الكتاب: جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس المؤلف: محمد بن فتوح بن عبد الله بن فتوح بن حميد الأزدي الميورقي الحَمِيدي أبو عبد الله بن أبي نصر (المتوفى: 488هـ) الناشر: الدار المصرية للتأليف والنشر - القاهرة عام النشر: 1966 م   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] ---------- جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس الحَمِيدي، ابن أبي نصر الكتاب: جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس المؤلف: محمد بن فتوح بن عبد الله بن فتوح بن حميد الأزدي الميورقي الحَمِيدي أبو عبد الله بن أبي نصر (المتوفى: 488هـ) الناشر: الدار المصرية للتأليف والنشر - القاهرة عام النشر: 1966 م   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] الجزء الأول بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على محمد نبيه الكريم وعلى آله بحمد الله نبتدئ ونختم، وبتأييده إلى كل مراد نتقدم؛ وبالصلاة على رسوله المصطفى نتبرك، وبالسلام عليه نرجو أن يسهل علينا المسك. فالحمد لله على ما أولانا من النعم، وذكرنا به منها ونحن في العدم، ثم والاها على الدوام، وحملنا فيها على أتم الإكرام، حمداً يوجب لنا به بلوغ الرضى، وصلاح الآخرة والأولى؛ وصلى الله على نبيه محمد المصطفى صلاة موصولة بالوصول، مقرونة بالقبول، مقتضية للبركات، قاضية بأفضل السعادات، وعلى آله وسلم عليه وعليهم تسليماً دائم الأمد، وافر العدد، ما أشرق الضياء، ودامت الأرض والسماء. أما بعد فإن بعض من التزم واجب شكره على جميل بره، لما وصلت إلى بغداد، وحصلت من إفادته على أفضل مستفاد، نبهنى على أن أجمع ما يحضرنى من أسماء رواة الحديث بالأندلس، وأهل الفقه والأدب، وذوى النباهة والشعر، ومن له ذكر منهم، أو ممن دخل إليهم، أو خرج عنهم في معنى من معانى العلم والفضل، أو الرياسة والحرب. فأعلمته ببعدى عن مكان هذا المطلوب، وقلة ما صحبنى من الغرض المرغوب، وأنى إن رمته على قلة ما عندى، وتعاطيته على انقطاع موادى وبعدى، لم أخل من أحد وجهين: إما أن أبخس القوم حظهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 1 وأنقصهم، فأتعرض للائمتهم فيما أوردت، وأقف موقف الاعتذار فيما له قصدت؛ وإما أن أوهم من رأى قلة جمعى، ونهاية ما في وسعى أنه ليس من أهل الفضل في تلك البلاد إلا نزر من الأعداد، فأكون بعد احتفالى لهم قد قصرت بهم، وعند اجتهادى في ذكرهم قد أخللت بفخرهم، وما أرانى مع ذلك إلا متصدياً لمذمة الطائفتين، منتظماً لتتبع الفرقتين لا سيما ولعلماء أقطار ذلك البلد في أنواع هذا المعنى كتب كثيرة العدد، منها لابن حارث، ولابن عبد البر، ولأحمد بن محمد التاريخى، وابن حيان، وسائر المؤرخين هناك على تباين مراتب جمعهم واهتمامهم، مما لو حضرنى بعضه فحذفت التكرار، واقتصرت على العيون، ووصلت به ما عندى، لا ستطيل واستكثر؛ على أنى أعلم أن هذا المقصد الذي سبق إلى تقييده المؤرخون من أسلافنا، وتلاهم التابعون لهم في ضبطه من أخلافنا، جم الفائدة، عظيم العائدة، لما فيه مما لا يخفى على متميز، إلى جهة من جهات المعرفة متحيز؛ ولحرصى على قبول هذا التنبيه، وإن قل ما عندى فيه، بادرت إلى جمع المفترق الحاضر، وإخراج ما في الحفظ منه وإتعاب الخاطر، رجاء الثواب في تنويه بعالم، وتنبيه على فضل فاضل، وتوقيف على غرض، وتحقيق لنسب أو خبر؛ ولا يخلو أن يكون في أثناء ذلك زيادة علم تقتنى، أو ثمرة أدب وشعر تجتنى. وعلينا إن بلغنا إلى المراد، في سلوك تلك البلاد، أن نستأنف الاستيفاء مع وجود المواد إن شاء الله عز وجل، وبالله تعالى نستعيذ من موارد الزلل، وإياه نستعين على إدراك الصواب في القول والعمل، وهو حسبنا في كل أمل، ونعم الوكيل. فأول ما نبدأ به أن نذكر وقت افتتاحها، ومن فتحها، ومن وقع إلينا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 2 ذكره ممن دخلها من التابعين وممن وليها من الأمراء هلم جرا، ثم نذكر سائر من قصدنا ذكره مما في الحفظ أو في حاضر الكتب، مرتباً على حروف المعجم، ونعتمد ذلك أيضاً في كل حرف إذ لم يصح لنا ترتيبهم على الأوقات، ولا على الطبقات؛ وكل ذلك على الاختصار المقصود؛ ومع ما في ذكر أمرائها وأزمانهم من المعرفة فإن فيه فائدة أخرى وهو أنا إذا لم نقف على تحديد وقت وفاة أحد ممن ذكرناه من غيرهم، نسبناه إلى أيام من عرفنا أنه كان في أيامه من الأمراء، فاستبانت بذلك طبقته، وعرف زمانه. فأما أول أوقات افتتاحها ففي سنة اثنتين وتسعين من الهجرة، في القرن الثاني الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه خير القرون بعد قرنه؛ وأما الذي تولى فتحها وكان أمير الجيش السابق إليها فطارق، قيل ابن زياد، وقيل ابن عمرو، وكان والياً على طنجة مدينة من المدن المتصلة ببر القيروان في أقصى المغرب، بينها وبين الأندلس فيما يقابلها خليج من البحر يعرف بالزقاق وبالمجاز؛ رتبه فيها موسى بن نصير أمير القيروان. وقيل إن مروان بن موسى بن نصير خلف طارقاً هناك على العساكر، وانصرف إلى أبيه لأمر عرض له، فركب طارق البحر إلى الأندلس من جهة مجاز الخضراء، منتهزاً لفرصة أمكنته، فدخلها وأمعن فيها، واستظهر على العدو بها، وكتب إلى موسى ابن نصير بغلبته على ما غلب عليه من الأندلس وفتحه، وما حصل له من الغنائم، فحسده على الانفراد بذلك، وكتب إلى الوليد بن عبد الملك بن مروان يعلمه بالفتح، وينسبه إلى نفسه، وكتب إلى طارق يتوعده إذ دخلها بغير إذنه، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 3 ويأمره أن لا يتجاوز مكانه حتى يلحق به؛ وخرج متوجهاً إلى الأندلس، واستخلف على القيروان ولده عبد الله وذلك في رجب سنة ثلاث وتسعين، وخرج معه حبيب ابن أبي عبيدة الفهرى ووجوه العرب والموالى وعرفاء البربر، في عسكر ضخم، ووصل من جهة المجاز إلى الأندلس، وقد استولى طارق على قرطبة دار المملكة، وقتل لذريق ملك الروم بالأندلس، فتلقاه طارق وترضاه، ورام أن يستسل ما في نفسه من الحسد له، وقال له: إنما أنا مولاك ومن قبلك وهذا الفتح لك، وحمل طارق ما كان غنم من الأموال، فلذلك نسب الفتح إلى موسى بن نصير لأن طارقا من قبله، ولأنه استزاد في الفتح ما بقى على طارق. وأقام موسى في الأندلس مجاهداً وجامعاً للأموال، ومرتباً للأمور بقية سنة ثلاث وتسعين، وسنة أربع وتسعين، وأشهراً من سنة خمس وتسعين، وقبض على طارق؛ ثم استخلف على الأندلس ولده عبد العزيز بن موسى، وترك معه من العساكر ووجوه القبائل من يقوم بحماية البلاد، وسد الثغور، وجهاد العدو؛ ورجع إلى القيروان، ثم سار منها بما حصل له من الغنائم، وأعده من الهدايا إلى الوليد بن عبد الملك، ومعه فيما يقال طارق، فمات الوليد وقد وصل موسى إلى طبرية في سنة ست وتسعين، فحمل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 4 ما كان معه إلى سليمان بن عبد الملك؛ ويقال إنه وصل وأدرك الوليد حيا، فالله أعلم. وأقام عبد العزيز بن موسى بن نصير أميراً على الأندلس، إلى أن ثار عليه من الجند جماعة فيهم حبيب بن أبي عبيدة الفهرى، وزياد بن النابغة التميمي، فقتله بعضهم، وخرجوا برأسه إلى سليمان بن عبد الملك، بعد أن أمروا على الأندلس أيوب بن أخت موسى بن نصير؛ ويقال إنهم كتبوا إلى سليمان بما أنكروا من أمره فأمرهم بما فعلوه. ثم اختلفت الأمور هنالك، ومكث أهل الأندلس بعد ذلك زماناً لا يجمعهم وال؛ ثم ولى عليهم السمح بن مالك الخولاني قبل المائة؛ ثم ولى عليها الحر بن عبد الرحمن القيسى؛ ثم وليها عنبسة بن سحيم الكلبي، وعزل الحر بن عبد الرحمن؛ ثم وليها عبد الرحمن بن عبد الله العكى نحو العشر ومائة، وكان رجلاً صالحاً؛ ثم وليها عبد الملك ابن قطن الفهرى، ثم عقبة بن الحجاج، فهلك عقبة بالأندلس، فرد عبد الملك بن قطن، ثم جاء بلج بن بشر فادعى ولايتها، وشهد له بعض من كان معه، ووقعت فتن من أجل ذلك افترق أهل الأندلس فيها على أربعة أمراء، حتى أرسل إليهم والياً أبو الخطار حسام بن ضرار الكلبي، فحسم مواد الفتنة، وجمعهم على الطاعة بعد الفرقة؛ وفي تقديم بعضهم على بعض اختلاف، إلا أن هؤلاء المذكورين كانوا أمراءها، وولاة الحروب فيها ايام بنى أمية قبل ذهاب دولتهم من المشرق. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 5 وسنذكر إن شاء الله في الأبواب، ممن دخل الأندلس للجهاد من التابعين جماعة، منهم: محمد بن أوس بن ثابت الأنصاري يروى عن أبي هريرة. ومنهم: حنش بن عبد الله الصنعاني يروى عن علي بن أبي طالب، وفضالة ابن عبيد. ومنهم: عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي يروى عن ابن عمر. ومنهم: زيد بن قاصد السكسكى المصري، يروى عن عبد الله بن عمرو ابن العاص. ومنهم: موسى بن نصير الذي ينسب الفتح إليه يروى عن تميم الدارى. وقد جاء في فضل المغرب غير حديث؛ من ذلك ما أخرجه مسلم بن الحجاج في الصحيح. رواه عن يحيى بن يحيى، عن هشيم بن بشير الواسطى، عن داود بن أبي هند، عن أبي عثمان النهدى، عن سعد بن أبي وقاص: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يزال أهل المغرب ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة، وهذا النص وإن كان عاماً لما يقع عليه، فللأندلس منه حظ وافر لدخولها في العموم، ومزية لتحققها بالغرب وانتهاء آخر المعمور فيه، وبعض ساحلها الغربي على البحر المحيط، وليس بعده مسلك. ومن فضلها أنه لم يذكر قط على منابرها أحد من السلف إلا بخير وإلى الآن، وهي ثغر من ثغور المسلمين لمجاورتهم الروم، واتصال بلادهم ببلادهم وإنما قيل جزيرة الأندلس لأن البحر محيط بجميع جهاتها إلا ما كان الروم فيه من جهة الشمال منها، فصارت كالجزيرة بين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 6 البحر والروم، وإلا فمنها إلى القسطنطينية بر متصل من جهة بلاد الروم؛ وقد بشر النبي صلى الله عليه وسلم أهل تلك البلاد في هذا الحديث المتصل الإسناد، بظهور الإسلام فيها وثباته إلى أن تقوم الساعة بها؛ هذا مع زيادة أعداد الروم وبلادهم أضعافاً مضاعفة عليهم، وقلة المسلمين هنالك بالإضافة إليهم، وصح بخبر الصادق صلى الله عليه وسلم أنه ثغر منصور إلى قيام الساعة والحمد لله رب العالمين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 7 فصل وما زالت الولاة بالأندلس أيام بنى أمية تليها من قبلهم ومن قبل من يقيمونه بالقيروان أو بمصر؛ فلما اضطرب أمر بنى أمية في سنة ست وعشرين ومائة بقتل الوليد ابن يزيد بن عبد الملك، واشتغلوا عن مراعاة أقاصى البلاد، وقع الاضطراب بإفريقية، والاختلاف بالأندلس أيضاً من القبائل، ثم اتفقوا بالأندلس على تقديم قرشى يجمع الكلمة إلى أن تستقر الأمور بالشام لمن يخاطب، ففعلوا، وقدموا يوسف ابن عبد الرحمن الفهرى أميرا، فسكنت به الأمور، واتفقت عليه القلوب، واتصلت إمارته إلى سنة ثمان وثلاثين بعد ذهاب دولة بني أمية بست سنين؛ وكان ذهاب دولتهم جملة بقتل مروان بن محمد بن مروان بن الحكم في بعض نواحى الفيوم من أعمال مصر، في آخر ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين ومائة بعد بيعة أبي العباس السفاح بتسعة أشهر. وكان ممن هرب إلى الأندلس من بني أمية عبد الرحمن بن معاوية، ونحن نذكر تاريخ وصوله إليها، وسبب ولايته عليها ومن وليها بعده من أولاده وغيرهم، إلى آخر ما عندنا، ثم نذكر ما بعد ذلك على ما شرطناه إن شاء الله، ولا حول لنا ولا قوة إلا بالله تعالى وجل. أول أمراء بنى أمية بالأندلس عبد الرحمن، بن معاوية بن هشام، بن عبد الملك، بن مروان، يكنى أبا المطرف، مولده بالشام سنة ثلاث عشرة ومائة، وأمه أم ولد اسمها راح؛ هرب لما ظهرت دولة بنى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 8 العباس، ولم يزل مستتراً إلى أن دخل الأندلس سنة ثمان وثلاثين ومائة في زمن أبي جعفر المنصور، فقامت معه اليمانية، وحارب يوسف ابن عبد الرحمن بن أبي عبيدة بن عقبة بن نافع الفهري الوالي على الأندلس فهزمه، واستولى عبد الرحمن على قرطبة يوم الأضحى من العام المذكور، فاتصلت ولايته إلى أن مات سنة اثنتين وسبعين ومائة. كذا قال لنا أبو محمد على بن أحمد بن سعيد الفقيه: يوسف بن عبد الرحمن بن أبي عبيدة. ورأيت في غير موضع يوسف بن عبد الرحمن بن أبي عبدة، فالله أعلم. وكان عبد الرحمن بن معاوية من أهل العلم، وعلى سيرة جميلة من العدل. ومن قضاته: معاوية بن طليح الحضرمى الحمصى. وله أدب وشعر. ومما أنشدونا له يتشوق إلى معاهده بالشام قوله: أيها الراكب الميمم أرضى ... أقر من بعضى السلام لبعضى إن جسمي، كما علمت، بأرض ... وفؤادى ومالكيه بأرض قدر البين بيننا فافترقنا ... وطوى البين عن جفوتى غمضى قد قضى الله بالفراق علينا ... فعسى باجتماعنا سوف يقضى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 9 ؟ ولاية الأمير هشام بن عبد الرحمن ثم ولى بعد عبد الرحمن ابنه هشام، يكنى أبا الوليد، وسنه حينئذ ثلاثون سنة، فاتصلت ولايته سبعة أعوام إلى أن مات في صفر سنة ثمانين ومائة؛ وكان حسن السيرة متحيزاً للعدل، يعود المرضى ويشهد الجنائز، أمه حوراء. ولاية الحكم بن هشام ثم ولى بعده ابنه الحكم، وله اثنتان وعشرون سنة، يكنى أبا العاص، أمه أم ولد اسمها زخرف؛ وكان طاغياً مسرفاً، وله آثار سوء قبيحة، وهو الذي أوقع بأهل الربض الوقعة المشهورة فقتلهم، وهدم ديارهم ومساجدهم؛ وكان الربض محلة متصلة بقصره، فاتهمهم في بعض أمره، ففعل بهم ذلك، فسمى الحكم الربضى لذلك؛ واتصلت ولايته إلى أن مات في آخر ذي الحجة سنة ست ومائتين. ولاية عبد الرحمن بن الحكم ثم ولي بعده ابنه عبد الرحمن، يكنى أبا المطرف، وله ثلاثون سنة، وأمه أم ولد اسمها حلاوة، فاتصلت ولايته إلى أن مات في صفر سنة ثمان وثلاثين ومائتبن؛ وكان وادعاً محمود السيرة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 10 ولاية الأمير محمد بن عبد الرحمن ثم ولى بعده ابنه محمد يكنى أبا عبد الله، وأمه أم ولد اسمها نهتز؛ فاتصلت ولايته إلى أن مات في آخر صفر سنة ثلاث وسبعين ومائتين. قال لنا أبو محمد علي بن أحمد: وكان محباً للعلوم، مؤثراً لأهل الحديث، عارفاً، حسن السيرة؛ ولما دخل الأندلس أبو عبد الرحمن بقى بن مخلد بكتاب مصنف أبي بكر ابن أبي شيبة: وقرىء عليه، أنكر جماعة من أهل الرأى ما فيه من الخلاف واستشنعوه، وبسطوا العامة عليه، ومنعوه من قراءته، إلى أن اتصل ذلك بالأمير محمد، فاستحضره وإياهم، واستحضر الكتاب كله، وجعل يتصفحه جزءاً، جزءا، إلى أن أتى على آخره، وقد ظنوا أنه يوافقهم في الإنكار عليه، ثم قال لخازن الكتب: هذا كتاب لا تستغنى خزانتنا عنه، فانظر في نسخه لنا؛ ثم قال لبقى بن مخلد: انشر علمك، وارو ما عندك من الحديث، واجلس للناس حتى ينتفعوا بك. أو كما قال، ونهاهم أن يتعرضوا له. ولاية المنذر بن محمد ثم ولى بعده ابنه المنذر بن محمد، ويكنى أبا الحكم. وأمه أم ولد اسمها أثل، وكان مولده في سنة تسع وعشرين ومائتين، فاتصلب ولايته سنتين غير خمسة عشر يوماً، ومات وهو على قلعة يقال لها بباشتر محاصراً لعمر بن حفصون: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11 خارجي قام هناك وتحصن. وكان موته في سنة خمس وسبعين ومائتين؛ وقد انقرض عقب المنذر. ولاية عبد الله بن محمد فولى بعده أخوه عبد الله بن محمد، وكان مولده سنة ثلاثين ومائتين؛ يكنى أبا محمد. أمه أم ولد اسمها عشار، طال عمرها إلى أن ماتت قبل موته بسنة وشهر؛ وكان وادعاً لا يشرب الخمر، وفي أيامه امتلأت الأندلس بالفتن، وصار في كل جهة متغلب، فلم يزل كذلك طول ولايته إلى أن مات مستهل ربيع الأول سنة ثلاث مائة. ولاية عبد الرحمن الناصر ثم ولى بعده ابن ابنه عبد الرحمن، بن محمد، بن عبد الله، وكان والده محمد قد قتله أخوه المطرف بن عبد الله في صدر دولة أبيهما عبد الله، وترك ابنه عبد الرحمن هذا وهو ابن عشرين يوماً، فولى الأمر وله اثنتان وعشرون سنة. قال لي أبو محمد علي بن أحمد: وكانت ولايته من المستطرف، لأنه كان في هذا الوقت شاباً، وبالحضرة جماعة أكابر من أعمامه وأعمام أبيه، وذوى القعدد في النسب من أهل بيته، فلم يعترض معترض واستمر له الأمر، وكان شهماً صارما، وكل من ذكرنا من الأمراء أجداده إلى عبد الرحمن بن محمد هذا، فليس الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 منهم أحد تسمى بإمرة المؤمنين، وإنما كان يسلم عليهم، ويخطب لهم بالإمارة فقط؛ وجرى على ذلك عبد الرحمن بن محمد إلى آخر السنة السابعة عشر من ولايته، فلما بلغه ضعف الخلافة بالعراق في أيام المقتدر، وظهور الشيعة بالقيروان، تسمى عبد الرحمن بأمير المؤمنين، وتلقب بالناصر لدين الله، وكان يكنى أبا المطرف، وأمه أم ولد اسمها مزنة، ولم يزل منذ ولى يستنزل المتغلبين حتى استكمل إنزال جميعهم في خمس وعشرين سنة من ولايته، وصار جميع أقطار الأندلس في طاعته، ثم اتصلت ولايته إلى أن مات في صدر رمضان سنة خمسين وثلاث مائة، ولم يبلغ أحد من بني أمية من الولاية مدته فيها. ولاية الحكم المستنصر ثم ولى بعده ابنه الحكم بن عبد الرحمن، ويلقب بالمستنصر بالله، وله إذ ولى سبع وأربعون سنة، يكنى أبا العاص؛ أمه أم ولد اسمها مرجان، وكان حسن السيرة، جامعاً للعلوم، محباً لها، مكرما لأهلها، وجمع من الكتب في أنواعها ما لم يجمعه أحد من الملوك قبله هنالك؛ وذلك بإرساله عنها إلى الأقطار، واشترائه لها بأغلى الأثمان، ونفق ذلك عليه فحمل إليه، وكان قد رام قطع الخمر من الاندلس وأمر بإراقتها وتشدد في ذلك، وشاور في استئصال شجرة العنب من جميع أعماله، فقيل له إنهم يعملونها من التين وغيره، فتوقف عن ذلك. وفي أمره بإراقة الخمور في سائر الجهات يقول أبو عمر يوسف بن هارون الكندي قصيدته المشهورة فيها، متوجعاً لشاربها، وإنما أوردناها تحقيقاً لما ذكرنا عنه من ذلك، وهي قوله: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 بخطب الشاربين يضيق صدري ... وترمضني بليتهم لعمري وهل هم غير عشاق أصيبوا ... بفقد حبائب ومنوا بهجر أعشاق المدامة إن جزعتم ... لفرقتها فليس مكان صبر سعى طلابكم حتى أريقت ... دماء فوق وجه الأرض تجرى تضوع عرفها شرقاً وغرباً ... وطبق أفق قرطبة بعطر فقل للمسفحين لها بسفح ... وما سكنته من ظرف بكسر وللأبواب إحراقاً إلى أن ... تركتم أهلها سكان قفر تحريتم بذاك العدل فيها ... بزعمكم فإن يك عن تحري فإن أبا حنيفة وهو عدل ... وفر عن القضاء مسير شهر فقيه لا يدانيه فقيه ... إذا جاء القياس أتى بدر وكان من الصلاة طويل ليل ... يقطعه بلا تغميض شفر وكان له من الشراب جار ... يواصل مغرباً فيها بفجر وكان إذا انتشى غنى بصوت ال ... مضاع بسجنه من آل عمرو أضاعوني وأي فتى أضاعوا ... ليوم كريهة وسداد ثغر فغيب صوت ذاك الجار سجن ... ولم يكن الفقيه بذاك يدرى فقال، وقد مضى ليل وثان ... ولم يسمعه غنى: ليت شعري! الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 أجاري المؤنسى ليلاً غناء ... لخير قطع ذلك ام لشر فقالوا إنه في سجن عيسى ... أتاه به المحارس وهو يسرى فنادى بالطويلة وهي مما ... يكون برأسه لجليل أمر ويمم جاره عيسى بن موسى ... فلاقاه بإكرام وبر وقال: أحاجة عرضت فإني ... لقاضيها ومتبعها بشكر فقال: سجنت لي جاراً يسمى ... بعمر وقال: يطلق كل عمرو بسجنى حين وافقه اسم جار ال ... فقيه ولو سجنتهم بوتر فأطلقهم له عيسى جميعاً ... لجار لايبيت بغير سكر فإن أحببت قل لجوار جار ... وإن أحببت قل لطلاب أجر فإن أبا حنيفة لم يؤب من ... تطلبه تخلصه بوزر نواقعها من أجل النهي سرا ... وكم نهى نواقعه بجهر وقد وقع لنا معنى هذا الخبر الذي نظمه يوسف بن هارون عن أبي حنيفة بإسناد؛ حدثناه الخطيب أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت البغدادي الحافظ، قراءة علينا بدمشق من كتابه قال: أخبرني علي بن أحمد الرزاز قال: نا أبو الليث نصر بن محمد الزاهد البخاري قدم علينا، قال: نا محمد بن محمد بن سهل النيسابوري، قال: نا أبو أحمد بن محمد بن أحمد الشعيبي، قال: نا أسد بن نوح، قال: نا محمد بن عباد، قال: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 نا القاسم بن غسان، قال: أخبرني أبي قال: أخبرني عبد الله بن رجاء الغداني، قال: كان لأبي حنيفة جار بالكوفة إسكاف يعمل نهاره أجمع، حتى إذا جنه الليل رجع إلى منزله، وقد حمل لحماً فطبخه، أو سمكة فشواها، ثم لا يزال يشرب حتى إذا دب الشراب فيه غزل بصوت وهو يقول: أضاعوني واي فتى أضاعوا ... ليوم كريهة وسداد ثغر فلا يزال يشرب ويردد هذا البيت حتى يأخذه النوم، وكان أبو حنيفة يسمع جلبته كل يوم، وأبو حنيفة كان يصلي الليل كله، ففقد أبو حنيفة صوته، فسأل عنه، فقيل: أخذه العسس منذ ليال وهو محبوس، فصلى أبو حنيفة صلاة الفجر من غد، وركب بغلة واستأذن على الأمير، قال الأمير: ائذنوا له، وأقبلوا به راكباً ولا تدعوه ينزل حتى يطأ البساط، ففعل، فلم يزل الأمير يوسع له في مجلسه، وقال ما حاجتك؟ قال: لي جار إسكاف أخذه العسس منذ ليال، يأمر الأمير بتخليته، فقال: نعم وكل من أخذ في تلك الليلة إلى يومنا هذا، فأمر بتخليتهم أجمعين، فركب أبو حنيفة والإسكاف يمشي وراءه، فلما نزل أبو حنيفة مضى إليه فقال: يا فتى؟ أضعناك؟ فقال: لا. بل حفظت ورعيت، جزاك الله خيراً عن حرمة الجوار، ورعاية الحق؛ وتاب الرجل ولم يعد إلى ما كان. وكان الحكم المستنصر مواصلاً لغزو الروم، ومن خالفه من المحاربين، فاتصلت ولايته إلى أن مات في صفر سنة ست وستين وثلاث مائة؛ وقد انقرض عقبه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 16 ؟؟ ولاية هشام المؤيد ثم ولي بعده ابنه هشام يكنى أبا الوليد، وأمه أم ولد تسمى صبح، وكان له إذ ولى عشرة أعوام وأشهر، فلم يزل متغلباً عليه، لا يظهر ولا ينفذ له أمر، وتغلب عليه أبو عامر محمد بن أبي عامر الملقب بالمنصور، فكان يتولى جميع الأمور إلى أن مات، فصار مكانه ابنه عبد الملك بن محمد الملقب بالمظفر، فجرى على ذلك أيضا إلى أن مات، فصار مكانه أخوه عبد الرحمن بن محمد الملقب بالناصر، فخلط وتسمى ولي العهد، وبقي كذلك أربعة أشهر، إلى أن قام عليه محمد بن هشام بن عبد الجبار يوم الثلاثاء لثمان عشرة ليلة خلت من جمادى الآخرة سنة تسع وتسعين وثلثمائة، فخلع هشام بن الحكم وأسلمت الجيوش عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن أبي عامر، فقتل وصلب، وبقي كذلك إلى أن قتل محمد بن هشام بن عبد الجبار وصرف هشام المؤيد إلى الأمر، وذلك يوم الأحد السابع من ذي الحجة سنة أربع مائة، فيبقى كذلك وجيوش البربر تحاصره مع سليمان بن الحكم بن سليمان، واتصل ذلك إلى خمس خلون من شوال سنة ثلاث وأربع مائة، فدخل البربر مع سليمان قرطبة، وأخلوها من أهلها، حاشا المدينة وبعض الربض الشرقي، وقتل هشام، وكان في طول دولته متغلباً عليه لا ينفذ له أمر وتغلب عليه في هذا الحصار واحد بعد واحد من العبيد، ولم يولد له قط. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 ولاية محمد بن هشام المهدي قام محمد بن هشام، بن عبد الجبار، بن عبد الرحمن الناصر، على هشام بن الحكم في جمادى الآخرة سنة تسع وتسعين وثلاث مائة، فخلعه وتسمى بالمهدي، وبقي كذلك إلى أن قام عليه يوم الخميس لخمس خلون من شوال سنة تسع وتسعين، هشام بن سليمان ابن الناصر مع البربر، فحار به بقية يومه والليلة المقبلة، وصبيحة اليوم الثاني، وقام عليه عامة أهل قرطبة مع محمد بن هشام، فانهزم البربر، وأسر هشام بن سليمان، فأتى إلى المهدي فضرب عنقه، واجتمع البربر عند ذلك، فقدموا على أنفسهم سليمان بن الحكم بن سليمان الناصر، ابن أخي هشام القائم المذكور، ونهض بهم إلى الثغر، فاستجاش بالنصارى وأتى إلى باب قرطبة، وبرز إليه جماعة أهل قرطبة، فلم تكن إلا ساعة حتى قتل من أهل قرطبة نيف على عشرين ألف رجل في جبل هناك يعرف بجبل قنطيش، وهي الوقعة المشهورة، ذهب فيها من الخيار. وأئمة المساجد، والمؤذنين خلق عظيم، واستتر محمد بن هشام المهدي أياما ثم لحق بطليطلة، وكانت الثغور كلها من طر طوشة إلى الأشبونة باقية على طاعته ودعوته، فاستجاش بالأفرنج، وأتى بهم إلى قرطبة، فبرز إليه سليمان بن الحكم مع البربر إلى موضع بقرب قرطبة على نحو بضعة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18 عشر ميلاً يدعى عقبة البقر، فانهزم سليمان والبربر، واستولى المهدي على قرطبة، ثم خرج بعد أيام إلى قتال جمهور البربر، وكانوا قد صاروا بالجزيرة فالتقوا بواد في آر فكانت الهزيمة على محمد ابن هشام، وانصرف إلى قرطبة فوثب عليه العبيد مع واضح الصقلبي، فقتلوه وصرفوا هشاماً المؤيد كما ذكرنا قبل، فكانت مدة ولاية محمد المهدي مذقام إلى أن قتل ستة عشر شهراً من جملتها الستة الأشهر التي كان فيها سليمان بقرطبة، وكان هو بالثغر؛ وكان يكنى أبا الوليد، أمه أم ولد تسمى مزنة، وكان له اسمه عبيد الله، انقرض ولا عقب للمهدي، وكان مولد المهدي في سنة ست وستين وثلاث مائة. ولاية سليمان بن الحكم المستعين قام سليمان بن الحكم كما ذكرنا يوم الجمعة لست خلون من شوال سنة تسع وتسعين وثلاث مائة وتلقب بالمستعين بالله، ثم دخل قرطبة كما ذكرنا في ربيع الآخر سنة أربع مائة، وتلقب حينئذ بالظافر بحول الله مضافاً إلى المستعين، ثم خرج عنها في شوال سنة أربع مائة فلم يزل يجول بعساكر البربر في بلاد الأندلس، يفسد وينهب، ويقفر المدائن والقرى بالسيف والغارة، لا تبقى البربر معه على صغير ولا كبير ولا امرأة، إلى أن دخل قرطبة في صدر شوال سنة ثلاث وأربع مائة. وكان من جملة جنده رجلان من ولد الحسن بن علي بن أبي طالب، يسميان القاسم وعلياً ابنى حمود، بن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 ميمون، بن أحمد، بن علي، بن عبيد الله، بن عمر، بن إدريس، بن إدريس ابن عبد الله، بن الحسن، بن الحسن، بن علي، بن أبي طالب، رضى الله عنه، فقودهما على المغاربة ثم ولى أحدهما سبتة وطنجة، وهو علي الأصغر منها؛ وولي القاسم الجزيرة الخضراء، وبين الموضعين المجاز المعروف بالزقاق، وسعة البحر هناك اثنا عشر ميلا، وافترق العبيد، إذ دخل البربر مع سليمان قرطبة، فملكوا مدناً عظيمة، وتحصنوا فيها، فراسلهم علي بن حمود المذكور، وقد حدث له طمع في ولاية الأندلس، وكتب إليهم يذكر لهم أن هشام بن الحكم إذ كان محاصراً بقرطبة كتب إليه يوليه عهده، فاستجابوا له وبايعوه، فزحف من سبتة إلى مالقة، وفيها عامر بن فتوح الفائقي مولى فائق، مولى الحكم المستنصر، فأطاع له، وأدخله، مالقة فتملكها علي بن حمود، وأخرج عنها عامر بن فتوح، ثم زحف بمن معه من البربر، وجمهور العبيد إلى قرطبة، فخرج إليه محمد بن سليمان في عساكر البربر، فانهزم محمد ابن سليمان، ودخل علي بن حمود قرطبة، وقتل سليمان، بن الحكم صبراً؛ ضرب عنقه بيده يوم الأحد لتسع بقين من المحرم سنة سبع وأربع مائة، وقتل أباه الحكم بن سليمان بن الناصر أيضا في ذلك اليوم، وهو شيخ كبير له اثنتان وسبعون سنة، فكانت مدة سليمان مذ دخل قرطبه إلى أن قتل ثلاثة أعوام وثلاثة أشهر وأياما، وقد كان ملكها قبل ذلك ستة أشهر كما ذكرنا، وكانت مدته مذ قام مع البربر إلى أن قتل سبعة أعوام وثلاثة أشهر وأياما، وانقطعت دولة بني أمية في هذا الوقت وذكرهم على المنابر في جميع أقطار الأندلس، إلى أن عاد بعد ذلك في الوقت الذي نذكره إن شاء الله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 وكانت أمه أم ولد اسمها ظبية، ومولده سنة أربع وخمسين وثلاث مائة، وترك من الولد ولي عهده محمداً لم يعقب، والوليد، ومسلمة؛ وكان سليمان أديباً شاعراً أنشدني أبو محمد على بن أحمد قال: أنشدني فتى من ولد اسماعيل بن إسحاق المنادى الشاعر، كان يكتب لأبي جعفر أحمد بن سعيد بن الدب قال: أنشدني أبو جعفر قال: أنشدني أمير المؤمنين سليمان الظافر لنفسه، قال أبو محمد: وأنشدنيها قاسم بن محمد المروانى قال: أنشدنيها وليد بن محمد الكاتب لسليمان الظافر: عجباً يهاب الليث حد سناني ... وأهاب لحظ فواتر الأجفان وأقارع الأهوال لا متهيباً ... منها سوى الإعراض والهجران وتملكت نفسي ثلاث كالدمى ... زهر الوجوه نواعم الأبدان ككواكب الظلماء لحن لناظر ... من فوق أغصان على كثبان هذى الهلال وتلك بنت المشترى ... حسناً وهذى أخت غصن البان حاكمت فيهن السلو إلى الصبا ... فقضى بسلطان على سلطان فأبحن من قلبي الحمى وثنيننى ... في عز ملكى كالأسيرالعاني لا تعذلوا ملكا تذلل للهوى ... ذل الهوى عز وملك ثانى ماضر أنى عبدهن صبابة ... وبنو الزمان وهن من عبدانى إن لم أطع فيهن سلطان الهوى ... كلفاً بهن فلست من مروان وإذا الكريم أحب أمن إلفه ... خطب القلى وحوادث السلوان وإذا تجارى في الهوى أهل الهوى ... عاش الهوى في غبطة وأمان وهذه الأبيات معارضة للأبيات التي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 تنسب إلى هارون الرشيد، وأنشدنيها له أبو محمد عبد الله بن عثمان ابن مروان العمري وهي: ملك الثلاث الآنسات عناني ... وحللن من قلبي بكل مكان مالي تطاوعني البرية كلها ... وأطيعهن وهن في عصيان ما ذاك إلا أن سلطان الهوى ... وبه قوين أعز من سلطانى ولاية علي بن حمود الناصر تسمى بالخلافة، وتلقب بالناصر، ثم خالف عليه العبيد الذين كانوا بايعوه وقدموا عبد الرحمن، بن محمد، بن عبد الملك، بن عبد الرحمن الناصر، وسموه المرتضى، وزحفوا إلى أغرناطة من البلاد التي تغلب عليها البربر، ثم ندموا على إقامته لما رأوا من صرامته، وخافوا عواقب تمكنه وقدرته، فانهزموا عنه، ودسوا عليه من قتله غيلة، وخفى أمره، وبقي علي بن حمود بقرطبة مستمر ألا مر، عامين غير شهرين، إلى أن قتله صقالبة له في الحمام سنة ثمان وأربع مائة. وكان له من الولد، يحيى، وإدريس. ولاية القاسم بن حمود المأمون فولى بعده أخوه القاسم بن حمود، وكان أسن منه بعشرة أعوام، وتلقب بالمأمون، وكان وادعاً أمن الناس معه، وكان يذكر عنه أنه يتشيع، ولكنه لم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 يظهر ذلك، ولا غير للناس عادة ولا مذهبا، وكذلك سائر من ولى منهم بالأندلس، فبقى القاسم كذلك إلى شهر ربيع الأول سنة اثنتى عشرة وأربع مائة، فقام عليه ابن أخيه يحيى بن علي بن حمود بمالقة، فهرب القاسم عن قرطبة بلا قتال، وصار بإشبيلية، وزحف ابن أخيه المذكور من مالقه بالعساكر، فدخل دون مانع، وتسمى بالخلافة، وتلقب بالمعتلى، فبقي كذلك إلى أن اجتمع للقاسم أمره، واستمال البربر، وزحف بهم إلى قرطبة، فدخلها في سنة ثلاث عشرة وأربع مائة، وهرب يحيى ابن علي إلى مالقة فبقى القاسم بقرطبة شهوراً اضطرب أمره، وغلب ابن أخيه يحيى على الجزيرة المعروفة بالجزيرة الخضراء، وهي كانت معقل القاسم وبها كانت امرأته وذخائره، وغلب ابن أخيه الثاني إدريس بن علي صاحب سبتة على طنجة، وهي كانت عدة القاسم ليلجأ إليها إن رأى ما يخاف بالأندلس؛ وقام عليه جماعة أهل قرطبة في المدينة، وأغلقوا أبوابها دونه، فحاصرهم نيفاً وخمسين يوماً، وأقام الجمعة في مسجد ابن أبي عثمان؛ ثم إن أهل قرطبة زحفوا إلى البربر، فانهزم البربر عن القاسم، وخرجوا من الأرباض كلها في شعبان سنة أربع عشرة وأربع مائة، ولحقت كل طائفة من البربر ببلد غلبت عليه، وقصد القاسم إشبيلية، وبها كان ابناه محمد والحسن؛ فلما عرف أهل إشبيلية خروجه عن قرطبة، ومجيئه إليهم، طردوا بنيه ومن كان معهما من البربر، وضبطوا البلد، وقدموا على أنفسهم ثلاثة رجال من شيوخ البلد وأكابرهم؛ وهم القاضي أبو القاسم محمد بن إسماعيل بن عباد اللخمى، ومحمد بن يريم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 الإلهاني، ومحمد بن محمد بن الحسن الزبيدي، ومكثوا كذلك أياماً مشتركين في سياسة البلد وتدبيره، ثم انفرد القاضي أبو القاسم بن عباد بالأمر، واستبد بالتدبير، وصار الآخران في جملة الناس، ولحق القاسم بشريش، واجتمع البربر على تقديم ابن أخيه يحيى، وزحفوا إلى القاسم فحصروه حتى صار في قبضة ابن أخيه يحيى، وانفرد ابن أخيه يحيى بولاية البربر، وبقى القاسم أسيراً عنده وعند أخيه إدريس بعده، إلى أن مات إدريس، فقتل القاسم خنقاً سنة إحدى وثلاثين وأربع مائة، وحمل إلى ابنه محمد ابن القاسم بالجزيرة، فدفنه هنالك؛ فكانت ولاية القاسم مذ تسمى بالخلافة بقرطبة، إلى أن أسره ابن أخيه ستة أعوام، ثم كان مقبوضاً عليه ست عشرة سنة عند ابني أخيه إلى أن قتل كما ذكرنا في أول سنة إحدى وثلاثين، ومات وله ثمانون سنة، وله من الولد محمد والحسن، أمهما أميرة بنت الحسن، بن قنون، بن إبراهيم، ابن محمد بن القاسم، بن إدريس، بن إدريس، بن عبد الله بن الحسن بن علي، ابن أبي طالب. ولاية يحيى بن علي المعتلى اختلف في كنيته فقيل أبو إسحاق، وقيل أبو محمد، وأمه لبونة، بنت محمد، بن الحسن، بن القاسم المعروف بقنون، بن إبراهيم، بن محمد، بن القاسم، ابن إدريس، بن إدريس، بن عبد الله، بن الحسن، بن الحسن، بن علي، بن أبي طالب؛ وكان الحسن بن قنون من كبار الملوك الحسنين وشجعانهم، ومردتهم، وطغاتهم المشهورين، فتسمى يحيى بالخلافة بقرطبة سنة ثلاث عشرة وأربع مائة كما ذكرنا، ثم هرب عنها إلى مالقة سنة أربع عشرة كما وصفنا، ثم سعى قوم من المفسدين في رد دعوته إلى قرطبة في الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 سنة ست عشرة فتم لهم ذلك، إلا أنه تأخر عن دخولها باختياره، واستخلف عليها عبد الرحمن بن عطاف اليفرني، فبقى الأمر كذلك إلى سنة سبع عشرة، ثم قطعت دعوته عن قرطبة، وبقى يتردد عليها بالعساكر إلى أن اتفقت على طاعته جماعة البربر، وسلموا إليه الحصون والقلاع والمدن، وعظم أمره، فصار بقرمونة محاصراً لإشبيلية طامعاً في أخذها، فخرج يوماً وهو سكران إلى خيل ظهرت من إشبيلية بقرب قرمونة، فلقيها وقد كمنوا له، فلم يكن بأسرع من أن قتل، وذلك يوم الأحد لسبع خلون من المحرم سنة سبع وعشرين وأربع مائة، وكان له من الولد: الحسن، وإدريس، لأمي ولد. ولاية عبد الرحمن هشام المستظهر ولما انهزم البرابر عن أهل قرطبة مع القاسم كما ذكرنا، اتفق رأى أهل قرطبة على رد الأمر إلى بنى أمية، فاختاروا منهم ثلاثة، وهم: عبد الرحمن، بن هشام، ابن عبد الجبار، بن عبد الرحمن الناصر، أخو المهدي المذكور آنفاً، وسليمان بن المرتضى المذكور آنفاً، ومحمد عبد الرحمن بن هشام القائم على المهدي بن سليمان بن الناصر؛ ثم استفر الأمر لعبد الرحمن بن هشام بن عبد الجبار، فبويع بالخلافة لثلاث عشرة ليلة خلت لرمضان سنة أربع عشرة وأربع مائة، وله اثنان وعشرون سنة، وتلقب بالمستظهر، وكان مولده سنة اثنين وتسعين وثلاث مائة، في ذي القعدة، يكنى أبا المطرف، وأمه أم ولد اسمها غاية. ثم قام عليه أبو عبد الرحمن، بن عبيد الله، بن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 عبد الرحمن الناصر، مع طائفة من أراذل العوام، فقتل عبد الرحمن بن هشام، وذلك لثلاث بقين من ذي القعدة سنة أربع عشرة المؤرخ ولا عقب له. وكان في غاية الأدب والبلاغة والفهم ورقة النفس. كذا قال أبو محمد على بن أحمد وكان خبيراً به. وقال الوزير أبو عامر أحمد بن عبد الملك بن شهيد: كان المستظهر رحمه الله شاعراً مطبوعاً، ويستعمل الصناعة، فيجيد وهو القائل في ابنة عمه: حمامة بيت العبشميين رفرفت ... فطرت إليها من سراتهم صقرا تقل الثريا أن تكون لها يداً ... ويرجو الصباح أن يكون لها نحرا وإنى لطعان إذا الخيل أقبلت ... جوانبها حتى ترى جونها شقرا ومكرم ضيفي حين ينزل ساحتي ... وجاعل وفرى عند سائله وقرا وهي طويلة قالها أيام خطبته لابنة عمه أم الحكم بنت المستعين. قال أبو عامر: وكان يتهم في أشعاره ورسائله، حتى كتب أمان يعلى بن أبي زيد حين وفد عليه ارتجالاً، فعجب أهل التمييز منه، وأما أنا فقد كنت بلوته؛ وكان ورود يعلى فجأة ولم يبرح من مجلسه حتى ارتجل الأمان، وأنا والله أخاف أن يزل فأجاد وزاد. هذا آخر كلام أبي عامر. ولاية محمد بن عبد الرحمن المستكفى وولى محمد بن عبد الرحمن المذكور، وله ثمان وأربعون سنة وأشهر، لأن مولده في سنة ست وستين وثلاث مائة، وكنيته أبو عبد الرحمن، وأمه وأم ولد اسمها حوراء، وكان أبوه قد قتله محمد بن أبي عامر في أول دولة هشام المؤيد لسعيه في القيام، وطلبه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 للأمر؛ وكان محمد بن عبد الرحمن هذا قد تلقب بالمستكفى، فولى ستة عشر شهراً وأياماً إلى أن خلع ورجع الأمر إلى يحيى بن علي الحسنى، وهرب المستكفى فلما صار بقرية يقال لها شمونت من أعمال مدينة سالم جلس ليأكل، وكان معه عبد الرحمن بن محمد ابن السليم من ولد سعيد بن المنذر القائد المشهور أيام عبد الرحمن الناصر، فكره التمادي معه، وأخذ شيئاً من البيش وهو كثير في ذلك البلد، فدهن له به دجاجة، فلما أكلها مات لوقته، فقبره هنالك، وكان هذا المستكفى في غاية التخلف وله في ذلك أخبار يقبح ذكرها، وكان متغلباً عليه طول مدته، لا ينفذ له أمر ولا عقب له. ولاية هشام بن محمد المعتد ولما قطعت دعوة يحيى بن علي الحسيني من قرطبة سنة سبع عشرة كما ذكرنا، أجمع رأى أهل قرطبة على رد الأمر إلى بني أمية، وكان عميدهم في ذلك الوزير أبو الحزم جهور، بن محمد، بن جهور، بن عبيد الله، بن محمد، بن الغمر، ابن يحيى، بن عبد الغافر، بن أبي عبدة، وقد كان ذهب كل من كان ينافس في الرياسة ويخب في الفتنة بقرطبة، فراسل جهور ومن معه من أهل الثغور والمتغلبين هنالك على الأمور، وداخلهم في هذا، فاتفقوا بعد مدة طويلة على تقديم أبي بكر؛ هشام ابن محمد، بن عبد الملك، بن عبد الرحمن الناصر، وهو أخو المرتضى المذكور؛ قيل: كان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 مقيما بالبونت عند أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن قاسم المتغلب بها، فبايعوه في شهر ربيع الأول سنة ثمان عشرة وأربع مائة، وتلقب بالمعتد بالله، وكان مولده سنة أربع وستين وثلاث مائة، وكان أسن من أخيه المرتضى بأربعة أعوام؛ وأمه أم ولد اسمها عاتب، فبقى متردداً في الثغور ثلاثة أعوام غير شهرين، ودارت هنالك فتن كثيرة، واضطراب شديد بين الرؤساء بها إلى أن اتفق أمرهم على أن يصير إلى قرطبة قصبة الملك، فصار ودخلها يوم منى ثامن ذي الحجة سنة عشرين وأربع مائة، ولم يبق إلا يسيراً حتى قامت عليه فرقة من الجند، فخلع، وجرت أمور يكثر شرحها، وانقطعت الذعوة الأموية من يومئذ فيها، واستولى على قرطبة جهور ابن محمد المذكور آنفاً، وكان من وزراء الدولة العامرية، قد يم الرياسة، موصوفاً بالدهاء والعقل، لم يدخل في أمور الفتن قبل ذلك، وكان يتصاون عنها؛ فلما خلا له الجو، وأمكنته الفرصة وثب عليها، فتولى أمرها، واستضلع بحمايتها، ولم ينتقل إلى رتبة الإمارة ظاهرا، بل دبرها تدبيراً لم يسبق إليه، وجعل نفسه ممسكا للموضع إلى أن يجئ مستحق يتفق عليه، فيسلم إليه ورتب البوابين والحشم على أبواب تلك القصور على ما كانت عليه أيام الدولة، ولم يتحول عن داره إليها، وجعل ما يرتفع من الأموال السلطانية بأيدي رجال الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 رتبهم لذلك، وهو المشرف عليه، وصير أهل الأسواق جنداً، وجعل أرزاقهم رؤوس أموال تكون بأيديهم محصلة عليهم يأخذون ربحها فقط ورؤس الأموال باقية محفوظة يؤخذون بها، ويراعون في الوقت بعد الوقت كيف حفظهم لها، وفرق السلاح عليهم، وأمرهم بتفرقته في الدكاكين، وفي البيوت، حتى إذا دهم أمر في ليل أو نهار، كان سلاح كل واحد معه؛ وكان يشهد الجنائز، ويعود المرضى جارياً في طريقة الصالحين، وهو مع ذلك يدبر الأمور تدبير السلاطين المتغلبين؛ وكان مأموناً وقرطبة في أيامه حريماً يأمن فيه كل خائف من غيره، إلى أن مات في صفر سنة خمس وثلاثين وأربع مائة. وتولى أمرها بعده ابنه أبو الوليد محمد بن جهور على هذا التدبير، إلى أن مات، فغلب عليها بعد أمور جرت هنالك، الأمير الملقب بالمأمون صاحب طليطلة، ودبرها مدة يسيرة، ومات فيها، ثم غلب عليها صاحب إشبيلية الأمير الظافر ابن عباد، فهي الآن بيده على ما بلغنا؛ وبقى هشام بن المعتد معتقلا، ثم هرب ولحق بابن هود بلاردة، فأقام هنالك إلى أن مات سنة سبع وعشرين وأربع مائة، ولا عقب له، وانقطعت دولة بني مروان جملة، إلا أن أهل إشبيلية ومن كان على رأيهم من أهل تلك البلاد، لما ضيق عليهم يحيى بن علي الحسني، وخافوا أمره، أظهروا أن هشام ابن الحكم المؤيد حي، وأنهم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 ظفروا به فبايعوه، وأظهروا دعوته، وتابعهم أكثر أهل الأندلس. وبقي الأمر كذلك إلى حدود الخمسين وأربع مائة، فإنهم أظهروا موت هشام المؤيد الذي ذكروا أنه وصل إليهم، وحصل عندهم، وانقطعت الخطبة لبني أمية من جميع أقطار الأندلس من حينئذ وإلى الآن. وأما الحسنيون فإنه لما قتل يحيى بن علي كما ذكرنا لسبع خلون من المحرم سنة سبع وعشرين، رجع أبو جعفر أحمد بن أبي موسى المعروف بابن بقنة، ونجا: الخادم الصقلبي، وهما مدبراً دولة الحسينين، فأتيا مالقة وهي دار مملكتهم، فخاطبا أخاه إدريس بن علي، وكان بسبتة، وكان يمتلك معها طنجة، واستدعياه، فأتى إلى مالقة، وبايعاه بالخلافة على أن يجعل حسن بن يحيى المقتول مكانه بسبتة، ولم يبايعا واحدا من ابني يحيى وهما: إدريس، وحسن لصغرهما، فأجابهما إلى ذلك، ونهض نجا مع حسن هذا إلى سبتة وطنجة، وكان حسن أصغر، ابني يحيى، ولكنه كان أشدهما وتلقب إدريس بالمتأيد، فبقي كذلك إلى سنة ثلاثين، أو إحدى وثلاثين، فتحركت فتن. وحدث للقاضي أبي القاسم محمد بن اسماعيل بن عباد صاحب إشبيلية أمل في التغلب على تلك البلاد، فأخرج ابنه اسماعيل في عسكر مع من أجابه من قبائل البربر، ونهض إلى قرمونة فحاصرها، ثم نهض إلى أشونة وأستجة فأخذهما وكانتا بيد محمد بن عبد الله البرزالي صاحب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 قرمونة، فاستصرخ محمد بن عبد الله بإدريس بن علي الحسنى وبصنهاجة، فأمده صاحب صنهاجة بنفسه، وأمده إدريس بعسكر يقوده ابن بقنة مدبر دولته، فاجتمعوا مع ابن عبد الله، ثم غلبت عليهم هيبة إسماعيل ابن محمد بن اسماعيل بن عباد قائد عسكر القاضي أبيه فافترقوا، وانصرف كل واحد منهم راجعاً إلى بلده، فبلغ ذلك إسماعيل بن محمد فقوى أمله، ونهض بعسكره قاصدا طريق صاحب صنهاجة من بينهم وركض ركضا شديداً في اتباعه، فلما قرب منه، وأيقن صاحب صنهاجة بأنه سيلحقه، وجه إلى ابن بقنة يسترجعه، وإنما كان فارقه قبل ذلك بساعة، فرجع إليه، والتقت العساكر، فما كان إلا أن تراءت، وولى عسكر ابن عباد منهزما، وأسلموه، فكان إسماعيل أول مقتول، وحمل رأسه إلى إدريس ابن علي، وقد كان أيقن بالهلاك، وزال عن مالقة إلى جبل بباشتر متحصناً به، وهو مريض مدنف، فلم يعش إلا يومين ومات، وترك من الولد: يحيى قتل بعده، ومحمداً الملقب بالمهدي، وحسناً المعروف بالسامي وكان له ابن هو أكبر بنيه اسمه علي مات في حياة أبيه، وترك ابنا اسمه عبد الله أخرجه عمه ونفاه لما ولى. وقد كان يحيى ابن علي المذكور قبل قد اعتقل ابني عمه محمداً والحسن ابني القاسم بن حمود بالجزيرة، وكان. الموكل بهما رجل من المغاربة يعرف بأبلي الحجاج، فحين وصل إليه خبر قتل يحيى جمع من كان في الجزيرة من المغاربة والسودان، وأخرج محمدا والحسن، وقال هذان سيداكم، فسارع جميعهم، إلى الطاعة لهما، لشدة ميل أبيهما إلى السودان قديما، وإيثاره لهم، وانفرد محمد بالأمر، وملك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 الجزيرة، إلا أنه بم يتسم بالخلافة، وبقي معه أخوه حسن مدة، إلى أنه حدث له رأى في التنسك، فلبس الصوف، وتبرأ عن الدنيا، وخرج إلى الحج مع أخته فاطمة بنت القاسم زوجة يحيى بن علي المعتلى، فلما مات إدريس كما ذكرنا، رام ابن بقنة ضبط الأمر لولده يحيى بن إدريس المعروف بحيون، ثم لم يجسر على ذلك الجسر التام، وتحير وتردد، ولما وصل خبر قتل إسماعيل بن عباد وموت إدريس بن علي إلى نجا الصقلبي بسبتة، استخلف عليها من وثق به من الصقالبة، وركب البحر هو وحسن بن يحيى إلى مالقة ليرتب الأمر له، فلما وصلا إلى موسى مالقة خارت قوى ابن بقنة، وهرب إلى حصن ممارش على تمانية عشر ميلا من مالقة. ودخل حسن ونجا مالقة، واجتمع إليهما من بها من البربر، فبايعوا حسن بن يحيى بالخلافة، وتسمي المستنصر، ثم خاطب ابن بقنة وأمنه؛ فلما رجع إليه قبض عليه وقتله، وقتل ابن عمه يحيى بن إدريس، ورجع نجا إلى سبتة وطنجة، وترك مع حسن رجلاً كان من التجار يعرف بالسطيفى كان نجا شديد الثقة به، فبقي الأمر كذلك نحواً من عامين، وكان حسن بن يحيى متزوجاً بابنة عمه إدريس، فقيل إنها سمته أسفاً على أخيها، فلما مات احتاط السطيفى على الأمر، واعتقل إدريس ابن يحيى، وكتب إلى نجا بالخبر، وكان لحسن ابن، صغير عند الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 نجا، فقيل إنه اغتاله أيضاً وقتله. والله أعلم. ولم يعقب حسن بن يحيى، واستخلف نجا على سبتة وطنجة من وثق به من الصقالبة عند وصول الخبر إليه، وركب البحر إلى مالقة، فلما وصل إليها زاد في الاحتياط على إدريس بن يحيى، وأكد اعتقاله، وعزم على محو أمر الحسنيين، وأن يضبط تلك البلاد لنفسه، فدعا البربر الذين كانوا جند البلد، وكشف الأمر إليهم علانية، ووعدهم بالإحسان، فلم يجدوا من مساعدته بداً في الظاهر، وعظم ذلك في أنفسهم باطناً، ثم جمع عسكره ونهض إلى الجزيرة ليستأصل محمداً بن القاسم، فحار بها أياما، ثم أحس بفتور نية من معه، فرأى أن يرجع إلى مالقة، فإذا رجع إليها، وحصل فيها نفي من خاف غائلته منهم، واستصلح سائرهم، واستدعى الصقالبة من حيث ما أمكنه ليقوى بهم على غيرهم وأحس البربر بهذا منه، فاغتالوه في الطريق قبل أن يصل إلى مالقة، فقتل وهو على دابته في مضيق صار فيه، وقد تقدمه إليه الذي أراد الفتك به، وفر من كان معه من الصقالبة بأنفسهم، ثم تقدم فارسان من الذين غدروا به يركضان حتى وردا مالقة ودخلا وهما يقولان: البشرى البشرى، فلما وصلا إلى السطيفى وضعا سيوفهما عليه فقتلاه، ثم وافيا العسكر، فاستخرجوا إدريس بن يحيى من محبسه، فقدموه وبايعوه بالخلافة، وتسمى بالعالي فظهرت منه أمور متناقضة؛ منها أنه كان أرحم الناس قلبا، كثير الصدقة، يتصدق كل يوم جمعة بخمس مائة دينار، ورد كل مطرود عن وطنه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 إلى أوطانهم، ورد عليهم ضياعهم وأملاكهم، ولم يسمع بغيا في أحد من الرعية، وكان أديب اللقاء، حسن المجلس، يقول من الشعر الأبيات الحسان؛ ومع هذا فكان لا يصحب ولا يقرب إلا كل ساقط رذل، ولا يحجب حرمه عنهم، وكل من طلب منه حصناً من حصون بلاده ممن يجاوره من صنهاجة أو بني يفرن أعطاهم إياه، وكتب إليه أمير صنهاجة في أن يسلم إليه وزيره ومدبره أمره وصاحب أبيه وجده؛ موسى بن عفان السبتي، فلما أخبره بأن الصنهاجي طلبه منه، وأنه لا بدله من تسليمه إليه، قال له موسى بن عفان أفعل ما تؤثر ستجدني إن شاء الله من الصابرين، فبعت به إلى الصنهاجي فقتله، وكان قد اعتقل ابني عمه محمداً وحسنا ابني إدريس في حصن يعرف بأيرس، فلما رأى ثقته الذي في الحصن اضطراب آرائه، خالف عليه، وقدم ابن عمه محمد بن إدريس، فلما بلغ ذلك السودان المرتبين في قصبة مالقة، نادوا بدعوة ابن عمه محمد بن إدريس، وراسلوه في المجيء إليهم، وامتنعوا بالقصبة، فاجتمعت العامة إلى إدريس بن يحيى واستأذنوه في حرب القصبة والدفاع عنه، ولو أذن لهم ما ثبت السودان ساعة من النهار فأبى وقال: ألزموا منازلكم ودعوني، فتفرقوا عنه، وجاء ابن عمه فسلم إليه، وبويع بالخلافة وتسمى المهدي، وولي أخاه عهده، وسماه السامي، واعتقل ابن عمه إدريس العالي في الحصن الذي كان هو معتقلاً فيه، وظهرت في محمد ابن إدريس هذا رجلة وجرأة شديدة هابه بها جميع البرابر، وأشفقوا منه، وراسلوا المرتب في الحصن الذي كان فيه إدريس بن يحيى واستمالوه فأجابهم، وقام بدعوته. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 وكان إدريس بن يحيى هذا أول ولايته بعد قتل نجا قد ولى سبتة وطنجة رجلين برغواطيين من عبيد أبيه يسميان رزق الله، وسكات، فلما خلع كما ذكرنا بقيا حافظين لمكانهما، فلما قام كما ذكرنا في حصن أيرش، لم يظهر محمد بن إدريس مبالاة بذلك، بل ثبت ثباتاً شديداً، وكانت والدته تشد منه، وتقوى منته، وتشرف على الحرب بنفسها، وتحسن إلى من أبلى، فلما رأى البربر شدة عزمه وثباته، فت ذلك في أعضادهم، وانحلوا عن إدريس بن يحيى، ورأوا أن يبعثوا به إلى سبتة وطنجة إلى البراغواطيين اللذين ذكرنا، وقد كان جعل ابنه عندهما في حضانتهما، فلما وصل إليهما أظهرا تعظيمه ومخاطبته بالخلافة، إلا أن الأمر كله لهما دونه، فتوصل إليه قوم من أكابر البربر، وقالوا له: إن هذين العبدين قد غلبا عليك، وقد حالا بينك وبين أمرك، فأذن لنا نكفك أمرهما فأبى، ثم أخبرهما بذلك فنفيا أولئك القوم، وأخرجا إدريس ابن يحيى عن أنفسهما إلى الأندلس، وتمسكا بولده لصغره، إلا أنهما في كل ذلك يخطبان لإدريس بالخلافة؛ ثم إن محمد بن إدريس أنكر من أخيه الملقب بالسامي أمراً فنفاه إلى العدوة، فصار في جبال غمارة وهي بلاد تنقاد لهؤلاء الحسنيين، وأهلها يعظمونهم جدا؛ ثم إن البرابر خاطبو محمد بن القاسم بالجزيرة، واجتمعوا إليه، ووعدوه بالنصر فاستفزه الطمع، وخرج إليهم، فبايعوه بالخلافة، وتسمى بالمهدي، فصار الأمر في غاية الأخلوقة والفضيحة؛ أربعة كلهم يسمى بأمير المؤمنين في رقعة من الأرض مقدارها ثلاثون فرسخاً في مثلها، فأقاموا معه أياماً ثم افترقوا عنه إلى بلادهم، ورجع خاسئاً إلى الجزيرة، ومات إلى أيام، وقيل إنه مات غما، وترك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 نحو ثمانية ذكور؛ فتولى أمر الجزيرة ابنه القاسم بن محمد ابن القاسم، إلا أنه لم يتسم بالخلافة، وبقي محمد ابن إدريس بمالقة إلى أن مات سنة خمس وأربعين وأربع مائة؛ وكان إدريس بن يحيى المعروف بالعالي عند بني يفرن بتاكرنا، فلما توفي محمد بن إدريس ردته العامة إلى مالقة واستولى عليها. هذا آخر ما استفدنا أكثره من شيخنا أبي محمد علي بن أحمد رحمه الله، وعلمناه نحن، من جمل أخبار من ذطرنا من ملوك تلك البلاد إلى وقت خروجنا منها. وهنالك ملوك أخر قد تقاسموا البلاد، وغلب كل سلطان منهم على جانب منها عند حدوث الفتن لم نتعرض لذكرهم، إذ لم يدع واحد منهم خلافة، ولا انتسب بعد إليها، وحقيقة أخبارهم أيضا قد بعدت عنا ونسأل الله أن يتدارك الكل بما فيه الصلاح الشامل، ويجمع كلمتهم على ما يرضيه برحمته. وقد آن أن نرجع إلى ذكر المقصود من الأسماء على ترتيب الحروف، ونبدأ بذكر المحمدين والأحمدين منهم أولا، ثم نفعل ذلك في الآباء مستمراً إلى الانتهاء إن شاء لله، والحول والقوة بالله عز وجل. تم الجزء الأول بحمد الله وعونه من تجزئة الأصل وصلى الله على محمد نبيه وسلم يتلوه في الثاني من اسمه محمد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 الجزء الثاني الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 بسم الله الرحمن الرحيم وبه أستعين من اسمه محمد محمد بن محمد الصدفي محدث أندلسي، سمع أبا خالد مالك بن علي بن مالك القطيني مات بالأندلس. محمد بن محمد بن عبد السلام بن ثعلبة بن الحسن بن كليب أو كلب الخشني، يكنى أبا الحسن، يروى عن أبيه وعن غيره؛ وروى عنه أبو بكر حاتم بن عبد الله بن حاتم الرصافي. مات بالأندلس سنة ثلاث وثلاثين وثلاث مائة. محمد بن محمد بن أبي دليم، يروى عن أحمد بن خالد بن يزيد، وعبد الله بن يونس المرادي، ومحمد بن محمد بن عبد السلام الخشني، وهذه الطبقة. روى عنه أبو الوليد عبد الله محمد بن يوسف المعروف بابن الفرضي وغيره. ذكره لنا أبو عمر يوسف ابن عبد الله بن عبد البر النمري الحافظ. محمد بن محمد بن الحسن الزبيدي أبو الوليد. من أهل الأدب والرياسة. ذكره أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد الفقيه، وهو أحد الثلاثة الذين تقدموا بإشبيلية في تدبير الأمور على ما قدمنا قبل، ثم أخرج عنها ودخل القيروان، ثم استوطن المرية وولى القضاء بها. وقد شاهدته هنالك بعد الأربعين وأربع مائة، وسمعته يقول: إنه سمع كتاب مختصر العين من أبيه، وأخرجه إلينا وقرأه بعض أصحابنا. وقد روى عن عمه عبد الله أيضاً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن عتبة بن حميد بن عتبة. أندلسي فقيه يعرف بالعتبى، منسوب إلى ولاء عتبة بن أبي سفيان روى عن يحيى بن يحيى الليثي الأندلسي؛ وله رحلة سمع فيها من جماعة بالمشرق، وحدث، وألف في الفقه كتبا كثيرة سميت العتبية، وهي المستخرجة من الأسمعة المسموعة من مالك ابن أنس، رواها عنه أبو عبد الله محمد بن عمر بن لبابة. أخبرنا بها أبو عمر يوسف ابن عبد الله الحافظ بالأندلس، قال: أخبرنا بها أبو عمر أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي الباجي وقرأتها عليه، قال: أخبرنا بها أبي عن محمد بن عمر بن لبابة عنه. وأخبرنا بها أيضاً أبو الوليد هشام بن سعيد الخير بن فتحون، قال: أخبرنا بها أبو الحزم خلف بن عيسى بن أبي درهم القاضي الوشقي، قال: أخبرنا أبو عيسى يحيى بن عبد الله بن أبي عيسى بها، عند أبي عبد الله محمد بن عمر عن العتبي. مات العتبي بالأندلس سنة خمس وخمسين ومائتين. محمد بن أحمد الجبلي محدث سمع من أبي عبد الرحمن بقي بن مخلد، وأبي عبد الله محمد بن وضاح بن بزيع؛ مات سنة ثلاث عشرة وثلاث مائة. محمد بن أحمد بن الزراد، يروى عن محمد بن وضاح، روى عنه أبو عمر أحمد بن سعيد ابن حزم الصدفي. محمد بن أحمد بن حزم بن تمام بن مصعب بن عمرو بن عمير بن محمد بن مسلمة الأنصاري، يكنى أبا عبد الله أندلسي، محدث، مات قريباً من سنة عشرين وثلاث مائة. ذكر ذلك عبد الرحمن بن أحمد الصدفي. محمد بن أحمد بن خالد بن يزيد، يروى عن أبيه أحمد بن خالد، روى عنه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 أبو محمد مسلمة بن محمد البتري شيخ من شيوخ أبي عمر يوسف بن عبد الله بن محمد ابن عبد البر النمري. ؟؟ محمد بن أحمد بن يحيى بن مفرج القاضي أبو عبد الله، وقيل أبو بكر؛ محدث حافظ جليل، سمع بالأندلس من أبي محمد قاسم بن أصبغ البياني وطبقته، وله رحلة سمع فيها من أبي الحسن محمد بن أيوب بن حبيب الرقي الصموت صاحب أحمد بن عمرو ابن عبد الخالق البزار البصري، ومن أحمد بن بهزاذ السيرافي المصري، وأبي سعيد أحمد بن محمد بن زياد بن الأعزابي، وخيثمة بن سليمان، وأبي يعقوب ابن حمدان صاحب أبي يحيى زكريا بن يحيى الساجي وغيرهم؛ وحدث بالأندلس، وصنف كتباً في فقه الحديث، وفي فقه التابعين، منها: فقه الحسن البصري في سبع مجلدات؛ وفقه الزهري في أجزاء كثيرة؛ وجمع مسند حديث قاسم بن أصبغ للحكم المستنصر. روى عنه بمصر أبو سعيد بن يونس، وبالأندلس أبو الوليد بن الفرضي، وأبو عمر أحمد بن محمد بن عبد الله المقرىء المعروف بالطلمنكي وغيرهم. ؟ محمد بن أحمد بن مسعود أبو عبد الله. يروى عن محمد بن فطيس بن واصل الإلبيري؛ روى عنه أبو الوليد بن الفرضي. ؟ محمد بن أحمد بن قاسم بن هلال أبو عبد الله، يروى عن عبيد الله بن يحيى ابن يحيى الليثي؛ روى عنه أحمد بن فتح بن عبد الله التاجر. محمد بن أحمد بن محمد المكتب. روى عن أبي محمد جعفر بن أحمد بن عبد الله البزار؛ روى عنه شيخنا أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر الحافظ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 ؟ محمد بن أحمد بن الخلاص البجاني. فقيه محدث من أهل بجانة، رحل، وسمع محمد بن القاسم بن شعبان القرطي ونحوه. روى لنا عنه القاضي أبو عمر أحمد بن إسماعيل ابن دليم الجزيري، مات في حدود الأربع مائة. انا أحمد بن اسماعيل، قال: نا محمد بن أحمد بن الخلاص، قال: نا محمد بن القاسم قال: حدثني محمد بن زبان بن حبيب، عن الحارث بن مسكين، عن ابن القاسم، عن مالك قال: قال رجل لعبد الله بن عمر: إني قتلت نفساً فهل لي من توبة؟ فقال له: أكثر من شرب الماء البارد. محمد بن إبراهيم بن حيون الحجازي. رحل وسمع جماعة، منهم: القاضي أبو عبد الرحمن أحمد بن حماد بن سعيد الكوفي؛ لقيه بالمصيصة سنة أربع وتسعين ومائتين. روى عنه خالد بن سعد. محمد بن إبراهيم بن سليمان، يعرف بابن المدمالة، أديب شاعر، ذكره أحمد ابن فرج الجياني صاحب كتاب الحدائق. ومن شعره: خليلي شيما عارضاً لاح برقه ... إلى أين يهوى ودقه المتبعق ركام إذا أحمومى وقطب وجهه ... تبسم فيه برقه المتألق حرام على ذي خلة شام مثله ... سنا بارق أن لا يرى يتشوق محمد بن إبراهيم بن سعيد أبو عبد الله يعرف بابن أبي القراميد. روى عن محمد ابن معاوية القرشي، وابن مفرج القاضي، وأحمد بن مطرف. وأحمد بن سعيد بن حزم؛ روى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 عنه أبو عمر بن عبد البر النمري وقال: كان من أضبط الناس لكتبه، وأفهمهم لمعاني الرواية؛ له تأليف جمع فيه كلام أبي زكرياء يحيى بن معين في ثلاثين جزءاً، أخبرنا به أبو عمر بن عبد البر عنه. محمد بن إبراهيم بن يزيد بن محمود أبو عبد الله، يروى عن عمر بن مؤمل، عن أبي الفرج عمرو بن محمد المالكي تأليفيه: كتاب الحاوي، وكتاب اللمع. محمد بن أبان بن عثمان بن محمد بن يحيى بن عبد العزيز، أبو بكر. شيخ من شيوخ الحديث، روى عنه أبو عمر النمري. محمد بن إسحاق الأندلسي، روى عن إبراهيم بن أبي عبلة، روى عنه سليمان ابن سلمة ابن أخت عبد الله بن عبد الجبار الخبايرى، رأيته بخط أبي عبد الله محمد بن علي بن عبد الله الصدفي الحافظ؛ أخبرنا بحديثه الشيخ الإمام أبو القاسم إسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي قراءة عليه، قال: أخبرنا أبو القاسم حمزة بن يوسف ابن إبراهيم بن موسى السهمي، قال: أخبرنا أبو ذر جندب بن أحمد بن عبد الرحمن ابن عبد المؤمن المهلبي الفقيه، قال: نا أبي أبو علي أحمد بن عبد الرحمن بن عبد المؤمن، قال: حدثنا أبي عبد الرحمن بن عبد المؤمن، حدثنا أبو عمر الخراساني محمد بن عبدك، حدثنا سليمان بن سلمة، قال: نا محمد بن إسحاق الأندلسي، قال نا غالب بن عبيد الله القرقساني، حدثنا سعيد بن المسيب، قال: سألت عائشة رضي الله عنها ما كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا آوى إلى بيته يصنع؟ قالت: يرقع ثوبه، ويخصف نعله، ويعالج سلاحه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 وقال أبو أحمد عبد الله بن عدي: محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن محمد الأندلسي عن الأوزاعي، منكر الحديث. قال ابن عدي: سمعت ابن حماد يذكره عن البخاري. قال ابن عدي ومحمد بن إسحاق هذا الذي ذكره عن البخاري ليس له عن الأوزاعي إلا الشيء اليسير، وهو رجل مجهول لا يعرف. هذا آخر كلام ابن عدي. وهو عندي الذي روى عن ابن أبي عبلة والله أعلم. محمد بن إسحاق بن السليم أبو بكر، قاضي الجماعة بقرطبة، ويقال في اسم جده سليم بغير التعريف، وكان من العدول المرضيين، والفقهاء المشهورين، وله عند أهل بلاده جلالة مذكورة، ومنزلة في العلم والفضل معروفة؛ وكان مع هيبته ورياسته حسن العشرة والأنس، كريم النفس، سمع قاسم بن أصبغ بن يوسف بن ناصح البياني، وأحمد بن خالد بن يزيد وغيرهما روى عنه غير واحد. مات في رجب سنة سبع وستين وثلاث مائة. أخبرني الفقيه أبو محمد علي بن أحمد، قال: أخبرني الفقيه القاضي أبو الوليد يونس ابن عبد الله بن مغيث المعروف بابن الصفار، أن رجلاً من أهل المشرق يعرف بالشيباني دخل الأندلس فسكن قرطبة على شاطىء الوادي بالعيون، فخرج قاضي الجماعة ابن السليم يوماً لحاجة فأصابه مطر اضطره إلى أن دخل بدابته في دهليز الشيباني فوافقه فيه، فرحب بالقاضي وسأله النزول فنزل، وأدخله إلى منزله، وتفاوضا في الحديث فقال له: أصلح الله القاضي! عندي جارية مدينية لم يسمع بأطيب من صوتها، فإن أذنت أسمعتك عشراً من كتاب الله عز وجل، وأبياتاً، فقال له: افعل، فأمر الجارية فقرأت ثم أنشدت، فاستحسن ذلك القاضي، وعجب منه، وكان علي كمه دنانير فأخرجها، وجعلها تحت الفرش الذي جلس عليه، ولم يعلم بذلك صاحب المنزل، فلما ارتفع المطر ركب القاضي وودعه الشيباني، فدعا القاضي له ولجاريته، وقال له: قد تركت هنالك شيئاً فهو للجارية الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 تستعين به في بعض حوائجها، فقال له الشيباني: سبحان الله أيها القاضي! فقال: لابد من ذلك، أقسمت عليك لتفعلن، فدخل الشيباني فأخذ الصرة، فوجد فيها عشرين دينارا. محمد بن إسحاق عبيد الله بن إدريس بن خالد أبو عبد الله، كان رجلا صالحا ً مذكورا، وعلى طريقة من الزهد محققة؛ وله كلام يدل على إخلاصه وصدق طويته. سمعت أبا محمد علي بن الوزير أبي عمر أحمد بن سعيد بن حزم يقول: سمعت أبا عبد الله محمد بن إسحاق بن عبيد الله بن إدريس بن خالد يقول للوزير أبي رحمه الله على سبيل الوعظ في بعض مناجاته إياه: احرص على أن لا تعمل شيئاً إلا بنية، فإنك تؤجر في جميع أعمالك؛ إذا أكلت فانو بذلك التقوى لطاعة الله، وكذلك في نومك، وتفرجك، وسائر أعمالك، فإنك ترى ذلك في ميزان حسناتك. قال لي أبو محمد: وما زلت منذ سمعت ذلك منتفعاً به، كما أني انتفعت بما رويت عن الخليل رحمه الله من قوله: ينبغي للمرء أن يستشعر في أحواله كلها أن يكون عند الله عز وجل من أرفع طبقته، وأن يكون عند الناس من أوسط أهل طبقته، وعند نفسه من أقلهم، وأدناهم؛ فبهذا يصل إلى اكتساب الفضائل. محمد بن إسحاق المهلبي أبو بكر الإسحاقي الوزير، من أهل الأدب والفضل، وهو الذي خاطبه أبو محمد على بن أحمد برسالته في فضل الأندلس. محمد بن أسلم اللاردى من أهل لاردة من ثغور الأندلس، يروى عن يونس بن عبد الأعلى. مات بالأندلس سنة ثلاث وثلاثمائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 محمد بن أبي الأسعد، محدث أندلسي، مات بها سنة خمس عشرة وثلاث مائة. محمد بن أبي الأشعث أندلسي، مات بها سنة خمس عشرة وثلاث مائة؛ وأخاف أن يكون الأول وصحف الأشعث بالأسعد. محمد بن الأصبغ البياني من أهل بيانة؛ قرية من قرى الأندلس، مات بها سنة ثلاث وثلاث مائة، وقيل سنة ثلاث مائة. ذكره أبو سعيد بن يونس. محمد بن أوس بن ثابت الأنصاري من التابعين. يروى عن أبي هريرة. وروى عنه الحارث بن يزيد، ومحمد بن عبد الرحمن بن نوفل الأسدي؛ وكان من أهل لدين والفضل، معروفاً بالفقه، ولى بحر إفريقية سنة ثلاث وسبعين، وغزا المغرب والأندلس مع موسى بن نصير فيما حكاه أبو سعيد صاحب تاريخ مصر، وكان على بحر تونس في سنة ثنتين ومائة، على ما حكاه عبد الرحمن بن عبد الله ابن عبد الحكم. محمد بن أيوب العكي، محدث أندلسي، ذكره أبو سعيد بن يونس. محمد بن بكر الكلاعي، أندلسي محدث، مات سنة خمس وثلاث مائة. محمد تليد مولى المعافر أندلسي، كان قاضياً محدثاً، مات بالأندلس. محمد بن جنادة بن عبد الله بن أبي جنادة يزيد بن عمرو الإلهابي، إشبيلي، يروى عن أبي الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح، ويونس بن عبد الأعلى. مات بالأندلس سنة خمس وتسعين ومائتين. قاله عبد الرحمن بن أحمد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 محمد بن جهور بن عبيد الله بن أبي عبدة، أبو الوليد الوزير، من أهل الأدب والشعر، ومن بيت جلالة ووزارة، ذكره أبو محمد علي بن أحمد وغيره. ومن شعره: أبلغت في حبك أسماعي ... فصرت لا أصغي إلى الداعي من صمم أورثنيه الأسى ... وحرقة تشعل أوجاعي كلفتني الصبر وأني به ... وكيف بالصبر لمرتاع جزعت في الحب على أنني ... في الخطب جلد غير مجزاع محمد بن الحسن الزبيدي النحوي أبو بكر، من الأئمة في اللغة والعربية ألف في النحو كتابا سماه الواضح، واختصر كتاب العين اختصاراً حسناً، وجمع في الأبنية، وفي لحن العامة، وفي أخبار النحويين، كتباً مشهورة، وفي غير نوع من الأدب؛ وكان شاعراً كثير الشعر. أخبرنا أبو عمر يوسف بن عبد البر قال: كتب أبو بكر محمد بن الحسن الزبيدي النحوي إلى أبي مسلم بن فهد: أبا مسلم إن الفتى بجنانه ... ومقوله لا بالمراكب واللبس وليس ثياب المرء تغنى قلامة ... إذا كان مقصوراً على قصر النفس وليس يفيد العلم والحلم والحجا ... أبا مسلم طول القعود على الكرسي وقال لي أبو محمد علي بن أحمد: كتب الوزير أبو الحسن جعفر بن عثمان المصحفي إلى صاحب الشرطة أبي بكر محمد بن الحسن الزبيدي اللغوي، كتاباً فيه: فاضت نفسه بالضاد، فجاوبه الزبيدي بمنظوم بين له فيه الخطأ دون تصريح وهو: قل للوزير السني محتده ... لي ذمة منك أنت حافظها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 عناية بالعلوم مفخرة ... قد بهظ الأولين باهظها يقر لي عمرها ومعمرها ... فيها ونظامها وجاحظها قد كان حقاً قبول حرمتها ... لكن صرف الزمان لافظها وفي خطوب الزمان لي عظة ... لو كان يثنى النفوس واعظها إن لم تحافظ عصابة نسبت ... إليك قدماً فمن يحافظها لا تدعن حاجتي مطرحة ... فإن نفسي قد فاظ فائظها فأجابه المصحفي: خفض فواقاً فأنت أوحدها ... علماً ونقابها وحافظها كيف تضيع العلوم في بلد ... أبناؤه كلهم يحافظها ألفاظهم كلها معطلة ... ما لم يعول عليك لافظها من ذا يساويك إن نطقت وقد ... أقر بالعجز عنك جاحظها علم ثنى العالمين عنك كما ... ثنى عن الشمس من يلاحظها وقد أتتني فديت شاغلة للنف ... س أن قلت: فاظ فائظها فأوضحنها، تفز بنادرة ... قد بهظ الأولين باهظها فأجابه الزبيدي، وضمن شعره الشاهد على ذلك: أتاني كتاب من كريم مكرم ... فنفس عن نفس تكاد تفيظ فسر جميع الأولياء وروده ... وسىء رجال آخرون وغيظوا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 لقد حفظ العهد الذي قد أضاعه ... لدي سواه والكريم حفيظ وباحثت عن فاظت وقبلى قالها ... رجال لديهم في العلوم حظوظ روي ذاك عن كيسان سهل وأنشدوا ... مقال أبي الغياظ وهو مغيظ وسميت غياظاً ولست بغائظ ... عدواً ولكن للصديق تغيظ فلا حفظ الرحمن روحك حية ... ولا وهي في الأرواح حين تفيظ قال لي أبو محمد: وقد يقال فاضت نفسه يالضاد. ذكر ذلك يعقوب بن السكيت في كتاب الألفاظ. وله وقد استأذن الحكم المستنصر في الرجوع إلى أهله بإشبيلية فلم يأذن، فكتب إلى جارية له هنالك تدعى سلمى: ويحك يا سلم لا تراعى ... لابد للبين من زماع لا تحسبيني صبرت إلا ... كصبر ميت على النزاع ما خلق الله من عذاب ... أشد من وقفة الوداع ما بينها والحمام فرق ... لولا المناحات والنواعي إن يفترق شملنا وشيكا ... من بعد ما كان ذا اجتماع فكل شمل إلى افتراق ... وكل شعب إلى انصداع وكل قرب إلى بعاد ... وكل وصل إلى انقطاع توفي أبو بكر الزبيدي قريباً من الثمانين وثلاث مائة. روى عنه غير واحد، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 منهم: ابنه أبو الوليد محمد، وأبو القاسم إبراهيم بن محمد بن زكرياء الزهري، المعروف بابن الإفليلي النحوي. محمد بن الحسن أبو عبد الله المذحجي يعرف بابن الكتاني، له مشاركة قوية في علم الأدب والشعر، وله تقدم، في علوم الطب، والمنطق؛ وكلام في الحكم، ورسائل في كل ذلك، وكتب معروفة؛ أخبرنا عنه أبو محمد علي بن أحمد قال: سمعته يقول لي ولغيري: إن من العجب من يبقى في العالم دون تعاون على مصلحة، أما يرى الحراث يحرث له، والبناء يبنى له، والخراز يخرز له، وسائر الناس، كل يتولى شغلاً له فيه مصلحة، وبه إليه ضرورة، أما يستحى أن يبقى عيالا على كل من في العالم، ألا يعين هو أيضاً بشيء من المصلحة؟