى عَنهُ زُرَارَة ابْن أوفى، وفضيل بن غَزوَان، قَالَه أَبُو حَاتِم، وَذكر لَهُ عبَادَة وفضلا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 533 (2098) وَقَالَ أَبُو بكر بن أبي خَيْثَمَة: سُئِلَ يحيى بن معِين عَن حَدِيث الجزء: 4 ¦ الصفحة: 538 يزِيد بن أبي زِيَاد، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي نعم، عَن أبي سعيد عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، قَالَ: " الْحسن وَالْحُسَيْن سيدا شباب أهل الْجنَّة ". فَقَالَ: ابْن أبي نعم ضَعِيف. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 539 (2099) وَذكر أَنه قد صَحَّ من حَدِيث عَائِشَة قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " ولد الرجل من كَسبه، من أطيب كَسبه، فَكُلُوا من أَمْوَالهم ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 544 ذكره أَبُو دَاوُد. كَذَا قَالَ: إِنَّه صَحَّ، وَكرر ذكره أَيْضا فِي أَحَادِيث الزّهْد والورع وَسكت عَنهُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 545 وَهَذَا الحَدِيث، هُوَ عِنْد أبي دَاوُد من حَدِيث عمَارَة بن عُمَيْر وَاخْتلف عَلَيْهِ: فَقَالَ إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ: عَن عمَارَة بن عُمَيْر، عَن عمته أَنَّهَا سَأَلت عَائِشَة فَقَالَت: " فِي حجري يَتِيم، أَفَآكُل من مَاله؟ قَالَت: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن من أطيب مَا أكل الرجل " الحَدِيث. وَقَالَ الحكم: عَن عمَارَة بن عُمَيْر، عَن أمه، عَن عَائِشَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَذكرت الحَدِيث. وكلتاهما لَا تعرف - أَعنِي أمه وَعَمَّته -. (2100) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد فِي حَدِيث المختصمين فِي الأَرْض الجزء: 4 ¦ الصفحة: 546 زِيَادَة: " إِنَّه فَاجر، لَيْسَ يتورع من شَيْء، قَالَ: لَيْسَ لَك مِنْهُ إِلَّا ذَلِك ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ من رِوَايَة سماك بن حَرْب عَن عَلْقَمَة بن وَائِل، عَن أَبِيه. وَقد تقدم ذكر سماك فِي هَذَا الْبَاب. (2101) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا عَن خريم بن فاتك قَالَ: " صلى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 547 رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَلَاة الصُّبْح، فَلَمَّا انْصَرف قَامَ قَائِما فَقَالَ: عدلت شَهَادَة الزُّور بالشرك ". الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح؛ فَإِنَّهُ عِنْده من رِوَايَة سُفْيَان بن زِيَاد الْعُصْفُرِي، عَن أَبِيه، عَن حبيب بن النُّعْمَان الْأَسدي، عَن خريم. وحبِيب لَا يعرف بِغَيْر هَذَا، وَلَا تعرف حَاله، وَزِيَاد الْعُصْفُرِي مَجْهُول، فَأَما ابْنه سُفْيَان فَثِقَة. (2102) وَذكر من طَرِيق الطَّحَاوِيّ عَن عبد الله بن مَسْعُود، عَن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 548 النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " بَين يَدي السَّاعَة تَسْلِيم الْخَاصَّة، وفشو التِّجَارَة ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث إِنَّمَا يرويهِ الطَّحَاوِيّ هَكَذَا: حَدثنَا فَهد بن سُلَيْمَان، حَدثنَا أَبُو نعيم، حَدثنَا بشير بن سلمَان، حَدثنِي سيار أَبُو الحكم، عَن طَارق قَالَ: كُنَّا عِنْد عبد الله بن مَسْعُود، فروى عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " بَين يَدي السَّاعَة تَسْلِيم الْخَاصَّة، وفشو التِّجَارَة حَتَّى تعين الْمَرْأَة زَوجهَا على التِّجَارَة، وَقطع الْأَرْحَام، وَظُهُور شَهَادَة الزُّور، وكتمان شَهَادَة الْحق ". هَذَا نَص الْخَبَر، وَفِيه كَمَا ترى سيار أَبُو الحكم، وأبى نَاس من الْمُحدثين إِلَّا أَن يكون سيارا أَبَا حَمْزَة - أَعنِي هَذَا الَّذِي يروي عَن طَارق بن شهَاب، وروى عَنهُ بشير بن سلمَان - وخطؤوا البُخَارِيّ فِي أَن جعل الَّذِي يروي عَن طَارق، وروى عَنهُ بشير بن سلمَان أَبَا الحكم، وَتَبعهُ على الْخَطَأ أَبُو مُحَمَّد بن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 549 أبي حَاتِم، وَعزا ذَلِك إِلَى أَبِيه، وَهُوَ كَمَا ترى قَول أبي نعيم. وَمِمَّنْ ذهب إِلَى تخطئتهم فِي ذَلِك، وَتَصْحِيح أَنه سيار أَبُو حَمْزَة لَا أَبُو الحكم - أَبُو مُحَمَّد عبد الْحق نَفسه فِي كِتَابه الْكَبِير إِثْر هَذَا الحَدِيث. وسيار أَبُو الحكم ثِقَة، وسيار أَبُو حَمْزَة لَا يعرف. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 550 (2103) وَقد جرى هَذَا أَيْضا فِي حَدِيث: " من أَصَابَته فاقة فأنزلها بِالنَّاسِ " الحَدِيث. ذكره أَبُو دَاوُد بِهَذَا الْإِسْنَاد. (2104) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن عَائِشَة " أَنه اعتل لصفية بنت الجزء: 4 ¦ الصفحة: 551 حييّ بعير، وَعند زَيْنَب فضل ظهر، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِزَيْنَب: أعطيها بَعِيرًا، فَقَالَت: أَنا أعطي تِلْكَ الْيَهُودِيَّة. فَغَضب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فهجرها ذَا الْحجَّة، وَالْمحرم، وَبَعض صفر ". وَسكت عَنهُ وَهُوَ لَا يَصح؛ فَإِن رِوَايَته عَن عَائِشَة لَا تعرف، وَهِي امْرَأَة اسْمهَا سميَّة. (2105) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن عَليّ قَالَ: " خرج عَبْدَانِ إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم الْحُدَيْبِيَة قبل الصُّلْح " الحَدِيث. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 552 وَسكت عَنهُ،، [وَهُوَ] عِنْد أبي دَاوُد من رِوَايَة مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن أبان بن صَالح، عَن مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر، عَن ربعي بن حِرَاش، عَن عَليّ. فَذكره، وَلم يبين ذَلِك. (2106) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ، عَن ابْن عمر، وَجَابِر بن عبد الله، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 553 أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من أعتق عبدا وَله فِيهِ شُرَكَاء، وَله وَفَاء فَهُوَ حر، وَيضمن نصيب شركائه لما أَسَاءَ من مشاركتهم ". كَذَا سكت عَنهُ أَيْضا، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة سُلَيْمَان بن مُوسَى. قَالَ النَّسَائِيّ: أَخْبرنِي عَمْرو بن عُثْمَان، عَن الْوَلِيد، عَن حَفْص - وَهُوَ ابْن غيلَان - عَن سُلَيْمَان بن مُوسَى، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، وَعَن عَطاء، عَن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 554 جَابر أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ، فَذكره. وَسليمَان بن مُوسَى عِنْده مَقْبُول الرِّوَايَة، عمل بذلك فِي أَحَادِيث من رِوَايَته. (2107) مِنْهَا حَدِيث: " إِذا طلع الْفجْر فقد ذهب كل صَلَاة اللَّيْل وَالْوتر، فأوتروا قبل طُلُوع الْفجْر ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 555 (2108) وَحَدِيث: " [ابْن آدم] صل أَربع رَكْعَات [فِي] أول النَّهَار أكفك آخِره ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 556 (2109) وَحَدِيث: " من قَاتل فِي سَبِيل الله فوَاق نَاقَة ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 557 (2110) وَحَدِيث: " أَيَّام التَّشْرِيق كلهَا ذبح ". كل هَذِه سكت عَنْهَا، وَلم يبين أَنَّهَا من رِوَايَته. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 559 (2111) وَلما ذكر حَدِيث: " أَيّمَا امْرَأَة نكحت بِغَيْر إِذن وَليهَا؛ فنكاحها الجزء: 4 ¦ الصفحة: 561 بَاطِل ". استوعب فِي ذكره إِيَّاه بِمَا لَهُم فِيهِ. وَأورد أَيْضا أَحَادِيث أبرز أَنَّهَا من رِوَايَته. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 562 (2112) كَحَدِيث: " رد شَهَادَة الخائن والخائنة " هُوَ من رِوَايَته عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده، وَلم يعرض لَهُ بِشَيْء. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 572 (2113) وَذكر أَيْضا حَدِيث: " من قتل [مُؤمنا] مُتَعَمدا، دفع إِلَى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 573 أَوْلِيَاء الْمَقْتُول ". هُوَ أَيْضا بِهَذَا الْإِسْنَاد، إِلَّا أَنه حسنه، وَلم يُصَحِّحهُ. (2114) وَلما ذكر حَدِيث ابْن عمر فِي " وَضعه أصبعيه فِي أُذُنَيْهِ عِنْد سَماع المزمار ". لم يبين أَنه من رِوَايَة سُلَيْمَان بن مُوسَى، وَأتبعهُ أَن قَالَ: قَالَ أَبُو دَاوُد: هَذَا حَدِيث مُنكر. وَهَذَا كالمس لِسُلَيْمَان؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث من ينظر فِيهِ سواهُ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي رمي بِهِ سُلَيْمَان بن مُوسَى، قَالَ فِيهِ البُخَارِيّ: مُنكر الجزء: 4 ¦ الصفحة: 574 الحَدِيث لَا أروي عَنهُ شَيْئا، روى أَحَادِيث مَنَاكِير. (2115) [وَذكر حَدِيثه] عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا طلع الْفجْر فقد ذهب كل صَلَاة اللَّيْل، وَالْوتر، فأوتروا قبل الْفجْر ". (2116) وَحَدِيثه عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أفشوا السَّلَام، وأطعموا الطَّعَام، [وَكُونُوا إخْوَانًا كَمَا أَمركُم الله] ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 575 (2117) وروى عَن الزُّهْرِيّ، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. " أَيّمَا امْرَأَة نكحت بِغَيْر إِذن وَليهَا ". هَذَا مَا ذكر التِّرْمِذِيّ عَن البُخَارِيّ فِي كتاب الْعِلَل، حِين ذكر من رِوَايَته حَدِيث: (2118) " تنفيل الرّبع فِي الْبدَاءَة ". [ثمَّ قَالَ التِّرْمِذِيّ: هُوَ ثِقَة عِنْد أهل الحَدِيث، لَا أعلم أحدا من أهل الْعلم من الْمُتَقَدِّمين تكلم فِيهِ] . انْتهى كَلَامه. وَالْمَقْصُود - الْآن - أَن الْأَحَادِيث من رِوَايَته لَا يَنْبَغِي أَن تصحح على مصطلحهم، إِنَّمَا هِيَ حسان من أَجله. (2119) وَذكر من طَرِيق قَاسم بن أصبغ حَدِيث ابْن عَبَّاس فِي أَن " مَارِيَة أعْتقهَا وَلَدهَا ". وَقد تقدم ذكر هَذَا الحَدِيث بِمَا فِيهِ فِي بَاب نِسْبَة الْأَحَادِيث إِلَى غير رواتها. (2120) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار حَدِيث سلمَان الَّذِي فِيهِ: " كَاتب يَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 577 سلمَان ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 578 وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا هُوَ من رِوَايَة بن إِسْحَاق، عَن عَاصِم بن عمر بن قَتَادَة، عَن مَحْمُود بن لبيد، عَن عبد الله بن عَبَّاس. فَذكره. (2121) وَذكر حَدِيث أَسمَاء بنت أبي بكر الصّديق - رَضِي الله عَنهُ - فِي ضرب أبي بكر غُلَامه حِين أضلّ رَاحِلَته وَهُوَ محرم، وَالنَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " انْظُرُوا إِلَى هَذَا الْمحرم مَا يصنع ". وَسكت عَنهُ، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق. (2122) وَذكر من طَرِيق ابْن أبي شيبَة، عَن ابْن عمر، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 579 " الْيَمين حنث أَو نَدم ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث يرويهِ ابْن أبي شيبَة، عَن أبي مُعَاوِيَة، عَن بشار ابْن كدام السّلمِيّ، عَن مُحَمَّد بن زيد، عَن ابْن عمر. وبشار هَذَا لَا تعرف لَهُ حَال وَإِن كَانَ قد روى عَنهُ وَكِيع، وَأَبُو نعيم، وَيزِيد بن عبد الْعَزِيز بن سياه. (2123) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن عبد الله بن أنيس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 580 قَالَ: " إِن من أكبر الْكَبَائِر الشّرك بِاللَّه، وعقوق الْوَالِدين، وَالْيَمِين الْغمُوس " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث يرويهِ التِّرْمِذِيّ هَكَذَا: حَدثنَا عبد بن حميد، حَدثنَا يُونُس بن مُحَمَّد، حَدثنَا اللَّيْث بن سعد، عَن هِشَام بن سعد، عَن مُحَمَّد بن زيد بن المُهَاجر بن قنفذ التَّيْمِيّ، عَن أبي أُمَامَة الْأنْصَارِيّ، عَن عبد الله بن أنيس. وَأَبُو أُمَامَة هَذَا قد روى عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَلَا يعرف اسْمه. وَهِشَام بن سعد قد تقدم فِي هَذَا الْبَاب مَا لَهُ فِيهِ. (2124) وَذكر من طَرِيق مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 581 " إِن النّذر لَا يقرب من ابْن آدم شَيْئا لم يكن الله قدره لَهُ " الحَدِيث. وَلم يبين أَنه من رِوَايَة عَمْرو بن أبي عَمْرو، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة. (2125) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن ابْن عَبَّاس فِي الَّذِي نذرت أُخْته أَن تحج مَاشِيَة، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الله لَا يصنع بشقاء أختك شَيْئا ". وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا يرويهِ شريك، عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن مولى آل طَلْحَة، عَن كريب، عَن ابْن عَبَّاس. وَقد تقدم ذكر شريك فِي أول بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي [أعلها] وَلم يبين عللها. (2126) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ وَأبي دَاوُد، حَدِيث الَّتِي نذرت أَن تحج مَاشِيَة، وَهِي أُخْت عقبَة بن عَامر، قَالَ فِيهِ: " ولتصم ثَلَاثَة أَيَّام "، وَلم يذكر الْهَدْي كَمَا ذكره فِي حَدِيث الطَّحَاوِيّ الَّذِي قبله. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 582 وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث إِنَّمَا يرويهِ عِنْدهمَا عبيد الله بن زحر، عَن أبي سعيد الرعيني، عَن عبد الله بن مَالك، عَن عقبَة بن عَامر. وَعبد الله بن مَالك، وَأَبُو سعيد الرعيني مَجْهُولَانِ، وَعبيد الله بن زحر مُخْتَلف فِيهِ. (2127) وَذكر فِي الْحُدُود حَدِيث أبي بكرَة: " أَن الزَّمَان قد اسْتَدَارَ " من عِنْد مُسلم. وَلم يبال كَونه من رِوَايَة عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ، وَهُوَ مِمَّن اخْتَلَط. وَرَوَاهُ عَنهُ أَبُو بكر بن أبي شيبَة، وَيحيى بن حبيب الْحَارِثِيّ، قَالَ ابْن معِين: اخْتَلَط بِآخِرهِ. وَقَالَ عَمْرو بن عَليّ: قبل مَوته بِسنتَيْنِ أَو ثَلَاث، سمعته يَقُول: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن ثَوْبَان - باختلاط شَدِيد. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 583 (2128) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن ابْن عَبَّاس " أَن رجلا من بني بكر، أَتَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَأقر أَنه زنى بِامْرَأَة أَربع مَرَّات، فجلده مائَة، وَكَانَ بكرا، ثمَّ سَأَلَهُ الْبَيِّنَة على الْمَرْأَة ". الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث يرويهِ أَبُو دَاوُد هَكَذَا: حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى ابْن فَارس، قَالَ: حَدثنَا مُوسَى بن هَارُون البردي، قَالَ: حَدثنَا هِشَام بن يُوسُف، عَن الْقَاسِم بن فياض، الأبناوي، عَن خَلاد بن عبد الرَّحْمَن، عَن ابْن الْمسيب، عَن ابْن عَبَّاس. وخلاد ثِقَة، وَالقَاسِم بن فياض ضَعِيف، قَالَه ابْن معِين. وَقَالَ أَبُو حَاتِم البستي: ينْفَرد بِالْمَنَاكِيرِ. ومُوسَى بن هَارُون البردي، لَا بَأْس بِهِ، قَالَه أَبُو زرْعَة. وَقَالَ النَّسَائِيّ فِي هَذَا الحَدِيث: إِنَّه حَدِيث مُنكر. (2129) وَذكر أَبُو مُحَمَّد بعده حَدِيث سهل بن سعد فِي ذَلِك، ثمَّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 584 قَالَ: إِسْنَاد [حَدِيث] سهل أحسن من إِسْنَاد الَّذِي قبله. فقد يظْهر من هَذَا أَنه لَيْسَ عِنْده بِصَحِيح، فَلَا يكون من هَذَا الْبَاب. (2130) وَذكر حَدِيث عَائِشَة: " لما نزل عذرها أَمر بِالرجلَيْنِ وَالْمَرْأَة فَضربُوا حَدهمْ ". وَسكت عَنهُ، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق، ذكره من عِنْد أبي دَاوُد. (2131) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن أم كرز، سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 585 يَقُول: " أقرُّوا الطير على مكناتها ". وَسكت عَنهُ، وَأرَاهُ غره تَصْحِيح التِّرْمِذِيّ إِيَّاه، وَالتِّرْمِذِيّ إِنَّمَا صَححهُ من طَرِيق آخر، وَذَلِكَ أَن أَبَا دَاوُد أوردهُ هَكَذَا: حَدثنَا مُسَدّد، حَدثنَا سُفْيَان، عَن عبيد الله بن أبي يزِيد، عَن أَبِيه، عَن سِبَاع بن ثَابت، عَن أم كرز قَالَت: سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " أقرُّوا الطير فِي مكناتها "، قَالَت: وسمعته يَقُول: " عَن الْغُلَام شَاتَان، وَعَن الْجَارِيَة شَاة، وَلَا يضركم ذكرانا كن أم إِنَاثًا ". هَذِه رِوَايَة سُفْيَان بن عُيَيْنَة، وَهِي مَعْرُوفَة بِزِيَادَة وَاحِد بَين عبيد الله بن أبي يزِيد وسباع بن ثَابت، وَهُوَ أَبُو يزِيد وَالِد عبيد الله، وَهُوَ لَا تعرف لَهُ حَال، وَلَا يعرف روى عَنهُ غير ابْنه. وَيزِيد، من غير مزِيد، ذكره ابْن أبي حَاتِم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 586 فَهَذِهِ عِلّة حَدِيث أبي دَاوُد، وَقد زعم أَبُو دَاوُد أَن ابْن عُيَيْنَة وهم فِيهِ، وَعلة أُخْرَى، وَذَلِكَ أَن مَا بَين سِبَاع بن ثَابت وَأم كرز مُنْقَطع. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 587 يتَبَيَّن ذَلِك من حَدِيث التِّرْمِذِيّ، قَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا الْحسن بن عَليّ، حَدثنَا عبد الرَّزَّاق، عَن ابْن جريج، أَخْبرنِي عبيد الله بن أبي يزِيد، عَن سِبَاع ابْن ثَابت، أَن مُحَمَّد بن ثَابت بن سِبَاع، أخبرهُ، أَن أم كرز أخْبرته أَنَّهَا سَأَلت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الْعَقِيقَة، فَقَالَ: " عَن الْغُلَام شَاتَان، وَعَن الْأُنْثَى شَاة، لَا يضركم أذكرانا كن أم إِنَاثًا ". قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح. كَذَا ذكره، وَلم يذكر فِيهِ: " أقرُّوا الطير على مكناتها ". فَهُوَ - كَمَا ترى - يُورث شكا فِي سَماع سِبَاع بن ثَابت من أم كرز بِمَا زَاد من مُحَمَّد بن ثَابت بن سِبَاع، وَقد ذكر أَبُو مُحَمَّد - بعد هَذَا - فِي الْعَقِيقَة حَدِيث أم كرز: " عَن الْغُلَام شَاتَان ". من رِوَايَة حَمَّاد بن زيد، عَن عبيد الله بن أبي يزِيد، عَن سِبَاع بن ثَابت، عَن أم كرز. وَسكت عَنهُ أَيْضا، مصححا لَهُ. وَتبين عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ أَن ذَلِك هُوَ الصَّوَاب، وَأَن عبيد الله سمع من سِبَاع، وَأَن سِبَاع سمع من أم كرز. فتجيء رِوَايَة ابْن عُيَيْنَة - بِإِدْخَال أبي يزِيد وَالِد عبيد الله بَين عبيد الله وَبَين سِبَاع ابْن ثَابت - وهما. وَكَذَلِكَ رِوَايَة عبد الرَّزَّاق - بِإِدْخَال مُحَمَّد بن ثَابت بن سِبَاع، بَين سِبَاع الجزء: 4 ¦ الصفحة: 588 وَأم كرز - خَالف فِيهَا عبد الرَّزَّاق أَصْحَاب ابْن جريج الْحفاظ، وَأَن الصَّوَاب: " عَن سِبَاع بن ثَابت، ابْن عَم مُحَمَّد بن ثَابت، عَن أم كرز ". قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا أَبُو بكر النَّيْسَابُورِي، قَالَ: حَدثنَا يزِيد بن سِنَان، حَدثنَا مُحَمَّد بن بكر البرْسَانِي، أخبرنَا ابْن جريج، أَخْبرنِي عبيد الله بن أبي يزِيد، أَن سِبَاع بن ثَابت، ابْن عَم مُحَمَّد بن ثَابت، أخبرهُ أَن أم كرز، أخْبرته، أَنَّهَا سَأَلت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الْعَقِيقَة، فَقَالَ: " يعق عَن الْغُلَام شَاتَان، وَعَن الْجَارِيَة وَاحِدَة، وَلَا يضركم ذكرانا كن أم إِنَاثًا ". وَقد حصل الْمَقْصُود، وَهُوَ أَن الرِّوَايَة الَّتِي سَاق أَبُو مُحَمَّد، الَّتِي فِيهَا أَبُو يزِيد وَالِد عبيد الله بن أبي يزِيد الْمَذْكُور [خطأ] ، وَيبقى النّظر فِي أَن عبيد الله ابْن أبي يزِيد، هَل سمع من سِبَاع بن ثَابت من غير توَسط أَبِيه - حسب مَا ذكر الدَّارَقُطْنِيّ فِي حَدِيثه هَذَا - أم لَا؟ وَلَا بعد فِي أَن يكون سَمعه مِنْهُ، بِدَلِيل قَوْله: إِنَّه أخبرهُ، وسَمعه من أَبِيه عَنهُ، فَحدث بِهِ على الْوَجْهَيْنِ، وَالله أعلم. (2132) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ، عَن عبد الله بن عَمْرو بن العَاصِي، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 589 يرفعهُ، قَالَ: " من قتل عصفورا فَمَا فَوْقهَا بِغَيْر حَقّهَا، سَأَلَهُ الله عز وَجل عَنْهَا يَوْم الْقِيَامَة. قيل: يَا رَسُول الله، وَمَا حَقّهَا؟ " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا يرويهِ سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن صُهَيْب مولى بني عَامر، عَن عبيد الله بن عَمْرو. وصهيب هَذَا، هُوَ الْحذاء مولى عبد الله بن عَامر، لَا تعرف لَهُ حَال، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 590 وَلَا راو عَنهُ إِلَّا عَمْرو بن دِينَار. (2133) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن ابْن عَبَّاس، وَأبي هُرَيْرَة، قَالَا: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن شريطة الشَّيْطَان " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا يرويهِ معمر، عَن عَمْرو بن عبد الله، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، وَأبي هُرَيْرَة. وَعَمْرو بن عبد الله هَذَا، هُوَ عَمْرو برق، وأظن أَن أَبَا مُحَمَّد عمل فِيهِ [مَا يعْمل] فِي هَؤُلَاءِ المساتير أَن يسكت عَن أَحَادِيثهم إِذا وجد أحدهم قد روى عَنهُ أَكثر من وَاحِد، واعتقد أَنه مِنْهُم، بإهمال أبي مُحَمَّد بن أبي حَاتِم إِيَّاه من ذكر الْجرْح وَالتَّعْدِيل، بل ذكر أَن أَيُّوب لم يُنكر على معمر مَا عرض عَلَيْهِ من حَدِيثه عَن عِكْرِمَة. وَقَالَ معمر: لم أره حمل إِلَّا مَا حمل الْفُقَهَاء. وحقق مَا ظَنَنْت من ذَلِك عمله فِي كِتَابه الْكَبِير؛ فَإِنَّهُ لما ذكر هَذَا الحَدِيث، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 591 ذكر فِيهِ هَذَا الَّذِي ذكره بِهِ ابْن أبي حَاتِم من غير مزِيد. وَالرجل لم تثبت عَدَالَته، بل رُبمَا توهمت جرحته، وَذَلِكَ أَن ابْن معِين ذكر فِي رِوَايَة الدوري عَنهُ، أَن عِكْرِمَة كَانَ نزل على عبد الله الأسوار، وَالِد عَمْرو الْمَذْكُور - يَعْنِي بِصَنْعَاء - قَالَ: فَيُقَال: إِنَّه أَمر ابْنه عَمْرو بِالْأَخْذِ عَنهُ، وَقَالَ لعكرمة: تعاهده، فَكَانَ عِكْرِمَة يَقُول: اطلبوه، فَكَانُوا يجيئونه بِهِ، وَكَانَ يشرب، وَكَانَ يَقُول لَهُ: لَعَلَّك مِمَّن تَقول: % (اصبب على كبدك من بردهَا % إِنِّي أرى النَّاس يموتونا) % قَالَ عَبَّاس الدوري: قلت ليحيى: " يموجونا "، قَالَ: لَا " يموتونا ". زَاد أَبُو أَحْمد بن عدي فِي هَذَا: فَيقوم وَهُوَ سَكرَان. وَقَالَ أُميَّة بن شبْل: إِنَّه عدا على كتاب لعكرمة فنسخه، ثمَّ جعل يسْأَل عِكْرِمَة، فَعلم أَنه كتبه من كتبه، وَقَالَ: علمت أَن عقلك لَا يبلغ هَذَا. وَحكى أَبُو سعيد بن الْأَعرَابِي عَن أبي دَاوُد أَنه قَالَ: كَانَ معمر إِذا حدث أهل الْبَصْرَة، قَالَ: عَمْرو بن عبد الله، وَإِذا حدث أهل الْيمن، كَانَ لَا يُسَمِّيه؛ وَذَلِكَ أَنه صنعاني من أهل الْيمن، فَكَانَ لَا يُسَمِّيه لأهل بَلَده، وَهَذَا نوع من أَنْوَاع التَّدْلِيس قَبِيح. وَذكر أَبُو أَحْمد، عَن هِشَام بن يُوسُف القَاضِي أَنه قَالَ فِيهِ: لَيْسَ بِثِقَة، وَذكر مِمَّا يُنكر عَلَيْهِ هَذَا الحَدِيث. قَالَ: وَله أَحَادِيث غير هَذَا، وَأَحَادِيثه لَا يُتَابِعه الثِّقَات عَلَيْهَا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 592 (2134) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ عَن جُبَير بن مطعم، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَيَّام التَّشْرِيق كلهَا ذبح ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ من رِوَايَة سُلَيْمَان بن مُوسَى، وَقد تقدم فِي هَذَا الْبَاب. (2135) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن أبي رَافع قَالَ: " رَأَيْت الجزء: 4 ¦ الصفحة: 593 رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أذن فِي أذن الْحسن بن عَليّ حِين وَلدته فَاطِمَة بِالصَّلَاةِ. وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا يرويهِ عِنْده عَاصِم بن عبيد الله، عَن عبيد الله بن أبي رَافع، عَن أبي رَافع. وَعَاصِم، هُوَ الْعمريّ، ضَعِيف الحَدِيث، منكره، مضطربه. (2136) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، أَنه كَانَ يَقُول فِي دُعَاء ذكره: " اللَّهُمَّ إِنِّي إعوذ بك من الْجُوع؛ فَإِنَّهُ بئس الضجيع " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ إِنَّمَا يرويهِ هَكَذَا: حَدثنَا عَمْرو، حَدثنَا جَابر بن إِسْحَاق، حَدثنَا أَبُو معشر، عَن سعيد المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَقُول: " اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الصمم والبكم، وَأَعُوذ بك من المأثم والمغرم، وَأَعُوذ بك من الْغم - يَعْنِي الْغَرق، وَأَعُوذ بك من الْهَرم، وَأَعُوذ بك من الْجُوع؛ فَإِنَّهُ بئس الضجيع، وَأَعُوذ بك من الْخِيَانَة؛ فَإِنَّهَا بئست البطانة ". وَأَبُو معشر يضعف ويوثق، وَقد تقدم فِي هَذَا الْبَاب عمل أبي مُحَمَّد فِيهِ. (2137) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا عَن طَلْحَة بن عبيد الله قَالَ: " تمشى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 594 رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَيْلَة مَعنا وَهُوَ صَائِم، فأجهده الصَّوْم، فحلبنا لَهُ نَاقَة لنا فِي قَعْب، وصببنا لَهُ عَلَيْهِ عسلا، نكرم بِهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عِنْد فطره ". الحَدِيث فِي التَّوَاضُع والاقتصاد. وَسكت عَنهُ، وَأرَاهُ تسَامح فِيهِ، وَهُوَ لَا يَصح. قَالَ الْبَزَّار: حَدثنَا عمرَان بن هَارُون الْبَصْرِيّ - وَكَانَ شَيخا مَسْتُورا، وَكَانَ عِنْده هَذَا الحَدِيث وَحده، وَكَانَ ينزل بِنَاحِيَة الحربية، وَكَانَ النَّاس ينتابونه فِي هَذَا الحَدِيث يسمعونه مِنْهُ - قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْقرشِي، حَدثنَا مُحَمَّد بن طَلْحَة بن يحيى بن طَلْحَة، عَن أَبِيه، عَن جده طَلْحَة بن عبيد الله، فَذكره. قَالَ الْبَزَّار: وَلَا نعلمهُ يرْوى إِلَّا من هَذَا الْوَجْه بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَلم نَسْمَعهُ إِلَّا من عمرَان بن هَارُون، وَكَانُوا يكتبونه عَنهُ قبل أَن يُولد يحيى. انْتهى كَلَام الْبَزَّار. يحيى بن طَلْحَة، وَابْنه طَلْحَة بن يحيى لَا بَأْس بهما. وَأما مُحَمَّد بن طَلْحَة، فَلَا تعرف حَاله. وَعبد الله بن مُحَمَّد الْقرشِي، لَا يعرف من هُوَ. وَعمْرَان بن هَارُون شيخ لَا تعرف حَاله، وَلَيْسَ من أهل الحَدِيث. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 595 (2138) وَذكر من هَذَا النَّوْع حَدِيث: " طَعَام الْبَخِيل دَاء ". وَلم يُنَبه على أَنه من رِوَايَة مِقْدَام بن دَاوُد، ومقدام مُخْتَلف فِيهِ. وَقد ذكرنَا الحَدِيث الْمَذْكُور فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي لم يعزها. (2139) وَذكر أَيْضا حَدِيث " النَّهْي عَن الْجُلُوس بَين الظل وَالشَّمْس ". من طَرِيق أبي أَحْمد، واقتطع إِسْنَاده من عِنْد عبد الله بن مُحَمَّد بن الْمُغيرَة، عَن الثَّوْريّ، عَن ابْن الْمُنْكَدر، عَن جَابر. وَضَعفه بلين عبد الله هَذَا، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة مِقْدَام الْمَذْكُور عَنهُ. وَقد ذكرنَا ذَلِك فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ضعفها بِقوم وَترك أمثالهم لم يذكرهم. (2140) وَذكر من طَرِيق ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 596 " مَا عَال من اقتصد ". وَسكت عَنهُ، وَيَنْبَغِي أَن يُقَال فِيهِ: ضَعِيف؛ فَإِنَّهُ عِنْد ابْن أبي شيبَة، عَن عَفَّان، عَن سكين بن عبد الْعَزِيز، عَن إِبْرَاهِيم الهجري، عَن أبي الْأَحْوَص، عَن عبد الله، فَذكره. وَإِبْرَاهِيم بن مُسلم الهجري يضعف، وَكَانَ يحيى بن سعيد لَا يحدث عَنهُ. وَقَالَ ابْن معِين: لَيْسَ بِشَيْء. وَمِمَّنْ كَانَ يُضعفهُ أَيْضا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، ذكر ذَلِك البُخَارِيّ، عَن عبد الله ابْن مُحَمَّد عَنهُ. وَلَيْسَ هَذَا مناقضا لما روى أَحْمد بن حَنْبَل، عَن عَليّ بن الْمَدِينِيّ، عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة من قَوْله: كَانَ إِبْرَاهِيم الهجري يَسُوق الحَدِيث سِيَاقَة جَيِّدَة، على مَا فِيهِ. فَأَما سكين بن عبد الْعَزِيز الْعَطَّار، فَثِقَة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 597 (2141) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن أنس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَدِيث: " ليتحلق عشرَة عشرَة، وليأكل كل إِنْسَان مِمَّا يَلِيهِ ". وَقَالَ فِيهِ: حسن صَحِيح، وَهُوَ إِنَّمَا يرويهِ جَعْفَر بن سُلَيْمَان الضبعِي، عَن الْجَعْد بن عُثْمَان، عَن أنس، وَهِي قصَّة أبي طَلْحَة فِي الطَّعَام. وَقد تقدم فِي هَذَا الْبَاب التَّنْبِيه على عمله فِي جَعْفَر بن سُلَيْمَان. (2142) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن وَحشِي بن حَرْب، أَن [أَصْحَاب] النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالُوا: " يَا رَسُول الله، إِنَّا نَأْكُل وَلَا نشبع، قَالَ: فلعلكم الجزء: 4 ¦ الصفحة: 598 تَفْتَرِقُونَ، قَالُوا: نعم، قَالَ: فَاجْتمعُوا على طَعَامكُمْ، واذْكُرُوا اسْم الله يُبَارك لكم فِيهِ ". وَسكت عَنهُ، وَأرَاهُ تسَامح فِيهِ، وَلم يَنْبغ لَهُ ذَلِك؛ فَإِنَّهُ حَدِيث حكم من الْأَحْكَام، وَهُوَ لَا يَنْبَغِي أَن يُقَال فِيهِ: صَحِيح؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يرويهِ وَحشِي بن حَرْب ابْن وَحشِي بن حَرْب، عَن أَبِيه حَرْب، عَن جده وَحشِي بن حَرْب الصَّحَابِيّ. فحرب بن وَحشِي، وَابْنه وَحشِي بن حَرْب، لَا تعرف حَالهمَا. وَقد رَأَيْت بعض النَّاس كتب على هَذَا الْموضع من كتاب أبي مُحَمَّد، أَنه خطأ، وَأَنه يسْقط مِنْهُ: " عَن أَبِيه عَن جده ". قَالَ: وَكَذَلِكَ هُوَ فِي كتاب السّنَن، وَالصَّوَاب إثْبَاته. وَهَذَا خطأ مِمَّن كتبه؛ فَإِن أَبَا مُحَمَّد لم يذكر من الْإِسْنَاد وَحشِي بن حَرْب الَّذِي يروي عَن أَبِيه عَن جده، إِنَّمَا ذكر الْجد الَّذِي هُوَ الصَّحَابِيّ، فَقَوله: عَن وَحشِي بن حَرْب، كَمَا يَقُول عَن أبي هُرَيْرَة، وَعَن أنس، وَعَن جَابر، وأبرز اسْمه، وَكَانَ فِي كتاب أبي دَاوُد غير مُسَمّى، لَكِن هَكَذَا: عَن وَحشِي ابْن حَرْب، عَن أَبِيه، عَن جده فأسمى هُوَ الْجد، وَأصَاب فِي ذَلِك. (2143) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 599 " كَانَ إِذا فرغ من طَعَامه قَالَ: الْحَمد لله الَّذِي أطعمنَا، وَسَقَانَا، وَجَعَلنَا مُسلمين ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 600 وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث يرويهِ عِنْد أبي دَاوُد، يحيى بن دِينَار، أَبُو هَاشم الوَاسِطِيّ، الرماني، عَن إِسْمَاعِيل بن ريَاح، عَن أَبِيه، أَو غَيره، عَن أبي سعيد. وَهَذَا غَايَة فِي الضعْف؛ فَإِن إِسْمَاعِيل هَذَا لَا يعرف بِغَيْر هَذَا، وَلَا روى عَنهُ إِلَّا أَبُو هَاشم، فحاله مَجْهُولَة، وَأَبوهُ أَجْهَل مِنْهُ، بل هُوَ لَا يعرف الْبَتَّةَ. هَذَا لَو تحقق أَنه رَاوِي الحَدِيث، فَكيف وَقد شكّ فِي ذَلِك بقوله: " أَو غَيره "؟ ! فَمَا مثل هَذَا صحّح، وَلَا يَنْبَغِي أَن يتَسَامَح فِيهِ فيورد - لِأَنَّهُ لَيْسَ تكليفا - كَمَا يُورد الصَّحِيح من جنسه، فَاعْلَم ذَلِك. (1244) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا عَن قُرَّة بن إِيَاس، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " نهى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 601 عَن أكل هَاتين الشجرتين، وَقَالَ: من أكلهما فَلَا يقربن مَسْجِدنَا. وَقَالَ: إِن كُنْتُم لَا بُد آكليهما فأميتوهما طبخا ". ثمَّ قَالَ: قد صَحَّ إِبَاحَة ذَلِك نيئا، وَقد تقدم فِي الصَّلَاة. انْتهى كَلَامه. وَلَيْسَ هَذَا تضعيفا للْخَبَر الْمَذْكُور؛ فَهُوَ سكُوت عَنهُ، والْحَدِيث يرويهِ عِنْد أبي دَاوُد خَالِد بن ميسرَة الْعَطَّار، عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة، عَن أَبِيه. وخَالِد بَصرِي، وَقد روى عَنهُ جمَاعَة، وَلَكِن لَا تعرف حَاله. (2145) وَذكر من طَرِيقه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " علمت أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 602 كَانَ يَصُوم، فتحينت فطره بنبيذ صَنعته فِي دباء ". الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث يرويهِ زيد بن وَاقد - وَهُوَ ثِقَة - عَن خَالِد بن عبد الله بن حُسَيْن، عَن أبي هُرَيْرَة. وخَالِد بن عبد الله بن حُسَيْن، مولى عُثْمَان بن عَفَّان، روى عَن إِسْمَاعِيل ابْن عبيد الله، وَزيد بن وَاقد، وَمُحَمّد بن عبد الله الشعيتي، وَهُوَ شَامي لَا تعرف حَاله. (2146) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا حَدِيث النُّعْمَان: " إِن الْخمر من الْعصير " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا هُوَ من رِوَايَة الفضيل بن ميسرَة، عَن أبي حريز. وَقد تقدم ذكره فِي هَذَا الْبَاب فِي الْجمع بَين القرينات. (2147) وَذكر من طَرِيق مُسلم عَن جَابر، أَن رجلا قدم من جيشان - وجيشان من الْيمن - فَسَأَلَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن شراب يشربونه بأرضهم من الذّرة، يُقَال لَهُ: المزر. الحَدِيث. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 603 وَسكت عَنهُ، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة عمَارَة بن غزيَّة، عَن أبي الزبير، عَن جَابر مُعَنْعنًا. (2148) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو بن العَاصِي قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْخمر أم الْخَبَائِث ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح؛ فَإِنَّهُ عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ عَن عَليّ بن إشكاب، عَن مُحَمَّد بن ربيعَة، حَدثنَا الحكم بن عبد الرَّحْمَن بن أبي نعم، عَن الْوَلِيد ابْن عبَادَة، قَالَ: سَمِعت عبد الله بن عَمْرو، فَذكره. والوليد هَذَا لَا تعرف لَهُ حَال، بل لم أجد لَهُ ذكرا، وَلما ذكر ابْن أبي حَاتِم الحكم بن عبد الرَّحْمَن بن أبي نعم هَذَا، إِنَّمَا قَالَ: يروي عَن عبَادَة بن الْوَلِيد الجزء: 4 ¦ الصفحة: 604 ابْن عبَادَة. فَإِن كَانَ هَذَا عبَادَة بن الْوَلِيد بن عبَادَة بن الصَّامِت، فَهُوَ ثِقَة، وَلَكِن لَيْسَ هَذَا الْخَبَر عَنهُ، بل هُوَ عَن الْوَلِيد بن عبَادَة، كَمَا فِي نفس الْإِسْنَاد. وَأما الحكم بن عبد الرَّحْمَن بن أبي نعم، فَقَالَ فِيهِ ابْن معِين: ضَعِيف. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: صَالح الحَدِيث. وَمُحَمّد بن ربيعَة، غَالب الظَّن أَنه أَبُو عبد الله الْكلابِي، الرُّؤَاسِي، ابْن عَم وَكِيع، وَهُوَ ثِقَة. (2149) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا، عَن زيد بن خَالِد قَالَ: تلقفت هَذِه الْخطْبَة من فِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بتبوك، سمعته يَقُول: " وَالْخمر جماع الْإِثْم ". كَذَا ذكره، وَسكت عَنهُ أَيْضا، وَهُوَ عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ من رِوَايَة الزبير بن بكار، قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن نَافِع الصَّائِغ، حَدثنِي عبد الله بن مُصعب بن خَالِد بن زيد الْجُهَنِيّ، عَن أَبِيه، عَن جده زيد بن خَالِد فَذكره. مُصعب وَابْنه غير معروفين. وَعبد الله بن نَافِع الصَّائِغ، هُوَ الْفَقِيه، صَاحب نَافِع، وَهُوَ مُخْتَلف فِيهِ. (2150) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن عَائِشَة، قَالَت: سَمِعت الجزء: 4 ¦ الصفحة: 605 رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " كل مُسكر حرَام، وَمَا أسكر مِنْهُ الْفرق، فملء الْكَفّ مِنْهُ حرَام ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَيْسَ بِصَحِيح؛ فَإِنَّهُ من رِوَايَة مهْدي بن مَيْمُون - وَهُوَ ثِقَة - قَالَ: حَدثنَا أَبُو عُثْمَان: عَمْرو بن سَالم الْأنْصَارِيّ، عَن الْقَاسِم، عَن عَائِشَة. وَأَبُو عُثْمَان هَذَا لَا تعرف حَاله وَإِن كَانَ قَاضِيا بمرو، لم أجد ذكره فِي مظان وجوده من مصنفات الرِّجَال الروَاة، وَإِنَّمَا الدَّارَقُطْنِيّ لما ذكر هَذَا الحَدِيث قَالَ: قَالَ أَبُو الْقَاسِم - يَعْنِي الْبَغَوِيّ -: اسْم أبي عُثْمَان، عَمْرو بن سَالم، وَكَانَ قَاضِي أهل مرو، ورى عَنهُ مطرف. (2151) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا عَن دليم بن الهوشع، قلت: يَا رَسُول الله، إِنَّا بِأَرْض بَارِدَة، نعالج فِيهَا عملا شَدِيدا، وَإِنَّا نتَّخذ شرابًا من هَذَا الْقَمْح نتقوى بِهِ على أَعمالنَا وعَلى برد بِلَادنَا، فَقَالَ: " هَل يسكر؟ " قُلْنَا: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 606 نعم. الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا هُوَ من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق، عَن يزِيد بن أبي حبيب، عَن مرْثَد بن عبد الله الْيَزنِي، عَنهُ. (2152) وَذكر من طَرِيق مُسلم عَن أم سَلمَة حَدِيث: " من شرب فِي إِنَاء من ذهب أَو فضَّة، فَإِنَّمَا يجر جر فِي بَطْنه نَار جَهَنَّم ". ثمَّ قَالَ: زَاد الدَّارَقُطْنِيّ: " أَو إِنَاء فِيهِ شَيْء من ذَلِك " أخرجه من حَدِيث ابْن عمر عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَسكت عَن هَذِه الزِّيَادَة. وَحَدِيث ابْن عمر هَذَا لَا يَصح، وَإِسْنَاده عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ هُوَ هَذَا: حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد بن إِسْحَاق الفاكهي، حَدثنَا أَبُو يحيى بن أبي ميسرَة، حَدثنَا يحيى بن مُحَمَّد الْجَارِي، حَدثنَا زَكَرِيَّاء بن إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن مُطِيع، عَن أَبِيه، عَن عبد الله بن عمر، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من شرب فِي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 607 إِنَاء من ذهب أَو فضَّة، أَو إِنَاء فِيهِ شَيْء من ذَلِك؛ فَإِنَّمَا يجرجر فِي بَطْنه نَار جَهَنَّم ". يحيى بن مُحَمَّد الْجَارِي ثِقَة مدنِي، قَالَه الْكُوفِي. فَأَما زَكَرِيَّاء وَأَبوهُ فَلَا تعرف لَهما حَال. (2153) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أهْدى الْمُقَوْقس إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قدح قَوَارِير، فَكَانَ يشرب فِيهِ. ثمَّ قَالَ: هَذَا يرْوى مُنْقَطِعًا، وَوَصله منْدَل بن عَليّ، وَكَانَ لَا بَأْس بِهِ عِنْد بَعضهم. انْتهى كَلَامه. فَهُوَ - بِهِ - شبه الْمُصَحح لَهُ. وَهُوَ من رِوَايَة منْدَل، عَن ابْن إِسْحَاق، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عبيد الله بن عبد الله، عَن ابْن عَبَّاس. وَلم يبين أَبُو مُحَمَّد أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق. (2154) وَذكر من طَرِيق مُسلم عَن جَابر، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تُرْسِلُوا فَوَاشِيكُمْ إِذا غَابَتْ الشَّمْس حَتَّى تذْهب فَحْمَة الْعشَاء " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة الثَّوْريّ، وَزُهَيْر بن مُعَاوِيَة، عَن أبي الزبير عَنهُ، مِمَّا لم يذكر فِيهِ سَمَاعا. (2155) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ، عَن الْمِقْدَام بن معدي كرب " نهى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 608 رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الْحَرِير، وَالذَّهَب، ومياثر النمور ". وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا يرويهِ بَقِيَّة، عَن بحير، عَن خَالِد بن معدان، عَن الْمِقْدَام. وَبَقِيَّة قد تقدم ذكره فِي هَذَا الْبَاب. (2156) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد حَدِيث عرْفجَة " أَنه أُصِيب أَنفه يَوْم الْكلاب، فَاتخذ أنفًا من ورق، فَأَنْتن عَلَيْهِ، فَأمره النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يتَّخذ أنفًا من ذهب ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح؛ فَإِنَّهُ من رِوَايَة أبي الْأَشْهب، وَاخْتلف عَنهُ، فالأكثر يَقُول: عَنهُ، عَن عبد الرَّحْمَن بن طرفَة بن عرْفجَة، عَن جده. وَابْن علية يَقُول: عَنهُ، عَن عبد الرَّحْمَن بن طرفَة، عَن أَبِيه، عَن عرْفجَة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 609 فعلى طَريقَة الْمُحدثين، يَنْبَغِي أَن تكون رِوَايَة الْأَكْثَرين مُنْقَطِعَة، فَإِنَّهَا معنعنة، وَقد زَاد فِيهَا ابْن علية وَاحِدًا، وَلَا يدْرَأ هَذَا قَوْلهم: إِن عبد الرَّحْمَن ابْن طرفَة، سمع جده. وَقَول يزِيد بن زُرَيْع: إِنَّه سمع من جده، فَإِنَّهُ هَذَا الحَدِيث لم يقل: إِنَّه سَمعه مِنْهُ. وَقد أَدخل بَينهمَا فِيهِ الْأَب. وَإِلَى هَذَا فَإِن عبد الرَّحْمَن بن طرفَة الْمَذْكُور، لَا يعرف بِغَيْر هَذَا الحَدِيث، وَلَا يعرف راو عَنهُ غير أبي الْأَشْهب، فَإِن احْتِيجَ فِيهِ إِلَى أَبِيه طرفَة - على مَا قَالَ ابْن علية - عَن أبي الْأَشْهب، كَانَ الْحَال أَشد، فَإِنَّهُ لَا مَعْرُوف الْحَال، وَلَا مَذْكُور فِي رُوَاة الْأَخْبَار. (2157) وَذكر من طَرِيق مُسلم عَن عَائِشَة، " خرج رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَات غَدَاة وَعَلِيهِ مرط مرحل من شعر أسود ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 610 وَسكت عَنهُ، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة مُصعب بن شيبَة. (2158) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن جَابر بن سَمُرَة " دخلت على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي بَيته فرأيته مُتكئا على وسَادَة على يسَاره ". وَسكت عَنهُ، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة سماك بن حَرْب عَنهُ. (2159) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا عَن ابْن عمر قَالَ: " مَا قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْإِزَار، فَهُوَ فِي الْقَمِيص ". وَسكت عَنهُ، وَأرَاهُ تسَامح فِيهِ؛ لِأَنَّهُ أثر غير مَرْفُوع، وَهُوَ عِنْد أبي دَاوُد من رِوَايَة ابْن الْمُبَارك، عَن أبي الصَّباح، عَن يزِيد بن أبي سميَّة، عَن ابْن عمر. وَأَبُو الصَّباح هُوَ سَعْدَان بن سَالم الْأَيْلِي، وَقد روى عَنهُ أَيْضا ضَمرَة بن ربيعَة، وَمَعَ ذَلِك لَا تعرف حَاله، وَقد سُئِلَ عَنهُ أَبُو زرْعَة فَقَالَ: روى حَدِيثا وَاحِدًا. وَلم يُعينهُ، وَأرَاهُ هَذَا الحَدِيث، فَإِنِّي لَا أعرف لَهُ غَيره. فَأَما يزِيد بن أبي سميَّة فَثِقَة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 611 (2160) وَذكر من طَرِيقه عَن عِكْرِمَة، أَنه رأى ابْن عَبَّاس يأتزر، فَيَضَع حَاشِيَة إزَاره من مقدمه على ظهر قدمه، وَيرْفَع من مؤخره، قلت: لم تأتزر هَذِه الإزرة؟ قَالَ: " رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يأتزرها ". وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا هُوَ عِنْد أبي دَاوُد هَكَذَا: حَدثنَا مُسَدّد، حَدثنَا يحيى، حَدثنَا مُحَمَّد بن أبي يحيى، حَدثنِي عِكْرِمَة. فَذكره. وَمُحَمّد بن أبي يحيى لَا أعرف من هُوَ، فَانْظُرْهُ لَعَلَّك تَجدهُ. (2161) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد أَيْضا عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا استجد ثوبا - سَمَّاهُ باسمه - قَمِيصًا أَو عِمَامَة، ثمَّ يَقُول: اللَّهُمَّ لَك الْحَمد، أَنْت كسوتنيه " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ من رِوَايَة ابْن الْمُبَارك، عَن الْجريرِي، عَن أبي نَضرة، عَنهُ. والجريري مختلط، وَقد تقدم فِي هَذَا الْبَاب. (2162) وَذكر حَدِيث فضَالة بن عبيد: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ينهانا عَن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 612 كثير من الإرفاه " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا هُوَ أَيْضا من رِوَايَة يزِيد، عَن الْجريرِي، عَن عبد الله ابْن بُرَيْدَة، عَن فضَالة. ذكره من طَرِيق أبي دَاوُد. (2163) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن عَائِشَة، قَالَت: " قدم على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حلية من عِنْد النَّجَاشِيّ أهداها لَهُ، فِيهَا خَاتم من ذهب ". الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ عِنْد أبي دَاوُد من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق، وَلم يبين ذَلِك أَبُو مُحَمَّد. (2164) وَذكر من طَرِيق مُسلم عَن جَابر، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ فِي غَزْوَة غَزَاهَا: " استكثروا من النِّعَال؛ فَإِن الرجل لَا يزَال رَاكِبًا مَا انتعل ". وَسكت عَنهُ، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة أبي الزبير، عَن جَابر، من غير رِوَايَة اللَّيْث عَنهُ. (2165) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " من السّنة إِذا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 613 جلس الرجل أَن يخلع نَعْلَيْه فيضعهما بجنبه " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ إِنَّمَا يرويهِ عَن ابْن عَبَّاس أَبُو نهيك، وَهُوَ لَا يعرف لَهُ حَال، وَإِن كَانَ يروي عَنهُ قَتَادَة، وَزِيَاد بن سعد، وَالْحُسَيْن بن وَاقد. ذكره ابْن عبد الْبر فِي كِتَابه فِي الْأَسْمَاء والكنى. (2166) وَذكر من طَرِيق مُسلم عَن جَابر: " أُتِي بِأبي قُحَافَة يَوْم فتح مَكَّة، وَرَأسه ولحيته كالثغامة بَيَاضًا ". الحَدِيث. وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن جريج، عَن أبي الزبير، عَن جَابر. (2167) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن أبي ذَر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن أحسن مَا غيرتم بِهِ الشيب، الْحِنَّاء والكتم ". وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا هُوَ من رِوَايَة معمر، عَن الْجريرِي، عَن عبد الله بن بُرَيْدَة، عَن أبي الْأسود، عَن أبي ذَر. والجريري مختلط. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 614 (2168) وَذكر من طَرِيقه عَن عَائِشَة: " كنت إِذا أردْت أَن أفرق رَأس رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صدعت الْفرق من يَافُوخه، وَأرْسلت ناصيته بَين عَيْنَيْهِ ". وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق. (2169) وَذكر من طَرِيق مُسلم عَن جَابر بن سَمُرَة: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قد شمط مقدم رَأسه ولحيته ". الحَدِيث. وَلم يبين أَنه من رِوَايَة سماك بن حَرْب. (2170) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تسمونهم مُحَمَّدًا ثمَّ تسبونهم ". وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا يرويهِ الْبَزَّار هَكَذَا: حَدثنَا زيد بن أخزم، حَدثنَا أَبُو دَاوُد، حَدثنَا الحكم بن عَطِيَّة، عَن ثَابت، عَن أنس. وَالْحكم بن عَطِيَّة، قَالَ ابْن حَنْبَل: لَا بَأْس بِهِ، إِلَّا أَن أَبَا دَاوُد روى عَنهُ أَحَادِيث مُنكرَة. وَهَذَا الحَدِيث من رِوَايَة أبي دَاوُد عَنهُ، وَكَانَ أَبُو دَاوُد يذكرهُ بجميل. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 615 وَضَعفه أَيْضا أَبُو الْوَلِيد الطَّيَالِسِيّ، وروى عَنهُ، وَوَثَّقَهُ ابْن معِين؛ فَالْحَدِيث من أَجله حسن. (2171) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ عَن جَابر بن سليم، لقِيت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقلت: " عَلَيْك السَّلَام يَا رَسُول الله، قَالَ: عَلَيْك السَّلَام تَحِيَّة الْمَيِّت " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا هُوَ من رِوَايَة الْجريرِي، عَن أبي السَّلِيل: ضريب ابْن نقير، عَن أبي تَمِيمَة الهُجَيْمِي، عَن جَابر بن سليم. يرويهِ عَن الْجريرِي عبد الْوَارِث. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 616 (2172) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن عبد الله بن بسر، قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا أَتَى بَاب قوم لم يسْتَقْبل الْبَاب من تِلْقَاء وَجهه ". الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ إِنَّمَا يرويهِ بَقِيَّة، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن، عَن عبد الله بن بسر. وَقد تقدم فِي هَذَا الْبَاب ذكر بَقِيَّة، وَعَمله فِيهِ. وَمُحَمّد بن عبد الرَّحْمَن هَذَا، هُوَ ابْن عرق - هَكَذَا بِعَين مَكْسُورَة وَرَاء سَاكِنة - كَذَلِك ضَبطه فِي كِتَابه أَبُو الْوَلِيد [ابْن] الفرضي وَغَيره. ويكنى أَبَا الْوَلِيد، وَهُوَ يحصبي روى عَنهُ بَقِيَّة، وَإِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، وَيحيى بن سعيد الْعَطَّار، وَمُحَمّد بن سُلَيْمَان أَبُو ضَمرَة الْحِمصِي، قَالَه أَبُو حَاتِم، وَلم يذكر لَهُ حَالا، فَهِيَ عِنْده مَجْهُولَة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 617 (2173) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا عَن عَليّ بن شَيبَان، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من بَات على ظهر بَيت لَيْسَ عَلَيْهِ حجار، فقد بَرِئت مِنْهُ الذِّمَّة ". وَسكت عَنهُ، وَإِسْنَاده عِنْد أبي دَاوُد هُوَ هَذَا: حَدثنَا ابْن الْمثنى، حَدثنَا سَالم - يَعْنِي ابْن نوح - عَن عمر بن جَابر الْحَنَفِيّ، عَن وَعلة بن عبد الرَّحْمَن ابْن وثاب عَن عبد الرَّحْمَن بن عَليّ بن شَيبَان، عَن أَبِيه. فَذكره. وَعبد الرَّحْمَن بن عَليّ بن شَيبَان الْحَنَفِيّ، ورى عَنهُ وَعلة هَذَا، وَعبد الله ابْن بدر، وَلَا تعرف حَاله. ووعلة بن عبد الرَّحْمَن بن وثاب لَا يعرف إِلَّا بروايته عَن عبد الرَّحْمَن بن عَليّ بن شَيبَان، وَرِوَايَة عمر بن جَابر الْحَنَفِيّ عَنهُ. وَعمر بن جَابر الْحَنَفِيّ اليمامي، روى عَن عبد الله بن بدر، ووعلة بن عبد الرَّحْمَن، روى عَنهُ سَالم بن نوح، وَإيَاس بن دَغْفَل، وَلَا تعرف أَيْضا حَاله. (2174) وَذكر من طَرِيق مُسلم عَن جَابر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لكل دَاء دَوَاء ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 618 وَسكت عَنهُ، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة عبد ربه، عَن أبي الزبير، عَن جَابر. (2175) وَذكر من طَرِيقه عَن وَائِل بن حجر " أَن طَارق بن سُوَيْد سَأَلَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الْخمر فَنَهَاهُ، أَو كره أَن يصنعها، فَقَالَ: إِنَّمَا أصنعها للدواء ". الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة سماك بن حَرْب. (2176) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 619 " من احْتجم لسبع عشرَة، أَو تسع عشرَة، أَو إِحْدَى وَعشْرين، كَانَ شِفَاء من كل دَاء ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ ضَعِيف؛ فَإِنَّهُ من رِوَايَة سعيد بن عبد الرَّحْمَن الجُمَحِي، عَن سهل، عَن أمه، عَن أبي هُرَيْرَة. وَسَهل وَأمه مَجْهُولَانِ، وَقد يظنّ أَنه سهل بن أبي سهل، وَيُقَال: سُهَيْل ابْن أبي سُهَيْل؛ فَإِنَّهُ يروي عَن أمه، عَن عَائِشَة، وروى عَنهُ سعيد بن أبي هِلَال، وَعَمْرو بن الْحَارِث، وخَالِد بن يزِيد، وَهُوَ أَيْضا كَذَلِك لَا تعرف حَاله وَلَا حَال أمه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 620 (2177) وَذكر من طَرِيقه عَن عقبَة بن عَامر " بَينا أَنا أَسِير مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَين الْجحْفَة والأبواء غشيتنا ريح وظلمة شَدِيدَة، فَجعل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يتَعَوَّذ بقل أعوذ بِرَبّ الفلق، وَقل أعوذ بِرَبّ النَّاس ". الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق. (2178) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن أبي سعيد، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا حَلِيم إِلَّا ذُو عَثْرَة، وَلَا حَكِيم إِلَّا ذُو تجربة ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 621 وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا قَالَ فِيهِ التِّرْمِذِيّ: حسن، وَهُوَ كَذَلِك يَنْبَغِي أَن يُقَال فِيهِ؛ لِأَنَّهُ من رِوَايَة ابْن وهب، عَن عَمْرو بن الْحَارِث، عَن دراج، عَن أبي الْهَيْثَم عَنهُ. وَقد تقدم ذكر دراج فِي هَذَا الْبَاب. (2179) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن أبي أسيد " بَيْنَمَا نَحن عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذْ جَاءَهُ رجل من بني سَلمَة، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، هَل بَقِي من بر أَبَوي شَيْء أبرهما بِهِ بعد مَوْتهمَا " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا هُوَ عِنْد أبي دَاوُد، من رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن سُلَيْمَان - هُوَ ابْن عبد الله بن حَنْظَلَة بن الغسيل وَهُوَ ثِقَة -، عَن أسيد بن عَليّ بن عبيد، مولى بني سَاعِدَة، عَن أَبِيه، عَن أبي أسيد. وَأسيد بن عَليّ وَأَبوهُ مَجْهُولَانِ، وَضبط اسْمه بِفَتْح الْهمزَة وَكسر السِّين، هَذَا صَوَابه. ومُوسَى بن يَعْقُوب الزمعِي يَقُول فِيهِ: أسيد، بِضَم الْهمزَة، وَفتح السِّين، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 622 وَلَيْسَ ذَلِك بصواب عِنْدهم، وَلَا يعرف روى عَن عَليّ هَذَا غير ابْنه هَذَا الحَدِيث، وَلَا عَن ابْنه أسيد الْمَذْكُور إِلَّا عبد الرَّحْمَن بن سُلَيْمَان، ومُوسَى بن يَعْقُوب الزمعِي. قَالَ ابْن أبي حَاتِم: إِنَّه مولى أبي أسيد السَّاعِدِيّ. (2180) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " ثَلَاثَة لَا ينظر الله إِلَيْهِم يَوْم الْقِيَامَة: الْعَاق لوَالِديهِ، والديوث، وَالْمَرْأَة المترجلة " الحَدِيث. وخرجه النَّسَائِيّ أَيْضا. كَذَا أوردهُ وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا يرويهِ عمر بن مُحَمَّد، عَن عبد الله بن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 623 يسَار، عَن سَالم، عَن أَبِيه تفرد بِهِ. وَعبد الله بن يسَار الْأَعْرَج، مدنِي، هُوَ مولى ابْن عمر، روى عَنهُ سُلَيْمَان ابْن بِلَال، وَعمر بن مُحَمَّد، وَلَا نَعْرِف حَاله. (2181) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ثَلَاث دعوات مستجابات لَا شكّ فِيهِنَّ: دَعْوَة الْمَظْلُوم " الحَدِيث. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 624 وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا يرويهِ عِنْد التِّرْمِذِيّ يحيى بن أبي كثير، عَن أبي جَعْفَر، عَن أبي هُرَيْرَة. وَأَبُو جَعْفَر هُوَ الْمُؤَذّن، يروي عَنهُ يحيى بن أبي كثير، لَا يعرف روى عَنهُ غَيره، ذكره بذلك مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ، وَلَا تعرف لَهُ حَال. (2182) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن أنس، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لَهُ: " يَا ذَا الْأُذُنَيْنِ ". وَصَححهُ، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة شريك، عَن عَاصِم الْأَحول، عَن أنس. وَقد تقدم ذكر شريك فِي هَذَا الْبَاب وَغَيره. (2183) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن ابْن عَبَّاس، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 625 " إِن الْهَدْي الصَّالح، والسمت الصَّالح، والاقتصاد، جُزْء من خَمْسَة وَعشْرين جُزْءا من النُّبُوَّة ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ من عِنْد أبي دَاوُد، من رِوَايَة قَابُوس بن أبي ظبْيَان، عَن أَبِيه، عَن ابْن عَبَّاس. وقابوس مضعف ومحدود فِي الْفِرْيَة، وَقد تقدم ذكره، وَسَيَأْتِي أَيْضا، وَسَنذكر مَعْنَاهُ بِأَحْسَن من هَذَا الْإِسْنَاد. (2184) وَذكر من طَرِيق ابْن أبي شيبَة عَن أنس، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 626 قَالَ: " من خزن لِسَانه ستر الله عَوْرَته، وَمن كف غَضَبه كف الله عَنهُ عَذَابه، وَمن اعتذر إِلَى الله، قبل الله مِنْهُ عذره ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ عِنْد ابْن أبي شيبَة، عَن زيد بن الْحباب، حَدثنِي الرّبيع ابْن سليم، حَدثنِي أَبُو عَمْرو، مولى أنس، أَنه سمع أنسا. فَذكره. وَأَبُو عَمْرو هَذَا، لَا تعرف حَاله. وَالربيع بن سليم لَا أعلمهُ إِلَّا أَبَا سُلَيْمَان الخلقاني، قَالَ ابْن معِين: لَيْسَ بِشَيْء ". فَأَما قَول أبي حَاتِم فِيهِ: " شيخ " فَلَيْسَ بتعريف بِشَيْء من حَاله، إِلَّا أَنه مقل لَيْسَ من أهل الْعلم، وَإِنَّمَا وَقعت لَهُ رِوَايَة أخذت عَنهُ. (2185) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 627 " لَيْسَ منا من لم يرحم صَغِيرنَا، ويوقر كَبِيرنَا، وَيَأْمُر بِالْمَعْرُوفِ، وينه عَن الْمُنكر ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ ضَعِيف؛ فَإِنَّهُ من رِوَايَة يزِيد بن هَارُون، عَن شريك، عَن لَيْث، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس. وَلَيْسَ هُوَ ابْن أبي سليم، ضَعِيف، وَشريك تقدم ذكره. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 628 (2186) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار عَن أبي الدَّرْدَاء، سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " من أبلغ ذَا سُلْطَان حَاجَة من لَا يَسْتَطِيع إبلاغه " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث لَا يَصح؛ فَإِنَّهُ عِنْد الْبَزَّار هَكَذَا: حَدثنَا بشر بن آدم، قَالَ: حَدثنَا أَبُو عَاصِم، قَالَ: حَدثنَا سعيد بن زيد، عَن سعيد البراد، عَن عُثْمَان بن حَيَّان قَالَ: كنت عِنْد أم الدَّرْدَاء، فَأخذت برغوثا فألقيته فِي النَّار، فَقَالَت: سَمِعت أَبَا الدَّرْدَاء يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يعذب بالنَّار إِلَّا رب النَّار ". قَالَ: وَسمعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " من أبلغ ذَا سُلْطَان حَاجَة من لَا يَسْتَطِيع إبلاغه، ثَبت الله قَدَمَيْهِ على الصِّرَاط يَوْم تزل فِيهِ الْأَقْدَام ". قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث يرْوى بعض كَلَامه عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِغَيْر هَذَا اللَّفْظ وَهُوَ: " لَا يعذب بالنَّار إِلَّا رب النَّار ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 631 وَرُوِيَ نَحْو هَذَا الْكَلَام عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من وُجُوه، وَزَاد أَبُو الدَّرْدَاء: " من أبلغ ذَا سُلْطَان "، فَهَذَا الْأَخير عَن أبي الدَّرْدَاء لَا يحفظ عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من وَجه مُتَّصِل غير هَذَا الْوَجْه، فَلذَلِك كتبناه. وَسَعِيد البراد، روى عَنهُ حَمَّاد بن زيد، وَأَخُوهُ سعيد بن زيد، وَهُوَ بَصرِي. انْتهى كَلَام الْبَزَّار. عُثْمَان بن حَيَّان هَذَا لَا تعرف حَاله، وَلم يذكرهُ ابْن أبي حَاتِم بِأَكْثَرَ من رِوَايَة هِشَام بن سعد عَنهُ، وَهَذَا الْآن سعيد البراد، يروي أَيْضا عَنهُ، وَلكنه لَا يعرف لَهُ أَيْضا حَاله. فَأَما سعيد بن زيد، أَخُو حَمَّاد بن زيد فَثِقَة. (2187) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إيَّاكُمْ والحسد؛ فَإِن الْحَسَد يَأْكُل الْحَسَنَات " الحَدِيث. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 632 وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح؛ لِأَنَّهُ من رِوَايَة سُلَيْمَان بن بِلَال، عَن إِبْرَاهِيم ابْن أبي أسيد، عَن جده، عَن أبي هُرَيْرَة. وجد إِبْرَاهِيم لَا يعرف من هُوَ، فَأَما إِبْرَاهِيم بن أبي أسيد الْمدنِي البراد، فصدوق. (2188) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " أفضل الْجِهَاد كلمة حق عِنْد سُلْطَان جَائِر ". وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا يرويهِ عبد الرَّحْمَن بن مُصعب أَبُو يزِيد المعني، عَن إِسْرَائِيل، [عَن مُحَمَّد بن جحادة] ، عَن عَطِيَّة، عَن أبي سعيد. وعطية هُوَ الْعَوْفِيّ، ضَعِيف، وَعبد الرَّحْمَن بن مُصعب، لَا تعرف حَاله. (2189) وَلما ذكر أَبُو مُحَمَّد حَدِيث أبي سعيد: " من أسلف فِي شَيْء فَلَا يصرفهُ إِلَى غَيره ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 633 قَالَ: عَطِيَّة لَا يحْتَج أحد بحَديثه، وَإِن كَانَ الجلة قد رووا عَنهُ. وَالْعجب أَن بعده مُتَّصِلا بِهِ، حَدِيث أبي أُميَّة الشَّعْبَانِي عَن أبي ثَعْلَبَة، قَالَ فِيهِ: حسن، وَهُوَ بِثَلَاثَة مجهولين، فَهَلا قَالَ فِي حَدِيث عَطِيَّة: حسن؟ (2190) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ حَدِيث ابْن مَسْعُود، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنَّكُم منصورون، ومصيبون، ومفتوح لكم " الحَدِيث. وَقَالَ فِيهِ: صَحِيح، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة سماك بن حَرْب. (2191) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار، عَن أنس، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الدَّال على الْخَيْر كفاعله، وَالله يحب إغاثة اللهفان ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ من رِوَايَة السكن بن إِسْمَاعِيل، عَن زِيَاد النميري، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 634 عَن أنس. وَزِيَاد النميري، هُوَ زِيَاد بن عبد الله، قَالَ فِيهِ ابْن معِين: ضَعِيف. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: يكْتب حَدِيثه وَلَا يحْتَج بِهِ. وَأما السكن فَثِقَة. (2192) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار عَن أنس، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَو لم تَكُونُوا تذنبون، لَخَشِيت عَلَيْكُم مَا هُوَ أَكثر مِنْهُ، الْعجب ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث يرويهِ سَلام أَبُو الْمُنْذر، عَن ثَابت، عَن أنس. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 635 وَهُوَ سَلام بن سُلَيْمَان الْقَارئ، صَاحب عَاصِم، وَهُوَ مُخْتَلف فِيهِ، فَالْحَدِيث حسن. (2193) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن عقبَة بن عَامر، قلت: " يَا رَسُول الله، مَا النجَاة؟ قَالَ: أملك عَلَيْك لسَانك، وليسعك بَيْتك، وابك على خطيئتك ". وَسكت عَنهُ، وَالتِّرْمِذِيّ إِنَّمَا قَالَ فِيهِ: حسن، وَهُوَ أقرب إِلَى الضَّعِيف؛ فَإِنَّهُ عِنْده من رِوَايَة يحيى بن أَيُّوب، عَن عبيد الله بن زحر، عَن عَليّ بن يزِيد، عَن الْقَاسِم، عَن أبي أُمَامَة. وَكلهمْ مُتَكَلم فِيهِ، وَقد تقدمُوا. (2194) وَذكر حَدِيث أبي هُرَيْرَة، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " إِن أغبط أوليائي عِنْدِي، لمُؤْمِن خَفِيف الحاذ ذُو حَظّ من الصَّلَاة، أحسن عبَادَة ربه، وأطاعه فِي السِّرّ، وَكَانَ غامضا فِي النَّاس، لَا يشار إِلَيْهِ بالأصابع، وَكَانَ رزقه كفافا فَصَبر، ثمَّ نفض بِيَدِهِ فَقَالَ: عجلت منيته، قلت بوَاكِيهِ، قل تراثه ". هُوَ أَيْضا بِهَذَا الْإِسْنَاد مثله إِلَى أبي أُمَامَة، لم يقل: عَن عقبَة. وَهَذَا الَّذِي وَقع فِي النّسخ، من جعل الحَدِيث عَن أبي هُرَيْرَة، خطأ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 636 فَاحش، وَإِنَّمَا هُوَ حَدِيث أبي أُمَامَة، وَقد بَينا ذَلِك فِي بَاب نِسْبَة الْأَحَادِيث إِلَى غير رواتها. (2195) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار عَن أبي خَلاد - وَكَانَت لَهُ صُحْبَة - قَالَ: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 637 قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا رَأَيْتُمْ الرجل قد أعطي زهدا فِي الدُّنْيَا، وَقلة منطق، فاقتربوا مِنْهُ؛ فَإِنَّهُ يلقى الْحِكْمَة ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث يرويهِ الْبَزَّار هَكَذَا: حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق - قَالَ: حَدثنَا عبد الْأَعْلَى بن مَسْرُوق قَالَ: حَدثنِي الحكم بن هِشَام، [قَالَ: حَدثنَا يحيى بن سعيد، عَن أبي] فَرْوَة، عَن أبي خَلاد -، وَكَانَت لَهُ صُحْبَة، فَذكره. قَالَ الْبَزَّار: إِنَّمَا أدخلْنَاهُ فِي الْمسند؛ لِأَنَّهُ ذكر فِي الحَدِيث: " وَكَانَت لَهُ صُحْبَة "، وَلم يقل فِي هَذَا الحَدِيث: رَأَيْت، وَلَا قلت، وَلَا سَمِعت. انْتهى كَلَام الْبَزَّار. أَبُو خَلاد لَا يعرف فِي الصَّحَابَة، وَالْقَائِل: إِن لَهُ صُحْبَة، هُوَ أَبُو فَرْوَة الرَّاوِي عَنهُ، وَهُوَ غير مَعْرُوف فِيمَن يكنى بِهَذِهِ الكنية. (2196) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار أَيْضا، عَن أنس بن مَالك قَالَ: لَقِي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 638 رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَبَا ذَر، فَقَالَ: " يَا أَبَا ذَر، أَلا أدلك على خَصْلَتَيْنِ، هما خفيفتان على الظّهْر، وأثقل فِي الْمِيزَان من غَيرهمَا؟ قَالَ: بلَى يَا رَسُول الله، قَالَ: عَلَيْك بِحسن الْخلق، وَطول الصمت، فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ مَا عمل الْخَلَائق بمثلهما ". كَذَا ذكره وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث يرويهِ أَبُو بدر: بشار بن الحكم الضَّبِّيّ، وَهُوَ شيخ بَصرِي، مُنكر الحَدِيث، قَالَه أَبُو زرْعَة. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 639 يرويهِ عَن ثَابت، عَن أنس. قَالَ الْبَزَّار: لَا نعلم رَوَاهُمَا - لهَذَا الحَدِيث وَلِحَدِيث آخر - عَن ثَابت، عَن أنس غَيره. (2197) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن عبد الله بن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تكثروا الْكَلَام بِغَيْر ذكر الله؛ فَإِن كَثْرَة الْكَلَام بِغَيْر ذكر الله قسوة للقلب " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث يَدُور على إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن حَاطِب، يرويهِ عَن عبد الله بن دِينَار. وَإِبْرَاهِيم الْمَذْكُور مدنِي، روى عَنهُ القعْنبِي، وَعلي بن حَفْص، وَغَيرهمَا وَمَعَ ذَلِك فَلَا تعرف حَاله. (2198) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار عَن أنس، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 640 " أَرْبَعَة من الشَّقَاء: جمود الْعين، وقساوة الْقلب، وَطول الأمل، والحرص على الدُّنْيَا ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث يرويهِ هَانِئ بن المتَوَكل، قَالَ: حَدثنَا عبد الله ابْن سُلَيْمَان، عَن إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة، عَن أنس. وَعبد الله بن سُلَيْمَان قد حدث عَن الْمُقْرِئ وَغَيره أَحَادِيث لم يُتَابع عَلَيْهَا. قَالَه الْبَزَّار. وهانئ بن المتَوَكل، إسكندراني، لَا تعرف حَاله. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 641 (2199) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الله تَعَالَى يَقُول: يَا ابْن آدم، تفرغ لعبادتي، أملأ صدرك غنى " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا هُوَ عِنْد التِّرْمِذِيّ هَكَذَا: حَدثنَا عَليّ بن خشرم، أخبرنَا عِيسَى بن يُونُس، عَن عمرَان بن زَائِدَة بن نشيط عَن أَبِيه، عَن أبي خَالِد الْوَالِبِي، [عَن أَبِيه] ، عَن أبي هُرَيْرَة. فَذكره. ووالد أبي خَالِد لَا يعرف، فَأَما أَبُو خَالِد: هُرْمُز فَلَا بَأْس بِهِ. وزائدة بن نشيط لَا تعرف حَاله. (2200) وَذكر من طَرِيق ابْن أبي شيبَة عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا طلعت قطّ شمس إِلَّا بعث بجنبتيها ملكان يناديان - إنَّهُمَا ليسمعان من على الأَرْض غير الثقلَيْن -: يَا أَيهَا النَّاس، هلموا إِلَى ربكُم فَإِن مَا قل الجزء: 4 ¦ الصفحة: 642 وَكفى، خير مِمَّا كثر وألهى " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث يرويهِ قَتَادَة، عَن خُلَيْد بن عبد الله العصري، عَن أبي الدَّرْدَاء. وخليد هَذَا بَصرِي، يروي عَن أبي ذَر، وَأبي الدَّرْدَاء، روى عَنهُ قَتَادَة، وَأَبُو الْأَشْهب، وَلَا أعرف حَاله. (2201) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار عَن جَابر بن عبد الله، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تمنوا الْمَوْت؛ فَإِن هول المطلع شَدِيد " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث يرويهِ الْبَزَّار هَكَذَا: أخبرنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، وَمُحَمّد بن معمر، وَعَمْرو بن عَليّ، قَالُوا: حَدثنَا أَبُو عَامر، قَالَ: حَدثنَا كثير ابْن زيد، قَالَ: حَدثنِي الْحَارِث بن أبي يزِيد، قَالَ سَمِعت جَابِرا. فَذكره. والْحَارث بن أبي يزِيد هَذَا. لَا تعرف حَاله، روى عَن جَابر حديثين، هَذَا أَحدهمَا من رِوَايَة كثير بن زيد عَنهُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 643 وَالْآخر من رِوَايَة مُحَمَّد بن أبي يحيى الْأَسْلَمِيّ عَنهُ، ذكره الْبَزَّار أَيْضا. وَكثير بن زيد ضَعِيف، فَالْحَدِيث من أجلهما لَا يَصح. (2202) وَذكر [من طَرِيق قَاسم بن أصبغ، عَن أبي أُمَامَة، عَن النَّبِي]- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تدنى الشَّمْس يَوْم الْقِيَامَة على قدر ميل، ويزداد فِيهَا كَذَا وَكَذَا، تغلي مِنْهَا الْهَوَام كَمَا تغلي الْقُدُور على الأثافي ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث يرويهِ قَاسم هَكَذَا: حَدثنَا أَبُو بكر: مُحَمَّد بن مُعَاوِيَة الْقرشِي، عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد، عَن عبيد بن آدم، عَن أَبِيه، عَن اللَّيْث ابْن سعد، عَن مُعَاوِيَة بن صَالح، عَن أبي عبد الرَّحْمَن، عَن أبي أُمَامَة. وَأَبُو عبد الرَّحْمَن الْقَاسِم الشَّامي، وَمُعَاوِيَة بن صَالح، مُخْتَلف فيهمَا. فَأَما عبيد بن آدم فصدوق، وَأَبوهُ ثِقَة؛ فَالْحَدِيث إِذن حسن لَا صَحِيح. (2203) وَذكر من طَرِيق مُسلم عَن أبي سعيد، أَن ابْن صياد سَأَلَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن تربة الْجنَّة، فَقَالَ: " درمكة بَيْضَاء، مسك خَالص ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 644 هَذَا اللَّفْظ من رِوَايَة الْجريرِي، عَن أبي نَضرة، رَوَاهُ عَنهُ أَبُو أُسَامَة. وَله عِنْد مُسلم طَرِيق آخر، من رِوَايَة أبي مسلمة، عَن أبي نَضرة، عَن أبي سعيد، وَلَفظه غير هَذَا، قَالَ فِيهِ: إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لِابْنِ صياد: " مَا تربة الْجنَّة؟ قَالَ: درمكة بَيْضَاء، مسك يَا أَبَا الْقَاسِم، قَالَ: صدقت ". (2204) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من لبس الْحَرِير فِي الدُّنْيَا " الحَدِيث. وَفِيه: " لِبَاس أهل الْجنَّة، وشراب أهل الْجنَّة، وآنية أهل الْجنَّة ". وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا يرويهِ عِنْده زيد بن وَاقد، عَن خَالِد بن عبد الله بن حُسَيْن، عَن أبي هُرَيْرَة. وخَالِد بن عبد الله بن حُسَيْن، مولى عُثْمَان بن عَفَّان، شَامي، روى عَن أبي هُرَيْرَة، روى عَنهُ إِسْمَاعِيل بن عبيد الله، وَزيد بن وَاقد، وَمُحَمّد بن عبد الله الشعيثي، وَلَا تعرف حَاله. (2205) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا، عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 645 " من قَالَ حِين يصبح: اللَّهُمَّ إِنِّي أشهدك وَأشْهد حَملَة عرشك " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا يرويهِ عِنْد النَّسَائِيّ بَقِيَّة بن الْوَلِيد، عَن مُسلم بن زِيَاد مولى مَيْمُونَة، عَن أنس. وَمُسلم هَذَا شَامي، كَانَ صَاحب خيل عمر بن عبد الْعَزِيز، وَلَا يعرف روى عَنهُ غير بَقِيَّة، وحاله مَجْهُولَة. (2206) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ عَن الْحَارِث بن مُسلم التَّمِيمِي، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 646 قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا صليت الصُّبْح فَقل قبل أَن تَتَكَلَّم: اللَّهُمَّ أجرني من النَّار، سبع مَرَّات " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ عِنْد النَّسَائِيّ هَكَذَا: أَخْبرنِي عَمْرو بن عُثْمَان، عَن الْوَلِيد بن مُسلم، عَن عبد الرَّحْمَن بن حسان الْكِنَانِي، عَن مُسلم بن الْحَارِث ابْن مُسلم التَّمِيمِي، أَنه حَدثهمْ عَن أَبِيه. فَذكره. هَكَذَا قَالَ فِيهِ: مُسلم بن الْحَارِث بن مُسلم، وَإِنَّمَا ذكره ابْن أبي حَاتِم: الْحَارِث بن مُسلم بن الْحَارِث، فَجعل مُسلم بن الْحَارِث هُوَ الَّذِي يروي عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ويروي عَنهُ ابْنه الْحَارِث. وَذكر أَيْضا عَن أبي زرْعَة، أَنه سُئِلَ عَن مُسلم بن الْحَارِث، أَو الْحَارِث بن مُسلم، فَقَالَ: الصَّحِيح الْحَارِث بن مُسلم بن الْحَارِث عَن أَبِيه، وَذكر عَن ابْن أبي حَاتِم أَنه قَالَ: الْحَارِث بن مُسلم تَابِعِيّ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 647 وَلم يذكر لمُسلم بن الْحَارِث هَذَا أَكثر من أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أرْسلهُ فِي سَرِيَّة، وَذكر عَن مُحَمَّد بن شُعَيْب بن شَابُور قَالَ: قَالَ عبد الرَّحْمَن بن حسان: كَانَ مُسلم بن الْحَارِث قد صحب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَأَما ابْنه الْحَارِث فَلَا تعرف لَهُ حَال، وَلَا يعرف روى عَنهُ إِلَّا عبد الرَّحْمَن ابْن حسان الْكِنَانِي. فَهَذَا حَال هَذَا الحَدِيث على تَقْدِير الصَّوَاب فِي الْإِسْنَاد، فَأَما على مَا وَقع عِنْد النَّسَائِيّ، وَمَا نَقله عَنهُ أَبُو مُحَمَّد، فالحال أَشد، فَإِنَّهُ إِذا كَانَ هَكَذَا: مُسلم ابْن الْحَارِث بن مُسلم؛ فَإِن الْحَارِث بن مُسلم لَا يعرف فِي الصَّحَابَة، وَابْنه مُسلم بن الْحَارِث لَا تعرف حَاله. وَإِلَى هَذَا، فَإِن عبد الرَّحْمَن بن حسان الْكِنَانِي أَيْضا لَا تعرف حَاله، وَإِن كَانَ قد روى عَنهُ جمَاعَة: صَدَقَة بن خَالِد، والوليد بن مُسلم، وَمُحَمّد ابْن شُعَيْب بن شَابُور. (2207) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ عَن [أبي سعيد الْخُدْرِيّ، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: قَالَ مُوسَى: يَا] رب عَلمنِي شَيْئا أذكرك بِهِ، قَالَ: يَا مُوسَى: قل: لَا إِلَه إِلَّا الله " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ من رِوَايَة عَمْرو بن الْحَارِث، عَن دراج أبي السَّمْح، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 648 عَن أبي الْهَيْثَم، عَن أبي سعيد، وَقد تقدم. (2208) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار عَن ابْن عمر، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَلا أخْبركُم بِوَصِيَّة نوح ابْنه، قَالُوا: بلَى، قَالَ: أوصى نوح ابْنه، فَقَالَ لَهُ: يَا بني إِنِّي أوصيك بِاثْنَتَيْنِ، وأنهاك عَن اثْنَتَيْنِ، أوصيك بقول: لَا إِلَه إِلَّا الله " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق، عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن ابْن عمر. (2209) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " استكثروا من الْبَاقِيَات الصَّالِحَات " الحَدِيث. وَلم يبين أَنه من رِوَايَة أبي السَّمْح: دراج، عَن أبي الْهَيْثَم، عَن أبي سعيد. (2210) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن جَابر، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 649 " من قَالَ: سُبْحَانَ الله غرست لَهُ نَخْلَة فِي الْجنَّة ". وَلم يبين أَنه من رِوَايَة حجاج الصَّواف، عَن أبي الزبير، عَن جَابر مُعَنْعنًا. (2211) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من لزم الاسْتِغْفَار، جعل الله لَهُ من كل ضيق مخرجا، وَمن كل هم فرجا " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ من رِوَايَة الْوَلِيد بن مُسلم، قَالَ: حَدثنَا الحكم بن مُصعب، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن عَبَّاس، عَن أَبِيه، عَن ابْن عَبَّاس. وَالْحكم هَذَا، قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِم: شيخ للوليد، لَا أعلم أحدا روى عَنهُ غَيره. وَلم يذكر لَهُ حَالا فَهُوَ مجهولها. (2212) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ عَن أبي طَلْحَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 650 " جَاءَ ذَات يَوْم والبشرى فِي وَجهه، فَقُلْنَا: إِنَّا لنرى الْبُشْرَى فِي وَجهك، قَالَ: إِنَّه أَتَانِي الْملك فَقَالَ: يَا مُحَمَّد، إِن رَبك عز وَجل يَقُول: أما يرضيك أَنه لَا يُصَلِّي عَلَيْك أحد إِلَّا صليت عَلَيْهِ عشرا " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث حَمَّاد، عَن ثَابت قَالَ: قدم علينا سُلَيْمَان مولى الْحسن بن عَليّ، فحدثنا عَن عبد الله بن أبي طَلْحَة، عَن أَبِيه. وَسليمَان هَذَا لَا تعرف لَهُ حَال وَلَا ذكر بِأَكْثَرَ من رِوَايَة ثَابت عَنهُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 651 (2213) وَذكر من طَرِيق مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يزَال يُسْتَجَاب للْعَبد مَا لم يدع بإثم " الحَدِيث. وَلم يبين أَنه من رِوَايَة مُعَاوِيَة بن صَالح. (2214) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ عَن عَامر بن ربيعَة، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا رأى أحدكُم من نَفسه، أَو مَاله، أَو أَخِيه مَا يُعجبهُ، فَليدع بِالْبركَةِ ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 652 وَسكت عَنهُ، وَهُوَ من رِوَايَة أُميَّة بن هِنْد - وَهُوَ مَجْهُول الْحَال - وَهُوَ يروي عَن أبي أُمَامَة بن سهل بن حنيف، وَعبد الله بن عَامر بن ربيعَة، روى عَنهُ سعيد بن أبي هِلَال، وَعبد الله بن عِيسَى بن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى، وَهُوَ يعد فِي أهل الْحجاز، بِهَذَا ذكره أَبُو حَاتِم، وَزَاد ابْنه أَنه يروي عَن عُرْوَة. وَمَعَ هَذَا كُله فَلَا تعرف حَاله، وَقد سَأَلَ عُثْمَان الدَّارمِيّ عَنهُ ابْن معِين فَقَالَ: لَا أعرفهُ. (2215) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار، عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ، كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 653 إِذا رأى مَا يكره، قَالَ: " الْحَمد لله على كل حَال ". وَإِذا رأى مَا يسره قَالَ: " الْحَمد لله الَّذِي بنعمته تتمّ الصَّالِحَات ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ إِنَّمَا يرويهِ الْبَزَّار هَكَذَا: حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق الْبَغْدَادِيّ، حَدثنَا يحيى بن أبي بكير، حَدثنَا إِسْرَائِيل، عَن مُحَمَّد بن عبد الله ابْن أبي رَافع، عَن أَبِيه، عَن عَمه عبيد الله بن أبي رَافع، عَن عَليّ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 654 وَعبيد الله بن أبي رَافع ثِقَة، فَأَما عبد الله بن أبي رَافع، فَلَا يعرف، وَكَذَلِكَ ابْنه مُحَمَّد، وَالْمَعْرُوف إِنَّمَا هُوَ مُحَمَّد بن عبيد الله بن أبي رَافع، وَهُوَ ضَعِيف يروي عَن أَبِيه، وَعَمه، وَدَاوُد بن حُصَيْن، وَزيد بن أسلم. (2216) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد حَدِيث: " إِذا سَمِعْتُمْ نباح الْكلاب ونهيق الْحمير بِاللَّيْلِ ". وَلم يبين أَنه من رِوَايَة إِسْحَاق. (2217) [وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ عَن أبي بكر الصّديق، سَمِعت رَسُول الله]- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " سلوا الله الْعَفو، والعافية، والمعافاة " الحَدِيث. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 655 وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا يرويهِ الْوَلِيد بن مُسلم، قَالَ: حَدثنِي ابْن جَابر، حَدثنِي سليم بن عَامر، قَالَ: سَمِعت أَوسط البَجلِيّ يَقُول: سَمِعت أَبَا بكر يَقُول: قَالَ فِينَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَام أول - فبأبي وَأمي هُوَ، ثمَّ خنقته الْعبْرَة ثمَّ عَاد - فَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَام الأول يَقُول. فَذكره. وأوسط بن عَمْرو أَبُو إِسْمَاعِيل البَجلِيّ، وَيُقَال: أَوسط بن عَامر، وَيُقَال: أَوسط بن إِسْمَاعِيل، لَا يعرف حَاله روى عَن أبي [بكر] ، روى عَنهُ سليم بن عَامر، وحبِيب بن عبيد الرَّحبِي. (2218) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ عَن نَافِع، قَالَ: كَانَ ابْن عمر إِذا جلس مَجْلِسا لم يقم حَتَّى يَدْعُو لجلسائه بِهَذِهِ الْكَلِمَات، وَزعم أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَدْعُو بِهن لجلسائه: " اللَّهُمَّ اقْسمْ لنا من خشيتك مَا تحول بِهِ بَيْننَا وَبَين الجزء: 4 ¦ الصفحة: 656 مَعَاصِيك " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث يرويهِ النَّسَائِيّ هَكَذَا: أخبرنَا الرّبيع بن سُلَيْمَان ابْن دَاوُد، حَدثنَا عبد الله بن عبد الحكم، أخبرنَا بكر - هُوَ ابْن مُضر - عَن عبيد الله بن زحر، عَن خَالِد بن أبي عمرَان، عَن نَافِع. وَعبيد الله بن زحر، وَإِن كَانَ صَدُوقًا فَإِنَّهُ ضَعِيف، ضعفه ابْن حَنْبَل. وَقَالَ ابْن معِين: لَيْسَ بِشَيْء. وَقَالَ فِيهِ ابْن الْمَدِينِيّ: مُنكر الحَدِيث. وَقَالَ أَبُو زرْعَة: لَا بَأْس بِهِ، صَدُوق. فَالْحَدِيث من أَجله حسن، وَهُوَ إفريقي وَكَذَلِكَ خَالِد بن أبي عمرَان، قَاضِي إفريقية. (2219) وَذكر من طَرِيق [أبي دَاوُد عَن] أبي هُرَيْرَة، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 657 كَانَ يَدْعُو: " اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من النِّفَاق، والشقاق، وَسُوء الْأَخْلَاق ". وَسكت عَنهُ، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة بَقِيَّة، وَقد تقدم ذكره فِي هَذَا الْبَاب. وَفِيه أَيْضا ضبارة بن عبد الله بن أبي السليك. قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عَمْرو بن عُثْمَان، حَدثنَا بَقِيَّة، حَدثنَا ضبارة بن عبد الله [بن أبي السليك، عَن دويد بن نَافِع، حَدثنَا أَبُو صَالح السمان، قَالَ: قَالَ] أَبُو هُرَيْرَة. فَذكره. وضبارة بن عبد الله بن أبي السليك هَذَا، لَا يعرف روى عَنهُ غير بَقِيَّة، وروى هُوَ عَن دويد بن نَافِع، وَلَا يعرف لَهُ حَال، وَهَكَذَا هُوَ فِي هَذَا الْإِسْنَاد: ضبارة بن عبد الله بن أبي السليك. وَعند أبي دَاوُد فِي كتاب الْأَدَب حَدِيث آخر من رِوَايَة بَقِيَّة أَيْضا، عَن ضبارة بن مَالك الْحَضْرَمِيّ، عَن أَبِيه، عَن جُبَير بن نفير، عَن أَبِيه. فهما - كَمَا ترى - رجلَانِ " أَحدهمَا ضبارة بن عبد الله بن أبي السليك، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 658 وَهُوَ قرشي، وَالْآخر ضبارة بن مَالك، وَهُوَ حضرمي. وَهَكَذَا ذكرهمَا البُخَارِيّ، فَإِنَّهُ بعد أَن ذكر ضبارة بن مَالك بن أبي السليك، أَبَا شُرَيْح الْحَضْرَمِيّ، قَالَ: وَلَهُم شيخ آخر يُقَال لَهُ: ضبارة بن عبد الله الْقرشِي، قَالَه لنا إِسْحَاق. فنص - كَمَا ترى - على أَنَّهُمَا رجلَانِ إِلَّا أَنه جعل ابْن مَالك مِنْهُمَا ابْن أبي السليك، وَفِي إِسْنَاد الحَدِيث الْمَذْكُور أَن ابْن عبد الله، هُوَ ابْن أبي السليك، فَلَا أَدْرِي مَا هَذَا؟ وَأَنا أستبعد أَن يكون ضبارة بن عبد الله بن أبي السليك الْقرشِي، وضبارة ابْن مَالك بن أبي السليك الْحَضْرَمِيّ رجلَيْنِ، وأخاف أَن يَكُونَا وَاحِدًا، اخْتلف فِيهِ على بَقِيَّة، أَو اضْطربَ هُوَ فِيهِ، أَو يكون كَمَا اعْتقد فِيهِ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ، أَنه ضبارة بن عبد الله بن مَالك بن أبي السليك، أَبُو شُرَيْح الْقرشِي. وَيبقى عَلَيْهِ أَن يجمع إِلَى كَونه قرشيا أَن يكون بولاء أَو حلف لإحدى القبيلتين. وكيفما كَانَ الْأَمر فِيهِ، فَإِنَّهُ مَجْهُول، أَو أَنَّهُمَا مَجْهُولَانِ، فَاعْلَم ذَلِك. (2220) وَذكر من طَرِيق البُخَارِيّ، عَن أنس عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي دُعَاء ذكره: " اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْهم والحزن ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 659 وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا هُوَ عِنْد البُخَارِيّ من رِوَايَة عَمْرو بن أبي عَمْرو، عَن أنس، وَقد تقدم فِي هَذَا الْبَاب. (2221) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الَّذِي لَيْسَ فِي جَوْفه شَيْء من الْقُرْآن كالبيت الخرب ". وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا هُوَ عِنْده هَكَذَا: حَدثنَا أَحْمد بن منيع، حَدثنَا جرير، عَن قَابُوس بن أبي ظبْيَان، عَن أَبِيه، عَن ابْن عَبَّاس. قَالَ فِيهِ: حسن صَحِيح، وَلَكِن قد بَينا فِيمَا قبل أَن قَابُوس بن أبي ظبْيَان ضَعِيف، وَإِن كَانَ صَدُوقًا. وَجَرِير رَاوِي هَذَا الحَدِيث عَنهُ، هُوَ الْقَائِل: أتيناه بعد كساده، وَزَعَمُوا أَنه افترى على رجل فحد، فكسد لذَلِك. وَسَيَأْتِي لَهُ ذكر فِي الْبَاب الَّذِي بعد هَذَا، إِثْر حَدِيث ذكره بِقِطْعَة من إِسْنَاده من عِنْد قَابُوس الْمَذْكُور. وَعَمله فِي ذَلِك أصوب؛ فَإِنَّهُ يشبه أَن يكون إبرازه إِيَّاه تبريا من عهدته، فَأَما سُكُوته عَنهُ وَلَا يبين أَن الحَدِيث من رِوَايَته فخطأ. (2222) وَذكر من طَرِيق مُسلم حَدِيث أبي بن كَعْب: " يَا أَبَا الْمُنْذر، أَي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 660 آيَة مَعَك من كتاب الله أعظم ". وَلم يبين أَنه من رِوَايَة الْجريرِي، وَهُوَ مختلط. (2223) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن لكل شَيْء قلبا، وقلب الْقُرْآن يس ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 661 وَسكت عَنهُ، وَهُوَ عِنْد الْبَزَّار هَكَذَا: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن الْفضل حَدثنَا زيد بن الْحباب، حَدثنَا حميد، عَن عَطاء، عَن أبي هُرَيْرَة. وَحميد هَذَا هُوَ مولى بني عَلْقَمَة، لَا يعرف روى عَنهُ إِلَّا زيد بن حباب، وَقد ذكر أَبُو مُحَمَّد نَفسه فِي كِتَابه الْكَبِير هَذَا الَّذِي قُلْنَاهُ إِثْر هَذَا الحَدِيث. (2224) وَذكر من طَرِيق أبي عمر بن عبد الْبر، عَن عبد الله بن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 662 مَسْعُود، قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " من قَرَأَ سُورَة الْوَاقِعَة كل لَيْلَة لم تصبه فاقة أبدا ". وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا تسَامح فِيهِ، وَلَيْسَ يَنْبَغِي أَن تظن بِهِ الصِّحَّة. وَإسْنَاد أبي عمر فِيهِ هُوَ هَذَا: أخبرنَا عبد الله بن مُحَمَّد بن يُوسُف، حَدثنَا: بشر بن عبد الله الْبَغْدَادِيّ، أخبرنَا: عبد الله بن الْحُسَيْن بن عبد الرَّحْمَن القَاضِي، الْأَنْطَاكِي، حَدثنَا [حبشِي بن عَمْرو بن الرّبيع بن طَارق - واسْمه طَاهِر يَعْنِي اسْم حبشِي -] حَدثنِي أبي أخبرنَا السّري بن يحيى، عَن أبي شُجَاع، عَن أبي ظَبْيَة، عَن عبد الله بن مَسْعُود. فَذكره. وَلَا يتَحَقَّق كَون أبي ظَبْيَة هَذَا هُوَ الكلَاعِي، وَلَا يعرف غير أبي ظَبْيَة الكلَاعِي، وَأَبُو ظَبْيَة الكلَاعِي، إِنَّمَا تعرف رِوَايَته عَن معَاذ، والمقداد، وَهُوَ ثِقَة. وَلَا يتَحَقَّق أَيْضا كَون أبي شُجَاع هَذَا، سعيد بن يزِيد الإسكندري، وَهُوَ أَيْضا ثِقَة، يروي عَنهُ اللَّيْث، وَابْن الْمُبَارك، وَنَحْوهمَا. وَالسري بن يحيى ثِقَة أَيْضا. وَعَمْرو بن الرّبيع بن طَارق ثِقَة، وَابْنه طَاهِر لَا تعرف لَهُ حَال. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 663 وَعبد الله بن الْحُسَيْن، وَبشر بن عبد الله، لَا يعرف لَهما أَيْضا حَال كَذَلِك. وَقد ذكر أَبُو عبيد: الْقَاسِم بن سَلام هَذَا الحَدِيث فِي كِتَابه فِي فَضَائِل الْقُرْآن عَن أبي شُجَاع أَيْضا، عَن أبي ظَبْيَة، عَن ابْن مَسْعُود، وَذكره ابْن وهب فِي جَامعه فَقَالَ: أَخْبرنِي السّري بن يحيى أَن شجاعا حَدثهُ عَن أبي ظَبْيَة، عَن عبد الله بن مَسْعُود، وَزَاد فِيهِ، وَكَانَ أَبُو ظَبْيَة لَا يَدعهَا. قَالَ السّري: وَبَلغنِي أَن عَائِشَة كَانَت تَقول للنِّسَاء: " لَا تعجز إحداكن أَن تقْرَأ سُورَة الْوَاقِعَة فِي كل لَيْلَة ". كَذَا فِي النُّسْخَة " أَن شجاعا " فَإِن لم يكن وهما فِيهَا، فَهُوَ مِمَّا يُؤَكد الْجَهْل بِهِ، أَن كَانَ مُخْتَلفا فِيهِ، فَيُقَال: شُجَاع، وَيُقَال أَبُو شُجَاع، فَالله أعلم. (2225) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " ضرب بعض الجزء: 4 ¦ الصفحة: 664 أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خباءه على قبر، وَهُوَ لَا يحْسب أَنه قبر، فَإِذا فِيهِ إِنْسَان يقْرَأ سُورَة: تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ متسامحا فِيهِ، وَهُوَ من رِوَايَة يحيى بن عَمْرو بن مَالك النكري، عَن أَبِيه، عَن أبي الجوزاء، عَن ابْن عَبَّاس. وَعَمْرو بن مَالك لَا تعرف حَاله، وَقد روى عَنهُ جمَاعَة، وَهُوَ بَصرِي. فَأَما ابْنه يحيى فضعيف، ضعفه ابْن معِين، وَأَبُو زرْعَة، وَالنَّسَائِيّ. وَقد تولى أَبُو مُحَمَّد نَفسه تَضْعِيفه، وَنقل ذَلِك عَن هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة فِي كتاب الْأَيْمَان وَالنُّذُور، إِثْر حَدِيث أوردهُ من رِوَايَته عَن أبي الجوزاء، عَن ابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. (2226) " من حلف على يَمِين فَرَأى غَيرهَا خيرا مِنْهَا فليأتها، فَإِن كفارتها طَلَاق أَو عتاق ". سَاقه من طَرِيق أبي أَحْمد. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 665 (2227) وَذكر بِهَذَا الْإِسْنَاد أَيْضا: كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَاتب يُسمى السّجل. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 666 وأحال فِيهِ على مَا قدم من ذكره وتضعيفه فِي كتاب الْأَيْمَان وَالنُّذُور. وبمثل هَذَا كَانَ يَنْبَغِي أَن يعْمل فِي هَذَا الحَدِيث لَوْلَا أَنه تسَامح فِيهِ لكَونه ترغيبا. (2228) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ أَيْضا عَن ابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الجزء: 4 ¦ الصفحة: 667 قَالَ: " اتَّقوا الحَدِيث عني إِلَّا مَا قد علمْتُم، فَمن كذب عَليّ مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار، وَمن قَالَ فِي الْقُرْآن بِرَأْيهِ " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا يرويهِ التِّرْمِذِيّ هَكَذَا: حَدثنَا سُفْيَان بن وَكِيع، حَدثنَا سُوَيْد بن عَمْرو الْكَلْبِيّ، حَدثنَا أَبُو عوَانَة، عَن عبد الْأَعْلَى، عَن سعيد بن جُبَير عَنهُ. وَقد تقدم فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي لم يبين عللها ذكر سُفْيَان بن وَكِيع، وَأَنه مُتَّهم بِالْكَذِبِ. وَقد كَانَ لَهُ أَن يذكر هَذَا الحَدِيث من غير طَرِيقه، على مَا نذْكر - إِن شَاءَ الله - فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا من طرق ضَعِيفَة، وَلها طرق أحسن مِنْهَا، صَحِيحَة أَو حَسَنَة. (2229) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ أَيْضا عَن عدي بن حَاتِم، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْيَهُود مغضوب عَلَيْهِم، وَالنَّصَارَى ضلال ". وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا يرويهِ عِنْده سماك بن حَرْب، عَن عباد بن حُبَيْش، عَن عدي بن حَاتِم. وَعباد بن حُبَيْش لَا تعرف لَهُ حَال، وَلَا يعرف روى عَنهُ غير سماك بن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 668 حَرْب، وَهُوَ كُوفِي. وَلما ذكره البُخَارِيّ لم يزدْ على أَن قَالَ: يروي عَنهُ سماك فِي إِسْلَام عدي. وَإِنَّمَا يَعْنِي هَذَا الحَدِيث، فَإِنَّهُ حَدِيث طَوِيل، هَذِه قِطْعَة مِنْهُ. وَسماك بن حَرْب، قد تقدم ذكره فِي هَذَا الْبَاب. (2230) [وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن ابْن عَبَّاس " لما] أنزل الله تَعَالَى {وَلَا تقربُوا مَال الْيَتِيم إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أحسن} ، {إِن الَّذين يَأْكُلُون أَمْوَال الْيَتَامَى ظلما} ". وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا يرويهِ جرير عَن عَطاء بن السَّائِب، عَن سعيد بن جُبَير، عَنهُ. وَقد تقدم ذكر عَطاء. (2231) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا عَن ابْن عَبَّاس " {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 669 تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى} ، و {يَسْأَلُونَك عَن الْخمر وَالْميسر} ، قَالَ: نسختها الَّتِي فِي الْمَائِدَة: {إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر والأنصاب} الْآيَة ". وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا هُوَ من رِوَايَة عَليّ بن حُسَيْن، عَن أَبِيه، عَن يزِيد النَّحْوِيّ، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس. وَعلي ضَعِيف. (2232) وَذكر من طَرِيق الْحميدِي عَن ابْن عَبَّاس، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَأَلَ جِبْرِيل: " أَي الْأَجَليْنِ قضى مُوسَى ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 670 وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا يرويهِ الْحميدِي هَكَذَا: حَدثنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن يحيى بن أبي يَعْقُوب - وَكَانَ من أسناني أَو أَصْغَر وَكَانَ رجلا صَالحا - عَن الحكم بن أبان، عَن عِكْرِمَة عَنهُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 671 وَإِبْرَاهِيم بن يحيى هَذَا لَا يعرف بِغَيْر هَذَا، وَلَا يعرف راو عَنهُ إِلَّا ابْن عُيَيْنَة، وَلَيْسَ كل صَالح ثِقَة فِي الحَدِيث، بل قد قيل: لم نر الصَّالِحين فِي شَيْء أكذب مِنْهُم فِي الحَدِيث. وَذَلِكَ - وَالله أعلم - لِسَلَامَةِ صُدُورهمْ، وَتَحْسِينهمْ الظَّن بِمن يُحَدِّثهُمْ، ولتشاغلهم بِمَا هم بسبيله عَن حفظ الحَدِيث وَضَبطه، وَفهم مَعَانِيه، وَمن لم تثبت عَدَالَته لَا يَصح حَدِيثه. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 672 (2233) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ حَدِيث نيار بن مكرم فِي مراهنة أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ الْمُشْركين على غَلَبَة الرّوم فَارس. وَأتبعهُ تَصْحِيح التِّرْمِذِيّ إِيَّاه، والْحَدِيث عِنْده من رِوَايَة ابْن أبي الزِّنَاد. قَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ، حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن أبي أويس، حَدثنَا ابْن أبي الزِّنَاد، عَن أبي الزِّنَاد، عَن عُرْوَة بن الزبير، عَن نيار بن مكرم. فَذكره. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 673 وَقد تقدم ذكر ابْن أبي الزِّنَاد وَمَا لَهُ فِيهِ. ونيار بن مكرم صَحَابِيّ. (2234) وَذكر من طَرِيق قَاسم بن أصبغ، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره خمسين ألف سنة، فَقلت: مَا أطول هَذَا؟ فَقَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، إِنَّه ليخفف على الْمُؤمن " الحَدِيث. وَلم يبين أَنه من رِوَايَة دراج، وَقد تقدم. قَالَ قَاسم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مُعَاوِيَة، حَدثنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد، حَدثنَا يزِيد ابْن خَالِد بن موهب، حَدثنَا ابْن وهب، أَخْبرنِي عَمْرو بن الْحَارِث، عَن دراج، عَن أبي الْهَيْثَم، عَن أبي سعيد. فَذكره. (2235) وَذكر من طَرِيق مُسلم حَدِيث أبي هُرَيْرَة: " أصدقكم رُؤْيا أصدقكم حَدِيثا ". وَلم يبين أَنه من رِوَايَة عبد الْوَهَّاب بن عبد الْمجِيد، وَهُوَ مختلط. (2236) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن أبي سعيد، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أصدق الرُّؤْيَا بالأسحار ". وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا يرويهِ ابْن لَهِيعَة، قَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، حَدثنَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 674 ابْن لَهِيعَة، عَن دراج، عَن أبي الْهَيْثَم، عَن أبي سعيد. فَذكره. وَقد كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَن يبين أَنه من رِوَايَة دراج، وَلَو سلم من ابْن لَهِيعَة. (2237) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، حَدِيث ابْن عمر: " أَنْتُم الْعَكَّارُونَ، وَأَنا فِئَتكُمْ ". وَسكت عَنهُ، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة يزِيد بن أبي زِيَاد. (2238) وَذكر من طَرِيق مُسلم عَن جَابر بن سَمُرَة، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنِّي لأعرف حجرا بِمَكَّة، كَانَ يسلم عَليّ قبل أَن أبْعث ". وَسكت عَنهُ، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة سماك بن حَرْب. (2239) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن سعيد بن زيد، حَدِيث الْعشْرَة الَّذين تحرّك بهم حراء. وَفِيه: " قيل: فَمن الْعَاشِر؟ قَالَ: أَنا ". الجزء: 4 ¦ الصفحة: 675 وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا هُوَ عِنْد التِّرْمِذِيّ حسن، وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَن يُقَال فِيهِ؛ فَإِنَّهُ إِنَّمَا يرويهِ هِلَال بن يسَاف، عَن عبد الله بن ظَالِم الْمَازِني، عَن سعيد بن زيد. وَعبد الله بن ظَالِم هَذَا لَا يعرف حَاله، وَلَا راو عَنهُ إِلَّا هِلَال بن يسَاف، وَعبد الْملك بن ميسرَة، حديثين هَذَا أَحدهمَا. (2240) وَالْآخر: " بِحَسب أَصْحَابِي الْقَتْل " يرويهِ الْبَزَّار من طَرِيق الجزء: 4 ¦ الصفحة: 676 هِلَال بن يسَاف عَنهُ، عَن سعيد بن زيد، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " بِحَسب أَصْحَابِي الْقَتْل ". (2241) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار، عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الله اخْتَار أَصْحَابِي على الْعَالمين، سوى النَّبِيين وَالْمُرْسلِينَ " الحَدِيث. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 677 وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا يرويهِ كَاتب اللَّيْث، وَهُوَ مُخْتَلف فِيهِ. قَالَ الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن رزق الله الكلوذاني وَأحمد بن مَنْصُور - وَاللَّفْظ لمُحَمد - قَالَا: حَدثنَا عبد الله بن صَالح - هُوَ كَاتب اللَّيْث - حَدثنَا نَافِع بن يزِيد، حَدثنِي أَبُو عقيل: زهرَة بن معبد، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن جَابر. فَذكره. والْحَدِيث من أَجله حسن، وَالرجل من أهل الصدْق، وَلم يثبت عَلَيْهِ مَا يسْقط لَهُ حَدِيثه، لكنه مُخْتَلف فِيهِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 678 (2242) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار حَدِيث أبي الدَّرْدَاء، سَمِعت أَبَا الْقَاسِم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِن الله قَالَ لعيسى بن مَرْيَم: إِنِّي باعث من بعْدك أمة، إِن أَصَابَهُم مَا يحبونَ حمدوا وشكروا " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَيَنْبَغِي أَن يُقَال لَهُ أَيْضا: حسن؛ فَإِنَّهُ من رِوَايَة مُعَاوِيَة بن صَالح - وَهُوَ مُخْتَلف فِيهِ - وَهُوَ أَيْضا من أهل الصدْق، وَلم يثبت عَلَيْهِ مَا يسْقط لَهُ حَدِيثه، وَقد تقدم. قَالَ الْبَزَّار: حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم - قرَابَة أَحْمد بن منيع -، حَدثنَا الْحسن بن سوار، حَدثنَا اللَّيْث، عَن مُعَاوِيَة بن صَالح، عَن أبي حَلبس: يُونُس بن ميسرَة، عَن أم الدَّرْدَاء. فَذكره. وَيُونُس ثِقَة، وَهُوَ أحد الْعباد، وَالْحسن بن سوار صَدُوق. (2243) وَذكر من طَرِيق مُسلم، عَن زيد بن ثَابت: بَيْنَمَا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حَائِط لبني النجار. وَفِيه " تعوذوا بِاللَّه من الْفِتَن، مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن ". وَلم يبين أَنه من رِوَايَة سعيد الْجريرِي، وَقد تقدم. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 679 (8) بَاب ذكر أَحَادِيث سكت عَنْهَا وَقد ذكر أسانيدها أَو قطعا مِنْهَا وَلم يبين من أمرهَا شَيْئا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 7 هَذَا الْبَاب نذْكر فِيهِ أَحَادِيث يتَوَهَّم من رَآهُ ساكتاً عَنْهَا أَنَّهَا عِنْده صَحِيحَة، وَيحْتَمل أَن يكون - لما ذكر من أسانيدها مَا ذكر - قد تَبرأ من عهدها. وَقد كَانَ ذَلِك مِنْهُ فِي جملَة أَحَادِيث مر ذكرهَا فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي لم يبين عللها، ذكرهَا بِقطع من أسانيدها، مُعْتَمدًا على مَا قدم فِي أحد من رواتها، أَو لِأَن من يذكر فِيهَا مَشْهُور بالضعف، فَلم يتَوَهَّم - بسكوته عَن إعلالها - تَصْحِيحه إِيَّاهَا. وَمَرَّتْ لَهُ أَيْضا أَحَادِيث ذكرهَا بِقطع من أسانيدها، فِي بَاب مَا أعل من الْأَحَادِيث بِرِجَال، وَترك دونهم أَو فَوْقهم من هُوَ مثلهم أَو أَضْعَف مِنْهُم. \ فَأَما هَذِه الَّتِي نذْكر الْآن، فَإِن تَصْحِيحه متوهم فِيهَا، فنعتمد بَيَان أمرهَا - إِن شَاءَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تَعَالَى - وَقد قُلْنَا - ونقول الْآن: إِنَّه حِين بَين اصْطِلَاحه فِيمَا يسكت عَنهُ، لم يفرق بَين مَا ذكر فِيهِ الصَّحَابِيّ فَقَط، وَبَين مَا ذكر فِيهِ بعض رُوَاته مِمَّن دون الصَّحَابَة، بل ظَاهر أمره أَنه يحكم على الْجَمِيع [بِالصِّحَّةِ، اللَّهُمَّ إِلَّا مَا تقدم] لَهُ التَّنْبِيه على أَنه ضَعِيف أَو مَجْهُول، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ - بعد إبرازه إِيَّاه - بِمَثَابَة قَوْله: فِي إِسْنَاده فلَان، وعَلى أَنا قد وَجَدْنَاهُ يذكر فِي بعض الجزء: 5 ¦ الصفحة: 9 الْأَحَادِيث من دون الصَّحَابَة مِمَّن لَا شكّ فِي ثقته. (2244) كَمَا فعل فِي حَدِيث قتل كَعْب بن الْأَشْرَف. فَإِنَّهُ جَاءَ بِهِ من عِنْد مُسلم، واقتطع إِسْنَاده من عِنْد سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن عَمْرو بن دِينَار، قَالَ: سَمِعت جَابِرا، وَفِي أَحَادِيث قد مر ذكرهَا فِي بَاب النَّقْص من الْأَسَانِيد. وَقد وَجَدْنَاهُ يَقُول فِي بعض الْأَحَادِيث: فِي إِسْنَاده فلَان، وَيكون فلَان الْمَذْكُور ثِقَة لَا نظر فِيهِ. (2245) كَمَا قد جرى لَهُ فِي مُرْسل الْحسن فِي طَلَاق الْمَرِيض، حِين قَالَ: فِي إِسْنَاده سهل بن أبي الصَّلْت السراج. وَقد بَينا أمره فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي لم يعبها بسوى الْإِرْسَال. (2246) وكما فعل فِي حَدِيث: " من لبس ثوب شهرة فِي الدُّنْيَا ... ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 10 فَإِنَّهُ أتبعه أَن قَالَ: فِي إِسْنَاده شريك، عَن عُثْمَان بن أبي زرْعَة. وَهَذَا يُوهم ضعفا فِي عُثْمَان بن أبي زرْعَة، وَهُوَ عُثْمَان بن الْمُغيرَة، وَمَا بِهِ ضعف، بل هُوَ أحد الثِّقَات. ومقصود الْبَاب يتَبَيَّن بِمَا يذكر فِيهِ - إِن شَاءَ الله تَعَالَى - بَينا شافياً. وَلم يُخرجهُ ذكر الْقطع من أَسَانِيد هَذِه الْأَحَادِيث من سوء الصَّنِيع الَّذِي بَينا من عمله فِي أول الْبَاب الَّذِي فَرغْنَا مِنْهُ، وَهُوَ خلطه مَا هُوَ صَحِيح بِمَا هُوَ حسن أَو سقيم، من غير تَمْيِيز بَينهمَا، فَإِنَّهُ مَتى لم يذكر جَمِيع إِسْنَاد الحَدِيث، اَوْ يُنَبه على علته، فقد لبس وخلط مَا هُوَ صَحِيح بِمَا لَيْسَ كَذَلِك. وجامع ذَلِك وضابطه أَن من يُرْسل الْأَحَادِيث، ويطوي ذكر من اتَّصَلت بِهِ، لَا يَخْلُو المطوي ذكره من أَربع أَحْوَال: أَحدهَا: أَن يكون ثِقَة عِنْده وَعند غَيره. وَالثَّانيَِة: عكس هَذِه، أَن يكون ضَعِيفا عِنْده وَعند غَيره. وَالثَّالِثَة: أَن يكون ثِقَة عِنْده، ضَعِيفا عِنْد غَيره. وَالرَّابِعَة: عكس هَذِه، أَن يكون ضَعِيفا عِنْده، ثِقَة عِنْد غَيره فَفِي الأول يجوز الْإِرْسَال بطي ذكره الثِّقَة بِخِلَاف، وَإِنَّمَا الْخلاف فِي أَنه يعْمل بِهِ أم لَا. وَالثَّانيَِة: لَا يجوز لَهُ ذَلِك بِلَا خلاف، لِأَنَّهُ لما كَانَ ضَعِيفا عِنْده وَعند النَّاس، لم يجز لَهُ طي ذكره، فَإِنَّهُ إِذا فعل ذَلِك، رُبمَا صَادف من يعْمل الجزء: 5 ¦ الصفحة: 11 بالمراسل فَيَأْخُذ بِهِ، وَالَّذِي أرْسلهُ قد علم أَنه لَيْسَ من الشَّرْع. وَالثَّالِثَة: وَهِي أَن يَقُول: حَدثنِي الثِّقَة عِنْدِي، أَو من أرْضى، مَوضِع نظر، فَإِنَّهُ إِن قيل: يجوز لَهُ لِأَنَّهُ عِنْده ثِقَة كالأولى، احْتمل أَن يُقَال: لَا يجوز لَهُ ذَلِك كالثانية، للمانع الْمَذْكُور فِيهَا، لأَنا قد فرضناه ضَعِيفا عِنْد النَّاس. وَالرَّابِعَة كالثانية، لِأَنَّهُ ضَعِيف عِنْده وَقد ينفرج فِيهَا احْتِمَال، وكل هَذِه مسَائِل فرعية، والحظ الأصولي مِنْهَا إِنَّمَا هُوَ: هَل يعْمل بالمرسل أم لَا؟ وتخلص من هَذَا أَن الْإِرْسَال إِنَّمَا يجوز إِذا طوى الَّذِي يُرْسل ذكر من هُوَ عِنْده ثِقَة وَهُوَ عِنْد غَيره كَذَلِك. فَأَما الْأُخَر الممتنعة فيشتد الْأَمر فِيهَا إِذا خلطت بِالصَّحِيحِ حَتَّى يتَوَهَّم فِيهَا أَنَّهَا صَحِيحَة كَذَلِك، ولنرجع إِلَى ذكر مَقْصُود الْبَاب فَنَقُول: (2247) فَمن ذَلِك أَنه ذكر من طَرِيق أبي مُحَمَّد بن حزم، من طَرِيق الْبَزَّار، عَن طَلْحَة بن عَمْرو، عَن عَطاء، عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا كنت إِمَامًا فقس النَّاس بأضعفهم ". قَالَ: وَالَّذِي رَأَيْت فِي الْمسند: " إِذا كنت إِمَامًا فاقدر الْقَوْم بأضعفهم " انْتهى مَا أورد. وَالْمَقْصُود مِنْهُ لهَذَا الْبَاب سُكُوته عَنهُ، فَلم يعله، وينجر الْكَلَام على إِنْكَاره على ابْن حزم مَا سَاق مِنْهُ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 12 وَقَوله: إِنَّه إِنَّمَا رأى فِي مُسْند الْبَزَّار اللَّفْظ الَّذِي ذكر، لَا لفظ " فقس " وَسكت أَيْضا عَن هَذَا اللَّفْظ الَّذِي رأى، فجَاء من ذَلِك أَنه لم يعب شَيْئا من الْإِسْنَاد الْمَذْكُور. فَنَقُول - وَبِاللَّهِ [التَّوْفِيق -: اللَّفْظ الَّذِي أنكرهُ أَبُو مُحَمَّد، هُوَ مَوْجُود عِنْد الْبَزَّار] ، كَمَا نقل ابْن حزم حرفا بِحرف. قَالَ الْبَزَّار: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن نصر، حَدثنَا أَبُو نعيم: الْفضل بن دُكَيْن، حَدثنَا طَلْحَة - يَعْنِي ابْن عَمْرو -، عَن عَطاء - يَعْنِي بن أبي رَبَاح -، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (2248) " يَا أَبَا هُرَيْرَة، رز غبا تَزْدَدْ حبا ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 13 (2249) ثمَّ قَالَ: وبإسناده: " إِن الله تبَارك وَتَعَالَى أَعْطَاكُم عِنْد وفاتكم ثلث أَمْوَالكُم، زِيَادَة فِي أَعمالكُم ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 15 (2250) ثمَّ سَاق بِالْإِسْنَادِ نَفسه: " إِنِّي لأسْمع بكاء الصَّبِي " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: وبإسناده قَالَ: " إِذا كنت إِمَامًا فقس النَّاس بأضعفهم، وَإِذا كنت إِمَام نَفسك فَأَنت وَذَاكَ ". هَكَذَا سَاق جَمِيع مَا أوردناه، وَقَالَ بعد ذَلِك فِي طَلْحَة بن عَمْرو: لم يكن بِالْحَافِظِ. فخفي هَذَا كُله على أبي مُحَمَّد، عبد الْحق، فَوَقع فِي شَيْئَيْنِ: الْإِنْكَار على ابْن حزم مَا سَاق من ذَلِك، وإيهام سَلامَة الْإِسْنَاد بسكوته عَنهُ، وَلم يكن بَينه وَبَين مَا رأى إِلَّا نَحْو من عشْرين سطراً، وَذَلِكَ أَن الَّذِي رأى إِنَّمَا وَقع فِي الْمسند قبل هَذَا بذلك الْمِقْدَار، وَهُوَ بِغَيْر هَذَا الْإِسْنَاد، إِنَّمَا هُوَ هَكَذَا: حَدثنَا الْفضل بن سهل، حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن يُونُس، أَبُو مُسلم، أخبرنَا سُفْيَان، عَن ابْن جريح، عَن عَطاء، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا كنت إِمَامًا فاقدر الْقَوْم بأضعفهم، فَإِن فيهم الْكَبِير وَالصَّغِير والسقيم وَذَا الْحَاجة، وَإِذا صليت لنَفسك فطول مَا اسْتَطَعْت ". وَلَو كَانَ قد تقدم لَهُ تَضْعِيف طَلْحَة بن عَمْرو، كُنَّا نقُول: سكت عَنهُ بعد أَن أبرزه، اعْتِمَادًا على مَا قدم فِيهِ، وَلَوْلَا أَنه أوهم بقوله: " الَّذِي رَأَيْت فِي الْمسند كَذَا ". أَن ذَلِك بِهَذَا الْإِسْنَاد، كُنَّا نقُول: إِنَّمَا لم يُعلل الأول بِأَنَّهُ لم يسلم لَهُ وجوده، لَكِن إحالته بِالَّذِي رأى على الْإِسْنَاد الأول، يُوجب عَلَيْهِ التَّعْرِيف الجزء: 5 ¦ الصفحة: 16 بِحَال الْإِسْنَاد [الأول وَبَيَان حَال طَلْحَة بن عَمْرو. (2251) وَذكر من طَرِيق] أبي دَاوُد عَن الْوَلِيد بن زروان، عَن أنس بن مَالك أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا تَوَضَّأ أَخذ كفا من مَاء فَأدْخلهُ تَحت حنكه " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: الْوَلِيد بن زروان، روى عَنهُ حجاج، وجعفر بن برْقَان، وَأَبُو الْمليح الرقي. لم يزدْ على هَذَا، والوليد هَذَا مَجْهُول الْحَال، وَلَا يعرف بِغَيْر هَذَا الحَدِيث، وَله إِسْنَاد جيد عَن أنس، سَنذكرُهُ بِهِ - إِن شَاءَ الله - فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا صَحِيحَة، وَلَيْسَت كَذَلِك من تِلْكَ الطّرق، وَلها طرق أحسن مِنْهَا صَحِيحَة أَو حَسَنَة. (2252) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد أَيْضا، عَن حُصَيْن بن قبيصَة، عَن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 17 عَليّ، قَالَ: " كنت رجلا مذاء " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، إِلَّا مَا أبرزه من ذكر حُصَيْن بن قبيصَة، وَهُوَ كُوفِي يروي عَن عَليّ، وَابْن مَسْعُود، روى عَنهُ الركين بن الرّبيع، وَالقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن، وَلَا تعرف حَاله. وَأعْرض فِيهِ عَن عُبَيْدَة بن حميد الْحذاء، فَلم يعله بِهِ وَلَا بَين كَونه من رِوَايَته، وَأصَاب فِي ذَلِك، وَإِنَّمَا أَخطَأ حِين ضعف [بِهِ] حَدِيث ابْن مَسْعُود. (2253) " كَانَت صَلَاة رَسُول الله فِي الشتَاء كَذَا، وَفِي الصَّيف كَذَا ". فِي الوقوت. وعَلى تضعيفة الحَدِيث من أجل عُبَيْدَة بن حميد، كَانَ يلْزمه فِي هَذَا أَن يُنَبه على كَونه من رِوَايَته، وَإِذا لم يفعل فقد أَخطَأ أَيْضا فِي هَذَا؛ فاعلمه. (2254) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا عَن جَمِيع بن عُمَيْر، عَن عَائِشَة: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 18 " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يتَوَضَّأ وضوءه للصَّلَاة ثمَّ يفِيض على جسده " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، إِلَّا أَنه أبرز من إِسْنَاده جَمِيع بن عُمَيْر، وطوى ذكر رَاوِيه عَنهُ، وَهُوَ صَدَقَة بن سعيد الْحَنَفِيّ، وَالِد الْمفضل بن صَدَقَة، وَهُوَ عِلّة الْخَبَر. [قَالَ البُخَارِيّ: عِنْده عجائب. وَقَالَ فِيهِ] السَّاجِي: لَيْسَ بِشَيْء. وَقَالَ ابْن وضاح: ضَعِيف. وَقَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِم: شيخ. وَبِالْجُمْلَةِ فَلم تثبت عَدَالَته، وَلم يثبت فِيهِ جرح مُفَسّر. وَإِلَى هَذَا فَإِن جَمِيع بن عُمَيْر، وَإِن كَانَ قد روى عَنهُ جمَاعَة، وَقَالُوا: إِنَّه صَالح الحَدِيث، فقد قَالَ أَبُو حَاتِم: إِنَّه من عتق الشِّيعَة. وَقَالَ أَبُو أَحْمد بن عدي: عَامَّة مَا يرويهِ لَا يُتَابِعه غَيره عَلَيْهِ. وَأحسن أَحْوَال هَذَا الحَدِيث، أَن يُقَال فِيهِ: حسن. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 19 (2255) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا، من حَدِيث آمِنَة بنت أبي الصَّلْت، عَن امْرَأَة من غفار، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أمرهَا أَن تجْعَل فِي المَاء الَّذِي غسلت بِهِ دم الْحيض ملحاً ". هَكَذَا أوردهُ مُخْتَصرا وَسكت عَنهُ، إِلَّا أَنه أبرز من إِسْنَاده آمِنَة بنت أبي الصَّلْت، وَلم يتَقَدَّم لَهُ فِيهَا شَيْء، وَلَا يعرف لَهُ غير هَذَا، وَلَا هِيَ مَذْكُورَة فِي غَيره، وَهُوَ حَدِيث مطول سَاقه ابْن إِسْحَاق فِي سيره، وَمن طَرِيقه سَاق أَبُو دَاوُد هَذِه الْقطعَة المقتطعة مِنْهُ، وَزعم بَعضهم أَنَّهَا آمِنَة بنت الحكم، كَانَ الحكم اسْما لأبي الصَّلْت، وَأَنَّهَا أم سُلَيْمَان بن سحيم. هَذَا قَالَه أَبُو الْوَلِيد بن الفرضي فِي كِتَابه، وَلم تجْعَل بِهَذَا كُله فِي حد من يحْتَج بروايته. وَضبط اسْمهَا: آمِنَة بِأَلف مُطَوَّلَة، قبلهَا همزَة مَفْتُوحَة، وَمِيم مَكْسُورَة، بعْدهَا نون، وَكَذَلِكَ وَقع ذكرهَا فِي سير ابْن إِسْحَاق وَفِي كتاب أبي دَاوُد، وَخَالف فِي ضبط اسْمهَا أَبُو بكر بن ثَابت الْخَطِيب، فَقَالَ فِي كِتَابه تَلْخِيص الْمُتَشَابه: بَاب الْفرق بالتذكير والتأنيث مَعَ الِاتِّفَاق فِي الْحُرُوف الجزء: 5 ¦ الصفحة: 20 فَذكر فِي هَذَا الْبَاب، أُميَّة بن أبي الصَّلْت الشَّاعِر الثَّقَفِيّ الجاهلي، وَأُميَّة بنت أبي الصَّلْت هَذِه، وَأورد حَدِيثهَا الْمَذْكُور من عِنْد ابْن إِسْحَاق، ثمَّ من طَرِيق الْوَاقِدِيّ بِزِيَادَة أم عَليّ بنت أبي الحكم فِي تَفْسِير الْإِسْنَاد بَين سُلَيْمَان بن سحيم، وَأُميَّة الْمَذْكُورَة، ثمَّ جعله من رِوَايَتهَا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - و [لم يذكر الْمَرْأَة الَّتِي من بني غفار، وَبِذَلِك تكون أُميَّة الْمَذْكُورَة عِنْد] الْوَاقِدِيّ صحابية وَشَيْء من هَذَا لم يثبت، وَلَو جهدت جهدك لم تَجِد فِيهَا إِلَّا مَا قُلْنَاهُ من أَنَّهَا مَجْهُولَة، وَكَذَلِكَ الغفارية الْمَذْكُورَة. وَلَيْسَ يَنْبَغِي أَن نقبل قَوْلهَا عَن نَفسهَا: إِنَّهَا صحابية، كَمَا لَا نقبل قَول أحد عَن نَفسه: إِنَّه ثِقَة، بل هَذَا أَشد، لما فِيهِ من ادِّعَاء المزية فَهَذِهِ زِيَادَة عِلّة أُخْرَى لهَذَا الْخَبَر. وَقد قدمنَا ذكر مَا اعترى أَبَا مُحَمَّد فِيمَا أورد من أَحَادِيث رجال أَو نسَاء غير مسمين عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا مُتَّصِلَة، وَهِي مُنْقَطِعَة. (2256) وَقد [رد] حَدِيث الذيل من أجل أم ولد إِبْرَاهِيم الجزء: 5 ¦ الصفحة: 21 راويته. \ وَهَذِه أخمل ذكرا مِنْهَا، وَذَلِكَ الحَدِيث أشهر من هَذَا، وَهُوَ من رِوَايَة مَالك، وَهَذَا من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق، فَاعْلَم ذَلِك. (2257) وَذكر من طَرِيق مَالك حَدِيث بسر بن محجن، عَن أَبِيه: " إِذا جِئْت فصل مَعَ النَّاس، وَإِن كنت قد صليت ". وَسكت عَنهُ، إِلَّا أَنه لم يقْتَصر على الصَّحَابِيّ، بل ذكر بسراً ودونه، وَبسر لَا يعرف بِغَيْر رِوَايَة زيد بن أسلم عَنهُ، وَلَا تعرف خَاله. وأظن أَن أَبَا مُحَمَّد، مِمَّن يعْتَمد فِيمَا يُخرجهُ مَالك فِي موطئِهِ قَوْله لبشر بن عمر حِين سَأَلَهُ عَن رجل: لَو كَانَ ثِقَة لرأيته فِي كتبي. وَهَذَا لمن اعْتَمدهُ غير مُعْتَمد، لوجوه. مِنْهَا: أَن شُمُوله لمن لَعَلَّه قد غَابَ عَن خاطره حِين إِطْلَاقه إِيَّاه غير مَعْلُوم. وَمِنْهَا: أَن القَوْل الْمَذْكُور لَا بُد من تَأْوِيله، فَإِن ظَاهره يُعْطي أَن كل الثِّقَات الجزء: 5 ¦ الصفحة: 22 فِي كتبه وَهَذَا لَا يَصح، وَلَا بُد من تَخْصِيصه، فكم من ثِقَة من أهل الْمَدِينَة لم يدْخل لَهُ كتابا. وَمِنْهَا: أَنا لَو سلمناه هَكَذَا - واضعين أَن كل ثِقَة فَهُوَ فِي كِتَابه - فَإِنَّهُ لم يكن يلْزم مِنْهُ أَن يكون كل من هُوَ فِي كِتَابه فَهُوَ ثِقَة، فَإِنَّهُ إِذا فرض أَن فِي كِتَابه الثِّقَات والضعفاء [لم يُنَاقض ذَلِك اسْتِيفَاء جَمِيع الثِّقَات. أَن كل من فِي كِتَابه ثِقَة] فَإِذن بسر بن محجن، مُحْتَاج إِلَى ثُبُوت عَدَالَته وَحِينَئِذٍ يحْتَج بروايته وَالله أعلم. (2258) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد أَيْضا، عَن الْوَلِيد بن عبد الله بن جَمِيع، عَن عبد الرَّحْمَن بن خَلاد، عَن أم ورقة بنت الْحَارِث، حَدِيث إمامتها أهل دارها. ثمَّ قَالَ: وَرَوَاهُ الْوَلِيد بن جَمِيع، عَن جدته، عَن أم ورقة. لم يزدْ على هَذَا، فَلَا أَدْرِي، أعتقد صِحَّته أم تَبرأ من عهدته، فَذكر مَا ذكر من إِسْنَاده، وَإِن كَانَ لم يتَقَدَّم لَهُ فِيهِ قَول؟ وأستبعد عَلَيْهِ تَصْحِيحه، فَإِن حَال عبد الرَّحْمَن بن خَلاد مَجْهُولَة، وَهُوَ كُوفِي، وَجدّة الْوَلِيد كَذَلِك لَا تعرف أصلا، وَكَذَا وَقع أم ورقة بنت الْحَارِث، وَقد بَينا صَوَابه فِي بَاب الْأَسْمَاء الْمُغيرَة. (2259) وَذكر من طَرِيق وَكِيع، عَن أُسَامَة - هُوَ ابْن زيد - عَن مُحَمَّد بن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 23 قيس، عَن أمه، عَن أم سَلمَة: فِي الْجَارِيَة الَّتِي مرت بَين يَدَيْهِ فَقَالَ: " هن أغلب ". وَلم يقل فِيهِ شَيْئا، وَأم مُحَمَّد بن قيس لَا تعرف الْبَتَّةَ، فَأَما ابْنهَا مُحَمَّد، فإنني لَا أعرف من هُوَ من جمَاعَة مسمين بِهَذَا الِاسْم وَفِي هَذِه الطَّبَقَة، وَقد ذكر الحَدِيث، كَمَا ذكره وَكِيع بن أبي شيبَة، وَالظَّن بِأبي مُحَمَّد أَنه لم يعرف هَذَا الْإِسْنَاد، فَلذَلِك تَبرأ من عُهْدَة الحَدِيث بِذكر جَمِيعه، وَلَو عرفه اقْتصر مِنْهُ على أم سَلمَة، كغالب أمره فِيمَا يذكرهُ. وَإِلَى هَذَا فَإِن أُسَامَة بن زيد اللَّيْثِيّ مُخْتَلف فِيهِ، فَالْحَدِيث من أَجله - لَو سلم من غَيره - لَا يُقَال لَهُ: صَحِيح، وَهُوَ من أجل مُحَمَّد بن قيس وَأمه ضَعِيف، فَاعْلَم ذَلِك. (2260) وَذكر من طَرِيق عبد الرَّزَّاق عَن الثَّوْريّ، عَن أبي إِسْحَاق الهجري، عَن أبي الْأَحْوَص، عَن عبد الله عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من أحسن الصَّلَاة حَيْثُ يرَاهُ النَّاس ... " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَلكنه أبرز جَمِيع إِسْنَاده، وَلَيْسَ يَنْبَغِي أَن يتَوَهَّم صِحَّته، وَإِن كَانَ لم يقدم فيهم شَيْئا، فَإِن أَبَا إِسْحَاق الهجري: إِبْرَاهِيم بن مُسلم. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 24 ضَعِيف، قَالَ ابْن معِين: لَيْسَ حد [يثه بِشَيْء، وَقَالَ أَبُو حَاتِم: لَيْسَ بِقَوي، لين الحَدِيث وَأَبُو مُحَمَّد] يُضعفهُ. (2261) وَكَذَلِكَ فعل فِي حَدِيث: " مَا عَال من اقتصد ". من حَدِيث ابْن مَسْعُود، ذكره أَيْضا مبرزاً من إِسْنَاده أَبَا إِسْحَاق الْمَذْكُور، عَن أبي الْأَحْوَص، عَن عبد الله، ذكره ابْن أبي شيبَة. (2262) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد حَدِيث أبي حميد السَّاعِدِيّ، فِي صفة صَلَاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، من رِوَايَة مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَطاء، عَن عَبَّاس أَو عَيَّاش ابْن سهل السَّاعِدِيّ. وَسكت عَمَّا أبرز من إِسْنَاده، وطوى دونهم ذكر عِيسَى بن عبد الله بن مَالك الدَّار، وحاله مَجْهُولَة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 25 (2263) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد أَيْضا من حَدِيث زِيَاد بن زيد، عَن أبي جُحَيْفَة أَن عليا - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " السّنة وضع الْكَفّ فِي الصَّلَاة تَحت السُّرَّة ". وَلم يتَقَدَّم لَهُ فِي زِيَاد بن زيد قَول، وَهُوَ لَا يعرف، وَلَيْسَ بالأعسم. وَحَال هَذَا أَيْضا مَجْهُولَة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 26 وَإِلَى ذَلِك فَإِن الرَّاوِي لَهُ عَن زِيَاد، هُوَ عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق، وَهُوَ ابْن الْحَارِث، أَبُو شيبَة الوَاسِطِيّ. قَالَ فِيهِ ابْن حَنْبَل وَأَبُو حَاتِم: مُنكر الحَدِيث. وَقَالَ ابْن معِين: لَيْسَ بِشَيْء وَقَالَ البُخَارِيّ: فِيهِ نظر، وَهُوَ كُوفِي، وطوى أَبُو مُحَمَّد ذكره، وَلم يكن ذَلِك مِمَّا يَنْبَغِي لَهُ. (2264) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن عَليّ بن عَليّ الرِّفَاعِي، عَن أبي المتَوَكل، عَن أبي سعيد: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا قَامَ إِلَى الصَّلَاة بِاللَّيْلِ كبر، ثمَّ قَالَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك، وتبارك ... " الحَدِيث. وَأتبعهُ زِيَادَة من عِنْد أبي دَاوُد، ثمَّ قَالَ: هَذَا أشهر حَدِيث فِي هَذَا الْبَاب، على أَنهم يرسلونه عَن عَليّ بن عَليّ، عَن أبي المتَوَكل، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. انْتهى مَا أورد. فَالْحَدِيث عِنْده على هَذَا صَحِيح، وَالتِّرْمِذِيّ قد أتبعه عَن أَحْمد أَنه قَالَ: لَا يَصح هَذَا الحَدِيث، قَالَ: وَكَانَ يحيى بن سعيد يتَكَلَّم فِي عَليّ بن عَليّ، وَقد وَثَّقَهُ ابْن معِين، ووكيع، وَأَبُو زرْعَة، وَقَالَ ابْن حَنْبَل: مَا بِهِ [بَأْس، إِلَّا أَنه رفع أَحَادِيث. وَسكت عَن جَعْفَر بن سُلَيْمَان، فَلم يعله بِهِ] وَلَا أبرزه بِالذكر. وَهُوَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 27 الَّذِي نسب إِلَيْهِ أَبُو دَاوُد الْوَهم فِي هَذَا الحَدِيث، وَقَالَ: إِنَّهُم يَقُولُونَ: عَن عَليّ بن عَليّ، عَن الْحسن مُرْسلا، وَكَانَ جَعْفَر يتشيع فِي عَليّ، ويروي فِي فضائله أَحَادِيث، وَكَانَ ابْن معِين يُضعفهُ وَغَيره يوثقه، وَقد تكَرر لأبي مُحَمَّد إعراضه عَن جَعْفَر ومسالمته لَهُ فِي جملَة أَحَادِيث هِيَ من رِوَايَته: (2265) من ذَلِك حَدِيث: تَوْقِيت أَرْبَعِينَ فِي الْفطْرَة. (2266) وَحَدِيث: " لينتهين أَقوام عَن رفعهم أَبْصَارهم عِنْد الدُّعَاء فِي الصَّلَاة ". (2267) وَحَدِيث: التمطر. وَقَوله: " إِنَّه حَدِيث عهد بربه ". كلهَا من عِنْد مُسلم. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 28 (2268) وَحَدِيث: " يفْطر على رطبات ". (2269) وَحَدِيث: " طلقت لغير سنة، وراجعت لغير سنة ". وَكِلَاهُمَا من عِنْد أبي دَاوُد. (2270) وَحَدِيث: " ليتحلق عشرَة عشرَة، وليأكل كل إِنْسَان مِمَّا يَلِيهِ " من عِنْد التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ بِتَصْحِيحِهِ. (2271) وَحَدِيث أنس: " أَن رجلا كَانَ إِذا أَرَادَ سفرا قَالَ: زودني ". وَقَالَ فِيهِ: حسن، وَذَلِكَ يُنَاقض تَصْحِيحه مَا ذكرنَا من أَحَادِيثه، فَإِنَّهُ لَا عِلّة مَانِعَة من تَصْحِيحه إِلَّا حَال جَعْفَر بن سُلَيْمَان، فَيَنْبَغِي أَن يُقَال: الْأَحَادِيث حسان كَذَلِك. وَقد تقدم التَّنْبِيه على الْوَهم الَّذِي فِي قَوْله: على أَنهم يرسلونه عَن عَليّ ابْن عَليّ، عَن أبي المتَوَكل، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَذكر الصَّوَاب فِيهِ فِي بَاب الْأَحَادِيث [المنسوبة إِلَى غير رواتها] فَاعْلَم ذَلِك. (2272) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، حَدِيث جَابر: فِي الصَّلَاة فِي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 29 الْقَمِيص. من رِوَايَة إِسْرَائِيل، عَن أبي حرمل، عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر، عَن أَبِيه، وَلم يتَقَدَّم لَهُ قَول بِكَوْن هَذِه إِحَالَة عَلَيْهِ. وَيحْتَمل أَن يكون - بِمَا أبرز من إِسْنَاده - تَبرأ من عهدته، وَالْأَظْهَر أَنه صَححهُ، وَلَيْسَ ذَلِك بمنبغ، للْجَهْل بِحَال أبي حرمل، أَو أبي حومل هَذَا، فَإِنَّهَا لَا تعرف، بل هُوَ فِي نَفسه غير مَعْرُوف، وَلم أر لَهُ ذكرا فِي شَيْء من مظان وجوده، إِلَّا ابْن الْجَارُود [ ..... ] . (2273) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن يحيى بن عَليّ [بن يحيى] بن خَلاد بن رَافع الزرقي، عَن أَبِيه، عَن جده عَن رِفَاعَة بن رَافع، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لرجل: " تَوَضَّأ كَمَا أَمرك الله " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ بعد ذكره هَذِه الْقطعَة من إِسْنَاده، وَلم يتَقَدَّم لَهُ مَا يكون محيلاً عَلَيْهِ. وَمَوْضِع عِلّة هَذَا الحَدِيث، يحيى بن عَليّ بن خَلاد، فَإِنَّهُ لَا تعرف لَهُ حَال، وَلَيْسَ فِيهِ مزِيد على مَا فِي الْإِسْنَاد، فَأَما أَبُو عَليّ فَثِقَة، وجده يحيى بن خَلاد، أخرج لَهُ البُخَارِيّ. (2274) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ، عَن عبد الْملك بن عُمَيْر، عَن شبيب الجزء: 5 ¦ الصفحة: 30 أبي روح، عَن رجل من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه صلى صَلَاة الصُّبْح، فَقَرَأَ الرّوم والتبس عَلَيْهِ. الحَدِيث. ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: قَالَ ابو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم: [روح] أَبُو شبيب شَامي، وَيُقَال: شبيب بن نعيم الوحاظي الْحِمصِي، روى عَن أبي هُرَيْرَة، وَعَن رجل من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، يُقَال لَهُ: الْأَغَر، روى عَنهُ سِنَان بن قيس، وحريز بن عُثْمَان، وَعبد الْملك بن عُمَيْر، وَجَابِر بن غَانِم. انْتهى كَلَامه. وَفِيه شَيْئَانِ: أَحدهمَا قد فَرغْنَا من ذكره وَذكر الصَّوَاب فِيهِ فِي بَاب الْأَسْمَاء الْمُغيرَة، وَهُوَ قَوْله: روح أَبُو شبيب. وَالثَّانِي: وَهُوَ مَقْصُود هَذَا الْبَاب، وَهُوَ سُكُوته عَنهُ، واعتماده تعدد الروَاة عَن شبيب الْمَذْكُور، وَهُوَ رجل لَا تعرف لَهُ حَال، وَغَايَة مَا رفع بِهِ من قدره أَنه روى عَنهُ شُعْبَة، وَعبد الْملك بن عُمَيْر. قَالَ ابْن الْجَارُود، عَن مُحَمَّد بن يحيى الذهلي: هَذَا شُعْبَة، وَعبد الْملك بن عُمَيْر فِي جلالتهما يرويان عَن شبيب أبي روح، وروى عَنهُ أَيْضا حريز بن عُثْمَان. هَذَا كُله غير كَاف فِي المبتغى من عَدَالَته فاعلمه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 31 (2275) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ، عَن أُميَّة، عَن أبي مجلز، عَن ابْن عمر، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سجد فِي صَلَاة الظّهْر ثمَّ قَامَ فَرَكَعَ، فَرَأَوْا أَنه [قد " قَرَأَ تَنْزِيل السَّجْدَة ". وَسكت عَنهُ، وأبرز من إِسْنَاده أُميَّة، وَلم يحل بِهِ] على مُتَقَدم من القَوْل، وَلَيْسَ يَنْبَغِي أَن يظنّ بِهَذَا الحَدِيث الصِّحَّة على مَا بِهِ من الْجَهْل بِحَال أُميَّة راوية، وَلَا أعلم أحدا مِمَّن صنف فِي الرِّجَال ذكره، وَقد روى أَبُو عِيسَى الرَّمْلِيّ عَن أبي دَاوُد أَنه قَالَ - إِثْر هَذَا الحَدِيث _: أُميَّة هَذَا لَا يعرف. وَقد ذكر الطَّحَاوِيّ هَذَا الحَدِيث من رِوَايَة يزِيد بن هَارُون، عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ، عَن أبي مجلز، عَن ابْن عمر، بِغَيْر توَسط أُميَّة الْمَذْكُور بَينهمَا، قَالَ: وَلم أسمعهُ مِنْهُ. فَالْحَدِيث إِذن ضَعِيف. فاعلمه. (2276) وَذكر من كتاب شَرِيعَة المقارئ، لأبي بكر بن أبي دَاوُد، قَالَ: حَدثنَا عمي، حَدثنَا حجاج، حَدثنَا حَمَّاد، عَن أبان، عَن سعيد بن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 32 جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: غَدَوْت على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم جُمُعَة فِي صَلَاة الْفجْر، فَقَرَأَ سُورَة من المئين فِي الرَّكْعَة الأولى فِيهَا سَجْدَة فَسجدَ، ثمَّ غَدَوْت عَلَيْهِ من الْغَد. الحَدِيث. هَكَذَا ذكره بِإِسْنَادِهِ، فَلَا أَدْرِي أحسن ظَنّه بِهِ فصححه، أم تَبرأ من عهدته بِذكر الْإِسْنَاد؟ فَأَما أَن يكون أحَال على قَول مُتَقَدم فِيهِ فَلَا. وَأَبَان هَذَا، إِن كَانَ ابْن أبي عَيَّاش فَهُوَ مَتْرُوك، وَالظَّن غَالب بِأَنَّهُ هُوَ، فَإِنَّهُ مَعْرُوف بِرِوَايَة حَمَّاد بن سَلمَة عَنهُ. وَحَمَّاد الْمَذْكُور، هُوَ - بِلَا شكّ - ابْن سَلمَة، وحجاج هُوَ ابْن منهال، صَاحبه وراوي مُصَنفه عَنهُ، إِن لم يكن ابْن أبي عَيَّاش فَإِنَّهُ مَجْهُول. وَعم أبي بكر بن أبي دَاوُد: أَخُو أبي دَاوُد، سُلَيْمَان بن الْأَشْعَث صَاحب كتاب السّنَن - لَا أعرف حَاله. وَأَبُو بكر بن أبي دَاوُد كثيرا مَا يروي عَنهُ فِي كِتَابه الْمَذْكُور، فَيَقُول: حَدثنَا عمي، كَمَا يَقُول: حَدثنَا أبي. وَقد تكَرر من أبي مُحَمَّد قبُول رِوَايَات لأبي بكر بن أبي دَاوُد، لم يعرض لَهَا من أَجله، مِنْهَا هَذَا الحَدِيث. (2277) وَمِنْهَا حَدِيث ذكره فِي الْجَنَائِز من طَرِيق أبي عمر بن عبد الْبر، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 33 عَن أبي هُرَيْرَة " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -[صلى على جَنَازَة، فَكبر عَلَيْهَا أَرْبعا، ثمَّ أَتَى الْقَبْر من قبل] رَأسه، فَحَثَا فِيهِ ثَلَاثًا. الحَدِيث. وَسكت عَنهُ مصححاً لَهُ، وَأَبُو عمر إِنَّمَا هُوَ عِنْده، من طَرِيق أبي بكر بن أبي دَاوُد. قَالَ أَبُو عمر: حَدثنَا خلف بن قَاسم، حَدثنَا أَحْمد بن صَالح المقرئي، حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي دَاوُد السجسْتانِي، حَدثنَا الْعَبَّاس بن الْوَلِيد بن صبح الْخلال، حَدثنِي يحيى بن صَالح، حَدثنَا سَلمَة بن كُلْثُوم، حَدثنَا الْأَوْزَاعِيّ، أَخْبرنِي يحيى بن أبي كثير، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة فَذكره. ثمَّ قَالَ: قَالَ أَبُو بكر بن أبي دَاوُد: لَيْسَ يروي عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من وَجه ثَابت أَنه كبر على جَنَازَة أَرْبعا إِلَّا هَذَا، وَلم يروه إِلَّا سَلمَة بن كُلْثُوم، وَهُوَ ثِقَة، من كبار أَصْحَاب الْأَوْزَاعِيّ. (2278) وَإِنَّمَا يرْوى عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من وَجه ثَابت أَنه كبر على قبر الجزء: 5 ¦ الصفحة: 34 أَرْبعا، وَأما على جَنَازَة هَكَذَا فَلَا، إِلَّا حَدِيث سَلمَة بن كُلْثُوم هَذَا، انْتهى كَلَامه. فَأَقُول - وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق - إِن أَبَا بكر: عبد الله بن أبي دَاوُد، أحد الْأَئِمَّة، مِمَّن جمع الْعلم والزهد وَالْفضل، كَانَ يحفظ وَيفهم. قَالَ الْخَطِيب أَبُو بكر بن ثَابت: رَحل بِهِ أَبوهُ من سجستان، فطوف بِهِ شرقاً وغرباً، وسَمعه من عُلَمَاء ذَلِك الْوَقْت، فَسمع بخراسان، وَالْجِبَال، وأصبهان، وَفَارِس، وَالْبَصْرَة، وبغداد، والكوفة، وَالْمَدينَة، وَالشَّام، ومصر، والجزيرة، والثغور، واستوطن بَغْدَاد، وصنف الْمسند، وَالسّنَن، والقراءات، والناسخ والمنسوخ، وَغير ذَلِك، وَكَانَ فهما عَالما، وَذكر مِمَّن روى عَنهُ من أَشْيَاخ أَبِيه أبي دَاوُد جمَاعَة، نَحْو خَمْسَة وَعشْرين، قَالَ: وَخلق كثير من أمثالهم، فَأَما من أَخذ عَنهُ فَمَا لَا يُحْصى، بعد أَن عد مِنْهُم جمَاعَة، وَأورد من أخباره كثيرا مِمَّا لَيْسَ مَقْصُودا الْآن، وَهُوَ فِي مَوْضِعه من تَارِيخه لمن أَرَادَ الْوُقُوف عَلَيْهِ. وَحكى عَن مُحَمَّد بن عبيد الله بن الْفَتْح أَنه لما مَاتَ صلى عَلَيْهِ زهاء ثَلَاث مائَة [ألف إِنْسَان وَأكْثر، وَصلى عَلَيْهِ فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع، وَأخرج صَلَاة الغ [د] اة وَدفن بعد صَلَاة الظّهْر، وَمَات وَهُوَ ابْن سبع وَثَمَانِينَ سنة، وَدفن بمقبرة الْبُسْتَان وَكَانَ مَوته يَوْم الْأَحَد، لثنتي عشرَة بقيت من ذِي الْحجَّة سنة سِتّ عشرَة وثلاثمائة، وَحكي عَن ابْنه عبد الْأَعْلَى بن عبد الله ابْن أبي دَاوُد أَنه قَالَ: صلي عَلَيْهِ ثَمَانِينَ مرّة، حَتَّى أنفذ المقتدر من خلص جنَازَته فدفنوه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 35 وَذكر عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ أَنه سَأَلَ الدَّارَقُطْنِيّ عَنهُ فَقَالَ: ثِقَة، إِلَّا أَنه كثير الْخَطَأ فِي الْكَلَام على الحَدِيث. وَحكى عَن أبي حَامِد بن أَسد قَالَ: مَا رَأَيْت مثله فِي الْعلم، قَالَ: وَذكر كلَاما كثيرا مَا ضبطته، ثمَّ قَالَ: إِلَّا إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ، وَقَالَ: مَا رَأَيْت بعد الْحَرْبِيّ مثله. وَحكى عَن أبي الْفضل صَالح بن أَحْمد الْحَافِظ أَنه قَالَ: أَبُو بكر: عبد الله ابْن سُلَيْمَان إِمَام الْعرَاق، وَعلم فِي الْأَمْصَار وَمن نصب لَهُ السُّلْطَان الْمِنْبَر، فَحدث عَلَيْهِ لفضله ومعرفته. وَإِلَى هَذَا من أَمْثَاله فِي مدحه، وَالثنَاء الْجَمِيل عَلَيْهِ، فَإِن أَبَا أَحْمد بن عدي قَالَ فِي كِتَابه الْكَامِل - بعد أَن ذكره - كلَاما مَعْنَاهُ: لَوْلَا أَنِّي شرطت فِي أول هَذَا الْكتاب أَن أذكر كل من تكلم فِيهِ مُتَكَلم مَا ذكرته، ثمَّ أورد: سَمِعت عَليّ بن عبد الله الداهري يَقُول: سَمِعت أَحْمد ابْن مُحَمَّد بن عَمْرو بن كركرة يَقُول: سَمِعت عَليّ بن الْحُسَيْن بن الْجُنَيْد يَقُول: سَمِعت أَبَا دَاوُد السجسْتانِي يَقُول: ابْني عبد الله هَذَا كَذَّاب. وَكَانَ ابْن صاعد يَقُول: كفانا مَا قَالَ أَبوهُ فِيهِ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 36 سَمِعت مُوسَى بن الْقَاسِم بن مُوسَى بن الْحسن الأشيب. قَالَ: حَدثنِي أَبُو بكر قَالَ: سَمِعت إِبْرَاهِيم بن الْأَصْبَهَانِيّ [يَقُول: أَبُو بكر بن أبي دَاوُد كَذَّاب، قَالَ ابْن عدي: وَابْن أبي دَاوُد قد تكلم فِيهِ أَبوهُ وَإِبْرَاهِيم الْأَصْبَهَانِيّ] ، وَنسب فِي الِابْتِدَاء إِلَى النصب، ونفاه ابْن فرات من بَغْدَاد إِلَى وَاسِط، ورده عَليّ بن عِيسَى، وَحدث وَأظْهر فَضَائِل [عَليّ] ، ثمَّ تحنبل فَصَارَ شَيخا فيهم، وَهُوَ مَعْرُوف بِالطَّلَبِ، وَعَامة مَا كتب مَعَ أَبِيه، وَدخل مصر، وَالشَّام، وَالْعراق، وخراسان، وَهُوَ مَقْبُول عِنْد أَصْحَاب الحَدِيث، وَأما كَلَام أَبِيه [فِيهِ فَلَا أَدْرِي] إيش تبين لَهُ مِنْهُ. انْتهى كَلَامه. فَأَقُول - وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق -: إِن الحَدِيث من رِوَايَته مُخْتَلف فِيهِ من أَجله، فَهُوَ حسن، فَاعْلَم ذَلِك. (2279) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن حَنْبَل الجزء: 5 ¦ الصفحة: 37 وَأحمد بن مُحَمَّد بن ثَابت الْمروزِي، وَمُحَمّد بن رَافع، وَمُحَمّد بن عبد الْملك الغزال، قَالُوا: حَدثنَا عبد الرَّزَّاق، عَن معمر، عَن إِسْمَاعِيل بن أُميَّة، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر قَالَ: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ ابْن حَنْبَل: - أَن يجلس الرجل فِي الصَّلَاة وَهُوَ مُعْتَمد على يَدَيْهِ ". وَقَالَ أَحْمد بن مُحَمَّد بن ثَابت: " نهى أَن يعْتَمد الرجل على يَدَيْهِ فِي الصَّلَاة ". وَقَالَ ابْن رَافع: " نهى أَن يُصَلِّي الرجل وَهُوَ مُعْتَمد على يَدَيْهِ ". وَذكره فِي بَاب الرّفْع من السَّجْدَة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 38 وَقَالَ ابْن عبد الْملك: نهى أَن يعْتَمد الرجل على يَدَيْهِ إِذا نَهَضَ فِي الصَّلَاة. كَذَا ذكره، وَلم يبين من أَمر شيخ أبي دَاوُد هَذَا، الَّذِي هُوَ مُحَمَّد بن عبد الْملك الغزال شَيْئا، وَهُوَ رجل مَجْهُول الْحَال، لم أجد لَهُ ذكرا. وَقد خَالفه الثَّلَاثَة المذكورون، وهم الثِّقَات الْحفاظ. ورواياتهم الْمَذْكُورَة وَإِن اخْتلفت ألفاظها، تَجْتَمِع على معنى وَاحِد، وَهُوَ الْمُفَسّر فِي رِوَايَة ابْن حَنْبَل مِنْهُم، وَهُوَ النَّهْي عَن الِاعْتِمَاد على الْيَد فِي حَال الْجُلُوس. فَأَما رِوَايَة مُحَمَّد بن عبد الْملك هَذَا، فمقتضاها النَّهْي عَن الِاسْتِعَانَة باليدين فِي حِين النهوض، وَذَلِكَ شَيْء لَا يحْتَمل من مثله، فَإِن حَاله لَا تعرف وَلَو لم يُخَالِفهُ غَيره. فَإِن قيل: فَإِن أَبَا دَاوُد لَا يروي إِلَّا عَن ثِقَة؟ قيل: هَذَا لم نجده عَنهُ نصا، وَإِنَّمَا وَجَدْنَاهُ عَنهُ توقياً فِي الْأَخْذ. يُوهم ذَلِك، مثل مَا ذكر أَبُو أَحْمد عَنهُ من امْتِنَاعه عَن الرِّوَايَة عَن أبي الْأَشْعَث: أَحْمد بن الْمِقْدَام الْعجلِيّ شيخ البُخَارِيّ، لما احتال بحيلة، كَانَ فِيهَا قطع جُلُوس المجان الَّذين كَانُوا يعبثون بالمارة، بِأَن يصروا صرر الدَّرَاهِم، ويبثوها فِي الطَّرِيق فَإِذا تطأطا لَهَا أحد [صاحوا: ضعها، ليخجل الرجل، فَعلم أَبُو الْأَشْعَث الْمَارَّة بِالْبَصْرَةِ أَن يتخذوا صرر] الزّجاج فَإِذا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 39 صاحوا بكم، وضعتم صرر الزّجاج بَدَلا من صررهم. فَامْتنعَ أَبُو دَاوُد من الرِّوَايَة عَنهُ لما كَانَ من تسامحه فِي ذَلِك، فعد هَذَا مِنْهُ غَايَة فِي انتقاء الرِّجَال، والتوقي فِي الْأَخْذ، وَهَذَا غير كَافِي فِي الْمَقْصُود، ولعلنا نعثر بعد - من أَمر مُحَمَّد بن عبد الْملك هَذَا، على مزِيد إِن شَاءَ الله تَعَالَى. (2280) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ عَن كثير بن قاروندا عَن سَالم، أَن ابْن عمر جمع ثمَّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " إِذا حفز أحدكُم الْأَمر الَّذِي يخَاف فَليصل هَذِه الصَّلَاة ". وَلم يقل بإثره شَيْئا، وَيُمكن أَن يكون ذكره مَا ذكر من إِسْنَاده تبرياً من الجزء: 5 ¦ الصفحة: 40 عهدته، وَإِن كَانَ لم يحل بذلك على ذكر مُتَقَدم فِي كثير بن قاروندا الْمَذْكُور، وَهُوَ مِمَّن لَا تعرف حَاله، وَإِن كَانَ قد روى عَنهُ جمَاعَة: مِنْهُم يزِيد بن زُرَيْع، وَالنضْر بن شُمَيْل، وروح بن عبَادَة، وَعلي بن عبد الْعَزِيز. وَإِلَى هَذَا فَإِن الحَدِيث الْمَذْكُور مُنكر، من حَيْثُ علم من رِوَايَة ابْن عمر أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جمع فَقَط، فَأَما هَذَا اللَّفْظ الَّذِي قَالَ بعده، فَلَا يعرف إِلَّا من رِوَايَة كثير هَذَا. (2281) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ أَيْضا، عَن إِسْرَائِيل، عَن عِيسَى بن أبي عزة، عَن عَامر، عَن أبي ثَوْر الْأَزْدِيّ، عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَمر بالركعتين قبل صَلَاة الْفجْر ". هَكَذَا أوردهُ بِقِطْعَة من إِسْنَاده، وَلم يتَقَدَّم لَهُ فِيهَا قَول، وَلَا تَلا هَذَا الحَدِيث مِنْهُ. وَأَبُو ثَوْر هَذَا لَا يعرف لَهُ حَال وَلَا اسْم وَلَا أعلم من أمره إِلَّا أَن البُخَارِيّ ذكره فِي الكنى الْمُجَرَّدَة من تَارِيخه، وَهُوَ جُزْء، وَلم يَقع إِلَيْنَا فِي نسخ التَّارِيخ. وَذكر أَبُو مُحَمَّد بن الْجَارُود فِي كناه أَن البُخَارِيّ ذكر ثَلَاثَة فجعلهم وَاحِدًا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 41 وَنَصّ مَا ذكر عَن البُخَارِيّ هُوَ هَذَا: أَبُو ثَوْر الْحدانِي، روى عَنهُ أَبُو [البخْترِي. قَالَ: أَبُو ثَوْر الْحدانِي، سمع حديفة، وَأَبا] مَسْعُود أَبُو ثَوْر الْأَزْدِيّ عَن أبي هُرَيْرَة، روى إِسْرَائِيل عَن عِيسَى بن أبي عزة، عَن عَامر - هُوَ الشّعبِيّ - عَنهُ. فَذكر حبيب بن أبي مليكَة فَقَالَ: هُوَ أَبُو ثَوْر الْحدانِي، روى عَنهُ أَبُو البخْترِي، وَالشعْبِيّ، قَالَ أَبُو مُحَمَّد بن الْجَارُود، فَكَأَنَّهُ جعل هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة وَاحِدًا، انْتهى قَوْله. فَأَقُول - وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق -: إِن حبيب بن أبي مليكَة مَعْرُوف، قَالَ فِيهِ أَبُو زرْعَة: ثِقَة، فَأَما الْآخرَانِ - أَعنِي أَبَا ثَوْر الْحدانِي، وَأَبا ثَوْر الْأَزْدِيّ - فمجهولان. وَقد ذكر أَبُو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم أَبَا ثَوْر عَن أبي هُرَيْرَة: فِي أَذَان بِلَال، روى عَنهُ الشّعبِيّ، فَيُشبه أَن يكون هَذَا الْأَزْدِيّ الَّذِي فِي إِسْنَاد الحَدِيث الْمَذْكُور. وَذكر أَيْضا أَبَا ثَوْر الْحدانِي بِرِوَايَة أبي البخْترِي عَنهُ، وَلم يذكر فيهمَا شَيْئا، فهما عِنْده مَجْهُولا الْحَال، فَاعْلَم ذَلِك. (2282) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن أبي زِيَادَة: عبيد الله بن زِيَادَة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 42 الْكِنْدِيّ، عَن بِلَال، قَالَ [قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -] : " لَو أَصبَحت أَكثر مِمَّا أَصبَحت لركعتهما، وأحسنتهما، وأجملتهما - يَعْنِي رَكْعَتي الْفجْر - ". هَكَذَا ذكره بِهَذِهِ الْقطعَة من الْإِسْنَاد، غير محيل بهَا على ذكر مُتَقَدم، وَلَعَلَّه تَبرأ بذكرها من عهدته، فَإِن أَبَا زِيَادَة هَذَا لَا تعرف حَاله. وَإِن كَانَ قد روى عَنهُ عبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن جَابر، وَعبد الله بن الْعَلَاء ابْن زبر. (2283) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد أَيْضا عَن مَكْحُول، عَن أبي عَائِشَة جليس لأبي هُرَيْرَة، أَن سعيد بن العَاصِي، سَأَلَ أَبَا مُوسَى، وَحُذَيْفَة: " كَيفَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 43 كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يكبر فِي الْأَضْحَى وَالْفطر؟ " الحَدِيث. وَلم يزدْ على ذكر هَذِه الْقطعَة من إِسْنَاده. وَأَبُو عَائِشَة هَذَا لَا تعرف حَاله، وَلما ذكر أَبُو مُحَمَّد بن حزم هَذَا الحَدِيث، قَالَ فِي أبي عَائِشَة هَذَا: إِنَّه مَجْهُول، وَهُوَ كَمَا قَالَ. وَلما ذكره أَبُو عمر بن عبد الْبر فِي الكنى الْمُجَرَّدَة من كتاب الِاسْتِغْنَاء، لم يزدْ على / مَا أَخذ من هَذَا [الْإِسْنَاد من رِوَايَته عَن أبي هُرَيْرَة، وَرِوَايَة خَالِد بن معدان، وَمَكْحُول عَنهُ ... ] . فاعلمه. (2284) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد أَيْضا، عَن أبي عُمَيْر بن أنس، عَن عمومة لَهُ من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَن ركباً شهدُوا أَنهم رَأَوْا الْهلَال " الحَدِيث. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 44 وَسكت عَنهُ، وَأرَاهُ صَححهُ، واعتقد فِي أبي عُمَيْر مَا اعْتقد فِيهِ ابْن حزم، فَإِنَّهُ قَالَ: إِنَّه سَنَد صَحِيح، وَكَذَلِكَ أَبُو بكر بن الْمُنْذر قَالَ: إِنَّه حَدِيث ثَابت يجب الْعَمَل بِهِ. وَعِنْدِي أَنه حَدِيث يَنْبَغِي أَن ينظر فِيهِ، وَلَا يقبل إِلَّا أَن تثبت عَدَالَة أبي عُمَيْر، فَإِنَّهُ لَا يعلم لَهُ كَبِير شَيْء، إِنَّمَا هِيَ حديثان أَو ثَلَاثَة، لم يروها عَنهُ غير أبي بشر: جَعْفَر بن أبي وحشية، وَلَا أعرف أحدا عرف من حَاله بِمَا يُوجب قبُول رِوَايَته، وَلَا هُوَ مِمَّن يعلم أَن أَكثر من وَاحِد روى عَنهُ، فَيصير من جملَة المساتير الْمُخْتَلف فِي ابْتِغَاء مزِيد على مَا تقرر من إسْلَامهمْ بِرِوَايَة أهل الْعلم عَنْهُم. وَقد رَأَيْت البارودي ذكر حَدِيثه هَذَا فِي كِتَابه فِي الصَّحَابَة لَهُ، فأسماه فِي نفس الْإِسْنَاد عبد الله، وَذَلِكَ لَا يُفِيد فِي الْمَقْصُود من معرفَة حَالَة شَيْئا. فاعلمه. (2285) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد أَيْضا، عَن إِسْحَاق بن سَالم، مولى بنى نَوْفَل، قَالَ: حَدثنِي بكر بن مُبشر الْأنْصَارِيّ أَنه قَالَ: " كنت أغدو مَعَ رَسُول الله إِلَى الْمصلى يَوْم الْفطر وَيَوْم الْأَضْحَى " الحَدِيث. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 45 ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: قَالَ أَبُو دَاوُد: يرْوى هَذَا الحَدِيث عَن أبي هُرَيْرَة، وَغَيره. كَذَا سكت عَنهُ، بعد ذكره هَذِه الْقطعَة من إِسْنَاده، وَمَا أرَاهُ إِلَّا قد حسن ظَنّه أَيْضا بِهِ، فقد رَأَيْت أَبَا عَليّ بن السكن فِي كِتَابه فِي الصَّحَابَة لما ذكر مُبشر ابْن جبر الْأنْصَارِيّ هَذَا قَالَ فِيهِ: مدنِي، رُوِيَ عَنهُ حَدِيث وَاحِد بِإِسْنَاد صَالح. ثمَّ أوردهُ من رِوَايَة إِسْحَاق بن سَالم الْمَذْكُور، ثمَّ قَالَ: لَيْسَ لبكر بن مُبشر رِوَايَة صَحِيحَة إِلَّا من هَذَا الْوَجْه. هَذَا مَا ذكر، وَعِنْدِي أَنه لَا يَصح، فَإِن إِسْحَاق بن سَالم هَذَا لَا يعرف بِشَيْء من الْعلم إِلَّا هَذَا، وَلَا روى عَنهُ غير أنيس بن أبي يحيى، روى عَنهُ [هَذَا الحَدِيث الْمَذْكُور، ثمَّ إِن بكر بن مُبشر لَا تعرف صحبته من] غير هَذَا الحَدِيث، فَاعْلَم ذَلِك. (2286) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا ابْن أبي دَاوُد، قَالَ: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 46 حَدثنَا سهل بن سُلَيْمَان النيلي، حَدثنَا ثَابت بن مُحَمَّد، أَبُو إِسْمَاعِيل الزَّاهِد، حَدثنَا سُفْيَان بن سعيد، عَن حبيب بن أبي ثَابت، عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " صلى فِي كسوف الشَّمْس وَالْقَمَر ثَمَانِي رَكْعَات فِي أَربع سَجدَات ". هَكَذَا أوردهُ بِإِسْنَادِهِ، وَقد يظنّ بِهِ أَنه صَححهُ بسكوته عَنهُ، غير محيل على ذكر مُتَقَدم. وَمَوْضِع النّظر من هَذَا الْإِسْنَاد ثَلَاثَة رجال. أحدهم: ثَابت بن مُحَمَّد الزَّاهِد، وَهُوَ مَعْرُوف صَدُوق، روى عَنهُ الرازيان وَغَيرهمَا. وَالْآخر: سهل بن سُلَيْمَان النيلي، وَلم أجد لَهُ ذكرا، وَلَا أعرفهُ بِغَيْر هَذَا وَالثَّالِث: ابْن أبي دَاوُد، وَقد تقدم ذكره الْآن. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 47 (2287) وَذكر أَيْضا مُتَّصِلا بِهِ أَن قَالَ: وروى الصَّلَاة فِي كسوف الْقَمَر أَيْضا: مُوسَى بن أعين، عَن مُحَمَّد بن رَاشد، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة قَالَت: إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كَانَ يُصَلِّي فِي كسوف الشَّمْس وَالْقَمَر أَربع رَكْعَات وَأَرْبع سَجدَات، يقْرَأ فِي الرَّكْعَة الأولى بالعنكبوت، أَو الرّوم وَفِي الثَّانِيَة بيس ". هَكَذَا سَاقه وَلم يعزه إِلَى مخرجه، وَاقْتصر على هَذِه الْقطعَة من إِسْنَاده وَهِي قِطْعَة سليمَة، وَإِنَّمَا الشَّأْن فِيمَا بَين الدَّارَقُطْنِيّ مخرج الحَدِيث الْمَذْكُور، وَبَين مُوسَى بن أعين. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا أَبُو بكر النَّيْسَابُورِي، قَالَ: حَدثنَا أَحْمد بن سعد ابْن إِبْرَاهِيم الزُّهْرِيّ، حَدثنَا سعيد بن حَفْص، خَال النُّفَيْلِي، حَدثنَا مُوسَى بن أعين، فَذكره. سعيد بن حَفْص، خَال النُّفَيْلِي، لَا أعرف حَاله، وَلَا أبعد أَن يكون أَبُو مُحَمَّد علمهَا، وَالرجل لَيْسَ لَهُ من الرِّوَايَة مَا تعلم بِهِ حَاله، وَلَا ذكر فِي مظان وجوده من كتب الرِّجَال، خلا أَن هَذَا الأندلسي مسلمة بن الْقَاسِم ذكره فَقَالَ: إِنَّه حراني، يكنى أَبَا عَمْرو، روى عَنهُ بَقِي بن مخلد. وَهَذَا غير كَاف [فِي إِثْبَات عَدَالَته، فَهُوَ من جملَة المساتير الْمُخْتَلف فيهم، وَلَعَلَّ أَبَا مُحَمَّد] يكون قد وقف لَهُ على إِسْنَاد آخر إِلَى مُوسَى بن أعين، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 48 من غير رِوَايَة سعيد بن حَفْص الْمَذْكُور، فَإِنِّي لَا أَبَت أَنه إِنَّمَا عني طَرِيقه، وَذَلِكَ أَنه لم يعزه إِلَى الدَّارَقُطْنِيّ، فَلَعَلَّهُ رَآهُ عِنْد غَيره. فَأَما أَبُو بكر النَّيْسَابُورِي فَلَا يسْأَل عَن مثله، وَكَذَلِكَ أَحْمد بن سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، فَإِنَّهُ أحد الْفُضَلَاء، الْعلمَاء، الزهاد، ثِقَة رضَا، قد أطنب أَبُو بكر بن ثَابت فِي ذكره، فَاعْلَم ذَلِك. (2288) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن أبي عُثْمَان - وَلَيْسَ النَّهْدِيّ -، عَن أَبِيه، عَن معقل بن يسَار قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اقرؤوا يس على مَوْتَاكُم ". كَذَا أوردهُ مقتطعاً هَذِه الْقطعَة من إِسْنَاده، وَلم يعرض لَهُ بِأَكْثَرَ من ذَلِك، وَهُوَ لَا يَصح، لِأَن أَبَا عُثْمَان هَذَا لَا يعرف، وَلَا روى عَنهُ غير سُلَيْمَان الجزء: 5 ¦ الصفحة: 49 التَّيْمِيّ، وَإِذا لم يكن هُوَ مَعْرُوفا، فأبوه أبعد من أَن يعرف، وَهُوَ إِنَّمَا روى عَنهُ. (2289) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن عَامر الشّعبِيّ عَن عَليّ، سَمِعت رَسُول الله يَقُول: " لَا تغَالوا فِي الْكَفَن " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ الشّعبِيّ رأى عَليّ بن أبي طَالب. لم يزدْ على هَذَا، وَهُوَ حَدِيث لَا يَنْبَغِي أَن يُقَال فِيهِ: صَحِيح، بل حسن، لِأَنَّهُ من رِوَايَة عَمْرو بن هَاشم أبي مَالك الْجَنبي، عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد، عَن عَامر الشّعبِيّ. وَعَمْرو بن هَاشم - وَإِن كَانَ قد وَثَّقَهُ ابْن معِين وَغَيره - فَإِن البُخَارِيّ قَالَ: فِيهِ نظر عَن ابْن إِسْحَاق. وَضعف مُسلم مُطلقًا. وَقَالَ ابْن حَنْبَل: هُوَ صَدُوق، وَلكنه لم يكن صَاحب حَدِيث. وَقَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ: لين الحَدِيث، يكْتب حَدِيثه. وَقَالَ أَبُو حَاتِم البستي: إِنَّه يقلب الْأَسَانِيد. فَأَما الْفَصْل الَّذِي اعتنى بِهِ أَبُو مُحَمَّد من قَوْله: إِن الشّعبِيّ رأى عليا، فَإِنَّهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 50 مَوضِع نظر، وَقد قيل للدارقطني: سمع الشّعبِيّ من عَليّ؟ قَالَ: سمع مِنْهُ حرفا، مَا سمع غير هَذَا. ذكر هَذَا فِي كتاب الْعِلَل، وَحَدِيثه عَنهُ قَلِيل [مُعَنْعَن، فَمن ذَلِك حَدِيثه عَنهُ مَرْفُوعا: لَا تغَالوا فِي الْكَفَن. (2290) وَحَدِيثه: " كَانَ أَبُو بكر] أواهاً منيباً، وَعمر نَاصح الله فنصحه ". (2291) وَحَدِيثه فِي رجم المحصنة، وَقَوله فِيهَا: " جلدتها بِكِتَاب الله، ورجمتها بِسنة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ". وَذكر الدَّارَقُطْنِيّ اخْتلَافهمْ فِي هَذَا الحَدِيث، فَمنهمْ من يدْخل بَينه وَبَين عَليّ عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى، وَسنة مُحْتَملَة لإدراك عَليّ، فَإِن عليا - رَضِي الله عَنهُ - قتل سنة أَرْبَعِينَ، وَالشعْبِيّ - إِن صَحَّ أَن عمره كَانَ إِذْ مَاتَ اثْنَيْنِ وَثَمَانِينَ سنة، وَمَوته سنة أَربع وَمِائَة، كَمَا قَالَ مجَالد - فقد كَانَ مولده سنة اثْنَيْنِ وَعشْرين، فَيكون إِذْ قتل عَليّ ابْن ثَمَانِيَة عشر عَاما، وَإِن كَانَ مَوته، سنة خمس وَمِائَة، أَو سنة ثَلَاث وَمِائَة - وكل ذَلِك قد قيل - فقد زَاد عَام أَو نقص عَام. وَإِن صَحَّ أَن سنه كَانَت يَوْم مَاتَ سبعا وَسبعين - كَمَا قد قيل فِيهِ أَيْضا - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 51 نقص من ذَلِك خَمْسَة أَعْوَام، فَيكون ابْن اثْنَتَيْ عشرَة سنة. وَإِن صَحَّ أَنه مَاتَ ابْن سبعين سنة كَمَا قَالَ أَبُو دَاوُد، فقد صغرت سنة عَن سنّ من يتَحَمَّل. فعلى هَذَا يكون سَمَاعه من عَليّ مُخْتَلفا فِيهِ، فَاعْلَم ذَلِك. (2292) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد أَيْضا، عَن رجل من بني عُرْوَة بن مَسْعُود يُقَال لَهُ: دَاوُد، قد وَلدته أم حَبِيبَة بنت أبي سُفْيَان، زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن ليلى بنت قانف الثقفية قَالَت: " كنت فِيمَن غسل أم كُلْثُوم بنت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عِنْد وفاتها " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ إِلَّا بِمَا أبرز من إِسْنَاده، وَهُوَ حَدِيث يرويهِ ابْن إِسْحَاق، قَالَ: حَدثنَا نوح بن حَكِيم الثَّقَفِيّ - وَكَانَ قَارِئًا لِلْقُرْآنِ - عَن رجل من بني عُرْوَة بن مَسْعُود يُقَال لَهُ: دَاوُد، قد وَلدته أم حَبِيبَة، فَذكره. وَابْن إِسْحَاق: إِنَّمَا يُقَال لما يرويهِ: حسن، إِذا لم يكن لما يرويهِ عِلّة غَيره. فَأَما هَذَا فَإِن نوح بن حَكِيم، رجل مَجْهُول الْحَال، وَلم تثبت عَدَالَته [وَلَا يعرف بِغَيْر رِوَايَة ابْن إِسْحَاق عَنهُ، وَرِوَايَته عَن رجل يُقَال لَهُ: دَاوُد، وَقد ذكره ابْن أبي] حَاتِم فَلم يزدْ فِيمَا ذكره بِهِ على مَا أَخذ من هَذَا الْإِسْنَاد. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 52 وَأما هَذَا الرجل الثَّقَفِيّ الَّذِي يُقَال لَهُ: دَاوُد من بني عُرْوَة بن مَسْعُود، وَقد وَلدته أم حَبِيبه، فنحدس فِيهِ حدساً لَا يقطع النزاع، وَلَا يدْخلهُ فِي بَاب من يقبل حَدِيثه، وَذَلِكَ أَن هُنَاكَ دَاوُد بن أبي عَاصِم بن عُرْوَة بن مَسْعُود الثَّقَفِيّ، وَهُوَ رجل مَعْرُوف يروي عَن عُثْمَان بن أبي العَاصِي، وَابْن عمر، وَسَعِيد بن الْمسيب، روى عَنهُ عبد الله بن عُثْمَان بن خَيْثَم، وَيزِيد بن أبي زِيَاد، وَابْن جريح، وَيَعْقُوب بن عَطاء، وَقيس بن سعد، وَهُوَ مكي ثِقَة، قَالَه أَبُو زرْعَة الرَّازِيّ. وَلَا نجزم القَوْل بِأَنَّهُ هُوَ، وَمُوجب التَّوَقُّف فِي ذَلِك هُوَ أَنه وصف الَّذِي فِي الْإِسْنَاد بِأَنَّهُ قد وَلدته أم حَبِيبَة وَأم حَبِيبَة - رَضِي الله عَنْهَا - إِنَّمَا كَانَت لَهَا بنت وَاحِدَة قدمت بهَا من أَرض الْحَبَشَة، كَانَت ولدتها بهَا من زَوجهَا - كَانَ - عبيد الله بن جحش [بن] رِئَاب المفتتن بدين النَّصْرَانِيَّة، الْمُتَوفَّى هُنَاكَ عَنْهَا. وَاسم هَذِه الْبِنْت حَبِيبَة، فَلَو كَانَ زوج حَبِيبَة هَذِه أَبُو عَاصِم بن عُرْوَة بن مَسْعُود، أمكن أَن يُقَال: إِن دَاوُد الْمَذْكُور ابْنه مِنْهَا، فَهُوَ حفيد لأم حَبِيبَة، وَهَذَا لَا نقل بِهِ، وَلَا تحقق لَهُ، بل الْمَنْقُول خِلَافه، وَهُوَ أَن زوج حَبِيبَة هَذِه، هُوَ دَاوُد بن عُرْوَة بن مَسْعُود، كَذَا قَالَ أَبُو عَليّ بن السكن وَغَيره. فداود الَّذِي لأم حَبِيبَة عَلَيْهِ ولادَة لَيْسَ دَاوُد بن أبي عَاصِم بن عُرْوَة بن مَسْعُود، إِذْ لَيْسَ أَبُو عَاصِم زوجا لحبيبة، وَلَا هُوَ بِدَاوُد بن عُرْوَة بن مَسْعُود، الَّذِي هُوَ زوج حَبِيبَة، فَإِنَّهُ لَا ولادَة لأم حَبِيبَة عَلَيْهِ، فَالله أعلم من هُوَ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 53 فَالْحَدِيث من أَجله ضَعِيف، فاعلمه. (2293) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ، عَن أبي الْحسن، مولى أم قيس بنت مُحصن قَالَت: " توفّي ابْني فَجَزِعت عَلَيْهِ " الحَدِيث. وَأَبُو الْحسن مولى أم قيس الْمَذْكُور لَا تعرف عَدَالَته وَلَا من هُوَ من رُوَاة الحَدِيث وَهُوَ] لَا يعرف بِغَيْر هَذَا، وَلَا ذكر إِلَّا بِرِوَايَة يزِيد بن أبي حبيب عَنهُ. (2294) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن بجير بن أبي بجير قَالَ: سَمِعت عبد الله بن عَمْرو، فَذكر حَدِيث: " الْغُصْن من الذَّهَب الَّذِي دلهم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَيْهِ فِي قبر أبي رِغَال ". وَلم يتَقَدَّم لَهُ ذكر لبجير هَذَا. والْحَدِيث من أَجله لَا يَصح، فَإِن حَاله مَجْهُولَة، وَلَا يعرف لَهُ راو عَنهُ إِلَّا إِسْمَاعِيل بن أُميَّة. وَلما ذكر الدَّارَقُطْنِيّ فِي كِتَابه فِي المؤتلف والمختلف بجيراً بروايته هَذِه عَن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 54 عبد الله بن عَمْرو، وَرِوَايَة إِسْمَاعِيل بن أُميَّة عَنهُ لَهَا، أتبعه عَن عَبَّاس الدوري، عَن ابْن معِين أَنه قَالَ: لم أسمع أحدا حدث عَنهُ غير إِسْمَاعِيل بن أُميَّة. وَلم يعرف ابْن أبي حَاتِم حَاله. وَإِلَى ذَلِك فَإِن الحَدِيث الْمَذْكُور، إِنَّمَا يرويهِ عَن إِسْمَاعِيل بن أُميَّة ابْن إِسْحَاق، فاعلمه. (2295) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، من حَدِيث ابْن جريح عَن عمرَان ابْن أبي أنس، عَن مَالك بن أَوْس بن الْحدثَان، عَن أبي ذَر حَدِيث: " وَفِي الْبَز صدقته ". هَكَذَا بالزاي، وَلم يقْض عَلَيْهِ بِشَيْء، غير أَنه قَالَ: كَذَلِك فِي حَدِيث مُوسَى بن عُبَيْدَة، عَن عمرَان بن أبي أنس بِهَذَا الْإِسْنَاد. فَاعْلَم أَن هَذَا الحَدِيث لَا يَصح، لِأَنَّهُ لَا يعرف إِلَّا بمُوسَى بن عُبَيْدَة - وَهُوَ ضَعِيف - عَن عمرَان بن أبي أنس. فَأَما رِوَايَة ابْن جريح، عَن عمرَان بن أبي أنس، فَلَا تصح إِلَى ابْن جريح. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا أَبُو بكر النَّيْسَابُورِي، قَالَ: حَدثنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد الجزء: 5 ¦ الصفحة: 55 ابْن الْحجَّاج الرقي، قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن مُعَاوِيَة، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بكر، عَن ابْن جريح، فَذكره. وَعبد الله بن مُعَاوِيَة هَذَا، لَا تعرف حَاله. فَإِن قيل: فقد رَوَاهُ عَن مُحَمَّد بن بكر غَيره، وَهُوَ يحيى بن مُوسَى الْبَلْخِي، الْمَعْرُوف بخت وَهُوَ ثِقَة. فَالْجَوَاب أَنا إِنَّمَا واخذناه فِيمَا سَاق من عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ، وَالدَّارَقُطْنِيّ لم يسقه عَن ابْن جريج إِلَّا من [طَرِيق عبد الله بن مُعَاوِيَة عَن مُحَمَّد بن بكر. هَذَا وَإِن لرِوَايَة ابْن جريح عَن عمرَان] ، وَلَو صحت من طَرِيق يحيى بن مُوسَى - شَأْنًا آخر، وَهُوَ الِانْقِطَاع. قَالَ التِّرْمِذِيّ فِي كتاب الْعِلَل: حَدثنَا يحيى بن مُوسَى، حَدثنَا مُحَمَّد بن بكر، حَدثنَا ابْن جريح، عَن عمرَان بن أبي أنس، عَن مَالك بن أَوْس بن الْحدثَان النصري، عَن أبي ذَر قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " فِي الْإِبِل صدقتها، وَفِي الْغنم صدقتها، وَفِي الْبَقر صدقتها، وَفِي الْبَز صدقته ". ثمَّ قَالَ: سَأَلت مُحَمَّدًا عَن هَذَا الحَدِيث فَقَالَ: ابْن جريج لم يسمع من عمرَان بن أبي أنس، يَقُول: حدثت عَن عمرَان بن أبي أنس. وَقد تقدم التَّنْبِيه على هَذَا الحَدِيث فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا مُتَّصِلَة وَهِي مُنْقَطِعَة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 56 (2296) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن حَمَّاد، عَن أَيُّوب، عَن ديسم - رجل من بني سدوس - عَن بشير بن الخصاصية [قَالَ: قُلْنَا] : " أَن أهل الصَّدَقَة يعتدون علينا " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ. وديسم هَذَا لَيْسَ فِيهِ مزِيد على مَا فِي الْإِسْنَاد، وَلَا يعرف بِغَيْر ذَلِك. (2297) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد أَيْضا عَن الْأَخْضَر بن عجلَان، عَن أبي بكر الْحَنَفِيّ، عَن أنس بن مَالك " أَن رجلا من الْأَنْصَار أَتَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يسْأَله " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: أَبُو بكر الْحَنَفِيّ، اسْمه عبد الله، وَلم أجد أحدا ينْسبهُ، وَذكر التِّرْمِذِيّ طرفا من هَذَا الحَدِيث، وَقَالَ فِيهِ: حسن. فَأَقُول: ظَاهر أمره أَنه صحّح هَذَا الحَدِيث، وَهُوَ لَا يَصح، فَإِن عبد الله الْحَنَفِيّ لَا أعرف أحدا نقل عَدَالَته، فَهِيَ لم تثبت. وَإِن كَانَ لم يذهب إِلَى تَصْحِيحه، فقد بَقِي عَلَيْهِ تبين الْعلَّة الْمَانِعَة من صِحَّته، فَيكون من بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي لم يبين عللها. فَاعْلَم أَن ذَلِك مَا ذَكرْنَاهُ من الْجَهْل بِحَال الْحَنَفِيّ الْمَذْكُور. وَقَالَ فِيهِ التِّرْمِذِيّ: حسن، بِاعْتِبَار اخْتلَافهمْ فِي قبُول رِوَايَات المساتير، والحنفي الْمَذْكُور مِنْهُم، وَقد رَوَت عَنهُ جمَاعَة لَيْسُوا من [مشاهير أهل الْعلم، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 57 وهم: عبد الرَّحْمَن بن شميط، وَعبيد الله بن شميط] ، والأخضر ابْن عجلَان عَمهمَا. والأخضر وَابْن أَخِيه عبيد الله ثقتان، فَأَما عبد الرَّحْمَن بن شميط فَلَا تعرف حَاله. وَأما قَول أبي مُحَمَّد: إِن التِّرْمِذِيّ سَاق طرفا مِنْهُ، وَقَالَ فِيهِ: حسن، فَإِنَّهُ فعل ذَلِك، وَلَكِن على مَا نبينه، وَذَلِكَ أَنه ذكر فِي الْجَامِع قصَّة بيع الْقدح، والحلس، من رِوَايَة عبيد الله بن شميط عَن عَمه الْأَخْضَر بن عجلَان، عَن أبي بكر الْحَنَفِيّ، عَن أنس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، كَمَا فعل عِيسَى بن يُونُس، راوية عَن الْأَخْضَر بن عجلَان عِنْد أبي دَاوُد، حَسْبَمَا تقدم. فَأَما فِي كتاب الْعِلَل، فَإِنَّهُ سَاقه سوقاً آخر: جعله من رِوَايَة أنس، عَن رجل من الْأَنْصَار، كَأَن أنسا لم يُشَاهد الْقِصَّة، ولم يسمع مَا فِيهَا من النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وبسوق الحَدِيث بنصه يتَبَيَّن ذَلِك: قَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عَليّ بن سعيد: الْكِنْدِيّ، قَالَ: حَدثنَا مُعْتَمر بن سُلَيْمَان، عَن الْأَخْضَر بن عجلَان، عَن أبي بكر الْحَنَفِيّ، عَن أنس بن مَالك، عَن رجل من الْأَنْصَار، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " بَاعَ حلسا وَقَدحًا فِيمَن يزِيد ". كَذَا قَالَ مُعْتَمر عَن الْأَخْضَر، فَالله أعلم أَن كَانَت رِوَايَة عِيسَى بن يُونُس، وَعبيد الله بن شميط مُرْسلَة أم لَا. (2298) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ، عَن عرْفجَة، عَن رجل من الجزء: 5 ¦ الصفحة: 58 أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - زِيَادَة: " وينادي مُنَاد: يَا باغي الْخَيْر هَلُمَّ ... " الحَدِيث فِي فضل شهر رَمَضَان. وَسكت عَنهُ، وَلَعَلَّه مِمَّا تسَامح فِيهِ، فَإِن عرْفجَة بن عبد الله الثَّقَفِيّ، لَا تعرف عَدَالَته، وَهُوَ يروي عَن عَائِشَة،، وَابْن مَسْعُود، وَعلي، رَضِي الله عَنْهُم، وروى عَنهُ مَنْصُور، وَعَطَاء بن السَّائِب، وَعمر بن عبد الله بن يعلى بن مرّة. بِهَذَا ذكره أَبُو حَاتِم وَلم يزدْ. وَلَا يعتل الحَدِيث بِكَوْنِهِ من رِوَايَة عَطاء بن السَّائِب عَنهُ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا رَوَاهُ عَنهُ شُعْبَة، وَهُوَ قديم السماع مِنْهُ، مِمَّن أَخذ عَنهُ قبل اخْتِلَاطه. (2299) وَذكر [من طَرِيق الْبَزَّار حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -] انْتهى إِلَى نهر من مَاء السَّمَاء، فِي الصَّوْم فِي السّفر. ثمَّ أتبعه إِسْنَاد الْبَزَّار لَهُ فَقَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، حَدثنَا عبد الْأَعْلَى، حَدثنَا سعيد الْجريرِي، عَن أبي نَضرة، عَن أبي سعيد، فَذكره. فَلَا أَدْرِي أصححه أم تَبرأ من عهدته، وحذر اخْتِلَاط الْجريرِي؟ والعهد بِهِ يصحح أَحَادِيثه، وَلَا يُمَيّز بَين مَا رُوِيَ عَنهُ قبل اخْتِلَاطه وَبعده. وَسَعِيد الْجريرِي مختلط، سَبيله كسبيل سعيد بن أبي عرُوبَة، وَقد تقدم الجزء: 5 ¦ الصفحة: 59 ذكره فِي الْبَاب الَّذِي قبل هَذَا بِمَا يُغني عَن إِعَادَته. (2300) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن ابْن لأبي وَاقد اللَّيْثِيّ، عَن أَبِيه، سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول لأزواجه فِي حجَّة الْوَدَاع: " هَذِه ثمَّ ظُهُور الْحصْر ". هَكَذَا سكت عَنهُ بعد إبرازه هَذِه الْقطعَة من إِسْنَاده، وفيهَا عِلّة، وَهِي أَن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 60 ابْن أبي وَاقد هَذَا لَا يعرف لَهُ اسْم وَلَا حَال، والْحَدِيث من رِوَايَة زيد بن أسلم عَنهُ. (2301) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، عَن سُلَيْمَان بن أبي دَاوُد، عَن عَطاء وَنَافِع، عَن ابْن عمر وَجَابِر " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّمَا طَاف لحجته وعمرته طَوافا وَاحِدًا " الحَدِيث. وَلم يزدْ على مَا أبرز من هَذِه الْقطعَة. وَسليمَان بن أبي دَاوُد هَذَا، لَا يعرف من هُوَ، وَدون سُلَيْمَان فِي الْإِسْنَاد من لَا يَنْبَغِي أَن يطوي ذكره، وَلَا يقتطع الْإِسْنَاد مِمَّا فَوْقه، وَهُوَ هَارُون بن عمرَان الْموصِلِي راوية عَنهُ، وَهُوَ مَجْهُول الْحَال أَيْضا، يرويهِ عَنهُ على بن حَرْب. وَلم يعرف ابْن أبي حَاتِم لِسُلَيْمَان وَهَارُون الْمَذْكُورين حَالا، وَجرى لَهُ فِي ذكره هَارُون أَن قَالَ: روى عَن جَعْفَر بن برْقَان، وَسليمَان بن دَاوُد، روى عَنهُ عَليّ بن حَرْب. لم يزدْ على هَذَا، كَذَا قَالَ: سُلَيْمَان بن دَاوُد، وَالَّذِي فِي الْإِسْنَاد، إِنَّمَا هُوَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 61 سُلَيْمَان بن أبي دَاوُد، وَكِلَاهُمَا لَا يعرف من هُوَ. (2302) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد، من حَدِيث أَيمن بن [نابل، عَن أبي الزبير، عَن جَابر قَالَ: " حجَجنَا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ومعنا النِّسَاء وَالصبيان، فلبينا عَن الصّبيان، ورمينا عَنْهُم ". وَسكت عَنهُ، مبرزاً من إِسْنَاده] مَا ذكر كالمتبرئ من عهدته، وَلَيْسَ لهَذَا الحَدِيث عيب إِلَّا تَدْلِيس أبي الزبير، فَإِن أَيمن ابْن نابل ثِقَة، وَقد احْتج هُوَ بِهِ، وَسكت عَن حَدِيث قدامَة بن عبد الله. (2303) " لَا طرد، وَلَا ضرب، وَلَا إِلَيْك) وَهُوَ من رِوَايَته. وَلما ذكره أَبُو أَحْمد، قَالَ: إِنَّه لَا بَأْس [بِهِ] ، وَلم أجد أحدا مِمَّن تكلم فِي الرِّجَال ضعفه. والْحَدِيث الْمَذْكُور يرويهِ أَبُو أَحْمد هَكَذَا: حَدثنَا مُحَمَّد بن أبان بن مَيْمُون السراج، حَدثنَا عَمْرو النَّاقِد، حَدثنَا ابْن عُيَيْنَة، عَن أَيمن بن نابل. فَذكره (2304) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد حَدِيث يزِيد بن شَيبَان، قَالَ: " أَتَانَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 62 ابْن مربع الْأنْصَارِيّ، وَنحن بِعَرَفَة فَقَالَ: إِنِّي رَسُول [رَسُول] الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَيْكُم يَقُول: قفوا على مشاعركم " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ إِلَّا مَا ذكر من هَذِه الْقطعَة، وَهُوَ عِنْد أبي دَاوُد، من رِوَايَة عَمْرو ابْن دِينَار، عَن عَمْرو بن عبد الله بن صَفْوَان، عَن يزِيد بن شَيبَان الْمَذْكُور. وَعَمْرو بن عبد الله بن صَفْوَان الْقرشِي الجُمَحِي، أَخُو صَفْوَان بن عبد الله ابْن صَفْوَان، مكي، يروي عَن يزِيد بن شَيبَان، روى عَنهُ عَمْرو بن دِينَار، وَعَمْرو بن أبي سُفْيَان الجُمَحِي، وَمُحَمّد بن أبي سُفْيَان، وَلَا تعرف لَهُ حَال، وَكَذَلِكَ يزِيد بن شَيبَان، وَهُوَ أبعد من أَن تعرف حَاله من عَمْرو، وَلَا يعرف روى عَنهُ غير عَمْرو الْمَذْكُور. وَزيد بن مربع لَا يعرف إِلَّا بِهَذَا، وَلَا تعرف صحبته إِلَّا من قَوْله حَسْبَمَا أخبر عَنهُ يزِيد بن شَيبَان، وكل هَذَا ضعف على ضعف. وَلما ذكره ابْن السكن فِي الصَّحَابَة قَالَ: روى عَنهُ يزِيد بن شَيبَان، وَيزِيد غير مَعْرُوف، وَلم يترجم باسمه فِي بَاب يزِيد، وَأورد لِابْنِ مربع هَذَا الحَدِيث بِهَذَا الْإِسْنَاد، فاعلمه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 63 (2305) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ أَيْضا، عَن أبي الزبير عَن عَائِشَة، وَابْن عَبَّاس " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أخر [طواف يَوْم النَّحْر إِلَى اللَّيْل ". وَسكت عَنهُ مبرزاً من] إِسْنَاده أَبَا الزبير، وَلَيْسَ ذَلِك تبرياً من عهدته، فَإِنَّهُ قد عهد يصحح مَا يرويهِ أَبُو الزبير، وَلَو لم يجِئ إِلَّا بِلَفْظَة " عَن " لَا مِمَّا يروي عَن جَابر، وَلَا مِمَّا يروي عَن غَيره. وَقد تقدم ذكر جملَة من ذَلِك فِي الْبَاب الَّذِي قبل هَذَا. وَعِنْدِي أَن هَذَا الحَدِيث لَيْسَ بصح، فَإِن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّمَا طَاف يَوْمئِذٍ نَهَارا، وَإِنَّمَا اخْتلفُوا هَل صلى الظّهْر بِمَكَّة أَو رَجَعَ إِلَى منى فَصلاهَا بهَا، بعد أَن فرغ من طَوَافه. فَابْن عمر يَقُول: إِنَّه عَلَيْهِ السَّلَام رَجَعَ إِلَى منى فصلى الظّهْر بهَا. وَجَابِر يَقُول: إِنَّه صلى الظّهْر بِمَكَّة وَهُوَ ظَاهر حَدِيث عَائِشَة من غير رِوَايَة أبي الزبير هَذِه، الَّتِي فِيهَا أَنه أخر الطّواف إِلَى اللَّيْل. وَهُوَ شَيْء لم يرو إِلَّا من هَذَا الطَّرِيق. وَأَبُو الزبير مُدَلّس، وَلم يذكر هَاهُنَا سَمَاعا من عَائِشَة، وَقد عهد يروي عَنْهَا بِوَاسِطَة، وَلَا أَيْضا من ابْن عَبَّاس فقد عهد كَذَلِك يروي عَنهُ بِوَاسِطَة، وَإِن كَانَ قد سمع مِنْهُ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 64 (2306) فمما رَوَاهُ عَن عَائِشَة وَصرح بِمن بَينه وَبَينهَا قصَّة بَرِيرَة، يرويهِ عَن عُرْوَة عَنْهَا، ذكره الْبَزَّار. (2307) و " إغتسال النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَعهَا من إِنَاء وَاحِد ". يرويهِ عَن عبيد بن عُمَيْر عَنْهَا، ذكره مُسلم. (2308) وَمِمَّا رَوَاهُ عَن ابْن عَبَّاس، وَصرح بِمن بَينه وَبَينه، جمعه عَلَيْهِ السَّلَام من غير خوف وَلَا مطر، يرويهِ فِي الْمُوَطَّأ عَن سعيد بن جُبَير عَنهُ. (2309) وَحَدِيث: " عَرَفَة كلهَا موقف ". (2310) وَحَدِيث: " عَلَيْكُم بحصى الْخذف "، وَحَدِيث: " كَانَ يُلَبِّي حَتَّى رمى الْجَمْرَة ". هِيَ كلهَا من رِوَايَته عَن أبي معبد، عَن ابْن عَبَّاس، وَأَحَادِيث سوى هَذِه كَذَلِك. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 65 (2311) فَأَما حَدِيث: " لما أُصِيب إخْوَانكُمْ بِأحد " فَإِن عدي بن الْفضل، رَوَاهُ عَن إِسْمَاعِيل بن أُميَّة، عَن أبي الزبير، عَن ابْن عَبَّاس. هَكَذَا بِلَفْظَة: " عَن ". وَرَوَاهُ ابْن إِسْحَاق، عَن إِسْمَاعِيل بن أُميَّة، عَن أبي الزبير، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس، ذكره أَبُو [دَاوُد، عَن طَرِيق إِسْمَاعِيل بن أُميَّة عَنهُ، وَأَبُو الزبير يجب التَّوَقُّف فِيمَا يرويهِ. عَن عَائِشَة وَابْن عَبَّاس، مِمَّا لَا يذكر فِيهِ سَمَاعه مِنْهُمَا، لما عرف بِهِ من التَّدْلِيس، ولَو صَحَّ سَمَاعه مِنْهُمَا لغير هَذَا، فَأَما وَلم يَصح لنا أَنه سمع من عَائِشَة، فَالْأَمْر بَين فِي وجوب التَّوَقُّف فِيهِ، وَإِنَّمَا يخْتَلف الْعلمَاء فِي قبُول حَدِيث المدلس إِذا كَانَ عَمَّن قد علم لقاؤه لَهُ وسماعه مِنْهُ. هَاهُنَا يَقُول قوم: يقبل مَا يعنعن عَنْهُم حَتَّى يتَبَيَّن الِانْقِطَاع فِي حَدِيث حَدِيث فَيرد. وَيَقُول آخَرُونَ: بل يرد مَا يعنعن عَنْهُم حَتَّى يتَبَيَّن الِاتِّصَال فِي حَدِيث حَدِيث فَيقبل. أما مَا يعنعنه المدلس عَمَّن لم نعلم لقاءه لَهُ وَلَا سَمَاعه مِنْهُ، فَلَا أعلم الْخلاف فِيهِ بِأَنَّهُ لَا يقبل، وَلَو كُنَّا نقُول بِرَأْي مُسلم فِي أَن مُعَنْعَن المتعاصرين مَحْمُول على الِاتِّصَال وَلَو لم يعلم التقاؤهما، فَإِنَّمَا ذَلِك فِي غير المدلس. وَأَيْضًا فَلَمَّا قدمْنَاهُ من صِحَة طواف النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْمئِذٍ نَهَارا. وَالْخلاف فِي رد حَدِيث المدلس حَتَّى يعلم اتِّصَاله، أَو قبُوله حَتَّى يعلم الجزء: 5 ¦ الصفحة: 66 انْقِطَاعه، إِنَّمَا هُوَ إِذا لم يُعَارضهُ مَا لَا شكّ فِي صِحَّته، وَهَذَا فقد عَارضه مَا لَا شكّ فِي صِحَّته. وعد إِلَى الْبَاب الثَّانِي من هَذَا الْكتاب، وَهُوَ بَاب النَّقْص من الْأَسَانِيد، فَانْظُر مَا كتبنَا عَلَيْهِ حِين ذَكرْنَاهُ عَنهُ، عَن عَائِشَة وَحدهَا، من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، فَإِنَّهُ كرر ذكره فِي موضِعين، وَالله الْمُوفق. (2312) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد أَيْضا حَدِيث سراء بنت نَبهَان فِي الْخطْبَة يَوْم الرؤوس. وأبرز من إِسْنَاده ربيعَة بن عبد الرَّحْمَن بن حصن عَنْهَا، وَهِي جدته. وَرَبِيعَة هَذَا لم يقدم فِيهِ شَيْئا وَلَا أَخّرهُ، وَلَا هُوَ مَعْرُوف فِي غير هَذَا الحَدِيث، وَلَا يعرف روى عَنهُ غير أبي عَاصِم النَّبِيل. وَيُقَال فِيهِ أَيْضا: ربيعَة بن عبد الله بن حُصَيْن، كَذَا وَقع عِنْد ابْن السكن، عِنْد ذكره إِيَّاه فِي بَاب سراء الْمَذْكُورَة، وَهِي لَا تعرف صحبتهَا إِلَّا من قَوْلهَا الَّذِي لم يَصح عَنْهَا [فِي هَذَا الحَدِيث. (2313) وَفِي حَدِيث آخر ضَعِيف رَوَاهُ عَنْهَا من] لَا تعرف أصلا، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 67 وَهِي سَاكِنة بنت الْجَعْد، ودونها من لَا يلْتَفت إِلَيْهِ، وَلَا يعرج عَلَيْهِ. والْحَدِيث هُوَ أَن غُلَاما لَهَا يُقَال لَهُ: نصيب، سَأَلَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الْحَيَّات مَا يقتل مِنْهَا، قَالَت: فَسَمعته يَقُول: " اقْتُلُوا مَا ظهر مِنْهَا، كبيرها وصغيرها، أسودها وأبيضها، فَإِن من قَتلهَا من أمتِي كَانَت لَهُ فدَاء من النَّار، وَمن قتلته كَانَ شَهِيدا ". فَاعْلَم ذَلِك. (2314) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد أَيْضا عَن ابْن أبي نجيح، عَن أَبِيه عَن رجلَيْنِ من بني بكر، قَالَا: " رَأينَا رَسُول الله يخْطب بَين أَوسط أَيَّام التَّشْرِيق " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ أَيْضا، وَهُوَ لَا يَصح فَإِن هذَيْن الرجلَيْن لَا يَنْبَغِي أَن يقبل فهما مَا ادعياه لأنفسهما من المزية بالصحبة، وهما لَو قَالَا عَن أَنفسهمَا: إنَّهُمَا ثقتان لم يقبل مِنْهُمَا ذَلِك، فَكيف بِمَا فِيهِ عَظِيم المزية، وَلم يشْهد لَهما بذلك من يوثق من التَّابِعين، وَإِنَّمَا هُوَ مَا قَالَ يسَار أَبُو نجيح، وَالِد عبد الله بن أبي نجيح: من أَنَّهُمَا قَالَا ذَلِك عَن أَنفسهمَا، وَلم يقل هُوَ عَنْهُمَا: إنَّهُمَا صحابيان، وَلَا ارْتهن فيهمَا بِشَيْء، ويسار ثِقَة. فاعلمه. (2315) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا عَن مُوسَى بن باذان، عَن يعلى بن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 68 أُميَّة، عَن أَبِيه، أَن رَسُول الله، قَالَ: " احتكار الطَّعَام فِي الْحرم إلحاد فِيهِ ". وَلم يزدْ على إبراز هَذِه الْقطعَة من إِسْنَاده، وَهُوَ حَدِيث لَا يَصح، لِأَن مُوسَى بن باذان مَجْهُول، وَيُقَال فِيهِ: مُسلم بن باذان، هَكَذَا يَقُول فِيهِ الرازيان، وخطئا البُخَارِيّ فِي قَوْله: [مُوسَى بن] باذان، بالنُّون، وَلَا يعرف روى عَنهُ غير عمَارَة بن ثَوْبَان، وَهُوَ روى عَنهُ هَذَا الحَدِيث. وَعمارَة أَيْضا لَا يعرف روى عَنهُ غير ابْن أَخِيه جَعْفَر بن يحيى بن ثَوْبَان، وَهُوَ روى عَنهُ هَذَا الحَدِيث، وجعفر أَيْضا لَا تعرف حَاله. فهم كَمَا ترى [ثَلَاثَة مَجَاهِيل مُتَتَابعين فِي رِوَايَة هَذَا الحَدِيث واقتطاع] أبي مُحَمَّد الحَدِيث من عِنْد مُوسَى، وطية ذكر يحيى وَعمارَة، خطأ موهم أَنه لَا نظر فيهمَا، وَلِأَنَّهُ احْتمل أَن يكون مصححاً لَهُ بسكوته عَنهُ، لم نذكرهُ فِي الْبَاب الَّذِي تقدم ذكره، وَهُوَ الْبَاب الَّذِي ذكرت فِيهِ الْأَحَادِيث الَّتِي ضعفها بِذكر رجال وَترك دونهم أَو فَوْقهم من هُوَ مثلهم أَو أَضْعَف، فَإِن ذَلِك الْبَاب إِنَّمَا ذكرنَا فِيهِ مَا ضعف، وَهَذَا لم نجزم بِأَنَّهُ ضعفه. (2316) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد أَيْضا، من حَدِيث خَارِجَة بن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 69 الْحَارِث الْجُهَنِيّ، عَن أَبِيه، عَن جَابر، أَن رَسُول الله قَالَ: " لَا يخبط، وَلَا يعضد حمى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَلَكِن يهش هشاً رَفِيقًا " وَسكت عَنهُ، إِلَّا أَنه أبرز من إِسْنَاده هَذِه الْقطعَة. وخارجة بن الْحَارِث بن رَافع بن مكيث الْجُهَنِيّ صَالح الحَدِيث، وَلَكِن أَبوهُ لَا تعرف حَاله. (2317) وبعدهما ذكر حَدِيث سعد فِي " سلب من يصيد فِي حرم الْمَدِينَة ". ثمَّ قَالَ: سُلَيْمَان بن أبي عبد الله لَيْسَ بالمشهور. وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِك، لِأَن أَبَا حَاتِم قَالَه بنصه، وَإِلَّا فَهُوَ أحسن حَالا من هَؤُلَاءِ المجاهيل الَّذين لم يبين من أَحْوَالهم شَيْئا، إِلَّا أَنه أبرز ذكرهم فَاعْلَم ذَلِك. (2318) وَذكر من طَرِيقه أَيْضا عَن خَالِد بن زيد، عَن عقبَة بن عَامر، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 70 قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِن الله عز وَجل يدْخل بِالسَّهْمِ الْوَاحِد ثَلَاثَة نفر الْجنَّة " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَلكنه أبرز من إِسْنَاده خَالِد بن زيد، وَهُوَ حَدِيث لَا يَصح. قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا سعيد بن مَنْصُور قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن الْمُبَارك، قَالَ: حَدثنِي عبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن جَابر، قَالَ: حَدثنِي أَبُو سَلام، عَن خَالِد بن زيد، فَذكره. وخَالِد بن زيد هَذَا، الَّذِي يروي عَن عقبَة بن عَامر، لم يذكرهُ البُخَارِيّ، وَابْن أبي حَاتِم بِأَكْثَرَ من رِوَايَة أبي سَلام عَنهُ. فَهُوَ عِنْدهمَا مَجْهُول الْحَال، ويعرض فِيهِ أَمر آخر، وَهُوَ أَنَّهُمَا أَيْضا ذكرا خَالِد بن زيد الْجُهَنِيّ، وَقَالا: أَنه روى [عَن أَبِيه فِي اللّقطَة روى عَنهُ عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل، فَيحْتَمل أَنَّهُمَا وَاحِد، أَو اثْنَان كَذَلِك] . فَزعم أَبُو بكر بن ثَابت الْخَطِيب، فِي كِتَابه فِي الْجمع والتفريق أَن البُخَارِيّ أَخطَأ فِي جعله إيَّاهُمَا رجلَيْنِ؛ أعنى الَّذِي روى عَن عقبَة بن عَامر، وَهَذَا الَّذِي روى عَن أَبِيه، وَبَين أَنَّهُمَا رجل وَاحِد يروي عَن عقبَة بن عَامر، ويروي عَن أَبِيه زيد بن خَالِد حَدِيثه فِي اللّقطَة، وَأورد حَدِيثه عَنهُ بذلك فِي الْكتاب الْمَذْكُور. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 73 وَهَذَا الَّذِي ذكر قد كَانَ مُحْتملا، وَلم يكن ضَرْبَة لازب أَن يخطأ البُخَارِيّ وَابْن أبي حَاتِم، وَمَا قَالَاه مُحْتَمل، إِلَّا أَن أَبَا بكر بن أبي شيبَة قد ذكر الحَدِيث الْمَذْكُور، فَبين فِي نفس إِسْنَاده أَنه الْجُهَنِيّ، وَكَذَلِكَ فعل النَّسَائِيّ، وَمَعَ ذَلِك فَإِنَّهُ قد بَقِي علينا أَن نعرفه ثِقَة، وَذَلِكَ شَرط صِحَة الحَدِيث، وَلم يقنع فِي ذَلِك قَول الْكُوفِي فِي كِتَابه: خَالِد بن زيد تَابِعِيّ ثِقَة. فَإِنِّي لم أعرف أَنه يَعْنِي هَذَا الْمَذْكُور، لَا سِيمَا وَهُوَ جَائِز أَن يكون عِنْده مِمَّن يتسمى بِهَذَا الِاسْم أَكثر من وَاحِد، كَمَا هُوَ عِنْد البُخَارِيّ وَابْن أبي حَاتِم. وأظن أَن أَبَا مُحَمَّد لم يحكم بِصِحَّتِهِ، أَو تسَامح فِيهِ، بل تَبرأ من عهدته بِذكر مَوضِع النّظر مِنْهُ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي أَن يعْتَقد أَنه مذْهبه فِي كل حَدِيث ذكره بِقِطْعَة من إِسْنَاده، وَإِن لم يكن بذلك محيلا على ذكر مُتَقَدم وَلَا مُتَأَخّر، وَالله أعلم، فَإِنَّهُ لَو كَانَ عِنْده صَحِيحا ذكره من عِنْد الصَّحَابِيّ فَحسب، وَالله أعلم. (2319) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد أَيْضا عَن إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، عَن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 74 يحيى بن أبي عَمْرو السيباني، عَن أبي مَرْيَم، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إيَّاكُمْ أَن تَتَّخِذُوا ظُهُور دوابكم مَنَابِر ". وَسكت عَنهُ وَلَعَلَّه بإبرازه إِسْنَاده تَبرأ من عهدته. وَإِسْمَاعِيل بن عَيَّاش فِيهِ، غير مَنْظُور فِيهِ، فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَن شَامي ثِقَة، وَحَدِيثه عَن الشاميين أهل بَلَده صَحِيح، وَإِنَّمَا خلط فِيمَا روى عَن غير أهل بَلَده فِي أَسْفَاره. وَإِنَّمَا الَّذِي ينظر فِي أمره من هَذَا الْإِسْنَاد أَبُو مَرْيَم وَهُوَ مولى أبي هُرَيْرَة، وَلَا يعرف لَهُ حَال وه [ناك اثْنَان: أَبُو مَرْيَم مولى أبي هُرَيْرَة، وَأَبُو مَرْيَم الْأنْصَارِيّ، الَّذِي روى عَنهُ صَفْوَان بن عمر، وحريز] ابْن عُثْمَان، وَهُوَ أَيْضا يروي عَن أبي هُرَيْرَة. وَقد ذكر ابْن أبي حَاتِم لِأَبِيهِ مَا فعل البُخَارِيّ من تفريقه بَينهمَا، وَجعله لَهما رجلَيْنِ، فَقَالَ: هما وَاحِد. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 75 وَهَكَذَا فعل الْبَزَّار، فَإِنَّهُ ترْجم بِأبي مَرْيَم عَن أبي هُرَيْرَة، ثمَّ سَاق الَّذِي روى عَنهُ مُعَاوِيَة، وحريز بن عُثْمَان، وَيحيى بن أبي عَمْرو، وَجعل الْجَمِيع وَاحِدًا، وَأورد أَحَادِيثهم عَنهُ فِي مَكَان وَاحِد. وكيفما كَانَ - وَاحِدًا أَو اثْنَيْنِ - فحاله أَو حَالهمَا مَجْهُولَة، فَمَا مثل هَذَا الحَدِيث صحّح. (2320) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد أَيْضا، عَن حميد، عَن الْحسن، عَن عمرَان بن حُصَيْن، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا جلب وَلَا جنب فِي الرِّهَان ". قَالَ: وَقد روى هَذَا عَن حميد عَن أنس، وَهُوَ خطأ، وَالصَّوَاب فِي إِسْنَاده: حميد، عَن الْحسن، عَن عمرَان، ذكر ذَلِك النَّسَائِيّ رَحمَه الله. هَذَا نَص مَا ذكره بِهِ. وَفِيه أخطئة: مِنْهَا: إِيرَاده إِيَّاه على أَنه مُتَّصِل. وَمِنْهَا: نِسْبَة لفظ مِنْهُ إِلَى غير رِوَايَة، [وَقد تقدم ذَلِك فِي بَاب نِسْبَة الْأَحَادِيث إِلَى غير رواتها] ، وَفِي هَذَا الْبَاب استوعبنا القَوْل على هَذَا الحَدِيث. وَمِنْهَا: أَنه عَن رجل ضَعِيف طوى ذكره، فَالْحَدِيث من أَجله لَا يَصح. وَهَذَا الْمَعْنى هُوَ الَّذِي لأَجله ذَكرْنَاهُ الْآن فِي هَذَا الْبَاب، وَلِأَنَّهُ لم يضعف الحَدِيث، لم نذكرهُ فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ضعفها بِقوم، وَترك دونهم أَو فَوْقهم من هُوَ مثلهم أَو أَضْعَف. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 76 فَاعْلَم الْآن أَن هَذَا الحَدِيث إِنَّمَا أوردهُ أَبُو دَاوُد هَكَذَا: حَدثنَا يحيى بن خلف قَالَ: حَدثنَا عبد الْوَهَّاب بن عبد الْمجِيد، قَالَ: حَدثنَا عَنْبَسَة. وَحدثنَا مُسَدّد، قَالَ: حَدثنَا بشر بن الْمفضل، عَن حميد الطَّوِيل، جَمِيعًا عَن الْحسن، عَن عمرَان بن حُصَيْن، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا جلب وَلَا جنب " زَاد يحيى فِي حَدِيثه " فِي الرِّهَان ". فقد تبين بِهَذَا السِّيَاق أَن اللَّفْظ الَّذِي أورد، هُوَ لفظ يحيى بن خلف، عَن عبد الْوَهَّاب، عَن عَنْبَسَة، عَن الْحسن، لَا لفظ مُسَدّد، عَن بشر [بن الْمفضل، عَن حميد الطَّوِيل، عَن] الْحسن. وعنبسة هَذَا، هُوَ ابْن سعيد الوَاسِطِيّ، الْقطَّان، أَخُو أبي الرّبيع السمان، روى عَن الْحسن، روى عَنهُ البصريون، فَقَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِم: ضَعِيف الحَدِيث أَتَى بالطامات. وَقَالَ عَمْرو بن عَليّ: عَنْبَسَة بن سعيد الْقطَّان أَخُو أبي الرّبيع، كَانَ مختلطاً لَا يرْوى عَنهُ، وَقد سَمِعت مِنْهُ وَجَلَست إِلَيْهِ. وَمن النَّاس من يَجْعَل الْقطَّان غير أخي السمان. وكيفما كَانَ فَهُوَ ضَعِيف، وَبلا ريب أَن الَّذِي فِي هَذَا الْإِسْنَاد، هُوَ أَخُو أبي الرّبيع السمان. وَهُوَ ضَعِيف، فَإِن كَانَ هُوَ الْقطَّان فَذَاك، فَالْحَدِيث هَكَذَا لَا يَصح، فاعلمه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 77 (2321) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد أَيْضا، عَن سهل بن معَاذ الْجُهَنِيّ عَن أَبِيه قَالَ: " غزوت مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - غَزْوَة كَذَا وَكَذَا، وضيق النَّاس الْمنَازل وَقَطعُوا الطَّرِيق ". الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث يرويهِ أَبُو دَاوُد، عَن سعيد بن مَنْصُور، عَن إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، عَن أسيد بن عبد الرَّحْمَن الْخَثْعَمِي، عَن فَرْوَة بن مُجَاهِد اللَّخْمِيّ، عَن سهل بن معَاذ، عَن أَبِيه. فَذكره. وَسَهل يضعف، وَأسيد لَا تعرف حَاله، وَإِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، من قد عرف، وَقد تقدم. (2322) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ عَن عمر بن مُرَقع بن صَيْفِي بن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 78 رَبَاح بن ربيع قَالَ: سَمِعت أبي يحدث عَن جده رَبَاح بن ربيع، قَالَ: " كُنَّا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي غزَاة، وَالنَّاس مجتمعون على شَيْء فَبعث رجلا، فَقَالَ: انْظُر على م اجْتَمعُوا؟ قَالَ: على امْرَأَة " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، ومرقع بن صَيْفِي لَا تعرف حَاله، فَأَما ابْنه عمر فَلَا بَأْس بِهِ. والمرقع الْمَذْكُور، روى عَنهُ ابْنه عمر، وَأَبُو الزِّنَاد، ومُوسَى بن عقبَة، وَيُونُس ابْن أبي إِسْحَاق، ويروى هُوَ عَن جده رَبَاح بن الرّبيع، وَعَن ابْن عَبَّاس وَهُوَ كُوفِي. وَهُوَ قد بَين فِيهِ، وَفِيمَا بعده هَذَا الَّذِي قُلْنَاهُ، إِلَّا أَنه - وَالله أعلم - قبله على أَصله فِيمَن روى عَنهُ أَكثر من وَاحِد. (2323) وَذكر [من طَرِيق أبي دَاوُد عَن سمي بن قيس المأربي عَن شمير بن عبد المدان] ، عَن أَبيض بن حمال - حَدِيث إقطاع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِيَّاه الْملح بمأرب، ثمَّ استقالته. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث يرويهِ مُحَمَّد بن يحيى بن قيس المأربي، عَن أَبِيه، عَن ثُمَامَة بن شُرَحْبِيل، عَن سمي بن قيس، عَن شمير بن عبد المدان، عَن أَبيض. فَكل من دون أَبيض بن حمال مَجْهُول، وهم خَمْسَة، مَا مِنْهُم من يعرف لَهُ حَال، وَمِنْهُم من لم يرو عَنهُ شَيْء من الْعلم إِلَّا هَذَا، وهم الْأَرْبَعَة، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 80 يسْتَثْنى مِنْهُم مُحَمَّد بن يحيى بن قيس، فَإِنَّهُ قد روى عَنهُ جمَاعَة. وَقد أعَاد ذكر هَذَا الحَدِيث فِي الْحمى بتغيير ذَكرْنَاهُ لأَجله فِي بَاب النَّقْص من الْأَسَانِيد. (2324) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد أَيْضا، عَن قَابُوس بن أبي ظبْيَان، عَن أَبِيه، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَيْسَ على مُسلم جِزْيَة ". كَذَا أوردهُ وَلم يقل فِيهِ شَيْئا، وقابوس ضَعِيف عِنْدهم، وَرُبمَا ترك بَعضهم حَدِيثه، وَلَا يدْفع عَن صدق، وَإِنَّمَا كَانَ قد افترى على رجل فحد، فكسد لذَلِك. (2325) وَذكر أَيْضا من رِوَايَته عَن أَبِيه، عَن ابْن عَبَّاس حَدِيث: " لَا تكون قبلتان فِي بلد وَاحِد ". وَأتبعهُ أَن قَالَ [قَابُوس بن أبي طنبيان] : مرّة وَثَّقَهُ ابْن معِين، وَمرَّة ضعفه، وَضَعفه غَيره، وَكَانَ يحيى بن سعيد يحدث عَنهُ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 81 وَعَمله فِي هذَيْن الْحَدِيثين أحسن من عمله فِي الحَدِيث الَّذِي تقدم فِي الْبَاب الَّذِي قبل هَذَا من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (2326) " إِن الَّذِي لَيْسَ فِي جَوْفه شَيْء من الْقُرْآن كالبيت الخرب ". فَإِنَّهُ سكت عَنهُ، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة قَابُوس الْمَذْكُور، عَن أَبِيه، وَلَا أبرزه بِالذكر. وَجَرِير رَاوِي ذَلِك الحَدِيث عَنهُ هُوَ الْقَائِل: أتيناه بعد كساده، زَعَمُوا أَنه افترى على رجل فحد فكسد لذَلِك. وَفِيه عيب آخر، وَهُوَ مَا ذكره أَبُو حَاتِم البستي، والساجي. قَالَ البستي: كَانَ رَدِيء الْحِفْظ ينْفَرد [عَن أَبِيه بِمَا لَا أصل لَهُ. وَقَالَ: كَانَ ابْن معِين شَدِيد الْحمل عَلَيْهِ. وَقَالَ] السَّاجِي: هُوَ صَدُوق [لَيْسَ بثبت، يقدم عليا على عُثْمَان. (2327) وَذكر من طَرِيق أبي] أَحْمد، عَن مُؤَمل بن إِسْمَاعِيل، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 82 أخبرنَا عِكْرِمَة بن عمار، عَن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " زجر الْمُتْعَة - أَو قَالَ: _ هدم الْمُتْعَة الطَّلَاق وَالْعدة وَالْمِيرَاث ". ثمَّ قَالَ: عِكْرِمَة إِنَّمَا يضعف حَدِيثه عَن يحيى بن أبي كثير. انْتهى مَا ذكر. فَيظْهر من أمره أَنه صحّح هَذَا الحَدِيث، فَإِنَّهُ نفى عَن عِكْرِمَة الوهن فِي غير مَا يرويهِ عَن يحيى بن أبي كثير، وَلم يعرض من الْإِسْنَاد لغيره. والقطعة الَّتِي ذكر من إِسْنَاده لَيْسَ فِيهَا من يوضع فِيهِ النّظر غير عِكْرِمَة بن عمار، وَقد أبدى فِيهِ مذْهبه، وَإِنَّمَا الشَّأْن فِيمَن طوى ذكره، مِمَّن دون مُؤَمل بن إِسْمَاعِيل. وَهُوَ قد جرت عَادَته بتحسين الظَّن بِأبي أَحْمد، يرى أَنه إِذا ذكر الْخَبَر بِشَيْء فقد سلم من غَيره، فَلَمَّا رَآهُ ذكر هَذَا الْخَبَر فِي بَاب عِكْرِمَة بن عمار، ظن أَنه لَا نظر فِي غَيره من رُوَاته عِنْده. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 83 وَلَيْسَ هَذَا الْعَمَل بِصَحِيح، فَإنَّا قد كتبنَا فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي يعلها بِذكر رجل وَيتْرك فِي الْإِسْنَاد مِمَّن هُوَ مثله، أَو أَضْعَف، أَو مَجْهُول لَا يعرف - أَحَادِيث يذكرهَا أَبُو أَحْمد فِي أَبْوَاب رجال لَعَلَّ الْجِنَايَة فِيهَا من غَيرهم مِمَّن هُوَ أَضْعَف مِنْهُم، مِمَّن قد ذكرهَا أَبُو أَحْمد أَيْضا فِي أَبْوَابهم، وَلم يتقص ذَلِك أَبُو مُحَمَّد. وَهَذَا الحَدِيث إِنَّمَا يرويهِ أَبُو أَحْمد هَكَذَا: حَدثنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن بلبل، حَدثنَا عبيد الله بن يُوسُف، حَدثنَا مُؤَمل بن إِسْمَاعِيل، فَذكره بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور، وَلَفظه: " هدم الْمُتْعَة الطَّلَاق وَالْعدة وَالْمِيرَاث ". هَذَا لَفظه، وَلَيْسَ فِيهِ الشَّك بَين زجر، وَهدم. وَلَا معنى لزجر فِي هَذَا، وَلَا أَدْرِي من عبيد الله بن يُوسُف هَذَا، وَلَا مَا حَال ابْن بلبل، وَقد رَوَاهُ عَن مُؤَمل بن إِسْمَاعِيل، رجل مَعْرُوف صَدُوق. وَكَانَ سوقه لَهُ من طَرِيقه أحسن وَأقرب منتجعاً. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي دَاوُد، حَدثنَا أَحْمد بن الْأَزْهَر، حَدثنَا مُؤَمل بن إِسْمَاعِيل، حَدثنَا عِكْرِمَة بن عمار [عَن سعيد المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " حرم] أَو: هدم الْمُتْعَة النِّكَاح، وَالطَّلَاق، وَالْعدة، وَالْمِيرَاث ".، [وَإِسْنَاده حسن] . وَأحمد بن الْأَزْهَر بن منيع أَبُو الْأَزْهَر النَّيْسَابُورِي، روى عَنهُ أَبُو حَاتِم، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 84 وَابْنه أَبُو مُحَمَّد، وَقَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِم: صَدُوق. وَقد رَوَت عَنهُ جمَاعَة سواهُمَا، مِنْهُم: مَرْوَان بن مُحَمَّد الطاطري، وَمُحَمّد بن بِلَال الْبَصْرِيّ، وَمُحَمّد بن سُلَيْمَان بن دَاوُد الْحَرَّانِي، وقريش بن أنس، وَإِسْمَاعِيل بن عمر أَبُو الْمُنْذر، وروح بن عبَادَة، ووهب بن جرير، وأسباط بن مُحَمَّد. وَالْأَمر فِيهِ، لَيْسَ كَمَا زعم مسلمة بن قَاسم فِي كِتَابه حِين قَالَ: " إِنَّه مَجْهُول ". (2328) فَأَما حَدِيث عَليّ بن أبي طَالب فِي هَذَا الْمَعْنى فضعيف، فِيهِ ابْن لَهِيعَة وَغَيره، فَاعْلَم ذَلِك. (2329) وَذكر حَدِيث عَائِشَة: " أَيّمَا امْرَأَة نكحت بِغَيْر إِذن وَليهَا فنكاحها بَاطِل " الحَدِيث. من رِوَايَة سُلَيْمَان بن مُوسَى، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عُرْوَة، عَنْهَا ثمَّ قَالَ: إِن عِيسَى بن يُونُس، رَوَاهُ عَن ابْن جريح، عَن سُلَيْمَان، بِزِيَادَة: وشاهدي عدل " من عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ. وَبَقِي عَلَيْهِ أَن يبين أَن رَاوِيه - أَعنِي هَذِه الزِّيَادَة - عَن عِيسَى بن يُونُس، هُوَ سُلَيْمَان بن عمر بن خَالِد الرقي، وَهُوَ لَا تعرف حَاله، وَأتبعهُ الدَّارَقُطْنِيّ رِوَايَات لم يُوصل أسانيدها، وَكَذَلِكَ أتبعه أَبُو مُحَمَّد من علل الدَّارَقُطْنِيّ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 85 رِوَايَة حَفْص بن غياث، وخَالِد بن الْحَارِث، عَن ابْن جريج مثله. وهما غير موصلتين إِلَى حَفْص وخَالِد، عَن ابْن جريج. ثمَّ ذكر من عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ أَيْضا مُخَالفَة من خَالف من الْحفاظ أَصْحَاب ابْن جريح بِأَن لم يذكر الشَّاهِدين. وكل ذَلِك عِنْده غير موصل الْإِسْنَاد، فاعلمه. (2330) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ من رِوَايَة إِسْحَاق بن رَاهْوَيْةِ، عَن عِيسَى بن يُونُس، عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن إِبْرَاهِيم بن مرّة، عَن الزُّهْرِيّ، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تنْكح الْبكر حَتَّى تستأذن، وللثيب نصيب من أمرهَا مَا لم تدع إِلَى سخطه " [الحَدِيث. وأبرز من إِسْنَاده إِبْرَاهِيم بن مرّة، وَلم يذكرهُ ابْن أبي حَاتِم بِأَكْثَرَ من رِوَايَة ابْن عجلَان عَنهُ وَالْأَوْزَاعِيّ] ، وَصدقَة بن عبد الله السمين. (2331) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد، من حَدِيث مُحَمَّد بن جَابر اليمامي، عَن قيس بن طلق، عَن أَبِيه أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا جَامع أحدكُم أَهله، فَلَا يعجلها " الحَدِيث. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 86 ثمَّ قَالَ: مُحَمَّد بن جَابر، روى عَنهُ الْأَئِمَّة، كشعبة، وَالثَّوْري، وَأَيوب، وَغَيرهم. انْتهى مَا ذكر. وَهَذَا الحَدِيث يرويهِ أَبُو أَحْمد هَكَذَا: حَدثنَا يحيى بن نَاجِية الْحَرَّانِي، حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن أبي حميد الْحَرَّانِي، حَدثنَا عَليّ بن عَيَّاش، حَدثنَا مُعَاوِيَة بن يحيى، عَن عباد بن كثير، عَن مُحَمَّد بن جَابر، فَذكره. وَمُعَاوِيَة بن يحيى، هُوَ الطرابلسي، الشَّامي، أَبُو مُطِيع، ثِقَة، وَلَيْسَ بِأبي روح. وَعباد بن كثير هُوَ الرَّمْلِيّ، الفلسطيني، الشَّامي أَيْضا، وَلَيْسَ بالبصري، والبصري مَتْرُوك، وَهَذَا الشَّامي ضَعِيف. قَالَ ابْن أبي حَاتِم: سُئِلَ أبي عَنهُ فَقَالَ: ظَنَنْت أَنه أحسن حَالا من الْبَصْرِيّ، فَإِذا هُوَ قريب مِنْهُ ضَعِيف الحَدِيث. وَكَذَا قَالَ فِيهِ أَبُو زرْعَة: ضَعِيف الحَدِيث، وَوَثَّقَهُ ابْن معِين. وَإِلَى هَذَا فَإِن قيس بن طلق أَيْضا يضعف. فَالْحَدِيث على هَذَا لَيْسَ بِصَحِيح. (2332) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار، عَن عَطاء بن يسَار، عَن سلمَان، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 87 قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " من اتخذ من الخدم غير مَا ينْكح ثمَّ بغين، فَعَلَيهِ مثل آثامهن من غير أَن ينتقص من آثامهن شَيْئا ". كَذَا أوردهُ غير مبرز من إِسْنَاده إِلَّا عَطاء، وَرَأَيْت فِي بَعْضهَا تَنْبِيها فِي الْحَاشِيَة، معزواً إِلَى أبي مُحَمَّد، مَعْنَاهُ: أَنه لَا يعلم سَماع عَطاء من سلمَان كَأَنَّهُ لم يهمه من أَمر إِسْنَاده غير ذَلِك. والْحَدِيث لَا يَصح وَلَو صَحَّ سَمَاعه مِنْهُ، لِأَنَّهُ عِنْد الْبَزَّار هَكَذَا: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن عبد الله، قَالَ: حَدثنَا سعيد بن مُحَمَّد، قَالَ: حَدثنَا عَليّ بن غراب، عَن سعيد بن الْحر، عَن سَلمَة بن كُلْثُوم عَن عَطاء. فَذكره. أما سعيد بن الْحر، فَلَا أعرف لَهُ وجودا إِلَّا هَاهُنَا. وَسَلَمَة بن [كُلْثُوم ذكره أَبُو حَاتِم بروايته عَن الرّبيع بن نَافِع، وَيحيى بن صَالح الوحاظي، وَزَاد ابْنه: روى عَن صَفْوَان] بن عَمْرو، وجعفر بن برْقَان، وَإِبْرَاهِيم بن أدهم، وروى عَنهُ أَبُو تَوْبَة: الرّبيع بن نَافِع، وَيحيى بن صَالح الوحاظي، وَعُثْمَان بن سعيد بن كثير بن دِينَار، وَهُوَ - مَعَ ذَلِك - مَجْهُول الْحَال عِنْده، لم يعرف من أمره بمزيد. (2333) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن أبي الزِّنَاد قَالَ: كَانَ عُرْوَة بن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 88 الزبير، يحدث عَن سهل بن أبي حثْمَة، عَن زيد بن ثَابت، قَالَ: " كَانَ النَّاس يتبايعون الثِّمَار قبل أَن يَبْدُو صَلَاحهَا " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا يرويهِ عَن أبي الزِّنَاد يُونُس، وَعَن يُونُس عنبسه بن خَالِد. وعنبسة هَذَا، كَانَ يعلق النِّسَاء بالثدي فِي الْخراج، وَمَعَ ذَلِك فقد أخرج لَهُ البُخَارِيّ وَلم يخرج لَهُ مُسلم، وَقد روى هَذَا الحَدِيث عَن يُونُس غَيره، وَهُوَ أَبُو زرْعَة: وهب الله بن رَاشد، ذكره الدَّارَقُطْنِيّ، فاعلمه. (2334) وَذكر من طَرِيق قَاسم بن أصبغ، عَن سعيد، وَأبي سَلمَة، عَن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 89 أبي هُرَيْرَة، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يغلق الرَّهْن، مِمَّن رَهنه " الحَدِيث ثمَّ قَالَ: رُوِيَ مُرْسلا عَن سعيد، وَرفع عَنهُ فِي هَذَا الْإِسْنَاد، وَرَفعه صَحِيح. انْتهى كَلَامه. وَأرَاهُ إِنَّمَا تبع فِي هَذَا أَبَا عمر بن عبد الْبر، فَإِنَّهُ صَححهُ. وَهُوَ حَدِيث فِي إِسْنَاده عبد الله بن نصر الْأَصَم، الْأَنْطَاكِي، وَلَا أعرف حَاله، وَقد روى عَنهُ جمَاعَة، وَذكره أَبُو أَحْمد فِي كِتَابه فِي الضُّعَفَاء، وَلم يبين من حَاله شَيْئا، إِلَّا أَنه ذكر لَهُ أَحَادِيث مِمَّا أنكر عَلَيْهِ، هَذَا أَحدهَا. وَقد بَين أَبُو مُحَمَّد فِي كِتَابه الْكَبِير أَنه إِنَّمَا هُوَ عِنْده من طَرِيق أبي عمر. فَقَالَ أَبُو عمر: حَدثنَا عبد الْوَارِث بن سُفْيَان، حَدثنَا قَاسم بن أصبغ، فَذكره. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 90 (2335) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد، من حَدِيث عباد بن مَنْصُور النَّاجِي، عَن أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ، [عَن أبي قلَابَة] ، عَن أنس قَالَ:: " قضى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الطَّرِيق الميتاء، الَّتِي تُؤْتى من كل مَكَان إِذا اسْتَأْذن أَهله فِيهِ " الحَدِيث. [وأبرز من إِسْنَاده عباد بن مَنْصُور، وصنيعه فِيهِ يخْتَلف، فَتَارَة لَا يبين فِيمَا هُوَ] من رِوَايَته أَنه من رِوَايَته. (2336) كَفِعْلِهِ فِي حَدِيث لعان هِلَال بن أُميَّة. وَتارَة يبرزه غير محيل على ذكر لَهُ مُتَقَدم، كَمَا فعل هُنَا، فَيحْتَمل أَن يكون بإبرازه متبرئاً من عهدته، وَقد قدمنَا مَا فِيهِ فِي الْبَاب الَّذِي قبل هَذَا. (2337) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن صَفِيَّة ودحيبة بِنْتي عليبة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 91 عَن قيلة بنت مخرمَة، قَالَت: قدمنَا على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكره حَدِيث: " الْمُسلم أَخُو الْمُسلم، يسعهم المَاء وَالشَّجر، ويتعاونون على الفتان ". وَسكت عَنهُ سُكُوته عَمَّا صَحَّ عِنْده، وَهَذِه قِطْعَة من حَدِيث طَوِيل بِقِصَّتِهَا. وَصفِيَّة، ودحيبة، لَا يعلم لَهما حَال، وَلَا قيلة جدة أَبِيهِمَا أَيْضا مِمَّن صحت لَهَا صُحْبَة، وَإِنَّمَا تروى قصَّتهَا بِهَذَا الطَّرِيق، والراوي لهَذِهِ الْقِصَّة عَن دحيبة وَصفِيَّة وَهُوَ عبد الله بن حسان الْعَنْبَري وَهُوَ أَيْضا غير مَعْرُوف الْحَال، وهما جدتاه، وكنيته أَبُو الْجُنَيْد، وَهُوَ تميمي. وَلَا أعلم أَنه من أهل الْعلم، وَإِنَّمَا كَانَ عِنْده هَذَا الحَدِيث عَن جدتيه، فَأَخذه النَّاس عَنهُ: مِنْهُم أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ، والمقرىء، وَأَبُو عمر الحوضي، وَعبد الله بن سوار، وَعلي بن عُثْمَان اللاحقي، وَحَفْص بن عمر، وَعَفَّان بن مُسلم، ومُوسَى بن إِسْمَاعِيل، فَمَا مثل هَذَا الحَدِيث صحّح، فَاعْلَم ذَلِك. (2338) وَذكر من طَرِيق عبد الرَّزَّاق، عَن أبي حَازِم الْقرظِيّ، عَن أَبِيه، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 92 عَن جده أَن رَسُول الله قضى فِي سيل مهزور أَن يحبس فِي كل حَائِط حَتَّى يبلغ الْكَعْبَيْنِ، ثمَّ يُرْسل، وَغَيره من السُّيُول كَذَلِك ". وَهَذَا الْإِسْنَاد لَا يَصح، فَإِن أَبَا حَازِم الْقرظِيّ هَذَا لَا يعرف، فأبوه وجده أَحْرَى بذلك. وَقد كَانَ لَهُ أَن يذكر فِي هَذَا الْمَعْنى مَا هُوَ أحسن من هَذَا: من حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده، لَا سِيمَا وَهُوَ [دائباً يسكت عَن أَحَادِيث عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده كالمصحح] لَهَا. و [سَيَأْتِي ذكر هَذَا الحَدِيث فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي لَهَا طرق أحسن] من الَّتِي أوردهَا مِنْهَا. (2339) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن ثَابت بن سعيد، عَن أَبِيه، عَن جده أَبيض بن حمال: أَنه سَأَلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن حمى الْأَرَاك، فَقَالَ: لَا حمى فِي الْأَرَاك ". وَهُوَ حَدِيث لَا يَصح، فَإِن ثَابتا وأباه مَجْهُولَانِ، وَفِي الحَدِيث زِيَادَة تَركهَا أَبُو مُحَمَّد اختصاراً، وَهِي فَقَالَ: " أراكة فِي حظاري، فَقَالَ: لَا حمى فِي الْأَرَاك ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 93 (2340) وَذكر من طَرِيقه عَن عبيد الله بن حميد بن عبد الرَّحْمَن الْحِمْيَرِي أَن عَامِرًا الشّعبِيّ حَدثهُ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من وجد دَابَّة قد عجز عَنْهَا أَهلهَا " الحَدِيث. قَالَ عبيد الله، فَقلت: عَمَّن؟ قَالَ: عَن غير وَاحِد من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: عبيد الله روى عَنهُ هِشَام، وَأَبَان الْعَطَّار، وَمَنْصُور بن زَاذَان، وَغَيرهم. لم يزدْ على هَذَا، وَعبيد الله هَذَا لَا يعرف حَاله، وَسُئِلَ عَنهُ ابْن معِين فَلم يعرفهُ. (2341) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد أَيْضا من رِوَايَة، عَن الْحسن، عَن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 94 سَمُرَة، حَدِيث: " إِذا أَتَى أحدكُم على مَاشِيَة فَإِن كَانَ فِيهَا صَاحبهَا " الحَدِيث وَلم يقل بإثره شَيْئا. (2342) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن قَتَادَة، عَن الْحسن، عَن سَمُرَة، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " على الْيَد مَا أخذت حَتَّى تُؤَدِّيه ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 95 لم يزدْ على مَا أبرز من إِسْنَاده، ثمَّ ذكر أَن الْحسن نَسيَه، وَلَعَلَّه أحَال فيهمَا على مَا تقدم لَهُ من أَن الْحسن سمع من سَمُرَة حَدِيث الْعَقِيقَة. (2343) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، عَن أبي قُرَّة، عَن سُفْيَان، عَن يحيى بن سعيد، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن عمر بن الْخطاب، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَيْسَ لقَاتل شَيْء ". هَكَذَا ذكره، وَقَالَ: قد تكلم فِي سَماع سعيد من عمر. (2344) وَذكر قبله حَدِيث تَوْرِيث امْرَأَة أَشْيَم الضبابِي من دِيَة زَوجهَا وَصَححهُ، وَهُوَ من رِوَايَة سعيد عَن عمر، وَلم يبين فِيهِ ذَلِك. [والْحَدِيث قد تقدم ذكره فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي] أوردهَا على أَنَّهَا مُتَّصِلَة وَهِي مُنْقَطِعَة، وَإِنَّمَا الْمَقْصُود الْآن أَن تعلم أَن هَذِه الْقطعَة الَّتِي ذكر، كل رجالها ثِقَات لَا نظر فيهم، فَإِن أَبَا قُرَّة، هُوَ مُوسَى بن طَارق الْيَمَانِيّ، هُوَ ثِقَة، وَهُوَ يروي عَن الثَّوْريّ، وَابْن جريج، وَغَيرهمَا. وَأَبُو مُحَمَّد رَحمَه الله، قَالَ: أَظن أَنه مُوسَى بن طَارق. وَهُوَ هُوَ بِلَا ريب، وَإِنَّمَا الشَّأْن فِيمَا ترك من الْإِسْنَاد، فَإِن الدَّارَقُطْنِيّ ذكره هَكَذَا: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن يحيى، حَدثنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْأَزْهَر، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 96 حَدثنَا أَبُو حمة، حَدثنَا أَبُو قُرَّة، فَذكره. وَأَبُو حمة: اسْمه مُحَمَّد بن يُوسُف، وكنيته أَبُو يُوسُف، وَأَبُو حمة لقب لَهُ، ذكره بذلك أَبُو مُحَمَّد بن الْجَارُود فِي كتاب الكنى، وَلم يذكر لَهُ حَالا. وَلَا أعرف من ذكره غَيره، فَاعْلَم بذلك. (2345) وَذكر أَيْضا فِي ذَلِك حَدِيث ابْن عَبَّاس. وَأعله بليث بن أبي سليم، وَأعْرض عَن أبي حمة الْمَذْكُور. (2346) وَذكر حَدِيث الْحسن، عَن سَمُرَة: " من وجد عين مَاله عِنْد رجل فَهُوَ أَحَق بِهِ، وَيتبع البيع من بَاعه ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 97 وَأَظنهُ اكْتفى بإبراز مَوضِع الْعلَّة. (2347) وَذكر أَحَادِيث ديات الْأَعْضَاء، وأبرز إسنادها، وَهُوَ مُحَمَّد ابْن رَاشد، عَن سُلَيْمَان بن مُوسَى، عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده. أَظُنهُ تَبرأ بذلك من عهدها. (2348) وَذكر أَيْضا حَدِيث قتل الْأَشْجَعِيّ، وقصة محلم بن جثامة. وَاكْتفى فِي تَعْلِيله بإبرازه إِسْنَاده فِيمَا أرى. وَهُوَ من رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن أبي الزِّنَاد، [عَن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث] ، عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن الزبير، عَن زِيَاد بن سعد بن ضَمِيره، عَن أَبِيه. وَقد تقدم ذكر عبد الرَّحْمَن بن أبي الزِّنَاد فِي الْبَاب الَّذِي قبل هَذَا وَعَمله فِيهِ. وَزِيَاد بن سعد هَذَا مَجْهُول الْحَال، وَأَبوهُ لم تثبت لَهُ صُحْبَة، وَلَا يعرف. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 98 مِنْهَا إِلَّا مَا قَالَ ابْنه. (2349) وَذكر من [طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَمر بِقطعِهِ من الْمفصل ". كَذَا ذكر هَذَا الحَدِيث مُخْتَصر الْمَتْن] ، مقتطع الْإِسْنَاد من عِنْد عَمْرو بن شُعَيْب، معقباً بِهِ قصَّة رِدَاء صَفْوَان، من عِنْد مَالك، وَالنَّسَائِيّ، وَقَالَ: إِنَّه لَا يُعلمهُ يتَّصل من وَجه يحْتَج بِهِ. وَلما لم يذكر من دون عَمْرو بن شُعَيْب، كَانَ ذَلِك خطأ من فعله فَإِنَّهُ حَدِيث يرويهِ الدَّارَقُطْنِيّ هَكَذَا: حَدثنَا القَاضِي أَحْمد بن كَامِل، حَدثنَا أَحْمد ابْن عبد الله النَّرْسِي، حَدثنَا أَبُو نعيم النَّخعِيّ، حَدثنَا مُحَمَّد بن عبيد الله الْعَرْزَمِي عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده، قَالَ: " كَانَ صَفْوَان بن أُميَّة بن خلف نَائِما فِي الْمَسْجِد، ثِيَابه تَحت رَأسه، فجَاء سَارِق فَأَخذهَا فَأتي بِهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَأقر السَّارِق، فَأمر بِهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يقطع، فَقَالَ صَفْوَان: يَا رَسُول الله، أيقطع رجل من الْعَرَب فِي ثوبي؟ فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَفلا كَانَ هَذَا قبل أَن تَجِيء بِهِ؟ ثمَّ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اشفعوا مَا لم يصل إِلَى الْوَالِي، فَإِذا وصل إِلَى الْوَالِي فَعَفَا، فَلَا عَفا الله عَنهُ، ثمَّ أَمر بِقِطْعَة من الْمفصل ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 99 هَذَا هُوَ الْخَبَر وَلَيْسَ هُنَاكَ غَيره. وَمُحَمّد بن عبيد الله الْعَرْزَمِي مَتْرُوك، وَأَبُو مُحَمَّد دائباً يضعف بِهِ، وَأَبُو نعيم: عبد الرَّحْمَن بن هَانِئ النَّخعِيّ، فَلَا يُتَابع على مَا لَهُ من الحَدِيث. فَكَانَ عَلَيْهِ أَن يُنَبه على أَنَّهُمَا فِي إِسْنَاده، وَلَا يطوي ذكرهمَا. وَإِنَّمَا لم نذكرهُ فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ضعفها بِقوم وَترك من هُوَ مثلهم، أَو أَضْعَف، أَو مَجْهُول لَا يعرف؛ لِأَن ذَلِك الْبَاب إِنَّمَا نذْكر فِيهِ مَا ضعفه، فَأَما هَذَا فَإِنَّهُ رفق فِيهِ، وَلم ينص على أَنه ضَعِيف عِنْده بِمَا أبرز من إِسْنَاده. (2350) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن عمر بن أبي سَلمَة، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة. قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا سرق الْمَمْلُوك فبعه وَلَو بنش ". وَلم يزدْ على إبراز مَا أبرز مِنْهُ. وَعمر هَذَا ضَعِيف، وَإِن كَانَ صَدُوقًا. (2351) وَذكر [من طَرِيق النَّسَائِيّ عَن ابْن جريح، قَالَ: قلت لعطاء: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 100 أَخْبرنِي مُحَمَّد] بن عَليّ بن ركَانَة، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لم يُوَقت فِي الْخمر حدا " الحَدِيث. وَلم يزدْ على مَا أبرز من إِسْنَاده. وَمُحَمّد بن عَليّ هَذَا قرشي، روى عَنهُ ابْن إِسْحَاق، وَابْن جريج، ذكره البُخَارِيّ، وَلم يذكرهُ ابْن أبي حَاتِم، وحاله مَجْهُولَة. (2352) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ من حَدِيث زِيَاد البكائي، عَن مُحَمَّد ابْن إِسْحَاق، عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر، عَن جَابر بن عبد لله حَدِيث: " فَإِن عَاد فِي الرَّابِعَة فاضربوا عُنُقه ": الحَدِيث. وَلم يبين من أمره شَيْئا، إِلَّا أَنه أبرز هَذِه الْقطعَة. وَابْن إِسْحَاق من قد علم، وَزِيَاد بن عبد الله مُخْتَلف فِيهِ، وَاحْتج بِهِ البُخَارِيّ وَمُسلم، وَقَالَ ابْن حَنْبَل: لَيْسَ بِهِ بَأْس، حَدِيثه حَدِيث أهل الصدْق. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 101 وَقَالَ فِيهِ أَبُو زرْعَة: صَدُوق. وَضَعفه النَّسَائِيّ، وَابْن معِين، وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: زِيَاد، كثير الغرائب والمناكير، سَمِعت مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل يذكر عَن مُحَمَّد بن عقبَة قَالَ: قَالَ وَكِيع: زِيَاد بن عبد الله - مَعَ شرفه - يكذب فِي الحَدِيث. كَذَا حَكَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي الْجَامِع، فِي بَاب الْوَلِيمَة وَالَّذِي فِي تَارِيخ البُخَارِيّ عَن ابْن عقبَة السدُوسِي، قَالَ وَكِيع: هُوَ أشرف من أَن يكذب، وَكَذَا حَكَاهُ أَبُو أَحْمد الْحَاكِم فِي كِتَابه فِي الكنى بِإِسْنَادِهِ إِلَى وَكِيع. (2353) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده: " أَنْت وَمَالك لأَبِيك ". ثمَّ قَالَ: وَقد صَحَّ من طَرِيق آخر، ذكره الْبَزَّار. فَاعْلَم الْآن أَنا إِنَّمَا ذَكرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَاب لذكره إِيَّاه بِقِطْعَة مِنْهُ، وَأمره فِي عَمْرو بن شُعَيْب سنبينه بعد وينجر ذكر مَا أَشَارَ إِلَيْهِ من حَدِيث الْبَزَّار، إكمالاً للفائدة، فَإِنَّهُ صَحِيح. قَالَ الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى بن عبد الْكَرِيم الْأَزْدِيّ، قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن دَاوُد، عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر، عَن جَابر أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لرجل: " أَنْت وَمَالك لأَبِيك ". قَالَ الْبَزَّار: إِنَّمَا يرْوى عَن هِشَام، عَن ابْن الْمُنْكَدر مُرْسلا، وَلَا نعلم أسْندهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 102 هَكَذَا إِلَّا عُثْمَان بن عُثْمَان الْغَطَفَانِي، وَعبد الله بن دَاوُد. وَمن صَحِيح هَذَا الْبَاب، حَدِيث ذكره بَقِي بن مخلد، قَالَ: حَدثنَا هِشَام ابْن عمار، قَالَ: حَدثنَا عِيسَى بن يُونُس، قَالَ: حَدثنَا يُوسُف بن إِسْحَاق بن أبي إِسْحَاق، عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر، عَن جَابر " أَن [رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله، إِن لي مَالا وَولدا، وَإِن أبي يُرِيد أَن يحْتَاج] مَالِي، [فَقَالَ: أَنْت وَمَالك لأَبِيك ... "] . لم يتقاضاه، فأودعناه هَذَا الْموضع. (2354) وَذكر من طَرِيق أبي عَمْرو بن عبد الْبر من التَّمْهِيد، من رِوَايَة عبد الْملك بن معَاذ النصيبي، عَن الدَّرَاورْدِي، عَن عَمْرو بن يحيى، عَن أَبِيه، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، عَن رَسُول الله قَالَ: " لَا ضَرَر وَلَا ضرار ". وَلم يزدْ على إبرازه مِنْهُ مَا أبرز. وَعبد الْملك هَذَا لَا تعرف لَهُ حَال، وَلَا أعرف من ذكره، روى هَذَا الحَدِيث عَنهُ أَبُو عَليّ: الْحسن بن سُلَيْمَان الْحَافِظ الْمَعْرُوف بقبيطة، وصل إِلَيْهِ أَبُو عمر إِسْنَاده. (2355) وَذكر من طَرِيق عبد الرَّزَّاق، قَالَ: حَدثنَا عَمْرو بن حَوْشَب، أَخْبرنِي إِسْمَاعِيل بن أُميَّة، عَن أَبِيه، عَن جده، قَالَ: " كَانَ لَهُم غُلَام يُقَال الجزء: 5 ¦ الصفحة: 103 لَهُ: طهْمَان، أَو ذكْوَان، فَأعتق جده نصفه، فجَاء العَبْد إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأخْبرهُ فَقَالَ لَهُ: تعْتق فِي عتقك وترق فِي رقك ". وَلم يزدْ على مَا أبرز من إِسْنَاده. وَأُميَّة بن عَمْرو بن سعيد بن العَاصِي، لَا يعرف حَاله، فَأَما ابْنه إِسْمَاعِيل فَثِقَة. وَعمر بن حَوْشَب مَجْهُول الْحَال أَيْضا، وَلَا يعرف روى عَنهُ غير عبد الرَّزَّاق، وَهُوَ صنعاني. (2356) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن سماك بن حَرْب عَن جَابر بن سَمُرَة " أَن رجلا نزل الْحرَّة وَمَعَهُ أَهله وَولده، فَقَالَ رجل: إِن نَاقَة لي ضلت " الحَدِيث فِي أكل الْميتَة. وَكَأَنَّهُ تَبرأ من عهدته بإبرازه سماكاً، وَكَانَ ذَلِك خلاف عمله فِيهِ، وَقد تقدم. (2357) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن الْمطلب، عَن جَابر بن عبد الله، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 104 " شهِدت مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْأَضْحَى ". الحَدِيث. وَفِيه: " هَذَا عني وَعَمن لم يضح من أمتِي ". ثمَّ رده بِأَن قَالَ: لَا يعرف للمطلب سَماع من جَابر. وَهَذَا لم تجر بِهِ عَادَته أَن يضعف أَحَادِيث المتعاصرين اللَّذين لم يعرف سَماع أَحدهمَا من الآخر، وَإِنَّمَا يَجِيء ذَلِك على رَأْي البُخَارِيّ وَابْن الْمَدِينِيّ المشترطين [بِثُبُوت اللِّقَاء وَالتَّصْرِيح بِالسَّمَاعِ وَلَو مرّة وَاحِدَة، وهما] يقصدا [ن ..... ] . وَهُوَ كَونه من رِوَايَة عَمْرو بن أبي عَمْرو، عَن الْمطلب، وَقد تقدم فِي الْبَاب الَّذِي قبل هَذَا كَيفَ عمله فِيهِ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 105 (2358) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ من حَدِيث عُثْمَان بن حصن، عَن عُرْوَة بن رُوَيْم عَن ابْن الديلمي عَن عبد الله بن عَمْرو، قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " لَا يشرب الْخمر رجل من أمتِي فَيقبل الله مِنْهُ صَلَاة أَرْبَعِينَ يَوْمًا ". وَأرَاهُ تَبرأ من عهدته بِمَا أبرز من إِسْنَاده، فَإِن عُثْمَان بن حصن هَذَا لَا أعرف لَهُ حَالا، وَلَا أعرف أحدا ذكره. (2359) وَذكر من رِوَايَة إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، عَن شُرَحْبِيل بن مُسلم، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 106 عَن شُفْعَة المسمعي، عَن عبد الله بن عَمْرو بن العَاصِي، قَالَ: " رَآنِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَعلي ثوب مصبوغ بعصفر " الحَدِيث. وَأرَاهُ أَيْضا تَبرأ من عهدته، فَإِن شُفْعَة هَذَا لَا يعرف بِغَيْر هَذَا الحَدِيث، وَلَا تعرف حَاله. (2360) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن وهب، مولى أبي أَحْمد، عَن أم سَلمَة " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دخل عَلَيْهَا وَهِي تختمر، فَقَالَ: لية لَا ليتين ". وَلم يزدْ على هَذَا، ووهب لَا يعرف. (2361) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد أَيْضا، عَن عبد الله بن سعد الدشتكي، عَن أَبِيه قَالَ: رَأَيْت رجلا ببخارى، على بغلة بَيْضَاء، عَلَيْهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 107 عِمَامَة خَز سَوْدَاء، فَقَالَ: " كسانيها رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ". وَهَذَا أَيْضا أرَاهُ تَبرأ من عهدته بإبراز مَا أبرز من إِسْنَاده، فَإِن عبد الله بن سعيد، وأباه، وَهَذَا الرجل الَّذِي ادّعى الصُّحْبَة، كلهم لَا يعرف. أما سعد وَالِد عبد الله، فَلَا يعرف روى عَنهُ غير ابْنه عبد الله هَذَا الحَدِيث لَا ثَانِي لَهُ. وَأما ابْنه عبد الله، فقد روى عَنهُ جمَاعَة، وَله ابْن يُقَال لَهُ: عبد الرَّحْمَن ابْن عبد الله بن سعد الدشكتي، مروزي، صَدُوق، وَله ابْن اسْمه أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن سعد، هُوَ شيخ لأبي دَاوُد، وَعنهُ يرْوى هَذَا الحَدِيث. (2362) [وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن قيس بن بشر عَن] أَبِيه، عَن ابْن الحنظلية، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " نعم الرجل خريم الْأَسدي، لَوْلَا طول جمته، وإسبال إزَاره " الحَدِيث. (2363) وَبِه " إِنَّكُم قادمون على إخْوَانكُمْ فأصلحوا رحالكُمْ، وَأَصْلحُوا لباسكم " الحَدِيث. وَسكت عَنْهُمَا إِلَّا بِمَا أظهر من الْإِسْنَاد، وَقيس بن بشر لَا يعرف روى عَنهُ إِلَّا هِشَام بن سعد، وَهُوَ يروي عَنهُ هَذَا الحَدِيث. وَقد قدمنَا حمله عَلَيْهِ ومذهبه فِيهِ، فقد كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَن يبين أَنه من الجزء: 5 ¦ الصفحة: 108 رِوَايَته، وَلَا يطوي ذكره. وَيَقُول فِيهِ هِشَام بن سعد: إِنَّه رجل صَدُوق - أَعنِي فِي قيس بن بشر، وَقَالَ أَبُو حَاتِم: مَا أرى بحَديثه بَأْسا. وَحَال بشر وَالِد قيس بن بشر الْمَذْكُور لَا تعرف، وَلَا تعرف روى عَنهُ أحد إِلَّا ابْنه قيس، فَاعْلَم ذَلِك. (2364) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد أَيْضا عَن بنانه مولاة عبد الرَّحْمَن ابْن حَيَّان الْأنْصَارِيّ، عَن عَائِشَة حَدِيث: " لَا تدخل الْمَلَائِكَة بَيْتا فِيهِ جرس ". وَسكت عَنهُ إِلَّا بإبراز هَذِه الْقطعَة. وَبنَاته هَذِه لَا يعرف أحد من هِيَ، وَلَا روى عَنْهَا إِلَّا ابْن جريح. (2365) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث أبي معشر، عَن المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " دَعْوَة الْمَظْلُوم مستجابة، وَإِن كَانَت من فَاجر ففجوره على نَفسه ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 109 كَذَا ذكره، وَأرَاهُ تَبرأ من عهدته بإبراز أبي معشر، فَإِنَّهُ مُخْتَلف فِيهِ. وَلِلْحَدِيثِ على أَصله عِلّة لم يعرض لَهَا، وَهُوَ أَنه يرْوى مَوْقُوفا، وَالَّذِي رَوَاهُ عَن أبي معشر ثِقَة، وَهُوَ سعيد بن مَنْصُور، بَين ذَلِك الدَّارَقُطْنِيّ فِي علله. (2366) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن يحيى بن عبيد الله، عَن أَبِيه، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 110 عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا رَأَيْت مثل النَّار نَام هَارِبهَا، وَلَا مثل الْجنَّة نَام طالبها ". وَلم يزدْ على مَا أبرز من إِسْنَاده، وَعبيد الله بن عبد الله بن موهب، مَجْهُول الْحَال،] وَابْنه يحيى [قَالَ أَحْمد: مُنكر الحَدِيث لَيْسَ بِثِقَة. وَقَالَ ابْن الْمَدِينِيّ: سَأَلت يحيى بن سعيد عَنهُ فَقَالَ:] قَالَ شُعْبَة: رَأَيْته يُصَلِّي صَلَاة لَا يقيمها. فتركته. (2367) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن سيف الشَّامي، عَن عَوْف بن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 111 مَالك " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قضى بَين رجلَيْنِ، فَقَالَ الْمقْضِي عَلَيْهِ لما أدبر: حسبي الله وَنعم الْوَكِيل، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن الله يلوم على الْعَجز " الحَدِيث. وَهَذَا الَّذِي أبرز من إِسْنَاده هُوَ علته - أَعنِي سَيْفا الشَّامي - وَهُوَ رجل لَا يعرف بِغَيْرِهِ، رَوَاهُ عَنهُ خَالِد بن معدان، وَعَن خَالِد بحير بن سعد، وَعَن بحير بَقِيَّة. وَلم يبين ذَلِك، وَهُوَ دائباً يُضعفهُ ويضعف بِهِ، وَقد تقدم ذكر عمله فِيهِ. (2368) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن الْبَراء بن نَاجِية، عَن عبد الله بن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 112 مَسْعُود، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " تَدور رحى الْإِسْلَام لخمس وَثَلَاثِينَ، أَو سِتّ وَثَلَاثِينَ ". وَلم يزدْ على إبراز الْبَراء بن نَاجِية، وَهُوَ الْمحَاربي، الْكَاهِلِي، لَا تعرف لَهُ حَال، وَلَا يعرف أحد روى عَنهُ غير ربعي بن حِرَاش، وَهُوَ الَّذِي روى عَنهُ هَذَا الحَدِيث. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 113 (9) بَاب ذكر أَحَادِيث أتبعهَا مِنْهُ كلَاما يقْضِي ظَاهره بتصحيحها وَلَيْسَت بصحيحة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 115 اعْلَم أَن الَّذِي تقدم ذكره فِي الْبَابَيْنِ اللَّذين قبل هَذَا، إِنَّمَا كَانَ مَا قضى عَلَيْهِ بِالصِّحَّةِ، لِأَنَّهُ سكت عَنهُ حَسْبَمَا أخبر عَن نَفسه فِي صدر كِتَابه. وانقسم إِلَى مَا ذكره من عِنْد الصَّحَابِيّ فَقَط، وَإِلَى مَا ذكره بِقِطْعَة من إِسْنَاده أَو بِإِسْنَادِهِ. وَإِن كَانَ قد ذكرت من هَذَا الْقسم مَا يغلب على الظَّن أَنه تَبرأ من عهدته حَسْبَمَا قد تقدم التَّنْبِيه عَلَيْهِ. فَأَما هَذَا الْبَاب فَإِنَّمَا مضمنه أَحَادِيث أتبعهَا مِنْهُ كلَاما يقْضِي ظَاهره بِأَنَّهَا صَحِيحَة وَلَيْسَت بصحيحة، وَيُمكن فِي كَلَامه التَّأْوِيل [ ... .] (2369) [فَمن ذَلِك مَا ذكر من طَرِيق عَليّ بن عبد الْعَزِيز فِي الْمُنْتَخب، من] رِوَايَة يحيى بن يمَان، عَن سُفْيَان، عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن الْمُنْتَشِر، عَن أَبِيه، عَن مَسْرُوق، عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " من قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله لم يضرّهُ مَعهَا خَطِيئَة، كَمَا لَو أشرك بِاللَّه لم تَنْفَعهُ مَعهَا حَسَنَة ". ثمَّ قَالَ: هَكَذَا قَالَ يحيى بن الْيَمَان، وَيحيى بن الْيَمَان لَا يحْتَج بحَديثه، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 117 وَأكْثر النَّاس يُضعفهُ، وَالصَّحِيح مَا رَوَاهُ أَبُو نعيم، عَن سُفْيَان، عَن إِبْرَاهِيم ابْن مُحَمَّد بن الْمُنْتَشِر، عَن أَبِيه، قَالَ: جَاءَ رجل - أَو شيخ - فَنزل على مَسْرُوق، فَقَالَ: سَمِعت عبد الله بن عَمْرو يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من مَاتَ لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا ". ثمَّ ذكره مثله. هَكَذَا أورد هَذَا الحَدِيث وَالْكَلَام بعده، وَلم نَكْتُبهُ مستدركين عَلَيْهِ فِي شَيْء مِنْهُ، لَكِن مبينين لمن يَقْرَؤُهُ فَسَاد مَا يُوهِمهُ ظَاهره من صِحَة اللَّفْظ الثَّانِي بقوله: وَالصَّحِيح مَا رَوَاهُ أَبُو نعيم إِلَى آخِره. وَهَذَا لم يرد بِهِ صِحَة شَيْء من هَذَا الحَدِيث، لَا بِاللَّفْظِ الأول وَلَا بِالثَّانِي، وَإِنَّمَا أَرَادَ أَن الصَّحِيح عَن سُفْيَان أحد الْقَوْلَيْنِ، وَهُوَ قَول أبي نعيم فِي إِدْخَاله بَين مَسْرُوق وَعبد الله بن عَمْرو شَيخا مَجْهُولا، لَا قَول يحيى بن يمَان فِي جعله إِيَّاه عَن مَسْرُوق، عَن عبد الله بن عَمْرو، بِغَيْر وَاسِطَة. فَإِنَّمَا أَرَادَ أَن الصَّحِيح فِي رِوَايَة هَذَا الحَدِيث رِوَايَة من زَاد فِيهِ رجلا مَجْهُولا، فَيكون بِهِ ضَعِيفا. وَكَانَ عَلَيْهِ أَن يبين هَذَا الْمَعْنى بَيَانا لَا يبْقى لقارئه إشْكَالًا، لَا سِيمَا وَقد ظهر فِي الْوُجُود أَن أَكثر من يقْتَصر على قِرَاءَة كِتَابه هَذَا وأشباهه من المختصرات والمنتقيات، عوام بِالنِّسْبَةِ إِلَى علم النَّقْل الحديثي، وَمَا تجب الْعِنَايَة بِهِ من معرفَة صَحِيحَة من سقيمه، فاعلمه. (2370) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار، من حَدِيث أبي بكر: رجل من ولد الجزء: 5 ¦ الصفحة: 118 عبد الله بن عمر بن الْخطاب، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، " فِي قصَّة الَّذِي سلم على النَّبِي [- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يَبُول قَالَ: فَرد عَلَيْهِ السَّلَام، ثمَّ قَالَ: إِنَّمَا رددت] عَلَيْك أَنِّي خشيت [أَن تَقول: سلمت عَلَيْهِ فَلم يرد عَليّ " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: وَأَبُو بكر فِيمَا] أعلم، هُوَ ابْن عمر بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن عمر، روى عَنهُ مَالك وَغَيره، وَهُوَ لَا بَأْس بِهِ، وَلَكِن حَدِيث مُسلم أصح، لِأَنَّهُ من حَدِيث الضَّحَّاك بن عُثْمَان، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر. وَالضَّحَّاك أوثق من أبي بكر، وَلَعَلَّ ذَلِك كَانَ فِي موطنين. هَذَا مَا ذكر، وَهُوَ تَصْحِيح مِنْهُ للْخَبَر نطقاً، لَا بِالسُّكُوتِ عَنهُ، وَإِن كَانَ رجح عَلَيْهِ الحَدِيث مُسلم، فقد ترجح فِي ذَلِك، وَالْتمس لَهُ مخرجا بجعله إِيَّاه فِي موطن آخر وقصة أُخْرَى. وَهَذَا الَّذِي ذكر فِي أبي بكر هَذَا، يَنْبَغِي أَن يتَوَقَّف فِيهِ، فَإِن الرجل الْمَذْكُور فِي الْإِسْنَاد لم يعلم مِنْهُ أَكثر من أَنه من ولد عبد الله بن عمر، فَمن أَيْن أَنه أَبُو بكر بن عمر بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن عمر الَّذِي روى عَنهُ مَالك. وَقد كَانَ مَانِعا لَهُ من أَن يَقُول ذَلِك لَو تثبت أَن الَّذِي فِي الْإِسْنَاد يروي عَن نَافِع، وَالَّذِي توهمه أَنه مَعْلُوم الرِّوَايَة عَن ابْن عمر، ويروي عَنهُ مَالك، وَإِبْرَاهِيم بن طهْمَان، وَإِسْحَاق بن شرفي، وَعبيد الله بن عمر الْعمريّ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 119 وَإِلَى هَذَا، فَإِن الحَدِيث الْمَذْكُور إِنَّمَا يرويهِ عِنْد الْبَزَّار عَن أبي بكر الْمَذْكُور سعيد بن سَلمَة، وَهُوَ ابْن أبي الحسام أَبُو عمر - مولى عمر بن الْخطاب، وَهُوَ قد أخرج لَهُ مُسلم - رَحمَه الله -، وَإِن كَانَ ابْن معِين سُئِلَ عَنهُ فَلم يعرفهُ، وَإِنَّمَا يُرِيد حَاله، وَإِلَّا فقد عرفت عينه، وكنيته، وَنسبه بِالْوَلَاءِ، وَرِوَايَة من روى عَنهُ، وَعَمن روى، وَالله أعلم. (2371) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار عَن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب قَالَ: " كَانُوا يدْخلُونَ على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلم يستاكوا، فَقَالَ: مَا لكم تدخلون عَليّ قلحاً؟ " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ بإثره: يرويهِ من حَدِيث سُلَيْمَان بن كران - بالراء الْخَفِيفَة وَالنُّون - وَهُوَ بَصرِي لَا بَأْس بِهِ. لم يزدْ على هَذَا، وَهُوَ كَلَام يُوهم صِحَّته من حَيْثُ لم يضع نظرا [فِيمَن فَوق سُلَيْمَان بن كران -، وَإِسْنَاده عِنْد] الْبَزَّار [هُوَ هَذَا: حَدثنَا عَمْرو بن عَليّ، حَدثنَا سُلَيْمَان بن] كران بَصرِي مَشْهُور، لَيْسَ بِهِ بَأْس - كَذَا فِي نفس الْإِسْنَاد _. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 120 قَالَ: حَدثنَا عمر بن عبد الرَّحْمَن الْأَبَّار قَالَ: حَدثنَا مَنْصُور، عَن أبي عَليّ الصيقل، عَن جَعْفَر بن تَمام، عَن أَبِيه، عَن جده الْعَبَّاس، فَذكره. وَأَبُو عَليّ الصيقل هَذَا لَا تعرف لَهُ حَال وَلَا اسْم، وَقد ذكره ابْن أبي حَاتِم فِي الكنى الْمُجَرَّدَة بِرِوَايَة مَنْصُور، وَالثَّوْري عَنهُ من غير مزِيد، وَهُوَ مولى بني أَسد. وَقد رد ابْن السكن الحَدِيث من أَجله، وَقَالَ: إِنَّه مَجْهُول، وَقَالَ: إِنَّه حَدِيث مُضْطَرب فِيهِ نظر، وَأوردهُ فِي بَاب تَمام من كتاب الصَّحَابَة. وَنَصّ مَا ذكر هُوَ هَذَا: حَدثنِي الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن غَسَّان بن جبلة الْعَتكِي بِالْبَصْرَةِ، وَمُحَمّد بن هَارُون الْحَضْرَمِيّ بِبَغْدَاد، قَالَا: حَدثنَا مُحَمَّد بن زِيَاد بن عبيد الله، قَالَ: حَدثنَا فُضَيْل بن عَيَّاش، عَن مَنْصُور، عَن أبي عَليّ الصيقل، عَن جَعْفَر بن أبي تَمام بن الْعَبَّاس عَن أَبِيه، يبلغ بِهِ، قَالَ: " تدخلون عَليّ قلحاً؟ تسوكوا، فلولا أَن أشق على أمتِي لفرضت عَلَيْهِم السِّوَاك، كَمَا فرض عَلَيْهِم الْوضُوء ". حَدثنِي الْحُسَيْن ين إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد، حَدثنَا يُوسُف بن مُوسَى الْقطَّان، حَدثنَا جرير، عَن مَنْصُور، عَن أبي عَليّ، عَن جَعْفَر بن تَمام بن عَبَّاس، عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا لكم تدخلون عَليّ قلحاً: تسوكوا فلولا أَن أشق على أمتِي لأمرتهم بِالسِّوَاكِ عِنْد كل صَلَاة ". قَالَ أَبُو عَليّ: رَوَاهُ شَيبَان، وزائدة، وَقيس بن الرّبيع، وَغَيرهم، عَن مَنْصُور، عَن أبي عَليّ، عَن جَعْفَر بن تَمام بن عَبَّاس، عَن أَبِيه. وَيُقَال: إِن تَمامًا كَانَ أَشد قُرَيْش بطشاً، وَكَانَ أَصْغَر ولد الْعَبَّاس، وَلَيْسَ يحفظ لَهُ عَن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 121 رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَماع من وَجه ثَابت. انْتهى كَلَامه. وَفِيه جعل الحَدِيث الْمَذْكُور من رِوَايَة تَمام عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، لَا من رِوَايَة أَبِيه الْعَبَّاس رَضِي الله عَنهُ، وَهِي رِوَايَة هَؤُلَاءِ عَن مَنْصُور. وَقد ذكر أَيْضا [هَذَا الحَدِيث الْبَغَوِيّ فِي ... . وَأعله بِأبي عَليّ الصيقل] الْمَذْكُور: [قَالَ ... ] وَمِائَتَيْنِ: حَدثنَا جرير، عَن مَنْصُور، عَن أبي عَليّ - يَعْنِي الصيقل -، عَن جَعْفَر بن تَمام بن عَبَّاس، عَن أَبِيه، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مالكم تدخلون عَليّ قلحاً؟ تسوكوا، فلولا أَن أشق على أمتِي لأمرتهم أَن يتسوكوا عِنْد كل صَلَاة ". ثمَّ قَالَ: حَدثنَا شُرَيْح بن يُونُس، حَدثنَا عمر بن عبد الرَّحْمَن أَبُو حَفْص الْأَبَّار، عَن مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر، عَن أبي عَليّ، عَن جَعْفَر بن تَمام، عَن أَبِيه، عَن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب قَالَ: كَانُوا يدْخلُونَ على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلَا يستاكون، فَقَالَ: " تدخلون عَليّ قلحاً؟ استاكوا، لَوْلَا أَن أشق على أمتِي لفرضت عَلَيْهِم السِّوَاك عِنْد كل صَلَاة، كَمَا فرض عَلَيْهِم الْوضُوء ". قَالَ الْبَغَوِيّ: وَرَوَاهُ مُحَمَّد بن سَابق، عَن شَيبَان، عَن مَنْصُور، عَن أبي عَليّ الصَّقِيل، مولى بني أَسد، عَن جَعْفَر بن تَمام بن عَبَّاس، عَن أَبِيه، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَحوه. حَدثنِي بِهِ ابْن زَنْجوَيْه، عَن ابْن سَابق، وَرَوَاهُ الأشيب، عَن شَيبَان، عَن مَنْصُور، عَن أبي عَليّ، عَن جَعْفَر بن عَبَّاس، عَن أَبِيه، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَالصَّوَاب مَا حدث بِهِ الأشيب - زَعَمُوا - انْتهى مَا ذكر. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 122 وَقد مر فِيهِ أَن شُرَيْح بن يُونُس رَوَاهُ عَن أبي حَفْص الْأَبَّار، فَجعله من حَدِيث الْعَبَّاس، لَا من حَدِيث ابْنه تَمام، كَمَا جعله سُلَيْمَان بن كران الْمَذْكُور فِي رِوَايَته إِيَّاه عَن أبي حَفْص الْأَبَّار. فَلم نَكُنْ إِذن مُحْتَاجين فِي حَدِيث الْعَبَّاس إِلَى سُلَيْمَان بن كران الْمَذْكُور، لِأَن شريحاً ثِقَة مَشْهُور، وَلَكِن مَعَ ذَلِك فَإِن مرجعه - من كل وَجه وكيفما رُوِيَ إِلَى أبي عَليّ الصيقل، وَهُوَ مَجْهُول. أما حَدِيث تَمام بن الْعَبَّاس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَهُوَ الَّذِي استصوب الْبَغَوِيّ، وَذكر ذَلِك عَن غَيره - فَإِنِّي أَخَاف - مَعَ كَونه من رِوَايَة أبي عَليّ الصيقل الْمَذْكُور - أَن يكون مُرْسلا، فَإِن تَمامًا لَا تعرف صحبته من غَيره، وَهُوَ [ ... .] بحت فِيهِ [وكران بالراء الْخُف ... ] يفة، وَالنُّون. فعلى تَسْلِيم الصَّوَاب فِيمَا ذكر أَبُو مُحَمَّد عبد الْحق، من كَونه كَذَلِك. وَقد فرغت من خطئه فِيهِ - وبينت أَن صَوَابه كراز - بِفَتْح الْكَاف وَالرَّاء الْمُشَدّدَة، وَالْألف، وَبعدهَا زَاي - فِي بَاب الْأَسْمَاء الْمُغيرَة. فَاعْلَم ذَلِك، وَالله الْمُوفق. (2372) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ حَدِيث عَائِشَة: " من حَدثكُمْ أَنه كَانَ يَبُول قَائِما فَلَا تُصَدِّقُوهُ " الحَدِيث. وَأتبعهُ أَن قَالَ: وَفِي الْبَاب عَن عمر، وَبُرَيْدَة، وَحَدِيث عَائِشَة أحسن شي فِي هَذَا الْبَاب وَأَصَح. قَالَ: وَإِنَّمَا أَرَادَ أَبُو عِيسَى أَن هَذَا أحسن شَيْء فِي بَاب الْمَنْع من الْبَوْل قَائِما وَأَصَح، وَإِلَّا فَحَدِيث حُذَيْفَة مُجْتَمع على صِحَّته، وَحُذَيْفَة حدث بِمَا رأى الجزء: 5 ¦ الصفحة: 123 وَشَاهد. انْتهى مَا ذكر بنصه. وَهُوَ قد فهم عَن التِّرْمِذِيّ من قَوْله: " أصح " تَصْحِيح الْخَبَر الْمَذْكُور، وَأخذ يتأوله فِي أَحَادِيث الْمَنْع من الْبَوْل قَائِما، وَهُوَ حَدِيث إِنَّمَا يرويهِ شريك ابْن عبد الله القَاضِي. وَقد بَينا أمره وَمَا اعترى أَبَا مُحَمَّد فِيهِ، فعد إِلَيْهِ تعلم بِهِ أَن هَذَا الْخَبَر لَا يُقَال فِيهِ: صَحِيح. (2373) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار، حدثتا مُحَمَّد بن معمر النجراني، حَدثنَا أَبُو عَاصِم، عَن إِبْرَاهِيم بن سَلام، عَن حَمَّاد - يَعْنِي ابْن أبي سُلَيْمَان -، عَن إِبْرَاهِيم - يَعْنِي النَّخعِيّ -، عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " طلب الْعلم فَرِيضَة على كل مُسلم ". قَالَ: هَذَا أحسن إِسْنَاد يروي فِي هَذَا عَن أنس. وَرَوَاهُ من طَرِيق حَفْص بن سُلَيْمَان، عَن كثير بن شنظير، عَن مُحَمَّد بن سِيرِين، عَن أنس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مثله. قَالَ: وَحَفْص بن سُلَيْمَان لين الحَدِيث، وكل مَا يرْوى عَن أنس فِي هَذَا، فأسانيده لينَة. انْتهى مَا ذكر. وَالْمَقْصُود أَن نبين أَن الحَدِيث الأول لَا يلْتَفت إِلَيْهِ، وَكَلَام أبي مُحَمَّد الجزء: 5 ¦ الصفحة: 124 يُعْطي أَنه إِمَّا صَحِيح وَإِمَّا [حسن، وَلنْ تَجِد شَيْئا من ذَلِك صَحِيحا ... ] الْمَعْنى مَا يحد [ ... .] فِيهِ شَيْء، وَهَذَا أحسن مَا فِيهِ. وَالْخَبَر الْمَذْكُور ضَعِيف للْجَهْل بِحَال إِبْرَاهِيم بن سَلام، فَهِيَ لَا تعرف، بل لَا أعرفهُ مَذْكُورا، وَلَا أعرف لَهُ رِوَايَة غير هَذِه. قَالَ الْبَزَّار: وَلَا نعلم روى عَنهُ إِلَّا أَبُو عَاصِم، وَأَيْضًا فَإِن النَّخعِيّ عَن أنس مَوضِع نظر، وَقد قَالَ الْبَزَّار: لَا نعلمهُ أسْند عَنهُ إِلَّا هَذَا الحَدِيث، وَقد قَالَ أَبُو حَاتِم: إِنَّه أدْركهُ. وسنه ووفاة أنس يقتضيان ذَلِك، وَيُقَال: إِنَّه - أَعنِي النَّخعِيّ - توفّي سنة سِتّ وَتِسْعين، فَالله أعلم. (2374) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 125 وطئ أحدكُم الْأَذَى بخفيه فطهورهما التُّرَاب ". ثمَّ قَالَ: اخْتلف فِي إِسْنَاده هَذَا الحَدِيث اخْتِلَافا كثيرا، وَحَدِيث أبي سعيد الَّذِي قبله هُوَ الصَّوَاب، على أَن حَدِيث أبي هُرَيْرَة قد أسْندهُ مُحَمَّد بن كثير، عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن ابْن عجلَان، عَن سعيد بن أبي سعيد، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة. وَهَذَا نَص مَا أورد، وَهِي مِنْهُ كَأَنَّهَا اسْتِدْرَاك بالتصحيح لَهُ بعد أَن رَمَاه بالاختلاف فِي إِسْنَاده، وَلم يَنْفَعهُ ذَلِك مِنْهُ، فَإِن الحَدِيث الَّذِي سَاق لَفظه، لَيْسَ هُوَ عِنْد أبي دَاوُد بِإِسْنَاد آخر غير إِسْنَاد مُحَمَّد بن كثير، فَتكون رِوَايَة مُحَمَّد بن كثير عاضدة لَهُ، بل مَا هُوَ - أَعنِي اللَّفْظ الْمَذْكُور - عِنْد أبي دَاوُد إِلَّا بِإِسْنَاد مُحَمَّد بن كثير، عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن ابْن عجلَان، عَن سعيد بن أبي سعيد، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة. وَالَّذِي يُوهِمهُ ظَاهر كَلَامه من صِحَّته بِهَذَا الطَّرِيق، خطأ، فَإِن مُحَمَّد بن كثير، هُوَ الصَّنْعَانِيّ الأَصْل، المصِّيصِي الدَّار، ابو يُوسُف، يرْوى عَن الْأَوْزَاعِيّ وَغَيره، وَهُوَ ضَعِيف، وأضعف مَا هُوَ فِي الْأَوْزَاعِيّ. قَالَ عبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل: ذكر أبي مُحَمَّد بن كثير فضعفه جدا. [وَقَالَ فِي رِوَايَة صَالح: لَيْسَ] عِنْدِي بِثِقَة. وَقَالَ عبد الله بن أَحْمد أَيْضا [عَن أَبِيه: وَهُوَ مُنكر الحَدِيث، أَو قَالَ: يروي أَشْيَاء مُنكرَة] . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 126 وَقَالَ [يُونُس بن حبيب: ذكرت لعَلي بن الْمَدِينِيّ مُحَمَّد بن كثير - يَعْنِي المصِّيصِي وَأَنه حدث] عَن، الْأَوْزَاعِيّ، عَن قَتَادَة، عَن أنس: (2375) " رأى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَبَا بكر وَعمر فَقَالَ: هَذَانِ سيدا كهول أهل الْجنَّة ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 127 فَقَالَ عَليّ: كنت أشتهي أَن أرى هَذَا الشَّيْخ فَالْآن لَا أحب أَن أرَاهُ. فعلى هَذَا لَا يَنْبَغِي أَن يظنّ بِهَذَا الحَدِيث أَنه صَحِيح من هَذَا الطَّرِيق، فَاعْلَم ذَلِك. (2376) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ، عَن الحكم بن سُفْيَان الثَّقَفِيّ، عَن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 129 أَبِيه، " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ [إِذا تَوَضَّأ] أَخذ حفْنَة من مَاء، فَقَالَ بهَا هَكَذَا، وَوصف شُعْبَة نضح فرجه ". ثمَّ قَالَ: اخْتلف فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث وَفِي اسْم الصاحب، وَأَصَح الْأَسَانِيد فِيهِ إِسْنَاد النَّسَائِيّ هَذَا. قَالَ النَّسَائِيّ: أخبرنَا إِسْمَاعِيل بن مَسْعُود، حَدثنَا خَالِد بن الْحَارِث، عَن شُعْبَة، عَن مَنْصُور، عَن مُجَاهِد، عَن الحكم، عَن أَبِيه. كَذَا قَالَ التِّرْمِذِيّ عَن البُخَارِيّ: إِن هَذَا الْإِسْنَاد أصح أَسَانِيد هَذَا الحَدِيث، ذكر ذَلِك فِي كتاب الْعِلَل. وَقَالَ عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه: " إِذا تَوَضَّأ وَفرغ، أَخذ كفا من مَاء فنضح بِهِ فرجه ". رَوَاهُ معمر، عَن مَنْصُور، عَن مُجَاهِد، عَن سُفْيَان بن الحكم، أَو الحكم بن سُفْيَان، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَذكره التِّرْمِذِيّ فِي كِتَابه بِإِسْنَاد ضَعِيف عَن أبي هُرَيْرَة، فِيهِ الْحسن بن عَليّ الْهَاشِمِي، انْتهى كَلَامه بنصه. وَهُوَ موهم صِحَة هَذَا الحَدِيث من جِهَتَيْنِ: فإحداهما: سُكُوته عَن إعلاله، وَالْأُخْرَى قَوْله: إِنَّه بِهَذَا الطَّرِيق أصح. والْحَدِيث الْمَذْكُور قد عدم الصِّحَّة من وُجُوه: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 130 أَحدهَا: مَا أعرض عَنهُ بعد الْإِشَارَة إِلَيْهِ من الِاضْطِرَاب وَالثَّانِي: الْجَهْل بِحَال الحكم بن سُفْيَان، فَإِنَّهُ غير معروفها، وَلَا سِيمَا على مَا ارتضى أَبُو مُحَمَّد من النَّسَائِيّ - أَعنِي أَن لَا يكون أخبر عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا بِوَاسِطَة أَبِيه -. وَالثَّالِث: أَن أَبَاهُ الْمَذْكُور لَا تعرف صحبته، وَلَا رِوَايَته لشَيْء غير هَذَا. وَالرَّابِع: [ ... .] هَذِه [ ... .] . وَهُوَ قد تلون فِيهِ ألواناً، أَو تلون عَلَيْهِ، فَمِمَّنْ رَوَاهُ عَنهُ، شُعْبَة، كَمَا أورد النَّسَائِيّ الْآن، وَقَالَ فِيهِ: عَن مَنْصُور، عَن مُجَاهِد، عَن الحكم، عَن أَبِيه " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا تَوَضَّأ أَخذ حفْنَة من مَاء فَقَالَ بهَا هَكَذَا ". رَوَاهَا عَن شُعْبَة خَالِد بن الْحَارِث كَمَا ذكر، وَرَوَاهَا أَيْضا عَنهُ النَّضر بن شُمَيْل. قَالَ البُخَارِيّ فِي تَارِيخه: حَدثنِي يحيى، حَدثنِي النَّضر، حَدثنَا شُعْبَة، عَن مَنْصُور، عَن مُجَاهِد، قَالَ: سَمِعت رجلا من ثَقِيف اسْمه الحكم، أَو يكنى أَبَا الحكم، عَن أَبِيه: " رَأَيْت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ". فَفِي هَذِه الرِّوَايَة - كَمَا ترى - زِيَادَة " عَن أَبِيه "، كَمَا زَاده خَالِد بن الْحَارِث عَن شُعْبَة، وَلكنه شكّ فِي اسْم الابْن، هَل هُوَ الحكم، أَو أَبُو الحكم، وأعطت أَنه من لَا يعرف بِأَكْثَرَ من أَنه رجل من ثَقِيف. وَفِيه رِوَايَة ثَانِيَة عَن شُعْبَة، وَهُوَ قَول عَليّ بن الْجَعْد عَنهُ. قَالَ أَبُو عَليّ بن السكن: حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد، قَالَ: حَدثنَا عَليّ بن الْجَعْد، قَالَ: حَدثنَا شُعْبَة، عَن مَنْصُور، عَن مُجَاهِد، عَن رجل من ثَقِيف، يُقَال لَهُ: الحكم، أَو أَبُو الحكم " أَنه رأى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، تَوَضَّأ، ثمَّ أَخذ حفْنَة من مَاء، فَقَالَ بهَا هَكَذَا " - يَعْنِي انتضح بهَا -. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 131 فَفِي هَذَا الشَّك فِي اسْمه، هَل هُوَ الحكم، أَو أَبُو الحكم، وَلم يقل: " عَن أَبِيه " فَإِن صحت الرِّوَايَة الَّتِي قبل هَذِه بِزِيَادَة: " عَن أَبِيه "، فَقَوْل هَذَا: إِنَّه رأى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يكون خطأ، وَإِن لم يكن خطأ، فالانقطاع بَين مُجَاهِد وَبَينه، فَإِن مُجَاهدًا لم يروه عَن الصَّحَابِيّ، إِذْ قد قَدرنَا قَوْله: " عَن أَبِيه " صَحِيحا. وفيهَا من الْبَحْث الأصولي إِن الرجل الَّذِي لَا يعرف إِذا قَالَ عَن نَفسه: إِنَّه ثِقَة فَذَلِك غير مَقْبُول مِنْهُ، وَهَذَا مَا لَا ريب فِيهِ، فَإِذا كَانَ لَا يعرف فَادّعى أَنه رأى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -[فَفِيهِ خلاف، وَعِنْدِي أَنه لايقبل مِنْهُ ذالك، و ... ] ، لَو قَالَ التَّابِعِيّ [عَنهُ ذَلِك لِأَنَّهُ قد يكون التَّابِعِيّ] إِنَّمَا أَخذ ذَلِك عَن غَيره، وَهُوَ لم يسمه، أَو لَعَلَّه أَخذه عَنهُ، فَإِن التَّابِعِيّ لم يدْرك زمن الاصطحاب. وَالَّذِي يقبل بِلَا ريب أَن يَقُول لنا ذَلِك عَنهُ صَحَابِيّ أدْرك، وَهَذَا كُله فِيمَن لَا يعرف، فَأَما من عرفت صحبته بالتواتر أَو بِالنَّقْلِ الصَّحِيح لأخباره، كمشاهير الصَّحَابَة - رَضِي الله عَنْهُم - فَلَا كَلَام فِيهِ. وَفِي هَذِه الرِّوَايَة أَنه إِنَّمَا رأى ذَلِك من النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مرّة وَاحِدَة. وَهَذَا يشبه الصَّوَاب، فَأَما قَوْله: " كَانَ " فبعيد أَن يكون على ظَاهره، وَلَو أطلقهُ ألزم النَّاس للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَحين حكم من حكم لرِوَايَة من زَاد فِيهِ: " عَن أَبِيه " بِالصِّحَّةِ، لم يلْتَفت للفظ الحَدِيث، وَإِنَّمَا اعْتبر زِيَادَة وَاحِد فِي الْإِسْنَاد، وَلم يحكم للْخَبَر بِالصِّحَّةِ، إِلَّا كَمَا يَقُول: هَذَا الْإِسْنَاد بِزِيَادَة هَذَا الرجل بَين فلَان وَفُلَان، أصح من رِوَايَة من رَوَاهُ دونه، بل كَمَا يَقُول: هَذَا الْمُرْسل أصح، فَلَا يخرج من شَيْء من ذَلِك تَصْحِيح مَا رَوَاهُ ضَعِيف، أَو مَتْرُوك، أَو مَا رُوِيَ مُرْسلا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 132 وَأَبُو مُحَمَّد - رَحمَه الله - لَو أطلقها كَمَا يطلقهَا الْمُحدث، لم يفهم مِنْهَا إِلَّا مَا ذَكرْنَاهُ، وَلكنه يوردها عقيب أَحَادِيث لَا يتبعهَا مِنْهُ قَول آخر، فَتوهم من لَا علم عِنْده بِالْأَسَانِيدِ صِحَة الْأَحَادِيث. وعَلى أَن كَلَامه الْمَذْكُور فِيهِ شَيْء من جِهَة النَّقْل، وَذَلِكَ أَنه نسب قَوْله: " إِنَّه أصح الْأَسَانِيد " إِلَى البُخَارِيّ، وَعين مَوضِع ذكره لَهُ، وَهُوَ علل التِّرْمِذِيّ. وَالَّذِي هُنَاكَ إِنَّمَا هُوَ: " سَأَلت البُخَارِيّ عَن هَذَا الحَدِيث فَقَالَ: الصَّحِيح مَا رَوَاهُ شُعْبَة ووهيب، وَقَالا: عَن أَبِيه، وَرُبمَا قَالَ ابْن عُيَيْنَة فِيهِ هَذَا الحَدِيث: عَن أَبِيه ". فَمَا فِي هَذَا عَن البُخَارِيّ أَنه قَالَ: هُوَ أصح الْأَسَانِيد، وَإِنَّمَا قَالَ: الصَّحِيح رِوَايَة من زَاد: " عَن أَبِيه "، يَعْنِي رِوَايَة شُعْبَة، ووهيب، وَابْن عُيَيْنَة فِي بعض [الرِّوَايَات، عَنهُ وَذَلِكَ لَا يُفِيد صِحَة الحَدِيث الَّذِي قيل فِيهِ ذَلِك] ، بِخِلَاف مَا إِذا قَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح. وَبينا أَيْضا أَن عَن شُعْبَة فِيهِ رِوَايَة لم يقل فِيهَا " عَن أَبِيه ". وَنَذْكُر الْآن رِوَايَة وهيب الْمُوَافقَة للمشهور عَن شُعْبَة الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا البُخَارِيّ. قَالَ أَبُو عَليّ بن السكن: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الدغولي [ ... . حَدثنَا وهيب، عَن مَنْصُور، عَن مُجَاهِد، عَن الحكم بن سُفْيَان] الجزء: 5 ¦ الصفحة: 133 عَن أَبِيه قَالَ: " رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تَوَضَّأ وَأخذ مَاء فنضح بِهِ ". فقد ذكرنَا الْآن عَن شُعْبَة فِي رِوَايَة، ووهيب زِيَادَة عَن أَبِيه، وَهِي الَّتِي تعتمد فِي إعلال الْخَبَر، فَإِن زِيَادَة " عَن أيبه " يَقْتَضِي للْحكم بِأَنَّهُ لَيْسَ بصحابي، فَيتَعَيَّن النّظر فِي حَاله، وتلمس عَدَالَته، وَهِي لم تثبت. وَلَعَلَّ قَائِلا يَقُول: فَلَعَلَّهُ أَيْضا قد رأى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَمَا رَآهُ أَبوهُ، أخذا من رِوَايَة من لم يقل: " عَن أَبِيه " فَنَقُول لَهُ: فَمَا فِي هَذَا أَكثر من دعواهما أَنَّهُمَا رَأيا، وسمعا، وَإِذا لم يعرفا بِالْعَدَالَةِ لم يقبل مِنْهُمَا، لِأَنَّهُمَا قد يدعيان مَا شاءا. وعَلى أَنه قد نَص الْعلمَاء على أَنه لم يدْرك النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ البُخَارِيّ فِي تَارِيخه فِي بَاب الحكم بن سُفْيَان الْمَذْكُور: قَالَ بعض ولد الحكم: لم يدْرك الحكم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَقَالَ عبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل فِي علله: أَخْبرنِي أبي، عَن شَاذان، عَن شريك، سَأَلت أهل الحكم بن سُفْيَان، فَذكرُوا أَنه لم يدْرك النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَذكر أَبُو الْقَاسِم الْبَغَوِيّ عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة، أَنه قَالَ: سَأَلت آل الحكم ابْن سُفْيَان، فَقَالُوا: لم تكن لَهُ صُحْبَة. وَقد تغير فِي أمره كَلَام أبي عمر بن عبد الْبر، حِين قَالَ: سَمَاعه النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عِنْدِي صَحِيح، لِأَنَّهُ نَقله الثِّقَات، مِنْهُم سُفْيَان الثَّوْريّ، وَلم يُخَالِفهُ من هُوَ فِي الْحِفْظ والإتقان مثله. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 134 كَذَا قَالَ أَبُو عمر، وَهُوَ كَلَام [غير مُسلم وَيَنْبَغِي وضع النّظر فِيهِ] ، فَإِن شُعْبَة وَهُوَ من هُوَ قد قَالَ ذَلِك، ووهيب أَيْضا قد قَالَه. فَإِن قيل: قد اخْتلف فِيهِ على شُعْبَة، فَلم يذكر النَّضر عَنهُ قَوْله: " عَن أَبِيه " قُلْنَا: وسُفْيَان الثَّوْريّ أَيْضا عَنهُ فِي هَذَا أَقْوَال: مِنْهَا قَول مُحَمَّد بن كثير: أخبرنَا سُفْيَان، عَن مَنْصُور، عَن مُجَاهِد، عَن سُفْيَان بن الحكم، أَو الحكم بن سُفْيَان الثَّقَفِيّ، قَالَ: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا بَال تَوَضَّأ وينتضح " ذكره أَبُو دَاوُد فَإِن احْتج أَبُو عمر بِهَذِهِ الرِّوَايَة من حَيْثُ لم [يقل] فِيهَا: " عَن أَبِيه ": قُلْنَا: هِيَ مُحْتَملَة أَن تكون نشكا فِي اسْم الرجل الَّذِي قَالَ: إِنَّه رأى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، أَو أَن تكون شكا فِي كَونه الْأَب أَو الابْن، فَهِيَ بِهَذَا الِاحْتِمَال الثَّانِي مُتَرَدّد فِيهَا بَين الْإِرْسَال والانقطاع، وَكَأَنَّهُ يَقُول: لَا أَدْرِي أعن سُفْيَان بن الحكم، فَيكون مُرْسلا، أَو عَن أَبِيه الحكم بن سُفْيَان، فَيكون مُنْقَطِعًا؟ وَلم يذكر فه الرِّوَايَة أَو السماع، فَيَنْقَطِع النزاع، ويرتفع الِاحْتِمَال، وَذكر فِيهَا لَفْظَة " كَانَ " وفيهَا مَا فِيهَا. وَقد ذكر البُخَارِيّ فِي تَارِيخه رِوَايَة مُحَمَّد بن كثير هَذِه عَن سُفْيَان، كَمَا ذكرهَا أَبُو دَاوُد. وَرَوَاهُ أَيْضا كَذَلِك عَن سُفْيَان بِغَيْر زِيَادَة " عَن أَبِيه "، وَالشَّكّ فِي الحكم، أَو سُفْيَان عبد الرَّحْمَن بن مهْدي، وَلَفظه أحسن من لفظ مُحَمَّد بن كثير، قَالَ فِيهِ: " رَأَيْت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَال ثمَّ تَوَضَّأ ونضح فرجه بِالْمَاءِ ". ذكرهَا ابْن السكن. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 135 وَمِمَّنْ رَوَاهُ هَكَذَا: معمر كَمَا تقدم ذكره فِي الأَصْل من كتاب عبد الرَّزَّاق. وَمِمَّنْ رَوَاهُ عَن سُفْيَان الثَّوْريّ بِغَيْر زِيَادَة " عَن أَبِيه " دون شكّ فِي الْأَب وَالِابْن، مُحَمَّد بن يُوسُف، وَهِي الَّتِي يُمكن أَن يحْتَج بهَا ابْن عبد الْبر لما ذهب [إِلَيْهِ من تَصْحِيح صُحْبَة الحكم، قَالَ فِيهِ مُحَمَّد بن يُوسُف: حَدثنَا سُفْيَان، عَن مَنْصُور، عَن مُجَاهِد، عَن الحكم بن سُفْيَان، قَالَ: رَأَيْت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تَوَضَّأ ونضح فرجه] بِالْمَاءِ ". ذكر ذَلِك عَنهُ البُخَارِيّ فِي تَارِيخه. ويمنعه من الِاحْتِجَاج بِهِ رِوَايَة من رَوَاهُ عَنهُ بِالشَّكِّ كَمَا قدمْنَاهُ. وَرَوَاهُ وَكِيع عَن سُفْيَان، فَقَالَ فِيهِ: عَن مَنْصُور، عَن مُجَاهِد، عَن رجل من ثَقِيف، لم يسمه، ذكرهَا ابْن السكن. وَقد رَوَاهُ عَن مَنْصُور هَكَذَا - أَعنِي بِغَيْر شكّ وَلَا زِيَادَة " عَن أَبِيه " عمار بن رزين، وَجَرِير بن عبد الحميد، ولسي فِيهِ لَفْظَة " كَانَ "، وَإِنَّا أخبر عَن فعلة وَاحِدَة. ذكر حَدِيثهمَا ابْن السكن. وَرَوَاهُ كَذَلِك أَيْضا زَكَرِيَّا بن أبي زَائِدَة، عَن مَنْصُور. ذكره البُخَارِيّ فِي تَارِيخه. وَرَوَاهُ ابْن أبي نجيح، عَن مُجَاهِد، كَمَا رَوَاهُ مَنْصُور عَن مُجَاهِد، فِي رِوَايَة وَكِيع عَن سُفْيَان، أَعنِي أَنه قَالَ فِيهِ: عَن مُجَاهِد، عَن رجل من ثَقِيف، إِلَّا أَنه زَاد " عَن أَبِيه "، وَذكر فعلة وَاحِدَة. ذكرهَا أَبُو دَاوُد. وَإِذ قد انتهينا إِلَى هُنَا، فَنَقُول بعده: لَا نَتْرُك رِوَايَة من زَاد عَن أَبِيه لترك من ترك ذَلِك، وَمن حفظ حجَّة على من لم يحفظ، وَإِذا لم يكن بُد من زِيَادَته، فَالْحكم تَابِعِيّ، فَيحْتَاج أَن نَعْرِف من عَدَالَته مَا يلْزمنَا بِهِ قبُول رِوَايَته، وَإِن لم يثبت ذَلِك لم تصح عندنَا رِوَايَته، ونسأل من صححها عَمَّا علم من الجزء: 5 ¦ الصفحة: 136 حَاله، وَلَيْسَ بمبين لَهَا فِيمَا أعلم. وَالله الْمُوفق. (2377) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، وَمن طَرِيق أبي دَاوُد - صفة الْوضُوء من رِوَايَة الرّبيع بنت معوذ. وَأتبعهُ أَن الْحميدِي، وَأحمد، وَإِسْحَاق، كَانُوا يحتجون بِحَدِيث عبد الله ابْن مُحَمَّد بن عقيل. فأوهم هَذَا صِحَّته عِنْده، وَهُوَ مذْهبه فِيهِ. وَقد بَينا عمله فِي أَحَادِيثه فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا صَحِيحَة، وَلَيْسَت كَذَلِك، وَلها طرق أخر صَحِيحَة أَو حَسَنَة. (2378) وَذكر حَدِيث عَائِشَة: " أَمر بِبِنَاء الْمَسَاجِد فِي الدّور، [وَأَن تطيب وتنظف " زَاد من حَدِيث سَمُرَة: " ونصلح صنعتها] . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 137 وَالْأول أشهر إِسْنَادًا، وَإِن كَانَ قد رُوِيَ مُرْسلا عَن عُرْوَة. كَذَا قَالَ، وَيقْضى ظَاهره بِأَن حَدِيث سَمُرَة شَيْء ملتفت إِلَيْهِ بِحَيْثُ يفاضل بَينه وَبَين حَدِيث عَائِشَة، وَهَذَا لَا شَيْء، فَإِن حَدِيث عَائِشَة لَا شكّ فِي صِحَّته، رَفعه مُسْندًا جمَاعَة من أَصْحَاب هِشَام بن عُرْوَة، وَلَا يضرّهُ إرْسَال ابْن عُيَيْنَة إِيَّاه، عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَأَما حَدِيث سَمُرَة فبإسناد مَجْهُول الْبَتَّةَ، فِيهِ جَعْفَر بن سعد بن سَمُرَة، وخبيب بن سُلَيْمَان بن سَمُرَة، وَأَبوهُ سُلَيْمَان بن سَمُرَة. وَمَا من هَؤُلَاءِ، من تعرف لَهُ حَال، وَقد جهد المحدثون فيهم جهدهمْ، وَهُوَ إِسْنَاد تروى بِهِ جملَة أَحَادِيث قد ذكر الْبَزَّار مِنْهَا نَحْو الْمِائَة. وَقد تقدم لأبي مُحَمَّد حَدِيث سَمُرَة فِيمَن نسي صَلَاة أَو نَام عَنْهَا، أَنه يُصليهَا مَعَ الَّتِي تَلِيهَا. سَاقه من طَرِيق الْبَزَّار، ثمَّ أتبعه أَن قَالَ فِي هَؤُلَاءِ: لَيْسُوا بأقوياء. (2379) وَذكر أَيْضا من طَرِيق الْبَزَّار، من رِوَايَة خبيب بن سُلَيْمَان بن سَمُرَة، عَن أَبِيه، عَن جده، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَقُول: " إِذا صلى أحدكُم فَلْيقل: اللَّهُمَّ باعد بيني وَبَين خطيئتي " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ بإثره: الصَّحِيح فِي هَذَا فعل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا أمره، كَمَا أخرج مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 138 (2380) وَذكر [حَدِيث] سَمُرَة: " سلمُوا على قارئكم وعَلى أَنفسكُم " من هَذَا الطَّرِيق. ثمَّ قَالَ: لَيْسَ هَذَا الْإِسْنَاد مَشْهُورا. (2381) وَذكر حَدِيث: " كَانَ يَأْمُرنَا أَن يُصَلِّي أَحَدنَا بعد الْمَكْتُوبَة كل لَيْلَة مَا قل أَو كثر ". من رِوَايَة خبيب بن سُلَيْمَان الْمَذْكُور، عَن أَبِيه، عَن جده، ثمَّ قَالَ بعده: خبيب ضَعِيف. (2382) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، ثمَّ من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ فِي الزَّكَاة حَدِيث: " أمرنَا أَن نخرج الزَّكَاة [من الَّذِي نعد للْبيع ". ثمَّ قَالَ: خبيب هَذَا لَيْسَ بِمَشْهُور، وَلَا أعلم روى عَنهُ] إِلَّا [جَعْفَر بن سعد بن سَمُرَة، وَلَيْسَ جَعْفَر هَذَا مِمَّن يعْتَمد عَلَيْهِ. (2383) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد] عَن سُلَيْمَان بن سَمُرَة: " أما الجزء: 5 ¦ الصفحة: 139 بعد، كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: من يكتم غالاً فَإِنَّهُ مثله ". وَسكت عَنهُ فَلم يقل فِيهِ شَيْئا، وَلَا نبه على أَنه من رِوَايَة جَعْفَر بن سعد الْمَذْكُور، عَن خبيب الْمَذْكُور، عَن أَبِيه سُلَيْمَان، فَكَانَ هَذَا مِنْهُ تَصْحِيحا لَهُ، كَمَا أوهمته مفاضلته الْآن، مَا بَين حَدِيث سَمُرَة وَعَائِشَة، فَاعْلَم ذَلِك. (2384) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، من حَدِيث أبي بكر: عبد الحميد ابْن جَعْفَر الْحَنَفِيّ، عَن نوح بن أبي بِلَال، عَن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا قَرَأْتُمْ الْحَمد لله فاقرؤوا بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم، إِنَّهَا أم الْقُرْآن، وَأم الْكتاب، والسبع المثاني، وبسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم إِحْدَى آياتها ". ثمَّ قَالَ: رفع هَذَا الحَدِيث عبد الحميد بن جَعْفَر، وَعبد الحميد هَذَا وَثَّقَهُ أَحْمد بن حَنْبَل، وَيحيى بن سعيد، وَابْن معِين. وَأَبُو حَاتِم يَقُول فِيهِ: مَحَله الصدْق، وَكَانَ سُفْيَان الثَّوْريّ يُضعفهُ وَيحمل عَلَيْهِ، ونوح بن أبي بِلَال ثِقَة مَشْهُور. هَذَا نَص مَا ذكره بِهِ. وَهُوَ بِهَذَا القَوْل صَححهُ، وَهُوَ لَا يَصح، وَأَخْطَأ خطأ فَاحِشا فِي قَوْله: من حَدِيث أبي بكر: عبد الحميد بن جَعْفَر الْحَنَفِيّ، عَن نوح بن أبي بِلَال، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 140 وَهَذَا تَغْيِير لَا يَلِيق بِهِ. وَلَعَلَّه قد سقط من الْكَلَام " عَن " حَتَّى يكون عَن: أبي بكر الْحَنَفِيّ، عَن عبد الحميد بن جَعْفَر، على أَن تَأْخِير النِّسْبَة، وَنسبَة عبد الحميد بهَا، تدل على أَن ذَلِك من عمله، والْحَدِيث إِنَّمَا يرويهِ أَبُو بكر الْحَنَفِيّ - واسْمه عبد الْكَبِير ابْن عبد الْمجِيد، أَخُو أبي عَليّ: عبيد الله بن عبد الْمجِيد الْحَنَفِيّ -، وَهُوَ ثِقَة مَشْهُور، عَن عبد الحميد بن جَعْفَر الْأنْصَارِيّ، عَن نوح بن أبي بِلَال. كَذَلِك ذكره الدَّارَقُطْنِيّ وَابْن السكن، قَالَا: حَدثنَا يحيى بن مُحَمَّد بن صاعد حَدثنَا عقبَة بن مكرم. حَدثنَا أَبُو بكر [الْحَنَفِيّ، حَدثنَا عبد الحميد بن جَعْفَر، قَالَ أنبأني نوح بن أبي بِلَال] وَعلة الْخَبَر هِيَ أَن أَبَا بكر الْحَنَفِيّ قَالَ مُتَّصِلا بِهِ، ثمَّ لقِيت نوحًا فَحَدثني عَن سعيد بن أبي سعيد، عَن أبي هُرَيْرَة بِمثلِهِ، وَلم يرفعهُ. فَإِذن قَول أبي مُحَمَّد: رفع هَذَا الحَدِيث عبد الحميد بن جَعْفَر، لم يُورِدهُ كَمَا يجب، فَإِن الَّذِي يفهم من إِيرَاده، هُوَ أَن عبد الحميد رَوَاهُ عَن رجل فرفعه، وَرَوَاهُ عَنهُ غَيره فَوَقفهُ. وَالْمَسْأَلَة أشنع من هَذَا، إِنَّمَا رَوَاهُ لأبي بكر الْحَنَفِيّ مَرْفُوعا، فَمر أَبُو بكر الْحَنَفِيّ إِلَى الشَّيْخ الَّذِي رَوَاهُ لَهُم عَنهُ، فحدثه بِهِ مَوْقُوفا، فَمَا ظَاهر الْقِصَّة إِلَّا أَنه أنكر أَن يكون حدث بِهِ مَرْفُوعا، بعد أَن عرفه أَبُو بكر الْحَنَفِيّ أَنه قد حدث بِهِ عبد الحميد عَنهُ فرفعه. وَإِذا كَانَ الْأَمر هَكَذَا، صَارَت الْمَسْأَلَة مَسْأَلَة مَا إِذا رُوِيَ عَن رجل حَدِيث الجزء: 5 ¦ الصفحة: 141 فَأنْكر أَن يكون حدث بِهِ، وَإِن لم يسلم هَذَا التَّنْزِيل، فَالْمَسْأَلَة مَسْأَلَة رجل مضعف أَو مُخْتَلف فِيهِ، رفع مَا وَقفه غَيره من الثِّقَات، وَذَلِكَ أَن أَبَا بكر الْحَنَفِيّ، ثِقَة بِلَا خلاف، وَهُوَ قد لَقِي نوحًا فحدثه بِهِ مَوْقُوفا، وَلم يعْتَمد على مَا رَوَاهُ لَهُ عِنْد عبد الحميد بن جَعْفَر من ذَلِك مَرْفُوعا، لِأَن عبد الحميد ينْسب إِلَى القَوْل بِالْقدرِ، وَكَانَ مِمَّن خرج مَعَ مُحَمَّد بن عبد الله بن الْحسن بن حسن، ابْن عَليّ بن أبي طَالب. وَقد قدمنَا لتنبيه على هَذَا الحَدِيث فِي بَاب الْأَحَادِيث الْمُغيرَة. (2385) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " حذف السَّلَام سنة ". قَالَ فِيهِ: حسن صَحِيح. فَهَذَا مِنْهُ قناعة بتصحيح التِّرْمِذِيّ لَهُ. وَهُوَ لَا يَصح لَا مَوْقُوفا هَكَذَا، وَلَا مَرْفُوعا كَمَا ذكره أَبُو دَاوُد، من أجل الجزء: 5 ¦ الصفحة: 142 أَنه فِي حَالية من رِوَايَة قُرَّة بن عبد الرَّحْمَن بن حيوئيل الَّذِي يُقَال لَهُ: كاسر الْمَدّ، وَهُوَ ضَعِيف، وَلم يخرج لَهُ مُسلم محتجاً بِهِ، بل مَقْرُونا بِغَيْرِهِ، قَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عَليّ بن حجر، أخبرنَا عبد الله بن الْمُبَارك، وهقل بن زِيَاد عَن الْأَوْزَاعِيّ [عَن قُرَّة بن عبد الرَّحْمَن، عَن الزُّهْرِيّ، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة] قَالَ: " حذف [السَّلَام سنة "، وَقَالَ: حَدِيث حسن صَحِيح. وَقَالَ أَبُو دَاوُد] : حَدثنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن حَنْبَل، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن يُوسُف الْفرْيَابِيّ، قَالَ: حَدثنَا الْأَوْزَاعِيّ، عَن قُرَّة بن عبد الرَّحْمَن، عَن الزُّهْرِيّ، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " حذف السَّلَام سنة ". كَذَا سَاقه أَبُو دَاوُد مَرْفُوعا، وَلكنه أورد بأثره أَن الْفرْيَابِيّ لما رَجَعَ من مَكَّة ترك رَفعه، وَقَالَ: نهاني أَحْمد بن حَنْبَل عَن رَفعه. فَفِي هَذَا أَن أَحْمد أَخذه عَنهُ مَرْفُوعا، وَنَهَاهُ عَن رَفعه. وَقَالَ عِيسَى بن يُونُس الرَّمْلِيّ: نهاني ابْن الْمُبَارك عَن رَفعه. وَهَذَا كُله قد كَانَ يعرض عَنهُ لَو كَانَ راوية ثِقَة، وَإِذ لَيْسَ بمعتمد فَلَا حرج على مَا رفع وَلَا مَا وقف، فَمَا يَنْبَغِي تَصْحِيح مَا روى، وَلَو صَححهُ التِّرْمِذِيّ أَو غَيره. وَقد بينوا عِلّة ضعف قُرَّة، قَالَ فِيهِ أَحْمد بن حَنْبَل: مُنكر الحَدِيث جدا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 143 وَقَالَ البُخَارِيّ: كل من قلت فِيهِ: مُنكر الحَدِيث، فَلَا تحل الرِّوَايَة عَنهُ (2386) وَذكر حَدِيث كثير بن عبد الله بن عَمْرو بن عَوْف، عَن أَبِيه عَن جده، فِي عدد التَّكْبِير فِي الْعِيد. وَقد بَينا أمره فِي بَاب الْأَشْيَاء الَّتِي عزاها إِلَى مَوَاضِع لم أَجدهَا فِيهَا أَو لم أَجدهَا كَمَا ذكر. (2387) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن عبيد الله التَّيْمِيّ، عَن أبي هُرَيْرَة أَنه أَصَابَهُم مطر فِي يَوْم عيد، فصلى بهم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْعِيد فِي الْمَسْجِد " ثَبت بعد هَذَا الحَدِيث فِي بعض النّسخ كَلَام مِنْهُ، وَهُوَ أَن قَالَ: وَقع فِي بعض النّسخ من هَذَا الْكتاب، فِي آخر هَذَا الحَدِيث، عبيد الله ضَعِيف عِنْدهم، وَكَانَ ذَلِك وهما مني، وَإِنَّمَا الْمُتَكَلّم فِيهِ ابْن أَخِيه عبيد الله بن عبد الرَّحْمَن، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 144 ضعفه يحيى بن معِين فِي رِوَايَة الدوري، وَوَثَّقَهُ فِي رِوَايَة إِسْحَاق بن مَنْصُور، ذكر ذَلِك ابو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم. وَقَالَ فِيهِ [النَّسَائِيّ: لَيْسَ بِذَاكَ الْقوي. وَالْمَذْكُور فِي هَذَا الحَدِيث، هُوَ عبيد الله بن عبد الله] بن موهب، التَّيْمِيّ الْمدنِي ... ] وَهُوَ يُعْطي عَطاء بَينا صِحَة الحَدِيث عِنْده. وَمَا مثله صحّح، للْجَهْل بِحَال عبيد الله بن عبد الله بن موهب، وَالِد يحيى بن عبيد الله بن عبد الله بن موهب المكنى بِهِ. وللجهل بِحَال عِيسَى بن عبد الْأَعْلَى الْفَروِي راوية عَنهُ فِي كتاب أبي دَاوُد. بل لَا أعلمهُ مَذْكُورا فِي شَيْء من كتب الرِّجَال، وَلَا فِي غير هَذَا الْإِسْنَاد. وَلما روى الْوَلِيد بن مُسلم هَذَا الحَدِيث إِنَّمَا قَالَ فِيهِ: حَدثنَا رجل من الفرويين، وَسَماهُ الرّبيع بن سُلَيْمَان، عَن عبد الله بن يُوسُف عَنهُ، فَقَالَ: عِيسَى بن عبد الْأَعْلَى بن أبي فَرْوَة. وَلَا يعلم روى عَن عبيد الله أبي يحيى الْمَذْكُور - سوى ابْنه يحيى - غير هَذَا الْفَروِي الَّذِي هُوَ فِي حكم الْمَعْدُوم، وَغير ابْن أَخِيه عبيد الله بن عبد الرَّحْمَن، فَالْحَدِيث لَا يَصح، فَاعْلَم ذَلِك. (2388) وَذكر فِي الْبكاء على الْمَيِّت من عِنْد ابْن أبي خَيْثَمَة قِطْعَة من الجزء: 5 ¦ الصفحة: 145 حَدِيث قيلة بنت مخرمَة فِي بكائها على ابْنهَا. ثمَّ قَالَ بإثره: حَدِيث قيلة مَشْهُور، خرجه النَّاس كَامِلا ومقطعاً. هَذَا مَا ذكره بِهِ، فَهُوَ - كَمَا ترى - بِحكم قَوْله الْمُطلق فِيمَا سكت عَن تَعْلِيله من الْأَحَادِيث، صَحِيح، بل يزِيد ذَلِك تَأْكِيدًا قَوْله فِيهِ: إِنَّه مَشْهُور وَلَيْسَ الْأَمر فِيهِ كَذَلِك، بل هُوَ أَيْنَمَا وَقع رَاجع إِلَى أبي الْجُنَيْد: عبد الله ابْن حسان الْعَنْبَري. قَالَ أَبُو عَليّ بن السكن: لم يروه غَيره عَن جدتيه: صَفِيَّة، ودحيبة بِنْتي عليبة، وكانتا ربيبتي قيلة، أَن قيلة حدثتهما. وَهَذَا غَايَة فِي الضعْف، فَإِن أَحَادِيث النِّسَاء متقاة، مَحْذُورَة مِنْهَا قَدِيما من أَئِمَّة هَذَا الشَّأْن، إِلَّا المعلومات مِنْهُنَّ الثِّقَات، فَأَما هَؤُلَاءِ الخاملات، القليلات الْعلم، اللَّاتِي إِنَّمَا اتّفق لَهُنَّ أَن روين أَحَادِيث آبائهن، أَو أمهاتهن، أَو إخوانهن، أَو أخواتهن، أَو أقربائهن بِالْجُمْلَةِ، بِحَيْثُ يعلم أَنَّهُنَّ مِمَّا [ ... ... ] لَهَا فَأخذ [ ... ... ] قد رَوَت الْعلم، وتحملته وَحَمَلته إِلَى الآخذين عَنْهَا، فَإِن الْغَالِب فِي هَؤُلَاءِ، أَنَّهُنَّ من المستورات، كمساتير الرِّجَال. فَأَما مثل عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن، وَعَائِشَة بنت طَلْحَة، وَصفِيَّة بنت شيبَة، وأشباههن من ثقاتهن، فَلَا ريب فِي وجوب قبُول روايتهن. وَيَكْفِيك من هَذَا أَنَّك لَا تَجِد فِي شَيْء من كتب الرِّجَال المصنفة للتعريف بأحوال الروَاة وإحصائهم، ذكرا لهاتين الْمَرْأَتَيْنِ وأشباههما. وَعبد الله بن حسان أَيْضا هُوَ كَذَلِك أَعنِي من المجاهيل الْأَحْوَال، الَّذين لَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 146 علم عِنْدهم يعرف، وَقد اتّفق لَهُ أَن روى هَذَا الحَدِيث، فَأَخذه عَنهُ جمَاعَة، كَعبد الله بن سوار، وَأحمد بن إِسْحَاق، وَحَفْص بن عمر الحوضي، وَعَفَّان، وَعبد الصَّمد بن عبد الْوَارِث، وَأبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ، والمقرئ، وَعلي بن عُثْمَان اللاحقي. وَمَعَ ذَلِك فَلَا تعرف حَاله، وَكبر شَأْن هَذَا الحَدِيث فِي الْمَرْأَتَيْنِ المذكورتين، فَإِنَّهُمَا لَا يعرفان أصلا بِغَيْرِهِ. وَهُوَ حَدِيث طَوِيل، تقتطع مِنْهُ الْقطع، بِحَسب تقاضي الْأَبْوَاب إِيَّاهَا، فَاعْلَم ذَلِك. (2389) وَذكر فِي آخر كتاب الجنائزمن عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " موت الْغَرِيب شَهَادَة ". ثمَّ قَالَ: ذكره فِي كتاب الْعِلَل فِي حَدِيث ابْن عمر وَصَححهُ. انْتهى مَا أورد. وَإِنَّمَا قَالَ هَذَا القَوْل، لِأَن كتاب الْعِلَل للدارقطني لم يصنف فِيهِ علل حَدِيث ابْن عَبَّاس فِي جمَاعَة من مشاهير الصَّحَابَة، تَركهم أَيْضا، أَو لم ينْتَه إِلَيْهِم عمله فِي التَّأْلِيف الْمَذْكُور. فَلَو ذكر أَبُو مُحَمَّد حَدِيث ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ويعزوه إِلَى علل الدَّارَقُطْنِيّ، أوقع قارئه فِي حيرة، إِن هُوَ أَرَادَ الْوُقُوف على إِسْنَاده فِي الْموضع الَّذِي نَقله مِنْهُ، وَعَزاهُ إِلَيْهِ، فَلذَلِك بَين أَنه ذكره فِي حَدِيث ابْن عمر - يَعْنِي أَنه عرض لَهُ - فِي خلال أَحَادِيث ابْن عمر ذكره. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 147 وَقد كتبنَا فِي بَاب [الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا مُتَّصِلَة، وَهِي مُنْقَطِعَة أَو مَشْكُوك فِي اتصالها جملَة] أَحَادِيث، سَاقهَا أَبُو مُحَمَّد من هَذَا الْكتاب: كتاب الْعِلَل للدارقطني، وَبينا هُنَاكَ أَن جَمِيعهَا مُنْقَطع، لِأَن الْكتاب الْمَذْكُور لَيست الْأَحَادِيث فِيهِ موصلة الْأَسَانِيد، فَخفت لِكَثْرَة مَا مر فِي ذَلِك الْبَاب من هَذَا النَّوْع أَن يظنّ قَارِئ هَذَا الْموضع أَن حَدِيث ابْن عَبَّاس هَذَا أَيْضا هُوَ من ذَلِك الْقَبِيل عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ، أَعنِي مِمَّا لم يُوصل بِهِ إِسْنَاده فِي الْكتاب الْمَذْكُور. وَلَيْسَ الْأَمر فِيهِ كَذَلِك، بل هُوَ عِنْده موصل الْإِسْنَاد. وإيراد الْموضع بنصه يبين هَذَا، وَيبين أَيْضا مَا قصدنا الْآن بَيَانه من أَنه لَيْسَ بِصَحِيح، وَمن أَن الدَّارَقُطْنِيّ لم يُصَحِّحهُ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي الْكتاب الْمَذْكُور: وَسُئِلَ عَن حَدِيث يرْوى عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " موت الْغَرِيب شَهَادَة " فَقَالَ: يرويهِ عبد الْعَزِيز ابْن أبي رواد، وَاخْتلف عَنهُ، فَرَوَاهُ هُذَيْل بن الحكم، وَاخْتلف عَنهُ، حدث بِهِ يُوسُف بن مُحَمَّد الْعَطَّار، عَن مَحْمُود بن عَليّ، عَن هُذَيْل بن الحكم عَن عبد الْعَزِيز بن أبي رواد، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، وَالصَّحِيح مَا حدّثنَاهُ إِسْمَاعِيل الْوراق، حَدثنَا حَفْص بن عمر، وَعمر بن شبة قَالَا: حَدثنَا الْهُذيْل بن الحكم، عَن عبد الْعَزِيز بن أبي رواد، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس الجزء: 5 ¦ الصفحة: 148 أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " موت الْغَرِيب شَهَادَة " انْتهى مَا ذكره الدَّارَقُطْنِيّ بنصه. والآن انْتَهَيْت إِلَى بَيَان مَا قصدت بَيَانه، فَأَقُول - وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق -. إِن هَذَا الحَدِيث لَا يَصح، وَلم يُصَحِّحهُ الدَّارَقُطْنِيّ كَمَا زعم أَبُو مُحَمَّد، وَإِنَّمَا ذكر الِاخْتِلَاف الَّذِي اخْتلفُوا فِيهِ على الْهُذيْل بن الحكم، فصحح عَنهُ قَول من قَالَ فِيهِ: عَن عبد الْعَزِيز بن أبي رواد، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، وَحكم لَهُ على من قَالَ فِيهِ: عَنهُ، عَن عبد الْعَزِيز بن أبي رواد، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر. وَبَقِي هَل هُوَ صَحِيح من الْهُذيْل بن الحكم إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يعرض لذَلِك الدَّارَقُطْنِيّ، [لِأَن الْهُذيْل بن الحكم الْمَذْكُور ضَعِيف، وَلَا يُمكن أَن يُصَحِّحهُ الدَّارَقُطْنِيّ] أَو غَيره. [وَأَبُو الْمُنْذر الْمَذْكُور، ضَعِيف قَالَ فِيهِ البُخَارِيّ: مُنكر الحَدِيث، وَهُوَ الْقَائِل عَن نَفسه فِي كِتَابه الْأَوْسَط: كل] من قلت فِيهِ: مُنكر الحَدِيث فَلَا تحل الرِّوَايَة عَنهُ. وَقد ذكره فِي جملَة الضُّعَفَاء أَبُو جَعْفَر الْعقيلِيّ، وَحكى قَول البُخَارِيّ فِيهِ، وَزَاد أَنه لَا يُقيم الحَدِيث. وَقَالَ أَبُو حَاتِم البستي: إِنَّه مُنكر الحَدِيث جدا وَلَا يعرف هَذَا الحَدِيث إِلَّا بِهِ، وَمن طَرِيقه. وَأَبُو مُحَمَّد - رَحمَه الله - اعتراه فِيهِ أحد أَمريْن: إِمَّا أَن يكون لم يتثبت الجزء: 5 ¦ الصفحة: 149 فِي كَلَام الدَّارَقُطْنِيّ: " وَالصَّحِيح مَا حَدثنَا فلَان " فاعتقده تَصْحِيحا للْحَدِيث، وَلم يبْحَث عَنهُ. وَإِمَّا أَن يكون علم من أَمر هُذَيْل بن الحكم الْمَذْكُور، أَن أَبَا مُحَمَّد بن حَاتِم - وَهُوَ ملجؤه فِي التَّعْدِيل وَالتَّجْرِيح - قد ذكره برواته من فَوق وَمن أَسْفَل، وَأَهْمَلَهُ من التَّعْدِيل وَالتَّجْرِيح، فَحمل الْأَمر على مَا عهد مِنْهُ فِي أَمْثَاله من قبُول رِوَايَات من روى عَن أحدهم أَكثر من وَاحِد، فصحح الحَدِيث لأجل ذَلِك، فَلم يذكر لَهُ عِلّة، وَحمل كَلَام الدَّارَقُطْنِيّ على مَا ذهب إِلَيْهِ، فأساء النَّقْل عَنهُ. وَقد بَينا قبل ونبين الْآن أَن أَبَا مُحَمَّد بن أبي حَاتِم إِنَّمَا أهمل هَؤُلَاءِ من الْجرْح وَالتَّعْدِيل، لِأَنَّهُ لم يعرفهُ فيهم، فهم عِنْده مجهولو الْأَحْوَال، بَين ذَلِك عَن نَفسه فِي أول كِتَابه. وهم على قسمَيْنِ: قسم لم يرو عَن أحدهم إِلَّا وَاحِد، فَهَذَا لَا تقبل رواياته، وَقسم روى عَن أحدهم أَكثر من وَاحِد، فَهَؤُلَاءِ هم المساتير الَّذين اخْتلف فِي قبُول رواياتهم. فطائفة من الْمُحدثين تقبل رِوَايَة أحدهم، اعْتِمَادًا على مَا يثبت من إِسْلَامه بِرِوَايَة عَدْلَيْنِ عَنهُ شَرِيعَة من الشَّرَائِع، وَمَا عهدناهم يروون الدَّين وَالشَّرْع إِلَّا عَن مُسلم، وهم لَا يَبْتَغُونَ فِي الشَّاهِد والراوي مزيداً على إِسْلَامه، بل يقبلُونَ مِنْهُ مَا لم تتبين جرحة، فَيعْمل بحسبها. وَطَائِفَة ردَّتْ رِوَايَات هَذَا النَّوْع، وهم الَّذين يَلْتَمِسُونَ فِي الشَّاهِد والراوي مزيداً على إِسْلَامه، وَهُوَ الْعَدَالَة، فَمَا [أرى أَبَا مُحَمَّد: عبد الْحق إِلَّا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 150 أَنه ذهب مَذْهَب] الطَّائِفَة [الَّتِي لَا تبغي على الْإِسْلَام مزيداً فِي حق الشَّاهِد والراوي، واعتقد فِي الْهُذيْل] بن الحكم أَنه مِنْهُم، وَلم يختبر حَاله، وَلَا سمع قَول البُخَارِيّ الَّذِي اختبرها، وَقَول غَيره: إِنَّه مُنكر الحَدِيث. وَلَزِمَه سوء النَّقْل، فِيمَا عزا إِلَى الدَّارَقُطْنِيّ من تَصْحِيحه الْخَبَر الْمَذْكُور وَهُوَ لم يفعل، وَإِنَّمَا صحّح عَن الْهُذيْل أحد الْقَوْلَيْنِ عَنهُ، هَذَا هُوَ الَّذِي تشاغل بِهِ الدَّارَقُطْنِيّ من هَذَا الحَدِيث فَقَط، وَهُوَ الَّذِي تشاغل بِهِ غَيره من أمره، نذْكر بعض ذَلِك تأنيساً بِهَذَا الْمِقْدَار. قَالَ أَبُو أَحْمد بن عدي - بعد أَن ذكر حَدِيث ابْن عَبَّاس وَحَدِيث ابْن عمر بأسانيدهما، وَذكر من رَوَاهُ عَن الْهُذيْل بن الحكم، عَن عبد الْعَزِيز بن أبي رواد، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، وهم جمَاعَة، وَمن رَوَاهُ عَن الْهُذيْل بن الحكم، عَن عبد الْعَزِيز بن أبي رواد، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، وَهُوَ مُحَمَّد بن صدران: لَا أَدْرِي من أَخطَأ فِيهِ، يَعْنِي فِي رِوَايَة من قَالَ: نَافِع، عَن ابْن عمر، والذيل بن الحكم يعرف بِهَذَا الحَدِيث. انْتهى كَلَامه. وَفِيه مَا قُلْنَاهُ: من تَشَاغُله من أمره بتخطئة من جعله عَن نَافِع، عَن ابْن عمر. وَإِذ قد انتهينا إِلَى هُنَا، فلننبه على مَوضِع للْحَدِيث الْمَذْكُور، تكون نسبته إِلَيْهِ أشرف، إِذْ كتاب علل الدَّارَقُطْنِيّ غير موصل الْأَحَادِيث كَمَا قُلْنَاهُ. قَالَ عَليّ بن عبد الْعَزِيز فِي منتخبه: حَدثنَا مُحَمَّد بن كثير الْعَبْدي، قَالَ: أخبرنَا الْهُذيْل بن الحكم أَبُو الْمُنْذر، قَالَ: حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن أبي رواد، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " موت الْغَرِيب شَهَادَة ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 151 وَقد رُوِيَ من طَرِيق أبي هُرَيْرَة، وَلَا يَصح أَيْضا. قَالَ الْعقيلِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر بن برين، قَالَ: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن ابْن نَافِع، قَالَ: حَدثنَا أَبُو رَجَاء الخرساني: عبد الله بن الْفضل، عَن هِشَام ابْن حسان، عَن مُحَمَّد بن سِيرِين، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " موت الْغَرِيب شَهَادَة ". قَالَ الْعقيلِيّ: أَبُو رَجَاء مُنكر الحَدِيث، وَفِي هَذَا رِوَايَة [من غير وَجه، شَبيه بِهَذَا فِي الضعْف. انتهي كَلَام الْعقيلِيّ] ، وَالله الْمُوفق. (2390) وَذكر [من طَرِيق مُسلم حَدِيث حَمْزَة بن عَمْرو الْأَسْلَمِيّ فِي الصَّوْم فِي السّفر. وَأتبعهُ] من عِنْد أبي دَاوُد حَدِيثه الَّذِي فِيهِ: " يَا رَسُول الله إِنِّي صَاحب ظهر، أعَالجهُ، أسافر عَلَيْهِ، وأكريه ". ثمَّ قَالَ بإثره: إِسْنَاد مُسلم أصح وَأجل. انْتهى مَا ذكر. فلاحتمال قَوْله الْمَذْكُور أَن يكون تعليلاً، ذَكرْنَاهُ فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أجمل تعليلها، وباحتمال أَن يكون تَصْحِيحا وَجب أَن ننبه عَلَيْهِ هَاهُنَا، وَيرجع من أَرَادَ الْوَقْف على علته إِلَى الْبَاب الْمَذْكُور، فقد فَرغْنَا مِنْهَا هُنَالك، وَالْحَمْد لله. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 152 (2391) وَمِمَّا هُوَ أَيْضا من هَذَا الْبَاب، حَدِيث أبي سعيد فِي الصَّوْم فِي السّفر: " إِنِّي رَاكب وَأَنْتُم مشَاة " من عِنْد الْبَزَّار. فَإِنَّهُ لما ذكره وَفرغ، أورد إِسْنَاد الْبَزَّار فِيهِ وَهُوَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، حَدثنَا عبد الْأَعْلَى، حَدثنَا سعيد الْجريرِي، عَن أبي نَضرة عَنهُ. وَلم تجرعادته فِيمَا هُوَ صَحِيح أَن يذكر أسانيده، فَكَانَ هَذَا تبرؤاً من عهدته. وَمن حَدِيث عهدناه يقبل الْجريرِي على كل أَحْوَاله، وَلَا يُمَيّز بَين حَدِيث حَدِيثه وقديمة، يتَوَهَّم أَنه صَححهُ. فَإِن كَانَ كَذَلِك، فَاعْلَم أَنه لَا يَنْبَغِي أَن يُقَال فِيهِ: صَحِيح حَتَّى يعلم مَتى كَانَ سَماع عبد الْأَعْلَى من الْجريرِي، وَالله أعلم. (2392) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ عَن ابْن عمر، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَيْسَ على الْمَرْأَة حرم إِلَّا فِي وَجههَا ". ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: فِي إِسْنَاده ايوب بن مُحَمَّد، وَأحسن مَا سَمِعت فِيهِ: لَا بَأْس بِهِ، انْتهى كَلَامه. وَظَاهره أَنه صَححهُ أَو حسنه، فَإِنَّهُ لم ينْقل فِيهِ تضعيفاً، وَلَا أَدْرِي لم اقْتصر مِمَّا سمع فِي أبي الْجمل على أحسن مَا سمع، وَلَيْسَ هُوَ من رغائب الجزء: 5 ¦ الصفحة: 153 الْأَعْمَال فيتسامح فِيهِ، وَقد سمع فِي هَذَا الرجل مَا هُوَ أحسن مِمَّا سمع أَبُو مُحَمَّد. قَالَ أَبُو أَحْمد بن عدي: حَدثنَا الْحُسَيْن بن سُفْيَان، قَالَ: حَدثنَا يَعْقُوب ابْن سُفْيَان، قَالَ: [حَدثنَا عبد الله بن رَجَاء، حَدثنَا أَيُّوب بن مُحَمَّد، أَبُو الْجمل، ثِقَة، عَن] عبيد الله بن [عمر، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَيْسَ] على الْمَرْأَة حرم إِلَّا فِي وَجههَا ". كَذَا أوردهُ من رِوَايَة كَمَا هُوَ عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ، إِلَّا أَنه زَاد تَوْثِيق أَيُّوب بن مُحَمَّد أبي الْجمل فِي نفس الْإِسْنَاد. قَالَ: أَبُو أَحْمد: وهما حديثان يعرف بهما، هَذَا أَحدهمَا. وَالْآخر حَدِيثه عَن عَطاء بن السَّائِب، عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ، عَن ابْن مَسْعُود. (2393) قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْجَزُور فِي الْأَضْحَى عَن عشرَة ". وَالْقَائِل لما ذكر أَبُو مُحَمَّد من أَنه لَا بَأْس بِهِ، هُوَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ، فَأَما أَبُو زرْعَة فَإِنَّهُ قَالَ: إِنَّه مُنكر الحَدِيث. وَقَالَ عُثْمَان الرَّازِيّ: قلت ليحيى بن معِين: عبيد الله الْحَنَفِيّ يَقُول: حَدثنَا أَبُو الْجمل، من هُوَ؟ قَالَ: شيخ، ضَعِيف يمامي. فَخرج من هَذَا أَن الحَدِيث الْمَذْكُور لَا يَنْبَغِي أَن يُقَال فِيهِ: صَحِيح، فَإِن أَبَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 154 الْجمل مُخْتَلف فِيهِ، وَقد فسر تَضْعِيفه بنكارة مَا يرويهِ، وَهُوَ مسْقط للثقة بروايته. وَهُنَاكَ رجل آخر يمامي أَيْضا، يكنى أَبَا الْجمل، كَذَا قَالَ ابْن عدي وَقَالَ ابْن معِين: يُقَال: لَهُ أَبُو الْجمل، هُوَ سُلَيْمَان بن دَاوُد، روى عَن يحيى بن أبي كثير، وَهُوَ أَيْضا مُنكر الحَدِيث كَذَلِك. وَبعد هَذَا ذكر فِي كتاب الْحَج نَفسه حَدِيث أبي الْجمل الْمشَار إِلَيْهِ، الثَّانِي من حَدِيثه فِي الْجَزُور عَن عشرَة. وَأتبعهُ أَن قَالَ: أَيُّوب هَذَا يكنى أَبَا الْجمل، وَهُوَ ضَعِيف، وَلم يروه عَن عَطاء بن السَّائِب غَيره، وَالصَّحِيح مَا تقدم من فعل الصَّحَابَة. فَهَذَا مِنْهُ تَضْعِيف للْحَدِيث، من أجل ضعف أبي الْجمل الْمَذْكُور، وَهَذَا من فعله أصوب من الأول، فاعلمه. (2394) وَذكر من طَرِيق أبي عمر من التَّمْهِيد، من بَاب جَعْفَر، عَن حَبِيبَة بنت أبي تجراة الشيبية قَالَت: " رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يطوف بَين الصَّفَا والمروة، وَالنَّاس بَين يَدَيْهِ، وَهُوَ وَرَاءَهُمْ، وَهُوَ يسْعَى، حَتَّى أرى رُكْبَتَيْهِ من شدَّة السَّعْي، وَهُوَ يَقُول: سعوا فَإِن الله كتب عَلَيْكُم السَّعْي ". رَوَاهُ عبد الله بن المؤمل، وَتفرد بِهِ، وَقَالَ أَبُو عمر فِيهِ] : كَانَ سيئ الْحِفْظ [، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 155 وَلَا تعلم لَهُ خربة تسْقط عَدَالَته. انْتهى كَلَامه. وَهُوَ مِنْهُ] تَصْحِيح للْحَدِيث الْمَذْكُور بتصحيح أبي عمر لَهُ. وَهُوَ لَا يَصح، وَأول مَا نبدأ بِهِ من بَيَان أمره أَن هَذَا اللَّفْظ الَّذِي أورد من التَّمْهِيد، هُوَ فِي التَّمْهِيد مُنْقَطع الْإِسْنَاد بِسُقُوط وَاحِد، ويتصل بِثُبُوتِهِ من جِهَة أُخْرَى، وَلَكِن بِلَفْظ خلاف هَذَا اللَّفْظ الَّذِي أورد، وَهُوَ مَعَ ذَلِك من كل طرقه لَا يَصح، لِأَنَّهُ دائر على عبد الله بن المؤمل المَخْزُومِي، قَاضِي مَكَّة، وَهُوَ - وَإِن كَانَ قد وَثَّقَهُ ابْن معِين فِي بعض الرِّوَايَات عَنهُ - ضَعِيف. وعلته شَيْئَانِ: أَحدهمَا: سوء الْحِفْظ، وَالْآخر: نَكَارَة الحَدِيث، ونكارة الحَدِيث كَافِيَة فِي إِسْقَاط الثِّقَة بِمن جربت عَلَيْهِ. حكى الْعقيلِيّ عَن أَحْمد أَنه قَالَ: أَحَادِيثه مَنَاكِير. وَقَالَ أَبُو حَاتِم البستي: كَانَ قَلِيل الحَدِيث، مُنكر الرِّوَايَة، ثمَّ ذكر مِمَّا يُنكر عَلَيْهِ أَحَادِيث. وَكَذَلِكَ فعل أَبُو أَحْمد بن عدي، وَذكر من جملَة مَا يُنكر عَلَيْهِ هَذَا الحَدِيث، قَالَ: وَبِه يعرف، قَالَ: وَعَامة حَدِيثه الضعْف عَلَيْهِ بَين. وكل مَا ذكر لَهُ من الحَدِيث قَالَ فِيهِ: غير مَحْفُوظ - يَعْنِي لغيره -. وَأما كَلَام أبي عمر بن عبد الْبر الَّذِي اخْتَصَرَهُ أَبُو مُحَمَّد، وَاعْتَمدهُ فَإِن نَصه فِي مَوْضِعه هُوَ هَذَا: فَإِن قَالَ قَائِل: إِن عبد الله بن المؤمل لَيْسَ مِمَّن يحْتَج الجزء: 5 ¦ الصفحة: 156 بحَديثه لضَعْفه، وَقد انْفَرد بِهَذَا الحَدِيث، قيل لَهُ: هُوَ سيئ الْحِفْظ، فَلذَلِك اضْطَرَبَتْ الرِّوَايَة عَنهُ، وَمَا علمنَا لَهُ جرحة تسْقط عَدَالَته وَقد روى عَنهُ جمَاعَة من جلة الْعلمَاء، وَفِي ذَلِك مَا يرفع من حَاله، وَالِاضْطِرَاب عَنهُ لَا يسْقط حَدِيثه، لِأَن الِاخْتِلَاف على ألأئمة كثير، وَلم يقْدَح ذَلِك فِي روايتهم، وَقد اتّفق شَاهِدَانِ عَدْلَانِ عَلَيْهِ، وهما: الشَّافِعِي، وَأَبُو نعيم، وَلَيْسَ من لم يحفظ وَلم يقم، حجَّة على من أَقَامَ وَحفظ. انْتهى كَلَام ابْن عبد الْبر. [ ..... ] فَلذَلِك [ ... .] وَحين قَالَ: وَالِاضْطِرَاب عَنهُ لَا يسْقط حَدِيثه، لِأَن الِاخْتِلَاف على الْأَئِمَّة كثير إِلَى آخِره أعطي نقيض ذَلِك، وَجعل الِاضْطِرَاب فِيمَا روى عَنهُ من رُوَاته لَا مِنْهُ، وَالْحق فِي أمره أَنه - لسوء حفظه - اضْطِرَاب مَا رُوِيَ عَنهُ، فلنبين مَا عَنهُ فِي هَذَا الحَدِيث. رَوَاهُ عَنهُ سُرَيج بن النُّعْمَان - وَهُوَ ثِقَة - فَقَالَ عَنهُ: عَن عَطاء، عَن صَفِيَّة بنت شيبَة، عَن حَبِيبَة بنت أبي تجراة، قَالَت: رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكرت اللَّفْظ الْمَذْكُور، وَهَذَا هُوَ إِسْنَاده، رَوَاهُ عَن سُرَيج بن النُّعْمَان أَبُو بكر ابْن أبي خَيْثَمَة، وَعَن ابْن أبي خَيْثَمَة قَاسم بن أصبغ، وَفِيه انْقِطَاع كَمَا قُلْنَاهُ، وَذَلِكَ مُبين فِي كتاب التَّمْهِيد بتبيين أبي عمر نَفسه، وَأعْرض عَنهُ أَبُو مُحَمَّد، وَذَلِكَ أَنه قَالَ: هَكَذَا قَالَ: " عَن عبد الله بن المؤمل "، عَن عَطاء وَبَينهمَا فِي هَذَا الحَدِيث عمر بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَيْصِن السَّهْمِي. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 157 ثمَّ أورد كَذَلِك رِوَايَة أبي نعيم، عَن عبد الله بن المؤمل، عَن عمر بن عبد الرَّحْمَن السَّهْمِي، عَن عَطاء، عَن صَفِيَّة بنت شيبَة، عَن حَبِيبَة بنت أبي تجرأة - امْرَأَة من أهل الْيمن - قَالَت: " لما سعى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَين الصَّفَا والمروة، دَخَلنَا فِي دَار آل أبي حُسَيْن فِي نسْوَة من قُرَيْش، فَرَأَيْت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يسْعَى فِي بطن الْوَادي، وَهُوَ يَقُول: اسْعوا فَإِن الله كتب عَلَيْكُم السَّعْي ". هَذَا هُوَ اللَّفْظ الَّذِي اتَّصل عِنْده سَنَده، وَأَبُو مُحَمَّد إِنَّمَا سَاق اللَّفْظ الَّذِي إِسْنَاده مُنْقَطع بِسُقُوط ابْن مُحَيْصِن مِنْهُ بَين ابْن مُؤَمل وَعَطَاء. وَفِي هَذَا الْمُتَّصِل وهم نبه عَلَيْهِ أَيْضا أَبُو عمر نَفسه، وَهُوَ قَوْله: " امْرَأَة من أهل الْيمن ". قَالَ أَبُو عمر: قَول أبي نعيم: امْرَأَة من أهل الْيمن لَيْسَ بِشَيْء، قَالَ: وَالصَّوَاب مَا قَالَ الشَّافِعِي. ثمَّ أورد رِوَايَة الشَّافِعِي من طَرِيق الطَّحَاوِيّ، قَالَ: حَدثنَا الْمُزنِيّ، حَدثنَا الشَّافِعِي، أخبرنَا عبد الله بن المؤمل العائدي، عَن عمر بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَيْصِن، [عَن عَطاء بن أبي رَبَاح، عَن صَفِيَّة بنت شيبَة، قَالَت: أَخْبَرتنِي ابْنة أبي تجراة، إِحْدَى نسَاء بني عبد الدَّار، قَالَت: " دخلت مَعَ نسْوَة من قُرَيْش دَار أبي حُسَيْن] نَنْظُر إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يسْعَى " الحَدِيث. قَالَ أَبُو عمر: وَذكره أَبُو بكر بن أبي شيبَة فَأَخْطَأَ فِي إِسْنَاده، وَهُوَ، أَو مُحَمَّد بن بشر فِي موضِعين: أَحدهمَا أَنه جعل بدل ابْن مُحَيْصِن عبد الله بن أبي حُسَيْن، وَالْآخر أَنه أسقط صَفِيَّة بنت شيبَة. كَذَا قَالَ أَبُو عمر، وَعِنْدِي أَن الْخَطَأ فِيهِ إِنَّمَا هُوَ من عبد الله بن المؤمل، فَإِن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 158 مُحَمَّد بن بشر رِوَايَة عَنهُ ثِقَة، وَابْن أبي شيبَة إِمَام، وَعبد الله بن المؤمل، يحْتَمل - بِسوء حفظه - أَن يحمل عَلَيْهِ، وَقد ظهر اضطرابه فِي هَذَا الحَدِيث. وَعنهُ أَيْضا فِيهِ خطأ آخر، رَوَاهُ عَنهُ مُحَمَّد بن سِنَان العوقي، وَذَلِكَ أَنه قَالَ فِيهِ، عَن عبد الله بن المؤمل أَن الطّواف الْمَذْكُور كَانَ حول الْبَيْت، وَأسْقط من الْإِسْنَاد عَطاء. ذكره أَبُو جَعْفَر الْعقيلِيّ، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن أَيُّوب، قَالَ: أخبرنَا مُحَمَّد بن سِنَان العوقي، أخبرنَا عبد الله بن المؤمل، قَالَ: أخبرنَا عمر بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَيْصِن السَّهْمِي، عَن صَفِيَّة بنت شيبَة، عَن امْرَأَة يُقَال لَهَا: حَبِيبَة بنت أبي تجراة، قَالَت: " دخلت الْمَسْجِد أَنا ونسوة معي من قُرَيْش، قَالَت: وَالنَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يطوف بِالْبَيْتِ، قَالَت: إِنَّه ليسعى حَتَّى إِنِّي لأرثي لَهُ وَهُوَ يَقُول لأَصْحَابه: اسْعوا فَإِن الله كتب عَلَيْكُم السَّعْي ". كل هَذَا الَّذِي ذَكرْنَاهُ ذكره أَبُو عمر، قَالَ: وَالصَّحِيح فِي إِسْنَاده وَمَتنه مَا ذكر الشَّافِعِي، وَأَبُو نعيم، إِلَّا قَول أبي نعيم: " من أهل الْيمن "، فَلَيْسَ بِشَيْء. قلت: وَقد روى يُوسُف بن مُحَمَّد، ومعاذ بن هَانِئ، عَن عبد الله بن المؤمل مثل رِوَايَة الشَّافِعِي، وَذكر ذَلِك الدَّارَقُطْنِيّ. فَهَذَا الِاضْطِرَاب بِإِسْقَاط عَطاء تَارَة، وَابْن مُحَيْصِن أُخْرَى، وَصفِيَّة بنت شيبَة أُخْرَى، وإبدال ابْن مُحَيْصِن بِابْن أبي حُسَيْن أُخْرَى، وَجعل الْمَرْأَة عبدرية تَارَة، وَمن أهل الْيمن أُخْرَى، وَفِي الطّواف تَارَة وَفِي السَّعْي [بَين الصَّفَا والمروة أُخْرَى من عبد الله بن المؤمل هُوَ دَلِيل على سوء حفظه وَقلة ضَبطه. و] مَا عهد [من أبي مُحَمَّد، هُوَ رد رِوَايَات ابْن المؤمل. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 159 (2395) فقد ذكر حَدِيث] " مَاء زَمْزَم لما شرب لَهُ ". فأعله بِعَبْد الله ابْن المؤمل، فَإِنَّهُ تَبرأ من عهدته بإبرازه عَن أبي الزبير عَن جَابر. وَمَا أرَاهُ يعْتَقد فِي هَذَا الحَدِيث الصِّحَّة، وَلَكِن كَلَامه يوهمها، فقصدنا بَيَان الصَّوَاب فِيهِ، وَقد فعلنَا، وَالله الْمُوفق. (2396) وَذكر بعده من طَرِيق النَّسَائِيّ، عَن صَفِيَّة بنت شيبَة، عَن امْرَأَة قَالَت: رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يسْعَى فِي المسيل وَيَقُول: " لَا يقطع الْوَادي إِلَّا شدا " ثمَّ قَالَ: قَالَ أَبُو عمر وَذكر هَذَا الحَدِيث: هَذَا يبين صِحَة مَا قَالَه عبد الله ابْن المؤمل. انْتهى كَلَامه. فَأَقُول: هَذَا الحَدِيث صَحِيح إِلَى هَذِه الْمَرْأَة الَّتِي زعمت أَنَّهَا سَمِعت وَرَأَتْ، وَلَيْسَ فِيهِ معنى الأول، وَهُوَ قَوْله: " اسْعوا فَإِن الله كتب عَلَيْكُم السَّعْي ". قَالَ النَّسَائِيّ: أخبرنَا قُتَيْبَة بن سعيد، قَالَ: حَدثنَا حَمَّاد بن زيد، عَن بديل، عَن الْمُغيرَة بن حَكِيم، عَن صَفِيَّة، فَذكره. والمغيرة ثِقَة، وَبُدَيْل بن ميسرَة الْعقيلِيّ ثِقَة، وَقد روى هَذَا عَن الْمُغيرَة بن حَكِيم من لَا يحْتَج بِهِ، وَهُوَ الْمثنى بن صباح، فَجعله كَحَدِيث عبد الله بن المؤمل، إِلَّا أَنه سمى الْمَرْأَة، قَالَ فِيهِ: عَن الْمُغيرَة بن حَكِيم، عَن صَفِيَّة بنت شيبَة، عَن تملك الشيبية قَالَت: نظرت إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَنا فِي غرفَة لي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 160 بَين الصَّفَا والمروة وَهُوَ يَقُول: " يَا أَيهَا النَّاس، إِن الله كتب عَلَيْكُم السَّعْي فَاسْعَوْا ". روى ذَلِك الثَّوْريّ عَن الْمثنى، ذكره الْعقيلِيّ. (2397) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن الْمِقْدَام بن معد يكرب، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " للشهيد عِنْد الله سِتّ خِصَال ". ثمَّ أتبعه قَول التِّرْمِذِيّ فِيهِ: حسن صَحِيح غَرِيب. فَلَو سكت عَنهُ، قُلْنَا: تسَامح فِيهِ، لِأَنَّهُ من أَحَادِيث فَضَائِل الْأَعْمَال، فَأَما بِمَا أتبعه من هَذَا القَوْل فقد حكم عَلَيْهِ بِالصِّحَّةِ. وَإِسْنَاده عِنْد التِّرْمِذِيّ [هُوَ هَذَا، حَدثنَا عبد الله بن عبد الرَّحْمَن، حَدثنَا نعيم بن حَمَّاد] ، حَدثنَا بَقِيَّة بن [الْوَلِيد، عَن بحير بن سعد، عَن خَالِد بن معدان، عَن الْمِقْدَام بن معد يكرب، قَالَ] : قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَذكره. وَقد تقدم لَهُ فِي كتاب الْعلم ذكر مَا لَهُم فِي نعيم بن حَمَّاد: من أَنه اتهمَ بِوَضْع الحَدِيث فِي تَقْوِيَة السّنة، وتوثيق من وَثَّقَهُ. وَتقدم أَيْضا مَا اعتراه فِي بَقِيَّة من الِاضْطِرَاب إِلَّا أَنه فِي أَكثر أمره يَقُول: أحسن حَدِيثه مَا كَانَ عَن بحير بن سعد، فَالَّذِي يَنْبَغِي أَن يُقَال: إِن هَذَا الحَدِيث حسن. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 161 (2398) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أفضل الصَّدقَات ظلّ فسطاط فِي سَبِيل الله " الحَدِيث. ثمَّ أتبعه قَول التِّرْمِذِيّ فِيهِ: حسن صَحِيح. والْحَدِيث عِنْد التِّرْمِذِيّ فِيهِ هَكَذَا: حَدثنَا زِيَاد بن أَيُّوب، حَدثنَا يزِيد بن هَارُون، أخبرنَا الْوَلِيد بن جميل، عَن الْقَاسِم أبي عبد الرَّحْمَن، عَن أبي أُمَامَة. فَذكره. وَالقَاسِم مُخْتَلف فِيهِ، فَحق الحَدِيث أَن يُقَال فِيهِ: حسن. (2399) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، حَدِيث عبد الله بن عَمْرو ": أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أمره أَن يُجهز جَيْشًا، فنفدت الْإِبِل ". الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: يرويهِ مُحَمَّد بن إِسْحَاق، وَاخْتلف عَنهُ فِي إِسْنَاده، والْحَدِيث مَشْهُور. كَذَا قَالَ، وَهُوَ قَول تبع فِيهِ غَيره، والشهرة لَا تَنْفَعهُ، فَإِن الضَّعِيف قد يشْتَهر. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 162 وَهُوَ حَدِيث ضَعِيف يريوه حَمَّاد بن سَلمَة، عَن ابْن اسحاق عَن يزِيد بن أبي حبيب، عَن مُسلم بن جُبَير، عَن [أبي سُفْيَان، عَن عَمْرو بن حريش، عَن عبد الله بن عَمْرو، هَكَذَا ذكره [أَبُو دَاوُد الَّذِي أوردهُ هُوَ من عِنْده، وَرَوَاهُ جرير بن حَازِم، عَن ابْن إِسْحَاق، فأسقط يزِيد بن أبي حبيب، وَقدم أَبَا سُفْيَان [على مُسلم بن جُبَير، فَقَالَ فِيهِ: عَن ابْن إِسْحَاق، عَن أبي سُفْيَان، عَن مُسلم ابْن جُبَير، عَن عَمْرو بن حريش، وَذكر هَذِه الرِّوَايَة الدَّارَقُطْنِيّ. وَرَوَاهُ عَفَّان، عَن حَمَّاد بن سَلمَة، فَقَالَ فِيهِ: عَن ابْن إِسْحَاق، عَن يزِيد بن أبي حبيب، عَن مُسلم بن أبي سُفْيَان، عَن عَمْرو بن حريش. وروراه عَن عبد الْأَعْلَى، عَن ابْن إِسْحَاق، عَن أبي سُفْيَان، عَن مُسلم بن كثير، عَن عَمْرو بن حريش. فَذكره. وَرَوَاهُ عَن عبد الْأَعْلَى ابْن أبي شيبَة، فأسقط يزِيد بن أبي حبيب وَقدم أَبَا سُفْيَان] ، كَمَا فعل جرير بن حَازِم، إِلَّا أَنه قَالَ فِي مُسلم بن جُبَير: مُسلم بن كثير. فَاعْلَم بعد هَذَا الِاضْطِرَاب أَن عَمْرو بن حريش، أَبَا مُحَمَّد الزبيدِيّ، مَجْهُول الْحَال، وَمُسلم بن جُبَير لم أجد لَهُ ذكرا، وَلَا أعلمهُ فِي غير هَذَا الْإِسْنَاد، وَكَذَلِكَ مُسلم بن كثير مَجْهُول الْحَال أَيْضا [إِذا كَانَ عَن أبي سُفْيَان وَأَبُو سُفْيَان فِيهِ نظر. وَأما] ، الِاضْطِرَاب [الَّذِي فِيهِ فَإِنَّهُ تَارَة يَقُول: أَبُو سُفْيَان، عَن مُسلم بن جُبَير، وَتارَة] مُسلم بن جُبَير عَنهُ. وَتارَة: أَبُو سُفْيَان [عَن] مُسلم بن كثير. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 163 وَذكر أَبُو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم، فَقَالَ: أَبُو سُفْيَان: مُسلم بن كثير، عَن عَمْرو بن حريش، روى عَنهُ مُحَمَّد بن إِسْحَاق. فبحسب هَذَا الاظطراب فِيهِ، لم يتَحَصَّل من أمره شَيْء يجب أَن يعْتَمد عَلَيْهِ، وَلَكِن مَعَ هَذَا فَإِن عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ، قَالَ: قلت ليحيى بن معِين: مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن أبي سُفْيَان، مَا حَال أبي سُفْيَان هَذَا؟ فَقَالَ: ثِقَة مَشْهُور. وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم فِيهِ: عَن مُسلم بن كثير، عَن عَمْرو بن حريش: هَذَا حَدِيث مَشْهُور. فَالله أعلم أَن كَانَ الْأَمر هَكَذَا، وَقد اسْتَقل تَعْلِيل الحَدِيث بِغَيْرِهِ، فَهُوَ لَا يَصح، فَاعْلَم ذَلِك. (2400) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ حَدِيث عُرْوَة بن الْجَعْد فِي الدِّينَار الَّذِي دَفعه إِلَيْهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ليَشْتَرِي لَهُ شَاة، فَاشْترى لَهُ شَاتين. الحَدِيث. ثمَّ قَالَ بعد كَلَام: وَأخرجه البُخَارِيّ عَن شبيب بن غرقدة، قَالَ: سَمِعت الْحَيّ يتحدثون عَن عُرْوَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أعطَاهُ دِينَارا، فكذر الحَدِيث. انْتهى مَا ذكر. وَهُوَ كَمَا نقل، مَا أخل فِيهِ بِشَيْء، غير أَنه يجب أَن تعرف أَن نِسْبَة الْخَبَر الجزء: 5 ¦ الصفحة: 164 إِلَى البُخَارِيّ، كَمَا ينْسب إِلَيْهِ مَا يخرج من صَحِيح الحَدِيث، خطأ، فَإِنَّهُ رَحمَه الله قد يعلق مَا لَيْسَ من شَرطه إِثْر التراجم، وَقد يترجم بِأَلْفَاظ أَحَادِيث غير صَحِيحَة، ويورد الْأَحَادِيث مُرْسلَة، فَلَا يَنْبَغِي أَن يعْتَقد فِي هَذِه كلهَا أَن مذْهبه صِحَّتهَا، بل لَيْسَ ذَلِك بِمذهب، إِلَّا فِيمَا يُورِدهُ بِإِسْنَادِهِ موصلاً، على نَحْو مَا عرف من شَرطه. وَلم يعرف من مذْهبه تَصْحِيح حَدِيث فِي إِسْنَاده من لم يسم، كَهَذا الحَدِيث، بل يكون عِنْده بِحكم الْمُرْسل، فَإِن الْحَيّ الَّذِي حدث شبيباً لَا يعْرفُونَ، وَلَا بُد أَنهم محصورون فِي عدد، وتوهم أَن الْعدَد الَّذِي حَدثهُ عدد يحصل بخبرهم التَّوَاتُر بِحَيْثُ لَا يوضع فيهم النّظر بِالْجرْحِ وَالتَّعْدِيل يكون خطأ، فَإِذن فَالْحَدِيث هَكَذَا مُنْقَطع [لإبهام الْوَاسِطَة فِيهِ بَين شبيب وَعُرْوَة، والمتصل مِنْهُ هُوَ مَا] فِي آخِره من ذكر الْخَيل، وَأَنَّهَا مَعْقُود فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة. وَلذَلِك أتبعه الْأَحَادِيث بذلك من رِوَايَة ابْن عمر، وَأنس، وَأبي هُرَيْرَة، وَكلهَا فِي الْخَيل. ولنورد مَا أوردهُ بنصه ليَكُون تبين ذَلِك أمكن. ذكر فِي بَاب سُؤال الْمُشْركين النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يُرِيهم آيَة فَأَرَاهُم انْشِقَاق الْقَمَر أَحَادِيث، فِيهَا إخْبَاره عَمَّا يكون، فَكَانَ مِنْهَا: حَدثنَا عَليّ بن عبد الله، حَدثنَا سُفْيَان، حَدثنَا شبيب بن غرقدة، قَالَ: سَمِعت الْحَيّ يتحدثون عَن عُرْوَة " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أعطَاهُ دِينَارا يَشْتَرِي لَهُ بِهِ شَاة، فَاشْترى لَهُ شَاتين، فَبَاعَ إِحْدَاهمَا بِدِينَار، فَجَاءَهُ بِدِينَار وشَاة، فَدَعَا لَهُ بِالْبركَةِ فِي بَيْعه، وَكَانَ لَو الجزء: 5 ¦ الصفحة: 165 اشْترى التُّرَاب لربح فِيهِ ". قَالَ سُفْيَان: كَانَ الْحسن بن عمَارَة جَاءَنَا بِهَذَا الحَدِيث عَنهُ، قَالَ: سَمعه شبيب من عُرْوَة فَأَتَيْته، فَقَالَ: شبيب: إِنِّي لم أسمعهُ من عُرْوَة، قَالَ: سَمِعت الْحَيّ يخبرونه عَنهُ، وَلَكِن سمعته يَقُول: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " الْخَيْر مَعْقُود بنواصي الْخَيل إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ". قَالَ: وَقد رَأَيْت فِي دَاره سبعين فرسا. قَالَ سُفْيَان: يَشْتَرِي لَهُ شَاة كَأَنَّهَا أضْحِية. انْتهى مَا أورد البُخَارِيّ بنصه. (2401) وَبعده عِنْده عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْخَيل مَعْقُود فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ". (2402) وَبعده عَن أنس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْخَيل مَعْقُود فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ". (2403) وَبعده عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْخَيل ثَلَاثَة: لرجل أجر، ولرجل ستر، وعَلى رجل وزر ". وَقَبله: " وَلَا تزَال أمتِي قَائِمَة بِأَمْر الله لَا يضرهم من خالفهم ". (2404) وَقَبله حَدِيث آخر من نَحْو ذَلِك. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 166 فقد ترى من هَذَا أَن [ ... ] تَتَضَمَّن أَنه عَلَيْهِ [ ... .] " الْخَيل فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْر " فأورد بِهِ حَدِيث عُرْوَة وَمَا بعده وَاعْتمد فِيهِ إِسْنَاد سُفْيَان، عَن شبيب بن غرقدة، قَالَ: سَمِعت عُرْوَة، وَجرى فِي سِيَاق الْقِصَّة من قصَّة الدِّينَار مَا لَيْسَ من مَقْصُوده وَلَا على شَرطه مِمَّا حدث بِهِ شبيب عَن الْحَيّ، عَن عُرْوَة، فَاعْلَم ذَلِك. (2405) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد، من حَدِيث أبي عَامر الخزاز: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 167 صَالح بن رستم قَالَ: وَلَا بَأْس بِهِ عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: " قَالَ رجل: يَا رَسُول الله، مِم أضْرب يَتِيمِي " الحَدِيث. وَسكت عَنهُ إِلَّا مَا أبرز من إِسْنَاده، كَأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ نظر فِي غَيره. وَهُوَ عِنْد أبي أَحْمد هَكَذَا: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن عَليّ الْعمريّ، قَالَ: حَدثنَا مُعلى بن مهْدي، قَالَ: أخبرنَا جَعْفَر بن سُلَيْمَان الضبعِي، عَن أبي عَامر الخزاز، فَذكره. وجعفر بن سُلَيْمَان يضعف، وَهُوَ رَافِضِي، وَإِن كَانَ قد أخرج لَهُ مُسلم، وَأرى أَن أَبَا مُحَمَّد يقبل أَحَادِيثه، وَقد نبهنا على جملَة من ذَلِك. وَمعلى بن مهْدي رُبمَا حدث بالمنكر، وَإِنَّمَا كتبناه فِي هَذَا الْبَاب لِأَنَّهُ يَقُول فِي أبي عَامر: لَا بَأْس بِهِ، كالمصحح لَهُ. (2406) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: قَالَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 169 رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الله ليغار لعَبْدِهِ الْمُسلم، فليغر لنَفسِهِ ". ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح، خرجه فِي كتاب الْعِلَل. كَذَا قَالَ: إِن الدَّارَقُطْنِيّ قَالَ فِيهِ: صَحِيح، وَالدَّارَقُطْنِيّ لم يقل شَيْئا من الجزء: 5 ¦ الصفحة: 170 ذَلِك، وَإِنَّمَا أورد الحَدِيث، وَذكر الْخلاف فِي وَقفه وَرَفعه، ثمَّ قَالَ: وَالصَّحِيح مَرْفُوع، وَهَذَا اللَّفْظ قد يَقُوله فِي حديثين ضعيفين: أَحدهمَا مَوْقُوف، وَالْآخر مَرْفُوع، من رِوَايَة رجل وَاحِد اخْتلف عَلَيْهِ فِيهِ، فَلَا يخرج من ذَلِك تَصْحِيح أَحدهمَا. والْحَدِيث الْمَذْكُور لَا يَصح، فَإِنَّهُ عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ هَكَذَا: أخبرنَا [أَبُو مُحَمَّد بن صاعد، والمحاملي، القَاضِي، حَدثنَا أَبُو هِشَام] الرِّفَاعِي، [حَدثنَا وَكِيع، حَدثنَا سُفْيَان، عَن عبد الْأَعْلَى، عَن أبي عُبَيْدَة] ، عَن أمه، عَن عبد الله، قَالَ رَسُول الله: " إِن الله ليغار لعَبْدِهِ الْمُسلم فليغر لنَفسِهِ ". وَأم أبي عُبَيْدَة، زوج ابْن مَسْعُود لَا يعرف لَهَا حَال، وَلَيْسَت زَيْنَب امْرَأَة عبد الله الثقفية، تِلْكَ صحابية، رويت عَنْهَا أَحَادِيث، وعاش ابْن مَسْعُود بعد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى سنة ثِنْتَيْنِ وَثَلَاثِينَ، فَلَا أبعد أَن يتَزَوَّج من لَا صُحْبَة لَهَا. وَأَبُو عُبَيْدَة لَا يذكر من أَبِيه شَيْئا. (2407) وَذكر فِي طَرِيق أبي أَحْمد، من حَدِيث عبد الله بن يحيى بن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 171 أبي كثير وَكَانَ من خِيَار النَّاس وَأهل الدَّين والورع، عَن أَبِيه، عَن رجل من الْأَنْصَار: أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نهى عَن أكل أُذُنِي الْقلب ". ثمَّ قَالَ: رَوَاهُ إِسْرَائِيل بن أبي إِسْحَاق، عَن عبد الله بن يحيى بن أبي كثير. وَرَوَاهُ أَيْضا يحيى بن إِسْحَاق البَجلِيّ، فَقَالَ: عَن عبد الله بن يحيى بن أبي كثير، عَن أَبِيه، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن أكل أُذُنِي الْقلب ". قَالَ: وَلم أجد فِيهِ يَعْنِي فِي عبد الله هَذَا للْمُتَقَدِّمين كلَاما، وَقد أثنى عَلَيْهِ إِسْحَاق بن أبي إِسْرَائِيل، وأرجوا أَنه لَا بَأْس بِهِ، وَلَا أعرف لَهُ شَيْئا أنكرهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 172 إِلَّا: " نهى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن أكل أُذُنِي الْقلب ". ثمَّ قَالَ أَبُو مُحَمَّد: كَذَا قَالَ: " لم أجد فِيهِ للْمُتَقَدِّمين كلَاما "، وَقد قَالَ فِيهِ أَحْمد بن حَنْبَل: ثِقَة لَا بَأْس بِهِ. وَقَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِم: صَدُوق. انْتهى مَا ذكر بنصه. وَيظْهر مِنْهُ أَن الحَدِيث عِنْده لَا عيب فِيهِ، وَذَلِكَ من حَيْثُ اعْتمد تَوْثِيق عبد الله بن يحيى، وَأعْرض عَمَّا سواهُ. وَإِن أول مَا نبين من أمره، الْخَطَأ فِي قَوْله: رَوَاهُ إِسْرَائِيل بن أبي إِسْحَاق، وَإِنَّمَا صَوَابه: إِسْحَاق بن أبي إِسْرَائِيل. وَقد بَينا ذَلِك فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي نسبت إِلَى غير رواتها وَقد عَاد هُوَ إِلَى النُّطْق بِهِ صَوَابا فِي قَوْله: وَقد أثنى عَلَيْهِ إِسْحَاق بن أبي إِسْرَائِيل. ونبين [الْآن نه لَا يُمكن اعْتِبَار مَا ذكر ابْن عدي فِي عبد الله بن يحيى من قَوْله:] وَكَانَ من خِيَار [النَّاس وَأهل الدَّين والورع توثيقاً إِذْ الثَّنَاء عَلَيْهِ بالخيرية وَالدّين لَا يقتضى ذَلِك. وَأَبُو] مُحَمَّد قد اضْطربَ فِيمَا يكون هَكَذَا، عَن رجل لَا يعرف أَنه من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا من قَوْله، وَلم يقل ذَلِك عَنهُ التَّابِعِيّ. وَقد مر ذكر عمله فِي ذَلِك مستوعباً. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 173 وَهَذَا مِمَّا يُنبئ عَن ضعف ذَلِك، فَإِن هَذَا الْأنْصَارِيّ لم يقل: إِنَّه رأى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَلَا أَنه سمع مِنْهُ، وَلَعَلَّه تَابِعِيّ، وحاله مَجْهُولَة. وَهَذَا هُوَ الَّذِي يغلب على الظَّن فِيهِ، فَإِن يحيى بن أبي كثير لم يرو عَن صَاحب، إِلَّا أَنه رأى أنس بن مَالك، وَلم يسمع مِنْهُ، وَإِنَّمَا يُرْسل عَنهُ. وَأَبُو دَاوُد رَحمَه الله قد أورد هَذَا الحَدِيث فِي الْمَرَاسِيل من أجل هَذَا الَّذِي قُلْنَاهُ، فَإِن الْإِسْنَاد الَّذِي سَاقه بِهِ مُتَّصِل إِلَى هَذَا الرجل. قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد، قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن يحيى بن أبي كثير، عَن أَبِيه، قَالَ: حَدثنِي رجل من الْأَنْصَار " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نهى عَن أكل أُذُنِي الْقلب ". فَهَذَا بَيَان إرْسَاله عِنْده، وَأَبُو مُحَمَّد لم يعرض للْحَدِيث من هَذِه الْجِهَة. وَإِلَى ذَلِك، فَإِن إِسْحَاق بن أبي إِسْرَائِيل وَإِن كَانَ من أهل الصدْق، وَمِمَّنْ كَانَ النَّاس إِلَيْهِ عنقًا وَاحِدَة للأخذ عَنهُ، وَالرِّضَا بِهِ، فَإِنَّهُ بعد أَن أظهر الْوَقْف فِي الْقُرْآن تَرَكُوهُ، وهجروه، وفسدت عِنْدهم رِوَايَته، لما ظهر من فَسَاد رَأْيه، وأحر بِهِ أَن لَا يقبل مِنْهُ حرف مَعَ ذَلِك من حَاله. وَأما عبد الله بن يحيى فَثِقَة. (2408) وَقد سَاق عَنهُ مُسلم فِي كِتَابه، عَن أَبِيه يحيى بن أبي كثير: " لَا يُسْتَطَاع الْعلم براحة الْجِسْم ". فَاعْلَم ذَلِك. (2409) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ، عَن أبي أَفْلح الْهَمدَانِي، عَن عبد الله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 174 ابْن زرير أَنه سمع عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: " إِن نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَخذ حَرِيرًا فِي يَمِينه، وَأخذ ذَهَبا فَجعله فِي شِمَاله، ثمَّ قَالَ: إِن هذَيْن حرَام على ذُكُور أمتِي " ثمَّ أتبعه أَن قَالَ عَن ابْن الْمَدِينِيّ: إِنَّه حَدِيث حسن، [رِجَاله معروفون. هَكَذَا قَالَ، وَأَبُو أَفْلح مَجْهُول، وَعبد الله بن زرير] مَجْهُول الْحَال. (2410) [وَذكر من عِنْد التِّرْمِذِيّ حَدِيث جَابر: " السَّلَام قبل الْكَلَام ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 179 وَضَعفه بِتَضْعِيف التِّرْمِذِيّ لَهُ، من أجل عَنْبَسَة بن عبد الرَّحْمَن] . قَالَ: وَأحسن من هَذَا مَا ذكر أَبُو أَحْمد من حَدِيث عبد الْعَزِيز بن أبي رواد، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " السَّلَام قبل السُّؤَال، من بَدَأَكُمْ بالسؤال قبل الْكَلَام فَلَا تجيبوه ". كَذَا أورد هَذَا الحَدِيث، وَأَبُو أَحْمد يرويهِ من طَرِيق حَفْص بن عمر الْأَيْلِي، عَن عبد الْعَزِيز بن أبي رواد. وَحَفْص بن عمر الْأَيْلِي، هُوَ حَفْص بن عمر بن مَيْمُون، أَبُو إِسْمَاعِيل، وَالِد إِسْمَاعِيل بن حَفْص، سمع مِنْهُ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ، وَقَالَ: كَانَ شَيخا كذابا. (2411) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار، عَن الْحر بن مَالك، عَن مبارك بن فضَالة، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 181 عَن الْحسن، عَن أبي بكرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا قَود إِلَّا بِالسَّيْفِ ". ثمَّ قَالَ: أسْندهُ الْحر بن مَالك هَذَا، وَكَانَ لَا بَأْس بِهِ، وَالنَّاس يرسلونه عَن الْحسن. انْتهى كَلَامه. هَذَا الحَدِيث، كَأَنَّهُ صَحِيح عِنْده من قَوْله هَذَا، وَالْبَزَّار إِنَّمَا يرويهِ عَن شيخ لَهُ، يُقَال لَهُ: أَبُو زيد الْأَيْلِي، عَن الْحر بن مَالك الْمَذْكُور، وَلَا أعرف حَال أبي زيد هَذَا، وَقد ترك من كَلَام الْبَزَّار بَعْضًا، وَنقل بَعْضًا، وَذَلِكَ أَن البزارأتبعه أَن قَالَ: لَا نعلم أحدا أسْندهُ بِأَحْسَن من هَذَا الْإِسْنَاد، وَلَا نعلم أحدا قَالَ: عَن أبي بكرَة، إِلَّا الْحر بن مَالك، وَلم يكن بِهِ بَأْس، وَأَحْسبهُ أَخطَأ فِي هَذَا الحَدِيث، لِأَن النَّاس يَرْوُونَهُ عَن الْحسن مُرْسلا. انْتهى كَلَام الْبَزَّار. وَكَذَا قَالَ أَبُو حَاتِم فِي الْحر بن مَالك: " لَا بَأْس بِهِ ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 184 \ ومبارك بن فضَالة، وثقة قوم وَضَعفه آخَرُونَ، وَكَانَ ابْن مهْدي لَا يروي عَنهُ، وَأنكر عَلَيْهِ أَحْمد قَوْله فِي غير حَدِيث عَن الْحسن: حَدثنَا عمرَان، وَأَصْحَاب الْحسن لَا يَقُولُونَ ذَلِك، وَكَانَ يُدَلس. قَالَ ابو زرْعَة: كَانَ يُدَلس كثيرا. وَقَالَ يحيى الْقطَّان: لم أقبل مِنْهُ شَيْئا قطّ إِلَّا شَيْئا يَقُول فِيهِ: حَدثنَا وَحَدِيثه هَذَا لم يقل فِيهِ حَدثنَا، وَإِنَّمَا رَوَاهُ بِلَفْظَة " عَن ". وَقَول الْبَزَّار: لَا نعلم أحدا قَالَ فِيهِ: عَن مبارك، عَن الْحسن، عَن أبي بكرَة غير الْحر بن مَالك، فَإِنَّهُ قد قَالَ ذَلِك عَن مبارك [بِحَسب علمه، وَإِلَّا، فَلَيْسَ الْأَمر فِيهِ كَمَا ذكر] . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 185 (10) بَاب ذكر أَحَادِيث أتبعهَا مِنْهُ كلَاما لَا يبين مِنْهُ مذْهبه فِيهَا فنبين أحوالها من صِحَة أَو سقم أَو حسن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 187 هَذِه التَّرْجَمَة أغفلت كثيرا من مقتضاها، ثمَّ استدركت النّظر فِي المعثور عَلَيْهِ مِنْهُ وَمَعْنَاهَا أَن الْأَحَادِيث الَّتِي صححها بسكوته عَنْهَا، وَالَّتِي أتبعهَا مِنْهُ كلَاما يقْضِي ظَاهره بِصِحَّتِهَا، وَالَّتِي لم يصححها، بل ضعفها أَو حسنها، كل قد علم مذْهبه فِيهَا. فَأَما مَا نذكرهُ فِي هَذِه، فَمثل أَن يَقُول: هَذَا حَدِيث غَرِيب. والغرابة تكون فِي الْأَنْوَاع الثَّلَاثَة فَإِنَّهَا فِي الْإِسْنَاد أَو فِي الْمَتْن، لَا تخص صنفا، وَالْأَمر فِيهَا بَين عِنْد أَصْحَاب هَذَا المصطلح. وَمثل أَن يَقُول: هَذَا أصح من حَدِيث كَذَا، أَو أصح فِي الْبَاب وَهَذِه اللَّفْظَة قد تقال لتفضيل أحد المشتركين على الآخر فِيمَا اشْتَركَا فِيهِ، وَقد تقال وَلَا اشْتِرَاك بَينهمَا وَأَشْبَاه هَذَا مِمَّا يعرض فيتبين فِي نفس الْبَاب إِن شَاءَ الله تَعَالَى. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 189 (2412) فَمن ذَلِك أَنه ذكر حَدِيث عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا أحدث أحدكُم فِي صلَاته فليأخذ بِأَنْفِهِ ثمَّ لينصرف " أتبعه أَن قَالَ: رَوَاهُ عَليّ بن طلق عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَقَالَ: " فلينصرف فَليَتَوَضَّأ، وليعد الصَّلَاة ". وَالْأول أصح إِسْنَادًا. انْتهى كَلَامه. فَنَقُول: حَدِيث طلق الْمَذْكُور، نَقله من عِنْد أبي دَاوُد، وَإِسْنَاده هُوَ هَذَا: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة، حَدثنَا جرير بن عبد الحميد، عَن عَاصِم الْأَحول، عَن عِيسَى بن حطَّان، عَن مُسلم بن سَلام، عَن عَليّ بن طلق قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا فسا أحدكُم فِي الصَّلَاة فلينصرف، فَليَتَوَضَّأ، وليعد الصَّلَاة ". وَمُسلم بن سَلام الْحَنَفِيّ، أَبُو عبد الْملك مَجْهُول الْحَال. فَأَما عِيسَى بن حطَّان فَثِقَة، قَالَه الْكُوفِي، فَالْحَدِيث إِذن لَا يَصح، فَقَوله فِي حَدِيث عَائِشَة: إِنَّه أصح لَا يقْضِي لهَذَا بمشاركة [الأول فِي الصِّحَّة وَقد كرر أَبُو مُحَمَّد هَذَا] فِي مَوَاضِع حَتَّى لربما قَول الدَّارَقُطْنِيّ: إِنَّه صحّح حَدِيث ابْن عَبَّاس: " موت الْغَرِيب شَهَادَة "، وَالْبُخَارِيّ أَنه صحّح حَدِيث الجزء: 5 ¦ الصفحة: 191 التَّكْبِير فِي الصَّلَاة فِي الْعِيدَيْنِ. أخذا من قَوْلهمَا: أصح، فَاعْلَم ذَلِك (2413) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد أَيْضا حَدِيث ابْن عمر فِي حصا الْمَسْجِد من رِوَايَة عمر بن سليم، عَن أبي الْوَلِيد، قَالَ: سَأَلت ابْن عمر. ثمَّ قَالَ بأثره: " أَبُو الْوَلِيد لَا أعلم روى عَنهُ إِلَّا عمر بن سليم، وَيُقَال: عَمْرو ". هَذَا نَص مَا أتبعه، وَهُوَ إِمَّا تَضْعِيف للْخَبَر، وَإِمَّا موهم للضعف، لما قد علم من مذْهبه فِي رد رِوَايَة من لم يرو عَنهُ إِلَّا وَاحِد. وَقد تقدم مِنْهُ فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة: " هُوَ الطّهُور مَاؤُهُ، الْحل ميتَته " إِيرَاد كَلَام أبي عمر بن عبد الْبر فِي تَصْحِيح البُخَارِيّ لَهُ، واعتراضه عَلَيْهِ فِي ذَلِك بِأَن قَالَ: سعيد بن سَلمَة، لَا يعلم روى عَنهُ غير صَفْوَان بن سليم، وَمن هَذِه حَاله فَكيف يحْتَج بحَديثه؟ . (2414) وَلما ذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ حَدِيث عبَادَة " لَا تقرؤا بِشَيْء من الْقُرْآن إِذا جهرت، إِلَّا بِأم الْقُرْآن "، وَقَول الدَّارَقُطْنِيّ فِيهِ: حسن، رِجَاله ثِقَات. اعْترض عَلَيْهِ بِأَن قَالَ: كَذَا قَالَ، وَنَافِع بن مَحْمُود هَذَا، لم يذكرهُ البُخَارِيّ فِي تَارِيخه، وَلَا ابْن أبي حَاتِم، وَلَا أخرج لَهُ مُسلم وَلَا البُخَارِيّ شَيْئا. وَقَالَ فِيهِ أَبُو عمر: مَجْهُول. انْتهى قَوْله. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 192 وَقد سمع قَول الدَّارَقُطْنِيّ فِيهِ: ثِقَة، فَإذْ هَذَا مذْهبه فِيمَن لم يرو عَنهُ إِلَّا وَاحِد، فإتباعه الحَدِيث ان يَقُول: لم يرو عَن فلَان إِلَّا فلَان، وَلَا يعلم روى عَنهُ إِلَّا فلَان، تَضْعِيف للْحَدِيث بِكَوْن رِوَايَة مَجْهُولا. إِذا تقرر هَذَا فَاعْلَم بعده أَن قَوْله كَانَ يُمكن فِيهِ أحد تأويلين، إِمَّا أَن يعلم أَن أَبَا الْوَلِيد الْمَذْكُور ثِقَة، مَعَ أَنه لم يرو عَنهُ غير عمر بن سليم، وَإِمَّا أَن لَا يعلم مِنْهُ أَكثر من أَن عمر بن سليم روى عَنهُ، لَا غير ذَلِك. وَيَنْبَغِي أَن يحمل أمره على الأول، أَن يكون قد علم أَنه ثِقَة مَعَ أَنه لم يرو عَنهُ غير [عمر بن سليم، وَإِنَّمَا قلت: يَنْبَغِي أَن] يحمل كَلَامه على هَذَا، لِأَنِّي رَأَيْته فِي كِتَابه الْكَبِير الَّذِي يذكر فِيهِ الْأَحَادِيث بأسانيدها، قد ذكر هَذَا الحَدِيث بِإِسْنَادِهِ. ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: أَبُو الْوَلِيد، هُوَ عبد الله بن الْحَارِث ثِقَة مَعْرُوف. فَإِذن لم يُطلق هَاهُنَا مَا أطلق إِلَّا ليعرف أَنه مِمَّن لم يرو عَنهُ إِلَّا وَاحِد فِي علمه. وَيحْتَمل على بعد إِذْ كتب هَذَا الْموضع أَنه كَانَ قد نسي مَا حصل فِيهِ وَلم يُرَاجع النّظر، فَظَنهُ مَجْهُولا. وَمن الْآن فَاعْلَم أَن أَبَا الْوَلِيد الَّذِي ذكر أَنه عبد الله بن الْحَارِث، هُوَ نسيب ابْن سِيرِين، وَزوج أُخْته، بَصرِي، أخرج لَهُ البُخَارِيّ، وَمُسلم، وَوَثَّقَهُ أَبُو زرْعَة، وروى عَنهُ جمَاعَة: أحدهم عمر بن سليم، وَهُوَ يروي عَن ابْن عمر. ذكر ذَلِك اللالكائي. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 193 وَعمر بن سليم مَعْدُود فِي جملَة من روى عَنهُ عِنْد ابْن أبي حَاتِم وَإِلَى هَذَا، فَالْحَدِيث لَا يَصح، فَإِن أَبَا الْوَلِيد هَذَا مَجْهُول لَا يعرف من هُوَ، وَلَيْسَ بِعَبْد الله بن الْحَارِث. وَقد بَين ذَلِك الْعقيلِيّ، وَنَصّ مَا ذكر هُوَ أَن ترْجم باسم عمر بن سليم الْمُزنِيّ أبي حَفْص الْبَصْرِيّ، ثمَّ قَالَ: قَالَ البُخَارِيّ: كناه ابْن مهْدي وَنسبه، وَلَا يُتَابع، وَأَبُو الْوَلِيد لَا يعرف بِالنَّقْلِ. وَهَذَا الحَدِيث حدّثنَاهُ سعيد بن عُثْمَان أَبُو أُميَّة الْأَهْوَازِي، قَالَ: حَدثنَا سهل بن تَمام، قَالَ: حَدثنَا عمر بن سليم، عَن أبي الْوَلِيد، قَالَ: سَأَلت ابْن عمر عَن الصُّفْرَة فِي الْمَسْجِد، فَقَالَ: رأى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي قبْلَة الْمَسْجِد نخامة فَقَالَ: " غير ذَا أحسن من ذَا " فَسَمعهُ الرجل فصفر مَكَانهَا، فَلَمَّا قضى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الصَّلَاة قَالَ: " هَذَا أحسن من ذَلِك "، فصفر النَّاس مَسَاجِدهمْ. حدّثنَاهُ مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل وَعلي بن عبد الْعَزِيز، قَالَا: حَدثنَا أَبُو معمر قَالَ: حَدثنَا عبد الْوَارِث، قَالَ: حَدثنَا عمر بن سليم، عَن أبي الْوَلِيد، عَن ابْن عمر نَحوه، وَلَا يعرف إِلَّا بِهِ، انْتهى مَا أورد. وَعمر بن سليم الرواي عَنهُ هُنَا مزني وَهُوَ [غير الَّذِي روى حَدِيث التحصيب فَهُوَ باهلي فَخرج من هَذَا أَن أَبَا الْوَلِيد] الْمَذْكُور إِمَّا غير [مَعْرُوف أصلا، وَإِمَّا أَنه عبد الله بن الْحَارِث آخر، وَقد. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 194 ذكر الْبَزَّار حَدِيثا غير هذَيْن من رِوَايَة عبد الله بن الْحَارِث عَن ابْن عمر، وَقَالَ: إِنَّه لم يرو عَنهُ غَيره، وَقد ترْجم ابْن الْجَارُود بِأبي الْوَلِيد تَرْجَمَة ذكر فِيهَا عبد الله بن الْحَارِث. ثمَّ ترْجم أُخْرَى ذكر فِيهَا أَبَا الْوَلِيد، عَن ابْن عمر، روى عَنهُ عمر بن سليم وَلم يسمه، وَكَذَا فعل ابْن عبد الْبر فِي كِتَابه فِي الكنى، وَمُسلم أَيْضا هُوَ عِنْده غير مُسَمّى كَذَلِك. فَإذْ هَذَا هَكَذَا، فَحَدِيث التحصيب الْمَذْكُور غير صَحِيح، وَأَبُو الْوَلِيد راوية لَيْسَ بِعَبْد الله بن الْحَارِث السيريني، فَاعْلَم ذَلِك. (2415) وَذكر أَيْضا من طَرِيق التِّرْمِذِيّ حَدِيث ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: " كَانَ يلحظني فِي الصَّلَاة يَمِينا وَشمَالًا ". وقنع فِيهِ بقول التِّرْمِذِيّ: إِنَّه حَدِيث غَرِيب، وَيظْهر من مذْهبه أَنه عِنْده ضَعِيف، لِأَنَّهُ أعَاد على أَحَادِيث الِالْتِفَات قولا كلياً، وَهُوَ أَن قَالَ: الصَّحِيح فِي الِالْتِفَات حَدِيث البُخَارِيّ، يَعْنِي حَدِيث عَائِشَة. وَحَدِيث ابْن عَبَّاس الْمَذْكُور يَنْبَغِي أَن يكون على مذْهبه صَحِيحا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 195 قَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان، وَغير وَاحِد، قَالُوا: حَدثنَا الْفضل ابْن مُوسَى، عَن عبد الله بن سعيد بن أبي هِنْد، عَن ثَوْر بن زيد، عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يلحظني فِي الصَّلَاة يَمِينا وَشمَالًا، وَلَا يلوي عُنُقه خلف ظَهره ". عبد الله بن سعيد، وثور بن زيد ثقتان، وَعِكْرِمَة أمره أشهر من أَن يذكر هُنَا، وَالْحق فِيهِ أَنه ثِقَة، وَالْبُخَارِيّ يحْتَج بِهِ، وَأَبُو مُحَمَّد عبد الْحق لم يلْتَفت إِلَى شَيْء مِمَّا قيل فِيهِ. فَالْحَدِيث صَحِيح وَإِن كَانَ غَرِيبا لَا يعرف إِلَّا من هَذَا الطَّرِيق. (2416) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ أَيْضا عَن عَائِشَة حَدِيث " فَتحه عَلَيْهِ السَّلَام لَهَا الْبَاب وَهُوَ فِي الصَّلَاة ". وَأتبعهُ قَول التِّرْمِذِيّ فِيهِ: حسن غَرِيب. والْحَدِيث عِنْدِي صَحِيح، لثقة رُوَاته واتصاله. قَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو [سَلمَة: يحيى بن خلف، حَدثنَا بشر بن الْمفضل، عَن برد بن سِنَان] ، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة قَالَت: " جِئْت وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي فِي الْبَيْت ". الحَدِيث. وَقَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن حَنْبَل ومسدد، قَالَا: حَدثنَا بشر بن الْمفضل. فَذكره. إِلَّا أَنه لم يقل: " فِي الْبَيْت ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 196 (2417) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد حَدِيث أنس: " رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَدْعُو هَكَذَا بباطن كفيه وظاهرهما ". ثمَّ قَالَ بعده: إِسْنَاده حَدِيث مُسلم أصح من هَذَا، وَأجل من الَّذِي بعده وَالَّذِي بعده هُوَ حَدِيث أبي دَاوُد أَيْضا، عَن مَالك بن يسَار، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا سَأَلْتُم الله عز وَجل فسلوه ببطون أكفكم، وَلَا تسألوه بظهورها ". وَحَدِيث مُسلم الْمفضل عَلَيْهِمَا، هُوَ حَدِيث أنس، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " استسقى فَأَشَارَ بِظهْر كفيه إِلَى السَّمَاء ". فَأَقُول: إِن هذَيْن الْحَدِيثين حَدِيث أنس، وَحَدِيث مَالك بن يسَار لم يتَبَيَّن فيهمَا مذْهبه من تَفْضِيل أنس عَلَيْهِمَا، وَالْأَظْهَر أَنه صححهما، وَرجح حَدِيث مُسلم عَن أنس. وهما حديثان لَهما حكمان مُخْتَلِفَانِ بِحَسب نظر الْمُحدث. أما حَدِيث أنس فضعيف، وَإِسْنَاده هُوَ هَذَا: قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عقبَة بن مكرم، قَالَ: حَدثنِي سلم بن قُتَيْبَة، عَن عمر بن نَبهَان [عَن قَتَادَة، عَن أنس. وَعمر بن نَبهَان] هُوَ الغبري وَيُقَال: لَهُ الرَّازِيّ، وَهُوَ بَصرِي لَيْسَ لَهُ من الجزء: 5 ¦ الصفحة: 197 الحَدِيث إِلَّا شَيْء يسير لَا يُتَابع عَلَيْهِ، قَالَه البُخَارِيّ، وَأَبُو أَحْمد بن عدي وَغَيرهمَا. وَقد ذكر أَبُو أَحْمد هَذَا الحَدِيث فِي جملَة مَا يُنكر عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِم البستي: يروي الْمَنَاكِير عَن الْمَشَاهِير. وَقَالَ ابْن معِين: لَيْسَ بِشَيْء، قَالَ: وَلَيْسَ بَينه وَبَين الْحَارِث بن نَبهَان قرَابَة. وَقَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِم، وَأَبُو زرْعَة: ضَعِيف الحَدِيث. وَإِذا كَانَ الرَّاوِي من لم تعلم أَحْوَاله، وَلَا وَثَّقَهُ موثق يقبل فِيهِ الْجرْح من المجرح لَهُ الْعدْل وَإِن لم يُفَسر مَا بِهِ جرحه، لأَنا قد [كُنَّا تاركين رِوَايَته لجهالته، فَلَمَّا ورد فِيهِ الْجرْح زَاده ضعفا وَقد] فسرت عِلّة [ذَلِك فِي الْكَلَام على المساتير وَسلم بن قُتَيْبَة الرَّاوِي] عَنهُ، لَيْسَ هُوَ سلم بن قُتَيْبَة الْبَاهِلِيّ، وَالِد سعيد بن سليم، هَذَا يروي عَن شُعْبَة، بل هُوَ سلم بن قُتَيْبَة الشعيري، خراساني، نزيل الْبَصْرَة، هُوَ يروي عَن شُعْبَة، وَهُوَ مُخْتَلف فِيهِ، زعم أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ أَنه كثير الْوَهم، وثقة أَبُو زرْعَة. فَحق هَذَا الحَدِيث أَن يُقَال فِيهِ: ضَعِيف، فَقَوله فِيهِ: حَدِيث مُسلم أصح مِنْهُ وَأجل إِسْنَادًا ": إِن لم يكن غَلطا باعتقاد صِحَّته، فَهُوَ تَفْضِيل من غير اشْتِرَاك فِي الصِّحَّة. وَأما حَدِيث مَالك بن يسَار فَحسن، قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا سُلَيْمَان بن عبد الحميد، قَالَ: قَرَأت فِي أصل إِسْمَاعِيل يَعْنِي ابْن عَيَّاش حَدثنِي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 198 ضَمْضَم، عَن شُرَيْح، قَالَ: حَدثنَا أَبُو ظَبْيَة أَن أَبَا بحريّة السكونِي حَدثهُ، عَن مَالك بن يسَار السكونِي، ثمَّ الْعَوْفِيّ، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا سَأَلْتُم الله عز وَجل فسلوه ببطون أكفكم، وَلَا تسألوه بظهورها ". مَالك بن يسَار السكونِي لَا يعرف لَهُ غير هَذَا، وَبِه ذكره ابْن عبد الْبر. وَقَالَ ابْن السكن: لم نجد لَهُ غَيره. وَقَالَ أَبُو دَاوُد عَن شَيْخه سُلَيْمَان بن عبد الحميد: لَهُ عندنَا صُحْبَة يَعْنِي مَالك بن يسَار. وَأَبُو ظَبْيَة، وَأَبُو بحريّة ثقتان، وَاسم أبي بحريّة عبد الله بن قيس السكونِي، التراغمي، ثِقَة، قَالَه ابْن معِين. وَأما أَبُو ظَبْيَة، فَقَالَ أَبُو زرْعَة: لَا أعرف أحدا يُسَمِّيه، وَوَثَّقَهُ أَيْضا ابْن معِين وَقَالَ شهر بن حَوْشَب: كَانَ من أفضل رجل بِالشَّام. وَشُرَيْح بن عبيد تَابِعِيّ ثِقَة، قَالَه الْكُوفِي. وضمضم بن زرْعَة الْحَضْرَمِيّ شَامي، وثقة ابْن معِين. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 199 وَقَالَ فِيهِ أَبُو زرْعَة: ضَعِيف. وَإِسْمَاعِيل بن عَيَّاش مُخْتَلف فِيهِ، فِي حَدِيثه عَن أهل الشَّام، فَحق الحَدِيث أَن يُقَال فِيهِ: حسن. (2418) وَذكر أَيْضا حَدِيث غرفَة بن الْحَارِث فِي نحر الْبدن. وَقد كتبته وبينت مَا فِيهِ فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أغفل بَيَان عللها. (2419) وَذكر حَدِيث [محرش الكعبي " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اعْتَمر من الْجِعِرَّانَة لَيْلًا، فَأصْبح بالجعرانة] كبائت ". ذكره [من عِنْد التِّرْمِذِيّ، قَالَ: حَدِيث غَرِيب. كَذَا قَالَ، وَالتِّرْمِذِيّ إِنَّمَا سَاقه من طَرِيق ابْن جريح] عَن مُزَاحم بن أبي مُزَاحم، عَن عبد الْعَزِيز بن عبد الله، عَن محرش. وغرابته هِيَ أَن محرشاً لَا يعرف لَهُ غَيره، وَلَا روى عَنهُ إِلَّا عبد الْعَزِيز الجزء: 5 ¦ الصفحة: 200 ابْن عبد الله بن خَالِد بن أسيد، وَهُوَ ثِقَة، وَإِنَّمَا لَا يَصح عِنْدِي لِأَن مزاحماً لَا تعرف لَهُ حَال، وَإِن كَانَ قد روى عَنهُ ابْن جريح، وَإِسْمَاعِيل بن أُميَّة، وَابْنه سعيد بن مُزَاحم. (2420) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن عبد الله بن مُسلم بن هُرْمُز، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 201 عَن مُحَمَّد وَسَعِيد ابْني عبيد، عَن أبي حَاتِم الْمُزنِيّ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا جَاءَكُم من ترْضونَ دينه وخلقه فأنكحوه، إِلَّا تفعلوه تكن فتْنَة فِي الأَرْض وَفَسَاد كَبِير " الحَدِيث. ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث غَرِيب. انْتهى كَلَام أبي عِيسَى. ثمَّ قَالَ: قد أسْند هَذَا الحَدِيث من حَدِيث أبي هُرَيْرَة، وَلَا يَصح، وَإِنَّمَا هُوَ مُرْسل. انْتهى كَلَام أبي مُحَمَّد عبد الْحق رَحمَه الله. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 202 فَأَقُول وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق إِن حملنَا قَوْله: " وَلَا يَصح " على حَدِيث أبي هُرَيْرَة، بَقِي حَدِيث أبي حَاتِم الْمُزنِيّ مُسْتَحقّا أَن يذكر حكمه فِي هَذَا الْبَاب، من حَيْثُ قنع فِيهِ بقول التِّرْمِذِيّ فِيهِ: إِنَّه غَرِيب، وَلم يخرج من ذَلِك لَا أَنه صَحِيح وَلَا غير صَحِيح، وغرابته هِيَ من جِهَة أَن أَبَا حَاتِم الْمُزنِيّ الْمَذْكُور، لم يرو عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - غير هَذَا الحَدِيث، وَهُوَ لَا يرْوى إِلَّا من هَذَا الطَّرِيق عَنهُ. وَإِن كَانَ قَوْله: " لَا يَصح " يرجع إِلَى مَا ذكر من حَدِيثي أبي حَاتِم وَأبي هُرَيْرَة، فقد صرح بالتضعيف، وَيَنْبَغِي حِينَئِذٍ أَن يكون فِي بَاب مَا ضعفه وَلم يبين علته. وَلِأَن الِاحْتِمَال الأول أظهر، ذَكرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَاب، فَنَقُول وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق: إِن حَدِيث أبي حَاتِم الْمَذْكُور لَا يَصح. أول مَا فِيهِ أَن أَبَا حَاتِم لم تصح صحبته، وَقد ذكر أَبُو دَاوُد حَدِيثه هَذَا فِي الْمَرَاسِيل، قَالَ: حَدثنَا يحيى بن معِين، حَدثنَا حَاتِم بن إِسْمَاعِيل، حَدثنَا ابْن [هُرْمُز الفدكي، عَن سعيد وَمُحَمّد ابْني عبيد، عَن أبي حَاتِم الْمُزنِيّ] ، وَذكره أَيْضا من [طَرِيق قُتَيْبَة بن سعيد، حَدثنَا اللَّيْث، عَن ابْن عجلَان، عَن عبد الله بن هُرْمُز الْيَمَانِيّ، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -] فَذكره إِيَّاه فِي الْمَرَاسِيل دَلِيل على أَنه عِنْده أَعنِي أَبَا حَاتِم الْمُزنِيّ غير صَحَابِيّ، وَمن يزْعم أَن لَهُ صُحْبَة إِنَّمَا يروم إِثْبَاتهَا لَهُ بِهَذَا الْخَبَر. وَهَذَا الْخَبَر لَا يثبت إِلَّا بِهِ، فَيتَوَقَّف ثُبُوته على ثُبُوت صحبته، وَثُبُوت صحبته على ثُبُوته. وَمُحَمّد وَسَعِيد أبنا عبيد، لَا يعرفان إِلَّا فِيهِ، وَلم أجد لَهما ذكرا فِي شَيْء من مظان وجودهما وَوُجُود أمثالهما، فهما مَجْهُولَانِ. وَعبد الله بن مُسلم بن هُرْمُز قد كفانا أَبُو مُحَمَّد المؤونة مَعَ نَفسه فِي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 203 تَفْسِيره، فقد كَانَ لسائل أَن يسْأَل عَنهُ، أهوَ عبد الله بن مُسلم بن هُرْمُز أم لَا؟ وَذَلِكَ أَن الحَدِيث الْمَذْكُور، إِنَّمَا ذكره من عِنْد التِّرْمِذِيّ، وَالَّذِي وَقع فِي إِسْنَاده عِنْد التِّرْمِذِيّ، إِنَّمَا هُوَ عبد الله بن هُرْمُز، لَا ذكر لمُسلم بَينهمَا، وَهَكَذَا ترْجم أَبُو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم فِي بَاب من اسْم أَبِيه على الْهَاء، مِمَّن اسْمه عبد الله، فَذكره على أَنه عبد الله بن هُرْمُز، وَلم يعرف بِشَيْء من أمره إِلَّا أَنه الْيَمَانِيّ الفدكي، حسب مَا فِي نفس الْإِسْنَاد عِنْد أبي دَاوُد فِي الْمَرَاسِيل. وَذكر هَا هُنَا أَبُو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم أَنه روى عَن مُحَمَّد وَسَعِيد ابْني عبيد، ثمَّ لم يترجم فِي بَاب من اسْمه مُحَمَّد بِمُحَمد، وَلَا فِي بَاب من اسْمه سعيد بِسَعِيد، قَالَ: روى عَنهُ حَاتِم بن إِسْمَاعِيل، وَمُحَمّد بن عجلَان - أَعنِي عَن عبد الله بن هُرْمُز -، فَهُوَ عِنْده كَمَا ترى مَجْهُول الْحَال. ثمَّ لما جَاءَ إِلَى بَاب الْمِيم من أَسمَاء الْآبَاء فِيمَن اسْمه عبد الله، ذكر عبد الله ابْن مُسلم بن هُرْمُز، فَجعله غير هَذَا، وَحكم عَلَيْهِ. فَمَا على هَذَا غُبَار أَن رَاوِي الحَدِيث الْمَذْكُور، هُوَ عبد الله بن هُرْمُز، كَمَا فِي نفس الْإِسْنَاد، لَا عبد الله بن مُسلم بن هُرْمُز، كَمَا فِي الْمَرَاسِيل وَعند بن أبي حَاتِم. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 204 فَالْقَوْل إِذن بِأَنَّهُ عبد الله بن مُسلم بن هُرْمُز، يحْتَاج إِلَى مُعْتَمد يقوم [عَلَيْهِ، وَهَذَا الْمُعْتَمد هُوَ مَا أوردهُ أَبُو عَليّ بن السكن فِي الصَّحَابَة بِإِسْنَاد] [جَاءَ فِيهِ: حَدثنَا عبد الْوَهَّاب] بن عِيسَى الْبَغْدَادِيّ، حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الْمروزِي، حَدثنَا حَاتِم بن إِسْمَاعِيل، حَدثنِي عبد الله بن مُسلم بن هُرْمُز، عَن مُحَمَّد وَسَعِيد ابْني عبيد، عَن أبي حَاتِم الْمُزنِيّ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا جَاءَكُم من ترْضونَ دينه وخلقه فأنكحوه، إِلَّا تفعلوه تكن فتْنَة فِي الأَرْض وَفَسَاد عريض ". قَالُوا: يَا رَسُول الله، وَإِن كَانَ فِيهِ؟ فَأَعَادُوا عَلَيْهِ ثَلَاثًا، كل ذَلِك يَقُول ذَلِك ثَلَاثًا. قَالَ أَبُو عَليّ: لم يروه عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - غَيره. فَإِذا قد تبين بِهَذَا أَنه عبد الله بن مُسلم بن هُرْمُز كَمَا فسره أَبُو مُحَمَّد، فَاعْلَم أَن عبد الله بن مُسلم بن هُرْمُز مكي، لم يكن يحيى بن سعيد الْقطَّان وَلَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي يحدثان عَنهُ. وَسُئِلَ عَنهُ ابْن حَنْبَل فَقَالَ: لَيْسَ بِشَيْء، ضَعِيف الحَدِيث. فقد تبين بِمَا كتبناه ضعف الحَدِيث الْمَذْكُور من وُجُوه، وَبَقِي من كَلَام أبي مُحَمَّد مَا يجب بَيَانه، وَإِن لم يكن من هَذَا الْبَاب فنذكره فِيهِ ليجتمع الْكَلَام عَلَيْهِ، ثمَّ نحيل عَلَيْهِ فِي مَوْضِعه، فَنَقُول: قَوْله: " انْتهى كَلَام أبي عِيسَى، قد أسْند هَذَا الحَدِيث من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَلَا يَصح، وَإِنَّمَا هُوَ مُرْسل " يُوهم أَن حَدِيث أبي هُرَيْرَة لَيْسَ عِنْد أبي عِيسَى، وَأول مَذْكُور فِي الْبَاب عِنْد أبي عِيسَى الجزء: 5 ¦ الصفحة: 205 هُوَ حَدِيث أبي هُرَيْرَة، ثمَّ قَوْله: " لَا يَصح، إِنَّمَا هُوَ مُرْسل " يجب أَيْضا بَيَان مَا فِيهِ، وَذَلِكَ أَنه حَدِيث مُنْقَطع الْإِسْنَاد أَو عَن مَجْهُول. قَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، قَالَ: حَدثنَا عبد الحميد بن سُلَيْمَان، عَن ابْن عجلَان، عَن ابْن وثيمة النصري، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا خطب إِلَيْكُم من ترْضونَ دينه وخلقه فَزَوجُوهُ، إِلَّا تفعلوه تكن فتْنَة فِي الأَرْض وَفَسَاد عريض ". قَالَ أَبُو عِيسَى: وَفِي الْبَاب عَن أبي حَاتِم الْمُزنِيّ، قَالَ أَبُو عِيسَى: حَدِيث أبي هُرَيْرَة، قد خُولِفَ عبد الحميد بن سُلَيْمَان فِيهِ، رَوَاهُ اللَّيْث بن سعد، عَن ابْن عجلَان، عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -[مُرْسلا، وَقَالَ مُحَمَّد: وَحَدِيث اللَّيْث أشبه] قَالَ التِّرْمِذِيّ: وَلم يعد حَدِيث عبد الحميد مَحْفُوظًا. انْتهى مَا نقلت عَن التِّرْمِذِيّ وَإِنَّمَا يَعْنِي بقوله: مُرْسلا انْقِطَاع مَا بَين ابْن عجلَان وَأبي هُرَيْرَة، وَقد رجح البُخَارِيّ الْمُنْقَطع على الْمُتَّصِل من رِوَايَة عبد الحميد، وَحَتَّى لَو صحت الرِّوَايَة عَن عبد الحميد مَا أغنت للْجَهْل بِحَال ابْن وثيمة، فَكيف وَعبد الحميد ضَعِيف عِنْدهم؟ وَهُوَ أَخُو فليح بن سُلَيْمَان! وَلأَجل كَلَام التِّرْمِذِيّ الَّذِي أوردنا، يتَرَجَّح فِي قَول أبي مُحَمَّد أحد الِاحْتِمَالَيْنِ، وَهُوَ أَنه إِنَّمَا يَعْنِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة فَقَط بقوله: " لَا يَصح "، فَإِنَّهُ قد تبع فِيهِ البُخَارِيّ، وَالله أعلم. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 206 (2421) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن أبي هُرَيْرَة " أَن امْرَأَة جَاءَت إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَأَنا عِنْده، فَقَالَت: إِن زَوجي يُرِيد أَن يذهب بِابْني، وَقد سقاني من بِئْر أبي عنبة " الحَدِيث. ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: هَذَا يرويهِ هِلَال بن أُسَامَة، عَن أبي مَيْمُونَة سلمي، مولى من أهل الْمَدِينَة، رجل صدق، عَن أبي هُرَيْرَة. لم يزدْ على هَذَا، وَلم يفهم مِنْهُ تَصْحِيحه وَلَا تسقيمه، وَذَلِكَ أَن أَبَا مَيْمُونَة هَذَا، إِن لم يكن روى عَنهُ غير بِلَال بن أُسَامَة، فَيَنْبَغِي أَن يكون على مذْهبه مَجْهُولا، وَلَا يَنْفَعهُ قَول بِلَال بن أُسَامَة فِي: " رجل صدق "، وَإِن كَانَ لَا يعرف فَقبله ذكر من عِنْد عبد الرَّزَّاق من رِوَايَة أبي الزبير عَن رجل صَالح الجزء: 5 ¦ الصفحة: 207 من أهل الْمَدِينَة، عَن أبي سَلمَة، فَرده بِأَنَّهُ مُرْسل، وَعَن مَجْهُول يَعْنِي هَذَا الَّذِي قد أثنى عَلَيْهِ أَبُو الزبير. وَلقَائِل أَن يَقُول عَنهُ: بَين الْمَوْضِعَيْنِ فَوق بَين، وَذَلِكَ أَن هَذَا الرجل الَّذِي أثنى عَلَيْهِ أَبُو الزبير لم يسمه، وَلَعَلَّه لَو سَمَّاهُ عَرفْنَاهُ بنقيض مَا وَصفه بِهِ أَبُو الزبير، فَيبقى الحَدِيث مُرْسلا، فَإِن الْمُرْسل هُوَ الَّذِي طوي عَنَّا من إِسْنَاده من لَو ذكر، أمكن أَن نعرفه ضَعِيفا أَو مَجْهُولا. وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لم يثن عَلَيْهِ إِلَّا بالصلاح، وَذَلِكَ لَا يقْضِي لَهُ بالثقة، وَلَا بِالصّدقِ الَّذِي نبتغيه فِي الروَاة، وَقد قيل: " لم نر الصَّالِحين [فِي شَيْء أكذب مِنْهُم فِي الحَدِيث ". وَهَذَا الَّذِي يروي عَن أبي هُرَيْرَة، كناه هِلَال فِي هَذَا] الحَدِيث الْمَذْكُور أَبَا مَيْمُونَة، وَسَماهُ سلمياً، وَذكر أَنه مولى من أهل الْمَدِينَة، وَوَصفه بِأَنَّهُ رجل صدق. وَهَذَا الْقدر كَاف فِي الرَّاوِي مَا لم يتَبَيَّن خِلَافه، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ قد روى عَن أبي ميونة الْمَذْكُور: أَبُو النَّضر، قَالَه أَبُو حَاتِم. وروى عَنهُ يحيى بن أبي كثير هَذَا الحَدِيث نَفسه. قَالَ ابْن أبي شيبَة فِي مُسْنده: حَدثنَا وَكِيع، عَن عَليّ بن الْمُبَارك، عَن يحيى ابْن أبي كثير، عَن أبي مَيْمُونَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " جَاءَت امْرَأَة إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قد طَلقهَا زَوجهَا، فَأَرَادَ أَن يَأْخُذ ابْنهَا، قَالَ: فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اسْتهمَا فِيهِ. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: تخير أَيهمَا شِئْت. قَالَ: فَاخْتَارَ أمه فَذَهَبت بِهِ ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 208 فجَاء من هَذَا جودة هَذَا الحَدِيث وَصِحَّته، وَلَعَلَّه مَقْصُود أبي مُحَمَّد، فاعلمه. (2422) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، حَدِيث أَبيض بن حمال فِي إقطاع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِيَّاه الْملح بمأرب، وَفِيه قَوْله: " مَا يحمى من الْأَرَاك ". وَسكت عَنهُ فِي بَاب الإقطاع من كتاب الْجِهَاد، ثمَّ أَعَادَهُ فِي بَاب الْحمى بعد حَدِيث آخر لأبيض بن حمال، ثمَّ قَالَ: أصح هَذَا الْأَحَادِيث، حَدِيث الصعب بن جثامة. يَعْنِي فِي أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حمى البقيع هُوَ الَّذِي يعول عَلَيْهِ فَاحْتمل هَذَا الْكَلَام بِقَرِينَة سُكُوته عَنهُ فِي الإقطاع، وبإعراضه عَن رِجَاله أَن يكون عِنْده صَحِيحا، وَيكون معنى: " أصح هَذِه الْأَحَادِيث " تَرْجِيح صَحِيح على صَحِيح، وَاحْتمل بإبرازه من إِسْنَاده بعضه أَن يكون تَبرأ من عهدته، فَيكون هَذَا الْكَلَام تضعيفاً، وَالْحَدِيثَانِ ضعيفان: أما حَدِيث: " لَا حمى فِي الْأَرَاك " فللجهل بِحَال ثَابت بن سعيد وَأَبِيهِ سعيد بن أَبيض بن حمال. وَأما حَدِيث " إقطاع الْملح، وَحمى مَا لم تنله أَخْفَاف الْإِبِل " فبخمسة مجهولين قد بيناهم فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي صححها بسكوته عَنْهَا، فَاعْلَم ذَلِك. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 209 (2423) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن يحيى [بن سليم، عَن عبيد الله ابْن عمر، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -] قَالَ: " من دخل حَائِطا فَليَأْكُل وَلَا يتَّخذ خبنة ". ثمَّ قَالَ عَنهُ: حَدِيث غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث يحيى بن سليم. انْتهى كَلَامه. فَأَقُول: وَلم يتَبَيَّن من هَذَا مذْهبه فِيهِ، وَلَا حكم الحَدِيث. وَيَنْبَغِي أَن يكون حسنا، فَإِن يحيى بن سليم الطَّائِفِي زعم ابو حَاتِم أَنه لم يكن بِالْحَافِظِ، وَقَالَ ابْن حَنْبَل: فِي حَدِيثه شَيْء، وَكَأَنَّهُ لم يحمده. وَوَثَّقَهُ ابْن معِين. وَهُوَ صَدُوق صَالح. وَقَالَ النَّسَائِيّ: لَا بَأْس بِهِ، وَلكنه مُنكر الحَدِيث عَن عبيد الله بن عمر. (2424) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه الجزء: 5 ¦ الصفحة: 210 قَالَ: " الصُّلْح جَائِز بَين الْمُسلمين إِلَّا صلحا أحل حَرَامًا أَو حرم حَلَالا ". ثمَّ قَالَ: فِي إِسْنَاده كثير بن زيد، أَبُو مُحَمَّد مولى الأسلميين، عَن الْوَلِيد ابْن رَبَاح. فَلم يتَبَيَّن من هَذَا مذْهبه فِيهِ، وَيَنْبَغِي أَن يُقَال فِيهِ: حسن، لما بِكَثِير بن زيد من الضعْف، وَإِن كَانَ صَدُوقًا، وَقد فرع القَوْل فِيهِ وَفِي الْوَلِيد فِي بَاب الشُّرُوط من كتاب الْبيُوع، وعَلى ذَلِك أحَال. (2425) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن مخلد بن خفاف، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قضى أَن الْخراج بِالضَّمَانِ ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 211 ثمَّ قَالَ: مخلد بن خفاف مَعْرُوف بِهَذَا الحَدِيث، وَلَا يعرف لَهُ غَيره، وَقَالَ فِيهِ التِّرْمِذِيّ: حَدِيث [حسن صَحِيح] . كَذَا قَالَ: وَلَا يبين من هَذَا حكم الْخَبَر عِنْده. ومخلد مدنِي ثِقَة، ذكر ذَلِك المنتجالي، عَن أَحْمد بن خَالِد، عَن ابْن وضاح، وَلَيْسَ فِي الحَدِيث من ينظر فِيهِ سواهُ، فَهُوَ صَحِيح. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 212 (11) بَاب ذكر أَحَادِيث أوردهَا على أَنَّهَا صَحِيحَة أَو حَسَنَة، وَهِي ضَعِيفَة من تِلْكَ الطّرق، صَحِيحَة أَو حَسَنَة من غَيرهَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 213 قد تقدم فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ظَنّهَا مُتَّصِلَة وَهِي مراسل أَو مُنْقَطِعَة مَا هُوَ من هَذَا الْبَاب. (2426) وَمِنْه مَا ذكر فِي كتاب الْعلم من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -] قَالَ: إِن النَّاس [لكم تبع، وَإِن النَّاس يأتونكم من أقطار الأَرْض يتفقهون] فَإِذا أَتَوْكُم فَاسْتَوْصُوا بهم خيرا ". سكت عَنهُ مصححاً لَهُ، وَهُوَ عِنْد التِّرْمِذِيّ من رِوَايَة أبي هَارُون الْعَبْدي، وَهُوَ ضَعِيف، وَمِنْهُم من يَقُول فِيهِ: كَذَّاب، وَقد ذكرنَا أمره إِثْر هَذَا الحَدِيث ونسبنا أَقْوَال مخرجيه إِلَى قائليها فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي سكت عَنْهَا مصححاً. وَالَّذِي لَهُ أعدنا ذكره الْآن هُوَ أَنِّي أعرف لَهُ إِسْنَادًا حسنا بل صَحِيحا. قَالَ أَبُو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم فِي مُقَدّمَة كِتَابه فِي الْجرْح وَالتَّعْدِيل: حَدثنَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 215 مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن إشكاب، قَالَ: حَدثنَا سعيد بن سُلَيْمَان، قَالَ: حَدثنَا عباد بن الْعَوام، قَالَ: حَدثنَا الْجريرِي، عَن أبي نَضرة، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَنه قَالَ: " مرْحَبًا بِوَصِيَّة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يوصينا بكم ". وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد بن خلال الرامَهُرْمُزِي فِي كِتَابه: حَدثنَا مُوسَى بن زَكَرِيَّا، حَدثنَا بشر ين معَاذ الْعَقدي، حَدثنَا أَبُو عبد الله شيخ ينزل وَرَاء منزل حَمَّاد بن زيد، [حَدثنَا] الْجريرِي عَن أبي نَضرة، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، أَنه كَانَ إِذا رأى الشَّبَاب قَالَ: " مرْحَبًا بِوَصِيَّة رَسُول الله ، أمرنَا أَن نحفظكم الحَدِيث، ونوسع لكم فِي الْمجَالِس ". حدّثنَاهُ الْحَضْرَمِيّ، حَدثنَا ابْن إشكاب، حَدثنَا سعيد بن سُلَيْمَان، حَدثنَا عباد بن الْعَوام، عَن الْجريرِي، عَن أبي نَضرة، عَن أبي سعيد قَالَ: " مرْحَبًا بِوَصِيَّة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يوصينا بكم ". رجال هَذَا الْإِسْنَاد الثَّانِي الَّذِي ذكر الرامَهُرْمُزِي، وَالْأول الَّذِي ذكر ابْن أبي حَاتِم ثِقَات. سعيد بن سُلَيْمَان، هُوَ سعدوية، ثِقَة مَشْهُور، وَابْن إشكاب، هُوَ الْحُسَيْن ابْن إِبْرَاهِيم بن الْحر، وَهُوَ شيخ البُخَارِيّ، وَهُوَ ثِقَة روى عَنهُ فِيمَن روى ابناه: مُحَمَّد، وَعلي، وأظن أَنه قد روى الْحُسَيْن وَابْنه مُحَمَّد، عَن سعدوية. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 216 والحضرمي، هُوَ مُحَمَّد بن عبد الله بن سُلَيْمَان الْكُوفِي الملقب بمطين مُحدث وقته. فَإِن قلت: فَإِن الْجريرِي مختلط [قُلْنَا: رَوَاهُ عَنهُ حَمَّاد بن زيد، وَهُوَ روى عَنهُ قبل الِاخْتِلَاط، وَقد ذكر لَهُ أَبُو مُحَمَّد جملَة من الْأَحَادِيث] على شَرط [البُخَارِيّ وَسكت عَنْهَا، وَلم يذكر عَنْهَا] شَيْئا. وعد إِلَى بَاب الْأَحَادِيث المصححة بسكوته، حَتَّى ترى عمله فِي أَحَادِيث الْجريرِي، فقد تقدم التَّنْبِيه عَلَيْهَا فِي مَوضِع وَاحِد مِنْهُ. (2427) وَذكر أَيْضا فِي كتاب الْعلم من طَرِيق أبي دَاوُد، حَدِيث أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من تعلم علما مِمَّا يَبْتَغِي بِهِ وَجه الله تَعَالَى، لَا يتعلمه إِلَّا ليصيب بِهِ غَرضا من الدُّنْيَا لم يجد عرف الْجنَّة يَوْم الْقِيَامَة ". وَفِي إِسْنَاده عِنْد أبي دَاوُد، فليح بن سُلَيْمَان، وَقد بَينا أمره فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي سكت عَنْهَا مصححاً لَهَا. ونريد الْآن بَيَان أَنه قد رُوِيَ مَعْنَاهُ صَحِيحا من حَدِيث ابْن عمر، قَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عَليّ بن نصر، حَدثنَا مُحَمَّد بن عباد الْهنائِي، حَدثنَا عَليّ بن الْمُبَارك، عَن أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ، عَن خَالِد بن دريك، عَن ابْن عمر عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من تعلم علما لغير الله، أَو أَرَادَ بِهِ غير الله، فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 217 خَالِد بن دريك، قَالَ فِيهِ ابْن معِين: مَشْهُور، وَقَالَ أَبُو حَاتِم: لَا بَأْس بِهِ، روى عَنهُ جمَاعَة، ويروي عَن عَائِشَة وَلم يُدْرِكهَا. وَرويت فِي هَذَا الْمَعْنى عَن أبي هُرَيْرَة رِوَايَات لَيست كلهَا بِشَيْء، وأحسنها حَدِيث فليح. (2428) وَذكر حَدِيث أبي هُرَيْرَة: " من سُئِلَ عَن علم فكتمه ألْجمهُ الله بلجام من نَار ". وَسكت عَنهُ، وَقد بَينا علته فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي سكت عَنْهَا مصححاً لَهَا. وَله إِسْنَاد أحسن من ذَاك. قَالَ قَاسم ابْن أصبغ: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْهَيْثَم أَبُو الْأَحْوَص، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن أبي السّري الْعَسْقَلَانِي، حَدثنَا مُعْتَمر بن سُلَيْمَان، عَن أَبِيه، عَن عَطاء، عَن أبي هُرَيْرَة رَفعه قَالَ: " من سُئِلَ عَن علم فكتمه، ألْجمهُ الله بلجام من نَار يَوْم الْقِيَامَة ". هَؤُلَاءِ كلهم ثِقَات، وَابْن أبي السّري مُحَمَّد بن المتَوَكل ثِقَة حَافظ، ولكثرة محفوظه أحصيت عَلَيْهِ أَوْهَام، لم يعد بهَا كَبِير الْوَهم، وَإِنَّمَا هِيَ معايب عدت على نبيل، وسقطات أحصيت على فَاضل. وَمُحَمّد بن الْهَيْثَم أَبُو الْأَحْوَص [الْبَغْدَادِيّ الْمَعْرُوف بالقنطري، وَبِه] يلقب، سكن [عكبرة، وَكَانَ قَاضِي أَهلهَا وفيهَا توفّي يروي] عَن جمَاعَة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 218 وروت عَنهُ جمَاعَة كَبِيرَة، مِنْهُم قَاسم بن أصبغ، قَالَ فِيهِ الدَّارَقُطْنِيّ: ثِقَة حَافظ. وَقَالَ فِيهِ عبد الرَّحْمَن بن يُوسُف بن خرَاش: هَذَا أحد الْأَثْبَات المتقنين، ذكر ذَلِك الْخَطِيب. (2429) وَذكر من طَرِيق ابْن أبي شيبَة، من حَدِيث زيد بن ثَابت، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنَّه تَأتِينِي كتب من أنَاس لَا أحب أَن يَقْرَأها كل أحد، فَهَل تَسْتَطِيع أَن تعلم كتاب السريانية ". الحَدِيث. وَسكت عَنهُ مصححاً لَهُ، وَإِنَّمَا يرويهِ عَن الْأَعْمَش: يحيى بن عِيسَى الرَّمْلِيّ، وَقد بَينا مَا فِيهِ فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي سكت عَنْهَا مصححا لَهَا، ونقول الْآن: إِن لَهُ إِسْنَادًا خيرا جيدا من الَّذِي ذكر. قَالَ أَبُو بكر بن أبي خَيْثَمَة: حَدثنَا أبي، حَدثنَا جرير، عَن الْأَعْمَش، عَن ثَابت بن عبيد، عَن زيد بن ثَابت، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تحسن السريانية؟ ، إِنَّهَا تَأتِينِي كتب " قلت: لَا، قَالَ: [فتعلمها] قَالَ: فتعلمتها فِي سَبْعَة عشر يَوْمًا. هَذَا إِسْنَاد صَحِيح، وَفِيه الْأَمر بتعلمها. (2430) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، من رِوَايَة الْوَلِيد بن زروان عَن أنس بن مَالك، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " كَانَ إِذا تَوَضَّأ أَخذ كفا من مَاء فَأدْخلهُ تَحت الجزء: 5 ¦ الصفحة: 219 حنكه " الحَدِيث. وَأتبعهُ أَن قَالَ: الْوَلِيد بن زروان روى عَنهُ حجاج، وجعفر بن برْقَان، وَأَبُو الْمليح الرقي. وَلم يزدْ على ذَلِك، وَقد بيّنت أمره فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي صححها بسكوته. وأعدت الْآن ذكره لأنبه على إِسْنَاد لَهُ خير من هَذَا، وَهُوَ مَا ذكر مُحَمَّد بن يحيى الذهلي، فِي كِتَابه فِي علل حَدِيث الزُّهْرِيّ، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن خَالِد الصفار من أَصله وَكَانَ صدوقاُ، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن حَرْب قَالَ: حَدثنَا الزبيدِيّ عَن الزُّهْرِيّ، عَن أنس بن مَالك أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تَوَضَّأ فَأدْخل أَصَابِعه تَحت لحيته فخللها بأصابعه " ثمَّ قَالَ: " هَكَذَا أَمرنِي رَبِّي جلّ وَعز " هَذَا الْإِسْنَاد صَحِيح، وَلَا يضرّهُ رِوَايَة من رَوَاهُ عَن مُحَمَّد [بن حَرْب عَن الزبيدِيّ أَنه بلغه عَن أنس] فقد يُرَاجع كِتَابه، فَيعرف مِنْهُ أَن الَّذِي حَدثهُ بِهِ هُوَ الزُّهْرِيّ، فَيحدث بِهِ، فَيَأْخذهُ عَنهُ الصفار وَغَيره، وَهَذَا الَّذِي أَشرت إِلَيْهِ هُوَ الَّذِي اعتل بِهِ عَلَيْهِ مُحَمَّد بن يحيى الذهلي حِين ذكره. وَنَصّ كَلَامه هُوَ أَن قَالَ: حَدثنَا يزِيد بن عبد ربه، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن حَرْب، عَن الزبيدِيّ أَنه بلغه عَن أنس بن مَالك أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " تَوَضَّأ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 220 فَأدْخل أَصَابِعه تَحت لحيته " قَالَ مُحَمَّد بن يحيى: الْمَحْفُوظ عندنَا حَدِيث يزِيد بن عبد ربه، وَحَدِيث الصَّفَا واه، هَذَا نَص مَا قَالَ، فَانْظُر فِيهِ، وَيزِيد بن عبد ربه وَثَّقَهُ. (2431) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، حَدِيث الْمِقْدَام بن معد يكرب، فِي إِدْخَال الأصبعين فِي صماخي الْأُذُنَيْنِ. وَسكت عَنهُ، وَقد بَينا ضعفه فِي بَاب الْأَحَادِيث المصححة بسكوته. وَنَذْكُر الْآن أَن هَذَا الْمَعْنى قد رُوِيَ من طَرِيق، إِن لم يكن صَحِيحا فقد أورد هُوَ بِهِ حَدِيثا وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حَدِيث عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل، عَن الرّبيع بنت معوذ بن عفراء فِي مسح الرَّأْس، والصدغين، والأذنين، وَأورد بعده بِهِ " مسح بِرَأْسِهِ مرَّتَيْنِ " ثمَّ قَالَ: كَانَ الْحميدِي، وَأحمد، وأسحاق، يحتجون بِحَدِيث عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل. فَإذْ هَذَا مذْهبه فِيهِ، فقد كَانَ يَنْبَغِي أَن يُورد هَذَا الْمَعْنى من طَرِيقه بِإِسْنَاد صَحِيح إِلَيْهِ. قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن سعيد، قَالَ: حَدثنَا وَكِيع، قَالَ: حَدثنَا الْحسن بن صَالح، عَن عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل، عَن الرّبيع بنت معوذ بن عفراء، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " تَوَضَّأ فَأدْخل أصبعيه فِي حجري أُذُنَيْهِ ". وَقد تقدم ذكر عمله فِي عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل، فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي سكت عَنْهَا مصححاً لَهَا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 221 (2432) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن أَوْس بن أبي أَوْس الثَّقَفِيّ أَنه رأى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَتَى كظامة قوم يَعْنِي الميضأة فَتَوَضَّأ فَمسح على نَعْلَيْه وقدميه. وَسكت عَنهُ مصححاً] لَهُ وحصلنا الْخلاف فِي هَذَا الحَدِيث، وَذكرنَا جَمِيعه، وَبينا علته فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي سكت عَنْهَا مصححاً لَهَا. ونقول الْآن: إِنَّه قد رُوِيَ الْمسْح على النَّعْلَيْنِ صَحِيحا من رِوَايَة ابْن عمر. قَالَ أَبُو بكر الْبَزَّار: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن سعيد، قَالَ: حَدثنَا روح بن عبَادَة، عَن ابْن أبي ذِئْب، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر: كَانَ يتَوَضَّأ ونعلاه فِي رجلَيْهِ، وَيمْسَح عَلَيْهِمَا، وَيَقُول: " كَذَلِك كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يفعل ". قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ رَوَاهُ عَن نَافِع إِلَّا ابْن أبي ذِئْب، وَلَا نعلم رَوَاهُ عَنهُ إِلَّا روح، وَإِنَّمَا كَانَ يمسح عَلَيْهِمَا، لِأَنَّهُ تَوَضَّأ من غير حدث، وَكَانَ يتَوَضَّأ لكل صَلَاة من غير حدث، فَهَذَا مَعْنَاهُ عندنَا. انْتهى كَلَام الْبَزَّار. وَقد سلم صِحَة الحَدِيث، وَذَلِكَ مَا أردنَا. (2433) وَذكر من طَرِيق مُسلم، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا جلس بَين شعبها الْأَرْبَع، ثمَّ جهدها، فقد وَجب الْغسْل وَإِن لم ينزل ". هَذَا نَص مَا ذكر، وَأتبعهُ تضعيفاً لحَدِيث غَيره، ثمَّ قَالَ: وَالصَّحِيح حَدِيث مُسلم. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 222 والْحَدِيث الْمَذْكُور، هُوَ عِنْد مُسلم من رِوَايَة هِشَام الدستوَائي، عَن قَتَادَة ومطر، عَن الْحسن، عَن أبي رَافع عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا جلس بَين شعبها الْأَرْبَع، ثمَّ جهدها، فقد وَجب عَلَيْهِ الْغسْل " وَفِي حَدِيث مطر: " وَإِن لم ينزل ". هَذَا نَص مَا أورد مُسلم، فَالْمُعْتَمَد عِنْده إِذن رِوَايَة قَتَادَة، فَأَما رِوَايَة مطر فممتنعة. ومطر عِنْده غير مُعْتَمد، وَقد ذكر فِيمَن عيب عَلَيْهِ الْإِخْرَاج عَنهُ. فسوق أبي مُحَمَّد الزِّيَادَة الْمَذْكُورَة هَكَذَا منسوبه إِلَى مُسلم، يُوهم خطأ، فَإِن مُسلما قد بَين أَنَّهَا عِنْده من رِوَايَة مطر، غير مقرونة بِرِوَايَة قَتَادَة. وَالَّذِي لأَجله نبهنا عَلَيْهِ الْآن، هُوَ أَن لَهَا إِسْنَادًا جيدا، وَأَنَّهَا زِيَادَة صَحِيحَة يَرْوِيهَا أَيْضا [قَتَادَة كَذَلِك. قَالَ الدراقطني: حَدثنَا أَبُو بكر النَّيْسَابُورِي قَالَ: حَدثنَا] عَليّ بن سهل، [حَدثنَا عَفَّان، حَدثنَا همام، حَدثنَا قَتَادَة عَن الْحسن] عَن أبي هُرَيْرَة، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا جلس بَين شعبها الْأَرْبَع، وأجهد نَفسه، فقد وَجب الْغسْل، أنزل أَو لم ينزل ". وَقَالَ قَاسم بن أصبغ: حَدثنَا أَحْمد بن زُهَيْر بن حَرْب، حَدثنَا عَفَّان بن مُسلم، حَدثنَا همام وَأَبَان، قَالَا: حَدثنَا قَتَادَة، عَن الْحسن، عَن أبي رَافع، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا قعد بَين شعبها الْأَرْبَع، وأجهد نَفسه، فقد وَجب الْغسْل، أنزل أَو لم ينزل ". فهذان همام وَأَبَان وهما ثقتان قد رويا الزِّيَادَة الْمَذْكُورَة عَن قَتَادَة، وَقد صَحَّ عَن عَائِشَة أَنَّهَا فعلت ذَلِك هِيَ وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فاغتسلا، ذكره الجزء: 5 ¦ الصفحة: 223 الدَّارَقُطْنِيّ. وَقد كتبناه فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ضعفها، وَهِي صَحِيحَة من غير تِلْكَ الطّرق. (2434) وَذكر حَدِيث أبي هُرَيْرَة: " إِن الْمُؤمن لَيْسَ بِنَجس ". وَقد نبهنا عَلَيْهِ فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا مُتَّصِلَة وَهِي مُنْقَطِعَة. وَقد ذكرنَا لَهُ هُنَاكَ طَرِيقا صَحِيحا مُتَّصِلا، من رِوَايَة حُذَيْفَة من كتابي البُخَارِيّ وَأبي دَاوُد، فَاعْلَم ذَلِك. (2435) وَذكر حَدِيث أبي سعيد فِي بِئْر بضَاعَة، وَبينا الْعلَّة الَّتِي لأَجلهَا لم يقل فِيهِ: صَحِيح لَكِن حسن، فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي لم يبين عللها. وَنَذْكُر الْآن هُنَا أَن لَهُ إِسْنَادًا صَحِيحا من رِوَايَة سهل بن سعد. قَالَ قَاسم بن أصبغ: [حَدثنَا ابْن وضاح] حَدثنَا أَبُو عَليّ: عبد الصَّمد بن أبي سكينَة الْحلَبِي بحلب، قَالَ: حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن أبي حَازِم عَن أَبِيه، عَن سهل بن سعد، قَالُوا: يَا رَسُول الله، إِنَّك تتوضأ من بِئْر بضَاعَة، وفيهَا مَا يُنجي النَّاس والمحايض والخبث، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " المَاء لَا يُنجسهُ شَيْء ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 224 قَالَ قَاسم: هَذَا من أحسن شَيْء فِي بِئْر بضَاعَة. وَقَالَ مُحَمَّد بن عبد الْملك بن أَيمن: حَدثنَا ابْن وضاح، فَذكره أَيْضا بِإِسْنَادِهِ وَمَتنه [ ... . قَالَ ابْن حزم: وَعبد الصَّمد بن أبي] سكينَة، ثِقَة مَشْهُور، [ ... . وَقَالَ قَاسم: ويروى حَدِيث عَن] سهل بن سعد فِي بِئْر بضَاعَة من طرق، هَذَا خَيرهَا فَاعْلَم ذَلِك. (2436) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، عَن عبد الله بن سرجس قَالَ: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يغْتَسل الرجل بِفضل الْمَرْأَة، أَو الْمَرْأَة بِفضل الرجل، وَلَكِن يشرعان جَمِيعًا ". ثمَّ قَالَ: خرجه النَّسَائِيّ أَيْضا. انْتهى كَلَامه. فَاعْلَم أَن حَدِيث ابْن سرجس الْمَذْكُور، هُوَ عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ من رِوَايَة عبد الْعَزِيز بن الْمُخْتَار، عَن عَاصِم الْأَحول، عَن عبد الله بن سرجس. وَشعْبَة يُخَالِفهُ، فيرويه عَن عَاصِم فيقفه. وَلما ذكره الدَّارَقُطْنِيّ أورد رِوَايَة شُعْبَة، ثمَّ قَالَ: وَهِي أولى بِالصَّوَابِ، وَذكر التِّرْمِذِيّ فِي علله من البُخَارِيّ أَنه قَالَ: الصَّحِيح فِيهِ مَوْقُوف. وَعِنْدِي أَن عبد الْعَزِيز بن الْمُخْتَار قد رَفعه وَهُوَ ثِقَة، وَلَا يضرّهُ وقف من الجزء: 5 ¦ الصفحة: 225 وَقفه، وَلَكِن شيخ الدَّارَقُطْنِيّ فِيهِ وَهُوَ عبد الله بن مُحَمَّد بن سعيد لَا تعرف حَاله، وَهُوَ أَبُو مُحَمَّد الْمُقْرِئ، الْمَعْرُوف بِابْن الْجمال، وَقد ذكره الْخَطِيب وَعرف برواته وتاريخ وَفَاته، غير حَاله فَلم يعرض لَهَا وَلَعَلَّه سيوجد فِيهِ تَعْرِيف بِحَالهِ، أَو يُوجد الحَدِيث بِإِسْنَاد غَيره إِلَى عبد الْعَزِيز بن الْمُخْتَار. فَأَما الْآن فَهُوَ عِنْدِي غير صَحِيح، وَأَصَح مِنْهُ وَأولى بِأَن يكون فِي هَذَا الْبَاب، حَدِيث حميد بن عبد الرَّحْمَن، قَالَ: لقِيت رجلا صحب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَمَا صَحبه أَبُو هُرَيْرَة أَربع سِنِين قَالَ: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يمتشط أَحَدنَا كل يَوْم، أَو يتبول فِي مغتسله، أَو يغْتَسل الرجل بِفضل الْمَرْأَة، أَو الْمَرْأَة بِفضل الرجل، وليغترفا جَمِيعًا ". يرويهِ النَّسَائِيّ عَن قُتَيْبَة، عَن أبي عوَانَة، عَن دَاوُد الأودي، عَن حميد. وَدَاوُد هَذَا وَثَّقَهُ ابْن معِين وَالنَّسَائِيّ، وَغلط أَبُو مُحَمَّد بن حزم فِيهِ غَلطا قد بَيناهُ عَلَيْهِ فِي أَمْثَاله، وَسبق إِلَى ذَلِك أَبُو بكر بن مفوز وَذَلِكَ [أَن ابْن حزم قَالَ: إِن كَانَ دَاوُد عَم ابْن إِدْرِيس فَهُوَ] ضَعِيف وَإِن [كَانَ غَيره فَهُوَ مَجْهُول وَابْني عَم ابْن] إِدْرِيس، هُوَ دَاوُد بن يزِيد الأودي، فَأَما هَذَا فَهُوَ دَاوُد بن عبد الله الأودي، وَقد وَثَّقَهُ من ذكرنَا وَغَيرهم. وَقد كتب الْحميدِي إِلَى ابْن حزم من الْعرَاق يُخبرهُ بِصِحَّة هَذَا الحَدِيث وَبَين لَهُ أَمر هَذَا الرجل، فلآ أَدْرِي، أرجع عَن قَوْله أم لَا؟ وأظن أَن أَبَا مُحَمَّد: عبد الْحق، إِنَّمَا عَنى بقوله: خرجه النَّسَائِيّ أَيْضا، هَذَا الحَدِيث، فَإِنَّهُ لم يخرج حَدِيث عبد الله بن سرجس، وَلم يكن يَنْبَغِي لَهُ أَن يَقُول ذَلِك حَتَّى يبين أَنه من رِوَايَة غير عبد الله بن سرجس، إِلَّا أَن يكون اعْتقد أَن هَذَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 226 الرجل الَّذِي لم يسم، هُوَ عبد الله بن سرجس، فَإِنَّهُ أحد الْأَقْوَال فِيهِ، وَقيل: الحكم بن عَمْرو الْغِفَارِيّ، وَقيل: عبد الله بن مُغفل الْمُزنِيّ. وَقد تقدم ذكر هَذَا الحَدِيث فِي بَاب الْأَحَادِيث المردفة على رِوَايَات رُوَاة كَأَنَّهَا عَنْهُم، وَلَيْسَت كَذَلِك. (2437) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ حَدِيث أنس، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الدُّعَاء لَا يرد بَين الْأَذَان وَالْإِقَامَة ". وَأتبعهُ تَحْسِين التِّرْمِذِيّ إِيَّاه ". وَلم يبين لم لَا يَصح، وَقد كتبناه وَبينا لم لَا يَصح، وَأَنه ضَعِيف بِضعْف زيد الْعمي. وَالَّذِي لأَجله نعيده الْآن، هُوَ أَنه قد تَركه بِإِسْنَاد جيد، وَفِيه مَعَ ذَلِك زِيَادَة، وَترك مِنْهُ أَيْضا بِالْإِسْنَادِ الَّذِي بِهِ ذكره التِّرْمِذِيّ وَنَقله هُوَ عَنهُ زِيَادَة بذلك الْإِسْنَاد، سَنذكرُهُ من أجلهَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي بَاب الزِّيَادَات. والإسناد الْجيد، هُوَ مَا ذكر ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه، وَابْن سنجر فِي مُسْنده، عَن عبيد الله بن مُوسَى، عَن إِسْرَائِيل، عَن أبي إِسْحَاق، عَن بريد ابْن أبي مَرْيَم، عَن أنس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الدُّعَاء لَا يرد بَين الْأَذَان وَالْإِقَامَة، فَادعوا " وَهَذَا إِسْنَاد جيد، وَبُرَيْدَة ثِقَة، فاعلمه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 227 (2438) وَذكر أَيْضا من طَرِيق، أبي دَاوُد حَدِيث عقبَة بن [عَامر أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من أم النَّاس فَأصَاب الْوَقْت، فَلهُ وَلَهُم، وَمن انْتقصَ] من ذَلِك شَيْئا فَعَلَيهِ وَلَا عَلَيْهِم ". وَسكت عَنهُ مصححاً لَهُ، وَبينا فِي الْبَاب الْمَعْقُود لهَذَا أَنه لَيْسَ بِصَحِيح، وَترك مِنْهُ زِيَادَة، هِيَ بِإِسْنَادِهِ الْمَذْكُور بِهِ عِنْد أبي دَاوُد، سَنذكرُهُ من أجلهَا فِي الْبَاب الْمَعْقُود للزيادات. وَالَّذِي لأَجله نذكرهُ الْآن، هُوَ أَنه عِنْد أبي دَاوُد، من رِوَايَة ابْن وهب، عَن يحيى بن أَيُّوب، عَن عبد الرَّحْمَن بن حَرْمَلَة الْمدنِي، عَن أبي عَليّ الْهَمدَانِي، عَن عقبَة. وَعبد الرَّحْمَن بن حَرْمَلَة، أَبُو حَرْمَلَة، مدنِي، أحد أَشْيَاخ مَالك، وَثَّقَهُ قوم وَضَعفه آخَرُونَ من أجل حفظه، وَحكى عَنهُ ابْن معِين أَنه قَالَ: " كنت لَا أحفظ، فَرخص لي سعيد بن الْمسيب فِي الْكتاب. فعلى هَذَا أَن يتَوَقَّف فِيمَا لم يعلم أَنه حدث بِهِ من كِتَابه، وَقد لَا يعْتَمد هَذَا فِي التَّوَقُّف عَن حَدِيثه غَيرنَا. وَكَذَلِكَ مَا ذكره ابْن الْمَدِينِيّ، عَن يحيى الْقطَّان من قَوْله عَنهُ " إِنَّه كَانَ يلقن، وَلَو شِئْت أَن ألقنه أَشْيَاء ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 228 هُوَ أَيْضا مِمَّا قد لَا يرى غَيرنَا التَّوَقُّف بِهِ عَن حَدِيثه، لِأَنَّهُ لم يثبت عَنهُ أَنه تلقن خطأ، وَلَكِن مَعَ هَذَا، فَاعْلَم أَنه قد رَوَاهُ عَن أبي عَليّ الْهَمدَانِي غَيره، مِمَّن هُوَ ثِقَة عِنْدهم، وَهُوَ حَرْمَلَة بن عمرَان التجِيبِي. قَالَ أَبُو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا الرّبيع بن سُلَيْمَان الجيزي، حَدثنَا سعيد ابْن كثير بن عفير، حَدثنَا يحيى بن أَيُّوب، عَن حَرْمَلَة بن عمرَان، عَن أبي عَليّ الْهَمدَانِي، سَمِعت عقبَة بن عَامر، سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول فَذكره. قَالَ الطَّحَاوِيّ: أهل الْعلم بِالْحَدِيثِ يَقُولُونَ: الصَّوَاب فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث: " يحيى بن أَيُّوب، عَن حَرْمَلَة، عَن أبي عَليّ الهمذاني " لِأَن عبد الرَّحْمَن لَا يعرف لَهُ سَماع من أبي عَليّ. انْتهى قَول الطَّحَاوِيّ. وَهُوَ كَمَا ذكر فاعلمه. (2439) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن أبي هُرَيْرَة حَدِيث: " أول مَا يُحَاسب بِهِ العَبْد يَوْم الْقِيَامَة الصَّلَاة ". وَسكت عَنهُ، وَذَكَرْنَاهُ فِي بَاب [الْأَحَادِيث المصححة بسكوته، وَبينا الْخلاف] الَّذِي فِيهِ و [نقُول الْآن: إِنَّه قد رُوِيَ بِسَنَد صَحِيح قَالَ النَّسَائِيّ: أخبرنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، قَالَ: حَدثنَا النَّضر بن شُمَيْل، قَالَ: أخبرنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن الْأَزْرَق بن قيس، عَن يحيى بن يعمر عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن أول مَا يُحَاسب بِهِ العَبْد صلَاته، فَإِن كَانَ أكملها وَإِلَّا قَالَ الله: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 229 انْظُرُوا ألعبدي من تطوع؟ فَإِن وجد لَهُ، قَالَ: أكملوا بِهِ الْفَرِيضَة ". الْأَزْرَق بن قيس الْحَارِثِيّ، بَصرِي، وثقة ابْن معِين وَقَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِم: صَالح الحَدِيث، وَلَيْسَ فِي الْإِسْنَاد من يوضع فِيهِ النّظر سواهُ (2440) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن عَائِشَة، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كَانَ لَا يتَوَضَّأ بعد الْغسْل ". وَأتبعهُ قَول التِّرْمِذِيّ فِيهِ: حسن صَحِيح. وَهُوَ إِنَّمَا يرويهِ عَن التِّرْمِذِيّ شريك، عَن أبي إِسْحَاق، عَن الْأسود عَن عَائِشَة. وَكَانَ حَقه أَن لَا يقنع فِيهِ بتصحيح التِّرْمِذِيّ، لِأَنَّهُ يضعف بِشريك الْأَحَادِيث، إِذا لم يصححها لَهُ التِّرْمِذِيّ. من ذَاك حَدِيث: " إِن بني إِسْرَائِيل لما قصوا ضلوا ". ضعفه، وَلَيْسَ فِيهِ من بِهِ يضعف إِلَّا شريك. وَالَّذِي نريده الْآن، هُوَ أَن للْحَدِيث طَرِيقا خيرا من هَذَا من غير رِوَايَة شريك، ذكره النَّسَائِيّ، قَالَ: أخبرنَا أَحْمد بن عُثْمَان بن حَكِيم، قَالَ: حَدثنَا أبي، حَدثنَا حسن بن صَالح، عَن أبي إِسْحَاق فَذكره. الْحسن بن صَالح بن حَيّ، خير من شريك، وَعُثْمَان بن حَكِيم أخرج الجزء: 5 ¦ الصفحة: 230 لَهُ البُخَارِيّ، وَابْنه أَحْمد أخرج لَهُ مُسلم وَالْبُخَارِيّ رحمهمَا الله. (2441) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن مَرْوَان بن الحكم، قَالَ: قَالَ لي زيد بن ثَابت: " مَالك تقْرَأ فِي صَلَاة الْمغرب بقصار الْمفصل، وَقد رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقْرَأ فِي الْمغرب بطولى الطوليين " الحَدِيث. كَذَا أوردهُ وَسكت عَنهُ، وَمَا مثله صحّح، فَإِن مَرْوَان بن الحكم متوسط بَين عُرْوَة بن الزبير، وَزيد بن ثَابت، وَهَكَذَا كَانَ الْأَمر فِي حَدِيث بسرة فِي الْوضُوء من مس الذّكر، فَقَالَ ابْن معِين: أَبى [ ... .] ونه من رِوَايَة مَرْوَان وَلَكِن صَحَّ أَن عُرْوَة استثبت فِي ذَلِك، بِأَن سَأَلَ عَنهُ بسرة، فصدقت مَرْوَان بِمَا قَالَ عَنْهَا من ذَلِك. واعتراه أَيْضا وَالله أعلم مثل ذَلِك فِي هَذَا الحَدِيث، فَسَأَلَ زيد ن ثَابت عَنهُ بعد أَن كَانَ قد حَدثهُ بِهِ مَرْوَان. قَالَ الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا الرّبيع بن سُلَيْمَان الجيزي قَالَ: حَدثنَا أبوزرعة قَالَ: حَدثنَا حَيْوَة، قَالَ: أخبرنَا أَبُو الْأسود أَنه سمع عُرْوَة بن الزبير يَقُول: أَخْبرنِي زيد بن ثَابت أَنه قَالَ لمروان بن الحكم: أَبَا عبد الْملك مَا يحملك أَن تقْرَأ فِي صَلَاة الْمغرب قل هُوَ الله أحد، وَسورَة أُخْرَى صَغِير؟ قَالَ زيد: فوَاللَّه لقد سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقْرَأ فِي صَلَاة الْمغرب بأطول الطول وَهِي المص. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 231 فَفِي هَذَا أَن عُرْوَة سَمعه من زيد بن ثَابت، فإمَّا أَن يكون سَمعه مِنْهُ بعد أَن حَدثهُ بِهِ مَرْوَان عَنهُ، أَو حَدثهُ بِهِ زيد أَولا، وسَمعه أَيْضا من مَرْوَان فَصَارَ يحدث بِهِ على الْوَجْهَيْنِ، وَذَلِكَ وَالله أعلم أَنه لم يكن يعتمده فِيمَا يروي، فَلذَلِك كَانَ يستظهر عَلَيْهِ. وَأَبُو الْأسود، هُوَ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن نَوْفَل يَتِيم عُرْوَة، أحد الثِّقَات، وَأَبُو زرْعَة الرَّاوِي عَنهُ، هُوَ وهب الله بن رَاشد، مُؤذن الْفسْطَاط، صَدُوق. (2442) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد حَدِيث سَمُرَة " أمرنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن نرد على الإِمَام وَأَن نتحاب، وَأَن يسلم بَعْضنَا على بعض ". وَقد كتبناه بِمَا فِيهِ فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي لم يعبها بسوى الْإِرْسَال ,. وَنَذْكُر الْآن هُنَا أَنه قد رُوِيَ من طَرِيق جيد. قَالَ الْبَزَّار: حَدثنَا عَمْرو بن عَليّ، حَدثنَا عبد الْأَعْلَى بن الْقَاسِم، حَدثنَا همام، عَن قَتَادَة، عَن الْحسن، عَن سَمُرَة: " أمرنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن نسلم على أَئِمَّتنَا، وَأَن يسلم بَعْضنَا على بعض فِي الصَّلَاة ". فَهَذَا أبين لفظا، فَإِن الأول لم يتَبَيَّن فِيهِ أَن السَّلَام الْمَأْمُور [برده على الإِمَام وعَلى بَعضهم الْبَعْض، يكون دَاخل الصَّلَاة أَو خَارِجهَا، بِخِلَاف هَذَا] فَإِن السَّلَام الْمَذْكُور [فِيهِ مُقَيّد بِالصَّلَاةِ، ويؤكد أَن الأول غير مُرَاد بِهِ دَاخل الجزء: 5 ¦ الصفحة: 232 الصَّلَاة، حَدِيث أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول] الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَا تدخلون الْجنَّة حَتَّى تؤمنوا، وَلَا تؤمنوا حَتَّى تحَابوا، أَولا أدلكم على شَيْء إِذا فعلتموه تحاببتم: أفشو السَّلَام بَيْنكُم ". وَتبين فِي هَذَا الحَدِيث الَّذِي ذكر الْبَزَّار أَن السَّلَام الْمَذْكُور هُوَ فِي الصَّلَاة، فَهِيَ زِيَادَة دَاخِلَة فِي بَاب الزِّيَادَات الَّتِي تفِيد فِي الْأَحَادِيث فَائِدَة أَو تَفْسِير معنى من مَعَانِيهَا، وَهُوَ أَيْضا أحسن إِسْنَادًا، فَإِن همام بن يحيى لَا يفاضل بَينه وَبَين سعيد بن بشير فِي قَتَادَة. وَعبد الْأَعْلَى بن الْقَاسِم اللؤْلُؤِي صَدُوق. (2443) وَذكر من طَرِيق مُسلم حَدِيث عَائِشَة: قَالَت: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي فِيمَا بَين أَن يفرغ من صَلَاة الْعشَاء وَهِي الَّتِي يَدْعُو النَّاس الْعَتَمَة إِلَى الْفجْر، إِحْدَى عشرَة رَكْعَة، يسلم بَين كل رَكْعَتَيْنِ، ويوتر بِوَاحِدَة، فَإِذا سكت الْمُؤَذّن من صَلَاة الْفجْر، وَتبين لَهُ الْفجْر، وجاءه الْمُؤَذّن قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ خفيفتين ثمَّ اضْطجع على شقة الْأَيْمن حَتَّى يَأْتِيهِ الْمُؤَذّن بِالْإِقَامَةِ ". هَكَذَا أوردهُ، وَلم يُورد فِي مَعْنَاهُ غَيره، وَلَا أَدْرِي لم اخْتَارَهُ، وَهُوَ من رِوَايَة حَرْمَلَة بن يحيى عِنْد مُسلم، وحرملة قد تكلم فِيهِ وَهُوَ أَيْضا مثبج الجزء: 5 ¦ الصفحة: 233 اللَّفْظ، وَذَلِكَ فِي قَوْله: " يسلم بَين كل رَكْعَتَيْنِ "، وَإِنَّمَا أَرَادَ: من كل رَكْعَتَيْنِ وَفِي قَوْله: وَإِذا سكت الْمُؤَذّن من صَلَاة الْفجْر، وَإِنَّمَا أَرَادَ إِذا سكت الْمُؤَذّن من الْأَذَان الأول لصَلَاة الْفجْر، وَفِيه مَا لَا يعرف إِلَّا مِنْهُ، وَهُوَ قَوْله: إِن الْمُؤَذّن كَانَ يَأْتِيهِ بعد فَرَاغه من الْأَذَان قبل أَن يرْكَع رَكْعَتي الْفجْر، ثمَّ يَأْتِيهِ مرّة أُخْرَى للإقامة، وَهَذَا مَا لَا يعرف فِي غَيره. وَفِي حَدِيث ابْن عَبَّاس حِين بَات عِنْده أَنه نَام بعد الْوتر حَتَّى جَاءَهُ الْمُؤَذّن، فَقَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ خفيفتين، ثمَّ خرج إِلَى الصَّلَاة، إِلَّا أَن هَذَا إِخْبَار عَن قَضِيَّة مَخْصُوصَة، نَام فِيهَا بعد الْوتر، وَالْمَعْرُوف من حَدِيث عَائِشَة، وَحَفْصَة، وَغَيرهمَا إِنَّمَا هُوَ أَنه كَانَ [يرْكَع رَكْعَتَيْنِ خفيفتين، ثمَّ يضطجع على شقَّه الْأَيْمن، حَتَّى يَأْتِيهِ الْمُؤَذّن] للإقامة. وَفِي الحَدِيث الْمَذْكُور أَيْضا أَنه صلى ثَلَاث عشرَة رَكْعَة بركعتي الْفجْر، وَذَلِكَ صَحِيح من طرق كَثِيرَة جدا. وَالَّذِي قصدت الْآن بَيَانه، هُوَ أَن الحَدِيث ذكره أَبُو دَاوُد، وَمن أصح من هَذَا الطَّرِيق. قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن إِبْرَاهِيم دُحَيْم، وَنصر بن عَاصِم الْأَنْطَاكِي، قَالَا: حَدثنَا الْوَلِيد، قَالَ: حَدثنَا الْأَوْزَاعِيّ، قَالَ نصر: عَن ابْن أبي ذِئْب [الْأَوْزَاعِيّ] عَن الزُّهْرِيّ، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة قَالَت: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي فِيمَا بَين أَن يفرغ من صَلَاة الْعشَاء إِلَى أَن ينصدع الْفجْر إِحْدَى عشرَة رَكْعَة، يسلم من كل ثِنْتَيْنِ، ويوتر بِوَاحِدَة، وَيمْكث فِي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 234 سُجُوده قدر مَا يقْرَأ أحدكُم خمسين آيَة، قبل أَن يرفع رَأسه، فَإِذا سكت الْمُؤَذّن بِالْأولَى من صَلَاة الْفجْر، قَامَ فَرَكَعَ خفيفتين، ثمَّ اضْطجع على شقَّه الْأَيْمن حَتَّى يَأْتِيهِ الْمُؤَذّن " فَهَذَا أصح إِسْنَادًا ولفظاً الله الْمُوفق. (2444) وَذكر أَيْضا فِي الْجِهَاد حَدِيث: " من أَطَاعَنِي فقد أطَاع الله ". وَهُوَ لفظ يرويهِ مُسلم عَن حَرْمَلَة، وَله لفظ آخر آحسن مِنْهُ، بطرِيق لَا مغمز فِيهِ فِي كتاب مُسلم أَيْضا تَركه، فَإِن فِي الَّذِي سَاق " وَمن أطَاع أَمِيري، وَمن عصى أَمِيري "، وَفِي الَّذِي ترك " وَمن يطع الْأَمِير فقد أَطَاعَنِي، وَمن يعْص الْأَمِير فقد عَصَانِي ". وَهَذَا أَعم فِي كل أَمِير، وَإِسْنَاده: حَدثنَا يحيى بن يحيى، حَدثنَا الْمُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن الْحزَامِي، عَن أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة فَذكره. (2445) وَذكر من طَرِيق مُسلم أَيْضا حَدِيث أم هِشَام بنت حَارِثَة بن النُّعْمَان " مَا أخدت " ق " إِلَّا على لِسَان رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يخْطب بهَا كل جُمُعَة ". وَهُوَ مُنْقَطع، وَله إِسْنَاد صَحِيح غير هَذَا عِنْد مُسلم، قد كتبنَا جَمِيع مَا يجب أَن يبين بِهِ هَذَا فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا مُتَّصِلَة وَهِي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 235 مُنْقَطِعَة، فِي الْمدْرك الأول مِنْهُ فعد إِلَيْهِ. (2446) وَذكر حَدِيث ابْن مَسْعُود فِي " النَّهْي عَن النعي " وَلَيْسَ بِصَحِيح، وَقد [كتبناه فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أعلها، وَلم يبين من أسانيدها مَوَاضِع الْعِلَل، ... . وَوجدنَا] لَهُ إِسْنَادًا صَحِيحا على مذْهبه، من رِوَايَة حُذَيْفَة، نذكرهُ هُنَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى. قَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن منيع، حَدثنَا عبد القدوس بن بكر بن خُنَيْس حَدثنَا حبيب بن سليم الْعَبْسِي، عَن بِلَال بن يحيى الْعَبْسِي، عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان، قَالَ: " إِذا مت فَلَا تؤذنوا بِي أحدا، إِنِّي أَخَاف أَن يكون نعياً، فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ينْهَى عَن النعي ". قَالَ التِّرْمِذِيّ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح. وَإِنَّا ألزمته ذكره، بِاعْتِبَار مذْهبه فِي قبُوله تَصْحِيح التِّرْمِذِيّ أَو غَيره إِذا صحّح لَهُ، وَهُوَ حَدِيث مُحْتَاج إِلَى نظر، وَذَلِكَ أَن بِلَال بن يحيى هَذَا وَإِن كَانَ ثِقَة، فَإِن أَبَا مُحَمَّد بن أبي حَاتِم قد قَالَ: إِنَّه وَحده يَقُول: بَلغنِي عَن حُذَيْفَة فَكَانَ هَذَا عِنْده ريباً فِي سَمَاعه مِنْهُ، وَقد روى عَن حُذَيْفَة أَحَادِيث معنعة، لَيْسَ فِي شَيْء مِنْهَا ذكر سَماع. وَالتِّرْمِذِيّ قد صحّح رِوَايَته عَنهُ، فمعتقده وَالله أعلم أَنه سمع مِنْهُ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 236 وحبِيب بن سليم الْعَبْسِي، قد روى عَنهُ وَكِيع، وَعِيسَى بن يُونُس، وَأَبُو نعيم. قَالَه أَبُو حَاتِم وَلم يزدْ. وَأرى أَن التِّرْمِذِيّ قد وَثَّقَهُ بتصحيح حَدِيثه. وَعبد القدوس بن بكر بن خُنَيْس، قَالَ أَبُو حَاتِم: لَا بَأْس بحَديثه. وَوَثَّقَهُ أَيْضا التِّرْمِذِيّ هُنَا. فَهَذَا الحَدِيث خير من الَّذِي سَاق أَبُو مُحَمَّد بِلَا شكّ، فَاعْلَم ذَلِك. (2447) وَذكر من طَرِيق مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَيْسَ فِي العَبْد صَدَقَة إِلَّا صَدَقَة الْفطر ". هَذَا اللَّفْظ هُوَ عِنْد مُسلم من رِوَايَة مخرمَة بن بكير، عَن أَبِيه، عَن عرَاك ابْن مَالك، عَن أبي هُرَيْرَة. وَقد بَينا فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي سَاقهَا على أَنَّهَا مُتَّصِلَة وَهِي مُنْقَطِعَة أَن مخرمَة لم يسمع من أَبِيه، وَمَا اعترى أَبَا مُحَمَّد فِيهِ. والْحَدِيث لَهُ إِسْنَاد حسن مُتَّصِل، ذكره قَاسم بن أصبغ، قَالَ: حَدثنَا أَبُو إِسْمَاعِيل [التِّرْمِذِيّ، حَدثنَا سعيد بن أبي مَرْيَم، حَدثنَا نَافِع بن يزِيد، عَن [جَعْفَر بن ربيعَة، [عَن عرَاك بن مَالك، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -] قَالَ: " لَا صَدَقَة فِي فرس الرجل وَلَا عَبده، إِلَّا صَدَقَة الْفطر ". أَبُو إِسْمَاعِيل: مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل التِّرْمِذِيّ، شيخ للنسائي، وَثَّقَهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 237 النَّسَائِيّ وَالنَّاس. وَلَيْسَ فِي الْإِسْنَاد من ينظر فِيهِ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَمْرو بن عبد الْخَالِق، قَالَ: حَدثنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن رشدين، قَالَ: حَدثنَا ابْن أبي مَرْيَم، حَدثنَا نَافِع ابْن يزِيد، عَن جَعْفَر بن ربيعَة، عَن عرَاك بن مَالك، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا صَدَقَة على الرجل فِي فرسه وَلَا عَبده، إِلَّا زَكَاة الْفطر ". أَبُو جَعْفَر: أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْحجَّاج بن رشدين بن سعد، ثِقَة عَالم بِالْحَدِيثِ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ أَيْضا: حَدثنَا أَبُو مُحَمَّد بن صاعد، قَالَ: حَدثنَا عَليّ بن دَاوُد، قَالَ: حَدثنَا يزِيد بن خَالِد بن موهب، قَالَ: حَدثنَا يحيى بن زَكَرِيَّاء بن أبي زَائِدَة، عَن عبيد الله بن عمر، عَن أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لَيْسَ فِي الْخَيل وَالرَّقِيق صَدَقَة، إِلَّا أَن فِي الرَّقِيق صَدَقَة الْفطر ". هَذِه كلهَا صِحَاح. (2448) وَذكر فِي الزَّكَاة من طَرِيق أبي أَحْمد، عَن عبد الحميد الْهِلَالِي، عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر، عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كل الجزء: 5 ¦ الصفحة: 238 مَعْرُوف صَدَقَة، وَمَا أنْفق الرجل على نَفسه وَأَهله كَانَ لَهُ صَدَقَة، وَمَا وقى رجل بِهِ عرضه فَهُوَ صَدَقَة، وَمَا أنْفق رجل من نفقه فعلى الله خلفهَا، إِلَّا مَا كَانَ من نَفَقَة فِي بُنيان أَو مَعْصِيّة ". قَالَ عبد الحميد: قلت لِابْنِ الْمُنْكَدر: مَا وقِي الرجل عرضه؟ قَالَ: يُعْطي الشَّاعِر أَو ذَا اللِّسَان. عبد الحميد: وَثَّقَهُ ابْن معِين، انْتهى مَا ذكره. وَهُوَ كَمَا قَالَ، إِلَّا فِي قَوْله فعلى الله خلفهَا، إِلَّا مَا كَانَ من نَفَقَة فِي بُنيان أَو مَعْصِيّة " فَإِن الحَدِيث هُوَ فِي الأَصْل هَكَذَا " فعلى الله خلفهَا ضَامِنا، إِلَّا مَا كَانَ من نَفَقَة فِي بُنيان أَو مَعْصِيّة ". فلفظة " ضَامِنا " هِيَ من كَلَام النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَلَا يَنْبَغِي أَن تختصر، وَفِي قَول ابْن الْمُنْكَدر: يُعْطي الشَّاعِر أَو ذَا [اللِّسَان يتقيه] نوع تَفْسِير للْحَدِيث الْمَرْفُوع. وَإِسْنَاده عِنْد أبي أَحْمد هُوَ: هَذَا حَدثنَا مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الباغندي، قَالَ: حَدثنَا سُوَيْد بن سعيد، قَالَ: حَدثنَا عبد الحميد بن الْحسن، فَذكره. وَوَقع فِي النُّسْخَة: " سعيد بن سعيد " وَهُوَ خطأ، وَإِنَّمَا هُوَ حَدثنَا سُوَيْد بن سعيد، والباغندي صَاحبه، وَعنهُ أَخذ، وَبِه عرف، فإعراض أبي مُحَمَّد عَن سُوَيْد بن سعيد الحدثاني خطأ، فَإِنَّهُ كَانَ قد أفرط فِي التَّدْلِيس، وَقَالَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 239 البُخَارِيّ: كَانَ قد عمي فلقن مَا لَيْسَ من حَدِيثه. وَقَالَ فِيهِ النَّسَائِيّ: ضَعِيف. وَأنْكرت عَلَيْهِ أَحَادِيث، وروى حَدِيثا فِي الَّذين يقيسون بآرائهم، قد كَانَ اتهمَ بِهِ نعيم بن حَمَّاد. وَبِالْجُمْلَةِ فَمَا مثله سكت عَنهُ. وَأَبُو مُحَمَّد نَفسه قد نبه على هَذَا فِي كتاب الْعلم، وَذكر السياجي أَن ابْن معِين نهى عَنهُ، وَتكلم فِيهِ كلَاما غليظاً. وَقَالَ أَبُو حَاتِم البستي: " سُوَيْد الحدثاني، يَأْتِي عَن الثِّقَات بالمعضلات، روى عَن عَليّ بن مسْهر عَن أبي يحيى القَتَّات، عَن مُجَاهِد، عَن ابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: (2449) " من عشق فعف وكتم فَمَاتَ، مَاتَ شَهِيدا " الجزء: 5 ¦ الصفحة: 240 قَالَ ابْن معِين: لَو كَانَ لي فرس ورمح لَكُنْت أغزو سُوَيْد بن سعيد ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 241 وَقَالَ هبة الله اللالكائي: من سمع مِنْهُ وَهُوَ بَصِير، فَحَدِيثه عَنهُ حسن. وأظن أَن أَبَا مُحَمَّد إِنَّمَا تسَامح فِيهِ لما علم أَن مُسلما أخرج لَهُ، وَلم يصب فِي ذَلِك، فَإِنَّهُ مِمَّن قد عيب عَلَيْهِ الْإِخْرَاج عَنهُ، أَو يكون رَآهُ فِي النُّسْخَة الَّتِي نقل مِنْهَا " سعيد بن سعيد " مغيراً، كَمَا قد أَخْبَرتك أَنه وَقع عِنْدِي، فعزب عَن خاطره سُوَيْد، فَلم يعرض لَهُ، وَيكون الْأَمر عَلَيْهِ حِينَئِذٍ أَشد، فَإِن سعيد بن سعيد فِي هَذَا الْمَكَان لَا يعرف. وَفِي الحَدِيث أَمر آخر، وَهُوَ أَن أَبَا بكر: مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الباغندي، قد أَكثر النَّاس فِيهِ، هُوَ عِنْدهم مِمَّن أَكثر من التَّدْلِيس. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: كَانَ كثير التَّدْلِيس، يحدث بِمَا لم يسمع، وَرُبمَا سرق. وَقَالَ أَبُو بكر البرقاني: سَأَلت أَبَا بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ عَنهُ، فَقَالَ: لَا [أَتَّهِمهُ فِي قصد الْكَذِب، وَلكنه خَبِيث التَّدْلِيس، ومصحف] أَيْضا. أَو قَالَ: كثير التَّصْحِيف، ثمَّ قَالَ: حُكيَ لي عَن سُوَيْد أَنه كَانَ يُدَلس، قَالَ] الْإِسْمَاعِيلِيّ كَأَنَّهُ تعلم من سُوَيْد التَّدْلِيس. وَقَالَ أَبُو الْفَتْح: مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي الفوارس: كَانَ الباغندي مدلساً. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 242 قَالَ أَبُو بكر الْخَطِيب: لم يثبت من أَمر الباغندي مَا يعاب بِهِ سوى التَّدْلِيس، وَرَأَيْت كَافَّة شُيُوخنَا يحتجون بحَديثه ويخرجونه فِي الصَّحِيح انْتهى كَلَام الْخَطِيب. وَقَوله عِنْدِي أعدل مَا قيل فِيهِ، فالحمل عَلَيْهِ بِالْكَذِبِ تعسف. وَمِمَّنْ ذكر ذَلِك عَنهُ أَبُو أَحْمد بن عدي، قَالَ: سَمِعت مُوسَى بن الْقَاسِم ابْن مُوسَى بن الْحسن الأشيب يَقُول: حَدثنِي أَبُو بكر، قَالَ سَمِعت إِبْرَاهِيم الْأَصْبَهَانِيّ يَقُول: أَبُو بكر الباغندي كَذَّاب. قَالَ أَبُو أَحْمد: وللباغندي أَشْيَاء أنْكرت عَلَيْهِ من الْأَحَادِيث، وَكَانَ مدلساً، وَأَرْجُو أَنه لَا يتَعَمَّد الْكَذِب. وَالْمَقْصُود أَن تعلم أَن مَا ترك أَبُو مُحَمَّد من الْإِسْنَاد وطوى ذكره، أَدخل فِي بَاب مَا ينظر فِيهِ ويبحث عَنهُ، من الْقطعَة الَّتِي ذكر مِنْهُ. وَقد صحت من الحَدِيث الْمَذْكُور قِطْعَة بِرِوَايَة غير سُوَيْد بن سعيد، من أجلهَا ذكرنَا الحَدِيث. فِي هَذَا الْبَاب، وَهِي مَا ذكر أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ فِي مُسْنده، قَالَ: حَدثنَا عبد الحميد - يَعْنِي ابْن الْحسن الْهِلَالِي الْمَذْكُور - حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر، عَن جَابر، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا وقى بِهِ الْمُؤمن عرضه فَهُوَ صَدَقَة ". (2450) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " من سكن الْبَادِيَة جَفا " الحَدِيث. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 243 وَسكت عَنهُ، وَقد بَينا علته فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي سكت عَنْهَا مصححاً لَهَا. وَنَذْكُر الْآن أَن لَهُ طَرِيقا خيرا من هَذَا الطَّرِيق الَّذِي هُوَ بِهِ عِنْد التِّرْمِذِيّ، وَقد أَشَارَ التِّرْمِذِيّ أَيْضا إِلَى هَذَا الَّذِي نذْكر، وَلم يُوصل بِهِ الْإِسْنَاد، إِنَّمَا قَالَ: فِي الْبَاب عَن أبي هُرَيْرَة. وَهُوَ حَدِيث ذكره الْبَزَّار قَالَ: حَدثنَا الْحسن بن مُحَمَّد الزَّعْفَرَانِي، حَدثنَا مُحَمَّد بن الصَّباح يَعْنِي الدولابي حَدثنَا إِسْمَاعِيل ابْن زَكَرِيَّاء، عَن الْحسن بن الحكم، عَن [عدي بن ثَابت، عَن أبي حَازِم عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -[قَالَ: " من بدا جَفا، وَمن اتبع الصَّيْد غفل " فَذكره بِتَمَامِهِ] قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث رَوَاهُ شريك عَن الْحسن بن الحكم، عَن عدي بن ثَابت، عَن الْبَراء. قَالَ إِسْمَاعِيل: عَن الْحسن، عَن عدي، عَن أبي حَازِم، وَالْحسن فَلَيْسَ بِالْحَافِظِ. انْتهى كَلَامه. هَكَذَا ذكر أَبُو حَاتِم البستي أَيْضا هَذَا الرجل أَعنِي الْحسن بن الحكم بِأَنَّهُ يُخطئ كثيرا ويهم شَدِيدا، وروى عَن عدي بن ثَابت، عَن أبي حَازِم، عَن أبي هُرَيْرَة رَفعه " من بدا جَفا، وَمن اتبع الصَّيْد غفل، وَمن أَتَى أَبْوَاب السُّلْطَان افْتتن، وَمَا ازْدَادَ من السُّلْطَان قرباً إِلَّا ازْدَادَ من الله بعدا " قَالَ: وروى عَن أبي بردة بن أبي مُوسَى، عَن عبد الله بن يزِيد الخطمي رَفعه. (2451) " عَذَاب أمتِي فِي الدُّنْيَا " انْتهى كَلَام البستي. وَهَذَا الحَدِيث الثَّانِي مُنكر، وَقد روى صَحِيحا من حَدِيث أبي مُوسَى، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 244 وَالزِّيَادَة الَّتِي زَاد، وَهِي قَوْله: " وَمَا ازْدَادَ " إِلَى آخِره، ذكره أَبُو دَاوُد من رِوَايَة الْحسن بن الحكم، عَن عدي بن ثَابت، عَن شيخ من الْأَنْصَار، عَن أبي هُرَيْرَة رَفعه لم يسمه بِأبي حَازِم. وَالْحسن بن الحكم هَذَا قد وَصفه الْبَزَّار والبستي بِمَا وصفاه بِهِ، وَقد حكى ابْن أبي حَاتِم، عَن ابْن معِين توثيقه، وَكَذَلِكَ عَن أَحْمد بن حَنْبَل. وَقَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِم: صَالح الحَدِيث. فَأرى هَذَا الحَدِيث حسنا، فَأَما الَّذِي ذكر أَبُو مُحَمَّد فضعيف فاعلمه. (2452) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد حَدِيث عَائِشَة، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا أَرَادَ الله بالأمير خيرا جعل لَهُ وَزِير صدق، إِن نسي ذكره، وَإِن ذكر أَعَانَهُ، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 245 وَإِذا أَرَادَ بِهِ غير ذَلِك، جعل لَهُ وَزِير سوء، إِن نسي لم يذكرهُ، وَإِن ذكر لم يعنه ". وَسكت عَنهُ، وَقد بَينا أمره فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي سكت عَنْهَا، وَنَذْكُر الْآن أَن لَهُ إِسْنَادًا أحسن من هَذَا، وَهُوَ مَا ذكر الْبَزَّار، قَالَ: حَدثنَا الْفضل بن سهل، حَدثنَا مَنْصُور بن أبي مُزَاحم، حَدثنَا أَبُو سعيد الْمُؤَدب، عَن يحيى بن سعيد، عَن عمْرَة، عَن عَائِشَة، قَالَت: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -[: " من ولي من أَمر الْمُسلمين شَيْئا فَأَرَادَ الله بِهِ خيرا جعل لَهُ وزيراً] صَالحا، إِن نسي [ذكره، وَإِن ذكر أَعَانَهُ " وَأَبُو سعيد الْمُؤَدب، اسْمه مُحَمَّد بن مُسلم بن] أبي الوضاح ثِقَة مَشْهُور، وسائرهم لَا يسْأَل عَنْهُم. (2453) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد حَدِيث بُرَيْدَة فِي قصَّة صَاحب الْحمار، الَّذِي قَالَ لَهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَنْت أَحَق بصدر دابتك " وَسكت عَنهُ، وَقد بَينا أمره فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي سكت عَنْهَا مصححاً لَهَا. ونقول الْآن: إِن لَهُ طَرِيقا أحسن من ذَلِك، ولفظاً أَعم من لَفظه، فَإِن هَذَا مُخَاطبَة لرجل مَخْصُوص. قَالَ الْبَزَّار: حَدثنَا عَبدة بن عبد الله، وَبشر بن آدم، قَالَا: حَدثنَا زيد بن الْحباب، قَالَ: حَدثنَا الْحُسَيْن بن وَاقد، عَن عبد الله بن بُرَيْدَة، عَن أَبِيه، أَن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 246 رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " صَاحب الدَّابَّة أَحَق بصدرها، وَالرجل أَحَق بصدر فرسه ". وَهَذَا إِسْنَاد ثَابت، وَزيد بن الْحباب، خير من عَليّ بن حُسَيْن رَاوِي الأول، عَن أَبِيه، عَن عبد الله بن بُرَيْدَة. فَأَما حَدِيث الْحسن بن عَليّ، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي هَذَا فَغير صَحِيح، فَإِن الْحسن بن عَليّ هَذَا هُوَ الْهَاشِمِي، مُنكر الحَدِيث، وَالْبَزَّار أَيْضا ذكر هَذَا الحَدِيث فاعلمه. (2454) وَذكر فِي أَن راية رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَت سَوْدَاء أَحَادِيث: مِنْهَا حَدِيث ابْن عَبَّاس: " كَانَت رايته سَوْدَاء وَلِوَاؤُهُ أَبيض ". وَهُوَ ضَعِيف، لحَال يزِيد بن حَيَّان، أخي مقَاتل بن حَيَّان، فَإِنَّهُ لم تثبت عَدَالَته، وَهُوَ مَعَ ذَلِك كثير الْغَلَط. ومرسل يحيى بن سعيد: " كَانَت سَوْدَاء تسمى الْعقَاب ". وَحَدِيث الْبَراء: " كَانَت سَوْدَاء، مربعة من نمرة ". وَفِيه رجلَانِ مَجْهُولَانِ: يُونُس بن عبيد، وَأَبُو يَعْقُوب: إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الثقفيان، وَقد بَينا ذَلِك أجمع فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي سكت عَنْهَا مصححاً لَهَا. ونقول الْآن: إِن هُنَاكَ إِسْنَادًا صَحِيحا بِهَذَا الْمَعْنى. قَالَ النَّسَائِيّ: أخبرنَا أَحْمد بن سُلَيْمَان وَهُوَ ثِقَة حَدثنَا عَفَّان، حَدثنَا يزِيد بن زُرَيْع، حَدثنَا سعيد عَن قَتَادَة، عَن أنس أَن ابْن أم مَكْتُوم كَانَت مَعَه راية سَوْدَاء فِي بعض مشَاهد الجزء: 5 ¦ الصفحة: 247 النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -[فَهَذِهِ بِلَا شكّ من رايات رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -] [ثمَّ قَالَ النَّسَائِيّ أَيْضا: أخبرنَا إِبْرَاهِيم بن يَعْقُوب، قَالَ: حَدثنَا] عَفَّان، حَدثنَا سَلام أَبُو الْمُنْذر، عَن عَاصِم، عَن أبي وَائِل، عَن الْحَارِث بن حسان، قَالَ: " دخلت الْمَسْجِد، فَإِذا الْمَسْجِد غاص بِالنَّاسِ، فَإِذا راية سَوْدَاء، قلت: مَا شَأْن النَّاس؟ قَالُوا: هَذَا رَسُول الله يُرِيد أَن يبْعَث عَمْرو بن الْعَاصِ وَجها ". سَلام أَبُو الْمُنْذر صَدُوق صَالح الحَدِيث، قَالَه أَبُو حَاتِم، وَقَول ابْن معِين: فِيهِ لَا شَيْء، هُوَ لفظ يَقُول لمن يقل حَدِيثه وَإِن لم يكن لَهُ بَأْس. (2455) وَذكر أَيْضا حَدِيث: " هدم الْمُتْعَة النِّكَاح وَالطَّلَاق "، وَذكرنَا ضعفه، وَأَنه رُوِيَ من طَرِيق أحسن من الَّذِي سَاقه مِنْهُ، وأوردناه فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي سكت عَنْهَا مصححاً لَهَا، انجر القَوْل إِلَى الْفَرَاغ من ذَلِك فِي الْبَاب الْمَذْكُور، فعد إِلَيْهِ. (2456) وَذكر من طَرِيق مُسلم عَن جَابر: أَتَى بِأبي قُحَافَة يَوْم فتح مَكَّة وَرَأسه ولحيته كالثغامة بَيَاضًا، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " غيروا هَذَا بِشَيْء، وَاجْتَنبُوا السوَاد ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 248 وَقد بَينا أَنه من رِوَايَة أبي الزبير عَن جَابر، من رِوَايَة ابْن جريح عَنهُ، وَلِلْحَدِيثِ طَرِيق أحسن من هَذَا من رِوَايَة أنس. قَالَ الْبَزَّار: حَدثنَا الْحسن ابْن أَحْمد بن أبي شُعَيْب الْحَرَّانِي، حَدثنَا مُحَمَّد بن سَلمَة الْحَرَّانِي، حَدثنَا هِشَام بن حسان، عَن مُحَمَّد بن سِيرِين، عَن أنس قَالَ: " جِيءَ بِأبي قُحَافَة يَوْم فتح مَكَّة، وَكَأن رَأسه ولحيته ثغامة بَيْضَاء، فَأمر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يغيروه ويجتنبوا السوَاد " كل هَؤُلَاءِ ثِقَات. (2457) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن أبي الزِّنَاد، قَالَ: كَانَ عُرْوَة بن الزبير يحدث عَن سهل بن أبي حثْمَة، عَن زيد بن ثَابت قَالَ: كَانَ النَّاس يتبايعون الثِّمَار قبل أَن يَبْدُو صَلَاحهَا، فَإِذا جد النَّاس وَحضر تقاضيهم، قَالَ الْمُبْتَاع أَصَابَهُ الدمَان. الحَدِيث. وَسكت عَنهُ، وافتطع من الْإِسْنَاد هَذِه الْقطعَة، وَترك مِنْهُ مَا فِيهِ [علته. قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن صَالح، حَدثنَا عَنْبَسَة بن خَالِد بن] أخي يُونُس بن [يزِيد قَالَ: سَأَلت أَبَا الزِّنَاد، فَذكره. وعنبسة بن خَالِد الْأَيْلِي] ، ابْن أخي يُونُس بن يزِيد لم تثبت عَدَالَته، بل إِن ثَبت عَنهُ مَا ذكر ابْن أبي حَاتِم فقد تجرح. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 249 قَالَ ابْن أبي حَاتِم: سَأَلت أبي عَنهُ فَقَالَ: كَانَ على خراج مصر، وَكَانَ يعلق النِّسَاء بالثدي. وَالْمَقْصُود الْآن بَيَان أَن هَذَا الْمَعْنى قد رُوِيَ بِخَير من هَذَا الْإِسْنَاد إِلَى يُونُس قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا يحيى بن صاعد، حَدثنَا عبد الله بن عبد السَّلَام، أَبُو الرداد بِمصْر، حَدثنَا وهب الله بن رَاشد، أَبُو زرْعَة الحجري، عَن يُونُس ابْن يزِيد، قَالَ: قَالَ أَبُو الزِّنَاد: كَانَ عُرْوَة يحدث عَن سهل بن أبي حثْمَة الْأنْصَارِيّ، أَنه أخبرهُ، أَن زيد بن ثَابت كَانَ يَقُول: كَانَ النَّاس فِي عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يتبايعون الثِّمَار، فَإِذا جد النَّاس وَحضر تقاضيهم، قَالَ الْمُبْتَاع: إِنَّه قد أصَاب الثَّمر مراق، وأصابه قشام، عاهات كَانُوا يحتجون بهَا، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين كثرت عِنْده الْخُصُومَة: " إِمَّا لَا، فَلَا تبتاعوا حَتَّى يَبْدُو صَلَاح الثَّمر ". كالمشهور يُشِير بهَا لِكَثْرَة خصومتهم. ووهب الله بن رَاشد، سُئِلَ أَبُو زرْعَة عَنهُ فَقَالَ: لَيْسَ لي بِهِ علم، لِأَنِّي لم أكتب عَن أحد عَنهُ. وَأما ابو حَاتِم فَقَالَ: مَحَله الصدْق. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 250 وروى عَنهُ بَنو عبد الحكم: مُحَمَّد، وَعبد الرَّحْمَن، وَسعد. وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم: قلت لمُحَمد بن مُسلم بن وارة: عَنْبَسَة بن خَالِد أحب، أَو وهب الله بن رَاشد؟ فَقَالَ: سُبْحَانَ الله! وَمن يقرن عَنْبَسَة إِلَى وهب الله؟ مَا سَمِعت بوهب الله إِلَّا الْآن مِنْكُم. وَهَذَا هُوَ على مَا قَالَ مُحَمَّد بن مُسلم أَن عَنْبَسَة أشهر من وهب الله، وَلَكِن علم أَبُو حَاتِم من عَنْبَسَة مَا لم يعلم مُحَمَّد بن مُسلم، مِمَّا يُوجب تَخْرِيجه، وَعلم من وهب الله أَنه صَدُوق، فروايته خير من رِوَايَة عَنْبَسَة. (2458) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن بُرَيْدَة بن حصيب، خرج رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي بعض مغازيه، فَلَمَّا انْصَرف جَاءَت جَارِيَة سَوْدَاء، فَقَالَت: يَا رَسُول الله، إِنِّي كنت [نذرت إِن ردك الله صَالحا أَن أضْرب بَين يَديك بالدف] الحَدِيث. وَقَالَ فِيهِ: [حسن صَحِيح. وَلَيْسَ كَذَلِك، لِأَن فِي إِسْنَاده عَليّ بن الْحُسَيْن بن وَاقد] فقد قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِم: ضَعِيف. وَقَالَ الْعقيلِيّ: كَانَ مرجئاً، وَلَكِن قد رَوَاهُ عَن حُسَيْن بن وَاقد غير الجزء: 5 ¦ الصفحة: 251 عَليّ الْمَذْكُور كَمَا قُلْنَاهُ فِي حَدِيث الْحمار الْمُتَقَدّم الذّكر الْآن. قَالَ ابْن أبي شيبَة: عَن زيد بن الْحباب، عَن حُسَيْن بن وَاقد، عَن ابْن بُرَيْدَة، عَن أَبِيه أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - غزا، فنذرت أمة سَوْدَاء إِن رده الله سالما أَن تضرب عِنْده بالدف، فَرجع سالما غانماً، فَأَخْبَرته، فَقَالَ: " إِن كنت فعلت فافعلي، وَإِلَّا فَلَا "، فَقَالَت: يَا رَسُول الله، قد فعلت، فَضربت، فَدخل أَبُو بكر وَهِي تضرب، وَدخل عَمْرو وَهِي تضرب، فَأَلْقَت الدُّف وَجَلَست عَلَيْهِ مقعية، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَنا هَا هُنَا، وَأَبُو بكر هَا هُنَا، وَهَؤُلَاء هَا هُنَا، إِنِّي لأحسب الشَّيْطَان يفرق مِنْك يَا عمر ". فَهَذَا حَدِيث صَحِيح. (2459) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ أَيْضا عَن ابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " اتَّقوا الحَدِيث عني إِلَّا مَا علمْتُم، فَمن كذب عَليّ مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار، وَمن قَالَ فِي الْقُرْآن بِرَأْيهِ فليتبؤا مَقْعَده من النَّار ". وَسكت عَنهُ، وَالتِّرْمِذِيّ إِنَّمَا قَالَ فِيهِ: حسن، وَيَنْبَغِي أَن يُقَال فِيهِ: ضَعِيف، فَإِنَّهُ إِنَّمَا يرويهِ التِّرْمِذِيّ هَكَذَا: حَدثنَا سُفْيَان بن وَكِيع، حَدثنَا سُوَيْد ابْن عَمْرو الْكَلْبِيّ، حَدثنَا أَبُو عوَانَة، عَن عبد الْأَعْلَى، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 252 سُفْيَان بن وَكِيع بن الْجراح، ترك الرازيان الرِّوَايَة عَنهُ بعد أَن كتبا عَنهُ وَقَالَ أَبُو زرْعَة مِنْهُمَا: لَا يشْتَغل بِهِ، قيل لَهُ: كَانَ يكذب؟ قَالَ: كَانَ أَبوهُ رجلا صَالحا، قيل لَهُ: كَانَ يتهم بِالْكَذِبِ، قَالَ: نعم. وَحكى أَبُو حَاتِم عَنهُ حِكَايَة: مضمونها أَنه نهي عَن وراقه وَقيل لَهُ: إِنَّه قد أَدخل فِي حَدِيثك مَا لَيْسَ مِنْهُ، فَلم ينْتَه عَنهُ، وَكَانَ يحدث بعد ذَلِك بالأحاديث الَّتِي أدخلت فِي جملَة حَدِيثه [لَكِن الحَدِيث الْمَذْكُور لَهُ مخرج آخر، فقد رَوَاهُ عَن سُوَيْد بن] عَمْرو غير سُفْيَان [بن وَكِيع، قَالَ ابْن أبي شيبَة فِي مُسْنده ... . حَدثنَا سُوَيْد بن] عَمْرو الْكَلْبِيّ، حَدثنَا أَبُو عوَانَة، عَن عبد الْأَعْلَى، عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " اتَّقوا الحَدِيث عني إِلَّا مَا علمْتُم، فَإِنَّهُ من كذب عَليّ مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار ". وسُويد بن عَمْرو ثِقَة، فَالْحَدِيث صَحِيح من هَذَا الطَّرِيق، لَا من الطَّرِيق الَّذِي أوردهُ مِنْهُ فاعلمه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 253 (12) بَاب ذكر أَحَادِيث ضعفها من الطّرق الَّتِي أوردهَا مِنْهَا، وَهِي ضَعِيفَة مِنْهَا، صَحِيحَة أَو حَسَنَة من طرق أُخْرَى الجزء: 5 ¦ الصفحة: 255 نذْكر فِي هَذَا الْبَاب طرقاً لأحاديث هِيَ أصح من الطّرق الَّتِي أوردهَا مِنْهَا، كَمَا فَعَلْنَاهُ فِي الْبَاب الَّذِي فَرغْنَا مِنْهُ، إِلَّا أَن الْفرق بَين الْبَابَيْنِ، هُوَ أَن الأول كَانَ قد اعْتقد فِي تِلْكَ الْأَحَادِيث أَنَّهَا صَحِيحَة أَو حَسَنَة، فَبينا فِيمَا اعتقده صَحِيحا أَنه حسن أَو ضَعِيف، أَو فِيمَا هُوَ حسن أَنه ضَعِيف، وأوردنا لَهَا طرقاً خيرا مِنْهَا. وَأما فِي هَذَا الْبَاب، فَإِن الْأَحَادِيث الَّتِي نذْكر فِيهِ، هِيَ عِنْده ضَعِيفَة أَو حَسَنَة، ونبين فِيهَا أَنَّهَا قد وَردت من طرق أخر، هِيَ خير مِنْهَا. (2460) فَمن ذَلِك أَنه ذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن أبي سعيد قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " لَا يخرج الرّجلَانِ يضربان الْغَائِط، كاشفين عَن عورتهما يتحدثان، فَإِن الله يمقت على ذَلِك ". ثمَّ قَالَ: لم يسند هَذَا الحَدِيث غير عِكْرِمَة بن عمار، وَقد اضْطربَ فِيهِ، انْتهى مَا ذكر. وَقد نبهنا على أَمر هَذَا الحَدِيث بِبَعْض القَوْل فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أعلها بِمَا لَيْسَ بعلة، وَترك ذكر عللها على الْحَقِيقَة، وأخرنا بَيَانه وَبسط الجزء: 5 ¦ الصفحة: 257 القَوْل فِيهِ إِلَى هَذَا الْموضع، وَذَلِكَ أَنه ذكر عِكْرِمَة [على أَنه علته، وَهُوَ صَدُوق لَيْسَ بِهِ بَأْس] . قَالَه ابْن معِين. وَقَالَ البُخَارِيّ: " لم يكن عِنْده كتاب ". وَلم يضرّهُ؛ ذَلِك فَإِنَّهُ كَانَ يحفظ إِلَّا أَنه غلط فِيمَا يروي عَن يحيى بن أبي كثير، وَكَانَ أَيْضا مدلساً. وبالجلمة فَلَو لم يكن بِالْحَدِيثِ إِلَّا هَذَا لم يكن معلولاً، وَإِنَّمَا علته الْكُبْرَى أَن رَاوِيه عَن أبي سعيد لَا يعرف من هُوَ، وَذَلِكَ أَنه يرويهِ عِكْرِمَة بن عمار، عَن يحيى بن أبي كثير، عَن هِلَال بن عِيَاض. وَكَذَا رَوَاهُ عَن يحيى بن أبي كثير أبان بن زيد، قَالَا جَمِيعًا: عَنهُ، عَن هِلَال بن عِيَاض. وروته جمَاعَة عَن يحيى بن أبي كثير، فَقَالَت: عِيَاض بن هِلَال، كَذَا رَوَاهُ عَنهُ هِشَام الدستوَائي، وَعلي بن الْمُبَارك وَحرب بن شَدَّاد، كلهم عكس مَا قَالَ عِكْرِمَة بن عمار وَأَبَان بن يزِيد، فَقَالُوا: عَن عِيَاض بن هِلَال. وَرَوَاهُ عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن يحيى بن أبي كثير، فَقَالَ: حَدثنِي عِيَاض بن أبي زُهَيْر. وَهَذَا كُله اضْطِرَاب، لكنه على يحيى بن أبي كثير لَا على عِكْرِمَة بن عمار. فَيحْتَمل أَن يكون ذَلِك من يحيى بن أبي كثير نَفسه، وَيحْتَمل أَن يكون الجزء: 5 ¦ الصفحة: 258 من أَصْحَابه الْمُخْتَلِفين عَلَيْهِ، فَقَوْل أبي مُحَمَّد: " لم يسند هَذَا الحَدِيث غير عِكْرِمَة بن عمار، وَقد اضْطربَ فِيهِ " يَنْبَغِي أَن يكون ضَبطه " اضْطِرَاب " مَبْنِيا لما لم يسم فَاعله، فَإِنَّهُ إِن أسْند الْفِعْل إِلَى عِكْرِمَة بن عمار كَانَ خطأ، وَيحيى بن أبي كثير أحد الْأَئِمَّة، وَلَكِن هَذَا الرجل الَّذِي أَخذ عَنهُ هَذَا الحَدِيث هُوَ من لَا يعرف، وَلَا يحصل من أمره شَيْء. وَهَكَذَا هُوَ عِنْد مصنفي الروَاة لم يعرفوا مِنْهُ بِزِيَادَة على هَذَا. وَلِلْحَدِيثِ مَعَ ذَلِك عِلّة أُخْرَى، وَهِي اضْطِرَاب مَتنه. وَبَيَان ذَلِك، هُوَ أَن ابْن مهْدي رَوَاهُ عَن عِكْرِمَة بن عمار، فَقَالَ فِي لَفظه مَا تقدم: " جلّ المقت على التكشف والتحدث فِي حَال قَضَاء الْحَاجة ". وَرَوَاهُ بَعضهم أَيْضا: " فَجعل المقت [ ... . وَفِي نَظَرِي أَن هَذَا قد] كَانَ يتَكَلَّف جَمِيعه لَو كَانَ راوية مُعْتَمدًا [ ... .] حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل، حَدثنَا أَبُو حُذَيْفَة، حَدثنَا عِكْرِمَة بن عمار، عَن يحيى بن أبي كثير، عَن هِلَال بن عِيَاض، عَن أبي سعيد قَالَ: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الرجلَيْن أَن يقعدا جَمِيعًا يتبرزا، ينظر أَحدهمَا إِلَى عَورَة صَاحبه، فَإِن الله تبَارك وَتَعَالَى يمقت على هَذَا ". هَذِه رِوَايَة أبي حُذَيْفَة عَن عِكْرِمَة، جعل التوعد فِيهَا على التكشف وَالنَّظَر، وَلم يذكر التحدث. وَقَالَ أَبُو بشر الدولابي: حَدثنَا أَحْمد بن حَرْب الطَّائِي، حَدثنَا الْقَاسِم بن يزِيد، حَدثنَا سُفْيَان، عَن عِكْرِمَة بن عمار، عَن يحيى بن أبي كثير، عَن عِيَاض، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - المتغوطين أَن يتحدثا، إِن الله يمقت على ذَلِك ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 259 فالتوعد فِي هَذَا الحَدِيث على التحدث فَحسب. واضطرابه دَلِيل سوء حَال رَاوِيه، وَقلة تَحْصِيله، فَكيف وَهُوَ من لَا يعرف؟ ! والآن فقد بلغنَا إِلَى الْغَرَض الْمَقْصُود، وَهُوَ أَن للْحَدِيث طَرِيقا جيدا غير هَذَا. قَالَ أَبُو عَليّ بن السكن: حَدثنَا يحيى بن مُحَمَّد بن صاعد، حَدثنَا الْحسن ابْن أَحْمد بن أبي شُعَيْب الْحَرَّانِي، حَدثنَا مِسْكين بن بكير، عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن يحيى بن أبي كثير، عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن، عَن جَابر بن عبد الله، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " إِذا تغوط الرّجلَانِ فليتوار كل وَاحِد مِنْهُمَا عَن صَاحبه، وَلَا يتحدثان على طوقهما، فَإِن الله يمقت على ذَلِك ". قَالَ ابْن السكن: رَوَاهُ عِكْرِمَة بن عمار، عَن يحيى بن أبي كثير، عَن هِلَال بن عِيَاض، عَن أبي سعيد، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَأَرْجُو أَن يَكُونَا صَحِيحَيْنِ. انْتهى كَلَامه. وَلَيْسَ فِيهِ تَصْحِيح حَدِيث أبي سعيد الَّذِي فَرغْنَا من تَعْلِيله، وَإِنَّمَا يَعْنِي أَن الْقَوْلَيْنِ عَن يحيى بن أبي كثير صَحِيحَانِ، وَصدق فِي ذَلِك، صَحَّ عَن يحيى ابْن أبي كثير أَنه قَالَ: عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن عَن جَابر، أَنه قَالَ عَن عِيَاض أَو [هِلَال بن عِيَاض، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ. وَلَا يُمكن أَن يصحح ابْن السكن حَدِيث أبي سعيد] أصلا، وَلَو فعل، كَانَ [ذَلِك خطأ من القَوْل، وَإِنَّمَا يَصح من حَدِيث جَابر] . وَمُحَمّد بن عبد الرَّحْمَن بن ثَوْبَان ثِقَة، وَقد صَحَّ سَمَاعه من جَابر. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 260 وَقد بَينا ذَلِك فِيمَا تقدم. ومسكين بن بكير، أَبُو عبد الرَّحْمَن الْحذاء، لَا بَأْس بِهِ، قَالَه ابْن معِين. وَهَذَا اللَّفْظ هُوَ مِنْهُ مؤنس، بَين ذَلِك بِنَفسِهِ، وَأخْبر أَنه إِذْ قَالَ فِي رجل: لَا بَأْس بِهِ، فَهُوَ عِنْده ثِقَة. وَكَذَا أَيْضا قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِم. وَالْحسن بن أَحْمد بن أبي شُعَيْب: أَبُو مُسلم، صَدُوق لَا بَأْس بِهِ وَسَائِر من فِي الْإِسْنَاد لَا يسْأَل عَنهُ. وَعَن يحيى بن أبي كثير فِي هَذَا الْمَعْنى غير هَذَا مِمَّا قد ذكره الدَّارَقُطْنِيّ عَنهُ فِي علله إِلَّا أَنه لم يُوصل بِهِ إِلَيْهِ الْأَسَانِيد، وَلَا حَاجَة بِنَا أَيْضا إِلَى شَيْء مِنْهُ، فَلذَلِك لم نعرض لَهُ. (2461) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد أَيْضا، عَن إِبْرَاهِيم بن يزِيد النَّخعِيّ، عَن عَائِشَة قَالَت: " كَانَت يَد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْيُمْنَى لطهوره " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: قَالَ الْعَبَّاس الدوري: لم يسمع إِبْرَاهِيم بن يزِيد من عَائِشَة، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 261 ومراسله صَحِيحَة إِلَّا حَدِيث تَاجر الْبَحْرين. هَذَا نَص مَا أتبعه، فَيحْتَمل أَن يكون ردا من حَيْثُ الْإِرْسَال، وَيحْتَمل أَن يكون قبولاً من حَيْثُ مراسل النَّخعِيّ على مَا حكى. فَإِن كَانَ ردا، فَإِن هُنَاكَ إِسْنَادًا آخر ذكره أَبُو دَاوُد نَفسه، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن حَاتِم بن بزيع، حَدثنَا عبد الْوَهَّاب بن عَطاء، عَن سعيد، عَن أبي معشر، عَن إِبْرَاهِيم، عَن الْأسود عَن عَائِشَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِمَعْنَاهُ. فَهَذَا بِزِيَادَة الْأسود بَينهمَا، وَبِذَلِك يتَّصل. وَعبد الْوَهَّاب بن عَطاء الْخفاف، قَالَ ابْن معِين: لَيْسَ بِهِ بَأْس. وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم: سَأَلت أبي عَنهُ فَقَالَ: يكْتب حَدِيثه، مَحَله الصدْق قلت: هُوَ أحب إِلَيْك أَو أَبُو زيد النَّحْوِيّ فِي ابْن أبي عرُوبَة؟ فَقَالَ: عبد الْوَهَّاب، وَلَيْسَ عِنْدهم يُقَوي فِي الحَدِيث. هَذَا من أبي حَاتِم لَيْسَ تضعيفاً، وَإِنَّمَا يَعْنِي: لَيْسَ بِقَوي قُوَّة غَيره مِمَّن هُوَ فَوْقه، وَقد أخرج لَهُ مُسلم رَحمَه الله. (2462) وَذكر حَدِيث: " الأذنان من الرَّأْس " [وَقد ذكرنَا مَا اعتراه فِيهِ فِي بَاب ذكر الْأَحَادِيث الَّتِي أعلها بِمَا لَيْسَ بعلة، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 262 وَترك ذكر] عللها. وَبَقِي أَن نذْكر مِنْهُ فِي هَذَا الْبَاب قَوْله فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس كَذَلِك: إِنَّه ضَعِيف. وَلَيْسَ عِنْدِي بضعيف، بل إِمَّا صَحِيح وَإِمَّا حسن. وَبَيَان ذَلِك هُوَ أَن الحَدِيث، هُوَ مَا ذكر الدَّارَقُطْنِيّ قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن زَكَرِيَّاء النَّيْسَابُورِي بِمصْر، حَدثنَا أَحْمد بن عَمْرو بن عبد الْخَالِق الْبَزَّار، حَدثنَا أَبُو كَامِل الجحدري، حَدثنَا غنْدر: مُحَمَّد بن جَعْفَر، عَن ابْن جريح، عَن عَطاء، عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الأذنان من الرَّأْس ". حَدثنِي بِهِ أبي، حَدثنَا مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الباغندي، حَدثنَا أَبُو كَامِل الجحدري بِهَذَا مثله. هَذَا الْإِسْنَاد صَحِيح بِثِقَة رَاوِيه واتصاله، وَإِنَّمَا أعله الدَّارَقُطْنِيّ بِالِاضْطِرَابِ فِي إِسْنَاده فَتَبِعَهُ أَبُو مُحَمَّد على ذَلِك، وَهُوَ لَيْسَ بِعَيْب فِيهِ. وَالَّذِي قَالَ فِيهِ الدَّارَقُطْنِيّ، هُوَ أَن أَبَا كَامِل تفرد بِهِ عَن غنْدر، وَوهم فِيهِ عَلَيْهِ. هَذَا مَا قَالَ، وَلم يُؤَيّدهُ بِشَيْء وَلَا عضده بِحجَّة، غير أَنه ذكر أَن ابْن جريح الَّذِي دَار الحَدِيث عَلَيْهِ، يرْوى عَنهُ عَن سُلَيْمَان بن مُوسَى عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُرْسلا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 263 وَمَا أَدْرِي مَا الَّذِي يمْنَع أَن يكون عِنْده فِي ذَلِك حديثان: مُسْند ومرسل؟ ! وَالله أعلم. (2463) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن الْمُسْتَوْرد قَالَ: رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " إِذا تَوَضَّأ يدلك أَصَابِع رجلَيْهِ بِخِنْصرِهِ ". خرجه التِّرْمِذِيّ، وَقَالَ: " يخلل " وَفِي بعض الرِّوَايَات " دلك "، وَفِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث عبد الله بن لَهِيعَة. هَذَا نَص مَا ذكره بِهِ، وَهُوَ كَمَا قَالَ من رِوَايَة ابْن لَهِيعَة، وَهُوَ ضَعِيف، وَلكنه قد رَوَاهُ غَيره فصح. ولنذكر أَولا إِسْنَاد حَدِيث أبي دَاوُد، ثمَّ نتبعه الطَّرِيق الَّذِي صَحَّ مِنْهُ. قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، قَالَ: حَدثنَا ابْن لَهِيعَة، عَن يزِيد بن عَمْرو، عَن أبي عبد الرَّحْمَن الحبلي، عَن الْمُسْتَوْرد بن شَدَّاد، قَالَ: " رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا تَوَضَّأ [يدلك أَصَابِع رجلَيْهِ بِخِنْصرِهِ ". وَالطَّرِيق الَّذِي صَحَّ مِنْهُ، هُوَ مَا ذكره ابْن أبي حَاتِم، أخبرنَا أَحْمد ابْن عبد الرَّحْمَن ابْن أخي ابْن وهب، قَالَ: سَمِعت عمي يَقُول: سَمِعت الجزء: 5 ¦ الصفحة: 264 مَالِكًا يسْأَل عَن تَخْلِيل أَصَابِع الرجلَيْن فِي الْوضُوء، فَقَالَ: لَيْسَ ذَلِك على النَّاس، قَالَ: فتركته حَتَّى خف النَّاس، فَقلت لَهُ: عندنَا فِي ذَلِك سنة، فَقَالَ: وَمَا هِيَ؟ قلت: حَدثنَا اللَّيْث، وَابْن لَهِيعَة، وَعَمْرو بن الْحَارِث، عَن يزِيد بن عَمْرو الْمعَافِرِي، عَن أبي عبد الرَّحْمَن الحبلي، عَن الْمُسْتَوْرد بن شَدَّاد الْقرشِي، قَالَ: [" رَأَيْت] رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يدلك بِخِنْصرِهِ مَا بَين أَصَابِع رجلَيْهِ ". فَقَالَ: إِن هَذَا الحَدِيث حسن، وَمَا سَمِعت بِهِ قطّ إِلَّا السَّاعَة، ثمَّ سمعته بعد ذَلِك سُئِلَ فَأمر بتخليل الْأَصَابِع. أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن وهب، قد وَثَّقَهُ أهل زَمَانه، قَالَ أَبُو مُحَمَّد بن [أبي] حَاتِم: سَأَلت مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم عَنهُ، فَقَالَ: ثِقَة، مَا رَأينَا إِلَّا خيرا، قلت: سمع من عَمه. قَالَ: إِي وَالله. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: سَمِعت عبد الْملك بن شُعَيْب بن اللَّيْث يَقُول: أَبُو عبيد الله ابْن أخي ابْن وهب ثِقَة. وَقد أخرج لَهُ مُسلم رَحمَه الله وَإِنَّمَا أنكر عَلَيْهِ بعض من تَأَخّر أَحَادِيث رَوَاهَا بآخرة عَن عَمه، وَهَذَا لَا يضرّهُ إِذْ هُوَ ثِقَة أَن ينْفَرد بِأَحَادِيث مَا لم يكن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 265 وَإِنَّمَا الَّذِي يجب أَن يتفقد من أَمر هَذَا الحَدِيث، قَول أبي مُحَمَّد بن أبي حَاتِم: أخبرنَا أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن، فَإِنِّي أَظُنهُ يَعْنِي فِي الْإِجَازَة، فَإِنَّهُ لما ذكره فِي بَابه قَالَ: " إِن أَبَا زرْعَة أدْركهُ، وَلم يكْتب عَنهُ، وَإِن أَبَاهُ قَالَ: أَدْرَكته، وكتبت عَنهُ. وَظَاهر هَذَا أَنه هُوَ لم يسمع مِنْهُ، فَإِنَّهُ لم يقل: كتبت عَنهُ مَعَ أبي، وَسمعت مِنْهُ، كَمَا هِيَ عَادَته أَن يَقُول فِيمَن يشْتَرك فِيهِ مَعَ أَبِيه. والْحَدِيث الْمَذْكُور، وَقع لَهُ فِي آخر الْمُقدمَة فِي ذكره مَالك بن أنس فاعلمه. (2464) وَذكر حَدِيث أبي ذَر: " الصَّعِيد الطّيب وضوء الْمُسلم وَإِن لم يجد المَاء عشر سِنِين ". وقنع فِيهِ بتحسين التِّرْمِذِيّ لَهُ، فَهُوَ عِنْده غير صَحِيح [لِأَنَّهُ لَا يعرف حَال لعَمْرو بن بجدان] ، وَقد بَينا مَا يَنْبَغِي من أمره فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أعلها، وَلم يبين لماذا؟ وَنَذْكُر الْآن أَن لهَذَا الْمَعْنى إِسْنَادًا صَحِيحا من رِوَايَة أبي هُرَيْرَة. قَالَ الْبَزَّار: حَدثنَا مقدم بن مُحَمَّد بن يحيى بن عَطاء بن مقدم الْمقدمِي، قَالَ: حَدثنِي عمي: الْقَاسِم بن يحيى بن عَطاء بن مقدم، قَالَ: حَدثنَا هِشَام بن حسان، عَن مُحَمَّد بن سِيرِين، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 266 " الصَّعِيد وضوء الْمُسلم وَإِن لم يجد المَاء عشر سِنِين، فَإِذا وجد المَاء فليتق الله وليمسه بَشرته، فَإِن ذَلِك خير ". قَالَ الْبَزَّار: وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يروي عَن أبي هُرَيْرَة إِلَّا من هَذَا الْوَجْه، وَلم نَسْمَعهُ إِلَّا من مقدم، عَن عَمه، وَكَانَ مقدم ثِقَة، مَعْرُوف النّسَب. انْتهى كَلَام الْبَزَّار. فَأَقُول بعده: إِن الْقَاسِم بن يحيى بن عَطاء بن مقدم، أَبَا مُحَمَّد الْهِلَالِي الوَاسِطِيّ، يروي عَن عبيد الله بن عمر، وَعبد الله بن عُثْمَان بن خثيم، روى عَنهُ ابْن أَخِيه مقدم بن مُحَمَّد الوَاسِطِيّ، وَأحمد بن حَنْبَل، وَأخرج لَهُ البُخَارِيّ فِي التَّفْسِير، والتوحيد، وَغَيرهمَا من جَامِعَة مُعْتَمدًا مَا يروي، فَاعْلَم ذَلِك. (2465) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا جَاوز الْخِتَان الْخِتَان فقد وَجب الْغسْل ". قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح. ثمَّ قَالَ: كَذَا قَالَ أَبُو عِيسَى فِي هَذَا الحَدِيث: [حسن] ، وَرَوَاهُ من حَدِيث الْوَلِيد بن مُسلم، عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم، عَن أَبِيه عَن عَائِشَة. وَقَالَ فِي الْعِلَل: قَالَ البُخَارِيّ: هَذَا الحَدِيث خطأ، إِنَّمَا يرويهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 267 الْأَوْزَاعِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم [مُرْسلا. روى الْأَوْزَاعِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أَبِيه عَن عَائِشَة من قَوْلهَا] وَقَالَ: قَالَ أَبُو الزِّنَاد: سَأَلت الْقَاسِم بن مُحَمَّد: سَمِعت فِي هَذَا الْبَاب شَيْئا؟ قَالَ: لَا ... [وَذكره التِّرْمِذِيّ من حَدِيث عَليّ بن زيد بن جدعَان، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن عَائِشَة، وَقَالَ: حَدِيث] حسن صَحِيح [وَلم يقل فِي عَليّ شَيْئا، وَأكْثر النَّاس يُضعفهُ، انْتهى كَلَامه. وَكَونه] يرْوى مُرْسلا لَيْسَ بعلة فِيهِ، وَلَا أَيْضا قَول الْقَاسِم: إِنَّه لم يسمع فِي هَذَا شَيْئا، فَإِنَّهُ قد يَعْنِي بِهِ شَيْئا يُنَاقض هَذَا الَّذِي رويت. لَا بُد من حمله على ذَلِك لصِحَّة الحَدِيث الْمَذْكُور عَنهُ، من رِوَايَة ابْنه عبد الرَّحْمَن وَهُوَ الثِّقَة الْمَأْمُون، وَالْأَوْزَاعِيّ إِمَام، والوليد بن مُسلم وَإِن كَانَ مدلساً ومسوياً، فَإِنَّهُ قد قَالَ فِيهِ: حَدثنَا. ذكر ذَلِك الدَّارَقُطْنِيّ، وَذكر لَهُ أَيْضا طَرِيقا آخر عَن الْأَوْزَاعِيّ، هُوَ مِنْهُ أَيْضا صَحِيح. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا أَبُو بكر النَّيْسَابُورِي، أَخْبرنِي الْعَبَّاس بن الْوَلِيد بن مزِيد، أَخْبرنِي أبي، قَالَ: سَمِعت الْأَوْزَاعِيّ، قَالَ: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بكر، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا سُئِلت عَن الرجل يُجَامع الْمَرْأَة فَلَا ينزل المَاء؟ قَالَت " فعلته أَنا وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فاغتسلنا جَمِيعًا ". قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: رَفعه الْوَلِيد بن مُسلم، والوليد بن مزِيد، وَرَوَاهُ بشر بن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 268 بكر، وَأَبُو الْمُغيرَة، وَعَمْرو بن أبي سَلمَة، وَمُحَمّد بن كثير المصِّيصِي، وَمُحَمّد ابْن مُصعب وَغَيرهم مَوْقُوفا. انْتهى كَلَامه. الْوَلِيد بن مزِيد ثِقَة، أحد أكَابِر أَصْحَاب الْأَوْزَاعِيّ، وَكَانَ الْأَوْزَاعِيّ يَقُول: " عَلَيْكُم بِهِ، فَإِن كتبه صَحِيحه "، أَو كلَاما هَذَا مَعْنَاهُ. وَقَالَ أَيْضا: مَا عرض عَليّ كتاب أصح من كتب الْوَلِيد بن مزِيد. وَقَالَ فِيهِ دُحَيْم: " صَالح الحَدِيث ". وَابْنه الْعَبَّاس بن الْوَلِيد ثِقَة صَدُوق، وَقد ذكر جَمِيعهم سَماع بَعضهم من بعض، فصح الحَدِيث. فَإِن كَانَ حَدِيث التِّرْمِذِيّ مُعْتَرضًا من طَرِيق الْوَلِيد بن مُسلم، فقد صَحَّ [من طَرِيق] الْوَلِيد بن مزِيد، وَقد صَحَّ حَدِيث عَائِشَة بِهَذَا الْمَعْنى من رِوَايَة جَابر عَنْهَا، ذكره مُسلم، فَاعْلَم ذَلِك. (2466) وَذكر [حَدِيث ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه] قَالَ: " الْغسْل صَاع، وَالْوُضُوء [مد ". وَقَالَ: هَذَا غير مَحْفُوظ. انْتهى كَلَامه. وَهَذَا الحَدِيث مُنكر] ، لنكارة حَدِيث راوية حَكِيم بن نَافِع. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 269 وَأعرف لهَذَا الْمَعْنى إِسْنَادًا جيدا من رِوَايَة جَابر بن عبد الله. قَالَ أَبُو عَليّ بن السكن: حَدثنَا عبد الله بن سُلَيْمَان، قَالَ: حَدثنَا هَارُون ابْن إِسْحَاق، قَالَ: حَدثنَا ابْن فُضَيْل، عَن حُصَيْن، وَآخر ذكره عَن سَالم بن أبي الْجَعْد، عَن جَابر بن عبد الله، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يُجزئ من الْوضُوء الْمَدّ، وَمن الْجَنَابَة الصَّاع "، فَقَالَ رجل: مَا يَكْفِينِي، قَالَ: قد كفى من هُوَ خير مِنْك، وَأكْثر شعرًا. هَذَا إِسْنَاد صَحِيح على مَذْهَب أبي مُحَمَّد فِي قبُول رِوَايَات أبي بكر: عبد الله ابْن أبي دَاوُد: سُلَيْمَان بن الْأَشْعَث حَسْبَمَا قد مر لَهُ ذكره. والْحَدِيث فِي كتاب مُسلم من فعله عَلَيْهِ السَّلَام لَا من قَوْله، من رِوَايَة جَابر وَأنس، فَاعْلَم ذَلِك. (2467) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد حَدِيث عَائِشَة: " إِنَّمَا النِّسَاء شقائق الرِّجَال ". ورده بِأَنَّهُ من رِوَايَة عبد الله بن عمر الْعمريّ، ثمَّ قَالَ بإثره: هَذَا اللَّفْظ: " إِنَّمَا النِّسَاء شقائق الرِّجَال " قد رُوِيَ فِيمَا أعلم من حَدِيث أنس بن مَالك بِإِسْنَاد صَحِيح. وَلم يعزه، فَلهُ بِحَسب هَذَا مدْخل فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي لم يعزها، وَلَكِن لما لم يذكرهُ بنصه اسْتَحَقَّه هَذَا الْبَاب، فَإِن الَّذِي سَاق عَن عَائِشَة ضَعِيف، وَترك سوق هَذَا الصَّحِيح، وَإِن كَانَ قد أَشَارَ إِلَيْهِ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 270 وَهُوَ حَدِيث، ذكره الْبَزَّار، قَالَ: حَدثنَا عمر بن الْخطاب، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن كثير، قَالَ حَدثنَا الْأَوْزَاعِيّ، عَن إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة، عَن أنس بن مَالك قَالَ: جَاءَت أم سليم إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَت: يَا رَسُول الله، الْمَرْأَة ترى مَا يرى لرجل فِي الْمَنَام؟ فَقَالَت أم سَلمَة: فضحت النِّسَاء يَا أم سليم، فَقَالَ: " إِذا رَأَتْ ذَلِك فلتغتسل " فَقَالَت أم سَلمَة: وَهل للنِّسَاء من مَاء؟ قَالَ: " نعم، إِنَّمَا هن شقائق الرِّجَال ". قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث [لَا يرويهِ عَن أنس إِلَّا إِسْحَاق بن] عبد الله بن أبي طَلْحَة. (2468) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ حَدِيث ابْن] عَبَّاس فِي الرجل يَقع على امْرَأَته، وَهِي حَائِض، قَالَ: " يتَصَدَّق بِنصْف دِينَار ". وَعنهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا كَانَ دَمًا أَحْمَر فدينار، وَإِذا كَانَ دَمًا أصفر فَنصف دِينَار ". ثمَّ حكى عَن البُخَارِيّ فِي تَضْعِيفه أَنه رُوِيَ مَوْقُوفا، قَالَ، وَلم يذكر ضعف الْإِسْنَاد، قَالَ: وَلَا يرْوى بِإِسْنَاد يحْتَج بِهِ، فقد رُوِيَ فِيهِ: " يتَصَدَّق بخمسي دِينَار " انْتهى مَا ذكر. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 271 فَاعْلَم الْآن أَن هَذَا الحَدِيث كَانَ يسْتَحق أَن يكْتب من أجل كَلَامه هَذَا فِي الْبَاب الَّذِي ذكرت فِيهِ أَحَادِيث عللها وَلم يبين عللها، وَلما كَانَ لَهُ عِنْدِي طَرِيق حسن بل صَحِيح، ذكرته فِي هَذَا الْبَاب، فَيَنْبَغِي أَن يجمع القَوْل عَلَيْهِ بتبيين مَا اعتل بِهِ عَلَيْهِ المحدثون، ثمَّ نورد الطَّرِيق الصَّحِيح فَنَقُول: هَذَا الحَدِيث الَّذِي ذكره من عِنْد التِّرْمِذِيّ، هُوَ من رِوَايَة خصيف، عَن مقسم، عَن ابْن عَبَّاس. وَالثَّانِي من رِوَايَة عبد الْكَرِيم، عَن مقسم، عَن ابْن عَبَّاس. أما رِوَايَة خصيف فضعيفة يضعف خصيف، فَإِنَّهُ كَانَ يخلط فِي محفوظه. قَالَ يحيى الْقطَّان: كُنَّا تِلْكَ الْأَيَّام نتجنب حَدِيثه، وَمَا كتبت عَنهُ بِالْكُوفَةِ شَيْئا، إِنَّمَا كتبت عَنهُ بِآخِرهِ، وَكَانَ يُضعفهُ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 274 وَكَانَ ابْن حَنْبَل أَيْضا يُضعفهُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: إِنَّه كَانَ رجلا صَالحا، وَلكنه يخلط، وَتكلم فِي سوء حفظه. وَوَثَّقَهُ أَبُو زرْعَة. ويزداد إِلَى ضعف خصيف، اضْطِرَاب متن هَذَا الحَدِيث الَّذِي هُوَ من رِوَايَته. وَبَيَان اضطرابه، هُوَ أَن ابْن جريح وَأَبا خَيْثَمَة وَغَيرهمَا، روياه عَن خصيف، قَالَا فِي: " بِنصْف دِينَار " كَمَا تقدم. وَرَوَاهُ شريك وَغَيره عَنهُ فَقَالَ فِيهِ: " بِدِينَار " وَكَذَا قَالَ عَنهُ الثَّوْريّ، إِلَّا أَنه أرْسلهُ فَلم يذكر [ابْن عَبَّاس، ولشريك فِيهِ رِوَايَة أُخْرَى، فقد رَوَاهُ عَن] خصيف عَن عِكْرِمَة عَن [ابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَذكر فِيهِ أَنه يتَصَدَّق بِنصْف] دِينَار أَيْضا. هَكَذَا. جعله فِي هَذِه الرِّوَايَة عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ فِيهِ: بِنصْف دِينَار أَيْضا، هكذ جعله فِي هَذِه الرِّوَايَة عَن عِكْرِمَة لَا عَن مقسم] . والْحَدِيث إِنَّمَا هُوَ عَن مقسم، وَحمل فِيهِ النَّسَائِيّ على شريك، وَخطأ قَوْله عَن عِكْرِمَة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 275 فالاضطراب فِي هَذَا الحَدِيث عِنْدِي، يُمكن أَن يكون من خصيف لَا من أَصْحَابه، لما عهد من سوء حفظه. انْتهى القَوْل فِي حَدِيث خصيف. فَأَما حَدِيث عبد الْكَرِيم وَهُوَ الثَّانِي الَّذِي فِيهِ: " إِذا كَانَ أَحْمَر فدينار، وَإِذا كَانَ أصفر فَنصف دِينَار ". فَإِنَّهُ يرويهِ عبد الْكَرِيم، عَن مقسم، عَن ابْن عَبَّاس، مِنْهُم من يرفعهُ فيذكر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، كَذَلِك فعل الثَّوْريّ عَنهُ. وَمِنْهُم من يقفه فَلَا يذكر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، كَذَلِك يَقُول ابْن جريح عَنهُ، لَيْسَ لَهُم مَا يعتلون بِهِ على رِوَايَة عبد الْكَرِيم غير هَذَا. وَعِنْدِي أَنه غير قَادِح، وَلَكنهُمْ يَزْعمُونَ أَن متن الحَدِيث بِالْجُمْلَةِ لَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى رِوَايَة راو بِعَيْنِه مُضْطَرب. وَذَلِكَ عِنْدِي خطأ من الاعتلال، وَالصَّوَاب هُوَ أَن تنظر رِوَايَة كل راو بحسبها، وَيعلم مَا خرج عَنهُ فِيهَا، فَإِن صَحَّ من طَرِيق قبل، وَلَو كَانَت لَهُ طرق أخر ضَعِيفَة. وهم إِذا قَالُوا: هَذَا رُوِيَ فِيهِ " بِدِينَار "، وروى " بِنصْف دِينَار "، وَرُوِيَ بِاعْتِبَار صِفَات الدَّم، وَرُوِيَ دون اعْتِبَارهَا، وَرُوِيَ بِاعْتِبَارِهِ أول الْحيض وَآخره، وَرُوِيَ دون ذَلِك، وَرُوِيَ بخمسي دِينَار، وَرُوِيَ بِعِتْق نسمَة، قَامَت من هَذَا فِي الذِّهْن صُورَة سَوَاء، وَهُوَ عِنْد التبين وَالتَّحْقِيق لَا يضرّهُ، وَنحن نذْكر الْآن كَيفَ هُوَ صَحِيح بعد أَن نقدم أَن نقُول: يحْتَمل قَوْله: " دِينَار أَو نصف دِينَار " ثَلَاثَة أُمُور: أَحدهَا: أَن يكون تخييراً وَيبْطل هَذَا بِأَن يُقَال] : التَّخْيِير لَا يكون إِلَّا بعد الجزء: 5 ¦ الصفحة: 276 طلب، وَهَذَا وَاقع بعد الْخَبَر] إِذْ حكم التَّخْيِير [الِاسْتِغْنَاء بِأحد الشَّيْئَيْنِ عَن الآخر لِأَنَّهُ إِذا] خير بَين الشَّيْء وَبَعضه، كَانَ بعض أَحدهمَا متروكاً بِغَيْر بدل. وَالْأَمر الثَّانِي: أَن يكون شكا من الرَّاوِي. وَالثَّالِث: أَن يكون بِاعْتِبَار حَالين، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يتَعَيَّن مِنْهَا، ونبينه الْآن فَنَقُول: قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد، قَالَ: حَدثنَا يحيى، عَن شُعْبَة، حَدثنِي الحكم، عَن عبد الحميد بن عبد الرَّحْمَن، عَن مقسم، عَن ابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الَّذِي يَأْتِي امْرَأَته وَهِي حَائِض، قَالَ: " يتَصَدَّق بِدِينَار أَو بِنصْف دِينَارا " قَالَ أَبُو دَاوُد: كَذَا الرِّوَايَة الصَّحِيحَة: " بِدِينَار أَو بِنصْف دِينَار "، وَرُبمَا لم يرفعهُ شُعْبَة، [وَهَذَا لَيْسَ فِيهِ] توهين لَهُ لاحْتِمَال أَن يكون عِنْده فِيهِ الْمَرْفُوع وَالْمَوْقُوف، وَيكون ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ قد رَوَاهُ، وَرَآهُ فَحَمله، وَأفْتى بِهِ وَهَذَا مَذْهَب التِّرْمِذِيّ فِي رِوَايَة خصيف، فَإِنَّهُ لم يعبها بِأَكْثَرَ من أَنَّهَا رويت مَوْقُوفَة، وَطَرِيق خصيف ضَعِيف كَمَا بَيناهُ. فَأَما طَرِيق أبي دَاوُد هَذَا فَصَحِيح، فَإِن عبد الحميد بن عبد الرَّحْمَن بن زيد بن الْخطاب، اعْتَمدهُ أهل الصَّحِيح، مِنْهُم البُخَارِيّ، وَمُسلم، وَوَثَّقَهُ النَّسَائِيّ، والكوفي. ويحق لَهُ، فقد كَانَ مَحْمُود السِّيرَة فِي إمارته على الْكُوفَة لعمر بن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 277 عبد الْعَزِيز رَضِي الله عَنهُ، ضابطاً لما يرويهِ وَمن دونه فِي الْإِسْنَاد لَا يسْأَل عَنْهُم. وسيتكرر على سَمعك من بعض الْمُحدثين أَن هَذَا الحَدِيث فِي كَفَّارَة من أَتَى حَائِضًا لَا يَصح، فلتعلم أَنه لَا عيب لَهُ عِنْدهم إِلَّا الِاضْطِرَاب زَعَمُوا فَمِمَّنْ صرح بذلك أَبُو عَليّ بن السكن، قَالَ: هَذَا حَدِيث مُخْتَلف فِي إِسْنَاده وَلَفظه، وَلَا يَصح مَرْفُوعا، لم يُصَحِّحهُ البُخَارِيّ، وَهُوَ صَحِيح من كَلَام ابْن عَبَّاس. انْتهى كَلَامه. فَنَقُول لَهُ: الرِّجَال الَّذين رَوَوْهُ مَرْفُوعا ثِقَات، وَشعْبَة إِمَام أهل الحَدِيث [ ... .] ظان كَمَا تقدم، [ ... .] النَّاس بشعبة مَعَ ثقته. وَرَوَاهُ سعيد بن عَامر، عَن شُعْبَة، فَقَالَ فِيهِ: عَن الحكم، عَن عبد الحميد، عَن مقسم، عَن ابْن عَبَّاس من قَوْله وَوَقفه عَلَيْهِ. ثمَّ قَالَ لشعبة: أما حفظي فمرفوع، وَقَالَ فلَان وَفُلَان: إِنَّه كَانَ لَا يرفعهُ فَقَالَ لَهُ بعض الْقَوْم: يَا أَبَا بسطَام حَدثنَا بحفظك وَدعنَا من فلَان وَفُلَان فَقَالَ: وَالله مَا أحب أنني حدثت بِهَذَا أَو أسكت أَو أَنِّي عمرت فِي الدُّنْيَا عمر نوح فِي قومه. فَهَذَا غَايَة التثبت مِنْهُ، وهبك أَن أوثق أهل الأَرْض خَالفه فِيهِ فَوَقفهُ على ابْن عَبَّاس، كَانَ مَاذَا؟ أَلَيْسَ إِذا روى الصَّحَابِيّ حَدِيثا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يجوزله، بل يجب عَلَيْهِ أَن يُقَلّد مُقْتَضَاهُ، فيفتي بِهِ؟ ! هَذَا قُوَّة للْخَبَر لَا توهين لَهُ. فَإِن قلت: فَكيف بِمَا ذكر ابْن السكن قَالَ: حَدثنَا يحيى وَعبد الله بن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 278 سُلَيْمَان، وَإِبْرَاهِيم، قَالُوا: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي، قَالَ: حَدثنَا شُعْبَة بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدّم مثله مَوْقُوفا، فَقَالَ لَهُ رجل: إِنَّك كنت ترفعه، فَقَالَ: إِنِّي كنت مَجْنُونا فصححت؟ قُلْنَا: نظن أَنه رَضِي الله عَنهُ لما أَكثر عَلَيْهِ فِي رَفعه إِيَّاه، توقى رَفعه لَا لِأَنَّهُ مَوْقُوف، لَكِن إبعاداً للظنة عَن نَفسه. وَأبْعد من هَذَا الِاحْتِمَال أَن يكون شكّ فِي رَفعه فِي ثَانِي حَال فَوَقفهُ، فَإِن كَانَ هَذَا فَلَا نبالي ذَلِك أَيْضا، بل لَو نسي الحَدِيث بعد أَن حدث بِهِ لم يضرّهُ، فَإِن أَبيت إِلَّا أَن يكون شُعْبَة رَجَعَ عَن رَفعه، فَاعْلَم أَن غَيره من أهل الثِّقَة وَالْأَمَانَة أَيْضا قد رَوَاهُ عَن الحكم مَرْفُوعا كَمَا رَوَاهُ شُعْبَة فِيمَا تقدم وَهُوَ عَمْرو بن قيس الْملَائي، وَهُوَ ثِقَة، قَالَ فِيهِ عَن الحكم، مَا قَالَه شُعْبَة من رَفعه إِيَّاه إِلَّا أَن لَفظه هـ " فَأمره أَن يتَصَدَّق بِنصْف دِينَار " وَلم يذكرهُ " دِينَارا "، وَذَلِكَ لَا يضرّهُ فَإِنَّهُ إِنَّمَا حكى قَضِيَّة مُعينَة قَالَ [ ... .] عَلَيْهِ وَسلم أَن يتَصَدَّق [ ... .] " فِيهَا بِنصْف دِينَار ". وَهُوَ مُؤَكدَة مَا قُلْنَاهُ: من أَن دِينَارا، أَو نصف دِينَارا، إِنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَار حَالين، لَا تَخْيِير وَلَا شكّ. وَرَوَاهُ أَيْضا مَرْفُوعا هَكَذَا عَن عبد الحميد بن عبد الرَّحْمَن الْمَذْكُور قَتَادَة، وَهُوَ من هُوَ. قَالَ النَّسَائِيّ: أخبرنَا خشيش بن أَصْرَم، قَالَ: حَدثنَا روح، وَعبد الله ابْن بكر، قَالَا: حَدثنَا ابْن أبي عرُوبَة، عَن قَتَادَة، عَن عبد الحميد، عَن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 279 مقسم، عَن ابْن عَبَّاس أَن رجلا غشي امْرَأَته وَهِي حَائِض، فَأمره النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يتَصَدَّق بِدِينَار أَو بِنصْف دِينَار. إِلَّا أَن الْأَظْهر فِي هَذَا أَنه شكّ من الرواي فِي هَذِه الْقَضِيَّة بِعَينهَا. فَهَذَا شَأْن حَدِيث مقسم، وَلنْ نعدم عَنهُ فِيهِ وَقفا وإرسالاً، وألفاظاً أخر لَا يَصح مِنْهَا شَيْء غير مَا ذَكرْنَاهُ. وَأما مَا رُوِيَ فِيهِ من خمسي دِينَار، أَو عتق نسمَة فَمَا مِنْهَا شَيْء يعول عَلَيْهِ، فَلَا يعْتَمد فِي نَفسه، وَلَا يطعن بِهِ على حَدِيث مقسم، فَاعْلَم ذَلِك. (2469) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ حَدِيث أم قيس فِي غسل دم الْحَيْضَة: " حكيه بضلع واغسليه بِمَاء وَسدر " ثمَّ قَالَ: الْأَحَادِيث الصِّحَاح لَيْسَ فِيهَا ذكر الضلع والسدر. هَذَا مَا ذكر، وَهُوَ قد يفهم مِنْهُ أَن حَدِيث أم قيس الْمَذْكُور، يرْوى على وَجْهَيْن: أَحدهمَا فِيهِ ذكر الضلع والسدر، وَالْآخر لَا يذكر ذَلِك فِيهِ وَهِي الطّرق الصَّحِيحَة لَهُ. وَالْوَجْه الآخر، أَن الْأَحَادِيث الصِّحَاح من غير رِوَايَة أم قيس [لَيْسَ] فِيهَا ذَلِك، فَلَو كَانَ الأول، كَانَ مساً للْحَدِيث بِالِاضْطِرَابِ، وترجيح أحد روايتيه على الْأُخْرَى. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 280 وَإِذا كَانَ الْوَجْه الثَّانِي، فَذَلِك لَا يكون تضعيفاً لَهُ إِذا صَحَّ طَرِيقه. فَاعْلَم الْآن أَنه إِنَّمَا يَعْنِي هَذَا الْوَجْه، أَعنِي أَن غَيره من الْأَحَادِيث كَحَدِيث أَسمَاء، لَيْسَ فِيهِ ذَلِك، وَإِنَّمَا فِيهِ: " تَحْتَهُ، ثمَّ تقرصه، ثمَّ تنضحه " [بِالْمَاءِ ثمَّ تصلي فِيهِ، وَلَا مُنَافَاة بَينهمَا، لِأَن حَدِيث أَسمَاء، حَدِيث مستفهم، والْحَدِيث الْمَذْكُور] حَدِيث مستتبت [قَالَ النَّسَائِيّ: أخبرنَا عبيد الله بن] سعيد، حَدثنِي يحيى عَن سُفْيَان حَدثنِي أَبُو الْمِقْدَام: ثَابت الْحداد، عَن عدي بن دِينَار، قَالَ: سَمِعت أم قيس فَذكره. وَقَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد، حَدثنَا يحيى فَذكره. وَهَذَا غَايَة فِي الصِّحَّة، فَإِن أَبَا الْمِقْدَام: ثَابت بن هُرْمُز الْحداد، وَالِد عَمْرو ابْن أبي الْمِقْدَام، ثِقَة، قَالَه ابْن حَنْبَل، وَابْن معِين، وَالنَّسَائِيّ، وَلَا أعلم أحدا ضعفه [غير الدَّارَقُطْنِيّ] وعدي بن دِينَار، هُوَ مولى أم قيس الْمَذْكُور، قَالَ فِيهِ النَّسَائِيّ: ثِقَة وَلَا أعلم لهَذَا الْإِسْنَاد عِلّة، وَالْعجب أَنه أورد قبله حَدِيث ابْن إِسْحَاق، عَن فَاطِمَة بنت الْمُنْذر، وَهُوَ مَا أنكر عَلَيْهِ زَوجهَا هِشَام فَلم يقل هُوَ فِيهِ شَيْئا، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 281 بل سكت عَنهُ، ثمَّ ذكر هَذَا بعده، وَهُوَ أَحَق بِأَن يصحح، فَلم يسالمه وَقَالَ فِيهِ مَا ذَكرْنَاهُ. وَالله الْمُوفق. (2470) وَذكر حَدِيث أبي سهلة: السَّائِب بن خَلاد فِي تَأْخِير الَّذِي بَصق فِي الْقبْلَة عَن الْإِمَامَة، من طَرِيق أبي دَاوُد وَضَعفه. وَيَجِيء على أَصله صَحِيحا، ونبين ذَلِك فِي الْبَاب الَّذِي بعد هَذَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى. وَإِن سلمنَا الْآن مَا ذهب إِلَيْهِ من ضعفه، فَاعْلَم أَن ذَلِك قد رُوِيَ صَحِيحا من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو. قَالَ بَقِي بن مخلد: حَدثنَا هَارُون بن سعيد، قَالَ: حَدثنَا ابْن وهب قَالَ: وحَدثني حييّ بن عبد الله، وَهُوَ حبلي، عَن أبي عبد الرَّحْمَن، عَن عبد الله بن عَمْرو بن العَاصِي، قَالَ: أَمر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رجلا يُصَلِّي بِالنَّاسِ صَلَاة الظّهْر فتفل فِي الْقبْلَة، وَهُوَ يُصَلِّي، فَلَمَّا كَانَ صَلَاة الْعَصْر أرسل إِلَى آخر، فأشفق الرجل الأول فجَاء إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا رَسُول الله، أنزل فِي؟ قَالَ: " لَا، وَلَكِنَّك تفلت بَين يَديك وَأَنت تؤم النَّاس، فآذيت الله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 282 وَرَسُوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ". وَجَاء من طَرِيق آخر مُرْسلا، وَفِي هَذَا غنى عَنهُ. (2471) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد، من رِوَايَة نصر بن حَمَّاد، عَن شُعْبَة [عَن تَوْبَة الْعَنْبَري، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله] عَلَيْهِ وَسلم: " إِذا صليتم [فَاتَّزِرُوا، وَلَا تشبهوا باليهود ". [قَالَ بعده: إِن] نصرا مَتْرُوك، وَإِنَّمَا هُوَ مَوْقُوف على ابْن عمر. وَهَذَا الحَدِيث أعرف لَهُ طَرِيقا جيدا ذكره أَبُو بكر بن الْمُنْذر، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل، قَالَ: حَدثنَا يَعْقُوب، قَالَ: حَدثنَا آدم، قَالَ: حَدثنَا أَبُو عمر الصَّنْعَانِيّ، عَن مُوسَى بن عقبَة، قَالَ: حَدثنِي نَافِع، عَن ابْن عمر، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا صلى أحدكُم فليلبس ثوبيه، فَإِن الله أَحَق من تزين لَهُ، فَمن لم يكن لَهُ ثَوْبَان فليتزر، وَلَا يَشْمَل اشْتِمَال الْيَهُود ". آدم، هُوَ ابْن أبي إِيَاس، ثِقَة صَدُوق، وابو عمر الصَّنْعَانِيّ، هُوَ حَفْص بن ميسرَة، ثِقَة مَشْهُور. (2472) وَذكر من رِوَايَة عمر بن يزِيد الْمَدَائِنِي، عَن عَطاء، عَن ابْن عمر، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تُجزئ الْمَكْتُوبَة إِلَّا بِفَاتِحَة الْكتاب وَثَلَاث آيَات فَصَاعِدا ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 283 وَهُوَ حَدِيث غير مَحْفُوظ، وَعمر بن يزِيد مُنكر الحَدِيث. كَذَا ذكر هَذِه الرِّوَايَة وَلم يعزها، وَالْمَقْصُود فِي هَذَا الْبَاب هُوَ بَيَان أَن لفظ " لَا تُجزئ " قد رُوِيَ صحيحأً، وَهُوَ لفظ مُفَسّر ل " لَا صَلَاة إِلَّا بِفَاتِحَة الْكتاب " الْمُحْتَمل لنفي الْإِجْزَاء، أَو نفي الْكَمَال. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا ابْن صاعد، قَالَ: حَدثنَا سوار بن عبد الله الْعَنْبَري، وَعبد الْجَبَّار بن الْعَلَاء، وَمُحَمّد بن عَمْرو بن سُلَيْمَان، وَزِيَاد بن أَيُّوب، وَالْحسن بن مُحَمَّد الزَّعْفَرَانِي وَاللَّفْظ لسوار قَالُوا: حَدثنَا سُفْيَان ابْن عُيَيْنَة، قَالَ: حَدثنِي الزُّهْرِيّ، عَن مَحْمُود بن الرّبيع، أَنه سمع عباة بن الصَّامِت يَقُول قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لَا صَلَاة لمن لم يقْرَأ فِيهَا بِفَاتِحَة الْكتاب "، قَالَ زِيَاد بن أَيُّوب فِي حَدِيثه: " لَا تُجزئ صَلَاة لَا يقْرَأ فِيهَا الرجل بفاتجة الْكتاب ". قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: فَهَذَا إِسْنَاد صَحِيح. انْتهى كَلَامه. وَهُوَ صَحِيح كَمَا ذكر، وَزِيَاد بن أَيُّوب هُوَ دلويه، أَبُو هَاشم [الوَاسِطِيّ، ثِقَة حَافظ من رجال البُخَارِيّ] (2473) وَذكر حَدِيث: [" لَيْسَ فِي العوامل صَدَقَة ". وَقَالَ: لَا يَصح من قبل إِسْنَاده، فِيهِ الصَّقْر بن حبيب. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 284 وَلم يبين من حَاله شَيْئا، وَفِيه أبضاً أَحْمد بن الْحَارِث الْبَصْرِيّ رِوَايَة عَن الصَّقْر. وَلِلْحَدِيثِ هَكَذَا من غير ذكر الْجَبْهَة إِسْنَاد صَحِيح. قَالَ الدراقطني: حَدثنَا عُثْمَان بن أَحْمد الدقاق، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبيد الله بن الْمُنَادِي، قَالَ: حَدثنَا أَبُو بدر: هُوَ شُجَاع بن الْوَلِيد، قَالَ: حَدثنَا زُهَيْر، قَالَ: حَدثنَا أَبُو إِسْحَاق، عَن الْحَارِث وَعَاصِم بن ضَمرَة، عَن عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَيْسَ فِي الْبَقر العوامل شَيْء ". وَفِي حَدِيث الْحَارِث: " لَيْسَ على الْبَقر العوامل شَيْء ". لم أعز إِلَّا رِوَايَة عَاصِم، لَا رِوَايَة الْحَارِث، وكل من فِي هَذَا الْإِسْنَاد ثِقَة مَعْرُوف، وَابْن الْمُنَادِي أحد الاثبات. (2474) وَذكر حَدِيث نِفَاس أَسمَاء بنت عُمَيْس بِمُحَمد بن أبي بكر بِذِي الحليفة وَهُوَ من هَذَا الْبَاب، فَإِنَّهُ سَاقه من عِنْد النَّسَائِيّ مُنْقَطِعًا، وَبَين زِيَادَة وَقعت فِيهِ من زِيَادَة ابْن الْأَعرَابِي عَن أبي دَاوُد. والْحَدِيث صَحِيح عَن عَائِشَة فِي كتاب مُسلم، وَقد بَينا ذَلِك بَيَانا شافياً فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي يوردها عَن راو، ثمَّ يردفها أَشْيَاء كَأَنَّهَا عَن ذَلِك الرَّاوِي، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 285 وَلَيْسَت عَنهُ. (2475) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " رخص لرعاء الْإِبِل أَن يرموا بِاللَّيْلِ وَأي سَاعَة من النَّهَار شاؤوا ". ثمَّ قَالَ: إِسْنَاده ضَعِيف، فِيهِ بكر بن بكار وَغَيره. وَقد بَينا فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ضعفها وَلم يبين عللها مَا بِهِ، مِمَّا لم يشر إِلَيْهِ أَبُو مُحَمَّد. وَالْمَقْصُود هُنَا أَن تعلم أَن لَهُ طَرِيقا أحسن من هَذَا من رِوَايَة صَحَابِيّ آخر، وَهُوَ ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ. قَالَ الْبَزَّار: حَدثنَا عبد الْأَعْلَى بن حَمَّاد، حَدثنَا مُسلم بن خَالِد، عَن عبيد الله، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " رخص لرعاء الْإِبِل أَن يرموا بِاللَّيْلِ ". قَالَ: لَا نعلمهُ عَن ابْن عمر إِلَّا من هَذَا الْوَجْه، وَلَا نعلم رَوَاهُ عَن [عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر، إِلَّا مُسلم بن خَالِد. وَمُسلم] بن خَالِد فَقِيه بِهِ تفقه [الشَّافِعِي، وَإِذا كَانُوا ينقلون فِيهِ من التجريح شَيْئا فباعتبار الْحِفْظ كَسَائِر أهل الرَّأْي، وَلَا يُؤْتى من جِهَة الصدْق وَالْأَمَانَة. (2476) وَلما ذكر أَبُو مُحَمَّد حَدِيث أبي هُرَيْرَة فِي صَلَاة أبي كَعْب فِي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 286 رَمَضَان بِمن لَيْسَ مَعَه قُرْآن، من رِوَايَة مُسلم بن خَالِد. أتبعه أَن قَالَ: قَالَ أَبُو دَاوُد: لَيْسَ هَذَا الحَدِيث بِالْقَوِيّ. وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِك من أجل مُسلم بن خَالِد، وَهُوَ بِمَا فِيهِ أحسن من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو الْمَذْكُور، فَاعْلَم ذَلِك. (2477) وَذكر من الْمَرَاسِيل حَدِيث مُعَاوِيَة بن قُرَّة، عَن رجل من الْأَنْصَار أَن رجلا محرما أوطأ رَاحِلَته أدحي نعام. الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: وَفِي طَرِيق آخر: فَأفْتى عَليّ أَن تشترى بَنَات مَخَاض. الحَدِيث واعتراه فِيهِ أَنه بهذاالإرداف لحَدِيث عَليّ على الَّذِي أورد من المراسل موهم أَنه مِنْهَا، وَلَيْسَ لَهُ فِيهَا ذكر، وَإِنَّمَا هُوَ من كتاب الدَّارَقُطْنِيّ فِي السّنَن، وَهُوَ عَنهُ من رِوَايَة مطر بن طهْمَان، عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة، وَكَذَلِكَ الَّذِي فِي المراسل أَيْضا، إِلَّا أَن رَاوِيه عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ عَن مطر، هُوَ إِبْرَاهِيم بن طهْمَان، وَرِوَايَة عَنهُ عِنْد أبي دَاوُد، هُوَ سعيد بن أبي عرُوبَة. قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا يُوسُف بن مُوسَى، حَدثنَا أَبُو أُسَامَة، حَدثنَا سعيد ابْن أبي عرُوبَة، حَدثنَا مطر الْوراق، أَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة، حَدثهمْ عَن رجل من الْأَنْصَار. الحَدِيث. وَقد ذَكرنَاهَا بنصها فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي رَوَاهَا عَن راو أَو رُوَاة، ثمَّ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 287 أردفها زيادات أَو أَحَادِيث، موهما أَنَّهَا عَن ذَلِك الرَّاوِي أَو الروَاة، وَلَيْسَت عَنْهُم. وَالَّذِي لأَجله كتبناهما الْآن، هُوَ أَن الحَدِيث فِي الْقِصَّة نَفسهَا يرْوى بِإِسْنَاد لَيْسَ لَهُ عيب إِلَّا مَا فِي الْمُرْسلين اللَّذين أورد أَبُو مُحَمَّد، وَهُوَ مطر بن طهْمَان الْوراق، وهم لم يعب الحَدِيث بِهِ. فالاستدراك عَلَيْهِ بإيراد الْمُتَّصِل صَحِيح، ومطر مُحْتَمل، وَقد أخرج لَهُ مُسلم رَحمَه الله. والْحَدِيث الْمَذْكُور [هُوَ مَا ذكر الدَّارَقُطْنِيّ، قَالَ: حَدثنَا الْحُسَيْن بن إِسْمَاعِيل، قَالَ:] حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن [الصَّيْرَفِي، حَدثنَا يزِيد، أخبرنَا ابْن أبي عرُوبَة، عَن مطر عَن مُعَاوِيَة] بن قُرَّة، عَن رجل من الْأَنْصَار، من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَحدثنَا الْحُسَيْن، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد ابْن الْمنْهَال، قَالَ: حَدثنَا يزِيد بن زُرَيْع، عَن سعيد بن أبي عرُوبَة، عَن مطر عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة، قَالَ: حَدثنِي عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى، عَن عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام أَن رجلا أوطأ بعيره أدحى نعام وَهُوَ محرم، فَأتى عليا فَذكر ذَلِك لَهُ، فَقَالَ: عَلَيْك فِي كل بَيْضَة ضَرْبَة نَاقَة، أَو جَنِين نَاقَة، فَأتى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكر ذَلِك لَهُ، فَقَالَ: " قد قَالَ عَليّ فِيهَا مَا قَالَ، وَلَكِن هَلُمَّ إِلَى الرُّخْصَة: عَلَيْك فِي كل بَيْضَة صِيَام يَوْم أَو إطْعَام مِسْكين ". ابْن أبي ليلى سمع عليا، قَالَه البُخَارِيّ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 288 وكل من فِي هَذَا الْإِسْنَاد ثِقَة إِلَّا مطر، فَإِنَّهُ وَإِن كَانَ من أهل الصدْق قد قيل فِي سوء حفظه، وَشبه فِي ذَلِك بِمُحَمد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى القَاضِي، وَأخرج لَهُ مُسلم كَمَا قُلْنَاهُ، وَهُوَ أَيْضا فِي الْمُرْسل الَّذِي ذكر. وأظن أَن أَبَا مُحَمَّد إِنَّمَا لم يذكر هَذَا الحَدِيث، لِأَنَّهُ لم يعلم من هُوَ شيخ الْحُسَيْن بن إِسْمَاعِيل الْمحَامِلِي فِيهِ أَعنِي: مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الصَّيْرَفِي فَإِنَّهُ لَيْسَ مَذْكُورا فِي شَيْء من الْمَوَاضِع الَّتِي أرَاهُ يلجأ إِلَيْهَا فِي تعرف أَحْوَال الروَاة. وَالرجل ثِقَة، مَعْرُوف بِالْعلمِ، وَالدّين، وَالْعقل، كَانَ يعد من الْعُقَلَاء وَأهل التدين فِي التحديث وابتغاء الْأجر بِهِ، وَقد أوعب أَبُو بكر بن ثَابت الْخَطِيب فِي ذكره. فَمَا بِهَذَا الحَدِيث عيب يُؤثر بِهِ الْمُرْسل عَلَيْهِ فاعلمه وَمن هَذَا الْبَاب أَحَادِيث يعلها بِمَا لَا يكون فِي الْحَقِيقَة عِلّة لَهَا، وَهِي مَعَ ذَلِك لَهَا طرق أخر. (2478) فَمِنْهَا حَدِيث أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: إِذا كَانَ ثَلَاثَة فِي سفر فليؤمروا أحدهم " الحَدِيث. ذكره من طَرِيق أبي دَاوُد، من رِوَايَة نَافِع، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة. ثمَّ قَالَ: هَذَا يرْوى مُرْسلا عَن أبي سَلمَة، وَالَّذِي أرْسلهُ أحفظ. انْتهى. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 289 وَهَذَا الحَدِيث إِنَّمَا يرويهِ أَبُو دَاوُد من طَرِيق حَاتِم بن إِسْمَاعِيل، عَن ابْن عجلَان [عَن نَافِع، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة، وَفِي رِوَايَة: عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ] وَجعل أَبَا سعيد بَدَلا من أبي هُرَيْرَة، ذكر الطَّرِيقَيْنِ أَبُو دَاوُد، فأورد الدَّارَقُطْنِيّ أَن يحيى بن سعيد رَوَاهُ عَن ابْن عجلَان، فَجعله مُرْسلا عَن أبي سَلمَة، لم يذكر لَا ابا هُرَيْرَة وَلَا أَبَا سعيد، وَقَالَ: إِنَّه الصَّوَاب. هَذَا وَالله أعلم لمَكَان يحيى بن سعيد الْقطَّان: من الْحِفْظ، والإتقان، والتقدم فِي ذَلِك على حَاتِم بن إِسْمَاعِيل وعَلى غَيره. وحاتم بن إِسْمَاعِيل، وَإِن كَانَ ثِقَة فَإِنَّهُ فِيمَا زَعَمُوا كَانَت فِيهِ غَفلَة، وَكتابه صَحِيح، فَإِذا حدث من كِتَابه فَحَدِيثه صَحِيح، وَهُوَ عِنْدهم فِي هَذَا الْمَعْنى أحسن من الدَّرَاورْدِي. فَهَذَا وَالله أعلم هُوَ الَّذِي عَنى أَبُو مُحَمَّد بقوله: إِن الَّذِي أرْسلهُ أحفظ من الَّذِي وَصله. وَإِلَى ذَلِك فَإِن، الحَدِيث طَرِيقا آخر لَا بَأْس بِهِ. قَالَ الْبَزَّار: حَدثنَا عمار بن خَالِد الوَاسِطِيّ، قَالَ: حَدثنَا الْقَاسِم بن مَالك الْمُزنِيّ، قَالَ: حَدثنَا الْأَعْمَش، عَن زيد بن وهب، عَن عمر بن الْخطاب أَنه قَالَ: " إِذا كُنْتُم ثَلَاثَة فِي سفر فَأمروا عَلَيْكُم أحدكُم، فَذَاك أَمِير أمره رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ". قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث قد رَوَاهُ غير وَاحِد عَن الْأَعْمَش، عَن زيد بن وهب، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 290 عَن عمر مَوْقُوفا، وَلَا نعلم أسْندهُ إِلَّا الْقَاسِم بن مَالك عَن الْأَعْمَش. انْتهى قَوْله. الْقَاسِم بن مَالك، أَبُو جَعْفَر الْمُزنِيّ، قَالَ فِيهِ ابْن معِين: ثِقَة، وَقَالَ أَبُو حَاتِم: صَالح لَا بَأْس بِهِ، لَيْسَ بالمتين. وَهَذَا إِنَّمَا مَعْنَاهُ أَن غَيره فَوْقه، وَبلا شكّ أَن الثِّقَات متفاوتون، هَذَا إِذا سلم لَهُ مَا قَالَ من أَنه لَيْسَ بالمتين، وَالرجل ثِقَة لَا شكّ فِيهِ، والراوي عَنهُ وَهُوَ عمار بن خَالِد ثِقَة. فَهَذَا الطَّرِيق صَحِيح، فَإِن وقف من وَقفه لَا يضرّهُ، لاحْتِمَال أَن يكون الْأَعْمَش قد رَوَاهُ على الْوَجْهَيْنِ وَالله أعلم. (2479) وَمِمَّا لَهُ مدْخل فِي هَذَا الْبَاب حَدِيث ذكره من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن سماك، عَن رجل من قومه، عَن آخر مِنْهُم، قَالَ: " رَأَيْت راية رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صفراء ". وَهَذَا مَا لَا يلْتَفت [إِلَيْهِ ... ] . (2480) وَذَلِكَ أَنه قد أورد بعد هَذَا حَدِيث مزيدة العصري من عِنْد التِّرْمِذِيّ، قَالَ: " دخل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم الْفَتْح وعَلى سَيْفه ذهب وَفِضة " وَأتبعهُ بتحسين التِّرْمِذِيّ إِيَّاه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 291 وَإِسْنَاده عِنْد التِّرْمِذِيّ هُوَ هَذَا: حَدثنَا مُحَمَّد بن صدران: أَبُو جَعْفَر الْبَصْرِيّ، حَدثنَا طَالب بن حُجَيْر، عَن هود هُوَ ابْن عبد الله بن سعد عَن جده مزيدة. (2481) وَقد ورد بِهَذَا الْإِسْنَاد " جعل رايات الْأَنْصَار صفراً ". قَالَ أَبُو عَليّ بن السكن: حَدثنِي مُحَمَّد بن هَارُون الْحَضْرَمِيّ، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن سهل بن عَسْكَر، قَالَ: حَدثنَا قيس بن حَفْص، قَالَ: حَدثنَا طَالب بن حُجَيْر الْعَبْدي، قَالَ: حَدثنَا هود بن عبد الله، قَالَ: حَدثنِي جدي مزيدة وَكَانَ من الْوَفْد قَالَ: " رَأينَا عَلَيْهِ يَعْنِي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عِمَامَة سَوْدَاء، وَعقد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رايات الْأَنْصَار، وجعلهن صفراً، وَدخل يَوْم فتح مَكَّة وعَلى سَيْفه ذهب وَفِضة ". وبرواية طَالب بن حُجَيْر أَيْضا، عَن هود بن عبد الله، عَن مزيدة قَالَ: رَأَيْت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَنزلت إِلَيْهِ فَقبلت يَده. وَقيس بن حَفْص بن الْقَعْقَاع، بَصرِي، شيخ، حَاله كَحال طَالب بن حُجَيْر. وَلم أقل: إِن هَذَا الْإِسْنَاد صَحِيح، وَلكنه يلْزمه إِخْرَاجه، لِأَنَّهُ قد أخرج بِهِ قِطْعَة من الحَدِيث الْمَذْكُور الجزء: 5 ¦ الصفحة: 292 (2482) وَذكر حَدِيث: " أَيّمَا عبد تزوج بِغَيْر إِذن سَيّده فَهُوَ عاهر ". سَاقه من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن زُهَيْر بن مُحَمَّد، عَن عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل، عَن جَابر، وَحسنه. وَترك أَن يجىء بِهِ من رِوَايَة ابْن جريح، عَن عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل، عَن جَابر مثله سَوَاء. قَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا سعيد بن يحيى بن سعيد الْأمَوِي، قَالَ: حَدثنَا أبي، قَالَ: حَدثنَا ابْن جريج فَذكره. وَابْن جريج لَا مفاضلة بَينه وَبَين زُهَيْر بن مُحَمَّد، وَيحيى بن سعيد الْأمَوِي ثِقَة، قَالَه ابْن معِين، وَابْنه صَدُوق. قَالَه أَبُو حَاتِم. (2483) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن أبي تَمِيمَة الهُجَيْمِي أَن رجلا قَالَ لَا [مرأته: يَا أخية، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أختك هِيَ؟ ! "] فكره ذَلِك وَنهى عَنهُ. ثمَّ قَالَ: هَذَا مُنْقَطع الْإِسْنَاد. كَذَا قَالَ، وَإِنَّمَا يَعْنِي الْإِرْسَال، وَقد كَانَ لَهُ أَن يذكر صَحِيحا على رَأْيه، وَذَلِكَ أَن أَبَا دَاوُد يروي الأول من طَرِيق حَمَّاد بن زيد، وَعبد الْوَاحِد بن زِيَاد، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 293 وخَالِد الطَّحَّان، كلهم عَن خَالِد الْحذاء، عَن أبي تَمِيمَة. فَهَذَا الَّذِي أورد أَبُو مُحَمَّد. وَرَوَاهُ أَيْضا عِنْد أبي دَاوُد عبد السَّلَام بن حَرْب عَن خَالِد الْحذاء، عَن أبي تَمِيمَة، عَن رجل من قومه، أَنه سمع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سمع رجلا يَقُول لامْرَأَته: يَا أخية، فَنَهَاهُ. فَترك أَبُو مُحَمَّد هَذَا وَلم يسقه. وَعبد السَّلَام حَافظ، وَكَون الرجل لم يسم لَا يضرّهُ على أحد رأييه، وعَلى الرَّأْي الآخر لَهُ يُسَمِّيه مُرْسلا، وَقد تقدم ذكر ذَلِك فاعلمه. (2484) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن أبي عبد الرَّحْمَن الْخُرَاسَانِي، أَن عَطاء الْخُرَاسَانِي، حَدثهُ أَن نَافِعًا حَدثهُ عَن ابْن عمر، قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أَذْنَاب الْبَقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الْجِهَاد، سلط الله عَلَيْكُم ذلاً لَا يَنْزعهُ حَتَّى ترجعوا إِلَى دينكُمْ ". ثمَّ قَالَ: أَبُو عبد الرَّحْمَن الْخُرَاسَانِي لَيْسَ بِمَشْهُور. انْتهى كَلَامه. أَبُو عبد الرَّحْمَن هَذَا، هُوَ إِسْحَاق بن أسيد أَبُو عبد الرَّحْمَن، يروي عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي، روى عَنهُ حَيْوَة بن شُرَيْح، وَهُوَ يروي عَنهُ هَذَا الْخَبَر، وَبِهَذَا ذكره ابْن أبي حَاتِم، وَلم يقل فِيهِ إِلَّا أَنه لَيْسَ بالمشهور. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 294 وَوهم الْبَزَّار فِي تَفْسِيره هَذَا الرجل بِأَنَّهُ ابْن أبي فَرْوَة، وَذَلِكَ أَنه لما ذكر هَذَا الحَدِيث قَالَ بإثره: إِسْحَاق عِنْدِي، هُوَ ابْن عبد الله بن أبي فَرْوَة، وَهُوَ لين الحَدِيث. وَإِنَّمَا لم يكن مِنْهُ هَذَا صَوَابا، لِأَن إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي فَرْوَة مدنِي، ويكنى أَبَا سُلَيْمَان، وراوي هَذَا الْإِسْنَاد خراساني ويكنى أَبَا عبد الرَّحْمَن. وَأيهمَا كَانَ، فَالْحَدِيث من طَرِيقه لَا يَصح. وَله طَرِيق أحسن من هَذَا [عَن عَطاء رَوَاهُ عَليّ بن عبد الْعَزِيز] فِي منتخبه، حَدثنَا أَبُو الْأَحْوَص: مُحَمَّد بن حَيَّان، قَالَ: أَخْبرنِي إِسْمَاعِيل ابْن علية، عَن لَيْث، عَن عبد الْملك، عَن عَطاء، قَالَ: قَالَ ابْن عمر: أَتَى علينا زمَان وَمَا نرى أحدا منا أَحَق بالدينا وَالدِّرْهَم من أَخِيه الْمُسلم، حَتَّى كَانَ هَاهُنَا بآخرة، فَأصْبح الدِّينَار وَالدِّرْهَم أحب إِلَى أَحَدنَا من أَخِيه الْمُسلم، وَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِذا ضن النَّاس بالدينار وَالدِّرْهَم، وتبايعوا بالعينة، واتعبوا أَذْنَاب الْبَقر، وَتركُوا الْجِهَاد، بعث الله عَلَيْهِم ذلاً، ثمَّ لَا يَنْزعهُ مِنْهُم حَتَّى يراجعوا دينهم ". وَإِنَّمَا لم نقل لهَذَا: صَحِيح، لكمان لَيْث، فَإِنَّهُ ابْن أبي سليم، وَلم يكن بِالْحَافِظِ، وَهُوَ صَدُوق ضَعِيف. وَقَالَ أَيْضا: حَدثنَا الْمُعَلَّى بن مهْدي، قَالَ: حَدثنَا عبد الْوَارِث، عَن لَيْث ابْن أبي سليم، عَن عبد الْملك بن أبي سُلَيْمَان، عَن عَطاء، عَن ابْن عمر، فَذكر الحَدِيث، إِلَّا قَوْله: " وَتركُوا الْجِهَاد ". وَلِلْحَدِيثِ طَرِيق أحسن من هَذَا، بل هُوَ صَحِيح، وَهُوَ الَّذِي قصدت الجزء: 5 ¦ الصفحة: 295 إِيرَاده، وَهُوَ مَا ذكر أَحْمد بن حَنْبَل رَحمَه الله نقلته من كتاب الزّهْد لَهُ، قَالَ: حَدثنَا أسود بن عَامر، حَدثنَا أَبُو بكر هُوَ ابْن عَيَّاش عَن الْأَعْمَش، عَن عَطاء بن أبي رَبَاح، عَن ابْن عمر قَالَ: أَتَى علينا زمَان وَمَا يرى أحد منا أَنه أَحَق بالدينار وَالدِّرْهَم من أَخِيه الْمُسلم، ثمَّ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِذا بغى النَّاس تبايعوا بِالْعينِ، وَاتبعُوا أَذْنَاب الْبَقر، وَتركُوا الْجِهَاد فِي سَبِيل الله، أنزل الله بهم بلَاء، فَلم يرفعهُ عَنْهُم حَتَّى يراجعوا دينهم ". كَذَا فِي النُّسْخَة " بلَاء "، وَأرَاهُ مُصحفا من " ذلاً " وَهَذَا الْإِسْنَاد كل رِجَاله ثِقَات، فَاعْلَم ذَلِك. (2485) وَذكر من طَرِيق عبد الرَّزَّاق، عَن أبي حَازِم الْقرظِيّ، عَن أَبِيه عَن جده، أَن رَسُول الله : " قضى فِي سيل مهزور أَن يحبس فِي كل حَائِط حَتَّى يبلغ [الْكَعْبَيْنِ ثمَّ يُرْسل، وَغَيره من السُّيُول كَذَلِك، وتبرأ من عهدته بِذكر] الْإِسْنَاد مكتفياً بِذكر [أبي حَازِم وَأَبِيهِ، وجده وَلم يعرف] بأحوال هَؤُلَاءِ، وَلَا أعرف أحدا ذكر أَبَا حَازِم الْقرظِيّ، فأبوه وجده أبعد من أَن يعرفا. وَلِلْحَدِيثِ طَرِيق يكون على أصل أبي مُحَمَّد صَحِيحا، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 296 حسن، هُوَ بِالذكر أولى من هَذَا. قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن عَبدة، قَالَ: أخبرنَا الْمُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن، قَالَ: حَدثنَا أبي، عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث، عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " قضى فِي السَّيْل المهزور أَن يمسك حَتَّى يبلغ الْكَعْبَيْنِ، ثمَّ يُرْسل الْأَعْلَى على الْأَسْفَل ". الْمُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن عبد الله بن عَيَّاش بن أبي ربيعَة المَخْزُومِي، مدنِي، لَيْسَ بِهِ بَأْس. قَالَه أَبُو حَاتِم. وَأَبوهُ عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث، قَالَ فِيهِ ابْن معِين: صَالح الحَدِيث. وَقد يلتبس هَذَا بالمغيرة بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام المَخْزُومِي أَيْضا، شيخ مَالك، وَكَذَلِكَ أَبوهُ بِأَبِيهِ، وليسا بهما، وكنية هَذَا الثَّانِي: أَبُو مُحَمَّد: عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث، وكنية الأول الَّذِي فِي إِسْنَاده حديثنا هَذَا: أَبُو الْحَارِث: عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث، وكنيه الْمُغيرَة هَذَا الثَّانِي شيخ مَالك: أَبُو هَاشم، وَلَا أعرف للْأولِ كنية، وَلَو كَانَ فِي إِسْنَاد عبد الرَّزَّاق من كَانَ أولى بِالذكر من هَذَا، لقَوْله فِيهِ: " وَغَيره من السُّيُول ". وَالله الْمُوفق. (2486) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ عَن أبي الْمُنْذر، مولى أبي ذَر عَن أبي أُميَّة المَخْزُومِي، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أُتِي بلص اعْترف اعترافاً، وَلم يُوجد عِنْده مَتَاع، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا إخالك سرقت " قَالَ: بلَى، قَالَ: " اذْهَبُوا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 297 فاقطعوه ثمَّ جيئوا بِهِ "، فقطعوه ثمَّ جَاءُوا بِهِ، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " قل: أسْتَغْفر الله وَأَتُوب إِلَيْهِ " قَالَ: أسْتَغْفر الله وَأَتُوب إِلَيْهِ، قَالَ: " اللَّهُمَّ تب عَلَيْهِ " ثمَّ قَالَ: أَبُو الْمُنْذر لَا أعلم [روى عَنهُ غير إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة. وَذكره] عبد الرَّزَّاق عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن ثَوْبَان قَالَ: أُتِي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِرَجُل سرق شملة بِهَذَا الحَدِيث، وَقَالَ: " اقْطَعُوا يَده ثمَّ احملوها " انْتهى مَا أورد. وَالْمَقْصُود بَيَانه، هُوَ أَن هَذَا الْمُرْسل، هُوَ من رِوَايَة يزِيد بن خصيفَة، عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن. وَقد رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ مُتَّصِلا بِإِسْنَاد لَا بَأْس بِهِ. قَالَ: حَدثنَا أَبُو عبيد: الْقَاسِم بن إِسْمَاعِيل، حَدثنَا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد الدَّرَاورْدِي، قَالَ: أَخْبرنِي يزِيد بن خصيفَة، عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن ثَوْبَان، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَتَى بسارق قد سرق شملة فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، إِن هَذَا قد سرق، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا، مَا إخَاله سرق " فَقَالَ السَّارِق: بلَى يَا رَسُول الله، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اذْهَبُوا بِهِ فاقطعوه ثمَّ احسموه، ثمَّ ائْتُونِي بِهِ "، فَقطع ثمَّ أُتِي بِهِ فَقَالَ: " تب إِلَى الله " فَقَالَ: قد تبت إِلَى الله. قَالَ: " تَابَ الله عَلَيْك ". يزِيد بن خصيفَة يَقع هَكَذَا فِي الْأَكْثَر مَنْسُوبا إِلَى جده، وَهُوَ يزِيد بن عبد الله بن خصيفَة، وَهُوَ ثِقَة بِلَا خلاف، فاعلمه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 298 (2487) وَمن ذَلِك حَدِيث عبد الله بن بسر حِين دَعَا أَبوهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى منزلَة إِلَى ثريدة بِسمن صنعوها لَهُ. ضعفه بِأَن قَالَ: إِن حَدِيث ابْن عَبَّاس أصح مِنْهُ. وَبينا علته الَّتِي أغفل بَيَانهَا فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أعلها وَلم يبين عللها. وَبَقِي أَن نذْكر هُنَا أَن لَهُ إِسْنَادًا جيدا خيرا من الَّذِي اعْتَرَضَهُ مِنْهُ، وَذَلِكَ أَن اللَّفْظ الَّذِي سَاق، هُوَ من رِوَايَة بَقِيَّة، فَهُوَ يرويهِ عَن صَفْوَان بن عَمْرو، قَالَ: حَدثنِي أَزْهَر بن عبد الله، عَن عبد الله بن بسر. وَبَقِيَّة لَا يحْتَج بِهِ. وَقد رَوَاهُ عَن صَفْوَان بن عَمْرو مِمَّن يوثق، عِيسَى بن يُونُس. قَالَ النَّسَائِيّ: اُخْبُرْنَا زَكَرِيَّاء بن يحيى، قَالَ: حَدثنَا نصر بن عَليّ، قَالَ: حَدثنَا [ابْن يُونُس، عَن صَفْوَان بن عَمْرو، قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن] بسر. قَالَ: قَالَ أبي لأمي: [لَو صنعت لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - طَعَاما، فصنعت] ثريدة وَقَالَ بِيَدِهِ يقلل فَانْطَلق أبي فَدَعَاهُ فَوضع يَده على ذروتها، ثمَّ قَالَ: " خُذُوا بِسم الله " فَأخذُوا من حواليها، فَلَمَّا طعموا دَعَا لَهُم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اللَّهُمَّ اغْفِر لَهُم فارحمهم، وَبَارك لَهُم وارزقهم ". فنرى هَذَا الحَدِيث صَحِيحا، فَإِنَّهُ وَإِن كَانَ سقط أَزْهَر بن عبد الله من بَين صَفْوَان بن عَمْرو وَعبد الله بن بسر، فَإِنَّهُ قد قَالَ: حَدثنَا، فصح بذلك سَمَاعه الجزء: 5 ¦ الصفحة: 299 مِنْهُ، وَقد ذكر بروايته عَن عبد الله بن بسر، وبإرساله عَن أنس بن مَالك. فَهَذَا الحَدِيث صَحِيح لثقة رُوَاته واتصاله، وَحين لم يقبله أَبُو مُحَمَّد وَلَا أوردهُ، نَاقض فعله فِي حَدِيث: (2488) " إِذا ابتغت بيعا فَلَا تبعه حَتَّى تستوفيه " فَإِنَّهُ كَمَا لم يبال هُنَاكَ بِسُقُوط عبد الله بن عصمَة، بَين يُوسُف بن مَاهك وَحَكِيم بن حزَام لما قَالَ يُوسُف: حَدثنَا حَكِيم، فِي رِوَايَة همام فَكَذَلِك كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَن يفعل هَا هُنَا، فَلَا يُبَالِي فِي هَذَا الْإِسْنَاد بِسُقُوط أَزْهَر بن عبد الله، بَين صَفْوَان وَعبد الله بن بسر، لما قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن بسر، بل جَاءَ فعله هَا هُنَا أشنع، فَإِنَّهُ ترك هَذَا وسَاق رِوَايَة بَقِيَّة، وَبَقِيَّة لَا يحْتَج بِهِ عِنْده، وَلَعَلَّه لسوء حفظه، زَاد فِي رِوَايَته عَن صَفْوَان بن عَمْرو أَزْهَر بن عبد الله، بَين صَفْوَان وَعبد الله ابْن بسر، فَإِن مسقطه، وَهُوَ عِيسَى بن يُونُس ثِقَة بِلَا خلاف، فَاعْلَم ذَلِك. (2489) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَيْسَ الْمُؤمن بالطعان، وَلَا اللّعان، وَلَا الْفَاحِش، وَلَا الْبَذِيء ". قَالَ فِيهِ: حسن غَرِيب. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 300 كَذَا أوردهُ، وَهُوَ كَمَا ذكر، وَلَا يَنْبَغِي أَن يُقَال فِيهِ، صَحِيح، لِأَنَّهُ من رِوَايَة [مُحَمَّد بن] سَابق، عَن إِسْرَائِيل، عَن الْأَعْمَش، عَن إِبْرَاهِيم، عَن عَلْقَمَة، عَن عبد الله. وَمُحَمّد بن سَابق [الْبَزَّار يضعف] وَإِن كَانَ مَشْهُورا، وَمن النَّاس من يثتني عَلَيْهِ، وَرُبمَا وَثَّقَهُ [بَعضهم، وَقَالَ الْعجلِيّ: كُوفِي ثِقَة، وَقَالَ يَعْقُوب] بن شيبَة: كَانَ ثِقَة صَدُوقًا، وَلَيْسَ مِمَّن يُوصف بالضبط للْحَدِيث. وَقَالَ مُحَمَّد بن صَالح كيلجة: كَانَ خياراً لَا بَأْس بِهِ. وَكَذَا قَالَ النَّسَائِيّ: لَيْسَ بِهِ بَأْس. ذكر هَذَا كُله الْخَطِيب. وَغير هَؤُلَاءِ يستضعفه، فَالْحَدِيث من أَجله حسن. قَالَ أَبُو بكر الْخَطِيب: أخبرنَا عَليّ بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الدقاق، قَالَ: قَرَأنَا على الْحُسَيْن بن هَارُون الضَّبِّيّ، عَن أبي الْعَبَّاس بن سعيد، قَالَ: حَدثنَا نجيح بن إِبْرَاهِيم، قَالَ: سَمِعت أَبَا بكر بن أبي شيبَة، وَذكر يَعْنِي هَذَا الحَدِيث فَقَالَ: إِن كَانَ حفظه يَعْنِي مُحَمَّد بن سَابق فَهُوَ غَرِيب. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 301 أخبرنَا أَبُو نصر: أَحْمد بن عبد الْملك الْقطَّان، أخبرنَا عبد الرَّحْمَن بن عمر الْخلال، حَدثنَا مُحَمَّد بن أَحْمد بن يَعْقُوب هُوَ ابْن أبي شيبَة - حَدثنَا جدي، قَالَ: سَمِعت عَليّ بن الْمَدِينِيّ ذكر هَذَا الحَدِيث فَقَالَ: هُوَ مُنكر من حَدِيث إِبْرَاهِيم، عَن عَلْقَمَة، وَإِنَّمَا هُوَ من حَدِيث أبي وَائِل من غير حَدِيث الْأَعْمَش. قَالَ الْخَطِيب: رَوَاهُ لَيْث بن أبي سليم عَن زبيد اليامي، عَن أبي وَائِل، عَن عبد الله، إِلَّا أَنه وَقفه وَلم يرفعهُ. وَرَوَاهُ إِسْحَاق بن زِيَاد الْعَطَّار، الْكُوفِي وَكَانَ صدوقاُ، فَخَالف فِيهِ مُحَمَّد بن سَابق. أخبرنيه أَحْمد بن عبد الْملك، أخبرنَا عبد الرَّحْمَن بن عمر، حَدثنَا مُحَمَّد ابْن أَحْمد بن يَعْقُوب، حَدثنَا جدي قَالَ: حَدثنَا إِسْحَاق بن زِيَاد الْعَطَّار من كِتَابه، عَن إِسْرَائِيل، عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن، عَن الحكم، عَن إِبْرَاهِيم، عَن عَلْقَمَة، عَن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَيْسَ الْمُؤمن بالطعان، وَلَا اللّعان، وَلَا الْفَاحِش، وَلَا الْبَذِيء ". لم يزدْ يَعْقُوب بن شيبَة فِي ذكره مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن على هَذَا، وَلم يعرف بِهِ، وَلَا قَالَ: إِنَّه ابْن أبي ليلى، فَالله أعلم أَن كَانَ هُوَ أَو غَيره. والآن أنتهيت إِلَى مَا قصدت، وَهُوَ أَن لَهُ طَرِيقا أحسن من الَّذِي ذكره مِنْهُ وَمن هَذَا الَّذِي ذكره بِهِ الْخَطِيب، وَهُوَ مَا ذكر [الْبَزَّار، حَدثنَا يُوسُف بن مُوسَى، قَالَ: حَدثنَا] عبد الرَّحْمَن] بن مغراء، حَدثنَا الْحسن [بن عَمْرو، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 302 عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد، عَن أَبِيه، عَن] عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَيْسَ الْمُؤمن بالطعان، وَلَا اللّعان، وَلَا الْفَاحِش، وَلَا الْبَذِيء ". قَالَ الْبَزَّار ": وَهَذَا الحَدِيث رَوَاهُ عَن الْحسن بن عَمْرو بِهَذَا الْإِسْنَاد: أَبُو بكر ابْن عَيَّاش، وَعبد الرَّحْمَن بن مغراء. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 303 (13) بَاب ذكر أَحَادِيث ضعفها، وَهِي صَحِيحَة أَو حَسَنَة، وَمَا أعلها بِهِ لَيْسَ بعلة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 305 اعْلَم أَن الْبَاب الْمُقدم، كَانَ قد ضعف الْأَحَادِيث الْمَذْكُورَة فِيهِ، وَالْأَمر فِيهَا كَمَا ذكر، وَلَكنَّا رَأينَا لَهَا أَسَانِيد أخر، هِيَ مِنْهَا صَحِيحَة أَو حَسَنَة. وَهَذَا الْبَاب نذْكر فِيهِ أَحَادِيث ضعفها، وَلَيْسَ يَنْبَغِي أَن يُقَال فِيهَا بذلك لِأَنَّهُ فِي تَضْعِيفه إِيَّاهَا: إِمَّا أَن يجهل مَعْرُوفا، أَو يضعف ثِقَة، أَو يعْتَمد شهرة خِلَافه، أَو يُقَلّد فِي التَّضْعِيف من قد أَخطَأ فِيهِ. وَالَّذِي نذكرهُ فِي هَذِه التَّرْجَمَة هُوَ قِسْمَانِ: مَا ضعفه وَهُوَ صَحِيح، وَمَا ضعفه وَهُوَ حسن. وَقد آثرت ذكره على تصنيف الْأَحَادِيث لَا بِاعْتِبَار هَذَا الانقسام، خوفًا من التَّدَاخُل. وكل مَا ذكر فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ردهَا بالانقطاع وَهِي مُتَّصِلَة، هُوَ من هَذَا الْبَاب، وَلكنه تميز صنفا، فَلذَلِك أفردنا لَهُ بَابا إِثْر بَاب مَا رَآهُ مُتَّصِلا وَهُوَ مُنْقَطع. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 307 (2490) فَمن ذَلِك مَا ذكر من طَرِيق الْبَزَّار، عَن ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن، عَن عبد الْملك بن سعيد بن سُوَيْد، قَالَ: سَمِعت أَبَا حميد وَأَبا أسيد يَقُولَانِ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا سَمِعْتُمْ الحَدِيث تعرفه قُلُوبكُمْ " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ بإثره: عبد الْملك بن سعيد ذكره أَبُو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم وَلم يذكر أحدا رَوَاهُ عَنهُ إِلَّا ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن، وَلم يذكر فِيهِ شَيْئا، هَذَا نَص مَا ذكر من غير مزِيد [وَهُوَ كَمَا ذكر، لم يرو عَنهُ غير] ربيعَة. وَقد أهمل من ذكر [التجريح وَالتَّعْدِيل فِيهِ وللقاعدة أَن من لم يذكر فيهم ابْن أبي] حَاتِم الْجرْح وَالتَّعْدِيل فهم عِنْده مجهولو الْأَحْوَال، بَين ذَلِك عَن نَفسه فِي أول كِتَابه، وَسَوَاء كَانَ من لم يذكر فِيهِ الْجرْح وَالتَّعْدِيل مِمَّن لم يرو عَنهُ إِلَّا وَاحِد أَو مِمَّن قد روى عَنهُ جمَاعَة، وَرَأى أَبُو مُحَمَّد أَن من روى عَنهُ جمَاعَة يقبل، وعَلى ذَلِك بنى نظره، وَبِه عمل فِي كِتَابه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 309 فَأَما من لم يرو عَنهُ إِلَّا وَاحِد، وَلم يعرف فِيهِ جرح وَلَا تَعْدِيل، فَهَؤُلَاءِ يقبلهم، وَلَا يحْتَج بهم. وَقد يعرف فِيمَن لم يرو عَنهُ إِلَّا وَاحِد أَنه ثِقَة فَيقبل، أَو أَنه ضَعِيف فَيرد، بِحكم التَّضْعِيف. وَقيل: أَنه سمع فِيهِ التجريح يرد بِحكم الْمَجْهُول الْحَال. وَقد تقدم بَيَان هَذَا كُله، فَهُوَ إِذن قد اعْتقد فِي عبد الْملك بن سعيد هَذَا أَنه مَجْهُول الْحَال، وَأول مَا اعتراه فِيهِ سوء النَّقْل، وَذَلِكَ بقلة التثبيت، فَإِنَّهُ لَو نظر، رأى فِي كتاب ابْن أبي حَاتِم خلاف مَا ذكر. وَذَلِكَ أَن ابْن أبي حَاتِم، قد ذكر عَن أَبِيه أَنه روى عَنهُ بكير بن عبد الله بن الْأَشَج، فَزَاد هُوَ من عِنْده أَن ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن روى عَنهُ، فَوَقع بصر أبي مُحَمَّد على قَول ابْن أبي حَاتِم: روى عَنهُ ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن، فَقَالَ مَا ذكر: من أَنه لم يرو عَنهُ غير ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن. وَلَا ينفعك أقل من الْوُقُوف على نَص كَلَام أبي مُحَمَّد بن أبي حَاتِم، وَهَذَا هُوَ: " عبد الْملك بن سعيد بن سُوَيْد الْأنْصَارِيّ، روى عَن عَبَّاس بن سهل بن سعد، روى عَنهُ بكير بن عبد الله بن الْأَشَج، سَمِعت أبي يَقُول ذَلِك ". قَالَ أَبُو مُحَمَّد: وَسمع من أبي حميد، وَأبي أسيد السَّاعِدِيّ، وَجَابِر بن عبد الله، روى عَنهُ ربيعَة، بن أبي عبد الرَّحْمَن. هَذَا نَص مَا ذكر من غير مزِيد، وَقد تبين مِنْهُ كَيفَ اعتراه مَا اعتراه من تَغْيِير الْموضع. وَقد انتهينا إِلَى الْمَقْصُود، وَهُوَ أَن نبين أَن الرجل الْمَذْكُور لَيْسَ بِالْمَجْهُولِ، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 310 لَا اقول ذَلِك من أجل أَنه قد روى عَنهُ بكير [بن الْأَشَج، وَرَبِيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن، وَلَكِن لِأَن قوما] وثقوه وقبلوا روا [يته، فَمنهمْ مُسلم، فقد أخرج لَهُ فِي صَحِيحه، وَقَالَ الْكُوفِي] فِي كِتَابه: عبد الْملك بن سعيد ابْن سُوَيْد، مدنِي تَابِعِيّ ثِقَة. وَقَالَ النَّسَائِيّ فِي كِتَابه التَّمْيِيز: لَيْسَ بِهِ بَأْس، روى عَنهُ بكير بن عبد الله ابْن الْأَشَج وَرِوَايَة بكير هَذِه هِيَ الَّتِي قد أَشَارَ إِلَيْهَا أَبُو حَاتِم، وَالنَّسَائِيّ عَنهُ، لَيست هِيَ لهَذَا الحَدِيث. وَإِنَّمَا يروي عَنهُ عَن جَابر حَدِيث عمر " هششت إِلَى امْرَأَتي فَقَبلتهَا وَأَنا صَائِم ". الحَدِيث الَّذِي قيل لَهُ فِيهِ: " أَرَأَيْت لَو تمضمضت " ذكره أَبُو دَاوُد. (2491) وَقد أخرج لَهُ مُسلم رَحمَه الله - محتجا بِهِ - حَدِيثه عَن أبي حميد وَأبي أسيد فِي القَوْل عِنْد دُخُول الْمَسْجِد، وَمن رِوَايَة ربيعَة عَنهُ، وَهَذِه هِيَ رِوَايَة ربيعَة الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا أَبُو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم. وَقد زعم اللالكائي أَن الدَّرَاورْدِي عَنهُ، وَهَذَا لَا أعرفهُ ولعلي أَجِدهُ بعد. وَإِنَّمَا يروي الدَّرَاورْدِي عَن ربيعَة عَنهُ هَذَا الحَدِيث فِي القَوْل عِنْد دُخُول الْمَسْجِد. ذكره كَذَلِك أَبُو دَاوُد. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 311 وَقد ذكر أَبُو مُحَمَّد حَدِيثه هَذَا من عِنْد أبي دَاوُد، من رِوَايَة الدَّرَاورْدِي، عَن ربيعَة عَنهُ فِي القَوْل عِنْد دُخُول الْمَسْجِد لزيادته فِيهِ: " فليسلم على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ثمَّ ليقل: اللَّهُمَّ افْتَحْ لي أَبْوَاب رحمتك ". وَلم يسقه من عِنْد مُسلم؛ لِأَن زِيَادَة الْأَمر بِالتَّسْلِيمِ على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَيست عِنْده. فَهَذَا مِنْهُ قبُول لرِوَايَة عبد الْملك الْمَذْكُور واحتجاج بِهِ. (2492) وَكَذَلِكَ ذكر فِي الصّيام حَدِيث: " أَرَأَيْت لَو تمضمضت " من عِنْد النَّسَائِيّ، وَمن رِوَايَة بكير بن عبد الله بن الْأَشَج عَنهُ. وَسكت عَنهُ مصححا لَهُ، فَأَيْنَ رده من أَجله حديثنا المبدوء بِذكرِهِ. وَقَوله: لم يرو عَنهُ إِلَّا ربيعَة؛ هَذِه غَفلَة بَيِّنَة، فَاعْلَم ذَلِك. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 312 (2493) وَذكر من طَرِيق الْبَزَّار، عَن عبد الله بن مَسْعُود عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من كذب عَليّ مُتَعَمدا ليضل بِهِ " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: هَذِه الزِّيَادَة " ليضل بِهِ "، هِيَ من طَرِيق يُونُس بن بكير [عَن] الْأَعْمَش، عَن طَلْحَة بن مصرف، عَن عَمْرو [بن شُرَحْبِيل، عَن عبد الله، وَلَا تصح عَن الْأَعْمَش، عَن عبد الله. هَكَذَا] قَالَ من غير مزِيد. وَقد يتَوَهَّم من يقف على هَذَا الْموضع مِمَّن لَا علم عِنْده بِهَذَا الشَّأْن، ضعف يُونُس بن بكير راويها، وَلذَلِك قَالَ: " لَا تصح عَن الْأَعْمَش "، وَيُونُس الجزء: 5 ¦ الصفحة: 313 ابْن بكير: أَبُو بكر الشَّيْبَانِيّ، كُوفِي، قَالَ ابْن معِين: كَانَ صَدُوقًا. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: مَحَله الصدْق. وَقيل لأبي زرْعَة: أينكر عَلَيْهِ شَيْء؟ فَقَالَ: أما فِي الحَدِيث فَلَا أعلمهُ. وَقَالَ أَبُو أَحْمد بن عدي: سَمِعت أَبَا يعلى يَقُول: كَانَ ابْن نمير يطنب فِي مدح يُونُس بن بكير، وَقد أخرج لَهُ مُسلم رَحمَه الله. وَقَالَ الْكُوفِي: كَانَ على الْمَظَالِم لجَعْفَر بن برمك، ضَعِيف الحَدِيث. فَإِن كَانَ أَبُو مُحَمَّد اعْتمد فِي تَضْعِيف هَذَا الحَدِيث تَضْعِيف من ضعف يُونُس بن بكير، مِمَّن لم يَأْتِ بِحجَّة فِي تَضْعِيفه إِيَّاه - مَعَ مَا وصف بِهِ من الصدْق وثنائهم عَلَيْهِ، فقد كَانَ يجب أَن يبين ذَلِك، وَإِن كَانَ لم يضعف عِنْده إِلَّا من أَمر آخر، فقد كَانَ أوجب وآكد أَيْضا أَن يعرف بِهِ. والْحَدِيث الْمَذْكُور أوردهُ الْبَزَّار هَكَذَا: حَدثنَا عبد الله بن سعيد، حَدثنَا يُونُس بن بكير، فَذكره بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدّم، ثمَّ قَالَ: وَقد رَوَاهُ غير يُونُس، عَن الْأَعْمَش مُرْسلا. وَأَنا أَظن أَن أَبَا مُحَمَّد إِنَّمَا رأى قَول الْبَزَّار هَذَا: إِن غير يُونُس رَوَاهُ عَن الْأَعْمَش مُرْسلا. فاعتمده فِي تَعْلِيله، وَهُوَ قد يعل الْأَحَادِيث بِأَن تروى تَارَة مُتَّصِلَة وَتارَة مُرْسلَة على مَا قد تقدم بعض ذَلِك عَنهُ. وسنعرض لذكر مَا لَهُ مِنْهُ بعد إِن شَاءَ الله تَعَالَى. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 314 فَإِن كَانَ هَذَا هُوَ الَّذِي رأى وَالَّذِي من أَجله ضعفه، فقد أَخطَأ؛ فَإِن كَلَام الْبَزَّار لَيْسَ فِيهِ تَرْجِيح لرِوَايَة من أرْسلهُ على رِوَايَة من أسْندهُ، وَإِنَّمَا أخبر أَنه قد أرسل، وَلَيْسَ يضر الحَدِيث تفنن رُوَاته فِي رِوَايَته بالوصل والإرسال، وَالرَّفْع وَالْوَقْف. وَلما ذكر أَبُو أَحْمد بن عدي هَذَا الحَدِيث قَالَ: اخْتلفُوا فِيهِ على طَلْحَة، فَمنهمْ من أرْسلهُ، [وَمِنْهُم من قَالَ: عَن عَليّ بدل عبد الله. وَيُونُس بن] بكير جود إِسْنَاده [وَالِاخْتِلَاف فِيهِ بالوهل والإرسال لَيْسَ بعلة وَهُوَ لَا يضرّهُ. ولعلك ترى مَا ذكر الدَّارَقُطْنِيّ فِي علله من تَعْلِيل رِوَايَة عَمْرو بن شُرَحْبِيل، عَن عبد الله لهَذَا الحَدِيث، فتظنه فِي حديثنا هَذَا، وَلَيْسَ كَذَلِك. وَإِنَّمَا هُوَ فِي قَوْله: " من كذب عَليّ مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار " دون الزِّيَادَة الْمَذْكُورَة وَلم يعرض لهَذِهِ الزِّيَادَة بِوَجْه، والْحَدِيث دونهَا من غير ذَلِك الطَّرِيق، وَمن طرق شَتَّى، صَحِيح لَا شكّ فِيهِ، فَاعْلَم ذَلِك. (2494) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن أبي غطفان، عَن ابْن عَبَّاس الجزء: 5 ¦ الصفحة: 315 قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " استنثروا مرَّتَيْنِ بالغتين أَو ثَلَاثًا ". ثمَّ قَالَ: قارظ هُوَ ابْن شيبَة، وَهُوَ لَا بَأْس بِهِ، وَالصَّحِيح مَا تقدم من الْأَمر بالوتر بالاستنثار. وَلم يعتل على هَذَا الحَدِيث بِأَكْثَرَ من هَذَا. وَحكمه على قارظ بن شيبَة بِأَنَّهُ لَا بَأْس بِهِ، وعَلى الحَدِيث بالضعف، يعين لتضعيفه أَبَا غطفان، لإبرازه إِيَّاه، وَأَبُو غطفان، هُوَ ابْن طريف المري يروي عَن أبي هُرَيْرَة، وَابْن عَبَّاس، روى عَنهُ دَاوُد بن حُصَيْن، وقارظ بن شيبَة، وَكَانَت لَهُ بِالْمَدِينَةِ دَار عِنْد دَار عمر بن عبد الْعَزِيز، أخرج لَهُ مُسلم رَحمَه الله. وَقَالَ عَبَّاس الدوري: سَمِعت ابْن معِين يَقُول فِيهِ: ثِقَة، يحدث عَنهُ دَاوُد ابْن الْحصين. وقارظ بن شيبَة هُوَ أَخُو عَمْرو بن شيبَة من بني لَيْث، من بني كنَانَة حلفاء لقريش. قَالَ النَّسَائِيّ: لَا بَأْس بِهِ. يروي عَن سعيد بن الْمسيب، وَأبي غطفان، روى عَنهُ أَخُوهُ عَمْرو بن [أبي شيبَة، وَابْن] أبي ذِئْب، وَمَات فِي خلَافَة سُلَيْمَان بن عبد الْملك بِالْمَدِينَةِ، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 316 قَالَه أَبُو حَاتِم. وَلَا يسْأَل عَن بَقِيَّة الْإِسْنَاد، فَإِنَّهُم أَئِمَّة. ووظيفة الْمُحدث النّظر فِي الْأَسَانِيد، من حَيْثُ الروَاة والِاتِّصَال والانقطاع، فَأَما مُعَارضَة هَذَا الْمَتْن ذَلِك الآخر، وَأَشْبَاه هَذَا، فَلَيْسَ من نظره [بل هُوَ من نظر الْفَقِيه، وَإِذا نظر بِهِ الْفَقِيه تبين لَهُ خلاف] مَا ذكر. (2495) [وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -] : " التَّسْبِيح للرِّجَال والتصفيق للنِّسَاء، من أَشَارَ فِي صلَاته إِشَارَة تفهم عَنهُ فليعد لَهَا ". ثمَّ قَالَ: أَبُو غطفان هَذَا مَجْهُول، ذكر ذَلِك الدَّارَقُطْنِيّ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 317 كَذَا قَالَ، وَالدَّارَقُطْنِيّ إِنَّمَا قَالَ: قَالَ لنا ابْن أبي دَاوُد: " أَبُو غطفان هَذَا رجل مَجْهُول، وَآخر الحَدِيث زِيَادَة فِي الحَدِيث، وَلَعَلَّه من قَول ابْن إِسْحَاق ". فَإِذن القَوْل الْمَذْكُور، إِنَّمَا يَنْبَغِي أَن يعزى لِابْنِ أبي دَاوُد، لَا للدارقطني، ثمَّ ينظر فِيهِ هَل هُوَ صَحِيح أم لَا؟ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَقع من مَقْصُود هَذَا الْبَاب، وَذَلِكَ أَن هَذَا الحَدِيث هُوَ من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق، عَن يَعْقُوب بن عتبَة، عَن أبي غطفان. فيونس بن بكير يرويهِ عَن ابْن إِسْحَاق. قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَبُو سعيد: عبد الله بن سعيد الْأَشَج، قَالَ: حَدثنَا يُونُس بن بكير، فَذكره. وَقَالَ فِيهِ: عَن أبي غطفان، عَن أبي هُرَيْرَة. وَرَوَاهُ أَبُو بكر بن أبي دَاوُد، عَن أبي سعيد: عبد الله بن سعيد الْأَشَج الْمَذْكُور أَيْضا، شَارك فِيهِ أَبَاهُ أَبَا دَاوُد، إِلَّا أَنه زَاد فِيهِ أَن قَالَ: عَن [أبي] غطفان المري، ذكر ذَلِك الدَّارَقُطْنِيّ عَنهُ. فَلَو سكت عَنهُ هَذَا، قُلْنَا: عرف أَنه المري، أَو ظَنّه إِيَّاه، وَلكنه زَاد إِلَى ذَلِك أَن قَالَ: وَأَبُو غطفان هَذَا مَجْهُول، فجَاء من هَذَا أَنه وَصفه بِأَنَّهُ المري، وَقَالَ عَنهُ: إِنَّه مَجْهُول. وَهَذَا تَخْلِيط، فَإِن أَبَا غطفان بن طريف المري، ثِقَة، مَعْرُوف بالرواية عَن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 318 أبي هُرَيْرَة، فَلَو رَأينَا من يَقُول فِي هَذَا الحَدِيث فِي رِوَايَته عَن أبي غطفان المري عَن أبي هُرَيْرَة، لم نشك فِي أَنه هَذَا الْمَعْرُوف، وَلم نَكُنْ نقدر وجود أبي غطفان المري آخر، يروي عَن أبي هُرَيْرَة إِلَّا على حد مَا نقدر وجود ألف كَذَلِك. لَكِن لما قَالَ لنا الَّذِي زَاد فِي نَعته: إِنَّه مَجْهُول، دلّ ذَلِك على أَنه إِمَّا واهم فِي قَوْله: " المري "، وَإِمَّا عَالم بِأَن هُنَاكَ مريا آخر يكنى أَبَا غطفان، يروي عَن أبي هُرَيْرَة، وَالصَّحِيح أَنه أَبُو غطفان، عَن أبي هُرَيْرَة [غير مَوْصُوف بِأَنَّهُ المري، فَيكون مَجْهُولا] إِذْ لم يثبت أَنه المري، [وَأما بعد ثُبُوت أَنه هُوَ فَلَا سَبِيل لتجهيله، وَقد ترْجم الْبَزَّار تَرْجَمَة، فِيهَا: أَبُو غطفان] عَن أبي هُرَيْرَة. فساق فِيهَا: حَدثنَا مصرف بن عَمْرو الْكُوفِي - فِيمَا أعلم - قَالَ: حَدثنَا أَبُو أُسَامَة، قَالَ: حَدثنَا عمر بن حَمْزَة، قَالَ: حَدثنِي أَبُو غطفان المري، أَنه سمع أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (2496) " لَا يشربن أحد مِنْكُم قَائِما، فَمن نسي فليستقئ ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 319 وَحدثنَا مُحَمَّد بن عمر بن الْوَلِيد الْكِنْدِيّ، قَالَ: حَدثنَا يُونُس بن بكير، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن يَعْقُوب بن عتبَة، عَن أبي غطفان، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " التَّسْبِيح للرِّجَال والتصفيح للنِّسَاء ". هَكَذَا ذكر هذَيْن الْحَدِيثين فِي تَرْجَمَة وَاحِدَة فَدلَّ على أَنه عِنْده المري، وَلَيْسَ بِمَجْهُول كَمَا زعم ابْن أبي دَاوُد، فَإِن المري الَّذِي يروي حَدِيث " النَّهْي عَن الشّرْب قَائِما والاستقاء لمن نسي "، هُوَ بِلَا شكّ أَبُو غطفان بن طريف، وَعنهُ سَاقه مُسلم - رَحمَه الله - فِي كِتَابه من رِوَايَة عمر بن حَمْزَة، كَمَا فعل الْبَزَّار. فَإِذن مَذْهَب الْبَزَّار فِي رَاوِي حَدِيث الْبَاب، أَنه أَبُو غطفان بن طريف المري، إِلَّا أَنه لم يذكر الزِّيَادَة الَّتِي هِيَ: " من أَشَارَ فِي صلَاته إِشَارَة " إِلَى آخرهَا، وَذَلِكَ مِمَّا يُؤَكد لِابْنِ أبي دَاوُد قَول: إِن آخر الحَدِيث زِيَادَة فِيهِ، ولعلها من قَول ابْن إِسْحَاق. وَتقدم للبزار تَرْجَمَة أُخْرَى نَصهَا: أَبُو غطفان عَن أبي هُرَيْرَة، حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن حَفْص، حَدثنَا يُونُس بن بكير، عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن يَعْقُوب بن عتبَة، عَن أبي غطفان، عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " التَّسْبِيح الجزء: 5 ¦ الصفحة: 320 للرِّجَال والتصفيق للنِّسَاء ". لم يسق فِيهَا غير هَذَا، فَهُوَ يدل على أَنه عِنْده غير المري، وَالْخَارِج من هَذَا كُله أَنه لَا يعرف من هُوَ كَمَا ذكر أَبُو بكر بن أبي دَاوُد. (2497) وَذكر من طَرِيق مُسلم عَن أنس قَالَ: " وَقت لنا فِي قصّ الشَّارِب، ونتف الْإِبِط، وَحلق الْعَانَة، أَن لَا نَتْرُك أَكثر من أَرْبَعِينَ لَيْلَة ". وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: وَقت لنا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَحَدِيث [مُسلم أَعلَى إِسْنَادًا، ثمَّ أتبعه رِوَايَة أُخْرَى عَن أنس، فَقَالَ: والصح [يح] فِي التَّوْقِيت. حَدِيث مُسلم رَحمَه الله. فَهُوَ - كَمَا ترى - قد رجح حَدِيث مُسلم على] حَدِيث التِّرْمِذِيّ من جِهَة الْإِسْنَاد، لَا من جِهَة مُسلم وَأبي عِيسَى أَنفسهمَا، وَهَذَا لَو عناه كَانَ بَاطِلا، فَإِنَّهُمَا لم يتعارض مَا روياه، بل نقبل من الْحَافِظ مَا زَاد مِمَّا لم يحفظ غَيره. وَالتِّرْمِذِيّ أحد الْأَئِمَّة الْحفاظ المتقنين، وَقد جهل من جَهله كَمَا اعترى أَبَا مُحَمَّد بن حزم فِيهِ، وَقد شهد لَهُ بِالْإِمَامَةِ - زِيَادَة إِلَى مَا يعرف النَّاس من حَاله - جمَاعَة مِمَّن عرض لذكر أَمْثَاله. وَذكره فِي جملَة الْأَئِمَّة الدَّارَقُطْنِيّ، وَأَبُو عبد الله بن الرّبيع، وَغَيرهمَا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 321 وَإِذا لم يَصح لَهُ أَن يكون هَذَا معنيه، فقد عري كَلَامه من الْمَعْنى وخلا من الْفَائِدَة. وَإسْنَاد الحَدِيث عِنْد الْإِمَامَيْنِ وَاحِد، فَلَا معنى لقَوْله: إِن حَدِيث مُسلم أَعلَى إِسْنَادًا. قَالَ مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى وقتيبة بن سعيد، كِلَاهُمَا عَن جَعْفَر، قَالَ يحيى: حَدثنَا جَعْفَر بن سُلَيْمَان، عَن أبي عمرَان الْجونِي، عَن أنس بن مَالك قَالَ: " وَقت لنا فِي قصّ الشَّارِب، وتقليم الأظافر، ونتف الْإِبِط، وَحلق الْعَانَة: أَن لَا نَتْرُك أَكثر من أَرْبَعِينَ لَيْلَة ". فَهَذَا مُسلم قد قرن بَين يحيى بن يحيى وقتيبة بن سعيد، وَلم يتخل عَن قُتَيْبَة، بل أورد الحَدِيث عَنْهُمَا، وَأخْبر أَن يحيى يَقُول: حَدثنَا، فأردنا أَن نَعْرِف زِيَادَة التِّرْمِذِيّ فَإِذا بِهِ قد قَالَ: حَدثنَا قُتَيْبَة، حَدثنَا جَعْفَر بن سُلَيْمَان، عَن أبي عمرَان الْجونِي، عَن أنس بن مَالك قَالَ: " وَقت لنا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي قصّ الشَّارِب، وتقليم الْأَظْفَار، وَحلق الْعَانَة، ونتف الْإِبِط أَن لَا نَتْرُك أَكثر من أَرْبَعِينَ يَوْمًا ". فَهَذَا هُوَ إِسْنَاد مُسلم، وَفِيه أَن قُتَيْبَة قَالَ: حَدثنَا، كَمَا قَالَه يحيى بن يحيى، على أَنه لَا يعرف لَهُ تَدْلِيس، فَلَيْسَ يَنْبَغِي أَن يلْتَمس مِنْهُ أَن يَقُول: حَدثنَا. فَلم يبْق لقَوْله: " حَدِيث مُسلم أَعلَى إِسْنَادًا " معنى، إِلَّا أَن يكون من جِهَة تَفْضِيل مُسلم على التِّرْمِذِيّ. فَإِن قيل: وَلَعَلَّه اعْتقد أَن مُسلما قد أعرض عَن قُتَيْبَة بعد أَن قَالَ: [قَالَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 322 يحيى: حَدثنَا جَعْفَر بن سُلَيْمَان وَأعْرض عَن يحيى وَرَأى] أَن الْخلاف فِيهِ بِذكر [قُتَيْبَة، الَّذِي عين من وَقت ذَلِك، وأبهمه جَعْفَر، وَهَذَا خلاف فِيهِ بَين] يحيى وقتيبة، ثمَّ رجح يحيى على قُتَيْبَة. فَالْجَوَاب من وَجْهَيْن: أَحدهمَا أَن الرجلَيْن ثقتان، وَإِن كَانَ التَّفْضِيل؛ فقتيبة فَوق يحيى بن يحيى، وَيعرف ذَلِك من تتبع أنباءهما فِي موَاضعهَا. وَالْوَجْه الآخر: أَن هَذَا لَا يُمكن أَن يحمل الْأَمر عَلَيْهِ، فَإِن مُسلما لم يعرض عَن قُتَيْبَة، وَلَو كَانَ هَذَا، لم يكن مَا قلت إِلَّا بعد الْحمل على مُسلم بِأَنَّهُ علم أَن رِوَايَة قُتَيْبَة مُصَرح فِيهَا بِذكر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلم يبين ذَلِك، وَسوى بَين رِوَايَته وَرِوَايَة يحيى الَّتِي لم يذكر فِيهَا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَإِن قيل: نفرض أَن عَن قُتَيْبَة رِوَايَتَيْنِ: إِحْدَاهمَا: رِوَايَة مُسلم: " وَقت لنا ". وَالْأُخْرَى رِوَايَة التِّرْمِذِيّ: " وَقت لنا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن لَا نَتْرُك " إِلَّا أَن رِوَايَة مُسلم عَن قُتَيْبَة، رُوِيَ مثلهَا عَن يحيى بن يحيى، فَكَانَت رِوَايَة " وَقت لنا أَن نَتْرُك " أرجح؛ لِأَنَّهَا رَوَاهَا يحيى بن يحيى وقتيبة. فَالْجَوَاب أَن نقُول: إِن كَانَ هَكَذَا، فقتيبة قد روى: " وَقت لنا أَن لَا نَتْرُك "، فَاحْتمل الْمُؤَقت أَن يكون النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، أَو يكون غَيره، وروى لنا هُوَ نَفسه التَّفْسِير بِأَنَّهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَيجب أَن نقبل مِنْهُ ذَلِك كُله، وَلَا نرجح رِوَايَة على الْأُخْرَى، وَالله أعلم. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 323 (2498) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن شُعْبَة مولى ابْن عَبَّاس، عَن ابْن عَبَّاس " أَنه كَانَ إِذا اغْتسل من الْجَنَابَة، يفرغ بِيَدِهِ الْيُمْنَى على يَده الْيُسْرَى سبع مَرَّات " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: شُعْبَة يَقُول فِيهِ مَالك: لَيْسَ بِثِقَة. وَضَعفه أَبُو زرْعَة، وَأَبُو حَاتِم. وَقَالَ فِيهِ يحيى بن معِين: لَا يكْتب حَدِيثه. انْتهى مَا أورد. (2499) وَكَذَا قَالَ فِي حَدِيث: " الْوضُوء مِمَّا خرج وَلَيْسَ مِمَّا دخل ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 324 وَفِيه قلَّة إنصاف، وَبَيَان ذَلِك أَن نقُول: إِن مَالِكًا لم يُضعفهُ، وَإِنَّمَا شح عَلَيْهِ بِلَفْظَة " ثِقَة "، وَقد كَانُوا [لَا يطلقونها إِلَّا على الْعدْل الضَّابِط، كَمَا قَالَ ابْن مهْدي: حَدثنَا أبوخلدة، فَقيل لَهُ كَانَ ثِقَة؟ قَالَ:] بل الثِّقَة: شُعْبَة وسُفْيَان. [فَفرق بَين الثِّقَة وَغَيره، وَيظْهر من أَقْوَالهم] فِي هَذَا، أَن هَذِه اللَّفْظَة إِنَّمَا تقال لمن هُوَ فِي الطَّبَقَة الْعَالِيَة من الْعَدَالَة، وَرُبمَا قَالُوا أَيْضا: لَيْسَ بِثِقَة للضعيف أَو الْمَتْرُوك. فَإِذن هُوَ لفظ يتفسر مُرَاد مطلقه بِحَسب حَال من قيل فِيهِ ذَلِك. وَأما قَوْله: إِن أَبَا حَاتِم ضعفه، فَلَيْسَ كَذَلِك، وَإِنَّمَا قَالَ فِيهِ: لَيْسَ بِقَوي، وَهَذَا لِأَنَّهُ لَيْسَ بأقوى مَا يكون. وَأما أَبُو زرْعَة فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ: ضَعِيف الحَدِيث. وَلكنهَا أَيْضا قد تصدر مِنْهُ فِيمَن يشْهد لَهُ بِالصّدقِ، فَلَا يعد ذَلِك مِنْهُ تناقضا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 325 وَأما قَوْله عَن ابْن معِين: " لَا يكْتب حَدِيثه " فَإِنَّهُ قد رُوِيَ عَنهُ فِيهِ أَنه قَالَ: " لَيْسَ بِهِ بَأْس "، روى ذَلِك عَنهُ عَبَّاس الدوري، قَالَ: وَهُوَ أحب إِلَيّ من صَالح مولى التَّوْأَمَة؛ وَهُوَ قد قَالَ عَن نَفسه: إِذا قلت فِي رجل: " لَيْسَ بِهِ بَأْس " فَهُوَ عِنْدِي ثِقَة، ذكر ذَلِك عَنهُ ابْن أبي خثيمَةَ فِي بَاب عبد الله بن باباه من تَارِيخه. وَقَالَ البُخَارِيّ: إِن مَالِكًا تكلم فِي شُعْبَة هَذَا، وَيحْتَمل مِنْهُ - يَعْنِي من شُعْبَة -. وَنِهَايَة مَا يُوجد لمَالِك فِيهِ أَن قَالَ: لم يكن يشبه الْقُرَّاء. وَقَالَ أَبُو أَحْمد بن عدي: لم أر لَهُ حَدِيثا مُنْكرا جدا، فأحكم عَلَيْهِ بالضعف، وَأَرْجُو أَنه لَا بَأْس بِهِ، وَلم أجد لَهُ أنكر من حَدِيث: " الْوضُوء مِمَّا دخل وَلَيْسَ مِمَّا خرج "، وَلَعَلَّ الْبلَاء فِيهِ من الْفضل بن الْمُخْتَار - يَعْنِي رَاوِيه عَن ابْن أبي ذِئْب -. وَالْمَقْصُود بَيَانه، هُوَ أَن هَذَا الذّكر الَّذِي ذكر بِهِ أَبُو مُحَمَّد بن شُعْبَة مولى ابْن عَبَّاس، يُوهم فِيهِ أَنه من جملَة من يتْرك حَدِيثه، وَلَيْسَ كَذَلِك. وَإِن أردْت أَن يتَبَيَّن لَك قلَّة إنصافه فِي ذكره إِيَّاه، فَانْظُر الحَدِيث الَّذِي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 326 بعده مُتَّصِلا بِهِ عِنْده، وَهُوَ حَدِيث جَمِيع بن عُمَيْر عَن عَائِشَة، وَمَا كتبنَا عَلَيْهِ فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي سكت عَنْهَا مصححا لَهَا؛ فَإِنَّهُ سكت عَنهُ، وحاله عِنْدهم أَسْوَأ من حَال شُعْبَة هَذَا، فاعلمه. (2500) وَذكر [حَدِيث عَائِشَة، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " وجهوا] هَذِه الْبيُوت عَن الْمَسْجِد [فَإِنِّي لَا أحل الْمَسْجِد لحائض وَلَا جنب "، من عِنْد أبي دَاوُد، وَقَالَ: رَوَاهُ من حَدِيث] أفلت بن خَليفَة وَيُقَال: فليت، عَن جسرة بنت دجَاجَة، عَن عَائِشَة، وَلَا يثبت من قبل إِسْنَاده. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 327 لم يزدْ على ذَلِك، وَلم يبين بِمَا هُوَ عِنْده ضَعِيف. وَهُوَ حَدِيث يرويهِ عبد الْوَاحِد ين زِيَاد، قَالَ: حَدثنَا أفلت، حَدَّثتنِي جسرة بنت دجَاجَة، قَالَت: سَمِعت عَائِشَة. وَعبد الْوَاحِد ثِقَة، وَلم يعتل عَلَيْهِ بقادح، وَأَبُو مُحَمَّد يحْتَج بِهِ. (2501) وَقد صحّح من رِوَايَته حَدِيث: " من تَوَضَّأ خرجت الذُّنُوب، حَتَّى تخرج من أَظْفَاره " من كتاب مُسلم. (2502) وَحَدِيث: " كل خطْبَة لَيْسَ فِيهَا شَهَادَة، فَهِيَ كَالْيَدِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 328 الجذماء ". (2503) وَحَدِيث: " الْأَمر بالضجعة "، [من أبي دَاوُد] . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 329 (2504) وَحَدِيث: " إِذا نَهَضَ فِي الثَّانِيَة استفتح بِالْحَمْد وَلم يسكت ". (2505) وَحَدِيث: " تَوْرِيث النِّسَاء دور الْمُهَاجِرين ". (2506) وَحَدِيث: " الْمُصراة وردة مَعهَا مثل أَو مثلي لَبنهَا قمحا ". تعرض مِنْهُ لغيره، وَلم يعرض لَهُ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 330 (2507) وَحَدِيث: " فَإِن كَانَ ذائبا فاستصبحوا بِهِ ". وَغَيرهَا من الْأَحَادِيث مِمَّا لم يجِئ للخاطر الْآن، وَمَا أرَاهُ عناه فِي تَضْعِيفه هَذَا الحَدِيث. فَأَما أفلت بن خَليفَة، أَو فليت العامري، فَقَالَ ابْن حَنْبَل: مَا أرى بِهِ بَأْسا، وَقَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِم: شيخ. وَأما جسرة بنت دجَاجَة، فَقَالَ فِيهَا الْكُوفِي: تابعية ثِقَة، وَقَول البُخَارِيّ: إِن عِنْدهَا عجائب - لَا يَكْفِي لمن يسْقط مَا رَوَت. (2508) وَلما ذكر أَبُو مُحَمَّد من طَرِيق النَّسَائِيّ حَدِيث ترديد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 331 " إِن تُعَذبهُمْ فَإِنَّهُم عِبَادك " حَتَّى أصبح. من حَدِيث جسرة بنت دجَاجَة، قَالَ بإثره: جسرة لَيست بمشهورة. وَأرَاهُ أَخذ ذَلِك من الْبَزَّار؛ فَإِنَّهُ قَالَ فِيهَا: لَا نعلم حدث عَنْهَا غير قدامَة، وَيَجِيء على نظر أبي مُحَمَّد أَن تكون مَشْهُورَة مَقْبُولَة، فَإِن حَدِيث: (2509) " لَا أحل الْمَسْجِد " رَوَاهُ عَنْهَا أفلت، وَهَذَا الآخر رَوَاهُ عَنْهَا قدامَة، وَهُوَ إِنَّمَا قبل حَدِيث [ ... .] من حَاله أَكثر من ذَلِك [ ... .] روى عَن جسرة، روى عَنهُ جمَاعَة. وَلم أقل: إِن هَذَا الحَدِيث الْمَذْكُور صَحِيح، وَإِنَّمَا أَقُول: إِنَّه حسن، وَكَلَامه هُوَ يُعْطي أَنه ضَعِيف، فَاعْلَم ذَلِك. (2510) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد أَيْضا حَدِيث ابْن عمر فِي التثويب أَنه بِدعَة. ثمَّ رده بِأَن قَالَ: أَبُو يحيى القَتَّات ضَعِيف الحَدِيث. هَكَذَا قَالَ، وَأَبُو يحيى القَتَّات أحسن حَالا من كثير مِمَّن قبل، مِمَّن تقدم ذكر أَحَادِيثهم فِي بَاب الْأَحَادِيث المصححة بسكوته وَفِي غير مَوضِع، مِمَّن لَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 332 تعرف أَحْوَالهم، إِلَّا أَن أحدهم روى عَنهُ أَكثر من وَاحِد، بل وَمن الْمَشَاهِير، كأسامة بن زيد، والدراوردي، وَسُهيْل بن أبي صَالح، وَعبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل، وَشريك، وَيحيى بن أَيُّوب، وَإِبْرَاهِيم بن مهَاجر، وَمن لَا يُحْصى كَثْرَة. وَهَذَا الرجل الَّذِي هُوَ أَبُو يحيى القَتَّات، قد روى عُثْمَان الدَّارمِيّ عَن ابْن معِين أَنه قَالَ فِيهِ: ثِقَة، وَذَلِكَ مَذْكُور فِي كتاب عُثْمَان، وَذكره أَيْضا المنتجالي. وَقَالَ الْبَزَّار: مَا نعلم بِهِ بَأْسا، قد روى عَنهُ جمَاعَة من أهل الْعلم، وَهُوَ كُوفِي مَعْرُوف. ذكره إِثْر حَدِيثه عَن مُجَاهِد، عَن ابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (2511) " من عجز مِنْكُم عَن اللَّيْل أَن يكابده، وبخل بِالْمَالِ أَن يُنْفِقهُ، وَجبن عَن الْعَدو أَن يجاهده، فليكثر ذكر الله ". وَالَّذِي روى مفضل وَابْن أبي خَيْثَمَة عَن ابْن معِين من أَنه يضعف، وَفِي أَحَادِيثه ضعف، إِنَّمَا مَعْنَاهُ بِالْقِيَاسِ إِلَى غَيره، أَلا ترَاهُ قد قَالَ فِيهِ: ثِقَة، والثقات متفاوتون. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 333 وَقد قُلْنَا: إِن ابْن معِين إِذا قَالَ فِي رجل مَعْرُوف من أهل الْعلم: إِنَّه ضَعِيف، فَإِن ذَلِك لَيْسَ تجريحا مِنْهُ لَهُ، وَإِنَّمَا هُوَ تَفْضِيل لغيره عَلَيْهِ فِي الْأَغْلَب. وَقد يَقُوله بِاعْتِبَار أَوْهَام تُوجد لَهُ لَا تسْقط الثِّقَة بِهِ، بِخِلَاف مَا إِذا قَالَ ذَلِك فِيمَن لَا يعلم من عِنْد غَيره مِمَّن لَو لم نجد تَضْعِيفه لَهُ، كُنَّا نَتْرُك حَدِيث [هـ للْجَهْل بِحَالهِ، وَهُوَ إِذا ضعف بذلك رجلا مَعْرُوفا] أَو غَيره ضعفه، يَنْبَغِي أَن لَا يقبل [مِنْهُ ذَلِك إِلَّا بِحجَّة بَيِّنَة، وَأَبُو يحيى القَتَّات، اسْمه] زادان، وَقيل: عبد الرَّحْمَن بن دِينَار، وَهَكَذَا ذكره ابْن أبي حَاتِم؛ فاعلمه. (2512) وَذكر من عِنْد التِّرْمِذِيّ حَدِيث رَافع: " أسفروا بِالْفَجْرِ، فَإِنَّهُ أعظم لِلْأجرِ ". وَحسنه، وَزعم أَن عَاصِم بن عمر بن قَتَادَة، وثقة أَبُو زرْعَة، وَابْن معِين، وَضَعفه غَيرهمَا. وَهَذَا أَمر لَا أعرفهُ، بل هُوَ ثِقَة، كَمَا ذكر عَن ابْن معِين وَأبي زرْعَة، وَكَذَلِكَ قَالَ النَّسَائِيّ وَغَيره. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 334 وَلَا أعرف أحدا ضعفه، وَلَا ذكره فِي جملَة الضُّعَفَاء. وَقد ترك أَن يبين أَن الحَدِيث من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق، وَترك أَن يُورِدهُ من رِوَايَة ابْن عجلَان - بَدَلا مِنْهُ - من عِنْد أبي دَاوُد، وَلَيْسَ هُوَ معنيه فِي قَوْله: " وَقد رُوِيَ بِإِسْنَاد آخر إِلَى رَافع، وَحَدِيث عَاصِم أصح ". وَإِنَّمَا يَعْنِي بذلك إِسْنَادًا آخر لَيْسَ من طَرِيق عَاصِم، فَأَما طَرِيق عَاصِم هَذَا فَصَحِيح، وَلم يُصَحِّحهُ بقوله: " أصح ". وَإِنَّمَا هُوَ عِنْده حسن فَقَط، وَالله أعلم. (2513) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد أَيْضا، عَن بكر بن سوَادَة الجذامي، عَن صَالح بن حَيَوَان، عَن أبي سهلة: السَّائِب بن خَلاد، من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن رجلا أم قوما فبصق فِي الْقبْلَة " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: صَالح بن حَيَوَان لَا يحْتَج بِهِ، وَهُوَ بِالْحَاء الْمُهْملَة، وَمن قَالَ: خيوان بِالْخَاءِ المنقوطة فقد أَخطَأ، ذكر ذَلِك أَبُو دَاوُد رَحمَه الله. انْتهى مَا ذكر. فَأَما قَوْله: " من قَالَ بِالْخَاءِ المنقوطة فقد أَخطَأ "، فَهُوَ قَول أبي دَاوُد كَمَا ذكر، وَابْن أبي حَاتِم جعله بِالْخَاءِ المنقوطة، وَكَذَا ذكره ابْن الفرضي وَقَالَ: إِنَّه يُقَال بِالْحَاء يَعْنِي الْمُهْملَة، وَنسبه فَقَالَ: الْخَولَانِيّ، وَيُقَال: السبائي، قَالَ: وَقَالَ سعيد بن كثير بن عفير: من قَالَ: الْخَولَانِيّ فبالخاء - يَعْنِي المنقوطة -، وَمن قَالَ: السبائي، فبالحاء - يَعْنِي الْمُهْملَة -. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 335 وَأما قَوْله: " لَا يحْتَج بِهِ "، فَهُوَ من قبله، وَإنَّهُ لمشبه أَن يكون كَمَا قَالَ، وَلم [يذكرهُ أحد مِمَّن تَرْجمهُ بِأَكْثَرَ من رِوَايَته عَن السَّائِب بن خَلاد، وَرِوَايَة بكر بن سوَادَة عَنهُ، وَذكروا] إِنَّه لَيْسَ لَهُ غير هَذَا [الحَدِيث عَن السَّائِب بن خَلاد، وَبِذَلِك ذكره أَيْضا ابْن أبي حَاتِم وقا] ل: إِنَّه روى أَيْضا عَن عقبَة بن عَامر. وَإِنَّمَا ذكرت حَدِيثه الْآن فِي هَذَا الْبَاب، مستدركا عَلَيْهِ، مصححا لَهُ؛ لِأَن الْكُوفِي ذكره فِي كِتَابه فَقَالَ: صَالح بن حَيَوَان، تَابِعِيّ ثِقَة. فعلى هَذَا يكون الحَدِيث صَحِيحا، لَا سِيمَا على أَصله فِي قبُوله أَحَادِيث المساتير، وَأَحَادِيث من وَثَّقَهُ معدل، وَإِن لم يكن معاصرا. وَإِن أَبى إِلَّا تَضْعِيف هَذَا الْخَبَر، فقد ذكرنَا فِي الْبَاب الَّذِي قبل هَذَا أَن مُقْتَضَاهُ رُوِيَ صَحِيحا من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو، فَاعْلَم ذَلِك. (2514) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن عُرْوَة بن الزبير، عَن امْرَأَة من بني النجار، قَالَت: " كَانَ بَيْتِي من أطول بَيت حول الْمَسْجِد، فَكَانَ بِلَال يُؤذن عَلَيْهِ " الحَدِيث. ثمَّ رده بِأَن قَالَ: الصَّحِيح الَّذِي لَا اخْتِلَاف فِيهِ أَن بِلَالًا يُؤذن بلَيْل. وَيَجِيء على أَصله أَن يكون هَذَا صَحِيحا من جِهَة الْإِسْنَاد؛ فَإِن ابْن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 336 إِسْحَاق عِنْده ثِقَة، وَلم يعرض لَهُ الْآن إِلَّا من جِهَة مُعَارضَة غَيره، وَهَذَا لَيْسَ من نظر الْمُحدث، وَإِذا نظر بِهِ الْفَقِيه تبين لَهُ مِنْهُ خلاف مَا قَالَ هُوَ: من أَنه معَارض، وَذَلِكَ أَنه لَا يتَحَقَّق بَينهمَا التَّعَارُض إِلَّا بِتَقْدِير أَن يكون قَوْله: " إِن بِلَالًا يُنَادي بلَيْل " فِي سَائِر الْعَام. وَلَيْسَ كَذَلِك، وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِك فِي رَمَضَان. وَالَّذِي نقُول بِهِ فِي هَذَا الْخَبَر، هُوَ أَنه حسن، وَمَوْضِع النّظر مِنْهُ أَن هَذِه النجارية، لَا تعلم، وَمَا ادَّعَت لنَفسهَا من مزية الصُّحْبَة، لم يقلهُ عَنْهَا غَيرهَا، وَالله أعلم. (2515) وَذكر من طَرِيق ابْن أبي شيبَة: حَدثنَا يزِيد بن الْمِقْدَام، عَن الْمِقْدَام، عَن أَبِيه شُرَيْح، أَنه سَأَلَ عَائِشَة: " أَكَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي على الْحَصِير؟ " الحَدِيث. ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: يزِيد بن الْمِقْدَام ضَعِيف، وَلَكِن يكْتب حَدِيثه. فَاعْلَم أَن يزِيد الْمَذْكُور، لَا أعلم أحدا قَالَ فِيهِ: ضَعِيف كَمَا قَالَ [أَبُو الجزء: 5 ¦ الصفحة: 337 مُحَمَّد وَنَصّ] مَا قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِم هُوَ: [يكْتب حَدِيثه، وَوَثَّقَهُ ابْن معِين فِي رِوَايَة الدوري] ، وَقد قَالَ النَّسَائِيّ: لَيْسَ بِهِ بَأْس، فَاعْلَم ذَلِك. (2516) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن عبد الحميد بن مَحْمُود، حَدِيث: " الصَّلَاة بَين ساريتين "، وَقَول أنس: " كُنَّا نتقي هَذَا على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ". ثمَّ قَالَ: لَيْسَ عبد الحميد مِمَّن يحْتَج بحَديثه. وَلَا أَدْرِي من أنبأه بِهَذَا، وَلم أر أحدا مِمَّن صنف الضُّعَفَاء ذكره فيهم، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 338 وَنِهَايَة مَا يُوجد فِيهِ مِمَّا يُوهم ضعفا، قَول أبي حَاتِم الرَّازِيّ - وَقد سُئِلَ عَنهُ -: هُوَ شيخ. وَهَذَا لَيْسَ بِتَضْعِيف، وَإِنَّمَا هُوَ إِخْبَار بِأَنَّهُ لَيْسَ من أَعْلَام أهل الْعلم، وَإِنَّمَا هُوَ شيخ وَقعت لَهُ رِوَايَات أخذت عَنهُ. وَقد ذكره أَبُو عبد الرَّحْمَن النَّسَائِيّ، فَقَالَ فِيهِ: ثِقَة، على شحه بِهَذِهِ اللَّفْظَة، وَالرجل بَصرِي، يروي عَن ابْن عَبَّاس، وَأنس، روى عَنهُ يحيى بن هَانِئ - وَهُوَ أحد الثِّقَات - وَعَمْرو بن هرم، وَابْنه حَمْزَة بن مَحْمُود، فاعلمه. (2517) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ عَن الْحجَّاج بن أبي زَيْنَب، قَالَ: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 339 سَمِعت أَبَا عُثْمَان يحدث عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: رَآنِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقد وضعت شمَالي على يَمِيني فِي الصَّلَاة، فَأخذ يَمِيني فوضعها على شمَالي. ثمَّ [قَالَ] : حجاج لَيْسَ بِقَوي، وَلَا يُتَابع على هَذَا، وَقد رُوِيَ عَنهُ عَن أبي سُفْيَان، عَن جَابر: مر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِرَجُل قد وضع شِمَاله على يَمِينه. وَرَوَاهُ مُحَمَّد بن الْحسن الوَاسِطِيّ عَن الْحجَّاج، ذكر ذَلِك أَبُو أَحْمد بن عدي. انْتهى مَا ذكر. وَهَذَا رد لهَذَا الحَدِيث، وَمَا مثله رد، فَإِن حجاج بن أبي زَيْنَب واسطي ثِقَة، قَالَه ابْن معِين، ويكنى أَبَا يُوسُف، وَيعرف بالصيقل، وَهُوَ مِمَّن أخرج لَهُ مُسلم مُعْتَمدًا رِوَايَته، وَقد قَالَ أَبُو أَحْمد - بعد تصفح رواياته -: أَرْجُو أَنه لَا بَأْس بِهِ. وَمَا حَكَاهُ أَبُو مُحَمَّد من أَنه لَيْسَ بِقَوي، إِنَّمَا هُوَ قَول النَّسَائِيّ، وَقد علم معني النَّسَائِيّ فِي ذَلِك، أَنه لَيْسَ [بأقوى مَا يكون بِالنِّسْبَةِ لغيرة، والثِّقَات] متفاوتون، وَرُوِيَ عَن أَحْمد بن حَنْبَل أَنه قَالَ: " أخْشَى أَن يكون ضَعِيف الحَدِيث "، ذكره ذَلِك عَنهُ ابْنه. وَهَذَا أَيْضا لَيْسَ بِتَضْعِيف. وَأما قَول أبي مُحَمَّد: وَلَا يُتَابع على هَذَا، فَإِنَّهُ أَيْضا نَقله من عِنْد الجزء: 5 ¦ الصفحة: 340 الْعقيلِيّ. وَإِنَّمَا يَعْنِي بِهِ الْعقيلِيّ أَن الحَدِيث مُرْسل، وَقد أَشَارَ النَّسَائِيّ إِلَى ذَلِك وَلَكِن جعل الْمُنْفَرد بوصله هشيما، فَقَالَ: غير هشيم أرسل هَذَا الحَدِيث. وَذَلِكَ أَن هشيما، هُوَ الَّذِي يرويهِ عَن حجاج بن أبي زَيْنَب، فيصله، وَغَيره يُرْسِلهُ. وَقد ذكره الدَّارَقُطْنِيّ من رِوَايَة مُحَمَّد بن يزِيد الوَاسِطِيّ، عَن الْحجَّاج ابْن أبي زَيْنَب، عَن أبي عُثْمَان، عَن ابْن مَسْعُود مَوْصُولا كَمَا رَوَاهُ هشيم. فَإِذن لم ينْفَرد هشيم بوصله. وَذكره أَيْضا من رِوَايَة مُحَمَّد بن الْحسن الوَاسِطِيّ، عَن الْحجَّاج بن أبي زَيْنَب، عَن أبي سُفْيَان، عَن جَابر كَمَا ذكره أَبُو أَحْمد. وَهَذَا الْإِسْنَاد أَيْضا حسن، وَلم يقل أَبُو مُحَمَّد إثره شَيْئا يعْتَمد فِيهِ. وَمُحَمّد بن الْحسن الوَاسِطِيّ، القَاضِي، أحد الثِّقَات، روى هَذَا الحَدِيث عَنهُ ابْن معِين. قَالَ أَبُو أَحْمد: حدّثنَاهُ يحيى بن صاعد، قَالَ: حَدثنَا الْفضل بن سهل، قَالَ: حَدثنِي يحيى بن معِين فَذكره. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن جَعْفَر الْجَوْزِيّ حَدثنَا مُضر ابْن مُحَمَّد، حَدثنَا يحيى بن معِين، فَذكره. فَالْحَدِيث إِذن صَحِيح أَو حسن من الطَّرِيقَيْنِ جَمِيعًا - أَعنِي طَرِيق أبي عُثْمَان الجزء: 5 ¦ الصفحة: 341 عَن ابْن مَسْعُود، وَطَرِيق أبي سُفْيَان عَن جَابر - فَاعْلَم ذَلِك. (2518) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد حَدِيث جَابر " لَا تُؤخر الصَّلَاة لطعام وَلَا لغيره ". ثمَّ رده بِأَن قَالَ: مُحَمَّد بن مَيْمُون لين الحَدِيث، وَمعلى بن مَنْصُور، رَمَاه أَحْمد بن حَنْبَل بِالْكَذِبِ، وَكرر ذكر ذَلِك فِي مُعلى بن مَنْصُور أَيْضا، إِثْر حَدِيث ابْن عمر: (2519) : " أَرَأَيْت لَو أَنِّي طَلقتهَا ثَلَاثًا، أَكَانَ يحل لي أَن أرَاجعهَا؟ ". وَهَذَا هـ[ونَص مقَالَة أبي حَاتِم وَأحمد فِيهِ] : روى عَن أبي حَاتِم أَنه ق [ال فِيهِ: كَانَ صَدُوقًا فِي الحَدِيث، وَكَانَ صَاحب رَأْي] ، وَرُوِيَ عَنهُ أَنه قَالَ: قيل لِأَحْمَد: لم لم تكْتب عَنهُ؟ فَقَالَ: كَانَ يكْتب الشُّرُوط، وَمن يَكْتُبهَا لم يخل من أَن يكذب. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 342 هَكَذَا حَكَاهُ أَبُو الْوَلِيد الْبَاجِيّ فِي كِتَابه فِي رجال البُخَارِيّ، وَالْأول حَكَاهُ عَنهُ ابْنه أَبُو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم فِي كِتَابه. وَالَّذِي حَكَاهُ الْبَاجِيّ أليق، ويوافق مَا حَكَاهُ أَبُو دَاوُد فِي كِتَابه فِي السّنَن قَالَ: كَانَ أَحْمد لَا يروي [عَنهُ] ؛ لِأَنَّهُ كَانَ ينظر فِي الرَّأْي، وَابْن معِين يوثقه، وَكَذَلِكَ غَيره. وَقد جهد أَبُو أَحْمد بن عدي أَن يجد لَهُ شَيْئا يُنكر عَلَيْهِ فَلم يجده، وَقَالَ: إِنَّه لَا بَأْس بِهِ. (2520) وَقد نسي أَبُو مُحَمَّد مَا كتب فِيهِ هُنَا، لما ذكر فِي النِّكَاح من طَرِيق أبي دَاوُد، حَدِيث أم حَبِيبَة أَنَّهَا كَانَت تَحت عبيد الله بن جحش، فَمَاتَ عَنْهَا، فَزَوجهَا النَّجَاشِيّ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَمْهَرهَا عَنهُ أَرْبَعَة آلَاف. فَإِنَّهُ سكت عَنهُ مصححا لَهُ، وَلم يبرز من إِسْنَاده أحدا، وَإِنَّمَا يرويهِ عِنْد أبي دَاوُد مُعلى بن مَنْصُور الْمَذْكُور. وَأما قَوْله فِي مُحَمَّد بن مَيْمُون: إِنَّه لين الحَدِيث، فَهُوَ أَيْضا أَمر لَا يتَحَصَّل، والثقات متفاوتون، وَالرجل لَا بَأْس بِهِ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 343 (2521) وَذكر حَدِيث: " من نفخ فقد تكلم ". ورده بِأَن قَالَ: عَنْبَسَة بن أَزْهَر لَا يحْتَج بِهِ. وَالرجل أَيْضا لَا بَأْس بِهِ، وَلَا أعرف فِيهِ مَا ذكر. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 344 (2522) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن السَّلُولي - وَهُوَ أَبُو كَبْشَة - عَن سهل بن الحنظلية فِي الِالْتِفَات [فِي الصَّلَاة، وَقَالَ: الصَّحِيح] فِي الِالْتِفَات حَدِيث البُخَارِيّ - يَعْنِي حَدِيث عَائِشَة -. (2523) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد أَيْضا، عَن ربيعَة بن يزِيد، عَن أبي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 345 كَبْشَة السَّلُولي، عَن سهل بن الحنظلية، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من سَأَلَ وَعِنْده مَا يُغْنِيه " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ بإثره: يُقَال إِن أَبَا كَبْشَة هَذَا مَجْهُول، ذكر ذَلِك أَبُو مُحَمَّد، وَلم يذكر مُسلم فِي الكنى، وَلَا أَبُو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم فِي كِتَابه أَيْضا أَبَا كَبْشَة السَّلُولي الَّذِي يروي عَن سهل بن الحنظلية [إِلَّا الَّذِي يروي عَنهُ حسان بن عَطِيَّة، وَلم] يذكرَا لَهُ رَاوِيا آخر. وَأما أَبُو أَحْمد الْحَاكِم، فقد ذكر فِي كتاب الكنى أَبَا كَبْشَة السَّلُولي، عَن سهل بن الحنظلية، وَعبد الله بن عَمْرو، روى عَنهُ أَبُو سَلام: مَمْطُور الحبشي، وَحسان بن عَطِيَّة. فَإِن كَانَ أَبُو كَبْشَة الَّذِي ذكر أَبُو أَحْمد، هُوَ الَّذِي روى عَنهُ أَبُو دَاوُد حَدِيثه، من طَرِيق ربيعَة بن يزِيد فَلَيْسَ بِمَجْهُول وَلَا أعرف غَيره، وَالله أعلم. انْتهى كَلَامه. فَاعْلَم الْآن أَن الحَدِيث الأول، هُوَ من رِوَايَة أبي سَلام مَمْطُور الحبشي. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 346 عَن السَّلُولي أبي كَبْشَة الْمَذْكُور. وَالثَّانِي هُوَ من رِوَايَة ربيعَة بن يزِيد، عَن أبي كَبْشَة. (2524) وَذكر أَيْضا فِي الْجِهَاد عَن سهل بن الحنظلية مر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِبَعِير قد لحق ظَهره ببطنه، فَقَالَ: " اتَّقوا الله فِي هَذِه الْبَهَائِم، فاركبوها صَالِحَة وكلوها صَالِحَة ". وَسكت عَنهُ، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة أبي كَبْشَة الْمَذْكُور، رَوَاهُ عَنهُ ربيعَة بن يزِيد الْمَذْكُور أَيْضا، ذكره أَبُو دَاوُد. وَأَبُو كَبْشَة فِي هَذِه الْأَحَادِيث الثَّلَاثَة وَاحِد، وَهُوَ أَيْضا الَّذِي روى عَنهُ حسان بن عَطِيَّة، وَأخرج البُخَارِيّ حَدِيثه فِي الْهِبَة والأنبياء. وَلم تجر عَادَة الْمُحدثين باستيعاب رُوَاة الْمُحدث إِذا ذَكرُوهُ، وَإِنَّمَا يذكرُونَ مِنْهُم: إِمَّا من اشْتهر بِالْأَخْذِ عَنهُ، أَو من فِي رِوَايَته عَنهُ تفخيم لَهُ، أَو مَا كَانَ من ذَلِك متيسرا مُمكنا، فَلَيْسَ يَنْبَغِي لمن نظر فِي كتب الرِّجَال فَرَأى مثلا أَبَا كَبْشَة السَّلُولي روى عَنهُ حسان بن عَطِيَّة، أَن يظنّ أَنه لم يرو عَنهُ غَيره، بل قد يُوجد مِمَّن يروي عَنهُ جمَاعَة سوى من ذكر. وَأَبُو مُحَمَّد - رَحمَه الله - إِنَّمَا يبْحَث فِي الرِّجَال الَّذين لم يعرف أَنهم ثِقَات عَن تعدد الروَاة عَن أحدهم، فَإِن وجده قد روى عَنهُ اثْنَان فَأكْثر، قبل رِوَايَته، وَقد صرح بذلك فِي هَذِه الْمَسْأَلَة، حَيْثُ قضى على أبي كَبْشَة بِمَا قضى بِهِ عَلَيْهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 347 ابْن حزم من أَنه مجهو [ل لِأَنَّهُ لم يرو عَنهُ إِلَّا وَاحِد عِنْده] وترجح فِيهِ بِمَا حَكَاهُ أَبُو [أَحْمد الْحَاكِم من أَنه روى عَنهُ حسان بن] عَطِيَّة وممطور الحبشي، حَتَّى أَنه لَو تحقق ذَلِك قبل رِوَايَته، وَقضى بثقتة. هَذِه طَرِيقَته، وَهِي طَريقَة طَائِفَة من الْمُحدثين، فَلَمَّا لم ير أَبَا كَبْشَة مَذْكُورا فِي كتب الرِّجَال بِأَكْثَرَ من راوية حسان بن عَطِيَّة عَنهُ، ظَنّه مَجْهُولا، وَظن مَعَ ذَلِك أَن الَّذِي روى عَنهُ ربيعَة بن يزِيد هُوَ غَيره، فَرَآهُ أَيْضا مَجْهُولا، وَلم يزل لَهُ هَذَا الخيال كَونه قد ذكر بِأَنَّهُ روى عَن عبد الله بن عَمْرو، وثوبان، وَسَهل بن الحنظلية. بل جوز أَن يكون هُنَاكَ رجلَانِ، كل وَاحِد مِنْهُمَا يكنى أَبَا كَبْشَة، ويروي عَن سهل بن الحنظلية، إِلَّا أَن أَحدهمَا روى عَنهُ أَبُو سَلام، وَالْآخر روى عَنهُ ربيعَة بن يزِيد. وَيَنْبَغِي على هَذَا الْقيَاس أَن يكون هُنَالك ثَالِث، وَهُوَ الَّذِي روى عَنهُ حسان بن عَطِيَّة، وَهَذَا كُله خطأ مِمَّن ظَنّه، وَإِنَّمَا الْمُخطئ الأول فِيهِ ابْن حزم، وَتَبعهُ هُوَ، وَإِنَّمَا هُوَ رجل وَاحِد، وَهُوَ أَبُو كَبْشَة السَّلُولي، روى عَن سهل بن الحنظلية، وَعبد الله بن عَمْرو، وثوبان، وَبِهَذَا ذكره ابْن أبي حَاتِم. وروى عَنهُ حسان بن عَطِيَّة، وَأَبُو سَلام، وَرَبِيعَة بن يزِيد. وَلَعَلَّه سيوجد غَيرهم مِمَّن روى عَنهُ، وَهُوَ رجل لَا يعرف لَهُ اسْم، لكنه ثِقَة، وَثَّقَهُ الْكُوفِي، روى ذَلِك عَنهُ ابْنه، ذكره المنتجالي، وَأخرج لَهُ البُخَارِيّ - رَحمَه الله - كَمَا قُلْنَاهُ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 348 وَلَا معرج على مَا اعترى أَبَا عبد الله بن البيع الْحَاكِم فِيهِ، حِين سَمَّاهُ فِي كِتَابه: الْبَراء بن قيس؛ فَإِن الْبَراء بن قيس رجل آخر، اخْتلف فِي ضبط كنيته، فَقيل: أَبُو كَبْشَة - بِالْبَاء الْوَاحِدَة والشين الْمُعْجَمَة - وَقيل: أَبُو كيسة - بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاة وَالسِّين الْمُهْملَة - وَقد رد ذَلِك عَلَيْهِ باستيعاب وإحكام أَبُو مُحَمَّد عبد الْغَنِيّ بن سعيد الْحَافِظ فِي جملَة مَا خطأه فِيهِ، فَاعْلَم ذَلِك. (2525) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، من حَدِيث مُحَمَّد بن حسان الجزء: 5 ¦ الصفحة: 349 الْأَزْرَق، قَالَ: حَدثنَا سُفْيَان بن [عُيَيْنَة، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عَطاء بن يزِيد، عَن] أبي أَيُّوب، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْوتر حق وَاجِب، فَمن شَاءَ أَن يُوتر بِثَلَاث فليوتر، وَمن شَاءَ أَن يُوتر بِوَاحِدَة فليوتر ". ثمَّ أتبعه قَول الدَّارَقُطْنِيّ: إِن قَوْله " وَاجِب " لَيْسَ بِمَحْفُوظ، وَلَا أعلم أحدا تَابع ابْن حسان عَلَيْهِ. انْتهى مَا ذكر. وَهُوَ كَمَا ذكر، إِلَّا أَنه يجب أَن تعلم أَنه مِمَّا انْفَرد بِهِ الثِّقَة، فَإِن مُحَمَّد بن حسان الْأَزْرَق، ثِقَة صَدُوق، قَالَه أَبُو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم، وَسمع مِنْهُ هُوَ وَأَبوهُ. فَإِذن لَيْسَ هَذَا الحَدِيث كَمَا ينْفَرد بِهِ من لَا يوثق، كَمَا أَوْهَمهُ سِيَاق كَلَام أبي مُحَمَّد. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 350 (2526) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ، عَن أبي أَيُّوب أَيْضا، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْوتر حق، فَمن شَاءَ أوتر بِخمْس، وَمن شَاءَ أوتر بِثَلَاث، وَمن شَاءَ أوتر بِوَاحِدَة ". ثمَّ قَالَ: وَقد رَوَاهُ مَوْقُوفا على أبي أَيُّوب، وَهُوَ أولى بِالصَّوَابِ. وَهَذَا أَيْضا هُوَ كَمَا ذكر، مُخْتَلف فِيهِ، رَفعه قوم عَن الزُّهْرِيّ، عَن عَطاء ابْن يزِيد، عَن أبي أَيُّوب، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَوَقفه آخَرُونَ، وَكلهمْ ثِقَة، فَيَنْبَغِي أَن يكون القَوْل فِيهِ قَول من رَفعه؛ لِأَنَّهُ حفظ مَا لم يحفظ واقفه. فَحَدِيث النَّسَائِيّ الْمَذْكُور، وَهُوَ من رِوَايَته عَن الْعَبَّاس بن الْوَلِيد بن يزِيد، أَخْبرنِي أبي، حَدثنَا الْأَوْزَاعِيّ، حَدثنِي الزُّهْرِيّ، فَذكره مَرْفُوعا كَمَا تقدم. وَهَكَذَا رَوَاهُ مُحَمَّد بن يُوسُف الْفرْيَابِيّ، عَن الْأَوْزَاعِيّ، وَرَوَاهُ هَكَذَا مَرْفُوعا عَن الزُّهْرِيّ - كَمَا رَوَاهُ الْأَوْزَاعِيّ - دويد بن نَافِع، وَزَاد: " من شَاءَ أوتر بِسبع "، ذكره النَّسَائِيّ أَيْضا. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَيْضا مَرْفُوعا عَن الزُّهْرِيّ - كَمَا روياه - بكر بن وَائِل، ذكره أَبُو دَاوُد. وَمِمَّنْ رَفعه أَيْضا عَن الزُّهْرِيّ كَذَلِك الزبيدِيّ، وسُفْيَان بن حُسَيْن. وَزعم ابْن السكن [أَن] الَّذين وَقَفُوهُ عَن الزُّهْرِيّ، هم مَالك، وَمعمر، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 351 وَابْن [عُيَيْنَة ... .] مُحَمَّد بن حسان الْأَزْرَق من [ ... .] . وَمِمَّا يبين مَجِيء هَذَا على أَصله - أَعنِي مَا ينْفَرد بِهِ الْوَاحِد من الثِّقَات - أَنه ذكر بعده - مُتَّصِلا بِهِ - حَدِيث أبي بن كَعْب، من عِنْد النَّسَائِيّ، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (2527) " كَانَ يُوتر بِثَلَاث، يقْرَأ فِي الأولى بسبح اسْم رَبك الْأَعْلَى، وَفِي الثَّانِيَة بقل يأيها الْكَافِرُونَ، وَفِي الثَّالِثَة بقل هُوَ الله أحد، ويقنت قبل الرُّكُوع، فَإِذا فرغ قَالَ عِنْد فَرَاغه: سُبْحَانَ الْملك القدوس. ثَلَاث مَرَّات، يُطِيل فِي آخِرهنَّ ". وَصَححهُ، ورأيته فِي كِتَابه الكيبر قَالَ: قَوْله فِيهِ: " ويقنت قبل الرُّكُوع " انْفَرد بِهِ الثَّوْريّ وَحده - يَعْنِي عَن زبيد، عَن سعيد بن عبد الرَّحْمَن بن أَبْزَى، عَن أَبِيه، عَن أبي بن كَعْب. وَقَبله مَعَ ذَلِك، وَصَححهُ، فَأصَاب من وَجه وَأَخْطَأ من آخر. أما مَا أصَاب، فَمن حَيْثُ لم ير انْفِرَاد الثَّوْريّ بِهِ ضارا لَهُ، وَأما مَا أَخطَأ فَفِي قَوْله: إِن الثَّوْريّ انْفَرد بذلك. وَقد صحت الزِّيَادَة الْمَذْكُورَة من رِوَايَة غير الثَّوْريّ، ذكرهَا الدَّارَقُطْنِيّ من رِوَايَة فطر بن خَليفَة، عَن زبيد، عَن سعيد بن عبد الرَّحْمَن بن أَبْزَى، فَاعْلَم ذَلِك. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 352 (2528) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ أَيْضا حَدِيث أبي ذَر: فِي ترديد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن تُعَذبهُمْ فَإِنَّهُم عِبَادك ". حَتَّى أصبح ". من رِوَايَة جسرة بنت دجَاجَة عَن أبي ذَر، ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: جسرة لَيست بمشهورة. كَذَا قَالَ وَقد بَينا فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ضعفها وَلم يبين بِمَاذَا، أَن جسرة هَذِه، مَعْرُوفَة، يوثقها قوم، ويتوقف فِي رِوَايَتهَا آخَرُونَ. (2529) وَذكر فِي الْكُسُوف حَدِيث أبي قلَابَة، عَن النُّعْمَان بن بشير: " كأحدث صَلَاة صليتموها من الْمَكْتُوبَة ". وَقَالَ بإثره: اخْتلف فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث. لم يزدْ على [هَذَا، ومدار الِاخْتِلَاف الْمَذْكُور على أبي قلَابَة، فيروى] عَنهُ عَن النُّعْمَان، ويروى عَنهُ، عَن قبيصَة بن الْمخَارِق الْهِلَالِي، ويروى عَنهُ عَن هِلَال بن عَامر، عَن قبيصَة بن الْمخَارِق. وَهَذَا النَّوْع من الِاخْتِلَاف فِي الْأَسَانِيد لَا يعْدم فِي أعداد مَا لم يعرض لَهُ بِشَيْء من الْأَحَادِيث الَّتِي ذكر، فَلَا نرَاهُ عِلّة، وَالله أعلم. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 353 (2530) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد فِي سَاعَة الْجُمُعَة، عَن جَابر بن عبد الله، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يَوْم الْجُمُعَة ثنتا عشرَة سَاعَة " الحَدِيث. ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث الجلاح مولى عبد الْعَزِيز بن مَرْوَان. لم يزدْ على هَذَا. وَظَاهره أَنه تَضْعِيف مِنْهُ للْخَبَر؛ فَإِن مَا هُوَ عِنْده صَحِيح لَا يُنَبه على أحد من رُوَاته هَذَا النَّوْع من التَّنْبِيه، اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يَقُول: فِي إِسْنَاده فلَان، وَهُوَ ثِقَة، أَو ينْفَرد بِهِ فلَان، وَهُوَ ثِقَة، فَأَما إِذا قَالَ: فِي إِسْنَاده فلَان من غير مزِيد، فَأكْثر مَا يَقُول ذَلِك فِيمَن هُوَ مَشْهُور بالضعف، فَيكون ذَلِك الْخَبَر مُعْتَلًّا بِهِ. وَفِي النَّادِر يَقع لَهُ أَن يَقُول: فِي إِسْنَاده فلَان، وَيكون فلَان المنبه عَلَيْهِ ثِقَة، وَمَا وَقع لَهُ من ذَلِك، فَالظَّاهِر فِيهِ أَنه غلط مِنْهُ. وَقد تقدم التَّنْبِيه على الْوَاقِع لَهُ من ذَلِك. والجلاح هَذَا، يَنْبَغِي على أَصله أَن يقبل رِوَايَته، فَإِنَّهُ عهد ذَلِك مِنْهُ فِي أَمْثَاله من المساتير الَّذين يروي عَن أحدهم اثْنَان فَأكْثر، وَلَا يعلم فِيهِ جرحة، وَلَا سِيمَا فِيمَا هُوَ من أَحَادِيث رغائب الْأَعْمَال، وَلَيْسَ مِمَّا فِيهِ حكم، وَهَذَا الحَدِيث من ذَلِك. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 354 والجلاح الْمَذْكُور، هُوَ أَبُو كثير الْمصْرِيّ، مولى عمر بن عبد الْعَزِيز، يروي عَن حَنش الصَّنْعَانِيّ، وَسَعِيد بن سَلمَة، وَأبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، روى عَنهُ اللَّيْث بن سعد، وَعَمْرو بن الْحَارِث، وَعبيد الله بن أبي جَعْفَر، وَابْن لَهِيعَة، وَقد أخرج لَهُ مُسلم رَحمَه الله فِي كِتَابه. وَوَثَّقَهُ ابْن عبد الْبر، وَرُوِيَ عَن يزِيد بن أبي حبيب أَنه قَالَ: كَانَ رضَا ذكر ذَلِك. . وَلَيْسَ فِي الْإِسْنَاد من يسْأَل عَنهُ سواهُ. قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن صَالح، قَالَ: حَدثنَا ابْن وهب، أَخْبرنِي عَمْرو بن الْحَارِث، أَن الجلاح مولى عبد الْعَزِيز بن مَرْوَان، حَدثهُ أَن أَبَا سَلمَة ابْن عبد الرَّحْمَن، حَدثهُ عَن جَابر. فَذكره. (2531) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ حَدِيث بُرَيْدَة: " لَا يخرج يَوْم الْفطر حَتَّى يطعم، وَلَا يطعم يَوْم الْأَضْحَى حَتَّى يُصَلِّي ". وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: " حَتَّى يرجع فيأكل من أضحيته ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 355 وأتبع حَدِيث التِّرْمِذِيّ أَن قَالَ فِيهِ غَرِيب. وَترك من قَول التِّرْمِذِيّ: لَا أعرف لثواب بن عتبَة غير هَذَا الحَدِيث. وَعِنْدِي أَنه صَحِيح؛ لِأَن ثَوَاب بن عتبَة الْمهرِي، ثِقَة، وثقة ابْن معِين، رَوَاهُ عَنهُ عَبَّاس، وَإِسْحَاق بن مَنْصُور، وَزِيَادَة الدَّارَقُطْنِيّ أَيْضا صَحِيحَة إِلَى ثَوَاب الْمَذْكُور، من رِوَايَة عبد الصَّمد، وَمُسلم بن إِبْرَاهِيم، وَأبي عَاصِم عَنهُ، وثواب يرويهِ عَن عبد الله بن بُرَيْدَة، عَن أَبِيه، فَاعْلَم ذَلِك. (2532) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد بن عدي قَالَ: حَدثنَا أَحْمد بن عبد الله بن سَابُور الدقاق، قَالَ: حَدثنَا الْفضل بن الصَّباح، حَدثنَا إِسْحَاق بن سُلَيْمَان الرَّازِيّ، عَن حَنْظَلَة بن أبي سُفْيَان، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " اغسلوا قَتْلَاكُمْ ". ثمَّ قَالَ: لم يذكر أَبُو أَحْمد لهَذَا الحَدِيث عِلّة، وَلَا قَالَ فِيهِ أَكثر من قَوْله: وَلم يَكْتُبهُ بِهَذَا الْإِسْنَاد إِلَّا عَن ابْن سَابُور. وَأخرج الحَدِيث فِي بَاب حَنْظَلَة؛ لِأَنَّهُ رُبمَا انْفَرد بِهِ، وحَنْظَلَة مَشْهُور، وَإِسْحَاق بن سُلَيْمَان ثِقَة. وَالْفضل بن الصَّباح، وَابْن سَابُور، وكتبتهما حَتَّى أنظرهما. انْتهى مَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 356 ذكر. وَهُوَ مُخَالف لما عهد بِهِ عَاملا، مِمَّا تقدم التَّنْبِيه عَلَيْهِ فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي يعلها بِقوم، ويطوي ذكر أمثالهم، مِمَّن يُمكن أَن تكون الْجِنَايَة من أحدهم، لَا مِمَّن أعله بِهِ، بَينا هُنَالك أَنه يحسن ظَنّه [بِأبي أَحْمد، ويقتصر فِي تَعْلِيل الحَدِيث بِمَا يعله بِهِ فِي بَاب وَلَا يدْرِي أَن] أَبَا أَحْمد، يذكر الحَدِيث فِي [بَاب رجل ويعله] بِهِ ويعرض عَمَّن دونه مِمَّن لم يذكرهُ فِي بَابه، وَرُبمَا يكون فيهم من هُوَ أولى بِأَن يضعف الْخَبَر بِهِ من الآخر الَّذِي ذكر فِي بَابه. وَقد يكون من الْأَحَادِيث مَا يذكرهُ أَبُو أَحْمد فِي بَاب رجل ويضعف الْخَبَر بِهِ، ويذكره أَيْضا من بَاب آخر مِمَّن رَوَاهُ عَنهُ، ويجيز أَن تكون الْجِنَايَة مِنْهُ، فيخفي ذَلِك على أبي مُحَمَّد، فيعصب الْجِنَايَة بِأَحَدِهِمَا وَلَا يعرض للْآخر، وَلَا يذكر أَنه من رِوَايَته. وَالَّذِي عمل بِهِ فِي هَذَا الحَدِيث أصوب؛ فَإِنَّهُ لم يمنعهُ ذكر أبي أَحْمد لَهُ فِي بَاب حَنْظَلَة بن أبي سُفْيَان من أَن يبْحَث عَن غَيره من رُوَاته إِلَّا أَنه لم يوفق للصَّوَاب فِيمَا نظر بِهِ فِي أَمر الْفضل بن الصَّباح، وَابْن سَابُور، فَإِنَّهُ وَقع مِنْهُ فِي ذَلِك تَقْصِير، وقف بِهِ دون مَا أعلم من أحوالهما. وَنَصه فِي مَوضِع آخر. وَذَلِكَ أَنه قَالَ فِي كتاب الزَّكَاة: رويت بِالْإِسْنَادِ الْمُتَّصِل الصَّحِيح إِلَى خَالِد بن عدي الْجُهَنِيّ، سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 357 (2533) " من جَاءَهُ من أَخِيه مَعْرُوف " الحَدِيث. فصححه كَمَا ترى، وَهُوَ إِنَّمَا ذكر الحَدِيث الْمَذْكُور فِي كِتَابه الْكَبِير حَيْثُ يذكر الْأَحَادِيث بأسانيدها، من طَرِيق الْفضل بن الصَّباح هَذَا، على مَا بَينته فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أبعد النجعة فِي إيرادها. وَالْفضل بن الصَّباح الْمَذْكُور، هُوَ أَبُو الْعَبَّاس السمسار، سمع هشيم بن بشير، وسُفْيَان بن عُيَيْنَة، وَأَبا مُعَاوِيَة الضَّرِير، وَأَبا عُبَيْدَة الْحداد، ووكيعا، وَابْن فُضَيْل، وَمُحَمّد بن إِسْمَاعِيل بن أبي فديك، روى عَنهُ شُعَيْب بن مُحَمَّد الذارع، وَأحمد بن عبد الله بن سَابُور الدقاق، وَإِبْرَاهِيم بن مُوسَى بن الرواس، وَعبد الله بن مُحَمَّد الْبَغَوِيّ، وَأحمد بن الْحسن الصباحي، وَغَيرهم. قَالَ أَبُو بكر بن ثَابت الْخَطِيب: أخبرنَا القَاضِي أَبُو بكر مُحَمَّد بن عمر بن إِسْمَاعِيل الدَّاودِيّ، أخبرنَا عمر بن أَحْمد الْوَاعِظ، حَدثنَا عبد [الله بن مُحَمَّد الْبَغَوِيّ، حَدثنَا الْفضل بن الصَّباح]- وَكَانَ من خِيَار عباد [الله - أخبرنَا مُحَمَّد ابْن أَحْمد بن رزق، أخبرنَا هبة الله بن مُحَمَّد بن حسن الْفراء، أخبرنَا مُحَمَّد ابْن عُثْمَان بن أبي شيبَة. وَأخْبرنَا عَليّ بن] . أَحْمد الرزاز، حَدثنَا أَحْمد بن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 358 سلمَان النجاد، حَدثنَا مُحَمَّد بن عُثْمَان، قَالَ: وَسَأَلته - يَعْنِي يحيى بن معِين - عَن الْفضل بن الصَّباح، فَقَالَ: ثِقَة. أخبرنَا على بن الْحُسَيْن صَاحب العباسي، أخبرنَا عبد الرَّحْمَن بن عمر الْخلال، حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل الْفَارِسِي، حَدثنَا بكر بن سهل، حَدثنَا عبد الْخَالِق بن مَنْصُور، قَالَ: سَأَلت يحيى بن معِين عَن الْفضل بن الصَّباح، فَقَالَ: ثِقَة. أخبرنَا العتيقي، أخبرنَا مُحَمَّد بن المظفر، قَالَ: قَالَ عبد الله بن مُحَمَّد الْبَغَوِيّ: مَاتَ فضل بن الصَّباح سنة خمس وَأَرْبَعين. قَرَأت على البرقاني، عَن أبي إِسْحَاق الْمُزَكي، قَالَ: أخبرنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق السراج، قَالَ: مَاتَ الْفضل بن الصَّباح، أَبُو الْعَبَّاس السمسار بِبَغْدَاد، فِي رَجَب سنة خمس وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ، وَكَانَ لَا يخضب، رَأَيْته أَبيض الرَّأْس واللحية. انْتهى مَا ذكره بِهِ الْخَطِيب. وَقد ذكره أَبُو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم ذكر من لم يعرفهُ، فَقَالَ: الْفضل بن الصَّباح، روى عَن أبي عُبَيْدَة الْحداد، ومعن بن عِيسَى، وَأبي مُعَاوِيَة الْأسود، سَمِعت أبي يَقُول ذَلِك. لم يزدْ على هَذَا، وَلِهَذَا - وَالله أعلم - جهل مِنْهُ أَبُو مُحَمَّد مَا جهل، فَإِنَّهُ لَو وجده عِنْده مَذْكُورا بِرِوَايَة اثْنَيْنِ عَنهُ فَأكْثر، قبل حَدِيثه كَسَائِر عمله فِي غَيره، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 359 وَإِن لم يُوجد فيهم التَّعْدِيل من الْأَئِمَّة العارفين بهم، وَهَؤُلَاء هم عِنْد ابْن أبي حَاتِم المجاهيل الْأَحْوَال. فَهَذَا الرجل هُوَ عِنْد ابْن أبي حَاتِم مَجْهُول الْحَال، وَلَو عرف بِرِوَايَة جمَاعَة عَنهُ، وَقد روى عَن الْفضل بن الصَّباح الْمَذْكُور، أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ فِي كتاب الْفَرَائِض. وَلَعَلَّ أَبَا مُحَمَّد كرر فِيهِ نظرا حِين كتب حَدِيث خَالِد بن عدي الْجُهَنِيّ فِي كتاب الزَّكَاة فَعرفهُ، أَو جازف فِي تَصْحِيحه ذَلِك الْخَبَر، فَالله أعلم. وَأما ابْن سَابُور، فَهُوَ أَبُو الْعَبَّاس: أَحْمد بن عبد الله بن سَابُور بن [مَنْصُور الْبَغْدَادِيّ، الدقاق، قَالَ الْخَطِيب: سمع أَبَا ب [كرّ بن أبي شيبَة، وَأَبا [نعيم عبيد بن هِشَام، وبركة بن مُحَمَّد الحلبيين، وَعبد] الله بن أَحْمد بن شبويه، الْمروزِي، وسُفْيَان بن وَكِيع بن الْجراح، وَنصر بن عَليّ الْجَهْضَمِي، وواصل بن عبد الْأَعْلَى. وروى عَنهُ عمر بن مُحَمَّد بن سنبك، وَأَبُو عمر بن حيوية، وَأَبُو بكر الْأَبْهَرِيّ الْفَقِيه، وَغَيرهم. أخبرنَا عَليّ بن مُحَمَّد بن نصر، قَالَ: سَمِعت حَمْزَة بن يُوسُف يَقُول: سَأَلت أَبَا الْحسن الدَّارَقُطْنِيّ عَن أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن عبد الله بن سَابُور الدقاق، فَقَالَ: ثِقَة. أَخْبرنِي الْأَزْهَرِي، قَالَ: قَالَ لنا مُحَمَّد بن الْعَبَّاس الخزاز: مَاتَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 360 أَبُو الْعَبَّاس الدقاق: أَحْمد بن عبد الله بن سَابُور، يَوْم السبت بالْعَشي، وَدفن يَوْم الْأَحَد ضحوة، لعشر بَقينَ من الْمحرم، سنة ثَلَاث عشر وثلاثمائة، انْتهى مَا ذكره بِهِ. فهذان الرّجلَانِ ثقتان، وَلم يبْق فِي رجال الحَدِيث الْمَذْكُور مَبْحَث. وَلَكِن قد صَحَّ حَدِيث جَابر الَّذِي فِيهِ: " إِن شُهَدَاء أحد لم يغسلوا وَلم يصل عَلَيْهِم " فَالله أعلم أَن كَانَ ذَلِك خَاصّا بهم. (2534) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، فِي زِيَارَة النِّسَاء الْقُبُور تشديدا لم يفسره، من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ: وَفِي إِسْنَاده ربيعَة بن سيف، وَهُوَ ضَعِيف الحَدِيث، عِنْده مَنَاكِير. كَذَا قَالَ، وَهُوَ شَيْء لَا يُوجد - فِي علمي - لغير أبي حَاتِم البستي، فَهُوَ الَّذِي قَالَ فِي ربيعَة بن سيف الْمعَافِرِي هَذَا: لَا يُتَابع؛ فِي حَدِيثه مَنَاكِير. فَأَما أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ، فَلَيْسَ لَهُ فِيهِ شَيْء، وَقد ذكره ابْنه أَبُو مُحَمَّد برواته من فَوق وَمن أَسْفَل، وَأَهْمَلَهُ من الْجرْح وَالتَّعْدِيل. وَأما النَّسَائِيّ فَذكره فِي كتاب التَّمْيِيز بحَديثه هَذَا، وَقَالَ: لَيْسَ بِهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 361 بَأْس، وَذكر حَدِيثه أَيْضا فِي المُصَنّف، وَالتَّشْدِيد الْمَذْكُور، مُفَسّر فِي حَدِيثه، ومبهم فِي حَدِيث أبي دَاوُد. وَقد ذَكرْنَاهُ بنصه فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ترك مِنْهَا زيادات مفسرة لمجملها، أَو مفسرة فَائِدَة فِيهَا، فَاعْلَم ذَلِك. (2535) وَذكر فِي زَكَاة الْحلِيّ من طَرِيق أبي دَاوُد عَن أم سَلمَة: " مَا بلغ أَن تُؤَدّى [زَكَاته فَزكِّي، فَلَيْسَ بكنز ". وَقَالَ: فِي إِسْنَاد] هَذَا الحَدِيث ثَابت بن عجلَان، وَلَا يحْتَج بِهِ كَذَا قَالَ. وَإسْنَاد هَذَا الحَدِيث هُوَ هَذَا: قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن عِيسَى بن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 362 الطباع، قَالَ: حَدثنَا عتاب، عَن ثَابت بن عجلَان، عَن عَطاء، عَن أم سَلمَة، قَالَت: كنت ألبس أَوْضَاحًا من ذهب، فَقلت: يَا رَسُول الله، أكنز هُوَ؟ فَقَالَ: " مَا بلغ أَن تُؤَدّى زَكَاته فَزكِّي فَلَيْسَ بكنز ". وَقَوله فِي ثَابت بن عجلَان: لَا يحْتَج بِهِ، قَول لم يقلهُ غَيره فِيمَا أعلم، وَنِهَايَة مَا قَالَ فِيهِ الْعقيلِيّ: لَا يُتَابع على حَدِيثه. وَهَذَا من الْعقيلِيّ تحامل عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ يمس بِهَذَا من لَا يعرف بالثقة، فَأَما من عرف بهَا، فانفراده لَا يضرّهُ، إِلَّا أَن يكثر ذَلِك مِنْهُ. وثابت بن عجلَان الْمَذْكُور هُوَ أَبُو عبد الله الْأنْصَارِيّ، حمصي، وَقع إِلَى بَاب الْأَبْوَاب رأى أنس بن مَالك، وَحدث عَن مُجَاهِد، وَعَطَاء، وَالقَاسِم ابْن عبد الرَّحْمَن، وسليم أبي عَامر، وَسَعِيد بن جُبَير، وروى عَنهُ جمَاعَة. قَالَ بَقِيَّة: قَالَ لي ابْن الْمُبَارك: أخرج إِلَيّ أَحَادِيث ثَابت بن عجلَان، قلت: إِنَّهَا مُتَفَرِّقَة، قَالَ: اجمعها لي، فَجعلت أتذكرها وأملي عَلَيْهِ. قَالَ دُحَيْم: ثَابت بن عجلَان، لَيْسَ بِهِ بَأْس، وَهُوَ من أهل أرمينية، روى عَن القدماء: عَن سعيد بن جُبَير، وَعَطَاء، وَمُجاهد، وَابْن أبي مليكَة، وَقَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ: ثَابت بن عجلَان لَا بَأْس بِهِ، صَالح الحَدِيث، وَقَالَ النَّسَائِيّ: ثَابت بن العجلان، ثِقَة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 363 وَمَا رُوِيَ عَن أَحْمد بن حَنْبَل من أَنه سُئِلَ عَنهُ فَقَالَ: كَانَ يكون بِالْبَابِ والأبواب، قيل: أَكَانَ ثِقَة، فَسكت، لَا يقْضِي عَلَيْهِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ قد يسكت، لِأَنَّهُ لَا يعرف حَاله، وَمن علم حجَّة على من لم يعلم، وَقد يسكت لِأَنَّهُ لم يسْتَحق عِنْده أَن يُقَال فِيهِ: ثِقَة، وَلَيْسَ إِذا لم ينْحل اسْم الثِّقَة فَهُوَ ضَعِيف، بل قد يكون صَدُوقًا، وصالحا، وَلَا بَأْس بِهِ، وألفاظ أخر من مصطلحاتهم. وَلما ذكره أَبُو أ [حمد بن عدي لم يذكر لَهُ من الحَدِيث إِلَّا أَحَادِيث] يسيرَة من رِوَايَته، وَلم [يمسهُ بِشَيْء. (2536) وَأَبُو مُحَمَّد نَفسه، قد أَو] رد حَدِيث ابْن عمر من طَرِيق أبي دَاوُد فِي زَكَاة الْمَاشِيَة. من رِوَايَة سُفْيَان بن حُسَيْن، عَن الزُّهْرِيّ. وَكلهمْ يَقُول فِيهِ: لَا يحْتَج بِهِ إِمَّا مُطلقًا، وَإِمَّا فِيمَا يروي عَن الزُّهْرِيّ. فَهَلا كَانَ هَذَا التَّوَقُّف فِيهِ وَفِي جمَاعَة سواهُ، مِمَّن ذكر بأشباه هَذَا؟ وَالْحق أَن من عرف بِالطَّلَبِ، وَأخذ النَّاس عَنهُ، وَنقل ناقلون حسن سيرته بتفصيل أَو بإجمال، بِلَفْظ من الْأَلْفَاظ المصطلح عَلَيْهَا - مَقْبُول الرِّوَايَة. وأتبع هَذَا الحَدِيث أَن قَالَ: وَقد رُوِيَ فِي أَدَاء زَكَاة الْحلِيّ عَن عَائِشَة، وَأم سَلمَة، وَفَاطِمَة بنت قيس، وَعبد الله بن عَمْرو، وَعبد الله بن مَسْعُود، وَعبد الله ابْن عَمْرو بن العَاصِي، قَالَ أَبُو عِيسَى - وَذكر حَدِيث عبد الله بن عَمْرو بن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 364 العَاصِي: وَلَا يَصح فِي هَذَا الْبَاب شَيْء. انْتهى مَا ذكر. وَهُوَ مُحْتَاج إِلَى نظر؛ وَذَلِكَ أَن هَؤُلَاءِ الَّذين قَالَ: إِن فِي الْبَاب عَنْهُم، مِنْهُم من لَا يَصح حَدِيثه. (2537) كَحَدِيث فَاطِمَة بنت قيس؛ فَإِنَّهُ من رِوَايَة ضعفاء. (2538) وكحديث ابْن مَسْعُود؛ فَإِن رافعه - قبيصَة بن عقبَة، صَاحب الثَّوْريّ - وَإِن كَانَ رجلا صَالحا، فَإِنَّهُ يُخطئ كثيرا، وَقد خَالفه من أَصْحَاب الثَّوْريّ من هُوَ أحفظ مِنْهُ فَوَقفهُ. فَأَما حَدِيث أم سَلمَة فقد تقدم الْآن وَلَا يَنْبَغِي أَن يُقَال فِيهِ: ضَعِيف. (2539) وَأما حَدِيث عبد الله بن عَمْرو، فَيَنْبَغِي - على أصل أبي مُحَمَّد - أَن يقبله ويصححه، فقد عهد يقبل حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده، إِذا كَانَ الرواي عَنهُ ثِقَة. وَقد ذكرنَا لَهُ من ذَلِك أَحَادِيث، وَالتِّرْمِذِيّ إِنَّمَا ضعف حَدِيث عبد الله ابْن عَمْرو؛ لِأَنَّهُ وَقع لَهُ من رِوَايَة ابْن لَهِيعَة، والمثنى بن الصَّباح، عَن عَمْرو، فضعفهما، وَضَعفه بهما، لَا بِعَمْرو بن شُعَيْب. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 365 وَلِلْحَدِيثِ إِسْنَاد صَحِيح إِلَى عَمْرو بن شُعَيْب، قد احْتج بِهِ أَبُو مُحَمَّد. قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَبُو كَامِل، وَحميد بن مسْعدَة الْمَعْنى، أَن خَالِد بن الْحَارِث، حَدثهمْ قَالَ: حَدثنَا حُسَيْن [الْمعلم، عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده أَن امْرَأَة أَتَت] رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَمَعَهَا ابْنة لَهَا، وَفِي يَد ابْنَتهَا مسكتان غليظتان] من ذهب، فَقَالَ لَهَا: " أتعطين زَكَاة هَذَا " قَالَت: لَا، قَالَ: " أَيَسُرُّك أَن يسورك الله بهما يَوْم الْقِيَامَة سِوَارَيْنِ من نَار "، قَالَ: فخلعتهما، فألقتهما إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَقَالَت: هما لله وَلِرَسُولِهِ. وَهَذَا إِسْنَاد صَحِيح إِلَى عَمْرو، وَعَمْرو عَن أَبِيه، عَن جده من قد علم. وَإِنَّمَا ألزمته مَا الْتزم. وَالتِّرْمِذِيّ إِنَّمَا ضعفه؛ لِأَنَّهُ لم يصل عِنْده إِلَى عَمْرو بن شُعَيْب إِلَّا بضعيفين كَمَا ذَكرْنَاهُ. وَالدَّارَقُطْنِيّ أَيْضا الَّذِي استوعب أَحَادِيث هَذَا الْبَاب، إِنَّمَا سَاقه من رِوَايَة حجاج بن أَرْطَاة، عَن عَمْرو بن شُعَيْب، وَذكره أَيْضا من رِوَايَة سُفْيَان بن حُسَيْن بعد الْموضع الَّذِي جمع فِيهِ أَحَادِيث الْبَاب مُفردا. وَأَبُو مُحَمَّد إِنَّمَا نظر الحَدِيث عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ، وأغفل كتاب أبي دَاوُد. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 366 (2540) وَأما حَدِيث عَائِشَة، فَكَذَلِك أَيْضا يلْزمه مِنْهُ مَا الْتزم: من قبُول رِوَايَات يحيى بن أَيُّوب الْمصْرِيّ أَحْيَانًا، وَقد تقدم التَّنْبِيه على مَا لَهُ فِيهِ، وَإِنَّمَا اعتراه أَيْضا فِي حَدِيث عَائِشَة مَا اعتراه فِي حَدِيث فِي عبد الله بن عَمْرو، وَذَلِكَ أَن الدَّارَقُطْنِيّ جهل من إِسْنَاده رجلا اتّفق أَن نسب إِلَى جده، فخفي عَلَيْهِ أمره، فضعف الحَدِيث من أَجله، فَتَبِعَهُ أَبُو مُحَمَّد على ذَلِك، وَلم يضع فِيهِ نظرا. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز وَقَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد ابْن هَارُون أَبُو نشيط، قَالَ: حَدثنَا عَمْرو بن الرّبيع بن طَارق، قَالَ: حَدثنَا يحيى ابْن أَيُّوب، عَن عبيد الله بن أبي جَعْفَر، أَن مُحَمَّد بن عَطاء، أخبرهُ عَن عبد الله بن شَدَّاد بن الْهَادِي، قَالَ: دَخَلنَا على عَائِشَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَت: دخل عَليّ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَرَأى فِي يَدي فتخات من ورق، فَقَالَ: " مَا هَذَا يَا عَائِشَة؟ " قَالَت: صنعتهن أتزين لَك فِيهِنَّ يَا رَسُول الله، فَقَالَ: " أتؤدين زكاتهن؟ " قَالَت: لَا، أَو مَا شَاءَ الله من ذَلِك؟ فَقَالَ: " هن حَسبك من النَّار ". [قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: مُحَمَّد بن عَطاء هَذَا مَجْهُول] وَهُوَ الَّذِي رأى أَبُو مُحَمَّد. وَمُحَمّد [بن عَطاء هَذَا، هُوَ مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَطاء، أحد الثِّقَات] ، وَقد تبين أَنه هُوَ عِنْد أبي دَاوُد. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 367 قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُحَمَّد بن إِدْرِيس الرَّازِيّ، قَالَ: حَدثنَا عَمْرو بن الرّبيع بن طَارق، قَالَ: حَدثنَا يحيى بن أَيُّوب، عَن عبيد الله بن أبي جَعْفَر أَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَطاء، أخبرهُ عَن عبد الله بن شَدَّاد بن الْهَادِي، أَنه قَالَ: دَخَلنَا على عَائِشَة، فَذكر الحَدِيث بنصه. فَالْحَدِيث كَمَا كَانَ إِسْنَادًا ومتنا، إِلَّا أَن أَبَا نشيط: مُحَمَّد بن هَارُون، رَوَاهُ عَن عَمْرو بن الرّبيع بن طَارق، فَقَالَ فِيهِ: مُحَمَّد بن عَطاء، نسبه إِلَى جده. فإمَّا أَن يكون ذَلِك مِنْهُ، وَإِمَّا أَن يكون من عَمْرو بن الرّبيع بن طَارق. وَأما أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ - إِمَام الْجرْح وَالتَّعْدِيل - وَهُوَ مُحَمَّد بن إِدْرِيس الَّذِي عَنهُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد - فَإِنَّهُ بَينه عَن عَمْرو بن الرّبيع بن طَارق، وَقَالَ فِيهِ: مُحَمَّد ابْن عَمْرو بن عَطاء، فارتفع الْإِشْكَال. وَلم يبين فِي الْخَبَر الْمَذْكُور أَنه من راوية يحيى بن أَيُّوب، وَأَبُو مُحَمَّد قد يصحح لَهُ أَحَادِيث، وَجَمَاعَة توثقه، وَقد أخرج لَهُ مُسلم، وَإِن كَانَ يضعف فبالنسبة إِلَى من فَوْقه، وَقد تقدم ذكره. (2541) وَذكر فِي تَعْجِيل الصَّدَقَة من طَرِيق أبي دَاوُد عَن عَليّ، أَن الْعَبَّاس سَأَلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي تَعْجِيل صدقته. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 368 ثمَّ قَالَ: حجية بن عدي لَيْسَ مِمَّن يحْتَج بِهِ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 369 كَذَا قَالَ فِي حجية أَنه لَا يحْتَج بِهِ، وَلَيْسَ كَمَا قَالَ، وَإِنَّمَا هُوَ تبع فِيهِ أَبَا حَاتِم الرزاي، سَأَلَهُ عَنهُ ابْنه فَقَالَ: " هُوَ شيخ لَا يحْتَج بحَديثه، شَبيه بِالْمَجْهُولِ، شَيْبه بشريح بن النُّعْمَان الصائدي، وهبيرة بن يريم ". وَقَالَ فِي بَاب شُرَيْح: إِن شُرَيْح بن النُّعْمَان وهبيرة بن يريم شبيهان بالمجهولين، لَا يحْتَج بحديثهما. وَهَذَا مِنْهُ غير صَحِيح، وَمن علمت حَاله فِي حمل الْعلم وتحصيله، وَأخذ النَّاس عَنهُ، ونقلت لنا سيرته الدَّالَّة على صَلَاحه، أَو عبر لنا بِلَفْظ قَامَ مقَام نقل التفاصيل من الْأَلْفَاظ المصطلح عَلَيْهَا لذَلِك كثقة، ورضا، وَنَحْو ذَلِك - لَا يقبل من قَائِل فِيهِ: إِنَّه لَا يحْتَج بِهِ، أَو مَا أشبه ذَلِك من أَلْفَاظ التَّضْعِيف [ولابد أَن يُضعفهُ] بِحجَّة، وَيذكر جرحا مف [سرا، وَإِلَّا لم يسمع مِنْهُ ذَلِك، لَا هُوَ وَلَا] غَيره كَذَلِك، كَمَا قد جرى الْآن، فَإِنَّهُ - أَعنِي أَبَا حَاتِم - لم يدل فِي أَمر هَؤُلَاءِ بِشَيْء، إِلَّا أَنهم لَيْسُوا بالمشهورين، والشهرة إضافية، قد يكون الرجل مَشْهُورا عِنْد قوم، وَلَا يشْتَهر عِنْد آخَرين. نعم لَو قَالَ لنا ذَلِك من أَلْفَاظ التَّضْعِيف فِيمَن لم يعرف حَاله بمشاهدة أَو بِإِخْبَار مخبر، كُنَّا نقبله مِنْهُ، ونترك رِوَايَته بِهِ، بل كُنَّا نَتْرُك رِوَايَته للْجَهْل الجزء: 5 ¦ الصفحة: 370 بِحَالهِ، لَو لم نسْمع ذَلِك فِيهِ. فحجية الْمَذْكُور، لَا يلْتَفت فِيهِ إِلَى قَول من قَالَ: " لَا يحتح بِهِ " إِذا لم يَأْتِ بِحجَّة، فَإِنَّهُ رجل مَشْهُور، قد روى عَنهُ سَلمَة بن كهيل، وَأَبُو إِسْحَاق، وَالْحكم بن عتيبة، رووا عَنهُ عدَّة أَحَادِيث، وَهُوَ فِيهَا مُسْتَقِيم، لم يعْهَد مِنْهُ خطأ وَلَا اخْتِلَاط وَلَا نَكَارَة. وَقد قَالَ فِيهِ الْكُوفِي: إِنَّه الْكُوفِي، تَابِعِيّ، ثِقَة، وَهُوَ كندي. وَقد كَانَ يجب على أبي مُحَمَّد - بِاعْتِبَار ملتزمة فِيمَن روى عَنهُ أَكثر من وَاحِد إِذا لم يسمع فِيهِ تجريحا - أَن يقبله، وَلَو لم يجد توثيقه. وَالَّذِي سمع فِيهِ من ابْن أبي حَاتِم لم يكن تجريحا، إِنَّمَا كَانَ جهلا بِحَالهِ، والعالم حجَّة على الْجَاهِل، وَهَذَا الَّذِي ألزمته هُوَ عمله وملتزمه. (2542) من ذَلِك أَنه لما ذكر حَدِيث ريحَان بن يزِيد، عَن عبد الله بن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 371 عَمْرو، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تحل الصَّدَقَة لَغَنِيّ، وَلَا لذِي مرّة سوي ". أتبعه أَن قَالَ: ريحَان بن يزِيد، وَثَّقَهُ ابْن معِين. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 372 وَصدق فِيمَا نقل عَن ذَلِك عَن ابْن معِين، وَلَكِن فِي الْموضع الَّذِي نَقله مِنْهُ عَن ابْن معِين، قَول أبي حَاتِم فِيهِ: إِنَّه مَجْهُول. فَهُوَ كَمَا ترك قَول أبي حَاتِم فِي ريحَان: إِنَّه مَجْهُول - لما وجد فِيهِ لِابْنِ معِين أَنه ثِقَة -، فَكَذَلِك يجب عَلَيْهِ هُنَا أَن يَقُول: إِن كَانَ جَهله أَبُو حَاتِم، فقد وَثَّقَهُ الْكُوفِي، وَالله أعلم. (2543) وَذكر فِي صَدَقَة الْفطر حَدِيث الزُّهْرِيّ، عَن عبد الله بن ثَعْلَبَة ابْن صعير [عَن أَبِيه، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَقَالَ: وَفِي إِسْنَاده النُّعْمَان بن رَاشد] وَبكر بن وَائِل وهما ضعيفان [إِلَّا أَن أَبَا حَاتِم يَقُول: بكر بن وَائِل صَالح الحَدِيث] . كَذَا [قَالَ] وَلَيْسَ بِشَيْء فِي حق بكر بن وَائِل، بل مَا أعلم أحدا قَالَ فِيهِ: ضَعِيف، وَلَا ذكره فِي الضُّعَفَاء أحد مِمَّن صنفهم، كَالنَّسَائِيِّ، وَالْبُخَارِيّ، وَالدَّارَقُطْنِيّ، والساجي، والعقيلي، والبستي، وَابْن عدي، والمطرز، وَالتِّرْمِذِيّ، وَقد روى عَنهُ جمَاعَة، وَقَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِم مَا ذكر. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 373 وَقَالَ النَّسَائِيّ: بكر بن وَائِل كُوفِي، لَيْسَ بِهِ بَأْس. وَأَيْنَ هُوَ مِمَّن قد احْتج بهم مِمَّن ذَكرْنَاهُ فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي سكت عَنْهَا مصححا، وَقد تقدم فِي هَذَا الْبَاب مثل عمله هَذَا، وَعجب مِنْهُ من تَضْعِيفه من قد سمع فِيهِ التوثيق، وَذَلِكَ حِين قَالَ فِي نَافِع بن مَحْمُود: لم يذكرهُ البُخَارِيّ فِي تَارِيخه، وَلَا ابْن أبي حَاتِم، وَلَا خرج لَهُ مُسلم وَلَا البُخَارِيّ شَيْئا، وَقَالَ فِيهِ أَبُو عمر: مَجْهُول، وَهُوَ قد سمع مخرج الحَدِيث من طَرِيقه يَقُول فِيهِ: إِنَّه ثِقَة. وَأما النُّعْمَان بن رَاشد، فَهُوَ ضَعِيف كَمَا ذكر، بِكَثْرَة الْوَهم فِي الحَدِيث، وَإِن كَانَ صَدُوقًا. وَفِي كَلَامه الْمَذْكُور تلفيق يخل بِالنَّقْلِ، قد كتبناه وبيناه فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي يظنّ من عطفها على أخر، أَو إردافها؛ أَنَّهَا إِيَّاهَا أَنَّهَا مثلهَا فِي مقتضياتها، وَلَيْسَت كَذَلِك. (2544) وَذكر حَدِيث مُحَمَّد بن كَعْب: " أتيت أنس بن مَالك فِي رَمَضَان وَهُوَ يُرِيد سفرا، وَقد رحلت لَهُ رَاحِلَته، وَلبس ثِيَاب سَفَره، فَدَعَا بِطَعَام " الحَدِيث. وَحسنه بتحسين التِّرْمِذِيّ لَهُ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 374 وَعِنْدِي أَنه صَحِيح، وَقد وَقع فِي بعض الرِّوَايَات عَن التِّرْمِذِيّ تَصْحِيحه. وَذَلِكَ أَن إِسْنَاده هُوَ هَذَا: قَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل، حَدثنَا سعيد بن أبي مَرْيَم، حَدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، حَدثنِي زيد بن أسلم، حَدثنِي مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر، عَن مُحَمَّد بن كَعْب، فَذكره. (2545) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من كَانَ عَلَيْهِ صَوْم من رَمَضَان فليسرده وَلَا يقطعهُ ". ثمَّ قَالَ: رَوَاهُ عبد الرَّحْمَن بن [إِبْرَاهِيم الْقَاص، وَقد أنكرهُ عَلَيْهِ أَبُو حَاتِم، ووثق] وَضعف. كَذَا قَالَ، وَهُوَ يروي [عَن الْعَلَاء، وروى عَنهُ جمَاعَة وَلَا يتَعَيَّن أَن يكون الَّذِي أنكرهُ أَبُو حَاتِم عَلَيْهِ، هُوَ هَذَا الحَدِيث بِعَيْنِه، وَلَعَلَّه حَدِيث آخر. قَالَ أَبُو مُحَمَّد بن أبي حَاتِم: سُئِلَ أبي عَنهُ فَقَالَ: لَيْسَ بِالْقَوِيّ، روى حَدِيثا مُنْكرا عَن الْعَلَاء. وَقَالَ أَيْضا: حَدثنَا صَالح بن أَحْمد بن حَنْبَل، قَالَ: قَالَ أبي: عبد الرَّحْمَن ابْن إِبْرَاهِيم، كَانَ قَاصا من أهل الْمَدِينَة، كَانَ عِنْده كراسة، فِيهَا للعلاء بن عبد الرَّحْمَن، وَلَيْسَ بِهِ بَأْس. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 375 وَالَّذِي لأَجله كتبته الْآن هُنَا، إِنَّمَا هُوَ أَن تعلم أَن حَال هَذَا الحَدِيث لَا بَأْس بهَا؛ لِأَن رِجَاله لَا بَأْس بهم، وَلَيْسَ فيهم من يوضع فِيهِ النّظر إِلَّا هَذَا الْقَاص، وَهُوَ لَا بَأْس بِهِ، وَمَا جَاءَ من ضعفه بِحجَّة، واستضعافهم إِيَّاه، إِنَّمَا هُوَ بِالْقِيَاسِ إِلَى غَيره، فَيَقُول قَائِلهمْ: لَيْسَ بِالْقَوِيّ. وَهَكَذَا الحكم فِي كل من يحفظ دون حفظ غَيره، وهم بِلَا شكّ متفاوتون، وَحَال هَذَا الرجل لَا بَأْس بهَا. قَالَ عَبَّاس الدوري: سَمِعت يحيى بن معِين يَقُول: عبد الرَّحْمَن بن إِبْرَاهِيم الْقَاص، مدنِي، وَكَانَ ينزل كرمان، وَهُوَ ثِقَة. وَسُئِلَ أَبُو زرْعَة عَنهُ فَقَالَ: لَا بَأْس بِهِ، أَحَادِيثه مُسْتَقِيمَة. وَقَالَ البُخَارِيّ: قَالَ حبَان: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن إِبْرَاهِيم، ثِقَة، منزله عِنْد منزل الشقاقي بِالْبَصْرَةِ. وَهَكَذَا أَيْضا عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ فِي نفس إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث عَن حبَان من توثيقه. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا أَبُو عبيد: الْقَاسِم ين إِسْمَاعِيل الْمحَامِلِي، قَالَ: حَدثنَا عَليّ بن مُسلم قَالَ: حَدثنَا حبَان بن هِلَال، قَالَ: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن ابْن إِبْرَاهِيم الْقَاص - وَهُوَ ثِقَة - قَالَ: حَدثنَا الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا صَوْم بعد النّصْف من شعْبَان حَتَّى الجزء: 5 ¦ الصفحة: 376 رَمَضَان، وَمن كَانَ عَلَيْهِ صَوْم من رَمَضَان فليسرده وَلَا يقطعهُ ". وَإِذا وجدت فِيهِ عَن ابْن معِين أَنه قَالَ: لَيْسَ بِشَيْء فَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنه قَلِيل الرِّوَايَة، وَقد تفسر ذَلِك عَنهُ فِي رجال [ ... .] عَبَّاس، وَذكر لَهُ الْعقيلِيّ [ ... . ح] ديثا آخر. وَقَالَ أَبُو أَحْمد بن عدي: لم يتَبَيَّن فِي حَدِيثه ورواياته حَدِيث مُنكر فأذكره بِهِ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِيهِ: ضَعِيف. وَالْمَقْصُود أَن تعلم أَنه مُخْتَلف فِيهِ، والْحَدِيث من رِوَايَته حسن، وَالله أعلم. (2546) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ عَن عَائِشَة: " أَنَّهَا ساقت بدنتين فضلتا، فَأرْسل إِلَيْهَا ابْن الزبير " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: لَا يحْتَج بِإِسْنَادِهِ. كَذَا قَالَ، وَلَيْسَ ذَلِك على أَصله؛ فَإِن إِسْنَاده هُوَ هَذَا: قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا القَاضِي بدر بن الْهَيْثَم، قَالَ: حَدثنَا أَبُو كريب، قَالَ: حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة. وَحدثنَا أَبُو بكر النَّيْسَابُورِي، قَالَ: حَدثنَا سَعْدَان بن نصر، قَالَ: حَدثنَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 377 أَبُو مُعَاوِيَة، قَالَ: حَدثنَا سعد بن سعيد، عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد، عَن عَائِشَة، فَذَكرته. وكل من فِي هَذَا الْإِسْنَاد ثِقَة، إِلَّا سعد بن سعيد، أَخا يحيى وَعبد ربه ابْني سعيد الأنصاريين؛ فَإِنَّهُ ضَعِيف، وَلَكِن معنى ذَلِك أَنه بِالنِّسْبَةِ إِلَى من فَوْقه، وبالقياس إِلَى من هُوَ أقوى مِنْهُ. وَقد أخرج لَهُ مُسلم - رَحمَه الله -. (2547) وَقد صحّح أَبُو مُحَمَّد من رِوَايَته حَدِيث: " من صَامَ رَمَضَان وَأتبعهُ سِتا من شَوَّال ". أوردهُ من طَرِيق مُسلم. (2548) وَحَدِيث: " كسر عظم الْمَيِّت، ككسره وَهُوَ حَيّ ". من عِنْد أبي دَاوُد. وَلم يبين فِي وَاحِد مِنْهُمَا أَنه من رِوَايَته، اعْتِمَادًا عَلَيْهِ وتصحيحا لما يرويهِ، وأظن أَنه يخيل لَهُ فِي هَذَا الحَدِيث أَنه سعد بن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري؛ وَذَلِكَ أَنه صرح بذلك بعد حَدِيث يَلِيهِ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 378 وَسعد بن سعيد هَذَا إِنَّمَا يعرف بروايته عَن أَخِيه عبد الله الَّذِي يُقَال لَهُ: أَبُو عباد. قَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ: وَلَا يحدث عَن غَيره، وَهُوَ كَمَا قَالَ أَبُو حَاتِم، فِيمَا أعلم. وَلَا أعلم لأبي مُعَاوِيَة رِوَايَة عَنهُ، وَكِلَاهُمَا مدنِي - أَعنِي سعد بن سعيد المَقْبُري، وَسعد بن سعيد الْأنْصَارِيّ، فاعلمه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 379 (2549) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن مَيْمُون بن بن جَابَان، عَن أبي رَافع، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْجَرَاد من صيد الْبَحْر ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 380 [وَمَيْمُون بن جَابَان، لَيْسَ مِمَّن يحْتَج] بِهِ. لم يزدْ على هَذَا، وَأَبُو دَاوُد قد جعله وهما، وَلكنه اعْتمد آخر، وَلَيْسَ بمعتمد، وَذَلِكَ أَنه أورد هَذَا الحَدِيث هَكَذَا: حَدثنَا مُحَمَّد بن عِيسَى، حَدثنَا حَمَّاد، عَن مَيْمُون بن جَابَان، عَن أبي رَافع، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْجَرَاد من صيد الْبَحْر ". ثمَّ قَالَ: إِنَّه وهم. ثمَّ قَالَ: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، حَدثنَا حَمَّاد، عَن مَيْمُون بن جَابَان، عَن أبي رَافع، عَن كَعْب قَالَ: " الْجَرَاد من الْبَحْر ". فمعتمده إِذن إِنَّمَا هُوَ مُخَالفَة مُوسَى بن إِسْمَاعِيل التَّبُوذَكِي لمُحَمد بن عِيسَى بن الطباع. وَكِلَاهُمَا ثِقَة حَافظ. فالتبوذكي رَوَاهُ عَن حَمَّاد، فَجعله من كَلَام كَعْب، وَابْن الطباع رَوَاهُ عَنهُ فَجعله من كَلَام النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَلَا بعد فِي أَن يكون عِنْد حَمَّاد فِيهِ الْأَمْرَانِ، فيرويهما عَنهُ الرّجلَانِ. فَأَما مَا اعْتَمدهُ أَبُو مُحَمَّد فِي تَضْعِيفه: من كَون مَيْمُون بن جَابَان لَا يحْتَج بِهِ، فَهُوَ شَيْء سَببه أَنه رَآهُ فِي الْمَوَاضِع الَّتِي يفزع إِلَيْهَا فِيهِ وَفِي أَمْثَاله، مَذْكُورا بِرِوَايَة حَمَّاد بن سَلمَة عَنهُ فَقَط، مهملا من الْجرْح وَالتَّعْدِيل، فاعتقده مَجْهُولا، كَفِعْلِهِ فِيمَن لَا يروي عَنهُ أَكثر من وَاحِد. وَقد بَينا عَلَيْهِ فِيمَا قبل، أَن من هَؤُلَاءِ من يكون ثِقَة، وَقد قبل هُوَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 381 جمَاعَة مِنْهُم لما وثقوا، وَإِن لم يرو عَن أحدهم إِلَّا وَاحِد. وَمَيْمُون هَذَا، قد قَالَ فِيهِ: الْكُوفِي: إِنَّه بَصرِي ثِقَة، ذكره فِي كِتَابه؛ فاعلمه. (2550) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا سبق إِلَّا فِي نصل، أَو خف، أَو حافر ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 382 ثمَّ أتبعه قَول التِّرْمِذِيّ فِيهِ: إِنَّه حَدِيث حسن. وَإِسْنَاده عِنْدِي صَحِيح، وَرُوَاته كلهم ثِقَات. قَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو كريب، حَدثنَا وَكِيع، عَن ابْن أبي ذِئْب، عَن نَافِع بن أبي نَافِع، عَن أبي هُرَيْرَة. فَذكره. نَافِع بن أبي نَافِع البراد مولى أبي أَحْمد، ثِقَة مَعْرُوف، وَمن جملَة من وَثَّقَهُ ابْن معِين. وروى هَذَا الحَدِيث أَيْضا أَبُو دَاوُد، قَالَ: حَدثنَا أَحْمد [بن يُوسُف، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 383 حَدثنَا ابْن أبي ذِئْب، عَن نَافِع بن أبي نَافِع فَذكره بِمَ [تنه، فَهُوَ صَحِيح، وَالله أعلم. (2551) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يمن الْخَيل فِي الشقر ". قَالَ فِيهِ: حسن غَرِيب. كَذَا قَالَ، وَعِنْدِي أَنه صَحِيح، وَذَلِكَ أَن التِّرْمِذِيّ يرويهِ هَكَذَا: حَدثنَا عبد الله بن الصَّباح الْهَاشِمِي الْبَصْرِيّ، حَدثنَا يزِيد بن هَارُون، أخبرنَا شَيبَان بن عبد الرَّحْمَن، حَدثنَا عِيسَى بن عَليّ بن عبد الله بن عَبَّاس، عَن أَبِيه، عَن ابْن عَبَّاس. فَذكره. وكل هَؤُلَاءِ ثِقَات. وَقَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا يحيى بن معِين، حَدثنَا حُسَيْن بن مُحَمَّد، عَن شَيبَان، عَن عِيسَى بن عَليّ. فَذكره. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 384 وَلَيْسَ فِي هَذَا الْإِسْنَاد من يُمكن أَن يخفى حَاله على من لم يمعن النّظر إِلَّا عِيسَى بن عَليّ، وَقد روى حَاتِم بن اللَّيْث عَن ابْن معِين أَنه قَالَ: عِيسَى بن عَليّ لَا بَأْس بِهِ كَانَ جميل الْمَذْهَب، مُعْتَزِلا للسُّلْطَان. وَابْن معِين قد قَالَ عَن نَفسه: كل من أَقُول فِيهِ: لَا بَأْس بِهِ، فَهُوَ عِنْدِي ثِقَة. ذكر الرِّوَايَة عَن ابْن معِين بتوثيقه، الْخَطِيب بن ثَابت. وَلما ذكر الْبَزَّار هَذَا الحَدِيث قَالَ: وَعِيسَى بن عَليّ، لَا نعلم حدث عَن أَبِيه بِحَدِيث مُسْند غير هَذَا الحَدِيث، ذكره عَن شَيبَان عَن عِيسَى. وَالَّذِي لأَجله لم يقل التِّرْمِذِيّ فِيهِ: صَحِيح، لَيْسَ عِنْدِي بعلة، وَذَلِكَ أَنه قَالَ فِي كتاب الْعِلَل: سَأَلت مُحَمَّدًا عَنهُ فَقَالَ: أَرَاهُم يدْخلُونَ بَين شَيبَان وَبَين عِيسَى بن عَليّ فِي هَذَا الحَدِيث رجلا. هَذَا مَا ذكر، وَلم يثبت ذَلِك، بل ثَبت الْآن فِي إِسْنَاد التِّرْمِذِيّ قَول شَيبَان: حَدثنَا عِيسَى، وَذَلِكَ يرفع مَا يتخوف من انْقِطَاع مَا بَينهمَا، وَالله الْمُوفق. (2552) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ حَدِيث ابْن عَبَّاس: " خير الصَّحَابَة أَرْبَعَة ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 385 وَقَالَ فِيهِ: حسن غَرِيب، لم يسْندهُ كَبِير أحد. هَذَا مَا اتبعهُ، وَلم يتَبَيَّن مِنْهُ الْمَانِع من تَصْحِيحه إِيَّاه، وَبَيَان ذَلِك فِي كتاب التِّرْمِذِيّ، وَهُوَ كو [نه عَن الزُّهْرِيّ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُرْسلا، لَا يذكر فِيهِ] ابْن عَبَّاس، ومعضلا لَا [يذكر فِيهِ عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة عَن ابْن عَبَّاس. وَهَذَا] لَيْسَ بعلة فِي الْأَخْبَار، فَإِنَّهُ لَا بعد فِي أَن يكون عِنْد الزُّهْرِيّ فِي ذَلِك أَنه مُسْند، فَيحدث بِهِ كَذَلِك. وينقسم الآخذون عَنهُ إِلَى حَافظ واع، يَأْتِي بِهِ على مَا حَدثهمْ بِهِ، وَإِلَى شَاك فِي ذكر الصَّحَابِيّ، أَو لَا يتَحَقَّق من هُوَ، فيسقطه ويصنع ذَلِك آخر فِي الصَّحَابِيّ والتابعي، فيعضل إرْسَاله. وَقد يُمكن أَن يكون ذَلِك من الزُّهْرِيّ نَفسه، أَن يحدث بِهِ تَارَة مُسْندًا، وَتارَة مُرْسلا، وَتارَة معضلا، إِمَّا لشك بعد تَيَقّن، فأسقط مَا شكّ فِيهِ، أَو لتحَقّق بعد تشكك، كَمَا يجْرِي فِي المناظرات والمحاورات من ترك أَسَانِيد الْأَخْبَار، فَسَمعهُ مِنْهُ الروَاة كَذَلِك، وَالله أعلم. (2553) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن ابْن مَسْعُود، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 386 قَالَ: " الطَّيرَة شرك، الطَّيرَة شرك، وَمَا منا إِلَّا، وَلَكِن الله يذهبه بالتوكل ". ثمَّ قَالَ بعده: يُقَال: إِن هَذَا الْكَلَام: " وَمَا منا " إِلَى آخِره، إِنَّه من قَول ابْن مَسْعُود. انْتهى كَلَامه. فَأَقُول - وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق -: كل كَلَام مسوق فِي السِّيَاق لَا يَنْبَغِي أَن يقبل مِمَّن يَقُول: إِنَّه مدرج إِلَّا أَن يَجِيء بِحجَّة، وَهَذَا الْبَاب مَعْرُوف عِنْد الْمُحدثين، وَقد وضعت فِيهِ كتب وستمر مِنْهُ أَحَادِيث، وَمن أشهرها قَوْله: (2554) " وَإِلَّا استسعي العَبْد غير مشقوق عَلَيْهِ ". (2555) وَقَوله: " وَإِلَّا فقد عتق فِيهِ مَا عتق ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 387 (2556) وَقَوله: فَإِذا قلت ذَلِك، فقد قضيت مَا عَلَيْك، فَإِن شِئْت أَن تقوم فَقُمْ ". وَلَا أعرف أحدا قَالَ فِي هَذَا الحَدِيث مَا ذكر أَبُو مُحَمَّد، إِلَّا سُلَيْمَان ابْن حَرْب، فَإِن البُخَارِيّ حكى عَنهُ فِي تَارِيخه أَنه كَانَ يُنكر هَذَا الْحَرْف أَن يكون مَرْفُوعا، وَكَانَ يَقُول: كَأَنَّهُ من كَلَام ابْن مَسْعُود، وَهَذَا لَا يقبل مِنْهُ وَلَا من غَيره، إِلَّا أَن يَأْتِي فِي ذَلِك بِحجَّة، كَمَا الْتزم فِيمَا يدعى فِيهِ ذَلِك، وَالله أعلم. (2557) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ عَن عبد الله بن فَيْرُوز الديلمي أَنه قَالَ: " أتيت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِرَأْس الْأسود الْعَنسِي " [الْكذَّاب، قَالَ أَبُو دَاوُد: فِي هَذَا أَحَادِيث عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلَا يَصح فِي] هَذَا الْبَاب شَيْء. انْتهى قَوْله. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 388 وَقد ذكرنَا هَذَا الحَدِيث فِي جملَة مَا اعتراه الِانْقِطَاع فِي سِيَاقه؛ وَذَلِكَ انه سقط مِنْهُ فَيْرُوز، فَهُوَ الَّذِي جَاءَ بِهِ، وَهُوَ قَاتله، وَخَبره فِي ذَلِك بَين عِنْد الطَّبَرِيّ وَغَيره، فَأَما ابْنه عبد الله فتابعي. وَالَّذِي نريده الْآن لهَذَا الْبَاب، هُوَ أَن مَا أتبعه - مِمَّا يُوهم ضعفه - لَيْسَ بِشَيْء، فَإِن رجال إِسْنَاده ثِقَات، وَلَا يصاخ إِلَى توهم الْخَطَأ على أحد مِنْهُم إِلَّا بِحجَّة، وَلم يكف فِي ذَلِك قَوْله: يُقَال: إِن الْخَبَر بقتل الْأسود لم يجِئ إِلَّا إِثْر موت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَإِن هَذَا لم يَصح، إِلَّا أَن الأخباريين يَقُولُونَهُ، وَإِن أوردوه فبطرق لَا تصح مَرْفُوعَة بِهَذَا التَّصْحِيح، وعَلى أَنه لَيْسَ فِيهِ نَص أَنه صَادف بِهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقدم عَلَيْهِ بِهِ، بل يحْتَمل أَن يكون مَعْنَاهُ أَنه أَتَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَاصِدا إِلَيْهِ، وافدا عَلَيْهِ، مبادرا بالتبشير بِالْفَتْح، فصادفه قد مَاتَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَإسْنَاد الحَدِيث الْمَذْكُور عِنْد النَّسَائِيّ هُوَ هَذَا: أخبرنَا عِيسَى بن مُحَمَّد أَبُو عُمَيْر عَن ضَمرَة - هُوَ ابْن ربيعَة - عَن السيباني - هُوَ يحيى بن أبي عَمْرو - عَن عبد الله الديلمي، عَن أَبِيه، فَذكره. وَمَا يُقَال من أَن ضَمرَة لم يُتَابع عَلَيْهِ لَا يضرّهُ؛ فَإِنَّهُ ثِقَة، وَلأَجل انْفِرَاده بِهِ قيل فِيهِ: غَرِيب، وَلم يتبعهُ أَبُو مُحَمَّد فِي كِتَابه الْكَبِير أَكثر من قَوْله: لم يُتَابع عَلَيْهِ - يَعْنِي ضَمرَة - فَاعْلَم ذَلِك. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 389 (2558) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن حَمَّاد بن زيد، قلت لأيوب: هَل علمت أَن أحدا قَالَ: " أَمرك بِيَدِك ثَلَاث إِلَّا الْحسن؟ قَالَ: لَا، ثمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ غفرا ". الحَدِيث. ثمَّ رده بِأَن قَالَ: كثير مولى بني سَمُرَة مَجْهُول، قَالَه أَبُو مُحَمَّد بن حزم. انْتهى مَا ذكر. وَكثير هَذَا، هُوَ مولى عبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة، ذكر أَحْمد بن سعيد بن حزم المنتجالي، عَن الْكُوفِي أَنه قَالَ فِيهِ: ثِقَة. فعلى هَذَا لَا يكون الحَدِيث ضَعِيفا، فَأَما مَا ذكر [التِّرْمِذِيّ من نِسْيَان كثير مولى بني سَمُرَة لهَذَا الحَدِيث ف [لَا عِلّة فِيهِ، وسنذكره فِيمَا بعد. (2559) [وَذكر مُرْسل أبي رزين فِي الطَّلَاق وَفِيه] فَأَيْنَ الثَّالِثَة؟ قَالَ: " إمْسَاك بِمَعْرُوف أَو تَسْرِيح بِإِحْسَان ". وَضَعفه وَهُوَ صَحِيح، وَقد بَينا ذَلِك فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أغفل نسبتها. إِلَى الْمَوَاضِع الَّتِي نقلهَا مِنْهَا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 390 (2560) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن معَاذ بن جبل: " غزونا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خَيْبَر، فأصبنا فِيهَا غنما، فقسم فِينَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - طَائِفَة، وَجعل بقيتها فِي الْمغنم ". ثمَّ قَالَ: يرويهِ شيخ من أهل الْأُرْدُن، يُقَال لَهُ: أَبُو عبد الْعَزِيز. انْتهى مَا ذكر. كَأَنَّهُ لم يعرف أَبَا عبد الْعَزِيز هَذَا، فَرمى الحَدِيث من أَجله. وَإسْنَاد أبي دَاوُد هُوَ هَذَا: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمُصَفّى، حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمُبَارك، عَن يحيى بن حَمْزَة، قَالَ: حَدثنِي أَبُو عبد الْعَزِيز: شيخ من أهل الْأُرْدُن، عَن عبَادَة بن نسي، عَن عبد الرَّحْمَن بن غنم، قَالَ: " رابطنا مَدِينَة قنسرين مَعَ شُرَحْبِيل بن السمط، فَلَمَّا فتحناها أصَاب فِيهَا غنما وبقرا، فقسم طَائِفَة مِنْهَا، وَجعل بقيتها فِي الْمغنم، فَلَقِيت معَاذ بن جبل فَحَدَّثته، فَقَالَ: " غزونا. فَذكره بنصه. وكل رِجَاله ثِقَات، وَأَبُو عبد الْعَزِيز، هُوَ يحيى بن عبد الْعَزِيز الأردني، وَالِد أبي عبد الرَّحْمَن الشَّافِعِي، الْأَعْمَى، صَاحب الْكَلَام الْمَنْسُوب إِلَى الْبِدْعَة، روى عَنهُ يحيى بن حَمْزَة، والوليد بن مُسلم. قَالَ أَبُو حَاتِم: مَا بحَديثه بَأْس. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 391 وَذكره البُخَارِيّ، وَسَماهُ ابْن الْجَارُود كَمَا سميناه، وَذكر رِوَايَته عَن عبَادَة بن نسي. (2561) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد: حَدثنَا هناد بن السّري، حَدثنَا أَبُو الْأَحْوَص، عَن عَاصِم - يَعْنِي ابْن كُلَيْب - عَن أَبِيه، عَن رجل من الْأَنْصَار، قَالَ: " خرجنَا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي سفر " الحَدِيث الَّذِي فِيهِ: " إِن النهبة لَيست بأحل من الْميتَة ". هَكَذَا ذكره بِإِسْنَادِهِ، كالمتبري من عهدته، فَهُوَ يشبه التَّضْعِيف لَهُ، وَذَلِكَ [لَا يَجِيء] على أَصله؛ فَإِن رِجَاله ثِقَات، والاعتلال عَلَيْهِ بِكَوْن هَذَا الرجل الجزء: 5 ¦ الصفحة: 392 [ادّعى الصُّحْبَة، وَلَا يقبل مِنْهُ ادِّعَاء تِلْكَ] المزية لنَفسِهِ، كَمَا لَا يقبل مِمَّن قَالَ عَن نَفسه: إِنَّه ثِقَة، هُوَ اعتلال صَحِيح، لكنه لَيْسَ على أصل أبي مُحَمَّد، لما قيل فِي أَمْثَاله مِمَّا قد استوعبناه بِالذكر فِيمَا تقدم. وَبِهَذَا الِاعْتِبَار كتبناه الْآن هُنَا، وَأما عِنْدِي فَلَيْسَ بِصَحِيح. فَأَما لَو شهد لَهُ التَّابِعِيّ بالصحبة، فَحِينَئِذٍ كَانَت تكون أقرب. على أَنَّهَا أَيْضا مُحْتَملَة، على مَا قد بَيناهُ قبل، فعد إِلَيْهِ. وَأما عَاصِم بن كُلَيْب وَأَبوهُ فثقتان، وَأَبُو الْأَحْوَص وهناد لَا يسْأَل عَنْهُمَا. ورأيته فِي كِتَابه الْكَبِير لما ذكر الحَدِيث قَالَ بإثره: كُلَيْب بن وَائِل أدْرك طَائِفَة من الصَّحَابَة. فَهَذَا يفهم مِنْهُ أَنه صَححهُ، فَالله أعلم. (2562) وَذكر حَدِيث الفريعة بنت مَالك فِي مكث الْمُتَوفَّى عَنْهَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 393 زَوجهَا فِي الْبَيْت الَّذِي كَانَت تسكن فِيهِ مَعَ الزَّوْج الْمُتَوفَّى، حَتَّى يبلغ الْكتاب أَجله. أتبعه تَصْحِيح التِّرْمِذِيّ لَهُ، وَقَول عَليّ بن أَحْمد بن حزم: زَيْنَب بنت كَعْب مَجْهُولَة، لم يرو حَدِيثهَا غير سعد بن إِسْحَاق، وَهُوَ غير مَشْهُور بِالْعَدَالَةِ. وارتضى هُوَ هَذَا القَوْل من عَليّ بن أَحْمد، وَرجحه على قَول ابْن عبد الْبر: إِنَّه حَدِيث مَشْهُور. وَعِنْدِي أَنه لَيْسَ كَمَا ذهب إِلَيْهِ، بل الحَدِيث صَحِيح؛ فَإِن سعد بن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 394 إِسْحَاق ثِقَة، وَمِمَّنْ وَثَّقَهُ النَّسَائِيّ، وَزَيْنَب كَذَلِك ثِقَة. وَفِي تَصْحِيح التِّرْمِذِيّ إِيَّاه توثيقها وتوثيق سعد بن إِسْحَاق، وَلَا يضر الثِّقَة أَن لَا يروي عَنهُ إِلَّا وَاحِد، وَالله أعلم. (2563) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن أنس بن مَالك " أَن رجلا من كلاب سَأَلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن عسب الْفَحْل " الحَدِيث. وَأتبعهُ قَول التِّرْمِذِيّ فِيهِ: حسن غَرِيب. وَيَنْبَغِي أَن يُقَال فِيهِ: صَحِيح، فَإِن إِسْنَاده هُوَ هَذَا: حَدثنَا عَبدة بن عبد الله الْخُزَاعِيّ، الْبَصْرِيّ، حَدثنَا يحيى بن آدم، عَن إِبْرَاهِيم بن حميد الرُّؤَاسِي، عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، عَن أنس. وكل هَؤُلَاءِ ثِقَات. (2564) وَذكر من ط [ريق التِّرْمِذِيّ حَدِيث عَن أبي أَيُّوب، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من فرق] بَين الْجَارِيَة وَوَلدهَا فِي ال [بيع " الحَدِيث. وَقَالَ: وَذكر أَبُو دَاوُد عَن عَليّ أَنه فرق بَين جَارِيَة وَوَلدهَا، وَرُوِيَ عَن] عَليّ بِإِسْنَاد آخر وَلَا يَصح؛ لِأَنَّهُ من طَرِيق سعيد بن أبي عرُوبَة، عَن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 395 الحكم، وَلم يسمع من الحكم، وَمن طَرِيق مُحَمَّد بن عبيد الله، عَن الحكم، وَهُوَ ضَعِيف. قَالَ: وَقد رُوِيَ عَن شُعْبَة، عَن الحكم، وَالْمَحْفُوظ حَدِيث سعيد بن أبي عرُوبَة، عَن الحكم، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى، عَن عَليّ. انْتهى كَلَامه. فَأول مَا فِيهِ أَنه لم يعز شَيْئا مِنْهُ إِلَى مَوْضِعه، وجميعه من كتاب الدَّارَقُطْنِيّ فِي السّنَن، وَحكم على رِوَايَة شُعْبَة، عَن الحكم، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى، عَن عَليّ، بِأَنَّهَا لَيست بمحفوظة، وَأَن الْمَحْفُوظ رِوَايَة سعيد بن أبي عرُوبَة، عَن الحكم، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى، عَن عَليّ - يَعْنِي على مَا بهَا من الِانْقِطَاع -؛ إِذْ لم يسمع سعيد بن أبي عرُوبَة من الحكم. وَالْمَقْصُود أَن نبين أَن رِوَايَة شُعْبَة صَحِيحَة لَا عيب لَهَا، وَأَنَّهَا أولى مَا اعْتمد فِي هَذَا الْبَاب. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا الْحُسَيْن بن إِسْمَاعِيل الْمحَامِلِي، حَدثنَا إِسْمَاعِيل ابْن أبي الْحَارِث، حَدثنَا عبد الْوَهَّاب بن عَطاء الْخفاف، حَدثنَا شُعْبَة، عَن الحكم، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى، عَن عَليّ، قَالَ: قدم على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بسبي، فَأمرنِي بِبيع أَخَوَيْنِ فبعتهما، وَفرقت بَينهمَا، فَبلغ ذَلِك النَّبِي فَقَالَ: " أدركهما فارتجعهما، وبعهما جَمِيعًا، وَلَا تفرق بَينهمَا ". وَقَالَ فِي كتاب الْعِلَل: حَدثنَا الْحُسَيْن بن إِسْمَاعِيل الْمحَامِلِي، قَالَ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن أبي الْحَارِث وَمُحَمّد بن الْوَلِيد الفحام قَالَا: حَدثنَا عبد الْوَهَّاب الْخفاف، حَدثنَا شُعْبَة، عَن الحكم، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى، عَن عَليّ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 396 قَالَ: قدم على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بسبي فَأمرنِي بِبيع أَخَوَيْنِ، فبعتهما وَفرقت بَينهمَا، فَبلغ ذَلِك النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " أدركهما، فارتجعهما، وبعهما جَمِيعًا، وَلَا تفرق بَينهمَا ". فَهَذَا كَمَا ترى إِسْمَاعِيل بن أبي الْحَارِث وَمُحَمّد بن الْوَلِيد الفحام، كِلَاهُمَا [يرويهِ عَن عبد الْوَهَّاب الْخفاف، وكل رُوَاته ثِقَات] وَإِسْمَاعِيل بن أبي الْحَارِث مِنْهُم، هُوَ [ثِقَة أَيْضا، وَمن أَجله لم يحكم أَبُو مُحَمَّد على] هَذَا الحَدِيث بِالصِّحَّةِ، وَهُوَ إِسْمَاعِيل بن أَسد بن شاهين، قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِم: " ثِقَة صَدُوق ". وَذكر الْخَطِيب بن ثَابت عَن الدَّارَقُطْنِيّ أَنه قَالَ فِيهِ: " ثِقَة صَدُوق، ورع فَاضل ". وَذكر الدَّارَقُطْنِيّ أَن عَليّ بن سهل، رَوَاهُ أَيْضا عَن عبد الْوَهَّاب، عَن شُعْبَة، كَمَا روياه، فَاعْلَم ذَلِك. (2565) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، عَن مُحَمَّد بن طريف، عَن ابْن فُضَيْل، عَن عبد الْملك بن أبي سُلَيْمَان، عَن عَطاء، عَن جَابر بن عبد الله، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " [لَا بَأْس] بِبيع خدمَة الْمُدبر إِذا احْتَاجَ ". ثمَّ قَالَ: هَذَا خطأ من ابْن طريف، وَالصَّوَاب: عَن عبد الْملك بن أبي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 397 سُلَيْمَان، عَن أبي جَعْفَر مُرْسلا. هَذَا مَا ذكره بِهِ، وَهُوَ كَلَام الدَّارَقُطْنِيّ، وَلَا يَنْبَغِي أَن يحمل فِي ذَلِك على ابْن طريف، وَإِن كَانَ فِيهِ خطأ فَهُوَ من ابْن فُضَيْل، فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي خُولِفَ فِيهِ، عَن عبد الْملك بن أبي سُلَيْمَان، خَالفه يزِيد بن هَارُون فَقَالَ: حَدثنَا عبد الْملك ابْن أبي سُلَيْمَان عَن أبي جَعْفَر، قَالَ: " بَاعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خدمَة الْمُدبر ". وَلَا بعد فِي أَن يكون عِنْد عبد الْملك بن أبي سُلَيْمَان حديثان: أَحدهمَا عَن أبي جَعْفَر مُرْسلا " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاعَ خدمَة الْمُدبر " هَكَذَا من فعله عَلَيْهِ السَّلَام. وَالْآخر عَن عَطاء، عَن جَابر، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا بَأْس بِبيع خدمَة الْمُدبر إِذا احْتَاجَ " هَكَذَا من قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام. فَإِنَّهُمَا حديثان، بل لَا بعد فِي أَن يرْوى كَذَلِك مُرْسلا وَمُسْندًا قَوْله فِي الْمُدبر، أَو فعله فِيهِ، حَتَّى يكون حَدِيثا وَاحِدًا يسند وَيُرْسل، وَلَيْسَ من قصر بِهِ فَلم يسْندهُ حجَّة على من حفظه فأسنده، إِذا كَانَ ثِقَة. وَمُحَمّد بن طريف، وَمُحَمّد بن فُضَيْل صدوقان مشهوران من أهل الْعلم، فَلَا يَنْبَغِي أَن يخطأ أحد مِنْهُمَا فِيمَا جَاءَ بِهِ من ذَلِك، وَالله أعلم. (2566) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن حميد الْأَعْرَج، عَن [طَارق الْمَكِّيّ، عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قضى رَسُول الله]- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي امْرَأَة [من الْأَنْصَار، أَعْطَاهَا ابْنهَا حديقة من نخل فَمَاتَتْ] فَقَالَ ابْنهَا: إِنَّمَا أعطيتهَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 398 حَيَاتهَا، وَله أخوة، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " هِيَ لَهَا حَيَاتهَا وموتها "، قَالَ: كنت تَصَدَّقت بهَا عَلَيْهَا قَالَ: " ذَلِك أبعد لَك مِنْهَا ". ثمَّ قَالَ الصَّحِيح فِي هَذَا مَا أخرجه مُسلم عَن جَابر، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَيّمَا رجل أعمر رجلا عمرى لَهُ ولعقبه " الحَدِيث. فَكَانَ هَذَا مسا مِنْهُ للْحَدِيث الأول، وَمَا بِهِ عِلّة، بل هُوَ صَحِيح. إِسْنَاده عِنْد أبي دَاوُد هَكَذَا: حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة، حَدثنَا مُعَاوِيَة بن هِشَام، حَدثنَا سُفْيَان، عَن حبيب، عَن حميد الْأَعْرَج، فَذكره. وكل هَؤُلَاءِ ثِقَات مشاهير، وطارق مِنْهُم، هُوَ قَاضِي مَكَّة، وَهُوَ مولى عُثْمَان بن عَفَّان - رَضِي الله عَنهُ - وَهُوَ أَيْضا ثِقَة، قَالَه أَبُو زرْعَة. (2567) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: أهْدى رجل من بني فَزَارَة إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَاقَة من إبِله الَّتِي كَانُوا أَصَابُوا بِالْغَابَةِ، فَعوضهُ مِنْهَا بعض الْعِوَض، فتسخطه، فَسمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول على الْمِنْبَر: " إِن رجَالًا من الْعَرَب، يهدي أحدهم الْهَدِيَّة فأعوضه مِنْهَا بِقدر مَا عِنْدِي، ثمَّ يتسخطه، فيظل يتسخط عَليّ، وَايْم الله لَا أقبل بعد مقَامي هَذَا من رجل من الْعَرَب هَدِيَّة، إِلَّا من قرشي، أَو أَنْصَارِي، أَو ثقفي، أَو دوسي. زَاد أَبُو دَاوُد " أَو مُهَاجِرِي ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 399 قَالَ: وللترمذي أَيْضا عَن أبي هُرَيْرَة " أَن أَعْرَابِيًا أهْدى لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بكرَة فَعوضهُ مِنْهَا سِتّ بكرات " الحَدِيث. وَقَالَ: " لقد هَمَمْت أَن لَا أقبل هَدِيَّة إِلَّا من قرشي، أَو أَنْصَارِي، أَو دوسي ". ثمَّ قَالَ: لَيْسَ إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث بِالْقَوِيّ، وَكَذَلِكَ الَّذِي قبله. انْتهى مَا ذكر. وَفِيه تَغْيِير، وَذَلِكَ فِي قَوْله: زَاد أَبُو دَاوُد: " أَو مُهَاجِرِي " قد بَيناهُ فِي بَاب الْأَسْمَاء الْمُغيرَة عَمَّا هِيَ عَلَيْهِ. [وَيَعْنِي بِعَدَمِ قُوَّة إِسْنَاده، أَن سعيد المَقْبُري وَأحمد بن خَالِد الْوَهْبِي] ليسَا بالقويين، وَهُوَ قَول إِنَّمَا [تبع فِيهِ أَبَا مُحَمَّد بن حزم، وَهَذَا الحَدِيث يرويهِ] التِّرْمِذِيّ، عَن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ، عَن أَحْمد بن خَالِد - هُوَ الْوَهْبِي - عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة. وَكم حَدِيث قد احْتج بِهِ من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق، وَلَا يبين أَنه من رِوَايَته، بِمَا قد بَينا جَمِيعه فِيمَا تقدم. وَأحمد بن خَالِد الْوَهْبِي أَيْضا، قد كَانَ فرط لِابْنِ حزم فِيهِ قَول بِأَنَّهُ مَجْهُول وَذَلِكَ لِأَنَّهُ جَهله وَهُوَ ثِقَة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 400 وَقد قبل أَبُو مُحَمَّد عبد الْحق الحَدِيث الَّذِي رد ابْن حزم من أَجله، وَعلم من حَاله مَا جهل ابْن حزم، وَهُوَ حَدِيث زيد بن ثَابت. (2568) " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن تبَاع السّلع حَيْثُ تبْتَاع، حَتَّى يحوزها التُّجَّار إِلَى رحالهم ". فَإِنَّهُ من رِوَايَة أَحْمد بن خَالِد الْوَهْبِي الْمَذْكُور، عَن ابْن إِسْحَاق، فَمَا باله يردهُ هَا هُنَا؟ وَهَذَا كُله إِنَّمَا هُوَ إِلْزَام لَهُ مَا الْتزم، وَإِلَّا فَحق الحَدِيث أَن يُقَال لَهُ: حسن. وَزِيَادَة: أبي دَاوُد " أَو مُهَاجِرِي " أَيْضا من رِوَايَة سَلمَة بن الْفضل، عَن ابْن إِسْحَاق كَذَلِك. وَأما الحَدِيث الثَّانِي فيرويه التِّرْمِذِيّ هَكَذَا: حَدثنَا أَحْمد بن منيع، حَدثنَا يزِيد بن هَارُون، أخبرنَا أَيُّوب، عَن سعيد المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة. فَذكره. وَلَا أحصي كم حَدِيث قبل من رِوَايَة المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة من غير ذكر أَبِيه، وَأصَاب فِي ذَلِك، فَإِنَّهُ قد سمع من أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة، وَسمع أَيْضا من أبي هُرَيْرَة كَمَا سمع أَبوهُ، فَهُوَ يروي عَنهُ بِوَاسِطَة أَبِيه، وَبلا وَاسِطَة. وَقد صحّح التِّرْمِذِيّ القَوْل فِي أَيُّوب رَاوِيه بِأَن قَالَ: وَيزِيد بن هَارُون، يروي عَن أَيُّوب أبي الْعَلَاء، وَهُوَ أَيُّوب بن مِسْكين، وَيُقَال: ابْن أبي مِسْكين، وَلَعَلَّ هَذَا الحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ عَن أَيُّوب، هُوَ أَيُّوب أَبُو الْعَلَاء. انْتهى كَلَامه. وَمَا يَنْبَغِي فِيهِ تردد أَنه أَيُّوب أَبُو الْعَلَاء، وَهُوَ ثِقَة، وثقة النَّسَائِيّ، وَأحمد بن حَنْبَل، وَزَاد أَنه رجل صَالح. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 401 وَقَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِم: شيخ صَالح لَا بَأْس بِهِ، يكْتب حَدِيث [هـ وَلَا يحْتَج بِهِ. وَوَثَّقَهُ أَيْضا ابْن سعد. وَقَول أبي حَاتِم فِيهِ: لَا] يحْتَج بِهِ، لَا يلْتَفت إِلَيْهِ إِذا ل [م يفسره، كَسَائِر الْجرْح الْمُجْمل، وَهَذَا الحَدِيث لم يعل] عَلَيْهِ بقادح. وَقَول التِّرْمِذِيّ لحَدِيث ابْن إِسْحَاق الْمَذْكُور: إِنَّه حسن، [وَهُوَ] أصح من حَدِيث يزِيد بن هَارُون هَذَا، إِنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَار ثُبُوت وَالِد سعيد المَقْبُري بَينه وَبَين أبي هُرَيْرَة، فرجحه لأجل ذَلِك على حَدِيث يزِيد بن هَارُون الَّذِي سقط مِنْهُ ذكره، فَاتبعهُ أَبُو مُحَمَّد، وَفهم عَنهُ تَضْعِيف الْحَدِيثين، وَمَا بهما ضعف، فَاعْلَم ذَلِك. (2569) وَذكر أَيْضا حَدِيث عَائِشَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يرد من صَدَقَة الجانف، فِي حَيَاته مَا يرد من وَصِيَّة المجنف عِنْد مَوته ". سَاقه من طَرِيق أبي دَاوُد من رِوَايَة عُرْوَة عَنْهَا، ثمَّ قَالَ: الصَّحِيح عَن عُرْوَة مُرْسلا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ويروي عَن عُرْوَة قَوْله، وَقد رُوِيَ مَوْقُوفا على الجزء: 5 ¦ الصفحة: 402 عَائِشَة. انْتهى مَا ذكر. وَهُوَ تَرْجِيح رِوَايَة بعض الروَاة على بعض بِغَيْر حجَّة، فَإِن الَّذِي أسْندهُ إِذا كَانَ ثِقَة، لم يضرّهُ مُخَالفَة من خَالفه. وَهَذَا الحَدِيث ذكره أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيل هَكَذَا: حَدثنَا الْعَبَّاس بن الْوَلِيد ابْن مزِيد، حَدثنَا أبي، عَن الْأَوْزَاعِيّ، قَالَ: إِن الزُّهْرِيّ حَدثنِي عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يرد من صَدَقَة الجانف فِي حَيَاته مَا يرد من وَصِيَّة المجنف عِنْد مَوته ". وَهَذَا الْإِسْنَاد صَحِيح. ثمَّ قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا الْعَبَّاس، قَالَ: حَدثنَا بِهِ مرّة عَن عُرْوَة، وَمرَّة عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة، وَمرَّة عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ أَبُو دَاوُد: لَا يَصح رَفعه. هَذَا مَا ذكر، وَعِنْدِي أَنه لَيْسَ بضار لَهُ، وَقد سُئِلَ الدَّارَقُطْنِيّ عَنهُ فَقَالَ: يرويهِ الْأَوْزَاعِيّ، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عُرْوَة قَوْله: لَيْسَ فِيهِ عَن عَائِشَة وَلَا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، كَذَلِك رَوَاهُ يحيى بن حَمْزَة، والوليد بن مُسلم، وَغَيرهمَا عَن الْأَوْزَاعِيّ. انْتهى مَا ذكر. والوليد بن مزِيد أحد [الثِّقَات الْأَثْبَات، من أَصْحَاب الْأَوْزَاعِيّ، و] لَا يضرّهُ مُخَالفَة من قصر بِهِ، وَرَأَيْت [ ..... ] اة وَلَعَلَّه تصحف. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 403 (2570) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ عَن مُحَمَّد بن سعيد، عَن عَمْرو ابْن شُعَيْب، قَالَ: أَخْبرنِي أبي عَن جدي، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَامَ يَوْم فتح مَكَّة فَقَالَ: " لَا يتوارث أهل ملتين، وَالْمَرْأَة تَرث من دِيَة زَوجهَا " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: وَمُحَمّد بن سعيد، أَظُنهُ المصلوب، وَهُوَ مَتْرُوك عِنْد الْجَمِيع. كَذَا قَالَ، وَالدَّارَقُطْنِيّ قد بَين فِي كِتَابه أَنه الطَّائِفِي، وَقَالَ فِيهِ: ثِقَة، وَإِنَّمَا خَفِي على أبي مُحَمَّد أمره؛ لِأَنَّهُ أوردهُ بِإِسْنَادِهِ وَفرغ مِنْهُ، ثمَّ اتبعهُ تركيبة وَلم يذكر متنها وَلكنه قَالَ: بِإِسْنَادِهِ مثله، ثمَّ قَالَ: إِنَّه مُحَمَّد بن سعيد الطَّائِفِي، وَهُوَ ثِقَة. فَانْتهى أَبُو مُحَمَّد بِالنّظرِ إِلَى آخر الحَدِيث، وَلم يتماد بِالنّظرِ إِلَى التركيبة وَمَا بعْدهَا، فأغفل، وَالله الْمُوفق. (2571) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ، عَن عِكْرِمَة بن خَالِد المَخْزُومِي، الْمَكِّيّ، عَن أسيد بن ظهير حَدِيث: " من وجد مَا سرق مِنْهُ، يَأْخُذهُ بِثمنِهِ إِن كَانَ الَّذِي هُوَ فِي يَده غير مُتَّهم ". ثمَّ قَالَ: عِكْرِمَة بن خَالِد ضَعِيف الحَدِيث. كَذَا قَالَ، وَلنْ أبلغ من بَيَان أَمر هَذَا الحَدِيث مَا أُرِيد، إِلَّا بِأَن تكون مِنْك الجزء: 5 ¦ الصفحة: 404 إصاخة إِن لم تكن ببحثك عَنهُ مُشَاركَة. فَاعْلَم أَنه حَدِيث لَا عِلّة بِهِ، وَقد غلط فِي تَضْعِيفه ابْن حزم وَكَانَ لَهُ عذر، وَتَبعهُ أَبُو مُحَمَّد عبد الْحق بِغَيْر عذر. وَعذر ابْن حزم فِيهِ، هُوَ أَن لَهُ اعتناء بِكِتَاب أبي يحيى السَّاجِي حَتَّى لَا ختصره، ورتبه على الْحُرُوف، وشاع اختصاره الْمَذْكُور لنبله، وَكَانَ فِي كتاب السَّاجِي تَخْلِيط لم يأبه لَهُ ابْن حزم حِين الِاخْتِصَار، فجر لغيره الْخَطَأ. وَالْأَمر فِيهِ مَا أصف لَك، وَذَلِكَ أَن هُنَاكَ رجلَيْنِ مخزوميين، كل وَاحِد مِنْهُمَا يُقَال لَهُ: عِكْرِمَة بن خَالِد. أحمدهما عِكْرِمَة بن خَالِد بن سعيد بن العَاصِي، وَهُوَ تَابِعِيّ، يروي عَن ابْن عمر، وَابْن عَبَّاس، وَسَعِيد بن جُبَير، وروى عَنهُ عَمْرو بن دِينَار وَإِبْرَاهِيم ابْن مهَاجر وَا [بن جريج، وحَنْظَلَة بن أبي] سُفْيَان، وَهُوَ أَخُو الْحَارِث ابْن خَالِد الشَّاعِر. قَالَ البُخَارِيّ: وَمَات بعد عَطاء وَهُوَ ثِقَة، وثقة ابْن معِين، وَأَبُو زرْعَة، وَالنَّسَائِيّ، والكوفي، وَلم يسمع فِيهِ بِتَضْعِيف قطّ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 405 قَالَ مُصعب الزبيرِي: وَكَانَ من وُجُوه قُرَيْش. وَهَذَا هُوَ رَاوِي الحَدِيث الْمَذْكُور عَن صحابيه: أسيد بن ظهير، رَوَاهُ عَنهُ ابْن جريج بَينا فِي كتاب عبد الرَّزَّاق، وَمن عِنْده نَقله النَّسَائِيّ. وَقَبله عِنْد عبد الرَّزَّاق سُؤال ابْن جريج لعطاء عَن مسَائِل من الِاسْتِحْقَاق، وأردفها الحَدِيث الْمَذْكُور عَن عِكْرِمَة بن خَالِد الْمَذْكُور. وَهَذَا الرجل أخرج لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم رحمهمَا [الله] ، وَمَا عَابَ ذَلِك أحد على وَاحِد مِنْهُمَا لِثِقَتِهِ وأمانته. وَهُنَاكَ مخزومي آخر يُقَال لَهُ عِكْرِمَة بن خَالِد بن سَلمَة، يروي عَن أَبِيه، ويروي عَنهُ مُسلم بن إِبْرَاهِيم، وَنصر بن عَليّ، وَهُوَ مُنكر الحَدِيث. وَمِمَّنْ قَالَ فِيهِ ذَلِك البُخَارِيّ وَأَبُو حَاتِم، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يذكرهُ النَّاس فِي جملَة الضُّعَفَاء، وَكَانَ حريا بِأَن يذكرهُ السَّاجِي فِي كِتَابه فِي الضُّعَفَاء، إِلَّا أَنه لما أَرَادَ ذَلِك، غلظ بِأَن ترْجم فِي المكيين باسم الأول، ثمَّ خرج إِلَى ذكر الثَّانِي. وَنَصّ الْوَاقِع عِنْده من ذَلِك هُوَ هَذَا: وَمِنْهُم عِكْرِمَة بن خَالِد بن هِشَام بن سعيد بن العَاصِي بن الْمُغيرَة بن عبد الله المَخْزُومِي، ضَعِيف الحَدِيث نزل الْبَصْرَة. فَأَما خَالِد بن سَلمَة فَثِقَة. قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل: خَالِد بن سَلمَة المَخْزُومِي ثِقَة. روى عَنهُ عِكْرِمَة حَدِيثا عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 406 (2572) " لَا تضربوا الرَّقِيق؛ فَإِنَّكُم لَا تَدْرُونَ مَا توافقون ". هَذَا نَص مَا ذكر، فترجم باسم الأول، ثمَّ عَاد إِلَى ذكر الثَّانِي، فَالَّذِي كَانَ فِي خياله إِنَّمَا هُوَ الثَّانِي، فَقَالَ عَنهُ: ضَعِيف الحَدِيث كَمَا هُوَ عِنْدهم، [وتمم ذكره بِذكر أَبِيه: خَالِد بن سَلمَة فَذكر أَنه] ثِقَة، وَأَن ابْنه عِكْرِمَة روى [عَنهُ وَعَن مُسلم بن إِبْرَاهِيم] وَهَذَا أدل دَلِيل على أَنه لم يرد الأول؛ فَأَنَّهُ لَو أَرَادَهُ لم يكن لِلْخُرُوجِ إِلَى ذكره وَالِد الثَّانِي معنى، وَلِأَنَّهُ لَا يَصح أَن يُرِيد الأول؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ بضعيف، فَكيف يذكر فِي الضُّعَفَاء؟ وَيلْزم أَبَا مُحَمَّد إِن لج فِي تَضْعِيفه عِكْرِمَة بن خَالِد رَاوِي الحَدِيث الْمَذْكُور، أحد أَمريْن: إِمَّا أَن يبت أَنه عِكْرِمَة بن خَالِد بن سَلمَة الضَّعِيف، وَإِمَّا أَن يعْتَرف بِأَنَّهُ عِكْرِمَة بن خَالِد بن سعيد العَاصِي. فَإِن بت بِأَنَّهُ عِكْرِمَة بن خَالِد بن سَلمَة، كَانَ الْخَطَأ مِنْهُ فِي ذَلِك بَينا، بتبين طبقته، وإحاطة الْعلم بِأَن سنه لم تدْرك الرِّوَايَة عَن الصَّحَابَة. وَإِن اعْترف بِأَنَّهُ عِكْرِمَة بن خَالِد بن سعيد، فسيلزمه أَن يقر من ثقته بِمَا وَصفه النَّاس بِهِ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 407 فَإِن ذهب إِلَى تَضْعِيفه، طُولِبَ بِنَقْل ذَلِك عَن غَيره، وَلنْ يجد إِلَى ذَلِك سَبِيلا، ثمَّ يلْزمه تَضْعِيفه مَا وَقع لَهُ من رِوَايَته مِمَّا هُوَ فِي كتاب البُخَارِيّ وَمُسلم. (2573) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " فِي دِيَة أَصَابِع الْيَدَيْنِ وَالرّجلَيْنِ سَوَاء، عشرَة من الْإِبِل لكل إِصْبَع ". ثمَّ قَالَ فِيهِ: حسن غَرِيب. كَذَا قَالَ، وَلَا أعلم لَهُ عِلّة تمنع من تَصْحِيحه. قَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو عمار، حَدثنَا الْفضل بن مُوسَى، عَن الْحُسَيْن بن وَاقد، عَن يزِيد النَّحْوِيّ، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس. فَذكره. وكل هَؤُلَاءِ ثِقَات على أَصله، وَلَيْسَ يَنْبَغِي لَهُ أَن يعتل عَلَيْهِ باختلافهم فِي عِكْرِمَة؛ لِأَنَّهُ قد قبله وَاحْتج بِهِ فِي أَحَادِيث كَثِيرَة، نذكرهُ مِنْهَا أقربها من هَذَا الْموضع. (2574) وَهُوَ حَدِيث ابْن عَبَّاس " فِي الثَّنية والضرس، هَذِه وَهَذِه سَوَاء، والأصابع سَوَاء ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 408 (2575) وَحَدِيث حُسَيْن بن وَاقد الْمَذْكُور، عَن يزِيد النَّحْوِيّ الْمَذْكُور، عَن عِكْرِمَة؛ عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: " كَانَ عبد الله بن سعد بن أبي سرح يكْتب لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فأزله الشَّيْطَان " الحَدِيث. ذكر [هـ ... .] . فَإِن مَا قيل فِي عِكْرِمَة هُوَ فِي الْحَقِيقَة شَيْء لَا يلْتَفت إِلَيْهِ، وَلَا يعرج أهل الْعلم عَلَيْهِ، فَالْحَدِيث على أَصله يَنْبَغِي أَن يكون صَحِيحا، فَاعْلَم ذَلِك. (2576) وَذكر من حَدِيث شبه الْعمد من عِنْد أبي دَاوُد، وَذكر الْخلاف فِيهِ، ثمَّ قَالَ: إِن عقبَة بن أَوْس، وَيَعْقُوب بن أَوْس وَاحِد، وَهُوَ الَّذِي يروي عَنهُ الْقَاسِم بن ربيعَة، وَلَيْسَ بِمَشْهُور. كَذَا قَالَ، وَقد ذكره الْكُوفِي فِي كِتَابه فَقَالَ: عقبَة بن أَوْس، بَصرِي، تَابِعِيّ، ثِقَة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 409 فعلى هَذَا يكون الحَدِيث صَحِيحا من رِوَايَة عبد الله بن عَمْرو بن العَاصِي، وَلَا يضرّهُ الِاخْتِلَاف. فَأَما من رِوَايَة عبد الله بن عمر، فَلَا يكون صَحِيحا؛ لضعف عَليّ بن زيد ابْن جدعَان. (2577) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن ابْن عَبَّاس: " كُنَّا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي سفر فَحَضَرَ الْأَضْحَى، فاشتركنا فِي الْبَقَرَة سَبْعَة وَفِي الْبَعِير عشرَة ". قَالَ فِيهِ: حسن غَرِيب. كَذَا قَالَ، وَهُوَ عِنْدِي صَحِيح؛ فَإِن رِجَاله ثِقَات. قَالَ أَبُو عِيسَى: حَدثنَا أَبُو عمار: الْحُسَيْن بن حُرَيْث، حَدثنَا الْفضل بن مُوسَى، عَن الْحُسَيْن بن وَاقد، عَن العلباء بن أَحْمَر، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس. فَذكره. علْبَاء بن أَحْمَر ثِقَة، وسائرهم لَا يسْأَل عَنْهُم. (2578) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، حَدثنَا مُحَمَّد بن رَافع، حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن عمر الصَّنْعَانِيّ، قَالَ: سَمِعت النُّعْمَان يَقُول: عَن طَاوس، عَن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 410 ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " [كل] مخمر خمر، وكل مُسكر حرَام، وَمن شرب مُسكرا بخس صلَاته أَرْبَعِينَ صباحا، فَإِن تَابَ تَابَ الله عَلَيْهِ، فَإِن عَاد الرَّابِعَة، كَانَ حَقًا على الله أَن يسْقِيه من طِينَة الخبال، قيل: وَمَا طِينَة الخبال يَا رَسُول الله؟ قَالَ: صديد أهل النَّار. وَمن سقَاهُ صَغِيرا لَا يعرف حَلَاله من حرَامه، [كَانَ حَقًا على الله أَن يسْقِيه من طِينَة الخبال ". لم] يزدْ على ذكره هَكَذَا، بارز [الْإِسْنَاد، وَعرضه لنظر النَّاظر، كالمتبرئ فِيهِ من العه] دة، فَإِنَّهُ عهد فِيمَا هُوَ صَحِيح بل فِيمَا هُوَ حسن، بل فِيمَا هُوَ ضَعِيف من التَّرْغِيب والترهيب، يَكْتُبهَا مُقْتَصرا على صاحبيها. فَمَتَى ذكر حَدِيثا بِسَنَدِهِ، فقد عرضه لنظرك وتبرأ لَك من عهدته. وَلَيْسَ هَذَا الحَدِيث عِنْدِي بضعيف، بل هُوَ صَحِيح، فقد كَانَ يجب أَن يذكرهُ بِغَيْر إِسْنَاد. والنعمان هُوَ ابْن أبي شيبَة الجندي الصَّنْعَانِيّ، ثِقَة مَأْمُون، كيس، وَإِبْرَاهِيم بن عمر الصَّنْعَانِيّ، ثِقَة أَيْضا، وسائرهم لَا يسئل عَنهُ، فَاعْلَم ذَلِك. (2579) وَذكر حَدِيث ابْن عمر، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كَانَ يلبس النِّعَال الجزء: 5 ¦ الصفحة: 411 السبتية، ويصفر لحيته بالورس والزعفران ". ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: قد صَحَّ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نهى عَن التزعفر للرِّجَال. فأوهم بِهَذَا القَوْل ضعف حَدِيث ابْن عمر، وَمَا بِهِ من ضعف، بل إِسْنَاده عِنْد أبي دَاوُد هَكَذَا: حَدثنَا عبد الرَّحِيم بن مطرف، حَدثنَا عَمْرو بن مُحَمَّد، حَدثنَا ابْن أبي راود، عَن نَافِع، عَنهُ، فَذكره. وَعَمْرو بن مُحَمَّد، هُوَ العنقري ثِقَة، وَعبد الرَّحِيم بن مطرف أَبُو يُوسُف الرُّؤَاسِي كَذَلِك. (2580) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 412 " إِن الله يقبل تَوْبَة العَبْد مَا لم يُغَرْغر ". قَالَ فِيهِ: حسن غَرِيب. كَذَا ذكره، وَهُوَ عِنْدِي مُحْتَمل أَن يُقَال فِيهِ: صَحِيح. قَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن يَعْقُوب، حَدثنَا عَليّ بن عَيَّاش، حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن ثَابت بن ثَوْبَان [عَن أَبِيه] عَن مَكْحُول، عَن جُبَير بن نفير الْحَضْرَمِيّ، عَن ابْن عمر. فَذكره. جُبَير بن نفير ثِقَة، وثقة الرازيان، زَاد أَبُو حَاتِم: وَهُوَ من كبار التَّابِعين القدماء. وثابت بن ثَوْبَان، قَالَ فِيهِ ابْن حَنْبَل: شَامي لَيْسَ بِهِ بَأْس. وَابْنه عبد الرَّحْمَن، قَالَ فِيهِ ابْن معِين: صَالح الحَدِيث، وَوَثَّقَهُ أَبُو حَاتِم. وَقَالَ أَبُو زرْعَة: لَا بَأْس بِهِ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 413 وَقَالَ ابْن حَنْبَل: أَحَادِيثه مَنَاكِير. وأظن أَنه إِنَّمَا قَالَ التِّرْمِذِيّ فِيهِ: حسن، من أجل [هَذَا، فَالله أعلم. (2581) وَذكر] من عِنْد التِّرْمِذِيّ أَيْضا ح [ديث أنس أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " كل] ابْن آدم خطاء، وَخير الْخَطَّائِينَ التوابون ". قَالَ فِيهِ: غَرِيب. وَهُوَ عِنْدِي صَحِيح؛ فَإِن إِسْنَاده هُوَ هَذَا: حَدثنَا أَحْمد بن منيع، حَدثنَا زيد بن الْحباب، حَدثنَا عَليّ بن مسْعدَة الْبَاهِلِيّ، حَدثنَا قَتَادَة، عَن أنس. وَعلي بن مسْعدَة صَالح الحَدِيث، قَالَه ابْن معِين، وغرابته هِيَ أَن عَليّ ابْن مسْعدَة، ينْفَرد بِهِ عَن قَتَادَة. (2582) وَحَدِيثه الآخر عَن قَتَادَة، عَن أنس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْإِيمَان فِي الْقلب، وَالْإِسْلَام مَا ظهر " أَو قَالَ: " عَلَانيَة ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 414 قَالَ الْبَزَّار: حَدِيثا عَليّ بن مسْعدَة، لَا نعلم رَوَاهُمَا عَن قَتَادَة غَيره، وَهُوَ أَبُو حبيب الْبَاهِلِيّ. (2583) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَيْسَ شَيْء أكْرم على الله من الدُّعَاء ". وَقَالَ فِيهِ: حسن. وَيَنْبَغِي أَن يكون على أَصله صَحِيحا، فقد صحّح من رِوَايَة عمرَان الْقطَّان أَحَادِيث، أقربها إِلَى مَوضِع هَذَا الحَدِيث، حَدِيث أنس أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: (2584) " يُعْطي الْمُؤمن فِي الْجنَّة قُوَّة كَذَا وَكَذَا فِي الْجِمَاع " الحَدِيث. وَقد ذكرنَا إِسْنَاده فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ضعفها وَلم يبين عللها. (2585) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا أمسك الرجل الرجل وَقَتله الآخر، يقتل الَّذِي قتل، وَيحبس الَّذِي أمسك ". ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: رَوَاهُ سُفْيَان الثَّوْريّ، عَن إِسْمَاعِيل بن أُميَّة، عَن نَافِع، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 415 عَن ابْن عمر هَكَذَا. وَرَوَاهُ معمر، وَابْن جريج، عَن إِسْمَاعِيل مُرْسلا، والإرسال أَكثر. انْتهى مَا ذكر. وَقد أوهم بِهَذَا القَوْل ضعف الْخَبَر، وَأعْطى فِي تَعْلِيله أَنه إِنَّمَا هُوَ مُرْسل، وَهُوَ عِنْدِي صَحِيح؛ فَإِن إِسْمَاعِيل بن أُميَّة، أحد الثِّقَات، فَلَا يعد مِنْهُ إرْسَال الحَدِيث تَارَة، وَوَصله أُخْرَى اضطرابا، فَإِنَّهُ يجوز للمحدث الَّذِي [هُوَ حَافظ، ثِقَة] أَن يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -[ ... .] فتراه مُتَّصِلا. فَإِذا ذَاكر بِهِ ذَاكر بِهِ دون إِسْنَاد، وَإِذا حدث بِهِ من كِتَابه أَو من حفظه على معنى التَّحَمُّل والتأدية، حدث بِهِ بِسَنَدِهِ. وَإِنَّمَا يعد هَذَا اضطرابا مِمَّن لم نثق بحفظه، وَالثَّوْري أحد الْأَئِمَّة، وَقد وَصله عَنهُ كَمَا ذكر وَهُوَ من رِوَايَة أبي دَاوُد الْحَفرِي، عَن الثَّوْريّ، وَهُوَ ثِقَة. وَرَوَاهُ وَكِيع عَن الثَّوْريّ، عَن إِسْمَاعِيل بن أُميَّة مُرْسلا، كَمَا رَوَاهُ ابْن جريج وَمعمر، ذكر ذَلِك كُله الدراقطني فِي كتاب السّنَن. والإسناد إِلَى أبي دَاوُد الْحَفرِي صَحِيح. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا الْحسن بن أَحْمد بن صَالح الْكُوفِي، حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الصَّيْرَفِي، حَدثنَا عَبدة بن عبد الله الصفار، حَدثنَا أَبُو دَاوُد الْحَفرِي، عَن سُفْيَان الثَّوْريّ، عَن إِسْمَاعِيل بن أُميَّة، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَذكره. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 416 إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن جَعْفَر، أَبُو إِسْحَاق الْكِنْدِيّ، الصَّيْرَفِي، هُوَ الَّذِي يعرف بِابْن الخنازيري وَهُوَ أَخُو أبي بكر، وَكَانَ الْأَصْغَر، حدث عَن عَمْرو بن عَليّ الفلاس، وَمُحَمّد بن الْمثنى، وَالْفضل بن يَعْقُوب الْجَزرِي، وَعَبدَة بن عبد الله الصفار، وَالْحُسَيْن بن بَيَان الشلاتائي، وَزيد بن أخزم الطَّائِي، وَزِيَاد بن يحيى الحساني، وَنَحْوهم، روى عَنهُ أَحْمد بن تَاج الْوراق، وَأَبُو عمر بن حيويه، وَمُحَمّد بن عبد الله بن الشخير فِي آخَرين. قَالَه الْخَطِيب ابْن ثَابت. ثمَّ قَالَ: حَدثنِي الْحسن بن مُحَمَّد الْخلال، عَن أبي الْحسن الدَّارَقُطْنِيّ، قَالَ: إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الْكِنْدِيّ، الْمَعْرُوف بالخنازيري؛ ثِقَة. حَدثنِي عبد الله بن أبي الْفَتْح، عَن طَلْحَة بن مُحَمَّد بن جَعْفَر، أَنه قَالَ: توفّي سنة اثْنَتَيْ عشرَة وثلاثمائة. وَأما الْحسن بن أَحْمد بن صَالح شيخ الدَّارَقُطْنِيّ، فَهُوَ أَبُو مُحَمَّد السبيعِي، ثِقَة حَافظ، مكثر، كتب كتابا كَبِيرا، وَكَانَ يحفظ حفظا حسنا، قَالَه الْخَطِيب فَاعْلَم ذَلِك [ ... .] . قبله من هَذَا الْكتاب من نظر [ ..... ] أَن تعد عللا، ككون الحَدِيث يرْوى تَارَة مُسْندًا، وَتارَة مُرْسلا، وككونه يرْوى تَارَة مَرْفُوعا، وَتارَة مَوْقُوفا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 417 وَقد بَينا أَنه لَا يضر الحَدِيث شَيْء من ذَلِك، ولعلك لم يتَحَصَّل لَك من مبدد مَا ذَكرْنَاهُ، مَا هُوَ مَذْهَب أبي مُحَمَّد فِي ذَلِك، فلنعرض عَلَيْك مَا تيَسّر من ذَلِك لنبين لَك عمله فِيهِ واضطراب رَأْيه فِي رد الْأَحَادِيث بِهِ. (2586) وَذكر من الْأَحَادِيث وعللها بِكَوْنِهَا رويت مُرْسلَة تَارَة، ومسندة أُخْرَى - حَدِيث: " إِذا سجد فَلَا يبرك كَمَا يبرك الْبَعِير ". أتبعه أَن قَالَ: رَوَاهُ همام مُرْسلا، وَهُوَ ثِقَة. (2587) وَحَدِيث عبد الله بن السَّائِب: " من أحب أَن يجلس للخطبة فليجلس " يَعْنِي فِي الْعِيد. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 418 أتبعه أَن قَالَ: هَذَا يرْوى مُرْسلا عَن عَطاء، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَهُوَ قَول أبي دَاوُد وَلم يعزه إِلَيْهِ. وَذكر ابْن السكن عَن يحيى بن معِين أَنه قَالَ: فضل السينَانِي يغلط فِيهِ، فَيَقُول: عَن عبد الله بن السَّائِب، وَإِنَّمَا هُوَ عَن عَطاء فَقَط. (2588) وَحَدِيث جَابر: " اجلسوا، فَسمع ذَلِك ابْن مَسْعُود فَجَلَسَ على بَاب الْمَسْجِد ". أتبعه أَن قَالَ: هَذَا يرْوى مُرْسلا عَن عَطاء. كَأَنَّهُ مَسّه بذلك، وَهُوَ إِنَّمَا أتبعه أَبُو دَاوُد أَن قَالَ: هُوَ مَشْهُور مُرْسلا، جَاءَ بِهِ ابْن جريج، عَن عَطاء مُطلقًا. (2589) وَحَدِيث ابْن عمر فِي " الْمَشْي أَمَام الْجِنَازَة ". وَصله ثِقَات، وأرسله آخَرُونَ، فَأتبعهُ هُوَ أَن قَالَ: الْمُرْسل أصح. (2590) وَحَدِيث أبي هُرَيْرَة: " إِذا كَانُوا ثَلَاثَة فِي سفر فليؤمروا أحدهم ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 419 أتبعه أَن قَالَ: يرْوى مُرْسلا، وَالَّذِي أرْسلهُ أحفظ. وَقد بَينا أَمر هَذَا الحَدِيث فِيمَا تقدم. (2591) وَحَدِيث أنس: " كَانَ نعل سيف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فضَّة، وقبيتعه فضَّة " الحَدِيث. أتبعه أَن قَالَ: الَّذِي أسْندهُ ثِقَة، وَهُوَ جرير بن حَازِم، وَكَذَلِكَ أسْندهُ عَمْرو بن عَاصِم، عَن همام، عَن قَتَادَة، وَلَكِن قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: الصَّوَاب [عَن قَتَادَة عَن سعيد بن أبي الْحسن، أخي الْحسن] مُرْسلا. فَهُوَ بِهَذَا القَوْل مستصوب لترجيح الدَّارَقُطْنِيّ الْمُرْسل على الْمسند، مَعَ أَن الَّذِي أرْسلهُ ثِقَة. (2592) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن جرير: " بعث رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 420 سَرِيَّة إِلَى خثعم، فاعتصم نَاس بِالسُّجُود " الحَدِيث. أتبعه أَن قَالَ: هَذَا يرْوى مُرْسلا عَن قيس بن أبي حَازِم. فَهَذَا مِنْهُ كالتعليل لَهُ، وَلَيْسَ بِهِ عِلّة؛ فَإِن إِسْنَاده صَحِيح. قَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا هناد، حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد، عَن قيس بن أبي حَازِم، عَن جرير، فَذكره. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 421 (2593) وَحَدِيث عَائِشَة: " اللَّهُمَّ هَذِه قسمتي فِيمَا أملك ". أتبعه أَن قَالَ: رُوِيَ مُرْسلا. (2594) وَحَدِيث محَارب بن دثار عَن ابْن عمر، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أبْغض الْحَلَال إِلَى الله الطَّلَاق ". أتبعه أَن قَالَ: هَذَا يرْوى مُرْسلا عَن محَارب بن دثار. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 422 (2595) وَحَدِيث ابْن عَبَّاس، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الشَّرِيك شَفِيع، وَالشُّفْعَة فِي كل شَيْء " من طَرِيق التِّرْمِذِيّ. أتبعه أَن قَالَ: أسْندهُ أَبُو حَمْزَة السكرِي، وَرَوَاهُ شُعْبَة، وَأَبُو الْأَحْوَص، وَغَيرهمَا مُرْسلا، عَن ابْن أبي مليكَة، والمرسل أصح. فَهَذَا مِنْهُ تَصْرِيح بترجيح رِوَايَة الْمُرْسل على رِوَايَة الْمسند، وَلَو كَانَ الَّذِي أسْندهُ ثِقَة؛ فَإِن أَبَا حَمْزَة السكرِي، ثِقَة عِنْدهم. (2596) وَقد صحّح هُوَ من حَدِيثه بِالسُّكُوتِ عَنهُ حَدِيث ابْن مَسْعُود: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَصُوم ثَلَاثَة أَيَّام من غرَّة كل شهر، وقلما يفْطر يَوْم الْجُمُعَة ". وَالنَّسَائِيّ إِنَّمَا سَاقه من رِوَايَة أبي حَمْزَة: مُحَمَّد بن مَيْمُون السكرِي، عَن عَاصِم، عَن زر، عَن عبد الله، وَقَالَ فِيهِ: لَا بَأْس بِهِ، إِلَّا أَنه كَانَ ذهب بَصَره فِي آخر عمره، فَمن كتب عَنهُ قبل ذَلِك، فَحَدِيثه جيد. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 423 (2597) وَحَدِيث: قتل الْقَاتِل وإمساك الممسك. أتبعه أَن قَالَ: روى مُرْسلا، والإرسال أَكثر. كَذَا قَالَ، وَلم يعْتَبر ثِقَة واصله، وَقد تقدم ذكره فِي هَذَا الْبَاب. (2598) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن عبد الْوَهَّاب بن عبد الْمجِيد الجزء: 5 ¦ الصفحة: 424 الثَّقَفِيّ، عَن خَالِد الْحذاء، عَن أبي قلَابَة، عَن أنس بن مَالك قَالَ: [قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أرْحم أمتِي بأمتي أَبُو بكر] وأشدهم فِي أَمر الله عمر " الحَدِيث. ثمَّ أتبعه تَصْحِيح التِّرْمِذِيّ إِيَّاه، ثمَّ قَالَ هُوَ: كَذَا قَالَ التِّرْمِذِيّ، والمتفق على أَنه الْمسند من هَذَا الحَدِيث ذكر أبي عُبَيْدَة، وَأول الحَدِيث إِنَّمَا يرويهِ الْحفاظ من أهل الْبَصْرَة، عَن خَالِد الْحذاء، عَن أبي قلَابَة مُرْسلا. فَفِي هَذَا أَنه لم يلْتَفت رِوَايَة عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ حِين وَصله، وَإِن كَانَ ثِقَة. (2599) وَحَدِيث: " لَا بَأْس بِبيع خدمَة الْمُدبر ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 425 أتبعه أَن قَالَ: الصَّوَاب مُرْسل. وَقد تقدم ذكره فِي هَذَا الْبَاب. (2600) وَحَدِيث ابْن عَبَّاس، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " جعل الدِّيَة اثْنَي عشر ألفا ". أتبعه أَن قَالَ: يرويهِ ابْن عُيَيْنَة، عَن عَمْرو، عَن عِكْرِمَة مُرْسلا، وَهُوَ أصح. (2601) وَحَدِيث: " الأَرْض كلهَا مَسْجِد إِلَّا الْمقْبرَة وَالْحمام ". أتبعه أَن قَالَ: اخْتلف فِيهِ، أسْندهُ نَاس، وأرسله آخَرُونَ، مِنْهُم الثَّوْريّ. ثمَّ قَالَ: قَالَ التِّرْمِذِيّ: وَكَأن الْمُرْسل أصح. (2602) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ حَدِيث رَافع بن خديج: " لَا قطع فِي ثَمَر وَلَا كثر ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 426 فَقَالَ: إِن سُفْيَان بن عُيَيْنَة، رَوَاهُ عَن يحيى بن سعيد، عَن مُحَمَّد بن يحيى ابْن حبَان عَن عَمه وَاسع بن حبَان، عَن رَافع - يَعْنِي أَنه وَصله بِزِيَادَة وَاسع ابْن حبَان -. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 427 قَالَ: وَرَوَاهُ غَيره وَلم يذكر وَاسع بن حبَان، وَمُحَمّد بن يحيى لم يسمع من رَافع. انْتهى مَا ذكر. وَفِيه نصا تَرْجِيح رِوَايَة من أرسل على رِوَايَة من وصل، وَإِن كَانَ ثِقَة. (2603) وَذكر حَدِيث: " النَّهْي عَن طَعَام المتباريين ". ثمَّ قَالَ: أَكثر من رَوَاهُ لم يذكر ابْن عَبَّاس. كَذَا قَالَ، وَلم يلْتَفت إِلَى الَّذِي أسْندهُ عَن جرير، وَهُوَ هَارُون بن زيد بن أبي الزَّرْقَاء - وَهُوَ ثِقَة -، وَتبع فِيمَا قَالَ أَبَا دَاوُد، فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي قَالَ: أَكثر من رَوَاهُ عَن جرير لم يذكرُوا ابْن عَبَّاس. (2604) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ عَن عُرْوَة بن الزبير، عَن أَبِيه، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " غيروا الشيب وَلَا تشبهوا باليهود ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 428 وَعَن عُرْوَة عَن [ابْن عمر أَيْضا. ثمَّ قَالَ: قَالَ النَّسَائِيّ: وَكِلَاهُمَا لَيْسَ بِمَحْفُوظ] ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: الْمَشْهُور عَن [عُرْوَة مُرْسلا. انْتهى كَلَامه. وَفِيه تَرْجِيح] رِوَايَة الْإِرْسَال على رِوَايَة من أسْندهُ، على أَن الَّذِي أسْندهُ ثِقَة، رَوَاهُ هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن ابْن عمر، وَرَوَاهُ عُثْمَان بن عُرْوَة، عَن الزبير. وَهِشَام وَعُثْمَان ثقتان. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 429 وَلَعَلَّ الَّذِي لَهُ من هَذَا الْعَمَل أَكثر من هَذَا الَّذِي تيَسّر الْآن ذكره، وَهُوَ نظر غير صَحِيح أَن تعل رِوَايَة ثِقَة حَافظ، وصل حَدِيثا رَوَاهُ غَيره مَقْطُوعًا، أَو أسْندهُ، وَرَوَاهُ غَيره مُرْسلا، لأجل مُخَالفَة غَيره لَهُ. وَالْأَمر يحْتَمل أَن يكون قد حفظ مَا لم يحفظ من خَالفه، وَإِذا كَانَ الْمَرْوِيّ من الْوَصْل، والإرسال عَن رجل وَاحِد ثِقَة، لم يبعد أَن يكون الحَدِيث عِنْده على الْوَجْهَيْنِ، أَو حدث بِهِ فِي حَالين، فَأرْسل مرّة، وَوصل فِي أُخْرَى. وَأَسْبَاب إرْسَاله إِيَّاه مُتعَدِّدَة: فقد تكون أَنه لم يحفظه فِي الْحَال حَتَّى رَاجِح مَكْتُوبًا إِن كَانَ عِنْده، أَو تذكر، أَو لِأَنَّهُ ذكره مذاكرا بِهِ، كَمَا يَقُول أَحَدنَا: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، لما هُوَ عِنْده بِسَنَدِهِ، أَو لغير ذَلِك من الْوُجُوه. وَإِنَّمَا الشَّأْن فِي أَن يكون الَّذِي يسند مَا رَوَاهُ غير مَقْطُوعًا أَو مُرْسلا ثِقَة، فَإِنَّهُ إِن لم يكن ثِقَة لم يلْتَفت إِلَيْهِ وَلَو لم يُخَالِفهُ أحد، فَإِذا كَانَ ثِقَة فَهُوَ حجَّة على من لم يحفظ. وَهَذَا هُوَ الْحق فِي هَذَا الأَصْل، وكما اخْتَارَهُ أَكثر الْأُصُولِيِّينَ فَكَذَلِك أَيْضا اخْتَارَهُ من الْمُحدثين طَائِفَة. وَإِن كَانَ أَكْثَرهم على الرَّأْي الأول. فَمِمَّنْ اخْتَار مَا اخترناه: أَبُو بكر الْبَزَّار، ذهب إِلَى أَنه إِذا أرسل الحَدِيث جمَاعَة، وَحدث بِهِ ثِقَة مُسْندًا؛ كَانَ القَوْل قَول الثِّقَة، ذكر ذَلِك - إِن أردْت الْوُقُوف عَلَيْهِ - إِثْر حَدِيث أبي سعيد: (2605) " لَا تحل الصَّدَقَة لَغَنِيّ إِلَّا لخمسة " فِي حَدِيث عَطاء بن يسَار، عَن أبي سعيد. فَيَجِيء على قَوْله أَحْرَى وَأولى بِالْقبُولِ مَا إِذا أرسل ثِقَة وَوصل ثِقَة، فَإِنَّهُ إِذا لم يبال بإرسال جمَاعَة إِذا وَصله ثِقَة، فأحرى أَن لَا يُبَالِي بإرسال وَاحِد الجزء: 5 ¦ الصفحة: 430 [إِذا أسْندهُ ثِقَة، وَأَبُو مُحَمَّد - رَحمَه الله - قد اضْطربَ أمره فِي هَذَا الأَصْل، فَرده] فِي مَوضِع، وَعمل بِهِ فِي مَوَاضِع. [ (2606) والموضع الَّذِي اضْطربَ أمره] فِيهِ، حَدِيث ذكره من طَرِيق ابْن أبي شيبَة، عَن إِسْمَاعِيل بن عيلة، عَن أَيُّوب، عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن جَابر، فِي الَّذِي طلب أَن يُقَاد قبل أَن يبرأ. فَإِنَّهُ أتبعه أَن قَالَ: هَذَا يرويهِ أبان، وسُفْيَان، عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن مُحَمَّد بن طَلْحَة بن يزِيد بن ركَانَة مُرْسلا، وَهُوَ عِنْدهم أصح. على أَن الَّذِي أسْندهُ ثِقَة جليل، وَهُوَ ابْن علية. كَذَا قَالَ، وَكَأَنَّهُ لم يقْض بِصِحَّة أَحدهمَا، وعَلى أَنه قد أَخطَأ فِي قَوْله: إِن الَّذِي أسْندهُ ثِقَة جليل، وَهُوَ ابْن علية، وَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَن يَقُول: وَهُوَ أَيُّوب؛ فَإِن أَصْحَاب نَافِع هم المختلفون؛ فأيوب يسند عَنهُ، وَأَبَان وسُفْيَان يرسلان، فَاعْلَم ذَلِك. وَأما الْمَوَاضِع الَّتِي عمل فِيهَا بِمَا اخترناه، فَمِنْهَا حَدِيث: (2607) " لَا يغلق الرَّهْن مِمَّن رَهنه ". من رِوَايَة أبي هُرَيْرَة، سَاقه من طَرِيق قَاسم بن أصبغ، وَأتبعهُ أَن قَالَ: رُوِيَ مُرْسلا عَن سعيد بن الْمسيب، وَرفع عَنهُ فِي هَذَا الْإِسْنَاد وَفِي غَيره، وَرَفعه صَحِيح. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 431 (2608) وَحَدِيث زيد بن أَرقم: " إِن هَذِه الحشوش محتضرة ". أتبعه أَن قَالَ: اخْتلف فِي إِسْنَاده، وَالَّذِي أسْندهُ ثِقَة. (2609) وَحَدِيث عَائِشَة: " من مَاتَ وَعَلِيهِ صِيَام، صَامَ عَنهُ وليه ". أتبعه أَن قَالَ: علل بعض النَّاس هَذَا الحَدِيث بالاختلاف الَّذِي فِي إِسْنَاده، وَذَلِكَ الِاخْتِلَاف لَا يضرّهُ؛ فَإِن الَّذين أسندوه ثِقَات. (2610) وَحَدِيث زيد بن أَرقم: " أُتِي عَليّ بِثَلَاثَة، وَهُوَ بِالْيمن، وَقَعُوا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 432 على امْرَأَة فِي طهر وَاحِد " الحَدِيث. أوردهُ من طَرِيق أبي دَاوُد بِإِسْنَادِهِ، قَالَ: حَدثنَا خشيش بن أَصْرَم، قَالَ: حَدثنَا عبد الرَّزَّاق، أخبرنَا الثَّوْريّ، عَن صَالح الْهَمدَانِي، عَن الشّعبِيّ، عَن عبد خير، عَن زيد بن أَرقم. ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: هَذَا الحَدِيث صَحِيح وَرِجَاله كلهم ثِقَات. فَإِن قيل: إِنَّه خبر قد اضْطربَ فِيهِ، فَأرْسلهُ شُعْبَة عَن سَلمَة بن كهيل، عَن الشّعبِيّ، عَن مَجْهُول. وَرَوَاهُ أَبُو إِسْحَاق الشَّيْبَانِيّ عَن رجل من حَضرمَوْت [عَن زيد بن أَرقم. قُلْنَا: قد وَصله سُفْيَان] وَلَيْسَ هُوَ بِدُونِ شُعْبَة [عَن صَالح بن حيى - وَهُوَ ثِقَة - عَن عبد خير - وَهُوَ ثِقَة - عَن زيد بن أَرقم] ذكر هَذَا الْكَلَام فِي هَذَا الحَدِيث أَبُو مُحَمَّد ابْن حزم. انْتهى مَا ذكر. وَهُوَ صَحِيح كَمَا ذكر، وَهُوَ إِنَّمَا يَهْتَدِي بقائد، لَو لم يقلهُ لَهُ ابْن حزم مَا قَالَه، وَلَو قَالَ لَهُ خِلَافه لقاله، كَمَا قد فعل فِيمَا تقدم. وَقد تقدم فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أغفل بَيَان عللها، حَدِيث هُوَ عِنْده فِي كتاب الْأَحْكَام قبل هَذَا الحَدِيث بِحَدِيث. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 433 (2611) وَهُوَ حَدِيث: " الَّذِي أسلم فَأَبت امْرَأَته أَن تسلم ". فَإِنَّهُ أتبعه أَن قَالَ: اخْتلف فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث. وَجعل هَذَا عِلّة فِيهِ، وَالِاخْتِلَاف الَّذِي فِي ذَلِك الحَدِيث أَحْرَى بِأَن لَا يضرّهُ من الِاخْتِلَاف الَّذِي فِي هَذَا. وَلست أَقُول: إِن الِاخْتِلَاف الَّذِي فِي هَذَا ضار لَهُ، وَلَكِنِّي أَقُول: لَو كَانَ الِاخْتِلَاف ضارا، لَكَانَ هَذَا أولى من ذَلِك. وَقد بَين نَاس الِاخْتِلَاف الَّذِي فِي هَذَا الحَدِيث، وَأرى أَن نذْكر مَا تحصل عِنْدِي فِيهِ، فَإِنَّهُ أوعب مِمَّا ذكر. فَنَقُول - وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق -: مَدَاره على الشّعبِيّ، وَرَوَاهُ عَن الشّعبِيّ الْأَجْلَح ابْن عبد الله الْكِنْدِيّ، فَقَالَ فِيهِ: عَن الشّعبِيّ، عَن عبد الله بن الْخَلِيل الْحَضْرَمِيّ، عَن زيد بن أَرقم. وَلَيْسَ عبد الله بن الْخَلِيل بِمَعْرُوف فِي غير هَذَا الحَدِيث وَلَا بِغَيْر رِوَايَة الْأَجْلَح عَنهُ. وَرَوَاهُ هَكَذَا عَن الْأَجْلَح جمَاعَة: مِنْهُم يحيى بن سعيد، فَذكره أَبُو دَاوُد وخَالِد بن عبد الله الوَاسِطِيّ، وَعلي بن مسْهر ذكره عَنْهُمَا قَاسم بن أصبغ، وَذكره النَّسَائِيّ أَيْضا من رِوَايَة عَليّ بن مسْهر عَن الْأَجْلَح كَذَلِك. وَرَوَاهُ سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن الْأَجْلَح، عَن الشّعبِيّ، عَن عبد الله بن أبي الْخَلِيل، عَن زيد بن أَرقم. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 434 هَكَذَا قَالَ: " عبد الله بن أبي الْخَلِيل " قَالَه حَامِد بن يحيى، عَن ابْن عُيَيْنَة، ذكرهَا أَيْضا قَاسم. فَتحصل من هَذَا فِي رِوَايَة الْأَجْلَح قَولَانِ: أَحدهمَا: عبد الله بن الْخَلِيل، وَالْآخر: عبد الله بن أبي الْخَلِيل، وَأيهمَا كَانَ فَهُوَ لَا يعرف. وَرَوَاهُ أَيْضا عَن الشّعبِيّ مُحَمَّد بن سَالم، فَقَالَ فِيهِ: عَن الشّعبِيّ، عَن عَليّ بن ذريح، عَن زيد بن أَرقم، وَحلف مَا حدث بِهِ الشّعبِيّ إِلَّا عَن ابْن ذريح، روى هَذِه الرِّوَايَة، عَن مُحَمَّد بن سَالم، سُفْيَان بن [ ..... ] قَاسم. وَرَوَاهُ أَيْضا عَن الشّعبِيّ سَلمَة بن [كهيل، سَمِعت الشّعبِيّ يحدث عَن أبي الْخَلِيل، أَو ابْن أبي الْخَلِيل] " أَن ثَلَاثَة نفر اشْتَركُوا فِي الْمَرْأَة " الحَدِيث. وَلم يذكر زيد بن أَرقم، جعله مُرْسلا، روى هَذِه الرِّوَايَة عَن سَلمَة شُعْبَة، ذكرهَا أَيْضا قَاسم، وَالنَّسَائِيّ. وَرَوَاهُ أَيْضا عَن الشّعبِيّ الشَّيْبَانِيّ، فَقَالَ فِيهِ: عَن الشّعبِيّ، عَن رجل من حَضرمَوْت، عَن زيد بن أَرقم. رَوَاهَا عَن الشَّيْبَانِيّ خَالِد بن عبد الله الوَاسِطِيّ، ذكرهَا النَّسَائِيّ. وَرَوَاهُ أَيْضا عَن الشّعبِيّ صَالح الْهَمدَانِي، فَقَالَ فِيهِ: عَن الشّعبِيّ، عَن عبد خير الْحَضْرَمِيّ، عَن زيد بن أَرقم. هَذِه رِوَايَة الثَّوْريّ المبدوء بذكرها الْمُدعى صِحَّتهَا، ذكرهَا عبد الرَّزَّاق عَنهُ. قَالَ النَّسَائِيّ: سَلمَة بن كهيل أثبتهم، وَحَدِيثه أولى بِالصَّوَابِ - يَعْنِي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 435 الْمُرْسل -. كَذَا قَالَ، وَيجب النّظر فِيمَا قَالَ، وَفِيمَا قَالَ أَيْضا ابْن حزم مِمَّا تقدم ذكره فَنَقُول: رُوَاته عَن الشّعبِيّ، هم الْأَجْلَح، وَمُحَمّد بن سَالم، وَسَلَمَة بن كهيل، والشيباني، وَصَالح الْهَمدَانِي، وَاخْتلفُوا كَمَا ذكرنَا. وَرجح النَّسَائِيّ رِوَايَة سَلمَة بن كهيل الْمُرْسلَة على طَرِيقَته فِي إعلال الحَدِيث إِذا رُوِيَ مَوْصُولا ومرسلا أَو مُنْقَطِعًا، وَالْقَضَاء عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَيْسَ بالمتصل. وَرجح ابْن حزم رِوَايَة صَالح الْمُتَّصِلَة، عَن عبد خير، عَن زيد بن أَرقم. وَالْقَوْل فِي ذَلِك قَوْله؛ لثقة صَالح، وَالثَّوْري، راويها عَنهُ، وَلِأَنَّهُ لَا بعد فِي أَن يكون عِنْد الشّعبِيّ عَن عبد خير وَعَن غَيره، مِمَّن لم يتَحَصَّل أمره، فَحدث بِهِ على الْوَجْهَيْنِ، فَأخذ عَنهُ كَذَلِك. وَالله أعلم. (2612) وَحَدِيث ضَمرَة، عَن سُفْيَان، عَن عبد الله بن دِينَار، عَن ابْن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 436 عمر، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من ملك ذَا رحم محرم فقد عتق ". ذكره من طَرِيق النَّسَائِيّ، ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: عللوا هَذَا الحَدِيث بِأَن ضَمرَة تفرد بِهِ، وَلم يُتَابع عَلَيْهِ. وَقَالَ بعض الْمُتَأَخِّرين: لَيْسَ انْفِرَاد ضَمرَة عِلّة فِيهِ؛ لِأَن ضَمرَة ثِقَة. والْحَدِيث صَحِيح إِذا أسْندهُ ثِقَة، وَلَا يضرّهُ انْفِرَاده بِهِ، وَلَا إرْسَال من أرْسلهُ، وَلَا تَوْقِيف من وَقفه. انْتهى كَلَامه. وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب، [وَالْعلَّة الَّتِي أعله بهَا هِيَ للترم] ذِي فَإِنَّهُ قَالَ: لم يُتَابع ضَمرَة على هَذَا الحَدِيث. وَهُوَ حَدِيث خطأ عِنْد أهل الحَدِيث. وَقَالَ النَّسَائِيّ: لَا أعلم أَن امْرأ روى هَذَا الحَدِيث عَن سُفْيَان غير ضَمرَة، وَهُوَ حَدِيث مُنكر. وضمرة هُوَ ابْن ربيعَة، بَيَانه عِنْد التِّرْمِذِيّ. وَلَو نظرت جَمِيع مَا ذكر حَدِيثا حَدِيثا، لم تَجِد من جَمِيعهَا مَا رُوِيَ مُتَّصِلا، وَلم يرو من وَجه مُنْقَطِعًا، إِلَّا الْأَقَل الأنزر، بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْقسم الآخر الَّذِي لَا يكَاد يعْدم فِي حَدِيث أَن يرْوى تَارَة مُتَّصِلا وَتارَة مُرْسلا أَو مُنْقَطِعًا، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 437 وَمَا ذَاك إِلَّا قُوَّة للْخَبَر، وَدَلِيل على شهرته، وتحدث النَّاس بِهِ، فَجعل ذَلِك من علل الْأَخْبَار شَيْء لَا معنى لَهُ. وَالْقَوْل فِي ذَلِك وَفِي تَصْحِيحه، لَيْسَ من هَذَا الَّذِي نَحن فِيهِ، وَقد أريتك اضْطِرَاب رَأْي هَذَا الَّذِي نَنْظُر مَعَه مَا أورد من الْأَحَادِيث. وَبِاعْتِبَار مَا اخْتَرْت، صححت مَا مر فِي هَذَا الْبَاب وَفِي غَيره من غَيره من هَذَا النَّوْع فاعلمه. وَأما الْفضل الآخر، وَهُوَ إعلال الْأَحَادِيث بِأَن تروى تَارَة مَرْفُوعَة، وَتارَة مَوْقُوفَة، فَهُوَ أَيْضا مَوضِع اضْطِرَاب فِيهِ كَذَلِك، وَاخْتلف فِيهِ عمله. (2613) فَمن الْأَحَادِيث الَّتِي أعلها بذلك، حَدِيث أبي هُرَيْرَة: " إِن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 438 للصَّلَاة أَولا وآخرا ". من رِوَايَة مُحَمَّد بن فُضَيْل، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة. رده بقول البُخَارِيّ: إِنَّه خطأ، وَأَن الصَّوَاب فِيهِ رِوَايَة الْفَزارِيّ إِيَّاه عَن الْأَعْمَش، عَن مُجَاهِد قَوْله. وَعِنْدِي أَنه لَا بعد فِي أَن يكون عِنْد الْأَعْمَش فِي هَذَا عَن مُجَاهِد أَو غَيره مثل الحَدِيث الْمَرْفُوع. وَإِنَّمَا الشَّأْن فِي رافعه، وَهُوَ مُحَمَّد بن فُضَيْل، وَهُوَ صَدُوق، من أهل الْعلم، وَقد وَثَّقَهُ ابْن معِين. (2614) وَحَدِيث ابْن عمر: " لَو تركنَا هَذَا الْبَاب للنِّسَاء ". أعله بِأَنَّهُ يرْوى عَن عمر قَوْله. (2615) وَحَدِيث عَائِشَة: " فِيمَن لم يثبت الصّيام من اللَّيْل ". أوردهُ من عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ، وَأتبعهُ قَول الدَّارَقُطْنِيّ: رُوَاته كلهم ثِقَات. ورد ذَلِك] عَلَيْهِ بِأَن قَالَ: هَكَذَا قَالَ: وَقد رُوِيَ [أَيْضا مَوْقُوفا على عَائِشَة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 439 انْتهى قَوْله. وَلَا بعد أَن يحدث الرَّاوِي] بوقفه تَارَة وَرَفعه أُخْرَى. (2616) وَحَدِيث الحكم بن عَمْرو فِي " النَّهْي عَن الْوضُوء بِفضل الْمَرْأَة ". أتبعه أَن قَالَ: قَالَ فِيهِ التِّرْمِذِيّ: حسن. ثمَّ قَالَ: كَذَا قَالَ: حسن، وَلم يقل صَحِيح؛ لِأَنَّهُ رُوِيَ مَوْقُوفا. (2617) ثمَّ ذكر من عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ فِي هَذَا: " فَإِن الزَّانِيَة هِيَ الَّتِي تنْكح نَفسهَا "، وَقَول الدَّارَقُطْنِيّ فِيهِ: صَحِيح، فَقَالَ هُوَ بعد ذَلِك: كَذَا قَالَ: صَحِيح، وَقد رُوِيَ مَوْقُوفا. (2618) وَذكر من طَرِيق مُسلم حَدِيث أبي هُرَيْرَة: " شَرّ الطَّعَام طَعَام الْوَلِيمَة؛ يدعى إِلَيْهَا من يأباها، ويمنعها من يَأْتِيهَا ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 440 ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: رُوِيَ مَوْقُوفا. (2619) وَذكر حَدِيث ابْن عمر: " من وهب هبة فَهُوَ أَحَق بهَا مَا لم يثب مِنْهَا ". ثمَّ قَالَ: إِن رُوَاته ثِقَات، وَلكنه - يَعْنِي الدَّارَقُطْنِيّ - جعله وهما. يَعْنِي بذلك أَن صَوَابه مَوْقُوف. (2620) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد حَدِيث عبَادَة بِزِيَادَة: " وَلَا بَأْس بِبيع الجزء: 5 ¦ الصفحة: 441 الْبر بِالشَّعِيرِ وَالشعِير أكثرهما ". ثمَّ قَالَ: هَذَا يرْوى مَوْقُوفا. (2621) وَذكر من طَرِيق ابْن أَيمن، حَدثنَا أَحْمد بن زُهَيْر بن حَرْب، حَدثنَا أَحْمد بن جناب، حَدثنَا عِيسَى بن يُونُس، عَن سعيد بن أبي عرُوبَة، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 442 عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " جَار الدَّار أَحَق بِالدَّار ". ثمَّ قَالَ: قَالَ أَحْمد بن جناب: أَخطَأ فِيهِ عِيسَى بن يُونُس، إِنَّمَا هُوَ مَوْقُوف على الْحسن. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: وهم فِيهِ عِيسَى بن يُونُس؛ إِنَّمَا هُوَ مَوْقُوف على الْحسن. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: وهم فِيهِ عِيسَى بن يُونُس، وَغَيره يرويهِ عَن قَتَادَة، عَن الْحسن، عَن سَمُرَة. وَكَذَا رَوَاهُ شُعْبَة وَغَيره، وَهُوَ الصَّوَاب. انْتهى مَا ذكر. وكتبته لِأَنَّهُ مالأ بِهَذَا القَوْل على عِيسَى بن يُونُس، مَعَ ثقته، لما خالفوه فِيهِ، إِمَّا بِالْوَقْفِ على الْحسن كَمَا قَالَ ابْن جناب، وَإِمَّا بجعله من حَدِيث سَمُرَة كَمَا قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ. وَعِنْدِي أَنه لَا [بعد فِي أَن يكون لعيسى بن يو] نس فِيهِ جَمِيع الثَّلَاث رِوَايَات، وَهُوَ أَنه [تَارَة يَجعله من حَدِيث أنس، وَتارَة من حَدِيث سَمُرَة، وَتارَة يقفه على] الْحسن، وَقد جَاءَ مَا يعضد ذَلِك من رِوَايَة نعيم بن حَمَّاد عَنهُ. قَالَ قَاسم بن أصبغ: حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل، حَدثنَا نعيم بن حَمَّاد، قَالَ: حَدثنَا عِيسَى بن يُونُس، عَن سعيد بن أبي عرُوبَة، عَن قَتَادَة، عَن أنس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " جَار الدَّار أَحَق بِالدَّار ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 443 وَبِه عَن قَتَادَة، عَن الْحسن، عَن سَمُرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " جَار الدَّار أَحَق بشفعة دَاره ". وَعِيسَى بن يُونُس ثِقَة، فَوَجَبَ تَصْحِيح جَمِيع ذَلِك عَنهُ. (2622) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن عَائِشَة، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي اللَّغْو، قَالَ: " هُوَ قَول الرجل فِي بَيته، كلا وَالله، وبلى وَالله ". ثمَّ قَالَ: رَوَاهُ جمَاعَة عَن عَائِشَة قَوْلهَا. (2623) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ عَن ابْن عمر، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ضرب وَغرب، وَأَن أَبَا بكر ضرب وَغرب، وَأَن عمر ضرب وَغرب. ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: ذكر الدَّارَقُطْنِيّ أَن الصَّوَاب عَن ابْن عمر فِي هَذَا الحَدِيث: أَن أَبَا بكر، وَلَيْسَ فِيهِ ذكر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. انْتهى مَا ذكر. وَهُوَ أَيْضا قناعة بتصويب الدَّارَقُطْنِيّ رِوَايَة من وَقفه. وَعِنْدِي أَنه حَدِيث صَحِيح؛ فَإِن إِسْنَاده عِنْد النَّسَائِيّ هُوَ هَذَا: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْعَلَاء، حَدثنَا عبد الله بن إِدْرِيس، سَمِعت عبيد الله بن عمر بن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 444 حَفْص بن عَاصِم، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر. مَا من هَؤُلَاءِ من يسْأَل عَنهُ؛ لثقتهم وشهرتهم. وَقد رَوَاهُ هَكَذَا عَن عبيد الله بن عمر - كَمَا رَوَاهُ أَبُو كريب عَن ابْن إِدْرِيس عَنهُ - جمَاعَة ذكرهم الدَّارَقُطْنِيّ، مِنْهُم مَسْرُوق بن الْمَرْزُبَان، وَيحيى بن أكتم، وجحدر بن الْحَارِث. وَفِيه رِوَايَة أُخْرَى عَن ابْن إِدْرِيس، رَوَاهَا يُوسُف بن مُحَمَّد بن سَابق، عَن ابْن إِدْرِيس، عَن عبيد الله، عَن نَافِع، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُرْسلا لم يذكر ابْن عمر. وَمِنْه رِوَايَة ثَالِثَة عَن ابْن إِدْرِيس، رَوَاهَا عَنهُ مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير، وَأَبُو سعيد الْأَشَج، روياه عَنهُ، عَن عبيد الله، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، أَن أَبَا بكر ضرب وَغرب، وَأَن عمر ضرب وَغرب، وَلم يذكر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ذكر جَمِيع [ذَلِك الدراقطني. وَهَذِه الرِّوَايَة الْأَخِيرَة] هِيَ الصَّوَاب، وَلَا يمْتَنع أَن يكون عِنْد ابْن إِدْرِيس فِيهِ عَن عبيد الله جَمِيع مَا ذكر. (2624) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد حَدِيث ابْن عمر، قَالَ رَسُول الله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 445 - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْقَدَرِيَّة مجوس هَذِه الْأمة ". ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: يرْوى هَذَا مَوْقُوفا على ابْن عمر، قَالَ الدراقطني: وَهُوَ الصَّحِيح. وَهُوَ أَيْضا كَذَلِك، هُوَ عِنْدِي صَحِيح، فَإِنَّهُ يرويهِ عبد الْعَزِيز بن أبي حَازِم، عَن أَبِيه، عَن ابْن عمر. وَهَؤُلَاء ثِقَات، وَلَا يضرّهُ أَن رَوَاهُ زَكَرِيَّاء بن مَنْظُور الْأنْصَارِيّ، عَن أبي حَازِم، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَإِنَّهُ إِن لم يكن واهما، يحْتَمل أَن يكون سَمعه كَذَلِك، وَيكون عِنْد ابْن أبي حَازِم فِيهِ، " عَن أَبِيه، عَن نَافِع ". وَأما الدَّارَقُطْنِيّ فَجعله واهما، وَذكر أَن عبد الْعَزِيز رَوَاهُ عَن أَبِيه أبي حَازِم، عَن ابْن عمر قَوْله. وَأرَاهُ وَقع لَهُ كَذَلِك عَن عبد الْعَزِيز مَوْقُوفا على ابْن عمر، وَذَلِكَ أَيْضا لَا يضرّهُ عِنْدِي؛ لِأَن الصَّحَابِيّ إِذا روى قد يرى مُقْتَضى رِوَايَته، واستعاره مذهبا، ويفتي بِهِ، ويقوله من قيله كَمَا قَالَه رَاوِيه، وَيُؤْخَذ عَنهُ كل ذَلِك. (2625) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ عَن ابْن عمر، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " نهى الجزء: 5 ¦ الصفحة: 446 عَن بيع أُمَّهَات الْأَوْلَاد، وَقَالَ: " لَا يبعن وَلَا يوهبن " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: هَذَا يرْوى مَوْقُوفا من قَول ابْن عمر، وَلَا يَصح مُسْندًا، انْتهى قَوْله. وَعِنْدِي أَن الَّذِي أسْندهُ خير من الَّذِي وَقفه. وَفِي كَلَامه هَذَا خطأ. وَهُوَ قَوْله: إِنَّه مَوْقُوف على ابْن عمر، وَإِنَّمَا هُوَ مَوْقُوف على عمر، رَفعه يُونُس بن مُحَمَّد، عَن عبد الْعَزِيز بن مُسلم، عَن عبد الله بن دِينَار، عَن ابْن عمر، [وَرَوَاهُ يحيى بن إِسْحَاق، وفليح بن سُلَيْمَان عَن عبد الْعَزِيز بن مُسلم] عَن عمر نَحوه غير مَرْفُوع. وَلَعَلَّ الَّذِي لَهُ من هَذَا الْمَعْنى أَكثر من هَذَا النزر الَّذِي ذكرته مثلا، وهومع ذَلِك قد نَاقض بضده فِي أَحَادِيث كَثِيرَة لم يبال فِيهَا أَن رويت [تَارَة مَوْقُوفَة، وَتارَة مَرْفُوعَة. (2626) فَمن] ذَلِك حَدِيث حَفْصَة فِيمَن " لم [يبيت الصّيام من اللَّيْل " الجزء: 5 ¦ الصفحة: 447 فقد قَالَ: رَوَاهُ] جمَاعَة مَوْقُوفا على حَفْصَة، وَالَّذِي أسْندهُ ثِقَة. (2627) وَذكر حَدِيث عَليّ: " وَلَيْسَ فِي مَال زَكَاة حَتَّى يحول عَلَيْهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 448 الْحول، وَزَكَاة الْوَرق ". وَذكر وقف من وَقفه على عَليّ، وإعلال ابْن حزم إِيَّاه بِكَوْنِهِ من رِوَايَة عَاصِم والْحَارث، مقرونين عَن عَليّ، ثمَّ حكى أَن غَيره قَالَ: هَذَا لَا يلْزم، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 449 وَقد أسْندهُ جرير عَنهُ وَكَانَ ثِقَة. وَذكر أَيْضا إِسْنَاد أبي عوَانَة إِيَّاه - وَكَانَ ثِقَة -. وَكَذَلِكَ زِيَادَة: " فَمَا زَاد فبحساب ذَلِك "، ارتضاها أَيْضا لرِوَايَة زيد بن حبَان إِيَّاهَا مُسندَة. (2628) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد حَدِيث ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سمع رجلا يَقُول: " لبيْك عَن شبْرمَة " الحَدِيث. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 450 ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: علله بَعضهم بِأَنَّهُ رُوِيَ مَوْقُوفا، وَالَّذِي أسْندهُ ثِقَة، فَلَا يضرّهُ. فَهَذَا مِنْهُ تَصْرِيح بنقيض الْمُتَقَدّم، واعتماد لرِوَايَة من رَفعه إِذا كَانَ ثِقَة، وَلكنه مَعَ هَذَا مُحْتَاج لمزيد يتَبَيَّن بِهِ أَمر هَذَا الحَدِيث. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 451 وَذَلِكَ انه يرويهِ عَن ابْن عَبَّاس، عَطاء، وَطَاوُس، وَسَعِيد بن جُبَير، وَرِوَايَة سعيد بن جُبَير، هِيَ الْمَقْصُود، فَإِن اللَّفْظ الْمَذْكُور هُوَ من طَرِيقه عِنْد أبي دَاوُد الَّذِي نَقله من عِنْده، رَوَاهُ كَذَلِك سعيد بن أبي عرُوبَة، عَن قَتَادَة، عَن عزْرَة - هُوَ ابْن عبد الرَّحْمَن - عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس. فأصحاب سعيد بن أبي عرُوبَة، يَخْتَلِفُونَ، فقوم مِنْهُم يجعلونه موفوعا، مِنْهُم عَبدة بن سُلَيْمَان، وَمُحَمّد بن بشر، والأنصاري. وَقوم يقفونه، مِنْهُم غنْدر، وَحسن بن صَالح. والرافعون ثِقَات، فَلَا يضرهم وقف الواقفين لَهُ؛ إِمَّا لأَنهم حفظوا مَا لم يحفظوا، وَإِمَّا لِأَن الواقفين رووا عَن ابْن عَبَّاس رَأْيه، والرافعين رووا عَنهُ رِوَايَته. فَإِن قلت: وَلَيْسَت هَذِه مَسْأَلَتنَا الَّتِي كُنَّا فِيهَا، وَهِي مَا إِذا انْفَرد الرافع وَكَانَ ثِقَة، فَإِن هَاهُنَا الرافعين جمَاعَة وهم ثِقَات. فَالْجَوَاب أَن أَقُول: [إِنَّمَا أريتك من هَذَا قَوْله: وَالَّذِي أسْندهُ ثِقَة] ؛ فَإِنَّهُ عمل بِرِوَايَة الْمُنْفَرد بِالرَّفْع إِذا [كَانَ ثِقَة، وَلم يبال من خَالفه. (2629) وَقد ذكر هُوَ من عِنْد] التِّرْمِذِيّ حَدِيث: " إِذا كَانَت عِنْد الجزء: 5 ¦ الصفحة: 452 الرجل امْرَأَتَانِ فَلم يعدل بَينهمَا " الحَدِيث. ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: أسْندهُ همام، وَهَمَّام ثِقَة حَافظ. وَهَذَا مِنْهُ عمل بِرِوَايَة الْمُنْفَرد، وَالتِّرْمِذِيّ هُوَ الَّذِي قَالَ: إِن هشاما الدستوَائي رَوَاهُ عَن قَتَادَة، قَالَ: كَانَ يُقَال. قَالَ: وَلَا يعرف مَرْفُوعا إِلَّا من حَدِيث همام. (2630) وَذكر حَدِيث أبي هُرَيْرَة: " لَا يحرم من الرَّضَاع المصة وَلَا المصتان، وَإِنَّمَا يحرم مِنْهُ مَا فتق الأمعاء من اللَّبن ". ثمَّ أتبعه أَن ابْن عبد الْبر قَالَ: لَا يَصح مَرْفُوعا، ثمَّ قَالَ هُوَ: وَصَححهُ غَيره؛ لِأَن الَّذِي رَفعه ثِقَة. وَلم يبين فِي هَذَا كُله أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق. (2631) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ عَن طَاوس، عَن عبد الله بن الزبير، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 453 عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من شهر سَيْفه ثمَّ وَضعه فدمه هدر ". ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: رُوِيَ مَوْقُوفا، وَالَّذِي أسْندهُ ثِقَة. (2632) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ حَدِيث جُنْدُب بن عبد الله، فِيمَن " بَات على إجار لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء فَوَقع فَمَاتَ، أَو ركب الْبَحْر وَقت ارتجاجه، فقد بَرِئت مِنْهُ الذِّمَّة ". ثمَّ حكى عَن الدَّارَقُطْنِيّ تَرْجِيح رِوَايَة من رَوَاهُ عَن أبي عمرَان الْجونِي، عَن زُهَيْر بن عبد الله، مَوْقُوفا عَلَيْهِ، على رِوَايَة حَمَّاد بن زيد، عَن أبي عمرَان، عَن جُنْدُب، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وتصويبه الْمَوْقُوفَة، وَأَن زهيرا لَا صُحْبَة لَهُ. ثمَّ قَالَ هُوَ من عِنْده: حَمَّاد بن زيد، جليل حَافظ. فَكَانَ هَذَا مِنْهُ تَرْجِيح الرِّوَايَة الموصولة، على الرِّوَايَة الْمَوْقُوفَة، لثقة راويها. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 454 (2633) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن ابْن عمر قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَنا أستمع - عَن لَيْلَة الْقدر، فَقَالَ: " هِيَ فِي كل رَمَضَان ". ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: وَرُوِيَ مَوْقُوفا على ابْن عمر، وَالَّذِي أسْندهُ ثِقَة. وَهَذَا أَيْضا [مِنْهُ تَرْجِيح لِلْمَرْفُوعِ على الْمَوْقُوف؛ لأ] ن الَّذِي اسنده، هُوَ مُوسَى بن [عقبَة - وَهُوَ ثِقَة - رَوَاهُ عَن أبي إِسْحَاق، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن] عمر. وَرَوَاهُ عَن أبي إِسْحَاق، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عمر قَوْله مَوْقُوفا، إمامان: وهما شُعْبَة وسُفْيَان، وَمَعَ ذَلِك لم يبال وقفهما لما كَانَ مُوسَى بن عقبَة ثِقَة. وَهَذَا الَّذِي ذكرنَا - من وقف من وَقفه، وَرفع من رَفعه - ذكر جَمِيعه أَبُو دَاوُد. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 455 وَلَعَلَّ الَّذِي لَهُ من هَذَا النَّوْع أَكثر من هَذَا الْيَسِير الَّذِي أريناك مِنْهُ، وَهُوَ الصَّوَاب مِنْهُ، فَإِن الحَدِيث الْوَاحِد، إِذا رَوَاهُ الصَّحَابِيّ مَرْفُوعا، وَرُوِيَ عَنهُ من قَوْله، لم يبعد أَن يكون قد ذهب إِلَيْهِ، وتقلد مُقْتَضَاهُ، هَذَا إِذا لم نقدر أَن الَّذِي وَقفه قصر فِي حفظه، أَو شكّ فِي رَفعه، فأسقط الشَّك، وَاقْتصر على الصَّحَابِيّ، وَكَذَلِكَ إِذا روى الحَدِيث الصَّحَابِيّ مَرْفُوعا، ثمَّ روى عَن صَحَابِيّ آخر مَوْقُوفا عَلَيْهِ كَمثل مَا اتّفق فِي الحَدِيث الْمُتَقَدّم الذّكر الَّذِي هُوَ: (2634) : " من وهب هبة فَهُوَ أَحَق بهَا مَا لم يثب مِنْهَا ". فَإِنَّهُ رَوَاهُ ابْن عمر مَرْفُوعا إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَرَوَاهُ عَن أَبِيه عمر من قَوْله لَهُ. - فَلَا بعد فِي أَن يكون عِنْده الْأَمْرَانِ، وَكَذَلِكَ مَا إِذا روى الصَّحَابِيّ الحَدِيث مَرْفُوعا، ثمَّ وَجَدْنَاهُ عَن التَّابِعِيّ الَّذِي رَوَاهُ عَنهُ مَوْقُوفا عَلَيْهِ. وَهَذِه أصُول الصُّور المتصورة فِي ذَلِك، وَقد تتركب مِنْهَا صور كَثِيرَة كَذَلِك فَلَا نبالي أَن يكون الرافعون جمَاعَة، والواقفون جمَاعَة، وَأَن يكون الواقفون جمَاعَة، والرافع وَاحِدًا، أَو أَن يكون الرافع وَاحِدًا، والواقف وَاحِدًا، ذَلِك كُله سَوَاء فِي أَنه مَقْبُول، كَمَا لَو كَانَ الرافعون جمَاعَة، والواقف وَاحِدًا. وأضعفها أَن يكون الرافع وَاحِدًا والواقفون جمَاعَة، وَالشّرط ثِقَة الرافع، فَلَا نبالي بعد ذَلِك مُخَالفَة من مُخَالفَة من خَالفه، فَاعْلَم ذَلِك. وَهُنَاكَ اعتلالات أخر يعتل بهَا أَيْضا أَبُو مُحَمَّد على طَريقَة الْمُحدثين، نذْكر مِنْهَا فِي هَذَا الْبَاب مَا تيَسّر. فَمن ذَلِك انْفِرَاد الثِّقَة بِالْحَدِيثِ، أَو بِزِيَادَة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 456 فِيهِ، وَعَمله فِيهِ، هـ[والرَّد. (2635) كَحَدِيث الَّذِي أحرم] بِالْعُمْرَةِ فِي جُبَّة بَعْدَمَا تضمخ [بالطيب. ثمَّ قَالَ: زَاد فِيهِ النَّسَائِيّ: " ثمَّ أحدث إحراما "] قَالَ: وَلَا أَحْسبهُ بِمَحْفُوظ، وَالله أعلم. كَذَا أورد قَول النَّسَائِيّ رادا للزِّيَادَة الْمَذْكُورَة، وَقد بَين النَّسَائِيّ أَنَّهَا مِمَّا تفرد بِهِ شَيْخه نوح بن حبيب القومسي عَن يحيى الْقطَّان، لم يقلها غَيره عَنهُ، ونوح هَذَا صَدُوق. (2636) وَذكر من طَرِيق عبد الرَّزَّاق، أخبرنَا الثَّوْريّ، عَن الشَّيْبَانِيّ، عَن يزِيد بن الْأَصَم، عَن ابْن عَبَّاس أَن رجلا أَتَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَسَأَلَهُ، أأحج عَن أبي؟ قَالَ: " نعم، إِن لم يزده خيرا لم يزده شرا ". ثمَّ أتبعه أَن قَالَ، قَالَ أَبُو عمر بن عبد الْبر: تفرد بِهِ عبد الرَّزَّاق، وَلَا يُوجد فِي الدُّنْيَا عِنْد أحد غَيره، وخطؤوا عبد الرَّزَّاق لانفراده بِهِ وَإِن كَانَ ثِقَة، وَقَالُوا: لفظ مُنكر لَا يشبه لفظ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 457 وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا الْبَزَّار، قَالَ: لَا نعلم رَوَاهُ إِلَّا الثَّوْريّ، وَلَا عَن الثَّوْريّ إِلَّا عبد الرَّزَّاق، فَجعل الْمُنْفَرد بِهِ الثَّوْريّ. (2637) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد عَن أبي هُرَيْرَة: " قضى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْجَنِين بغرة: عبد أَو أمة، أَو فرس، أَو بغل ". ثمَّ قَالَ: الصَّوَاب مَا تقدم. يَعْنِي لَا فرس فِيهِ وَلَا بغل، وَلم يُفَسر علته، وَهِي عِنْدهم انْفِرَاد عِيسَى بن يُونُس بهَا، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة. وَلم يذكر ذَلِك حَمَّاد بن سَلمَة، وخَالِد بن عبد الله، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو. وَالَّذِي لَهُ من هَذَا النَّوْع، هُوَ كثير جدا مِمَّا لم نذْكر - مِمَّا هُوَ عندنَا صَحِيح لم يضرّهُ هَذَا الاعتلال - وَمِمَّا ذَكرْنَاهُ فِيمَا تقدم بِحَسب تقاضي الْأَبْوَاب. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 458 وَإِنَّمَا أقصد فِي هَذَا الْبَاب إِلَى ذكر مثل مِمَّا ضعف بِهِ أَحَادِيث يَنْبَغِي أَن يُقَال فِيهَا: إِنَّهَا صَحِيحَة، لضعف الاعتلال عَلَيْهَا كَهَذا الاعتلال، الَّذِي هُوَ الِانْفِرَاد؛ فَإِنَّهُ غير ضار إِذا كَانَ الرواي ثِقَة. وأصعب مَا فِيهِ، الِانْفِرَاد بِزِيَادَة لم يذكرهَا رُوَاة الْخَبَر الثِّقَات، وأخفها أَن يَجِيء بِحَدِيث لَا نجده عِنْد غَيره، ويتعرض بَينهمَا صور أخر لسنا نذكرها [الْآن لتشعبها وَكَثْرَتهَا، وَلما فِيهَا من الا] ختلاف [وَقد ذكر هُوَ جملَة من الْأَحَادِيث وأعلها بِهَذَا الِاخْتِلَاف] من غير تَفْسِير. (2638) كَحَدِيث أبي قلَابَة عَن النُّعْمَان بن بشير، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " صلوا كأحدث صَلَاة صليتموها من الْمَكْتُوبَة " يَعْنِي فِي الْكُسُوف. وَأتبعهُ أَن قَالَ: اخْتلف فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث. لم يزدْ على هَذَا، وَهُوَ كَمَا ذكر مُخْتَلف فِيهِ، وَلكنه عِنْدِي اخْتِلَاف لَا يضرّهُ، وَذَلِكَ أَن قوما رَوَوْهُ عَن أبي قلَابَة، عَن النُّعْمَان بن بشير، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وقوما رَوَوْهُ عَن أبي قلَابَة، عَن قبيصَة بن الْمخَارِق الْهِلَالِي، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. ذكر الِاخْتِلَاف فِيهِ على أبي قلَابَة، أَبُو بكر الْبَزَّار فِي رِوَايَته عَن قبيصَة. وَلَا بعد فِي أَن يكون عِنْده فِيهِ جَمِيع ذَلِك. (2639) وَحَدِيث: " إِن الله وضع عَن الْمُسَافِر الصَّوْم وَشطر الصَّلَاة ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 459 أتبعه أَن قَالَ: اخْتلف فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث اخْتِلَافا كثيرا. (2640) وَحَدِيث أبي أُمَامَة بن سهل " فِي ضرب المضنى ضَرْبَة وَاحِدَة بِمِائَة شِمْرَاخ ". أتبعه أَن قَالَ: اخْتلف فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث. وَالْخلاف فِيهِ مَذْكُور فِي كتاب النَّسَائِيّ، وَهُوَ عِنْدِي لَا يضرّهُ. ويكتفي فِي هَذَا النَّوْع بِذكر هَذِه الْمثل، فسرنا الِاخْتِلَاف فِي أَحدهَا لتتطلب أَمْثَاله فِيمَا مر ذكره، وَهُوَ كثير حسب مَا تقاضته الْأَبْوَاب، وَكثير مِنْهُ فِيمَا لم نذْكر، مِمَّا صحّح من الْأَحَادِيث، وَلَا يكَاد يُوجد حَدِيث لم يخْتَلف فِي إِسْنَاده. وانتشار الطّرق أدل على صِحَة الحَدِيث مِنْهَا على ضعفه، إِذا كَانَ فِي بعض طرقه طَرِيق سَالم من الضعْف. (2641) واشهر حَدِيث يقْصد إِلَيْهِ من هَذَا النَّوْع حَدِيث: " من أصَاب امْرَأَته وَهِي حَائِض، يتَصَدَّق بِدِينَار أَو نصف دِينَار ". وَلست أحيط، بِمَا يَقع فِيهِ الْخلاف من علل الْأَحَادِيث فأحصرها فِي هَذَا بَاب، لَيْسَ بعد الِانْقِطَاع، وَضعف الروَاة، واضطراب الْمُتُون [ ... . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 460 وَقد مر من ذَلِك شَيْء كثير] نبهنا عَلَيْهِ، وَتعرض أُمُور كَثِيرَة ق [د أعرضنا عَن جلها، وَذكرنَا بَعْضهَا، وَيَكْفِي] هَذَا الْقدر، لِئَلَّا نقع فِي التّكْرَار المستغنى عَنهُ. وَلَعَلَّ فِيمَا يَأْتِي من بَقِيَّة الْأَبْوَاب الْمَذْكُورَة بعد هَذَا، مَا هُوَ تتميم للغرض فِي هَذَا الْبَاب، وَالله الْمُوفق. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 461 (14) (بَاب ذكر أَحَادِيث ضعفها وَلم يبين بِمَاذَا، وضعفها إِنَّمَا هُوَ الِانْقِطَاع أَو توهمه) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 463 اعْلَم أَن الحَدِيث الْمُرْسل أَو الْمُنْقَطع، مُخْتَلف فِي الِاحْتِجَاج بِهِ، فَإِذا حكم على حَدِيث بالضعف، كَانَ ذَلِك منفرا عَنهُ. وَلَو أعلم أَن الَّذِي أعله بِهِ إِنَّمَا هُوَ الِانْقِطَاع أَو الْإِرْسَال، انقسم سامعوه إِلَى قَابل وراد. وَلم يَقع لَهُ هَذَا إِلَّا فِي حديثين فِيمَا أعلم، وهما: (2642) حَدِيث عَائِشَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " كَانَ يقبل بعض أَزوَاجه ثمَّ يُصَلِّي وَلَا يتَوَضَّأ ". قَالَ بإثره: قَالَ أَبُو عِيسَى: لَيْسَ يَصح عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي هَذَا الْبَاب شَيْء. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 465 فَفِي اقتناعه بقول أبي عِيسَى تَضْعِيف لَهُ. والْحَدِيث الْمَذْكُور، إِنَّمَا علته عِنْد التِّرْمِذِيّ وَأبي دَاوُد الِانْقِطَاع، بَينا ذَلِك فِي كِتَابَيْهِمَا. وَأَبُو مُحَمَّد سَاقه من عِنْد النَّسَائِيّ، وَإِسْنَاده عِنْده هُوَ إِسْنَاده عِنْدهمَا. يرويهِ أَبُو روق، عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ، عَن عَائِشَة، وَلم يسمع مِنْهَا. (2643) وَحَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده فِي " النَّهْي عَن الشِّرَاء وَالْبيع فِي الْمَسْجِد ". ضعفه، فأواهم أمرا غير مَا بِهِ، من عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده. وَهُوَ يُوجد لَهُ فِي مَوَاضِع الِاحْتِجَاج بِهِ، فيتأكد توهم ضعفه بِأَمْر آخر، وَلَا ضعف بِهِ إِلَّا مَا يحْتَمل حَدِيث عَمْرو عَن أَبِيه، عَن جده من الِانْقِطَاع، على مَا بَينا فِي غير هَذَا الْموضع. وَإِنَّمَا يروي الحَدِيث الْمَذْكُور مُسَدّد، عَن يحيى بن سعيد، عَن ابْن عجلَان، عَن عَمْرو. وَابْن عجلَان عِنْدِي حجَّة. (2644) وَقَبله فِي الْمَسَاجِد مر لَهُ حَدِيث: " كَانَ يحب العراجين، وَلَا يزَال فِي يَده مِنْهَا ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 466 [سَاقه من عِنْد أبي دَاوُد من رِوَايَة مُحَمَّد بن عجلَان، و] وَلم يعرض لَهُ، وَلَا بَين أَنه عَنهُ [فَبَان بذلك عدم كَونه عِنْده علته] . وَلم يعتل عَلَيْهِ بقادح، وَقد اعتراه الْآن فِي هَذَا الحَدِيث أَمر آخر، وَذَلِكَ أَنه ذكره بِأَن قَالَ: وَعَن عبد الله بن عَمْرو. وَهَذَا من فَاعله خطأ، فَإِن أَحَادِيث عَمْرو، عَن أَبِيه، عَن جده، إِنَّمَا ردَّتْ لاحْتِمَال، أَن تكون الْهَاء من جده عَائِدَة على عَمْرو، فَيكون الْجد مُحَمَّدًا فَيكون الحَدِيث مُرْسلا، أَو أَن يعود على شُعَيْب فَيكون الْجد عبد الله بن عَمْرو. فَإِذا الْأَمر هَكَذَا، فَلَيْسَ لأحد أَن يُفَسر الْجد بِأَنَّهُ عبد الله بن عَمْرو إِلَّا بِحجَّة، وَقد يُوجد ذَلِك فِي بعض الْأَحَادِيث مُبينًا، يَقُول: " عَن جده عبد الله ابْن عَمْرو " فيرتفع النزاع. ونبين هَاهُنَا مَا اتّفق لَهُ فِي عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده من الِاحْتِجَاج بِهِ، أَو رده، فَنَقُول: (2645) ذكر حَدِيث: " يَأْخُذ من طول لحيته وعرضها ". من رِوَايَة عمر بن هَارُون، عَن أُسَامَة بن زيد، عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده. ثمَّ أتبعه قَول التِّرْمِذِيّ: عمر بن هَارُون مقارب الحَدِيث، قَالَ وَذكره أَبُو أَحْمد، وَزَاد: " بِالسَّوِيَّةِ " وَقَالَ فِي عمر بن هَارُون أَكثر مِمَّا قَالَ التِّرْمِذِيّ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 467 فَهُوَ - كَمَا ترى - لم يعرض لَهُ من أجل عَمْرو، عَن أَبِيه، عَن جده، وَلَا من أجل أُسَامَة. (2646) وَحَدِيث: " من لَغَا كَانَت لَهُ ظهرا ". لم يقل فِيهَا شَيْئا، وَهُوَ من رِوَايَة أُسَامَة بن زيد، عَن عَمْرو، عَن أَبِيه، عَن جده. (2647) وَحَدِيث: " اللَّهُمَّ اسْقِ عِبَادك ". سكت عَنهُ، وَهُوَ مَعَ ذَلِك من رِوَايَة عَليّ بن قادم، وَهُوَ مُخْتَلف فِيهِ. (2648) وَحَدِيث: " ضرب الصّبيان على الصَّلَاة وتعليمهم إِيَّاهَا ". وَلم يعرض لَهُ بِشَيْء أصلا. (2649) وَحَدِيث: " لَا جلب وَلَا جنب، وَلَا تُؤْخَذ صَدَقَاتهمْ إِلَّا فِي دُورهمْ ". (2650) وَحَدِيث: " زَكَاة الْعَسَل ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 468 (2651) وَحَدِيث: " الرَّاكِب شَيْطَان، والراكبان شيطانان ". (2652) وَحَدِيث: " تحريق مَتَاع الغال وضربه ". وَعرض مِنْهُ [لزهير بن مُحَمَّد، وَلم يعرض لعَمْرو بن شُعَيْب. (2653) وَحَدِيث] سبي هوَازن من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق ع [ن عَمْرو ابْن شُعَيْب. (2654) وَحَدِيث: " من أَيّمَا امْرَأَة نكحت] على صدَاق أَو حباء ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 469 (2655) وَحَدِيث: " رد زَيْنَب بِنِكَاح جَدِيد ". وَعرض مِنْهُ لحجاج بن أَرْطَأَة. (2656) وَحَدِيث: " إِذا تزوج أحدكُم الْمَرْأَة أَو اشْترى الْخَادِم ". سكت عَنهُ وَلم يبرزه. (2657) وَحَدِيث: " لَا طَلَاق إِلَّا فِيمَا لَا تملك ". من رِوَايَة مطر عَنهُ، وَأتبعهُ قَول البُخَارِيّ فِيهِ: هَذَا أصح شَيْء فِي الطَّلَاق قبل النِّكَاح. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 470 (2658) وَحَدِيث: " كل مستلحق بعد أَبِيه ". من رِوَايَة مُحَمَّد بن رَاشد، عَن سُلَيْمَان بن مُوسَى عَنهُ. (2659) وَحَدِيث: " إِن ابْني هَذَا كَانَ بَطْني لَهُ وعَاء ". من رِوَايَة الْأَوْزَاعِيّ عَنهُ. (2660) وَحَدِيث: " النَّهْي عَن بيع وَشرط ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 471 من رِوَايَة أبي حنيفَة عَنهُ. (2661) وَحَدِيث: " لَا يحل لَهُ أَن يُفَارِقهُ خشيَة أَن يستقيله ". ورد طَرِيقا آخر لَهُ بالانقطاع بَين مخرمَة بن بكير وَأَبِيهِ، وَهُوَ أَيْضا من رِوَايَة عَمْرو، عَن أَبِيه، عَن جده. (2662) وَحَدِيث: " فَإِذا اسْتردَّ الْوَاهِب مَا وهب ". وَلم يبين أَنه من رِوَايَة أُسَامَة بن زيد عَنهُ. (2663) وَحَدِيث: " كل من مَال يَتِيمك غير مُسْرِف وَلَا مبذر ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 472 (2664) وَحَدِيث: " مِيرَاث ولد الْمُلَاعنَة لأمه ". (2665) وَحَدِيث: " ابْن الزِّنَا لَا يَرث ". ضعفه بِابْن لَهِيعَة. (2666) وَحَدِيث: " لَيْسَ [على] الْمُسْتَعِير غير الْمغل ضَمَان ". ضعفه بِعَمْرو بن عبد الْجَبَّار وَعبيدَة بن حسان. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 473 (2667) وَحَدِيث: " الْقَاتِل لَا يَرث ". لم يعرض لَهُ من جِهَة عَمْرو، لَكِن من جِهَة أَنه رُوِيَ عَن عَمْرو، عَن عمر مُرْسلا. (2668) وَحَدِيث: " قضى بِشَاهِد وَيَمِين فِي الْحُقُوق ". أعله بمطرف بن مَازِن. (2669) وَحَدِيث: " الْبَيِّنَة على الْمُدَّعِي وَالْيَمِين على الْمُدعى عَلَيْهِ إِلَّا فِي الْقسَامَة ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 474 ضعفه بِغَيْر عَمْرو. (2670) وَحَدِيث: " إِذا ادَّعَت الْمَرْأَة طَلَاق زَوجهَا ". (2671) وَحَدِيث: " من الْتقط دَوَاة أَو سكينا ". وأبرز الْمثنى بن الصَّباح، وَرَوَاهُ عَنهُ مسلمة بن عَليّ. (2672) وَحَدِيث: " الْمكَاتب عبد مَا بَقِي عَلَيْهِ دِرْهَم ". (2673) وَحَدِيث: " [لَا نذر إِلَّا فِيمَا يبتغى بِهِ] وَجه الله، وَلَا يَمِين فِي قطيعة رحم ". (2674) وَحَدِيث: " [ ..... ] . (2675) وَحَدِيث] الْقسَامَة الَّذِي فِيهَا يحلفُونَ خمسين يَمِينا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 475 قسَامَة. (2676) وَحَدِيث: " من قتل مُتَعَمدا دفع إِلَى أَوْلِيَاء الْمَقْتُول " الحَدِيث. وَلم يبين أَنه من رِوَايَة سُلَيْمَان بن مُوسَى عَنهُ، وَقَالَ فِيهِ: حسن غَرِيب. (2677) وَبعده حَدِيث فِي الدِّيَة. (2678) وَحَدِيث: " فِي شرح أَصْنَاف الْأَمْوَال المؤداة فِي الدِّيَة ". من رِوَايَة سُلَيْمَان بن مُوسَى، وَآخر بعده كَذَلِك. (2679) وَحَدِيث: " فِي الذّكر الدِّيَة إِذا قطعت الْحَشَفَة، وَفِي اللِّسَان إِذا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 476 منع الْكَلَام ". وَضَعفه بالعرزمي. (2680) وَحَدِيث: " عقل أهل الذِّمَّة ". (2681) وَحَدِيث: " دِيَة الْمعَاهد نصف دِيَة الْحر ". من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق عَنهُ. (2682) وَحَدِيث: " دِيَة الْعين العوراء، وَالْيَد الشلاء، وَالسّن السَّوْدَاء ". (2683) وَحَدِيث: " من تطبب وَلم يعلم مِنْهُ طب ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 477 (2484) وَحَدِيث: " النَّهْي أَن يقْتَصّ من الْجرْح حَتَّى يَنْتَهِي ". من رِوَايَة مُسلم بن خَالِد عَنهُ. (2685) وَحَدِيث: " إِعْتَاق الَّذِي جب سَيّده مذاكيره ". (2686) وَحَدِيث: " يُقيد الْأَب من ابْنه وَلَا يُقيد الابْن من أَبِيه ". وَبَين أَنه من رِوَايَة إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، عَن الْمثنى بن الصَّباح عَنهُ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 478 (2687) وَحَدِيث: " لَا تقطع يَد السَّارِق فِي أقل من عشرَة دَرَاهِم ". أبرز مِنْهُ حجاج بن أَرْطَاة، عَن عَمْرو. (2688) وَحَدِيث: " أَمر بِقطعِهِ من الْمفصل ". (2689) وَحَدِيث: " رِدَاء صَفْوَان ". وَلم يُضعفهُ بالعرزمي وبأبي نعيم النَّخعِيّ. (2690) وَحَدِيث: " تعافوا الْحُدُود فِيمَا بَيْنكُم ". (2691) وَحَدِيث أبي ثَعْلَبَة فِي أكل الْكَلْب من الصَّيْد. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 479 (2692) وَحَدِيث: " الْفَرْع حق ". (2693) وَحَدِيث: " سُئِلَ عَن الْعَقِيقَة ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 480 (2694) وَحَدِيث: " الريطة المعصفرة لَا بَأْس بهَا للنِّسَاء ". (2695) وَحَدِيث: " لَا تنتفوا الشيب ". (2696) وَحَدِيث: " تَسْلِيم الْيَهُود الْإِشَارَة بالأصابع، وَالنَّصَارَى بالأكف ". ضعفه بِابْن لَهِيعَة. (2697) وَحَدِيث: " يحْشر المتكبرون أَمْثَال الذَّر " وَحسنه. كل هَذِه لم يعبها بِعَمْرو، عَن أَبِيه، عَن جده، إِنَّمَا هِيَ قِسْمَانِ: أما الجزء: 5 ¦ الصفحة: 481 [الْقسم الأول من الْأَحَادِيث، فقد تقدم] لَهُ من هَذَا تَحْسِين رِوَايَات عَمْرو، عَن [أَبِيه، عَن جده، وَأما الْقسم الثَّانِي من الْأَحَادِيث. (2698) مِنْهَا قَوْله] فِي حَدِيث من حَدِيثه ذكره من رِوَايَة ابْن عجلَان، عَن عَمْرو، عَن أَبِيه، عَن جده، " فِي التَّمْر الْمُعَلق، وَمن أصَاب مِنْهُ من ذِي حَاجَة " أَبُو عمر يصحح حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده، إِذا كَانَ الرواي عَنهُ ثِقَة. (2699) وَذكر أَيْضا من طَرِيق ابْن أبي شيبَة، عَن عَمْرو، عَن أَبِيه، عَن جده حَدِيث: " مَا أحرز الْوَلَد أَو الْوَالِد فَهُوَ لعصبته من كَانُوا ". ثمَّ قَالَ: قَالَ ابْن عبد الْبر: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح، وَذكر تَوْثِيق النَّاس لعَمْرو، وَأَنه إِنَّمَا أنكر من حَدِيثه وَضعف مَا كَانَ عَن قوم ضعفاء عَنهُ. قَالَ: وَقَالَ غَيره: عَمْرو ثِقَة، وَلكنه يحدث عَن صحيفَة جده. (2700) وَلما ذكر حَدِيث عَمْرو، عَن أَبِيه، عَن جده فِي " التَّكْبِير فِي صَلَاة الْعِيدَيْنِ ". أتبعه أَن البُخَارِيّ صَححهُ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 482 فَكَانَ فِي هَذَا إِيهَام تَصْحِيح البُخَارِيّ أَحَادِيث عَمْرو، عَن أَبِيه، عَن جده. وَقد بَينا فِيمَا تقدم مَا عمل البُخَارِيّ فِي ذَلِك، وَأَنه إِنَّمَا يشبه أَن يكون كَلَام التِّرْمِذِيّ. فَهَذَا يظنّ مِنْهُ أَن مذْهبه كمذهب أبي عمر، وَلَيْسَ كَذَلِك، بل لَهُ خِلَافه فِي جملَة أَحَادِيث، ضعفها من أَجله. (2701) مِنْهَا أَنه ذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ عَن سُوَيْد بن عبد الْعَزِيز، عَن سُفْيَان بن حُسَيْن الوَاسِطِيّ، عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده، سَأَلَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن " اللّقطَة تُوجد فِي أَرض الْعَدو ". ثمَّ أتبعهَا أَن قَالَ: سُوَيْد بن عبد الْعَزِيز ضَعِيف، مَعَ ضعف حَدِيث عَمْرو ابْن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده. (2702) وَحَدِيث: " فَإِن تَركهَا كفارتها ": فِيمَن " حلف على يَمِين فَرَأى غَيرهَا خيرا مِنْهَا ". سَاقه من رِوَايَة عَمْرو، عَن أَبِيه، عَن جده. ثمَّ أتبعه قَول أبي دَاوُد: الْأَحَادِيث كلهَا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " وليكفرعن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 483 يَمِينه "، إِلَّا مَا لَا يعبأ بِهِ. (2703) وَحَدِيث: " من زَاد على هَذَا، فقد أَسَاءَ وتعدى وظلم ". أتبعه الْكَلَام بِمَا قيل فِي رِوَايَته وصحيفته. (2704) وَحَدِيث أبي دَاوُد: " [نهى عَن بيع العربان] . وَأتبعهُ أَن قَالَ: [هَذَا الحَدِيث] مَعَ مَا فِي إِسْنَاده، هُوَ [مُنْقَطع، لِأَنَّهُ رَوَاهُ عَن القعْنبِي، عَن مَالك، أَنه بلغه عَن عَمْرو بن شُعَيْب] وَكَذَا قَالَ التنيسِي وَغَيره، أَو عَن الثِّقَة عِنْده، كَذَا قَالَ يحيى بن يحيى. وَرَوَاهُ ابْن وهب، عَن ابْن لَهِيعَة، عَن عَمْرو، لَا عَن مَالك، ذكر ذَلِك ابْن عبد الْبر. قَالَ ابْن عدي: يُقَال: إِن الثِّقَة هَاهُنَا هُوَ ابْن لَهِيعَة، والْحَدِيث مَشْهُور عَنهُ عَن عَمْرو. (2705) وَذكر حَدِيث حُسَيْن الْمعلم وَدَاوُد بن أبي هِنْد وحبِيب الْمعلم، عَن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 484 عَمْرو، عَن أَبِيه، عَن جده: " لَا يجوز لامْرَأَة أَمر فِي مَالهَا إِذا ملك زَوجهَا عصمتها ". ثمَّ قَالَ: قد تقدم الْكَلَام على ضعف هَذَا الْإِسْنَاد، قَالَ: وَفِي بعض هَذِه الطّرق عَن عَمْرو، أَن أَبَاهُ أخبرهُ، عَن عبد الله بن عَمْرو، خرجه أَبُو دَاوُد عَن حُسَيْن الملعلم عَن عَمْرو. انْتهى كَلَامه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 485 وَفِيه تَضْعِيف إِسْنَاد عَمْرو، عَن أَبِيه، عَن جده، وَلَو كَانَ الروَاة عَنهُ ثقاتاً، فَإِن هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة ثِقَات، وَقد ذكر أَن جده هُوَ عبد الله بن عَمْرو، وَهَذَا يُنَاقض مَا تقدم من عمله. (2706) وَذكر حَدِيث أنس: " أَنْت وَمَالك لأَبِيك ". ثمَّ قَالَ: قد تقدم الْكَلَام فِي هَذَا الْإِسْنَاد، وَقد صَحَّ من طَرِيق آخر، ذكره الْبَزَّار وَغَيره. (2707) وَحَدِيث: " رد شَهَادَة الخائن والخائنة ". ثمَّ قَالَ: قد تقدم الْكَلَام فِي هَذَا الْإِسْنَاد. وَهُوَ من رِوَايَة سُلَيْمَان بن مُوسَى، عَن عَمْرو. (2708) وَحَدِيث ضَالَّة الشَّاة: " فاجمعها حَتَّى يَأْتِيهَا رَبهَا ". وَقَالَ: قد تقدم الْكَلَام فِي هَذَا الْإِسْنَاد. وَهُوَ من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق عَن عَمْرو. كل هَذِه الْأَحَادِيث مضعفة عِنْده، أَو محَال بهَا على مَا تقدم من كَلَامه فِيهِ وتضعيفه لَهُ، وذك يُنَاقض فَعَلَيهِ الْمُتَقَدِّمين من تَصْحِيحه رواياته، أَو سُكُوته عَنهُ وَترك الإعلال بِهِ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 486 وَقد صحّح من أَحَادِيثه أَحَادِيث هُوَ فِيهَا مُصِيب، وَهِي قِسْمَانِ: قسم ارْتَفع فِيهِ مَا يخَاف من الِانْقِطَاع، إِمَّا بِذكر أَن الْجد هُوَ عبد الله بن عَمْرو، وَإِمَّا بتكرار " عَن أَبِيه ". وَقسم لَيست من رِوَايَة عَمْرو عَن أَبِيه، لَكِن من رِوَايَته عَن [غير أَبِيه، وَهِي أَيْضا صَحِيحَة (2709) كَحَدِيث البلاط] (2710) [وَحَدِيث:] " فِي المواضح خمس خمس ". ذكره من طَرِيق [النَّسَائِيّ، عَن عَمْرو بن شُعَيْب] حَدثنِي أبي عَن عبد الله بن عَمْرو. وَقد صَحَّ سَماع أَبِيه من جده عبد الله بن عَمْرو. (2711) وَحَدِيث: " لآ يحل سلف وَبيع، وَلَا شَرْطَانِ فِي بيع، وَلَا ربح الجزء: 5 ¦ الصفحة: 487 مَا لم يضمن، وَلَا بيع مَا لَيْسَ عنْدك ". صَححهُ فِي حَقه، فَإِنَّهُ سَاقه من عِنْد التِّرْمِذِيّ. وَإِسْنَاده عِنْده وَعند أبي دَاوُد هَكَذَا: عَن عَمْرو، عَن أَبِيه، عَن أَبِيه، حَتَّى ذكر عبد الله بن عَمْرو، فجَاء من هَذَا أَنه عَن عَمْرو، عَن شُعَيْب، عَن مُحَمَّد، عَن عبد الله بن عَمْرو، فارتفع مَا يخَاف من الْإِرْسَال. (2712) وَأما الْقَاسِم الثَّانِي، فَمِنْهُ حَدِيث: " الشُّفْعَة للْجَار ". سكت عَنهُ، وَهُوَ من رِوَايَة عَمْرو بن شُعَيْب، عَن عَمْرو بن الشريد، عَن أَبِيه. (2713) وَحَدِيث: " لَا يحل لأحد أَن يُعْطي عَطِيَّة فَيرجع فِيهَا إِلَّا الْوَالِد ". هُوَ من رِوَايَة عَمْرو، عَن طَاوس، عَن ابْن عمر وَابْن عَبَّاس. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 488 (2714) وَحَدِيث: " لَا ينْكح الزَّانِي المجلود إِلَّا مثله ". هُوَ من رِوَايَة عَمْرو، عَن المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة (2715) فَأَما حَدِيث: " لَا يُقَاد الْوَالِد بِالْوَلَدِ " فَإِنَّهُ عَن عَمْرو، عَن أَبِيه، عَن جده، عَن عمر بن الْخطاب، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَيَرْوِيه عَن عَمْرو، حجاج بن أَرْطَاة، وَقد تبين عِنْده سَماع عَمْرو من أَبِيه، وَسَمَاع أَبِيه من جده عبد الله بن عَمْرو. (2716) وَحَدِيث ذكره فِي الْجَنَائِز من طَرِيق النَّسَائِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو، فِي أَن " الله لَا يرضى لعَبْدِهِ الْمُؤمن إِذا ذهب بصفيه من أهل الأَرْض " الحَدِيث. فَإِنَّهُ عِنْد النَّسَائِيّ من رِوَايَة عَمْرو بن سعيد بن أبي حُسَيْن، أَن عَمْرو بن شُعَيْب كتب إِلَى عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي حُسَيْن يعزيه بِابْن لَهُ هلك فَذكر فِي كِتَابه أَنه سمع أَبَاهُ شُعَيْب بن مُحَمَّد، يحدث عَن جده عبد الله بن عَمْرو. فَذكره وَلَو تعرضنا لذكر الْكَلَام فِي عَمْرو بَينا هَذَا بِغَيْر هَذَا الطَّرِيق، فَإِنَّهُ صَحِيح، وَلَكِن لم نقصد ذَلِك، وَإِنَّمَا قصدنا تَبْيِين عمله فِيمَا يرويهِ عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه، أَو عَن غَيره، وَهُوَ قد [اضْطربَ فِيهِ رَأْيه وَاخْتلف فِيهِ حكمه] الجزء: 5 ¦ الصفحة: 489 (15) بَاب ذكر أُمُور جميلَة من أَحْوَال رجال يجب اعْتِبَارهَا، فأغفل ذَلِك أَو تنَاقض فِيهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 491 جلّ مضمن هَذَا الْبَاب، محَال بِهِ على مُتَقَدم الذّكر فِي الْأَبْوَاب الفارطة، فِرَارًا من التّكْرَار، وطلباً للاختصار. فَمن تِلْكَ الْأَحْوَال، التَّدْلِيس، ونعني بِهِ أَن يروي الْمُحدث عَمَّن قد سمع مِنْهُ مَا لم يسمع مِنْهُ، من غير أَن يذكر أَنه سَمعه مِنْهُ. وَالْفرق بَينه وَبَين الْإِرْسَال، هُوَ أَن الْإِرْسَال رِوَايَته عَمَّن لم يسمع مِنْهُ. وَلما كَانَ فِي هَذَا قد سمع مِنْهُ، جَاءَت رِوَايَته عَنهُ مَا لم يسمع مِنْهُ، كَأَنَّهَا إِيهَام سَمَاعه ذَلِك الشَّيْء، فَلذَلِك سمي تدليساً. وَحكمه الْجَوَاز إِذا كَانَ الَّذِي طوى ذكره ثِقَة عِنْده، كالإرسال سَوَاء. أما إِذا كَانَ الَّذِي طوى ذكره ضَعِيفا عِنْده، فَهَذَا حرَام وجرحه فِي فَاعله، وَلَا فرق بَينه وَبَين إِبْدَال ضَعِيف بِثِقَة فِي رِوَايَة حَدِيث، فَإِن كَانَ ثِقَة عِنْده وضعيفاً عِنْد النَّاس، فموضوع نظر، فَإِنَّهُ بِاعْتِبَار كَونه ثِقَة عِنْده، يقوم عذره فِي طيه ذكره، كَمَا فِي الْإِرْسَال وَترك الْإِسْنَاد، وَبِاعْتِبَار أَنه ضَعِيف عِنْد غَيره، يجب عَلَيْهِ ذكره، وَلَا يَرْمِي الحَدِيث إِلَى من يحدثه بِهِ متحملاً عهدته. أما هَل يحْتَج بِمَا يرويهِ المدلس أم لَا يحْتَج بِهِ؟ فمبني على هَذَا. وَذَلِكَ أَنا إِذا علمنَا من حَاله أَنه لَا يُدَلس إِلَّا عَن ثِقَة عِنْده: فَمن النَّاس من يرد معنعه، لاحْتِمَال انْقِطَاعه، وَأَن يكون قد دلّس بِهِ، حَتَّى يعلم سَمَاعه لشَيْء فيحتج بِهِ. وَمن النَّاس من يقبله حَتَّى يتَبَيَّن الِانْقِطَاع فِيهِ، وَأَنه دلسه، ولسنا الْآن لبَيَان هَذِه. وَلَيْسَ هَذَا الِاخْتِلَاف الِاخْتِلَاف الَّذِي فِي قبُول الْمُرْسل الْمُحَقق الْإِرْسَال، ذَاك إِنَّمَا سَببه الْجَهْل بِحَال المطوي ذكره، وَهَذَا سَببه احْتِمَال الِاتِّصَال و [الِانْقِطَاع. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 493 وَأَبُو مُحَمَّد قد صرح بِأَن الحَدِيث يرد ب [التَّدْلِيس فِي مَوَاضِع. (2717) مِنْهَا حَدِيث [أبي الزبير عَن جَابر، فقد صرح أَنه لَا يقبل مِنْهُ] إِلَّا مَا ذكر فِيهِ السماع، أَو كَانَ من رِوَايَة اللَّيْث عَنهُ، وَقد استوعبنا ذكره فِيمَا تقدم. (2718) وَمِنْهَا حَدِيث: " الْخراج بِالضَّمَانِ ". قَالَ بعده: إِن عمر بن عَليّ الْمقدمِي، لم يقل: حَدثنَا هِشَام بن عُرْوَة، وَكَانَ يُدَلس، وَقد قَالَ البُخَارِيّ: إِنَّه لم يُدَلس ذَلِك الحَدِيث. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 494 (2719) وَمِنْهَا حَدِيث: " أعقلها وتوكل ". قَالَ بعده: عَليّ بن غراب، صَدُوق لَا بَأْس بِهِ، وَإِنَّمَا كَانَ يُدَلس، وَقد قَالَ فِي الحَدِيث: حَدثنَا الْمُغِيرَهْ. وسُويد بن سعيد الحدثاني قَالَ إِثْر حَدِيث: (2720) " يقيسون بآرائهم ": إِنَّه كثير التَّدْلِيس ثمَّ لم يعرض لَهُ فِي حَدِيث: (2721) " مَا وقى الرجل بِهِ عرضه فَهُوَ صَدَقَة ". ثمَّ اسْتمرّ عمله فِي كِتَابه كُله على مُخَالفَة هَذَا الأَصْل، فَلم يتَجَنَّب شَيْئا من أَحَادِيثهم من غير اعْتِبَار فِي أحدهم " حَدثنَا " أَو " عَن "، بل أَكثر ذَلِك مُعَنْعَن. وَلم أتعرض هُنَا لذكر مَا وَقع لَهُ من ذَلِك لكثرته، بِحَيْثُ نكر بِذكرِهِ - لَو تعرضنا لَهُ - على الْكتاب كُله، وَلِأَنَّهُ سهل عَلَيْك الْوُقُوف عَلَيْهِ، فَإنَّك إِذا أخذت حَدِيثا مِمَّا سكت عَنهُ مصححاً لَهُ، وَنظرت إِسْنَاده فِي الْموضع الَّذِي نَقله مِنْهُ، وَلَو كَانَ كتاب البُخَارِيّ أَو مُسلم، لم تعدم أَن يكون من رِوَايَة سُفْيَان الثَّوْريّ، أَو سُفْيَان بن عُيَيْنَة، أَو ابْن جريح، أَو هشيم، أَو قَتَادَة، أَو أبي إِسْحَاق، أَو يحيى بن أبي كثير، وَمن لَا أحصيهم كَثْرَة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 496 وفشو التَّدْلِيس فيهم، وعملهم بِهِ، أشهر وَأكْثر من أَن نعرض لَهُ، وَلَقَد ظن بِمَالك على بعده مِنْهُ عمله. وَقد قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: إِن مَالِكًا مِمَّن عمل بِهِ. وَلَيْسَ عَيْبا عِنْدهم، وَإِنَّمَا هُوَ الْإِرْسَال، لَكِن عَمَّن قد لقِيه. وَلَقَد غلا شُعْبَة حَتَّى قَالَ: كَانَ أَبُو هُرَيْرَة يُدَلس، ذكر ذَلِك عَنهُ أَبُو أَحْمد. وَهَذَا مِمَّا لَا يَنْبَغِي إِطْلَاقه فِي حق الصَّحَابَة رضى الله عَنْهُم وَإِنَّمَا يَعْنِي أَنه قد روى عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَحَادِيث خرج مِنْهُ بعد [المباحثة أَنه لم يسمع مِنْهُ] بَعْضهَا. وَقد صرح فِي حَدِيث بِأَن الَّذِي أخبرهُ بِهِ [هُوَ الْفضل بن عَبَّاس. وَكَذَلِكَ أَحَادِيث] ابْن عَبَّاس بِهَذِهِ السَّبِيل إِلَّا ثَمَانِيَة عشر حَدِيثا، وَقد بوحث فِي حَدِيث، فَأخْبر أَن الَّذِي أخبرهُ بِهِ هُوَ أَخُوهُ الْفضل. وَمثل هَذَا التَّدْلِيس، هُوَ الْجَائِز بِلَا ريب، أَن يكون المطوي ذكره من لَا شكّ فِي عَدَالَته. وكل من دلّس من الْأَئِمَّة، فَإِنَّهُ كَانَ يتحَرَّى الصدْق، وَيُصَرح بِالَّذِي حَدثهُ بِهِ إِذا بوحث. قيل لِابْنِ عُيَيْنَة فِي حَدِيث رَوَاهُ لَهُم عَن الزُّهْرِيّ: سمعته مِنْهُ. قَالَ: لَا، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 497 قيل: فَمن معمر عَنهُ. قَالَ: لَا، حَدثنِي بِهِ عبد الرَّزَّاق، عَن معمر، عَن الزُّهْرِيّ. وَقد رَآهُ قوم محرما، كَانَ شُعْبَة يَقُول: لِأَن أزني أحب أَلِي من أَن أدلس. وَقيل لِابْنِ الْمُبَارك: فلَان يُدَلس، فَقَالَ: دلّس للنَّاس أَحَادِيثهم، وَالله لَا يقبل تدليساً وَالصَّوَاب التَّفْصِيل الَّذِي ذَكرْنَاهُ، وَلَا أخص بِهِ التَّدْلِيس، فَإِن الْمُرْسل لَو طوى ذكر من هُوَ ثِقَة بِلَا خلاف، لم يكن بِفِعْلِهِ هَذَا آثِما، وَإِن اخْتلف فِي الِاحْتِجَاج بالمرسل. وَإِن طوى ذكر مُتَّفق على ضعفه، فَهَذِهِ جرحة فِيهِ، لِأَنَّهُ يدس فِي الدَّين الْبَاطِل، فَهُوَ بِمَثَابَة من يضع حَدِيثا، أَو يُبدل ضَعِيفا بِثِقَة، فَهُوَ كالمدلس سَوَاء، لَا فرق بَينهمَا. وَمن ثَبت عَلَيْهِ شَيْء من ذَلِك، كَانَت جرحه فِيهِ، كحجاج بن أَرْطَأَة، فَإِنَّهُ كَانَ يُدَلس عَن الضُّعَفَاء، وَقد يكون من هَؤُلَاءِ من لَا يسْقط اسْم شَيْخه الضَّعِيف، لكنه يُغير اسْمه الْمَشْهُور بأخفى مِنْهُ، كي يخفي أمره. وَالْحكم فيهمَا وَاحِد، وَعَسَى أَن لَا يَصح على ابْن جريح هَذَا الْعَمَل، وَإِن كَانَ قد نسب إِلَيْهِ فِي أَحَادِيث أَنه أَخذهَا عَن ابْن أبي يحيى، يُغير اسْمه، أَو أسْقطه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 498 وَأما البُخَارِيّ رَحمَه الله فَذَلِك عَنهُ بَاطِل، وَلم يَصح قطّ عَنهُ، وَإِنَّمَا هِيَ تخيلات عَلَيْهِ أَنه كَانَ يكنى عَن مُحَمَّد بن يحيى الذهلي لما توقف. وَمن تِلْكَ الْأَحْوَال أَحْوَال المسوين، والتسوية نوع من أَنْوَاع التَّدْلِيس، إِنَّمَا هِيَ [أَن يسْقط شيخ شَيْخه الضعْف، وَيجْعَل الحَدِيث عَن] شَيْخه. كَانَ الْوَلِيد بن مُسلم فِيمَا [ذكر أَبُو مسْهر يُدَلس فِي أَحَادِيث الْأَوْزَاعِيّ، فيروي] عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن شيخ للأوزاعي، فَيسْقط الرجل الَّذِي عَنهُ رَوَاهُ الْأَوْزَاعِيّ ويعنعنه عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن شيخ ذَلِك الْمسْقط الَّذِي هُوَ شيخ الْأَوْزَاعِيّ أَيْضا. مِثَاله أَن، يعمد إِلَى حَدِيث يرويهِ الْأَوْزَاعِيّ، عَن شيخ ضَعِيف، عَن الزُّهْرِيّ. وَالزهْرِيّ شيخ للأوزاعي، فَيسْقط الْوَلِيد الْوَاسِطَة الضَّعِيف، الَّذِي بَين الْأَوْزَاعِيّ وَالزهْرِيّ. فَهُوَ إِذا عمل ذَلِك فِي حَدِيث نَفسه، سمي تدليساً، وَإِذا عمله فِي حَدِيث شَيْخه، سمي تَسْوِيَة. وَحكم التَّسْوِيَة حكم التَّدْلِيس سَوَاء، فِي انقسام الَّذِي أسقط إِلَى ثِقَة وَضَعِيف. وَأَبُو مُحَمَّد - رَحمَه الله - لم يعْتَبر هَذَا الْمَعْنى من أَحْوَال الروَاة، وَهُوَ فِي كثير من الْأَحَادِيث الَّتِي قد مر ذكرهَا، وَفِي كثير مِمَّا لم نعرض لَهُ كَمَا لم نعرض لأحاديث المدلسين. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 499 (2722) مِنْهَا حَدِيث: " الْأَذَى يُصِيب النَّعْل ". وَمِنْهَا أَحَادِيث ابْن عجلَان، عَن المَقْبُري، فَإِنَّهُ قد اعْترف على نَفسه بِأَنَّهُ سواهَا، وَذَلِكَ أَن ابْن عجلَان، كَانَ أَخذ عَن المَقْبُري، مَا رَوَاهُ عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، وَمَا رَوَاهُ عَن أبي هُرَيْرَة، وَمَا رَوَاهُ عَن رجل عَن أبي هُرَيْرَة، فاختلطت عَلَيْهِ فَجَعلهَا كلهَا عَن المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة لَا رَأَيْته. وَمن تِلْكَ الْأَحْوَال، أَحْوَال الْمُخْتَلطين، وَقد تقدم الْكَلَام فِي ذَلِك، وَذكرنَا عمله فِيهِ بِمَا يُغني عَن رده. وَمِنْهَا أَحْوَال الصحفيين وهم الَّذين يُقَال عَنْهُم: إِنَّهُم كَانُوا يحدثُونَ من صحف لم يسمعوها، كَمَا تقدم فِي حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده، ومخرمة بن بكير، عَن أَبِيه. وكما يُقَال فِي أَن حَدِيث الْحسن عَن سَمُرَة كتاب، استعاره من بنيه بعد مَوته وكما يُقَال فِي حَدِيث أبي سُفْيَان عَن جَابر، وَأَنه لم يسمع مِنْهُ إِلَّا أَرْبَعَة أَشْيَاء، وَذكره التِّرْمِذِيّ عَن البُخَارِيّ عَن أبي خَالِد: يزِيد الدالاني، وَإِنَّمَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 500 هُوَ كتاب، وكما تقدم ذكره فِي يحيى بن أبي كثير، عَن زيد بن سَلام، وَسَالم [وَقد قيل أَيْضا فِي أبي] إِسْحَاق السبيعِي: إِنَّه روى عَن قوم من التَّابِعين وَلم يسمع مِنْهُم، إِنَّمَا هِيَ من كتب. وَكَانَ عَمْرو بن الْحَارِث بن المصطلق، قد سمع من ابْن مَسْعُود، فَأخذ مِنْهُ أَبُو إِسْحَاق كتبا، وَإِنَّمَا جَاءَ ذَلِك من تدليسه، فَإِنَّهُ مِمَّن كَانَ يُدَلس كثيرا. (2723) وَحَدِيث: " احضروا الذّكر وادنوا من الإِمَام " يَعْنِي يَوْم الْجُمُعَة. سَاقه من عِنْد أبي دَاوُد، وَسكت عَنهُ مصححاً لَهُ. ومعاذ بن هِشَام، قد صرح فِيهِ بِأَنَّهُ لم يسمعهُ من أَبِيه، وَإِنَّمَا وجده فِي كِتَابه. وَمِنْهَا أَحْوَال المبتدعة بآرائهم، وهم لَا يُحصونَ، وينسب ذَلِك إِلَى أَعْلَام من أهل الحَدِيث، وَلم نعين بِالذكر أحدا مِنْهُم، لِأَنَّهُ يخرج عِنْد الْبَحْث عَن حَدِيث حَدِيث، وَلَو تعرضت لَهُ عَاد النّظر فِي جَمِيع الْكتاب. وَمِنْهَا مُخَالفَة بعض الروَاة مَا رووا، فَإِنَّهُ أَمر لم يعتبره، وَلَا بَينه لمن يعتبره وَهُوَ - فِيمَا ذكر - كثير وعذره فِيهِ أقوم، لِأَنَّهُ أَمر يعثر عَلَيْهِ المتفقه وَلَا يتلقاه من الْمُحدث. وَمِنْهَا أَن ينسى الرَّاوِي مَا حدث بِهِ عَنهُ، وَهُوَ قد اعْتَبرهُ فِي حَدِيث الْحسن، عَن سَمُرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 501 (2724) : " على البد مَا أخذت حَتَّى تُؤَدِّيه ". قَالَ بعده: ثمَّ إِن الْحسن نسي، فَقَالَ: هُوَ أمينك فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ فَبِهَذَا الِاعْتِبَار، كَانَ عَلَيْهِ أَن يُنَبه على هَذَا النَّوْع. وأذكر لَهُ مِنْهُ الْآن حديثين: (2725) أَحدهمَا حَدِيث ابْن عَبَّاس: " كُنَّا نَعْرِف انْقِضَاء صَلَاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالتَّكْبِيرِ ". أوردهُ من عِنْد مُسلم وَلم يتبعهُ شَيْئا، وَهُوَ فِي كتاب مُسلم هَكَذَا: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، حَدثنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن عَمْرو، قَالَ: أَخْبرنِي بذا أَبُو معبد ثمَّ أنكرهُ بعد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " كُنَّا نَعْرِف انْقِضَاء صَلَاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالتَّكْبِيرِ ". (2726) وَحَدِيث حَمَّاد بن زيد قَالَ: قلت لأيوب: هَل علمت أحدا قَالَ فِي أَمرك بِيَدِك: إِنَّهَا [ثَلَاث إِلَّا الْحسن، قَالَ: لَا، إِلَّا الْحسن، ثمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ غفراً، إِلَّا مَا حَدثنِي قَتَادَة، عَن كثير مولى بني سَمُرَة [، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -] بذلك. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 502 قَالَ أَيُّوب: فَلَقِيت كثيرا مولى بني سَمُرَة، فَذكرت ذَلِك لَهُ، فَقَالَ: مَا حدثت بِهَذَا قطّ: فَرَجَعت إِلَى قَتَادَة، فَذكر ذَلِك لَهُ، فَقَالَ: بلَى، وَلكنه نسي. وَمِمَّا يَنْبَغِي أَن يحذر فِي كِتَابه، سُكُوته عَن مصححات التِّرْمِذِيّ، وَمَا أخرجه البُخَارِيّ أَو مُسلم، فَإِنَّهُ قد يكون الحَدِيث مِنْهَا من رِوَايَة من هُوَ عِنْده ضَعِيف، أَو مَوضِع للنَّظَر إِذا كَانَ مَا يرويهِ من عِنْد غير هَؤُلَاءِ، وَكَأَنَّهُ إِذا كَانَ مَا رَوَاهُ عِنْد هَؤُلَاءِ، دخل الْحمى، فَسلم من اعْتِبَار أَحْوَاله، فَإِذا كَانَ مَا يرويهِ من عِنْد غير هَؤُلَاءِ وضع فِيهِ النّظر. هَذَا النَّوْع كثير، ننبه على مثل مِنْهُ، وابحث عَنهُ بِنَفْسِك فِيمَا مر فِي هَذَا الْكتاب، وَفِيمَا لم نعرض لَهُ من أَحَادِيث كِتَابه، إِمَّا إغفالاً وَإِمَّا لغَرَض آخر. فَمِنْهَا أَحَادِيث أبي الزبير عَن جَابر، من غير رِوَايَة اللَّيْث، وَمِمَّا لم يذكر فِيهِ سَمَاعه. أورد مِنْهَا من عِنْد مُسلم جملَة كَبِيرَة، لم يبين أَنَّهَا من رِوَايَته، وَهُوَ إِذا روى عِنْد غير مُسلم، نبه عَلَيْهِ وَبَين أَنَّهَا من رِوَايَته. وَقد قدمنَا ذكر ذَلِك بِمَا يُغني عَن رده. وَكَذَلِكَ سماك بن حَرْب، لم يعرض لَهُ فِي شَيْء مِمَّا أخرج من حَدِيثه من عِنْد مُسلم. وَقد تقدم أَيْضا بَيَان ذَلِك. وَكَذَلِكَ أَحَادِيث أبي سُفْيَان عَن جَابر، وَإِنَّمَا هِيَ كَمَا قُلْنَا الْآن صحيفَة. قَالَ ابْن أبي خَيْثَمَة: حَدثنَا أبي، حَدثنَا ابْن عُيَيْنَة، قَالَ: حَدِيث أبي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 503 سُفْيَان عَن جَابر، إِنَّمَا هُوَ صحيفَة، وَعَن شُعْبَة مثله. وَكَذَلِكَ أَحَادِيث شريك يغضي عَنهُ إِذا كَانَ مَا يرويهِ مِمَّا صحّح التِّرْمِذِيّ. وَكَذَلِكَ أَحَادِيث كثير من الْمُخْتَلطين، وَقد تقدم التَّنْبِيه على طَائِفَة مِنْهُم، وَأَن سُهَيْل بن أبي صَالح، وَهِشَام بن عُرْوَة لمنهم، لِأَنَّهُمَا تغيرا، وَهُوَ لَا يتَجَنَّب شَيْئا مِمَّا يجد لَهما، وَلَا يُنَبه على كَونه من روايتهما إِذا كَانَ من عِنْد البُخَارِيّ أَو مُسلم، أَو [مِمَّن صحّح] لَهُ التِّرْمِذِيّ، وَهُوَ مُخْتَلف فِيهِ. وَكَذَلِكَ [ ... .] (2727) وَكَذَلِكَ طَلْحَة بن يحيى، سَاق لَهُ من مُسلم حَدِيث قَضَاء صَوْم التَّطَوُّع. وَكَذَلِكَ أَحَادِيث جَعْفَر بن سُلَيْمَان من عِنْد مُسلم، ومصححات التِّرْمِذِيّ , وَإِبْرَاهِيم بن مهَاجر حَدِيث: (2728) " تأخذين فرْصَة ممسكة " من عِنْد مُسلم. (2729) وَقد رد من أَجله حَدِيث " معاهدة نَصَارَى بني تغلب "، لما لم الجزء: 5 ¦ الصفحة: 504 يكن عِنْد مُسلم، وَقَالَ: إِنَّه عِنْد بَعضهم شَبيه بالمتروك. (2730) وَكَذَا فعل فِي حَدِيث ذكره من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ فِي " علف الْجَلالَة أَرْبَعِينَ يَوْمًا ". قَالَ فِيهِ: لَا يحْتَج بِهِ، وَضعف أَيْضا ابْنه إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن مهَاجر (2731) وَضعف إِبْرَاهِيم أَيْضا فِي حَدِيث " مَكَّة مناخ ". وَكَذَلِكَ أَحَادِيث معقل بن عبيد الله عَن أبي الزبير، عَن جَابر، وَهِي ضَعِيفَة، لم يتَجَنَّب مِنْهَا شَيْئا مِمَّا سَاقه مُسلم. وَشريك بن عبد الله بن أبي نمر، يحْتَج بِهِ، وَلَا يعرض لَهُ فِي شَيْء مِمَّا يُورد من حَدِيثه من عِنْد مُسلم. (2732) من ذَلِك فِي الاسْتِسْقَاء. وَفِي الْعلم: " وَأَنا رَسُول من ورائي، وَأَنا ضمام بن ثَعْلَبَة ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 505 (2733) وَفِي الْعلم: " مَتى السَّاعَة؟ فبسر فِي وَجهه ". من عِنْد النَّسَائِيّ، وَسكت عَنهُ. (2734) وَحَدِيث: " من صلى عَلَيْهِ أَرْبَعُونَ " من مُسلم. (2735) وَقد رد من أَجله حَدِيثا ذكره من الْمَرَاسِيل فِي الاسْتِسْقَاء. وَقَالَ: إِنَّه لم يكن حَافِظًا. (2736) وَكَذَلِكَ عمر بن حَمْزَة، أورد لَهُ من عِنْد مُسلم حَدِيث أبي سعيد فِي " نشر الزَّوْج سر امْرَأَته "، وَهُوَ ضَعِيف. (2737) وَحَدِيث الَّتِي نذرت أَن تضرب الدُّف بَين يَدي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، من مصححات التِّرْمِذِيّ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 506 وَهُوَ من رِوَايَة عَليّ بن حُسَيْن بن وَاقد. (2738) وَحَدِيث: " مَا ضل قوم بعد هدى " من مصححات التِّرْمِذِيّ. وَهُوَ من رِوَايَة أبي غَالب: حزور، وَهُوَ مضعف، مِمَّا لَو لم يصحح لَهُ التِّرْمِذِيّ حَدِيثه لم يسالمه. وَكَذَلِكَ أَحَادِيث عِكْرِمَة بن عمار من عِنْد مُسلم. (2739) وَكَذَلِكَ مُصعب بن شيبَة فِي حَدِيث: " عشر من الْفطْرَة " وَهُوَ ضَعِيف، سَالِمَة لما كَانَ حَدِيثه عِنْد مُسلم. (2740) وَقد رد هُوَ من أَجله حَدِيثا لم يروه مُسلم، وَهُوَ حَدِيث عَائِشَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " كَانَ يغْتَسل من أَربع " ذكره أَبُو دَاوُد. (2741) وَذكر لَهُ من عِنْد مُسلم أَيْضا، حَدِيث عَائِشَة: " خرج النَّبِي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 507 - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -[ذَات غَدَاة، وَعَلِيهِ مرط مرحل من شعر] أسود " وَبَين فِي كِتَابه الْكَبِير أَنه قد أنكر على مُصعب بن شيبَة، وَذكر أَن التِّرْمِذِيّ صَححهُ أَيْضا. وَحَدِيث قبيصَة بن عقبَة، صَاحب سُفْيَان لَا يعرض لَهُ، وَهُوَ عِنْدهم كثير الْخَطَأ. (2742) أورد لَهُ من مصححات التِّرْمِذِيّ: " طَاف بِالْبَيْتِ مضطبعاً ". (2743) وَلما ذكر حَدِيث: " حرم الميسر، وَالْخمر، والكوبة ". ضعفه من أَجله، وَقَالَ: إِنَّه ضَعِيف فِي الثَّوْريّ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 508 ونعيم بن حَمَّاد قد ذكر تَضْعِيف النَّاس لَهُ واتهام بَعضهم إِيَّاه من أجل حَدِيث: (2744) " أعظمها فتْنَة قوم يقيسون " الحَدِيث. وَمَعَ ذَلِك فَإِنَّهُ قد سالمه فِي حَدِيث نَقله من عِنْد البُخَارِيّ، وَهُوَ حَدِيث أنس، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (2745) " أمرت أَن أقَاتل النَّاس حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَه إِلَّا الله، فَإِذا قالوها وصلوا صَلَاتنَا، واستقبلوا قبلتنا " الحَدِيث. فَإِنَّهُ لما ذكره أتبعه أَن قَالَ: وَصله البُخَارِيّ فِي بعض الرِّوَايَات. لم يزدْ على هَذَا وَمَعْنَاهُ أَن هَذَا الحَدِيث وَقع عِنْد البُخَارِيّ غير موصل الْإِسْنَاد إِلَى ابْن الْمُبَارك، لَكِن مُعَلّقا هَكَذَا: وَقَالَ ابْن الْمُبَارك، عَن حميد، عَن أنس، فَذكره وَوَقع فِي بعض الرِّوَايَات: وَحدثنَا نعيم، قَالَ ابْن الْمُبَارك. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 509 فعلى هَذَا يكون مَوْصُولا بِرِوَايَة البُخَارِيّ لَهُ عَن نعيم، عَن ابْن الْمُبَارك، فقد كَانَ يَنْبَغِي لأبي مُحَمَّد أَن يُنَبه على أَنه من رِوَايَة نعيم. (2746) وَحَدِيث الْمِقْدَام بن معد يكرب: " للشهيد عِنْد الله سِتّ خِصَال ". فِيهِ نعيم وَبَقِيَّة، وَلم يعرض لَهما لما صَححهُ التِّرْمِذِيّ. (2747) وَحَدِيث: " حذف السَّلَام سنة ". صَححهُ التِّرْمِذِيّ، وَلم يُنَبه أَبُو مُحَمَّد على أَنه من رِوَايَة قُرَّة بن عبد الرَّحْمَن ابْن حيوئيل، وَهُوَ مُنكر الحَدِيث. وَأَحَادِيث حَرْمَلَة بن يحيى من عِنْد مُسلم فَإِنَّهُ مُتَكَلم فِيهِ. (2748) مِنْهَا حَدِيث ابْن عمر فِي الصَّلَاة على الرَّاحِلَة. (2749) وَحَدِيث: " من سَأَلَ الله الشَّهَادَة ". (2750) وَحَدِيث عَائِشَة فِي صلَاته عَلَيْهِ السَّلَام بِاللَّيْلِ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 510 (2751) وَحَدِيث يُعْطي [قُريْشًا وسيوفنا تقطر من دِمَائِهِمْ] وَأَحَادِيث فليح بن سُلَيْمَان من البُخَارِيّ. [وَسكت عَنْهَا كلهَا، وَلم يُنَبه عَلَيْهَا، وَيَقْتَضِي] تتبعه هُوَ، أَن يُنَبه على من فِي إِسْنَاده، وَلَو كَانَ مِمَّا أخرج البُخَارِيّ، أَو مُسلم، أَو مِمَّا صحّح التِّرْمِذِيّ. (2752) كَمَا فعل فِي حَدِيث: " تَقْبِيل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عُثْمَان بن مَظْعُون ". صَححهُ التِّرْمِذِيّ، وَهُوَ من رِوَايَة عَاصِم بن عبيد الله، وَبَين ذَلِك أَبُو مُحَمَّد، بعد ذكره تَصْحِيح التِّرْمِذِيّ إِيَّاه، فَكَانَ ذَلِك صَوَابا. (2753) وَكَذَلِكَ عمل أَيْضا فِي حَدِيث: " لعن الله زوارات الْقُبُور " فَإِنَّهُ ذكر تَصْحِيح التِّرْمِذِيّ لَهُ، وَبَين هُوَ أَنه من رِوَايَة عمر بن أبي سَلمَة، قَالَ وَهُوَ ضَعِيف عِنْدهم. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 511 وَهُوَ صَوَاب من عمله، خطأ من رَأْيه، وَذَلِكَ أَن عمر بن أبي سَلمَة، لَيْسَ يَنْتَهِي من الضعْف أَن يعْتَرض التِّرْمِذِيّ من أَجله فِي تَصْحِيح رِوَايَته، فَإِنَّهُ صَدُوق فِي الأَصْل، وَإِنَّمَا يُخَالف فِي بعض حَدِيثه، فَأحْسن من تَضْعِيفه وَمن تَصْحِيح التِّرْمِذِيّ تَحْسِين الحَدِيث. (2754) وَحَدِيث: " كَانَ للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حائطنا فرس يُقَال لَهُ: اللخيف أَو اللحيف ". لم يعرض مِنْهُ لأبي بن عَبَّاس بن سهل بن سعد لما كَانَ من عِنْد البُخَارِيّ. وَأبي هَذَا يضعف، لِأَنَّهُ يغرب فِي الْأَسَانِيد والمتون. قَالَ فِيهِ ابْن معِين، والساجي: ضَعِيف. وَقَالَ الْعقيلِيّ: لَا يُتَابع. (2755) وَحَدِيث: " رجم مَاعِز " من رِوَايَة بشير بن المُهَاجر، وَهُوَ عِنْد ابْن حَنْبَل مُنكر الحَدِيث. وَلم يعرض لَهُ لِأَن حَدِيثه من عِنْد مُسلم، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 512 وَفِي حَدِيثه هَذَا أَن الغامدية صلي عَلَيْهَا. وَهَذَا الْبَاب كثير وَلم نطل فِيهِ، لِأَن أَكْثَره قد تقدم التَّنْبِيه عَلَيْهِ فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي صححها بسكوته عَنْهَا. وَقد وَقع لَهُ أَمر نختم بالتنبيه عَلَيْهِ الْبَاب، وَهُوَ أَنه قَالَ: إِن مِمَّا يدْخل مَعَ الصِّحَاح، مَا ذكره أَبُو دَاوُد، عَن أُمَيْمَة بنت رقيقَة قَالَت: (2756) : كَانَ للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قدح من عيدَان تَحت سَرِيره يَبُول فِيهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 513 بِاللَّيْلِ " ثمَّ قَالَ: كَذَا قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: إِن هَذَا الحَدِيث يلْحق بِالصَّحِيحِ، أَو كلَاما هَذَا مَعْنَاهُ. انْتهى كَلَامه. فَأَقُول وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق: وَهَذَا أَيْضا جَار مجْرى مَا نقل من مصححات التِّرْمِذِيّ أَو مخرجات البُخَارِيّ [أَو مُسلم، فَإِنَّهُ يقلدهم فِي تصحيحهم إِيَّاه] إِيَّاه، وَقد كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَن لَا يقلدهم [فِي ذَلِك وَهَذَا الحَدِيث فِيهِ راو إِمَّا أَن فِيهِ] ضعفا، أَو أَنه مَجْهُول. وَإِن لم يحصل علم ذَلِك، وَلم يكن عِنْده إِلَّا تَقْلِيد الدَّارَقُطْنِيّ فِيمَا قَالَ، فَاعْلَم أَن الدَّارَقُطْنِيّ لم يقْض على هَذَا الحَدِيث بِصِحَّة، وَلَا يَصح لَهُ ذَلِك، وَإِنَّمَا الْأَمر فِيهِ على مَا أصف: وَذَلِكَ أَن البُخَارِيّ وَمُسلمًا، لم يخرجَا عَن رجل لم يرو عَنهُ إِلَّا وَاحِد، بل لَا بُد أَن يكون كل من يخرجَانِ عَنهُ، قد رى عَنهُ اثْنَان فَأكْثر، فَلذَلِك لم يخرجَا حَدِيث عُرْوَة بن مُضرس، وَقيس بن أبي غرزة، وأمثالهما من الصَّحَابَة الَّذين أَحَادِيثهم صَحِيحَة، وَلكنهَا لَيست على شَرطهمَا. وَبِهَذَا الِاعْتِبَار عمل الدَّارَقُطْنِيّ كتابا بَين فِيهِ أَن هُنَاكَ رجَالًا ترك البُخَارِيّ وَمُسلم الْإِخْرَاج لما صَحَّ من أَحَادِيثهم، فَإِنَّهُم بِهَذِهِ الصّفة، أَي قد روى عَن كل وَاحِد مِنْهُم راويان فَأكْثر. وَأَن هُنَاكَ رجَالًا أخرج عَنْهُم وَلم تحصل لَهُم هَذِه الصّفة، وَإِنَّمَا روى عَن كل وَاحِد مِنْهُم وَاحِد فَقَط. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 514 وَإِنَّمَا يَعْنِي بذلك فِي علمه، فَكَانَ مِمَّا ذكر الدَّارَقُطْنِيّ فِي هَذَا الْكتاب أَن ترْجم تَرْجَمَة نَصهَا: " ذكر أَحَادِيث رجال من الصَّحَابَة، رووا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، رويت أَحَادِيثهم من وُجُوه صِحَاح لَا مطْعن فِي نَاقِلِيهَا، وَلم يخرجَا من أَحَادِيثهم شَيْئا، فَلَزِمَ إخْرَاجهَا على مَذْهَبهمَا، وعَلى مَا قدمنَا مِمَّا أخرجَا، أَو أَحدهمَا ". هَذَا نَص التَّرْجَمَة. وَمَعْنَاهَا، هُوَ أَن رجَالًا من الصَّحَابَة رووا أَحَادِيث صحت عَنْهُم بِرِوَايَة الثِّقَات، فصلح كل وَاحِد مِنْهُم لِأَن يخرج فِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيثه مَا صَحَّ سَنَده، فَلم يخرجَا من أَحَادِيثهم شَيْئا، فَلَزِمَ إخْرَاجهَا على مَذْهَبهمَا. ثمَّ ذكر الدَّارَقُطْنِيّ فِي هَذِه التَّرْجَمَة أُمَيْمَة بنت رقيقَة، روى عَنْهَا مُحَمَّد ابْن الْمُنْكَدر، وابنتها حكيمة. لم يزدْ على هَذَا، وَلَا عين مَا رويا عَنْهَا، وَلَا قضى لحكيمة بِثِقَة وَلَا ضعف، وَلَا لشَيْء مِمَّا رَوَت. وَهَذِه عَادَته فِي هَذَا الْكتاب، فَإِنَّهُ إِنَّمَا أَشَارَ إِلَى الروَاة الَّذين ثَبت لَهُم عِنْده هَذَا الحكم وصلحوا بِهِ [لِأَن يدخلُوا فِي الصَّحِيح، وَرويت] عَنْهُم الْأَحَادِيث فجَاء بعده أَبُو ذَر الْهَرَوِيّ [فَعمل مستخرجا على ذَلِك] الْكتاب من غير قَضَاء عَلَيْهِ وَلَا على شَيْء مِنْهُ بِصِحَّة وَلَا ضعف، لَا مِنْهُ وَلَا من الدَّارَقُطْنِيّ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 515 (2757) فَكَانَ مِمَّا أخرج حَدِيث مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن أُمَيْمَة بنت رقيقَة فِي مبايعتها للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقَوله لَهَا: " إِنَّمَا قولي لمِائَة امْرَأَة كَقَوْلي لامْرَأَة وَاحِدَة ". وَهُوَ حَدِيث صَحِيح لثقة رُوَاته. ثمَّ أورد لَهَا حَدِيث ابْنَتهَا حكيمة فِي قصَّة الْقدح من العيدان. وَلم يقْض فِيهِ بِصِحَّة وَلَا ضعف، وَلَا فِي حكيمة بتعديل وَلَا تجريح فَالْحَدِيث الْمَذْكُور، مُتَوَقف الصِّحَّة على الْعلم بِحَال حكيمة الْمَذْكُورَة، فَإِن ثبتَتْ ثقتها صحت رِوَايَتهَا، وَهِي لم تثبت، واعتماد فعل الدَّارَقُطْنِيّ فِي ذَلِك غير كَاف، وَفعل الْهَرَوِيّ بعده أبعد. فَاعْلَم ذَلِك. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 516 (16) بَاب رجال لم يعرفهُمْ، وهم ثِقَات [أَو ضِعَاف] أَو مُخْتَلف فيهم الجزء: 5 ¦ الصفحة: 517 قد تقدم فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ضعفها وَهِي صَحِيحَة جملَة من هَؤُلَاءِ، إِلَّا أَنهم مِمَّن يَصح الحَدِيث إِذا عرف أحدهم، كَابْن الصَّباح، وَابْن سَابُور، وَغَيرهمَا مِمَّن تقدم فِي الْبَاب الْمَذْكُور ذكره. وَنَذْكُر فِي هَذَا الْبَاب من لَا يَصح الحَدِيث، وَلَو عرف من جهل أَبُو مُحَمَّد، لعِلَّة تبقى فِيهِ، إِمَّا من غَيره، وَإِمَّا مِنْهُ نَفسه، فَإِنَّهُ قد يعرف وَيكون ضَعِيفا. (2758) فَمن ذَلِك أَنه ذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن سُلَيْمَان بن معَاذ التَّمِيمِي حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر، عَن جَابر، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يسْأَل بِوَجْه الله إِلَّا الْجنَّة ". ثمَّ قَالَ: سُلَيْمَان هَذَا لَا أَدْرِي من هُوَ، كتبت حَدِيثه حَتَّى أسأَل عَنهُ، إِلَّا أَنِّي رَأَيْت فِيهِ لأبي جَعْفَر الطَّبَرِيّ: " سُلَيْمَان بن معَاذ هَذَا، فِي نَقله نظر، يجب التثبت فِيهِ ". انْتهى كَلَامه. فَأَقُول وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق يَنْبَغِي أَن نقدم هَا هُنَا مُقَدّمَة تبين معنى قَوْله فِي بعض الرِّجَال: كتبتهم حَتَّى أسأَل عَنْهُم. كَمَا قَالَ فِي ابْن الصَّباح، وَابْن سَابُور المتقدمي الذّكر، وَمَعْلُوم أَنه قد [تقدم لَهُ كثير من الْأَحَادِيث أعلها بِالْجَهْلِ] بأحوال رواتها، فَمَا الْفرق بَينهم وَبَين هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاء الروَاة ينقسمون ثَلَاثَة أَقسَام. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 519 قسم مِنْهُم لَا يعرف أصلا إِلَّا فِي الْأَسَانِيد، وَلم تصنف أَسمَاؤُهُم فِي مصنفات الرِّجَال. وَقسم هم مصنفون فِي كتب الرِّجَال، مقول فيهم: إِنَّهُم مَجْهُولُونَ. وَقسم ثَالِث، هم مذكورون فِي كتب الرِّجَال، مهملون من القَوْل فيهم، إِنَّمَا ذكرُوا برواتهم من فَوق وَمن أَسْفَل فَقَط. فالقسم الأول هم الَّذين يَقُول أَبُو مُحَمَّد فيهم: كتبتهم حَتَّى أسأَل عَنْهُم، وَلَكِن بِاعْتِبَار نظره ومنتهى بَحثه، فَإِن من هَؤُلَاءِ من قد وجدناهم نَحن، فَعلمنَا أَن نظره كَانَ قاصراً. وَأما الْقسم الثَّانِي، فَإِنَّهُ إِذا سَاق لأجدهم حَدِيثا أتبعه مَا نقل فِيهِ: من أَنه مَجْهُول أَو غير مَشْهُور، أَو لم تثبت عَدَالَته، وَمَا أشبه ذَلِك من الْأَلْفَاظ، وَهُوَ أَيْضا قد يَعْتَرِيه فيهم مَا يَعْتَرِيه فِي الْقسم الأول من وجود التوثيق فِي أحدهم أَو التجريح لغير من جَهله. وَالْقسم الثَّالِث، وهم المهملون، يعْتَبر من أَحْوَالهم تعدد الروَاة عَن أحدهم، فَمن كَانَ قد روى عَنهُ اثْنَان فَأكْثر، قبل حَدِيثه، وَاحْتج بروايته. هَذَا عمله الَّذِي اسْتمرّ عَلَيْهِ، وَقد بَيناهُ عَنهُ فِيمَا تقدم. وَإِن كَانَ لم يرو عَن أحدهم إِلَّا وَاحِد أَو لم يعلم روى عَنهُ إِلَّا وَاحِد، فَهَؤُلَاءِ لَا يتجاسر أَن يَقُول لأَحَدهم مَجْهُول، بل ترَاهُ يَقُول: فِي إِسْنَاده فلَان، وَلم يرو عَنهُ إِلَّا فلَان، أَو لَا يعلم روى عَنهُ إِلَّا فلَان، فَهُوَ عِنْده، لَا يَقُول فِي أحد: مَجْهُول، إِلَّا بِنَقْل عَن ا؛ د قَالَه، كَأَنَّهُ مَذْهَب حَتَّى إِنَّه لما ذكر حَدِيث: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 520 (2759) " الْمُسلمُونَ شُرَكَاء فِي ثَلَاث: المَاء، والكلأ، وَالنَّار " أتبعه أَن قَالَ: حبَان بن زيد الشرعبي، لَا أعلم روى عَنهُ إِلَّا حريز ابْن عُثْمَان، وَقد قيل: إِنَّه مَجْهُول. وَهَذَا نَص مَا أخبرناك بِهِ عَنهُ، وَقد تقدم مذْهبه مشروحاً بِأَكْثَرَ من هَذَا الشَّرْح، بتتبع مَا عمل بِهِ فِي ذَلِك. وَالْحق فِي هَذَا أَن جَمِيعهم مَجْهُولُونَ، لأَنهم لما لم يثبت أَن أحدا مِنْهُم روى عَنهُ إِلَّا وَاحِد، فَهُوَ لم يثبت لنا مِنْهُ بعد أَنه مُسلم، فضلا عَن كَونه ثِقَة، وَلَو ثَبت لدينا كَونه عدلا، لم يضرّهُ أَن يكون لَا يروي عَنهُ إِلَّا [وَاحِد، لِأَن الْعدَد لَيْسَ بِشَرْط فِي الرِّوَايَة، و] كَذَلِك لَو ثَبت لنا أَنه مُسلم لم يضرّهُ أَن لَا يروي عَنهُ جمَاعَة، والتحق بالمساتير الَّذين روى عَن كل وَاحِد مِنْهُم اثْنَان فَأكْثر، الَّذين حكمهم أَنهم مُخْتَلف فيهم بِحَسب الِاخْتِلَاف فِي ابْتِغَاء مزِيد على الْإِسْلَام، والسلامة من الْفسق الظَّاهِر. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 521 وَالْحق فيهم أَنهم لَا يقبلُونَ مَا لم تثبت عَدَالَة أحدهم، وَأَنَّهُمْ بِمَثَابَة المجاهيل الْأَحْوَال، الَّذين لم يرو عَن أحدهم إِلَّا وَاحِد، فَإنَّا إِذا لم نَعْرِف حَال الرجل، لم تلزمنا الْحجَّة بنقله. وَمَا ذكرهم مصنفو الرِّجَال، مهملين من الْجرْح وَالتَّعْدِيل، إِلَّا أَنهم لم يعرفوا أَحْوَالهم وَأَكْثَرهم إِنَّمَا وضعُوا فِي التراجم الْخَاصَّة بهم فِي كتب الرِّجَال، أخذا من الْأَسَانِيد الَّتِي وَقَعُوا فِيهَا، فهم إِذن مَجَاهِيل حَقًا. وَإِذ قد فَرغْنَا من هَذَا معيدين لأكثره إِذْ قد تقدم فِي أول بَاب الْأَحَادِيث المصححة بسكوته. فَاعْلَم أَن الَّذين نذْكر فِي هَذَا الْبَاب هم من وَجَدْنَاهُ مَعْرُوفا من الْقسم الأول وَالثَّانِي، وهم الَّذين كتبهمْ حَتَّى يسْأَل عَنْهُم، وَالَّذين نقل فيهم أَنهم مَجْهُولُونَ، وَهُوَ يسير جدا، وَقد تقدم مِنْهُ ابْن الصَّباح وَابْن سَابُور. وَمن وَجَدْنَاهُ مَعْرُوفا من أحد شطري الْقسم الثَّالِث أَيْضا، لِأَنَّهُ رد أَحَادِيثهم، فَمن وجدنَا فِيهِ التوثيق، لم يضرّهُ أَن لَا يروي عَنهُ أَكثر من وَاحِد. أم الشّطْر الآخر فَلَا يذكر هُنَا، لأَنهم مقبولون عِنْده، وَإِن كَانُوا فِي الْحق غير مقبولين مَا لم تثبت عَدَالَة أحدهم، وَلَو روى عَن أحدهم جمَاعَة، وَالله الْمُوفق. وَإِذ قد بلغنَا إِلَى هَا هُنَا فلنعد إِلَى الْمَقْصُود وَهُوَ بَيَان أَمر سُلَيْمَان بن معَاذ هَذَا وَإِنَّمَا خَفِي عَلَيْهِ أمره، لِأَنَّهُ إِنَّمَا يبْحَث عَن الرجل حِين الْحَاجة إِلَيْهِ بالمطالعة فِي بَابه، فقصد فِيهِ إِلَى بَاب سُلَيْمَان، وَالْمِيم من أَسمَاء الْآبَاء، أما من كتاب البُخَارِيّ، أَو كتاب ابْن أبي حَاتِم، أَو المنتجالي، أَو السَّاجِي، أَو الْعقيلِيّ، أَو الجزء: 5 ¦ الصفحة: 522 أبي أَحْمد، أَو غَيرهم، مِمَّن لَا أعلمهُ الْآن يبْحَث عَن الرِّجَال عِنْده، فَإِن أَكثر فزعه إِنَّمَا هُوَ إِلَى هَؤُلَاءِ، فَلَمَّا لم يجده فِي الْبَاب الَّذِي قصد إِلَيْهِ، ظَنّه غير مَذْكُور، وَلم يعلم [أَن سُلَيْمَان هَذَا. نسب إِلَى جده] فِي الْإِسْنَاد، وَهُوَ مَعْرُوف إِلَّا أَنه ضَعِيف، وَلَو قصد بَاب الْقَاف من أَسمَاء الْآبَاء، مِمَّن اسْمه سُلَيْمَان لم يخف عَلَيْهِ أمره. وَلما ذكر الْبَزَّار هَذَا الحَدِيث كَمَا ذكره أَبُو دَاوُد، من رِوَايَة يَعْقُوب بن إِسْحَاق، قَالَ: حَدثنَا سُلَيْمَان بن معَاذ كَذَلِك مَنْسُوبا إِلَى جده، وَلم يفسره وَذكر قبله فِي الْبَاب نَفسه، وَهُوَ بَاب مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن جَابر، حَدثنَا زيد ابْن أحزم، قَالَ: حَدثنَا أَبُو دَاوُد، قَالَ: حَدثنَا سُلَيْمَان بن معَاذ، وَهُوَ ابْن قرم عَن أبي يحيى القَتَّات، عَن مُجَاهِد، عَن جَابر: (2760) " مِفْتَاح الصَّلَاة الطّهُور ". هَكَذَا مَوْقُوفا ففسر سُلَيْمَان بن معَاذ بِأَنَّهُ ابْن قرم، من رِوَايَة أبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ عَنهُ، وَلَيْسَ صَاحب أبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ بِابْن قرم، وَإِنَّمَا ابْن قرم الَّذِي فِي إِسْنَاد الحَدِيث الَّذِي قصدنا بَيَانه. وَهَذَا الَّذِي يروي عَنهُ الطَّيَالِسِيّ رجل آخر، يُقَال لَهُ: " سُلَيْمَان بن معَاذ الضَّبِّيّ الْبَصْرِيّ " اعْتقد فِيهِ الْبَزَّار أَنه ابْن قرم، وَلَيْسَ بِهِ. وَأَبُو أَحْمد ابْن عدي، ذكرهمَا رجلَيْنِ مفترقين، وَلما ذكر سُلَيْمَان بن قرم الجزء: 5 ¦ الصفحة: 523 ابْن معَاذ قَالَ فِي بَابه: حَدثنَا الْحُسَيْن بن أبي معشر، حَدثنَا أَحْمد بن عَمْرو بن عُبَيْدَة، أَبُو الْعَبَّاس الْعُصْفُرِي، جَار عَليّ بن الْمَدِينِيّ، قَالَ: حَدثنَا يَعْقُوب بن إِسْحَاق، عَن سُلَيْمَان بن قرم، عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر، عَن جَابر، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لَا يسْأَل بِوَجْه الله إِلَّا الْجنَّة ". قَالَ: وَلَا أعرفهُ يرويهِ عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر إِلَّا سُلَيْمَان بن قرم، وَعَن سُلَيْمَان يَعْقُوب بن إِسْحَاق. قَالَ: وَسليمَان بن قرم أَحَادِيثه حسان، وَهُوَ خير من سُلَيْمَان بن أَرقم بِكَثِير. كَذَا قَالَ، وَغَيره يُضعفهُ. وَالْمَقْصُود هُوَ أَن الرجل الْمَذْكُور، هُوَ سُلَيْمَان بن قرم بن معَاذ يَقُول فِيهِ يَعْقُوب بن إِسْحَاق تَارَة: سُلَيْمَان بن قرم، وَتارَة سُلَيْمَان بن معَاذ، وَهُوَ ضَعِيف. [فَإِذن فسليمان بن معَاذ مَعْرُوف ومترجم فِي مظانه، وَلم يهتد إِلَيْهِ أَبُو مُحَمَّد] ، فَاعْلَم ذَلِك. (2761) وَذكر [من طَرِيق أبي دَاوُد عَن عمر] عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: قَالَ: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 524 " لَا يسْأَل الرجل فِيمَا ضرب امْرَأَته ". ثمَّ قَالَ: فِي إِسْنَاده عبد الرَّحْمَن الْمسلي وَلم أجد أحدا نسبه، وَلَا أحد تكلم فِيهِ، وكتبته لعَلي أجد من يعرفهُ. انْتهى كَلَامه. فَنَقُول وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق: إِن إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث عِنْد أبي دَاوُد هُوَ هَذَا: حَدثنَا زُهَيْر بن حَرْب، حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي، حَدثنَا أَبُو عوَانَة، عَن دَاوُد بن عبد الله الأودي، عَن عبد الرَّحْمَن الْمسلي، عَن الْأَشْعَث بن قيس، قَالَ: تضيفت عمر، فَلَمَّا كَانَ فِي بعض اللَّيْل، قَامَ إِلَى امْرَأَته يضْربهَا، فحجزت بَينهمَا، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى فرَاشه وَأخذ مضجعه قَالَ: يَا أَشْعَث، احفظ عني شَيْئا سمعته من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " لَا يسْأَل الرجل فِيمَا ضرب امْرَأَته ". ثمَّ قَالَ [الْبَزَّار] : لَا نعلمهُ يرْوى عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا من هَذَا الْوَجْه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 525 وَعبد الرَّحْمَن الْمسلي، هُوَ عِنْدِي أَبُو وبرة ابْن عبد الرَّحْمَن، وَابْنه قد حدث بِأَحَادِيث، وَعبد الرَّحْمَن لَا نعلم حدث بِغَيْر هَذَا الحَدِيث. انْتهى كَلَامه. وَفِيه أَنه قد عرف عبد الرَّحْمَن الْمسلي بِأَنَّهُ ولد وبرة بن عبد الرَّحْمَن الْحَارِثِيّ، وَيُقَال: الْمسلي من مذْحج، ووبرة كُوفِي ثِقَة، وَعرف أَيْضا بِأَنَّهُ مَجْهُول الْحَال، لَا يرْوى عَنهُ إِلَّا هَذَا الحَدِيث. وَقد تمّ الْمَقْصُود، فَإِن أَبَا مُحَمَّد إِنَّمَا يَقُول مثل مَا قَالَ فِيمَن لَا يجده مَذْكُورا فِي كتب الرِّجَال، وَعبد الرَّحْمَن هَذَا كَذَلِك، لم يذكر فِيهَا، وَلَو وجده فِيهَا عده مَعْرُوفا، وَلكنه لم يكن ليقول فِيهِ: إِنَّه مَجْهُول، إِلَّا إِن قيل ذَلِك فِيهِ، وَقد شرحت هَذَا عَنهُ بِمَا يُغني عَن رده. (2762) وَذكر حَدِيث كثير مولى بني سَمُرَة، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة فِي: " أَمرك بِيَدِك " وَقَالَ عَن ابْن حزم: إِن كثيرا هَذَا مَجْهُول. وَابْن حزم الآخر [الَّذِي هُوَ أَحْمد بن سعيد بن حزم المنتجالي] الصَّدَفِي، سمي أبي أبي مُحَمَّد عَليّ بن أَحْمد [بن حزم، ضعفه أَيْضا، وَنقل عَن أَحْمد] بن عبد الله بن صَالح الْكُوفِي من رِوَايَة ابْنه أبي مُسلم عَنهُ أَنه قَالَ فِيهِ: ثِقَة. وَلم أر ذَلِك فِي كتاب الْكُوفِي. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 526 (2763) وَذكر حَدِيث شبه الْعمد، وَأتبعهُ أَن يَعْقُوب بن أَوْس، أَو عقبَة بن أَوْس وَاحِد، وَلَيْسَ بالمشهور. وَهُوَ وَاحِد كَمَا ذكر عِنْد ابْن معِين، وَبَقِي عَلَيْهِ أَن تعلم أَن الْكُوفِي ذكره فِي كِتَابه فَقَالَ: إِنَّه بَصرِي، تَابِعِيّ، ثِقَة. وَذكر مُحَمَّد بن أبي يَعْقُوب وَقد مر ذكره فِي حَدِيث: (2764) " الْمَرْأَة تَجِد المَال وَلَا يَأْذَن لَهَا زَوجهَا فِي الْحَج " وَذكرنَا مَا فِيهِ فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ذكر بعض من فِي أسانيدها، وَترك من هُوَ مثلهم. (2765) وَذكر أَيْضا عبد الْملك بن سعيد، بِمَا قد بَيناهُ فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ضعفها وَهِي صَحِيحَة. (2766) وَذكر أَيْضا جسرة بنت دجَاجَة بِأَنَّهَا لَيست بالمشهورة. وَقد تقدم ذكرهَا وَذكر الحَدِيث بِمَا فِيهِ فِيمَا تقدم. (2767) وَذكر أَيْضا مُحَمَّد بن أبان، وَقَالَ: لَا أعرفهُ إِلَّا فِي التَّسْمِيَة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 527 فِي الْوضُوء. وَقد تقدم مَا فِيهِ فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أعلها بِذكر رجل وَترك غَيره. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 528 (17) بَاب ذكر أَحَادِيث عرف بِبَعْض رواتها فَأَخْطَأَ فِي التَّعْرِيف بهم الجزء: 5 ¦ الصفحة: 529 قد يعرض لَهُ من هَذَا مَا لَا يعرض لَهُ، لِأَنَّهُ لَا نتحققه وَإِن كَانَ مُحْتملا مثل مَا اتّفق لَهُ من تَضْعِيف أبي حَمْزَة الَّذِي يروي عَن جَابر الْجعْفِيّ حَدِيث: (2768) " من مَاتَ وَله دين إِلَى أجل، وَعَلِيهِ دين إِلَى أجل " فَإِن أَبَا حَمْزَة الَّذِي فِي ذَلِك الْإِسْنَاد، هُوَ مُحَمَّد بن مَيْمُون السكرِي وَهُوَ ثِقَة، وتضعيفه إِيَّاه يدل على أَنه اعْتقد فِيهِ أَنه أَبُو حَمْزَة: مَيْمُون القصاب، وَقد بَينا ذَلِك فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أعلها بِذكر رجال، وَترك من هُوَ مثلهم. وَإِنَّمَا الَّذِي نذكرهُ فِي هَذَا الْبَاب، هُوَ مَا لَا يَقع فِيهِ شكّ عِنْد أهل هَذِه الصِّنَاعَة بِحَسب نظرهم، وَالَّذِي نذْكر فِيهِ أَيْضا، هُوَ مَا يكون [أَخطَأ فِيهِ باعتقاده، وَأما مَا يَقع لَهُ] من الْخَطَأ بِرَجُل بَدَلا من آخر، إِمَّا بِأَن تصحف وَإِمَّا بِأَن نَقله خطأ، فَهَذَا قد ذَكرْنَاهُ قبل فِي مَوَاضِع، مِنْهُ مَا هُوَ فِي بَاب نِسْبَة الْأَحَادِيث إِلَى غير رواتها، وَمِنْه مَا هُوَ فِي بَاب الْأَسْمَاء الْمُغيرَة، وَغَيرهمَا من الْأَبْوَاب، وَإِنَّمَا نذْكر فِي هَذَا الْبَاب مَا نَقله نقلا، وَزَاد فِيهِ من عِنْده زِيَادَة، هِيَ خطأ. (2769) فَمن ذَلِك أَنه ذكر من طَرِيق أبي دَاوُد حَدِيث عُثْمَان بن أبي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 531 سَوْدَة، عَن مَيْمُونَة مولاة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهَا قَالَت: يَا رَسُول الله، أَفْتِنَا فِي بَيت الْمُقَدّس، قَالَ: " أئتوه فصلوا فِيهِ " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: لَيْسَ هَذَا الحَدِيث بِقَوي. هَذَا نَص مَا ذكر، وَالْخَطَأ فِيهِ فِي جعله إِيَّاه عَن عُثْمَان بن أبي سَوْدَة، وَذَلِكَ من تَفْسِيره الْخَطَأ، فَإِن الحَدِيث عِنْد أبي دَاوُد إِنَّمَا هُوَ هَكَذَا: حَدثنَا النُّفَيْلِي، حَدثنَا مِسْكين، عَن سعيد بن عبد الْعَزِيز، عَن ابْن أبي سَوْدَة عَن مَيْمُونَة. هَكَذَا فِيهِ: " ابْن أبي سَوْدَة " غير مُسَمّى وَقد رُوِيَ عَن مِسْكين بن بكير مُفَسرًا بِزِيَادَة زِيَاد ابْن أبي سَوْدَة، لَا بعثمان. قَالَ أَبُو عَليّ بن السكن: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الْملك بن مَرْوَان، حَدثنَا أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن الْمفضل، حَدثنَا مِسْكين بن بكير، حَدثنَا سعيد بن عبد العزير عَن زِيَاد بن أبي سَوْدَة، عَن مَيْمُونَة مولاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهَا قَالَت: يَا رَسُول الله، أَفْتِنَا فِي بَيت الْمُقَدّس، قَالَ: " ائتوه فصلوا فِيهِ " قَالَت: فَإِن لم نستطع؟ قَالَ: " فَابْعَثُوا بِزَيْت يسرج فِي قناديله ". وَقد رَوَاهُ الْوَلِيد بن مُسلم، عَن سعيد بن عبد الْعَزِيز، ففسره أَيْضا بِأَنَّهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 532 زِيَاد بن أبي سَوْدَة، كَذَلِك ذكره ابْن أبي خَيْثَمَة، قَالَ: حَدثنَا الحوطي هُوَ عبد الْوَهَّاب بن نجدة قَالَ: حَدثنَا الْوَلِيد بن مُسلم، عَن سعيد بن عبد الْعَزِيز، قَالَ: حَدثنَا زِيَاد بن أبي سَوْدَة، أَن مَيْمُونَة مولاة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَت: قلت: يَا رَسُول الله، أَفْتِنَا فِي بَيت الْمُقَدّس؟ قَالَ: " أَرض الْمَحْشَر والمنشر، ائتوه فصلوا فِيهِ، فَإِن صَلَاة فِيهِ كألف [صَلَاة فِي غَيره "، قلت: أَرَأَيْت إِن] لم نطق أَن نتحمل إِلَيْهِ، قَالَ: فلتهد لَهُ زيتا يسرج [فِيهِ، فَإِن من أهْدى لَهُ كَانَ كمن صلى] فِيهِ ". وَقَالَ قَاسم بن أصبغ فِي كِتَابه: حَدثنَا الحوطي حَدثنَا عِيسَى بن يُونُس، عَن ثَوْر، عَن زِيَاد بن أبي سَوْدَة، عَن مَيْمُونَة مولاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مثله حرفا بِحرف. فَفِيهِ أَيْضا من قَول ثَوْر بن يزِيد أَنه زِيَاد بن أبي سَوْدَة، كَمَا قَالَ سعيد بن عبد الْعَزِيز، وهما أَخَوان، عُثْمَان وَزِيَاد ابْنا أبي سَوْدَة، وأظن أَن زياداً لم يسمعهُ من مَيْمُونَة، وَإِنَّمَا بَينه وَبَينهَا أَخُوهُ عُثْمَان. وَقد جَاءَ كَذَلِك من طَرِيق عِيسَى بن يُونُس، من غير رِوَايَة الحوطي عَنهُ. قَالَ ابْن السكن: حَدثنَا مُحَمَّد بن يُوسُف بن مطر، حَدثنَا عَليّ بن خشرم. وَحدثنَا مُحَمَّد بن بدر الْبَاهِلِيّ، حَدثنَا سُلَيْمَان بن عمر البرقي، قَالَا: حَدثنَا عِيسَى بن يُونُس، عَن ثَوْر بن يزِيد، عَن زِيَاد بن أبي سَوْدَة، عَن أَخِيه عُثْمَان بن أبي سَوْدَة، عَن مَيْمُونَة مولاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهَا قَالَت: " يَا نَبِي الله، أَفْتِنَا فِي بَيت الْمُقَدّس " الحَدِيث مثل رِوَايَة الحوطي سَوَاء. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 533 فَفِي هَذَا أَن رِوَايَة سعيد بن عبد الْعَزِيز الَّتِي ذكر أَبُو دَاوُد مُنْقَطِعَة، فَإِن سعيد بن عبد الْعَزِيز، وثور بن يزِيد، إِنَّمَا أخذاه عَن زِيَاد لَا عَن عُثْمَان، وَبَين زِيَاد وَبَين مَيْمُونَة عُثْمَان، حسب مَا فِي هَذِه الرِّوَايَة، عَن عِيسَى بن يُونُس. قَالَ ابْن أبي حَاتِم فِي زِيَاد: روى عَن أبي هُرَيْرَة وأخيه عُثْمَان، وَلَا أرَاهُ سمع من عبَادَة بن الصَّامِت، روى عَنهُ سعيد بن عبد الْعَزِيز، وَمُعَاوِيَة بن صَالح، وثور بن يزِيد، سَمِعت أبي يَقُول ذَلِك. لم يزدْ على هَذَا فِيمَا بِهِ ذكره. وَرِوَايَته عَن عبَادَة بن الصَّامِت، هِيَ مَا ذكر ابْن أبي خَيْثَمَة قَالَ: حَدثنَا الحوطي قَالَ: حَدثنَا الْوَلِيد بن مُسلم، عَن سعيد بن عبد الْعَزِيز، عَن زِيَاد بن أبي سَوْدَة، قَالَ: كَانَ عبَادَة بن الصَّامِت على سور بَيت الْمُقَدّس الشَّرْقِي فَبكى، فَقَالَ بَعضهم: مَا يبكيك. فَقَالَ: من هَا هُنَا أخبرنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه رأى جَهَنَّم. فَإِن قَالَ: قلت: [مَا ذكرته يدل على أَن الَّذِي رَوَاهُ] عَن مَيْمُونَة عُثْمَان، لَا زِيَاد ففسره. فَالْجَوَاب أَن نقُول: هُوَ إِنَّمَا نسب الحَدِيث إِلَى أبي دَاوُد، وَلم يَقع عِنْده إِلَّا غير مُسَمّى، فَهُوَ إِن كَانَ علمه عَن عُثْمَان، فَلَيْسَ لَهُ أَن يعزوه إِلَى أبي دَاوُد، فَإِنَّهُ عِنْده من رِوَايَة سعيد بن عبد الْعَزِيز. رَوَاهُ مُحَمَّد بن بكير، عَن الْوَلِيد بن مُسلم، عَن سعيد. قَالَ ابْن أبي خَيْثَمَة: حَدثنَا مُحَمَّد بن بكير الْحَضْرَمِيّ، حَدثنَا الْوَلِيد بن مُسلم قَالَ: قلت للأوزاعي: إِن سعيد بن عبد الْعَزِيز حَدثنَا عَن ابْن أبي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 534 سَوْدَة، عَن مَيْمُونَة مولاة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، قلت: يَا رَسُول الله، أَفْتِنَا فِي بَيت الْمُقَدّس؟ قَالَ: " ائتوه فصلوا فِيهِ "، قلت: كَيفَ وبيننا وَبَينه الرّوم؟ قَالَ: " فَابْعَثُوا بِزَيْت يسرج فِي قناديله ". قَالَ أَبُو عَمْرو الْأَوْزَاعِيّ: أوحى الله إِلَى نَبِي من أَنْبيَاء بني إِسْرَائِيل، أَن مر بني إِسْرَائِيل أَن يكثروا فِي مَسَاجِدهمْ النُّور، قَالَ: فظنوا أَنه إِنَّمَا يُرَاد بِهِ المصابيح، فَأَكْثرُوا وَإِنَّمَا يُرَاد بِهِ الْعَمَل الصَّالح. فَهَذِهِ أَيْضا رِوَايَة لم يُفَسر فِيهَا من هُوَ عَن سعيد، وَقد فسره من قدمنَا ذكره، وَلَا نعلم الحَدِيث من رِوَايَة سعيد بن عبد الْعَزِيز وَلَا من رِوَايَة ثَوْر بن يزِيد عَن عُثْمَان أصلا، لَكِن عَن زِيَاد. فَإِن قلت: فَإِذا قَالَ أَبُو مُحَمَّد: إِنَّه حَدِيث لَيْسَ بِالْقَوِيّ، بِنَاء على اعْتِقَاده فِي ابْن أبي سَوْدَة أَنه عُثْمَان، فَمَا حكمه إِذا كَانَ زياداً؟ قُلْنَا: هُوَ كَذَلِك غير صَحِيح، فَإنَّا كَمَا لم نعلم حَال عُثْمَان فَكَذَلِك لم نعلم حَال زِيَادَة، كِلَاهُمَا مِمَّن يجب التَّوَقُّف عَن روايتهما حَتَّى يثبت من أَمرهمَا مَا يغلب على الظَّن صدقهما، فَإِن صَحَّ توَسط عُثْمَان بَين زِيَاد ومَيْمُونَة فقد اجْتمعَا فِيهِ، فَهُوَ أَحْرَى بِأَن لَا يَصح. قَالَ ابْن أبي حَاتِم / حَدثنَا أبي، عَن هِشَام بن عمار، عَن صَدَقَة هُوَ ابْن خَالِد عَن زيد بن وَاقد، عَن عُثْمَان بن أبي سَوْدَة، قَالَ: كَانَت أُمِّي سَوْدَة لعبادة بن الصَّامِت، وَكَانَ أبي لعبد الله بن عَمْرو بن العَاصِي. كَذَا وَقع هَذَا عِنْد ابْن أبي حَاتِم، وَوَقع عِنْد البُخَارِيّ: كَانَت أُمِّي أم سَوْدَة وَهُوَ الصَّوَاب فَاعْلَم ذَلِك. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 535 (2770) وَذكر من [طَرِيق أبي دَاوُد، عَن الدَّرَاورْدِي، وَهُوَ عبد الْعَزِيز] ابْن مُحَمَّد، عَن مُوسَى وَهُوَ ابْن إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن أبي ربيعَة المَخْزُومِي، عَن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 536 سَلمَة بن الْأَكْوَع، قلت: يَا رَسُول الله، إِنِّي رجل أصيد، أفأصلي فِي الْقَمِيص الْوَاحِد؟ قَالَ: " نعم، وازرره وَلَو بشوكة ". ثمَّ أتبعه قَول البُخَارِيّ: فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث نظر ثمَّ سَاق من عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ، عَن سَلمَة أَيْضا حَدِيث: " اطرَح الْقرن وصل فِي الْقوس ". ثمَّ قَالَ: هَذَا يرويهِ مُوسَى بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الْحَارِث التَّيْمِيّ، وَهُوَ عِنْدهم منكرالحديث. فَأَقُول: إِنَّه أَخطَأ فِي قَوْله، فِي حَدِيث الدَّرَاورْدِي: " عَن مُوسَى " هُوَ ابْن إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن أبي ربيعَة المَخْزُومِي فَإِنَّهُ لَيْسَ بمُوسَى بن إِبْرَاهِيم بل هُوَ مُوسَى بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الْحَارِث التَّيْمِيّ الْمَذْكُور فِي حَدِيث الدَّارَقُطْنِيّ، الَّذِي قَالَ فِيهِ: إِنَّه مُنكر الحَدِيث، وَلم يَقع فِي الْإِسْنَاد أَكثر من مُوسَى بن إِبْرَاهِيم، ففسره هُوَ بِأَنَّهُ ابْن إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن أبي ربيعَة، فَأَخْطَأَ فِي ذَلِك، وَلكنه خطأ لَهُ فِيهِ عذر، فَإِن مُوسَى بن إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن أبي إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن أبي ربيعَة، وروى عَنهُ عطاف بن خَالِد، وَعبد الرَّحْمَن ابْن أبي الموَالِي، والدراوردي، قَالَه أَبُو حَاتِم. فَهُوَ عِنْد المطالعة على الحَدِيث الْمَذْكُور، وجد مُوسَى بن إِبْرَاهِيم الَّذِي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 537 يروي عَن سَلمَة، روى عَنهُ الدَّرَاورْدِي، فَلم يشك أَنه الَّذِي يطْلب، وَرَأى مَعَ ذَلِك اعتناء أبي حَاتِم بِالتَّفْرِيقِ بَينه وَبَين الآخر بقوله فِي بَابه: " مُوسَى بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الْحَارِث التَّيْمِيّ خلاف هَذَا، ذَاك شيخ ضَعِيف " يَعْنِي خلاف مُوسَى بن إِبْرَاهِيم المَخْزُومِي، الَّذِي يروي عَن سَلمَة، فَإِن هَذَا إِنَّمَا يروي عَن أَبِيه مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، وَإِن كَانَ هَذَا أَيْضا قد روى عَنهُ الدَّرَاورْدِي، وعطاف بن خَالِد، وَابْن أبي ذِئْب، ومُوسَى بن عُبَيْدَة، وَمُحَمّد بن طَلْحَة، وَعقبَة بن خَالِد، وَعبد الله بن نَافِع الصَّائِغ. فتأكد سَبَب الْغَلَط من حَيْثُ لم [ ... .] ع. وَبَيَان أَنه فِي هَذَا غالط، هُوَ أَن الحَدِيث ذكره الطَّحَاوِيّ هَكَذَا: حَدثنَا ابْن أبي دَاوُد، حَدثنَا ابْن أبي قتيلة، أخبرنَا الدَّرَاورْدِي، عَن مُوسَى بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، عَن أَبِيه، عَن سَلمَة قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله، فَذكر الحَدِيث. فَهَذَا الدَّرَاورْدِي قد بَين أَن الَّذِي حَدثهُ بِهِ، هُوَ مُوسَى بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، وَزَاد أَنه إِنَّمَا رَوَاهُ عَن أَبِيه، عَن سَلمَة، فَحَدِيث أبي دَاوُد على هَذَا مُنْقَطع. فَإِن قلت: وَلَعَلَّ الدَّرَاورْدِي عِنْده فِيهِ عَن الرجلَيْن: عَن المَخْزُومِي عَن سَلمَة، وَعَن التَّيْمِيّ عَن أَبِيه عَن سَلمَة، قُلْنَا: هَذَا يحْتَمل، وَلَكِن لَا يُصَار إِلَيْهِ بِمُجَرَّد الِاحْتِمَال، وَلَا يجْزم إِلَّا بِأَن الَّذِي حَدثهُ بِهِ هُوَ التَّيْمِيّ، وَأَنه بَينه وَبَين سَلمَة فِيهِ وَاحِد وَهُوَ أَبوهُ، وَقد ذكر أَبُو بكر البرقاني مُوسَى بن إِبْرَاهِيم هَذَا، فَذكر عَن أبي دَاوُد أَنه قَالَ: هُوَ مُوسَى بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، كَمَا قُلْنَا سَوَاء، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 538 وَذكر عَن ابْن حَنْبَل أَنه كره الرِّوَايَة عَنهُ. وَهَذَا الَّذِي تقدم كُله هُوَ النّظر الَّذِي قَالَه البُخَارِيّ: إِنَّه فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث. وَالله أعلم. (2771) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ عَن الْعَبَّاس زَاد فِي بعض النّسخ ابْن عبد الْمطلب قَالَ: " رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - طَاف بِالْبَيْتِ سبعا، ثمَّ صلى رَكْعَتَيْنِ بحذائه فِي حَاشِيَة الْمقَام، لَيْسَ بَينه وَبَين الطّواف أحد ". ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: هَذَا مُنْقَطع. هَذَا نَص مَا ذكر، وَهُوَ خطأ لَا شكّ فِيهِ، وَلَيْسَ هَذَا الحَدِيث من رِوَايَة الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب، وَقد رَأَيْته كتبه فِي كِتَابه الْكَبِير بِخَطِّهِ فِي أَبْوَاب السّتْر من كتاب الصَّلَاة هَكَذَا: روى النَّسَائِيّ، عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، عَن عِيسَى بن يُونُس، عَن عبد الْملك ابْن عبد الْعَزِيز بن جريج، عَن كثير بن كثير، عَن أَبِيه، عَن جده قَالَ: " رَأَيْت الجزء: 5 ¦ الصفحة: 539 رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - طَاف بِالْبَيْتِ سبعا، ثمَّ صلى رَكْعَتَيْنِ بحذائه فِي حَاشِيَة الْمقَام، لَيْسَ بَينه وَبَين الطّواف أحد ". ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: كثير بن كثير، لم يسمع هَذَا الحَدِيث من أَبِيه، حَدثهُ عَنهُ بعض أَهله. ذكر ذَلِك [أَبُو دَاوُد، وَنَقله عَنهُ فِي كِتَابه] الْكَبِير، وَكتبه بِخَطِّهِ، وَذَلِكَ يُحَقّق غلطه فِي ظَنّه أَن الصَّحَابِيّ الرَّاوِي لَهُ هُوَ الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب. وَكَأَنَّهُ وَالله أعلم علم أَن للْعَبَّاس بن عبد الْمطلب ابْنا اسْمه كثير، فَظَنهُ [هُوَ] وَمَا علم أَن [كثير بن] الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب لَا يعرف لَهُ حَدِيث عَن أَبِيه، إِلَّا حَدِيث يَوْم حنين، ورميه عَلَيْهِ السَّلَام الْحَصَى فِي وُجُوه الْكفَّار وَقَوله فِيهِ: " الْآن حمي الْوَطِيس ". لَا يعرف لَهُ عَنهُ إِلَّا هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِك الْبَزَّار وَغَيره، وَكَذَلِكَ فَلَيْسَ لكثير بن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب هَذَا ابْن اسْمه كثير يروي عَنهُ، وَلَا أعلم أحدا ذكر ذَلِك، وَقد بحثت عَنهُ. وَإِذ قد فَرغْنَا من تَقْدِير غلطه، فقد يجب أَن أبين من الصَّحَابِيّ الْمَذْكُور؟ فَأَقُول: ذكر النَّسَائِيّ هَذَا الحَدِيث فِي كتاب الصَّلَاة، بِالنَّصِّ الَّذِي ذكره بِهِ أَبُو مُحَمَّد، وَبِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور، عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، فَلم يتخالج أحدا يعلم شَيْئا من هَذَا الشَّأْن شكّ فِي أَنه كثير بن كثير بن الْمطلب بن أبي ودَاعَة السَّهْمِي، عَن أَبِيه، عَن جده الْمطلب، وَهُوَ ثِقَة مَعْرُوف بالرواية عَن أَبِيه وَعَن غَيره. وَإِن أردْت استظهاراً لذَلِك فَانْظُر فِي كتاب الْحَج من كتاب النَّسَائِيّ فِي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 540 بَاب: أَيْن تصلي رَكعَتَا الطّواف؟ تَجِد فِيهِ: أخبرنَا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، عَن يحيى، عَن ابْن جريح، عَن كثير بن كثير، عَن الْمطلب بن أبي ودَاعَة قَالَ: " رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين فرغ من سَبْعَة، جَاءَ حَاشِيَة المطاف، فصلى رَكْعَتَيْنِ لَيْسَ بَينه وَبَين الطّواف أحد ". وَفِي كتاب الْحَج عِنْد أبي دَاوُد فِي تَرْجَمَة نَصهَا: بَاب فِي مَكَّة: حَدثنَا ابْن حَنْبَل، حَدثنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، قَالَ: حَدثنِي كثير بن كثير بن الْمطلب بن أبي ودَاعَة، قَالَ: حَدثنِي بعض أَهلِي بِحَدِيث عَن جدي، أَنه رأى النَّبِي [- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِمَّا يَلِي] بَاب بني سهم، وَالنَّاس يَمرونَ بَين يَدَيْهِ وَلَيْسَ بَينهمَا [ستْرَة، قَالَ سُفْيَان: وَلَيْسَ بَينه وَبَين] الْكَعْبَة ستْرَة. قَالَ سُفْيَان: كَانَ ابْن جريح أخبرنَا عَنهُ، قَالَ: حَدثنَا كثير عَن أَبِيه، فَسَأَلته، فَقَالَ: " فَلَيْسَ من أبي سمعته، وَلَكِن من بعض أَهلِي عَن جدي " انْتهى مَا ذكر أَبُو دَاوُد. وَفِيه بَيَان الِانْقِطَاع الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ فِي كِتَابه الْكَبِير من عِنْد أبي دَاوُد، وَتبين مِنْهُ أَن رِوَايَة ابْن جريح مُنْقَطِعَة، فَإِنَّهُ ذكر أَن سُفْيَان رَاجع كثيرا وَسَأَلَهُ مِمَّن سَمعه، فَأخْبر أَنه لم يسمعهُ من أَبِيه، وَإِنَّمَا حَدثهُ بِهِ بعض أَهله. وَثَبت بِالْجَمِيعِ مقصودنا، وَهُوَ بَيَان الْغَلَط فِي ذكر الْعَبَّاس فَقَط، أَو بِزِيَادَة " عَن عبد الملطب " فِي هَذَا الحَدِيث، وَأَنه لَا مدْخل لَهُ هُنَا. وَقد ذكر الدَّارَقُطْنِيّ فِي علله هَذَا الحَدِيث وَاخْتِلَاف النَّاس فِيهِ، وَذكر خلافًا عَن ابْن جريج، وَصوب رِوَايَة ابْن عُيَيْنَة، ومراجعته كثيرا، وسؤاله هَل سَمعه من أَبِيه أم لَا، وَالله الْمُوفق. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 541 (2772) وَذكر حَدِيث المقعد الَّذِي قَالَ فِيهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لما مر بَين يَدَيْهِ: " قطع صَلَاتنَا قطع الله أَثَره ". وَقد بَينا أمره فِي موضِعين: فِي بَاب النَّقْص من الْأَسَانِيد، وَفِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ضعفها وَلم يبين عللها. (2773) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد قَالَ: حَدثنَا عبد السَّلَام بن عبد الرَّحْمَن الوابصي من ولد وابصة حَدثنَا أبي، عَن شَيبَان، فَذكر حَدِيث: " اتِّخَاذ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عموداً فِي مُصَلَّاهُ يعْتَمد عَلَيْهِ لما أسن ". ثمَّ قَالَ عقبه: عبد الرَّحْمَن الوابصي وَهُوَ ابْن صَخْر كَانَ قَاضِي حلب والرقة، لَا أعلم روى عَنهُ إِلَّا ابْنه عبد السَّلَام. هَكَذَا ذكره، وَلَا أبعد أَن يكون كَمَا ذكر، لكنه لَيْسَ بِمَعْرُوف، وَالْمَعْرُوف إِنَّمَا هُوَ ابْنه: عبد السَّلَام، هُوَ كَانَ قَاضِي حلب، وحران، والرقة، وأخاف أَن يكون جرى عَلَيْهِ الْغَلَط مِمَّا ذكره بِهِ ابْن أبي حَاتِم، وَإِن كَانَ مَا ذكر صَوَابا [، إِلَّا لم يُوضحهُ، وَلم يفسره] كَمَا يجب. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 542 قَالَ ابْن أبي حَاتِم: عبد السَّلَام [بن عبد الرَّحْمَن بن صَخْر بن عبد الرَّحْمَن] بن وابصة الْأَسدي، قَاضِي الرقة، وحران، وحلب، روى عَن أَبِيه، عَن جَعْفَر بن برْقَان، سمع مِنْهُ أبي بالرقة سنة أَربع وَأَرْبَعين وروى عَنهُ. هَذَا جملَة مَا ذكره بِهِ، وَهُوَ صَوَاب، وَقَوله فِيهِ: " قَاضِي الرقة، وحران، وحلب " هُوَ نعت لعبد السَّلَام الْمُبْتَدَأ بِذكرِهِ، الْمُعْتَمد بَيَان أمره، وَلَا يَصح أَن نجعله نعتاً لعبد الرَّحْمَن، إِلَّا لَو قَالَ هَكَذَا: " عبد السَّلَام بن عبد الرَّحْمَن، قَاضِي الرقة وحران وحلب، ابْن صَخْر بن عبد الرَّحْمَن بن وابصة ". فَإذْ لم يفعل، بل ذكر النّسَب، فَلَمَّا فرغ أعَاد النَّعْت، كَانَ ذَلِك للمذكور أَولا. وَلَيْسَ من هَا هُنَا غلط، فَإِنَّهُ وَالله أعلم - لم يحْتَج حِين كتب هَذَا الحَدِيث أَن ينظر فِي أَمر عبد السَّلَام شيخ أبي دَاوُد فِي الْإِسْنَاد الْمَذْكُور، وَلذَلِك لم يبن من أمره شَيْئا، وَلِأَنَّهُ قد عهد مِنْهُ تسَامح فِي أَشْيَاخ أبي دَاوُد، اعْتِمَادًا على مَا علم من تحفظه، وتحريه فِي أشياخه الَّذين أَخذ عَنْهُم، وَإِنَّمَا احْتَاجَ أَن ينظر فِي أَمر الْأَب: عبد الرَّحْمَن وَالِد عبد السَّلَام، فَوجدَ فِي بَاب عبد الرَّحْمَن عِنْد ابْن أبي حَاتِم وَهُوَ ملجؤه مَا هَذَا نَصه: " عبد الرَّحْمَن بن صَخْر بن عبد الرَّحْمَن بن وابصة بن معبد، وَالِد عبد السَّلَام، قَاضِي الرقة، وحران وحلب، روى عَن شَيبَان بن عبد الرَّحْمَن، وجعفر بن برْقَان، وَطَلْحَة بن زيد، وَأبي مَرْيَم الْأنْصَارِيّ، وَقيس بن الرّبيع، روى عَنهُ ابْنه عبد السَّلَام الجزء: 5 ¦ الصفحة: 543 الوابصي. هَذَا نِهَايَة مَا ذكره بِهِ، وَهُوَ مغلط لمن لم يقف على بَاب عبد السَّلَام وَمَا ذكر فِيهِ، إِذْ يحْتَمل أَن يكون قَوْله: " قَاضِي الرقة وحران وحلب مَرْفُوعا، فَيكون نعتاً لعبد الرَّحْمَن كَمَا فهم هُوَ، أَو مخفوضاً فَيكون نعتاً لعبد السَّلَام كَمَا هُوَ الْحق، وَإِذا كَانَ هَذَا مُحْتملا، رَجَعَ إِلَى الْمُبين فِي بَاب عبد السَّلَام [وَهُوَ لَفْظَة: حران] فَإِنَّهُ ذكرهَا، أَو سقط لَهُ ذكرهَا، وَلَا يعلم لعبد الرَّحْمَن الْمَذْكُور [راو آخر يروي] عَنهُ إِلَّا ابْنه عبد السَّلَام، القَاضِي الوابصي فَاعْلَم ذَلِك. (2774) وَذكر من طَرِيق أبي أَحْمد، عَن بَقِيَّة بن الْوَلِيد، قَالَ: حَدثنِي مَالك بن أنس، عَن عبد الْكَرِيم الْهَمدَانِي، عَن أبي حَمْزَة قَالَ: سُئِلَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن رجل نسي الْأَذَان وَالْإِقَامَة، وَقَالَ: " إِن الله عز وَجل تجَاوز عَن أمتِي السَّهْو فِي الصَّلَاة ". ثمَّ أتبعه مَا أتبعه، ثمَّ قَالَ: حَدِيث بَقِيَّة عَن مَالك، رَوَاهُ عَنهُ هِشَام بن خَالِد. كَذَا قَالَ، وَهُوَ خطأ لَا شكّ فِيهِ، وَإِنَّمَا رَوَاهُ عَن بَقِيَّة هِشَام بن عبد الْملك، أَبُو تَقِيّ الْحِمصِي، وَهُوَ شيخ متقن، يروي عَن بَقِيَّة وَجَمَاعَة من الشاميين الجزء: 5 ¦ الصفحة: 544 سواهُ وروى عَنهُ الْأَئِمَّة: كَأبي دَاوُد، والرازيين، وَغَيرهم. وَالْأَمر فِي ذَلِك فِي نفس الْإِسْنَاد، فِي الْموضع الَّذِي نَقله مِنْهُ، وَلَا أَدْرِي كَيفَ جرى فِيهِ عَلَيْهِ الْغَلَط، إِلَّا أَن يكون قد علقه من عِنْد أبي أَحْمد فِي جملَة مَا اقتنى، وَاخْتَصَرَهُ اتكالاً على مَا علم من شهرته وثقته، فَلم يذكر أَبَاهُ، فَلَمَّا أَرَادَ كتب هَذَا الحَدِيث كتبه مِمَّا عِنْده، كَمَا قد وجدته يفعل ذَلِك كثيرا، يكْتب الْأَحَادِيث مِمَّا اقتنى وَكتب بِخَطِّهِ، وَلَا يُرَاجع الْأُصُول. وَقد يكون فِيمَا كتب أَوْهَام، وَأَرَادَ أَن يُفَسر من أَمر هِشَام مَا يتمم بِهِ الْفَائِدَة للقارئ، فَظَنهُ هِشَام بن خَالِد، وَذَلِكَ أَن هِشَام بن خَالِد، أَبَا مَرْوَان، الْأَزْرَق، الدِّمَشْقِي، اشهر من أَصْحَاب بَقِيَّة بن الْوَلِيد. وَيحْتَمل على بعد أَن يكون قد رأى الحَدِيث أَيْضا من رِوَايَة هِشَام بن خَالِد عَن بَقِيَّة، فَأَرَادَ أَن يعرف بذلك، وَهَذَا إِنَّمَا كَانَ يَسْتَقِيم لَهُ بعد أَن يعرف بِأَن رَاوِيه عَن بَقِيَّة فِي الْموضع الَّذِي نَقله مِنْهُ، هُوَ هِشَام بن عبد الْملك، ثمَّ يتبعهُ أَن يَقُول: وَرَوَاهُ أَيْضا هِشَام بن خَالِد عَن بَقِيَّة، فَأَما أَن يذكرهُ من عِنْد أبي أَحْمد، ثمَّ يتبعهُ أَنه رَوَاهُ هِشَام بن خَالِد، عَن بَقِيَّة، فَعمل غير صَحِيح، لما فِيهِ من إِبْهَام الْخَطَأ، من أَنه عِنْد أبي أَحْمد كَذَلِك. فَاعْلَم ذَلِك وَالله الْمُوفق. (2775) وَذكر [من طَرِيق مُسلم عَن] صَالح بن خَوات، عَمَّن صلى مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -[صَلَاة الْخَوْف يَوْم] ذَات الرّقاع، وَهُوَ سهل بن أبي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 545 حثْمَة أَن طائقة صفت " الحَدِيث. كَذَا قَالَ: إِنَّه سهل بن أبي حثْمَة، وَذَلِكَ مِمَّا يجب التَّوَقُّف عَنهُ، وَهِي زِيَادَة مِنْهُ. وَبَيَان هَذَا، هُوَ أَن صَالح بن خَوات روى عَنهُ هَذَا الحَدِيث: الْقَاسِم بن مُحَمَّد، وَيزِيد بن رُومَان. فَأَما الْقَاسِم فَقَالَ فِيهِ: عَن صَالح بن خَوات، عَن سهل بن أبي حثْمَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى بِأَصْحَابِهِ فِي الْخَوْف، فَذكر الْقِصَّة. فَمَا فِي هَذَا السِّيَاق أَنه شَاهد الْقِصَّة أَعنِي سهل بن أبي حثْمَة وَيُوجد فِي رِوَايَة الْقَاسِم هَذِه من رِوَايَة شُعْبَة وَغَيره مَا لَفظه هَكَذَا: عَن صَالح بن خَوات، عَن سهل بن أبي حثْمَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى بهم صَلَاة الْخَوْف. فَمثل هَذَا يُوهم أَنه شَاهد. وَإِذا حقق النّظر وَجب تَأْوِيله حَتَّى يكون مَعْنَاهُ: " صلى بهم " يَعْنِي بِمن عداهُ. فَأَما رِوَايَة يزِيد بن رُومَان، فَفِيهَا عَن صَالح، عَمَّن صلى مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم ذَات الرّقاع. وَلم يسم يزِيد بن رُومَان عَن صَالح هَذَا الْمشَاهد للقصة من هُوَ، فَظَنهُ أَبُو مُحَمَّد: سهل بن أبي حثْمَة الْمَذْكُور فِي رِوَايَة الْقَاسِم، عَن صَالح، وتأكد ذَلِك باتحاد الصّفة إِلَّا فِي السَّلَام. وَهَذَا مِمَّن ظَنّه خطأ وَلم تدع إِلَيْهِ ضَرُورَة، فَإِنَّهُ لَيْسَ بمحال أَن يكون صَالح ابْن خَوات قد روى الْقِصَّة عَن رجلَيْنِ: أَحدهمَا شَاهد للقصة فَلم يسمه، وَالْآخر لم يُشَاهد، وَهُوَ سهل بن أبي حثْمَة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 546 وَالْحَامِل على هَذَا الَّذِي قُلْنَاهُ، هُوَ أَن ذَات الرّقاع كَانَت بعد نَبِي النَّضِير فِي صدر السّنة الرَّابِعَة من الْهِجْرَة، وَسَهل بن أبي حثْمَة توفّي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ ابْن ثَمَان سِنِين فِي قَول كل من رَأَيْته تعرض لذكر سنه، وأقربهم متناولاً الطَّبَرِيّ، والواقدي، والكلاباذي، واللالكائي، وَابْن السكن، وَأَبُو عمر بن عبد [الْبر وَلَيْسَ فِيهِ أَي خلاف إِلَّا] لأبي حَاتِم الرَّازِيّ، وَهُوَ مَا حَكَاهُ ابْنه [عَنهُ من أَن لَهُ صُحْبَة، وَبَايع] تَحت الشَّجَرَة، وَشهد الْمشَاهد كلهَا إِلَّا بَدْرًا، وَكَانَ دَلِيل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَيْلَة أحد. قَالَ ابْن أبي حَاتِم: سَمِعت رجلا من وَلَده سَأَلَهُ أبي عَن ذَلِك، فَأخْبرهُ بِمَا ذكرت. وَأَبُو عمر قد اخْتَار الأول، فَإِن هَذَا عِنْدهم شَيْء لَا يَصح، والغلط فِيهِ من هَذَا الرجل الَّذِي لَا يدْرِي من هُوَ، وَإِنَّمَا الَّذِي بَعثه رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خارصاً، وَأَبُو بكر وَعمر بعده وَكَانَ دَلِيل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى أحد، وَشهد مَعَه الْمشَاهد بعْدهَا أَبُو حثْمَة: عبد الله بن سَاعِدَة، وَالِد سهل بن أبي حثْمَة الْمَذْكُور، وَهَكَذَا ذكره الطَّبَرِيّ وَغَيره، وَتُوفِّي فِي أول خلَافَة مُعَاوِيَة. وَبِهَذَا كُله ذكره أَيْضا أَبُو عمر فِي الصَّحَابَة فِي بَاب الكنى، وَذكر الجزء: 5 ¦ الصفحة: 547 بعضه ابْن أبي حَاتِم فِي بَاب عَامر. فعلىة هَذَا يكون سهل فِي زمَان ذَات الرّقاع ابْن سنتَيْن وَنَحْوهمَا، وَقد روى عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُشْتَركا مَعَ غَيره قصَّة حويصة ومحيصة فِي قتل عبد الله بن سهل، وَفِي ذَلِك الحَدِيث قَالَ سهل: " لقد ركضتني مِنْهَا نَاقَة حَمْرَاء " هَذَا فِي كتاب مُسلم، وَهُوَ فِي الْمُوَطَّأ. وَقَالَ أَبُو الْقَاسِم الْبَغَوِيّ بعد أَن ذكر أَنه كَانَ صَغِيرا حَدثنِي سُلَيْمَان بن الْأَشْعَث، قَالَ: حَدثنِي أَحْمد بن صَالح، قَالَ: حَدثنَا عَنْبَسَة، قَالَ: حَدثنَا يُونُس، عَن ابْن شهَاب، قَالَ: وَزعم عبد الله بن عُرْوَة عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: سهل بن أبي حثْمَة يَقُول: ركضني من معقله صاحبنا ذَلِك، وَأَنا غُلَام دَنَوْت مِنْهُ حَتَّى ركضني. وَقد علم أَن خَيْبَر كَانَت أول سنة سبع، فَإِن كَانَ قَتله قبل فتح خَيْبَر إِذْ كَانَت صلحا، كَمَا فِي رِوَايَة سُلَيْمَان بن بِلَال، وَبشر بن الْمفضل، وَأبي وأويس، عَن يحيى بن سعيد فَذَلِك أبعد لضبطه ذَلِك. (2776) وَأما مَا رُوِيَ عَنهُ من قَوْله: " أمرنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " إِذا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 548 خرصتم فَخُذُوا، ودعوا الثُّلُث، فَإِن لم تدعوا الثُّلُث فدعوا الرّبع ". فَإِنِّي لَا أبعد أَن يكون [ذَلِك مِمَّا تَلقاهُ من أَبِيه] وَلَعَلَّه سمع ذَلِك آخر حَيَاة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُوله لِأَبِيهِ فَإِنَّهُ كَانَ خارص النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَو لغيره. فَإِن قيل: فَالْحَدِيث الَّذِي ذكر الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا الْحُسَيْن بن إِسْمَاعِيل الْمحَامِلِي، قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن شبيب، قَالَ: حَدثنِي عبد الْجَبَّار بن سعيد، قَالَ: حَدثنِي مُحَمَّد بن صَدَقَة، قَالَ: حَدثنِي مُحَمَّد بن يحيى بن سهل بن أبي حثْمَة، عَن أَبِيه، عَن جده سهل بن أبي حثْمَة، أَن رَسُول الله ، بَعثه خارصاً، فجَاء رجل إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِن أَبَا حثْمَة قد زَاد عَليّ فِي الْخرص، فَدَعَاهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: إِن ابْن عمك يزْعم أَنَّك زِدْت عَلَيْهِ فِي الْخرص، فَقلت: يَا رَسُول الله، لقد تركت لَهُ قدر خرفة أَهله وَمَا يطعم الْمَسَاكِين، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " قد زادك ابْن عمك وأنصف ". قُلْنَا: هَذَا لَا يَصح، فَإِن مُحَمَّد بن يحيى، وَمُحَمّد بن صَدَقَة الفدكي، وَعبد الْجَبَّار بن سعيد المساحقي، لَا تعرف أَحْوَالهم، وَكلهمْ مدنِي. وَأما عبد الله بن شبيب، فَهُوَ الربعِي الأخباري، شيخ الْمحَامِلِي، ابْن صاعد، وَابْن أبي الدُّنْيَا وَنَحْوهم، وَهُوَ ذَاهِب الحَدِيث متروكه، وَمِنْهُم من يتهمه بِالْوَضْعِ. وَأَيْضًا فَإِن فِي لفظ هَذَا الْخَبَر مَا يدل على الْخلَل الْوَاقِع فِيهِ لَو صَحَّ، وَذَلِكَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 549 قَوْله: " إِن أَبَا حثْمَة زَاد عَليّ فِي الْخرص " فَهَذَا يدل على أَن صَوَاب الْخَبَر، إِنَّمَا هُوَ عَن سهل بن أبي حثْمَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعث أَبَاهُ خارصاً، وَأَن قَوْله: " بَعثه خارصاً " خطأ، يُؤَكد ذَلِك ويبينه أَن سهل بن أبي حثْمَة إِنَّمَا يكنى أَبَا يحيى، كَذَلِك كناه كل من ذكر كنيته، والخارص فِي عهد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأبي بكر وَعمر، إِنَّمَا هُوَ أَبوهُ أَبُو حثْمَة كَمَا ذَكرْنَاهُ [وَعَلِيهِ فَلَا يَنْبَغِي أَن نفسر الَّذِي فِي حَدِيث] ، صَالح بن خَوات بمشاهدة صَلَاة الْخَوْف [مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِأَنَّهُ سهل بن أبي حثْمَة] وَلَيْسَ ذَلِك فِي نفس الحَدِيث، فَلَا يَنْبَغِي زِيَادَته وَالله الْمُوفق. (2777) وَذكر أَيْضا حَدِيث: " لَا تدعوهما وَإِن طردتكم الْخَيل ". وَفسّر ابْن سيلان راوية عَن أبي هُرَيْرَة، بِأَنَّهُ عبد ربه، وَالْأَمر فِيهِ مُحْتَمل أَن يكون هُوَ، وَأَن يكون جَابر بن سيلان، فَإِن كل وَاحِد مِنْهُمَا يروي عَن أبي هُرَيْرَة، وروى عَنهُ مُحَمَّد بن زيد، وَقد بَينا أمره فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أغفل ذكر عللها. (2778) وَذكر فِي الْجَنَائِز من المراسل، عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَخذ من قبل الْقبْلَة وَلم يسل سلا ". كَذَا قَالَ فِيهِ: إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ. وَلَيْسَ هُوَ كَذَلِك فِي الْمَرَاسِيل، وزيادته خطأ، وَإِنَّمَا هُوَ إِبْرَاهِيم بن يزِيد الجزء: 5 ¦ الصفحة: 550 النَّخعِيّ، وَهَذَا قد بَيناهُ بِأَكْثَرَ من هَذَا فِي بَاب نِسْبَة الْأَحَادِيث إِلَى غير رواتها. (2779) وَذكر البدنتين اللَّتَيْنِ أضلتهما عَائِشَة. واعتقد فِي سعد بن سعيد راوية أَنه سعد بن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري، وَذَلِكَ خطأ، وَإِنَّمَا هُوَ سعد بن سعيد، أَخُو يحيى بن سعيد وَعبد ربه ابْن سعيد، وَقد تقدم بَيَان هَذَا فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ضعفها وَهِي صَحِيحَة. (2780) وَذكر من طَرِيق الطَّحَاوِيّ، حَدثنَا مُحَمَّد بن خُزَيْمَة، حَدثنَا يُوسُف بن عدي - هُوَ القراطيسي - حَدثنَا ابْن إِدْرِيس - هُوَ عبد الله الأودي - عَن ابْن جريج، عَن عَطاء، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " قضى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالشُّفْعَة فِي كل شَيْء ". هَكَذَا أورد هَذَا الحَدِيث قَائِلا فِي يُوسُف بن عدي: " القراطيسي " وَذَلِكَ زِيَادَة تَفْسِير مِنْهُ، لَيْسَ فِي نفس الْإِسْنَاد فِي الْموضع الَّذِي نَقله مِنْهُ، وَهُوَ كتاب الطَّحَاوِيّ. وَأَبُو مُحَمَّد - رَحمَه الله - خرج من أمره أَنه كثير التَّقْلِيد فِي أَمر الروَاة من غير بحث مِنْهُ، وَذَلِكَ أَنه نقل الحَدِيث نصا حرفا بِحرف من كتاب ابْن حزم، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 551 وَهُوَ أَعنِي ابْن حزم قد جرت عَادَته بتفسير من يَقع فِي الْإِسْنَاد، مُحْتَاجا إِلَى التَّعْرِيف بِهِ، فقد يكون مِنْهُ فِي ذَلِك أَوْهَام وجدنَا لَهُ من ذَلِك كثيرا ضمناه بَابا مُفردا [فِي كتاب ألفناه فِي ذَلِك، وَذَلِكَ كتفسيره] حَمَّاد، بِأَنَّهُ ابْن زيد وَيكون ابْن سَلمَة، والراوي عَنهُ مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، وَتَفْسِير شَيبَان بِأَنَّهُ ابْن فروخ، وَإِنَّمَا هُوَ النَّحْوِيّ، وَهِي قبيحة جدا، فَإِن طبقتهما لَيست وَاحِدَة، وَتَفْسِير دَاوُد عَن الشّعبِيّ بِأَنَّهُ الطَّائِي، وَإِنَّمَا هُوَ ابْن أبي هِنْد. وَأَشْبَاه هَذَا كثير، قد بَيناهُ، ودللنا على موَاضعه من كِتَابه فِي الْبَاب الْمَذْكُور. وَهَذَا الَّذِي اعتراه فِي هَذَا الحَدِيث، هُوَ أَيْضا من ذَلِك الْقَبِيل، وَمن مَضْمُون ذَلِك الْبَاب، قَلّدهُ فِيهِ أَبُو مُحَمَّد فَأَخْطَأَ لخطئه فِيهِ، وبخطأ نَفسه فِي تَقْلِيده إِيَّاه، وَالْأَمر فِيهِ أبين شَيْء أَنه لَيْسَ بالقراطيسي، وَمن لَا يعرف هَذِه الصِّنَاعَة، يظنّ هَذَا منا خطأ، وَمن أبي مُحَمَّد صَوَابا، وَلَو أَن من يُنكر علينا هَذَا [يمن] على نَفسه بمطالعة كتاب الطَّحَاوِيّ، تبين لَهُ فِي أعداد من الْأَسَانِيد بَيَانا شافياً أَنه أَعنِي يُوسُف بن عدي لَيْسَ بالقراطيسي، وَأَن القراطيسي لَيْسَ بِيُوسُف بن عدي، وَذَلِكَ بتصفح رُوَاته من فَوق وأسفل، وَاعْتِبَار الْمَوَاضِع الَّتِي لم ينْسبهُ فِيهَا بِالَّتِي نسبه فِيهَا، وَأَنه أَعنِي القراطيسي إِنَّمَا هُوَ يُوسُف بن يزِيد. فَأَما يُوسُف بن عدي، هَذَا الَّذِي يروي عَنهُ ابْن خُزَيْمَة، فَرجل آخر، وَمُحَمّد بن خُزَيْمَة كثير الرِّوَايَة عَنهُ، وَهُوَ أول رجل وَقع اسْمه فِي كتاب الجزء: 5 ¦ الصفحة: 552 الطَّحَاوِيّ. وَفِي تَهْذِيب الْآثَار قَالَ فِيهِ: حَدثنَا مُحَمَّد بن خُزَيْمَة بن رَاشد وَهُوَ عِنْدهم أحد الثِّقَات قَالَ أَحْمد بن سعيد بن حزم المنتجالي الصَّدَفِي، سَأَلت أَبَا جَعْفَر الْعقيلِيّ عَنهُ فَقَالَ: هُوَ مُحَمَّد بن خُزَيْمَة بن رَاشد، كَانَ يقص، قلت لَهُ: هُوَ مُحَمَّد بن نصر بن خُزَيْمَة؟ فَقَالَ: لست أعرف نصرا، إِنَّمَا هُوَ كَمَا أَقُول لَك: مُحَمَّد بن خُزَيْمَة بن رَاشد، وَهُوَ ثِقَة. وَسَأَلت عَنهُ أَبَا عبد الله: صَالح بن عبد الله، فَقَالَ: هُوَ ثِقَة، بَصرِي، سكن مصر، وَأهل مصر أَو [ ... .] يحدثُونَ عَنهُ ويوثقونه. ولنرجع إِلَى بَيَان أَمر يُوسُف بن عدي فَنَقُول: [يُوسُف هَذَا، هُوَ آخو] زَكَرِيَّاء بن عدي، كُوفِي نزل مصر، يروي عَن مَالك بن أنس، وَعبيد الله ابْن عَمْرو، وَأبي الْمليح الرقي، وَشريك، وَعبد الرَّحْمَن بن أبي الزِّنَاد، وَأبي الْأَحْوَص، قَالَه أَبُو حَاتِم. وَأكْثر مَا تقع رِوَايَته فِي كتاب الطَّحَاوِيّ عَن أبي الْأَحْوَص، وروى عَنهُ الرازيان، وَقَالَ أَبُو زرْعَة مِنْهُمَا: إِنَّه وهب إِلَى مصر فِي تِجَارَة وَمَات بهَا، ووثقاه جَمِيعًا وَقَالَ أَبُو الْحسن: أَحْمد بن عبد الله بن صَالح الْكُوفِي فِيمَا روى عَنهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 553 ابْنه يُوسُف بن يزِيد: كُوفِي نزل مصر، صَاحب سنة، وَكَانَ ثِقَة، وَهُوَ أَخُو زَكَرِيَّا، وَهُوَ أسن من زَكَرِيَّاء بِسنة، وزكرياء أقدم موتا بِسنتَيْنِ، وزكرياء أشبه بأصحاب الحَدِيث. وَقَالَ ابْن وضاح: لَقيته بِمصْر، ويكنى أَبَا يَعْقُوب، وَهُوَ عالي الرِّوَايَة، نعم الشَّيْخ، ثِقَة الثِّقَات. وَكَذَا قَالَ فِيهِ أَحْمد بن صَالح: ثِقَة وَقَالَ مسلمة بن الْقَاسِم: يُوسُف بن عدي الْبكْرِيّ، يكنى أَبَا يَعْقُوب ثِقَة، كُوفِي، نزل مصر، روى عَنهُ من أهل بلدنا بَقِي وَابْن وضاح. وَالْمَقْصُود بِمَا نصصناه أَن يعلم أَنه لم يصفه أحد بِأَنَّهُ القراطيسي، وَهُوَ مَذْكُور فِي أَكثر مصنفات الرِّجَال بِمَا ذكرنَا الْآن بعضه. فَأَما القراطيسي، فَإِنَّهُ يُوسُف بن يزِيد، أَبُو يزِيد القراطيسي. قَالَ أَبُو جَعْفَر بن يُونُس فِي كِتَابه فِي تَارِيخ المصريين: هُوَ يُوسُف بن يزِيد ابْن كَامِل بن حَكِيم القراطيسي، يكنى أَبَا يزِيد، نسبه فِي موَالِي بني أُميَّة، توفّي يَوْم السبت، الثَّالِث من ربيع الأول، سنة سبع وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ، رأى الشَّافِعِي. وَقَالَ مسلمة بن الْقَاسِم: يُوسُف بن يزِيد بن كَامِل بن حَكِيم، أَبُو يزِيد القراطيسي، توفّي بِمصْر يَوْم السبت لثلاث خلون من شهر ربيع الأول، سنة سبع وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَصلى عَلَيْهِ ابْنه يزِيد، وَكَانَ مولده سنة سبع وَثَمَانِينَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 554 وَمِائَة، أخبرنَا عَنهُ غير وَاحِد. وَقَالَ أَحْمد بن سعيد بن حزم الصَّدَفِي، المنتجالي فِي كِتَابه: سَمِعت أَحْمد بن خَالِد يَقُول: يُوسُف بن يزِيد، أَبُو يزِيد القراطيسي، من أوثق النَّاس، لم أر مثله، و [لَا لقِيت أحدا إِلَّا وَقد لين أَو تكلم] فِيهِ، إِلَّا يُوسُف بن يزِيد، وَيحيى بن أَيُّوب العلاف، وَرفع من شَأْن يُوسُف. فَهَذَا هُوَ القراطيسي الْمَشْهُور بِمصْر، فَأَما يُوسُف بن عدي، فَلَا يَقُول أحد: إِنَّه القراطيسي، وَكِلَاهُمَا ثِقَة جليل فَاعْلَم ذَلِك. وَمن هَذَا الْبَاب ظَنّه بِمُحَمد بن سعيد الطَّائِفِي، أَنه المصلوب، والطائفي ثِقَة، وَقد تقدم بَيَان ذَلِك فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ضعفها وَهِي صَحِيحَة. (2781) وَذكر فِي قصَّة رِدَاء صَفْوَان أَنه رَوَاهُ أَشْعَث بن برَاز عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس. وَهُوَ خطأ لَا ريب فِيهِ عِنْد أحد مِمَّن لَهُ أدنى معرفَة بِهَذَا الْبَاب، فَإِن أَشْعَث ابْن برَاز لَا تعرف لَهُ رِوَايَة عَن عِكْرِمَة، وَهُوَ بَصرِي، يروي عَن الْبَصرِيين: الْحسن، وَقَتَادَة، ثَابت الْبنانِيّ، وَعلي بن زيد. وَإِنَّمَا رَاوِي الحَدِيث الْمَذْكُور، أَشْعَث بن سوار، وَهُوَ مَعْرُوف الراوية الجزء: 5 ¦ الصفحة: 555 عَن عِكْرِمَة، ومعروف لَهُ رِوَايَة رَاوِي هَذَا الْخَبَر عَنهُ، وَهُوَ الْفضل بن الْعَلَاء الْكُوفِي. وَيَكْفِيك أَن الْبَزَّار قد بَين فِي نفس الْإِسْنَاد حِين ذكره أَنه ابْن سوار، وَقد جرى ذكر هَذَا مستوعباً فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ضعفها وَلم يبين عللها. (2782) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ، عَن أبي عبد الرَّحْمَن الحبلي، عَن عبد الله بن مَسْعُود، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " من كَانَت لَهُ سريرة صَالِحَة أَو سَيِّئَة، أظهر الله عَلَيْهِ مِنْهَا رِدَاء يعرف بِهِ ". ثمَّ قَالَ: الصَّحِيح فِي هَذَا عَن عُثْمَان، عَن البني - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - انْتهى مَا أوردهُ. وَقد كتبناه فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا مُتَّصِلَة وَهِي مُنْقَطِعَة، وَذَلِكَ لكَونه غير موصل الْإِسْنَاد عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ، ونريد الْآن أَن نبين مِنْهُ أَن قَوْله " الحبلي " زِيَادَة مِنْهُ، وَإِنَّمَا أوردهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي جملَة أَحَادِيث عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ، عَن عبد الله، وَلم يقل فِيهِ: لَا السّلمِيّ، وَلَا الحبلي، وَلَكِن علم بِذكرِهِ فِي جملَة أَحَادِيث [السّلمِيّ - الَّتِي وَقع السُّؤَال عَنْهَا] أَنه هُوَ، وَإِنَّمَا قَالَ: وَسُئِلَ عَن حَدِيث أبي [عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ، فالسائل عَن حَدِيث عبد الرَّحْمَن] بَين قبله أَنه السّلمِيّ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 556 وَلَا يَصح بِالنّظرِ الحديثي أَن يكون غَيره، وَهُوَ أَبُو عبد الرَّحْمَن: عبد الله بن حبيب السّلمِيّ، وَكَانَ أعمى، مقرئ أهل الْكُوفَة، ثِقَة، يروي عَن عُثْمَان، وَعلي، وَابْن مَسْعُود، وَيُرْسل عَن عمر. فَأَما الحبلي، فَهُوَ عبد الله بن يزِيد، يروي عَن عبد الله بن عَمْرو بن العَاصِي، والمستورد بن شَدَّاد، والصنابحي، فَأَما عَن ابْن مَسْعُود فَلَا أعرفهُ. (2783) وَذكر حَدِيث: " إِذا قَرَأْتُمْ الْحَمد، فاقرؤوا بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم ". فَجعل فِيهِ عبد الحميد بن جَعْفَر، هُوَ أَبُو بكر الْحَنَفِيّ، وَذَلِكَ من الْخَطَأ الْفَاحِش، وَقد بَينا ذَلِك فِي بَاب الْأَسْمَاء الْمُغيرَة، وَفِي بَاب الْكَلَام الَّذِي يَقْتَضِي مِنْهُ تَصْحِيح أَحَادِيث لَيست بصحيحة. (2784) وَذكر حَدِيث أسيد بن ظهير فِي الَّذِي يجد مَا سرق مِنْهُ عِنْدَمَا اشْتَرَاهُ مِمَّن لَا يتهم. فضعفه بِتَضْعِيف عِكْرِمَة بن خَالِد المَخْزُومِي، بَدَلا من عِكْرِمَة بن خَالِد الْبَصْرِيّ، وَقد بَينا ذَلِك فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ضعفها وَهِي صَحِيحَة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 557 (18) (بَاب ذكر رجال ضعفهم بِمَا لَا يسْتَحقُّونَ، وَأَشْيَاء ذكرهَا عَن غَيره، هِيَ محتاجة إِلَى التعقيب) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 559 لَا شكّ أَن هَذَا الَّذِي نذْكر من مَضْمُون هَذَا الْبَاب، أقل مِمَّا يتقاضى، وَأَقل مِمَّا فِي كتاب أبي مُحَمَّد مِنْهُ، وَلَكنَّا خفنا إغفال هَذَا النَّوْع من النّظر مَعَه، فنبهنا بِهَذَا النزر على جنسه. وَقد وَقع لَهُ عَكسه فِي مَوَاضِع كَثِيرَة، وَذَلِكَ أَن يسالم رجَالًا لَا تنبغي مسالمتهم، أَو يذكرهم بِأَقَلّ مِمَّا يسْتَحقُّونَ أَن يذكرُوا بِهِ. (2785) كَقَوْلِه - إِثْر حَدِيث دُخُول مَكَّة بِغَيْر إِحْرَام -: مُحَمَّد بن خَالِد ابْن عبد الله الوَاسِطِيّ، ضَعِيف. وَهَذَا اللَّفْظ قد يُقَال لمن هُوَ صَدُوق، وَمن لَا يكون بِهِ بَأْس، يستضعف بِالْقِيَاسِ إِلَى من هُوَ فَوْقه فِي بَاب الثِّقَة وَالْأَمَانَة. وَمُحَمّد بن خَالِد، هُوَ عِنْدهم كَذَّاب. (2786) وَكَذَلِكَ لما أورد فِي الْجِهَاد: " انْطَلقُوا باسم الله وَبِاللَّهِ، وَفِي سَبِيل الله، وعَلى مِلَّة رَسُول الله، لَا تقتلُوا شَيخا فانيا، وَلَا [طفْلا، وَلَا صَغِيرا، وَلَا امْرَأَة] ... . " الحَدِيث. قَالَ: خَالِد بن الفرز] / لَيْسَ بِقَوي. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 561 وَهَذَا اللَّفْظ يُطلق على من هُوَ متقرر الْعَدَالَة، إِذا كَانَ غَيره أقوى مِنْهُ. وخَالِد هَذَا لَيْسَ يعرف لَهُ من الْعلم إِلَّا حديثان، هَذَا أَحدهمَا. (2787) وَالْآخر: " تَحْرِيم خلط الْبُسْر وَالتَّمْر ". ذكر ذَلِك الْبَزَّار، وَلَا يعرف روى عَنهُ إِلَّا الْحسن بن صَالح، وَإِنَّمَا حذا فِيهِ حَذْو ابْن معِين حِين قَالَ فِيهِ: لَيْسَ بِذَاكَ. وَذكر فِي كتاب الطَّهَارَة معمر بن مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي رَافع، فَقَالَ: معمر وَأَبوهُ ضعيفان. كَذَا قَالَ: وهما عِنْد الْمُحدثين مَتْرُوكَانِ. وَعَمله هَذَا فِي هَؤُلَاءِ، وفيمن لَا يُحْصى من أمثالهم مُنَاقض لما تقدم ذكره من عمله فِي تَضْعِيف هِشَام بن سعد، وإكثاره عَلَيْهِ، وَفِي تَضْعِيف مُعلى ابْن مَنْصُور، وَأبي غطفان بن طريف، وأشباههم مِمَّن تقدم ذكرنَا لَهُم. وَمَا لم نذكرهُ من ذَلِك لَعَلَّه الْأَكْثَر، وَذَلِكَ يُوجب عَلَيْك أَن لَا تقلد فِي هَذَا، فَإنَّك بِأَقَلّ من بَحثه تبلغ فيهم الْمَقْصُود. ولننبه على مَا عثرنا عَلَيْهِ من هَذَا النَّوْع، مِمَّن لم يتَقَدَّم ذكره. (2788) فَمن ذَلِك أَنه ذكر فِي الْجَنَائِز حَدِيث ابْن عَبَّاس: " لعن الله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 562 زائرات الْقُبُور، والمتخذين عَلَيْهَا الْمَسَاجِد والسرج ". ثمَّ قَالَ هَذَا يرويهِ أَبُو صَالح، صَاحب الْكَلْبِيّ، وَهُوَ عِنْدهم ضَعِيف جدا. كَذَا قَالَ، وَإِنَّمَا كَانَ يَنْبَغِي أَن يُقَال هَذَا فِي مُحَمَّد بن سعيد المصلوب، أَو الْوَاقِدِيّ، أَو غياث بن إِبْرَاهِيم، وَنَحْوهم من المتروكين الْمجمع عَلَيْهِم. فَأَما أَبُو صَالح: باذام مولى أم هَانِئ. فَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَد، وَلَا فِي هَذَا النمط، وَلَا أَقُول: إِنَّه ثِقَة، وَلَكِنِّي أَقُول: إِنَّه لَيْسَ كَمَا يُوهِمهُ هَذَا الْكَلَام، بل قَالَ عَليّ الْمَدِينِيّ: سَمِعت يحيى بن سعيد الْقطَّان يَقُول: " لم أر أحدا من أَصْحَابنَا ترك أَبَا صَالح مولى أم هَانِئ، وَمَا سَمِعت أحدا من النَّاس يَقُول فِيهِ شَيْئا، وَلم يتْركهُ شُعْبَة [وَلَا زَائِدَة، وَلَا عبد الله بن عُثْمَان. وَعَن] ابْن أبي خَيْثَمَة: سَمِعت يحيى بن معِين يَقُول: أَبُو [صَالح مولى أم هَانِئ لَيْسَ بِهِ بَأْس، فَإِذا روى] عَنهُ الْكَلْبِيّ فَلَيْسَ بِشَيْء، وَإِذا روى عَنهُ / غير الْكَلْبِيّ فَلَيْسَ بِهِ بَأْس؛ لِأَن الْكَلْبِيّ حدث بِهِ مرّة من رَأْيه وَمرَّة عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس، وَقد ذكرنَا قبل أَن ابْن معِين أخبر عَن نَفسه بِأَنَّهُ مَتى قَالَ فِي رجل: لَا بَأْس بِهِ، فَهُوَ عِنْده ثِقَة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 563 وَضعف الْكَلْبِيّ لَا يَنْبَغِي أَن يعدي أَبَا صَالح، وَلَيْسَ يَنْبَغِي أَن يمس أَبُو صَالح بكذبة الْكَلْبِيّ عَلَيْهِ، حَيْثُ حكى عَنهُ أَنه قَالَ لَهُ - أَعنِي أَن أَبَا صَالح قَالَ للكلبي -: كل مَا حدثتك عَن ابْن عَبَّاس كذب، وَفِي رِوَايَة: فَلَا تحدث بِهِ. فَهَذَا من كذب الْكَلْبِيّ، وَهُوَ عِنْدهم كَذَّاب، وَإِن كَانَ ابْن مهْدي ترك الرِّوَايَة عَن أبي صَالح، فَإِن غَيره قَالَ فِيهِ مَا ذَكرْنَاهُ، فَاعْلَم ذَلِك. (2789) وَذكر حَدِيث أبي هُرَيْرَة فِي النَّهْي عَن وضع النَّعْلَيْنِ عَن الْيَمين أَو الْيَسَار، وَالْأَمر بوضعهما بَين الرجلَيْن. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 564 ثمَّ قَالَ: فِي إِسْنَاده صَالح بن رستم أَبُو عَامر، وَأَصَح مِنْهُ مَا روى أَبُو دَاوُد، فَذكر حَدِيثا آخر. هَذَا مَا ذكر، فَكَأَن أَبَا عَامر صَالح بن رستم، ابْن لَهِيعَة، أَو جَابر الْجعْفِيّ، وَالرجل مَشْهُور، يوثقه قوم: مِنْهُم أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ. وَقَالَ فِيهِ أَحْمد بن حَنْبَل: صَالح الحَدِيث واخرج لَهُ مُسلم. وَقَول ابْن معِين فِيهِ: " لَا شَيْء " مَعْنَاهُ فِيهِ، أَنه لَيْسَ كَغَيْرِهِ، فَإِنَّهُ قد عهد يَقُول ذَلِك فِيمَن يقل حَدِيثه. فَاعْلَم ذَلِك. (2790) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، حَدِيث بهز بِمَ حَكِيم، عَن أَبِيه، عَن جده: " فَإنَّا آخِذُوهَا وَشطر مَاله ". ثمَّ قَالَ: بهز بن حَكِيم، وَثَّقَهُ عَليّ بن الْمَدِينِيّ، وَيحيى بن معِين وَغَيرهمَا يُضعفهُ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 565 هَذَا مَا ذكره بِهِ، وَهُوَ تَقْصِير بِهِ، موهم أَن الْأَكْثَرين على تَضْعِيفه، وَإِنَّمَا اخْتلف النَّاس فِيمَا يروي بهز، عَن أَبِيه، عَن جده هَكَذَا، وَهُوَ الَّذِي جعله الْحَاكِم فِي أَقسَام الصَّحِيح الْمُخْتَلف فِيهِ. أما أَن يُقَال: إِن بَهْزًا وَثَّقَهُ ابْن معِين، وَابْن الْمَدِينِيّ، وَضَعفه غَيرهمَا فخطأ، نعم لَو قَالَ: إِن ابْن أبي حَاتِم لم يذكر توثيقه إِلَّا عَن ابْن معِين، وَابْن الْمَدِينِيّ صدق، وَلَو زَاد: وَضَعفه غَيرهمَا عِنْد ابْن أبي [حَاتِم لَكَانَ صَوَابا، وَابْن أبي حَاتِم لم يذكر] فِيهِ التَّضْعِيف، وَإِنَّمَا حكى عَن أَبِيه، فَقَط / أَنه شيخ يكْتب حَدِيثه وَلَا يحْتَج بِهِ. وَعَن أبي زرْعَة انه قَالَ فِيهِ: " صَالح، وَلكنه لَيْسَ بِمَشْهُور. وَقَول أبي حَاتِم: لَا يحْتَج بِهِ؛ لَا يَنْبَغِي أَن يقبل مِنْهُ إِلَّا بِحجَّة، وبهز ثِقَة عِنْد من علمه، وَقد وَثَّقَهُ غير من ذكر، كَالنَّسَائِيِّ، وَابْن الْجَارُود، وَصحح التِّرْمِذِيّ رِوَايَته عَن أَبِيه، عَن جده. وَقَالَ أَبُو أَحْمد بن عدي، قد روى عَنهُ ثِقَات النَّاس، وَذكر أَن الزُّهْرِيّ روى عَنهُ حديثين ذكرهمَا، وَقَالَ: وَلم أر أحدا من الثِّقَات تخلف عَنهُ فِي الرِّوَايَة، وَلم أر لَهُ حَدِيثا مُنْكرا، وَأَرْجُو أَنه إِذا حدث عَنهُ ثِقَة فَلَا بَأْس بحَديثه. وَقَالَ أَبُو جَعْفَر البستي: إِسْنَاد بهز بن حَكِيم، عَن أَبِيه، عَن جده الجزء: 5 ¦ الصفحة: 566 صَحِيح. وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحُسَيْن: سَأَلت ابْن معِين، هَل روى شُعْبَة عَن بهز؟ قَالَ: نعم، روى عَنهُ حَدِيثا، وَهُوَ قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (2791) " أترعوون من ذكر الْفَاجِر ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 567 وَقد كَانَ شُعْبَة متوقفا عَنهُ، فَلَمَّا روى هَذَا الحَدِيث كتبه، وأبرأه مِمَّا اتهمه بِهِ. قلت: فكم لَهُ عَن أَبِيه عَن جده؟ قَالَ: أَحَادِيث، قلت لأبي عبد الله بن حَنْبَل: مَا تَقول فِي بهز؟ قَالَ: سَأَلت غندرا عَنهُ فَقَالَ: قد كَانَ شُعْبَة مَسّه ثمَّ تبين مَعْنَاهُ، فَكتب عَنهُ. قَالَ أَبُو مُحَمَّد بن قُتَيْبَة: كَانَ من خِيَار النَّاس. وَلَيْسَ بضار لَهُ مَا حَكَاهُ أَحْمد بن بشير قَالَ: أتيت الْبَصْرَة فِي طلب الحَدِيث، فَأتيت بَهْزًا، فَوَجَدته مَعَ قوم يَلْعَبُونَ بالشطرنج؛ فَإِن استباحتها مَسْأَلَة فقهية مجتهدة. (2792) وَقد ذكر أَبُو مُحَمَّد - رَحمَه الله - حَدِيث: " إِنِّي أَسأَلك بِوَجْه الله " من عِنْد النَّسَائِيّ. وَسكت عَنهُ مصححا لَهُ، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة بهز، وَهَذَا يزِيد عمله هَاهُنَا قبحا، فَاعْلَم ذَلِك. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 568 (2793) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد حَدِيث عمَارَة بن غزيَّة عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، عَن أَبِيه، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من سَأَلَ وَله قيمَة أُوقِيَّة فقد ألحف " الحَدِيث. ثمَّ قَالَ: عمَارَة بن غزيَّة، وَثَّقَهُ أَحْمد بن حَنْبَل، وَأَبُو زرْعَة، وَقَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِم، وَيحيى بن معِين: صَدُوق صَالح [وَقد ضعفه بعض الْمُتَأَخِّرين. انْتهى مَا] / ذكر. وَهُوَ تعسف على عمَارَة بن غزيَّة؛ فَإِنَّهُ ثِقَة عِنْدهم، مخرج حَدِيثه فِي الصَّحِيح، وَمِمَّنْ وَثَّقَهُ أَيْضا الْكُوفِي، وَقَالَ النَّسَائِيّ: لَيْسَ بِهِ بَأْس. وَلَا أعلم أحدا ضعفه إِلَّا ابْن حزم، قَالَ فِيهِ فِي كتاب الإيصال: ضَعِيف. ذكره فِي الزَّكَاة فِي غير هَذَا الحَدِيث. وَأرَاهُ معني أبي مُحَمَّد بِبَعْض الْمُتَأَخِّرين، وَإِن هَذَا لعجب أَن يتْرك فِيهِ أَقْوَال معاصريه أَو من هُوَ أقرب إِلَى عصره، ويحكي فِيهِ عَمَّن لم يُشَاهِدهُ وَلَا قَارب ذَلِك مَا لَا تقوم لَهُ عَلَيْهِ حجَّة. وأظن ان ابْن حزم بَقِي فِي خاطره - عِنْد كتبه فِيهِ أَنه ضَعِيف - أَن الْعقيلِيّ ذكره فِي كتاب الضُّعَفَاء، والعقيلي لم يزدْ فِيهِ على مَا أصف، وَذَلِكَ أَنه ترْجم الجزء: 5 ¦ الصفحة: 569 باسمه، وَلم يقل فِيهِ شَيْئا كَمَا عَادَته أَن يَقُول، غير أَنه حكى عَن ابْن عُيَيْنَة أَنه قَالَ: جالسته كم من مرّة فَلم أحفظ عَنهُ شَيْئا. وَهَذَا لَا يضرّهُ أصلا، فَاعْلَم ذَلِك. هَذَا الَّذِي ذكرت بِهِ من هَذَا النَّوْع، لم أقصد بِهِ اسْتِيعَاب مَا وَقع لَهُ مِنْهُ، وَإِنَّمَا ذكرته ممثلا منبها على نَوعه، وَقد تفرق مِنْهُ فِيمَا مر كثير، وَلَعَلَّه فِيمَا تركت أَكثر، وَكَذَلِكَ مَا يتَّصل بِهَذَا من شرح مَوَاضِع لم يشرحها، قد تقدم أَيْضا من نوعها الْكثير، وَلَعَلَّه فِيمَا تركت أَكثر. (2794) فَمن ذَلِك أَنه ذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ، عَن أبي سعيد المَقْبُري، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 570 عَن أبي رَافع، أَنه مر بالْحسنِ بن عَليّ وَهُوَ يُصَلِّي، وَقد عقص ضفيرته فِي قَفاهُ. الحَدِيث. ثمَّ أتبعه أَن قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ: كَانَت وَفَاة المَقْبُري سنة خمس وَعشْرين وَمِائَة، وَكَانَت وَفَاة عَليّ قبل ذَلِك بِخمْس وَثَمَانِينَ سنة، ووفاة أبي رَافع قبل ذَلِك، وَعلي كَانَ وَصِيّ أبي رَافع، فبعيد أَن يكون أَبُو سعيد المَقْبُري شَاهد من أبي رَافع قصَّة الْحسن، ذكر هَذَا فِي كتاب بَيَان الْمُشكل. ثمَّ قَالَ أَبُو مُحَمَّد عبد الْحق: هَذَا الَّذِي [استبعده الطَّحَاوِيّ لَيْسَ بِبَعِيد،] فَإِن المَقْبُري سمع من عمر بن الْخطاب على مَا ذكر / البُخَارِيّ فِي تَارِيخه. وَقَالَ أَبُو عمر بن عبد الْبر: توفّي أَبُو رَافع فِي خلَافَة عُثْمَان، وَقيل: فِي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 571 خلَافَة عَليّ، وَهُوَ أصح. انْتهى كَلَامه. وَالْغَرَض شرح مَا يحْتَاج إِلَى شَرحه مِنْهُ، فَإِنَّهُ لما استقرب مستبعد الطَّحَاوِيّ، جعل الْحجَّة فِي ذَلِك مَا حَكَاهُ البُخَارِيّ، من أَن المَقْبُري سمع من عمر. وكل هَذَا يحْتَاج إِلَى زِيَادَة تَفْسِير، فَأَقُول - وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق - ذَلِك أَنه إِن كَانَ مَا سلم صَحِيحا من أَن أَبَا سعيد توفّي سنة خمس وَعشْرين وَمِائَة، وَأَن بَين وَفَاته ووفاة عَليّ خمْسا وَثَمَانِينَ سنة؛ لِأَن عليا رَضِي الله عَنهُ مَاتَ سنة أَرْبَعِينَ، فَيَنْبَغِي أَن نضيف إِلَى ذَلِك أَيَّامه، وَهِي أَربع سِنِين وَتِسْعَة أشهر، وَأَيَّام عُثْمَان ثنتا عشرَة سنة، فَهَذِهِ سَبْعَة عشرَة سنة غير ربع، يَجِيء الْجَمِيع مائَة سنة وسنتين، فلنقدر أَنه سمع من عمر فِي آخر حَيَاته، لَا أقل من أَن يكون بسن من يضْبط، كثمان سِنِين أَو نَحْوهَا، هَذِه مائَة سنة وَعشر، فتحتاج سنّ أبي سعيد ان تكون [هَذَا الْقدر،] وَذَلِكَ شَيْء لَا يعرف لَهُ، وَلَا ذكر بِهِ، وَلَا يَصح سَماع المَقْبُري من أبي رَافع حَتَّى تكون سنه قد بلغت هَذَا الْمبلغ. وَالْأولَى أَن يُقَال فِي ذَلِك: إِن وَفَاة المَقْبُري لم تكن سنة خمس وَعشْرين وَمِائَة، وَذَلِكَ شَيْء لَا أعرف أحدا قَالَه إِلَّا الطَّحَاوِيّ، وَإِنَّمَا الْمَعْرُوف فِي وَفَاته، إِمَّا سنة مائَة - حَكَاهُ الطَّبَرِيّ فِي كِتَابه ذيل المذيل. وَقَالَهُ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 572 وَإِمَّا فِي خلَافَة الْوَلِيد بن عبد الْملك، كَمَا قَالَ الْوَاقِدِيّ وَغَيره، وَكَانَت وَفَاة الْوَلِيد سنة سِتّ وَتِسْعين. وَإِمَّا فِي خلَافَة عبد الْملك قبل ذَلِك كُله، وَهَذَا قَول أبي حَاتِم الرَّازِيّ. فلننزل على أبعد هَذِه الْأَقْوَال، وَهُوَ قَول من قَالَ: سنة مائَة، حَتَّى يكون بَين وَفَاته وَوقت حَيَاة أبي رَافع، سِتُّونَ سنة، أَو أَكثر بِقَلِيل، وَهَذَا لَا بعد فِيهِ، وَهُوَ كَاف فِيمَا نُرِيد هَاهُنَا من غير احْتِيَاج إِلَى [تَقْدِير سَمَاعه من عمر. وَمَا حَكَاهُ] / البُخَارِيّ مَشْكُوك فِيهِ، وَلم يحكه بِإِسْنَاد، وَالَّذِي يَقُول غَيره: إِنَّمَا هُوَ روى عَن عمر، وَهَذَا لَا يُنكر؛ فَإِنَّهُ قد يُرْسل عَنهُ. ويشد مَا قُلْنَا من أَن أَبَا سعيد المَقْبُري لَا يبعد سَمَاعه للْحَدِيث الْمَذْكُور من أبي رَافع، أَن أَبَا دَاوُد قَالَ: حَدثنَا الْحسن بن عَليّ، حَدثنَا عبد الرَّزَّاق، عَن ابْن جريج، قَالَ: حَدثنِي عمرَان بن مُوسَى، عَن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري، يحدث عَن أَبِيه، أَنه رأى أَبَا رَافع مولى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مر بالْحسنِ بن عَليّ وَهُوَ يُصَلِّي قَائِما. الحَدِيث. فَفِي هَذَا أَيْضا أَنه رَآهُ وَشَاهد فعله، وَلَو صَحَّ هَذَا كفى، وَلَكِن عمرَان بن مُوسَى لَا أعرف حَاله، وَلَا أعرف روى عَنهُ إِلَّا ابْن جريج. وَقد ذكر الدَّارَقُطْنِيّ اخْتلَافهمْ فِي هَذَا الحَدِيث، وَقَالَ: إِن رِوَايَة عمرَان ابْن مُوسَى هَذَا، أَصَحهَا إِسْنَادًا، وَجعل رِوَايَة [مُؤَمل] بن إِسْمَاعِيل - عَن الثَّوْريّ، عَن مخول بن رَاشد، عَن أبي سعيد، عَن أبي رَافع، عَن أم سَلمَة الجزء: 5 ¦ الصفحة: 573 إِن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " نهى أَن يُصَلِّي الرجل وَهُوَ معقوص "، وهما؛ لذكره فِيهِ أم سَلمَة، وَغَيره لَا يذكرهَا، وَقد صَحَّ مَا أردنَا تَصْحِيحه من استقراب مستبعد الطَّحَاوِيّ فاعلمه. (2795) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد فِي الْجُمُعَة، حَدِيث: " إِن الله حرم على الأَرْض أَن تَأْكُل أجساد الْأَنْبِيَاء ". ثمَّ رده بِأَن قَالَ: هَذِه الزِّيَادَة رَوَاهَا من حَدِيث حُسَيْن الْجعْفِيّ، عَن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن جَابر، عَن أبي الْأَشْعَث، عَن أَوْس بن أَوْس، قَالَ: وَيُقَال: إِن عبد الرَّحْمَن هَذَا هُوَ ابْن يزِيد بن تَمِيم، قَالَه البُخَارِيّ وَأَبُو حَاتِم، وَهُوَ مُنكر الحَدِيث ضعيفه. انْتهى كَلَامه. وَهُوَ صَحِيح، إِلَّا أَنه قد يفهم مِنْهُ خلاف مُرَاده، فلنبين مَا يُوهِمهُ ظَاهره، ثمَّ نشرح بعد ذَلِك مُرَاده، فَالَّذِي يُوهِمهُ ظَاهره، هُوَ أَن هَذَا الرجل الَّذِي رَوَاهُ عَنهُ حُسَيْن بن عَليّ الْجعْفِيّ، الَّذِي [هُوَ عبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن] جَابر، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 574 يُقَال: إِنَّه عبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن تَمِيم / وَأَنه على كل حَال مُنكر الحَدِيث ضعيفه، سَوَاء قيل فِيهِ: عبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن جَابر، أَو عبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن تَمِيم، فَيَجِيء هَذَا كَأَنَّهُ شهره بِأَنَّهُ ابْن يزِيد بن تَمِيم، بعد أَن وَصفه بِابْن جَابر، كَأَنَّهُ ينْسب نسبتين: إِحْدَاهمَا أشهر من الْأُخْرَى، وَقع فِي الْإِسْنَاد بأخفاهما، فبينه بأشهرهما، كَمَا نجد فِي الْأَسَانِيد، مُحَمَّدًا الطَّبَرِيّ، فَنَقُول: هُوَ مُحَمَّد بن سعيد المصلوب، وَقد تقدم لَهُ هُوَ هَذَا بِعَيْنِه وكما نجد إِبْرَاهِيم بن أبي عَطاء، فَنَقُول: هُوَ إِبْرَاهِيم بن أبي يحيى. وَلِهَذَا الْمَعْنى وضع أَبُو مُحَمَّد: عبد الْغَنِيّ كِتَابه الْمُسَمّى بإيضاح الْمُشكل، وَلَيْسَ الْأَمر فِي هَذَا الرجل كَذَلِك، وَإِنَّمَا هُنَاكَ رجلَانِ: أَحدهمَا: عبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن جَابر، وَهَذَا ثِقَة، وَالْآخر عبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن تَمِيم، وَهَذَا مُنكر الحَدِيث وضعيفه، فحسين الْجعْفِيّ وَأَبُو أُسَامَة يرويان مِنْهُمَا عَن عبد الرَّحْمَن بن تَمِيم الضَّعِيف، إِلَّا أَنَّهُمَا يغلطان فِي نسبه، فَيَقُولَانِ فِيهِ: ابْن جَابر بَدَلا من ابْن تَمِيم، فهما بِهَذَا يخلعان على الضَّعِيف صفة الثِّقَة، فَإِذا وجد المحدثون رِوَايَة أبي أُسَامَة، أَو حُسَيْن الْجعْفِيّ، عَن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد ابْن جَابر، يَقُولَانِ، هَذَا خطأ إِنَّمَا أَرَادَا ابْن تَمِيم، وَالْبُخَارِيّ وَأَبُو حَاتِم مِمَّن يفعل هَذَا. فَإِذن أَبُو مُحَمَّد إِنَّمَا أخبرنَا عَن هَذَا الْعَمَل، أَي إِن هَذَا الَّذِي قَالَ فِيهِ حُسَيْن الْجعْفِيّ: إِنَّه عبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن جَابر، إِنَّمَا هُوَ ابْن تَمِيم، فغلط فِي ذَلِك. قَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ: سَأَلت مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن ابْن أخي حُسَيْن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 575 الْجعْفِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن جَابر، فَقَالَ: قدم الْكُوفَة عبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن تَمِيم، وَيزِيد بن يزِيد بن جَابر، ثمَّ قدم عبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن جَابر بعد ذَلِك بدهر، فَالَّذِي يحدث عَنهُ أَبُو أُسَامَة، وَهُوَ ابْن تَمِيم، وَلَيْسَ ابْن جَابر. قَالَ أَبُو حَاتِم: [روى عَنهُ أَبُو أُسَامَة، وحسين الْجعْفِيّ] وَقَالا: هُوَ ابْن يزِيد ابْن جَابر، وغلطا فِي نس [بِهِ، وَيزِيد بن تَمِيم أصح، وَهُوَ ضَعِيف الحَدِيث] . (2796) وَذكر / من طَرِيق أبي دَاوُد، عَن زِيَاد بن جُبَير، عَن سعد الجزء: 5 ¦ الصفحة: 576 قَالَ: لما بَايع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - النِّسَاء، قَالَت امْرَأَة جليلة، كَأَنَّهَا من نسَاء مُضر: يَا نَبِي الله، إِنَّا كل على أَبْنَائِنَا، وَآبَائِنَا، وَأَزْوَاجنَا، فَمَا يحل لنا من أَمْوَالهم؟ قَالَ: " الرطب تأكلنه وتهدينه ". ثمَّ اتبعهُ أَن قَالَ: سعد هَذَا لَيْسَ ابْن أبي وَقاص، والْحَدِيث مُرْسل، قَالَه ابْن الْمَدِينِيّ. انْتهى كَلَامه. فَأَقُول - وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق -: إِن الَّذِي حمل ابْن الْمَدِينِيّ على هَذَا، هُوَ أَن هشيما رَوَاهُ عَن يُونُس بن عبيد، عَن زِيَاد بن جُبَير، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعث سَعْدا على الصَّدَقَة. الحَدِيث. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ - لما ذكر الِاخْتِلَاف على يُونُس بن عبيد -: يُقَال: إِن سَعْدا هَذَا رجل من الْأَنْصَار، وَلَيْسَ سعد بن أبي وَقاص، وَهُوَ أصح إِن شَاءَ الله. انْتهى كَلَامه. فَهَذَا هُوَ الَّذِي رأى أَبُو مُحَمَّد لأَجله أَن الحَدِيث مُرْسل، وَأَن سَعْدا لَيْسَ هُوَ ابْن أبي وَقاص، وَالَّذِي يجب أَن يُقَال بِهِ فِيهِ هُوَ خلاف هَذَا، وَهُوَ أَن سَعْدا، هُوَ ابْن أبي وَقاص، وَأَن الحَدِيث لَيْسَ بمرسل - أَعنِي فِي رِوَايَة هشيم عَن يُونُس بن عبيد - وَذَلِكَ أَن عبد السَّلَام بن حَرْب - وَهُوَ حَافظ - وَالثَّوْري - وَهُوَ إِمَام - روياه عَن يُونُس بن عبيد، فَقَالَا فِيهِ: عَن زِيَاد بن جُبَير، عَن سعد. أما رِوَايَة عبد السَّلَام بن حَرْب، فَهِيَ هَذِه الَّتِي سَاق أَبُو مُحَمَّد من طَرِيق أبي دَاوُد، فَإِنَّهُ عِنْده من رِوَايَة عبد السَّلَام. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 577 وَأما رِوَايَة الثَّوْريّ، فَقَالَ الْبَزَّار فِي مُسْند حَدِيث سعد بن أبي وَقاص: حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى الْقطعِي، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن محبب أَبُو همام، قَالَ: حَدثنَا سُفْيَان الثَّوْريّ، عَن يُونُس بن عبيد، عَن زِيَاد بن جُبَير، عَن سعد أَن النِّسَاء قُلْنَ: يَا رَسُول الله، إِنَّا كل على أَبْنَائِنَا وَآبَائِنَا، وَأَزْوَاجنَا، فَمَا يحل لنا من أَمْوَالهم؟ قَالَ: " الرطب تأكلنه وتهدينه ". قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ رَوَاهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا سعد بِهَذَا الْإِسْنَاد. فَإِن قلت: فَإِن مُحَمَّد بن محبب ضَعِيف، فَالْجَوَاب: فعبد السَّلَام ثِقَة [حَافظ وَلَا يضرّهُ كَون ابْن محبب ضَعِيفا] ولتعلم أَن مَذْهَب الْبَزَّار فِي سعد الْمَذْكُور أَنه / ابْن أبي وَقاص، وَلَعَلَّ مَا رَوَاهُ هشيم عَن يُونُس بن عبيد، حَدِيث آخر، فَاعْلَم ذَلِك وَالله الْمُوفق. وَذكر أَيْضا من عِنْد ابْن أبي حَاتِم كلَاما فِي مُحَمَّد بن حبيب الْمصْرِيّ أَنه روى عَنهُ أَبُو إِدْرِيس الْخَولَانِيّ، وَفِيه من الْخَطَأ مَا قد بَيناهُ فِي بَاب النَّقْص من الْأَسَانِيد وَلم يعرض لَهُ أَبُو مُحَمَّد بتعقب فاعلمه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 578 (19) (بَاب ذكر أَحَادِيث، أغفل مِنْهَا زيادات مفسرة أَو مكملة، أَو متممة) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 579 اعْلَم أَن الزِّيَادَات الَّتِي تُوجد فِي الْأَحَادِيث، هِيَ كَثِيرَة جدا، وَلَكِن لَيْسَ أَكْثَرهَا من غرضنا فِي هَذَا الْبَاب، فَإِن الزِّيَادَة إِذا كَانَت فِي معنى آخر، فَكَأَنَّهَا حَدِيث آخر، وَنحن لم نتعرض لذكر مَا تَركه من الحَدِيث فِي الْأَحْكَام التكليفية فَإِن هَذَا لَو تتبع لم يَصح - لكثرته - أَن يكون بَابا فِي كتاب، بل كتابا، قَائِما بِنَفسِهِ. وَإِنَّمَا الْمَقْصُود فِي هَذَا الْبَاب من الزِّيَادَات، مَا يكون تَفْسِيرا لمجمل، أَو تتميم معنى نَاقص، أَو مكملا لَهُ على وَجه، وَقد يكون مَا يُورد فِي هَذَا الْبَاب زِيَادَة فِي الحكم الْمَقْصُود بَيَانه من رِوَايَة فِي ذَلِك الحَدِيث، وَقد يكون من غَيره، وَلم نذْكر من ذَلِك إِلَّا مَا هُوَ صَحِيح أَو حسن، فَأَما الضَّعِيف فكثير، لم نعرض لَهُ، وَالله الْمُوفق الْمعِين. (2797) فَمن ذَلِك حَدِيث عمر فِي صفة الْإِيمَان وَالْإِسْلَام، وسؤال جِبْرِيل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن ذَلِك أغفل من أَطْرَافه الصَّحِيحَة فِيهِ - المفسرة لما قصد بَيَانه بِهِ - مَا ذكر الدَّارَقُطْنِيّ من رِوَايَة يُونُس بن مُحَمَّد - هُوَ الْمُؤَدب - عَن مُعْتَمر ابْن سُلَيْمَان، عَن أَبِيه، عَن يحيى بن يعمر، عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا. ذكر الحَدِيث، وَفِيه: " الْإِسْلَام أَن تشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 581 وتقيم الصَّلَاة وتؤتي الزَّكَاة، وتحج وتعتمر، [وتغتسل من الْجَنَابَة، وتتم الْوضُوء، وتصوم] رَمَضَان "، قَالَ: فَإِن فعلت هَذَا فَأَنا مُسلم؟ قا [ل: " نعم "، قَالَ: صدقت، وَفِيه: " أَتَدْرُونَ من هَذَا؟ هَذَا] / هُوَ جِبْرِيل، أَتَاكُم يعلمكم دينكُمْ، فَخُذُوا عَنهُ، فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ، مَا شبه عَليّ مُنْذُ أَتَانِي قبل مرتي هَذِه، وَمَا عَرفته حَتَّى ولى ". قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: هَذَا إِسْنَاد ثَابت صَحِيح، أخرجه مُسلم بِهَذَا الْإِسْنَاد. يَعْنِي أَن مُسلما أورد هَذَا الْإِسْنَاد عاضدا بِهِ، وَلم يذكر مَتنه، وَفِيه - كَمَا ترى - زِيَادَة: " تعتمر، وتغتسل، وتتم الْوضُوء "، وَمَا ذكر من أَنه لم يعلم بِهِ حَتَّى ولى، وَقَوله: " خُذُوا عَنهُ ". وَذكر أَبُو دَاوُد فِي سنَنه صَحِيحا أَيْضا، من رِوَايَة عَلْقَمَة بن مرْثَد، عَن سُلَيْمَان بن بُرَيْدَة، عَن يحيى بن يعمر، عَن ابْن عمر، عَن عمر فِي هَذَا الحَدِيث: " والاغتسال من الْجَنَابَة ". وَذكر أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ فِي مُسْنده، من رِوَايَة مطر الْوراق، عَن عبد الله ابْن بُرَيْدَة، عَن يحيى بن يعمر فِي هَذَا الحَدِيث: مَا الْإِيمَان؟ قَالَ: " تؤمن بِاللَّه وَمَلَائِكَته وَكتبه وَرُسُله، والبعث بعد الْمَوْت، وَالْجنَّة وَالنَّار، وتؤمن بِالْقدرِ خَيره وشره "، قَالَ: " فَإِذا فعلت ذَلِك فَأَنا مُؤمن؟ " قَالَ: " نعم ". ومطر صَالح الحَدِيث، يشبه فِي الْحِفْظ بِابْن أبي ليلى. وَقد أورد أَبُو مُحَمَّد رِوَايَة مطر: " وَإِن لم ينزل " مصححا لَهَا، غير الجزء: 5 ¦ الصفحة: 582 معترض عَلَيْهَا. وَقد أخرج مُسلم رِوَايَته لهَذَا الحَدِيث مستشهدا بهَا وَلم يذكر لَفظهَا. وَفِي هَذَا الحَدِيث، الَّذِي أورد من كتاب مُسلم: " فَلَبثت مَلِيًّا " وَهُوَ لفظ أوردهُ مُسلم عَن عبيد الله بن معَاذ الْعَنْبَري، عَن أَبِيه، عَن كهمس، عَن ابْن بُرَيْدَة، عَن يحيى بن يعمر. وَالْخلاف فِيهِ بَين مُسلم وَأبي دَاوُد، وَذَلِكَ أَن أَبَا دَاوُد رَوَاهُ عَن عبيد الله بن معَاذ الْمَذْكُور، فَقَالَ: بَدَلا من " مَلِيًّا ": " ثَلَاثًا ". وَذكر النَّسَائِيّ من رِوَايَة النَّضر بن شُمَيْل - وَهُوَ أحد الْأَثْبَات - عَن كهمس كَذَلِك. فَاحْتمل أَن يكون تصحيفا لمليا، فَإِذا التِّرْمِذِيّ قد ذكره من رِوَايَة وَكِيع، عَن كهمس، فَقَالَ فِيهِ: فلقيني النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -[بعد ذَلِك بِثَلَاث، فَقَالَ: " يَا عمر، هَل تدر] ي من الرجل؟ ". فَثَبت أَنَّهَا لَفْظَة مصحفة [وَيُمكن أَن يُقَال فِيهَا أَيْضا: إِنَّهَا] تَفْسِير للملي وَتَقْدِير لَهُ، وَالله الْمُوفق. (2798) وَذكر حَدِيث ابْن عَبَّاس فِي بعث معَاذ إِلَى الْيمن، قَالَ فِيهِ: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 583 " صَدَقَة تُؤْخَذ من أغنيائهم فَترد فِي فقرائهم ". وَهِي رِوَايَة زَكَرِيَّاء بن إِسْحَاق، عَن يحيى بن عبد الله بن صَيْفِي، عَن أبي معبد، عَن ابْن عَبَّاس. وَترك فِي كتاب مُسلم الَّذِي مِنْهُ أخرجه، رِوَايَة إِسْمَاعِيل بن أُميَّة - وَهُوَ ثِقَة - عَن يحيى بن عبد الله بن صَيْفِي الْمَذْكُور، وفيهَا: " زَكَاة تُؤْخَذ من أَمْوَالهم فَترد على فقرائهم ". وَذكر الْأَمْوَال هَكَذَا بِعُمُوم، زِيَادَة على الأول، يُمكن أَن يعتمده من يُوجب الزَّكَاة على الْأَمْوَال عُمُوما. (2799) وَذكر أَيْضا من عِنْد مُسلم حَدِيث سعد: " أعْط فلَانا فَإِنَّهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 584 مُؤمن، فَقَالَ: أَو مُسلم ". وَترك مَا ذكر النَّسَائِيّ صَحِيحا، من رِوَايَة عَمْرو بن مَنْصُور، قَالَ: حَدثنَا هِشَام بن عبد الْملك، حَدثنَا سَلام بن أبي مُطِيع، سَمِعت معمرا، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عَامر بن سعد، عَن أَبِيه، فَذكر الحَدِيث وَفِيه: " لَا تقل مُؤمن، قل: مُسلم ". فَفِي هَذَا النَّهْي عَن الْقطع على غيب الرجل، والإحالة على أَفعاله الظَّاهِرَة. وَلم يذكر فِي الأول إِلَّا تخطئته فِي قَوْله عَنهُ: إِنَّه مُؤمن، أَو تطريق الِاحْتِمَال من غير نهي، فَأَما فِي هَذَا فَنَهَاهُ. (2800) وَذكر من طَرِيق مُسلم أَيْضا حَدِيث طَلْحَة بن عبيد الله، وَفِيه: " وَالله لَا أَزِيد على هَذَا وَلَا أنقص مِنْهُ ". وَترك من عِنْد البُخَارِيّ رِوَايَة إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر - وَهُوَ أحد الْأَثْبَات - قَالَ فِيهِ: " وَالله لَا أتطوع شَيْئا ". وَلم يكن الأول ناصا على امْتِنَاعه من التَّطَوُّع، بل كَانَ يحْتَمل أَن يكون مَعْنَاهُ: لَا أَزِيد على هَذَا وَلَا أنقص، أَي أبلغه كَمَا سمعته، من غير زِيَادَة وَلَا نُقْصَان. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 585 (2801) وَذكر من عِنْد البُخَارِيّ حَدِيث أنس عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يُؤمن أحدكُم حَتَّى يحب لِأَخِيهِ مَا يحب لنَفسِهِ "، وَترك فِيهِ زِيَادَة: " من الْخَيْر ". ذكرهَا ابْن أبي شيبَة قَالَ: حَدثنَا أَبُو أُسَامَة، عَن الْحُسَيْن الْمعلم، عَن قَتَادَة، عَن أنس فَذكره، وَذكره أَيْضا النَّسَائِيّ. (2802) وَذكر من عِنْد التِّرْمِذِيّ عَن أبي هـ[ريرة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْإِيمَان بضع وَسَبْعُونَ بَابا، فأدناها إمَاطَة الْأَذَى عَن الطَّرِيق، وارفعها قَول لَا إِلَه إِلَّا الله ". وَهُوَ من مصححات التِّرْمِذِيّ، وَإِن كَانَ من رِوَايَة ابْن عجلَان وَلَا عيب فِيهِ بل هُوَ أحد الثِّقَات، إِلَّا أَنه سوى أَحَادِيث المَقْبُري. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 586 وَالْمَقْصُود الْآن، التَّنْبِيه على الزِّيَادَة فِيهِ وَهِي: " وَالْحيَاء شُعْبَة من الْإِيمَان " ذكرهَا مُسلم، وَلَا يسوغ لَهُ تَركهَا وَهِي من شرح خلال الْإِيمَان الَّتِي هِيَ مَقْصُودَة فِي كتاب الْإِيمَان. وَذكرهَا أَيْضا البُخَارِيّ. والمستغرب إِنَّمَا هُوَ وجود الحَدِيث الْمَذْكُور دونهَا، وَقد كنت ظَنَنْت أَنه تَركهَا إِلَى أَبْوَاب الْأَدَب، حَيْثُ ذكر الْأَحَادِيث فِي الْحيَاء، فَإِذا بِهِ لم يذكرهَا، وَكَذَلِكَ لم يذكر فِي أَن الْحيَاء من الْإِيمَان حَدِيث ابْن عمر فِي الرجل الْوَاعِظ أَخَاهُ فِي الْحيَاء، وَهُوَ أَيْضا صَحِيح، أخرجه البُخَارِيّ، وَمُسلم رحمهمَا الله. (2803) وَذكر أَيْضا من عِنْد مُسلم حَدِيث أبي هُرَيْرَة: " يَأْتِي الشَّيْطَان أحدكُم فَيَقُول: من خلق كَذَا وَكَذَا؟ حَتَّى يَقُول لَهُ: من خلق رَبك؟ فَإِذا فعل ذَلِك فليستعذ بِاللَّه ولينته ". ذكر هَذَا وَلم يذكر من رِوَايَة أبي هُرَيْرَة أَيْضا صَحِيحا من عِنْد مُسلم: " فَمن وجد من ذَلِك شَيْئا فَلْيقل: آمَنت بِاللَّه ". (2804) وَذكر أَيْضا حَدِيث أبي هُرَيْرَة: " لَا يَزْنِي حِين يَزْنِي وَهُوَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 587 مُؤمن ". وَترك حَدِيث ابْن عَبَّاس، وَفِيه زِيَادَة: " لَا يقتل " وَهُوَ صَحِيح. قَالَ النَّسَائِيّ: أخبرنَا عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن سَلام، قَالَ: حَدثنَا إِسْحَاق الْأَزْرَق، - عَن الفضيل بن غَزوَان، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يَزْنِي العَبْد حِين يَزْنِي وَهُوَ مُؤمن، وَلَا يشرب الْخمر حِين يشْربهَا وَهُوَ مُؤمن، وَلَا يقتل وَهُوَ مُؤمن " فَقلت لِابْنِ عَبَّاس: كَيفَ ينْزع مِنْهُ؟ فشبك أَصَابِعه [ثمَّ أخرجهَا، فَقَالَ: هَكَذَا، فَإِذا تَابَ عَاد] إِلَيْهِ هَكَذَا، وَشَبك أَصَابِعه. (2805) [وَذكر من طَرِيق مُسلم، عَن عَاصِم] عَن أبي المتَوَكل، عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله / - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا أَتَى أحدكُم أَهله ثمَّ أَرَادَ أَن يعود، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 588 فَليَتَوَضَّأ بَينهمَا وضُوءًا ". وَترك من رِوَايَة سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عَاصِم زِيَادَة صَحِيحَة، وَهِي قَوْله: " وضوءه للصَّلَاة " يَعْنِي الرجل يُجَامع ثمَّ يعود قبل أَن يغْتَسل. وَرويت من غير هَذَا الطَّرِيق، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح؛ فَلذَلِك اقتصرت عَلَيْهِ. (2806) وَذكر من طَرِيق مُسلم عَن أنس قَالَ: " كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ينامون، ثمَّ يصلونَ وَلَا يتوضؤون ". وَهَذَا الحَدِيث هُوَ فِي كتاب مُسلم، من رِوَايَة خَالِد بن الْحَارِث، عَن شُعْبَة، عَن قَتَادَة، عَن أنس. وَهُوَ على هَذَا السِّيَاق، يحْتَمل أَن ينزل على نوم الْجَالِس، وعَلى ذَلِك ينزله أَكثر النَّاس، وَفِيه زِيَادَة تمنع من ذَلِك، رَوَاهَا يحيى بن سعيد الْقطَّان. عَن شُعْبَة، عَن قَتَادَة، عَن أنس قَالَ: " كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ينتظرون الصَّلَاة، فيضعون جنُوبهم، فَمنهمْ من ينَام ثمَّ يقوم إِلَى الصَّلَاة ". قَالَ قَاسم بن أصبغ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد السَّلَام الْخُشَنِي، حَدثنَا مُحَمَّد ابْن بشار، حَدثنَا يحيى بن سعيد الْقطَّان، حَدثنَا شُعْبَة. . فَذكره. وَهُوَ - كَمَا ترى - صَحِيح من رِوَايَة إِمَام عَن شُعْبَة. فاعلمه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 589 (2807) وَذكر من طَرِيق مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا وجد أحدكُم فِي بَطْنه شَيْئا فأشكل عَلَيْهِ أخرج مِنْهُ شَيْء أم لَا، فَلَا يخْرجن من الْمَسْجِد حَتَّى يسمع صَوتا أَو يجد ريحًا ". وَترك مِنْهُ زِيَادَة ذكرهَا أَبُو دَاوُد، وَلَفظه عِنْده: " إِذا كَانَ أحدكُم فِي الصَّلَاة فَوجدَ حَرَكَة فِي دبره، أحدث أَو لم يحدث، فأشكل عَلَيْهِ، فَلَا ينْصَرف حَتَّى يسمع صَوتا أَو يجد ريحًا ". رَوَاهَا من طَرِيق حَمَّاد بن سَلمَة، عَن سُهَيْل. وَرِوَايَة مُسلم هِيَ من طَرِيق جرير عَن سُهَيْل. وَكَذَلِكَ حَدِيث عباد بن تَمِيم، عَن عَمه، شكي إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الرجل يخيل إِلَيْهِ أَنه يجد الشَّيْء فِي الصَّلَاة، قَالَ: " لَا ينْصَرف حَتَّى يسمع صَوتا أَو يجد ريحًا " ذكره مُسلم. فَإِن قلت: إِن الَّذِي ذ [كرّ أَبُو مُحَمَّد عَام، وَمَا ذكرته خَاص لَا يرد] / عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ لم يخصص ذَلِك بِحَال الصَّلَاة. فَالْجَوَاب أَن نقُول: لَيْسَ الْأَمر كَذَلِك؛ فَإِن الَّذِي هُوَ فِي الصَّلَاة إِذا شكّ قيل لَهُ: لَا ينْصَرف بِالشَّكِّ الطَّارِئ، فَأَما الَّذِي فِي غير الصَّلَاة فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 590 يدْخل فِي الصَّلَاة بِالشَّكِّ، أَو يجوز لَهُ؛ إِن الطَّهَارَة قد تيقنت، وَشك فِي الْحَدث - هَذَا مَوضِع نظر، وَلَا يسْتَقلّ مَا ذكرنَا بِالدّلَالَةِ على مَوضِع النّظر، لاحْتِمَال التَّقْيِيد والتخصيص بِالزِّيَادَةِ الْمَذْكُورَة. فعلى هَذَا يكون معنى قَوْله: " فَلَا يخْرجن من الْمَسْجِد " أَي لَا ينْصَرف من الصَّلَاة، وَالْأَمر فِي هَذَا مُحْتَمل، وَلم يَضرك سَماع الزِّيَادَة الْمَذْكُورَة. (2808) وَذكر حَدِيث أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا اسْتَيْقَظَ أحدكُم من نَومه فَلَا يغمس يَده فِي الْإِنَاء حَتَّى يغسلهَا " الحَدِيث. ذكره من عِنْد مُسلم أَيْضا، وَلَيْسَ فِيهِ الْأَمر بِغسْل الْيَد قبل إدخالها الْإِنَاء، وَإِنَّمَا فِيهِ نهي عَن إدخالها فِيهِ قبل غسلهَا، فَإِذا تَوَضَّأ من إِنَاء يفرغ مِنْهُ، وَلَا يدْخل فِيهِ يَده فَلم يعْص هَذَا الْخَبَر، وَلَا ارْتكب نَهْيه، كمن تَوَضَّأ من إداوة ضيقَة الْفَم أَو غَيرهَا. وَترك من عِنْد مُسلم من رِوَايَة جَابر عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا اسْتَيْقَظَ أحدكُم فليفرغ على يَده ثَلَاث مَرَّات قبل أَن يدخلهَا فِي إنائه " الحَدِيث. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 591 فَفِي هَذَا أمره بغسلها، فَكل حَال يصدق عَلَيْهِ فِيهَا أَنه لم يدْخل يَده بعد فِي الْإِنَاء، هُوَ فِيهَا مَأْمُور بغسلها فِيهَا قبل أَن يدخلهَا. (2809) وَمثل هَذَا - أَيْضا - مَا ذكر من كتاب مُسلم، عَن أبي قَتَادَة: " إِذا دخل أحدكُم الْمَسْجِد فَلَا يجلس حَتَّى يرْكَع رَكْعَتَيْنِ ". وَلَيْسَ فِيهَا الْأَمر بهما للداخل الْمَسْجِد، لَكِن النَّهْي عَن الْجُلُوس قبلهمَا، فَلَو دخل وَلم يجلس حَتَّى قَامَت الصَّلَاة لم يصادم نهي الْخَبَر الْمَذْكُور. وَترك مَعَه فِي الْبَاب عِنْد مُسلم من طَرِيق مَالك فِي هَذَا: [" إِذا دخل أحدكُم الْمَسْجِد فليركع] رَكْعَتَيْنِ قبل أَن يجلس ". فَهَذَا أَمر بهما لداخل [الْمَسْجِد قبل جُلُوسه] . (2810) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ عَن لَقِيط / بن صبرَة قلت: يَا رَسُول الله، أَخْبرنِي عَن الْوضُوء؟ قَالَ: " أَسْبغ الْوضُوء، وَبَالغ فِي الِاسْتِنْشَاق، إِلَّا أَن تكون صَائِما ". وَهُوَ صَحِيح، وَترك مِنْهُ زِيَادَة ذكرهَا الثَّوْريّ فِي رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن مهْدي، عَنهُ، وَهِي الْأَمر بالمبالغة أَيْضا فِي الْمَضْمَضَة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 592 وَلَفظ النَّسَائِيّ، هُوَ من رِوَايَة وَكِيع، عَن الثَّوْريّ. وَابْن مهْدي احفظ من وَكِيع، وَأجل قدرا. قَالَ أَبُو بشر الدولابي - فِيمَا جمع من حَدِيث الثَّوْريّ -: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي، عَن سُفْيَان، عَن أبي هِشَام، عَن عَاصِم ابْن لَقِيط، عَن أَبِيه، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا تَوَضَّأت فأبلغ فِي الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق مَا لم تكن صَائِما. وَهَذَا صَحِيح. (2811) وَذكر من طَرِيق النَّسَائِيّ أَيْضا عَن عَليّ، أَنه دَعَا بِوضُوء، فَمَضْمض واستنشق، ونثر بِيَدِهِ الْيُسْرَى، فَفعل هَذَا ثَلَاثًا، ثمَّ قَالَ: " هَذَا طهُور نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ". إِسْنَاده عِنْد النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُوسَى بن عبد الرَّحْمَن، حَدثنَا حُسَيْن بن عَليّ، عَن زَائِدَة، أخبرنَا خَالِد بن عَلْقَمَة، عَن عبد خير، عَن عَليّ. فَهُوَ - كَمَا ترى - من رِوَايَة زَائِدَة بن قدامَة، وَهُوَ أحسن النَّاس لَهُ سوقا، وَفِيه فَوَائِد: مِنْهَا نثر بِيَدِهِ الْيُسْرَى، وَهِي الَّتِي أوردهَا لَهُ الْآن أَبُو مُحَمَّد. وَفِيه - أَيْضا - عِنْد الْبَزَّار: غسل قَدَمَيْهِ بِيَدِهِ الْيُسْرَى. وَفِيه حِين ذكر الْمَضْمَضَة -: " مَلأ فَمه ". وفوائد أخر تبين من سوقه بِلَفْظِهِ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 593 قَالَ الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، قَالَ: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي، قَالَ: حَدثنَا زَائِدَة بن قدامَة، قَالَ: حَدثنَا خَالِد بن عَلْقَمَة، قَالَ: حَدثنَا عبد خير، قَالَ: دخل عَليّ الرحبة بَعْدَمَا صلى الْفجْر، ثمَّ قَالَ لغلام لَهُ: ائْتِنِي بِطهُور، فَأَتَاهُ الْغُلَام بِإِنَاء فِيهِ مَاء وطست - قَالَ عبد الْخَيْر: وَنحن جُلُوس نَنْظُر إِلَيْهِ - فَأخذ بِيَدِهِ الْإِنَاء فأكفأه على يَده الْيُمْنَى، ثمَّ غسل كفيه، ثمَّ أَخذ بِيَدِهِ الْيُمْنَى، فأفرغ على يَده الْيُسْرَى، فَغسل كفيه، ثمَّ أَخذ بِيَدِهِ الْإِنَاء فأفرغ على يَده ثمَّ غسل ك [فِيهِ، هَكَذَا قَالَ عبد خير، لم يدْخل] / يَده فِي الْإِنَاء حَتَّى غسلهَا ثَلَاث مَرَّات، ثمَّ أَدخل يَده الْيُمْنَى فِي الْإِنَاء، فَمَلَأ فَمه، فَمَضْمض، ثمَّ استنشق، ونثر بِيَدِهِ الْيُسْرَى ثَلَاث مَرَّات، وَغسل وَجهه ثَلَاث مَرَّات، وَغسل يَده الْيُمْنَى ثَلَاث مَرَّات، ثمَّ غسل يَده الْيُسْرَى ثَلَاث مَرَّات إِلَى الْمرْفق، ثمَّ أَدخل يَده الْإِنَاء، حَتَّى غمرها المَاء، ثمَّ رَفعهَا بِمَا حملت من المَاء، ثمَّ مسح رَأسه بيدَيْهِ كلتيهما مرّة وَاحِدَة، ثمَّ أَخذ بِيَدِهِ الْيُمْنَى، فصب على قدمه الْيُمْنَى، ثمَّ غسلهَا بِيَدِهِ الْيُسْرَى ثَلَاث مَرَّات، ثمَّ أَخذ بكفه الْيُمْنَى فصب على قدمه الْيُسْرَى، ثمَّ غسلهَا بِيَدِهِ الْيُسْرَى ثَلَاث مَرَّات، ثمَّ اخذ بكفه فَشرب مِنْهُ، ثمَّ قَالَ: من سره أَن ينظر إِلَى طهُور نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَهَذَا طهُور نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ الْبَزَّار: وَقد رَوَاهُ غير وَاحِد، عَن خَالِد بن عَلْقَمَة، وَلَا أعلم أحدا أحسن لَهُ سياقا وَلَا أتم كلَاما من زَائِدَة. فَإِن قلت: فَمَا مغناك فِي سوق هَذَا الْخَبَر وَلم يَزْدَدْ بِهِ فِيمَا قصّ مِنْهُ - وَهُوَ النثر بِالْيَدِ الْيُسْرَى - فَائِدَة؟ فَالْجَوَاب أَنه قد أَفَادَ فِي الْوضُوء فَوَائِد، وَلم يسقها الجزء: 5 ¦ الصفحة: 594 أَبُو مُحَمَّد فانجر ذكرهَا. (2812) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، فِي حَدِيث زر بن حُبَيْش عَن عَليّ: " وَمسح على رَأسه حَتَّى لما يقطر ". وَهَذَا اللَّفْظ يفهم مِنْهُ تثقيل الْمسْح، وَلَكِن لَيْسَ ذَلِك بنصه؛ فقد يحْتَمل أَن يتَأَوَّل، وَهَذِه رِوَايَة أبي نعيم، عَن ربيعَة بن عبيد الْكِنَانِي، عَن الْمنْهَال بن عَمْرو، عَن زر بن حُبَيْش. وَترك عِنْد [عبد] الرَّزَّاق رِوَايَة عبد الله بن رَجَاء، عَن ربيعَة بن عبيد الْمَذْكُور لهَذَا الحَدِيث، قَالَ فِيهِ: " ثمَّ مسح بِرَأْسِهِ حَتَّى كَاد أَن يقطر ". فَهَذَا أقوى فِي الدّلَالَة على تثقيل الْمسْح، وَهُوَ قريب الْمَعْنى من حَدِيث مُعَاوِيَة الَّذِي ذكر قبله مُتَّصِلا بِهِ. وَرِوَايَة ابْن رَجَاء هَذِه، ذكرهَا [ ... . فَذكره] . (2813) وَذكر من عِنْد مُسلم [حَدِيث عَائِشَة: " وَلَقَد رَأَيْتنِي أفركه] من ثوب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فركا فَيصَلي فِيهِ ". وَفِي رِوَايَة: يَابسا بظفري. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 595 وَترك أَن يبين مَا صَحَّ عَنْهَا من أَنَّهَا إِنَّمَا كَانَت تغسل الرطب مِنْهُ، وتفرك الْيَابِس، حَتَّى تكون رِوَايَة الْكُوفِيّين عَنْهَا للفرك، إِنَّمَا مَعْنَاهُ فِي يابسه، وَرِوَايَة الْمَدَنِيين عَنْهَا للْغسْل، إِنَّمَا هُوَ فِي الرطب. والْحَدِيث بذلك روته عمْرَة. قَالَ الْبَزَّار: حَدثنَا الْفضل بن سهل، حَدثنَا عبد الله بن الزبير - هُوَ الْحميدِي - حَدثنَا بشر بن بكر، حَدثنَا الْأَوْزَاعِيّ، عَن يحيى بن سعيد، عَن عمْرَة، عَن عَائِشَة قَالَت: " كنت أفرك الْمَنِيّ من ثوب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا كَانَ يَابسا، وأغسله وأمسحه إِذا كَانَ رطبا ". وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا ابْن مخلد، حَدثنَا أَبُو إِسْمَاعِيل، حَدثنَا الْحميدِي. فَذكره بِإِسْنَادِهِ: وَلَفظه عِنْده: " كنت أفرك الْمَنِيّ من ثوب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا كَانَ يَابسا، وأغسله إِذا كَانَ رطبا ". (2814) وَذكر من طَرِيق مُسلم حَدِيث خباب: " شَكَوْنَا إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حر الرمضاء فَلم يشكنا ". قَالَ زُهَيْر: " قلت لأبي إِسْحَاق: أَفِي الظّهْر؟ قَالَ: نعم، قلت: أَفِي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 596 تَعْجِيلهَا؟ قَالَ: نعم. كَذَا أوردهُ، وَقد اخْتلف فِي مَعْنَاهُ، فَقيل: لم يعذرنا، وَقيل: لم يحوجنا إِلَى الشكوى فِي الْمُسْتَقْبل. فرويت فِيهِ زيادات مبينَة للْأولِ. قَالَ أَبُو بكر بن الْمُنْذر: حَدثنَا عبد الله بن أَحْمد، قَالَ: حَدثنَا خَلاد بن يحيى، قَالَ: حَدثنَا يُونُس بن أبي إِسْحَاق، قَالَ: حَدثنَا سعيد بن وهب، قَالَ: حَدثنِي خباب بن الأرث، قَالَ: شَكَوْنَا إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الرمضاء فَمَا شكانا وَقَالَ: إِذا زَالَت الشَّمْس فصلوا. وَيُونُس بن أبي إِسْحَاق، قد شَارك أَبَاهُ فِي أَشْيَاخ: مِنْهُم الْعيزَار بن حُرَيْث، وَنَاجِيَة بن كَعْب، وَغَيرهمَا فَلَا بعد فِي قَوْله: حَدثنَا سعيد بن وهب. وَهُوَ فِي كتاب مُسلم دون الزِّيَادَة الْمَذْكُورَة، من رِوَايَة أبي إِسْحَاق، عَن سعيد بن وهب، لَكِن من غير رِوَايَة ي [ونس بن أبي إِسْحَاق، وَحفظ يُونُس عَن] / سعيد بن وهب من الزِّيَادَة الْمَذْكُورَة مَا لم يحفظ أَبوهُ أَبُو إِسْحَاق. وَيُونُس ثِقَة حَافظ، وخلاد بن يحيى ثِقَة، أحد أَشْيَاخ البُخَارِيّ. (2815) وَذكر حَدِيث أبي قَتَادَة فِي رَكْعَتي تَحِيَّة الْمَسْجِد قبل أَن يجلس الجزء: 5 ¦ الصفحة: 597 من كتاب مُسلم. وَترك فِيهِ زِيَادَة، وَهِي فِي كتاب الْحَارِث بن أبي أُسَامَة، وَفِي كتاب الطَّحَاوِيّ. قَالَ الْحَارِث: حَدثنَا هدبة بن خَالِد، حَدثنَا همام، حَدثنَا مُحَمَّد بن عجلَان، وَابْن جريج، عَن عَامر بن عبد الله بن الزبير، عَن عَمْرو بن سليم، عَن أبي قَتَادَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا دخل أحدكُم الْمَسْجِد فَلَا يجلس حَتَّى يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ". وَقَالَ ابْن جريج: لَا يجلس وَلَا يستخبر حَتَّى يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ. وَقَالَ الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن يحيى بن جناد، حَدثنَا أَبُو سَلمَة: مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، حَدثنَا همام، فَذكر مثله. وَترك أَيْضا زِيَادَة مبينَة أَنَّهُمَا من حق الْمَسْجِد، قَالَ ابْن أبي شيبَة، حَدثنَا أَبُو خَالِد، عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن أبي بكر بن عَمْرو بن حزم، عَن عَمْرو بن سليم، عَن أبي قَتَادَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: (2816) " أعْطوا الْمَسَاجِد حَقّهَا، قيل: وَمَا حَقّهَا؟ قَالَ: رَكْعَتَانِ قبل أَن تجْلِس ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 598 (2817) وَذكر من طَرِيق مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْفطْرَة: الاختتان، والاستحداد، وقص الشَّارِب، وتقليم الأظافر، ونتف الْإِبِط ". وَهَذَا اللَّفْظ الَّذِي سَاق، هُوَ مِنْهُ عِنْد مُسلم، من رِوَايَة يُونُس، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سعيد بن الْمسيب عَنهُ. وَأوردهُ مُسلم بقريب من هَذَا اللَّفْظ أَيْضا، من رِوَايَة سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن الزُّهْرِيّ. فِيهِ أَيْضا: " قصّ الشَّارِب، والاستحداد ". كَذَلِك رَوَاهُ عِنْده عَن ابْن عُيَيْنَة أَبُو بكر بن أبي شيبَة، وَعَمْرو النَّاقِد، وَزُهَيْر بن حَرْب، وَقد رَوَاهُ النَّسَائِيّ بِلَفْظ يزْدَاد بِهِ فِي مَعْنَاهُ قَالَ: أخبرنَا مُحَمَّد ابْن عبد الله بن يزِيد الْمُقْرِئ الْمَكِّيّ، حَدثنَا سُفْيَان - وَهُوَ ابْن عُيَيْنَة - عَن الزُّهْرِيّ، [عَن سعيد بن الْمسيب، عَن] أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: الْفطْرَة / خمس: الْخِتَان، وَحلق الْعَانَة، ونتف الْإِبِط، وتقليم الأظافر، وَحلق الشَّارِب ". فَهَذَا صَحِيح الْإِسْنَاد، وَحلق الْعَانَة أوسع من الاستحداد؛ فَإِنَّهُ يصدق على التَّنور بالنورة، وَلَا يصدق عَلَيْهِ الاستحداد؛ فَإِنَّهُ الْحلق بالحديد، وَحلق الشَّارِب أَيْضا خلاف قصه. فَاعْلَم ذَلِك. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 599 (2818) ذكر من طَرِيق البُخَارِيّ حَدِيث أبي ذَر: " أبرد ثمَّ أبرد، حَتَّى رَأينَا فَيْء التلول ". وَترك عِنْد البُخَارِيّ زِيَادَة فِيهِ، تفسر من مَعْنَاهُ وَهِي: " حَتَّى سَاوَى الْفَيْء التلول ". فَفِي هَذَا أَن التَّأْخِير الْمَذْكُور إِلَى آخر الْقَامَة أَو مَا يُقَارب ذَلِك. (2819) وَذكر أَيْضا من طَرِيق مُسلم حَدِيث أنس: " فَأمر بِلَال أَن يشفع الْأَذَان، ويوتر الْإِقَامَة إِلَّا الْإِقَامَة ". وَهُوَ حَدِيث خَالِد الْحذاء، عَن أبي قلَابَة، عَن أنس. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 600 وَلم يبين مِنْهُ من الَّذِي أمره بذلك، وَإِن كَانَ الظَّاهِر أَنه إِنَّمَا يَعْنِي بذلك النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَلَكِن أبين مِنْهُ مَا رَوَاهُ أَيُّوب، عَن أبي قلَابَة، عَن أنس. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا الْحسن بن الْخضر، حَدثنَا أَحْمد بن شُعَيْب، أخبرنَا قُتَيْبَة بن سعيد، حَدثنَا عبد الْوَهَّاب، عَن أَيُّوب، عَن أبي قلَابَة، عَن أنس أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَمر بِلَالًا أَن يشفع الْأَذَان، ويوتر الْإِقَامَة ". حَدثنَا الْحسن بن إِبْرَاهِيم بن عبد الْمجِيد، حَدثنَا عَبَّاس بن مُحَمَّد الدوري، حَدثنَا يحيى بن معِين، حَدثنَا عبد الْوَهَّاب مثله. وَقَالَ ابْن السكن: حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد الْبَغَوِيّ، حَدثنَا الْحسن بن عَرَفَة، حَدثنَا عبد الْوَهَّاب، فَذكره. وَقد وَصله الدَّارَقُطْنِيّ إِلَى خَالِد الْحذاء، عَن أبي قلَابَة، عَن أنس مثله، وَلَكِن من طَرِيق عبد الْبَاقِي بن قَانِع، فَلذَلِك اعتمدنا رِوَايَة أَيُّوب، عَن أبي قلَابَة. (2820) وَذكر من طَرِيق مُسلم عَن أبي مَحْذُورَة: أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - علمه الْأَذَان: الله أكبر، الله أكبر، أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله ... الحَدِيث. [وَفِيه بَيَان أَن كَلِمَات] / الْأَذَان مثنى، وَهُوَ حَدِيث سَاقه مُسلم من رِوَايَة عَامر الْأَحول، عَن مَكْحُول، عَن ابْن محيريز، عَن أبي مَحْذُورَة، من الجزء: 5 ¦ الصفحة: 601 رِوَايَة هِشَام الدستوَائي، عَن عَامر، رَوَاهَا عَنهُ ابْنه معَاذ. وَالصَّحِيح عَن عَامر الْمَذْكُور فِي هَذَا الحَدِيث، إِنَّمَا هُوَ تربيع التَّكْبِير فِي أول الْأَذَان. كَذَلِك رَوَاهُ عَن عَامر الْمَذْكُور جمَاعَة: مِنْهُم عَفَّان، وَسَعِيد بن عَامر، وحجاج، وَرَوَاهُ عَن هَؤُلَاءِ الْحسن بن عَليّ، ذكر ذَلِك أَبُو دَاوُد عَنهُ. وَبِذَلِك يَصح فِيهِ كَون الْأَذَان تسع عشرَة كلمة، يزِيد عَلَيْهَا الْأَذَان بالترجيع فِي الشَّهَادَتَيْنِ، وَقد يَقع فِي بعض رِوَايَات كتاب مُسلم هَذَا الحَدِيث مربعًا فِيهِ التَّكْبِير، وَهِي الَّتِي يَنْبَغِي أَن تعد فِيهِ صَحِيحَة. وَقد سَاقه الْبَيْهَقِيّ فِي كِتَابه من رِوَايَة إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم عَن معَاذ بن هِشَام، عَن أَبِيه هِشَام الدستوَائي بِالتَّكْبِيرِ مربعًا. ثمَّ قَالَ الْبَيْهَقِيّ: أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح. وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم أحد من رَوَاهُ عَنهُ مُسلم، فَهُوَ إِذن مربع فِيهِ التَّكْبِير، فَاعْلَم ذَلِك. (2821) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 602 قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الإِمَام ضَامِن والمؤذن مؤتمن، اللَّهُمَّ أرشد الْأَئِمَّة، واغفر للمؤذنين ". وَلم يعرض لَهُ بالانقطاع الَّذِي فِي إِسْنَاده، وَقد بَينا ذَلِك من حَاله فِي الْمدْرك الثَّانِي من بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا مُتَّصِلَة وَهِي مُنْقَطِعَة. ونبين الْآن من حَاله أَن فِيهِ زِيَادَة، كَانَ يلْزمه إيرادها؛ لِأَنَّهَا بِالْإِسْنَادِ الَّذِي أوردهُ بِهِ من عِنْد التِّرْمِذِيّ: أَعنِي من رِوَايَة الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة. وَالزِّيَادَة الْمَذْكُورَة، ذكرهَا الْبَزَّار فَقَالَ: حَدثنَا أَحْمد بن مَنْصُور بن سيار، حَدثنَا عتاب بن زِيَاد، حَدثنَا أَبُو حَمْزَة السكرِي، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الإِمَام [ضَامِن، والمؤذن مؤتمن] ، اللَّهُمَّ أرشد الْأَئِمَّة، واغفر للمؤذنين " قَالُوا: يَا رَسُول الله /، لقد تركتنا نتنافس فِي الْأَذَان بعْدك، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنَّه يكون بعدِي - أَو بعدكم _ قوم سفلتهم مؤذنون ". أَبُو حَمْزَة: مُحَمَّد بن مَيْمُون السكرِي، ثِقَة مَشْهُور. وعتاب بن زِيَاد مروزي ثِقَة، قَالَه أَبُو حَاتِم. وَأحمد بن مَنْصُور بن سيار ثِقَة مَشْهُور. وَلَا عيب بِهَذَا الْإِسْنَاد إِلَّا مَا بَينا من انْقِطَاعه الخافي على أبي مُحَمَّد، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 603 فإيرادها إِذن لَازم لَهُ، لَو علم مَكَانهَا، وَلَا مبالاة بقول الدَّارَقُطْنِيّ فِي علله: إِنَّهَا لَيست بمحفوظة. لثقة راويها أبي حَمْزَة السكرِي. وَقد أورد أَبُو مُحَمَّد فِيهِ زِيَادَة أُخْرَى من طَرِيق أبي أَحْمد، هَذِه أسلم إِسْنَادًا مِنْهَا، فَاعْلَم ذَلِك. (2822) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ حَدِيث أنس أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الدُّعَاء لَا يرد بَين الْأَذَان وَالْإِقَامَة ". وَحسنه، وَلم يبين لم لَا يَصح، وَقد ترك مِنْهُ زِيَادَة هِيَ أَيْضا بعلة هَذَا الَّذِي أوردهُ، فقد كَانَ عَلَيْهِ أَن يوردها بِحَسبِهِ، لَو علم مَكَانهَا، وَذَلِكَ أَن التِّرْمِذِيّ كرر ذكره فِي أَبْوَاب الدُّعَاء فِي بَاب الْعَفو والعافية: عَن يحيى بن يمَان، عَن سُفْيَان الثَّوْريّ، عَن زيد الْعمي، عَن أبي إِيَاس: مُعَاوِيَة بن قُرَّة، عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الدُّعَاء لَا يرد بَين الْأَذَان وَالْإِقَامَة " قَالُوا: فَمَاذَا نقُول يَا رَسُول الله؟ قَالَ: " سلوا الله الْعَافِيَة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة ". وَهَكَذَا كَانَ دون هَذِه الزِّيَادَة عَن زيد الْعمي، عَن أبي إِيَاس. وَقد تقدم ذكرنَا لَهُ بِإِسْنَاد جيد، بِزِيَادَة أُخْرَى، فاعمله. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 604 (2823) وَذكر حَدِيث: " أَلا صلوا فِي الرّحال ". وَهُوَ مُحْتَمل أَن يكون مَعْنَاهُ فِي جمَاعَة، وَأَن يكون مَعْنَاهُ أفذاذا، أَو فِي جمَاعَة كَيْفَمَا شِئْتُم. فَذكره بَقِي بن مخلد: حَدثنَا منْجَاب بن الْحَارِث، قَالَ: حَدثنَا عَليّ بن مسْهر، عَن عبيد الله، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، أَنه أذن بضجنان فِي لي [لَة ذَات برد وريح، وَلما انْتهى] / من أَذَانه قَالَ: " صلوا فِي رحالكُمْ ". قَالَ: وَأخْبرنَا أَنهم كَانُوا يكونُونَ مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي السّفر، فَإِذا كَانَت اللَّيْلَة الْبَارِدَة أَو الْمَطِيرَة، أَمر مؤذنه، فَنَادَى بِالصَّلَاةِ، حَتَّى إِذا فرغ من أَذَانه قَالَ: نَاد أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " لَا جمَاعَة، صلوا فِي الرّحال "، وَهَذَا الْإِسْنَاد صَحِيح. (2824) وَذكر حَدِيث أبي هُرَيْرَة: " لَا يصل أحدكُم فِي الثَّوْب الْوَاحِد لَيْسَ على عَاتِقيهِ مِنْهُ شَيْء ". وَترك عِنْد البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو عَاصِم، عَن مَالك، عَن أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يصل أحدكُم فِي الثَّوْب الجزء: 5 ¦ الصفحة: 605 الْوَاحِد لَيْسَ على عَاتِقيهِ شَيْء ". لم يقل لَفْظَة: مِنْهُ. وَهَذَا لَيْسَ مِمَّا قصدنا فِي هَذَا الْبَاب؛ فَإِن الْأَحَادِيث الَّتِي هِيَ هَكَذَا - أَعنِي الَّتِي إِذا نقص مِنْهَا اتَّسع مَعْنَاهَا، فتجيء الزِّيَادَة فِي الْمَعْنى، من حَيْثُ النُّقْصَان - هِيَ أَكثر من أَن تحصى، مثل هَذَا الْآن، فَإِن الأول فِيهِ النَّهْي أَن يُصَلِّي فِي ثوب لَا يَجْعَل بعضه على عَاتِقه إِذا لم يكن عَلَيْهِ غَيره، وَالثَّانِي فِيهِ النَّهْي أَن يُصَلِّي عاري الْكَتِفَيْنِ، وَلَو كَانَ عَلَيْهِ ثَوْبَان أَو أَكثر. (2825) وَمثل: " لَا يبولن أحدكُم فِي مستحمه ثمَّ يغْتَسل فِيهِ؛ فَإِن عَامَّة الوسواس مِنْهُ ". فِيهِ النَّهْي عَن ذَلِك لمن أَرَادَ الِاغْتِسَال حَيْثُ بَال. وَالرِّوَايَة الْأُخْرَى: " لَا يبولن أحدكُم فِي مستحمه؛ فَإِن عَامَّة الوسواس مِنْهُ ". (2826) وَمثل: " أمرت أَن أقَاتل النَّاس حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَه إِلَّا الله، ويقيموا الصَّلَاة، ويؤتوا الزَّكَاة، ويؤمنوا بِي وَبِمَا جِئْت بِهِ ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 606 وَسكت عَنهُ كَأَنَّهُ صَحِيح، وَقد بَينا أَنه لَيْسَ بِصَحِيح، وَإِنَّمَا هُوَ حسن. لِأَنَّهُ عِنْد أبي دَاوُد من رِوَايَة يحيى بن أَيُّوب، عَن عبد الرَّحْمَن بن حَرْمَلَة، عَن أبي عَليّ الْهَمدَانِي، عَن عقبَة بن عَامر. وَالَّذِي نريده الْآن مِنْهُ، هُوَ بَيَان أَمر زِيَادَة من رِوَايَة من أوردهُ هُوَ من طَرِيقه. قَالَ الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا يُونُس بن عبد الْأَعْلَى، حَدثنَا ابْن وهب. فَذكره بِإِسْنَادِهِ أبي دَاوُد نَفسه، عَن يحيى بن أَيُّوب، عَن عبد الرَّحْمَن بن حَرْمَلَة، عَن أبي عَليّ الْهَمدَانِي، عَن عقبَة بن عَامر قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " من أم النَّاس فَأصَاب الْوَقْت وَأتم الصَّلَاة، فَلهُ وَلَهُم، وَمن انْتقصَ من ذَلِك شَيْئا فَعَلَيهِ وَلَا عَلَيْهِم ". وَهَذِه الزِّيَادَة فِي مَعْنَاهُ، وَالطَّرِيق وَاحِد، وَقد رُوِيَ من طَرِيق أحسن من هَذَا، ذَكرْنَاهُ من أَجله فِي الْبَاب الَّذِي تقدم لهَذَا. (2829) وَذكر من طَرِيق البُخَارِيّ عَن أم سَلمَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كَانَ إِذا سلم يمْكث يَسِيرا ". قَالَ ابْن شهَاب: فنرى - وَالله أعلم - أَن ذَلِك كي ينفذ من ينْصَرف من النِّسَاء. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 607 لمنع الْكَفّ عَنْهُم حَتَّى يَفْعَلُوا جَمِيع هَذَا. وَالرِّوَايَة الْأُخْرَى: " أمرت أَن أقَاتل النَّاس حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَه إِلَّا الله، فَإِذا قالوها عصموا مني دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالهمْ ". فِيهِ الْأَمر بالكف عَنْهُم إِذا تشهدوا. وَنَحْو هَذَا أَكثر، وَقد أعرضنا عَن تتبعه لكثرته، كَمَا أعرضنا عَمَّا ترك / من الحَدِيث الصَّحِيح وَالْحسن فِي أَحْكَام أَفعَال الْمُكَلّفين، وَلَكِن وَقع هَذَا فَلم نتركه، قصدنا التَّنْبِيه على جنسه، ليبحث عَنهُ من ينشط لَهُ. (2827) وَذكر من طَرِيق مُسلم حَدِيث أبي مَسْعُود فِيهِ: " وَلَا يُؤمن الرجل [الرجل] فِي سُلْطَانه " وَترك مِنْهُ زِيَادَة صَحِيحَة، وَهِي قَوْله: " وَلَا تؤمن الرجل فِي أَهله وَلَا فِي سُلْطَانه " - أَو: " وَلَا يؤم الرجل فِي بَيته وَلَا فِي سُلْطَانه ". كِلَاهُمَا روى، ذكر إِحْدَاهمَا - وَهِي الأولى - مُسلم، وَالْأُخْرَى أَبُو دَاوُد، وكل صَحِيح. (2828) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد حَدِيث عقبَة بن عَامر، سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " من أم النَّاس وَأصَاب الْوَقْت فَلهُ وَلَهُم، وَمن انْتقصَ من ذَلِك شَيْئا فَعَلَيهِ وَلَا عَلَيْهِم ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 608 وَترك عِنْد البُخَارِيّ عَنْهَا قَالَت: " كَانَ يسلم فَيَنْصَرِف النِّسَاء، فيدخلن بُيُوتهنَّ من قبل أَن ينْصَرف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ". (2830) [وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد] / حَدِيث أبي بكرَة: " إِذْ جَاءَ وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَاكِع، فَرَكَعَ دون الصَّفّ، ثمَّ مَشى إِلَى الصَّفّ، فَلَمَّا قضى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلَاته قَالَ: أَيّكُم الَّذِي ركع دون الصَّفّ، ثمَّ مَشى إِلَى الصَّفّ "، فَقَالَ أَبُو بكرَة: أَنا، قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " زادك الله حرصا وَلَا تعد ". ثمَّ أردفه أَن قَالَ: خرجه البُخَارِيّ، وهذ أبين. وَصدق؛ فَإِن لفظ حَدِيث البُخَارِيّ لَا يُعْطي مَا يُعْطِيهِ حَدِيث أبي دَاوُد، وَحَدِيث أبي دَاوُد من رِوَايَة مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، عَن حَمَّاد بن سَلمَة، عَن زِيَاد الأعلم. وَحَدِيث البُخَارِيّ من رِوَايَة مُوسَى بن إِسْمَاعِيل أَيْضا، وَلَكِن عَن همام، عَن زِيَاد الأعلم، فَكَأَن حَمَّاد بن سَلمَة حصل مِنْهُ مَا لم يحصل همام. وَلَفظ همام، هُوَ هَذَا، قَالَ البُخَارِيّ: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، عَن الأعلم - هُوَ زِيَاد - عَن الْحسن، عَن أبي بكرَة أَنه انْتهى إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ رَاكِع، فَرَكَعَ قبل أَن يصل إِلَى الصَّفّ، فَذكره ذَلِك النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " زادك الله الجزء: 5 ¦ الصفحة: 609 حرصا وَلَا تعد ". فَلَيْسَ فِي هَذَا إِلَّا الرُّكُوع قبل أَخذ الْمَكَان من الصَّفّ، وَلَيْسَ فِيهِ أَنه مَشى رَاكِعا إِلَى الصَّفّ، فَلَعَلَّهُ أتم صلَاته حَيْثُ ركع. وَحَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة بَين ذَلِك، فَلذَلِك اسْتحق أَن يَقُول فِيهِ أَبُو مُحَمَّد: إِنَّه أبين، وَلَكِن مَعَ ذَلِك بَقِي عَلَيْهِ أَن يذكر مَا يبين أَن مَشْيه إِلَى الصَّفّ كَانَ رَاكِعا، فَإِن حَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة الْمَذْكُور لم يبين ذَلِك، بل يحْتَمل أَن يكون مَشى إِلَيْهِ رَاكِعا، وَأَن يكون مَشى إِلَيْهِ قَائِما بعد رفع الرَّأْس من الرُّكُوع، أَو بعد أَن فرغ من السُّجُود، حَتَّى يكون مَشْيه فِي الْقيام من الرَّكْعَة الثَّانِيَة. وَالَّذِي يبين الْمَقْصُود، هُوَ رِوَايَة حجاج بن الْمنْهَال، عَن حَمَّاد بن سَلمَة. قَالَ عَليّ بن عبد الْعَزِيز فِي منتخبه: حَدثنَا الْحجَّاج بن الْمنْهَال حَدثنَا حَمَّاد [أخبرنَا زيد الأعلم ع] ن الْحسن، عَن أبي بكرَة أَنه دخل الْمَسْجِد وَرَسُول الله / - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي وَقد ركع، فَرَكَعَ ثمَّ دخل الصَّفّ وَهُوَ رَاكِع، فَلَمَّا انْصَرف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَيّكُم دخل الصَّفّ وَهُوَ رَاكِع؟ " فَقَالَ لَهُ أَبُو بكرَة: أَنا، فَقَالَ: " زادك الله حرصا وَلَا تعد ". وَهَكَذَا هُوَ فِي مُصَنف حَمَّاد بن سَلمَة. وبهذه الزِّيَادَة يتَبَيَّن أَن الَّذِي أنكر عَلَيْهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّمَا هُوَ أَن دب رَاكِعا، وَقد كَانَ هَذَا متنازعا فِيهِ، فَمن النَّاس من قَالَ: إِنَّمَا قَالَ لَهُ: " لَا تعد " أَي إِلَى الجزء: 5 ¦ الصفحة: 610 التَّأَخُّر والإبطاء، وشكر لَهُ مَعَ ذَلِك حرصه. وَمِنْهُم من قَالَ: إِنَّه إِنَّمَا نَهَاهُ عَن الْمَشْي رَاكِعا، وبهذه الزِّيَادَة يتَبَيَّن أَن هَذَا هُوَ المُرَاد، وَالله أعلم. (2831) وَذكر من طَرِيق البُخَارِيّ حَدِيث ابْن عمر فِي رفع الْيَدَيْنِ عِنْد التَّكْبِير فِي الْخَفْض وَالرَّفْع، وَفِيه: " وَلَا يفعل ذَلِك حِين يسْجد، وَلَا حِين يرفع من السُّجُود ". وَذكر - مُعَارضا لَهُ - حَدِيث وَائِل بن حجر من عِنْد ابْن عبد الْبر، فِيهِ: " وَإِذا رفع رَأسه من السُّجُود رفع يَدَيْهِ ". وتعارض هذَيْن الْخَبَرَيْنِ، هُوَ بِأَن يَجْعَل تواردهما على مَوضِع وَاحِد، وَهُوَ بِحكم ظَاهر اللَّفْظ: إِذا رفع رَأسه من السُّجُود، وافتتح الْقيام فِي الرَّكْعَة، قَالَ فِي حَدِيث ابْن عمر: إِنَّه لم يكن يرفع، وَقَالَ فِي حَدِيث وَائِل: إِنَّه كَانَ يرفع، هَذَا الَّذِي لَا يفهم من الْخَبَرَيْنِ سواهُ. ثمَّ أتبع أَبُو مُحَمَّد - رَحمَه الله - مَا أورد من ذَلِك كَلَام ابْن عبد الْبر، وَهُوَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 611 أَن قَالَ: عَارض هَذَا الحَدِيث حَدِيث ابْن عمر أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ لَا يرفع بَين السَّجْدَتَيْنِ، وَوَائِل صحب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَيَّامًا قَلَائِل، وَابْن عمر صَحبه حَتَّى توفّي، فَحَدِيثه أولى أَن يُؤْخَذ بِهِ وَيتبع. انْتهى قَوْله. فَأَقُول: لَا مُعَارضَة بَين حَدِيث وَائِل وَحَدِيث ابْن عمر على الموطن الَّذِي هُوَ مَا بَين السَّجْدَتَيْنِ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ فيهمَا ذكر، وَأَبُو عمر هُوَ الَّذِي نزلهما على ذَلِك، وَذكر حَدِيث: " كَانَ لَا يرفع بَين السَّجْدَتَيْنِ ". وَأَبُو مُحَمَّد [ ... .] / بَين السَّجْدَتَيْنِ هُوَ حَدِيث سَالم عَن أَبِيه، ذكره مُسلم، وَلم يذكرهُ أَبُو مُحَمَّد. والآن بلغنَا إِلَى الْغَرَض فَنَقُول - وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق -: إِن هذَيْن الموطنين اللَّذين هما مَا بَين السَّجْدَتَيْنِ، وَمَا بَين السُّجُود حِين النهوض إِلَى ابْتِدَاء الرَّكْعَة، قد صَحَّ فيهمَا الرّفْع من حَدِيث ابْن عَبَّاس، وَابْن عمر، وَمَالك بن الْحُوَيْرِث. قَالَ النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُوسَى بن عبد الله بن مُوسَى الْبَصْرِيّ، حَدثنِي النَّضر بن كثير أَبُو سهل الْأَزْدِيّ، قَالَ: صلى إِلَى جَنْبي عبد الله بن طَاوس بمنى فِي مَسْجِد الْخيف، وَكَانَ إِذا سجد السَّجْدَة الأولى فَرفع رَأسه مِنْهَا، رفع يَدَيْهِ تِلْقَاء وَجهه، فأنكرت أَنا ذَلِك، فَقلت لوهيب بن خَالِد: إِن هَذَا يصنع شَيْئا لم أر أحدا يصنعه، فَقَالَ لَهُ وهيب: تصنع شَيْئا لم أر أحدا يصنعه، فَقَالَ عبد الله بن طَاوس: رَأَيْت أبي يصنعه [وَقَالَ أبي: رَأَيْت ابْن عَبَّاس يصنعه، وَقَالَ ابْن عَبَّاس: رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يصنعه] . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 612 وَقَالَ الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا نصر بن عَليّ، حَدثنَا عبد الْأَعْلَى، حَدثنَا عبيد الله، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، أَنه كَانَ يرفع يَدَيْهِ فِي كل خفض وَرفع، وركوع وَسُجُود، وَقيام وقعود بَين السَّجْدَتَيْنِ، وَيذكر أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يفعل ذَلِك. وَقَالَ النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، حَدثنَا ابْن أبي عدي، عَن شُعْبَة، عَن قَتَادَة، عَن نصر بن عَاصِم، عَن مَالك بن الْحُوَيْرِث، أَن [هـ رأى] نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رفع يَدَيْهِ فِي صلَاته إِذا ركع، وَإِذا رفع رَأسه من رُكُوعه، وَإِذا سجد، وَإِذا رفع رَأسه من سُجُوده، حَتَّى يُحَاذِي بهما فروع أُذُنَيْهِ ". وَرَوَاهُ هِشَام، عَن قَتَادَة، وَهَذِه أَيْضا زِيَادَة مستدركة عَلَيْهِ فِي حَدِيث مَالك بن الْحُوَيْرِث؛ فَإِنَّهُ ذكره من عِنْد [مُسلم] محالا بِهِ على حَدِيث ابْن عمر، قَالَ: وَلم يذكر السُّجُود. وَهَذَا ذكر السُّجُود فِيهِ. وَأما مَا ذكر من طَرِيق أبي عمر بن عبد الْبر، من رِوَايَة وَائِل فِي الرّفْع إِذا رفع رَأسه من السُّجُود، فَإِن أَبَا دَاوُد قد ذكره، فَلَا يَنْبَغِي ان يعزى إِلَى أبي عمر، وَهُوَ عِنْد أبي دَاوُد، فاعلمه وَالله الْمُوفق. (2832) [وَذكر من طَرِيق] النَّسَائِيّ حَدِيث حُذَيْفَة حِين صلى مَعَه، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 613 فصلى / بالبقرة، وَالنِّسَاء، وَآل عمرَان فِي رَكْعَة. الحَدِيث. وَتَركه من عِنْد مُسلم بِزِيَادَة: " رَبنَا وَلَك الْحَمد ". وَفِيه عِنْد أبي دَاوُد: " وَكَانَ يقْعد مَا بَين السَّجْدَتَيْنِ نَحوا من سُجُوده " وَالرجل الْمَذْكُور فِي إِسْنَاده، هُوَ صلَة بن زفر فَلَا يصد عَنهُ. وَفِيه من طَرِيق آخر عِنْد النَّسَائِيّ: " وَكَانَ يَقُول بَين السَّجْدَتَيْنِ: رب اغْفِر لي، رب اغْفِر لي ". (2833) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ من حَدِيث ابْن عَبَّاس مَا يُقَال بَين السَّجْدَتَيْنِ: " اللَّهُمَّ اغْفِر لي، وارحمني، واجبرني، واهدني، وارزقني ". وَترك عِنْد أبي دَاوُد - بِالْإِسْنَادِ الَّذِي هُوَ عِنْد التِّرْمِذِيّ لم يختلفا إِلَّا فِي شيخهما - قَوْله: " وَعَافنِي " بَدَلا من " واجبرني "، فَإِذا اجْتمعت الرِّوَايَتَانِ جَاءَت سِتا. (2834) وَذكر فِي الْوتر من طَرِيق النَّسَائِيّ حَدِيث أبي بن كَعْب، فِيهِ: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 614 " فَإِذا فرغ قَالَ عِنْد فَرَاغه: سُبْحَانَ الْملك القدوس، ثَلَاث مَرَّات، يُطِيل فِي آخِرهنَّ ". وَهُوَ صَحِيح، وَلَكِن ترك مِنْهُ زِيَادَة رفع الصَّوْت، وَهُوَ فِيهِ من طرق نذْكر بَعْضهَا: قَالَ النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَمْرو بن يزِيد، حَدثنَا بهز، حَدثنَا شُعْبَة، عَن سَلمَة وزبيد، عَن ذَر، عَن ابْن عبد الرَّحْمَن بن أَبْزَى - هُوَ سعيد - عَن أَبِيه، عَن أبي أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يُوتر بسبح اسْم رَبك الْأَعْلَى، وَقل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ، وَقل هُوَ الله أحد، وَكَانَ يَقُول: سُبْحَانَ الْملك القدوس ثَلَاثًا، وَيرْفَع [صَوته] بالثالثة. (2835) وَذكر من حَدِيث سَمُرَة: أمرنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن نرد على الإِمَام، وَأَن نتحاب، وَأَن يسلم بَعْضنَا على بعض. من رِوَايَة سعيد بن بشير، عَن قَتَادَة، عَن الْحسن، عَن سَمُرَة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 615 وَقد كبتناه فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا على أَنَّهَا صَحِيحَة وَهِي سقيمة، وَلها طرق غَيرهَا صَحِيحَة أَو حَسَنَة بِزِيَادَة: " فِي الصَّلَاة ". حَتَّى يتَبَيَّن أَن السَّلَام الْمَذْكُور، لَيْسَ هُوَ التَّحِيَّة الَّتِي هِيَ سَبَب التحاب، بل هِيَ الَّتِي فِي الصلا [ة. (2836) وَذكر من طَرِيق] / مُسلم حَدِيث عَليّ، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه كَانَ إِذا قَامَ إِلَى الصَّلَاة قَالَ: " وجهت وَجْهي للَّذي فطر السَّمَوَات وَالْأَرْض " الحَدِيث. وَفِي رِوَايَة من مُسلم: " إِذا استفتح الصَّلَاة كبر ثمَّ قَالَ: " وجهت وَجْهي ... " الحَدِيث. وَقد ترك مِنْهُ زيادتين: إِحْدَاهمَا: أَن ذَلِك كَانَ فِي الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: حَدثنَا أَبُو بكر النَّيْسَابُورِي، حَدثنَا يُوسُف بن سعيد، حَدثنَا حجاج، عَن ابْن جريج، أَخْبرنِي مُوسَى بن عقبَة، عَن عبد الله بن الْفضل، عَن عبد الرَّحْمَن الْأَعْرَج، عَن عبيد الله بن أبي رَافع، عَن عَليّ بن أبي طَالب، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا ابْتَدَأَ الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة، قَالَ: وجهت وَجْهي ... الحَدِيث بِكَمَالِهِ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 616 وَفِيه: وَكَانَ إِذا سجد فِي الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة قَالَ: فَذكره. وَالزِّيَادَة الْأُخْرَى هِيَ تَفْسِير " كبر " أَنه قَالَ: " الله أكبر " وَهُوَ شَيْء عَزِيز الْوُجُود، لَا يكَاد يُوجد تعْيين لفظ التَّكْبِير فِي هَذَا، بَدَلا من: الله أكبر، أَو الْأَكْبَر الله، أَو الله الْكَبِير، أَو الْكَبِير [الله] وَمَا أشبه ذَلِك. وَقد أنكر ابْن حزم وجود ذَلِك، وَقَالَ: " مَا عرف قطّ ". وَالزِّيَادَة الْمَذْكُورَة، ذكرهَا الْبَزَّار قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الْملك الْقرشِي، قَالَ: حَدثنَا يُوسُف بن أبي سَلمَة، قَالَ: حَدثنِي أبي، عَن الْأَعْرَج، عَن عبيد الله بن أبي رَافع، عَن عَليّ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا قَامَ للصَّلَاة قَالَ: " الله أكبر وجهت وَجْهي للَّذي فطر السَّمَوَات وَالْأَرْض " الحَدِيث. (2837) وَذكر فِي الْجَنَائِز فِي زِيَارَة النِّسَاء الْقُبُور حَدِيثا. ثمَّ قَالَ: وَذكر أَبُو دَاوُد تشديدا فِي هَذَا من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: وَفِي إِسْنَاده ربيعَة بن سيف، وَرَبِيعَة هَذَا ضَعِيف الحَدِيث عِنْده مَنَاكِير. هَكَذَا أورد مُبْهما غير مُفَسّر من عِنْد أبي دَاوُد، وَهُوَ عِنْده كَذَلِك، وكتبته الْآن لأفسر التَّشْدِيد الْمَذْكُور فَإِنَّهُ عِنْد غَيره مُفَسّر وَإِنَّمَا اعتنيت بِهِ، لِأَنَّهُ عِنْدِي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 617 حسن لَا ضَعِيف، وَلَو [ضعفه جمَاعَة؛ لِأَن ربيعَة بن] سيف قد روى عَنهُ جمَاعَة، مِنْهُم حَيْوَة بن شُرَيْح، / وَهِشَام بن سعد، والمفضل بن فضَالة: وَسَعِيد بن أبي أَيُّوب. وَقَالَ فِيهِ النَّسَائِيّ: لَيْسَ بِهِ بَأْس. وَالَّذِي قَالَه أَبُو مُحَمَّد من ضعفه، هُوَ شَيْء لَا أعرفهُ لأحد فِيهِ، إِلَّا أَبَا حَاتِم البستي، فَإِنَّهُ قَالَ: إِنَّه لَا يُتَابع، وَفِي حَدِيثه مَنَاكِير. وَهَذَا أَمر لَا يعرى مِنْهُ أحد من الثِّقَات، بِخِلَاف من يكون مُنكر الحَدِيث جله أَو كُله. (2838) وَقد ذكر أَبُو مُحَمَّد فِي آخر كتاب الْجَنَائِز حَدِيث عبد الله بن عَمْرو، فِيمَن يَمُوت يَوْم الْجُمُعَة أَو لَيْلَتهَا. ثمَّ أعله بِانْقِطَاع مَا بَين ربيعَة بن سيف، وَعبد الله بن عَمْرو، كَمَا فعل التِّرْمِذِيّ. وَلم يعرض من إِسْنَاده لَا لِرَبِيعَة بن سيف، وَلَا لهشام بن سعد. وَالْمَقْصُود الْآن، تَفْسِير التَّشْدِيد الْمَذْكُور، ولنسق أَولا لفظ حَدِيث أبي دَاوُد الجزء: 5 ¦ الصفحة: 618 الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ، ثمَّ نتبعه مَا يفسره. قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا يزِيد بن خَالِد بن عبد الله بن موهب الْهَمدَانِي، قَالَ: حَدثنَا الْمفضل، عَن ربيعَة بن سيف الْمعَافِرِي، عَن أبي عبد الرَّحْمَن الحبلي، عَن عبد الله بن عَمْرو بن العَاصِي، قَالَ قبرنا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، يَوْمًا - يَعْنِي مَيتا - فَلَمَّا فَرغْنَا، انْصَرف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وانصرفنا مَعَه، فَلَمَّا حَاذَى بَابه، وقف، فَإِذا نَحن بِامْرَأَة مقبلة - قَالَ: أَظُنهُ عرفهَا - فَلَمَّا دنت إِذا هِيَ فَاطِمَة، فَقَالَ لَهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا أخرجك يَا فَاطِمَة من بَيْتك؟ " قَالَت: أتيت يَا رَسُول الله أهل هَذَا الْبَيْت، فرحمت إِلَيْهِم ميتهم أَو عزيتهم بِهِ، قَالَ لَهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " فلعلك بلغت مَعَهم الكدى " قَالَت: معَاذ الله، وَقد سَمِعتك تذكر فِيهَا مَا تذكر، قَالَ: " لَو بلغت مَعَهم الكدى " فَذكر تشيدا فِي ذَلِك. فَسَأَلت ربيعَة عَن الكدى، فَقَالَ: الْقُبُور فِيمَا أَحسب. هَكَذَا أوردهُ أَبُو دَاوُد. وَقَالَ النَّسَائِيّ فِيمَا روى عَن قُتَيْبَة، عَن الْمفضل الْمَذْكُور بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور قَالَ: " لَو بلغت مَعَهم الكدى، مَا رَأَيْت الْجنَّة حَتَّى يَرَاهَا جد أَبِيك ". وَذكره أَيْضا فِي كتاب التمي [يز، وَقَالَ: سيف بن ربيعَة] / لَيْسَ بِهِ بَأْس. وَقَالَ الْبَزَّار: وَحدثنَا سَلمَة بن شبيب، قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن يزِيد، قَالَ: حَدثنَا حَيْوَة بن شُرَيْح، قَالَ: حَدثنِي ربيعَة بن سيف الْمعَافِرِي، عَن أبي عبد الرَّحْمَن الحبلي، عَن عبد الله بن عَمْرو، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه رأى فَاطِمَة ابْنَته، فَقَالَ لَهَا: من أَيْن أَقبلت؟ فَقَالَت: أَقبلت من وَرَاء جَنَازَة هَذَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 619 الرجل، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، لَو بلغت مَعَهم [الكدى] مَا رَأَيْت الْجنَّة حَتَّى يَرَاهَا جد أَبِيك ". (2839) وَذكر من طَرِيق عبد الرَّزَّاق، عَن عَليّ بن حُسَيْن، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يصرمن نخل بلَيْل ". وَزَاد فِيهِ من عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ: " النَّهْي عَن حصاد الزَّرْع باليل " هَذَا مُرْسل. وَترك فِيهِ زِيَادَة، هِيَ أَيْضا مُرْسلَة، بِحَسبِهِ ذكرهَا أَبُو دَاوُد قَالَ: حَدثنَا ابْن السَّرْح، قَالَ: حَدثنَا سُفْيَان، عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد، عَن أَبِيه، عَن عَليّ بن حُسَيْن، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " نهى عَن حصاد اللَّيْل، وجداد اللَّيْل، وصرام اللَّيْل ". (2840) وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ فِي قصَّة أبي طَلْحَة: " وَلَو اسْتَطَعْت أَن أسره لم أعلنه " بعد قَوْله فِي حَدِيث مُسلم: " أرى أَن تجعلها فِي الْأَقْرَبين ". وَحَدِيث التِّرْمِذِيّ الْمَذْكُور مِنْهُ هَذَا، هُوَ هَذَا: حَدثنَا إِسْحَاق بن مَنْصُور، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 620 أخبرنَا عبد الله بن بكر، حَدثنَا حميد، عَن أنس، قَالَ: لما نزلت: {لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون} أَو {من ذَا الَّذِي يقْرض الله} قَالَ أَبُو طَلْحَة - وَكَانَ لَهُ حَائِط -: يَا رَسُول الله، حائطي لله، وَلَو اسْتَطَعْت أَن أسره لم أعلنه، قَالَ: " اجْعَلْهُ فِي قرابتك، أَو أقربيك ". قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح. كَذَا هُوَ لَفظه: " فِي قرابتك "، وَلذَلِك اكْتفى بِلَفْظ مُسلم عَنهُ، وَهُنَاكَ مَا يُفَسر مَعْنَاهُ ويقيد مطلقه. قَالَ ابْن أبي شيبَة فِي مُسْنده، عَن أبي خَالِد الْأَحْمَر، عَن حميد، عَن أنس: جَاءَ أَبُو طَلْحَة إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " إِنِّي جعلت حائطي لله، وَلَو اسْتَطَعْت أَن أخفيه مَا أظهرته، فَقَالَ: " اجْعَلْهُ فِي فُقَرَاء [قرابتك، وفقراء أهلك ". (2841) وَذكر من طَرِيق مُسلم] حَدِيث عدي بن حَاتِم. وَترك مِنْهُ زِيَادَة هِيَ فِي / البُخَارِيّ، وَهِي: " إِن وِسَادك لَعَرِيض، إِن كَانَ الْخَيط الْأَبْيَض وَالْأسود تَحت وِسَادك ". (2842) وَذكر من طَرِيق مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 621 قَالَ: " لَا يجْتَمع كَافِر وقاتله فِي النَّار أبدا ". هَذَا، هُوَ من رِوَايَة الْعَلَاء، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة. وَترك من رِوَايَة سُهَيْل، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يَجْتَمِعَانِ فِي النَّار اجتماعا يضر أَحدهمَا الآخر " قيل: من هم يَا رَسُول الله؟ قَالَ: " مُؤمن قتل كَافِرًا ثمَّ سدد ". (2843) وَذكر من طَرِيق عبد الله بن مُغفل قَالَ: أصبت جرابا من شَحم يَوْم خَيْبَر، قَالَ: فالتزمته، فَقلت: لَا أعطي الْيَوْم أحدا من هَذَا شَيْئا، فَالْتَفت فَإِذا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُتَبَسِّمًا. هَذَا الحَدِيث هَكَذَا [رَوَاهُ] شَيبَان بن فروخ عَن سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة، عَن حميد بن هِلَال. وَلَيْسَ بكاف فِي الْمَقْصُود من ارْتِفَاع حُقُوق الْغَانِمين مِنْهُ بحوز حائز، فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شَيْء، وتبسمه مُجمل بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَقْصُود. وَقد رَوَاهُ شُعْبَة، عَن حميد بن هِلَال، قَالَ: سَمِعت عبد الله بن مُغفل الجزء: 5 ¦ الصفحة: 622 يَقُول: " رمي إِلَيْنَا جراب فِيهِ طَعَام وشحم يَوْم خَيْبَر، فَوَثَبت لآخذه، قَالَ: فَالْتَفت [فَإِذا] رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَاسْتَحْيَيْت مِنْهُ ". وَذكره مُسلم. وَهُوَ مُؤَكد لما قُلْنَاهُ؛ فَإِنَّهُ يفهم أَنه لم يَأْخُذهُ، حَيَاء من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَقد رَوَاهُ مُسلم بن إِبْرَاهِيم، وَعَفَّان بن مُسلم، عَن شُعْبَة، فنصا على هَذَا الْمَعْنى، فَقَالَا فِيهِ: " فَتَبَسَّمَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَاسْتَحْيَيْت أَن آخذه ". ذكره ابْن أَيمن عَن ابْن أبي خَيْثَمَة عَنْهُمَا. وَالْمَقْصُود الْآن لَيْسَ هَذَا، وَلَكِن زِيَادَة مفيدة لما أُرِيد، رَافِعَة مَا أبهمته هَذِه الْأَحَادِيث أَو احتملته، وَهِي مَا ذكر أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ فِي مُسْنده قَالَ: حَدثنَا شُعْبَة وَسليمَان بن الْمُغيرَة الْقَيْسِي، كِلَاهُمَا عَن حميد بن هِلَال الْعَدوي، قَالَ: سَمِعت عبد الله بن مُغفل الْمُزنِيّ يَقُول: دُلي ج [راب من شَحم يَوْم خَيْبَر، فَأَخَذته فالتزمته، فَقلت] : / هَذَا لي، لَا أعطي أحدا مِنْهُ شَيْئا، فَالْتَفت فَإِذا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، قَالَ: فَاسْتَحْيَيْت مِنْهُ. قَالَ سُلَيْمَان فِي حَدِيثه: وَلَيْسَ فِي حَدِيث شُعْبَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " هُوَ لَك ". فَهَذِهِ الزِّيَادَة نَص فِي إِبَاحَته لَهُ، وَهِي صَحِيحَة الْإِسْنَاد، وَلَا تنَاقض شَيْئا مِمَّا تقدم. (2844) وَذكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا دخلت على أَخِيك فَكل من طَعَامه وَلَا تسأله، وَإِذا سقاك فَاشْرَبْ من الجزء: 5 ¦ الصفحة: 623 شرابه وَلَا تسأله ". ثمَّ قَالَ: أسْندهُ يحيى بن غيلَان وَعبد الْجَبَّار بن الْعَلَاء، عَن ابْن عُيَيْنَة، عَن ابْن عجلَان، عَن المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة، وَأَوْقفهُ غَيرهمَا، وَالْمَوْقُوف أصوب. وَرَوَاهُ أَبُو أَحْمد من حَدِيث مُسلم بن خَالِد الزنْجِي: حَدثنِي زيد بن أسلم، عَن سمي، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا دخل أحدكُم على أَخِيه الْمُسلم " فَذكر مثله. وَهَذَا الْإِسْنَاد لَا بَأْس بِهِ، مُسلم بن خَالِد: وَثَّقَهُ يحيى بن معِين، وَضَعفه ابْن الْمَدِينِيّ، وَقَالَ أَحْمد: لَا بَأْس بِهِ. كَذَا ذكر هَذَا الْمَكَان، فَذكره الحَدِيث الأول من علل الدَّارَقُطْنِيّ، وَهُوَ غير موصل الْإِسْنَاد، وَعدل إِلَى كتاب أبي أَحْمد ليذكر مِنْهُ الحَدِيث الثَّانِي، وَتَركه فِي كتاب الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه، لزِيَادَة فِيهِ هُنَاكَ كَمَا ترى. ولنذكر الْحَدِيثين بنصهما فِي الكتابيين. قَالَ أَبُو أَحْمد: أخبرنَا مُحَمَّد بن يحيى الْمروزِي، حَدثنَا عَليّ بن الْجَعْد، حَدثنَا الزنْجِي بن خَالِد، حَدثنِي زيد بن اسْلَمْ، عَن سمي، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا دخل أحدكُم على أَخِيه الْمُسلم فأطعمه طَعَاما فَليَأْكُل من طَعَامه، وَلَا يسْأَل عَنهُ، وَإِن سقَاهُ من شرابه فليشرب من شرابه، وَلَا يسْأَل عَنهُ ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 624 قَالَ أَبُو أَحْمد: لَيْسَ يرويهِ عَن زيد، عَن سمي، غير الزنْجِي بن خَالِد، وَقد رَوَاهُ عبد الرَّحْمَن بن زيد بن أسلم، عَن أَبِيه، عَن جده، عَن أبي هُرَيْرَة. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي كتاب السّنَن: قرئَ على عبد الله بن مُحَمَّد [بن عبد الْعَزِيز - وَأَنا أسمع - حَدثكُمْ] عَليّ بن الْجَعْد، حَدثنَا الزنْجِي بن خَالِد، أخبرنَا زيد / بن أسلم، عَن سمي، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا دخل أحدكُم على أَخِيه الْمُسلم [فأطعمه] فَليَأْكُل من طَعَامه وَلَا يسْأَله، وَإِن سقَاهُ شربا فليشرب من شرابه، وَلَا يسْأَله عَنهُ، وَإِن خشِي مِنْهُ فليكسره بِالْمَاءِ ". انْتهى حَدِيثه. هَذِه زِيَادَة زَادهَا الْبَغَوِيّ، عَن عَليّ بن الْجَعْد، وَالْبَغوِيّ ثِقَة، فاعلمه. (2845) وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد، من رِوَايَة قَتَادَة، عَن الْحسن، عَن سَمُرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " على الْيَد مَا أخذت حَتَّى تُؤدِّي ". كَذَا أوردهُ، يرويهِ عِنْد أبي دَاوُد هَكَذَا: يحيى بن سعيد، عَن سعيد بن أبي عرُوبَة، عَن قَتَادَة. وَهُوَ هَكَذَا يُمكن الِاسْتِدْلَال بِهِ لإغرام الْقيم فِي الْمُتْلفَات من العواري. وَرَوَاهُ ابْن أبي شيبَة، عَن عَبدة بن سُلَيْمَان، عَن سعيد بِإِسْنَادِهِ فَقَالَ فِيهِ: " حَتَّى تُؤَدِّيه " فَهُوَ بِزِيَادَة الْهَاء، نَاب عَن ذَلِك، مُوجب لرد الْعين فَحسب، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 625 مَا كَانَت قَائِمَة، كَقَوْلِه: (2846) " الْعَارِية مُؤَدَّاة " ذكره كَذَلِك الْبَزَّار، فاعلمه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 626 (20) (بَاب ذكر المصنفين الَّذين أخرج عَنْهُم فِي كِتَابه مَا أخرج: من حَدِيث، أَو تَعْلِيل، أَو تجريح، أَو تَعْدِيل) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 627 اعْلَم أَنه لَيْسَ كل من يطالع كِتَابه، ويتعرف مِنْهُ مَا روى، يعرف كل من يَعْزُو إِلَيْهِ مَا يذكر من جَمِيع مَا فِيهِ، وَإِن اتّفق لبَعْضهِم أَن يعرف الْمَشَاهِير مِنْهُم، كمالك، وَالْبُخَارِيّ، فَإِنَّهُ رُبمَا لَا يعرف ابْن سنجر وَلَا أَبَا سعيد الْمَالِينِي وأشباههما، مِمَّن لَا يعرفهُ إِلَّا خَواص أهل الْعلم بِهَذَا الشَّأْن. فَلهَذَا الْمَعْنى عَقدنَا هَذَا الْبَاب، نذْكر فِيهِ جَمِيع من أخرج عَنهُ من المصنفين، ليخلص بِهِ من يقْرَأ كِتَابه من هجنة الْجَهْل بِمن يَعْزُو إِلَيْهِ الحَدِيث. وَلم نقصد ذكر أخبارهم، لِأَن ذَلِك لَو قصدناه طَال، فَإِن مِنْهُم من كثرت أخباره بِحَسب عظم قدره، كمالك، وَالْبُخَارِيّ مثلا فَرَأَيْنَا الِاخْتِصَار بلاغاً فاقتصرنا على ذكر الِاسْم، والكنية، والبلد، وَالنِّسْبَة، و [الْوَفَاة، وَبَعض خَصَائِص] الْحَال، وَرُبمَا لَا يتَّفق لنا كل هَذَا فِي أحد مِنْهُم، وَرُبمَا يكون أشهرهم وأعظمهم قدرا، أقلهم حظاً من كلامنا فِيهِ، وتعريفنا بِهِ، لاستغنائه عَن ذَلِك، ولتعذر ذكر الْوَاجِب من أخباره، وَبِالْعَكْسِ أَن الَّذِي نطيل فِيهِ بعض الإطالة، هُوَ الَّذِي احْتَاجَ من ذَلِك إِلَى مَا لم يحْتَج إِلَيْهِ الآخر، وَلم نذكرهم على الْحُرُوف كَمَا الْعَادة فِي كتب الرِّجَال، لقلَّة عَددهمْ، وَلَا بِحَسب سبقهمْ إِلَى التصنيف، وَتقدم بَعضهم على بعض فِي ذَلِك، لِأَن ذَلِك رُبمَا لَا يتَحَصَّل كَمَا يَنْبَغِي، وَإِنَّمَا المتحصل مِنْهُ، أَن أول من صنف بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيّ فلَان، وبالبلد الفرني فلَان، وَهَذَا لَا معنى لذكرنا إيَّاهُم بِحَسبِهِ، فَرَأَيْنَا لهَذَا أَن نذكرهم بِحَسب أزمانهم، فَلَا تنكرن ابتداءنا بِمن غَيره أولى بالتقديم مِنْهُ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 629 وَالله ولي التَّوْفِيق. (1) أَبُو بكر: مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن يسَار، مولى قيس بن مخرمَة، هُوَ صَاحب الْمَغَازِي، رأى أنس بن مَالك، والمتحصل من أمره الثِّقَة وَالْحِفْظ، وَلَا سِيمَا للسير، وَلم يَصح عَلَيْهِ قَادِح، وَتُوفِّي بِبَغْدَاد سنة إِحْدَى وَخمسين وَمِائَة. (2) أَبُو عبد الله: سُفْيَان بن سعيد بن مَسْرُوق بن عدي الثَّوْريّ، ثَوْر مَنَاة، وَيُقَال: ثَوْر تَمِيم، وَالْحسن بن صَالح بن صَالح بن حَيّ، الْفَقِيه، ثوري أَيْضا، وَلَكِن إِلَى ثَوْر هَمدَان فَأَما أَبُو يعلى، مُنْذر الثَّوْريّ، فَمن ثَوْر مَنَاة، وَقيل فِيهِ، من ثَوْر هَمدَان. ولد سُفْيَان رَحمَه الله، فِي خلَافَة سُلَيْمَان بن عبد الْملك، سنة سِتّ وَتِسْعين، وَمَات سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَة بِالْبَصْرَةِ، وَهُوَ أحد الْأَئِمَّة فِي الْفِقْه والْحَدِيث، وَأحد المقدمين فِي الزّهْد والورع رَضِي الله عَنهُ. (3) أَبُو سَلمَة: حَمَّاد بن سَلمَة بن دِينَار الربعِي، مولى بني ربيعَة بن مَالك بن حَنْظَلَة، وَيُقَال: مولى تَمِيم، وَيُقَال: مولى قُرَيْش، وَهُوَ ابْن أُخْت حميد الطَّوِيل، أحد الْأَثْبَات فِي الحَدِيث، ومتحقق بالفقه، وَمن أَصْحَاب الْعَرَبيَّة الأول، وَكَانَت وَفَاته سنة سبع وَسِتِّينَ [وَمِائَة - رَحمَه الله -] الجزء: 5 ¦ الصفحة: 630 (4) مَالك بن أنس: ابْن أبي عَامر، الأصبحي، إِمَام الْفُقَهَاء والمحدثين، المبرز عَلَيْهِم ذُو الْفضل، وَالْعقل، وَالْحكمَة، توفّي سنة تسع وَسبعين وَمِائَة بِالْمَدِينَةِ، وَقد بلغ من السنين سِتا وَثَمَانِينَ سنة. (5) أَبُو بشر: إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن مقسم، الْأَسدي، اسد خُزَيْمَة، مَوْلَاهُم، وَهُوَ الْمَعْرُوف بِابْن علية وَهِي أمه، بَصرِي ثِقَة، إِمَام فِي الْفِقْه والْحَدِيث. قَالَ ابْن حَنْبَل، وَابْن معِين، وَأَبُو حَاتِم: مَاتَ سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَمِائَة. قَالَ البُخَارِيّ: وَولد سنة عشر وَمِائَة. (6) أَبُو سُفْيَان: وَكِيع بن الْجراح بن مليح، بن عدي بن فرس الرُّؤَاسِي، أَصله من نيسابور، وَهُوَ أحد الْأَئِمَّة فِي الحَدِيث، مَاتَ سنة سبع وَتِسْعين وَمِائَة، فِي رُجُوعه من الْحَج بفيد. (7) أَبُو مُحَمَّد: عبد الله بن وهب بن مُسلم، الْقرشِي، الْمصْرِيّ، صَاحب مَالك، فَقِيه، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 631 مُحدث، إِمَام فِيهَا، توفّي سنة سبع وَتِسْعين وَمِائَة. (8) أَبُو مُحَمَّد: سُفْيَان بن عُيَيْنَة بن أبي عمرَان، الْهِلَالِي، مولى بني عبد الله بن رويبه ابْن هِلَال، كُوفِي الأَصْل، مكي الدَّار، وَكَانَ بَنو عُيَيْنَة عشرَة، حدث مِنْهُم خَمْسَة، وهم سُفْيَان، وَمُحَمّد، وآدَم، وَعمْرَان، وَإِبْرَاهِيم، وَكلهمْ خزار. وسُفْيَان إِمَام أهل الحَدِيث، ولد سنة سبع وَمِائَة، وَمَات أول يَوْم من رَجَب، سنة ثَمَان وَتِسْعين وَمِائَة. (9) أَبُو دَاوُد: سُلَيْمَان بن دَاوُد الطَّيَالِسِيّ، مولى قُرَيْش، أَصله فَارسي، سكن الْبَصْرَة، يُقَال: إِنَّه كَانَ يحفظ ثَلَاثِينَ ألف حَدِيث، وَرُوِيَ عَنهُ أَنه قَالَ: كتبت عَن شُعْبَة سِتَّة آلَاف وَسَبْعمائة، وَشرب البلاذر للْحِفْظ فتجذم بِهِ، وَالَّذِي يُقَال فِي أَوْهَامه، إِنَّمَا هُوَ قَلِيل فِي جنب كثير محفوظه، وَهُوَ ثِقَة لَا شكّ فِيهِ. قَالَ البُخَارِيّ عَن ابْن الْمثنى: مَاتَ سنة ثَلَاث وَمِائَتَيْنِ. (10) أَبُو بكر: عبد الرَّزَّاق بن همام بن نَافِع، الْيَمَانِيّ، أَخُو عبد الْوَهَّاب بن همام، من أهل الحَدِيث وَالْفِقْه، ثِقَة، قَالَ البُخَارِيّ: مَاتَ سنة إِحْدَى عشرَة وَمِائَتَيْنِ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 632 (11) أَبُو عبيد: الْقَاسِم بن سَلام، الْبَغْدَادِيّ، من أهل الْفِقْه، والْحَدِيث، ولي الْقَضَاء] بطرسوس، وَخرج إِلَى مَكَّة فسكنها، سنة أَربع وَعشْرين [وَمِائَتَيْنِ، وَتُوفِّي] فِي هَذِه السّنة. (12) أَبُو جَعْفَر: مُحَمَّد بن الصَّباح الْبَزَّار بزايين الْبَغْدَادِيّ، الْمَعْرُوف بالدولابي، صَاحب حَدِيث ويسير فقه، ثِقَة، مَاتَ سنة سبع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ. (13) أَسد بن مُوسَى: الْمَعْرُوف بأسد السّنة، يُقَال: إِنَّه كَانَ أموياً، وَكَانَ يكتم ذَلِك، هُوَ أَسد بن مُوسَى بن إِبْرَاهِيم بن الْوَلِيد بن عبد الْملك، يروي عَن حَمَّاد بن سَلمَة، وَحَمَّاد بن زيد، وَنَحْوهمَا، وَلَا أذكر مِيقَات وَفَاته. قَالَ أَبُو الْعَرَب: قَالَ أَبُو الْحسن يَعْنِي الْكُوفِي أَسد بن مُوسَى ثِقَة. (14) أبوعثمان: سعيد بن مَنْصُور، الخرساني يُقَال: إِنَّه من الطالقان، سكن مَكَّة، وَيُقَال: إِنَّه جوزجاني، وَهُوَ مِمَّن سمع من مَالك بن أنس، وَهُوَ أحد الْأَثْبَات. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 633 قَالَ البُخَارِيّ: مَاتَ سنة تسع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ أَو نَحْوهمَا. (15) أَبُو بكر: عبد الله بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عُثْمَان، الْعَبْسِي، وَإِبْرَاهِيم بن عُثْمَان، هُوَ أَبُو شيبَة الوَاسِطِيّ، كُوفِي حَافظ، مقدم فِي ذَلِك، وَأَخُوهُ عُثْمَان، حَافظ ثِقَة، وأخوهما الْقَاسِم ضَعِيف. توفّي أَبُو بكر سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ. (16) أَبُو مَرْوَان: عبد الْملك بن حبيب بن سُلَيْمَان بن هَارُون بن جاهمة بن عَبَّاس بن مرداس السّلمِيّ، سكن قرطبة، وَأَصله من ألبيرة مُتَحَقق بِحِفْظ مَذْهَب مَالك، ونصرته، والذب عَنهُ، لَقِي الْكِبَار من أَصْحَابه، وَلم يهد فِي الحَدِيث لرشد، وَلَا حصل مِنْهُ على شيخ مُفْلِح، وَقد اتَّهَمُوهُ فِي سَمَاعه من أَسد بن مُوسَى، وَادّعى هُوَ الْإِجَازَة، وَيُقَال: إِن أسداً أنكر أَن يكون أجَازه. ووفاته سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ. (17) أَبُو يَعْقُوب: إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن مخلد، الْحَنْظَلِي الْمروزِي، الْمَعْرُوف بِابْن رَاهَوَيْه، قيل لَهُ ذَلِك، لِأَن أَبَاهُ ولد فِي الطَّرِيق. هُوَ أحد الْأَئِمَّة فِي الْفِقْه والْحَدِيث. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 634 توفّي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَهُوَ ابْن سبع وَسبعين سنة. (18) أَبُو السّري: هناد بن السّري بن مُصعب الدَّارمِيّ، الْوراق [الْكُوفِي، الْحَافِظ، من شُيُوخ] مُسلم وَأبي دَاوُد. وَلَا أذكر مِيقَات وَفَاته. (19) أَبُو مُحَمَّد: عبد بن حميد الْكشِّي وكش بِفَتْح الْكَاف، قَرْيَة بِالْجَبَلِ على ثَلَاثَة فراسخ من جرجان يُقَال: إِن اسْمه عبد الحميد وَعبد لقب لَهُ، وَزَعَمُوا أَن مَا أتبع البُخَارِيّ فِي جَامِعَة حَدِيث ابْن عمر فِي حنين الْجذع من قَوْله: " وَزَاد عبد الحميد " أَنه عبد بن حميد. وَلم يَقع لَهُ ذكر عِنْد البُخَارِيّ فِي غير هَذَا الْموضع، فَأَما مُسلم فَأكْثر عَنهُ، وَهُوَ يروي عَن عبد الرَّزَّاق، وَيَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم بن سعد، وَأبي عَاصِم، وَعُثْمَان بن عمر، وَله كتاب الْمسند، وَكتاب التَّفْسِير، وَغَيرهمَا، يَرْوِيهَا عَنهُ إِبْرَاهِيم بن خُزَيْمٌ بالزاي هُوَ الشَّاشِي ذكر ذَلِك الدَّارَقُطْنِيّ فِي كتاب المؤتلف والمختلف وَلَا أذكر مِيقَات وَفَاته. (20) أبوعبد الله: مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن الْمُغيرَة بن الْأَحْنَف، الْجعْفِيّ، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 635 البُخَارِيّ، مولى سعيد بن جَعْفَر، وَالِي خرسان، إِمَام أهل الحَدِيث، ذُو الدَّين وَالْفضل، والزهد، والورع، أخباره أَكثر من أَن يتَعَرَّض لَهَا. ولد يَوْم الْجُمُعَة بعد الصَّلَاة، لثنتي عشرَة خلت من شَوَّال، سنة أَربع وَتِسْعين وَمِائَة، وَمَات يَوْم الْفطر سنة سِتّ وَخمسين وَمِائَتَيْنِ. (21) مُحَمَّد بن سنجر: الْجِرْجَانِيّ، نزيل مصر، أحد الْأَثْبَات المكثرين، توفّي سنة ثَمَان وَخمسين وَمِائَتَيْنِ. (22) أَبُو الْحُسَيْن: مُسلم بن الْحجَّاج، الْقشيرِي، النَّيْسَابُورِي، إِمَام، توفّي عَشِيَّة الْأَحَد، لست بَقينَ من رَجَب سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ. (23) أَبُو إِبْرَاهِيم: إِسْمَاعِيل بن يحيى بن عَمْرو بن مُسلم، الْمُزنِيّ صَاحب الشَّافِعِي، إِمَام فِي الْفِقْه، من سَاكِني مصر، وَبهَا توفّي سنة أَربع وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ، وَسنة سبع وَثَمَانُونَ. (24) عَبَّاس بن مُحَمَّد الدوري: صَاحب ابْن معِين، والدور، مَوضِع بِبَغْدَاد، وَبسر من رأى أَيْضا، كنيته أَبُو الْفضل، وَهُوَ ثِقَة إِن شَاءَ الله، ولد سنة خمس وَثَمَانِينَ وَمِائَة، وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَسبعين وَمِائَتَيْنِ، وَسنة ثَمَان وَثَمَانُونَ سنة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 636 (25) أَبُو دَاوُد: سُلَيْمَان بن الْأَشْعَث بن إِسْحَاق بن [بشير، السجسْتانِي، سكن] الْبَصْرَة، إِمَام عصره، توفّي بِالْبَصْرَةِ لَيْلَة الْجُمُعَة لست عشرَة خلت من شَوَّال، سنة خمس وَسبعين وَمِائَتَيْنِ. (26) أَبُو عبد الرَّحْمَن: بَقِي بن مخلد، من أهل قرطبة اُحْدُ الْأَثْبَات المكثرين، الْمُتَقَدِّمين فِي الزّهْد والورع، ولد سنة إِحْدَى وَمِائَتَيْنِ، وَمَات سنة سِتّ وَسبعين وَمِائَتَيْنِ. (27) أَبُو بكر: أَحْمد بن أبي خَيْثَمَة: زهيربن حَرْب. (28) أَبُو عِيسَى: مُحَمَّد بن عِيسَى بن سُورَة بن مُوسَى بن الضَّحَّاك السّلمِيّ التِّرْمِذِيّ، وترمذ بخراسان، جَهله بعض من لم يبْحَث عَنهُ، وَهُو َ أَبُو مُحَمَّد بن حزم فَقَالَ فِي كتاب الْفَرَائِض من الإيصال إِثْر حَدِيث أوردهُ، إِنَّه مَجْهُول فَأوجب ذَلِك فِي ذكره من تعْيين من شهد لَهُ بِالْإِمَامَةِ، مَا هُوَ مستغن عَنهُ بِشَاهِد علمه وَسَائِر شهرته. فَمِمَّنْ ذكره فِي جملَة الْمُحدثين: أَبُو الْحسن الدَّارَقُطْنِيّ وَأَبُو عبد الله ابْن البيع. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 637 وَقَالَ أَبُو يعلى: الْخَلِيل بن عبد الله بن أَحْمد الخليلي، الْحَافِظ فِي كِتَابه: أَبُو عِيسَى مُحَمَّد بن عِيسَى بن سُورَة بن الضَّحَّاك، الْحَافِظ، ثِقَة مُتَّفق عَلَيْهِ. وَمِمَّنْ ذكره أَيْضا، الْأَمِير بن مَاكُولَا، وَابْن الفرضي، وَأَبُو سُلَيْمَان الْخطابِيّ. وَذكر وَفَاته جمَاعَة، مِنْهُم أَبُو مُحَمَّد الرشاطي، قَالَ: إِنَّه توفّي لَيْلَة الِاثْنَيْنِ لثلاث عشرَة مَضَت من رَجَب سنة تسع وَسبعين وَمِائَتَيْنِ. (29) أَبُو مُحَمَّد: الْحَارِث بن مُحَمَّد بن أبي أُسَامَة التَّمِيمِي، الْبَغْدَادِيّ، وثقة أَحْمد بن كَامِل، وَقَالَ فِيهِ الدَّارَقُطْنِيّ: صَدُوق مَاتَ لَيْلَة عَرَفَة سنة ثِنْتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَقد بلغ سِتا وَتِسْعين. (30) أَبُو عبد الله: مُحَمَّد بن عبد السَّلَام بن ثَعْلَبَة بن زيد بن الْحسن بن كلب بن أبي ثَعْلَبَة، الْخُشَنِي، صَاحب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. من أهل قرطبة، رَحل فَأكْثر السماع، وَجمع من علمي الحَدِيث والغريب كثيرا، وهما الْغَالِب عَلَيْهِ، وَمَات سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَهُوَ ابْن ثَمَان وَسِتِّينَ سنة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 638 (31) عَليّ بن عبد الْعَزِيز: ابْن مَرْوَان الْبَغَوِيّ، وبغ بِنَاحِيَة خُرَاسَان، لزم أَبَا عبيد [وَأخذ عَنهُ الحَدِيث والقراءات] مَاتَ هُوَ سنة سبع وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ. (32) أَبُو بكر: أَحْمد بن عَمْرو بن عبد الْخَالِق الْبَزَّار، الْبَصْرِيّ، كَانَ أحفظ النَّاس للْحَدِيث، توفّي بالرملة سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ. (33) أَبُو عبد الله: مُحَمَّد بن نصر، الْمروزِي، صَاحب الِاخْتِلَاف، وَلم يكن مروزياً، وَإِنَّمَا نسب إِلَيْهَا تلقيباً، وَهُوَ نيسابوري، وَهُوَ إِمَام فِي الْفِقْه والْحَدِيث. وَتُوفِّي بسمرقند، سنة أَربع وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ، وَبهَا ألف كِتَابه الْكَبِير، وَغلب عَلَيْهِ مَذْهَب الشَّافِعِي. (34) أَبُو مُحَمَّد: عبد الرَّحْمَن بن أبي حَاتِم الرَّازِيّ، صَاحب الْجرْح وَالتَّعْدِيل، أَمَام من أَئِمَّة خُرَاسَان، كثير التصنيف، لَا أذكر وَقت وَفَاته. (35) أَبُو عبد الرَّحْمَن: أَحْمد بن شُعَيْب بن عَليّ بن سِنَان، النَّسَائِيّ، إِمَام أهل الحَدِيث، توفّي بالرملة سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاث مائَة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 639 (36) أَبُو يحيى: زَكَرِيَّاء بن يحيى بن دَاوُد، السَّاجِي، ينْسب إِلَى الساج، وَهُوَ خشب أطول من النخيل، وأكبر من شجر الْجَوْز، وَهُوَ بَصرِي، فَقِيه، ومختلف فِيهِ، وثقة قوم، وَضَعفه آخَرُونَ، وبالبصرة كَانَت وَفَاته سنة سبع وَثَلَاث مائَة. (37) أَبُو جَعْفَر: مُحَمَّد بن جرير الطَّبَرِيّ، من أهل طبرستان، إِمَام فِي الْفِقْه، والْحَدِيث، وَالتَّفْسِير، والتاريخ، مَاتَ بِبَغْدَاد سنة عشر وَثَلَاث مائَة. (38) أَبُو بكر: ابْن أبي دَاوُد: سُلَيْمَان بن الْأَشْعَث، صَاحب السّنَن، قد تقدم كَلَامهم فِيهِ فِي هَذَا الْكتاب، وَلَا ريب فِي حفظه وإكثاره، وَكَانَت وَفَاته سنة سِتّ عشرَة وَثَلَاث مائَة، وَهُوَ ابْن سبع وَثَمَانِينَ سنة. (39) أَبُو بكر: مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر، النَّيْسَابُورِي، فَقِيه، مُحدث، ثِقَة، وَلَا يلْتَفت إِلَى كَلَام الْعقيلِيّ فِيهِ، وَفَاته سنة ثَمَان عشرَة وَثَلَاث مائَة. (40) أَبُو جَعْفَر: أَحْمد بن مُحَمَّد بن سَلامَة، بن سَلمَة بن عبد الْملك بن سَلمَة بن سليم، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 640 أزدي، حجري ينْسب إِلَى طاحية بن سود بن الْحجر، قَالَ الْهَمدَانِي: وطاحية ينْسب إِلَيْهَا هَكَذَا: طحاوي. وَقَالَ غَيره: إِنَّمَا ينْسب إِلَى قَرْيَة بِمصْر، يُقَال لَهَا طحا، مقدم فِي الْفِقْه والْحَدِيث. وَفَاته سنة إِحْدَى وَعشْرين وَثَلَاث مائَة، وَولد سنة تسع وَثَلَاثِينَ [وَمِائَتَيْنِ. (41) أَبُو جَعْفَر:] مُحَمَّد بن عَمْرو بن مُوسَى بن حَمَّاد بن مدرك، الْعقيلِيّ، مكي، ثِقَة جليل الْقدر، عَالم بِالْحَدِيثِ، مقدم فِي الْحِفْظ، توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وثلثمائة. (42) أَبُو عبد الله: مُحَمَّد بن عبد الْملك بن أَيمن بن فرج من أهل قرطبة، كَانَ فَقِيها مُحدثا، مقدما فِي العلمين، وانتقى على تراجم كتاب السّنَن لأبي دَاوُد، لِأَنَّهُ رَحل إِلَيْهِ ففاته، وَمَات سنة ثَلَاثِينَ وَثَلَاث مائَة. (43) أَبُو مُحَمَّد: قَاسم بن أصبغ بن مُحَمَّد بن يُوسُف بن وَاضح بن عَطاء، مولى أَمِير الجزء: 5 ¦ الصفحة: 641 الْمُؤمنِينَ، الْوَلِيد بن عبد الْملك، يعرف بالبياني سمع من أَئِمَّة الْمشرق والأندلس، وَتحقّق بِعلم الحَدِيث، وَكَانَ أحد الْحفاظ المتقنين. ولد سنة سبع وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ، وَتُوفِّي سنة أَرْبَعِينَ وثلاثمائة. (44) أَبُو سعيد: أَحْمد بن مُحَمَّد بن زِيَاد بن بشر بن أَحْمد بن يحيى، الْمَعْرُوف بِابْن الْأَعرَابِي، ثِقَة، جليل الْقدر، كثير التَّأْلِيف، وَلم يعبه أَخذ البرطيل على السماع، سكن مَكَّة. ولد يَوْم النَّحْر، سنة خمس وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ، وَتُوفِّي سنة أَرْبَعِينَ وَثَلَاث مائَة. (45) أَبُو أَحْمد: عبد الله بن عدي الْحَافِظ، الْجِرْجَانِيّ، أحد الْأَئِمَّة، وَكتابه " الْكَامِل " واف بغرضه، وَفِي سنة أَربع وَسِتِّينَ وثلاثمائة، قَرَأَ عَلَيْهِ الْمَالِينِي كِتَابه، وَلَا أذكر وَقت وَفَاته. (46) أَبُو الْحسن: عَليّ بن عمر بن أَحْمد بن مهْدي، الدَّارَقُطْنِيّ، مَنْسُوب إِلَى دَار قطن، محلّة من محَال بَغْدَاد، هُوَ الْحَافِظ الإِمَام بِلَا مدافعة، ولد سنة سِتّ وثلاثمائة، وَمَات سنة خمس وَثَمَانِينَ وَثَلَاث مائَة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 642 (47) أَبُو عَليّ: سعيد بن عُثْمَان بن السكن، الْمصْرِيّ، الْحَافِظ، لَا أذكر الْآن وَقت وَفَاته وَلَا أعرف أَن أَبَا مُحَمَّد نقل من كِتَابه فِي السّنَن شَيْئا، لَكِن من كتاب الْحُرُوف فِي الصَّحَابَة. (48) أَبُو مُحَمَّد الْأصيلِيّ: وَهُوَ عبد الله بن إِبْرَاهِيم أَصله من شذونة وينسب إِلَى أصيلة مَدِينَة دثرت، وَكَانَت قَرِيبا من بلد طنجة وَيُقَال فِيهِ: أزيلي، وَيُقَال بَين اللَّفْظَيْنِ، لَقِي الرِّجَال بالشرق، وَتحقّق بالفقه والْحَدِيث. وَتُوفِّي [فِي ولَايَة المظفر] بن أبي عَامر، سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وثلاثمائة، وَدفن بمقبرة الرصافة. (49) أَبُو سعد: أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله بن الْخَلِيل الْمَالِينِي، رَاوِي كتاب أبي أَحْمد بن عدي، قد تقدم ذكره بِمَا يُغني عَن إِعَادَته وَتُوفِّي سنة تسع وَأَرْبع مائَة. (50) أَبُو سُلَيْمَان: حمد بن إِبْرَاهِيم بن الْخطاب، الْخطابِيّ، مَنْسُوب إِلَى جده، صَاحب الجزء: 5 ¦ الصفحة: 643 فقه، وَحَدِيث، وَمَعَان، وغريب، وَشعر، هُوَ بِهِ مَذْكُور فِي الْيَتِيمَة وَلَا أعرف الْآن مِيقَات وَفَاته. (51) أَبُو عبد الله: مُحَمَّد بن عبد الله بن البيع، الْحَاكِم، الْحَافِظ، نيسابوري، لَا أذكر وَفَاته، وَله كتب كَثِيرَة، وَقد نسب إِلَى غَفلَة. (52) القَاضِي: أَبُو الْحسن: مُحَمَّد بن عَليّ بن صَخْر، الْأَزْدِيّ، الْبَصْرِيّ، سمع عَلَيْهِ كِتَابه فِي الْفَوَائِد بِمَكَّة شرفها الله، وَلَا أذكر مِيقَات وَفَاته. (53) أَبُو أَحْمد الْحَاكِم: صَاحب كتاب الكنى لَا أعرفهُ. (54) أَبُو عمر: يُوسُف بن مُحَمَّد بن عبد الْبر، الأندلسي، فَقِيه حَافظ، مُحدث، متقن، عَالم بِالْخِلَافِ والآداب، قديم السماع، كَثِيره. مولده فِي رَجَب سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَثَلَاث مائَة، وَتُوفِّي سنة سِتِّينَ وَقيل سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَأَرْبَعمِائَة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 644 (55) أَبُو مُحَمَّد: عَليّ بن أَحْمد بن سعيد بن حزم، الْحَافِظ، الْفَقِيه على مَذْهَب أهل الظَّاهِر، برع فِي الْفِقْه، والْحَدِيث، والتاريخ، والآداب، وَهُوَ من بَيت وزارة، ووزر بِنَفسِهِ لبَعض مُلُوك الأندلس، ثمَّ تخلى لطلب الْعلم والانفراد لَهُ، ومولده آخر يَوْم من رَمَضَان، سنة أَربع وثماني وثلاثمائة، وَمَات سنة سِتّ وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة. هَؤُلَاءِ هم الَّذين ذكر أَبُو مُحَمَّد عَنْهُم فِي كِتَابه مَا ذكر، إِلَّا أَن مِنْهُم من لم ير لَهُ كتابا، وَإِنَّمَا نقل مَا نقل عَنْهُم من عِنْد من ذكره عَنْهُم، فَعَزاهُ هُوَ إِلَيْهِم، وَقد كَانَ الْأَكْمَل أَن لَا يفعل، وَإِن كَانَ قد بَين ذَلِك فِي بَعضهم. وَهَؤُلَاء الَّذين لم ير كتبهمْ، هم: حَمَّاد بن سَلمَة، ووكيع، وَأَبُو سعيد بن الْأَعرَابِي، وَإِسْحَاق بن رَاهْوَيْةِ، وقاسم بن أصبغ، والخشني، وَابْن أَيمن، وَسَعِيد بن مَنْصُور، وَابْن [حزم فِي الإيصال، وَمُحَمّد بن] إِسْحَاق، وَابْن حبيب، وَسَعِيد بن مَنْصُور، وَابْن الْأَعرَابِي، ووكيع، وَابْن أَيمن بِوَاسِطَة ابْن حزم، وَعَن قَاسم تَارَة بواسطته، وَتارَة بِوَاسِطَة ابْن مدير عَن ابْن الطلاع عَنهُ، وَكَذَلِكَ مَا نقل عَن أبي سعد الْمَالِينِي، وَقد صرح بِمن أخبرهُ عَن كِتَابه، فَاعْلَم ذَلِك، وَالله الْمُوفق. قد فَرغْنَا من تَرْتِيب مَا وجدنَا فِي الْكتاب الْمَذْكُور بالترتيب الصناعي، فَمَا بَقِي من أَمْثَاله وَجب إِلْحَاقه بِهِ، وَبَقِي علينا أَن نذْكر جَمِيع مَا مر ذكره فِي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 645 الْأَبْوَاب الْمُتَقَدّمَة ذكرا آخر، مُخْتَصرا، مُرَتبا على نسق التصنيف، بِحَيْثُ يتَمَكَّن الطَّالِب من طالعته على كتاب الْأَحْكَام على توالي كتبه، فَإِن التَّرْتِيب الَّذِي فَرغْنَا مِنْهُ إِن كَانَ أَفَادَ ضم الشكل إِلَى شكله، فَإِنَّهُ لَا يجد الحَدِيث فِيهِ إِلَّا من عرف مَوْضِعه، وَإِذا وجده فِي بَاب فقد يكون بعض الْكَلَام عَلَيْهِ فِي بَاب آخر وَبِهَذَا التَّرْتِيب إِن شَاءَ الله تكمل الْفَائِدَة. وَإِن كُنَّا إِنَّمَا نعيد الذّكر بِاخْتِصَار وإيجاز، فَإِنَّهُ يدل على الْمَوَاضِع الَّتِي وَقع فِيهَا الْبسط والإيضاح من الْأَبْوَاب الْمُتَقَدّمَة، وَهَذَا حِين نبتدئ مستعينين بِاللَّه سُبْحَانَهُ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 646 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَصلى الله على مُحَمَّد وعَلى آله وَسلم (21) بَاب ذكر مضمن هَذَا الْكتاب على نسق التصنيف الجزء: 5 ¦ الصفحة: 647 (كتاب الْأَيْمَان) ذكر حَدِيث جِبْرِيل فِي سُؤَاله عَن الْإِيمَان وَالْإِسْلَام، وأغفل من أَطْرَافه - المفسرة لبَعض مضمنه، الصَّحِيحَة النَّقْل. مَا ذكر الدَّارَقُطْنِيّ فِي تَفْسِير الْإِسْلَام - وَذَلِكَ قَوْله: " وتعتمر، وتغتسل من الْجَنَابَة، وتتم الْوضُوء " إِسْنَاده ثَابت. وَمَا ذكر أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ فِي صفة الْإِيمَان، وَذَلِكَ قَوْله: " وَالْجنَّة وَالنَّار ". وَمَا ذكر النَّضر بن شُمَيْل، عَن كهمس من قَوْله: " فَلَبثت ثَلَاثًا - بَدَلا من: مَلِيًّا ". وَمَا ذكر وَكِيع، عَن كهمس من قَوْله: " فلقيني بعد ذَلِك بِثَلَاث ". وَذكر حَدِيث ابْن عَبَّاس فِي بعث [معَاذ إِلَى الْيمن وَفِيه: " صَدَقَة تُؤْخَذ] من أغنيائهم " وَترك بَدَلا مِنْهُ: " من أَمْوَالهم " /. وَذكر حَدِيث سعد: فَإِنِّي أرَاهُ مُؤمنا قَالَ: أَو مُسلما، وَترك: " لَا تقل مُؤمن ". وَذكر: " لَا أَزِيد على هَذَا وَلَا انقص مِنْهُ ". وَترك: " لَا أتطوع شَيْئا ". وَذكر حَدِيث: " أَرَأَيْت إِذا صليت الصَّلَوَات المكتوبات ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 649 وَهُوَ من رِوَايَة أبي الزبير، عَن جَابر. مُعَنْعنًا، من غير رِوَايَة اللَّيْث، وَلم يعرض لَهُ لما كَانَ من كتاب مُسلم. وَترك فِي هَذَا الْمَعْنى حَدِيث أبي هُرَيْرَة، وَهُوَ أصح إِسْنَادًا وأوعب معنى. وَذكر من كتاب عبد بن حميد: " لَا يسمع بِي أحد من هَذِه الْأمة، وَلَا يَهُودِيّ، وَلَا نَصْرَانِيّ ". فأبعد فِي النجعة، وأوهم عَدمه عِنْد غَيره، وَهُوَ عِنْد ابْن أبي شيبَة صَحِيحا من حَدِيث أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ. وَذكر حَدِيث عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ: " لم يضرّهُ مَعهَا خَطِيئَة ". وأوهم صِحَّته بقوله بعده: الصَّحِيح مَا رَوَاهُ أَبُو نعيم، وَهُوَ ضَعِيف. وَذكر حَدِيث عمر: " كَمَا لَا ينفع مَعَ الشّرك شَيْء ". وَعرض من إِسْنَاده لتضعيف حجاج بن نصير، وَترك من هُوَ أَسْوَأ حَالا مِنْهُ، مِمَّن ينْسب إِلَى الْكَذِب لم يُبينهُ، بعد أَن ذكر أَن حجاجا يرويهِ عَنهُ. وَذكر حَدِيث عبَادَة وَأبي ذَر: " أقرُّوا بِالْإِيمَان وتسموا بِهِ ". ورده من أجل ضعف الْعَلَاء بن كثير، وَفِي إِسْنَاده رجلَانِ مَجْهُولَانِ لم يعرض لَهما. وَذكر حَدِيث أنس: " ثَلَاث من كن فِيهِ وجد بِهن حلاوة الْإِيمَان ". وَلم يلْتَفت إِلَى كَونه من رِوَايَة عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ - وَهُوَ مختلط - لما كَانَ من كتاب مُسلم، وَتَركه عِنْده بِإِسْنَاد أصح مِنْهُ. وَذكر من عِنْد البُخَارِيّ: " لَا يُؤمن أحدكُم حَتَّى يحب لِأَخِيهِ مَا يحب لنَفسِهِ ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 650 وَترك من عِنْد النَّسَائِيّ زِيَادَة " من الْخَيْر " صَحِيحَة. وَذكر من طَرِيق التِّرْمِذِيّ حَدِيث أبي هُرَيْرَة: " الْإِيمَان بضع وَسَبْعُونَ بَابا ". وَاعْتمد تَصْحِيح التِّرْمِذِيّ إِيَّاه، وَترك أَن يُورِدهُ بذلك الطَّرِيق الَّذِي هُوَ بِهِ، من كتاب مُسلم بِزِيَادَة: " وَالْحيَاء شُعْبَة من الْإِيمَان " [وَقد ذكرهَا أَيْضا البُخَارِيّ وَترك] أَيْضا: " دَعه فَإِن الْحيَاء من الْإِيمَان ". وَذكر [من عِنْد مُسلم حَدِيث: " يَأْتِي الشَّيْطَان] / أحدكُم فَيَقُول: من خلق كَذَا ". وَترك عِنْد مُسلم، فَلْيقل: " آمَنت بِاللَّه ". وَذكر حَدِيث أبي هُرَيْرَة: " وَلَا ينتهب نهبة ذَات شرف من عِنْد مُسلم " على أَنَّهَا مَرْفُوعَة بتلفيق من رِوَايَات مُخْتَلفَة، وَلَيْسَ يتَبَيَّن عِنْد مُسلم رَفعهَا، وَهِي عِنْد غَيره مَرْفُوعَة. وَترك من حَدِيث ابْن عَبَّاس عِنْد النَّسَائِيّ: " لَا يقتل وَهُوَ مُؤمن ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 651 (كتاب الْعلم) ذكر حَدِيث أنس: " طلب الْعلم فَرِيضَة على كل مُسلم ". ثمَّ أتبعه: هَذَا أحسن إِسْنَاد يرْوى فِيهِ عَن أنس. وَهَذَا قد يُوهم أَنه مِمَّا يلْتَفت إِلَيْهِ، وَهُوَ غَايَة فِي الضعْف، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهَذَا الْكَلَام التَّضْعِيف. وَذكر حَدِيث أبي الدَّرْدَاء: " من سلك طَرِيقا يلْتَمس فِيهِ علما " إِلَى قَوْله: " من طرق الْجنَّة ". وَسكت عَنهُ مصححا لَهُ، أَو متسامحا فِيهِ، وَفِيه مَجْهُولَانِ: دَاوُد بن جميل، وَكثير بن قيس. وَأتبعهُ قَوْله: أخرج مُسلم من أول هَذَا الحَدِيث إِلَى قَوْله: " من طرق الْجنَّة ". والقطعة الَّتِي ذكر مِنْهُ مُسلم، لَيست عَن أبي الدَّرْدَاء، لَكِن عَن أبي هُرَيْرَة، وَقد رَأَيْته فِي نُسْخَة بِزِيَادَة عَن أبي هُرَيْرَة، وَأرَاهُ مصلحا. وَذكر حَدِيث أبي هُرَيْرَة: " خصلتان لَا يَجْتَمِعَانِ فِي مُنَافِق ". وَفِيه خلف بن أَيُّوب، وَهُوَ مضعف. وَذكر من حَدِيث: " أَشد النَّاس عذَابا عَالم لم يَنْفَعهُ الله بِعِلْمِهِ ". - فأبعد الانتجاع - من فَوَائِد ابْن صَخْر، وَهُوَ عِنْد ابْن وهب، وَمن طَرِيقه جَاءَ بِهِ ابْن صَخْر، فنسبته إِلَيْهِ أَعلَى وَأشهر. وَذكر حَدِيث: " لَيْسَ منا من لم يجل كَبِيرنَا ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 652 يُقَال: ذكره ابْن وهب، ثمَّ قَالَ: خرجه الطَّحَاوِيّ. وَهَذَا الْعَمَل هُوَ الصَّوَاب الَّذِي طلبته بِهِ فِي الَّذِي قبله، وَفِي إِسْنَاده مَالك ابْن الْخَيْر الزيَادي، وَهُوَ مَجْهُول. وَذكر حَدِيث: " إِن النَّاس لكم تبع ". وَفِيه أَبُو هَارُون الْعَبْدي، وَقد ضعفه هُوَ فِي بَاب الْوتر، وَلِلْحَدِيثِ طَرِيق صَحِيح، غَيره. وَذكر حَدِيث: " [أخبرنَا عَن ثِيَاب الْجنَّة أَن] سج تنسج ". وَفِي إِسْنَاده مَجْهُول، وَهُوَ حنان بن خَارِجَة /. وَذكر حَدِيث: " عَالم الْمَدِينَة ". وَصَححهُ بتصحيح التِّرْمِذِيّ، وَهُوَ من رِوَايَة مدلسين. وَذكر: " من تعلم علما مِمَّا يَبْتَغِي بِهِ وَجه الله ". وَهُوَ حسن، فَإِن فليح بن سُلَيْمَان مُخْتَلف فِيهِ. وَذكر " من سُئِلَ عَن علم فكتمه ". وَهُوَ مُنْقَطع، وَله إِسْنَاد مُتَّصِل. وَذكر: " إِذا ضيعت الْأَمَانَة فانتظر السَّاعَة ". وَهُوَ حسن، لِأَنَّهُ من رِوَايَة فليح. وَذكر حَدِيث: " مَتى السَّاعَة؟ ". فأتبع حَدِيث النَّسَائِيّ حَدِيث مُسلم، وَلم يبين أَنه عَن صَحَابِيّ [مُخْتَلف، فَالثَّانِي] إِنَّمَا هُوَ عَن ابْن مَسْعُود، وَالْأول عَن أنس. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 653 وَذكر: " نضر الله امْرأ ". وَصَححهُ بتصحيح التِّرْمِذِيّ، وَلم يبين هُوَ أَنه من رِوَايَة سماك بن حَرْب. وَذكره: " إِذا سَمِعْتُمْ الحَدِيث تعرفه قُلُوبكُمْ ". وَأتبعهُ أَن عبد الْملك بن سعيد، لم يرو عَنهُ إِلَّا ربيعَة، وَنسب الْأَمر فِيهِ إِلَى كتاب ابْن أبي حَاتِم، وَلَيْسَ هُوَ كَذَلِك عِنْده، وَالرجل ثِقَة، وَهُوَ قد قبل رِوَايَته. وَذكر النَّهْي عَن الأغلوطات. وَسكت عَنهُ، وَفِيه مَجْهُول. وَذكر حَدِيث عَبدة بن حزن: " لَو نهيت رجَالًا أَن لَا يَأْتُوا الْحجُون ". وَهَذَا الرجل لم تثبت صحبته، فَهُوَ مُرْسل. وَذكر: " أَن نَبِي إِسْرَائِيل لما قصوا ضلوا ". وَضَعفه من أجل شريك، وَهُوَ دائبا يصحح لَهُ. وَذكر: " من أفتى بِغَيْر علم ". مسكوتا عَنهُ، وَفِيه مَجْهُول ومستور، وثالث مُخْتَلف فِيهِ. وَذكر: " مَا ضل قوم بعد هدى ". وَأتبعهُ تَصْحِيح التِّرْمِذِيّ: وَيَنْبَغِي أَن يُقَال فِيهِ: حسن، لِأَن فِيهِ أَبَا غَالب حزورا، وَهُوَ مُخْتَلف فِيهِ. وَذكر: " تعلمُوا من أنسابكم ". وَلم يبين علته. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 654 وَكَذَلِكَ حَدِيث: " الَّذين يراعون الشَّمْس وَالْقَمَر لذكر الله ". وَذكر حَدِيث: " مَا حَدثكُمْ أهل الْكتاب ". مسكوتا عَنهُ، وَابْن أبي نملة لَا تعرف لَهُ حَال. وَذكر حَدِيث: " تعلم الْكتاب بالسُّرْيَانيَّة ". مسكوتا عَنهُ، وَهُوَ من رِوَايَة ضَعِيف، وَله إِسْنَاد [جيد] أخرج [هـ ابْن أبي خَيْثَمَة. وَذكر حَدِيث: " كَانَ] / كَلَامه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فصلا. وَيَنْبَغِي أَن يكون حسنا، فَإِنَّهُ من رِوَايَة أُسَامَة بن زيد اللَّيْثِيّ. وَذكر: " إِن الله أجاركم من ثَلَاث ". واقتطع من إِسْنَاده، وَعلة الحَدِيث فِيمَا ترك مِنْهُ، وَهِي الِانْقِطَاع. وَذكر: " إِن الله تجَاوز لي عَن أمتِي الْخَطَأ وَالنِّسْيَان ". فأبعد النجعة فِي ذكره، وَهُوَ من سنَن الدَّارَقُطْنِيّ. وَذكر: " إِذا كنت أماما فقس النَّاس بأضعفهم ". وَأنكر أَن يكون عِنْد الْبَزَّار، نسب الْوَهم فِي ذَلِك إِلَى ابْن حزم، وَهُوَ عِنْد الْبَزَّار كَمَا ذكر ابْن حزم، وَصَححهُ، وَمَا مثله صحّح. وَذكر: " وعظنا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - موعظة بليغة ". وَسكت عَنهُ، وَفِيه مَجْهُولَانِ. وَذكر: " يحمل الْعلم من كل خلف عَدو لَهُ ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 655 فأبعد فِي إِيرَاده النجعة، وَلم يعرض لَهُ بسوى الْإِرْسَال، ومرسله مَجْهُول. وَذكر: " من كذب عَليّ مُتَعَمدا ليضل بِهِ ". وأوهم بِكَلَامِهِ ضعف يُونُس بن بكير، وَهُوَ ثِقَة، أَو مُخْتَلف فِيهِ، وَلَيْسَت عِلّة الْخَبَر عِنْد الْبَزَّار إِلَّا إِنَّه رُوِيَ مُرْسلا. وَيُونُس بن بكير أخرج لَهُ مُسلم، وَأَبُو مُحَمَّد يصحح لَهُ مَا يروي. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 656 (كتاب الطَّهَارَة) ذكر حَدِيث أنس فِي القَوْل عِنْد دُخُول الْخَلَاء. ثمَّ أتبعه من عِنْد البُخَارِيّ: " إِذا أَرَادَ أَن يدْخل ". وَلَيْسَت هَذِه الزِّيَادَة موصلة عِنْد البُخَارِيّ. وَذكر حَدِيث: " اتَّقوا اللاعنين ". ثمَّ اتبعهُ تَضْعِيف حَدِيث معَاذ فِي الْبَزَّار فِي الْمَوَارِد بِأَنَّهُ مُنْقَطع، كَأَنَّهُ لَا عيب لَهُ سوى ذَلِك، وَلم يبين أَن أَبَا سعيد الْحِمْيَرِي مَجْهُول. ذكر: " أَتَى عززا ". وَلم يذكر لَهُ عِلّة إِلَّا الْإِرْسَال، وَلم يبين أَن طَلْحَة بن أبي قنان مَجْهُول. وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد حَدِيث أَشْعَث [عَن الْحسن، عَن ابْن مُغفل، قا] ل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يبولن أحدكُم فِي / مستحمه ". ثمَّ قَالَ: لم يسمعهُ أَشْعَث من الْحسن، وَرُوِيَ مَوْقُوفا. وَهَذَا هَكَذَا خطأ، وَإِنَّمَا فِيهِ: أسمعته من الْحسن بن ذكْوَان؟ قَالَ: لَا. وَذكر حَدِيث: " فلينثر ذكره ثَلَاثًا ". وَلم يبين علته، وَهِي الْجَهْل بِعِيسَى بن أزداد وَأَبِيهِ. وَذكر: " من حَدثكُمْ أَنه كَانَ يَبُول قَائِما فَلَا تُصَدِّقُوهُ ". وَحسنه، وَهُوَ من رِوَايَة شريك، وَذَلِكَ يُنَاقض تَصْحِيحه لَهُ، وَقَالَ: إِنَّه أحسن شَيْء فِي الْبَاب - يَعْنِي بذلك الْمَنْع، وَإِلَّا فَحَدِيث حُذَيْفَة صَحِيح. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 657 وَذكر حَدِيث: " سلم عَلَيْهِ وَهُوَ يَبُول فَلم يرد عَلَيْهِ ". مسكوتا عَنهُ، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل، فَهُوَ بِهِ حسن. وَذكر فِي هَذِه الْقِصَّة: " خشيت أَن تَقول: سلمت عَلَيْهِ فَلم يرد عَليّ ". جزم بِأَنَّهُ رَاوِيه أَبَا بكر، هُوَ ابْن عمر بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن عمر، وَلَيْسَ ذَلِك كَذَلِك، وَلَا يَصح الحَدِيث. وَذكر حَدِيث: " لَا يخرج الرّجلَانِ يضربان الْغَائِط ". وَأعله بِعِكْرِمَةَ بن عمار وَالِاضْطِرَاب، وَعِكْرِمَة مُخْتَلف فِيهِ عمله، وَعلة الْخَبَر إِنَّمَا هِيَ الْجَهْل بِرِوَايَة عَن أبي سعيد، وَترك لَهُ طَرِيقا جيدا. وَذكر: " كَانَت يَده الْيُمْنَى لطهوره ". وَصَححهُ بقول ابْن معِين: مراسل النَّخعِيّ صَحِيحَة، وَتَركه من طَرِيق جيد عِنْد أبي دَاوُد. وَذكر حَدِيث: " أَتَيْته بِمَاء فِي تور أَو ركوة ". وَسكت عَنهُ، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة شريك، وَفِيه إِبْرَاهِيم بن جرير، وَهُوَ مَجْهُول الْحَال. وَذكر: " نزلت هَذِه الْآيَة فِي أهل قبَاء ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح، للْجَهْل بِحَال إِبْرَاهِيم بن أبي مَيْمُونَة، وَلِأَن يُونُس بن الْحَارِث الطَّائِفِي مُضْطَرب الحَدِيث. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 658 وَذكر حَدِيث الِاسْتِنْجَاء بِالْجلدِ. وَلم يبين علته، وَهِي الْجَهْل بِعَبْد الله بن عبد الرَّحْمَن، والرواي عَنهُ مُوسَى ابْن أبي إِسْحَاق كَذَلِك. وَذكر: " فَليُكرم قبْلَة الله ". مُرْسلا، وَلم يذكر للمرسل عَيْبا سوى الْإِرْسَال، وَهُوَ من رِوَايَة زمع [ة ابْن صَالح، عَن سَلمَة بن وهرام] /. وَزَمعَة ضَعِيف، وَسَلَمَة مُخْتَلف فِيهِ. وَقد رد حَدِيث ابْن رَوَاحَة فِي قِرَاءَة الْجنب، وَهُوَ بِهَذَا الْإِسْنَاد. وَذكر إرْسَال عَليّ الْمِقْدَاد يسْأَل عَن الْمَذْي من عِنْد مُسلم. وَلم يبين انْقِطَاعه. وَقد أعل هُوَ حَدِيثا فِي سَاعَة الْجُمُعَة بالانقطاع الَّذِي فِي هَذَا وَفِي حَدِيث سواهُ. وَذكر حَدِيث: " المَاء يكون بعد المَاء ". وَلم يبين مَوضِع الْعلَّة مِنْهُ، وَهِي الْجَهْل بِحَال حرَام بن حَكِيم. وَذكر: " إِذا أَرَادَ أحدكُم أَن يعود ". وَترك مِنْهُ زِيَادَة، وَهِي قَوْله: " فَليَتَوَضَّأ وضوءه للصَّلَاة ". وَذكر: " يقبل بعض أَزوَاجه ثمَّ يُصَلِّي وَلَا يتَوَضَّأ ". وَضَعفه، وَلم يبين [أَن] علته، إِنَّمَا هِيَ الِانْقِطَاع. وَذكر حَدِيث طلق فِي ترك الْوضُوء من مس الذّكر وَفِي الْمَسَاجِد أَيْضا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 659 وَسكت عَنهُ، وَقيس بن طلق مُخْتَلف فِيهِ. وَلِهَذَا لم يزدْ التِّرْمِذِيّ فِي حَدِيث: " لَا وتران فِي لَيْلَة " على تحسينه. وَذكر: " وكاء السه العينان ". ورده بالانقطاع، وَلم يبين ضعفه مَعَ ذَلِك بِأَمْر آخر، وَهُوَ مَجْهُول وضعيفان. وَذكر حَدِيث أنس: " ينامون ثمَّ يصلونَ وَلَا يتوضؤون ". وَترك مِنْهُ زِيَادَة صَحِيحَة، وَهِي: " يضعون جنُوبهم ". وَذكر: " إِذا وجد أحدكُم فِي بَطْنه شَيْئا فأشكل عَلَيْهِ ". وَترك مِنْهُ زِيَادَة " فِي الصَّلَاة ". وَترك أَيْضا حَدِيث عبد الله بن زيد. وَذكر: " مَا لكم تدخلون عَليّ قلحا ". وَصَححهُ، وَأعْرض من إِسْنَاده عَن مَجْهُول. وَذكر: " إِذا شربتم فَاشْرَبُوا مصا ". وَاكْتفى لَهُ بِالْإِرْسَال، وَفِيه مَعَ ذَلِك مَجْهُول. وَذكر بِئْر بضَاعَة. وقنع بتحسين التِّرْمِذِيّ لَهُ، والرواي عَن أبي سعيد لَا يعرف، وَله إِسْنَاد حسن من رِوَايَة سهل بن سعد. وَذكر حَدِيث الفراسي فِي مَاء الْبَحْر. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 660 ورده بِمُسلم بن مخشي، وَلم يعرض لما بِهِ من الِانْقِطَاع. وَذكر: " أَن المَاء لَا [يجنب "، وَاعْترض تَصْحِيح الت] رمذي لَهُ بِكَوْن سماك يقبل التَّلْقِين، وناقض بذلك / فعله فِي سماك فِي غَيره من الْأَحَادِيث، وَيَنْبَغِي أَيْضا أَن يكون هَذَا الحَدِيث هَكَذَا مُرْسلا. وَذكر: " من تَوَضَّأ فَذكر اسْم الله تطهر جسده ". ورده بِأَنَّهُ لم يعرف مُحَمَّد بن أبان، وَقد ترك فِي الْإِسْنَاد من يعتل الْخَبَر بِهِ لم يعرض لَهُ، وَهُوَ الرواي لَهُ عَن مُحَمَّد بن أبان، وَهُوَ مرداس بن مُحَمَّد. وَذكر: " لَا وضوء لمن لم يذكر اسْم الله عَلَيْهِ ". وَلم يبين علته، وَفِيه ثَلَاثَة مَجَاهِيل. وَذكر: " فَلَا يغمس يَده فِي الْإِنَاء حَتَّى يغسلهَا ". وَترك: " فليفرغ على يَده ثَلَاث مَرَّات قبل أَن يدْخل يَده فِي إنائه ". وَذكر: " أَسْبغ الْوضُوء، وَبَالغ فِي الِاسْتِنْشَاق ". وَترك فِيهِ الْأَمر بالمبالغة فِي الْمَضْمَضَة أَيْضا. وَذكر: " استنشروا مرَّتَيْنِ بالغتين أَو ثَلَاثًا ". وأوهم فِيهِ ضعفا وَلَيْسَ بضعيف. وَذكر: " ونثر بِيَدِهِ الْيُسْرَى ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 661 وَسكت عَنهُ، وَهُوَ صَحِيح، وَلكنه إِذا ذكر بكامله تبينت مِنْهُ فَوَائِد تَركهَا. وَذكر حَدِيث أبي حَيَّة عَن عَليّ، وَسكت عَنهُ، وَيَنْبَغِي أَن يكون حسنا. وَذكر: " حَتَّى مسح قَفاهُ ". ووعد بِذكر ضعفه، ثمَّ ذكر حَتَّى بلغ القذال، والفصل بَين الْمَضْمَضَة، وَالِاسْتِنْشَاق، وَحكم عَلَيْهَا حكما آخر، وَلم يبين أَنَّهَا من رِوَايَة لَيْث بن أبي سليم، وَفِيه رجل مَجْهُول. وَذكر البدء بِغسْل الْوَجْه قبل الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق. والْحَدِيث لَا يبين مِنْهُ ذَلِك إِذا نظر، وَإِنَّمَا قلد فِي ذَلِك مُوسَى بن هَارُون. وَذكر حَدِيث الرّبيع فِي صفة الْوضُوء. وَصَححهُ، وَأتبعهُ مَا يقْضِي بِصِحَّتِهِ. وَذكر من حَدِيث عُثْمَان: " مسح رَأسه ثَلَاثًا ". وأوهم ضعفها بِمَا أتبعهَا، وَيلْزمهُ أَن تكون صَحِيحَة، أَولا، فَإِنَّهَا من رِوَايَة أبي حَيَّة عَن عَليّ صَحِيحَة، وَقد ذكر هُوَ طرفا من الحَدِيث الَّذِي هِيَ فِيهِ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 662 وَذكر: " أَدخل أصبعيه فِي صماخ أُذُنَيْهِ ". وَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ التَّوَقُّف عَن تَصْحِيحه، من أجل تَدْلِيس الْوَلِيد بن مُسلم وتسويته، أَو من أجل مَا نسب إِلَى حريز بن عُثْمَان من [سوء الرَّأْي فِي بعض الصَّحَابَة] / وَمن أجل الْجَهْل بِحَال عبد الرَّحْمَن بن ميسرَة، وَترك مَعْنَاهُ من حَدِيث الرّبيع بنت معوذ. وَذكر حَدِيث الصنَابحِي فِي فضل الْوضُوء. جعله مُرْسلا وَأرَاهُ مُسْندًا. وَذكر الْأَمر بتجديد المَاء للأذنين، من حَدِيث نمران بن جَارِيَة. وَذَلِكَ شَيْء لَا يُوجد. وَذكر: " الأذنان من الرَّأْس ". وَلم يبين مَوَاضِع الْعِلَل من أَحَادِيث ذَلِك، وَحَدِيث ابْن عَبَّاس مِنْهَا لَا عيب لَهُ إِلَّا الِاخْتِلَاف بِالْإِرْسَال والإسناد، وَذَلِكَ لَا يضرّهُ. وَذكر حَدِيث أبي أُمَامَة فِي ذَلِك. وَأعله بِشَهْر بن حَوْشَب، وَترك الشَّك فِي رَفعه. وَذكر حَدِيث مُعَاوِيَة فِي صب المَاء على الناصية بعد مسح الرَّأْس. وَأحد رواييه عَن مُعَاوِيَة لَا تعرف حَاله، وَالْآخر لَا يعرف سَمَاعه مِنْهُ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 663 وَذكر: " مسح رَأسه وَلما يقطر ". وَلم يبين علته عِنْده، وأراها الْمنْهَال بن عَمْرو، وَلَا عيب لَهُ عِنْدِي، وَترك مِنْهُ رِوَايَة فِيهَا زِيَادَة مفسرة. وَذكر: " عَرك عارضيه بعض العرك ". وَلم يبين علته، وأراها عبد الْوَاحِد بن قيس. وَذكر إِدْخَال الْكَفّ تَحت الحنك بغرفة المَاء. وَسكت عَنهُ، وَلَيْسَ بِصَحِيح من ذَلِك الطَّرِيق، وَله سَنَد جيد لم يذكرهُ. وَذكر دلك أَصَابِع الرجلَيْن بالخنصر، وَضَعفه بِابْن لَهِيعَة، وَترك أَنه رَوَاهُ مَعَه عَمْرو بن الْحَارِث. وَذكر النَّهْي عَن غسل أَسْفَل الرجلَيْن بِالْيَدِ الْيُمْنَى. ورده بِسُلَيْمَان بن أَرقم، وَترك من هُوَ مُتَّهم بِالْكَذِبِ، وَهُوَ مُحَمَّد بن الْقَاسِم الْأَسدي. وَذكر تَحْرِيك الْخَاتم. ورده بِأَن قَالَ: معمر وَأَبوهُ ضعيفان، وهما يستحقان من التَّضْعِيف أَكثر من هَذَا، وَقد ذكر مَعَه فِي الْبَاب هِشَام بن سعد، فعكس فِيهِ هَذَا، بِأَن ضعفه بِمَا لَا يسْتَحق، وَهُوَ لَا بَأْس بِهِ. وَذكر حَدِيث أَوْس بن [أبي أَوْس فِي مسح النَّعْلَيْنِ، وس] كت عَنهُ. وَسكت عَنهُ، وَترك لَهُ علتين: الْجَهْل بِحَال عَطاء العامري [وَالِاخْتِلَاف الجزء: 5 ¦ الصفحة: 664 فِي إِسْنَاده وإرساله، فيعل بِكَوْن] الْإِرْسَال والإسناد موجبي الِاضْطِرَاب الَّذِي فِيهِ / وَرُوِيَ فِي ذَلِك من حَدِيث ابْن عمر صَحِيح. وَذكر حَدِيث أبي بن عمَارَة فِي الْمسْح بِغَيْر تَوْقِيت. وقنع فِي إعلاله بِمَا لم يُفَسر، والْحَدِيث غَايَة فِي الضعْف. وَذكر حَدِيث عَليّ حِين انْكَسَرَ أحد زنديه. وَلم يبين علته، وَعَمْرو بن خَالِد كَذَّاب. وَذكر حَدِيث أنس: " وَعَلِيهِ عِمَامَة قطرية ". وَهُوَ حَدِيث لَا يَصح، وَهُوَ قد سكت عَنهُ. وَذكر حَدِيث الانتضاح. وَأتبعهُ مَا يُوهم صِحَّته، وَلَيْسَ كَذَلِك، فَإِن الحكم بن سُفْيَان لَا صُحْبَة لَهُ، وَلَا تعرف حَاله. وَذكر حَدِيث زيد بن خَالِد فِي الانتضاح من رِوَايَة ابْن لَهِيعَة. ثمَّ قَالَ: رُوِيَ أَيْضا من طَرِيق رشدين بن سعد، يسْندهُ إِلَى زيد بن حَارِثَة، وَهُوَ ضَعِيف. كَذَا قَالَ، وَرِوَايَة رشدين لَيست موصلة إِلَى زيد، لَكِن إِلَى ابْنه أُسَامَة. وَذكر حَدِيث: " الطّهُور شطر الْإِيمَان ". وَفِي الْجَنَائِز حَدِيث: " أَربع من أَمر الْجَاهِلِيَّة ". بِإِسْنَاد وَاحِد مُنْقَطع فِي موضِعين. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 665 وَذكر: " سَيكون قوم يعتدون فِي الطّهُور وَالدُّعَاء ". وَسكت عَنهُ، والجريري مختلط، وَلَا يعرف مَتى سمع مِنْهُ حَمَّاد. وَذكر القَوْل بعد الْوضُوء قبل أَن يتَكَلَّم. وَأعله بالبيلماني وَلم يعين من يَعْنِي؛ الْأَب أَو الابْن؟ وَفِي إِسْنَاده مَعَ ذَلِك مَجْهُول لم يعرض لَهُ، وَهُوَ صَالح بن عبد الْجَبَّار. وَعَاد بِمثل هَذَا فِي الْبَيْلَمَانِي فِي حَدِيث: " الشُّفْعَة كحل العقال ". وَذكر حَدِيث: " تَوَضَّأ مرّة مرّة ". وَأعله بالمسيب بن وَاضح، وَقد تقدم لَهُ فِي الْعلم خلاف ذَلِك. وَذكر من عِنْد مُسلم زِيَادَة: " وَإِن لم ينزل ". وَلم يبين أَنَّهَا من رِوَايَة مطر، وَلها طَرِيق صَحِيح لم يذكرهُ. وَذكر: " إِذا جَاوز الْخِتَان الْخِتَان وَجب الْغسْل ". وَصَححهُ بتصحيح التِّرْمِذِيّ، ثمَّ تعقب ذَلِك، والْحَدِيث صَحِيح. ذكر حَدِيث حُصَيْن بن قبيصَة عَن عَليّ: " كنت مذاء ". وَقبيصَة مَجْهُول الْحَال، وَلم يعرض من إِسْنَاده لعبيدة بن حميد، فَأصَاب فِي ذَلِك، فَإِنَّهُ ثِقَة، وَإِنَّمَا أَخطَأ فِي تَضْعِيفه بِهِ حَدِيث [ابْن مَسْعُود فِي صَلَاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي] / الشتَاء والصيف. وَذكر: " يغسل ذكره وَيتَوَضَّأ وضوءه للصَّلَاة " فِي الْجنب. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 666 وَأبْعد الانتجاع فِي إِيرَاده، والْحَدِيث عِنْد الْبَزَّار. وَذكر حَدِيث أبي هُرَيْرَة: " إِن الْمُؤمن لَا ينجس ". وَسكت عَنهُ، لِأَنَّهُ من مُسلم، والْحَدِيث مُنْقَطع. وَترك فِي ذَلِك حَدِيث حُذَيْفَة، وَهُوَ صَحِيح خرجه البُخَارِيّ. وَذكر: " يغسل رَأسه بالخطمي وَهُوَ جنب ". ورده بالانقطاع، وَأعْرض عَن ذكر شريك القَاضِي. وَذكر أَن حَدِيث: " النِّسَاء شقائق الرِّجَال " يرْوى من حَدِيث أنس صَحِيحا، وَلم يعزه وَهُوَ عِنْد الْبَزَّار. وَضعف الَّذِي سَاق هُوَ فِي ذَلِك بالعمري. وَضعف بِهِ أَيْضا: " أول الْوَقْت رضوَان الله "، وَترك فِيهِ متروكا لم يعرض لَهُ، وَهُوَ بتضعيفه إيَّاهُمَا بِهِ، مُنَاقض لتصحيحه من رِوَايَته: " كبر وَسجد فِي سُجُود الْقُرْآن ". وَذكر حَدِيث: " الْغسْل صَاع وَالْوُضُوء مد " من طَرِيق أبي أَحْمد. وَضَعفه، وَله عِنْد ابْن السكن إِسْنَاد جيد من رِوَايَة جَابر. وَذكر حَدِيث ابْن سرجس: " وَلَكِن يشرعان جَمِيعًا ". ثمَّ قَالَ بعده: وخرجه النَّسَائِيّ. وَالنَّسَائِيّ لم يخرج حَدِيث ابْن سرجس إِلَّا بالتأويل، وَإِلَى ذَلِك فَإِن فِي إِسْنَاد حَدِيث ابْن سرجس رجلا مَجْهُولا لم يُبينهُ. وَذكر: " طَاف على نِسَائِهِ بِغسْل وَاحِد ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ ضَعِيف. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 667 وَذكر حَدِيث: " يغسل يَدَيْهِ سبع مَرَّات ". ورده بشعبة مولى ابْن عَبَّاس، وَيَنْبَغِي أَن يُقَال فِيهِ: حسن. وَذكر حَدِيث إفَاضَة المَاء بعد الْوضُوء على سَائِر الْجَسَد. وَسكت عَنهُ، وَلَيْسَ بِأَحْسَن من حَدِيث شُعْبَة مولى ابْن عَبَّاس، فَإِن جَمِيع بن عُمَيْر يضعف بِأَكْثَرَ. وَذكر حَدِيث: " إِن أَرْضنَا بَارِدَة فَكيف ترى فِي الْغسْل " من عِنْد مُسلم. وَلم يبين أَنه من رِوَايَة أبي سُفْيَان عَن جَابر. وَذكر حَدِيث: [" من ترك مَوضِع شَعْرَة من جَنَابَة "] . وَلم يعلله إِلَّا بِأَنَّهُ يرْوى مَوْقُوفا، وَأعْرض عَن [اخْتِلَاط عَطاء، وَحَمَّاد] بن سَلمَة لَا يدرى مَتى سمع مِنْهُ. وَذكر / حَدِيث: " اغمزي قرونك عِنْد كل حفْنَة ". ورده بالانقطاع، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة أُسَامَة بن زيد اللَّيْثِيّ. وَذكر حَدِيث: " أَمر الرِّجَال بنشر الشّعْر ". وَصَححهُ، وَهُوَ إِمَّا مُنْقَطع وَإِمَّا ضَعِيف. وَذكر من فَوَائِد ابْن صَخْر: " اقْرَأ الْقُرْآن على كل حَال إِلَّا وَأَنت جنب ". واقتطع الْإِسْنَاد من يحيى بن أبي كثير، وَترك دونه من لَا يعرف. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 668 وَذكر حَدِيث: " لَا أحل الْمَسْجِد لحائض وَلَا جنب ". وَضَعفه، وَيَنْبَغِي أَن يكون حسنا. وبإسناده ذكر ترديد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: {إِن تُعَذبهُمْ فَإِنَّهُم عِبَادك} حَتَّى أصبح. وَذكر أَمر قيس بن عَاصِم بالاغتسال حِين أسلم بِمَاء وَسدر. وَحسنه، وَهُوَ إِمَّا مُنْقَطع وَإِمَّا ضَعِيف. وَذكر: " ألق عَنْك شعر الْكفْر واختتن ". وَلم يردهُ بسوى الِانْقِطَاع، وَهُوَ مَجْهُول الْإِسْنَاد، ويتوهم فِيهِ مَعَ ذَلِك توَسط كَذَّاب. وَذكر حَدِيث: " من أَتَى حَائِضًا، أَو امْرَأَة فِي دبرهَا، أَو كَاهِنًا ". وَحكى عَن البُخَارِيّ أَنه ضعفه، وَلم يبين علته. وَذكر حَدِيث: " الَّذِي يَقع على امْرَأَته حَائِضًا يتَصَدَّق ". وَضَعفه، وَلَيْسَ بضعيف، بل إِمَّا صَحِيح، وَإِمَّا حسن، وَله طَرِيق حسن. وَذكر حَدِيث أم قيس فِي دم الْحيض يُصِيب الثَّوْب: " حكيه بضلع، واغسليه بِمَاء وَسدر ". وأوهم ضعفه، وَهُوَ صَحِيح. وَأورد قبله: " فلتقرضه، ولتنضح مَا لم تَرَ ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ أولى بالتضعيف. وَذكر حَدِيث الإحالة على الدَّم الْأسود. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ مُنْقَطع. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 669 وَذكر: " إِنَّمَا ذَلِك عرق، فانظري إِذا أَتَى قرؤك ". وَسكت عَنهُ، وَفِي إِسْنَاده مَجْهُول الْحَال. وَذكر حَدِيث: أَمر أم حَبِيبَة أَن تنظر أَيَّام أقرائها. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ مُرْسل. وَذكر أَن امْرَأَة كَانَت تهراق الدِّمَاء. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ مَشْكُوك فِي اتِّصَاله. وَذكر: " مكث النُّفَسَاء أَرْبَعِينَ لَيْلَة " [وَهُوَ خبر ضَعِيف الْإِسْنَاد] / ومنكر الْمَتْن. وَذكر من عِنْد مُسلم حَدِيث أبي الجهم فِي التَّيَمُّم لرد السَّلَام. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ عِنْد مُسلم مُنْقَطع، وَأتبعهُ زِيَادَة من عِنْد أبي دَاوُد، وَذَلِكَ خطأ، فَإِن حَدِيث أبي دَاوُد لَا ذكر فِيهِ للتيمم. وَذكر حَدِيث: " تربَتهَا طهُور ". وَترك حَدِيث: " جعلت لي الأَرْض مَسْجِدا " وَهُوَ أَعم. وَذكر حَدِيث أبي ذَر: " الصَّعِيد الطّيب وضوء الْمُسلم ". وَحسنه، وَهُوَ ضَعِيف؛ للْجَهْل بِحَال رَاوِيه عَن أبي ذَر، وَله إِسْنَاد صَحِيح عَن أبي هُرَيْرَة، ذكره الْبَزَّار. وَذكر حَدِيث: " التَّيَمُّم إِلَى نصف الساعد، وَإِلَى الْمرْفقين ". ثمَّ قَالَ: الْمَشْهُور للْوَجْه وَالْكَفَّيْنِ، وَلم يبين عِلّة. فَأَما نصف الساعد فمنقطع، وَحَدِيث الْمرْفقين أبين انْقِطَاعًا مِنْهُ، وَترك الجزء: 5 ¦ الصفحة: 670 لفظا فِيهِ " إِلَى نصف الذِّرَاع " صَحِيحا. وَذكر فِي التَّيَمُّم حَدِيث ابْن عَبَّاس: " يمسح الْمُتَيَمم هَكَذَا - يَعْنِي رَأسه ". وَهِي لَفْظَة تصحفت لَهُ، وَإِنَّمَا جَاءَ ذَلِك الحَدِيث فِي مسح رَأس الْيَتِيم وَرَأس من لَهُ أَب. وَذكر حَدِيث جَابر فِي أَن المجدور يتَيَمَّم وَيغسل مَا صَحَّ من جسده. وَأتبعهُ مَا يُوهم أَنه أَيْضا كَذَلِك من رِوَايَة ابْن عَبَّاس، وَهُوَ شَيْء لَا وجود لَهُ. وَذكر حَدِيث الرجلَيْن اللَّذين كَانَا فِي السّفر فَلم يجدا مَاء. ورده بِالْإِرْسَال، وَبَقِي عَلَيْهِ أَن يبين انْقِطَاعه قبل وُصُوله إِلَى مرسله، وَترك إِسْنَادًا وجيدا. وَذكر حَدِيث: " لَا يؤم الْمُتَيَمم المتوضئين ". وَلم يبين علته، وَهِي مَجَاهِيل فِي رُوَاته. وَذكر حَدِيث: " بَوْل الصَّبِي يصب عَلَيْهِ من مَاء بِقدر الْبَوْل ". ورده بِضعْف خَارجه بن عبد الله، وَترك أَن يبين أَنه من رِوَايَة الْوَاقِدِيّ. وَذكر حَدِيث: " الْوضُوء من الْبَوْل مرّة، وَمن لغائط مرَّتَيْنِ ". وَضَعفه بِرَجُل [وَترك من لَا تعرف لَهُ حَاله أصلا] . وَذكر: " لَا تدخل الْمَلَائِكَة بَيْتا فِيهِ بَوْل منقع / ". وأوهم صِحَّته مَوْقُوفا، وَهُوَ لَا يَصح مَرْفُوعا وَلَا مَوْقُوفا، وَحكى عَن الجزء: 5 ¦ الصفحة: 671 أبي أَحْمد قولا لم يقلهُ، وَإِنَّمَا نَقله عَن يحيى بن صاعد. وَذكر أَن فِي رِوَايَة هناد: " لَا يستبرئ " من الِاسْتِبْرَاء. وأوهم أَن ذَلِك عِنْد أبي دَاوُد، وَإِنَّمَا نَقله من كتاب هناد، وَالَّذِي عِنْد أبي دَاوُد عَن هناد: " يسْتَتر " من الستْرَة. وَأعرف " يستبرئ " من غير رِوَايَة هناد. وَذكر: " استنزهوا من الْبَوْل فَإِن عَامَّة عَذَاب الْقَبْر مِنْهُ ". وَلم يبين أَنه من رِوَايَة عبد الْبَاقِي بن قَانِع. وَذكر حَدِيث رقيقَة على أَنه صَحِيح، وَهُوَ لَا يَصح من أجل الْجَهْل بِحَال ابْنَتهَا حكيمة. وَذكر: " لَا بَأْس ببول مَا أكل لَحْمه ". وأوهم بِمَا عقبَة اتِّصَال الْإِسْنَاد صَحِيحا إِلَى يحيى بن الْعَلَاء، وَلَيْسَ كَذَلِك بل مَا يصل إِلَيْهِ إِلَّا من طَرِيق عَمْرو بن الْحصين، وَهُوَ مَتْرُوك. وَذكر حَدِيث: " جعل الْملح فِي الطّهُور ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ ضَعِيف للْجَهْل بِحَال رَاوِيه، وَهُوَ من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق. وَذكر حَدِيث: " عشرَة من الْفطْرَة " من عِنْد مُسلم. وَلم يبين أَنه من رِوَايَة مُصعب بن شيبَة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 672 وَلما ذكر فِي الْجُمُعَة: " كَانَ بغتسل من أَربع " قَالَ فِيهِ: تكلمُوا فِي حفظه. وَذكر حَدِيث ابْن عمار وَضَعفه، وَلم يبين علته، وَهِي الْجَهْل بِحَال مُحَمَّد بن عمار. وَذكر: " إِن لنا طَرِيقا إِلَى الْمَسْجِد مُنْتِنَة ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ يرويهِ رجل لَا تعرف حَاله. وَذكر حَدِيث: " إِذا وطئ أحدكُم الْأَذَى بخفيه فطهورهما التُّرَاب ". وَبعده حَدِيث أبي سعيد مشارا إِلَيْهِ. وَتكلم بِكَلَام أوهم بِهِ اخْتِلَاف إسناديهما، بِحَيْثُ يعضد الثَّانِي الأول، وَلَيْسَ كَذَلِك. وَذكر الْأَخْذ من طول اللِّحْيَة وعرضها. وَأعْرض مِنْهُ عَن أُسَامَة بن زيد، وَأعله بِغَيْرِهِ. وَذكر من عِنْد مُسلم: " وَقت لنا فِي قصّ الشَّارِب ونتف الْإِبِط، وَحلق الْعَانَة ". وَسقط لَهُ تقليم الْأَظْفَار. وأردفه كلَاما أوهم بِهِ صِحَة حَدِيث مُسلم على حَدِيث التِّرْمِذِيّ، وَإِنَّمَا إسنادهما وَاحِد. وَذكر [أَيْضا حَدِيث] /: " النَّهْي عَن دُخُول الحمامات ". وَلم يبين علته. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 673 وَذكر حَدِيث جرهد فِي تَغْطِيَة الْفَخْذ. وَحَدِيث أنس فِي انكشاف فَخذ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَلم يبين من كَلَامه عَلَيْهِمَا أَن حَدِيث جرهد صَحِيح أَو سقيم. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 674 (كتاب الصَّلَاة) ذكر أَن: " أول مَا يُحَاسب عَلَيْهِ العَبْد الصَّلَاة ". وَسكت عَنهُ، وَلَا يَصح للْجَهْل براويه، وَله طَرِيق جيد. وَذكر حَدِيث أَمر الصَّبِي بِالصَّلَاةِ، وضربه عَلَيْهَا. وَصَححهُ، وَلَيْسَ بِصَحِيح. وَذكر: " إِذا عرف يَمِينه من شِمَاله ". وَلم يبين علته. وَذكر حَدِيث جِبْرِيل فِي الْأَوْقَات وإمامته بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. [وَلم نَاس] من رِوَايَة جَابر، وَسكت عَنهُ، وَهُوَ مُرْسل. وَذكر من عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ حَدِيث أنس فِي إِمَامَة جِبْرِيل بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَضَعفه، وَلم يبين علته. وَذكر: " وَقت الْعَصْر مَا لم تغرب الشَّمْس ". فأبعد فِيهِ الانتجاع. وَذكر حَدِيث: " إِن للصَّلَاة أَولا وآخرا ". وَضَعفه وَهُوَ صَحِيح. وَذكر من عِنْد مُسلم: " يُصَلِّي إِذا دحضت الشَّمْس ". وَلم يبين أَنه من رِوَايَة سماك. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 675 وَذكر حَدِيث: " شَكَوْنَا إِلَيْهِ حر الرمضاء، فَلم يشكنا ". وَترك مِنْهُ زِيَادَة مفسرة لمعناه. وَذكر من عِنْد البُخَارِيّ: " حَتَّى رَأينَا فَيْء التلول ". وَترك مِنْهُ عِنْده زِيَادَة مفسرة لمعناه أَيْضا. وَذكر حَدِيث أبي بَرزَة [سكرا] . سقط لَهُ بِهِ من إِسْنَاده وَاحِد. وَذكر وَقت صَلَاة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الشتَاء والصيف. وَضَعفه بِمن قد صحّح رِوَايَته قبل وَبعد. وَذكر حَدِيث: " إِن عندنَا جزورا نُرِيد أَن ننحرها ". وأوهم أَن رَافعا رَوَاهَا، وَحَدِيث رَافع آخر. وَذكر حَدِيث [ ... ... ... ... ... .] . وَلم يبين مَوضِع الْعلَّة. وَذكر حَدِيث أبي / أُمَامَة فِي تَفْسِير غرُوب الشَّمْس. وَهُوَ حَدِيث مُنْقَطع، وَلم يبين ذَلِك. وَذكر: " فضلنَا على سَائِر الْأُمَم ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر حَدِيث: " النَّهْي عَن الصَّلَاة نصف النَّهَار إِلَّا يَوْم الْجُمُعَة ". ورده بالانقطاع، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة لَيْث بن أبي سليم. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 676 وَذكر أَن: " الْوَقْت رضوَان الله ". ورده بالعمري، وَترك فِيهِ كذابا يرويهِ عَن الْعمريّ. وَذكر: " مَا صلى صَلَاة لوَقْتهَا الآخر إِلَّا مرَّتَيْنِ ". ورده بالانقطاع، وَلم يبين أَن فبه مَجْهُولا. وَذكر: " أسفروا بِالْفَجْرِ ". وَحسنه، وَهُوَ صَحِيح، وَذكر فِي بعض رُوَاته أَنه قد ضعف، وَلَا أعرفهُ. وَذكر: " من أدْرك رَكْعَة فقد أدْرك فضل الْجَمَاعَة ". ورده بِرَجُل قد أخرج لَهُ مُسلم، وَترك فِي إِسْنَاده من يعتل بِهِ الحَدِيث لم يُبينهُ. وَذكر: " لنغيظن الشَّيْطَان كَمَا غاظنا ". وتصحف لَهُ رَاوِيه، وَلم يبين مِنْهُ غير الْإِرْسَال، وَهُوَ لَا يَصح مُرْسلا. وَذكر: " أأصلي مَعَهم؟ قَالَ: إِن شِئْت ". وَسكت عَنهُ، وَفِي تَصْحِيحه نظر. وَذكر: " صلوا مَعَهم مَا صلوا إِلَى الْقبْلَة ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ ضَعِيف. وَذكر روايتي حَدِيث ابْن أم مَكْتُوم، إِحْدَاهمَا: " لَا أجد لَك رخصَة "، وَالْأُخْرَى: " إِن الْمَدِينَة كَثِيرَة الْهَوَام ". وكلتاهما لَا تصح، وَهُوَ قد سكت عَنْهُمَا. وَذكر: " من سمع النداء فَلم يمنعهُ من اتِّبَاعه عذر ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 677 وَأعله بِرَجُل، وَترك دونه آخر قد رد هُوَ بِهِ حَدِيثا. وَذكر: " إِلَّا من عذر ". من كتاب قَاسم على أَنَّهَا مَرْفُوعَة وَلَيْسَت كَذَلِك بل هِيَ عِنْده مَوْقُوفَة. وَذكر: " أَلا صلوا فِي الرّحال ". وَترك مِنْهُ زِيَادَة مفسرة. وَذكر الصَّلَاة على الدَّابَّة. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ مُنْقَطع. وَذكر: " بشر الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلم ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر: " لم يرفع قدمه الْيُمْنَى إِلَّا كتب لَهُ حَسَنَة ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر: [من رَاح فَوجدَ النَّاس] / قد صلوا. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر حَدِيث: " من أَتَى الْمَسْجِد لشَيْء فَهُوَ حَظه ". وَهُوَ كَذَلِك. وَذكر حَدِيث بسر. وَهُوَ كَذَلِك. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 678 وَذكر حَدِيث: " تكن لَك نَافِلَة ". وَضَعفه وَلم يبين علته. وَذكر يُعِيد إِلَّا الْفجْر. وَأعله بِشَيْء، وَترك مَا هُوَ علته فِي الْحَقِيقَة، وَهُوَ أَيْضا مُنْقَطع. وَذكر حَدِيث امْرَأَة إِذا تطيبت لِلْخُرُوجِ. وَأعله بِرَجُل، وَترك آخر. وَذكر: " [كَانَ] بِالْمَدِينَةِ تِسْعَة مَسَاجِد ". وَأعله بِالْإِرْسَال، وَهُوَ لَا يَصح مُرْسلا. وَذكر الْأَمر بِبِنَاء الْمَسَاجِد وَأَن تطيب وتنظف، وَزِيَادَة: " وَتصْلح صنعتها " وفاضل بَينهمَا. وَالْأَمر صَحِيح، وَالثَّانِي ضَعِيف، فَلَا يَنْبَغِي أَن نضرب أَحدهمَا من الآخر. وَذكر: " ابْنُوا الْمَسَاجِد جما ". وَحَدِيث النَّهْي عَن الصَّلَاة فِي مَسْجِد مشرف. وَلم يبين أَنَّهُمَا متصلان ومنقطعان، ولكنهما غير صَحِيحَيْنِ. وَذكر: " مَا أمرت بتشييد الْمَسَاجِد ". سكت عَنهُ، وَفِيه نظر على أَصله. وَذكر: " الأَرْض كلهَا مَسْجِد ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 679 وَأعله بالاختلاف فِيهِ، وَترك الشَّك فِيهِ. وَذكر النَّهْي عَن الصَّلَاة تجاه حش، أَو حمام، أَو مَقْبرَة. وَأعله بعلة وَترك أُخْرَى. وَذكر حَدِيث النَّهْي عَن الصَّلَاة بِأَرْض بابل. وَأعله بِابْن لَهِيعَة، وَلم يبين أَنه مقرون. وَذكر حَدِيث طلق. وَقد تقدم التَّنْبِيه عَلَيْهِ فِي بَاب الْوضُوء من مس الذّكر. وَذكر حَدِيث حَصى الْمَسْجِد. فَلم يتَبَيَّن مِمَّا اتبعهُ مذْهبه فِيهِ، وَهُوَ ضَعِيف. وَذكر: " من اقتراب السَّاعَة أَن يرى الْهلَال قبلا، وَأَن تتَّخذ الْمَسَاجِد طرقا ". وَهُوَ غير موصل فِي مَوْضِعه. وَذكر حَدِيث السُّؤَال فِي الْمَسَاجِد. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حسن. وَذكر حَدِيث البصاق على البوري. وَأعله بِرَجُل وَترك أولى مِنْهُ. وَذكر حَدِيث الَّذِي يبصق فِي الْقبْلَة. وَأعله وَهُوَ صَحِيح، وَإِن سلمنَا لَهُ ضعفه، فَلهُ طَرِيق آخر صَحِيح. وَذكر النَّهْي عَن / البيع وَالشِّرَاء فِي الْمَسْجِد. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 680 وَضَعفه، وَلم يبين بِمَاذَا، فأوهم أَن لَهُ عِلّة غير عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده، وَلَيْسَ بِهِ غير ذَلِك. وَذكر النَّهْي أَن تُقَام الْحُدُود فِي الْمَسَاجِد. وَأعله، وَلم يبين لماذا. وَذكر: " جَنبُوا مَسَاجِدكُمْ صِبْيَانكُمْ ". من رِوَايَة ابْن مَسْعُود من عِنْد الْبَزَّار، فاوهم أَن ذَلِك فِي مُسْنده، وَلَيْسَ هُوَ فِيهِ. فَلَعَلَّهُ من غير الْمسند. وَذكر من رِوَايَة غَيره، وَأعله بِشَيْء، وَترك أولى مِنْهُ. وَذكر النَّهْي عَن اتِّخَاذ الْمَسَاجِد طرقا. وأوهم بسوقه إِيَّاه الِانْقِطَاع، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَة مُتَّصِل. وَذكر حَدِيث الإسراج فِي بَيت الْمُقَدّس. وَفسّر ابْن أبي سَوْدَة، بِأَنَّهُ عُثْمَان، وَذَلِكَ خطأ، وَإِنَّمَا هُوَ أَخُوهُ زِيَاد. وَذكر النَّهْي عَن إيطان الْمَكَان فِي الْمَسْجِد. وَأعله بِشَيْء، وَترك غَيره. وَذكر حَدِيث القَوْل عِنْد دُخُول الْمَسْجِد، من عِنْد أبي دَاوُد. وَتَركه من عِنْد مُسلم، وأوهم ضعفه وَهُوَ صَحِيح. وَذكر حَدِيث النَّهْي عَن الْجُلُوس حَتَّى يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 681 وَترك فِيهِ زِيَادَة: " وَلَا تستخبر ". وَذكر أَمر بِلَال أَن يشفع الْأَذَان، ويوتر الْإِقَامَة. وَترك مِنْهُ زِيَادَة تبين مَا انبهم مِنْهُ من الْأَمر لَهُ بذلك. وَذكر من عِنْد مُسلم حَدِيث أبي مَحْذُورَة بِصفة الْأَذَان مثنى فِيهِ التَّكْبِير، والتربيع فِيهِ صَحِيح. وَذكر أَذَان أبي مَحْذُورَة. وَضَعفه وَلم يبين الْعلَّة. وَذكر الاستدارة فِي الْأَذَان. وَضَعفه وَلم يبين الْعلَّة. وَذكر: " حَتَّى يستبين لَك الْفجْر ". ورده بالانقطاع، وَهُوَ لَا يَصح مُنْقَطِعًا. وَذكر: " الإِمَام ضَامِن، والمؤذن مؤتمن ". على أَنه مُتَّصِل، وَهُوَ مُنْقَطع، وأغفل مِنْهُ زِيَادَة لم يذكرهَا، وَهِي لَا عيب لَهَا إِلَّا الِانْقِطَاع الَّذِي خَفِي عَلَيْهِ. وَذكر: " لَا يُؤذن لكم من يدغم الْهَاء ". وَعزا عَقِبَيْهِ كلَاما للدارقطني، وَإِنَّمَا هُوَ كَلَام شَيْخه أبي بكر بن أبي دَاوُد. [وَذكر حَدِيث: " أَن الْمُؤَذّن] / يغْفر لَهُ مدى صَوته ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 682 وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر: " الدُّعَاء لَا يرد بَين الْأَذَان وَالْإِقَامَة ". وَحسنه وَهُوَ ضَعِيف، وَترك مِنْهُ بِحَسبِهِ زِيَادَة فِيهِ، وَتَركه بِإِسْنَاد جيد، لم يذكرهُ مِنْهُ، وَزِيَادَة فِيهِ. وَذكر تَثْنِيَة الْإِقَامَة. وَسكت عَنهُ وَهُوَ ضَعِيف. وَذكر: " إِن كَانَ أذانك سهلا سَمحا، وَإِلَّا فَلَا تؤذن ". وَضَعفه وَلم يبين مَوضِع الْعلَّة. وَذكر أَن الثتويب بِدعَة وَضَعفه، وَهُوَ حسن. وَذكر إِقَامَة عبد الله بن زيد. وَلم يبين علته؛ وَترك دون من أبرز، من لَا يَصح مَعَه فَلم يذكرهُ. وَذكر: " ناداه أَو حَرَكَة بِرجلِهِ ". وَضَعفه، وَلم يبين مَوضِع الْعلَّة فِيهِ. وَذكر: " ثمَّ لَا يُقيم، حَتَّى يخرج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " من مُسلم. وَلم يبين أَنه من رِوَايَة سماك. وَذكر: " لَا يُصَلِّي فِي الثَّوْب الْوَاحِد لَيْسَ على عَاتِقه مِنْهُ شَيْء ". وَترك: " لَيْسَ على عَاتِقه شَيْء ". وَذكر: " إِن كَانَ وَاسِعًا فالتحف بِهِ ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حسن. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 683 وَذكر حَدِيث الصَّلَاة فِي الْقَمِيص. وَلم يبين مَوضِع الْعلَّة مِنْهُ. وَذكر: " لَا يشْتَمل اشْتِمَال الْيَهُود " وَضَعفه. وَأعرف لَهُ طَرِيقا جيدا. وَذكر: " ازرره وَلَو بشوكة ". وَفسّر رَاوِيا من رُوَاته، وَغلط فِي تَفْسِيره. وَذكر: " إِن الله أَحَق من تزين لَهُ ". وَلم يعين من أَيْن نَقله. وَذكر الْأَمر بِوَضْع النَّعْلَيْنِ بَين الْقَدَمَيْنِ. وأوهم ضعف رجل مُخْتَلف فِيهِ، وغالب أمره أَنه ثِقَة. وَذكر حَدِيث عَائِشَة حِين نزلت على صَفِيَّة بنت طَلْحَة الطلحات. وَلم يبين أَنه مُنْقَطع، وَفِيه وهم، وَإِنَّمَا هِيَ عَائِشَة بنت طَلْحَة الطلحات. وَذكر: حَدِيث الصَّلَاة على الْحَصِير. وَضعف رجَالًا لاب لَهُ مضعفا [وَضَعفه بِرَجُل مَا بِهِ ضعف] . وَذكر صَلَاة: " لَا يقبل الله صَلَاة رجل فِي جسده شَيْء من خلوق ". وَأعله بِمَا لَيْسَ بعلة وَترك علته. وَذكر: " لَا يُؤمن الرجل فِي سُلْطَانه ". وَترك مِنْهُ زِيَادَة صَحِيحَة /. وَذكر: " يؤمكم أقرؤكم ". وَنسبه إِلَى كتاب الْإِعْرَاب لِابْنِ حزم، وَهُوَ فِيهِ غير موصل، وَذكر الجزء: 5 ¦ الصفحة: 684 الحَدِيث أَبُو أَحْمد. وَذكر: " من أم قوما وَفِيهِمْ من هُوَ أَقرَأ مِنْهُ ". ورده بِرَجُل، وَترك اضعف مِنْهُ لم يُبينهُ. وَذكر: " إِن سركم أَن تزكوا صَلَاتكُمْ ". وَأعله بِرَجُل، وَترك غَيره. وَذكر: " اجعلوا أئمتكم خياركم ". وَأعله بِرَجُل وَترك غَيره. وَذكر: " صلوا على من قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله ". وَأعله بضعيف، وَترك كذابا لم يعرض لَهُ. وَذكر: " يكره للمؤذن أَن يكون إِمَامًا ". وَالْأَمر فِيهِ كَذَلِك. وَذكر: " ثَلَاث لَا يقبل الله مِنْهُم صَلَاة. ورده بِرَجُل، وَأعْرض عَن آخر مَجْهُول. وَذكر: " الإِمَام ضَامِن فَمَا صنع فَاصْنَعُوا ". وَهُوَ مَشْكُوك فِي صِحَّته، وَقد سكت عَنهُ. وَذكر إِمَامَة أم ورقة بقومها. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح، وَقَوله: بنت الْحَارِث خطأ، وَإِنَّمَا هِيَ بنت عبد الله بن الْحَارِث. وَذكر صَلَاة ابْن مَسْعُود بَين عَلْقَمَة وَالْأسود. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 685 وَفِي نَقله تغير فِي اسْم أحد رُوَاته. وَذكر: " توسطوا الإِمَام وسدوا الْخلَل ". وَزَاد فِي إِسْنَاده من لَيْسَ مِنْهُ، وَهُوَ لَا يَصح، وَلم يبين علته. وَذكر: " من أم النَّاس فَأصَاب الْوَقْت ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح، وَترك مِنْهُ زِيَادَة هِيَ بِإِسْنَادِهِ الْمَذْكُور، وَله إِسْنَاد آخر يتبدل فِيهِ رجل بأوثق مِنْهُ. وَذكر حَدِيث: " أَخذ الْقِرَاءَة من حَيْثُ انْتهى أَبُو بكر ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ ضَعِيف. وَذكر مكثه يَسِيرا إِذا سلم. وَترك فِيهِ زِيَادَة من عِنْد البُخَارِيّ. وَذكر: " لَا يصل الإِمَام فِي الْموضع الَّذِي صلى فِيهِ حَتَّى يتَحَوَّل ". ورده بالانقطاع، وَهُوَ لَا يَصح مُنْقَطِعًا. وَذكر حَدِيث: " إِذا أَتَى أحدكُم وَالْإِمَام على حَال ". وَلم يبين علته، وَقد ضعفه. وَذكر: " لَا تفتح على الإِمَام ". ورده بالانقطاع، وَهُوَ لَا يَصح مُنْقَطِعًا فَإِنَّهُ ضَعِيف. وَذكر: " وَهَذِه من صَلَاة الْجَمَاعَة ". وأبرز الْقَاسِم / أَبَا عبد الرَّحْمَن، وَلم يبين مَا بِهِ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 686 وَذكر: " الِاثْنَان جمَاعَة ". وَضَعفه بِرَجُل، وَترك آخر، وَكَذَلِكَ: " الِاثْنَان فَمَا فَوق ذَلِك جمَاعَة ". وَذكر: " ليستتر لصلاته وَلَو بِسَهْم ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ ضَعِيف. وَذكر: " وَلَو بدق شَعْرَة فِي الستْرَة ". ورده بِرَجُل، وَترك آخر. وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد: " وَلَا يصمد لَهُ صمدا ". وَعلله، وَلم يبين علته. وَذكر حَدِيث عمر فِي الدنو من الْقبْلَة. ورده بالانقطاع، وَلم أَجِدهُ عِنْد من عزاهُ إِلَيْهِ. وَذكر حَدِيث الْعَبَّاس فِي الصَّلَاة فِي حَاشِيَة المطاف. فنسبه إِلَى غير رَاوِيه، وَفسّر صحابيه بآخر، وَلم يبين مَعَ ذَلِك علته. وَذكر قطع الصَّلَاة وَأَن الْمُرُور لَا يضر على قذفه بِحجر. وَلم يبين علته. وَذكر: " قطع صَلَاتنَا قطع الله أَثَره ". وَلم يبين عِلّة ضعفه، وَغلط فِي نسبه الحَدِيث إِلَى الْمَار بَين يَدي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَذكر: " لَا يقطع الصَّلَاة شَيْء ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 687 وَأعله بِالْإِرْسَال، وَترك مَا هُوَ فِي الْحَقِيقَة علته. وَذكر حَدِيث: " الْهِرَّة لَا تقطع الصَّلَاة ". وَضَعفه بِرَجُل، وَأعْرض عَن غَيره. وَذكر إمْسَاك القط بِالرجلِ أَن يمر. وَسكت عَنهُ، وَفِيه مَجْهُول. وَذكر حَدِيث الجدي الَّذِي أَرَادَ أَن يمر. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ مُنْقَطع. وَذكر حَدِيث: " هن أغلب ". وَسكت عَنهُ، وَفِيه من لَا يعرف. وَذكر: " لَو يعلم الْمُصَلِّي " من رِوَايَة أبي جهم. وأردفه زِيَادَة: " أَرْبَعِينَ خَرِيفًا " كَأَنَّهَا عَن أبي جهم، وَلَيْسَت عَنهُ. وَذكر حَدِيث النَّهْي عَن الصَّلَاة خلف النَّائِم والمتحدث. ورده بالانقطاع، وَلم يبين ضعفه، وَهُوَ ضَعِيف. وَذكر حَدِيث الْأَمر للرجل الَّذِي صلى إِلَى رجل بِالْإِعَادَةِ. على أَنه مُتَّصِل، وَهُوَ غير مَوْصُول. وَذكر قطع عَائِشَة الثَّوْب وسائد. وأردفه من البُخَارِيّ لفظا كَأَنَّهُ من عَائِشَة، وَلَيْسَ كَذَلِك. وَذكر حَدِيث / النَّهْي أَن يتَكَلَّم الرّجلَانِ وَبَينهمَا أحد. وَلم يرمه بسوى الْإِرْسَال، وَهُوَ لَا يَصح مُرْسلا. وَذكر حَدِيث ميامن الصُّفُوف. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 688 فَسكت عَنهُ، وَهُوَ حسن. وَذكر يصلى على الصَّفّ الأول ثَلَاثًا، وعَلى الثَّانِي وَاحِدَة. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ ضَعِيف. وَذكر: " ولينوا بأيدي إخْوَانكُمْ ". على أَنه مُتَّصِل، وَهُوَ مُرْسل. وَذكر: " خياركم ألينكم مناكب فِي الصَّلَاة ". ورده بِرَجُل وَترك آخر. وَذكر: " اتقاء الصَّلَاة بَين السَّوَارِي ". وَضَعفه بِرَجُل مَا بِهِ ضعف. وَذكر حَدِيث أبي بكرَة فِي رُكُوعه دون الصَّفّ. وَترك مِنْهُ زِيَادَة مفسرة. وَذكر حَدِيث: " وصف النَّاس خَلفه، وَعَن يَمِينه وَعَن يسَاره ". وَأعله بِرَجُل، وَترك أولى مِنْهُ. وَذكر: " لَا يتَقَدَّم الصَّفّ الأول أَعْرَابِي " الحَدِيث. ورده بِرَجُل، وَترك غَيره رجلَيْنِ. وَذكر: " من أحسن صلَاته حَيْثُ يرَاهُ النَّاس ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ ضَعِيف. وَذكر حَدِيث: " واستقبلوا قبلتنا ". وَلم يبين أَنه من رِوَايَة نعيم بن حَمَّاد. وَذكر: " صلَاتهم حِين خفيت عَلَيْهِم الْقبْلَة ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 689 وَلم يبين علته. وَذكر أَن ذَلِك أَيْضا رُوِيَ من حَدِيث جَابر. ولفق مَا ذكر من متنين لَهما إسنادان، لكل وَاحِد عِلّة غير عِلّة الآخر. وَذكر حَدِيث الرّفْع بَين السَّجْدَتَيْنِ. وَلم يذكر مَا صَحَّ فِي ذَلِك، وَأبْعد النعجة فِيمَا ذكر. وَحَدِيث مَالك بن الْحُوَيْرِث من غير ذكر السُّجُود فِيهِ، وَزِيَادَة السُّجُود فِيهِ صَحِيحَة. وَذكر حَدِيث عشرَة من أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فيهم أَبُو قَتَادَة على أَنه مُتَّصِل، وَلَيْسَ بِمُتَّصِل. وَذكر حَدِيث أبي حميد الْمَذْكُور من رِوَايَة عَبَّاس، أَو عَيَّاش بن سهل. وَسكت عَنهُ، وَلَيْسَ بِصَحِيح. وَذكر: " فَلم يرفع يَدَيْهِ إِلَّا فِي أول مرّة ". وَضَعفه، وَهُوَ عِنْد طَائِفَة صَحِيح. وَذكر حَدِيث وضع الْيَمين على الْيَسَار. ورده بِرَجُل مَا بِهِ بَأْس، وَأتبعهُ رِوَايَة [من] / سكت عَنهُ، وَالْأول خير مِنْهُ. وَذكر: " السّنة وضع الْكَفّ على الْكَفّ تَحت السُّرَّة ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ ضَعِيف. وَذكر: " الْأَمر بالْقَوْل بَين التَّكْبِير وَالْقِرَاءَة ". وَلم يبين علته. وَذكر حَدِيث السكتتين. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 690 وَسكت عَنهُ، وَهُوَ من رِوَايَة مختلط. وَذكر: " إِذا نَهَضَ فِي الثَّانِيَة استفتح بِالْحَمْد ". وَنسبه إِلَى مُسلم، وَهُوَ لم يخرج ذَلِك اللَّفْظ، وَالَّذِي عِنْده هُوَ مُنْقَطع. وَذكر القَوْل: " إِذا قَامَ إِلَى الصَّلَاة من اللَّيْل ... ". وَضَعفه وَهُوَ حسن، وأضاف مرسله إِلَى غير مرسله. وَذكر: " لم يزل يجْهر بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم حَتَّى قبض ". وَأعله وَلم يبين علته. وَذكر: " إِذا قَرَأْتُمْ الْحَمد فاقرؤوا بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم ". بِقِطْعَة من إِسْنَاده. وَأتبعهُ قولا يقْضِي بِصِحَّتِهِ، وَهُوَ لَا يَصح، وَجعل رجلا من رُوَاته من لَيْسَ إِيَّاه. وَذكر زِيَادَة آيَتَيْنِ بعد أم الْقُرْآن. وَأعله بِرَجُل، وَترك أولى مِنْهُ. وَذكر: " من صلى صَلَاة لم يقْرَأ فِيهَا بِأم الْقُرْآن، فَلم يصل إِلَّا وَرَاء إِمَام " مَرْفُوعا. وَهُوَ لم يرو مَرْفُوعا، وَالَّذِي رَوَاهُ يحيى بن سَلام، وَهُوَ غير ذَلِك، وَلم يبين ضعفه. وَذكر: " انْصَرف من صَلَاة جهر فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ ". نسبه إِلَى مَوضِع، وَترك أَعلَى مِنْهُ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 691 وَذكر: " مَا أرى الإِمَام إِذا أم الْقَوْم إِلَّا قد كفاهم ". وأوهم ضعفه، وَهُوَ حسن. وَذكر: " أم الْقُرْآن عوض عَن غَيرهَا ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر: " إِذا قَرَأَ {غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين} ، فأنصتوا ". وَلم يبين علته. وَذكر رفع الصَّوْت بآمين. وَلم يبين مَا منع من تَصْحِيحه. وَذكر إسماع من يَلِيهِ من الصَّفّ الأول. وَلم يبين حَاله الَّذِي ضعفه بِهِ، وَترك من هُوَ أولى مِنْهُ. وَذكر الْقِرَاءَة بطولى الطوليين فِي الْمغرب. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ من رِوَايَة مَرْوَان بن الحكم. وَذكر حَدِيث: " لَا تُجزئ الْمَكْتُوبَة إِلَّا بِفَاتِحَة الْكتاب وَثَلَاث آيَات ". وَلم / يعزه، وَضَعفه، وَله لفظ صَحِيح. وَذكر حَدِيث قِرَاءَة: {وَالنَّخْل باسقات} فِي الصَّحِيح. وَأتبعهُ زِيَادَة من التِّرْمِذِيّ وَتركهَا عِنْد مُسلم. وَذكر: " ثمَّ كَانَت صلَاته بعد تَخْفِيفًا " من مُسلم. وَلم يبين أَنَّهَا من رِوَايَة سماك. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 692 وَذكر قِرَاءَة المعوذتين فِي الصُّبْح. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ من رِوَايَة مُعَاوِيَة بن صَالح. وَذكر: " صلى صَلَاة فَلم يقْرَأ بِفَاتِحَة الْكتاب ". وَضَعفه بِرَجُل، وَترك آخر. وَذكر قِرَاءَة السَّجْدَة فِي الظّهْر. وَلم يبين من أَمر إِسْنَاده شَيْئا، وَهُوَ ضَعِيف. وَذكر سُجُود التِّلَاوَة فِي الصُّبْح من كتاب شَرِيعَة المقارئ. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح، وأبرز إِسْنَاده. وَذكر أَن فِي كتاب مُسلم: " قنت قبل الرُّكُوع ". وَلَيْسَ ذَلِك بالبين، وَلكنه صَحِيح عِنْد غَيره. وَذكر تَقْدِير الرُّكُوع وَالسُّجُود بِثَلَاث تسبيحات. وَضَعفه، وَلم يبين علته. وَذكر تَقْدِير الرُّكُوع بِعشر تسبيحات، وَكَذَلِكَ السُّجُود. وَسكت عَنهُ، وَلَا يَصح. وَذكر قِرَاءَة الْبَقَرَة، وَالنِّسَاء، وَآل عمرَان فِي رَكْعَة. وَترك فِيهَا زيادات. وَذكر من عِنْد أبي دَاوُد الْجمع بَين: " سمع الله لمن حَمده، اللَّهُمَّ رَبنَا لَك الْحَمد ". وَقَالَ: خرجه مُسلم. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 693 وَلَا يبين ذَلِك عِنْده. وَذكر وُقُوع الرُّكْبَتَيْنِ قبل الْيَدَيْنِ فِي السُّجُود. وأوهم بِكَلَامِهِ رِوَايَة همام إِيَّاه عَن عَاصِم، وَلَيْسَ كَذَلِك، وَهُوَ أَيْضا لَا يَصح مُرْسلا. وَذكر: " ينْهض على صُدُور قَدَمَيْهِ ". ورده بِرَجُل وَترك آخر. وَذكر: " وليضم فَخذيهِ ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حسن. وَذكر: " اتَّقِ برد الْحَصَا ". وَضَعفه وَلم يبين علته. وَذكر: " لَا تكشف سترا وَلَا تكف شعرًا ". ورده بالانقطاع، وَهُوَ مَعَ ذَلِك لَا يَصح. وَذكر: " لَا صَلَاة لمن لم يضع أَنفه على الأَرْض ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر مَا يُقَال بَين السَّجْدَتَيْنِ. وَترك مِنْهُ زِيَادَة. وَذكر الِاعْتِمَاد على الْيَدَيْنِ / فِي حِين النهوض من السُّجُود. وَلم يبين حَال الْمُنْفَرد بِهِ. وَذكر فِي الِاعْتِمَاد على الْيُسْرَى أَنَّهَا قعدة المغضوب عَلَيْهِم والضالين. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 694 وَلم يبين إرْسَاله. وَذكر صفة الْإِشَارَة بالسبابة فِي التَّشَهُّد، من حَدِيث نمير الْخُزَاعِيّ. وَسكت عَنهُ، وَلَا يَصح. وَذكر النَّهْي عَن الِانْصِرَاف قبل انْصِرَافه من الصَّلَاة. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر: " ويل لأهل النَّار ". وَلم يبين علته، وَلكنه أبرز من إِسْنَاده. وَذكر النَّسَائِيّ قبالة الْوَجْه. وَأعله بِرَجُل، وعلته غَيره، وَزَاد فِي إِسْنَاده من لَيْسَ مِنْهُ. وَذكر الْأَمر بِالرَّدِّ على الإِمَام، والتحاب وَالسَّلَام. وَضَعفه، وَترك لَهُ طَرِيقا جيدا. وَذكر: " سلمُوا على قارئكم ". وَضَعفه بِرَجُل وَترك غَيره. وَذكر: " حذف السَّلَام سنة ". وقنع بتصحيح التِّرْمِذِيّ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر التَّكْبِير بعد الصَّلَاة. وَلم يبين أَن رَاوِيه أنكرهُ. وَذكر التسليمتين. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 695 وَنسب ذَلِك إِلَى غير رَاوِيه. وَذكر الْجُلُوس بعد الصُّبْح إِلَى الضُّحَى. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ ضَعِيف. وَذكر: " إِذا صليت فضع بَصرك حَيْثُ تسْجد ". وَلم يبين علته. وَذكر: " يَا أَفْلح ترب وَجهك ". وَضَعفه بِرَجُل، وَأعْرض عَن آخر لَا يعرف، وَأرَاهُ غلط فَظَنهُ مَعْرُوفا. وَذكر: " ذَلِك كفل الشَّيْطَان " - يَعْنِي عقص الشّعْر. وَسلم تَارِيخا، حَكَاهُ الطَّحَاوِيّ فِي وَفَاة المَقْبُري، وَهُوَ متعقب. وَذكر: " لَا تُؤخر الصَّلَاة لطعام وَلَا لغيره ". وَضَعفه بقول أغْلظ مِمَّا يَنْبَغِي. وَذكر التَّقَدُّم والتأخر للسبحة. وَضَعفه برجلَيْن، وَترك ثَالِثا. وَذكر: " لَا صَلَاة لملتفت ". وَضَعفه، وَلم يذكر علته. وَذكر حَدِيث طلق فِيمَن أحدث فِي الصَّلَاة. وَهُوَ حَدِيث لَا يَصح، وأوهم فِيهِ الصِّحَّة بقوله: حَدِيث عَائِشَة أصح. وَذكر: " يلحظني فِي الصَّلَاة يَمِينا شمالا ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 696 وَلم يبين إِلَّا حَاله بِأَنَّهُ غَرِيب، وَهُوَ حَدِيث صَحِيح /. وَذكر: " إِذا قَامَ أحدكُم فِي الصَّلَاة فَلَا يمسح الْحَصَى ". وَسكت عَنهُ، وَلَيْسَ يَنْبَغِي أَن يُقَال فِيهِ صَحِيح. وَذكر حَدِيث: " رد السَّلَام إِشَارَة ". وأوهم ضعفه، وَهُوَ حسن. وَذكر: " من أَشَارَ فِي صلَاته إِشَارَة تفهم عَنهُ فليعدها ". وَنسب عَقِبَيْهِ قولا للدارقطني، وَلم يقلهُ، إِنَّمَا هُوَ قَول شَيْخه. وَذكر الْأَمر بقتل مَا يقتل فِي الصَّلَاة بالنعل الْيُسْرَى، من الْمَرَاسِيل. وَالَّذِي فِيهَا لَيْسَ إِلَّا الْعَقْرَب، وَالْخَبَر الْمَذْكُور مُنْقَطع. وَذكر هَيْئَة صَلَاة الْمَرِيض. وَضَعفه بِذكر رجل، وَترك فَوْقه وَتَحْته من يعتل بِهِ. وَذكر النَّهْي عَن إِلْقَاء القملة لمن وجدهَا فِي الصَّلَاة. وَأسْقط مِنْهُ ذكر: " فِي الْمَسْجِد ". وَذكر حَدِيث العمود فِي الْمصلى للاعتماد عَلَيْهِ. وَغلط بِرَجُل لآخر. وَذكر حَدِيث الصَّلَاة على الرَّاحِلَة، من مُسلم. وَلم يبين أَنه من رِوَايَة حَرْمَلَة. وأردفه حَدِيث جَابر فِي الْإِيمَان وَلم يبين أَنه من رِوَايَة أبي الزبير مُعَنْعنًا من غير رِوَايَة اللَّيْث عَنهُ، وإرداف حَدِيث جَابر على حَدِيث ابْن عمر خطأ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 697 وَذكر الصَّلَاة فِي السَّفِينَة. ورده بِرَجُل، وَترك آخر. وَذكر جَاءَهُ الشَّيْطَان فَلبس عَلَيْهِ. وأردفه زِيَادَة لم يبين أَنَّهَا عَن ابْن إِسْحَاق. وَذكر حَدِيث الْمُغيرَة فِي ترك الجلسة الْوُسْطَى. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ من رِوَايَة مختلط. وَذكر التَّكْبِير حِين رَجَعَ يَوْم ذِي الْيَدَيْنِ، مُرْسلا. وَلم يبين عيب إِسْنَاده سوى الْإِرْسَال. وَذكر حَدِيث التَّشَهُّد فِي السَّجْدَتَيْنِ بعد السَّلَام، مردفا حَدِيث مُسلم. وَلَيْسَ ذَلِك بالبين فِيهِ. وَذكر حَدِيث التَّسْلِيم بعد سَجْدَتي السَّهْو. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ مَشْكُوك فِي اتِّصَاله. وَذكر حَدِيث ابْن مَسْعُود: " إِذا كنت فِي صَلَاة فشككت فِي ثَلَاث أَو أَربع ". ورده بالانقطاع، وَلم يعرض لضعف خصيف. وَذكر: " إِن الله تجَاوز عَن أمتِي السَّهْو / فِي الصَّلَاة ". وَنسبه إِلَى غير رَاوِيه، وَهُوَ هِشَام بن خَالِد. وَذكر الْجمع بَين الصَّلَاتَيْنِ إِذا حفزه أَمر. وَلم يعزه، وَلم يبين علته. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 698 وَذكر التَّقْصِير بالعقيق وبذي طوى. وَلم يبين انْقِطَاعه، وَذكره على أَنه مُرْسل. وَذكر صلَاته فِي المَاء والطين. وَلم يبين علته وَسكت عَنهُ. وَذكر حَدِيث أنس فِي ذَلِك. وَهُوَ غير موصل الْإِسْنَاد، وَلم يبين ذَلِك. وَذكر الْأَمر بِالْإِيمَاءِ فِي الطين. وَضَعفه، وَلم يبين عِلّة ذَلِك. وَذكر صَلَاة الْخَوْف يَوْم ذَات الرّقاع. وَقيس الصَّحَابِيّ الْمشَاهد بِأَنَّهُ سهل بن أبي حثْمَة، وَذَلِكَ خطأ. وَذكر صَلَاة الْخَوْف عَن أبي بكرَة. وَيَنْبَغِي أَن يكون مُرْسلا. وَكَذَلِكَ ذكر عَنهُ صلَاته عَلَيْهِ السَّلَام بهم صَلَاة الْمغرب. وَالْقَوْل فِيهِ كَذَلِك، وَفِيه أَيْضا مَجْهُول. وَذكر الْأَمر بِالْفَصْلِ بِالسَّلَامِ بَين الشفع وَالْوتر. وَسقط فِي ذكره من إِسْنَاده وَاحِد أَو اثْنَان. وَذكر حَدِيث أبي أَيُّوب فِي الْوتر. وَرجح وَقفه، وَلَيْسَ كَذَلِك، فَإِنَّهُ رافعيه ثِقَات. وَذكر حَدِيث أبي فِيمَا يقْرَأ فِي الشفع وَالْوتر. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 699 وَرجحه على حَدِيث عَائِشَة، وَلم يبين عِلّة حَدِيث عَائِشَة. وَذكر حَدِيث: " من أصبح فَلَا وتر لَهُ ". وَلم يعزه، ورده بِأبي هَارُون الْعَبْدي. وَذكر الْوتر أول اللَّيْل وَآخره. وَأبْعد فِيهِ النجعة. وَذكر صلَاته عَلَيْهِ السَّلَام من اللَّيْل ثَلَاث عشرَة رَكْعَة بركعتي الْفجْر. من مُسلم. وَهُوَ من رِوَايَة حَرْمَلَة، وَفِي لَفظه تثبج، وَحَدِيث أبي دَاوُد أصح إِسْنَادًا ولفظا. وَذكر النَّهْي عَن البتيراء. وَعلله بِرَجُل وَترك غَيره. وَذكر: " عَلَيْكُم بِصَلَاة اللَّيْل ". وَعلله بِغَيْر علته. وَذكر حَدِيث بِلَال فِي صَلَاة اللَّيْل. فأعله بِرَجُل وَترك غَيره. وَذكر حَدِيث أبي أُمَامَة. وَلم يبين أَنه عِنْد التِّرْمِذِيّ غير موصل. وَذكر الْأَمر بِالصَّلَاةِ بعد الْمَكْتُوبَة لما قل أَو كثر. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 700 وَضَعفه بضعيف، وَترك كذابا. وَذكر / حَدِيث سعد بن هِشَام عَن عَائِشَة فِي صَلَاة اللَّيْل من عِنْد مُسلم. وَهُوَ مختلط، حدث بِهِ بعد اخْتِلَاطه. وَذكر يرفع طورا ويخفض طورا. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ ضَعِيف. وَذكر قدر مَا يسمعهُ من فِي الْحُجْرَة وَهُوَ فِي الْبَيْت. وَسكت عَنهُ وَهُوَ ضَعِيف. وَذكر حَدِيث تَاجر الْبَحْرين. وَهُوَ مُرْسل صَحِيح فِي المراسل، خلاف مَا حكى عَن الدوري. وَذكر: " كَانَت قِرَاءَته الزمزمة ". وَضَعفه بِرَجُل وَترك آخر. وَذكر: " الجاهر بِالْقُرْآنِ كالجاهر بِالصَّدَقَةِ ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حسن. وَذكر ترديد: " إِن تُعَذبهُمْ فَإِنَّهُم عِبَادك ". وَضَعفه، وَهُوَ حسن. وَذكر: " لَو كتبت عَلَيْكُم مَا قُمْتُم بهَا ". على أَنه من رِوَايَة عَائِشَة، وَلَيْسَ كَذَلِك. وَذكر الْأَمر بركعتي الْفجْر. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 701 وَذكر: " لَا تدعوهما وَإِن طردتكم الْخَيل ". وَعرف براو من رُوَاته، وَهُوَ يحْتَمل أَن يكون غير مَا ذكر، وَلم يبين مَعَ ذَلِك عِلّة الْخَبَر. وَذكر: " لَو أَصبَحت أَكثر مِمَّا أَصبَحت ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ ضَعِيف. وَذكر حَدِيث الَّذِي قضى رَكْعَتي الْفجْر بعد الصُّبْح. ورده بالانقطاع، وَلم يبين ضعفه مَعَ ذَلِك. وَذكر: " لَا صَلَاة بعد الْفجْر إِلَّا سَجْدَتَيْنِ ". وَلم يُصَحِّحهُ، وَلَا بَين علته، وأوهم أَن لحَدِيث ابْن عمر طرقا وَلم يبين ذَلِك. وَذكر: " أَوْصَانِي خليلي بِثَلَاث ". وَحسنه وَهُوَ ضَعِيف، وَهُوَ فِي كتاب مُسلم بطرِيق آخر صَحِيح. وَذكر حَدِيث عَليّ فِي رَكْعَات النَّهَار. وَسوى بَين روايتي شُعْبَة وحصين، بإرداف إِحْدَاهمَا على الْأُخْرَى، وليستا بِسَوَاء. وَذكر: " رحم الله امْرأ صلى قبل الْعَصْر أَرْبعا ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ ضَعِيف. وَذكر: " بَين كل أذانين صَلَاة لمن شَاءَ " من عِنْد مُسلم. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 702 وَفِيه راو مختلط. وَذكر الصَّلَاة فِي الْمَسْجِد بعد الْمغرب، وَقَوله: " عَلَيْكُم بِهَذِهِ الصَّلَاة فِي بُيُوتكُمْ ". وَضَعفه وَلم يبين علته. وَذكر إطالة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الرَّكْعَتَيْنِ بعد الْمغرب، حَتَّى يتفرق أهل الْمَسْجِد. وَسكت عَنهُ، وَلَا يَصح /. وَذكر الِاغْتِسَال يَوْم الْجُمُعَة. وَأعله بِرَجُل، وَأعْرض عَن مُتَّهم. وَذكر أَيْضا الِاغْتِسَال وَالْخُرُوج مَاشِيا. وَأعله وَلم يبين علته. وَذكر الْأكل يَوْم الْفطر قبل الغدو والإمساك يَوْم النَّحْر. وَأتبعهُ قَول التِّرْمِذِيّ: إِنَّه غَرِيب، وَهُوَ عِنْدِي صَحِيح. وَذكر التَّكْبِير حِين الغدو. واقتطع الْإِسْنَاد من ضَعِيف، وطوى دونه ذكر كَذَّاب. وَذكر صَدَقَة النِّسَاء يَوْم الْعِيد. وأردفه من أبي دَاوُد زِيَادَة، وَلَيْسَت عَن ذَلِك الصَّحَابِيّ. وَذكر حَدِيث تَكْبِير الْعِيد. وَأتبعهُ تَصْحِيح البُخَارِيّ - زعم -، وَأعْرض عَن ضعف رَاوِيه. وَذكر حَدِيث الركب الَّذين شهدُوا أَنهم أهلوا الْهلَال أمس. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ ضَعِيف. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 703 وَذكر مُخَالفَة الطَّرِيق فِي الرُّجُوع يَوْم الْعِيد. وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا هُوَ حسن. وَذكر الرُّجُوع على الطَّرِيق الَّذِي خرج عَلَيْهِ. وَسكت عَنهُ، وَلَا يَصح. وَذكر صَلَاة الْعِيد فِي الْمَسْجِد من أجل الْمَطَر. وَسكت عَنهُ، وَلَا يَصح. وَذكر النَّهْي عَن الْخُرُوج بِالسِّلَاحِ يَوْم الْعِيد. وَلم يعبه بسوى الْإِرْسَال، وَلَا يَصح مُرْسلا. وَذكر التَّكْبِير دبر المكتوبات. وَأعله بضعيف، وَترك كذابا. وَذكر أَنه اخْتلف على من لم يخْتَلف عَلَيْهِ. وَذكر تَفْسِير التَّكْبِير الْمَذْكُور. وَفعل فِيهِ مثل ذَلِك: من ترك ضَعِيف، وَأعْرض عَن آخر ثَالِث. وَذكر قلب الْيَمين على الشمَال من الرِّدَاء، من البُخَارِيّ. وَلَيْسَ مِمَّا أخرج، إِنَّمَا علقها، وَهِي عَن مختلط. وَذكر كَيْفيَّة الْخُرُوج إِلَى الاسْتِسْقَاء. فَجعل الْمُرْسل فِي ذَلِك غير من هُوَ، وخلط قصَّة بِقصَّة، وَمَعَ ذَلِك أعله بِرَجُل وَترك آخر. وَذكر الدُّعَاء بباطن الْكَفَّيْنِ وظاهرهما، وَحَدِيث الْأَمر بذلك. وَفصل عَلَيْهِمَا كَأَنَّهُمَا صَحِيحَانِ، وهما لَا يصحان. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 704 وَذكر: " إِذا سَأَلْتُم ربكُم فسلوه بِبَطن أكفكم ". ورده بِالْإِرْسَال، وأوهم أَنه موصل الْإِسْنَاد إِلَى مرسله. وَذكر فِي الاسْتِسْقَاء مُرْسل عَطاء /. ورده بِرَجُل احْتج بِهِ فِي الاسْتِسْقَاء أَيْضا لما كَانَ من مُسلم. وَذكر: " اللَّهُمَّ اسْقِ عِبَادك وبهائمك ". وَلم يعرض لعَلي بن قادم. وَذكر: " النَّهْي عَن الْإِشَارَة إِلَى السَّحَاب ". وَلم يعبه بسوى الْإِرْسَال، وَهُوَ بِغَيْرِهِ معيب. وَذكر فِي الْكُسُوف: " كنت أرمي وَأَنا غُلَام من الْأَنْصَار ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر حَدِيث ابْن عَبَّاس فِي كسوف الشَّمْس وَالْقَمَر بِإِسْنَادِهِ. وَلم يبين شَيْئا فِي حَاله، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر إثره حَدِيث عَائِشَة. وَلم يعزه، واقتطع من إِسْنَاده قِطْعَة، وَفِيمَا ترك النّظر. وَذكر: " كأحدث صَلَاة صليتموها من الْمَكْتُوبَة ". ورماه بالاختلاف، وَهُوَ مَا لَا يضرّهُ. وَذكر التَّكْبِير لسجدة التِّلَاوَة. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ من رِوَايَة من قد ضعف بِهِ حَدِيثا. وَذكر: " لم يسْجد فِي شَيْء من الْمفصل مُنْذُ تحول إِلَى الْمَدِينَة ". وَضَعفه، وَلم يبين علته. وَذكر: " خمس عشرَة سَجْدَة، مِنْهَا ثَلَاث فِي الْمفصل وثنتان فِي الْحَج ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 705 ورده بِرَجُل، وَترك آخر. وَذكر سَجْدَة الشُّكْر. وَأعله بِرَجُل مَا بِهِ بَأْس، وَترك أَبَاهُ، وَهُوَ مَجْهُول، وأخل بِبَعْض لفظ الْخَبَر. وَذكر: " لم يسْجد حَتَّى تطلع الشَّمْس ". وَلم يبين أَمر الَّذِي هُوَ من أَجله ضَعِيف. وَذكر: " إِن الله حرم على الأَرْض أَن تَأْكُل أجساد الْأَنْبِيَاء ". وَأتبعهُ قولا احْتَاجَ إِلَى تَفْسِير فِي أَمر رجل. وَذكر: " فِي أَن سَاعَة الْجُمُعَة بعد الْعَصْر " حَدِيث جَابر. وَأعله بِرَجُل مَا بِهِ بَأْس. وَذكر حَدِيث: " يقلم أَظْفَاره ويقص شَاربه قبل أَن يخرج إِلَى الْجُمُعَة ". وأوهم أَن رَاوِيه مَعْرُوف، وَإِنَّمَا لم يُتَابع، وَهُوَ مَجْهُول. وَذكر: " من تَوَضَّأ فبها ونعمت ". وَضَعفه بِرَجُل لم يقدم فِيهِ شَيْئا، وَهُوَ مَتْرُوك لَا يَصح من أَجله. وَذكر: " اغتسلوا يَوْم الْجُمُعَة وَلَو كَانَت بِدِينَار ". كَذَا ذكره، وَإِنَّمَا هُوَ " وَلَو كأسا بِدِينَار ". وَذكر: " احضروا الذّكر وادنوا من الإِمَام ". وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا هُوَ مُنْقَطع. وَذكر فِيمَن / لَا تجب عَلَيْهِم الْجُمُعَة: " أَو مُسَافر ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 706 وَضَعفه وَلم يبين علته. وَذكره أَيْضا من عِنْد الْعقيلِيّ. وَضَعفه بِرَجُل، وَترك جمَاعَة لَا يَصح مَعَ أحد مِنْهُم. وَذكر: " الْجُمُعَة على من سمع النداء ". وَضَعفه مَرْفُوعا، وَلم يبين علته. وَذكر: " الْجُمُعَة على من أَواه اللَّيْل إِلَى أَهله ". وَضَعفه، وَلم يبين مَوضِع الْعلَّة من إِسْنَاده. وَذكر: " على الْخمسين جُمُعَة ". ورده بِرَجُل، وَترك جمَاعَة. وَذكر حَدِيث أم عبد الله الدوسية فِيمَن تجب عَلَيْهِم الْجُمُعَة ". وَضَعفه وَلم يبين انْقِطَاعه. وَذكر: " النَّهْي عَن الاحتباء يَوْم الْجُمُعَة ". ورده بضعيف، وَلم يبين من دونه، وَهُوَ أَيْضا كَذَلِك. وَذكر: " إِذا دنا من الْمِنْبَر سلم ". وَضَعفه بِأَن رَاوِيه لم يُتَابع عَلَيْهِ، فأوهم أَنه ثِقَة، وَهُوَ ضَعِيف. وَذكر: الِاكْتِفَاء بِصَلَاة الْعِيد من صَلَاة الْجُمُعَة من حَدِيث زيد، وَمن حَدِيث أبي هُرَيْرَة. وَسكت عَنْهُمَا بل صححهما بالْقَوْل. وَحَدِيث زيد فِيهِ مَجْهُول، وَحَدِيث أبي هُرَيْرَة لَا يرويهِ إِلَّا بَقِيَّة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 707 وَذكر: " يخْطب ثمَّ يجلس فَلَا يتَكَلَّم، ثمَّ يَقُول فيخطب ". وَلم يبين أَنه من رِوَايَة الْعمريّ. وَذكر: " تجوز فيهمَا ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ من رِوَايَة أبي سُفْيَان عَن جَابر. وَذكر لفظ الْخطْبَة: " نحمده ونستعينه ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح للْجَهْل بِحَال رَاوِيه. وَذكر: " مَا أخذت قَاف إِلَّا من فِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " من رِوَايَة أبي إِسْحَاق. وَهِي مُنْقَطِعَة، وَله طَرِيق صَحِيح. وَذكر: " كَانَت صلَاته قصدا وخطبته قصدا ". وأردفه لفظا آخر، وأوهم أَنه من عِنْد مُسلم، وَلَيْسَ كَذَلِك. وَذكر: " فضل صَلَاة الصُّبْح يَوْم الْجُمُعَة ". واقتطع من إِسْنَاده، وَترك مَا فِيهِ مَا يعله. وَذكر: " السّفر يَوْم الْجُمُعَة ". وَأعله بالانقطاع، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة حجاج بن أَرْطَاة. وَذكر: " قِرَاءَة هود يَوْم الْجُمُعَة " مَوْقُوفا. وَإِنَّمَا هُوَ فِي الْموضع الَّذِي نَقله مِنْهُ مَرْفُوع، وَلَكِن مُرْسل. وَذكر /: " لَا تصلوا وَالْإِمَام يخْطب ". وَعَزاهُ إِلَى أبي سعيد الْمَالِينِي، كَذَا فِي النّسخ، وَصَوَابه أَبُو سعد. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 708 (بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم) (صلى الله على مُحَمَّد وعَلى آله وَسلم تَسْلِيمًا) (كتاب الْجَنَائِز) ذكر حَدِيث: " لَا يتمنين أحدكُم الْمَوْت ". ثمَّ عطف عَلَيْهِ مَا لَيْسَ عَن ذَلِك الصَّحَابِيّ الَّذِي رَوَاهُ، بل عَن آخر، ثمَّ عطف ثَالِثا هُوَ عَن الصَّحَابِيّ الَّذِي روى الأول، وَعَزاهُ إِلَى البُخَارِيّ، وَلَفظه عِنْده. وَذكر: " من كَانَ آخر كَلَامه: لَا إِلَه إِلَّا الله ". وَسكت عَنهُ، وحاله لَا تعرف. وَذكر: " اقرؤوا يس على مَوْتَاكُم ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر: " اصنعوا لآل جَعْفَر طَعَاما ". وَلم يبين الْمَانِع من تَصْحِيحه. وَذكر حَدِيث: " الْعَهْد قريب ". وَسكت عَنهُ، وَلَا يَصح. وَذكر: " النَّهْي عَن النعي ". وَهُوَ كَذَلِك، وَترك لَهُ سندا صَحِيحا. وَذكر: " أَربع من الْجَاهِلِيَّة ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 709 وَلم يبين انْقِطَاعه، وَهُوَ من عِنْد مُسلم. وَذكر حَدِيث قيلة. وَقَالَ: إِنَّه مَشْهُور وَلَا يَصح. وَذكر الرجل يَمُوت فَلَا يُوجد رجل يغسلهُ، وَالْمَرْأَة كَذَلِك. وَلم يعبه بسوى الْإِرْسَال. وَذكر: " خمروا وُجُوههم وَلَا تشبهوا باليهود ". وَلم يبين علته، وَلكنه أبرز موضعهَا. وَذكر: " وَلَا يَنْبَغِي لجيفة مُسلم أَن تقيم " الحَدِيث. وَلم يُفَسر علته، وأوهم اتِّصَاله، وَذَلِكَ مَشْكُوك فِيهِ. وَذكر: " إِذا وجد أحدكُم فليكفن فِي ثوب حبرَة ". وَلم يبين لم لَا يَصح، وَهُوَ حسن. وَذكر: " خير الْكَفَن الْحلَّة ". وَأعله بِرَجُل وَلم يبين من هُوَ. وَذكر: " لَا تغَالوا فِي الْكَفَن ". وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا هُوَ حسن، وَفِي سَماع الشّعبِيّ من عَليّ نظر. وَذكر تكفين بنت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر البسوا الْبيَاض وكفنوا فِيهِ مَوْتَاكُم /. وَصَححهُ، وَقد رُوِيَ مَوْقُوفا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 710 وَذكر كفن فِي سَبْعَة أَثوَاب. وَلم يَأْتِ فِي تَضْعِيفه بِحجَّة على أَصله. وَذكر حَدِيث القطيفة الْحَمْرَاء. وَضَعفه بِرَجُل وَترك غَيره، وأخاف أَن يكون قد تصحفت فِيهِ لَفْظَة. وَذكر غسل الْمَيِّت بِالْمَاءِ الْبَارِد. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر لم يصل على أحد غير حَمْزَة. وَلم يبين علته. وَذكر الْأَمر بِنَزْع الْحَدِيد والجلود عَن قَتْلَى أحد. وَضَعفه، وَلم يبين علته. وَذكر إِذا صلي على الْجِنَازَة فقد انْقَطع ذمامها. وَلم يبين لم لَا يَصح مَرْفُوعا، وأوهم أَنه وقف على إِسْنَاده وَلَيْسَ بموصل فِي الْموضع الَّذِي نَقله مِنْهُ. وَذكر: " من تبع جَنَازَة ثَلَاث مَرَّات فقد قضى مَا عَلَيْهِ من حَقّهَا ". وَضَعفه بِرَجُل وَترك آخر. وَذكر: " اغسلوا مَوْتَاكُم ". وَجَهل من إِسْنَاد رجلَيْنِ هما معروفان. وَذكر: " نهينَا أَن نتبع جَنَازَة مَعهَا رانة ". وَهُوَ غير موصل فِي الْموضع الَّذِي نَقله مِنْهُ، وَضَعفه، وَلم يبين علته. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 711 وَذكر خُرُوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي جَنَازَة عَمه. وَلم يعبه بسوى الْإِرْسَال. وَذكر: " أميران وليسا بأميرين ". وَضَعفه بِأَمْر لم يضعف بِهِ غَيره، وَلم يبين بعض علته. وَذكر: " قِرَاءَة الْفَاتِحَة فِي الْجَنَائِز ". وَلم يبين علته. وَذكر وضع الْيَمين على الشمَال فِي الْجَنَائِز. وَهُوَ كَذَلِك. وَذكر الطِّفْل يدعى لوَالِديهِ بالمغفرة وَالرَّحْمَة. وَعَزاهُ إِلَى أبي دَاوُد، وَلَيْسَ عِنْده كَذَلِك. وَذكر: " يمشي خلف الْجِنَازَة ويطيل الفكرة ". وَأعله بِرَجُل، وَترك رجلَيْنِ. وَذكر: " لَا تتبع الْجِنَازَة بِصَوْت وَلَا نَار ". ورده بِمَا لَيْسَ بعلة، وَترك مَا هُوَ لَهُ عِلّة. وَذكر: " الصَّلَاة خلف كل مُسلم، وعَلى كل مُسلم ". وَلم يعبه بسوى الِانْقِطَاع. وَذكر: " من صلى على جَنَازَة فِي الْمَسْجِد فَلَا شَيْء لَهُ ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 712 وَعلله بِأَمْر قد اخْتلف فِيهِ، وَقد حُكيَ خِلَافه /. وَذكر: " اللَّحْد لنا والشق لغيرنا ". وَسكت عَنهُ، وَلَا يَصح. وَذكر حَدِيث الَّذِي دفن فأسرج فِي قَبره السراج. وَلم يبين الْمَانِع من تَصْحِيحه. وَذكر التَّكْبِير أَرْبعا وحثي التُّرَاب فِي الْقَبْر. وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا هُوَ حسن. وَذكر الرش على قبر إِبْرَاهِيم بن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَلم يعبه بسوى الْإِرْسَال. وَذكر الرش على قبر عُثْمَان بن مَظْعُون. وَضَعفه بِرَجُل، وَترك كذابا. وَذكر حَدِيث: " دفن الْمَوْتَى بَين قوم صالحين ". وَلم يبين علته، وَنسبه إِلَى أبي سعيد الْمَالِينِي، وَصَوَابه أَبُو سعد، وَفِيه انْقِطَاع لم يُبينهُ. وَذكر: " يتربص بالغريق يَوْم وَلَيْلَة ". وَضَعفه بالانقطاع، وَلم يبين ضعف رَاوِيه. وَذكر حَدِيث: " كسر عظم الْمَيِّت ". وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا هُوَ حسن. وَذكر: " من غسل مَيتا فليغسل ". وَعلله بِشَيْء، وَترك مَا هُوَ فِي الْحَقِيقَة علته. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 713 وَذكر: " لَيْسَ عَلَيْكُم فِي ميتكم غسل ". وَأعله بِرَجُل، وَترك من هُوَ أولى مِنْهُ. وَذكر: " لعن زائرات الْقُبُور ". وَأعله بِالْحملِ على رجل بِأَكْثَرَ مِمَّا يَنْبَغِي أَن يُقَال فِيهِ، بل هُوَ حسن. وَذكر تشديدا فِي زِيَارَة النِّسَاء الْقُبُور. لم يفسره، وَفِيه التَّفْسِير عِنْد النَّسَائِيّ فَلم يُورِدهُ. وَذكر: " اذْكروا محَاسِن مَوْتَاكُم ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ ضَعِيف. وَذكر: " موت الْغَرِيب شَهَادَة ". وَزعم أَن الدَّارَقُطْنِيّ صَححهُ، وَهُوَ لم يفعل. وَذكر حَدِيث: " من يَمُوت يَوْم الْجُمُعَة أَو لَيْلَتهَا ". ورده بالانقطاع، لم يعبه بسوى ذَلِك، وَترك بَيَان ضعف إِسْنَاده. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 714 (بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم) (صلى الله على مُحَمَّد، وعَلى آله وَصَحبه وَسلم) (كتاب الزَّكَاة) ذكر زِيَادَة من الْوَرق فِي قَوْله: " لَيْسَ فِيمَا دون خمس أَوَاقٍ ". وَلم يبين أَنه من مُعَنْعَن / أبي الزبير. وَذكر: " فِي كل ثَلَاثِينَ تبيع ". وأوهم كَلَامه نِسْبَة الْمَوْصُول إِلَى غير من وَصله. وَذكر: " فِي كل أَرْبَعِينَ مُسِنَّة ". ورده بِالْإِرْسَال، وأوهم أَنه كَانَ موصل الْإِسْنَاد إِلَى مرسله فِي الْموضع الَّذِي نَقله مِنْهُ. وَذكر حَدِيث زَكَاة الْبَقر. وَأعله بِرَجُل، وَأعْرض عَن غَيره. وَذكر: " لَيْسَ فِي الْبَقر الْحَوَامِل وَلَا فِي الْجَبْهَة صَدَقَة ". وَضَعفه بِرَجُل، وَلم يبين حَاله وَترك غَيره، وَله مَعَ ذَلِك دون ذكر الْجَبْهَة إِسْنَاد جيد لم يذكرهُ. وَذكر: " خُذ الْحبّ من الْحبّ ". ورده بالانقطاع، وَلم يعرض لرجل قد ضعفه هُوَ. وَذكر: " مَا بلغ أَن تُؤَدّى زَكَاته فَزكِّي فَلَيْسَ بكنز ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 715 وَضَعفه بِرَجُل، وَهُوَ لَا بَأْس بِهِ. وَضعف أَحَادِيث زَكَاة الْحلِيّ، وَبَعضهَا صَحِيح أَو حسن. وَذكر: " فَإنَّا آخِذُوهَا وَشطر مَاله ". وَحمل على بهز بِأَكْثَرَ مِمَّا يجب. وَذكر تَفْسِير الرِّكَاز، وَلم يعزه. وَرُوِيَ من طرق أخر. وَذكر حَدِيث الجرذ الَّذِي أخرج الدَّنَانِير. وَلم يبين علته. وَذكر حَدِيث قبر أبي رِغَال وَمَا وجد فِيهِ. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ ضَعِيف. وَذكر تَعْجِيل الصَّدَقَة. وَضَعفه بِرَجُل، وَهُوَ ثِقَة. وَذكر: " لَيْسَ على الْمُسلم فِي عَبده صَدَقَة إِلَّا صَدَقَة الْفطر ". وَلم يبين انْقِطَاعه، وَله طَرِيق صَحِيح لم يذكرهُ. وَذكر: " فِي كل فرس دِينَار ". ورده بضعيف وَترك دونه ضعفاء. وَذكر صَاعا من حِنْطَة فِي زَكَاة الْفطر. وَلَيْسَ هُوَ بِمُتَّصِل عِنْد من عزاهُ إِلَيْهِ. وَذكر حَدِيث ثَعْلَبَة بن صعير فِي زَكَاة الْفطر. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 716 وَضعف مِنْهُ رجلا لَيْسَ بضعيف، وأوهم أَن رَاوِيا من راوييه يروي اللَّفْظ كَمَا يرويهِ الآخر، وَلَيْسَ كَذَلِك. وَذكر نصف صَاع من بر فِي صَدَقَة الْفطر. ورده بالانقطاع، وَهُوَ مُتَّصِل، وأردفه [حَدِيث آخر] فِي مُقْتَضَاهُ وَلَيْسَ كَذَلِك، ثمَّ آخر وَلَيْسَ كَذَلِك، وَهُوَ مُنْقَطع وَلم / يُبينهُ. وَذكر مُرْسل ابْن الْمسيب فِي ذَلِك، وَلم يعزه. وَذكر عَن ابْن عبد الْبر كلَاما فِي حَدِيث معَاذ، وَهُوَ لم يقلهُ. وَذكر حَدِيث ثَعْلَبَة بن عبد الله بن صعير، فَذكر الْبر. وَأتبعهُ كلَاما لِابْنِ عبد الْبر إِنَّمَا هُوَ لَهُ على حديثين. وَذكر: " زَكَاة الْفطر على صَغِير وكبير، ذكر أَو أُنْثَى، يَهُودِيّ أَو نَصْرَانِيّ ". ورده بِرَجُل، وَترك غَيره. وَذكر: " المعتدي فِي الصَّدَقَة كمانعها ". وَسكت عَنهُ، وَيَنْبَغِي أَن يكون حسنا. وَذكر: " لَيْسَ فِي الخضروات شَيْء ". وَضَعفه وَلم يبين علته. وَذكر: " وَفِي الْبَز صدقته ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 717 وَذكر: " لَيْسَ فِي مَال الْمكَاتب زَكَاة حَتَّى يعْتق ". وَضَعفه، وَلم يبين علته. وَذكر: " إِذا خرصتم فَخُذُوا ودعوا ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر: " النَّهْي أَن يصرم نخل بلَيْل ". وَأَرْدَفَ عَلَيْهِ من الدَّارَقُطْنِيّ حَدِيثا لَيْسَ فِيهِ كل مَا فِيهِ وَترك أَيْضا زِيَادَة فِيهِ لم يوردها. وَذكر: " من ولي يَتِيما لَهُ مَال فليتجر بِهِ ". وَأتبعهُ كلَاما كَأَنَّهُ مِنْهُ، وَإِنَّمَا قَالَه مخرجه، وَأتبعهُ رِوَايَات مَوْقُوفَة لم يعزها. وَذكر: " وَإِنَّمَا فرض الْمَوَارِيث لتَكون لمن بعدكم، ليطيب لمن بعدكم ". جمع بَين اللَّفْظَيْنِ كَأَنَّهُمَا فِي الْمَتْن، وَلَيْسَ كَذَلِك. وَذكر: " إِن فِي المَال حَقًا سوى الزَّكَاة ". وَلم يُفَسر علته، وَذكر أَنه يرْوى مُرْسلا عَن الشّعبِيّ، وَلَيْسَ كَذَلِك. وَذكر: " إِن أهل الصَّدَقَة يعتدون علينا ". وَسكت عَنهُ، لكنه أبرز بعض إِسْنَاده، وَهُوَ لايصح. وَذكر: " سَيَأْتِيكُمْ ركيب مبغضون ". وَأعله بِرَجُل، وَترك آخر. وَذكره من طَرِيق آخر، وَأعله بِرَجُل وَهُوَ ثِقَة، وَترك الرَّاوِي عَنهُ وَهُوَ / مَجْهُول، وأوهم فِي سِيَاقه أَنه عَن رجل لَيْسَ عَنهُ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 718 وَذكر: " الْعَامِل على الصَّدَقَة بِالْحَقِّ ". وَسكت عَنهُ، وَيَنْبَغِي أَن يكون حسنا. وَذكر: " لَا تحل الصَّدَقَة لَغَنِيّ إِلَّا لخمسة "، وَلم يعزه. وَذكر: " إِن الصَّدَقَة لتطفئ غضب الرب ". وَحسنه وَهُوَ ضَعِيف. وَذكر: " صَدَقَة الْمَرْأَة على زَوجهَا وأيتام فِي حجرها ". وَهُوَ مُنْقَطع. وَذكر: " مَا وقى بِهِ الْمَرْء عرضه فَهُوَ صَدَقَة ". وَأسْقط مِنْهُ لَفْظَة، وَأعْرض عَمَّن يعتل بِهِ. وَذكر: " اجْعَلْهُ فِي قرابتك ". وَترك مِنْهُ زِيَادَة. وَذكر: " الْيَوْم أسبق أَبَا بكر ". وَلم يكثر فِيهِ على هِشَام بن سعد إكثاره عَلَيْهِ فِي غَيره. وَذكر حَدِيث الَّذِي جَاءَ بِمثل بَيْضَة من ذهب. وَنبهَ على كَونه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق، وَقَالَ: قد تقدم فِي مَوضِع كَذَا، فأوهم أَنه لم يمر قبله. وَذكر: " الْيَد الْعليا المتعففة ". وَلَيْسَ بموصل الْإِسْنَاد، وَأتبعهُ قولا تنتسب بِهِ لَفْظَة إِلَى غير راويها، وَإِنَّمَا عَنى بهَا إِلَّا رِوَايَة أَيُّوب. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 719 وَذكر: " الْأَيْدِي ثَلَاثَة ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَن يسكت عَنهُ لما قدم فِي بعض رُوَاته، فَأَما أَنا فَهُوَ عِنْدِي جيد. وَذكر بيع الحلس والقدح فِيمَن يزِيد. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر حَدِيث الفراسي فِي الْمَسْأَلَة. ورده بِرَجُل وَأعْرض عَن آخر. وَذكر: " لَا يسْأَل بِوَجْه الله إِلَّا الْجنَّة ". وَلم يعرف من إِسْنَاده رجلا. وَذكر: " من بلغه من أَخِيه مَعْرُوف ". فأبعد النجعة فِيهِ، وَلم يعرض فِيهِ لرجل قد جعله قبل، وَهُوَ ثِقَة. وَذكر " " الرطب تَأْكُله وتهدينه ". وَأتبعهُ أَن سَعْدا لَيْسَ بِابْن أبي وَقاص، وَأرَاهُ إِيَّاه. وَذكر: " كنت أرمي نخل الْأَنْصَار ". وَلم يبين مَا منع من صِحَّته؟ وَوَقع فِيهِ اسْم خطأ، وَهُوَ رَافع بن أبي عَمْرو، وَصَوَابه رَافع بن عَمْرو. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 720 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على مُحَمَّد، وعَلى آله وَسلم تَسْلِيمًا كتاب الصّيام ذكر حَدِيث عرْفجَة فِي فضل رَمَضَان. وَسكت عَنهُ، وَفِي عرْفجَة أَنه قد روى عَنهُ جمَاعَة، وَلكنه لَا تعرف حَاله، فَأَما عَطاء بن السَّائِب فَإِن الحَدِيث من رِوَايَة شُعْبَة عَنهُ. وَذكر: " عَلَيْك بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَا مثل لَهُ ". وَسكت عَنهُ، وَفِي إِسْنَاده من لَا يعرف. وَذكر حَدِيث: " لَا تَقولُوا رَمَضَان ". وَأعله بِرَجُل، وَترك غَيره. وَذكر حَدِيث الْهلَال يرى قبل الشَّفق وَبعده. وَضَعفه، وَلكنه غير موصل فِي الْموضع الَّذِي نَقله مِنْهُ. وَذكر بعده رِوَايَة مجاشع بن عَمْرو، عَن عبيد الله، وَلم يبين انقطاعها. وَذكر حَدِيث عدي بن حَاتِم. وَترك فِيهِ زِيَادَة مفسرة. وَذكر: " إِذا سمع النداء والإناء على يَده ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ مَشْكُوك فِي رَفعه. وَذكر: " لَا صِيَام لمن لم يبيت الصّيام من اللَّيْل ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 721 وَلم يعْتَبر وقف من وَقفه على حَفْصَة، ثمَّ اعْتبر وقف من وَقفه على عَائِشَة. وَذكر النَّهْي عَن صِيَام الدارة. وَضَعفه، وَترك من لَا تعرف حَاله. وَذكر صَوْم الشَّهْر وسرره. وَسكت عَنهُ، وَفِيه من لَا تعرف حَاله. وَكَذَلِكَ فعل فِي حَدِيث مُعَاوِيَة فِي صفة مسح الرَّأْس. وَذكر حَدِيث: " ويمص لسانها ". وَضَعفه، وَترك من بِهِ ضعف. وَذكر: " رخص فِي الْحجامَة والقبلة للصَّائِم " فأبعد فِيهِ النجعة. وَذكر حَدِيث أكل الْبرد. وَهُوَ فِي الْموضع الَّذِي نَقله مِنْهُ غير موصل الْإِسْنَاد، وَقد وَصله إِلَى الْبَزَّار. وَذكر: " من لم يدع قَول الزُّور وَالْعَمَل بِهِ وَالْجهل ". وأخاف أَن يكون إِسْنَاده مُنْقَطِعًا. وَذكر: " الصَّائِم فِي عبَادَة مَا لم يغتب ". ورده بِرَجُل وَترك دونه آخر. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 722 وَذكر من عِنْد التِّرْمِذِيّ: " إِذا بَقِي نصف من شعْبَان فأمسكوا ". وَلَيْسَ لَفظه عِنْده كَذَلِك. وَذكر حَدِيث: " صوما يَوْمًا مَكَانَهُ ". وَأعله بِمَا لَيْسَ بعلة، وَترك علته. وَذكر: " إِنَّمَا مثل الصَّائِم المتطوع مثل الَّذِي يخرج من مَاله الصَّدَقَة " وَلم يبين انْقِطَاعه. وَذكر قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " صوما يَوْمًا مَكَانَهُ ". وَأتبعهُ قولا يُوهم ضعف من لَيْسَ بضعيف، وَذكر من اخْتلف فِيهِ. وَذكر حَدِيث أم هَانِيء. وَلم يبين علته. وَذكر حَدِيث: " يصبح وَلم يجمع الصَّوْم ثمَّ يَبْدُو لَهُ ". وَترك من إِسْنَاده مَجْهُولا، وَذكر ضعفا. وَذكر النَّهْي أَن تَصُوم الْمَرْأَة وَزوجهَا شَاهد إِلَّا بِإِذْنِهِ. وَأتبعهُ زِيَادَة من عِنْد النَّسَائِيّ، فأوهم تساويهما فِي جَمِيع مقتضاهما، وليسا كَذَلِك. وَذكر حَدِيث الْوَاطِئ فِي رَمَضَان. فعطف عَلَيْهِ عطفا مغلطاً بِاعْتِبَار اصْطِلَاحه، وَلم يبرز عِلّة بعض ذَلِك وَلَا بَينهَا. وَذكر: " إِنِّي صَاحب ظهر أعَالجهُ ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 723 وأوهم بِمَا أتبعه من قَول صِحَّته، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر: " إِنِّي رَاكب وَأَنْتُم مشَاة ". وَلم يبين أَنه من رِوَايَة مختلط. وَذكر: " الْإِفْطَار بعد الْخُرُوج إِلَى السّفر كمفطر فِي الْحَضَر ". وَأعله بالانقطاع، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر: " إِذا سَافر أول النَّهَار أفطر ". وَلم يعبه بسوى الْإِرْسَال. وَذكر: " من مَاتَ وَعَلِيهِ صِيَام صَامَ عَنهُ وليه ". وَذكر لَهُ رِوَايَة كَأَنَّهَا موصلة، وَهِي لَيست بموصلة، وَترك من رُوَاته من لم يُضعفهُ بِهِ، وَغير فِي لَفْظَة: " فليصم " ب " صَامَ ". وَذكر: " من مَاتَ وَعَلِيهِ صَوْم يطعم عَنهُ كل يَوْم مدا ". وَلم يبين أَنه غير موصل فِي الْموضع الَّذِي نَقله مِنْهُ. وَذكر: " لَا بَأْس بِقَضَاء رَمَضَان فِي عشر ذِي الْحجَّة ". وَأعله بِمَا لَيْسَ بعلة، وَترك مَا هُوَ عِلّة، وَوَقع فِي راو مِنْهُ تَغْيِير. وَذكر: " لَا يقْض رَمَضَان فِي ذِي الْحجَّة " وَلم يبين أَنه غير موصل الْإِسْنَاد. وَذكر: " إِن شَاءَ فرق وَإِن شَاءَ تَابع ". وَلم يبين علته، وَترك رجلا من رُوَاته لم يعرض لَهُ. وَذكر: " فليسرده وَلَا يقطعهُ ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 724 وَحكى عَن أبي حَاتِم مَا لم يقلهُ إِلَّا بتأويله مِنْهُ، وَضعف الحَدِيث وَهُوَ صَحِيح أَو حسن. وَذكر: " من أفطر فليهد بَدَنَة ". وَضَعفه بِرَجُل وَترك غَيره، وَسَقَطت لَهُ مِنْهُ لَفْظَة. وَذكر: من أفطر يَوْمًا من رَمَضَان من غير عذر فليصم شهرا ". وَأعله برجلَيْن، وَترك غَيرهمَا. وَذكر حَدِيث صَوْم يَوْم السبت والأحد. وَسكت عَنهُ، وَيَنْبَغِي أَن يكون حسنا. وَذكر صَوْم السبت، والأحد، والاثنين من شهر، ثمَّ من آخر الثُّلَاثَاء، والأربعا، وَالْخَمِيس. وَحسنه، وَلم يبين لم لَا يَصح. وَذكر صَوْم ثَلَاثَة أَيَّام من غرَّة كل شهر. وَسكت عَنهُ، وَلم يبين حَال أبي حَمْزَة السكرِي، وَهُوَ إِن كَانَ ثِقَة فَإِنَّهُ كَانَ يلْزمه أَن يُبينهُ بِاعْتِبَار مذْهبه. وَذكر: " يَصُوم شعْبَان ورمضان، ويتحرى يَوْم الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيس ". وَسكت عَنهُ، وَالتِّرْمِذِيّ إِنَّمَا حسنه، وَإِسْنَاده إِسْنَاد النَّسَائِيّ، وَتَصْحِيح أبي مُحَمَّد إِيَّاه خير من تَحْسِين التِّرْمِذِيّ. وَذكر صَوْم دَاوُد، وَكَانَ لَا يفر إِذا لَاقَى. وَنقص من إِسْنَاده رجلا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 725 وَذكر: " وَأَتمُّوا بَقِيَّة يومكم واقضوا فِي عَاشُورَاء ". وَقَالَ: لَا يَصح، وَلم يبين علته. وَذكر السِّوَاك وَهُوَ صَائِم. وَلم يبين الْمَانِع من تَصْحِيحه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 726 كتاب الِاعْتِكَاف وَذكر نذر أَن يعْتَكف ويصوم. وَلم يبين الْمَانِع من تَصْحِيحه. وَذكر: " لَيْسَ على الْمُعْتَكف صَوْم إِلَّا أَن يَجعله على نَفسه ". وَأعله بِمَا لَيْسَ بعلة وَترك علته. وَذكر: " من قَامَ رَمَضَان وَلَيْلَة الْقدر إِيمَانًا واحتساباً، غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه، وَمَا تَأَخّر ". وَضعف زِيَادَة: " وَمَا تَأَخّر "، وَلَيْسَت بضعيفة. وَذكر: " وسننت لكم قِيَامه ". وَمَا فِيهِ من ذكر سَماع أبي سَلمَة عَن أَبِيه، وَضَعفه وَلم يبين علته. وَذكر: " لَيْلَة الْقدر لَيْلَة أَربع وَعشْرين ". وَلم يبين أَنه غير موصل. وَذكر حَدِيث عبد لله بن أنيس فِي لَيْلَة الْقدر. وَسَقَطت لَهُ مِنْهُ لَفْظَة. وَذكر جمعهم فِي رَمَضَان على قارىء وَاحِد. وَضَعفه، وَلم يبين علته. وَذكر حَدِيث: " شدّ مِئْزَره فَلم يأو إِلَى فرَاشه ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 727 وَأتبعهُ مَا يُوهم صِحَّته، وَهُوَ من رِوَايَة عَمْرو بن أبي عَمْرو. وَذكر: " لَيْسَ من الْبر الصّيام فِي السّفر، وَعَلَيْكُم بِرُخْصَة الله الَّتِي رخص لكم فاقبلوها ". ورده بالانقطاع، وَهُوَ مُتَّصِل. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 728 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله عَليّ مُحَمَّد وَآله وَصَحبه وَسلم تَسْلِيمًا كتاب الْمَنَاسِك ذكر حَدِيث: " لَو قلت: نعم لَوَجَبَتْ، وَلكنهَا حجَّة وَاحِدَة ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر: " هَذِه ثمَّ ظُهُور الْحصْر ". وَسكت عَنهُ أَيْضا وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر: " من ملك زاداً وراحلة ". وَضَعفه، وَلم يبين علته. وَذكر: " من أَرَادَ الْحَج فَليَتَعَجَّل " وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح، وَأتبعهُ زِيَادَة من عِنْد الطَّحَاوِيّ، وَهِي أَيْضا كَذَلِك. وَذكر حَدِيث الْمَرْأَة تَجِد المَال وَلَا يَأْذَن لَهَا زَوجهَا فِي الْحَج. وَضَعفه بِرَجُل ظَنّه مَجْهُولا، وَلَيْسَ كَذَلِك. وَذكر: " سفر الْمَرْأَة مَعَ عَبدهَا ضَيْعَة ". وَضَعفه، وَلم يبين علته. وَذكر التجرد والاغتسال للإهلال. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 729 وَلم يبين لم لَا يَصح. وَذكر ولادَة مُحَمَّد بن أبي بكر الصّديق بِالشَّجَرَةِ، وَزِيَادَة: " وترجل ". وَنسب هَذِه الزِّيَادَة إِلَى غير راويها بالإرداف. وَذكر: " لَيْسَ على الْمَرْأَة حرم إِلَّا فِي وَجههَا ". وَكَأَنَّهُ صَححهُ بقول أتبعه إِيَّاه، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر حَدِيث إسد الهن على وجوههن وَعند لقائهن الركْبَان وَضَعفه، وَلم يبين أَنه مُنْقَطع. وَذكر حَدِيث الرجل المتضمخ بالطيب. وَأتبعهُ: " أما الطّيب فاغسله "، كَأَنَّهُ فِي حَدِيث آخر، واللفظان فِي حَدِيث وَاحِد. وَذكر بعده زِيَادَة: " أحدث إحراماً ". وَقَالَ: إِنَّهَا لَيست مَحْفُوظَة. وَالَّذِي زَادهَا صَدُوق. وَذكر حَدِيث الْمحرم المحتزم بِحَبل أبرق. أبرز من رِوَايَة صَالح بن حسان، وَإِنَّمَا هُوَ ابْن أبي حسان. وَذكر الرُّخْصَة فِي الْهِمْيَان للْمحرمِ. وَهُوَ غير موصل الْإِسْنَاد، وَفِيه مختلط. وَذكر أَنه وَقت لأهل الْمشرق العقيق. على أَنه مُتَّصِل، وَالظَّن غَالب بانقطاعه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 730 وَذكر حَدِيث الْإِحْرَام من الْمَسْجِد الْأَقْصَى. وَأعله بِرَجُل، وَترك جدته، وَهِي لَا تعرف حَالهَا. وَذكر حَدِيث: " يهل ملبداً " من عِنْد مُسلم. وَهُوَ من رِوَايَة من يتَكَلَّم فِيهِ. وَذكر حَدِيث: " لَا حج لمن لم يتَكَلَّم ". مَرْفُوعا، وَهُوَ فِي الْموضع الَّذِي نَقله مِنْهُ مَوْقُوف. وَذكر النَّهْي عَن الْعمرَة قبل الْحَج. وَجعله مُرْسلا، وَلَيْسَ بمرسل، وَضعف الْخَبَر، وَلم يبين علته. وَذكر حَدِيث ابْن مَسْعُود فِي ذَلِك، وأجمل علته كَذَلِك. وَذكر حَدِيث ابْن مَسْعُود فِي ذَلِك، وأجمل علته كَذَلِك. وَذكر حَدِيث: " طواف وَاحِد وسعي وَاحِد ". وَسكت عَنهُ، وَرَاوِيه لَا يعرف. وَذكر: " إِن الله كتب عَلَيْكُم السَّعْي ". وَهُوَ مُنْقَطع وَضَعِيف. وَذكر حَدِيث الَّتِي آلت أَن تَطوف بِالْبَيْتِ حبواً. فتصحف لَهُ فِيهِ اسْم ازْدَادَ بِهِ فِي الْإِسْنَاد من لَيْسَ مِنْهُ، وَلم يبين عِلّة الحَدِيث. وَذكر: " الطّواف بِالْبَيْتِ صَلَاة ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ ضَعِيف. وَذكر: طَاف بِالْبَيْتِ مضطبعاً. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 731 وَصَححهُ، وَهُوَ حسن. وَذكر: آخر طواف الزِّيَارَة إِلَى اللَّيْل. وَجعله عَن عَائِشَة وَحدهَا، وَأسْقط ابْن عَبَّاس. وَذكر حَدِيث ابْن عمر فِي السُّجُود على الْحجر. وَنسبه إِلَى الْبَزَّار، وَلَيْسَ هُوَ فِي كِتَابه. وَذكر حَدِيث الطّواف على الْبَعِير وتقبيل المحجن. وَعطف عَلَيْهِ حَدِيث أبي الطُّفَيْل من مُسلم وَلَيْسَ فِيهِ للبعير ذكر. وَذكر حَدِيث مسح الرُّكْنَيْنِ وثوابه وثواب الطّواف. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حسن. وَذكر حَدِيث: " الْحجر الْأسود من الْجنَّة ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ كَذَلِك. وَذكر حَدِيث: " نزل الْحجر أَشد بَيَاضًا من اللَّبن ". وَصَححهُ، وَهُوَ كَذَلِك. وَعلة هَذِه الْأَحَادِيث الثَّلَاثَة وَاحِدَة، وَهِي عَطاء بن السَّائِب. وَذكر مَا يقْرَأ بَين الْحجر والركن الْيَمَانِيّ. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر الْإِشْعَار فِي الْجَانِب الْأَيْسَر. وَضَعفه لم يبين علته. وَذكر حَدِيث شقّ الْقَمِيص من أجل الْهَدْي. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 732 وَقَالَ: إِن إِسْنَاد حَدِيث عبد الرَّزَّاق وَحَدِيث أَسد بن مُوسَى وَاحِد، وَلَيْسَ كَذَلِك. وَذكر الِاشْتِرَاك فِي الْبَدنَة عَن سَبْعَة. وَهُوَ من عِنْد مُسلم وَهُوَ من مُعَنْعَن أبي الزبير. وَذكر الْجَزُور عَن عشرَة. وَضَعفه بِرَجُل قد مر لَهُ الثَّنَاء عَلَيْهِ، وَلم يعرض لمن قد عرض لَهُ قبل من إِسْنَاده إِلَّا أَنه أبرزه. وَذكر حَدِيث البختي الَّذِي أهداه عمر. وَأعله بِمَا لَيْسَ بعلته، وَترك علته. وَذكر حَدِيث غرفَة بن الْحَارِث فِي نحر الْبدن. وَضَعفه وَلم يبين علته، أَو صَححهُ وَهُوَ ضَعِيف، وَكَلَامه فِيهِ مُحْتَمل. وَذكر حَدِيث الَّذِي سَأَلَ عَن الْبَدنَة إِذا لم يجدهَا وأردفه حَدِيثا أوهم بإردافه إِيَّاه أَنه مُتَّصِل وَهُوَ مُرْسل. وَذكر حَدِيث عَائِشَة فِي البدنتين اللَّتَيْنِ نحرتهما لما وجدتهما بعد أَن نحرت الْبَدَل مِنْهُمَا. وَضَعفه بِمن قد صحّح لَهُ، وَأرَاهُ اعْتقد فِيهِ أَنه آخر. وَذكر حَدِيث نَحْو الْبَدنَة قَائِمَة معقولة الْيَد الْيُسْرَى. فَزَاد فِي سِيَاقه رجلا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 733 وَذكر حَدِيث من أهْدى تَطَوّعا ثمَّ ضلت. وَضعف أحد طريقيه بِرَجُل، وَترك غَيره مِمَّن قد تولى تَضْعِيفه وَمن لَا تعرف حَاله، وَضعف الآخر بِرَجُل، وَترك اثْنَيْنِ. وَذكر: " عَرَفَة كلهَا موقف ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ مُنْقَطع. وَذكر: " من جَازَ بطن عُرَنَة قبل أَن تغيب الشَّمْس فَلَا حج لَهُ ". وَضَعفه بضعيف، وَترك غَيره، وَعطفه على حَدِيث آخر بِحَيْثُ يُوهم أَن مقتضاهما وَاحِد، وَلَيْسَ كَذَلِك. وَذكر رفع الْيَدَيْنِ عِنْد رُؤْيَة الْبَيْت. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر: " قفوا على مشاعركم، فَإِنَّكُم على إِرْث من إِرْث إِبْرَاهِيم ". وَهُوَ كَذَلِك. وَذكر حَدِيث عُرْوَة بن مُضرس. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يعرف روى عَنهُ غير الشّعبِيّ. وَذكر حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن يعمر. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يعرف روى عَنهُ غير بكير بن عَطاء. وَذكر: " من وقف بِعَرَفَات بلَيْل فقد أدْرك ". وَضَعفه، وَأتبعهُ تَضْعِيف من لَا يعرف. وَذكر من عِنْد مُسلم: " الِاسْتِجْمَار تو ". وَلم يبين أَنه من رِوَايَة معقل، عَن أبي الزبير عَن جَابر. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 734 وَذكر: " يَأْتِي الْجمار مَاشِيا ذَاهِبًا وراجعاً ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح بِمن قد ضعفه هُوَ. وَذكر حَدِيث: " رمى الْجَمْرَة على نَاقَة صهباء، لَا ضرب، وَلَا طرد، وَلَا إِلَيْك إِلَيْك ". وَعَزاهُ إِلَى مَوضِع لَيْسَ هُوَ فِيهِ، وَسكت عَنهُ وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر حَدِيث: " رمى الْجمار رَاكِبًا ". وَلم يبين لم لَا يَصح. وَذكر الترخيص للرعاء أَن يرموا بِاللَّيْلِ. وَضَعفه، وَأبْهم بعض علته، وَله إِسْنَاد احسن من هَذَا. وَذكر رمي الْجمار بست أَو بِسبع. وَضَعفه، وَلم يشر إِلَى مَا يحْتَمل من الِانْقِطَاع. وَذكر حَدِيث أَخذ الْجمار من وَادي محسر. وَأعله بِرَجُل، وَترك أَنه من رِوَايَة أبي الزبير، وَأَنه يرويهِ من لَا تعرف حَاله. وَذكر: " لَيْسَ على النِّسَاء حلق ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ إِمَّا مُنْقَطع وَإِمَّا عَن مَجْهُول. وَذكر حَدِيث: " الأصلع يمر الموسى على رَأسه ". وَضَعفه بِرَجُل، وَترك آخر. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 735 وَذكر: " أَنهم يصيرون حرما مَا لم يطوفوا ". وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق. وَذكر حَدِيث أبي الزبير عَن عَائِشَة وَابْن عَبَّاس فِي تَأْخِير طواف الْإِفَاضَة إِلَى اللَّيْل. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر الْخطْبَة يَوْم الرؤوس. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر الْخطْبَة أَوسط أَيَّام التَّشْرِيق. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر حَدِيث ابْن عمر فِي الْخطْبَة بعد الصَّلَاة بِعَرَفَة. وَرجح عَلَيْهِ حَدِيث جَابر، وَلم يبين [فِي حَاله من كَلَامه شَيْء] وَإِنَّمَا هُوَ من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق. وَذكر مَا على الْمحرم إِذا جَامع امْرَأَته. مغيراً عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ، وَهُوَ أَيْضا لَا يَصح إِلَى مرسله. وَذكر حَدِيث عَائِشَة: " غير أَن لَا تطوفي بِالْبَيْتِ وَلَا تصلي ". مردفه من عِنْد أبي دَاوُد على حَدِيث مُسلم، كَأَنَّهُ عَن عَائِشَة، وَإِنَّمَا هُوَ من عِنْده عَن جَابر. وَذكر حَدِيث عَائِشَة أَنَّهَا حَاضَت بسرف وطهرت بِعَرَفَة. وَلم يبين أَنه مُنْقَطع. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 736 وَذكر أَنَّهَا طهرت لَيْلَة الْبَطْحَاء، وَقَالَ: لَا يَصح وَلم يبين لم لَا يَصح، وَلَا عزاهُ إِلَى مخرجه. وَذكر: " هَذِه مُتْعَة استمتعنا بهَا ". وَنسبه إِلَى مُسلم، وَلَفظ مُسلم غير الَّذِي أورد. وَذكر: " الْحَج جِهَاد وَالْعمْرَة تطوع ". وَصَوَّبَهُ مُرْسلا، وَهُوَ غير موصل إِلَى مرسله. وَذكر: " الْعمرَة هِيَ الْحَج الْأَصْغَر ". وَضَعفه، وَلم يبين علته. وَذكر: " لَا يَضرك بِأَيِّهِمَا بدأت ". وَهُوَ كَذَلِك. وَذكر حَدِيث بِلَال بن الْحَارِث فِي فسخ الْحَج. وَهُوَ كَذَلِك. وَذكر حَدِيث: " اصبح بالجعرانة كبائت ". وَهُوَ كَذَلِك وَذكر: " أفضت قبل أَن أرمي ". وَأبْعد فِيهِ الانتجاع. وَذكر رِوَايَة الثَّوْريّ فِي ذَلِك. وَلم يبين من أَيْن نقلهَا. وَذكر نزُول المحصب. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 737 وَلم يبين أَنه من رِوَايَة سُلَيْمَان بن يسَار، عَن أبي رَافع، وَهُوَ لم يسمع مِنْهُ. وَذكر النَّهْي عَن ابتناء الكنيف بمنى وَأعله بعلة، وَترك من لَا يعرف. وَذكر أَن الَّذِي نزع بالدلو للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هُوَ الْعَبَّاس وَعزا ذَلِك إِلَى ابْن السكن، وَلم أَجِدهُ. وَذكر أَمر أَصْحَابه، أَن يبدلوا الْهَدْي. وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق. وَذكر: " أَيّمَا عبد عتق بعد أَن حج، وَأَيّمَا أَعْرَابِي " الحَدِيث وَلم يقف عَلَيْهِ موصلاً. وَذكر: " نلبي عَن النِّسَاء ونرمي عَن الصّبيان ". وَضَعفه، وَلم يبين علته. وَذكر: " إِن لم يزده خيرا لم يزده شرا ". ورده بانفراد راوية بِهِ. وَذكر مراسل ضعافا فِي أَن لَا يحجّ أحد عَن أحد. وَلم يبين عللها. وَذكر: " لب عَن نَفسك ثمَّ لب عَن شبْرمَة ". وَلم يَجْعَل كَونه رُوِيَ مَوْقُوفا عِلّة فِيهِ، فناقض بذلك. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 738 وَذكر حَدِيث بيض الصَّيْد للْمحرمِ. وَهُوَ غير موصل الْإِسْنَاد فِي الْموضع الَّذِي نَقله مِنْهُ. وَذكر الْجَرَاد من صيد الْبَحْر. وَضعف من رُوَاته رجلا هُوَ ثِقَة. وَذكر: " فِي اليربوع جفرة ". وَترك مِنْهُ زِيَادَة، وَنَقله من مَوضِع هُوَ فِيهِ غير موصل الْإِسْنَاد، وَلم يبين ذَلِك، وَأتبعهُ حَدِيث جَابر فِي ذَلِك، وَلم يعزه. وأوهم بِكَلَامِهِ رِوَايَة قوم عَن عمر، وهم لم يلحقوه، وَجعل الْخلاف فِيهِ بَين فرقين من رُوَاته، وَلَيْسَ هُوَ كَذَلِك. وَذكر: " يُجزئ بِثمنِهِ ". وَضَعفه بِمَا هُوَ لَهُ عِلّة، وَترك بَيَان أَنه عَن مُدَلّس. وَذكر حَدِيث كَعْب بن عجْرَة. وَأعله بعلة، وَترك أكبر مِنْهَا لم يعرض لَهَا. وَذكر حَدِيث عَليّ فِي اشْتِرَاء بَنَات مَخَاض وإضرابهن لجزاء أدحي النعام. وأوهم آخر موهماً أَنه من مَوضِع الأول، وَلَيْسَ كَذَلِك، وَترك فِي ذَلِك مُسْندًا لَا عيب بِهِ يجب إِيثَار الْمُرْسل عَلَيْهِ. وَذكر: " أَن الْمحرم يقتل السَّبع العادي " وَلم يبين لم لَا يَصح. وَذكر أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى فِي الْبَيْت رَكْعَتَيْنِ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 739 وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح وَذكر ندمه عَلَيْهِ السَّلَام على دُخُول الْبَيْت. وَضَعفه وَلم يبين علته. وَذكر: " تَجْدِيد أنصاب الْحرم " وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر حَدِيث: " لَا يحل لأحدكم أَن يحمل السِّلَاح بِمَكَّة ". وَلم يبين أَنه من رِوَايَة أبي الزبير مُعَنْعنًا. وَذكر حَدِيث رَافع فِي تَفْضِيل الْمَدِينَة وَسقط لَهُ مِنْهُ رجل. وَذكر حَدِيث: " حمل مَاء زَمْزَم ". وَضَعفه وَلم يبين لم لَا يَصح. وَذكر: " مَاء زَمْزَم لما شرب لَهُ ". وأردفه الْإِشَارَة إِلَى حَدِيث، فضعفه وَلم يبين علته. وَذكر: " دخل مَكَّة بِغَيْر إِحْرَام ". وَلم يبين أَنه من مُعَنْعَن أبي الزبير. وَذكر: " لأنفقت كنز الْكَعْبَة ". وَلم يبين أَنه مُنْقَطع. وَذكر احتكار الطَّعَام فِي الْحرم إلحاد فِيهِ. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 740 وَذكر: " من زار قَبْرِي وَجَبت لَهُ شَفَاعَتِي ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر حَدِيث عدي بن زيد فِي الْحمى. سكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر: " وَلَكِن يهش هشاً رَفِيقًا ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر أَن صيدوج وعضاهه حرَام. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ أَيْضا لَا يَصح. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 741 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم، صلى الله على مُحَمَّد، وعَلى آله وَصَحبه وَسلم كتاب الْجِهَاد ذكر: " اتْرُكُوا الْحَبَشَة مَا تركوكم ". وَأعله بِرَجُل، وَترك غَيره. وَذكر: " لَا تَنْقَطِع الْهِجْرَة حَتَّى تَنْقَطِع التَّوْبَة ". وَهُوَ كَذَلِك. وَذكر: " لَا تَنْقَطِع الْهِجْرَة مَا قوتل الْكفَّار ". فَسقط لَهُ مِنْهُ رجل، وَزَاد فِي نسب آخر، وَنسب إِلَى مَوضِع مَا لَيْسَ فِيهِ، وَنقل مَا هُوَ مُحْتَاج إِلَى تعقب فَلم يتعقبه. وَذكر أَن فِي الْجنَّة مائَة دَرَجَة. وَسكت عَنهُ، وَلَيْسَ بِصَحِيح. وَذكر: " سياحة أمتِي الْجِهَاد ". وَهُوَ كَذَلِك. وَذكر: " من اغبرت قدماه فِي سَبِيل الله حرمه الله على النَّار ". فَسقط لَهُ مِنْهُ الصَّحَابِيّ. وَذكر: " من سَأَلَ الله الشَّهَادَة بِصدق ". وَفِيه من تكلم فِيهِ. وَذكر: " من قَاتل فِي سَبِيل الله من رجل مُسلم فوَاق نَاقَة ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 742 وَسكت عَنهُ، وَهُوَ من رِوَايَة مُتَكَلم فِيهِ. وَذكر فِي فضل الْجِهَاد مُرُور الرجل بعيينة من مَاء عذب. وَسكت عَنهُ، وَفِيه من قد أَكثر هُوَ عَلَيْهِ بفوق مَا يسْتَحق. وَذكر: " للشهيد سِتّ خِصَال ". وَأتبعهُ تَصْحِيح التِّرْمِذِيّ لَهُ، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة اثْنَيْنِ، وهما: نعيم بن حَمَّاد، وَبَقِيَّة، وَهُوَ يضعفهما. وَذكر: " كفى ببارقة السيوف عِنْد رَأسه فتْنَة ". وَسكت عَنهُ، وَيَنْبَغِي أَن يكون حسنا. وَذكر: " لما أُصِيب إخْوَانكُمْ بِأحد ". وَيَنْبَغِي أَيْضا أَن يُقَال فِيهِ: حسن. وَذكر: " إِن الله لَا يقبل من الْعَمَل إِلَّا مَا كَانَ لَهُ خَالِصا ". وَنسبه إِلَى مَوضِع لَيْسَ هُوَ فِيهِ. وَذكر: " لَا يجْتَمع كَافِر وقاتله فِي النَّار ". وَترك مِنْهُ زِيَادَة. وَذكر: " أفضل الصَّدقَات ظلّ فسطاط " وَصَححهُ، وَيَنْبَغِي أَن يكون حسنا. وَذكر: " حرمت النَّار على عين سهرت فِي سَبِيل الله ". وَسكت عَنهُ، وَفِيه من لَا يعرف حَاله. وَذكر: " الشُّهَدَاء سَبْعَة ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 743 وَهُوَ كَذَلِك. وَذكر: " النُّفَسَاء شَهَادَة ". وَسكت عَنهُ، وَفِيه مَجْهُول ومختلف فِيهِ وَذكر: " من قتل دون دينه فَهُوَ شَهِيد " وَفِيه من لَا تعرف حَاله. وَذكر: " إِن كَانَ هَذَا شَأْنكُمْ فَلَا تكروا الْمزَارِع ". وَضَعفه من أجل رَاوِي " من قتل دون دينه فَهُوَ شَهِيد " وَذكر حَدِيث: " من وقصته رَاحِلَته، أَو لسع، أَو مَاتَ حتفه أَنفه " وَفِيه ابْن إِسْحَاق وَمن لَا تعرف حَاله. وَذكر حَدِيث: " إِذا سافروا وَكَانُوا ثَلَاثَة، فليؤمروا أحدهم ". وَهُوَ فِي الْموضع الَّذِي نَقله من غير موصل الْإِسْنَاد، وَترك للفظ الَّذِي أورد من عِنْد أبي دَاوُد طَرِيقا آخر ذكره الْبَزَّار. وَذكر حَدِيث: " سلحت رجلا سَيْفا ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر: " أَو يكون عَلَيْكُم اثْنَا عشر خَليفَة ". وَلم يبين انْقِطَاعه. وَذكر أَيْضا حَدِيث: " اثْنَي عشر خَليفَة، ثمَّ يكون الْهَرج ". وَسكت عَنهُ، وَفِيه من لَا تعرف حَاله. وَذكر: " ويل لِلْأُمَرَاءِ، ويل للأمناء، ويل للعرفاء ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 744 وَسكت عَنهُ، وَفِيه من لَا تعرف حَاله. وَذكر: " إِن أخوانكم عِنْدِي من طلبه ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر: " وأدناهم مني مَجْلِسا إِمَام عَادل " وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا هُوَ حسن. وَذكر حَدِيث: " جعل لَهُ وَزِير صدق ". وَسكت عَنهُ، وَيَرْوِيه من قد ضعفه هُوَ وَله طَرِيق أحسن. وَذكر: " مَا من وَال إِلَّا وَله بطانتان ". وَسكت عَنهُ، وَفِيه من لَا تعرف حَاله. وَذكر: " من أَطَاعَنِي فقد أطَاع الله ". وَاللَّفْظ الَّذِي أورد من رِوَايَة مُتَكَلم فِيهِ، وَترك لَهُ لفظا أحسن، وإسناداً أصح. وَذكر حَدِيث الْحَارِث الْأَشْعَرِيّ بِطُولِهِ، وَلم يبين أَنه مُنْقَطع. وَذكر حَدِيث: " من كَانَ لنا عَاملا ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر: " إِن من إجلال الله إكرام ذِي الشيبة الْمُسلم ". وَسكت عَنهُ، وَفِيه من لَا تعرف حَاله. وَذكر: " ارْجع فاستأذنهما ". وَسكت عَنهُ، وَيَنْبَغِي أَن يُقَال فِيهِ: حسن. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 745 وَذكر: " إِن الله يدْخل الْجنَّة بِالسَّهْمِ الْوَاحِد ثَلَاثَة نفر الْجنَّة ". وتبرأ من عهدته بِذكر من دون صحابيه، وَهُوَ لَا تعرف حَاله. وَذكر: " إِن الْقوس الفارسية ملعونة ". وَعرض من إِسْنَاده لرجل، وَأعْرض عَن اثْنَيْنِ لَا تعرف حَالهمَا وَذكر: " لَا سبق إِلَّا فِي خف، أَو حافر، أَو نصل ". وَلم يُصَحِّحهُ، وَهُوَ صَحِيح. وَذكر الْأَمر بارتباط الْخَيل وَمَا يسْتَحبّ مِنْهَا. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر حَدِيث: " تسموا بأسماء الْأَنْبِيَاء " هُوَ بِإِسْنَادِهِ. وَذكر: " خير الْخَيل الأدهم الأقرح الأرثم ". وَصَححهُ بتصحيح التِّرْمِذِيّ، وَهُوَ لَيْسَ بِصَحِيح. وَذكر: " إيَّاكُمْ أَن تَتَّخِذُوا ظُهُور دوابكم مَنَابِر ". وَسكت عَنهُ، وَفِيه من لَا تعرف حَاله. وَذكر حَدِيث اللخيف، أَو اللحيف، وَسكت عَنهُ، وَهُوَ مضعف. وَذكر حَدِيث: " مَا من بعير إِلَّا فِي ذروته شَيْطَان ". وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق. وَذكر النَّهْي عَن أكل لُحُوم الْجَلالَة. وَهُوَ كَذَلِك. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 746 وَذكر: " اركبوها صَالِحَة، وكلوها صَالِحَة ". وَفِيه من ضعف بِهِ حَدِيثا. وَذكر: " أَنْت أَحَق بصدر دابتك ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ من رِوَايَة مُخْتَلف فِيهِ، وَقد رَوَاهُ ثِقَة غَيره. وَذكر حَدِيث ضرب الْبَعِير. وَسكت عَنهُ، وَفِيه من لَا يعرف. وَذكر: " من أَدخل فرسا بَين فرسين ". وَعلله بِمَا لَيْسَ بعلة، وَترك علته لم يذكرهَا. وَذكر: " لَا جلب وَلَا جنب فِي الرِّهَان ". وَلم يبين انْقِطَاعه، نسب لَفْظَة " فِي الرِّهَان " إِلَى غير راويها وَسكت عَنهُ وَذكر: " كَانَت راية رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَوْدَاء وَلِوَاؤُهُ أَبيض ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر: " كَانَت رايته سَوْدَاء مربعة من نمرة ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح، وللمعنى إِسْنَاد صَحِيح. وَذكر: " كَانَ عَلَيْهِ يَوْم أحد دِرْعَانِ ". وَعَزاهُ إِلَى غير مخرجه، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق. وَذكر حَدِيث تنفل ذَا الفقار. وَحسنه، وَلم يبين لم لَا يَصح. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 747 وَذكر حَدِيث: " وعَلى سَيْفه ذهب وَفِضة ". وَحسنه، وَهُوَ ضَعِيف. وَذكر حَدِيث: " كَانَت قبيعة سَيْفه وَمَا بَين ذَلِك حلقا من فضَّة ". وَعَزاهُ إِلَى غير رِوَايَة بالْعَطْف. وَذكر حَدِيث حفر الخَنْدَق. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر أَن عُيُون قُرَيْش الْآن بضجنان. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ من رِوَايَة من قد أَكثر عَلَيْهِ هُوَ. وَذكر: " خير الصَّحَابَة أَرْبَعَة ". وَلم يبين الْمَانِع من ذَلِك. وَذكر: " إيَّاكُمْ والسرية ". وَبَين من علته وَترك. وَذكر: " الرَّاكِب شَيْطَان " فأبعد فِيهِ النجعة. وَذكر: " الشَّيْطَان يهم بِالْوَاحِدِ والاثنين ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر: " اللَّهُمَّ بَارك لأمتي فِي بكورها ". وَحسنه، وَهُوَ ضَعِيف. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 748 وَذكره أَيْضا من رِوَايَة أنس وَضَعفه، وَلم يبين علته، وَكَذَلِكَ من رِوَايَة ابْن عَبَّاس، لَهُ طَرِيق يلْزمه تَصْحِيحه، لِأَنَّهُ قد صحّح بِهِ. وَذكر حَدِيث إِسْلَام بُرَيْدَة فِي بَاب الفأل. وَسكت عَنهُ، وَفِيه من هُوَ مُنكر الحَدِيث. وَذكر حَدِيث: " الطَّيرَة شرك ". وَجعل لَفْظَة مِنْهُ مدرجة بِغَيْر حجَّة. وَذكر: " إِذا حسدتم فَلَا تَبْغُوا ". وَضَعفه، وَلم يبين علته. وَذكر حَدِيث: " من ضيق منزلا أَو قطع طَرِيقا ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر حَدِيث جمع الأزواد. وَلم يبين أَنه من رِوَايَة عِكْرِمَة بن عمار. وَذكر: " لَا تمنوا لِقَاء الْعَدو ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ مُنْقَطع. وَذكر: " لَأُعْطيَن هَذِه الرَّايَة رجلا يفتح الله على يَدَيْهِ ". وأردفه من عِنْد النَّسَائِيّ لفظا أوهم أَنه عَن صَحَابِيّ اللَّفْظ الأول. وَذكر الْمُرْسل فِي تحريق النّخل وتغريقها وَقطع الشّجر. على أَنه غير مُتَّصِل، وَهُوَ مُتَّصِل، وأوهم بإردافه أَيْضا أَنه عَن راو، وَلَيْسَ هُوَ عَنهُ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 749 وَذكر حَدِيث رَبَاح بن الرّبيع فِي قتل النِّسَاء. وأبرز من إِسْنَاده وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر حَدِيث التعبئة لَيْلَة بدر ليومها. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ ضَعِيف. وَذكر حَدِيث رمي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْحَصَى فِي وُجُوه الْكفَّار. وَجَمِيع الْقِصَّة من رِوَايَة الْعَبَّاس، ثمَّ أردفها لفظا عَن صَحَابِيّ لَيْسَ عَنهُ. وَذكر حَدِيث الرجلَيْن اللَّذين لَقِي أَحدهمَا أَبَاهُ فَقتله، وَلَقي الآخر أَبَاهُ فَتَركه. وَلم يعبه بسوى الْإِرْسَال. وَذكر كَرَاهِيَة الصَّوْت عِنْد الْقِتَال. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حسن. وَذكر حَدِيث العَبْد الَّذِي لما أعْتقهُ سَيّده أذن لَهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فأبعد النجعة فِي إِيرَاده. وَذكر: " وَلَا تسلوا السيوف حَتَّى يغشوكم ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر: " من الغيرةما يحب الله ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر: " إِن وجدْتُم فلَانا وَفُلَانًا فأحرقوهما ". فأبعد فِيهِ النجعة. وَذكر مُرْسل إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ فِي صلب عقبَة بن أبي معيط. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 750 وَلم يعبه بسوى الْإِرْسَال. وَذكر فدَاء أهل الْجَاهِلِيَّة أَربع مائَة. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر أَن أَبَا سُفْيَان يحب الْفَخر. وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق. وَذكر قصَّة صَخْر فِي محاصرة ثَقِيف. وَضَعفه بِرَجُل، وَترك آخر. وَذكر حَدِيث شِرَاء جيفة الْكفَّار. وَقَالَ فِيهِ: مُنْقَطع وَضَعِيف. وَلَا أعرفهُ مُنْقَطِعًا. وَذكر الْإِتْيَان بِرَأْس الْأسود الْعَنسِي. وَسقط لَهُ مِنْهُ ذكر الصَّحَابِيّ، وَأعله بِمَا لَيْسَ بعلة، بل رِجَاله ثِقَات. وَذكر: " من يكتم غالاً فَإِنَّهُ مثله ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر: من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلَا يركب دَابَّة من فَيْء المسليمن " الحَدِيث. وَلم يبين [أَنه] من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق. وَذكر: " من وجدتموه قد غل فأحرقوا مَتَاعه ". وَسقط لَهُ صحابيه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 751 وَذكر حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده فِي ذَلِك فَعرض مِنْهُ لزهير بن مُحَمَّد خَاصَّة. وَذكر الْمُرْسل بتجهين الهجين وتعريب الْعَرَبِيّ. وَلم يبين أَنه من رِوَايَة مُعَاوِيَة بن صَالح. وَذكر من حَدِيث ابْن عمر سَهْمَيْنِ للفارس، وَرجح عَلَيْهِ حَدِيث ثَلَاثَة أسْهم، وَلم يبين علته. وَذكر حكم من ولد لَهُ ولد بَعْدَمَا يخرج من أَرض الْمُسلمين. وَلم يعله بسوى الْإِرْسَال. وَذكر الإسهام للنِّسَاء، وَعرض مِنْهُ لرجل، وَترك آخر. وَذكر حَدِيث التفاؤل، وَقَوله: تساهلت علينا. وَلم يعبه بسوى الْإِرْسَال. وَذكر الإسهام للنِّسَاء، وَالصبيان، وَالْخَيْل. وَلم يعبه أَيْضا بسوى الْإِرْسَال. وَذكر حَدِيث رجل من بلقين ورد على ابْن حزم فِيهِ، وَذَلِكَ مِنْهُ نقص، بل يَنْبَغِي أَن يُضعفهُ. وَذكر حَدِيث جراب الشَّحْم الَّذِي دُلي يَوْم خَيْبَر. وَترك مِنْهُ زِيَادَة صَحِيحَة. وَذكر: " كُنَّا نَأْكُل الجزر ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 752 وَسكت عَنهُ، وَفِي رِوَايَة رَوَاهُ بِالْإِرْسَال، وَهُوَ لَا إرْسَال بِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ ضَعِيف. وَذكر إِبَاحَة عشرَة أَشْيَاء للْمُسلمين. وَهُوَ غير موصل الْإِسْنَاد فِي الْموضع الَّذِي نَقله مِنْهُ. وَذكر حَدِيث معَاذ فِي قسم طَائِفَة من الْغنم، وَجعل بقيتها فِي الْمغنم. وَضَعفه، وَهُوَ لَا بَأْس بِهِ. وَذكر: " إِن النهبة لَيست بأحل من الْميتَة ". وتبرأ من عهدته بِذكر إِسْنَاده، وَهُوَ لَا عيب لَهُ على أَصله. وَذكر قسم خَيْبَر، ورماه بِالْإِرْسَال، وَلَيْسَ بمرسل. وَذكر قسْمَة خَيْبَر على أهل الْحُدَيْبِيَة. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر سُؤال الْيَهُود النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يقرهم على أَن يعملوا. وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا هُوَ حسن. وَذكر تحصن بَقِيَّة من أهل خَيْبَر مُرْسلا. وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق. وَذكر حَدِيث: " كَانَت لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثَلَاث صفايا ". وَهُوَ كَذَلِك. وَذكر حَدِيث: قضى بالسلب للْقَاتِل، وَلم يُخَمّس السَّلب ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 753 وَفِيه انْقِطَاع لم يُبينهُ. وَذكر حَدِيث: " لَهُ سلبه أجمع ". سكت عَنهُ، وَهُوَ من رِوَايَة عِكْرِمَة بن عمار. وَذكر هجن الهجين وعرب الْعَرَبِيّ مُرْسلا. وَأتبعهُ موصلاً لم يعزه. وَذكر تنفيل الرّبع بعد الْخمس. وَسكت عَنهُ، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة بن إِسْحَاق. وَذكر: " يُعْطي قُريْشًا ويتركنا وسيوفنا تقطر من دِمَائِهِمْ "؟ هُوَ من رِوَايَة حَرْمَلَة، وَلم يُبينهُ. وَذكر لَو سلك النَّاس وَاديا، مردفاً حَدِيث عبد الله بن زيد، وَإِنَّمَا هُوَ عَن أنس. وَذكر مُرْسل قَتَادَة فِي الصَّبِي. وَلم يعبة بسوى الْإِرْسَال، وَأَرْدَفَ مُرْسل الَّذِي وجد نَاقَته فِي يَد رجل [من] رِوَايَة ياسين الزيات، وَلم يعزها إِلَى مَوضِع. وَذكر حَدِيث عَمْرو بن حُرَيْث: " خطّ لَهُ دَارا بِالْمَدِينَةِ ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لايصح. وَذكر إقطاع الزبير حضر فرسه. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حسن. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 754 وَذكر إقطاع بِلَال بن الْحَارِث معادن الْقبلية. أتبعه عَن ابْن عبد الْبر أَنه مُنْقَطع مَا يعرف لَهُ خِلَافه. وَذكر إقطاع الْملح واسترجاعه. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر: " إيَّاكُمْ والقسامة ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ كَذَلِك. وَذكر: " لَا إِسْلَال وَلَا إِغْلَال ". وَسكت عَنهُ، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق. وَذكر: " لَوْلَا أَن الرُّسُل لَا تقتل ". وَهُوَ كَذَلِك وَذكر جِزْيَة مجوس الْبَحْرين. وَلم يبين علته. وَذكر النَّهْي أَن تبنى كَنِيسَة أَو تجدّد. ورده بِرَجُل وَترك غَيره، وَسَقَطت لَهُ مِنْهُ لَفْظَة انْقَطع الْإِسْنَاد بهَا. وَذكر معاهدة نَصَارَى بني تغلب، ونقصه وَاحِد. وناقض فِي تَضْعِيف آخر، وَضعف لَهُ طَرِيقا بِرَجُل، وَترك أَضْعَف مِنْهُ. وَذكر: " لَا يُقَاتل عَن أحد من الْمُشْركين إِلَّا عَن أهل الذِّمَّة ". ورده بالضعف والانقطاع، وَفِي انْقِطَاعه على أَصله نظر، وَنبهَ على ضعف راو من رُوَاته، وَترك آخر مِمَّن قد ضعفه هُوَ، لم يبين أَنه من رِوَايَته. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 755 وَذكر: " إِن الله لم يحل لكم أَن تدْخلُوا بيُوت أهل الْكتاب إِلَّا بِإِذن ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر: " إِنَّمَا العشور على الْيَهُود وَالنَّصَارَى ". وَلم يبين علته. وَذكر: " لَيْسَ على مُسلم جِزْيَة ". وأبرز قابوساً. وَذكر: " لَا يدْخل الْجنَّة صَاحب مكس ". وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 756 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على مُحَمَّد، وعَلى آله وَصَحبه وَسلم كتاب النِّكَاح ذكر: " إِذا جَاءَكُم من ترْضونَ دينه وخلقه فأنكحوه ". وَلم يبين فِيهِ مذْهبه، وَهُوَ ضَعِيف. وَذكر: " تخَيرُوا لنُطَفِكُمْ ". ثمَّ أتبعه رِوَايَات لم يعزها. وَذكر: " الْعَرَب بَعْضهَا لبَعض أكفاء ". وَلم يعبه بِغَيْر الِانْقِطَاع. وَذكر لَهُ طَرِيقا آخر، وَلم يبين أَنه غير موصل الْإِسْنَاد. وَذكر: " إِذا أَرَادَ أحدكُم أَن يتَزَوَّج الْمَرْأَة، فَإِن اسْتَطَاعَ " الحَدِيث. وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق، وَفِيه أَيْضا من لَا تعرف حَاله. وَذكر حَدِيث فَيْرُوز حِين أسلم وَتَحْته أختَان. وَحسنه، وَهُوَ ضَعِيف. وَذكر حَدِيث الْحَارِث بن قيس حِين أسلم وَعِنْده ثَمَانِي نسْوَة. وَأعله، وَترك عِلّة أعظم من الَّتِي ذكر. وَذكر حَدِيث غيلَان الثَّقَفِيّ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 757 وَلم يشْرَح علته، وَهِي إِذا فسرت غير صَحِيحَة. وَذكر النَّهْي أَن يجمع بَين الْمَرْأَة وعمتها أَو خَالَتهَا، وَقَالَ: " إِذا فَعلْتُمْ ذَلِك قطعتهم أَرْحَامكُم ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حسن. وَذكر: " فَإِنَّهَا لَا تحصنك " يَعْنِي الْيَهُودِيَّة. ورماه بالانقاطاع والضعف، وَلم يبين ذَلِك. وَذكر: " لَا تنْكح للمجوس امْرَأَة ". وَلم يعبه بسوى الْإِرْسَال. وَذكر: " هدم الْمُتْعَة النِّكَاح " وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر: " تزوج رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَيْمُونَة وَهُوَ حَلَال ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حسن. وَذكر: " إِذا نكح العَبْد بِغَيْر إِذن سَيّده فَهُوَ عاهر ". وَلم يبين لم هُوَ حسن، وَترك طَرِيقا أحسن من الَّذِي ذكر. وَذكر: " إِذا نكح العَبْد بِغَيْر إِذن مَوْلَاهُ ". من رِوَايَة يحيى بن سعيد الْأمَوِي، مردفة على هَذَا، وَلَيْسَ لَفْظهمَا وَاحِدًا، وَهُوَ أَيْضا فِي الْموضع الَّذِي نَقله مِنْهُ غير موصل، وَضَعفه بِرَجُل قد قبله فِي مَوَاضِع. وَذكر: " اجتنبوا من النِّكَاح أَرْبعا ". وَنسبه إِلَى غير رَاوِيه، وَأعله بِرَجُل ترك غَيره. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 758 وَذكر: " لَا يتَزَوَّج الْمَمْلُوك فَوق اثْنَتَيْنِ ". وَأعله بِرَجُل، وَترك آخر. وَذكر قصَّة أم مهزول. وَسكت عَنهُ، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده. وَذكر حَدِيث: " لَا ينْكح الزَّانِي المجلود إِلَّا مثله ". وَلم يبين أَنه من رِوَايَة عَمْرو بن شُعَيْب، عَن المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة. وَذكر زِيَادَة وشاهدي عدل. وَأتبعهُ رِوَايَات إِنَّمَا هِيَ فِي الْمَوَاضِع الَّتِي نقلهَا مِنْهَا غير موصلة. وَذكر حَدِيث فَإِن دعت إِلَى سخطه. وَلم يبين من أمره شَيْئا غير أَنه أبرز من إِسْنَاده. وَذكر حَدِيث خنساء، وَنسب الرِّوَايَة بِأَنَّهَا كَانَت بكرا إِلَى مَوضِع لَيست فِيهِ. وَذكر تَزْوِيج النَّجَاشِيّ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أم حَبِيبَة. وَسكت عَنهُ، وَفِيه من قد ضعفه هُوَ. وَذكر: " لَا مهر أقل من عشرَة دَرَاهِم ". وَأعله بِرَجُل، وَترك آخر. وَذكر: " لَا مهر دون خَمْسَة دَرَاهِم ". مَرْفُوعا، وَإِنَّمَا هُوَ مَوْقُوف. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 759 وَذكر: " أنكحوا الْأَيَامَى ثَلَاثًا ". وأردفه حَدِيثا أوهم مساواته لَهُ. وَذكر: " من أعْطى فِي صدَاق امْرَأَة ملْء كفيه ". وَأعله وَلم يبين علته. وَذكر: " لعن الْمُحَلّل والمحلل لَهُ ". وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا هُوَ حسن. وَذكر: " اسْتَبْرَأَ صَفِيَّة بِحَيْضَة " وَلم يعزه. وَذكر حَدِيث عَائِشَة: " أَمرنِي أَن أَدخل امْرَأَة على زَوجهَا قبل أَن يُعْطِيهَا شَيْئا ". ورده بالانقطاع، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة شريك. وَذكر حَدِيث التيس الْمُسْتَعَار. وَحسنه، وَلم يبين الْمَانِع من صِحَّته. وَذكر تزوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أم سَلمَة، فأبعد فِي إِيرَاده النجعة. وَذكر: " إِذا دعِي أحدكُم إِلَى طَعَام فليجب ". وَلم يبين أَنه من مُعَنْعَن أبي الزبير. وَذكر: " أَنْت بِالْخِيَارِ فِي الْعرس والعذار ". وَهُوَ فِي الْموضع الَّذِي نَقله مِنْهُ غير موصل الْإِسْنَاد. وَذكر: " طَعَام أول يَوْم حق ". وَأعله بِرَجُل، وَترك غَيره. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 760 وَذكر: " إِذا تزوج أحدكُم الْمَرْأَة، أَو اشْترى الْأمة ". وَلم يبين أَنه من رِوَايَة عَمْرو بن شُعَيْب عَن جده. وَذكر: " لَا تُوطأ حَامِل حَتَّى تضع ". وَأتبعهُ الْكَلَام فِي رجل، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة شريك. وَذكر الْمقَام عِنْد الْبكر وَالثَّيِّب. ورده بِرَجُل قلب اسْمه، وَترك إعلاله بمجاهيل. وَذكر: " أَمر المتزوج بِالصَّلَاةِ لَيْلَة الْبناء ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ ضَعِيف. وَذكر نشر الرجل سر امْرَأَته. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حسن. وَذكر: " إِن الله لَا يستحي من الْحق ". وَهُوَ كَذَلِك. وَذكر: " مَلْعُون من أَتَى امْرَأَته فِي دبرهَا ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ ضَعِيف. وَذكر: " إِذا جَامع أحدكُم فَلَا يعجلها ". وأبرز مِنْهُ، وَترك من يعتل بِهِ أَيْضا. وَذكر: " كَانَت لنا جوَار ". وَلم يبين أَنه على أَصله مُنْقَطع. وَذكر: " لم يكن يفضل بَعْضنَا على بعض فِي الْقسم ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حسن. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 761 وَذكر الاسْتِئْذَان فِي التمرض فِي بَيت عَائِشَة. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر حَدِيث النثار، وَأعله بِرَجُل، وَترك دونه من يعتل بِهِ. وَذكر: " وَلَا يتجردا تجرد العيرين ". وَأعله بِرَجُل، وَترك غَيره. وَذكر النَّهْي عَن الْعَزْل عَن الْحرَّة إِلَّا بِإِذْنِهَا. وَلم يبين أَنه غير موصل الْإِسْنَاد. وَذكر: " إيَّاكُمْ والتعري ". وَحسنه، وَيَجِيء على أَصله أَن يكون ضَعِيفا. وَذكر: " لَا يسْأَل الرجل فِيمَا ضرب امْرَأَته ". وَجَهل من إِسْنَاده رجلا لم يحكم عَلَيْهِ، وَهُوَ مَعْرُوف الْعين مَجْهُول الْحَال. وَذكر حَدِيث: " فليغر لنَفسِهِ ". وَأَن الدَّارَقُطْنِيّ صَححهُ، وَهُوَ لم يفعل. وَذكر: " الْغيرَة من الْإِيمَان، والمذاء من النِّفَاق ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر " إِن الْجَارِيَة إِذا حَاضَت لم يصلح أَن يرى مِنْهَا إِلَّا وَجههَا ". ورده بِالْإِرْسَال لَا غير. وَذكر حَدِيث دُخُوله على زوجه وَهِي تمعس منيئة لَهَا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 762 وَلم يبين أَنه من مُعَنْعَن أبي الزبير عَن جَابر. وَذكر النَّهْي أَن يكلم النِّسَاء إِلَّا بِإِذن أَزوَاجهنَّ. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح، وَلَا بَين أَنه غير موصل الْإِسْنَاد. وَذكر: " مَا تركت بعدِي فتْنَة أضرّ على الرِّجَال من النِّسَاء ". وَنسب صحابيه إِلَى جده، وَهُوَ فِي الْموضع الَّذِي نَقله مِنْهُ على صَوَابه. وَذكر: " من اتخذ من الْإِمَاء مَا لَا ينْكح ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر نهينَا عَن قتل الْمُصَلِّين. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر كَون سَالم ذَا لحية. وَلم يبين أَنه مُنْقَطع. وَذكر: " أرضعيه خمس رَضعَات ". وَهُوَ ضَعِيف. وَذكر: " لَا يحرم من الرَّضَاع المصة وَلَا المصتان إِلَّا مَا فتق الأمعاء من اللَّبن ". وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق. وَذكر: " لَا رضَاع بعد فصَال. وَأعله بِرَجُل، وَترك دونه آخر. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 763 وَذكر: " لَا يحرم من الرَّضَاع إِلَّا مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ ". وَأعله بِشَيْء، وَترك غَيره. وَذكر استرضاع الحمقاء مُرْسلا وَمُسْندًا، وَلم يعب الْمُرْسل بسوى الْإِرْسَال، وأعل الْمسند بِرَجُل، وَترك فَوْقه وَتَحْته من يعتل بِهِ. وَذكر: " لَا يحصن الشّرك بِاللَّه شَيْئا ". وَأعله بِشَيْء وَلَيْسَ بعلة، وَترك ذكر علته على الْحَقِيقَة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 764 كتاب الطَّلَاق ذكر حَدِيث: " أبْغض الْحَلَال إِلَى الله الطَّلَاق ". وَأعله بِمَا لَيْسَ بعلة. وَذكر: " لَا يُطلق النِّسَاء إِلَّا من رِيبَة ". وَضَعفه، وَلم يبين انْقِطَاعه. وَذكر: " مَا أحل الله شَيْئا أبْغض إِلَيْهِ من الطَّلَاق ". ورده بِرَجُل، وَترك اثْنَيْنِ. وَذكر: " ثَلَاث جدهن جد " حسنه، وَلم يبين علته الْمَانِعَة من تَصْحِيحه. وَذكر فِي حَدِيث ابْن عمر: " فَإِذا طهرت مَسهَا ". وتصحف لَهُ فِيهِ - على مَا فِي بعض النّسخ - اسْم رجل. وَذكر حَدِيث: " الثَّالَّةِ إمْسَاك بِمَعْرُوف أَو تَسْرِيح بِإِحْسَان ". وَلم يعز الْمسند، وَلَا بَين علته. وَذكر حَدِيث أَمرك بِيَدِك - أَنَّهَا ثَلَاث. وَأعله بِالْجَهْلِ بِرَجُل من رُوَاته قد وثق، وَلم يذكر نِسْيَان الرَّاوِي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 765 للْحَدِيث الْمَذْكُور. وَذكر قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام للمختلعة: " زيديه ". وَضَعفه بِرَجُل، وَترك اثْنَيْنِ. وَذكر: " الْخلْع تَطْلِيقَة بَائِنَة ". وَضَعفه بِرَجُل، وَترك غَيره كَذَلِك. وَذكر: " إِن قربك فَلَا خِيَار لَك ". وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق. وَذكر مُظَاهرَة أَوْس بن الصَّامِت. وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق عَمَّن لَا تعرف حَاله. وَذكر مُظَاهرَة سَلمَة بن صَخْر. وَلم يبين أَيْضا أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق، وَهُوَ مُنْقَطع. وَذكر فِي الْمظَاهر يواقع قبل أَن يكفر: " كَفَّارَة وَاحِدَة ". وَلم يبين كَذَلِك أَنه من رِوَايَته. وَذكر حَدِيث الرجل تكون تَحْتَهُ الْمَمْلُوكَة فيطلقها تَطْلِيقَتَيْنِ ثمَّ يَشْتَرِيهَا، لَا تحل لَهُ حَتَّى تنْكح زَوجهَا غَيره. وتصحف لَهُ فِيهِ رجل، وَترك دونه مِمَّن لَا يعرف جمَاعَة. وَذكر حَدِيث آلى من نِسَائِهِ وَحرم. وَرجحه مُرْسلا، وَلم يبين سَبَب ترجحه. وَذكر حَدِيث الَّذِي قَالَ لامْرَأَته: يَا أُخْتِي. مُرْسلا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 766 وَتَركه مُسْندًا على أَصله فِي الْموضع الَّذِي نَقله مِنْهُ. وَذكر لعان هِلَال بن أُميَّة من عِنْد أبي دَاوُد بسياق سكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر زِيَادَة: " أمسك الْمَرْأَة عنْدك حَتَّى تَلد ". وَلم يبين أَنَّهَا من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق. وَذكر فِي طَلَاق الْأمة حَدِيث ابْن عمر. وَأتبعهُ للدارقطني كلَاما سقط لَهُ بعضه فجَاء بِهِ من قبله وَذكر مُرْسل: " لم يجز طَلَاق الْمَرِيض ". وَأتبعهُ إِيهَام ضعف بِهِ سوى الْإِرْسَال. وَذكر طَلَاق الْمُكْره، فعين لفظا إِسْنَاده فِيهِ ضعفاء طوى ذكرهم، وَغير اسْم أبي راو من رُوَاته، وَهُوَ على سِيَاقه ينقصهُ من الْإِسْنَاد للفظ الَّذِي عين وَاحِد. وَذكر: " لَا لعان بَين مملوكين وَلَا كَافِرين ". وَهُوَ لَا إِسْنَاد لَهُ فِي التَّمْهِيد. وَذكر: " أَيّمَا امْرَأَة أدخلت على قوم من لَيْسَ مِنْهُم ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر حَدِيث تَخْيِير الْغُلَام بَين أَبِيه وَأمه. وَأتبعهُ قولا لَا يفهم مِنْهُ مذْهبه فِي صِحَة الحَدِيث أَو سقمه. وَذكر تَخْيِير الْجَارِيَة بَين أَبِيهَا الْمُسلم وَأمّهَا الْكَافِرَة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 767 ورماه بالاختلاف فِي إِسْنَاده، وَهُوَ حَدِيث صَحِيح. وَذكر حَدِيث سبيعة حِين نفست بعد وَفَاة زَوجهَا. فَجعله من رِوَايَتهَا، فَزَاد بذلك فِي الْإِسْنَاد من لَيْسَ مِنْهُ. وَذكر حَدِيث [الَّتِي] أخشي على عينهَا فِي الْإِحْدَاد وَهُوَ حَدِيث يغلب على الظَّن أَنه مُرْسل. وَذكر حَدِيث: " إِنَّمَا السُّكْنَى وَالنَّفقَة لمن لزَوجهَا عَلَيْهَا الرجعه ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر حَدِيث الفريعة، وَضَعفه. وَالصَّوَاب تَصْحِيحه كَمَا فعل التِّرْمِذِيّ، وَتغَير لَهُ فِي إِسْنَاده اسْم رجل. وَذكر: " امْرَأَة الْمَفْقُود امْرَأَته حَتَّى يَأْتِيهَا الْخَبَر ". رده بِرَجُل، وَترك ثَلَاثَة. وَذكر أَمر أَن تَعْتَد الْمُتَوفَّى عَنْهَا حَيْثُ شَاءَت. وَضَعفه بِرَجُل، وَترك اثْنَيْنِ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 768 كتاب الْبيُوع ذكر حَدِيث: " التَّاجِر الصدوق الْمُسلم ". وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا هُوَ حسن. وَذكر: " إِن الرِّبَا وَإِن كثر ". وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا هُوَ أَيْضا حسن. وَذكر بيع المحفلات خلابة وَلم يعرض لأحد من رُوَاته، وَهُوَ لَا يَصح الْبَتَّةَ. وَذكر: " لَا يبع حَاضر لباد، دعوا النَّاس يرْزق الله بَعضهم من بعض ". وَلم يبين أَنه من رِوَايَة أبي الزبير، عَن جَابر، من غير رِوَايَة اللَّيْث عَنهُ. وَذكر النَّهْي عَن التلقي وَذبح ذَوَات الدّرّ. ورده برجلَيْن، وَترك ثَالِثا لم يعرض لَهُ. وَذكر النَّهْي أَن يَبِيع طَعَاما اشْتَرَاهُ بكيل حَتَّى يَسْتَوْفِيه. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح وَذكر: " إِذا ابتعت بيعا فَلَا تبعه حَتَّى تقبضه ". وَلم يعزه. وَذكر النَّهْي أَن تبَاع السّلع حَيْثُ تبْتَاع. وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 769 وَذكر حَدِيث ابْن عَبَّاس فِي شحوم الْيَهُود، ذكرا أوهم مُشَاركَة حَدِيث جَابر فِيمَا فِيهِ. وَذكر: " إِن الله حرم الْخمر وثمنه ". وَلم يبين أَنه من رِوَايَة مُعَاوِيَة بن صَالح. وَذكر حَدِيث: " إِلَّا كَلْبا ضارياً ". وَلم يُفَسر علته. وَذكر الرُّخْصَة فِي ثمن الصَّيْد. وَلم يبين كَذَلِك علته. وَذكر النَّهْي عَن بيع السِّلَاح فِي الْفِتْنَة وَضَعفه بِرَجُل، وَترك غَيره. وَذكر فِي الربويات: " الزَّيْت بالزيت ". وَهُوَ تَصْحِيف، وَإِنَّمَا هُوَ " الزَّبِيب بالزبيب "، وَنسبه إِلَى غير رَاوِيه، وَفِي إِسْنَاده من لَا يعرف. وَذكر: " رده على صَاحبه وَخذ ثمرك ". وَسكت عَنهُ، وَلَا يَصح. وَذكر: " أينقص الرطب إِذا يبس؟ ". وَلم ينْسبهُ إِلَى مَالك، وَهُوَ فِي الْمُوَطَّأ. وَذكر مُرْسلا: " لَا رَبًّا إِلَّا فِي ذهب أَو فضَّة، أَو مَا يُكَال أَو يُوزن مِمَّا يُؤْكَل أَو يشرب ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 770 وَذكر حَدِيث: " فِي هَذَا الْوِعَاء كَذَا وَكَذَا، وَلَا أبيعه إِلَّا مجازفة ". ورده بِرَجُل وَترك غَيره. وَذكر الزّجر عَن ثمن السنور. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ ضَعِيف. وَذكر حَدِيث: " أَصَابَهُ الدمَان، أَصَابَهُ القشام ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر حَدِيث الرُّخْصَة فِي الْإِكْرَام بعسب الْفَحْل. وَحسنه، وَهُوَ صَحِيح. وَذكر حَدِيث بيع الْبَعِير بالبعيرين إِلَى إبل الصَّدَقَة. بِإِسْنَادِهِ. وَذكر لَهُ مَا لَيْسَ بعلة، وَهُوَ ضَعِيف. وَذكر النَّهْي عَن عسب الْفَحْل، وَعَن قفيز الطَّحَّان، مَرْفُوعا وَإِنَّمَا هُوَ مَوْقُوف لم يذكر فِيهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَذكر النَّهْي عَن بيع الْمُضْطَر. وَبَين انْقِطَاعه، وَلم يبين ضعفه بِغَيْر الِانْقِطَاع. وَذكر أَنه أَيْضا يرْوى من حَدِيث حُذَيْفَة، وَحَدِيث حُذَيْفَة إِنَّمَا هُوَ مثله بِتَأْوِيل. وَذكر: " من اشْترى شَيْئا لم يره فَهُوَ الْخِيَار إِذا رَآهُ ". ورده بِرَجُل، وَترك غَيره. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 771 وَلم يبين علته كَمَا يجب. وَذكر: " إِذا تبايعتم بالعينة ". وَضَعفه، وَله طَرِيق صَحِيح. وَذكر: " إيَّاكُمْ والسحت ". وَعزا مِنْهُ إِلَى كتاب مُسلم مَا لَيْسَ فِيهِ. وَذكر حَدِيث: " بيع رباع مَكَّة ". وَلم يبين علته. وَذكر حَدِيث: " مَكَّة مناخ ". فضعفه بِرَجُل، وَترك ابْنه. وَذكر النَّهْي عَن بيع الْغَنَائِم حَتَّى تقسم. وَلم يبين علته. وَذكر: " من فرق بَين وَالِدَة وَوَلدهَا ". وَحسنه، وَيَنْبَغِي أَن يُقَال: صَحِيح. وَذكر رِوَايَة شُعْبَة فِي التَّفْرِيق بَين السَّبي. وَرجع حَدِيث سعيد بن أبي عرُوبَة عَلَيْهِ، وَحَدِيث شُعْبَة صَحِيح، وَحَدِيث سعيد بن أبي عرُوبَة مُنْقَطع. وَذكر: " المدبرلا يُبَاع، وَلَا يُوهب ". وَلم يبين علته. وَذكر حَدِيث: " بَاعَ مُصحفا ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 772 وَعَزاهُ إِلَى مَوضِع لم أَجِدهُ فِيهِ. وَذكر: " لَا دَاء وَلَا خبثة ". وَلم يبين مَا الْمَانِع من تَصْحِيحه. وَذكر حَدِيث: " عمرك الله بيعا فِي الْخِيَار ". وَلم يبين أَنه من رِوَايَة يحيى بن أَيُّوب. وَذكر: " لَا يتفرقن عَن بيع إِلَّا عَن ترَاض ". وَلم يبين الْمَانِع من تَصْحِيحه. وَذكر مُرْسل الْخِيَار بعد الصَّفْقَة. وَلم يعبه بسوى الْإِرْسَال. وَذكر: " إِذا اخْتلف الْمُتَبَايعَانِ ". ورماه بالانقطاع، وَلم يُبينهُ. وَذكر: " لَا بَأْس بِبيع خدمَة الْمُدبر إِذا احْتَاجَ ". وَصَوَّبَهُ مُرْسلا، والمسند عِنْدِي صَحِيح. وَذكر حَدِيث: " أَنا ثَالِث الشَّرِيكَيْنِ ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر: " إِذا أتيت وَكيلِي ". وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق. وَذكر: " الْمُسلمُونَ عِنْد شروطهم ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 773 وَلم يعزه، وَضَعفه وَمَا بَين علته. وَذكر فِي ذَلِك حَدِيث كثير بن عبد الله، وَلم يبين أَيْضا علته. وَذكر الْمُرْسل فِي اشْتِرَاء الشَّاة وَاشْتِرَاط البَائِع سلبها. وَلم يعبه بسوى الْإِرْسَال. وَذكر حَدِيث عُرْوَة بن الْجَعْد حِين اشْترى شَاتين بالدينار. وَعَزاهُ إِلَى البُخَارِيّ، وَلَيْسَ بمعدود من مخرجاته. وَذكر النَّهْي عَن بيع وَشرط. وَلم يزدْ على أَن ذكره بِإِسْنَاد متبرئاً من عهدته. وَذكر: " من أسلم فِي شَيْء فَلَا يصرفهُ إِلَى غَيره ". وَضَعفه بِرَجُل، وَترك غَيره. وَذكر: " الرَّهْن مِمَّن رَهنه ". وَصَححهُ، وَفِيه نظر. وَذكر الْمُرْسل فِي الْفرس الْمَرْهُون الَّذِي نفق فِي يَد الْمُرْتَهن. وَضَعفه، وَلم يبين علته. وَذكر: " الرَّهْن بِمَا فِيهِ " كَذَلِك. وَذكر: " وَلَك الْخِيَار ثَلَاثًا ". وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق. وَذكر النَّهْي عَن كسب الْأمة حَتَّى يعلم من أَيْن هُوَ. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 774 وَذكر: " لَا تسلميه حجاماً وَلَا صائغاً وَلَا قصاباً ". وَلم يبين علته. وَذكر: " أَخذ عبَادَة الْقوس على التَّعْلِيم ". وَلم يبين علته، وَكَذَلِكَ حَدِيث أبي فِيهِ ". وَذكر: " لَا تخيفوا الْأَنْفس ". وَسكت عَنهُ، وَلَا يَصح. وَذكر " قرض مرَّتَيْنِ يعدل صَدَقَة مرّة ". وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا هُوَ حسن. وَذكر: " إِنَّمَا جَزَاء السّلف الْحَمد وَالْأَدَاء ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر: " خلع معَاذ من مَاله ". وَلم يعز الرِّوَايَة الَّتِي يسند بهَا. وَذكر: " من مَاتَ وَله دين إِلَى أجل، وَعَلِيهِ دين إِلَى أجل ". وَظن بِرَجُل من رُوَاته أَنه آخر. وَذكر حَدِيث أنس فِي هَدِيَّة الْمديَان. وأبرز إِسْنَاده، وَلم يحكم عَلَيْهِ، وَهُوَ حسن. وَذكر: " الشُّفْعَة كحل العقال ". فأعله بِرَجُل، وَترك غَيره، وَعرض للبيلماني، وَلم يبين هَل الْأَب هُوَ أَو الابْن، وَعزا إِلَى ابْن حزم لفظا عِنْده. وَذكر فِي ذَلِك رِوَايَة مُحَمَّد بن جَعْفَر، عَن شُعْبَة، عَن كتاب ابْن حزم، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 775 وَهولا إِسْنَاد لَهُ عِنْده. وَذكر: " لَا شُفْعَة فِي بِئْر وَلَا فَحل ". وَهُوَ أَيْضا غير موصل حَيْثُ هُوَ. وَذكر قضى بِالشُّفْعَة فِي الدَّين. ثمَّ أردفه زِيَادَة مُرْسلَة، لم يبين من حَالهَا أَنَّهَا مُنْقَطِعَة قبل [أَن تصل] إِلَى مرسلها. وَذكر: " الشُّفْعَة فِي كل شَيْء ". من عِنْد الطَّحَاوِيّ ففسر رجلا من رُوَاته بِمن لَيْسَ بِهِ. وَذكر حَدِيث: " الطَّرِيق الميتاء ". وَلم يعرض لرِوَايَة عباد بن مَنْصُور بِشَيْء. وَذكر: " كلف أَن يحمل ترابها إِلَى الْمَحْشَر ". وَسكت عَنهُ، وَلَا يَصح. وَذكر: " مَا الشَّيْء الَّذِي لَا يحل مَنعه؟ ". وَضَعفه بِامْرَأَة مَجْهُولَة، وَترك من قبلهَا. وَذكر: " يسعهم المَاء وَالشَّجر، ويتعاونون على الفتان ". وَسكت عَنهُ بعد أَن أبرز امْرَأتَيْنِ من رُوَاته، وَهُوَ حَدِيث لَا يَصح. وَذكر إمْسَاك سيل مهزور وَغَيره من السُّيُول حَتَّى يبلغ الْكَعْبَيْنِ. وَسكت عَنهُ، وَمَا من رُوَاته الَّذين أبرز من يعرف، وَله طَرِيق أحسن من الجزء: 5 ¦ الصفحة: 776 ذَاك لم يذكرهُ. وَذكر: " ضَعُوا وتعجلوا ". وَضَعفه بِرَجُل، وَترك من هُوَ بِهِ مَعْرُوف، وَترك لَهُ إِسْنَادًا خيرا من الَّذِي ذكر، وَترك لَفْظَة أَخَاف اختلالها فِيمَا أرى. وَذكر حَدِيث: " الْجَار لَا يستطيل عَلَيْهِ جَاره بِالْبِنَاءِ يحجب عَنهُ الرّيح ". وَلم يبين علته، وَوَقع فِيهِ نقص من إِسْنَاده. وَذكر: " لَا حمى فِي الْأَرَاك ". وأبرز من إِسْنَاده مَوضِع علته. وَذكر مَا يحمى من الْأَرَاك. بتغيير فِي بعض رُوَاته، هُوَ نقص من الأسناد، وَأتبعهُ قولا لَا يفهم مِنْهُ حكمه عِنْده. وَذكر حَدِيث: " حَرِيم الْآبَار ". وَلم يبين أَنه غير موصل الْإِسْنَاد. وَذكر الْوَعيد على قطع السدر. وَسكت عَنهُ، وَفِيه نظر. وَذكر حَدِيث وضع الجماجم فِي الزَّرْع. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر: " كُنَّا نكرِي الأَرْض بِمَا عَليّ السواقي ". وَأعله بِرَجُل، وَترك غَيره. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 777 وَذكر " إِن كَانَ ذَا شَأْنكُمْ، فَلَا تكروا الْمزَارِع ". وَأَشَارَ إِلَى مَوضِع الْعلَّة، وَلم يبينها. وَذكر حَدِيث: " من أَحْيَا دَابَّة عجز عَنْهَا أَهلهَا ". وَسكت عَنهُ، وهُوَ لَا يَصح. وَذكر حَدِيث: " إِذا اسْتردَّ الْوَاهِب مَا وهب فليوقف ". وَلم يبين أَنه من رِوَايَة أُسَامَة بن زيد، وَعطفه على حَدِيث لَا يُشَارِكهُ فِي كل لَفظه. وَذكر حَدِيث: " هِيَ لَهَا حَيَاتهَا وموتها " فِي الحديقة. وَرجح عَلَيْهِ غَيره كَأَن بِهِ ضعفا، وَهُوَ صَحِيح. وَذكر حَدِيث عَائِشَة فِيمَن بنى فِي رباع قوم بإذنهم فَلهُ الْقيمَة. ورده بِرَجُل، وَترك دونه من لَا يعرف. وَذكر: " دع دَاعِي اللَّبن ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر: " فَإِن الْهَدِيَّة تذْهب وحر الصَّدْر ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر حَدِيث: " لَا أقبل هَدِيَّة إِلَّا من قرشي " الحَدِيث. وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق. وَذكر حَدِيث: " إيما رجل ضاف قوما فَأصْبح محروماً ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 778 وَذكر: " الضِّيَافَة على أهل الْوَبر ". ورده بِرَجُل، وَترك غَيره. وَذكر: " فَليَأْكُل وَلَا يتَّخذ خبنة ". وَلم يبين حكمه، وَهُوَ حسن. وَذكر حَدِيث: " دخلت حَائِطا من حيطان الْمَدِينَة، ففركت سنبلاً ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر اسْتِعَارَة النَّبِي من صَفْوَان يَوْم حنين أدراعاً. وَرجح عَلَيْهِ غَيره، وَلم يبين لم؟ وَذكر: " على الْيَد مَا أخذت ". وَترك مِنْهُ زِيَادَة. وَذكر: " أد الْأَمَانَة إِلَى من أئتمنك ". وَلم يبين لم لَا يَصح. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 779 بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على مُحَمَّد وعَلى آله وَسلم تَسْلِيمًا كتاب الْوَصَايَا والفرائض ذكر: " لَا وَصِيَّة لوَارث إِلَّا أَن يُجِيز الْوَرَثَة ". وَلم يعز مِنْهُ رِوَايَة، وَلَا بَين علته. وَذكر: " جنف الْمُتَصَدّق ". وَضَعفه بِمَا لَيْسَ بعلة. وَذكر: " لَا يتم بعد احْتِلَام ". فَزَاد فِي الْإِسْنَاد رجلا. وَذكر حَدِيث: " مِمَّا أضْرب يَتِيمِي ". وَأعْرض فِيهِ عَن رجلَيْنِ يُضعفَانِ. وَذكر: " لَا يتوارث أهل ملتين ". وَعَزاهُ إِلَى مُسلم، وَلَيْسَ عِنْده. وَذكر: " لَا يَرث الْمُسلم النَّصْرَانِي ". وَلم يبين علته. وَذكر حَدِيث ابْنَتي سعد بن الرّبيع. وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا هُوَ حسن. وَذكر حَدِيث ابْن مَسْعُود فِي ابْنة وَابْنَة ابْن وَأُخْت. وَسكت عَنهُ، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة أبي قيس، فَهُوَ حسن. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 780 وَذكر حَدِيث الجدتين. وتخوف عَلَيْهِ الِانْقِطَاع، وَالتِّرْمِذِيّ قد صَححهُ. وَذكر حَدِيث سُؤال عمر عَن الْجد. وَلم يبين أَنه مُنْقَطع فِيمَا بَين الْحسن وَعمر، وَمَوْضِع نظر فِي سَماع الْحسن من معقل. وَذكر حَدِيث: " الْخَال وَارِث من لَا وَارِث لَهُ ". وَسقط لَهُ مِنْهُ وَاحِد. وَذكر حَدِيث الْمِقْدَام بن معدي كرب فِي ذَلِك. وَلم يبين الِاخْتِلَاف الَّذِي فِيهِ، وَهُوَ لَا يضرّهُ. وَذكر حَدِيث عَائِشَة فِي ذَلِك، وَلم يعزه، وَلَا بَين الِاخْتِلَاف الَّذِي فِيهِ أَيْضا. وَذكر فِي الْعمة وَالْخَالَة رِوَايَة مسْعدَة بن اليسع وَلم يعزها. وَذكر مُرْسل: " توارث الزَّوْجَيْنِ إِذا مَاتَا قبل الدُّخُول ". وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق. وَذكر حَدِيث ابْن عمر فِي: " توارث بني العلات، وَالدّين قبل الْوَصِيَّة، وَلَا وَصِيَّة لوَارث ". كل ذَلِك من طَرِيق الْحَارِث، وَلم يبين علته. وَذكر حَدِيث الْمولى الْوَاقِع من النَّخْلَة وَلَيْسَ لَهُ وَارِث. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 781 وَحسنه، وَهُوَ ضَعِيف. وَذكر: " التمسوا لَهُ وَارِثا أَو ذَا رحم ". وَلم يبين أَنه من رِوَايَة شريك. وَذكر تَوْرِيث الْمولى الْأَسْفَل. وَحسنه، وَلم يبين الْمَانِع من تَصْحِيحه. وَذكر تَوْرِيث الْمَرْأَة من دِيَة زَوجهَا. وَصَححهُ، وَهُوَ مُنْقَطع. وَذكر: " لَيْسَ لقَاتل شَيْء ". ورماه بالانقطاع، وَترك رميه بِمَجْهُول. وَذكر حَدِيث: " لَا يتوارث أهل ملتين، وَالْمَرْأَة تَرث من دِيَة زَوجهَا ". وَظن مُحَمَّد بن سعيد راوية أَنه المصلوب، وَلَيْسَ بِهِ. وَذكر فِيهِ حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب. وَلم يبين أَنه من رِوَايَة إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش. وَذكر فِي رِوَايَة الْوَلَاء حَدِيثا تصحف لَهُ فِيهِ رِئَاب بن حُذَيْفَة، بِزِيَاد وَذكر: " إِذا اسْتهلّ الْمَوْلُود ورث ". وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق. وَذكر: " استهلال الصَّبِي العطاس ". ورماه بالبيلماني، وَلم يبين الْأَب يَعْنِي أم الابْن؟ وَذكر حَدِيث الرجل يسلم على يَدي الرجل. وَلم يبين علته. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 782 وَذكر حَدِيث: " كل قسم فِي الْجَاهِلِيَّة. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حسن. وَذكر من التَّمْهِيد حَدِيث الَّذِي أسلم على مِيرَاث، وَلم يبين أَنه عِنْده غير موصل الْإِسْنَاد. وَذكر: " لَا يعضى مِيرَاث قوم ". وَلم يَجْعَل لَهُ عَيْبا سوى الْإِرْسَال. وَذكر النَّهْي عَن قسْمَة الضرار وَهُوَ كَذَلِك. وَذكر حَدِيث: " الْعلم ثَلَاثَة ". وَأعله بِرَجُل، وَترك غَيره. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 783 بَاب الْأَقْضِيَة والشهادات وَذكر حَدِيث: " من ابْتغى الْقَضَاء وَسَأَلَ عَلَيْهِ شُفَعَاء ". وَحسنه، وَلم يبين الْمَانِع من صِحَّته. وَذكر لعن الراشي والمرتشي والرائش. وَلم يبين أَيْضا علته. وَذكر حَدِيث الْهَدِيَّة على الشَّفَاعَة. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حسن. وَذكر: " لَا يقْضِي القَاضِي إِلَّا وَهُوَ شبعان رَيَّان ". وَنسبه إِلَى غير رَاوِيه، وَترك فِيهِ من لَا يعرف، وَلم يبين علته. وَذكر فِي حَدِيث: " إِنَّكُم تختصمون إِلَيّ ". زيادات سكت عَنْهَا. وَهُوَ من رِوَايَة أُسَامَة بن زيد وَذكر حَدِيث معَاذ: " بِمَ تحكم "؟ وَلم يعبه بسوى الْإِرْسَال. وَذكر حَدِيث: " بعث عَليّ إِلَى الْيمن قَاضِيا ". وَأعله بِرَجُل، وَترك لَهُ عِلّة أُخْرَى. وَذكر حَدِيث القبطي الْمَجْبُوب. وَأتبعهُ رِوَايَة الثَّوْريّ، وَلم يعزها. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 784 وَذكر الْمُرْسل فِي تَقْدِيم الوضيع على الشريف، والضعيف على الْقوي، وَالنِّسَاء على الرِّجَال. وَلم يعبه بسوى الْإِرْسَال. وَذكر: " الصُّلْح جَائِز بَين الْمُسلمين ". وَلم يقل فِيهِ شَيْئا إِلَّا أَنه أبرز مَوضِع علته. وَذكر حَدِيث: " من وجد سلْعَة سرقت مِنْهُ عِنْد من لَيْسَ بمتهم ". وَضَعفه بِرَجُل ظَنّه من لَيْسَ إِيَّاه غَلطا بِهِ إِلَيْهِ. وَذكر حَدِيث: أَتَيْنَا أَبَا هُرَيْرَة فِي صَاحب لنا أفلس. فغلط فِي اسْم رَاوِيه. وَذكر حَدِيث: " الْخراج بِالضَّمَانِ ". وَضَعفه بِرَجُل هُوَ ثِقَة. وَذكر حَدِيث نَاقَة الْبَراء. وَأتبعهُ رِوَايَات لم يعزها. وَذكر حَدِيث: " من أوقف دَابَّة فِي سَبِيل من سبل الْمُسلمين ". وَسَقَطت لَهُ مِنْهُ لَفْظَة لَهَا خطّ من مَعْنَاهُ. وَذكر: " ولد الرجل من كَسبه ". وَصَححهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر حَدِيث: " الْقَضَاء بمعاقد القمط ". ورده من أجل رجل، وَترك آخر. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 785 وَذكر مُرْسل: " لَا ضَرَر وَلَا ضرار ". وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق مُرْسلا. وَذكر من طَرِيق أبي دَاوُد من رِوَايَة أبي سعيد مُسْندًا، وَفِيه من لَا يعرف وَلم يُبينهُ. وَذكر: " مَلْعُون من ضار مُسلما أَو مكر بِهِ ". وخفي عَلَيْهِ انْقِطَاعه، وَضعف رَاوِيَيْنِ من رُوَاته. وَذكر رِوَايَة فِيهِ أعلها بِرَجُل، وَترك غَيره. وَذكر: " من ضار ضار الله بِهِ، وَمن شاق شاق الله عَلَيْهِ ". وَلم يبين لم لَا يَصح. وَذكر النَّهْي عَن كسر السِّكَّة. وَأعله بِرَجُل، وَترك آخر. وَذكر حَدِيث ابْن عَبَّاس فِي الْقَضَاء بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِد. وَلم يبين انْقِطَاعه. وَذكر زِيَادَة: " إِنَّه فَاجر لَيْسَ يتورع من شَيْء ". وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا هُوَ من رِوَايَة سماك بن حَرْب. وَذكر رد الْيَمين على طَالب الْحق. وَضَعفه بِرَجُل، وَترك من دونه. وَذكر: " لَا تجوز شَهَادَة مُتَّهم وَلَا ظنين ". وَأتبعهُ القَوْل فِي رجل، وَترك غَيره. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 786 وَذكر: " لَا تجوز شَهَادَة نخاس ". وَضَعفه بضعيف، وَترك مَجْهُولا. وَذكر حَدِيث خريم بن فاتك فِي شَهَادَة الزُّور. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر: " إِن بَين يَدي السَّاعَة تَسْلِيم الْخَاصَّة " وَسكت عَنهُ، وَفِيه أَيْضا نظر. وَذكر مَا يجوز من الشَّهَادَة فِي الرَّضَاع. وَفِيه تَغْيِير، وَلم يتَبَيَّن من تَضْعِيفه إِيَّاه من يَعْنِي بالبيلماني، الْأَب أم الابْن؟ وَذكر إِسْلَام بلعنبر، وَالْقَضَاء بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّهَادَة. ورده بِرَجُل، وَترك آخر. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 787 بَاب اللّقطَة والضوال ذكر حَدِيث: " من الْتقط لقطَة درهما أَو حبلاً ". وَأعله بِرَجُل، وَترك امْرَأَة مَجْهُولَة، وَلم يعز الحَدِيث إِلَى مَوضِع. وَذكر: " من وجد دَوَاة أَو سكينا ". وَلم يعزه أَيْضا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 788 بَاب الْعتْق وصحبة المماليك ذكر: " تعْتق فِي عتقك وترق فِي رقك " وأبرز إِسْنَاده وَلم يبين علته. وَذكر مُرْسل مُحَمَّد بن عَمْرو بن سعيد بن العَاصِي، أَن بني سعيد كَانَ لَهُم غُلَام فأعتقوه. وَلم يعرض لحَال مُحَمَّد هَذَا، كَأَنَّهُ لَا عيب لَهُ إِلَّا الْإِرْسَال. وَذكر حَدِيث العبدان الَّذين خَرجُوا يَوْم الْحُدَيْبِيَة قبل الصُّلْح. وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق. وَذكر حَدِيث تَقْوِيم نصيب الْمُعْتق لما أَسَاءَ من مشاركتهم. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حسن. وَذكر حَدِيث الأرقاء الَّذين خَرجُوا من الطَّائِف. وَلم يبين علته. وَذكر: " إِن الْوَلَاء لَيْسَ بمنتقل وَلَا متحول ". وَأعله بِرَجُل، وَترك غَيره. وَذكر حَدِيث: " أعْتقهَا وَلَدهَا ". وَأعله بِمن لَيْسَ فِيهِ، وَنسبه إِلَى من لم يروه. وَذكر حَدِيث: " إِن الله أعْتقهُ حِين ملكته ". وَلم يبين علته. وَذكر النَّهْي عَن عتق الْيَهُودِيّ، وَالنَّصْرَانِيّ، والمجوسي. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 789 وَأعله بِرَجُل، وَترك غَيره. وَكَذَلِكَ حَدِيث الْحَالِف بِالْمَشْيِ إِلَى مَكَّة يكفر كَفَّارَة يَمِين. وَذكر: " لقد هَمَمْت أَن لَا أُصَلِّي عَلَيْهِ ". وَلم يعرض لانقطاعه. وَذكر: " لَا بَأْس بِبيع خدمَة الْمُدبر إِذا احْتَاجَ ". وَصَوَّبَهُ مُرْسلا، وَالَّذِي أسْندهُ ثِقَة، والمرسل مضمونه خلاف مضمونه وَذكر إِن الْمُدبر لَا يُبَاع، وَلَا يُوهب، وَهُوَ حر من الثُّلُث. وَلم يبين علته. وَذكر: " يَا عُمَيْر، أعتقك "؟ وَفِيه تَغْيِير انتسب بِهِ إِلَى غير رَاوِيه، وَهُوَ أَيْضا مُنْقَطع. وَذكر: " كَاتب يَا سلمَان ". وَلم يبين أَنَّهَا من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق. وَذكر تزوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جوَيْرِية. وَهُوَ أَيْضا كَذَلِك من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق، إِلَّا أَنه أبرزه. وَذكر حَدِيث الْمُعتقَة الَّتِي خَافت البيع فِي الدَّين. وتصحف لَهُ الْحباب بالحتات، وَضعف الحَدِيث وَلم يبين علته. وَذكر حَدِيث: " أُمَّهَات الْأَوْلَاد لَا يبعن وَلَا يوهبن ". وَنسبه إِلَى غير راوية، وَعلله أَيْضا بِمَا لَيْسَ بعلة على أَصله. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 790 وَذكر أَن عمر أعتق أُمَّهَات الْأَوْلَاد. وَضَعفه بِغَيْر الِانْقِطَاع. وَذكر: أَن أم الْوَلَد حرَّة إِذا مَاتَ سَيِّدهَا إِلَّا أَن يعتقها قبل مَوته ". وَضَعفه بِرَجُل، وَترك غَيره. وَذكر: " بعنا أُمَّهَات الْأَوْلَاد على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ". وَعَزاهَا إِلَى من لم يُخرجهُ وَذكر الِاسْتِثْنَاء فِي الْعتْق. وَأعله وَلم يبين انْقِطَاعه، وَلَا أَنه من رِوَايَة إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش. وَذكر ضرب أبي بكر عَبده وَهُوَ محرم؟ وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق. وَذكر: " أعْتقهَا وَلَدهَا ". وَنسبه إِلَى غير رَاوِيه. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 791 بَاب فِي ألأيمان وَالنُّذُور ذكر مُرْسل عِكْرِمَة: " لأغزون قُريْشًا ". ثمَّ أتبعه رِوَايَته مُسْندًا، وَلم يعزها. وَذكر: " لَا يَمِين فِي غضب ". وَضَعفه، وَلم يبين علته. وَذكر: " فليأتها فَإِن كفارتها طَلَاق أَو عتاق ". وَضَعفه بِرَجُل وَترك جمَاعَة. وَذكر: " الْيَمين حنث أَو نَدم ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر: إِن الْيَمين الْغمُوس من الْكَبَائِر ". وَسكت عَنهُ، وَلَيْسَ يَصح على أَصله، وَهُوَ عِنْدِي حسن. وَذكر حَدِيث: " الْإِثْم على المحنث ". وَلم يبين علته من طَرِيقين عَن عَائِشَة، وَعَن أبي هُرَيْرَة. وَذكر حَدِيث أبي لبَابَة حِين ربط نَفسه. وَهُوَ غير موصل الْإِسْنَاد. وَذكر: " لَيْسَ على مقهور يَمِين ". وَلم يبين علته. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 792 وَذكر: " لَا يَمِين عَلَيْك وَلَا نذر فِي مَعْصِيّة الرب، وَلَا فِي قطيعة الرَّحِم، وَلَا فِيمَا لَا تملك ". وَأَرْدَفَ عَلَيْهِ حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب، وَلَيْسَ هُوَ مثله. وَذكر: " الْمُسلم أَخُو الْمُسلم ". وَرجح عَلَيْهِ غَيره، وَلم يبين علته. وَذكر: ": " إِن النّذر لَا يقرب لِابْنِ آدم شَيْئا لم يكن الله قدره لَهُ ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ حسن. وَذكر حَدِيث: " من نذر أَن يُطِيع الله فليطعه، وَمن نذر أَن يَعْصِي الله فَلَا يَعْصِهِ ". بِزِيَادَة: " وَيكفر يَمِينه "، وَفِيه تَغْيِير [لم يُنَبه] عَلَيْهِ. وَذكر فِي ذَلِك حَدِيث أبي دَاوُد، وَرجح عَلَيْهِ غَيره، وَلم يبين علته. وَذكر: " لَا نذر فِي غيظ ". وَسقط لَهُ من إِسْنَاده وَاحِد وَلم يبين مَعَ ذَلِك علته. وَذكر: " أَن الله لَا يصنع بشقاء أختك ". وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا هُوَ حسن. وَذكر فِي حَدِيث أُخْت عقبَة بن عَامر: " ولتصم ثَلَاثَة ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ ضَعِيف. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 793 كتاب الدِّيات وَالْحُدُود ذكر حَدِيث: " إِن الزَّمَان قد اسْتَدَارَ " وَسكت عَنهُ، وَهُوَ من رِوَايَة مختلط. وَذكر: " لَا تجْعَلُوا على الْعَاقِلَة من دِيَة الْمُعْتَرف شَيْئا ". وَأعله بمتروك، وَترك آخر. وَذكر حَدِيث ذِي النسعة. وَسكت عَنهُ، وَهُوَ من رِوَايَة سماك بن حَرْب. وَذكر: " على المقتتلين أَن ينحجزوا ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر: " فِي الْغرَّة عبد، أَو أمة، أَو فرس، أَو بغل ". وَرجح عَلَيْهِ غَيره، وَلم يبين علته. وَذكر حَدِيث: " دِيَة الْأَصَابِع ". وَحسنه، وَهُوَ صَحِيح. وَذكر شبه الْعمد وَالْخلاف فِيهِ. وَلم يعرف راوية، وَهُوَ ثِقَة. وَذكر حَدِيث: " من قتل مُتَعَمدا دفع إِلَى أَوْلِيَاء الْمَقْتُول ". وَلم يُصَحِّحهُ لكنه حسنه، ثمَّ ذكر بعده آخر فَسكت عَنهُ وَهُوَ مثله. وَذكر حَدِيث التخميس بِعشْرين بني مَخَاض. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 794 وَضَعفه، وَلم يُفَسر علته. وَذكر حَدِيث عرض قبُول الْغَيْر من محلم بن جثامة. وأبرز إِسْنَاده، وَلم يتَبَيَّن من ذَلِك ضعفه، وَهُوَ ضَعِيف. وَذكر مُرْسل مَكْحُول فِيمَا أقبل وَأدبر من الْأَسْنَان. وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق. وَذكر حَدِيث: " ودى الْعَامِرِيين بدية الْمُسلمين " وَلم يبين لم لَا يَصح. وَذكر مُرْسلا فِي تَسَاوِي دِيَة الْمُسلم وَالذِّمِّيّ. وَلم يعزه. وَذكر حَدِيث العَبْد الَّذِي قطع رجلا وشج آخر. فضعفه بِرَجُل، وَترك آخر. وَذكر: " مَا رفع إِلَيْهِ شَيْء فِيهِ قصاص إِلَّا أَمر فِيهِ بِالْعَفو ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر قتل مُسلم قتل ذِمِّيا غيلَة. وَلم يعبه بسوى الْإِرْسَال، وَذكره مُسْندًا وَلم يعزه. وَذكر حَدِيث ابْن بجيد فِي أَن الْيَهُود كتبُوا أَن يقسموا وَلم يبين علته. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 795 وَذكر: " يُقَاد الْأَب من ابْنه، وَلَا يُقَاد الابْن من أَبِيه ". وَلم يبين علته وَذكر حَدِيث عمر فِي ذَلِك، وَلم يبين أَيْضا علته. وَذكر حَدِيث ابْن عَبَّاس: " لَا تُقَام الْحُدُود فِي الْمَسَاجِد، وَلَا يُقَاد الْوَالِد بِالْوَلَدِ ". وَلم يبين أَيْضا علته. وَذكر " لَا يقتل حر بِعَبْد ". وَضَعفه بِرَجُل، وَترك غَيره. وَذكر حَدِيث الَّذِي قتل عَبده، فَضرب مائَة. من رِوَايَة إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، وَقَالَ فِي الْإِسْنَاد: إِنَّه حجازي، وَلَيْسَ كَذَلِك. وَذكره من طَرِيق آخر فضعفه بِرَجُل، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن عَيَّاش الْمَذْكُور. وَذكر حَدِيث أبي بكرَة: " لَا قَود إِلَّا بِالسَّيْفِ ". وأبز من إِسْنَاده قِطْعَة، وَترك علته فِيمَا طوى من الْإِسْنَاد. وَذكر فِي حَدِيث: " ولد الزِّنَا شَرّ الثَّلَاثَة " أَن ذَلِك فِي رجل مَخْصُوص. وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق. وَذكر رِوَايَة من عِنْد مُسلم فِي قصَّة مَاعِز. وَلم يبين أَنَّهَا من رِوَايَة بشير بن المُهَاجر، وَهُوَ يضعف. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 796 وَذكر التَّصْرِيح فِي سُؤال مَاعِز. وَسكت عَنهُ، وَابْن عَم أبي هُرَيْرَة لَا تعرف حَاله. وَذكر من عِنْد أبي دَاوُد " أَنه عَلَيْهِ السَّلَام لم يصل على مَاعِز " مَعْطُوفًا على حَدِيث ابْن عَبَّاس. وَإِنَّمَا هُوَ من رِوَايَة جَابر. وَذكر حَدِيث نعيم بن هزال عَن أَبِيه: " إِنَّك قد قلتهَا أَربع مَرَّات ". وَسكت عَنهُ، وَضعف قبله حَدِيثا هُوَ بِإِسْنَاد هَذَا. وَذكر حَدِيث: " الَّذِي اعْترف فجلد، ثمَّ أخبر أَنه مُحصن ". وَلم يبين أَنه من رِوَايَة أبي الزبير عَن جَابر. وَذكر الِاسْتِظْهَار على الْيَهُود بِمَا فِي التَّوْرَاة من شَأْن الرَّجْم. وَلم يبين أَنه من رِوَايَة رجل ضَعِيف عِنْده. وَذكر حَدِيث سَلمَة بن المحبق فِي الَّذِي يَقع على جَارِيَة امْرَأَته. وَلم يبين علته. وَذكر: " ارجموا الْأَعْلَى والأسفل ". وَعَزاهُ إِلَى التِّرْمِذِيّ، وَإِنَّمَا هُوَ عِنْد التِّرْمِذِيّ بِلَفْظ: " اقْتُلُوا " وَلم يُوصل إِسْنَاده. وَذكر الْقطع فِي بَيْضَة الْحَدِيد الَّتِي قيمتهَا أحد وَعِشْرُونَ درهما. وَلم يُفَسر علته. وَذكر: " لَا تقطع يَد سَارِق فِيمَا دون ثمن الْمِجَن ". وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 797 وَذكر الْأَمر بِقِطْعَة من الْمفصل. وَلم يبين أَنه من رِوَايَة الْعَرْزَمِي، رَوَاهُ عَنهُ أَبُو نعيم النَّخعِيّ. وَذكر: " قطع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من الْمفصل سَارِقا ". وَأعله بِرَجُل، وَترك آخر. وَذكر حَدِيث الشَّفَاعَة فِي السَّارِق. وَضَعفه بِرَجُل وَترك آخر. وَذكر الْمَوْقُوف من ذَلِك على الزبير وَهُوَ مُنْقَطع، وَله إِسْنَاد أَجود. وَذكر: " تَعْلِيق يَد السَّارِق فِي عُنُقه ". وَضَعفه بِرَجُل وَترك آخر. وَذكر: " إِذا سرق الْمَمْلُوك فبعه وَلَو بنش ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ ضَعِيف. وَذكر حَدِيث: " مَا إخالك ". مُرْسلا وَترك مُسْندًا. وَذكر حَدِيث رِدَاء صَفْوَان فضعفه، وَلم يبين بِمَاذَا هُوَ ضَعِيف، وأوهم ضعف رجل هُوَ ثِقَة، وَفسّر رَاوِيا مِنْهُ بِمن لَيْسَ بِهِ بَأْس. وَذكر أَن عبدا من رَقِيق الْخمس سرق. وَأعله بِرَجُل وَترك آخر. وَذكر حَدِيث: " لَا غرم على السَّارِق إِذا حد ". وعابه بالانقطاع فَقَط. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 798 وَذكر: " لَيْسَ على الْآبِق قطع ". وَصَوَّبَهُ مَوْقُوفا وَلم يُفَسر عَيبه مُسْندًا. وَذكر: " لَيْسَ على خائن وَلَا منتهب وَلَا مختلس قطع ". وَأتبعهُ تَصْحِيح التِّرْمِذِيّ لَهُ، وَلم يبين كَونه من مُعَنْعَن أبي الزبير. وَذكر: " لم يُوَقت فِي الْخمر حدا ". وَسكت عَنهُ. وَذكر الْقَتْل فِي الرَّابِعَة. وَسكت عَنهُ. وَذكر الْقَتْل فِي الْخَامِسَة. وَلم يبين علته. وَذكر حَدِيث أبي الرمداء فِي الْقَتْل بعد الرَّابِعَة. وَهُوَ لَا إِسْنَاد لَهُ فِي الْموضع الَّذِي نَقله مِنْهُ، وَفِيه مَعَ ذَلِك مَجْهُول وَذكر: " فَإِن عَاد فِي الرَّابِعَة فاضربوا عُنُقه ". وأبرز من إِسْنَاده وَلم يبين وَذكر: " من قَالَ لرجل من الْأَنْصَار: يَا يَهُودِيّ فَاضْرِبُوهُ عشْرين ". وَلم يبين علته. وذكرحديث الَّذِي اعْترف بِالزِّنَا فجلد، ثمَّ سُئِلَ الْبَيِّنَة على الْمَرْأَة فَلم تقم، فجلد ثَمَانِينَ. وَسكت عَنهُ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 799 وَذكر: " أَمر بِالرجلَيْنِ وَالْمَرْأَة فَضربُوا حَدهمْ ". وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق. وَذكر حَدِيث الَّذِي سرق ثَمَانِي مَرَّات فَقطع فِي الْخَامِسَة وَمَا بعْدهَا من عِنْد من لَيْسَ عِنْده، وَعَمن لَيْسَ هُوَ عَنهُ. وَذكر: " أقيلوا ذَوي الهيئات عثراتهم إِلَّا الْحُدُود ". وأوهم أَنه رَوَاهُ رجل لم يروه فِي الْموضع الَّذِي نَقله مِنْهُ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 800 كتاب الصَّيْد والذبائح والضحايا والعقيقة والأطعمة ذكر: " أكل الْكَلْب من الصَّيْد ". من رِوَايَة عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده، وَلم يعزه. وَذكر: " نهينَا عَن صيد كلب الْمَجُوسِيّ ". وَلم يبين علته. وَذكر: " كل إنسية توحشت فذكاتها ذَكَاة الوحشية ". وَضَعفه بِرَجُل وَترك غَيره. وَذكر: " أما السن فَعظم ". على أَنه مَرْفُوع، وَإِنَّمَا هُوَ من كَلَام الصَّحَابِيّ، وَالَّذِي أوردهُ هُوَ - مَعَ ذَلِك - مُنْقَطع. وَذكر حَدِيث: " أقرُّوا الطير على مكناتها ". وَسكت عَنهُ. وَذكر: " نهى عَن كل ذِي نَاب من السبَاع، ومخلب من الطير ". وَهُوَ مُنْقَطع. وَذكر: " النَّهْي عَن أكل الهر وَأكل ثمنهَا ". وَلم يبين أَنه ضَعِيف. وَذكر حَدِيث: " حرَام عَلَيْكُم لُحُوم الْحمر الْأَهْلِيَّة، وخيلها وبغالها ". وَلم يبين علته. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 801 وَذكر حَدِيث: " الضبغ وَالذِّئْب ". وَلم يبين علته. وَذكر: " هَل عنْدك من غَنِي يُغْنِيك فِي أكل الْميتَة ". وتبرأ من عهدته بِإِظْهَار مَوضِع علته. وَذكر حَدِيث حشرات الأَرْض. وَضَعفه بِرَجُل، وَترك غَيره. وَذكر حَدِيث القنفد، وأبرز من إِسْنَاده وَلم يبين. وَذكر حَدِيث عَائِشَة: " كَانَ صبياننا يَأْكُلُون الْجَرَاد ". وَصَوَّبَهُ مَوْقُوفا، وَلم يبين أَنه غير موصل، وَفِيه أَيْضا مَجْهُول. وَذكر النَّهْي عَن أكل أُذُنِي الْقلب. وَتغَير لَهُ من إِسْنَاده رجل وأتبع الحَدِيث مَا لَا يقْضِي لَهُ بِضعْف وَهُوَ ضَعِيف. وَذكر حَدِيث: " كَانَ يكره أكل سبع من الشَّاة ". وَضعه بِرَجُل وَترك غَيره. وَذكر حَدِيث: " ربط الدَّجَاجَة قبل أكلهَا ". وَضَعفه بِرَجُل وَترك غَيره. وَذكر حَدِيث: " من قتل عصفوراً ". وَسكت عَنهُ. وَذكر: " أمرت بِيَوْم الْأَضْحَى ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 802 وَسقط لَهُ بعض أَلْفَاظه وَتغَير بَعْضهَا. وَذكر: " التَّضْحِيَة بعد الْمَوْت ". وَضَعفه بِرَجُل وَترك غَيره. وَذكر: " على أهل كل بَيت فِي كل عَام أضْحِية وعتيرة ". وَلم يبين علته. وَذكر: " من شَاءَ عتر وَمن شَاءَ لم يعتر ". وَضَعفه بِرَجُل وَترك غَيره. وَذكر حَدِيث: " أستدين وأضحي "؟ وَلم يبين انْقِطَاعه وَلَا ضعفه. وَذكر حَدِيث: " أكل الذِّئْب من ذَنْب الْكَبْش ". وَضَعفه وَبَين انْقِطَاعه، وَترك رجلا لم يُضعفهُ بِهِ. وَذكر مُرْسل: " المصرمة أطباؤها ". وَلم يبين أَنه من رِوَايَة يحيى بن أَيُّوب؟ وَذكر: " هَذَا عني وَعَمن لم يضح من أمتِي ". وَلم يبين أَنه عَن عَمْرو بن أبي عَمْرو. وَذكر: " الْأَمر بمواراة الشفار عَن الْبَهَائِم ". وَرجحه مُرْسلا، وَلم يبين أَنه فِي الْموضع الَّذِي نَقله مِنْهُ غير موصل. وَذكر: " الِاشْتِرَاك فِي الْبَقَرَة عَن سَبْعَة وَفِي الْبَعِير عَن عشرَة ". وَحسنه وَهُوَ صَحِيح. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 803 وَذكر: " النَّهْي عَن شريطة الشَّيْطَان " وَسكت عَنهُ، وَهُوَ ضَعِيف. وَذكر: " النَّهْي أَن تفرس الذَّبِيحَة قبل أَن تَمُوت ". وَنبهَ على رجل وَترك غَيره. وَذكر فِي ترك التَّسْمِيَة أَحَادِيث لم يبين عللها. وَذكر: " كَانَ يُضحي بالجزور وبالكبش إِذا لم تكن جزور ". وَتغَير لَهُ لفظ من أَلْفَاظه. وَذكر: " ذَكَاة الْجَنِين ذَكَاة أمه ". وَضَعفه بِرَجُل وَترك غَيره. وَذكر: " أشعر أَو لم يشْعر ". وَلم يبين علته. وذكرأن فِي ذَلِك حَدِيث عَليّ، وَابْن عَبَّاس، وَأبي هُرَيْرَة. وَلم يبين أَيْضا عللها. وَذكر: " أَيَّام التَّشْرِيق كلهَا ذبح ". وَسكت عَنهُ. وَذكر: " النَّهْي عَن الذّبْح بِاللَّيْلِ ". وَضَعفه بِرَجُل وَأعْرض من غَيره وَلكنه أبرزه. وَذكر: " لَو طعنت فِي فَخذهَا لأجزأ عَنْك ". وَلم يبين علته. وَذكر: " مَا قطع من الْبَهِيمَة وَهِي حَيَّة فَهُوَ ميتَة ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 804 وَحسنه وَلم يبين لم لَا يَصح. وَذكر: " التَّصْدِيق بزنة الشّعْر فضَّة ". ورده بالانقطاع، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق. وَذكر: " الْأَذَان بِالصَّلَاةِ فِي أذن الْجَنِين ". وَسكت عَنهُ. وَذكر حَدِيث: " التَّعَوُّذ من الْجُوع ". وَسكت عَنهُ. وَذكر: " من اقتصد أغناه الله، وَمن بذر أفقره الله ". وَسكت عَنهُ. وَذكر حَدِيث: " طَعَام الْبَخِيل دَاء ". وَلم يعزه. وَذكر: " مَا عَال من اقتصد ". وَسكت عَنهُ. وَذكر حَدِيث عكراش فِي الْأكل مِمَّا يَلِيهِ، وَصفَة الْوضُوء مِمَّا مست النَّار. وَلم يبين الْمَانِع من صِحَّته. وَذكر: " لَا تشموا الطَّعَام ". وَأعله وَلم يذكر أَنه مَوْقُوفا أصوب وَهُوَ أَيْضا مَشْكُوك فِي اتِّصَاله. وَذكر: " النَّهْي عَن أَن يُقَام عَن الطَّعَام حَتَّى يرفع ". ورده بالانقطاع، وَلم يبين ضعفه. وَذكر حَدِيث: " ليتحلق عشرَة عشرَة ". وَصَححهُ بتصحيح التِّرْمِذِيّ وَفِيه مقَال. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 805 وَذكر: " اجْتَمعُوا على طَعَامكُمْ يُبَارك لكم فِيهِ ". وَسكت عَنهُ. وَذكر حَدِيث ابْن عَبَّاس فِي النَّهْي عَن الْأكل من أَعلَى الصحفة. وَرجحه على حَدِيث عبد الله بن بسر، وَلم يبين عِلّة حَدِيث عبد الله بن بسر. وَله طَرِيق صَحِيح لم يذكرهُ مِنْهُ. وَذكر حَدِيث: " إِذا أكل الطَّعَام والإدام أكل بِثَلَاث أَصَابِع ". وَضَعفه بِرَجُل، وَلم يعرض لآخر. وَذكر: " القَوْل بعد الطَّعَام ". وَسكت عَنهُ. وَذكر حَدِيث: " الطاعم الشاكر، بِمَنْزِلَة الصَّائِم الصابر ". وَحسنه، وَلم يبين لم لَا يَصح. وَذكر حَدِيث تفتيش التَّمْر وَأعله بِمَا لَيْسَ بعلة. وَذكر: " إِذا دخل على أَخِيه الْمُسلم، فَليَأْكُل وليشرب وَلَا يسْأَل ". وَترك مِنْهُ زِيَادَة، وَالَّذِي سَاق هُوَ غير موصل حَيْثُ رَآهُ. وَذكر حَدِيث عمر: " كلوا الزَّيْت وادهنوا بِهِ ". وَحكى عَن التِّرْمِذِيّ أَنه اضْطربَ فِيهِ، وَلم يبين الِاضْطِرَاب. وَذكر: " إِن كُنْتُم لابد آكليهما فأميتوهما طبخاً ". وَإِنَّمَا يَعْنِي أَن يُقَال فِيهِ: حسن. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 806 كتاب الْأَشْرِبَة ذكر: " النَّهْي أَن يجمع بَين شَيْئَيْنِ فِي الانتباذ مِمَّا يَبْغِي أَحدهمَا على الآخر ". وَضَعفه بِرَجُل وَترك غَيره، وَذكر أَن لَهُ فِيهِ إِسْنَادًا آخر صَحِيحا، وَهُوَ أَيْضا لَا يَصح. وَذكر حَدِيث أبي هُرَيْرَة: " اضْرِب بِهَذَا الْحَائِط فَإِنَّهُ شراب من لَا يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر ". وَسكت عَنهُ. وَذكر حَدِيث النُّعْمَان: " إِن من الْعصير خمرًا " وَسكت عَنهُ. وَذكر حَدِيث المزر. وَلم يبين أَنه من معنعنات أبي الزبير. وَذكر حَدِيث: " كل مخمر خمر ". بِإِسْنَادِهِ كالمتبرئ من عهدته، وَهُوَ صَحِيح. وَذكر: " لَا يشرب الْخمر رجل من أمتِي فَيقبل الله مِنْهُ صَلَاة أَرْبَعِينَ صباحاً ". وأبرز قِطْعَة من إِسْنَاده، وَسكت عَنهُ وَهُوَ لَا يَصح. وَذكر حَدِيث عبد الله بن عَمْرو: " وَالْخمر أم الْخَبَائِث " الحَدِيث وَسكت عَنهُ، وَهُوَ لَا يَصح. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 807 وَذكر حَدِيث: " الْخمر جماع الْإِثْم ". وَسكت عَنهُ كَذَلِك. وَذكر: " مَا أسكر كَثِيره فقليله حرَام ". وَلم يبين لم لَا يَصح. وَذكر حَدِيث عَائِشَة فِي ذَلِك. وَسكت عَنهُ وَهُوَ أَيْضا لَا يَصح. وَذكر حَدِيث: " إِن لم يَتْرُكُوهُ فقاتلوهم ". وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق. وَذكر: " حرمت الْخمر بِعَينهَا ". وَلم يعزه وَهُوَ أَيْضا غير موصل الْإِسْنَاد، وَلم يبين حَال مَجْهُول يرويهِ، وَضَعِيف كَذَلِك. وَذكر: " ليشربن نَاس من أمتِي الْخمر يسمونها بِغَيْر اسْمهَا ". وَعرض مِنْهُ لرجل وَترك غَيره. وَذكر حَدِيث: " لعن فِي الْخمر عشرَة ". وَلم يبين لم لَا يَصح. وَذكر أَحَادِيث شقّ زقاق الْخمر. وَلم يعزها، وَهِي عِنْد من نقلهَا من عِنْد غير موصلة. وَذكر حَدِيث: " جلد الْميتَة دباغه يحل كَمَا يحل خمر الْخلّ ". وَتغَير لَهُ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 808 وَذكر حَدِيث: " من شرب فِي إِنَاء من ذهب أَو فضَّة أَو إِنَاء فِيهِ شَيْء من ذَلِك ". وَسكت عَنهُ. وَذكر حَدِيث: " لَا تشْربُوا وَاحِدًا كشرب الْبَعِير ". وَضَعفه بِرَجُل، وَترك دونه. وَذكر حَدِيث: " أهْدى الْمُقَوْقس قدح قَوَارِير ". وَتعرض مِنْهُ لغير ابْن إِسْحَاق. وَذكر حَدِيث: " لَا تُرْسِلُوا فَوَاشِيكُمْ ". وَلم يبين أَنه من مُعَنْعَن أبي الزبير. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 809 كتاب اللبَاس ذكر حَدِيث: " الرُّخْصَة فِي الْحَرِير عِنْد الْقِتَال ". وَضَعفه بِرَجُل وَترك غَيره. وَذكر حَدِيث: " المعصفر المورد ". وأبرز من إِسْنَاده قِطْعَة، وَلم يزدْ على ذَلِك وَلَا بَين علته. وَذكر حَدِيث عَليّ فِي الذَّهَب وَالْحَرِير: " إنَّهُمَا حرَام على ذكورنا ". وَحسنه وَهُوَ ضَعِيف. وَذكر: " النَّهْي عَن لبس الذَّهَب إِلَّا مقطعاً ". وَلم يبين أَنه مُنْقَطع. وَذكر حَدِيث نهي النِّسَاء عَن تحلي الذَّهَب، فَقَالَ: إِنَّه رُوِيَ من طَرِيق ثَوْبَان، وَحُذَيْفَة، وَأبي هُرَيْرَة، وَأَسْمَاء بنت يزِيد، وَلم يبين عللها، وَوهم فِي نِسْبَة ذَلِك إِلَى حُذَيْفَة وَإِنَّمَا هُوَ لأخته. وَذكر حَدِيث: " النَّهْي عَن الْحَرِير وَالذَّهَب، ومياثر النمور ". وَسكت عَنهُ. وَذكر حَدِيث الْمُتَّخذ أنفًا من ذهب. وَسكت عَنهُ. وَذكر: " فرق مَا بَيْننَا وَبَين الْمُشْركين العمائم على القلانس ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 810 وَأعله بِمَا لَيْسَ بعلة وَترك مَا هُوَ عِلّة. وَذكر حَدِيث: لية لَا ليتين ". وَسكت عَنهُ. وَذكر: سدل طرفِي الْعِمَامَة بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه ". وَاعْتمد انْقِطَاعه كَأَنَّهُ لَا عيب لَهُ سواهُ. وَذكر حَدِيث النَّهْي عَن الْخَاتم إِلَّا لذِي سُلْطَان. وَهُوَ كَذَلِك. وَذكر حَدِيث عِمَامَة الْخَزّ. وَسكت عَنهُ. وَذكر حَدِيث مرط مرحل من شعر أسود. وَسكت عَنهُ أَيْضا وَذكر حَدِيث اسْتِحْبَاب الْقَمِيص. وَسكت أَيْضا عَنهُ، وَهُوَ مُنْقَطع ضَعِيف. وَذكر حَدِيث الْكمّ إِلَى الرسغ. وَلم يبين الْمَانِع من صِحَّته. وَذكر الاتكال على الْيَسَار. وَسكت عَنهُ وَذكر تَسَاوِي الْإِزَار والقميص فِي السدل. وَسكت أَيْضا عَنهُ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 811 وَذكر الاتزار على ظهر الْقدَم. وَسكت عَنهُ. وَذكر: " لَا تدخل الْمَلَائِكَة بَيْتا فِيهِ كلب، وَلَا صُورَة، وَلَا جنب ". مردفاً حَدِيث ابْن عَبَّاس كَأَنَّهُ عَنهُ وَإِنَّمَا هُوَ عَن عَليّ. وَذكر حَدِيث: " أحسن مَا يكون من الْحلَل ". وَهُوَ من رِوَايَة عِكْرِمَة بن عمار. وَذكر حَدِيث القَوْل إِذا استجد ثوبا. وَهُوَ من رِوَايَة الْجريرِي. وَذكر قرع يَد المختم بِالذَّهَب. وَهُوَ غير موصل الْإِسْنَاد فِي الْموضع الَّذِي نَقله مِنْهُ. وَذكر حَدِيث خَاتم الذَّهَب للنِّسَاء. وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق. وَذكر: " لَا يكْتب فِي الْخَاتم بِالْعَرَبِيَّةِ ". وَهُوَ غير موصل فِي الْموضع الَّذِي نَقله مِنْهُ، وأوهم أَنه يروي من مُرْسل حميد، وَإِنَّمَا هُوَ من مُرْسل الْحسن. وَذكر: " النَّهْي عَن كثير من الإرفاه ". وَسكت عَنهُ. وَذكر حَدِيث: " لَا يزَال رَاكِبًا مَا انتعل ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 812 وَسكت أَيْضا عَنهُ. وَذكر أَيْضا: " من السّنة أَن يخلع نَعْلَيْه ". وَسكت أَيْضا عَنهُ. وَذكر: " وَاجْتَنبُوا السوَاد ". وَسكت عَنهُ وَترك لَهُ طَرِيقا أحسن. وَذكر: " غيروا الشيب وَلَا تشبهوا باليهود ". وَرجحه مُرْسلا، والمسند جيد. وَذكر: " إِن أحسن مَا غيرتم بِهِ الشيب الْحِنَّاء والكتم ". وَسكت عَنهُ. وَذكر: " لبس النِّعَال السبتية وتصفير اللِّحْيَة بالورس والزعفران ". وَأتبعهُ قولا يُوهم ضعفه. وَذكر حَدِيث الْفرق من اليافوخ وإرسال الناصية. وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق. وَذكر: " دُخُوله عَلَيْهِ السَّلَام مَكَّة وَله أَربع غدائر ". وَحسنه وَلم يذكر علته الَّتِي لَا يَصح لأَجلهَا، وَهِي الِانْقِطَاع. وَذكر: " شمط مقدم رَأسه ولحيته ". وَلم يبين أَنه من رِوَايَة سماك. وَذكر: " النَّهْي عَن حلق الْقَفَا إِلَّا عِنْد الْحجامَة ". وَسقط مِنْهُ راو، وَعرض من إِسْنَاده لرجل وَترك غَيره. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 813 وَذكر: " لَوْلَا طول جمته وإسبال إزَاره ". وَلم يبين علته وطوى من إِسْنَاده ذكر من هُوَ عِنْده ضَعِيف. وَذكر حَدِيث الِاسْتِجْمَار بالألوة والكافور. وَسكت عَنهُ وَهُوَ مُنْقَطع. وَذكر: " لَا تدخل الْمَلَائِكَة بَيْتا فِيهِ جرس ". وَسكت عَنهُ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 814 كتاب الْأَسْمَاء والكنى ذكر حَدِيث: " تسموا بأسماء الْأَنْبِيَاء ". وَسكت عَنهُ. وَذكر: " يَا ابا عُمَيْر مَا فعل النغير ". فأبعد فِيهِ النجعة. وَذكر: " لَا تَقولُوا لِلْمُنَافِقِ سيدنَا ". وَهُوَ مغير. وَذكر حَدِيث: " يسمونهم مُحَمَّدًا ثمَّ يسبونهم ". وَسكت عَنهُ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 815 بَاب السَّلَام والاستئدان ذكر: " عَلَيْك السَّلَام تَحِيَّة الْمَوْتَى " وَسكت عَنهُ. وَذكر حَدِيث: " السَّلَام قبل السُّؤَال ". واقتطع من إِسْنَاده وَترك من هُوَ كَذَّاب. وَذكر: " تلقى جعفراً حِين قدم من الْحَبَشَة. وَعَزاهُ إِلَى مَوضِع لم أَجِدهُ فِيهِ. وَذكر: السَّلَام عَلَيْكُم، أَدخل؟ ". وَحسنه وَلم يبين لم لَا يَصح. وَذكر: " لَا يَأْذَن لمن لَا يبْدَأ بِالسَّلَامِ ". وَأعله بِشَيْء وَترك آخر. وَذكر: " لَا تأذنوا لمن لَا يبْدَأ بِالسَّلَامِ ". كَذَلِك أَيْضا. وَذكر: " لَا يسْتَقْبل البا من تِلْقَاء وَجهه ". وَسكت عَنهُ. وَذكر: " إِذا لم يكن على الْبَاب ستر وَلَا بَاب ". وَضَعفه بِرَجُل وَترك غَيره، وتصحف مِنْهُ اسْم فِي بعض النّسخ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 816 بَاب ذكر: " من بَات على ظهر بَيت لَيْسَ عَلَيْهِ حجار ". وَسكت عَنهُ. وَذكر " النَّهْي أَن يمشي الرجل بَين الْمَرْأَتَيْنِ ". وَأعله بِمَا لَيْسَ لَهُ بعلة، وَترك علته. وَذكر: " يَا معشر النِّسَاء لَا تحققن الطَّرِيق ". وَضَعفه بِرَجُل وَترك غَيره. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 817 بَاب ثَوَاب الْأَمْرَاض والطب ذكر: " يود أهل الْعَافِيَة لَو أَن لحومهم قرضت بِالْمَقَارِيضِ ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ فِي الْموضع الَّذِي نَقله مِنْهُ غير موصل. وَذكر: " لكل دَاء دَوَاء ". وَسكت عَنهُ. وَذكر: " لَا تكْرهُوا مرضاكم على الطَّعَام وَالشرَاب ". وَحسنه وَهُوَ ضَعِيف. وَذكر: " فليشن عَلَيْهِ المَاء الْبَارِد من السحر ثَلَاثًا ". فأبعد فِيهِ النجعة. وَذكر أَيْضا: " فَأَبْرِدُوهَا بِمَاء زَمْزَم ". وَهُوَ كَذَلِك. وَذكر: " ائْتِ الْحَارِث بن كلدة ". وَفِي اتِّصَاله نظر. وَذكر: " لَيست الدَّوَاء وَلكنهَا الدَّاء ". وَلم يبين أَنه من رِوَايَة سماك. وَذكر: " النَّهْي أَن تَسْقِي الْبَهَائِم الْخمر ". وَلم يبين أَنه غير موصل الْإِسْنَاد. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 818 وَذكر: " إِن أفضل مَا تداويتم بِهِ الْحجامَة والسعوط " الحَدِيث. وَلم يبين أَنه من رِوَايَة عباد بن مَنْصُور. وَذكر حَدِيث: " بِمَ تستمشين؟ قَالَت: بالشبرم ". وَلم يبين الْمَانِع من تَصْحِيحه. وَذكر: " من احْتجم لسبع عشرَة ". وَسكت عَنهُ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 819 بَاب ذكر حَدِيث: " البسوا من ثيابكم الْبيَاض ". وَعطف عَلَيْهِ حَدِيثا آخر لَيْسَ مقتضاهما وَاحِدًا. وَذكر حَدِيث التَّعَوُّذ بالمعوذتين. وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق. وَذكر: " كَانَ يكره عشر خِصَال، مِنْهَا الرقى بِغَيْر المعوذات ". وَضَعفه رجل، وَترك غَيره. وَذكر حَدِيث: الْأكل مَعَ المجذوم ". وَرجحه مَوْقُوفا وَهُوَ لَا بَأْس بِهِ مَرْفُوعا. وَذكر: " من لعب بالنرد ". وَلم يبين انْقِطَاعه. وَذكر: " الشطرنج ملعونة ". وَلم يبين علته مَعَ الْإِرْسَال. وَذكر: " من بَات فَوق إجار، أَو ركب الْبَحْر فِي ارتجاجه ". وَلم يبين أَنه غير موصل. وَذكر حَدِيث: " النادرة أَن تضرب بالدف وتغني ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 820 وَصَححهُ وَفِيه مقَال. وَذكر: " إِن الْغناء ينْبت النِّفَاق فِي الْقلب ". وَضَعفه بِرَجُل، وَترك آخر. وَذكر حَدِيث: " إِذا فعلت أمتِي خمس عشرَة خصْلَة ". وَضَعفه وَلم يبين أَنه غير موصل، وَترك أَن يُورِدهُ مُتَّصِلا من عِنْد التِّرْمِذِيّ، وأوهم فِيهِ رِوَايَة رَاوِيه عَمَّن يدْرك. وَذكر حَدِيث: " الْمُغنيَة حرَام ". وَضَعفه بِرَجُل وَترك غَيره. وَذكر حَدِيث: " إِذا تمنى أحدكُم ". وَسكت عَنهُ إِلَّا أَنه أبرز مَوضِع علته. وَذكر: " الْأَمر بقتل الْحَيَّات ". وَلم يبين أَنه من رِوَايَة شريك وَأَنه مُخْتَلف فِي اتِّصَاله. وَذكر حَدِيث: " لَا حَلِيم إِلَّا ذُو عَثْرَة ". وَسكت عَنهُ. وَذكر: " إِذا دعت أحدكُم أمة فِي الصَّلَاة فليجب ". وَلم يبين أَنه غير موصل. وَذكر: " هَل بَقِي من بر أَبَوي شَيْء ". وَسكت عَنهُ. وَذكر: ثَلَاثَة لَا ينظر الله إِلَيْهِم ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 821 وَسكت عَنهُ. وَذكر: ثَلَاث دعوات مستجابات لَا شكّ فِيهِنَّ ". وَسكت عَنهُ. وَذكر: " لكل دين خلق ". وَحَدِيث " زَينُوا الْإِسْلَام بخصلتين ". وحسنهما وهما ضعيفان بعلة وَاحِدَة. وَذكر قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام لأنس: " يَا ذَا الْأُذُنَيْنِ ". وَصَححهُ وَإِنَّمَا هُوَ حسن. وَذكر: " الْهَدْي الصَّالح، والسمت الصَّالح، والاقتصاد ". وَسكت عَنهُ. وَذكر: " من خزن لِسَانه ستر الله عَوْرَته ". وَسكت عَنهُ. وَذكر: " من عَاد مَرِيضا، أَو زار أَخا لَهُ ". وَحسنه وَهُوَ ضَعِيف. وَذكر: " لَيْسَ منا من لم يرحم صَغِيرنَا ". وَسكت عَنهُ. وَذكر: لَيْسَ الْمُؤمن بالطعان ". وَله طَرِيق أحسن من الَّذِي جَاءَ بِهِ مِنْهُ. وَذكر: " من رد عَن عرض أَخِيه ". وَلم يبين لم لَا يَصح. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 822 وَذكر: " من أبلغ ذَا سُلْطَان ". وَسكت عه. وَذكر: " إيَّاكُمْ والحسد ". وَسكت عَنهُ. وَذكر: " دَعْوَة الْمَظْلُوم مستجابة ". وَلم يعلله، وَلكنه أبرز مَوضِع النّظر فِيهِ. وَذكر: " إِذا رَأَيْتُمْ أمتِي تهاب الظَّالِم ". ورده بالانقطاع وَفِي ذَلِك نظر؟ وَذكر: أفضل الْجِهَاد كلمة حق عِنْد سُلْطَان جَائِر ". وَسكت عَنهُ. وَذكر: " إِنَّكُم منصورون ومصيبون ". وَلم يبين أَنه من رِوَايَة سماك. وَذكر: " بل ائْتَمرُوا بِالْمَعْرُوفِ ". وَلم يبين لم لَا يَصح. وَذكر: " مَا زَالَ جِبْرِيل يوصيني بالجار ". وَنسبه إلىغير رَاوِيه. وَذكر: " يَأ أَيهَا النَّاس تُوبُوا إِلَى الله ". وَنسبه كَذَلِك إِلَى غير رَاوِيه. وَذكر: " إِن الله يقبل تَوْبَة عَبده مَا لم يُغَرْغر ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 823 وَحسنه وَهُوَ صَحِيح. وَذكر: " مَا رَأَيْت مثل النَّار نَام هَارِبهَا ". وَسكت عَنهُ، إِلَّا أَنه أبرز من إِسْنَاده مَوضِع علته. وَذكر: " ليفتخرن أَقوام ". وَلم يبين لم لَا يَصح. وَذكر: " من كَانَت لَهُ سريرة حَسَنَة ". وَلم يبين أَنه غير موصل الْإِسْنَاد وَنسبه إِلَى غير رَاوِيه. وَذكر حَدِيث: " لَو لم تَكُونُوا تذنبون لَخَشِيت عَلَيْكُم مَا هُوَ أَكثر مِنْهُ: الْعجب ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ من رِوَايَة مُخْتَلف فِيهِ. وَذكر: " أملك عَلَيْك لسَانك، وليسعك بَيْتك ". وَسكت عَنهُ أَيْضا، وَهُوَ ضَعِيف. وَذكر: " إِن أغبط أوليائي عِنْدِي ". وَنسبه إِلَى غير رَاوِيه. وَذكر: إِذا رَأَيْتُمْ الرجل قد أعطي زهداً فِي الدُّنْيَا ". وَسكت عَنهُ أَيْضا. وَذكر حَدِيث: " الصمت حكم وَقَلِيل فَاعله ". وَحسنه وَهُوَ إِلَى الضعْف اقْربْ. وَذكر: " لَا تكثروا الْكَلَام بِغَيْر الله ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 824 وَسكت عَنهُ. وَذكر حَدِيث: " أَرْبَعَة من الشَّقَاء ". وَسكت عَنهُ. وَذكر حَدِيث: " إِن للشَّيْطَان لمة، وللملك لمة ". وَصَححهُ بتصحيح التِّرْمِذِيّ وَإِنَّمَا هُوَ حسن. وَذكر حَدِيث: " الدُّنْيَا ملعونة مَلْعُون مَا فِيهَا ". وَحسنه وَلم يبين لم لَا يَصح. وَذكر: " يَا ابْن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك إِيمَانًا ". وَسكت عَنهُ. وَذكر حَدِيث: " مَا طلعت قطّ شمس إِلَّا بعث بجنبيتها ملكان " الحَدِيث وَسكت عَنهُ. وَذكر هجران زَيْنَب على قَوْلهَا: أَنا أعطي تِلْكَ الْيَهُودِيَّة. وَسكت عَنهُ. وَذكر: " الْكِبْرِيَاء رِدَائي ". وَعَزاهُ إِلَى مَوضِع لَيْسَ هُوَ فِيهِ. وَذكر حَدِيث: " أَفْلح من أسلم ورزق كفافاً ". وَعَزاهُ إِلَى مَوضِع لم أَجِدهُ فِيهِ. وَذكر حَدِيث: " من أصبح آمنا فِي سربه ". وَحسنه، وَلم يبين لم لَا يَصح. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 825 وَذكر حَدِيث: " يحْشر المتكبرون يَوْم الْقِيَامَة أَمْثَال الذَّر ". وَحسنه، وَلم يبين لم لَا يَصح. وَذكر حَدِيث: " عرض عَليّ رَبِّي ليجعل لي بطحاء مَكَّة ذَهَبا ". وَهُوَ كَذَلِك محسن، وَيَنْبَغِي أَن يُقَال فِيهِ: ضَعِيف. وَذكر حَدِيث: " اعقلها وتوكل ". واعتنى مِنْهُ بِرَجُل، وَترك غَيره مِمَّن لَا تعرف حَاله. وَذكر: " لَا يبلغ العَبْد أَن يكون من الْمُتَّقِينَ ". وَحسنه، وَلم يبين لم لَا يَصح. وَذكر حَدِيث: " لَو أَن رجلا خر على وَجهه من يَوْم ولد إِلَى أَن يَمُوت هرماً فِي طَاعَة الله ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ غير موصل. وَذكر حَدِيث: " لَا تَتَمَنَّوْا الْمَوْت فَإِن هول المطلع شَدِيد ". وَسكت عَنهُ، وَإِنَّمَا هُوَ حسن. وَذكر حَدِيث: " سُؤال ابْن صياد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن تربة الْجنَّة ". وَسكت عَنهُ. وَذكر حَدِيث: " مَا فِي الْجنَّة شَجَرَة إِلَّا وساقها من ذهب ". وَحسنه، وَلم يبين لم لَا يَصح. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 826 وَذكر حَدِيث: " لِبَاس أهل الْجنَّة وشرابهم وآنيتهم ". وَسكت عَنهُ. وَذكر حَدِيث: " أَيَنَامُ أهل الْجنَّة ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ غير موصل. وَذكر حَدِيث: " لَو أَن رصاصة مثل هَذِه ". وَصَححهُ، وَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَن يُقَال فِيهِ: حسن. وَذكر حَدِيث: " وهم فِيهَا كَالِحُونَ ". وَهُوَ كَذَلِك. وَذكر حَدِيث: " يصب الْحَمِيم فَوق رؤوسهم ". وَهُوَ كَذَلِك. وَذكر: " إِن الْكَافِر يسحب لِسَانه الفرسخ ". وَقَالَ فِيهِ: غَرِيب، وَلم يبين لم لَا يَصح. وَذكر: " أهل الْجنَّة مائَة وَعِشْرُونَ صفا ". وَحسنه، وَلم يبين لم لَا يَصح. وَذكر: " أول مَا خلق الله الْقَلَم ". وَضَعفه، وَلم يبين علته. وَذكر حَدِيث: " صنفان من أمتِي لَيْسَ لَهُم فِي الْإِسْلَام نصيب ". وَقَالَ فِيهِ: غَرِيب، وَلم يبين لم لَا يَصح. وَذكر حَدِيث: " فَإِذا غلبك أَمر ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 827 وَسكت عَنهُ. وَذكر حَدِيث: " طبع كَافِرًا ". ونقصه من إِسْنَاده وَاحِد. وَذكر: " من قَالَ حِين يصبح: اللَّهُمَّ إِنِّي أشهدك وَأشْهد حَملَة عرشك ". وَسكت عَنهُ. وَذكر: " الاستجارة من النَّار سبعا ". وَسكت عَنهُ. وَذكر: " مَا قَالَ عبد قطّ: لَا إِلَه إِلَّا الله مخلصاً ... ". وَحسنه، وَلم يبين لم لَا يَصح. وَذكر حَدِيث: " مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام عَلمنِي شَيْئا أذكرك بِهِ ". وَسكت عَنهُ. وَذكر حَدِيث: " وَصِيَّة نوح ابْنه ". وَسكت عَنهُ، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق. وَذكر: " استكثروا من الْبَاقِيَات الصَّالِحَات ". وَسكت عَنهُ. وَذكر حَدِيث: " من قَالَ: سُبْحَانَ الله غرست لَهُ نَخْلَة فِي الْجنَّة ". وَسكت عَنهُ. وَذكر حَدِيث: " من لزم الاسْتِغْفَار ". وَسكت عَنهُ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 828 وَذكر حَدِيث: " أما يرضيك أَنه لَا يُصَلِّي عَلَيْك أحد إِلَّا صليت عَلَيْهِ عشرا ". وَسكت عَنهُ. وَذكر حَدِيث: " لَيْسَ شَيْء أكْرم على الله من الدُّعَاء ". وَحسنه، وَيَنْبَغِي أَن يُقَال فِيهِ: صَحِيح. وَذكر حَدِيث: " لَا يرد الْقَضَاء إِلَّا الدُّعَاء ". وَحسنه، وَلم يبين لم لَا يَصح. وَذكر حَدِيث: " لَا يزَال يُسْتَجَاب للْعَبد مَا لم يدع بإثم ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ من عِنْد مُسلم وَحقه أَن يُقَال: حسن. وَذكر حَدِيث: " إِذا رأى أحدكُم من نَفسه، أَو مَاله، أَو أَخِيه مَا يُعجبهُ " وَسكت عَنهُ. وَذكر حَدِيث: " إِذا [رَأْي] مَا يكره قَالَ: الْحَمد لله على كل حَال ". وَسكت عَنهُ. وَذكر حَدِيث ابْن عمر فِي القَوْل: " إِذا خرج مُسَافِرًا ". وَأَرْدَفَ مِنْهُ رِوَايَة إردفاً، موهماً أَنَّهَا من رِوَايَة من لم يروها. وَذكر حَدِيث: " أَن رجلا أَرَادَ سفرا فَقَالَ: " زودني ". وَحسنه، وَيَنْبَغِي على أَصله أَن يُصَحِّحهُ. وَذكر حَدِيث جَابر: " إِذا سَمِعْتُمْ نباح الْكَلْب ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 829 وَسكت عَنهُ، وَلم يبين أَنه من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق. وَذكر حَدِيث: " اطْلُبُوا الْخَيْر، وتعرضوا لنفحات الله ". وَلم يبين أَنه فِي الْموضع الَّذِي نَقله مِنْهُ غير موصل الْإِسْنَاد. وَذكر حَدِيث: " الدُّعَاء عِنْد الكرب ". وَهُوَ مَشْكُوك فِي اتِّصَاله. وَذكر حَدِيث أبي بكر: " سلوا لله الْعَفو والعافية والمعافاة ". وَسكت عَنهُ. وَذكر حَدِيث: اللَّهُمَّ ارزقني حبك ". وَحسنه وَهُوَ ضَعِيف ". وَذكر حَدِيث: " اللَّهُمَّ اقْسمْ لنا من خشيتك مَا تحول بِهِ بَيْننَا وَبَين مَعَاصِيك ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ ضَعِيف. وَذكر حَدِيث: " اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من النِّفَاق والشقاق ". وَسكت عَنهُ. وَذكر حَدِيث: " الِاسْتِعَاذَة من ضلع الدَّين، وَغَلَبَة الرِّجَال ". وَسكت عَنهُ. وَذكر حَدِيث: أَي آيَة مَعَك من كتاب الله أعظم ". وَسكت عَنهُ. وَذكر حَدِيث: قلب الْقُرْآن يس ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 830 وَسكت عَنهُ وَذكر حَدِيث: " قِرَاءَة الْوَاقِعَة كل لَيْلَة ". وَسكت عَنهُ. وَذكر حَدِيث: " الَّذِي سمع فِي الْقَبْر قِرَاءَة رجل يقْرَأ سُورَة تبَارك ". وَسكت عَنهُ. وَذكر حَدِيث: " من نسي الْقُرْآن لَقِي الله وَهُوَ أَجْذم ". وَلم يبين أَنه مُنْقَطع. وَذكر: " من قَالَ فِي الْقُرْآن بِرَأْيهِ ". وَسكت عَنهُ، وَهُوَ ضَعِيف من حَيْثُ ذكره، وَله طَرِيق صَحِيح. وَذكر: " إِن الْيَهُود مغضوب عَلَيْهِم وَالنَّصَارَى ضلال ". وَسكت عَنهُ. وَذكر حَدِيث: " لما نزلت: {وَلَا تقربُوا مَال الْيَتِيم إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أحسن} وَسكت عَنهُ. وَذكر حَدِيث: " نسخ: {لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى} بِآيَة: {إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر} وَسكت عَنهُ. وَذكر قصَّة موت أبي طَالب، والقصة مُرْسلَة. وَذكر حَدِيث أنس فِي الْإِسْرَاء، وَهُوَ أَيْضا يَنْبَغِي أَن يكون مُرْسلا. وَذكر حَدِيث أبي رزين: " أَيْن كَانَ رَبنَا ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 831 وَحسنه، وَلم يبين لم لَا يَصح. وَذكر حَدِيث: {فَلَمَّا بلغا مجمع بَينهمَا} ، قَالَ: إفريقية ". مَوْقُوفا. وَهُوَ فِي الْموضع الَّذِي نَقله مِنْهُ مَرْفُوعا، وَضَعفه بِرَجُل وَترك غَيره. وذكرحديث: " أَي الْأَجَليْنِ قضى مُوسَى ". وَسكت عَنهُ. وَذكر حَدِيث: " مراهنة أبي بكر للْمُشْرِكين فِي غَلَبَة الرّوم فَارس ". وَصَححهُ. وَذكر حَدِيث: " تَخْفيف يَوْم الْحساب على الْمُؤمن ". وَسكت عَنهُ. وَذكر حَدِيث: " أصدقكم رُؤْيا أصدقكم حَدِيثا ". وَسكت عَنهُ. وَذكر حَدِيث: " أصدق الرُّؤْيَا بالأسحار ". وَسكت عَنهُ. وَذكر حَدِيث ابْن عمر: " أَنْتُم الْعَكَّارُونَ ". وَسكت عَنهُ. وَذكر حَدِيث أنس: " فِي سُؤال أهل مَكَّة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يُرِيهم آيَة، فَأَرَاهُم انْشِقَاق الْقَمَر مرَّتَيْنِ ". وَهُوَ يَنْبَغِي أَن يكون مُرْسلا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 832 وَذكر حَدِيث: " اثْبتْ حراء ". وَسكت عَنهُ. وَذكر: " إِن الله اخْتَار أَصْحَابِي ". وَسكت عَنهُ. وَذكر حَدِيث: " إِن الله قَالَ لعيسى بن مَرْيَم: إِنِّي باعث من بعْدك أمة ". وَسكت عَنهُ. وَذكر حَدِيث: " تعوذوا بِاللَّه من الْفِتَن ". وَسكت عَنهُ. وَذكر حَدِيث: تَدور رحى الْإِسْلَام ". وَسكت عَنهُ. وَذكر حَدِيث: " إِن الشَّيْطَان قد أيس أَن يعبده المصلون فِي جَزِيرَة الْعَرَب ". وَسكت عَنهُ. وَهَذَا آخر مَا كتبناه مِمَّا وَجَدْنَاهُ، وَلَعَلَّ غَيرنَا لَا يرى الكثر مِنْهُ وَلَا يرضاه، وَلم نَكْتُبهُ معتقدين فِيهِ ارْتِفَاع الْمُعَارضَة، وَلَا عدم الْمُنَازعَة، بل ذكرنَا مبلغ علمنَا محركين للبحث عَنهُ، الْمُصَحح مَا قُلْنَاهُ أَو الْمُبْطل لَهُ. وَلَا أَيْضا قُلْنَا: إِن هَذَا الَّذِي كتبنَا هُوَ كل مَاله من أَمْثَاله، وَلَعَلَّ غَيرنَا سيجد زِيَادَة عَلَيْهِ، قَليلَة أَو كَثِيرَة. وَإِن كَانَ فَاتَنِي الْإِحْسَان فِيهِ والإصابة، فَلَا يفوت نَفسك الْإِحْسَان إِلَيْهَا بالتحقيق المعثر على الصَّوَاب، وَالدُّعَاء لأخيك الْمُسلم بِالْعَفو عَن التَّقْصِير الجزء: 5 ¦ الصفحة: 833 والإسهاب، وتوفير الْأجر، وأجزال الثَّوَاب، وتحسين الْعَاقِبَة والمآب، فَإِن دُعَاء الْمُسلم لِأَخِيهِ بِظهْر الْغَيْب مستجاب، وَالله بمنه ولي التَّوْفِيق وَالْهَادِي إِلَى سَوَاء الطَّرِيق، وَله الْحَمد على آلائه، وَصلَاته وَسَلَامه على خَاتم أنبيائه. وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِهِ. كمل جَمِيع كتاب بَيَان الْوَهم وَالْإِيهَام، الواقعين فِي كتاب الْأَحْكَام بتأييد الله تَعَالَى وَحسن عونه. على يَد العَبْد، الْفَقِير إِلَى رَحْمَة ربه، الراجي الْعَفو بِمُحَمد وَآله وَصَحبه وإجزال الثَّوَاب من إلهه، وَهُوَ غَايَة إربه، الْحَمد لله رب الْعَالمين، وصلواته على عباده الْمُرْسلين. وَسَلام. مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عبيد الله حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل. تمّ مُقَابلَته على نُسْخَة أصليه، وَالْحَمْد لله على ذَلِك. بتاريخ الثَّامِن من جُمَادَى الأول سنة عشْرين وَسَبْعمائة. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 834