، قال لنا أبو محمد: ولعمري إن كلامه هذا لصحيح حسن، وقد نبه الله تعالى عليه بقوله: " وتعاونوا على البر والتقوى "، فكل ما لمخلوق فيه مصلحة في دينه أو فيما لا غنى به عنه في دنياه، فهو بر وتقوى. قال لي أبو محمد: وله كتاب سماه كتاب محمد وسعدي مليح في معناه، وعاش بعد الأربع مائة بمدة. ومن شعره: ألا قد هجرنا الهجر واتصل الوصل ... وبانت ليالي البين واشتمل الشمل فسعدي نديمي، والمدامة ريقها ... ووجنتها روضى، وقبلتها النقل وله أيضاً: نأيت عنكم بلا صبر ولا جلد ... وصحت واكبدى حتى مضت كبدي أضحى الفراق رفيقاً لي يواصلني ... بالبعد والشجو والأحزان والكمد وبالوجوه التي تبدوا فأنشدها ... وقد وضعت على قلبي يدي بيدي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 إذا رأيت وجوه الطير قلت لها ... لا بارك الله في الغربان والصرد محمد بن الحسن الوارث الرازي أبو بكر، سمع بمصر أبا محمد عبد الرحمن بن عمر بن محمد بن سعيد بن النحاس البزاز وطبقته، وسمع أبا نعيم أحمد بن عبد الله بن مهران الأصبهاني باصبهان وطبقته، ودخل الأندلس وحدث بها، وسمعنا منه، مات هنالك بعد الخمسين وأربع مائة غرقاً فيما بلغني. محمد بن الحسن الجبلي النحوي أديب شاعر كثير الغزل، كان يقرأ عليه الأدب. أنشدني لنفسه: وما الأنس بالإنس الذين عهدتهم ... بأنس ولكن فقد أنسهم أنسى إذا سلمت نفسي ودينى منهم ... فحسبي أن العرض مني لهم ترسى محمد بن الحسين التميمي الحماني الطبني الزابي، وطبنة: بلد من أرض الزاب في عدوة الأندلس، شاعر مكثر وأديب مفتن، ومن بيت أدب وشعر، وجلالة ورياسة، كان في أيام الحكم المستنصر، وله أولاد نجباء مشهورون في الأدب والفضل. ومن شعره: ووغد إن أردت له عقابا ... عفا عن ذنبه حسبي وديني يؤنبني بغيبة مستطيل ... ويلقاني بصفحة مستكين ولولا الحلم إن له لجاماً ... لداس الفحل بطن ابن اللبون الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 وقالوا قد هجاك فقلت كلب ... عوى جهلا إلى ليث العرين محمد بن أبي الحسين، رئيس جليل، عالم باللغة والأدب؛ كان في أيام الحكم المستنصر بالله ابتدأ بالعلم عنده. أخبرني أبو محمد علي بن أحمد، قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد بن أبي الحسين، قال: وجدت بخط أبي، قال: أمرنا الحكم المستنصر بالله رحمه الله، بمقابلة كتاب العين للخليل بن أحمد مع أبي على إسماعيل بن القاسم البغداذي، وابني سعيد في دار الملك التي بقصر قرطبة: وأحضر من الكتاب نسخاً كثيرة في جملتها نسخة القاضي منذر بن سعيد التي رواها بمصر عن ابن ولاد، فمر لنا صدر من الكتاب بالمقابلة، فدخل علينا الحكم في بعض الأيام، فسألنا عن النسخ، فقلنا نحن: أما نسخة القاضي التي كتبها بخطه فهي أشد النسخ تصحيفا، وخطأ، وتبديلا، فسألنا عما نذكره من ذلك، فأنشدناه أبياتاً مكسورة، وأسمعناه ألفاظاً مصحفة، ولغات مبدلة، فعجب من ذلك، وسأل أبا علي فقال له نحو ذلك، واتصل المجلس بالقاضي، فكتب إلى الحكم المستنصر رقعة وفيها: جزى الله الخليل الخير عنا ... بأفضل ما جزى فهو المجازى وما خطا الخليل سوى المغيلى ... وعضروطين في ربض الطراز فصار القوم زرية كل زار ... وسخرياً وهزأة كل هاز فلما دخلنا على المستنصر قال لنا: أما القاضي فقد هجاكم، وناولنا الرقعة بخط يد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 القاضي، وكانت تحت شيء بين يديه، فقرأناها، وقلنا يا مولانا: نجل مجلسك الكريم عن انتقاص أحد فيه، لا سيما مثل القاضي في سنه ومنصبه، وإن أحب مولانا أن يقف على حقيقة ما أدركناه، فليحضره، وليحضر الأستاذ أبا علي، ثم نتكلم على كل كلمة أدركناها عليه؛ فقال: قد ابتدأ كما والبادى أظلم، وليس على من انتصر لوم، قال أبي: فمددت يدي إلى الدواة وكتبت بيد يديه: هلم فقد دعوت إلى البراز ... وقد ناجزت قرناً ذا نجاز ولا تمش الضراء فقد أثرت ال ... أسود الغلب تخطر باحتفاز وأصحر للقاء تكن صريعاً ... لماضى الحد مصقول جراز رويت عن الخليل الوهم جهراً ... لجهل بالكلام وبالمجاز دعوت له بخير ثم أنحت ... يداك على مفاخره العزاز تهدمها وتجعل ما علاها ... أسافلها ستجزيك الجوازي جزى الله الإمام العدل عنا ... جزاء الخير فهو له مجازى به وريت زناد العلم قدماً ... وشرف طالبيه باعتزاز وجلى عن كتاب العين دجناً ... واظلاماً بنور ذي امتياز بأستاذ اللغات أبي علي ... وأحداث بناحية الطراز بهم صح الكتاب وصيروه ... من التصحيف في ظل احتراز وأسقطنا نحن منها أبياتاً تجاوز الحد فيها. قال: ثم أنشدتها المستنصر بالله فضحك وقال: قد انتصرت وزدت، وأمر بها فختمت، ثم وجه بها إلى القاضي، فلم يسمع له بعد ذلك كلمة. محمد بن أبي حجيرة الأندلسي أبو عبد الله، محدث له رحلة، يروى عن يونس بن عبد الأعلى مات بمصر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 سنة ثلاث وتسعين ومائتين. قاله أبو سعيد بن يونس. محمد بن حارث الخشني، من أهل العلم والفضل، فقيه محدث، روى عن ابن وضاح ونحوه، جمع كتاباً في أخبار القضاة بالأندلس، وكتاباً آخر في أخبار الفقهاء والمحدثين، وكتاباً في الاتفاق والاختلاف لمالك بن أنس وأصحابه. ذكره أبو عمر ابن عبد البر، وأبو محمد علي بن أحمد، وأورد عنه أبو سعيد بن يونس في تاريخه وفيات جماعة من أهل الأندلس، ممن مات قبل الثلاث مائة وبعدها بمدة، وقد أفصح أبو سعيد باسمه ونسبه في موضعين من التاريخ؛ في باب السين، وفي باب النون، وما أراه لقيه، ولكنه عاصره، وكان في زمانه، ووقف على كتابه، وإنما يقول فيما يورده عنه من ذلك: ذكره الخشي في كتابه. كان حياً في حدود الثلاثين وثلاث مائة. محمد بن حبيب بن كسرى اليحصبي أندلسي محدث معروف. قاله أبو سعيد. محمد بن خالد من أعيان أهل الأندلس، تفقه بابن وهب، وابن القاسم، هكذا رأيت لبعض فقهاء العراق، وقرأته عليه في كتاب جمعه في طبقات الفقهاء، ولم أكن أعلمه، وظننته وهما، وأنه أراد أحمد بن خالد فهو المشهور، فرأيت في تاريخ المصريين: محمد بن خالد بن مرتنيل الأندلسي، مولى عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك يعرف بالأشج، يروى عن ابن القاسم؛ مات بالأندلس سنة عشرين ومائتين. فلعله أراد هذا، على أنه لم يذكر بالفقه والله أعلم. محمد بن خالد بن وهب، مولى بني تيم من قريش، وفي موضع آخر مولى بني تميم، أندلسي يروى عن مطرف بن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 عبد الرحيم، ومحمد بن عبد السلام الخشني، ومحمد ابن وضاح، وغيرهم. مات بالأندلس سنة تسع وعشرين وثلاث مائة. محمد بن أبي خالد محدث لبيري معروف، مات بالأندلس سنة سبع عشرة وثلاث مائة. محمد بن خيرون أبو جعفر أندلسي، رحل ووصل إلى العراق، وسمع بها من صاحب يعلى بن المديني، ويحيى بن معين سمى محمد بن نصر، ورجع إلى القيروان فاستوطنها، وحدث بها، وسكن بموضع منها يعرف بالزيادية، وبنى هنالك مسجداً ينسب إليه. قاله لي أبو محمد القيسي. محمد بن خطاب أبو عبد الله النحوي الأزدي، كان من الأدباء المشهورين، والنحاة المذكورين، وكان يختلف إليه في علم العربية أولاد الأكابر وذوي الجلالة، وله مع ذلك شعر مأثور. وكان قبل الأربع مائة. محمد بن خليفة أبو عبد الله رحل إلى مكة فسمع من غير واحد، واستكثر من أبي بكر محمد بن الحسين الآجري، فسمع منه كتباً جمة من تواليفه، رواها عنه أبو عمر بن عبد البر، وأخبرنا بها عنه. وسمع أيضاً من الخزاعي تأليفه في فضائل مكة، أخبرنا به أبو عمر عنه، قال أبو عمر: وكان رجلا صالحا ممن يتبرك به. محمد بن خلصة الشذوني أبو عبد الله البصير، كان من النحويين المتصدرين، والأساتيذ المشهورين، والشعراء المجودين، رأيته بدانية فيما بعد الأربعين، ولم أسمع منه شيئاً؛ وأنشدت له من قصيدة طويلة: أمدنف نفس ذو هوى أم جليدها ... غداة غدت في حلبة البين غيدها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 وقد كنفت منهن أكناف منعج ... عباديد سادات الرجال عبيدها تبادرن أستار القباب كما بدت ... بدور ولكن البروج عقودها تخد بألحاظ العيون خدودها ... وترهب أن تنقد ليناً قدودها فيالدماء الأسد تسفكها الدما ... وللصيد من عفر الظباء تصيدها وفوق الحشايا كل مرهفة الحشا ... حشت كبدي ناراً بطيئاً خمودها تحل لوى خبت وقلبي محلها ... وتخلبني غدراً وقلبي وحيدها لئن زعموا أني سلوت لقد بدت ... دلائل من شكواى عدل شهودها نحول كرقراق السحاب وعبرة ... كما انهملت غر السحاب وسودها تغيض ولوعات الفراق تمدها ... وتنقص والشجو الأليم يزيدها لتفدك أكباد ظماء أجفها ... هواك وأجفان جفاها هجودها ومهجة صب لم تزل صبة بها ... يد الوجد حتى عاد عدماً وجودها ضنا جسدي، إن كان يرضيك، برؤه ... وإتلاف نفسي في هواك خلودها ولولا الهوى لم ترض نفس نفيسة ... هواناً ولكن حب نفس قؤودها محمد بن أبي دليم، حدث عن محمد بن وضاح وطبقته. روى عنه عبد الوارث ابن، سفيان وكان جليلا. محمد بن الربيع بن بلال بن زياد، وفي موضع آخر: محمد بن الربيع بن زياد بن بلال، مولى بني عامر، أندلسي، يكنى أبا عبد الله. يروى عن حرملة بن يحيى، وأبي مصعب الزهري، وحبيش بن سليمان مولى عبد الله بن لهيعة الحضرمي. روى عنه أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني وقال: حدثنا محمد بن الربيع بن بلال الأندلسي بمصر. توفي في المحرم سنة خمس وثمانين ومائتين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 محمد بن رشيق أبو عبد الله المكتب، يعرف بالسراج محدث، رحل، فكتب بمصر عن الحسن بن رشيق، والكندي، وجماعة. روى عنه أبو عمر بن عبد البر الحافظ، وأثنى عليه وقال: كان ثقة قاضلاً من أحسن الناس قراءة للقرآن، وأطيبهم صوتاً. محمد بن رزق القرطبي، أديب شاعر. أنشدت له: إذا قفلت من نحو أرضك رفقة ... تلقيت من أقصى مسالكها الركبا أسائلهم عمن براني بحبه ... وصير قلبي للأسى بعده نهبا فإن بشروني من إيابك بالمنى ... ذعرت لأحزاني بما زعموا سربا وإن أيأسوني من إيابك عاجلا ... تضاعف حزني ثم ناديت يا ربا وإني لأستهدي الرياح سلامكم ... إذا ما نسيم من بلادكم هبا وأسألها حمل السلام إليكم ... لتعلم أني لا أزال بكم صبا سأبكي على وصل كأن لم أفن به ... وعيش كأني كنت أقطعه وثبا محمد بن زكرياء بن قطام، أندلسي محدث. مات بالأندلس سنة ست وسبعين ومائتين. محمد بن زياد بن عبد الرحمن اللخمي، أندلسي، يروى عن معاوية بن صالح، ولي القضاء بالأندلس في إمارة عبد الرحمن بن الحكم، وولي الصلاة في إمارة ولده محمد بن عبد الرحمن. مات هناك بعد الأربعين ومائتين بيسير. ذكره أبو سعيد بن يونس محمد بن زيد التميمي محدث، أخو سعيد بن زيد المذكور في حروف السين. محمد بن عبد الله بن أبي زمنين، أبو عبد الله الإلبيري، فقيه مقدم، وزاهد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 مبتل، له تواليف متداولة في الوعظ، والزهد، وأخبار الصالحين على طريقة كتب ابن أبي الدنيا، وأشعار كثيرة في نحو ذلك، وله كتاب في الشروط على مذهب مالك بن أنس. روى عنه شيخنا أبو عبد الله بن عوف الفقيه، وأبو عمر أحمد بن يحيى ابن سميق القاضي القرطبي، وأبو عمر وعثمان بن سعيد المقرىء مات في حدود الأربع مائة. ومن أشعاره في طريقته قوله: الموت في كل حين ينشر الكفنا ... ونحن في غفلة عما يراد بنا لا تطمئن إلى الدنيا وزخرفها ... وإن توشحت من أثوابها الحسنا أين الأحبة والجيران، ما فعلوا؟ ... أين الذين همو كانوا لنا سكنا سقاهم الدهر كأساً غير صافية ... فصيرتهم لأطباق الثرى رهنا محمد بن سليمان بن تليد وشقي، ولى قضاء سرقسطة، ووشقة، يروى عن محمد بن أحمد العتبي، ومحمد بن يوسف بن مطروح الربعي. مات بالأندلس سنة خمس وتسعين ومائتين. محمد بن سليمان بن أحمد بن حبيب بن الوليد بن عمر بن حبيب، بن عبد الملك ابن عمر بن الوليد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم الأموي، يعرف بالحبيبي أندلسي، يروى عن أهل بلده. مات بالأندلس في المحرم سنة ثمان أو تسع وعشرين وثلاث مائة. محمد بن سليمان الرعيني أبو عبد الله البصير، يعرف بابن الحناط، كان متقدماً في الآداب والبلاغة والشعر، وشعره كثير مجموع؛ مدح الملوك والوزراء والرؤساء، وكان يناوىء أبا عامر أحمد بن عبد الملك ابن شهيد بليغ وقته، ويعارضه؛ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 وله معه أخبار مذكورة، ومناقضات مشهورة؛ فأخبرني الرئيس أبو الحسن عبد الرحمن بن راشد الراشدي قال: لما نعيت أبا عامر بن شهيد إلى أبي عبد الله بن الحناط، وقد عرفت ما كان بينهما من المنافسة بكى؛ وأنشدني لنفسه بديهة: لما نعى الناعى أبا عامر ... أيقنت أني لست بالصابر أودى فتى الظرف وترب الندى ... وسيد الأول والآخر ولابن الحناط من كلمة طويلة في مدح أبي عامر بن شهيد أولها: أما الفراق فلى من يومه فرق ... وقد أرقت له لو ينفع الأرق أظعانهم سابقت عيني التي انهملت ... أم الدموع مع الأظعان تستبق عاق العقيق عن السلوان واتضحت ... في توضح لي من نهج الهوى طرق لولا النسيم الذي تأتى الرياح به ... إذا تضوع عن عرف الحمى الأفق لم أدر أن بيوت الحي نازلة ... نجداً ولا اعتادني نحو الحمى القلق ما في الهوادج إلا الشمس طالعة ... وما بقلبي إلا الشوق والأرق ومن أخرى: سقياً لمعهد لذات عهدت به ... غزلان وجرة ترعى روضة أنفا من كل بيضاء مثل البدر مطلعاً ... هيفاء مثل قضيب البان منعطفا إلف ألفت الضنا من بعد فرقته ... حتى غدا بدنى من دقة ألفا مات أبو عبد الله بن الحناط قريباً من الثلاثين وأربع مائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 محمد بن سعد الرباحي ويقال له الجياني، أصله من جيان، وسكن قلعة رباح، كان صاحب حديث، ولغة، وشعر. ذكره أبو محمد عبد الغني ابن سعيد الحافظ. محمد بن سعيد بن حسان الصائغ، مولى الحكم بن هشام بن عبد الملك الأموي، أندلسي. روى عن أشهب بن عبد العزيز القيسي، وعبد الله بن نافع. مات بالأندلس سنة ستين ومائتين. قاله أبو سعيد بن يونس. محمد بن سعيد الملون، من الفقهاء المشهورين، ومن أصحاب الشورى في أيام الأمير عبد الله بن محمد. أخبرني أبو محمد علي بن أحمد، قال: نا عبد الرحمن بن سلمة الكناني، قال: أخبرني أحمد بن خليل، قال: نا خالد بن سعد، قال: سمعت محمد بن عمر بن لبابة يحتج بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي فيه: أولئك الذين تهاني الله عنهم. ويذهب إلى أن لا يقتل الزنديق حتى يستتاب، وكان ابن لبابة يخالف قول مالك في ذلك، قال خالد: فأخبرني محمد بن عبد الله بن قاسم الزاهد، أنه سمع أبا عبد الرحمن بقي ابن مخلد يذهب إلى أن لا يقتل الزنديق حتى يستتاب، وشاورهم في ذلك الأمير عبد الله فأفتاه بقي بالاستتابة، ووافقه على ذلك محمد بن سعيد بن الملون، وخالفهما قاسم بن محمد، فأفتى بترك الاستتابة. قال خالد: قال لي محمد بن عبد الله بن قاسم فسمعت بقي بن مخلد ينكر ذلك على قاسم بن محمد، وقال: فارق مذهبه ووافقني على مذهبي محمد بن سعيد، وإنما مذهبه الرأي، أو كما قال. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 محمد بن سعيد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن مسلم بن خشخاش بن أبي وعلة السبأى قرطبي، كان فقيها، وكان المفتي في أيامه. مات قديماً. قاله عبد الرحمن بن أحمد. ولعله الذي قبله. محمد بن سعيد بن خالد، بن سعيد، بن سليمان الغافقى، أندلسي، سمع من محمد بن يوسف بن مطروح. مات سنة ثلاث عشرة وثلاث مائة. محمد بن سعيد بن نبات أبو عبد الله، شيخ من شيوخ الحديث. روى عن عبد الله بن نصر الزاهد وغيره. روى لنا عنه أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد ابن حزم الفقيه الحافظ، وكان يقول في بعض أحاديثه عنه: أخبرنا النباتي. مات بعد الأربع مائة. محمد بن سعيد بن جرج أبو عبد الله، فقيه مشهور من أهل قرطبة. حدثنا عنه أبو محمد علي بن أحمد. محمد بن سعيد أبو عامر التاكرني الكاتب، وكان من أهل الأدب والبلاغة والشعر، ذكره أبو عامر بن شهيد سكن بلنسية، وخدم صاحبها عبد العزيز ابن الناصر بعد الأربع مائة. محمد بن سويد بن قيس، أندلسي محدث. مات سنة ثلاث مائة. محمد بن أبي سهولة، كان فقيها محدثاً. قاله أبو محمد عبد الغني بن سعيد. محمد بن السري أبو عبد الله: يروى عن الأنطاكي المقريء أخبرنا عنه أبو مروان عبد الملك بن سليمان الخولاني. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 محمد بن السراج المالقي منسوب إلى ملقة بلد من بلاد الأندلس على ساحل المجاز الذي يقال له الزقاق، لم يقع لي اسم أبيه، شاعر أديب مشهور، رأيت له أشعاراً في ذي الوزارتين أبي جعفر أحمد بن بقنة وزير دولة العلويين من بني حمود، وذكره أبو عامر بن شهيد مفضلاً له؛ وأنشد مما استحسن من شعره: وكم عن يوم النحر من نحر شادن ... لعيني بأطواق الجمال مطوق محمد بن شجاع، محدث أندلسي، قتل بالأندلس سنة إحدى وثلاث مائة. محمد بن شجاع الصوفي أبو عبد الله، كان رجلاً صالحاً مشهوراً على طريقة قدماء الصوفية المحققين، وذوي السياحة المتجولين، ثم أقام عندنا إلى أن مات؛ وقد رأيته في حدود الثلاثين وأربع مائة ولم أسمع منه شيئاً، ومات قريباً من ذلك؛ فحدثنا عنه الرئيس أبو العباس أحمد بن رشيق الفقيه الكاتب في مجلسه بالمغرب قال: حدثني أبو عبد الله محمد بن شجاع الصوفي، قال: كنت بمصر أيام سياحتي فتاقت نفسي إلى النساء، فذكرت ذلك لبعض إخواني فقال لي: ها هنا امرأة صوفية لها ابنة مثلها جميلة قد ناهزت البلوغ، قال: فخطبتها وتزوجتها، فلما دخلت عليها وجدتها مستقبلة القبلة تصلي، قال: فاستحييت أن تكون صبية في مثل سنها تصلي وأنا لا أصلي، فاستقبلت القبلة وصليت ما قدر لي حتى غلبتني عيني، فنامت في مصلاها ونمت في مصلاي، فلما كان في اليوم الثاني كان مثل ذلك أيضاً، فلما طال علي قلت لها: يا هذه ألا جتماعنا معنى؟ قال: فقال لي: أنا في خدمة مولاي، ومن له حق فما أمنعه، قال: فاستحييت من كلامها، وتماديت على أمري نحو الشهر، ثم بدالى في السفر، فقلت لها يا هذه، قالت لبيك! الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 قلت: إني قد أردت السفر، فقالت: مصاحباً بالعافية قال: فقمت، فلما صرت عند الباب قامت فقالت: يا سيدي كان بيننا في الدنيا عهد لم يقض بتمامه، عسى في الجنة إن شاء الله، فقلت لها عسى، فقالت أستودعك الله خير مستودع، قال: فتودعت منها وخرجت، قال: ثم عدت إلى مصر بعد سنينن فسألت عنها، فقيل لي: هي على أفضل ما تركتها عليه من العبادة والاجتهاد. محمد بن أبي صفرة أبو عبد الله، وهو أخو المهلب، فقيه مشهور، وكلاهما بالفضل مذكور. توفي قبل العشرين وأربع مائة فيما أخبرني به أبو محمد الحفصوني. محمد بن الطايف من أهل الأدب والبلاغة. ذكره أبو عامر بن شهيد وكان في أيام بني أبي عامر. محمد بن عبد الله بن فنون الأموي، محدث أندلسي. مات سنة إحدى وستين ومائتين. كذا هو بالفاء بخط عبد الله بن محمد بن الثلاج في نسخة من كتاب أبي سعيد بن يونس، ونسخة أخرى بخط أبي عبد الله الصورى بالقاف، وهو أصح والله أعلم. محمد بن عبد الله بن حيون الأموي إلبيري محدث. مات بالأندلس سنة خمس وستين ومائتين. محمد بن عبد الله بن الرفاع، أندلسي، رحل، وسمع، وحدث. مات في سنة إحدى وثمانين ومائتين. محمد بن عبد الله بن قاسم الزاهد، سمع بقي بن مخلد في قتل الزنديق. قد تقدم ذكر الخبر بذلك عنه آنفاً. روى عنه خالد بن سعد. محمد بن عبد الله، نسبته في موالى خولان، أندلسي محدث. مات بالأندلس سنة سبع وثلاث مائة. كذا قال ابن يونس. محمد بن عبد الله، نسبته في موالى خولان، أندلسي محدث. مات بالأندلس سنة سبع وثلاث مائة. كذا قال ابن يونس. محمد بن عبد الله الليثي، أندلسي محدث. دخل المشرق، وروى عنه أبو سعيد بن يونس. محمد بن عبد الله بن مسرة أبو عبد الله، كان على طريقة من الزهد والعبادة بسق فيها، وافتتن جماعة من أجلها، وله طريقة في البلاغة، وتدقيق في غوامض إشارات الصوفية، وتواليف في المعاني، نسبت إليه بذلك مقالات نعوذ بالله منها. والله أعلم به. ذكر أبو سعيد بن يونس أنه حدث. ومات سنة تسع عشرة وثلاث مائة. أنشدني أبو محمد علي بن أحمد قال: أنشدني أبو عمر أحمد بن حبرون في مجلس الوزير أبي رحمه الله، قال: كتب أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن مسرة إلى أبي بكر اللؤلؤي يستدعيه في يوم مطر وطين: أقبل فإن اليوم يوم دجن إلى مكان كالضمير المكنى لعلنا بحكم أدنى فن فأنت عند الطين أمشى مني محمد بن عبد الله بن محمد بن بدرون الحضرمي، أندلسي يحدث عن أهل بلده. مات بالأندلس سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة. محمد بن عبد الله بن الأشعث الفهري، أندلسي محدث. مات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 بالأندلس. ذكره أبو سعيد. محمد بن عبد الله بن يحيى بن عمر بن لبابة، يروى عن حماس بن مروان مات بالأندلس سنة إحدى وثلاثين وثلاث مائة. هكذا بخط أبي عبد الله الصوري في نسخة من تاريخ ابن يونس، وفي أخرى بخط عبد الله بن محمد بن عبد الله الثلاج: محمد بن يحيى بن عمر بن لبابة لم يذكر: ابن عبد الله، وفيها: أنه مات بالأسكندرية سنة ثلاثين، ولولا أن في النسختين أنه يروى عن حماس الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 بن مروان لقلنا إنه غيره، أو إنه ابن أخيه، ويجوز أن يرويا عن رجل واحد. والذي حقق لنا أبو محمد علي ابن أحمد وغيره: محمد بن يحيى، فأما محمد بن عبد الله بن يحيى، فلا نعلمه والله أعلم بالصواب. وسنذكر محمد بن يحيى في موضعه من الترتيب إن شاء الله. محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد البر أبو عبد الله، من العلماء المذكورين، والحفاظ المؤرخين، ألف في الفقهاء، والقضاء بقرطبة والأندلس كتبا، وسمع جماعة، منهم عبيد الله بن يحيى الليثي، وروى عنه غير واحد، منهم: أبو محمد عبد الرحمن ابن عمر بن محمد بن سعيد البزاز المعروف بابن النحاس المصري، وأبو حفص عمر بن نمارة الاندلسي. حدثنا الخطيب أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الحافظ بدمشق، لفظا من كتابه، قال: حدثني أبو عبد الرحمن محمد بن يوسف النيسابوري، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن عمر المصري، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد البر الأندلسي، حدثنا عبيد الله بن يحيى بن يحيى. وأخبرنا أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري بالأندلس، قال: أخبرنا أبو عمر أحمد بن محمد بن الجسور، قال: أخبرنا أبو عمر أحمد بن مطرف، وأحمد بن سعيد بن حزم الصدفي، قالا: أخبرنا عبيد الله ابن يحيى، قال: أخبرنا أبي أن مالكاً أخبرهم عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه. عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرد الحج. لفظ ابن النحاس. وقد وقع لنا هذا الحديث عالياً من حديث مالك، وإنما احتجنا إليه من رواية أبي عبد الله ابن عبد البر. وفيما أخبرنا به أبو علي الحسين بن محمد بن عيسى القيسي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 المصري إجازة أو سماعا بمصر، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن عمر، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد البر القرطبي سنة ثمان وثلاثين وثلاث مائة، قال: أخبرنا أبو مروان عبيد الله بن يحيى بن يحيى، قال: أخبرنا أبي عن مالك، عن عمه أبي سهيل مالك، عن أبيه، أنه سمع طلحة بن عبيد الله يقول: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجد ثائر الرأس، يسمع دوي صوته ولا يفقه ما يقول، حتى دنا فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خمس صلوات في اليوم والليلة، فقال: هل علي غيرها؟ قال لا؛ إلا أن تطوع، قال رسول الله صلى الله وعليه وسلم: وصيام رمضان، قال: هل علي غيره قال: لا إلا أن تطوع؛ وذكر الحديث بطوله. محمد بن عبد الله بن حكم أبو عبد الله، سمع أبا بكر محمد بن معاوية القرشي المعروف بابن الأحمر، صاحب أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي، وله رحله لقى فيها محمد بن بدر، أخبرنا عنه الفقيه أبو عمر بن عبد البر النمري. وقال لي أبو محمد علي ابن أحمد كان ثقة يعرف بابن البقرى، جارنا بالجانب الغربي بقرطبة لم آخذ عنه شيئاً. محمد بن عبد الله بن محمد بن مسلمة أبو عامر الوزير أديب عالم شاعر من بيت أدب ورياسة، سكن إشبيلية رأيت له كتاباً سماه: كتاب الارتياح، بوصف الراح ذكر ما قيل فيها، وفي الرياض، والبساتين، والنواوير، واحتفل في ذلك. ومن شعره فيه: وسوسن راق مرآه ومخبره ... وجل في أعين النظار منظره كأنه أكؤس البلور قد صنعت ... مسدسات تعالى الله مظهره الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 وبينها ألسن قد طرفت ذهبا ... من بينها قائم بالملك تؤثره وله: حج الحجيج منى ففازوا بالمنى ... وتفرقت عن خيفه الأشهاد ولنا بوجهك حجة مبرورة ... في كل يوم تقتضى وتعاد محمد بن عبد الله بن يحيى بن أبي عامر، من أهل الأدب والفضل، ومن أبناء البيت العامري أمراء الأندلس في دولة هشام المؤيد، ذكره أبو محمد علي ابن أحمد. محمد بن عبد الله بن يزيد اللخمي، حدث بالأندلس عن أبي بكر عباس بن أصبغ وحدث عنه أبو العباس أحمد بن أنس العذري. محمد بن عبد الله البكري أبو الوليد، حدث بالأندلس عن أبي عبد الله محمد ابن عمرو بن عيشون، حدث عنه أبو العباس العذري وقال: إنه يعرف بابن نيقل. محمد بن عبد الله بن رفاعة، حدث بالأندلس عن أبي بكر أحمد بن وليد بن عوسجة، حدث عنه أحمد بن عمر بن أنس، وقال: لقيته بالأندلس. محمد بن عبيد الله بن أبي عبدة، أديب شاعر من أهل بيت أدب ورياسة؛ وبنو أبي عبدة ينتمون إلى كلب، وكانوا مع مروان يوم المرج، ومن شعره إلى أبي عمر أحمد بن محمد بن عبد ربه: أعدها في تصابيها جزاعاً ... فقد فضت خواتمها نزاعاً قلوب يستخف بها التصابي ... إذا سكبت لها طارت شعاعاً فأجابه أبو عمر: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 حقيق أن يصاخ لك استماعا ... وأن يعصى العذول وأن تطاعا متى تكشف قناعك للتصابي ... فقد ناديت من كشف القناعا متى يمش الصديق إلي فتراً ... مشيت إليه من كرم ذراعا فجدد عهد لهوك حين يبلى ... ولا تذهب بشاشته ضياعا محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن كليب بن ثعلبة بن عبيد الجذامى، أندلسي فقيه. مات في سنة ثمان وثلاث مائة. محمد بن عبد الرحمن؛ من أبيات له في مدح فقيه ذكره: لا علم إلا وأنت فيه ... ماض على واضح السبيل لئن غدا المرء مستدلاً ... فأنت للمرء كالدليل أين نهاق الحمير يوما ... في حسن صوت من الصهيل محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عوف، أبو عبد الله الفقيه، تفقه بقرطبة وسمع بها وبغيرها جماعة، ولقى أبا عبد الله محمد بن عبد الله بن أبي زمنين الفقيه الزاهد، وسمع منه، ودخل الجزائر، وروى عنه وعن غيره، وقد قرأنا عليه، وكان في الفقه إماما، وهو من بيت رياسة وجلالة في الدنيا وتصرف مع السلاطين، وكف بصره، فاشتغل بالفقه ورأس فيه، وكان يقول: ذهب بصري فخير لي، ولولا ذلك سلكت في طريقة أبي وأهلي. توفي أبو عبد الله بن عوف الفقيه في سنة أربع وثلاثين وأربع مائة. محمد بن عبد الملك بن أيمن بن فرج أبو عبد الله، رحل إلى العراق، وسمع أبا عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل وطبقته، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 وحدث بالمشرق وبالأندلس، وصنف السنن. روى عنه خالد بن سعد وغيره، قال لنا أبو محمد على بن أحمد: مصنف ابن أيمن مصنف رفيع، احتوى من صحيح الحديث وغريبة ما لبس في كثير من من المصنفات. مات أبو عبد الله بن أيمن سنة ثلاثين وثلاث مائه. محمد بن عبد الملك بن ضيفون الرصافي أبو عبد الله، روى عن أبي سعيد ابن الأعرابي وغيره؛ وروى عنه شيخنا أبو عمر بن عبد البر النمري. محمد بن عبد السلام بن ثعلبة بن الحسن بن كليب، أو كلب، الخشني بو عبد الله، كانت له رحلة إلى العراق وإلى غيرها من البلاد، أقام فيها مدة طويلة، ثم رجع إلى الأندلس وحدث زماناً طويلا، وانتشر علمه؛ فمن شيوخه الذين سمع منهم بالمشرق: محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني صاحب سفيان بن عيينة، ومحمد بن المثني، ومحمد بن بشار بندار، وسلمة بن شبيب، وأبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزني صاحب الشافعي، ومحمد بن المغيره، ومحمد بن وهب المسعري صاحبا أبي عبيد القاسم بن سلام وغيرهم؛ وقال لي بعض المشايخ: إنه سمع الإمام أبا عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل، ولم أجد ذلك فيما حضرني من ذكر رواياته، إلا أن الفقيه أبا محمد عبد الله بن عثمان بن مروان العمري الأديب حدثني وأملاه علي بالمغرب عن أبي عبد الله محمد بن يعيش، قال: أنشدنا ابن الطحان عن أبي عبد الله محمد بن عبد السلام الخشني، قال: وكانت له رحلة إلى المشرق، ولقى فيها أحمد بن حنبل ونظراءه، وأقام خمساً وعشرين سنة متجولاً في طلب الحديث، فلما رجع إلى الأندلس تذكر محاله في الغربة فقال: كأن لم يكن بين ولم تك فرقة ... إذا كان من بعد الفراق تلاق كأن لم تؤرق بالعراقين مقلتي ... ولم تمر كف الشوق ماء مآق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 ولم أزر الأعراب في خبت أرضهم ... بذات اللوى من رامة وبراق ولم أصطبح بالبيد من قهوة النوى ... بكأس سقانيها الفراق دهاق بلى وكأن الموت قد زار مضجعي ... فحول مني النفس بين تراق أخي إنما الدنيا محلة فرقة ... ودار غرور آذنت بفراق تزود أخي من قبل أن تستكن الثرى ... ويلتف ساق للنشور بساق وكان أبو عبد الله الخشني عالماً حافظاً، حدث عن بالأندلس جماعة جمة نبلاء، منهم أسلم بن عبد العزيز بن هاشم القاضي، وأحمد بن خالد، ومحمد بن قاسم بن محمد، وأبو محمد قاسم بن أصبغ البياني، وكان من المكثرين عنه، وابنه محمد بن محمد ابن عبد السلام؛ ومات بالأندلس سنة ست وثمانين ومائتين. وذكره أبو محمد عبد الغني بن سعيد فقال: محمد بن عبد السلام الخشنى القرطبي صاحب تاريخ تاريخ الأندلس، روى عن ابن وضاح؛ فوهم من وجهين: أحدهما أنه جعله صاحب التاريخ، والخشنى الذي ألف في التاريخ هو محمد بن حارث الخشنى، ولعله لما رأى التاريخ منسوباً إلى الخشنى ظنه محمد بن عبد السلام، وإنما هو محمد ابن حارث؛ والوجه الآخر أنه قال: روى عن ابن وضاح، وهو وابن وضاح في طبقة واحدة، وفي سنة واحدة ماتا، والذي روى عن ابن وضاح هو محمد بن حارث، وإنما ركب ذلك كله على ظنه أن الخشنى هو محمد بن عبد السلام، والله أعلم. فإن كان عول فيما ظنه من ذلك على كتاب ابن يونس في إيراد ما أورده عن الخشني من وفيات أهل تلك الناحية وذكرهم، فظن أنه محمد بن عبد السلام، لأنه الأشهر والأقدم زمنا، فلو أنعم النظر وتتبع كتاب ابن يونس لوجد فيه أن محمد ابن عبد السلام مات في سنة ست وثمانين ومائتين، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 وأن ابن يونس قد حكى عن الخشنى وفيات جماعة بعد الثلاث مائة وبعد العشر وثلاث مائة في باب السين، وفي أبواب بعده، فكان يتبين له أن هذا الخشنى الذي يحكى عنه هذه التواريخ ليس محمد بن عبد السلام، إذ لا يجوز أن يحكى عنه وفاة من مات بعد موته بدهر؛ وإن كانت الشبهة وقعت من أجل أن ابن يونس يقول فيما يورده من ذلك: ذكره الخشني ولا يسميه ولا ينسبه، فقد سماه ونسبه في موضعين من كتابه؛ في باب السين، وفي باب النون، فقال: ذكره محمد بن حارث الخشني في كتابه. فصح أن الكتاب له لا لمحمد بن عبد السلام. وقد ذكر ابن يونس محمد بن عبد السلام، فلم يذكر أن له تاريخاً، ولا وجدنا أحداً من أهل تلك البلاد ذكر ذلك، وقد بحثنا عنه. والله الموفق للصواب. محمد بن عبد العزيز بن المعلم أديب شاعر، يروى عنه ابنه عبد العزيز؛ ذكره أبو محمد علي بن أحمد. محمد بن عبد الجبار النظام، شاعر مشهور، ذكره أبو عامر بن مسلمة وأورد له قطعة يخاطب بها حرقوصاً ويمازحه: مضى عنا زمان الور ... د لم نطرب ولم ننعم فبادر قبل أن يذوى ... وعجل قبل أن تندم ولا تأسف على إنفا ... قك الدينار والدرهم فحظ المرء من دنيا ... هـ ما أفنى وما قدم محمد بن عبد الأعلى بن هاشم أبو عبد الله، يعرف بابن الغليظ، من أهل العلم والأدب، ولى قضاء مالقة، روى عنه أبو محمد علي بن أحمد. محمد بن عبد الواحد، بن محمد، بن عبد الله، بن محمد، بن مصعب، بن ثابت، ابن عبد الله، بن الزبير الزبيري، أبو البركات، مولده بمكة سنة سبع وخمسين وثلاث مائة، ودخل بغداد والشام ومصر وسمع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 بها، ثم دخل الأندلس وحدث بها عن جماعة، منهم القاضي أبو الحسن علي بن محمد الجراحى، ومحمد بن محمد بن جبريل العجيفي، وأبو سعيد الحسن بن عبد الله بن المرزبان السيرافي، وأبو الحسن علي بن عيسى الرماني النحوي صاحب التفسير، وأبو محمد عبد الله بن عطية الدمشقي، وأبو بكر الذارع أحمد بن محمد بن إسماعيل، وصاحب أبلي بشر الدولابي، وأبو إسحاق إبراهيم بن حيان، ونحوهم. حدثنا عنه أبو محمد علي بن أحمد الفقيه، وأبو العباس أحمد بن عمر بن أنس العذري. حدثني أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد ابن حزم بن غالب الفارسي الفقيه، وأملاه علي بالأندلس، قال: نا أبو البركات محمد بن عبد الواحد الزبيري، قال: حدثني أبو علي حسن بن الأشكرى المصري، قال: كنت من جلاس تميم بن أبي تميم، وممن يخف عليه جدا، قال: فأرسل إلى بغداذ، فابتيعت له جارية رائعة فائقة الغناء، فلما وصلت إليه دعا جلساءه، قال: وكنت فيهم، ثم مدت الستارة، وأمرها بالغناء، فغنت: وبدا له من بعد ما اندمل الهوى ... برق تألق موهناً لمعانه يبدو كحاشية الرداء ودونه ... صعب الذرى متمنع أركانه فالنار ما اشتملت عليه ضلوعه ... والماء ما سمحت به أجفانه قال: فأحسنت ما شاءت، وطرب تميم وكل من حضر، ثم غنت: ستسليك عمافات دولة مفضل ... أوائله محمودة وأواخره ثنى الله عطفيه وألف شخصه ... على البر مذ شدت عليه مآزره الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 قال: فطرب تميم ومن حضر طرباً شديداً، قال: ثم غنت: استودع الله في بغداذ لي قمراً ... بالكرخ من فلك الأزرار مطلعه قال: فاشتد طرب تميم، وأفرط جداً، ثم قال لها: تمنى ما شئت، فلك مناك، فقالت: أتمنى عافية الأمير وسعادته، فقال: والله لابد لك أن تتمنى، فقالت: على الوفاء أيها الأمير بما أتمنى؟ فقال: نعم، فقالت: أتمنى أن أغني هذه النوبة ببغداذ، قال: فاستنقع لون تميم، وتغير وجهه، وتكدر المجلس، وقام وقمنا، قال ابن الأشكرى: فلحقني بعض خدمه وقال لي: ارجع، فالأمير يدعوك، فرجعت فوجدته جالساً ينتظرني، فسلمت وقمت بين يديه، فقال: ويحك! أرأيت ما امتحنا به؟، فقلت نعم أيها الأمير، فقال لابد من الوفاء لها، وما أثق في هذا بغيرك، فتأهب لتحملها إلى بغداذ، فإذا غنت هنالك فاصرفها، فقلت: سمعاً وطاعة، قال: ثم قمت وتأهبت، وأمرها بالتأهب، وأصحبها جارية له سوداء تعادلها وتخدمها، وأمر بناقة ومحمل، فأدخلت فيه، وجعلها معي، وصرت إلى مكة مع القافلة، فقضينا حجنا، ثم دخلنا في قافلة العراق وسرنا، فلما وردنا القادسية أتتنى السوداء عنها، فقالت: تقول لك سيدتي: أين نحن؟ فقلت لها: نحن نزول بالقادسية، فانصرفت إليها وأخبرتها، فلم أنشب أن سمعت صوتها قد ارتفع بالغناء: لما وردنا القادسية حي ... ث مجتمع الرفاق وشممت من أرض الحجا ... ز شميم أنفاس العراق أيقنت لي ولمن أح ... ب بجمع شمل واتفاق وضحكت من فرح اللقا ... ء كما بكيت من الفراق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 فتصايح الناس من أقطار القافلة: أعيدي بالله! أعيدي بالله! قال: فما سمع لها كلمة، قال: ثم نزلنا الياسرية، وبينها وبين بغداذ نحو خمسة أميال في بساتين متصلة، ينزل الناس بها. يبيتون ليلتهم، ثم يبكرون لدخول بغداذ، فلما كان قرب الصباح، إذ أنا بالسوداء قد أتتنى مذعورة، فقلت: مالك؟ فقالت: إن سيدتي ليست بحاضرة، فقلت ويلك! وأين هي؟ قالت: والله ما أدري، قال: فلم أحس لها أثراً بعد، ودخلت بغداذ وقضيت حوائجى بها، وانصرفت إلى تميم، فأخبرته خبرها، فعظم ذلك عليه، واغتم له، ثم ما زال بعد ذلك ذكراً لها، واجماً عليها. محمد بن عبد الواحد بن عبد العزيز بن الحارث بن أسد بن الليث بن سليمان بن الأسود بن سفيان أبو الفضل التميمي بغداذي، سمع من أبي طاهر محمد بن عبد الرحمن المخلص جزءين، ومن ابن الصلت المحبر ومن بعده؛ كذا أخبرني الشيخ الفقيه أبو محمد رزق الله، بن عبد الوهاب، بن عبد العزيز، بن الحارث وهو ابن عمر، وقال لي: إن مولده سنة ثمان وثمانين وثلاث مائة، وهو من أهل بيت علم وأدب، خرج أبو الفضل إلى القيروان في أيام المعز بن باديس، فدعاه إلى دعوة بني العباس فاستجاب له، ثم وقعت الفتن واستولت العرب على البلاد، فخرج منها إلى الأندلس، ولقى ملوكها وحظى عندهم بأدبه وعلمه، واستقر بطليطلة، فكانت وفاته بها في سنة أربع وخمسين وأربع مائة، على ما أخبرني به أبو الحسن علي بن أحمد العابدي، وكان له نظم رائع، ونثر بديع. ومن نظمه ونسخته وقرأته من خطه رحمه الله على الشيخ الإمام أبي محمد ابن عمه قال: أنشدني أبو الفضل محمد بن عبد الواحد لنفسه، من قصيدة طويلة أولها: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 أبعد ارتحال الحي من جو بارق ... تؤمل أن يسلو الهوى قلب عاشق وفيها: إذا أظمأتني الحادثات ولم أجد ... سوى أسن من مائها متماذق شربت سلاف السير تقطب كأسه ... لفقد خليل أو حبيب مفارق أنا ابن السرى، لا. بل أبوها كأنما ... ركابي على قلب من الدهر خافق صفاً تحت كف البين إن ظل غامزى ... وصاباً ذعافاً إن عرى البين ذائقى ألفت الفيافى فهي تحسب أنني ... صواها وعيسى من ربال النقانق وعلقت آمالي بأبيض صارم ... وأسمر خطي وأجرد سابق فقربن من نيل العلى كل شاسع ... وأدنين من بعد المنى كل باسق فلا تعذلينى في تسرع مهجتي ... إلى حتفها بين القنا والفيالق فلست مريحاً من قنا الخط راحتى ... ولا معتقاً عن محمل السيف عاتقي محمد بن عيسى بن عبد الواحد بن نجيح المعافرى، أندلسي يعرف بالأعشى، فقيه روى عن أصحاب مالك بن أنس وتفقه عليهم؛ ومات بالأندلس سنة إحدى وعشرين ومائتين. محمد بن أبي عيسى من بني يحيى بن يحيى الليثى؛ ولى قضاء الجماعة بقرطبة، وله رحلة. وكان فقيها جليلاً عالماً موصوفاً بالعقل والدين، من أهل الأدب والشعر والمروءة والظرف؛ أورد له أحمد بن فرج شعراً، ومنه قوله في الغربة: ويل ام ذكراى من ورق مغردة ... على قضيب بذات الجزع مياس رددن شجواً شجاً قلب الخلي فقل ... في شجو ذي غربة ناء عن الناس ذكرنه الزمن الماضي بقرطبة ... بين الأحبة في لهو وإيناس هجن الصبابة لولا همة شرفت ... فصيرت قلبه كالجندل القاسى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 كم بين آل أبي عيسى وراكبهم ... من صحن سهب وطود شامخ راسى ومن بحار إذا هالت بصاحبها ... أهدت له الخوف محمولاً على الراس وأخبرني أبو محمد علي بن أحمد، قال: أخبرني القاضي أبو الوليد يونس بن عبد الله عن أبيه، أنه شاهد قاضي الجماعة محمد بن أبي عيسى في دار رجل من بنى حدير مع أخيه أبي عيسى في ناحية مقابر قريش وقد خرجوا لحضور جنازة، وجارية للحديري تغنيهم هذه الأبيات: طابت بطيب لثاتك الأقداح ... وزهت بحمرة خدك التفاح وإذا الربيع تنسمت أرواحه ... طابت بطيب نسيمك الأرواح وإذا الحنادس ألبست ظلماءها ... فضياء وجهك في الدجى المصباح قال: وكتبها قاضي الجماعة في يده، ثم خرجوا، قال: فلقد رأيته يكبر للصلاة على الجنازة، والأبيات مكتوبة على باطن كفه. محمد بن عمر بن يخامر المعافري، أندلسي محدث. مات بالأندلس سنة ثلاث وثلاث مائة. محمد بن عمر بن يوسف بن عامر الأندلسي مولى بنى أمية، يكنى أبا عبد الله. حدث عن الحارث بن مسكين، وأبي الطاهر أحمد بن عمر وبن السرح، ومحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقى، وإبراهيم بن أبي الفياض صاحب أشهب بن عبد العزيز، وعن جماعة من أهل المغرب، وعن أخيه يحيى. روى عنه أبو سعيد بن يونس، وأبو القاسم حمزة، بن محمد، بن علي، بن محمد، بن العباس الكناني المصريان، ومؤمل ابن يحيى الإسواني، وأبو أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني، وخالد بن سعد الأندلسي. مات بمصر في يوم الخميس لثلاث خلون من شوال سنة عشر وثلاث مائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 محمد بن عمر بن لبابة يكنى أبا عبد الله، وهو عم محمد بن يحيى بن عمر ابن لبابة، كان من الأئمة في الفقه. روى عن مالك بن علي القرشي الزاهد، وأبي زيد عبد الرحمن بن إبراهيم ابن عيسى بن يحيى المعاوى المعروف بابن تارك الفرس، ومحمد بن أحمد الضبى، وأبان بن عيسى بن دينار، ويحيى بن إبراهيم ابن مزين. روى عنه أبو عيسى يحيى بن عبد الله بن أبي عيسى، وخالد بن سعد وغيرهما. ذكره أبو محمد علي بن أحمد فأثنى عليه وقال: وإذا أشرنا إلى محمد بن يحيى بن عمر بن لبابة، وعمه محمد بن عمر، وفضل ابن سلمة، لم نناطح بهم إلا محمد بن عبد الله بن الحكم، ومحمد بن سحنون، ومحمد بن عبدوس. مات محمد بن عمر بن لبابة بالأندلس سنة أربع عشرة وثلاث مائة. أخبرنا أبو محمد علي بن أحمد، قال: حدثنا عبد الرحمن بن سلمة الكناني، قال: أخبرني أحمد بن خليل، قال: حدثنا خالد بن سعد، قال سمعت محمد بن عمر بن لبابة يقول: الحق الذي لا شك فيه كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأما الرأي فمرة يصيب ومرة كالذي يتكاهن، أو كما قال. محمد بن عمر بن عبد العزيز يعرف بابن القوطية أبو بكر، كان إماماً في العربية، وله كتاب في الأفعال لم يؤلف مثله، سمع قاسم بن أصبغ وطبقته؛ روى عنه القاضي أبو الحزم خلف بن عيسى بن سعيد الخير الوشقي. أخبرنا أبو الوليد هشام ابن فتحون، قال: أخبرنا القاضي أبو الحزم، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر، ابن عبد العزيز، عن قاسم بن أصبغ، عن ابن قتيبة بكتابه في معاني القرآن. محمد عمر بن مضا، من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 أهل الأدب، مشهور بالفضل، ذكره أبو محمد علي بن أحمد. محمد بن علي الأصبحي أبو جعفر، ذكره أبو محمد علي بن أحمد، وأنشدني عنه قال: أنشدني أعرابي من ديار ربيعة: كلام الليل مطلبي بزبد ... إذا طلعت عليه الشمس ذابا محمد بن علي المباضعي أبو عبد الله، شاعر متأدب، أخبرني عنه الرئيس أبو الحسن الراشدي. محمد بن العباس بن الوليد أندلسي محدث. مات بالأندلس سنة أربع وتسعين ومائتين. محمد بن عميرة العتقى أندلسي محدث، يكن أبا مروان. يروى عن يحيى بن بكير وأصبغ بن الفرج. وفي موضع آخر: يروى عن يحيى بن كثير، بدل يحيى بن بكير؛ ولعل الأول أصوب، والله أعلم. مات بالأندلس سنة ست وسبعين ومائتين. محمد بن عامر الأندلسي، يروى عن ابن وهب، مات بقفصة، وقيل بسوسة سنة تسع، وقيل سبع وخمسين ومائتين. محمد بن عزرة حجاري من وادي الحجارة بلد هنالك. سمع محمد بن وضاح وغيره. مات بالأندلس سنة ثلاث عشرة وثلاث مائة. محمد بن عبدوس بن مسرة أندلسي، مات بها سنة تسع عشرة وثلاث مائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 محمد بن عوف العكي أندلسي محدث. مات في حدود العشرين وثلاث مائة. محمد بن أبي عامر أبو عامر، أمير الأندلس في دولة هشام المؤيد، كان أصله، فيما يقال، من الجزيرة الخضراء، وله بها قدر وأبوة، وورد شاباً إلى قرطبة، فطلب العلم والأدب، وسمع الحديث، وتميز في ذلك، وكانت له همة يحدث بها نفسه بإدراك معالى الأمور ويزيد في ذلك، حتى كان يحدث من يختص به بما يقع له من ذلك، وله في ذلك أخبار كثيرة عجيبة، قد أوردنا ما اتفق منها في كتاب الأماني الصادقة، ثم علت حاله، وتعلق بوكالة صبح أم هشام المؤيد، بن الحكم المستنصر، والنظر في أموالها وضياعها، وزاد أمره في الترقي معها إلى أن مات الحكم المستنصر، وكان هشام صغيراً، وخيف الاضطراب، فضمن لصبح سكون الحال، وزوال الخوف، واستقرار الملك لابنها؛ وكان قوي النفس ساعدته المقادير، وأمدته المرأة بالأموال، واستمال العساكر، وجرت أحوال علت قدمه فيها حتى صار صاحب التدبير، والمتغلب على الأمور؛ وحجب هشاماً المؤيد، وتلقب بالمنصور، وأقام الهيبة فدانت له أقطار الأندلس كلها، وأمنت به، ولم يضطرب عليه شيء منها أيام حياته لعظيم هيبته، وسياسته؛ وكان محباً للعلم، مؤثراً للأدب، مفرطاً في إكرام من ينتسب إليهما، ويفد عليه متوسلاً بهما، بحسب حظه منهما، وطلبه لهما، ومشاركته فيهما؛ وكان له مجلس معروف في الأسبوع، يجتمع فيه أهل العلوم للكلام فيها بحضرته، ما كان مقيماً بقرطبة، لأنه كان ذا همة ونية في الجهاد، مواصلاً لغزو الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 الروم، حتى إنه كان ربما يخرج إلى المصلى يوم العيد، فتقع له نية في ذلك، فلا يرجع إلى قصره ويخرج بعد انصرافه من الصلاة كما هو من فوره إلى الجهاد، فتتبعه العساكر، وتلحق به أولاً فأولا، فلا يصل إلى أوائل الدروب إلا وقد لحقه كل من أراد من العساكر؛ غزا نيفاً وخمسين غزوة ذكرت في المآثر العامرية بأوقاتها؛ وآثاره فيها، وفتح فتوحاً كثيرة، ووصل إلى معاقل جمة امتنعت على من كان قبله، وملأ الأندلس بالغنائم والسبى، وكان في أكثر زمانه لا يخل بغزو تين في السنة، وكان كلما انصرف من قتال العدو إلى سرادقه يامر بأن ينفض غبار ثيابه التي حضر فيها معركة القتال، وأن يجمع ويحتفظ به، فلما حضرته المنية أمر بما اجتمع من ذلك أن ينثر على كفنه إذا وضع في قبره؛ وتوفي في طريق الغزو في أقصى الثغور بمدينة سالم سنة ثلاث وتسعين وثلاث مائة؛ وكانت مدته في الإمارة بضعاً وعشرين سنة. وتقلد الإمارة بعده ابنه المظفر أبو مروان عبد الملك بن محمد فجرى في الغزو والسياسة والنيابة عن هشام المؤيد وحجابته مجري أبيه، وكانت أيامه أعياداً دامت سبع سنين إلى أن مات، وثارت الفتن بعده. قال لي أبو محمد علي بن أحمد: كان المنصور أبو عامر محمد بن أبي عامر، معافري النسب من حمير، وأمه تميمية، وهي بريهة بنت يحيى بن زكريا التميمي المعروف بابن برطال، ولذلك قال فيه أحمد ابن دراج من قصيدة له فيه: تلاقت عليه من تميم ويعرب ... شموس تلالى في العلى وبدور من الحميريين الذين أكفهم ... سحائب تهمى بالندى وبحور محمد بن عاصم أبو عبد الله، نحوي مشهور إمام في العربية، ذكره أبو محمد علي ابن أحمد، وأثنى عليه وقال: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 كان لا يقصر عن أكابر أصحاب محمد بن يزيد المبرد. محمد بن العطار أبو عبد الله، نسيت اسم أبيه، كان من جلة الفقهاء بقرطبة، ومن المقدمين في العلم والأدب، ومن أصحاب الشورى في الأيام العامرية، وله كتاب كبير في الشروط، أخبرنا به عنه القاضي أبو عمر أحمد بن إسماعيل بن دليم. محمد بن عسكر شاعر متصرف في القول، أنشدني أبو محمد العمري الفقيه من قصيدة التزم اطراح الراء في جميعها، أولها: عذل العذول على الهوى العشاقا ... عذل يهيج منهم الأشواقا وفيها: وإذا الشباب إلى المشيب أضفته ... عاد المشيب لدى الشباب محاقا والشيب أوعظ واعظ عاينته ... للناس يفضل صمته النطاقا محمد بن عيشون أندلسي من أهل طليطلة، متأخر يعرف بابن السلاخ، غلب عليه الفقه وله فيه كتاب، وهو من المشهورين، وقد ذكره عبد الغني في المؤتلف. محمد بن عباد أبو القاسم القاضي، ذو الوزارتين صاحب إشبيلية، غلب عليها أيام الفتن، فساسها وانقادت له، كان له في العلم والأدب باع، ولذوى المعارف عنده لها سوق وارتفاع، وكذلك عند جميع آله، وكان يشارك الشعراء والبلغاء في صنعة الشعر، وحوك البلاغة والرسائل، بسطاً لهم وإقامة لهممهم، ولما في طبعه من ذلك؛ وبالجملة فهو وبنوه وذووه رياض آداب وعلوم، وقد رأيت له في الشعر شذوراً كثيرة: فمما حضرني منها قوله في النيلوفر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 يا حسن منظر ذا النيلوفر الأرج ... وحسن مخبره في الفوح والأرج كأنه جام در في تألفه ... قد أحكموا وسطه فصامن السبج توفي قريباً من الثلاثين وأربع مائة. محمد بن غالب المعروف بابن الصفار، أندلسي محدث، مات بالأندلس سنة خمس وتسعين، وقيل: وسبعين ومائتين. محمد بن غالب أبو عبد الله من أهل الأدب لقيته بالمرية، وأنشدني قال: أنشدني أبو علي إدريس بن اليمان لنفسه، إلى صديق له وعده بوعد فأبطأ به: عدات الحر خيل في رهان ... تكحل بالمنى حدق الأماني وكانت منك لي عدة أطلت ... كما غنت صبوح في عنان وقد حرنت فعاودها بسوط ... من الإنجاز عن ذاك الحران ولا يك جيد جودك جذع نخل ... وطرفك ينثنى كالخيزران آخر الجزء الثاني من الأصل والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد خاتم النبيين وآله وسلم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 الجزء الثالث الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 بسم الله الرحمن الرحيم وبه أستعين محمد بن فطيس بن واصل الغافقى الإلبيري الزاهد، من أهل الحديث، والفهم، والحفظ، والبحث عن الرجال؛ وله رحلة سمع فيها محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، ويونس بن عبد الأعلى، وأبا عبيد الله أحمد بن عبد الرحمن بن وهب ابن أخي عبد الله بن وهب وإبراهيم بن مرزوق، ونصر بن مرزوق المصري، ومحمد بن خلف العسقلاني، ويوسف بن يحيى المغامي؛ وحدث بالأندلس، فروى عنه جماعة من أهلها منهم: خالد بن سعد، ومحمد بن أحمد بن مسعود؛ وكانت وفاته بالأندلس سنة تسع عشرة وثلثمائة. ذكره أبو سعيد بن يونس، وقال: كتبت عنه. أخبرنا أبو عمر يوسف بن عبد الله النمري، قال: أخبرنا قاسم بن محمد بن قاسم ابن عسلون، قال: حدثنا خالد بن سعد، قال: حدثنا محمد بن فطيس، قال: نا محمد بن عبد الله ابن عبد الحكم، قال: سمعت أشهب يقول: سئل مالك بن أنس رحمه الله عن اختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: خطأ وصواب. فانظر في ذلك. أخبرنا أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد الحافظ، قال: حدثنا عبد الرحمن بن سلمة الكناني، قال: أخبرني أحمد بن خليل، قال: حدثنا خالد بن سعد، قال: سمعت سعيد بن عثمان العناقي، وسعد بن معاذ، ومحمد بن فطيس يحسنون الثناء على أحمد ابن عبد الرحمن بن وهب، وهو ابن أخي ابن وهب، ويوثقونه، وكان محمد بن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 فطيس يعنف أحمد بن شعيب في تحامله عليه، وقال سعد بن معاذ. إنه سمع محمد بن عبد الله ابن عبد الحكم يحسن الثناء عليه، وقال لنا سعيد بن عثمان: لما قدمنا مصر وجدنا يونس أمره صعباً، ووجدنا ابن أخي ابن وهب أسهل، فجمعنا له دنانير وأعطيناها إياه، فقرأ لنا موطأ عمه، وجامعه. قال خالد: فسمعت محمد بن فطيس يقول: وقد ذكر هذا الخبر، قال: فصار في نفسي من ذلك شيء، فأردت أن أسأل ابن عبد الحكم عن ذلك، وكنت أقرأ عليه رأى أشهب، فخشيت إن سألته في أول المجلس عن ذلك أن يخرج علي، إذ كانت فيه حدة، فلما قرأت عليه بعض الكتاب، قلت له: أصلحك الله! العالم يأخذ الأجرة على قراءة العلم؟ قال: فضرب الدفتر الذي كان بيدي من أسفله حتى ارتفع إلى وجهي، وشعر، فيما ظهر لي، أنى إنما سألته عن ابن أخي ابن وهب، فقال لي: جائز عافاك الله! حلال أن لا أقرأ لك ورقة إلا بدرهم، ومن أخذني أن أقعد معك طول النهار، وأدع ما يلزمني من أسبابي ونفقة عيالي؟ محمد بن فطيس آخر دون الأول في الطبقة، يروى عن محمد بن أحمد ابن يحيى بن مفرج؛ ةروى عنه محمد بن أحمد بن إبراهيم بن مسعود؛ شيخ من شيوخ أبي العباس أحمد بن عمر بن أنس العذري. محمد بن فرقد بن عون العدواني، وفي موضع آخر المعافري، سرقسطى محدث، ذكره أبو سعيد بن يونس. محمد بن الفرج بن عبد الولي الأنصاري، أبو عبد الله بن أبي الفتح الصواف، من أهل طليطلة. رحل، وسمع بالقيروان من جماعة، منهم: أبو محمد الحسن ابن القاسم القرشي، وأبو عبد الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 محمد بن عيسى بن مناس، وأبو إسحاق إبراهيم ابن قاسم بن يونس بن محمد المعافري؛ وبمصر من جماعة منهم أبو محمد ابن النحاس، وأبو القاسم يحية بن علي، بن محمد بن إبراهيم، بن عبد الله بن هارون الحضرمي، وبمكة من جماعة: منهم أبو العباس أحمد بن الحسن الرازي؛ ولقيناه بمصر، وقرأنا عليه كتاب مسلم بن الحجاج في الصحيح، وكتاب الشريعة لأبي بكر الآجرى، وكتباً جمة؛ وكان رجلاً صالحاً مكثراً ثقة ضابطا؛ وبالفسطاط كانت وفاته بعد الخمسين وأربع مائة. أخبرنا أبو عبد الله بن أبي الفتح بمصر، قال أخبرنا الحسن بن القاسم بالقيروان، قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد البصير، قال: أخبرنا أبو بكر عبد الله بن محمد ابن طرخان، قال: حدثنا محمد بن مسلمة الواسطي أبو جعفر ببغداذ إملاء، قال: حدثنا محمد بن حرب بن سليم المكي سنة ثلاث ومائتين، قال: حدثنا الليث بن سعد عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن نابل صاحب العباء، عن ابن عمر عن صهيب: أنه سمع أبا هريرة يقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: اللهم إني أعوذ بك من أربع؛ من علم لا ينفع، وقلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعاء لا يسمع. قال ابن طرخان: وأظن أن يكون دخل على هذا الشيخ حديث في حديث، لأن بهذا الإسناد. ابن عمر عن صهيب، أن الناس كانوا يسلمون على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيرد عليهم إشارة. وأما هذا الحديث الآخر: حديث الدعاء رواه الليث عن سعيد المقبري الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم. أنشدني أبو عبد الله بن أبي الفتح الصواف: يا مستعير كتابي إنه علق ... بمهجتي وكذاك الكتب بالمهج فأنت في سعة إن كنت تنسخه ... وأنت من حبسه في ضيق الحرج محمد بن قاسم، بن هلال، بن يزيد بن عمران القيسي سمع، أباه ورحل إلى العراق، وسمع بها، وعاد، وحدث عن أبيه، وعن غيره. مات بالأندلس سنة إحدى وتسعين ومائتين. ذكره أبو سعيد بن يونس. محمد بن قاسم بن محمد بن القاسم بن محمد بن سيار، مولى هشام ابن عبد الملك؛ يكنى أبا عبد الله، ويقال له البياني. روى عن العباس بن الفضل البصري، وأبي عبد الله مالك بن عيسى القفضي، وبقي بن مخلد، وقاسم بن محمد أبيه، ومحمد بن وضاح، ومحمد بن عبد السلام الخشني وغيرهم؛ روى عنه ابنه أحمد، وخالد ابن سعد، وأبو أيوب سليمان بن أيوب، وغيرهم. مات بالأندلس سنة ثمان وعشرين وثلاث مائة. أخبرنا أبو محمد علي بن أحمد الفقيه، قال: حدثنا عبد الرحمن بن سلمة، قال: أخبرني أحمد بن خليل، قال: حدثنا خالد بن سعد، قال: حدثني محمد بن قاسم ابن محمد، قال: حدثنا العباس بن الفضل البصري، قال: سمعت أحمد بن صالح المصري يقول: أثبت الناس في مالك بن أنس عبد الله بن نافع؛ لأنه جالسه أربعين سنة. محمد بن قاسم بن وهب بن خمير شاعر مذكور في كتاب الحدائق؛ ومن شعره: أين فؤادي عن الحتوف إذا ... كانت جفوني إلي تجلبها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 رأيت بين الأستار شمس ضحى ... ليس بغير الستور مغربها كاملة لا النهار يكسبها ... نوراً ولا ليله يغيبها محمد بن قادم، من الشعراء الذين ذكرهم أحمد بن فرج، وأورد له: لاضطرام البرق قلبي يضطرم ... ولمسراه جفوني لم تنم بت أرعاه بيعيني مغرم ... في دجى ليل دجوجي أحم فكأن الليل في خضرته ... ووميض البرق زنج تبتسم عاد بالقدرة ماء ساكباً ... بعد ما كان شهاباً يحتدم فكأن البرق في وبل الحيا ... نار شوقي ودموعي تنسجم محمد بن ليث الأستجي، منسوب إلى إستجة بلده، محدث؛ مات سنة ثمان وعشرين وثلاث مائة ذكره أبو سعيد. محمد بن موسى بن تغلب الكناني، أندلسي محدث؛ مات سنة أربع وتسعين ومائتين. محمد بن موسى بن هاشم النحوي، يعرف بالأفشتين. له كتاب في طبقات الكتاب بالأندلس. ذكره أبو محمد على بن أحمد. محمد بن معاوية، بن عبد الرحمن، بن عبد الرحمن، بن معاوية، بن إسحاق، ابن عبد الله بن معاوية، بن هشام، بن عبد الملك، بن مروان، بن الحكم؛ أبو بكلا يعرف بابن الأحمر، رحل قبل الثلاثمائة، ودخل العراق وغيرها؛ سمع محمد بن يحيى بن سليمان المروزي، وأبا خليفة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 الفضل بن الحباب الجمحي، وأبا القاسم عبد الله بن محمد، بن عبد العزيز البغوي، وإسحاق بن أبي حسان الانماطي، وإبراهيم بن موسى بن جميل الأندلسي، صاحب ابن أبي الدنيا وغيرهم، وسمع أبا عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسوي، وهو أول من أدخل الأندلس مصنفة في السنن، وحدث به، وانتشر عنه، وذكره أبو سعيد بن يونس فقال: محمد بن معاوية الهشامي دخل العراق، ورأيته بمصر في مجلس أبي عبد الرحمن النسائي، وعند المحدثين قبل سنة ثلاث مائة، وقيل لي: إنه باق بالأندلس إلى الآن. هذا آخر كلام أبي سعيد بن يونس؛ وكانت وفاة أبي سعيد في جمادى الآخرة من سنة سبع وأربعين وثلاث مائة. قال لنا أبو محمد علي بن أحمد: كان أبو بكر محمد بن معاوية المعروف بابن الأحمر مكثراً ثقة جليلاً، ولم أزل أسمع المشايخ يقولون: إن سبب خروجه إلى المشرق كان أنه خرجت بأنفه أو ببعض جسده قرحة، فلم يجد لها بالأندلس مداوياً، وعظم عليه أمرها، وقيل له: ربما ترقت وسعت فأدت إلى الهلاك، فأسرع الخروج إلى المشرق، فقيل له لا دواء لها إلا بالهند، وأنه وصل إلى الهند فأراها بعض أهل الطب هنالك، فقال له: أداويها على أنه إن تم بروك، وصح شفاؤك، قاسمتك جميع مالك، فقال: رضيت، فداواه، فلما أفاق دعاه إلى بيته، وأخرج إليه جميع ماله، وقال له: دونك المقاسمة المشروطة، فقال له الطبيب الهندي: أليست نفسك طيبة بذلك؟ قال: بلى والله! قال: فو الله لا أرزأك شيئاً من مالك، ولكن آخذ هذا الشيء لشيء استحسنه من آلات بيته، وقال له: إنما جربتك بقولي، وأردت أن أعرف الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 قيمة نفسك عندك، ولو أبيت ما داويتك إلا بجميع مالك، ولو لم تداوها لهلكت، فإنها قد كانت قاربت الخطر؛ فحمد اله عز وجل وانصرف، واشتغل في رجوعه بطلب العلم، وروايات الكتب، فحصل له علم جم، وبورك له فيه؛ حدث عنه جماعة نبلاء؛ منهم أبو عمر أحمد بن محمد بن أحمد بن الجسور، والقاضي أبو الوليد يونس ابن عبد الله بن مغيث، وأبو محمد عبد الله بن الربيع بن عبد الله التميمي، ويوسف ابن محمد بن يوسف بن عمروس الإستجي، وأبو الأصبغ عبد العزيز بن بخت وغيرهم؛ وبقي إلى قريب من أيام الحكم المستنصر. محمد بن المسور بن عمر، بن محمد بن علي بن المسور، بن ناجية بن عبد الله ابن يسار مولى الفضل بن العباس بن عبد المطلب؛ أندلسي. كان فقيهاً مقدماً، سمع محمد بن وضاح، ومحمد بن عبد السلام الخشني. مات بالأندلس سنة خمس وعشرين وثلاث مائة. روى عنه غير واحد؛ منهم خالد بن سعد. أخبرني أبو محمد علي ابن أحمد، قال: حدثنا عبد الرحمن بن سلمة الكناني، قال: أخبرني أحمد بن خليل، قال: نا خالد بن سعد، قال: نا أحمد بن خالد، ومحمد بن مسور، قالا: حدثنا ابن وضاح، قال: نا محمد بن أبي مريم، قال: نا نعيم بن حماد، قال: نا عبد الرزاق عن معمر، قال: سمعت الزهري يحدث بحديث، فقلت له: تحدث بهذا وأنت ترى غير هذا؟ فقال: أحدثهم بما سمعت، فكما وسعنا أن نأخذ بغير هذا، يسع غيرنا أن يأخذ بهذا. محمد بن مهلهل، أندلسي محدث؛ دخل مصر وحدث بها، ومات بالأندلس سنة ثمان وعشرين وثلاث مائة. قال أبو سعيد بن يونس: كتبت عنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 محمد بن مسرور الجياني، أديب شاعر، ذكره أحمد بن فرج، وأورد من شعره في الياسمين: اغتبط بالياسمين وليا ... فستؤتى منه خلاً وفياً يغدر الروض فيمضي ويبقى ... نوره طلقاً وعضاً جنباً وإذا أبصرت في الروض شيئاً ... مثله في الحسن فارجع علياً حلة خضراء تبصر فيها ... جوهراً نظماً ودراً سريا وكأن الريح تهدى إلينا ... منه مسكا خالصاً تبتيا صاحبي إن كنت ترغب حجاً ... طف بعرش الياسمين ملياً واستلم أركانه فهو حج ... ليس يخطبه القبول لديا محمد بن مطرف بن شخيص، أبو عبد الله، كان من أهل الأدب المشهورين، ومن أعيان الشعر المقدمين، متصرفاً في القول، سالكا في أساليب الجد والهزل، قال على لسان رجل يعرف بأبي الغوث أشعاراً مشهورة في أنواع من الهزل أغناه بها بعد فقره رفعة بعد خمول، مات قبل الأربع مائة. وشعره كثير مشهور؛ ومنه ما أنشدنيه أبو محمد على بن أحمد: ومعتلة الأجفان ما زلت مشفقاً ... عليها ولكنى ألذ اعتلالها جفون أجال الحسن فيهن فتره ... فحل عرى الآجال منذ أجالها فهل من شفيع عند ليلى إلى الكرى ... لعلى إذا ما نمت ألقى خيالها يقولون لي صبراً على مطل وعدها ... وما وعدت ليلى فأشكو مطالها وما كان ذنبي غير حفظ عهودها ... وطي هواها واحتمالي دلالها محمد بن مطرف أبو عبد الله، فقيه فاضل مشهور، قدم القيروان في حياة أبي محمد بن أبي زيد، وكان أبو محمد يعظمه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 ويثنى عليه، وهو ممن رحل إلى العراق، وسافر في طلب العلم. قاله لي أبو محمد القيسى. محمد بن موهب القبري والد الحاكم أبي شاكر عبد الواحد بن محمد، وجد أبي الوليد سليمان بن خلف الباجي لأمه؛ كان فقيهاً عالماً، تفقه بالقيروان على أبي محمد عبد الله ابن أبي زيد، وأبي الحسن القابسي، ومن كان هنالك، وطالع علوماً من المعاني والكلام، ورجع إلى الأندلس في الأيام العامرية، فأظهر شيئاً من ذلك كالكلام في نبوة النساء، ونحو هذه المسائل التي لا يعرفها العوام، فشنع بذلك عليه، واتفق له بذلك أسباب اختلاف وفرقة. مات قريباً من الأربع مائة. محمد بن مروان بن حرب شا - عر أديب؛ ومن شعره: طوبى لروضة جنة ... لك قد نويت وردها نظمت على لباتها ... أيدي الغمام عقودها ورمت على حدق البها ... ر جمانها وفريدها وسقت بماء الورد وال ... مسك الفتيت صعيدها والطير تنشد في الغصو ... ن المرهفات قصيدها وتعير سمع المستعي ... ر بسيطها ونشيدها محمد بن مسعود، أبو عبد الله البجاني الغساني، أصله من بجانة، وسكن قرطبة فنسب إليها؛ وكان شاعراً مشهوراً منتجعاً للملوك، كثير الشعر، مليح الغزل، طيب الهزل؛ كان في حدود الأربع مائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 أنشدني له أبو الوليد بن الفراء الكاتب: على قدر فضل المرء تأتى خطوبه ... ويعرف عند الصبر فيما ينوبه وعاقبة الصبر الجميل من الفتى ... إلى فرج من ذي الجلال يثيبه إذا المرء لم يسحب إلى الهول ذيله ... ولم تعترك بالحادثات جفونه فقد خس في الدنيا من المال حظه ... وقل من الأخرى، لعمري، نصيبه وله من أخرى الغزل: خليلي في الأظعان نور دجنة ... أعار سناه مغرب الشمس مشرقا فلا تنكروا شقي جيوبي فإنه ... يقل لقلبي بعده أن يشققا محمد بن ميمون الأديب النحوي المعروف بمركوش، كان مشهوراً في الأدب. أنشدني أبو محمد على بن أحمد، قال: أنشدني أبو محمد بن أزهر، قال: أنشدني عبادة ابن ماء السماء لمركوش النحوي، وقد رأى غلاماً يقص من شعره: تبسم عن مثل نور الأقاحى ... وأقصدنا بمراض صحاح ومر يميس كما ماس غصن ... تلاعب عطفيه هوج الرياح وقصر من ليله ساعة ... فأعقب ذلك ضوء الصباح وإني وإن رغم العاذلو ... ن من خمر أجفانه غير صاح محمد بن محمود المكفوف القبري، أديب شاعر، ذكره أبو محمد علي ابن أحمد؛ وأنشد له في حلبة السباق: ترى من يرى الميدان يجهل أنه ... لأهل التبارى في الشطارة ميدان كأن الجياد الصافنات وقد عدت ... سطور كتاب والمقدم عنوان محمد بن نصر بن عيسون، بالسين المهملة القيسى، محدث أندلسي ذكره أبو سعيد بن يونس، وقال إنه مات في سنة خمس عشرة وثلاث مائة. محمد بن وضاح بن بزيع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 أبو عبد الله مولى عبد الرحمن، بن معاوية، بن هشام، ابن عبد الملك، بن مروان؛ من الرواة المكثرين، والأيمة المشهورين؛ رحل إلى المشرق وطوف البلاد في طلب العلم. سمع آدم بن أبي إياس، ويحيى بن معين، وأبا بكر ابن أبي شيبة، ومحمد بن عبد الله بن نمير، ومحمد بن رمح، وحامد بن يحيى البلخي، ومحمد بن مسعود صاحب يحيى بن سعيد القطان، وهشام بن عمار، وعبد الرحمن بن إبراهيم قاضي دمشق المعروف بدحيم، وموسى بن معاوية الصمادحى، وهارون بن عبد الله الحمال، وعبد الملك بن حبيب المصيصي صاحب أبي إسحاق الفزاري، وإبراهيم ابن طيفور صاحب إسحاق بن راهويه، ومحمد بن عمرو العزي، وأبا الطاهر أحمد ابن عمرو بن السرح، ومحمد بن عيسى صاحب وكيع، وإبراهيم بن حسان، ومحمد بن سعيد ابن أبي مريم؛ وسمع بإفريقية من سحنون بن سعيد التنوخي، وبالأندلس من يحيى ابن يحيى الليثي صاحب مالك بن أنس؛ ويقال إنه سمع بالمدينة من أبي مصعب؛ وحدث بالأندلس مدة طويلة، وانتشر عنه بها علم جم، وروى عنه من أهلها جماعة رفعاء مشهورون، كوهب بن مسرة، وابن أبي دليم، وقاسم بن أصبغ، وأحمد بن خالد ابن يزيد، ومحمد بن المسور، وعلى بن عبد القادر بن أبي شيبة، وأحمد بن زياد ابن محمد بن زياد شبطون، وغيرهم؛ ومات في سنة وثمانين ومائتين. أخبرني أبو محمد علي بن أحمد، قال: نا عبد الرحمن بن سلمة الكناني، قال: أخبرني أحمد بن خليل، قال: نا خالد بن سعد، قال: أخبرني أحمد بن زياد، قال: أخبرني محمد بن وضاح، قال: سمعت سحنون بن سعيد يقول، وذكر له عن رجل يذهب إلى أن الأرواح تموت بموت الأجساد، فقال: معاذ الله! هذا قول أهل البدع. أخبرنا أبو عمر بن عبد البر، قال: قرئ على عبد الوارث بن سفيان مصنف وكيع بن الجراح، وأنا أسمع، وأخبرنا به عن قاسم بن أصبغ، عن محمد بن وضاح، عن موسى بن معاوية، عن وكيع. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 محمد بن الوليد بن محمد بن عبد الله بن عبيد وقيل عبد، يروى عن أحمد بن عبد الرحمن بن وهب. روى عنه خالد بن سعد؛ مات بالأندلس سنة تسع وثلاث مائة. أخبرني أبو محمد علي بن أحمد، قال: نا عبد الرحمن بن سلمة، قال: أخبرني أحمد ابن خليل، قال: نا خالد بن سعد، قال: نا محمد بن وليد، قال: نا أحمد بن عبد الرحمن ابن وهب، قال: شهدت مالكا وأتاه رجل يسأله عن تخليل أصابع الرجلين عند الوضوء، فأفتاه بترك ذلك؛ قال ابن وهب: فلما زال السائل حدثته بحديث المستورد أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يخلل أصابع رجليه بخنصره؛ فسمعت مالك بن أنس بعد مدة طويلة، أو كما قال، وأتاه رجل يسأله عن تخليل أصابع الرجلين، فأفتاه بالتخليل وقال: جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك أثر، أو كما قال. محمد بن وهيب الكاتب، من أهل الأدب والبلاغة والشعر، ذكره أبو عامر بن شهيد. ومن شعره: بأربعة هذا الغزال يسومنا ... لواعج ما منها سليم بسالم بشعر، ووجه، وابتسام، وناظر ... كليل، وبدر، وانفجار، وصارم محمد بن هارون بن عبد الرحمن بن عبد الفضل بن عميرة العتقي، يكنى أبا هارون، رحل وسمع بمصر من أبي يزيد يوسف، بن يزيد، بن كامل، بن حكيم القراطيسى وغيره؛ ورجع إلى الأندلس فمات بها سنة ست وثلاث مائة. محمد بن هشام، بن عبد العزيز، بن محمد، بن سعيد الخير، بن الأمير الحكم بن هشام أبو بكر من بني مروان، أديب مشهور بالتقدم في الأدب، يقول الشعر بفضل أدبه فيكثر ويحسن؛ ورأيت ذكر نسبه في مواضع: محمد بن هشام، ابن سعيد الخير، فلعله نسب إلى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 جده؛ كان في أيام الناصر عبد الرحمن بن محمد؛ وله كتاب ألفه في: أخبار الشعراء بالأندلس. ومن شعره: وروضة من رياض الحزن حالفها ... طل أطلت به في أفقها الحلل كأنما الورد فيما بينها ملك ... موف ونوارها من حوله خول محمد بن هاني شاعر أندلسي، خرج عن الأندلس، فشهر شعره في الغربة، وصحب المعز أبا تميم معد بن إسماعيل صاحب المغرب قبل وصوله إلى مصر، ومدحه وغالي بإستيجاز أوصاف أنكرت واستعظمت؛ وهو كثير الشعر محسن مجود، إلا أن قعقعة الألفاظ أغلب على شعره. أنشدني له أبو محمد عبد الله بن عثمان بن مروان العمري النحوي، في جعفر القائد المعروف بابن الأندلسية: المدنفان من البرية كلها ... جسمى وطرف بابليي أحور والمشرقات النيرات ثلاثة ... الشمس والبدر المنير وجعفر ومما استحسنوا له قوله: ولما التقت ألحاظنا ووشاتنا ... وأعلن شق الوشى ما الوشى كاتم تنفس إنسى من الخدر ناشر ... فأسعد وحشي من السدر باغم وقالت قطا: سار سمعت حفيفه ... فقلت: قلوب العاشقين الحوائم عشية لا آوى إلى غير ساجع ... ببينك حتى كل شيء حمائم محمد بن يوسف بن مطروح بن عبد الملك الربعي، نسبه في بني قيس الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 ابن ثعلبة من ربيعة، وهو مذكور في أهل إلبيرة. يروى عن عيسى بن دينار؛ مات بالأندلس سنة إحدى وستين ومائتين. محمد بن يوسف بن أحمد بن أبي العطاف، بن عبد الواحد ابن ثابت بن سعد، مولى هشام بن عبد الملك أندلسي، يروى عن ابن مزين، وابن وضاح؛ مات بالأندلس في سنة ست وسبعين ومائتين. محمد بن يوسف أبو عبد الله التاريخي الوراق، ألف بالأندلس للحكم المستنصر كتاباً ضخماً في مسالك إفريقية وممالكها، وألف في أخبار ملوكها، وحروبهم، والغالبين عليهم، كتباً جمة؛ وكذلك ألف أيضاً في أخبار تيهرت، ووهران، وتنس، وسجلماسة، ونكور، والبصرة هنالك، وغيرها تواليف، حساناً؛ قال لنا أبو محمد علي بن أحمد: ومحمد هذا أندلسي الأصل والفرع، آباؤه من وادى الحجارة ومدينة قرطبة، وهجرته إليها، وإن كانت نشأته بالقيروان. محمد بن اليسع، أديب شاعر في الدولة العامرية، ذكره الوزير أبو عامر ابن مسلمة، وذكر له أبياتا سببها أنه كان في داره روضة ورد يهدى نوره كل عام إلى العارض أحمد بن سعد، فغاب العارض في بعض الأعوام في زمن الورد فقال: قال لي الورد وقد لا ... حظته في روضتيه وهو قد أينع طيباً ... جمع الحسن لديه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 أين مولاى الذي قد ... كنت تهديني إليه؟ قلت غاب العام فايأس ... أن ترى بين يديه فبدا يذبل حتى ... ظهر الحزن عليه محمد بن يحيى السائى قرطبي سمع مالك بن أنس. محمد بن يحيى بن عمر بن لبابه، كان فقيها مقدماً، يميل إلى مذهب مالك بن أنس، وله فيه كتاب سماه المنتخب. قال لنا أبو محمد علي بن أحمد، وما رأيت لمالكي كتاباً أنبل منه في جمع روايات المذهب، وتأليفها، وشرح مستغلقها، وتفريع وجوهها. يروى عن حماس بن مروان بن حماس القاضي بالقيروان وغيره؛ مات بالأسكندرية سنة ثلاثين، وقيل سنة إحدى ثلاثين وثلاث مائة. محمد بن يحيى الرباحى، نحوي مشهور، ذكره أبو محمد على بن أحمد قال: كان لا يقصر عن أكابر أصحاب محمد بن يزيد المبرد. محمد بن يحيى النحوي أبو عبد الله يعرف بالقلفاط؛ شاعر مشهور، ذكر له أبو عامر بن مسلمة شعراً في الرياض. ومنه: مزن تغنيه الصبا فإذا همى ... لبت حياه روضة غناء فالأرض من ذاك الحيا موشية ... والروض من تلك السماء سماء ما إن وشت كفا صناع ما وشى ... ذاك الغناء بها وذاك الماء زهر لها مقل جوا حظ تارة ... ترنو وتارات لها إغضاء أظنه كان في أيام الحكم المستنصر، ولعله الذي قبله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 محمد بن يحيى بن عبد العزيز يعرف بابن الخراز. روى عن أسلم ابن عبد العزيز القاضي وغيره؛ روى عنه أبو إسحاق إبراهيم بن شاكر، وأبو الوليد عبد الله بن محمد بن يوسف الفرضي. أخبرنا أبو عمر بن البر النمري، قال: حدثني إبراهيم بن شاكر بكتاب الرسالة للشافعي، عن محمد بن يحيى بن عبد العزيز المعروف بابن الخراز، عن أسلم بن عبد العزيز، عن الربيع بن سليمان، عن أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه. محمد بن يحيى أبو عبد الله له رحلة. يروى عن أبي العلاء عبد الوهاب بن ماهان، وأبي بكر أحمد بن محمد بن إسماعيل؛ روى عنه أبو عمر بن عبد البر. محمد بن يحيى بن محمد بن الحسين الحماني السعدي الطبني أبو عبد الله، من أهل بيت آداب، وشعر، ورياسة، وجلالة؛ وهم من بني سعد بن زيد مناة ابن تميم بن مر بن أدد؛ رأيت من شعره إلى أبي محمد على بن أحمد أبياتا، ومنها: ليت شعري عن حبل ودك هل يم ... سى جديداً لدي غير رثيث وأراني أرى محياك يوماً ... وأنا جيك في بلاط مغيث فلو أن القلوب تسطيع سيراً ... سار قلبي إليك سير الحثيث ولو أن الديار ينهضها الشو ... ق أتاك البلاط كالمستغيث كن كما شئت لي فإني محب ... ليس لي غير ذكركم من حديث لك عندي وإن تناسيت عهد ... في صميم الفؤاد غير نكيث محمد بن يزيد أبي خالد يكنى أبا عبد الله بجاني منسوب إلى بلده، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 محدث مشهور؛ مات بالأندلس سنة سبع عشرة وثلاث مائة. محمد بن يبقى بن زرب، قاضيس الجماعة بقرطبة، سمع من أبي محمد قاسم ابن أصبغ البياني وغيره، وكان فقيها، نبيلا، فاضلا، جليلا؛ وله كتاب في الفقه سماه الخصال؛ كان في أوائل الدولة العامرية؛ روى عنه القاضي أبو الوليد يونس ابن عبد الله بن مغيث المعروف بابن الصفار، وأبو بكر عبد الرحمن بن أحمد بن حوبيل وغيرهما. أخبرنا أبو عمر بن عبد البر، قال: حدثني أبو الوليد يونس بن عبد الله بكتاب الخصال للقاضي ابن زرب عنه. محمد بن يعيش أبو عبد الله، يروى عن ابن الطحان، أخبرنا عنه أبو محمد عبد الله بن عثمان بن مروان العمري النحوي. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 باب الألف من اسمه أحمد أحمد بن محمد بن عبد ربه بن حبيب بن حدير بن سالم مولى هشام بن عبد الرحمن ابن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان، أبو عمر من أهل العلم والأدب والشعر، وله الكتاب الكبير المسمى كتاب العقد في الأخبار، وهو مقسم على معاني، وقد سمى كل قسم منها باسم من أسماء نظم العقد؛ كالواسطة ونحوها؛ وشعره كثير مجموع، رأيت منه نيفاً وعشرين جزءاً، من جملة ما جمع للحكم بن عبد الرحمن الناصر، وفي بعضها بخطه؛ توفي أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد ربه سنة ثمان وعشرين وثلاث مائة، لاثنتى عشر ليلة بقيت من جمادى الأولى، ومولده سنة ست وأربعين ومائتين، لعشر خلون من شهر رمضان، فاستوفى إحدى وثمانين سنة وثمانية أشهر، وثمانية أيام؛ ومدح الأمير محمد، والمنذر، وعبد الله، وعبد الرحمن الناصر، هذا آخر ما رأيت بخط الحكم المستنصر، وخطه حجة عند أهل العلم عندنا؛ لأنه كان عالماً ثبتاً؛ وكان لأبي عمر بالعلم جلالة، وبالأدب رياسة، وشهرة، مع ديانته، وصيانته؛ واتفقت له أيام وولايات للعلم فيها نفاق؛ فساد بعد خمول، وأثرى بعد فقر، وأشير بالتفضيل إليه، إلا أنه غلب الشعر عليه. ومما أنشدنى من شعره علي بن أحمد، وأخبرني أن بعض من كان يألفه أزمع على الرحيل في غداة ذكرها، فأتت السماء في تلك الغداة بمطر جود حال بينه وبين الرحيل، فكتب إليه أبو عمر: هلا ابتكرت لبين أنت مبتكر ... هيهات بأبي عليك الله والقدر ما زلت أبكي حذار البين ملتهفاً ... حتى رثى لي فيك الريح والمطر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 يا برده من حيا مزن على كبد ... نيرانها بغليل الشوق تستعر آليت أن لا أرى شمساً ولا قمراً ... حتى أراك فأنت الشمس والقمر من شعره السائر: الجسم في بلد والروح في بلد ... يا وحشة الروح بل يا غربة الجسد إن تبك عيناك لي يا من كلفت به ... من رحمة فهما سهماك في كبدي وأخبرني أيضا أبو محمد، قال: أخبرني بعض الشيوخ، أن أبا عمر أحمد بن محمد ابن عبد ربه وقف تحت روشن لبعض الرؤساء، وقد سمع غناء حسناً، فرش بماء ولم يعرف من هو، فمال إلى مسجد قريب من المكان، واستدعى بعض ألواح الصبيان فكتب: يا من يضن بصوت الطائر الغرد ... ما كنت أحسب هذا البخل في أحد لو أن أسماع أهل الأرض قاطبة ... أصغت إلى الصوت لم ينقص ولم يزد فلا تضن على سمعى تقلده ... صوتاً يجول مجال الروح في الجسد لو كان زرياب حياً ثم أسمعه ... لذاب من حسد أو مات من كمد أما النبيذ فإنى لست أشربه ... ولست آتيك إلا كسرتى بيدى وزرياب عندهم كان يجرى مجرى الموصلي في الغناء، وله طرائق أخذت عنه، وأصوات استفيدت منه، وألفت الكتب بها، وعلا عند الملوك هنالك بصناعته وإحسانه فيها علواً مفرطاً، وشهر شهرة ضرب بها المثل في ذلك. ولأحمد بن محمد بن عبد ربه أشعار كثيرة جداً سماها الممحصات، وذلك أنه نقص كل قطعة قالها في الصبا والغزل، بقطعة في المواعظ والزهد، محصهابها، كالتوبة منها، والندم عليها؛ ومن ذلك قطعة محص بها القطعة المذكورة أولاً، وهي: يا عاجزاً ليس يعفو حين يقتدر ... ولا يقضي له من عيشة وطر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 عاين بقلبك إن العين غافلة ... عن الحقيقة واعلم أنها سقر سوداء تزفر من غيظ إذا سعرت ... للظالمين فلا تبقى ولا تذر إن الذين اشتروا دنيا بآخرة ... وشقوة بنعيم ساء ما تجروا يا من تلهى وشيب الرأس يندبه ... ماذا الذي بعد شيب الرأس تنتظر لو لم يكن لك غير الموت موعظة ... لكان فيه عن اللذات مزدجر أنت المقول له ما فات مبتدئاً ... هلا ابتكرت لبين أنت مبتكر وقرأت على الرئيس أبي منصور بكر بن محمد بن علي، قال: أخبرنا أبو بكر محمد ابن عبد العزيز، قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن رشيق بمصر، قال: أنشدنا أبو بكر يحيى بن مالك بن عايذ الأندلسى، قال: أنشدني أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد ربه شاعر الأندلس لنفسه: ألا إنما الدنيا غضارة أيكة ... إذا اخضر منها جانب جف جانب هي الدار ما الآمال إلا فجائع ... عليها، ولا اللذات إلا مصائب وكم سخنت بالأمس عين قريرة ... وقرت عيون دمعها اليوم ساكب فلا تكتحل عيناك فيها بعبرة ... على ذاهب منها فإنك ذاهب وحدثني أبو محمد علي بن أحمد، قال: حدثني بعض أصحابنا عن أبي عمر بن عفيف، أن سعيد بن القزاز أخبره، أن ابن عبد ربه قال هذه الأبيات قبل موته بأحد عشر يوماً، وهو آخر شعر قاله، وفيه بيان مبلغ سنه: كلانى لما بي عاذلي كفاني ... طويت زماني برهة وطواني بليت وأبلتني الليالي وكرها ... وصرفان للأيام معتوران وما لي أبلى لسبعين حجة ... وعشر أتت من بعدها سنتان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 فلا تسألاني عن تباريح علتي ... ودونكما مني الذي تريان وإني بحمد الله راج لفضله ... ولى من ضمان الله خير ضمان ولست أبالي عن تباريح علتي ... إذا كان عقلي باقيا ولسانى هما ما هما في كل حال تلم بي ... فذا صارمي فيها، وذاك سناني أحمد بن محمد الرعيني، حدث عن عبيد الله بن يحيى عن أبيه عن مالك. أحمد بن محمد التاريخي، عالم بالأخبار، ألف في مآثر المغرب كتباً جمة، منها كتاب ضخم ذكر فيه: مسالك الأندلس، ومراسيها، وأمهات مدنها، وأجنادها الستة، وخواص كل بلد منها، وما فيه مما ليس في غيره، ذكره أبو محمد علي ابن أحمد وأثنى عليه. أحمد بن محمد بن موسى الرازي، أندلسي، أصله من الري، له في أخبار ملوك الأندلس، وخدمتهم، وركبانهم وغزواتهم كتاب كبير، وألف في صفة قرطبة، وخططها، ومنازل العظماء بها، كتاباً على نحو ما بدأ به أحمد بن أبي طاهر في أخبار بغداذ وذكره لمنازل العظماء بها، كتاباً على نحو ما بدأ به أحمد بن أبي طاهر في أخبار بغداذ وذكره لمنازل صحابة المنصور بها، قاله أبو محمد علي بن أحمد، قال: ولأحمد بن محمد ابن موسى كتاب في أنساب مشاهير أهل الأندلس في خمس مجلدات ضخمة، من أحسن كتاب وأوسعه، كذا قال أبو محمد؛ ولم يبين إن كان هو الأول أو غيره، لأنه ذكر ذلك ف موضعين؛ وأنا أظنوه الذي قبله والله أعلم. أحمد بن محمد بن فرج الجياني أبو عمر، وقد ينسب إلى جده فيقال أحمد ابن فرج؛ وكذلك أخوه، وهو وافر الأدب، كثير الشعر، معدود في العلماء، وفي الشعراء؛ وله الكتاب المعروف بكتاب الحدائق، ألفه للحكم المستنصر، وعارض فيه كتاب الزهرة لأبي بكر محمد بن داود بن علي الأصبهاني، إلا أن أبا بكر إنما ذكر مائة باب، في كل باب مائة بيت، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 وأبو عمر أورد مائتي باب، في كل باب مائتى بيت ليس منها باب تكرر اسمه لأبي بكر، ولم يورد فيه لغير أندلسي شيئا؛ قال لنا أبو محمد علي ابن أحمد: وأحسن الاختيار ما شاء، وأجاد فبلغ الغاية، فأتى الكتاب فرداً في معناه. ولأحمد بن فرج أيضاً كتاب في المنتزين والقائمين بالأندلس وأخبارهم وأنشدني له أبو محمد علي بن أحمد الفقيه: بأيهما أنا في الشكر بادى ... بشكر الطيف أم شكر الرقاد سرى وأراد بي أملى ولكن ... عففت فلم أنل منه مرادى وما في النوم من حرج ولكن ... حريت من العفاف على اعتيادى ومن قوله أيضا: وطائعة الوصال عدوت عنها ... وما الشيطان فيها بالمطاع بدت في الليل سافرة فباتت ... دياجى الليل سافرة القناع وما من لحظة إلا وفيها ... إلى فتن القلوب لها دواعى فملكت النهى جمحات شوقى ... لأجرى في العفاف على طباعى وبت بها مبيت السقب يظما ... فيمنعه الكعام من الرضاع كذاك الروض ما فيه لمثلى ... سوى نظر وشم من متاع ولست من السوائم مهملات ... فأتخذ الرياض من المراعى وكان الحكم المستنصر قد سجنه لأمر نقمه عليه؛ وأظنه مات في سجنه؛ وله في السجن أشعار كثيرة مشهورة. أحمد بن محمد بن قاسم بن محمد، يروى عن أبيه عن جده، وقد ينسبون إلى بيانة. روى عنه أبو الفضل أحمد بن القاسم بن عبد الرحمن التاهرتى، شيخ من شيوخ أبي عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري، وكان قاسم بن محمد جد أحمد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 ابن محمد هذا من أهل العلم بالفقه والاختيار فيه، يميل إلى مذهب أبي عبد الله الشافعي، وله كتاب في الرد على المقلدين؛ ويعرف بصاحب الوثائق. أحمد بن أبي بكر محمد بن الحسن الزبيدي أبو القاسم، من أهل الأدب والفضل، ولى قضاء إشبيلية بعد أبيه. قال لي أبو محمد علي بن الوزير أبي عمر أحمد بن سعيد بن حزم: إلا أنه كان شديد العجب؛ فأخبرني ابن عمي أبو عمر أحمد بن عبد الرحمن، قال: كتب أبو القاسم بن الزبيدي إلى الوزير أبيك كتاباً يرغب فيه إليه أن يحسن العناية به في بعض الأمور، وكتب في آخر الكتاب: ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى ... عدواً له ما من صداقته بد قال ابن عمي: فأخبرني عمي، يعني الوزير أبا عمر، وقال: فحولت الكتاب ووقعت على ظهره ولم أزد: ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى ... صديقاً له ما من عداوته بد أحمد بن محمد بن عبد الله بن بدر، أبو بكر، وقيل أبو مروان، من أهل بيت أدب، وشعر ورياسة، كان في أيام المنصور أبي عامر محمد بن أبي عامر، وأثيراً عنده ذكره أبو محمد علي بن أحمد، وكناه أبا بكر، وقال: أنشدني له أبو الوليد محمد بن محمد ابن حسن الزبيدي مما كتب به إلى أبي الحكم المنذر بن سعيد بن محمد بن مروان ابن المنذر، بن عبد الرحمن بن الحكم، في عتاب كان بينه وبينه: يا ذا الذي لا يصون عرضى ... ومذهبى فيه أن أصونه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 رأيت إذ لم تكن حليما ... في سورة الغيظ أن أكونه أحمد بن محمد بن عبد الوراث، كان من أهل الأدب والفضل. أخبرني أبو محمد علي بن أحمد: أنه كان معلمه، قال: وأخبرني أنه رأى يحيى بن مالك بن عائذ، وهو شيخ كبير يهادى إلى المسجد، وقد دخل والصلاة تقام، قال: فسمعته ينشد بأعلى صوته: يا رب لا تسلبني حبها أبداً ... ويرحم الله عبداً قال آميناً قال: فلم أشك أنه يريد الصلاة. أحمد بن محمد بن أحمد بن سعيد أبو عمر، يعرف بابن الجسور الأموي، مولى لهم محدث مكثر؛ سمع أبا علي الحسن بن سلمة بن سلمون صاحب أبي عبد الرحمن النسائى، وأبا بكر أحمد بن الفضل بن العباس الدينوري؛ حدث عنه بكتاب التاريخ لمحمد بن جرير الطبري، حدثه به عن الطبري؛ وأخبرنا به أبو عمر ابن عبد البر، قال حدثني بالتاريخ المعروف بذيل المذيل أبو عمر أحمد ابن محمد بن الجسور، عن أبي بكر أحمد بن الفضل الدينوري، عن الطبري. وسمع من الأندلسيين وهب بن مسرة، ومحمد بن معاوية القرشي، وقاسم بن أصبغ، وابن أبي دليم، وطبقتهم؛ وسمع منه جماعة، منهم: أبو عمر بن عبد البر النمري، وأبو محمد على بن أحمد، وأخبرني عنه أبو محمد بكتاب التاريخ أيضا، وقال لي: إنه أول شيخ سمع منه قبل الأربع مائة، وأنه مات في منزله ببلاط مغيث بقرطبة في يوم الأربعاء أول ليلة الخميس لأربع بقين من ذي القعدة سنة إحدى وأربع مائة. أحمد بن محمد بن عافية الرباحى، أبو القاسم. ذكره أبو محمد عبد الغني ابن سعيد الحافظ المصري، وقال: سمع منا، وسمعنا منه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 أحمد بن محمد الإشبيلي أبو عمر يعرف بابن الحرار، رجل صالح محدث، روى عن أبي عمر أحمد بن سعيد ابن حزم الصدفي كتابه الكبير في التريخ. ذكره أبو عمر النمري. أحمد بن محمد بن الحاج بن يحيى، أبو العباس الإشبيلي، سكن مصر وحدث بها؛ وكان مكثراً، خرج عليه أبو نصر السجستانى الحافظ عبيد الله بن سعيد أجزاء كثيرة عن عدة مشايخ، منهم: أبو بكر أحمد بن محمد بن أبي الموت، ومحمد ابن جعفر بن دران المعروف بغندر، وغيرهما. حدثنا عنه بمصر القاضي أبو الحسن علي بن الحسن، بن الحسين الفقيه المصري المعروف بابن الخلعي، وأبو إسحاق إبراهيم بن سعيد بن عبد الله الحبال، وأثنى عليه وقال لي: مات في اليوم الثالث عشر من صفر سنة خمس عشرة وأربع مائة بالفسطاط. أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن القاضي، قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد ابن الحاج بن يحيى، قال: حدثنا أبو الطيب محمد بن جعفر بن دران غندر، قال حدثنا إسماعيل بن علي بن علي الشافعي، قال: نا محمد بن إبراهيم بن كثير الصيرفي، قال: حدثنا أبو نواس الحسن بن هاني، قال: نا حماد بن سلمة عن ثابت، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله عليه وسلم: لا يموتن أحدكم حتى يحسن الظن بالله، فإن حسن الظن بالله ثمن الجنة. وأخبرنا أبو إسحاق الحبال، قال: أخبرنا أبو العباس الإشبيلي، قال: نا غندر، قال: أنشدنا محمد بن أيوب بن حبيب بن يحيى، لهلال بن العلاء بن هلال: أحن إلى لقائك غير أني ... أجلك عن عتاب في كتاب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 ونحن إذا التقينا قبل موت ... شفيت غليل صدري من عتاب وإن سبقت بنا أيدي الليالي ... فكم من عاتب تحت التراب أحمد بن محمد بن سعدى، أبو عمر، فقيه، فاضل، محدث، رحل قبل الأربع مائة بمدة، فلقى أبا محمد بن أبي زيد بالقيروان، وأبا بكر محمد بن عبد الله الأبهرى بالعراق، وغيرهما، ورجع إلى الأندلس وحدث؛ فسمعت أبا عبد الله محمد بن الفرج ابن عبد الله الولي الأنصاري يقول: سمعت أبا محمد عبد الله بن أبي زيد يسئل أبا عمر أحمد بن محمد بن سعدي المالكي عند وصوله إلى القيروان من ديار المشرق، وكان أبو عمر دخل ببغداذ في حياة أبي بكر محمد بن عبد الله بن صالح الأبهري، فقال له يوماً: هل حضرت مجالس أهل الكلام؟ فقال بلى. حضرتهم مرتين، ثم تركت مجالسهم ولم أعد إليها. فقال له أبو محمد: ولم؟ فقال: أما أول مجلس حضرته فرأيت مجلساً قد جمع الفرق كلها؛ المسلمين من أهل السنة والبدعة، والكفار من المجوس، والدهرية، والزنادقة، واليهود، والنصارى، وسائر أجناس الكفر، ولكل فرقة رئيس يتكلم على مذهبه، ويجادل عنه، فإذا جاء رئيس من أي فرقه كان، قامت الجماعة إليه قياماً على أقدامهم حتى يجلس فيجلسون بجلوسه، فإذا غص المجلس بأهله، ورأو أنه لم يبق لهم أحد ينتظرونه، قال قائل من الكفار: قد اجتمعتم للمناظرة، فلا يحتج علينا المسلمون بكتابهم، ولا يقول نبيهم، فإنا لا نصدق بذلك ولا نقر به، وإنما نتناظر بحجج العقل، وما يحتمله النظر والقياس، فيقولون: نعم لك ذلك. قال أبو عمر: فلما سمعت ذلك لم أعد إلى ذلك المجلس، ثم قيل لي ثم مجلس آخر للكلام، فذهبت إليه، فوجدتهم على مثل سيرة أصحابهم سواء، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 فقطعت مجالس أهل الكلام، فلم أعد إليها. فقال أبو محمد بن أبي زيد: ورضى المسلمون بهذا من الفعل والقول؟ قال أبو عمر: هذا الذي شاهدت منهم، فجعل أبو محمد يتعجب من ذلك، وقال: ذهب العلماء، وذهبت حرمة الإسلام وحقوقه، وكيف يبيح المسلمون المناظرة بين المسلمين وبين الكفار؟ وهذا لا يجوز أن يفعل لأهل البدع الذين هم مسلمون ويقرون بالإسلام، وبمحمد عليه السلام، وإنما يدعى من كان على بدعة من منتحلى الإسلام إلى الرجوع إلى السنة والجماعة، فإن رجع قبل منه، وإن أبى ضربت عنقه؛ وأما الكفار فإنما يدعون إلى الإسلام، فإن قبلوا كف عنهم، وإن أبو وبذلوا الجزية في موضع يجوز قبولها كف عنهم، وقبل منهم، وأما أن يناظروا على أن لا يحتج عليهم بكتابنا، ولا بنبينا، فهذا لا يجوز؛ ف " إنا لله وإنا إليه راجعون ". وبقى أبو عمر بن سعدى بعد الأربع مائة بمدة؛ فحدثنا عنه أبو محمد عبد الله بن عثمان ابن مروان العمري، وقد رأيت أنا سماعه في بعض الكتب المصرية من أبي محمد عبد الرحمن بن عمر ابن النحاس المصري سنة تسع وأربع مائة، بخط أبي محمد بن النحاس، فدل على أنه عاد إلى مصر بعد تلك الرحلة القديمة أيام الفتن الكائنة بالمغرب. أحمد بن محمد بن دراج أبو عمر الكاتب المعروف بالقسطلي، نسب إلى موضع هناك يعرف بقسطلة دراج، كان كاتباً من كتاب الإنشاء في أيام المنصور أبي عامر، وهو معدود في جملة العلماء والمقدمين من الشعراء، والمذكورين من البلغاء، وشعره كثير مجموع يدل على علمه؛ وله طريقة في البلاغة والرسائل، تدل على اتساعه وقوته، وأول من مدح من الملوك فالمنصور أبو عامر محمد بن أبي عامر مدبر دولة هشام المؤيد، وأول شعر مدحه به بقوله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 يعارض أبا العلاء صاعد بن الحسن اللغوي بقصيدة أولها: أضاء لها فجر النهى فنهاها ... عن الدنف المضني بحر هواها وضللها صبح جلا ليلة الدجى ... وقد كان يهديها إلى دجاها وهي طويلة مستحسنة، فساء الظن بجودة ما أتى به من الشعر واتهم فيه؛ وكان للشعراء في أيام المنصور أبي عامر ديوان يرزقون منه على مراتبهم، ولا يخلون بالخدمة بالشعر في مظانها، فسعى به إلى المنصور، وأنه منتحل سارق لا يستحق أن يثبت في ديوان العطاء، فاستحضره المنصور عشى يوم الخميس لثلاث خلون من شوال سنة اثنتين وثمانين وثلاث مائة، واقترح عليه، فبرز وسبق، وزالت التهمة عنه، فوصله بمائة دينار، وأجرى عليه الرزق، وأثبته في جملة الشعراء؛ ثم لم يزل يسهر ويجود شعره فيما بعد؛ وفي ذلك المجلس بين يدي المنصور أبي عامر محمد بن أبي عامر قال القصيدة المشهورة التي أولها: حسبي رضاك من الدهر الذي عتبا ... وعطف نعماك للحظ الذي انقلبا وهي طويلة حسنة عدد فيها المعنى الذي استحضر من أجله، وتكذيب الدعوى التي قذف بها؛ ومنها: ولست أول من أعيت بدائعه ... فاستدعيت القول ممن ظن أو حسبا إن امرأ القيس في بعض لمتهم ... وفي يديه لواء الشعر إن ركبا والشعر قد أسر الأعشى وقيده ... دهراً، وقد قيل: والأعشى إذا شربا وكيف أظما وبحرى زاخر مطناً ... إلى خيال من الضحضاح قد نضبا فإن نأى الشك عني أوفها أنذا ... مهيأ لجلي الخبر مرتقبا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 عبد لنعماك في فكيه نجم هدى ... سار لمدحك يجلو الشك والريبا إن شئت أملي بديع الشعر أو كتبا ... أو شئت خاطب بالمنثور أو خطبا كروضة الحزن أهدى الوشى منظرها ... والماء والزهر والأنوار والعشبا أو سابق الخيل أعطى الحضر متئداً ... والشد والكر والتقريب والخببا وأكثر ما حكينا من هذا، فعن أبي محمد علي بن أحمد بن سعيد الفقيه؛ وأخبرني أن المنصور أبا عامر لما فتح شنت ياقب أو غيرها من القلاع الحصينة التي يقال إن أحداً لم يصل إليها قبله، استدعى أبو عمر أحمد بن محمد بن دراج، وأبو مروان عبد الملك بن إدريس المعروف بابن الجزيري، وأمرا بإنشاء كتب الفتح إلى الحضرة، وإلى سائر الأعمال، فأما ابن الجزيرى فقال: سمعاً وطاعة، وأما ابن دراج فقال: لا يتم لي ذلك في أقل من يومين أو ثلاثة، وكان معروفاً بالتنقيح، والتجويد، والتؤدة، فخرج الأمر إلى ابن الجزيري بالشروع في ذلك، فجلس في ظل السرادق ولم يبرح حتى أكمل الكتب في ذلك، وقيل لابن دراج افعل ذلك على اختيارك، فقد فسح لك فيه، ثم جاء بعد ذلك بنسخة الفتح، وقد وصف الغزاة من أولها إلى آخرها، ومشاهد القتال، وكيفية الحال، بأحسن وصف، وأبدع رصف، فاستحسنت ووقع الإعجاب بها، ولم تزل منقولة متداولة وإلى الآن، وما بقي من نسخ ابن الجزيري في ذلك الفتح على كثرتها عين ولا أثر. ومن مذهبات أشعاره في ذي الرياستين منذر بن يحيى صاحب سرقسطة: قصيدة طويلة أولها: قل للربيع اسحب ملاء سحائبي ... واجرر ذيولك في مجر ذوائبي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 لا تكذبن ومن ورائك أدمعي ... مدداً إليك بفيض دمع ساكب وامزج بطيب تحيتي غدق الحيا ... فاجعله سقى أحبتي وحبائبي واجنح لقرطبة فعانق تربها ... عني بمثل جوانحي وترائبي وانشر على تلك الأباطح والربا ... زهراً يخبر عنك أنك كاتبي وله من أخرى: ويالك من ذكرى سناء ورفعة ... إذا وضعوا في الترب أيمن شقيا وفاحت ليالي الدهر مني ميتاً ... فأخرين أياماً دفنت بها حياً وكان ضياعي حسرة وتندماً ... إذا لم يفد شيئاً ولم يغنني شيا وأصبحت في دار الغنا عن ذوي الغنا ... وعوضت فاستقبلت أسعد يوميا أخبرني أبو عبد الله مالك بن محمد بن عمروس التجيبي: أن بعض الأدباء أرسل إلى أبي عمر القسطلي بأبيات لغز، وسأله أن يفسرها فلم يتعب خاطره فيها، وكتب على ظهر الرقعة بديهة: إذا شذر عن العرب المعاني ... فليس إلى تعرفها سبيل وما يحيوه هذا الدهر أنأى ... وأبعد من شبا فكر يجول وربتما بطول الفكر يدري ... ولكن عاجل الفكر الرسول وأنشدني له أبو جعفر بن البين بالمرية في الأمير منذر بن يحيى التجيبي صاحب سرقسطة: يا عاكفين على المدام تنبهوا ... وسلوا لساني عن مكارم منذر ملك لو استوهبت حبة قلبه ... كرماً لجاد بها ولم يتعذر سمعت أبا محمد علي بن أحمد، وكان عالماً بنقد الشعر يقول: لو قلت إنه لم يكن بالأندلس أشعر من ابن دراج لم أبعد وقال مرة أخرى: لو لم يكن لنا من فحول الشعراء إلا أحمد بن دراج لما تأخر عن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 شأو حبيب والمتنبي مات أبو عمر ابن دراج قريباً من العشرين وأربع مائة. أحمد بن محمد بن عبد الله المقرئ الطلمنكي أبو عمر، محدث منسوب إلى بلده، وكان إماماً في القراآت مذكوراً، وثقة في الرواية مشهوراً، رحل فسمع أبا بكر محمد ابن يحيى بن عمار الدمياطي، صاحب أبي بكر بن المنذر، وأبا الطيب عبد المنعم بن عبيد الله ابن غلبون، وأبا بكر محمد بن علي بن أحمد المعروف بابن الأذفوي، وغيرهم، وسمع بالأندلس محمد بن أحمد بن يحيى بن مفرج القاضي، وأبا جعفر أحمد بن عون الله، وطبقتهما. مات بعد العشرين وأربع مائة. روى عنه أبو محمد بن حزم، وأبو عمر بن عبد البر، وجماعة. أحمد بن محمد بن عيسى البلوى أبو بكر المعروف بابن الميراثي، يلقب غندراً، محدث حافظ حدث بالأندلس عن أبي عثمان سعيد بن نصر المعروف بابن أبي الفتح مولى الأمير عبد الرحمن بن محمد، وعن أبي الفضل أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن التاهرني البزاز، سمع منه بالأندلس أبو العباس أحمد بن عمر بن أنس العذرى، وحدث عنه. أحمد بن محمد أبو العباس المهدوي المغربي أصله من المهدية من بلاد القيروان، ودخل الأندلس في حدود الثلاثين وأربع مائة أو نحوها، وكان عالماً بالقراآت والأدب متقدماً، ذكره لي بعض أهل العلم بالقراآت، وأثنى عليه؛ وأنشدني له في ظاآت القرآن: ظنت عظيمة ظلمنا من حظها ... فظللت أوقظها لكاظم غيظها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 وظعنت أنظر في الظلام وظله ... ظمئان أنتظر الظهور لوعظها ظهري وظفرى ثم عظمى في لظى ... لأظاهرن لحظها ولحفظها لفظي شواظ أو كشمس ظهيرة ... ظفر لدى غلظ القلوب وفظها أحمد بن محمد الخولاني المعروف بابن الأبار، أبو جعفر، شاعر من شعراء إشبيلية، كثير الشعر؛ أنشدني له أبو محمد علي بن أحمد من قصيدة في الرئيس أبي الوليد إسماعيل بن حبيب يعزيه عن جارية ماتت عنده، ويهنئه بمولود ولد له: أو ما رأيت الدهر أقبل معتبا ... متفصلا بالعذر لما أذنبا بالأمس أذوى في رياضك أيكة ... واليوم أطلع في سمائك كوكبا كان حيا في حدود الثلاثين وأربع مائة. أحمد بن محمد الجياني المعروف بتيس الجن، شاعر خليع، يجرى في وصف الخمر مجرى أبي علي الحسن بن هاني، لم أجد من شعره شيئاً إلا فيها؛ ومنه قوله: امزجي يا مدام كأس المدام ... قد مضى وانقضى ذمام الصيام وأبي العيد أن ندين بدين ... غير دين الصبا ودين المدام حبذا ميتة تعود حياة ... بين غض البهار والنمام أحمد بن محمد بن أحمد بن برد، مولى أحمد بن عبد الملك بن عمر بن محمد ابن شهيد، أبو حفص الكاتب، مليح الشعر، بليغ الكتابة، من أهل بيت أدب ورياسة له: رسالة في السيف والقلم، والمفاخرة بينهما، وهو أول من سبق إلى القول في ذلك بالأندلس، وقد رأيته بالمرية بعد الأربعين وأربع مائة، زائراً لأبي محمد علي ابن أحمد غير مرة؛ ومن شعره: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 تأمل فقد شق البهار مغلساً ... كما ميه عن نواره المخضل الندى مداهن تبر في أنامل فضة ... على أذرع مخروطة من زبرجد ومنه: لما بدا في لازور ... دى الحرير وقد بهر كبرت من فرط الجما ... ل وقلت ما هذا بشر فأجابني: لا تنكرن ... ثوب السماء على القمر ومن شعره: قلبي وقلبك لا محالة واحد ... شهدت بذلك بيننا الألحاظ فتعال فلنغظ الحسود بوصلنا ... إن الحسود بمثل ذاك يغاظ آخر الجزء الثالث من الأصل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 الجزء الرابع من تجزئة الأصل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 أحمد بن إبراهيم بن عجنس بن أسباط الزبادي بالباء المعجمة بواحدة، محدث أندلسي، يكنى أبا الفضل والزباد: ولد كعب بن حجير بن الأسود ابن الكلاع؛ مات سنة اثنتين وعشرين وثلاث مائة، وله أخ اسمه عبد الرحمن ذكرهما أبو سعيد المصري. أحمد بن إسماعيل بن دليم، أبو عمر القاضي الجزيري، سمع محمد بن أحمد ابن الخلاص وغيره. سمعنا منه، مات قبل الأربعين وأربع مائة. أحمد بن أفلح، أبو عمر مولى حبيب؛ قال لي أبو محمد علي بن أحمد: وقد رأيته، وكان محدثاً، أديباً، شاعراً، مقبولاً في الشهادة عند الحكام؛ وأنشدني من شعره: يا من شقيت على بعد الديار به ... كما شقيت به إذ كان مقتربا ما أستريح إلى حال فأحمدها ... بالبين قلبي، وقبل البين، قد ذهبا إن كان لي أرب في العيش بعدكم ... فلا قضيب إذاً من حبكم أربا أحمد بن أبان بن سيد اللغوي، روى عن أبي علي إسماعيل بن القاسم القالي؛ روى عنه أبو عمر يوسف بن عبد الله بن خيرون الأديب النحوي. قاله لي أبو الحسن العابدي. أحمد بن بقي بن مخلد، يكنى أبا عمر، وقيل: أبو عبد الله، قاضي الجماعة بالأندلس، محدث؛ مات بها سنة أربع وعشرين وثلاث مائة، في أيام الأمير عبد الرحمن الناصر. أحمد بن بشر، بن محمد، بن إسماعيل بن بشر التجيبي أبو عمر يعرف بابن الأغبس محدث أندلسي، مات بها سنة سبع وعشرين وثلاث مائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 أحمد بن برد أبو حفص الوزير، جد أحمد بن محمد الكاتب الذي أكردناه وقد ذكرناه؛ كان ذا حظ وافر من الأدب والبلاغة والشعر، رئيساً مقدماً في الدولة العامرية وبعدها؛ قال لي أبو محمد علي بن أحمد: مات سنة ثمان عشرة وأربع مائة. أحمد بن تليد الكاتب أندلسي شاعر أديب، ذكره أبو محمد علي ابن أحمد؛ ومن شعره: لم أرض بالذل وإن قلا ... والحر لا يحتمل الذلا يا رب خل كان لي خامل ... صار إلى العزة فاحولا حرمت إلمامتي على بابه ... ووصله لم أره حلا تأبى على النفس من أن أرى ... يوماً على مستثقل كلا أحمد بن جهور، شاعر أديب في الدولة العامرية، كتبت من شعره أبياتاً إلى الحاكم الخطيب أبي إسحاق إبراهيم بن محمد الشرفي مع هدية ألغز بذكرها وهي: عذراء حبلى من بنات عدد ... متى أردت الوضع منها تلد يشق عن أولادها جلدها ... وهي على ذلك تبدي الجلد دم التقى يخرج من بطنها ... حل به يشفى غليل الكمد ما إن رأينا قلبها مثلها ... أم حلال قتلها والولد أرسلت منها عدداً فاستجز ... قليلة من شاكر لو وجد لأرسل الدنيا وقلت لما ... أوليته من نعم لا تحد أحمد بن الحباب أبو عمر قرطبي من أهل العربية والأدب، كان أستاذاً مقدماً؛ أخبرني أبو محمد علي بن أحمد وغيره: أنه كان مع حذقه بالأدب، وتصرفه في العربية، شديد الغفلة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 في غير ذلك من أموره، وكان يحاً في الدولة العامرية وقد رأيت له رواية عن يحيى بن مالك بن عائد. أحمد بن حبرون بالحاء المهملة، والباء المعجمة بواحدة، من أهل العلم، والأدب، والجلالة، كان في أيام الدولة العامرية، ذكره أبو محمد علي بن أحمد، وقد تقدم له ذكر أبيات عن محمد بن عبد الله بن مسرة. أحمد بن خازم المعافري، بالخاء المعجمة، مصري انتقل إلى الأندلس ومات بها، حدث عن محمد بن المنكدر، وعمو بن دينار، وعبد الله بن دينار مولى عبد الله بن عمر، وعطاء، وصفوان بن سليم، وصالح مولى التوءمة، وعمرو بن شراحيل الغفاري، وقيل المعافري. روى عنه عبد الله بن لهيعة نسخة يرويها عن صالح مولى التوؤمة، ومحمد بن عمر الواقدي. ذكره أبو سعيد بن يونس وصدر به في المصريين، ثم قال: توفي بالأندلس، وفيها ولده. وقال أبو محمد عبد الغني بن سعيد الحافظ، فيما أخبرنا به أبو الحسن علي بن بقاء الوراق المصري، وأبو زكرياء عبد الرحيم بن أحمد البخاري عنه: أحمد بن خازم، مذكور في المصريين وفي أهل الأندلس؛ وأخرج له أبو الحسن الدارقطني حديثاً في السنن نسبه فيه إلى الأندلس، أخبرنا به القاضي أبو الغنائم، علي بن محمد، عن أبي الحسن الدارقطني في الإجازة، وحدثناه الخطيب أبو بكر أحمد بن علي قراءة، قال: أخبرني عمر بن إبراهيم، قال: أخبرنا علي بن عمر، قال: حدثنا محمد بن الفتح القلانسي، قال: حدثنا أحمد بن عبيد هو ابن ناصح، قال: حدثنا محمد بن عمر الواقدي، قال: حدثنا أحمد بن خازم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 الأندلسي، عن عمرو بن شراحيل الغفاري، عن أبي عبد الرحمن الحبلى، عن عبد الله بن عمرو، قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن قضاء رمضان، فقال: يقضيه تباعاً، وإن فرقه أجرأه. وذكر أبو أحمد عبد الله ابن عدي الجرجاني مؤلف كتاب الكامل في رجال الحديث أحمد بن خازم فقال: أظنه مدينياً، قال: ويقال معافري، مصري ليس بالمعروف، يحدث بأحاديث عامتها مستقيمة؛ قال لي بعض الحفاظ، وقد ذكر كلام ابن عدي هذا متعجباً منه: ما أدري من أين وقع له الظن بأنه مدني، ولعله لما رآه يروي عن هؤلاء المذكورين، ظنه كذلك وليس كما ظن، وقد عرفه ابن يونس، وعبد الغني وغيرهما، أو كما قال. أحمد بن خالد بن يزيد يعرف بابن الجباب، كنينه أبو عمر، جياني الأصل، سكن قرطبة، كان حافظاً متقنا، وراوية للحديث مكثرا، ورحل فسمع بن عبد العزيز صاحب أبي عبيد القاسم بن سلام؛ ومن أهل الأندلس محخمد بن وضاح، وإبراهيم بن محمد بن القزاز، ويحيى بن عمر بن يوسف، وبقي بن مخلد، ومحمد بن عبد السلام الخشني، وقاسم بن محمد، وغيرهم؛ وقال أبو عمر بن عبد البر: إنه سمع من عبيد بن محمد الكشورى شيئاص فاته من مصنف عبد الرحمن واستدركه منه، عن الحذاقي، عن عبد الرزاق وحدث بالأندلس دهراً، وألف في مسند حديث مالك بن أنس وغيره، قال أبو محمد علي بن أحمد مولده سنة ست وأربعين ومائتين، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 ومات بقرطبة سنة اثنتين وعشرين وثلاث مائة. روى عنه جماعة منهم: ابنه محمد وأبو محمد عبد الله بن محمد بن علي الباجي، ومحمد بن محمد بن أبي دليم، وخالد ابن سعد، وعبد الله بن محمد بن عثمان، وغيرهم. أخبرنا أبو محمد علي بن أحمد، قال: حدثنا عبد الرحمن بن سلمة، قال: أخبرني أحمد بن خليل، قال: نا خالد بن سعد، قال: حدثنا أحمد بن خالد، قال: أخبرنا يحيى بن عمر، قال: أخبرنا الحارث بن مسكين، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال لي مالك: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إمام المسلمين يسأل عن الشئ فلا يجيب حتى يأتي الوحي من السماء ". أحمد بن خليل، من رواة الحديث، حدث عن خالد بن سعد؛ روى عنه عبد الرحمن بن سلمة الكناني، وأنا أظنه أحمد بن دحيم بن خليل الذي يروي عن إبراهيم بن حماد بن أخي إسماعيل بن إسحاق القاضي، نسب إلى جده والله أعلم. أخبرنا أبو محمد بن حزم الفقيه، قال: حدثنا الكناني، قال: أخبرني أحمد ابن خليل، قال: حدثنا خالد بن سعد، قال: قلت لأحمد بن خالد: من أثبت الناس عندك في مالك؟ قال: ابن وهب. أحمد بن دحيم بن خليل، أبو عمر، سمع إبراهيم بن حماد بن إسحاق بن أخي إسماعيل بن إسحاق بالقاضي، وأبا عبد الله الزبير بن أحمد، بن سليمان بن عبد الله، ابن عاصم بن المنذر، بن الزبير بن العوام. روى عنه أبو عثمان سعيد بن نصر، وأبو عثمان سعيد بن عثمان النحوي. أخبرنا أبو عمر بن عبد البر، قال: حدثني سعيد بن نصر، وسعيد بن عثمان النحوي بكتاب السنة لأبي عبد الله الزبير بن أحمد بن سليمان الزبيري، عن أحمد بن دحين بن خليل، عن الزبير بن أحمد؛ وقد قلنا إنا نظنه والذي قبله واحداً وهو الأظهر والأغلب في ظني والله أعلم. أحمد بن رشيق الكاتب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 أبو العباس، كان أبوه من موالي بني شهيد، ونشأ هو بمرسية، وانتقل إلى قرطبة، وطلب الأدب فبرز فيه، وبسق في صناعة الرسائل مع حسن الخط المتفق على نهايته، وتقدم فيهما، وشارك في سائر العلوم، ومال إلى الفقه والحديث، وبلغ من رياسة الدنيا أرفع منزلة، وقدمه الأمير الموفق أبو الجيش مجاهد بن عبد الله العامري علاى كل من في دولته، لأسباب أكدت له ذلكعنده؛ من المودة، والثقة، والنصحية، والصحبة في النشأة؛ فكان ينظر في أمور الجهة التي كان فيها نظر العدل والسياسة، ويشتغل بالفقه والحديث، ويجمع العلماء والصالحين، ويؤثرهم، ويصلح الأمور جهده؛ وما رأينا من أهل الرياسة من يجرى مجراه، مع هيبة مفرطة، وتواضع وحلم عرف به، مع القدرة. مات بعد الأربعين وأربع مائة عن سن عالية، وله رسائل مجموعة متداولة منها: الرسالة إلى أبي عمران موسى بن عيسى بن أبي حاج نجح الفاسي، وأبي بكر بن عبد الرحمن ففيهى القيروان في الإصلاح بينهما، وله كلام مدون على تراجم كتاب الصحيح لأبي عبد الله البخاري، ومعاني ما أشكل من ذلك. وقد رأيته غير مرة إذا غضب في مجلس الحكم، أطرف ثم قام، ولم يتكلم بين اثنين، فظنته كان يذهب إلى حديث أبي بكرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يحكم حاكم بين اثنين وهو غضبان ". حدثنا الرئيس أبو العباس أحمد بن رشيف الكاتب، قال: كنت في سن المراهقة بتدمير أول طلبي للنحو، إذ دخل علينا على البحر رجل أسمر، ذكر أنه من بني شيبة حجبة البيت، وأنه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 يقول الشعر على طبعه، ولا يقرأ ولا يكتب، وكان يقول: إنه دخل عليه الحن بدخول الحضر، وكان يسأل أديبنا أن يصلح له اللحن، ويسألني كثيراً أن أكتب أشعاره بمدائح القائد، ووجوه البلد؛ فمما بقي في حفظي من شعره: يا خليلي من دون كل خليل ... لا تلمني على البكا والعويل إن لي مهجة تكنفها الشوق ... وعيناً قد وكلت بالهمول كلما غردت هتوف العشايا ... والضحى هيجت كمين غليلي ذات فرخين في ذرى أثلاث ... هدلات غضف الذواءب ميل لم يغيباعن عينها، وهي تبكي ... حذر البين والفراق المديل أنا أولى لغربتي وانتزاحي ... واشتياقي منها بطول العويل حل أهلي بالأبطحين وأصبح ... ت مع الشمس ند وقت الأفول أحمد بن زكرياء، بن يحيى، بن عبد الملك بن عبيد الله، بن عبد الرحمن، أندلسي محدث، سمع، وعني، وحمل عنه، ولم تطل حياته. مات بالأندلس سنة ثمان وستين ومائتين. أحمد بن زياد، بن محمد بن زياد، بن عبد الرحمن اللخمي القاضي أندلسي، روى عن ابن وضاح وغيره؛ ومات سنة عشرين وثلاثمائة؛ روى عنه خالد بن سعد وقد ذكرنا له زوائد في اسم محمد بن وضاح، وجدأبيه، زياد بن عبد الرحمن، هو الذي يقال له زياد شبطون الفقيه، صاحب مالك بن أنس. أحمد بن سليمان بن نصر المري محدث أندلسي؛ مات بها سنة عشر وثلاث مائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 أحمد بن سليمان، بن أحمد، بن عبد الرحمن، بن عبيد الله بن عبد الرحمن الناصر أبو بكر المرواني، من أهل الأدب. أنشدني لنفسه في أبي محمد علي بن أحمد؛ علي طريقة البستي: لما تحل بخلق ... كالمسك أو نشر عود نجل الكرام ابن حزم ... وفات في العلم عودي فتواه جدد ديني ... جدواه أورق عودي أقول إذا غبت عنه ... يا ساعة السعد عودي أحمد بن سعيد بن مسعدة الحجاري من أهل وادي الحجارة؛ محدث مات بالأندلس في ذي الحجة سنة سبع وعشرين وثلاث مائة. أحمد بن سعيد بن حزم الصدفي المنتجيلي أبو عمر؛ سمع بالأندلس جماعة؛ منهم محمد بن أحمد بن الزراد، وأبو عثمان سعيد بن عثمان بن سعيد الأعناقي، ومحمد ابن قاسم؛ ورحل فيمع إسحاق، بن إبراهيم، بن النعمان، وأبا جعفر محمد بن عمرو بن مسوى العقيلي، وأبا بكر أحمد بن عيسى بن موسى الحضري المصري المعروف بابن أبي عجينة، صاحب عبد الله بن أحمد بن حنبل، ومحمد بن محمد بن بدر، وغيرهم؛ وألف في تاريخ الرجال كتاباً كبيراً جمع فيه جميع ما أمكنه من أقوال الناس في أهل العدالة والتجريح، سمعه منه خلف بن أحمد المعروف بابن أبي جعفر، وأحمد بن محمد الإشبيلي المعروف بابن الحرار قال أبو عمر بن عبد البر: يقال إلنه لم يكمل إلا لهما سماعة عنه؛ وممن روى عنه فأكثر: أبو زيد عبد الرحمن بن يحيى العطار، هكذا قال أبو عمر بن عبد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 البر في اسم الحضرمي الذي روى عنه أحمد بن سعيد كما أوردنا آنفا. ورأيت في موضع آخر أنه أبو بكر محمد بن موسى بن عيسى الحضرمي، وأنه يروى عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي فالله أعلم. وكانت وفاة أبي عمر الصدفي، فيما قاله أبو محمد علي بن أحمد، سنة خمسين وثلاث مائة. أحمد بن سعيد، بن حزم، بن غالب أبو عمر الوزير، والد الفقيه أبي محمد، كان وزيراً في الدولة العامرية، ومن أهل العلم والأدب والخير، وكان له في البلاغة يد قوية؛ سمعت أبا العباس أحمد بن رشيق الكاتب يقول: كان الوزير أبو عمر بن حزم يقول: إني لأعجب ممن يلحن في مخاطبة، أو يجىء بلفظة قلقة في مكاتبة، لأنه ينبغي له إذا شك في شيء أن يتركه ويطلب غيره، فالكلام أوسع من هذا، أو كما قال؛ وهذا لا يقوله إلا المتبحر الواسع العلم. أنشدني أبو محمد علي بن أحمد، قال: أنشدني الوزير أبي في بعض وصاياه لي: إذا شئت أن تحيا غنيا فلا تكن ... على حالة إلا رضيت بدونها وحدثني أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد، قال: أخبرني هشام بن محمد ابن هشام بن محمد بن عثمان المعروف بابن البشتنى من آل الوزير أبي الحسن جعفر بن عثمان المصحفى، عن الوزير أبي رحمه الله: أنه كان بين يدي المنصور أبي عامر، محمد بن أبي عامر في بعض مجالسه للعامة، فرفعت إليه رقعة استعطاف لأم رجل مسجون كان ابن أبي عامر حنقاً عليه لجرم استعظمه منه، فلما قرأها اشتد غضبه، وقال: ذكرتنى والله به! وأخذ القلم يوقع، وأراد أن يكتب: يصلب، فكتب: يطلق، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 ورمي الكتاب إلى الوزير، قال: فأخذ أبوك القلم، وتناول رقعة وجعل يكتب بمقتضى التوقيع إلى صاحب الشرط، فقال له ابن أبي عامر ما هذا الذي تكتب؟ قال: بإطلاق فلان، قال: فحرد وقال: من أمر بهذا؟ فناوله التوقيع، فلما رآه قال: وهمت، والله ليصلبن، ثم خط على ما كتب، وأراد أن يكتب: يصلب، فكتب: يطلق، قال: فأخذ والدك الرقعة، فلما رأى التوقيع تمادى على ما بدأ به من الأمر بإطلاقه، ونظر إليه المنصور متمادياً على الكتاب، فقال: ما تكتب؟ قال: بإطلاق الرجل، فغضب غضباً أشد من الأول، وقال: من أمر بهذا؟ فناوله الرقعة، فرأى خطه، فخط على ما كتب، وأراد أن يكتب: يصلب، فكتب: يطلق، فأخذ والدك الكتاب، فنظر ما وقع به، ثم تمادى فيما كان بدأ به، فقال له: ماذا تكتب؟ فقال: بإطلاق الرجل، وهذا الخط ثالثاً بذلك، فلما رآه عجب، وقال: نعم يطلق على رغمى، فمن أراد الله إطلاقه، لا أقدر أنا على منعه، أو كما قال. مات الوزير أبو عمر ابن حزم قريباً من الأربع مائة. أحمد بن صفوان المرواني، أديب شاعر؛ ذكره أحمد بن فرج وأنشد له: لهذا الياسمين علي حق ... أنا لشبيهه في الحسن رق فلا زالت عرائشه تحيا ... بغادية لها طل وودق غمام كالعريش أحم غض ... ينور منه في الجنبات برق ولو سقيته من ماء وجهي ... لما وفيته ما يستحق أحمد بن عبد الله بن الفرج النميري أندلسي، سمع من ابن وضاح وغيره، ومات بالأندلس سنة ثلاث وثلاث مائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 أحمد بن عبد الله بن الحجاف الأنصاري، محدث مات بالأندلس. أحمد بن عبد الله الأنصاري صاحب الصلاة بالأندلس، ذكره ابن يونس بعد الذي قبله، ولعله هو. أحمد بن عبيد الله بن أبي طالب الأصبحي، قاضي الجماعة بالأندلس، بكنى أبا عمر، محدث مات بها سنة سبع وعشرين وثلاث مائة. أحمد بن عبد الله، بن محمد بن المبارك، بن حبيب، بن عبد الملك، بن عمر، ابن الوليد بن عبد الملك، بن مروان، بن الحكم؛ روى عن بقي بن مخلد وغيره؛ مات بالأندلس سنة ثلاث وثلاثين وثلاث مائة. أحمد بن عبد الله اللؤلؤي، روى عن أبي صالح أيوب بن سليمان، ومحمد ابن عمر بن لبابة؛ مات سنة ثمان وأربعين وثلاث مائة. ذكره أبو محمد علي بن أحمد. أحمد بن عبد الله، بن علي، أبو عمر الفقيه، يعرف بابن الباجي، سمع أباه وجماعة، وسكن هو وأبوه إشبيلية؛ روى عنه جماعة أكابر، أدركنا منهم الفقيه أبا عمر يوسف بن عبد الله، بن محمد، بن عبد البر الحافظ؛ فأخبرنا أبو عمر بن عبد البر، قال: كان أبو عمر الباجي إمام عصره، وفقيه زمانه، جمع الحديث والرأى، والبيت الحسن، والهدى والفضل، ولم أر بقرطبة ولا بغيرها من كور الأندلس رجلاً يقاس به في علمه بأصول الدين وفروعه؛ كان يذاكر بالفقه ويذاكر بالحديث والرجال، ويحفظ غريبى الحديث لأبي عبيد، وأبي محمد بن قتيبة، حفظاً حسناً، وشاوره القاضي ابن أبي الفوارس وهو ابن ثمان عشرة بإشبيلية، وهي موضع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 مولده، وجمع له أبوه علوم الأرض فلم يحتج إلى أحد، إلا أنه رحل متأخراً للحج، فكتب بمصر عن أبي بكر أحمد بن محمد ابن إسماعيل المعروف بابن المهندس، وعن الميمون بن حمزة بن الحسين الحسينى، وأبي الحسن أحمد بن عبد الله بن حميد بن رزيق الحريثي البغداذي، من ولد عمر ابن حريث، وأبي محمد الحسن بن إسماعيل بن الضراب، وأبي العلاء عبد الوهاب بن عيسى ابن ماهان، وغيرهم؛ وكتب عنه. وكان من أضبط الناس لكتبه، وأعلمهم بما فيها من روايته. هذا آخر كلام ابن عبد البر فيه. وقال أبو محمد عبد الغني بن سعيد الحافظ في المؤتلف: أبو عمر أحمد بن عبد الله الباجي الأندلسي، من أهل العلم، كتبت عنه، وكتب عني؛ ووالد أبي عمر هذا من جلة المحدثين، وكان يسكن إشبيلية. هكذا قال عبد الغني: أخبرنا أبو عمر بن عبد البر، قال: قرأت على أبي عمر أحمد بن عبد الله الباجي كتاب المنتقى لأبي محمد بن الجارود، أخبرني به عن أبيه، عن الحسن بن عبد الله الزبيدي، عن ابن الجارود، وكتاب الضعفاء والمتروكين لابن الجارود، وكتاب أبي حنيفة لابن الجارود، وكتاب الآحاد لابن الجارود، وكلها بهذا الإسناد. مات أبو عمر الباجي قريباً من الأربع مائة. أحمد بن عبد الله بن ذكوان، أبو العباس قاضي الجماعة بالأندلس، من شيوخ أهل العلم، مذكور بالفضل ومن أهل بيت فيهم علم ورياسة، والقضاء يتردد فيهم. أخبرني أبو محمد علي بن محمد، قال: حدثني الوزير أبو عبدة حسان بن مالك، ابن أبي عبدة اللغوي، قال: حدثني القاضي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 أبو العباس أحمد بن عبد الله بن ذكوان، قال: حدثني أبي عن بعض إخوانه، أو عن نفسه: أنه حج فنزل بمصر في حجرة اكتراها، قال: فإبى قاعد يوماً إذ نظرت إلى كتابة على الحائط، فتأملت ذلك فإذا هو: قم حي بالراح قوماً ... ماتوا صلاة وصوماً لم يطعموا لذة العي ... ش مذ ثلاثون يوماً فذكرت ذلك لبعض من كنت أجالسه بمصر، فقال: ذلك خط الحسن بن هانىء وهي من قوله، وفي تلك الحجرة كان نازلا أيام كونه بمصر. ؟ أحمد بن عبد الله بن زيدون أبو الوليد من أهل قرطبة، شاعر مقدم، وبليغ مجود، كثير الشعر، قبيح الهجاء؛ أدركنا زمانه وأنشدنا له غير واحد من أهل المغرب أبياته السائرة: بيني وبينك ما لو شئت لم يضع ... سر إذا ذاعت الأسرار لم يذع يا بائعاً حظه مني ولو بذلت ... لي الحياة بحظي منه لم أبع حسبي بأنك إن حملت قلبي ما ... لا تستطيع قلوب الناس يستطع ته أحتمل، واستطل أصبر، وعزأهن ... وول أقبل، وقل أسمع، ومر أطع وله من قصيدة طويلة: بنتم وبنا فما ابتلت جوانحنا ... شوقاً إليكم ولا جفت مآقينا كنا نرى اليأس تسلينا عوارضه ... وقد يئسنا فما لليأس يغرينا نكاد حين تناجينا ضمائرنا ... يقضى علينا الأسى لولا تأسينا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 حارت لفقدكم أيامنا فغدت ... سوداً وكانت بكم بيضا ليالينا إذ جانب العيش طلق من تألفنا ... ومورد اللهو صاف من تصافينا وإذ هصرنا فنون اللهو دانية ... قطوفه فجنينا منه ماشينا ليسق عهدكم عهد السرور فما ... كنتم لأرواحنا إلا رياحينا ؟ أحمد بن عبيد الله بن إسماعيل بن بدر أبو مروان، من شيوخ الأدب المشهورين، عاش إلى أيام الفتنة بعد الأربع مائة، وكان حياً في سنة ست بعدها. ذكره أبو محمد علي بن أحمد. ؟ أحمد بن عبد الرحمن قرطبي سمع من ابن وضاح، وسمع منه. مات بالأندلس. قاله أبو سعيد بن يونس. ؟ أحمد بن عبد الرحمن بن سعيد بن حزم، كان من أهل الفضل والعلم، تولى الحكم بالجانب الغربي من قرطبة، للمهدي محمد بن هشام، بن الجبار، ابن الناصر ذكره أبو محمد علي بن أحمد، وهو من بني عمه. ؟ أحمد بن عبد البصير روى عن قاسم بن أصبغ، روى عنه أبو عبد الله محمد بن سعيد بن نبات. ؟ أحمد بن عبد الملك، بن عمر بن محمد بن عيسى بن شهيد ذو الوزارتين، من أهل الأدب البارع، له قوة في البديهة، كان في أيام عبد الرحمن الناصر. أخبرني أبو محمد علي بن أحمد، قال: أخبرني أبو محمد عبد الله بن محمد بن جهور: أن ذا الوزارتين، أحمد بن عبد الملك بن عمر بن شهيد زار جده عبد الملك بن جهور، فوافقه محجوباً، فلم يصل إليه، فكتب إليه: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 أتيناك لا عن حاجة عرضت لنا ... إليك ولا قلب إليك مشوق ولكننا زرنا بضعف عقولنا ... حماراً تولى برنا بعقوق فأجابه عبد الملك: حجبناك لما زرتنا غير تائق ... بقلب عدو في ثياب صديق وما كان بيطار الشآم لموضع ... يباشر فيه برنا بخليق ؟ أحمد بن عبد الملك بن مروان، أديب شاعر، ذكره أبو محمد علي ابن أحمد في المتقدمين من الشعراء، فأثنى عليه، وأورد له أحمد بن فرج الجياني في الحدائق أشعارا، ومنها: حلفت لمن رمى فأصاب قلبي ... وقلبه على جمر الصدود لقد أودى تذكره بجسمى ... ولست أشك أن النفس تودى تولى الصبر عني مذ تولى ... وعاودني من الأحزان عيدى فقيد وهو موجود بقلبي ... فواعجباً لموجود فقيد ؟ أحمد بن عبد الملك بن هاشم أبو عمر المعروف بابن المكوى الإشبيلي، كان فقيهاً معظماً، ومفتياً مقدماً، على جميع من إليه الفتوى بقرطبة، وانتهت إليه الرياسة في ذلك في وقته، وقد جمع هو وأبو مروان المعيطى الفقيه كتاباً في أقاويل مالك رحمه الله، على نحو الكتاب الباهر الذي جمع فيه أبو بكر محمد بن أحمد بن الحداد القاضي المصري أقاويل أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي، رضي الله عنه، أمرهما بالاجتماع على جمع ذلك وترتيبه، المنصور أبو عامر محمد ابن أبي عامر، وهو كان المتغلب عل الأمور بالأندلس كلها في ذلك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 الوقت، وكانت له همة رفيعة في العلوم. ؟ أحمد بن عبد الملك، بن أحمد بن عبد الملك، بن عمر بن محمد بن عيسى ابن شهيد، أبو عامر أشجعي النسب، من ولد الوضاح بن رزاح الذي كان مع الضحاك يوم المرج؛ من العلماء بالأدب ومعاني الشعر وأقسام البلاغة، وله حظ من ذلك بسق فيه، ولم ير لنفسه في البلاغة أحداً يجاريه، وله كتاب حانوت عطار في نحو من ذلك، وسائر رسائله وكتبه نافعة الجد، كثيرة الهزل، وشعره كثير مشهور؛ وقد ذكره أبو محمد علي بن أحمد مفتخراً به، فقال: ولنا من البلغاء أحمد بن عبد الملك بن شهيد، وله من التصرف في وجوه البلاغة وشعابها مقدار ينطق فيه بلسان مركب من لساني عمرو، وسهل. أخبرني أبو محمد علي بن أحمد قال: كتب إلي أبو عامر بن شهيد في علته بهذه الأبيات: ولما رأيت العيش لوى برأسه ... وأيقنت أن الموت لاشك لاحقي تمنيت أني ساكن في عباءة ... بأعلى مهب الريح في رأس شاهق أرد سقيط الحب في فضل عيشتى ... وحيداً وأحسوا الماء بين المفالق خليلي من ذاق المنية مرة ... فقد ذقتها خمسين قولة صادق كأني وقد حان ارتحالي لم أفز ... قديماً من الدنيا بلمحة بارق فمن مبلغ عني ابن حزم، وكان لي ... يداً في ملماتى وعند مضايقى عليك سلام الله إني مفارق ... وحسبك زاداً من حبيب مفارق فلا تنس تأتينى إذا ما فقدتنى ... وتذكار أيامى وفضل خلائقى وحرك له بالله من أهل فننا ... إذا جئتموني كل شهم غرانق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 عسى هامتى في القبر تسمع بعضه ... بترجيع سار أو بتطريب طارق فلى في اد كارى بعد موتى راحة ... فلا تمنعونيها علالة زاهق وإني لأرجو الله فيما تقدمت ... ذنوبي به مما درى من حقائق فأجابه أبو محمد: أبا عامر ناديت خلاً مصافياً ... يفديك من دهم الخطوب الطوارق وألمت قلباً مخلصاً لك ممحضا ... بودك موصول العرى والعلائق شدائد يجلوها الإله بلطفه ... فلا تأس إن الدهر جم المضايق فمعقب سوء الحال حسنى وفرحة ... وتالى رخاء العيش " إحدى البوائق سفينة نوح لم تضق بحلوها ... وضاق بهم رحب الملا والسمالق ورب أسير في يد الهول مطلق ... ومنطلق والدهر أسوق سائق فإن تنج قلت الحمد لله مخلصاً ... فمن أعظم النعمى بقاء المصادق وإن تكن الأخرى فأقرب بلاحق ... تأخر منا من تقدم سابق فقربك لي أنس وبعدك موحشى ... ولقياك مسلاتي وفقدك شائقي ومن أبيات أبي عامر المختارة قوله: وما ألان قناتى غمز حادثة ... ولا استخف بحلمى قط إنسان أمضى على الهول قدماً لا ينهنهنى ... وأنثنى لسفيهى وهو حردان ولا أقارض جهالاً بجهلهم ... والأمر أمرى والأيام أعوان أهيب بالصبر والشحناء ثائرة ... وأكظم الغيظ والأحقاد نيران وقوله: إن الفتوة فاعلم حد مطلبها ... عرض نقي ونطق فيه تبيان بالعلم يفخر يوم الحفل حامله ... وبالعفاف غداة الجمع يزدان وما لساني عند القوم ذو ملق ... ولا مقالي إذ ما قلت إدهان ولا أفوه بغير الحق خوف أخي ... وإن تأخر عني وهو غضبان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 ولا أميل على خلي فآكله ... إذا غرثت وبعض الناس ذؤبان ود الفتى منهم لو مت من يده ... وأنه منك ضخم الجوف ملآن وقوله: ألمت بالحب حتى لو دنا أجلى ... لما وجدت لطعم الموت من ألم وذادني في كرمي عمن ولهت به ... ويلي من الحب أو ويلى من الكرم وقوله: إن الكريم إذا نالته مخمصة ... أبدى إلى الناس شبعاً وهو طيان يحنى الضلوع على مثل اللظى حرقا ... والوجه غمر بماء البشر ملآن وقوله: كتبت لها إنني عاشق ... على مهرق الكتم بالناظر فردت على جواب الهوى ... بأحور في مائه حائر منعمة نطقت بالجفو ... ن فدلت على دقة الخاطر كأن فؤادى إذا أعرضت ... تعلق في مخلبي طائر وقوله: أقل كل قليل جل ذي أدب ... بين الورى وأقل الناس إخوان وما وجدت أخافي الدهر يذكرني ... إذا سما وعلا يوماً به الشان قال لنا أبو محمد علي بن أحمد: توفي أبو عامر بن شهيد ضحى يوم الجمعة آخر يوم من جمادى الأولى، سنة ست وعشرين وأربع مائة بقرطبة، ودفن يوم السبت ثاني يوم وفاته في مقبرة أم سلمة، وصلى عليه جهور بن محمد بن جهور أبو الحزم، وكان حين وفاته حامل لواء الشعر والبلاغة، لم يخلف لنفسه نظيراً في هذين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 العلمين جملة، مولده سنة اثنتين وثمانين وثلاث مائة، ولم يعقب وانقرض عقب الوزير أبيه بموته؛ وكان جواداً لا يليق شيئا، ولا يأسى على فائت، عزيز النفس، مائلا إلى الهزل، وكان له من علم الطب نصيب وافر، وكانت علة أبي عامر ضيق النفس، والنفخ، ومات في ذهنه وهو يدعو الله عز وجل، ويشهد شهادة التوحيد والإسلام، وكان أوصى أن يصلي عليه أبو عمر الحصار الرجل الصالح، فتغيب إذ دعى، وأوصى أن يسن عليه التراب دون لبن ولا خشب فأغفل ذلك. ؟ أحمد بن عيسى أندلسي محدث، روى عن يحيى بن إبراهيم بن مزين، روى عنه عيسى بن محمد الأندلسي، وذكرنا له حديثاً في اسم يحيى بن مضر. ؟ أحمد بن عمر بن أسامة محدث أندلسي مات بها سنة ثمانين ومائة. أحمد بن عمر بن عبد الله بن عصفور، من شيوخ أبي عمر بن عبد البر، ذكره أبو عمر، وأثنى عليه وقال: كان رجلاً صالحاً فاضلاً فقيهاً أديبا، حدث عن أبي محمد عبد الله بن محمد الباجى وغيره، وكان كثير الشعر في الزهد والحكم والمواعظ. أحمد بن عمر بن أنس العذري أبو العباس المري، من المريه؛ مدينة على ساحل من سواحل الأندلسي، ويعرف بابن الدلائى، رحل مع والده بعيد الأربع مائة إلى مكة، فسمع الكثير من شيوخها، ومن القادمين إليها؛ من أبي القاسم أحمد ابن محمد بن عثمان بن محمد بن عبد الله، بن عبد العزيز بن عبد الله بن سعيد بن المغيرة ابن عمرو بن عثمان بن عفان العثماني، ومن أبي القاسم عبد الرحمن بن الحسن، بن محمد ابن أحمد، بن إبراهيم بن العباس بن عبد الله الشافعي، ومن أبي بكر أحمد بن محمد بن أحمد البزاز المكي، ومن أبي العباس أحمد بن الحسن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 بن بندار بن عبد الرحمن ابن جبريل الرازي، ومن أبي العباس أحمد بن علي بن الحسن بن إسحاق بن جعفر ابن الحسن الكسائي، كذا قال في نسبه، وعن أبي حفص عمر بن الخضر الثمانيني، وأبي بكر محمد بن علي بن محمد الغازي النيسابوري، وأبي بكر محمد بن أحمد بن نوح الأصبهاني، وعن محمد بن أبي سعيد بن سختويه الإسفراينى، وعن جماعة كثيرة من طبقتهم؛ وكتب هناك قطعة كبيرة من المصنفات، والتواريخ، وسمعنا منه بالأندلس وكان حياً بها وقت خروجي منها في سنة ثمان وأربعين وأربع مائة. قرأت على أبي العباس أحمد بن عمر بن أنس بالأندلس، أخبركم أبو العباس أحمد ابن الحسن الرازي بمكة، قال: سمعت أبا أحمد عبد الله بن عدي يقول: سمعت عدة مشايخ يحكون: أن محمد بن إسماعيل البخاري قدم بغداذ فسمع به أصحاب الحديث، فاجتمعوا وعمدوا إلى مائة حديث؛ فقبلوا متونها وأسانيدها، وجعلوا متن هذا الإسناد لإسناد آخر وإسناد هذا المتن لمتن آخر، ودفعوا إلى عشرة أنفس؛ إلى كلرجل عشرة أحاديث، وأمروهم إذا حضروا المجلس يلقون ذلك على البخاري، وأخذوا الموعد للمجلس، فحضر المجلس جماعة من أصحاب الحديث من الغرباء من أهل خراسان وغيرها، ومن البغداذيين، فلما اطمأن المجلس بأهله انتدب إليه رجل من العشرة، فسأله عن حديث من تلك الأحاديث، فقال البخاري: لا أعرفه، فسأله عن آخر، فقال: لا أعرفه؛ فما زال يلقى عليه واحداً بعد واحد حتى فرغ من عشرته، والبخاري يقول: لا أعرفه، فكان العلماء ممن حضر المجلس يلتفت بعضهم إلى بعض ويقولون: الرجل فهم، ومن كان منهم غير ذلك يقضى على البخاري بالعجز والتقصير وقلة الفهم، ثم انتدب رجل آخر من العشرة فسأله عن حديث من تلك الأحاديث المقلوبة فقال البخاري: لا أعرفه، فسأله عن آخر فقال: لا أعرفه، فسأله عن آخر فقال: لا أعرفه، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 فلم يزل يلقى عليه واحداً بعد آخر حتى فرغ من عشرته، والبخاري يقول: لا أعرفه، ثم انتدب له الثالث، والرابع، إلى تمام العشرة حتى فرغوا كلهم من الأحاديث المقلوبة، والبخاري لا يزيدهم على: لا أعرفه؛ فلما علم البخاري أنهم قد فرغوا التفت إلى الأول منهم فقال: أما حديثك الأول فهو كذا، وحديثك الثاني فهو كذا، والثالث، والرابع، على الولاء حتى أتى على تمام العشرة، فرد كل متن إلى إسناده، وكل إسناد إلى متنه، وفعل بالآخرين مثل ذلك، ورد متون الأحاديث كلها إلى أسانيدها وأسانيدها إلى متونها، فأقر له الناس بالحفظ، وأذعنوا له بالفضل. وأخبرني أبو العباس العذري، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن الحسن ابن محمد الشافعي، قال: حدثني الحسين بن عبد الرحمن، قال: أنشدني ابن عائشة: لأشكرنك معروفاً هممت به ... لأن همك بالمعروف معروف ولا أذم وإن لم يمضه قدر ... فالشيء بالقدر المحتوم مصروف كذا وقع؛ وأنا أظن أن في الإسناد نقصاناً. وأخبرنا أبو العباس العذري، قال: حدثنا أبو البركات محمد بن عبد الواحد الزبيدى، قال: حدثنا أبو سعيد الحسن بن عبد الله بن المرزبان السيرافى، قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج، قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يزيد المبرد، قال: لما وصل المأمون إلى بغداذ وقر بها، قال ليحيى ابن أكثم: وددت أنى وجدت رجلاً مثل الأصمعي ممن عرف أخبار العرب وأيامها وأشعارها، فيصحبنى كما صحب الأصمعي الرشيد؛ فقال له يحيى: ها هنا شيخ يعرف هذه الأخبار، يقال له عتاب بن ورقاء من بني شيبان، قال: فابعث لنا فيه يجئنى، فبعث فحضر فقال له يحيى: إن أمير المؤمنين يرغب في حضورك مجلسه ومحادثته، فقال: أنا شيخ كبير، ولا طاقة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 لي لأنه قد ذهب مني الأطيبان، فقال له المأمون: لابد من ذلك، فقال الشيخ: فاسمع ما حضرني، فقال اقتضاباً: أبعد ستين أصبوا ... والشيب للمرء حرب شيب وسن وإثم ... أمر لعمرك صعب يابن الإمام فهلا ... أيام عودى رطب وإذا شفاء الغواني ... مني حديث وقرب وإذ مشيبى قليل ... ومنهل العيش عذب فالآن لما رأى بي ... عواذلي ما أحبوا آليت أشرب راحاً ... ما حج لله ركب فقال المأمون: ينبغي أن تكتب بالذهب، وأمر له بجائزة وتركه. أحمد بن عمرو بن منصور الإلبيري صاحب صلاة إلبيرة وخطيبها، فقيه، محدث، عالم، صالح يفهم الحديث، ويعرف الرجال، ويحفظ، وهو من موالى بنى أمية، وله رحلة لقى فيها محمد بن عبد الله بن سنجر الجرجاني بمصر، وروى عنه مسنده، وسمع يونس بن عبد الأعلى، وغيره. مات بالأندلس سنة اثنتى عشرة وثلاث مائة. روى عنه خالد بن سعد وغيره. أخبرنا أبو محمد على بن أحمد، قال: حدثنا عبد الرحمن بن سلمة، قال: أخبرني أحمد بن خليل، قال: حدثنا خالد بن سعد، قال: أخبرني أحمد بن عمرو بن منصور صاحب صلاة إلبيرة، وكان من الصالحين، قال: أخبرنا يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: سئل مالك عن الإمام هل يرفع يديه عند الركوع؟ فقال: نعم! قيل له: وبعد ما يرفع رأسه من الركوع؟ قال: إنه ليومر بذلك. قال خالد: وصلى بنا أحمد بن عمر وبحاضرة مدينة إلبيرة، وكان من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 الخطباء، فرأيته يرفع يديه عند كل خفض ورفع؛ وأخبرني أنه رأى عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم بمصر يرفع يديه عند كل خفض ورفع؛ وكان أخوه محمد يصلي إلى جنبه فكان ربما رفع، وربما لم يرفع، فكلم في ذلك فقال: إني أنسى. أحمد بن عبادة بن علكدة بن نوح بن اليسع الرعيني، أبو عمر، محدث أندلسي، مات بها ليلة الجمعة لست بقين من رجب سنة اثنتين وثلاثين وثلاث مائة. روى عن محمد بن وضاح، ومحمد بن عبد السلام الخشني، كان صاحب الصلاة بقرطبة. أحمد بن الفضل بن العباس الدينوري، أبو بكر المطوعى، سمع من جعفر بن محمد الفريابى، ومن أبي جعفر محمد بن جرير الطبري كتابه في التاريخ المعروف بذيل المذيل، وكتاب صريح السنة له، وفضائل الجهاد، له ورسالته إلى أهل طبرستان المعروفة بالتبصير، وسمع من أبي بكر محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله ابن إسماعيل البغداذي يعرف بابن أبي الثلج، كتابه في الحول، وسمع من أبي سعيد الحسن بن علي بن زكريا بن يحيى بن صالح بن عاصم بن زفر بن العلاء بن أسلم العدوي البصري أحاديثه عن خراش مولى أنس بن مالك، وهي أربعة عشر أحاديثاً، ودخل الأندلس قبل الخمسين وثلاث مائة، وحدث بهذه الكتب، ومن آخر من حدث عنه هنالك: أبو الفضل أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن التاهرتى، وأبو عمر أحمد ابن محمد بن الجسور. أخبرنا أبو عمر بن عبد البر، قال: حدثانى بأحاديث خراش، عن الدينوي، عن العدوى، عن خراش، وقد حدث عنه أبو القاسم خلف بن هانى الأندلسى، في سنة اثنين وأربع مائة، ورأيت سماعه عليه سنة ست وأربعين وثلاث مائة في جامع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 قرطبة، وهو يومئذ ابن ثمان وسبعين سنة. أحمد بن فتح بن عبد الله التاجر، رحل فسمع بمصر من حمزة بن محمد الكناني، وأبي العباس أحمد بن الحسن بن عتبة المزازي، وأبي الحسن محمد ابن عبد الله بن زكريا بن حيويه النيسابوري، وأبي العلاء عبد الوهاب بن عيسى بن ماهان، وأبي الفضل صالح بن عبد الصمد بن معروف الصواف، وأبي محمد جعفر ابن أحمد بن عبد بن سليمان البزاز، وأبي الحسن علي بن محمد بن مسرور، وأبي محمد عبد الله بن أحمد بن حامد البغداذي نزيل مصر، وإبراهيم بن علي بن غالب؛ وسمع من أبي محمد عبد الله بن أبي زيد بالقيروان، وحدث بالأندلس، فروى عنه جماعة من أهلها؛ منهم الفقيه أبو عمر بن عبد البر توفى قريباً من الأربع مائة. أخبرنا أبو عمر بن عبد البر بكتاب الدار ومقتل عثمان لعمر بن شبة النميري في سبعة أجزاء، قال: حدثني به أحمد بن؟ فتح التاجر، عن أبي محمد عبد الله ابن أحمد بن حامد البغداذي بمصر، عن محمد بن سهل بن الفضل الكاتب، عن عمر بن شبة. أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن التاهرتى البزاز، أبو الفضل ولد بتاهرت، وأتى مع أبيه صغيراً إلى الأندلس، وكان أبوه من جلساء أبي بكر بن حماد التاهرتى وممن أخذ عنه. قاله أبو محمد علي بن أحمد؛ وقد روى عنه أبو عمران الفاسى موسى ابن عيسى بن أبي حاج، فقيه القيروان؛ وقال أبو عمر بن عبد البر سمع أبو الفضل التاهرتى من ابن أبي دليم، وقاسم بن أصبغ، ووهب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 بن مسرة، ومحمد بن معاوية القرشى، وأبي بكر الدينوري؛ وكان ثقة فاضلاً اختص بالقاضى منذر بن سعيد، وسمع منه تواليفه كلها. قال أبو عمر: وقد لقيته وسمعت كثيراً منه. أخبرنا أبو عمر يوسف بن عبد الله النمري، قال: حدثني أحمد بن قاسم التاهرتى بكتاب صريح السنة لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري، وبكتاب فضائل الجهاد له، وبرسالته إلى أهل طبرستان المعروفة بالتبصير عن أبي بكر أحمد ابن الفضل الدينوري، عن الطبري. أحمد بن قاسم بن عيسى أبو العباس المقرى، قال لي أبو محمد على ابن أحمد: هو المعروف بأبى العباس الاقليشى، منسوب إلى أقليش بلدة من أعمال طليطلة، كان يختلف معنا إلى ابن الجسور، له رحلة دخل فيها بغداذ وغيرها؛ وهو ثقة فاضل. قال أبو عمر بن عبد البر: وقد سمع من أبي القاسم عبيد الله بن محمد ابن حبابة حديث علي بن الجعد، وسمعناه منه، وكتبت عنه منثوراً كثيراً، وكتب عنى رحمه الله. أحمد بن قاسم بن محمد بن قاسم بن أصبغ البياني أبو عمرو محدث من أهل بيت حديث، يروى عن أبيه عن جده قاسم بن أصبغ، روى عنه أبو محمد علي بن أحمد. أخبرنا أبو محمد، قال: أخبرنا أبو عمر وأحمد بن قاسم بن محمد بن قاسم بن أصبغ قال: حدثني أبي، قال: حدثني جدي قاسم بن أصبغ، قال: حدثنا مضر بن محمد، قال: سألت يحيى بن معين: أي شيء يصح في إفطار الحاجم والمحجوم؟ فقال: ما يصح فيه شيء. أنشدني أبو محمد علي بن أحمد، قال: أنشدني أبو عمرو البياني: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 إذا القرشى لم يشبة قريشاً ... بفعلهم الذي بذ الفعالا فتيس من تيوس بني تميم ... بذي العبلات أحسن منه حالا أحمد بن كليب النحوي، أديب شاعر مشهور الشعر، ولا سيما شعره في أسلم وكان قد أفرط في حبه حتى أداه ذلك إلى موته، وخبره في ذلك طريف. حدثني أبو محمد علي بن أحمد، قال: حدثني أبو عبد الله محمد بن الحسن المذحجي، قال: كنت أختلف في النحو إلى أبي عبد الله محمد بن خطاب النحوي في جماعة، وكان معنا عنده أبو الحسن أسلم بن أحمد بن سعيد بن قاضي الجماعة أسلم بن عبد العزيز، صاحب المزني والربيع، قال محمد بن الحسن: وكان من أجمل من رأته العيون، وكان يجىء معنا إلى محمد بن خطاب أحمد بن كليب، وكان من أهل الأدب البارع، والشعر الرائق، فاشتد كلفه بأسلم، وفارق صبره، وصرف فيه القول متستراً بذلك إلى أن فشت اشعاره فيه وجرت على الألسنة، وتنوشدت في المحافل؛ فلعهدى بعرس في بعض الشوارع بقرطبة، والنكوري الزامر قاعد في وسط الحفل، وفي رأسه قلنسوة وشى وعليه ثوب خز عبيدى، وفرسه بالحلية المحلاة يمسكه غلامه. وكان فيما مضى يزمر لعبد الرحمن الناصر، وهو يزمر في البوق بقول أحمد بن كليب في أسلم: أسلمنى في هوا ... هـ أسلم هذا الرشا غزال له مقلة ... يصيب بها من يشا وشى بيننا حاسد ... سيسأل عما وشى ولو شاء أن يرتشى ... على الوصل روحى ارتشى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 ومغن محسن يسايره فيها؛ قال: فلما بلغ هذا المبلغ انقطع أسلم عن جميع مجالس الطلب، ولزم بيته والجلوس على بابه، فكان أحمد بن كليب لا شغل له إلا المرور على باب دار أسلم سائراً، ومقبلا نهاره كله فانقطع أسلم عن الجلوس على باب داره نهاراً، فإذا صلى المغرب واختلط الظلام، خرج مستروحاً، وجلس على باب داره، فعيل صبر أحمد بن كليب، فتحيل في بعض الليالي ولبس جبة من جباب أهل البادية، واعتم بمثل عمائمهم، وأخذ بإحدى يديه دجاجاً، وبالأخرى قفصاً فيه بيض، وتحين جلوس أسلم عند اختلاط الظلام على بابه، فتقدم إليه وقبل يده، وقال يأمر مولاى بأخذ هذا، فقال له أسلم: ومن أنت؟ فقال: صاحبك في الضيعة الفلانية، وقد كان تعرف أسماء ضياعه، وأصحابه فيها، فأمر أسلم بأخذ ذلك منه، ثم جعل أسلم يسأله عن الضيعة، فلما جاوبه أنكر الكلام وتأمله فعرفه، فقال له: يا أخي! وهنا بلغت بنفسك، وإلى ها هنا تبعتنى، أما كفاك انقطاعى عن مجالس الطلب، وعن الخروج جملة، وعن القعود على بابى نهاراً؟ حتى قطعت علي جميع ما لي فيه راحة، فقد صرت من سجنك. والله لا فارقت بعد هذه الليلة قعر منزلي، ولا قعدت ليلاً ولا نهاراً على بابي؛ ثم قام، وانصرف أحمد بن كليب كئيباً حزيناً؛ قال محمد بن الحسن: واتصل ذلك بنا، فقلنا لأحمد بن كليب، وخسرت دجاجك وبيضك؟ فقال: هات كل ليلة قبلة يده وأخسر أضعاف ذلك؛ قال: فلما يئس من رؤيته ألبتة نهكته العلة، وأضجعه المرض؛ قال محمد بن الحسن: فأخبرني أبو عبد الله محمد بن خطاب شيخنا، قال: فعدته فوجدته بأسوأ حال، فقلت له: ولم لا تتداوى؟ فقال: دوائى معروف، وأما الأطباء فلا حيلة لهم في ألبتة، فقلت له: وما دواؤك؟ فقال: نظرة من أسلم، فلو سعيت في أن يزورني الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 لأعظم الله أجرك بذلك، وكان هو والله أيضا يؤجر، قال: فرحمته وتقطعت نفسي له، ونهضت إلى أسلم، فاستأذنت عليه، فأذن لي وتلقاني بما يجب، فقلت له: لي حاجة، قال: وما هي؟ قلت: قد علمت ما جمعك مع أحمد بن كليب من ذمام الطلب عندي، فقال: نعم، ولكن قد تعلم أنه برح بي، وشهر اسمى، وآذاني، فقلت له كل ذلك يغتفر في مثل الحال التي هو فيها، والرجل يموت، فتفضل بعيادته، فقال: والله ما أقدر على ذلك، فلا تكلفنى هذا، فقلت له: لابد، فليس عليك في ذلك شيء وإنما هي عيادة مريض، قال: ولم أزل به حتى أجاب، فقلت: فقم الآن، فقال لي: لست والله أفعل، ولكن غداً، فقلت له: ولا خلف، قال نعم: فانصرفت إلى أحمد بن كليب، وأخبرته بموعده بعد تأبيه، فسر بذلك، وارتاحت نفسه، قال: فلما كان الغد بكرت إلى أسلم وقلت له: الوعد، قال: فوجم وقال: والله لقد تحملنى على خطة صعبة علي، وما أدرى كيف أطيق ذلك؟ قال: فقلت له لابد من أن تفى بوعدك لي، قال: فأخذ رداءه ونهض معي راجلا، قال: فلما أتينا منزل أحمد بن كليب، وكان يسكن في آخر درب طويل، وتوسط الدرب، وقف واحمر وخجل، وقال لي: الساعة والله أموت، وما أستطيع أن أنقل قدمى، ولا أن أعرض هذا على نفسى، فقلت: لا تفعل، بعد أن بلغت المنزل تنصرف؟ قال: لا سبيل والله إلى ذلك ألبتة، قال: ورجع مسرعاً فاتبعته، وأخذت بردائه، فتمادى وتمزق الرداء، وبقيت قطعة منه في يدي لسرعته وإمساكى له، ومضى ولم أدركه، فرجعت ودخلت إلى أحمد بن كليب، وقد كان غلامه دخل عليه إذ رآنا من أول الدرب مبشراً، فلما رآني تغير وقال: وأين أبو الحسن؟ فأخبرته بالقصة فاستحال من وقته واختلط، وجعل يتكلم بكلام لا يعقل منه أكثر من الترجع، فاستشنعت الحال، وجعلت أترجع وقمت، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 فثاب إليه ذهنه وقال لي: أبا عبد الله! قلت: نعم. قال: اسمع مني واحفظ عني، ثم أنشأ يقول: أسلم يا راحة العليل ... رفقاً على الهائم النحيل وصلك أشهى إلى فؤادى ... من رحمة الخالق الجليل قال: فقلت له: اتق الله! ما هذه العظيمة، فقال لي قد كان؛ قال: فخرجت عنه، فو الله ما توسطت الدرب حتى سمعت الصراخ عليه، وقد فارق الدنيا. قال لنا أبو محمد علي بن أحمد: وهذه قصة مشهورة عندنا، ومحمد بن الحسن ثقة ومحمد بن خطاب ثقة. وأسلم هذا من بيت جليل، وهو صاحب الكتاب المشهور في أغاني زرياب، وكان شاعراً أديباً؛ وقد رأيت ابنه أبا الجعد. قال أبو محمد: لقد ذكرت هذه الحكاية لأبي عبد الله محمد بن سعيد الخولاني الكاتب، فعرفها، وقال لي: لقد أخبرني الثقة أنه رأى أسلم هذا في يوم شديد المطر، لا يكاد أحد يمشى في طريق، وهو قاعد على قبر أحمد بن كليب زائراً له، وقد تحين غفلة الناس في مثل ذلك الوقت. وقال لنا أبو محمد: وحدثني أبو محمد قاسم بن محمد القرشي، قال: كتب ابن كليب محمد إلى ابن خطاب شعراً يتغزل فيه بأسلم فعرضه ابن خطاب على أسلم، فقال: هذا ملحون وكان ابن كليب قد أسقط التنوين في لفظة في بيت من الشعر، قال: فكتب ابن خطاب بذلك إلى ابن كليب، فكتب إليه ابن كليب مسرعاً: ألحق لي التنوين في مطمع ... فإنني أنسيت إلحاقه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 لا سيما إذ كان في وصل من ... كدر لي في الحب أخلاقه وأنشدني أبو محمد علي بن أحمد، قال: أنشدني محمد بن عبد الرحمن بن أحمد التجيبي، لأحمد بن كليب، وقد أهدى إلى أسلم في أوائل أمره كتاب الفصيح لثعلب: هذا كتاب الفصيح ... بكل لفظ مليح وهبته لك طوعاً ... كما وهبتك رحى أحمد بن مروان من أهل قرطبة يروى عن يحيى بن يحيى بن كثير، وسعيد ابن حسان، وعبد الملك بن حبيب، مات بها سنة ست وثمانين ومائتين. أحمد بن ميسرة من أهل طرطوشه، مدينة من ثغور الأندلس على البحر رحل، وطلب، وحدث، ومات بالأندلس سنة اثنتين وعشرين وثلاث مائة. أحمد بن محارب بن قطن بن عبد الواحد بن قطن الفهرى، أندلسي محدث سمع من أبي عبد الله بن وضاح، وأبي إسحاق بن القزاز ومات بالأندلس. أحمد بن مطرف بن عبد الرحمن، محدث يعرف بابن المشاط، كان رجلاً صالحاً، فاضلاً معظماً عند ولاة الأمر بالأندلس، يشاورونه فيمن يصلح للأمور ويرجعون إليه في ذلك، وكان صاحب الصلاة. روى عن سعيد بن عثمان الأعناقي، وسعيد بن خمير، وأبي صالح أيوب بن سليمان، ومحمد بن عمر بن لبابة، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 وعبيد الله بن يحيى ابن يحيى الليثي؛ روى عنه أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن سعيد المعروف بابن أبي القراميد وأبو عمر أحمد بن محمد بن أحمد بن سعيد المعروف بابن الجسور، وعبد العزيز بن عبد الرحمن ابن بخت؛ قال لي أبو محمد علي بن أحمد: مات سنة اثنتين وخمسين وثلاث مائة. أحمد بن مسعود الأزدى الشمنتاني، أديب شاعر، ذكره أبو محمد علي بن محمد، ومن شعره على نحو طريقة أبي الفتح البستى: يا عاذلين على الغرام متيماً ... ألف الصبابة ما لكم ولعتبه أنى يفيق على الهوى من نفسه ... رضيت بضر الحب مذ ولعت به أحمد بن نابت التغلبي أبو عمر أندلسي، روى عن عبيد الله بن يحيى ابن يحيى الليثي الموطأ، وذكره عبد الغني بن سعيد الحافظ وغيره، بالنون. أحمد بن نصر من العلماء بعلم العدد المشهورين، ذكره أبو محمد علي ابن أحمد، وقال: إن له كتاباً في المساحة المجهولة، لم يتقدم إلى مثله في معناه. أحمد بن نعيم السلمى، أديب شاعر قديم، مشهور الشعر، قبيح الهجاء، أظنه كان في أيام عبد الرحمن الناصر. أحمد بن الوليد بن عبد الخالق بن عبد الجبار بن بشر، وقيل: قيس بدل بشر، بن عبد الله بن عبد الرحمن ابن قتيبة بن مسلم الباهلي، قاضي طليطلة من بلاد الأندلس، محدث سمع بالأندلس عيسى بن دينار، ويحيى بن يحيى، وله رحلة سمع فيها سحنون بن سعيد، ورجع إلى الأندلس فمات بها قديماً. أحمد بن هشام بن عبد العزيز الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 بن محمد بن سعيد الخير بن الأمير الحكم أخو محمد، أديب شاعر مشهور، ذكره غير واحد، منهم: أبو الوليد بن عامر، وأورد له في الورد والنرجس من أبيات: انظر إلى الروض في جوانبه ... أحمره ضاحك وأصفره إذا هفت فوقه الرياح سرى ... بهفوها مسكه وعنبره نرجسه تستجد صفوته ... حتى كأن الحبيب يهجره والورد مختال في منابته ... تطويه أكمامه وتنشره أحمد بن هشام بن أمية بن بكير، روى عن أبي بكر أحمد بن الفضل ابن العباسي الدينورى المطوعى. روى لنا عنه أبو بكر مصعب بن عبد الله بن محمد الحاكم، وقال لي: توفي أحمد بن هشام سنة ثمان وتسعين وثلاث مائة. حدثني الحاكم أبو بكر، قال: حدثني أحمد بن هشام، قال: قال لي أبو بكر المطوعى: مات أبو جعفر محمد بن جرير الطبري سنة عشر وثلاث مائة. أحمد بن يحيى بن يحيى الليثي محدث، مات بالأندلس سنة سبع وتسعين ومائتين، ذكره أبو سعيد بن يونس، وفي بعض النسخ بخط أبي عبد الله الصوري، الحافظ أحمد بن يحيى بن يحيى بن يحيى ثلاث مرات، وقد أصلح على الثالث ضبة علامة للشك، ولا نعلم ليحيى بن يحيى ولداً اسمه يحيى. أحمد بن يحيى بن زكريا بن الشامة بالشين المعجمة، يروى عن أبيه. روى عنه أبو القاسم خلف بن القاسم بن سهل، وقد ذكرنا له خبراً في باب الخاء في ذكر خلف بن قاسم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 من اسمه إبراهيم إبراهيم بن محمد بن باز، وقيل يعرف بابن القزاز، سمع سحنون بن سعيد، وعون بن يوسف، وسعيد بن حسان، ويحيى بن يحيى؛ يكنى أبا إسحاق، مات بالأندلس سنة ثلاث وسبعين ومائتين؛ روى عنه أحمد بن خالد وحبيب بن أحمد. أخبرنا أبو محمد على بن أحمد، قال: حدثنا عبد الرحمن بن سلمة، قال: أخبرني أحمد بن خليل، قال: نا خالد بن سعد، قال: حدثني أحمد بن خالد، قال: أخبرني إبراهيم بن محمد بن القزاز، قال: سمعت سحنون يقول: إنما عزاؤنا في هذه الآثار، فأما هذه المسائل، فالله أعلم بحقيقتها. إبراهيم بن محمد المرادى قرطبي، سمع من رجال بلاده، ومات بها سنة ست وعشرين وثلاث مائة. ذكره أبو سعيد بن يونس. إبراهيم بن محمد بن قاسم بن هلال القيسى، سمع من محمد بن وضاح، ومحمد بن عبد السلام الخشنى، أندلسى مذكور بخير وصلاح، مات بالأندلس سنة ثمان وعشرين وثلاث مائة؛ وأظنه ابن أخى إبراهيم بن قاسم المذكور بعد هذا. إبراهيم بن محمد الشرفى أبو إسحاق الحاكم، الخطيب صاحب الشرطة منسوب إلى الشرف من سواد إشبيلية، كان فقيها جليلا، ورئيساً في أيام المنصور أبي عامر محمد بن أبي عامر، كبيراً وخطيباً بقرطبة مشهوراً وأديباً مذكوراً، وكان للشعراء عنده جناب خصيب رأيت عند بعض ولده، وكان حاكما ببلدنا مجلدات مما جمع من مدائح الشعراء فيه، ومنها لأبي المطرف عبد الرحمن بن أبي الفهد، من قصيدة أولها: قفا بي قليلاً في رسوم المنازل ... ولا تنكرا فيض الدموع الهوامل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 وفيها: ومنتخل من حر شعرى انتحلته ... لمنتحل غر العلا والفضائل وغر حبوناها أغر محجلا ... طوالب ود لا طوالب نائل مرغبة في سمعها كل سامع ... مزهدة في قوله كل قائل ترغب هذا وهو ليس براغب ... وتذهل هذا وهو ليس بذاهل طلبت لها أهلا فألفيت أروعا ... جواداً كريم النجر عذب الشمائل تخيرته من أهل عصر لو أنهم ... به وزنوا شالوا وليس بشائل وفيها: قضاء لو أن السيف كان كحده ... ثنى حده حد الخطوب النوازل وعلم لو أن البحر كان كبعضه ... لكانت بحار الأرض دون سواحل ومنها لعبادة بن ماء السماء من قصيدة طويلة: أحلف بالله حلف مجتهد ... والحلف بالله غاية الحلف لو كان إجماعنا بفضلك في ال ... ملة لم نمتحن بمختلف إبراهيم بن محمد بن زكريا الزهرى، أبو القاسم، يعرف بابن الإفليلى، حدث عن أبي بكر محمد بن الحسن الزبيدي بكتاب النوادر لأبي علي إسماعيل ابن القاسم عنه؛ وكان متصدراً في علم الأدب يقرأ عليه، ويختلف فيه إليه، وكان مع علمه بالنحو واللغة يتكلم في معاني الشعر وأقسام البلاغة والنقد لهما، وله كتاب شرح فيه معاني شعر المتنبي، قال لنا أبو محمد علي بن أحمد: وهو كتاب حسن، روى عنه جماعة، وحدث بالمشرق عنه أبو مروان عبد الملك بن زيادة الله بن علي التميمى الطبنى اللغوي، وأبو الخطاب العلاء بن أبي المغيرة عبد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 الوهاب بن أحمد ابن حزم الأندلسى. أخبرني أبو محمد الحسن بن علي القاري المصري، قال: نا أبو مروان عبد الملك ابن زيادة الله التميمى اللغوي، قال: حدثنا أبو القاسم إبراهيم بن محمد بن زكريا القرشي الزهري، قال: كان شيوخنا من أهل الأدب يتعالمون أن الحرف إذا كتب عليه بصح بصاد وحاء، أن ذلك علامة لصحة الحرف لئلا يتوهم متوهم عليه خللاً ولا نقصاً، فوضع حرف كامل على حرف صحيح، وإذا كان عليه صاد ممدودة دون حاء، كان علامة أن الحرف سقيم إذ وضع عليه حرف غير تام ليدل نقص الحرف على اختلال الحرف، ويسمى ذلك الحرف أيضا ضبة، أي إن الحرف مقفل بها، لا يتجه لقراءة، كما أن الضبة مقفل بها. إبراهيم بن محمد بن معاذ بن عثمان الشعباني بن أخي سعد بن معاذ المذكور في بابه، حدث بالأندلس، وهو منها، ومات فيها سنة اثنتين وثلثمائة. إبراهيم بن إدريس العلوي الحسنى المنبوذ بالموبل، شاعر أديب حسن الشعر، خبيث الهجاء، كان في أيام المنصور أبي عامر محمد بن أبي عامرن وعاش إلى أيام الفتنة، ورأيت له قصيدة طويلة يمدح بها مؤيد الدولة هذيل بن خلف بن رزين، صاحب أحد القلاع، ويهجو في درجها غيره أولها: للبين في تعذيب نفسي مذهب ... ولنائبات الدهر عندي مطلب أما ديون الحادثات فإنها ... تأتى لوقت صادق لا تكذب والبين مغرى كيده باؤلى النهى ... طبعاً تطبع والطبيعة أغلب ومنها: أيقنت أني للرزايا مطعم ... ودمى لوافدة المكاره مشرب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 فأنا من الآيات: عرض سالم ... وجوانح تكوى وعقل يذهب إبراهيم بن إسحاق بن جابر، محدث سمع من سعيد بن حسان الصائغ، أندلسي، مات بها سنة سبع وثمانين ومائتين. إبراهيم بن أبان بن عبد الملك بن عمر بن مروان، يكنى أبا عثمان أندلسى، روى عنه ابن عفير؛ ذكره أبو سعيد بن يونس. وأخرجه إلي الرئيس أبو نصر علي بن هبة الله الحافظ، في نسخة عتقية عنده عنه. إبراهيم بن أيمن، أبو إسحاق الفقيه روى عن الخليل بن أحمد البستى، وعن محمد بن عبد الواحد الزبيري؛ روى عنه أحمد بن عمر العذرى، وذكر أنه أنشده عن البستى: النار آخر دينار نطقت به ... والهم أخر هذا الدرهم الجاري والمرء بينهما إن كان مفتقراً ... معذب القلب بين الهم والنار إبراهيم بن بكر الموصلى، قدم الأندلس، ودخل إشبيلية، وحدث بها عن أبي الفتح محمد بن الحسين بن أحمد بن الحسين الأزدى الموصلى بكتابه في الضعفاء والمتروكين. أخبرنا به أبو عمر بن عبد البر، قال: قرأت على إسماعيل بن عبد الرحمن القرشي، عن إبراهيم بن بكر عن أبي الفتح الموصلى الأزدى. إبراهيم بن جميل الأندلسي، روى عنه أبو القاسم سليمان بن أحمد ابن أيوب بن مطير اللخمى في المعجم، وقال: إنه حدثه بمصر عن عمر بن شبة بن عبيدة، ولعله إبراهيم بن موسى بن جميل نسبه إلى جده، وقد ذكرناه بعد هذا. إبراهيم بن حسين بن خالد محدث قرطبي، مات بها سنة تسع وأربعين ومائتين. إبراهيم بن حسين بن عاصم بن مسلم بن كعب الثقفي، وهو موضع آخر إبراهيم عيسى بن عاصم بن مسلم، جعل بدل حسين عيسى، أندلسى يكنى أبا إسحاق، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 رحل وسمع وحدث وولى السوق في أيام الأمير محمد، ومات بها في سنة ست وخمسين ومائتين. إبراهيم بن حمدون قرطبي، سمع من محمد بن وضاح، ومات بالأندلس سنة تسع عشرة وثلاث مائة. إبراهيم بن خالد الأموي، يروى عن يحيى بن يحيى الليثي، وسعيد بن حسان لبيري يروى عنه ابنه بسر، مات بالأندلس سنة ثمان وستين ومائتين. إبراهيم بن خلاد اللخمى، لبيري أيضاً، يروى عن يحيى بن يحيى الليثى مات بالأندلس سنة سبعين ومائتين ذكرهما أبو سعيد بن يونس أحدهما بعد الآخر. إبراهيم بن خيرة أبو إسحاق، يعرف بابن الصباغ شاعر من شعراء إشبيلية، ذكره أبو عامر بن مسلمة، وأورد من شعره في صفة الغيم: يوم كأن سحابة ... لبست غمامى المصامت حجبت به شمس الضحى ... بمثال أجنحة الفواخت فالغيث يبكى فقدها ... والبرق يضحك ضحك شامت والرعد يخطب مفصحاً ... والجو كالمخزون ساكت إبراهيم بن داود أندلسي محدث، استشهد في غزو الروم بالأندلس سنة سبع وعشرين وثلاث مائة. إبراهيم بن زبان أبو إسحاق، أندلسي من أصحاب سحنون، مات سنة ثلاث وسبعين ومائتين. ذكره بعض المؤلفين في الفقهاء، وأظنه صحفه، أو رآه كذلك، وإنما هو إبراهيم بن محمد بن باز، نسب إلى جده وغير؛ وقد ذكرنا هذا في أول الترجمة، وفي هذه السنة مات، وهو المعروف من أصحاب سحنون، وإبراهيم بن زبان غير معروف، على أنى قد رأيته في بعض النسخ من تاريخ ابن يونس هكذا؛ فالله أعلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 إبراهيم بن زرعة مولى قريش، يكنى أبا زياد أندلسى، يروى عنه سحنون بن سعيد، مات بافريقية سنة اثنتي عشرة ومائتين؛ ذكره أبو سعيد. إبراهيم بن شعيب الباهلي، أبو إسحاق، لبيري يروى عن يحيى بن يحيى الليثي، مات بالأندلس سنة خمس وستين ومائتين. إبراهيم بن شاكر أبو إسحاق قرطبي، سمع أبا عبد الله محمد بن أحمد ابن يحيى بن مفرج، ومحمد بن يحيى بن عبد العزيز صاحب أسلم بن عبد العزيز، حدث عنه أبو عمر بن عبد البر، وأثنى عليه، وقال: كان رجلاً فاضلاً ديناً فإن كان أحد في عصره من الأبدال فيوشك أن يكون هو منهم؛ وقال: سمع أبا محمد عبد الله بن عثمان وابن مفرج، وابن عون الله، وابن الحرار، وابن أبي دليم، ونظراءهم، ولم يزل يطلب العلم إلى أن مات، وكان يختلف معنا إلى الشيخ أبي القاسم خلف بن قاسم بن سهل ابن أسود رحمه الله. هذا آخر كلام ابن عبد البر. إبراهيم بن عيسى بن عاصم بن مسلم بن كعب الثقفي، أندلسي يكنى أبا إسحاق محدث له رحلة وسماع، هكذا بخط الصوري أبي عبد الله الحافظ، وقد ذكرنا آنفاً الخلاف فيه، وقول من قال: إنمه إبراهيم بن حسين بن عاصم. وعيسى أصح والله أعلم. إبراهيم بن عيسى المرادى إستجى، من أهل إستجة، يروى عن محمد ابن أحمد العتبي، مات في أيام الأمير عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن الحكم ابن هشام بن عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بالأندلس. إبراهيم بن عبد الله بن ميسرة، ويقال مسرة محدث أندلسي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 حدث عن محمد ابن الحسن بن قتيبة العسقلاني، وعمن هو أقدم منه. إبراهيم بن عبد الصمد أبو عبد الصمد البلنسى، سكن بلنسية وأظنة من أهلها، شاعر مشهور أدركت زمانه ولم ألقه، فأنشدني عنه أبو عثمان خلف بن هارون القطيني يصف قوماً: أناس إذ ما جئت أجلس بينهم ... لأمر أراني في جماعتهم وحدى إذا غضبوا كان الوعيد انتقامهم ... وإن وعدوا لم يأت منهم سوى الوعد غناء الغواني في الحروب غناؤهم ... وإن عهدوا كانوا كذلك في العهد إبراهيم بن عجنس بن أسباط الزيادى الكلاعى وشقى، روى عن يونس بن عبد الأعلى وغيره، مات في أيام الأمير محمد بن عبد الرحمن نحو السبعين ومائتين وكان فاضلاً. إبراهيم بن قاسم بن هلال بن يزيد بن عمران القيسى، مذكور بخير وصلاح، سمع بالأندلس من يحيى بن يحيى، ونحوه؛ ورحل فسمع من سحنون ابن سعيد، وفطيس السبائي وزهير بن عباد، ومات بالأندلس سنة اثنتين وثمانين ومائتين؛ روى عنه ابن أخته يحيى بن زكريا بن الشامة، ويقال: إن فطيساً أندلسي، ويشبه أن يكون ذلك. إبراهيم بن قاسم الأطرابلسي من الغرب، دخل الأندلس روى عنه أبو محمد علي بن أحمد. إبراهيم بن موسى بن جميل الأندلسى، أبو إسحاق مولى بن أمية، رحل وسمع محمد بن عبد الله بن عبد الحكم بمصر، وأبا محمد عبد الله بن ملم بن قتيبة، وأبا بكر ابن أبي الدنيا بالعراق، وغيرهما، ورجع إلى مصر فحدث بها، روى عنه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 أبو عبد الرحمن النسائى، وقال: هو صدوق، وسمع منه أبو سعيد بن يونس، وقال: كان ثقة؛ وحدث عن أبي مسهر أحمد بن مروان بكتاب القوافى لأبي عمر الجرمي، رواه عنه أبو الحسن علي بن سليمان النحوي، وحدث عنه أبو بكر محمد بن معاوية القرشي بالأندلسي، بكتاب القناعة وغيره من كتب ابن أبي الدنيا، وذكره أبو الحسن الدارقطني فيما حكاه أبو بكر البرقاني عنه، فقال: متأخر روى عن عبد الله بن أحمد بن حنبل. أخبرنا أبو عمر بن عبد البر، قال: نا أبو الفضل أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن البزاز، بكتاب القناعة لأبي بكر ابن أبي الدنيا، وبكتاب حلم معاوية له، وبكتاب مواعظ الخلفا له، عن محمد بن معاوية القرشي عن ابن جميل عنه. مات إبراهيم ابن موسى بن جميل بمصر سنة ثلاث مائة. إبراهيم بن مزين ذكره بعض علماء العراق في طبقات الفقهاء، قال: إنه أندلسي تفقه بالأصاغر من أصحاب مالك، وأصحاب أصحابه، ولا نعلم لإبراهيم ابن مزين رواية ولا تفقها، ولعله أراد يحيى بن إبراهيم بن مزين، فوهم والله أعلم. إبراهيم بن نصر القرطبي محدث، مات بها في سنة سبع وثمانين ومائتين ذكره ابن يونس. إبراهيم بن نصر السرقسطي، أبو إسحاق حدث عن أحمد بن عمرو ابن السرح، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم، ويحيى بن عمرو، روى عنه عثمان بن عبد الرحمن بن عبد الحميد المعروف بابن أبي زيد. أخبرنا أبو محمد علي بن أحمد، قال: حدثنا الكناني، قال: أخبرني أحمد بن خليل، قال: نا خالد بن سعد، قال: حدثنا عثمان بن عبد الرحمن بن عبد الحميد بن أبي زيد، وكان صدوقاً، قال: حدثني أبو إسحاق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 إبراهيم بن نصر السرقسطى، قال: حدثنا أحمد بن عمرو يعنى ابن السرح قال، قال: ابن وهب: حججت سنة ثمان وأربعين ومائة، فسمعت المنادى ينادى بالمدينة أن لا يفتى الناس إلا مالك بن أنس، وعبد العزيز بن أبي سلمة، قال خالد: وكان ذلك عن رأى الحسن بن زيد خاصة؛ أراد أن يغيظ بذلك محمد بن عبد الرحمن ابن المغيرة بن أبي ذئب لأن ابن أبي ذئب وصف الحسن بن زيد بحضرته بين يدي المنصور بالجور، وكان المعروف في ذلك الزمان أن ابن أبي ذئب، ومالك بن أنس، وغيرهما من علماء المدينة، كانوا إذا اجتمعوا عند السلطان كان ابن أبي ذئب أول من يسئل وأول من يفتى. وأنا أظن هذا الإسم والذي قبله واحداً، ولعله كان من إحدى البلدتين فسكن الأخرى والله أعلم. إبراهيم بن هارون بن سهل قاضي سرقسطة، من ثغور الأندلس، محدث مات بها سنة ست وتسعين ومائتين. إبراهيم بن يزيد بن قلزم بن أحمد بن إبراهيم بن مزاحم، مولى عمر ابن عبد العزيز أندلسي رحل، فسمع سحنون بن سعيد، وغيره مات بالأندلس سنة ثمان وستين ومائتين. إبراهيم بن يحيى بن محمد بن الحسين التميمى الطبني، أبو بكر الوزير، أديب شاعر من أهل بيت أدب وعلم وجلالة. أخبرني أبو محمد على بن أحمد، قال: بات عندي أبو بكر إبراهيم بن يحيى في ليلة مطيرة، فاستدعيت ابن عمه أبا مروان عبد الملك بن زيادة الله بهذين البيتين: صنواك في ربعي فثلثهما ... عيث السوارى وأبو بكر صلنى بلقياك التي أبتغى ... أصلك بالحمد وبالشكر وأنشدني له من قصيدة طويلة في مدح أبي العاص حكم بن سعيد بن حكم القيسى، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 وزير دولة المعتمد، قال أبو محمد: وسمعته ينشده إياها ومنها: إن الرسوم، إذا اعتبرت، نواطق ... فسل الربوع تجبك عند سوالها يأبى الفناء يرى فناء عامراً ... ويروم نقص الحال عند كمالها قد أجملت ولكن ضيعت ... إجمالها يوم ارتحال جمالها آخر الرابع من الأصل والحمد لله حق حمده وصلى الله على محمد نبيه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 بسم الله الرحمن الرحيم وبه أستعين من اسمه إسماعيل إسماعيل بن محمد بن عامر بن حبيب، أبو الوليد الوزير الكاتب بإشبيلية له ولأبيه قدم في الأدب والرياسة، وله شعر كثير يقوله بفضل أدبه؛ وقد جمع كتاباً في فصل الربيع، ومن شعره فيه: أبشر فقد سفر الثرى عن بشره ... وأتاك ينشر ما طوى من نشره متحصناً من حسنه في معقل ... عقل العيون على رعاية زهره فض الربيع ختامه فبدا لنا ... ما كان من سرائه في سره من بعد ما سحب السحاب ذيوله ... فيه ودر عليه أنفس دره فاشكر لآذار بدائع ما ترى ... من حسن منظره النضير وخبره شهر كأن الحاجب ابن محمد ... ألقى عليه مسحة من بشره مات أبو الوليد بن عامر قريباً من سنة أربعين وأربع مائة. إسماعيل بن أحمد الحجارى. أخبرني أبو محمد القيسى: أنه قدم عليهم القيروان، قال: وكان فاضلاً من أهل العلم والحديث، وذكر لي أنه سمع منه كتاب محمد بن حارث الخشني في مشايخ القيروان، وكتبه عنه، ولم يحفظ إسناده فيه. إسماعيل بن إسحاق المنادى، شاعر قديم مشهور، ذكره أبو محمد علي بن أحمد، ورأيت بخطه من شعره بيتاً نسبه إليه وهو: وما الأخ بالصنو الشقيق وإنما ... أخوك الذي يعطيك حبة قلبه إسماعيل بن أمية، من أهل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 طليطلة، حدث بالأندلس، ومات بها سنة ثلاث وثلاث مائة. إسماعيل بن بشر، وقيل بشير، التجيبي أبو محمد، أندلسي من طبقة يحيى بن يحيى، وعيسى بن دينار؛ ولى الصلاة بالأندلس في إمارة عبد الرحمن ابن الحكم، وتوفي في أيامه، ودفن بمقبرة الربض بقرطبة. ذكره أبو سعيد ابن يونس. إسماعيل بن بدر بن إسماعيل أبو بكر، شاعر أديب مشهور، كان في أيام عبد الرحمن الناصر أثيراً عنده؛ أورد له أحمد بن فرح في الحدائق أشعاراً كثيرة؛ وأنشدني له أبو محمد علي بن أحمد: أناجي حسن رأيك بالأماني ... وأشكو بالتوهم ما شجاني ولي بعسى ولو ولعل روح ... تنفس عن كئيب القلب عاني ومحض هوى بظهر الغيب صاف ... ترى عيني به مالا تراني على ذاك الزمان وإن تقضي ... سلام لا يبيد على الزمان كفاني يا مدى أملى بعاد ... تمنيت الممات له كفاني إسماعيل بن سهل بن عبد الله بن إسماعيل اليحصبي أبو القاسم، من أهل تطيلة، ذكره ابن يونس؛ وقد ذكرنا الشبهة فيه بعد هذا. ؟؟ إسماعيل بن عبد الرحمن بن علي، أبو محمد القرشي العامري، من ولد عامر بن لؤى، ومن فخذ ابن الرقيات، سمع أبا إسحاق محمد بن القاسم بن شعبان القرطبي بمصر، وأبا الحسين محمد بن العباس الحلبي، مولى هشام بن عبد الملك، وجماعة بمصر، وبها ولد، وكان من أشرافها وعقلائها، ومن أهل الدين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 والتصاون والعناية بالعلم، ثقة مأمون، قدم الأندلس قديماً، وكان جاراً للقاضي أبي العباس ابن ذكوان بقرطبة، ثم سكن إشبيلية سنين كثيرة قبل موت المنصور أبي عامر محمد بن أبي عامر، ثم إلى صدر من الفتنة، وسمع من إبراهيم بن بكر الموصلي القادم إشبيلية؛ ومات بها بعد الأربع مائة. قاله أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمرى الحافظ. وقال لنا: إنه كتب عنه، وسمع منه. أخبرنا أبو عمر النمري، قال: نا إسماعيل بن عبد الرحمن بكتاب أبي إسحاق ابن شعبان في مختصر ما ليس في مختصر ابن عبد الحكم، وبكتابه في الأشربة، وبكتابه في النساء، عن أبي إسحاق سماعاً منه. إسماعيل بن القاسم أبو علي القالى اللغوي، ولد بمنازجرد، من ديار بكر، فنشأ بها، ورحل منها إلى العراق في طلب العلم، فدخل بغداذ في سنة ثلاث وثلاث مائة، وسمع من أبي القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي، وأبي سعيد الحسن بن علي بن زكريا بن يحيى بن صالح بن عاصم بن زفر العدوى، وأبي بكر عبد الله بن أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني، وأبي بكر محمد بن الحسن بن دريد، وأبي بكر محمد بن السري، المعروف بابن السراج، وأبي إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج، وأبي الحسن على بن سليمان الأخفش، وأبي عبد الله إبراهيم بن عرفة نفطويه، وأبي بكر محمد ابن القاسم بن بشار المعروف بابن الأنباري، وأبي جعفر أحمد بن عبد الله بن مسلم ابن قتيبة، وأبي محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه، وأبي عمر الزاهد محمد ابن عبد الواحد المطرز، وغيرهم؛ وقيل: إنه كان سمع من أبي يعلى أحمد بن علي ابن المثنى الموصلي؛ ومال بطبعه إلى اللغة وعلوم الأدب، فبرع فيها، واستكثر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 منها، وأقام ببغداذ خمساً وعشرين سنة، ثم خرج منها قاصداً إلى المغرب في سنة ثمان وعشرين وثلاث مائة، ووصل إلى الأندلس في سنة ثلاثين وثلاث مائة، في أيام عبد الرحمن الناصر؛ وكان ابنه الأمير أبو العاص الحكم بن عبد الرحمن من أحب ملوك الأندلس للعلم، وأكثرهم اشتغالاً به، وحرصاً عليه، فتلقاه بالجميل، وحظى عنده، وقرب منه، وبالغ في إكرامه؛ ويقال إنه هو كان قد كتب إليه ورغبه في الوفود عليه، واستوطن قرطبة، ونشر علمه بها، وكان إماماً في علم اللغة، متقدماً فيها، متقناً لها، فاستفاد الناس منه، وعولوا عليه، واتخذوه حجة فيما نقله، وكانت كتبه على غاية التقييد، والضبط، والإتقان؛ وقد ألف في علمه الذي اختص به تواليف مشهورة تدل على سعة روايته، وكثرة إشرافه، وأملى كتاباً، سماه: النوادر، فيشتمل على أخبار، وأشعار، ولغة. سمع منه جماعات، وحدثوا عنه؛ منهم: أبو محمد عبد الله بن الربيع بن عبد الله التميمي، ولعله آخر من حدث عنه، وأحمد ابن أبان بن سيد؛ وممن روى عنه أبو بكر محمد بن الحسن الزبيدى، النحوي، صاحب مختصر كتاب العين، وأخبار النحويين، والواضح في النحو، وكان حينئذ إماماً في الأدب، ولكن عرف فضل أبي علي فمال إليه، واختص به، واستفاد منه، وأقر له، وقال: سألت أبا علي عن نسبه فقال: أنا إسماعيل بن القاسم بن عيذون، بن هارون بن عيسى بن محمد بن سلمان مولى محمد بن عبد الملك بن مروان، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 قال: وكان أحفظ أهل زمانه للغة، وأرواهم للشعر، وأعلمهم بعلل النحو على مذهب البصريين، وأكثرهم تدقيقاً في ذلك؛ قال: وسألته لما قيل له القالى؟ فقال: لما انحدرنا إلى بغداذ كنا في رفقة فيها أهل قالى قلا، وهي قرية من قرى مناز جرد، وكانوا يكرمون لمكانهم من الثغر، فلما دخلنا بغداذ، نسيت إليهم لكوني معهم، وثبت ذلك علي. قال لنا أبو محمد علي بن أحمد، وقد ذكر كتاب أبي علي المسمى بالنوادر في الأخبار والأشعار، فقال: وهذا الكتاب مبار للكتاب الكامل الذي جمعه أبو العباس المبرد، ولئن كان كتاب أبي العباس أكثر نحواً وخبراً، فإن كتاب أبي علي لأكثر لغة وشعراً؛ قال: ومن كتبه في اللغة البارع، كاد يحتوى على لغة العرب، وكتابه في المقصور والممدود والمهموز ولم يؤلف في بابه مثله؛ وكان الحكم المستنصر قبل ولايته الأمور وبعد أن صارت إليه، يبعثه على التأليف، وينشطه بواسع العطاء، ويشرح صدره بالإفراط في الإكرام؛ ومات أبو علي بقرطبة في أيام الحكم المستنصر بالله، في ربيع الآخر سنة ست وخمسين وثلاث مائة، وكان مولده سنة ثمانين ومائتين، وقيل سنة ثمان وثمانين. حكى ذلك غير واحد من شيوخنا، وأكثر من يحدث عنه بالمغرب، أو يحكى عنه يقول: أبو علي إسماعيل بن القاسم البغداذي، نسبوه إليها لطول مقامه بها، ووصوله إليهم منها. أخبرنا أبو محمد علي بن محمد، قال: أنا عبد الله بن ربيع التميمي، قال: نا أبو علي إسماعيل بن القاسم البغداذي، قال: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 حدثني أبو معاذ عبدان الخوبب المتطبب، قال: دخلنا يوماً بسر من رأى على عمرو بن بحر الجاحظ نعوده، وقد فلج، فلما أخذنا مجالسنا أتى رسول المتوكل إليه، فقال: وما يصنع أمير المؤمنين بشق مائل، ولعاب سائل؟ ثم أقبل علينا، فقال: ما تقولون في رجل له شقان؛ أحدهما لو غرز بالمسال ما أحس، والشق الآخر يمر به الذباب، فيغوث، وأكثر ما أشكوه الثمانون، ثم أنشدنا أبياتاً من قصيدة عوف ابن محلم الحرانى، قال أبو معاذ: وكان سبب هذه القصيدة أن عوفاً دخل على عبد الله بن طاهر، فسلم عليه عبد الله، فلم يسمع، فأعلم بذلك، فزعموا أنه ارتجل هذه القصيدة، فأنشده: يابن الذي دان له المشرقان ... طراً وقد دان له المغربان إن الثمانين وبلغتها ... قد أحوجت سمعى إلى ترجمان وبدلتنى بالشطاط انحنا ... وكنت كالصعدة تحت السنان وبدلتني من زماع الفتى ... وهمتى هم الجبان الهدان وقاربت منى خطاً لم تكن ... مقاربات وثنت من عنان وأنشأت بينى وبين الورى ... عنانة من غير نسج العنان ولم تدع في لمستمع ... إلا لسانى وبحسبى لسان أدعو به الله وأثنى به ... على الأمير المصعبي الهجان فقرباني بأبي أنتما ... من وطني قبل اصفرار البنان وقبل منعاى إلى نسوة ... أوطانها حران والرقتان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 إسماعيل بن موصل بن إسماعيل بن عبد الله بن سليمان بن داود بن نافع اليحصبى أبو مروان من أهل تطيلة، كذا قال أبو سعيد بن يونس، وهو بخط أبي عبد الله الصورى متقن في نسخته المسموعة من أبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن ابن أبي يزيد المصرى، عن أبي الفتح بن مسرور، عن ابن يونس؛ وفي نسخة أخرى من كتاب أبي سعيد بن يونس: إسماعيل بن سهل بن عبد الله بن إسماعيل اليحصبى أندلسى، يكنى أبا القاسم؛ ذكروه في أهل تطيلة، فلا أدرى أهو اختلاف في نسبه، أم هو غيره؟. من اسمه إسحاق إسحاق بن إبراهيم بن مسرة، من العلماء المذكورين، مات بمدينة طليطلة ليلة السبت لثمان بقين من رجب سنة اثنتين وخمسين وثلاث مائة. قاله أبو محمد علي بن أحمد. إسحاق بن إسماعيل المنادى، شاعر أديب؛ ذكره أبو عامر بن مسلمة، وذكر من أخباره أنه حضر مجلساً فيه طبقات من أهل الأدب، فدخل عليهم فتى جميل، يكنى بأبي الوليد وبيده تفاحة غضة، فتنافسوا فيها وكلهم يستهديها، فقال: لا أهديها إلا لمن استحقها بالتحلية لها، والنظم لمحاسنها، فقال المنادي: هاتها! فأنا زعيم بما أردته فيها، فأعطاه إياها، وأنشأ يقول بديهة: مجال العين في ورد الخدود ... يذكر طيب جنات الخلود وأطيب ما تمنى النفس إلف ... يحدد وصله بعد الصدود وآرجة من التفاح تزهى ... بطيب النشر والحسن الفريد أقول لها: فضحت المسك طيباً ... فقالت لي: بطيب أبي الوليد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 هكذا وقع هذا الإسم فيما قيدته بالأندلس في هذه الحكاية، وقد تقدم في باب إسماعيل: إسماعيل بن إسحاق المنادى، فلا أدري أهو والد هذا، أو ولده أو قد وقع الغلط في تبديل إسمه؛ والله أعلم، وأبو محمد موثوق بضبطه وإتقانه ومعرفته بالرجل وزمانه. إسحاق بن جابر قرطبي سمع من يحيى بن يحيى الليثى، مات بالأندلس سنة ثلاث وستين ومائتين. إسحاق بن ذنابا بالذال، وقيل بالزاي، محدث ولي القضاء بطليطلة، ومات بها سنة ثلاث وثلاث مائة. إسحاق بن سلمة بن إسحاق القينى إخباري عالم، له كتاب يشتمل على أجزاء كثيرة في أخبار رية من بلاد الأندلسن وحصونها، وولاتها، وحروبها، وفقهائها، وشعرائها؛ ذكره أبو محمد على بن أحمد. إسحاق بن عبد الرحمن أبو عبد الحميد، محدث مذكور في أهل سرقسطة، مات قريباً من سنة عشرين وثلاث مائة. إسحاق بن يحيى بن يحيى بن كثير الليثى أبو يعقوب أخو، عبيد الله، محدث قرطبى، يروى عن أبيه؛ مات بالأندلس سنة إحدى وستين ومائتين. من اسمه إدريس إدريس بن الهيثم، رئيس أديب شاعر، ذكره أحمد بن فرح، وأنه أنشد أبياتاً أولها: ألا إنما أنسى إذا ما نأيتم ... بأقرب من لاقيته بكم عهداً فقال بهدية: إذا خلصت ريح إلي وقد أتت ... على أرضكم ألقت على كبدى بردا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 ويوحشنى قرب الجميع وإننى ... لتأنس نفسى إن ذكرتكم فردا وما كان قلبي إذ تبديت زيبقاً ... فينبو الهوى عنه ولا حجراً صلدا فقدتك فقداني لنفسي فلو أتى ... عليها حمام ما وجدت لها فقدا إدريس بن اليمان أبو علي شاعر جليل عالم، ينتجع الملوك فينفق عليهم، ذكره أبو عامر بن شهيد فنسبه إلى بلده فقال: اليابسى، وينسبه آخرون، فيقولون: الشبينى بالباء المعجمة لأن الغالب على بلده شجرة الشبين وهي شجرة الصنوبر، وقد أدركت زمانه ولم أره؛ ومما يستحسن له في صفة الدرق: إلى موقحة الأبشار من درق ... يكاد منها صفا الفولاذ ينفطر مؤنثات ولكن كلما قرعت ... تأنث الرمح والصمصامة الذكر وأنشدني عنه أبو عثمان خلف بن هارون القطينى من قصيدة طويلة يمدح بها إقبال الدولة على بن مجاهد العامري: ثقلت زجاجات أتتنا فرغا ... حتى إذا مليئت بصرف الراح خفت فكادت تستطير بما حوت ... إن الجسوم تخف بالأرواح وأنشدني غيره له يعيب إنساناً: نوالك من مخ رأس الظليم ... وعقلك من ذنب الثعلب وحظك من كل معنى بديع ... كحظ النميري من زينب واستحسن له أبو عامر بن شهيد في التشبيه قوله: فكأن كل كمامة من حولهم ... خلب وكل شقيقة نامور وشعره كثير مجموع، ولم يكن بعد ابن دراج من يجرى عندهم مجراه. من اسمه أيوب أيوب بن سليمان بن صالح بن هاشم وقيل هشام بن عريب بن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 عبد الجبار ابن محمد بن أيوب بن سليمان بن صالح بن السمح المعافري، أبو صالح أندلسى محدث؛ روى عن أبي زيد عبد الرحمن بن إبراهيم بن عيسى المعاوى، روى عنه أحمد بن مطرف ابن عبد الرحمن الأندلسى؛ مات بها سنة إحدى وثلاث مائة. أيوب بن أخت موسى بن نصير، كان بالأندلس في سنة سبع وتسعين، لما قتل عبد العزيز بن موسى بن نصير أميرها، فاجتمعت وجوه القبائل على تقديم أيوب بعده أميراً، ومانعاً من الانتثار. ذكره عبد الرحمن بن عبد الحكم في تاريخه. أيوب بن سليمان بن نصر بن منصور بن كامل المرى مرة غطفان، محدث أندلسى، روى عن أبيه وعن بقي بن مخلد، مات بالأندلس سنة عشرين وثلاث مائة. وقد ذكره عبد الغني بن سعيد الحافظ في كتاب التلخيص لما اتفق في اللفظ والخط من الأسماء مع الذي ذكرنا قبله في أول الباب إلا أنه يمد في نسبهما. من اسمه أبان أبان بن دينار يروى عن يحيى بن إبراهيم بن مزين، روى عنه يحيى ابن سليمان بن هلال بن قطرة. أبان بن عيسى بن دينار بن واقد الغافقى من الفقهاء الصالحين، يروى عن أبيه، أندلسى مات بها سنة اثنين وستين ومائتين. روى عنه محمد بن وضاح، ومحمد ابن عمر بن لبابة. أخبرنا أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الفقيه، قال: حدثنا عبد الرحمن ابن سلمة الكناني، قال: أخبرني أحمد بن خليل، قال: حدثنا خالد بن سعد، قال: أخبرني محمد بن عمر بن لبابة، قال: أخبرنا أبان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 بن عيسى بن دينار، وقد سمعت محمد ابن عمر غير مرة يقول: لم أنظر قط إلى وجه أبان إلا ذكرت الموت؛ ورفع به حداً عن أبيه عيسى بن دينار، عن ابن القاسم، عن مالك، عن ابن شهاب، قال: دعو السنة تمضى لا تعرضوا لها بالرأي. من اسمه أسد أسد بن الحارث أندلسي مولى خولان، رحل وسمع من أصبغ بن الفرج، ويحيى بن بكير. قديم ذكره محمد بن حارث الخشنى. أسد بن عبد الرحمن السبأى أندلسي، روى عن أبي مسلم مكحول ابن سهراب الدمشقي مولى هذيل، وعن عبد الرحمن بن عمر والأوزاعي، ولى قضاء كورة إلبيرة في إمارة عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك، وكان حياً بعد سنة خمسين ومائة. قاله الخشنى أيضاً. من اسمه أسلم أسلم بن أحمد بن سعيد بن القاضي أسلم بن عبد العزيز بن هاشم أبو الحسن؛ له أدب وشعر، من أهل بيت علم وجلالة، وله كتاب معروف في أغاني زرياب، وكان زرياب عند الملوك بالأندلس كالموصلي وغيره من المشهورين، برز في صناعته، وتقدم فيها، ونفق بها؛ وله طرائق تنسب إليه؛ وأسلم هذا هو الذي ذكرنا قصته مع أحمد بن كليب. أسلم بن عبد العزيز بن هاشم، بن عبد الله بن الحسن بن الجعد بن أسلم ابن الجعد، بن عمرو مولى عمرو بن عثمان؛ وقيل: هو أسلم بن عبد العزيز بن هاشم ابن خالد بن عبد الله بن خالد بن عبد الله بن حسن بن الجعد بن أسلم بن أبان بن عمرو مولى عمرو بن عثمان بن عفان، وهذا أصح والله أعلم؛ يكنى أبا الجعد، ولى قضاء الجماعة بالأندلس لعبد الرحمن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 الناصر، وكانت له رحلة، روى فيها عن أبي موسى يونس ابن عبد الأعلى بن موسى بن ميسرة بن حفص بن حيان الصدفى، وأبي إبراهيم إسماعيل بن عمرو المزني، وأبي محمد الربيع بن سليمان بن عبد الجبار ابن كامل المرادى المؤذن صاحبي الشافعي، وسمع محمد بن عبد الله بن عبد الحكم وغيره، وله سماع بالأندلس من بقي بن مخلد، ومحمد بن عبد السلام الخشني، وقاسم ابن محمد ونحوهم، وكان جليلاً من القضاة، ثقة من الرواة، يميل إلى مذهب الشافعي رحمه الله عليه، مات في يوم السبت، وقيل يوم الأربعاء لسبع بقين من رجب سنة تسع عشرة وثلاث مائة، وهو أخو أبي خالد هاشم بن عبد العزيز بن هاشم، روى عنه جماعة منهم خالد بن سعد. أخبرنا أبو محمد الحافظ، قال: حدثنا عبد الرحمن الكناني، قال: أخبرنا أحمد ابن خليل، قال: نا خالد بن سعد، قال: قال لي أسلم بن عبد العزيز بن هاشم القاضي، وأحمد بن خالد، ومحمد بن قاسم بن محمد: رأينا بقي بن مخلد، ومحمد ابن عبد السلام الخشنى، وقاسم بن محمد، يرفعون أيديهم في الصلاة عند كل خفض ورفع؛ وقال لي أسلم: رأيت المزني والربيع بن سليمان يرفعان أيديهما عند كل خفض ورفع في الصلاة. من اسمه أصبغ أصبغ بن الخليل أندلسى روى عن الغاز بن القيس، ويحيى بن مضر، ويحيى الليثى، مات بها سنة ثلاث وسبعين ومائتين. أصبع بن راشد بن أصبغ اللخمى، أبو القاسم من أهل إشبيلية، ففيه محدث رحل إلى القيروان، فتفقه على أبي محمد عبد الله بن أبي زيد عبد الرحمن النفزي، وأبي الحسن على بن محمد بن خلف القابسي، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 وسمع منهما، ومن غيرهما، هنالك، وبالحجاز سمعنا منه، وأخبرنا بالرسالة والمختصر لابن أبي زيد عنه، وهو أول من سمعت منه سنة خمس وعشرين أو نحوها، مات هنالك قريباً من الأربعين وأربع مائة. أصبغ بن سيد، أبو الحسن شاعر أديب من أهل إشبيلية، رأيته قبل الخميسن وأربع مائة، ومات قريباً من ذلك؛ ومن شعره في صفة القلم: مزل ينم إلى العيون إذا بكا ... بسرائر الأفكار والاطراق بغريب نطق لم يبنه منطق ... وقطار دمع لم تسله مآق نضو إذا سحت دموع شباته ... ضحكت ثغور الصحف والأوراق يهدى الحياة هنية ولربما ... وضع السيوف مواضع الأطواق أفراد الاسماء: أبيض بن مهاجر العاملى الريي من أهل ريةن مشهور، كان على أحسن طريقة وأجمل مذهب، ذكره محمد بن حارث الخشنى الأندلسى في تاريخه. أسامة بن صخر بن عبد الرحمن بن عبد الملك بن عيسى بن حبيب الحجرى سرقسطى محدث، رحل في طلب العلم وغيره، وكانت وفاته بالأندلس سنة ست وسبعين ومائتين. أغلب بن شعيب الجياني، شاعر مقدم، سكن قرطبة، وكان من شعراء عبد الرحمن الناصر، ومن بعده، ذكره أبو محمد على بن أحمد من الشعراء المتقدمين؛ ومن شعره: رب يوم قصدتفيه إلى اللهو ... وحولى جماعة شطار فنزلنا على بساط من النو ... ر أنيق لم تغن فيه التجار روضة كالسماء لوناً لرا ... ئيها ولكن نجومها نوار الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 تزرع اللحظ في زروع وماء ... وعروش كأنها الأبكار فكأن الرياض إذ نحن فيها ... جنة الخلد حلها الابرار أمية بن غالب الموروى أبو العاص، أديب شاعر مشهور في الدولة العامرية، ومن شعره يعارض أبا عمر بن يوسف بن هارون في قوله: غداً يرحلون فيا يوم رس ... لك كن بالظلام بطىء اللحاق ويا دمع عينى سد الطريق ... وأفرغ عليهم نجيع المآق ويا نفسى جئهم من أمام ... وقابلهم بنسيم احتراق وياهم نفسى بهم كن ظلا ... ماً وقيدهم عن نوى وانطلاق ويا ليل من بعد ذا إن ظفر ... ت بالصبح فاقذف به في وثاق سيدرون كيف يبينون عن ... ى إلا على جهة الاستراق فعارضه المورورى فقال: أعدوا غداً لبكور الفراق ... ولم يعلموا ذا هوى بانطلاق فنم الرغاء بإعدادهم ... وجمع الركاب دليل افتراق أسروا نوى البين في ليلهم ... فأظهره الصبح قبل انفلاق ويوم الفراق على قبحه ... يذكر ذا الشوق حسن التلاق سأقطع عنهم سلوك السبي ... ل وأكشف للبين عن شر ساق وأجعل دون النوى عرضة ... تكون حديثاً لأهل العراق برعد زفيرى، وبرق احتراقى ... وليل يداجى غيوم اشتياق فتنطبق الأرض من سيلها ... على طبق الأرض أي انطباق فلا يستطيعون من وجهة ... بغير استراق ولا باستراق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 ويبقى الحبيب على صونه ... وآمن منهم عذاب الفراق الأسعد بن بليطة القرطبى، شاعر مذكور، أنشدنى الشريف أبو بكر أحمد بن سليمان المروانى، قال: أنشدنى الأسعد لنفسه: لو كنت شاهدنا عشية أمسنا ... والمزن تبكينا بعينيى مذنب والشمس قد مدت أديم شعاعها ... في الأرض تجنح غير أن لم تغرب خلت الرذاذ به برادة فضة ... قد غربلت من فوق نطع مذهب وله في سمج بين مليحين: أما تر الدهر لما قد أتى ... من حسن هذين وهذا السمج كدرتى عقد على ثغرة ... بينهما واسطة من سبج وأنشدني له عنه: أأبيت منك بحسرة وتشوق ... وتبيت خلو القلب عن متعشق وتلذ تعذيبى كأنك خلتنى ... عوداً فليس يطيب ما لم يحرق كان الأسعد حياً قبل الأربعين وأربع مائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 باب الباء من اسمه بقى بقى به مخلد أبو عبد الرحمن من حفاظ المحدثين، وأئمة الدين، والزهاد الصالحين، رحل إلى المشرق فروى عن الأئمة وأعلام السنة؛ منهم الإمام أبو عبد الله أحمد بن حنبل، وأبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة، وأحمد بن إبراهيم الدورقى، وجماعة أعلام يزيدون على المائتين، وكتب المصنفات الكبار، والمنثور الكثير، وبالغ في الجمع والرواية، ورجع إلى الأندلس فملأها علما جماً، وألف كتباً حساناً تدل على احتفاله واستكثاره. قال لنا أبو محمد على بن أحمد: فمن مصنفات أبي عبد الرحمن بقى بن مخلد: كتابه في تفسير القرآن، فهو الكتاب الذي أقطع قطعاً لا أستثنى فيه أنه لم يؤلف في الإسلام مثله، ولا تفسير محمد بن جرير الطبرى، ولا غيره؛ ومنها في الحديث مصنفة الكبير الذي رتبه على أسماء الصحابة رضي الله عنهم، فروى فيه عن ألف وثلاث مائة صاحب، ونيف، ثم رتب حديث كل صاحب على أسماء الفقه وأبواب الأحكام، فهو مصنف ومسند، وما أعلم هذه الرتبة لأحد قبله، مع ثقته، وضبطه، وإتقانه، واحتفاله فيه في الحديث، وجودة شيوخه، فإنه روى عن مائتى رجل وأربعة وثمانين رجلاً ليس فيهم عشرة ضعفاء، وسائرهم أعلام مشاهر. ومنها مصنفه في فتاوى الصحابة والتابعين ومن دونهم الذي أربى فيه على مصنف أبي بكر بن أبي شيبة، ومصنف عبد الرازق بن همام، ومصنف سعيد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 بن منصور، وغيرها؛ وانتظم علماً عظيما لم يقع في شيء من هذه؛ فصارت تواليف هذا الإمام الفاضل قواعد للإسلام لا نظير لها، وكان متخيراً لا يقلد أحداً، وكان ذا خاصة من أحمد بن حنبل، وجارياً في مضمار أبي عبد الله البخارى، وأبي الحسين مسلم ابن الحجاج النيسابوري، وأبي عبد الرحمن النسائى رحمة الله عليهم. هذا آخر كلام أبي محمد. قال أبو سعيد بن يونس في تاريخه: إن بقى بن مخلد مات بالأندلس سنة ست وسبعين ومائتين. وقال أبو الحسن الدارقطني في المختلف: إنه مات سنة ثلاث وسبعين، وقد تقدم في اسم محمد بن سعيد بالإسناد الذي لا شك في صحته، أن الأمير عبد الله بن محمد شاور الفقهاء، وفيهم بقى بن مخلد في قتل الزنديق فصح كونه حياً في أيام عبد الله. وكانت ولايته في سنة خمس وسبعين، وتمادت إلى الثلاث مائة؛ هكذا أخبرنا أبو محمد فيما جمعه من ذكر أوقات الأمراء وأيامهم بالأندلس. وهذا شاهد لصحة قول أبي سعيد والله أعلم. روى عن بقى بن مخلد جماعة: منهم أسلم بن عبد العزيز بن هاشم القاضي، وأحمد بن خالد بن يزيد، ومحمد بن قاسم بن محمد، والحسن بن سعيد بن إدريس بن رزين البربي الكتامي من أهل المغرب، وعلي بن عبد القادر بن أبي شيبة الأندلسي، وعبد الله بن يونس المرادي، وكان مختصاً به مكثراً عنه، وعنه انتشرت كتبه الكبار، ولعله آخر من حدث عنه من أصحابه. ؟ أخبرنا أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري النيسابوري في إجازة وصلت إلينا منه، وقرأته بخط أبي بكر أحمد بن علي الحافظ، فيما حدث به عنه، قال: سمعت حمزة بن يوسف السهمى يقول: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 سمعت أبا الفتح نصر بن أحمد بن عبد الملك يقول: سمعت عبد الرحمن بن أحمد يقول: سمعت أبي يقول: جاءت امرأة إلى بقى بن مخلد، فقالت: إن ابنى قد أسره الروم، ولا أقدر على مال أكثر من دويرة، ولا أقدر على بيعها، فلو أشرت إلى من يفديه بشى، فإنه ليس لي ليل ولا نهار ولا نوم ولا قرار، فقال: نعم. انصرفى حتى أنظر في أمره إن شاء الله، قال: وأطرق الشيخ وحرك شفتيه، قال: فليثنا مدة، فجاءت المرأة ومعها ابنها فأخذت تدعو له وتقول: قد رجع سالماً، وله حديث يحدثك به، فقال الشاب: كنت في يدي بعض ملوك الروم مع جماعة من الأسارى، وكان له إنسان يستخدمنا كل يوم؛ يخرجنا إلى الصحراء للخدمة، ثم يردنا وعلينا قيودنا، فبينا نحن نجئ من العمل مع صاحبه الذي كان يحفظنا، فانفتح القيد من رجلي، ووقع على الأرض، ووصف اليوم والساعة، فوافق الوقت الذي جاءت المرأة ودعا الشيخ، فنهض إلي الذي كان يحفظني وصاح علي وقال: كسرت القيد! فقلت: لا. إلا أنه سقط من رجلي، قال: فتحير وأخبر صاحبه، وأحضر الحداد وقيدوني، فلما مشيت خطوات سقط القيد من رجلي، فتحيروا في أمري، فدعوا رهبانهم فقالوا لي: ألك والدة؟ قلت نعم! فقالوا: وافق دعاؤها الإجابة وقالوا: أطلقك الله فلا يمكننا تقيدك، فزودونى وأصحبوني إلى ناحية المسلمين. بقى بن العاص محدث أندلسى، مات بها سنة أربع وعشرين وثلاث مائة. من اسمه بكر بكر بن سوادة بن ثمامة الجذامى أبو ثمامة، كان فقيها من التابعين، روى من الصحابة عن سهل بن سعد الساعدي، وأبي ثور الفهمى، وسفيان بن وهب الخولانى، وروى من التابعين عن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 سعيد بن المسيب، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، ومحمد بن شهاب الزهري، وغيرهم؛ قيل: إنه غرق في مجاز الأندلس سنة ثمان وعشرين ومائة، وقيل: إنه مات بإفريقية في أيام هشام بن عبد الملك. فالله أعلم. بكر بن داود، إلبيري محدث، ذكره ابو سعيد بن يونس. بكر الأعمى أديب شاعر ذكره أحمد بن هشام المرواني، ولم ينسبه، وقال: إن من شعره في ابن أرقم المؤدب: قلب الزمان فجاء بالمقلوب ... وتظاهرت آيات كل عجيب لا تيأسن من الوزارة بعدها ... نال ابن أرقم خطة التأديب أفراد الأسماء بلج بن بشر القيسى، شجاع فارس، كان والياً على طنجة وما والاها، فتكاثرت عليه عساكر خوارج البربر هناك، فولى منهزماً إلى الأندلس في جماعة من أصحابه، فلما وصل إليها ادعى ولايتها، وشهد له بعض المنهزمين معه، وكان الأمير حينئذ بالأندلس عبد الملك بن قطن، فوقع من ذلك اختلاف وفتنة إلى أن ظفر بلج بعبد الملك فسجنه، ثم قتله، ومات بعده بشهر أو نحوه، في سنة خمس وعشرين ومائة، ويقال: إنه قتل هناك. ذكره عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم. بحير بن عبد الرحمن بن بحير بن ريسان بن اليثوب بن سعدان بن عمرو بن فهر بن شمر بن حسان بن يريم بن يحمد بن يغدد بن ينوف بن لهيعة بن شرحبيل ذي الكلاع بن معدى كرب بن يزيد بن تبع بن حسان بن أسعد أبي كرب وهو تبع الأكبر، كلاعى دخل الأندلس، وقتل بها وله أخبار، وقد حكى عنه؛ وجده بحير بن ريسان ممن قدم مصر في أيام معاوية الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 بن أبي سفيان، وغزا المغرب، ورجع إلى مصر فسكنها. ذكره أبو سعيد بن يونس. بشر بن جنادة، أبو عبد الله محدث، سمع من سحنون بن سعيد، سكن الأندلس وأصله من البربر، ومات بها في أيام الأمير عبد الله بن محمد. بجيج بن خداش أندلسى، قاله أبو القاسم يحيى بن علي بن إبراهيم الحضرمي، فيما أخبرني به عنه أبو اسحاق إبراهيم بن سعيد بن عبد الله الحبال المصري، وذكره أبو بكر أحمد بن علي الخطيب، فقال: هو من أهل المغرب، وقال: هو بجيج بالباء المعجمة بواحدة بين الجيمين، وحكاه عن الصوري أبي عبد الله عن الحضرمي؛ قال: وهو من أهل توزر، ثم انتقل عنها إلى مدينة بنفزوة من أعمال القيروان، ومات بها سنة ست وتسعين ومائتين كنيته أبو سعيد. روى عن محمد بن سحنون. روى عنه أبو العرب محمد بن أحمد بن محمد بن تميم التميمي الأغلبي من بني الأغلب أمراء إفريقية من أنفسهم، وإنما ذكرناه لقول الحضرمي فيه أندلسي في هذه الرواية عنه، ولعله وهم منه. والله أعلم. البراء بن عبد الملك الباجي أبو عمر والوزير، من أهل الأدب والفضل؛ أخبرنا عنه أبو محمج علي بن أحمد. بشار الأعمى، ذهب عنى نسبه، كان نحوياً أستاذاً في العربية، شيخاً من شيوخ الأدب، وكان في ناحية الموفق مجاهد بن عبد الله العامري، ومنقطعاً إليه، وله مع أبي العلاء صاعد بن الحسن اللغوي نادرة مذكورة: أخبرنا بها أبو محمد عبد الله بن عثمان الفقيه، قال: لما ورد أبو العلاء دانية الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 وافداً على الأمير الموفق، وكان يوصف بسرعة الجواب فيما يسأل عنه، ويتهم فيما يجاوب به قال بشار للموفق: أيها الأمير! أتريد أن أفضح أبا العلاء بحضرتك في حرف من الغريب لم يسمع قط؟ فقال له الموفق: الرأى لك أن لا تتعرض له، فإنه سريع الجواب، وربما أتى بما تكره، فأبى إلا أن يفعل، فلما اجتمعوا عنده، واحتفل المجلس قال بشار: أبا العلاء! قال: لبيك! قال: حرف من الغريب، قال: قل، قال: ماالجر نفل في كلام العرب؟ قال: ففطن له أبو العلاء، فأطرق، ثم أسرع فقال: هو الذي يفعل بنساء العميان، لا يكنى، ولا يكون الجر نفل جرنفلاً حتى لا يتعداهن إلى غيرهن؛ قال: فخجل بشار وانكسر، وضحك من كان حاضراً وتعجب، وقال له الموفق: قد خشيت عليك مثل هذا، أو كما قال. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 باب التاء من اسمه تمام تمام بن غالب المعروف بابن التياني أبو غاب المرسي، كان إماماً في اللغة، ثقة في إيرادها، مذكورا بالديانة والعفة والورع، وله كتاب مشهور جمعه في اللغة لم يؤلف مثله اختصاراً وإكثاراً؛ وله فيه قصة تدل على فضله مضافاً إلى علمه. أخبرنا أبو محمد علي بن أحمد، قال: حدثني أبو عبد الله محمد بن عبد الله المعروف بابن الفرضى: أن الأمير أبا الجيش مجاهد بن عبد الله العامري، وجه إلى أبي غالب في أيام غلبته على مرسيه، وأبو غالب ساكن بها ألف دينار أندلسية، على أن يزيد في ترجمة هذا الكتاب: مما ألفه تمام بن غالب لأبي الجيش مجاهد، فرد الدنانير، وأبى من ذلك، ولم يفتح في هذا باباً البتة، وقال: والله لو بذلت لي الدنيا على ذلك ما فعلت ولا استجزت الكذب، فإتى لم أجمعه له خاصة، لكن لكل طالب عامة. فاعجب لهمة هذا الرئيس وعلوها، واعجب لنفس هذا العالم ونزاهتها. تمام بن موهب القبري من أهل قبرة، ذكره محمد بن حارث الخشني. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 باب الثاء من اسمه ثابت ثابت بن محمد بن الجرجاني العدوى أبو الفتوح، قدم الأندلس سنة ست وأربع مائة، وكان مع الموفق أبي الجيش في غزوته سردانية، ثم رجع وجال في أقطار الأندلس، وبلغ إلى ثغورها ولقى ملوكها، وكان إماماً في العربية متمكناً في علم الأدب، مذكوراً بالتقدم في علم المنطق، دخل بغداذ وأقام فيها في الطلب، وأملى بالأندلس في شرح كتاب الجمل لأبي القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجى، رأيت شيئاً منه. أخبرني أبو محمد علي بن أحمد، قال: أخبرني أبو عمرو البراء بن عبد الملك الباجي قال: لما ورد أبو الفتوح الجرجاني الأندلس كان أول من لقى من ملوكها الأمير الموفق أبو الجيش مجاهد العامري فأكرمه، وبالغ في بره، فسأله يوماً عن رفيق له من هذا معك؟ فقال: رفيقان شتى ألف الدهر بيننا ... وقد يلتقى الشتى فيأتلفان قال أبو محمد: ثم لقيت بعد ذلك أبا الفتح فأخبرني عن بعض شيوخه أن ابن الأعرابي رأى في مجلسه رجلين يتحدثان فقال لأحدهما: من أين أنت؟ فقال: من اسبيجاب، وقال للآخر من أين أنت؟ قال: من الأندلس؛ فعجب ابن الأعرابي وأنشد البيت المتقدم؛ ثم أنشدني تمامها: نزلنا على قيسية يمنية ... لها نسب في الصالحين هجان فقالت وأرخت جانب الستر دوننا ... لأية أرض أم من الرجلان فقلت لها: أما رفيقي فقومه ... تميم وأما أسرتي فيمان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 رفيقان شتى ألف الدهر بيننا ... وقد يلتقى الشتى فيأتلفان وأخبرني عنه أبو محمد علي بن أحمد، قال: أخبرني علي بن حمزة ضيف المتنبي، قال، وعنده نزل المتنبي ببغداذ، أن القصيدة التي أولها: هذي برزت لنا فهجت رسيسا قالها في محمد بن زريق الناظر في زوامل ابن الزيات صاحب طرسوس وأنه وصله عليها بعشرة دراهم فقيل له: إن شعره حسن فقال ما أدري أحسن هو أم قبيح؟ ولكن أزيده لقولكم عشرة دراهم، فكانت صلته عليها عشرين درهماً. ثابت بن حزم بن عبد الرحمن بن مطرف بن سليمان بن يحيى العوفى من غطفان، أبو القاسم محدث سرقسطى، ولى القضاء بها، وله رحلة، وطلب. مات بالأندلس سنة أربع عشرة وثلاث مائة. ثابت بن نذير، وقيل نذير بفتح النون، أندلسي محدث، مات بها سنة ثمان عشرة وثلاث مائة. ثابت بن قاسم بن ثابت السرقسطى محدث عالم، روى كتاب غريب الحديث الذي لأبيه عنه، ورأيت من ينسب الكتاب إلى ثابت، ولعله من أجل روايته إياه، وزياداته فيه نسبه إليه، وإلا فالكتاب من تأليف قاسم ابن ثابت أبيه، هكذا قال لنا أبو محمد علي بن أحمد وغيره، روى عن ثابت العباس ابن عمر الصقلي. اسم مفرد ثعلبة بن سلامة الجذامى، كان من أمراء العساكر التي لقيت خوارج البرب بنواحي طنجة، فانهزم إلى الأندلس مع بلج بن بشر وجماعة من أهل الشام، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 وأثاروا الفتن فيها حتى قتل عبد الملك بن قطن الأمير بالأندلس، وزاد الاضطراب إلى أن ورد أبو الخطار حسام بن ضرار الكلبي والياً من قبل حنظلة بن أبي صفوان أمير إفريقية، فجمع الكلمة، واستظهر على من أثار الفتنة، ففرق جموعهم، وأخرج ثعلبة بن سلامة ومن معه في سفينة إلى إفريقية. ذكره عبد الرحمن بن عبد الله ابن عبد الحكم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 باب الجيم من اسمه جعفر جعفر بن محمد بن الربيع المعافري أبو القاسم، أندلسي، روى عن أبي محمد عبد الله بن إسماعيل بن حرب الأندلسي الحافظ، حدث في الغربة، روى عنه أبو العباس أحمد بن محمد بن زكريا النسوى، وقع لنا حديثه في اجتماع مالك مع سفيان بن عيينة. جعفر بن أبي علي إسماعيل بن القاسم القالى، أديب شاعر، رأيت من شعره في المنصور أبي عامر محمد بن أبي عامر، من كلمة طويلة: وكتيبة للشيب جاءت تبتغى ... قتل الشباب ففر كالمذعور فكأن هذا جيش كل مثلث ... وكأن تلك كتيبة المنصور جعفر بن يوسف الكاتب، روى عن أبي العلاء صاهد بن الحسن اللغوي، وغيره أخباراً وأشعاراً. حدثنا عنه أبو محمد علي بن أحمد. جعفر بن يحيى بن إبراهيم بن مزين مولى رملة بنت عثمان بن عفان، أندلسى، روى عن أبيه، وعن محمد بن وضاح، وغيرهما؛ وكان فقيهاً متقدماً. مات بالأندلس سنة إحدى وتسعين ومائتين. جعفر بن عثمان أبو الحسن الوزير الحاجب المعروف بابن المصحفى، كان من أهل العلم والأدب البارع، وله شعر كثير رائع، يدل على طبعه وسعة أدبه؛ وكان الوزير الناظر في الأمور قبل المنصور أبي عامر محمد بن أبي عامر، ثم قوى المنصور بصبح وتعويلها عليه، وتغلب فنكب جعفرا، ومات في تلك النكبة. أنشدني له أبو محمد علي بن أحمد: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 يا ذا الذي أودعني سره ... لا ترج أن تسمعه منى لم أجره بعدك في خاطري ... كأنه ما مر في أذنى وله: أجاري الزمان على حاله ... مجاراة نفسي لأنفاسها إذا نفس صاعد شفها ... توارت به دون جلاسها وإن عكفت نكبة للزما ... ن عكفت بصدري على رأسها من اسمه جابر جابر بن أبي إدريس الباهلي، أبو القاسم، فقيه أندلسي، مات بمصر يوم الاثنين ليوم بقي من شهر رمضان سنة ثمان وستين ومائتين. جابر بن زياد من أهل طليطلة؛ مات قريباً من سنة ثلاث مائة. جابر بن سفيان بن أبي إدريس الباهلي، أندلسي، وهو ابن أخي جابر ابن أبي إدريس، وكان شاهداً. جابر بن فتحون، محدث أندلسي، يروى عن يحيى بن إبراهيم، بن مزين مات بالأندلس سنة ثمان وثلاث مائة. من اسمه جهور جهور بن محمد جهور بن عبيد الله بن محمد بن أبي الغمر ابن يحيى بن عبد الغافر بن أبي عبدة، أبو الحزم الوزير، وهو الذي صار إليه تدبير أمر قرطبة بعد خلع هشام بن محمد المعتد بالله، وكان موصوفاً بالفضل، متقدماً في الدهاء والعقل، وقد ذكرناه وذكرنا سيرته، لما صار إليه التديير في الجزء الأول عند ذكرنا هشام بن محمد المعتد بالله. جهور بن محمد أبو محمد التجيبى المعروف بابن الفلو، رئيس شاعر كثير كثير القول، أديب وافر الأدب. فقد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 شاهدته بالمرية وكتبت من شعره، ومنه: قلت يوماً لدار قوم تفانوا ... أين سكانك الكرام علينا؟ فأجابت: هنا أقاموا قليلاً ... ثم ساروا ولست أعلم أينا وله في الرئيس أبي رافع، الفضل بن علي بن حزم في أول مجلس لقيه فيه بديهة: رأيت ابن حزم ولم ألقه ... فلما التقيت به لم أره لأن سنا وجهه مانع ... عيون البرية أن تبصره جهور بن أبي عبدة أبو الحزم الوزير، ذكره أحمد بن فرج، وأورد له أبياتاً في تفضيل الورد منها: الورد أحسن ما رأت عين وأز ... كى ما سقى ماء السحاب الجائد خضعت نواوير الرياض لحسنه ... فتذللت تنقاد وهي شوارد وإذا تبدي الورد في أغصانه ... ذلوا فذا ميت وهذا جاحد وإذا أتى وفد الربيع مبشراً ... بطلوع صفحته فنعم الوافد ليس المبشر كالمبشر باسمه ... خبر عليه من النبوة شاهد وإذا تعرى الورد من أوراقه ... بقيت عوارفه فهن خوالد أفراد الأسماء جعونة بن الصمة أبو الأجرب الكلابي من قدماء شعراء الأندلس، ذكره أبو محمد على بن أحمد فقال: وإذا ذكرنا أبا الأجرب جعونة بن الصمة لم نبار به إلا جريراً والفرزدق لكونه في عصرهما، ولو أنصف لا شتشهد بشعره، فهو جار على أوائل مذاهب العرب، لا على طريق المحدثين. هذا آخر كلامه فيه؛ ومما وقع إلي من شعره: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 ولقد أرانى من هواى بمنزل ... عال ورأسى ذو غدائر أفرع والعيش أغيد ساقط أفنانه ... والماء أطيبه لنا والمرتع جزي بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم، يروى عن أخيه زبان ابن عبد العزيز، وعن ربيعة بن أبي عبد الرحمن؛ روى عنه موسى بن علي بن رباح، ومعاوية بن صالح الحمصى قاضي الأندلس، هرب جزي إلى الأندلس من بني العباس، وبها مات، وكان قد حضر الوقعة مع مروان بن محمد ليلة بوصير في ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين ومائة. فسلم وهرب مع من هرب، ويقال: إن الذي حضر الوقعة وسلم هو جزي بن زبان بن عبد العزيز. قال أبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد بن يونس بن عبد الأعلى: وهذا عندي أصح، والله أعلم. الجعد بن أسلم بن عبد العزيز بن هاشم، أندلسي مذكور. جحاف بن يمن قاضي بلنسية، محدث استشهد بالأندلس في غزوة الروم سنة سبع وعشرين وثلاث مائة، وله هناك عقب يتداولون القضاء إلى الآن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 باب الحاء من اسمه الحسن الحسن بن حسان أبو علي المعروف بالسناط، شاعر مشهور مقدم مكثر، كان في أيام عبد الرحمن الناصر، ورأيت من مدائحه في أبي عثمان سعيد بن المنذر قصيدة أولها: عزالية العينين وردية الخد ... كثيبية الردفين غصنية القد ثنت بتثنيها التقي عن التقى ... وحد تصديها الرشيد عن الرشد لها ناظر يعدو على القلب لحظه ... وخد على لحظ النواظر يستعدى تزاني عيون الناظرين إذا رنت ... بعين لها تزنى وتعفى عن الحد الحسن بن جعفر أبو علي أندلسي، حدث في الغربة عن أبي عبد الله الحسين بن عبد الله المفلحى لقيه بالأهواز، حدث عنه بنيسابور أبو بكر أحمد بن منصور ابن خلف بن أحمد المغربي نزيل نيسابور. الحسن بن خضرون أبو علي، أديب شاهدته أيام الشبيبة، وأنشدني: وما زالت الأيام تلحظني شزراً ... وتركب بي في سيرها الصعب والوعرا وقد كان يومى عندكم بعض ساعة ... فأصبح يومى عند فقدكم شهرا وقد قلت لما هيج الشوق ذكركم ... وأضرم منى في جوانحي الحمرا كما قال غيلان لفقدان مية ... وقد أصبحت منها الديار معاً فقرا وليس بطوع كان منى فراقكم ... ولكن ريب الدهر أخرجني قسرا الحسن بن شرحبيل محدث الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 من أهل بطليوس، مات في أيام الأمير عبد الله بن محمد بالأندلس. الحسن بن عبد الله بن مذحج بن محمد بن عبد الله بن بشير بن أبي ضمرة ابن ربيعة بن مذحج الزبيدي، سمع بالأندلس من عبد الله بن يحيى الليثي، ومن غيره، ورحل، وسمع، وكانت وفاته بالأندلس قريباً من سنة عشرين وثلاث مائة. وقد سمعت من يقول: إنه والد أبي بكر محمد بن الحسن النحوي مؤلف كتاب الواضح ويشبه أن يكون ذلك والله أعلم. الحسن بن عثمان بن إبراهيم بن مزين، قرطبي محدث، مات بها قبل الثمانين ومائتين. من اسمه الحسين الحسين بن محمد الكاتب أبو الوليد، يعرف بابن الفراء شيخ من شيوخ أهل الأدب، رأيته في مجلس أبي محمد على بن أحمد مرارا، وقد أنشدنا عن أبي عمر بن دراج، وأبي عامر بن شهيد، ومن قبلهما، وغاب عني خبره بعد الأربعين وأربعمائة، وكان شيخاً كبيراً. أنشدني أبو الوليد بن الفراء لأبي عامر بن شهيد في ابن وهب: سيان عندي جئت أو لم تجى ... سخطك عندي والرضا واحد إن غبت لم توحش وإن جئ ... ت فأنت في إخواننا زائد يا من إذا أبصرته مقبلا ... قلت له ما أنجب الوالد وأخبرني أبو الوليد، قال: حضرت عند عمي وعنده أبو عمر القصطلي، وأبو عبد الله المعيطى، فغنى المعيطى. مروع عنك كل يوم ... محتمل فيك كل لوم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 يا غايتي في المنى وسولى ... ملكت رقلا بغير سوم فأعجبنا بهذين البيتين، فقال أبو عمر: أنا أضيف إليهما ثالث لا يتأخر عنهما، ثم قال: تركت قلبي بغير صبر ... فيك وعيني بغير نوم قال فسررنا بقوله وقلنا: لا تتم القطعة إلا به. الحسين بن عبد الله بن يعقوب بن الحسين البجاني، يروى عن أحمد بن جابر بن عبيدة، وعن سعيد بن فحلون، روى عنه أبو العباس أحمد بن عمر بن أنس العذري، وكان حياً سنة إحدى وعشرين وأربع مائة. الحسين بن علي الفاسي أبو علي من أهل العلم والفضل، مع العقيدة الخالصة، والنية الجميلة، لم يزل يطلب ويختلف إلى العلماء، محتسباً حتى مات. قال لنا أبو محمد على بن أحمد: قلت له يوماً يأبا علي! متى تنقضى قرائتك على الشيخ؟ وأنا حينئذ أريد سماع كتاب آخر من ذلك الشيخ. فقال لي: إذا انقضى أجلي، فاستحسنتها منه. قال أبو محمد: وكان رحمه الله ناهيك به سرواً وديناً وعقلا وعلماً وورعاً وتهذيباً وحسن خلق. الحسين بن عاصم بن مسلم بن كعب بن محمد بن علقمة بن خباب بن مسلم بن عدي بن مرة الثقفي أندلسي، كان فقيها بالأندلس، وبها مات. قاله محمد ابن حارث. حسين بن عاصم من أهل العلم والأدب، له كتاب المآثر العامرية في سير المنصور أبي عامر محمد بن أبي عامر وغزواته وأوقاتها. ذكره أبو محمد علي بن أحمد. الحسين بن نابل يروى عن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 ابن أبي مطر الأسكندراني كتاب محمد بن إبراهيم بن زياد بن المواز في الفقه على مذهب مالك بن أنس، يرويه عمر بن حسين ابن نبل عن أبيه عن ابن أبي مطر عن ابن المواز. أخبرنا به أبو عمر بن عبد البر عن عمر بن حسين كذلك بإسناده، وهو لأبي عمر إجازة من عمر، كذا قال. الحسين بن الوليد أبو القاسم المعروف بابن العريف النحوي، إمام في العربية، أستاذ في الآداب، مقدم في الشعر، له في الأدب مؤلفات، وقد رأيت له كتابا يشتمل على مسائل من النحو اعترض فيها على أبي جعفر أحمد بن محمد بن النحاس النحوي، ذكرها أبو جعفر في كتابه المعروف با الكافي. كان في أيام المنصور أبي عامر محمد بن أبي عامر، وممن يحضر مجالسه ويخف عليه، واجتماعاته مع أبي العلاء صاعد بن الحسن اللغوي مشهورة. أخبرني أبو محمد علي بن أحمد، قال: أخبرني أبو خالد التراس: أن المنصور أبا عامر محمد بن أبي عامر صاحب الأندلس، جىء إليه بوردة في مجلس من مجالس أنسه أول ظهور الورد؛ فقال في الوقت أبو العلاء صاعد بن الحسن اللغوي، وكان حاضراً يخاطبه فيها: أتتك أبا عامر وردة ... يحاكى لك المسك أنفاسها كعذراء أبصرها مبصر ... فغطت بأكمامهما رأسها فاستحسن المنصور ما جاء به وتابعه الحاضرون، فحسده أبو القاسم بن العريف، وكان ممن حضر المجلس، فقال: هي لعباس بن الأحنف، فناكره صاعد، فقام ابن العريف إلى منزله، ووضع أبياتا وأثبتها في دفتر، وأتى بها قبل افتراق المجلس، وهي: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 عشوت إلى قصر عباسة ... وقد جدل النوم حراسها فألفيتها وهي في خدرها ... وقد صرع السكر أناسها فقالت أسار على هجعة ... فقلت بلى، فرمت كأسها ومدت إلى وردة كفها ... يحاكى لك المسك أنفاسها كعذراء أبصرها مبصر ... فغطت بأكمامها رأسها وقالت خف الله لا تفضح ... ن في ابنة عمك عباسها فوليت عنها على غفلة ... وما خنت ناسى ولا ناسها قال: فخجل صاعد وحلف، فلم يقبل، وافترق المجلس على أنه سرقها. الحسين بن يعقوب البجاني أبو علي، روى عن سعيد بن فحلون كتاب عبد الملك بن حبيب السلمى، روى عنه أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر، وأبو العباس أحمد بن عمر بن أنس العذري، ونسباه إلى جده، وهو الحسين بن عبد الله ابن يعقوب، وقد قدمنا ذكره. أخبرنا أبو عمر بن عبد البر، قال: أخبرني بالواضحة لعبد الملك بن حبيب، أبو علي الحسين بن يعقوب عن سعيد بن فحلون، عن يوسف بن يحيى المغامى، عن عبد الملك. وأخبرنا أبو العباس أحمد بن عمر العذري، قال: أخبرنا سعيد فحلون، قال: حدثنا يوسف بن يحيى المغامي، قال: حدثنا عبد الملك بن حبيب، قال: أخبرني بعض أصحاب مالك، أنه سأل مالكا عن رجل باع حراً ثم تاب في ذلك. فما توبته؟ قال: يطلبه أبدا، فإذا أيس منه، فليؤد ديته. من اسمه حسان حسان بن عبد السلام السلمى من أهل سرقسطة، يروى عن مالك ابن أنس. ذكره محمد بن حارث الخشنى في كتابه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 حسان بن مالك بن أبي عبدة الوزير من الأئمة في اللغة والآداب. ومن أهل بيت جلالة ووزارة، روى عن القاضي أبي العباس أحمد بن عبد الله بن ذكوان مذاكرة،؛ وحدثنا عنه أبو محمد علي بن أحمد، وقال: إنه عمل على مثال كتاب أبي السري سهل بن أبي غالب الذي ألف في أيام الرشيد كتاباً أسماه: كتاب ربيعة وعقيل. قال لي أبو محمد: وهو من أملح ما ألف في هذا المعنى، وفيه من أشعاره ثلاث مائة بيت؛ قال: وكان سبب تأليفه إياه أنه دخل على المنصور أبي عامر محمد ابن أبي عامر، وبين يديه كتاب أبي السري وهو يعجب به، فخرج من عنده، وعمل هذا الكتاب، وفرغ منه، تأليفاً، ونسخاً، وتصويراً، وجاء به في مثل ذلك اليوم من الجمعة الأخرى وأراه إياه، فسر به، ووصله عليه، ومن أشعاره فيه: سقى بلداً أهلى به وأقاربى ... غواد بأثقال الحيا وروائح وهبت عليهم بالعشي وبالضحى ... نواسم من برد الطلال فوائح تذكرتهم والنأى قد حال دونهم ... ولم أنس لكن أوقد القلب لافح ومما شجاني هاتف فوق أيكة ... ينوح ولم أعلم بما هو نائح فقلت اتئد يكفيك أنى نازح ... وأن الذي أهواه عنى نازح ولي صبية مثل الفراخ بقفرة ... مضى حاضناها فاطحتها الطوائح إذا عصفت ريح أقامت رؤوسها ... فلم تلقها إلا طيور بوارح فمن لصغار بعد فقد أبيهم ... سوى سانح في الدهر لوعن سانح وأنشدني له أبو محمد علي بن أحمد، وقال: إنه كتب إلى المستظهر عبد الرحمن ابن هشام بن عبد الجبار بن عبد الرحمن الناصر المسمى بالخلافة أيام الفتنة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 إذا غبت لم أحضر وإن جئت لم أسأل ... فسيان منى مشهد ومغيب فأصبحت تيمياً وما كنت قبلها ... لتيم، ولكن الشبيه نسيب أشار في هذا البيت إلى قول الشاعر: ويقضى الأمر حين تغيب تيم ... ولا يستأذنون وهم شهود مات أبو عبدة اللغوي عن سن عالية، قبل العشرين وثلاث مائة. حسان بن ياسر الهذلي، ولى القضاء بالأندلس في أيام الأمير عبد الرحمن بن معاوية، وبهامات. من اسمه حفص حفص بن عبد السلام السلمى سرقسطى، روى عن مالك بن أنس، مات بالأندلس قريباً من سنة مائتين. حفص بن عمر الحجارى، محدث من أهل وادى الحجارة، مات بالأندلس سنة ثمان وثمانين ومائتين. حفص بن عمر بن يحيى بن سليمان بن عيسى الخولاني، وقيل هو حفص ابن عمرو بن نجيح بن سليمان بن عيسى، لبيري، روى عن محمد بن أحمد العتبي، ويحيى بن إبراهيم بن مزين، ويونس بن عبد الأعلى، وغيرهم. مات بالأندلس سنة ثلاث عشرة وثلاث مائة. من اسمه حامد حامد بن أخطل بن أبي العريض التغلبي أبو الخضر، لبيري جليل ثقة، سمع من العتبي وابن مزين، ورحل فسمع في الرحلة، وهو مذكور بفضل وزهد وورع، مات بالأندلس سنة ثمانين ومائتين. حامد بن سمجون، له تصرف في البلاغة، وكتاب في البديع، ذكره أبو عامر بن شهيد، وأثنى عليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 من اسمه حزم حزم بن الأحمر أبو وهب، محدث أندلسى، مات بها سنة خمس وثلاث مائة. حزم بن وهب بن عبد الكريم أبو وهب، محدث أندلسى، مات بمصر في شهر رمضان سنة اثنتى عشرة وثلاث مائة. من اسمه حيوة حيوة بن عباد اللخى، وقيل التجيبى، قرطبي ذكره أبو سعيد بن يونس حيوة بن الملامس الحضرمى، من ناقلة حمص، وكان من الفل الذين سلموا من عسكر كلثوم بن عياض المعنق، وهو أحد النفر اليمانيين الذين قاموا بأمر عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك، حين دخل الأندلس، وتعصبوا معه حتى خلص له الأمر، وفيه يقول عبد الرحمن بن معاوية: ولا خير في الدنيا ولا في نعيمها ... إذا غاب عنها حيوة بن الملامس أخو السيف يقرى الضيف حقاً يراهما ... عليه، وينفى الضيم عن كل يائس من اسمه حبيب حبيب بن أحمد محدث فقيه، يروى عن إبراهيم بن محمد بن باز المعروف بابن القزاز، روى عنه أبو عمر أحمد بن محمد بن أحمد بن الجسور، وأبو الفضل أحمد ابن قاسم بن عبد الرحمن التاهرتى. أخبرنا أبو عمر بن عبد البر، قال: أخبرنا ابن الجسور، وأبو الفضل التاهرتى بكتاب المختصر الأوسط لعبد الله بن عبد الحكم عن الحبيب بن أحمد بن إبراهيم ابن محمد بن باز، عن سعيد بن حسان، عن عبد الله بن عبد الحكم. حبيب بن أحمد الشطجيرى، شاعر من أعيان أهل الأدب مشهور من أهل قرطبة، أدرك أيام الحكم المستنصر، وبلغ سناً عالية، ورأيته في أيام الصبا ولم أسمع منه شيئاً، وله من قطعة قالها في كبره الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 حفظت بعضها: الحمد لله على ما قضى ... فكل ما يقضى فيه الرضى قد كنت ذا أيى وذا قوة ... فاليوم لا أستطيع أن أنهضا فوضت أمري للذي لم يضع ... من أحسن الظن ومن فوضا توفي قريباً من الثلاثين وأربع مائةن وهو الذي جمع ديوان يحيى بن حكم الغزال، ورتبه على الحروف. حبيب بن أبي عبيدة واسم أبي عبيدة مرة بن عقبة بن نافع الفهري، من وجوه أصحاب موسى بن نصير الذين دخلوا معه الأندلس، وبقي بعده فيها مع وجوه القبائل إلى أن خرج منها مع من خرج برأس عبد العزيز بن موسى بن نصير، إلى سليمان بن عبد الملك. ثم رجع حبيب بن أبي عبيدة بعد ذلك إلى نواحي إفريقية، وولى العساكر في قتال الخوارج من البربر، ثم قتل في تلك الحروب سنة ثلاث وعشرين ومائة. كذا قال عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم. وقال أبو سعيد ابن يونس: توفى سنة أربع وعشرين. حبيب بن عامر أبو عبد الله ذو الوزارتين، كان أديباً فاضلاً مذكوراً بغير نوع من المكارم، وكان رئيساً جليلاً بإشبيلية أيام بني عباد. أفراد الأسماء حمام بن أحمد، محدث قرطبي، يروى عن عبد الله بن محمد التاجي. حدثنا عنه أبو محمد على بن أحمد. حمد بن حمدون بن عمر القيسى أبو شاكر، قرطبي فقيه، له حظ من الأدب والشعر، يروى عن عبد الرحمن بن مروان القنازعى القرطبي، قرأنا عليه، وسمعته ينشد لنفسه في صفة قلم العالم: قلم حد شباه ... لكتاب العلم خاص الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 طائع لله جل ال ... له للشيطان عاص كلما خط سطوراً ... بمعاني العلم غاص مات بعد الأربع مائة. حيان بن خلف بن حسين بن حيان أبو مروان القرطبي، صاحب التاريخ الكبير في أخبار الأندلس وملوكها، وله حظ وافر من العلم والبيانن وصدق الإيراد ذكره أبو محمد على بن أحمد، وأثنى عليه، وأدركناه بزماننا. الحارث بن سابق، مولى عبد الرحمن بن معاوية، يكنى أبا عمرو وأندلسي، يروى عن ابن كنانة صاحب مالك بن أنس؛ مات بالأندلس سنة إحدى وعشرين ومائتين. حاتم بن سليمان وقيل سليم بن يوسف بن أبي مسلم الزهري، رحل وسمع من ابن كنانة المدني صاحب مالك بن أنس، وكان رجلاً صالحاً؛ مات في أيام الأمير عبد الرحمن بن الحكم بالأندلس؛ ذكره محمد بن حارث الخشني. حوشب بن سلمة تطيلي، منسوب إلى بلدته، ولى قضاءها، ومات بها في أيام الأمير محمد بن عبد الرحمن. حمدون بن الصباح بن عبد الرحمن بن الفضل بن عميرة أبو هارون العتقي، من أهل الأندلس؛ مات في سنة سبع وتسعين ومائتين. حسام بن ضرار الكلبي؛ ذكره أبو القاسم الحسن بن بشر الآمدى فقال: أبو الخطار الكلبي هو الحسام بن ضرار بن سلامان بن جشم بن جعول ابن ربيعة بن حصن بن ضمضم بن عدي بن جناب شاعر فارس وهو القائل: فليت ابن جواس يخبر أنني ... سعيت به سعى امرئ غير غافل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 قتلت به تسعين تحسب أنهم ... جذوع نخيل صرعت بالمسايل ولو كانت الموتى تباع اشتريته بكفى وما استثنيت منها أناملى وذكره الكلبي في جمهرة النسب فقال: حسام بن ضرار الكلبي من ربيعة بن حصن بن ضمضم بن طفيل بن عمرو بن ثعلبة بن الحارث بن حصن بن ضمضم ابن عدي بن جناب بن هبل بن عبد الله بن كنانة بن بكر بن عوف بن عذرة ابن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة؛ يكنى حسام أبا الخطار، كان أمير الأندلس وليها بعد قتل أميرها عبد الملك بن قطن، وبعد الاختلاف الواقع في الأمر بعده في أيام هشام بن عبد الملك من قبل حنظلة بن أبي صفوان أمير إفريقية وما والاها، فوردها في وقت فتنة وقد افترق أهلها على أربعة أمراء، فدانت الأندلس له، وخمدت الفتنة به، وفرق جموعها، وأخرج عنها من كان سببها؛ وكان أبو الخطار من أشراف قبيلته المذكورين منهم، وقد حضر القتال في أيام فتوح المسلمين إفريقية، وكان فارس الناس بها، وهو الذي يقول: أقادت بنو مروان قيساً دماءنا ... وفي الله إن لم يعدلوا حكم عدل كأنكم لم تشهدوا مرج راهط ... ولم تعلموا من كان ثم له الفضل وقيناكم حر القنا بنفوسنا ... وليس لكم خيل سوانا ولا رجل فلما رأيتم واقد الحرب قد خبا ... وطاب لكم فيها المشارب والأكل تغافلتم عنا كأن لم نكن لكم ... صديقاً وأنتم ما علمت لها فعل فلا تعجلوا إن دارت الحرب دورة ... وزلت عن المهواة بالقدم النعل حنش بن عبد الله بن عمرو بن حنظلة بن فهد، وقيل: نهد بن قنان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 وقيل قيان، بن ثعلبة بن عبد الله بن ثامر السبأى وهو الصنعاني، يكنى أبا رشدين من التابعين، كان مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالكوفة، وقدم مصر بعد قتله رحمه الله عليه، وغزا المغرب مع رويفع بن ثابت، وغزا الأندلس مع موسى بن نصير، وله بها آثار؛ ويقال: إن جامع مدينة سرقسطة من ثغور الأندلس من بنائه، وإنه أول من اختطه، وكان فيمن ثار مع عبد الله بن الزبير على عبد الملك بن مروان، وأتى به عبد الملك فعفا عنه، وكان عبد الملك حين غزا المغرب مع معاوية بن حديج، نزل نزل عليه بإفريقية سنة خمسين، فحفظ له ذلك روى من الصحابة عن علي بن أبي طالب، وعبد الله بن عباس، وأبي الدرداء، وفضالة بن عبيد، ورويفع بن ثابت. وقال البخاري في حنش بن عبد الله السبأى: سمع فضالة، ورويفع بن ثابت، وقال زيد بن حباب: حنش بن علي عن ابن عباس، روى عنه قيس بن الحجاج، وأبو مرزوق وحلاج، وخالد بن أبي عمران، يعد في المصريين الصنعاني. وقال ابن عيسى: حدثنا ابن وهب، عن عبد الأعلى بن الحجاج، عن أخيه قيس بن الحجاج عن حنش بن عبد الله: أن ابن عباس قال له: إن استطعت أن تلقى الله وسيفك حليته حديد فافعل. هذا آخر كلام البخاري فقد جعل حنش بن عبد الله، حنش بن علي، وجعلهما رجلاً واحداً، وجعل الخلف في اسم أبيه. وقيل: إن الذي يروى عن فضالة بن عبيد هو حنش بن علي الصنعاني من صنعاء الشام قرية بدمشق يقال لها صنعاء، وأبو الأشعث الصنعاني منها أيضاً. قاله على بن المديني؛ ولهذا ظن قوم أن حنش بن عبد الله من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 صنعاء الشام، لا من صنعاء اليمن، وأن الاختلاف في اسم أبيه، وأنهما واحد، وقد وجدنا حنشين آخرين عن علي رضي الله عنه؛ أحدهما حنش بن المعتمر صاحب علي، وحنش بن ربيعة الذي صلى خلف علي صلاة الكسوف. ذكرهما علي بن المديني. وقال البخاري حنش بن المعتمر الصنعاني، وقال بعضهم: حنش بن ربيعة؛ سمع علياً. روى عنه سماك، والحكم بن عتيبه الكوفى. يتكلمون في حديثه. هذا منتهى كلام البخاري؛ فقد جعل الاثنين اللذين ذكرهما علي بن المديني واحداً، وجعل الخلف في اسم أبيه والله أعلم. والأظهر في حنش الذي ابتدأنا بذكره، وذكرنا الاختلاف فيه، أنه ابن عبد الله؛ وقد ذكروه كذلم في تواريخ مصر، وحققوا نسبه في رواياتهم، وذكروا مشاهده وتصرفه وانتقاله؛ وهم أعلم بمن سلك بلادهم، وتصرف في جهاتهم، وسكن في أعمالهم، وكان من عمالهم. حدث عن حنش بن عبد الله، ابنه الحارث، والحارث بن يزيد، وسلامان ابن عامر، وعامر بن يحيى، وسيار بن عبد الرحمن، وأبو مرزوق حبيب بن الشهيد الفقيه مولى عقبة بن فجرة التجيبي مصري من ساكني أطرابلس المغرب، وقيس ابن الحجاج، وخالد بن أبي عمران، وربيعة بن سليم المصري مولى عبد الرحمن بن حسان ابن عتاهية التجيبي، وعبد العزيز بن أبي الصعبة، وهو أول من ولى عشور إفريقية في الإسلام؛ ومات بإفريقية سنة مائة. ذكره غير واحد: منهم أبو سعيد بن يونس وقال: إن له بمصر عقباً من ولد سلمة بن سعيد بن منصور بن حنش. حاتم بن عبد الله بن حاتم البزار، أبو بكر الرصافي، روى عن أبي الحسن محمد بن محمد بن عبد السلام الخشني، روى عنه أبو عمرو عثمان بن سعيد المقرى وقال: إنه سمع منه بالرصافة، وبقرطبة في منزله. الحر بن عبد الرحمن القيسى، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 كان أمير الأندلس، ثم عزل عنها بعنبسة ابن سحيم سنة ست ومائة. حديدة بن الغمر محدث وشقي، له رحلة وطلب، مات بالأندلس سنة ثلاث مائة، ذكره أبو سعيد بن يونس، وذكروه في الموتلف والمختلف. جنى بن مطهر إلبيري محدث سمع في بلده سعيد بن نمر ومحبوب ابن قطن وغيرهما، ومات بالأندلس سنة ست وثلاث مائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 باب الخاء من اسمه خالد خالد بن أيوب أبو عبد السلام، محدث من أهل وشقة، ذكره ابن يونس. خالد بن سعد إمام من أئمة الحديث، روى عن محمد بن عمر بن لبابة، وأحمد ابن خالد بن يزيد، ومحمد بن الوليد بن محمد، وعثمان بن عبد الرحمن بن أبي زيد، وسعد بن معاذ، ومحمد بن قاسم بن محمد، ومحمد بن فطيس الإلبيري، ومحمد بن مسور، وأسلم بن عبد العزيز، ومحمد بن عبد الملك بن أيمن، وأحمد بن عمرو بن منصور، وغيرهم، وكان مكثراً، روى عنه جماعة: منهم أحمد بن خليل، وقاسم بن محمد بن قاسم المعروف بابن عسلون. أخبرنا أبو محمد علي بن أحمد، قال: حدثنا عبد الرحمن بن سلمة، قال: أخبرني أحمد بن خليل، قال: قال لنا خالد بن سعد، وقد ذكر حديث: لا ضرر ولا ضرار: لم يصح مسنداً، قال: وقد ذاكرنيه أحمد بن خالد، وقال لي: لعله وقع عندك مسنداً عن النبي صلى الله عليه وسلم فنكتبه عنك، فقلت: لا. أخبرنا أبو عمر بن عبد البر، قال: أخبرني أبو محمد قاسم بن محمد بن قاسم بمسند ابن سنجر، عن خالد بن سعد، عن أحمد بن عمرو بن منصور اللبيري، عن ابن سنجر. خالد بن وهب، محدث أندلسي، مولى لبني يتم يعرف بابن صغير ذكره أبو سعيد. من اسمه خلف خلف بن أحمد يعرف بابن أبي جعفر، قال أبو عمر بن عبد البر: هو من موالى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 بني أمية، كان من ألزم الناس لأحمد بن مطرف بن عبد الرحمن المعروف بابن المشاط صاحب الصلاة، ولأحمد بن سعيد بن حزم صاحب التاريخ في الرجال؛ ولما سأل الحكم المستنصر أحمد بن مطرف عمن يلازمه من أحداث قرطبة ممن يصلح أن يؤهل لحل رفيعة، أشار به، وكان أحد رجال القاضي محمد بن يبقى ابن زرب العدول، سمع من أحمد بن سعيد تاريخه الكبير في التعديل والتجريح. قال أبو عمر: ولم أجده كاملا عند أحد من رواته غيره، ولم يكمل إلا له، ولأحمد ابن محمد الإشبيلي الرجل الصالح المعروف بابن الحرار فيما ذكروا والله أعلم. خلف بن أيوب بن فرج شاعر كان في حدود الخمسين وثلاث مائة أو نحوها، رأيت مدائحه في سعيد بن المنذر الأموي قوله: إذا خفقت أعلامه خفقت لها ... قلوب ذوي الإلحاد تحت الترائب وان ناشب الحرب العدالقى الردي ... مناشبه عجلان في حال ناشب هو البحر لا ملح أجاج مذاقه ... ولكنه بحر لذيذ المشارب إذا ما نبا الهندي أصلت منصلا ... من الرأى لا تثنيه فجأة نائب خلف بن فسيل الفريشى من أهل قريش من أرض الأندلس، مذكور بفضل وطلب، مات بها سنة سبع وعشرين وثلاث مائة. خلف بن رضا، شاعر أديب كان في أيام بني أبي عامر، رأيت من شعره إلى الوزير أبي عمر أحمد بن سعيد بن حزم مع خشف أهداه إليه: ليس بإتحافي ولو أنني ... أهديت نفسي كنت أجزيكا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 ولا على قدرك أهدى الذي ... أهدى ومن ذا طامع فيكا لاكنني أعرض نفسي على المعهو ... د عندي من أياديكا وهاك من أشبه من ظالمي ... لحظاً إذا ما هم يرنوكا يبدى لنا إن ريع جيد الذي ... أصبح فيه الستر مهتوكا وإن أردت الصدا وقسته ... به فناهيك وناهيكا فجدد النعمة عندي بأن ... يكون في قبضك مملوكا خلف بن حامد بن الفرج بن كنانة الكناني، كان قاضي شذونة في أيام عبد الرحمن الناصر، محدث مذكور بفضل. خلف بن سعيد المنيى منسوب إلى جهة بالأندلس يقال لها منية عجب، محدث مات بالأندلس سنة خمس وثلاث مائة. خلف بن سعيد بن أحمد، كان من فقهاء إشبيلية وعبادها، يعرف بابن المنفوخ، روى عن أبي محمد عبد الله بن محمد بن علي الباجي وغيره، وجل روايته عن الباجي، روى عنه أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري الحافظ وأثنى عليه. خلف بن عيسى بن سعيد الخير أبو الحزم المعروف بابن أبي درهم القاضي من أهل مدينة وشقة، محدث له رحلة، ورأيت في نسبه زيادة بخط ابن ابنه القاضي أبي عبد الله يحيى بن القاضي أبي الأصبغ عيسى بن القاضي أبي الحزم، خلف بن عيسى ابن سعيد الخير بن أبي درهم بن وليد بن ينفع بن عبد الله التجيبي، سمع بالأندلس أبا عيسى يحيى بن عبد الله بن أبي عيسى بن يحيى بن يحيى، وأبا بكر محمد بن عمر ابن عبد العزيز، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 وأبا زكرياء يحيى بن سليمان بن هلال بن قطرة، وبمصر من أبي محمد الحسن بن رشيق، وطبقته، روى عنه أبو الوليد هشام بن سعيد الخير بن فتحون الكاتب. أخبرنا أبو الوليد بن فتحون بالموطأ رواية يحيى بن يحيى الليثي، قال: قرأته على ابن أبي درهم، عن أبي عيسى يحيى بن عبد الله بن أبي عيسىن عن عم والده عبيد الله ابن يحيى، عن والده يحيى بن يحيى بن كثير بن وسلاس المصمودى، وهو الليثي مولى بني ليث، عن مالك بن أنس. خلف بن عثمان، يعرف بابن اللجام من أصحاب أبي محمد عبد الله ابن إبراهيم الأصيلي، وقد سمع من أبي بكر يحيى بن هذيل. ذكره أبو محمد علي بن أحمد. خلف بن علي أبو سعيد أندلسي حدث ببخارى، حدث عنه بنيسابور أبو الحسين عبد الملك بن الحسين الكازروني. أخبرنا الخطيب أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الحافظ، فيما كتب لنا به، قال: حدثني أبو سعيد مسعود بن ناصر بن أبي زيد السجستاني، قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الملك ابن الحسين الكازروني بنيسابور، قال: حدثنا أبو سعيد خلف بن علي الأندلسي ببخاري، قال: سمعت أبا مروان خزز بن مصعب الغساني الأندلسي ببجانة، قال: حدثنا الفضل بن سلمة، قال: حدثنا أحمد بن داود القيرواني، قال: حدثنا سحنون ابن سعيد التنوخي، وكان عابداً مستجاب الدعوة، وكان ولى قضاء القيروان، قال: سمعت عبد الرحمن بن القاسم العتقي بمصر يقول: بقي مالك بن أنس في بطن أمه ثلاثين شهراً. قال الشيخ أبو بكر الخطيب: كذا قال لي أبو سعيد خزز بن مصعب، وقال عبد الغني بن سعيد خزز بن معصب العين قبل الصاد فالله أعلم. خلف بن عباس الزهراوي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 أبو القاسم، من أهل الفضل والدين والعلم، وعلمه الذي بسق فيه علم الطب، وله فيه كتاب كبير مشهور كثير الفائدة محذوف الفضول، سماه كتاب التصريف لمن عجز عن التأليف ذكره أبو محمد علي بن أحمد وأثنى عليه، وقال: ولئن قلنا: إنه لم يؤلف في الطب أجمع منه للقول والعمل في الطبائع والجبر لنصدقن. مات بالأندلس بعد الأربع مائة. خلف بن قاسم بن سهل، ويقال أيضاً، ابن سهلون بن أسود، أبو القاسم المعروف بابن الدباغ، كان محدثاً مكثراً حافظاً، سمع بالأندلس من يحيى بن زكرياء ابن الشامة، وغيره، ورحل قبل الخمسين وثلاث مائة إلى مصر ومكة والشام، وسمع جماعة منهم: أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن أبي الموت المكي صاحب علي بن عبد العزيز، وأبو أحمد عبد الله بن محمد بن ناصح بن شجاع المعروف بابن المفسر، وأبو محمد عبد الله بن جعفر بن محمد بن الورد بن زنجويه البغداذي، وأبو قتيبة سلم بن الفضل البغداذي، وأبو بكر محمد بن الحارث بن الأبيض القرشي الأطروش، وأحمد بن محمد بن موسى ابن عيسى الحضرمي صاحب أحمد بن شعيب النسائي، والحسن بن الحضر الأسيوطي، وعلي بن يعقوب بن إبراهيم بن أبي العقب الدمشقي، وأبو القاسم حمزة بن محمد بن علي ابن محمد بن العباس الكناني، وأبو محمد الحسم بن رشيق المصري المعدل، وأبو الحسن محمد بن عثمان بن عرفة بن أبي التمام إمام جامع مصر صاحب أبي عبد الرحمن أحمد ابن شعيب النسائي، وأبو بكر محمد بن أحمد بن المسور المعروف بابن أبي طنة، وأبو الميمون عبد الرحمن بن عمرو بن راشد البجلي صاحب أبي زرعة عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي، وأبو بكر محمد بن الحسين بن محمد بن عبد الخالق الحطاب بالحاء المهملة، وأحمد بن محبوب ابن سليمان الفقيه، وأبو العباس أحمد بن إبراهيم بن علي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 الكندي وأحمد بن محمد الأصبهاني المعروف بابن أشته صاحب كتاب المحبر في القراآت، والحسن بن أبي هلال صاحب النسائي، وأبو بكر أحمد بن صالح بن عمر المقرىء البغداذي صاحب ابن مجاهد، لقيه بمصر، وأبو حفص عمر بن محمد بن القاسم التنسى المعروف بالجرجيرى صاحب بكر بن سهل الذمياطى، وأبو الفضل يحيى بن الربيع بن محمد بن العبدي، لقيه بمصر، وأبو الحسن علي بن العباس بن محمد بن عبد الغفار المعروف بابن الون، وأبو بكر محمد بن أحمد بن كامل بن الوليد بن صالح بن خروف، وأبو علي عبد الواحد بن أحمد ابن محمد بن أبي الحضيب، وأبو الحسن علي بن محمد بن إبراهيم المعلم الجلاب، وأبو عمر محمد بن يوسف بن يعقوب الكندي، وعبد الله بن عمر إسحاق بن معمر الجوهري، والحسين بن جعفر الزيات، وأحمد بن إبراهيم بن أحمد بن محمد الحداد، والسليل بن أحمد ابن السليل. صاحب محمد بن جرير الطبري مؤلف التاريخ، وأبو علي سعيد بن السكن الحافظ، وأبو علي الحسين بن أحمد القطر بلى، وأبو إسحاق محمد بن القاسم ابن شعبان المالكي المصري، وأبو الحسن علي بن أحمد ابن علي الأنصاري البغدادي، وأبو بكر أحمد بن محمد بن سهل بن رزق الله بن بكير الحداد، لقيه بمكة، وجمع مسند حديث مالك بن أنس، ومسند حديث شعبة بن الحجاج، وأسماء المعروفين بالكنى من الصحابة والتابعين وسائر المحدثين، وكتاب الخائفين، وأقضية شريح، وزهد بشر بن الحارث، وغير ذلك. روى عنه شيخنا أبو عمر بن عبد الله الحافظ فأكثر، وكان لا يقدم عليه من شيوخه أحداً، وذكره لنا فقال: أما خلف بن القاسم بن سهل الحافظ فشيخ لنا، وشيخ لشيوخنا أبى الوليد بن الفرضى وغيره، كتب بالمشرق عن نحو ثلاث مائة رجل، وكان من أعلم الناس برجال الحديث، وأكتبهم له، وأجمعهم لذلك، وللتواريخ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 والتفاسير، ولم يكن له بصر بالرأي، يعرف بابن الدباغ، وهو محدث الأندلس في وقته. هذا آخر كلام ابن عبد البر. وقد كتب عنه أبو الفتح عبد الواحد بن محمد ابن مسرور البلخي خبراً قرأه لنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الحفاظ الخطيب بلفظه من كتابه بدمشق؛ قال: قرأت في كتاب أبي الفتح عبد الواحد بن محمد بن مسرور البلخي بخطه؛ حدثنا أبو القاسم خلف بن القاسم بن سهلون الأندلسي، قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا بن الشامة، قال: حدثني أبي، قال: حدثني خالي إبراهيم ابن قاسم بن هلال، قال: حدثني فطيس السبائي، قال: سمعت مالكا يقول في قول الله عز وجل: " ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد "، قال: يكتب عليه حتى كان أبو القاسم خلف بن القاسم حياً في سنة تسعين وثلاث ومائة وقد سكن قرطبة وحدث بها. خلف بن هاشم الأشعري أبو القاسم اللرقى من أهل لرقة؛ حصن من الحصون في شرقي الأندلس، يروى عن محمد بن أحمد العتبي، مات هنالك في سنة ثلاث وثلاث مائة. خلف بن هاني أبو القاسم، حدث بطرطوشة من ثغور الأندلس سنة اثنتين وعشرين وأربع مائة، عن أبي بكر أحمد بن الفضل بن العباس الدينوري؛ سمع منه سنة ست وأربعين وثلاث مائة، روى عنه القاضي ببلنسية أبو المطرف عبد الرحمن بن الحجاف المعافرى. خلف بن هارون القطيني الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 أديب شاعر، لقى إدريس بن اليمان وغيره، أنشدني لنفسه في الفقيه أبي محمد على بن أحمد على طريقة البستي: يخوض إلى المجد والمكرمات ... بحار الخطوب وأهوالها وإن ذكرت للعلا غاية ... ترقى إليها وأهوى لها من اسمه خليل الخليل بن أحمد البستي أبو سعيد الفقيه، دخل الأندلس وحدث بها سنة اثنتين وعشرين وأربع مائة عن أبي محمد عبد الرحمن بن عمر بن محمد البزاز المصري، وعن أبي سعيد أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن حقص الماليني؛ حدث عنه أبو العباس أحمد بن عمر بن أنس العذري، وذكر أنه قرأ عليه بالمرية من بلاد الأندلس في السنة التي ذكرنا. أخبرنا أحمد بن عمر كتاباً، قال: أخبرنا الخليل بن أحمد. قال: أخبرنا أحمد بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر هلال بن محمد ابن أخي هلال الرأى، قال: حدثنا محمد ابن زكرياء بن دينار الغلابي أبو عبد الله، قال: حدثنا العباس بن بكار، قال: حدثنا أبو بكر الهذلي، قال: سمعت الزهري يتمثل بهذين البيتين: النفس هاربة والموت يطلبها ... وكل عثرة رجل عندها زلل والمرء يسعى لما يسعى لوارثه ... والقبر وارث ما يسعى له الرجل خليل بن إبراهيم محدث أندلسي يروى عن عبيد الله بن يحيى بن يحيى الليثي، كان رجلاً صالحاً. مات سنة ثلاثين وثلاث وثلاث مائة. ذكره محمد بن حارث الخشني. أفراد الأسماء خطاب بن إسماعيل مولى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 غافق أندلسي محدث، مات بها في سنة سبع وتسعين ومائتين. خزز بن معصب أبومروان الغساني البجاني منسوب إلى بجانة من أرض الأندلس، سمع بمصر من محمد بن زبان، وبالأندلس من الفضل بن سلمة، وحدث ببلده؛ روى عنه أبو سعيد خلف بن علي الأندلس، وقد ذكرنا له عنه خبراً في ترجمة خلف من هذا الكتاب، إلا أنه قال: خزز بن مصعب بتقديم الصاد، وذكره عبد الغنى بن سعيد بتقديم العين كما ذكرنا أولا. فالله أعلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 باب الدال داود بن جعفر بن أبي صفير مولى لبنى تيم، محدث أندلسي، يروى عن معاوية بن صالح، وعبد العزيز بن محمد الدراوردى ذكره محمد بن حارث. داود بن عبد الله القيسى إشبيلي، سمع يحيى بن عبد الله بن بكير وغيره ومات بالأندلس في آخر أيام الأمير محمد بن عبد الرحمن. داود بن الهذيل بن منان بالنونين أندلسي روى عن علي بن عبد العزيز ذكره ابن يونس وقال: حدثنا عنه عبد الله بن محمد بن حنين الأندلسى، ومات داود بن الهذيل بالأندلس سنة خمس عشرة وثلاث مائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 باب الذال ذو النون أندلسى محدث، روى عنه ابنه سعيد بن ذى النون، مات بالأندلس. ذكره أبو سعيد بن يونس ولم يذكر له نسباً. لم أجد في حرف الراء شيئاً آخر الجزء الخامس من الأصل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 الجزء السادس من تجزئة الأصل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 باب الزاي من اسمه زكريا زكرياء بن حيون الحضرمي أندلسى مات بها سنة سبع وتسعين ومائتين. زكرياء بن الخطاب بن إسماعيل بن عبد الرحمن بن إسماعيل بن حزم الكلبي، محدث من أهل تطيلة، ذكره أبو سعيد بن يونس. زكرياء بن عيسى بن عبد الواحد طليطلى مات بها سنة أربع وتسعين ومائتين. زكرياء بن يحيى بن عبد الملك بن عبيد الله بن عبد الرحمن الثقفي أبو يحيى أندل، سمع من قاسم بن هلال ذكره محمد بن حارث. زكرياء بن يحيى بن عايد بن كيسان، محدث من أهل طرطوشة. ذكره ابن يونس. من اسمه زياد زياد اللخمي وهو زياد شبطون وشبطون لقب له. وهو زياد بن عبد الرحمن بن زياد بن عبد الرحمن بن زهير بن ناشرة بن لوذان بن حييى بن أخطب ابن ربة بن عمرو بن الحارق بن وائل بن راشدة بن جزيلة بن لخم بن عدي أبو عبد الله، فقيه أهل الأندلس على مذهب مالك بن أنس، وفي سماع عبد الرحمن بن القاسم: سمعت زياداً فقيه أهل الأندلس وهو يسأل مالكاً، وهو أول من أدخل الأندلس فقه مالك بن أنس، وكانوا قبل ذلك على مذهب الأوزاعي. مات زياد بالأندلس الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 سنة ثلاث، وقيل سنة تسع وتسعين ومائة؛ وقال أبو محمد على بن أحمد: مات سنة أربع ومائتين، وكان رجلاً صالحاً عرض عليه القضاء فلم يقبله. زياد بن محمد بن زياد شبطون الفقيه بن عبد الرحمن بن زياد أبو عبد الله، روى عن يحيى بن يحيى الليثي مات بالأندلس سنة ثلاث وسبعين ومائتين. زياد بن النابغة التميمي من وجوه الجند الذين دخلوا الأندلس مع موسى ابن نصير، وهو الذي تولى قتل عبد العزيز بن موسى بن نصير أمير الأندلس بعد أبيه حين ثاروا به. ذكره عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم. من اسمه زيد زيد بن بشير أندلسى فقيه على مذهب الكوفيين، روى عنه سليمان ابن عمران قاضي المغرب، عرفه أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الأزدى الطحاوى، وأثنى عليه. ذكر ذلك عنه ابن يونس. زيد بن الحباب بن الريان أبو الحسين التيمي العكلي سمع مالك بن مغول، وسفيان الثورى، وشعبة، وسيف بن سليمان، ومالك بن أنس، وابن أبي ذئب، ومعاوية بن صالح؛ روى عنه عبد الله بن وهب، ويزيد بن هارون، وأحمد ابن محمد بن حنبل، وأبو بكر عبد الله بن أبي محمد بن أبي شيبة ويحيى بن عبد الحميد الحماني والحسن بن عرفة، وعباس بن محمد الدورى، وزيد بن إسماعيل وغيرهم، وقد دخل الأندلس في طلب الحديث على ماقاله الإمام أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل حدثنا بذلك الخطيب أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت البغدغدي قراءة علينا من كتابه، قال: حدثت عن أبي الحسن بن الفرات، قال: أخبرني الحسن بن يوسف الصيرفي، قال: أخبرنا أبو بكر الخلال، قال: أخبرنا أبو بكر المروذى، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 أن أبا عبد الله يعنى أحمد بن حنبل ذكر زيد بن الحباب فقال: كان صاحب حديث كيساً، قد رحل إلى مصر وخراسان في الحديث، وما كان أصبره على الفقر، كتبت عنه بالكوفة وها هنا، وقد ضرب في الحديث إلى الأندلس. هذا آخر كلام أحمد بن حنبل. قال لنا الخطيب أبو بكر: قوله إنه ضرب في الحديث إلى الأندلس، إنما عنى بذلك والله أعلم سماع زيد بن معاوية بن صالح الحمصي وكان يتولى قضاء الأندلس، فظن أحمد أن زيداً سمع منه هناك. قال: وهذا وهم منه رحمه الله، وأحسب أن زيداً سمع من معاوية بمكة، فإن عبد الرحمن بن مهدي سمع بها منه. هذا آخر كلام الخطيب. ولم يأت بحجة قاطعة يتعلق بها، ولا بدليل أصلا يقضى بالوهم على الإمام أبي عبد الله فيما قال: وإنما جاء بظن ظنه أن زيداً إنما سمع من معاوية بن صالح بمكة، كما أن عبد الرحمن بن مهدي سمع منه بمكة، وظنه هذا لا يقضى بالوهم على يقين هذا الإمام؛ وما الذي يمنع من مسير زيد بن الحباب إلى الأندلس، وسماعه من معاوية بن صالح هنالك؟ لا سيما وقد شهد بذلك وقاله من لا يتهم حسن معرفته، ولا نتهجم بالقطع على وهمه وغفلته إلا بدليل أو حجة تستبين. فإن صح دليل لائح، أوقام برهان واضح، يوماً ما على صحة ظن الخطيب رحمه الله فلا لوم علينا في إدخاله في كتابنا هذا، والتعلق بقول ذلك الإمام فيه، ولا ضير على المستفيد في زياد معرفته بزيد بن الحباب، وما أوردنا فيه. قرأت على أبي الغنائم محمد بن علي القاضي، عن الوليد بن بكر الأندلسي. قال: حدثنا علي بن أحمد بن زكرياء الهاشمي، قال: حدثنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله العجلى، قال: حدثني أبي، قال: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 أبو الحسين زيد حباب العكلى كوفى ثقة. حدثنا أبو بكر بن علي الحافظ، قال: حدثنا محمد بن الحسين، قال: أخبرنا أحمد ابن علي الأبار، قال: سمعت أبا هشام، وهو الرافعي يقول: مات أبو الحسين العكلى سنة ثلاث ومائتين. زيد بن قاصد السكسكي، تابعي دخل الأندلس وحضر فتحها، وأصله من مصر، يروى عن عبد الله هو ابن عمرو بن العاص؛ روى عنه عبد الرحمن بن زياد ابن أنعم. ذكره يعقوب بن سفيان، وأورد له حديثا. أفراد الأسماء. زقنون، وقيل زقنون، بن عبد عبد الواحد محدث أندلسى مات بها قريباً من سنة ثلاث مائة. زيادة الله بن علي، أديب شاعر مكثر؛ ومن شعره في كتاب: الحمام المؤلف للمنصور أبي عامر محمد بن أبي عامر: أذكر القلب بالتصابي فحنا ... ساجع في أراكة قد أرنا أخضلت ريشه السماء بطل ... ورأى الروض مؤنقا فتغنى غرد بالسرور فازت يداه بحبيب عليه لا يتجنى بأبي عامر رأى الدين في الكف ... ر على رغم أهله ما تمنى ملك لم يزل بركض المذاكى ... وجهاد العدا مشوقا معنى زهير بن مالك البلوى أبو كنانة، أندلسى فقيه، كان يفتى بقوله الأوزاعي، وكان في عصر عبد الملك بن حبيب السلمى؛ مات قبل الخمسين ومائتين، بعد موت عبد الملك. ذكره محمد بن حارث. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 من اسمه سلمان سليمان بن محمد بطال أبو أيوب البطليوسى، فقيه مقدم، وشاعر محسن كثير الشعر، كان قريباً من الأربع مائة؛ وله من قصيدة طويلة: نار الصبابة في الضلوع تأججى ... وغمامة الدمع الوكيف تبعجى فأرى خلال الغيم مبسم بارق ... كالزند يقدح أو ضرام العرفج فكأنه من أضلعي متوقد ... في الجو إلا أنه لم يوهج وكأن محبوبي تبسم فوقه ... ليزيد بالإيماض في شجو الشجى بمنظم كالدر لاكن زانه ... فلج ونظم الدر غير مفلج أشكو إليه بضيق حالي مثلها ... يشكو إلى الدايات ضيق الدملج وأذوب إشفاقاً على خديه أن ... تغدو العيون عليهما فتضرج لطمت لحر البين صفحة وجهها ... فتعوضت من وردها ببنفسج فلمستها ومزجت ريقة ثغرها ... بدموعها وودت أن لم أمزج سليمان بن محمد المهري الصقلي من أهل العلم والأدب والشعر، قدم الأندلس بعد الأرعبين وأربع مائة، ومدح ملوكها، وتقدم عند كبرائها بفضل أدبه وحسن شعره. أخبرني بعض أصحابنا عنه بالأندلس، قال: كان بسوسة إفريقية رجل أديب شاعر، وكان يهوى غلاماً جميلاً من غلمانها، وكان كلفاً به، وكان الغلام يتجنى عليه ويعرض عنه، قال: فبينما هو ذات ليلة منفرداً يشرب وحده على ما أخبر عن نفسه، وقد غلب عليه غالب من السكر، إذ خطر بباله أن يأخذ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 قبس نار، ويحرق داره عليه لتجنيه عليه، فقام من حينه، وأخذ قبساً فجعله عند باب الغلام فاشغل ناراً، واتفق أن رآه بعض الجيران فبادروا النار بالإطفاء، فلما أصبحوا مضوا إلى القاضي فأعلموا فأحضره القاضي، وقال: لأي شئ أحرقت يا هذا؟ فأنشأ يقول: لما تمادى على بعادى ... وأضرم النار في فؤادى ولم أجد عمن هواه يداً ... ولا معيناً على السهاد حملت نفسي على وقوفي ... ببابه حملة الجواد فطار من بعض نار قلبي ... أقل في الوصف من زناد فأحرق الباب دون علمى ... ولم يكن ذاك عن مراد قال: فاستطرفه القاضي، وتحمل عنه ما أفسد، وأخذ عليه ألا يعود، وخلى سبيله، أو كما قال: قال الحميدي رضى الله عنه: وكنت أظن أن هذا المعنى الذي ذكره هذا الشاعر في شعره مما تفرد به، حتى حدثني أبو إسحاق إبراهيم بن سعيد بن عبد الله النعماني بالفسطاط، قال: قال لنا القاضي أبو الحسن بن صخر، أخبرني بعض شيوخ أن أبا القاسم نصر بن أحمد الخبز أرزى، دخل على أبي الحسين بن المثنى في إثر حريق المربد فقال له: هل قلت في هذا شيئاً، فقال ما قلت شيئاً، فقال له: ويحسن بك وأنت شاعر البصرة والمربد أجل شوارعها؛ وسوق من أجل أسواقها، ولا تقول فيه شيئاً؟ فقال: ما قلت، ولكنى أقول، فارتجل هذه الأبيات وأنشأ يقول: أتتكم شهود الهوى تشهد ... فما تستطيعون أن تجحدوا فيامربديون ناشدتكم ... على أنني منكم مجهد جرى نفسي صعدا نحوكم ... فمن حره احترق المربد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 وهاجت رياح حنيني بكم ... فظلت بها ناركم توقد ولولا دموعي جرت لم يكن ... حريقكم أبداً يخمد فجاء بذلك المعنى وزاد عليه. ومن شعر المهرى في قصيدة طويلة: عجبت لمعشر عزوا وبزوا ... ولم يصلوا إلى الرتب السوامى طلبت بهم من العدم انتصاراً ... فأشبهت ابن نوح في اعتصامى تقلب دهرنا فالصقر فيه ... يطالب فضل أرزاق الحمام على الدنيا العفاء فقد تناهى ... تسرعها إلى أيدي اللئام وما النعمان للمفضول إلا ... كمثل الحلى للسيف الكهام ذريني أجعل الترحال سلكا ... أنظم فيه ساحات الموامى فإني كالزلال العذب يوذى ... صفاه وطعمه طول المقام وأنشدت له في عذول قبيح: رأى وجه من أهوى عذولى فقال لي ... أجلك عن وجه أراه كريها فقلت له بل وجه حبي مرآة ... وأنت ترى تمثال وجهك فيها سليمان بن أحمد الطنجي، أصله من طنجة مدينة بعدوة الأندلس مما يلي المجاز، له رحلة إلى المشرف، وتحقق بعلم القراآت وإسناد فيها، شارك أبا الطيب عبد المنعم ابن عبيد الله بن غلبون لمقرئ، وقرأ معه على عدة شيوخ، وقدم الأندلس فأقام بالمرية، وقرئ عليه وانتفع به دهراً طويلا، ومات بعا عن سن عالية، وأخبرت عنه أنه كان يقول زدت على المائة سنين ذكرها، وكانت وفاته قبل الأربعين وأربعمائة. سليمان بن أيوب أبو أيوب روى عن أسلم بن عبد العزيز، ومحمد بن قاسم بن محمد، وهذه الطبقة، روى عنه أبو الوليد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 عبد الله بن محمد بن يوسف المعروف بابن الفرضى. أخبرني أبو عمر يوسف بن عبد الله النمري، قال: حدثن أبو الوليد بن الفرضى بكتاب الرد على المقلدين لمالك تأليف قاسم بن محمد، عن أبي أيوب سليمان بن أيوب، عن محمد بن قاسم، عن أبيه. سليمان بن جلجل، مذكور بالطب والأدب، له كتاب في أخبار الأطباء بالأندلس. ذكره أبو محمد على بن أحمد. سليمان بن حامد، وقيل حماد، محدث أندلسي مذكور بزهد وفضل، سمع من ابن القزاز، ومحمد بن وضاح، مات سنة إحدى عشرة وثلاث مائة. سليمان بن سليمان، وقيل: ابن أبي سليمان المعافرى الما لقى من أهل مالقة. ذكره محمد بن حارث الخشنى. سليمان بن عبد الرحمن بن عبد الحميد بن عيسى بن يحيى بن يزيد مولى معاوية بن أبي سفيان، محدث أندلسى، روى عن محمد بن وضاح، ومحمد بن عبد السلام الخشنى، مات بالأندلس سنة خمس وعشرين وثلاث مائة. سليمان بن عبد السلام أندلسي، سمع يحيى بن إبراهيم بن مزين، ومات بالأندلس سنة ثنتي عشرة وثلاث مائة. سليمان بن مهران السرقسطى، أديب شاعر مشهور، له جلالة وقدر؛ ومن شعره ما أنشدنيه أبو محمد علي بن أحمد، قال: أنشدني محمد بن الحسن المذحجى، قال: أنشدني الأديب سليمان بن مهران في مجلس الوزير أبي الأصبغ عيسى بن سعيد وزير المظفر عبد الملك بن المنصور محمد بن أبي عامر: خليلي ما للريح تأتي كأنها ... يخالطها عند الهبوب خلوق أم الريح جاءت من بلاد أحبتي ... فأحسبها ريح الحبيب تسوق الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 سقى الله أرضاً حلها الأغيد الذي ... لتذكاره بين الضلوع حريق أصار فؤادي فرقتين فعنده ... فريق وعندي في السياق فريق سليمان نصر بن منصور بن حامل، أبو أيوب المرى مرة غطفان، محدث أندلسي، يروى عن يحيى، وسعيد بن حسان، وعبد الملك بن حبيب، وأبي مصعب وسحنون بن سعيد مات بالأندلس سنة ستين ومائتين، ذكره محمد بن حارث. سليمان بن وانسوس البربرى الوزير مذكور بالأدب والعلم والعقل وعزة النفس كان في أيام الأمير عبد الله بن محمد صاحب الأندلس في بنى أمية أثيراً عنده، وله معه أخبر نيه أبو محمد على بن أحمد، قال: حدثني محمد بن عبد الأعلى بن هاشم القاضي، وعلى بن عبد الله الأديب، كلاهما قال لي: كان الوزير سليمان بن وانسوس رجلاً جليلاً. أديباً من رؤساء البربر، وكان أثيراً عند الأمير عبد الله بن محمد، فدخل عليه يوماً وكان عظيم اللحية، فلما رآه مقبلاً جعل الأمير ينشد: معلوفة كأنها جوالق نكداء لا بارك فيها الخالق للقمل في حافاتها نقانق قال أبو محمد: وزادني على بن عبد الله: فيها لباغي المتكا مرافق وفي احتدام الصيف ظل رائق ثم اتفقا: إن الذي يحملها لمائق ثم قال: اجلس يا بريبري، فجلس وقد غضب، فقال: أيها الأمير إنما كان الناس يرغبون في هذه المنزلة ليدفعوا عن أنفسهم الضيم، أما إذا صارت جالبة للذل فلنا دور، تسعنا وتغنينا عنكم، فإن حلتم بيننا وبينها فلنا قبور تسعنا لا تقدرون على أن تحولوا بيننا وبينها، ثم وضع يديه في الأرض وقام من غير أن يسلم ونهض إلى منزله. قالا: فغضب الأمير وأمر بعزله، ورفع دسته الذي كان يجلس عليه، وبقى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 كذلك مدة؛ ثم إن الأمير عبد الله وجد فقده لغنائه وأمانته ونصيحته، وفضل رأيه، فقال للوزراء: لقد وجدت لفقد سليمان تأثيراً، وإن أردت استرجاعه ابتداء منا كان ذلك غضاضة علينا، ولوددت أن يبتدئنا بالرغبة؛ فقال له الوزير محمد بن الوليد ابن غايم: إن أذنت لي في المصير إليه استتهضته إلى هذا، فأذن له فنهض ابن غانم إلى دار ابن وانسوس، فاستأذن، وكانت رتبة الوزارة بالأندلس أيام بني أمية: ألا يقوم الوزير إلا لوزير مثله، فإنه كان يتلقاه وينزله معه على مرتبته، ولا يحجبه أولاً لحظة، فأبطأ الإذن على ابن غانم حيناً، ثم أذن له فدخل عليه فوجده قاعداً، فلم يتزحزح له، ولا قام إليه، فقال له ابن غانم: ما هذا الكبر؟ عهدي بك وأنت وزير السلطان، وفي أبهة رضاه تتلقاني على قدم، وتتزحزح لي عن صدر مجلسك، وأنت الآن في موجدته بضد ذلك، فقال له: نعم! لأني كنت حينئذ عبداً مثلك، وأنا اليوم حر. قالا: فبئس ابن غانم منه، وخرج ولم يكلمه، ورجع إلى الأمير فأخبره وابتدأ الأمير بالإرسال إليه ورده إلى أفضل ما كان عليه. سليمان بن هارون الرعيني أبو أيوب، محدث طليطلى مات بالأندلس سنة سبع وتسعين ومائتين. من اسمه سعد سعد بن سعيد بن كثير يكنى أبا عثمان وشقى في منسوب وشقة من ثغور الأندلس، محدث، سمع من محمد بن يوسف بن مطروح وطبقته، ومات بالأندلس في صفر سنة ست وثلاثة مائة. سعد بن معاذ بن عثمان بن عثمان بن حسان بن مخامر الشعباني أبو عثمان، محدث مشهور، له رحلة سمع فيها من محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ونظرائه، وعاد إلى الأندلس فمات بها سنة ثمان وثلاث مائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 من اسمه سعيد سعيد بن محمد فرج عالم أديب شاعر، وقد ينسب إلى جده فيقال سعيد بن فرج وبالجد شهر، وهو أخو أحمد بن فرج صاحب كتاب الحدائق، ذكره في كتابه، وأورد له أشعاراً كثيرة منها: للروض حسن فقف عليه ... واصرف عنان الهوى إليه أما ترى نرجساً نضيراً ... يومى إلينا بمقلتيه نشر حبيبي على رباه ... وصفرتي فوق وجنتيه فهو أنا تارة وإلفى ... أخرى رواماً لحالتيه وله من قصيدة طويلة في الرد على أبي الحسن على بن العباس الرومى في النرجس: عنى إليك فما القياس الفاسد ... إلا الذي رد العيان الشاهد أزعمت أن الورد من تفضيله ... خجل وناحله الفضيلة عاند إن كان يستحي لفضل جماله ... فحياؤه فيه جمال زائد والنرجس المصفر أعظم ريبة ... من أن يحول عليه لون واحد لبس البياض بصفرة في وجهه ... صفة كما وصف الحزين الفاقد سعيد بن أحمد بن خالد من أهل العلم والأدب، له رحلة إلى المشرق، أخبرني بعض المشايخ بالأندلس بمصر، واستنشده لأهل الأندلس، فأنشده ففضل بعض التفضيل، إلا أنه قالك لا تخفى أشعاركم إلى جانب أشعارنا كما لا يخفى البدر في سواد الليل، فقال له، سعيد: صدقت، أين لأهل الأندلس بمثل قول الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 الحسن بن هاني؟ وأنشده أبيات يحيى بن حكم الغزال الثلاثة، وهي قوله من قصيدة طويلة يعارض بها الحسن: وكنت إذا ما الشرب أكدت سماؤهم ... تأبطت زقى واحتضنت عنائي ولما أتيت الحان نبهت أهله ... فهب خفيف الروح نحو ندائي قليل هجوع الليل إلا تعلة ... على وجل منى ومن نظرائي فلما سمعها المصري طرب واهتز، وقال: لله در الحسن، فلما أكثر قال له: الشعر والله ليحيى بن حكم الأندلس، وإنما أردت تجربة نقدك، والنقض عليك، فرد ذلك وأنكره حتى صح ذلك عنده، فخجل وأظهر التعجب، ولم يراجع بعد في أشعار أهل الأندلس، قال: وكان كثيراً ما يستنشدني لهم. سعيد بن أحمد بن عبد ربه، يروى عن أسلم بن عبد العزيز القاضي القرطبي، روى عنه أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن سعيد المعروف بابن أبي القراميد. سعيد بن جودى شاعر أديب، كان في أيام عبد الرحمن الناصر، ذكره أبو محمد علي بن أحمد. سعيد بن جابر الكلاعى أندلسي، ذكره أبو سعيد وقال: مات بالأندلس سنة ست وعشرين وثلاث مائة. سعيد بن حسان الصائغ أبو عثمان مولى الحكم بن هشام، أندلسي فقيه محدث، رحل سنة سبع وتسعين ومائة، فسمع من أشهب بن عبد العزيز، وعبد الله بن عبد الحكم وغيرهما من أصحاب مالك بن أنس، وعاد فمات في جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين ومائتين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 سعيد بن خمير بن مروان بن سالم أبو عثمان، يروى عن يونس بن عبد الأعلى، وإبراهيم بن مرزوق، وعلى بن معبد، وغيرهم، وسمع بالأندلس من ابن مزين، قرطبي مات بها سنة إحدى وثلاث مائة، روى عنه أحمد بن مطرف بن عبد الرحمن المعروف بابن المشاط. سعيد بن دورى أبو عثمان أندلسى، ذكره أبو محمد عبد الغني بن سعيد الحافظ، وأثنى عليه. سعيد بن زيد التميمي أخو محمد بن زيد أندلسي، رحل وسمع وحدث ومات سنة ثلاث وثمانين ومائتين. سعيد بن سيد أبو عثمان الحاطبي الرفي الإشبيلي، منسوب إلى شرف إشبيلية، وهو من ولد حاطب بن أبي بلتعة، روى عن غير واحد؛ منهم: أبو محمد عبد الله بن محمد بن علي الباجي، روى عنه أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري الحافظ، وقال: كان من المكثرين عن الباجي. سعيد بن عثمان بن سعيد بن سليمان بن محمد بن مالك بن عبد الله التجيبي أندلس يكنى أبا عثمان، يقال له الأعناقي ويقال أيضاً العناقي، سمع يونس بن عبد الأعلى وأحمد بن عبد الله بن صالح الكوفي، وأبا يعقوب إسحاق بن إسماعيل بن عبد الأعلى بن عبد الحميد الأيلي صاحب سفيان بن عيينة، وأحمد بن ملول صاحب سحنون بن سعيد، وسعد بن معاذ، ويحيى بن إبراهيم، ويحيى بن عمر روى عنه أحمد ابن سعيد بن حزم الصد في، وخالد بن سعد، ووهب بن مسرة، وأحمد بن مطرف ابن عبد الرحمن، وغيرهم، مات بالأندلس سنة خمس وثلاث مائة. أخبرنا أبو عمر بن عبد البر، ن قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن سعيد، قال: أخبرنا أحمد بن مطرف، قال: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 أخبرنا سعيد بن عثمان الأعناقي، وذكر خبراً؛ وأخبرنا أبو محمد على بن أحمد، قال: حدثنا عبد الرحمن بن سلمة، قال: أخبرنا أحمد ابن خليل، قال: حدثنا خالد بن سعيد، قال: سمعت سعيد بن عثمان العناقي، وذكر خبارً؛ وأخبرنا أيضاً أبو محمد بهذا الإسناد إلى خالد بن سعد، قال: حدثني أحمد ابن خالد، وسعيد بن عثمان العناقي، قالا: سمعنا يحيى بن عمر يقول: سمعت أبا المصعب أحمد بن أبي بكر الزهري يقول: رأيت مالك بن أنس يرفع يديه إذا قال: سمع الله لمن حمده، على حديث ابن عمر، فصح أنهما جميعاً يقالان، إلا أنى رأيت في أكثر الروايات الأعناق، وأظنه منسوباً إلى موضع يقال له عناق، وأعناق كما يقال عندنا لبيرة وإلبيرة، وينسب إليهما بالوجهين جميعاً، ويفتح العين أيضاً. سعيد بن عثمان بن مروان القرشي المعروف بالبلينه، ويقال له: ابن عمرون أيضاً، وقد اختلف على في نسبه، فقيل: سعيد بن محمد، وقيل: ابن مروان، وقيل: غير ذلك، والذي بدأنا به أصح عندنا والله أعلم؛ وهو شاعر من شعراء الدولة العامرية؛ وله من كلمة أولها: ذكر العقيق ومنزلاً بالأبرق ... فكفاه ما يلقى الفؤاد وما لقى ردت إليه صبابة ردته من ... فرط التوقد كالذبال المحرق وفيها: من لى بمن تأبى الجفون لفقده ... في الدهر ألا تلتقى أو نلتقي ريم يروم وما اجترمت جريمة ... قتلى ليتلف من بقائي ما بقى لم يلق قلبي قط من لحظاته ... إلا بسهم للحتوف مفوق وإذا رماني عن قسبي جفونه ... لم أدر من أي الجوانب أتقى وهي طويلة، وفيها نسيب رقيق، ومدح مفرط الحسن في المنصور أبي عامر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 محمد ابن أبي عامر؛ فأخبرني أبو محمد على بن أحمد: أن المنصور أبا عامر محمد بن أبي عامر تذكر هذه القصيدة القافية لسعيد في يوم السبت لاثنتى عشرة ليلة خلت من شهر رمضان سنة إحدى وثمانين وثلاث مائة، أو ذكرت بين يديه، وقد كان مدحه بها قديماً فأعجبته وأتبعها بعض من كان في المجلس ذكراً جميلاً واستحسانا، وأنشدوا محاسنها فأمر له بثلاث مائة دينار. سعيد بن عثمان أبو عثمان النحوي الأديب، يروى عن قاسم بن أصبغ وأحمد بن دحيم بن خليل، روى عنه أبو عمر بن عبد البر النمري. سعيد بن عبدوس اندلس، يعرف بالجدي تصغير جدى، رحل فسمع من مالك بن أنس، ورجع فمات بالأندلس سنة ثمانين ومائة. سعيد بن فحلون بن سعيد أبو عثمان، يروى عن ابي عبد الرحمن النسائي، وعن محمد بن وضاح، وعن أبي سعيد عبد الرحمن بن عبيد البصرى، وعن إبراهيم ابن قاسم بن هلال، وعن يوسف بن يحيى الأزدي المغامى، وحكى أنه سمع من ابن وضاح بقرطبة سنة أربع وسبعين ومائتين، روى عنه الحسين بن يعقوب البجاني وغيره، وحكى الحسين: أنه سمع منه سنة إحدى وأربعين وثلاث مائة، ويقال له: سعيد ابن فحل أيضاً. أخبرنا أبو العباس أحمد بن عمر بن أنس، قال: حدثنا الحسين بن يعقوب، قال: سعيد بن فحلون، قال: حدثنا يوسف بن يحيى المغامى، وقال: حدثنا عبد الملك ابن حبيب السلمى، قال: حدثني مطرف عن ابن أبي الزناد: أن إبراهيم بن عقبة، حدثه أنه سمع عمر بن عبد العزيز بالمدينة في يوم فطر أو أضحى يوم الجمعة على المنبر، وهو يقول: أيها الناس: إن هذين العيدين قد اجتمعا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى بالناس، ثم قال: من أحب من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 أهل العالية أن يقعد عن الجمعة فهو في حل، ثم حلل عمر بن عبد العزيز يومئذ الناس، وفيهم فقهاء بالمدينة القاسم وسالم، وسعيد بن المسيب، وعروة، وسليمان بن يسار، وأبو بكر ابن عبد الرحمن، وخارجة بن زيد، فما أنكروا ذلك. سعيد بن فتحون أبو عثمان السرقسطى، له أدب، وعلم وتصرف في حدود المنطق، يعرف بالحمار وهو مشهور، وقد ذكره أبو محمد على بن أحمد وذكر لنا: أن من شعره في ذم الناس للمنطق: ظلموا ذا الكتاب إذ وصفوه ... بالذي ليس فيه إذ جهلوه لو دروا حقه لما أنكروه ... أو دروا فضله إذن فضلوه كذبوا والإله لو عرفوه ... لنفوا عنه كل ما نحلوه سعيد بن القزاز، يروى عن أحمد بن محمد بن عبد ربه، روى عنه أبو عمر بن عفيف. ذكره أبو محمد على بن أحمد. سعيد بن مسعدة، حجارى من أهل وادي الحجارة، محدث مات سنة ثلاث وسبعين ومائتين، وقيل مات سنة ثمان وثمانين والله أعلم. سعيد بن مقرون بن عفان بن مقرون بن مالك بن عبد الله اليحصبى التطيلي من أهل تطيلة، ثغر من ثغور الأندلس، محدث له رحلة وطلب، ذكره محمد بن حارث الخشنى. سعيد بن أبي مخلد الأزدي، أديب شاعر، أدركت زمانه وأظنه عريبا. رأيت من شعره في الأمير الموفق أبي الجيش مجاهد بن عبد الله العامري قصيدة أنشدنيها له أبو بكر عبد الله بن حجاج الإشبيلي، ومنها: أرى زمناً فيه المنافق نافق ... وذو الدين فيه باير البز كاسده الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 ترى المرء حلواً الرواء فإن تصل ... إلى طعمه تأجن عليك موارده وما الناس إلا الحلم والعقل والتقى ... وإلا فسيان المسود وسائده أما وأبى لولا المقادير لم يفز ... بليد ويخفق ثاقب الرأى راشده ولكنه حكم من الدهر ناقد ... فلا الحزم داعيه ولا العجز طارده سعيد بن نمر بن سليمان بن الحسن الغافقي بيرى من أهل بيرة، من شرق الأندلس، سمع يحيى وسعيد بن حسان، وعبد الملك ابن الحسن المعروف بزونان، وعبد الملك بن حبيب السلمى، ورحل فسمع سحنون بن سعيد وغيره، روى عنه حى بن مطهر، وغيره. مات بالأندلس سنة تسع وستين ومائتين. سعيد بن نصر بن عمر بن خلف، أندلس حافظ، رحل وطوف البلاد، ودخل خراسان، سمع من أبي سعيد بن الأعرابي وإسماعيل الصفار، وأبى بكر أحمد بن كامل بن شجرة، وعبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس الأصبهاني، مات ببخارى يوم الأربعاء لإحدى عشرة ليلة خلت من شعبان سنة خمسين وثلاث مائة. ذكره أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان بن كامل البخارى غنجار في تاريخ بخارى. سعيد بن نصر أبو عثمان، محدث فاضل أديب، سمع أبا محمد قاسم بن أصبغ البياني، وأحمد بن مطرف بن عبد الرحمن، صاحب الصلاة، ووهب بن مسرة، وأحمد بن دحيم بن خليل، وأبا بكر محمد بن معاوية القرشي المعروف بابن الأحمر، روى عنه أبو بكر أحمد بن محمد بن عيسى البلوى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 234 غندر وأبو عمران الفاسي موسى بن عيسى ابن أبي حاج فقيه القيروان، والفقيه الحافظ أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر، فذكره وأثنى عليه وقال: سعيد بن نصر يعرف بابن أبي الفتح، كان أبوه من كبار موالى عبد الرحمن الناصر المقدمين عنده، ونشأ أبو عثمان فطلب الأدب وبرع فيه، ثم لازم شيوخ قرطبة: قاسم بن أصبغ، وبن أبي دليم، ووهب بن مسرة، وأحمد بن دحيم، وكتب فأحين التقييد والضبط، وكان من أهل الدين ولورع والفضل، معرباً فصيحاً. هذا آخر كلام ابن عبد البر. أخبرنا أبو عمر بن عبد البر، قال: أخبرنا أبو عثمان سعيد بن نصر بكتاب المجتبي لقاسم بن أصبغ عن قاسم. سعيد بن أبي هند، يروى عن مالك بن أنس، ذكره محمد بن حارث الخشنى في كتابه، وزعم أن مالكا رحمه الله كان يقول لأهل الأندلس إذا قدموا عليه: ما فعل حكيمكم ابن أبي هند؟ سعيد بن يحيى بن إبراهيم بن مزين مولى رملة ابنة عثمان بن عفان رضى الله عنه، مات بالأندلس سنة ثلاث وسبعين ومائتين. سعيد بن يحيى الخشاب محدث وشقى من أه لو شقة، مات بالأندلس سنة ثمان عشرة وثلاث مائة. من اسمه سعدون سعدونبن إسماعيل مولى جذام الريى، من أهل رية، مات بالأندلس سنة خمس وتسعين ومائتين. سعدون بن طالوت، محدث كانت له رحلة وسماع، وعمر حتى زاد على المائة، مات بال، دلس سنة أربع عشرة وثلاث مائة. سعدون بن عمر الريى، أديب شاعر، كان في زمن عبد الرحمن الناصر، ورأيت من أشعاره في سعيد بن المنذر غيره قصيدة، ومن تشبيه في بعضها: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 منعمة يصبوا إليها أخو النهى ... ومن حسن أروى ما يجن وما يصبى ترى البدر منها طالعاً وكأنما ... يحول وشاحاها على لؤلؤ رطب بعيدة مهوى القرط مخطفة الحشا ... ومفعمة الخلخال مفعمة القلب من اللائى لم يرحلن فوق رواحل ... ولا قمن قرباً من ركاب ولا ركب ولا أبرزتهن المدام لنشوة ... وشدو كما يشدوا القيان على الشرب أفراد الأسماء سعدان بن إبراهيم الريى من أهل رية، سمع أهل بلده، مات قريباً من سنة ست عشرة وثلاث مائة. سكن بن سعيد، أديب أخبارى له كتاب في طبقات الكتاب بالأندلس، ذكره أبو محمد على بن أحمد. سلمة بن سعيد الإستجى، محدث له رحلة وطلب، سمع أبا بكر محمد بن الحسين الآجرى بمكة، وأبا محمد الحسن بن رشيق بمصر، روى عنه شيخنا أبو عمر ابن عبد البر النمرى. أخبرنا أبو عمر بن عبد البر، قال: أخبرنا سلمة بن سعيد الإستجى بكتاب التأمين خلف الإمام وشرح قصيدة ابن أبى داود عن أبي بكر الآجرى، وهما من تأليفه. سالم بن عبد الله بن أبا بالقصر وتشديد الباء، روى عن محمد بن أحمد العتبى، ويحيى بن إبراهيم بن مزين، أندلسى مات بها سنة عشر وثلاث مائة. سهل بن عبد الرحمن، أندلسى مات بها سنة ست وعشرين وثلاث مائة، ذكره أبو سعيد. سلمان بن قريش القاضي، ولى قضاء بطليوس وصلاتها، روى عن على بن عبد العزيز، مات في سنة تسع وعشرين وثلاث مائة. السمح بن مالك الخولاني الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 ثم الحياوى أمير الأندلس، استشهد في قتال الروم بالأندلس في ذى الحجة يوم التروية سنة ثلاث ومائة. سبرة بن مذكر التميمي لبيرى، محدث، ذكره محمد بن حارث الخشنى وقال: إنه مات بالأندلس سنة أربع عشرة وثلاث مائة. سيد أبيه المرادى الزاهد، محدث من أهل إشبيلية، روى عن محمد بن وضاح مات بالأندلس سنة خمس وعشرين وثلاث مائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 باب الشين من اسمه شهيد شهيد بن عيسى بن شهيد من أجداد بنى شهيد بيت الوزير أبي عامر أحمد بن عبد الملك بن أحمد بن عبد الملك بن شهيد، أديب شاعر، ذكر له سلمة بن محمد بن عمر شعراً يفخر فيه بقيس. شهيد بن مفضل، شاعر أديب ومن شعره في الورد: لا كان هذا الورد إلا ناضراً ... وسقى حدائقه الغمام مباكرا قبلته لا أمترى في أنني ... قبلت بالتخجيل خداً سافراً وشممت نفحة ريحه فكأنني ... طيباً تنسمت الحبيب العاطرا فدفعت في نحر البعاد بقربه ... ووصلت بالإكراه إلفى الهاجرا أفراد الأسماء شعيب بن سهل، أندلسي محدث، سمع من محمد بن عبد الله بن عبد الحكم. ذكره أبو سعيد. شبطون بن عبد الله الأنصاري، يروى عن مالك بن أنس، فقيه ولى القضاء بطليطلة من بلاد الأندلس، ذكره محمد بن حارث الخشنى فقال: إن موته كان سنة ثنتى عشرة ومائتين. شمر بن نمير أبو عبد الله مولى لبنى أمية، ثم لآل سعد بن العاصي. صار إلى الأندلس وبها توفي، وله بها عقب فيهم أدب ورياسة؛ ومنهم: عبد الله بن شمر الشاعر، قال: ابن يونس: وشمر هذا منكر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 الحديث، روى عنه نافع بن يزيد، وعبد الله بن وهب. شكوج، أندلسي محدث لم ينسب بأكثر من هذا، وأظنه لقباً، سمع يحيى بن إبراهيم بن مزين، وحدث بالأندلس، وفيها مات سنة ثمانين ومائتين، وكان رجلاً صالحاً. شبيب الأندلس، روى عنه سعيد بن عفير في الأخبار. قاله أبو سعيد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 باب الصاد صالح بن محمد المرادى أبو محمد، يعرف بابن الوركاني، وشقى محدث، مات بالأندلس سنة اثنتين وثلاث مائة. صاعد بن الحسن الربعي اللغوي أبو العاء، ورد من المشرق إلى الأندلس في أيام هشام بن الحكم المؤيد وولاية المنصور أبي عامر محمد بن أبي عامر في حدود الثمانين وثلاث مائة، وأظن أصله من ديار الموصل، ودخل بغداد، وكان عالماً باللغة والآداب والأخبار، سريع الجواب، حسن الشعر، طيب المعاشر، فكه المجالسة ممتعا، فأكرمه المنصور، وزاد في الإحسان إليه والإفضال عليه، وكان مع ذلك محسناً للسؤال، حاذقاً في استخراج الأموال طباً بلطائف الشكر. أخبرني بعض المشايخ بالأندلس أن أبا العلاء دخل على المنصور أبي عامر يوماً في مجلس أنس وقد كان تقدم فاتخذ قميصاً من رقاع الخرائط التي وصلت إليه فيها صلاته، ولبسه تحت ثيابه، فلما خلا المجلس ووجد فرصة لما أراد تجرد وبقى في القميص المتخذ من الخرائط فقال له: ما هذا؟ فقال: هذه رقاع صلات مولانا اتخذتها شعاراً وبكى وأتبع ذلك من الشكر بما استوفاه، فأعجب ذلك المنصور وقال له؛ لك عندي مزيد، وكان قد نفق عليه. ومما ألف له: كتاب الفصوص على نحو كتاب النوادر لأبي على القالي وكتاباً آخر على مثال كتاب الخزرجي أبى السرى سهل به أبي غالب سماه كتاب الهجفجف بن غدقان بن يثربى مع الهنوت بنت مخرمة بن أنيف، وكتاباً آخر في معناه سماه كتاب الجواس بن قعطل المذحجى مع ابنة عمه عفراء. قال لي أبو محمد على بن أحمد: وهو كتاب مليح جداً، وكان المنصور أبو عامر كثير الشغف بكتاب الجواس حتى رتب له من يخرجه أمامه في كل ليلة، ويقال إن أبا العلاء لم يحضر بعد موت المنصور الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 مجلس أنس لأحد ممن ولى الأمور بعده من ولده، وادعى وجعاً لحقه في ساقه لم يزل يتوكأ به على عصا، ويعتذر به في التخلف عن الحضور والخدمة، إلى أن ذهبت دولتهم، وفي ذلك يقول في قصيدته المشهورة في المظفر أبي مروان عبد الملك بن المنصور أبي عامر محمد بن أبي عامر، وهو الذي ولى بعد أبيه وأولها: إليك حدوت ناجيه الركاب ... محملة أماني كالهضاب وبعت ملوك أهل الشرق طراً ... بواحدها وسيدها اللباب وفيها: إلى الله الشكية من شكاة ... رمت ساقي وجل بها مصابى وأقصتني عن الملك المرجى ... وكنت أرم حالي باقترابي ومما استحسن له قوله فيها: حسبت المنعمين على البرايا ... فألفيت اسمه صدر الحساب وما قدمته إلا كأني ... أقدم تالياً أم الكتاب وأخبرني أبو محمد على بن الوزير أبي عمر احمد بن سعيد بن حزم: أنه سمع أبا العلاء صاعد بن الحسن ينشد هذه القصيدة بين يدي المظفر في يوم عيد الفطر سنة ست وتسعين وثلاث مائة، قال أبو محمد: وهو أول يوم وصلت فيه إلى حضرة المظفر، ولما رآني أبو العلاء أستحسنها وأصغى إليها كتبها لي بخطه، وأنفذها إلى؛ وكان أبو العلاء كثيراً ما تستغرب له الألفاظ، ويسأل عنها فيجيب فيها بأسرع جواب على نحو ما يحكى عن أبي عمر الزاهد، ولولا أن أبا العلاء كان كثير المزاج لما حمل إللا على التصديق، وقد ظهر صدقه في بعض ما قال. ومما يحكى عنه أنه دخل على المنصور أبي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 عامر وبيده كتاب ورد عليه من عامل له في بعض البلاد اسمه مبرمان بن يزيد يذكره فيه القلب والتزبيل وهما عندهم من معاناة الأرض قبل زراعتها، فقال له: أبا العلاء! قال: لبيك يا مولانا، قال: هل رأيت يما وقع إليك كتاب الوقالب والزوالب لمبرمان بن يزيد؟ فقال: أي والله يا مولانا رأيته ببغداد في نسخة لأبي بكر بن دريد بخط كأكرع النمل، في جوانبها علامات الوضاع هكذا. هكذا. فقال له: أما تستحي أبا العلاء من هذا الكذب، هذا كتاب عاملنا ببلد كذا وكذا، واسمه كذا يذكر فيه كذا للذي تقدم ذكره، وإنما صنعت هذا تجربة لك، فجعل يجلف له أنه ما كذب، وأنه أمر وافق وقال له المنصور مرة أخرى وقد قدم طبق فيه تمر: ما التمر كل في كلام العرب؟ فقال: يقال تمر كل الرجل يتمر كل تمر كلاً إذا التف في كسائه. ولد من هذا كثير، ولكنه كان عالماً. حدثني أبو محمد علي بن أحمد، قال: حدثني الوزير أبو عبدة حسان بن مالك ابن أبي عبد الله العاصمي النحوي، قال: لما قدم صاعد بن الحسن اللغوي على المنصور أبي عامر محمد بن أبي عامر جمعنا معه فسألناه عن مسائل من النحو غامضة، فقصر فيهان فلما رآه ابن أبي عامر كذلك قال: دعوه فهو من طبقتي في النحو أنا أناظره، قال: ثم سألنا صاعد فقال: ما معنى قول امرئ القيس: كأن دماء الهاديات بنحره ... عصارة حناء لشيب مرجل فقلنا: هذا واضح، وإنما وصف فرساً أشهب عقرت عليه الوحش فتطاير دمها إلى صدره فجاء هكذا، فقال صاعد: سبحان الله! أنسيتم قوله قبل هذا في وصفه: كميت يزل اللبد عن حال متنه ... كما زلت الصفواء بالمتنزل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 قال: فبهتنا والله، وكأننا لم نقرأ هذا البيت قط، واضطرنا إلى سؤاله عنه، فقال: إنما عنى أحد وجهين إما أنه تغشى صدره بالعرق، وعرق الخيل أبيض فجاء مع الدم كالشيب، وإما شيئاً كانت العرب تضنعه، وهو أنها كانت تسم باللبن الحار في صدور الخيل، فيتمعط ذلك الشعر وينبت مكانه شعر أبيض فأيا ما عنى من أحد الوجهين فالوصف مستقيم. قال أبو محمد: وحدثني أبو الخيار مسعود بن سليمان بن مفلت الفقيه، أن أبا العلاء صاعداً سأل جماعة من أهل الأدب في مجلس المنصور أبي عامر عن قول الشماخ: دار الفتاة التي كنا نقول لها ... يا ظبية عطلا حسانه الجيد تدنى الحمامة منها وهي لاهية ... من يانع المرد قنوان العناقيد فقالوا: هي الحمامة تنزل على غصن الأراكة والكرم فتثقله، فتتمكن الظبية منه فترعاه، فأنكر ذلك عليهم صاعد، وقال: إن الحمامة في هذا البيت هي المرأة وهي اسم من أسمائها فأراد أن هذه الجارية المشبهة بالظبية إذا نظرت في المرآة أدنت المرآة منها في المنظر شعرها الذي هو كقنوان العناقيد من يانع الكرم أو المرد فرأته. قال لنا أبو محمد على بن أحمد: ومن عجائب الدنيا التي لا تكاد تتفق مثلها أن صاعد ابن الحسن اللغوي أهدى إلى المنصور أبي عامر أيلاً وكتب معه بهذه الأبيات: يا حرز كل مخوف وأمان ك ... ل مشرد ومعز كل مذلل جدوك أن تخصص به فلأهله ... وتعم بالإحسان كل مومل كالغيث طبق فاستوى في وبله ... شعث البلاد مع المراد المبقل الله عونك ما أبرك بالهدى ... وأشد وقعك في الضلال المشغل ما أن رأت عيني وعلمك شاهدى ... شروى علائك في معم مخول الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 أندى بمقربة كسرحان الفضا ... ركضاً وأوثر في مثار القسطل مولاى مؤنس غربتي متخطفى ... من ظفر أيامى ممنع معقلى عبد نشلت بضبعة وغرسته ... في نعمة أهدى إليك بايل سميته غرسية وبعثته ... في حبله ليتاح فيه تفاؤلى فلئن قبلت فإن أسنى نعمة ... أسدى بها ذو منحة وتطول صبحتك غادية السرور وجللت ... أرجاء ربعك بالسحاب المخضل فقضى في سابق علم الله عز وجل وتقديره: أن غرسية بن شايخه من ملوك الروم، وهو أمنع من النجم، أسر في ذلك اليوم بعينه الذي بعث فيه صاعد بالأيل، وسماه غرسية تفالاً بأسره؛ هكذا فليكن الجد للصاحب والمصحوب، وكان أسر غرسية في ربيع الآخر سنة خمس وثمانين وثلاث مائة. خرج أبو العلاء صاعد في أيام الفتنة من الأندلس وقصد صقلية فمات بها قريباً من سنة عشر وأربع مائة فيما بلغني عن سن عالية. صعصعة بن سلام أندلسي فقيه من أصحاب الأوزاعي، وهو أول من أدخل الأندلس مذهب الأوزاعي؛ مات سنة اثنين وتسعين ومائة، قاله أبو محمد علي ابن أحمد. وقال أبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد بن يونس: إن صعصعة بن سلام دمشقي يكن أبا عبد الله، قدم مصر وروى عن الأوزاعي؛ ويروى عنه من أهل مصر فيما علمت موسى بن ربيعة الجمحى، ثم صار إلى الأندلس وكتب عنه فيما هنالك، ولم يزل بالأندلس إلى زمان هشام بن عبد الرحمن؛ وتوفي بها قريباً من سنة ثمانين ومائة. وقال: كان أول من أدخل الحديث الأندلس. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 هذا آخر كلامه فيه، ولعل أبا محمد على بن أحمد نسبه إلى الأندلس لاستقراره فيها. صالح بن عبد الله بن سهل بن المغيرة، أندلسي حدث عن أبي عمر أحمد بن محمد الرعيني، عن عبد الله بن يحيى ابن يحيى، عن أبيه، عن مالك، وكان بدمشق. قاله أبو محمد عبد الغني بن سعيد الحافظ. الصباح بن عبد الرحمن بن الفضل بن عميرة الكناني ثم العتقى أندلسي يكنى ابا الغصن، روى عن يحيى بن يحيى بن كثير الليثي، وأصبغ ابن الفرج بن سعيد بن نافع الفقيه، وابى مصعب الزهرى، ويحيى بن بكير. ذكره الخشنى محمد بن حارث، وقال: توفى سنة خمس وتسعين ومائتين، وهو ابن خمس ومائة سنة. صهيب بن منيع أندلسي يروى عن أهل بلده قرطبة، ولى القضاء بها، ومات في أيام عبد الرحمن الناصر سنة ثمان عشرة وثلاث مائة. حدثني أبو محمد علي بن أحمد، قال: حدثني أبو عبد الله محمد بن عبد الأعلى بن هاشم القاضي المعروف بابن الغليظ: أن صهيب بن منيع كان نقش خاتمة: يا عليماً كل غيب ... كن رؤفاً بصهيب وأنه كان يشرب النبيذ لعله كان يذهب مذهب أهل العراق، فشرب مرة عند الحاجب موسى بن حدير، وكان من عظماء الدولة الأموية، فلما غفل أمر بختلاس خاتمه، وأحضر نقاشاً، فنقش تحت البيت المذكور: واستر العيب عليه ... إن فيه كل عيب ورد الخاتم إليه وختم القاضي به زماناً حتى فطن له. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 باب الصاد ضمام بن عبد الله بن بجبة أبو عبد الله العامري مولى لهم، محدث من أهل بجانة، مات نحو سنة عشرين وثلاث مائة. باب الطاء من اسمه طاهر طاهر بن محمد المعروف بالمهند البغدادي، يقال إنه من ولد أحمد بن أبي طاهر صاحب تاريخ بغداد، كان أديباً شاعراً متقدماً، ومن شعراء الدولة العامرية، وفد على المنصور أبي عامر محمد بن أبي عامر، وحظى بالأدب عنده؛ أنشدني له أبو محمد علي بن أحمد إلى المنصور أبي عامر يستأذن في الوصول إليه: أتيت أكحل طرفى ... في نور وجهك لحظة ولا أزيدك بعد ال ... تسليم والشكر لفظة وله من قصيدة طويلة: متى أشكر النعمى التي هي جنتي ... ففي ظلها أمسى وفي ضوئها أضحى إذا قلت قد جازيت بالكشر نعمة ... شفعت بأخرى منك دائمة السفح فحمدى لا ينأى وفضلك لاينى ... وأرضى لا تصدى وأفقك لا يضحى وشكرى يشكو الضعف مما بهظته ... ويجزع من ثقل ألم به برح ولو أن في غير اللسان دلالة ... لصاح به ودى وقام به نصحى ولكن في الفحوى دليلاً على الذي ... يسر ذوو النجوى من الجد والمزج وقد حكيت عنه أخبار تشبه أخبار الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 الفكرية، وتقابل طريقة الحلاج، وغلو في ذلك يسئ الظن به والله أعلم. طاهر بن حزم مولى بني أمية من أهل طرطوشة، روى عن يحيى بن يحيى ابن كثير الليثي وغيره، مات بالأندلس سنة خمس وثمانين شهيداً في المعترك. طاهر بن عبد العزيز الرعيني أبو الحسن، محدث من أهل قرطبة سمع من محمد بن إسماعيل الصائغ الكبير، ومن محمد بن علي بن يزيد الصائغ الصغير، ومن علي بن عبد العزيز كتب أبي عبيد، ومن أبي يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن عباد الدبرى، ذكره محمد بن حارث الخشني فقال: إنه مات سنة أربع وثلاث مائة، وكان رجلاً فاضلاً فهماً عارافً باللغة، روى عنه خالد بن سعد. أخبرنا أبو محمد علي بن أحمد الفقيه، قال: حدثنا عبد الرحمن بن سلمة، قال: أخبرني أحمد بن خليل، قال: حدثنا خالد بن سعد، قال: حثدنا طاهر بن عبد العزيز، قال: حدثنا أبو القاسم مسعدة العطار بمكة، وقد سمعت طاهراً وأحمد بن خالد يحسنان الثناء عليه، قال: حدثنا الحزامى يعنى إبراهيم بن المنذر، قال: نا عمر بن عصام، قال طاهر: وكان ثقة، عن مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر، قال: " العلم ثلاث: كتاب الله الناطق، وسنة ماضية، ولا أدرى ". أفراد الأسماء طيب بن محمد بن هارون بن عبد الرحمن بن الفضل بن عميرة الكناني، ثم العتقي أبو القاسم التدميري منأهل تدمير من أعمال شرق الأندلس، روى عن الصباح بن عبد الرحمن، ويحيى بن عون الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 بن يوسف الخزاعى، وغيرها، مات بها سنة ثمان وعشرين ثلاث مائة. طارق بن عمرو، ويقال: ابن زياد، هو أول من غزا الأندلس سنة اثنتين وتسعين من الهجرة، وافتتح كثيراً منها ثم لحق بها موسى بن نصير ونقم عليه، إذ غراها بغير إذنه، وسجنه وهم بقتله، ثم ورد عليه كتاب الوليد بن عبد الملك بإطلاقه وترك الترعض له، فأطلقه وخرج معه إلى الشام. طوق بن عمرو بن شبيب التغلبي جياني من أهل جيان، محدث له رحلة وطلب مات بالأندلس سنة خمس وثمانين ومائتين. طليب بن كامل اللخمي يكنى أبا خالد، وهو أيضاً عبد الله بن كامل، له اسمان ولعل طليباً لقب له وهو أندلسي سكن الأسكندرية، روى عنه عبد الله بن وهب، مات سنة ثلاث وسبعين ومائة. ذكره أبو سعيد بن يونس. لم أجد في حرف الظاء شيئا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 باب العين من اسمه عبد الله عبد الله بن محمد بن زرقون السرقسطي بالزاي المقدمة على الراء، محدث روى عن أصبغ بن الفرج، روى عنه محمد بن وضاح وأثنى عليه. أخبرنا أبو محمد بن حزم الحافظ، قال: حدثنا الكناني، قال: نا أحمد بن خليل، قال: حدثنا خالد بن سعد، قال: حدثني محمد بن مسور، قال: حدثنا محمد بن وضاح، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن زرقون السرقسطي، قال خالد، وكان ثقة، وكان ابن وضاح يحسن الثناء عليه، قال: حدثنا أصبغ بن الفرج، قال: سمعت ابن وهب يقول: ما يحل لأحد يرد شيئاً بغير علم، ولا يقول شيئاً بغير ثبت، قال: ولقد سمعت مالكاً يقول: " والله ما أحب أن تكتبوا عني كل ما تسمعون مني ". قال ابن وهب: ولو عرضنا على مالك كل ما كتبنا عنه لمحا ثلاثة أرباعه. عبد الله بن محمد بن خالد بن مرتبيل مولى عبد الرحمن بن معاوية ابن هشام، أول أمراء بني أمية بالأندلس، وكان عبد الله بن محمد فقيها مات سنة إحدى وستين ومائتين. عبد الله بن محمد بن عبد الله بن بدرون الحضرمى أندلسي سمع ببلده ورحل ومات بالأندلس سنة إحدى وثلاث مائة. عبد الله بن محمد بن أبي الوليد، أندلسي سمع من محمد بن سحنون، وأحمد ابن عبد الله بن صالح، مات بالأندلس قريباً من سنة عشر وثلاث مائة. روى عنه خالد بن سعد. أخبرنا أبو محمد علي بن أحمد، قال: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 حدثنا الكناني، حدثنا أحمد بن خليل، قال: حدثنا خالد بن سعد، قال: حدثني عبد الله بن محمد بن أبي الوليد، وكان من الخاشعين، قال: رأيت أبا الحسن أحمد بن عبد الله بن صالح الكوفي يرفع يديه عند كل خفض ورفع؛ قال عبد الله: وأخبرني أحمد بن عبد الله بن صالح، قال: رأيت محمد بن عبد الله بن تمير وأحمد بن حنبل، وعلى المديني، يرفعون أيديهم، وقد قيل فيه عبد الله بن أبي الوليد ينسب إلى جده. وقد أعدناه في موضعه ونبهنا عليه. عبد الله بن محمد بن حنين مولى بني أمية أندلسي، كنيته أبو محمد ويعرف بابن أخي ربيع، روى عن عبيد الله بن يحيى بن يحيى الليثي. كتب عنه أبو سعيد ابن يونس بمصر،: قال: وقال لي أصغ الأندلسي: إنه مات بها في سنة ثلاث وعشرين، وفي موضع آخر عنه: سنة اثنتين وعشرين وثلثمائة. عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن عاصم بن مسلم الثقفي أندلسي يروى عن أبي الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح، مات بالأندلس بعد سنة ثلاث مائة. عبد الله بن محمد بن القاسم أبو محمد أندلسي، روى عنه أبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد بن يونس المصري. عبد الله بن محمد علي أبو محمد المعروف بالباجي أصله من باجة القيروان، وسكن إشبيلية، وهو فقيه محدث مكثر جليل، سمع من محمد بن عمر ابن لبابة، ومحمد بن قاسم، وأحمد بن خالد، وعبد الله بن يونس المرادي صاحب بقى ابن مخلد، ومحمد بن عبد الملك بن أيمن، والحسن بن عبد الله الزبيدي صاحب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 أبي محمد عبد الله بن علي بن الجارود، وأبي سعيد عثمان بن جرير صاحب محمد بن سحنون، وغيرهم؛ روى عنه ابنه أحمد، وأحمد بن عمر بن عبد بن عصفور، وخلف بن سعيد ابن أحمد المعروف بابن المنفوح الفقيه، وأبو عثمان سعيد بن سيد. أخبرنا الفقيه أبو عمر بن عبد البر، قال: أخبرنا خلف بن سعيد بن أحمد بمسند علي بن عبد العزيز، المنتخب عن أبي محمد الباجي، عن أحمد بن خالد، عن علي بن عبد العزيز. عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أسد الجهني البزاز، أبو محمد، سمع بالأندلس، ورحل فسمع بالحجاز ومصر والشام جماعة، منهم: أبو علي سعيد بن عثمان ابن السكن صاحب الفربرى، وأبو محمد عبد الله بن جعفر بن محمد بن الورد وأبو بكر أحمد بن محمد بن أبي الموت المكي، وأحمد بن محمد بن أشته الأصبهاني صاحب كتاب المحبر في القراآت، وأبو عبد الله محمد بن محمد بن أحمد بن عيسى بن عمر الخياش، وإبراهيم بن جامع صاحب مقدام بن داود، وأبو العباس أحمد بن إبراهيم بن محمد بن جامع السكري صاحب علي بن عبد العزيز، وحمزة بن محمد بن علي الكناني، وأبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن فراس، وأبو عبد الله محمد بن مسرور، وأبو الحكم منذر ابن سعيد القاضي بالأندلس، وغيرهم. أخبرنا عنه أبو عمر يوسف بن عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد الجهني مصنف أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي قراءة عليه، وأنا أسمع، عن أبي القاسم حمزة بن علي بن محمد بن العباس الكنانس المصري، عن أبي عبد الرحمن النسائي؛ وأخبرني الحاكم أبو بكر مصعب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 بن عبد الله، قال: أخبرني الإمام المحدث أبو محمد بن أسد، قال: أعطيت بوادي القرى ثيابي لامرأة أعرابية تغسلها فغسلتها وأتت بها فدقتها بحذائي بين حجرين وهي تقول: أعط الأجير أجره وينصرف ... إن الأجير بالهوان معترف قال: فحفظت عنها الشعر وزدتها على أجرتها قيراطاً. عبد الله بن محمد بن المؤمن أبو محمد، رحل إلى العراق وغيرها، وسمع إسماعيل بن محمد الصفار، وأبا بكر محمد بن بكر بن عبد الرزاق المعروف بابن داسة صاحب أبي داود سليمان بن الأشعث السجستان، وأبا بكر أحمد بن جعفر بن مالك القطيعي صاحب عبد الله بن أحمد بن حنبل، وأحمد بن سلمان النجاد، ومحمد بن عثمان ابن ثابت الصيدلاني صاحب إسماعيل القاضي ونحوهم، وحدث بالأندلس، روى لنا عنه أبو عمر بن عبد البر الحافظ. عبد الله بن محمد بن عثمان، روى عن أحمد بن خالد، روى عنه أبو محمد عبد الله بن الربيع التميمي؛ قرأنا جميع مسند حماد بن سلمة من طريقه على أبي محمد الحافظ على بن أحمد، قال: أخبرنا عبد الله بن ربيع، قال: أخبرنا عبد الله بن محمد ابن عثمان، حدثنا أحمد خالد، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا حجاج بن المنهال، قال: حدثنا حماد بن سلمة. عبد الله بن محمد بن مغيث أبو محمد والد القاضي أبي الوليد يونس بن عبد الله، يعرف بابن الصفار، مشهور بالعلم والأدب، جمع في أشعار الخلفاء من بني أمية كتاباً كان أثيراً عند الحكم المستنصر. حدثني أبو محمد علي بن أحمدن قال: حدثني أبو الوليد يونس بن عبد الله القاضي، قال: لما أراد الحكم المستنصر غزو الروم سنة اثنتين وخمسين وثلاث مائة، تقدم إلى والدي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 252 بالحكون في صحبته فاعتذر بضعف في جسمه. فقال المستنصر لأحمد بن نصر: قل له إن ضمن لي أن يؤلف في أشعار خلفائنا بالمشرق والأندلس مثل كتاب الصولى في أشعار خلفاء بني العباس أعفيته من الغزاة، فخرج أحمد بن نصر إليه بذلك، فقال: أنا أفعل ذلك لأمير المؤمنين إن شاء الله، قال: فقال المستنصر: إن شاء أن يكون تأليفه له في منزله فذلك إليه، وإن شاء في دار الملك المطلة على النهر فذلك له، قال، فسأل أبي أن يكون ذلك في دار الملك، وقال: أنا رجل مورود في منزلي، وانفرادي في دار الملك لهذه الحدمة أقطع لكل شغل، فأجيب إلى ذلك، وكمل الكتاب في مجلد صالح، وخرج به أحمد بن نصر إلى الحكم المستنصر فلقيه بالمجلد بطليطلة فسر الحكم به، قال أبو الوليد بن الصفار: وفي تلك السنة مات أبي يعنى سنة اثنتين وخمسين؛ وأنشدني له أبو محمد علي بن أحمد: أتوا حسبة إن قيل جد نحوله ... فلم يبق من لحم عليه ولا عظم فعادوا قميصاً في فراش فلم يروا ... ولا لمسوا شيئاً يدل على جسم طواه الهوى في ثوب سقم من الضنى ... فليس بمحسوس بعين ولا وهم عبد الله بن محمد أبو الصخر أديب شاعر، ذكره أحمد بن فرج، ومن شعره: ديار عليها من بشاشة أهلها ... بقايا تسر النفس أنساً ومنظراً ربوع كساها المزن من خلع الحيا ... بروداً وحلاها من النور جوهراً تسرك طوراً ثم تشجيك تارة ... فترتاح تأنيساً وتشجى تذكراً عبد الله بن محمد بن فرج الجياني أخو أحمد صاحب كتاب الحدائق، وسعيد، شاعر أديب، ذكر له أخوه أحمد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 في كتابه شعراً كثيراً، وربما نسب إلى جده في الأكثر، أنشدت لعبد الله من شعره: سوالك الميت عن الحي ... ضرب من العي أو الغي ما وقفة في طلل واقف ... على البلى يسأل عن مي وله: تداركت من خطأي نادماً ... أن أرجو سوى خلقي راحما فلا رفعت صرعتي إن رفع ... ت يدي إلى غير مولاهما أموت وأشكو إلى من يمو ... ت بماذا أكفر هذا بما عبد الله بن محمد بن قاسم القلعي أندلسي محدث، له رحلة وصل فيها إلى العراق، وسمع بالبصرة من أبي إسحاق إبراهيم بن سعيد البصرى المالكي صاحب القاضي ابن بكير مؤلف أحكام القرآن. حدث بالأندلس، روى عنه عبد الله ابن أحمد بن بترى؛ وقد روى أبو سعيد بن يونس عن عبد الله بن محمد بن القاسم الأندلسي، وكناه أبا محمد، ولعله هذا. عبد الله بن محمد بن يوسف المعروف بابن الفرضى أبو الوليد القاضي، كان حافظاً متقاناً عالماً ذا حظ من الأدب وافر، سمع بأندلس من جماعة منهم: أبو زكريا يحيى بن مالك بن عايد، ومحمد بن أحمد بن يحيى بن مفرج القاضي، ومحمد ابن يحيى بن عبد العزيز المعروف بابن الخراز، ومحمد بن محمد بن أبي دليم، وابو أيوب سليمان بن أيوب، وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن مسعود، وبإفريقية من أبي عبد الله بن عبد الرحمن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 النفري المعروف بابن أبي زيد، وأبي الحسن علي بن محمد ابن خلف المعروف بالقابسي، وبمصر من أبي بكر احمد بن محمد بن إسماعيل المهندس، وأبي محمد بن الضرار، وبمكة من أبي يعقوب يوسف بن أحمد بن يوسف بن الدخيل الصيدلاني المكي، وسمع أيضاً من أبي عبد الله أحمد بن عمر بن الزجاج القاضي وغيره؛ وله تاريخ في العلماء والرواة للعلم بالأندلس، وكتاب كبير في المؤتلف والمختلف. أخبرنا عنه ابنه أبو بكر مصعب بن عبد الله الحاكم، وأبو عمر بن عبد البر، وأبو محمد ابن حزم، ومات مقتولاً في الفتنة أيام دخول البرابر قرطبة سنة أربعمائة. أخبرني أبو محمد علي بن أحمد، قال: أخبرني أبو الوليد بن الفرضى، قال: تعلقت بأستار الكعبة وسألت الله الشهادة، ثم انحرفت وفكرت في هول القتل فندمت، وهممت أن أرجع فأستقيل الله ذلك فاستحييت. قال أبو محمد فأخبرني من رآه بين القتلى فدنا منه فسمعه يقول بصوت ضعيف، وهو في آخر رمق: لا يكلم أحد في سبيل الله، والله أعلم بمن يكلم في سبيله، إلا جاء يوم القيامة وجرحه يثعب دماً، اللون لون الدم، والريح ريح المسك "؛ كأنه يعيد على نفسه الحديث الوارد في ذلك، قال: ثم قضى نحبه على إثر ذلك؛ وهذا الحديث في الصحيح أخرجه مسلم بن الحجاج عن عمرو بن محمد النقاد وأبي خيثمة زهير بن حرب عن سفيان، عن أبي الزناد عن الأعرج، عن أبي هريرة مسنداً عن النبي صلى الله عليه وسلم. أخبرنا أبو عمر بن عبد البر، قال: أخبرني أبو الوليد بن الفرضى بتاريخه في العلماء والرواة للعلم بالأندلس، قال: وأخبرنا عن ابن أبي زيد برسالته في الفقه، وعن أبي الحسن القابسي بكتابه المعروف بكتاب المنية الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 لذوى الفطن على غوائل الفتن أنشدني أبو محمد ابن أبي عمر اليزيدي الحافظ، قال: أندشني أبو بكر محمد بن إسحاق المهلبي لأبي الوليد عبد الله بن محمد بن يوسف بن الفرضى قصيدة قالها في طريقه إلى المشرق، وكتب بها إلى أهله، وكان قد رحل في طلب العلم وتغرب ثم حفظ وألف في المؤتلف والمختلف وغيره، وتوفي في حدود الأربع مائة مقتولاً مظلوماً في تلك الفتن: مضت لي شهور منذ غبتم ثلاثة ... وما خلتني أبقى إذا غبتم شهرا ومالي حياة بعدكم أستلذها ... ولو كان هذا لم أكن في الهوى حرا ولم يسلني طول التنائي هواكم ... بلى زادني وجداً وجدد لي ذكرى يمثلكم لي طول شروقي إليكم ... ويدنيكم حتى أناجيكم سرا سأستعتب الدهر المفرق بيننا ... وهل نافعي إن صرت أستعتب الدهرا أعلل نفسي بالمنى في لقائكم ... وأستسهل البر الذي جبت والبحرا ويؤنسني طي المراحل دونكم ... أروح على أرض وأغدو على أخرى وتالله ما فارقتكم عن قلى لكم ... ولكنها الأقدار تجرى كما تجرى رعتكم من الرحمن عين بصيرة ... ولا كشفت أيدي الردى عنكم سترا وأنشدني له أبو بكر علي بن أحمد الفقيه: إن الذي أصبحت طوع يمينه ... إن لم يكن قمراً فليس بدونه ذلى له في الحب من سلطانه ... وسقام جفنى من سقام جفونه عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري والد أبي عمر يوسف بن عبد الله الحافظ، سمع من أحمد بن مطرف وطبقته وكان يقرأ على الشيوخ ويسمع الناس الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 بقراءته ذكر ذلك الفقيه الحافظ أبو عمر ابنه. عبد الله بن محمد بن مسلمة من أهل العلم والأدب، ناقد من نقاد الشعر كان رئيساً جليلاً في أيام المنصور أبي عامر محمد بن أبي عامر ملك الأندلس كاتباً، وفي ديوانه كان زمان الشعراء في تلك الدولة، وعلى يديه كانت تخرج صلاتهم ورسومهم، وعلى ترتيبه كانت تجرى أمورهم، ذكره أبو عامر ابن شهيد وغيره. عبد الله بن محمد بن عبد الملك بن جهور من أهل الأدب والبيت الجليل، ذكره أبو محمد على بن أحمد وروى عنه. عبد الله بن أحمد بن بترى، كنيته أبو مهدي، روى عن أبي محمد عبد الله بن محمد بن قاسم القلعي، روى لنا عنه أبو الوليد هشام بن سعيد الخير بن ابن فتحون الكاتب. عبد الله بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن جعفر الأموي المعروف بالأصيل أبو محمد من كبار أصحاب الحديث والفقه، رحل فدخل القيروان، وسمع بها ثم رحل منها مع ابن ميمونة دراس بن إسماعيل الفاسي الفقيه الزاهد، ومع أبي الحسن علي ابن محمد بن خلف القابسي إلى مصر ومكة، فسمع من أبي القاسم حمزة بن محمد بن علي بن محمد بن العباس الكناني، وأبي محمد الحسن بن رشيق، ومحمد بن عبد الله بن زكرياء ابن حيوية، وغيرهم، وبمكة من جماعة، ومن أبي زيد محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد المروزي الفقيه، صحيح أبي عبد الله البخاري عن محمد بن يوسف الفربري عنه، ثم رحل إلى العراق فسمع أبا بكر الشافعي محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن عبد الله البزاز، ومحمد بن أحمد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 بن الحسن الصواف أبا علي، وحبيب بن الحسن بن داود، وأحمد ابن يوسف بن خلاد، وجماعة كثيرة من طبقتهم، وممن بعدهم ببغداد وبالكوفة والبصرة وواسط، وأكثر الجمع والرواية، ورجع إلى الأندلس، فساد في ذلك، وكان متقناً للفقه والحديث، ألف كتاباً كبيراً في الدلائل على المسائل فما قصر. وأخبرني أبو محمد القيسي الحفصوني أنه رأى للإمام أبي الحسن علي بن عمر الدارقطني، رواية عنه في بعض كتبه ومات بالأندلس قريباً من الأربع مائة. روى عنه أبو محمد علي بن أحمد والمهلب بن أبي صفرة، وغير واحد. عبد الله بن إسماعيل بن حرب حافظ أندلس، دخل المشرق روى عنه عبد الغفار بن عبيد الله بن السرى الحضيني ورأيت بخط عبد الغفار الحضيني بعض ما كتبه عن عبد الله هذا وروى عنه غير عبد الغفار ايضاً. عبد الله بن جابر ويقال ابن حاتم من الموالي، وأندلسي يروى عن عبد الله بن وهب مات بسوسة من أعمال القيروان سنة ست وخمسين ومائتين، وقيل سنة خمسين ومائتين. وقول من قال عبد الله بن جابر أصح والله أعلم. آخر الجزء والحمد لله رب العالمين. وهو آخر الجزء السادس من الأصل وصلى الله على محمد نبيه وآله. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 الجزء السابع من تجزئة الأصل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين عبد الله بن الحسن، وقيل: ابن الحر بن سعيد بن سعيد بن بشر بن عبد الملك بن عمر بن مروان بن الحكم، ذكره الخشنى محمد بن حارث وقال: إنه مات بالأندلس قريباً من سنة عشر وثلاث مائة. وفي نسخة أخرى عنه: ابن عمر بن الحكم بإسقاط مروان. والله أعلم بالصواب. عبد الله بن الحسن الزبيدي أبو محمد، أخو أبي بكر محمد بن الحسن النحوي، وكان ذا حظ من اللغة وعلم الأدب؛ حدثني أبو محمد القيسي الحافظ أن أبا الوليد محمد بن محمد بن الحسن الزبيدي أخبرهم بإفريقية عن عمه عبد الله هذا بأخبار، وكان يذكر من فضله. عبد الله بن أبي الحسين أبو بكر، أديب شاعر، رئيس من أهل بيت كبير وأصلهم من حمير، كان في زمن المنصور أبي عامر محمد بن أبي عامر، وذكره لي أبو محمد علي بن أحمد، وأخبرني أنه سمعه ينشد الوزير أبا عمر أباه قصيدة له فيه أولها: قفا إن نشر الأرض بعض نسيمه ... ومغنى الهوى هذا فمن لرسومه قفا نتذكر حسن أيام ريمه ... وما قد تولى ظاعناً من نعيمه ليالي كان الوصل فيهن طالعا ... مع البدر والمشغوف بعض نجومه عبد الله بن حكم بن العباس القرشي المرواني أبو محمد، أديب شاعر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 ممن أدركناه بزماننا، ومن شعره في صفة الربيع والمطر: تحلت بما أبدى الثرى كل تلعة ... وزخرف من در الحيا جيدها العطل نتائج أم لم تلد قط ناطقاً ... ولا كان من غير السحاب لها نجل وله: عجبت من الخيري يكتم عرفه ... نهاراً ويسرى بالظلام فيغرب تجلى عروس الطيب منه يدا الدجى ... ويبدوا له وجه الصباح فيحجب ولف في وصف كأس: هواء صيغ من ضد الهواء ... وشكل ماثل في شكل ماء إذا عاينته ملآن أخفى ... عليك إناؤه ما في الإناء وإن مزجت به كأس تبدت ... كنور الشمس في ثوب الهواء عبد الله بن حجاج أبو بكر، من أهل إشبيلية، شاعر منتجع، رأيته في حدود الثلاثين واربع مائة، وأنشدني لنفسه أشعاراً كثيرة منها: لما كتمت الحب لا عن قلى ... ولم أجد إلا البكاء والعويل ناديت والقلب به مغرم ... يا حسبي الله ونعم الوكيل عبد الله بن دينار بن واقد الغافقي، يروى عن محمد بن إبراهيم المدني وغيرعه، وهو أخو عيسى بن دينار. عبد الله بن الربيع بن عبد الله التميمي أبو محمد، سكن قرطبة، سمع أبا بكر محمد بن معاوية القرشي، وعبد الله بن محمد بن عثمان، وأبا علي إسماعيل بن القاسم القالي اللغوي، مات في سنة خمس عشرة وأربع مائة، وروى عنه أبو محمد علي ابن أحمد. أخبرنا أبو محمد، قال: حدثنا عبد الله بن ربيع، قال: أخبرنا أبو علي القالي، قال: قرأت علي أبي بكر بن دريد: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 أقول لصاحبي والعيسى تحدى ... بنا بين المنيفة والمنيفة والضمار تمتع من شميم عرار نجد ... فما بعد العشية من عرار عبد الله بن سليمان المعروف بدرود وبعضهم يصغره فيقول: دريود من أهل النحو والشعر، وله كتاب في العربية شرح به كتاب الكسائي؛ وهو مذكور في كتاب الحدائق، ومن شعره فيه: تقول من للعمى بالحسن قلت لها ... كفى عن الله في تصديقه الخبر القلب يدرك مالا عين تدركه ... والحسن ما استحسنته النفس لا البصر وما العيون التي تعمى إذا نظرت ... بل القلوب التي يعمى بها النظر عبد الله بن سعيد أبو محمد أندلسي، روى عن القاضي أبي العباس أحمد ابن محمد الكرجي، روى عنه أحمد بن عمر بن أنس العذرى. عبد الله بن عبد الرحمن بن الجحاف المعافري القاضي، فقيه محدث من أهل بيت قضاء وعلم وجلالة، ومنازلهم ببلنسية من أعمال شرق الأندلس، ذكره أبو محمد علي بن أحد وروى عنه الحديث وقال: هو أفضل قاض رأيته ديناً وعقلاً وتصاوناً مع حظه الوافر من العلم، مات قريباً من الأربع مائة. عبد الله بن الناصر عبد الرحمن بن محمد، ذكره أبو محمد علي بن أحمد، وقال: كان فقيهاً شافعياً شاعراً إخبارياً متنسكاً قال: ومن شعره: أنا فؤادي فكاتم ألمه ... لو لم يبح ناظري بما كتمه ما أوضح السقم في ملاحظ من ... يهوى وإن كان كاتماً سقمه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 ظللت أبكي وظل يعذلني ... من لم يقاس الهوى ولا علمه إليك عن عاشق بكى أسفاً ... حبيبهفي الهوى وإن ظلمه ظللت جيوش السى تقاتله ... مذ نذرت أعين الملاح دمه عبد الله بن عبد العزيز القرشي المعروف بالحجر من أولاد الحكم الربضى، أديب شاعر، أنشدني عنه أبو عبد الله بن المعلم الطليطلي، قال: أنشدني لنفسه: اجعل لنا منك حظاً أيها القمر ... فإنما حظنا من وجهك النظر رءاك ناس فقالوا إن ذا قمر ... فقلت كفوا فعندي فيهما خبر البدر ليلة نصف الشهر بهجته ... حتى الصباح وهذا دهره قمر والله ما طلعت شمس ولا غربت ... إلا وجاءت إليك الشمس تعتذر عبد الله بن عمر بن الخطاب، ولى قضاء إشبيلية وهو معروف ببلده قبل سنة ست وسبعين ومائتين. ذكره ابن يونس. عبد الله بن عثمان أبو محمد، يروى عن طاهر بن عبد العزيز، وسعد ابن معاذ، روى عنه أبو محمد مسلمة بن محمد بن البترى، وأبو إسحاق إبراهيم بن شاكر، قاله أبو عمر بن عبد البر النمري. عبد الله بن عثمان بن مروان العمري البطليوسي أبو محمد، نحوي فقيه شاعر قرأت عليه الأدب، مات قريباً من سنة أربعين وأربع مائة، ومما أنشدني لنفسه رحمه الله: عرفت مكانتي فسببت عرضي ... ولو أني عرفتكم سببت ولكن لم أجد لكم سمواً ... إلى أكرومة فلذا سكت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 عبد الله بن عاصم صاحب الشرطة، كان أديباً شاعراً سريع البديهة، كثير النوادر، ومن جلساء الأمير محمد بن عبد الرحمن، ذكره غير واحد، وحكوا أنه دخل يوماً عليه في يوم ذى غيم وبين يديه غلام حسن المحاسن جميل الزي لين الأخلاق، فقال له: يا عبد الله ما يصلح ليومنا هذا؟ فقال: عقار تنفر الذبان، وتؤنس الغزلان، وحديث كقطع الروض، قد سقطت فيه مؤنة التحفظ، وأرخى له عنان التبسط، يديرها هذا الأغيد المليح، فاستضحك الأمير، ثم أمر بمراتب الغناء وآلات الصبهاء، فلما دارت الكأس، واستمطر الأمير نوادره واستطرد بوادره، وأشار إلى الغلام أن يؤكد في سقيه، ويلح عليه، فلما أكثر رفع عبد الله رأسه إليه وقال على البديهة: يا حسن الوجه لا تكن صلفاً ... ما لحسان الوجوه والصلف يحسن أن تحسن القبيح ولا ... ترثى لصب متيم دنف فاستبدع الأمير بديهته، وأمر له ببدرة، ويقال: إنه خيره بينها وبين الوصيف فاختارها هرباً من الظنة. عبد الله بن عبيد أبو محمد شاعر مشهور ينتجع الملوك بمطولات الأشعار فيحسن، رأيته بالأندلس بعد الأربعين وأربع مائة. ومن شعره في مرقب عال: ومخترق ثوب العنان كأنما ... له حاجى فيها سما ليؤمها فأحسبه ظن المفائل زهرة ... فمد إلهيا أنفه ليشمها عبد الله بن الفرج بن جميل بن سليمان النمري، أندلسي سمع من أصبغ بن الفرج. عبد الله بن قاسم بن هلال بن يزيد بن عمران القيسي أبو محمد أندلسي مشهور بالرحلة والطلب، فقيه جليل، وكان يميل إلى القول بالظاره، ذكره محمد بن حارث الخشني فقال: مات سنة اثنتين الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 وتسعين ومائتين، وذكر فضله أبو محمد علي بن أحمد فقال: وإذا نعتنا عبد الله بن قاسم بن هلال، ومنذر بن سعيد لم نجار بهما إلا أبا الحسن بن المغلس والخلال والديباجي ورويم بن أحمد، وقد شركهم عبد الل في أبي سليمان وصحبته يعنى داود بن علي. عبد الله بن كامل، ويقال له أيضاً: طليب بن كامل ولعل طليباً لقب. كنيته أبو خالد، مات بالأسكندرية سنة ثلاث وسبعين ومائة، وكان من أهل الأندلس، يروى عن ابن وهب وقد تقدم ذكره في باب الطاء. عبد الله بن أبي النعمان، قاضي سرقسطة من أهل العلم والفضل، مات سنة خمس وسبعين ومائتين. عبد الله بن نصر الزاهد، روى عن عبد الله بن يونس المرادي صاحب أبي عبد الرحمن بقى بن مخلد، روى عنه محمد بن سعيد بن بنات. عبد الله بن أبي الوليد أندلسي، سمع محمد بن سحنون، وأحمد بن عبد الله بن صالح، مات بالأندلس قريباً من سنة عشر وثلاث مائة، روى عنه خالد بن سعد في موضع ونسبه إلى جده، كما أخبرنا أبو محمد علي بن أحمد، قال: أخبرنا الكناني، حدثنا أحمد بن خليل، حدثنا خالد بن سعد عن عبد الله بن أبي الوليد: أنه سمع أبا الحسن أحمد بن صالح الكوفي يقول: أبو النضر كان كبير الشأن بالمدينة. أتى كتاب الخليفة إلى عامل المدينة في أمر فأرسل إلى أبي النضر يشاروه في ذلك، فقال له أبو النضر: قد أتاك كتاب الله قبل أن يأتيك كتاب أمير المؤمنين، فانظر أي الكتابين أولى بك فخذ به؛ وهكذا ذكره أبو سعيد نسبه إلى جده وهو عبد الله بن محمد بن أبي الوليد، وقد ذكرناه في موضعه وذكرنا له حديثاً شاهداً بنسبه وبين ذلك خالد بن سعد في بعض رواياته عنه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 عبد الله بن واخزر. ويقال واخزن بالنون، محدث يروى عن محمد ابن وضاح، ومحمد بن عبد السلام الخشني، مات بالأندلس سنة ست وعشرين وثلاث مائة. عبد الله بن الوليد بن سعد بن بكر الأنصاري أبو محمد، أندلسي فقيه محدث زاهد، رحل من الأندلس قبل الثمانين وثلاث مائة فنفقه بالقيروان، وسمع أبا محمد ابن أبي زيد وطبقته، ورحل إلى مكة وسمع فيها كثيراً، وأقام بها مدة وبمصر، ثم انتقل إلى بيت المقدس وبها مات. عبد الله بن هذيل بن قضاعة بن قانص وقيل فايض بن شعيب الكناني أندلسي، ذكره أبو سعيد. عبد اله بن هارون الأصبحي أبو محمد اللاردى من أهل لاردة من الثغور، فقيه أديب شاعر زاهد متصاون، من أهل العلم، ذكره لي أبو الحسن علي ابن أحمد العابدي، وأنشدني له أشعاراً أنشده إياها، ومنها: كم من أخ قد كنت أحسب شهدة ... حتى بلوت المر من أخلاقه كالملح يحسب سكرا في لونه ... ومجسه ويحول عند مذاقه عبد الله بن يونس بن محمد بن عبيد الله بن عباد بن زياد المرادي، أندلسي يروى عن بقي بن مخلد، وكان من المكثرين عنه، مات بالأندلس سنة ثلاثين وثلاث مائة، روى عنه عبد الله بن نصر، وخالد بن سعد، وغير واحد. أخبرنا أبو محمد على بن أحمد، قال: أخبرنا الكناني، قال: أخبرنا أحمد ابن خليل، قال: حدثنا خالد بن سعد، قال: حدثنا عبد الله بن يونس المرادي من كتابه، قال: حدثنا بي بن مخلد، قال: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 حدثنا سحنون، والحارث ابن مسكين، عن ابن القاسم، عن مالك، أنه كان يكثر أن يقول: " إن نظن إلا ظناً وما نحن بمستيقنين ". عبد الله بن يعقوب الأعمى، يعرف بعبود، أديب شاعر، مكثر منتجع للملوك، أثير عندهم، عالم بالأدب، يقرأ عليه، كان في أيام الحكم المستنصر، ومن شعره: عز الفتى في الحياة ماله ... وذله في الورى سؤآله لا تغترر باعتدال حال ... فعن قليل يرى زواله وكل ما قد تراه حتماً ... لا بد من أن تحول حاله وأخبرني أبو محمد علي بن أحمد، أن أبا العاصي المورورى كان يقرأ على عبود شيئاً من الأدب مع جماعة ففاته مجلس من المجالس، فكتب إليه راغباً في أن يعيد له ما فاته، فأجابه: لا تأسفن أبا الاعاصي لفائتة ... فكل ما ليس من رزق الفتى فاتا كم من فتى واصل الأسفار مجتهداً ... من أرض دارين حتى حل أغماتا لم يسعف الرزق بالأقدار بغيته ... ولو أقام أتاه الرزق ميقاتا مولاك يكفيك فالزم باب رغبته ... فقد كفى الناس أحياء وأمواتا من يعتمد غيره يرجع بمحرمه ... كالمبتغى بالفلا الصحراء أحواتا عبد الله بن يوسف بن عيشون المعافرى الوشقى، فقيه مذكور بوشقة، ذكره ابن يونس، وكان حيا في وقت ذكره إياه، وقيل فيه: عبد الله بن يوسف ابن مروان بن عيشون، فالله أعلم. وعيشون بالشين المعجمة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 عبد الله بن يوسف أبو محمد، كان رجلاً صالحاً، روى عن أحمد ابن فتح التاجر، ذكره أبو محمد على بن أحمد، وروى عنه وأثنى عليه. عبد الله بن أبي عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر أبو محمد، من أهل الأدب البارع، والبلاغة الرائعة، والتقدم في العلم والذكاء، مات قبل أبيه بعد الخمسين وأربعمائة بدانية، وقد دون الناس رسائله. أنشدني له بعض أهل بلادنا: لا تكثرن تأملا واحبس عليك عنان طرفك فلربما أرسلته فرماك في ميدان حتفك من اسمه عبيد الله عبيد الله بن محمد بن عبد الملك بن الحسن بن محمد بن رزيق أوزريق بن عبيد الله ابن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أندلس، يروى عن محمد بن وضاح ابن تزيع، وجده عبد الملك هو المعروف بزونان، مات عبيد الله بالأندلس سنة سبع وتسعين ومائتين. عبيد الله بن إسماعيل بن بدر بن إسماعيل، مذكور بالأدب والشعر، وقد أورد له أحمد بن فرج في الحدائق أشعاراً كثيرة، ومنها: كنت قد أهديت ورداً فادعت ... أنه من ورد خديها سرق ومشت عجلى إلى مرآتها ... فإذا ورد كورد في الطبق عبيد الله بن عبد الملك بن حبيب السلمى، يروى عن أبيه، وكان رجلاً صالحاً فاضلاً مات بالأندلس في نيف وتسعين ومائتين. عبيد الله بن وهب وشقى من أهل وشقة محدث مات بها سنة إحدى وثلاث ومائة. عبيد الله بن يحيى بن يحيى بن كثير الليثي مولاهم أبو مروان يروى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 عن أبيه عن مالك بن أنس، وله رحلة دخل فيها العراق، وسمع بها، روى عنه أحمد ابن مطرف، وأحمد بن سعيد بن حزم الصدفي، وأبو عيسى يحيى بن عبد الله ابن أبي عيسى، وأحمد بن محمد الرعيني، وأحمد بن ثابت التغلبي، وخليل ابن إبراهيم، وعبد الله بن محمد بن حنين المعروف بابن أخي ربيع، وأبو عبد الله محمد ابن عبد الله بن عبد البر صاحب التاريخين في الفقهاء والقضاة. ومات عبيد الله بالأندلس سنة سبع وتسعين ومائتين وهو آخر من حدث عن يحيى بن يحيىئز عبيد الله بن يحيى بن إدريس الوزير أبو عثمان، كان وافر الأدب كثير الشعر جليلاً في أيام عبد الرحمن الناصر. ذكره أحمد بن فرج وأنشد له: تخلت من الورد الأنيق حدائقه ... وبان حميد الأنس والعهد رائقه أقام كرجع الطرف لم يشف غلة ... ولم يرو مشتاق الجوانح شايقه فما كان إلا الطيف زار مسلماً ... فسر ملاقيه وسيء مفارقه على الورد من إلف التصابي تحية ... وإن صرمت إلف التصابي علائقه ويهدي الخدود الناضرات انفرادها ... بورد الحياء المستجد شقائقه من اسمه عبد الرحمن عبد الرحمن بن محمد بن أبي مريم يعرف بابن السعدي، محدث أندلسي يروى عن يحيى بن يحيى بن كثير، مات سنة تسعين ومائتين. عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن محمد بن صفوان بن عبد الله بن الحكم ابن أيوب بن يوسف بن يحيى بن الحكم بن أبي العاصي أبو محمد أندلسي، سمع بقي ابن مخلد، مات بالأندلس، ذكره ابن يونس. عبد الرحمن بن محمد الأطروش شاعر مذكور. عبد الرحمن بن محمد بن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 النظام، شاعر أديب ذكره أبو عامر بن مسلمة، ولا أدري، لعله الذي قبله. عبد الرحمن بن أحمد بن حوبيل أبو بكر فقيه يروى عن محمد بن حارث الخشنى، ومحمد بن يبقى بن زرب القاضي، روى عنه أبو عمر بن عبد البر النمري. عبد الرحمن بن أحمد بن بشر أبو المطرف قاضي الجماعة بقرطبة، فقيه عالم أديب، ذكره أبو محمد على بن أحمد وأثنى عليه، وهو الذي خاطبه أبو محمد بالقصيدة البائية التي يفخر فيها بنفسه وعلومه وفيها: ولو أنني خاطبت في الناس جاهلا ... لقيل دعاو لا يقوم لها صلب ولكنني خاطبت أعلم من مشى ... ومن كل علم فهو فيه لنا حسب وناهيك بمثل هذا الوصف فيه من مثل أبي محمد. عبد الرحمن بن أحمد بن مثنى ذكره أبو محمد على بن أحمد وأنشدني، قال: أنشدني ابن مثنى: يلاحظني بلحظ بابلى ... ويفعل بي فعال السامري ويفرط في الصدود في التجنى ... كإفراط الروافض في على عبد الرحمن بن أحمد خلف أبو أحمد الفقيه من أهل طليطلة يعرف بابن الحوات، كان إماماً مختاراً يتكلم في الحديث والفقه والاعتقادات بالحجة، قوى النظر، ذكى الذهن، سريع الجواب، بليغ اللسان وله تواليف فيها تحقق به، وله مع ذلك في الأدب والشعر بضاعة قوية لقيته بالمرية، وأنشدني كثيراً من شعره ومنه: ولما غدوا بالغيد فوق جمالهم ... طفقت أنادي لا أطيق بهم همسا عسى عيسى من أهوى تجود بوقفة ... ولو كوقوف العين لا حت الشمسا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 فإن تلفت نفسي بعيد وداعهم ... فغير غريب ميتة في الهوى يأسا مات أبو أحمد بن الحوات بعد خروجي من الأندلس قريباً من سنة خمسين وأربع مائة على ما بلغني. عبد الرحمن بن إبراهيم بن عيسى بن يحيى بن يزيد بن برير أبو يزيد، وقيل أبو زيد وهو أصح، من موالى معاوية بن أبي سفيان، يعرف بابن تارك الفرس يروى عن عبد الملك الماجشون، ومطرف بن عبد الله، وأبي عبد الرحمن المقرى، وعبيد الله بن موسى وأصبغ بن الفرج، ومعاذ بن الحكم السلمى، ونحوهم، مات بالأندلس سنة ست، وقيل ثمان وخمسين ومائتين. روى عنه أبو صالح أيوب بن سليمان بن صالح، ومحمد بن عمر بن لبابة. عبد الرحمن بن إبراهيم بن عجنس بن أسباط الزيادى أبو المطرف من أهل وشقة، مات سنة أربع عشرة وثلاث مائة. عبد الرحمن بن بشر بن الصارم الغافقي أبو سعيد، وفد على سليمان ابن عبد الملك، ورجع إلى الأندلس، فاستشهد بها في قتال الروم، روى عنه بكير ابن الأشج، وعبد الرحمن بن شريح. عبد الرحمن بن حبيب بن أبي عبيدة بن عقبة بن نافع الفهري، كان مع أبيه حبيب في العساكر القاصدة لقتال خوارج البربر بنواحي طنجة، وهرب في جملة المنهزمين، ودخل الأندلس من مجاز الخضراء، قبيل دخول بلج بن بشر، وثعلبة بن سلامة، فأثار الفتن قبل قتل عبد الملك بن قطن أميرها، وكانت له في الحروب بها أخبار إلى أن وصل حسام بن ضرار الكلبي أبو الخطار أميراً عليها، ففرق جموع الفتن، ورد الأمور إلى الاستقامة، وأخرج عبد الرحمن بن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 حبيب من الأندلس إلى إفريقية بعد سنة خمس وعشرين ومائة. عبد الرحمن بن حكم الخطابي المرسي، شاعر منتجع طويل النفس غزير المادة، أنشدني عنه الشريف أبو بكر أحمد بن سليمان المرواني من قصيدة له طويلة: أهلا بمنعرج اللوى وإن التوى ... صبري به والتاث في عرصاته حيث القباب وقد طوين على المها ... كالقلب مطوياً على زفراته والمقربات وقد جنبن إلى الوغى ... كالصب يجنب طوع محبوباته فيه الصوار وقد أصار ابن الشرى ... مملوك عيناً وات إدماناته رعن الكماة بكل ربع ترتعى ... ثمر القلوب به مكان نباته وكنسن في كل القنا فكأنها ... مشتقة الحركات من حركاته ونظرن في المرآة روض جمالها ... فتنزه المرآة في زهراته عبد الرحمن بن خلف بن سعيد بن سعد، أديب شاعر، ذكره أبو محمد علي بن أحمد. عبد الرحمن بن دينار بن واقد الغافقي وهو أخو عيسى بن دينار الفقيه، يروى عن محمد بن إبراهيم بن دينار المديني، وغيره. عبد الرحمن بن سليمان البلوى أبو بكر من أهل العلم، أديب شاعر في حدود الأربع مائة، رأيت أبياتاً كتب بها إلى صديق له من أهل الكلام يمازحه ويستهديه كسوة، ومنها: أيا هضبة الآداب دعوة واله ... يناديك منبت القوى ويثوب ويأيها المشغول عن فرط لوعتي ... بشيطان أهل الطاق يلهو ويلعب ومستهتراً دوني بصالح قبة ... وذلك باب للضلال مخرب وفيها: وقد أخلقت أثواب عبدك وانطوى ... على جمرة في صدره تتلهب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 وأنت العليم الطب أي وصيته ... بها كان أوصى في الثياب المهلب عبد الرحمن بن سعيد التميمي أندلسي يكنى أبا زيد، يعرف بالجزيرى، هكذا في نسخة عبد الله بن محمد بن الثلاج من كتاب ابن يونس بالزاي والراء، وفى نسخة الصورى بحظه: يعرف بالجريرى بالرائين، روى عن أصبغ بن الفرج، وأبى زيد ابن أبي الغمر، مات في سنة خمس وستين ومائتين. عبد الرحمن بن سعيد آخر، أندلسي يروى عن زياد بن عبد الرحمن الإفريقي، يروى عنه أبو القاسم يحيى بن علي بن محمد بن إبراهيم ابن عبد الله بن هارون الحضرمي المصري. عبد الرحمن بن سلمة الكناني، يروى عن أحمد بن خليل، روى عنه أبو محمد علي بن أحمد. أخبرنا أبو محمد، قال: حدثنا عبد الرحمن بن سلمة، قال: أخبرني أحمد بن خليل، قال: حدثنا خالد بن سعد، قال: وحدثني عثمان بن عبد الرحمن بن أبي زيد، وكان صدوقاً، قال: حدثنا إبراهيم بن نصر، قال: سمعت محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، قال: أثبت الناس في مالك ابن وهب. عبد الرحمن بن شبلاق الحضرمي الإشبيلي، أبو المطراف، كذا كان يقول أبو محمد على بن أحمد باللام، ومنهم من يقول ابن شبراق بالراء، أديب شاعر مشهور كثيراً الشعر قديم، كان في أيام ابن أبي عامر، وله مع أبي عمر يوسف بن هارون الرمادى مخاطبات بالشعر، عمر طويلاً، وعاش إلى دولة بني حمود. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 حدثني أبو محمد بن حرم، قال: حدثني قاسم بن محمد، قال: حدثني إبن شبلاق، قال: رأيت في النوم كأني في مقبرة ذات أزاهير ونواوير، وفيها قبر حواليه الريحان الكثير، وقوم يشربون، فكنت أقول لهم: والله ما زجرتكم الموعظة، ولا وقرتم المقبرة، قال: فكانوا يقولون لي: أو ما تعرف قبر من هو؟ فكنت أقول لهم: لا. قال: فقالوا لي: هذا قبر أبي على الحكمي الحسن بن هاني، قال: فكنت أولى فيقولون: والله لا تبرح أو ترثيه، قال: فكنت أقول: جادك يا قبر نشاً الغمام ... وعاد بالعفو عليك السلام ففيك أضحى الظرف مستودعاً ... واستترت عنا عيون الكلام عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي وهو العكي أمير الأندلس، وليها في حدود العشر ومائة من قبل عبيدة بن عبد الرحمن القيسي صاحب إفريقية؛ وعبد الرحمن الغافقي هذا من التابعين يروى عن عبد الله، عمر بن عبد العزيز، وعبد الله بن عياض، استشهد في قتال الروم بالأندلس سنة خمس عشرة ومائة، ذكر ذلك غير واحد، وكان رجلاً صالحاً جميل السيرة في ولايته، كثير الغزو للروم، عدل القسمة في الغنائم، وله في ذلك خبر مشهور؛ أخبرنا به في الإجازة لفظاً وكتابة أبو القاسم عبد الرحمن بن المظفر بالقسطاط، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد ابن اسماعيل، قال أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن بن حلف بن قديد، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم، قال: غزا عبد الرحمن يعنى ابن عبد الله العكى إفرنجه، وهم أقاصي عدو الأندلس، فغنم غنائم كثيرة، وظفر بهم، وكان فيما أصاب رجل من ذهب مفصصة بالدر والياقوت والزبرجد، فأمر بها فكسرت، ثم أخرج الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 الخمس وقسم سائر ذلك في المسلمين الذين كانوا معه، فبلغ ذلك عبيدة يعنى بن عبد الرحمن القيسي الذي هو من قبله فغضب غضباً شديداً، وكتب إليه كتاباً يتواعده فيه، فكتب إليه عبد الرحمن: إن السموات والأرض لو كانتا رتقاً لجعل الرحمن للمتقين منها مخرجاً. عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد الهمداني الوهراني بنسبة إلى بلد بالمغرب، يقال له وهران، من أهل الحديث والرواية، رحل إلى العراق وغيرها، وسمع أبا بكر أحمد بن جعفر بن مالك بن حمدان القطيعي، وأبا إسحاق البلخي صاحب الفربرى، وأبا بكر محمد بن صالح الأبهري، وأبا العباس تميم بن محمد بن أحمد صاحب عيسى بن مسكين، وغيرهم، روى عنه الإمامان الحافظان أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر، وأبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم. عبد الرحمن بن عبد الله بن القاسم التغلبي، دخل بغداد، ذكره أبو محمد علي بن أحمد، ولم أجد له عندي الآن إلا حكاية. أخبرنا بها أبو محمد علي بن أحمد، قال: أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله التغلبي، قال: بينا أنا ماش في شارع من شوارع الكرخ ببغداد، فإذا بسقاًء في يده كأس بلور مفتوح منقوش في غاية الحسن وفيه ماء، وقد أخذ وردة في ابتداء زمان الورد، فرماها في ذلك الماء، فكان الماء يتموج فتلوح حمرة الورد مع بياض البلور، فرأيت منظراً أنيقاً فوقفت أنظر، قال: فقال لي: ماذا تنظر يا مغربي؟ فقلت: حسن هذه الوردة في هذا الإناء، قال: فقال لي: لا تعجب من حسن ذلك، ولكن أعجب من حسن قولي فيها حيث أقول: للورد عندي محل ... لأنه لا يمل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 كل النواوير جند ... وهو الأمير الأجل عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن الجحاف المعافري القاضي ببلنسية من أعمال شرق الأندلس، كنيته أبو المطرف من أهل بيت علم ورياسة، يتداولون القضاء هنالك، سمع الحديث سنة اثنتين وأربع مائة من خلف بن هاني، روى عنه ببغداد أبوالفتح نصر بن الحسن بن أبي القاسم الشاشي. عبد الرحمن بن عبيد الله من أهل الأشبونة من قرى الأندلس، يروى عن مالك بن أنس. عبد الرحمن بن عيسى بن دينار الغافقي، وهو أخو أبان بن عيسى، سمع محمد بن عبد الله بن عبد الحكم. عبد الرحمن بن عثمان الأصم شاعر من شعراء بني أمية في أيام عبد الرحمن الناصر، ومن شعره: أرى المهرجان قد استبشرا ... غداة بكى المزن واستعبرا وسربلت الأرض أفوافها ... وجللت السندس الأخضرا وهز الرياح صنابيرها ... فضوعت المسك والعنبرا تهادى به الناس ألطافهم ... وسامى المقل به المكثرا ولو كنت أهدى إلى موثلى ... عقائل ما دب فوق الثرى وقارنت أيسر آلائه ... بها لاحتقرت له الأكثرا بعثت بشكر حكى سكراً ... وإن خالف المنظر المخبرا بشين كسين بلا عجمة ... وكاف ككاف وراء كرا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 عبد الرحمن بن عثمان بن عفان الزاهد القشيري، يروى عن قاسم بن أصبغ، روى عنه أبو عمرو عثمان بن سعيد بن عثمان المقرىز عبد الرحمن بن الفضل بن عميرة بن راشد الكناني العتقي أبو المطرف، ولى القضاء بتدمير من بلاد شرقي الأندلس، روى عن عبد الله بن وهب، وعبد الرحمن بن القاسم، وغيرهما، ومات سنة سبع وعشرين ومائتين. عبد الرحمن بن الفضل بن الفضل بن عميرة بن راشد العتقي أبو المطرف، يروى عن أبيه، مات بالأندلس سنة أربع وتسعين ومائتين، وهو ابن أخي الذي قبله. عبد الرحمن بن أبي الفهد أبو المطرف أشجعي النسب من قيس مضر، من أهل إلبيرة، سكن قرطبة، له تصرف في البلاغة والشعر، وكان من شعراء الدولة العامرية، ذكره أبو عامر بن شهيد وغيره، وهذا نص كلام أبي عامر فيه، قال: وأبو المطرف بن أبي الفهد، رحل إلى العراق عنا ولم يستوف الثلاث والعشرين، ثم خفى علينا خبره، وكان من أشعر من أنبتته الأندلس، ووطئ ترابها بعد أنى المخشى أولاً، وأحمد بن دراج آخراً، وكان من أبصر الناس بمحاسن الشعر، وأشدهم انتقاداً له، وشعره بلطائف غرائبه وبدائع رقائقه يروق؛ وهو غزير المادة، واسع الصدر، حتى أنه لم يكد يبقى شعراً جاهلياً ولا إسلامياً إلا عارضه وناقضه، وفي كل ذلك تراه مثل الجواد إذا استولى على الأمد لايني ولا يقصر، وكانت مرتبته في الشعراء أيام بني أبي عامر دون مرتبة عبادة في الزمام فاعجب. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 وأخبرني أبو محمد علي بن أحمد، قال: أخبرني أبو عامر أحمد بن عبد الملك الشهيدي، أنه عمل بحضرته أربعين بيتاً على البديهة إلى عبادة ليس فيها حرف يعجم أولها: حلمك ما حد حده أحد وذكر من شعره أبياتاً منها: أباح فؤادي لوعة وغليل ... فباح بسرى زفرة وعويل وبين ما أخفيه دمع يجيله ... هوى بين أحناء الضلوع يجول وليل همومي أطلعت فيه همتي ... كواكب عزم ما لهن أفول تلاحظها الأيام وهي حسيرة ... ويرنو إليها الدهر وهو كليل وله في قصيدة أولها: رأت طالعاً للشيب بين ذوائبي ... فعادت بأسراب الدموع السواكب وقالت أشيب قلت صبح تجارب ... أنار على أعقاب ليل النوائب قال: وأخبرني هو وحامد بن سمحون أن ابن أبي الفهد هذا نقض كل شعر قاله يماني في مفاخر المضرية، قال: وكان خروجه إلى المشرق في أيام المظفر ابن أبي عامر بعد السبعين وثلاث مائة. عبد الرحمن بن موسى يكنى أبا موسى، له رحلة سمع فيها من سفيان ابن عيينة وغيره، ذكره محمد بن حارث الخشنى، وقال: إنه قديم الموت. عبد الرحمن بن معاوية من أهل طرطوشة، ثغر من ثغور الأندلس، استشهد في قتال الروم سنة ثمان وثمانين ومائتين ذكره أبو سعيد. عبد الرحمن بن مروان القنازعي أبو المطرف، قرطبي فقيه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 محدث شروطي، وله رحلة إلى المشرق سمع فيها من بعض أصحاب البغوى ومن جماعة، روى عنه أبو عمر بن عبد البر، وله كتاب في الشروط على مذهب مالك بن أنس. أخبرنا به أبو شاكر حمد بن حمدون بن عمر القيسى. عبد الرحمن بن مهران شاعر مطبوع كان في الدولة العامرية. عبد الرحمن بن مقاناة البطليوسي أبو زيد، أديب شاعر مشهور، كان حياً في أيام المعتد بالله، ورأيت من شعره فيه، وأنشدني أبو عبد الله محمد ابن عمر الأشبوني له: وروض من رياض الحزن ناء ... كأن ملاءة وشى معضد خرقنا دونه أحشاء خرق ... كأن سراته جيش مزرد وقد نشر الصباح رداء نور ... على درر من الزهر المنضد كأن الطل منتشراً عليه ... برادة فضة في الجو تبرد كأن غديره مرآة قين ... جلاها الصقل أو صرح ممرد إذا طربت عليه الطير غنت ... لإسحاق وزرياب ومعبد عبد الرحمن بن مروان الجليقي منسوب إلى بلده، كان من الخوارج في أيام بني أمية بالأندلس، جمعت في أخباره كتب هنالك. ذكره أبو محمد علي بن أحمد. عبد الرحمن بن هند الأصبحي من أهل طليطلة يكنى أبا هند، روى عن مالك بن أنس، وقد روى عنه مالك بن أنس حكاية، مات ببلده بعد المائتين. عبد الرحمن بن يحيى بن محمد أبو زيد العطار، سمع بالأندلس جماعة؛ منهم أبو عمر أحمد بن مطرف بن عبد الرحمن، وأبو عمر أحمد بن سعيد بن حزم الصدفي، ورحل فسمع حمزة بن محمد الكناني، وأبا الحسن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 علي بن محمد بن مسرور الدباغ، وأبا علي الحسن بن الخضر الأسيوطي، وأبا إسحاق بن شعبان، وأبا العباس الرازي، وأبا الحسن النيسابوري، وابن أبي رافع، وأبا حفص عمر بن محمد الجمحي وبكير بن الحداد، حدث عنه أبو عمران الفاسي موسى بن عيسى ابن أبي حاج فقيه القيروان المقدم في وقته، لقيته بقرطبة من بلاد الأندلس، وروى عنه الإمام الحافظ أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري. أخبرنا أبو عمر النمري، قال: قرأت على أبي زيد عبد الرحمن بن يحيى جامع ابن وهب حدثني به عن علي بن مسرور الدباغ، عن أحمد بن داود، عن سحنون بن سعيد، عن عبد الله بن وهب. من اسمه عبد الملك عبد الملك بن محمد بن العاصي السعدي سعد جذام، من أهل العلم، أندلسي، مات بها سنة ثلاثين وثلاث مائة. عبد الملك بن أحمد بن عبد الملك بن عمر بن محمد بن عيسى بن شهيد، أبو مروان، والد أبي عامر، شيخ من شيوخ الوزراء في الدولةالعامرية، كان أثيراً عند المنصور أبي عامر محمد بن أبي عامر، ومن أهل الأدب والشعر، ومن شعره: أقصرت عن شأوى فعاديتني ... أقصر فليس الجهل من شاني إن كان قد أغناك ما تحتوي ... بخلا فإن الجود أغناني عبد الملك بن إدريس الجزيرى الكاتب أبو مروان، وزير من وزراء الدولة العامرية، وكاتب من كتابها، عالم أديب شاعر كثير الشعر، غزير المادة، معدود في أكابر البلغاء، ومن ذوي البديهة في ذلك، وله رسائل وأشعار كثيرة مدونة، ومن مستحسن مطولاته: قصيدة له في الآداب والسنة كتب بها إلى بنيه، لا أعلم لأحد مثلها في معناها، أنشدناها أبو محمد عبد الله بن عثمان بن مروان القرشي، عن الكاتب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 أبي أحمد عبد العزيز بن عبد الملك بن إدريس، عن أبيه ومنها: واعلم بأن العلم أرفع رتبة ... وأجل مكتسب وأسنى مفخر فاسلك سبيل المقتنين له تسد ... إن السيادة تقتنى بالدفتر والعالم المدعو حبراً إنما ... سماه باسم الحبر حمل المحبر تسموا إلى ذي العلم أبصار الورى ... وتغض عن ذي الجهل لا بل تزدرى وبضمر الأقلام يبلغ أهلها ... ما ليس بيلغ بالعتاق الضمر والعلم ليس بنافع أربابه ... ما لم يفد عملاً وحسن تبصر فاعمل بعلمك توف نفسك وزنها ... لا ترض بالتضيع وزن المخسر سيان عندي علم من لم يستفد ... عملاً به وصلاة من لم يطهر وهي طويلة، وقد كتب عني هذه القطعة الخطيب أبو بكر أحمد بن علي ابن ثابت البغدادي الحافظ، وأخرجها في بعض تصانيفه في العلم وفضله. وأخبرني أحمد بن قاسم أبو عمر، جار كان لنا بالمغرب أن عبد الملك بن إدريس بن الجزيرى كان ليلة بين يدي المنصور أبي عامر في ليلة يبدو فيها القمر تارة، وتخفيه السحاب تارة، فقال يديهة: أرى بدر السماء يلوح حينا ... فيبدو ثم يلتحف السحابا وذاك لأنه لما تبدى ... وأبصر وجهك استحيا فغابا مقال لو نمى عني إليه ... لراجعني بتصديقي جواباً مات أبو مروان الجزيرى الكاتب قبل الأربع مائة بمدة. عبد الملك بن أيمن بن فرجون أندلسي، يروى عن سحنون بن سعيد، مات سنة سبع وثمانين ومائتين، وأظنه والد محمد بن عبد الملك بن أيمن المصنف. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 عبد الملك بن جهور أبو مروان، وزير جليل، أديب شاعر كاتب، في أيام عبد الرحمن الناصر، روى عنه ابنه محمد، وأنشدني له أبو محمد على ابن أحمد: إن كانت الأبدان نائية ... فنفوس أهل الظرف تأتلف يا رب مفترقين قد جمعت ... قلبيهما الأقلام والصحف ومن شعره: أتاني كتاب منك أحلى من المنى ... وأعذب من وصل محا آية الصد فحدد لي شوقاً إليك مذكراً ... وأذكى الذي في القلب من لوعة الوجد وإني على أضعاف ما قد وصفته ... لديك من الشوق المبرح والجهد فلو أنني أقوى أطير صبابة ... جعلت جوابي نحو أرضكم قصدي عليك سلام من محب متيم ... يراك بعين القلب في القرب والبعد عبد الملك بن الحسن بن محمد بن زريق، وقيل رزيق، بن عبيد الله بن أبي رافع الرافعي، أبو الحسن يعرف بزونان من أهل الأندلس، يروى عن عبد الله ابن وهب، وعبد الرحمن بن القاسم، وكان فقيهاً زاهداً، وجده أبو رافع هو مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، مات ببلده سنة اثنتين وثلاثين وثلاث مائة. عبد الملك بن حبيب بن سليمان بن هارون أبو مروان السلمى من موالى سليم، وقال ابن حارث: هو من أنفسهم، فقيه مشهور متصرف في فنون من الآداب وسائر المعاني، كثير الحديث والمشايخ، تفقه بالأندلس وسمع، ثم رحل فلقى أصحاب مالك وغيرهم، روى عن عبد الملك الماجشون، ومطرف، وإسماعيل بن أبي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 أويس، وأسد ابن موسى، وعبيد الله بن موسى الكوفي، وأصبغ بن الفرج، وعلي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين، وجماعة كثيرة، ويقال إنه أدرك مالكاً في آخر عمره. وقد وقع لنا عنه حديث رواه عن مالك بن أنس. حدثناه أبو بكر أحمد بن علي ابن ثابت الحافظ، قال: حدثني أبو القاسم عبد الله بن محمد الرفاعي، أخبرنا علي بن محمد ابن أحمد الفقيه بإصبهان، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أسيد، حدثنا محمد بن زكريا الغلابي، حدثنا عبيد بن يحيى الإفريقي، حدثنا عبد الملك بن حبيب، عن مالك بن أنس، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن سعيد بن المسيب، قال: كان سليمان بن داود عليه السلام يركب الريح من إصطخر فيتغذى ببيت المقدس، ثم يعود فيتعشى بإصطخر. وله في الفقه الكتاب الكبير المسمى الواضحة في الحديث والمسائل علي أبواب الفقه، ومن أحاديثه غرائب كثيرة، وكانت وفاته بالأندلس في شهر رمضان سنة ثمان وثلاثين ومائتين. كذا قال يحيى بن عمر وغيره، وقيل مات في يوم السبت لأثنى عشرة ليلة خلت من ذي الحجة سنة تسع وثلاثين ومائتين بقرطبة، وهو ابن ثلاث وخمسين سنة فيما يقال والله أعلم. روى عنه يوسف بن يحيى المغامي وغيره. أخبرني أحمد بن عمر بن أنس قال: حدثني الحسين بن يعقوب، حدثنا سعيد ابن فحلون، حدثنا يوسف بن يحيى المغامي، قال: حدثنا عبد الملك بن حبيب السلمى قال: حدثني ابن عبد الحكم وغيره، عن ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر ابن عبد الله: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الجمعة في الجماعة فريضة على كل مسلم إلى على ستة: المملوك، والمسافر، والمريض، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 والمرأة والكبير الفاني ". قال ابن حبيب: وحدثنيه أيضاً أسد بن موسى، عن محمد بن الفضيل، عن محمد بن كعب القرظي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. أنشدني أبو محمد علي بن أحمد لعبد الملك بن حبيب: صلاح أمرى والذي أبتغي ... سهل على الرحمن في قدرته ألف من الحمر وأقلل بها ... لعالم أوفى على بغيته زرياب قد يأخذها دفعة ... وصنعتي أشرف من صنعته عبد الملك بن زيادة أبي مضر بن علي السعدي التميمي الحماني أبو مروان الظبني من أهل بيت جلالة ورياسة، من أهل الحديث والأدب، إمام في اللغة شاعر، وله رواية وسماع بالأندلس، وقد رحل إلى المشرق غير مرة على كبر، وسمع بمصر والحجاز، وحدث بالمشرق عن إبراهيم بن محمد بن زكرياء الزهري النحوي الأندلس، رأيته بالمدينة في آخر حجة حجها، ورجع إلى الأندلس، ومات بقرطبة بعد الخمسين وأربع مائة مقتولا فيما بلغني، وشعره على طريقة العرب، ومن ذلك قوله: وضاعف ما بالقلب يوم رحيلهم ... على ما به منهم حنين الأباعر أتجزع آبال الخليط لبينهم ... وتسفح من دمع سريع البوادر وأصبر عن أحباب قلب ترحلوا ... ألا إن قلبي صابر غير صابر وأنشدني له الرئيس أبو رافع الفضل بن علي أحمد بن سعيد، قال: أنشدني أبو مروان الطبني لنفسه: دعني أسر في البلاد مبتغياً ... فضل ثراء إن لم يعر؟ زانا فبيذق النطع وهو أحقر ما ... فيه إذا سار صار فرزانا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 284 وأخبرني أبو الحسن العابدي: أن أبا مروان الطبني لما رجع إلى قرطبة أملى فاجتمع إليه في مجلس الإملاء خلق كثير، فلما رأى كثرتهم أنشد: إني إذا احتوشتني ألف محبرة ... يكتبن حدثني طوراً وأخبرني نادت بعقرتي الأقلام معلنة ... هذى المفاخر لاقعبان من لبن ثم أنشدني هذين البيتين الإمام أبو محمد التمميمي قال أنشدني بعض شيوخنا لأبي بكر الخوازمي: إني إذا حضرتني ألف محبرة ... تقول أنشدني شيخي وأخبرني نادت بإقلامي الأقلام ناطقة ... هذي المكارم لاقعبان من لبن عبد الملك بن سليمان الخولاني أبو مروان، محدث سمع بالأندلس وإفريقية ومصر ومكة؛ وسمعنا بالأندلس منه الكثير، ومات بها قبيل الأربعين وأربع مائة، في جزيرة من جزائرها يقال لها ميورقة وكان شيخاً صالحاً عبد الملك بن سعيد المرادي الخازن، رئيس أديب شاعر، كثير الشعر موصوف بالفضل؛ ومن شعره في وصف ناعورة: ناهيك ناعورة تعالت ... على صفاتي مع اقتداري يحملها الماء بانقياد ... وتحمل الماء باقتسار تذكر طوراً حنين ناى ... وتارة من زئير ضاري تسقى بساتين حاويات ... غرائب الروض والثمار طلوع عبد العزيز فيها ... كالشمس في جنة القرار الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 وله في بعض من زاره فحجبه: ما حمدناك إذ وقفنا ببابك ... للذي كان من طويل حجابك قد ذممنا الزمان فيك وقلنا ... أبعد الله كل دهر أتى بك عبد الملك بن الشويرب التحيبي أبو مروان، أديب شاعر ذكره أبو محمد علي بن أحمد، وأنشد له: أياذا الفضل يا من لست أدري ... أأشكو منه أم أشكو إليه أفي حق تناسى حق خل ... وأنت أعز مخلوق عليه عبد الملك بن عبد الحكم بن محمد أبو بكر الكاتب، يعرف بابن النظام، أديب شاعر، ذكره أبو عامر بن مسلمة، ومن شعره. أما ترى المزن كيف ينتحب ... ودمعه في الرياض منسكب والأرض مسرورة بزينتها ... مما بها يستخفها الطرب قد لبست من صيابها حللاً ... وزينتها الوشوم والقضب وقد بدت للبهار ألوية ... تعبق مسكاً طلوعها عجب رؤوسها فضة مورقة ... تشرق نوراً عيونها ذهب فهو أمير الرياض حف به ... من سائر النور عسكر لجب عبد الملك بن عمر بن محمد بن عيسى بن شهيد أديب شاعر، ومن بيت أدب ووزارة وجلالة، ذكره أحمد بن هشام القرشي، وأبو عامر أحمد بن عبد الملك الشهيدي، وهو أبو جد أني عامر، وأنشدني له أبو عامر: أقبل في غيد حكين الظبا ... بيض تراق حمر أفواه يأمر فيهن وينهى فلا ... يعصينه من آمر ناه حتى إذا أمكنني أمره ... تركته من خشية الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 286 عبد الملك بن العباس بن محمد بن سعد السعدي أحسبه من سعد جذام، سمع بالأندلس، ورحل فسمع أيضاً في الغربة، وكان فقيهاً مات بالأندلس سنة ثلاثين وثلاث مائة. عبد الملك بن عاصم العثماني، أندلسي روى عن أبي العباس أحمد بن يحيى لعله ابن زكير سمع منه بتنيس، روى عنه ابنه عتبة بن عبد الملك بن عاصم، وحدث عنه ببغداد. عبد الملك بن فهد، محدث من أهل بطليوس، مات بالأندلس سنة ثمان وثلاث مائة. عبد الملك بن قطن بن عصمة بن أنيس بن عبد الله بن جحوان بن عمرو بن حبيب بن عمرو بن شيبان بن محارب بن فهر الفهري، أمير الأندلس، وليها سنة خمس عشرة ومائة بعد عبد الرحمن العكي من قبل عبيدة بن عبد الرحمن القيسي الأمير بإفريقية، وقتل بالأندلس سنة خمس وعشرين ومائة. عبد الملك بن نمير الفارسي، محدث من أهل لاردة، ذكره أبو سعيد ابن يونس. عبد الملك بن نظيف الإستجي، ذكره بعض شيوخنا وأنشد له: وخميلة رقم الزمان أديمها ... بمعضد ومسهم وقشيب رشفت قبيل الصبح ريق غمامة ... رشف المحب مراشف المحبوب وطدت في أكنافها ملك الصبا ... وقعدت واستوزرت كل أديب وأدرت فيها اللهو حق مداره ... في كل وضاح الجبين وهوب عبد الملك بن أخي نفيل الكاتب، شاعر من شعراء الدولة العامرية، وفارس من فرسانها، ويقال عبد الملك بن نفيل، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 287 والصواب أنه ابن أخيه، كذا قال أبو محمد بن حزم ومن شعره: بكت السماء على الربا فتبسمت ... فيها ثغور عن عقايل جوهر أهدى الربيع إليه سكب سمائه ... فكسا الثرى من كل لون زاهر عبد الملك بن يحيى بن أبي عامر أبو مروان الوزير، من أهل الأدب والشعر والجلالة، وهو ابن أخي المنصور أبي عامر محمد بن أبي عامر أمير الأندلس في أيام هشام المؤيد بالله، ذكره أبو محمد علي بن أحمد. من اسمه عبد العزيز عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز بن المعلم أبو بكر أديب شاعر، يروى عن أبيه، ذكره أبو محمد علي بن أحمد، وروى عنه شيئاً من شعر أبيه. عبد العزيز بن أحمد النحوي أبو الأصبخ يعرف بالأخفش، روى عنه أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر وذكر أنه سمع منه سنة تسع وثمانين وثلاث مائة. عبد العزيز بن أحمد بن السيد بن مغلس القيسي من أهل العلم باللغة والعربية مشار إليه فيهما شاعر رحل من الأندلس واستوطن مصر فمات بها في جمادى الأولى سنة سبع وعشرين وأربع مائة. قرأ اللغة على أبي العلاء صاعد بن الحسن الربعي بالمغرب، وعلي أبي يعقوب يوسف بن يعقوب بن خرزاذ النجرمي بمصر، روى لنا عنه أبو الربيع سليمان بن أحمد بن محمد الأندلسي السرقسطي ببغداد. عبد العزيز بن الخطيب أبو الأصبغ، اديب شاعر، ومن قوله في السجن يوم مهرجان: رويدك أيها الشوق المذكى ... لنار صبابتي بالمهرجان لقد أذكرت مني غير ناس ... وهجت لي الصبابة غير وان أيوم المهرجان اعذر فحالي ... تراها في البلاء كما تراني الجزء: 1 ¦ الصفحة: 288 ولو لم يثنني طبق وقيد ... لرحت وقيد لي قصب الرهان عبد العزيز بن زكرياء بن حيون الحضرمي أبو يونس، وشقي، محدث، مات بالأندلس سنة عشرين وثلاث مائة. عبد العزيز بن عبد الرحمن الناصر بن محمد أبو الأصبغ، أديب شاعر، أنشدني أبو محمد علي بن أحمد، قال: أنشدني خلف بن مروان الأنصاري، قال: ولد لأبي الأصبغ عبد العزيز بن الناصر ابن فعاش إلى أن دخل الكتاب، وظهرت منه نجابة، فأول لوح كتبه بعث به إلى أخيه المستنصر بالله، وكتب إليه بهذه الأبيات، وهي من شعره: هك يا مولاى خطا ... مطه في اللوح مطا ابن سبع في سنيه ... لم يطق للوح ضبطا لم يقل في الضاد ظاء ... فحوى لفظاً وخطا دمت يا مولاي حتى ... يولد ابن ابنك سبطا عبد العزيز بن عبد الرحمن بن بخت أبو الأصبغ أندلسي محدث، سمع محمد بن معاوية القرشي، وأحمد بن مطرف بن عبد الرحمن المشاط، وأحمد بن سعيد بن حزم الصدفي صاحب التاريخ، روى عنه شيخنا أبو عمر ابن عبد البر النمري. أخبرنا أبو عمر بن عبد البر، قال: قرأت على أبي الأصبغ ابن بخت كتاب العلم لأحمد بن سعيد بن حزم الصدفي أخبرنا به عنه، قال: وقرأت على أبي الأصبغ مصنف أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي في أصل أبي بكر محمد بن معاوية القرشي، المعروف بابن الأحمر، وفيه سماعه منه، أخبرنا به عنه عن النسائي. عبد العزيز بن عبد الملك بن إدريس المعروف بابن الجزيرى كاتب أديب، روى عن أبيه قصيدته في الآداب والسنة، رواها لنا عنه أبو محمد عبد الله ابن عثمان بن مروان القرشي. عبد العزيز بن موسى بن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 نصير مولى لخم، كان والده قد استخلفه على الأندلس عند خروجه منها سنة خمس وتسعين، فأقام واليها إلى أن كتب سليمان بن عبد الملك إلى الجند هنالك فقتلوه وأتوا برأسه. هكذا قال أبو سعيد بن يونس، وكان قتله فيما قال عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم في سنة سبع وتسعين وقال إن الجند اجتمعوا على قتله لأمور نقموها منه، وبلغتهم عنه، فثاروا به وقتلوه، وخرجوا برأسه إلى سليمان بن عبد الملك، وإنه لما أحضر بين يدي سليمان حصر موسى بن نصير، فقال له سليمان: أتعرف هذا؟ قال: نعم. أعرف صواماً قواماً، فعليه لعنة الله إن كان الذي قتله خيراً منه. عبد العزيز بن المنذر بن عبد الرحمن الناصر يعرف بابن القرشية، من ذوي القعدد في بني مروان، وله حظ وافر من الأدب، وحسن الشعر ذكره غير واحد منهم أبو الوليد بن عامر. من اسمه عبد الأعلى عبد الأعلى بن الليث أبو وهب من أهل سرقسطة، محدث له رحلة، مات بالأندلس سنة خمس وسبعين ومائتين. عبد الأعلى بن وهب بن عبد الأعلى، يكنى أبا وهب من موالى قريش محدث أندلسي، روى عن أصبغ بن الفرج ويحيى بن يحيى الليثي، مات بالأندلس سنة إحدى وثمانين ومائتين، وقيل سنة إحدى وستين ومائتين. من اسمه عبد الواحد عبد الواحد بن محمد بن موهب بن محمد التجيبي، أبو شاكر يعرف بابن القبري، فقيه محدث أديب خطيب شاعر، نشأ بقرطبة، وسمع أبا محمد عبد الله ابن إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن جعفر الأموي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 المعروف بالأصيلي وغيره، وسكن شاطبة بلداً من بلاد شرق الأندلس، وولى الأحكام بها، وقد لقيته هنالك. أندشني أبو محمد علي بن أحمد، قال: أنشدني أبو شاكر لنفسه: ومنعم وسنان يجنى لحظه ... قتل المحب وتارة يحييه جار الصدا يوماً عليه فجاءني ... يشكوا إلى به لكي أشكيه فسقيته ماء ولو روحي غدا ... ماء لكنت جميعه أسقيه عجباً له يشفي بريقته الصدا ... ويصيبه ظمأ فلا يرويه لا غرو هذا المسك طيب للورى ... والظبي ليس يلذ طيباً فيه والخمر لا تروى بها ثمراتها ... وإذا استغاث بها صد تشفيه والسم يقتل شاربيه وإنه ... لحياة من يجنونه من فيه وأنشدني له أبو الحسن علي بن أحمد العابدي: يا روضتي ورياض الناس مجدبة ... وكوكبي وظلام الليل قد ركدا إن كان صرف الليالي عنك أبعدني ... فإن شوقي وحزني عنك ما بعدا عبد الواحد بن حمدون المري، روى عن بقي بن مخلد، وسعيد بن نمر، مات بالأندلس سنة خمس عشرة وثلاث مائة. من اسمه عبد الوهاب عبد الوهاب بن محمد بن عبد الوهاب بن العباس بن ناصح من أهل الجزيرة يعنون جزيرة الأندلس، مات بها سنة ثمان وعشرين وثلاث مائة. قاله ابن يونس. عبد الوهاب بن أحمد بن عبد الرحمن بن سعيد بن حزم بن المغيرة، الوزير، الكاتب من المقدمين في الأدب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 291 والشعر والبلاغة، وهو ابن عم الفقيه أبي محمد ابن حزم، ووالد أبي الخطاب، وأبو محمد خاله، وشعره كثير مجموع؛ ومنه في قصيدة طويلة: ظعنت وفي أحداجها من شكلها ... عين فضحن بحسنهن العينا هن البدور بكل جثل فاحم ... وغرسن في كثبانهن غصوناً ما أنصفت في جنب توضح إذقرت ... ضيف الوداد بلابلاً وشجونا أضحى الغرام قطين ربع فؤاده ... إذ لم يجد بالرقمتين قطينا وأنشدني له غير واحد من أصحابنا: لما رأيت الهلال منطويا ... في غرة الفجر قارن الزهرة شبهته والعيان يشهد لي ... بصولجان أو في لضرب كرة مات أبو المغيرة قريباً من العشرين وأربعمائة. من اسمه عبد السلام عبد السلام بن زياد الأندلسي يروى عن قاسم بن أصبغ الإمام البياني الأندلسي، روى عنه نصر بن أحمد بن عبد الملك؛ قرأت على الإمام أبي القاسم الإسماعيلي؛ أخبركم حمزة بن يوسف السهمي، قال: أنشدني نصر ابن عبد الملك الأندلسي، قال: أنشدنا عبد السلام بن زياد الأندلسي، قال: أنشدنا قاسم بن الأصبغ الأندلسي: فتى ألف السكوت فما تراه ... يردللؤمه أبداً سلاما فلو كلمته خمسين عاماً ... تماماً لم يراجعك الكلاما وما إن بالفتى عي ولكن ... مخافة تهضم الكلم الطعاما عبد السلام بن وليد محدث، ولى قضاء وشقة بلد من الثغور بالأندلس في أيام الحكم بن هشام، ذكره ابن يونس. من اسمه عبادة. عبادة بن علكدة بن نوح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 بن اليسع الرعيني، أبو الحسن أندلسي، روى عن محمد بن يوسف بن مطروح وغيره، ومات بالأندلس سنة اثنتين وثمانين ومائتين. عبادة بن عبد الله بن ماء السماء أبو بكر، من فحول شعراء الأندلس، متقدم فيهم مع علمه، وله كتاب في أخبار شعراء الأندلس ذكره أبو محمد علي ابن أحمد، وأنه كان حياً في صفر سنة إحدى وعشرين وأربعمائة. أخبرنا أبو محمد بن حزم، قال: في صفر من سنة إحدى وعشرين وأربع مائة. كان البرد المشهور خبره، وكان أمراً مستعظما ما شوهد مثله، وفيه قال عبادة بن ماء السماء يصف هوله: يا عثرة أهديت لمعتبر ... عشية الربعاء من صفر أقبلنا الله بأس منتقم ... فيها وثنى بعفو مقتدر أرسل ماء الأكف من برد ... جلامداً تنهمي على البشر فيا لها آية وموعظة ... فيها نذير لكل مزدجر كاد يذيب القلوب منظرها ... ولو أعيرت قساوة الحجر لا قدر الله في مشيئته ... أن يبتلينا بسئ القدر وخصنا بالتقى لجعلنا ... من بأسه المتقى على حذر وذكره أبو عامر بن شهيد، فقال: إن عبادة مات في شوال، سنة تسع عشرة وأربع مائة بمالقة، ضاعت منه مائة دينار، فاغتم عليها غماً كان سبب منيته. فلا أدري على من تم الوهم منهما في هذا، وأبو محمد أعلم بالتواريخ، والله أعلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 أنشدني أبو بكر عبد الله بن حجاج الإشبيلي لعبادة بن ماء السماء إلى الوزير أبي عمر أحمد بن سعيد بن حزم بديهة يستأذن عليه ويسأله الوصول إليه: يا قمراً ليلة كماله ... ومغرقي في بحر إفضاله عبد أياديك وإحسانها ... يسألك المن بإيصاله فإن تفضلت فكم نعمة ... جدت بها مصلح أحواله وإن يكن عذر فيكفيه أن ... عرف مولاه بإقباله وله من قصيدة طويلة في يحيى بن علي بن حمود الفاطمي أولها: يؤرقني الليل الذي أنت نائمة ... فتجهل ما ألقى وطرفي عالمه أفي الهودج المرقوم وجه طوى الحشا ... على الحزن واشى الحسن فيه وراقمه إذا شاء وقف الركب أرسل فرعه ... فضللهم عن منهج القصد فاحمه ومنها: أظلما رأوا تقليده الدر أم نووا ... بتلك الآلي أنهن تمائمه وهل شعر الدوح الذي في قبائهم ... تماثيله أن القلوب كمائمه أفراد الأسماء في التعبير عبد الكريم بن محمد لبيري، سمع من عبيد الله بن يحيى بن يحيى وغيره، ومات بالأندلس سنة ثلاثين وثلاث مائة. عبد الرزاق بن الحسين بن عيسى بن مسرور بن أيوب القيسي أبو الحسن، أندلسي حدث بمصر إملاء عن أبي محمد عبد الرحمن بن عبد الله، محمد ابن عبد الله بن يزيد المقري، روى عنه أبو ذر عمر بن أحمد الهروى وذكره في جملة شيوخه، وقال: لا بأس به. عبد الجبار بن الفتح بن منتصر البلوى، نشأ في طلب العلم، فسمع من محمد بن عيسى الأعشى فقيه الأندلس، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 وعبد الملك بن حبيب السلمى، وكان زاهداً فقيهاً، مات بالأندلس سنة ثمان وخمسين ومائتين. عبد المجيد بن عفان البلوى يروى عن يحيى بن يحيى، وسعيد بن حسان وعبد الملك بن حبيب، ولا رحلة سمع فيها من سحنون بن سعيد بإفريقية، ومن أحمد بن عمرو بن السرح بمصر، ومات بالأندلس سنة ثمان وستين ومائتين. عبد القادر بن أبي شيبة الكلاعي من الموالي، إشبيلي سمع يحيى بن يحيى مات في آخر أيام الأمير محمد بن عبد الرحمن. عبد الرؤف بن عمر بن عبد العزيز سرقسطي، يكنى أبا عبد العزيز، معروف مات بلاردة من ثغور الأندلس سنة ثمان وثلاث مائة. عبد الوارث بن سفيان بن حبرون، روى عن قاسم بن أصبغ البياني فأكثر، وعن وهب بن مسرة، ومحمد بن معاوية القرشي، وابن أبي دليم، وأحمد بن سعيد بن حزم الصدفي، روى عنه أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري الحافظ، وأثنى عليه، وقال: كان من ألزم الناس لأبي محمد قاسم بن أصبغ، ومن اشهر أهل قرطبة بصحبته حتى يقال: إنه قلما فاته شئ مما قرئ عليه، سمع منه من سنة اثنتين وثلاثين إلى سنة ثمان وثلاثين وثلاث مائة، وأكثر سماعه من القاضي ابن زرب، وابن ثعلبة، وتلك الطبقة، وسمع من ابن أبي دليم ووهب بن مسرة، وأحمد بن دحيم بن خليل، ومحمد بن معاوية القرشي، وأحمد بن مطرف، وأحمد بن سعيد، ومسلمة بن قاسم. قاسم. قال أبو عمر: ورأيت كثيراً من أصول قاسم بن أصبغ فرأيت، سماعه في جميعها وحدث بعلم جم وروى عنه أبو محمد عبد الله بن إبراهيم الأصيلي، وخرج عنه كثيراً في كتابه المعروف، بالدلائل. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 أخبرنا أبو عمر بن عبد البر قال: قرأت مصنف أبي محمد قاسم بن أصبغ في السنن على عبد الوارث بن سفيان أخبرنا به عن قاسم، قال: وقرأت عليه المعارف لأبي محمد بن قتيبة، وسمعت عليه شرح غريب الحديث له. أخبرنا بهما عن قاسم ابن أصبغ عن عبد الله بن مسلم بن قتيبة. عبيدون بن محمد بن فهد بن الحسن بن علي بن أسد بن محمد بن زياد بن الحارث الجهني، يكنى أبا الغمروي عن يونس بن عبد الأعلى، ولي قضاء الأندلس يوماً واحداً أظنه امتنع من التمادى والله أعلم، مات بالأندلس سنه خمس وعشرين وثلاث مائة. عبيد بن محمد أبو عبد الله كان رجلاً صالحاً يضرب به المثل في الزهد سكن قرطبة، بالمبلطة، سمع الحسن بن سلمة بن المعلى صاحب عبد الله بن الجارود، وعبد الله بن مسرور صاحب عيسى بن مسكين؛ أخبرنا أبو عمر بن عبد البر، قال: قرأت على عبيد بن محمد الزاهد مسند أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن سنجر الجرجاني، نزيل مصر، وأخبرنا به عن عبد الله بن مسرور، عن عيسى بن مسكين، عن ابن سنجر: عباد أبو عمرو الأمير فخر الدولة ابن القاضي أبي القاسم ذي الوزارتين محمد بن إسماعيل بن عباد صاحب إشبيلية من أهل الأدب البارع، والشعر الرائع، والمحبة لذوي المعارف؛ وكانت له في رياسته هيبة عظيمة وسياسة بعيدة؛ وعلى كل حال فلأهل العلم والأدب بهذا البيت الجليل سوف نافقة، ولهم في ذلك همة عالية. أنشدني أبو بكر عبد الله بن حجاج الإشبيلي وغيره لفخر الدولة أبي عمرو غير قطعة في أنواع من معاني الشعر، ومنها في وصف الياسمين: كأنما ياسميننا الغض ... كواكب في السماء تبيض والطرق الحمر في جوانبه ... كخد عذراء ناله عض الجزء: 1 ¦ الصفحة: 296 وله: أنام وما قلبي عن المجد نائم ... وإن فؤادي بالمعالي لهائم وإن قعدت بي علة عن بلوغ ما ... أؤمله إن اجتهادي لقائم تنادي الوغى بي إن أحست بفترة ... ألا أين يا عباد تلك العزائم فتهتز آمالي وتقوى عزائمي ... وتذكرني لذاتهن الهزائم كان حياً بعد الأربعين وأربع مائة. عبيد بس بن محمود أبو القاسم الكاتب الجياني، أديب شاعر بليغ، ذكره صاحب كتاب اللفظ المختلس من بلاغة كتاب الأندلس، وقال: لما قدم محمد بن يحيى النحوي على عبيد الله بن أمية وافداً، وافاه غائباً في بعض أعماله، فرحب به عبيد يس وكان يكتب يومئذ لعبيد الله بن أمية، وأنزله في منزله وأكرمه، فلما طال انتظار محمد بن يحيى لعبيد الله بن أمية عزم على الخروج إليه، فكتب له عبيد يس إلى إلى صاحبه عبيد الله يسأله بره والتوفر عليه بهذه الأبيات: أتاك سيد أهل الظرف كلهم ... فأوسع الطرف إجلالاً وتبجيلاً هذا أبو عابد الله الذي خضعت ... له الجهابذ تقديماً وتفضيلاً إذا جروا معه في العلم بذهم ... علما وشعراً وإعراباً وترسيلا فابسط له البشر في حسن القبول له ... ولقه منك ترحيبا وتسهيلا فخير أفعالكم بر وتكرمة ... وخير خيركم ما كان تعجيلا أظنه كان في أيام الحكم المستنصر. من اسمه عيسى عيسى بن محمد بن دينار طليطلي، سمع محمد بن أحمد العتبي مات بالأندلس في أيام الأمير عبد الله بن محمد عيسى بن محمد بن جيب أبو عبد الله، محدث أندلسي دخل مصر وحدث بها عن ياسين بن محمد بن عبد الرحيم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 الأنصاري البجاني، وأبي عبد الله محمد بن أحمد ابن حماد بن زغبة روى عنه أبو سعيد بن يونس وأحمد بن محمد بن سروة المصريان وأبو الحسين محمد بن أحمد بن جميع الغساني. عيسى بن أحمد بن عيسى بن بكر المعروف بالحمار، شاعر أديب ومن مأثور شعره: الروض أزهر والأيام ضاحكة ... وللجديدين إدبار وإقبال يا حبذا نفحات الورد آونة ... وحبذا علل الأمواه ينثال عيسى بن أيوب بن لبيب بن محمد بن مطرف الغساني لبيرى، مات بها سنة تسع عشرة وثلاث مائة سمع محمد بن وضاح بالأندلس، وعلي بن عبد العزيز بمكة وغيرهما. عيسى بن دينار واقد الغافقي، طليطلي صحب عبد الرحمن بن القاسم العتقي صاحب مالك، وتفقه عليه وكان ابن القاسم يجله ويكرمه، وروى عيسى عنه، وعن غيره وكان إماما في الفقه على مذهب مالك بن أنس، وعلى طريقة عالية من الزهد والعبادة، ويقال إنه صلى أربعين سنة الصبح بوضوء العتمة، وكان يعجبه ترك الرأي والأخذ بالحديث. أخبرنا أبو محمد علي بن أحمد، قال: حدثنا الكناني، قال: أخبرني أحمد بن خليل، قال: حدثنا خالد بن سعد، قال: أخبرني محمد بن عمر بن لبابة عن أبان بن عيسى بن دينار: أن أباه عيسى بن دينار كان قد أجمع في آخر أيامه على أن يدع الفتيا بالرأي، ويحمل الناس على ما رواه من الحديث في كتب ابن وهب وغيرها، حتى أعجلته المنية عن ذلك. ذكره أبو سعيد وقال: إنه مات سنة اثنتي عشرة ومائتين. عيسى بن سعيد بن سعدان المقرئ أبو الأصبغ له رحلة إلى العراق، لقي فيها أبا بكر أحمد بن إبراهيم بن شاذان، وأبا بكر بن مقسم، وأبا بكر محمد بن صالح الأبهري، روى عنه أبو عمر بن عبد البر، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 وقال: كان أديباً فاضلاً عالماً من أطيب الناس صوتاً وأحسنهم قراءة. عيسى بن عبد الله الطويل، مدني من أصحاب موسى بن نصير كان على الغنائم بالأندلس أيام كون موسى بن نصير فيها. ذكر ذلك عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم، عن عثمان بن صالح وغيره. عيسى بن عبد الله بن قزلمان أبو الأصبغ الخازن، شاعر مشهور، ذكره أبو محمد علي بن أحمد وأنشد له: كأنني سامع بعدي وقد ذهبت ... نفسي ووافاني المحذور من أجلي قولين والنعش موضع على حدثي ... قولاً على بمكروه، وآخر لي من شامت بي أو محض الوداد ولم ... ينفع ولا ضر إلا سالف العمل عيسى بن عبد الملك بن قزمان أبو الأصبغ الكاتب، شاعر أديب، ذكره أبو الوليد بن عامر وغيره، ومن شعره: وشمس كسوناها ببدر ضبابة ... وقد عاد وجه الأرض أسود حالكا أطرنا بها طير الدجى عن بلاده ... إلى أن رأت عيناي منها المسالكا حججنا بها بيتاً من اللهو لم تزل ... عكوفاً به حتى قضينا المناسكا عيسى بن عصام بن عاصم بن مسلم الثقفي، أندلسي روى عن أسد ابن موسى وغيره، مات سنة ست وقيل سنة ثمان وخمسين ومائتين. عيسى بن مجمل كان أديباً تاجراً شاعراً من أهل قرطبة مشهوراً. ذكره لي أبو محمد علي بن أحمد، وأنشدني من قوله في قوم زاروه فقعدوا في دكانه ومنعوه من معيشته: لعن الله زورة من رجال ... أتلفت متجر المزور ودينه إن أراد الصلاة لم يجد البا ... ب أو التجر لم يرموه حينه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 وله فيهم: ويحكم ويحكم أصيخوا لويحى ... قبل أن يستفيض في الناس نوحى خفوا في جلوسكم لا تطيلوا ... ليس دكاننا جنان شريح من اسمه عمر عمر بن حسين بن محمد بن نابل أبو حفص سمع أباه، وقاسم بن أصبغ البياني. روى عنه أبو عمر بن عبد البر النمري الحافظ، وأبو عبد الله محمد بن أحمد ابن إبراهيم بن مسعود شيخ من شيوخ أبي العباس أحمد بن عمر بن أنس. عمر بن حفص بن عالب يكنى أبا حفص يعرف بابن أبي التمام يروى عن يونس بن عبد الأعلى، ومحمد بن عبيد الله بن عبد الحكم مات بالأندلس سنة سبع عشرة وثلاث مائة. روى عنه خالد بن سعد وأثنى عليه. أخبرنا أبو محمد علي بن أحمد الفقيه، قال: حدثنا الكناني قال: أخبرني أحمد ابن خليل، قال: حدثنا خالد بن سعد، قال: أخبرني عمر بن حفص بن غالب هو ابن أبي تمام، وكان شيخاً عفيفاً صالحاً، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، قال: أخبرنا الشافعي عن محمد بن علي قال: إني لحاضر مجلس أمير المؤمنين أبي جعفر المنصور، وفيه ابن أبي ذئب، وكان والي المدينة الحسن بن زيد، قال: فأتى الغفاريون فشكوا إلى أبي جعفر شيئاً من أمر الحسن بن زيد، فقال الحسن: سل فيهم ابن أبي ذئب قال: فسأله فقال: ما تقول فيهم يابن أبي ذئب؟ فقال: يا أمير المؤمنين أشهد أنهم أهل تحكم في أعراض المسلمين، كثيرو الأذى لهم. فقال أبو جعفر: قد سمعتم. فقال الغفاريون: يا أمير المؤمنين سله عن الحسن بن زيد. فقال: يا بن أبي ذئب ما تقول في الحسن بن زيد؟ قال: أشهد أنه يحكم بغير الحق. فقال: قد سمعت يا حسن ما قال ابن أبي ذئب. فقال: يا أمير المؤمنين سله عن نفسك. فقال: ما تقول في؟ قال: أو يعفيني أمير المؤمنين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 300 فقال: والله لتخبرني. قال: أشهد أنك أخذت هذا المال من غير حقه، وجعلته في غير أهله، فوضع يده في قفا ابن أبي ذئب وجعل يقول له: أما والله لولا أنا لأخذت أبناء فارس والروم والديلم والترك بهذا المكان منك، فقال ابن أبي ذئب: قد ولى أبو بكر، وعمر فأخذا بالحق وقسما بالسوية، وأخذا بأقفاء فارس والروم. قال: فخلى أبو جعفر قفاه، وخلى سبيله وقال: والله لولا أعلم أنك صادق لقتلتك. فقال له ابن أبي ذئب: والله يا أمير المؤمنين إني لأنصح لك من ابنك المهدي. عمر بن حفص المعروف بابن حفصون، كان من الخوارج القائمين بالأندلس بأعمال رية قبل سنة خمس وسبعين ومائتين. وكان جلداً شجاعاً أتعب السلاطين وطال أمره لأنه كان يتحصن عند الضرورة بقلعة هنالك تعرف بقلعة بشتره موصوفة بالامتناع، وقد ألفت بالأندلس في أخباره وحروبه تواريخ مختلفة، وأخبرني أبو محمد عبد الله بن سبعون القيرواني أنه من ولده ولم يكن يحفظ اتصال نسبه إليه. عمر بن شعيب أبو حفص المعروف بالغليظ البلوطي من أعمل فحص البلوط المجاور لقرطبة ذكره أبو محمد علي بن أحمد، وقال: إنه كان من فل الربصيين، وإنه الذي غزا إقريطش وافتتحها بعد الثلاثين ومائتين، وتداولها بنوه بعده إلى أن كان آخرهم عبد العزيز بن شعيب الذي غنمها في أيامه أرمانوس بن قسطنطين ملك الروم سنة خمسين وثلاث مائة، وكان أكثر المفتتحين لها معه أهل الأندلس، هكذا قال. وذكره أبو سعيد بن يونس فقال: شعيب بن عمر بن عيسى أبو عمر صاحب جزيرة إقريطش كان تولى فتحها بعد سنة عشرين ومائتين، وقد كان كتب شعيب هذا بالعراق، وكتب عن جدي يونس بن عبد الأعلى وغيره بمصر أيضاً. هذا آخر كلام ابن يونس، فقد اختلفا في اسمه أولاً، فقال أحدهما: عمر بن شعيب، وقال الآخر: شعيب بن عمر ووصفاه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 بالفتح، ولولا ذلك لقلنا إن أحدهما ابن الآخر، ويحتمل أن يكونا حضرا الفتح فإن لم يكن فقد انقلب على أحدهما والله أعلم. عمر بن الشهيد التجيبي أبو حفص لا أحفظ اسم أبيه، وهذه صفة نسب إليها فغلبت عليه، وهو رئيس شاعر مشهور بالأدب كثير الشعر، متصوف في القول، مقدم عند أمراء بلده، وقد شاهدته في حدود الأربعين وأربعمائة بالمرية، وكتبت من أشعاره طرفاً ومنه: في صحبة الناس في ذا الدهر معتبر ... لا عين تونق منها لا ولا أثر ليست تشيخ ولا يؤدى بها هرم ... لكنها في شباب السن تحتضر إذا حبت بينهم أطفال ودهم ... لم يترك البغي حابيهن يتغر كأنها شرر سام على لهب ... يعدو الحمود عليها حين ينتشر كان ميثاقهم ميثاق غانية ... تعطيك منه الرضى ما يسلب الضجر فلا يغرنك من قول طلاوته ... فإنما هي نوار ولا ثمر لو ينفق الناس مما في قلوبهم ... في سوق دعواهم للصدق ما تجروا لكنهن نقود القول جارية ... على مقادير ما يقضى به الوطر يغضى المحنك أو يغضى لحنكته ... وبين ذاك وهذا ينفذ العمر تسابق الناس إعجاباً بأنفسهم ... إلى مدى دونه الغايات تنحسر فللتسامي ضباب في صدورهم ... وللتكبر في آنافهم نعر وما عذلتهم إلا عذرتهم ... فالجهل ليس له سمع ولا بصر وله: تعلم لحظك سفك الدماء ... وأنت تعلمت أن لا تدى فليتك إذ كنت لي ممرضا ... رثيت فررت مع العود حنانيك إن هلاك العبي ... د مما يعود على السيد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 وما بي نفسي ولكنني ... أشح بمثلك أن يعتدى عمر بن موسى الكناني إلبيري يروى عن يحيى بن يحيى وسعد بن حسان مات سنة أربع وخمسين ومائتين. عمر بن مصعب بن أبي عزيز بن زرارة بن عمرو بن هاشم العبادى وقيل العبدرى سرقسطى، ذكره ابن يونس. عمر بن نمارة أبو حفص روى عن أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن عبد البر روى عنه شيخنا أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري. أخبرنا أبو عمر بن عبد البر، قال: أخبرنا أبو جعفر عمر بن نمارة بتاريخ أبي عبد الله بن عبد البر في فقهاء قرطبة، وبكتابه في القضاة عنه. عمر بن هشام بن قلبيل أديب كثير الحظ من الأدب والبلاغة، ذكره أبو الوليد بن عامر. عمر بن يوسف أبو حفص محدث إشبيلي رحل إلى القيروان، فسمع جماعة من أصحاب سحنون بن سعيد، ثم رحل إلى مصر فسمع من محمد بن عبد الله بن عبد الحكم وطبقته، ثم عاد إلى القيروان فأقام بها، وبها مات. قاله لي أبو محمد القيسي، وقال: هو مشهور بالقيروان، وقد روى أبو عمران موسى بن عيسى الفاسي فقيه القيروان في أماليه حديثاً من طريقه. من اسمه عثمان عثمان بن أحمد بن مدرك القبري من أهل قبرة مات بالأندلس سنة عشرين وثلاث مائة. عثمان بن أيوب بن أبي الصلت الفاسي، قرطبي محدث مات بها سنة ست وأربعين ومائتين. عثمان أبي بكر حمود بن أحمد الصدفي أبو عمرو السفاقسي، محدث رحل إلى العراق وغيرها بعيد العشرين وأربع مائة، وأسرع في رحلته، وعرف كثيراً من أخبار البلاد التي دخلها، ومن فيها من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 أهل الرواية والعلم، وسمع الكثير، وكتب وانصرف مسرعاً ووصل إلينا بالمغرب سنة ست وثلاثين، وسمع منه بالأندلس وجال في أقطارها، ثم رجع إلى إفريقية ومات مجاهداً في جزيرة من جزائر الروم على ما بلغني. حدث عن أبي نعيم الأصبهاني، وعن جماعة عدة من البلاد التي دخلها، وكان فاضلاً عاقلا يفهم. قرأت عليه كثيراً وكتبت عنه وأنشدني: إذا ما عدوك يوماً سما ... إلى حالة لم تطق نقضها فقبل ولا تأنفن كفه ... إذا لم تكن تستطع عضها وأنشدني أبو عمرو عثمان بن أبي بكر، قال: أنشدني أحمد بن عبد الله الحافظ، قال: أنشدني عبد الله بن جعفر الجابري بالبصرة، قال أنشدني ابن المعتز لنفسه: ما عابني إلا الحسو ... د وتلك من خير المعايب والخير والحساد مق ... رونان إن ذهبوا فذاهب وإذا ملكت المجد لم ... تملك مذمات الأقارب وإذا فقدت الحاسد ... ين فقدت في الدنيا الأطايب وأنشدني أيضاً بالأندلس، قال. أنشدني عبد الله بن محمد بكازرون، قال: أنشدنا أبو أحمد العسكري النحوي لأبي عبيد الله المفجع: لنا صديق مليح الوجه مقتبل ... وليس في وده نفع ولا بركه شبهته بنهار الصيف يوسنعا ... طولاً ويمنع عنا النوم والحركه عثمان بن الوزير أبي الحسن جعفر بن عثمان المصحفي من أهل الأدب والشعر، ذكره قاسم بن محمد المرواني. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 عثمان بن حديد بن حميد الكلاعي لبيري يكنى أبا سعيد سمع محمد بن أحمد العتبي بالأندلس ونحوه، ورحل فسمع يونس بن عبد الأعلى، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم ومات بالأندس سنة اثنتين وعشرين وثلاث مائة. عثمان بن دليم أبو عمرو، نسبته إلى جده لأني نسيت من بينهما، أدركناه وقرأنا عليه، وأظن أن اسم أبيه محمداً وهو ابن أخي القاضي أبي عمر أحمد ابن إسماعيل بن دليم المذكور في بابه، وكان من الفقهاء المذكورين والأدباء الصالحين سمع بالأندلس غير واحد، وتفقه ببجانة على شيوخها قبل الفتنة قريباً من الأربع مائة ومات في سنة أربع وثلاثين وأربع مائة أو نحوها. عثمان بن ربيعة مؤلف كتاب طبقات الشعراء بالأندلس، مات قريباً من سنة عشر وثلاث مائة. عثمان بن سعيد بن عثمان المقرئ يعرف بابن الصيرفي، محدث مكثر، ومقرئ متقدم، سمع بالأندلس محمد بن عبد الله بن أبي زمنين الفقيه الإلبيري وغيره، ورحل إلى المشرق قبل الأربع مائة، فسمع أبا العباس أحمد بن محمد ابن بدر القاضي، وأبا محمد عبد الرحمن بن عمر بن محمد المالكي، وعبد الوهاب بن منير ابن الحسن الخشاب المصري، وأحمد بن فراس المكي وغيرهم، وطلب علم القراآت وقرأ وسمع الكثير وعاد إلى الأندلس فتصدر بالقراآت، وألف فيها تواليف معروفة، ونظنها في أرجوزة مشهورة مات في شوال سنة أربع واربعين وأربع مائة، بدانية من بلاد الأندلس ومما يذكر من شعره: قد قلت إذ ذكروا حال الزمان وما ... يجرى على كل من يعزى إلى الأدب لا شئ أبلغ من ذل يجرعه ... أهل الخساسة أهل الدين والحسب العالمين بما جاء الرسول به ... والمبغضين لأهل الزيع والريب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 عثمان بن عبد الرحمن بن عبد الحميد بن إبراهيم بن عيسى بن يحيى بن يزيد بن برير، يكنى أبا عمرو من موالي معاوية بن أبي سفيان يعرف بابن أبي زيد سمع محمد بن وضاح، وبقى بن مخلد، ومحمد بن عبد السلام الخشني، وإبراهيم ابن نصر السرقسطي مات بالأندلس سنة خمس وعشرين وثلاث مائة. روى عنه خالد بن سعد. أخبرنا ابو محمد علي بن أحمد، قال: حدثنا الكناني، قال: حدثنا أحمد بن خليل، قال: حدثنا خالد بن سعد، قال: وحدثني عثمان بن عبد الرحمن بن عبد الحميد بن أبي زيد، قال: حدثنا إبراهيم بن نصر، قال: أخبرنا أبو الطاهر عن ابن وهب، قال: لو شئت أن أنصرف كل يوم عن مالك وألواحي مملوءة من لا أدري لفعلت. قال إبراهيم ابن نصر: وحدثنا محمد بن إسماعيل، قال: سمعت أبا نعيم الفضل بن دكين يقول: ما رأيت أحداً أكثر قولا لا أدري من مالك بن أنس. عثمان بن الأمير عبد الرحمن بن الحكم بن هشام بن عبد الرحمن ابن معاوية شاعر أديب ذكره أبو عامر بن مسلمة. عثمان بن محامس زاهد عالم مشهور بالعزوف عن الدنيا من أهل إستجة، ذكره أبو محمد على بن أحمد وقال لنا: أخبرني أبو بكر بن أبي الفياض، قال كتب عثمان محامس على باب داره بإستجة: يا عثمان لا تطمع. آخر الجزء السابع من الأصل والحمد لله حق حمده وصلى الله على محمد نبيه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 الجزء الثامن من تجزئة الأصل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 من اسمه علي علي بن محمد بن أبي الحسين أبو الحسن الكاتب، مشهور بالأدب والشعر، وله كتاب في التشبيهات من اشعار أهل الأندلس، كان في الدولة العامرية، وعاش إلى أيام الفتنة. علي بن أحمد الفخري أبو الحسن، شاعر أديب قدم الأندلس من بغداد، ذكره لي أبو محمد علي بن أحمد، وأنشدني قال: أنشدني أبو الحسن الفخري لنفسه بدانية: الموت أولى بذي الآداب من أدب ... يبغى به مكسباً من غير ذي أدب ما قيل لي شاعر إلا امتعضت لها ... حسب امتعاضي إذا نوديت باللقب وما دها الشعر عندي سخف منزلة ... بل سخف دهر بأهل الدهر منقلب صناعة هان عند الناس صاحبها ... وكان في حال مرجو ومرتقب يرجى رضاه ويخشى منه بادرة ... أبقى على حقب الدنيا من الحقب إذا جهلت مكان الشعر عن شرف ... فأي مأثرة أبقيت للعرب علي بن أحمد بن سعيد بن حزم بن غالب أبو محمد أصله من الفرس، وجده الأقصى في الإسلام اسمه يزيد مولى ليزيد بن أبي سفيان، كان حافظاً عالماً بعلوم الحديث وفقهه، مستنبطاً للأحكام من الكتاب والسنة، متفنناً في علوم جمة عاملاً بعلمه، زاهداً في الدنيا بعد الرياسة التي كانت له ولأبيه من قبله من الوزارة وتدبير الممالك، متواضعاً ذا فضائل جمة، وتواليف كثيرة في كل ما تحقق به في العلوم وجمع من الكتب في علم الحديث والمصنفات والمسندات شيئاً كثيراً، وسمع سماعاً جماً، وأول سماعه من أبي عمر أحمد بن محمد بن الجسور قبل الأربع مائة، وألف في فقه الحديث كتاباً كبيراً سماه كتاب الإيصال، إلى فهم كتاب الخصال، الجامعة لجمل شرائع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 الإسلام في الواجب والحلال والحرام، وسائر الأحكام، على ما أوجبه القرآن والسنة والإجماع. أورد فيه أقوال الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أئمة المسلمين في مسائل الفقه، والحجة لكل طائفة وعليها، والأحاديث الواردة في ذلك من الصحيح والسقيم بالأسانيد وبيان ذلك كله، وتحقيق القول فيه، وله كتاب الإحكام لأصول الأحكام في غاية النقصى وإيراد الحجاج؛ وكتاب الفصل في الملل وفي الأهواء والنحل، وكتاب في الإجماع ومسائله على أبواب الفقه، وكتاب في مراتب العلوم وكيفية طلبها وتعلق بعضها ببعض، وكتاب إظهار تبديل اليهود والنصارى للتوراة والإنجيل، وبيان تناقض ما بأيديهم من ذلك مما يحتمل التأويل. وهذا مما سبق إليه، وكذلك كتاب التقريب لحد المنطق والمدخل إليه بالألفاظ العامية والأمثلة الفقهية فإنه سلك في بيانه وإزالة سوء الظن عنه وتكذيب الممخرقين به طريقة لم يسلكها أحد قبله فيما علمناه، وغير ذلك. وما رأينا مثله رحمه الله فيما اجتمع له مع الذكاء وسرعة الحفظ، وكرم النفس والتدين؛ مولده في ليلة الفطر سنة أربع وثمانين وثلاث مائة بقرطبة، ومات بعد الخمسين وأربع مائة، وكان له في الآداب والشعر نفس واسع، وباع طويل، وما رأيت من يقول الشعر على البديهة أسرع منه، وشعره كثير، وقد جمعناه على حروف المعجم، ومنه: هل الدهر إلا ما عرفنا وأدركنا ... فجائعه تبقى ولذاته تفنى إذا أمكنت مسرة ساعة ... تولت كمر الطرف واستخلفت حزنا إلى تبعات في المعاد وموقف ... نود لديه أننا لم نكن كنا حصلنا على هم وإثم وحسرة ... وفات الذي كنا نلذ به عنا حنين لما ولى وشغل بما أتى ... وغم لما يرجى فعيشك لا يهنا كان الذي كنا نسر بكونه ... إذا حققته النفس لفظ بلا معنى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 309 وله من قصيدة طويلة خاطب بها قاضي الجماعة بقرطبة عبد الرحمن بن أحمد بن بشر يفخر فيها بالعلم، ويذكر أصناف ما علم، وفيها: أنا الشمس في جو العلوم منيرة ... ولكن عيبي أن مطلعي الغرب ولو أنني من جانب الشرق طالع ... لجد على ما ضاع من ذكرى النهب ولى نحو أكناف العراق صبابة ... ولا غرو أن يستوحش الكلف الصب فإن ينزل الرحمن رحلى بينهم ... فحينئذ يبدو التاسف والكرب فكم قائل أغفلته وهو حاضر ... وأطلب ما عنه تجئ به الكتب هنالك يدري أن للبعد قصة ... وأنه كساد العلم آفته القرب ومنها في الاعتذار عن المدح لنفسه: ولكن لي في يوسف خير أسوة ... وليس على من بالنبي ائتسى ذنب يقول وقال الحق الصدق إنني ... حفيظ عليم ما على صادق عتب وله من أخرى: منابي من الدنيا علوم أبثها ... وأنشرها في كل باد وحاضر دعاء إلى القرآن والسنن التي ... تناسى رجال ذكرها في المحاضر وأنشدني لنفسه، وأنا سألته: ابن وجه قول الحق في نفس سامع ... ودعه فنور الحق يسرى ويشرق سيؤنسه رفقاً فينسى نفاره ... كما نسى القيد الموثق مطلق وأنشدني لنفسه: لا تشمتن حاسدي إن نكبة عرضت ... فالدهر ليس على حال بمترك ذو الفضل كالتبر طوراً تحت ميقعة ... وتارة في ذرى تاج على ملك وأنشدني لنفسه: لئن أصبحت مرتحلاً بشخصي ... فروحي عندكم أبداً مقيم ولكن للعيان لطيف معنى ... له سأل المعاينة الكليم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 وله في هذا المعنى: يقول أخي شجاك رحيل جسم ... وروحك ماله عنا رحيل فقلت له المعاين مطمئن ... لذا طلب المعاينة الخليل علي بن أحمد أبو الحسن المعروف بابن سيده إمام في اللغة وفي العربية حافظ لهما، على أنه كان ضريراً، وقد جمع في ذلك جموعاً وله مع ذلك في الشعر حظ وتصرف، كان منقطعاً إلى الأمير ابي الجيش مجاهد بن عبد الله العامري، ثم حدثت له نبوة بعد وفاته في ايام إقبال الدولة بن الموفق خافة فيها فهرب إلى بعض الأعمال المجاوزة لأعماله، وبقي بها مدة ثم استعطفه بقصيدة أولها: ألا هل إلى تقبيل راحتك اليمنى ... سبيل فإن الأمن في ذاك واليمنا وفيها: صخيت فهل في برد ظلك نومة ... لذي كبد حرا وذي مقلة وسنا ونضو هموم طلحته طياته ... فلا غارباً أبقين منه ولا متنا هجان نأى أهلوه عنه وشفه ... قراف فأمسى لا يدس ولا يهنا فيا ملك الأملاك إني محوم ... على الورد لا عنه أذاد ولا أدنى تحيفني دهري وأقبلت شاكياً ... إليك أمأذون لعبدك أم يثنى وفيها: وإن نتأكد في دمى لك نية ... بسفك فإني لا أحب له حقنا دم كونته مكرماتك والذي ... يكون لا عتب عليه إذا أفنى إذا ما غدا من حر سيفك بارداً ... فقدماً غدا من برد برك لي سخنا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 وهل هي إلا ساعة ثم بعدها ... ستقرع ما عمرت من ندم سنا ولله دمعي ما أفل استنانه ... إذا في دمى أمسى سنانك مستنا ومالي من دهري حياة ألذها ... فيعتدها نعمى على ويمتنا إذا قتلة أرضتك منا فهاتها ... حبيب إلينا ما رضيت به عنا وهي طويلة حرف القول فيها، ووقع عنه الرضا بوصولها، ومات بعد خروجي من الأندلس قريباً من سنة ستين وأربع مائة. علي بن إبراهيم بن حمويه الشيرازي أبو الحسن قدم الأندلس، وحدث بها عن أبي محمد الحسن بن رشيق المصري المعدل، روى عنه أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر الحافظ. علي بن إسماعيل القرشي يلقب بطيطن، أشبوني من أهل الأشبونة شاعر أديب ذكره لي أبو عبد الله محمد بن عمر الأشبوني، وأنشدني له يصف قملة: وذات كشح أهيف شخت ... كأنما بولغ في النحت زنجية تحمل أقواتها ... في مثل حدى طرف الجفت كأنما آخرها قطرة ... صغيرة من قاطر الزفت أو نقطة جامدة خلفها ... قد سقطت عن قلم المفتى تسرى اعتسافاً ولقد تهتدى ... في ظلمة الليل إلى الخرت تشتد في الأرض على أرجل ... كشعرة المخرج في النبت تشهد أن الله خلاقها ... رزاقها في ذلك السمت سبحان من يعلم تسبيحها ... ووزنها من زنة النحت الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 فنسبتي منها لفرط الضنا ... نسبتها منه بلا كت كلا ولو حاولت من رقة ... لجلت بين الثوب والتخت أرق من هذا وأضنى ضناً ... رقة ذهني وضنا بختي لكن نفسي واعتلا همتي ... نجم لبيدخت كبيدخت علي بن حمزة الصقلى أبو الحسن، دخل الأندلس قبل الأربعين وأربع مائة، وكان يتكلم في فنون، ويشارك في علوم، ويتصوف. سمعته يقول: سمعت أبا الطاهر، وهو: محمد بن علي بن محمد بن محمد بن القاسم الشافعي البغدادي الواعظ، ينشد في حلقته: عاتبت قلبي لما ... رأيت جسمي نحيلا فألزم الذنب طرفي ... وقال كنت الرسولا فقال طرفي لقلبي ... بل أنت كنت الدليلا فقلت كفا جميعاً ... تركتماني قتيلا علي بن رجا بن مرجى أبو الحسن، فقيه شاعر أديب ومن أهل بيت جليل، وله في العلم والأدب، والسخاء والكرم وحسن الدين والتصاون حظ موفور، أنشدني كثيراً من شعره، ومنه: قل لمن نال عرض من لم ينله ... حسبنا ذو الجلال والإكرام سوف يدري إذا الشهادة سيلت ... منه يوماً مقامه ومقامي لم يزدني بذا سوى حسنات ... لا ولا نفسه سوى آثام كان ذا منعة فثقل مي ... زاني بهذا فصار من خدامي وله من قصيدة: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 313 كيف اصبو وأربعون وخمس ... رقمت بالمشيب مفرق راسي كل داء له دواء وذا الشي ... ب والموت ما له من آسي مات أبو الحسن بن مرجى بالجزيرة من أعمال الأندلس في سنة ست أو سبع وأربعين وأربع مائة. علي بن عبد الله بن علي من أهل الأدب والفضل، يعرف بابن الإستجى، ذكره أبو محمد علي بن أحمد. علي بن عبد القادر بن أبي شيبة من موالي الكلاع، محدث أندلسي سمع من بقي بن مخلد، وابن القزاز، ومحمد بن وضاح وغيرهم، ومات بالأندلس سنة خمس وعشرين وثلاث مائة. علي بن عبد الغني أبو الحسن القروي المعروف بالحصرى، شاعر أديب رخيم الشعر، حديد الهجو، دخل الأندلس، وانتجع ملوكها، وشعره كثير، وأدبه موفور، أنشدني أبو الحسن علي بن أحمد العبدي، قال أنشدني علي بن عبد الغني لنفسه إلى أبي العباس النحوي البلنسي من كلمة طويلة: قامت لأسقامي مقام طبيبها ... ذكرى بلنسية وذكر أديبها حدثتني فشفيت مني لوعة ... أمسيت محترق الحشا بلهيبها ما زلت أذكره ولكن زدتني ... ذكراً وحسب النفس ذكر حبيبها أهوى بلنسية وما سبب الهوى ... إلا أبو العباس أنس غربها هب النسيم وما النسيم بطيب ... حتى يشاب بطيبه وبطيبها أخي المعين على العدو بمسلق ... أزرى بوائل في ذكاء خطيبها إذ قامت الهيجا ولولا نصره ... ما كان يعرف ليثها من ذيبها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 غلب العواء على الزئير حمية ... وخبا ضياء الشمس قبل مغيبها فأقام أحمد في مجادلة العدى ... برهان تصديقي على تكذيبها حتى تبين فاضل من ناقص ... وانقاد مخطئ حجة لمصيبها وأخبرني أنه كان ضريراً، وأنه دخل الأندلس بعد الخمسين وأربع مائة. علي بن أبي غالب أبو الحسن أديب شاعر كان بإشبيلية في أيام القاضي أبي القاسم محمد بن عباد ذكره أبو الوليد بن عامر، وأنشد عنه كثيراً من شعره، ومنه: كأنما الخيري حب غدا ... النيلوفر الغض عليه رقيب فهو إذا أطبق أجفانه ... بالليل لاقاك بنشر وطيب علي بن الفهام القرشي أبو الحسن، ذكره أبو عامر بن مسلمة وأورد له أبياتاً في فصل الربيع منها: ومعرس للهو أصبح زهره ... جذل النفوس ومذهب الأحزان حلاه نيسان به حللاً غدا ... يزهى ببهجتها على نيسان ضربت به أيدي المدام قبابها ... فمنحتها للغي طوع عناني طلعت بأكؤسها لطرفك أنجم ... يغربن بين فم إلى جثمان لما انتشى شراً بها لم يسط في ... ما عن نشوان على نشوان كانت لنا الآداب ثدى رعاية ... لأذمة سلفت كثدي لبان علي بن فتح أبو الحسن، وزير كان بقرطبة في أيام الفتنة مشهور الأدب والشعر، ومن شعره: بنفسي من نفس لديه رهينة ... ومن هو سلم للوشاة ولى حرب ومن قد ابى إلا الصدود لشقوتي ... رضيت بما يرضى فمسكنه القلب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 ومالي ذنب عنده غير حبه ... فإن كان ذا ذنباً فلا غفر الذنب علي بن وداعة بن عبد الودود السليمي أبو الحسن أمير كان قريباً من الأربع مائة، فارس من الأبطال، موصوف بالأدب البارع والشعر الرائع، أنشدني له أبو بكر محمد بن أحمد بن إسماعيل بن دليم الحاكم: زار الحبيب فمرحباً بالزائر ... أهلاً ببدر فوق غصن ناضر قبلت من فرحي تراب طريقه ... ومسحت أسفل نعله بمحاجرى وخشيت أن ينقد أخمص رجله ... من رقة فبسطت أسود ناظري علي بن أبي عمر يوسف بن هارون الرمادي أديب شاعر، دهره أبو عامر ابن شهيد وأنشدني له في وصف سحابة: كأنما الرعد فيها قارئ سوراً ... قرأتها بشعاع البرق مكتوب من اسمه عمرو عمرو بن شارحيل المعافرى وقيل الغفاري، صار إلى الأندلس واستوطنها وكان له بها أولاد معروفون، روى عن أبي عبد الرحمن الحبلى. روى عنه أبو وهب الغافقي، وأحمد بن خازم المعافري نزيل الأندلس، وقد ذكره أبو سعيد. عمرو بن عثمان بن سعيد بن الجرز بالجيم والراء قبل الزاي، كذا رأيته في غير موضع، وقد بحثت عنه، وهو شاعر مذكور في الحدائق، ومن شعره: إذا هجع النوام بت مسهداً ... وكفى على هدي ودمعي على نحري ويدهمنيك الشوق في ساحة المنى ... فأنت تجاهي في المناجاة والذكر من اسمه العلاء العلاء بن عيسى العكي، محدث من أهل مالقة، له رحلة وطلب، ذكره محمد بن حارث الخشني وأثنى عليه. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 العلاء بن عبد الوهاب بن أحمد بن عبد الرحمن بن سعيد بن حزم بن غالب أبو الخطاب، يعرف بابن أبي المغيرة. كان من أهل العلم والأدب والذكاء والهمة العالية في طلب العلم، كتب بالأندلس فأكثر، ورحل إلى المشرق فاحتفل في الجمع والرواية، ودخل بغداد وحدث عن أبي القاسم إبراهيم بن محمد بن زكرياء الزهري المعروف بابن الإفليلي النحوي الأندلسي، وعن أبي الحسن محمد بن الحسين النيسابوري المعروف بابن الطفال، وعن محمد بن الحسين بن بقاء المصري ابن بنت عبد الغني بن سعيد الحافظ، وسمع الخطيب أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الحافظ منه، وأخرج عنه في غير موضع من مصنفاته، ومات في رجوعه عند وصوله إلى الأندلس بعد الخمسين وأربع مائة، وهذا البيت بيت جلالة وعلم ورياسة وفضل كثير. من اسمه عباس عباس بن محمد السليحي وسليح بطن من قضاعة، إشبيلي محدث، روى عن عبيد الله بن يحيى بن يحيى، ومحمد بن جنادة وغيرهما، مات بالأندلس سنة تسع وعشرين وثلاث مائة. عباس بن أجيل دخل الأندلس غازياً، وقدم منها بالسفن إلى إفريقية، ذكره يعقوب بابن سفيان، وهو مختلف فيه وقد ذكرناه في الأسماء المفردة. عباس بن أصبغ الهمداني أبو بكر، روى عن محمد بن عبد الملك ابن أيمن، وعن قاسم بن أصبغ، روى عنه شيخنا أبو عمر بن عبد البر، وأبو عبد الله محمد بن عبد الله بن يزيد اللخمي، وقال: إنه سمع منه في سنة ثمان وسبعين وثلاث مائة. عباس بن الحارث أندلسي محدث قديم الموت، روى عنه إبراهيم بن علي ابن عبد الجبار الأزدى ذكره أبو سعيد. العباس بن عمرو الصفلي أبو الفضل، كان بالأندلس. روى غريب الحديث لقاسم بن ثابث السرقسطى عن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 أبيه ثابت عنه، رواه عنه يونس ابن عبد الله بن مغيث القاضي المعروف بابن الصفار؛ أخبرني أبو محمد علي بن أحمد، قال: أخبرنا أبو الوليد بن الصفار، قال: أخبرنا العباس بن عمرو الصقلي قال: أخبرنا ثابت ابن قاسم بن ثابت السرقسطى، قال: أخبرني أبي، قال: أنشدني إسماعيل الأسدى عن محمود بن مطر، قال: أنشدني أحمد بن أبي المعا: أما ترى قضب الريحان مشرقة ... عن كل أزهر لماع التباشير كأنها مقل أحداقها ذهب ... جفونها فضه زينت بتدوير وأخبرنا أبو محمد بكتاب الغريب كله لفظاً بالإسناد المذكور إلى قاسم ابن ثابت المصنف له. عباس بن فرناس أبو القاسم، شاعر أديب مشهور، كان في أيام الأمير محمد بن عبد الرحمن، ومن شعره في صفة روضة: ترى وردها والأقحوان كأنه ... بها شفة لعساء ضاحكها ثغر من اسمه عامر عامر بن أبي جعفر محدث أندلسي قديم، مات في أيام الأمير هشام ابن عبد الرحمن بالأندلس. عامر بن مؤمل بالميم، وقيل موصل بالصاد، بن إسماعيل بن عبد الله ابن سليمان بن داود بن نافع اليحصبي أبو مروان، محدث من أهل تطيلة مات في أيام الأمير عبد الله بن محمد بالأندلس. من اسمه عميرة عميرة بن عبد الرحمن بن مروان العتقي يكنى أبا الفضل من أهل تدمير، روى عن أصبغ بن الفرج وسحنون بن سعيد، ذكره أبو سعيد. عميرة بن الفضل بن الفضل بن عميرة بن راشد العتقي أندلسي يكنى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 318 أبا الفضل، روى عن محمد بن عبد الله ابن عبد الحكم وغيره، مات سنة أربع وثمانين ومائتين. أفراد الأسماء عزير بن محمد اللخمى، كنيته أبو هريرة من أهل مالقة، ذكره أبو سعيد وعبد الغني بن سعيد بفتح العين، وذكره أبو القاسم يحيى بن علي الحضرمي بالضم وهماً منه. عفان بن محمد، يكنى أبا عثمان من أهل وشقة مات سنة سبع وثلاث مائة. عجنس بن أسباط الزبادى، محدث. أندلسي، روى عن يحيى بن يحيى. عقبة بن الحجاج، ولى الأندلس في أيام هشام بن عبد الملك من قبل عبيد الله بن الحبحاب أمير مصر وإفريقية وما والاهما، وهلك عقبة بالأندلس، ذكره عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم. عنبسة بن سحيم الكلبي، كان أمير الأندلس في سنة ست ومائة من قبل بشر بن صفوان أمير إفريقية في أيام هشام بن عبد الملك، ومات سنة سبع ومائة، وقيل سنة تسع والله أعلم. عطية بن سعيد بن عبد الله أبو محمد أندلسي حافظ سمع بالأندلس من أبي محمد عبد الله بن محمد بن علي الباجي وطبقته، وخرج منها قبل الأربع مائة بمدة، فأخبرني أبو محمد القيسى أنه طاف بلاد المشرق سياحة، وانتظمها سماعا، وبلغ إلى ما وراء النهر، ثم عاد إلى ينسابور وأقام بها مدة وكان يتقلد مذهب التصوف والتوكل، ويقول بالإيثار ولا يمسك شيئاً، وكان له حظ من الناس وقبول، وعاد إليه أصحاب أبي عبد الرحمن السلمى حتى ضاق صدر أبي عبد الرحمن به، ثم عاد إلى بغداذ. هذا معنى قول القيسى. وقال لنا أبو بكر أحمد بن علي بن علي بن ثابت الخطيب الحافظ: قدم عطية بن سعيد بغداذ، فحدث بها عن زاهر بن أحمد السرخسى، وعبد الله بن محمد بن خيران القيرواني، وعلي بن الحسن الأذنى، حدثني عنه أبو الفضل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319 عبد العزيز بن المهدي الخطيب وقال لي كان عطية زاهداً، وكان لا يضع جنبه على الأرض وإنما ينام محتبياً. قال أبو الفضل ومات في سنة ثلاث وأربع مائة فيما أظن. هذا آخر كلام أبي بكر الخطيب، قال لي أبو محمد بن حفصون. ثم خرج عطية من بغداذ إلى مكة، فأخبرني أبو القاسم عبد العزيز بن بندار الشيرازي، قال: لقيت عطية الأندلسي ببغداذ، وصحبته وكان من الإيثار والسخاء والجود بما معه على أمر عظيم، إنما يقتصر من لباسه على فوطة ومرقعة ويؤثر بما سوى ذلك، وكان قد جمع كتباً حملها على بخاتي كثيره قال عبد العزيز: فرافقته وخرجنا جميعاً إلى الياسرية، وليس معه إلا وكاؤه وركوته ومرقعته عليه، قال: فعجبت من حاله ولم أعارضه فبلغنا إلى المنزل الذي نزل فيه الناس وذهبنا نتخلل الرفاق ونمر على النازلين، فإذا بشيخ خراساني له أبهة وهو جالس في ظل له، وحوله حشم كثير، قال: فدعانا وكلمنا بالعجمية وقال لنا: انزلوا فنزلنا وجلسنا عنده، فما أطلنا الجلوس حتى كلم بعض غلمانه، فأتى بالسفرة فوضعها بين أيدينا، وفتحها وأقسم علينا فإذا فيها طعام كثير وحلاوة حسنة فأكلنا وقمنا، قال عبد العزيز فلم نزل على هذه الحال يتفق كل يوم من يدعونا ويطعمنا ويسقيناً إلى أن وصلنا إلى مكة، وما رأيته حمل من الزاد قليلا ولا كثيراً. قال: وقرىء عليه بمكة الصحيح لمحمد بن إسماعيل البخاري روايته عن إسماعيل ابن محمد الحاجبي عن الفربري عن البخاري، وكان أبو العباس أحمد بن الحسن الرازي الحافظ المقيد هو الذي يقرأه عليه. قال أبو محمد: فقال لي أبو نصر عبيد الله بن سعيد السجستاني الحافظ: كان أبو العباس إذا قرأ ربما توقف في قراءته، فكان عطية يبتدى فيقول: هذا فلان بن فلان روى عنه فلان بن فلان ويذكر بلده ومولده وما حضره من ذكره، فكان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 320 من حوله يتعجبون من ذلك؛ قال: وتوفى بمكة سنة ثمان أو تسع. وأربع مائة. قال: وكان له كتاب في تجويز السماع فكان كثير من المغاربة يتحامونه من أجل ذلك. قال أبو محمد: وله تصانيف رأيت منها كتاباً جمع فيه طرق حديث المغفر، ومن رواه عن مالك بن أنس في أجزاء كثيرة، إلا أنه عول في بعضه على لاحق بن الحسين. هذا آخر كلام أبي محمد، وقد حدثنا عن عطية رجلان جليلان أحدهما أبو سعيد المعروف بالسبط، وهو سبط أبي بكر بن لال، والآخر أبو غالب محمد بن أحمد بن سهل النحوي المعروف بابن بشران. أخبرنا أبو غالب محمد بن أحمد بن سهل النحوي بقراءتي عليه قال: أخبرنا أبو محمد عطية بن سعيد بن عبد الله، قال: أخبرنا القاسم بن علقمة الأبهرى بها، قال: حدثنا محمد بن صالح الطبري، قال: حدثنا مرار بن حموبة الهمداني، قال: حدثنا أبو غسان الكناني قال: حدثنا مالك، عن نافع أن عبد الله بن عمر قال: لما خرج عمر إلى ماله بخيبر فعدى عليه من الليل وهم تهمتنا وليس لنا عدو غيرهم، وقد رأيت إجلاءهم فقام إليه ابن أبي الحقيق فقال: أتخرجنا وقد أقرنا محمد، وعاملنا على الأموال؟ فقال له عمر: أتراك نسيت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف بك إذا أخرجت من خيبر تعدو بك قلوصك ليلة بعد ليلة، فأجلاهم عمر وأعطاهم قيمة ما كان لهم من الثمر إبلا ومالا، وهو حديث عزيز أخرجه البخاري في الصحيح عن أبي أحمد بن مرار بن حموية مسنداً، وهو غريب من حديث مالك، وليس في الموطأ. وسمعت أبا غالب يقول: سمعت عطية بن سعيد يقول: سمعت القاسم بن علقمة الأبهري يقول سمعت أحمد بن هارون يقول: سمعت أبادجانة يقول. سمعت ذا النون المصري يقول: أقلل ما بي فيك وهو كثير ... وأزجر دمعي عنك وهو غزير الجزء: 1 ¦ الصفحة: 321 وعندي دموع لو بكيت ببعضها ... لفاضت بحور بعدهن بحور قبور الورى تحت التراب وللهوى ... رجال لهم تحت الثياب قبور سأبكى بأجفان عليك قريحة ... وأرثوا بألحاظ إليك تشير عياش بن شراحيل الحميري، روى عن سعيد بن المسيب، ولى البحر زمن بني أمية، ودخل الأندلس وقدم بالسفن منها إلى إفريقية سنة مائة. كذا رأيته بعد البحث في غير نسخة من تاريخ ابن يونس: عياش بن شراحيل، وقيل في هذا الاسم عياش بن اجيل الحميري، وهكذا رأيته بخط أبي عبد الله محمد بن علي الصوري الحافظ، وكذلك قال الدارقطني في باب عياش: عياش بن أجيل إلا أنه قال: يروى عن معاوية بن حديج، وقال: هو رعينى عداده في المصريين، ولم نذكره في باب أجيل. وذكره يعقوب بن سفيان في التاريخ فقال: فيها يعنى سنة مائة قدم عباس ابن أجيل بالسين المهملة والباء من الأندلس إلى إفريقية. هكذا رأيته مضبوطا، فالله أعلم. عرام بن عبد الله العاملى، أندلسي محدث، مات سنة ست وخمسين ومائتين، وقيل عران بالنون. عتبة بن عبد الملك بن عاصم المقرىء العثماني أبو الوليد، أندلسي، رحل فقرأ بمصر على أبي أحمد عبد الله بن الحسين بن حسنون البغداذي المقرىء قراءة حفص، وسمع أبا الطيب عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون الحلبي المقرىء، وكان سماعه منه سنة أربع وثمانين وثلثمائة، ودخل بغداد فحدث بها عن أبيه وعمن ذكرنا؛ ومات بها في رجب سنة خمس وأربعين وأربع مائة. كذا قال لي أبو الفضل أحمد بن الحسن المعدل، وقال: كان رجلاً صالحاً، وقد كتبت عنه. عمران بن عثمان بن يونس، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 322 محدث أندلسي يكنى أبا محمد. روى عن علي بن عبد العزيز مات في سنة سبع عشرة وثلاث مائة. ذكره ابن يونس. علكدة بن نوح بن اليسع بن محمد بن اليسع بن شعيب بن جهم بن عباد الرعينى، أندلسي يروى عن عبد الله بن وهب، وعبد الرحمن بن القاسم، مات بالأندلس سنة سبع وثلاثين ومائتين. ذكره أبو سعيد. عقيل بن نصر أديب شاعر قديم، وله أغان يجرى فيها مجرى الموصلى، ذكره أحمد بن هشام في كتابه في الشعراء، وذكر شيئاً من أخباره وشعره؛ ومنها أنه حضر مجلساً فيه أحداث من الكتاب فاختلف ما بينه وبينهم في شيء من الآداب إلى أن أفضى ذلك بهم إلى السباب، فقال عقيل على البديهة: قلب الزمان فبان بالآداب ... ومحا رسوم محاسن الكتاب وأتى بكتاب لو استخبرتهم ... لرددتهم طراً إلى الكتاب وأنشدنيهما بعض أدباء الرؤساء على غير هذا الوجه، ولم يعلم قائلها وزاد بيتاً ثالثاً فقال: تعس الزمان لقد أتى بعجاب ... ومحا رسوم الفضل والآداب وأتى بكتاب لو انبسطت يدى ... فيهم رددتهم إلى الكتاب لا يعرفون إذا الكتابة فصلت ... ما بين عناب إلى عتاب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 323 باب الغين من اسمه الغاز الغاز بن قيس أندلسي جليل من الموالي يكنى أبا محمد. روى عن مالك ابن أنس، وابن جريج، والأوزاعي، روى عنه عبد الملك بن حبيب. كان عنده الموطأ عن مالك، وقيل: إنه كان يحفظه. الغاز بن ياسين بن محمد بن عبد الرحيم أنصاري من أهل الأندلس يكنى أبا محمد، ذكره ابن يونس. من اسمه غالب غالب بن أمية بن غالب الموروري أبو العاص، سكن قرطبة أديب شاعر، كتبت من بعض الشيوخ بالأندلس شعراً قاله، وقد جلس على النهر بقرطبة ملتفتاً إلى قصور بني أمية، وذكر ذلك أيضاً أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر فقال: أنشدني أبو الأصبغ عبد العزيز بن أحمد النحوي الأخفش سنة تسع وثمانين وثلثمائة، قال: أنشدني أبو العاص غالب بن أمية بن غالب وقد جلس على نهر قرطبة ناظراً إلى القصر على بديهة: يا قصر كم ألفت من ملك ... دارت عليهم دوائر الفلك يا قصركم قد حويت من نعم ... دارت لقى في عوارض السكك أنف بما شئت كل متخذ ... يعود يوماً لحال مترك أين ملوك الشام عدهم ... فكل قصر لهم بلا ملك وقل لدينا إليك مقبلة ... تختال في خزها وفي الفنك يا خدعة الخلق عن عقولهم ... بعداً وسحقاً فما لهم ولك لو أبصر الخلق من عقولهم ... رتب أنسابهم مع الملك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 لله من رائح ومبتكر ... بين بطون البطاح منسلك أو في رؤس الجبال يشرفها ... يأكل من أقوس ومن شبك ويعبط البقل عند حاجته ... تخضر منه جوانب الحنك حتى يوافيه ما أعد له ... منزهاً ثوبه عن الودك هذي حياة الكريم واضحة ... ليس حياة المترف المعك يا صاحب العقل أنت أنت لها ... فطأ إليها فذا الحسك واعدده عهناً منفشاً نظراً ... منك لغب الأمور وادرك يحمد عند الصباح كل سرى ... إذا انفرى نوره عن الحلك غالب بن عبد الله الثغرى، شاعر أديب أنشدني له أبو عبد الله محمد ابن عمر الأشبوني الأديب في فراق صديق له: يا راحلاً عن سواد المقلتين إلى ... سواد قلب عن الأضلاع قد رحلا عذا كجسم وأنت الروح فيه فما ... ينفك مرتحلا إذ ظلت مرتحلا بي الفراق جوى لو مر أبرده ... بجامد الماء مر البرق لاشتعلا غالب بن عمران أندلسي، يروى عن محمد بن وضاح، مات بها سنة أربع عشرة وثلاث مائة. من اسمه غانم غانم بن الحسن أندلسي، سمع يحيى بن بكير، مات بالأندلس في أيام الأمير عبد الله بن محمد. غانم بن الوليد بن عمر بن عبد الرحمن المخزومي أبو محمد المالقي، فقيه مدرس، وأستاذ في الآداب وفنونها مجود، مع فضل وحسن طريقة، روى عن أبي عمر يوسف ابن عبد الله بن خيرون النحوي، وعن أبي عبد الله ابن السراج، ذكره لي أبو الحسن علي بن أحمد العابدي، وقال: إنه قرأ عليه، وأفرط في وصفه بالعلم والدين، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 325 وأنشدني عنه، قال: أنشدني لنفسه: صير فوآدك للمحبوب منزلة ... سم الخياط مجال للمجين ولا تسامح بغيضاً في معاشرة ... فقلما تسع الدنيا بغيضين وأنشدني، قال: أنشدني لنفسه: الصبر أولى بوقار الفتى ... من قلق يهتك ستر الوقار من لزم الصبر على حاله ... كان على أيامه بالخيار اسم مفرد غربيب الطليطلي، شاعر قديم مشهور بالطريقة في الفضل والخير، ومما يتداول الناس من شعره: يهددنى بمخلوق ضعيف ... يهاب من المنية ما أهاب وليس إليه محيا ذي حياة ... وليس إليه مهلك من يصاب له أجل ولي أجل وكل ... سيبلغ حيث يبلغه الكتاب وما ندري لعل الموت منه ... قريب أينا قبل المصاب لعمرك ما يرد الموت حصن ... إذا انتاب الملوك ولا حجاب لعمرك إن محياي وموتى ... إلى ملك تذل له الصعاب إلى ملك يدوخ كل ملك ... وتخضع من مهابته الرقاب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 326 باب الفاء من اسمه فضل الفضل بن أحمد بن دراج القسطلي، أديب شاعر، وله حظ من البلاغة يجرى في الشعري والرسائل على طريقة أبيه، وقد لقيته ببلنسية بعيد الأربعين وأربع مائة، ومن شعره في إقبال الدولة ابن الموفق: وإذا ما خطوب دهر أنافت ... وأطافت كأنها الجن تسعى كلأتنا من لسعهن أيادي ... ملك يكلأ الأنام ويرعى ملك إن دعاه للنصر يوماً ... مستضام كفاه نصراً ومنعا أو عراه السليب صفراً يداه ... جمع الرزق من نداه وأوعى فضل بن سلمة بن حرير، وقيل بن جرير بن منخل الجهني مولى لهم يكنى أبا سلمة البجاني فقيه مقدم حسن النظر، وله كتاب في اختصار الواضحة، وتنبيهات في الفقه. روى عن أحمد بن داود القيرواني. روى عنه أبو مروان خزز بن معصب أو مصعب البجاني، وذكرنا له عنه خبراً في ترجمة خلف من باب الخاء، مات سنة سبع عشرة وقيل تسع عشرة وثلاث مائة. فضل بن عميرة بن راشد بن عبد الله بن سعيد بن شريك بن عبد الله ابن مسلم بن نوفل بن ربيعة بن مالك بن مسلم الكناني ثم العتقي يكنى أبا العالية، وقيل أبو العافية أندلسي، سمع عبد الله بن وهب، وعبد الرحمن بن القاسم، ولى قضاء تدمير في إمارة الحكم بن هشام، ومات سنة سبع وتسعين ومائة. فضل بن الفضل بن عمير بن راشد، يكنى أبا العالية، وقيل أبو العافية، وهو ولد الذي قبله، كان قد تركه أبوه حملاً الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 فسمى باسمه وكني بكنيته، سمع سعيد ابن حسان، وعبد الملك بن حبيب السلمى، ولى القضاء أيضاً ببلده، ومات سنة خمس وستين ومائتين. أفراد الاسماء فتح بن حربون أندلسي محدث، سمع أيوب بن سليمان، وسعد بن معاذ وكانت له عبادة، مات بالأندلس سنة ست وعشرين وثلاث مائة. فرقد بن عون أو عوف العدواني، قرطبي له رحلة وسماع، وإليه تنسب العين التي بقرطبه مات في أيام الأمير هشام بن عبد الرحمن. فرج بن كنانة بن كنانة بن نزار بن غسان بن مالك الكناني الشذوني من أهل شذونة، روى عن ابن القاسم وابن وهب ولي قضاء الجماعة بالأندلس في أيام الأمير الحكم بن هشام بن عبد الرحمن قبل المائتين. الفرات بن هبة الله أبو المجد، يروى عن أبي سعيد الخليل ابن أحمد البستي الفقيه، لقيه بالقيروان، وأظن أبا المجد غريباً دخل الأندلس؛ أنشدني عنه أبو محمد على بن أحمد قال: أنشدني أبو المجد الفرات بن هبة الله، قال أنشدني أبو سعيد الخليل بن أحمد البستي الشافعي، وهو معي على مأجل تونس بالقيروان: تقنعت بالدجا شمس الضحى فبدا ... من تحت معجرها لام من السبج وأشرق الورد من تفاح وجنتها ... والسحر في طرفها باد مع الدعج وألبست جسمها من أبيض يقق ... غلالة طرزتها من دم المهج ولو بدت في ظلام لاستنار بها ... وكان إشراقها يغنى عن السرج الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 باب القاف من اسمه قاسم قاسم بن محمد بن قاسم بن محمد بن سيار مولى هشام بن عبد الملك، يقال له البياني، محدث يميل إلى قول أبي عبد الله الشافعي رحمه الله، مات سنة ثمان وسبعين ومائتين، وقيل سنة ست أو سبع ذكره ابن يونس، وقد ذكر لنا أبو محمد علي بن أحمد قاسم بن محمد فأثنى عليه، وقال: وإذا ذكرنا قاسم بن محمد لم نباه به إلا القفال، ومحمد بن عقيل الفريابي، وهو شريكهما في صحبة أبي إبراهيم المزني والتلمذ له، وقد ذكره أبو محمد في موضع آخر فمد في نسبه، وقال: قاسم بن محمد بن قاسم بن محمد المحدث أندلسي، مات في سنة ثمان وسبعين ومائتين. ولقاسم بن محمد هذا تحقق بمذهب الشافعي. وتواليف فيه على مخالفته. منها: كتاب الإيضاح في الرد على المقلدين وغيره، ويعرف بصاحب الوثائق وهو أشهر به، روى عنه ابنه محمد، ومحمد بن عمر ابن لبابة، وأسلم بن عبد العزيز، وأحمد بن خالد. قاسم بن محمد بن قاسم بن أصبغ البياني، يروى عن جده قاسم بن أصبغ روى عنه أبو عمرو أحمد بن قاسم. قاسم بن محمد بن قاسم أبو محمد، يعرف بابن عسلون، سمع أبا محمد قاسم ابن أصبغ، وخالد بن سعد وغيرهما. روى عنه أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر. قاسم بن محمد القرشي المرواني المعروف بالشبانسى، شاعر أديب في الدولة العامرية. روى عن وليد بن محمد الكاتب، وابن شبلاق، وغيرهما حكايات وأشعاراً، وكان في نفسه جليلاً، ذكره لنا أبو محمد على بن أحمد وكان قد قرف وشهد عليه عند القضاة بما يوجب القتل فسجن، وكتب إلى المنصور أبي عامر محمد بن أبي عامر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329 قصيدة طويلة يستعطفه فيها ويسأله التثبت في أمره وحقن دمه، فرق له ونظر في ذلك بما أدى إلى خلاصه، ومن تلك القصيدة: يا من برحماه أستغيث وحق لى ... منه الغياث علاك أسترعى دمى لا أبتغي فيه سوى سنن الهدى ... غرضاً وأقضية الكتاب المحكم وتثبت المنصور مولانا وسيدنا ال ... موفق في القضاء الملهم ليموت أو يحيا بعدل قضائه ... فيرى اليقين عيان من لم يعلم ناشدتك الله العظيم وحقه ... في عبدك المتوسل المتحرم بوسائل المدح المعاد نشيدها ... في كل مجمع موكب أو موسم لا يستبح منه حمى أرعاكه ... يا من يرى في الله أحمى محتمى قاسم بن أحمد أبو محمد. يروى عن محمد بن عبد الملك بن أيمن. روى عنه أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري الحافظ. قاسم بن أصبغ بن محمد بن يوسف بن ناصح بن عطاء البياني أبو محمد مولى الوليد بن عبد الملك، إمام من أئمة الحديث حافظ مكثر مصنف، سمع محمد بن وضاح، ومحمد بن عبد السلام الخشني، وجماعة، ورحل فسمع إسماعيل بن إسحاق القاضي، وأبا إسماعيل محمد بن إسماعيل الترمذي، والحارث بن أبي أسامة، وأبا قلابة الرقاشي، وعبيد بن عبد الواحد، وعبد الله بن روح المدائني، وجعفر بن محمد الصائغ، ومحمد بن غالب التمتام، وأبا محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة، وأبا بكر أحمد بن زهير ابن حرب، وأبا العباس أحمد بن محمد البرني، وأبا محمد مضر بن محمد صاحب بن معين، وإبراهيم بن عبد الله صاحب وكيع، وأبا بكر أحمد بن أبي الدنيا، وأبا الزنباع روج بن الفرج، وبكر بن حماد التاهرتي، سمع منه مسند الجزء: 1 ¦ الصفحة: 330 مسدد عنه، وغيرهم صنف في السنن كتاباً حسناً، وفي أحكام القرآن على أبواب كتاب إسماعيل بن إسحاق القاضي كتاباً حسناً، وفي أحكام القرآن على أبواب كتاب إسماعيل بن إسحاق القاضي كتاباً جليلاً وله كتاب المجتبي على أبواب كتاب ابن الجارود المنتقى قال لنا أبو محمد علي بن أحمد: وهو عير منه انتقاء، وأبقى حديثا، وأعلى سنداً، وأكثر فائدة، وله كتاب في فضائل قريش، وكتاب في الناسخ والمنسوخ، وكتاب في غرائب حديث مالك بن أنس مما ليس في الموطأ، وكتاب في الأنساب في غاية الحسن والإيعاب. حكى ذلك لنا أبو محمد علي بن أحمد وقال: كان رحمه الله من الثقة والجلالة بحيث اشتهر أمره، وانتشر ذكره، روى عنه جماعة أكابر من أهل بلده. منهم: عبد الوارث بن سفيان، وأحمد بن محمد بن أحمد بن سعيد المعروف بابن الجسور، وسعيد بن نصر، وأحمد بن قاسم بن عبد الرحمن، ويعيش ابن سعيد بن محمد الوراق، وعبد الله بن نصر الزاهد، وابن ابنه قاسم بن محمد وابن قاسم بن أصبغ وغيرهم، كان أصله من بيانة، وسكن قرطبة، وبهامات سنة أربعين وثلاث مائة عن سن عالية، ويقال إنه لم يسمع منه قبل موته بسنين. أخبرنا أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر قال: قرأت على عبد الوارث بن سفيان بن حبرون حديث مسدد بن مسرهد في عشرة أجزاء، أخبرني به عن قاسم بن أصبغ عن بكر بن حماد عن مسدد. القاسم بن تمام بن عطية المحاربي من أهل إلبيرة روى عن سعيد بن نمر، مات بالأندلس سنة ثمان عشرة وثلاث مائة. قاسم بن ثابت السرقسطي مؤلف كتاب غريب الحديث رواه عنه ابنه ثابت، وله في زيادات، وهو كتاب حسن مشهور؛ ذكره أبو محمد علي بن أحمد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 331 وأثنى عليه وقال: ما شاء أبو عبيد إلا بتقدم العصر. قاسم بن حمداد العتقي، يروى عن أبي عمر أحمد بن محمد بن عبد ربه، روى عنه أبو الوليد عبد الله بن محمد المعروف بابن الفرضى ذكره أبو محمد علي بن أحمد. قاسم بن الشارب الرباحي، فقيه، محدث، ذكروه في المؤتلف والمختلف. قاسم بن عبد الله الكلبي أبو عمرو، شاعر أديب، رأيت له شعراً خاطب به عبد الله بن يعقوب، المعروف بعبود الأديب، جاوبه عنه بأبيات، منها: يا أبا عمرو المهذب لا زل ... ت مدى الدهر عالي الأسباب أنت حقا نسيج وحدك في الظر ... ف وفي المكرمات والآداب وإذا ما المفاخر الغر عدت ... في ارتفاع الأقدار والأحساب كان آباؤك المعلين فيها ... والمصفين من لباب اللباب في ذرى يعرب بن قحطانها السا ... بق بالمجد والأيادي الرغاب فاستدم مدة البقاء ملياً ... وتمتع بكل عيش عجاب قاسم بن عبد الرحمن التاهرتي، دخل الأندلس، وكان من جلساء بكر بن حماد التاهرتي، وممن أخذ عنه، قاله أبو محمد علي بن أحمد، وهو والد أبي الفضل أحمد بن قاسم الذي روى عنه أبو عمر بن عبد البر. قاسم بن مسعدة الحجاري، من أهل وادي الحجارة، محدث، له رحلة مات سنة سبع عشرة وثلاث مائة. قاسم بن هلال بن يزيد بن عمران العتبي، أندلسي، روى عن ابن وهب، وابن القاسم؛ مات سنة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 332 سبع وثلاثين ومائتين، روى عنه ابنه محمد. القاسم بن هارون بن رفاعة بن ثعلبة، أندلسي، مات بها في أول أيام الأمير عبد الله بن محمد. القاسم بن يحيى بن محمد بن محمد بن الحسين التميمي الحماني، من بني سعد بن زيد مناة بن تميم، أبو عمر أديب، شاعر، من أهل بيت آداب وعلم وشعر، ذكره أبو محمد علي بن أحمد. اسم مفرد قرعوس بن العباس بن قرعوس بن عبيد بن منصور بن محمد بن يوسف الثقفي، أحد فقهاء الأندلس، سمع منه مالك بن أنس، وابن جريح. وقيل إن في روايته عن ابن جريح نظراً. مات بالأندلس سنة عشرين ومائتين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 333 باب الكاف أسماء أفراد كليب بن محمد بن عبد الكريم أبو حفص، ويقال أبو جعفر طليطلي رحل إلى مكة فأقام بها مدة. ثم رجع إلى مصر فمات بها، وكان فقيهاً محدثاً، مات قريباً من سنة ثلاث مائة. كلثوم بن أبيض المرادي أبو عون، من أهل سرقسطة، محدث له رحلة، مات بالأندلس سنة ثلاث وخمسين ومائتين. الكميت بن الحسن أبو بكر، شاعر أديب ينتجع ويمدح الأمراء، وكان من شعراء عماد الدولة أبي جعفر بن المستعين بن هود بسرقطة، شيخ من شيوخ الأدب، لقيته، وقرأت عليه كثيراً من شعره، ومنه: سقى البرق ما بين العذيب وبارق ... وواصل ما بين النباج ومنبج منازل لم تقصر بهن ظباؤها ... ولا نهيت غزلانها عن تبرج ليالي أبناء الهوى من هوائها ... معاً تحت ظل سابغ البرد سجسج وهي طويلة: كامل بن غفيل أبو الوفاء البحتري، أديب شاعر من العرب، دخل الأندلس، ذكره لنا أبو محمد علي بن أحمد، وقال: أنشدني أبو الوفاء كامل ابن غفيل لرجل من العرب، لقيه بالبادية، وكان قد بعثه قومه رائداً، وعاهدوه إن وجد خصباً ألا ينذر به بني فلان لحي كانوا في طريقه، قال: وكان له في ذلك الحي عجيبة، قال: والعجيبة عندهم: المحبوبة، فمضى فارتاد فوجد الخصب، فرجع إلى قومه ليعلمهم، وجعل طريقه على ذلك الحي، وأراد أن يخصهم بمعرفة ذلك لمكان عجيبته، وألا يشافههم لمكان ما عوهد الجزء: 1 ¦ الصفحة: 334 عليه، فلما صار حيث يسمعونه ضرب ناقته بالسوط، وأنشأ يقول: خطير من الوسمى أرخى شيوله ... كأن نداه مطلع الشمس لولو تركنا بها الوحش الأوابد ترتعى ... ولا بد أنا زائلون فزولوا قال: فارتحل ذلك القوم يؤمون أثره من حيث جاء، فلما رحل قومه صادفوهم بالمكان. كرز بن يحيى الصدفي لإستجى من أهل إستجة، روى عن عبد الملك ابن حبيب، مات في أيام الأمير عبد الرحمن بالأندلس، هكذاقال ابن يونس. وعبد الرحمن الذي ذكره مهملاً هو عبد الرحمن بن الحكم، وكانت وفاته سنة ثمان وثلاثين ومائتين، ووفاة عبد الملك بن حبيب سنة ثمان أو تسع وثلاثين ومائتين علي اختلاف فيه، فكيف روى عنه وهو في زمانه وفي بلده؟ ومات معه أو قبله، ويبعد أن يبقى إلى أيام الأمير عبد الرحمن بن محمد بعد الثلاث مائة، ولعله أراد أن يقول في أيام الأمير محمد بن عبد الرحمن والله أعلم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 335 باب اللام لب بن عبد الله من أهل سرقسطة أبو محمد، محدث كان فاضلاً زاهداً، كتب عن أهل الأندلس، ولم يحل وكانت وفاته في صدر أيام الأمير عبد الله بن محمد، قاله أبو سعيد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 336 باب الميم من اسمه موسى موسى بن محمد بن حدير الحاجب، رئيس كان في أيام عبد الرحمن الناصر من أهل الأدب والشعر، ومن أهل بيت رياسة وجلالة؛ ذكره أبو محمد علي بن أحمد. موسى بن أحمد الثقفي أبو عمران يعرف بابن اللب، محدث لبيري من أهل إلبيرة، روى عن محمد بن أحمد العتبي، مات سنة سبعين ومائتين. موسى بن أصبغ المرادي أبو عمران، أندلسي كان زاهداً أديباً عالما منقطعاً إلى الله، انقطع في بعض زوايا صقلية، ومات فيما أظن فيها، وكان طويل النفس في الشعر، رأيت له قصائد طوالاً في الزهد، ومنها قصيدة على حروف المعجم لكل حرف عشرون بيتاً، وأنشدني أبو محمد علي بن أحمد الفقيه، قال: أنشدني إبراهيم بن قاسم الأطرابلسي، قال: أنشدنا أبو جعفر القروي، قال: أنشدني أبو عمران موسى بن أصبغ المرادي الأندلسي المنقطع إلى الله الساكن بصقلية، وكان كثير الشعر في الزهد، وذكر قصيدة طويلة منها: من يعتلي عزمي ويذكى سنا لبي ... وأسقي بكأس الصدق من مائه العذب فتحيا بها نفس أضر بها المنى ... ويحسن لي عيش ويعذب لي شربي وينعش أفكاري بروح نسيمه ... ويرضى الرضي روحي ويهوى التقى قلبي موسى بن الطائف شاعر مشهور، كان في أيام المنصور أبي عامر محمد ابن أبي عامر، أخبرنا الرئيس أبو العباس احمد بن رشيق الكاتب، قال: كتب موسى بن الطائف إلى بعض العمال: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 337 لا تنسنى من سحتك المكسوب ... واجعل نصيبك منه مثل نصيبي فإذا اغترى بك في القيامة مغتر ... فبمثل ما تغري به تغري بي وزادني فيها أبو محمد بيتاً ثالثاً، قال: أنشدنيه غير واحد عنه، وبه يتم المعنى. وهي الذنوب وغاية في بخله ... من كان فينا باخلاً بذنوب موسى بن عيسى بن أبي حاج واسم أبي حاج: يحج أبو عمران الفاسي، فقيه القيروان، إمام في وقته دخل الأندلس وله رحلة إلى المشرق، وصل فيها إلى العراق، فمن مشايخه بالأندلس أبو الفضل أحمد بن قاس بن عبد الرحمن صاحب قاسم بن أصبغ، وأبو زيد عبد الرحمن بن يحيى العطار، وأبو عثمان سعيد بن نصر، وسمع بالقيروان من أبي الحسن علي بن محمد بن خلف القابسي وغيره، وبمصر من أبي الحسين عبد الكريم بن أحمد ابن أبي جدار وغيره، وبمكة من أبي القاسم عبيد الله بن محمد بن أحمد السفطي وغيره، والعراق من أبي الفضل عبيد الله بن عبد الرحمن الزهري وغيره؛ وكان مكثراً عالماً، نزل القيروان وبها مات بعد العشرين وأربع مائة. موسى بن الفرج قرطبي روى عن أشهب بن عبد العزيز. موسى بن نصير أبو عبد الرحمن صاحب فتح الأندلس، وكان أمير إفريقية والمغرب وليها في سنة تسع وسبعين، وكانت الولاة في كل ذلك من قبله، يقال إنه مولى لخم، وهو من التابعين، روى عن تميم الداري روى عنه يزيد بن مسروق اليحصبي، مات بمر الظهران، أو بوادي القرى على اختلاف فيه، وذلك في سنة سبع أو تسع وتسعين، وكان خرج مع سليمان بن عبد الملك إلى الحج، وقد ألف في أخباره في فتوح الأندلس، وكيف جرى الأمر في ذلك رجل من ولده يقال له معارك بن مروان بن عبد الملك بن مروان بن موسى بن نصيراً أبو معاوية. ذكره أبو سعيد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 موسى بن الهنيد بن داود بن نصير مولى لخم ذكر في أخبار الأندلس، روى عن أبيه الهنيد بن داود. ذكره ابن يونس. من اسمه معاوية معاوية بن سعيد أندلسي يروي عن محمد بن وضاح وغيره، مات بالأندلس في سنة أربع وعشرين وثلاث مائة. معاوية بن صالح الحضرمي قاضي الأندلس، شامي من أهل حمص، خرج منها سنة خمس وعشرين ومائة، وقدم مصر وخرج إلى الأندلس، فلما دخل عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان الأندلسي وملكها، اتصل به، وحظى عنده، فأرسله إلى الشام في مهماته، فلما رجع إليه من الشام ولاه قضاء الجماعة بالأندلس كلها. سمع الحديث من جماعة منهم: عبد الرحمن بن جبير بن نفير، وأبو يحيى سليم بن عامر، وربيعة بن يزيد، وعبد الوهاب بن بخت، وأزهر بن سعد، ويحيى ابن سعيد، ويحيى بن جابر، وسعيد بن هانئ، وراشد بن سعد، وعبد العزيز ابن مسلم، وضمرة بن حبيب، ونعيم بن زياد، والعلاء بن الحارث، ويقال بن حريث، وشداد بن شداد أبو عمار، وأبو الزاهرية حدير بن كريب، سمع منه الليث بن سعد وسفيان الثوري، وعبد الرحمن بن مهدي، وعبد الله بن وهب، وزيد بن الحباب العلكي، ومحمد بن عمر الواقدي، وحماد بن خالد الخياط، ومعن بن عيسى القزاز، وأسد بن موسى، وجماعة من أهل المدينة، ومصر، والأندلس وغيرهم. قال أحمد ابن حنبل في رواية الأثرم عنه: إنه خرج من حمص قديماً فصار إلى الأندلس وإنما سمع الناس منه حين حج. وقال محمد بن سعد كاتب الواقدي: حج يعني معاوية ابن صالح من دهره حجة واحدة، ومر بالمدينة فلقيه من لقيه من أهل العراق، قال: وكان معه كثير من الحديث. فأردنا أن نعلم وقت حجة فوجدنا في تاريخ البخاري، من رواية مسبح الجزء: 1 ¦ الصفحة: 339 بن سعيد الوراق في نسخة ذكر فيها مسبح بخطه أنه عارضها وصححها في صفر سنة ثمانين ومائتين، أنه حج سنة ثمان وستين ومائة، وهكذا ذكر أبو بكر أحمد بن محمد بن هارون المعدل المعروف بالخلال فيما أورده في تاريخه من قول الهيثم ابن خارجة أنه حج سنة ثمان وستين، فكان هذا بياناً في وقت حجه، لكنه أوجب حيرة في وقت موته، لأن أبا بكر أحمد بن محمد بن عيسى صاحب تاريخ الحمصيين قال: إنه مات سنة ثمان وخمسين ومائة، وقد ذكر ذلك غيره أيضاً. وهاذان القولان متعارضان ولا شك في خطأ أحدهما، ولو وحدنا لأحد من علماء الأندلس في ذلك بياناً لملنا إليه، لأن أهل كل بلد أعلم بمن مات عندهم، على أن أبا سعيد بن يونس قد حكى قول أحمد بن محمد بن عيسى ولم يعترض عليه، وهو من أهل البحص عن أهل المغرب والاختصاص بمعرفتهم. وقد أخبرني أبو الحسن طاهر بن أحمد بن بابشاذ النحوي بالفسطاط، وقرأته عليه من أصل سماعه، قال: أخبرنا أبو سعيد الماليني، قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي، قال: حدثنا محمد بن حفص أبو صالح ببعلبك، قال: حدثنا محمد بن عوف قال: سمعت أبا صالح يعني كاتب الليث سنة سبع عشرة أو سنة عشرين يعني ومائتين يقول: مر بنا معاوية بن صالح حاجاً سنة أربع وخمسين، فكتب عنه الثوري، وأهل مصر، وأهل المدينة. هذا آخر كلام أبي صالح، فهذا معارض لرواية مسبح وغير معارض لقول من ذكرنا في تاريخ موته، وما أظن أن رواية مسبح إلا وهماً، وإن كان قد قاله أيضاً الهيثم ابن خارجة، ولم أجد هذه الزيادة التي زادها البخاري في رواية مسبح عنه من تاريخ حجه في شئ من النسخ التي رويت عنه، لا من رواية ابن فارس، ولا من رواية غيره فيما وقع إلى والله أعلم. فهذا اختلاف في تاريخ حجه وموته لم يتضح لنا إلى الآن فيه بيان، وإن كان الأشبه عندنا ما حكاه أبو صالح وابن يونس، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 340 وكذلك الإختلاف في نسبه، فإن أبا عبد الله البخاري قال في رواية مسبح عنه: معاوية بن صالح بن عثمان، وقال صاحب تاريخ الحمصيين: معاوية بن صالح بن حدير، ووافقه أبو سعيد بن يونس، ومد في النسب فقال: معاوية بن صالح بن حدير بن سعيد بن سعد بن فهر، قال البخاري: سمع عمه معدان بن عثمان. وقال صاحب تاريخ الحمصيين: سمع عمه معدان بن حدير علي حسب اختلافهما في نسب معاوية بن صالح، تابع كل واحد منهما قوله في عمه. زاد ابن عيسى: أن كنية معدان أبو الجماهر، وهذا الاختلاف في النسب أيضاً لايبين لنا الصواب منه إلا أن النفس أميل إلى ما قاله صاحب تاريخ الحمصيين، لأن أهل كل بلد أعلم بمن كان منه والله أعلم. وأما كنيته فذكر البخاري في بعض الروايات عنه، وأحمد بن محمد بن عيسى، وابن يونس أن كنيته أبو عمرو وحكى أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور بن محمد الطبري الحافظ: أن كنيته أبوعمر بغير واو، وهكذا قال أبو أحمد بن عدي. قال الطبري ويقال أبو عمرو، وقولهم أولى بالصحة والله أعلم. قال البخاري: قال علي، يعني ابن المديني كان عبد الرحمن بن مهدي يوثقه يعني معاوية بن صالح ويقول: نزل الأندلس. قال أبو القاسم الطبري: أخرج له مسلم بن الحجاج وأكثر، وقال يحيى فيما روى عنه جعفر الطياليسي: معاوية بن صالح ثقة. وقال أحمد بن حنبل في رواية الأثرم عنه، وذكر معاوية بن صالح فقال: هو حمصي إلا أنه وقع إلى الأندلس، سمع عبد الرحمن بن جبير بن نفير، ومن الحمصيين، وحسن أمره. قال: فقلت لأحمد: فإن الهيثم بن خارجة يعني يقول إن أهل حمص لا يروون عن معاوية بن صالح قال: قد روى عنه الفرج بن فضالة. أخبرنا الشريف أبو إبراهيم أحمد بن القاسم بن الميمون بن حمزة الحسيني بالفسطاط في جامع عمرو قرأة عليه فيما انتقاه أبو نصر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 341 السجستاني الحافظ من حديثه، قال: حدثنا جدي الشريف أبو القاسم الميمون بن حمزة بن الحسن إملاء قال. أخبرنا أبو القاسم الحسين بن محمد بن داود مامون الشاهد سنة سبع عشرة وثلاث مائة قال: حدثنا أحمد بن عمرو بن سرح قال: أخبرنا عبد الله بن وهب قال: أخبرني معاوية ابن صالح، عن عبد الرحمن بن جبير بن بصير، عن أبيه، عن كعب بن عياض أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: لكل أمة فتنة وإن فتنة أمتي المال. قال أبو نصر الحافظ: وهذا من غرائب الحديث إسناداً. ومتنا حكم به لمعاوية بن صالح وحدث به عنه عبد الله بن سعد، وعبد الله بن وهب، وكعب بن عياض من المقلين. معاوية بن عياش أبو عباس بن هشام الجذامى أو الحزامى أبو المغيرة من أهل تدمير سمع من حماس بن مروان قاضي إفريقية وغيره ومات بالأندلس سنة تسع عشرة وثلاث مائة. من اسمه مروان مروان بن محمد الأسدي أبو عبد الملك البوني أصله من الأندلس رحل منها ودخل القيروان، وطلب العلم بها، ثم استقر ببونة من بلاد إفريقية، فسكنها ونسب إليها وبها ماتوكان فقيهاً محدثاً وله كتاب كبير شرح فيه الموطأ، مات قبل الأربعين وأربع مائة. ذكره لي أبو محمد الحفصوني، وذكر عنه فضلاً وعلماً، وهو مشهور بتلك البلاد. مروان بن عبد الرحمن بن مروان بن عبد الرحمن الناصر أبو عبد الملك يعرف بالطليق من أمية كان أديباً شاعراً مكثراً وأكثر شعره في السجن. قال لي ابو محمد علي بن أحمد: أبو عبد الملك هذا في بني أمية كابن المعتز في بني العباس ملاحة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 342 شعر، وحسن تشبيه. سجن وهو ابن ست عشرة سنة ومكث في السجن ست عشرة سنة، وعاش بعد إطلاقه من السجن ست عشرة سنة، ومات قريباً من الأربع مائة. وأخبرني أبو عبد الله محمد بن إدريس أو غيره بالمغرب: أن أبا عبد الملك كان فيما قيل يتعشق جارية كان أبوه قد رباها معه، وذكرها له، ثم بدا له فاستأثر بها، وأنه اشتدت غيرته لذلك، فانتضى سيفاً، وانتهز فرصة في بعض خلوات أبيه معها فقتله، وعثر على ذلك فسجن وذلك في أيام المنصور أبي عامر محمد بن أبي عامر ثم أطلق بعد ذلك فلقب الطليق لذلك ومن مستحسن شعره قصيدة أولها: غصن يهتز في دعص نقا ... يجتني منه فؤادي حرقاً أطلع الحسن لنا من وجهه ... قمراً ليس يرى ممحقا ورنا عن طرف ريم أحور ... لحظه سهم لقلبي فوقا وفيها: أصبحت شمسا وفوه مغربا ... ويدا الساقي المحيي مشرقا فإذا ما غربت في فمه ... تركت في الخد منه شفقا مروان بن عبد الملك بن مروان الشذوني أبو عبد الملك، من أهل شذونة قدم إلى مصر وخرج إلى العراق فمات بالبصرة نحو الثلاثين وثلاث مائة. كتب عنه أبو سعيد بن يونس وقال: كان ثقة وكان يفهم. وروى عنه أبو بكر محمد ابن إبراهيم بن علي بن عاصم المعروف بابن المقري الأصبهاني وكناه أبا بكر. مروان بن الملك القيسي يروي عن أبي عبد الرحمن بقي مخلد، وأبي عبد الله محمد بن وضاح ونحوهما، مات سنة ثلاثين وثلاث مائة ذكرهما أبو سعيد في كتابه أحدهما بعد الآخر. تم الجزء الرابع وهو آخر الثامن من الأصل والحمد الله حق حمده وصلى الله على محمد نبيه وآله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 343 الجزء التاسع من تجزئة الأصل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 345 بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين من اسمه مسلمة مسلمة بن محمد البتري أبو محمد، محدث سمع من أبي محمد عبد الله بن عثمان، عن سعيد بن معاذ، ومن محمد بن أحمد بن خالد بن يزيد، عن أبيه، ورحل فسمع من أبي الحسن علي بن أحمد المقدسي، وعبد السلام بن محمد لقيهما في مسجد الخيف من منى. روى عنه أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري. أخبرني أبو عمر بن عبد البر، قال: حدثني أبو محمد مسلمة بن محمد، عن محمد ابن أحمد بن خالد، عن أبيه أحمد بن خالد بكتابه في فضل طلب العلم. مسلمة بن عبد الملك، رئيس شاعر أديب، كان حياً في أيام الفتنة، ومات فيها. ذكره أبو عامر ابن شهيد. مسلمة بن قاسم، محدث من أهل الأندلس في طبقة قاسم بن أصبغ سمع منه عبد الوارث بن سفيان بن جبرون. من اسمه مالك مالك بن علي بن مالك بن عبد الملك بن قطن بن عصمة بن أنيس بن عبد الله بن جحوان بن عمرو بن حبيب بن عمرو بن شيبان بن محارب ابن فهر بن مالك القرشي الفهري، أبو خالد الزاهد، ويقال له القطني، ينسب إلى جده، أندلسي محدث. يروي عن عبد الله بن مسلمة القعنبي، وأصبغ بن الفرج. روى عنه محمد بن عمر بن لبابة، وأثنى عليه، وله مختصر في الفقه على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 346 مذهب مالك ابن أنس، مات بالأندلس سنة ثمان وستين ومائتين بعد أن كف بصره. أخبرنا أبو محمد علي بن أحمد، قال: حدثنا الكناني، قال: أخبرنا أحمد ابن خليل، حدثنا خالد بن سعد، قال: سمعت محمد بن عمر بن لبابة يقول: أخبرني أبو خالد مالك بن علي القرشي الزاهد، وكان محمد بن عمر بن لبابة يذكر فضله ويقدمه على جميع من رأى من أهل العلم في الاجتهاد والعبادة، قال: أخبرنا القعنبي، قال: دخلت على مالك بن أنس في مرضه الذي مات فيه، فسلمت عليه، ثم جلست فرايته يبكي، فقلت: يا أبا عبد الله، ما الذي يبكيك؟ قال: فقال لي: يا ابن قعنب ومالي لا أبكي، ومن أحق بالبكاء مني؟ والله لوددت أني ضربت لكل مسألة أفتيت فيها برأي بسوط سوط، وقد كانت لي السعة فيما قد سبقت إليه، وليتني لم أفت بالرأي. أو كما قال. مالك بن معروف أبو عبد الله من أهل ماردة، كداقيل، وأظنه لاردة يروي عن عبد الملك بن حبيب مات بالأندلس سنة أربع وستين ومائتين. من اسمه مطرف مطرف بن عبد الرحمن، وقيل عبد الرحيم بن إبراهيم بن محمد بن قيس مولى الأمير عبد الرحمن بن معاوية بن هشام يكنى أبا سعيد قرطبي. روى عن يحيى ابن يحيى، وله رحلة سمع فيها من سحنون بن سعيد، مات بالأندلس سنة اثنتين وثمانين ومائتين، وكان زاهداً فاضلاً. مطرف بن عبد الرحمن المشاط. يروي عن محمد بن يوسف ابن مطروح، مات بها سنة أربع وعشرين وثلاث مائة. من اسمه منذر منذر بن الأصبغ بن عصمة القبري من أهل قبرة، محدث له رحلة وطلب وعناية، ولى القضاء ومات بالأندلس في سنة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 347 خمس وخمسين ومائتين، وقد قيل فيه: منذر بن الصباح بن عصمة فأعدناه في موضعه لذلك. منذر بن حزم من أهل بطليوس، مات بالأندلس في صدر أيام الأمير عبد الرحمن بن محمد. منذر بن سعيد القاضي أبو الحكم، يعرف بالبلوطي، منسوب إلى موضع هناك قريب من قرطبة، يقال له فحص البلوط، ولى قضاء الجماعة بقرطبة في حياة الحكم المستنصر بالله، وكان عالماً فقيهاً، وأديباً بليغاً، وخطيباً على المنابر وفي المحافل مصقعاً، وله اليوم المشهور الذي ملأ فيه الأسماع، وبهر القلوب؛ وذلك أن الحكم المستنصر كان مشغوفاً بأبي على القالي يؤهله لكل مهم في بابه، فلما ورد رسول ملك الرم أمره عند دخول الرسول إلى الحضرة أن يقوم خطيباً بما كانت العادة جارية به، فلما كان في ذلك الوقت، وشاهد أبو علي الجمع، وعاين الحفل، جبن ولم تحمله رجلاه، ولا ساعده لسانه وفطن له أبو الحكم منذر بن سعيد، فوثب وقام مقامه، وارتجل خطبة بليغة على غير أهبة، وأنشد لنفسه في آخرها: هذا المقال الذي ما عابه فند ... لكن صاحبه أزرى به البلد لو كنت فيهم غريباً كنت مطرفاً ... لكنني منهم فاغتالني النكد لولا الخلافة أبقى الله بهجتها ... ما كنت أبقى بأرض ما بها أحد فاتفق ذلك الجمع على استحسانه، وجمال استدراكه، وصلب العلج، وقال: هذا كبش رجال الدولة. وقد ذكر هذا المعنى أبو عامر ابن شهيد في كتابه المعروف بحانوت عطار وغيره. قال لنا أبو محمد علي بن أحمد: وكان مائلاً إلى القول بالظاهر، قويا على الانتصار لذلك، ومن مصنافته كتاب الإنباه على الجزء: 1 ¦ الصفحة: 348 استنباط الأحكام من كتاب الله "، وكتاب الإبانة عن حقائق أصول الديانة، وقد كانت له رحلة كتب فيها، وطلب، وسمع من ابن ولاد بمصر كتاب العين للخليل بن أحمد، ومن أبي بكر بن المنذر كتاب الإشراف، ولقي أبا جعفر أحمد بن محمد بن النحاس النحوي، بمصر، وله معه حكاية مشهورة؛ وذلك أنه حضر مجلسه في الإملاء، فأملى أبو جعفر في جملة ما أملى قول الشاعر: خليلي هل بالشام عين حزينة ... تبكي على ليلى لعل أعينها قد أسلمها الباكون إلا حمامة ... مطوقة باتت وبات قرينها تجاذبها أخرى على خيزرانة ... يكاد يدانيها من الأرض لينها فقال له منذر بن سعيد: أيها الشيخ، أعزك الله، باتا يصنعان ماذا؟ فقال أبو جعفر: فكيف تقول أنت؟ قال له منذر: بانت وبان قرينها. فاستبان أبو جعفر ما قال، وقال له: ارتفع، ولم يزل يرفعه حتى أدناه منه. وكان يعرف ذلك له بعد ذلك ويكرمه. روى عنه أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن ابن أسد الجهني، وأحمد بن قاسم بن عبد الرحمن التاهرتي، وكان مختصا به. منذر بن الصباح بن عصمة القاضي القبري، من أهل قبرة، له رحلة وطلب وعناية. حدث بالأندلس، ومات فيها سنة خمس وخمسين ومائتين. هكذا بخط عبد الله بن محمد بن عبد الله بن الثلاج، في نسخة من كتاب ابن يونس؛ وفي أخرى بخط أبي عبد الله محمد بن علي الصوري، الحافظ: محمد بن الأصبغ، ابن عصمة، واتفقا فيما سوى ذلك كله، إلا في الأصبغ والصباح فقط. والله أعلم بالصواب. من اسمه مسعود مسعود بن خلصة الكلبي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 349 الرباحي، محدث، ذكروه في الموتلف والمختلف، ينسب إلى قعلة رباح، من بلاد الأندلس. مسعود بن سليمان بن مفلت أبو الخيار، فقيه عالم زاهد، يميل إلى الاختيار والقول بالظاهر، ذكره أبو محمد علي بن أحمد، وكان أحد شيوخه. مسعود بن عمر الأموي أبو القاسم، من أهل تدمير. روى عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، مات بالأندلس سنة سبع وثلاث مائة. من اسمه محبوب محبوب بن قطن بن عبد الله بن النضر البكري الجياني، محدث رحل وسمع من عبد الله بن صالح كاتب الليث، وله سماع بالأندلس، وبها مات. روى عنه حيي بن مطهر اللبيري. محبوب الأديب شاعر نحوى، ذكره لي أبو بكر المرواني، وأخبرني أنه شاهده، وقد قال بديهة في صفة ناعورة: وذات حنين ما تغيض جفونها ... من اللجج الخضر الصوافي على شط تبكي فتحي من دموع جفونها ... رياضاً تبدي من أزاهير في بسط فمن أحمر قان وأصفر فاقع ... وأزهر مبيض وأدكن مشمط كأن ظروف الماء من فوق متنها ... لآل جمان قد نظمن على فرط من اسمه متوكل متوكل بن يوسف، أندلسي، يكني أبا الأدهم من أهل تدمير، مات بالأندلس، ذكره محمد بن حارث الخشني. متوكل بن أبي الحسين، أديب شاعر مليح الشعر، كان قريباً من الأربع مائة. أنشدني له أبو محمد عبد الله بن عثمان بن مروان القرشي، قصيدة طويلة منها: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 350 تعيرني ألا أقيم ببلدة ... وفي مثل حالي هذه القمران رأت رجلاً لا يشرب الماء صافياً ... ويحلو لديه وهو أحمر قاني له همم سافرن في طلب العلا ... نجوم الثريا عندهن دواني تغرب لما أن تغرب ذكره ... علوا كلا هذين مغتربان ومن قولهم من يغل الصيف رأسه ... فمرجله في القر ذو غليان من اسمه مكي مكي بن محمد بن حموش المقري. أبو طالب، كذا أملي على نسبه بعض الشيوخ من حفظه، ولا أثق بضبطه، أصله من القيروان، وبها ولد، وعلى شيوخها قرأ، ثم رحل، وقرأ على أبي الطيب عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون المقرئ الحلبي، ساكن مصر، وعلى غيره، وقدم الأندلس، فيسكن قرطبة، وقرئ عليه بها، وكان إماماً في ذلك مشهوراً. مكي بن صفوان بن سليمان بن سليم، من موالي بني أمية، محدث يبرى، ويقال لبيرئ بزيادة لام، مات بالأندلس سنة ثمان وثلاث مائة. أفراد الأسماء مسلم بن أحمد بن أبي عبيدة الليثي، محدث أندلسي يكني أبا عبيدة، رحل سنة تسع وخمسين ومائتين في طلب العلم، وكتب ورجع إلى بلده، وحدث ومات بالأندلس سنة أربع وثلاث مائة. محفوظ بن حفاظ الأندلسي أبو الحفاظ، روى عن محمد بن يحيى ابن سلام، روى عنه أبو عبد الله محمد بن علي ابن إسماعيل الأبلي، ذكر له أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي الدارقطني الحافظ حديثاً في الثاني من الأفراد. مهاصر بن ربيل القيسي أبو عبد الله، محدث أهل سرقسطة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 351 ذكروه في كتبهم، قاله ابن يونس. مخلد بن زيد البجلي، وقيل: يزيد، له رحلة في العلم وطلب، ولي قضاء رية في أيام الأمير عبد الرحمن بن الحكم، ومات في آخرها. ذكره محمد بن حارث. مؤمن بن سعيد، شاعر مشهور كثير الشعر، ذكره صاحب كتاب الحدائق؛ ومن شعره: حرمتك ما عدا نظراً مضراً ... بقلب بين أضلاعي مقيم فعيني منك في جنات عدن ... مخلدة وقلبي في الجحيم المهلب بن أحمد بن أسيد بن أبي صفرة أبو القاسم التميمي، فقيه محدث سمع أبا محمد عبد الله بن إبراهيم الأصيلي، وأبا القاسم يحيى بن علي بن محمد الحضرمي المصري، وعبد الوهاب بن الحسن بن منير، وغيرهم؛ وله كلام في شرح الوطأ، وفي كتاب الجامع لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري. مات بالأندلس بعد العشرين وأربع مائة. مصعب بن عبد الله بن محمد بن يوسف، أبو بكر يعرف بابن الفرضى، أديب محدث أخباري شاعر، ولي الحكم بالجزيرة، وأصله من قرطبة، وكان فاضلاً روى عن أبيه أبي الوليد، وعن عبد الله بن محمد بن أسد، وعن أحمد بن هشام بن أمية ابن بكثير، ويوسف بن هارون الكندي، سمعنا منه، وأنشدني: قال: أنشدني بعض أهل الأدب بقرطبة: الحمد لله على أنني ... كضفدع في وسط اليم إن هي قالت ملأت حلقها ... أو سكتت ماتت من الغم كان حياً قبل الأربعين وأربع مائة. مجاهد بن عبد الله العامري أبو الجيش الموفق، مولى عبد الرحمن الناصر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 352 ابن المنصور محمد بن أبي عامر، كان من أهل الأدب والشجاعة والمحبة للعلوم وأهلها، نشأ بقرطبة، وكانت له همة وجلادة وجرأة، فلما جاءت أيام الفتنة، وتغلبت العساكر على النواحي بذهاب دولة بني أبي عامر، قصد هو فيمن تبعه الجزائر التي في شرق الأندلس، وهي جزائر خصب وسعة، فغلب عليها وحماها، ثم قصد منها في المراكب إلى سردانية؛ جزيرة من جزائر الروم كبيرة في سنة ست أو سبع وأربع مائة، فغلب على أكثرها وافتتح معاقلها، ثم اختلفت عليه أهواء الجند، وجاءت أمداد الروم، وقد عزم على الخروج منها طمعاً في تفرق من يشغب عليه، فعاجلته الروم وغلبت على أكثر مراكبه؛ فأخبرنا أبو محمد علي بن أحمد قال: حدثني أبو الفتوح ثابت بن محمد الجرجاني، قال: كنت مع أبي الجيش مجاهد أيام غزاته سردانية، فدخل بالمراكب في مرسى نهاه عنه أبو خروب رئيس البحريين، فلم يقبل منه، فلما حصل في ذلك المرسي هبت ريح، فجعلت تقذف مراكب المسلمين مركباً مركباً إلى الريف، والروم وقوف لا شغل لهم إلا الأسر والقتل للمسلمين، فكلما سقط مركب بين أيديهم جعل مجاهد يبكي بأعلى صوته لا يقدر هو ولا غيره على أكثر، لارتجاج البحر وزيادة الريح، قال: فيقبل علينا أبو خروب وينشد. بكا دوبل لا أرقأ الله عينه ... ألا إنما يبكي من الذل دوبل ثم يقول: قد كنت حذرته من الدخول ها هنا فلم يقبل، قال: فبجريعة الذقن ما تخلصنا في يسير من الراكب. هذا آخر خبر ثابت بن محمد. ثم عاد مجاهد إلى الجزائر الأندلسية التي كانت في طاعته، واختلفت به الأحوال حتى غلب على دانية وما يليها، واستقرت إقامته فيها الجزء: 1 ¦ الصفحة: 353 وكان من الكرماء على العلماء، بادلاً للرغائب في استمالة الأدباء، وهو الذي بذل لأبي غالب اللغوي: تمام بن غالب ألف دينار على أن يزيد في ترجمة الكتاب الذي ألفه في اللغة: مما ألفه لأبي الجيش مجاهد على ما ذكرنا في باب التاء، وفيه يقول أبو العلاء صاعد بن الحسن اللغوي، وقد استماله على البعد بخريطة مال ومركب، أهداهما إليه قصيدة أولها: أتتني الخريطة والمركب ... كما اقترن السعد والكواكب وحط يميناً به قلعة ... كما وضعت حملها المقرب على ساعة قام فيها البنا ... ء على هامة المشتري يخطب إلى أن قال في آخرها: مجاهد رضت إباء الشمو ... س فأصبحت ما لم يكفي يصحب فقل واحتكم فسميع الزما ... ن مصيخ إليك بنا ترغب وقد ألف في العروض كتاباً يدل على قوته فيه، ومن أعظم فضائله تقديمه للوزير الكاتب أبي العباس أحمد بن رشيق، وتعويله عليه، وبسطه يده في العدل وحسن السياسة، وكان موته بدانية في سنة ست وثلاثين وأربع مائة. مدلج بن عبد العزيز بن رجا المدلجى يكنى أبا خندف، أندلسي محدث مشهور، له رحلة وصل فيها إلى العراق، ومات بمصر في آخر يوم من صفر سنة سبع، وقيل سنة تسع وخمسين ومائتين. منتنيل وقيل منتيل بن عفيف المرادي، والأول أقرب، وأظنه لقباً غلب عليه، وكنيته أبو وهب، وهو فقيه محدث أندلسي، كانت له رحلة إلى مكة واليمن، رافق فيها يوسف بن يحيى المغامي، وكتب عن إسحاق بن إبراهيم الدبري، وعلى بن عبد العزيز البغوي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 354 وغيرهما، ورجع إلى الأندلس فمات بها سنة سبع عشرة وثلاث مائة. محارب بن قطن بن عبد الواحد بن قطن بن عبد الملك بن قطن بن عصمة ابن أنيس بن عبد الله بن جحوان بن عمرو بن حبيب بن عمرو بن شيبان بن محارب بن فهر بن مالك القرشي الفهري، أبو نوفل محدث أندلسي، مات بها سنة ست وخمسين ومائتين. مقدم بن معافى القبري، شاعر معروف في أيام عبد الرحمن الناصر، ومن مدائحه في سعيد بن المنذر قصيدة ذكر من أولها أحمد بن فرج في كتابه أبياتاً وهي: أشجيت أن طربت حمامة وادي ... ميادة في ناعم مياد تلهو وما منيت بجفوة زينب ... يوماً ولا بخيالها المعتاد لا ترج إذ سلبت فؤادك زينب ... عيشاً فما عيش بغير فؤاد معتب الرومي مولى الوليد بن عبد الملك، حضر فتح الأندلس مع طارق، وكان علي خيله، وهو الذي خاطب الوليد في أمر طارق لما حبسه موسى ابن نصير حتى استنقذه من يديه بكتاب الوليد فيه إليه ذكره عبد الرحمن بن عبد الله ابن عبد الحكم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 355 باب النون من اسمه نصر بالصاد المهملة نصر بن أحمد بن عبد الملك أبو الفتح القرطبي، أندلسي. روى عن عبد السلام بن زياد الأندلسي، روى عنه حمزة بن يوسف السهمي في كتابه في البخلاء. قرأت على الشيخ الإمام أبي القاسم إسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي، أخبركم أبو القاسم حمزة بن يوسف، قال: حدثني أبو الفتح نصر بن أحمد بن عبد الملك القرطبي الأندلسي قال: حدثني عبد السلام بن زياد الأندلسي، قال: حدثنا قاسم بن الأصبغ الأندلسي، قال: حدثنا ابن الغاز الأندلسي، عن الخليل بن الأسود قال: حدثني العمري، عن أبي الهيثم قال: كان أبو حفصة أحد البخلاء فنزل به رجل عرف أبو حفصة ما وقع فيه منه، فلما قرب من إقامة ما يجب عليه هرب مخافة أن يتمون ذلك. فلما شعر الرجل ببخله خرج إلى السوق فابتاع ما احتاج إليه ورجع فكتب إليه: يأيها الخارج من بيته ... وهارباً من شدة الخوف ضيفك قد جاء بزاد له ... فارجع تكن ضيفاً على الضيف نصر بن الحسن بن أبي القاسم بن أبي حاتم بن الأشعث الشاشي التنكتي أبوالفتح نزيل سمر قند دخل الأندلس وحدث فيها بكتاب مسلم بن الحجاج في الصحيح، وسمع أيضاً هنالك من أبي العباس أحمد بن عمر بن أنس العذري وجماعة من الشيوخ، ولقيناه ببغداد، وسمعنا منه، وكان رجلاً جميل الطريقة، مقبول اللقاء، ثقة فاضلاً؛ وذكر أن مولده سنة ست وأربع مائة. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 356 نصر بن عبد الله الأسلمي من أهل تدمير يكنى أبا شمر، رحل ودخل إفريقية ومصر ومكة، وسمع من حماس بن مروان القاضي، وسمع من أهل بلده. نصر بن عبد الملك أندلسي رحل إلى المشرق، وسمع عبد القاهر بن طاهر الفقيه النيسابوري وغيره، وحدث في الغربة فسمع منه أبو طالب يحيى بن علي بن الطيب الدسكري، شيخ من شيوخ أبي بكر أحمد بن علي الخطيب، قال حمزة بن يوسف: وروى عنه أبو منصور أحمد بن الفضل النعيمي الجرجاني مصنف كتاب المجتبي في الحديث، ذكر ذلك أبو القاسم حمزة بن يوسف بن إبراهيم بن موسى السهمي في تاريخ جرجان وقال: النعيمي مات في شوال سنة خمس عشرة وأربع مائة وأظنه نصر بن أحمد بن عبد الملك المذكور من قبل، نسبه ها هنا إلى جده، والله أعلم. من اسمه نمر نمر بن عبد الرحمن، مذكور في جملة الأدباء، والشعراء، وهكذا أورده أبو محمد علي بن أحمد نمر بلا ياء، وذكره أبو عامر بن مسلمة بالياء نمير على التصغير والله أعلم. نمر بن هارون بن رفاعة بن مفلت بن سيف بن عبد الله بن نمر الجياني مولى قيس. روى عن بقي بن مخلد مات بالأندلس سنة إحدى عشرة وثلاث مائة. ذكره الخشني محمد بن حارث. أفراد الأسماء نابغة بن إبراهيم بن عبد الواحد، وقيل ابن عبد الأحد، من أهل قلعة يحصب. يروي عن محمد بن وضاح، وأيوب بن سليمان بن صالح، ومات بالأندلس سنة ثلاث عشرة وثلاث مائة. ذكره الخشني محمد بن حارث. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 357 نعم الخلف بن أبي الخصيب، من أهل تطيلة، يكني أبا القاسم، كان محدثاً شاعراً زاهداً من أهل الغزو والرباط، قتل شهيداً سنة ثمان وتسعين ومائتين. نافع بن رياض الجزيري أبو الحسن من شيوخ الأدب شاعر، رحل إلى قرطبة قبل الأربع مائة، وأخبرني أنه مدح بها الطيلق وغيره من الأكابر، مات بعد الأربعين وأربع مائة. نجيح بن سليمان بن نجيح بن سليمان بن عيسى الخولاني أندلسي، روى عن يونس بن عبد الأعلى، ومحمد بن أحمد العتبي الفقيه، وغيرهما، ومات بالأندلس سنة ست وسبعين ومائتين، ذكره محمد بن حارث الخشني. النضر بن سلمة أندلسي، محدث قديم، ولي القضاء ببلده، ذكروه في المؤتلف والمختلف بالضاد المعجمة، وذكره ابن يونس أيضاً. النعمان بن عبد الله بن النعمان الحصرمي من آل ذي الرأسين يروي عنه عبد الله بن هبيرة السبائي، وكان رجلاً صالحاً زاهداً، كثير الصدقة، وكان تصدق بعطائه كله، وكان يسكن ترقه، ويقال: إنه رأى في منامه كأنه يقال له: اختر بين الإيمان واليقين، فقال: اليقين، دخل الأندلس للجهاد، ووفد منها إلى سليمان بن عبد الملك بخبر فتح هنالك، ومعه محمد بن حبيب المعافري، فقال لهما سليمان: ارفعا حوائجكما فأما المعافري فرفع حوائجه فقضيت، وأما النعمان فقال: حاجتي أن تردني إلى ثغري ولا تسألني عن شئ، فأذن له فرجع، واستشهد في أقصى الثغور بالأندلس. ذكره ابن يونس. نعيم بن عبد الرحمن بن معاوية بن حديج بن جفنة بن قتيرة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 358 ابن حارثة بن عبد شمس بن معاوية بن جعفر بن أسامة بن سعد بن أشرس بن شبيب ابن السكسك بن اشرس بن كندي التجيبي من جملة من دخل الأندلس للجهاد فيها، قتلته الروم بها في يوم عرفة سنة ثلاث ومائة، وجده معاوية بن حديج أبو نعيم من الصحابة، وممن وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم. شهد فتح مصر، وكان الوارد بفتح الأسكندرية علي عمر بن الخطاب، وذهبت عينه يوم دمقلة من بلد النوبة مع عبد الله بن سعد بن أبي سرح سنة إحدى وثلاثين، وولى الإمارة على غزو المغرب سنة أربع وثلاثين، وسنة أربعين، وسنة خمسين، روى عنه جماعة منهم ولده عبد الرحمن بن معاوية، وعلي بن رباح اللخمي، وعبد الرحمن بن شماسة المهري، وعرفطة بن عمرو؛ ومات سنة اثنتين وخمسين، وإنما قيل فيه التجيبي لأن تجيب هي أم عدي وسعد ابني أشرس بن شبيب بن السكسك ويقال السكون بن أشرس ابن كندي وإليها ينسبون. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 359 باب الواو من اسمه وهب وهب بن محمد بن محمود بن إسماعيل أبو الحزم الشذوني من أهل شذونة، فقيه محدث، روى عن قاسم بن أصبغ، روى لنا عنه أبو عمر بن عبد البر الحافظ، وقال: كان فقيهاً، متصدراً، فاضلاً يفتي الناس بجامع قرطبة. ويقال له: المفتي. أخبرنا أبو عمر بن عبد البر، قال: قرأت علي أبي الحزم وهب من محمد كتاب غرائب حديث مالك لقاسم بن أصبغ، وحدثني بها عنه. وهب أخطل بن رزيق مولى لقريش من أهل بجانة يكنى أبا القاسم، مات بالأندلس سنة عشرين ومائتين. وقال الحضرمي: بتقديم الزاي. وهب بن مسرة محدث مكثر، روى عن محمد بن وضاح، وسعيد ين عثمان العناقي، روى عنه عبد الوارث بن سفيان بن جبرون، وأبو عثمان سعيد بن نصر، وأحمد بن قاسم بن قاسم بن عبد الرحمن التاهرتي. وهب بن نافع، أندلسي سمع من سحنون بن سعيد التنوخي، مات سنة تسعين ومائتين. من اسمه وليد وليد بن محمد الكاتب، يروي عنه قاسم بن محمد القرشي المرواني، كان قريباً من الأربع مائة. وليد بن إسماعيل، شاعر من ولد الحصين بن الدجن الجياني، ومن شعره الجزء: 1 ¦ الصفحة: 360 إلى ابن أبي العطاق المنتزي ببعض أعمال جيان في يوم مطر: يوم أنيق وغيث وابل غدق ... روت غليل الثري من سكبه الديم ونحن صاحون لا راح نريح بها ... منا النفوس الذي تذكو وتضطرم فمر بسقياك كي تجلو السحاب بها ... فإنها إن رأتها سوف تحتشم الوليد بن بكر بن مخلد بن أبي زياد أبو العباس الغمري من أهل سرقسط ثغر من ثغور الأندلس، عالم فاضل رحل فطلب بإفريقية، وسمع بأطرابلس المغرب أبا الحسن علي بن أحمد بن زكرياء بن الخصيب المعروف بابن زكرون الهاشمي الأطرابلسي وبمصر الحسن بن رشيق، وسافر في طلب العلم إلى الشام، والعراق، وخراسان، وما وراء النهر، وسمع بهراة من أبي علي منصور بن عبد الله الخالدي، وفي سائر البلاد من جماعات: وألف في تجويز الإجازة كتاباً سماه كتاب الوجازة وعاد إلى بغداد فحدث بها، وحدث في الغربة، وسمع منه عبد الغني بن سعيد المصري الحافظ، وأبو ذر عبد بن أحمد الهروي، وأبو عمر عبد الواحد بن أحمد ابن أبي القاسم المليحي الهروي وذكره أبو بكر أحمد بن علي الخطيب فقال: كان ثقة أميناً، أكثر السماع والكتاب في بلده وفي الغربة قال: وحدثنا عنه حمزة ابن محمد بن طاهر، ومحمد بن عبد الواحد الأكبر، وأبو الحسن أحمد بن محمد بن أحمد العتيقي، والقاضي أبو القاسم علي بن الحسن بن علي التنوخي وغيرهم. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 361 أخبرنا القاضي أبو الغنائم محمد بن علي بن علي قراءة، قال: أخبرنا أبو العباس الغمري إجازة، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن أحمد الهاشمي، قال: حدثنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله بن صالح بن مسلم العجلي، قال: حدثني أبي أحمد، قال: حدثني أبي عبد الله، قال: قال عمرو بن قيس: " وجدنا أنفع الحديث لنا ما نفعنا في أمر آخرتنا: من قال كذا فله كذا ". حدثنا أبو بكر أحمد بن علي الحافظ قال: حدثني القاضي أبو العلاء محمد بن علي بن أحمد بن يعقوب بن مروان الواسطي، قال: توفي الوليد بن بكر الأندلسي بالدينور في رجب سنة اثنتين وتسعين وثلاث مائة. وليد بن عبد الخالق بن عبد الجبار بن قيس بن عبد الله الباهلي القاضي مني أهل سرقسطة، ذكره محمد بن حارث الخشني. وليد بن مسلمة المدادي أبو العباس من شعراء الدولة العامرية، ومن شعره في المنصور أبي عامر، وقد رأى زيادة النهر في أيام الزيادة: أما ترى النهر يا منصور كيف طفا ... وعن من جاور العبرين بالضرر وأعجب لجودك لم يفن الورى غرقاً ... فيه وقد عم أهل البدو والحضر ما ذاك إلا لأن الجود عنصره ... صاف نمير وهذا بين الكدر وإن عهدي به والنمل تعبره ... إذا تقشع عنه وابل المطر كذا عهدت لئام الناس إن قدروا ... جاروا على من دنا منهم من البشر وكم أرى منهم من بعد عزته ... يعود كالكلب من عود إلى حجر والله يبقيك ما غنت مطوقة ... وهزت الريح مخضراً من الشجر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 362 المفرد وثيمة بن موسى بن الفرات الفارسي الفسوي أبو يزيد، كان أصله من فارس وخرج منها إلى البصرة، ثم سافر إلى مصر، وخرج منها إلى الأندلس تاجراً، وكان يتجر في الوشى. وصنف كتاباً في أخبار الردة وجود، وعاد من الأندلس إلى مصر وكتب عنه ذكره أبو سعيد بن يونس في الغرباء، وقال إنه مات بمصر في يوم الأثنين لعشر خلون من جمادى الآخرة سنة سبع وثلاثين ومائتين. قال: وله عقب بمصر إلى الآن منهم وثيمة بن عمارة بن وثيمة بن موسى بن الفرات أبو حذيفة، ولد هو وأبوه عمارة بمصر، وسمع من أبيه ومن وغيره. وجيه بن وهبون الكلابي من أهل إلبيرة فقيه محدث يروي عن سليمان بن نصر، وسعيد بن نمر، مات بالأندلس سنة ثلاث عشرة وثلاث مائة. ذكره محمد بن حارث الخشني. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 363 باب الهاء من اسمه هارون هارون بن سالم أندلسي فقيه محدث. روى عن اشهب بن عبد العزيز. هارون بن نصر يكنى أبا الخيار أندلسي محدث مات بالأندلس سنة اثنتين وثلاث مائة. من اسمه هاشم هاشم بن محمد اللخمي جياني محدث ذكره أبو سعيد هاشم بن خالد لبيري محدث، يروي عن محمد بن أحمد بن عبد العزيز العتبي، ويحيى بن إبراهيم بن مزين. هاشم بن صالح يروي عن يونس بن عبد الأعلى وغيره، مات بالأندلس سنة عشر وثلاث مائة. هاشم بن عبد العزيز بن هاشم أبو خالد أخو أسلم بن عبد العزيز القاضي، مذكور بفضل وأدب، كتبت عن بعض المشايخ بالأندلس: أن ابناً لهاشم بن عبد العزيز خاطبه بأبيات قالها لم تكن بتلك القوة، فوقع في ظهر رقعته بديهة: لا تقل إن عزمت إلا قريضاً ... رائقاً لفظه ثقيفاً رصيناً أودع الشعر فهو خير من الغث ... إذا لم تجد مقالاً سمينا من اسمه هشام هشام بن حبيش طليطلي رحل إلى مصر وسمع من عبد الرحمن بن القاسم، وأشهب بن عبد العزيز، مات قريباً من سنة عشرين ومائتين. هشام بن سعيد الخير بن فتحون أبو الوليد الكاتب أظن أصله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 364 من وشقه، محدث جليل سمع بالأندلس ورجع إلى الحج، فسمع في طريقه بالقيروان، وبمصر، وبمكة من جماعة ورجع إلى الأندلس فحدث بها وسمعنا منه، فمن شيوخه الأندلس: القاضي أبو الحزم خلف بن عيسى بن سعيد الخير الوشقي المعروف بابن أبي درهم، وأبو مهدي عبد الله بن أحمد بن بترى؛ ومن شيوخه بالقيروان: أبو عمران موسى بن عيسى ابن أبي حاج الفاسي، وأبو إسحاق إبراهيم بن قاسم المكناسي، وعتيق بن إبراهيم وأبو سعيد خلف بن محمد الخرقي الفقيه الحافظ، وأبو عبد الله محمد بن عباس الأنصاري الفقيه المعروف بابن الخواص صاحب أبي محمد عبد الله بن أبي زيد؛ ومن شيوخه بمصر: عبد الجبار بن عمر بن أحمد المقري، وأبو العباس منير بن أحمد بن الحسن ابن منير، وأبو العباس أحمد بن محمد بن الحاج بن يحيى الإشبيلي؛ ومن شيوخه بمكة، أبو محمد الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن فراس الأطروش، وأبو بكر محمد ابن أبي سعيد بن سختوية الأسفرايني الفقيه الشافعي، وأبو العباس أحمد بن الحسن بن بندار الرازي، وأبو الحسن علي بن محمد بن عبد الله بن بندار القزويني، وأبو بكر عبد الله بن الحسن الصقلي، وأبو محمد مكي بن عيسون صاحبه، وأبو عبد الله محمد بن سهلان الواسطي؛ وكان أبو الوليد جميل الطريقة منقطعاً إلى الخير، مات بعد الثلاثين وأربع مائة. هاشم بن الوليد الغافقي أندلسي محدث يروي عن بقي بن مخلد ومحمد ابن وضاح، مات سنة ثمان عشرة وثلاث مائة. ذكره الخشني محمد بن حارث. المفرد من الأسماء هاني بن محمد أديب شاعر، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 365 كان في حدود الخمسين وثلاث مائة، أو قريباً من ذلك. رأيت له في مراثي الوزير أبي عثمان سعيد بن المنذر شعراً ومنه: واعجب لمن قاد الجيوش ونفسه ... قسمان بين الكر والإقدام يلقى الكتائب مفرداً بكتائب ... من نفسه واليوم أكدر حامي لا يرعوي عن أن يقارع وحده ... ألفاً بأبيض صارم صمصام تاتي الفتوح على الفتوح بسيفه ... وبرأيه وبعزمه المقدام حتى إذا الأجل انقضى مستكملاً ... ما خط في الألواح بالأقلام لاقي الحمام ولم أكن متيقناً ... أن الحمام سيبتلى بحمام خرمة بن سماك أندلسي محدث، مات بها سنة سبع وتسعين ومائتين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 366 باب الياء من اسمه يوسف يوسف بن محمد بن يوسف بن عمروس المؤدب أبو عمرو الإستجي، سكن قرطبة، وسمع أبا بكر محمد بن معاوية القرشي، وأبا الطاهر محمد بن جعفر بن إبراهيم السعيدي صاحب أبي زكرياء يحيى بن أيوب بن بادى العلاف، وسمع من أبي الطاهر موطأ محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن أبي ذئب القري العامري المديني، عن ابن بادي العلاف، عن أحمد بن صالح، عن محمد بن إسماعيل بن أبي فديك، عن ابن أبي ذئب. روى عنه أبو عمر بن عبد البر. يوسف بن رباح التغلبي مولى لهم، مات سنة ثمان وتسعين ومائتين، ذكره الخشني محمد حارث. يوسف بن سفيان من أهل بطليوس، محدث، مات بالأندلس قريباً من سنة عشر وثلاث مائة. يوسف بن سليمان الرباحي أبو عمر. روى عن أبي مروان عبد الملك بن إدريس الكاتب، روى عنه أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله الأنصاري المعروف بابن السراج. يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري أبو عمر فقيه حافظ مكثر، عالم بالقراآت وبالخلاف في الفقه، وبعلوم الحديث والرجال، قديم السماع، كثير الشيوخ على أنه لم يخرج عن الأندلس، لكنه سمع من أكابر أهل الحديث بقرطبة وغيرها، ومن الغرباء القادمين إليها. وألف مما جمع تواليف نافعة سارت عنه. وكان يميل في الفقه إلى اقوال الشافعي رحمة الله عليه. مولده في رجب سنة اثنتين وستين وثلاث مائة، وسمع بنفسه قبل الأربع مائة بمدة من جماعة الجزء: 1 ¦ الصفحة: 367 من أصحاب قاسم بن أصبغ البياني وغيره؛ ومن شيوخه أبو القاسم خلف بن القاسم الحافظ، وعبد الوارث بن سفيان، وسعيد بن نصر، وعبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أسد، وأبو عمر أحمد بن محمد بن الجسور، وأحمد بن عبد الله الباجي، وأبو الوليد بن الفرضي، ويونس بن عبد الله القاضي، وأحمد بن محمد بن عبد الله المقرئ الطمنكي، وجماعات قد ذكرنا من حضرنا منهم مفرقاً في أبوابه. ومن مجموعاته كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد سبعون جزءاً، قال لنا أبو محمد علي بن أحمد: وهو كتاب لا أعلم في الكلام على قه الحديث مثله، فكيف أحسن منه، ومنها كتاب في الصحابة سماه كتاب الاستيعاب في أسماء المذكورين في الروايات والسير والمصنفات من الصحابة رضي الله عنهم، والتعريف بهم، وتلخيص أحوالهم، ومنازلهم، وعيون أخبارهم على حروف المعجم اثنا عشر جزءاً، كتاب جامع بيان العلم وفضله، وما ينبغي في روايته وحمله ستة أجزاء، كتاب الدرر في اختصار المغازي والسير ثلاثة أجزاء، كتاب الشواهد ف إثبات خبر الواحد جزء، كتاب التقصي لما في الموطأ من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة أجزاء، كتاب أخبار أئمة الأمصار سبعة أجزاء، كتاب البيان عن تلاوة القرآن جزء، كتاب التجويد، والمدخل إلى العلم بالتحديد جزآن، كتاب الإكتفاء في قراءة نافع وأبي عمرو بن العلا بتوجيه ما اختلفا فيه جزء واحد، كتاب الكافي في الفقه على مذهب أهل المدينة، ستة عشر جزءاً، كتاب اختلاف أصحاب مالك بن أنس، واختلاف روياتهم عنه أربعة وعشرون جزاً، كتاب العقل والعقلاء وما جاء في أوصافهم عن الحكماء والعلماء جزء واحد، كتاب بهجة المجالس ونس المجالس بما يجري في المذاكرات من غرر الأبيات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 368 ونوادر الحكايات مجلدان؛ وغير ذلك من تواليفه وقد لقيناه وكتب لنا بخطه في فهرسة مسموعاته ومجموعاته، مجيزاً لنا، وكاتباً إلينا، بجميع ذلك كله، وتركته حياً وقت خروجي من الأندلس سنة ثمان وأربعين وأربع مائة، ثم بلغني وفاته. وأخبرني أبو الحسن علي بن أحمد العابدي أنه مات في سنة ستين وأربع مائة بشاطبة من بلاد الأندلس. يوسف بن عبد الله بن خيرون، نحوي مشهور، روى عن أحمد بن أبان ابن سيد اللغوي، روى عنه الفقيه أبو محمد غانم بن الوليد بن عمر بن عبد الرحمن المخزومي النحوي المالقي قاله لي أبو الحسن علي بن أحمد الجزيري، وأخبرني أن غانماً حدثه عنه. يوسف بن مروان بن عيشون المعافري أبو عمر، وقيل يوسف بن عيشون. ولعل صاحب هذا القول نسبه إلى جده، وهو وشقي يروي عن محمد بن عبد الله بن عبد الله بن عبد الحكم وطبقته، ويعرف أهل بيته بوشقة ببني المؤذن، مات بالأندلس سنة تسع وثلاث مائة، هكذا ذكره الخشني محمد بن حارث على اختلاف عنه، وقال أبو القاسم يحيى بن علي الحضرمي في كتابه الذي قرأته علي أبي إسحاق إبراهيم بن سعيد بن عبد الله الحبال المصري عنه: يوسف بن مؤذن بن عيشون الوشقي بالذال المعجمة وذلك، وهم منه، وأظنه صحف مروان فصيره مؤذن، أو صحف له، والله أعلم. يوسف بن مطروح الربضي منسوب إلى الربض المتصل، كان، بقصر قرطبة أيام الحكم الربضي وهو من الفقهاء المذكورين، تفقه على أصحاب مالك ابن أنس رحمة الله عليه. يوسف بن هارون الكندي أبو عمر يعرف بالرمادي، أظن أحد آبائه كان من رمادة موضع بالمغرب شاعر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 369 قرطبي، كثير الشعر، سريع القول، مشهور عند العامة والخاصة هنالك، لسلوكه في فنون من المنظوم، ونفق عند الكل حتى كان كثير من شيوخ الأدب في وقته يقولون: فتح الشعر بكندة، وختم بكندة، يعنون امرأ القيس، والمتنبي، ويوسف بن هارون، وكانا متعاصرين واستدللت على ذلك بمدحه أبا علي إسماعيل بن القاسم عند دخوله الأندلس بالقصيدة التي أنشدناها عنه الحاكم أبو بكر مصعب بن عبد الله الأزدي وأولها: من حاكم بيني وبين عذولي ... الشجو شجو والعويل عويلي وكان وصول أبي علي القالي إلى الأندلس سنة ثلاثين وثلاث مائة. أخبرني أبو محمد علي بن أحمد، قال: أخبرني أبو بكر محمد بن إسحاق المهلبي عن بعض إخوانه، وأظنه أبو الوليد بن الفرضي، عن أبي عمر يوسف بن هارون، قال: خرجت يوماً غثر صلاة الجمعة، فتجاوزت نهر قرطبة متفرجاً إلى رياض بني مروان، فإذا جارية لم أر أجمل منها، فسلمت عليها، فردت، ثم حادثتها، فرأت أدباً بارعاً، فأخذت بمجامع قلبي، فقلت لها: سألتك بالله أحرة أم أمة:؟ فقالت: بل أمة. فقلت: ما اسمك بالله؟ قالت: خلوة. فلما قرب وقت صلاة العصر انصرفت، فجعلت أقفو أثرها، فلما بلغت القنطرة قالت: إما أن تتأخر، وإما أن تتقدم، فلست والله أخطو خطوة وأنت معي، فقلت لها: أهذا آخر العهد بك؟ قالت: لا. فقلت لها فمتى اللقاء؟ قالت: كل يوم جمعة في هذا الوقت في هذا المكان، قلت لها: فما تمنك إن باعك من أنت له؟ قالت: ثلاث مائة دينار. قال: فخرجت جمعة أخرى فوجدتها على العادة الأولى، فزاد كلفي بها، ورحلت إلى عبد الرحمن بن محمد التجيبي صاحب سرقسطة ومدحته بالقصيدة الميمية الجزء: 1 ¦ الصفحة: 370 المشهورة فيه، وذكرت في تشبيها خلوة، وحدثته مع ذلك بحديثي، فوصلني بثلاث مائة دينار ذهباً ثمنها، سوى مازودني عن نفقة الطريق مقبلاً وراجعا، وعدت إلى قرطبة فلزمت الرياض جمعا لا ارى لها أثراً، وقد انطبقت سمائي على أرضي، وضاق صدري إلى أن دعاني يوماً رجل من إخواني فدخلت إلى داره، وأجلسني في صدر مجلسه ثم قام لبعض شأنه، فلم أشعر إلا بالستارة المقابلة لي قد رفعت وإذا بها، فقلت خلوة؟ فقالت: نعم. قلت لأبي فلان أنت مملوكة؟ قالت: لا والله، ولكني أخته، قال: فكأن الله تعالى محاحبها من قلبي، وقمت من فوري اعتذرت إلى صاحب المنزل يعارض طرقني وانصرفت، وهذه القصدية طويلة أنشدناها أبو بكر بن الفرضى. قال: أنشدناها يوسف بن هارون لنفسه في جملة سبع قصائد له أنشدنا إياها وأولها: قفوا تشهدوا بثي وانكار لآئمي ... على بكائي في الرسوم الطواسم أيأمن أن يعدو حريق تنفسي ... وإلا غريقاً في الدموع السواجم خذوا رأيه إن كان يتبع كل من ... ينوح على ألافه بالملاوم فهذا حمام الأيك يبكي هديله ... بكائي فليفرع للوم الحمائم وما هي إلا فرقة تبعث الأسى ... إذا نزلت بالناس أو بالبهائم خلا ناظري من نومه بعد خلوة ... متى كان مني النوم ضربة لازم ومن شعره: قالوا اصطبر وهو شئ لست أعرفه ... من ليس يعرف صبراً كيف يصطبر أوصى الخلي بأن يغضى الملاحظ عنه ... غر الوجوه قفي إهمالها غرر وفاتن الحسنقتال الهوى نظرت ... عيني إليه فكان الموت والنظر ثم انتصرت بعيني وهي قاتلتي ... ماذا تريد بقتلي حين تنتصر يا شقة النفس واصلها بشقتها ... فإنما أنفس الأعداء تهتجر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 371 ظلمتني ثم إني جئت معتذراً ... يكفيك أني مظلوم ومعتذر ومستحسنه كثير، ومنه قوله في قصيدته التي أولهاك خليلي عيني في الدموع فعاينا ... إلى أين يقتاد الفراق الظعائنا ولم أر أحلى من تبسم أعين ... غداة النوى عن لؤلؤ كان كامنا وقوله: لا تنكروا غزر الدموع فكل ما ... ينحل من جسمي يصير دموعا والعبد قد يعصى وأحلف أنني ... ما كنت إلا سامعاً ومطيعا قولوا لمن أخذ الفؤاد مسلماً ... يمنن على برده مصدوعا وأنشدنا له الرئيس أبو العباس أحمد بن رشيق الكاتب: بدر بدا يحمل شمساً بدت ... فحدها في الحسن من حده تغرب في فيه ولكنها ... تطلع إذ تطلع من خده وله: صد عني وليس يعلم أني ... كنت في كربة ففرج عني وتجني علي من غير ذنب ... فتجني على كثير التجني حسن ظني قضى على بهذا ... حكم الله لي على حسن ظني مدح أبو عمر الحكم المستنصر، وعمل في السجن كتاباً سماه كتاب الطير في أجزاء، وكله من شعره، وصف فيه كل طائر معروف، وذكر خواصه وذيل كل قطعة يمدح ولي العهد هشام بن الحكم، مستشفعاً به إلى أبيه في إطلاقه، وهو كتاب مليح سبق إليه، وقد رأيت النسخة المرفوعة بخطة ونسخت منها، وكان قد اتهم هو وجماعة من الشعراء بشعر ظهر في ذو السلطان، لم يبق في ذكرى منه إلا قوله: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 372 يولى ويعزل من يومه ... فلا ذا يتم ولا ذا يتم ثم مدح الملوك والرؤساء بعده، وعاش إلى أيام الفتنة، ومات في بعض تلك الشدائد. 2ي - وسف بن يحيى أبو عمر الأزدي المغامي ومفام، قرية من أعمال طليطلة من بلاد الأندلس، اختص بعبد الملك بن حبيب السلمي الفقيه، وهو صاحبه المشهور به، ويقال: إنه كان صهره. روى عنه كتابه الكبير، المسمى بالواضحة، ولا يكاد يوجد شئ منها إلا عنه، وقد كانت له رحلة إلى مكة واليمن، مات فيما يقال بالقيروان سنة ثلاث وثمانين ومائتين، وقيل: سنة خمس وثمانين، روى عنه محمد بن فطيس، وسعيد بن فحلول، وعن سعيد: بقيت الرواية في الواضحة، ولعله آخر من حدث بها من أصحاب المغامي. من اسمه يحيى يحيى بن إبراهيم بن مزين مولى رملة بنت عثمان بن عفان، أندلسي فقيه مشهور، سمع جماعة من أصحاب مالك وأصحاب أصحابه، وتفقه عليهم، ومنهم: مطرف بن عبد الله بن مطرف بن مسلم بن يسار، وعبد الله بن مسلمة القعنبي وأصبغ بن الفرج، روى عنه سعيد بن خمير، وأبان بن محمد بن دينار، وسعيد ابن عثمان الأعناقي، ويحيى بن زكرياء بن الشامة، وغيرهم، مات سنة ستين ومائتين وكتابه في شرح الموطأ معروف، أخبرنا به أبو عمر بن عبد البر، قال: قرأت تفسير الموطأ لابن مزين علي أبي زيد عبد الرحمن بن يحيى العطار، عن أحمد بن مطرف عن ابن الشامة، وسعيد بن عثمان الأعناقي، وسعيد بن خمير، كلهم عن ابن مزين. يحيى بن إسحاق بن يحيى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 373 بن يحيى بن كثير الليثي، محدث، يروي عن أبيه، عن جده، وله رحلة انتهى فيها إلى العراق، وكتب فيها، مات سنة ثلاث وثلاث مائة. يحيى بن إسحاق الوزير، أديب فاضب، غلب عليه الطب، فبرع فيه وذكر به، وله في لك كتب نافعة يعتمد عليها، ذكره أبو محمد علي بن أحمد. يحيى بن الأصبغ بن الخليل، محدث، سمع من أهل بلدهن وله رحلة إلى العراق، كتب فيها عن عبد الله بن أحمد بن حنبل وطبقته، ومات بالأندلس سنة خمس وثلاث مائة. 2ي - حيى بن أزهر أبو محمد، أديب، شاعر، يروى عن أبي بكر عبادة ابن ماء السماء، ذكره أبو محمد علي بن أحمد. يحيى بن بهلول العبسي بالعين المهملة والباء المعجمة بواحدة، قرطبي محدث، مات بالأندلس سنة اثنتين وخمسين ومائتين. يحيى بن حجاج، محدث، أندلسي، سمع من يحيى بن يحيى، وعيسى بن دينار، وكانت له رحلة، وعاد وحدث، واستشهد في سنة ثلاث وستين ومائتين. يحيى بن حزم أبو بكر، شيخ من شيوخ الأدب، وله في ذلك ذكر وهو الذي خاطبه أبو عامر بن شهيد برسالة التوابع الزوابع التي سماها شجرة الفاكهة، وهو من بيت آخر غير بيت الفقيه أبي محمد علي بن أحمد بن سعيد ابن حزم. يحيى بن حكم المعروف بالغزال بتخفيف الزاي، رئيس، كثير القول، مطبوع النظم في الحكم والجد والهزل، وهو مع ذلك جليل في نفسه وعلمه ومنزلته عند أمراء بلده أرسله بعض ملوك بني أمية بالأندلس رسولا إلى ملك الروم، وفي ذلك يقول عند ركوبه البحر من قصيدة أنشدنيها أبو محمد علي بن أحمد، قال: أنشدني أبو عبد الله محمد بن عمر بن مضا للغزال: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 374 قال لي: يحيى وصرنا ... بين موج كالجبال وتولتنا عصوف ... من جنوب وشمال شقت القلعين وانبت ... ت عرى تلك الحبال وتمطى ملك الموت إلين ... اعن حيال لم يكن للقوم فينا ... يا رفيقي رأس مال ومن شعره: إذاأخبرت عن رجل برئ ... من الآفات ظاهره صحيح فسلهم عنه هل هو آدمي ... فإن قالوا نعم فالقول ريح ولكن بعضنا أهل استتار ... وعند الله أجمعنا جريح ومن إنعام خالقنا علينا ... بأن ذنوبنا ليست تفوح فلو فاحت لأصبحنا هروباً ... فرادى بالفلا ما نستريح وضاق بكل منتحل صلاحاً ... لنتن ذنوبه البلد الفسيح وله: وخيرها أبوها بين شيخ ... كثير المال أو حدث فقير فقالت خطتا خسف وما إن ... أرى من خطوة للمستخير ولكن إن عزمت فكل شئ ... أحب إلي من وجه الكبير لأن المرء بعد الفقر يثرى ... وهذا لا يعود إلى صغير وله: أنجز فديتك ما عدت فإن لي ... في المطل والإنجاز قولاً حاضراً واعلم بأن من الحزامة للفتى ... أن لا يرد بغير نجح شاعراً وشعره كثير مجموع، جمعه حبيب بن أحمد وقال: إن مولده سنة ست وخمسين ومائة، في إمارة عبد الرحمن بن معاوية، وعاش باقي إمارته، وإمارة هشام وإمارة الحكم وإمارة عبد الرحمن، ومات في إمارة الأمير محمد سنة خمسين ومائتين، وهو ابن أربع وتسعين سنة. يحيى بن الخصيب، محدث أندلسي، مات بالأندلس سنة ست وثمانين ومائتين. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 375 يحيى بن خلف بن نصر الرعيني، روى عنه أبو محمد علي بن أحمد، وذكر أنه كان صاحب صلاة صالحة من بلاد الأندلس. يحيى بن زكرياء بن يحيى بن عبد الملك الثقفي، يعرف بابن الشامة، توفي سنة خمس وسبعين ومائتين. يحيى بن زكرياء بن الشامة الأموي محدث أندلسي، مات بها سنة سبع وعشرين وثلاث مائة، ذكر هذا الموي يروي عن خاله إبراهيم بن قاسم بن خلال، وقد ذكره الحضرمي في المؤتلف والمختلف وغيره، وذكرنا له حديثاً في ترجمة الخاء في اسم خلف بن القاسم. يحيى سليمان بن مطر بن سليمان بن حجاج بن كليب أندلسي، يروي عن محمد بن وضاح، ويوسف بن يحيى المغامي، وله رحلة في الطلب والسماع، مات بالأندلس سنة خمس عشرة وثلاث مائة. يحيى بن سلينان بن هلال بن فطرة روى عن أبان بن محمد بن دينار صاحب يحيى بن إبراهيم بن مزين، روى عنه أبو الحزم خلف بن عيسى القاضي المعروف بابن أبي درهم الوشقي. أخبرنا أبو الوليد هشان بن سعيد الخير، قال: أخبرنا أبو الحزم بن أبي درهم، قال: سمعت تفسير ابن مزين للموطأ على يحيى بن سلينان بن هلال بن فطرة، وقال: إنه سمعه على أبان بن محمد بن دينار عن ابن مزين. وربما ظن ظان أن هذا والذي قبله واحد، وليسا في طبقة على اختلاف ما بينهما، وأبان بن محمد في طبقة الذي قبل هذا. يحيى بن سليمان بن بطال البطليوسي، يروى عن أبيه، ذكره أبو محمد علي بن أحمد. يحيى بن عبد الله بن أبي عيسى أبو عيسى فقيه محدث. روى عن عم والده الجزء: 1 ¦ الصفحة: 376 عبيد الله بن يحيى بن يحيى بن كثير، وعن أبي عبد الله محمد بن عمر بن لبابة، روى عنه أبو الحزم خلف بن عيسى القاضي وغيره. يحيى بن عبد الرحمن المعروف بالأبيض، أندلسي محدث كانت له رحلة في السماع، ثم عاد ومات بها سنة ثلاث وستين ومائتين. يحيى بن عبد الرحمن بن مسعود أبو بكر، يروي عن قاسم بن أصبغ، وأحمد بن سعيد بن حزم الصدفي، وابن أبي دليم محمد، روى لنا عنه أبو عمر بن عبد البر، وابو محمد علي بن أحمد. أخبرنا أبو عمر بن عبد البر، قالك قرأت علي يحيى بن عبد الرحمن ما خرجه محمد ابن وضاح في الصلاة في النعلين، وحدثني به عن محمد بن أبي دليم عن ابن وضاح. يحيى بن عبد العزيز الجزيري محدث أندلسي، مات بها سنة سبع وتسعين ومائتين. يحيى بن عمر بن يوسف بن عامر أندلسي من موالي بني أمية، يكنى أبا زكرياء، يروي عن أبي المصعب أحمد بن أبي بكر الزهري صاحب مالك بن أنس، وعن أبي عمرو الحارث بن سكين، وغيرهما، وقال لي أبو زكرياء البخاري: إنه كان يروي الموطأ عن يحيى بن بكير، روى عنه أخوه محمد، وسعيد بن عثمان العناقي، وأحمد بن خالد بن يزيد، وإبراهيم بن نصر، ومحمد بن مسرور أبو عبد؛ قال لي أبو زكرياء البخاري: وروى عنه أبو منصور قمود بن مسلم القابسي، وعبد الله بن محمد القرباطي القابسي، وجماعة هنالك، وذكره أبو سعيد بن يونس، فقال: قال لي زياد بن يونس المغربي إنه مات بسوسة سنة خمس وثمانين ومائتين، وقال لي أبو زكرياء الجزء: 1 ¦ الصفحة: 377 عبد الرحيم بن أحمد البخاري: رأيت على قبر يحيى بن عمر هنالك أنه مات سنة تسع وثمانين ومائتين. أخبرنا أبو محمد علي بن أحمد، قال: حدثنا عبد الرحمن بن سلمة، قال: أخبرني أحمد بن خليل، قال: حدثنا خالد بن سعد، قال: أخبرنا أحمد بن خالد، قال: أخبرنا يحيى بن عمر، قال: أخبرنا أبو عمرو الحارث بن مسكين، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال لي مالك: الحكم على وجهين، فالذي يحكم بالقرآن والسنة الماضية فذلك الصواب، والذي يجهد نفسه فيما لم يأت فيه شئ فلعله يعني يوفق، قال: وثالث متكلف لما لا يعلم فما اشبه ذلك ألا يوفق. قال: وحدثنا خالد، قال: حدثني عثمان بن عبد الرحمن بن أبي زيد قال: حدثنا إبراهيم بن نصر، قال: حدثنا يحيى بن عمر، قال: أخبرنا أبوالمصعب ففيه أهل المدينة، قال: رأيت مالك بن أنس يرفع يديه في الصلاة عند الركوع وبعد الركوع ". قال: وأخبرنا خالد، قال حدثنا أحمد بن خالد، قال: حدثنا يحيى بن عمر. قال: أخبرنا الحارث، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: سمعت مالكاً يقول: دخلت علي أبي جعفر فرايت غير واحد من بني هاشم يقبل يده المرتين والثلاثة في اليوم، قال مالك، لم يكن نافع يفتى في حياة سالم بن عبد الله، قال مالك: وكان نافع قليل الفتيا. يحيى بن القصير أندلسي محدث، سمع يحيى بن يحيى الليثي، وعيسى بن دينار واستشهد هنالك سنة أربع وستين ومائتين. يحيى بن القاسم بن خلال بن يزيد بن عمران القيسي بالقاف؛ أندلسي محدث مات بها سنة اثنتين وسبعين أو اثنتين وتسعين ومائتين على اختلاف فيه. يحيى بن مضر القيسي أندلسي، رحل وسمع مالك بن أنس، وسفيان الثوري. وروى عنه مالك حكاية حكاها عن الثوري الجزء: 1 ¦ الصفحة: 378 وهي عزيزة، أخبرنا بها الشيخ الصالح أبو إسحاق إبراهيم بن سعد النعماني بالفسطاط، قال: أخبرنا يحيى بن علي بن محمد الحضرمي قراءة عليه، قال: حدثنا أحمد بن سدرة، قال: حدثني عيسي بن محمد الأندلسي، قال: حدثني أحمد بن عيسى الأندلسي حدثنا يحيى بن إبراهيم بن مزين الأندلسي، قال: حدثنا يحيى بن يحيىالليثي الأندلسي عن مالك بن أنس قال: حدثني يحيى بن مضر الأندلسي، عن سفيان الثوري في قوله وطلح منضود قال: الموز، ويحيى بن مضر قديم الموت، مات سنة تسعين ومائة. يحيى بن مجاهد الغزاري الزاهد عالم مذكور له كلان يدل على ذكاء وبصيرة، روى عنه أبو الوليد يونس بن عبد الله القاضي. أخبرنا أبو محمد علي بن أحمد، قال: حدثنا القاضي أبو الوليد بن الصفار، قال: سمعت يحيى بن مجاهد الفزاري الزاهد يقول هذا: كان أوان طلبي للعلم إذ قوى فهمي واستحكمت إرادتي، قال: فقلت له: فعلمنا الطريق لعلنا ندرك ذلك في استقبال أعمارنا، فقال: نعم كنت آخذ من كل علم طرفاً، فإن سماع الإنسان قوماً يتكلمون في علم وهو لا يدري ما يقولون غمة عظيمة أو كلاماً هذا معناه. يحيى بن معمر بن عمران بن منير بن عبيد بن أنيف إلهاني من أهل إشبيلية روى عن أشهب بن عبد العزيز، ولي قضاء الجماعة بقرطبة، زمن عبد الرحمن ابن الحكم ذكره محمد بن حارث الخشني. يحيى بن مالك بم عايذ أبو زكرياء، رحل إلى المشرق قبل الخمسين وثلاث مائة، وسمع ببغداد والبصرة وغيرهما بعد أن سمع بالأندلس من جماعة منهم: عبد الله بن يونس المرادي صاحب بقي بن مخلد، وأبو عمر أحمد بن محمد ابن عبد ربه، وسمع في الرحلة أبا بكر محمد بن الحسن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 379 بن زكريا البغدادي، وأبا محمد دعلج، أحمد بن دعلج، وابا سهل أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد القطان، وعبد الواحد بن أحمد بن عبد الله بن مسلم بن قتيبة، وأبا جعفر مسلم بن عبيد بن طاهر، وأبا الحسن أحمد بن عبد الله الرملي، وأبا طلحة إمام جامع البصرة؛ وحدث بالمشرق وبالأندلس، فروى عنه من أهل مصر: أبو محمد الحسن بن رشيق، ويحيى بن علي الحضرمي، ومن أهل بغداد: القاضي أبو الحسين محمد بن أحمد بن القاسم المحاملي، وروى عنه بالأندلس أبو الوليد عبد الله بن محمد بن يوسف المعروف بابن الفرضي وغيره، وكان يملي ويحدث بجامع قرطبة ومات عن سن عالية. أخبرني أبو محمد علي بن أحمد قال: رأيت لبعض أصحابنا عن أبي عمر أحمد ابن الحباب قال: خرجت مع يحيى بن مالك بن عايذ المحدث من صلاة العتمة ليلاً من المسجد، فشيعته إلى داره فقعد معي في دهليزه وقال: أنشدني ابن المنجم ببغداد لعمه: تغنم بعض ما فاتك ... ولا تأسى لما فاتك ولا تركن إلى الدنيا ... أما تذكر أمواتك قال: فدعوت له بطول البقاء، والنسأ في الأجل، وسلمت عليه وودعته وانصرفت فما بلغت طرف الشارع حتى سمعت الصراخ عليه وقد مات. قال لي أبو إسحاق إبراهيم بن سعيد بن عبد الله النعماني: إن أبا زكريا يحيى بن مالك ابن عايذ الأندلسي مات بالأندلس في شعبان سنة ست وسبعين وثلاث مائة. أخبرنا أبو عمر بن عبد البر النمري قال: حدثني أبو الوليد بن الفرضي بالفضائل مالك بن أنس للزبير عن العايذي، عن أبي بكر محمد بن الحسن بن زكرياء البغدادي، عن أبي عبد الله محمد بن أحمد بن إسحاق، عن الزبير ابن الجزء: 1 ¦ الصفحة: 380 بكار؛ وأنا رأيت سماعه بخطه في أصول ابن سهل أحمد بن محمد بن القطان منه وكذلك سماعه من أبي محمد دعلج بخطه ببغداد: يحيى بن هشام المرواني أبو بكر من أهل العلم بالبلاغة والشعر ذكره أبو عامر بن شهيد. يحيى بن هذيل أبو بكر من أهل العلم والأدب والشعر، غلب عليه الشعر فصار من المشهورين به، وقد سمع الحديث من أحمد بن غالب وغيره. حدثني أبو محمد علي بن أحمد قال: حدثني خلف بن عثمان المعروف بابن اللجام قال: حدثني يحيى بن هذيل أن أول تعرضه للشعر إنما كان لأنه حضر جنازة أحمد ابن محمد بن عبد ربه، قال: وأنا يومئذ في أوان الشبيبة، قال: فرأيت فيها من الجمع العظيم، وتكاثر الناس شيئاً راعني، فقلت: لمن هذه الجنازة؟ فقيل لي لشاعر البلد، فوقع في نفسي الرغبة في الشعر، واشتغل فكري بذلك، وانصرفت إلى منزلي فلما أخذت مضجعي من الليل أريت كأني على باب دار فيقال لي: هذه دار الحين بن هاني، فكنت أقرع الباب فيخرج إلى الحسن فيفتح الباب وينظرني بعين حولاء ثم ينصرف، قال: فاستيقظت من ساعتي وقمت سحراً إلى المفسر فقصصتها عليه، فقال: سيكون محلك من قول الشعر بمقدار ما كان يتحول إليك من عين الحسن، قال لي أبو محمد: مات أبو بكر بن هذيل سنة خمس أو ست وثمانين وثلاث مائة، وهو ابن ست وثمانين، وكان قد بلغ منالأدب والشعر مبلغا مشهوراً، ومن مستحسن شعره: لم يرحلوا إلى وفوق رحالهم ... غيم حكى غبش الظلام المقبل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 381 وعلت مطارفهم مجاجات الندى ... فكأنما مطرت بدر مرسل لما تحركت الحمول تناثرت من ... فوقهم في الأرض تحت الأرجل فبكيت لو عرفوا دموعي بينها ... لكنها اختلطت بشكل مشكل وأنشدني له أبو محمد علي بن أحمد: لا تلمني على البكاء بدار ... أهلها صيروا السقام ضجيعي جعلوا لي إلى الوصال سبيلا ... صم سدوا على باب الرجوع وله: شاهدتهم وأنا أخاف عناقهم ... شحا على أجسامهم أن تحرقا فتركت حظي من دنوى منهم ... ومن الوفاء بأن تحب فتصدقا وأقل فعلى يوم بانوا أنني ... قبلت آثار المطي تشوقا ولو أن عذرة شاهدت من موقفي ... شيئاً لحذرها بأن لا تعشقا وأنشدني له أبو محمد علي بن أحمد: أساء إلى جفني فوآدي بناره ... ودمعي إلى خدي بطول انحداره أيأخذ دمعي حر خدي بما جنى ... فؤادي لقد أخطا مكان انتصاره يحيى بن يحيى بن كثير بن وسلاس، وقيل: وسلاسن أبو محمد الليثي، أصله من البربر من قبيلة يقال لها مصمودة، تولى بني ليث فنسب إليهم، رحل إلى المشرق، فسمع مالك بن أنس، وسفيان بن عيينة، والليث ابن سعد، وعبد الرحمن بن القاسم، وعبد الله بن وهب، وتفقه بالمدنيين والمصريين من أكابر أصحاب مالك بن أنس بعد انتفاعه بمالك وملازمته، وكان مالك يسميه عاقل الأندلس، وكان سبب ذلك فيما روى أنه كان في مجلس مالك مع جماعة من أصحابه، فقال قائل: قد خطر الفيل، فخرجوا ولم يخرج، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 382 فقال له مالك: مالك لم تخرج لتنظر الفيل وهو لا يكون في بلادك؟ فقال له: لم أرحل لأبصر الفيل، وإنما رحلت لأشاهدك وأتعلم من علمك وهديك، فأعجبه ذلك منه، وسماه عاقل الأندلس، وإليه انتهت الرياسة بالفقه في الأندلس، وبه انتشر مذهب مالك هنالك، وتفقه به جماعة لا يحصون، ورى عنه غير واحد؛ منهم ابناه عبيد الله، وإسحاق، وأبو عبد الله محمد بن وضاح، وزياد بن محمد بن زياد شبطون، وإبراهيم بن قاسم بن هلال، ومحمد بن أحمد العتبي، وإبراهيم ابن محمد بن باز، ويحيى بن حجاج، ومطرف بن عبد الرحمن، وقيل: عبد الرحيم بن إبراهيم، وعجنس بن أسباط الزيادي، وعمر بن موسى الكناني، وعبد المجيد بن عفان البلوى، وعبد الأعلى بن وهب، وعبد الرحمن بن محمد بن أبي مريم بن السعدي، وسليمان بن نصر بن منصور المري، وأصبغ بن الخليل، وإبراهيم بن شعيب، وغيرهم، وآخر من وجدت منهم موتاً ابنه عبيد الله؛ وقد اعتبرت من أوردت منهم، وكان مع إمامته ودينه مكيناً عند الأمراء معظماً، وعفيفاً عن الولايات، متنزهاً، جلت درجته عن القضاء وامتناعه منه. سمعت الفقيه الحافظ أبا محمد علي بن أحمد يقول: " مذهبان انتشرا في بدء أمرهما بالرياسة والسلطان؛ مذهب أبي حنيفة، فإنه لما ولى قضاء القضاة أبو يوسف كانت القضاة من قبله، فكان لا يولى قضاء البلاد من أقصى المشرق إلى أقصى أعمال إفريقية إلا أصحابه والمنتمين إلى مذهبه، ومذهب مالك بن أنس عندنا فإن يحيى بن يحيى كان مسكيناً عند الجزء: 1 ¦ الصفحة: 383 السلطان، مقبول القول في القضاة، فكان لا يلي قاض في أقطارنا إلا بمشورته واختياره، ولايشير إلا بأصحابه ومن كان على مذهبه، والناس سراع إلى الدنيا والرياسة، فأقبلوا على ما يرجون بلوغ أغراضهم به، على أن يحيى بن يحيى لم يل قضاء قط، ولا أجاب إليه، وكان ذلك زائداً في جلالته عندهم، وداعياً إلى قبول رأيه لديهم؛ وكذلك جرى الأمر في إفريقية لما ولى القضاء بها سحنون بن سعيد، ثم نشأ الناس على ما انتشر. وكانت وفاة يحيى بن يحيى في رجب لثمان بقين منه سنة أربع وثلاثين ومائتين. أخبرنا الفقيه الحافظ أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بكتاب الموطأ من طريقه، قال: أخبرنا به أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أسد قراءة عليه قال: حدثني محمد بن أبي دليم، ووهب بن مسرة، قالا: أخبرنا محمد بن وضاح قال: أخبرنا يحيى بن يحيى، قال: أخبرنا مالك بن أنس به. قال أبو عمر: وأخبرنا به أبو عمر أحمد بن محمد بن أحمد بن سعيد الأموي، المعوف بابن الحسور، قال: حدثني وهب بن مسرة، قال: أخبرنا ابن وضاح. قال: أخبرنا يحيى ابن يحيى، قال: أخبرنا مالك به. قال أبو عمر: وأخبرنا ابن الحسور، قال: أخبرنا أبو عمر أحمد بن مطرف، وأحمد بن سعيد بن حزم الصدفي، قالا: أخبرنا عبيد الله بن يحيى بن يحيى، قال: أخبرنا أبي، قال: أخبرنا مالك به. قال أبو عمر: وحدثني سعيد بن نصر أبو عثمان قال: أخبرنا قاسم بن أصبغ، قال: أخبرنا ابن وضاح، قال: أخبرنا يحيى ابن يحيى، قال: أخبرنا مالك به. من اسمه يونس يونس بن عبد الله بن محمد بن مغيث أبو الوليد، قاضي الجماعة بقرطبة، يعرف بابن الصفار، من أعيان أهل العلم، سمع أبا بكر محمد بن معاوية القرشي، المعروف بابن الأحمر، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 384 ومحمد بن يبقي بن زرب، والعباس بن عمرو وغيرهم، روى لنا عنه أبو عمر بن عبد النمري، وأبو محمد بن حزم الحافظان، وكان زاهداً، فاضلاً، يميل إلى التحقيق في التصوف، وله فيه مصنفات. ومن كتبه: كتاب المنقطعين إلى الله عز وجل وكتاب المتهجدين وكتاب التسيب والتقريب وله أشعار في هذا المعنى وفي الرقائق والزهد، منها قوله: فررت إليك من ظلمي لنفسي ... وأوحشني العباد فأنت أنسى رضاك هو المنى وبه افتخاري ... وذكرك في الدجى قمري وشمسي قصدت إليك منقطعاً غريباً ... لتؤنس وحدتي في قعر رمسي وللعظمى من الحاجات عندي ... قصدت وأنت تعلم سر نفسي يونس بن مسعود الرصافي، منسوب إلى رصافة قرطبة أديب، شاعر، ذكره أبو الوليد بن عامر، وأورد له في وصف الرياض من أبيات: خضلت نفحة الرياض فهبت ... بنسيم الحياة في كل عضو ورنت نحونا بأعين سحر ... حشيت للحيا بأبدع حشو فلها بين رقبة وحياء ... حالتا ناشر لما كان يطوي فاصفرار البهار حلية مرتا ... ب غدا هارباً بأسرع عدو واحمرار الجني من يانع الور ... د حياء الخدود حذو بحذو أفراد الأسماء ياسين بن محمد بن عبد الرحيم الأنصاري أبو لوى، ويقال أبو لواء، وقيل أبو المغرا محدث، من أهل بجانة، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 385 روى تفسير يحيى بن سلام عن أبي داود العطار الإفريقي عنه، سمع منه عيسى بن محمد الأندلسي، مات نحو سنة عشرين وثلاث مائة. يعلى بن أحمد بن يعلى القائد، شاعر كان في دولة المنصور أبي عامر محمد بن أبي عامر، لم يحضرني له إلا قوله في ورد مبكر: بعثت من جنتي بورد ... غض له منظر بديع قال أناس رأوه عندي ... أعجله عامنا المريع قلت أبو عامر المعلى ... أيامه كلها ربيع يسر بن إبراهيم بن خالد الأموي من أهل إلبيرة، فقيه محدث ثقة يروي عن أبيه، وعن جماعة، مات بالأندلس سنة اثنتين وثلثمائة، ذكره محمد بن حارث الخشني، وأبو الحسن الدارقطني، وأبو محمد عبد الغني بن سعيد المصري. يربوع بن أسد المالقي شاعر أديب، لم أجد عندي من شعره إلا قوله: تعاير السوسان والجلنار ... والأقحوان الغض بين البهار مبتسما ذاك وذا موضحا ... عن حسن توريد بدا واستنار واستحكم الورد ببرهانه ... وانتحل الفضل معاً والفخار يعيش بن سعيد بن محمد الوراق أبو عثمان، سمع أبا بكر محمد بن معاوية القرشي المعروف بابن الأحمر، وأبا محمد قاسم بن أصبغ، البياني؛ قال أبو عمر بن عبد البر: وكان من أروى الناس عنهما وعن غيرهما، وألف مسند حديث ابن الأحمر بأمر الحكم المستنصر. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 386 أخبرنا أبو عمر، قال: قرأ علينا أبو عثمان يعيش بن سعيد سنة تسعين وثلاث مائة مسند حديث أبي بكر محمد بن معاوية القرشي من تأليفه مما سمع منه، وأخبرنا بذلك عنه. آخر التاسع الأصل بحمد الله الجزء: 1 ¦ الصفحة: 387 الجزء العاشر من تجزئة الأصل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 389 باب من ذكر بالكنية ولم أتحقق إسمه أبو محمد الحجاري يعرف بابن الأوريوالي فقيه مشهور عالم، زاهد يتفقه بالحديث، ويتكلم على معانيه، وله أشعار كثيرة في الزهد وغيره، ومنها ما أنشدنيه غير واحد عنه: ألا أيها العاتب المعتدي ... ومن لم يزل في لغي أؤدد مساعيك يكتبها الكاتبان ... فبيض كتابك أو سود ويغلب على ظني أن اسمه إسماعيل بن أحمد الحجاري، لأنه موصوف بمثل هذه الصفة، وقد أدركت زمانه وذكرناه في بابه. أبو محمد بن قلبيل البجاني أديب شاعر، له كتاب في القوافي، وقد رأيته، وأنشدني من شعره في الرياض أبياتاً منها: ضحك الربيع بروضه وسميه ... وافتر عن نور أنيق يزهر فكأنه زهر النجوم إذا بدت ... وكأنها في الترب وشئ أخضر وكأن عرف نسيمها عن الصبا ... عرف العبير يفوح فيه العنبر أبو أحمد المنفتل، شاعر أديب من أبناء عصرنا، أنشدني له أبو الحسن علي بن أحمد العابدي في النحول: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 390 ولو حاولت من سقمي ذهاباً ... جربت مع التنفس حيث يجري ولو أسكنت باطن جفن عين ... بمقلة ساهر ما كان يدري أبو إسحاق بن حمام الوزير الكاتب، قرطبي مشهور الأدب، ذو قدم في النظم والنثر ذكره أبو الوليد بن عامر، وكان حياً بعد الأربع مائة. أبو الأصبغ بن سيد، رئيس أديب شاعر، ومن شعره في النرجس: كأنما النرجس في منظر ال ... حسن الذي أمثاله يبتغي أنامل من فضة فوقها ... كأس من التبر به أفرغا أبو الأصبغ بن عبد العزيز الوزير، أديب شاعر، ذكره أبو عامر بن مسلمة، وذكر أنه كتب إليه مع ورد موخر في يوم ريح ومطر. ألم تريا علم المكرمات ... وبدراً تجاوز أسنى الصفات ومن هولي عدة لا تحول ... لأقصى الحياة بعد الممات وكيف بدا وجه هذا النها ... ر إذ ودع الورد في الباكيات وأبدت لنا زفرات الريا ... ح نياحاً يزيد على النائحات ولما رأى البين ثكل النها ... ر على الورد والديم المسعدات رثا لوداع على غفلة ... وألفين في سورة المهلكات وأبقى من الورد ما يستديم ... به الطيب كل خليل موات أواخر تنسيك من حسنها ... أوائلها إذ بدت طالعات تضاهيك بشراً وتعجز ذا ... الوصف بالمعجزات ولكنها مع إحسانها ... أتتك عجل زائرات الجزء: 1 ¦ الصفحة: 391 وقد رطبت قبل على الأمهات ... فطب بعد واطرب على ذي البنات أبو بكر الخولاني الباجي من أهل باجة، سكن إشبيلية، من الأدبارء الشعراء المشهورين، أنشدني أبو بكر عبد الله بن حجاج له وقد تنزه معه فخر الدولة أبي عمرو عباد بن القاضي أبو القاسم بن عباد ويصف المركب، والنهر، والسمك، والملك: عباد يا بن الحلاحل الملك ... وضارب القرن كل معترك أما ترى النهر كالسماء بدت ... في جوزه أنجم من السمك وأنت كالشمس فيه نيرة ... والسفن تجري كجرية الفلك أبو بكر المغيلي، شاعر كان في أيام الحكم المستنصر، وله مع الحاجب أبي الحسن جعفر بن عثمان المصحفي مجاوبات بالشعر، وله إلى أبي بكر اللؤلؤي إثر علة اعتلها يعظه: تبين فقد وضح المعلم ... وبان لك الأمر لو تفهم هو الدهر لست له آمناً ... ولا أنت من صرفه تسلم وإن أخطأتك له أسهم ... أصابتك بعد له أسهم لياليه تدني إليك الردى ... ذوائب في ذاك ما تسأم أتفرح بالبرء بعد الضنا ... وفي البرء داؤك لو تعلم فأين الملوك وأتباعهم ... ودنياهم أدبرت عنهم فهذي القبور بهم عمرت ... وتلك القصور خلت منهم لقد صرح الحق عن غيبه ... وبان لك الحزم لو تعزم فحتى متى أنت طوع الردى ... وتعصى الآله ولا تندم إلى الهل نشكو قلوباً قست ... ونشكو مدامع ما تسجم الجزء: 1 ¦ الصفحة: 392 أبو بكر بن وافد قاضي الجماعة بقرطبة، فقيه مشهور، ومن أهل بيت مذكور، كان قبل الأربع مائة. أبو بحر بن الفرج، أديب شاعر، أنشدني له الحاكم أبو شاكر عبد الواحد بن محمد بن القبري بشاطبة، يعاتب أبا العباس بن ذكوان القاضي، وقد أخرج ذراعه في مجلس الحكم في خصومه حضر فيها، فنهاه القاضي، فقال: جهلت أبا العباس تأديب فاتك ... صعاليكها وقف على فتكاني تؤنبني أن لاح مني معصم ... له ميسم في ظهر كل شوات ولست من القوم الألي قيل فيهم ... ولا هي إن أنصفتني بصفاني يغطين أطراف البنان من التفى ... ويخرجن جوف الليل معتجرات أبو بكر بن القطوبة، صاحب الشرطة، من أهل إشبيلية، أديب شاعر متأخر، وله سلف في الأدب، ذكره أبو الوليد بن عامر، وذكر أنه أنشده لنفسه من أبيات: ضحك الثرى وبدا لك استبشاره ... واخضر اربه وطر عذاره ورنت حدائقه وآزر نبته ... وتفطرت أنواره وثماره واهتز ذابل نبت كل قرارة ... لما أى متطلعاً آذاره ونعممت صلع الربى بنباتها ... وترنمت من عجمة أطياره وكأنما الروض الأنيق وقد بدت ... متلونات غضة أنواره بيضاً وصفراً فاقعات صائغ ... لم ينأ درهمه ولا ديناره سبك الخميلة عسجداً ووذيلة ... لما غدت شمس الظهيرة ناره الجزء: 1 ¦ الصفحة: 393 أبو بكر بن نصر من أهل الأدب والشعر بإشبيلية، ذكره أبو الوليد ابن عامر، وحكى أنه كتب إليه في زمن الربيع أبياتاً، ومنها: انظر نسيم الزهر رق فوجهه ... لك عن أسرته السرية يسفر خضل بريعان الربيع وقد غدا ... للعين وهو من النضارة منظر وكأنما تلك الرياض عرائس ... ملبوسهن معصفر ومزعفر أو كالقيان لبسن موشى الحلى ... فلهن من وشى اللباس تبختر أبو جعفر اللمائي، أديب شاعر، ذكره أبو عامر بن شهيد ومن شعره: ألما فديتكما نستلم ... منازل سلمى على ذي سلم منازل كنت بها نازلاً ... زمان الصبا بين جيد وفم أما تجدان الثرى عاطراً ... إذا ما الرياح تنفسن ثم ابو جعفر بن جواد. مشهور الفضل، مذكور في علم الطب، معروف بالمروءة، وسعة النفس والإيثار، ذكره أبو عامر الشهيدي في كتاب حانوت عطار وقال: أخبرني حامد بن سمجون قال: لما أنشد أبو عمر ابن دراج خيران العامري قصيدته المشهورة فيه عند خروجه من البحر، وبخسه حظه في الجائزة، بلغ الخبر أبا جعفر بن جواد، فقصده بخمسة عشر مثقالاً، ودفعها إليه، وقال له: اعذر أخاك فإنه في دار غربة. أبو الحسن بن فرجون، أديب شاعر من أهل طليطلة، أنشدني أبو عبد الله بن المعلم في مجلس أبي محمد علي بن أحمد، قال: أنشدني الأديب أبو الحسن بن فرجون الطليطلي لأحمد بن فرج الجياني، في ابن إدريس الأمير من أبيات: وحسبي إن سكت فقال عني ... وطالبني العداة فكان ركني وراموه ليغروه بضيمي ... فأغروه بدفع الضيم عني أبو الحسن بن علي الأشجعي، ففيه، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 394 نحوي، شاعر، من أهل قرطبة، سكن إشبيلة، ذكر له أبو الوليد بن عامر أشعاراً، منها قوله في الرياض موصولاً بمدح الوزير أبي بكر عبد الله بن ذي الوزاريتين القاضي أبي القاسم ابن عباد: قد قلت للروض ونواره ... نوعان تبرى وفضى وعرفه مختلف طيبه ... صنفان خمري ومسكي ووجه عبد الله قد لاح لي ... وهو من البهجة درى ثم غرسك الأرضي إن الذي ... أبصرته غرس سماوي حسنك نوري بلا مرية ... وحسن عبد الله نوري أضحى صغيراً وهو قي قدره ... نبلاً كبير الشأن علوي أبو الحسن بن أبي غالب، وهو المعروف بابن حصن، أديب شاعر من أهل إشبيلية، ذكره أبوعامر بن مسلمة، ومن شعره في النيلوفر: كلما اقبل الظلام إليه ... غمضت أنجم السماء عليه فإذا عاد للصباح ضياء ... عاد روح الحياة منه إليه أبو حفص التدميري، يعرف بابن الفيساري، شاعر أديب، ذكره أبو الوليد بن عامر، وقال: أخبرني أبو الحسن على الفقيه، قال: كان في داري بقرطبة حاير صنع فيه مرج بديع، وظلل بالياسمين، فنزهت إليه أبا حفص التدميري في زمن الربيع، فقال: ينبغي أن تسمى هذا المرج السندسة، وصنع على البديهة أبياتاً في ذلك، وهي: نهار نعيمك ما أنفسه ... وربع سرورك ما آنسه تأمل وقيت ملم الخطو ... ب فعل الربيع وما أسه الجزء: 1 ¦ الصفحة: 395 فحاير قصرك من صوغه ... دنابير قد قارنت أفلسه وأسطار نور قد استوسقت ... وسطر على العمد قد طلسه ونبت له مدرع أخصر ... بصفرة أصباغه ورسه فأبدع بما صاغ لكنه ... أجل بدائعه السندسه مزارعها خضرة غضة ... أعار النعيم لها ملبسه كان الظلال علينا بها ... أواخر ليل على مغلسه كأن النواوير في أفقها ... نجوم تطلعن في حندسه ومهما تأملت تحسينها ... فعيني تقربها مغرسه محل لعمرك قد طيب ال ... إله ثراه وقد قدسه أبو حفص بن عسقلاجه، أديب، شاعر، من الرؤساء في الدولة العامرية، أنشدني أبو محمد علي بن أحمد، قال: أنشدني الوزير أبو مروان عبد الملك بن يحيى بن أبي عامر في تزويج المظفر عبد الملك بن المنصور أبي عامر محمد بن أبي عامر حبيبة بنت عبد الله بن يحيى بن أبي عامر، وأمها بريهة بنت المنصور أبي عامر محمد بن أبي عامر، من عبد الملك بن قند، وهو مولاهم. قال أبو محمد: وأظنهما لأبي مروان، وقيل: إنهما لأبي حفص بن عسقلاجه: عربي مزوج ... عبده بنت أخته قبح الله مثل ذا ... ورماه بمقته أبو خالد بن التراس، شاعر أديب، مذكور في أيام المستظهر، ذكره أبو محمد علي بن أحمد، وأنشدني. قال: أنشدني أبو خالد بن التراس لنفسه: قد مسني الماء الذي مسهم ... حسبي بذا من ميلهم حسبي لما اكتوى القلب بنيرانهم ... برد ذاك الماء عن قلبي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 396 أبو زيد الجزيري، محدث يروي عنه عبادة بن علكدة الرعيني من أقران محمد بن يوسف بن مطروح وطبقته. أبو سعيد الوراق من أهل الأدب والفضل، ذكره أبو محمد علي بن أحمد وأخبرني عنه قال: كنت بعرفات وقد نزلت رفقة من الأعراب فيهم أسود شاعر يخدمهم، فجعل النعاس يغلب عليه وهم يقيمون لشغل لهم، فلما طال عليه ضجر وجعل يقول: في كل يوم شملتي مبلله ... يقيل الناس ولن أقيله أبو سعيد بن قالوس، شاعر أديب، ذكره أبو محمد علي بن أحمد وأنشدنا له في رجل يعرف بابن مدرك ادعى عمل آلة تتحرك في السانية دون محرك: قل لابن مدرك الذي لم يدرك ... إخراج ماء البئر دون محرك طرق الحماقة جمة مسلوكة ... وطريق حمقك قبل لم يسلك أبو عبد الله بن الحداد المكفوف، كان أديباً مشهوراً بقرطبة، تقرأ عليه الآداب والأشعار، ويتكلم على المعاني، وله اشعار كثيرة، وغزل مجموع، ومنه: لئن بعدت منازلكم لأنتم ... إلى قلبي بذكراكم قريب وإن كان الزمان قضى ببين ... فما بان البكاء ولا النحيب أبو عبد الله بن عاصم، نحوي مشهور، ذكره أبو محمد علي بن أحمد وقال: إنه كان لا يقصر عن أكابر أصحاب محمد بن يزيد المبرد. أبو عبد الله بن فاكان، أديب شاعر، يتكلم على معاني الآداب ومجلس الأشعار، ذكره أبو عامر بن شهيد، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 397 وذكر له مع صاعد بن الحسن منازعات في ذلك. أبو عبد الله بن مناو المالقي. أديب شاور مذكور، أنشدنا له في غلام جميل حلق شعره: حلقوا راسه ليزداد قبحاً ... حذراً منهم عليه وشحا كان قبل الحلاق صبحاً وليلا ... فمحوا ليله وأبقوه صبحا أبو عبد الله الفهري غلام أبي علي القالي، من أهل الأدب واللغة، لازم أبا علي إسماعيل بن القاسم حتى نسب إليه لطول ملازمته له، وانتفاعه به. أخبرني أبو محمد علي بن أحمد، قال: أخبرني غير واحد من أصحابنا، عن أبي عبد الله الفهري اللغوي، قال: دعاني يوماً رجل من إخواني إلى حضور عرس له في أيام الشبيبة والطلب، فخضرت مع جماعة من أهل الأدب، وأحضر جماعة من الملهين وفيهم ابن مقيم الزامر، وكان طيب المجلس، صاحب نوادر، فلما اطمأن المجلس، واستمر السرور بأهله، انحرف ابن مقيم إلينا وأقبل علينا، فقال: يا معشر أهل الإعراب واللغة والآداب، ويأصحاب أبي علي البغدادي، أريد أن أسألكم عن مسألة حتى أرى مقدار علمكم. وسعة جمعكم، فقلنا له: هات بالله قل وأعد يا طيب الخبر، فقال: بماذا تسمى الدويبة السوداء، التي تكون في الباقلاء، عند أهل اللغة العلماء؟ فرجعنا إلى أنفسنا نفكر، فوالله ما عرفنا ما نقول فيها، ولا مرت بأذننا قط، وبهتنا، ثم قلنا له: ما نعرف. فقال: سبحان الله ما هذا وأنتم الضابطون للناس امتهم بزعمكم؟! فقلنا له: أفدنا ما عندك. فقال: نعم، هذه تسمى البيقران. قال الفهري: فتصورت والله في ذهني. وفلت: فيعلان من بقريبقر يوشك أن يكون هذا وعددتها فائدة، فبينا نحن بعد مدة عند أبي علي إذ سألنا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 398 عن هذه المسألة بعينها قال: الفهري: فأسرعت الإجابة ثقة بما جرى فقلت: تسمى البيقران، فقال: من أين تقول هذا؟ فأخبرته بالمشهد الذي جرى فيها، والحال في استفادتها، فقال: إنا لله، رجعت تأخذ اللغة من أهل الزمر، لقد ساءني مكانك وجعل يؤنبني، ثم قال: هي الدفنس، والدنفس، قال الفهري يطيب الحكاية: فتركت روايتي عن ابن مقيم لروايتي عن أبي علي. أبو عيسى بن أبي عيسى من بني يحيى بن يحيى الليثي. روى عن أحمد بن خالد، وروى عنه يونس بن عبد الله بن مغيث. أبو عمر بن عفيف، يروى عن سعيد بن القزاز، ذكره أبو محمد علي بن أحمد؛ وفي شيوخ أبي العباس أحمد بن عمر بن أنس العذرى. أبو عمر أحمد بن محمد بن عفيف. يروى عن محمد بن عبد الله البلوى، وأظنه هذا. أبو عمر الحرار فقيه زاهد فاضل، أديب شاعر، ومن أشعاره في الشبيبة: نفسي الفداء لمن يغري بسفك دمي ... وهو الشقاء لما ألقى من السقم ظبي تكامل فيه الحسن أجمعه ... وخط في عارضيه المسك بالقلم لو يلمس الماء لم تسلم أنامله ... أو صافح الظل نضت كفه بدم ما كنت أحسب أن الشمس من بشر ... حتى بدا لي فلم أقعد ولم أقم قالوا أخادم حمام تهيم به ... فقلت بهجة بدر التم في الظلم والمسك من دم غزلان ويجعله ... بيض الكواعب في الأطراف واللمم أبو عمر بن الحذاء، كان الجزء: 1 ¦ الصفحة: 399 قاضياً بالأندلس، من أهل العلم والشعر، أنشدت له من قصيدة أولها: أبدت أسى إذ رأت للبين أعلاما ... وأظهرت للنوى وجداً وتهياما وفيها: لتعلمن بنو مروان أن لها ... مولى يضرم نار الحرب إضراما قد قارع الدهر حتى فل مضربه ... يرى مع الدهر مظلوما وظلاما أبو عثمان بن عبد ربه الطبيب وهو ابن أخي أبي عمر أحمد بن محمد ابن عبد ربه، من أهل العلم والأدب والشعر. روى عنه أبو زكرياء يحيى بن مالك ابن عائذ، ومن شعره المأثور عنه: أبعد نفوذي في علوم الحقائق ... وطول انبساطي في مواهب خالقي وفي حين إشرافي على ملكوته ... أرى طالباً رزقاً إلى غير رازقي وقد آذنت نفسي بتقويض رحلها ... وأعنف في سوقي إلى الموت سائقي وإني وإن نقيت أو رحت هارباً ... من الموت في الآفاق فالموت لاحقي أبو عمر الكلبي، أديب شاعر من أصحاب أبي عمر بن عبد ربه، وأظنه قاسم بن عبد الله الكلبي المذكور في بابه. أخبرني أبو زكرياء يحيى بن علي الأنصاري فيما أظن، وقد كتبت منه قال: أخبرني أبو عمرو بن الصيرفي المقرئ، قال: أخبرنا محمد بن عبيد الله، عن أبيه أنه سمع أبا عمرو الكلبي، قال: كنت جالساً عند أبي عمر أحمد بن محمد بن عبد ربه فأتاه من بعض أخوانه طبق فيه أنابيب من قصب السكر، وكتاب معه، فحول ابن عبد ربه الكتاب، وجاوبه بهدية، وكان في الجواب: بعثت يا سيدي حلو الأنابيب ... عذب المذاقة مخضر الجلابيب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 400 كأنما العسل الماذي شيب به قال الكلبي: ثم توقف فقال يا كلبي: أخرجني من هذا الذي نشبت فيه فإني لا أجد له تماماً فقلت: لو كان: لا بل يزيد علي الماذي في الطيب فقال لي: أحسنت يا كلبي، ثم أخذ القلم فأراد أن يكتبه على ما قلت، ثم كره الاستعارة، فأطرق قليلاً ثم قال: أو أقول يا كلبي: أو ريق محبوبة جادت لمحبوب قال الكلبي: فقمنا وقبلنا رأسه سروراً منا بقوله: أبو الفرج بن العطار القاضي، فقيه أديب من الموصوفين بالدهاء والبلاغة، والخطابة. وكان رئيساً محتشما، رأيته في حدود الأربعين وأربعمائة. أبو القاسم بن الأمير محمد بن عبد الرحمن من بني أمية يعرف بابن غزلان من الأدباء الشعراء أنشدت له من أبيات. مكنت من قلبي الهوى فتمكنا ... ولقد أراه للصبابة معدنا هذا هلال قد بدا ومدامة ... تجري براحته وعيش قد هنا أبو المخشى شاعر أعرابي مشهور قديم، أنشد له أبو محمد علي بن أحمد: هما مهدا لي العيش حتى كأنني ... خفية زف بين قادمتي نسر قال: ويقال إن هذا البيت رد ابن هرمة عن الأندلس، وقد وصل إلى تيهرت حين أنشده في جملة ما أنشده من شعره، وأنشد له أبو عامر بن شهيد فيما استحسن من شعره في كتاب حانوت عطار. وهم ضافني في جوف يم ... كلا موجيهما عندي كبير فبتنا والقلوب معلقات ... وأجنحة الرياح بنا تطير قال: وهذا نص لفظه: وأما أبو المخشى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 401 فإنه قديم الحوك والصنعة، عربي الدار والنشأة، وإنما تردد بالأندلس غريبا طارثا، وهو من فحول الشعراء المتقدمين. أبو مروان القرشي المعيطي، فقيه مشهور في الدولة العامرية، جمع في أقاويل مالك بن أنس وروايات أصحابه عنه كتاباً اجتمع على جمعه مع الفقيه أبي عمر أحمد بن عبد الملك المعروف بابن المكوى بأمر المنصور أبي عامر محمد بن أبي عامر. أبو المطرف بن أبي الحباب، أديب شاعر في أيام المنصور أبي عامر، ومن شعره وقد دخل عليه في بعض قصوره بالزاهرة. وهو في المنية المعروفة بالعامرية على روضة فيها ثلاث سوسنات ثنتان قد تقتحتا، وواحدة لم تتفتح، فقال يصف ذلك: لا يوم كاليوم في أيامنا الأول ... في العامرية ذات الماء والعلل هواؤها في جميع الدهر معتدل ... طيباً وإن حل فصل غير معتدل ما إن يبالي الذي يحتل ساحتها ... بالسعد ألا تحل الشمس بالحمل كأنما غرست في ساعة وبدا ... السوسان قدامها فيها على عجل أبدت ثلاثا من السوسان قائمة ... وما تشكي من الإعياء والكسل فبعض نوارها بالحسن منفتح ... والبعض منغلق عنهن في شغل كأنها راحة ضمت أناملها ... ممدودة ملئت من جودك الخضل وأختها بسطت منها أناملها ... ترجو نداك كما عودتها فصل أبو مروان بن غصن الحجاري شاعر متأخر مجود، دخل المشرق أنشدونا عنه من أبيات في وصف الرياض منها: والنرجس المفتر مقلة جؤذر ... حسناً وحسبك منه مقلة جؤذر يحكى بأصفره اصفرار متيم ... قذف السقام بجسمه في أبحر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 402 وشقائق النعمان مثل الغيد وال ... طل الندى كدمعة في محجر لولا خفارتها وحالك شعرها ... قلنا سبايا من بنات الأصفر ريعت بفقدان الحبيب فشققت ... أطواق ثوب تستري أحمر وأنشدنا له أبو جعفر بن بطاش الأديب، وقال: إنه كتبها إلى بعض القضاة في طريق الحج: يا قاضياً عدلاً كأن أمامه ... ملكاً يريه واضح المنهاج طافت بعبدك في بلادك علة ... قعدت به عن مقصد الحجاج واعتل في البحر الأجاج فكن له ... بحراً من المعروف غير أجاج أبو الوليد بن حريش، من أهل الأدب المذكورين، ذكره أبو محمد علي ابن أحمد، وأخبرني عنه، أخبره قال: لما احتضر أبو العباس بن جهور قال: أأرجو بالحياة وقد نأيتم ... تقضى النحب وانقطع الكلام ثم مات على أثر ذلك. أبو الوليد بن معمر الحاكم. قرطبي كان من أهل اللغة عالماً بها ذاكراً لها، ويقول الشعر على جهة التقعير والتكثير فيه بالغريب وقد أدركته، مات قريباً من الثلاثين وأربع مائة. أبو الوليد بن زيدون، وقيل لي إنه يكنى أبا عبد الله. قرطبي شاعر مقدم مشهور، كثير الشعر أنشدني له غير واحد. بيني وبينك ما لو شئت لم يضع ... سر إذا ذاعت الأسرار لم يذع يا بائعاً حظه مني ولو بذلت ... لي الحياة بحظي منه لم أبع حسبي بأنك إن حملت قلبي ما ... لا تستطيع قلوب الناس يستطع ته أحتمل واستطل اصبر وعز أهن ... وول أقبل وقل أسمع ومر أطع الجزء: 1 ¦ الصفحة: 403 باب من نسب إل أحد آبائه ولم أعلم اسمه ابن آمنة الحجاري، فقيه عالم، شافعي المذهب، بصير بالكلام على اختياره. له كتاب في أحكام القرآن ذكره أبو محمد علي بن أحمد وأثنى عليه. ابن أبيض الكاتب، أديب شاعر، ومن شعره: ألا يا عريش الياسمين المنور ... لك الحسن مجموعاً فخذ منه أوذر أراك مع الروض الأنيق وما أرى ... من الحسن حظاً في سواك لمبصر وتشهدنا الأيام أنك مكتسي ... ببرد نعيم من لباسك أخضر وأن لك الروض الذي أنت ضاحك ... به ضحك المستجذل المتبشر سقتك سحاب لا يغبك صوبها ... وإنك دأبا للجدير بها الحر وأنك تشتوا مثل ما أنت صائف ... وتسفر في دهر غدا غير مسفر علمت لك الفضل الذي أنت أهله ... وإني بمدحي فيك غير مقصر ابن التياني من أهل الأدب والشعر. هكذا وجدته فيما كتبته بالأندلس منسوباً إلى أبيه، ولعله تمام اللغوي المذكور في بابه. ومن الشعر المنسوب إليه: ما إن رأينا من طعام حاضر ... نعتده لفجاءة الزوار كمهيئين من المطاعم فيهما ... شفة من الأبرار والفجار روس وأرغفة وضاء ضخمة ... قد أخرجت من جاحم فوار كوجوه أهل الجنة اطلعت لنا ... مقرونة بوجوه أهل النار ابن تغلبة، محدث سمع من الجزء: 1 ¦ الصفحة: 404 أبي محمد قاسم بن أصبغ وطبقته، ذكره أبو عمر بن عبد البر النمري الحافظ. ابن جاخ البطليوسي الأمي شاعر مشهور، منتجع يقصد الملوك بالمدائح ويطيل. أخبرني أبو عبد الله محمد بن عمر الأشبوني، قال: قصد ابن جاخ الشاعر فخر الدولة أنا عمر وعباد بن محمد بن عباد فلما وصل إليه ودخل عليه قال له أجز: إذا مررت بركب العيس حييها فقال ابن جاخ في الحال: يا ناقتي فعسى أحبابنا فيها ثم زاد فقال: يا ناق عوجى على الأطلال عل بها ... منهم غريب يراني كيف أبكيها أو كيف أرفض طيب العيش بعدهم ... أو كيف أسبل دمعي في مغانيها إني لأكتم أشواقي وأسترها ... جهدي ولكن دمع العين يبديها ابن سيد. إمام في اللغة والعربية، كان في أيام الحكم المستنصر، له في اللغة الكتاب المعروف بكتاب العلم، نحو مائة مجلد، مرتب على الأجناس. بدأ بالفلك وختم بالذرة، وله في العربية الكتاب المنبوز بكتاب العالم والمتعلم على المسئلة والجواب، وكتاب شرح فيه كتاب الأخفش. ذكره أبو محمد علي بن أحمد وأثنى عليه، ولم يسمه لنا، ولعله أحمد بن أبان بن سيد المذكور في بابه والله أعلم. ابن أبي سعيد القاضي، أندلسي جليل أديب شاعر؛ أنشدني أبو محمد عبد الله بن عثمان البطليوسي الفقيه له من قصيدة طويلة أولها: هم تركوني والهوى غير تارك ... وأمو تلاع الخيف من جوبارك وراحوا وروحي بينهم وحشاشتي ... تريكتهم بين الحشا والترايك الجزء: 1 ¦ الصفحة: 405 ابن طريف مولى لعبديين نحوي مشهور، زاد في كتاب الأفعال لمحمد بن عمر بن القوطية زيادات استفيدت منه، وأخذت عنه، ذكره أبو محمد علي بن أحمد. ابن عون الله محدث مشهور من أهل قرطبة، وله رحلة، سمع من بكر القشيري وغيره. روى عنه جماعة منهم: إبراهيم بن شاكر، وأبو عمر أحمد بن محمد بن عبد الله الطلمنكي. ابن عبدون اليابري، أديب شاعر، كان في حدود الأربع مائة أو نحوها لم أجد له عندي إلا قوله في الخيري: قمر وأثواب الظلام تظله ... ويخفي إذا ما الصبح أحدق حاجبه ابن الغاز أندلسي روى عن الخليل بن الأسود. روى عنه قاسم بن الأصبغ البياني القرطبي، وقد ذكرنا له حكاية في باب نصر. ابن قطيل الطيلطلي، شاعر مذكور، أنشدني له إبراهيم بن خلف التاجر بالأندلس: يا من حرمت وصاله أو ما ترى ... هذي النوى قد صعرت لي خدها زود جفوني من خيالك نظرة ... فالله يعلم إن رايتك بعدها ابن المرادي أديب يروي عن أبيه، أنشدني أبو محمد عبد الله بن عثمان بن مروان العمري، عن ابن المرادي، عن أبيه لنفسه في الخيري: ينم مع الإمساء طيب نسيمه ... ويخبوا مع الإصباح كالمتستر كعاطرة ليللاً لوعد حبيبها ... وكاتمة صبحاً نسيم التعطر الجزء: 1 ¦ الصفحة: 406 ابن المهند شاعر مشهور كان بعد الأربع مائة. ووالده المهند هو طاهر بن محمد المذكور في بابه. ابن المعلم أديب شاعر، ومن شعره في القاضي أبي الفرج بن العطار من قصيدة طويلة أولها: رأي البرق نجدياً فحن إلى مجد ... وبات أسير الشوق في قبضة البعد يعالج قلبا قلبته يد النوى ... على جمرة التوديع في لهب الوجد ولا مسعد إلا زفير وأنة ... تقد شغاف القلب منه ولا تجدى وما أنطقته البارقات تشوقا ... للنجد ولكن للمقين في نجد ابن نصير الكاتب أديب شاعر كان في الدولة العامرية من المتصرفين فيها، أنشدونا له في ابن الجزيري وقد دخل بيت الوزارة فشكا صداعاً من رائحة المسك: خالفك المسك وخالفته ... فأنت لا شك له ضد أماتك المسك بأنفاسه ... كما أمات الجعل الورد ابن الهيثم من المشهورين بعلم الطب، والتقدم فيه، وله كتاب في الخواص والسموم، والعقاقير من أجل الكتب وأنفعها ذكره أبو محمد علي بن أحمد. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 407 باب من ذكر بالنسبة البزلياني شاعر مشهور، أنشدني له أبو الحسين إبراهيم بن خلف المتطبب بالأندلس في مطر أتي قبيل الغروب: كأن الأصيل سقيم بكت ... جفون السحاب على سقمه رأى الشمس توذنه بالفراق ... ففاض دجى الليل من غمه الجرفي بالجيم وضمها، نحوي مشهور له كتاب شرح فيه كتاب الكسائي في النحو ذكره أبو محمد علي بن أحمد وأثنى عليه. الخندفي، أندلسي شاعر مذكور، أنشدوني من شعره: سرى طيف من أهوى على البعد فاهتدى ... وقد كان من نوء السماكين أبعدا أنار الدجى حتى كأن الدجا به ... نهار إلى من يرقب النجم قد بدا فوسدني كفا فبت كأنني ... توسدت من دار المقامة اغيدا الزبيري صاحب أبي العلاء صاعد بن الحسن اللغوي، كان أديباً شاعراً فكهاً بديهياً، ذكره أبو عامر بن شهيد وقالك كان أمياً لا يقرأ ولا يكتب، وكان مع هذا من أطبع الناس شعراً، وأسرعهم بديهة، وكانت له منزلة من رجال المصر وأهل الجاه منهم، وله مع صاعد غرائب أشعار وأخبار. وأخبرنا أبو الحسن الراشدي، عن أبي عامر بن شهيد أن أبا عبد الله بن فاكان الشاعر تناول نرجسة فركبها في وردة ثم قال له ولصاعد: صفاها، فأفحما ولم يتجه لهما القول، فبينما هم على ذلك إذ دخل الزبير، فلما استقر به المجلس أخبر بما هم فيه، فجعل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 408 يضحك ويقول بغير روية واصفاً لما كلفا وصفه: ما للأديبين قد أعيتهما ... مليحة من ملح المحنه نرجسة في وردة ركبت ... كمقلة تطرف من وجنه اليحصبي شاعر من أهل شذونه، كان سريع البديهة والجواب، قبيح الهجاء في الدولة العامرية. أخبرني الحاكم أبو شاكر عبد الواحد بن محمد القبري، قال: أخبرني أبو عبد الله محمد ابن الحسن المعروف بابن الكتاني أن اليحصبي الشاعر الشذوني عوتب على قبول شئ تاقه في قصيدة مدح بها بعض اللئام فأنشدهم: ألام على أخذ القليل وإنما ... أعامل أقواماً أقل من الذر فإن أنا لم آخذه كنت مقصراً ... ولا بد من شئ يعين على الدهر وكنت أظن هذا الشعر لليحصبي، وعلى ذلك رووه لنا حتى أنشدنيه بواسط أبو غالب محمد بن أحمد بن سهل النحو وقال: أخبرني أبو بكر أحمد بن سليمان اللافتي قال: أخبرنا أبو عبيد الله محمد بن عمران بن موسى المرزباني، قال: نا محمد بن يحيى الصولي، قال: من شعراء مصر محمد بن مهران الدفاف، يقول شعراً مثل شعر أبي العبر، ويقول أيضاً شعراً جيداً، وأنشد له في الشعر الجيد هذين البيتين: ألام على أخذ القليل وإنما ... أصادف قوماً هم أقل من الذر فإن أنا لم آخذ قليلا حرمته ... ولا بد من شئ يعين على الدهر فلعل أحدهما سمعه عن صاحبه فأنشده، لتواصل البلدين والله أعلم. ولليحصبي عندي أهاجي قبيحة كرهت أن أوردها عنه، وعلى ما ذكر الصولي، عن محمد بن مهران، فإن أبا محمد علي بن أحمد أخبرني قال: كان بالأندلس شاعر ضعيف الشعر مشهور، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 409 يتضاحك بشعره إلا أنه كان يقع له في أثنائه البيت النادر، والمثل المستحسن، وأنشدني من جيد ما وقع له: أعلى بن يعلى يدي بعد انخفاض يدي ... حتى مسحت بها عن غرة القمر اليربوعي القرشي، كان في أيام بني أبي عامر، وله وقد بعث بإجاص إلى بعض الرؤساء: بعثت من الإجاص سبعاً كأنها ... ثدي العذاري لم تشن بالتكعب وأجيادها إن أنت أحسنت وضعها ... ظباء لوت أعناقها للترقب الجزء: 1 ¦ الصفحة: 410 باب من ذكر بالصفة غلام الفصيح الأندلسي، شاعر أديب ادعى أنه عبيد الله بن المهدي محمد بن عبد الجبار ولم يصح، وإنما كل فيما قيل غلام الفصيح، ولكنه أو هم جماعة، ومن شعره من كلمة طويلة: يا من يعذبني مستعذباً أملي ... يكفيك ما قد برى جسمي من السقم حكمت لي بقضاء غير مقتصد ... تفديك نفسي من قاض ومن حكم يا قصر قرطبة هيجت لي شجناً ... لما تأبدت بعد الكنس الرئم معاهد عمرت فيها خلاقتناأكفنافوقها بالجود كالديم أيام للملك المهدي دولته ... فيها فقد أصبحت في الدهر كالحلم فإن أعش فسأبكيه بذي شطب ... ومازن كشهاب النار مضطرم الناجم شاعر أديب، ذكره أبو عامر بن شهيد، وذكر له أخباراً مع صاعد بن الحسن. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 411 باب النساء صفية بنت عبد الله الرب، أديبة شاعرة موصوفة بحسن الخط، ذكرها أبو محمد علي بن أحمد وأنشدني قال: أنشدني أبو عبد الله محمد بن سعيد بن جرح لها وقد عابت امرأة خطها فقالت: وعائبة خطى فقلت لها اقصري ... فسوف أريك الدر في نظم أسطري وناديت كفي كي تجود بخطها ... وقربت أقلامي ورقي ومحبري فخطت بأبيات ثلاث نظمتها ... ليبدو لها خطي وقلت لها انظري قال: وتوفيت في آخر سنة سبع عشرة وأربع مائة وهي دون ثلاثين سنة. مريم بنت أبي يعقوب الفصولي الشلبي الحاجة أديبة شاعرة جزلة مشهورة كانت تعلم النساء الأدب وتحتشم لدينها وفضلها، وعمرت عمراً طويلاً سكنت أشبيلية وشهرت بعد الأربع مائة أنشدني لها أصبغ بن سيد الإشبيلي: وما ترتجي من بنت سبعين حجة ... وسبع كنسج العنكبوت المهلهل تدب دبيب الطفل تسعى إلى العصا ... وتمشي بها مشي الأسير المكبل وأخبرني أن ابن المهند بعث إليها بدنانير وكتب إليها: مالي بشكر الذي أوليت من قبل ... لو أنني حرت نطق الإنس والخبل يا فردة الظرف في هذا الزمان ويا ... وحيدة العصر في الإخلاص والعمل أشبهت مريماً العذراء في ورع ... وفقت خنساء في الأشعار والمثل الجزء: 1 ¦ الصفحة: 412 فكتبت إليه: من ذا يجاريك في قول وفي عمل ... وقد بدرت إلى فصل ولم تسل مالي بشكر الذي نظمت في عنقي ... من اللآلي وما أوليت في قبلي حليتني بحلى أصبحت زاهية ... بها على كل أنثي من حلى عطل لله أخلاقك الغر التي سقيت ... ماء الفرات فرقت رقة الغزل اشبهت في الشعر من غارت بدائعه ... وأنجدت وغدت من أحسن المثل من كان والده العضب المهند لم ... يلد من النسل غير البيض والأسل الغسانية شاعرة تمدح الملوك مشهورة، ذكرها لنا الرئيس أبو الحسن عبد الرحمن بن راشد ولم يعرف اسمها، وقال: إنها كانت ببجانة وأنشدنا، قال: أنشدني الكاتب أبو علي البجاني لها من قصيدة طويلة في الأمير خيران العامري صاحب المرية تعارض بها أبا عمر أحمد بن دراج في قصيدته التي أولها: لك الخير قد أوفى بعهدك خيران ... وبشراك قد آواك عز وسلطان وأول شعرها: أتجزع أن قالوا ستظعن أظعان ... وكيف تطيق الصبر ويحك إن بانوا وما هو إلا الموت عند رحليهم ... وإلا فعيشن تجتني منه أحزان عهدتهم والعيش في ظل وصلهم ... أنيق وروض الدهر أزهر ريان ليالي سعد لا يخاف على الهوى ... عتاب ولا يخشى على الوصل هجران ويسطو بنا لهو فنعتنق المنى ... كما اعتنقت في سطوة الريح أفنان ألا ليت شعري والفراق يكون هل ... تكونون لي بعد الفراق كما كانواه هذا الذي حضرنا من المعنى المقصود قد جمعناه بعون الله عز وجل لمقتبسيه أيام كوننا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 413 بالعراق، والوعد باق علينا إن أمهلنا إلى سلوك تلك الآفاق. فلنعد الآن إلى ما بدأنا به بعد أن نستغفر الله مما لا يوافق رضاه، ونسأله العون على طاعته وتقواه فنقول: الحمد لله أولا وآخراً، وصلى الله على محمد نبيه المصطفى عدداً وبدءاً، وعلى آله أجمعين وسلم تسليماً دائماً ابد الآبدين، وحسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. تم الجزء الخامس بتمام الكتاب وهو آخر العاشر من الأصل والحمد لله حق حمده. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 414